الذخيرة للقرافي

القرافي

(تقديم)

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم (تَقْدِيم) كتاب الذَّخِيرَة مبتكر فِي الْفِقْه الْمَالِكِي فروعه وأصوله بدع من مؤلفات عصره الَّتِي هِيَ فِي الْأَعَمّ اختصارات أَو شُرُوح وتعليقات وَرُبمَا كَانَت الذَّخِيرَة أهم المصنفات فِي الْفِقْه الْمَالِكِي خلال الْقرن السَّابِع الهجري وَآخر الْأُمَّهَات فِي هَذَا الْمَذْهَب إِذْ لَا نجد لكبار فُقَهَاء الْمَالِكِيَّة المغاربة والشارقة الَّذين عاصروا الْقَرَافِيّ أَو جاؤوا بعده سوى مختصرات لم تعد على مَا أدْركْت من شهرة وانتشار أَن كرست عَن غير قصد تعقيد الْفِقْه وإفراغه من محتواه النظري الخصب وأدلته الاجتهادية الْحَيَّة ليُصبح فِي النِّهَايَة مُجَرّد حك أَلْفَاظ ونقاش عقيم يَدُور فِي حَلقَة مفرغة لَا تنْتج وَلَا تفِيد وَإِذا كَانَ الْمَذْهَب الْمَالِكِي تركز أَكثر فِي الْجنَاح الغربي من الْعَالم الإسلامي فَإِنَّهُ قطع أشواطا متميزة قبل أَن يصل إِلَى تعقيدات عصر الْقَرَافِيّ فقد كَانَت القيروان بِالنِّسْبَةِ لهَذَا الْجنَاح الغربي منطلق إشراق الْفِقْه الْمَالِكِي وأفوله مَعًا فَفِيهَا نشر أَسد بن الْفُرَات (ت. 213) الْمُدَوَّنَة الأولى الَّتِي حوت سماعاته من مَالك وَغَيره الْمَعْرُوفَة بالأسدية فَأَخذهَا سَحْنُون عبد السَّلَام بن سعيد (ت. 240) وصححها على ابْن الْقَاسِم وَسمع من أَشهب وَابْن وهب وَغَيرهم من تلاميذ مَالك وَرجع إِلَى القيروان بالمدونة الْكُبْرَى الَّتِي نسخت الأَسدِية وجمعت

سِتَّة وَثَلَاثِينَ ألف مَسْأَلَة فانتشرت فِي أقطار المغارب والأندلس وظلت ركيزة الْمَذْهَب الْمَالِكِي ومرجع فقهائه طوال الْقُرُون الأولى وَفِي القيروان لاحظ أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن أبي زيد القيرواني (ت. 386) كسل الهمم عَن إِدْرَاك مدونة سَحْنُون فاختصرها اختصارا غير مخل حل محلهَا وَعفى على الاختصارين الأندلسيين السَّابِقين لفضل بن سَلمَة الْجُهَنِيّ (ت. 319) وَمُحَمّد بن عيشون الطليطلي (ت. 341) ولسوء الْحَظ قَامَ فِي القيروان أَيْضا خلف بن أبي الْقَاسِم البراذعي الْمُتَوفَّى أَوَائِل الْقرن الْخَامِس بِاخْتِصَار مُخْتَصر شَيْخه ابْن أبي زيد القيرواني للْمُدَوّنَة سَمَّاهُ التَّهْذِيب فتقبله النَّاس بِقبُول حسن وَقد ازدادوا حَاجَة إِلَى الِاخْتِصَار حَتَّى إِذا جَاءَ أَبُو عَمْرو بن الْحَاجِب الدِّمَشْقِي (ت. 646) وَاخْتصرَ التَّهْذِيب فزاده تعقيدا وطم السَّيْل مَعَ خَلِيل بن إِسْحَاق الْمصْرِيّ (ت. 749) الَّذِي اختصر مُخْتَصر ابْن الْحَاجِب فِي بضعَة كراريس فَأصْبح مُخْتَصر خَلِيل الْمُخْتَصر الرَّابِع فِي مسلسل مختصرات الْمُدَوَّنَة عبارَة عَن رموز لَا تفهم يحفظ عَن ظهر قلب وَيقْرَأ أحزابا فِي جَامع الْقرَوِيين وَغَيره وَلَا تفك رموزه إِلَّا بِالرُّجُوعِ إِلَى عشرات المجلدات من الشُّرُوح والحواشي والتعليقات دون إِدْرَاك روح التشريع طبعا وَغدا بعض المدرسين (الْمُحَقِّقين) لَا يخْتم مُخْتَصر خَلِيل إِلَّا بعد أَرْبَعِينَ سنة وَبِذَلِك تقرر جمود الْفِقْه وتحجره وَاسْتمرّ إِلَى أيامنا هَذِه اعْتمد الْقَرَافِيّ فِي الذَّخِيرَة على نَحْو أَرْبَعِينَ من تصانيف الْمَذْهَب الْمَالِكِي وَخص خَمْسَة مِنْهَا كمصادر أساسية يرجع إِلَيْهَا دَائِما ويقارن بَينهَا ويناقش وَكلهَا كتب مُسْتَقلَّة مبتكرة أصيلة (1) مدونة سَحْنُون القيرواني (2) والتفريغ لِعبيد الله بن الْجلاب الْبَصْرِيّ (ت. 368) (3) ورسالة ابْن أبي زيد القيرواني (4) والتلقين للْقَاضِي عبد الْوَهَّاب الْبَغْدَادِيّ (ت. 422) (5) والجواهر الثمينة فِي مَذْهَب عَالم الْمَدِينَة لعبد الله بن شَاس الْمصْرِيّ (ت. 610) وتميزت الذَّخِيرَة - إِلَى ذَلِك - بدقة التَّعْبِير وسعة الْأُفق وسلالة الأسلوب وجودة

التَّقْسِيم والتبويب الْأَمر الَّذِي يضفي عَلَيْهَا من جِهَة أُخْرَى طَابع الْجدّة والحداثة حَتَّى لكأنها كتبت فِي عصرنا الْحَاضِر بقلم أحد أَعْلَام الْفِقْه والقانون تظهر عبقرية مؤلف الذَّخِيرَة وموسوعيته الَّتِي سنتحدث عَنْهَا بعد قَلِيل فِي مزجه بَين الْفِقْه وأصوله واللغة وقواعدها والمنطق والفلسفة والحساب والجبر والمقابلة فِي المواطن الَّتِي تقتضيها وَفِي وَضعه مصطلحات دقيقة ورموزا وَاضِحَة تختصر أَسمَاء الْأَشْخَاص والكتب الَّتِي يكثر تداولها فِي الذَّخِيرَة تقليلا للحجم فكلمة الْأَئِمَّة تَعْنِي عِنْده الشَّافِعِي وَأَبا حنيفَة وَابْن حَنْبَل وش ترمز للشَّافِعِيّ وح لأبي حنيفَة والصحاح تَعْنِي الْمُوَطَّأ وصحيحي البُخَارِيّ وَمُسلم ونجد فِي الذَّخِيرَة دَاخل الْأَبْوَاب والفصول والمباحث وَالْفُرُوع الْمُعْتَادَة عناوين فرعية تضبط المعلومات الإضافية وتحددها وتبرزها أَمْثَال تمهيد تَحْقِيق تَفْرِيع تَنْقِيح تَحْرِير تذييل قَاعِدَة فَائِدَة نَظَائِر فروع مرتبَة وَيُمكن أَن يعد من مميزات الذَّخِيرَة كَذَلِك عناية الْمُؤلف بإبراز أصُول الْفِقْه الْمَالِكِي دحضا للشبهات الَّتِي علقت بالأذهان مُنْذُ قديم قَاصِرَة أصُول الْفِقْه بِالنِّسْبَةِ للمذاهب الْأَرْبَعَة على الإِمَام الشَّافِعِي واعتباره هَذَا الْفَنّ برسالته الَّتِي حددت منهاجه فِي استنباط الْأَحْكَام من الْقُرْآن وَكتب أُخْرَى لَهُ فِي الْقيَاس وَإِبْطَال الِاسْتِحْسَان وَاخْتِلَاف الْأَحَادِيث وَإِذا كَانَ الْقَرَافِيّ مَسْبُوقا فِي هَذَا الْمِضْمَار بِمَا كتبه القَاضِي أَبُو بكر بن الْعَرَبِيّ الْمعَافِرِي الْمُتَوفَّى بفاس عَام 543 فِي شرحيه على الْمُوَطَّأ القبس وترتيب المسالك مِمَّا يدل على سبق مَالك فِي بِنَاء مذْهبه الفقهي على قَوَاعِد أصولية محكمَة لَا شكّ أَن تِلْمِيذه الشَّافِعِي أَخذهَا عَنهُ ووسعها وَألف فِيهَا الرسَالَة والكتب الْمَذْكُورَة فانتشرت حَتَّى أَصبَحت الْأُصُول علما مُسْتقِلّا بِذَاتِهِ إِذا كَانَ ذَلِك فَإِن مزية مؤلف الذَّخِيرَة أَن جعل من شَرطه فِيهَا تتبع الْأُصُول فِي مُخْتَلف الْأَبْوَاب قَائِلا فِي الْمُقدمَة وَبَيَّنْتُ مَذْهَبَ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ لِيَظْهَرَ عُلُوُّ شَرَفِهِ فِي اخْتِيَارِهِ فِي الْأُصُولِ كَمَا ظَهَرَ فِي الْفُرُوعِ وَيَطَّلِعَ الْفَقِيهُ على مُوَافَقَته

لِأَصْلِهِ أَوْ مُخَالَفَتِهِ لَهُ لِمُعَارِضٍ أَرْجَحَ مِنْهُ فيطلبه حَتَّى يطلع على مدركه وَيمْنَع الْمُخَالفين فِي المناظرات على أَصله نتج عَن كل مَا سبق دَعْوَة عَامَّة فِي الْكتاب إِلَى الِاجْتِهَاد ونبذ التَّقْلِيد الْأَعْمَى فِي الْأَحْكَام الْفِقْهِيَّة إِذْ علاوة على الْمُقدمَة الثَّانِيَة للذخيرة فِي أصُول الْفِقْه وقواعد الشَّرْع الَّتِي خصص الْمُؤلف الْبَابَيْنِ التَّاسِع عشر وَالْعِشْرين مِنْهَا للِاجْتِهَاد وَجَمِيع أَدِلَّة الْمُجْتَهدين قَائِلا فِي حكم الِاجْتِهَاد وَمذهب مَالك وَجُمْهُور الْعلمَاء رضوَان الله عَنْهُم وُجُوبُهُ وَإِبْطَالُ التَّقْلِيدِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُم} وَقَدِ اسْتَثْنَى مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ صُورَة للضَّرُورَة علاوة على ذَلِك لَا يكَاد الْمُؤلف يَأْتِي بِمَسْأَلَة من مسَائِل فروع الْعِبَادَات أَو الْمُعَامَلَات إِلَّا أبان أصل حكمهَا وحجج الْمُخْتَلِفين فِيهَا من الْأَئِمَّة وَالْفُقَهَاء مبرزا أَدِلَّة الْمَالِكِيَّة بِصفة خَاصَّة بعد عبارَة لنا دون إغفال أَدِلَّة الآخرين سيرا مَعَ الخطة الَّتِي قررها فِي الْمُقدمَة وَقد آثرت التَّنْبِيه على مَذْهَب الْمُخَالفين لنا من الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة وَمَآخِذِهِمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْمَسَائِلِ تَكْمِيلًا لِلْفَائِدَةِ ومزيدا من الِاطِّلَاعِ فَإِنَّ الْحَقَّ لَيْسَ مَحْصُورًا فِي جِهَةٍ فَيَعْلَمُ الْفَقِيهُ أَيُّ الْمَذْهَبَيْنِ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَأَعْلَقُ بِالسَّبَبِ الْأَقْوَى وتتكرر فِي الذَّخِيرَة عِبَارَات ليَكُون الْفَقِيه على بَصِيرَة ليستدل الْفَقِيه تحفيزا للهمم على إِعْمَال الْفِكر وإمعان النّظر واستنكافا عَن التَّقْلِيد والجمود وَأخذ الْمسَائِل أحكاما مسلمة.

الْمُؤلف مؤلف الذَّخِيرَة هُوَ أَحْمد بن إِدْرِيس بن عبد الرحمان بن عبد الله بن يلين الصنهاجي الملقب بشهاب الدّين الْمَعْرُوف بالقرافي وبالمالكي وَقد اتّفق مترجموه على أَنه ينْسب للقرافة وَلم يسكنهَا متناقلين مَا رَوَاهُ ابْن فَرِحُونَ فِي الديباج ص 660 عَن الرحالة ابْن رشيد السبتي صَاحب ملْء العيبة أَن بعض

تلاميذ الْمُؤلف ذكر لَهُ أَن سَبَب شهرته بالقرافي أَنه لما أَرَادَ الْكَاتِب أَن يثبت اسْمه فِي بَيت الدَّرْس كَانَ حِينَئِذٍ غَائِبا فَلم يعرف اسْمه وَكَانَ إِذا جَاءَ للدرس يقبل من جِهَة القرافة فَكتب الْقَرَافِيّ فمرت عَلَيْهِ هَذِه النِّسْبَة وأكد الصَّفَدِي فِي الوافي بالوفيات 6: 233 مَضْمُون هَذِه الرِّوَايَة مضيفا أَن السُّؤَال عَن الْمُؤلف كَانَ عِنْد تَفْرِقَة الجامكية لمدرسة الصاحب بن شكر فَقيل هُوَ بالقرافة فَقَالَ اكتبوه الْقَرَافِيّ فَلَزِمَهُ ذَلِك ويضيف أَصْحَاب كتب التراجم ثَلَاث نسب أُخْرَى للمؤلف هِيَ البهفشيمي والبهنسي والمصري وَقد فسر الصَّفَدِي فِي الوافي بالوفيات 6: 233 النِّسْبَة الأولى قَائِلا إِن أَصله من قَرْيَة من كورة بوش من صَعِيد مصر الْأَسْفَل تعرف ببهفشيم فِي حِين تشكك فِيهَا بَان فَرِحُونَ فِي الديباج ص 66 قَائِلا ولعلها قَبيلَة من قبائل صنهاجة كَمَا تشكك فِي كَون أَصله من بهنسا فِي الصَّعِيد الْمصْرِيّ قَائِلا إِن ذَلِك مِمَّا ذكره بَعضهم تبقى إِذن النِّسْبَة الْأَصْلِيَّة الْمُتَّفق عَلَيْهَا للمؤلف هِيَ الصنهاجي وصنهاجة من أكبر قبائل البربر بجنوب الْمغرب الْأَقْصَى وَهِي أرومة دولة المرابطين مؤسسي مَدِينَة مراكش الَّذين شَمل نفوذهم مُعظم الغرب الإسلامي من أقْصَى بِلَاد الأندلس شمالا إِلَى بِلَاد السودَان جنوبا فِي فَتْرَة تمتد من منتصف الْقرن الْخَامِس الهجري إِلَى منتصف الْقرن السَّادِس 1144 - 1061 / 539 - 453 يُؤَكد

هَذِه النِّسْبَة الصنهاجية للمؤلف اسْم جده الثَّالِث يلين الَّذِي ينْطق بِهِ فِي اللهجة الصنهاجية تَمامًا كَمَا ضَبطه ابْن فَرِحُونَ بياء مثناة من تَحت مَفْتُوحَة وَلَام مُشَدّدَة مَكْسُورَة وياء سَاكِنة مثناة من تَحت وَنون سَاكِنة وَأَصله كَمَا أكده الزميل أَحْمد التَّوْفِيق بِالْهَمْزَةِ إيلين سهلت يَاء كَمَا هُوَ شَأْن الصنهاجيين فِي النُّطْق بِمثل هَذِه الْكَلِمَات وَهُوَ عِنْدهم من جذر إل بِكَسْر الْهمزَة وَسُكُون اللَّام الْمُشَدّدَة المفخمة بِمَعْنى الْبَحْر وَالْخَال والسواد فإيلين أَو يلين بِصِيغَة الصّفة تَعْنِي المسود أَو الأسمر والسمرة شائعة عِنْد الصنهاجيين الَّذين تتاخم مواطنهم فِي جنوب الْمغرب بِلَاد السودَان يتجلى من كل مَا سبق أَن أَحْمد بن إِدْرِيس الصنهاجي مؤلف الذَّخِيرَة مغربي صميم بِدُونِ ريب وَلَا لبس صرح بمغربيته كثير مِمَّن ترجموا لَهُ قَدِيما وحديثا وَجزم بهَا بَعضهم مثل عبد الرؤوف سعد الَّذِي قَالَ فِي تَقْدِيمه لشرح تَنْقِيح الْفُصُول فِي اخْتِصَار الْمَحْصُول فِي الْأُصُول للقرافي وَلَا ريب فِي أَن مؤلفنا رَضِي الله عَنهُ مغربي مَا فِي ذَلِك شكّ طبعة الْقَاهِرَة 1973 ح وَمِمَّا يُؤَكد استبعاد ولادَة الْمُؤلف فِي بهنسا أَو بهفشيم وَيبين غربته فِي مصر وطروة عَلَيْهَا أَنهم لم يَكُونُوا يعْرفُونَ حَتَّى اسْمه بله مسْقط رَأسه وَهُوَ طَالب نابه يدرس بِإِحْدَى الْمدَارِس الشهيرة فِي الْقَاهِرَة وَيسْتَحق الجامكية. لَا يعرف تَارِيخ ولادَة الْمُؤلف بِاتِّفَاق أَصْحَاب كتب التراجم كَمَا لَا يعرف تَارِيخ انْتِقَاله إِلَى مصر مُنْفَردا أَو مَعَ أَبِيه وَإِن كَانَ الرَّاجِح أَن أَحْمد هُوَ الَّذِي خرج إِلَى مصر بعد أَن بلغ مبلغ الرِّجَال يدل على ذَلِك أَن من بَين شُيُوخه وتلامذته مغاربة وأندلسيين كَمَا سنرى وَالْأَقْرَب إِلَى الْمنطق أَن يتم الِاتِّصَال بهم فِي بَلَده قبل أَن يُهَاجر إِلَى مصر وَأَن وَالِده إِدْرِيس لم يشْتَهر بِعلم وَلَا تِجَارَة تدعوانه إِلَى الالتحاق بِمصْر وَإِن كَانَ هُنَاكَ احْتِمَال الْخُرُوج إِلَى الْحَج أَو طلب الرزق فِي وَقت لم يكن الْمُسلمُونَ يُقِيمُونَ وزنا للحدود السياسية الوهمية ويعتبرون أَرض الْإِسْلَام وَاحِدَة سَوَاء فِي الْمغرب أَو الْمشرق

وعَلى افتراض أَن المُهَاجر هُوَ أَحْمد فإننا نقدر أَن يكون خُرُوجه من الْمغرب خلال العقد الْخَامِس من الْقرن السَّابِع فِي فَتْرَة الِاضْطِرَاب الَّتِي عرفتها نِهَايَة دولة الْمُوَحِّدين وَقبل أَن تتمكن قدم المرينيين مَعَ يَعْقُوب بن عبد الْحق سنة 1258 / 656 وَإِذا قَدرنَا أَنه كَانَ آنذاك فِي الثَّلَاثِينَ من عمره فَتكون وِلَادَته حوالي عَام 1223 / 626 كَمَا استنتج ذَلِك إِسْمَاعِيل الْبَغْدَادِيّ فِي إِيضَاح الْمكنون أَخذ أَحْمد الْقَرَافِيّ عَن شُيُوخ كثرين أشهرهم خَمْسَة مُحَمَّد بن عمرَان الْمَعْرُوف بالشريف الكركي الملقب بشرف الدّين وَهُوَ مغربي ولد بفاس وتفقه فِيهَا على يَد أبي مُحَمَّد صَالح الهسكوري صَاحب التَّقْيِيد الشهير على الرسَالَة الْمُتَوفَّى بفاس سنة 653 قَالَ عَنهُ تِلْمِيذه الْقَرَافِيّ إِنَّه تفرد بِمَعْرِِفَة ثَلَاثِينَ علما وَحده وشارك النَّاس فِي علومهم وَقد هَاجر الشريف الكركي أَيْضا إِلَى مصر وَلَعَلَّ ذَلِك تمّ فِي نفس فَتْرَة الِاضْطِرَاب بَين الدولتين الموحدية والمرينية الَّتِي أَشَرنَا إِلَيْهَا آنِفا وشارك تِلْمِيذه الْقَرَافِيّ فِي الْأَخْذ عَن سُلْطَان الْعلمَاء الْعِزّ بن عبد السَّلَام فَكثر الآخذون عَن الكركي وانتشر علمه هُنَاكَ حَتَّى عد شيخ الْمَالِكِيَّة وَالشَّافِعِيَّة بِمصْر وَالشَّام وَتُوفِّي بِمصْر سنة 1298 / 698 وَأخذ الْقَرَافِيّ كَذَلِك عَن أبي بكر مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الْوَاحِد بن عَليّ الإدريسي وَهُوَ مغربي أَيْضا هَاجر إِلَى الْمشرق وَعرف فِيهِ بِابْن أبي سرُور الْمَقْدِسِي الْحَنْبَلِيّ ولقب بشمس الدّين يَقُولُونَ إِنَّه ولد وتفقه بِدِمَشْق وَأقَام مُدَّة بِبَغْدَاد قبل أَن ينْتَقل إِلَى مصر حَيْثُ تصدر للتدريس وَكَانَ أول من ولي منصب قَاضِي قُضَاة الْحَنَابِلَة بالديار المصرية وَبَقِي بهَا إِلَى أَن مَاتَ عَام 1277 / 676 وَدفن بالقرافة لم يذكر أَصْحَاب كتب التراجم من صلَة الْقَرَافِيّ بِهِ سوى أَنه سمع عَلَيْهِ مُصَنفه المعنون بوصول ثَوَاب الْقُرْآن مَعَ أَن لأبي بكر الإدريسي مؤلفات أُخْرَى ككتاب الجدل وعيون الْأَخْبَار وأصول الْقِرَاءَة وتتلمذ الْقَرَافِيّ أَيْضا لأبي عَمْرو عُثْمَان ابْن الْحَاجِب الشَّامي ثمَّ الْمصْرِيّ

مؤلف المختصرات الشهيرة فِي أصُول الْفِقْه وفروعه الْمَالِكِيَّة والكافية والشافية فِي النَّحْو وَالصرْف وَغَيرهَا من كتب الْقرَاءَات والبلاغة وَرُبمَا لم تطل مُدَّة أَخذ الْقَرَافِيّ عَن ابْن الْحَاجِب الَّذِي توفّي سنة 1248 / 646 كَمَا أَخذ الْقَرَافِيّ المعقولات عَن إمامها شمس الدّين عبد الحميد بن عِيسَى الخسر وشاهي تلميذ الإِمَام الرَّازِيّ وشارح كتبه وَلَا يعرف إِن كَانَ الْأَخْذ عَنهُ تمّ فِي الشَّام أَو مصر لِأَن الْمَعْرُوف فِي كتب التراجم أَن الخسر وشاهي انْتقل من مسْقط رَأسه بِفَارِس إِلَى الشَّام ثمَّ الكرك وَرجع أخيرا إِلَى دمشق حَيْثُ توفّي عَام 1254 / 652 على أَن أعظم شُيُوخ الْقَرَافِيّ بالمشرق هُوَ سُلْطَان الْعلمَاء عز الدّين بن عبد السَّلَام الشَّامي الأَصْل قَاضِي مصر وخطيب جَامع عَمْرو بن الْعَاصِ ومدرس الصالحية مؤلف قَوَاعِد الْأَحْكَام فِي مصَالح الْأَنَام ومجاز الْقُرْآن وَغَيرهمَا لَازمه الْقَرَافِيّ طَويلا فِي مجالسة العلمية المتنوعة حَتَّى الْفِقْهِيَّة وَلَو أَن الْعِزّ كَانَ شافعيا إِلَى أَن مَاتَ عَام 1261 / 660 وَيظْهر أثر ذَلِك جليا فِي الذَّخِيرَة حِين يفصل الْقَرَافِيّ القَوْل فِي فروع الشَّافِعِيَّة أَكثر من الْمذَاهب الْأُخْرَى عِنْدَمَا يقارنها بآراء فُقَهَاء الْمَالِكِيَّة لَكِن رغم إعجاب الْقَرَافِيّ بشيخه عز الدّين ابْن عبد السَّلَام فَإِنَّهُ لَا يتَرَدَّد فِي انتقاده وَالرَّدّ على مذْهبه مَتى عنت لَهُ الْحَقِيقَة وبدا وَجه الصَّوَاب شَأْنه فِي ذَلِك مَعَ الشَّيْخَيْنِ خسر وشاهمي والرزاي فِي مناقشة آرائهما ومخالفتها أَحْيَانًا فِي شرح الْمَحْصُول وَهُنَاكَ عَالم آخر تصنفه كتب التراجم من بَين شُيُوخ الْقَرَافِيّ وَأَظنهُ تِلْمِيذه هُوَ مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم البقوري بباء مُوَحدَة نِسْبَة إِلَى بقور بلد بالأندلس عَاشَ فِي بلاط المرينين بفاس وزار مصر والحجاز حِين أرْسلهُ أَبُو يَعْقُوب يُوسُف المريني 685 - 1286 / 706 - 1306 إِلَى الْمشرق وَمَعَهُ مصحف قُرْآن حمل بغل ليوقف بِمَكَّة وَكَانَت وَفَاة البقوري بمراكش عَام 1307 / 707 وقبره بهَا مزارة مَقْصُودَة وَمن بَين مؤلفاته حَاشِيَة على كتاب الْقَرَافِيّ فِي

الْأُصُول وَذَلِكَ مِمَّا نستدل بِهِ على أَنه تلميذ لَهُ لَا شيخ وَمن تلاميذ الْقَرَافِيّ المغاربة الَّذين عنوا بكتبه وشرحوها ونشروها أَحْمد بن عبد الرحمان التادلي الفاسي الْمُتَوفَّى عَام 1340 / 741 شَارِح التَّنْقِيح وقاسم ابْن الشَّاط الْأنْصَارِيّ السبتي الْمُتَوفَّى عَام 1323 / 723 صَاحب أنوار البروق فِي تعقب الفروق وَقد حظي هَذَا الْكتاب الْأَخير لَدَى الْفُقَهَاء عُمُوما والمغاربة مِنْهُم بِصفة خَاصَّة حَتَّى اشتهرت فِيهِ قولتهم عَلَيْك بفروق الْقَرَافِيّ وَلَا تقبل مِنْهَا إِلَّا مَا سلمه ابْن الشَّاط وَمُحَمّد بن عبد الله بن رَاشد الْبكْرِيّ القفصي الْمُؤلف المكثر المتوفي بتونس عَام 1335 / 736 الَّذِي أجَازه الْقَرَافِيّ بِالْإِمَامَةِ فِي أصُول الْفِقْه ونشير إِلَى أَن مُحَمَّد بن رشيد السبتي صَاحب ملْء العيبة قصد بدوره أَحْمد الْقَرَافِيّ للأخذ عَنهُ فِي مصر لكنه لم يتَمَكَّن من ذَلِك فَكتب فِي رحلته أسفا دخلت مصر عقب وَفَاته بِثمَانِيَة أَيَّام ففات لقاؤه فَإنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون ... وَكَانَت وَفَاته يَوْم الْأَحَد متم جُمَادَى الْأَخِيرَة عَام أَرْبَعَة وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة وَدفن يَوْم الِاثْنَيْنِ غرَّة رَجَب فَلَقِيت أَصْحَابه وَقد فرق جمعهم يحدد هَذَا النَّص علاوة على مَا يفهم مِنْهُ من كَثْرَة تلامذة الْقَرَافِيّ المشارقة وتعلقهم بِهِ تَارِيخ وَفَاته وَدَفنه بِمَا لَا مزِيد عَلَيْهِ من الدقة فَلَا يلْتَفت إِلَى مَا يُخَالِفهُ فِي بعض كتب التراجم كَانَ الْقَرَافِيّ كَمَا يَقُول تلميذ تلاميذه الصّلاح الصَّفَدِي حسن الشكل والسمت درس بِجَامِع مصر وبمدرسة طيبرس وبمدرسة الصالحية بعد وَفَاة شرف الدّين السُّبْكِيّ إِلَى أَن مَاتَ وَهُوَ مدرسها وَألف عشرات الْكتب فِي مُخْتَلف فروع الْمعرفَة تشهد بمشاركته الواسعة فِي الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة والنقلية فَكتب فِي أصُول الدّين وأصول الْفِقْه وفروع الْمَذْهَب الْمَالِكِي وَالْفِقْه الْمُقَارن والفتاوى وَالْأَحْكَام والتوقيت وَالتَّعْدِيل

(مخطوطات الذخيرة)

والحساب والجبر والهندسة والفرائض والديانات وقواعد اللُّغَة وَإِلَى جَانب هَذِه الْعُلُوم النظرية كَانَ الْقَرَافِيّ صناع الْيَد يحسن عمل التماثيل المتحركة فِي الْآلَات الفلكية وَغَيرهَا نقل عَن كِتَابه شرح الْمَحْصُول كَمَا جَاءَ فِي كتاب التَّصْوِير عِنْد الْعَرَب ص 79 قَوْله بَلغنِي أَن الْملك الْكَامِل من سلاطين الدولة الأيوبية بِمصْر 576 - 635 هـ وضع لَهُ شمعدان كلما مضى من اللَّيْل سَاعَة انْفَتح بَاب مِنْهُ وَخرج مِنْهُ شخص يقف فِي خدمَة الْملك فَإِذا انْقَضتْ عشر سَاعَات طلع الشَّخْص على أَعلَى الشمعدان وَقَالَ صبح الله السُّلْطَان بالسعادة فَيعلم أَن الْفجْر قد طلع قَالَ وعملت أَنا هَذَا الشمعدان وزدت فِيهِ أَن الشمعة يتَغَيَّر لَوْنهَا فِي كل سَاعَة وَفِيه أَسد تَتَغَيَّر عَيناهُ من السوَاد الشَّديد إِلَى الْبيَاض الشَّديد إِلَى الْحمرَة الشَّدِيدَة فِي كل سَاعَة لَهَا لون فَإِذا طلع الْفجْر طلع شخص على أَعلَى الشمعدان وأصبعه فِي أُذُنه يُشِير إِلَى الْأَذَان غير أَنِّي عجزت عَن صَنْعَة الْكَلَام توفّي أَحْمد الْقَرَافِيّ بدير الطين من الْقَاهِرَة يَوْم الْأَحَد متم جُمَادَى الْأَخِيرَة عَام 2 / 684 شتنبر 1285 وَدفن يَوْم الِاثْنَيْنِ فاتح رَجَب بالقرافة الْقَرِيبَة من قبر الإِمَام الشَّافِعِي (مخطوطات الذَّخِيرَة) تَنْتَشِر مخطوطات الذَّخِيرَة فِي عدد من مكتبات الْمغرب والمشرق وتختلف تجزئاتها الَّتِي وقفنا عَلَيْهَا من سِتَّة إِلَى عشْرين جُزْءا وأكثرها تداولا الثَّمَانِية لَيْسَ فِيهَا مَا كتب فِي حَيَاة الْمُؤلف وأقدمها وأجودها مَا فِي خَزَائِن الْمغرب الْقرَوِيين بفاس وَابْن يُوسُف بمراكش والخزانة الحسنية والخزانة الْعَامَّة بالرباط. فَفِي الْقرَوِيين ثَلَاثَة أَجزَاء فهرست تجاوزا بالخامس وَالسَّادِس وَالثَّامِن

بَيْنَمَا الْخَامِس مختلط معظمه مُكَرر مَعَ الثَّامِن يَبْتَدِئ بِكِتَاب الْجِنَايَات وَيَنْتَهِي بِتمَام الْجَامِع وَبَاقِيه مُكَرر من نُسْخَة أُخْرَى مَعَ السَّادِس بِكِتَاب الْوَصَايَا وَهُوَ بِخَط عبد الْملك بن مُحَمَّد بن عبد الْملك الْحَضْرَمِيّ كتب فِي الْعشْر الآخر لربيع الأول من عَام سَبْعَة وَعشْرين وَسَبْعمائة أَي بعد وَفَاة الْقَرَافِيّ بِخمْس وَأَرْبَعين سنة وَالسَّادِس من نُسْخَة أُخْرَى متلاشية يَبْتَدِئ بِبَقِيَّة كتاب الْوَقْف ثمَّ كتاب الْوَصَايَا وَالثَّامِن أهم الْأَسْفَار الثَّلَاثَة ضخامة مَادَّة وجمال خطّ يَبْتَدِئ بِكِتَاب أُمَّهَات الْأَوْلَاد فالجنايات فموجبات الضَّمَان فالفرائض والمواريث فالجامع حَتَّى نِهَايَة الْكتاب وينقصه فِي الْأَخير صفحة أَو صفحتان وَفِي خزانَة ابْن يُوسُف سِتَّة أسفار من الذَّخِيرَة مُخْتَلفَة التجزئات والخطوط والجودة والصيانة معظمها من الْعَصْر السَّعْدِيّ انتسخت لملوكهم أَو أوقفوها على طلبة الْعلم بخزائن جَوَامِع الْمَدِينَة وَقد فهرس كل جُزْء حسب تجزئة نسخته وَأعْطِي الرقم الْمُنَاسب لَهَا فِي الفهرس فالجزء الرَّابِع فِي فهرس الخزانة مثلا يَبْتَدِئ من حَيْثُ يقف الْجُزْء الأول وَلَا شكّ أَنه الرَّابِع فِي نُسْخَة مجزأَة إِلَى اثْنَي عشر جُزْءا بَيْنَمَا الأول من نُسْخَة سداسية لذَلِك رتبنا الْأَجْزَاء حسب تسلسل موادها وَنَبَّهنَا مَعَ ذَلِك على أرقامها فِي الخزانة ليسهل الرُّجُوع إِلَيْهَا الْجُزْء الأول تَامّ صين فِي الْجُمْلَة بِخَط أندلسي دَقِيق جميل يَنْتَهِي بِتمَام صَلَاة الْخَوْف الَّذِي يَلِيهِ كتاب الْجَنَائِز وَقد تمّ نسخه فِي التَّاسِع عشر من شهر ذِي الْحجَّة عَام تِسْعَة وَعشْرين وَسَبْعمائة أَي بعد سنتَيْن من تَارِيخ نسخ مخطوطة الْقرَوِيين العتيقة ويبتدئ الْجُزْء الثَّانِي الرَّابِع فِي فهرس الخزانة بِكِتَاب الْجَنَائِز وَيَنْتَهِي بِتمَام كتاب الصَّيْد وَهُوَ أَيْضا تَامّ صين فِي الْجُمْلَة بِخَط مغربي وَاضح انتسخ فِي منتصف رَمَضَان عَام اثْنَيْنِ وَخمسين وَتِسْعمِائَة بِمَدِينَة تيوت بالسوس الْأَقْصَى وَكَانَت فِي ذَلِك التَّارِيخ مَدِينَة مهمة بضواحي الْحَاضِرَة الأولى للدولة السعدية مَدِينَة المحمدية الْمُسَمَّاة الْيَوْم تارودانت وَكتب النَّاسِخ اسْمه مُبْهما بهيئة

طغراء الْعُدُول والجزء الثَّالِث الْخَامِس فِي فهرس الخزانة صين يَبْتَدِئ بِكِتَاب النِّكَاح مُشْتَمِلًا على الْأَبْوَاب الثَّلَاثَة الأولى مِنْهُ فِي أقطاب العقد وَيَنْتَهِي مبتورا أثْنَاء الْبَاب الرَّابِع فِي القطب الرَّابِع الَّذِي هُوَ العقد نَفسه وَقد ضَاعَ مِنْهُ بَقِيَّة كتاب النِّكَاح وَكتاب الطَّلَاق كُله وَالْقسم الأول من كتاب الْبيُوع وَلم نعثر على ذَلِك للأسف فِي أَيَّة نُسْخَة أُخْرَى وَلم يبْق فِي هَذَا الْجُزْء سوى اثْنَتَيْنِ وَخمسين ورقة وَهُوَ من تحبيس السُّلْطَان مُحَمَّد الْمهْدي الشَّيْخ على جَامع القصبة بمراكش بتاريخ أَوَاخِر ذِي الْعقْدَة عَام ثَلَاثَة وَسِتِّينَ وَتِسْعمِائَة والجزء الرَّابِع الثَّالِث فِي فهرس الخزانة أطول حجما من بَاقِي الْأَجْزَاء وأكثرها مَادَّة من نُسْخَة ملوكية حَبسه أَولا السُّلْطَان السَّعْدِيّ عبد الله الْغَالِب على خزانَة الْجَامِع الْجَدِيد المواسين بمراكش بتاريخ أَوَاخِر صفر عَام ثَمَانِيَة وَسبعين وَتِسْعمِائَة ثمَّ حَبسه السُّلْطَان الْعلوِي مُحَمَّد بن عبد الله على طلبة الْعلم بمراكش عَام 1195 وَهُوَ بِخَط مغربي مجوهر إِلَّا أَنه غلف للصيانة بالبلاستيك الشفاف فطمست بعض سطوره يَبْتَدِئ بالقسم الثَّانِي من كتاب الْبيُوع تليه الْأَقْسَام الْخَمْسَة الْأُخْرَى فَكتب الصُّلْح وَالْإِجَارَة والجعالة والقراض وَالْمُسَاقَاة والمزارعة والمغارسة وإحياء الْموَات وَالْهِبَة وَالصَّدَََقَة وَالْعدة وَالْوَقْف والوصايا وَالْقِسْمَة وَيَنْتَهِي مبتورا أثْنَاء كتاب الشُّفْعَة وَهنا يفتقد فِي مخطوطات خزانَة ابْن يُوسُف أَبْوَاب عديدة من كتاب الْوكَالَة إِلَى كتاب الشَّهَادَات والجزء الْخَامِس السَّابِع فِي فهرس الخزانة صين فِي الْجُمْلَة بِخَط مغربي دَقِيق مليح يدمج أَحْيَانًا فتتعذر قِرَاءَة بعض كَلِمَاته يَبْتَدِئ مبتور الورقة الأولى من كتاب الوثائق تليه كتب الدَّعَاوَى وَالْإِيمَان وَالْعِتْق وَالتَّدْبِير وَالْكِتَابَة وَأُمَّهَات الْأَوْلَاد والجنايات إِلَى تَمام الْحِرَابَة وَهُوَ بِخَط مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الْعَزِيز أتم نسخه فِي ربيع الثَّانِي عَام 943

أما السّفر الْأَخير من مخطوطات ابْن يُوسُف الَّذِي كتب عَلَيْهِ الْجُزْء الثَّامِن فِي الفهرس فيشتمل فِي الْوَاقِع على الجزئين السَّابِع وَالثَّامِن من نُسْخَة ثَمَانِيَة كتبت جزءين جزءين فِي أَرْبَعَة أسفار وَقد غلفت أَيْضا صفحات هَذَا السّفر للصيانة بالبلاستيك الشفاف فطمس كثيرا من الْكَلِمَات الَّتِي أَصبَحت قرَاءَتهَا متعذرة يَبْتَدِئ السَّابِع مبتورا بالْكلَام على التَّدْبِير وَالْكِتَابَة وَأُمَّهَات الْأَوْلَاد فِي تسع وَخمسين صفحة فَقَط بَيْنَمَا ضَاعَ معظمه ويشتمل الثَّامِن على كتاب الْجِنَايَات وَكتاب الْفَرَائِض والمواريث وَكتاب الْجَامِع إِلَى نِهَايَة الْكتاب مَعَ بتر صفحات فِي الْأَخير كتبه بِخَط مغربي دَقِيق مدموج مَسْعُود بن يعزا بن إِبْرَاهِيم الولصاني البعقيلي للسُّلْطَان مُحَمَّد الْمهْدي الشَّيْخ وَأتم نسخ الْجُزْء السَّابِع يَوْم الِاثْنَيْنِ رَابِع وَعشْرين رَمَضَان عَام اثْنَيْنِ وَخمسين وَتِسْعمِائَة وَفِي الخزانة الْعَامَّة بالرباط سفر من الذَّخِيرَة يَبْتَدِئ بِكِتَاب الْحجر بعده كتب الْغَصْب والاستحقاق واللقطة واللقيط والوديعة والحمالة وَالْحوالَة وَالْإِقْرَار والأقضية والشهادات وَهُوَ من نفس النُّسْخَة الملوكية السَّابِقَة الذّكر الَّتِي كتبهَا مَسْعُود بن يعزا بن إِبْرَاهِيم الولصاني البعقيلي للسُّلْطَان مُحَمَّد الشَّيْخ انْتهى من نسخ هَذَا السّفر ضحوة يَوْم الْأَرْبَعَاء الرَّابِع وَالْعِشْرين من جُمَادَى الثَّانِيَة عَام اثْنَيْنِ وَخمسين وَتِسْعمِائَة ماية لذَلِك نظن أَن هَذَا السّفر يضم الجزءين الْخَامِس وَالسَّادِس من هَذِه النُّسْخَة الثَّمَانِية وَيكون قد سقط من الْجُزْء السَّابِع كتب الوثائق والدعاوى وَالْإِيمَان وَالْعِتْق سفر الخزانة الْعَامَّة صين فِي الْجُمْلَة إِلَّا أَنه وَقع تجليده حَدِيثا فَقص السطر الْأَعْلَى أَو الْأَسْفَل من بعض صفحاته وَفِي الخزانة الحسنية بالرباط الْجُزْء الأول من الذَّخِيرَة متلاش جدا بِفعل الأرضة وَقد كتب بِخَط مشرقي وَاضح يَنْتَهِي بِتمَام كتاب الصَّلَاة فرغ من نسخه مُحَمَّد بن عَليّ الْمَالِكِي يَوْم الْأَرْبَعَاء رَابِع عشر ذِي الْقعدَة عَام سِتِّينَ وَثَمَانمِائَة أما مخطوطات الذَّخِيرَة الْخمس بدار الْكتب المصرية ومخطوط مكتبة

(عملنا في التحقيق)

طرابلس بليبيا فقد حصلنا على مصورات مِنْهَا استعملناها على مَا بهَا من تَصْحِيف وبياضات عِنْد الْمُقَابلَة كَمَا سنرى (عَملنَا فِي التَّحْقِيق) بعد تلفيق كل المخطوطات الْمشَار إِلَيْهَا سَابِقًا بَقِي نَاقِصا من كتاب الذَّخِيرَة الْقسم الْأَخير من كتاب النِّكَاح وَكتاب الطَّلَاق كُله وَصدر كتاب الْبيُوع ونتف من أَبْوَاب أُخْرَى نأمل العثور عَلَيْهَا اسْتِقْبَالًا فِي خروم خزانَة الْقرَوِيين وَغَيرهَا لإثباتها فِي طبعة ثَانِيَة وَإِذا كَانَت كثير من أَبْوَاب كتاب الذَّخِيرَة قد قوبلت بِمَا أمكن الْحُصُول عَلَيْهِ من المخطوطات المكررة الَّتِي يكمل بَعْضهَا بَعْضًا فَإِن هُنَاكَ أبوابا أُخْرَى غير قَليلَة لم يتأت مقابلتها لوجودها فِي مخطوطة فريدة أَو لم يُمكن تَحْقِيق كَلِمَات أَو سطور مطموسة فِيهَا بِسَبَب الرُّطُوبَة أَو الأرضة أَو القص بل هُنَاكَ صفحات اسودت وتعذرت قرَاءَتهَا وَعَسَى أَن يُمكن تدارك ذَلِك فِي طبعة مقبلة وَقد رَجعْنَا عِنْد الْمُقَابلَة إِلَى الْمُقدمَة الثَّانِيَة للذخيرة فِي الْأُصُول الَّتِي نشرها سنة 1973 طه عبد الرؤوف سعد ضمن شرح تَنْقِيح الْفُصُول وَإِلَى الْجُزْء الأول الَّذِي طبعته كُلية الشَّرِيعَة بالأزهر عَام 1961 / 1381 بإشراف الشَّيْخَيْنِ عبد الْوَهَّاب عبد اللَّطِيف وَعبد السَّمِيع أَحْمد إِمَام ثمَّ أعادت طبعه وزارة الْأَوْقَاف والشؤون الإسلامية بمطبعة الموسوعة الْفِقْهِيَّة عَام 1982 / 1402 فألفيناه رغم جهود الشَّيْخَيْنِ واجتهاداتهما مليئا بالتصحيف والبتر والعذر لَهما أَنَّهُمَا لم يطلعا فِي إعداده إِلَّا على مخطوطة دَار الْكتب المصرية وَهِي كَثِيرَة الْقلب والحذف والبياضات والتزمنا فِي الهوامش بِذكر السُّور وأرقام الْآيَات القرآنية وَتَخْرِيج الْأَحَادِيث الَّتِي لم يذكر الْقَرَافِيّ مصادرها ورمزنا عِنْد الْمُقَابلَة إِلَى مخطوطات الْقرَوِيين ب ق 5 وق 8 ومخطوطة الخزانة الْعَامَّة بالرباط ب خَ ومخطوطات خزانَة ابْن يُوسُف ب ي ومخطوطات دَار الْكتب المصرية ب د ومخطوطة ليبيا ب ل وَإِلَى الْمُقدمَة المطبوعة ب ت

والجزء الأول المطبوع ب ط وَلَا يفوتنا هُنَا أَن نزجي خَالص الشُّكْر لصديقنا الْأُسْتَاذ الْحَاج الحبيب اللمسي صَاحب دَار الغرب الإسلامي على عنايته الفائقة بنشر التراث الْمَالِكِي الْأَصِيل فَبعد معيار الونشريسي وَالْبَيَان والتحصيل والمقدمات الممهدات لِابْنِ رشد هَا هُوَ يخرج إِلَى النُّور موسوعة أُخْرَى فِي الْفِقْه الْمَالِكِي وأصوله طالما ظلت حبيسة رفوف خَزَائِن المخطوطات واستعصت على كل من حاول نشرها من الْمعَاهد والمؤسسات وَعَسَى أَن تسهم ذخيرة الْقَرَافِيّ إِلَى جَانب مَا ينشر من الْأُمَّهَات الْفِقْهِيَّة فِي تنشيط الدراسات الحديثة الواعدة بِرُجُوع الْمُسلمين إِلَى أَحْكَام الله وَرَسُوله فِي عباداتهم ومعاملاتهم وَالله لَا يضيع أجر من أحسن عملا سلا فِي 10 ربيع الأول عَام 1411 / فاتح شتنبر 1990 مُحَمَّد الحجي

صفحه أولى من مخطوط الْجُزْء الأول من الذَّخِيرَة فِي خزانَة ابْن يُوسُف بمراكش ثمَّ نُسْخَة فِي 29 ذِي حجَّة عَام 729

اللوحة الْأَخِيرَة من الْجُزْء الأول من كتاب الذَّخِيرَة مخطوط خزانَة ابْن يُوسُف بمراكش كتب عَام 729

صفحة أخيرة من مخطوط السّفر السَّابِع من الذَّخِيرَة فِي خزانَة ابْن يُوسُف بمراكش ثمَّ نُسْخَة فِي ربيع الثَّانِي عَام 943

صفحة أولى من مخطوط جُزْء الْبيُوع من الذَّخِيرَة فِي دَار الْكتب المصرية

اللوحة الأولى من الْجُزْء الأول من كتاب الذَّخِيرَة مخطوط عَتيق متلاش بالخزانة الحسنية بالرباط

اللوحة الْأَخِيرَة من الْجُزْء الأول من كتاب الذَّخِيرَة مخطوط الخزانة الحسنية بالرباط كتب عَام 860

اللوحة الْأَخِيرَة من الْجُزْء الثَّانِي من كتاب الذَّخِيرَة الرَّابِع مخطوط خزانَة ابْن يُوسُف بمراكش كتب عَام 952

اللوحة الأولى من الْجُزْء الثَّالِث من كتاب الذَّخِيرَة الْخَامِس مخطوط وقفي مبتور فِي خزانَة ابْن يُوسُف بمراكش

اللوحة الْأَخِيرَة من الْجُزْء الْخَامِس من كتاب الذَّخِيرَة مخطوط خزانَة الْقرَوِيين بفاس كتب عَام 727 أقدم مخطوط للذخيرة وقفنا عَلَيْهِ

اللوحة الْأَخِيرَة من الْجُزْء السَّادِس من كتاب الذَّخِيرَة مخطوط الخزانة الْعَامَّة بالرباط انتسخ للسُّلْطَان مُحَمَّد الْمهْدي الشَّيْخ عَام 952

اللوحة الْأَخِيرَة من السّفر السَّابِع من كتاب الذَّخِيرَة مخطوط خزانَة ابْن يُوسُف بمراكش انتسخ للسُّلْطَان مُحَمَّد الْمهْدي الشَّيْخ عَام 952

اللوحة الْأَخِيرَة من الْجُزْء الثَّامِن من كتاب الذَّخِيرَة مخطوط الْقرَوِيين بفاس تنقصه صفحة أَو صفحتان بعد هَذِه اللوحة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَى سيدنَا ومولانا مُحَمَّد النَّبِي الْمُصْطَفى الْكَرِيم يَقُولُ الْعَبْدُ الْفَقِيرُ إِلَى رَحْمَةِ رَبِّهِ أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ الْمَالِكِيُّ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي تَجَلَّى لِخَلْقِهِ فِي عَجَائِبِ مُبْتَدَعَاتِ صَنْعَتِهِ وَاحْتَجَبَ عَنْهُمْ بِسُرَادِقَاتِ كَمَالَاتِ هُوِيَّتِهِ وَتَفَرَّدَ بِوُجُوبِ الْوُجُودِ فَهُوَ الْأَبَدِيُّ فِي قَيُّومِيَّتِهِ وَتَوَحَّدَ بِالْإِيجَادِ فَكُلُّ الْأَكْوَانِ خَاضِعَةٌ لِجَلَالِ هَيْبَتِهِ وَتَنَزَّهَ عَنِ الشَّبِيهِ وَالشَّرِيكِ فَهُوَ الْوَاحِد الْأَحَد فِي إلاهيته اسْتَخْلَصَ الْعُلَمَاءَ بِمَوَاهِبِ عِنَايَتِهِ فَأَطْلَعَ شُمُوسَ الْعُلُومِ فِي آفَاقِ سَرَائِرِهِمْ فَأَشْرَقَتْ عَرَصَاتُ الْأَرْوَاحِ بِآثَارِ رَحْمَتِهِ وَأَيْنَعَتْ رِيَاضُ الْأَشْبَاحِ بِثَمَرَاتِ الْمَعَارِفِ فَأَضْحَتْ حَالِيَةً بِجَمِيلِ طَاعَتِهِ فَهُمُ السَّامِعُونَ لِتَفَاصِيلِ مُنَاجَاتِهِ وَالْحَامِلُونَ لِأَعْبَاءِ رِسَالَاتِهِ وَالْعَامِلُونَ بِمَحَاسِنِ مَشْرُوعَاتِهِ فَأُولَئِكَ مِشْكَاةُ أَنْوَارِهِ وَمَعْدِنُ أَسْرَارِهِ وَالْهَائِمُونَ بِجَمَالِ صِفَاتِهِ وَالْهَانِئُونَ بِجَلَالِ عَظَمَةِ ذَاتِهِ وَالْفَانُونَ عَنِ الْأَكْوَانِ بِمُلَاحَظَاتِ بَهَاءِ وَارِدَاتِهِ فَهُمْ خَيْرُ بَرِّيَّتِهِ مِنْ سَائِر مَخْلُوقَاتِهِ وَنَحْنُ الضَّارِعُونَ بِضَعْفِنَا لِجَلَالِهِ وَالْمُبْتَهِلُونَ بِنَقْصِنَا لِكَمَالِهِ أَنْ يَفِيضَ عَلَيْنَا كَمَا أَفَاضَ عَلَيْهِمْ مِنْ نِعْمَتِهِ وَأَفْضَلُ الصَّلَوَاتِ وَالتَّسْلِيمَاتِ عَلَى أَفْضَلِ الصَّادِرِينَ عَنْ قُدْرَتِهِ مُحَمَّدٍ الْمَبْعُوثِ بِأَفْضَلِ الرَّسَائِلِ وَأَقْرَبِ الْوَسَائِلِ إِلَى دَارِ كَرَامَتِهِ الْجَامِعِ بَيْنَ ذِرْوَةِ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَخُلَاصَةِ شَرَفِ الْأَعْرَاقِ فِي حَوْزَتِهِ الْمَخْصُوصِ بِسِيَادَةِ الدُّنْيَا

لعُمُوم رسَالَته واستيلاء ملك ... ثَنَاء ... وانفاد ... . . وَارْتِفَاعِ عُلُوِّ مَنْزِلَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَعِتْرَتِهِ أُسَاةِ الْمَضَايِقِ وَهُدَاةِ الْخَلَائِقِ إِلَى أَفْضَلِ الطَّرَائِقِ مِنْ سِيرَتِهِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْفِقْهَ عِمَادُ الْحَقِّ وَنِظَامُ الْخَلْقِ وَوَسِيلَةُ السَّعَادَةِ الْأَبَدِيَّةِ وَلُبَابُ الرِّسَالَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ مَنْ تَحَلَّى بِلِبَاسِهِ فَقَدْ سَادَ وَمَنْ بَالَغَ فِي ضَبْطِ مَعَالِمِهِ فَقَدْ شَادَ وَمِنْ أَجَلِّهِ تَحْقِيقًا وَأَقْرَبِهِ إِلَى الْحَقِّ طَرِيقًا مَذْهَبُ إِمَامِ دَارِ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّة واختبارات آرَائِهِ الْمَرْضِيَّةِ لِأُمُورٍ مِنْهَا وُرُودُ الْحَدِيثِ النَّبَوِيِّ فِيهِ وَتَظَاهُرُ الْآثَارِ بِشَرَفِ مَعَالِيهِ وَاخْتِصَاصُهُ بِمَهْبِطِ الرِّسَالَةِ وَامْتِيَازُهُ بِضَبْطِ أَقْضِيَةِ الصَّحَابَةِ حَتَّى يَقُولَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَمَّا مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي أَقْضِيَةِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَلَا يشق غباره وَيَقُول الشَّافِعِي رَحِمَهُ اللَّهُ إِذَا ذُكِرَ الْحَدِيثُ فَمَالِكٌ النَّجْمُ وَيَقُولُ أَيْضًا لِأَبِي يُوسُفَ أَنْشُدُكَ اللَّهَ أَصَاحِبُنَا يَعْنِي مَالِكًا أَعْلَمُ بِكِتَابِ اللَّهِ أَمْ صَاحِبُكُمْ؟ يَعْنِي أَبَا حَنِيفَةَ فَقَالَ صَاحِبُكُمْ فَقَالَ أَصَاحِبُنَا أَعْلَمُ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَمْ صَاحِبُكُمْ؟ فَقَالَ صَاحِبُكُمْ فَقَالَ أَصَاحِبُنَا أَعْلَمُ بِأَقْضِيَةِ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَمْ صَاحِبُكُمْ؟ فَقَالَ صَاحِبُكُمْ فَقَالَ فَإِذَنْ لَمْ يَبْقَ لِصَاحِبِكُمْ إِلَّا الْقِيَاسُ وَهُوَ فَرْعُ النُّصُوصِ وَمَنْ كَانَ أَعْلَمَ بِالْأَصْلِ كَانَ أَعْلَمَ بِالْفَرْعِ وَمِنْهَا طُولُ عُمُرِهِ فِي الْإِقْرَاءِ وَالْإِفْتَاءِ سِنِينَ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُمَا يَنْبُوعُ الِاطِّلَاعِ وَمِنْهَا أَنَّهُ أَمْلَى فِي مَذْهَبِهِ نَحْوًا مِنْ مِائَةٍ وَخَمْسِينَ مُجَلَّدًا فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ فَلَا يَكَادُ يَقَعُ فَرْعٌ إِلَّا وَيُوجَدُ لَهُ فِيهِ فُتْيَا بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِمَّنْ لَا يَكَادُ يَجِدُ لَهُ

أَصْحَابُهُ إِلَّا الْقَلِيلَ مِنَ الْمُجَلَّدَاتِ كَالْأُمِّ لِلشَّافِعِيِّ وَفَتَاوَى مُفَرَّقَةٍ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَأَبِي حَنِيفَةَ فِي كُتُبِ أَصْحَابِهِمْ ثُمَّ خَرَّجَ أَصْحَابُهُمْ بَقِيَّةَ مَذَاهِبِهِمْ عَلَى مُنَاسَبَاتِ أَقْوَالِ أَئِمَّتِهِمْ وَمَعْلُومٌ أَنَّ التَّخْرِيجَ قَدْ يُوَافِقُ إِرَادَةَ صَاحِبِ الْأَصْلِ وَقَدْ يُخَالِفُهَا حَتَّى لَوْ عُرِضَ عَلَيْهِ الْمُخَرَّجُ عَلَى أَصْلِهِ لَأَنْكَرَهُ وَهَذَا مَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ وَلَا خَفَاءَ أَنَّ مَنْ قَلَّدَ مَذْهَبًا فَقَدْ جَعَلَ إِمَامَهُ وَاسِطَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَسُكُونُ النُّفُوسِ إِلَى قَوْلِ الْإِمَامِ الْقُدْوَةِ أَكْثَرُ مِنْ سُكُونِهَا إِلَى أَتْبَاعِهِ بِالضَّرُورَةِ وَمِنْهَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَسْعَدَهُ وَسَدَّدَهُ لِعَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ الَّذِينَ يَنْقُلُ أَبْنَاؤُهُمْ عَنْ آبَائِهِمْ وَأَخْلَافُهُمْ عَنْ أَسْلَافِهِمُ الْأَحْكَامَ وَالسُّنَنَ النَّقْلَ الْمُتَوَاتِرَ بِسَبَبِ جَمْعِ الدَّارِ لَهُمْ ولأسلافهم فَيخرج الْمسند عَنْ حَيِّزِ الظَّنِّ وَالتَّخْمِينِ إِلَى حِيزِ الْعِلْمِ وَالْيَقِينِ وَغَيْرُهُ لَمْ يَظْفَرْ بِذَلِكَ وَلِذَلِكَ لَمَّا شَاهَدَ أَبُو يُوسُفَ مُسْتَنَدَ مَالِكٍ فِي الصَّاعِ وَالْأَذَانِ وَالْأَوْقَاتِ وَكَثِيرٍ مِنَ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّاتِ رَجَعَ عَنْ مَذْهَبِ صَاحِبِهِ إِلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ وَمِنْهَا مَا ظَهَرَ مِنْ مَذْهَبِهِ فِي أَهْلِ الْمَغْرِبِ وَاخْتِصَاصِهِمْ بِهِ وَتَصْمِيمِهِمْ عَلَيْهِ مَعَ شَهَادَتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَهُمْ بِأَنَّ الْحَقَّ يَكُونُ فِيهِمْ وَلَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ فَتَكُونُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ لَهُمْ شَهَادَةً لَهُ بِأَنَّ مَذْهَبَهُ حَقٌّ لِأَنَّهُ شِعَارُهُمْ وَدِثَارُهُمْ وَلَا طَرِيقَ لَهُمْ سِوَاهُ وَغَيْرُهُ لَمْ تَحْصُلْ لَهُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ وَلَمَّا وَهَبَنِي اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ أَنْ جَعَلَنِي مِنْ جُمْلَةِ طلبته الْكَاتِبين فِي صَحِيفَتِهِ تَعَيَّنَ عَلَيَّ الْقِيَامُ بِحَقِّهِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ وَاسْتِفْرَاغِ الْجُهْدِ فِي مُكَافَأَةِ الْإِحْسَانِ فَوَجَدْتُ أَخْيَارَ عُلَمَائِنَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَدْ أَتَوْا فِي كُتُبِهِمْ بِالْحِكَمِ الْفَائِقَةِ

وَالْأَلْفَاظِ الرَّائِقَةِ وَالْمَعَانِي الْبَاهِرَةِ وَالْحُجَجِ الْقَاهِرَةِ غَيْرَ أَنَّهُمْ يَتَّبِعُونَ الْفَتَاوَى فِي مَوَاطِنِهَا حَيْثُ كَانَتْ وَيَتَكَلَّمُونَ عَلَيْهَا أَيْنَ وُجِدَتْ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ مَعَاقِدِ التَّرْتِيبِ وَنِظَامِ التَّهْذِيبِ كَشُرَّاحِ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا وَمِنْهُمْ مَنْ سَلَكَ التَّرْتِيبَ الْبَدِيعَ وَأَجَادَ فِيهِ الصَّنِيعَ كَالْإِمَامِ الْعَلَّامَةِ كَمَالِ الدِّينِ صَاحِبِ الْجَوَاهِرِ الثَّمِينَةِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَاقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ مَعَ الْيَسِيرِ مِنَ التَّنْبِيهِ عَلَى بَعْضِ التَّوْجِيهِ وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ الْفِقْهَ وَإِنْ جَلَّ إِذَا كَانَ مفترقا تبددت حكمته وَقلت طلاوته وبعدت عِنْدَ النُّفُوسِ طِلْبَتُهُ وَإِذَا رُتِّبَتِ الْأَحْكَامُ مُخَرَّجَةً عَلَى قَوَاعِدِ الشَّرْعِ مَبْنِيَّةً عَلَى مَآخِذِهَا نَهَضَتِ الْهِمَمُ حِينَئِذٍ لِاقْتِبَاسِهَا وَأُعْجِبَتْ غَايَةَ الْإِعْجَابِ بِتَقَمُّصِ لِبَاسِهَا وَقَدْ آثَرْتُ أَنْ أَجْمَعَ بَيْنَ الْكُتُبِ الْخَمْسَةِ الَّتِي عَكَفَ عَلَيْهَا الْمَالِكِيُّونَ شَرْقًا وَغَرْبًا حَتَّى لَا يَفُوتَ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ مَطْلَبٌ وَلَا يُعْوِزُهُ أَرَبٌ وَهِيَ الْمُدَوَّنَةُ وَالْجَوَاهِرُ وَالتَّلْقِينُ والجلاب وَالرِّسَالَةُ جَمْعًا مُرَتَّبًا بِحَيْثُ يَسْتَقِرُّ كُلُّ فَرْعٍ فِي مركزه وَلَا يُوجد فِي غَيره حَيِّزِهِ عَلَى قَانُونِ الْمُنَاسَبَةِ فِي تَأْخِيرِ مَا يَتَعَيَّنُ تَأْخِيرُهُ وَتَقْدِيمِ مَا يَتَعَيَّنُ تَقْدِيمُهُ مِنَ الْكُتُبِ وَالْأَبْوَابِ وَالْفُصُولِ مُتَمَيِّزَةَ الْفُرُوع حَتَّى إِذَا رَأَى الْإِنْسَانُ الْفَرْعَ فَإِنْ كَانَ مَقْصُودُهُ طَالَعَهُ وَإِلَّا أَعْرَضَ عَنْهُ فَلَا يُضَيِّعُ الزَّمَانَ فِي غير مَقْصُوده وَأَعْزِي الْفَرْعَ إِلَى الْمُدَوَّنَةِ إِنْ كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا أَوْ خَاصًّا بِهَا

فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهَا عَزَيْتُهُ لِكِتَابِهِ لِيَكُونَ الْفَقِيهُ عَلَى ثِقَةٍ مِنْ نَقْلِهِ لِعِلْمِهِ بِالْكِتَابِ الْمَنْقُولِ مِنْهُ وَمَتَى شَاءَ رَاجَعَهُ وَمَتَّى وَجَدْتُ الْفَرْع أتم فِي كِتَابه نَقَلْتُهُ مِنْهُ وَأَعْرَضْتُ عَنْ غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ مَنْقُولًا فِيهِ إِلَّا الْمُدَوَّنَةَ فَإِنِّي أَدْأَبُ فِي اسْتِيعَابِهَا غَيْرَ أَوَّلِ الطَّهَارَةِ فَإِنَّهُ مُسْتَوْعَبٌ مِنْ غَيرهَا فَإِنَّهُ نَزْرٌ وَمَتَّى كَانَتْ فُرُوعٌ مَنْقُولَةٌ عَنْ وَاحِدٍ سَمَّيْتُهُ فِي الْفَرْعِ الْأَوَّلِ وَأَقْتَصِرُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِي قَالَ وَلَا أُسَمِّيهِ طَلَبًا لِلِاخْتِصَارِ وَإِذَا قُلْتُ قَالَ فِي الْكِتَابِ فَهُوَ الْمُدَوَّنَةُ وَأُقَدِّمُ الْمَشْهُورَ عَلَى غَيْرِهِ مِنَ الْأَقْوَالِ لِيَسْتَدِلَّ الْفَقِيه بتقديمه على مشهوريته إِلَّا أَنْ يَتَعَذَّرَ ذَلِكَ لِتَسَاوِي الْأَقْوَالِ أَوْ لوُقُوع الْخلاف بَين الْأَصْحَاب فِي الْمَشْهُورِ اخْتِلَافًا عَلَى السَّوَاءِ وَهَذَا قَلِيلٌ فِي الْمَذْهَبِ يُعْلَمُ بِقَرِينَةِ الْبَحْثِ فِيهِ وَاخْتَرْتُ أَنْ أَقُول قَالَ صَاحب الْبَيَان أَو قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ أَوْ صَاحِبُ النُّكَتِ لِأَجْمَعَ بَيْنَ الْقَائِلِ وَالْكِتَابِ الْمَقُولِ فِيهِ فَإِنَّ صَاحِبَ الْبَيَانِ قَدْ يَنْقُلُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَصَاحِبُ النُّكَتِ قَدْ يَنْقُلُ فِي تَهْذِيبِ الطَّالِبِ وَمَتَّى قُلْتُ قَالَ الْمَازِرِيُّ فَهُوَ فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ تَرَكْتُهُ لِطُولِ الِاسْمِ وَقَدْ آثَرْتُ التَّنْبِيهَ عَلَى مَذَاهِبِ الْمُخَالِفِينَ لَنَا مِنَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ وَمَآخِذِهِمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْمَسَائِلِ تَكْمِيلًا لِلْفَائِدَةِ وَمَزِيدًا فِي الِاطِّلَاعِ فَإِنَّ الْحَقَّ

لَيْسَ مَحْصُورًا فِي جِهَةٍ فَيَعْلَمُ الْفَقِيهُ أَيُّ الْمَذْهَبَيْنِ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَأَعْلَقُ بِالسَّبَبِ الْأَقْوَى وَقَدْ جَعَلْتُ الشِّينَ عَلَامَةً لِلشَّافِعِيِّ وَالْحَاءَ عَلَامَةً لِأَبِي حَنِيفَةَ تَقْلِيلًا لِلْحَجْمِ وَالْأَئِمَّةَ عَلَامَةً لِلشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَابْنِ حَنْبَلٍ وَالصِّحَاحَ عَلَامَةً لِمُسْلِمٍ وَالْبُخَارِيِّ وَالْمُوَطَّأِ وَأَوْدَعْتُهُ مَا تَحْتَاجُهُ الْأَبْوَابُ مِنَ اللُّغَةِ فِي الِاشْتِقَاقِ وَغَيْرِهِ وَمَا تَحْتَاجُهُ مِنَ النَّحْوِ وَأُضِيفُ الْأَحَادِيثَ إِلَى مُصَنِّفِيهَا لِتَقْوِيَةِ الْحُجَّةِ فِي الْمُنَاظَرَةِ وَالْعِلْمِ بِقُوَّةِ السَّنَدِ مِنْ ضَعْفِهِ وَأَتَكَلَّمُ عَلَى الْأَحَادِيثِ بِمَا تَحْتَاجُهُ مِنْ إِشْكَالٍ أَوْ جَوَابه فِيهِ أَوْ إِثَارَةِ فَائِدَةٍ مِنْهُ وَأُضِيفُ الْأَقْوَالَ إِلَى قَائِلهَا إِنْ أَمْكَنَ لِيَعْلَمَ الْإِنْسَانُ التَّفَاوُتَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ بِسَبَبِ التَّفَاوُتِ بَيْنَ الْقَائِلِينَ بِخِلَافِ مَا يَقُولُ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِنَا فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ فَلَا يَدْرِي الْإِنْسَانُ مَنْ يَجْعَلُهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى مِنَ الْقَائِلَيْنِ وَلَعَلَّ قَائِلَهُمَا وَاحِدٌ وَقَدْ رَجَعَ عَنْ أَحَدِهِمَا فَإِهْمَالُ ذَلِكَ مُؤْلِمٌ فِي التَّصَانِيفِ وَأَوْدَعْتُهُ مِنْ أُصُولِ الْفِقْهِ وَقَوَاعِدِ الشَّرْعِ وَأَسْرَارِ الْأَحْكَامِ وَضَوَابِطِ الْفُرُوعِ مَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيَّ بِهِ مِنْ فَضْلِهِ مُضَافًا لِمَا أَجِدُ فِي كُتُبِ الْأَصْحَابِ بِحَسَبِ الْإِمْكَان والتيسير

وَقَدْ جَمَعْتُ لَهُ مِنْ تَصَانِيفِ الْمَذْهَبِ نَحْوَ أَرْبَعِينَ تَصْنِيفًا مَا بَيْنَ شَرْحٍ وَكِتَابٍ مُسْتَقِلٍّ خَارِجًا عَنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ وَاللُّغَةِ وَلَا يَكَادُ أَحَدٌ يَجِدُ فِيهَا فَرْعًا إِلَّا نَقَلْتُهُ مُضَافًا لِمَا جَمَعْتُهُ وَأُطَالِعُهَا جَمِيعَهَا قَبْلَ وَضْعِ الْبَابِ وَحِينَئِذٍ أَضَعُهُ وَمَا كَانَ مِنَ الْفُرُوعِ يَنْدَرِجُ تَحْتَ غَيْرِهِ تَرَكْتُهُ فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَةِ اللَّفْظِ بِغَيْرِ فَائِدَةٍ وَأَقْصِدُ أَنْ يَكُونَ لَفْظُهُ خَالِيًا عَنِ التَّطْوِيلِ الْمُمِلِّ وَالِاخْتِصَارِ الْمُخِلِّ وَأُقَدِّمُ بَيْنَ يَدَيْهِ مُقَدِّمَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا فِي بَيَانِ فَضِيلَةِ الْعِلْمِ وآدابه ليَكُون ذَلِك معدنا وَتَقْوِيَةً لِطُلَّابِهِ وَالْمُقَدِّمَةُ الْأُخْرَى فِي قَوَاعِدِ الْفِقْهِ وَأُصُولِهِ وَمَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ نَفَائِسِ الْعِلْمِ مِمَّا يَكُونُ حِلْيَةً لِلْفَقِيهِ وَجُنَّةً لِلْمُنَاظِرِ وَعَوْنًا عَلَى التَّحْصِيلِ وَبَيَّنْتُ مَذْهَبَ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ لِيَظْهَرَ عُلُوُّ شَرَفِهِ فِي اخْتِيَارِهِ فِي الْأُصُولِ كَمَا ظَهَرَ فِي الْفُرُوعِ ويطلع الْفَقِيه على مُوَافقَة لِأَصْلِهِ أَوْ مُخَالَفَتِهِ لَهُ لِمُعَارِضٍ أَرْجَحَ مِنْهُ فَيَطْلُبَهُ حَتَّى يَطَّلِعَ عَلَى مَدْرَكِهِ وَيُطْلِعَ الْمُخَالِفِينَ فِي الْمُنَاظَرَاتِ عَلَى أَصْلِهِ وَأُنَقِّحُ إِنْ شَاءَ كِتَابَ الْفَرَائِضِ وَأُمَهِّدُ قَوَاعِدَهُ وَمَا عَلَيْهَا مَنْ نُقُوضٍ وَأُقَرِّرُ مَا أَجِدُهُ وَأُودِعُ فِيهِ مِنَ الْجَبْرِ وَالْمُقَابَلَةِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فَإِنِّي لَمْ أَرَهُ فِي كُتُبِنَا بَلْ فِي كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ وَهُوَ مِنَ الْأَسْرَارِ الْعَجِيبَةِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ أَنْ يُخَرَّجَ كَثِيرٌ مِنْ مَسَائِلِ الْفَرَائِضِ وَالْوَصَايَا وَالنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ وَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ إِلَّا بِهَا وَأُمَهِّدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ كِتَابَ الْجَامِعِ مِنْهُ تَمْهِيدًا جَمِيلًا وَلَمَّا نَظَرْتُ إِلَى هَذِهِ الْمَقَاصِدِ وَمَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْفَوَائِدِ سَمَّيْتُهُ بِالذَّخِيرَةِ

وَهُوَ ذَخِيرَةٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لِلْمَعَادِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ وَلَدٍ صَالح يَدْعُو لَهُ وَهُوَ ذخيرة لطلبة الْعِلْمِ فِي تَحْصِيلِ مَطَالِبِهِمْ وَتَقْرِيبِ مَقَاصِدِهِمْ فَكُلُّ مَنْ أَرَادَ مِنْهُمْ إِقْرَاءَ كِتَابٍ مِنَ الْكُتُبِ الْخَمْسَة أَو قِرَاءَته وجد فروعه فِيهِ مشروحة ممهدة وَالله تَعَالَى هُوَ المسؤول فِي الْعَوْنِ عَلَى خُلُوصِ النِّيَّةِ وَحُصُولِ الْبُغْيَةِ فَإِنَّ الْخَيْرَ كُلَّهُ بِيَدَيْهِ وَلَا مَلْجَأَ مِنْهُ إِلَّا إِلَيْهِ

(المقدمة الأولى في فضيلة العلم وآدابه)

(الْمُقَدِّمَةُ الْأُولَى فِي فَضِيلَةِ الْعِلْمِ وَآدَابِهِ) وَفِيهَا فصلان (الْفَصْل الْأَوَّلُ فِي فَضِيلَتِهِ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْمَعْنَى) أَمَّا الْكِتَابُ فَمِنْ وُجُوهٍ الْأَوَّلُ أَنْ تَقُولَ خير الْبَريَّة من يخْشَى الله تَعَالَى وَكُلُّ مَنْ يَخْشَى اللَّهَ تَعَالَى فَهُوَ عَالِمٌ فَخير الْبَريَّة عَالم بَيَان الْأُولَى قَوْلُهُ تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصاحات أُولَئِكَ هم خير الْبَريَّة} إِلَى قَوْله {ذَلِك لمن خشِي ربه} فَأثْبت الخشية لخير الْبَريَّة وَهُوَ الْمَطْلُوب وَبَيَان الثَّانِيَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عباده الْعلمَاء} أضَاف سُبْحَانَهُ الْخَشْيَةَ إِلَى كُلِّ عَالِمٍ عَلَى وَجْهِ الْحَصْرِ فَيَكُونُ كُلُّ مَنْ يَخْشَى اللَّهَ تَعَالَى فَهُوَ عَالِمٌ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ الثَّانِي قَوْلُهُ تَعَالَى {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وأولو الْعلم قَائِما بِالْقِسْطِ} بَدَأَ بِنَفْسِهِ وَثَنَّى بِالْمَلَائِكَةِ وَثَلَّثَ بِالْعُلَمَاءِ دُونَ سَائِرِ خَلْقِهِ فَيَكُونُ مَنْ عَدَاهُمْ دُونَهُمْ وَهُوَ الْمَطْلُوب

الثَّالِثُ قَوْلُهُ تَعَالَى {وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فضل الله عَلَيْك عَظِيما} وَعَادَةُ الْعَرَبِ فِي سِيَاقِ الِامْتِنَانِ تَأْخِيرُ الْأَفْضَلِ وَتَقْدِيمُ الْمَفْضُولِ عَلَى الْأَفْضَلِ فَتَكُونُ مَوْهِبَتُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِنَ الْعِلْمِ أَفْضَلَ مِنْ مَوْهِبَتِهِ مِنَ الْإِنْزَالِ الْمُتَضَمِّنِ لِلنُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ وَهَذَا شَرَفٌ عَظِيمٌ شَبَّ فِيهِ عَمْرٌو عَنِ الطَّوْقِ الرَّابِعُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي أَمر الهدهد {لأعذبنه عذَابا شَدِيدا} فَلَمَّا جَاءَ الهدهد قَالَ {أحطت بِمَا لم تحط بِهِ} فاشتدت نَفْسُهُ وَاسْتَعْلَتْ هِمَّتُهُ بِمَا عَلِمَهُ عَلَى سَيِّدِ أَهْلِ الزَّمَانِ وَرَسُولِ الْمَلِكِ الدَّيَّانِ مَعَ عِظَمِ مُلْكِهِ وَهَيْبَةِ مَجْلِسِهِ وَعِلْمِ الْهُدْهُدِ بِحَقَارَةِ نَفْسِهِ وَمَا تَقَرَّرَ عِنْدَ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ جَرِيمَتِهِ وَالْعَزْمِ عَلَى عُقُوبَتِهِ فَلَوْلَا أَنَّ الْعِلْمَ يَرْفَعُ مِنَ الثَّرَى إِلَى الثُّرَيَّا لَمَا عَظُمَ الهدهد بعد أَن كَانَ يود أَن لَو كَانَ نَسْيًا مَنْسِيًّا فَلَا جَرَمَ أَبْدَلَ لَهُ الْعُقُوبَةَ بِالْإِكْرَامِ النَّفِيسِ وَأَسْبَغَ عَلَيْهِ خِلَعَ الرِّسَالَةِ إِلَى بِلْقِيسَ وَأَمَّا السُّنَّةُ فَمِنْ وُجُوهٍ الْأَوَّلُ مَا فِي الْمُوَطَّأ من يرد الله خيرا يفقه فِي الدِّينِ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ الْمُبْتَدَأَ مَحْصُورٌ فِي الْخَبَرِ وَالشَّرْطَ اللُّغَوِيَّ مَحْصُورٌ فِي مَشْرُوطِهِ لِأَنَّهُ سَبَبٌ فَيَكُونُ الْمُرَادُ الْخَيْرُ مَحْصُورٌ فِي الْمُتَفَقِّهِ فَمَنْ لَيْسَ بِمُتَفَقِّهٍ لَا خَيْرَ فِيهِ الثَّانِي مَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهَا عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الْجَنَّةِ وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعلم

وَإِن الْعَالم ليَسْتَغْفِر لَهُ من فِي السَّمَوَات وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالْحِيتَانُ فِي جَوْفِ الْمَاءِ وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَة الْأَنْبِيَاء لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَوَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ فَأَمَّا الطَّرِيقُ الَّتِي يُسْلَكُ بِهِ فِيهَا إِلَى الْجَنَّةِ فَمَعْنَاهُ أَنَّ هَذِهِ الْحَالَةَ سَبَبٌ مُوصِلٌ إِلَى الْجَنَّةِ وَأَمَّا وَضْعُ الْمَلَائِكَةِ أَجْنِحَتَهَا فَقِيلَ تَكُفُّ عَنِ الطَّيَرَانِ فَتَجْلِسُ إِلَيْهِ لِتَسْتَمِعَ مِنْهُ وَقِيلَ تَكُفُّ عَنِ الطَّيَرَانِ تَوْقِيرًا لَهُ وَقِيلَ تَكُفُّ عَنِ الطَّيَرَانِ لِتَبْسُطَ أَجْنِحَتَهَا لَهُ بِالدُّعَاءِ وَلَوْ لَمْ تَعْلَمِ الْمَلَائِكَةُ أَنَّ مَنْزِلَتَهُ عِنْدَ اللَّهِ تَسْتَحِقُّ ذَلِكَ لَمَا فَعَلَتْهُ فَيَنْبَغِي لِكُلِّ أَحَدٍ مِنَ الْمُلُوكِ فَمَنْ دُونَهُمْ أَنْ يَتَوَاضَعُوا لِطَلَبَةِ الْعِلْمِ اتِّبَاعًا لِمَلَائِكَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَخَاصَّةِ مَلَكِهِ وَأَمَّا اسْتِغْفَارُهُمْ لَهُ فَهُوَ طَلَبٌ وَدُعَاءٌ لَهُ بِالْمَغْفِرَةِ وَأَحَدُنَا يُسَافِرُ الْبِلَادَ الْبَعِيدَةَ لِلرَّجُلِ الصَّالِحِ لَعَلَّهُ يَدْعُو لَهُ فَمَا ظَنُّكَ بِدُعَاءِ قَوْمٍ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يؤمرون فيا حبذا هَذِه النِّعْمَة وَأما التَّشْبِيه بالبدر فَفِيهِ فَوَائِد إِحْدَاهَا أَنَّ الْعَالِمَ يَكْمُلُ بِقَدْرِ اتِّبَاعِهِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام هُوَ الشَّمْسُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبشرا وَنَذِيرا وداعيا إِلَى الله بِإِذْنِهِ وسراجا منيرا} والسراج هُوَ الشَّمْس لقَوْله تَعَالَى {وجعلناك سِرَاجًا وهاجا} وَلَمَّا كَانَ الْقَمَرُ يَسْتَفِيدُ ضَوْءَهُ مِنَ الشَّمْسِ

وَكلما كثر توجهه إِلَيْهَا كثر ضوؤه حَتَّى يَصِيرَ بَدْرًا فَكَذَلِكَ الْعَالِمُ كُلَّمَا كَثُرَ توجهه للنَّبِي وإقباله عَلَيْهِ توفر كَمَاله وَثَانِيهمَا أَنَّ الْعَالِمَ مَتَى أَعْرَضَ عَنِ النَّبِيِّ بِكُلِّيَّتِهِ كَسَفَ بَالُهُ وَفَسَدَ حَالُهُ كَمَا أَنَّ الْقَمَرَ إِذَا حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّمْسِ كَسَفَ خِلَافًا لِمَنْ يَزْعُمُ أَنَّ الْعُلُومَ تُتَلَقَّى بِالتَّوَجُّهِ وَلَا يحْتَاج فِيهَا إِلَى النُّبُوَّة وثالثهما أَنَّ الْكَوْكَبَ مَعَ الْبَدْرِ كَالْمَطْمُوسِ الَّذِي لَا أَثَرَ لَهُ وَضَوْءُ الْبَدْرِ عَظِيمُ الْمَنْفَعَةِ مُنْتَشِرُ الْأَضْوَاءِ مُنْبَعِثُ الْأَشِعَّةِ فِي الْأَقْطَارِ بَرًّا وَبَحْرًا وَهَذَا هُوَ شَأْنُ الْعَالِمِ وَأَمَّا الْعَابِدُ فَالْكَوْكَبُ حِينَئِذٍ لَا يَتَعَدَّى نُورُهُ مَحَلَّهُ وَلَا يَصِلُ نَفْعُهُ إِلَى غَيْرِهِ الثَّالِثُ مَا فِي التِّرْمِذِيِّ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ذُكِرَ لَهُ رَجُلَانِ عَالِمٌ وَعَابِدٌ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ ثُمَّ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام وَإِن الله تبَارك وَتَعَالَى وَمَلَائِكَته وَأهل السَّمَوَات وَالْأَرْضِ حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا يُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِي النَّاسِ خَيْرًا وَهَذَا الْحَدِيثُ أَبْلَغُ مِنَ الأول بِكَثِير جدا فَإِن فَضله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَى أَدْنَاهُمْ أَعْظَمُ مِنْ فَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى الْكَوَاكِبِ أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً الرَّابِعُ مَا رَوَى ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِي جَامِعِ الْمُخْتَصَرِ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ قَالَ رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ مَا جَمِيعُ أَعْمَالِ الْبِرِّ فِي الْجِهَادِ إِلَّا كَنُقْطَةٍ فِي بَحْرٍ وَمَا جَمِيعُ أَعْمَالِ الْبِرِّ وَالْجِهَادِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ وَفَضْلِهِ إِلَّا كَنُقْطَةٍ فِي بَحْرٍ وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْخَبَرِ يُوزَنُ مِدَادُ الْعُلَمَاءِ وَدَمُ الشُّهَدَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَرْجَحُ مِدَادُ الْعُلَمَاءِ عَلَى دَمِ الشُّهَدَاءِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ أَعْلَى مَا لِلشَّهِيدِ دَمُهُ وَأَدْنَى مَا لِلْعَالِمِ مِدَادُهُ فَإِذَا رُجِّحَ الْأَدْنَى عَلَى الْأَعْلَى فَمَا الظَّنُّ بِالْأَعْلَى مَعَ الْأَدْنَى

الْخَامِسُ مَا فِي التِّرْمِذِيِّ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ مَا عِنْد الله شَيْء أَفْضَلُ مِنَ الْفِقْهِ فِي الدِّينِ وَلَفَقِيهٌ وَاحِدٌ أَشَدُّ عَلَى إِبْلِيسَ مِنْ أَلْفِ عَابِدٍ وَلِكُلِّ شَيْءٍ قِوَامٌ وَقِوَامُ الدِّينِ الْفِقْهُ وَلِكُلِّ شَيْءٍ دِعَامَةٌ وَدِعَامَةُ الدِّينِ الْفِقْهُ السَّادِسُ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ قَلِيلُ الْفِقْهِ خَيْرٌ مِنْ كَثِيرِ الْعِبَادَةِ السَّابِعُ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ إِنَّ اللَّهَ يَجْمَعُ الْعُلَمَاءَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَيَقُولُ يَا مَعْشَرَ الْعُلَمَاءِ إِنِّي لَمْ أُوتِكُمْ عِلْمِي وَحِكْمَتِي إِلَّا لِخَيْرٍ أَرَدْتُهُ بِكُمْ أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ مَا كَانَ مِنْكُمْ وَأَمَّا الْمَعْنَى فَمِنْ وُجُوهٍ الْأَوَّلُ أَنَّ الْعِلْمَ مُعْتَبَرٌ فِي الْإِلَهِيَّةِ وَكَفَى بِذَلِكَ شَرَفًا عِنْدَ كُلِّ عَاقِلٍ عَلَى الْعِبَادَاتِ وَغَيْرِهَا وَثَانِيهَا أَنَّ كُلَّ خَيْرٍ مُكْتَسَبٍ فِي الْعَالَمِ فَهُوَ بِسَبَبِ الْعِلْمِ وَكُلَّ شَرٍّ يُكْتَسَبُ فِي الْعَالَمِ فَهُوَ بِسَبَبِ الْجَهْلِ وَالِاسْتِقْرَاءُ يُحَقِّقُ ذَلِكَ ثَالِثُهَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا أَرَادَ بَيَانَ فَضْلِ آدَمَ عَلَى الْمَلَائِكَةِ وَإِقَامَةِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ عَلَّمَهُ أَسْمَاءَ الْأَشْيَاءِ أَوْ عَلَامَاتِهَا عَلَى خِلَافٍ فِي ذَلِكَ ثُمَّ سَأَلَهُمْ فَلَمْ يَعْلَمُوا وَسَأَلَهُ فَعَلِمَ وَعَلَّمَ فَاعْتَرَفُوا حِينَئِذٍ بِفَضِيلَتِهِ وَأَمَرَهُمْ بِالسُّجُودِ لَهُ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ تَعْظِيمًا لِمَنْزِلَتِهِ وَخَالَفَ إِبْلِيسُ فِي ذَلِكَ فَبَاءَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بِقَبِيحِ لَعْنَتِهِ وَهَذَا حَالُ الْعِلْمِ بِأَسْمَاءِ الْأَشْيَاءِ أَوْ عَلَامَاتِهَا فَكَيْفَ بِالْعِلْمِ بِحُدُودِ الدِّينِ وَمَا يُتَوَصَّلُ بِهِ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ وَرَابِعُهَا أَنَّ الْكَلْبَ أَخَسُّ الْأَشْيَاءِ لقذراته وَأَذِيَّتِهِ وَسُوءِ حَالَتِهِ فَإِذَا اتَّصَفَ بِعِلْمِ الِاصْطِيَادِ شَرَّفَهُ الشَّرْعُ وَعَظَّمَهُ وَجَعَلَ صَيْدَهُ حِينَئِذٍ قِوَامَ الْأَجْسَادِ وَمُحْتَرَمًا عَنِ الْإِفْسَادِ

وَخَامِسُهَا أَنَّ الْعَالِمَ يَنْقُلُ عَنِ الْحَقِّ لِلْخَلْقِ فَيَقُولُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ عَلَيْكُمْ كَذَا وَأَوْجَبَ عَلَيْكُمْ كَذَا وَأَذِنَ لَكُمْ فِي كَذَا وَأَمَرَكُمْ بِتَقْدِيمِ كَذَا وَتَأْخِيرِ كَذَا فَهُوَ الْقَائِمُ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى فِي خَلْقِهِ وَمُوصِلُهُ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ وَالدَّافِعُ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْمُحَرِّفِينَ وَتَبْدِيلَ الْمُبَدِّلِينَ وَشُبَهَ الْمُبْطِلِينَ وَهَذَا هُوَ مَعْنَى مَقَامِ الْمُرْسَلِينَ وَلِهَذَا يَنْبَغِي لِطَالِبِ الْعِلْمِ أَنَّ يَتَصَوَّرَ نَفْسَهُ فِي هَذَا الْمَقَامِ وَيُعَامِلَهَا بِمَا يَلِيقُ بِهَا مِنَ الِاحْتِرَامِ فَإِنَّ الرَّسُولَ إِذَا وَرَدَ مِنْ عِنْدِ مَلِكٍ عَظِيمٍ قَبُحَ عَلَيْهِ أَنْ يَمْشِيَ إِلَى بُيُوتِ الْأُمَرَاءِ وَفِي الْأَسْوَاقِ أَوْ يَتَقَاصَرَ عَنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ صَوْنًا لِتَعْظِيمِ مُرْسِلِهِ وَهَذَا مَعْلُومٌ فِي الْعَوَائِدِ فَكَذَلِكَ طَالِبُ الْعِلْمِ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُبْعِدَ نَفْسَهُ عَنِ الدَّنَاءَاتِ بَلْ عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الْمُبَاحَاتِ صَوْنًا لِشَرَفِ مَنْصِبِهِ وَتَعْزِيزًا لِثَمَرَاتِ مَطْلَبِهِ وَسَادِسُهَا أَنَّ قِيمَةَ الْإِنْسَانِ مَا يُعلمهُ لَا مَا يَعْلَمُهُ لِقَوْلِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْمَرْءُ مَخْبُوءٌ تَحْتَ لِسَانِهِ وَمَا قَالَ تَحْتَ ثِيَابِهِ وَمَعْنَى هَذَا الِاخْتِبَاءِ أَنَّهُ إِنْ نَطَقَ بِشَرٍّ ظَهَرَتْ خِسَّتُهُ وَدَنَاءَتُهُ وَبِخَيْرٍ ظَهَرَ شَرَفُهُ وَإِنْ لَمْ يَنْطِقْ بِشَيْءٍ فَهُوَ عَدَمٌ مَحْضٌ عِنْدَ مُشَاهِدِهِ وَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْمَرْءُ بِأَصْغَرَيْهِ قَلْبِهِ وَلِسَانِهِ وَلَمْ يَقُلْ بِيَدَيْهِ أَيْ هُوَ مُعْتَبَرٌ بِهِمَا فَإِنْ رَفَعَاهُ ارْتَفَعَ وَإِنْ وَضَعَاهُ اتَّضَعَ فَالْقَلْبُ مَعْدِنُ الْحِكَمِ وَاللِّسَانُ تُرْجُمَانُهُ وَمَا عَدَاهُ فِي حُكْمِ الْأَعْوَانِ الْبَعِيدَةِ الَّتِي لَا اعْتِدَادَ بِهَا وَأَنْشَدَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي هَذَا الْمَعْنَى (النَّاسُ مِنْ جِهَةِ التَّمْثِيلِ أَكْفَاءُ ... أَبُوهُمُ آدَمٌ وَالْأُمُّ حَوَّاءُ) (فَإِنْ أَتَيْتَ بِفَخْرٍ مِنْ ذَوِي نَسَبٍ ... فَإِنَّ نِسْبَتَنَا الطِّينُ وَالْمَاءُ) (مَا الْفَخْرُ إِلَّا لِأَهْلِ الْعِلْمِ إِنَّهُمُ ... عَلَى الْهُدَى لِمَنِ اسْتَهْدَى أَدِلَّاءُ) (وَقِيمَةُ الْمَرْءِ مَا قَدْ كَانَ يُحْسِنُهُ ... وَالْجَاهِلُونَ لِأَهْلِ الْعِلْمِ أَعْدَاءُ)

(الفصل الثاني في آدابه)

(فَاطْلُبْ لِنَفْسِكَ عِلْمًا وَاكْتَسِبْ أَدَبًا ... فَالنَّاسُ مَوْتَى وَأَهْلُ الْعِلْمِ أَحْيَاءُ) وَسَابِعُهَا أَنَّ الْعِلْمَ عَلَى عَظِيمِ قَدْرِهِ وَشَرِيفِ مَعْنَاهُ يَزِيدُ بِكَثْرَةِ الْإِنْفَاقِ وَيَنْقُصُ مَعَ الْإِشْفَاقِ وَهَذِهِ فَضِيلَةٌ جَلِيلَةٌ آخِذَةٌ بِآفَاقِ الشَّرَفِ جَعَلَنَا اللَّهُ تَعَالَى مِنْ أَهْلِهِ الْقَائِمِينَ بِحُقُوقِهِ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ وَثَامِنُهَا أَنَّ الْعُلَمَاءَ وَصَلُوا بِحَقِيقَةِ الْعِلْمِ إِلَى عَيْنِ الْيَقِينِ فَشَاهَدُوا الْأَخْطَارَ وَالْأَوْطَارَ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ فَاسْتَلَانُوا مَا اسْتَوْعَرَهُ الْمُتْرَفُونَ وَاسْتَأْنَسُوا بِمَا اسْتَوْحَشَ مِنْهُ الْجَاهِلُونَ وَفَازُوا بِمَا قعد عِنْد الْمُقَصِّرُونَ فَهُمْ مَعَ جُلَسَائِهِمْ بِأَشْبَاحِهِمْ وَفِي الْمَلَأِ الْأَعْلَى بِأَرْوَاحِهِمْ فَلَا جَرَمَ هُمْ أَحْيَاءٌ وَإِنْ مَاتَتِ الْأَبْدَانُ عَلَى مَمَرِّ الدُّهُورِ وَالْأَزْمَانِ غَابَتْ أَعْيَانُهُمْ عَنِ الْعِيَانِ وَصُوَرُهُمْ مُشَاهَدَةٌ فِي الْجِنَانِ والجنان جعلنَا الله تبَارك وَتَعَالَى مِمَّنْ أَخَذَ مِنْ هُدَاهُمْ بِأَوْثَقِ نَصِيبٍ وَنَافَسَ فِي نَفَائِسِهِمْ إِنَّهُ قَرِيبٌ مُجِيبٌ (الْفَصْل الثَّانِي فِي آدَابِه) اعْلَمْ أَنَّ أَعْظَمَهَا الْإِخْلَاصُ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فَإِنَّهُ إِذَا فُقِدَ انْتَقَلَ الْعِلْمُ مِنْ أَفْضَلِ الطَّاعَاتِ إِلَى أَقْبَحِ الْمُخَالَفَاتِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فويل للمصلين الَّذين هم عَن صلَاتهم ساهون الَّذين هم يراؤون وَيمْنَعُونَ الماعون} وروى ابْن زَيْدٍ فِي جَامِعِ الْمُخْتَصَرِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ وَيْلٌ لِمَنْ عَلِمَ وَلَمْ يَنْفَعْهُ عِلْمُهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ ثُمَّ قَالَ وَيْلٌ لِمَنْ لَمْ يَعْلَمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَعَلَّمَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَيُرْوَى عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَأْمُرُ اللَّهُ تَعَالَى بِطَائِفَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالْقُرَّاءِ وَالْمُجَاهِدِينَ إِلَى النَّارِ وَيَقُولُ لِكُلِّ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ إِنَّمَا عَمِلْتِ لِيُقَالَ وَقَدْ قِيلَ الْحَدِيثُ بِطُولِهِ

وروى ابْن أبي زيد أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَنْ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ لِيُمَارِيَ بِهِ أَوْ لِيُبَاهِيَ بِهِ أَوْ لِيُرَائِيَ بِهِ أَوْقَفَهُ اللَّهُ موقف الذل الصغار وَجَعَلَهُ عَلَيْهِ حُجَّةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَوْمَ يَكُونُ الْعلم زينا لأَهله وروى أيضل عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَتَعَلَّمُهُ إِلَّا لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضًا مِنَ الدُّنْيَا لَمْ يَُرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَحَقِيقَةُ الرِّيَاءِ أَنْ يَعْمَلَ الطَّاعَةَ لِلَّهِ وَلِلنَّاسِ وَيُسَمَّى رِيَاءَ الشِّرْكِ أَوْ لِلنَّاسِ خَاصَّةً وَيُسَمَّى رِيَاءَ الْإِخْلَاصِ وَكِلَاهُمَا يُصَيِّرُ الطَّاعَةَ مَعْصِيَةً وَأَغْرَاضُ الرِّيَاءِ الْبَاعِثَةِ عَلَيْهِ مُنْحَصِرَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ جَلْبِ الْخُيُورِ وَدَفْعِ الشُّرُورِ وَالتَّعْظِيمِ وَيَلْحَقُ بِالرِّيَاءِ التَّسْمِيعُ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ عَلِمْتُ كَذَا أَوْ حَفِظْتُ كَذَا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ وَالتَّسْمِيعُ يَكُونُ بَعْدَ انْعِقَادِ الْعِبَادَةِ مَعْصِيَةً عَلَى الرِّيَاءِ وَبَعْدَ انْعِقَادِهَا طَاعَةً مَعَ الْإِخْلَاصِ لَكِنَّ فِي الْأَوَّلِ يَكُونُ جَامِعًا بَيْنَ مَعْصِيَتَيِ الرِّيَاءِ وَالتَّسْمِيعِ وَفِي الثَّانِي هُوَ عَاصٍ بِالتَّسْمِيعِ فَقَطْ فَتُقَابِلُ سَيِّئَةُ التَّسْمِيعِ حَسَنَةَ الطَّاعَةِ الْمُسَمَّعِ بِهَا فِي الْمُوَازَنَةِ فَرُبَّمَا اسْتَوَيَا وَرُبَّمَا رَجَحَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى حَسَبِ مَقَادِيرِ الطَّاعَاتِ والتسميع وَالْأَصْل فِي التسميع قَول عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ أَسَامِعَ خَلْقِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَيْ يُنَادِي مُنَادٍ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ تَعَالَى عَبْدِي فُلَانٌ عَمِلَ عَمَلًا لِي ثُمَّ تَقَرَّبَ بِهِ لِغَيْرِي نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

وَاعْلَمْ يَا أَخِي أَنَّ هَذَا مَقَامٌ تَشِيبُ مِنْهُ النَّوَاصِي وَلَا يُعْتَصَمُ مِنْهُ بِالصَّيَاصِي فَيَنْبَغِي لَكَ أَنْ تُوَفِّرَ الْعِنَايَةَ عَلَيْهِ وَالْجِدَّ فِيهِ مُسْتَعِينًا بِاللَّهِ تَعَالَى فَمَنْ لَمْ يُسَاعِدْهُ الْقَدَرُ وَلم يَنْفَعهُ الحذر وَلَقَد قطع الْكِبْرِ مَنِ اسْتَكْبَرَ (إِذَا لَمْ يَكُنْ عَوْنٌ مِنَ اللَّهِ لِلْفَتَى ... فَأَكْثَرُ مَا يَجْنِي عَلَيْهِ اجْتِهَادُهُ) وَلَكِنِّي أَدُلُّكَ عَلَى أَعْظَمِ الْوَسَائِلِ مَعَ بَذْلِ الِاجْتِهَادِ وَهُوَ أَنْ تَكُونَ مَعَ بَذْلِ جُهْدِكَ شَدِيدَ الْخَوْفِ عَظِيمَ الِافْتِقَارِ مُلْقِيًا لِلسِّلَاحِ مُعْتَمِدًا عَلَى ذِي الْجَلَالِ مُخْرِجًا لِنَفَسِكَ مِنَ التَّدْبِيرِ فَإِنَّ هَذِهِ الْوَسِيلَةَ هِيَ الْعُرْوَةُ الْوُثْقَى لِمَاسِكِهَا وَطَرِيقُ السَّلَامَةِ لِسَالِكِهَا وَاللَّهُ تَعَالَى هُوَ الْمَسْئُولُ الْمُبْتَهَلُ لِجَلَالِهِ فِي السَّلَامَةِ مِنْ عَذَابِهِ (فَمَا لِجِلْدِي بِحَرِّ النَّارِ مِنْ جَلَدٍ ... وَلَا لِقَلْبِي بِهَوْلِ الْحَشْرِ مِنْ قِبَلِ) وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الرِّيَاءِ قَصْدُ اشْتِهَارِ النَّفْسِ بِالْعِلْمِ لِطَلَبِ الِاقْتِدَاءِ بَلْ هُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْقُرُبَاتِ فَإِنَّهُ سَعْى فِي تَكْثِيرِ الطَّاعَاتِ وَتَقْلِيلِ الْمُخَالَفَاتِ وَكَذَلِكَ قَالَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ {وَاجْعَلْ لِي لِسَان صدق فِي الآخرين} قَالَ الْعُلَمَاءُ مَعْنَاهُ يَقْتَدِي بِي مَنْ بَعْدِي وَلِهَذَا الْمَعْنَى أَشَارَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِقَوْلِهِ إِذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاث علم ينْتَفع بِهِ حَضًّا عَلَى نَشْرِ الْعِلْمِ لِيَبْقَى بَعْدَ الْإِنْسَانِ لِتَكْثِيرِ النَّفْعِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى {وَرَفَعْنَا لَكَ ذكرك} عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ وَقَالَ الْعُلَمَاءُ بِاللَّهِ يَنْبَغِي لِلْعَابِدِ السَّعْيُ فِي الْخُمُولِ وَالْعُزْلَةِ لِأَنَّهُمَا أَقْرَبُ إِلَى السَّلامَة وَلِلْعَالِمِ السَّعْيُ فِي الشُّهْرَةِ وَالظُّهُورِ تَحْصِيلًا لِلْإِفَادَةِ وَلَكِنَّهُ مَقَامٌ كَثِيرُ

الْخَطَرِ فَرُبَّمَا غَلَبَتِ النَّفْسُ وَانْتَقَلَ الْإِنْسَانُ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى إِلَى طَلَبِ الرِّئَاسَةِ وَتَحْصِيلِ أَغْرَاضِ الرِّيَاءِ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَهُوَ حَسَبُنَا فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ الثَّانِي يَنْبَغِي لِطَالِبِ الْعِلْمِ أَنْ يُحْسِنَ ظَاهره وباطنه وسره وعلانيته وأفعاله وأقواله فَلَقَد أحسن من قَالَ (فَالْعَيْبُ فِي الْجَاهِلِ الْمَغْمُورِ مَغْمُورُ ... وَعَيْبُ ذِي الشَّرَفِ الْمَذْكُورِ مَذْكُورُ) (قُلَامَةُ الظُّفْرِ تَخْفَى مِنْ حَقَارَتِهَا ... وَمِثْلُهَا فِي سَوَادِ الْعَيْنِ مَشْهُورُ) وَلِهَذَا الْمَعْنَى قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ {إِذا لأذقناك ضعف الْحَيَاة وَضعف الْمَمَات} أَيْ لَوْ فَعَلْتَ ذَلِكَ لَعَذَّبْنَاكَ مِثْلَ عَذَابِ غَيْرِكَ فِي الدُّنْيَا مَرَّتَيْنِ وَمِثْلَ عَذَابِهِ فِي الْآخِرَةِ مَرَّتَيْنِ وَكَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضعفين} وَهَذِهِ عَادَةُ اللَّهِ تَعَالَى فِي خَلْقِهِ مَنْ عَظُمَتْ عَلَيْهِ نِعْمَتُهُ اشْتَدَّتْ عَلَيْهِ نِقْمَتُهُ وَلِذَلِكَ رُجِمَ الْمُحْصَنُ فِي الزِّنَا وَجُلِدَ الْبِكْرُ وَلِأَنَّ اشْتِهَارَهُ بِالْخَيْرِ يَبْعَثُ عَلَى الِاقْتِدَاءِ بِهِ فَيَحْصُلُ لَهُ كَمَالُ السَّعَادَةِ الدُّنْيَاوِيَّةِ وَوُقُورُ السَّمْتِ وَيَصِيرُ لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا وَاشْتِهَارُهُ بِالدَّنَاءَةِ يُنَفِّرُ النُّفُوسَ مِنْهُ فَتَفُوتُهُ هَذِهِ الْمَنْزِلَةُ بَلْ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَكْتُمَ مِنَ الْحَقِّ مَا تَنْفِرُ مِنْهُ عُقُولُ جُلَسَائِهِ وَأهل زَمَانِهِ وَأَنْ يُخَاطِبَ النَّاسَ عَلَى قَدْرِ عُقُولِهِمْ فَإِنَّهُ إِن يفعل ذَلِك لم يَحْصُلْ مَقْصُودُهُ مِنْ إِظْهَارِ ذَلِكَ الْحَقِّ وَلَا من غَيره فَفِي الْحَدِيثِ مَنْ خَاطَبَ قَوْمًا بِمَا لَمْ تَصِلْ إِلَيْهِ عُقُولُهُمْ كَانَ عَلَيْهِمْ فِتْنَةً اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى إِظْهَارَهُ كَقَوَاعِدِ الدِّينِ وَإِبْطَالِ شُبَهِ الضَّالِّينَ وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ

وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ فَيَعْتَمِدُ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى {وَقل الْحق من ربكُم فَمن شَاءَ فليومن وَمن شَاءَ فليكفر} وَمَنْ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فَلَا يَضُرَّهُ غَضَبُ غَيْرِهِ (إِذَا رَضِيَتْ عَنِّي كِرَامُ عَشِيرَتِي ... فَلَا زَالَ غَضْبَانًا عَلَيَّ شِرَارُهَا) قَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْمُخْتَصَرِ حَقٌّ عَلَى طَالِبِ الْعِلْمِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ وَقَارٌ وَسَكِينَةٌ وَخَشْيَةٌ وَاتِّبَاعٌ لِأَثَرِ مَنْ مَضَى قَبْلَهُ. وَقَالَ الْحَسَنُ رَحِمَهُ اللَّهُ كَانَ الرَّجُلُ إِذَا طَلَبَ الْعِلْمَ لَمْ يَلْبَثْ أَنْ يُرَى ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ وَتَخَشُّعِهِ وَلِسَانِهِ وَيَدِهِ وَصَلَوَاتِهِ وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا ضُمَّ شَيْءٌ إِلَى شَيْءٍ أَحْسَنُ مِنْ علم إِلَى حلم وَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تَعَلَّمُوا لِلْعِلْمِ السَّكِينَةَ وَالْوَقَارَ وَتَوَاضَعُوا لِمَنْ تَتَعَلَّمُونَ مِنْهُ وَلِمَنْ تُعَلِّمُونَهُ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تَكُونُوا مِنْ جَبَابِرَةِ الْعُلَمَاءِ فَلَا يَقُومُ عِلْمُكُمْ بِجَهْلِكُمْ وَقَالَ أَبُو حَازِمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ كَانَ الْعَالِمُ فِيمَا مَضَى إِذَا لَقِيَ مَنْ هُوَ فَوْقَهُ فِي الْعِلْمِ كَانَ يَوْمَ غَنِيمَةٍ أَوْ مَنْ هُوَ مِثْلُهُ ذَاكَرَهُ أَوْ مَنْ هُوَ دُونَهُ لَمْ يَزْهُ عَلَيْهِ ثُمَّ كَانَ هَذَا الزَّمَانُ أَنْ صَارَ الرَّجُلُ إِذَا لَقِيَ مَنْ فَوْقَهُ انْقَطَعَ عَنْهُ حَتَّى لَا يَرَى النَّاسُ أَنَّ بِهِ حَاجَةً إِلَيْهِ وَإِذَا لَقِيَ مَنْ هُوَ مِثْلُهُ لَمْ يُذَاكِرْهُ وَيَزْهُو عَلَى مَنْ هُوَ دُونَهُ وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى أَدْرَكْتُ عِشْرِينَ وَمِائَةً مِنَ الصَّحَابَةِ وَالْأَنْصَارِ مَا مِنْهُمْ أَحَدٌ يُسْأَلُ عَنْ شَيْءٍ إِلَّا وَدَّ أَنَّ صَاحِبَهُ كَفَاهُ الْفُتْيَا وَقَالَ مَالِكٌ جُنَّةُ الْعَالِمِ لَا أَدْرِي فَإِذَا أَخْطَأَ أُصِيبَتْ مَقَاتِلُهُ وَقَالَ كَانَ الصِّدِّيقُ يُسْأَلُ عَنِ الشَّيْءِ فَيَقُولُ لَا أَدْرِي وَأَحَدُكُمُ الْيَوْمَ يَأْنَفُ أَنْ يَقُولَ لَا أَدْرِي قَالَ مُطَرِّفٌ رَحِمَهُ اللَّهُ مَا رَأَيْتُ أَكْثَرَ قَوْلًا مِنْ مَالِكٍ لَا أَدْرِي وَقَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ إِذَا قُلْتَ لَا أَدْرِي عَلِمْتَ حَتَّى تَدْرِيَ وَإِذَا قُلْتَ أَدْرِي سُئِلت

حَتَّى لَا تَدْرِيَ فَصَارَ لَا أَدْرِي وَسِيلَةً إِلَى الْعِلْمِ وَأَدْرِي وَسِيلَةً لِلْجَهْلِ وَلِذَلِكَ قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ قَوْلُ الرَّجُلِ فِيمَا لَا يَعْلَمُ لَا أَعْلَمُ نِصْفُ الْعِلْمِ وَلَمَّا تَعَلَّمَ الْحَسَنُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْعِلْمَ أَقَامَ أَرْبَعِينَ سَنَةً لَمْ يَتَكَلَّمْ بِهِ وَأَفْتَى مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ بَعْدَ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَحَلَّقَ ابْنَ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَكَانَ يَقُولُ لَا يُفْتِي الْعَالِمُ حَتَّى يَرَاهُ النَّاسُ أَهْلًا لِلْفَتْوَى قَالَ سَحْنُونٌ يُرِيدُ الْعُلَمَاءَ قَالَ ابْنُ هُرْمُزَ وَيَرَى هُوَ نَفْسَهُ أَهْلًا لِذَلِكَ الثَّالِثُ أَنْ يُوَفِّيَ الْأَمَانَةَ فِي الْعِلْمِ فَلَا يُعْطِيَهِ لِغَيْرِ أَهْلِهِ وَلَا يَمْنَعَهُ أَهْلِهُ فَإِنَّ الْعِلْمَ يَزِيدُ النَّفْسَ الشِّرِّيرَةَ شَرًّا وَالْخَيِّرَةَ خَيْرًا قَالَ الْمُحَاسَبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ الْعِلْمُ كالغيث ينزل من السَّمَاء كُله حُلْو يزِيد الحلو حلاوة والمر مرَارَة وَقَالَ الْغَزالِيّ رَحمَه الله تَعْلِيمُ الْعِلْمِ لِأَهْلِ الشَّرِّ كَبَيْعِ السَّيْفِ مِنْ قَاطِعِ الطَّرِيقِ وَبَعَثَ الشَّافِعِيُّ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَسْتَعِيرُ مِنْهُ كُتُبًا فَتَوَقَّفَ عَلَيْهِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ (قُلْ لِلَّذِي لَمْ تَرَ عَيْنُ مَنْ رَآهُ مِثْلَهُ ... حَتَّى كَأَنَّ مَنْ رَآهُ قَدْ رَأَى مَنْ قَبْلَهُ) (الْعِلْمُ يَنْهَى أَهْلَهُ أَنْ يَمْنَعُوهُ أَهْلَهُ ... لَعَلَّهُ يَبْذُلُهُ لِأَهْلِهِ لَعَلَّهُ) فَبَعَثَ إِلَيْهِ بِوَقْرِ بَعِيرٍ فَقَوْلُهُ يَنْهَى أَهْلَهُ أَنْ يَمْنَعُوهُ أَهْلَهُ يُفِيدُ الدَّفْعَ لِلْأَهْلِ وَالْمَنْعَ مِنْ غَيْرِ الْأَهْلِ وَالْأَصْلُ فِي هَذِهِ الْقَاعِدَةِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا تُعْطُوا الْحِكْمَةَ لِغَيْرِ أَهْلِهَا فَتَظْلِمُوهَا سُؤَالٌ إِذْ كَانَ الْغَالِبُ عَلَى النَّاسِ الْيَوْمَ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ الرِّيَاءَ وَالْمُبَاهَاةَ وَسُوءَ الْحَالَةِ فَالْمُعَلِّمُ لَهُمْ مُعِينٌ لَهُمْ عَلَى هَذِهِ الْمَعَاصِي وَالْإِعَانَةُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ مَعْصِيَةٌ فَيَحْرُمُ التَّعْلِيمُ حِينَئِذٍ عَلَى الْإِطْلَاقِ نَظَرًا إِلَى الْغَالِبِ جَوَابُهُ هَذَا سُؤَالٌ مُشْكِلٌ وَقَدِ اضْطَرَبَتْ فِيهِ فَتَاوَى الْعُلَمَاءِ فَمِنْهُمْ

من يَقُول لَو اعْتبرنَا لَانْحَسَمَتْ مَادَّةُ التَّعْلِيمِ وَالْإِقْرَاءِ فَيَنْقَطِعُ الشَّرْعُ وَيَفْسُدُ النِّظَامُ فَيُؤَدِّي ذَلِكَ إِلَى إِطْفَاءِ نُورِ الْحَقِّ وَإِضْلَالِ الْخَلْقِ حَتَّى يُطَبِّقَ الْأَرْضَ الْكُفْرُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذِهِ الْمَفَاسِدَ أَعْظَمُ مِنَ الرِّيَاءِ الَّذِي قَدْ يَقَعُ وَقَدْ لَا يَقَعُ فَإِنَّا وَإِنْ قَطَعْنَا بِوُقُوعِهِ فِي الْجُمْلَةِ لَكُنَّا لَا نَعْلَمُ حَالَ كُلِّ أَحَدٍ عَلَى انْفِرَادِهِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى مُتَوَلِّي السَّرَائِرِ فَمَا اسْتَوَى الْأَمْرَانِ وَلَا وُقُوعُهُمَا وَلِأَنَّ الْعِلْمَ قُرْبَةٌ مُحَقَّقَةٌ وَهَذِهِ الْمَعَاصِي أُمُورٌ عَارِضَةٌ الْأَصْلُ عَدَمُهَا فِي كُلِّ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ بَلْ يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ وَلَا يَجُوزُ التَّعْلِيمُ إِلَّا لِمَنْ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ سَلَامَتُهُ مِنْ هَذِهِ الْمَعَاصِي طَرْدًا لِقَاعِدَةِ إِلْحَاقِ الْوَسَائِلِ بِالْمَقَاصِدِ وَأَمَّا قَوْلُ الْأَوَّلِينَ إِنَّ اعْتِبَارَ ذَلِكَ يُؤَدِّي إِلَى انْقِطَاعِ الشَّرْعِ وَتَطْبِيقِ الْكُفْرِ فَأَجَابَ الْغَزَّالِيُّ عَنْهُ فَقَالَ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ تَحْرِيمِ التَّعْلِيمِ انْقِطَاعُ الشَّرْعِ لِأَنَّ الطِّبَاعَ مَجْبُولَةٌ عَلَى حُبِّ الرِّئَاسَةِ وَلَا سِيمَا بألقاب الْعُلُوم ومناصب النُّبُوَّة بَلْ نَابَ الطَّبْعُ مَنَابَ الشَّرْعِ فِي النَّظَرِ فَإِنَّ الطِّبَاعَ مَجْبُولَةٌ عَلَى رُؤْيَةِ الْمُسْتَغْرَبَاتِ وَالْفِكْرَةِ فِيهَا وَكَذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْ مِنْ تَحْرِيمِ الرِّيَاءِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ عَدَمُهَا الرَّابِعُ يَنْبَغِي لِطَالِبِ الْعِلْمِ إِذَا تَعَلَّمَ مَسْأَلَةً أَنْ يَنْوِيَ تَعْلِيمَهَا كل من هُوَ من أَهلهَا وَكَذَلِكَ إِذَا عَلَّمَهَا أَنْ يَنْوِيَ التَّوَسُّلَ إِلَى تَعْلِيم كل من يتَعَلَّم مِمَّن علمه فَيكون الْمَنَوِيُّ فِي الْحَالَيْنِ عَدَدًا لَا يُعَدُّ وَلَا يُحْصَى وَلَهُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ الْعَدَدِ حَسَنَةٌ فَإِنْ وَقَعَ مَنْوِيُّهُ كَانَ لَهُ عَشْرٌ لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من هم بحسنة فَلم يعلمهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً وَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ عشر وَهَذَا مَتْجَرٌ لَا غَايَةَ لِرِبْحِهِ أَعَانَنَا اللَّهُ تَعَالَى على الْخَيْر كُله.

صفحه فارغه

(المقدمة الثانية)

(الْمُقدمَة الثَّانِيَة) فِيمَا يتَعَيَّن أَن يكون على خاطر الْفَقِيه مِنْ أُصُولِ الْفِقْهِ وَقَوَاعِدِ الشَّرْعِ وَاصْطِلَاحَاتِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى تُخَرَّجَ الْفُرُوعُ عَلَى الْقَوَاعِدِ وَالْأُصُولِ فَإِنَّ كُلَّ فِقْهٍ لَمْ يُخَرَّجْ عَلَى الْقَوَاعِدِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَلَمْ أَتَعَرَّضْ فِيهَا لِبَيَانِ مَدَارِكِ الْأُصُولِ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ وَظِيفَةِ الْأُصُولِيِّ لَا مِنْ وَظَائِفِ الْفَقِيهِ فَإِنَّ مُقَدِّمَاتِ كُلِّ عِلْمٍ تُوجَدُ فِيهِ مُسَلَّمَةً فَمَنْ أَرَادَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ بِكُتُبِهِ وَاعْتَمَدْتُ فِي هَذِهِ الْمُقَدِّمَةِ عَلَى أَخْذِ جُمْلَةِ كِتَابِ الْإِفَادَةِ لِلْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ وَهُوَ مُجَلَّدَانِ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ وَجُمْلَةِ الْإِشَارَةِ لِلْبَاجِيِّ وَكَلَامِ ابْنِ الْقَصَّارِ فِي أَوَّلِ تَعْلِيقِهِ فِي الْخِلَافِ وَكتاب الْمَحْصُول للْإِمَام فَخر الدّين بِحَيْثُ أَنِّي لم أَتْرُكْ مِنْ هَذِهِ الْكُتُبِ الْأَرْبَعَةِ إِلَّا الْمَآخِذَ والتقسيم وَالشَّيْءَ الْيَسِيرَ مِنْ مَسَائِلِ الْأُصُولِ مِمَّا لَا يَكَادُ الْفَقِيهُ يَحْتَاجُهُ مَعَ أَنِّي زِدْتُ مَبَاحِثَ وَقَوَاعِدَ وَتَلْخِيصَاتٍ لَيْسَتْ فِي الْمَحْصُولِ وَلَا فِي سَائِرِ الْكُتُبِ الثَّلَاثَةِ وَلَخَّصْتُ جَمِيعَ ذَلِكَ فِي مِائَةِ فَصْلٍ وَفَصْلَيْنِ فِي عِشْرِينَ بَابًا وَسَمَّيْتُهَا تَنْقِيحَ الْفُصُولِ فِي عِلْمِ الْأُصُولِ لِمَنْ أَرَادَ أَنَّ يَكْتُبَهَا وَحْدَهَا خَارِجَةً عَنْ هَذَا الْكِتَابِ

(الباب الأول في الاصطلاحات وفيه عشرون فصلا)

(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي الِاصْطِلَاحَاتِ وَفِيهِ عِشْرُونَ فَصْلًا) الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْحَدِّ وَهُوَ شَرْحُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ بِطَرِيقِ الْإِجْمَالِ وَهُوَ غَيْرُ الْمَحْدُودِ إِنْ أُرِيدَ بِهِ اللَّفْظُ وَنَفْسُهُ إِنْ أُرِيدَ بِهِ الْمَعْنَى وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ جَامِعًا لِجُمْلَةِ أَفْرَادِ الْمَحْدُودِ مَانِعًا مِنْ دُخُولِ غَيْرِهِ مَعَهُ وَيُحْتَرَزُ فِيهِ مِنَ التَّحْدِيدِ بِالْمَسَاوِي وَالْأَخْفَى وَمَا لَا يُعْرَفُ إِلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ الْمَحْدُودِ وَالْإِجْمَالِ فِي اللَّفْظِ وَالْمُعَرِّفَاتُ خَمْسَةٌ الْحَدُّ التَّامُّ وَالْحَدُّ النَّاقِصُ وَالرَّسْمُ التَّامُّ وَالرَّسْمُ النَّاقِصُ وَتَبْدِيلُ لَفْظٍ بِلَفْظٍ مُرَادِفٍ لَهُ أَشْهَرَ مِنْهُ عِنْدَ السَّامِعِ فَالْأَوَّلُ التَّعْرِيفُ بِجُمْلَةِ الْأَجْزَاءِ نَحْوَ قَوْلِنَا الْإِنْسَانُ هُوَ الْحَيَوَانُ النَّاطِقُ وَالثَّانِي التَّعْرِيفُ بِالْفَصْلِ وَحْدَهُ وَهُوَ النَّاطِقُ وَالثَّالِثُ التَّعْرِيفُ بِالْجِنْسِ وَالْخَاصَّةِ كَقَوْلِنَا الْحَيَوَانُ الضَّاحِكُ وَالرَّابِعُ بِالْخَاصَّةِ وَحْدَهَا نَحْوَ قَوْلِنَا هُوَ الضَّاحِكُ وَالْخَامِسُ وَضْعُ أَحَدِ الْمُتَرَادِفَيْنِ مَوْضِعَ الْآخَرِ نَحْوَ مَا هُوَ الْبُرُّ فَتَقُولُ الْقَمْحُ الْفَصْلُ الثَّانِي فِي تَفْسِيرِ أُصُولِ الْفِقْهِ فَأَصْلُ الشَّيْءِ مَا مِنْهُ الشَّيْءُ لُغَةً وَرُجْحَانُهُ أَوْ دَلِيلُهُ اصْطِلَاحًا

الفصل الثالث الفرق بين الوضع والاستعمال والحمل فإنها تلتبس على كثير من الناس

فَمِنَ الْأَوَّلِ أَصْلُ السُّنْبُلَةِ الْبُرَّةُ وَمِنَ الثَّانِي الْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْمَجَازِ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ وَمِنَ الثَّالِثِ أُصُولُ الْفِقْهِ أَيْ أَدِلَّتُهُ وَالْفِقْهُ هُوَ الْفَهْمُ وَالْعِلْمُ وَالشِّعْرُ وَالطِّبُّ لُغَةً وَإِنَّمَا اخْتَصَّ بَعْضُ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ بِبَعْضِ الْعُلُومِ بِسَبَبِ الْعُرْفِ وَالْفِقْهُ فِي الِاصْطِلَاحِ هُوَ الْعِلْمُ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْعَمَلِيَّةِ بِالِاسْتِدْلَالِ وَيُقَالُ فَقِهَ بِكَسْرِ الْقَافِ إِذَا فَهِمَ وَبِفَتْحِهَا إِذَا سَبَقَ غَيْرَهُ لِلْفَهْمِ وَبِضَمِّهَا إِذَا صَارَ الْفِقْهُ لَهُ سَجِيَّةً الْفَصْلُ الثَّالِثُ الْفرق بَين الْوَضع والاستعمال وَالْحمل فَإِنَّهَا تَلْتَبِسُ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ فَالْوَضْعُ يُقَالُ بِالِاشْتِرَاكِ عَلَى جَعْلِ اللَّفْظِ دَلِيلًا عَلَى الْمَعْنَى كَتَسْمِيَةِ الْوَلَدِ زَيْدًا وَهَذَا هُوَ الْوَضْعُ اللُّغَوِيُّ وَعَلَى غَلَبَةِ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي الْمَعْنَى حَتَّى يَصِيرَ أَشْهَرَ فِيهِ مِنْ غَيْرِهِ وَهَذَا هُوَ وَضْعُ الْمَنْقُولَاتِ الثَّلَاثَةِ الشَّرْعِيِّ نَحْوَ الصَّلَاةِ وَالْعُرْفِيِّ الْعَامِّ نَحْوَ الدَّابَةِ وَالْعُرْفِيِّ الْخَاصِّ نَحْوَ الْجَوْهَرِ وَالْعَرَضِ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِينَ وَالِاسْتِعْمَالُ إِطْلَاقُ اللَّفْظِ وَإِرَادَة عين مُسَمَّاة بالحكم وَهُوَ الْحَقِيقِيَّة أَوْ غَيْرِ مُسَمَّاهُ لِعَلَاقَةٍ بَيْنَهُمَا وَهُوَ الْمَجَازُ وَالْحَمْلُ اعْتِقَادُ السَّامِعِ مُرَادَ الْمُتَكَلِّمِ مِنْ لَفْظِهِ أَوْ مَا اشْتَمَلَ عَلَى مُرَادِهِ فَالْمُرَادُ كَاعْتِقَادِ الْمَالِكِيِّ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَرَادَ بِالْقُرْءِ الطُّهْرَ وَالْحَنَفِيِّ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَرَادَ الْحيض والمشتمل نَحْو حمل الشَّافِعِي رَحمَه الله اللَّفْظَ الْمُشْتَرَكَ عَلَى جُمْلَةِ مَعَانِيهِ عِنْدَ تَجَرُّدِهِ عَنِ الْقَرَائِنِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى مُرَادِ الْمُتَكَلِّمِ احْتِيَاطًا الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الدَّلَالَةِ وَأَقْسَامِهَا

الفصل الخامس الفرق بين الكلي والجزئي

فَدَلَالَةُ اللَّفْظِ فَهْمُ السَّامِعِ مِنْ كَلَامِ الْمُتَكَلِّمِ كَمَالَ الْمُسَمَّى أَوْ جُزْءَهُ أَوْ لَازِمَهُ وَلَهَا ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ دَلَالَةُ الْمُطَابَقَةِ وَهِيَ فَهْمُ السَّامِعِ مِنْ كَلَامِ الْمُتَكَلِّمِ كَمَالَ الْمُسَمَّى وَدَلَالَةُ التَّضَمُّنِ وَهِيَ فَهْمُ السَّامِعِ مِنْ كَلَامِ الْمُتَكَلِّمِ جُزْءَ الْمُسَمَّى وَدَلَالَةُ الِالْتِزَامِ وَهِيَ فَهْمُ السَّامِعِ مِنْ كَلَامِ الْمُتَكَلِّمِ لَازِمَ الْمُسَمَّى الْبَيِّنَ وَهُوَ اللَّازِمُ فِي الذِّهْنِ فَالْأَوَّلُ كَفَهْمِ مَجْمُوعِ الْخَمْسَتَيْنِ مِنْ لَفْظِ الْعَشَرَةِ وَالثَّانِي كَفَهْمِ الْخَمْسَةِ وَحْدَهَا مِنَ اللَّفْظِ وَالثَّالِثُ كَفَهْمِ الزَّوْجِيَّةِ مِنَ اللَّفْظِ وَالدَّلَالَةُ بِاللَّفْظِ هِيَ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ إِمَّا فِي مَوْضُوعِهِ وَهُوَ الْحَقِيقَةُ أَوْ فِي غَيْرِ مَوْضُوعِهِ لِعَلَاقَةٍ بَيْنَهُمَا وَهُوَ الْمَجَازُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ هَذِهِ صِفَةٌ لِلْمُتَكَلِّمِ وَأَلْفَاظٌ قَائِمَةٌ بِاللِّسَانِ وَقَصَبَةِ الرِّئَةِ وَتِلْكَ صِفَةُ السَّامِعِ وَعِلْمٌ أَوْ ظَنٌّ قَائِمٌ بِالْقَلْبِ وَلِهَذَا نَوْعَانِ وَهُمَا الْحَقِيقَةُ وَالْمَجَازُ لَا يَعْرِضَانِ لِتِلْكَ وَأَنْوَاعُ تِلْكَ ثَلَاثَةٌ لَا تَعْرِضُ لِهَذِهِ الْفَصْلُ الْخَامِسُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْكُلِّيِّ وَالْجُزْئِيِّ فَالْكُلِّيُّ هُوَ الَّذِي لَا يَمْنَعُ تَصَوُّرُهُ مِنْ وُقُوعِ الشَّرِكَةِ فِيهِ سَوَاءٌ امْتَنَعَ وُجُودُهُ كَالْمُسْتَحِيلِ أَوْ أَمْكَنَ وَلَمْ يُوجَدْ كَبَحْرٍ مِنْ زِئْبَقٍ أَوْ وُجِدَ وَلَمْ يَتَعَدَّدْ كَالشَّمْسِ أَوْ تَعَدَّدَ كَالْإِنْسَانِ وَقَدْ تَرَكْتُ قِسْمَيْنِ أَحَدُهُمَا مُحَالٌ وَالثَّانِي أَدَبٌ وَالْجُزْئِيُّ هُوَ الَّذِي يَمْنَعُ تَصَوُّرُهُ مِنَ الشَّرِكَةِ فِيهِ الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي أَسْمَاءِ الْأَلْفَاظِ الْمُشْتَرَكُ هُوَ اللَّفْظُ الْمَوْضُوعُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ مَعْنَيَيْنِ فَأَكْثَرَ كَالْعَيْنِ وَقَوْلِنَا لِكُلِّ وَاحِدٍ احْتِرَازًا مِنْ أَسْمَاءِ الْأَعْدَادِ فَإِنَّهَا لِمَجْمُوعِ الْمَعَانِي لَا لِكُلِّ وَاحِدٍ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِنَا مُخْتَلِفِينَ فَإِنَّ الْوَضْعَ مُسْتَحِيلٌ لِلْمِثْلَيْنِ فَإِنَّ التَّعَيُّنَ إِنِ اعْتُبِرَ فِي التَّسْمِيَةِ كَانَا مُخْتَلِفَيْنِ وَإِنْ لَمْ يُعْتَبَرْ كَانَا وَاحِدًا وَالْوَاحِدُ لَيْسَ بِمِثْلَيْنِ

والمتواطئ هُوَ اللَّفْظ الْمَوْضُوع لِمَعْنى كلي مستو فِي محاله كَالرّجلِ والمشكك هُوَ الْموضع لِمَعْنًى كُلِّيٍّ مُخْتَلَفٍ فِي مَحَالِّهِ إِمَّا بِالْكَثْرَةِ وَالْقِلَّةِ كَالنُّورِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى السِّرَاجِ وَالشَّمْسِ أَوْ بِإِمْكَانِ التَّغَيُّرِ وَاسْتِحَالَتِهِ كَالْوُجُودِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْوَاجِبِ وَالْمُمْكِنِ أَوْ بِالِاسْتِغْنَاءِ وَالِافْتِقَارِ كَالْمَوْجُودِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْجَوْهَرِ وَالْعَرَضِ وَالْمُتَرَادِفَةُ هِيَ الْأَلْفَاظُ الْكَثِيرَةُ لِمَعْنًى وَاحِد كالقمح وَالْبر وَالْحِنْطَة والمتباينة هِيَ الْأَلْفَاظ الْمَوْضُوع لكل وَاحِدٍ مِنْهَا لِمَعْنًى كَالْإِنْسَانِ وَالْفَرَسِ وَالطَّيْرِ وَلَوْ كَانَتْ لِلذَّاتِ وَالصِّفَةِ وَصِفَةِ الصِّفَةِ نَحْوَ زَيْدٌ مُتَكَلِّمٌ فَصِيحٌ وَالْمَنْقُولُ هُوَ اللَّفْظُ الَّذِي غَلَبَ اسْتِعْمَالُهُ فِي غَيْرِ مَوْضُوعِهِ الْأَوَّلِ حَتَّى صَارَ أَشْهَرَ مِنَ الْأَوَّلِ وَالْمُرْتَجَلُ هُوَ اللَّفْظُ الْمَوْضُوعُ لِمَعْنًى لَمْ يُسْبَقْ بِوَضْعٍ آخَرَ وَالْعَلَمُ هُوَ الْمَوْضُوعُ لِجُزْئِيٍّ كَزَيْدٍ وَالْمُضْمَرُ هُوَ اللَّفْظُ الْمُحْتَاجُ فِي تَفْسِيرِهِ إِلَى لَفْظٍ مُنْفَصِلٍ عَنْهُ إِنْ كَانَ غَائِبًا أَوْ قَرِينَةِ تَكَلُّمٍ أَوْ خِطَابٍ فَقَوْلُنَا إِلَى لَفْظٍ احْتِرَازًا مِنْ أَلْفَاظِ الْإِشَارَةِ وَقَوْلِنَا مُنْفَصِلٍ عَنْهُ احْتِرَازًا مِنَ الْمَوْصُولَاتِ وَقَوْلُنَا قَرِينَةِ تَكَلُّمٍ أَوْ خِطَابٍ لِيَدْخُلَ ضَمِيرُ الْمُتَكَلِّمِ الْمُخَاطب وَالنَّص فِيهِ ثَلَاثَة اصْطِلَاحَات قيل هُوَ مَا دَلَّ عَلَى مَعْنًى قَطْعًا وَلَا يَحْتَمِلُ غَيْرَهُ قَطْعًا كَأَسْمَاءِ الْأَعْدَادِ وَقِيلَ مَا دَلَّ عَلَى مَعْنًى قَطْعًا وَإِنِ احْتَمَلَ غَيْرَهُ كَصِيَغِ الْجُمُوعِ فِي الْعُمُومِ فَإِنَّهَا تَدُلُّ عَلَى أَقَلِّ الْجَمْعِ قَطْعًا وَتَحْتَمِلُ الِاسْتِغْرَاقَ وَقِيلَ مَا دَلَّ عَلَى مَعْنًى كَيْفَ كَانَ وَهُوَ غَالِبُ اسْتِعْمَالِ الْفُقَهَاء

الفصل السابع الفرق بين الحقيقة والمجاز وأقسامهما

وَالظَّاهِرُ هُوَ الْمُتَرَدِّدُ بَيْنَ احْتِمَالَيْنِ فَأَكْثَرَ هُوَ فِي أَحَدِهِمَا أَرْجَحُ وَالْمُجْمَلُ هُوَ الْمُتَرَدِّدُ بَيْنَ احْتِمَالَيْنِ فَأَكْثَرَ عَلَى السَّوَاءِ ثُمَّ التَّرَدُّدُ قَدْ يَكُونُ مِنْ جِهَةِ الْوَضْعِ كَالْمُشْتَرِكِ وَقَدْ يَكُونُ مِنْ جِهَةِ الْعَقْلِ كَالْمُتَوَاطِئِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى أَشْخَاصٍ مُسَمَّاهٍ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَاده} فَهُوَ ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْحَقِّ مُجْمَلٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَقَادِيرِهِ وَالْمُبِينُ هُوَ مَا أَفَادَ مَعْنَاهُ إِمَّا بِسَبَبِ الْوَضْعِ أَوْ بِضَمِيمَةِ بَيَانٍ إِلَيْهِ وَالْعَامُّ هُوَ الْمَوْضُوعُ لِمَعْنًى كُلِّيٍّ بِقَيْدٍ تَتْبَعُهُ فِي مَحَالِّهِ نَحْوَ الْمُشْرِكِينَ وَالْمُطْلَقُ هُوَ اللَّفْظُ الْمَوْضُوعُ لِمَعْنًى كُلِّيٍّ نَحْوَ رَجُلٍ وَالْمُقَيَّدُ هُوَ اللَّفْظُ الَّذِي أُضِيفَ إِلَى مُسَمَّاهُ مَعْنًى زَائِدٌ عَلَيْهَا نَحْوَ رَجُلٍ صَالِحٍ وَالْأَمْرُ هُوَ اللَّفْظُ الْمَوْضُوعُ لِطَلَبِ الْفِعْلِ طَلَبًا جَازِمًا عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِعْلَاءِ نَحْوَ قُمْ وَالنَّهْيُ هُوَ الْمَوْضُوعُ لِطَلَبِ التَّرْكِ طَلَبًا جَازِمًا وَالِاسْتِفْهَامُ هُوَ طَلَبُ حَقِيقَةِ الشَّيْءِ وَالْخَبَرُ هُوَ الْمَوْضُوعُ لِلَفْظَيْنِ فَأَكْثَرَ أُسْنِدَ مُسَمَّى أَحَدِهِمَا إِلَى مُسَمَّى الْآخَرِ إِسْنَادًا يَقْبَلُ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ لِذَاتِهِ نَحْوَ زَيْدٌ قَائِمٌ الْفَصْلُ السَّابِعُ الْفرق بَين الْحَقِيقَة وَالْمجَاز وَأَقْسَامِهِمَا فَالْحَقِيقَةُ هِيَ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِيمَا وُضِعَ لَهُ فِي الْعُرْفِ الَّذِي وَقَعَ بِهِ التَّخَاطُبُ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ لُغَوِيَّةٌ كَاسْتِعْمَالِ الْإِنْسَانِ فِي الْحَيَوَانِ النَّاطِقِ وَشَرْعِيَّةٌ كَاسْتِعْمَالِ لَفْظِ الصَّلَاةِ فِي الْأَفْعَالِ الْمَخْصُوصَةِ وَعُرْفِيَّةٌ عَامَّةٌ كَاسْتِعْمَالِ لَفْظِ

الدَّابَّةِ فِي الْحِمَارِ وَخَاصَّةً نَحْوَ اسْتِعْمَالِ لَفْظِ الْجَوْهَرِ فِي الْمُتَحَيِّزِ الَّذِي لَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ وَالْمَجَازُ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي غَيْرِ مَا وُضِعَ لَهُ فِي الْعُرْفِ الَّذِي وَقَعَ بِهِ التَّخَاطُبُ لِعَلَاقَةٍ بَيْنَهُمَا وَهُوَ يَنْقَسِمُ بِحَسَبِ الْوَاضِعِ إِلَى أَرْبَعَة حجاز لُغَوِيٍّ كَاسْتِعْمَالِ الْأَسَدِ فِي الرَّجُلِ الشُّجَاعِ وَشَرْعِيٍّ كَاسْتِعْمَالِ لَفْظِ الصَّلَاةِ فِي الدُّعَاءِ وَعُرْفِيٍّ عَامٍّ كَاسْتِعْمَالِ لَفْظِ الدَّابَّةِ فِي مُطْلَقِ مَا اتَّصَفَ بِالدَّبِيبِ وَخَاصٍّ كَاسْتِعْمَالِ لَفْظِ الْجَوْهَرِ فِي النَّفِيسِ وَبِحَسَبِ الْمَوْضُوعِ لَهُ إِلَى مُفْرَدٍ نَحْوَ قَوْلِنَا أَسَدٌ لِلرَّجُلِ الشُّجَاعِ وَإِلَى مُرَكَّبٍ كَقَوْلِهِ (أَشَابَ الصَّغِير وأفنى الْكَبِير ... كَرُّ الْغَدَاةِ وَمَرُّ الْعَشِي) فَالْمُفْرَدَاتُ حَقِيقَةٌ وَإِسْنَادُ الْإِشَابَةِ وَالْإِفْنَاءِ إِلَى الْكَرِّ وَالْمَرِّ مَجَازٌ فِي التَّرْكِيبِ وَإِلَى مُفْرَدٍ وَمُرَكَّبٍ نَحْوَ قَوْلِهِمْ أَحْيَانِي اكْتِحَالِي بِطَلْعَتِكَ فَاسْتِعْمَالُ الْإِحْيَاءِ وَالِاكْتِحَالِ فِي السُّرُورِ وَالرُّؤْيَةِ مَجَازٌ فِي الْإِفْرَادِ وَإِضَافَةُ الْإِحْيَاءِ إِلَى الِاكْتِحَالِ مَجَازٌ فِي التَّرْكِيبِ فَإِنَّهُ مُضَافٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَبِحَسَبِ هَيْئَتِهِ إِلَى الْخَفِيِّ كَالْأَسَدِ للرجل الشجاع والجلي الرَّاجِح كالدابة للحمار وَهَهُنَا دَقِيقَةٌ وَهِيَ أَنَّ كُلَّ مَجَازٍ رَاجِحٌ مَنْقُولٌ وَلَيْسَ كُلُّ مَنْقُولٍ مَجَازًا رَاجِحًا فَالْمَنْقُولُ أَعَمُّ مُطْلَقًا وَالْمَجَازُ الرَّاجِحُ أَخَصُّ مُطْلَقًا فَرْعٌ كُلُّ مَحَلٍّ قَامَ بِهِ مَعْنًى وَجَبَ أَنْ يُشْتَقَّ لَهُ مِنْ لَفْظِ ذَلِكَ الْمَعْنَى لَفْظٌ وَيُمْتَنَعُ الِاشْتِقَاقُ لِغَيْرِهِ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ فِي الْأَمْرَيْنِ

الفصل الثامن التخصيص

فَإِنْ كَانَ الِاشْتِقَاقُ بِاعْتِبَارِ قِيَامِهِ فِي الِاسْتِقْبَالِ فَهُوَ مَجَازٌ إِجْمَاعًا نَحْوَ تَسْمِيَةِ الْعِنَبِ بِالْخَمْرِ أَوْ بِاعْتِبَارِ قِيَامِهِ فِي الْحَالِ فَهُوَ حَقِيقَةٌ إِجْمَاعًا نَحْوَ تَسْمِيَةِ الْخَمْرِ خَمْرًا أَوْ بِاعْتِبَارِ الْمَاضِي فَفِي كَوْنِهِ حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا مَذْهَبَانِ أَصَحُّهُمَا الْمَجَازُ هَذَا إِذَا كَانَ مَحْكُومًا بِهِ أَمَّا إِذَا كَانَ مُتَعَلِّقَ الْحُكْمِ فَهُوَ حَقِيقَةٌ مُطْلَقًا نَحْوَ {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} الْفَصْلُ الثَّامِنُ التَّخْصِيصُ وَهُوَ إِخْرَاجُ بَعْضِ مَا يَتَنَاوَلُهُ اللَّفْظُ الْعَامُّ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ بِدَلِيلٍ مُنْفَصِلٍ فِي الزَّمَانِ إِنْ كَانَ الْمُخَصَّصُ لَفْظِيًّا أَوْ بِالْجِنْسِ إِنْ كَانَ عَقْلِيًّا قَبْلَ تَقَرُّرِ حُكْمِهِ فَقَوْلُنَا أَو مَا يقوم مقَامه احْتِرَاز مِنَ الْمَفْهُومِ فَإِنَّهُ يَدْخُلُهُ التَّخْصِيصُ وَقَوْلُنَا فِي الزَّمَان احْتِرَاز مِنَ الِاسْتِثْنَاءِ وَقَوْلُنَا بِالْجِنْسِ لِأَنَّ الْمُخَصَّصَ الْعَقْلِيَّ مُقَارَنٌ وَقَوْلُنَا قَبْلَ تَقَرُّرِ حُكْمِهِ احْتِرَازًا مِنْ أَنَّ يَعْمَلَ بِالْعَامِّ فَإِنَّ الْإِخْرَاجَ بَعْدَ هَذَا يَكُونُ نَسْخًا الْفَصْلُ التَّاسِعُ فِي لَحْنِ الْخِطَابِ وَفَحْوَاهُ وَدَلِيلِهِ وَتَنْبِيهِهِ وَاقْتِضَائِهِ وَمَفْهُومِهِ فَلَحْنُ الْخِطَابِ هُوَ دَلَالَةُ الِاقْتِضَاءِ وَهُوَ دَلَالَةُ اللَّفْظِ الْتِزَامًا عَلَى مَا لَا يَسْتَقِلُّ الْحُكْمُ إِلَّا بِهِ وَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ لَا يَقْتَضِيهِ وَضْعًا نَحْوَ قَوْله تَعَالَى {وأوحينا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ} تَقْدِيرُهُ فَضَرَبَ فَانْفَلَقَ وَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ} إِلَى قَوْلِهِ {قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا} تَقْدِيرُهُ فَأَتَيَاهُ وَقِيلَ هُوَ فَحْوَى الْخِطَابِ وَهُوَ خلاف لَفْظِي

قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ وَاللُّغَةُ تَقْتَضِي الِاصْطِلَاحَيْنِ وَقَالَ الْبَاجِيُّ هُوَ دَلِيلُ الْخِطَابِ وَهُوَ مَفْهُومُ الْمُخَالَفَةِ وَهُوَ إِثْبَاتُ نَقِيضِ حُكْمِ الْمَنْطُوقِ بِهِ لِلْمَسْكُوتِ عَنْهُ وَهُوَ عَشَرَةُ أَنْوَاعٍ مَفْهُومُ الْعِلَّةِ نَحْوَ مَا أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ وَمَفْهُومُ الصِّفَةِ نَحْوَ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ الزَّكَاةُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْعِلَّةَ فِي الثَّانِي الْغِنَى وَالسَّوْمَ مُكَمِّلٌ لَهُ وَفِي الْأَوَّلِ الْعِلَّةُ عَيْنُ الْمَذْكُورِ وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ نَحْوَ مَنْ تَطَهَّرَ صحت صَلَاتُهُ وَمَفْهُومُ الِاسْتِثْنَاءِ نَحْوَ قَامَ الْقَوْمُ إِلَّا زَيْدًا وَمَفْهُومُ الْغَايَةِ نَحْوَ {أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} وَمَفْهُومُ الْحَصْرِ نَحْوَ إِنَّمَا الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ وَمَفْهُومُ الزَّمَانِ نَحْوَ سَافَرْتُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَمَفْهُومُ الْمَكَانِ نَحْوَ جَلَسْتُ أَمَامَ زَيْدٍ وَمَفْهُومُ الْعَدَدِ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} وَمَفْهُومُ اللَّقَبِ وَهُوَ تَعْلِيقُ الْحُكْمِ عَلَى مُجَرَّدِ أَسْمَاءِ الذَّوَاتِ نَحْوَ فِي الْغَنَمِ الزَّكَاةُ وَهُوَ أَضْعَفُهَا وَتَنْبِيهُ الْخِطَابِ وَهُوَ مَفْهُومُ الْمُوَافَقَةِ عِنْدَ الْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ أَوِ الْمُخَالَفَةِ عِنْدَ غَيْرِهِ وَكِلَاهُمَا فحوى الْخطاب عِنْد الْبَاجِيّ فترادف تَنْبِيهُ الْخِطَابِ وَفَحْوَاهُ

الفصل العاشر في الحصر

وَمَفْهُومُ الْمُوَافَقَةِ لِمَعْنًى وَاحِدٍ وَهُوَ إِثْبَاتُ حُكْمِ الْمَنْطُوقِ بِهِ لِلْمَسْكُوتِ عَنْهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى كَمَا يَتَرَادَفُ مَفْهُومُ الْمُخَالَفَةِ وَدَلِيلُ الْخِطَابِ وَتَنْبِيهُهُ وَمَفْهُومُ الْمُوَافَقَةِ نَوْعَانِ أَحَدُهُمَا إِثْبَاتُهُ فِي الْأَكْثَرِ نَحْوَ قَوْله تَعَالَى {فَلَا تقل لَهما أُفٍّ} فَإِنَّهُ يَقْتَضِي تَحْرِيمَ الضَّرْبِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَثَانِيهُمَا إِثْبَاتُهُ فِي الْأَقَلِّ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْك} فَإِنَّهُ يَقْتَضِي ثُبُوتَ الْأَمَانَةِ فِي الدِّرْهَمِ بِطَرِيقِ الأولى الْفَصْل الْعَاشِر فِي الْحصْر وَهُوَ إِثْبَاتُ نَقِيضِ حُكْمِ الْمَنْطُوقِ بِهِ لِلْمَسْكُوتِ عَنْهُ بِصِيغَةِ إِنَّمَا وَنَحْوِهَا وَأَدَوَاتُهُ أَرْبَعٌ إِنَّمَا نَحْوَ إِنَّمَا الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ وَتَقَدَّمَ النَّفْيُ قَبْلَ إِلَّا نَحْوَ لَا يَقْبَلُ صَلَاةً إِلَّا بِطَهُورٍ وَالْمُبْتَدَأُ مَعَ الْخَبَرِ نَحْوَ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ فَالتَّحْرِيمُ مَحْصُورٌ فِي التَّكْبِير والتحليل محصورا فِي التَّسْلِيمِ وَكَذَلِكَ ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ وَتَقْدِيمُ الْمَعْمُولَاتِ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} {وهم بأَمْره يعْملُونَ} أَيْ لَا نَعْبُدُ إِلَّا إِيَّاكَ وَهُمْ لَا يَعْمَلُونَ إِلَّا بِأَمْرِهِ وَهُوَ مُنْقَسِمٌ إِلَى حَصْرِ الْمَوْصُوفَاتِ فِي الصِّفَاتِ نَحْو إِنَّمَا زَيْدٌ عَالِمٌ وَإِلَى حصر

الفصل الحادي عشر خمس حقائق لا تتعلق إلا بالمستقبل من الزمان وبالمعدوم وهي الأمر والنهي والدعاء والشرط وجزاؤه

الصِّفَاتِ فِي الْمَوْصُوفَاتِ نَحْوَ إِنَّمَا الْعَالِمُ زَيْدٌ وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَقَدْ يَكُونُ عَامًّا فِي الْمُتَعَلِّقِ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ وَقَدْ يَكُونُ خَاصًّا نَحْوَ قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا أَنْت مُنْذر} أَيْ بِاعْتِبَارِ مَنْ لَا يُؤْمِنُ فَإِنَّ حَظَّهُ مِنْهُ الْإِنْذَارُ لَيْسَ إِلَّا فَهُوَ مَحْصُورٌ فِي إِنْذَارِهِ وَلَا وَصْفَ لَهُ غَيْرَ الْإِنْذَارِ بِاعْتِبَارِ هَذِهِ الطَّائِفَةِ وَإِلَّا فَهَذِهِ الصِّيغَةُ تَقْتَضِي حَصْرَهُ فِي النِّذَارَةِ فَلَا يُوصَفُ بِالْبِشَارَةِ وَلَا بِالْعِلْمِ وَلَا بِالشَّجَاعَةِ وَلَا بِصِفَةٍ أُخْرَى وَمِنْ هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُمْ زَيْدٌ صَدِيقِي وَصَدِيقِي زَيْدٌ فَالْأَوَّلُ يَقْتَضِي حَصْرَ زَيْدٍ فِي صَدَاقَتِكَ فَلَا يُصَادِقُ غَيْرَكَ وَأَنْتَ يَجُوزُ أَنْ تُصَادِقَ غَيْرَهُ وَالثَّانِي يَقْتَضِي حَصْرَ صَدَاقَتِكَ فِيهِ وَهُوَ غَيْرُ مُنْحَصِرٍ فِي صَدَاقَتِكَ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يُصَادِقَ غَيْرَكَ عَلَى عَكْسِ الْأَوَّلِ الْفَصْلُ الْحَادِيَ عَشَرَ خَمْسُ حَقَائِقَ لَا تَتَعَلَّقُ إِلَّا بِالْمُسْتَقْبَلِ مِنَ الزَّمَانِ وبالمعدوم وَهِيَ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ وَالدُّعَاءُ وَالشَّرْطُ وَجَزَاؤُهُ الْفَصْلُ الثَّانِيَ عَشَرَ حُكْمُ الْعَقْلِ بِأَمْرٍ عَلَى أَمْرٍ إِمَّا غير جازم أَو جازم وَالِاحْتِمَالَاتُ إِمَّا مُسْتَوِيَةٌ فَهُوَ الشَّكُّ أَوْ بَعْضُهَا رَاجِحٌ وَهُوَ الظَّنُّ وَالْمَرْجُوحُ وَهْمٌ وَالْجَازِمُ إِمَّا غَيْرُ مُطَابِقٍ وَهُوَ الْجَهْلُ الْمُرَكَّبُ أَوْ مُطَابِقٌ وَهُوَ إِمَّا لِغَيْرِ مُوجِبٍ وَهُوَ التَّقْلِيدُ أَوْ لِمُوجِبٍ وَهُوَ إِمَّا عَقْلٌ وَحْدَهُ فَإِنِ اسْتَغْنَى عَنِ الْكَسْبِ فَهُوَ الْبَدِيهِيُّ وَإِلَّا فَهُوَ النَّظَرِيُّ أَوْ حِسٌّ وَحْدَهُ وَهُوَ الْمَحْسُوسَاتُ الْخَمْسُ أَوْ مُرَكَّبٌ مِنْهُمَا وَهُوَ الْمُتَوَاتِرَاتُ وَالتَّجْرِيبِيَّاتُ وَالْحَدْسِيَّاتُ وَالْوِجْدَانِيَّاتُ أَشْبَهُ بِالْمَحْسُوسَاتِ فَتَنْدَرِجُ مَعَهَا الْفَصْلُ الثَّالِثَ عَشَرَ فِي الحكم وأقسامه

الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ هُوَ خِطَابُ اللَّهِ الْقَدِيمُ الْمُتَعَلِّقُ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ بِالِاقْتِضَاءِ أَوِ التَّخْيِيرِ فَالْقَدِيمُ احْتِرَازًا مِنْ نُصُوصِ أَدِلَّةِ الْحُكْمِ فَإِنَّهَا خِطَابُ اللَّهِ وَلَيْسَتْ حُكْمًا وَإِلَّا اتَّحَدَ الدَّلِيلُ وَالْمَدْلُولُ وَهِيَ مُحْدَثَةُ وَالْمُكَلَّفِينَ احْتِرَازًا مِنَ الْمُتَعَلِّقِ بِالْجَمَادِ وَغَيْرِهِ وَالِاقْتِضَاءِ احْتِرَازًا مِنَ الْخَبَرِ وَقَوْلُنَا أَوِ التَّخْيِيرِ ليدْخل الْمُبَاحُ وَاخْتُلِفَ فِي أَقْسَامِهِ فَقِيلَ خَمْسَةٌ الْوُجُوبُ وَالتَّحْرِيمُ وَالنَّدْبُ وَالْكَرَاهَةُ وَالْإِبَاحَةُ وَقِيلَ أَرْبَعَةٌ وَالْمُبَاحُ لَيْسَ مِنَ الشَّرْعِ وَقِيلَ اثْنَانِ التَّحْرِيمُ وَالْإِبَاحَةُ وَفُسِّرَتْ بِجَوَازِ الْإِقْدَامِ الَّذِي يَشْمَلُ الْوُجُوبَ وَالنَّدْبَ وَالْكَرَاهَةَ وَالْإِبَاحَةَ وَعَلَى هَذَا الْمَذْهَبِ يَتَخَرَّجُ قَوْلُهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبْغَضُ الْمُبَاحِ إِلَى اللَّهِ الطَّلَاقُ فَإِنَّ الْبِغْضَةَ تَقْتَضِي رُجْحَان طرف التَّرْكِ وَالرُّجْحَانُ مَعَ التَّسَاوِي مُحَالٌ وَالْوَاجِبُ مَا ذُمَّ تَارِكُهُ شَرْعًا وَالْمُحَرَّمُ مَا ذُمَّ فَاعِلُهُ شَرْعًا وَقَيْدُ الشَّرْعِ احْتِرَازًا مِنَ الْعُرْفِ وَالْمَنْدُوبُ مَا رُجِّحَ فِعْلُهُ عَلَى تَرْكِهِ شَرْعًا مِنْ غير ذمّ وَالْمَكْرُوه مَا رجح عَلَى فِعْلِهِ شَرْعًا مِنْ غَيْرِ ذَمٍّ وَالْمُبَاحُ مَا اسْتَوَى طَرَفَاهُ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ تَنْبِيهٌ لَيْسَ كُلُّ وَاجِبٍ يُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ وَلَا كُلُّ مُحَرَّمٍ يُثَابُ عَلَى تَرْكِهِ أَمَّا الْأَوَّلُ فكنفقات الزَّوْجَات والأقارب وَالدَّوَاب ورد المغضوب وَالْوَدَائِعِ وَالدُّيُونِ وَالْعَوَارِي فَإِنَّهَا وَاجِبَةٌ وَإِذَا فَعَلَهَا الْإِنْسَانُ غَافِلًا عَنِ امْتِثَالِ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى فِيهَا وَقَعَتْ وَاجِبَةً مُجْزِئَةً مُبَرِّئَةً لِلذِّمَّةِ وَلَا ثَوَاب

الفصل الرابع عشر في أوصاف العبادة وهي خمسة

وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ الْمُحَرَّمَاتِ يَخْرُجُ الْإِنْسَانُ عَنْ عُهْدَتِهَا بِمُجَرَّدِ تَرْكِهَا وَإِنْ لَمْ يَشْعُرْ بِهَا فَضْلًا عَنِ الْقَصْدِ إِلَيْهَا حَتَّى يَنْوِيَ امْتِثَالَ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى فِيهَا فَلَا ثَوَابَ حِينَئِذٍ نَعَمْ مَتَى اقْتَرَنَ قَصْدُ الِامْتِثَالِ فِي الْجَمِيعِ حَصَلَ الثَّوَابُ الْفَصْلُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي أَوْصَافِ الْعِبَادَة وَهِيَ خَمْسَةٌ الْأَوَّلُ الْأَدَاءُ وَهُوَ إِيقَاعُ الْعِبَادَةِ فِي وَقْتِهَا الْمُعَيَّنِ لَهَا شَرْعًا لِمَصْلَحَةٍ اشْتَمَلَ عَلَيْهَا الْوَقْتُ فَقَوْلُنَا فِي وَقْتِهَا احْتِرَازًا مِنَ الْقَضَاءِ وَقَوْلُنَا شَرْعًا احْتِرَازًا مِنَ الْعُرْفِ وَقَوْلُنَا لِمَصْلَحَةٍ اشْتَمَلَ عَلَيْهَا الْوَقْتُ احْتِرَازًا مِنْ تَعْيِينِ الْوَقْتِ لِمَصْلَحَةِ الْمَأْمُورِ بِهِ لَا لِمَصْلَحَةٍ فِي الْوَقْتِ كَمَا إِذَا قُلْنَا الْأَمْرُ لِلْفَوْرِ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ الزَّمَنُ الَّذِي يَلِي وُرُودَ الْأَمْرِ وَلَا يُوصَفُ بِكَوْنِهِ أَدَاءً فِي وَقْتِهِ وَلَا قَضَاءً بعد وقته كمن بَادَرَ لِإِزَالَةِ مُنْكَرٍ أَوْ إِنْقَاذِ غَرِيقٍ فَإِنَّ الْمصلحَة هَهُنَا فِي الْإِنْقَاذِ سَوَاءٌ كَانَ فِي هَذَا الزَّمَانِ أَوْ غَيْرِهِ وَأَمَّا تَعْيِينُ أَوْقَاتِ الْعِبَادَاتِ فَنَحْنُ نَعْتَقِدُ أَنَّهَا لِمَصَالِحَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ اشْتَمَلَتْ عَلَيْهَا هَذِهِ الْأَوْقَاتُ وَإِنْ كُنَّا لَا نَعْلَمُهَا وَهَكَذَا كُلُّ تَعَبُّدِيٍّ مَعْنَاهُ أَنَّا لَا نَعْلَمُ مصلحَة لَا أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ طَرْدًا لِقَاعِدَةِ الشَّرْعِ فِي عَادَتِهِ فِي رِعَايَةِ مَصَالِحِ الْعِبَادِ على سَبِيل التَّفْضِيل فقد تلخص أَن التعييين فِي الْفَوْرِيَّاتِ لِتَكْمِيلِ مَصْلَحَةِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَفِي الْعِبَادَات لمصَالح فِي الْأَوْقَاتِ فَظَهَرَ الْفَرْقُ الثَّانِي الْقَضَاءُ وَهُوَ إِيقَاعُ الْعِبَادَةِ خَارِجَ وَقْتِهَا الَّذِي عَيَّنَهُ الشَّرْعُ لِمَصْلَحَةٍ فِيهِ تَنْبِيهٌ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْقَضَاءِ تَقَدُّمُ الْوُجُوبِ بَلْ تَقَدَّمَ سَبَبُهُ عِنْدَ الْإِمَامِ وَالْمَازِرِيِّ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْمُحَقِّقِينَ خِلَافًا لِلْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ وَجَمَاعَةٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ لِأَنَّ الْحَائِضَ تَقْضِي مَا حَرُمَ عَلَيْهَا فِعْلُهُ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ وَالْحَرَامُ لَا يَتَّصِفُ بِالْوُجُوبِ وَبَسْطُ ذَلِكَ فِي الطَّهَارَةِ فِي مَوَانِعِ الْحَيْضِ مَذْكُورٌ

ثُمَّ تَقَدُّمُ السَّبَبِ قَدْ يَكُونُ مَعَ الْإِثْمِ كَالْمُتَعَمِّدِ الْمُتَمَكِّنِ وَقَدْ لَا يَكُونُ كَالنَّائِمِ وَالْحَائِضِ وَالْمُزِيلُ لِلْإِثْمِ قَدْ يَكُونُ مِنْ جِهَةِ الْعَبْدِ كَالسَّفَرِ وَقَدْ لَا يَكُونُ كَالْحَيْضِ وَقَدْ يَصِحُّ مَعَهُ الْأَدَاءُ كَالْمَرَضِ وَقَدْ لَا يَصِحُّ إِمَّا شَرْعًا كَالْحَيْضِ أَوْ عَقْلًا كَالنَّوْمِ فَائِدَةٌ الْعِبَادَةُ قَدْ تُوصَفُ بِالْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ كَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَقَدْ لَا تُوصَفُ بِهِمَا كَالنَّوَافِلِ وَقَدْ تُوصَفُ بِالْأَدَاءِ وَحْدَهُ كَالْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ الثَّالِثُ الْإِعَادَةُ وَهِيَ إِيقَاعُ الْعِبَادَةِ فِي وَقْتِهَا بَعْدَ تَقَدُّمِ إِيقَاعِهَا عَلَى نَوْعٍ مِنَ الْخَلَلِ ثُمَّ الْخَلَلُ قَدْ يَكُونُ فِي الصِّحَّةِ كَمَنْ صَلَّى بِدُونِ شَرْطٍ أَوْ رُكْنٍ وَقَدْ يَكُونُ فِي الْكَمَالِ كَالْمُنْفَرِدِ بِالصَّلَاةِ الرَّابِعُ الصِّحَّةُ وَهِيَ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِينَ مَا وَافَقَ الْأَمْرَ وَعِنْدَ الْفُقَهَاءِ مَا أَسْقَطَ الْقَضَاءَ وَالْبُطْلَانُ يَتَخَرَّجُ عَلَى الْمَذْهَبَيْنِ فَصَلَاةُ مَنْ ظَنَّ الطَّهَارَةَ وَهُوَ مُحْدِثٌ صَحِيحَةٌ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِينَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاةً يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ طَهَارَتُهُ وَقَدْ فَعَلَ فَهُوَ مُوَافِقٌ لِلْأَمْرِ وَبَاطِلَةٌ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ لِكَوْنِهَا لَمْ تَمْنَعْ مِنْ تَرَتُّبِ الْقَضَاءِ وَأَمَّا فَسَادُ الْعُقُودِ فَهُوَ خَلَلٌ يُوجِبُ عَدَمَ تَرَتُّبِ آثَارِهَا عَلَيْهَا إِلَّا أَنْ تلْحق بهَا عوارض على أصولنا يَأْتِي فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ وَغَيْرِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

الفصل الخامس عشر فيما تتوقف عليه الأحكام

الْخَامِسُ الْإِجْزَاءُ وَهُوَ كَوْنُ الْفِعْلِ كَافِيًا فِي الْخُرُوجِ عَنْ عُهْدَةِ التَّكْلِيفِ وَقِيلَ مَا أَسْقَطَ الْقَضَاءُ الْفَصْلُ الْخَامِسَ عَشَرَ فِيمَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْأَحْكَام وَهُوَ ثَلَاثَةٌ السَّبَبُ وَالشَّرْطُ وَانْتِفَاءُ الْمَانِعِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى شَرَعَ الْأَحْكَامَ وَشَرَعَ لَهَا أَسْبَابًا وَشُرُوطًا وَمَوَانِعَ وَوَرَدَ خِطَابُهُ عَلَى قِسْمَيْنِ خِطَابُ تَكْلِيفٍ يُشْتَرَطُ فِيهِ عِلْمُ الْمُكَلَّفِ وَقُدْرَتُهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ كَالْعِبَادَاتِ وَخِطَابُ وَضْعٍ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ الْخِطَابُ بِكَثِيرٍ مِنَ الْأَسْبَابِ وَالشُّرُوطِ وَالْمَوَانِعِ وَلَيْسَ ذَلِكَ عَامًّا فِيهَا فَلِذَلِكَ تُوجِبُ الضَّمَانَ عَلَى الْمَجَانِينِ وَالْغَافِلِينَ بِسَبَبِ الْإِتْلَافِ لِكَوْنِهِ مِنْ بَابِ الْوَضْعِ الَّذِي مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ إِذَا وَقَعَ هَذَا فِي الْوُجُودِ فَاعْلَمُوا أَنِّي حَكَمْتُ بِكَذَا وَمِنْ ذَلِكَ الطَّلَاقُ بِالْإِضْرَارِ وَالْإِعْسَارِ وَالتَّوْرِيثُ بِالْأَنْسَابِ وَقَدْ يُشْتَرَطُ فِي السَّبَبِ الْعِلْمُ كَإِيجَابِ الزِّنَا لِلْحَدِّ وَالْقَتْلِ لِلْقِصَاصِ إِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَنَقُولُ السَّبَبُ مَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ وَمِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ لِذَاتِهِ فَالْأَوَّلُ احْتِرَازٌ مِنَ الشَّرْطِ وَالثَّانِي احْتِرَازٌ مِنَ الْمَانِعِ وَالثَّالِثُ احْتِرَازٌ مِنْ مُقَارَنَتِهِ فُقْدَانَ الشَّرْطِ أَوْ وُجُودَ الْمَانِعِ فَلَا يَلْزَمُ من وجود الْوُجُودُ أَوْ إِخْلَافُهُ بِسَبَبٍ آخَرَ فَلَا يَلْزَمُ مَنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ وَالشَّرْطُ مَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ وَلَا الْعَدَمُ لِذَاتِهِ فَالْأَوَّلُ احْتِرَازٌ مِنَ الْمَانِعِ وَالثَّانِي احْتِرَازٌ مِنَ السَّبَبِ وَالْمَانِعِ أَيْضًا وَالثَّالِثُ احْتِرَازٌ مِنْ مُقَارَنَتِهِ لِوُجُودِ السَّبَبِ فَيَلْزَمُ الْوُجُودُ عِنْدَ وُجُودِهِ أَوْ قِيَامِ الْمَانِعِ فَيُقَارِنُ الْعَدَمَ وَالْمَانِعُ مَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْعَدَمُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ وُجُودٌ وَلَا عَدَمٌ لِذَاتِهِ فَالْأَوَّلُ احْتِرَازٌ مِنَ السَّبَبِ وَالثَّانِي احْتِرَازٌ مِنَ الشَّرْطِ وَالثَّالِثُ احْتِرَازٌ مِنْ

(فوائد خمس)

مُقَارَنَةِ عَدَمِهِ لِوُجُودِ السَّبَبِ فَالْمُعْتَبَرُ مِنَ الْمَانِعِ وَجُودُهُ وَمِنَ الشَّرْطِ عَدَمُهُ وَمِنَ السَّبَبِ وُجُودُهُ وَعَدَمه (فَوَائِد خمس) الأول الشَّرْطُ وَجُزْءُ الْعِلَّةِ كِلَاهُمَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودٌ وَلَا عَدَمٌ فَهُمَا يَلْتَبِسَانِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ جُزْءَ الْعِلَّةِ مُنَاسِبٌ فِي ذَاتِهِ وَالشَّرْطَ مُنَاسِبٌ فِي غَيْرِهِ كَجُزْءِ النِّصَابِ فَإِنَّهُ مُشْتَمِلٌ عَلَى بَعْضِ الْغِنَى فِي ذَاتِهِ وَدَوَرَانُ الْحَوْلِ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِنَ الْغِنَى وَإِنَّمَا هُوَ مُكَمِّلٌ لِلْغَنِيِّ الْكَائِنِ فِي النِّصَابِ الثَّانِيَةُ إِذَا اجْتَمَعَتْ أَجْزَاءُ الْعِلَّةِ تَرَتَّبَ الْحُكْمُ وَإِذَا اجْتَمَعَتِ الْعِلَلُ الْمُسْتَقِلَّةُ ترَتّب الحكم أَيْضا فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْوَصْفِ الَّذِي هُوَ جُزْءُ عِلَّةٍ وَبَيْنَ الْوَصْفِ الَّذِي هُوَ عِلَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ؟ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ جُزْءَ الْعِلَّةِ إِذَا انْفَرَدَ لَا يَثْبُتُ مَعَهُ الْحُكْمُ كَأَحَدِ أَوْصَافِ الْقَتْلِ الْعمد والعدوان فَإِن الْمَجْمُوع يسبب الْقِصَاصَ وَإِذَا انْفَرَدَ جُزْؤُهُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ قِصَاصٌ وَالْوَصْفُ الَّذِي هُوَ عِلَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ إِذَا اجْتَمَعَ مَعَ غَيْرِهِ تَرَتَّبَ الْحُكْمُ وَإِذَا انْفَرَدَ تَرَتَّبَ مَعَهُ الْحُكْمُ أَيْضًا كَإِيجَابِ الْوُضُوءِ عَلَى مَنْ لَامَسَ وَبَالَ وَنَامَ وَإِذَا انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا وَجَبَ الْوُضُوءُ أَيْضًا الثَّالِثَةُ الْحُكْمُ كَمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى وُجُودِ سَبَبِهِ يَتَوَقَّفُ عَلَى وُجُودِ شَرْطِهِ فَبِمَ يُعْلَمُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا؟ يُعْلَمُ بِأَنَّ السَّبَبَ مُنَاسِبٌ فِي ذَاتِهِ وَالشَّرْطَ مُنَاسِبٌ فِي غَيْرِهِ كَالنِّصَابِ مُشْتَمِلٌ عَلَى الْغِنَى فِي ذَاتِهِ وَالْحَوَلُ مُكَمِّلٌ لِحِكْمَةِ الْغِنَى فِي النِّصَابِ بِالتَّمَكُّنِ مِنَ التَّنْمِيَةِ الرَّابِعَةُ الْمَوَانِعُ الشَّرْعِيَّةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ مِنْهَا مَا يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ الْحُكْمِ وَاسْتِمْرَارَهُ وَمِنْهَا مَا يمْنَع ابْتِدَاء فَقَطْ وَمِنْهَا مَا اخْتُلِفَ فِيهِ هَلْ يَلْحَقُ بِالْأَوَّلِ أَوْ بِالثَّانِي فَالْأَوَّلُ كَالرَّضَاعِ يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ النِّكَاحِ وَاسْتِمْرَارَهُ إِذَا طَرَأَ عَلَيْهِ وَالثَّانِي

السادس عشر الرخصة

كَالِاسْتِبْرَاءِ يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ النِّكَاحِ وَلَا يُبْطِلُ اسْتِمْرَارَهُ إِذَا طَرَأَ عَلَيْهِ وَالثَّالِثُ كَالْإِحْرَامِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى وَضْعِ الْيَدِ عَلَى الصَّيْدِ فَإِنَّهُ يَمْنَعُ مِنْ وَضْعِ الْيَدِ عَلَى الصَّيْدِ ابْتِدَاءً فَإِنْ طَرَأَ على الصَّيْد فَهَل تجب إِزَالَة الْيَد عَنهُ؟ خِلَافٌ بَيْنِ الْعُلَمَاءِ وَكَالطَّوْلِ يَمْنَعُ مِنْ نِكَاحِ الْأَمَةِ ابْتِدَاءً فَإِنْ طَرَأَ عَلَيْهِ فَهَلْ يُبْطِلُهُ؟ فِيهِ خِلَافٌ وَكَوُجُودِ الْمَاءِ يَمْنَعُ التَّيَمُّمَ ابْتِدَاءً فَلَوْ طَرَأَ بَعْدَهُ فَهَلْ يُبْطِلُهُ؟ فِيهِ خِلَافٌ الْخَامِسَةُ الشُّرُوطُ اللُّغَوِيَّةُ أَسْبَابٌ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهَا الْوُجُودُ وَمَنْ عَدِمَهَا الْعَدَمُ بِخِلَافِ الشُّرُوطِ الْعَقْلِيَّةِ كَالْحَيَاةِ مَعَ الْعِلْمِ وَالشَّرْعِيَّةِ كَالطَّهَارَةِ مَعَ الصَّلَاةِ وَالْعَادِيَّةِ كَالْغِذَاءِ مَعَ الْحَيَاةِ فِي بَعْضِ الْحَيَوَان السَّادِسَ عَشَرَ الرُّخْصَةُ جَوَازُ الْإِقْدَامِ عَلَى الْفِعْلِ مَعَ اشْتِهَارِ الْمَانِعِ مِنْهُ شَرْعًا وَالْعَزِيمَةُ طَلَبُ الْفِعْلِ الَّذِي لَمْ يَشْتَهِرْ فِيهِ مَانِعٌ شَرْعِيٌّ ثُمَّ الرُّخْصَةُ قَدْ تَنْتَهِي لِلْوُجُوبِ كَأَكْلِ الْمُضْطَرِّ لِلْمَيْتَةِ وَقَدْ لَا تَنْتَهِي كَإِفْطَارِ الْمُسَافِرِ وَقَدْ يُبَاحُ سَبَبُهَا كَالسَّفَرِ وَقَدْ لَا يُبَاحُ كَالْغُصَّةِ لِشُرْبِ الْخَمْرِ السَّابِعَ عَشَرَ فِي الْحُسْنِ وَالْقُبْحِ حسن الشَّيْء وقبحه يُرَاد بهما مَا لاءم الطَّبْع اَوْ نافره نَحْو إنقاذ الْغَرْقَى وَاتِّهَامِ الْأَبْرِيَاءِ أَوْ كَوْنُهُ صِفَةَ كَمَالٍ أَوْ نَقْصٍ نَحْوَ الْعِلْمُ حَسَنٌ وَالْجَهْلُ قَبِيحٌ أَوْ كَوْنُهُ مُوجِبًا لِلْمَدْحِ أَوِ الذَّمِّ الشَّرْعِيَّيْنِ وَالْأَوَّلَانِ عَقْلِيَّانِ إِجْمَاعًا وَالثَّالِثُ شَرْعِيٌّ عِنْدَنَا لَا يُعْلَمُ وَلَا يَثْبُتُ إِلَّا بِالشَّرْعِ فَالْقَبِيحُ مَا نَهَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَالْحَسَنُ مَا لَمْ ينْه سُبْحَانَهُ عَنْهُ وَعِنْدَ الْمُعْتَزِلَةِ هُوَ عَقْلِيٌّ لَا يَفْتَقِرُ إِلَى وُرُودِ الشَّرَائِعِ بَلِ الْعَقْلُ اقْتَضَى ثُبُوتَهُ قَبْلَ الرُّسُلِ وَإِنَّمَا الشَّرَائِعُ مُؤَكِّدَةٌ لِحُكْمِ الْعَقْلِ فِيمَا عَلِمَهُ ضَرُورَةً كَالْعِلْمِ بِحُسْنِ الصِّدْقِ النَّافِعِ وَقُبْحِ الْكَذِبِ الضَّارِّ أَوْ نَظَرًا كَحُسْنِ الصِّدْقِ الضَّارِّ وَقُبْحِ الْكَذِبِ النَّافِعِ أَوْ مُظْهِرَةٌ لِمَا لَمْ يَعْلَمْهُ الْعَقْلُ ضَرُورَةً وَلَا نَظَرًا كَوُجُوبِ آخَرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ وَتَحْرِيمِ أَوَّلِ يَوْمٍ من شَوَّال وَعِنْدنَا

الثامن عشر في بيان الحقوق

الشَّرْع الْوَارِد منشىء لِلْجَمِيعِ فَعَلَى رَأْيِنَا لَا يَثْبُتُ حُكْمٌ قَبْلَ الشَّرْعِ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ فِي قَوْلِهِمْ إِنَّ كُلَّ مَا يثبت بَعْدَ الشَّرْعِ فَهُوَ ثَابِتٌ قَبْلَهُ وَخِلَافًا لِلْأَبْهَرِيِّ مِنْ أَصْحَابِنَا الْقَائِلِ بِالْحَظْرِ مُطْلَقًا وَلِأَبِي الْفَرَجِ الْقَائِلِ بِالْإِبَاحَةِ مُطْلَقًا وَكَذَلِكَ قَالَ بِقَوْلِهِمَا جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ فِيمَا لَمْ يَطَّلِعِ الْعَقْلُ عَلَى حَالِهِ كَآخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ لَنَا قَوْلُهُ تَعَالَى {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا} نُفِيَ التَّعْذِيبُ قَبْلَ الْبَعْثَةِ فَيَنْتَفِي مَلْزُومُهُ وَهُوَ الْحُكْمُ فَإِنْ قِيلَ بِأَنَّا نَعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ حُسْنَ الْإِحْسَانِ وَقُبْحَ الْإِسَاءَةِ قُلْنَا مَحَلُّ الضَّرُورَةِ مَوْرِدُ الطِّبَاعِ وَلَيْسَ مَحَلَّ النِّزَاعِ الثَّامِنَ عَشَرَ فِي بَيَان الْحُقُوق فَحَقُّ اللَّهِ تَعَالَى أَمْرُهُ وَنَهْيُهُ وَحَقُّ الْعَبْدِ مَصَالِحُهُ وَالتَّكَالِيفُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى فَقَط كالإيمان وَحقّ للعباد فَقَطْ كَالدِّيُونِ وَالْأَثْمَانِ وَقِسْمٌ اخْتُلِفَ فِيهِ هَلْ يَغْلِبُ فِيهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ حَقُّ الْعَبْدِ كَحَدِّ الْقَذْفِ وَنَعْنِي بِحَقِّ الْعَبْدِ الْمَحْضِ أَنَّهُ لَوْ أَسْقَطَهُ لَسَقَطَ وَإِلَّا فَمَا مِنْ حَقٍّ لِلْعَبْدِ إِلَّا وَفِيهِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَهُوَ أَمْرُهُ بِإِيصَالِ ذَلِكَ الْحَقِّ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ التَّاسِع عشر فِي بَيَان الْخُصُوص والعموم وَالْمُسَاوَاةِ وَالْمُبَايَنَةِ وَأَحْكَامِهَا الْحَقَائِقُ كُلُّهَا أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ إِمَّا مُتَسَاوِيَانِ وَهُمَا اللَّذَانِ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وُجُودُ الْآخَرِ وَمِنْ عَدَمِهِ عَدَمُهُ كَالرَّجْمِ وَزِنَا الْمُحْصَنِ وَإِمَّا مُتَبَايِنَانِ وَهُمَا اللَّذَانِ لَا يَجْتَمِعُ أَحَدُهُمَا مَعَ الْآخَرِ فِي مَحَلٍّ كَالْإِسْلَامِ وَالْجِزْيَةِ وَإِمَّا أَعَمُّ مُطْلَقًا أَوْ أَخَصُّ مُطْلَقًا وَهُمَا اللَّذَانِ يُوجَدُ أَحَدُهُمَا مَعَ وُجُودِ كُلِّ أَفْرَادِ الْآخَرِ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ كَالْغُسْلِ وَالْإِنْزَالِ الْمُعْتَبَرِ فَإِنَّ الْغُسْلَ أَعَمُّ مُطْلَقًا والإنزال أخص مُطلقًا أَو يكون كل وَاحِد مِنْهُمَا أَعَمَّ مِنْ وَجْهٍ وَأَخَصَّ مِنْ وَجْهٍ وَهُمَا اللَّذَانِ يُوجَدُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعَ الْآخَرِ وَبِدُونِهِ كَحِلِّ النِّكَاحِ مَعَ ملك الْيَمين فيوجد حل النِّكَاح بِدُونِ

الْمَالِك فِي الْحَرَائِرِ وَيُوجَدُ الْمِلْكُ بِدُونِ حِلِّ النِّكَاحِ فِي مَوْطُوءَاتِ الْآبَاءِ مِنَ الْإِمَاءِ وَيَجْتَمِعَانِ مَعًا فِي الْأَمَةِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا مَانِعٌ فَيُسْتَدَلُّ بِوُجُودِ الْمُسَاوِي عَلَى وُجُودِ مُسَاوِيهِ وَبِعَدَمِهِ عَلَى عَدمه وبوجود الْأَخَص على وجود الْأَعَمّ وينفي الْأَعَمِّ عَلَى نَفْيِ الْأَخَصِّ وَبِوُجُودِ الْمُبَايِنِ عَلَى عَدَمِ مُبَايِنِهِ وَلَا دَلَالَةَ فِي الْأَعَمِّ مِنْ وَجْهٍ مُطْلَقًا وَلَا فِي عَدَمِ الْأَخَصِّ وَلَا وُجُودِ الْأَعَمِّ الْعِشْرُونَ الْمَعْلُومَاتُ كُلُّهَا أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ نَقِيضَانِ وَهُمَا اللَّذَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ وَلَا يَرْتَفِعَانِ كَوُجُودِ زَيْدٍ وَعَدَمِهِ وَخِلَافَانِ وَهُمَا اللَّذَانِ يَجْتَمِعَانِ وَيَرْتَفِعَانِ كَالْحَرَكَةِ وَالسُّكُونِ وَضِدَّانِ وَهُمَا اللَّذَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ وَيُمكن ارتفاعهما مَعَ الْخلاف فِي الْحَقِيقَةِ كَالسَّوَادِ وَالْبَيَاضِ وَمِثْلَانِ وَهُمَا اللَّذَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ وَيُمْكِنُ ارْتِفَاعُهُمَا مَعَ تَسَاوِي الْحَقِيقَةِ كالبياض وَالْبَيَاض

(الباب الثاني في معاني حروف يحتاج إليها الفقيه)

(الْبَابُ الثَّانِي فِي مَعَانِي حُرُوفٍ يَحْتَاجُ إِلَيْهَا الْفَقِيه) الْوَاو لمُطلق الْجمع فِي الْفِعْل دُونَ التَّرْتِيبِ فِي الزَّمَانِ وَالْفَاءُ لِلتَّعْقِيبِ وَالتَّرْتِيبِ نَحْوَ سَهَا فَسَجَدَ ثُمَّ لِلتَّرَاخِي وَحَتَّى وَإِلَى للغاية وَفِي للظرفية والسببية نَحْو قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي النَّفْسِ الْمُؤْمِنَةِ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ وَاللَّامُ لِلتَّمْلِيكِ نَحْوَ الْمَالِ لِزَيْدٍ وَالِاخْتِصَاصِ نَحْوَ هَذَا ابْنٌ لِزَيْدٍ وَالِاسْتِحْقَاقِ نَحْوَ هَذَا السَّرْجُ لِلدَّابَّةِ وَالتَّعْلِيل نَحوه هَذِهِ الْعُقُوبَةُ لِلتَّأْدِيبِ وَالتَّأْكِيدِ نَحْو إِنَّ زَيْدًا لقائم وَالْقسم نَحْو قَوْله تَعَالَى {لنسفعا بالناصية} وَالْبَاءُ لِلْإِلْصَاقِ نَحْوَ مَرَرْتُ بِزَيْدٍ وَالِاسْتِعَانَةِ نَحْوَ كَتَبْتُ بِالْقَلَمِ وَالتَّعْلِيلِ نَحْوَ سَعِدْتُ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَالتَّبْعِيضِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ وَهُوَ مُنْكَرٌ عِنْدَ أَئِمَّةِ اللُّغَة أَو إِمَّا لِلتَّخْيِيرِ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِك صياما} أَوْ لِلْإِبَاحَةِ نَحْوَ أَصْحَبُ الْعُلَمَاءَ أَوِ الزُّهَّادَ فَلَهُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ الْأَوَّلِ أَوْ لِلشَّكِّ نَحْوَ جَاءَنِي زَيْدٌ أَوْ عَمْرٌو أَوْ لِلْإِبْهَامِ نَحْو جَاءَنِي زيدا أَو

عَمْرٌو وَكُنْتَ عَالِمًا بِالْآتِي مِنْهُمَا وَإِنَّمَا أَرَدْتَ التَّلْبِيسَ عَلَى السَّامِعِ بِخِلَافِ الشَّكِّ أَوْ لِلتَّنْوِيعِ نَحْوَ الْعَدَدِ إِمَّا زَوْجٌ أَوْ فَرْدٌ أَيْ هُوَ متنوع إِلَى هذَيْن النَّوْعَيْنِ وَإِن وكل مَا تضمن مَعْنَاهُ لِلشَّرْطِ نَحْوَ إِنْ جَاءَ زَيْدٌ جَاءَ عَمْرٌو وَمَنْ دَخَلَ دَارِي فَلَهُ دِرْهَمٌ وَمَا تَصْنَعْ أصنع وَأي شَيْء يفعل أفعل وَمَتى قدمت سعدت وَأَيْنَ تجْلِس أَجْلِس وَلَو مِثْلَ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ فِي الشَّرْطِ نَحْوَ لَوْ جَاءَ زَيْدٌ أَكْرَمْتُهُ وَهِيَ تَدُلُّ عَلَى انْتِفَاءِ الشَّيْءِ لِانْتِفَاءِ غَيْرِهِ فَمَتَى دَخَلَتْ عَلَى ثُبُوتَيْنِ فهما منفيان وَمَتى دخلت على نفيين فهما ثابتان وَمَتَى دَخَلَتْ عَلَى نَفْيٍ وَثُبُوتٍ فَالثَّابِتُ مَنْفِيٌّ وَالْمَنْفِيُّ ثَابِتٌ وَلَوْلَا تَدُلُّ عَلَى انْتِفَاءِ الشَّيْءِ لوُجُود غَيره لأجل أَن لَا يَثْبُتَ النَّفْيُ الْكَائِنُ مَعَ لَوْ فَصَارَ ثُبُوتًا وَإِلَّا فَحكم لَو لم ينْتَقض فَقَوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ يَدُلُّ عَلَى انْتِفَاءِ الْأَمر لأجل وجود الْمَشَقَّةِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى تَقْدِيرِ وُرُودِ الْأَمْرِ وَبَلْ لِإِبْطَالِ الْحُكْمِ عَنِ الْأَوَّلِ وَإِثْبَاتِهِ لِلثَّانِي نَحْوَ جَاءَ زَيْدٌ بَلْ عَمْرٌو وَعَكْسُهَا لَا نَحْوَ زَيْدٌ لَا عَمْرٌو وَلَكِنْ لِلِاسْتِدْرَاكِ بَعْدَ النَّفْيِ نَحْوَ مَا جَاءَ زِيدٌ لَكِنْ عَمْرٌو وَلَا بُدَّ أَنْ يَتَقَدَّمَهَا نَفْيٌ فِي الْمُفْرَدَاتِ أَوْ يَحْصُلَ تَنَاقُضٌ بَيْنَ الْمُرَكَّبَاتِ وَالْعَدَدُ يُذَكَّرُ فِيهِ الْمُؤَنَّثُ وَيُؤَنَّثُ فِيهِ الْمُذَكَّرُ وَلِذَلِكَ قُلْنَا إِنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوء} الْأَطْهَارُ دُونَ الْحُيَّضِ لِأَنَّ الطُّهْرَ مُذَكَّرٌ وَالْحَيْضَةَ مُؤَنَّثَةٌ وَقَدْ وَرَدَ النَّصُّ بِصِيغَةِ التَّأْنِيثِ فَيَكُونُ الْمَعْدُودُ مُذَكَّرًا لَا مُؤَنَّثًا

(الباب الثالث في تعارض مقتضيات الألفاظ)

(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي تَعَارُضِ مُقْتَضَيَاتِ الْأَلْفَاظِ) يُحْمَلُ اللَّفْظُ عَلَى الْحَقِيقَةِ دُونَ الْمَجَازِ وَالْعُمُومِ دُونَ الْخُصُوصِ وَالْإِفْرَادِ دُونَ الِاشْتِرَاكِ وَالِاسْتِقْلَالِ دُونَ الْإِضْمَارِ وَعَلَى الْإِطْلَاقِ دُونَ التَّقْيِيدِ وَعَلَى التَّأْصِيلِ دُونَ الزِّيَادَةِ وَعَلَى التَّرْتِيبِ دُونَ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ وَعَلَى التَّأْسِيسِ دُونَ التَّأْكِيدِ وَعَلَى الْبَقَاءِ دُونَ النَّسْخِ وَعَلَى الشَّرْعِيِّ دُونَ الْعَقْلِيِّ وَعَلَى الْعُرْفِيِّ دُونَ اللّغَوِيّ إِلَّا أَن يدل على خلاف ذَلِك فروع أَرْبَعَة الأول يجوز عِنْد الْمَالِكِيَّة اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي حَقَائِقِهِ إِنْ كَانَ مُشْتَرَكًا أَو مجازاته أَو مجازه وَحَقِيقَته وَبِذَلِك قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله وَجَمَاعَة من أَصْحَابه خلافًا لقوم وَهَذَا يشْتَرط فِيهِ دَلِيلٌ يَدُلُّ عَلَى وُقُوعِهِ وَهَذَا الْفَرْعُ يَبْنِي عَلَى قَاعِدَةٍ وَهِيَ أَنَّ الْمَجَازَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ جَائِزٌ إِجْمَاعًا وَهُوَ مَا اتَّحَدَ مَحْمَلُهُ وَقَرُبَتْ عَلَاقَتُهُ وَمُمْتَنِعٌ إِجْمَاعًا وَهُوَ مَجَازُ التَّعْقِيدِ وَهُوَ مَا افْتَقَرَ إِلَى عَلَاقَاتٍ كَثِيرَةٍ نَحْوَ قَوْلِ الْقَائِلِ تَزَوَّجَتْ بِنْتُ الْأَمِيرِ وَيُفَسَّرُ ذَلِكَ بِرُؤْيَتِهِ لِوَالِدِ عَاقِدِ الْأَنْكِحَةِ بِالْمَدِينَةِ مُعْتَمِدًا عَلَى أَنَّ النِّكَاحَ مُلَازِمٌ لِلْعَقْدِ الَّذِي هُوَ مُلَازِمٌ لِلْعَاقِدِ الَّذِي هُوَ مُلَازِمٌ لِأَبِيهِ وَمَجَازٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَهُوَ الْجَمْعُ بَيْنَ حَقِيقَتَيْنِ أَوْ مَجَازَيْنِ أَو مجَاز وَحَقِيقَة فَإِن الْجمع بَين الحقيقتين مَجَازٌ وَكَذَلِكَ الْبَاقِي لِأَنَّ اللَّفْظَ لَمْ يُوضَعْ للمجموع فَهُوَ مجَاز فِيهِ فَنحْن وَالشَّافِعِيّ نَقُولُ بِهَذَا الْمَجَازِ وَغَيْرُنَا لَا يَقُولُ بِهِ

لَنَا قَوْلُهُ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ على النَّبِي} وَالصَّلَاةُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ الدُّعَاءُ وَمِنَ اللَّهِ تَعَالَى الاحسان فقد اسْتعْمل فِي الْمَعْنيين بِأَنَّهُ يُمْتَنَعُ اسْتِعْمَالُهُ حَقِيقَةً لِعَدَمِ الْوَضْعِ وَمَجَازًا لِأَنَّ الْعَرَبَ لَمْ تُجِزْهُ وَالْجَوَابُ مَنْعُ الثَّانِي الثَّانِي إِذَا تَجَرَّدَ الْمُشْتَرَكُ عَنِ الْقَرَائِنِ كَانَ مُجْمَلًا لَا يُتَصَرَّفُ فِيهِ إِلَّا بِدَلِيلٍ يُعَيِّنُ أحد مسمياته وَقَالَ الشَّافِعِي حمله على الْجَمِيع احْتِيَاطًا الثَّالِثُ إِذَا دَارَ اللَّفْظُ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ الْمَرْجُوحَةِ وَالْمَجَازِ الرَّاجِحِ كَلَفْظِ الدَّابَّةِ حَقِيقَةٌ مَرْجُوحَةٌ فِي مُطْلَقِ الدَّابَّةِ مَجَازٌ رَاجِحٌ فِي الْحِمَارِ فَيُحْمَلُ على الْحَقِيقَة عِنْد أبي حنيفَة تَرْجِيحًا لِلْحَقِيقَةِ عَلَى الْمَجَازِ وَعَلَى الْمَجَازِ الرَّاجِحِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ نَظَرًا لِرُجْحَانِهِ وَتَوَقَّفَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ فِي ذَلِكَ نَظَرًا لِلتَّعَارُضِ وَالْأَظْهَرُ مَذْهَبُ أَبِي يُوسُفَ فَإِنَّ كُلَّ شَيْءٍ قُدِّمَ مِنَ الْأَلْفَاظِ إِنَّمَا قُدِّمَ لِرُجْحَانِهِ وَالتَّقْدِيرُ رُجْحَانُ الْمجَاز فَيجب الْمصير إِلَيْهِ وَهَا هُنَا دقيقة وَهُوَ أَنَّ الْكَلَامَ إِذَا كَانَ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ وَالْمَجَازُ الرَّاجِحُ بَعْضُ أَفْرَادِ الْحَقِيقَةِ كَالدَّابَّةِ وَالطَّلَاقِ يتَعَيَّن أَن الْكَلَام نَص فِي نَفْيِ الْمَجَازِ الرَّاجِحِ بِالضَّرُورَةِ فَلَا يَتَأَتَّى تَوَقُّفُ الْإِمَامِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَإِذَا كَانَ فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ وَالْمَجَازُ الرَّاجِحُ بَعْضُ أَفْرَادِ الْحَقِيقَةِ فَهُوَ نَص فِي اثبات الْحَقِيقَة بِالضَّرُورَةِ فَلَا يَأْتِي توقفه أَيْضا وَإِنَّمَا يَتَأَتَّى لَهُ ذَلِكَ إِنْ سُلِّمَ لَهُ فِي نَفْيِ الْحَقِيقَةِ وَالْكَلَامُ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ أَوْ فِي إِثْبَاتِ الْمَجَازِ وَالْكَلَامُ فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ أَوْ يَكُونُ الْمَجَازُ الرَّاجِحُ لَيْسَ بَعْضَ أَفْرَاد الْحَقِيقَة كالرواية والنجو

الرَّابِعُ إِذَا دَارَ اللَّفْظُ بَيْنَ احْتِمَالَيْنِ مَرْجُوحَيْنِ فَيُقَدَّمُ التَّخْصِيصُ وَالْمَجَازُ وَالْإِضْمَارُ وَالنَّقْلُ وَالِاشْتِرَاكُ عَلَى النّسخ وَالْأَرْبَعَة الأولى على الِاشْتِرَاك وَالثَّلَاثَة الأولى عَلَى النَّقْلِ وَالْأَوَّلَانِ عَلَى الْإِضْمَارِ وَالْأَوَّلُ عَلَى الثَّانِي لِأَنَّ النَّسْخَ يُحْتَاطُ فِيهِ أَكْثَرَ لِكَوْنِهِ يُصَيِّرُ اللَّفْظَ بَاطِلًا فَتَكُونُ مُقَدِّمَاتُهُ أَكْثَرَ فَيَكُونُ مَرْجُوحًا فَتُقَدَّمُ لِرُجْحَانِهَا عَلَيْهِ وَالِاشْتِرَاكُ مَحْمَلُ حَالِهِ الْقَرِيبَةِ بِخِلَافِ الْأَرْبَعَةِ وَالنَّقْلُ يَحْتَاجُ إِلَى اتِّفَاقٍ عَلَى إِبْطَالٍ وَإِنْشَاءِ وَضْعٍ بَعْدَ وَضْعٍ وَالثَّلَاثَةُ يَكْفِي فِيهَا مُجَرَّدُ الْقَرِينَةِ فَتُقَدَّمُ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ الْإِضْمَارَ أَقَلُّ فَيَكُونُ مَرْجُوحًا وَلِأَنَّ التَّخْصِيصَ فِي بعض الْحَقِيقَة بِخِلَاف الْمجَاز

(الباب الرابع في الأوامر)

(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْأَوَامِرِ) وَفِيهِ ثَمَانِيَةُ فُصُولٍ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي مُسَمَّاهُ مَا هُوَ أَمَّا لَفْظُ الْأَمْرِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ اسْمٌ لِمُطْلَقِ الصِّيغَةِ الدَّالَّةِ عَلَى الطَّلَبِ مِنْ سَائِرِ اللُّغَاتِ لِأَنَّهُ الْمُتَبَادر إِلَى الذِّهْن هَذَا هُوَ مَذْهَب الْجُمْهُور وَعند بعض الْفُقَهَاء مُشْتَركَة بَين القَوْل وَالْفِعْل وَعند أبي الْحُسَيْن مُشْتَركَة بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الشَّأْنِ وَالشَّيْءِ وَالصِّفَةِ وَقِيلَ هُوَ مَوْضُوع للْكَلَام النفساني دون اللساني وَقيل منزل بَيْنَهُمَا وَأَمَّا اللَّفْظُ الَّذِي هُوَ مَدْلُولُ الْأَمْرِ فَهُوَ مَوْضُوعٌ عِنْدَ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعِنْدَ أَصْحَابِهِ لِلْوُجُوبِ وَعِنْدَ أَبِي هَاشِمٍ لِلنَّدْبِ وَلِلْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا عِنْدَ قَوْمٍ وَعِنْدَ آخَرِينَ لَا يُعْلَمُ حَالُهُ وَهُوَ عِنْدَهُ أَيْضًا لِلْفَوْرِ وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ خِلَافًا لِأَصْحَابِنَا الْمَغَارِبَةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَقِيلَ بِالْوَقْفِ وَهُوَ عِنْدَهُ لِلتَّكْرَارِ قَالَهُ ابْنُ الْقَصَّارِ مِنِ اسْتِقْرَاءِ كَلَامِهِ وَخَالَفَهُ أَصْحَابُهُ وَقِيلَ بِالْوَقْفِ لَنَا قَوْلُهُ تَعَالَى لِإِبْلِيسَ {مَا مَنَعَكَ أَلا تَسْجُدَ إِذْ أَمرتك} رَتَّبَ الذَّمَّ عَلَى تَرْكِ الْمَأْمُورِ بِهِ فِي الْحَالِ وَذَلِكَ دَلِيلُ الْوُجُوبِ وَالْفَوْرِ وَأَمَّا التَّكْرَارُ فَلِصِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ كُلِّ زَمَانٍ مِنَ الْفِعْلِ فَإِنْ عُلِّقَ عَلَى شَرْطٍ فَهُوَ عِنْدَهُ وَعِنْدَ جُمْهُورِ أَصْحَابِهِ وَالشَّافِعِيَّةِ لِلتَّكْرَارِ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى الْإِجْزَاءِ عِنْدَ أَصْحَابِهِ

الثاني إذا ورد بعد الحظر

خِلَافًا لِأَبِي هَاشِمٍ لِأَنَّهُ لَوْ بَقِيَتِ الذِّمَّةُ مَشْغُولَةً بَعْدَ الْفِعْلِ لَمْ يَكُنْ أَتَى بِمَا أُمِرَ بِهِ وَالْمُقَرَّرُ خِلَافُهُ وَعَلَى النَّهْيِ عَنْ أَضْدَادِ الْمَأْمُورِ بِهِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَصْحَابِهِ مِنَ الْمَعْنَى لَا مِنَ اللَّفْظِ خِلَافًا لِجُمْهُورِ الْمُعْتَزِلَةِ وَكثير من السُّنَّةِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ عُلُوُّ الْآَمرِ خِلَافًا للمعتزلة وَنَصّ الْبَاجِيّ من أَصْحَاب مَالك وَأَبُو الْحسن من الْمُعْتَزلَة على الاستعلاء وَاخْتَارَهُ الامام فَخر الدّين وَلَمْ يَشْتَرِطْ غَيْرُهُمُ الِاسْتِعْلَاءَ وَلَا الْعُلُوَّ وَالِاسْتِعْلَاءُ فِي الْآَمْرِ مِنَ التَّرَفُّعِ وَإِظْهَارِ الْقَهْرِ وَالْعُلُوُّ يرجع إِلَى هَيْبَة الْآمِر وشرفه وَعُلُوِّ مَنْزِلَتِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَأْمُورِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَيْضا إِرَادَةُ الْمَأْمُورِ بِهِ وَلَا إِرَادَةُ الطَّلَبِ خِلَافًا لِأَبِي عَلِيٍّ وَأَبِي هَاشِمٍ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ لَنَا أَنَّهَا مَعْنًى خَفِيٌّ يَتَوَقَّفُ الْعِلْمُ بِهِ عَلَى اللَّفْظِ فَلَوْ تَوَقَّفَ اللَّفْظُ عَلَيْهَا لَزِمَ الدَّوْرُ الثَّانِي إِذَا وَرَدَ بَعْدَ الْحَظْرِ اقْتَضَى الْوُجُوبَ عِنْد الْبَاجِيّ ومتقدمي أَصْحَاب مَالك وَأَصْحَاب الشَّافِعِي والامام فَخر الدّين وَعند جمَاعَة من أَصْحَابنَا وَأَصْحَاب الشَّافِعِي الْإِبَاحَة كَقَوْلِه تَعَالَى {وَإِذا حللتم فاصطادوا} بعد قَوْله تَعَالَى {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} الثَّالِثُ فِي عَوَارِضِهِ مَذْهَبُ الْبَاجِيِّ وَجَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابنَا أَنَّهُ إِذَا نُسِخَ يُحْتَجُّ بِهِ عَلَى الْجَوَازِ وَبِه قَالَ الامام فَخر الدّين وَمَنَعَ مِنْ ذَلِكَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَبَعْضُ أَصْحَابِنَا وَيَجُوزُ أَنْ يَرِدَ خَبَرًا لَا طَلَبَ فِيهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلالَةِ فليمدد لَهُ الرَّحْمَن مدا} وَأَنْ يَرِدَ الْخَبَرُ بِمَعْنَاهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْوَالِدَاتُ يرضعن} وَهُوَ كَثِيرٌ الرَّابِعُ يَجُوزُ تَكْلِيفُ مَا لَا يُطَاق خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ وَالْغَزَّالِيِّ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَقَعْ فِي الشَّرْعِ خِلَافًا لِلْإِمَامِ فَخْرِ الدِّينِ لَنَا قَوْلُهُ تَعَالَى {رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَة

الخامس فيما ليس من مقتضاة لا يوجب القضاء عند احتلال المأمور به عملا بالأصل

لنا بِهِ} فَسُؤَالُ دَفْعِهِ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِهِ وَقَوْلُهُ تَعَالَى {لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا وسعهَا} يدل على عدم وُقُوعه وَهَا هُنَا دَقِيقَةٌ وَهِيَ أَنَّ مَا لَا يُطَاقُ قَدْ يَكُونُ عَادِيًّا فَقَطْ نَحْوَ الطَّيَرَانِ فِي الْهَوَاءِ أَوْ عَقْلِيًّا فَقَطْ كَإِيمَانِ الْكَافِرِ الَّذِي عَلِمَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ أَوْ عَادِيًّا وَعَقْلِيًّا مَعًا كَالْجَمْعِ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ فَالْأَوَّلُ وَالثَّالِثُ هُمَا الْمُرَادَانِ دُونَ الثَّانِي الْخَامِسُ فِيمَا لَيْسَ من مقتضاة لَا يُوجب الْقَضَاء عِنْد احتلال الْمَأْمُورِ بِهِ عَمَلًا بِالْأَصْلِ بَلِ الْقَضَاءَ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ خِلَافًا لِأَبِي بَكْرٍ الرَّازِيِّ وَإِذَا تَعَلَّقَ بِحَقِيقَةٍ كُلِّيَّةٍ لَا يَكُونُ مُتَعَلِّقًا بِشَيْءٍ مِنْ جزئياتها وَلَا يُشْتَرَطُ مُقَارَنَتُهُ لِلْمَأْمُورِ بَلْ يَتَعَلَّقُ فِي الأول بِالشَّخْصِ الْحَادِثِ خِلَافًا لِسَائِرِ الْفِرَقِ وَلَكِنَّهُ لَا يعْتَبر مَأْمُورًا إِلَّا حَالَةَ الْمُلَابَسَةِ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ وَالْحَاصِلُ قَبْلَ ذَلِكَ إِعْلَامٌ بِأَنَّهُ سَيَصِيرُ مَأْمُورًا لِأَنَّ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى قَدِيمٌ وَالْأَمْرَ مُتَعَلِّقٌ لِذَاتِهِ فَلَا يُوجَدُ غَيْرُ مُتَعَلِّقٍ وَالْأَمْرُ بِالشَّيْءِ حَالَةَ عَدمه محَال للْجمع بَين النقيضين وَحَالَة بَقَائِهِ محَال لتَحْصِيل الْحَاصِل فَيتَعَيَّن نَص الْحُدُوثِ وَالْأَمْرُ بِالْأَمْرِ بِالشَّيْءِ لَا يَكُونُ أَمْرًا بِذَلِكَ الشَّيْءِ إِلَّا أَنْ يَنُصَّ الْآَمْرُ عَلَى ذَلِك كَقَوْلِه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُرُوهُمْ بِالصَّلَاةِ لِسَبْعٍ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا لِعَشْرٍ وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِهِ تَحَقُّقُ الْعِقَابِ عَلَى التَّرْكِ عِنْدَ القَاضِي أبي بكر الامام فَخْرِ الدِّينِ خِلَافًا لِلْغَزَّالِيِّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَيَعْفُو عَن كثير} السَّادِسُ فِي مُتَعَلِّقِهِ بِالْوَاجِبِ الْمُوسَّعِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ زَمَانُ الْفِعْلِ يَسَعُ أَكْثَرَ مِنْهُ وَقَدْ لَا يكون محدودا بل مغيا بِالْعُمْرِ وَقَدْ يَكُونُ مَحْدُودًا كَأَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ وَهَذَا يُعْزَى لِلشَّافِعِيَّةِ مَنْعُهُ بِنَاءً عَلَى تَعَلُّقِ الْوُجُوبِ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ وَالْوَاقِعُ بَعْدَ ذَلِكَ

قَضَاءٌ يَسُدُّ مَسَدَّ الْأَدَاءِ وَلِلْحَنَفِيَّةِ مَنْعُهُ بِنَاءً عَلَى تَعَلُّقِ الْوُجُوبِ بِآخِرِ الْوَقْتِ وَالْوَاقِعُ قَبْلَهُ نَافِلَة تسد مَسَدَّ الْوَاجِبِ وَلِلْكَرْخِيِّ مَنْعُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاقِعَ مِنَ الْفِعْلِ مَوْقُوفٌ فَإِنْ كَانَ الْفَاعِلُ فِي آخِرِ الْوَقْتِ مِنَ الْمُكَلَّفِينَ فَالْوَاقِعُ فَرْضٌ وَإِلَّا فَهُوَ نقل وَمَذْهَبُنَا جَوَازُهُ وَالْخِطَابُ عِنْدَنَا مُتَعَلِّقٌ بِالْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ أَجْزَاءِ الزَّمَانِ الْكَائِنَةِ بَيْنَ الْحَدَّيْنِ فَلَا حرج فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ لِوُجُودِ الْمُشْتَرَكِ وَلَمْ يَأْثَمْ بِالتَّأْخِيرِ لبَقَاء الْمُشْتَرك فِي آخِره وأثم إِذَا فَوَّتَ جُمْلَةَ الْوَقْتِ لِتَعْطِيلِ الْمُشْتَرَكِ الَّذِي هُوَ مُتَعَلق الْوُجُوب فَلَا ترد عَلَيْنَا مُخَالَفَةُ قَاعِدَةٍ ألْبَتَّةَ بِخِلَافِ غَيْرِنَا وَكَذَلِكَ الْوَاجِبُ الْمُخَيَّرُ قَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ الْوُجُوبُ مُتَعَلِّقٌ بِجُمْلَةِ الْخِصَال وَعِنْدنَا وَعند أهل السّنة أَنه مُتَعَلِّقٌ بِوَاحِدٍ لَا بِعَيْنِهِ وَيُحْكَى عَنِ الْمُعْتَزِلَةِ أَيْضًا أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِوَاحِدٍ مُعَيَّنٍ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ مَا عُلِمَ أَنَّ الْمُكَلَّفَ سَيُوقِعُهُ وَهُمْ يَنْقُلُونَ أَيْضًا هَذَا الْمَذْهَبَ عَنَّا وَالْمُخَيَّرُ عِنْدَنَا كَالْمُوسَّعِ وَالْوُجُوبُ فِيهِ مُتَعَلِّقٌ بِمَفْهُومِ أَحَدِ الْخِصَالِ الَّذِي هُوَ قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهَا وَخُصُوصِيَّاتُهَا مُتَعَلَّقُ التَّخْيِيرِ فَمَا هُوَ وَاجِبٌ لَا تَخْيِيرَ فِيهِ وَمَا هُوَ مُخَيَّرٌ فِيهِ لَا وُجُوبَ فِيهِ فَلَا جرم يجْزِيه كل معِين مِنْهَا لتَضَمّنه للقدر الْمُشْتَرَكِ وَفَاعِلُ الْأَخَصِّ فَاعِلُ الْأَعَمِّ وَلَا يَأْثَمُ بِتَرْكِ بَعْضِهَا إِذَا فَعَلَ الْبَعْضَ لِأَنَّهُ تَارِكٌ لِلْخُصُوصِ الْمُبَاحِ فَاعِلٌ لِلْمُشْتَرَكِ الْوَاجِبِ وَيَأْثَمُ بِتَرْكِ الْجَمِيع لتعطيل الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهَا وَكَذَلِكَ فَرْضُ الْكِفَايَةِ الْمَقْصُودُ بِالطَّلَبِ لُغَةً إِنَّمَا هُوَ إِحْدَى الطَّوَائِفِ الَّتِي هِيَ قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهَا غَيْرَ أَنَّ الْخِطَابَ يَتَعَلَّقُ بِالْجَمِيعِ أَوَّلَ الْأَمْرِ لِتَعَذُّرِ خِطَابِ الْمَجْهُولِ فَلَا جَرَمَ سَقَطَ الْوُجُوبُ بِفِعْلِ طَائِفَةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنَ الطَّوَائِفِ لِوُجُودِ الْمُشْتَرَكِ فِيهَا وَلَا تَأْثَمُ طَائِفَةٌ مُعينَة إِذا غلب الظَّنِّ فِعْلُ غَيْرِهَا لِتَحُقِّقِ الْفِعْلِ مِنَ الْمُشْتَرَكِ بَينهَا ظنا وَيَأْثَم الْجَمِيع إِذا تواطؤوا عَلَى التَّرْكِ لِتَحَقُّقِ تَعْطِيلِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهَا إِذَا تَقَرَّرَ تَعَلُّقُ الْخِطَابِ فِي الْأَبْوَابِ الثَّلَاثَةِ بِالْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ فَالْفَرْقُ بَيْنَهَا أَنَّ الْمُشْتَرَكَ فِي الْمُوسَّعِ هُوَ الْوَاجِب فِيهِ وَفِي الْكِفَايَة الْوَاجِبُ عَلَيْهِ وَفِي الْخَيْرِ الْوَاجِبُ نَفْسُهُ

(فوائد ثلاث)

فَائِدَةٌ لَا يُشْتَرَطُ فِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ تَحَقَّقُ الْفِعْلِ بَلْ ظَنُّهُ فَإِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّ هَذِهِ الطَّائِفَةِ أَنَّ تِلْكَ فَعَلَتْ سَقَطَ عَنْ هَذِهِ وَإِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّ تِلْكَ الطَّائِفَةِ أَنَّ هَذِهِ فَعَلَتْ سَقَطَ عَنْهَا وَإِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّ الطَّائِفَتَيْنِ فِعْلُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا سَقَطَ عَنْهُمَا سُؤَالٌ إِذَا تَقَرَّرَ الْوُجُوبُ عَلَى جُمْلَةِ الطَّوَائِفِ فِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ فَكَيْفَ يَسْقُطُ عَمَّنْ لَمْ يَفْعَلْ بِفِعْلِ غَيْرِهِ مَعَ أَنَّ الْفِعْل البدني كَصَلَاة الْجِنَازَة مثلا ان الْجِهَاد لَا يَجْزِي فِيهِ أحد عَن أحد وَكَيف يُسَاوِي الشَّرْعُ بَيْنَ مَنْ فَعَلَ وَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ جَوَابه أَن الْفَاعِل سَاوَى غَيْرَ الْفَاعِلِ فِي سُقُوطِ التَّكْلِيفِ وَاخْتَلَفَ السَّبَبُ فسبب سُقُوطهَا عَنِ الْفَاعِلِ فِعْلُهُ وَعَنْ غَيْرِ الْفَاعِلِ تَعَذُّرُ تَحْصِيلِ تِلْكَ الْمَصْلَحَةِ الَّتِي لِأَجْلِهَا وَجَبَ الْفِعْلُ فَلَا جرم انْتَفَى الْوُجُوبُ لِتَعَذُّرِ حِكْمَتِهِ قَاعِدَةٌ الْفِعْلُ عَلَى قِسْمَيْنِ مِنْهُ مَا تَتَكَرَّرُ مَصْلَحَتُهُ بِتَكَرُّرِهِ كَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فَإِنَّ مَصْلَحَتَهَا الْخُضُوعُ لِذِي الْجَلَالِ وَهُوَ مُتَكَرِّرٌ بِتَكَرُّرِ الصَّلَاةِ وَمِنْهُ مَا لَا تَتَكَرَّرُ مَصْلَحَتُهُ بتكرره كإنقاذ الغريق فَإِن الغريق إِذا شيل مِنَ الْبَحْرِ فَالنَّازِلُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى الْبَحْرِ لَا تحصل مصْلحَته وَكَذَلِكَ إِطْعَامُ الْجَوْعَانِ وَإِكْسَاءُ الْعُرْيَانِ وَقَتْلُ الْكُفَّارِ فَالْقِسْمُ الْأَوَّلُ جَعَلَهُ الشَّرْعُ عَلَى الْأَعْيَانِ تَكْثِيرًا لمصْلحَة وَالْقِسْمُ الثَّانِي عَلَى الْكِفَايَةِ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِي الْأَعْيَانِ (فَوَائِدُ ثَلَاثٌ) الْأُولَى الْكِفَايَةُ وَالْأَعْيَانُ كَمَا يُتَصَوَّرَانِ فِي الْوَاجِبَاتِ يُتَصَوَّرَانِ فِي الْمَنْدُوبَاتِ كَالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَالتَّسْلِيمِ وَالتَّشْمِيتِ وَمَا يُفْعَلُ بِالْأَمْوَاتِ مِنَ الْمَنْدُوبَاتِ فَهَذِهِ عَلَى الْكِفَايَةِ وَعَلَى الْأَعْيَانِ كَالْوَتْرِ وَالْفَجْرِ وَصِيَامِ الْأَيَّامِ الْفَاضِلَةِ وَصَلَاةِ الْعِيدَيْنِ وَالطَّوَّافِ فِي غَيْرِ النُّسُكِ وَالصَّدَقَاتِ

فرع

الثَّانِيَة نقل صَاحب الطّراز وَغَيره على أَن اللَّاحِق من الْمُجَاهدين وَمن َكَانَ سَقَطَ الْفَرْضُ عَنْهُ يَقَعُ فِعْلُهُ فَرْضًا بعد مَا لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عَلَيْهِ وَطَرَدَهُ غَيْرُهُ مِنَ الْعلمَاء فِي سَائِر فروض الْكِفَايَة كمن يلْتَحق بمجهز الْأَمْوَاتِ مِنَ الْأَحْيَاءِ أَوْ بِالسَّاعِينَ فِي تَحْصِيلِ الْعِلْمِ مِنَ الْعُلَمَاءِ فَإِنَّ ذَلِكَ الطَّالِبَ لِلْعِلْمِ يَقَعُ فِعْلُهُ وَاجِبًا مُعَلِّلًا لِذَلِكَ بِأَنَّ مَصْلَحَةَ الْوُجُوب لم تتَحَقَّق بعد وَلم تقع إِلَّا بِفِعْلِ الْجَمِيعِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ فِعْلُ الْجَمِيعِ وَاجِبًا وَيَخْتَلِفُ ثَوَابُهُمْ بِحَسَبِ مَسَاعِيهِمْ الثَّالِثَةُ الْأَشْيَاءُ الْمَأْمُورُ بِهَا عَلَى التَّرْتِيبِ أَوْ عَلَى الْبَدَلِ قَدْ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهَا كَالْمُبَاحِ وَالْمَيْتَةِ من المرتبات وتزويج الْمَرْأَة من أحد الكفأين مِنَ الْمَشْرُوعِ عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِ وَقَدْ يُبَاحُ كَالْوُضُوءِ وَالتَّيَمُّمِ مِنَ الْمُرَتَّبَاتِ وَالسُّتْرَةُ بِالثَّوْبَيْنِ مِنْ بَاب الْبَدَل وَقد تستجب كَخِصَالِ الْكَفَّارَةِ فِي الظِّهَارِ مِنَ الْمُرَتَّبَاتِ وَخِصَالِ كَفَّارَة الحنت مِمَّا شُرِعَ عَلَى الْبَدَلِ فَرْعٌ اخْتَارَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ أَنَّ الْأَمْرَ الْمُعَلَّقَ عَلَى الِاسْمِ يَقْتَضِي الِاقْتِصَارَ عَلَى أَوَّلِهِ وَالزَّائِدُ عَلَى ذَلِكَ إِمَّا مَنْدُوب أَو سَاقِط السَّابِعُ فِي وَسِيلَتِهِ وَهِيَ عِنْدَنَا وَعِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ الْمُطْلَقُ إِلَّا بِهِ وَهُوَ مَقْدُورٌ لِلْمُكَلَّفِ فَهُوَ وَاجِبٌ لِتَوَقُّفِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ فَالْقَيْدُ الْأَوَّلُ احْتِرَازًا مِنْ أَسْبَابِ الْوُجُوب وشروطه لِأَنَّهَا لَا تحب إِجْمَاعًا مَعَ التَّوَقُّف وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيمَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الصِّحَّةُ بَعْدَ الْوُجُوب والقيد الثَّانِي احْتِرَازًا من توقفه على فِعْلِ الْعَبْدِ بَعْدَ وُجُوبِهِ عَلَى تَعَلُّقِ عِلْمِ الله تَعَالَى وَإِرَادَتِهِ وَقُدْرَتِهِ بِإِيجَادِهِ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ تَحْصِيلُ ذَلِكَ إِجْمَاعًا وَقَالَتِ الْوَاقِفِيَّةُ إِنْ كَانَتِ الْوَسِيلَةُ سَبَبَ الْمَأْمُورِ بِهِ وَجَبَتْ وَإِلَّا فَلَا ثُمَّ الْوَسِيلَةُ إِمَّا أَنْ يَتَوَقَّفَ عَلَيْهَا الْمَقْصِدُ فِي ذَاتِهِ أَوْ لَا يَتَوَقَّفُ وَالْأَوَّلُ إِمَّا شَرْعِيٌّ كَالصَّلَاةِ عَلَى الطَّهَارَةِ أَوْ عُرْفِيٌّ كَنَصْبِ السُّلَّمِ لِصُعُودِ السَّطْحِ أَوْ عَقْلِيٌّ كَتَرْكِ الِاسْتِدْبَارِ لفعل الِاسْتِقْبَال وَالثَّانِي يَجعله وَسِيلَة إِمَّا بِسَبَب الِاشْتِبَاه

الثامن في خطاب الكفار

كإيجاب خَمْسِ صَلَوَاتٍ لِتَحْصِيلِ صَلَاةٍ مَنْسِيَّةٍ أَوْ كَاخْتِلَاطِ النَّجِسِ بِالطَّاهِرِ وَالْمُذَكَّاةِ بِالْمَيْتَةِ وَالْمَنْكُوحَةِ بِالْأُخْتِ أَوْ لِتَيَقُّنِ الِاسْتِيفَاءِ كَغَسْلِ جُزْءٍ مِنَ الرَّأْسِ مَعَ الْوَجْهِ أَوْ إِمْسَاكِ جُزْءٍ مِنَ اللَّيْلِ مَعَ نَهَار الصَّوْم الثَّامِن فِي خطاب الْكفَّار أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِالْإِيمَانِ وَاخْتَلَفُوا فِي خِطَابِهِمْ بِالْفُرُوعِ قَالَ الْبَاجِيُّ وَظَاهِرُ مَذْهَبِ مَالك رَحمَه الله خِطَابُهُمْ بِهَا خِلَافًا لِجُمْهُورِ الْحَنَفِيَّةِ وَأَبِي حَامِدٍ الاسفرايني لِقَوْلِهِ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْهُمْ {قَالُوا لَمْ نَكُ من الْمُصَلِّين} وَلِأَنَّ الْعُمُومَاتِ تَتَنَاوَلُهُمْ وَقِيلَ مُخَاطَبُونَ بِالنَّوَاهِي دُونَ الْأَوَامِرِ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ تَرْجِعُ إِلَى مُضَاعَفَةِ الْعِقَابِ فِي الدَّار الْآخِرَة أَوْ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَبَسْطُهُ فِي غَيْرِ هَذِه المقدمه

(الباب الخامس في النواهي وفيه ثلاثة فصول)

(الْبَابُ الْخَامِسُ فِي النَّوَاهِي وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فَصُولٍ) الْفَصْل الأول فِي مُسَمّى النَّهْي وَهُوَ عِنْدَنَا التَّحْرِيمُ وَفِيهِ مِنَ الْخِلَافِ مَا سَبَقَ فِي الْأَمْرِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي إِفَادَتِهِ التَّكْرَارَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ إِفَادَتِهِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْإِمَامِ فَخْرِ الدِّينِ لَا يُفِيدُ الْفَوْرَ عِنْدَهُ وَمُتَعَلِّقُهُ فِعْلُ ضِدِّ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ لِأَنَّ الْعَدَمَ غَيْرُ مَقْدُورٍ وَعِنْدَ أَبِي هَاشِمٍ عَدَمُ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ الثَّانِي فِي أقسامه وَإِذا تعلق بأَشْيَاء فإمَّا على الْجَمِيع نَحْو الْخمر وَالْخِنْزِير وَإِمَّا على الْجمع نَحْو الْأُخْتَيْنِ أَو على الْبَدَل نَحْو إِنْ فَعَلْتَ ذَا فَلَا تَفْعَلْ ذَلِكَ كَنِكَاحِ الْأُم بعد ابْنَتهَا أَو على الْبَدَلِ كَجَعْلِ الصَّلَاةِ بَدَلًا مِنَ الصَّوْمِ الثَّالِثُ فِي لَازِمِهِ وَهُوَ عِنْدَنَا يَقْتَضِي الْفَسَادَ خِلَافًا لِأَكْثَرِ الشَّافِعِيَّةِ وَالْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ مِنَّا وَفَرَّقَ أَبُو الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيُّ وَالْإِمَامُ بَيْنَ الْعِبَادَاتِ فَيَقْتَضِي وَبَيْنَ الْمُعَامَلَاتِ فَلَا يَقْتَضِي لَنَا أَنَّ النَّهْيَ إِنَّمَا يَكُونُ لِدَرْءِ الْمَفَاسِدِ الْكَائِنَةِ فِي الْمَنْهِيِّ عَنهُ والمتضمن للمفسدة فَاسِدٌ وَمَعْنَى الْفَسَادِ فِي الْعِبَادَاتِ وُقُوعُهَا عَلَى نَوْعٍ مِنَ الْخَلَلِ يُوجِبُ بَقَاءَ الذِّمَّةِ مَشْغُولَةً بِهَا وَفِي الْمُعَامَلَاتِ عَدَمُ تَرَتُّبِ آثَارِهَا عَلَيْهَا إِلَّا أَنْ يَتَّصِلَ بِهَا مَا يُقَرِّرُ آثَارَهَا من التَّصَرُّفَات على تَفْضِيل يَأْتِي فِي البيع وَغَيره إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ لَا يَدُلُّ عَلَى الْفَسَادِ مُطْلَقًا وَيَدُلُّ عَلَى الصِّحَّةِ لِاسْتِحَالَةِ النَّهْيِ عَنِ الْمُسْتَحِيلِ وَيَقْتَضِي الْأَمْرَ بِضِدٍّ مِنْ أَضْدَادِ الْمَنْهِيِّ عَنهُ

(الباب السادس في العمومات وفيه سبعة فصول)

(الْبَابُ السَّادِسُ فِي الْعُمُومَاتِ وَفِيهِ سَبْعَةُ فُصُولٍ) الْفَصْل الأول أَدَوَاتِ الْعُمُومِ وَهِيَ نَحْوَ عِشْرِينَ صِيغَة قَالَ الْإِمَامُ وَهِيَ إِمَّا أَنْ تَكُونَ مَوْضُوعَةً لِلْعُمُومِ بذاتها نحول كُلٍّ أَوْ بِلَفْظٍ يُضَافُ إِلَيْهَا كَالنَّفْيِ وَلَامِ التَّعْرِيفِ وَالْإِضَافَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَمِنْهَا كُلٌّ وَجَمِيعٌ وَمَنْ وَمَا وَالْمُعَرَّفُ بِاللَّامِ جَمْعًا وَمُفْرَدًا وَالَّذِي وَالَّتِي وَتَثْنِيَتُهُمَا وَجَمْعُهُمَا وَأَيُّ وَمَتَى فِي الزَّمَانِ وَأَيْنَ وَحَيْثُ فِي الْمَكَان قَالَه عَبْدُ الْوَهَّابِ وَاسْمُ الْجِنْسِ إِذَا أُضِيفَ وَالنَّكِرَةُ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ فَهَذِهِ عِنْدَنَا لِلْعُمُومِ وَاخْتُلِفَ فِي الْفِعْلِ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ نَحْوَ قَوْلِهِ وَالله لَا آكل فَعِنْدَ الشَّافِعِي هُوَ للْعُمُوم فِي المواكيل وَله تَخْصِيصُهُ بِنِيَّتِهِ فِي بَعْضِهَا وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ من مَذْهَبنَا وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يَصح لِأَنَّ الْفِعْلَ يَدُلُّ عَلَى الْمَصْدَرِ وَهُوَ لَا وَاحِدَ وَلَا كَثِيرَ فَلَا تَعْمِيمَ وَلَا تَخْصِيصَ وَاتَّفَقَ الْإِمَامَانِ عَلَى قَوْلِهِ لَا أَكَلْتُ أَكْلًا أَنَّهُ عَامٌّ يَصِحُّ تَخْصِيصُهُ وَعَلَى عَدَمِ تَخْصِيصِ الْأَوَّلِ بِبَعْضِ الْأَزْمِنَةِ أَوِ الْبِقَاعِ لَنَا إِنْ كَانَ عَامًّا صَحَّ التَّخْصِيصُ وَإِلَّا فَمُطْلَقٌ يَصِحُّ تَقْيِيده بِبَعْض حَاله وَهُوَ الْمَطْلُوب وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَرْكُ الْاسْتِفْصَالِ فِي حِكَايَاتِ الْأَحْوَالِ يَقُومُ مَقَامَ الْعُمُوم فِي الْمقَال نَحْو قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِابْنِ غيلَان حِينَ أَسْلَمَ عَلَى عَشْرِ نِسْوَةٍ أَمْسِكْ أَرْبَعًا وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ مِنْ غَيْرِ كَشْفٍ عَنْ تَقَدُّمِ عُقُودِهِنَّ أَوْ تَأَخُّرِهَا أَوِ اتِّحَادِهَا أَوْ تَعَدُّدِهَا وَخِطَابُ الْمُشَافَهَةِ لَا يَتَنَاوَلُ مَنْ يُحَدِّثُ بَعْدُ إِلَّا بِدَلِيل وَقَول الصَّحَابِيّ نهى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ أَوْ قَضَى بِالشُّفْعَةِ أَوْ حكم بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِين قَالَ الامام فَخر الدّين رَحمَه الله تَعَالَى لَا عُمُومَ لَهُ لِأَنَّ الْحُجَّةَ فِي الْمَحْكِيِّ لَا فِي

الْحِكَايَةِ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ كَانَ يَفْعَلُ كَذَا وَقِيلَ يُفِيدُهُ عُرْفًا وَقَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ إِنَّ سَائِرَ لَيْسَتْ لِلْعُمُومِ فَإِنَّ مَعْنَاهَا بَاقِي الشَّيْءِ لَا جُمْلَتُهُ وَقَالَ صَاحِبُ الصِّحَاحِ وَغَيْرُهُ مِنَ الْأُدَبَاءِ إِنَّهَا بِمَعْنَى جُمْلَةِ الشَّيْءِ وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ من سور الْمَدِينَة الْمُحِيط لَا مِنَ السُّؤْرِ الَّذِي هُوَ الْبَقِيَّةُ فَعَلَى هَذَا تَكُونُ لِلْعُمُومِ وَالْأَوَّلُ عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَالِاسْتِعْمَالُ وَقَالَ الْجُبَّائِيُّ الْجَمْعُ الْمُنَكَّرُ لِلْعُمُومِ خِلَافًا لِلْجَمِيعِ فِي حَمْلِهِمْ لَهُ عَلَى أَقَلِّ الْجَمْعِ وَالْعَطْفُ عَلَى الْعَامِّ لَا يَقْتَضِي الْعُمُومَ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى {والمطلقات يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاث قُرُوء} ثمَّ قَالَ تَعَالَى {وبعولتهن أَحَق بردهن} فَهَذَا الضَّمِيرُ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ عَامًّا فِي جُمْلَةِ مَا تَقَدَّمَ لِأَنَّ الْعَطْفَ مُقْتَضَاهُ التَّشْرِيكُ فِي الْحُكْمِ الَّذِي سَبَقَ الْكَلَامُ لِأَجْلِهِ فَقَطْ وَقَالَ الْغَزَّالِيُّ الْمَفْهُومُ لَا عُمُومَ لَهُ قَالَ الْإِمَامُ إِنْ عَنَى أَنَّهُ لَا يُسَمَّى عَاما لفظا فَقَرِيبٌ وَإِنْ عَنَى أَنَّهُ لَا يُفِيدُ عُمُومَ انْتِفَاء الحكم فدليل كَون الْمَفْهُوم حجَّة بنفيه وَخَالَفَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الصِّيَغِ وَقَالَ بِالْوَقْفِ مَعَ الْوَاقِفِيَّةِ وَقَالَ أَكْثَرُ الْوَاقِفِيَّةِ إِنَّ الصِّيَغَ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ وَقِيلَ تُحْمَلُ عَلَى أَقَلِّ الْجَمْعِ وَخَالَفَ أَبُو هَاشم مَعَ الواقفية فِي الْمجمع الْمُعَرَّفِ بِاللَّامِ وَخَالَفَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ مَعَ الْوَاقِفِيَّةِ فِي الْفَرْدِ الْمُعَرَّفِ بِاللَّامِ لَنَا أَنَّ الْعُمُومَ هُوَ الْمُتَبَادِرُ فَيَكُونَ مُسَمَّى اللَّفْظِ كَسَائِرِ الْأَلْفَاظِ وَلِصِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ فِي كُلِّ فَرْدٍ وَمَا صَحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ وَجَبَ انْدِرَاجُهُ تَنْبِيهٌ النَّكِرَةُ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ يُسْتَثْنَى مِنْهَا صُورَتَانِ إِحْدَاهُمَا لَا رَجُلٌ فِي الدَّارِ بِالرَّفْعِ فَإِنَّ الْمَنْقُولَ عَنِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهَا لَا تَعُمُّ وَهِيَ تُبْطِلُ عَلَى الْحَقِيقَة مَا ادعوهُ من أَن النكرَة عَمَّتْ لِضَرُورَةِ نَفْيِ الْمُشْتَرَكِ وَعِنْدَ غَيْرِهِمْ عَمَّتْ لِأَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ لُغَةً لِإِثْبَاتِ السَّلْبِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَفْرَادِهَا وَثَانِيَتُهُمَا سَلْبُ الْحُكْمِ عَنِ الْعُمُومَاتِ

الفصل الثاني في مدلوله

نَحْو لَيْسَ كل بيع حَلَالا فَإِنَّهُ وَإِن كَانَ نكرَة فِي سِيَاق النَّفْي فَإِنَّهُ لَا يعم لِأَن سَلْبٌ لِلْحُكْمِ عَنِ الْعُمُومِ لَا حُكْمٌ بِالسَّلْبِ عَلَى الْعُمُومِ فَائِدَةٌ النَّكِرَةُ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ تَعُمُّ سَوَاءٌ دَخَلَ النَّفْيُ عَلَيْهَا نَحْوَ لَا رَجُلَ فِي الدَّارِ أَوْ دَخَلَ عَلَى مَا هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِهَا نَحْوَ مَا جَاءَنِي أَحَدٌ الْفَصْلُ الثَّانِي فِي مَدْلُولِهِ وَهُوَ كُلُّ وَاحِدٍ وَاحِد لَا الْكُلُّ مِنْ حَيْثُ هُوَ كُلٌّ فَهُوَ كُلِّيَّةٌ لَا كُلٌّ وَإِلَّا لَتَعَذَّرَ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ فِي حَالَة النَّفْي وَالنَّهْي وَيَنْدَرِجُ الْعَبِيدُ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فِي صِيغَةِ النَّاس وَالدّين آمنُوا ويندرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْعُمُومِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَقِيلَ عُلُوُّ منصبه يَأْبَى ذَلِك وَقَالَ الصير فِي إِنْ صَدَرَ الْخِطَابُ بِالْأَمْرِ بِالتَّبْلِيغِ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ وَإِلَّا تَنَاوَلَهُ وَكَذَلِكَ يَنْدَرِجُ الْمُخَاطَبُ فِي الْعُمُومِ الَّذِي يَتَنَاوَلُهُ لِأَنَّ شُمُولَ اللَّفْظِ يَقْتَضِي جَمِيعَ ذَلِكَ وَالصَّحِيحُ عِنْدَنَا انْدِرَاجُ النِّسَاءِ فِي خِطَابِ التَّذْكِيرِ قَالَهُ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ وَقَالَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ إِنِ اخْتُصَّ الْجَمْعُ بِالذُّكُورِ لَا يَتَنَاوَلُ الْإِنَاثَ وَبِالْعَكْسِ كَشَوَاكِرَ وَشُكْرٍ وَإِنْ لَمْ يَخْتَصَّ كَصِيغَةِ مَنْ تَنَاوَلَهُمَا قَالَ وَقِيلَ لَا يَتَنَاوَلُهُمَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُخْتَصًّا فَإِنْ كَانَ متقيدا بعلامة الْإِنَاثِ لَا يَتَنَاوَلُ الذُّكُورَ كَمُسْلِمَاتٍ وَإِنْ تَمَيَّزَ بِعَلَامَةِ الذُّكُورِ كَمُسْلِمِينَ لَا يَتَنَاوَلُ الْإِنَاثَ وَقِيلَ يتناولهن الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي مُخَصَّصَاتِهِ وَهِيَ خَمْسَةَ عَشَرَ وَيَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعِنْدَ أَصْحَابِهِ تَخْصِيصُهُ بِالْعَقْلِ خِلَافًا لِقَوْمٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {اللَّهُ خَالق كل شَيْء} خَصَّصَ الْعَقْلُ ذَاتَ

الله وَصِفَاته وبالإجماع وَالْكتاب بِالْكتاب خِلَافًا لِبَعْضِ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَبِالْقِيَاسِ الْجَلِيِّ وَالْخَفِيِّ للْكتاب وَالسّنة المتواترة ووافقنا الشَّافِعِي وَأَبُو حنيفَة وَالْأَشْعَرِيُّ وَأَبُو الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيُّ وَخَالَفَنَا الْجُبَّائِيُّ وَأَبُو هَاشم مُطْلَقًا وَقَالَ عِيسَى بْنُ أَبَانَ إِنْ خُصَّ قَبْلَهُ بِدَلِيلٍ مَقْطُوعٍ جَازَ وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ الْكَرْخِي إِن خصب قَبْلَهُ بِدَلِيلٍ مُنْفَصِلٍ جَازَ وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ وَكَثِيرٌ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ يَجُوزُ بِالْجَلِيِّ دُونَ الْخَفِيِّ وَاخْتُلِفَ فِي الْجَلِيِّ وَالْخَفِيِّ فَقِيلَ الْجَلِيُّ قِيَاسُ الْمَعْنَى وَالْخَفِيُّ قِيَاسُ الشَّبَهِ وَقِيلَ الْجَلِيّ مَا تفهم علته كَقَوْلِه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَقْضِ الْقَاضِي وَهُوَ غَضْبَانُ وَقِيلَ مَا يُنْقَضُ الْقَضَاءُ بِخِلَافِهِ وَقَالَ الْغَزَّالِيُّ إِنِ اسْتَوَيَا تَوَقَّفْنَا وَإِلَّا طَلَبْنَا التَّرْجِيحَ وَتَوَقَّفَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَهَذَا إِذَا كَانَ أَصْلُ الْقِيَاسِ مُتَوَاتِرًا فَإِن كَانَ خبر وَاحِد كَانَ الْخِلَافُ أَقْوَى لَنَا اقْتِضَاءُ النُّصُوصِ تَابِعٌ لِلْحُكْمِ وَالْقِيَاسُ مُشْتَمِلٌ عَلَى الْحُكْمِ فَيُقَدَّمُ وَيَجُوزُ عندنَا تَخْصِيص السّنة المتواترة بِالسنةِ المتواترة وَتَخْصِيصُ الْكِتَابِ بِالسُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ كَانَتْ قَوْلًا أَوْ فِعْلًا خِلَافًا لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ وَيَجُوزُ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِي وَأَبِي حَنِيفَةَ تَخْصِيصُ الْكِتَابِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَفَصَلَ ابْنُ أَبَانَ وَالْكَرْخِيُّ كَمَا تَقَدَّمَ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ مُطْلَقًا وَتَوَقَّفَ الْقَاضِي فِيهِ وَعِنْدَنَا يُخَصِّصُ فعله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِقْرَارُهُ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَفَصَّلَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ فَقَالَ إِنْ تَنَاوَلَهُ الْعَامُّ كَانَ الْفِعْلُ مُخَصِّصًا لَهُ وَلِغَيْرِهِ إِنْ عُلِمَ بِدَلِيلٍ أَنَّ حُكْمَهُ كَحُكْمِهِ لَكِنَّ الْمُخَصِّصَ فِعْلُهُ مَعَ ذَلِكَ الدَّلِيلَ وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ الْعَامُّ مُتَنَاوِلًا لِأُمَّتِهِ فَقَطْ وَعلم بِدَلِيل أَن حكمه حكم أمته وَكَذَلِكَ الْإِقْرَار مُخَصص للشَّخْص الْمَسْكُوت عَنهُ لما خَالف الْعُمُوم ومخصص لغيره إِن علم أَن حكمه على الْوَاحِد حكم عَلَى الْكُلِّ وَعِنْدَنَا الْعَوَائِدُ مُخَصِّصَةٌ لِلْعُمُومِ قَالَ الْإِمَامُ إِنْ عُلِمَ

الفصل الرابع وفيما ليس من مخصصاته

وُجُودُهُا فِي زَمَنِ الْخِطَابِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ وَعِنْدَنَا يُخَصِّصُ الشَّرْطُ وَالِاسْتِثْنَاءُ الْعُمُومَ مُطْلَقًا وَنَصَّ الْإِمَامُ على الْغَايَة وَالصّفة وَقَالَ إِن تعقبت الصّفة حملا جَرَى فِيهَا الْخِلَافُ الْجَارِي فِي الِاسْتِثْنَاء وَالْغَايَةِ حَتَّى وَإِلَى فَإِنِ اجْتَمَعَ غَايَتَانِ كَمَا لَوْ قَالَ لَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ حَتَّى يَغْتَسِلْنَ قَالَ الْإِمَامُ فَالْغَايَةُ هِيَ فِي الْحَقِيقَةِ الثَّانِيَةِ وَالْأُولَى سُمِّيَتْ غَايَةً لِقُرْبِهَا مِنْهَا وَنَصَّ عَلَى الْحس قَوْله تَعَالَى {تدمر كل شَيْء} قَالَ وَفِي الْمَفْهُومِ نَظَرٌ وَإِنْ قُلْنَا إِنَّهُ حجَّة لكَونه أَضْعَف من الْمَنْطُوق لَنَا فِي سَائِرِ صُوَرِ النِّزَاعِ أَنَّ مَا يُدْعَى أَنَّهُ مُخَصِّصٌ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ مُنَافِيًا وَأَخَصَّ مِنَ الْمُخَصِّصِ فَإِنْ أُعْمِلَا أَوْ ألغيا اجْتمع النقيضان وَإِن أعمل مُطْلَقًا بَطَلَتْ جُمْلَةُ الْخَاصِّ بِخِلَافِ الْعَكْسِ فَيَتَعَيَّنُ وَهُوَ الْمَطْلُوب الْفَصْل الرَّابِع وَفِيمَا لَيْسَ من مخصصاته لِلْعُمُومِ سَبَبُهُ بَلْ يُحْمَلُ عِنْدَنَا عَلَى عُمُومِهِ إِذا كَانَ مُسْتقِلّا خلافًا للشَّافِعِيّ وَالْمُزَنِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَإِنْ كَانَ السَّبَبُ ينْدَرج فِي الْعُمُوم أولى من وعَلى غَيره ذَلِكَ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا وَعَنْ مَالِكٍ فِيهِ رِوَايَتَانِ وَالضَّمِيرُ الْخَاصُّ لَا يُخَصِّصُ عُمُومَ ظَاهِرِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {والمطلقات يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ} وَهَذَا عَامٌّ ثُمَّ قَالَ {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} وَهَذَا خَاصٌّ بِالرَّجْعِيَّاتِ نَقَلَهُ الْبَاجِيُّ مِنَّا خِلَافًا للشَّافِعِيّ وَالْمُزْنِيِّ وَمَذْهَبُ الرَّاوِي لَا يُخَصِّصُ عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيّ رحمهمَا الله خِلَافًا لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ وَذِكْرُ بَعْضِ الْعُمُومِ لَا يُخَصِّصُهُ خِلَافًا لِأَبِي ثَوْرٍ وَكَوْنُهُ مُخَاطَبًا لَا يُخَصِّصُ الْعَامَّ إِنْ كَانَ خَبَرًا وَإِنْ كَانَ أَمْرًا جُعِلَ جَزَاءً قَالَ الْإِمَامُ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مُخَصِّصًا وَذِكْرُ الْعَامِّ فِي مَعْرِضِ الْمَدْحِ أَوِ الذَّمِّ لَا يُخَصِّصُ خِلَافًا لِبَعْضِ الْفُقَهَاءِ وَعَطْفُ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ يَقْتَضِي تَخْصِيصَهُ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ وَلَا ذُو عهد

الفصل الخامس) فيما يجوز التخصيص إليه

فِي عَهْدِهِ فَإِنَّ الثَّانِيَ خَاصٌّ بِالْحَرْبِيِّ فَيَكُونُ الأول كَذَلِك عِنْدهم وَلَا يخصص الْعَام بتعقيبه باستثناء أَو صفه أَو حكم لَا يَأْتِي إِلَّا فِي الْبَعْضِ لَا يُخَصِّصُهُ عِنْدَ الْقَاضِي عَبْدِ الْجَبَّارِ وَقِيلَ يُخَصِّصُهُ وَقِيلَ بِالْوَقْفِ وَاخْتَارَهُ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ فَالِاسْتِثْنَاءُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} إِلَى قَوْله تَعَالَى {إِلَّا أَن يعفون} فَإِنَّهُ خَاصٌّ بِالرَّشِيدَاتِ وَالصِّفَةُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيهَا النَّبِي إِذا طلّقْتُم النِّسَاء} إِلَى قَوْله تَعَالَى {لَعَلَّ الله يحدث بعد ذَلِك أمرا} أَيِ الرَّغْبَةَ فِي الرَّجْعَةِ وَالْحُكْمُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {والمطلقات يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ} إِلَى قَوْله {وبعولتهن أَحَق بردهن} فَإِنَّهُ خَاصٌّ بِالرَّجْعِيَّاتِ فَتَبْقَى الْعُمُومَاتُ عَلَى عُمُومِهَا وتختص هَذِه الْأُمُور بِمن تصلح لَهُ وَلنَا فِي سياقها صُوَرُ النِّزَاعِ أَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْعُمُومِ عَلَى عُمُومِهِ فَمَهْمَا أَمْكَنَ ذَلِكَ لَا يُعْدَلُ عَنْهُ تَغْلِيبًا لِلْأَصْلِ ( الْفَصْلُ الْخَامِسُ) فِيمَا يَجُوزُ التَّخْصِيصُ إِلَيْهِ وَيجوز عِنْدَنَا لِلْوَاحِدِ هَذَا إِطْلَاقُ الْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ مِنَ الْأَصْحَابِ وَأَمَّا الْإِمَامُ فَحَكَى إِجْمَاعَ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى ذَلِكَ فِي مَنْ وَمَا وَنَحْوِهِمَا قَالَ وَقَالَ الْقفال يجب أَيْضا أقل الْجمع فِي الجموع الْمعرفَة وَقِيلَ يَجُوزُ إِلَى الْوَاحِدِ فِيهَا وَقَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ لَا بُدَّ مِنَ الْكَثْرَةِ فِي الْكُلِّ إِلَّا إِذا اسْتعْمل للْوَاحِد الْمُعظم نَفسه (الْفَصْل السَّادِس) فِي حكمه بعد التَّخْصِيص وَلنَا وللشافعية وللحنفية فِي كَوْنِهِ بَعْدَ التَّخْصِيصِ حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا قَوْلَانِ وَاخْتَارَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ وَأَبُو الْحُسَيْنِ التَّفْصِيلَ بَيْنَ تَخْصِيصِهِ بِقَرِينَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ عَقْلِيَّةٍ أَوْ سَمْعِيَّةٍ فَيَكُونُ مَجَازًا أَوْ تَخْصِيصِهِ بِالْمُتَّصِلِ كَالشَّرْطِ وَالِاسْتِثْنَاءِ وَالصِّفَةِ فَيَكُونُ حَقِيقَةً وَهُوَ حُجَّةٌ عِنْدَ الْجمع إِلَّا عِيسَى ابْن أَبَانَ وَأَبَا ثَوْرٍ وَخَصَّصَ الْكَرْخِيُّ

(الفصل السابع) في الفرق بينه وبين النسخ والاستثناء

التَّمَسُّكَ بِهِ إِذَا خَصَّصَ بِالْمُتَّصِلِ وَقَالَ الْإِمَامُ إِنْ خَصَّصَ تَخْصِيصًا إِجْمَالِيًّا نَحْوَ قَوْلِهِ هَذَا الْعَامُّ مَخْصُوصٌ فَلَيْسَ بِحُجَّةٍ وَمَا أَظُنُّهُ يُخَالِفُ فِي هَذَا التَّفْصِيلِ لَنَا أَنَّهُ وُضِعَ لِلِاسْتِغْرَاقِ وَلم يسْتَعْمل فِيهِ فَيكون مجَازًا ومقتضيا ثُبُوتَ الْحُكْمِ لِكُلِّ أَفْرَادِهِ وَلَيْسَ الْبَعْضُ شَرْطًا فِي الْبَعْضِ وَإِلَّا لَزِمَ الدَّوْرُ فَيَبْقَى حُجَّةً فِي الْبَاقِي بَعْدَ التَّخْصِيصِ وَالْقِيَاسُ عَلَى الصُّورَةِ الْمَخْصُوصَةِ إِذَا عُلِمَتْ جَائِزٌ عِنْدَ الْقَاضِي إِسْمَاعِيلَ منا وَعند جَمَاعَةٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ (الْفَصْلُ السَّابِعُ) فِي الْفَرْقِ بَينه وَبَين النّسخ وَالِاسْتِثْنَاء أَن التَّخْصِيص لَا يكون إِلَّا فِيمَا تنَاوله اللَّفْظُ بِخِلَافِ النَّسْخِ وَلَا يَكُونُ إِلَّا قَبْلَ الْعَمَلِ بِخِلَافِ النَّسْخِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ قَبْلَ الْعَمَلِ وَبَعْدَهَ وَيَجُوزُ نَسْخُ شَرِيعَةٍ بِأُخْرَى وَلَا يَجُوزُ تَخْصِيصُهَا بِهَا وَالِاسْتِثْنَاءُ مَعَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ كَاللَّفْظَةِ الْوَاحِدَةِ الدَّالَّةِ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ وَلَا يَثْبُتُ بِالْقَرِينَةِ الْحَالِيَّةِ وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ بِخِلَافِ التَّخْصِيصِ قَالَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ وَالتَّخْصِيصُ كَالْجِنْسِ لِلثَّلَاثَةِ لِاشْتِرَاكِهَا فِي الْإِخْرَاجِ فَالتَّخْصِيصُ وَالِاسْتِثْنَاءُ إِخْرَاجُ الْأَشْخَاصِ والنسخ إِخْرَاج الْأَزْمَان.

(الباب السابع في أقل الجمع)

(الْبَابُ السَّابِعُ فِي أَقَلِّ الْجَمْعِ) قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ مَذْهَبُ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ اثْنَانِ وَوَافَقَهُ الْقَاضِي عَلَى ذَلِكَ والأستاذ أَبُو إِسْحَاق وَعبد الْملك ابْن الْمَاجشون من أَصْحَابه وَعند الشَّافِعِي وَأبي حنيفَة رحمهمَا الله ثَلَاثَة وَحَكَاهُ القَاضِي عبد الْوَهَّاب عَن مَالك رحمهمَا الله وَعِنْدِي أَن مَحل الْخلاف مُشْكِلٌ فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ الْخِلَافُ فِي صِيغَةِ الْجَمْعِ الَّتِي هِيَ الْجِيمُ وَالْمِيمُ وَالْعَيْنُ لَمْ يحسن إِثْبَاتُ الْحُكْمِ لِغَيْرِهَا مِنَ الصِّيَغِ وَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِهَا مِنْ صِيَغِ الْجُمُوعِ فَهِيَ عَلَى قِسْمَيْنِ جَمْعُ قِلَّةٍ وَهُوَ جَمْعُ السَّلَامَةِ مُذَكَّرًا أَوْ مُؤَنَّثًا وَمِنْ جمع التكسير الْقلَّة مَا فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ (بِأَفْعُلٍ وَبِأَفْعَالٍ وَأَفْعِلَةٍ ... وَفِعْلَةٍ يُعْرَفُ الْأَدْنَى مِنَ الْعَدَدِ) وَجَمْعُ كَثْرَةٍ وَهِيَ مَا عَدَا ذَلِكَ فَجُمُوعُ الْقِلَّةِ لِلْعَشَرَةِ فِيمَا دُونَ ذَلِكَ وَجُمُوعُ الْكَثْرَةِ لِلْأَحَدَ عَشَرَ فَأَكْثَرَ هَذَا هُوَ نَقْلُ الْعُلَمَاءِ ثُمَّ قَدْ يُسْتَعَارُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ مَجَازًا وَالْخِلَافُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إِنَّمَا هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ اللُّغَوِيَّةِ فَإِنْ كَانَ الْخِلَافُ فِي جُمُوعِ الْكَثْرَةِ فَأَقَلُّ مراتبها أحد عشر فَلَا معنى لِلْقَوْلِ بالاثنين وَلَا بِالثَّلَاثَةِ وَإِن كَانَ فِي جموع الْقلَّة فَهُوَ يَسْتَقِيم لَكِنَّهُمْ لَمَّا أَثْبَتُوا الْأَحْكَامَ وَالِاسْتِدْلَالَ فِي جُمُوعِ الْكَثْرَةِ عَلِمْنَا أَنَّهُمْ غَيْرُ مُقْتَصِرِينَ عَلَيْهَا وَأَنَّ مَحل الْخلاف مَا هُوَ أَعم مِنْهَا وَلَا هِيَ

(الباب الثامن في الاستثناء)

(الْبَابُ الثَّامِنُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ) وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي حَدِّهِ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ إِخْرَاجِ بَعْضِ مَا دَلَّ اللَّفْظُ عَلَيْهِ ذَاتًا كَانَ أَوْ عَدَدًا أَوْ مَا لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ وَهُوَ إِمَّا مَحَلُّ الْمَدْلُولِ أَوْ أَمْرٌ عَامٌّ بِلَفْظِ إِلَّا أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا فَالذَّاتُ نَحْوَ رَأَيْتُ زَيْدًا إِلَّا يَدَهُ وَالْعَدَدُ إِمَّا متناه نَحْو قَوْله عِنْدِي عَشَرَةٌ إِلَّا اثْنَيْنِ أَوْ غَيْرُ مُتَنَاهٍ نَحْوَ اقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ إِلَّا أَهْلَ الذِّمَّةِ وَمَحَلُّ الْمَدْلُول نَحْو أعتق رَقَبَة إِلَّا الْكفَّار وصل إِلَّا عِنْد الزَّوَال إِذا قُلْنَا بِأَن الْأَمْرَ لَيْسَ لِلتَّكْرَارِ فَإِنَّ الرَّقَبَةَ أَمْرٌ مُشْتَرَكٌ عَام تقبل أَن تعين فِي مَحَالٍّ كَثِيرَةٍ مِنَ الْأَشْخَاصِ فَإِنَّ كُلَّ شَخْصٍ هُوَ مَحَلٌّ لِأَعَمِّهِ وَكَذَلِكَ الْفِعْلُ حَقِيقَةٌ كُلية تقبل أَن تقع فِي أَي زمَان كَانَ فالأزمنة محَال الْأَفْعَال والأشخاص محَال الْحَقَائِق وَالْأَمر الْعَام نَحْو قَوْله سُبْحَانَهُ {لتأتنني بِهِ إِلَّا أَن يحاط بكم} أَيْ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ فِي كُلِّ حَالَةٍ مِنَ الْحَالَاتِ إِلَّا فِي حَالَةِ الْإِحَاطَةِ بِكُمْ فَالْحَالَةُ أَمْرٌ عَامٌّ لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهَا اللَّفْظُ وَكَذَلِكَ مَحَالُّ الْمَدْلُولِ لَيْسَتْ مَدْلُولَةَ اللَّفْظِ فَإِنْ فُرِّعَتْ عَلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الْمُنْقَطِعَ مَجَازٌ فَقَدْ كَمُلَ الْحَدُّ فَإِنَّا إِنَّمَا نَحِدُّ الْحَقِيقَةَ وَإِنْ قُلْتَ هُوَ حَقِيقَةٌ رُدَّتْ بَعْدَ قَوْلِكَ أَوْ أَمْرٌ عَامٌّ أَوْ مَا يَعْرِضُ فِي نَفْسِ الْمُتَكَلِّمِ وَتَكُونُ أَوْ لِلتَّنْوِيعِ كَأَنَّكَ قُلْتَ أَيُّ شَيْءٍ وَقْعَ عَلَى وَجْهٍ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ فَهُوَ اسْتثِْنَاء الْفَصْلُ الثَّانِي فِي أَقْسَامِهِ وَهُوَ يَنْقَسِمُ إِلَى الْإِثْبَات وَالنَّفْي والمتصل

الفصل الثالث في أحكامه

والمنقطع وضبطهما مُشْكِلٌ فَيَنْبَغِي أَنْ تَتَأَمَّلَهُ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْفُضَلَاءِ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ الْمُنْقَطِعَ عِبَارَةٌ عَنِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلا الْمَوْتَةَ الأولى} مُنْقَطِعٌ عَلَى الْأَصَحِّ مَعَ أَنَّ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ بَعْدَ إِلَّا هُوَ بَعْضُ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ أَوَّلًا وَمن جنسه وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَة} مُنْقَطِعٌ مَعَ أَنَّ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ بَعْدَ إِلَّا هُوَ عَيْنُ الْأَمْوَالِ الَّتِي حُكِمَ عَلَيْهَا قَبْلَ إِلَّا بَلْ يَنْبَغِي أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ الْمُتَّصِلَ عِبَارَةٌ عَنْ أَنْ تَحْكُمَ عَلَى جِنْسِ مَا حكمت عَلَيْهِ أَولا بنقيض مَا حكمت عَلَيْهِ بِهِ أَولا فَمَتَى انحرم قَيْدٌ مِنْ هَذَيْنِ الْقَيْدَيْنِ كَانَ مُنْقَطِعًا فَيَكُونُ الْمُنْقَطِعُ هُوَ أَنْ تَحْكُمَ عَلَى غَيْرِ جِنْسِ مَا حَكَمْتَ عَلَيْهِ أَوَّلًا أَوْ بِغَيْرِ نَقِيضِ مَا حَكَمْتَ بِهِ أَوَّلًا وَعَلَى هَذَا يَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ فِي الْآيَتَيْنِ مُنْقَطِعًا لِلْحُكْمِ فِيهِمَا بِغَيْرِ النَّقِيضِ فَإِنَّ نَقِيضَ {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ} يذوقون فِيهَا الْمَوْت وَلَمْ يَحْكُمْ بِهِ بَلْ بِالذَّوْقِ فِي الدُّنْيَا وَنَقِيضُ لَا {تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} كُلُوهَا بِالْبَاطِلِ وَلَمْ يَحْكُمْ بِهِ وَعَلَى هَذَا الضَّابِطِ تَخْرُجُ جَمِيعُ أَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ولسان الْعَرَب الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي أَحْكَامِهِ اخْتَارَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدّين أَن الْمُنْقَطع مجَاز وَفِيه خلاف وَوَافَقَهُ القَاضِي عبد الْوَهَّاب وَذكر أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ لَهُ عِنْدِي مِائَةُ دِينَارٍ إِلَّا ثَوْبًا مِنْ هَذَا الْبَابِ وَأَنَّهُ جَائِزٌ عَلَى الْمَجَازِ وَأَنَّهُ يَرْجِعُ إِلَى الْمَعْنَى بِطَرِيقِ الْقيمَة خلافًا لمن قَالَ إِنَّه مُقَدّر بلكن وَلِمَنْ قَالَ إِنَّهُ كَالْمُتَّصِلِ وَيَجِبُ اتِّصَالُ الِاسْتِثْنَاءِ بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ عَادَةً خِلَافًا لِابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ الله عَنهُ قَالَ الإِمَام فَخر الدّين إِنْ صَحَّ النَّقْلُ عَنْهُ يُحْمَلْ عَلَى مَا إِذَا نَوَى عِنْدَ التَّلَفُّظِ ثُمَّ أَظْهَرَهُ بَعْدَ ذَلِك وَاخْتَارَ

القَاضِي عبد الْوَهَّاب جَوَاز اسْتثِْنَاء الْأَكْثَر وَوَافَقَهُ الإِمَام فَخر الدّين وَاخْتَارَ القَاضِي أَبُو بكر أَنه يَجِبُ أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ وَقِيلَ قَدْ يَجُوزُ الْمُسَاوِي دُونَ الْأَكْثَرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلا مَنِ اتَّبَعَكَ} وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ أَكْثَرُ وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنَ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ اتِّفَاقًا وَمن النَّفْي إِثْبَات خلافًا لأبي حنيفَة رَحِمَهُ اللَّهُ وَمِنْ أَصْحَابِهِ الْمُتَأَخِّرِينَ مَنْ يَحْكِي التَّسْوِيَة بَينهمَا فِي عدم إِثْبَات نفيض الْمَحْكُومِ بِهِ بَعْدَ إِلَّا لَنَا أَنْهُ الْمُتَبَادِرُ عرفا فَيكون لُغَة لِأَن الْأَصْلَ عَدَمُ النَّقْلِ وَالتَّغْيِير وَاعْلَمْ أَنَّ الْكُلَّ اتَّفَقُوا عَلَى إِثْبَاتِ نَقِيضِ مَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ لِمَا بَعْدَهُ وَلَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فَنَحْنُ نُثْبِتُ نَقِيضَ الْمَحْكُومِ بِهِ وَالْحَنَفِيَّةُ يُثْبِتُونَ نَقِيضَ الْحُكْمِ فَيَصِيرُ مَا بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ غَيْرَ مَحْكُومٍ عَلَيْهِ بِنَفْيٍ وَلَا إِثْبَاتٍ وَإِذَا تَعَقَّبَ الِاسْتِثْنَاءَ الْجُمَلُ يُرْجَعُ إِلَى جُمْلَتهَا عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ رحمهمَا الله وَعند أصحابهما وَإِلَى الْأَخِيرَة عِنْد أبي حنيفَة وَمُشْتَرِكٌ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ عِنْدَ الشَّرِيفِ الْمُرْتَضَى وَمِنْهُمْ مَنْ فَصَّلَ فَقَالَ إِنْ تَنَوَّعَتِ الْجُمْلَتَانِ بِأَنْ تَكُونَ إِحْدَاهُمَا خَبَرًا وَالْأُخْرَى أَمْرًا عَادَ إِلَى الْأَخِيرَةِ فَقَطْ وَإِنْ لَمْ تَتَنَوَّعِ الْجُمْلَتَانِ وَلَا كَانَ حُكْمُ إِحْدَاهُمَا فِي الْأُخْرَى وَلَا أُضْمِرَ اسْمُ إِحْدَاهُمَا فِي الْأُخْرَى فَكَذَلِكَ أَيْضًا وَإِلَّا عَاد إِلَى الْكل وَاخْتَارَهُ الإِمَام فَخر الدّين وَتَوَقَّفَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ مِنَّا فِي الْجَمِيعِ وَإِذَا عُطِفَ اسْتِثْنَاءٌ عَلَى اسْتِثْنَاءٍ فَإِنْ كَانَ الثَّانِي بِحَرْفِ عَطْفٍ أَوْ هُوَ أَكْثَرُ مِنَ الِاسْتِثْنَاء الأول أَو مُسَاوِيا لَهُ عَاد إِلَى أصل الْكَلَام الاستحالة الْعَطْفِ فِي الِاسْتِثْنَاءِ وَإِخْرَاجِ الْأَكْثَرِ أَوِ الْمُسَاوِي وَإِلَّا عَاد إِلَى الِاسْتِثْنَاءِ الْأَوَّلِ تَرْجِيحًا لِلْقُرْبِ وَنَفْيًا لِلَغْوِ الْكَلَامِ

(فائدتان)

(فَائِدَتَانِ) الْأُولَى قَدْ يَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ عِبَارَةً عَمَّا لَوْلَاهُ لَعُلِمَ دُخُولُهُ أَوْ مَا لَوْلَاهُ لَظُنَّ دُخُولُهُ أَوْ مَا لَوْلَاهُ لَجَازَ دُخُولُهُ أَوْ مَا لَوْلَاهُ لَقُطِعَ بِعَدَمِ دُخُولِهِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ فَالْأَوَّلُ الِاسْتِثْنَاءُ مِنَ النُّصُوصِ نَحْوَ لَهُ عِنْدِي عَشَرَةٌ إِلَّا اثْنَيْنِ وَالثَّانِي الِاسْتِثْنَاءُ مِنَ الظَّوَاهِرِ نَحْوَ اقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ إِلَّا زَيْدًا وَالثَّالِثُ الِاسْتِثْنَاءُ مِنَ الْمَحَالِّ وَالْأَزْمَانِ وَالْأَحْوَالِ نَحْوَ أَكْرِمْ رجلا إِلَّا زيدا أَو مروا وصل إِلَّا عِنْد الزول {لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ} وَالرَّابِعُ الِاسْتِثْنَاءُ الْمُنْقَطِعُ نَحْوَ رَأَيْتُ الْقَوْمَ إِلَّا حِمَارًا الثَّانِيَةُ أَنَّ إِطْلَاقَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنَ النَّفْيِ إِثْبَاتٌ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُخَصَّصًا فَإِنَّ الِاسْتِثْنَاء يرد على الْإِثْبَات وَالشُّرُوطِ وَالْمَوَانِعِ وَالْأَحْكَامِ وَالْأُمُورِ الْعَامَّةِ الَّتِي لَمْ يُنْطَقْ بِهَا فَالْأَوَّلُ نَحْوَ لَا عُقُوبَةَ إِلَّا بِجِنَايَةٍ وَالثَّانِي نَحْوَ لَا صَلَاةَ إِلَّا بِطَهَارَةٍ وَالثَّالِث نَحْو لَا تسْقط الصَّلَاة عَن امْرَأَة إِلَّا بِالْحَيْضِ وَالرَّابِعُ نَحْوَ قَامَ الْقَوْمُ إِلَّا زَيْدًا وَالْخَامِسُ نَحْوَ قَوْله تَعَالَى {لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلا أَنْ يُحَاطَ بكم} وَلَمَّا كَانَتِ الشُّرُوطُ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهَا الْوُجُودُ وَلَا الْعَدَمُ لَمْ يَلْزَمْ مِنَ الْحُكْمِ بِالنَّفْي قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ لِعَدَمِ الشَّرْطِ الْحُكْمُ بِالْوُجُودِ بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ لِأَجْلِ وُجُودِهِ فَيَكُونُ مُطَّرِدًا فِيمَا عدا الشَّرْط

(الباب التاسع في الشرط)

(الْبَابُ التَّاسِعُ فِي الشَّرْطِ) وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي أَدَوَاتِهِ وَهِيَ إِنْ وَإِذَا وَلَوْ وَمَا تَضَمَّنَ مَعْنَى إِنْ فَإِنْ تَخْتَصُّ بِالْمَشْكُوكِ فِيهِ وَإِذَا تَدْخُلُ عَلَى الْمَعْلُومِ وَالْمَشْكُوكِ وَلَوْ تَدْخُلُ عَلَى الْمَاضِي بِخِلَافِهِمَا الْفَصْلُ الثَّانِي فِي حَقِيقَتِهِ وَهُوَ الَّذِي يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ تَأْثِيرُ الْمُؤَثِّرِ وَيَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودٌ وَلَا عَدَمٌ ثُمَّ هُوَ قَدْ لَا يُوجَدُ إِلَّا مُتَدَرِّجًا كَدَوَرَانِ الْحَوْلِ وَقَدْ يُوجَدُ دُفْعَةً كَالنِّيَّةِ وَقَدْ يَقْبَلُ الْأَمْرَيْنِ كَالسُّتْرَةِ فَيُعْتَبَرُ مِنَ الْأَوَّلِ آخِرُ جُزْءٍ مِنْهُ وَمِنَ الثَّانِي جُمْلَتُهُ وَكَذَلِكَ الثَّالِثِ لِإِمْكَانِ تَحَقُّقِهِ فَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ عَدَمَهُ اعْتُبِرَ أَوَّلُ أَزْمِنَةِ عَدَمِهِ فِي الثَّلَاثَةِ الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي حُكْمِهِ إِذَا رُتِّبَ مَشْرُوطٌ عَلَى شَرْطَيْنِ لَا يَحْصُلُ إِلَّا عِنْدَ حُصُولِهِمَا إِنْ كَانَا عَلَى الْجَمْعِ وَإِنْ كَانَا عَلَى الْبَدَلِ حَصَلَ عِنْدَ أَحَدِهِمَا وَإِلَى الْمُعَلق تَعْيِينه لِأَن الْحَاصِل أَن الشَّرْط هُوَ الْمُشْتَرك بَيْنَهُمَا وَإِذَا دَخَلَ الشَّرْطُ عَلَى جُمَلٍ رُجِعَ إِلَيْهَا عِنْدَ إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَالْحَنَابِلَةِ وَإِلَى مَا يَلِيهِ عِنْدَ بَعْضِ الْأُدَبَاءِ وَاخْتَارَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ التَّوَقُّفَ وَاتَّفَقُوا عَلَى وُجُوبِ اتِّصَالِ الشَّرْطِ بِالْكَلَامِ وَعَلَى حُسْنِ التَّقْيِيدِ بِهِ وَإِنْ كَانَ الْخَارِجُ بِهِ أَكْثَرَ مِنَ الْبَاقِي وَيَجُوزُ تَقْدِيمُهُ فِي اللَّفْظِ وَتَأْخِيرُهُ وَاخْتَارَ الْإِمَامُ تَقْدِيمَهُ خِلَافًا للقراء جَمْعًا بَيْنَ التَّقَدُّمِ الطَّبْعِيِّ وَالْوَضْعِيِّ

(الباب العاشر في المطلق والمقيد)

(الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي الْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ) التَّقْيِيدُ وَالْإِطْلَاقُ أَمْرَانِ اعْتِبَارِيَّانِ فَقَدْ يَكُونُ الْمُقَيَّدُ مُطْلَقًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى قيد آخر كالرقبة الْمَمْلُوكَة هِيَ مُقَيَّدَةٌ بِالْمِلْكِ وَهِيَ مُطْلَقَةٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْإِيمَانِ وَقَدْ يَكُونُ الْمُطْلَقُ مُقَيَّدًا كَالرَّقَبَةِ مُطْلَقَةً وَهِيَ مُقَيَّدَةٌ بِالرِّقِّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ حَقِيقَةٍ إِنِ اعْتُبِرَتْ مِنْ حَيْثُ هِيَ هِيَ فَهِيَ مُطْلَقَةٌ وَإِنِ اعْتُبِرَتْ مُضَافَةً إِلَى غَيْرِهَا فَهِيَ مُقَيَّدَةٌ وَوُقُوعُهُ فِي الشَّرْعِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ مُتَّفِقُ الْحُكْمِ وَالسَّبَبِ كَإِطْلَاقِ الْغَنَمِ فِي حَدِيثٍ وَتَقْيِيدِهَا فِي حَدِيثٍ آخَرَ بِالسَّوْمِ وَمُخْتَلِفُ الْحُكْمِ وَالسَّبَبِ كَتَقْيِيدِ الشَّهَادَةِ بِالْعَدَالَةِ وَإِطْلَاقِ الرَّقَبَةِ فِي الظِّهَارِ وَمُتَّحِدُ الْحُكْمِ مُخْتَلِفُ السَّبَبِ كَالْعِتْقِ مُقَيَّدٌ فِي الْقَتْلِ مُطْلَقٌ فِي الظِّهَارِ وَمُخْتَلِفُ الْحُكْمِ مُتَّحِدُ السَّبَبِ كَتَقْيِيدِ الْوُضُوءِ بِالْمَرَافِقِ وَإِطْلَاقِ التَّيَمُّمِ وَالسَّبَبُ وَاحِدٌ وَهُوَ الْحَدَثُ فَالْأَوَّلُ لَا يُحْمَلُ فِيهِ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ عَلَى الْخِلَافِ فِي دَلَالَةِ الْمَفْهُومِ وَهُوَ حُجَّةٌ عِنْدَ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَالثَّانِي لَا يُحْمَلُ فِيهِ إِجْمَاعًا

وَالثَّالِثُ لَا يُحْمَلُ فِيهِ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ عِنْد أَكثر أَصْحَابنَا وَعند الْحَنَفِيَّةِ خِلَافًا لِأَكْثَرِ الشَّافِعِيَّةِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي اخْتِلَافِ الْأَسْبَابِ اخْتِلَافُ الْأَحْكَامِ فَيَقْتَضِي أَحَدُهُمَا التَّقْيِيدَ وَالْآخَرُ الْإِطْلَاقَ وَالرَّابِعُ فِيهِ خِلَافٌ فَإِنْ قُيِّدَ بِقَيْدَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فِي مَوْضِعَيْنِ حُمِلَ عَلَى الْأَقْيَسِ مِنْهُمَا عِنْدَ الْإِمَامِ فَخْرِ الدِّينِ وَيَبْقَى عَلَى إِطْلَاقِهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَمُتَقَدِّمِي الشَّافِعِيَّةِ

(الباب الحادي عشر في دليل الخطاب)

(الْبَاب الْحَادِي عشر فِي دَلِيل الْخطاب) وَهُوَ مَفْهُومُ الْمُخَالَفَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ حَقِيقَتُهُ وَأَنْوَاعُهُ الْعَشَرَةُ وَهُوَ حُجَّةٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَجَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابه وَأَصْحَاب الشَّافِعِي وَخَالَفَ فِي مَفْهُومِ الشَّرْطِ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ من أَصْحَابنَا وَأَكْثَرُ الْمُعْتَزِلَةِ وَلَيْسَ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الْمَشْرُوطَ لَا يَجِبُ انْتِفَاؤُهُ عِنْدَ انْتِفَاءِ الشَّرْطِ فَإِنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّ هَذَا الِانْتِفَاءَ لَيْسَ مَدْلُولًا لِلَّفْظِ وَخَالَفَ فِي مَفْهُومِ الصِّفَةِ أَبُو حنيفَة وَابْنُ سُرَيْجٍ وَالْقَاضِي وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَجُمْهُورُ الْمُعْتَزِلَةِ ووافقنا الشَّافِعِي وَالْأَشْعَرِيُّ وَحَكَى الْإِمَامُ أَنَّ مَفْهُومَ اللَّقَبِ لَمْ يَقُلْ بِهِ إِلَّا الدَّقَّاقُ لَنَا أَنَّ التَّخْصِيصَ لَوْ لَمْ يَقْتَضِ سَلْبَ الْحُكْمِ عَنِ الْمَسْكُوتِ عَنهُ للَزِمَ التَّرْجِيح مِنْ غَيْرِ مُرَجِّحٍ وَهُوَ مُحَالٌ فَرْعَانِ الْأَوَّلُ أَنَّ الْمَفْهُومَ مَتَى خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَلَيْسَ بِحُجَّةٍ إِجْمَاعًا نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلَادكُم خشيَة إملاق} وَلِذَلِكَ يُرَدُّ عَلَى الشَّافِعِيَّةِ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ الزَّكَاةُ أَنَّهُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَإِنَّ غَالِبَ أَغْنَامِ الْحِجَازِ وَغَيْرِهَا السَّوْمُ الثَّانِي أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالصِّفَةِ فِي جِنْسٍ هَلْ يَقْتَضِي نَفْيَ ذَلِكَ الْحُكْمِ عَنْ سَائِرِ الْأَجْنَاسِ فَيَقْتَضِي الْحَدِيثُ مَثَلًا نَفْيَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ عَنْ سَائِرِ الْأَنْعَامِ وَغَيْرِهَا أَوْ لَا يَقْتَضِي نَفْيَهُ إِلَّا عَنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ خَاصَّةً وَهُوَ اخْتِيَارُ الْإِمَامِ فَخْرِ الدِّينِ (الْبَاب الثَّانِي عشر فِي الْمُجْمَلِ وَالْمُبَيَّنِ وَفِيهِ سِتَّةُ فُصُولٍ) الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي مَعْنَى أَلْفَاظِهِ فَالْمُبَيَّنُ هُوَ اللَّفْظُ الدَّالُّ بِالْوَضْعِ عَلَى مَعْنًى إِمَّا بِالْأَصَالَةِ وَإِمَّا بَعْدَ الْبَيَانِ وَالْمُجْمَلُ هُوَ الدَّائِرُ بَيْنَ احْتِمَالَيْنِ فَصَاعِدًا إِمَّا بِسَبَبِ الْوَضْعِ وَهُوَ الْمُشْتَرَكُ أَوْ مِنْ جِهَةِ الْعَقْلِ كَالْمُتَوَاطِئِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى جُزْئِيَّاتِهِ فَكُلُّ مُشْتَرَكٍ مُجْمَلٌ وَلَيْسَ كُلُّ مُجْمَلٍ مُشْتَرَكًا وَقَدْ يَكُونُ اللَّفْظُ مُبَيَّنًا مِنْ وَجْهٍ مُجْمَلًا مِنْ وَجْهٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَاده} فَإِنَّهُ مُبَيَّنٌ فِي الْحَقِّ مُجْمَلٌ فِي مِقْدَارِهِ وَالْمُؤَوَّلُ هُوَ الِاحْتِمَالُ الْخَفِيُّ مَعَ الظَّاهِرِ مَأْخُوذٌ مِنَ الْمَآلِ إِمَّا لِأَنَّهُ يَؤُولُ إِلَى الظُّهُورِ بِسَبَبِ الدَّلِيلِ الْعَاضِدِ أَوْ لِأَنَّ الْعَقْلَ يؤُولُ إِلَى فَهْمِهِ بَعْدَ فَهْمِ الظَّاهِرِ وَهَذَا وَصْفٌ لَهُ بِمَا هُوَ مَوْصُوفٌ بِهِ فِي الْوَقْتِ الْحَاضِرِ فَيَكُونُ حَقِيقَةً وَفِي الْأَوَّلِ بِاعْتِبَارِ مَا يَصِيرُ إِلَيْهِ وَقَدْ لَا يَقَعُ فَيَكُونُ مَجَازًا مُطْلَقًا الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَا لَيْسَ مُجْمَلًا إِضَافَةُ التَّحْرِيمِ وَالتَّحْلِيلِ إِلَى الْأَعْيَانِ لَيْسَ مُجْمَلًا فَيُحْمَلُ عَلَى مَا يَدُلُّ الْعُرْفُ عَلَيْهِ فِي كُلِّ عَيْنٍ خِلَافًا لِلْكَرْخِيِّ فَيُحْمَلُ فِي الْمَيْتَةِ عَلَى الْأَكْلِ وَفِي الْأُمَّهَاتِ عَلَى وُجُوهِ الِاسْتِمْتَاعِ وَإِذَا دَخَلَ النَّفْيُ عَلَى الْفِعْلِ كَانَ مُجْمَلًا عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيِّ نَحْوَ

الفصل الثالث في أقسامه

قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا صَلَاةَ إِلَّا بِطَهُورٍ وَلَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ لِدَوَرَانِ النَّفْيِ بَيْنَ الْكَمَالِ وَالصِّحَّةِ وَقِيلَ إِنْ كَانَ الْمُسَمَّى شَرْعِيًّا انْتَفَى وَلَا إِجْمَالَ وَقَوْلُنَا هَذِهِ صَلَاةٌ فَاسِدَةٌ مَحْمُولٌ عَلَى اللُّغَوِيِّ وَإِنْ كَانَ حَقِيقِيًّا نَحْوَ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ وَلَهُ حُكْمٌ وَاحِدٌ انْتَفَى وَلَا إِجْمَالَ وَإِلَّا تَحَقَّقَ الْإِجْمَالُ وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي أَقْسَامِهِ الْمُبَيَّنُ إِمَّا بِنَفْسِهِ كَالنُّصُوصِ وَالظَّوَاهِرِ وَإِمَّا بِالتَّعْلِيلِ كَفَحْوَى الْخِطَابِ أَوْ بِاللُّزُومِ كَالدَّلَالَةِ عَلَى الشُّرُوطِ وَالْأَسْبَابِ وَالْبَيَانُ إِمَّا بِالْقَوْلِ أَوْ بِالْفِعْلِ كَالْكِتَابَةِ وَالْإِشَارَةِ أَوْ بِالدَّلِيلِ الْعَقْلِيِّ أَوْ بِالتَّرْكِ فَيُعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ وَاجِبًا أَوْ بِالسُّكُوتِ بَعْدَ السُّؤَالِ فَيُعْلَمُ عَدَمُ الْحُكْمِ لِلشَّرْعِ فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي حكمه وَيجوز وُرُود الْجمل فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِلَافًا لِقَوْمٍ لَنَا أَنَّ آيَةَ الْجُمُعَةِ وَآيَةَ الزَّكَاةِ مُجْمَلَتَانِ وَهُمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَيَجُوزُ الْبَيَانُ بِالْفِعْلِ خِلَافًا لقوم

الفصل الخامس في وقته

وَإِذَا تَطَابَقَ الْقَوْلُ وَالْفِعْلُ فَالْبَيَانُ الْقَوْلُ وَالْفِعْلُ مُؤَكِّدٌ لَهُ وَإِنْ تَنَافَيَا نَحْوَ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ قَرَنَ الْحَجَّ إِلَى الْعُمْرَةِ فَلْيَطُفْ لَهما طَوافا وَاحِدًا وَطَاف عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لَهُمَا طَوَافَيْنِ فَالْقَوْلُ مُقَدَّمٌ لِكَوْنِهِ يَدُلُّ بِنَفْسِهِ وَيَجُوزُ بَيَانُ الْمَعْلُومِ بِالْمَظْنُونِ خِلَافًا لَلْكَرْخِيِّ الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي وَقْتِهِ مَنْ جَوَّزَ تَكْلِيفَ مَا لَا يُطَاقُ جَوَّزَ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ وَتَأْخِيرُهُ عَنْ وَقْتِ الْخِطَابِ إِلَى وَقْتِ الْحَاجَةِ جَائِزٌ عِنْدَنَا سَوَاءٌ كَانَ لِلْخِطَابِ ظَاهِرٌ أُرِيدَ خِلَافُهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ خِلَافًا لِجُمْهُورِ الْمُعْتَزِلَةِ إِلَّا فِي النَّسْخِ وَمَنَعَ أَبُو الْحُسَيْنِ مِنْهُ فِيمَا لَهُ ظَاهِرٌ أُرِيدَ خِلَافُهُ وَأَوْجَبَ تَقْدِيمَ الْبَيَانِ الْإِجْمَالِيِّ دُونَ التَّفْصِيلِيِّ بِأَنْ يَقُولَ هَذَا الظَّاهِرُ لَيْسَ مُرَادًا وَيَجُوزُ لَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام تَأْخِيرُ مَا يُوحَى إِلَيْهِ إِلَى وَقْتِ الْحَاجَةِ لَنَا قَوْله تَعَالَى {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثمَّ إِن علينا بَيَانه} وَكلمَة ثمَّ للتراخي فَيجوز التَّأْخِير وَهُوَ الْمَطْلُوب الْفَصْل السَّادِس فِي الْمُبين لَهُ يجب الْبَيَان لمن أُرِيد إفهامه فَقَط دون غَيره ثُمَّ الْمَطْلُوبُ قَدْ يَكُونُ عِلْمًا فَقَطْ كَالْعُلَمَاءِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْحَيْضِ أَوْ عَمَلًا فَقَطْ كَالنِّسَاءِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى أَحْكَامِ الْحَيْضِ وَفِقْهِهِ أَوِ الْعِلْمَ وَالْعَمَلَ كَالْعُلَمَاءِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى أَحْوَالِهِمْ أَوْ لَا عِلْمَ وَلَا عَمَلَ كَالْعُلَمَاءِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْكُتُبِ السَّالِفَةِ وَيَجُوزُ إِسْمَاعُ الْمَخْصُوصِ بِالْعَقْلِ مِنْ غَيْرِ التَّنْبِيهِ عَلَيْهِ وِفَاقًا وَالْمَخْصُوصِ بِالسَّمْعِ بِدُونِ بَيَانِ مُخَصِّصِهِ عِنْد النظام وَأبي هَاشم وَاخْتَارَهُ الإِمَام خِلَافًا لِلْجُبَّائِيِّ وَأَبِي الْهُذَيْلِ

(الباب الثالث عشر في فعله عليه السلام)

(الْبَاب الثَّالِث عشر فِي فعله عَلَيْهِ السَّلَام) وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي دَلَالَةِ فِعْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنْ كَانَ بَيَانًا لِمُجْمَلٍ فَحُكْمُهُ حُكْمُ ذَلِكَ الْمُجْمَلِ فِي الْوُجُوبِ أَوِ النَّدْبِ أَوِ الْإِبَاحَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيَانًا وَفِيهِ قُرْبَةٌ فَهُوَ عِنْدَ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَابْنِ الْقَصَّارِ وَالْأَبْهَرِيِّ وَالْبَاجِيِّ وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ لِلْوُجُوبِ وَعند الشَّافِعِي لِلنَّدْبِ وَعِنْدَ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ وَالْإِمَامِ فَخْرِ الدِّينِ وَأَكْثَرِ الْمُعْتَزِلَةِ عَلَى الْوَقْفِ وَمَا لَا قُرْبَةَ فِيهِ كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَاللِّبَاسِ فَهُوَ عِنْدَ الْبَاجِيِّ لِلْإِبَاحَةِ وَعِنْدَ بَعْضِ أَصْحَابِنَا لِلنَّدْبِ وَأَمَّا إِقْرَارُهُ عَلَى الْفِعْلِ فَيَدُلُّ عَلَى جَوَازِهِ الْفَصْلُ الثَّانِي فِي اتِّبَاعِهِ قَالَ جَمَاهِيرُ الْفُقَهَاءِ وَالْمُعْتَزِلَةِ يَجِبُ اتِّبَاعُهُ فِي فِعْلِهِ إِذَا عُلِمَ وَجْهُهُ وَجَبَ اتِّبَاعُهُ فِي ذَلِكَ الْوَجْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهوا} وَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ فِي الْوُجُوبِ وَقَالَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ خَلَّادٍ بِهِ فِي الْعِبَادَاتِ فَقَطْ

وَإِذَا وَجَبَ التَّأَسِّي بِهِ وَجَبَ مَعْرِفَةُ وَجْهِ فِعْلِهِ مِنَ الْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ وَالْإِبَاحَةِ إِمَّا بِالنَّصِّ أَوْ بِالتَّخْيِيرِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ مِمَّا عُلِمَ فِيهِ وَجْهُ ثُبُوتِهِ فَيُسَوَّى بِهِ أَوْ بِمَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ قِسْمَيْنِ فَيَتَعَيَّنُ الثَّالِثُ أَوْ بِالِاسْتِصْحَابِ فِي عَدَمِ الْوُجُوبِ أَوْ بِالْقُرْبَةِ عَلَى نَفْيِ الْإِبَاحَةِ فَيَتَعَيَّنُ النَّدْبُ وَبِالْقَضَاءِ عَلَى الْوُجُوبِ وَبِالْإِدَامَةِ مَعَ التَّرْكِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ عَلَى النَّدْبِ وَبِعَلَامَةِ الْوُجُوبِ عَلَيْهِ كَالْأَذَانِ وَبِكَوْنِهِ جُزْءًا لِسَبَبِ الْوُجُوبِ كَالنَّذْرِ تَفْرِيعٌ إِذَا وَجَبَ الِاتِّبَاعُ وَعَارَضَ فِعْلُهُ قَوْلَهُ فَإِنْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ وَتَأَخَّرَ الْفِعْلُ نَسَخَ الْفِعْلُ الْقَوْلَ كَانَ الْقَوْلُ خَاصًّا بِهِ أَوْ بِأُمَّتِهِ أَوْ عَمِّهِمَا وَإِنْ تَأَخَّرَ الْقَوْلُ وَهُوَ عَامٌّ لَهُ وَلِأُمَّتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أُسْقِطَ حُكْمُ الْفِعْلِ عَنِ الْكُلِّ وَإِنِ اخْتُصَّ بِأَحَدِهِمَا خَصَّصَهُ عَنْ عُمُومِ حُكْمِ الْفِعْلِ وَإِنْ تَعَقَّبَ الْفِعْلُ الْقَوْلَ مِنْ غَيْرِ تَرَاخٍ وَعَمَّ القَوْل لَهُ الأمته عَلَيْهِ السَّلَامُ خَصَّصَهُ عَنْ عُمُومِ الْقَوْلِ وَإِنِ اخْتَصَّ بِالْأُمَّةِ تَرَجَّحَ الْقَوْلُ عَلَى الْفِعْلِ وَإِنِ اخْتَصَّ بِهِ جَازَ أَنْ يَكُونَ نَسْخُ الشَّيْءِ قَبْلَ وَقْتِهِ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا صُحِّحَ الْقَوْلُ لِاسْتِغْنَائِهِ بِدَلَالَتِهِ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ فَإِنْ عَارَضَ الْفِعْلُ الْفِعْلَ بِأَنْ يُقِرَّ شَخْصًا عَلَى فِعْلٍ فَعَلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ضِدَّهُ فَيُعْلَمُ خُرُوجُهُ عَنْهُ أَوْ يَفْعَلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ضِدَّهُ فِي وَقْتٍ يُعْلَمُ لُزُومُ مِثْلِهِ لَهُ فِيهِ فَيَكُونُ نَسْخًا لِلْأَوَّلِ

الفصل الثالث في تأسيه عليه السلام

الْفَصْل الثَّالِث فِي تأسيه عَلَيْهِ السَّلَام مَذْهَبُ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَصْحَابِهِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُتَعَبِّدًا بِشَرْعِ مَنْ قَبْلَهُ قَبْلَ نُبُوَّتِهِ وَقِيلَ كَانَ مُتَعَبِّدًا لَنَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَافْتَخَرَتْ بِهِ أَهْلُ تِلْكَ الْمِلَّةِ وَلَيْسَ فَلَيْسَ وَأَمَّا بَعْدَ نُبُوَّتِهِ فَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَجُمْهُورِ أَصْحَابه وَأَصْحَاب الشَّافِعِي وَأبي حنيفَة أَنَّهُ كَانَ مُتَعَبِّدًا بِشَرْعِ مَنْ قَبْلَهُ وَكَذَلِكَ أُمَّتُهُ إِلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ وَمَنَعَ مِنْهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا لَنَا قَوْله تَعَالَى {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقتده} وَهُوَ عَامٌّ لِأَنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ أُضِيفَ

(الباب الرابع عشر في النسخ وفيه خمسة فصول)

(الْبَابُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي النَّسْخِ وَفِيهِ خَمْسَةُ فُصُولٍ) الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي حَقِيقَتِهِ قَالَ الْقَاضِي مِنَّا وَالْغَزَّالِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ هُوَ خِطَابٌ دَلَّ عَلَى ارْتِفَاعِ حُكْمٍ ثَابِتٍ بِخِطَابٍ مُتَقَدِّمٍ عَلَى وَجْهٍ لَوْلَاهُ لَكَانَ ثَابِتًا مَعَ تَرَاخِيهِ عَنْهُ وَقَالَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ النَّاسِخُ طَرِيقٌ شَرْعِيٌّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مِثْلَ الْحُكْمِ الثَّابِتِ بِطَرِيقٍ لَا يُوجَدُ بَعْدَهُ مُتَرَاخِيًا عَنْهُ بِحَيْثُ لَوْلَاهُ لَكَانَ ثَابتا وَرَأى أَن الطَّرِيق أَعم من الْخطاب ليشْمل سَائل المدارك لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَسَخَ وُقُوفَ الْوَاحِدِ لِلْعَشَرَةِ فِي الْجِهَادِ بِثُبُوتِهِ لِلِاثْنَيْنِ وَهُمَا فِي الْقُرْآنِ وَقَوله مثل الحكم لِأَنَّ الثَّابِتَ قَبْلَ النَّسْخِ غَيْرُ الْمَعْدُومِ بَعْدَهُ وَقَوْلُهُ مُتَرَاخِيًا لِئَلَّا يَتَهَافَتَ الْخِطَابُ وَقَوله لَكَانَ ثَابتا احْتِرَازًا من المغيات نَحْوَ الْخِطَابِ بِالْإِفْطَارِ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَإِنَّهُ لَيْسَ نَاسِخًا لِوُجُوبِ الصَّوْمِ وَقَالَ الْقَاضِي مِنَّا وَالْغَزَّالِيُّ الْحُكْمُ الْمُتَأَخِّرُ يُزِيلُ الْمُتَقَدِّمَ وَقَالَ الْإِمَامُ وَالْأُسْتَاذُ وَجَمَاعَةٌ هُوَ بَيَانُ انْتِهَاءِ مُدَّةِ الْحُكْمِ وَهُوَ الْحَقُّ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ دَائِمًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَعَلِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى دَائِمًا فَكَانَ يَسْتَحِيلُ نَسْخُهُ لِاسْتِحَالَةِ انْقِلَابِ الْعِلْمِ وَكَذَلِكَ الْكَلَامُ الْقَدِيمُ الَّذِي هُوَ خَبَرٌ عَنْهُ

الفصل الثاني في حكمه

الْفَصْلُ الثَّانِي فِي حُكْمِهِ وَهُوَ وَاقِعٌ وَأَنْكَرَهُ بَعْضُ الْيَهُودِ عَقْلًا وَبَعْضُهُمْ سَمْعًا وَبَعْضُ الْمُسْلِمِينَ مُؤَوِّلًا لِمَا وَقَعَ مِنْ ذَلِكَ بِالتَّخْصِيصِ لَنَا مَا اتَّفَقَتْ عَلَيْهِ الْأُمَمُ مِنْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى شَرَعَ لِآدَمَ تَزْوِيجَ الْأَخِ بِأُخْتِهِ غَيْرَ توءمته وَقَدْ نُسِخَ ذَلِكَ وَيَجُوزُ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الْكَافَّةِ نسخ الْقُرْآن خلافًا لأبي مسلمة الْأَصْفَهَانِيِّ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَسَخَ وُقُوفَ الْوَاحِدِ لِلْعَشَرَةِ فِي الْجِهَادِ بِثُبُوتِهِ لِلِاثْنَيْنِ وَهُمَا فِي الْقُرْآنِ وَيَجُوزُ نَسْخُ الشَّيْءِ قَبْلَ وُقُوعِهِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِأَكْثَرِ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ كَنَسْخِ ذَبْحِ إِسْحَاقَ قَبْلَ وُقُوعِهِ وَيَجُوزُ نَسْخُ الْحُكْمِ لَا إِلَى بَدَلٍ خِلَافًا لِقَوْمٍ كَنَسْخِ الصَّدَقَةِ فِي قَوْله تَعَالَى {فقدموا بَين يَدي نَجوَاكُمْ صَدَقَة} لِغَيْرِ بَدَلٍ وَنَسْخُ الْحُكْمِ إِلَى الْأَثْقَلِ خِلَافًا لِبَعْضِ أَهْلِ الظَّاهِرِ كَنَسْخِ عَاشُورَاءَ بِرَمَضَانَ وَنَسْخُ التِّلَاوَة دون الحكم وَبِالْعَكْسِ كَنَسْخِ الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إِذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا ألْبَتَّةَ نَكَالًا مِنَ اللَّهِ مَعَ بَقَاءِ الرَّجْمِ وَالْحُكْمُ دون تِلَاوَة كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْجِهَادِ وَهُمَا مَعًا لِاسْتِلْزَامِ إِمْكَانِ الْمُفْرَدَاتِ إِمْكَانَ الْمُرَكَّبِ

الفصل الثالث في الناسخ والمنسوخ

وَنَسْخُ الْخَبَرِ إِذَا كَانَ مُتَضَمِّنًا لِحُكْمٍ عِنْدَنَا خِلَافًا لِمَنْ جَوَّزَ مُطْلَقًا أَوْ مَنَعَ مُطْلَقًا وَهُوَ أَبُو عَلِيٍّ وَأَبُو هَاشِمٍ وَأَكْثَرُ الْمُتَقَدِّمِينَ لَنَا أَنَّ نَسْخَ الْخَبَرِ يُوجِبُ عَدَمَ الْمُطَابَقَةِ وَهُوَ مُحَالٌ فَإِذَا تَضَمَّنَ الْحُكْمَ جَازَ نَسْخُهُ لِأَنَّهُ مُسْتَعَارٌ لَهُ وَنَسْخُ الْحُكْمِ جَائِزٌ كَمَا لَوْ عَبَّرْنَا عَنْهُ بِالْأَمْرِ وَيَجُوزُ نَسْخُ مَا قَالَ فِيهِ افْعَلُوا أَبَدًا خِلَافًا لِقَوْمٍ لِأَنَّ صِيغَةَ أَبَدًا بِمَنْزِلَةِ الْعُمُومِ فِي الْأَزْمَانِ وَالْعُمُومُ قَابِلٌ لِلتَّخْصِيصِ وَالنَّسْخِ الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي النَّاسِخِ والمنسوخ يَجُوزُ عِنْدَنَا نَسْخُ الْكِتَابِ بِالْكِتَابِ وَعِنْدَ الْأَكْثَرِينَ وَالسُّنَّةُ الْمُتَوَاتِرَةُ بِمِثْلِهَا وَالْآحَادُ بِمِثْلِهَا وَبِالْكِتَابِ وَبِالسُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ إِجْمَاعًا وَأَمَّا جَوَازُ نَسْخِ الْكِتَابِ بِالْآحَادِ فَجَائِزٌ عَقْلًا غَيْرُ وَاقِعٍ سَمْعًا خِلَافًا لِبَعْضِ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَالْبَاجِيِّ مِنَّا مُسْتَدِلًّا بِتَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ عَن بَيت الْمُقَدّس إِلَى الْكَعْبَة لَنَا أَنَّ الْكِتَابَ مُتَوَاتِرٌ قَطْعِيٌّ فَلَا يُرْفَعُ بِالْآحَادِ الْمَظْنُونَةِ لِتَقَدُّمِ الْعِلْمِ عَلَى الظَّنِّ وَيَجُوزُ نسخ السّنة بِالْكتاب عندنَا خلافًا للشَّافِعِيّ وَبَعْضِ أَصْحَابِهِ لَنَا نَسْخُ الْقِبْلَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وحيثما كُنْتُم فَوَلوا وُجُوهكُم شطره} وَلَمْ يَكُنِ التَّوَجُّهُ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ ثَابِتًا بِالْكِتَابِ عَمَلًا بِالِاسْتِقْرَاءِ وَيَجُوزُ نَسْخُ الْكِتَابِ بِالسُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ لِمُسَاوَاتِهَا لَهُ فِي الطَّرِيقِ الْعِلْمِيِّ عِنْدَ أَكثر الْأَصْحَاب

الفصل الرابع فيما يتوهم أنه ناسخ

وَوَاقِعٌ كَنَسْخِ الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ وَنَسْخِ الْحَبْسِ فِي الْبُيُوتِ بِالرَّجمِ وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمْ يَقَعْ لِأَنَّ آيَةَ الْحَبْسِ فِي الْبُيُوتِ نُسِخَتْ بِالْجَلْدِ وَالْإِجْمَاعُ لَا يُنْسَخُ وَلَا يُنْسَخُ بِهِ وَيَجُوزُ نَسْخُ الْفَحْوَى الَّذِي هُوَ مَفْهُومُ الْمُوَافَقَةِ تَبَعًا لِلْأَصْلِ وَمَنَعَ أَبُو الْحُسَيْنِ مِنْ نَسْخِهِ مَعَ بَقَاءِ الْأَصْلِ دَفْعًا لِلتَّنَاقُضِ بَيْنَ تَحْرِيمِ التَّأْفِيفِ مَثَلًا وَحِلِّ الضَّرْبِ وَيَجُوزُ النَّسْخُ بِهِ وِفَاقًا لَفْظِيَّةً كَانَتْ دَلَالَتُهُ أَوْ عَقْلِيَّةً عَلَى الْخِلَافِ وَالْعَقْلُ يَكُونُ نَاسِخًا فِي حَقِّ مَنْ سَقَطَتْ رِجْلَاهُ فَإِنَّ الْوُجُوب سَاقِط عَنهُ قَالَه الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِيمَا يُتَوَهَّمُ أَنه نَاسخ زِيَادَةُ صَلَاةٍ عَلَى الصَّلَوَاتِ أَوْ عِبَادَةٍ عَلَى الْعِبَادَاتِ لَيْسَتْ نَسْخًا وِفَاقًا وَإِنَّمَا جَعَلَ أَهْلُ الْعِرَاقِ الْوِتْرَ نَاسِخًا لِمَا فِيهِ مِنْ رَفْعِ قَوْله تَعَالَى {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} فَإِنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى الْوُسْطَى تَذْهَبُ لِصَيْرُورَتِهَا غَيْرَ وُسْطَى وَالزِّيَادَةُ عَلَى الْعِبَادَةِ الْوَاحِدَةِ لَيْسَتْ نَسْخًا عِنْدَ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعِنْدَ أَكْثَرِ أَصْحَابِهِ وَالشَّافِعِيّ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ وَقِيلَ إِنْ نَفَتِ الزِّيَادَةُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْمَفْهُومُ الَّذِي هُوَ دَلِيلُ الْخِطَابِ أَوِ الشَّرْطُ كَانَتْ نَسْخًا وَإِلَّا فَلَا وَقِيلَ إِنْ لَمْ يَجُزِ الْأَصْلُ بَعْدَهَا فَهِيَ نَسْخٌ وَإِلَّا فَلَا فَعَلَى مَذْهَبِنَا زِيَادَةُ التَّغْرِيبِ عَلَى الْجَلْدِ لَيْسَتْ نَسْخًا وَكَذَلِكَ تَقْيِيدُ الرَّقَبَةِ

الفصل الخامس فيما يعرف به النسخ

بِالْإِيمَانِ وَإِبَاحَةُ قَطْعِ السَّارِقِ فِي الثَّانِيَةِ وَالتَّخْيِيرُ بَيْنَ الْوَاجِبِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ إِقَامَةِ الْغَيْرِ مَقَامَهُ عَقْلِيٌّ لَا شَرْعِيٌّ وَكَذَلِكَ لَوْ وَجَبَ الصَّوْمُ إِلَى الشَّفَقِ وَنُقْصَانُ الْعِبَادَةِ نَسْخٌ لِمَا سَقَطَ دُونَ الْبَاقِي إِنْ لَمْ يَتَوَقَّفْ وَإِنْ تَوَقَّفَ قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْجَبَّارِ هُوَ نَسْخٌ فِي الْجُزْءِ دُونَ الشَّرْطِ وَاخْتَارَ فَخْرُ الدِّينِ وَالْكَرْخِيُّ عَدَمَ النَّسْخِ الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِيمَا يُعْرَفُ بِهِ النَّسْخُ يُعَرَفُ بِالنَّصِّ عَلَى الرَّفْعِ أَوْ عَلَى ثُبُوتِ النَّقِيضِ أَوِ الضِّدِّ وَيُعْلَمُ التَّارِيخُ بِالنَّصِّ عَلَى التَّأْخِيرِ أَوِ السَّنَةِ أَوِ الْغَزْوَة أَو الْهِجْرَة وَيعلم نِسْبَةِ ذَلِكَ إِلَى زَمَانِ الْحُكْمِ أَوْ بِرِوَايَةِ مَنْ مَاتَ قَبْلَ رِوَايَةِ الْحُكْمِ الْآخَرِ قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْجَبَّارِ قَوْلُ الصَّحَابِيِّ فِي الْخَبَرَيْنِ المتواترين وَهَذَا قَبْلَ ذَاكَ مَقْبُولٌ وَإِنْ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي نَسْخِ الْمَعْلُومِ كَثُبُوتِ الْإِحْصَانِ بِشَهَادَةِ اثْنَيْنِ بِخِلَافِ الرَّجْمِ وَشَهَادَةِ النِّسَاءِ فِي الْوِلَادَةِ دُونَ النَّسَبِ وَقَالَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ قَوْلُ الصَّحَابِيِّ هَذَا مَنْسُوخٌ لَا يُقْبَلُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ اجْتِهَادًا مِنْهُ وَقَالَ الْكَرْخِيُّ إِنْ قَالَ ذَا نَسْخُ ذَاكَ لَمْ يُقْبَلْ وَإِنْ قَالَ هَذَا مَنْسُوخٌ قُبِلَ لِأَنَّهُ لَمْ يُخَلِّ لِلِاجْتِهَادِ مَجَالًا فَيَكُونُ قَاطِعًا بِهِ وَضَعَّفَهُ الْإِمَامُ

(الباب الخامس عشر في الإجماع وفيه خمسة فصول)

(الْبَابُ الْخَامِسَ عَشَرَ فِي الْإِجْمَاعِ وَفِيهِ خَمْسَةُ فُصُولٍ) الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي حَقِيقَتِهِ وَهُوَ اتِّفَاقُ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى أَمْرٍ مِنَ الْأُمُورِ وَنَعْنِي بِالِاتِّفَاقِ الِاشْتِرَاكَ إِمَّا فِي الْقَوْلِ أَوْ فِي الْفِعْلِ أَوِ الِاعْتِقَادِ وَبِأَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ الْمُجْتَهِدِينَ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ وَبِأَمْرٍ مِنَ الْأُمُورِ الشَّرْعِيَّاتِ وَالْعَقْلِيَّاتِ وَالْعُرْفِيَّاتِ الْفَصْلُ الثَّانِي فِي حُكْمِهِ وَهُوَ عِنْدَ الْكَافَّةِ حُجَّةٌ خِلَافًا لِلنَّظَّامِ وَالشِّيعَةِ وَالْخَوَارِجِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تولى} الْآيَةَ وَثُبُوتُ الْوَعِيدِ عَلَى الْمُخَالَفَةِ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الْمُتَابَعَةِ وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا تَجْتَمِعُ أُمَّتِي عَلَى خَطَأٍ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَعَلَى منع القَوْل الثَّالِث وَعدم افصل فِيمَا جَمَعُوهُ فَإِنَّ جَمِيعَ مَا خَالَفَهُمْ يَكُونُ خَطَأً لِتَعْيِينِ الْحَقِّ فِي جِهَتِهِمْ وَإِذَا اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَصْرِ الْأَوَّلِ عَلَى قَوْلَيْنِ فَلَا يَجُوزُ لِمَنْ بَعْدَهُمْ إِحْدَاثُ

قَوْلٍ ثَالِثٍ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ وَجَوَّزَهُ أَهْلُ الظَّاهِرِ وَفَصَّلَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ فَقَالَ إِنْ لَزِمَ مِنْهُ خِلَافُ مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ امْتَنَعَ وَإِلَّا فَلَا كَمَا قِيلَ لِلْجَدِّ كُلُّ الْمَالِ وَقِيلَ يُقَاسِمُ الْأَخَ فَالْقَوْلُ بِجَعْلِ الْمَالِ كُلِّهِ لِلْأَخِ مُنَاقِضٌ لِلْأَوَّلِ وَإِذَا أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى عَدَمِ الْفَصْلِ بَيْنَ مَسْأَلَتَيْنِ لَا يَجُوزُ لِمَنْ بَعْدَهُمُ الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا وَيَجُوزُ حُصُولُ الِاتِّفَاقِ بَعْدَ الِاخْتِلَافِ فِي الْعَصْرِ الْوَاحِدِ خِلَافًا لِلصَّيْرَفِيِّ وَفِي الْعَصْرِ الثَّانِي لَنَا وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ فِيهِ قَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ إِجْمَاعَهُمْ عَلَى الْخِلَافِ يَقْتَضِي أَنَّهُ الْحَقُّ فَيَمْتَنِعُ الِاتِّفَاقُ أَوْ هُوَ مَشْرُوطٌ بِعَدَمِ الِاتِّفَاقِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَانْقِرَاضُ الْعَصْرِ لَيْسَ شَرْطًا خِلَافًا لِقَوْمٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ لِتَجَدُّدِ الْوِلَادَةِ فِي كُلِّ يَوْمٍ فَيَتَعَذَّرُ الْإِجْمَاعُ وَإِذَا حَكَمَ بعض الْأمة وَسكت الْبَاقُونَ فَعِنْدَ الشَّافِعِي وَالْإِمَام فَخر الدّين أَنه لَيْسَ بِحُجَّةٍ وَلَا إِجْمَاعَ وَعِنْدَ الْجُبَّائِيِّ إِجْمَاعٌ وَحُجَّةٌ بَعْدَ انْقِرَاضِ الْعَصْرِ وَعِنْدَ أَبِي هَاشِمٍ لَيْسَ بِإِجْمَاعٍ وَهُوَ حُجَّةٌ وَعِنْدَ أَبِي عَلِيِّ بن أبي هُبَيْرَة إِنْ كَانَ الْقَائِلُ حَاكِمًا لَمْ يَكُنْ إِجْمَاعًا وَلَا حُجَّةً وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ فَهُوَ إِجْمَاعٌ وَحُجَّةٌ فَإِنْ قَالَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ قَوْلًا وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُ مُخَالِفٌ قَالَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ إِنْ كَانَ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى وَلَمْ يَنْتَشِرْ ذَلِكَ الْقَوْلُ فِيهِمْ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِيهِمْ مُخَالِفٌ لَمْ يَظْهَرْ فَيَجْرِي مَجْرَى قَوْلِ الْبَعْضِ وَسُكُوتِ الْبَعْضِ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى فَلَيْسَ بِإِجْمَاعٍ وَلَا حُجَّةٍ وَإِذَا جَوَّزْنَا الْإِجْمَاعَ السُّكُوتِيَّ فَكَثِيرٌ مِمَّنْ لَمْ يعتبرانقراض الْعَصْرِ فِي الْقَوْلِيِّ اعْتَبَرَهُ فِي السُّكُوتِيِّ وَالْإِجْمَاعُ الْمَرْوِيُّ بِالْآحَادِ حُجَّةٌ خِلَافًا لِأَكْثَرِ النَّاسِ لِأَنَّ هَذِه الإجماعات

الفصل الثالث في مستنده

وَإِنْ لَمْ تُفِدِ الْقَطْعَ فَهِيَ تُفِيدُ الظَّنَّ وَالظَّنُّ مُعْتَبَرٌ فِي الْأَحْكَامِ كَالْقِيَاسِ وَخَبَرِ الْوَاحِدِ غَيْرَ أَنَّا لَا نُكَفِّرُ مُخَالِفَهَا قَالَهُ الْإِمَامُ قَالَ وَإِذا اسْتدلَّ أهل الْعَصْر الأول بِدَلِيلٍ وَذَكَرُوا تَأْوِيلًا وَاسْتَدَلَّ الْعَصْرُ الثَّانِي بِدَلِيلٍ آخَرَ وَذَكَرُوا تَأْوِيلًا آخَرَ فَلَا يَجُوزُ إِبْطَالُ التَّأْوِيلِ الْقَدِيمِ وَأَمَّا الْجَدِيدُ فَإِنْ لَزِمَ مِنْهُ إِبْطَالُ الْقَدِيمِ بَطَلَ وَإِلَّا فَلَا وَإِجْمَاعُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عِنْدَ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَا طَرِيقُهُ التَّوْقِيفُ حُجَّةٌ خِلَافًا لِلْجَمِيعِ وَمِنَ النَّاسِ مَنِ اعْتَبَرَ إِجْمَاعَ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَإِجْمَاعَ الْعِتْرَةِ عِنْدَ الْإِمَامِيَّةِ وَإِجْمَاعُ الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ حُجَّةٌ عِنْدَ أَبِي حَازِمٍ وَلَمْ يَعْتَدَّ بِخِلَافِ زِيدٍ فِي تَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ قَالَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ وَإِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ مَعَ مُخَالَفَةِ مَنْ أَدْرَكَهُمْ مِنَ التَّابِعِينَ لَيْسَ بِحُجَّةٍ خِلَافًا لِقَوْمٍ قَالَ وَمُخَالَفَةُ مَنْ خَالَفَنَا فِي الْأُصُولِ إِنْ كَفَّرْنَاهُمْ لَمْ نَعْتَبِرْهُمْ وَلَا يَثْبُتُ تَكْفِيرُهُمْ بِإِجْمَاعِنَا لِأَنَّهُ فَرْعُ تَكْفِيرِهِمْ وَإِنْ لَمْ نُكَفِّرْهُمُ اعْتَبَرْنَاهُمْ وَيُعْتَبَرُ عِنْدَ أَصْحَابِ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ مُخَالَفَةُ الْوَاحِدِ فِي إِبْطَالِ الْإِجْمَاعِ خِلَافًا لِقَوْمٍ وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْقِيَاسِ وَاخْتُلِفَ فِي تَكْفِيرِ مُخَالِفِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ قَطْعِيٌّ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَلِذَلِكَ قُدِّمَ عَلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَقِيلَ ظَنِّيٌّ الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي مُسْتَنَدِهِ وَيَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ انْعِقَادُهُ عَنِ الْقِيَاسِ وَالدَّلَالَةِ وَالْأَمَارَةِ وَجَوَّزَهُ قَوْمٌ بِغَيْرِ ذَلِكَ بِمُجَرَّدِ الشُّبْهَةِ وَالْبَحْثِ

الفصل الرابع في المجمعين

وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا يَنْعَقِدُ عَنِ الْأَمَارَةِ بَلْ لَا بُدَّ مِنَ الدَّلَالَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ فَصَلَ بَيْنَ الْأَمَارَةِ الْجَلِيَّةِ وَغَيْرِهَا الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الْمُجْمِعِينَ فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ جُمْلَةُ الْأُمَّةِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لِانْتِفَاءِ فَائِدَةِ الْإِجْمَاعِ وَلَا الْعَوَامُّ عِنْدَ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعِنْدَ غَيْرِهِ خِلَافًا لِلْقَاضِي لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ فَرْعُ الْأَهْلِيَّةِ وَلَا أَهْلِيَّةَ فَلَا اعْتِبَارَ وَالْمُعْتَبَرُ فِي كُلِّ فَنٍّ أَهْلُ الِاجْتِهَادِ فِي ذَلِكَ الْفَنِّ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ فِي غَيْرِهِ فَيُعْتَبَرُ فِي الْكَلَامِ الْمُتَكَلِّمُونَ وَفِي الْفِقْهِ الْفُقَهَاءُ قَالَهُ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ وَقَالَ لَا عِبْرَةَ بِالْفَقِيهِ الْحَافِظِ لِلْأَحْكَامِ وَالْمَذَاهِبِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مُجْتَهِدًا وَالْأُصُولِيُّ الْمُتَمَكِّنُ مِنَ الِاجْتِهَادِ غَيْرُ الْحَافِظِ لِلْأَحْكَامِ خِلَافه مُعْتَبَرٌ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَا يُشْتَرَطُ بُلُوغُ الْمُجْمِعِينَ إِلَى حَدِّ التَّوَاتُرِ بَلْ لَوْ لَمْ يَبْقَ وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ إِلَّا وَاحِدٌ كَانَ قَوْلُهُ حُجَّةً وَإِجْمَاعُ غَيْرِ الصَّحَابَةِ حُجَّةٌ خِلَافًا لِأَهْلِ الظَّاهِرِ الْفَصْل الْخَامِس فِي الْمجمع عَلَيْهِ كُلُّ مَا يَتَوَقَّفُ الْعِلْمُ بِكَوْنِ الْإِجْمَاعِ حُجَّةً عَلَيْهِ لَا يَثْبُتُ بِالْإِجْمَاعِ كَوُجُودِ الصَّانِعِ وَقُدْرَتِهِ وَعِلْمِهِ وَالنُّبُوَّةِ وَمَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ كَحُدُوثِ الْعَالَمِ وَالْوَحْدَانِيَّةِ فَيَثْبُتُ وَاخْتَلَفُوا فِي كَوْنِهِ حُجَّةً فِي الْحُرُوبِ وَالْآرَاءِ وَيَجُوزُ اشْتِرَاكُهُمْ فِي عَدَمِ الْعِلْمِ بِمَا لَمْ يُكَلَّفُوا بِهِ

(الباب السادس عشر في الخبر وفيه عشرة فصول)

(الْبَابُ السَّادِسَ عَشَرَ فِي الْخَبَرِ وَفِيهِ عَشَرَةُ فُصُولٍ) الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي حَقِيقَتِهِ وَهُوَ الْمُحْتَمِلُ لِلصِّدْقِ وَالْكَذِبِ لِذَاتِهِ احْتِرَازًا مِنْ خَبَرِ الْمَعْصُومِ وَالْخَبَر عَن خلاف الضَّرُورَة وَقَالَ الجاحظ وَيجوز عُرُوُّهُ عَنِ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ وَالْخِلَافُ لَفْظِيٌّ وَاخْتَلَفُوا فِي اشْتِرَاط الْإِرَادَة فِي حَقِيقَته كَوْنِهِ خَبَرًا وَعِنْدَ أَبِي عَلِيٍّ وَأَبِي هَاشِمٍ الْخَبَرِيَّةُ مُعَلَّلَةٌ بِتِلْكَ الْإِرَادَةِ وَأَنْكَرَهُ الْإِمَامُ لِخَفَائِهَا فَكَانَ يلْزم أَن لَا يُعْلَمَ خَبَرٌ الْبَتَّةَ وَلِاسْتِحَالَةِ قِيَامِ الْخَبَرِيَّةِ بِمَجْمُوعِ الْحُرُوفِ لِعَدَمِهِ وَلَا بِبَعْضِهِ وَإِلَّا لَكَانَ خَبَرًا وَلَيْسَ فَلَيْسَ الْفَصْل الثَّانِي فِي التَّوَاتُر وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ مَجِيءِ الْوَاحِدِ بَعْدَ الْوَاحِدِ بِفَتْرَةٍ بَيْنَهُمَا وَفِي الِاصْطِلَاحِ خَبَرُ أَقْوَامٍ عَنْ أَمْرٍ مَحْسُوسٍ يَسْتَحِيلُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ عَادَةً وَأَكْثَرُ الْعُقَلَاءِ عَلَى أَنَّهُ مُفِيدٌ لِلْعِلْمِ فِي الْمَاضِيَاتِ وَالْحَاضِرَاتِ وَالسُّمَنْيَةُ أَنْكَرُوا الْعِلْمَ وَاعْتَرَفُوا بِالظَّنِّ وَمِنْهُمْ مَنِ اعْتَرَفَ بِهِ فِي الْحَاضِرَاتِ فَقَطْ

الفصل الثالث في الطرق المحصلة للعلم غير التواتر

وَالْعِلْمُ الْحَاصِلُ مِنْهُ ضَرُورِيٌّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ خِلَافًا لِأَبِي الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيِّ وَإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَّالِيِّ وَالْمُرْتَضِي وَالْأَرْبَعَةُ لَا تُفِيدُ الْعِلْمَ قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَتَوَقَّفَ فِي الْخَمْسَةِ قَالَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ وَالْحَقُّ أَنَّ عَدَدَهُمْ غَيْرُ مَحْصُورٍ خِلَافًا لِمَنْ حَصَرَهُمْ فِي اثْنَيْ عَشَرَ عِدَّةَ نُقَبَاءِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوْ عِشْرِينَ عِنْدَ أَبِي الْهُذَيْلِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يغلبوا مِائَتَيْنِ} أَوْ أَرْبَعِينَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسبك الله وَمن اتبعك من الْمُؤمنِينَ} وَكَانُوا حِينَئِذٍ أَرْبَعِينَ أَوْ سَبْعِينَ عَدَدَ الْمُخْتَارِينَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوْ ثَلَاثَمِائَةٍ عَدَدَ أَهْلِ بَدْرٍ أَوْ عَشَرَةً عَدَدَ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ وَهُوَ يَنْقَسِمُ إِلَى اللَّفْظِيِّ وَهُوَ أَنْ تَقَعَ الشَّرِكَةُ بَيْنَ ذَلِكَ الْعَدَدِ فِي اللَّفْظِ الْمَرْوِيِّ وَالْمَعْنَوِيُّ وَهُوَ وُقُوعُ الِاشْتِرَاكِ فِي مَعْنًى عَامٍّ كَشَجَاعَةِ عَلِيٍّ وَسَخَاءِ حَاتِمٍ وَشَرْطُهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ إِنْ كَانَ الْمُخْبِرُ لَنَا غَيْرَ الْمُبَاشِرِ اسْتِوَاءُ الطَّرَفَيْنِ وَالْوَاسِطَةِ وَإِنْ كَانَ الْمُبَاشِرَ فَيَكُونُ الْمُخْبَرُ عَنْهُ مَحْسُوسًا فَإِنَّ الْإِخْبَارَ عَنِ الْعَقْلِيَّاتِ لَا يُحَصِّلُ الْعِلْمَ الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الطُّرُقِ المحصلة للْعلم غير التَّوَاتُر وَهِيَ سَبْعَةٌ كَوْنُ الْمُخْبَرِ عَنْهُ مَعْلُومًا بِالضَّرُورَةِ أَوِ الِاسْتِدْلَالِ أَوْ خَبَرِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ خَبَرِ الرَّسُولِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوْ خَبَرِ مَجْمُوعِ الْأُمَّةِ أَوِ الْجَمْعِ الْعَظِيمِ عَنِ الْوِجْدَانِيَّاتِ فِي نُفُوسِهِمْ أَوِ الْقَرَائِنِ عِنْدَ إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَّالِيِّ وَالنَّظَّامِ خِلَافًا لِلْبَاقِينَ

الفصل الرابع في الدال على كذب الخبر

الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الدَّالِّ عَلَى كَذِبِ الْخَبَرِ وَهُوَ خَمْسَةٌ مُنَافَاتُهُ لِمَا عُلِمَ بِالضَّرُورَةِ أَوِ النَّظَرِ أَوِ الدَّلِيلِ الْقَاطِعِ أَوْ فِيمَا شَأْنُهُ أَنْ يَكُونَ مُتَوَاتِرًا وَلَمْ يَتَوَاتَرْ كَسُقُوطِ الْمُؤَذِّنِ يَوْم الْجُمُعَة وَلم يخبر إِلَّا وَاحِد وكقواعد الشَّرْع أَولهمَا جَمِيعًا كَالْمُعْجِزَاتِ أَوْ طُلِبَ فِي صُدُورِ الرُّوَاةِ أَوْ كُتُبِهِمْ بَعْدَ اسْتِقْرَاءِ الْأَحَادِيثِ فَلَمْ يُوجَدْ الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي خَبَرِ الْوَاحِدِ وَهُوَ خَبَرُ الْعَدْلِ أَوِ الْعُدُولِ الْمُفِيدِ لِلظَّنِّ وَهُوَ عِنْدَ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعِنْدَ أَصْحَابِهِ حُجَّةٌ وَاتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِ الْعَمَلِ بِهِ فِي الدُّنْيَوِيَّاتِ وَالْفَتْوَى وَالشَّهَادَاتِ وَالْخِلَافُ إِنَّمَا هُوَ فِي كَوْنِهِ حُجَّةً فِي حَقِّ الْمُجْتَهِدِينَ فَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهُ حُجَّةٌ لِمُبَادَرَةِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ إِلَى الْعَمَلِ بِهِ وَيُشْتَرَطُ فِي الْمُخْبِرِ الْعَقْلُ وَالتَّكْلِيفُ وَإِنْ كَانَ تَحَمُّلُ الصَّبِيِّ صَحِيحًا وَالْإِسْلَامُ وَالضَّبْطُ وَاخْتُلِفَ فِي الْمُبْتَدِعَةِ إِذَا كَفَّرْنَاهُمْ فَعِنْدَ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ مِنَّا وَالْقَاضِي عَبْدِ الْجَبَّارِ لَا تُقْبَلُ رِوَايَتُهُمْ وَفَصَّلَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ وَأَبُو الْحُسَيْنِ بَيْنَ مَنْ يُبِيحُ الْكَذِبَ وَغَيْرِهِ وَالصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ عُدُولٌ إِلَّا عِنْدَ قِيَامِ الْمُعَارِضِ وَالْعَدَالَةُ اجْتِنَابُ الْكَبَائِرِ وَبَعْضِ الصَّغَائِرِ وَالْإِصْرَارِ عَلَيْهَا وَالْمُبَاحَاتِ الْقَادِحَةِ فِي الْمُرُوءَةِ ثُمَّ الْفَاسِقُ إِنْ كَانَ فِسْقُهُ مَظْنُونًا قُبِلَتْ رِوَايَتُهُ بِالِاتِّفَاقِ وَإِنْ كَانَ مَقْطُوعًا

الفصل السادس في مستند الراوي

بِهِ قبل الشَّافِعِي رِوَايَةَ أَرْبَابِ الْأَهْوَاءِ إِلَّا الْخَطَّابِيَّةَ مِنَ الرَّافِضَةِ لِتَجْوِيزِهِمُ الْكَذِبَ لِمُوَافَقَةِ مَذْهَبِهِمْ وَمَنَعَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ مِنْ قَبُولِهَا وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي شَارِبِ النَّبِيذ من غير سكر فَقَالَ الشَّافِعِي أَحُدُّهُ وَأَقْبَلُ شَهَادَتَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ فِسْقَهُ مَظْنُونٌ وَقَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ أَحُدُّهُ وَلَا أَقْبَلُ شَهَادَتَهُ كَأَنَّهُ قَطَعَ بِفِسْقِهِ وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ يُقْبَلُ قَوْلُ الْمَجْهُولِ وَتَثْبُتُ الْعَدَالَةُ إِمَّا بِالِاخْتِبَارِ أَوْ بِالتَّزْكِيَةِ وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي اشْتِرَاطِ الْعَدَدِ فِي التَّزْكِيَةِ وَالتَّجْرِيحِ فَشَرَطَهُ بَعْضُ الْمُحَدِّثِينَ فِي التَّزْكِيَةِ وَالتَّجْرِيحِ فِي الرِّوَايَةِ وَالشَّهَادَةِ وَاشْتَرَطَهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ فِي تَزْكِيَةِ الشَّهَادَةِ فَقَطْ وَاخْتَارَهُ الإِمَام فَخر الدّين وَقَالَ الشَّافِعِي يُشْتَرَطُ إِبْدَاءُ سَبَبِ التَّجْرِيحِ دُونَ التَّعْدِيلِ لِاخْتِلَافِ الْمَذَاهِبِ فِي ذَلِكَ وَالْعَدَالَةُ شَيْءٌ وَاحِدٍ وَعَكَسَ قَوْمٌ لِوُقُوعِ الِاكْتِفَاءِ بِالظَّاهِرِ فِي الْعَدَالَةِ دُونَ التَّجْرِيحِ وَنَفَى ذَلِكَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ فِيهِمَا وَيُقَدَّمُ الْجَرْحُ عَلَى التَّعْدِيلِ إِلَّا أَنْ يُجَرِّحَهُ بِقَتْلِ إِنْسَانٍ فَيَقُولُ الْمُعَدِّلُ رَأَيْتُهُ حَيًّا وَقِيلَ يُقَدَّمُ الْمُعَدِّلُ إِذَا زَادَ عَدَدُهُ الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي مُسْتَنَدِ الرَّاوِي فَأَعْلَاهُ أَنْ يَعْلَمَ قِرَاءَتَهُ عَلَى شَيْخِهِ أَوْ إِخْبَارَهُ بِهِ أَوْ بِتَفَكُّرِ أَلْفَاظِ قِرَاءَتِهِ وَثَانِيهَا أَنْ يَعْلَمَ قِرَاءَةَ جَمِيعِ الْكِتَابِ وَلَا يَذْكُرَ الْأَلْفَاظَ وَلَا الْوَقْتَ وَثَالِثُهَا أَنْ يَشُكَّ فِي سَمَاعِهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ رِوَايَته يخلاف الْأَوَّلِينَ وَرَابِعُهَا أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى خَطِّهِ فَيَجُوزُ عِنْد الشَّافِعِي وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد خلافًا لأبي حنيفَة الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي عَدَدِهِ وَالْوَاحِدُ عِنْدَنَا وَعِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ يَكْفِي خِلَافًا لِلْجُبَّائِيِّ فِي اشْتِرَاطِهِ

الفصل الثامن فيما اختلف فيه من الشروط في القبول

اثْنَيْنِ أَوْ يُعَضِّدُ الْوَاحِدَ ظَاهِرٌ أَوْ عَمَلُ بَعْضِ الصَّحَابَةِ أَوِ اجْتِهَادٌ أَوْ يَكُونُ مُنْتَشِرًا فِيهِمْ وَلَمْ يُقْبَلْ فِي الزِّنَا إِلَّا أَرْبَعَةٌ لَنَا أَنَّ الصَّحَابَةَ قَبِلُوا خَبَرَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِي الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ وَحْدَهَا وَهُوَ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى الْفَصْلُ الثَّامِنُ فِيمَا اخْتلف فِيهِ من الشُّرُوط فِي الْقَبُولِ قَالَ الْحَنَفِيَّةُ إِذَا لَمْ يَقْبَلْ رَاوِي الْأَصْلِ الْحَدِيثَ لَا تُقْبَلُ رِوَايَةُ الْفَرْعِ قَالَ الْإِمَامُ إِنْ جَزَمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَمْ تُقْبَلْ وَإِلَّا عُمِلَ بِالرَّاجِحِ وَقَالَ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ إِذَا شَكَّ الْأَصْلُ فِي الْحَدِيثِ لَا يَضُرُّ ذَلِكَ خِلَافًا لِلْكَرْخِيِّ وَالْمَنْقُولُ عَنْ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الرَّاوِيَ إِذَا لَمْ يَكُنْ فَقِيهًا فَإِنَّهُ كَانَ يَتْرُكُ رِوَايَتَهُ وَوَافَقَهُ أَبُو حنيفَة وَخَالَفَهُ الْإِمَامُ وَجَمَاعَةٌ قَالَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ وَلَا يُخِّلُ بِالرَّاوِي تَسَاهُلُهُ فِي غَيْرِ الْحَدِيثِ وَلَا جَهْلُهُ بِالْعَرَبِيَّةِ وَلَا الْجَهْلُ بِنَسَبِهِ وَلَا خِلَافُ أَكْثَرِ الْأُمَّةِ لِرِوَايَتِهِ وَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ مُخَالَفَةَ الْحُفَّاظِ لَا تَمْنَعُ مِنَ الْقَبُولِ وَلَا كَوْنَهُ عَلَى خِلَافِ الْكِتَابِ خِلَافًا لِعِيسَى بْنِ أَبَانَ وَلَا كَوْنَ مَذْهَبِهِ بِخِلَافِ رِوَايَتِهِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا وَفِيهِ أَرْبَعَةُ مَذَاهِبَ قَالَ الْحَنَفِيَّة إِن خصصه زجع إِلَى مَذْهَبِ الرَّاوِي لِأَنَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ الْكَرْخِيُّ ظَاهر الْخَبَر أولى وَقَالَ الشَّافِعِي إِنْ خَالَفَ ظَاهِرَ الْحَدِيثِ رُجِعَ إِلَى الْحَدِيثِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُ الِاحْتِمَالَيْنِ رُجِعَ إِلَيْهِ وَقَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْجَبَّارِ إِنْ كَانَ تَأْوِيلُهُ عَلَى خِلَافِ الضَّرُورَةِ تُرِكَ وَإِلَّا وَجَبَ النَّظَرُ فِي ذَلِك

الفصل التاسع في كيفية الرواية

وَإِذَا وَرَدَ الْخَبَرُ فِي مَسْأَلَةٍ عِلْمِيَّةٍ وَلَيْسَ فِي الْأَدِلَّةِ الْقَطْعِيَّةِ مَا يُعَضِّدُهُ رُدَّ لِأَنَّ الظَّنَّ لَا يَكْفِي فِي الْقَطْعِيَّاتِ وَإِلَّا قُبِلَ وَإِنِ اقْتَضَى عَمَلًا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى قُبِلَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ لَنَا حَدِيثُ عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا الْمُتَقَدّم فِي التقاء الْخِتَانَيْنِ الْفَصْلُ التَّاسِعُ فِي كَيْفِيَّةِ الرِّوَايَةِ إِذَا قَالَ الصَّحَابِيُّ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ أَخْبَرَنِي أَوْ شَافَهَنِي فَهَذَا أَعْلَى الْمَرَاتِبِ وَثَانِيهَا أَنْ يَقُولَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَثَالِثُهَا أَمَرَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِكَذَا أَوْ نَهَى عَنْ كَذَا وَهَذَا كُلُّهُ مَحْمُولٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ عَلَى أَمْرِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ خِلَافًا لِقَوْمٍ وَرَابِعُهَا أَنْ يَقُولَ أُمِرْنَا بِكَذَا أَوْ نهينَا عَن كَذَا فعندنا وَعند الشَّافِعِي يُحْمَلُ عَلَى أَمْرِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ خِلَافًا لِلْكَرْخِيِّ وَخَامِسُهَا أَنْ يَقُولَ السُّنَّةُ كَذَا فَعِنْدَنَا يُحْمَلُ عَلَى سُنَّتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ خِلَافًا لِقَوْمٍ وَسَادِسُهَا أَنْ يَقُولَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قِيلَ يُحْمَلُ عَلَى سَمَاعِهِ هُوَ وَقِيلَ لَا وَسَابِعُهَا كُنَّا نَفْعَلُ كَذَا وَهُوَ يَقْتَضِي كَوْنَهُ شَرْعًا وَأَمَّا غَيْرُ الصَّحَابِيِّ فَأَعْلَى مَرَاتِبِهِ أَنْ يَقُولَ حَدَّثَنِي أَوْ أَخْبَرَنِي أَوْ سَمِعْتُهُ وَلِلسَّامِعِ مِنْهُ أَنْ يَقُولَ حَدَّثَنِي وَأَخْبَرَنِي وَسَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ عَنْ فُلَانٍ إِنْ قَصَدَ إِسْمَاعَهُ خَاصَّةً أَوْ فِي جَمَاعَةٍ وَإِلَّا فَيَقُولُ سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ

وَثَانِيهَا أَنْ يُقَالَ لَهُ أَسَمِعْتَ هَذَا مِنْ فُلَانٍ فَيَقُولَ نَعَمْ أَوْ يَقُولَ بَعْدَ الْفَرَاغِ الْأَمْرُ كَمَا قُرِئَ فَالْحُكْمُ فِيهِ مِثْلُ الْأَوَّلِ فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ وَرِوَايَةِ السَّامِعِ وَثَالِثُهَا أَنْ يَكْتُبَ إِلَى غَيْرِهِ سَمَاعَهُ فَلِلْمَكْتُوبِ إِلَيْهِ أَنْ يَعْمَلَ بِكِتَابِهِ إِذَا تَحَقَّقَهُ أَوْ ظَنَّهُ وَلَا يَقُولُ سَمِعْتُ وَلَا حَدَّثَنِي وَيَقُولُ أَخْبَرَنِي وَرَابِعُهَا أَنْ يُقَالَ لَهُ هَلْ سَمِعْتَ هَذَا فَيُشِيرُ بإُصْبُعِهِ أَوْ بِرَأْسِهِ فَيَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ وَلَا يَقُولُ الْمُشَارُ إِلَيْهِ أَخْبَرَنِي وَلَا حَدَّثَنِي وَلَا سَمِعْتُهُ وَخَامِسُهَا أَنْ يُقْرَأَ عَلَيْهِ فَلَا يُنْكِرُ بِإِشَارَةٍ وَلَا عِبَارَةٍ وَلَا يَعْتَرِفُ فَإِنْ غُلِبَ عَلَى الظَّنِّ اعْتِرَافُهُ لَزِمَ الْعَمَلُ وَعَامَّةُ الْفُقَهَاءِ جَوَّزُوا رِوَايَتَهُ وَأَنْكَرَهَا الْمُتَكَلِّمُونَ وَقَالَ بَعْضُ الْمُحَدِّثِينَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ إِلَّا أَخْبَرَنِي قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْخِلَافُ لَوْ قَالَ الْقَارِئُ لِلرَّاوِي بَعْدَ قِرَاءَةِ الْحَدِيثِ أَرْوِيهِ عَنْكَ قَالَ نَعَمْ وَهُوَ السَّادِسُ وَفِي مِثْلِ هَذَا اصْطِلَاحٌ لِلْمُحَدِّثِينَ وَهُوَ مِنْ مَجَازِ التَّشْبِيهِ شَبَّهَ السُّكُوتَ بِالْإِخْبَارِ وَسَابِعُهَا إِذَا قَالَ لَهُ حَدِّثْ عَنِّي مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ وَلَمْ يَقُلْ لَهُ سَمِعْتَهُ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مُحَدِّثًا لَهُ بِهِ وَإِنَّمَا أَذِنَ لَهُ فِي التَّحَدُّثِ عَنْهُ وَثَامِنُهَا الْإِجَازَةُ تَقْتَضِي أَنَّ الشَّيْخَ أَبَاحَ لَهُ أَنْ يُحَدِّثَ بِهِ وَذَلِكَ إِبَاحَةٌ لِلْكَذِبِ لَكِنَّهُ فِي عُرْفِ الْمُحَدِّثِينَ مَعْنَاهُ أَنَّ مَا صَحَّ عِنْدَكَ أَنِّي سَمِعْتُهُ فَارْوِهِ عَنِّي وَالْعَمَلُ عِنْدَنَا بِالْإِجَازَةِ جَائِزٌ خِلَافًا لِأَهْلِ الظَّاهِرِ فِي اشْتِرَاطِهِمُ الْمُنَاوَلَةَ وَكَذَلِكَ إِذَا كَتَبَ إِلَيْهِ أَنَّ الْكِتَابَ الْفُلَانِيَّ رَوَيْتُهُ فَارْوِهِ عَنِّي إِذَا صَحَّ عِنْدَكَ فَإِذَا صَحَّ عِنْدَهُ جَازَتْ لَهُ الرِّوَايَةُ وَكَذَلِكَ إِذَا قَالَ لَهُ مُشَافَهَةً مَا صَحَّ عِنْدَكَ مِنْ حَدِيثِي فاروه عني

الفصل العاشر في مسائل شتى

الْفَصْلُ الْعَاشِرُ فِي مَسَائِلَ شَتَّى فَالْأُولَى الْمَرَاسِيلُ عِنْد مَالك وَأبي حنيفَة وَجُمْهُور الْمُعْتَزلَة حجَّة خلافًا للشَّافِعِيّ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَرْسَلَ حَيْثُ جَزَمَ بِالْعَدَالَةِ فَتَكُونُ حُجَّةً. وَنَقْلُ الْخَبَرِ بِالْمَعْنَى عِنْدَ أَبِي الْحُسَيْنِ وَالشَّافِعِيّ وَأبي حنيفَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ جَائِزٌ خِلَافًا لِابْنِ سِيرِينَ وَبَعْضِ الْمُحَدِّثِينَ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ أَلَّا تَزِيدَ التَّرْجَمَةُ وَلَا تَنْقُصَ وَلَا تَكُونَ أَخْفَى لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إِنَّمَا هُوَ إِيصَالُ الْمَعَانِي فَلَا يَضُرُّ فَوَاتُ غَيْرِهَا وَإِذَا زَادَتْ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى وَالْمَجْلِسُ مُخْتَلِفٌ قُبِلَتْ وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا وَيَتَأَتَّى الذُّهُولُ عَنْ تِلْكَ الزِّيَادَةِ فِيهِ قُبِلَتْ وَإِلَّا لم تقبل

(الباب السابع عشر في القياس وفيه سبعة فصول)

(الْبَابُ السَّابِعَ عَشَرَ فِي الْقِيَاسِ وَفِيهِ سَبْعَةُ فُصُولٍ) الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي حَقِيقَتِهِ وَهُوَ إِثْبَاتُ مِثْلِ حُكْمٍ مَعْلُومٍ لِمَعْلُومٍ آخَرَ لِأَجْلِ اشْتِرَاكِهِمَا فِي عِلَّةِ الْحُكْمِ عِنْدَ الْمُثْبِتِ فَالْإِثْبَاتُ الْمُرَادُ بِهِ الْمُشْتَرك بَين الْعلم والاعتقاد وَالظَّن وَنَعْنِي بِالْمَعْلُومِ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَ الْمَظْنُونِ وَالْمَعْلُومِ وَقَوْلُنَا عِنْدَ الْمُثْبِتِ لِيَدْخُلَ فِيهِ الْقِيَاسُ الْفَاسِدُ الْفَصْلُ الثَّانِي فِي حُكْمِهِ وَهُوَ حُجَّةٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَجَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ خِلَافًا لِأَهْلِ الظَّاهِرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ} وَلِقَوْلِ مُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَجْتَهِدُ رَأْيِي بَعْدَ ذِكْرِهِ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى خَبَرِ الْوَاحِدِ عِنْدَ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ لِأَنَّ الْخَبَرَ إِنَّمَا يَرِدُ لِتَحْصِيلِ الْحُكْمِ وَالْقِيَاسُ مُتَضَمِّنٌ لِلْحِكْمَةِ فَيُقَدَّمُ عَلَى الْخَبَرِ وَهُوَ حُجَّةٌ فِي الدنيويات اتِّفَاقًا

الفصل الثالث في الدال على العلة

وَهُوَ إِنْ كَانَ بِإِلْغَاءِ الْفَارِقِ فَهُوَ تَنْقِيحُ الْمَنَاطِ عِنْدَ الْغَزَّالِيِّ أَوْ بِاسْتِخْرَاجِ الْجَامِعِ مِنَ الْأَصْلِ ثُمَّ تَحْقِيقِهِ فِي الْفَرْعِ فَالْأَوَّلُ تَخْرِيجُ الْمَنَاطِ وَالثَّانِي تَحْقِيقُهُ الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الدَّالِّ على الْعلَّة وَهُوَ ثَمَانِيَةٌ النَّصُّ وَالْإِيمَاءُ وَالْمُنَاسَبَةُ وَالشَّبَهُ وَالدَّوَرَانُ والسبر والطرد وتنقيح المناط فَالْأول النَّص على الْعلَّة وَهُوَ ظَاهر وَالثَّانِي الْإِيمَاء وَهُوَ خَمْسَةٌ الْفَاءُ نَحْوَ قَوْله تَعَالَى {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ} وَتَرْتِيبُ الْحُكْمِ عَلَى الْوَصْفِ نَحْوَ تَرْتِيبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى قَوْلِهِ وَاقَعْتُ أَهْلِي فِي شَهْرِ رَمَضَانَ قَالَ الإِمَام فَخر الدّين سَوَاءٌ كَانَ مُنَاسِبًا أَوْ لَمْ يَكُنْ وَسُؤَالُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ وَصْفِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ نَحْوَ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إِذَا جَفَّ وَتَفْرِيقُ الشَّارِعِ بَيْنَ شَيْئَيْنِ فِي الْحُكْمِ نَحْوَ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْقَاتِلُ لَا يَرِثُ أَوْ وُرُودُ النَّهْيِ عَنْ فِعْلٍ يَمْنَعُ مَا تَقَدَّمَ وُجُوبه الثَّالِث الْمُنَاسب مَا تَضَمَّنَ تَحْصِيلَ مَصْلَحَةٍ أَوْ دَرْءَ مَفْسَدَةٍ فَالْأَوَّلُ كَالْغِنَى عِلَّةً لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ وَالثَّانِي كَالْإِسْكَارِ عِلَّةً لِتَحْرِيمِ الْخَمْرِ وَالْمُنَاسِبُ يَنْقَسِمُ إِلَى مَا هُوَ فِي مَحَلِّ الضَّرُورَاتِ وَإِلَى مَا هُوَ فِي مَحَلِّ الْحَاجَاتِ وَإِلَى مَا هُوَ فِي مَحَلِّ التَّتِمَّاتِ فَيُقَدَّمُ الْأَوَّلُ عَلَى الثَّانِي وَالثَّانِي عَلَى الثَّالِثِ عِنْدَ التَّعَارُضِ فَالْأَوَّلُ نَحْوَ الْكُلِّيَّاتِ الْخَمْسِ وَهِيَ حِفْظُ النُّفُوسِ وَالْأَدْيَانِ وَالْأَنْسَابِ وَالْعُقُولِ وَالْأَمْوَالِ وَقِيلَ وَالْأَعْرَاضِ وَالثَّانِي مِثْلَ تَزْوِيجِ الْوَلِيِّ الصَّغِيرَةَ فَإِنَّ النِّكَاحَ غَيْرُ ضَرُورِيٍّ لَكِنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إِلَيْهِ فِي تَحْصِيلِ الْكُفْءِ لِئَلَّا يَفُوتَ وَالثَّالِثُ مَا كَانَ حَثًّا عَلَى مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ كَتَحْرِيمِ تَنَاوُلِ الْقَاذُورَاتِ

وَسَلْبِ أَهْلِيَّةِ الشَّهَادَاتِ عَنِ الْأَرِقَّاءِ وَنَحْوَ الْكِتَابَاتِ وَنَفَقَاتِ الْقَرَابَاتِ وَتَقَعُ أَوْصَافٌ مُتَرَدِّدَةٌ بَيْنَ هَذِهِ الْمَرَاتِبِ كَقَطْعِ الْأَيْدِي بِالْيَدِ الْوَاحِدَةِ فَإِنَّ شَرْعِيَّتَهُ ضَرُورِيَّةٌ صَوْنًا لِلْأَطْرَافِ وَلِلْأَعْضَاءِ وَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يُقَالَ لَيْسَ مِنْهُ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ الْجَانِي فِيهِ إِلَى الِاسْتِعَانَةِ بِالْغَيْرِ وَقَدْ يَتَعَذَّرُ وَمِثَالُ اجْتِمَاعِهَا كُلِّهَا فِي وَصْفٍ وَاحِدٍ أَنَّ نَفَقَةَ النَّفْسِ ضَرُورِيَّة والزوجات حاجية وَالْأَقَارِبِ تَتِمَّةٌ وَاشْتِرَاطُ الْعَدَالَةِ فِي الشَّهَادَةِ ضَرُورِيٌّ صَوْنًا لِلنُّفُوسِ وَالْأَمْوَالِ وَفِي الْإِمَامَةِ عَلَى الْخِلَافِ حَاجَةٌ لِأَنَّهَا شَفَاعَةٌ وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ لِإِصْلَاحِ حَالِ الشَّفِيعِ وَفِي النِّكَاحِ تَتِمَّةٌ لِأَنَّ الْوَلِيَّ قَرِيبٌ يَزَعُهُ طَبْعُهُ عَنِ الْوُقُوعِ فِي الْعَارِ وَالسَّعْيِ فِي الْإِضْرَار وَقيل حاجية عَلَى الْخِلَافِ وَلَا تُشْتَرَطُ فِي الْإِقْرَارِ لِقُوَّةِ الْوَازِعِ الطَّبْعِيِّ وَدَفْعُ الْمَشَقَّةِ عَنِ النُّفُوسِ مَصْلَحَةٌ وَلَوْ أَفْضَتْ إِلَى مُخَالَفَةِ الْقَوَاعِدِ وَهِيَ ضَرُورِيَّةٌ مُؤَثِّرَةٌ فِي التَّرْخِيصِ كَالْبَلَدِ الَّذِي يَتَعَذَّرُ فِيهِ الْعُدُولُ قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي النَّوَادِرِ تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَمْثَلِهِمْ حَالًا لِأَنَّهُ ضَرُورَةٌ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُ فِي الْقُضَاةِ وَوُلَاةِ الْأُمُور وحاجية فِي الْأَوْصِيَاءِ عَلَى الْخِلَافِ فِي عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْعَدَالَةِ وَتَمَامِيَّةٌ فِي السِّلْمِ وَالْمُسَاقَاةِ وَبَيْعِ الْغَائِبِ فَإِنَّ فِي مَنْعِهَا مَشَقَّةً عَلَى النَّاسِ وَهِيَ مِنْ تتمات معاشهم عَلَى النَّاسِ وَهِيَ مِنْ تَتِمَّاتِ مَعَاشِهِمْ وَهُوَ أَيْضًا يَنْقَسِمُ إِلَى مَا اعْتَبَرَهُ الشَّرْعُ وَإِلَى مَا أَلْغَاهُ وَإِلَى مَا جُهِلَ حَالُهُ وَالْأَوَّلُ يَنْقَسِمُ إِلَى مَا اعْتُبِرَ نَوْعُهُ فِي نَوْعٍ لِحُكْمٍ كَاعْتِبَارِ نَوْعِ الْإِسْكَارِ فِي نَوْعِ التَّحْرِيمِ وَإِلَى مَا اعْتُبِرَ جِنْسُهُ فِي جِنْسِهِ كَالتَّعْلِيلِ بِمُطْلَقِ الْمَصْلَحَةِ كَإِقَامَةِ الشُّرْبِ مَقَامَ الْقَذْفِ لِأَنَّهُ مَظِنَّتُهُ وَإِلَى مَا اعْتُبِرَ نَوْعُهُ فِي جِنْسِهِ كَاعْتِبَارِ الْأُخُوَّةِ فِي التَّقْدِيمِ فِي الْمِيرَاثِ فَتَقَدَّمَ فِي النِّكَاحِ وَإِلَى مَا اعْتُبِرَ جِنْسُهُ فِي نوع الحكم

كَإِسْقَاطِ الصَّلَاةِ عَنِ الْحَائِضِ بِالْمَشَقَّةِ فَإِنَّ الْمَشَقَّةَ جِنْسٌ وَهُوَ أَيِ الْإِسْقَاطُ نَوْعٌ مِنَ الرُّخَصِ فتأثير النَّوْع فِي مُقَدَّمٌ عَلَى تَأْثِيرِ النَّوْعِ فِي الْجِنْسِ وَتَأْثِيرُ النَّوْعِ فِي الْجِنْسِ مُقَدَّمٌ عَلَى تَأْثِيرِ الْجِنْسِ فِي النَّوْعِ وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى تَأْثِيرِ الْجِنْسِ فِي الْجِنْسِ وَالْمُلْغَى نَحْوَ الْمَنْعِ مِنْ زِرَاعَةِ الْعِنَبِ خَشْيَةَ الْخَمْرِ وَالَّذِي جُهِلَ أَمْرُهُ هُوَ الْمَصْلَحَةُ الْمُرْسَلَةُ الَّتِي نَحْنُ نَقُولُ بِهَا وَعِنْدَ التَّحْقِيقِ هِيَ عَامَّةٌ فِي الْمَذَاهِبِ الرَّابِعُ الشَّبَهُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ هُوَ الْوَصْفُ الَّذِي لَا يُنَاسِبُ بِذَاتِهِ وَيَسْتَلْزِمُ الْمُنَاسِبَ لِذَاتِهِ وَقَدْ شَهِدَ الشَّرْعُ لِتَأْثِيرِ جِنْسِهِ الْقَرِيبِ فِي جِنْسِ الْحُكْمِ الْقَرِيبِ وَالشَّبَهُ يَقَعُ فِي الْحُكْمِ كَشَبَهِ الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ بِالْحُرِّ وَشَبَهِهِ بِسَائِرِ الْمَمْلُوكَاتِ وَعِنْدَ ابْنِ عُلَيَّةَ يَقَعُ الشَّبَهُ فِي الصُّورَةِ كَرَدِّ الْجِلْسَةِ الثَّانِيَةِ إِلَى الْجِلْسَةِ الْأُولَى فِي الْحُكْمِ وَعِنْدَ الْإِمَامِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ إِذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ مُسْتَلْزِمٌ لِلْحُكْمِ أَوْ لِمَا هُوَ عِلَّةٌ لِلْحُكْمِ صَحَّ الْقِيَاسُ وَهُوَ لَيْسَ بِحُجَّةٍ عِنْدَ الْقَاضِي مِنَّا الْخَامِسُ الدَّوَرَانُ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنِ اقْتِرَانِ ثُبُوتِ الْحُكْمِ مَعَ ثُبُوتِ الْوَصْفِ وَعَدَمِهِ مَعَ عَدَمِهِ وَفِيهِ خِلَافٌ وَالْأَكْثَرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ يَقُولُونَ بِكَوْنِهِ حُجَّةً السَّادِسُ الْبر وَالتَّقْسِيمُ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ مُعَلَّلًا بِكَذَا أَوْ بِكَذَا أَوْ بِكَذَا وَالْكُلُّ بَاطِلٌ إِلَّا كَذَا فَيَتَعَيَّنُ السَّابِعُ الطَّرْدُ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنِ اقْتِرَانِ الْحُكْمِ بِسَائِرِ صُوَرِ الْوَصْفِ وَلَيْسَ مُنَاسِبًا وَلَا مُسْتَلْزِمًا لِلْمُنَاسِبِ وَفِيهِ خِلَافٌ الثَّامِنُ تَنْقِيحُ الْمَنَاطِ وَهُوَ إِلْغَاءُ الْفَارِقِ فَيَشْتَرِكَانِ فِي الْحُكْمِ

الفصل الرابع في الدال على عدم اعتبار العلة وهو خمسة

الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الدَّالِّ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ الْعلَّة وَهُوَ خَمْسَةٌ الْأَوَّلُ النَّقْضُ وَهُوَ وُجُودُ الْوَصْفِ بِدُونِ الْحُكْمِ وَفِيهِ أَرْبَعَةُ مَذَاهِبَ ثَالِثُهَا إِنْ وُجِدَ الْمَانِعُ فِي صُورَةِ النَّقْضِ فَلَا يَقْدَحُ وَإِلَّا قَدَحَ وَرَابِعُهَا إِنْ نُصَّ عَلَيْهَا لَمْ يَقْدَحْ وَإِلَّا قَدَحَ وَجَوَابُ النَّقْضِ إِمَّا بِمَنْعِ وُجُودِ الْوَصْفِ فِي صُورَةِ النَّقْضِ أَوْ بِالْتِزَامِ الْحُكْمِ فِيهَا الثَّانِي عَدَمُ التَّأْثِيرِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ مَوْجُودًا مَعَ وَصْفٍ ثُمَّ يُعْدَمُ ذَلِكَ الْوَصْفُ وَيَبْقَى الْحُكْمُ فَيَقْدَحُ ذَلِكَ فِي غَلَبَتِهِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ وَهُوَ وُجُودُ الْحُكْمِ بِدُونِ الْوَصْفِ فِي صُورَةٍ أُخْرَى فَلَا يَقْدَحُ لِأَنَّ الْعِلَلَ الشَّرْعِيَّةَ يَخْلُفُ بَعْضُهَا بَعْضًا الثَّالِثُ الْقَلْبُ وَهُوَ إِثْبَاتُ نَقِيضِ الْحُكْمِ بِعَيْنِ الْعِلَّةِ كَقَوْلِنَا فِي الِاعْتِكَافِ لُبْثٌ فِي مَكَانٍ مَخْصُوصٍ فَلَا يَسْتَقِلُّ بِنَفْسِهِ قِيَاسًا عَلَى الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فَيَكُونُ الصَّوْمُ شَرْطًا فِيهِ فَيَقُولُ السَّائِلُ لُبْثٌ فِي مَكَانٍ مَخْصُوصٍ فَلَا يَكُونُ الصَّوْمُ شَرْطًا فِيهِ كَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَهُوَ إِمَّا أَنْ يَقْصِدَ بِهِ إِثْبَاتَ مَذْهَبِ السَّائِلِ أَوْ إِبْطَالَ مَذْهَبِ الْمُسْتَدِلِّ فَالْأَوَّلُ كَمَا سَبَقَ وَالثَّانِي كَمَا يَقُولُ الْحَنَفِيُّ الْمَسْحُ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْوُضُوءِ فَلَا يَكْفِي فِيهِ أَقَلُّ مَا يُمْكِنُ أَصْلُهُ الْوَجْهُ فَيَقُولُ الشَّافِعِيُّ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْوُضُوءِ فَلَا يُقَدَّرُ بِالرُّبُعِ أَصْلُهُ الْوَجْهُ الرَّابِعُ الْقَوْلُ بِالْمُوجَبِ وَهُوَ تَسْلِيمُ مَا ادَّعَاهُ الْمُسْتَدِلُّ مُوجَبَ عِلَّتِهِ مَعَ بَقَاءِ الْخِلَافِ فِي صُورَةِ النِّزَاعِ

الفصل الخامس في تعدد العلل

الْخَامِسُ الْفَرْقُ وَهُوَ إِبْدَاءُ مَعْنًى مُنَاسِبٍ لِلْحُكْمِ فِي إِحْدَى الصُّورَتَيْنِ مَفْقُودٍ فِي الْأُخْرَى وَقَدْحُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ لَا يُعَلَّلُ بِعِلَّتَيْنِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْفَارِقُ إِحْدَاهُمَا فَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدِمِهِ عَدَمُ الْحُكْمِ لِاسْتِقْلَالِ الْحُكْمِ بِإِحْدَى العلنين الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي تَعَدُّدِ الْعِلَلِ يَجُوزُ تَعْلِيلُ الْحُكْمِ الْوَاحِدِ بِعِلَّتَيْنِ مَنْصُوصَتَيْنِ خِلَافًا لبعضِهِمْ كَوُجُوبِ الْوُضُوءِ عَلَى مَنْ بَالَ وَلَامَسَ وَلَا يَجُوزُ بمستنطتين لِأَن الأَصْل عدم الِاسْتِقْلَال فيجعلان عِلّة وَاحِدَة الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي أَنْوَاعِهَا وَهِيَ أَحَدَ عَشَرَ نوعا الأول التَّعْلِيل بِالْمحل فِيهِ خِلَافٌ قَالَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ إِنْ جَوَّزْنَا أَنْ تَكُونَ الْعِلَّةُ قَاصِرَةً جَوَّزْنَاهُ كَتَعْلِيلِ الْخَمْرِ بِكَوْنِهِ خَمْرًا وَالْبُرُّ يُحَرَّمُ الرِّبَا فِيهِ لِكَوْنِهِ بُرًّا الثَّانِي الْوَصْفُ إِنْ لَمْ يَكُنْ مُنْضَبِطًا جَازَ التَّعْلِيلُ بِالْحِكْمَةِ وَفِيهِ خِلَافٌ وَالْحِكْمَةُ هِيَ الَّتِي لِأَجْلِهَا صَارَ الْوَصْفُ عِلَّةً كَذَهَابِ الْعَقْلِ الْمُوجِبِ لِجَعْلِ الْإِسْكَارِ عِلَّةً الثَّالِثُ يَجُوزُ التَّعْلِيلُ بِالْعَدَمِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْفُقَهَاءِ فَإِنَّ عَدَمَ الْعِلَّةِ عِلَّةٌ لِعَدَمِ الْمَعْلُولِ الرَّابِعُ الْمَانِعُونَ مِنَ التَّعْلِيلِ بِالْعَدَمِ امْتَنَعُوا مِنَ التَّعْلِيلِ بِالْإِضَافَاتِ لِأَنَّهَا عَدَمٌ الْخَامِسُ يَجُوزُ تَعْلِيلُ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ بِالْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ خِلَافًا لِقَوْمٍ كَقَوْلِنَا نَجِسٌ فَيُحَرَّمُ

الفصل السابع فيما يدخله القياس وهو ثمانية أنواع

السَّادِسُ يَجُوزُ التَّعْلِيلُ بِالْأَوْصَافِ الْعُرْفِيَّةِ كَالشَّرَفِ وَالْخِسَّةِ بِشَرْطِ اطِّرَادِهَا وَتَمْيِيزِهَا عَنْ غَيْرِهَا السَّابِعُ يَجُوزُ التَّعْلِيلُ بِالْعِلَّةِ الْمُرَكَّبَةِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ كَالْقَتْلِ الْعَمْدِ الْعُدْوَانِ الثَّامِنُ يَجُوزُ التَّعْلِيلُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا بِالْعِلَّةِ القاصرة وَعند الشَّافِعِي وَأكْثر الْمُتَكَلِّمين خلافًا لأبي حنيفَة وَأَصْحَابِهِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ مَنْصُوصَةً لِأَنَّ فَائِدَةَ التَّعْلِيلِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ التَّعْدِيَةُ لِلْفَرْعِ وَقَدِ انْتَفَتْ وَجَوَابُهُمْ نَفْيُ سُكُونِ النَّفْسِ لِلْحُكْمِ وَالِاطِّلَاعُ عَلَى مَقْصُودِ الشَّرْعِ فِيهِ التَّاسِعُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّعْلِيلُ بِالِاسْمِ الْعَاشِرُ اخْتَارَ الْإِمَامُ أَنه لايجوز التَّعْلِيلُ بِالْأَوْصَافِ الْمُقَدَّرَةِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْفُقَهَاءِ كَتَعْلِيلِ الْعِتْقِ عَنِ الْغَيْرِ بِتَقْدِيرِ الْمِلْكِ الْحَادِيَ عَشَرَ يَجُوزُ تَعْلِيلُ الْحُكْمِ الْعَدَمِيِّ بِالْوَصْفِ الْوُجُودِيِّ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى وُجُودِ الْمُقْتَضَى عِنْدَ الْإِمَامِ خِلَافًا لِلْأَكْثَرِينَ فِي التَّوَقُّفِ وَهَذَا هُوَ تَعْلِيلُ انْتِفَاءِ الْحُكْمِ بِالْمَانِعِ فَهُوَ يَقُولُ الْمَانِعُ هُوَ ضِدُّ عِلَّةِ الثُّبُوتِ وَالشَّيْءُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ضِدِّهِ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ لَا يَحْسُنُ فِي الْعَادَةِ أَنْ يُقَالَ لِلْأَعْمَى إِنَّهُ لَا يُبْصِرُ زَيْدًا لِلْجِدَارِ الَّذِي بَيْنَهُمَا وَإِنَّمَا يَحْسُنُ ذَلِكَ فِي الْبَصِيرِ الْفَصْلُ السَّابِعُ فِيمَا يَدْخُلُهُ الْقِيَاسُ وَهُوَ ثَمَانِيَةُ أَنْوَاع

الْأَوَّلُ اتَّفَقَ أَكْثَرُ الْمُتَكَلِّمِينَ عَلَى جَوَازِهِ فِي الْعَقْلِيَّاتِ وَيُسَمُّونَهُ إِلْحَاقَ الْغَائِبِ بِالشَّاهِدِ الثَّانِي أَجَازَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ وَجَمَاعَةٌ الْقِيَاسَ فِي اللُّغَاتِ وَقَالَ ابْنُ جِنِّي هُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْأُدَبَاءِ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ الثَّالِثُ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِجْرَاءُ الْقِيَاسِ فِي الْأَسْبَابِ كَقِيَاسِ اللُّوَاطِ عَلَى الزِّنَا فِي وُجُوبِ الْحَدِّ بِهِ لِأَنَّهُ لَا يَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ فِي طُلُوعِ الشَّمْسِ إِنَّهُ مُوجِبٌ لِلْعِبَادَةِ كَغُرُوبِهَا الرَّابِعُ اخْتَلَفُوا فِي دُخُولِ الْقِيَاسِ فِي الْعَدَمِ الْأَصْلِيِّ قَالَ الْإِمَامُ وَالْحَقُّ أَنَّهُ يَدْخُلُهُ قِيَاسُ الِاسْتِدْلَالِ بِعَدَمِ خَوَاصِّ الشَّيْءِ عَلَى عَدَمِهِ دُونَ قِيَاسِ الْعِلَّةِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْإِعْدَامِ فَإِنَّهُ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ الْخَامِسُ قَالَ الْجُبَّائِيُّ والْكَرْخِيُّ لَا يَجُوزُ إِثْبَاتُ أُصُولِ الْعِبَادَاتِ بِالْقِيَاسِ السَّادِسُ يَجُوزُ عِنْدَ ابْنِ الْقصار والباجي وَالشَّافِعِيّ جَرَيَانُ الْقِيَاسِ فِي الْمُقَدَّرَاتِ وَالْحُدُودِ وَالْكَفَّارَاتِ خِلَافًا لأبي حنيفَة وَأَصْحَابِهِ لِأَنَّهَا أَحْكَامٌ شَرْعِيَّةٌ السَّابِعُ يَجُوزُ الْقِيَاسُ عِنْد الشَّافِعِي على الرُّخص خلافًا لأبي حنيفَة وَأَصْحَابِهِ الثَّامِنُ لَا يَدْخُلُ الْقِيَاسُ فِيمَا طَرِيقُهُ الْخِلْقَةُ وَالْعَادَةُ كَالْحَيْضِ وَلَا فِيمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ عَمَلٌ كَفَتْحِ مَكَّةَ عَنْوَةً وَنَحْوِهِ

(الباب الثامن عشر في التعارض والترجيح وفيه خمسة فصول)

(الْبَابُ الثَّامِنَ عَشَرَ فِي التَّعَارُضِ وَالتَّرْجِيحِ وَفِيهِ خَمْسَةُ فُصُولٍ) الْفَصْلُ الْأَوَّلُ اخْتَلَفُوا هَلْ يَجُوزُ تَسَاوِي الْأَمَارَتَيْنِ فَمَنَعَهُ الْكَرْخِيُّ وَجَوَّزَهُ الْبَاقُونَ وَالْمُجَوِّزُونَ اخْتَلَفُوا فَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ مِنَّا وَأَبُو عَلِيٍّ وَأَبُو هَاشِمٍ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَبَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ يَتَخَيَّرُ وَيَتَسَاقَطَانِ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ قَالَ الْإِمَامُ فَخر الدّين رَحِمَهُ اللَّهُ إِنْ وَقَعَ التَّعَارُضُ فِي فِعْلٍ وَاحِدٍ بِاعْتِبَارِ حُكْمَيْنِ فَهَذَا مُتَعَذِّرٌ وَإِنْ وَقَعَ فِي فِعْلَيْنِ وَالْحُكْمُ وَاحِدٌ كَالتَّوَجُّهِ إِلَى جِهَتَيْنِ لِلْكَعْبَةِ فَيَتَخَيَّرُ وَقَالَ الْبَاجِيُّ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ إِذَا تَعَارَضَا فِي الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ تَخَيَّرَ وَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ يَتَعَيَّنُ الْحَظْرُ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ أَنَّ الْأَشْيَاءَ عَلَى الْحَظْرِ وَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ يَتَعَيَّنُ الْإِبَاحَةُ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ أَنَّ الْأَشْيَاءَ عَلَى الْإِبَاحَةِ فَالثَّلَاثَةُ رَجَعُوا إِلَى حُكْمِ الْعَقْلِ عَلَى أُصُولِهِمْ وَإِذَا نُقِلَ عَنْ مُجْتَهِدٍ قَوْلَانِ فَإِنْ كَانَا مَوْضِعَيْنِ وَعُلِمَ التَّارِيخُ عُدَّ الثَّانِي رُجُوعًا عَنِ الْأَوَّلِ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ حُكِيَ عَنْهُ الْقَوْلَانِ وَلَا يحكم عَلَيْهِ بِرُجُوع وَإِن كَانَا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ بِأَنْ يَقُولَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ فَإِنْ أَشَارَ إِلَى تَقْوِيَةِ أَحَدِهِمَا فَهُوَ قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ فَقِيلَ يَتَخَيَّرُ السَّامِعُ بَينهمَا الْفَصْل الثَّانِي فِي التَّرْجِيح وَالْأَكْثَرُونَ اتَّفَقُوا عَلَى التَّمَسُّكِ بِهِ وَأَنْكَرَهُ بَعْضُهُمْ وَقَالَ يَلْزَمُ التَّخْيِيرُ أَوِ التَّوَقُّفُ

وَيُمْتَنَعُ التَّرْجِيحُ فِي الْعَقْلِيَّاتِ لِتَعَذُّرِ التَّفَاوُتِ بَيْنَ القطعتين ومذهبنا وَمذهب الشَّافِعِي التَّرْجِيحُ بِكَثْرَةِ الْأَدِلَّةِ خِلَافًا لِقَوْمٍ وَإِذَا تَعَارَضَ دَلِيلَانِ فَالْعَمَلُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ وَجْهٍ أَوْلَى مِنَ الْعَمَلِ بِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ وَهُمَا إِنْ كَانَا عَامَّيْنِ مَعْلُومَيْنِ وَالتَّارِيخُ مَعْلُومٌ نَسَخَ الْمُتَأَخِّرُ الْمُتَقَدِّمَ وَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا سَقَطَا وَإِنْ عُلِمَتِ الْمُقَارَنَةُ خُيِّرَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَا مَظْنُونَيْنِ فَإِنْ عُلِمَ الْمُتَأَخِّرُ نُسِخَ الْمُتَقَدِّمُ وَإِلَّا رُجِعَ إِلَى التَّرْجِيحِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مَعْلُومًا وَالْآخَرُ مظنونا والمتأخر الْمَعْلُومُ نَسَخَ أَوِ الْمَظْنُونُ لَمْ يَنْسَخْ وَإِنْ جُهِلَ الْحَالُ تَعَيَّنَ الْمَعْلُومُ وَإِنْ كَانَا خَاصَّيْنِ فَحُكْمُهُمَا حُكْمُ الْعَامَّيْنِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا عَامًّا وَالْآخَرُ خَاصًّا قُدِّمَ الْخَاصُّ عَلَى الْعَامِّ لِأَنَّه لَا يَقْتَضِي عَدَمَ إِلْغَاءِ أَحَدِهِمَا بِخِلَافِ الْعَكْسِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا عَامًّا مِنْ وَجْهٍ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ} مَعَ قَوْله تَعَالَى {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} وَجَبَ التَّرْجِيحُ إِنْ كَانَا مَظْنُونَيْنِ

الفصل الثالث في ترجيحات الأخبار

الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي تَرْجِيحَاتِ الْأَخْبَارِ وَهِيَ إِمَّا فِي الْإِسْنَاد أَو فِي الْمَتْن فَالْأَوَّلُ قَالَ الْبَاجِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ يَتَرَجَّحُ بِأَنَّهُ فِي قَضِيَّةٍ مَشْهُورَةٍ وَالْآخَرُ لَيْسَ كَذَلِكَ أَوْ رُوَاتُهُ أَحْفَظُ أَوْ أَكْثَرُ أَوْ مَسْمُوعٌ مِنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَالْآخَرُ مَكْتُوبٌ بِهِ أَوْ مُتَّفَقٌ عَلَى رَفْعِهِ إِلَيْهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوِ اتَّفَقَ رُوَاتُهُ عِنْدَ إِثْبَاتِ الْحُكْمِ بِهِ أَوْ رِوَايَةُ صَاحِبِ الْقَضِيَّةِ أَوْ إِجْمَاعُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى الْعَمَلِ بِهِ أَوْ رِوَايَتُهُ أَحْسَنُ نَسَقًا أَوْ سَالِمٌ مِنَ الِاضْطِرَابَاتِ أَوْ مُوَافِقٌ لِظَاهِرِ الْكِتَابِ وَالْآخَرُ لَيْسَ كَذَلِكَ قَالَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ رَحمَه الله أَو يكون روايه فَقِيهًا أَوْ عَالِمًا بِالْعَرَبِيَّةِ أَوْ عُرِفَتْ عَدَالَتُهُ بِالِاخْتِبَارِ أَوْ عُلِمَتْ بِالْعَدَدِ الْكَثِيرِ أَوْ ذُكِرَ سَبَبُ عَدَالَتِهِ أَوْ لَمْ يَخْتَلِطْ عَقْلُهُ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ أَوْ كَوْنُهُ مَنْ أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ أَوْ لَهُ اسْمٌ وَاحِدٌ أَوْ لَمْ تُعْرَفْ لَهُ رِوَايَةٌ فِي زَمَنِ الصِّبَا وَالْآخَرُ لَيْسَ كَذَلِكَ أَوْ يَكُونُ مَدَنِيًّا وَالْآخَرُ مَكِّيًّا أَوْ رِوَايَة مُتَأَخّر الْإِسْلَام وَأما تَرْجِيح الْمَتْن قَالَ الْبَاجِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ يَتَرَجَّحُ السَّالِمُ مِنَ الاضطرابات وَالنَّصُّ فِي الْمُرَادِ أَوْ غَيْرُ مُتَّفَقٍ عَلَى تَخْصِيصِهِ أَوْ وَرَدَ عَلَى غَيْرِ سَبَبٍ أَوْ قَضَى بِهِ عَلَى الْآخَرِ فِي مَوْضِعٍ أَوْ وَرَدَ بِعِبَارَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ أَوْ يَتَضَمَّنُ نَفْيَ النَّقْصِ عَنِ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَالْآخَرُ لَيْسَ كَذَلِكَ قَالَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَوْ يَكُونُ فَصِيحَ اللَّفْظِ أَوْ لَفْظُهُ حَقِيقَةً أَوْ يَدُلُّ عَلَى الْمُرَادِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَوْ يُؤَكَّدُ لَفْظُهُ بِالتَّكْرَارِ أَوْ يَكُونُ نَاقِلًا عَنْ حُكْمِ الْعَقْلِ أَوْ لَمْ يَعْمَلْ بَعْضُ الصَّحَابَةِ أَوِ السَّلَفِ عَلَى خِلَافِهِ مَعَ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ أَوْ كَانَ فِيمَا لَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى وَالْآخَرُ لَيْسَ كَذَلِكَ الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي تَرْجِيحِ الأقيسة قَالَ الْبَاجِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ يَتَرَجَّحُ أَحَدُ الْقِيَاسَيْنِ على الآخر بِالنَّصِّ على علته أَو لِأَنَّهُ يَعُودُ عَلَى أَصْلِهِ بِالتَّخْصِيصِ أَوْ عِلَّتُهُ مُطَّرِدَةٌ مُنْعَكِسَةٌ أَوْ تَشْهَدُ لَهَا أُصُولٌ

الفصل الخامس في ترجيح طرق العلة

كَثِيرَةٌ وَالْآخَرُ عَلَى خِلَافِهَا فِي جَمِيعِ ذَلِكَ أَوْ يَكُونُ أَحَدُ الْقِيَاسَيْنِ فَرْعُهُ مِنْ جِنْسِ أَصْلِهِ أَوْ عِلَّتُهُ مُتَعَدِّيَةٌ أَوْ تَعُمُّ فُرُوعُهُا أَوْ هِيَ أَعَمُّ أَوْ هِيَ مُنْتَزَعَةٌ مِنْ أَصْلٍ مَنْصُوصٍ عَلَيْهِ أَوْ أَقَلُّ أَوْصَافًا وَالْقِيَاسُ الْآخَرُ لَيْسَ كَذَلِكَ قَالَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَوْ يَكُونُ أَحَدُ الْقِيَاسَيْنِ مُتَّفَقًا عَلَى عِلَّتِهِ أَوْ أَقَلُّ خِلَافًا أَوْ بَعْضُ مقدماته بقينية أَوْ عِلَّتُهُ وَصْفٌ حَقِيقِيٌّ وَيَتَرَجَّحُ التَّعْلِيلُ بِالْحِكْمَةِ عَلَى الْعَدَمِ وَالْإِضَافِيِّ وَالْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ وَالتَّقْدِيرِيِّ وَالتَّعْلِيلُ بِالْعَدَمِ أَوْلَى مِنَ التَّقْدِيرِيِّ وَتَعْلِيلُ الْحُكْمِ الْوُجُودِيِّ بِالْوَصْفِ الْوُجُودِيِّ أَوْلَى مِنَ الْعَدَمِيِّ بِالْعَدَمِيِّ وَمِنَ الْعَدَمِيِّ بِالْوُجُودِيِّ وَالْوُجُودِيِّ بِالْعَدَمِيِّ لِأَنَّ التَّعْلِيلَ بِالْعَدَمِ يَسْتَدْعِي تَقْدِيرَ الْوُجُودِ وَبِالْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ أَوْلَى مِنَ التَّقْدِيرِيِّ لِكَوْنِ التَّقْدِيرِ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ وَالْقِيَاسُ الَّذِي يَكُونُ ثُبُوتُ الْحُكْمِ فِي أَصْلِهِ أَقْوَى أَوْ بِالْإِجْمَاعِ أَوْ بِالتَّوَاتُرِ أَقْوَى مِمَّا لَيْسَ كَذَلِكَ الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي تَرْجِيحِ طُرُقِ الْعِلَّةِ قَالَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ الْمُنَاسَبَةُ أَقْوَى مِنَ الدَّوَرَانِ خِلَافًا لِقَوْمٍ وَمِنَ التَّأْثِيرِ وَالسَّبْرِ الْمَظْنُونِ وَالشَّبَهِ وَالطَّرْدِ وَيَتَرَجَّحُ الْمُنَاسِبُ الَّذِي اعْتُبِرَ نَوْعُهُ فِي نَوْعِ الْحُكْمِ عَلَى مَا اعْتبر جنسه

فِي نَوعه أَو نوع الحكم فِي جِنْسِهِ أَوْ جِنْسِهِ فِي جِنْسِهِ لِأَنَّ الْأَخَصَّ بِالشَّيْءِ أَرْجَحُ وَأَوْلَى بِهِ وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ مُتَعَارِضَانِ وَالثَّلَاثَةُ رَاجِحَةٌ عَلَى الرَّابِعِ ثُمَّ الْأَجْنَاسُ عَالِيَةٌ وَسَافِلَةٌ وَمُتَوَسِّطَةٌ وَكُلَّمَا قَرُبَ كَانَ أَرْجَحَ وَالدَّوَرَانُ فِي صُورَةٍ أَرْجَحُ مِنْهُ فِي صُورَتَيْنِ وَالشَّبَهُ فِي الصِّفَةِ أَقْوَى مِنْهُ فِي الْحُكْمِ وَفِيه خلاف

(الباب التاسع عشر في الاجتهاد)

(الْبَابُ التَّاسِعَ عَشَرَ فِي الِاجْتِهَادِ) وَهُوَ اسْتِفْرَاغُ الْوُسْعِ فِي الْمَطْلُوبِ لُغَةً وَاسْتِفْرَاغُ الْوُسْعِ فِي النَّظَرِ فِيمَا يَلْحَقُهُ فِيهِ لَوْمٌ شَرْعِيٌّ اصْطِلَاحًا وَفِيهِ تِسْعَةُ فُصُولٍ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي النَّظَرِ وَهُوَ الْفِكْرُ وَقِيلَ تَرَدُّدُ الذِّهْنِ بَيْنَ أَنْحَاءِ الضَّرُورِيَّاتِ وَقِيلَ تَحْدِيقُ الْعَقْلِ إِلَى جِهَةِ الضَّرُورِيَّاتِ وَقِيلَ تَرْتِيبُ تَصْدِيقَاتٍ يُتَوَصَّلُ بِهَا إِلَى عِلْمٍ أَوْ ظَنٍّ وَقِيلَ تَرْتِيبُ تَصْدِيقَيْنِ وَقِيلَ تَرْتِيبُ مَعْلُومَاتٍ وَقِيلَ تَرْتِيبُ مَعْلُومَيْنِ فَهَذِهِ سَبْعَةُ مَذَاهِبَ وَأَصَحُّهُا الثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ وَهُوَ يَكُونُ فِي التَّصَوُّرَاتِ لِتَحْصِيلِ الْحُدُودِ الْكَاشِفَةِ عَنِ الْحَقَائِقِ الْمُفْرَدَةِ عَلَى تَرْتِيبٍ خَاصٍّ كَمَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْكِتَابِ وَفِي التَّصْدِيقَاتِ لِتَحْصِيلِ الْمَطَالِبِ التَّصْدِيقِيَّةِ عَلَى تَرْتِيبٍ خَاصٍّ وَشُرُوطٍ خَاصَّةٍ حُرِّرَتْ فِي عِلْمِ الْمَنْطِقِ وَمَتَّى كَانَ فِي الدَّلِيلِ مُقَدِّمَةٌ سَالِبَةٌ أَوْ جُزْئِيَّةٌ أَوْ مَظْنُونَةٌ كَانَتِ النَّتِيجَةُ كَذَلِكَ لِأَنَّهَا تَتْبَعُ أَخَسَّ الْمُقَدِّمَاتِ وَلَا يُلْتَفَتُ إِلَى مَا صَحِبَهَا من أشرفها

الفصل الثاني في حكمه

الْفَصْلُ الثَّانِي فِي حُكْمِهِ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَجُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وُجُوبُهُ وَإِبْطَالُ التَّقْلِيدِ لقَوْله تَعَالَى {فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُم} وَقَدِ اسْتَثْنَى مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ صُورَةً لِأَجْلِ الضَّرُورَةِ الْأُولَى قَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ قَالَ مَالِكٌ يَجِبُ عَلَى الْعَوَامِّ تَقْلِيدُ الْمُجْتَهِدِينَ فِي الْأَحْكَامِ وَيَجِبُ عَلَيْهِمُ الِاجْتِهَادُ فِي أَعْيَانِ الْمُجْتَهِدِينَ كَمَا يَجِبُ عَلَى الْمُجْتَهِدِينَ الِاجْتِهَادُ فِي أَعْيَانِ الْأَدِلَّةِ وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ خِلَافًا لِمُعْتَزِلَةِ بَغْدَادَ وَقَالَ الْجُبَّائِيُّ يَجُوزُ فِي مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ فَقَطْ فُرُوعٌ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ قَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ إِذَا اسْتَفْتَى الْعَامِّيُّ فِي نَازِلَةٍ ثُمَّ عَادَتْ لَهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى تِلْكَ الْفَتْوَى لِأَنَّهَا حَقٌّ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُعِيدَ الِاسْتِفْتَاءَ لِاحْتِمَالِ تَغَيُّرِ الِاجْتِهَادِ الثَّانِي قَالَ الزَّنَاتِيُّ يَجُوزُ تَقْلِيدُ الْمَذَاهِبِ فِي النَّوَازِلِ وَالِانْتِقَالُ مِنْ مَذْهَبٍ الى مَذْهَب بِثَلَاثَة شُرُوط أَلا يجمع بَينهَا عَلَى وَجْهٍ يُخَالِفُ الْإِجْمَاعَ كَمَنْ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ صَدَاقٍ وَلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ فَإِنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ لَمْ يَقُلْ بِهَا أَحَدٌ وَأَنْ يَعْتَقِدَ فِيمَنْ يُقَلِّدُهُ الْفَضْلَ بِوُصُولِ أَخْبَارِهِ إِلَيْهِ وَلَا يُقَلِّدُهُ رَمْيًا فِي عَمَايَةٍ وَأَلَّا يَتَتَبَّعَ رُخَصَ الْمَذَاهِبِ قَالَ وَالْمَذَاهِبُ كُلُّهُا مَسَالِكُ إِلَى الْجَنَّةِ وَطُرُقٌ إِلَى السَّعَادَةِ فَمَنْ سَلَكَ مِنْهَا طَرِيقًا وَصَّلَهُ تَنْبِيهٌ قَالَ غَيْرُهُ يَجُوزُ تَقْلِيدُ الْمَذَاهِبِ وَالِانْتِقَالُ إِلَيْهَا فِي كُلِّ مَا لَا يُنْقَضُ فِيهِ حُكْمُ الْحَاكِمِ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ

مَا خَالَفَ الْإِجْمَاعَ أَوِ الْقَوَاعِدَ أَوِ النَّصَّ أَوِ الْقِيَاسَ الْجَلِيَّ فَإِنْ أَرَادَ رَحِمَهُ اللَّهُ بِالرُّخَصِ هَذِهِ الْأَرْبَعَةَ فَهُوَ حَسَنٌ مُتَعَيِّنٌ فَإِنَّ مَا لَا نقره مَعَ تأكده بِحكم الْحَاكِم فَأولى أَن لَا نقره قَبْلَ ذَلِكَ وَإِنْ أَرَادَ بِالرُّخَصِ مَا فِيهِ سُهُولَةٌ عَلَى الْمُكَلَّفِ كَيْفَ كَانَ يَلْزَمُهُ أَنْ يَكُونَ مَنْ قَلَّدَ مَالِكًا فِي الْمِيَاهِ وَالْأَرْوَاثِ وَتَرَكَ الْأَلْفَاظَ فِي الْعُقُودِ مُخَالِفًا لِتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَاعِدَةٌ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ مَنْ أَسْلَمَ فَلَهُ أَنْ يُقَلِّدَ مَنْ شَاءَ مِنَ الْعُلَمَاءِ بِغَيْرِ حَجْرٍ وَأَجْمَعَ الصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ عَلَى أَنَّ مَنِ اسْتَفْتَى أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَوْ قَلَّدَهُمَا فَلَهُ أَنْ يَسْتَفْتِيَ أَبَا هُرَيْرَةَ وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ وَغَيْرَهُمَا وَيَعْمَلَ بِقَوْلِهِمَا مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ فَمَنِ ادَّعَى رَفْعَ هَذَيْنِ الْإِجْمَاعَيْنِ فَعَلَيْهِ الدَّلِيلُ الثَّالِثُ إِذَا فَعَلَ الْمُكَلَّفُ فِعْلًا مُخْتَلَفًا فِي تَحْرِيمِهِ غَيْرَ مُقَلِّدٍ لِأَحَدٍ فَهَلْ نُؤَثِّمُهُ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّحْرِيمِ أَوْ لَا نُؤَثِّمُهُ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّحْلِيلِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ إِضَافَتُهُ إِلَى أَحَدِ الْمَذْهَبَيْنِ أَوْلَى مِنَ الْآخَرِ وَلَمْ يَسْأَلْنَا عَنْ مَذْهَبِنَا فَنُجِيبَهُ وَلَمْ أَرَ لِأَصْحَابِنَا فِيهِ نَصًّا وَكَانَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ يَقُولُ فِي هَذَا الْفَرْعِ إِنَّهُ آثِمٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ يَجِبُ عَلَيْهِ أَلَّا يُقْدِمَ عَلَى فِعْلٍ حَتَّى يَعْلَمَ حُكْمَ اللَّهِ تَعَالَى فِيهِ وَهَذَا أَقْدَمَ غَيْرَ عَالِمٍ فَهُوَ آثِمٌ بِتَرْكِ التَّعَلُّمِ وَأَمَّا تَأْثِيمُهُ بِالْفِعْلِ نَفْسِهِ فَإِنْ كَانَ مِمَّا عُلِمَ مِنَ الشَّرْعِ قُبْحُهُ أَثَّمْنَاهُ وَإِلَّا فَلَا الثَّانِيَةُ قَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ وَيُقَلَّدُ الْقَائِفُ الْعَدْلُ عِنْدَ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَرُوِيَ لَا بُدَّ مِنِ اثْنَيْنِ الثَّالِثَة قَالَ يجوز عِنْدَهُ تَقْلِيدُ التَّاجِرِ فِي قِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ إِلَّا أَن تتَعَلَّق

الْقِيمَةُ بِحَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا بُدَّ مِنِ اثْنَيْنِ لِدُرْبَةِ التَّاجِرِ بِالْقِيَمِ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنِ اثْنَيْنِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ الرَّابِعَةُ قَالَ وَيَجُوزُ تَقْلِيدُ الْقَاسِمِ بَيْنَ اثْنَيْنِ عِنْدَهُ وَابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَقْبَلُ قَوْلَ الْقَاسِمِ لِأَنَّه شَاهِدٌ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ الْخَامِسَةُ قَالَ يُقَلَّدُ الْمُقَوِّمُ لِأَرْشِ الْجِنَايَاتِ عِنْدَهُ السَّادِسَةُ قَالَ يُقَلَّدُ الْخَارِصُ الْوَاحِدُ فِيمَا يَخْرُصُهُ عِنْدَ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ السَّابِعَةُ قَالَ يُقَلَّدُ عِنْدَهُ الرَّاوِي فِيمَا يَرْوِيهِ الثَّامِنَةُ قَالَ يُقَلَّدُ الطَّبِيبُ عِنْدَهُ فِيمَا يَدَّعِيهِ التَّاسِعَةُ قَالَ يُقَلَّدُ الْمَلَّاحُ فِي الْقِبْلَةِ إِذَا خَفِيَتْ أَدِلَّتُهَا وَكَانَ عَدْلًا دَرِيًّا بِالسَّيْرِ فِي الْبَحْرِ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ كَانَتْ صِنَاعَتُهُ فِي الصَّحْرَاءِ وَهُوَ عَدْلٌ الْعَاشِر قَالَ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُ أَنْ يُقَلِّدَ عَامِّيٌّ عَامِّيًّا إِلَّا فِي رُؤْيَةِ الْهِلَالِ لِضَبْطِ التَّارِيخِ دُونَ الْعِبَادَةِ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ قَالَ وَيَجُوزُ عِنْدَهُ تَقْلِيدُ الصَّبِيِّ وَالْأُنْثَى وَالْكَافِرِ وَالْوَاحِدِ فِي الْهَدِيَّةِ وَالِاسْتِئْذَانِ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ قَالَ يُقَلَّدُ الْقَصَّابُ فِي الذَّكَاةِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى مُسْلِمًا أَوْ كِتَابِيًّا وَمَنْ مِثْلُهُ يَذْبَحُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ قَالَ يُقَلَّدُ مَحَارِيبُ الْبِلَادِ الْعَامِرَةِ الَّتِي تَتَكَرَّرُ الصَّلَاةُ فِيهَا وَيُعْلَمُ أَنَّ إِمَامَ الْمُسْلِمِينَ بَنَاهَا وَنَصَبَهَا أَوِ اجْتَمَعَ أَهْلُ الْبَلْدَةِ عَلَى بِنَائِهَا قَالَ لِأَنَّه قَدْ عَلِمَ أَنَّهَا لَمْ تُنْصَبْ إِلَّا بَعْدَ اجْتِهَادِ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ وَيُقَلِّدُهَا الْعَالِمُ وَالْجَاهِلُ وَأَمَّا غَيْرُ تِلْكَ فَعَلَى الْعَالِمِ الِاجْتِهَادُ فَإِنْ تَعَذَّرَتْ عَلَيْهِ الْأَدِلَّةُ صَلَّى إِلَى الْمِحْرَابِ إِذَا كَانَ الْبَلَدُ عَامِرًا لِأَنَّه أَقْوَى مِنَ الِاجْتِهَادِ بِغَيْرِ دَلِيلٍ وَأَمَّا الْعَامِّيُّ فَيُصَلِّي فِي سَائِرِ الْمَسَاجِدِ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ قَالَ يُقَلَّدُ الْعَامِّيُّ فِي تَرْجَمَةِ الْفَتْوَى بِاللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ أَوْ

الفصل الثالث فيمن يتعين عليه الاجتهاد

الْعَجَمِيِّ وَفِي قِرَاءَاتِهَا أَيْضًا وَلَا يَجُوزُ لِعَالِمٍ وَلَا لِجَاهِلٍ التَّقْلِيدُ فِي زَوَالِ الشَّمْسِ لِأَنَّه مُشَاهَدٌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِيمَنْ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الِاجْتِهَادُ أَفْتَى أَصْحَابُنَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ بِأَنَّ الْعِلْمَ عَلَى قِسْمَيْنِ فَرْضُ عَيْنٍ وَفَرْضُ كِفَايَةٍ وَحَكَى الشَّافِعِي فِي رِسَالَتِهِ وَالْغَزَّالِيُّ فِي إِحْيَاءِ عُلُومِ الدِّينِ الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ فَفَرْضُ الْعَيْنِ الْوَاجِبِ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ هُوَ عِلْمُهُ بِحَالَتِهِ الَّتِي هُوَ فِيهَا مِثَالُهُ رَجُلٌ أَسْلَمَ وَدَخَلَ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَعَلَّمَ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ طَعَامًا لِغِذَائِهِ قُلْنَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَعَلَّمَ مَا يَعْتَمِدُهُ فِي ذَلِكَ أَوْ أَرَادَ الزَّوَاجَ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَعَلَّمَ مَا يَعْتَمِدُهُ فِي ذَلِكَ أَوْ إِنْ أَرَادَ أَنْ يُؤَدِّيَ شَهَادَةً فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَعَلَّمَ شُرُوطَ التَّحَمُّلِ وَالْأَدَاءِ فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَصْرِفَ ذَهَبًا فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَعَلَّمَ حُكْمَ الصَّرْفِ فَكُلُّ حَالَةٍ يَتَّصِفُ بِهَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَعْلَمَ حُكْمَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ فِيهَا فَعَلَى هَذَا لَا يَنْحَصِرُ فَرْضُ الْعَيْنِ فِي الْعِبَادَاتِ وَلَا فِي بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْفِقْهِ كَمَا يَعْتَقِدُ كَثِيرٌ مِنَ الْأَغْبِيَاءِ وَعَلَى هَذَا الْقِسْمِ يُحْمَلُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فَمَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ حَالَةٌ فَعَلِمَ وَعَمِلَ بِمُقْتَضَى عِلْمِهِ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ تَعَالَى طَاعَتَيْنِ وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ وَلَمْ يَعْمَلْ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ مَعْصِيَتَيْنِ وَمَنْ عَلِمَ وَلَمْ يَعْمَلْ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ طَاعَةً وَعَصَى اللَّهَ مَعْصِيَةً فَفِي هَذَا الْمَقَامِ يَكُونُ الْعَالِمُ خَيْرًا مِنَ الْجَاهِلِ وَالْمَقَامُ الَّذِي يَكُونُ الْجَاهِلُ فِيهِ خَيْرًا مِنَ الْعَالِمِ مَنْ شَرِبَ خَمْرًا يَعْلَمُهُ وَشَرِبَهُ آخَرُ يَجْهَلُهُ فَإِنَّ الْعَالِمَ يَأْثَمُ بِخِلَافِ الْجَاهِلِ فَهُوَ أَحْسَنُ حَالًا من الْعَالم

الفصل الرابع في زمانه

وَكَذَلِكَ مَنِ اتَّسَعَ فِي الْعِلْمِ بَاعُهُ تَعْظُمُ مُؤَاخَذَتُهُ لِعُلُوِّ مَنْزِلَتِهِ بِخِلَافِ الْجَاهِلِ فَهُوَ أَسْعَدُ حَالًا مِنَ الْعَالِمِ فِي هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ وَأَمَّا فَرْضُ الْكِفَايَةِ فَهُوَ الْعِلْمُ الَّذِي لَا يَتَعَلَّقُ بِحَالَةِ الْإِنْسَانِ فَيَجِبُ عَلَى الْأُمَّةِ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ يَتَفَقَّهُونَ فِي الدِّينِ لِيَكُونُوا قُدْوَةً لِلْمُسْلِمِينَ حِفْظًا لِلشَّرْعِ مِنَ الضَّيَاعِ وَالَّذِي يَتَعَيَّنُ لِهَذَا مِنَ النَّاسِ مَنْ جَادَ حِفْظُهُ وَحَسُنَ إِدْرَاكُهُ وَطَابَتْ سَجِيَّتُهُ وَسَرِيرَتُهُ وَمَنْ لَا فَلَا الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي زَمَانِهِ اتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِ الِاجْتِهَادِ بَعْدَ وَفَاتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَمَّا فِي زَمَنِهِ فَوُقُوعُهُ مِنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ بِهِ الشَّافِعِي وَأَبُو يُوسُفَ وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ وَأَبُو هَاشِمٍ لم يكن متعبدا بِهِ وَلقَوْله تَعَالَى {إِن هُوَ إِلَّا وَحي يُوحى} وَقَالَ بَعْضُهُمْ كَانَ لَهُ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي الْحُرُوبِ دُونَ الْأَحْكَامِ قَالَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ وَتَوَقَّفَ أَكْثَرُ الْمُحَقِّقِينَ فِي الْكُلِّ وَأَمَّا وُقُوعُ الِاجْتِهَاد فِي زَمَنه عَلَيْهِ السَّلَام وَمن غَيْرِهِ فَقَلِيلٌ وَهُوَ جَائِزٌ عَقْلًا فِي الْحَاضِرِ عِنْدَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَالْغَائِبِ عَنْهُ وَقَدْ قَالَ لَهُ مُعَاذٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَجْتَهِدُ رَأْيِي الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي شَرَائِطِهِ وَهِيَ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِمَعَانِي الْأَلْفَاظِ وَعَوَارِضِهَا مِنَ التَّخْصِيصِ وَالنَّسْخِ وَأُصُولِ الْفِقْهِ وَمِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى مَا يَتَضَمَّنُ الْأَحْكَامَ وَهُوَ خَمْسُمِائَةِ آيَةٍ وَلَا

الفصل السادس في التصويب

يُشْتَرَطُ الْحِفْظُ بَلِ الْعِلْمُ بِمَوَاضِعِهَا لِيَنْظُرَهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَيْهَا وَمِنَ السُّنَّةِ مَوَاضِعُ أَحَادِيثِ الْأَحْكَامِ دُونَ حِفْظِهَا وَمَوَاضِعُ الْإِجْمَاعِ وَالِاخْتِلَافِ وَالْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ وَشَرَائِطِ الْحَدِّ وَالْبُرْهَانِ وَالنَّحْوِ وَاللُّغَةِ وَالتَّصْرِيفِ وَأَحْوَالِ الرُّوَاةِ وَيُقَلَّدُ مَنْ تَقَدَّمَ فِي ذَلِكَ. وَلَا يُشْتَرَطُ عُمُومُ النَّظَرِ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يُحَصِّلَ صِفَةَ الِاجْتِهَادِ فِي فَنٍّ دُونَ فَنٍّ وَفِي مَسْأَلَةٍ دُونَ مَسْأَلَةٍ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ. الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي التَّصْوِيبِ . قَالَ الْجَاحِظُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ الْعَنْبَرِيُّ بِتَصْوِيبِ الْمُجْتَهِدِينَ فِي أُصُولِ الدِّينِ بِمَعْنَى نَفْيِ الْإِثْمِ لَا بِمَعْنَى مُطَابَقَةِ الِاعْتِقَادِ وَاتَّفَقَ سَائِرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى فَسَادِهِ. وَأَمَّا فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ فَاخْتَلَفُوا هَلْ لِلَّهِ تَعَالَى فِي نَفْسِ الْأَمْرِ حُكْمٌ مُعَيَّنٌ فِي الْوَاقِعِ أَمْ لَا؟ وَالثَّانِي قَوْلُ مَنْ قَالَ كُلُّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْمُتَكَلِّمِينَ وَمِنْهُمُ الْأَشْعَرِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ مِنَّا وَأَبُو عَلِيٍّ وَأَبُو هَاشِمٍ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ. وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلَّهِ تَعَالَى حُكْمٌ مُعَيَّنٌ فَهَلْ فِي الْوَاقِعَةِ حُكْمٌ لَوْ كَانَ لِلَّهِ تَعَالَى حُكْمٌ مُعَيَّنٌ لَحَكَمَ بِهِ أَمْ لَا؟ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْقَوْلُ بِالْأَشْبَهِ وَهُوَ قَول جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُصَوِّبِينَ. وَالثَّانِي قَوْلُ بَعْضِهِمْ وَإِذَا قُلْنَا بِالْمُعَيَّنِ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَلِيلٌ ظَنِّيٌّ أَوْ قَطْعِيٌّ أَوْ لَيْسَ عَلَيْهِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَالثَّانِي هُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ والمتكلمين وَنقل عَن الشَّافِعِي وَهُوَ عِنْدَهُمْ كَدَفِينٍ يُعْثَرُ عَلَيْهِ بِالِاتِّفَاقِ

الفصل السابع في نقض الاجتهاد

وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ عَلَيْهِ دَلِيلًا ظَنِّيًّا فَهَلْ كُلِّفَ الْإِنْسَانُ بِطَلَبِ ذَلِكَ الدَّلِيلِ فَإِنْ أَخْطَأَهُ تَعَيَّنَ التَّكْلِيفُ إِلَى مَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ وَهُوَ قَوْلٌ أَوْ لَمْ يُكَلَّفْ بِطَلَبِهِ لِخَفَائِهِ وَهُوَ قَول كَافَّة الْفُقَهَاء مِنْهُم الشَّافِعِي وَأَبُو حنيفَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَالْقَائِلُونَ بِأَنَّ عَلَيْهِ دَلِيلًا قَطْعِيًّا اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمُكَلَّفَ مَأْمُورٌ بِطَلَبِهِ وَقَالَ بِشْرٌ الْمَرِيسِيُّ إِنَّ أَخْطَأَهُ اسْتَحَقَّ الْعِقَابَ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْعِقَابَ وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا هَلْ يُنْقَضُ قَضَاءُ الْقَاضِي إِذَا خَالَفَهُ قَالَ الْأَصَمُّ يُنْقَضُ وَقَالَ الْبَاقُونَ لَا يُنْقَضُ وَالْمَنْقُولُ عَنْ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الْمُصِيبَ وَاحِدٌ وَاخْتَارَهُ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ وَقَالَ عَلَيْهِ دَلِيلٌ ظَنِّيٌّ وَمُخَالِفُهُ مَعْذُورٌ وَالْقَضَاءُ لَا يُنْقَضُ لَنَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى شَرَعَ الشَّرَائِعَ لِتَحْصِيلِ الْمَصَالِحِ الْخَالِصَةِ أَوِ الرَّاجِحَةِ أَوْ دَرْءِ الْمَفَاسِدِ الْخَالِصَةِ أَوِ الرَّاجِحَةِ وَيَسْتَحِيلُ وُجُودُهَا فِي النَّقِيضَيْنِ فَيَتَّحِدُ الْحُكْمُ احْتَجُّوا بِانْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ الْمُجْتَهِدَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَّبِعَ مَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ وَلَوْ خَالَفَ الْإِجْمَاعَ وَكَذَلِكَ مَنْ قَلَّدَهُ وَلَا نَعْنِي بِحُكْمِ اللَّهِ إِلَّا ذَلِكَ فَكُلُّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ وَتَكُونُ ظُنُونُ الْمُجْتَهِدِينَ تَتْبَعُهَا الْأَحْكَامُ كَأَحْوَالِ الْمُضْطَرِّينَ وَالْمُخْتَارِينَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَيْتَةِ فَيَكُونُ الْفِعْلُ الْوَاحِدُ حَلَالًا حَرَامًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى شَخْصَيْنِ كالميتة الْفَصْل السَّابِع فِي نقض الِاجْتِهَاد أَمَّا فِي الْمُجْتَهِدِ فِي نَفْسِهِ فَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَّقَ طَلَاقَهَا الثَّلَاثَ عَلَى الْمِلْكِ بِالِاجْتِهَادِ فَإِنْ حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ ثُمَّ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ لَمْ يُنْقَضْ وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ نُقِضَ وَلَمْ يَجُزْ لَهُ إِمْسَاكُ الْمَرْأَةِ

الفصل الثامن في الاستفتاء

وَأَمَّا الْعَامِّيُّ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ بِقَوْلِ الْمُفْتِي ثمَّ تغير اجْتِهَاده فَالصَّحِيح أَنه تَجِبُ الْمُفَارَقَةُ قَالَهُ الْإِمَامُ وَكُلُّ حُكْمٍ اتَّصَلَ بِهِ قَضَاءُ الْقَاضِي اسْتَقَرَّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْقَضَاءُ مِمَّا يُنْقَضُ فِي نَفْسِهِ الْفَصْلُ الثَّامِن فِي الاستفتاء إِذَا اسْتُفْتِيَ مُجْتَهِدٌ فَأَفْتَى ثُمَّ سُئِلَ ثَانِيَةً عَنْ تِلْكَ الْحَادِثَةِ فَإِنْ كَانَ ذَاكِرًا لِاجْتِهَادِهِ الْأَوَّلِ أَفْتَى وَإِنْ نَسِيَ اسْتَأْنَفَ الِاجْتِهَادَ فَإِنْ أَدَّاهُ إِلَى خِلَافِ الْأَوَّلِ أَفْتَى بِالثَّانِي قَالَ الْإِمَامُ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُعَرِّفَ الْعَامِّيَّ لِيَرْجِعَ عَنْ ذَلِكَ الْقَوْلِ وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ الِاسْتِفْتَاءُ إِلَّا إِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ الَّذِي يَسْتَفْتِيهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ وَالْوَرَعِ فَإِنِ اخْتَلَفَ عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ فِي الْفَتْوَى فَقَالَ قَوْمٌ يَجِبُ عَلَيْهِ الِاجْتِهَادُ فِي أَعْلَمِهِمْ وَأَوْرَعِهِمْ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ قَوْمٌ لَا يَجِبُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْكُلَّ طُرُقٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَلَمْ يُنْكِرْ أَحَدٌ عَلَى الْعَوَامِّ فِي عَصْرٍ تَرْكَ النَّظَرِ فِي أَحْوَالِ الْعُلَمَاءِ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْأَوَّلِ فَإِنْ حَصَلَ ظَنُّ الِاسْتِوَاءِ مُطْلَقًا فَأَمْكَنَ أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ مُتَعَذِّرٌ كَمَا قِيلَ فِي الْأَمَارَاتِ وَأَمْكَنَ أَنْ يُقَالَ يَسْقُطُ عَنْهُ التَّكْلِيفُ وَيَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَإِنْ حَصَلَ ظَنُّ الرُّجْحَانِ مُطْلَقًا تَعَيَّنَ الْعَمَلُ بِالرَّاجِحِ وَإِنْ حَصَلَ مِنْ وَجْهٍ فَإِنْ كَانَ فِي الْعِلْمِ وَالِاسْتِوَاءِ فِي الدِّينِ فَمِنْهُمْ مَنْ خَيَّرَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَوْجَبَ الْأَخْذَ بِقَوْلِ الْأَعْلَمِ قَالَ الْإِمَامُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ وَلِذَلِكَ قُدِّمَ فِي إِمَامَةِ الصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَ فِي الدِّينِ وَالِاسْتِوَاءِ فِي الْعِلْمِ فَيَتَعَيَّنُ الْأَدْيَنُ

الفصل التاسع فيمن يتعين عليه الاستفتاء

فَإِنْ رُجِّحَ أَحَدُهُمَا فِي دِينِهِ وَالْآخَرُ فِي عِلْمِهِ فَقِيلَ يَتَعَيَّنُ الْأَدْيَنُ وَقِيلَ الْأَعْلَمُ قَالَ وَهُوَ الْأَرْجَحُ كَمَا مَرَّ الْفَصْلُ التَّاسِعُ فِيمَنْ يتَعَيَّن عَلَيْهِ الاستفتاء الَّذِي تَنْزِلُ بِهِ الْوَاقِعَةُ إِنْ كَانَ عَامِّيًّا وَجَبَ عَلَيْهِ الِاسْتِفْتَاءُ وَإِنْ كَانَ عَالِمًا لَمْ يَبْلُغْ دَرَجَةَ الِاجْتِهَادِ قَالَ فَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الِاسْتِفْتَاءُ وَإِنْ بَلَغَ دَرَجَةَ الِاجْتِهَادِ وَكَانَ قَدِ اجْتَهَدَ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ حُكْمٌ فَاتَّفَقُوا عَلَى تَعَيُّنِهِ فِي حَقِّهِ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَجْتَهِدْ فَأَكْثَرُ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّقْلِيدُ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ رَحِمَهُمُ اللَّهُ يَجُوزُ مُطْلَقًا وَقِيلَ يَجُوزُ لِلْعَالِمِ تَقْلِيدُ الْأَعْلَمِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَقِيلَ يَجُوزُ فِيمَا يَخُصُّهُ دُونَ مَا يُفْتِي بِهِ وَقَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ إِنْ ضَاقَ وَقْتُهُ عَنِ الِاجْتِهَادِ جَازَ وَإِلَّا فَلَا فَهَذِهِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ لَنَا قَوْله تَعَالَى {فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُم} وَلَا يَجُوزُ التَّقْلِيدُ فِي أُصُولِ الدِّينِ لِمُجْتَهِدٍ وَلَا لِلْعَوَامِّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تقف مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم} وَلِعِظَمِ الْخَطَرِ فِي الْخَطَأِ فِي جَانِبِ الرُّبُوبِيَّةِ بِخِلَافِ الْفُرُوعِ فَإِنَّهُ رُبَّمَا كَفَرَ فِي الْأَوَّلِ ويثاب فِي الثَّانِي جزما

(الباب العشرون في جميع أدلة المجتهدين وتصرفات المكلفين)

(الْبَابُ الْعِشْرُونَ فِي جَمِيعِ أَدِلَّةِ الْمُجْتَهِدِينَ وَتَصَرُّفَاتِ الْمُكَلَّفِينَ) وَفِيهِ فَصْلَانِ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْأَدِلَّةِ وَهِيَ عَلَى قِسْمَيْنِ أَدِلَّةُ مَشْرُوعِيَّتِهَا وَأَدِلَّةُ وُقُوعِهَا فَأَمَّا أَدِلَّةُ مَشْرُوعِيَّتِهَا فَتِسْعَةَ عَشَرَ بِالِاسْتِقْرَاءِ وَأَمَّا أَدِلَّةُ وُقُوعِهَا فَلَا يَحْصُرُهَا عَدَدٌ فَلْنَتَكَلَّمْ أَوَّلًا عَلَى أَدِلَّةِ مَشْرُوعِيَّتِهَا فَنَقُولُ هِيَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَإِجْمَاعُ الْأُمَّةِ وَإِجْمَاعُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْقِيَاسُ وَقَوْلُ الصَّحَابِيِّ وَالْمَصْلَحَةُ الْمُرْسَلَةُ وَالِاسْتِصْحَابُ وَالْبَرَاءَةُ الْأَصْلِيَّةُ وَالْعَوَائِدُ وَالِاسْتِقْرَاءُ وَسَدُّ الذَّرَائِعِ وَالِاسْتِدْلَالُ وَالِاسْتِحْسَانُ وَالْأَخْذُ بِالْأَخَفِّ والعصمة وَإِجْمَاع أهل الْكُوفَة وَإِجْمَاع الْعشْرَة وَإِجْمَاعُ الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ فَأَمَّا الْخَمْسَةُ الْأُولَى فَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا وَأَمَّا قَوْلُ الصَّحَابِيِّ فَهُوَ حجَّة عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ فِي قَوْلِهِ الْقَدِيمِ مُطْلَقًا لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ بِأَيِّهِمُ اقْتَدَيْتُمُ اهْتَدَيْتُمْ

المصلحة المرسلة

وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إِنْ خَالَفَ الْقِيَاسَ فَهُوَ حُجَّةٌ وَإِلَّا فَلَا وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا حُجَّةٌ دُونَ غَيْرِهِمَا وَقِيلَ قَوْلُ الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ حُجَّةٌ إِذَا اتَّفَقُوا الْمَصْلَحَةُ الْمُرْسَلَةُ وَالْمَصَالِحُ بِالْإِضَافَةِ إِلَى شَهَادَةِ الشَّرْعِ لَهَا بِالِاعْتِبَارِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ مَا شَهِدَ الشَّرْعُ بِاعْتِبَارِهِ وَهُوَ الْقِيَاسُ الَّذِي تَقَدَّمَ وَمَا شَهِدَ الشَّرْعُ بِعَدَمِ اعْتِبَارِهِ نَحْوَ الْمَنْعِ مِنْ زِرَاعَةِ الْعِنَبِ لِئَلَّا يُعْصَرَ مِنْهُ الْخَمْرُ وَمَا لَمْ يَشْهَدْ لَهُ بِاعْتِبَارٍ وَلَا بِإِلْغَاءٍ وَهُوَ الْمَصْلَحَةُ الْمُرْسَلَةُ وَهِيَ عِنْدَ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ حُجَّةٌ وَقَالَ الْغَزَّالِيُّ إِنْ وَقَعَتْ فِي مَحَلِّ الْحَاجَةِ أَوِ التَّتِمَّةِ فَلَا تُعْتَبَرُ وَإِنْ وَقَعَتْ فِي مَحَلِّ الضَّرُورَةِ فَيَجُوزُ أَنْ يُؤَدِّيَ إِلَيْهَا اجْتِهَادُ مُجْتَهِدٍ وَمِثَالُهُ تَتَرُّسُ الْكُفَّارِ بِجَمَاعَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَلَوْ كَفَفْنَا عَنْهُمْ لَصَدَمُونَا وَاسْتَوْلَوْا عَلَيْنَا وَقَتَلُوا الْمُسْلِمِينَ كَافَّةً وَلَوْ رَمَيْنَاهُمْ لَقَتَلْنَا التُّرْسَ مَعَهُمْ قَالَ فَيُشْتَرَطُ فِي هَذِهِ الْمَصْلَحَةِ أَنْ تَكُونَ كُلِّيَّةً قَطْعِيَّةً ضَرُورِيَّةً فَالْكُلِّيَّةُ احْتِرَازٌ عَمَّا إِذَا تَتَرَّسُوا فِي قَلْعَةٍ بِمُسْلِمِينَ فَلَا يَحِلُّ رَمْيُ الْمُسْلِمِينَ إِذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَرْكِ تِلْكَ الْقَلْعَةِ فَسَادٌ عَامٌّ وَالْقَطْعِيَّةُ احْتِرَازٌ عَمَّا إِذَا لَمْ يُقْطَعْ بِاسْتِيلَاءِ الْكُفَّارِ عَلَيْنَا إِذَا لَمْ نَقْصِدِ التُّرْسَ وَعَنِ الْمُضْطَرِّ يَأْكُل قِطْعَة من فَخذه والضرورية احْتِرَاز عَن الْمُنَاسِبِ الْكَائِنِ فِي مَحَلِّ الْحَاجَةِ وَالتَّتِمَّةِ

الاستصحاب

لَنَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا بَعَثَ الرُّسُلَ لِتَحْصِيلِ مَصَالِحِ الْعِبَادِ عَمَلًا بِالِاسْتِقْرَاءِ فَمَهْمَا وَجَدْنَا مَصْلَحَةً غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهَا مَطْلُوبَةٌ لِلشَّرْعِ الِاسْتِصْحَابُ وَمَعْنَاهُ أَنَّ اعْتِقَادَ كَوْنِ الشَّيْءِ فِي الْمَاضِي أَوِ الْحَاضِرِ يُوجِبُ ظَنَّ ثُبُوتِهِ فِي الْحَالِ أَوِ الِاسْتِقْبَالِ وَهَذَا الظَّنُّ عِنْدَ مَالِكٍ وَالْإِمَامِ فَخْرِ الدِّينِ وَالْمُزَنِيِّ وَأَبِي بَكْرٍ الصَّيْرَفِيِّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ حُجَّةٌ خِلَافًا لِجُمْهُورِ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ لَنَا أَنَّهُ قَضَاءٌ بِالطَّرَفِ الرَّاجِحِ فَيَصِحُّ كَأُرُوشِ الْجِنَايَاتِ وَاتِّبَاعِ الشَّهَادَاتِ الْبَرَاءَةُ الْأَصْلِيَّةُ وَهِيَ اسْتِصْحَابُ حُكْمِ الْعَقْلِ فِي عَدَمِ الْأَحْكَامِ خِلَافًا للمعتزلة والأبهري وَأبي الْفرج منا وَثُبُوت عَدَمِ الْحُكْمِ فِي الْمَاضِي يُوجِبُ ظَنَّ عَدَمِهِ فِي الْحَالِ فَيَجِبُ الِاعْتِمَادُ عَلَى هَذَا الظَّنِّ بَعْدَ الْفَحْصِ عَنْ رَافِعِهِ وَعَدَمِ وُجُودِهِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ طَائِفَةٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ الْعَوَائِدُ وَالْعَادَةُ غَلَبَةُ مَعْنًى مِنَ الْمَعَانِي عَلَى النَّاسِ وَقَدْ تَكُونُ هَذِهِ الْغَلَبَةُ فِي سَائِرِ الْأَقَالِيمِ كَالْحَاجَةِ لِلْغِذَاءِ وَالتَّنَفُّسِ فِي الْهَوَاءِ وَقَدْ تَكُونُ خَاصَّةً بِبَعْضِ الْبِلَادِ كَالنُّقُودِ وَالْعُيُوبِ وَقَدْ تَكُونُ خَاصَّةً بِبَعْضِ الْفِرَقِ كَالْأَذَانِ لِلْإِسْلَامِ وَالنَّاقُوسِ لِلنَّصَارَى فَهَذِهِ الْعَادَةُ يُقْضَى بِهَا عِنْدَنَا لِمَا تَقَدَّمَ فِي الِاسْتِصْحَابِ الِاسْتِقْرَاءُ وَهُوَ تَتَبُّعُ الْحُكْمِ فِي جُزْئِيَّاتِهِ عَلَى حَالَةٍ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ فِي صُورَةِ

سد الذرائع

النِّزَاعِ عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ كَاسْتِقْرَائِنَا الْفَرْضَ فِي جزئياته بِأَنَّهُ لَا يُؤَدِّي على الرحلة فَيَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ الْوَتْرَ لَوْ كَانَ فَرْضًا لَمَا أُدِيَ عَلَى الرَّاحِلَةِ وَهَذَا الظَّنُّ حُجَّةٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الْفُقَهَاءِ سَدُّ الذَّرَائِعِ الذَّرِيعَةُ الْوَسِيلَةُ لِلشَّيْءِ وَمَعْنَى ذَلِكَ حَسْمُ مَادَّةِ وَسَائِلِ الْفَسَادِ دَفْعًا لَهُ فَمَتَى كَانَ الْفِعْلُ السَّالِمُ مِنَ الْمَفْسَدَةِ وَسِيلَةً إِلَى الْمَفْسَدَةِ مَنَعْنَا مِنْ ذَلِكَ الْفِعْلِ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ تَنْبِيهٌ يُنْقَلُ عَنْ مَذْهَبِنَا أَنَّ مِنْ خَوَاصِّهِ اعْتِبَارَ الْعَوَائِدِ وَالْمَصْلَحَةِ الْمُرْسَلَةَ وَسَدِّ الذَّرَائِعِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ أَمَّا الْعُرْفُ فَمُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْمَذَاهِبِ وَمَنِ اسْتَقْرَأَهَا وَجَدَهُمْ يُصَرِّحُونَ بِذَلِكَ فِيهَا وَأَمَّا الْمَصْلَحَةُ الْمُرْسَلَةُ فَغَيْرُنَا يُصَرِّحُ بِإِنْكَارِهَا وَلَكِنَّهُمْ عِنْدَ التَّفْرِيعِ تَجِدُهُمْ يُعَلِّلُونَ بِمُطْلَقِ الْمَصْلَحَةِ وَلَا يُطَالِبُونَ أَنْفُسَهُمْ عِنْدَ الْفَوَارِقِ وَالْجَوَامِعِ بِإِبْدَاءِ الشَّاهِدِ لَهَا بِالِاعْتِبَارِ بَلْ يَعْتَمِدُونَ عَلَى مُجَرَّدِ الْمُنَاسَبَةِ وَهَذَا هُوَ الْمَصْلَحَةُ الْمُرْسَلَةُ وَأَمَّا الذَّرَائِعُ فَقَدْ أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ أَحَدُهَا مُعْتَبَرٌ إِجْمَاعًا كَحَفْرِ الْآبَارِ فِي طُرُقِ الْمُسْلِمِينَ وَإِلْقَاءِ السُّمِّ فِي أَطْعِمَتِهِمْ وَسَبِّ الْأَصْنَامِ عِنْدَ مَنْ يُعْلَمُ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ يَسُبُّ اللَّهَ تَعَالَى حِينَئِذٍ وَثَانِيهَا مُلْغًى إِجْمَاعًا كَزِرَاعَةِ الْعِنَبِ فَإِنَّهُ لَا يُمْنَعُ خَشْيَةَ الْخَمْرِ وَالشَّرِكَةِ فِي سُكْنَى الْآدَرِ خَشْيَةَ الزِّنَا وَثَالِثُهَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ كَبُيُوعِ الْآجَالِ اعْتَبَرْنَا نَحْنُ الذَّرِيعَةَ فِيهَا وَخَالَفَنَا غَيرنَا

قاعدة

فَحَاصِلُ الْقَضِيَّةِ أَنَّا قُلْنَا بِسَدِّ الذَّرَائِعِ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِنَا لَا أَنَّهَا خَاصَّةٌ بِنَا وَاعْلَمْ أَنَّ الذَّرِيعَةَ كَمَا يَجِبُ سَدُّهَا يَجِبُ فَتْحُهَا وَيُكْرَهُ وَيُنْدَبُ وَيُبَاحُ فَإِنَّ الذَّرِيعَةَ هِيَ الْوَسِيلَةُ فَكَمَا أَنَّ وَسِيلَةَ الْمُحَرَّمِ مُحَرَّمَةٌ فَوَسِيلَةُ الْوَاجِبِ وَاجِبَة كالسعي للمجمعة وَالْحَجِّ وَمَوَارِدُ الْأَحْكَامِ عَلَى قِسْمَيْنِ مَقَاصِدُ وَهِيَ الْمُتَضَمِّنَةُ لِلْمَصَالِحِ وَالْمَفَاسِدِ فِي أَنْفُسِهَا وَوَسَائِلُ وَهِيَ الطُّرُقُ الْمُفْضِيَةُ إِلَيْهَا وَحُكْمُهَا حُكْمُ مَا أَفْضَتْ إِلَيْهِ مِنْ تَحْرِيمٍ أَوْ تَحْلِيلٍ غَيْرَ أَنَّهَا أَخْفَضُ رُتْبَةً مِنَ الْمَقَاصِدِ فِي حُكْمِهَا فَالْوَسِيلَةُ إِلَى أَفْضَلِ الْمَقَاصِدِ أَفْضَلُ الْوَسَائِلِ وَإِلَى أَقْبَحِ الْمَقَاصِدِ أَقْبَحُ الْوَسَائِلِ وَإِلَى مَا هُوَ مُتَوَسِّطٍ مُتَوَسِّطَةٌ وَيُنَبِّهُ عَلَى اعْتِبَارِ الْوَسَائِلِ قَوْله تَعَالَى {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلا إِلا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ} فَأَثَابَهُمْ عَلَى الظَّمَأِ وَالنَّصَبِ وَإِنْ لَمْ يَكُونَا مِنْ فِعْلِهِمْ لِأَنَّهُمَا حَصَلَا لَهُمْ بِسَبَبِ التَّوَسُّلِ إِلَى الْجِهَادِ الَّذِي هُوَ وَسِيلَةٌ لِإِعْزَازِ الدِّينِ وَصَوْنِ الْمُسْلِمِينَ فَالِاسْتِعْدَادُ وَسِيلَةٌ إِلَى الْوَسِيلَةِ قَاعِدَةٌ كُلَّمَا سَقَطَ اعْتِبَارُ الْمَقْصِدِ سَقَطَ اعْتِبَارُ الْوَسِيلَةِ فَإِنَّهَا تَبَعٌ وَقَدْ خُولِفَتْ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ فِي الْحَجِّ فِي إِمْرَارِ الْمُوسَى عَلَى رَأْسِ مَنْ لَا شَعْرَ لَهُ مَعَ أَنَّهُ وَسِيلَةٌ إِلَى إِزَالَةِ الشَّعْرِ فَيَحْتَاجُ إِلَى مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَقْصُودٌ فِي نَفْسِهِ وَإِلَّا فَهُوَ مُشْكِلٌ تَنْبِيهٌ قَدْ تَكُونُ وَسِيلَةُ الْمُحَرَّمِ غَيْرَ مُحَرَّمَةٍ إِذَا أَفْضَتْ إِلَى مَصْلَحَةٍ رَاجِحَةٍ

الاستدلال

كَالتَّوَسُّلِ إِلَى فِدَاءِ الْأَسْرَى بِدَفْعِ الْمَالِ إِلَى الْعَدُوِّ الَّذِي حَرُمَ عَلَيْهِمُ الِانْتِفَاعُ بِهِ لِكَوْنِهِمْ مُخَاطَبِينَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ عِنْدَنَا وَكَدَفْعِ مَالٍ لِرَجُلٍ يَأْكُلُهُ حَرَامًا حَتَّى لَا يَزْنِيَ بِامْرَأَةٍ إِذَا عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ إِلَّا بِهِ وَكَدَفْعِ الْمَالِ لِلْمُحَارِبِ حَتَّى لَا يَقْتَتِلَ هُوَ وَصَاحِبُ الْمَالِ وَاشْتَرَطَ مَالِكٌ فِيهِ الْيَسَارَةَ وَمِمَّا يُشَنَّعُ بِهِ عَلَى مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ مُخَالَفَتُهُ لِحَدِيثِ بَيْعِ الْخِيَارِ مَعَ رِوَايَتِهِ لَهُ وَهُوَ مَهْيَعٌ مُتَّسِعٌ وَمَسْلَكٌ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ فَلَا يُوجَدُ عَالِمٌ إِلَّا وَقَدْ خَالَفَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَدِلَّةً كَثِيرَةً وَلَكِنْ لِمُعَارِضٍ رَاجِحٍ عَلَيْهَا عِنْدَ مُخَالِفِهَا وَكَذَلِكَ تَرَكَ مَالِكٌ هَذَا الْحَدِيثَ لِمُعَارِضٍ رَاجِحٍ عِنْدَهُ وَهُوَ عَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَلَيْسَ هَذَا بَابًا اخْتَرَعَهُ وَلَا بِدْعًا ابْتَدَعَهُ وَمِنْ هَذَا الْبَاب مَا يروي عَن الشَّافِعِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ إِذَا صَحَّ الْحَدِيثُ فَهُوَ مَذْهَبِي أَوْ فَاضْرِبُوا بِمَذْهَبِي عُرْضَ الْحَائِطِ فَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ مَعَ عَدَمِ الْمُعَارِضِ فَهَذَا مَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً وَلَيْسَ خَاصًّا بِهِ وَإِنْ كَانَ مَعَ وُجُودِ الْمُعَارِضِ فَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ وَلَيْسَ هَذَا الْقَوْلُ خَاصًّا بِمَذْهَبِهِ كَمَا ظَنَّهُ بَعْضُهُمْ الِاسْتِدْلَالُ وَهُوَ مُحَاوَلَةُ الدَّلِيلِ الْمُفْضِي إِلَى الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ مِنْ جِهَةِ الْقَوَاعِدِ لَا مِنَ الْأَدِلَّةِ الْمَنْصُوبَةِ وَفِيهِ قَاعِدَتَانِ الْقَاعِدَةُ الْأُولَى فِي الْمُلَازَمَاتِ وَضَابِطُ الْمَلْزُومِ مَا يَحْسُنُ فِيهِ لَوْ وَاللَّازِمُ مَا يَحْسُنُ فِيهِ اللَّامُ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلا اللَّهُ لفسدتا} وَكَقَوْلِنَا إِنْ كَانَ هَذَا الطَّعَامُ مُهْلِكًا فَهُوَ حَرَامٌ تَقْدِيرُهُ لَوْ كَانَ مُهْلِكًا لَكَانَ حَرَامًا

القاعدة الثانية

فَالِاسْتِدْلَالُ إِمَّا بِوُجُودِ الْمَلْزُومِ أَوْ بِعَدَمِهِ أَوْ بِوُجُودِ اللَّازِمِ أَوْ بِعَدَمِهِ فَهَذِهِ الْأَرْبَعَةُ مِنْهَا اثْنَانِ مُنْتِجَانِ وَاثْنَانِ عَقِيمَانِ فَالْمُنْتِجَانِ الِاسْتِدْلَالُ بِوُجُودِ الْمَلْزُومِ عَلَى وُجُودِ اللَّازِمِ وَبِعَدَمِ اللَّازِمِ عَلَى عَدَمِ الْمَلْزُومِ فَكُلُّ مَا أَنْتَجَ وُجُودُهُ فَعَدَمُهُ عَقِيمٌ وَكُلُّ مَا أَنْتَجَ عَدَمُهُ فَوُجُودُهُ عَقِيمٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ اللَّازِمُ مُسَاوِيًا لِلْمَلْزُومِ فَتُنْتِجُ الْأَرْبَعَةُ نَحْوَ قَوْلِنَا لَوْ كَانَ هَذَا إِنْسَانًا لَكَانَ ضَاحِكًا بِالْقُوَّةِ ثُمَّ الْمُلَازَمَةُ قَدْ تَكُونُ قَطْعِيَّةً كَالْعِشْرَةِ مَعَ الزَّوْجِيَّةِ وَظَنِّيَّةً كَالنَّجَاسَةِ مَعَ كَأْسِ الْحَجَّامِ وَقَدْ تَكُونُ كُلِّيَّةً كَالتَّكْلِيفِ مَعَ الْعَقْلِ فَكُلُّ مُكَلَّفٍ عَاقِلٌ فِي سَائِرِ الْأَزْمَانِ وَالْأَحْوَالِ فَكُلِّيَّتُهَا بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ لَا بِاعْتِبَارِ الْأَشْخَاصِ وَجُزْئِيَّةً كَالْوُضُوءِ مَعَ الْغُسْلِ فَالْوُضُوءُ لَازِمٌ لِلْغُسْلِ إِذَا سَلِمَ مِنَ النَّوَاقِضِ حَالَ إِيقَاعِهِ فَقَطْ فَلَا جَرَمَ لَمْ يَلْزَمْ مِنِ انْتِفَاءِ اللَّازِمِ الَّذِي هُوَ الْوُضُوءُ انْتِفَاءُ الْمَلْزُومِ الَّذِي هُوَ الْغُسْلُ لِأَنَّه لَيْسَ كُلِّيًّا بِخِلَافِ انْتِفَاءِ الْعَقْلِ فَإِنَّهُ يُوجِبُ انْتِفَاءَ التَّكْلِيفِ فِي سَائِرِ الصُّوَرِ الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمَنَافِعِ الْإِذْنُ وَفِي الْمَضَارِّ الْمَنْعُ بِأَدِلَّةِ السَّمْعِ لَا بِالْعَقْلِ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ وَقَدْ تَعْظُمُ الْمَنْفَعَةُ فَيَصْحَبُهَا النَّدْبُ أَوِ الْوُجُوبُ مَعَ الْإِذْنِ وَقَدْ تَعْظُمُ الْمَضَرَّةُ فَيَصْحَبُهَا التَّحْرِيمُ عَلَى قَدْرِ رُتْبَتِهَا فَيُسْتَدَلُّ عَلَى الْأَحْكَامِ بِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ الِاسْتِحْسَانُ قَالَ الْبَاجِيُّ هُوَ الْقَوْلُ بِأَقْوَى الدَّلِيلَيْنِ وَعَلَى هَذَا يَكُونُ حُجَّةً إِجْمَاعًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَقِيلَ هُوَ الْحُكْمُ بِغَيْرِ دَلِيلٍ وَهَذَا اتِّبَاعٌ لِلْهَوَى فَيَكُونُ حَرَامًا إِجْمَاعًا

الأخذ بالأخف

وَقَالَ الْكَرْخِيُّ هُوَ الْعُدُولُ عَمَّا حُكِمَ بِهِ فِي نَظَائِرِ مَسْأَلَةٍ إِلَى خِلَافِهِ لِوَجْهٍ أَقْوَى مِنْهُ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْعُدُولُ عَنِ الْعُمُومِ إِلَى الْخُصُوصِ اسْتِحْسَانًا وَمِنَ النَّاسِخِ إِلَى الْمَنْسُوخِ وَقَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ هُوَ تَرْكُ وَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الِاجْتِهَادِ غَيْرِ شَامِلٍ شُمُولَ الْأَلْفَاظِ لِوَجْهٍ أَقْوَى مِنْهُ وَهُوَ فِي حُكْمِ الطَّارِئِ عَلَى الْأَوَّلِ فَبِالْأَوَّلِ خَرَجَ الْعُمُومُ وَبِالثَّانِي خَرَجَ ترك الْقيَاس الْمَرْجُوح للْقِيَاس الرَّاجِح لعدم طريانه عَلَيْهِ وَهُوَ حُجَّةٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَبَعْضِ الْبَصْرِيِّينَ منا وَأنْكرهُ الْعِرَاقِيُّونَ الْأَخْذ بالأخف هُوَ عِنْد الشَّافِعِي رَحِمَهُ اللَّهُ حُجَّةٌ كَمَا قِيلَ فِي دِيَةِ الْيَهُودِيِّ إِنَّهَا مُسَاوِيَةٌ لِدِيَةِ الْمُسْلِمِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ نِصْفُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ وَهُوَ قَوْلُنَا وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ ثُلُثُهَا أَخْذًا بِالْأَقَلِّ فَأَوْجَبَ الثُّلُثَ فَقَطْ لِأَنَّه مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَمَا زَادَ مَنْفِيٌّ بِالْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ الْعِصْمَةُ وَهِيَ أَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيٍّ أَوْ لِعَالِمٍ احْكُمْ فَإِنَّكَ لَا تَحْكُمُ إِلَّا بِالصَّوَابِ فَقَطَعَ بِوُقُوعِ ذَلِكَ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَقَطَعَ جُمْهُورُ الْمُعْتَزِلَةِ بِامْتِنَاعِهِ وَتَوَقَّفَ الشَّافِعِي فِي امْتِنَاعِهِ وَجَوَازِهِ وَوَافَقَهُ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ إِجْمَاعُ أَهْلِ الْكُوفَةِ ذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ حُجَّةٌ لِكَثْرَةِ مَنْ وَرَدَهَا مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ كَمَا قَالَ مَالِكٌ فِي إِجْمَاعِ الْمَدِينَةِ فَهَذِهِ أَدِلَّةُ مَشْرُوعِيَّةِ الْأَحْكَامِ

قاعدة

قَاعِدَةٌ يَقَعُ التَّعَارُضُ فِي الشَّرْعِ بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ وَالْبَيِّنَتَيْنِ وَالْأَصْلَيْنِ وَالظَّاهِرَيْنِ وَالْأَصْلِ وَالظَّاهِرِ وَيَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ. فَالدَّلِيلَانِ نَحْوَ قَوْله تَعَالَى {إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم} وَهُوَ يَتَنَاوَلُ الْجَمْعَ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ فِي الْمِلْكِ وَقَوله {وَأَن تجمعُوا بَين الْأُخْتَيْنِ} يَقْتَضِي تَحْرِيمَ الْجَمْعِ مُطْلَقًا وَلِذَلِكَ قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَرَّمَتْهُمَا آيَةٌ وَأَحَلَّتْهُمَا آيَةٌ وَذَلِكَ كَثِيرٌ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَل يخبر بَيْنَهُمَا أَوْ يَسْقُطَانِ؟ وَالْبَيِّنَتَانِ نَحْوَ شَهَادَةٍ بَيِّنَةٍ بِأَنَّ هَذِهِ الدَّارَ لِزَيْدٍ وَشَهَادَةٍ أُخْرَى بِأَنَّهَا لِعَمْرٍو فَهَلْ تَتَرَجَّحُ إِحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ؟ خِلَافٌ وَالْأَصْلَانِ نَحْوَ رَجُلٍ قَطَعَ رَجُلًا مَلْفُوفًا نِصْفَيْنِ ثُمَّ نَازع أولياؤه فِي أَنَّهُ كَانَ حَيًّا حَالَةَ الْقَطْعِ فَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنَ الْقِصَاصِ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الْحَيَاةِ فَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي نَفْيِ الْقِصَاصِ وَثُبُوتِهِ أَوِ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَلْفُوفًا فِي ثِيَابِ الْأَمْوَاتِ أَوِ الْأَحْيَاءِ وَنَحْوَ الْعَبْدِ إِذَا انْقَطَعَ خَبَرُهُ فَهَلْ تَجِبُ زَكَاةُ فِطْرِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ حَيَاتِهِ أَوْ لَا تَجِبُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ خِلَافٌ وَالظَّاهِرَانِ نَحْوَ اخْتِلَافِ الزَّوْجَيْنِ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ فَإِنَّ الْيَدَ ظَاهِرَةٌ فِي الْمِلْكِ وَلكُل وَاحِد مِنْهُمَا يَد فسوى الشَّافِعِي بَيْنَهُمَا وَرَجَّحْنَا نَحْنُ أَحَدَهُمَا بِالْعَادَةِ

وَنَحْوَ شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ مُنْفَرِدَيْنِ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَالسَّمَاءِ مُصْحِيَةٌ فَظَاهِرُ الْعَدَالَةِ الصِّدْقُ وَظَاهِرُ الصَّحْوِ اشْتِرَاكُ النَّاسِ فِي الرُّؤْيَةِ فَرَجَّحَ مَالِكٌ الْعَدَالَةَ وَرَجَّحَ سَحْنُونٌ الصَّحْوَ وَالْأَصْلُ وَالظَّاهِرُ كَالْمَقْبَرَةِ الْقَدِيمَةِ الظَّاهِرِ تَنْجِيسُهَا فَتَحْرُمُ الصَّلَاةُ فِيهَا وَالْأَصْلُ عَدَمُ النَّجَاسَةِ وَكَذَلِكَ اخْتِلَافُ الزَّوْجَيْنِ فِي النَّفَقَةِ ظَاهِرُ الْعَادَةِ دَفعهَا وَالْأَصْل بَقَاؤُهَا فغلبنا نَحن الأول وَالشَّافِعِيّ الثَّانِيَ وَنَحْوَ اخْتِلَافِ الْجَانِي مَعَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي سَلَامَةِ الْعُضْوِ أَوْ وُجُودِهِ الظَّاهِرُ سَلَامَةُ أَعْضَاءِ النَّاسِ وَوُجُودُهَا وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ فَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ وَاتَّفَقُوا عَلَى تَغْلِيبِ الْأَصْلِ عَلَى الْغَالِبِ فِي الدَّعَاوَى فَإِنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ وَالْغَالِبُ الْمُعَامَلَاتُ لَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ الْمُدَّعِي مِنْ أَهْلِ الدِّينِ وَالْوَرَعِ وَاتَّفَقُوا عَلَى تَغْلِيبِ الْغَالِبِ عَلَى الْأَصْلِ فِي الْبَيِّنَةِ فَإِنَّ الْغَالِبَ صِدْقُهَا وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ فَائِدَةٌ الْأَصْلُ أَنْ يَحْكُمَ الشَّرْعُ بِالِاسْتِصْحَابِ أَوْ بِالظُّهُورِ إِذَا انْفَرَدَ عَنِ الْمُعَارِضِ وَقَدِ اسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ أُمُورٌ لَا يُحْكَمُ فِيهَا إِلَّا بِمَزِيدِ تَرْجِيحٍ يُضَمُّ إِلَيْهِ أَحَدُهَا ضَمَّ الْيَمِينِ إِلَى النُّكُولِ فَيَجْتَمِعُ الظَّاهِرَانِ وَثَانِيهَا تَحْلِيفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَجْتَمِعُ اسْتِصْحَابُ الْبَرَاءَةِ مَعَ ظُهُورِ الْيَمِينِ وَثَالِثُهَا اشْتِبَاهُ الْأَوَانِي وَالْأَثْوَابُ يُجْتَهَدُ فِيهَا عَلَى الْخِلَافِ فَيَجْتَمِعُ الْأَصْلُ مَعَ ظُهُورِ الِاجْتِهَادِ وَيُكْتَفَى فِي الْقِبْلَةِ بِمُجَرَّدِ الِاجْتِهَادِ لِتَعَذُّرِ

الفصل الثاني في تصرفات المكلفين في الأعيان

انْحِصَارِ الْقِبْلَةِ فِي جِهَةٍ حَتَّى يَسْتَصْحِبَ فِيهَا فَهَذِهِ أَدِلَّةُ مَشْرُوعِيَّةِ الْأَحْكَامِ وَتَفَاصِيلُ أَحْوَالِهَا وَأَمَّا أَدِلَّةُ وُقُوعِ الْأَحْكَامِ بَعْدَ مَشْرُوعِيَّتِهَا فَلَا تُعَدُّ وَلَا تَقِفُ عِنْدَ حَدٍّ فَهِيَ أَدِلَّةُ وُقُوعِ أَسْبَابِهَا وَحُصُولِ شُرُوطِهَا وَانْتِفَاءِ مَوَانِعِهَا وَهِيَ غَيْرُ مَحْصُورَةٍ وَهِيَ إِمَّا مَعْلُومَةٌ بِالضَّرُورَةِ كَدَلَالَةِ زِيَادَةِ الظِّلِّ عَلَى الزَّوَالِ أَوْ كَمَالِ الْعِدَّةِ عَلَى الْهِلَالِ وَإِمَّا مَظْنُونَةٌ كَالْأَقَارِيرِ وَالْبَيِّنَاتِ وَالْأَيْمَانِ وَالنُّكُولَاتِ وَالْأَيْدِي على الْأَمْلَاك وشعائر الْإِسْلَام عَلَيْهِ الَّذِي هُوَ شَرْطٌ فِي الْمِيرَاثِ وَشَعَائِرِ الْكُفْرِ عَلَيْهِ وَهُوَ مَانِعٌ مِنَ الْمِيرَاثِ وَهَذَا بَابٌ لَا يُعَدُّ وَلَا يُحْصَى الْفَصْلُ الثَّانِي فِي تَصَرُّفَاتِ الْمُكَلَّفِينَ فِي الْأَعْيَانِ وَهِيَ إِمَّا نَقْلٌ أَوْ إِسْقَاطٌ أَوْ قَبْضٌ أَوْ إِقْبَاضٌ أَوِ الْتِزَامٌ أَوْ خَلْطٌ أَوْ إِنْشَاءُ مِلْكٍ أَوِ اخْتِصَاصٌ أَوْ إِذْنٌ أَوْ إِتْلَافٌ أَوْ تَأْدِيبٌ وَزَجْرٌ النَّقْلُ يَنْقَسِمُ إِلَى مَا هُوَ بِعِوَضٍ فِي الْأَعْيَانِ كَالْبيع وَالْقَرْض أَو فِي الْمَنَافِع كَالْإِجَارَةِ وتندرج فِيهَا الْمُسَاقَاةُ وَالْقِرَاضُ وَالْمُزَارَعَةُ وَالْجَعَالَةُ وَإِلَى مَا هُوَ بِغَيْرِ عِوَضٍ كَالْهَدَايَا وَالْوَصَايَا وَالْعُمْرَى وَالْهِبَاتِ وَالصَّدَقَاتِ وَالْكَفَّارَاتِ وَالزَّكَوَاتِ وَالْغَنِيمَةِ وَالْمَسْرُوقِ مِنْ أَمْوَالِ الْكُفَّارِ الْإِسْقَاطُ إِمَّا بِعِوَضٍ كَالْخَلْعِ وَالْعَفْوِ عَلَى مَالٍ وَالْكِتَابَةِ وَبَيْعِ الْعَبْدِ مِنْ نَفْسِهِ وَالصُّلْحِ عَلَى الدَّيْنِ وَالتَّعْزِيرِ فَجَمِيعُ هَذِهِ تُسْقِطُ الثَّابِتَ وَلَا تَنْقُلُهُ إِلَى الْبَاذِلِ أَوْ بِغَيْرِ عِوَضٍ كالإبراء من الدُّيُون وَالْقصاص والتعزيز وحد الْقَذْف

القبض

وَالطَّلَاق والعناق وَإِيقَافِ الْمَسَاجِدِ فَجَمِيعُ هَذِهِ تُسْقِطُ الثَّابِتَ وَلَا تَنْقُلُهُ الْقَبْضُ وَهُوَ إِمَّا بِإِذْنِ الشَّرْعِ وَحْدَهُ كَاللُّقَطَةِ وَالثَّوْبِ إِذَا أَلْقَتْهُ الرِّيحُ فِي دَارِ إِنْسَانٍ وَمَالِ اللَّقِيطِ وَقَبْضِ الْإِمَامِ الْمَغْصُوبَ مِنَ الْغَاصِبِ وَأَمْوَالِ الْغَائِبِينَ وَأَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ وَالْمَحْجُورِ عَلَيْهِمْ وَالزَّكَوَاتِ أَوْ بِإِذْنِ غَيْرِ الشَّرْعِ كَقَبْضِ الْمَبِيعِ بِإِذْنِ البَائِع والمستام وَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَالرُّهُونِ وَالْهِبَاتِ وَالصَّدَقَاتِ وَالْعَوَارِي وَالْوَدَائِعِ أَوْ بِغَيْرِ إِذْنٍ لَا مِنَ الشَّرْعِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ كَالْغَصْبِ الْإِقْبَاضُ كَالْمُنَاوَلَةِ فِي الْعُرُوضِ وَالنُّقُودِ وَبِالْوَزْنِ وَالْكَيْلِ فِي الْمَوْزُونَاتِ وَالْمَكِيلَاتِ وَبِالتَّمْكِينِ فِي الْعَقَارِ وَالْأَشْجَارِ وَبِالنِّيَّةِ فَقَطْ كَقَبْضِ الْوَالِدِ وَإِقْبَاضِهِ لِنَفْسِهِ مِنْ نَفْسِهِ لِوَلَدِهِ الِالْتِزَامُ بِغَيْرِ عِوَضٍ كَالنُّذُورِ وَالضَّمَانِ بِالْوَجْهِ أَوْ بِالْمَالِ الْخَلْطُ إِمَّا بِشَائِعٍ وَإِمَّا بَيْنَ الْأَمْثَالِ وَكِلَاهُمَا شَرِكَةٌ إِنْشَاءُ الْأَمْلَاكِ فِي غَيْرِ مَمْلُوكٍ كَإِرْقَاقِ الْكُفَّارِ وَإِحْيَاءِ الْمَوَاتِ وَالِاصْطِيَادِ وَالْحِيَازَةِ فِي الْحَشِيشِ وَنَحْوِهِ الِاخْتِصَاص بالمنافع كالإقطاع والسبق إِلَى المباحثات وَمَقَاعِدِ الْأَسْوَاقِ وَالْمَسَاجِدِ وَمَوَاضِعِ النُّسُكِ كَالْمَطَافِ وَالْمَسْعَى وَعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ وَمِنًى وَمَرْمَى الْجِمَارِ وَالْمَدَارِسِ وَالرُّبُطِ وَالْأَوْقَافِ الْإِذْنُ إِمَّا فِي الْأَعْيَانِ كَالضِّيَافَاتِ أَوْ فِي الْمَنَائِحِ أَوْ فِي الْمَنَافِعِ كَالْعَوَارِي وَالِاصْطِنَاعِ بِالْحَلْقِ وَالْحِجَامَةِ أَوْ فِي التَّصَرُّفِ كَالتَّوْكِيلِ وَالْإِيصَاءِ

الْإِتْلَافُ إِمَّا لِلْإِصْلَاحِ فِي الْأَجْسَادِ وَالْأَرْوَاحِ كَالْأَطْعِمَةِ وَالْأَدْوِيَةِ وَالذَّبَائِحِ وَقَطْعِ الْأَعْضَاءِ الْمُتَآكِلَةِ أَوْ لِلدَّفْعِ كَقَتْلِ الصَّوَالِّ وَالْمُؤْذِي مِنَ الْحَيَوَانِ أَوْ لِتَعْظِيمِ اللَّهِ تَعَالَى كَقَتْلِ الْكُفَّارِ لِمَحْوِ الْكُفْرِ مِنْ قُلُوبِهِمْ وَإِفْسَادِ الصُّلْبَانِ أَوْ لِنَظْمِ الْكَلِمَةِ كَقِتَالِ الْبُغَاةِ أَوْ لِلزَّجْرِ كَرَجْمِ الزُّنَاةِ وَقَتْلِ الْجُنَاةِ. التَّأْدِيبُ وَالزَّجْرُ إِمَّا مُقَدَّرٌ كَالْحُدُودِ أَوْ غَيْرُ مُقَدّر كالتعزيز وَهُوَ مَعَ الْإِثْمِ فِي الْمُكَلَّفِينَ أَوْ بِدُونِهِ فِي الصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ وَالدَّوَابِّ. فَهَذِهِ أَبْوَابٌ مُخْتَلِفَةُ الْحَقَائِقِ وَالْأَحْكَامِ فَيَنْبَغِي لِلْفَقِيهِ الْإِحَاطَةُ بِهَا لِتَنْشَأَ لَهُ الْفُرُوقُ وَالْمَدَارِكُ فِي الْفُرُوعِ. وَهَذَا تَمَامُ الْمُقدمَة وحسبنا الله وَنعم الْوَكِيل.

صفحه فارغه

(كتاب الطهارة)

(كِتَابُ الطَّهَارَةِ) (الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي الطَّهَارَةِ) الطَّهَارَةُ فِي اللُّغَةِ التَّبْرِئَةُ مِنَ الْأَدْنَاسِ وَيُقَالُ طَهُرَ بِضَمِّ الْهَاءِ وَفَتْحِهَا طَهَارَةً فِيهِمَا وَالطُّهْرُ وَهُوَ أَيْضًا ضِدُّ الْحَيْضِ وَالْمَرْأَةُ طَاهِرَةٌ مِنَ الدَّنَسِ وَالْعُيُوبِ وَطَاهِرٌ مِنَ الْحَيْضِ بِالتَّاءِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَالْمَطْهَرَةُ الْإِدَاوَاتُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ وَتُسْتَعْمَلُ الطَّهَارَةُ مَجَازًا فِي التَّنَزُّهِ عَنِ الْعُيُوبِ فَيُقَالُ قَلْبٌ طَاهِرٌ وَعِرْضٌ طَاهِرٌ تَشْبِيهًا لِلدَّنَسِ الْمَعْلُومِ بِالدَّنَسِ الْمَحْسُوسِ. وَأَمَّا الطَّهَارَةُ فِي الشَّرْعِ فَلَيْسَتْ شَيْئًا مِنْ أَنْوَاعِ الْعِلَاجِ بِالْمَاءِ وَلَا بِغَيْرِهِ لِجَزْمِنَا بِطَهَارَةِ بُطُونِ الْجِبَالِ وَتُخُومِ الْأَرْضِ بَلْ هِيَ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ قَدِيمٌ وَهِيَ إِبَاحَةٌ فَالْمَعْنَى بِطَهَارَةِ الْعَيْنِ إِبَاحَةُ اللَّهِ تَعَالَى لِعِبَادِهِ مُلَابَسَتَهَا فِي صَلَوَاتِهِمْ وَأَغْذِيَتِهِمْ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَتُطْلَقُ عَلَى الْعِلَاجِ بِالْمَاءِ وَغَيْرِهِ مَجَازًا وَهِيَ عَلَى قِسْمَيْنِ طَهَارَةُ حَدَثٍ وَطَهَارَةُ خَبَثٍ وَالنَّجَاسَةُ فِي اللُّغَةِ مُلَابَسَةُ الْأَدْنَاسِ وَتُسْتَعْمَلُ مَجَازًا فِي الْعُيُوبِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} تَشْبِيهًا لِلدَّنَسِ الْمَعْلُومِ بِالْمَحْسُوسِ وَيُقَالُ نَجِسَ الشَّيْءُ بِكَسْرِ الْجِيمِ يَنْجَسُ بِفَتْحِهَا نَجَسًا بِفَتْحِهَا أَيْضًا فَهُوَ نَجِسٌ بِكَسْرِهَا. وَهِيَ فِي الشَّرْعِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ قَدِيمٌ وَهِيَ تَحْرِيمٌ فَمَعْنَى نَجَاسَةِ الْعَيْنِ تَحْرِيمُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ مُلَابَسَتَهَا فِي صَلَوَاتِهِمْ وَأَغْذِيَتِهِمْ وَنَحْوِهَا ثُمَّ يُطْلَقُ عَلَى الْمَعْفُوِّ عَنْهُ أَنَّهُ نَجِسٌ نَحْوَ دَمِ الْجِرَاحِ السَّائِلَةِ وَبَوْلِ السَّلَسِ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ جِنْسِهَا

عَلَيْهَا مَجَازًا وَلِأَجْلِ هَذَا التَّحْدِيدِ لَا تَكُونُ الْعَذِرَةُ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ نَجِسَةً وَلَا طَاهِرَةً لِعَدَمِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ فِي الْأَفْعَالِ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ. تَتْمِيمٌ كُلُّ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ سَبَبٍ شَرْعِيٍّ وَسَبَبُ الطَّهَارَةِ عَدَمُ سَبَبِ النَّجَاسَةِ لِأَنَّ عَدَمَ الْعِلَّةِ عِلَّةٌ لِعَدَمِ الْمَعْلُولِ وَلَمَّا كَانَتْ عِلَّةُ النَّجَاسَةِ الِاسْتِقْذَارَ عَمَلًا بِالْمُنَاسَبَةِ وَالِاسْتِقْرَاءِ وَالدَّوَرَانِ وَكَانَتِ النَّجَاسَةُ تَحْرِيمًا كَانَ عَدَمُ الِاسْتِقْذَارِ عِلَّةً لِعَدَمِ ذَلِكَ التَّحْرِيمِ وَإِذَا عُدِمَ التَّحْرِيمُ ثَبَتَتِ الْإِبَاحَةُ وَهِيَ الطَّهَارَةُ كَمَا تَقَدَّمَ وَهَذِهِ قَاعِدَةٌ مُطَّرِدَةٌ فِي الشَّرْعِ وَغَيْرِهِ فَكُلُّ عِلَّةٍ لِتَحْرِيمٍ يَكُونُ عَدَمُهَا عِلَّةً لِلْإِبَاحَةِ كَالْإِسْكَارِ لَمَّا كَانَ عِلَّةً لِتَحْرِيمِ الْخَمْرِ كَانَ عَدَمُهُ عِلَّةً لِإِبَاحَتِهَا. فَإِنْ قِيلَ تَعْلِيلُ النَّجَاسَةِ بِالِاسْتِقْذَارِ غَيْرُ مُطَّرِدٍ وَلَا مُنْعَكِسٍ أَمَّا الْأَوَّلُ فَبِدَلِيلِ الْمُخَاطِ وَالْبُصَاقِ وَالْعَرَقِ الْمُنْتِنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّهَا مُسْتَقْذَرَةٌ وَلَيْسَتْ نَجِسَةً وَأَمَّا الثَّانِي فَلِنَجَاسَةِ الْخَمْرِ وَلَيْسَتْ مُسْتَقْذَرَةً. قُلْنَا أَمَّا الْأَوَّلُ فَمُسْتَثْنَى لِضَرُورَةِ الْمُلَابَسَةِ وَأَمَّا الثَّانِي فَالْعَكْسُ غَيْرُ لَازِمٍ فِي الْعِلَلِ الشَّرْعِيَّةِ لِأَنَّ بَعْضَهَا يَخْلُفُ بَعْضًا وَنَجَاسَةُ الْخَمْرِ مُعَلَّلَةٌ بِالْإِسْكَارِ وَبِطَلَبِ الْإِبْعَادِ وَالْقَوْلُ بِنَجَاسَتِهَا يُفْضِي إِلَى إِبْعَادِهَا وَمَا أَفْضَى إِلَى الْمَطْلُوبِ فَهُوَ مَطْلُوبٌ فَيَكُونُ التَّنْجِيسُ مَطْلُوبًا. وَقُدِّمَتْ هَذِهِ الْمُقَدِّمَةُ تَكْمِيلًا لِفَائِدَةِ الْكَلَامِ عَلَى لَفْظِ الطَّهَارَةِ وَالِاكْتِفَاءِ بِهِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى النَّجَاسَةِ. وَهَذَا الْكِتَابُ مُشْتَمِلٌ عَلَى مَقَاصِدَ وَوَسَائِلَ لِتِلْكَ الْمَقَاصِدِ وَالْوَسَائِلُ يَتَقَدَّمُ فِعْلُهَا شَرْعًا فَيَجِبُ تَقَدُّمُ الْكَلَامِ عَلَيْهَا وَضْعًا. فَأَوَّلُ الْوَسَائِلِ مَحَلُّ الْمَاءِ وَلَمَّا كَانَ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ فِي الْأَعْضَاءِ يَتَوَقَّفُ عَلَى طَهَارَتِهَا حَتَّى يُلَاقِيَ الْمَاءُ الطَّهُورُ الْأَعْضَاءَ الطَّاهِرَةَ وَجَبَ بَيَانُ الْأَعْيَانِ النَّجِسَةِ مَا هِيَ ثُمَّ كَيْفِيَّةُ إِزَالَتِهَا فَهَذِهِ أَرْبَعُ وَسَائِلَ.

الْوَسِيلَةُ الْأُولَى مَحَلُّ الْمَاءِ وَهُوَ الْإِنَاءُ وَهُوَ فِي اللُّغَة مُشْتَقّ من أَنى يأنى إِنَّا وَهُوَ التَّنَاهِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {غَيْرَ نَاظِرِينَ إناه} أَي انتهاءه {عين آنِية} أَي متناه حَدهَا و {حميم آن} أَيْ مُتَنَاهٍ حَرُّهُ وَلَمَّا كَانَ الْإِنَاءُ لَا بُد أَن يتناهى خرطه أَو حرزه أَوْ سَبْكُهُ عَلَى حَسَبِ جَوْهَرِهِ فِي نَفْسِهِ سُمِّيَ إِنَاءً لِذَلِكَ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ: الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْجُلُودِ وَفِي الْجَوَاهِرِ وَلَا بُدَّ فِي اسْتِعْمَالِهَا مِنْ طَهَارَتِهَا وَلِطَهَارَتِهَا سَبَبَانِ: السَّبَبُ الْأَوَّلُ الذَّكَاةُ مُطَهِّرَةٌ لِسَائِرِ أَجْزَاءِ الْحَيَوَانِ لَحْمِهِ وَعَظْمِهِ وَجِلْدِهِ وَإِنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِي إِبَاحَةِ أَكْلِهِ كَالْحُمُرِ وَالْكِلَابِ وَالسِّبَاعِ عَلَى رِوَايَتَيِ الْإِبَاحَةِ وَالْمَنْعِ لِإِزَالَةِ الذَّكَاةِ الْفَضَلَاتِ الْمُسْتَقْذَرَةَ الْمُوجِبَةَ لِلتَّنْجِيسِ عَلَى سَائِرِ الْوُجُوهِ عَلَى الْحَيَوَانِ إِلَّا الْخِنْزِيرَ لقَوْله تَعَالَى {قل لَا أجد فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لحم خِنْزِير فَإِنَّهُ رِجْس} وَالرِّجْسُ فِي اللُّغَةِ الْقَذَرُ فَكَمَا أَنَّ الْعَذِرَةَ لَا تَقْبَلُ التَّطْهِيرَ فَكَذَلِكَ الْخِنْزِيرُ لِأَنَّه سَوَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدَّمِ وَلَحْمِ الْمَيْتَةِ وَهُمَا لَا يَقْبَلَانِ التَّطْهِيرَ فَكَذَلِكَ هُوَ. وَلِأَنَّ الذَّكَاةَ فِي الشَّرْعِ سَبَبٌ لِحُكْمَيْنِ إِبَاحَةِ الْأَكْلِ وَالطَّهَارَةِ وَالذَّكَاةُ لَا تُفِيدُ الْإِبَاحَةَ فِيهِ إِجْمَاعًا فَكَذَلِكَ الطَّهَارَةُ وَلِهَذَا الْمدْرك منع ابْن حبيب تطهيرالذكاة لما لم يُؤْكَل لَحْمه وَوَافَقَهُ الشَّافِعِي وَلِابْنِ حَبِيبٍ أَيْضًا التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْعَادِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَزَاد أَبُو حنيفَة عَلَيْنَا بِطَهَارَةِ اللَّحْمِ مَعَ الْجِلْدِ وَإِنْ قَالَ بِتَحْرِيمِ أَكْلِهِ. وَمَنَعَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ الصَّلَاةَ عَلَى جُلُودِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَإِنْ ذُكِّيَتْ وَتَوَقَّفَ

فِي الْكِيمُخْتِ فِي الْكِتَابِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَرُوِيَ عَنْهُ الْجَوَازُ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلْ هِيَ مُحَرَّمَةٌ فَلَا تُؤَثِّرُ الذَّكَاةُ فِيهَا كَالْخِنْزِيرِ أَوْ مَكْرُوهَةٌ فَتُؤَثِّرُ كَالسِّبَاعِ وَالْكِيمُخْتُ يَكُونُ مِنْ جُلُودِ الْحُمُرِ وَمِنْ جُلُودِ الْبِغَالِ قَالَ وَقَدْ أَبَاحَهُ مَرَّةً وَأَجَازَ الصَّلَاةَ فِيهِ عَلَى مَا فِي الْعُتْبِيَّةِ. السَّبَبُ الثَّانِي الدِّبَاغُ فِي الْجَوَاهِرِ وَهُوَ اسْتِعْمَالُ مَا فِيهِ قَبْضٌ وَقُوَّةٌ عَلَى نَزْعِ الْفَضَلَاتِ وَهُوَ مُخْتَلِفٌ بِحَسَبِ غِلَظِ الْجِلْدِ وَرِقَّتِهِ وَلِينِهِ وَصَلَابَتِهِ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ وَلَا يَكْفِي التشميس وَهُوَ مطهر لِجُمْلَةِ الْجُلُودِ إِلَّا الْخِنْزِيرَ لِلْآيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَلِأَنَّ الذَّكَاةَ أَقْوَى مِنَ الدِّبَاغِ لِاقْتِضَائِهَا إِبَاحَةَ الْأَكْلِ مَعَ التَّطْهِيرِ وَلِنَزْعِهَا الْفَضَلَاتِ مِنْ مَعَادِنِهَا قَبْلَ تَشَبُّثِهَا بِأَجْزَاءِ الْحَيَوَانِ وَغِلَظِهَا وَقَدْ سَقَطَ اعْتِبَارُهَا فِي الْخِنْزِيرِ فَكَذَلِكَ الدِّبَاغُ. وَطَهَارَةُ غَيْرِ الْخِنْزِيرِ مَخْصُوصَةٌ عِنْدَهُ بِالْمَاءِ وَالْيَابِسَاتِ دُونَ الْمَائِعَاتِ وَالصَّلَاةِ وَالْبَيْعِ لِأَنَّ قَوْلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَيُّمَا إِهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ مُطْلَقٌ فِي الطَّهَارَةِ وَإِنْ كَانَ عَامًّا فِي الْأُهُبِ وَالْأَصْلُ فِي الْمَيْتَةِ النَّجَاسَةُ فَيَتَعَيَّنُ الْمَاءُ لِمُطْلَقِ الطَّهَارَةِ لِقُوَّتِهِ وَالْيَابِسَاتُ لِعَدَمِ مُخَالِطِهَا وَبَقِيَ مَا عَدَا ذَلِكَ عَلَى الْأَصْلِ. وَعَنْهُ أَنَّهَا عَامَّةٌ لِزَوَالِ السَّبَبِ الْمُنَجِّسِ وَهُوَ الْفَضَلَاتُ الْمُسْتَقْذَرَةُ وَلِأَنَّ الدِّبَاغَ يَرُدُّ الْأَشْيَاءَ إِلَى أُصُولِهَا قَبْلَ الْمَوْتِ وَالْحَيَوَانَاتُ عِنْدَنَا طَاهِرَةٌ قَبْلَهُ فَكَذَلِكَ بَعْدَهُ بِالدِّبَاغِ وَلِهَذَا الْمَدْرَكِ قَالَ الشَّافِعِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا يُطَهَّرُ الْكَلْبُ وَالْخِنْزِيرُ بِالدِّبَاغِ لِأَنَّهُمَا نَجِسَانِ قَبْلَ الْمَوْتِ عِنْدَهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَدَاوُدُ يُؤَثِّرُ الدِّبَاغُ فِي جِلْدِ الْخِنْزِيرِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ لَا يُؤَثِّرُ إِلَّا فِيمَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلْ يُشَبَّهُ الدِّبَاغُ بِالْحَيَاةِ أَوْ بِالذَّكَاةِ وَهُوَ مَذْهَبُنَا.

قَاعِدَةٌ إِزَالَةُ النَّجَاسَةِ تَارَةً تَكُونُ بِالْإِزَالَةِ كَالْغَسْلِ بِالْمَاءِ وَتَارَةً بِالْإِحَالَةِ كَالْخَمْرِ إِذَا صَارَ خَلًّا أَوِ الْعَذِرَةَ إِذَا صَارَتْ لَحْمَ كَبْشٍ وَتَارَةً بِهِمَا كَالدِّبَاغِ فَإِنَّهُ يُزِيلُ الْفَضَلَاتِ وَيُحِيلُ الْهَيْئَاتِ أَوْ لِأَنَّه يَمْنَعُهُ مِنَ الْفَسَادِ كَالْحَيَاةِ. الْفَصْلُ الثَّانِي الْعِظَامُ وَكُلُّ عَظْمٍ طَاهِرٍ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ وَبَيَانُ ذَلِكَ فِي الْوَسِيلَةِ الثَّالِثَةِ. الْفَصْلُ الثَّالِثُ أَوَانِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ مُحَرَّمَةُ الِاسْتِعْمَالِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ الَّذِي يَشْرَبُ مِنْ آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ إِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ وَعِلَّتُهُ السَّرَفُ أَوِ الْخُيَلَاءُ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوِ الْأَمْرَانِ وَيَتَخَرَّجُ عَلَى ذَلِكَ الْقَوْلَانِ فِي الذَّهَبِ الْمُمَوَّهِ بِالرَّصَاصِ أَوْ غَيْرِهِ وَإِلْحَاقُ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ أَوَانِيَ الْيَاقُوتِ وَاللُّؤْلُؤِ وَالْمَرْجَانِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَعَدَمُ إِلْحَاقِ أَبِي الْوَلِيدِ لَهَا لِأَنَّ الْمُفَاخَرَةَ بِهَا خَاصَّةً بِالْخَوَاصِّ وَكَرَاهَةُ ابْنِ سَابِقٍ لِذَلِكَ لِوُجُودِ جُزْءِ الْعلَّة. فرعان: الأول قَالَ اسْتِعْمَال المضبب والشعوب وَالَّذِي فِيهِ حَلْقَةُ فِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ مِنْ مِرْآةٍ أَوْ آنِيَةٍ مَكْرُوهٌ عِنْدَهُ وَمَمْنُوعٌ عِنْدَ أَبِي الْوَلِيدِ وَغَيْرُ مَمْنُوعٍ عِنْدَ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ نَظَرًا إِلَى وُجُودِ الْمُحَرَّمِ فَيُمْنَعُ أَوْ إِلَى الْيَسَارَةِ فَلَا يُمْنَعُ أَوْ إِلَيْهِمَا فَيُكْرَهُ. الثَّانِي قَالَ تَحْرِيمُ اقْتِنَاءِ أَوَانِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ عَنِ ابْنِ الْجَلَّابِ لِأَنَّه وَسِيلَةٌ لِاسْتِعْمَالِهَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ لَوْ لَمْ يَجُزِ الِاتِّخَاذُ لَفُسِخَ بَيْعُهَا وَقَدْ أَجَازَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي مَسَائِلَ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ سَابِقٍ هَذَا الِاسْتِدْلَالُ بَاطِلٌ لِجَوَازِ مِلْكِهِا إِجْمَاعًا بِخِلَافِ اتِّخَاذِهَا وَإِنَّمَا يَظْهَرُ الْخِلَافُ فِي الْإِجَارَةِ عَلَى عَمَلِهَا وَالضَّمَانِ عَلَى مُفْسِدِ صَنْعَتِهَا وَالْمُخَالِفُ يُجِيزُ ذَلِكَ أَيْضا.

الْوَسِيلَة الثَّانِيَة المَاء وَهُوَ إِمَّا مُطَهِّرٌ أَوْ مُنَجِّسٌ أَوْ لَا مُطَهِّرٌ وَلَا مُنَجِّسٌ أَوْ مُخْتَلِطٌ مِنْ هَذِهِ الْأَقْسَامِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ. الْقِسْمُ الْأَوَّلُ الْمُطَهِّرُ وَهُوَ الْبَاقِي عَلَى أَصْلِ خِلْقَتِهِ عَلَى أَيِّ صِفَةٍ كَانَ مِنَ السَّمَاءِ أَوِ الْأَرْضِ أَوِ الْبَحْرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طهُورا} وَقَوله {ليطهركم بِهِ} وَقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْمُوَطَّأِ لَمَّا سَأَلَهُ رَجُلٌ إِنَّا نَرْكَبُ الْبَحْرَ وَنَحْمِلُ مَعَنَا الْقَلِيلَ مِنَ الْمَاءِ فَإِنْ تَوَضَّأْنَا مِنْهُ عَطِشْنَا أَفَنَتَوَضَّأُ مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ. قَاعِدَةٌ فَعُولٌ عِنْدَ الْعَرَبِ يَكُونُ صِفَةً نَحْوَ غَفُورٍ وَشَكُورٍ وَيَكُونُ لِلَّذِي يُفْعَلُ بِهِ الْفِعْلُ نَحْوَ الْحَنُوطِ وَالسَّحُورِ والبخور لما يتحنط بِهِ ويتسحر بِهِ ويبتخر بِهِ فَالطَّهُورُ عِنْدَنَا لِلَّذِي يُتَطَهَّرُ بِهِ مُتَعَدٍّ خلافًا ح فَإِنَّ مَعْنَاهُ عِنْدَهُ طَاهِرٌ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ كَوْنُهُ سَبَبَ الطَّهَارَةِ عِنْدَنَا فَيَنْحَصِرُ الْمُطَهِّرُ فِيهِ بِسَبَبِ تَخْصِيصِ الشَّرْعِ لَهُ بِالذِّكْرِ وَمَنْعِ الْقِيَاسِ فِي الْأَسْبَاب وَلَو سلم الْمَنْع هَهُنَا لكَونه ذرع الْجَامِع الَّذِي هُوَ عِلّة فِي الأَصْل وَالْأَصْل هَهُنَا لَيْسَ مُعَلِّلًا لِوُجُوبِ تَطْهِيرِ مَا هُوَ فِي غَايَةِ النَّظَافَةِ فَيَسْقُطُ اعْتِبَارُ النَّبِيذِ وَغَيْرِهِ عَنْ مَقَامِ التَّطْهِيرِ أَوْ لَيْسَ سَبَبًا فَيُشَارِكُهُ فِي الطَّاهِرِيَّةِ غَيْرُهُ فَلَا يَخْتَصُّ التَّطْهِيرُ بِهِ لَنَا قَوْله تَعَالَى {ليطهركم بِهِ} وَهُوَ نَصٌّ فِي الْبَابِ وَلَوْ صَحَّ مَا ذَكَرُوهُ لَمَا صَحَّ جَوَابُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي مَاءِ الْبَحْرِ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ وَلَبَطَلَ مَعْنَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَتُرَابُهَا طَهُورًا لِأَنَّ طَهَارَةَ التُّرَابِ لَمْ تَخْتَصَّ بِهِ عَلَيْهِ السَّلَام وَإِنَّمَا الَّذِي اخْتصَّ بِهِ المطهر بِهِ.

احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا} وَلَيْسَ فِي الْجَنَّةِ مَا يُتَطَهَّرُ بِهِ وَبِقَوْلِ جرير: ... ... ... ... (عَذَاب الثنايا ريقهن طهُور ... ) والريق لَا يطهر وَلِأَن الأَصْل فِي فعول أَن يجْرِي على فَاعل فِي تعديته وقصره وطاهر قَاصِر فطهور مثله. وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ مَجَازٌ لِلْمُبَالَغَةِ لِأَنَّ الَّذِي يُتَطَهَّرُ بِهِ أَفْضَلُ أَنْوَاعِ الْمَاءِ فَاسْتُعِيرَ لِشَرَابِ الْجَنَّةِ تَرْغِيبًا فِيهِ وَهَذَا هُوَ الْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي وَعَنِ الثَّالِثِ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الطّهُور هَهُنَا جَار على طَاهِر بل معزل عَنْهُ وَيُوَضِّحُهُ اسْتِحَالَةُ قَبُولِ الطَّهَارَةِ لِلزِّيَادَةِ فِي الْمَطَر وَالْبَحْر فَلَا يُمكن إِلْحَاقه بصبور وشكور ثُمَّ إِنَّا لَوْ سَلَّمْنَا إِمْكَانَ الْقِيَاسِ عَلَى الْمَاءِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ بِمَعْنَى طَاهِرٍ لَانْدَفَعَ الْقِيَاسُ بِالْفَارِقِ وَهُوَ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الْمَاءُ مِنَ الرِّقَّةِ وَاللَّطَافَةِ. فَإِنْ قَالُوا الْخَلُّ وَمَاءُ اللَّيْمُونِ أَلْطَفُ مِنْهُ. قُلْنَا لَا نُسَلِّمُ وَيَدُلُّ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ أَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا أَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِمَا أَحَسَّ مِنَ الْمُمَانَعَةِ لِيَدِهِ مَا لَا يُحِسُّ فِي الْمَاءِ وَلِأَنَّ أَجْزَاءَ الْخُبْزِ لَا يُفَرِّقُهَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِخِلَافِهِ وَلِأَنَّ مَاءَ اللَّيْمُونِ إِذَا اسْتُعْمِلَ لِزَوَالِ الْعَرَقِ سَدَّ الْمَسَامَّ وَمَنَعَ انْبِعَاثَ الْعَرَقِ وَأَمَّا إِحَالَةُ الْأَلْوَانِ فَلَيْسَ لِرِقَّتِهِ وَإِنَّمَا هُوَ بِإِحَالَتِهِ لَهَا. إِذَا تَقَرَّرَ هَذَا الْبَحْث فَيلْحق بِالطَّهُورِ لِأَجْلِ الْحَاجَةِ وَالْأَصَالَةِ الْمُتَغَيِّرُ بِجَرْيهِ عَلَى الْمَعَادِنِ أَوْ بِطُولِ الْمُكْثِ وَالطُّحْلُبُ وَالطِّينُ الْكَائِنُ فِيهِ وَكُلُّ مَا هُوَ مِنْ قَرَارِهِ مِنَ التَّبْصِرَةِ وَمَا يَكُونُ عَنِ الْبَرَدِ وَالْجَلِيدِ وَالنَّدَى وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا تَغَيَّرَ بِالْمَعَادِنِ الْجَارِي عَلَيْهَا وَالْآنِيَةِ الْمَصْنُوعَةِ مِنْهَا وَقَدْ فَرَّقَ أَهْلُ الْعِلْمِ بَيْنَهُمَا وَلَا فَرْقَ وَقَدْ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَتَوَضَّأُ مِنَ الصُّفْرِ وَلَمْ يَكْرَهْ أَحَدٌ الْوُضُوءَ مِنَ الْحَدِيدِ

مَعَ سُرْعَةِ التَّغْيِيرِ فِيهِمَا لَا سِيَّمَا فِي الْبِلَاد الحارة وَكَانَ عمر ابْن عَبْدِ الْعَزِيزِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يُسَخَّنُ لَهُ الْمَاءُ فِي الصُّفْرِ. فُرُوعٌ أَحَدَ عَشَرَ: الْأَوَّلُ فِي الْجَوَاهِرِ التُّرَابُ الْمَطْرُوحُ عَمْدًا فِي الْمَاءِ لَا يَسْلُبُهُ الطَّهُورِيَّةَ إِلْحَاقًا لِلطَّارِئِ بِالْأَصْلِيِّ وَقِيلَ لَا يَلْحَقُ بِهِ لِفَارِقِ الضَّرُورَةِ. الثَّانِي الْمِلْحُ مُلْحَقٌ بِالتُّرَابِ عِنْدَ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَبِالْأَطْعِمَةِ عَن الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ وَقِيلَ الْمَعْدِنِيُّ كَالتُّرَابِ نَظَرًا إِلَى الْأَصْلِ وَالْمَصْنُوعُ كَالطَّعَامِ لِإِضَافَةِ غَيْرِهِ إِلَيْهِ غَالِبًا. الثَّالِثُ قَالَ الْمُلَازِمُ لِلْمَاءِ إِذَا اخْتَصَّ بِبَعْضِ الْمِيَاهِ قِيلَ لَيْسَ يُطَهِّرُ لِعَدَمِ الْعُمُومِ وَقِيلَ مُطَهِّرٌ لِعَدَمِ الِانْفِكَاكِ. الرَّابِعُ قَالَ الْمَاءُ الْقَلِيلُ إِذَا وَقَعَ فِيهِ طَاهِرٌ لَمْ يُغَيِّرْهُ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْقَابِسِيُّ يَسْلُبُهُ التَّطْهِيرَ كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي النَّجَاسَةِ مَعَ الْمَاءِ الْقَلِيلِ وَالْمَذْهَبُ خِلَافُهُ. الْخَامِسُ مِنَ الطَّرَّازِ الْمُسَخَّنُ بالشمس مَكْرُوه وَقَالَهُ ش خلافًا ح وَذَلِكَ من وجهة الطِّبِّ لِمَا رَوَاهُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ دَخَلَ عَلَيْهَا وَقَدْ سَخَّنَتْ مَاءً فِي الشَّمْسِ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا تَفْعَلِي هَذَا يَا حُمَيْرَاءُ فَإِنَّهُ يُورِثُ الْبَرَصَ وَنَحْوِهِ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ وَلَمْ يَصِحَّ فِيهِ حَدِيثٌ قَالَ الْغَزَّالِيُّ يَخْرُجُ مِنَ الْإِنَاءِ فِي الشَّمْسِ مِثْلُ الْهَبَاءِ بِسَبَبِ التَّشْمِيسِ فِي النُّحَاسِ وَالرَّصَاصِ فَيَعْلَقُ بِالْأَجْسَامِ فَيُورِثُ الْبَرَصَ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِصَفَائِهِمَا وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْمُسَخَّنُ بِالنَّارِ وَالشَّمْسِ كَغَيْرِهِ.

السَّادِسُ قَالَ فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِمَا يَقَعُ الْبُصَاقُ فِيهِ وَالْمُخَاطُ وَخَشَاشُ الْأَرْضِ مِثْلُ الزُّنْبُورِ وَالْعَقْرَبِ وَالصَّرَّارِ وَبَنَاتِ وَرْدَانَ مِنَ التَّنْبِيهَاتِ الْخَشَاشُ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَكَسْرِهَا وَضَمِّهَا وَتَخْفِيفِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ صِغَارُ دَوَابِّ الْأَرْضِ وَالزُّنْبُورِ بِضَمِّ الزَّايِ وَالْخُنْفُسَاءِ بِضَمِّ الْخَاءِ مَمْدُودَةً وَالصَّرَّارُ بِالصَّادِّ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْأَوْلَى سُمِّيَ بِذَلِكَ لِمَا يُسْمَعُ مِنْ صَوْتِهِ فَإِنْ لَمْ تُفَرَّقْ أَجْزَاءُ ذَلِكَ أَوْ يَطُولُ مُكْثُهُ فَمَا وَقَعَ فِيهِ طَاهِرٌ فَإِنْ تَفَرَّقَ أَوْ طَالَ مُكْثُهُ فَالْمَاءُ مُضَافٌ وَقَالَ أَشْهَبُ يُنَجَّسُ. وَأَمَّا الطَّعَامُ فَإِنْ تَفَرَّقَ فِيهِ أَوْ غَلَبَ فَلَا يُؤْكَلُ لِاحْتِيَاجِهِ إِلَى الذَّكَاةِ وَقِيلَ يُؤْكَلُ لِعَدَمِ احْتِيَاجِهِ إِلَيْهَا عَلَى الْخِلَافِ. السَّابِعُ قَالَ الْمَازِرِيُّ فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ إِذَا شُكَّ فِيمَا يُفْسِدُ الْمَاءَ فَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ عَلَى الطَّهُورِيَّةِ وَقَدْ نَهَى مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنِ اسْتِعْمَالِ الْبِئْرِ الْقَرِيبَةِ مِنَ الْمَرَاحِيضِ فَقَالَ تُتْرَكُ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً فَإِنْ طَابَتْ وَإِلَّا تُرِكَتْ وَوَجْهُهُ أَنَّ الظَّاهِرَ إِضَافَةُ التَّغَيُّرِ إِلَى الْمَرَاحِيضِ. الثَّامِنُ مِنَ الطَّرَّازِ إِذَا رَاعَيْنَا وَصْفَ الْمَاءِ دُونَ مُخَالِطِهِ وَكَانَ مَعَهُ دُونَ المَاء الْكَافِي فَكَلمهُ بِمَاءِ رَيْحَانٍ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا لَا يَتَغَيَّرُ بِهِ فَهَلْ يُتَطَهَّرُ بِهِ لِعَدَمِ التَّغَيُّرِ أَوْ لَا يُتَطَهَّرُ بِهِ لِكَوْنِهِ مُتَطَهِّرًا بِغَيْرِ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ جَزْمًا وَهُوَ الطَّاهِرُ وَفَرَّقَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ مَا إِذَا خُلِطَ بِمَا يَكْفِيهِ مَائِعًا لَمْ يُغَيِّرْهُ وَتَوَضَّأَ بِهِ وَفَضَلَ قَدْرُ ذَلِكَ الْمَائِعِ أَنَّهُ يُجْزِيهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يُجْزِئُ قَالَ صَاحِبُ تَهْذِيبِ الطَّالِبِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ إِذَا دَهَنَ الدَّلْوَ الْجَدِيدَ بِالزَّيْتِ وَاسْتَنْجَى مِنْهُ لَا يَجْزِيهِ فَيَغْسِلُ مَا أَصَابَ مِنْ ثِيَابِهِ لِأَنَّ الْمُضَافَ عِنْدَهُ لَا يُجْزِئُ فِي غَسْلِ النَّجَاسَاتِ وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ يُعِيدُ الِاسْتِنْجَاءَ دُونَ غَسْلِ ثِيَابِهِ لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي الْمُضَافِ قَالَ وَاخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ هَلْ يُزِيلُ الْمُضَافُ حُكْمَ النَّجَاسَةِ أَوْ عَيْنَهَا فَقَطْ وَهُوَ

الصَّوَابُ لِأَنَّه لَا يُتَوَضَّأُ بِهِ وَمَنْ أَزَالَ بِهِ حُكْمَ النَّجَاسَةِ فَلِضَعْفِهَا لِإِزَالَتِهَا بِغَيْرِ نِيَّةٍ وَالِاخْتِلَافُ فِي وُجُوبِهَا مَعَ الِاخْتِلَافِ فِي الْمُضَافِ هَلْ يَرْفَعُ الْحَدَثَ أَمْ لَا وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ يُنَجِّسُ الثِّيَابَ بِبَلِّ مَوْضِعِ النَّجَاسَةِ إِذَا زَالَ عَيْنُهَا فَبَعِيدٌ لِأَنَّ الْبَاقِيَ فِي الْمَوْضِعِ حُكْمٌ لَيْسَ لِعَيْنٍ فَلَا يُنَجِّسُ إِنَّمَا تُنَجِّسُ الْأَعْيَانُ. التَّاسِعُ مِنْهُ أَيْضًا الْقَطِرَانُ تَبْقَى رَائِحَتُهُ فِي الْوِعَاءِ وَلَيْسَ لَهُ جِسْمٌ يُخَالِطُ الْمَاءَ لَا بَأْسَ بِهِ لِلْحَاجَةِ إِلَيْهِ فِي الْبَوَادِي. الْعَاشِرُ مِنْهُ أَيْضًا الْحَشِيشُ وَوَرَقُ الشَّجَرِ يَتَسَاقَطُ فِي الْمَاءِ فَيُغَيِّرُهُ لَا بَأْسَ بِهِ عِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ مِنَّا. الْحَادِيَ عَشَرَ قَالَ إِذَا وَقَعَتْ فِي الْمَاءِ الْكَثِيرِ نَجَاسَةٌ أَوْ عَيْنٌ طَاهِرَةٌ وَبَقِيَ عَلَى أَصْلِ خِلْقَتِهِ فَهُوَ مُطَهِّرٌ وَلَا يشْتَرط وُصُوله الْقلَّتَيْنِ خلافًا ش لِأَنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِحَدِيثِ الْقُلَّتَيْنِ وَإِنْ صَحَّحْنَاهُ فَهُوَ بِالْمَفْهُومِ وَاسْتِدْلَالُنَا بِظَاهِرِ الْقُرْآنِ وَحَدِيثِ بِئْرِ بُضَاعَةَ اسْتِدْلَالٌ بِالْمَنْطُوقِ وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَفْهُومِ إِجْمَاعًا وَإِذا ظهر بطلَان مَذْهَب الشَّافِعِي فمذهب أبي حنيفَة بِطَرِيقِ الْأَوْلَى فِي قَوْلِهِ إِنَّ الْمَاءَ وَإِنْ كَانَ فَوْقَ الْقُلَّتَيْنِ وَيُمْكِنُ وُصُولُ النَّجَاسَةِ إِلَى أَجْزَائِهِ بِالْحَرَكَةِ فَهُوَ نَجِسٌ لِأَنَّ أَدِلَّتَنَا وَأَدِلَّةَ الشَّافِعِي تَرُدُّ عَلَيْهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ. الْقِسْمُ الثَّانِي المنجس وَهُوَ مَا تغير لَوْنُهُ أَوْ طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ بِنَجَسٍ وَفِي الْجَوَاهِرِ خَالَفَ عَبْدُ الْمَلِكِ فِي الرَّائِحَةِ وَقِيلَ قَوْلُهُ مُنَزَّلٌ عَلَى الْمُجَاوَرَةِ دُونَ الْحُلُولِ لِمَا فِي التِّرْمِذِيِّ قِيلَ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَتَوَضَّأُ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ وَهِيَ بِئْرٌ يُلْقَى فِيهَا الْحَيْضُ وَلُحُومُ الْكِلَابِ وَالنَّتَنُ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ (إِنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ) يَعْنِي إِلَّا مَا غَيَّرَهُ وَقَالَ فِيهِ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَرَوَى فِيهِ الْبَغْدَادِيُّونَ إِلَّا مَا غُيِّرَ لَوْنُهُ أَو طعمه أَو رِيحه وَجه قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَنَّ الثِّيَابَ لَا تُنَجَّسُ بِرَوَائِحِ النَّجَاسَاتِ فَكَذَلِكَ الْمَاءُ لِأَنَّه أَقْوَى فِي الدَّفْعِ عَنْ نَفْسِهِ وَلِأَنَّ الرَّائِحَةَ لَوْ كَانَ

تَغَيُّرُهَا مُعْتَبَرًا لَذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ مِنَ التَّبْصِرَةِ إِنْ كَانَتِ الرَّائِحَةُ عَنِ الْمُجَاوَرَةِ لَمْ يَخْرُجْ عَنِ الطَّهُورِيَّةِ وَإِنْ كَانَتْ عَمَّا حَلَّ فِيهِ مِنَ الطِّيبِ كَانَ مُضَافًا وَكَذَلِكَ الْبَخُورُ لِأَنَّ النَّارَ تَصْعَدُ بِأَجْزَائِهِ وَيُوجَدُ طَعْمُهُ فِيهِ وَلِهَذَا قِيلَ لَا يُؤْكَلُ الْمَطْبُوخُ بِالْمَيْتَةِ وَوَافَقَهُ صَاحِبُ الطَّرَّازِ عَلَى ذَلِكَ. فَرْعَانِ: الْأَوَّلُ مِنْ شَرْحِ التَّلْقِينِ تَثْبُتُ النَّجَاسَةُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ إِذَا بَيَّنَهَا أَوْ كَانَ مَذْهَبُهُ كَمَذْهَبِهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَعْتَقِدَ مَا لَيْسَ نَجِسًا نَجِسًا وَلَا تُشْتَرَطُ الشَّهَادَةُ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَأَلَ صَاحِبَ الْحَوْضِ هَلْ تَرِدُ حَوْضَكَ السِّبَاعُ فَلَوْلَا أَنَّ خَبَرَهُ يُقْبَلُ لَمَا سَأَلَهُ. الثَّانِي فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ إِذَا وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ قَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْكِتَابِ مُطَهِّرٌ لِحَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ السَّابِقِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ يَتَيَمَّمُ وَيَتْرُكُهُ وَإِنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى وَلَمْ يَعْلَمْ أَعَادَ فِي الْقُوت فَحَمَلَ أَبُو الْحَسَنِ قَوْلَهُ عَلَى التَّنْجِيسِ لِإِبَاحَتِهِ التَّيَمُّمَ وَالْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ مُرَاعَاةٌ لِلْخِلَافِ وَحَمَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ عَلَى الْكَرَاهَةِ لِتَخْصِيصِهِ الْإِعَادَةَ بِالْوَقْتِ وَالتَّيَمُّمِ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ يُجْتَنَبُ وَفِي السُّنَنِ سُئِلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنِ الْمَاءِ وَمَا يُؤَثِّرُ فِيهِ مِنَ الدَّوَابِّ وَالسِّبَاعِ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلِ الْخَبَثَ مَفْهُومُهُ أَنَّ مَا دُونُ ذَلِكَ يَحْمِلُ الْخَبَثَ وَلِأَنَّ النُّفُوسَ تَعَافُ الْقَلِيلَ إِذَا وَقَعَتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ وَمَا لَمْ يَرْضَهُ الْإِنْسَانُ لِنَفْسِهِ أَوْلَى أَلَّا يَرْضَاهُ لِرَبِّهِ وَالْكَرَاهَةُ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَالْمَدَنِيِّينَ وَقَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ هُوَ مَشْكُوكٌ فِيهِ لَا يُعْلَمُ أَنَّهُ طَهُورٌ وَلَا نَجِسٌ لِتَعَارُضِ الْمَآخِذِ فَيَجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّيَمُّمِ لِيَخْرُجَ عَنِ الْعُهْدَةِ إِجْمَاعًا. فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ عَلَى هَذَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَحْنُونٍ وَأَبُو الْحَسَنِ يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي أَوَّلًا ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي صَلَاةً أُخْرَى لِيَسْلَمَ أَوَّلًا مِنَ النَّجَاسَة المتوهمة

وَقِيلَ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا وَيُصَلِّي صَلَاةً وَاحِدَةً لِعَدَمِ تَحَقُّقِ النَّجَاسَةِ فَإِنْ أَحْدَثَ جَمَعَ بَيْنَهُمَا وَصَلَّى وَاحِدَةً عَلَى الْقَوْلَيْنِ لِحُصُولِ مُلَاقَاةِ الْمَاءِ لِلْأَعْضَاءِ أَوَّلًا. مِنَ التَّبْصِرَةِ وَإِنْ لَمْ يُحْدِثْ وَفَرَّعْنَا عَلَى أَنَّهُ يُصَلِّي صَلَاتَيْنِ ثُمَّ حَضَرَتْ صَلَاةٌ أُخْرَى تَيَمَّمَ وَصَلَّى صَلَاةً وَاحِدَةً. وَالْمَاءُ الْقَلِيلُ كَالْجَرَّةِ وَالْإِنَاءِ وَالْبِئْرِ الْقَلِيلَةِ الْمَاءِ. الْقِسْمُ الثَّالِثُ الْمَاءُ الَّذِي لَا يُطَهِّرُ وَلَا يُنَجِّسُ وَهُوَ مَا تَغَيَّرَ أَحَدُ أَوْصَافِهِ بِطَاهِرٍ غَيْرِ لَازِمٍ لَهُ وَخَالَفَ عَبْدُ الْمَلِكِ فِي الرَّائِحَةِ وَكَذَلِكَ مِيَاهُ النَّبَاتِ كَمَاءِ الْوَرْدِ وَنَحْوِهِ. فَرْعَانِ: الْأَوَّلُ الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ فِي الْحَدَثِ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْأَعْضَاءِ نَجَاسَةٌ وَلَا وَسَخٌ قَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْكِتَابِ لَا يُتَوَضَّأُ بِمَاءٍ تُوُضِّئَ بِهِ مَرَّةً قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ تَوَضَّأَ. مِنَ التَّنْبِيهَاتِ حَمَلَ قَوْلَ مَالِكٍ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ شُيُوخِنَا عَلَى وُجُودِ غَيْرِهِ فَإِذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ فَمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فَهُمَا مُتَّفِقَانِ وَعَلَى ذَلِكَ أَكْثَرُ الْمُخْتَصِرِينَ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ هُمَا مُخْتَلِفَانِ وَقَالَ فِي كِتَابِ ابْنِ الْقَصَّارِ يَتَيَمَّمُ مَنْ لَمْ يَجِدْ سِوَاهُ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ مُطَهِّرٌ مَكْرُوهٌ لِلْخِلَافِ فِيهِ وَقِيلَ طَاهِرٌ غَيْرُ مُطَهِّرٍ لِثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ الْأَوَّلُ عَدَمُ سَلَامَتِهِ مِنَ الْأَوْسَاخِ وَدُهْنِيَّةُ الْبَدَنِ الثَّانِي أَنَّهُ أُدِّيَتْ بِهِ عِبَادَةٌ فَلَا تُؤَدَّى بِهِ عِبَادَةٌ كَالرَّقَبَةِ فِي الْكَفَّارَةِ وَلَا يَلْزَمُ الثَّوْبَ الَّذِي صَلَّى بِهِ فَإِنَّ مَصْلَحَتَهُ سَتْرُ الْعَوْرَةِ وَهِيَ بَاقِيَةٌ الثَّالِثُ أَنَّ الْأَوَّلِينَ لَمْ يَجْمَعُوا مَا سَقَطَ عَنْ أَعْضَائِهِمْ فِي أَسْفَارِهِمْ مَعَ شِدَّةِ ضَرُورَاتِهِمْ لِقِلَّةِ الْمَاءِ وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ اسْتِعْمَالِهِ. الْقَوْلُ الثَّالِثُ أَنَّهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ يُجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّيَمُّمِ قَالَ ابْنُ شَاسٍ وَيُصَلِّي صَلَاة وَاحِدَة.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ إِنَّمَا هُوَ الْمَجْمُوعُ عَنِ الْأَعْضَاءِ لَا الَّذِي يَفْضُلُ فِي الْإِنَاءِ بَعْدَ الطَّهَارَةِ وَلَا الْمُسْتَعْمَلُ فِي بَعْضِ الْعُضْوِ إِذَا جَرَى لِلْبَعْضِ الْآخَرِ تَحْرِيرٌ إِذَا قُلْنَا بِسُقُوطِ الطَّهُورِيَّةِ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ سَبَبُهُ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا كَوْنُهُ أُدِّيَتْ بِهِ عِبَادَةٌ وَالثَّانِي إِزَالَتُهُ الْمَانِعَ فَإِنِ انْتَفَيَا مَعًا كَالرَّابِعَةِ فِي الْوُضُوءِ فَلَا مَنْعَ وَإِنْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ احْتَمَلَ الْخِلَافَ كَالْمُسْتَعْمَلِ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ أَوْ فِي التَّجْدِيدِ فَإِنَّهُ لَمْ يَزَلْ مَانِعًا وَإِنْ أُدِّيَتْ بِهِ عِبَادَةٌ وَغُسْلُ الذِّمِّيَّةِ مِنَ الْحَيْضِ أَزَالَ مَانِعَ وَطْئِهَا لِزَوْجِهَا الْمُسْلِمِ وَلَمْ تؤدبه عِبَادَةٌ وَفِي قَوْلِ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ نَصٌّ صَرِيحٌ بِهَذَا الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ وَلَا يُتَوَضَّأُ بِمَا توضىء بِهِ مَرَّةً إِشَارَةً لِلْعِبَادَةِ وَإِزَالَةِ الْمَانِعِ مَعًا وَنقل صَاحب الطّراز عِنْد التَّفْرِقَة بَين الْحَدث والتجديد قَالَ وَسوى أَبُو حنيفَة فِي الْمَنْعِ وَيُرَدُّ عَلَى مَنْ قَالَ بِنَجَاسَتِهِ أَن السّلف الصَّالح كَانُوا يتوضؤن وَالْغَالِبُ تَطَايُرُ الْبَلَلِ عَلَى ثِيَابِهِمْ وَالْتِصَاقُ ثِيَابِهِمْ بِأَعْضَائِهِمْ وَهِيَ مَبْلُولَةٌ وَمَا نُقِلَ عَنْهُمُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى طَهَارَتِهِ الْفَرْعُ الثَّانِي مِنَ التَّبْصِرَةِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْبِئْرِ يَقَعُ فِيهَا سَعَفُ النَّخْلِ وَوَرَقُ الزَّيْتُونِ فَيَتَغَيَّرُ لَوْنُ الْمَاءِ إِنْ تَوَضَّأَ بِهِ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ لِأَنَّه لَا يَتَغَيَّرُ إِلَّا وَقَدْ تَغَيَّرَ طَعْمُهُ وَكَذَلِكَ قَالَ فِي الْغَدِيرِ تَرِدُهُ الْمَاشِيَةُ فَتُغَيِّرُهُ بِرَوْثِهَا مَا يُعْجِبُنِي وَلَا أُحَرِّمُهُ وَالْمَعْرُوفُ مِنَ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ غَيْرُ مُطَهِّرٍ الْقِسْمُ الرَّابِعُ الْمُخْتَلِطُ مِنَ الطَّهُورِ وَغَيْرِهِ وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ وَإِنْ قُلْنَا إِنَّ الْبَاقِيَ عَلَى خِلْقَتِهِ طَهُورٌ وَغَيْرَ الْبَاقِي غَيْرُ طَهُورٍ بِأَنْ يَكُونَ مُتَغَيِّرًا بِقَرَارِهِ أَوْ لَازِمِهِ إِلَى لَوْنِ نَجَاسَةٍ وَقَعَتْ فِي بَعْضِهِ فَالْتَبَسَ بِالْبَعْضِ الْآخَرِ أَوْ بِصَيْرُورَةِ مَاءِ بَعْضِ النَّبَاتِ كَمَاءِ الْوَرْدِ أَوْ غَيْرِهِ عَلَى صِفَةِ الطَّهُورِ ثُمَّ يَلْتَبِسُ بِالطَّهُورِ وَفِي الْجَوَاهِرِ فَإِنْ وَجَدَ مَا يَتَيَقَّنُ طَهُورِيَّتَهُ لَمْ يَجْتَهِدْ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلِلْأَصْحَابِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ يَتَوَضَّأُ بِالْإِنَاءَيْنِ وُضُوءَيْنِ وَيُصَلِّي صَلَاتَيْنِ وَيَغْسِلُ أَعْضَاءَ وُضُوئِهِ مِنَ الْإِنَاءِ الثَّانِي قَبْلَ وُضُوئِهِ مِنْهُ إِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا نَجِسًا لِإِمْكَانِ

الْوُصُولِ إِلَى الْيَقِينِ كَمَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ خَمْسٍ قَالَ الْأَصْحَابُ وَهُوَ الْأَشْبَهُ بِقَوْلِ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ مِثْلَهُ إِلَّا الْغَسْلَ مِنَ الْإِنَاءِ الثَّانِي قَبْلَ الْوُضُوءِ لِعَدَمِ تَيَقُّنِ النَّجَاسَةِ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ يَتَحَرَّى أَحَدَهُمَا فَيَتَوَضَّأُ بِهِ كَمَا يُصَلِّي إِلَى جِهَةٍ مِنَ الْجِهَاتِ عِنْدَ الْتِبَاسِ جِهَةِ الْكَعْبَةِ فَرْعٌ عَلَى هَذَا قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الِاجْتِهَادُ فِي الْأَوَانِي يَخْتَصُّ بِالْبَصِيرِ وَقِيلَ لَا يَخْتَصُّ بَلْ يَصِحُّ مِنَ الْأَعْمَى لِإِدْرَاكِهِ الطَّعْمَ وَالرَّائِحَةَ وَزِيَادَةَ الْإِنَاءِ بَعْدَ نَقْصِهِ وَقَالَ سَحْنُونٌ أَيْضًا يَتَيَمَّمُ وَيَتْرُكُهَا وَلَا يُشْرَعُ لَهُ التَّحَرِّي كَأُخْتِهِ مِنَ الرَّضَاعِ إِذَا اخْتَلَطَ بِأَجْنَبِيَّةٍ قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ بِخِلَافِ الثِّيَابِ الْمُشْتَبِهَةِ فَإِنَّهُ لَا بَدَلَ لَهَا وَهَهُنَا بَدَلٌ وَهُوَ التَّيَمُّمُ وَقَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِذَا أَصَابَتِ النَّجَاسَةُ أَحَدَ الثَّوْبَيْنِ وَجُهِلَ لَا يُصَلِّي فِيهِمَا حَتَّى يَغْسِلَهُمَا وَإِنَّمَا يَتَحَرَّى فِيهِمَا عِنْدَ الضَّرُورَةِ فَلَوْ شَكَّ فِي مَوْضِعٍ مِنَ الثَّوْبِ وَتَيَقَّنَ الْإِصَابَةَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ غَسَلَ الْمُتَيَقَّنَ وَنَضَحَ الْمَشْكُوكَ وَإِذَا قُلْنَا بِالتَّحَرِّي فِي الثَّوْبَيْنِ فَلَا يَتَحَرَّى فِي جِهَاتِ الثَّوْبِ إِذَا اخْتَلَطَ عَلَيْهِ النَّجِسُ بِالطَّاهِرِ مِنَ الْجِهَتَيْنِ وَالْفَرْقُ أَنَّ التَّحَرِّيَ فِي الثَّوْبَيْنِ يُوجِبُ الصَّلَاةَ فِي أَحَدِهِمَا بِغَيْرِ غَسْلٍ وَلَا بُدَّ مِنَ الْغَسْلِ فِي الثَّوْبِ نَعَمْ لَوْ لَمْ يَجِدْ مِنَ الْمَاءِ مَا يَعُمُّ الثَّوْبَ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَ الثَّوْبِ وَضَاقَ الْوَقْتُ تَحَرَّى وَفِي الْجَوَاهِرِ يَتَحَرَّى بَيْنَ الثَّوْبَيْنِ وَلَمْ يَشْتَرِطِ الضَّرُورَةَ قَالَ وَقِيلَ إِنَّهُ يُصَلِّي بِكُلِّ وَاحِدٍ صَلَاةً قَالَ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ قَالَ فَلَوْ أَصَابَ بَعْضَ ثَوْبِهِ نَجَاسَةٌ لَمْ يَجُزِ التَّحَرِّي وَلَوْ قَسَمَهُ بِنِصْفَيْنِ لَمْ يَجُزِ التَّحَرِّي بَيْنَهُمَا لِجَوَازِ انْقِسَامِ النَّجَاسَةِ فِيهِمَا وَلَوْ أَصَابَتْ أَحَدَ الْكُمَّيْنِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ جَازَ الِاجْتِهَادُ كَالثَّوْبَيْنِ بِاخْتِلَافٍ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ قَالَ فَإِنْ فَصَلَهُمَا جَازَ الِاجْتِهَادُ إِجْمَاعًا بَيَانٌ النَّضْحُ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ يَنْطَلِقُ عَلَى الْغَسْلِ وَمِنْهُ سُمِّيَ الْبَعِيرُ الَّذِي

يَسْتَقِي نَاضِحًا وَيَنْطَلِقُ عَلَى الرَّشِّ وَبِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ عَلَى مَا يَكْثُرُ صَبُّ الْمَاءِ فِيهِ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {عينان نضاختان} وَقيل ينْطَلق على مَا يفور مِنَ السُّفْلِ كَالْفَوَرَانِ فَرْعٌ إِذَا قُلْنَا يُصَلِّي بِكُلِّ إِنَاءٍ صَلَاةً فَهَلْ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَا قَلَّ وَبَيْنَ مَا كَثُرَ كَمَا فَرَّقْنَا فِي تَرْتِيبِ الصَّلَوَاتِ أَشَارَ الطَّرْطُوشِيُّ إِلَى الْفَرْقِ قَاعِدَةٌ الْأَصْلُ أَلَّا تُبْنَى الْأَحْكَامُ إِلَّا عَلَى الْعِلْمِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ علم} لَكِنْ دَعَتِ الضَّرُورَةُ لِلْعَمَلِ بِالظَّنِّ لِتَعَذُّرِ الْعِلْمِ فِي أَكْثَرِ الصُّوَرِ فَتَثْبُتُ عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ لِنُدْرَةِ خَطَئِهِ وَغَلَبَةِ إِصَابَتِهِ وَالْغَالِبُ لَا يُتْرَكُ لِلنَّادِرِ وَبَقِيَ الشَّكُّ غَيْرَ مُعْتَبَرٍ إِجْمَاعًا ثُمَّ شَرْطُ الْعَمَلِ بِالظَّنِّ اقْتِبَاسُهُ مِنَ الْأَمَارَاتِ الْمُعْتَبَرَةِ شَرْعًا ثُمَّ حَيْثُ ظَفِرْنَا بِالْعِلْمِ لَا نَعْدِلُ عَنْهُ إِلَى الظَّنِّ كَتَحْصِيلِ صَلَاةٍ مِنْ خَمْسٍ بِفِعْلِ الْخَمْسِ وَحَيْثُ لَمْ نَظْفَرْ بِهِ اتَّبَعْنَا الظَّنَّ ثُمَّ الظَّنُّ قَدْ يَنْشَأُ عَنْ أَمَارَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَتَتَعَدَّدُ مَوَارِدُهُ فَيُتَخَيَّرُ كَإِخْبَارِ بَيِّنَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ بِمَا يُسْتَفَادُ مِنَ الشَّهَادَةِ وَقَدْ لَا تَتَعَدَّدُ مَوَارِدُهُ بل تَنْحَصِر جِهَة الظَّن الناشىء عَنِ الْأَمَارَةِ فِي مَوْرِدٍ فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْنَا اتِّبَاعُ ذَلِكَ الْمَوْرِدِ كَجِهَةِ الْكَعْبَةِ فَإِنَّ الْمَظْنُونَ عَنِ الْأَمَارَةِ فِيهَا لَيْسَ إِلَّا جِهَةً وَاحِدَةً وَمَا عَدَا تِلْكَ الْجِهَةَ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ عَدَمُ كَوْنِ الْكَعْبَةِ فِيهَا وَقَدْ لَا يَنْشَأُ عَنْ أَمَارَةٍ شَرْعِيَّةٍ فَلَا يُعْتَبَرُ شَرْعًا وَإِنْ كَانَ أرجح فِي النَّفس من الناشىء عَنِ الْأَمَارَةِ الشَّرْعِيَّةِ كَشَهَادَةِ أَلْفٍ مِنْ عُبَّادِ أَهْلِ الْكِتَابِ بِفَلَسٍ فَإِنَّا لَا نَتَّبِعُ هَذَا الظَّنَّ وَلَا يَثْبُتُ الْفَلَسُ وَإِنْ قَوِيَ فِي أَنْفُسِنَا صِدْقُهُمْ وَكَذَلِكَ الْأُخْتُ مَعَ الْأَجْنَبِيَّةِ لَمَّا لَمْ يَنْصُبِ الشَّرْعُ عَلَيْهَا أَمَارَةً وَجَبَ التَّوَقُّفُ وَعَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ تَتَخَرَّجُ مَسْأَلَةُ الْأَوَانِي وَكَثِيرٌ مِنْ مَسَائِلِ الْمَذْهَبِ

فُرُوعٌ أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ لَوْ صَلَّى بِمَا يَغْلِبُ على طنه طَهُورِيَّتُهُ ثُمَّ تَيَقَّنَ نَجَاسَتَهُ غَسَلَ أَعْضَاءَهُ وَتَوَضَّأَ وَأعَاد وَإِن ظن ذَلِك فَقَوْلَانِ مبينان عَلَى نَقْضِ الظَّنِّ بِالظَّنِّ كَالْمُصَلِّي إِلَى الْقِبْلَةِ يَظُنُّ خَطَأَ فِعْلِهِ الثَّانِي قَالَ يَتَرَتَّبُ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ إِذَا تَوَضَّأَ بِالْإِنَاءَيْنِ وَصَلَّى وَحَضَرَ صَلَاةً أُخْرَى وَطَهَارَتُهُ بَاقِيَةٌ وَالَّذِي تَوَضَّأَ بِهِ ثَانِيًا مَعْلُومٌ صَلَّى بِطَهَارَتِهِ وَغَسَلَ أَعْضَاءَهُ مِنَ الَّذِي تَوَضَّأَ بِهِ أَوَّلًا وَتَوَضَّأَ مِنْهُ وَصَلَّى وَإِنْ لَمْ تَكُنْ طَهَارَتُهُ بَاقِيَةً أَوْ كَانَتْ لَكِنَّهُ لَا يَعْلَمُ الَّذِي تَوَضَّأَ بِهِ آخِرًا تَوَضَّأَ بِالْإِنَاءَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ الثَّالِثُ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لَا تَصِحُّ صَلَاةُ مَنْ صَلَّى خَلْفَ مَنْ يُعْتَقَدُ أَنَّهُ تَوَضَّأَ بِنَجَسٍ وَلَوْ كَثُرَتِ الْأَوَانِي وَالْمُجْتَهِدُونَ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ إِذَا اخْتَلَفَ ثَلَاثَةٌ فِي ثَلَاثَةِ أَوَانٍ نَجِسٍ وَطَاهِرَيْنِ تَوَضَّأَ كُلُّ وَاحِدٍ مِمَّا يَرَاهُ طَاهِرًا وَيَؤُمُّ أَحَدُهُمْ ثُمَّ الثَّانِي وَلَا يَؤُمُّهُمُ الثَّالِثُ لِأَنَّ إِمَامَةَ الْأَوَّلِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّجِسُ مَعَ أَحَدِ الْمَأْمُومَيْنِ أَوْ مَعَهُ وَالثَّانِي يُحْتَمَلُ أَنْ يَقُولَ الثَّالِثُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النَّجِسُ وَقَعَ فِي حَقِّي فَصَلَاةُ إِمَامِي صَحِيحَةٌ وَإِمَامَةُ الثَّالِثُ تَتَعَيَّنُ النَّجَاسَةَ لَهُ فَلَمْ تَجُزْ وَمَتَى زَادَ عَدَدُ الْأَوَانِي أَوْ عَدَدُ الرِّجَالِ إِذَا بَقِيَ وَاحِدٌ طَاهِرٌ جَازَتِ الْإِمَامَةُ أَبَدًا حَتَّى يَبْقَى وَاحِدٌ مِنْهَا فَيَمْتَنِعُ فَإِنْ كَانَتِ الْأَوَانِي اثْنَتَيْنِ وَأَمَّ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَؤُمَّ الثَّانِي عِنْدَ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ إِلَّا أباثور لِعَدَمِ تَيَقُّنِ الْخَطَأِ وَلِأَنَّ الْمَأْمُومَ يَرَى أَنَّ صَلَاةَ الْإِمَامِ صَحِيحَةٌ فِي حَقِّهِ فَيَجُوزُ لَهُ اتِّبَاعُهَا وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى تَصْوِيبِ الْمُجْتَهِدِينَ كَمَا قَالَ فقد قَالَ أَصْحَاب الشَّافِعِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ قَالَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ لَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ مُطْلَقًا لِأَجْلِ الشَّكِّ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الصَّلَاةُ الْأُولَى صَحِيحَةٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ فِي اقْتِدَائِهِ وَفِي الِاقْتِدَاءِ الثَّانِي تَبْطُلُ إِحْدَى صَلَاتَيْهِ فَيَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُمَا لِيَخْرُجَ عَنِ الصَّلَاةِ بِيَقِينٍ وَقَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ الِاقْتِدَاءُ الثَّانِي فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ بَاطِلٌ لِأَنَّ فِيهِ يَتَعَيَّنُ تَقْدِيرُ النَّجَاسَةِ

الرَّابِعُ قَالَ حَيْثُ قُلْنَا بِالِاجْتِهَادِ بَيْنَ الْمَاءَيْنِ فَقَدْ خَرَّجَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ جَوَازَ الِاجْتِهَاد بَين المَاء وَالْبَوْل خلافًا ش وح لِأَنَّ حَقِيقَةَ الِاجْتِهَادِ تُمَيِّزُ الْحَقَّ عَنِ الْبَاطِلِ وَهَهُنَا كَذَلِكَ قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ هُوَ الَّذِي تَقْتَضِيه أصولنا وَبِه أَقُول الْوَسِيلَة الثَّانِيَة تَمْيِيزُ النَّجِسِ مِنْ غَيْرِهِ وَالْعَالَمُ إِمَّا جَمَادٌ أَوْ نَبَاتٌ أَوْ حَيَوَانٌ وَفِي الْجَوَاهِرِ وَالْأَوَّلَانِ طَاهِرَانِ إِلَّا الْمُسْكِرَاتِ لِلْإِسْكَارِ لِأَنَّهَا مَطْلُوبَةُ الْإِبْعَادِ وَالْقَوْلُ بِتَنْجِيسِهَا يُفْضِي إِلَى إِبْعَادِهَا وَالْمُفْضِي إِلَى الْمَطْلُوبِ مَطْلُوبٌ وَالْحَيَوَانُ فِيهِ أَرْبَعَةُ فُصُولٍ الْأَوَّلُ فِي أَقْسَامِهِ وَالثَّانِي فِي أَجْزَائِهِ وَالثَّالِثُ فِيمَا يَنْفَصِلُ عَنْهُ وَالرَّابِعُ فِيمَا يُلَابِسُهُ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي أقسامة وَهِي خَمْسَة الأول وَفِي الْجَوَاهِرِ الْحَيُّ كُلُّهُ طَاهِرٌ عَمَلًا بِالْأَصْلِ وَلِأَنَّ الْحَيَاةَ عِلَّةُ الطَّهَارَةِ عَمَلًا بِالدَّوَرَانِ فِي الْأَنْعَام فَإِنَّهَا حَال حَيَاتهَا حَيَّة ظَاهِرَة وَحَالَ مَوْتِهَا لَيْسَتْ حَيَّةً وَلَا طَاهِرَةً وَالدَّوَرَانُ دَلِيلٌ عَلَيْهِ الْمَدَارُ الدَّائِرُ فَيَلْحَقُ بِهِ مَحَلُّ النِّزَاعِ كَالْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ وَنَحْوِهِمَا فَإِنْ قِيلَ الْأَنْعَامُ الْمُذَكَّاةُ طَاهِرَةٌ فَبَطَلَ الدَّوَرَانُ قُلْنَا عِلَلُ الشَّرْعِ تَخْلُفُ بَعْضَهَا وَالذَّكَاةَ عِلَّةٌ مُطَهِّرَةٌ إِجْمَاعًا الثَّانِي قَالَ الْمَيْتَةُ حَتْفَ أَنْفِهَا كُلُّهَا نَجِسَةٌ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الْفَضَلَاتِ الْمُسْتَقْذَرَةِ إِلَّا مَيْتَةَ الْبَحْرِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْمُوَطَّأِ هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ وَالْحِلُّ دَلِيلُ الطَّهَارَةِ الثَّالِثُ قَالَ مَيْتَةُ مَا لَيْسَتْ لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ طَاهِرَةٌ لِعَدَمِ الدَّمِ مِنْهُ الَّذِي هُوَ عِلَّةُ الِاسْتِقْذَارِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْبُخَارِيِّ إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ كُلَّهُ ثُمَّ لِيَطْرَحْهُ وَلَوْ كَانَ يَنَجَسُ بِالْمَوْتِ مَعَ أَنَّ الْغَالِبَ مَوْتُهُ لَكَانَ

عَلَيْهِ السَّلَامُ أَمَرَ بِإِفْسَادِ الطَّعَامِ وَقَالَ أَشْهَبُ وَالشَّافِعِيّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ يَنَجَسُ لِأَنَّ الْمَوْتَ عِنْدَهُمَا عِلَّةُ التَّنْجِيسِ دُونَ احْتِقَانِ الدَّمِ لِقِلَّتِهِ وَوَافَقْنَاهُمْ عَلَى أَنَّ الْأَنْعَامَ إِذَا قُطِعَتْ مِنْ أَوْسَاطِهَا وَخَرَجَتْ دِمَاؤُهَا أَنَّهَا نَجِسَتْ بِالْمَوْتِ مَعَ انْتِفَاءِ الدَّمِ فَإِذَا اسْتَدْلَلْنَا نَحْنُ بِالذَّكَاةِ احْتَجُّوا بِهَذِهِ الصُّورَةِ وجوابنا عَنْهُ أَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يُسَلِّطْنَا عَلَى الْحَيَوَانِ إِلَّا بِشَرْطِ انْتِفَاعِنَا بِهِ وَأَنْ نَسْلُكَ أَقْرَبَ الطُّرُقِ فِي ذَلِكَ وَأَقْرَبُ الطُّرُقِ هُوَ الذَّكَاةُ فِي الْمَوْضِعِ الْمَخْصُوصِ فَمَنْ عَدَلَ عَنْهُ لَمْ يُرَتِّبِ الشَّرْعُ عَلَى فِعْلِهِ أَثَرًا فَسَوَّى بَيْنِ هَذِهِ الصُّورَةِ وَبَيْنَ الَّتِي احْتَقَنَتْ فِيهَا الْفَضَلَاتُ زَجْرًا لَهُ فَرْعَانِ الْأَوَّلُ لِلْمَازِرِيِّ فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ أَلْحَقَ ابْنُ الْقَصَّارِ الْبُرْغُوثَ بِمَا لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ لِوُجُودِ الدَّمِ فِيهِ وَأَلْحَقَهُ سَحْنُونٌ بِمَا لَا نفس لَهُ وَألْحق أَبُو حنيفَة الْبَعُوضَ بِالْجَرَادِ مَعَ وُجُودِ الدَّمِ فِيهِ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ النَّظَرُ إِلَى أَصَالَةِ الدَّمِ أَوْ طُرُوِّهِ الثَّانِي مِنَ الطَّرَّازِ إِذَا مَاتَ الْبُرْغُوثُ أَوِ الْقَمْلَةُ فِي الطَّعَامِ أَلْحَقَهُ ابْنُ الْقَصَّارِ بِمَا لَهُ نَفْسٌ وَخَالَفَهُ سَحْنُونٌ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ هَذَا إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِمَا دَمٌ فَإِنْ كَانَ وَافَقَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ ابْنَ الْقَصَّارِ فِي التَّنْجِيسِ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِنَا يَقُولُونَ لَا يُؤْكَلُ طَعَامٌ مَاتَ فِيهِ أَحَدُهُمَا لِأَنَّ عَيْشَهُمَا مِنْ دَمِ الْحَيَوَانِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى بِنَجَاسَةِ الْقَمْلَةِ لِكَوْنِهَا مِنَ الْإِنْسَانِ تُخْلَقُ بِخِلَافِ الْبُرْغُوثِ فَإِنَّهُ مِنَ التُّرَابِ وَلِأَنَّهُ وَثَّابٌ فَيَعْسُرُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ كَشْفٌ لِلنَّفْسِ ثَلَاثَةُ مَعَانٍ يُقَالُ لِذَاتِ الشَّيْءِ نَحْوَ جَاءَ زَيْدٌ نَفْسُهُ وَلِلرُّوحِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {الله يتوفى الْأَنْفس حِين مَوتهَا} وَلِلدَّمِ كَقَوْلِ ابْنِ دُرَيْدٍ (خَيْرُ النُّفُوسِ السَّائِلَاتُ جَهْرَةً ... عَلَى ظُبَاةِ الْمُرْهَفَاتِ وَالْقَنَا) وَمِنْهُ سُمِّيَتِ النُّفَسَاءُ لِخُرُوجِ الدَّمِ مِنْهَا

فَقَوْلُ الْعُلَمَاءِ مَا لَيْسَتْ لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ احْتِرَازٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَإِلَّا فَكُلُّ دَمٍ يَسِيلُ فَلَا مَعْنَى لِلتَّقْيِيدِ حِينَئِذٍ الرَّابِعُ الْآدَمِيُّ إِذَا مَاتَ طَاهِر عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِغُسْلِهِ وَإِكْرَامِهِ يَأْبَى تَنْجِيسَهُ إِذْ لَا مَعْنَى لِغُسْلِ الْمَيْتَةِ الَّتِي هِيَ بِمَنْزِلَةِ الْعَذِرَةِ وَلِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَلَّى عَلَى سَهْلِ بْنِ بَيْضَاءَ فِي الْمَسْجِدِ وَلَوْ كَانَ نَجِسًا مَا فَعَلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ذَلِكَ الْخَامِسُ الْكَلْبُ فِي الْجَوَاهِرِ أَطْلَقَ سَحْنُونٌ وَعَبْدُ الْمَلِكِ عَلَيْهِ التَّنْجِيسَ وَكَذَلِكَ الْخِنْزِيرُ إِمَّا لِنَجَاسَةِ عَيْنِهِمَا وَإِمَّا لِمُلَابَسَتِهِمَا النَّجَاسَةَ فَيُرْجَعُ إِلَى نَجَاسَةِ السُّؤْرِ وَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْمُوَطَّأِ إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعًا وَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَتَخَرَّجُ فُرُوعُ الْمَذْهَبِ فَنَذْكُرُهَا فِي أَثْنَاءِ فقهه وَالْكَرم عَلَى أَلْفَاظِهِ فَنَقُولُ قَوْلُهُ إِذَا وَلَغَ هَلْ يخْتَص بِالْمَاءِ علا بِالْغَالِبِ أَوْ يَعُمُّ الْمَاءَ وَالطَّعَامَ لِحُصُولِ السَّبَبِ فِي الْجَمِيعِ قَوْلَانِ وَقَوْلُهُ الْكَلْبُ هَلْ يَخْتَصُّ بِالْمَنْهِيِّ عَنِ اتِّخَاذِهِ فَتَكُونَ اللَّامُ لِلْعَهْدِ أَوْ يَعُمُّ الْكِلَابَ لِعُمُومِ السَّبَبِ قَوْلَانِ وَإِذَا قُلْنَا بِالْعُمُومِ فَوَلَغَ فِي الْإِنَاءِ جَمَاعَةُ كِلَابٍ أَوْ كَلْبٌ مِرَارًا هَلْ تَتَدَاخَلُ مُسَبَّبَاتُ الْأَسْبَابِ كَالْأَحْدَاثِ أَوْ يُغْسَلُ لِكُلِّ كَلْبٍ سَبْعًا وَلِلْكَلْبِ كَذَلِكَ قَوْلَانِ وَقَوْلُهُ فَلْيَغْسِلْهُ هَلْ يُحْمَلُ عَلَى النَّدْبِ أَوِ الْوُجُوبِ قَوْلَانِ إِمَّا لِأَنَّ الْأَمْرَ لِلْوُجُوبِ لَكِن هَهُنَا قَرَائِنُ صَرَفَتْهُ عَنْهُ وَإِمَّا لِلْخِلَافِ فِي صِيغَةِ الْأَمْرِ وَهَلْ هَذَا الْأَمْرُ تَعَبُّدٌ لِتَقْيِيدِهِ بِالْعَدَدِ كَغُسْلِ الْمَيِّتِ وَدَلَالَةِ الدَّلِيلِ عَلَى طَهَارَةِ الْحَيَوَانِ كَمَا تَقَدَّمَ أَوْ هُوَ مُعَلَّلٌ بِدَفْعِ مَفْسَدَةِ الْكَلْبِ عَنْ بَنِي آدَمَ لِأَنَّ الْكَلْبَ فِي أول مُبَاشرَة

الْمَاءِ يَعْلَقُ لُعَابُهُ بِالْإِنَاءِ وَهُوَ سُمٌّ وَيُؤَكِّدُ ذَلِكَ أَمْرُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي بَعْضِ الطُّرُقِ بِاسْتِعْمَالِ التُّرَابِ لِزَوَالِ اللُّزُوجَةِ الْحَامِلَةِ لِلسُّمِّ وَأَمَّا عدد لسبع فمناسب بِخُصُوصِيَّةٍ لِدَفْعِ السُّمُومِ وَالْأَسْقَامِ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي مَرَضِهِ أَهْرِيقُوا عَلَيَّ مِنْ سَبْعِ قِرَبٍ لم تحلل أَو كيتهن وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ تَصَبَّحَ بِسَبْعِ تَمَرَاتٍ عَجْوَة يَضُرَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ سُمٌّ وَلَا سِحْرٌ وَلِذَلِكَ أَمَرَ بِالرُّقَى سَبْعًا فِي قَوْلِهِ أَعُوذُ بِعِزَّةِ اللَّهِ وَعَظَمَتِهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا نَجِدُ وَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ سَلَامٌ مِنَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ أَوْ هُوَ مُعَلَّلٌ بِنَجَاسَتِهِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ طَهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِيهِ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعًا وَالطَّهَارَةُ ظَاهِرَةٌ فِي النَّجَاسَةِ وَيَخْرُجُ عَلَى هَذَا هَلْ يُغْسَلُ بِالْمَاءِ الَّذِي فِي الْإِنَاءِ لِطَهَارَتِهِ أَوْ لَا يُغْسَلُ لِنَجَاسَتِهِ قَوْلَانِ وَهَلْ يُؤْكَلُ الطَّعَامُ أَوْ يُطْرَحُ قَوْلَانِ وَهَلْ يَمْتَنِعُ الْقِيَاسُ عَلَى الْكَلْبِ لِأَنَّه تَعَبُّدٌ أَوْ يَلْحَقُ بِهِ الْخِنْزِيرُ بِجَامِعِ الِاسْتِقْذَارِ قَوْلَانِ وَهَلْ هَذَا الْأَمْرُ عَلَى الْفَوْرِ لِأَنَّه تَعَبُّدٌ وَالْعِبَادَاتُ لَا تُؤَخَّرُ أَوْ لَا يتعيين غسله إِلَّا عِنْد إِرَادَته اسْتِعْمَالَهُ بِنَاءً عَلَى نَجَاسَتِهِ قَوْلَانِ؟ وَاخْتَارَ عَبْدُ الْحَقِّ وَسَنَدٌ التَّأْخِيرَ فُرُوعٌ أَرْبَعَةٌ مِنَ الطَّرَّازِ الْأَوَّلُ الْأَمْرُ بِالْغَسْلِ مُخْتَصٌّ بِالْإِنَاءِ فَلَوْ وَلَغَ من حَوْض أَو نهر لَا يَتَعَدَّى الْحُكْمُ إِلَيْهِ لِأَنَّه تَعَبُّدٌ الثَّانِي الْحُكْمُ مُخْتَصٌّ بِوُلُوغِهِ فَلَوْ أَدْخَلَ يَدَهُ أَوْ رجله فَلَا أثر لذَلِك خلافًا ش الثَّالِثُ إِذَا اسْتُعْمِلَ الْإِنَاءُ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ قَبْلَ غَسْلِهِ هَلْ يُعْتَدُّ بِهِ أَوْ يُغْسَلُ سَبْعًا بَعْدَ ذَلِكَ يَتَخَرَّجُ عَلَى اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِي غَسْلِهِ قَالَ الْبَاجِيُّ لَا

تُشْتَرَطُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تُشْتَرَطَ قِيَاسًا عَلَى اشْتِرَاطِهَا فِي النَّضْحِ وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ فَإِنَّ الْغَسْلَ مِمَّا يُزِيلُ اللُّعَابَ وَالنَّضْحَ لَا يُزِيلُ شَيْئًا فَكَانَ تَعَبُّدًا بِخِلَافِ إِنَاءِ الْكَلْبِ الرَّابِعُ هَلْ يُشْتَرَطُ الدَّلْكُ قِيَاسًا عَلَى الْوُضُوءِ لِجَامِعِ التَّعَبُّدِ بِهِ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ وَيَكْفِي إِمْرَارُ الْمَاءِ عَلَيْهِ؟ لَيْسَ فِي ذَلِكَ نَصٌّ وَيُحْتَمَلُ أَلَّا يُشْتَرَطَ لِأَنَّ غَسْلَهُ خَرَجَ عَنِ الْمُتَعَارَفِ وَإِمْرَارُ الْمَاءِ قَدْ يُسَمَّى غَسْلًا وَقَدْ قَدَّمْتُ الْمَشْهُورَ عَنْ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي حِكَايَةِ الْخِلَافِ عَلَى الْعَادَةِ فِي الْكِتَابِ تَحْقِيقٌ قَالَ فِي الْكِتَابِ وَقَدْ كَانَ يُضَعِّفُهُ وَقَالَ قَدْ جَاءَ هَذَا الْحَدِيثُ وَمَا أَدْرِي مَا حَقِيقَتُهُ مِنَ التَّنْبِيهَاتِ قِيلَ يَضْعُفُ الْعَمَلُ بِهِ تَقْدِيمًا لِلْكِتَابِ وَالْقِيَاسِ عَلَيْهِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَاحَ أَكْلَ مَا أَمْسَكَ الْكِلَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ غَسْلًا وَالْقِيَاسُ عَلَى سَائِرِ الْحَيَوَانِ وَقِيلَ يَضْعُفُ الْعَدَدُ وَقِيلَ إِيجَابُهُ لِلْغَسْلِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ وَمَا أَدْرِي مَا حَقِيقَتُهُ أَيْ مَا الْمُرَادُ بِهِ مِنَ الْحُكْمِ وَيُقَالُ وَلَغَ يَلَغُ بِالْفَتْحِ فِيهِمَا مِنَ الطَّرَّازِ يُضَعِّفُ عِلَّةَ الْحُكْمِ حَتَّى يُقَاسَ عَلَيْهِ الْخِنْزِير الْفَصْل الثَّانِي فِي أَجزَاء الْحَيَوَان وَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُ لَحْمِهِ فِي الْجَوَاهِرِ وَالْعَظْمُ وَالْقَرْنُ وَالظِّلْفُ وَالسِّنُّ كَاللَّحْمِ لِحُلُولِ الْحَيَاةِ فِيهَا وَانْحِصَارِ فَضَلَاتِهَا فِيهَا بَعْدَ الْمَوْتِ فَتَكُونُ نَجِسَةً وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ لَا تَنْجَسُ بِالْمَوْتِ لِقِلَّةِ فَضَلَاتِهَا بِخِلَافِ اللَّحْمِ وَهَلْ تَلْحَقُ أَطْرَافُ الْقُرُونِ وَالْأَظْلَافُ بِأُصُولِهَا أَوْ بِالشُّعُورِ لِعَدَمِ حُلُولِ الْحَيَاةِ فِيهَا قَوْلَانِ وَالْأَصْوَافُ وَالْأَوْبَارُ وَالشُّعُورُ طَاهِرَةٌ قَالَهُ فِي الْكتاب وَوَافَقَهُ أَبُو حنيفَة وَتردد قَول الشَّافِعِي

حُجَّتُنَا أَنَّهَا طَاهِرَةٌ قَبْلَ الْمَوْتِ فَتَكُونُ طَاهِرَةً بَعْدَهُ عَمَلًا بِالِاسْتِصْحَابِ وَاسْتَحْسَنَ فِي الْكِتَابِ غَسْلَهَا لِأَنَّ الْجِلْدَ قَدْ يَعْرَقُ بَعْدَ الْمَوْتِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ مَا نُتِفَ مِنْهَا فَهُوَ غَيْرُ طَاهِرٍ لِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَيْتَةِ وَفِي شَعْرِ الْخِنْزِيرِ خِلَافٌ فَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ كَشُعُورِ الْمَيْتَةِ وَمَذْهَبُ أَصْبَغَ أَنَّهُ كَالْمَيْتَةِ وَنَابُ الْفِيلِ نَجِسٌ لِتَعَذُّرِ ذَكَاةِ الْفِيلِ غَالِبًا فَيَكُونُ كَعِظَامِ الْمَيْتَةِ وَقِيلَ طَاهِرٌ لِشَبَهِهِ بِالْقَرْنِ وَالْأَظْلَافِ وَقَالَ مُطَرِّفٌ إِنْ صُلِقَ فَهُوَ طَاهِرٌ كَالْمَدْبُوغِ مِنَ الْجُلُودِ الْمَيِّتَةِ وَإِلَّا فَلَا وَشَعْرُ الرِّيشِ كَالصُّوفِ وَعَظْمُهُ إِنْ حَلَّ فِيهِ الدَّمُ كَالْعَظْمِ وَإِنْ لَمْ يَحُلَّ فِيهِ الدَّمُ فَعَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي طَرَفِ الْقَرْنِ وَالظِّلْفِ وَالْجِلْدُ بِخِلَافِ اللَّحْمِ فِي تَطْهِيرِ الذَّكَاةِ لَهُ فِي السِّبَاعِ إِمَّا بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِالْكَرَاهَةِ وَإِمَّا لِأَنَّ الدِّبَاغَ يَعْمَلُ فِي جِلْدِ الْمَيْتَةِ دُونَ لَحْمِهَا فَكَانَ أَخَفَّ وَكُلُّ شَيْءٍ أُبِينَ عَنْ حَيٍّ مِمَّا تُحِلُّهُ الْحَيَاةُ فَهُوَ مَيِّتٌ لِأَنَّه عَلَيْهِ السَّلَامُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَهُمْ يحتذون أَسْنِمَةَ الْإِبِلِ وَأَلْيَاتِ الْغَنَمِ فَقَالَ مَا أُبِينَ عَنِ الْحَيِّ فَهُوَ مَيِّتٌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الْمُنْفَصِلِ عَنِ الْحَيَوَانِ وَفِي الْجَوَاهِرِ مَا لَيْسَ لَهُ مَقَرٌّ كَالدَّمْعِ وَالْعَرَقِ فَطَاهِرٌ لِمَا فِي الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ اسْتَقْبَلَهُمْ عَلَى فَرَسٍ عَرِيٍّ وَفِي الدَّارَقُطْنِيِّ أَنَتَوَضَّأُ بِمَا أَفْضَلَتِ الْحُمُرُ؟ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَعَمْ وَبِمَا أَفْضَلَتِ السِّبَاعُ وَلِأَنَّ الْحَيَاةَ عِلَّةُ الطَّهَارَةِ فَتَكُونُ أَجْزَاءُ الْحَيِّ طَاهِرَةً إِلَّا مَا أَخْرَجَهُ الدَّلِيلُ وَالْمِسْكُ وَفَأْرَتُهُ طَاهِرَانِ لِأَنَّه عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَتَطَيَّبُ بِهِ

وَالدَّمُ الْمَسْفُوحُ نَجِسٌ إِجْمَاعًا وَغَيْرُ الْمَسْفُوحِ طَاهِرٌ على الْأَصَح بقوله تَعَالَى {أَو دَمًا مسفوحا} فَمَفْهُومُهُ أَنَّ مَا لَيْسَ بِمَسْفُوحٍ مُبَاحُ الْأَكْلِ فَيَكُونُ طَاهِرًا وَالْأَعْيَانُ النَّجِسَةُ كَالْبَوْلِ وَالدَّمِ وَنَحْوِهِمَا لَا يُقْضَى عَلَيْهَا بِنَجَاسَةٍ فِي بَاطِنِ الْحَيَوَانِ لِصِحَّةِ صَلَاةِ حَامِلِ الْحَيَوَانِ الْحَيِّ كَمَا وَرَدَتِ السُّنَّةُ صَلَّى بِصَبِيٍّ وَلَوْ حَمَلَ الْإِنْسَانُ عُصْفُورًا وَصَلَّى بِهِ لَمْ أَعْلَمْ فِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ خِلَافًا وَالدِّمَاءُ كُلُّهَا سَوَاءٌ حَتَّى دَمُ الْحِيتَانِ طَرْدًا لِلْعِلَّةِ وَخَصَّصَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِهِ ذَكَاتَهُ وَلِمَالِكٍ فِي دَمِ الذُّبَابِ وَالْقُرَادِ قَوْلَانِ كَمَا سَبَقَ وَعَفَا مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ مَرَّةً عَنْ يَسِيرِ الْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ كَيَسِيرِ الدَّمِ وَأَلْحَقَهُ مَرَّةً بِالْبَوْلِ لِمَزِيدِ اسْتِقْذَارِهِ عَلَى الدَّمِ وَفِي الطَّرَّازِ الْقَيْءُ وَالْقَلْسُ طَاهِرَانِ إِنْ خَرَجَا عَلَى هَيْئَةِ طَعَامٍ وَالْمَعِدَةُ عِنْدَنَا طَاهِرَةٌ لِعِلَّةِ الْحَيَاةِ وَالْبَلْغَمُ وَالصَّفْرَاءُ وَمَرَائِرُ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ وَالدَّمُ وَالسَّوْدَاءُ نَجِسَانِ فَإِذَا خَالَطَ الْقَيْءُ أَوِ الْقَلْسُ أَحَدَهُمَا أَوْ عَذِرَةً تَنْقَلِبُ إِلَى جِهَةِ الْمَعِدَةِ تَنَجَّسَ وَالْبَوْلُ وَالْعَذِرَةُ نَجِسَانِ مِنْ بَنِي آدَمَ وَقِيلَ إِلَّا مِمَّنْ لَمْ يَأْكُلِ الطَّعَامَ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ أُمَّ قَيْسٍ أَتَتْ بِابْنٍ لَهَا صَغِيرٍ لَمْ يَأْكُلِ الطَّعَامَ إِلَيْهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَأَجْلَسَهُ فِي حِجْرِهِ فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ فَدَعَا عَلَيْهِ السَّلَامُ بِمَاءٍ فَنَضَحَهُ وَلَمْ يَغْسِلْهُ وَقِيلَ ذَلِكَ فِي الذَّكَرِ دُونَ الْأُنْثَى لِأَنَّه تَمِيلُ النُّفُوسُ إِلَيْهِ فَيُحْمَلُ بِخِلَافِهَا وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ غِذَاءَ الْجَنِينِ مِنْ دَمِ الْحَيْضِ وَهُوَ نَجِسٌ إِجْمَاعًا وَأَمَّا الْحَدِيثُ فَالنَّضْحُ فِيهِ مَحْمُولٌ عَلَى إِتْبَاعِهِ بِالْمَاءِ وَهُوَ طَرِيٌّ فَذَهَبَتْ أَجْزَاءُ الْمَاءِ بِأَجْزَاءِ النَّجَاسَةِ وَهُوَ الْمَقْصُودُ مِنَ التَّطْهِيرِ مِنَ التَّبْصِرَةِ وَلَا خِلَافَ فِي نَجَاسَةِ ثُفْلِهِمَا وَإِنْ لَمْ يَأْكُلَا فِي الْجَوَاهِرِ وَهُمَا طَاهِرَانِ مِنْ كُلِّ حَيَوَانٍ مُبَاحِ الْأَكْلِ مَكْرُوهَانِ من

الْمَكْرُوهِ نَجِسَانِ مِنَ الْمُحَرَّمِ لِمَا فِي مُسْلِمٍ قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْمٌ مِنْ عُكْلٍ أَوْ عُرَنَةَ فَاجْتَوَوُا الْمَدِينَةَ فَأَمَرَ لَهُمْ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِلِقَاحٍ وَأَمَرَهُمْ أَن يشْربُوا من أبوالهم وَأَلْبَانِهَا الْحَدِيثَ مَعَ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنِ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَ أُمَّتِي فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْهَا وَالْمُرَادُ بِالْجَعْلِ الْمَشْرُوعِيَّةُ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى طَهَارَتِهَا وَإِلَّا لَمَا أَمَرَهُمْ بِذَلِكَ وَلِأَنَّ غِذَاءَ الْمُبَاحِ طَاهِرٌ وَأَمْعَاءَهُ طَاهِرَةٌ وَإِلَّا لَمَا كَانَتْ مُبَاحَةً وَتَغَيُّرُ الطَّاهِرِ فِي الطَّاهِرِ لَا يُنَجِّسُهُ كَالْمُتَغَيِّرِ فِي الْآنِيَةِ وَأَمَّا الْمُحَرَّمُ فَتَخْتَلِطُ رُطُوبَاتُ الْأَمْعَاءِ وَهِيَ مُحَرَّمَةٌ نَجِسَةٌ فَيُنَجَّسُ الطَّعَامُ وَقد ظهر بذلك الْمَكْرُوه وَقيل هما نَجِسَانِ مِنَ الْجَمِيعِ طَرْدًا لِعِلَّةِ الِاسْتِقْذَارِ وَفَرَّقَ لِلْمَشْهُورِ بِأَنَّ الِاسْتِقْذَارَ فِي الْبَوْلِ وَالْعَذِرَةِ أَتَمُّ مِنْهُ فِي مَأْكُولِ اللَّحْمِ وَالْقَاصِرُ عَنْ مَحَلِّ الْإِجْمَاعِ لَا يَلْحَقُ بِهِ فَلَا يُنَجِّسُ أَرْوَاثَ الْمَأْكُولِ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ وَالْمَذْيُ وَكُلُّ رُطُوبَةٍ أَوْ بَلَلٍ يَخْرُجُ مِنَ السَّبِيلَيْنِ فَهُوَ نَجِسٌ وَمِنْهُ الْمَنِيُّ خِلَافًا ش إِمَّا لِأَنَّ أَصْلَهُ دَمٌ أَوْ لِمُرُورِهِ فِي مَجْرَى الْبَوْلِ وَيَتَخَرَّجُ عَلَى ذَلِكَ طَهَارَةُ مَنِيِّ مَا بَوْلُهُ طَاهِرٌ مِنَ الْحَيَوَانِ وَقَدْ وَرَدَ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّ الْفَضَلَاتِ فِي بَاطِنِ الْحَيَوَانِ لَا يُقْضَى عَلَيْهَا بِالنَّجَاسَةِ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَيْسَ أَصْلُهُ نَجِسًا فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ عِلَّةُ التَّنْجِيسِ الِاسْتِقْذَارُ بِشَرْطِ الِانْفِصَالِ وَقَدْ حَصَلَتِ الْعِلَّةُ بِشَرْطِهَا فَيَتَعَيَّنُ التَّنْجِيسُ لِأَنَّا نَتَكَلَّمُ بَعْدَ الِانْفِصَالِ وَيُحَقِّقُ ذَلِكَ مَا فِي مُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَغْسِلُ الْمَنِيَّ ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى الصَّلَاةِ فِي ذَلِكَ الثَّوْبِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى أَثَرِ الْغَسْلِ فِيهِ وَمِنْهُ أَنَّ رَجُلًا نَزَلَ ضَيْفًا بِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَأَصْبَحَ يَغْسِلُ ثَوْبَهُ فَقَالَتْ لَهُ إِنَّمَا كَانَ

يَجْزِيكَ إِنْ رَأَيْتَهُ أَنْ تَغْسِلَ مَكَانَهُ وَإِنْ لَمْ تَرَ نَضَحْتَ حَوْلَهُ لَقَدْ رَأَيْتُنِي أَفْرُكُهُ مِنْ ثَوْبِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَرْكًا فَيُصَلِّي وَالْأَلْبَانُ طَاهِرَةٌ مِنْ مَأْكُولِ اللَّحْمِ وَكَذَلِكَ لَبَنُ بَنَاتِ آدَمَ لِأَنَّ تَحْرِيمَهُنَّ لِحُرْمَتِهِنَّ وَلِأَنَّ الرَّضَاعَ جَائِزٌ وَبعد انْقِضَاءِ زَمَنِ الضَّرُورَةِ إِلَيْهِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُبَاحًا لَمُنِعَ وَلَبَنُ الْخِنْزِيرِ نَجِسٌ وَمَا عَدَا ذَلِك فمختلف فِيهِ فَقيل طَاهِر قياسيا عَلَى لَبَنِ بَنَاتِ آدَمَ وَلِبُعْدِ الِاسْتِحَالَةِ وَضَعْفِ الِاسْتِقْذَارِ وَقِيلَ تَابِعَةٌ لِلُّحُومِ لِأَنَّهَا فَضَلَاتُهَا وَقِيلَ مَكْرُوهَةٌ مِنَ الْمُحَرَّمِ الْأَكْلِ وَالْبَيْضُ طَاهِرٌ مُطْلَقًا لِأَنَّه مِنَ الطَّيْرِ وَهُوَ طَاهِرٌ الرَّابِعُ فِيمَا يُلَابِسُهُ وَفِيهِ فُرُوعٌ ثَمَانِيَةٌ الْأَوَّلُ فِي الْجَوَاهِرِ مَا غِذَاؤُهُ النَّجَاسَةُ أَوْ غَالِبُ غِذَائِهِ فَرَوْثُهُ نَجِسٌ لِكَوْنِ الْمُنْفَصِلِ أَجْزَاءَ الْمُتَنَاوَلِ وَقِيلَ طَاهِرٌ لِبُعْدِ الِاسْتِحَالَةِ الثَّانِي قَالَ الْأَعْرَاقُ طَاهِرَةٌ وَإِنْ كَانَ صَاحِبُهَا يَتَنَاوَلُ النَّجَاسَةَ وَكَذَلِكَ الْبَيْضُ وَاللَّبَنُ لِبُعْدِ الِاسْتِحَالَةِ وَقِيلَ نَجِسَةٌ نَظَرًا لِلتَّوَلُّدِ الثَّالِثُ قَالَ رَمَادُ الْمَيْتَةِ وَالْمُتَحَجِّرُ فِي أَوَانِي الْخَمْرِ نَجِسٌ لِأَنَّه جُزْءُ النَّجَاسَةِ وَقِيلَ طَاهِرٌ لِلِاسْتِحَالَةِ الرَّابِعُ قَالَ الْحَيَوَانُ الَّذِي شَأْنُهُ أَكْلُ النَّجَاسَةِ الْمُلَازِمُ لَنَا كَالْهِرِّ وَالْفَأْرَةِ يُقْضَى بِطَهَارَتِهِ حَتَّى تَتَعَيَّنَ نَجَاسَتُهُ وَغَيْرُ الْمُلَازِمِ كَالطَّيْرِ إِنْ تَعَيَّنَتْ نَجَاسَتُهُ قُضِيَ بِهَا فَإِنْ لَمْ تَتَعَيَّنْ فَمَكْرُوهٌ فِي الْمَاءِ لِيَسَارَتِهِ وَيُؤْكَلُ الطَّعَامُ لِحُرْمَتِهِ وَقِيلَ يَنْجَسُ عَمَلًا بِالْغَالِبِ وَقِيلَ طَاهِرٌ عَمَلًا بِالْأَصْلِ الْخَامِسُ مُرَتَّبٌ عَلَى الرَّابِعِ مِنَ التَّبْصِرَةِ إِنْ تَوَضَّأَ بِهَذَا الْمَاءِ وَصَلَّى قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ وَإِنْ كَانَ قَدْ أَمَرَهُ بِالتَّيَمُّمِ مَعَ وُجُودِهِ لِنَجَاسَتِهِ

السَّادِسُ فِي الْجَوَاهِرِ سُؤْرُ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَشَارِبِي الْخَمْرِ كَسُؤْرِ الْجَلَّالَةِ وَلَا يُصَلَّى بِثِيَابِهِمْ حَتَّى تُغْسَلَ وَثَوْبُ غَيْرِ الْمُصَلِّي كَذَلِكَ إِلَّا مَا كَانَ عَلَى رَأْسِهِ وَيُصَلِّي فِي ثِيَابِ الْمُصَلِّينَ إِلَّا فِي الْوَسَطِ الَّذِي يُقَابِلُ الْفَرْجَ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ لِقِلَّةِ مَعْرِفَةِ الِاسْتِبْرَاءِ فِي النَّاسِ مِنْ غَيْرِ الْعُلَمَاءِ السَّابِعُ مِنَ التَّبْصِرَةِ إِذَا طُبِخَ اللَّحْمُ بِمَاءٍ نَجِسٍ قَالَ مَالِكٌ يُغْسَلُ وَيُؤْكَلُ وَقَالَ أَيْضًا لَا يُؤْكَلُ وَهُوَ أَحْسَنُ لقبُول أَجزَاء اللَّحْم النَّجَاسَة وَكَذَلِكَ الزَّيْتُونِ يُطْرَحُ فِي مَاءٍ نَجِسٍ وَالْبَيْضُ يُطْبَخُ فِيهِ أَوْ يُوجَدُ بَعْضُهُ فَاسِدًا نَجِسًا وَقَدْ طُبِخَ مَعَ غَيْرِهِ قَوْلَانِ الثَّامِنُ مِنْهَا أَيْضًا أَجْرَى مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ الْمَاءَ النَّجِسَ مُجْرَى الْمَيْتَةِ لَا يُسْقَى لِبَهِيمَةٍ وَلَا نَبَاتٍ وَقَالَ أَيْضًا يَجُوزُ وَقَالَ ابْنُ مُصْعَبٍ لَا يُسْقَى مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ بِخِلَافِ الزَّرْعِ وَالنَّخْلِ فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لَا يُؤْكَلُ الْحَيَوَانُ أَوِ النَّبَاتُ الَّذِي شَرِبَهُ حَتَّى تَطُولَ مُدَّتُهُ وَتَتَغَيَّرَ أَعْرَاضُهُ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ لَا بَأْسَ أَنْ يَعْلِفَ النَّحْلُ الْعَسَلَ النَّجِسَ وَفِي التِّرْمِذِيِّ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَهَى عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْجَلَّالَةِ وَأَلْبَانِهَا قَاعِدَةٌ تُبَيِّنَ مَا تَقَدَّمَ وَهِيَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا حَكَمَ بِالنَّجَاسَةِ فِي أَجْسَامٍ مَخْصُوصَةٍ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ مَوْصُوفَةً بِأَعْرَاضٍ مَخْصُوصَةٍ مُسْتَقْذَرَةٍ وَإِلَّا فَالْأَجْسَامُ كُلُّهَا مُتَمَاثِلَةٌ وَاخْتِلَافُهَا إِنَّمَا وَقَعَ بِالْأَعْرَاضِ فَإِذَا ذَهَبَتْ تِلْكَ الْأَعْرَاضُ ذَهَابًا كُلِّيًّا ارْتَفَعَ الْحُكْمُ بِالنَّجَاسَةِ إِجْمَاعًا كَالدَّمِ يَصِيرُ مَنِيًّا ثُمَّ آدَمِيًّا وَإِنِ انْتَقَلَتْ تِلْكَ الْأَعْرَاضُ إِلَى مَا هُوَ أَشَدُّ اسْتِقْذَارًا مِنْهَا ثَبَتَ الْحُكْمُ فِيهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى كَالدَّمِ يَصِيرُ قَيْحًا أَوْ دَمَ حَيْضٍ أَوْ مَيْتَةً وَإِنِ انْتَقَلَتْ إِلَى أَعْرَاضٍ أَخَفَّ مِنْهَا فِي الِاسْتِقْذَارِ فَهَلْ يُقَالُ هَذِهِ الصُّورَةُ قَاصِرَةٌ عَنْ مَحَلِّ الْإِجْمَاعِ فِي الْعِلَّةِ فَيَقْصُرُ عَنْهَا فِي الْحُكْمِ أَوْ يُلَاحَظُ أَصْلُ الْعِلَّةِ لَا كَمَالُهَا فَيُسَوَّى بِمَحَلِّ الْإِجْمَاعِ؟ هَذَا مَوْضِعُ النَّظَرِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي جُمْلَةِ هَذِهِ الْفُرُوع

الْمُتَقَدِّمَةِ وَلِذَلِكَ فَرَّقَ عُلَمَاؤُنَا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ بَيْنَ اسْتِحَالَةِ الْخَمْرِ إِلَى الْخَلِّ قَضَوْا فِيهِ بِالطَّهَارَةِ وَبَيْنَ اسْتِحَالَةِ الْعِظَامِ النَّجِسَةِ إِلَى الرَّمَادِ لِمَا فِيهِ مِنْ بَقِيَّةِ الِاسْتِقْذَارِ وَعَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ يَظْهَرُ بُطْلَانُ قَوْلِ الْقَائِلِ إِزَالَةُ النَّجَاسَةِ مِنْ بَابِ الرُّخَصِ مُحْتَجًّا بِأَنَّ سَبَبَ تَنْجِيسِ الْمَاءِ وَغَيْرِهِ مُلَاقَاتُهُ لِلنَّجَاسَةِ فَمَا مِنْ مَاءٍ يَصِلُ إِلَى الْمَحَلِّ إِلَّا وَيَتَنَجَّسُ وَالثَّانِي يَتَنَجَّسُ بِالْأَوَّلِ وَهَلُمَّ جَرًّا حَتَّى لَوْ فُرِضَ صَبُّ الْمَاءِ مِنْ أَعْلَى جَبَلٍ بِإِبْرِيقٍ نَجُسَ مَا فِي الْإِبْرِيقِ فَوْقَ الْجَبَلِ بِالنَّجَاسَةِ الْكَائِنَةِ أَسْفَلَهُ بِسَبَبِ مُلَاقَاةِ كُلِّ جُزْءٍ لِجُزْءٍ تَنَجَّسَ قَبْلَهُ بِأَنْ تُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْأَعْرَاضَ الْمَخْصُوصَةَ الْمُسْتَقْذَرَةَ الَّتِي حَكَمَ الشَّرْعُ لِأَجْلِهَا بِالنَّجَاسَةِ مَنْفِيَّةٌ بِالضَّرُورَةِ فِيمَا بَعُدَ عَنِ النَّجَاسَةِ فَلَا يَكُونُ نَجِسًا الْوَسِيلَةُ الرَّابِعَةُ إِزَالَةُ النَّجَاسَةِ وَالْكَلَامُ فِي حَقِيقَتِهَا وَحُكْمِهَا وَالْمُسْتَثْنَيَاتُ مِنْ أَجْنَاسِهَا فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي حَقِيقَتِهَا وَيَتَعَلَّقُ الْغَرَضُ بِنَفْسِ الْفِعْلِ وَبِمَاذَا يَكُونُ وَفِي أَيِّ مَحَلٍّ يَكُونُ فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ نَفْسُ الْفِعْلِ وَفِي الْجَوَاهِرِ وَلَا بُدَّ مِنْ إِذْهَابِ عَيْنِهَا وَأَثَرِهَا فَإِنْ بَقِيَ الطَّعْمُ فَهِيَ بَاقِيَةٌ وَأَمَّا اللَّوْنُ وَالرِّيحُ فَإِنْ كَانَ زَوَالُهُمَا مُتَيَسَّرًا أُزِيلَا وَإِلَّا تُرِكَا كَمَا يُعْفَى عَنِ الرَّائِحَةِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ إِذَا عَسِرَ زَوَالُهَا مِنَ الْيَدِ أَوِ الْمَحَلِّ فُرُوعٌ أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا انْفَصَلَتِ الْغُسَالَةُ عَنِ الْمَحَلِّ مُتَغَيِّرَةً فَهُمَا نَجِسَانِ وَإِلَّا فَطَاهِرَانِ

الثَّانِي لَا يَضُرُّ بَقَاءُ بَعْضِ الْغُسَالَةِ فِي الْمَحَلِّ إِذَا كَانَتْ مُتَغَيِّرَةً وَلَا يُشْتَرَطُ الْعَصْرُ الثَّالِثُ قَالَ إِذَا لَمْ يُتَيَقَّنْ مَحَلُّ النَّجَاسَةِ غُسِلَ الثَّوْبُ أَوِ الْجَسَدُ كُلُّهُ لِتَحْصِيلِ يَقِينِ الطَّهَارَةِ الرَّابِعُ قَالَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ لَا تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ فِي إِزَالَتِهَا وَقِيلَ تُشْتَرَطُ قَاعِدَةٌ التَّكَالِيفُ عَلَى قِسْمَيْنِ أَوَامِرُ وَنَوَاهٍ فَالنَّوَاهِي بِجُمْلَتِهَا يَخْرُجُ الْإِنْسَانُ مِنْ عُهْدَتِهَا وَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا وَلَا شَعَرَ بِهَا نَحْوَ خُرُوجِنَا عَنْ عُهْدَةِ شُرْبِ كُلِّ خَمْرٍ لَمْ نَعْلَمْهُ وَقَتْلِ كُلِّ إِنْسَانٍ لَمْ نَعْرِفْهُ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَالْأَوَامِرُ عَلَى قِسْمَيْنِ مِنْهَا مَا تَكُونُ صُورَةُ فِعْلِهِ كَافِيَةً فِي تَحْصِيلِ مَصْلَحَةٍ بِغَيْرِ نِيَّةٍ كَرَدِّ الْمَغْصُوبِ وَأَدَاءِ الدُّيُونِ وَالْوَدَائِعِ وَنَفَقَاتِ الزَّوْجَاتِ وَالْأَقَارِبِ وَالرَّقِيقِ وَالْبَهَائِمِ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ بِغَيْرِ نِيَّةٍ خرج عَن عهدتها لِأَن الْمصَالح المفصودة مِنْهَا الِانْتِفَاعُ بِتِلْكَ الْأَعْيَانِ وَقَدْ حَصَلَتْ فَلَا يَضُرُّ فَقْدُ النِّيَّةِ وَمِنْهَا مَا لَا تَكُونُ صُورَةُ فِعْلِهِ كَافِيَةً فِي تَحْصِيلِ مَصْلَحَةٍ كَالصَّلَاةِ وَالْحَجِّ وَالصِّيَامِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا تَعْظِيمُ الرَّبِّ تَعَالَى وَإِجْلَالُهُ وَالْخُضُوعُ لَهُ بِهَا وَذَلِكَ إِنَّمَا يَحْصُلُ إِذَا قَصَدَ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِهَا كَمَنْ عَظَّمَ إِنْسَانًا بِصُنْعِ طَعَامٍ لَهُ فَأَكَلَهُ غَيْرُ مَنْ قَصَدَهُ فَإِنَّ التَّعْظِيمَ لِلْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي فَمَنْشَأُ الْخِلَافِ فِي إِزَالَةِ النَّجَاسَةِ هَلِ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى حَرَّمَ عَلَى عِبَادِهِ الْمُثُولَ بَيْنَ يَدَيْهِ مُلَابِسِينَ لِلنَّجَاسَاتِ فَتَكُونُ مِنْ بَابِ الْمُحَرَّمَاتِ فَيُسْتَغْنَى عَنِ النِّيَّةِ أَوْ أَوْجَبَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَتَطَهَّرُوا مِنَ الْخَبَثِ كَمَا يَتَطَهَّرُونَ مِنَ الْحَدَثِ فَتَكُونُ مِنْ بَابِ الْمَأْمُورَاتِ الَّتِي لَا تَكْفِي صُورَتُهَا فِي تَحْصِيلِ مَصْلَحَتِهَا فَتَحْتَاجُ إِلَى النِّيَّة؟

تَتِمَّةٌ فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا شَكَّ فِي إِصَابَةِ النَّجَاسَةِ الْمَحَلَّ نَضَحَهُ لِمَا فِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أُتِيَ بِحَصِيرٍ قَدِ اسْوَدَّ مِنْ طول مَا قد لبث فنضحه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَصَلَّى عَلَيْهِ فَإِنْ تَحَقَّقَ الْإِصَابَةَ وَشَكَّ فِي النَّجَاسَةِ فَقَوْلَانِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الِاسْتِقْذَارَ سَبَبٌ وَالْإِصَابَةَ شَرْطٌ وَتَعَلُّقَ الْحُكْمِ بِسَبَبِهِ أَقْوَى مَنْ تَعَلُّقِهِ بِشَرْطِهِ لِأَنَّه يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ السَّبَبِ وُجُودُ الْحُكْمِ بِخِلَافِ الشَّرْطِ فَإِنْ شَكَّ فِيهِمَا فَلَا يَنْضَحُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا ثُمَّ هَلْ يَفْتَقِرُ النَّضْحُ إِلَى نِيَّةٍ لِكَوْنِهِ تَعَبُّدًا لِنَشْرِهِ النَّجَاسَةَ مِنْ غَيْرِ إِزَالَةٍ فَأَشْبَهَ الْعِبَادَاتِ أَوْ لَا يَفْتَقِرُ لِكَوْنِهَا طَهَارَةَ نَجَاسَةٍ؟ وَالنَّضْحُ عَامٌّ لِمَا شكّ فِيهِ الْجَسَد فَيتَعَيَّن غسله لقَوْل عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلْيَغْسِلْ يَدَهُ ثَلَاثًا فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ مِنْهُ فَأَمَرَهُ بِالْغَسْلِ لِلشَّكِّ وَقِيلَ يَنْضَحُ طَرْدًا لِلْعِلَّةِ وَالْقَوْلَانِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّه أَمَرَ بِغَسْلِ الْأُنْثَيَيْنِ إِنْ خَشِيَ أَنْ يُصِيبَهُمَا مَذْيٌ وَهَذَا يَقْتَضِي اسْتِثْنَاءَ الْجَسَدِ مِنْ قَاعِدَةِ النَّضْحِ وَقَالَ أَيْضًا فِيهَا النَّضْحُ طَهُورٌ لِمَا شُكَّ فِيهِ وَهَذَا عَامٌّ وَالْأَوَّلُ هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الطَّرَّازِ وَصَاحِبِ النُّكَتِ وَالْقَاضِي فِي التَّنْبِيهَاتِ نَقْلُهُ عَنِ الْعِرَاقِيِّينَ وَهُوَ الْأَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ فَإِنَّهُ لَمَّا نَصَّ عَلَى خُصُوصِ الْجَسَدِ أَمَرَ بِالْغَسْلِ وَحَيْثُ عَمَّمَ أَدْرَجَهُ مَعَ غَيْرِهِ فَيُحْتَمَلُ التَّخْصِيصُ وَحَكَى ابْنُ شَعْبَانَ وَجَمَاعَةٌ الْقَوْلَ الثَّانِيَ وَقَالَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا ذَكَرْتُهُ مِنْ قَوْلِ الْمَغَارِبَةِ وَالْعِرَاقِيِّينَ وَظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ مُرَتَّبٌ عَلَى مَنْ أُمِرَ بِالنَّضْحِ فَصَلَّى بِلَا نَضْحٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وسَحْنُونٌ يُعِيدُ الصَّلَاةَ لِتَرْكِهِ فَرْضًا وَقَالَ أَشْهَبُ وَابْنُ نَافِعٍ وَعَبْدُ الْمَلِكِ لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ وَعَلَّلَهُ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ بِأَنَّ النَّضْحَ مُسْتَحَبٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي

ذَلِكَ قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ النَّضْحُ وَاجِبٌ وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ مُزِيلًا لِمُسْتَقْذَرٍ لَمْ يَكُنْ شَرْطًا فِي الصَّلَاةِ بِخِلَافِ إِزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُعِيدُ أَبَدًا فِي الْعَمْدِ وَالْجَهْلِ إِلَّا أَنَّهُ قَدْ خُفِّفَ فِيمَنِ احْتَلَمَ فِي ثَوْبِهِ فَلَمْ يَنْضَحْ مَا لَمْ يَرَهُ لِخِفَّةِ ذَلِكَ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنَ الْأَصْحَابِ بِالْإِعَادَةِ مِنَ النِّسْيَانِ نَظَائِرُ خَمْسَةٌ الْأَصْلُ أَنَّ الْوَاجِبَ لَا يَسْقُطُ مَعَ النِّسْيَانِ وَأَسْقَطَهُ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي خَمْسَةِ مَوَاضِعَ فِي النَّضْحِ وَغَسْلِ النَّجَاسَةِ وَالْمُوَالَاةِ فِي الْوُضُوءِ وَالتَّرْتِيبِ فِي الْمَنْسِيَّاتِ وَالتَّسْمِيَةِ فِي الذَّكَاةِ عَلَى الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ فِي هَذِهِ الْخَمْسَةِ لِضَعْفِ مَدْرَكِ الْوُجُوبِ بِسَبَبِ تَعَارُضِ الْمَآخِذِ فَقَوِيَ الْإِسْقَاطُ بِعُذْرِ النِّسْيَانِ الْقِسْمُ الثَّانِي بِمَاذَا يَكُونُ التَّطْهِيرُ وَهُوَ إِمَّا إِحَالَةٌ كَالْخَمْرِ يَصِيرُ خَلًّا أَوْ إِزَالَةٌ كَالْغَسْلِ بِالْمَاءِ أَوْ بِهِمَا كَالدِّبَاغِ فُرُوعٌ الْأَوَّلُ فِي الْجَوَاهِرِ لَا يَجُوزُ التَّطْهِيرُ بِغَيْرِ الْمَاءِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} وَالطَّهُورُ هُوَ الَّذِي يُتَطَهَّرُ بِهِ كَمَا سَلَفَ أَوَّلَ الْكِتَابِ فَيَكُونُ ذَلِكَ نَصًّا عَلَى سَبَبِيَّتِهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ سَبَبِيَّةِ غَيْرِهِ فَإِنْ قَاسَ الْحَنَفِيَّةُ غَيْرَهَ عَلَيْهِ بِجَامِعِ الْمَائِعِيَّةِ مَنَعْنَا صِحَّةَ الْقِيَاسِ فِي الْأَسْبَابِ وَإِذَا سَلِمَتْ صِحَّتُهُ فَرَّقْنَا بِالْيُسْرِ وَالرِّقَّةِ وَاللَّطَافَةِ فَإِنْ قَالُوا الْخَلُّ وَمَاءُ اللَّيْمُونِ أَلْطَفُ مِنْهُ قُلْنَا لَا نُسَلِّمُ بِدَلِيلِ أَنَّ الْخُبْزَ لَا يُفَرِّقُ أَجْزَاءَهُ الْخَلُّ وَلَا اللَّيْمُونُ بِخِلَافِهِ وَأَنَّ اللَّيْمُونَ إِذَا وُضِعَ فِي مَوَاضِعِ الْعَرَقِ سَدَّهَا لِلُزُوجَتِهِ وَمَنَعَهَا مِنَ الْخُرُوجِ بِخِلَافِ الْمَاءِ وَإِمَّا إِزَالَتُهُ لِأَلْوَانِ الْمَطْبُوعِ فَذَلِكَ لِإِحَالَتِهِ اللَّوْنَ لَا لِلَطَافَتِهِ الثَّانِي إِذَا مَسَحَ السَّيْفَ أَوِ الْمُدْيَةَ الصَّقِلَيْنِ أَجْزَأَ عَنِ الْغَسْلِ لِمَا فِي الْغَسْلِ مِنْ إِفْسَادِهِمَا وَقِيلَ لِأَنَّه لَمْ يَبْقَ مِنَ النَّجَاسَةِ شَيْءٌ وَلَوْ مَسَحَ الْبَدَنَ مَسْحًا بَلِيغًا حَتَّى تَذْهَبَ النَّجَاسَةُ فِي الْحِسِّ لَمْ يَطْهُرْ لِبَقَاءِ بَعْضِ أَجْزَائِهَا غَالِبًا وَقِيلَ يطهر

الثَّالِثُ قَالَ فِي الْكِتَابِ يَغْسِلُ مَوَاضِعَ الْمَحَاجِمِ فَإِنْ مَسَحَ أَعَادَ مَا دَامَ فِي الْوَقْتِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ لِيَسَارَةِ دَمِ الْمَحَلِّ الرَّابِعُ إِذَا مَسَحَ الدَّمَ مِنْ فَمِهِ بِالرِّيقِ حَتَّى ذَهَبَ فَفِي افْتِقَارِهِ لِلْغَسْلِ قَوْلَانِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ والصَّحِيحُ تَطْهِيرُهُ بِالْمَاءِ إِنْ كَانَ كَثِيرًا وَإِلَّا عُفِيَ عَنْهُ وَلَا يُطَهِّرُ الرِّيقُ شَيْئًا الْقِسْمُ الثَّالِثُ فِي أَيِّ مَحَلٍّ يَكُونُ التَّطْهِيرُ وَالْأَعْيَانُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ مِنْهَا مَا لَا يَقْبَلُ التَّطْهِيرَ كَلَحْمِ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَالْبَوْلِ وَالْعَذِرَةِ وَمِنْهَا مَا يَقْبَلُ التَّطْهِيرَ كَالْجَسَدِ وَالثَّوْبِ وَمِنْهَا مَا اخْتُلِفَ فِيهِ وَفِيهِ صُوَرٌ ثَلَاثٌ وَالثَّوْبُ وَمِنْهَا اخْتُلِفَ فِيهِ وَفِيهِ صُوَرٌ ثَلَاثٌ الْأُولَى جِلْدُ الْمَيْتَةِ هَلْ يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ؟ وَقَدْ تَقَدَّمَ الثَّانِيَةُ تَطْهِيرُ الْخَمْرِ بِوَضْعِ الْمِلْحِ فِيهَا وَنَحْوِهِ حَتَّى تَصِيرَ خَلًّا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ يَجُوزُ عَلَى كَرَاهِيَةٍ أَوْ يُمْنَعُ وَالْقَوْلَانِ لِمَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلِسَحْنُونٍ إِنِ اقْتَنَاهَا امْتَنَعَ وَإِنْ عَمِلَ عَصِيرًا فَصَارَ خَلًّا جَازَ الثَّالِثَةُ الزَّيْتُ النَّجِسُ وَفِي الْجَوَاهِرِ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ طَهَارَتَهُ بِالْغَسْلِ وَقِيلَ لَا يُطَهَّرُ لِأَن لزوجة الزَّيْت تمنع إِخْرَاج المَاء لنجاسة أَمَّا إِذَا كَانَتِ النَّجَاسَةُ لَا تَخْرُجُ مَعَ الْمَاءِ كَمَيْتَةٍ أَوْ شَحْمِ خِنْزِيرٍ فَلَا خِلَافَ أَنَّهَا لَا تُطَهَّرُ وَصُورَةُ الْغَسْلِ أَنْ يُجْعَلَ فِي قِرْبَةٍ أَوْ جَرَّةٍ وَيُلْقَى عَلَيْهِ مِثْلُهُ مَاءً أَوْ نَحْوَهُ وَيُخَضْخَضَ ثُمَّ يُقْلَبَ فَمُ الْإِنَاءِ إِلَى أَسْفَلَ وَهُوَ مَسْدُودٌ سَاعَةً فَيَصِيرَ الدُّهْنُ إِلَى الْقَعْرِ وَيَبْقَى الْمَاءُ عِنْدَ الْفَمِ فَيُفْتَحَ فَيَخْرُجَ الْمَاءُ وَيُمْسَكَ الدُّهْنُ ثُمَّ يُسْكُبَ عَلَيْهِ مَاءٌ آخَرُ قَالَ الْمَازِرِيُّ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَنَحْوهَا الْفَصْلُ الثَّانِي فِي حُكْمِهَا فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ الْقَاضِيَانِ ابْنُ الْقَصَّارِ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ الْمَذْهَبُ كُلُّهُ عَلَى وُجُوبِ الْإِزَالَةِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي إِعَادَةِ مَنْ صَلَّى بِهَا بِنَاءً عَلَى كَوْنِهَا شَرْطًا فِي

الصَّلَاةِ أَمْ لَا وَقَالَ الْمَازِرِيُّ وَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَى تَأْثِيمِ الْمُصَلِّي بِهَا وَمَعْنَى قَوْلِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ إِنَّهَا سُنَّةٌ أَنَّ حُكْمَهَا عُلِمَ بِالسُّنَّةِ وَقَالَ الْقَاضِي أَيْضًا فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ وَجَمَاعَةٌ هِيَ سُنَّةٌ وَالْخِلَافُ فِي إِعَادَةِ مَنْ صَلَّى بِهَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَنْ تَرَكَ السُّنَنَ مُتَعَمِّدًا وَاللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ الْمَغَارِبَةِ يَقُولُونَ فِي الْمَذْهَبِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْوُجُوبُ وَهُوَ رِوَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ لِإِلْزَامِهِ الْإِعَادَةَ بَعْدَ الْوَقْتِ نَاسِيًا أَوْ عَامِدًا وَالِاسْتِحْبَابُ لِأَشْهَبَ لِاسْتِحْبَابِهِ الْإِعَادَةَ فِي الْوَقْتِ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا وَالْوُجُوبُ مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ دُونَ النِّسْيَانِ وَالْعَجْزِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْكِتَابِ لِإِيجَابِهِ الْإِعَادَةَ عَلَى غَيْرِ الْمَعْذُورِ بَعْدَ الْوَقْتِ وَأُمِرَ الْمَعْذُورُ بِالْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ فُرُوعٌ أَرْبَعَةٌ مِنَ الطَّرَّازِ الْأَوَّلُ إِذَا ذَكَرَ النَّجَاسَةَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ قَطَعَ صَلَاتَهُ أَمْكَنَهُ طَرْحُهُ أَوْ لَمْ يُمْكِنْ عَلَى ظَاهِرِ الْكِتَابِ وَقِيلَ لَا يَقْطَعُ إِذَا طَرَحَ مَا عَلَيْهِ لِتَوِّهِ لِأَنَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خَلَعَ نَعْلَهُ وَلَمْ يُعِدْ وَقِيلَ لَا يَقْطَعُ فِي الْحَالَيْنِ إِمَّا لِأَنَّ إِزَالَةَ النَّجَاسَةِ أَخَفُّ أَوْ قِيَاسًا عَلَى الرُّعَافِ وَالْفَرْقُ أَنَّ التَّحَرُّزَ مِنَ النَّجَاسَةِ مُمْكِنٌ بِخِلَافِ الرُّعَافِ زَادَ ابْنُ الْجَلَّابِ فِي هَذَا الْفَرْعِ إِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ طَرْحُهُ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَمْضِي عَلَى صَلَاتِهِ وَيُعِيدُهَا فِي الْوَقْتِ فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ حَتَّى فَرَغَ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ اسْتِحْبَابًا فَإِنْ تَعَمَّدَ خُرُوجَ الْوَقْتِ فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَعَبْدُ الْمَلِكِ يُعِيدُ بَعْدَ الْوَقْتِ فَرْعٌ مُرَتَّبٌ إِذَا قُلْنَا يَقْطَعُ وَقَدْ بَقِيَ مِنَ الْوَقْتِ مَا لَا يَسَعُ بَعْدَ إِزَالَةِ النَّجَاسَةِ رَكْعَةً فَيَتَخَرَّجُ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَنْ إِذَا تَشَاغَلَ بِرَفْعِ الْمَاءِ مِنَ الْبِئْرِ حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ وَهَذَا أَوْلَى بِالتَّمَادِي لِأَنَّ الصَّلَاةَ بِالنَّجَاسَةِ أَخَفُّ مِنَ الصَّلَاةِ بِالْحَدَثِ لِوُجُوبِ رَفعه إِجْمَاعًا

الثَّانِي إِنْ قُلْنَا بِالْقَطْعِ فَنَسِيَ بَعْدَ رُؤْيَتِهَا وَأَتَمَّ الصَّلَاةَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُعِيدُ وَإِنْ ذَهَبَ الْوَقْتُ لِبُطْلَانِ صَلَاتِهِ بِرُؤْيَتِهِ وَهَذَا ظَاهِرٌ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَقْطَعُ وَإِنْ قُلْنَا بِأَنَّهُ يَنْزِعُ وَلَا يَقْطَعُ فَالصَّلَاةُ صَحِيحَةٌ وَلَوْ كَانَ ذَاهِبًا قَبْلَ الصَّلَاةِ وَنَسِيَهَا فَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ إِنَّ عَلَيْهِ الْإِعَادَةَ وَإِنَّهُ مُفَرِّطٌ وَاسْتَضْعَفَهُ بِنَاءً عَلَى اخْتِصَاصِ الْوُجُوبِ بِوَقْتِ الصَّلَاةِ الثَّالِثُ إِذَا كَانَتِ النَّجَاسَةُ تَحْتَ قَدَمَيْهِ فَرَآهَا فَتَحَوَّلَ عَنْهَا خَرَجَتْ عَلَى الْخِلَافِ فِي الثَّوْبِ إِذَا أَمْكَنَهُ طَرْحُهُ وَإِنْ كَانَتْ حَوْلَ رِجْلَيْهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ الرَّابِع قَالَ أَبُو الْعَبَّاس الإيباني إِذَا كَانَ أَسْفَلَ نَعْلِهِ نَجَاسَةٌ فَنَزَعَهُ وَوَقَفَ عَلَيْهِ جَازَ كَظَهْرِ حَصِيرٍ الْخَامِسُ مِنَ الْبَيَانِ قَالَ مَالِكٌ إِذَا عَلِمَ فِي ثَوْبِ إِمَامِهِ نَجَاسَةً إِنْ أَمْكَنَهُ إِعْلَامُهُ فَلْيَفْعَلْ وَإِنْ لَمْ يُمكنهُ وَصلى أعَاد فِي الْوَقْت قَالَ يحي بن يحي الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ أَحَبُّ إِلَيَّ وَإِنَّمَا خَصَّصَهَا مَالِكٌ بِالْوَقْتِ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ مَنْ يَقُولُ كُلُّ مُصَلٍّ يُصَلِّي لِنَفْسِهِ وَكَذَلِكَ مَنْ عَلِمَ أَن الإِمَام غير متوضىء فَلْيُعْلِمْهُ بِذَلِكَ وَلِيَسْتَأْنِفْ عِنْد سَحْنُونٍ وَالَّذِي يَأْتِي على مَذْهَب ابْن قَاسم أَنَّ الْكَلَامَ لِإِصْلَاحِ الصَّلَاةِ لَا يُبْطِلُ الْبِنَاءَ وَعدم الِاسْتِئْنَاف وَقيل فِي الملتبس إِنْ أَمْكَنَهُ إِعْلَامُهُ بِقِرَاءَةِ آيَةِ الْمُدَّثِّرِ أَوْ آيَةِ الْوُضُوءِ فَعَلَ وَتَمَادَى عَلَى صَلَاتِهِ مَعَ الْمُسْتَخْلف الإِمَام وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ وَقَالَ يحي ابْن يحي وَسَحْنُونٌ لَهُ أَنْ يَخْرِقَ الصُّفُوفَ وَيُعْلِمَهُ وَلَا يَسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةَ وَبَقِيَّةُ أَحْكَامِ النَّجَاسَةِ تَأْتِي فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ حُجَّةُ الْوُجُوبِ قَوْله تَعَالَى {وَثِيَابَكَ فطهر} وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الصَّحِيحِ فِي صَاحِبَيِ الْقَبْرِ إِنَّ هَذَيْنِ لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ بِكَبِيرٍ كَانَ أَحدهمَا

يمشي بالنميمة وَالْآخر لَا يستبرىء مِنَ الْبَوْلِ وَمِنْ سُنَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ اسْتَبْرِئُوا مِنَ الْبَوْلِ فَإِنَّ عَامَّةَ عَذَابِ الْقَبْرِ مِنْهُ وَلِأَنَّ الْبَوْلَ تَتَعَلَّقُ بِهِ طَهَارَةُ حَدَثٍ وَطَهَارَةُ خَبَثٍ وَالْأُولَى وَاجِبَةٌ إِجْمَاعًا فَيَكُونُ الْآخَرُ كَذَلِكَ عَمَلًا بِاتِّحَادِ السَّبَبِ حُجَّةُ النَّدْبِ مَا فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ خَلَعَ نَعْلَهُ فَخَلَعَ الصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ نِعَالَهُمْ فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ مَا بَالُكُمْ خَلَعْتُمْ نِعَالَكُمْ قَالُوا رَأَيْنَاكَ خَلَعْتَ فَخَلَعْنَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِن جِبْرِيل أَخْبرنِي أَن فِيهَا قذرا وَيرى أَذًى وَلَمْ يُعِدْ صَلَاتَهُ وَلَا أَبْطَلَ مَا مَضَى مِنْهَا وَفِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ يَحْمِلُ أُمَامَةَ بِنْتَ زَيْنَبَ ابْنَتَهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا وَالْغَالِبُ عَلَى ثِيَابِ الصِّبْيَانِ النَّجَاسَةُ وَقَدْ أَلْقَتْ قُرَيْشٌ عَلَى ظَهْرِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ سَلَى جَزُورٍ بِدَمِهَا وَلَمْ يَقْطَعْ صَلَاتَهُ وَلَا نُقِلَ أَنَّهُ أَعَادَهَا وَلَمَّا تَعَارَضَتِ الْمَآخِذُ كَانَ النِّسْيَانُ مُسْقِطًا لِلْوُجُوبِ لِضَعْفِ مَأْخَذِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الْمُسْتَثْنَيَاتِ مِنْ أَجْنَاسِهَا وَتَقَدَّمَ قَبْلَ ذَلِكَ قَاعِدَةٌ وَهِيَ أَنَّ كُلَّ مَأْمُورٍ يَشُقُّ عَلَى الْعِبَادِ فِعْلُهُ سَقَطَ الْأَمْرُ بِهِ وَكُلَّ مَنْهِيٍّ شَقَّ عَلَيْهِمُ اجْتِنَابُهُ سَقَطَ النَّهْيُ عَنْهُ وَالْمَشَاقُّ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ مَشَقَّةٌ فِي الْمَرْتَبَةِ الْعُلْيَا فَيُعْفَى عَنْهَا إِجْمَاعًا كَمَا لَوْ كَانَتْ طَهَارَةُ الْحَدَثِ أَوِ الْخَبَثِ تُذْهِبُ النَّفْسَ أَوِ الْأَعْضَاءَ وَمَشَقَّةٌ فِي الْمَرْتَبَةِ الدُّنْيَا فَلَا يُعْفَى عَنْهَا إِجْمَاعًا كَطَهَارَةِ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ بِالْمَاءِ الْبَارِدِ فِي الشِّتَاءِ وَمَشَقَّةٌ مُتَرَدِّدَةٌ بَيْنَ الْمَرْتَبَتَيْنِ فَمُخْتَلَفٌ فِي إِلْحَاقِهَا بِالْمَرْتَبَةِ الْعُلْيَا فَتُؤَثِّرُ فِي

الْإِسْقَاطِ أَوْ بِالْمَرْتَبَةِ الدُّنْيَا فَلَا تُؤَثِّرُ وَعَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ يَتَخَرَّجُ الْخِلَافُ فِي فُرُوعِ هَذَا الْفَصْلِ نَظَرًا إِلَى أَنَّ هَذِهِ النَّجَاسَةَ هَلْ يَشُقُّ اجْتِنَابُهَا أَمْ لَا وَفِي هَذَا الْفَصْلِ تِسْعَ عَشْرَةَ صُورَةً الصُّورَةُ الْأُولَى قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا رَأَى فِي ثَوْبِهِ يَسِيرًا مِنَ الدَّمِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ مَضَى عَلَى صَلَاتِهِ كَانَ دَمَ حَيْضٍ أَوْ غَيْرِهِ وَإِنْ نَزَعَهُ فَلَا بَأْسَ مِنَ الطَّرَّازِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَإِنْ رَآهُ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ نَزَعَهُ وَإِنَّمَا الرُّخْصَةُ فِي الصَّلَاةِ أَوْ بَعْدَهَا وَهَذَا خِلَافُ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَقَالَ صَاحِبُ الْغَرَائِبِ إِنْ صَلَّى بِهِ عَامِدًا أَعَادَ بِخِلَافِ السَّاهِي وَالْعِلَّةُ فِي الْعَفو عَنهُ تكرره لاخفاؤه وَاخْتُلِفَ فِي الْيَسِيرِ قَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ قدر الدِّرْهَم قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ قَدْرُ الْمَخْرَجِ لِأَنَّه مَعْفُوٌّ عَنهُ وَأنكر مَالك رَحمَه الله فِي العتيبة التَّحْدِيدَ وَقَالَ أَبُو طَاهِرٍ الْخِنْصَرُ يَسِيرٌ وَالْخِلَافٌ فِيمَا فَوْقَهُ إِلَى الدِّرْهَمِ مِنَ الطَّرَّازِ سَوَّى مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ بَيْنَ الدِّمَاءِ فِي الْعَفْوِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَلْحَقَ فِي الْمَبْسُوطِ دَمَ الْحَيْضِ بِالْبَوْلِ وَإِذَا قُلْنَا بِالْعَفْوِ عَنْهُ فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ إِضَافَتِهِ لِلْحَائِضِ أَوْ لِغَيْرِهَا وَقَالَ اللَّخْمِيُّ يُخْتَلَفُ فِي الدَّمِ الْيَسِيرِ يَكُونُ فِي ثَوْبِ الْغَيْرِ ثُمَّ يَلْبَسُهُ الْإِنْسَانُ لِإِمْكَان الِانْفِكَاكِ عَنْهُ وَإِذَا قُلْنَا لَا يُعْفَى عَنْ دَمِ الْحَيْضِ فَدَمُ الْمَيْتَةِ مِثْلُهُ عِنْدَ ابْنِ وَهْبٍ ويعفى عَنهُ عِنْد ابي حَبِيبٍ كَدَمِ الْمُذَكَّاةِ اسْتِصْحَابًا لِحِكْمَةٍ قَبْلَ الْمَوْتِ وَإِذَا قُلْنَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِ دَمِ الْمَيْتَةِ فَهَلْ يُعْفَى عَنْ يَسِيرِ دَمِ الْخِنْزِيرِ عَلَى ظَاهِرِ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الدِّمَاءِ فِي الْكِتَابِ أَوْ بِفَرْقٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ دَمِ الْمَيْتَةِ بِأَنَّهُ كَانَ مَعْفُوًّا عَنْهُ فِي حَالَةِ الْحَيَاةِ وَمُبَاحَ الْأَكْلِ إِذَا لَمْ يُسْفَحْ وَبَيْنَ دَمِ الْحَيْضِ بِأَنَّهُ دَمُ إِنْسَانٍ وَالْإِنْسَانُ لَا يَتَمَيَّزُ عَنْ دَمِهِ

وَإِذَا قُلْنَا يُعْفَى عَنْ دَمِ الْخِنْزِيرِ وَالْمَيْتَةِ فَهَلْ يُعْفَى عَنِ الْيَسِيرِ مِنْ لَحْمِ الْمَيْتَةِ لِأَنَّه عَلَى حُكْمِ الدَّمِ أَوْ لَا يُعْفَى عَنْهُ؟ وَهُوَ الظَّاهِرُ لِإِمْكَانِ الِاحْتِرَازِ مِنْهُ الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ مِنَ الْبَيَانِ سُئِلَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ عَمَّا يَنْسِجُهُ النَّصَارَى وَيَسْقُونَهُ بِالْخُبْزِ الْمَبْلُولِ وَيُحَرِّكُونَهُ بِأَيْدِيهِمْ وَهُمْ أَهْلُ نَجَاسَةٍ قَالَ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَلَمْ يَزَلِ النَّاسُ يَلْبَسُونَهَا قَدِيمًا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَلَا فَرْقَ فِي الْقِيَاسِ بَيْنَ مَنْسُوجِهِمْ وَمَلْبُوسِهِمْ فِي الِانْتِفَاعِ الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ مِنَ التَّبْصِرَةِ قَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ إِذَا وَقَعَتْ قَطْرَةٌ مِنْ بَوْلٍ أَوْ خَمْرٍ فِي طَعَامٍ أَوْ دُهْنٍ لَا يُنَجَّسُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَلِيلًا وَقَالَهُ ابْنُ نَافِعٍ فِي حِبَابِ الزَّيْتِ تَقَعُ فِيهَا الْفَأْرَةُ وَأَمْكَنَ أَنْ يُقَالَ إِنَّ هَذَا لَهُ أَصْلٌ فِي الشَّرْعِ يُرْجَعُ إِلَيْهِ فَلَا يَكُونُ رُخْصَةً وَهُوَ أَنَّ الْقَاعِدَةَ الْمُجْمَعَ عَلَيْهَا إِذَا تَعَارَضَتِ الْمَفْسَدَةُ الْمَرْجُوحَةُ وَالْمَصْلَحَةُ الرَّاجِحَةُ اغْتُفِرَتِ الْمَفْسَدَةُ فِي جَنْبِ الْمَصْلَحَةِ كَقَطْعِ الْيَدِ الْمُتَآكِلَةِ لِبَقَاءِ النَّفْسِ وَنَظَائِرُ ذَلِكَ كَثِيرٌ فِي الشَّرْعِ وَالنُّقْطَةُ النَّجِسَةُ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى الْمَفْسَدَةِ وَكُلُّ نُقْطَةٍ مِنَ الْمَائِعِ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى مَصْلَحَةٍ فَنُقْطَةٌ مُعَارَضَةٌ بِنُقْطَةٍ وَبَقِيَّةُ الْمَائِعِ سَالِمٌ مِنَ الْمُعَارِضِ فَيَكُونُ الْمَائِعُ طَاهِرًا فَإِنْ قِيلَ يُشْكِلُ ذَلِكَ بِالْقَلِيلِ مِنَ الْمَائِعِ قُلْنَا الْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ الأول أَن أعظم الْمَفْسَدَةِ فِي إِرَاقَةِ الْمَائِعِ الْكَثِيرِ أَتَمُّ الثَّانِي أَنَّ هَذِهِ الْمَفْسَدَةَ يَنْدُرُ وُجُودُهَا فَغَلَبَتْ فِي الْقَلِيلِ طَلَبًا لِلِاحْتِيَاطِ الصُّورَةُ الرَّابِعَةُ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَا بَأْسَ بِطِينِ الْمَطَرِ وَمَاءِ الْمَطَرِ المنتفع وَفِيهِ الْعَذِرَةُ وَالْبَوْلُ وَالرَّوْثُ وَمَا زَالَتِ الطُّرُقُ كَذَلِكَ وَهُمْ يُصَلُّونَ بِهِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ مَا لَمْ تَكُنِ النَّجَاسَةُ غَالِبَةً أَوْ عينا قَائِمَة قَالَ أَبُو طَاهِر وَلَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ وَافْتَقَرَ إِلَى الْمَشْيِ فِيهِ لَمْ يَجِبْ غَسْلُهُ كَثَوْبِ الْمُرْضِعَةِ

الصُّورَة الْخَامِسَة فِي الْجَوَاهِر الْجرْح بمصل الدَّمَ وَغَيْرَهُ يُعْفَى عَنْهُ مَا لَمْ يَتَفَاحَشْ الصُّورَةُ السَّادِسَةُ الدُّمَّلُ يَسِيلُ يُعْفَى عَنْهُ مَا لَمْ يَتَفَاحَشْ الصُّورَةُ السَّابِعَةُ قَالَ ثَوْبُ الْمُرْضِعِ يُعْفَى عَن بَوْل الصَّبِي فِيهِ مالم يَتَفَاحَشْ قَالَ فِي الْكِتَابِ وَأَسْتَحِبُّ لَهَا ثَوْبًا آخَرَ لِصَلَاتِهَا الصُّورَةُ الثَّامِنَةُ قَالَ الْأَحْدَاثُ تَسْتَنْكِحُ وَيَكْثُرُ قَطْرُهَا وَإِصَابَتُهَا الثَّوْبَ فَيُعْفَى عَنْهَا مَا لَمْ يَتَفَاحَشْ فَرْعٌ إِذَا عُفِيَ عَنِ الْأَحْدَاثِ فِي حَقِّ صَاحِبِهَا عُفِيَ عَنْهَا فِي حَقِّ غَيره لسُقُوط اعْتِبَارهَا شَرْعِيًّا وَقِيلَ لَا يُعْفَى عَنْهَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ لِأَنَّ سَبَبَ الْعَفْوِ الضَّرُورَةُ وَلَمْ يُوجَدْ فِي حَقِّ الْغَيْرِ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ صَلَاةُ صَاحِبِهَا بِغَيْرِهِ إِمَامًا الصُّورَةُ التَّاسِعَةُ قَالَ بَوْلُ الْخَيْلِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْغَازِي فِي أَرْضِ الْحَرْبِ وَقِيلَ مُطْلَقًا يُعْفَى عَنْهُ مَا لَمْ يَتَفَاحَشْ الصُّورَةُ الْعَاشِرَةُ قَالَ دم عَلَى السَّيْفِ أَوِ الْمُدْيَةِ الصَّقِيلَيْنِ يُعْفَى عَنْ أَثَرِهِ دُونَ عَيْنِهِ الصُّورَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ الْخُفُّ يُمْشَى بِهِ عَلَى أَبْوَالِ الدَّوَابِّ وَأَرْوَاثِهِا يَكْفِي فِيهِ الْمسْح وَقيل الْغسْل فُرُوعٌ الْأَوَّلُ مِنَ الطَّرَّازِ قَالَ سَحْنُونٌ مَسْحُ الْخُفِّ بِالْأَمْصَارِ وَالْمَوَاضِعِ الَّتِي تَكْثُرُ فِيهَا الدَّوَابُّ وَمَا لَا تَكْثُرُ فِيهِ الدَّوَابُّ لَا يُعْفَى عَنهُ الثَّانِي من الطّراز حد الْمسْح أَن لَا يُخْرِجَ الْمَسْحُ شَيْئًا مِثْلَ الِاسْتِجْمَارِ فِي خُرُوجِ الْحَجَرِ نَقِيًّا وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ يُشْتَرَطُ انْقِطَاعُ الرِّيحِ وَلَيْسَ شَرْطًا كَمَا فِي الِاسْتِنْجَاءِ الثَّالِثُ مِنْهُ أَيْضًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي النَّوَادِرِ يُغْسَلُ الْخُفُّ مِنْ بَوْلِ الْكَلْبِ وَلَا يُمْسَحُ وَيُشْبِهُ أَنْ يَلْحَقَ بِهِ الدَّجَاجُ الْمُخَلَّاةُ لِنُدْرَتِهَا فِي الطرقات

الرَّابِعُ مِنْهُ لَوْ مَشَى بِخُفِّهِ عَلَى نَجَاسَةٍ وَلَا مَاءَ مَعَهُ فَلْيَخْلَعْهُ وَيَتَيَمَّمْ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ بَدَلٌ مِنَ الْوُضُوءِ وَالنَّجَاسَةُ لَا بَدَلَ لَهَا الصُّورَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ فِي الْجَوَاهِرِ النَّعْلُ إِذَا مَشَى بِهِ عَلَى أَرْوَاثِ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالِهَا دَلَّكَهُ وَصَلَّى لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَام أَنه قَالَ إِذا وطىء أَحَدُكُمْ بِنَعْلِهِ الْأَذَى كَانَ التُّرَابُ لَهُ طَهُورًا وَفِي رِوَايَةٍ إِذَا وَطِئَ أَحَدُكُمُ الْأَذَى بِخُفِّهِ فَطَهُورُهَا التُّرَابُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يَجْزِيه لِخِفَّةِ النَّزْعِ بِخِلَافِ الْخُفِّ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ قَالَ بَوْلُ مَنْ لَمْ يَأْكُلِ الطَّعَامَ يُغْسَلُ عَلَى الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يُسْتَثْنَى وَقِيلَ الذَّكَرُ فَقَطْ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ قَالَ إِذَا مَشَى بِرِجْلِهِ عَلَى نَجَاسَةٍ هَلْ يَجِبُ غَسْلُهَا لِخِفَّتِهِ أَوْ يَلْحَقُ بِالنَّعْلِ لِتَكَرُّرِ ذَلِكَ وَالتَّفْرِقَةُ لِلْقَاضِي أَبِي بَكْرِ بْنِ الْعَرَبِيِّ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ الْمَرْأَةُ لَمَّا كَانَتْ مَأْمُورَةً بِإِطَالَةِ ذَيْلِهَا لِلسَّتْرِ جَعْلَ الشَّرْعُ مَا بَعْدَهُ طَهُورًا لَهُ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنِ امْرَأَةٍ أَنَّهَا قَالَتْ لِأُمِّ سَلَمَةَ إِنِّي امْرَأَةٌ أُطِيلُ ذَيْلِي وَأَمْشِي فِي الْمَكَانِ الْقَذِرِ فَقَالَتْ قَالَ لَهَا النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُطَهِّرُهُ مَا بَعْدَهُ وَقِيلَ هَذَا حَدِيثٌ مَجْهُولٌ لِأَنَّه عَنِ امْرَأَةٍ لَا تُعْرَفُ حَالُهَا وَحَمَلَهُ مَالِكٌ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ فِي الْكِتَابِ عَلَى الْقَشْبِ الْيَابِسِ وَالْقَشْبُ بِسُكُونِ الشِّينِ الْمُعْجَمَة هُوَ الرَّجِيعُ الْيَابِسُ وَأَصْلُهُ الْخَلْطُ بِمَا يُفْسِدُ وَقَشَبَ الشَّيْءَ إِذَا خَلَطَهُ بِمَا يُفْسِدُ وَهُوَ رَجِيعٌ مَخْلُوطٌ بِغَيْرِهِ وَقَالَ التُّونُسِيُّ الْأَشْبَهُ أَنَّ ذَلِكَ مِمَّا لَا تَنْفَكُّ عَنْهُ الطُّرُقُ مِنْ أَرْوَاثِ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالِهَا وَإِنْ كَانَتْ رَطْبَةً كَمَا قَالَ مَالِكٌ فِي الْخُفِّ وَهَذَا تَخْرِيجٌ حَسَنٌ بِجَامِعِ الْمَشَقَّة وَهِي فِي الثَّوَاب أَعْظَمُ لِأَنَّ كُلَّ أَحَدٍ يُمْكِنُهُ نَزْعُ خُفِّهِ لِيَجِفَّ بَعْدَ الْغَسْلِ وَلَيْسَ كُلُّ أَحَدٍ يَجِدُ ثَوْبًا غَيْرَ ثَوْبِهِ حَتَّى يَنْزِعَهُ

وَفِي أَبِي دَاوُدَ فِي امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لَنَا طَرِيقًا إِلَى الْمَسْجِدِ مَبْنِيَّةً فَكَيْفَ نَفْعَلُ إِذَا مُطِرْنَا فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَلَيْسَ بَعْدَهَا طَرِيقٌ أَطْيَبُ مِنْهَا قَالَتْ بَلَى قَالَ فَهَذِهِ بِهَذِهِ فَقِيلَ يُطَهِّرُ الْخُفَّ مَا بَعْدَهُ رَطْبًا أَوْ يَابِسًا لِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْكِتَابِ وَخَرَّجَ الْأَصْحَابُ عَلَيْهِ مَنْ مَشَى بِرِجْلِهِ مَبْلُولَةً عَلَى نَجَاسَةٍ ثُمَّ عَلَى مَوْضِعٍ جَافٍّ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ قَالَ وَدَمُ الْفَمِ يمجه بالريق حَتَّى يذهب لم يَرَ طَهَارَتَهُ بِذَلِكَ فِي الْكِتَابِ وَقِيلَ يُطَهَّرُ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَحْرِيرُهُ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ قَالَ دَمُ الْمَحَاجِمِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْخِلَافِ فِي إِزَالَةِ النَّجَاسَةِ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ مِنَ الطَّرَّازِ يَسِيرُ الْبَوْلِ وَالْعُذْرَةِ يَعْلَقُ بِالذُّبَابِ ثُمَّ يَجْلِسُ عَلَى الْمَحَلِّ يُعْفَى عَنْهُ التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ فِي الْجَوَاهِرِ الْأَحْدَاث على المخرجين مَعْفُو عَن أَثَرهَا وَيتَعَلَّق الْغَرَض هَهُنَا بأَرْبعَة أَطْرَاف الأول بآداب قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَهِيَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ أَدَبًا الْأَوَّلُ مِنَ الْجَوَاهِرِ طَلَبُ مَكَانٍ بَعِيدٍ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا ذَهَبَ أَبْعَدَ الثَّانِي قَالَ يَسْتَصْحِبُ مَا يَزِيلُ بِهِ الْأَذَى الثَّالِثُ قَالَ أَنْ يَتَّقِيَ الْمَلَاعِنَ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ اتَّقُوا اللَّاعِنَيْنِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا اللَّاعِنَانِ قَالَ الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ ظِلِّهِمْ وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ مَجَالِسُهُمْ وَالشَّجَرُ لِصِيَانَةِ الثَّمَرِ وَالْأَنْهَارُ لِصِيَانَةِ الْمَوَارِدِ

وَسُمِّيَتْ هَذِهِ مَلَاعِنَ مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الْمَكَانِ بِمَا يَقَعُ فِيهِ كَتَسْمِيَةِ الْحَرَمِ حَرَامًا وَالْبَلَدِ آمِنًا لِمَا حَلَّ فِيهِمَا مِنْ تَحْرِيمِ الصَّيْدِ وَأَمْنِهِ وَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الْمَوَاضِعُ يَقَعُ فِيهَا لَعْنُ الْفَاعِلِ الْغَائِطِ مِنَ النَّاسِ سُمِّيَتْ مَلَاعِنَ الرَّابِعُ قَالَ يَجْتَنِبُ الْمَوْضِعَ الصُّلْبَ حَذَرًا مِنَ الرَّشَاشِ الْخَامِسُ قَالَ يَجْتَنِبُ الْمِيَاهَ الدَّائِمَةَ الْمَحْبُوسَةَ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي مُسْلِمٍ لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ ثُمَّ يَغْتَسِلَ مِنْهُ وَمَحْمَلُهُ عِنْدَ عُلَمَائِنَا عَلَى سَدِّ الذَّرِيعَةِ عَنْ فَسَادِهِ لِئَلَّا يَتَوَالَى ذَلِكَ فَيَفْسُدَ الْمَاءُ عَلَى النَّاسِ السَّادِسُ قَالَ تَقْدِيمُ الذِّكْرِ قَبْلَ دُخُولِ مَحَلِّ الْخَلَاءِ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ إِنَّ هَذِه الحشوش مختصرة فَإِذَا أَتَى أَحَدُكُمُ الْخَلَاءَ فَلْيَقُلْ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْخُبْثِ وَالْخَبَائِثِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ الْمُحَدِّثُونَ يَرْوُونَ الْخُبْثَ بِإِسْكَانِ الْبَاءِ وَالصَّوَابُ ضَمُّهَا قَالَ الْقَاضِي عِيَاض والحشوش بِالْحَاء المهلمة الْمَضْمُومَةِ وَشِينَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ الْمَرَاحِيضُ وَاحِدُهَا الْحُشُّ وَهُوَ النَّخْلُ الْمُجْتَمِعُ بِضَمِّ الْحَاءِ وَفَتْحِهَا وَكَانُوا يَسْتَتِرُونَ بِهَا قَبْلَ اتِّخَاذِ الْكُنُفِ وَأَصْلُهَا مِنَ الْحَشِّ بِالْفَتْحِ وَهُوَ الزَّبْرُ يَكْتَنِفُ الْكَنَفَ أَوْ يَبْرُزُ مِنْهُ فِيهَا وَمَعْنَى مُحْتَضَرَةٍ أَيْ تَحْضُرُهَا الشَّيَاطِينُ قَالَ غَيْرُهُ الْخُبْثُ جَمْعُ خَبِيثٍ وَالْخَبَائِثُ جَمْعُ خَبِيثَةٍ فَأَمَرَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالِاسْتِعَاذَةِ مِنْ ذُكُورِ الْجِنِّ وَإِنَاثِهَا قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ وَالْخُبْثُ بِالضَّمِّ لُغَةً الْمَكْرُوهُ يَقُولُ ذَلِكَ قَبْلَ دُخُولِهِ إِلَى مَوْضِعِ الْحَدَثِ أَوْ بَعْدَ وُصُولِهِ إِنْ كَانَ الْمَوْضِعُ غَيْرَ مُعَدٍّ لِلْحَدَثِ وَقِيلَ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ مُعَدًّا لَهُ كَمَا جَرَى الْخِلَافُ فِي جَوَازِ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْخَاتَمِ مَكْتُوبًا فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ جَوَّزَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنْ يَدْخُلَ الْخَلَاءَ وَمَعَهُ الدِّينَارُ وَالدِّرْهَمُ مَكْتُوبًا عَلَيْهِ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى وَجَوَّزَ الِاسْتِنْجَاءَ بِالْخَاتَمِ وَفِيهِ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى وَقَالَ لَمْ يَكُنْ مَنْ مَضَى يَتَحَرَّزُ مِنْهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَنَا أَسْتَنْجِي بِهِ وَفِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَهَذَا مَحْمُولٌ مِنَ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَعْسُرُ قَلْعُهُ وَإِلَّا فَاللَّائِقُ بِوَرَعِهِ

غَيْرُ هَذَا وَكَرِهَ ذَلِكَ ابْنُ حَبِيبٍ وَهَذَا أَحْسَنُ لِكَرَاهَةِ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ مُعَامَلَةَ أَهْلِ الذِّمَّةِ بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى لِنَجَاسَتِهِمْ وَفِي التِّرْمِذِيِّ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ وَضَعَ خَاتَمَهُ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَضَعَّفَهُ أَبُو دَاوُدَ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ النَّهْيُ عَنْ مَسِّ الذَّكَرِ بِالْيُمْنَى وَذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ السَّابِعُ قَالَ يُدِيمُ السَّتْرَ حَتَّى يَدْنُوَ مِنَ الْأَرْضِ لِمَا فِي التِّرْمِذِيِّ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ إِذَا أَرَادَ الْحَاجَةَ لَا يَرْفَعُ ثَوْبَهُ حَتَّى يَدْنُوَ مِنَ الْأَرْضِ وَيُرْوَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْحَى لِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنِ اسْتَطَعْتَ أَلَّا تَنْظُرَ الْأَرْضُ عَوْرَتَكَ فَافْعَلْ فَاتَّخَذَ السَّرَاوِيلَ الثَّامِنُ قَالَ يَبُولُ جَالِسًا إِنْ كَانَ الْمَكَانُ طَاهِرًا لِمَا فِي التِّرْمِذِيِّ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مَنْ حَدَّثَكُمْ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَبُولُ قَائِمًا فَلَا تُصَدِّقُوهُ وَمَا كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَبُولُ إِلَّا قَاعِدًا وَلِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنِ التَّنْجِيسِ فَإِنْ كَانَ الْمَكَانُ رَخْوًا نَجِسًا فَلَهُ أَنْ يَبُولَ قَائِمًا لِمَا فِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَتَى سُبَاطَةَ قَوْمٍ خَلْفَ حَائِطٍ فَقَامَ كَمَا يَقُومُ أَحَدُكُمْ فَبَالَ وَالسُّبَاطَةُ مَوْضِعُ الزُّبَالَةِ وَرَمْيِ الْقَاذُورَاتِ فَلِذَلِكَ بَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَائِمًا التَّاسِعُ الصَّمْتُ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ لَا يَخْرُجُ الرَّجُلَانِ يَضْرِبَانِ الْغَائِطَ كَاشِفَيْنِ عَنْ عَوْرَتِهِمَا يَتَحَدَّثَانِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَمْقُتُ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يَرُدُّ سَلَامًا لِمَا فِي التِّرْمِذِيِّ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَرَّ عَلَيْهِ رَجُلٌ وَهُوَ يَبُولُ فَسَلَّمَ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَهَذَا يَقْتَضِي أَلَّا يُشَمِّتَ عَاطِسًا وَلَا يَحْمَدَ إِنْ عَطِسَ وَلَا يُحَاكِيَ مُؤذنًا الْعَاشِر قَالَ يجْتَنب الْبَوْل فِي الْحجر لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ نَهَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَن يبال فِي الْحجر قِيلَ لِأَنَّهَا مَسَاكِنُ الْجِنِّ وَقِيلَ خَشْيَةَ أَذِيَّةِ الْهَوَامِّ الْخَارِجَةِ مِنْهَا إِمَّا بِسُمِّهَا وَإِمَّا بِتَنْفِيرِهَا إِيَّاهُ فَيَتَنَجَّسُ الْحَادِي عَشَرَ قَالَ يَجْتَنِبُ الْمُسْتَحَمَّ لِمَا فِي التِّرْمِذِيِّ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ

لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي مُسْتَحَمِّهِ ثُمَّ يَتَوَضَّأَ فِيهِ أَوْ يَغْتَسِلَ مِنْهُ فَإِنَّ عَامَّةَ الْوَسْوَاسِ مِنْهُ الثَّانِي عَشَرَ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْخَلَاءِ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنِّي الْأَذَى وَعَافَانِي وَرُبَّمَا قَالَ غُفْرَانَكَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ قِيلَ اسْتِغْفَارُهُ لِتَرْكِ الذِّكْرِ حَالَةَ الْحَاجَةِ وَعَادَتُهُ الذِّكْرُ دَائِمًا وَقِيلَ إِظْهَارًا لِلْعَجْزِ عَنْ شُكْرِ النِّعَمِ وَقِيلَ لِأَنَّ عَادَتَهُ الِاسْتِغْفَارُ حَتَّى كَانَ يُحْفَظُ عَنْهُ فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ مِائَةُ مَرَّةٍ فَجَرَى عَلَى عَادَتِهِ وَوَرَدَ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّ تَرْكَ الذِّكْرِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ طَاعَةٌ تَأْبَى الِاسْتِغْفَارَ وَعَلَى الثَّانِي أَنَّ النِّعَمَ فِي كُلِّ وَقْتٍ مَعْجُوزٌ عَنْ شُكْرِهَا فَمَا وَجْهُ الِاخْتِصَاصِ وَالصَّحِيحُ الثَّالِثُ الثَّالِثَ عَشَرَ فِي الْجَوَاهِرِ يَجْتَنِبُ الْقِبْلَةَ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا أَتَيْتُمُ الْغَائِطَ فَلَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا بِبَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا فَإِنْ كَانَ الْمَوْضِعُ لَا سَاتِرَ فِيهِ وَلَا مَرَاحِيضَ فَلَا يَجُوزُ اسْتِقْبَالُهَا وَلَا اسْتِدْبَارُهَا وَإِنْ وُجِدَ السَّاتِرُ وَالْمَرَاحِيضُ جَازَ ذَلِكَ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا رَآهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ مُسْتَدْبِرًا الْكَعْبَةَ مُسْتَقْبِلًا بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَإِنْ وُجِدَ المرحاض بِغَيْر ستْرَة كَمِرْحَاضِ السُّطُوحِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْحَاجَةِ قَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَمْ تُعْنَ هَذِهِ الْمَرَاحِيضُ بِالْحَدِيثِ وَيُسَمَّى مِرْحَاضُ السُّطُوحِ كِرْيَاسًا وَمَا كَانَ فِي الْأَرْضِ كَنِيفًا وَإِنْ وُجِدَ السَّاتِرُ بِغَيْرِ مِرْحَاضٍ جَازَ أَيْضًا لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ ثُمَّ جَلَسَ يَبُولُ إِلَيْهَا فَقِيلَ لَهُ أَلَيْسَ قَدْ نُهِيَ عَنْ هَذَا فَقَالَ لَا إِنَّمَا نُهِيَ عَنْ ذَلِكَ فِي الْفَضَاءِ فَإِنْ كَانَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ

الْقِبْلَةِ شَيْءٌ يَسْتُرُ فَلَا بَأْسَ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ وَالْخِلَافُ يُخَرَّجُ عَلَى عِلَّةِ هَذَا الْحُكْمِ فَقيل إجلالا لجِهَة الْكَعْبَة لما روى البرَاز عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ جَلَسَ يَبُولُ قُبَالَةَ الْقِبْلَةِ فَذَكَرَ فَيَنْحَرِفُ عَنْهَا إِجْلَالًا لَهَا لَمْ يَقُمْ مِنْ مَجْلِسِهِ حَتَّى يُغْفَرَ لَهُ وَقَالَ الشَّعْبِيُّ ذَلِكَ لِحُرْمَةِ الْمُصَلِّينَ وَالْحُشُوشُ لَا يُصَلَّى فِيهَا وَهَذَا أَوْلَى لِجَمْعِهِ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ كَشْفٌ إِبَاحَةُ اسْتِقْبَالِ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ بِالْبَوْلِ مَخْصُوصٌ بِبِلَادِ الشَّامِ وَالْيَمَنِ وَكُلِّ مَا هُوَ شَمَالَ الْبَيْتِ أَوْ جَنُوبَهُ فَإِنَّ الشَّامَ شَمَالُهُ وَالْيَمَنَ جَنُوبُهُ فَيَكُونُ الْبَائِلُ حِينَئِذٍ يُقَابِلُ الْبَيْتَ وَالْمُصَلِّينَ بِجَنْبِهِ لَا بِعَوْرَتِهِ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ أَمَّا مَنْ كَانَ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ قَبِلْتَهُ فَيُنْهَى عَنِ اسْتِقْبَالِهِمَا وَاسْتِدْبَارِهِمَا وَيُبَاحُ الْجَنُوبُ وَالشَّمَالُ صَوْنًا لِمَا أَشَارَ الشَّرْعُ لِصَوْنِهِ مِنَ الْكَعْبَةِ أَوِ الْمُصَلِّينَ وَمَنْ قِبْلَتُهُ النَّكْبَاءُ الَّتِي بَيْنَ الْجَنُوبِ وَالصَّبَا كَبِلَادِ مِصْرَ يَسْتَقْبِلُ النَّكْبَاءَ الَّتِي بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْجَنُوبِ أَوْ يَسْتَدْبِرُهَا وَقِسْ عَلَى ذَلِكَ سَائِرَ الْجِهَاتِ وَصَمِّمْ عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ خَاصٌّ مُنَبِّهٌ وَلَيْسَ عَامًّا لِلْأَقْطَارِ فَإِنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ خَاطَبَ بِهِ أَهْلَ الْمَدِينَةِ وَهُمْ مِنْ أَهْلِ الشَّمَالِ فَكَانَ الْحَدِيثُ مُوَافِقًا لَهُمْ تَتْمِيمٌ الرِّيَاحُ ثَمَانِيَةٌ الصَّبَا وَهِيَ الشَّرْقِيَّةُ وَالدَّبُّورُ وَهِيَ الْغَرْبِيَّةُ وَالْجَنُوبُ وَهِيَ الْقِبْلِيَّةُ وَتُسَمَّى الْيَمَانِيَّةَ وَالشَّمَالِيَّةُ وَهِيَ الَّتِي تُقَابِلُهَا وَتُسَمَّى بِمِصْرَ الْبَحْرِيَّةَ لِكَوْنِهَا تَأْتِي مِنْ جِهَةِ بَحْرِ الرُّومِ وَتُسَمَّى الْجَنُوبِيَّةُ الْمِرِّيسِيَّةَ لِكَوْنِهَا تَمُرُّ عَلَى مِرِّيسَةَ مِنْ بِلَادِ السُّودَانِ وَكُلُّ رِيحٍ بَيْنَ رِيحَيْنِ فَهِيَ نَكْبَاءُ لِكَوْنِهَا نَكْبَتْ عَنْ مجْرى جاريتها فَالْأُصُولُ أَرْبَعَةٌ وَالنَّوَاكِبُ أَرْبَعَةٌ وَتَأْتِي تَتِمَّةُ ذَلِكَ فِي اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَرْعَانِ الْأَوَّلُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ لَا يُكْرَهُ اسْتِقْبَالُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لِأَنَّه لَيْسَ قبْلَة

الثَّانِي قَالَ اللَّخْمِيّ الْجِمَاع كالبول يُجَامع كشف الْعَوْرَة وَقيل يجوز فِي الفلوات لعدم الفصلة وَهِيَ جُزْءُ الْعِلَّةِ وَقِيلَ إِنْ كَانَا مَكْشُوفَيْنِ مُنِعَ فِي الصَّحَارِي وَيَخْتَلِفُ فِي الْبُيُوتِ وَإِنْ كَانَا مَسْتُورَيْنِ جَازَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ الطَّرَفُ الثَّانِي فِيمَا يُسْتَنْجَى مِنْهُ وَالِاسْتِنْجَاءُ طَلَبُ إِزَالَةِ النَّجْوِ وَقِيلَ إِزَالَةُ الشَّيْءِ عَنْ مَوْضِعِهِ وَتَخْلِيصُهُ مِنْهُ استنجت الرطب ونجوته وأجنيته وَالنَّجْوُ الْفَضْلَةُ الْمُسْتَقْذَرَةُ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ النَّجْوَ جَمْعُ نَجْوَةٍ وَهِيَ الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ فَلَمَّا كَانَ النَّاسُ يَسْتَتِرُونَ بِهَا غَالِبًا سُمِّيَتْ بِهَا لِتَلَازُمِهَا وَقِيلَ مِنْ نَجَوْتُ الْعُودَ أَيْ قَشَرْتُهُ وَقِيلَ مِنَ النِّجَاءِ وَهُوَ الْخَلَاصُ مِنَ الشَّيْءِ وَكَذَلِكَ سُمِّيَتْ غَائِطًا لِأَنَّ الْغَائِطَ هُوَ الْمَكَانُ الْمُطْمَئِنُّ وَالْغَالِب إلقاؤها فِيهِ فَلَمَّا لَا زمها سُمِّيَ بِهَا وَكَذَلِكَ سُمِّيَ بَرَازًا بِفَتْحِ الْبَاءِ لِأَنَّ الْبَرَازَ هُوَ الْمُتَّسَعُ مِنَ الْأَرْضِ كَانُوا يَذْهَبُونَ إِلَيْهِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ فَسُمِّيَتْ بِهِ لِذَلِكَ وَسُمِّيَ خَلَاءً لِأَنَّه يُذْهَبُ بِسَبَبِهَا إِلَى الْمَكَانِ الْخَالِي وَالِاسْتِجْمَارُ طَلَبُ اسْتِعْمَالِ الْجِمَارِ وَهِيَ الْحِجَارَةُ جَمْعُ جَمْرَةٍ وَهِيَ الْحَصَاةُ وَمِنْهُ الْجِمَارُ فِي الْحَجِّ وَقِيلَ مِنَ الِاسْتِجْمَارِ بِالْبَخُورِ وَالْحَجَرُ يُطَيِّبُ الْمَوْضِعَ كَمَا يُطَيِّبُهُ الْبَخُورُ وَلِذَلِكَ سُمِّيَ اسْتِطَابَةً لِمَا فِيهِ مِنْ تَطْيِيبِ الْمَوْضِعِ وَالِاسْتِبْرَاءُ طَلَبُ الْبَرَاءَةِ مِنَ الْحَدَثِ لِأَنَّ الِاسْتِفْعَالَ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ غَالِبًا لِطَلَبِ الْفِعْلِ كَالِاسْتِسْقَاءِ لِطَلَبِ السَّقْيِ وَالِاسْتِفْهَامِ لِطَلَبِ الْفَهْمِ إِذَا تَقَرَّرَتْ مَعَانِي هَذِهِ الْأَلْفَاظِ فَفِي الْجَوَاهِرِ الِاسْتِنْجَاءُ يَكُونُ عَمَّا يَخْرُجُ مِنَ الْمَخْرَجَيْنِ مُعْتَادًا سِوَى الرِّيحِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ إِزَالَةُ عَيْنِ النَّجَاسَةِ وَهِيَ زَائِلَةٌ فِي الرِّيحِ وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَيْسَ مِنَّا مَنِ اسْتَنْجَى مِنَ الرِّيحِ وَيَجُوزُ الِاسْتِجْمَارُ فِيمَا عَدَا الْمَنِيِّ وَكَذَلِكَ الْمَذْيِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا ذَهَبَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْغَائِطِ فَلْيَذْهَبْ مَعَهُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ يَسْتَطِيبُ بِهن فَإِنَّهَا تجزىء

عَنهُ قَالَ الشَّيْخ أَبُو بكر وَغَيره ويجزىء أَيْضًا فِي النَّادِرِ كَالْحَصَى وَالدَّمِ وَالدُّودِ وَأَمَّا الْمَنِيُّ وَالْمَذْيُ فَلَا يَسْتَنْجِي مِنْهُمَا لِمَا فِيهِمَا مِنَ التَّخَيُّطِ الَّذِي يُوجِبُ نَشْرَهُمَا بِالْحَجَرِ وَنَحْوِهِ وَلِأَنَّ الْحَدِيثَ إِنَّمَا جَاءَ فِيمَا يُذْهَبُ فِيهِ إِلَى الْغَائِطِ وَهَذَانِ لَا يُذْهَبُ فِيهِمَا إِلَى الْغَائِطِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ جَوَّزَ الْقَاضِي الِاسْتِجْمَارَ مِنَ الدَّمِ وَالْقَيْحِ وَشِبْهِهِ وَيُحْتَمَلُ الْمَنْعُ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النَّجَاسَةِ الْغَسْلُ وَتُرِكَ ذَلِكَ فِي الْبَوْل وَالْغَائِط للضَّرُورَة وَلَا ضَرُورَة هَا هُنَا وَأَمَّا الْحَصَى وَالدُّودُ يَخْرُجَانِ جَافَّيْنِ فَعِنْدَ الْبَاجِيِّ هُوَ طَاهِرٌ كَالرِّيحِ لَا يَسْتَنْجِي مِنْهُ وَلِأَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ إِنَّمَا شُرِعَ لِإِزَالَةِ عَيْنِ النَّجَاسَةِ وَلَيْسَ هَا هُنَا عَيْنٌ وَإِنْ وُجِدَ فِيهِ أَدْنَى بِلَّةٍ عُفِيَ عَنْهَا كَأَثَرِ الِاسْتِجْمَارِ وَإِنْ كَانَتِ الْبِلَّةُ كَثِيرَةً اسْتَجْمَرَ مِنْهَا لِأَنَّهَا مِنْ جِنْسِ مَا يُسْتَجْمَرُ مِنْهُ بِخِلَافِ الدَّمِ فَرْعَانِ لَهُ أَيْضًا الْأَوَّلُ الْمَرْأَةُ لَا يُجْزِيهَا الْمَسْحُ بِالْحَجَرِ مِنَ الْبَوْلِ لِتَعَدِّيةِ مَخْرَجِهِ إِلَى جِهَةِ الْمَقْعَدَةَ وَكَذَلِكَ الْخَصِيُّ الثَّانِي يَجِبُ عَلَى الثَّيِّبِ أَنْ تَغْسِلَ مِنْ فَرْجِهَا مَا تَغْسِلُ الْبِكْرُ لِأَنَّ مَخْرَجَ الْبَوْلِ قبل مخرج الْبكارَة والثوبة وَإِنَّمَا تَخْتَلِفَانِ فِي الْغَسْلِ مِنَ الْحَيْضِ فَتَغْسِلُ الثَّيِّبُ كُلَّ شَيْءٍ ظَهَرَ مِنْ فَرْجِهَا حَالَةَ جُلُوسِهَا وَالْبِكْرُ مَا دُونَ الْعُذْرَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ الْبَوْلَ يَجْرِي عَلَيْهِ وَإِلَيْهِ فَيُغْسَلُ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ لِأَنَّ الشَّرْعَ جَعَلَهُ مِنْ حُكْمِ الْبَاطِن بِدَلِيل أَنه لَا يستجيب غَسْلُهُ فِي الْجَنَابَةِ كَالْفَمِ وَالْأَنْفِ وَفِي الْجَوَاهِرِ وَيَجِبُ غَسْلُ الذَّكَرِ كُلِّهِ مِنَ الْمَذْيِ خِلَافًا ح وش لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ الْمِقْدَادَ سَأَلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنِ الرَّجُلِ يَدْنُو مِنْ أَهْلِهِ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَذْيُ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ ذَلِكَ فَلْيَنْضَحْ فَرْجَهُ وَلْيَتَوَضَّأْ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ والفرج ظَاهر فِي جملَة الذّكر وَقَالَ السيخ أَبُو بكر ابْن الْمُنْتَابِ يَغْسِلُ مَوْضِعَ

الْأَذَى خَاصًّا قِيَاسًا عَلَى الْبَوْلِ فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ تَجِبُ النِّيَّةُ فِي الْغَسْلِ لِأَنَّه عِبَادَةٌ لتعدية الْغسْل مَحل الْأَذَى وَقيل لَا تحب لِأَنَّه مِنْ بَابِ إِزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَتَعْدِيَةُ مَحَلِّهِ مُعَلَّلٌ بِقَطْعِ أَصْلِ الْمَذْيِ وَالْمَذْيُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ السَّاكِنَةِ وَتَخْفِيفِ الْيَاءِ وَالذَّالِ الْمُتَحَرِّكَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ الطّرف الثَّالِث فِيمَا يستنجى بِهِ وَفِي الْجَوَاهِر هُوَ المَاء والأحجار وَجَمعهَا أَفْضَلُ لِإِزَالَةِ الْعَيْنِ وَالْأَثَرِ وَلِأَنَّ أَهْلَ قُبَاءٍ كَانُوا يَجْمَعُونَ بَيْنَ الْمَاءِ وَالْأَحْجَارِ فَمَدَحَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ المتطهرين} وَالِاقْتِصَارُ عَلَى الْمَاءِ أَفْضَلُ مِنَ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْأَحْجَار والاقتصار على الْأَحْجَار مجزىء لقَوْله عَلَيْهِ السَّلَام فِي الحَدِيث السَّابِق تجزىء عَنْهُ وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ يُكْرَهُ الْمَاءُ لِأَنَّهُ مطعوم وَقَالَ ابْن حبيب لَا يجزىء مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْمَاءِ وَخَصَّصَ الْأَحَادِيثَ بِالسَّفَرِ وَعَدَمِ الْمَاءِ وَيَقُومُ مَقَامَ الْأَحْجَارِ كُلُّ جَامِدٍ طَاهِرٍ مُنْقٍ لَيْسَ بِمَطْعُومٍ وَلَا ذِي حُرْمَةٍ وَلَا شَرَفٍ سَوَاءٌ أَكَانَ مِنْ نَوْعِ الْأَرْضِ كَالْكِبْرِيتِ وَنَحْوِهِ أَوْ غَيْرِ نَوْعِهَا كَالْخَزَفِ وَالْحَشِيشِ وَنَحْوِهِمَا خِلَافًا لِأَصْبَغَ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْبُخَارِيِّ ائْتِنِي بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ وَلَا تَأْتِيَنِّي بِعَظْمٍ وَلَا رَوَثٍ وَاسْتِثْنَاءُ هَذَيْنِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ الْأَحْجَارَ وَمَا فِي مَعْنَاهَا وَلِأَصْبَغَ إِنَّ طَهَارَة الْحَدث والخبث اشتراكا فِي التَّطْهِيرِ بِالْمَاءِ وَالْجَمَادِ فَكَمَا لَا يُعْدَلُ بِغَيْرِ الْمَاءِ مِنَ الْمَائِعِ فَلَا يُعْدَلُ بِغَيْرِ جِنْسِ الْأَرْضِ مِنَ الْجَمَادِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّيَمُّمِ وَالِاسْتِنْجَاءِ أَنَّ مَقْصُودَ الِاسْتِنْجَاءِ إِزَالَةُ الْعَيْنِ فَكُلُّ مَا أَزَالَهَا حَصَّلَ الْمَقْصُودَ وَالتَّيَمُّمُ تَعَبُّدٌ فَلَا يَتَعَدَّى مَحَلَّ النَّصِّ وَاشْتَرَطْنَا الطَّهَارَةَ لِأَنَّهَا طَهَارَةٌ وَالطَّهَارَةُ لَا تُحَصَّلُ بِالنَّجَاسَةِ وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِيمَا تَقَدَّمَ لَا تَأْتِيَنِّي بِعَظْمٍ وَلَا رَوَثٍ وَاشْتَرَطْنَا أَلَّا يَكُونَ مَطْعُومًا صَوْنًا لَهُ عَنِ الْقَذَرِ وَقَدْ نُهِيَ عَنِ الرَّوَثِ لِأَنَّه طَعَامٌ لِلْجَانِّ فَأَوْلَى طَعَامُنَا وَاشْتَرَطْنَا أَلَّا يَكُونَ ذَا حُرْمَةٍ حَذَرًا مِنْ أَوْرَاقِ الْعِلْمِ وَحِيطَانِ الْمَسَاجِدِ وَنَحْو ذَلِك

وَاشْتَرَطْنَا عَدَمَ الشَّرَفِ احْتِرَازًا مِنَ الْجَوَاهِرِ النَّفِيسَةِ وَاشْتَرَطْنَا الْمُنَقَّى احْتِرَازًا مِنَ الزُّجَاجِ وَالْبِلَّوْرِ وَنَحْوِهِمَا لِنَشْرِهِ النَّجَاسَةَ مِنْ غَيْرِ إِزَالَةٍ فَرْعٌ قَالَ فَإِنِ اسْتَنْجَى بِعَظْمٍ أَوْ رَوَثٍ أَوْ طَعَامٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ أَجْزَأَهُ خِلَافًا ش لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ وَهُوَ إِزَالَةُ الْعَيْنِ وَفِي الْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ خِلَافٌ لِمُرَاعَاةِ الْخِلَافِ فَرْعٌ مُرَتَّبٌ عَلَيْهِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ لَوْ عَلِقَتْ بِهِ رُطُوبَةُ الْمَيْتَةِ أَوْ تَعَلَّقَتِ الرَّوْثَةُ عَلَى الْمَحَلِّ تَعَيَّنَ الْغَسْلُ فُرُوعٌ الْأَوَّلُ قَالَ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ جَوَازُ الِاسْتِجْمَارِ بِالْحُمَمِ لِأَنَّه لَمْ يَذْكُرْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي اسْتِثْنَائِهِ وَمَنْعُهُ مَرَّةً لِمَا فِي الْبُخَارِيِّ قَدِمَ وَفْدُ الْجِنِّ عَلَيْهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْه فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ اِنهَ أُمَّتَكَ أَنْ يَسْتَجْمِرُوا بِعَظْمٍ أَوْ رَوَثٍ أَوْ حُمَمَةٍ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ لَنَا فِيهَا رِزْقًا فَنَهَى عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ ذَلِكَ الثَّانِي لَوِ اسْتَجْمَرَ بِأَصَابِعِهِ أَوْ ذَنَبِ دَابَّةٍ أَوْ شَيْءٍ مُتَّصِلٍ بِحَيَوَانٍ وَأَنْقَى أَجْزَأَ خِلَافًا ش فَإِنَّ الْأَمْرَ بِالْأَحْجَارِ إِنْ كَانَ تَعَبُّدًا فَيَنْبَغِي أَنْ يُمْنَعَ الصُّوفُ وَالْخِرَقُ وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ الْإِزَالَةَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ بِالْجَمِيعِ وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ قَلْعِ صُوفٍ مِنْ ذَنَبِ دَابَّةٍ فَيَسْتَنْجِي بِهِ أَوْ يَسْتَنْجِي بِهِ مُتَّصِلًا فَلَا هُوَ أَعْطَى التَّعْمِيمَ حُكْمَهُ وَلَا هُوَ أَعْطَى التَّخْصِيصَ حُكْمَهُ الثَّالِثُ إِذَا انْفَتَحَ مَخْرَجٌ لِلْحَدَثِ وَصَارَ مُعْتَادًا اسْتَجْمَرَ مِنْهُ وَلَا يَلْحَقُ بِالْجَسَدِ وَمَا قَارَبَ الْمَخْرَجَ مِمَّا لَا انْفِكَاكَ عَنْهُ غَالِبًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمَخْرَجِ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ كَانُوا يَسْتَنْجُونَ مَعَ اخْتِلَافِ حَالَاتِهِمْ وَلَا يَسْتَعْمِلُونَ الْمَاءَ وَالْغَالِبُ وُقُوعُ مِثْلِ ذَلِكَ مِنْهُمْ وَخَالَفَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النَّجَاسَةِ الْغَسْلُ

الطّرف الرَّابِع فِي كَيْفيَّة الِاسْتِنْجَاء يُكْرَهُ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْيَمِينِ إِلَّا لِضَرُورَةٍ لِمَا فِي الْبُخَارِيِّ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ لَا يُمْسِكْ أَحَدُكُمْ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ وَهُوَ يَبُولُ وَلَا يَتَمَسَّحْ مِنَ الْخَلَاءِ بِيَمِينِهِ وَلَا يَتَنَفَّسْ فِي الْإِنَاءِ فَيَبْدَأُ بِغَسْلِ يَدِهِ الْيُسْرَى قَبْلَ الْمُلَاقَاةِ لِأَنَّه أَبْعَدُ عَنْ عُلُوقِ النَّجَاسَةِ بِيَدِهِ ثُمَّ يَغْسِلُ مَحَلَّ الْبَوْلِ أَوَّلًا لِئَلَّا تَتَنَجَّسَ يَدُهُ بِالْبَوْلِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ عَادَتُهُ إِدْرَارَ الْبَوْلِ عِنْدَ غَسْلِ مَحَلِّ الْغَائِطِ فَلَا فَائِدَةَ حِينَئِذٍ بِتَعْجِيلِهِ ثُمَّ يَنْتَقِلُ إِلَى مَحَلِّ الْغَائِطِ وَيُرْسِلُ الْمَاءَ وَيُوَالِي الصَّبَّ عَلَى يَدِهِ غَاسِلًا بِهَا الْمَحَلَّ وَيَسْتَرْخِي قَلِيلًا لِيَتَمَكَّنَ مِنَ الْإِنْقَاءِ وَيُجِيدَ الْعَرْكَ حَتَّى تَزُولَ اللُّزُوجَةُ وَلَا يَضُرُّهُ بَقَاءُ الرَّائِحَةِ بِيَدِهِ وَأَمَّا الْأَحْجَارُ فَيَسْتَنْجِي بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ لِكُلِّ مَخْرَجٍ لِمَا فِي الْبُخَارِيِّ مَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ وَيَبْدَأُ بِمَخْرَجِ الْبَوْلِ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ أَنْقَى بِدُونِهَا أَجْزَأَهُ خِلَافًا ش لِأَنَّ الْوَاحِدَ وِتْرٌ فَيَخْرُجُ بِهِ عَنِ الْعُهْدَةِ وَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ وَالشَّيْخُ إِسْحَاقُ يَلْزَمُهُ طَلَبُهَا لِمَا فِي مُسْلِمٍ لَا يَسْتَجْمِرْ أَحَدُكُمْ بِدُونِ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ وَلِأَنَّهَا حُكْمٌ شَرْعِيٌّ فَيُتَوَقَّفُ عَلَى سَبَبِهِ كَسَائِرِ الْأَحْكَامِ وَالْحَجَرُ الَّذِي لَهُ ثَلَاثَة شعب يجزىء وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ لَا بُدَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ وَتَتَعَيَّنُ الزِّيَادَةُ عَلَى الثَّلَاثَةِ إِنْ لَمْ يَحْصُلِ الْإِنْقَاءُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ فِي صِفَةِ الِاسْتِجْمَار ثَلَاثَة مَذَاهِب أَحدهمَا أَنْ يَمْسَحَ بِكُلِّ حَجَرٍ مِنَ الثَّلَاثِ جُمْلَةَ الْمَخْرَجِ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَثَانِيهَا يَمْسَحُ بِالْأَوَّلِ الْجِهَةَ الْيُمْنَى ثُمَّ يُدِيرُهُ حَتَّى يَتَنَاهَى إِلَى مُؤَخِّرِ الْيُسْرَى وَيَبْدَأُ بِالْحَجَرِ الثَّانِي مِنْ مُقَدَّمِ الْيُسْرَى حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى مُؤَخِّرِ الْيَمِينِ ثُمَّ يُدِيرُهُ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى مُقَدَّمِهَا وَيُدِيرُ الثَّالِثَ عَلَى جَمِيعِهَا لِمَا رَوَى فِي ذَلِكَ مَالِكٌ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ يُقْبِلُ

بِحَجَرٍ وَيُدْبِرُ بِحَجَرٍ وَيُحَلِّقُ بِثَالِثٍ وَهَذَا خِلَافُ مَا عُهِدَ فِي الزَّمَنِ الْقَدِيمِ وَفِيهِ الْأَعْرَابُ الْجُلُفُ وَلَمْ يُلْزِمُوا بِتَحْدِيدٍ مَعَ عُمُومِهِ وَعُمُومِ البلوي فروع أَرْبَعَة الأول الِاسْتِبْرَاءُ وَاجِبٌ لِمَا فِي الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَرَّ بِحَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ مَكَّةَ أَوِ الْمَدِينَةِ فَسَمِعَ صَوْتَ إِنْسَانَيْنِ يُعَذَّبَانِ فِي قُبُورِهِمَا فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّ هَذَيْنِ يُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ ثُمَّ قَالَ بَلَى كَانَ أَحَدُهُمَا لَا يَسْتَنْثِرُ مِنْ بَوْلِهِ وَكَانَ الْآخَرُ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ بَيْنَ النَّاسِ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ لايستتر قَالَ الْهَرَوِيّ فِي الغريبين الرِّوَايَة لايستنثر من الاستنثاروهو الجذب والنثر وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ يَشْرَعُ فِي الْوُضُوءِ قَبْلَ خُرُوجِ جَمِيعِ الْبَوْلِ فَيَخْرُجُ الْبَوْلُ بَعْدَهُ فَيُصَلِّي بِغَيْرِ وُضُوءٍ فَيَلْحَقُهُ الْعَذَابُ لَكِنْ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُومَ وَيَقْعُدَ وَيَتَنَحْنَحَ لَكِنْ يَفْعَلُ مَا يرَاهُ كَافِيا فِي حَاله ويستبرىء ذَلِكَ بِالنَّفْضِ وَالسَّلْتِ الْخَفِيفِ وَرَوَى ابْنُ الْمُنْذِرِ مُسْنَدًا أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ إِذَا بَالَ أَحَدُكُمْ فَلْيَنْتُرْ ذَكَرَهُ ثَلَاثًا وَيَجْعَلْهُ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ السَّبَّابَةِ وَالْإِبْهَامِ فَيُمِرُّهَا مِنْ أَصْلِهِ إِلَى كَمَرَتِهِ الثَّانِي لَوْ تَرَكَ الِاسْتِنْجَاءَ وَالِاسْتِجْمَارَ وَصَلَّى بِالنَّجَاسَةِ أَعَادَ الصَّلَاةَ أَبَدًا إِذَا كَانَ عَامِدًا قَادِرًا أَوْ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ عَلَى قَاعِدَةِ إِزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَلِمَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ لِمَا فِي الْبُخَارِيِّ مَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ وَرِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ وَالْوِتْرُ يَتَنَاوَلُ الْمَرَّةَ الْوَاحِدَةَ فَإِذَا نَفَاهَا لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ وَلِأَنَّهُ مَحَلٌّ تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى فَيُعْفَى عَنْهُ كَدَمِ الْبَرَاغِيثِ قَالَ اللَّخْمِيُّ يَتَخَرَّجُ عَلَى الْخِلَافِ فِي إِزَالَةِ النَّجَاسَةِ قَالَ ابْنُ الْجَلَّابِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَسْتَحِبُّ لَهُ أَنْ يُعِيدَ وُضُوءَهُ وَصَلَاتَهُ فِي الْوَقْتِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ كَأَنَّ ابْنَ الْجَلَّابِ رَاعَى فِي ذَلِكَ اسْتِخْرَاجَ النَّجَاسَةِ مِنْ غُضُونِ الشَّرَجِ فَيَكُونُ مُحْدِثًا فَلِذَلِكَ أَمَرَ بِإِعَادَةِ الْوُضُوءِ الثَّالِثُ إِذَا عَرِقَ فِي الثَّوْبِ بَعْدَ الِاسْتِجْمَارِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَابْنُ

رُشْدٍ يُعْفَى عَنْهُ لِعُمُومِ الْبَلْوَى وَقَدْ عُفِيَ عَنْ ذَيْلِ الْمَرْأَةِ تُصِيبُهُ النَّجَاسَةُ مَعَ إِمْكَانِ شَيْلِهِ فَهَذَا أَوْلَى وَلِأَنَّ الصَّحَابَةَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ كَانُوا يَسْتَجْمِرُونَ وَيَعْرَقُونَ وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ يَنْجَسُ لِتَعَدِّي النَّجَاسَةِ مَحَلَّ الْعَفْوِ الرَّابِعُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ لَوْ لَمْ يَذْكُرِ الِاسْتِجْمَارَ حَتَّى فَرَغَ مِنْ تَيَمُّمِهِ قَبْلَ الصَّلَاةِ اسْتَجْمَرَ وَأَعَادَ التَّيَمُّمَ فَإِنْ صَلَّى قَبْلَ إِعَادَةِ التَّيَمُّمِ فَلَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ لَا بُدَّ أَنْ يَتَّصِلَ بِالصَّلَاةِ وَقَدْ فَرَّقَهُ بِإِزَالَةِ النَّجْوِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُجزئهُ كمن تيَمّم ثمَّ وطىء نَعْلُهُ عَلَى رَوَثٍ فَإِنَّهُ يَمْسَحُهُ وَيُصَلِّي الْكَلَامُ عَلَى الْمَقَاصِدِ وَفِيهِ سِتَّةُ أَبْوَابٍ الْأَوَّلُ فِي مُوجِبَاتِ الْوُضُوءِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ مُوجِبًا وَهِيَ عَلَى قِسْمَيْنِ أَسْبَابٌ وَمَظِنَّاتٌ لِتِلْكَ الْأَسْبَابِ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ السَّبَبُ وَالسَّبَبُ فِي اللُّغَةِ الْحَبْلُ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {فليمدد بِسَبَب إِلَى السَّمَاء} أَيْ فَلْيَمْدُدْ بِحَبْلٍ إِلَى سَقْفِ بَيْتِهِ فَإِنَّ السَّقْفَ يُسَمَّى سَمَاءً أَيْضًا لِعُلُوِّهِ ثُمَّ يُسْتَعْمَلُ فِي الْعِلَلِ لِكَوْنِ الْعِلَّةِ مُوَصِّلَةً لِلْمَعْلُولِ كَمَا يُوَصِّلُ الْحَبْلُ إِلَى الْمَاءِ فِي الْبِئْرِ وَفِي الْعِلْمِ أَيْضًا لِكَوْنِهِ مُوَصِّلًا لِلْهِدَايَةِ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَآتَيْنَاهُ من كل شَيْء سَببا} أَيْ عِلْمًا يَهْتَدِي بِهِ السَّبَبُ الْأَوَّلُ الْفَضْلَةُ الْخَارِجَةُ مِنَ الدُّبُرِ وَتُسَمَّى غَائِطًا وَنَجْوًا وَبِرَازًا وَخَلَاءً فَالْغَائِطُ أَصْلُهُ الْمَكَانُ الْمُطْمَئِنُّ مِنَ الْأَرْضِ وَالنَّجْوُ جَمْعُ نَجْوَةٍ وَهِيَ الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ وَالْبَرَازُ بِفَتْحِ الْبَاءِ مَا بَعُدَ عَنِ الْعِمَارَةِ مِنَ الْمَوَاضِعِ وَمِنْهُ بَرَزَ الْفَارِسُ لِقَرْنِهِ وَبَرَزَتِ الثَّمَرَةُ مِنْ أَكْمَامِهَا وَالْخَلَاءُ الْمَوْضِعُ الْخَالِي مِنَ النَّاسِ وَلَمَّا كَانَتِ الْفَضْلَةُ تُوضَعُ فِي الْأَوَّلِ وَيَسْتَتِرُ بِهَا بِالثَّانِي وَيَذْهَبُ بِسَبَبِهَا لِلثَّالِثِ وَالرَّابِعِ اسْتِتَارًا عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ سُمِّيَتْ بِجَمِيعِ ذَلِكَ لِلْمُلَازَمَةِ وَمن

تَسْمِيَتِهَا بِالرَّابِعِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ اتَّقُوا اللَّاعِنَيْنِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا اللَّاعِنَانِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طُرُقِ النَّاسِ وَظِلَالِهِمْ الثَّانِي الْبَوْلُ الثَّالِثُ الرِّيحُ الْخَارِجُ مِنَ الدُّبُرِ خِلَافًا ش فِي اعْتِبَارِهِ الْخَارِجَ مِنَ الذِّكْرِ وَفَرْجِ الْمَرْأَةِ وَإِنْ كَانَ نَادِرًا الرَّابِعُ الْوَدْيُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِهَا وَتَخْفِيفِ الْيَاءِ وَكَسْرِهَا وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَيُقَالُ وَدَى وَأَوْدَى وَهُوَ الْمَاءُ الْأَبْيَضُ الْخَارِجُ عُقَيْبَ الْبَوْلِ بِغَيْرِ لَذَّةٍ وَالْأَصْلُ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ قَوْله تَعَالَى {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ من الْغَائِط} وَمَعْنَاهُ أَوْ جَاءَ أَحَدُكُمْ مِنَ الْمَكَانِ الْمُطْمَئِنِّ فَجَعَلَ تَعَالَى الْإِتْيَانَ مِنْهُ كِنَايَةً عَمَّا يَخْرُجُ فِيهِ عُدُولًا عَنِ الْفُحْشِ مِنَ الْقَوْلِ وَالْخَارِجُ غَالِبًا فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ هُوَ هَذِهِ الْأَرْبَعَةُ فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ أَسْبَابًا الْخَامِسُ الْمَذْيُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِهَا وَتَخْفِيفِ الْيَاءِ وَكَسْرِ الذَّالِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَيُقَالُ مَذَى وَأَمْذَى وَهُوَ الْمَاءُ الْأَصْفَرُ الْخَارِجُ مَعَ اللَّذَّةِ الْقَلِيلَةِ وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا فِي الْمُوَطَّأِ وَغَيْرِهِ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أَمَرَ الْمِقْدَادَ أَنْ يَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنِ الرَّجُلِ إِذَا دَنَا مِنْ أَهْلِهِ فَخَرَجَ الْمَذْيُ مِنْهُ مَاذَا عَلَيْهِ؟ قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَإِنَّ عِنْدِيَ ابْنَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَإِنِّي أَسْتَحِي أَنْ أَسْأَلَهُ قَالَ الْمِقْدَادُ فَسَأَلْتُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ إِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ ذَلِكَ فَلْيَنْضَحْ فَرْجَهُ وَلْيَتَوَضَّأْ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ وَالْمُرَادُ بِالنَّضْحِ هَهُنَا الْغَسْلُ فَيَجِبُ غَسْلُ الذَّكَرِ قَبْلَ الْوُضُوءِ وَهَلْ يَفْتَقِرُ إِلَى النِّيَّةِ لِأَنَّه عِبَادَةٌ لِوُجُوبِ غَسْلِ مَا لَمْ تَمَسَّهُ نَجَاسَةٌ أَوْ لَا يَفْتَقِرُ إِلَى النِّيَّةِ لِكَوْنِ الْغَسْلِ مُعَلَّلًا بِقَطْعِ أَصْلِ الْمَذْي؟ قَولَانِ

السَّادِسُ الْمَاءُ الْأَبْيَضُ يَخْرُجُ مِنَ الْحَامِلِ وَيُعْرَفُ بِالْهَادِي يَجْتَمِعُ فِي وِعَاءٍ لَهُ يَخْرُجُ عِنْدَ وَضْعِ الْحَمْلِ أَوْ مُوجِبِ السَّقْطِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِم فِي العتيبة يَجِبُ مِنْهُ الْوُضُوءُ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصر لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة (كلمة غير وَاضِحَة) قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ الْأَحْسَنُ عَدَمُ الْوُجُوبِ لِكَوْنِهِ لَيْسَ مُعْتَادًا السَّابِعُ الصُّفْرَةُ وَالْكُدْرَةُ مِنَ الْحَيْضِ قَالَ الْمَازِرِيُّ هُمَا حَيْضٌ إِنْ تَبَاعَدَ بَيْنَهُمَا وَبَين الطُّهْر وَمَا عَقِبَيْهِ وَمَضَى مِنَ الزَّمَانِ مَا يَكُونُ طُهْرًا أُوجِبَ الْوُضُوءُ دُونَ الْغَسْلِ عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ وَوَجْهُهُ قَوْلُ أُمِّ عَطِيَّةَ كُنَّا لَا نَعُدُّ الصُّفْرَةَ والكدرة بعد الطُّهْر قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَتُسَمَّى هَذِهِ التَّرِيَّةَ قَالَ صَاحِبُ الْخِصَالِ وَكَذَلِكَ إِذَا خَرَجَا عُقَيْبَ النِّفَاسِ الثَّامِنُ الْحَقْنُ الشَّدِيدُ وَيُقَالُ الْحَاقِنُ لِمَدَافِعِ الْبَوْلِ والحاقب لمداف الْغَائِطِ وَكَذَلِكَ يُقَالُ لِلْفَضْلَتَيْنِ الْحُقْبَةُ وَالْحُقْنَةُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِنْ صَلَّى وَهُوَ يُدَافِعُ الْحَدَثَ يُعِيدُ بَعْدَ الْوَقْتِ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ قَالَ الْأَشْيَاخُ إِنْ مَنَعَهُ ذَلِكَ مِنْ إِتْمَامِ الْفُرُوضِ أَعَادَ بَعْدَ الْوَقْتِ أَوْ مِنْ إِتْمَامِ السُّنَنِ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِيهِ كَمَا اخْتُلِفَ فِي مُتَعَمِّدِ تَارِكِ السُّنَنِ هَلْ يُعِيدُ بَعْدَ الْوَقْتِ أَمْ لَا؟ وَإِنْ مَنَعَهُ مِنَ الْفَضَائِلِ لَا يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَلَا بَعْدَهُ فَمَتَى كَانَ بِحَيْثُ يُبْطِلُ الصَّلَاةَ أَوْجَبَ الْوُضُوءَ وَمَتَى كَانَ يُوجِبُ إِعَادَةَ الصَّلَاةِ فِي الْوَقْتِ اسْتُحِبَّ مِنْهُ الْوُضُوءُ التَّاسِعُ قَالَ صَاحِبُ الْخِصَال الْقَرْقَرَةُ الشَّدِيدَةُ تُوجِبُ الْوُضُوءَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَخَرَّجَ ذَلِكَ عَلَى تَفْضِيلِ ابْنِ بَشِيرٍ فَهَذِهِ الْمُوجِبَاتُ إِنْ خَرَجَتْ عَنِ الْعَادَةِ وَاسْتَغْرَقَتِ الزَّمَانَ فَلَا يُشْرَعُ الْوُضُوءُ مِنْهَا لِأَنَّ مَقْصُودَهُ أَنْ يُوقِعَ الصَّلَاةِ بِطَهَارَةٍ لَيْسَ بَعْدَهَا حَدَثٌ وَقَدْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ تَسْتَغْرِقِ الزَّمَانَ فَفِيهَا ثَلَاثُ حَالَاتٍ الْأُولَى أَنْ يَسْتَنْكِحَ وَيُكْثِرَ تَكْرَارَهُ فَيَسْقُطَ إِيجَابُهُ عِنْدَ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ كَمَا

قَالَ فِي الْكتاب خلافًا ش وح لِمَا فِي السُّنَنِ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّ بِيَ النَّاسُورَ يَسِيلُ مِنِّي فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا تَوَضَّأْتَ فَسَالَ مِنْ فَرَقِكَ إِلَى قَدَمِكَ فَلَا وُضُوءَ عَلَيْكَ وَقِيَاسًا عَلَى دَمِ الْحَيْضِ فَإِنَّهُ يُوجِبُ الْغُسْلَ فَإِنْ خَرَجَ عَنِ الْعَادَةِ لَمْ يُوجِبْهُ وَهُوَ دَمُ الِاسْتِحَاضَةِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ إِيجَابُهُ وَإِنْ تَكَرَّرَ نَظَرًا لِجِنْسِهِ وَإِذَا سَقَطَ الْإِيجَابُ بَقِيَ النَّدْبُ وَمُرَاعَاةً لِلْجِنْسِ وَالْخِلَافِ فَرْعَانِ مُرَتَّبَانِ الْأَوَّلُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِذَا اسْتُحِبَّ لَهُ الْوُضُوءُ اسْتُحِبَّ لَهُ غَسْلُ فَرْجِهِ قِيَاسًا عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْمُسْتَحَاضَةُ وَقَالَ سُحْنُونُ لَا يُسْتَحَبُّ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ أَخَفُّ مِنَ الْحَدَثِ بِدَلِيلِ أَنَّ صَاحِبَ الْجَرْحِ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ غَسْلُ الْيَسِيرِ مِنْ دَمِهِ وَيُسْتَحَبُّ الْوُضُوءُ مِنْ يَسِيرِ السَّلَسِ الثَّانِي قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْإِبْيَانِيُّ يُبَدِّلُ الْخِرْقَةَ أَوْ يَغْسِلُهَا عِنْدَ الصَّلَاةِ وَقَالَ سُحْنُونُ لَيْسَ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَغَسْلُ الْفَرْجِ أَهْوَنُ فَإِنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ حِينَ كَبِرَ وَمَا كَانَ يَزِيدُ عَنِ الْوُضُوءِ الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ أَنْ يَكُونَ زَمَانُ وُجُودِهِ أَقَلَّ وَفِي الْجَوَاهِرِ فَيَجِبُ مِنْهُ الْوُضُوءُ عَمَلًا بِالْأَصْلِ السَّالِمِ عَنِ الضَّرُورَةِ وَعِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ لَا يَجِبْ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا خَاطَبَ عِبَادَهُ بِالْمُعْتَادِ إِذْ هُوَ غَالِبُ التَّخَاطُبِ وَهَذَا لَيْسَ بِمُعْتَادٍ وَيُؤَكِّدُ هَذَا حَمْلُ الْأَلْفَاظِ فِي التَّكَالِيفِ وَالْوَصَايَا وَالْأَوْقَافِ وَالْمُعَامَلَاتِ عَلَى الْغَالِبِ بِالْإِجْمَاعِ الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ أَنْ يَسْتَوِيَ الْحَالَانِ وَفِي الْجَوَاهِرِ فَيَجِبُ الْوُضُوءُ لِعَدَمِ الْمَشَقَّةِ وَقِيلَ لَا يَجِبُ لِخُرُوجِهِ عَن الْعَادة فروع أَرْبَعَة الْأَوَّلُ إِذَا كَثُرَ الْمَذْيُ لِلْعُزْبَةِ فَفِي الْكِتَابِ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ لِخُرُوجِهِ عَلَى

وَجْهِ الصِّحَّةِ وَقَالَ بَعْضُ الْعِرَاقِيِّينَ لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ لِخُرُوجِهِ عَنِ الْعَادَةِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَالْمَدَارُ عِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ فِي هَذَا عَلَى وجود الذة فَإِنْ وُجِدَتْ وَجَبَ الْوُضُوءُ وَإِلَّا فَلَا وَهَذَا يَشْهَدُ لَهُ الْمَنِيُّ فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ لِطُولِ الْعزبَة بِغَيْر لذ لَا يُوجِبُ غُسْلًا قَالَ وَقَالَ ابْنُ الْجَلَّابِ وَالتُّونِسِيُّ إِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى النِّكَاحِ أَوِ التَّسَرِّي وَجَبَ وَلَمْ يُفَصِّلَا وَالْأَشْبَهُ التَّفْصِيلُ وَيُلْزِمُ ابْنُ الْجَلَّابِ أَنْ يُرَاعِيَ فِي سَلَسِ الْبَوْلِ الْقُدْرَةَ عَلَى التَّدَاوِي الثَّانِي فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا لَمْ يَجِبِ الْوُضُوءُ بِالسَّلَسِ هَلْ يَسْقُطُ حُكْمُهُ بِاعْتِبَارِ غَيْرِهِ حَتَّى يَؤُمَّ بِهِ؟ قَوْلَانِ مَنْشَؤُهُمَا أَنَّ الشَّرْعَ أَسْقَطَ اعْتِبَارَهُ فَتَجُوزُ الْإِمَامَةُ بِهِ وَالْقِيَاس على إِمَامَة الْمُتَيَمم وَهُوَ مُحدث بالمتوضيء وَيُنْظَرُ إِلَى اخْتِصَاصِ السَّبَبِ الْمُسْقِطِ لِاعْتِبَارِهِ بِصَاحِبِهِ وَهُوَ الضَّرُورَةُ فَلَا يَثْبُتُ الْحُكْمُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْعِلَّةِ بِدُونِهَا الثَّالِثُ قَالَ إِذَا خَرَجَ الْمُعْتَادُ الْمُوجِبُ عَلَى الْعَادَةِ مِنْ غَيْرِ الْمَخْرَجِ فَلِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ بِهِ قَوْلَانِ نَظَرًا لِجِنْسِهِ أَوْ لِكَوْنِ مَحَلِّهِ غَيْرَ مُعْتَادٍ وَاللَّهُ تَعَالَى إِنَّمَا خَاطَبَ عِبَادَهُ بِالْمُعْتَادِ الرَّابِعُ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ إِذَا كَانَ النَّاسُورُ يَطْلُعُ فِي كُلِّ حِينٍ وَيَرُدُّهُ بِيَدِهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا غَسْلُ يَدِهِ فَإِنْ كَثُرَ ذَلِكَ سَقَطَ غَسْلُ الْيَدِ وَيُرْوَى بِالنُّونِ وَهُوَ عَرَبِيٌّ وَبِالْبَاءِ وَهُوَ عَجَمِيٌّ حَكَاهُ الزُّبَيْدِيُّ وَبِالْبَاءِ وَجَعُ الْمَقْعَدَةِ وَتَوَرُّمُهَا مِنْ دَاخِلٍ وَخُرُوجُ الثَّآلِيلِ وَبِالنُّونِ انْتِفَاخُ عُرُوقِهَا وَجَرَيَانُ الدَّمِ وَمَادَّتِهَا وَقِيلَ بِالْبَاءِ لِلْمَقْعَدَةِ وَبِالنُّونِ لِلْأَنْفِ الْأَعْلَى لِلْأَعْلَى وَالْأَسْفَلُ لِلْأَسْفَلِ فَإِنَّ النُّونَ يُنَقَّطُ أَعْلَاهَا وَالْبَاءَ أَسْفَلهَا قَالَ صَاحب الطّراز فَعِنْدَ الشَّافِعِي رَحمَه الله يجب الْوضُوء لمسه دبره هَا هُنَا وَعِنْدَ حَمْدِيسٍ مِنْ أَصْحَابِنَا يُفَرِّقُ بَيْنَ أَنْ يَتَكَرَّرَ فَلَا يَنْقُضُ أَوْ لَا فَيَنْقُضُ وَإِذَا قُلْنَا بِعَدَمِ النَّقْضِ فَتَنْجَسُ الْيَدُ لِأَنَّ بِلَّةَ الْفَرْجِ نَجِسَةٌ وَعِنْدَ مَنْ يَقُولُ

بِطَهَارَتِهَا إِلْحَاقًا لَهَا بِالْعَرَقِ لِخُرُوجِهَا مِنْ مَسَامِّ الْجِلْدِ تَكُونُ الْيَدُ طَاهِرَةً الْعَاشِرُ فِي التَّلْقِينِ الرِّدَّةُ خِلَافًا ش لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَئِنْ أَشْرَكْتَ ليحبطن عَمَلك} وَنَحْوِهِ بَعْدَ الرُّجُوعِ إِلَى الْإِسْلَامِ لِبُطْلَانِ الْوُضُوءِ السَّابِقِ فَيَصِيرُ مُحْدِثًا قَالَ الْمَازِرِيُّ لَا يَبْطُلُ الْوضُوء ومستند هَذَا القَوْل وَهُوَ قَول الشَّافِعِي رَحمَه الله قَوْله تَعَالَى {وَمن يرْتَد مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّار هم فِيهَا خَالدُونَ} تَحْقِيقٌ الْقَاعِدَةُ الْأُصُولِيَّةُ أَنَّ الْمُطْلَقَ يُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ فَتُحْمَلُ الْآيَةُ الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ فَلَا يَحْصُلُ الْحُبُوطُ بِمُجَرَّدِ الرِّدَّةِ حَتَّى يَتَّصِلَ بِهَا الْمَوْتُ وَالْجَوَابُ لِمَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الْآيَةَ رُتِّبَ فِيهَا أَمْرَانِ وَهُمَا حُبُوطُ الْعَمَلِ وَالْخُلُودُ فِي النَّارِ عَلَى أَمْرَيْنِ وَهُمَا الرِّدَّةُ وَالْوَفَاةُ عَلَيْهَا فَجَازَ أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ لِلْأَوَّلِ وَالثَّانِي لِلثَّانِي فَلَمْ يَتَعَيَّنْ صَرْفُ الْآيَةِ الْأُولَى لِلثَّانِيَةِ لِعَدَمِ التَّعَارُضِ وَلَا يَكُونَانِ مِنْ بَابِ الْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ كَمَا لَوْ قِيلَ فَمَنْ جَاهَدَ مِنْكُمْ فَيَمُتْ فَلَهُ الْغَنِيمَةُ وَالشَّهَادَةُ فَإِنَّ هَذَا الْقَوْلَ حَقٌّ وَلَيْسَ الْمَوْتُ شَرْطًا فِي الْغَنِيمَةِ إِجْمَاعًا الْحَادِي عَشَرَ فِي الْجَوَاهِرِ الشَّكُّ فِي الْحَدَثِ بعد الطَّهَارَة فِي حق غير الموسوس يوجوب الْوضُوء خلافًا ش وح وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ وَرُوِيَ عَنهُ فِي غَيره الِاسْتِصْحَاب فَأَجْرَى الْقَاضِيَانِ أَبُو الْفَرَجِ وَأَبُو الْحَسَنِ وَالْأَبْهَرِيُّ رِوَايَةَ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى ظَاهِرِهَا وَحَمَلَهَا أَبُو يَعْقُوبَ الرَّازِيُّ عَلَى النَّدْبِ وَكَذَلِكَ إِذَا شَكَّ فِي الطَّهَارَةِ وَالْحَدَثِ جَمِيعًا أَوْ تَيَقُّنِهِمَا جَمِيعًا وَشَكَّ فِي الْمُتَقَدِّمِ أَوْ

تَيَقَّنَ الْحَدَثَ وَشَكَّ فِي الطَّهَارَةِ أَوْ بَعْضِهَا وَعَلِمَ تَأَخُّرَهَا أَوْ شَكَّ فِيهِ أَوْ عَلِمَ تَقَدُّمَهَا وَشَكَّ فِي طُرُوِّ الْحَدَثِ وَأَمَّا الْمُوَسْوَسُ فَأَطْلَقَ ابْنُ شَاسٍ رَحِمَهُ اللَّهُ الْقَوْلَ بِاعْتِبَارِ أَوَّلِ خَوَاطِرِهِ لِأَنَّه حِينَئِذٍ فِي حَيِّزِ الْعُقَلَاءِ وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ وَالتُّونِسِيُّ وَاللَّخْمِيُّ إِذَا تَيَقَّنَ الْحَدَثَ وَشَكَّ فِي الطَّهَارَةِ تَوَضَّأَ وَإِنْ كَانَ مُوَسْوَسًا وَعَكْسُهُ يُعْفَى عَنِ الْمُوَسْوَسِ وَالْفَرْقُ اسْتِصْحَابُ الْأَصْلِ السَّابِقِ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ وَهُوَ غَيْرُ مُوَسْوَسٍ فَفِيهِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ الْوُجُوبُ وَالنَّدْبُ وَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي صَلَاةٍ أَمْ لَا وَالثَّلَاثَةُ لِمَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ الشَّكُّ فِي الرِّيحِ مُلْغًى وَفِي الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ مُعْتَبَرٌ وَفَرَّقَ أَيْضًا بَيْنَ الشَّكِّ فِي الزَّمَنِ الْمَاضِي وَبَيْنَ الشَّكِّ فِي الْحَالِ فِي الرِّيحِ فَقَالَ فِي الْمَاضِي يَجِبُ وَفِي الْحَاضِرِ لَا يَجِبُ إِذَا كَانَ مُجْتَمِعَ الْحِسِّ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَهَذِهِ التَّفْرِقَةُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ لِمَا فِي التِّرْمِذِيِّ وَأَبِي دَاوُدَ إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فِي الْمَسْجِدِ فَوَجَدَ ريحًا بَين ألييه فَلَا يَخْرُجْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ صَحِيحٌ فُرُوعٌ مُتَنَاقِضَةٌ قَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَنْ شَكَّ فِي الطَّهَارَةِ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ فَاعْتَبَرَ الشَّكَّ وَقَالَ فِيمَنْ شَكَّ هَلْ طَلَّقَ أَمْ لَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَأَلْغَى الشَّكَّ وَفِيمَنْ شَكَّ هَلْ صَلَّى ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا يَبْنِي عَلَى ثَلَاثٍ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ فَاعْتَبَرَ الشَّكَّ وَقَالَ فِيمَنْ شَكَّ هَلْ سَهَا أَمْ لَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَأَلْغَى الشَّكَّ وَقَالَ فِيمَنْ شَكَّ هَلْ رَأَى هِلَالَ رَمَضَانَ لَا يَصُومُ فَأَلْغَاهُ وَنَظَائِرُ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ فِي الْمَذْهَبِ وَالشَّرِيعَةِ فَعَلَى الْفَقِيهِ أَنْ يَعْلَمَ السِّرَّ فِي ذَلِكَ قَاعِدَةٌ الْأَصْلُ أَلَّا يُعْتَبَرَ فِي الشَّرْعِ إِلَّا الْعِلْمُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} لِعَدَمِ الْخَطَأِ فِيهِ قَطْعًا لَكِنْ تَعَذَّرَ الْعِلْمُ فِي أَكْثَرِ الصُّوَرِ فَجَوَّزَ

الشَّرْعُ اتِّبَاعَ الظُّنُونِ لِنُدْرَةِ خَطَئِهَا وَغَلَبَةِ إِصَابَتِهَا وَبَقِيَ الشَّكُّ عَلَى مُقْتَضَى الْأَصْلِ فَكُلُّ مَشْكُوكٍ فِيهِ لَيْسَ بِمُعْتَبَرٍ وَيَجِبُ اعْتِبَارُ الْأَصْلِ السَّابِقِ عَلَى الشَّكِّ فَإِنْ شَكَكْنَا فِي السَّبَبِ لَمْ نُرَتِّبِ الْمُسَبَّبَ أَوْ فِي الشَّرْطِ لَمْ نُرَتِّبِ الْمَشْرُوطَ أَوْ فِي الْمَانِعِ لَمْ نَنْفِ الْحُكْمَ فَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ مُجْمَعٌ عَلَيْهَا لَا تَنْتَقِضُ وَإِنَّمَا وَقَعَ الْخِلَافُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي وَجْهِ اسْتِعْمَالِهَا فالشافعي رَحمَه الله يَقُولُ الطَّهَارَةُ مُتَيَقَّنَةٌ وَالْمَشْكُوكُ فِيهِ مُلْغًى فَنَسْتَصْحِبُهَا مَالك رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُولُ شُغْلُ الذِّمَّةِ بِالصَّلَاةِ مُتَيَقَّنٌ يحْتَاج إِلَى سَبَب مبرىء وَالشَّكُّ فِي الشَّرْطِ يُوجِبُ الشَّكَّ فِي الْمَشْرُوطِ فَيَقَعُ الشَّكُّ فِي الصَّلَاةِ الْوَاقِعَةِ بِالطَّهَارَةِ الْمَشْكُوكِ فِيهَا وَهِي السَّبَب المبرىء وَالْمَشْكُوكُ فِيهِ مُلْغًى فَيَسْتَصْحِبُ شُغْلَ الذِّمَّةِ وَكَذَلِكَ إِذَا شَكَّ فِي عَدَدِ صَلَوَاتِهِ فَقَدْ شَكَّ فِي السَّبَب المبرىء فَيَسْتَصْحِبُ شُغْلَ الذِّمَّةِ حَتَّى يَأْتِيَ الْمُكَلَّفُ بِسَبَبٍ مبرىء وَكَذَلِكَ الْعِصْمَةُ مُتَيَقَّنَةٌ وَالشَّكُّ فِي السَّبَبِ الْوَاقِعِ فَيَسْتَصْحِبُهَا وَكَذَلِكَ يَجِبُ عَلَى الْفَقِيهِ تَخْرِيجُ فُرُوعِ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ تَتْمِيمٌ قَدْ يَكُونُ الشَّكُّ نَفْسُهُ سَبَبًا كَمَا يَجِبُ السُّجُودُ بَعْدَ السَّلَامِ عَلَى الشَّك فالسبب هَهُنَا مَعْلُومٌ وَهُوَ الشَّكُّ فَإِنَّ الشَّاكَّ يَقْطَعُ بِأَنَّهُ شَاكٌّ وَالَّذِي انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى إِلْغَائِهِ هُوَ الْمَشْكُوكُ فِيهِ لَا الشَّكُّ فَلَا يَلْتَبِسْ عَلَيْكَ ذَلِكَ فَرْعٌ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِذَا صَلَّى شَاكًّا فِي الطَّهَارَةِ ثُمَّ تَذَكَّرَهَا قَالَ مَالِكٌ صَلَاتُهُ تَامَّةٌ لِأَنَّ الشَّرْطَ الطَّهَارَةُ وَهِيَ حَاصِلَةٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ سَوَاءٌ عُلِمَتْ أَمْ لَا وَقَالَ الْأَشْهَبُ وَسَحْنُونُ هِيَ بَاطِلَةٌ لِأَنَّه غَيْرُ عَامِلٍ عَلَى قَصْدِ الصِّحَّةِ الثَّانِي عَشَرَ الْمَنِيُّ يَخْرُجُ بَعْدَ الْغَسْلِ قَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ لَيْسَ فِيهِ إِلَّا الْوُضُوءُ وَقَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ أَوْجَبَ سُحْنُونُ مَرَّةً بِهِ الْغَسْلَ وَمَرَّةً الْوُضُوءَ وَقَالَ فِي الْجَوَاهِرِ فِي وُجُوبِهِ يَعْنِي الْوُضُوءَ قَوْلَانِ الْوُجُوبُ لِلْبَغْدَادِيِّينَ وَاسْتَحْسَنَهُ ابْنُ الْجَلَّابِ وَهُوَ مُلْحَقٌ بِدَمِ الِاسْتِحَاضَةِ الَّذِي وَرَدَ الْحَدِيثُ فِيهِ

بِجَامِعِ إِيجَابِ حَيْضِهَا لِلْغُسْلِ فَكَمَا أَوْجَبَ أَحَدُهُمَا الْوُضُوءَ حَالَةَ قُصُورِهِ عَنِ الْغُسْلِ يُوجِبُ الْآخَرُ الثَّالِثَ عَشَرَ دَمُ الِاسْتِحَاضَةِ يُسْتَحَبُّ مِنْهُ الْوُضُوءُ عِنْد مَالك رَحمَه الله خلافًا ش وح وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِي الرِّسَالَةِ يَجِبُ مِنْهُ الْوُضُوءُ وَفِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تَهْرَاقُ الدِّمَاءَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَاسْتَفْتَتْ لَهَا أُمُّ سَلَمَةَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِتَنْظُرْ إِلَى عَدَدِ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ الَّتِي كَانَتْ تَحِيضُهُنِّ مِنَ الشَّهْرِ قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهَا الَّذِي أَصَابَهَا فَلْتَتْرُكِ الصَّلَاةَ قَدْرَ ذَلِكَ مِنَ الشَّهْرِ فَإِذَا خَلَّفَتْ ذَلِكَ فَلْتَغْتَسِلْ وَلْتَسْتَتِرْ بِثَوْبٍ ثُمَّ لِتُصَلِّ قَالَ أَبُو دَاوُدَ زَادَ عُرْوَةُ ثُمَّ تَتَوَضَّأْ لِكُلِّ صَلَاةٍ حَتَّى يَجِيءَ ذَلِكَ الْوَقْتُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَيَدُلُّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ اتِّفَاقُ الْجَمِيعِ عَلَى أَنَّهُ خَرَجَ فِي الصَّلَاةِ أَكْمَلَتْهَا وَأَجْزَأَتْ عَنْهَا قَالَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَنِيِّ الْخَارِجِ بَعْدَ الْغَسْلِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ لُزُومُ الْخُرُوجِ بِخِلَافِ الْمَنِيِّ وَإِنَّمَا بَابُهُ سَلَسُ الْبَوْلِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْمَرَضِ وَلَوْ خَرَجَتْ فَضْلَةُ الْمَنِيِّ فِي الصَّلَاةِ أَبْطَلَتْهَا اتِّفَاقًا بِخِلَافِ سَلَسِهِ وَدَمِ الِاسْتِحَاضَةِ. الرَّابِعَ عَشَرَ رَفْضُ النِّيَّةِ كَمَا إِذَا عَزَمَ عَلَى النَّوْمِ فَلَمْ يَنَمْ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ ظَاهِرُ الْكِتَابِ يَقْتَضِي عَدَمَ الْوُجُوبِ لِقَوْلِهِ فِيمَنْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ بَيْنَ فَخِذَيْهَا لَا غُسْلَ عَلَيْهِمَا إِلَّا أَنْ يُنْزِلَا وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ شَعْبَانَ أَنَّهُ يَتَوَضَّأُ. وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ النِّيَّةِ تَخْصِيصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ تَعَالَى وَقَدْ حَصَلَ ذَلِكَ وَالثَّانِي مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ النِّيَّةَ كَجُزْءِ الطَّهَارَةِ وَذَهَابُ الْجُزْءِ يَقْتَضِي ذَهَابَ الْحَقِيقَةِ الْمُرَكَّبَةِ وَلِأَنَّ الْعَزْمَ على منافي الطَّهَارَة بنافي النِّيَّةَ الْفِعْلِيَّةَ فَأَوْلَى أَنْ يُنَافِيَ الْحُكْمِيَّةَ. الْخَامِسَ عَشَرَ رُؤْيَةُ الْمَاءِ بَعْدَ التَّيَمُّمِ وَقَبْلَ الصَّلَاةِ يُوجِبُ اسْتِعْمَالَهُ وَبُطْلَانَ الْإِبَاحَةِ السَّابِقَةِ لِأَنَّ الْإِقْدَامَ عَلَى الصَّلَاةِ بِالتَّيَمُّمِ مَشْرُوطٌ بِدَوَامِ عَدَمِ الْمَاءِ إِلَى الشُّرُوعِ فِيهَا عَلَى مَا يَأْتِي تَقْرِيرُهُ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

الْقِسْمُ الثَّانِي مَظِنَّاتُ الْأَسْبَابِ: وَالْمَظِنَّةُ فِي اللُّغَةِ وَاصْطِلَاحِ الْعُلَمَاءِ الَّتِي يُوجَدُ عِنْدَهَا الظَّنُّ مِنْ بَابِ مَقْتَلٍ وَمَضْرَبٍ الَّذِي هُوَ الْقَتْلُ وَالضَّرْبُ فَجعله مَكَان الظَّن مجَاز وَهِي ثَمَان: الْمَظِنَّةُ الْأُولَى مَسُّ الذَّكَرِ بِبَاطِنِ الْكَفِّ عِنْدَ مَالِكٍ وَبِبَاطِنِ الْأَصَابِعِ أَيْضًا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا حَكَاهُ فِي الْكِتَابِ يُوجِبُ الْوُضُوءَ خِلَافًا ح لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ إِذَا مَسَّ أَحَدُكُمْ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ وَقَالَ أَشْهَبُ بَاطِنُ الْأَصَابِعِ لَا يُوجِبُ وُضُوءًا وَوَجْهُ تَخْصِيصِ بَاطِنِ الْكَفِّ وَالْأَصَابِعِ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ اللَّمْسَ يَكُونُ بِهِمَا وَلِأَنَّ فِيهِمَا مِنَ اللُّطْفِ وَالْحَرَارَةِ الْمُحَرِّكَيْنِ لِلْمَذْيِ مَا لَيْسَ فِي غَيْرِهِمَا وَلِأَنَّ الْأَصَابِعَ أَصْلُ الْيَدِ بِدَلِيلِ تَكْمِيلِ الْعَقْلِ فِيهِمَا وَوَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّ الْأَصَابِعَ أَقَلُّ حَرَارَةً وَلُطْفًا مِنْ بَاطِنِ الْكَفِّ فَلَا تلْحق بِهِ. وَلَا يشْتَرط اللَّذَّة عِنْد المغاربة وَبَعض البغدادين وَتُشْتَرَطُ عِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ قِيَاسًا عَلَى لَمْسِ النِّسَاءِ وَلِحَدِيث طلق قَالَ قدمنَا على سَوَّلَ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَجَاءَ رَجُلٌ كَأَنَّهُ بَدَوِيٌّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تَرَى فِي مَسِّ الرَّجُلِ ذَكَرَهُ بَعْدَ مَا يَتَوَضَّأُ فَقَالَ (هَلْ هُوَ إِلَّا بِضْعَةٌ مِنْكَ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ يُجْمَعُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ بِوُجُودِ اللَّذَّةِ وَعَدَمِهَا وَعِنْدَ جَمِيع الْمَغَارِبَةِ بِتَعْيِينِ الْكَفِّ وَالْأَصَابِعِ لِلْوُجُوبِ وَقَالُوا طَلْقٌ مِنَ الْمُرْجِئَةِ فَيَسْقُطُ حَدِيثُهُ فَلَا حَاجَةَ إِلَى الْجمع وَقَالَ مَالك فِي العتيبة لَا يَجِبُ مِنْ مَسِّهِ وُضُوءٌ كَمَا قَالَهُ أَبُو حنيفَة وَأَوْرَدَ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى حَدِيثِ بُسْرَةَ عَشَرَةَ أَسْئِلَةٍ: أَحدهَا أَن رِوَايَة عَنْهَا مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ وَهُوَ كَانَ يُحَدِّثُ فِي زَمَانه مَنَاكِير وَلذَلِك لم يقبل طَلْحَة مِنْهُ الرِّوَايَة وَقَالَ لَا أَعْرِفُهُ. وَثَانِيهَا أَنَّهُ أَرْسَلَ رَجُلًا مِنَ الشُّرَطِ لِيَنْقُلَ لَهُ مَا أَنْكَرَهُ عَلَيْهِ طَلْحَة وَالرجل مَجْهُول.

وَثَالِثُهَا أَنَّ رَبِيعَةَ شَيْخَ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ لَوْ شَهِدَتْ بُسْرَةُ فِي بَقْلَةٍ مَا قَبِلْتُهَا. وَرَابِعُهَا رِوَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الْوُضُوءَ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ سُنَّةٌ فَكَيْفَ يَصِحُّ عِنْدَهُ هَذَا الْحَدِيثُ ثُمَّ يَسْتَجِيزُ هَذَا الْقَوْلَ. وَخَامِسُهَا قَوْلُ ابْنِ مَعِينٍ لَمْ يَصِحَّ فِي مَسِّ الذَّكَرِ حَدِيثٌ. وَسَادِسُهَا أَنَّ الرَّجُلَ أَوْلَى بِنَقْلِهِ مِنْ بُسْرَةَ. وَسَابِعُهَا أَنَّهُ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى فَيَنْبَغِي أَنْ يُنْقَلَ مُسْتَفِيضًا وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ دَلَّ عَلَى ضَعْفِهِ. وَثَامِنُهَا إِنْكَارُ أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ الله عَنْهُم لحكمه كعلي وَابْن مسعودفيقول عَليّ مَا أُبَالِي مسته أَوْ مَسِسْتُ طَرْفَ أَنْفِي وَيَقُولُ ابْنُ مَسْعُودٍ إِنْ كَانَ شَيْءٌ مِنْكَ نَجِسًا فَاقْطَعْهُ. وَتَاسِعُهَا سَلَّمْنَا صِحَّتَهُ لَكِنْ نَحْمِلُهُ عَلَى غَسْلِ الْيَدِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَجْمِرُونَ ثُمَّ يَعْرَقُونَ ثُمَّ يُؤْمَرُ مَنْ مَسَّ مَوْضِعَ الْحَدَثِ بِالْوُضُوءِ الَّذِي هُوَ النَّظَافَةُ. وَعَاشِرُهَا أَنَّهُ مُعَارَضٌ بِحَدِيثِ طَلْقٍ وَالْقِيَاسِ عَلَى سَائِرِ الْأَعْضَاءِ. وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ مَرْوَانَ كَانَ عَدْلًا وَلِذَلِكَ كَانَتِ الصَّحَابَةُ تَأْتَمُّ بِهِ وَتَغْشَى طَعَامَهُ وَمَا فَعَلَ شَيْئًا إِلَّا عَنِ اجْتِهَادٍ وَإِنْكَارُ عُرْوَةَ لِعَدَمِ اطِّلَاعِهِ، وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الرَّجُلَ مَعْلُومٌ عِنْدَ عُرْوَةَ وَإِلَّا لَمَا حَسُنَتْ إِقَامَةُ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ بِهِ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ عُرْوَةَ سَمِعَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْهَا. وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ عَدَمَ اسْتِقْلَالِ الْمَرْأَةِ فِي الشَّهَادَةِ لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ قَبُولِ رِوَايَتِهَا وَإِلَّا لَمَا قُبِلَتْ رِوَايَةُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّهُ لَمْ يَطْعَنْ فِي الصِّحَّةِ وَإِنَّمَا تَرَدَّدَ فِي دَلَالَةِ اللَّفْظِ هَلْ هِيَ لِلْوُجُوبِ أَوِ النَّدْبِ؟

وَعَنِ الْخَامِسِ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَصِحَّ عِنْدَهُ فَقَدْ صَحَّ عِنْدَ غَيْرِهِ. وَعَنِ السَّادِسِ وَالسَّابِعِ أَنَّ الْخَبَرَ رَوَاهُ نَحْوُ خَمْسَةَ عَشَرَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ. وَعَنِ الثَّامِنِ أَنَّ الْحَدِيثَ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُمْ وَثَبَتَ عِنْدَ غَيْرِهِمْ وَلَا يَجِبُ فِي الصَّحَابِيِّ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَى سَائِرِ الْأَحَادِيثِ. وَعَنِ التَّاسِعِ أَنَّ لَفْظَ الشَّارِعِ إِذَا وَرَدَ حُمِلَ عَلَى عُرْفِهِ حَتَّى يَرِدَ خِلَافُهُ. وَعَنِ الْعَاشِرِ أَنَّ حَدِيثَ طَلْقٍ لَا يَصِحُّ وَالْقِيَاسُ قُبَالَةَ النَّصِّ فَاسِدٌ قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ الَّذِي تَقَرَّرَ عِنْدَ الْمَغَارِبَةِ أَنَّ مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ أُمِرَ بِالْوُضُوءِ مَا لَمْ يُصَلِّ فَإِنْ صَلَّى أُمِرَ بِالْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ وَكَذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ نَافِعٍ وَأَشْهَبُ وَقَالَ سَحْنُونُ وَالْعُتْبِيُّ لَا يُعِيدُ مُطْلَقًا قَالَ اللَّخْمِيُّ الْإِعَادَةُ مُطْلَقًا رِوَايَةُ الْمَدَنِيِّينَ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الْعَامِدُ يُعِيدُ مُطْلَقًا وَالنَّاسِي فِي الْوَقْتِ وَقَالَ سَحْنُونُ أَيْضًا يُعِيدُ فِي الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثِ. وَاخْتَلَفُوا فِي مَسِّهِ نَاسِيًا أَوْ عَلَى ثَوْبٍ خَفِيفٍ أَوْ بِذِرَاعِهِ أَوْ بِظَاهِرِ كَفِّهِ أَوْ قَصَدَ إِلَى مَسِّهِ بِشَيْءٍ مِنْ أَعْضَائِهِ سِوَى يَدِهِ. وَتَحْصِيلُ الْمَذْهَبِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْمَغَارِبَةِ أَنَّ مَسَّهُ بِبَاطِنِ الْكَفِّ وَالْأَصَابِعِ دُونَ حَائِلٍ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ وَغَيْرُ ذَلِكَ لَا يَنْقُضُهُ. فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ الْعَمَلُ مِنَ الرِّوَايَاتِ عَلَى وُجُوبِ الْوُضُوءِ مِنْهُ مِنْ فَوْقِ ثَوْبٍ أَوْ مِنْ تَحْتِهِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ الْوُجُوبُ مِنْ فَوْقِ الْغِلَالَةِ الْخَفِيفَةِ.

فُرُوعٌ ثَمَانِيَةٌ: الْأَوَّلُ مِنَ الطَّرَّازِ إِذَا مَسَّهُ بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ أَوْ بِحَرْفِ كَفِّهِ أَوْ بِأُصْبُعٍ زَائِدَةٍ انْتَقَضَ عَلَى ظَاهِرِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَفِي الْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ خِلَافٌ وَالْقِيَاسُ عَلَى سَائِرِ الْأَحْدَاثِ يَقْتَضِي أَنَّ الْقَصْدَ لَا يُشْتَرَطُ وَكَذَلِكَ عُمُومُ الْحَدِيثِ. الثَّانِي فِي الْجَوَاهِرِ لَوْ مَسَّ ذكره بعد قطعه لم ينْتَقض وضوؤه لِأَنَّه صَارَ لَيْسَ بِذَكَرٍ لَهُ وَالْحَدِيثُ إِنَّمَا وَرَدَ فِي ذَكَرِهِ وَلِذَهَابِ اللَّذَّةِ مِنْهُ وَلِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَوِ اسْتَدْخَلَتْهُ لَمْ يَجِبْ عَلَى صَاحِبِهِ غُسْلٌ. الثَّالِثُ قَالَ لَا يَنْتَقِضُ وُضُوءُ الْخِتَانِ بِذَكَرِ الْمَخْتُونِ وَلَا بِذَكَرِ الْغَيْرِ خِلَافًا ش لِأَنَّه لَيْسَ ذَكَرًا لَهُ. الرَّابِعُ قَالَ لَا وُضُوءَ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ مَسِّ فَرْجِهَا قَالَهُ فِي الْكِتَابِ لِأَنَّ فَرْجَهَا لَيْسَ بِذَكَرٍ فَيَتَنَاوَلَهُ الْحَدِيثُ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّ عَلَيْهَا الْوُضُوءَ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (مَنْ أَفْضَى بِيَدِهِ إِلَى فَرْجِهِ فَلْيَتَوَضَّأْ) وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ (وَيْلٌ لِلَّذِينِ يَمَسُّونَ فُرُوجَهُمْ ثُمَّ يُصَلُّونَ وَلَا يَتَوَضَّئُونَ فَقُلْتُ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا لِلرِّجَالِ فَمَا بَالُ النِّسَاءِ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا مَسَّتْ إِحْدَاكُنَّ فَرْجَهَا فَلْتَتَوَضَّأْ) وَرُوِيَ عَنْهُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ أَنْ تُلَطِّفَ وَبَيْنَ أَلَّا تُلَطِّفَ فَيَجِبُ الْوُضُوءُ مِنَ الْأَوَّلِ لِوُجُودِ اللَّذَّةِ وَسَأَلَ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ مَالِكًا عَنِ الْإِلْطَافِ فَقَالَ أَنْ تُدْخِلَ يَدَهَا بَيْنَ شَفْرَيْهَا. وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي بَقَاءِ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ عَلَى ظَاهِرِهَا أَوْ جَعْلِ التَّفْصِيلِ تَفْسِيرًا لِلْإِطْلَاقَيْنِ أَوْ جَعْلِ الْمَذْهَبِ عَلَى قَوْلَيْنِ النَّقْضُ مُطْلَقًا أَوِ التَّفْصِيلُ ثَلَاثَ طُرُقٍ. الْخَامِسُ قَالَ لَا يَنْتَقِضُ الْوضُوء بِمَسّ الدبر وَانْفَرَدَ حمد يس بِإِيجَاب مس

حَلْقَةِ الدُّبُرِ لِلْوُضُوءِ تَخْرِيجًا عَلَى إِيجَابِ مَسِّ الْمَرْأَةِ لِفَرْجِهَا وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ لَا يُوجِبُهُ. السَّادِسُ قَالَ مَسُّ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ فَرْجَهُ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَتَخَرَّجُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِيمَن أيقين الطَّهَارَةَ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ عَلَى مَذْهَبِ الْمَغَارِبَةِ وَعَلَى مَذْهَبِ الْبَغْدَادِيِّينَ فِي مُرَاعَاةِ اللَّذَّةِ فَفِي أَيِّ فَرْجٍ اعْتَادَ وُجُودَهَا أَوْجَبَ الْوُضُوءَ. السَّابِعُ لَا ينتفض وُضُوءُ مَنْ مَسَّ ذَكَرَ غَيْرِهِ وَقَالَ الْأَيْلِيُّ الْبَصْرِيّ من أَصْحَابنَا ينتفض. الثَّامِنُ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي تَهْذِيبِهِ قَالَ أَشْهَبُ مَنْ صَلَّى خَلْفَ مَنْ لَا يَرَى الْوُضُوءَ مِنَ الْمُلَامَسَةِ أَعَادَ أَبَدًا وَمَنْ صَلَّى خلف من لَا يرى الْوضُوء من مس الذَّكَرِ لَمْ يُعِدْ لِأَنَّ الْوُضُوءَ مِنَ الْمُلَامَسَةِ ثَابِتٌ بِالْقُرْآنِ الْمُتَوَاتِرِ وَمِنْ مَسِّ الذَّكَرِ بِأَخْبَارِ الْآحَادِ وَقَالَ سَحْنُونُ يُعِيدَانِ جَمِيعًا فِي الْوَقْتِ. الْمَظِنَّةُ الثَّانِيَةُ الْمُلَامَسَةُ قَالَ فِي الْكِتَابِ مَسُّ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ صَاحِبَهُ لِلَذَّةٍ مِنْ فَوْقِ ثَوْبٍ أَوْ مِنْ تَحْتِهِ أَوْ قُبْلَةٌ فِي غَيْرِ الْفَمِ يُوجِبُ الْوُضُوءَ خِلَافًا ح فِي اشْتِرَاطِهِ التَّجَرُّدَ وَالتَّعَانُقَ وَالْتِقَاءَ الْفَرْجَيْنِ مَعَ الِانْتِشَارِ وَلِمَنْعِ مُحَمَّد ابْن الْحَسَنِ إِيجَابَ الْمُلَامَسَةِ مُطْلَقًا وَخِلَافًا ش فِي عَدَمِ اشْتِرَاطِ اللَّذَّةِ مَعَ نَقْضِهِ أَصْلَهُ بِذَوَاتِ الْمَحَارِمِ لَنَا قَوْله تَعَالَى {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} وَفِي اشْتِرَاطِ اللَّذَّةِ مَا فِي مُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ كُنْتُ أَنَامُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَرِجْلَايَ فِي قِبْلَتِهِ فَإِذَا سَجَدَ غَمَزَنِي فَقَبَضْتُ رِجْلِي وَالْبُيُوتُ يَوْمَئِذٍ لَيْسَ فِيهَا مَصَابِيحُ. وَفِي الْمُوَطَّأِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ كُنْتُ نَائِمَةً إِلَى جَنْبِ النَّبِيِّ

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ففقدت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِنَ اللَّيْلِ فَلَمَسْتُهُ بِيَدِي فَوَقَعْتُ عَلَى أَخْمَصِ قَدَمَيْهِ الْحَدِيثَ. تَمَسَّكَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّ هَذَا حُكْمٌ تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ مَنْ لَمَسَ زَوْجَتَهُ انْتَقَضَ وضوؤه بَلْ نُقِلَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ كَانَ يُقَبِّلُ بَعْضَ زَوْجَاتِهِ وَلَا يَتَوَضَّأُ نَقَلَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْإِفْضَاءُ وَالتَّغَشِّي وَالرَّفَثُ وَالْمُلَامَسَةُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى كِنَايَاتٌ عَنِ الْوَطْءِ وَلِأَنَّ السَّبَبَ فِي الْحَقِيقَةِ إِنَّمَا هُوَ الْمَذْيُ وَيُمْكِنُ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ فَلَا حَاجَةَ إِلَى اعْتِبَارِ مَظِنَّةٍ لَهُ. وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ تَمَسُّكَهُمْ بِعُمُومِ الْبَلْوَى هُنَا وَفِي مَسْأَلَةِ الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى يَجِبُ اشْتِهَارُهُ وَإِلَّا فَهُوَ غَيْرُ مَقْبُولٍ لِأَنَّ مَا تَعُمُّ بِهِ الْبلوى يكثر السؤوال فِيهِ فَيَكْثُرُ الْجَوَابُ عَنْهُ فَيَشْتَهِرُ وَهُمْ نَقَضُوا هَذِهِ الْقَاعِدَةَ بِإِيجَابِ الْوُضُوءِ مِنَ الْحِجَامَةِ وَالدَّمِ السَّائِلِ مِنَ الْجَسَدِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدْ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَتْلُو طُولَ عُمُرِهِ {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} وَهُوَ مَقْطُوعٌ بِهِ مُتَوَاتِرٌ. وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْحَدِيثَ غَيْرُ صَحِيحٍ طَعَنَ فِيهِ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ هَذِهِ اللَّفْظَةُ لَا تُحْفَظُ وَإِنَّمَا الْمَحْفُوظُ كَانَ يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ. وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ قَوْلَهُ مَدْفُوعٌ بِقَوْلِ عَائِشَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ الْقُبْلَةَ تُوجِبُ الْوُضُوءَ. وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ مَظِنَّةَ الشَّيْءِ تُعْطِي حُكْمَ ذَلِكَ الشَّيْءِ وَإِنْ أَمْكَنَ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ كَالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ مَظِنَّةَ الْإِنْزَالِ أُعْطِيَ حُكْمَهُ وَالنَّوْمُ مَظِنَّةُ الْحَدَثِ وَأُعْطِيَ حُكْمَهُ مَعَ إِمْكَانِ الْوُقُوفِ عَلَيْهِ وَعَلَى رَأْيِهِمُ الْمُبَاشَرَةُ مَعَ التَّجَرُّدِ وَمَا مَعَهُ مَظِنَّةٌ أَيْضًا.

وَلَا فَرْقَ عِنْدَنَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَلْمُوسُ عُضْوًا أَوْ شَعْرًا مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ أَجْنَبِيَّةٍ أَو محرم وَبَيْنَ قَلِيلِ الْمُبَاشَرَةِ وَغَيْرِهَا وَبَيْنَ الْيَدِ وَالْفَمِ وَسَائِرِ الْأَعْضَاءِ إِذَا وُجِدَتِ اللَّذَّةُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ. فُرُوعٌ ثَمَانِيَةٌ: الْأَوَّلُ فِي الْجَوَاهِرِ الْقُبْلَةُ فِي الْفَمِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا اللَّذَّةُ لِأَنَّهَا لَا تَنْفَكُّ عَنْهَا غَالِبًا فَأُقِيمَتِ الْمَظِنَّةُ مَقَامَهَا وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ وُجُودُهَا كَالْمَشَقَّةِ فِي السَّفَرِ لَا نَعْتَبِرُهَا مَعَ وُجُودِ مَظِنَّتِهَا وَهِيَ الْمَسَافَةُ الْمَحْدُودَةُ لَهَا وَرُوِيَ عَنْهُ اعْتِبَارُهَا قَالَ الْبَاجِيُّ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَالْأَوَّلُ ظَاهِرُ الْكِتَابِ. الثَّانِي إِذا وجد الملامس اللَّذَّةَ وَلَمْ يَقْصِدْهَا أَوْ قَصَدَهَا وَلَمْ يَجِدْهَا فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ عَلَى الْمَنْصُوصِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِوُجُودِ اللَّذَّةِ وَهِيَ السَّبَبُ وَأَمَّا الثَّانِي قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الْقَلْبَ الْتَذَّ لِأَجْلِ قَصْدِهِ لِذَلِكَ وَهَذَا لَا يَسْتَقِيمُ لِأَنَّ السَّبَبَ هُوَ اللَّذَّةُ لَا إِرَادَةُ اللَّذَّةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ إِذَا قَصَدَ مَسَّهَا مِنْ فَوْقِ حَائِلٍ كَثِيفٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ هَذَا يَتَخَرَّجُ عَلَى رَفْضِ الطَّهَارَةِ. وَاسْتَقْرَأَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَدَمَ النَّقْضِ هُنَا فِي مَسْأَلَةِ الرَّفْضِ وتعب بِالْفَرْقِ بِمُقَارَنَةِ الْفِعْلِ. الثَّالِثُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِذَا كَانَ اللَّمْسُ مِنْ وَرَاءِ حَائِلٍ خَفِيفٍ يَصِلُ بَشَرَتَهَا إِلَى بَشَرَتِهِ وَجَبَ الْوُضُوءُ خِلَافًا ش لِوُجُودِ اللَّذَّةِ وَإِنْ كَانَ كَثِيفًا قَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَجْمُوعَةِ لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونُ وَابْنُ حَبِيبٍ فَيُحْمَلُ قَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ عَلَى هَذَا دَفْعًا لِلتَّنَاقُضِ قَالَ اللَّخْمِيُّ أَمَّا إِذَا ضَمَّهَا اسْتَوَى الْخَفِيفُ وَالْكَثِيفُ. الرَّابِعُ فِي الْجَوَاهِرِ الْمَلْمُوسُ إِذَا وَجَدَ اللَّذَّةَ تَوَضَّأَ خِلَافًا ش فِي أحد قوليه

لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا خَاطَبَ اللَّامِسَ بِقَوْلِهِ {أَو لَا مستم النِّسَاء} لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي اللَّذَّةِ فَيَشْتَرِكَانِ فِي مُوجِبِهَا كَالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْمَلْمُوسُ لَذَّةً فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَقْصِدَ فَيَكُونُ لَامِسًا فِي الْحُكْمِ. الْخَامِسُ قَالَ لَوْ نَظَرَ فالتذ بمداومة النّظر وَلم ينتشر ذَلِكَ مِنْهُ فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ السَّبَبِ الَّذِي هُوَ الْمُلَامَسَةُ وَقَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ يُؤَثِّرُ. السَّادِسُ الْإِنْعَاظُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْعَادَةَ فِيهِ غَيْرُ مُنْضَبِطَةٍ فَيُهْمَلُ بِخِلَافِ اللَّمْسِ فَإِنَّ غَالِبَهُ الْمَذْيُ قَالَ اللَّخْمِيُّ قِيلَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ لِأَنَّ غَالِبَهُ الْمَذْيُ وَأَرَى أَنْ يُحْمَلَ عَلَى عَادَتِهِ فَإِنِ اخْتَلَفَتْ عَادَتُهُ تَوَضَّأَ أَيْضًا وَإِنْ أَنَعَظَ فِي الصَّلَاةِ وَعَادَتُهُ عَدَمُ الْمَذْيِ مَضَى عَلَيْهَا وَإِلَّا قَطَعَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْإِنْعَاظُ لَيْسَ بِالْبَيِّنِ فَإِنْ كَانَ شَأْنُهُ الْمَذْيَ بَعْدَ زَوَالِ الْإِنْعَاظِ وَأَمِنَ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ أَتَمَّهَا فَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلُ قَضَى الصَّلَاةَ وَإِنْ أَشْكَلَ عَلَيْهِ جَرَى عَلَى الْخِلَافِ. السَّابِعُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ يَجِبُ الْوُضُوءُ مِنْ مَسِّ ظُفُرِ الزَّوْجِ وَالسِّنِّ وَالشَّعْرِ إِذَا الْتَذَّ خِلَافًا ش وَلَمْ يَرَهُ مَالِكٌ فِي الْعُتْبِيَّة فِي الشّعْر. وَالْعجب من الشَّافِعِي رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ نَقَضَ الْوُضُوءَ بِمَسِّ أُذُنِ الْمَيِّتَةِ وَلَمْ يَنْقُضْهُ بِمَسِّ أَظْفَارِ أَنَامِلِ الْحَيَّةِ مَعَ قَوْلِهِ إِنَّ شَعْرَ الْمَيِّتَةِ نَجِسٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَيًّا لِأَنَّ كُلَّ مُتَّصِلٍ بِالْحَيَّةِ فَهُوَ عَلَى حُكْمِهَا فَمَا بَالُهُ هُنَا لَا يَكُونُ عَلَى حُكْمِهَا لَا سِيَّمَا وَهُوَ لَا يُرَاعِي اللَّذَّةَ وَقَدِ اتَّفَقْنَا عَلَى أَنَّهُ إِذَا قَالَ إِنْ مَسِسْتُ امْرَأَتِي فَهِيَ طَالِقٌ أَوْ عَبْدِي فَهُوَ حُرٌّ فَمَسَّ ظَفُرَهُمَا طُلِّقَتْ وَعُتِقَ الْعَبْدُ. قَاعِدَةٌ أُصُولِيَّةٌ يَتَخَرَّجُ عَلَيْهَا فُرُوعُ هَذَا الْبَابِ وَغَيْرِهِ. وَهِيَ أَنَّ الشَّرْعَ إِذَا نَصَبَ سَبَبًا لِحُكْمٍ لِأَجْلِ حِكْمَةٍ اشْتَمَلَ عَلَيْهَا ذَلِكَ السَّبَبُ هَلْ يَجُوزُ التَّعْلِيلُ بِتِلْكَ الْحِكْمَةِ لِأَنَّهَا سَبَبُ جَعْلِ السَّبَبِ سَبَبًا وَالْأَصْلُ مُتَقَدِّمٌ عَلَى الْفَرْع أَولا يَجُوزُ ذَلِكَ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ لِأَنَّ حِكْمَةَ جَعْلِ السَّرِقَةِ سَبَبَ الْقَطْعِ صَوْنُ الْأَمْوَالِ وَحِكْمَةَ جَعْلِ الْإِحْصَانِ مَعَ الزِّنَا سَبَبَ الرَّجْمِ

صَوْنُ الْأَنْسَابِ وَحِكْمَةَ جَعْلِ الْمَسَافَةِ الْمُعَيَّنَةِ فِي السَّفَرِ سَبَبَ الْقَصْرِ الْمَشَقَّةُ وَنَظَائِرُ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ جِدًّا مَعَ انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَلَى مَنْعِ تَرْتِيبِ أَحْكَامِ هَذِهِ الْأَسْبَابِ بِدُونِهَا وَإِنْ وُجِدَتِ الْحِكَمُ فَكَذَلِكَ هُنَا جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى اللَّمْسَ سَبَبًا لِلْوُضُوءِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى اللَّذَّةِ فَهَلْ يَجُوزُ اتِّبَاعُ اللَّذَّةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ كَمَا فِي التَّذَكُّرِ وَالْإِنْعَاظِ أَولا يُرَاعَى ذَلِكَ عَلَى الْإِطْلَاقِ حَتَّى لَا يُوجِبَ الْوُضُوءَ مِنْ وَرَاءِ حَائِلٍ وَإِنْ رَقَّ أَوْ يَتَوَسَّطَ بَيْنَ الرُّتْبَتَيْنِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. تَمْهِيدٌ يَظْهَرُ مِنْهُ مَذْهَبُ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَى الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ. أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَطَفَ الْمُلَامَسَةَ عَلَى الْمَجِيءِ مِنَ الْغَائِطِ وَالَّذِي يُفْعَلُ فِي الْغَائِطِ لَا يُوجِبُ غَسْلًا فَتُحْمَلُ عَلَى مَا لَا يُوجِبُ غَسْلًا تَسْوِيَةً بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ {وَإِن كُنْتُم جنبا فاطهروا} فَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْمُلَامَسَةِ الْجِمَاعَ لَزِمَ التَّكْرَارُ وَيُؤَكِّدُ ذَلِكَ مَا قَالَهُ صَاحِبُ الصِّحَاحِ إِنَّ اللَّمْسَ اللَّمْسُ بِالْيَدِ يُقَالُ لَمَسَهُ يَلْمِسُهُ بِضَمِّ الْمِيمِ فِي الْمُضَارِعِ وَبِكَسْرِهَا. وَأَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَلِأَنَّ أَئِمَّةَ اللُّغَةِ قَالُوا اللَّمْسُ الطَّلَبُ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ (الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ) وقَوْله تَعَالَى حِكَايَةً عَنِ الْجَانِّ {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا} أَي طلبناها. وَلَمَّا كَانَتِ النِّسَاءُ تُلْمَسُ طَلَبًا لِلَّذَّةِ قَالَ الله تَعَالَى {أَو لامستم النِّسَاء} وَالْأَصْلُ فِي الِاسْتِعْمَالِ الْحَقِيقَةُ فَيَكُونُ هَذَا نَصًّا عَلَى إِبْطَالِ مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ وَعَلَى اشْتِرَاطِ اللَّذَّةِ وَالطَّلَبِ. الْمَظِنَّةُ الثَّالِثَةُ النَّوْمُ وَلَيْسَ حَدَثًا فِي نَفْسِهِ وَنَقَلَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ قَوْلًا إِنَّهُ حَدَثٌ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْمَذْهَبِ فَهُوَ يُوجِبُ الْوُضُوءَ لِكَوْنِهِ مَظِنَّةَ

الرِّيحِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (الْعَيْنَانِ وِكَاءُ السَّهِ فَإِذَا نَامَتِ الْعَيْنَانِ انْفَتَحَ الْوِكَاءُ) عَلَى أَنَّ أَبَا عُمَرَ قَالَ فِي التَّمْهِيدِ هَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ لَا يُحْتَجُّ بِهِ إِلَّا أَنَّ مَعْنَاهُ مَعْلُومٌ بِالْعَادَةِ وَجَرَتْ عَادَةُ الْفُقَهَاءِ بِذِكْرِهِ فَذَكَرْتُهُ. وَالْوِكَاءُ الْخَيْطُ الَّذِي يُرْبَطُ بِهِ الشَّيْءُ وَالسَّهُ أَصله الْعَجز وَيَقُولُونَ رجل سِتَّة وَامْرَأَةٌ سَتْهَاءُ إِذَا كَانَ الرَّجُلُ أَوِ الْمَرْأَةُ كَبِيرَةَ الْعَجُزِ ثُمَّ يُسْتَعْمَلُ مَجَازًا فِي حَلْقَةِ الدبر وَهُوَ المُرَاد هَهُنَا وَأَصْلُ اللَّفْظَةِ سَتَهٍ مِثْلَ قَلَمٍ فَحُذِفَتِ التَّاءُ الَّتِي هِيَ عَيْنُ الْكَلِمَةِ فَبَقِيَ سَهُ وَيُرْوَى بِحَذْفِ لَامِ الْكَلِمَةِ الَّتِي هِيَ الْهَاءُ وَإِثْبَاتِ الْعَيْنِ الَّتِي هِيَ التَّاءُ. فَشَبَّهَ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْإِنْسَانَ بِزِقٍّ مَفْتُوحٍ لَا يَمْنَعُ خُرُوجَ الرِّيحَ مِنْهُ إِلَّا الْحَوَاسُّ وَذَهَابُهَا بِمَنْزِلَةِ ذَهَابِ الْخَيْطِ الَّذِي يُشَدُّ بِهِ الزِّقُّ. وَقَدِ اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ فِي النَّوْمِ الَّذِي هُوَ مَظِنَّةٌ فَضَبَطَهُ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ بِالزَّمَانِ وَكَيْفِيَّةِ النَّوْمِ فَقَالَ طَوِيلٌ ثَقِيلٌ نَاقِضٌ بِلَا خِلَافٍ فِي الْمَذْهَبِ وَقَصِيرٌ خَفِيفٌ غَيْرُ نَاقِضٍ عَلَى الْمَعْرُوفِ مِنْهُ وَخَفِيفٌ طَوِيلٌ يُسْتَحَبُّ مِنْهُ الْوُضُوءُ وَثَقِيلٌ قَصِيرٌ فِيهِ قَوْلَانِ: وَضَبَطَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْحَمِيدِ بِهَيْئَةِ النَّائِمِ فَإِن كَانَ يُتَهَيَّأُ مِنْهُ الْخُرُوجُ مَعَ الطُّولِ نَقَضَ كَالرَّاقِدِ وَعَكْسُهُ كَالْقَائِمِ وَالْمُحْتَبِي لَا يَنْقُضُ وَإِنْ كَانَ الطُّولُ فَقَطْ كَالْحَالَتَيْنِ مُسْتَنِدًا وَعَكْسُهُ كَالرَّاكِعِ فَفِيهِمَا قَوْلَانِ وَهَذَا الضَّبْطُ أَشْبَهُ بِرِوَايَاتِ الْكِتَابِ وَمَقْصُودُ الْجَمِيعِ مَظِنَّةُ الْخُرُوجِ فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ خَرَجَ لَمْ يَشْعُرْ بِهِ انْتَقَضَ وَعَكْسُهُ لَا يَنْتَقِضُ وَإِنِ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ فَهُوَ كَالشَّاكِّ فِي انْتِقَاضِ وُضُوئِهِ. وَهَذَا الْكَلَامُ عَلَى النَّوْمِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ فَلْنَتَكَلَّمْ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ التَّفْصِيلِ فَنَقُولُ: لِلنَّائِمِ إِحْدَى عَشْرَةَ حَالَةً: الْأُولَى السَّاجِدُ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ يَجِبُ مِنْهُ الْوُضُوءُ إِذَا اسْتَثْقَلَ خِلَافًا

ح لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة فَاغْسِلُوا وُجُوهكُم} الْآيَةَ قَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ مَعْنَاهُ قُمْتُمْ مِنَ الْمَضَاجِعِ فَجَعَلَ النَّوْمَ سَبَبًا وَاخْتَارَ هَذَا التَّفْسِيرَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَذْكُرِ النَّوْمَ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ فَوَجَبَ حَمْلُ هَذَا عَلَيْهِ. وَقَالَ غَيْرُهُ إِذَا أَرَدْتُمُ الْقِيَامَ لِلصَّلَاةِ مُحْدِثِينَ عَلَى أَيِّ حَالَةٍ كُنْتُمْ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ لِمَا قِيلَ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَلَّيْتَ وَقَدْ نِمْتَ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ (تَنَامُ عَيْنِي وَلَا يَنَامُ قَلْبِي) فَلَوْ كَانَ نَوْمُ الْقَلْبِ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْوُضُوءِ لَمْ يَكُنْ لِهَذَا الْكَلَامِ مَعْنًى الثَّانِيَةُ الرَّاكِعُ إِذَا اسْتَثْقَلَ نوماُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ خِلَافًا ح لِمَا سَبَقَ الثَّالِثَةُ الْمُضْطَجِعُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ رَاعَى مَالِكٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ الِاسْتِثْقَالَ فِي الِاضْطِجَاعِ وَلَمْ يَرَهُ الْقَاضِي فِي التَّلْقِين هَهُنَا وَلَا فِي السُّجُودِ الرَّابِعَةُ وَالْخَامِسَةُ الرَّاكِبُ وَالْجَالِسُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا اسْتَثْقَلَ وَطَالَ أَوْجَبَ الْوُضُوءَ وَإِلَّا فَلَا قَالَ وَبَيْنَ الْعِشَائَيْنِ طَوِيلٌ خلافًا ش وح قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا وُضُوءَ عَلَى الرَّاكِبِ وَالرَّاكِعِ وَالْجَالِسِ إِنْ كَانَ غَيْرَ مُسْتَنِدٍ وَمُرَاعَاةُ الشَّافِعِيَّةِ انْضِمَامَ الْمَخْرَجِ مِنَ الْجَالِسِ فِي عَدَمِ الْإِيجَابِ لَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّه إِذَا ضَعُفَتِ الْقُوَّةُ الْمَاسِكَةُ وَانْصَبَّ الرِّيحُ إِلَى الْمَخْرَجِ لَمْ يَمْنَعْهُ الِانْضِمَامُ فَإِنَّ الرِّيحَ أَلْطَفُ مِنَ الْمَاءِ وَالْمَاءُ لَا يَنْضَبِطُ بِسَبَبِ الضَّمِّ فَالرِّيحُ أَوْلَى بِذَلِكَ. السَّادِسَةُ الْمُحْتَبِي قَالَ فِي الْكِتَابِ لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ لِأَنَّه لَا يَثْبُتُ لَوِ اسْتَثْقَلَ بِخِلَافِ الْجَالِسِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ فَرَّقَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ بَيْنَ مَنْ نَامَ قَاعِدًا وَطَالَ فِي انْتِظَارِ الصَّلَاةِ وَبَين من لَا ينتظرها وَقيل لَهُ وَبِمَا رَأَى الرُّؤْيَا قَالَ ذَلِكَ أَحْلَامٌ لِأَنَّ مُنْتَظِرَ الصَّلَاةِ لَا يُمَكِّنُ نَفْسَهُ مِنْ كَمَالِ النَّوْمِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَهُوَ ضَرُورَةٌ تَحْصُلُ لِلنَّاسِ فِي انْتِظَارِ الصَّلَاةِ وَالْحُلْمُ قَدْ يَكُونُ

حَدِيثَ النَّفْسِ وَلِأَنَّهُ إِنَّمَا يَحْصُلُ مَعَ خِفَّةِ النَّوْمِ وَلِذَلِكَ تَكْثُرُ الرُّؤْيَا آخِرَ اللَّيْلِ بَعْدَ أَخْذِ النَّهْمَةِ مِنَ النَّوْمِ. فَرْعٌ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِذَا سَقَطَ الْمُحْتَبِي قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ من أَصْحَاب الشَّافِعِي إِذَا زَالَتْ أَلْيَتَاهُ أَوْ إِحْدَاهُمَا قَبْلَ انْتِبَاهِهِ انْتَقَضَتْ طَهَارَتُهُ وَإِنِ انْتَبَهَ لِزَوَالِهِمَا لَمْ تَنْتَقِضْ قَالَ وَهَذَا حَسَنٌ. قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ الْمُحْتَبِي هُوَ الْجَالِسُ قَائِمَ الرُّكْبَتَيْنِ جَامِعًا يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ بِالتَّشْبِيكِ وَالْمَسْكِ. السَّابِعَةُ الْمُسْتَنِدُ قَالَ الْقَاضِي فِي الْإِشْرَافِ هُوَ عِنْدَ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ كَالْجَالِسِ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ كَانُوا يَنْتَظِرُونَ الصَّلَاةَ وَلَا يُعَرُّونَ عَنِ النَّوْمِ وَالِاسْتِنَادُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ هُوَ كَالْمُضْطَجِعِ لِأَنَّه بِاسْتِنَادِهِ خَرَجَ عَنْ هَيْئَةِ الْجُلُوسِ مُعْتَمِدَ الْأَعْضَاءِ مُنَحِّلَهَا قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَهَذَا أَحْسَنُ. الثَّامِنَةُ الْقَائِمُ. التَّاسِعَةُ الْمَاشِي. الْعَاشِرَةُ الْمُسْتَنِدُ الْقَائِمُ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ مَا اسْتَثْقَلَ نَوْمًا فِي هَذِهِ الْحَالَاتِ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ وَإِلَّا فَلَا. الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ إِذَا اسْتَثْفَرَ وَارْتَبَطَ ثُمَّ نَامَ قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ الَّذِي يَأْتِي عَلَى الْمَذْهَبِ أَنْ لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ. فَائِدَةٌ الْفَرْقُ بَيْنَ السِّنَةِ وَالْغَفْوَةِ وَالنَّوْمِ أَنَّ الْأَبْخِرَةَ مُتَصَاعِدَةٌ عَلَى الدَّوَامِ فِي الْجَسَدِ إِلَى الدِّمَاغِ فَمَتَى صَادَفَتْ مِنْهُ فُتُورًا أَوْ إِعْيَاءً اسْتَوْلَتْ عَلَيْهِ وَهُوَ مَعْدِنُ الْحِسِّ وَالْحَرَكَةِ فَيَحْصُلُ فِيهِ فُتُورٌ وَهُوَ السِّنَةُ فَإِنْ عَمَّ الِاسْتِيلَاءُ حَاسَّةَ الْبَصَرِ فَهُوَ غَفْوَةٌ وَإِنْ عَمَّ جَمِيعَ الْجَسَدِ فَهُوَ نَوْمٌ مُسْتَثْقَلٌ. وَالْأَوَّلَانِ لَا وُضُوءَ فِيهِمَا لِمَا فِي مُسْلِمٍ كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ينامون ثمَّ يصلونَ وَلَا يتوضؤن وَمِنْهُ أَيْضًا أَعْتَمَّ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ ذَاتَ لَيْلَةٍ بِالْعِشَاءِ حَتَّى

رَقَدَ النَّاسُ وَاسْتَيْقَظُوا وَرَقَدُوا وَاسْتَيْقَظُوا فَقَامَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَالَ الصَّلَاةَ وَالْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ فِي هَذَا كَثِيرَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحِمَهُ اللَّهُ مَنْ نَامَ عَلَى هَيْئَةٍ مِنْ هَيْئَاتِ الصَّلَاةِ اخْتِيَارًا مِثْلَ الرَّاكِعِ وَالْقَائِمِ وَالسَّاجِدِ وَالْجَالِسِ فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا الْوُضُوءُ عَلَى الْمُضْطَجِعِ وَالْمَائِلِ وَالْمُسْتَنِدِ مُحْتَجًّا بِمَا يُرْوَى فِي التِّرْمِذِيِّ وَأَبِي دَاوُدَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ نَامَ وَهُوَ سَاجِدٌ حَتَّى غَطَّ وَنَفَخَ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ قَدْ نِمْتَ فَقَالَ إِنَّ الْوُضُوءَ لَا يَجِبُ إِلَّا عَلَى مَنْ نَامَ مُضْطَجِعًا فَإِنَّهُ إِذَا اضْطَجَعَ اسْتَرْخَتْ مَفَاصِلُهُ وَضَعَّفَهُ أَبُو دَاوُدَ وَأَنْكَرَهُ. الْمَظِنَّةُ الرَّابِعَةُ الْخَنْقُ مِنَ الْجِنِّ قَالَ فِي الْكِتَابِ يُوجِبُ الْوُضُوءَ دُونَ الْغَسْلِ سَوَاءٌ كَانَ قَائِمًا أَوْ قَاعِدًا لِشِدَّةِ اسْتِيلَائِهِ عَلَى الْحَوَاسِّ فَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ حَالَاتِهِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُوجِبُ الْغَسْلَ إِنْ دَامَ يَوْمًا أَو أَيَّامًا قَالَ الشَّافِعِي رَحِمَهُ اللَّهُ قِيلَ مَا جُنَّ إِنْسَانٌ إِلَّا أَنْزَلَ. الْمَظِنَّةُ الْخَامِسَةُ الْإِغْمَاءُ يُوجِبُ الْوُضُوءَ لِمَا سَلَفَ قَالَهُ فِي الْكِتَابِ. الْمَظِنَّةُ السَّادِسَةُ ذَهَابُ الْعَقْلِ بِالْجُنُونِ لَا بِالْجِنِّ قَالَ فِي الْكِتَابِ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ. الْمَظِنَّةُ السَّابِعَةُ السُّكْرُ قَالَ فِي الْكِتَابِ يُوجِبُ الْوُضُوءَ فَإِنَّ النُّصُوصَ الْمُوجِبَةَ لِلْوُضُوءِ مِنَ النَّوْمِ تُوجِبُهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِأَنَّ هَؤُلَاءِ لَوْ رُدُّوا لِإِحْسَاسِهِمْ لَمْ يَرْجِعُوا بِخِلَافِ النَّائِمِ. الْمَظِنَّةُ الثَّامِنَةُ الْهَمُّ الْمُذْهِبُ لِلْعَقْلِ بِغَلَبَتِهِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ قِيلَ لَهُ هُوَ قَاعِدٌ قَالَ أُحِبُّ أَنْ يَتَوَضَّأَ قَالَ يَحْتَمِلُ الِاسْتِحْبَابُ أَنْ يَكُونَ خَاصًّا بِالْقَاعِدِ بِخِلَافِ الْمُضْطَجِعِ لِتَمَكُّنِهِ مِنَ الْأَرْضِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَامًّا فِيهِمَا فَهَذِهِ ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ مُوجبا للْوُضُوء عندنَا. تزييل وَقَعَ بَيْنِي وَبَيْنَ بَعْضِ فُضَلَاءِ الشَّافِعِيَّةِ خِلَافٌ هَلْ هَذِهِ الْأُمُورُ نَوَاقِضُ لِلطَّهَارَةِ أَوْ مُوجِبَاتٌ لِلْوُضُوءِ وَالْتَزَمْتُ أَنَّهَا مُوجِبَاتٌ.

وَيَنْبَنِي عَلَى الْخِلَافِ مَنْ لَمْ يُحْدِثْ قَطُّ ثُمَّ أَرَادَ الصَّلَاةَ فَإِنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْوُضُوءِ إِجْمَاعًا وَيَبْقَى الْخِلَافُ فِي مُدْرِكِ هَذَا الْوُجُوبِ فَإِنَّا قُلْنَا إِنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ مُوجِبَةٌ فَسَبَبُ هَذَا الْأَمْرِ مَا تَقَدَّمَ مِنْهُ مِنَ الْإِحْدَاثِ وَإِنْ قُلْنَا إِنَّهَا لَيْسَتْ مُوجِبَةً بَلْ نَاقِضَةٌ لِلطَّهَارَةِ فَلَا عِبْرَةَ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ إِحْدَاثِهِ لِأَنَّهَا لَمْ تَرِدْ عَلَى طَهَارَةٍ فَتَنْقُضَهَا وَيَجِبُ الْوُضُوءُ لِكَوْنِهِ شَرْطًا فِي الصَّلَاةِ كَسَتْرِ الْعَوْرَةِ وَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ. وَأَكْثَرُ عِبَارَاتِ أَصْحَابِنَا أَنَّهَا مُوجِبَةٌ لِلْوُضُوءِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ إِنَّهَا نَاقِضَةٌ لِلطَّهَارَةِ وَجَمَعَ الْقَاضِي فِي التَّلْقِينِ بَيْنَهُمَا فَقَالَ بَابُ مَا يُوجِبُ الْوُضُوءَ وَيَنْقُضُهُ بَعْدَ صِحَّتِهِ وَالْخِلَافُ يَرْجِعُ إِلَى مُدْرِكِ الْحُكْمِ لَا الْحُكْمِ. فَصْلٌ فِي مُوجِبَاتٍ مُخْتَلَفٌ فِيهَا وَهِيَ نَحْوُ عَشْرَةٍ: الْأَوَّلُ مَسُّ الدُّبُرِ وَيُسَمَّى الشَّرَجَ بِفَتْحِ الشِّينِ وَفَتْحِ الرَّاءِ تَشْبِيهًا لَهُ بِشَرَجِ السُّفْرَةِ الَّتِي يُؤْكَلُ عَلَيْهَا وَهُوَ مُجْتَمَعُهَا وَكَذَلِكَ تُسَمَّى الْمَجَرَّةُ شَرَجَ السَّمَاءِ عَلَى أَنَّهَا بَابُهَا وَمُجْتَمَعُهَا وَمَسُّهُ لَا يُوجب الْوضُوء خلافًا ش وَحمد يس مِنْ أَصْحَابِنَا. الثَّانِي الْأُنْثَيَانِ لَا يُوجِبُ مَسُّهُمَا وضُوءًا خلافًا لعروة بن الزبير لاندارجهما فِي مَعْنَى الْفَرْجِ عِنْدَهُ. الثَّالِثُ الْأَرْفَاغُ وَاحِدُهَا رُفْغٌ بِضَمِّ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْفَاءِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ طَيُّ أَصْلَيِ الْعَجُزِ مِمَّا يَلِي الْجَوْفَ وَيُقَالُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَقِيلَ هُوَ الْعَصَبُ الَّذِي بَيْنَ الشَّرَجِ وَالذَّكَرِ قَالَ الْقَاضِيَ فِي التَّنْبِيهَاتِ وَمَسُّهَا لَيْسَ بِشَيْءٍ فَلَا يُوجِبُ وُضُوءًا خِلَافًا لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ) خَصَّهُ دُونَ سَائِرِ الْجَسَدِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ غَيْرِهِ مِنَ الْجَسَدِ فَإِنْ عَارَضُوا الْمَفْهُومَ بِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ فَرَّقْنَا بِأَنَّهُ سَبَبُ الْمَذْيِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ.

الرَّابِعُ مَسُّ ذَكَرِ الصَّبِيِّ وَفَرْجِ الصَّبِيَّةِ لَا يُوجِبُ وُضُوءًا خِلَافًا ش لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مَظِنَّةَ اللَّذَّةِ. الْخَامِسُ فَرْجُ الْبَهِيمَةِ لَا يُوجِبُ وُضُوءًا خِلَافًا لِلَّيْثِ لِأَنَّه لَيْسَ مَظِنَّةَ اللَّذَّةِ. السَّادِسُ الدَّمُ يَخْرُجُ مِنَ الدُّبُرِ أَوِ الْحَصَا أَوِ الدُّود لَا يُوجب وضُوءًا خلافًا ش وح لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُم من الْغَائِط} وَخِطَابُ الشَّارِعِ مَحْمُولٌ عَلَى الْغَالِبِ الْمُعْتَادِ وَهَذِهِ لَيْسَتْ مُعْتَادَةً قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ ذَلِكَ إِذَا لَمْ يُخَالِطْهُ أَذًى قَالَ التُّونِسِيُّ وَلَوْ خَالَطَهُ الْأَذَى لَكَانَ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّه غَيْرُ مُعْتَادٍ. وَحَصَى الْإِحْلِيلِ إِنْ خَرَجَ عُقَيْبَهُ بَوْلٌ تَوَضَّأَ وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ مَنْ خَرَجَ مِنْ دُبُرِهِ دَمٌ صَافٍ أَوْ دُودٌ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ. السَّابِعُ أَكْلُ مَا مَسَّتْهُ النَّارُ أَوْ شُرْبُهُ لَا يُوجِبُ وُضُوءًا خِلَافًا لِأَحْمَدَ فِي لُحُومِ الْإِبِلِ وَلِعَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَجَمَاعَةٍ مَعَهُمَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَكَلَ كَتِفَ شَاةٍ ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ وَأَمَّا الْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي الْوُضُوءِ فَمَحْمُولَةٌ عَلَى الْوُضُوءِ اللُّغَوِيِّ جَمْعًا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ. الثَّامِنُ الْقَهْقَهَةُ لَا تُوجِبُ الْوُضُوءَ خِلَافًا ح لِأَنَّهَا لَا تُوجِبُهُ خَارِجَ الصَّلَاةِ فَلَا تُوجِبُهُ دَاخِلَهَا قِيَاسًا عَلَى الْعُطَاسِ وَالسُّعَالِ أَوْ نَقُولُ لَوْ أَوْجَبَتْهُ دَاخِلَ الصَّلَاةِ لَأَوْجَبَتْهُ خَارِجَ الصَّلَاةِ قِيَاسًا عَلَى الرِّيحِ وَأَمَّا مَا يُرْوَى عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ فَدَخَلَ رَجُلٌ فِي بَصَرِهِ ضُرٌّ فَتَرَدَّى فِي حُفَيْرَةٍ كَانَتْ فِي الْمَسْجِدِ فَضَحِكَ طَوَائِفُ مِنْهُمْ فَلَمَّا قَضَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَمَرَ كُلَّ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ ضَحِكَ أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ فَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ لَا يَصِحُّ مِنْ أَحَادِيثِ هَذَا الْبَابِ شَيْءٌ

وَلَوْ سَلَّمْنَا صِحَّتَهُ فَهِيَ قَضِيَّةُ عَيْنٍ يُحْتَمَلُ أَنَّ بَعْضَهُمْ خَرَجَ مِنْهُ رِيحٌ فَأَرَادَ عَلَيْهِ السَّلَامُ سَتْرَهُ بِذَلِكَ. التَّاسِعُ الْقَيْءُ وَالْقَلْسُ وَالْحِجَامَةُ وَالْفَصَادَةُ وَالْخَارِجُ مِنَ الْجَسَدِ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ لَا تُوجِبُ وُضُوءًا خِلَافًا ح لِأَنَّ مَا يُرْوَى عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ (الْوُضُوءُ مِنْ كُلِّ دَمٍ سَائِلٍ) وَمِنْ قَوْلِهِ (إِذَا رَعَفَ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَنْصَرِفْ وَلْيَغْسِلْ عَنْهُ الدَّمَ ثُمَّ لْيُعِدْ وُضُوءَهُ وَلْيَسْتَقْبِلْ صَلَاتَهُ) وَمِنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (إِذَا قَاءَ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ) أَوْ قَلَسَ فَلْيَنْصَرِفْ وَلْيَتَوَضَّأْ وَلْيَبْنِ عَلَى مَا مَضَى مِنْ صَلَاتِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْأَحَادِيثِ لَا يَثْبُتُ مِنْهَا شَيْءٌ. وَالْقِيَاسُ عَلَى الْإِحْدَاثِ بِجَامِعِ النَّجَاسَةِ مَمْنُوعٌ فَإِنَّهُ تَعَبُّدٌ لِإِيجَابِ الْغَسْلِ مِنْ هَذِهِ الْأَسْبَابِ لِغَيْرِ الْمُتَنَجِّسِ وَالْقِيَاسُ فِي التَّعَبُّدِ مُتَعَذِّرٌ لِعَدَمِ الْعِلَّةِ الْجَامِعَةِ. الْعَاشِرُ ذَبْحُ الْبَهَائِمِ وَمَسُّ الصُّلْبِ وَالْأَوْتَانِ وَالْكَلِمَةُ الْقَبِيحَةُ وَالنَّظَرُ لِلشَّهْوَةِ وَقَلْعُ الضِّرْسِ وَإِنْشَادُ الشِّعْرِ وَالتَّقْطِيرُ فِي الْمَخْرَجَيْنِ أَوْ إِدْخَالُ شَيْءٍ فِيهِمَا أَوْ أَذَى مُسْلِمٍ أَوْ حَمْلُ مَيِّتٍ أَوْ وَطْءُ نَجَاسَةٍ رَطْبَةٍ لَا تُوجِبُ وُضُوءًا خِلَافًا لِقَوْمٍ عَمَلًا بِالْأَصْلِ حَكَاهُ ابْنُ حَزْمٍ فِي مَرَاتِبِ الْإِجْمَاعِ. تَنْقِيحٌ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالْوُضُوءِ مِمَّا يَحْصُلُ فِي الْغَائِطِ بِقَوْلِهِ {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِط} قَالَ أَبُو حنيفَة رَحِمَهُ اللَّهُ السَّبَبُ فِي ذَلِكَ هُوَ الْخَارِجُ النَّجِسُ الْمُوجِبُ لِاسْتِخْبَاثِ جُمْلَةِ الْجَسَدِ كَمَا أَنَّ الْإِنْسَانَ لَوْ كَانَ بِهِ بَرَصٌ أَوْ جُذَامٌ بِبَعْضِ أَعْضَائِهِ كُرِهَتْ جُمْلَتُهُ عُرْفًا فَكَذَلِكَ يُسْتَخْبَثُ شَرْعًا فَيَلْحَقُ بِهِ كُلُّ خَارِجٍ نَجِسٍ كَالْحِجَامَةِ وَنَحْوهَا. وَقَالَ الشَّافِعِي رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ الْمُعْتَبَرُ الْمَخْرَجُ لِأَنَّه هُوَ الْمَفْهُومُ الْمُطَّرِدُ عِنْدَ قَوْلِهِ {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُم من الْغَائِط} أَيْ مَا خَرَجَ مِنْ هَذَيْنِ الْمَخْرَجَيْنِ أَوْجَبَ الْوُضُوءَ كَانَ طَاهِرًا أَوْ نَجِسًا مُعْتَادًا أَوْ نَادرا.

وَقَالَ مَالِكٌ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ الْمُعْتَبَرُ الْخَارِجُ وَالْمَخْرَجُ الْمُعْتَادَانِ اللَّذَانِ يُفْهَمَانِ مِنَ الْآيَةِ وَهُمَا تَعَبُّدَانِ لَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِمَا بَلْ يُقْتَصَرُ عَلَى مَوْرِدِ النَّصِّ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ أَخْذِ مَحَلِّ الْحُكْمِ قَيْدًا فِي الْعِلَّةِ الَّذِي هُوَ مُنْكَرٌ بَلْ هَذَا مِنْ بَابِ الِاقْتِصَارِ عَلَى مَحَلِّ الْحُكْمِ لِتَعَذُّرِ التَّصَرُّفِ فِيهِ وَالنَّقْلِ مِنْهُ إِلَى غَيْرِهِ. تَفْرِيعٌ فِي الْجَوَاهِرِ كُلُّ سَبَبٍ مِنَ الْأَسْبَابِ الْمُعْتَبَرَةِ يَمْنَعُ مِنَ الصَّلَاةِ وَالطَّوَافِ وَسُجُودِ التِّلَاوَةِ وَسُجُودِ السَّهْوِ وَمَسِّ الْمُصْحَفِ أَوْ جِلْدِهِ أَوْ حَوَاشِيهِ أَوْ بِقَضِيبٍ لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ اللَّمْسِ عُرْفًا لِلِاتِّصَالِ وَكَذَلِكَ حَمْلُهُ فِي خَرِيطَةٍ أَوْ بِعَلَاقَةٍ أَوْ صُنْدُوقٍ مَقْصُودٍ لَهُ. وَلَا بَأْسَ بِحَمْلِهِ فِي وِعَاءٍ مَقْصُودٍ لِغَيْرِهِ أَوْ مَسِّ كُتُبِ التَّفْسِيرِ أَوِ الْفِقْهِ الْمُتَضَمِّنَةِ لَهُ لِأَنَّهَا الْمَقْصُودُ دُونَهُ وَكَذَلِكَ الدِّرْهَمُ عَلَيْهِ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى وَقَدْ مَنَعَهُ بَعْضُهُمْ تَعْظِيمًا لِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى. وَأَمَّا مُعَلِّمُ الصِّبْيَانِ فَلَا يُكَلَّفُ الطَّهَارَةَ لِمَسِّ الْأَلْوَاحِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَجْلِ الضَّرُورَةِ وَلَمْ يَرَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَاسْتَحَبَّ أَيْضًا لِلصِّبْيَانِ مَسَّ الْأَجْزَاءِ أَوِ اللَّوْحِ عَلَى وُضُوءٍ وَكَرِهَ لَهُمْ مَسَّ جُمْلَةِ الْمُصْحَفِ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ. وَلِمَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ يُعَلَّقُ مِنَ الْقُرْآنِ عَلَى الْحَائِضِ وَالْجُنُبِ وَالصَّبِيِّ فِي الْعُنُقِ إِذَا احْتُرِزَ عَلَيْهِ أَوْ جُعِلَ فِي شَيْءٍ يُكِنُّهُ وَلَا يُعَلَّقُ بِغَيْرِ مَا يُكِنُّهُ. وَكَذَلِكَ يُكْتَبُ لِلْحُمَّى قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ لِأَنَّه خَرَجَ عَنْ هَيْئَةِ الْمُصْحَفِ وَصَارَ كَكُتُبِ التَّفْسِيرِ يَحْمِلُهَا الْمُحْدِثُ. وَالْأَصْلُ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ أَمَّا الْكتاب فَقَوله تَعَالَى {إِنَّه

لقرآن كريم فِي كتاب مَكْنُون لَا يمسهُ إِلَّا الْمُطهرُونَ} وَجْهُ التَّمَسُّكِ بِهِ أَنَّهُ تَعَالَى نَهَى عَنْ مُلَامَسَةِ الْقُرْآنِ وَمَسِّهِ لِغَيْرِ الطَّاهِرَيْنِ إِجْلَالًا وَالْمُحْدِثُ لَيْسَ بِطَاهِرٍ فَوَجَبَ أَنْ يُمْنَعَ مِنْ مَسِّهِ وَتَقْرِيرُهُ أَنَّهَا صِيغَةُ حَصْرٍ تَقْتَضِي حَصْرَ الْجَوَازِ فِي الْمُتَطَهِّرِينَ وَعُمُومَ سَلْبِهِ فِي غَيْرِهِمْ وَالْأَصْلُ عَدَمُ التَّخْصِيصِ فَيَحْصُلُ الْمَطْلُوبُ. فَإِنْ قِيلَ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ نَهْيٌ وَإِلَّا لَكَانَتْ مَجْزُومَةَ الْأَجْزَاءِ وَمُؤَكَّدَةً بِنُونِ التَّأْكِيدِ. سَلَّمْنَا لَكِنْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُطَهَّرِينَ أَهْلُ الْأَرْضِ بَلْ أَهْلُ السَّمَاءِ كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي عبس {بأيدي سفرة كرام بررة} سُورَة عِيسَى 15 16. سَلَّمْنَا أَنَّ الْمُرَادَ أَهْلُ الْأَرْضِ لَكِنِ الْمُطَهَّرُونَ عَامٌّ فِي الْمُطَهَّرِ مُطْلَقٌ فِي التَّطْهِيرِ فَلِمَ لَا تَكْفِي الطَّهَارَةُ الْكُبْرَى وَلَا تَنْدَرِجُ الصُّغْرَى لِخِفَّتِهَا؟ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنَّ الصِّيغَةَ لَوْ كَانَتْ خَبَرًا لَلَزِمَ الْخُلْفُ فِيهِ لِأَنَّا نَجِدُ كَثِيرًا مِنْ غَيْرِ الطَّاهِرَيْنِ يَمَسُّهُ وَالْخُلْفُ فِي خَبَرِ اللَّهِ تَعَالَى مُحَالٌ فَيَتَعَيَّنُ أَنْ تَكُونَ نَهْيًا وَقَدْ حَكَى النُّحَاةُ فِي الْفِعْلِ الْمُشَدَّدِ الْآخِرِ أَنَّ مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَحْكِيهِ حَالَةَ النَّهْيِ عَلَى الرَّفْعِ الثَّانِي سلمنَا أَنه خبر لفظا وَنهي مَعْنًى كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلين} {والمطلقات يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَة قُرُوء} وَالْمرَاد الْأَمر كَذَلِك هَهُنَا يَكُونُ الْمُرَادُ النَّهْيَ وَعَنِ الثَّانِي مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا لَوْ كَانَ الْمُرَادُ أَهْلَ السَّمَاءِ لَكَانَ يَقْضِي أَنَّ فِي السَّمَاءِ مَنْ لَيْسَ بِمُتَطَهِّرٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إِذَا حَمَلْنَاهُ عَلَى أهل الأَرْض.

وَثَانِيهِمَا أَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ لِلْعُمُومِ فَيَشْمَلُ أَهْلَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ التَّخْصِيصِ فَيَحْصُلُ الْمَطْلُوبُ. وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُحْمَلَ الْمُتَطَهِّرُ عَلَى أَعْلَى مَرَاتِبِهِ تَعْظِيمًا لِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى. وَأَمَّا السُّنَّةُ فَمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَتَبَ كِتَابًا إِلَى عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ بِالْيَمِينِ (أَلَّا يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلَّا طَاهِرٌ) وَهَذَا الْحَدِيثُ يُؤَكِّدُ التَّمَسُّكَ بِالْآيَةِ لِأَنَّه عَلَى صِيغَتِهَا. تَحْقِيقٌ قَدْ تَوَهَّمَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ أَنَّ هَذِهِ النُّصُوصَ لَا تَتَنَاوَلُ الصِّبْيَانَ كَسَائِرِ التَّكَالِيفِ فَكَمَا لَا يكون تَركهم لتِلْك التكاليف رخصَة فَكَذَلِك هَهُنَا وَلَيْسَ كَمَا ظَنَّ فَإِنَّ النَّهْيَ عَنْ مُلَامَسَةِ الْقُرْآنِ لِغَيْرِ الْمُتَطَهِّرِ كَالنَّهْيِ عَنْ مُلَامَسَتِهِ لِغَيْرِ الطَّاهِرِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا يَشْعُرُ بِأَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْ مُلَامَسَتِهِ مَوْصُوفٌ بِالتَّكْلِيفِ أَوْ غَيْرُ مَوْصُوفٍ فَيَكُونُ الْجَوَازُ فِي الصّبيان رخصَة.

(الباب الثاني في الوضوء)

(الْبَابُ الثَّانِي فِي الْوُضُوءِ) الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي فَرَائِضه وَهِي سَبْعَة وَالْوَضُوءُ بِفَتْحِ الْوَاوِ الْمَاءُ وَبِضَمِّهَا الْفِعْلُ وَحُكِيَ عَنِ الْخَلِيلِ الْفَتْحُ فِيهِمَا وَالْأَوَّلُ الْأَشْهَرُ وَكَذَلِكَ الْغُسْلُ وَالْغَسْلُ وَالطُّهُورُ وَالطَّهُورُ وَاشْتِقَاقُهُ مِنَ الْوَضَاءَةِ وَهِيَ النَّظَافَةُ وَالْحُسْنُ وَيُقَالُ وَجْهٌ وَضِيءٌ أَيْ سَالِمٌ مِمَّا يَشِينُهُ وَلَمَّا كَانَ الْوُضُوءُ يُزِيلُ الْحَدَثَ الَّذِي هُوَ مَانِعٌ لِلصَّلَاةِ سُمِّيَ وُضُوءًا وَفِيه ثَلَاثَة فُصُول الْأَوَّلُ الْمَاءُ الْمُطْلَقُ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَحْرِيرُهُ الثَّانِي النِّيَّةُ وَفِيهَا تِسْعَةُ أَبْحَاثٍ الْبَحْثُ الْأَوَّلُ فِي حَقِيقَتِهَا وَهِيَ قَصْدُ الْإِنْسَانِ بِقَلْبِهِ مَا يُرِيدُهُ بِفِعْلِهِ فَهِيَ مِنْ بَابِ الْعُزُومِ وَالْإِرَادَاتِ لَا مِنْ بَابِ الْعُلُومِ وَالِاعْتِقَادَاتِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْإِرَادَةِ الْمُطْلَقَةِ أَنَّ الْإِرَادَةَ قَدْ تَتَعَلَّقُ بِفِعْلِ الْغَيْرِ بِخِلَافِهَا كَمَا نُرِيدُ مَغْفِرَةَ اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ وَتُسَمَّى شَهْوَةً وَلَا تُسَمَّى نِيَّةً وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَزْمِ أَنَّ الْعَزْمَ تَصْمِيمٌ عَلَى إِيقَاعِ الْفِعْلِ وَالنِّيَّةُ تَمْيِيزٌ لَهُ فَهِيَ أَخْفَضُ مِنْهُ رُتْبَةً وَسَابِقَةٌ عَلَيْهِ. الْبَحْثُ الثَّانِي فِي مَحَلِّهَا وَهُوَ الْقَلْبُ لِأَنَّه مَحَلُّ الْعَقْلِ وَالْعِلْمُ وَالْإِرَادَةُ وَالْمَيْلُ وَالنَّفْرَةُ وَالِاعْتِقَادُ. وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي كِتَابِ الْجِنَايَاتِ أَنَّ الْعَقْلَ فِي الدِّمَاغِ لَا فِي الْقَلْبِ فَيَلْزَمُ عَلَى مَذْهَبِهِ أَنَّ النِّيَّةَ فِي الدِّمَاغِ لَا فِي الْقَلْبِ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَعْرَاضَ كُلَّهَا أَعْرَاضُ النَّفْسِ وَالْعَقْلِ فَحَيْثُ وُجِدَتِ النَّفْسُ وُجِدَ الْجَمِيعُ قَائِمًا بِهَا فَالْعَقْلُ سَجِيَّتُهَا وَالْعُلُومُ وَالْإِرَادَاتُ صِفَاتُهَا.

وَيَدُلُّ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُم قُلُوب يعْقلُونَ بهَا} {مَا كذب الْفُؤَاد مَا رأى} {أُولَئِكَ كتب فِي قُلُوبهم الْإِيمَان} {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قلب} {وَختم الله على قُلُوبهم} وَلَمْ يَصِفِ اللَّهُ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ بِالدِّمَاغِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَحَلَّهَا الْقَلْبُ وَلِذَلِكَ قَالَ الْمَازِرِيُّ أَكْثَرُ الْمُتَشَرِّعِينَ وَأَقَلُّ أَهْلِ الْفَلْسَفَةِ عَلَى أَنَّ النِّيَّةَ فِي الْقَلْبِ وَأَقَلُّ الْمُتَشَرِّعِينَ وَأَكْثَرُ الْفَلَاسِفَةِ عَلَى أَنَّهَا فِي الدِّمَاغِ. الْبَحْثُ الثَّالِثُ فِي دَلِيلِ وُجُوبِهَا وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدّين} لأي يُخْلِصُونَهُ لَهُ دُونَ غَيْرِهِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا لَيْسَ كَذَلِكَ لَيْسَ مَأْمُورًا بِهِ فَوَجَبَ أَلَّا يُبَرِّئَ الذِّمَّةَ مِنَ الْمَأْمُورِ بِهِ. وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي مُسْلِمٍ (إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ) . وَمَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْأَعْمَالَ مُعْتَبَرَةٌ بِالنِّيَّاتِ فَإِنَّ خَبَرَ الْمُبْتَدَأِ مَحْذُوفٌ وَهَذَا أَحْسَنُ مَا قُرِّرَ بِهِ فَوَجَبَ الْحَمْلُ عَلَيْهِ فَيَكُونُ مَا لَا نِيَّةَ فِيهِ لَيْسَ بِمُعْتَبَرٍ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ. وَهَذَا الْحَدِيثُ يَتَنَاوَلُ سَائِرَ الْأَعْمَالِ لِعُمُومِ الْأَلِفِ وَاللَّامِ. وَأَمَّا آخِرُ الْحَدِيثِ فَمُشْكِلٌ لِأَجْلِ أَنَّ الشَّرْطَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ الْمَشْرُوطِ وَهُنَا اتَّحَدَ الشَّرْطُ وَالْمَشْرُوطُ لِأَنَّه إِعَادَةُ اللَّفْظ بِعَيْنِه.

وَتَحْقِيقُهُ أَنْ يَقُولَ مَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ مُضَافَةً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فِي الْقَصْدِ فَهِجْرَتُهُ مَوْكُولَةٌ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فِي الثَّوَابِ وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ مُضَافَةً إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ مَوْكُولَةٌ إِلَيْهَا وَمَنْ وُكِلَ عَمَلُهُ إِلَى مَا لَا يَصْلُحُ لِلْجَزَاءِ عَلَيْهِ فَقَدْ خَابَ سَعْيُهُ نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ مِنْ كُلِّ مُوبِقَةٍ. وَإِنَّمَا قُدِّرَ مَوْكُولَةٌ لِأَنَّ خَبَرَ الْمُبْتَدَأِ إِذَا كَانَ مَجْرُورًا لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ عَامِلٍ فِيهِ وَهَذَا أَحْسَنُ مَا قُدِّرَ فَبَايَنَ الشَّرْطُ الْمَشْرُوطَ. إِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَهِيَ وَاجِبَةٌ فِي الْوُضُوءِ وَنَقَلَ الْمَازِرِيُّ عَدَمَ وُجُوبِهَا عَنْ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَخَرَّجَ عَلَى ذَلِكَ الْغُسْلَ. الْبَحْثُ الرَّابِعُ فِي حِكْمَةِ إِيجَابِهَا وَهِيَ تَمْيِيزُ الْعِبَادَات عَن الْعَادَات ليتميز مَا لله عَن مَا لَيْسَ لَهُ أَوْ تَمْيِيزُ مَرَاتِبِ الْعِبَادَاتِ فِي أَنْفُسِهَا لِتَتَمَيَّزَ مُكَافَأَةُ الْعَبْدِ عَلَى فِعْلِهِ وَيَظْهَرُ قَدْرُ تَعْظِيمِهِ لِرَبِّهِ. فَمِثَالُ الْأَوَّلِ الْغُسْلُ يَكُونُ تَبَرُّدًا وَعِبَادَةً وَدَفْعُ الْأَمْوَالِ يَكُونُ صَدَقَةً شَرْعِيَّةً وَمُوَاصَلَةً عُرْفِيَّةً وَالْإِمْسَاكُ عَنِ الْمُفْطِرَاتِ يَكُونُ عِبَادَةً وَحَاجَةً وَحُضُورُ الْمَسَاجِدِ يَكُونُ مَقْصُودًا لِلصَّلَاةِ وَتَفَرُّجًا يَجْرِي مَجْرَى اللَّذَّاتِ. وَمِثَالُ الْقِسْمِ الثَّانِي الصَّلَاةُ تَنْقَسِم إِلَى فرص وَمَنْدُوبٍ وَالْفَرْضُ يَنْقَسِمُ إِلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ قَضَاءً أَوْ أَدَاءً وَالْمَنْدُوبُ يَنْقَسِمُ إِلَى رَاتِبٍ كَالْعِيدَيْنِ وَالْوِتْرِ وَغَيْرِ رَاتِبٍ كَالنَّوَافِلِ. وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي قُرُبَاتِ الْمَالِ وَالصَّوْمِ وَالنُّسُكِ فَشُرِعَتِ النِّيَّةُ لِتَمْيِيزِ هَذِهِ الرُّتَبِ وَلِأَجْلِ هَذِهِ الْحِكْمَةِ تُضَافُ صَلَاةُ الْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَالْعِيدَيْنِ إِلَى أَسْبَابِهَا لِتَمْيِيزِ رُتْبَتِهَا وَكَذَلِكَ تَتَعَيَّنُ إِضَافَةُ الْفَرَائِضِ إِلَى أَسْبَابِهَا لِتَتَمَيَّزَ لِأَنَّ تِلْكَ الْأَسْبَابَ قُرَبٌ فِي نَفْسِهَا بِخِلَافِ أَسْبَابِ الْكَفَّارَاتِ لَا تُضَافُ إِلَيْهَا لِأَنَّهَا مُسْتَوِيَةٌ.

وَسوى أَبُو حنيفَة رَحِمَهُ اللَّهُ بَيْنَ الصَّلَوَاتِ وَالْكَفَّارَاتِ فِي عَدَمِ الْإِضَافَةِ إِلَى الْأَسْبَابِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مَا ذَكَرْنَاهُ لَا سِيَّمَا وَمُعْظَمُ أَسْبَابِ الْكَفَّارَاتِ جِنَايَاتٌ لَا قُرُبَاتٌ وَاسْتِحْضَارُهَا حَالَةَ التَّقَرُّبِ لَيْسَ بِحَسَنٍ وَأَمَّا الصَّلَوَاتُ فَكُلُّهَا مُخْتَلِفَةٌ حَتَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ بِقَصْرِ الْقِرَاءَةِ فِي الْعَصْرِ وَطُولِهَا فِي الظُّهْرِ. وَهَذِهِ الْحِكْمَةُ قَدِ اعْتُبِرَتْ فِي سِتِّ قَوَاعِدَ فِي الشَّرِيعَةِ فَنَذْكُرُهَا لِيَتَّضِحَ لِلْفَقِيهِ سِرُّ الشَّرِيعَةِ فِي ذَلِكَ. وَهِيَ الْقُرُبَاتُ وَالْأَلْفَاظُ وَالْمَقَاصِدُ وَالنُّقُودُ وَالْحُقُوقُ وَالتَّصَرُّفَاتُ. الْقَاعِدَةُ الْأُولَى الْقُرُبَاتُ فَالَّتِي لَا لَبْسَ فِيهَا لَا تَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةٍ كَالْإِيمَانِ بِاللَّهِ تَعَالَى وَتَعْظِيمِهِ وَإِجْلَالِهِ وَالْخَوْفِ مِنْ نِقَمِهِ وَالرَّجَاءِ لِنِعَمِهِ وَالتَّوَكُّلِ عَلَى كَرَمِهِ وَالْحَيَاءِ مِنْ جَلَالِهِ وَالْمَحَبَّةِ لِجَمَالِهِ وَالْمَهَابَةِ مِنْ سُلْطَانِهِ. وَكَذَلِكَ التَّسْبِيحُ وَالتَّهْلِيلُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَسَائِرُ الْأَذْكَارِ فَإِنَّهَا مُتَمَيِّزَةٌ لِجَنَابِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَكَذَلِكَ النِّيَّةُ مُنْصَرِفَةٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِصُورَتِهَا فَلَا جَرَمَ لَمْ تَفْتَقِرْ إِلَى نِيَّةٍ أُخْرَى وَلَا حَاجَةَ إِلَى التَّعْلِيلِ بِأَنَّهَا لَوِ افْتَقَرَتْ إِلَى نِيَّةٍ لَلَزِمَ التَّسَلْسُلُ وَلِذَلِكَ يُثَابُ الْإِنْسَانُ عَلَى نِيَّةٍ مُفْرَدَةٍ وَلَا يُثَابُ عَلَى الْفِعْلِ مُفْرَدًا لِانْصِرَافِهَا بِصُورَتِهَا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَالْفِعْلُ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ مَا لِلَّهِ وَمَا لِغَيْرِهِ وَأَمَّا كَوْنُ الْإِنْسَانِ يُثَابُ عَلَى نِيَّةٍ حَسَنَةٍ وَاحِدَةٍ وَعَلَى الْفِعْلِ عَشْرًا إِذَا نَوَى فَإِنَّ الْأَفْعَالَ مَقَاصِدُ وَالنِّيَّاتِ وَسَائِلُ وَالْوَسَائِلَ أَخْفَضُ رُتْبَةً مِنَ الْمَقَاصِدِ. الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ الْأَلْفَاظُ إِذَا كَانَتْ نُصُوصًا فِي شَيْءٍ غَيْرِ مُتَرَدِّدَةٍ لَمْ تَحْتَجْ إِلَى نِيَّةٍ لِانْصِرَافِهَا بِصَرَاحَتِهَا لِمَدْلُولَاتِهَا فَإِنْ كَانَتْ كِنَايَةً أَوْ مُشْتَرِكَةً مُتَرَدِّدَةً افْتَقَرَتْ إِلَى النِّيَّةِ. الْقَاعِدَةُ الثَّالِثَةُ الْمَقَاصِدُ مِنَ الْأَعْيَانِ فِي الْعُقُودِ إِنْ كَانَتْ مُتَعَيِّنَةً اسْتَغْنَتْ عَمَّا يُعَيِّنُهَا كَمَنِ اسْتَأْجَرَ بِسَاطًا أَوْ قَدُومًا أَوْ ثَوْبًا أَوْ عِمَامَةً لَمْ يَحْتَجْ إِلَى تَعْيِينِ الْمَنْفَعَةِ فِي الْعَقْدِ لِانْصِرَافِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بِصُوَرِهَا إِلَى مَقَاصِدِهَا عَادَةً.

وَإِنْ كَانَتِ الْعَيْنُ مُتَرَدِّدَةً كَالدَّابَّةِ لِلْحَمْلِ وَالرُّكُوبِ وَالْأَرْضِ لِلزَّرْعِ وَالْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ افْتَقَرَتْ إِلَى التَّعْيِينِ. الْقَاعِدَةُ الرَّابِعَةُ النُّقُودُ إِذَا كَانَ بَعْضُهَا غَالِبًا لَمْ يُحْتَجْ إِلَى تَعْيِينِهِ فِي الْعَقْدِ وَإِنْ لَمْ يَكُنِ احْتَاجَ إِلَى التَّعْيِينِ. الْقَاعِدَةُ الْخَامِسَةُ الْحُقُوقُ إِذَا تَعَيَّنَتْ لِمُسْتَحِقِّهَا كَالدَّيْنِ الْمَنْقُولِ فَإِنَّهُ مُعَيَّنٌ لِرَبِّهِ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةٍ مِثْلَ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى إِذَا تَعَيَّنَتْ لَهُ كَالْإِيمَانِ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ. وَإِنْ تَرَدَّدَ الْحَقُّ بَيْنَ دَيْنَيْنِ أَحَدُهُمَا بِرَهْنٍ وَالْآخَرُ بِغَيْرِ رَهْنٍ فَإِنَّ الدَّفْعَ يَفْتَقِرُ فِي تَعْيِينِ الْمَدْفُوعِ لِأَحَدِهِمَا إِلَى النِّيَّةِ. الْقَاعِدَةُ السَّادِسَةُ التَّصَرُّفَاتُ إِذَا كَانَتْ دَائِرَةً بَيْنَ جِهَاتٍ شَتَّى لَا تَنْصَرِفُ لِجِهَةٍ إِلَّا بِنِيَّةٍ كَمَنْ أَوْصَى عَلَى أَيْتَامٍ مُتَعَدِّدَةٍ فَاشْتَرَى سِلْعَةً لَا تَتَعَيَّنُ لِأَحَدِهِمْ إِلَّا بِالنِّيَّةِ وَمَتَى كَانَ التَّصَرُّفُ مُتَّحِدًا انْصَرَفَ لِجِهَتِهِ بِغَيْرِ نِيَّةٍ فَإِنَّ مُبَاشَرَةَ الْعَقْدِ كَافِيَةٌ فِي حُصُولِ مُلْكِهِ فِي السِّلْعَةِ وَمَنْ مَلَكَ التَّصَرُّفَ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ بِالْوَكَالَةِ لَا يَنْصَرِفُ التَّصَرُّفُ لِلْغَيْرِ إِلَّا بِالنِّيَّةِ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْإِنْسَانِ لِنَفْسِهِ أَغْلَبُ فَانْصَرَفَ التَّصَرُّفُ إِلَيْهِ وَالنِّيَّةُ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ مَقْصُودُهَا التَّمْيِيزُ وَمَقْصُودُهَا فِي الْعِبَادَاتِ التَّمْيِيزُ وَالتَّقَرُّبُ مَعًا. سُؤَالٌ هَذَا التَّقْرِير يُشْكِلُ بِالتَّيَمُّمِ فَإِنَّهُ مُتَمَيِّزٌ بِصُورَتِهِ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَلِمَ افْتَقَرَ إِلَى النِّيَّةِ؟ جَوَابُهُ أَنَّ التَّيَمُّمَ خَارِجٌ عَنْ نَمَطِ الْعِبَادَاتِ فَإِنَّهَا كُلَّهَا تَعْظِيمٌ وَإِجْلَالٌ وَلَيْسَ فِي مَسِّ التُّرَابِ وَمَسْحِهِ عَلَى الْوَجْهِ صُورَةُ تَعْظِيمٍ بَلْ هُوَ شِبْهُ الْعَبَثِ وَاللَّعِبِ فَاحْتَاجَ إِلَى النِّيَّةِ لِيُخْرِجَهُ مِنْ حَيِّزِ اللَّعِبِ إِلَى حَيِّزِ التَّقَرُّبِ. تَنْبِيهٌ إِذَا ظَهَرَتْ حِكْمَةُ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فَلْيُعْلَمْ أَنَّ مُلَاحَظَتَهَا سَبَبُ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي اشْتِرَاطِهَا فِي صِيَامِ رَمَضَان وَالْوُضُوء فزفر يَقُول فِي الأول وَأَبُو حنيفَة رَحمَه الله يَقُولُ فِي الثَّانِي هُمَا مُتَعَيِّنَانِ بِصُوَرِهِمَا وَلَيْسَ لَهُمَا رُتَبٌ فَلَا حَاجَةَ إِلَى النِّيَّةِ

وَمَالك وَالشَّافِعِيّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولَانِ الْإِمْسَاكُ فِي رَمَضَانَ قَدْ يَكُونُ لِعَدَمِ الْمُفْطِرَاتِ وَالْوُضُوءُ قَدْ يَكُونُ لِلتَّعْلِيمِ فَيَحْتَاجَانِ إِلَى مَا يُمَيِّزُ كَوْنَهُمَا عِبَادَةً عَنْ غَيْرِهِمَا. الْبَحْثُ الْخَامِسُ فِيمَا يَفْتَقِرُ إِلَى النِّيَّةِ الشَّرْعِيَّةِ الْأَعْمَالُ كُلُّهَا إِمَّا مَطْلُوبٌ أَوْ مُبَاحٌ وَالْمُبَاحُ لَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَلَا مَعْنَى لِلنِّيَّةِ فِيهِ وَالْمَطْلُوبُ نَوَاهٍ وَأَوَامِرٌ. فَالنَّوَاهِي كُلُّهَا يُخْرِجُ الْإِنْسَانَ عَنْ عُهْدَتِهَا وَإِنْ لَمْ يَشْعُرْ بِهَا فَضْلًا عَنِ الْقَصْدِ إِلَيْهَا مِثَالُهُ زَيْدٌ الْمَجْهُولُ لَنَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْنَا دَمَهُ وَمَالَهُ وَعِرْضَهُ وَقَدْ خَرَجْنَا عَنْ عُهْدَةِ ذَلِكَ النَّهْيِ وَإِنْ لَمْ نَشْعُرْ بِهِ وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْمَجْهُولَاتِ. نَعَمْ إِنْ شَعَرْنَا بِالْمُحَرَّمِ وَنَوَيْنَا تَرْكَهُ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَصَلَ لَنَا مَعَ الْخُرُوجِ عَنِ الْعُهْدَةِ الثَّوَابُ لِأَجْلِ النِّيَّةِ فَهِيَ شَرْطٌ فِي الثَّوَابِ لَا فِي الْخُرُوجِ عَنِ الْعُهْدَةِ. وَالْأَوَامِرُ عَلَى قِسْمَيْنِ الْأَوَّلُ مِنْهَا مَا يَكُونُ صُورَةُ فِعْلِهِ كَافِيَةً فِي تَحْصِيلِ مَصْلَحَتِهِ كَأَدَاءِ الدُّيُونِ وَالْوَدَائِعِ وَالْغُصُوبِ وَنَفَقَاتِ الزَّوْجَاتِ وَالْأَقَارِبِ فَإِنَّ الْمَصْلَحَةَ الْمَقْصُودَةَ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ انْتِفَاعُ أَرْبَابِهَا وَذَلِكَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قَصْدِ الْفَاعِلِ لَهَا فَيُخْرِجُ الْإِنْسَانَ عَنْ عُهْدَتِهَا وَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا. وَالْقِسْمُ الثَّانِي مِنَ الْأَوَامِرِ مَا تَكُونُ صُورَةُ فِعْلِهِ لَيْسَتْ كَافِيَةً فِي تَحْصِيلِ مَصْلَحَتِهِ الْمَقْصُودَةِ مِنْهُ كَالصَّلَوَاتِ وَالطَّهَارَاتِ وَالصِّيَامِ وَالنُّسُكِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا تَعْظِيمُهُ تَعَالَى بِفِعْلِهَا وَالْخُضُوعُ لَهُ فِي إِتْيَانِهَا وَذَلِكَ إِنَّمَا يَحْصُلُ إِذَا قُصِدَتْ مِنْ أَجْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فَإِنَّ التَّعْظِيمَ بِالْفِعْلِ بِدُونِ قَصْدِ الْمُعَظَّمِ مُحَالٌ كَمَنْ صَنَعَ ضِيَافَةً لِإِنْسَانٍ انْتَفَعَ بِهَا غَيْرُهُ فَإِنَّا نَجْزِمُ بِأَنَّ الْمُعَظَّمُ الَّذِي قُصِدَ إِكْرَامُهُ هُوَ الْأَوَّلُ دُونَ الثَّانِي فَهَذَا الْقِسْمُ هُوَ الَّذِي أَمَرَ فِيهِ الشَّرْعُ بِالنِّيَّاتِ وَعَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ يَتَخَرَّجُ خِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِي إِيجَابِ النِّيَّةِ فِي إِزَالَةِ النَّجَاسَةِ فَمَنِ اعْتَقَدَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ عَلَى عِبَادِهِ مُجَانَبَةَ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ حَالَةَ الْمُثُولِ بَيْنَ يَدَيْهِ تَعْظِيمًا لَهُ فَيَكُونُ مِنْ بَابِ الْمَأْمُورَاتِ الَّتِي لَا تَكْفِي صُورَتُهَا فِي تَحْصِيلِ مَصْلَحَتِهَا فَتَجِبُ فِيهَا النِّيَّةُ

وَمَنِ اعْتَقَدَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ عَلَى عِبَادِهِ مُلَابَسَةَ الْخَبَثِ فَيَكُونُ عِنْدَهُ مِنْ بَابِ الْمَنْهِيَّاتِ فَلَا يَفْتَقِرُ إِلَى النِّيَّةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. الْبَحْثُ السَّادِسُ فِي شُرُوطِ النِّيَّةِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ: الْأَوَّلُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِمُكْتَسَبِ النَّاوِي فَإِنَّهَا مُخَصِّصَةٌ وَتَخْصِيصُ غَيْرِ الْمَفْعُولِ لِلْمُخَصَّصِ مُحَالٌ. وَأَشْكَلَ هَذَا الشَّرْطُ بِنِيَّةِ الْإِمَامِ الْإِمَامَةَ فَإِنَّ صَلَاتَهُ حَالَةَ الْإِمَامَةِ مُسَاوِيَةٌ لِصَلَاتِهِ حَالَةَ الِانْفِرَادِ فَهَذِهِ النِّيَّةُ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ مُكْتَسَبٍ وَلَا مُكْتَسَبٌ فَيُشْكِلُ. وَأَجَابَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ عَنْ هَذَا السُّؤَالِ بِأَنَّ النِّيَّةَ يُشْتَرَطُ فِيهَا أَنْ تَتَعَلَّقَ بِمُكْتَسَبٍ اسْتِقْلَالًا وَيَجُوزُ أَنْ تَتَعَلَّقَ بِتَوَابِعِ ذَلِكَ الْمُكْتَسَبِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُكْتَسَبَةً كَمَا تَتَعَلَّقُ بِالْوُجُوبِ فِي الصُّبْح وَالنَّدْب فِي صَلَاة الضُّحَى وَنَحْوِ ذَلِكَ وَلَيْسَ الْوُجُوبُ وَالنَّدْبُ مُكْتَسَبًا لِلْعَبْدِ فَإِنَّ الْأَحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ وَاجِبَةُ الْوُجُودِ قَدِيمَةٌ صِفَةُ اللَّهِ تَعَالَى سُبْحَانَهُ فَحَسُنَ الْقَصْدُ إِلَيْهَا تَبَعًا لِقَصْدِ الْمُكْتَسِبِ وَكَذَلِكَ الْإِمَامَةُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِعْلًا زَائِدَةً عَلَى الصَّلَاةِ مُكْتَسَبًا فَإِنَّ الْقَصْدَ إِلَيْهَا تَبَعًا لِقَصْدِ الْمُكْتَسِبِ. الشَّرْطُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ الْمَنْوِيُّ مَعْلُومًا أَوْ مَظْنُونًا فَإِنَّ الْمَشْكُوكَ تَكُونُ فِيهِ النِّيَّةُ مُتَرَدِّدَةً فَلَا تَنْعَقِدُ وَلِذَلِكَ لَا يَصِحُّ وُضُوءُ الْكَافِرِ وَلَا غُسْلُهُ قَبْلَ انْعِقَادِ الْإِسْلَامِ لِأَنَّهُمَا عِنْدَهُ غَيْرُ مَعْلُومَيْنِ وَلَا مَظْنُونَيْنِ. فُرُوعٌ: الْأَوَّلُ لَوْ شَكَّ فِي طَهَارَتِهِ وَقُلْنَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ أَوْ كَانَ شَكُّهُ غَيْرَ مُسْتَنِدٍ إِلَى سَبَبٍ فَتَوَضَّأَ فِي الْحَالَتَيْنِ احْتِيَاطًا ثُمَّ تَيَقَّنَ الْحَدَثَ فَفِي وُجُوبِ الْإِعَادَةِ قَوْلَانِ أَمَّا لَوْ قُلْنَا بِوُجُوبِ الْوُضُوءِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ مَعْلُومٌ فَلَا تَرَدُّدَ.

الثَّانِي لَوْ تَوَضَّأَ مُجَدَّدًا ثُمَّ تَيَقَّنَ الْحَدَثَ فَفِي كِتَابِ سَحْنُونَ لَا يُجْزِئُهُ وَعِنْدَ أَشْهَبَ يُجْزِئُهُ. الثَّالِثُ لَوْ أَغْفَلَ لُمْعَةً مِنَ الْغَسْلَةِ الْأُولَى وَغَسَلَ الثَّانِيَةَ بِنِيَّةِ الْفَضِيلَةِ فَفِي الْإِجْزَاءِ قَوْلَانِ وَخَرَّجَ أَصْحَابُنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَنَحْوَهَا عَلَى أَنَّ الْقَصْدَ إِلَى الْفَضَائِلِ إِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ اعْتِقَادِ حُصُولِ الْفَرَائِضِ فَقَدِ انْدَرَجَتْ نِيَّةُ الْفَرْضِ فِي نِيَّةِ الْفَضِيلَةِ وَهَذَا لَا يَسْتَقِيمُ لِأَنَّا قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ النِّيَّةَ مِنَ الْقُصُودِ وَالْإِرَادَاتِ لَا مِنْ بَابِ الْعُلُومِ وَالِاعْتِقَادَاتِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ النَّاسِيَ لِفَرْضِهِ الْفَاعِلَ لِلنَّفْلِ إِنَّمَا هُوَ عَلَى اعْتِقَادِ حُصُولِ الْفَرْضِ وَالِاعْتِقَادُ لَيْسَ بِنِيَّةٍ كَمَا تَقَدَّمَ. نَظَائِرُ ثَمَانِيَةٌ فِي الْمَذْهَبِ وَقَعَ فِيهَا إِجْزَاءُ غَيْرِ الْوَاجِبِ: أَرْبَعَةٌ فِي الطَّهَارَةِ وَهِيَ مَنْ جَدَّدَ ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدَثَ وَمَنْ غَسَلَ الثَّانِيَةَ بِنِيَّةِ الْفَضِيلَةِ وَقَدْ بَقِيَتْ لُمْعَةٌ مِنَ الْأُولَى وَمَنِ اغْتَسَلَ لِلْجُمُعَةِ نَاسِيًا لِلْجَنَابَةِ وَمَنْ تَوَضَّأَ احْتِيَاطًا ثُمَّ تَيَقَّنَ الْحَدَثَ. وَثَلَاثَةٌ فِي الصَّلَاةِ وَهِيَ مَنْ سَلَّمَ مِنَ اثْنَتَيْنِ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ عُقَيْبَ ذَلِكَ بِنِيَّةِ النَّافِلَةِ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ سَلَّمَ وَفَعَلَ ذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ سَلَّمَ أَوْ أَعَادَ فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ كَانَ مُحْدِثًا فِي صَلَاتِهِ الْأُولَى. وَالثَّامِنَةُ فِي الْحَجِّ وَهِيَ مَنْ نَسِيَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ وَقَدْ طَافَ طَوَافَ الْوَدَاعِ وَبَعُدَ عَنْ مَكَّةَ. وَالْمَشْهُورُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ يَخْتَلِفُ. وَلَا يُشْكِلُ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ مَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ خَمْسٍ فَإِنَّهُ يُصَلِّي خَمْسًا مَعَ شَكِّهِ فِي وُجُوبِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ لِأَنَّ الشَّرْعَ جَعَلَ شَكَّهُ سَبَبًا لِإِيجَابِ الْجَمِيعِ فَالْجَمِيعُ مَعْلُومُ الْوُجُوب.

وَلَا يُشْكِلُ أَيْضًا مَنْ شَكَّ أَصَلَّى ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا فَإِنَّهُ يَنْوِي صَلَاةَ رَكْعَةٍ رَابِعَةٍ لِيُتِمَّ صَلَاتَهُ مَعَ شَكِّهِ فِي وُجُوبِهَا لِأَنَّا نَمْنَعُ الشَّكَّ فِيهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّا نَقْطَعُ بِشَغْلِ ذِمَّتِهِ بِالصَّلَاةِ حَتَّى يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ عِنْد الْحَنَفِيّ أَو يقطع عِنْد الْمَالِكِي وَالشَّافِعِيّ بِإِيقَاعِ الْأَرْبَعِ وَمَا حَصَلَ ذَلِكَ فَالْقَطْعُ الْأَوَّلُ مُسْتَصْحَبٌ. الشَّرْطُ الثَّالِثُ أَنْ تَكُونَ النِّيَّةُ مُقَارِنَةً لِلْمَنَوِيِّ لِأَنَّ أَوَّلَ الْعِبَادَةِ لَوْ عَرَا عَنِ النِّيَّةِ لَكَانَ أَوَّلُهَا مُتَرَدِّدًا بَيْنَ الْقُرْبَةِ وَغَيْرِهَا وَآخِرُ الصَّلَاةِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَوَّلِهَا وَتَبَعٌ لَهُ بِدَلِيلِ أَنَّ أَوَّلَهَا إِنْ نَوَى نَفْلًا أَوْ وَاجِبًا أَوْ قَضَاءً أَوْ أَدَاءً كَانَ آخِرُهَا كَذَلِكَ فَلَا تَصِحُّ. وَاسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ الصَّوْمُ لِلْمَشَقَّةِ وَالزَّكَاةُ فِي الْوِكَالَةِ عَلَى إِخْرَاجِهَا عَوْنًا عَلَى الْإِخْلَاصِ وَدَفْعًا لِحَاجَةِ الْفَقِيرِ مِنْ بَاذِلِهَا فَتَتَقَدَّمُ النِّيَّةُ عِنْدَ الْوَكَالَةِ وَلَا تَتَأَخَّرُ لِإِخْرَاجِ الْمَنْوِيِّ. فَرْعٌ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ جَوَّزَ ابْنُ الْقَاسِمِ تَقَدُّمَ النِّيَّةِ عِنْدَمَا يَأْخُذُ فِي أَسْبَابِ الطَّهَارَةِ بِذَهَابِهِ إِلَى الْحَمَّامِ أَوِ النَّهْرِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ وَخَالَفَهُ سَحْنُونُ فِي الْحَمَّامِ وَوَافَقَهُ فِي النَّهْرِ وَفَرَّقَ بِأَنَّ النَّهْرَ لَا يُؤْتَى غَالِبًا إِلَّا لِذَلِكَ فَتَمَيَّزَتِ الْعِبَادَةُ فِيهِ بِخِلَافِ الْحَمَّامِ فَإِنَّهُ يُؤْتَى لِذَلِكَ وَلِإِزَالَةِ الدَّرَنِ وَالرَّفَاهِيَةُ غَالِبَةٌ فِيهِ فَلَمْ تَتَمَيَّزِ الْعِبَادَةُ وَافْتَقَرَتْ إِلَى النِّيَّةِ وَقِيلَ لَا تُجْزِئُ النِّيَّةُ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ حَتَّى تَتَّصِلَ بِفِعْلِ الْوَاجِبِ وَقِيلَ إِذَا نَوَى عِنْدَ أَوَّلِ الْوُضُوءِ وَهُوَ أَوَّلُ السُّنَنِ أَجْزَأَهُ لِأَنَّ الثَّوَابَ عَلَى السُّنَنِ وَالتَّقَرُّبُ بِهَا إِنَّمَا يَحْصُلُ عِنْدَ النِّيَّةِ وَقِيلَ إِنْ عَزَبَتْ نِيَّتُهُ قَبْلَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ وَبَعْدَ الْيَدَيْنِ لَا يُجْزِئُهُ وَإِنِ اتَّصَلَتْ بِهِمَا وَعَزَبَتْ قَبْلَ الْوَجْهِ أَجْزَأَهُ لِأَنَّ الْمَضْمَضَةَ مِنَ الْوَجْهِ وَبِهَا غَسْلُ طَاهِرِ الْفَمِ وَهِيَ الشَّفَةُ مِنَ الْوَجْهِ. الْبَحْثُ السَّابِعُ النِّيَّة على الْقسمَيْنِ فِعْلِيَّةٌ مَوْجُودَةٌ وَحُكْمِيَّةٌ مَعْدُومَةٌ وَكَذَلِكَ الْإِخْلَاصُ وَالْإِيمَانُ.

فَيَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ أَنْ يَعْزِمَ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ مَا دَامَ حَيًّا مُسْتَطِيعًا قَبْلَ حُضُورِهَا وَحُضُورِ أَسْبَابِهَا فَإِذَا حَضَرَتْ وَجَبَ عَلَيْهِ النِّيَّةُ وَالْإِخْلَاص الفعليات فِي أَوَّلِهَا وَيَكْفِي الْحُكْمِيَّانِ فِي بَقِيَّتِهَا لِلْمَشَقَّةِ فِي اسْتِمْرَارِهَا بِالْفِعْلِ وَكَذَلِكَ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ لَوْ وَزَنَ زَكَاتَهُ وَعَزَلَهَا لِلْمَسَاكِينِ ثُمَّ دَفَعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ بِغَيْرِ نِيَّةٍ اكْتَفَى بِالْحُكْمِيَّةِ وَأَجْزَأَتْ وَلَمْ يُشْتَرَطِ الْإِيمَانُ الْفِعْلِيُّ فِي ابْتِدَائِهَا لِصُعُوبَةِ الْجَمْعِ وَأَفْرَدَتِ النِّيَّةَ دُونَهُ لِأَنَّهَا مُسْتَلْزَمَةٌ لَهُ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ. فُرُوعٌ ثَلَاثَةٌ: الْأَوَّلُ تَكْفِي الْحكمِيَّة بشرك عَدَمِ الْمُنَافِي قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إِذَا تَوَضَّأَ وَبَقِيَتْ رِجْلَاهُ فَخَاضَ بِهَا نَهْرًا وَمَسَحَ بِيَدَيْهِ رِجْلَيْهِ فِي الْمَاءِ وَلَمْ يَنْوِ بِذَلِكَ غَسْلَ رِجْلَيْهِ لَا يُجْزِئُهُ غَسْلُ رِجْلَيْهِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ يُرِيدُ إِذَا قَصَدَ بِذَلِكَ غَيْرَ الْوُضُوءِ بَلْ إِزَالَةَ الْقَشْبِ وَقَالَ صَاحِبُ النكت مَعْنَاهُ أَنه ظن كَمَال وضوءه فَرَفَضَ نِيَّتَهُ أَمَّا لَوْ بَقِيَ عَلَى نِيَّتِهِ وَالنَّهْرُ قَرِيبٌ أَجْزَأَهُ. قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ النِّيَّةُ الْحُكْمِيَّةُ تَتَنَاوَلُ الْفِعْلَ مَا لَمْ تَتَنَاوَلْهُ النِّيَّةُ الْفِعْلِيَّةُ بِخُصُوصِهِ فَإِنَّ النِّيَّةَ الْخَاصَّةَ بِهِ أَقْوَى كَمَا لَوْ قَامَ لِرَكْعَةٍ وَقَصَدَ أَنَّهَا خَامِسَةٌ وَهِيَ رَابِعَةٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَسَدَتِ الصَّلَاةُ أَوْ صَامَ يَوْمًا فِي الصَّوْمِ الْمُتَتَابِعِ يَنْوِي بِهِ النَّذْرَ بَطَلَ التَّتَابُعُ وَيَتَخَرَّجُ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْخِلَافُ الَّذِي فِي صَلَاةِ مَنْ قَامَ إِلَى اثْنَيْنِ وَصَلَّى بَقِيَّةَ صَلَاتِهِ بِنِيَّةِ النَّافِلَةِ ثُمَّ ذَكَرَ فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُجْزِئُهُ وَعِنْدَ ابْنِ الْمَوَّازِ يُجْزِئُهُ سَلَّمَ أَوْ لَمْ يُسَلِّمْ لِأَنَّ النِّيَّةَ الْحُكْمِيَّةَ مُتَحَقِّقَةٌ فَلَا تَبْطُلُ إِلَّا بِرَفْضٍ الثَّانِي إِذَا رَفَضَ النِّيَّةَ الْحُكْمِيَّةَ بَعْدَ كَمَالِ الطَّهَارَةِ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهَا لَا تَفْسُدُ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْهَا وَهُوَ التَّمْيِيزُ حَالَةَ الْفِعْلِ وَرُوِيَ عَنْهُ فَسَادُهَا لِأَنَّهَا جُزْءٌ مِنَ الطَّهَارَةِ وَذَهَابُ جُزْءِ الطَّهَارَةِ يُفْسِدُهَا قَالَ صَاحِبُ

النُّكَتِ إِذَا رَفَضَ النِّيَّةَ فِي الطَّهَارَةِ أَوِ الْحَجِّ لَا يَضُرُّ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنِّيَّةِ التَّمْيِيزُ وَهُمَا مُتَمَيِّزَانِ بِمَكَانِهِمَا وَهُوَ الْأَعْضَاءُ فِي الْوُضُوءِ وَالْأَمَاكِنُ الْمَخْصُوصَةُ فِي الْحَج فَكَانَ استغناؤها عَنِ النِّيَّةِ أَكْثَرَ وَلَمْ يُؤَثِّرِ الرَّفْضُ فِيهِمَا بِخِلَافِ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ الثَّالِثُ قَالَ الْمَازِرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَكْفِي النِّيَّةُ الْحُكْمِيَّةُ فِي الْعَمَلِ الْمُتَّصِلِ فَلَوْ نَسِيَ عُضْوًا وَطَالَ ذَلِكَ افْتَقَرَ إِلَى تَجْدِيدِ النِّيَّةِ فَإِنَّ الِاكْتِفَاءَ بِالْحُكْمِيَّةِ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ فَيَقْتَصِرُ فِيهَا الْعَمَلُ الْمُتَّصِلُ وَكَذَلِكَ مَنْ خَلَعَ خُفَّيْهِ وَشَرَعَ فِي غَسْلِ رِجْلَيْهِ الْبَحْثُ الثَّامِنُ فِي أَقْسَامِ الْمَنْوِيِّ وَأَحْوَالِهِ الْمَنْوِيُّ مِنَ الْعِبَادَاتِ ضَرْبَانِ أَحَدُهُمَا مَقْصُودٌ فِي نَفْسِهِ كَالصَّلَاةِ وَالثَّانِي مَقْصُودٌ لِغَيْرِهِ وَهُوَ قِسْمَانِ أَحَدُهُمَا مَعَ كَوْنِهِ مَقْصُودًا لِغَيْرِهِ فَهُوَ أَيْضًا مَقْصُودٌ لِنَفْسِهِ كَالْوُضُوءِ وَالثَّانِي مَقْصُودٌ لِغَيْرِهِ فَقَطْ كَالتَّيَمُّمِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الشَّرْعَ أَمَرَ بِتَجْدِيدِ الْوُضُوءِ دُونَ التَّيَمُّمِ وَالْمَقْصُودُ بِالنِّيَّةِ إِنَّمَا هُوَ تَمْيِيزُ الْمَقْصُودِ لِنَفْسِهِ لِأَنَّه الْمُهِمُّ فَلَا جَرَمَ إِذَا نَوَى التَّيَمُّمَ دُونَ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ فَقَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ أَحَدُهُمَا لَا يُجْزِئُ لِكَوْنِهِ مِمَّا لَيْسَ بِمَقْصُودٍ فِي نَفْسِهِ وَالثَّانِي يُجْزِئُهُ لِكَوْنِهِ عِبَادَةً وَالَّذِي هُوَ مَقْصُودٌ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ يَتَخَيَّرُ الْمُكَلَّفُ بَيْنَ قَصْدِهِ لَهُ لِكَوْنِهِ مَقْصُودًا فِي نَفْسِهِ وَبَيْنَ قَصْدِهِ لِلْمَقْصُودِ مِنْهُ دُونَهُ فَالْأَوَّلُ كَقَصْدِهِ الْوُضُوءَ وَالثَّانِي كَقَصْدِهِ اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ فَإِنْ نَوَى الصَّلَاةَ أَوْ شَيْئًا لَا يُقْدَمُ عَلَيْهِ إِلَّا بِارْتِفَاعِ الْحَدَثِ الَّذِي هُوَ الِاسْتِبَاحَةُ صَحَّ لِاسْتِلْزَامِ هَذِهِ الْأُمُورِ رَفْعَ الْحَدَثِ فُرُوعٌ سَبْعَةٌ الْأَوَّلُ فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا نَوَى مَا يُسْتَحَبُّ لَهُ الْوُضُوءُ كَتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وَحْدَهُ

فَالْمَشْهُورُ أَنَّ حَدَثَهُ لَا يَرْتَفِعُ لِأَنَّ الْحَدَثَ عِبَارَةٌ عَنِ الْمَنْعِ الشَّرْعِيِّ وَصِحَّةُ هَذَا الْفِعْلِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى رَفْعِ الْمَنْعِ فَلَا تَسْتَلْزِمُهُ فَيَكُونُ حَدَثُهُ بَاقِيًا وَقِيلَ يَرْتَفِعُ نَظَرًا إِلَى أَصْلِ الْأَمْرِ بِالْوُضُوءِ لِهَذِهِ الْأُمُورِ. الثَّانِي إِذَا نَوَى رَفْعَ بَعْضِ الْأَحْدَاثِ نَاسِيًا لِغَيْرِهَا أَجْزَأَهُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ رَفْعُ الْمَنْعِ وَقَدْ حَصَلَ وَمَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ عَلَى التَّحْقِيقِ أَنَّهُ نَوَى رَفْعَ سَبَبِ بَعْضِ الْأَحْدَاثِ لِأَنَّ الْأَسْبَابَ لَا يُمْكِنُ رَفْعُهَا لِاسْتِحَالَةِ رَفْعِ الْوَاقِعِ. الثَّالِثُ قَالَ إِذَا نَوَى اسْتِبَاحَةَ صَلَاةٍ بِعَيْنِهَا وَأَخْرَجَ غَيْرَهَا مِنْ نِيَّتِهِ فَقِيلَ يَسْتَبِيحُ مَا نَوَاهُ وَمَا لَمْ يَنْوِهِ لِأَنَّ حَدَثَهُ قَدِ ارْتَفَعَ بِاعْتِبَارِ مَا نَوَاهُ وَذَلِكَ يَقْتَضِي اسْتِبَاحَةَ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَلَيْسَ لِلْمُكَلَّفِ أَنْ يَقْتَطِعَ مُسَبِّبَاتِ الْأَسْبَابِ الشَّرْعِيَّةِ عَنْهَا فَلَوْ قَالَ أَتَزَوَّجُ وَلَا يَحِلُّ لِيَ الْوَطْءُ أَوْ أَشْتَرِي السِّلْعَةَ وَلَا يَحْصُلُ لِيَ الْمِلْكُ لم يعْتَبر ذَلِك فَكَذَلِك هَهُنَا وَقِيلَ تَبْطُلُ طَهَارَتُهُ لِلتَّضَادِّ وَلَا تَسْتَبِيحُ شَيْئًا وَقِيلَ تَخْتَصُّ الْإِبَاحَةُ بِالْمَنْوِيِّ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى) . الرَّابِعُ قَالَ الْمَازِرِيُّ إِذَا نَوَى رَفْعَ بَعْضِ الْأَحْدَاثِ مُخْرِجًا لِغَيْرِهِ مِنْ نِيَّتِهِ فَفِيهِ الثَّلَاثَةُ الْأَقْوَالُ الَّتِي فِي تَخْصِيصِ الصَّلَاةِ بِالْإِبَاحَةِ. الْخَامِسُ قَالَ الْمَازِرِيُّ لَوْ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ وَالتَّبَرُّدَ أَجْزَأَهُ لَأَنَّ مَا نَوَاهُ مَعَهُ حَاصِلٌ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ فَلَا تَضَادَّ وَقِيلَ لَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ النِّيَّةِ أَنْ يَكُونَ الْبَاعِثَ على الْعِبَادَة طَاعَة الله تَعَالَى فَقَط وَهَهُنَا الْبَاعِثُ الْأَمْرَانِ. السَّادِسُ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ لَوْ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ وَقَالَ لَا أَسْتَبِيحُ أَوْ نَوَى الِاسْتِبَاحَةَ وَقَالَ لَا يَرْتَفِعُ الْحَدَثُ أَوْ نَوَى امْتِثَالَ أَمْرِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَقَالَ لَا أَسْتَبِيحُ وَلَا يَرْتَفِعُ الْحَدَثُ لَمْ يَصِحَّ وُضُوؤُهُ لِلتَّضَادِّ. السَّابِعُ إِذَا فَرَّقَ النِّيَّةَ عَلَى الْأَعْضَاءِ فَنَوَى الْوَجْهَ وَحْدَهُ ثُمَّ كَذَلِكَ الْيَدَيْنِ إِلَى آخِرِ الطَّهَارَةِ فَقَوْلَانِ مَنْشَؤُهُمَا عِنْدَ الْأَصْحَابِ أَنَّ الْحَدَثَ هَلْ يَرْتَفِعُ عَنْ كُلِّ عُضْوٍ وَحْدَهُ أَوْ لَا بُدَّ فِي ارْتِفَاعِهِ مِنْ غسل الْجَمِيع؟

وَيَخْرُجُ عَلَى ذَلِكَ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ وَهِيَ إِذَا مَسَّ ذَكَرَهُ فِي غُسْلِ جَنَابَتِهِ بَعْدَ غَسْلِ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ وَأَعَادَ وُضُوءَهُ فَإِنَّهُ يَفْتَقِرُ إِلَى نِيَّةٍ عِنْدَ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ لِأَنَّ حَدَثَ الْجَنَابَةِ قَدِ ارْتَفَعَ عَنِ الْمَغْسُولِ قَبْلَ ذَلِكَ عَنْ أَعْضَائِهِ وَغَيْرُ الْجُنُبِ يَجِبُ عَلَيْهِ نِيَّةُ الْوُضُوءِ وَلَا يُعِيدُ النِّيَّةَ عِنْدَ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ لِأَنَّ الْحَدَثَ لَمْ يَرْتَفِعْ عَنِ الْأَعْضَاءِ السَّابِقَةِ فَهُوَ جُنُبٌ وَالْجُنُبُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْوِيَ الْوُضُوءَ. وَقَالَ الْمَازِرِيُّ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ يَتَخَرَّجُ عَلَى رَأْيِ أَبِي الْحَسَنِ إِذَا مس ذكره بعد غسله بفور ذَلِك أَن لَا يَنْوِيَ الْوُضُوءَ لِأَنَّ النِّيَّةَ الْحُكْمِيَّةَ كَمَا تُسْتَصْحَبُ فِي آخِرِ الْعِبَادَةِ تُسْتَصْحَبُ بِفَوْرِهَا وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يجرئ الْخلاف هَهُنَا. وَيَتَخَرَّجُ عَلَيْهِ أَيْضًا مَنْ غَسَلَ إِحْدَى رِجْلَيْهِ وَأَدْخَلَهَا فِي الْخُفِّ ثُمَّ غَسَلَ الْأُخْرَى وَأَدْخَلَهَا فِي الْخُفِّ هَلْ يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا قَوْلَانِ. الْبَحْثُ التَّاسِعُ فِي مَعْنَى قَوْلِ الْفُقَهَاءِ الْمُتَطَهِّرُ يَنْوِي رَفْعَ الْحَدَثِ. اعْلَمْ أَنَّ الْحَدَثَ لَهُ مَعْنَيَانِ فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ أَحَدُهُمَا الْأَسْبَابُ الْمُوجِبَةُ يُقَالُ أَحْدَثَ إِذَا خَرَجَ مِنْهُ مَا يُوجِبُ الْوُضُوءَ وَثَانِيهِمَا الْمَنْعُ الْمُرَتَّبُ عَلَى هَذِهِ الْأَسْبَابِ فَإِنَّ مَنْ صَدَرَ مِنْهُ سَبَبٌ مِنْ هَذِهِ الْأَسْبَابِ فَقَدْ مَنَعَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِنَ الْإِقْدَامِ عَلَى الْعِبَادَةِ حَتَّى يَتَوَضَّأَ وَلَيْسَ يُعْلَمُ لِلْحَدَثِ مَعْنًى ثَالِثٌ بِالِاسْتِقْرَاءِ. وَالْقَصْدُ إِلَى رَفْعِ الْحَدَثِ الَّذِي هُوَ السَّبَبُ مُحَالٌ لِاسْتِحَالَةِ رَفْعِ الْوَاقِعِ فَيَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ الْمَنْوِيُّ هُوَ رَفْعُ الْمَنْعِ وَإِذَا ارْتَفَعَ الْمَنْعُ ثَبَتَتِ الْإِبَاحَةُ فَيَظْهَرُ بِهَذَا الْبَيَانِ بُطْلَانُ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْحَدَثَ يَرْتَفِعُ عَنْ كُلِّ عُضْوٍ عَلَى حِيَالِهِ لِأَنَّ الْمَنْعَ بَاقٍ بِالْإِجْمَاعِ حَتَّى تَكْمُلَ الطَّهَارَةُ وَبُطْلَانُ الْقَوْلِ بِأَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثِ فَإِنَّ الْإِبَاحَةَ حَاصِلَةٌ بِهِ فَيَكُونُ الْحَدَثُ مُرْتَفِعًا ضَرُورَةً وَإِلَّا لَاجْتَمَعَ الْمَنْعُ مَعَ الْإِبَاحَةِ وَهُمَا ضِدَّانِ. سُؤَالٌ إِذَا كَانَ الْحَدَثُ مَنْعًا شَرْعِيًّا وَالْمَنْعُ حُكْمُ اللَّهِ تَعَالَى وَحُكْمُهُ قَدِيمٌ وَاجِبُ الْوُجُودِ فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ رَفْعُ وَاجِبِ الْوُجُودِ؟ جَوَابُهُ هَذَا السُّؤَالُ عَامٌّ فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ الْمَحْكُومِ بِتَجَدُّدِهَا عِنْدَ الْأَسْبَابِ

وَالْجَوَابُ فِي الْجَمِيعِ أَنَّ الْحُكْمَ مُرْتَفِعٌ وَمُتَجَدِّدٌ بِاعْتِبَارِ تَعَلُّقِهِ لَا بِاعْتِبَارِ ذَاتِهِ وَالتَّعَلُّقُ عَدَمِيٌّ مُمْكِنُ الِارْتِفَاعِ وَلَوْ كَانَ قَدِيمًا فَإِنَّ الْقَدِيمَ لَا يَسْتَحِيلُ رَفْعُهُ إِلَّا إِذَا كَانَ وُجُودِيًّا عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ الْكَلَامِ الْفَرْضُ الثَّالِثُ اسْتِيعَابُ غَسْلِ جَمِيعِ الْوَجْهِ وَحَدُّهُ طُولًا مِنْ مَنَابِتِ الشَّعْرِ الْمُعْتَادِ إِلَى مُنْتَهَى الذَّقَنِ لِلْأَمْرَدِ وَاللِّحْيَةِ لِلْمُلْتَحِي وَنُرِيدُ بِقَوْلِنَا الْمُعْتَادِ خُرُوجَ النَّزْعَتَيْنِ وَالصَّلَعِ عَنِ الْغَسْلِ وَدُخُولَ الْغَمَمِ فِيهِ والنزعان هُمَا الْخَالِيَتَانِ مِنَ الشَّعْرِ عَلَى جَنْبَيِ الْجَبِينِ وَالذَّاهِبَتَانِ عَلَى جَنْبَيِ الْيَافُوخِ وَالْغَمَمُ مَا نَزَلَ مِنَ الشَّعْرِ عَلَى الْجَبِينِ وَمِنَ الْعِذَارِ إِلَى الْعِذَارِ عَرْضًا قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَاللَّحْيُ الْأَسْفَلُ مِنَ الْوَجْهِ عِنْدَ سَحْنُونٍ وَلَيْسَ مِنْهُ عِنْدَ التُّونِسِيِّ وَمُقْتَضَى قَوْلِ الْقَاضِي فِي التَّلْقِينِ خُرُوجُ الْبَيَاضِ الَّذِي بَيْنَ الْأُذُنِ وَالْعِذَارِ وَأَطْرَافِ اللَّحْيِ الْأَسْفَلِ لِلْأُذُنَيْنِ عَنِ الْوَجْهِ وَفِي الْبَيَاضِ الَّذِي بَين العذار وَالْأَذَان ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ يَجِبُ غَسْلُهُ فِي الْأَمْرَدِ وَالْمُلْتَحِي لمَالِك وَالشَّافِعِيّ وَأبي حنيفَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ لِأَنَّه يُوَاجِهُ مَارِنَ الْأَنْفِ لِأَنَّه لَوْ لَمْ يَكُنْ مِنَ الْوَجْهِ لَأُفْرِدَ بِمَاءٍ غَيْرِ مَاءِ الْوَجْهِ كَسَائِرِ الْمَسْنُونَاتِ وَلَا يَجِبُ فِيهِمَا لِمَالِكٍ أَيْضًا وَلِلْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ لِأَنَّ الْمُوَاجَهَةَ لَا تَقَعُ عَلَيْهِ غَالِبًا وَلِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا يَلْزَمُهَا فِدْيَةٌ إِذَا غَطَّتْهُ فِي الْإِحْرَامِ وَالْوُجُوبُ فِي الْأَمْرَدِ فَقَطْ لِلْأَبْهَرِيِّ لِأَنَّ الْعِذَارَ يَمْنَعُ الْمُوَاجَهَةَ وَإِذَا قُلْنَا بِعَدَمِ الْوُجُوبِ غُسِلَ سُنَّةً فِي حَقِّ الْأَمْرَدِ وَالْمُلْتَحِي عِنْدَ الْقَاضِي وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ الْغَسْلِ فِي الْمُلْتَحِي لِأَنَّه خَرَجَ عَنْ وَصْفِ الْمُوَاجَهَةِ كَالَّذِي تَحْتَ الشَّعْرِ الْكَثِيفِ وَإِذَا قُلْنَا بِالْغَسْلِ فَلَا يُجَدِّدُ مَاءً لِأَنَّه لَا يُمْكِنُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ لِاتِّصَالِهِ فَلَوْ جَدَّدْنَا لَهُ الْمَاءَ لَزِمَ التَّكْرَارُ فِي الْوَجْهِ بِخِلَافِ سَائِرِ الْمَسْنُونَاتِ

فَرْعَانِ الْأَوَّلُ قَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَغْسِلُ مَا تَحْتَ مَارِنِهِ وَالْمَارِنُ طَرَفُ الْأَنْفِ وَمَا غَارَ مِنْ أَجْفَانِهِ وَأَسَارِيرِ جَبْهَتِهِ بِخِلَافِ الْجِرَاحِ الَّتِي بَرِئَتْ غَائِرَةً أَوْ كَانَتْ خَلْقًا وَبِخِلَافِ مَا تَحْتَ الذَّقَنِ الثَّانِي فِي الْجَوَاهِرِ يَجِبُ إِيصَالُ الْمَاءِ إِلَى مَنَابِتِ الشَّعْرِ الْخَفِيفِ الَّذِي تَظْهَرُ الْبَشَرَةُ مِنْهُ بِالتَّخْلِيلِ كَالْحَاجِبَيْنِ وَالْأَهْدَابِ وَالشَّارِبِ وَالْعِذَارِ وَنَحْوِهَا وَلَا يَجِبُ فِي الْكَثِيفِ وَقِيلَ يَجِبُ لِأَنَّ الْخِطَابَ مُتَنَاوِلٌ لَهُ بِالْأَصَالَةِ وَلِغَيْرِهِ بِالرُّخْصَةِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا وَيَجِبُ غَسْلُ مَا طَالَ مِنَ اللِّحْيَةِ وَقِيلَ لَا يَجِبُ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلْ يُنْظَرُ إِلَى مَبَادِيهَا فَيَجِبُ أَوْ مُحَاذِيهَا فَلَا يَجِبُ كَمَا قِيلَ فِيمَا زَادَ مِنْ شَعْرِ الرَّأْسِ قَالَ الْمَازِرِيُّ عَلَى الْأَوَّلِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَالثَّانِي لِلْأَبْهَرِيِّ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ تُحَرَّكُ اللِّحْيَةُ مِنْ غَيْرِ تَخْلِيلٍ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُخَلِّلُهَا وَهُوَ يَحْتَمِلُ الْإِيجَابَ وَالنَّدْبَ وَجْهُ الْوُجُوب قَوْله تَعَالَى {فَاغْسِلُوا وُجُوهكُم} وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ وَمِنَ السُّنَّةِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ إِذَا تَوَضَّأَ أَخَذَ كَفًّا مِنْ مَاءٍ فَأَدْخَلَهُ تَحْتَ حَنَكِهِ ثُمَّ خَلَّلَ لِحْيَتَهُ وَقَالَ بِهَذَا أَمَرَنِي رَبِّي خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ قَالَ الْبُخَارِيُّ هَذَا أَصَحُّ مَا فِي الْبَابِ وبالقياس على غسل الْجِنَايَة وَقَالَ مَالك ذَلِك مَحْمُول على وضوء الْجِنَايَة لِأَنَّه مُطْلَقٌ فَلَا يَعُمُّ وَأَمَّا الْآيَةُ فَجَوَابُهَا أَنَّ الْوَجْهَ مِنَ الْمُوَاجَهَةِ وَاللِّحْيَةَ مِنَ الْمُوَاجَهَةِ الْآنَ فَلَا جَرَمَ وَجَبَ غَسْلُهَا وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ تَوَضَّأَ مَرَّةً فَغَسَلَ وَجْهَهُ بِغُرْفَةٍ وَكَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَثَّ اللِّحْيَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْغُرْفَةَ لَا تَعُمُّ الْوَجْهَ وَتَخْلِيلَ اللِّحْيَةِ وَالْبَشَرَةَ الَّتِي تَحْتَهَا

قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَكَمَا وَجَبَ غَسْلُ الْبَاطِنِ إِذَا ظَهَرَ كَمَوْضِعِ الْقَطْعِ مِنَ الشَّفَةِ وَأَثَرِ الْجِرَاحِ الظَّاهِرَةِ يَجِبُ أَنْ يَسْقُطَ غَسْلُ مَا ظَهَرَ إِذَا بَطَنَ فُرُوعٌ أَرْبَعَةٌ مِنَ الطَّرَّازِ الْأَوَّلُ إِذَا سَقَطَ الْوُجُوبُ اسْتَوَى عَلَى ذَلِكَ كَثِيفُ اللِّحْيَةِ وَخَفِيفُهَا عَلَى الْمَذْهَبِ وَقَوْلُ الْقَاضِي يَجِبُ إِيصَالُ الْمَاءِ لِلْخَفِيفِ لَا يُنَاقِضُهُ لِأَنَّه إِذَا أَمَرَّ يَدَهُ عَلَيْهَا وَحَرَّكَهَا وَصَلَ الْمَاءُ إِلَى الْمَحَالِّ الْمَكْشُوفَةِ فَإِنْ لَمْ يَصِلِ الْمَاءُ لِقِلَّتِهِ هُنَا يَقُولُ الْقَاضِي لَا يُجْزِئُهُ خِلَافًا ح الثَّانِي رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ لَيْسَ عَلَيْهِ تَخْلِيلُ لِحْيَتِهِ فِي الْجَنَابَةِ كَمَا فِي الْوُضُوءِ وَرَوَى أَشْهَبُ أَنَّ عَلَيْهِ تَخْلِيلَهَا قِيَاسًا عَلَى شَعْرِ الرَّأْسِ الثَّالِثُ إِذَا قُلْنَا لَا يَجِبُ فِي الْجَنَابَةِ فَهُوَ سُنَّةٌ وَلَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ مَشْرُوعٌ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْوُجُوبِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْجَنَابَةِ وَالْوُضُوءِ أَنَّ الْوَجْهَ مِنَ الْمُوَاجَهَةِ فَانْتَقَلَ الْحُكْمُ لِظَاهِرِ اللِّحْيَةِ وَالْجَنَابَةُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ الرَّابِعُ إِذَا قُلْنَا لَا يَجِبُ التَّخْلِيلُ فِي الْوُضُوءِ فَلَا بُدَّ مِنْ إِمْرَارِ الْيَدِ عَلَيْهَا بِالْمَاءِ وَتَحْرِيكِ يَدِهِ عَلَيْهَا لِأَنَّ الشَّعْرَ يُدْفَعُ بَعْضُهُ عَنْ بَعْضٍ فَإِنْ حُرِّكَ حَصَلَ الِاسْتِيعَابُ فِي غَسْلِ الظَّاهِرِ خِلَافًا ح فِي اقْتِصَارِهِ عَلَى الْمَسْحِ الْفَرْضُ الرَّابِعُ غَسْلُ الْيَدَيْنِ مَعَ الْمرْفقين وَقِيلَ لَا يَجِبُ غَسْلُ الْمِرْفَقَيْنِ حُجَّةُ الْأَوَّلِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تَوَضَّأَ وَأَدَارَ الْمَاءَ عَلَيْهِمَا وَقَالَ عِنْدَ كَمَالِ وُضُوئِهِ هَكَذَا تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي قَوْله تَعَالَى {إِلَى الْمَرَافِقِ} فَقِيلَ إِلَى بِمَعْنَى مَعَ كَقَوْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حِكَايَة عَن عِيسَى بن مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ {مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ} أَي مَعَ الله وَكَذَلِكَ {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالهم إِلَى أَمْوَالكُم} وَقيل هِيَ

لِلْغَايَةِ وَاخْتُلِفَ فِي الْغَايَةِ هَلْ تَدْخُلُ مَعَ الْمُغَيَّا أَوْ لَا تَدْخُلُ أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَا هُوَ مِنَ الْجِنْسِ فَيَدْخُلُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ فَلَا يَدْخُلُ أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْغَايَةِ الْمُنْفَصِلَةِ بِالْحِسِّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} فَإِنَّ اللَّيْلَ مُنْفَصِلٌ عَنِ النَّهَارِ بِالْحِسِّ فَلَا تَدْخُلُ وَبَيْنَ مَا لَا يَكُونُ مُنْفَصِلًا بِالْحِسِّ كَالْمَرَافِقِ فَيَدْخُلُ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ هَذَا خِلَافُهُمْ فِي الْغَايَةِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي الْغَايَةِ الَّتِي فِي الْآيَةِ فَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهَا غَايَةً لِلْمَغْسُولِ لِأَنَّه الْمَذْكُورُ فِي الْآيَةِ السَّابِقُ لِلْفَهْمِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ الْيَدُ اسْمٌ لِلْعُضْوِ والمغيا لَا بُدَّ أَنْ تَتَقَرَّرَ حَقِيقَتُهُ قَبْلَ الْغَايَةِ ثمَّ ينبسط إِلَى الْغَايَة وَهَهُنَا لَا تَكْمُلُ حَقِيقَةُ الْمُغَيَّا الَّذِي هُوَ غَسْلُ الْيَدِ إِلَّا بَعْدَ الْغَايَةِ فَيَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ غَايَةً لَهُ فَيَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ غَايَةً لِلْمَتْرُوكِ وَيَكُونُ الْعَامِلُ فِيهَا فِعْلًا مُضْمَرًا حَتَّى يَبْقَى مَعْنَى الْآيَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ وَاتْرُكُوا مِنْ آبَاطِكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَالْغَايَةُ لَا تَدْخُلُ فِي الْمُغَيَّا عَلَى الْخِلَافِ فَتَبْقَى الْغَايَةُ وَهِيَ الْمَرَافِقُ مَعَ الْمَغْسُولِ وَعَلَى هَذَا الْمَأْخَذِ يَتَخَرَّجُ الْخِلَافُ هُنَاكَ فِي الْكَعْبَيْنِ تَنْبِيهَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّ إِلَى غَايَةٌ لِلْمَغْسُولِ يَقْتَضِي أَنَّ لَفْظَ الْيَدِ اسْتُعْمِلَ مَجَازًا فِي بَعْضِهَا كَآيَةِ السَّرِقَةِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهَا غَايَةُ الْمَتْرُوكِ يَقْتَضِي أَنَّ الْيَدَ اسْتُعْمِلَتْ حَقِيقَةً فِي كُلِّهَا لَكِنْ يَقْتَضِي الْإِضْمَارَ وَإِذَا تَعَارَضَ الْمَجَازُ وَالْإِضْمَارُ اخْتَلَفَ الْأُصُولِيُّونَ فِي أَنَّ الْمَجَازَ أَرْجَحُ أَوْ يَسْتَوِيَانِ؟ الثَّانِي الْمِرْفَقُ يُقَالُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْفَاءِ وَبِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَاءِ فُرُوعٌ ثَمَانِيَةٌ الْأَوَّلُ مَنْ قُطِعَ مِنَ السَّاعِدِ أَوْ مِنَ الْمِرْفَقَيْنِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ لِأَنَّ الْقَطْعَ يَأْتِي عَلَيْهَا

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ وَالتَّيَمُّمُ مِثْلُهُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ يُرِيدُ فِي اسْتِيعَابِ الْمِرْفَقَيْنِ لَا فِي الْوُجُوبِ لِاخْتِصَاصِ التَّيَمُّمِ عِنْدَنَا بِالْكُوعَيْنِ الثَّانِي فِي الطَّرَّازِ لَوْ وَقَعَ الْقَطْعُ بَعْدَ الْوُضُوءِ وَقَدْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنَ الْمِرْفَقَيْنِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ خِلَافًا لِمُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ لِأَنَّ مُوجِبَ الْأَمْرِ قَدْ حَصَلَ قَبْلَ الْقَطْعِ الثَّالِثُ لَوْ بَقِيَتْ جِلْدَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالذِّرَاعِ أَوِ الْمِرْفَقِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ يَجِبُ غَسْلُهَا لِأَنَّ أَصْلَهَا فِي مَحَلِّ الْفَرْضِ وَإِنْ جَاوَزَتْ إِلَى الْعَضُدِ لَمْ تَجِبِ اعْتِبَارًا بِأَصْلِهَا وَمَوْضِعِ اسْتِمْدَادِ حَيَاتِهَا وَإِنِ انْقَطَعَتْ مِنَ الْعَضُدِ وَتَعَلَّقَتْ بِالْمِرْفَقِ أَوِ الذِّرَاعِ وَجَبَ غَسْلُهَا قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مَا لَا يَجِبُ فِي أَصْلِ خِلْقَتِهِ لَا يَكُونُ وَاجِبًا وَلِهَذَا الْمَعْنَى يُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا الْفَرْعِ وَبَيْنَ السَّلَعَةِ إِذَا ظَهَرَتْ فِي الذِّرَاعِ الرَّابِعُ إِذَا وَجَدَ الْأَقْطَعُ مَنْ يُوَضِّئُهُ لَزِمَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ بِأَجْرٍ كَمَا يَلْزَمُهُ شِرَاءُ الْمَاءِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ وَقَدَرَ عَلَى مَسِّ الْمَاءِ مِنْ غَيْرِ تَدُلُّكٍ وَجَبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَسَقَطَ عَنْهُ الْمَعْجُوزُ عَنْهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ لَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْغَسْلِ الْإِمْسَاسُ مَعَ الدَّلْكِ فَإِذَا فَاتَ أَحَدُهُمَا فَلَا غَسْلَ وَيَجِبُ عَلَيْهِ مَسْحُ وَجْهِهِ بِالْأَرْضِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَجُوزُ لِمَنْ يَقْدِرُ عَلَى مَسِّ الْمَاءِ وَاعْتِبَارًا بِمَا لَا تَصِلُ الْيَدُ إِلَيْهِ مِنَ الظَّهْرِ الْخَامِسُ مَنْ طَالَتْ أَظْفَارُهُ عَنْ أَصَابِعِهِ كَأَهْلِ السِّجْنِ وَغَيْرِهِمْ قَالَ وَجَبَ عَلَيْهِمْ غَسْلُ الْخَارِجِ عَنِ الْأَصَابِعِ فَإِنْ تَرَكُوهُ خَرَجَ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَا طَالَ مِنْ شَعْرِ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا فَإِنَّ الشَّعْرَ زِيَادَةٌ عَلَى الْعُضْوِ وَالظُّفُرُ مِنْهُ لِأَنَّ أَصْلَهُ حَيٌّ بِمَنْزِلَةِ الْعُضْوِ وَإِنَّمَا فَارَقَتْهُ الْحَيَاةُ لَمَّا طَالَ فَأَشْبَهَ الْأُصْبُعَ الشَّلَّاءَ

السَّادِسُ مَنْ لَهُ أُصْبُعٌ زَائِدَةٌ فِي كَفِّهِ قَالَ يَجِبُ غَسْلُهَا لِأَنَّهَا مِنَ الْيَدِ فَيَتَنَاوَلُهَا الْخِطَابُ وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَتْ لَهُ كَفٌّ زَائِدَةٌ فِي ذِرَاعِهِ وَجَبَ غَسْلُهَا تَبَعًا لِمَحَلِّ الْفَرْضِ قَالَ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ يَدٌ زَائِدَةٌ فِي مَحَلِّ الْفَرْضِ فَإِنْ كَانَ أَصْلُهَا فِي الْعَضُدِ أَوِ الْمَنْكِبِ وَلَهَا مِرْفَقٌ وَجَبَ غَسْلُهَا لِمِرْفَقِهَا لِتَنَاوُلِ الْخِطَابِ لَهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مِرْفَقٌ لَمْ تَدْخُلْ فِي الْخِطَابِ سَوَاءٌ بَلَغَتْ أَصَابِعُهَا لِلْمِرْفَقِ أَمْ لَا السَّابِعُ قَالَ فِي تَخْلِيلِ الْأَصَابِعِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ وُجُوبُهُ فِي الْيَدَيْنِ وَاسْتِحْبَابُهُ فِي الرِّجْلَيْنِ لِمَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَابْنِ حَبِيبٍ وَعَدَمُ الْوُجُوبِ فِيهِمَا لِابْنِ شَعْبَانَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ وَهْبٍ الرُّجُوعَ إِلَى تخليلها وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ أَمْرَانِ هَلْ خُلَلُ الْأَصَابِعِ مِنَ الْبَاطِنِ فَيَسْقُطُ كَدَاخِلِ الْفَمِ وَالْأَنْفِ وَالْعَيْنِ أَوْ مِنَ الظَّاهِرِ فَيَجِبُ؟ وَهَلْ مُحَاكَّتُهَا وَتَدَافُعُهَا حَالَةَ الْغسْل تقوم مقَام الْغسْل أَو لَا؟ فَرْعٌ مُرَتَّبٌ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ يَبْدَأُ بِتَخْلِيلِ الرِّجْلَيْنِ بِخِنْصَرِ الْيُمْنَى لِأَنَّه يُمْنَى أَصَابِعِهَا وَيَخْتِمُ بِإِبْهَامِهَا لِأَنَّه يُسْرَى أَصَابِعِهَا وَيَبْتَدِئُ بِإِبْهَامِ الْيُسْرَى لِأَنَّه يُمْنَى أَصَابِعِهَا وَيَخْتِمُ بِخِنْصَرِهَا الثَّامِنُ قَالَ فِي الْخَاتَمِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قَالَ مَالِكٌ فِي الْوَاضِحَةِ يُحَرِّكُهُ إِنْ كَانَ ضَيِّقًا وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ يُحَرِّكُهُ مُطْلَقًا وَلِمَالِكٍ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لَا يُحَرِّكُهُ مُطْلَقًا لِأَنَّه يَطُولُ لُبْسُهُ فَجَازَ الْمَسْحُ عَلَيْهِ قِيَاسًا عَلَى الْخُفِّ قَالَ وَإِذَا جَوَّزْنَا الْمَسْحَ عَلَيْهِ وَكَانَ ضَيِّقًا فَنَزَعَهُ بَعْدَ وُضُوئِهِ وَلَمْ يَغْسِلْ مَوْضِعَهُ لَمْ يُجْزِهِ إِلَّا أَنْ يَتَيَقَّنَ إِصَابَةَ الْمَاءِ لِمَا تَحْتَهُ وَقَدْ عُلِمَ الِاخْتِلَافُ فِيمَنْ تَوَضَّأَ وَعَلَى يَدِهِ خَيْطٌ مِنْ عَجِينٍ فَإِنْ كَانَ الْخَاتَمُ ذَهَبًا لَمْ يُعْفَ عَنْ غَسْلِ مَا تَحْتَهُ فِي حَقِّ الرِّجَالِ لِتَحْرِيمِهِ عَلَيْهِمْ وَالْحُرْمَةُ تُنَافِي الرُّخْصَةَ قَالَ سَحْنُونُ لُبْسُهُ فِي الصَّلَاةِ يُوجِبُ الْإِعَادَةَ فِي الْوَقْتِ

الْفَرْضُ الْخَامِسُ مَسْحُ جَمِيعِ الرَّأْسِ فِي الْكِتَابِ يَمْسَحُ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ عَلَى الرَّأْسِ كُلِّهِ وَدَلَالِيِّهِمَا وَلَا يُحَلُّ الْمَعْقُوصُ خِلَافًا ش فِي اقْتِصَارِهِ على أقل مَا يُسمى مسحا وَلأبي ح فِي اقْتِصَارِهِ عَلَى النَّاصِيَةِ وَحَدُّهُ مِنْ مَنْبَتِ الشَّعْرِ الْمُعْتَادِ إِلَى الْقَفَا وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ إِلَى مُنْتَهَى مَنْبَتِ الشَّعْرِ مُحْتَجًّا بِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَسَحَ رَأْسَهُ حَتَّى أَخْرَجَ يَدَيْهِ مِنْ تَحْتِ أُذُنَيْهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ لَا حُجَّةَ فِيهِ وَالْأَحَادِيثُ الثَّابِتَةُ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَلَغَ إِلَى الْقَفَا وَمِنَ الْأُذُنَيْنِ إِلَى الْأُذُنَيْنِ وَجَوَّزَ ابْنُ مَسْلَمَةَ تَرْكَ الثُّلُثَ وَالْقَاضِي أَبُو الْفَرَجِ تَرْكَ الثُّلُثَيْنِ وَأَوْجَبَ أَشْهَبُ النَّاصِيَةَ وَعَنْهُ أَيْضًا بَعْضٌ غَيْرُ مَحْدُودٍ حُجَّةُ الْمَشْهُورِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْقِيَاسُ أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى {وامسحوا برؤوسكم} وَجْهُ التَّمَسُّكِ بِهِ مِنْ وُجُوهٍ أَحَدُهَا أَنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ تُؤَكَّدُ بِمَا يَقْتَضِي الْعُمُومَ فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِالْعُمُومِ لِقَوْلِهِمُ امْسَحْ بِرَأْسِكَ كُلِّهِ وَالتَّأْكِيدُ تَقْوِيَة لما كَانَ ثَابتا فِي الأَصْل وَثَانِيهمَا أَنَّهَا صِيغَةٌ يَدْخُلُهَا الِاسْتِثْنَاءُ فَيُقَالُ امْسَحْ بِرَأْسِكَ إِلَّا نِصْفَهُ أَوْ إِلَّا ثُلُثَهُ وَالِاسْتِثْنَاءُ عِبَارَةٌ عَمَّا لَوْلَاهُ لَانْدَرَجَ الْمُسْتَثْنَى تَحْتَ الْحُكْمِ وَمَا مِنْ جُزْءٍ إِلَّا يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْ هَذِهِ الصِّيغَةِ فَوَجَبَ انْدِرَاجُ جُمْلَةِ الْأَجْزَاءِ تَحْتَ وُجُوبِ الْمَسْحِ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ وَثَالِثُهَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَفْرَدَهُ بِذِكْرِهِ وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ أَقَلَّ جُزْءٍ مِنَ الرَّأْسِ لَاكْتَفَى بِذِكْرِ الْوَجْهِ لِأَنَّه لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ مُلَامَسَةِ جُزْءٍ مِنَ الرَّأْسِ وَأَمَّا السُّنَّةُ فَمَا رُوِيَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ مَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ وَعِمَامَتِهِ وَلَوْ كَانَ الِاقْتِصَارُ عَلَى مَسْحِ بَعْضِ الرَّأْسِ جَائِزًا لَمَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِالنَّاصِيَةِ

وَأَمَّا الْقِيَاسُ فَنَقُولُ عُضْوٌ شُرِعَ الْمَسْحُ فِيهِ بِالْمَاءِ فَوَجَبَ أَنْ يَعُمَّهُ حُكْمُهُ قِيَاسًا عَلَى الْوَجْهِ فِي التَّيَمُّمِ أَوْ نَقُولُ لَوْ لَمْ يَجِبِ الْكُلُّ لَوَجَبَ الْبَعْضُ وَلَوْ وَجَبَ الْبَعْضُ لَوَجَبَ الْبَعْضُ الْآخَرُ قِيَاسًا عَلَيْهِ وَهَذَا قِيَاسٌ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْفَارِقُ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ وَأَمَّا قَوْلُ الشَّافِعِيَّةِ إِنَّ الْفِعْلَ فِي الْآيَةِ مُتَعَدٍّ فيستغنى عَن الْبَاء فَتكون للتبغيض صَوْنًا لِكَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى عَنِ اللَّغْوِ قُلْنَا الْجَواب عَنهُ من وُجُوه أَحدهمَا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ مُسْتَغْنٍ عَنِ الْبَاءِ وَتَقْرِيرُهُ أَنَّ فِعْلَ الْمَسْحِ يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ أَحَدُهُمَا بِنَفْسِهِ وَالثَّانِي بِالْبَاءِ إِجْمَاعًا كَقَوْلِنَا مَسَحْتُ يَدِي بِالْمِنْدِيلِ فَالْمِنْدِيلُ الْمُزِيلُ عَنِ الْيَدِ وَإِذَا قُلْنَا مَسَحْتُ الْمِنْدِيلَ بِيَدِي فَالْيَدُ الْمُزِيلَةُ وَالْمِنْدِيلُ الْمُزَالُ عَنْهُ وَالرُّطُوبَةُ فِي الْوُضُوءِ إِنَّمَا هِيَ فِي الْيَدِ فَتُزَالُ عَنْهَا بِالرَّأْسِ فَيَكُونُ مَعْنَى الْآيَةِ فامسحوا أَيْدِيكُم برؤوسكم فَالْمَفْعُولُ الْأَوَّلُ هُوَ الْمَحْذُوفُ وَهُوَ الْمُزَالُ عَنْهُ وَالرَّأْسُ الْمَفْعُولُ الثَّانِي الْمُزَالُ بِهِ فَالْبَاءُ عَلَى بَابِهَا لِلتَّعْدِيَةِ الثَّانِي سَلَّمْنَا أَنَّهَا لَيْسَتْ لِلتَّعْدِيَةِ فَلِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لِلْمُصَاحَبَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {تنْبت بالدهن} بِضَمِّ التَّاءِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عُدِّيَ بِالْهَمْزَةِ فَتَتَعَيَّنُ الْبَاءُ لِلْمُصَاحَبَةِ لِأَنَّه لَا يَجْتَمِعُ عَلَى الْفِعْلِ مُعَدِّيَانِ وَكَقَوْلِنَا جَاءَ زَيْدٌ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَالْبَاءُ فِي هَذَا الْقَوْلِ لِلْمُصَاحَبَةِ دُونَ التَّعْدِيَةِ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ لِلتَّعْدِيَةِ لَحَسُنَ أَنْ تَقُومَ الْهَمْزَةُ مَقَامَهَا فَيُقَالَ أَجَاءَ زَيْدٌ مِائَةَ دِينَارٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الثَّالِثُ سَلَّمْنَا أَنَّهَا لَيْسَتْ لِلْمُصَاحَبَةِ فَلِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ زَائِدَةً لِلتَّأْكِيدِ فَإِنَّ كُلَّ حَرْفٍ يُزَادُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ فَهُوَ لِلتَّأْكِيدِ قَائِمٌ مُقَامَ إِعَادَةِ الْجُمْلَةِ مَرَّةً أُخْرَى والتأكيد أرجح مِمَّا ذكر تموه من التبغيض فَإِنَّهُ مجمع عَلَيْهِ والتبغيض مُنْكَرٌ عِنْدَ أَئِمَّةِ الْعَرَبِيَّةِ حَتَّى إِنَّ ابْنَ جِنِّي شَنَّعَ عَلَيْهِ وَقَالَ لَا يَعْرِفُ الْعَرَبُ الْبَاء للتبغيض

فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ مَجَازًا مَرْجُوحًا وَحَمْلُ كِتَابِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ أَوْلَى مِنَ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ فَضْلًا عَنِ الْمُنْكَرِ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ تَعْمِيمُ الْوَجْهِ فِي التَّيَمُّمِ إِنَّمَا ثَبَتَ بِالسنةِ وَكَانَ مُقْتَضى الْبَاء فِيهِ التبغيض فَنَقُولُ عَلَى مَا ذَكَرْتُمُوهُ تَكُونُ السُّنَّةُ مُعَارِضَةً لِلْكِتَابِ وَعَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ لَا تَكُونُ مُعَارِضَةً بَلْ مُبَيِّنَةً مُؤَكِّدَةً وَعَدَمُ التَّعَارُضِ أَوْلَى وَأَمَّا وَجْهُ الْقَوْلِ بِالثُّلُثَيْنِ فَلِأَنَّهُ عُضْوٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَالثُّلُثُ فِي حَيِّزِ الْقِلَّةِ بِدَلِيلِ إِبَاحَتِهِ لِلْمَرِيضِ وَالْمَرْأَةِ الْمُتَزَوِّجَةِ مَعَ الْحَجْرِ عَلَيْهِمَا وَوَجْهُ الرُّبُعِ مَسْحُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالنَّاصِيَةِ وَالْعِمَامَةِ وَالنَّاصِيَةُ نَحْوُ الرُّبُعِ وَوَجْهُ الِاقْتِصَارِ عَلَى أَقَلِّ مَا يُسَمَّى مسحا أَن الْبَاء للتبغيض وَلَيْسَ الْبَعْضُ أَوْلَى مِنَ الْبَعْضِ فَيُقْتَصَرُ عَلَى أَقَلِّ مَا يُسَمَّى مَسْحًا وَقَدْ عَرَفْتَ مَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فُرُوعٌ أَحَدَ عَشَرَ الْأَوَّلُ حُكِي فِي تَعَالِيقِ الْمَذْهَبِ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ لِسَحْنُونَ فَقَالَ تَوَضَّأْتُ لِلصُّبْحِ وَصَلَّيْتُ بِهِ الصُّبْحَ وَالظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ ثُمَّ أَحْدَثْتُ وَتَوَضَّأْتُ فَصَلَّيْتُ الْعِشَاءَ ثُمَّ تَذَكَّرْتُ أَنِّي نَسِيتُ مَسْحَ رَأْسِي مِنْ أَحَدِ الْوُضُوءَيْنِ لَا أَدْرِي أَيُّهُمَا هُوَ؟ فَقَالَ سَحْنُونُ امْسَحْ بِرَأْسِكَ وَأَعِدِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ فَذَهَبَ فَأَعَادَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ وَنَسِيَ مَسْحَ رَأْسِهِ فَجَاءَ إِلَيْهِ فَقَالَ أَعَدْتُ الصَّلَوَاتِ وَنَسِيتُ مَسْحَ رَأْسِي فَقَالَ لَهُ امْسَحْ بِرَأْسِكَ وَأَعِدِ الْعِشَاءَ وَحْدَهَا فَفَرَّقَ سَحْنُونُ بَيْنَ الْجَوَابَيْنِ مَعَ أَنَّ السَّائِلَ نَسِيَ فِي الْحَالَتَيْنِ وَوَجْهُ الْفِقْهِ فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ أَمَرَهُ أَوَّلًا بِإِعَادَةِ الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا لِتَطَرُّقِ الشَّكِّ لِلْجَمِيعِ وَالذِّمَّةُ مُعَمَّرَةٌ بِالصَّلَوَاتِ حَتَّى يَتَحَقَّقَ الْمُبَرِّئَ فَلَمَّا أَعَادَهَا بِوُضُوءِ الْعِشَاءِ صَارَتِ الصَّلَوَاتُ الْأَرْبَعُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا قَدْ صُلِّيَتْ بِوُضُوءَيْنِ الْوُضُوءِ الْأَوَّلِ

وَالثَّانِي وَأَمَّا الْعِشَاءُ فَصُلِّيَتْ بِوُضُوئِهَا أَوَّلًا وَأُعِيدَتْ بِوُضُوئِهَا أَيْضًا فَلَمْ يُوجَدْ فِيهَا إِلَّا وُضُوءٌ وَاحِدٌ فَجَازَ أَنْ يَكُونَ هُوَ الَّذِي نَسِيَ مِنْهُ مَسْحَ الرَّأْسِ فَلَمْ تَتَحَقَّقْ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنْهَا فَتَجِبُ إِعَادَتُهَا وَأَحَدُ الْوُضُوءَيْنِ فِي الصَّلَوَاتِ الْأَوَّلِ صَحِيحٌ جَزْمًا بِأَنَّهُ مَا نَسِيَ الْمَسْحَ إِلَّا مِنْ أَحَدِهِمَا وَإِذَا وَقَعَتْ بِوُضُوءَيْنِ صَحِيحٍ وَفَاسِدٍ صَحَّتْ بِالْوُضُوءِ الصَّحِيحِ فَلَا تُعَادُ وَلَا فَرْقَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الصَّلَوَاتُ الْأُوَلُ كُلُّ وَاحِدَةٍ بِوُضُوءٍ أَوْ كُلُّهَا بِوُضُوءٍ وَهَذَا فَرْعٌ لَا يَكَادُ تَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ فِيهِ الثَّانِي مَنْ نَسِيَ مَسْحَ رَأْسِهِ وَذَكَرَهُ فِي الصَّلَاةِ وَفِي لِحْيَتِهِ بَلَلٌ قَالَ مَالِكٌ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ فِي الْكِتَابِ لَا يُجْزِئُهُ مَسْحُهُ بِذَلِكَ الْبَلَلِ وَيُعِيدُ الصَّلَاةَ بَعْدَ مَسْحِ رَأْسِهِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ يَحْتَمِلُ قَوْلُهُ الْوُجُوبَ وَالنَّدْبَ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُجْزِئُهُ إِنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً قَرِيبًا وَكَانَ فِي الْبَلَلِ فَضْلٌ بَيِّنٌ قَالَ الْمَازِرِيُّ الْمَسْأَلَةُ تَتَخَرَّجُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ وَحُجَّةُ عَبْدِ الْمَلِكِ مَا رُوِيَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَأْنِفْ لِرَأْسِهِ مَاءً الثَّالِثُ فِي الْجِلَابِ لَا يُسْتَحَبُّ فِيهِ التَّكْرَارُ وَهِيَ إِحْدَى خَمْسِ مَسَائِلَ لَا يُسْتَحَبُّ فِيهَا التَّكْرَارُ هَذِهِ وَالْوَجْهُ وَالْيَدَانِ فِي التَّيَمُّمِ وَالْجَبَائِرُ وَالْخُفَّانِ لِأَنَّ حِكْمَةَ الْمَسْحِ التَّخْفِيفُ إِذْ لَوْلَا ذَلِكَ لَشَرَّعَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ غَسْلًا فَلَوْ كُرِّرَ لَخَرَجَ بِتَكْرَارِهِ عَنِ التَّخْفِيفِ فَتَبْطُلُ حِكْمَتُهُ الرَّابِعُ فِي الْجَوَاهِرِ يُجْزِئُ الْغَسْلُ عَنِ الْمَسْحِ فِيهِ عِنْدَ ابْنِ شَعْبَانَ لِأَنَّ الْغَسْلَ إِنَّمَا سَقَطَ لُطْفًا بِالْمُكَلَّفِ فَإِذَا عَدَلَ إِلَيْهِ أَجْزَأَهُ كَالصَّوْمِ فِي السَّفَرِ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ عَلَيْهِ الْمَسْحَ وَحَقِيقَتُهُ مُبَايَنَةٌ لِلْغَسْلِ وَلَمْ يَأْتِ بِهِ وَكَرِهَهُ آخَرُونَ لِتَعَارُضِ الْمَآخِذِ الْخَامِسُ مَا انْسَدَلَ مِنَ الشَّعْرِ مِنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ قَالَ الْمَازِرِيُّ فِيهِ قَوْلَانِ كَالْمُنْسَدِلِ مِنَ اللِّحْيَةِ نَظَرًا إِلَى مَبَادِئِهِ فَيَجِبُ أَوْ مُحَاذِيهِ فَلَا يَجِبُ

قَالَ ابْنُ يُونُسَ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ عَائِشَةَ وَجُوَيْرِيَّةَ زَوْجَتَيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَصَفِيَّةَ زَوْجَ ابْنِ عُمَرَ كُنَّ إِذَا تَوَضَّأْنَ أدخلن أَيْدِيهنَّ تَحت الْوِقَايَة فيمسحن جَمِيع رؤوسهن وَقَالَ مَالِكٌ تَمْسَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى مَا اسْتَرْخَى مِنْ دَلَالِيهَا وَإِنْ كَانَ شَعْرُهَا مَعْقُوصًا مَسَحَتْ عَلَى ضُفُرِهَا. وَكَذَلِكَ الطَّوِيلُ الشَّعْرِ مِنَ الرِّجَالِ إِذَا ضَفَّرَهُ وَقَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ يُمِرُّ بِيَدَيْهِ عَلَى قَفَاهُ ثُمَّ يُعِيدُهُمَا مِنْ تَحْتِ شِعْرِهِ إِلَى مُقَدَّمِ رَأْسِهِ. قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا كَانَ فِي شَعْرِهَا خَيْطٌ أَوْ شَعْرٌ لَمْ يُجَزْ مَسْحُهَا حَتَّى تَنْزِعَهُ إِذَا لَمْ يَصِلِ الْمَاءُ إِلَى شَعْرِهَا بِشَيْءٍ لِلَعْنِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ. السَّادِسُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا تَوَضَّأَ وَحَلَقَ رَأْسَهُ لَيْسَ عَلَيْهِ إِعَادَةُ مَسْحِهِ وَكَذَلِكَ قَالَ فِيمَنْ قَلَّمَ أَظْفَارَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِم وَبَلغنِي عَن عبد الْعَزِيز ابْن أَبِي سَلَمَةَ أَنَّهُ قَالَ هَذَا مِنْ لَحْنِ الْفِقْهِ. قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ لَا يُعْرَفُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُخَالِفٌ إِلَّا ابْنَ جَرِيرٍ الطَّبَرِيَّ لِأَن الْفَرْض قد سقط أَولا فزاول الشَّعْرِ لَا يُوجِبُهُ كَمَا إِذَا غَسَلَ وَجْهَهُ أَوْ تَيَمَّمَ ثُمَّ قُطِعَ أَنْفُهُ وَلِأَنَّ الصَّحَابَةَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ كَانُوا يَحْلِقُونَ بِمِنًى ثُمَّ يَنْزِلُونَ لِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ إِعَادَةُ مَسْحِ رَأْسِهِ وَلِأَنَّهُ لَا يُعَادُ الْغُسْلُ لِلْجَنَابَةِ وَهِيَ أَوْلَى لِأَنَّ مَنَابِتَ الشَّعْرِ لَمْ تُغْسَلْ قَبْلَ الْحَلْقِ وَهِيَ مِنَ الْبَشَرَةِ الْمَأْمُورِ بِغَسْلِهَا وَأَمَّا كَلَامُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهَذَا مِنْ لَحْنِ الْفِقْهِ فَكَلَامٌ مُحْتَمَلٌ. قَالَ ابْنُ دُرَيْد اللّحن فطنة وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضِ أَيْ أَفْطَنَ لَهَا. وَأَصْلُ اللَّحْنِ أَنْ تُرِيدَ الشَّيْءَ فَتُوَرِّيَ عَنْهُ وَاسْتَشْهَدَ بِقَوْلِ الْفَرَزْدَقِ

(وَحَدِيثٌ أَلَذُّهُ وَهْوَ مِمَّا ... يَشْتَهِي النَّاعِتُونَ يُوزَنُ وزنا) (منطق صائب وتلحن أَحْيَانًا ... وَأَحْلَى الْحَدِيثِ مَا كَانَ لَحْنًا) قَالَ ابْنُ يُونُسَ ذَكَرَ أَهْلُ اللُّغَةِ أَنَّ اللَّحْنَ بِإِسْكَانِ الْحَاءِ الْخَطَأُ وَبِفَتْحِهَا الصَّوَابُ فَمَنْ رَوَاهَا بِالْإِسْكَانِ فَمَعْنَاهُ أَنَّ الْقَوْلَ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ خَطَأٌ وَبِالتَّحْرِيكِ مَعْنَاهُ أَنَّ الْقَوْلَ بِعَدَمِ النَّقْضِ صَوَابٌ وَقَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ مَعْنَاهُ أَنَّهُ عَابَ قَوْلَ مَالِكٍ وَوَافَقَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ وَقَالَ لَا يتلفت إِلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ إِنَّهُ أَرَادَ تَخْطِئَةَ غَيْرِنَا. وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي النُّكَتِ يَحْتَمِلُ كَلَامه التصويب والتخطئة فلإن اللَّحْنَ مِنْ أَسْمَاءِ الْأَضْدَادِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْخُفَّيْنِ وَمَسْحِ الرَّأْسِ أَنَّ الشَّعْرَ أَصْلٌ وَالْخُفَّ فَرْعٌ فَإِذَا زَالَ رَجَعَ إِلَى الْأَصْلِ وَفَرَّقَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ بِأَنَّ مَاسِحَ الرَّأْسِ مَقْصُودُهُ الرَّأْسُ لَا الشَّعْرُ فَإِنْ كَانَ الرَّأْسُ مِنَ التَّرَاوُسِ فَقَدْ صَادَفَ الْوَاجِبَ وَإِنْ كَانَ الرَّأْسُ الْعُضْوَ فَهُوَ الْمَقْصُودُ بِالْمَسْحِ وَالشَّعْرُ تَبَعٌ بِخِلَافِ الْخُفِّ فَإِنَّهُ الْمَقْصُودُ وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي الْأَظْفَارِ هِيَ تَبَعٌ أَيْضًا. قَالَ وَقَدْ فَرَّعَ أَصْحَابُنَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِاللَّحْنِ الْخَطَأُ إِذَا قُطِعَتْ بَضْعَةٌ مِنْهُ بَعْدَ الْوُضُوءِ أَنَّهُ يَغْسِلُ مَوْضِعَ الْقَطْعِ أَوْ يَمْسَحُ إِنْ تَعَذَّرَ الْغَسْلُ وَهُوَ تَخْرِيجٌ فَاسِدٌ فَإِنَّهُ لَا يُعْرَفُ لِأَحَدٍ فَإِنَّا نَعْلَمُ أَنَّ الصَّحَابَةَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ كَانُوا يُجْرَحُونَ وَيُصَلُّونَ بِجِرَاحِهِمْ مِنْ غَيْرِ إِعَادَةٍ وَفِي الْبُخَارِيِّ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ أَنَّ رَجُلًا رُمِيَ بِسَهْمٍ وَهُوَ يُصَلِّي وَنَزَفَهُ الدَّمُ فَرَكَعَ وَسَجَدَ وَمَضَى فِي صَلَاتِهِ. السَّابِعُ قَالَ فِي الْكِتَابِ الْأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ وَيَسْتَأْنِفُ لَهُمَا الْمَاءَ فَإِنْ نَسِيَ حَتَّى صَلَّى فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ وَيَمْسَحُهُمَا لِلْمُسْتَقْبَلِ وَكَذَلِكَ إِنْ نَسِيَ دَاخِلَهُمَا. قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ اخْتُلِفَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ هُمَا فِي الرَّأْسِ قِيلَ فِي وُجُوبِ الْمَسْحِ وَقِيلَ فِي الْمَسْحِ دُونَ الْوُجُوبِ وَاعْتُذِرَ بِهَذَا عَنْ عَدَمِ الْإِعَادَةِ وَالْقَوْلَانِ لِلْأَصْحَابِ.

وَقَالَ الشَّعْبِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ يَغْسِلُ بَاطِنَهُمَا مَعَ الْوَجْهِ وَيَمْسَحُ ظَاهِرَهُمَا مَعَ الرَّأْسِ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ يُغْسَلَانِ مَعَ الْوَجْهِ. حُجَّةُ الْأَوَّلِ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَالْمِقْدَادَ وَالرَّبِيعَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ذَكَرُوا وُضُوءَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَكُلُّهُمْ مَسَحَ أُذُنَيْهِ ظَاهِرَهُمَا وَبَاطِنَهُمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَفِيهِمَا عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ الْأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ إِلَّا أَنَّهُ يَرْوِيهِ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ وَقَدْ تكلم فِيهِ. حجَّة الثَّانِي قَالَ المزري إِنَّ الْأُمَّةَ مُجْمِعَةٌ عَلَى أَنَّ مَسْحَهُمَا لَا يُجْزِئُهُ عَنِ الرَّأْسِ مَعَ أَنَّ أَكْثَرَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ بَعْضَ الرَّأْسِ يُجْزِئُ مَسْحُهُ. حُجَّةُ الثَّالِث قَول عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي سُجُودِهِ سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ فَأَضَافَهُمَا لِلْوَجْهِ وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّ الْوَجْهَ يُرَادُ بِهِ هُنَا الْجُمْلَةُ لِأَنَّهُ اللَّائِقُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْخُضُوعِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَهَذَا الْمَجَازُ جَائِزٌ كَمَا قَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبك} أَيْ ذَاتُهُ وَصِفَاتُهُ. وَهُوَ مُعَارَضٌ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَإِذَا غَسَلَ وَجْهَهُ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ وَجْهِهِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ أَشْفَارِ عَيْنَيْهِ فَإِذَا مَسَحَ بِرَأْسِهِ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ رَأْسِهِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ أُذُنَيْهِ فَأَضَافَهُمَا إِلَى الرَّأْسِ كَمَا أَضَافَ الْعَيْنَيْنِ إِلَى الْوَجْهِ. وَأَمَّا تَجْدِيدُ الْمَاءِ فَقَدِ احْتَجَّ بِهِ بَعْضُ الْأَصْحَابِ عَلَى أَنَّ مَسْحَهُمَا سُنَّةٌ وَإِلَّا لَمُسِحَا مَعَ الرَّأْسِ بِمَائِهِ كَالصُّدْغِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَجْزَاءِ الرَّأْسِ وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِي إنَّهُمَا سنة ويجدد المَاء لَهما. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ لَا يُجَدَّدُ مُحْتَجًّا بِأَنَّ كل من وصف وضوء رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَمْ يَنْقُلِ التَّجْدِيدَ بَلِ الَّذِي فِي الصَّحِيحَيْنِ لَمْ يَذْكُرِ الْأُذُنَ أَصْلًا لِاعْتِقَادِ أَنَّهُمَا مِنَ الرَّأْس.

حجتنا أَنَّهُمَا مباينان للرأس حَقِيقَة وَحكما أم الْحَقِيقَة فبالمشاهدة فإنهماغضاريف مُنْفَرِدَةٌ عَنِ الرَّأْسِ بِحَاجِزٍ خَالٍ مِنَ الشَّعْرِ وَأَمَّا حُكْمُهُمَا فَلَا خِلَافَ أَنَّ مَسْحَهُمَا بَعْدَ مَسْحِ الرَّأْسِ وَالْمُحْرِمُ لَا يُؤْمَرُ بِحَلْقِ شَعْرِهِمَا وَجِنَايَتُهُمَا مُنْفَرِدَةٌ بِأَرْشِهَا وَإِذَا تَحَقَّقَ التَّبَايُنُ وَجَبَ تَجْدِيدُ الْمَاءِ لَهُمَا. وَفِي الْمُوَطَّأِ كَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يُجَدِّدُ لَهُمَا الْمَاءَ وَهُوَ شَدِيدُ الِاتِّبَاعِ جِدًّا وَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. فُرُوعٌ مُرَتَّبَةٌ: الْأَوَّلُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِذَا قُلْنَا مَسْحُهُمَا سُنَّةٌ فَلَا يَمْسَحُهُمَا بِمَاءِ الرَّأْسِ قَالَ مَالِكٌ فَإِنْ فَعَلَ أَعَادَ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ إِنْ شَاءَ جَدَّدَ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يُجَدِّدْ وَيَمْسَحُ بِمَاءِ الرَّأْسِ وَإِنْ قُلْنَا إِنَّ مَسَحَهُمَا وَاجِبٌ فَتَرَكَهُمَا سَهْوًا وَصَلَّى فَلَا يُخْتَلَفُ فِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ وَالَّذِي صَرَفَ الْمُتَأَخِّرِينَ عَنِ الْإِعَادَةِ إِجْمَاعُ الْمُتَقَدِّمِينَ عَلَى الصِّحَّةِ. وَاخْتُلِفَ فِي التَّعْلِيلِ فَقِيلَ هُوَ اسْتِحْسَانٌ وَلَيْسَ بِقِيَاسٍ وَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ السَّبَبُ اجْتِمَاعُ خِلَافَيْنِ فِي كَوْنِهِمَا مِنَ الرَّأْسِ وَوُجُوبِ مَسْحِهِمَا. فَإِنْ تَرَكَهُمَا عَمْدًا اخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِالْوُجُوبِ فَتَعْلِيلُ الْأَبْهَرِيِّ يَقْتَضِي صِحَّةَ الصَّلَاةِ وَقَالَ بعض أَصْحَابنَا يُعِيد الْوضُوء وَحمل قَول مَالك على السَّهْو اسْتِحْسَان. الثَّانِي فِي كَيْفِيَّةِ مَسْحِهِمَا قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ عِيسَى بن دِينَار يَقْبِضُ أَصَابِعَ يَدِهِ إِلَّا السَّبَّابَتَيْنِ يَبُلُّهُمَا وَيَمْسَحُ بِهِمَا أُذُنَيْهِ مِنْ دَاخِلٍ وَخَارِجٍ لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَالْأَمْكَنُ أَنْ يَبُلَّ إِبْهَامَيْهِ وَسَبَّابَتَيْهِ فَيَمْسَحُ بِإِبْهَامَيْهِ ظُهُورَهُمَا وَبِسَبَّابَتَيْهِ بُطُونَهُمَا قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُخْتَصر وَيدخل أصبعيه

لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يُدْخِلُ أُصْبُعَيْهِ فِي صِمَاخَيْهِ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يُدْخِلُ أُصْبُعَيْهِ فِي جُحْرَيْ أُذُنَيْهِ خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ. قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَتَبَّعَ غُضُونَهُمَا اعْتِبَارًا بِغُضُونِ الْوَجْهِ فِي التَّيَمُّمِ وَالْخُفَّيْنِ. الثَّالِثُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِذَا قُلْنَا إِنَّ مَسْحَهُمَا سُنَّةٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ فَيُفَارِقُ الْغَسْلَ وَالْوُضُوءَ عَلَى ظَاهِرِ الْكِتَابِ فَإِنَّهُ قَالَ فِي تَارِكِهِمَا فِي الْوُضُوءِ لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ وَتَارِكِ دَاخِلِهِمَا فِي الْغُسْلِ لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ فَيَكُونُ ظَاهِرُهُمَا وَبَاطِنُهُمَا مُسْتَوِيَيْنِ فِي الْوُضُوءِ وَدَاخِلُهُمَا فِي الْجَنَابَةِ مَسْنُونٌ فَقَطْ وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ يَكُونُ ظَاهِرُهُمَا فِي الْوُضُوءِ وَاجِبًا وَدَاخِلُهُمَا سُنَّةً فَيَسْتَوِي الْمَسْنُونُ مِنْهُمَا فِي الطَّهَارَتَيْنِ. الثَّامِنُ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَا يَمْسَحُ عَلَى الْحِنَّاءِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِنْ كَانَ لِلضَّرُورَةِ جَازَ مِنْ حَرٍّ وَشِبْهِهِ أَوْ يَكُونُ فِي بَاطِنِ الشَّعْرِ لِتَغْيِيرِهِ وَقَتْلِ دَوَابِّهِ فَالْأَوَّلُ لَا يَمْنَعُ كَالْقِرْطَاسِ عَلَى الصُّدْغِ وَكَمَا مَسَحَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى نَاصِيَتِهِ وَعِمَامَتِهِ وَإِنْ كَانَتْ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ مُنِعَ الْمَسْحُ خِلَافًا لِابْنِ حَنْبَلٍ وَجَمَاعَةٍ مَعَهُ فَإِنَّ الْمَاسِحَ عَلَيْهِ لَيْسَ مَاسِحًا. فَرْعَانِ مُرَتَّبَانِ: الْأَوَّلُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِنْ كَانَتِ الْحِنَّاءُ لَيْسَ عَلَى ظَاهِرِ الشَّعْرِ مِنْهَا شَيْءٌ لَا يَمْنَعُ لِأَنَّ مَسْحَ الْبَاطِنِ لَا يَجِبُ وَقَدْ أَجَازَ الشَّرْعُ التَّلْبِيدَ فِي الْحَجِّ وَفِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَبَّدَ رَأْسَهُ لِئَلَّا يَدْخُلَهُ الْغُبَارُ وَالشَّعَثُ وَالتَّلْبِيدُ يَكُونُ بِالصَّمْغِ وَغَيْرِهِ. الثَّانِي قَالَ إِذَا خَرَجَ الْحِنَّاءُ مِنْ بَعْضِ تَعَارِيجِ الشَّعْرِ يُخَرَّجُ عَلَى الْخِلَافِ فِي قَدْرِ الْوَاجِبِ مِنَ الرَّأْسِ. التَّاسِعُ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَا تَمْسَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى خِمَارِهَا وَلَا غَيْرِهِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ يُرِيدُ إِذَا أَمْكَنَهَا الْمَسْحُ على رَأسهَا وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَأبي حنيفَة.

وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْخِمَارِ وَالْعِمَامَةِ كَالْخُفَّيْنِ وَاشْتُرِطَ اللُّبْسُ عَلَى طَهَارَةٍ لِمَا فِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْعِمَامَةِ وَفِي أَبِي دَاوُدَ مَسَحَ عَلَى عمَامَته ومفرقه. ومستندنا قَوْله تَعَالَى {وامسحوا برؤوسكم} قَالَ سِيبَوَيْهٍ بِالْبَاء للتَّأْكِيد مَعْنَاهُ رؤوسكم أَنْفُسِهَا وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَعْدَ الْوُضُوءِ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ الصَّلَاةَ إِلَّا بِهِ وَكَانَ قَدْ مَسَحَ رَأْسَهُ فِيهِ وَلِأَنَّهُ لَوْ مَسَحَ عَلَى غَيْرِهِ لَكَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ شَرْطًا وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ. وَلَنَا أَيْضًا الْقِيَاسُ عَلَى الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ. الْعَاشِرُ قَالَ فِي الْكِتَابِ تَمْسَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى شَعْرِهَا الْمَعْقُوصِ وَالضَّفَائِرِ مِنْ غَيْرِ نَقْضٍ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ فَلَوْ رَفَعَتِ الضَّفَائِرَ مِنْ أَجْنَابِ الرَّأْسِ وَعَقَصَتِ الشَّعْرَ فِي وَسَطِ الرَّأْسِ فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ لِأَنَّهُ حَائِلٌ كَالْعِمَامَةِ. الْحَادِي عَشَرَ مَسْحُ الرَّقَبَةِ وَالْعُنُقِ لَا يُسْتَحَبُّ خِلَافًا ش لِعَدَمِ ذِكْرِهِ فِي وُضُوئِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ. إِيضَاحُ قَوْله تَعَالَى {وامسحوا برؤوسكم} إِنْ رَاعَيْنَا الِاشْتِقَاقَ مِنَ التَّرَاوُسِ وَهُوَ كُلُّ مَا عَلَا فَيَتَنَاوَلُ اللَّفْظُ الشَّعْرَ لِعُلُوِّهِ وَالْبَشَرَةَ عِنْدَ عَدَمِهِ لِعُلُوِّهَا مِنْ غَيْرِ تَوَسُّعٍ وَلَا رخصَة وَإِن قُلْنَا إِن الرَّأْس الْعُضْوُ فَيَكُونُ ثَمَّ مُضَافٌ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ امْسَحُوا شعر رؤوسكم فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْمَسْحُ عَلَى الْبَشَرَةِ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ النَّصُّ فَيَكُونُ الْمَسْحُ عَلَيْهَا عِنْدَ عَدَمِ الشَّعْرِ بِالْإِجْمَاعِ لَا بِالنَّصِّ وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ يَكُونُ الشَّعْرُ أَصْلًا فِي الرَّأْسِ فَرْعًا فِي اللِّحْيَةِ وَالْأَصْلُ الْوَجْهُ. الْفَرْضُ السَّادِسُ غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ مَعَ الْكَعْبَيْنِ، وَقِيلَ إِلَيْهِمَا دُونَهُمَا وَهُمَا النَّاتِئَانِ فِي السَّاقَيْنِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَيْلٌ

لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ فَلَوْ كَانَ مَعْقِدَ الشِّرَاكِ لَمَا عُوقِبَ عَلَى تَرْكِ الْعَقِبِ وَفِي قَوْله تَعَالَى {إِلَى الْكَعْبَيْنِ} إِشَارَةٌ إِلَيْهِمَا لِأَنَّ الْيَدَ لَهَا مِرْفَقٌ وَاحِدٌ وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ النَّاتِئَ فِي ظَهْرِ الْقَدَمِ لَكَانَ لِلرَّجُلِ كَعْبٌ وَاحِدٌ فَكَانَ يَقُولُ إِلَى الْكِعَابِ كَمَا قَالَ إِلَى الْمَرَافِقِ لِتَقَابُلِ الْجَمْعِ بِالْجَمْعِ فَلَمَّا عَدَلَ عَنْ ذَلِكَ إِلَى التَّثْنِيَةِ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ الْكَعْبَانِ اللَّذَانِ فِي طَرَفِ السَّاقِ فَيَصِيرُ مَعْنَى الْآيَةِ اغْسِلُوا كُلَّ رِجْلٍ إِلَى كَعْبَيْهَا. وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا أَنَّهُمَا اللَّذَانِ عِنْدَ مَعْقِدِ الشِّرَاكِ فَيَكُونُ غَايَةَ الْغَسْلِ وَالْأَوَّلُ مَذْهَبُ الْكِتَابِ وَالثَّانِي فِي غَيْرِهِ. وَالْكَعْبَانِ يَدْخُلَانِ فِي الْغَسْلِ عَلَى الْمَذْهَبِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْمِرْفَقَيْنِ. فَرْعَانِ: الْأَوَّلُ تَخْلِيلُ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ مُسْتَحَبٌّ عَلَى الْمَذْهَبِ وَقِيلَ وَاجِبٌ وَقِيلَ مَكْرُوهٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ شِدَّةُ الِالْتِصَاقِ وَصِغَرُ الْحَجْمِ الْمُوجِبَانِ لِلتَّحَاكِّ وَالتَّدَلُّكِ. الثَّانِي أَقْطَعُ الرِّجْلَيْنِ يَغْسِلُ الْكَعْبَيْنِ بِخِلَافِ أَقْطَعِ الْيَدَيْنِ لِتَقَارُبِهِمَا فِي الرِّجْلَيْنِ بَعْدَ الْقَطْعِ. تَمْهِيدٌ قَوْله تَعَالَى {وَأَرْجُلَكُمْ} قُرِئَ بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ وَالْخَفْضِ أَمَّا الرَّفْعُ فَتَقْدِيرُهُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ اغْسِلُوهَا وَالنَّصْبُ عطف على اليدن وَالْخَفْضُ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ فَحَمَلَهُ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ وَدَاوُدُ عَلَى التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْغَسْلِ وَالْمَسْحِ جَمْعًا بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ وَحَمَلَهُ الشِّيعَةُ عَلَى تَعَيُّنِ الْمَسْحِ وَتَأَوَّلُوا قِرَاءَةَ النَّصْبِ بِأَنَّ الرِّجْلَ مَعْطُوفٌ عَلَى الرَّأْسِ قَبْلَ دُخُولِ حَرْفِ الْجَرِّ عَلَيْهِ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ: (مُعَاوِيَ إِنَّنَا بَشَرٌ فَأَسْجِحْ ... فَلَسْنَا بِالْجِبَالِ وَلَا الْحَدِيدَا)

وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ لَيْسَ تَتَعَدَّى بِنَفْسِهَا لِنَصْبِ خَبَرِهَا بِخِلَافِ الْمَسْحِ لَا يَتَعَدَّى لِمَفْعُولَيْنِ بِنَفْسِهِ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ أَحَدَ مَفْعُولَيْهِ الْمَنْصُوبَ مُضْمَرٌ فَيَكُونُ الرَّأْسُ الْمَفْعُولَ الثَّانِيَ فَيَتَعَيَّنُ لَهُ حَرْفُ الْجَرِّ. وَقَالَ الْمَازِرِيُّ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا الْخَفْضُ مَحْمُولٌ عَلَى حَالَةِ لُبْسِ الْخُفَّيْنِ وَالنَّصْبُ عَلَى حَالَةِ عَدَمِهِمَا وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ الْأَصْلُ النَّصْبُ وَإِنَّمَا الْخَفْضُ عَلَى الْجِوَارِ كَقَوْلِ الْعَرَب هَذَا حجر ضَبٍّ خَرِبٍ وَوَرَدَ عَلَيْهِمْ أَمْرَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمِثَالَ لَا لَبْسَ فِيهِ بِخِلَافِ الْآيَةِ فَإِنَّ الْمَسْحَ فِي الرِّجْلَيْنِ مُمْكِنٌ وَلَيْسَ يُمْكِنُ أَنْ يُوصَفَ الضَّبُّ بِالْخَرَابِ. وَثَانِيهِمَا أَنَّ الْعَطْفَ فِي الْآيَةِ يَأْبَى ذَلِكَ لِاقْتِضَائِهِ التَّشْرِيكَ بِخِلَافِ الْمِثَالِ. تَذْيِيلٌ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ يَنْبَغِي فِي غَسْلِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ أَنْ يَخْتِمَ الْمُتَطَهِّرُ أَبَدًا بِالْمَرَافِقِ وَالْكَعْبَيْنِ مُرَاعَاةً لِظَاهِرِ الْغَايَةِ الْوَارِدَةِ فِي الْقُرْآنِ وَإِنْ فَعَلَ غَيْرَ ذَلِكَ أَجْزَأَ لَكِنَّ الْأَدَبَ أولى. الْفَرْض السَّابِع الْمُوَالَاة. وَهِيَ حَقِيقَةٌ فِي الْمُجَاوَرَةِ فِي الْأَعْيَانِ وَهُنَا الْمُجَاوَرَةُ فِي الْأَفْعَالِ وَمِنْهُ الْأَوْلِيَاءُ وَالْوَلَاءُ وَالتَّوَالِي. وَفِي الْجَوَاهِرِ فِي حُكْمِهَا خَمْسَةُ أَقْوَالٍ الْوُجُوبُ مَعَ الذِّكْرِ وَالْوُجُوبُ مُطْلَقًا وَعَدَمُهُ مُطْلَقًا وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَمْسُوحِ فَلَا يَجِبُ وَبَيْنَ الْمَغْسُولِ فَيَجِبُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَمْسُوحِ الْبَدَلِيِّ كَالْجَبِيرَةِ وَالْخُفَّيْنِ فَيَجِبُ وَالْمَمْسُوحُ الْأَصْلِيُّ فَلَا يَجِبُ وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ تَدُورُ عَلَى مَدَارِكَ أَحَدُهَا آيَةُ الْوُضُوءِ وَالِاسْتِدْلَالُ بِهَا لِلْوُجُوبِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا قَوْله تَعَالَى {إِذَا قُمْتُمْ} فَإِنَّهُ شَرْطٌ لُغَوِيٌّ وَالشُّرُوطُ

اللُّغَوِيَّةُ أَسْبَابٌ وَالْأَصْلُ تَرْتِيبُ جُمْلَةِ الْمُسَبَّبِ عَلَى السَّبَبِ مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ الثَّانِي قَوْله تَعَالَى {فَاغْسِلُوا} الْفَاءُ لِلتَّعْقِيبِ فَيَجِبُ تَعْقِيبُ الْمَجْمُوعِ لِلشَّرْطِ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ الثَّالِثُ قَوْله تَعَالَى {فَاغْسِلُوا} صِيغَةُ أَمْرٍ وَالْأَمْرُ لِلْفَوْرِ عَلَى الْخِلَافِ فِيهِ بَيْنَ الْأُصُولِيِّينَ فَيَتَخَرَّجُ الْخِلَافُ فِي الْفَرْعِ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْأَصْلِ. الْمُسْتَنَدُ الثَّانِي أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ تَوَضَّأَ مَرَّةً فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ وَقَالَ هَذَا وُضُوءٌ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ الصَّلَاةَ إِلَّا بِهِ فَنَفَى الْقَبُولَ عِنْدَ انْتِفَائِهِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى وُجُوبه ثمَّ هَهُنَا نَظَرٌ وَهُوَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ هَلْ أَشَارَ إِلَيْهِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَرَّةً مَرَّةً وَهُوَ الصَّحِيحُ أَوْ أَشَارَ إِلَيْهِ بِمَا وَقَعَ فِيهِ مِنَ الْقُيُودِ فَتَجِبُ الْمُوَالَاةُ وَيَرُدُّ هَذَا الِاحْتِمَالَ أَنَّهُ لَوْ كَانَتِ الْإِشَارَةُ لِقُيُودِهِ لَانْدَرَجَ فِي ذَلِكَ الْمَاءُ الْمَخْصُوصُ وَالْفَاعِلُ وَالْمَكَانُ وَالزَّمَانُ وَغَيْرُهُ وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ وَلَكَ أَنْ تَقُولَ الْإِشَارَةُ إِلَى الْمَجْمُوعِ فَإِنْ خَرَجَ شَيْءٌ بِالْإِجْمَاعِ بَقِيَ الْحَدِيثُ مُتَنَاوِلًا لِصُورَةِ النِّزَاعِ وَأَمَّا إِسْقَاطُ الْوُجُوبِ مَعَ النِّسْيَانِ فَلِضَعْفِ مُدْرِكِ الْوُجُوبِ الْمُتَأَكِّدِ بِالنِّسْيَانِ وَأَمَّا الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَمْسُوحِ وَغَيْرِهِ فَلِخِفَّةِ الْمَمْسُوحِ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ وَأَمَّا الْمَمْسُوحُ الْبَدَلُ فَنَظَرًا لِأَصْلِهِ. فُرُوعٌ سِتَّةٌ: الْأَوَّلُ التَّفْرِيقُ الْيَسِيرُ لَا يَضُرُّ قَالَ الْقَاضِي لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِي ذَلِكَ لِقُوَّةِ الْخِلَافِ فِي الْمَسْأَلَةِ وَلِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ شَرَعَ فِي وُضُوءٍ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ شَامِيَّةٌ ضَيِّقَةُ الْكُمِّ فَتَرَكَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وُضُوءَهُ وَأَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ كُمِّهِ مِنْ تَحْتِ ذَيْلِهِ حَتَّى غَسَلَهَا وَهَذَا تَفْرِيقٌ يَسِيرٌ وَلِمَا فِي مُسْلِمٍ قَالَ ابْنُ عُمَرَ رَجَعْنَا مَعَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِمَاءٍ فِي الطَّرِيقِ فَعَمَدَ قَوْمٌ عِنْدَ الْعَصْرِ فَتَوَضَّئُوا وَهُمْ عِجَالٌ فَانْتَهَى إِلَيْهِمْ وَأَعْقَابُهُمْ تَلُوحُ لَمْ يَمَسَّهَا الْمَاءُ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ فَإِنَّ هَذَا التَّفْرِيقَ يَسِيرٌ لِقَوْلِهِ تَلُوحُ أَعْقَابُهُمْ وَمَا يُرَى ذَلِكَ إِلَّا إِذَا كَانَ الْبَلَلُ مَوْجُودًا. الثَّانِي قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا عَجَزَ الْمَاءُ فِي الْوُضُوءِ فَقَامَ لِأَخْذِهِ إِنْ كَانَ قَرِيبًا بَنَى وَإِنْ تَبَاعَدَ وَجَفَّ وُضُوؤُهُ ابْتَدَأَ لِأَنَّ الْقَرِيبَ فِي حُكْمِ الْمُتَّصِلِ وَلِأَنَّهُ عَلَيْهِ

السَّلَامُ فِي الْحَدِيثِ أَمَرَ تَارِكِي الْأَعْقَابِ بِالْإِسْبَاغِ لَا بِالْإِعَادَةِ وَأَمَّا إِذَا كَانَ عَالِمًا بِأَنَّهُ لَا يَكْفِيهِ فَإِنَّهُ يُخَرَّجُ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَنْ فَرَّقَ بِغَيْرِ سَبَبٍ. وَالتَّقْيِيدُ بِالْجُفُوفِ لِأَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَابْنِ حَنْبَلٍ وَجَمَاعَةٍ فَكَانَ قِيَامُ الْبَلَلِ عِنْدَهُمْ بَقَاء أثر الْوضُوء فيتصل الْأَخير بأثر السغل السَّابِقِ وَقِيلَ الْمُعْتَبَرُ الطُّولُ فِي الْعَادَةِ حَكَاهُ الْقَابِسِيُّ لِاخْتِلَافِ الْجَفَافِ بِاخْتِلَافِ الْأَبْدَانِ وَالْأَزْمَانِ. الثَّالِثُ فِي الطَّرَّازِ إِذَا قُلْنَا إِنَّهَا وَاجِبَةٌ مَعَ الذِّكْرِ هَلْ يُشْتَرَطُ مَعَ الذِّكْرِ التَّمَكُّنُ أَمْ لَا وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ إِذَا نَسِيَ عُضْوًا وَذَكَرَهُ فِي مَوْضِعٍ لَا مَاءَ فِيهِ وَلَمْ يَجِدْهُ حَتَّى طَالَ هَلْ يَبْتَدِئُ أَوْ يَبْنِي وَكَذَلِكَ إِذَا نَسِيَ النَّجَاسَةَ ثُمَّ ذَكَرَهَا فِي الصَّلَاةِ هَلْ تَبْطُلُ عِنْدَ الذِّكْرِ أَوْ يَنْزِعُهَا وَيَتَمَادَى فِي ذَلِكَ خِلَافٌ حَكَاهُ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ إِنْ أَخَّرَ الشَّيْءَ الْيَسِيرَ بَنَى. وَإِنْ طَالَ وَلَمْ يَتَوَانَ فِي الطَّلَبِ قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْإِبْيَانِيُّ هُوَ كَالْحَائِضِ تُبَادِرُ لِلطُّهْرِ لَا تُرَاعِي وَقْتَ ابْتِدَائِهَا وَقَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ حُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ عَجَزَ مَاؤُهُ فِي ابْتِدَاءِ الطَّهَارَةِ حَكَاهُ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الشُّيُوخِ. الرَّابِعُ قَالَ إِذَا نَسِيَ لُمْعَةً لَا يُعْفَى عَنْهَا وَحَكَى الْبَاجِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ دِينَارٍ فِيمَنْ لَصِقَ بِذِرَاعَيْهِ قَدْرُ الْخَيْطِ مِنَ الْعَجِينِ أَوْ غَيْرِهِ لَا يَصِلُ الْمَاءُ إِلَى مَا تَحْتَهُ يُصَلِّي بِذَلِكَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يُعَدُّ فِي الْعُرْفِ غَاسِلًا وَلِمَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَلَّى الصُّبْحَ وَقَدِ اغْتَسَلَ لِجَنَابَةٍ فَكَانَ بِكَفَّيْهِ مِثْلُ الدِّرْهَمِ لَمْ يُصِبْهُ الْمَاءُ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا مَوْضِعٌ لَمْ يُصِبْهُ الْمَاءُ فَسَلَتَ مِنْ شَعْرِهِ الْمَاءَ وَمَسَحَ وَلَمْ يُعِدِ الصَّلَاةَ إِلَّا أَنَّ الدَّارَقُطْنِيَّ ضَعَّفَهُ وَقِيَاسًا عَلَى ذَلِكَ الْقَدْرِ مِنَ الرَّأْسِ وَمِنْ بَيْنِ الْأَصَابِعِ وَالْخَاتَمِ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُعِيدُ الصَّلَاةَ فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ لَمْ يُنْقَلْ حُكْمُ الْفَرْضِ إِلَيْهِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ فِيمَنْ تَوَضَّأَ وَعَلَى يَدَيْهِ مِدَادٌ فَرَآهُ بعد

(الفصل الثاني) في مسنوناته

الصَّلَاةِ لَمْ يُغَيِّرْهُ الْمَاءُ إِذَا أَمَرَّ الْمَاءَ عَلَيْهِ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ إِذَا كَانَ كَاتِبًا فَإِنَّهُ رَأَى الْكَاتِبَ مَعْذُورًا بِخِلَافِ غَيْرِهِ الْخَامِسُ الْمُوَالَاةُ فَرْضٌ فِي الْوُضُوءِ وَالْغَسْلِ خِلَافًا لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَفُرِّقَ بِأَنَّ الْمُوَالَاةَ إِنَّمَا تَكُونُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ وَالْوُضُوءُ أَعْضَاءٌ مُتَعَدِّدَةٌ وَالْغَسْلُ وَاحِدٌ وَهُوَ الْبَدَنُ السَّادِسُ إِذَا نَسِيَ شَيْئًا مِنْ فُرُوضِ طَهَارَتِهِ إِنْ كَانَ فِي الْقُرْبِ فَعَلَهُ وَمَا بَعْدَهُ وَإِنْ طَالَ فَعَلَهُ وَحْدَهُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ كَانَ مَغْسُولًا وَطَالَ ابْتَدَأَ وَإِنْ كَانَ مَمْسُوحًا مَسَحَهُ فَقَطْ وَرَوَاهُ مُطَرِّفٌ عَنْ مَالِكٍ أَمَّا إِنْ كَانَ الْمَنْسِيُّ مَسْنُونًا وَذَكَرَهُ بِالْقُرْبِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُخْتَصَرِ يُعِيدُ مَا بَعْدَهَا بِخِلَافِ نِسْيَانِ الْمَفْرُوضِ وَقَالَ فِي الْوَاضِحَةِ خلاف ذَلِك (الْفَصْلُ الثَّانِي) فِي مَسْنُونَاتِهِ وَالسُّنَّةُ فِي اللُّغَةِ الطَّرِيقَةُ لَكِنَّ عُرْفَ الشَّرْعِ خَصَّصَهُ بِبَعْضِ طَرَائِقِهِ. قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ السُّنَّةِ وَالْفَضِيلَةِ وَالْفَرِيضَةِ أَنَّ الْأَوَّلَ يُؤْمَرُ بِفِعْلِهِ إِذَا تَرَكَهُ مِنْ غَيْرِ إِعَادَةِ الصَّلَاةِ وَالثَّانِيَ لَا يُؤْمَرُ بِفِعْلِهَا إِذَا تَرَكَهَا وَلَا بِالْإِعَادَةِ وَالثَّالِثَ تُعَادُ لِتَرْكِهِ الصَّلَاةَ. وَالْفَرْضُ مَأْخُوذٌ مِنَ الْفُرْضَةِ الْحِسِّيَّةِ وَهِيَ الْمُحَدَّدَةُ وَالْفُرُوضُ الشَّرْعِيَّةُ كَذَلِكَ فَسُمِّيَتْ فُرُوضًا. وَالْفَضِيلَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْفَضْلِ وَهُوَ الزَّائِدُ لِأَنَّهَا زَائِدَةٌ عَلَى الْوَاجِبِ. وَمَسْنُونَاتُ الْوُضُوءِ سَبْعَةٌ : السُّنَّةُ الْأُولَى فِي الْجِلَابِ غَسْلُ الْيَدَيْنِ قَبْلَ إِدْخَالِهِمَا فِي الْإِنَاءِ لِكُلِّ مُرِيدِ

الْوُضُوءِ مُحْدِثًا أَوْ مُجَدِّدًا أَوْ يَدَاهُ طَاهِرَتَانِ خلافًا بن حَنْبَلٍ فِي إِيجَابِهِ لِذَلِكَ مِنْ نَوْمِ اللَّيْلِ دُونَ غَيْرِهِ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلْيَغْسِلْ يَدَهُ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهَا فِي وُضُوئِهِ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ مِنْهُ وَالْبَيَاتُ إِنَّمَا يَكُونُ بِاللَّيْلِ مَعَ نَوْمٍ أَوْ غَيْرِهِ وَأَلْحَقْنَا بِهِ نَوْمَ النَّهَارِ وَالْمُسْتَيْقِظَ بِجَامِعِ الِاحْتِيَاطِ لِلْمَاءِ وَقَوْلُهُ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهَا فِي إِنَائِهِ أَلْحَقْنَا بِهِ الْوُضُوءَ مِنَ الْإِبْرِيقِ لِأَنَّ الْمُتَوَقَّعَ مِنْ وَضْعِ الْيَدِ فِي الْمَاءِ مُتَوَقَّعٌ مِنْ وَضْعِ الْمَاءِ فِي الْيَدِ لَا سِيَّمَا وَالْمَوْضُوعُ فِي الْيَدِ أَقَلُّ فَيَكُونُ أَقْرَبَ لِلْفَسَادِ. وَفِي الْجَوَاهِرِ قِيلَ غَسْلُهُمَا تَعَبُّدٌ وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ الْقَوْلُ بِغَسْلِ الْيَدَيْنِ مُفْتَرِقَتَيْنِ لِأَنَّ شَأْنَ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ التَّعَبُّدِيَّةِ لَا يُغْسَلُ عُضْوٌ حَتَّى يُفْرَغَ مِنَ الْآخَرِ وَلَا يُجْمَعَانِ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي النَّظَافَةِ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى رَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُفْرِغَ عَلَى الْيُمْنَى فَيَغْسِلَهَا ثُمَّ يُدْخِلَهَا فِي إِنَائِهِ ثُمَّ يَصُبَّ عَلَى الْيُسْرَى وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُفْرِغُ عَلَى يَدَيْهِ فَيَغْسِلُهُمَا كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ وَإِذَا كَانَتْ يَدَاهُ نَظِيفَتَيْنِ غَسَلَهُمَا عِنْدَ مَالِكٍ احْتِيَاطًا لِلْعِبَادَةِ وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاخْتِيَارُهُ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ. السُّنَّةُ الثَّانِيَةُ الْمَضْمَضَةُ فِي الْجَوَاهِرِ الْمَضْمَضَةُ مُعْجَمَةٌ وَهِيَ تَطْهِيرُ بَاطِنِ الْفَمِ فِي الْغَسْلِ وَالْوُضُوءِ وَأَصْلُهَا تَحْرِيكُ الْمَاءِ فِي الْإِنَاءِ وَكَذَلِكَ تَحْرِيكُ الْمَاءِ فِي الْفَمِ وَالِاسْتِنْشَاقُ جَذْبُ الْمَاءِ بِالْخَيَاشِيمِ قَالَ الْأَصْمَعِيُّ تَقُولُ اسْتَنْشَقْتُ الشَّيْءَ إِذَا شَمَمْتُهُ وَالِاسْتِنْثَارُ اسْتِفْعَالٌ مِنَ النَّثْرَةِ وَهِيَ الْأنف وَمن النثر وَهُوَ الْجَذْبُ. وَأَمَّا ظَاهِرُ الشَّفَتَيْنِ فَغَسْلُهُمَا وَاجِبٌ وَأَوْجَبَهُمَا أَو حنيفَة وَابْنُ حَنْبَلٍ فِي الْجَنَابَةِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ خَلِّلُوا الشَّعْرَ وَأَنْقُوا الْبَشَرَ فَإِنَّ تَحْتَ كُلِّ شَعْرَةٍ جَنَابَةً وَفِي الْأَنْفِ شَعْرٌ وَفِي الْفَمِ بَشَرٌ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى هُمَا وَاجَبَتَانِ فِي الْوُضُوءِ وَالْغَسْلِ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَاظَبَ عَلَيْهِمَا فِي وُضُوئِهِ وَغَسْلِهِ وَهُوَ الْمُبَيِّنُ عَنِ الله تَعَالَى.

وَمِنْهُمْ مَنْ أَوْجَبَ الِاسْتِنْشَاقَ وَحْدَهُ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَمَرَ بِهِ وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ وَإِنَّمَا فَعَلَ الْمَضْمَضَةَ وَفِعْلُهُ عَلَى النَّدْبِ. السُّنَّةُ الثَّالِثَةُ الِاسْتِنْشَاقُ وَهُوَ غَسْلُ دَاخِلِ الْأَنْفِ فَأَمَّا مَا يَبْدُو مِنْهُ فَهُوَ مِنَ الْوَجْهِ فَيَجْذِبُ الْمَاءَ بِرِيحِ الْأَنْفِ وَأَنْكَرَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْمَجْمُوعَةِ الِاسْتِنْشَاق من غير وضع إبهامه وسباته عَلَى أَنْفِهِ وَقَالَ هَكَذَا يَفْعَلُ الْحِمَارُ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ مَاءً ثُمَّ لْيَنْثُرْ وَمَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ وَلَا تَجِبُ هِيَ وَلَا الْمَضْمَضَةُ فِي الطَّهَارَتَيْنِ لِأَنَّهُمَا مِنْ بَاطِنِ الْجَسَدِ كَدَاخِلِ الْأُذُنَيْنِ وَمَوْضِعِ الثُّيُوبَةِ مِنَ الْمَرْأَةِ وَدَاخِلِ الْعَيْنَيْنِ وَهَذِهِ الْمَوَاضِعُ لَا يَجِبُ غَسْلُهَا وَلَا مَسْحُهَا فَكَذَلِكَ هَاتَانِ لَا يتناولهما مَنْ يَغْتَسِلُ لِلْجَنَابَةِ وَلَا لِلْوُضُوءِ وَتُحْمَلُ السُّنَّةُ الْوَارِدَةُ فِيهِمَا عَلَى النَّدْبِ قِيَاسًا عَلَى نَظَائِرِهِمَا فِي عَدَمِ الْوُجُوبِ وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِلْأَعْرَابِيِّ الْمُسِيءِ لِصَلَاتِهِ إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَتَوَضَّأْ كَمَا أَمَرَكَ اللَّهُ خَرَّجَهُ النَّسَائِيُّ وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ ذِكْرُهُمَا. وَفِي أَبِي دَاوُدَ لَا تَتِمُّ صَلَاة أحدكُم حَتَّى يتَوَضَّأ كَمَا أمره الله تَعَالَى. قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَأَمَّا اسْتِدْلَالُ الْحَنَفِيَّةِ بِأَنَّ الْفَمَ فِي حُكْمِ الظَّاهِرِ بِدَلِيلِ وُجُوبِ تَطْهِيره من النَّجَاسَة وَإِذا وصل القئ إِلَيْهِ أَفْطَرَ فَمَدْفُوعٌ بِعَدَمِ وُجُوبِ تَطْهِيرِ دَاخِلِ الْأُذُنَيْنِ وَدَاخِلِ الْعَيْنَيْنِ إِذَا اكْتَحَلَ بِمُرَاةِ خِنْزِيرٍ وَنَحْوه وبالقئ إِذَا اسْتَدْعَاهُ وَوَصَلَ إِلَى خَيَاشِيمِهِ وَلَمْ يَنْزِلْ إِلَى أَنْفِهِ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ أَوْ وَصَلَ إِلَى فَمِهِ فَلَمْ يَمْتَلِئْ فَإِنَّهُ لَا يُنْقَضُ الْوُضُوءُ عِنْدَهُمْ إِلَّا بِالِامْتِلَاءِ حَتَّى يَسِيلَ بِنَفْسِهِ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ طَاهِرٍ لَنَقَضَ يَسِيرُهُ وَكَثِيرُهُ. أَصْلُهُ الدَّمُ فِي غَيْرِ الْفَمِ عِنْدَهُمْ وَبِبَلْعِ الرِّيقِ أَيْضًا فَإِنَّهُ لَا يُفْطِرُ وَهُوَ لَوْ بلعه

مِنَ الظَّاهِرِ أَفْطَرَ وَعِنْدَهُمْ لَوْ جُرِحَ فِي خَدِّهِ فَنَفَذَتْ إِلَى فَمِهِ كَانَتْ جَائِفَةً وَالْجَائِفَةُ لَا تَكُونُ فِي ظَاهِرِ الْجَسَدِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَإِنَّ تَحْتَ كُلِّ شَعْرَةٍ جَنَابَةً فَالْمُرَادُ بِهِ الشُّعُورُ الْكَثِيرَةُ وَالْمُبَالَغَةُ فِي الْغَسْلِ بِدَلِيلِ شَعْرِ دَاخِلِ الْأُذُنَيْنِ وَالْعَيْنَيْنِ. فُرُوعٌ أَرْبَعَةٌ: الْأَوَّلُ قَالَ يُسْتَحَبُّ الْمُبَالَغَةُ فِيهِمَا مَا لَمْ يَكُنْ صَائِمًا. الثَّانِي قَالَ حَكَى ابْنُ سَابِقٍ فِي كَيْفِيَّةِ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا يَتَمَضْمَضُ ثَلَاثًا بِثَلَاثِ غُرُفَاتٍ وَيَسْتَنْشِقُ ثَلَاثًا كَذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَالثَّانِي لِأَصْحَابِهِ غُرْفَةٌ وَاحِدَةٌ لَهُمَا. وَجْهُ الْأَوَّلِ مَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا وَالْقِيَاسُ عَلَى سَائِرِ الْأَعْضَاءِ. وَوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ مِنْ غُرْفَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَالَ الْمَازِرِيُّ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِثَلَاثِ غُرُفَاتٍ فَجَعَلَهُمَا كَعُضْوٍ وَاحِدٍ. الثَّالِثُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ لَوْ تَرَكَهُمَا عَامِدًا حَتَّى صَلَّى فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يُعِيدُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَلِغَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ يُعِيدُ بَعْدَ الْوَقْتِ إِمَّا لِكَوْنِهِمَا عِنْدَهُ وَاجِبَتَيْنِ وَإِمَّا لِأَنَّ تَرْكَ السُّنَنِ لَعِبٌ وَعَبَثٌ. وَقَالَ صَاحب الْجَوَاهِر إِن تَركهَا نَاسِيًا حَتَّى صَلَّى لَمْ يُعِدِ الصَّلَاةَ وَيُؤْمَرُ بِإِعَادَةِ مَا تَرَكَ مُطْلَقًا عَلَى الْمَذْهَبِ وَقَالَ الْقَاضِي لَا يُعِيدُهُمَا بَعْدَ الصَّلَاةِ لِأَنَّ السُّنَنَ لَا تُعَادُ بَعْدَ الْوَقْتِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِنْ أَرَادَ بِعَدَمِ الْإِعَادَةِ إِذَا لَمْ يُرِدْ صَلَاةً فَهُوَ الْمَذْهَبُ كَمَا قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأ يفعلهما لما يستقيل إِنْ أَرَادَ الصَّلَاةَ

وَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ عَدَمَ فِعْلِهِمَا مُطْلَقًا فَلَا يَسْتَقِيمُ لِأَنَّ تَرْكَهُمَا نَقْصٌ فِي الطَّهَارَةِ كَتَرْكِ الِاسْتِنْجَاءِ فَتَكْمُلُ الطَّهَارَةُ لِلصَّلَاةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ. الرَّابِعُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ يَفْعَلُهُمَا بِالْيَمِينِ وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَيَسْتَنْثِرُ بِالْيَسَارِ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَفِي النَّسَائِيِّ أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تَمَضْمَضَ فَاسْتَنْشَقَ وَفَعَلَ بِيَدِهِ الْيُسْرَى ذَلِكَ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ هَذَا طَهُورُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ. تَنْبِيهٌ قُدِّمَتِ الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ عَلَى الْوَاجِبَاتِ وَهُمَا مِنَ الْمَسْنُونَاتِ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا لِيَطَّلِعَ بِهِمَا عَلَى حَالِ الْمَاءِ فِي رِيحِهِ وَطَعْمِهِ فَإِنْ كَانَ لَيْسَ بِطَهُورٍ اسْتَعْمَلَ غَيْرَهُ وَتَرَكَهُ لِمَنَافِعِهِ لِئَلَّا يُفْسِدَهُ فَيَضِيعَ الْمَاءُ وَيَكْثُرَ التَّعَبُ لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ. الثَّانِي أَنَّهُمَا أَكْثَرُ أَقْذَارًا وَأَوْضَارًا مِنْ غَيْرِهِمَا فَكَانَتِ الْعِنَايَةُ بِتَقْدِيمِهِمَا أَوْلَى. السُّنَّةُ الرَّابِعَةُ فِي الْجَوَاهِرِ مَسْحُ الْأُذُنَيْنِ بِمَاءٍ جَدِيدٍ لَهُمَا ظَاهِرِهِمَا وَبَاطِنِهِمَا خِلَافًا ش فِي غَسْلِ ظَاهِرِهِمَا وَبَاطِنِهِمَا قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ فَأَمَّا مَا قَرُبَ مِنَ الصِّمَاخَيْنِ مِمَّا لَا يُمْكِنُ غَسْلُهُ وَلَا صَبُّ الْمَاءِ عَلَيْهِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْمَضَرَّةِ فَلَيْسَ بِمَشْرُوعٍ وَلَعَلَّ هَذَا الْقَوْلَ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْجلاب وَيدخل أصبعيه فِي صماخيه. من ظَاهِرُ الْأُذُنَيْنِ مِمَّا يَلِي الرَّأْسَ قَالَ ابْنُ شَاسٍ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَقِيلَ مِمَّا يَلِي الْوَجْهَ وَيُقَالُ إِنَّ الْأُذُنَ فِي ابْتِدَاءِ خَلْقِهَا تَكُونُ مُغْلَقَةً كَزِرِّ الْوَرْدِ فَإِذَا كَمُلَ خَلْقُهَا انْفَتَحَتْ عَلَى الرَّأْسِ فَالظَّاهِرُ لِلْحِسِّ الْآنَ كَانَ بَاطِنًا أَوَّلًا وَالْبَاطِنُ كَانَ ظَاهِرًا فَيَبْقَى النَّظَرُ هَلْ يُعْتَبَرُ حَالُ الِانْتِهَاءِ لِأَنَّهُ الْوَاقِعُ حَالَ وُرُودِ الْخِطَابِ أَوْ يُعْتَبَرُ الِابْتِدَاءُ عَمَلًا بِالِاسْتِصْحَابِ. السُّنَّةُ الْخَامِسَةُ قَالَ رَدُّ الْيَدَيْنِ مِنْ مُؤَخَّرِ الرَّأْسِ إِلَى مُقَدَّمِهِ وَأَنْ يَبْدَأَ بِهِ وَفِي الْمُوَطَّأِ عَن عمر بن يحي الْمَازِرِيِّ أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُرِيَنِي كَيْفَ كَانَ عَلَيْهِ الصَّلَاة

وَالسَّلَامُ يَتَوَضَّأُ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ نَعَمْ فَدَعَا بِوَضُوئِهِ فَأَفْرَغَ عَلَى يَدِهِ فَغَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ ثَلَاثًا ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ غَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ بَدَأَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ ثُمَّ ذَهَبَ بِهِمَا إِلَى قَفَاهُ ثُمَّ رَدَّهُمَا حَتَّى رَجَعَا إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي بَدَأَ مِنْهُ ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ. وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي قَوْلِهِ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ فَقِيلَ الْوَاوُ لَا تَقْتَضِي التَّرْتِيبَ إِذِ الْوَاقِعُ أَنَّهُ أَدْبَرَ بِهِمَا وَأَقْبَلَ وَقِيلَ أَقْبَلَ بِهِمَا عَلَى قَفَاهُ وَأَدْبَرَ بِهِمَا عَنْ قَفَاهُ فَإِنَّ الْإِقْبَالَ وَالْإِدْبَارَ مِنَ الْأُمُورِ النِّسْبِيَّةِ وَقِيلَ بَدَأَ مِنْ وَسَطِ الرَّأْسِ وَأَقْبَلَ بِيَدَيْهِ عَلَى وَجْهِهِ ثُمَّ أَدْبَرَ بِهِمَا عَلَى قَفَاهُ ثُمَّ رَدَّهُمَا إِلَى مَوْضِعِ ابْتِدَائِهِ وَيَمْنَعُ هَذَا قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ مِنْ مُقَدَّمِ رَأْسِهِ وَأَنَّ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ كُلَّهَا تُبْتَدَأُ مِنْ أَطْرَافِهَا لَا مِنْ أَوْسَاطِهَا. وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ الْجَلَّابِ يَبْدَأُ مِنْ مُقَدَّمِ رَأْسِهِ إِلَى قَفَاهُ وَاضِعا أَصَابِعه عَلَى وَسَطِ رَأْسِهِ رَافِعًا رَاحَتَيْهِ عَنْ فَوْدَيْهِ ثُمَّ يُقْبِلُ بِهِمَا لَاصِقًا رَاحَتَيْهِ بِفَوْدَيْهِ مُفَرِّقًا أَصَابِعَ يَدَيْهِ فَهَذِهِ الصِّفَةُ لَمْ تُعْلَمْ لِغَيْرِهِ قَصَدَ بِهَا عَلَى زَعْمِهِ عَدَمَ التَّكْرَارِ وَخَالَفَ السُّنَّةَ إِذِ التَّكْرَارُ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَرْكِ مَا قَالَهُ لِأَنَّ التَّكْرَارَ إِنَّمَا يَكُونُ بِتَجْدِيدِ الْمَاءِ بِدَلِيلِ أَنَّ دَلْكَ الْيَدِ مِرَارًا بِمَاءٍ وَاحِدٍ لَا يُعَدُّ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً فَكَذَلِكَ هَهُنَا. السُّنَّةُ السَّادِسَةُ فِي الْجَوَاهِرِ التَّرْتِيبُ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ بِوُجُوبِهِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ بِاسْتِحْبَابِهِ. وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَدَلَ عَنْ حُرُوفِ التَّرْتِيبِ وَهِيَ الْفَاءُ وَثُمَّ إِلَى الْوَاوِ الَّتِي لَا تَقْتَضِي إِلَّا مُطْلَقَ الْجَمْعِ وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ وَقَوْلُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا أُبَالِي إِذَا أَتْمَمْتُ وُضُوئِي بِأَيِّ أَعْضَائِي بَدَأْتُ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا لَا بَأْسَ بِالْبِدَايَةِ بِالرِّجْلَيْنِ قَبْلَ الْيَدَيْنِ خَرَّجَ الْأَثَرَيْنِ الدَّارَقُطْنِيُّ مَعَ

صُحْبَةِ عَلِيٍّ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - طُولَ عُمُرِهِ فَلَوْلَا اطِّلَاعُهُ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ لَمَا قَالَ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَالْقِيَاسُ عَلَى الْعُضْوِ الْوَاحِدِ بِجَامِعِ أَنَّ الْآيَةَ إِذَا دَلَّتْ عَلَى حُصُولِ الطَّهَارَةِ فِي الْعُضْوِ الْوَاحِدِ فِي الْجُمْلَةِ فَعَدَمُ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ فِي الْأَعْضَاءِ أَوْلَى لِأَنَّ النَّصَّ وَرَدَ فِي الْأَعْضَاءِ بِصِيغَةِ إِلَى الدَّالَّةِ عَلَى الْبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَمْ يَجِبْ ذَلِكَ فَأَوْلَى أَلَّا يَجِبَ مَا لَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ. وَأَمَّا اسْتِدْلَالُ الْأَصْحَابِ بِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَا نُبَالِي بَدَأْنَا بِأَيْمَانِنَا أَوْ بِأَيْسَارِنَا فَلَا حُجَّةَ فِيهِ على الشَّافِعِي لِأَنَّهُ لَا يَقُولُ بِوُجُوبِهِ بَيْنَ الْيَمِينِ وَالْيَسَارِ. حُجَّةُ الْوُجُوبِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَّقَ بَيْنَ الْمُتَنَاسِبَاتِ فِي الْغَسْلِ وَهِيَ الرِّجْلَانِ وَمَا قَبْلَ الرَّأْسِ بِالرَّأْسِ وَالْأَصْلُ ضَمُّ الشَّيْءِ إِلَى مُنَاسِبِهِ وَمَا خُولِفَ الْأَصْلُ إِلَّا لِغَرَضِ التَّرْتِيبِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ غَيْرِهِ. وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ هَذَا وُضُوءٌ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ الصَّلَاةَ إِلَّا بِهِ وَكَانَ مُرَتَّبًا وَإِلَّا كَانَ التَّنْكِيسُ وَاجِبًا وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ. وَالْقِيَاسُ عَلَى الصَّلَاةِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُشْتَمِلٌ عَلَى قُرُبَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ. فَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الرِّجْلَيْنِ أَيْضًا مَمْسُوحَتَانِ بِدَلِيلِ قِرَاءَةِ الْخَفْضِ وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ حَالَةَ لُبْسِ الْخُفَّيْنِ فَإِنَّ الْمَاسِحَ عَلَى خُفَّيْهِ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَاسِحُ رِجْلَيْهِ كَمَا يَصْدُقُ عَلَى الْمَسْحِ بِالذِّرَاعِ إِنْ كَانَ مِنْ فَوْقِ الثَّوْبِ فَلَا يَحْصُلُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْمُتَنَاسِبَاتِ بَلِ الْجَمْعُ بَيْنَهَا. وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْإِشَارَةَ فِي الْحَدِيثِ إِلَى غَسْلِ الْمَرَّةِ لَا إِلَى الْجَمِيعِ وَإِلَّا يَلْزَمُ التَّخْصِيصُ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَهُوَ خِلَافُ الأَصْل أم تَجِبُ هَذِهِ الْقُيُودُ وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ. وَعَنِ الثَّالِثِ بِالْفَرْقِ مِنْ وُجُوهٍ أَحَدُهَا أَنَّ الصَّلَاةَ مَقْصِدٌ وَالطَّهَارَةَ وَسِيلَةٌ وَالْمَقَاصِدُ أَعْلَى رُتْبَةً مِنَ الْوَسَائِلِ فَلَا يَلْزَمُ الْإِلْحَاقُ. وَثَانِيهَا أَنَّ الْمُصَلِّيَ يُنَاجِي رَبَّهُ فَيُشَبَّهُ بِقَارِعِ بَابٍ عَلَى رَبِّهِ لمناجاته فَكَانَ

الْوَاجِبُ أَنْ يَقِفَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَا يَسْتَفْتِحَ أَمْرَهُ بِالْجُلُوسِ وَيُثَنِّيَ بِالرُّكُوعِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى حَالَةِ الْقِيَامِ ثُمَّ إِذَا تَقَرَّبَ إِلَى رَبِّهِ بِالثَّنَاءِ عَلَى جَلَالِهِ وَالتَّذَلُّلِ بِرُكُوعِهِ لِعَظِيمِ عَلَائِهِ حَسُنَ مِنْهُ حِينَئِذٍ هَيْئَةُ الْجُلُوسِ. وَأَمَّا الْوُضُوءُ فَالْمَقْصُودُ مِنْهُ طَرَفٌ وَاحِدٌ وَهُوَ رَفْعُ الْحَدَثِ وَذَلِكَ حَاصِلٌ بِاسْتِعْمَالِ الْمَاءِ فِي الْأَعْضَاءِ. وَثَالِثُهَا أَنَّ الصَّلَاةَ لَوْ لَمْ تَكُنْ مُرَتَّبَةً لَبَطَلَتِ الْإِمَامَةُ لِأَنَّهُ لَا يَبْقَى لِلْإِمَامِ عِنْدَ الْمَأْمُومِ ضَابِطٌ يَسْتَدِلُّ بِهِ عَلَى أَيِّ رُكْنٍ شَرَعَ فِيهِ الْإِمَامُ فَتَبْطُلُ مَصَالِحُ الْإِمَامَةِ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ. فَإِنْ فَرَّعْنَا عَلَى الْوُجُوبِ فَأَخَلَّ بِهِ ابْتَدَأَ عبد ابْن زِيَادٍ وَقِيلَ لَا يُعِيدُ لِأَنَّا إِنْ قُلْنَا بِوُجُوبِهِ فَلَيْسَ شَرْطًا فِي الصِّحَّةِ. وَإِنْ فَرَّعْنَا عَلَى أَنَّهُ سُنَّةٌ فَتَرْكُهُ عَمْدًا فَهُوَ كَالنِّسْيَانِ وَقِيلَ يُعِيدُ عَلَى الْخِلَافِ فِي تَعَمُّدِ تَرْكِ السُّنَنِ هَلْ يُبْطِلُ أَمْ لَا وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ فَضِيلَةٌ وَاسْتِحْبَابٌ فَلَا إِعَادَةَ وَحَيْثُ قُلْنَا يَبْدَأُ فَإِنْ كَانَ بِحَضْرَةِ الْمَاءِ ابْتَدَأَ لِلْيَسَارَةِ وَإِنْ بَعُدَ وَجَفَّ وُضُوؤُهُ فَقَوْلَانِ بِالْبِنَاءِ وَالِابْتِدَاءِ. تَفْرِيعٌ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِذَا بَدَأَ بِيَدَيْهِ ثُمَّ بِوَجْهِهِ ثُمَّ بِرَأْسِهِ ثُمَّ بِرِجْلَيْهِ أَعَادَ وُضُوءَهُ إِنْ كَانَ عَامِدًا أَوْ جَاهِلًا وَإِنْ كَانَ نَاسِيًا قَالَ مَالِكٌ أَخَّرَ مَا قَدَّمَ مِنْ غَسْلِ ذِرَاعَيْهِ وَلَا يُعِيدُ مَا بَعْدَهُ كَمَا لَوْ تَرَكَ غَسْلَهُمَا حَتَّى طَالَ أَعَادَهُمَا فَقَطْ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُؤَخِّرُ مَا قَدَّمَ ثُمَّ يَغْسِلُ مَا يَلِيهِ طَالَ أَوْ لَمْ يَطُلْ لِتَحْصِيلِ حَقِيقَةِ التَّرْتِيبِ فَإِنَّهُ إِذَا لَمْ يُعِدْ غَسْلَ رِجْلَيْهِ وَقَعَ غَسْلُ ذِرَاعَيْهِ آخِرًا فَلَوْ بَدَأَ بِوَجْهِهِ ثُمَّ رَأْسِهِ ثُمَّ ذِرَاعَيْهِ ثُمَّ رِجْلَيْهِ أَعَادَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ رَأْسَهُ فَقَطْ فَيَرْتَفِعُ الْخَلَلُ حَيْثُ قَدَّمَهُ عَلَى مَحَلِّهِ وَعِنْدَ غَيْرِهِ يَمْسَحُ رَأْسَهُ ثُمَّ يَغْسِلُ رِجْلَيْهِ لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يُعِدْ مَسْحَ رَأْسَهُ فَكَأَنَّهُ أَسْقَطَهُ فَوَقَعَ غَسْلُ يَدَيْهِ بَعْدَ وَجْهِهِ وَلَوْ غَسَلَ رِجْلَيْهِ قَبْلَ ذِرَاعَيْهِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ يُعِيدُ مَسْحَ رَأْسِهِ لِأَنَّهُ مَا وَقَعَ بَعْدَ يَدَيْهِ وَيُعِيدُ غَسْلَ رِجْلَيْهِ لهَذِهِ الْعلَّة ويتفق ابْن الْقَاسِم وَغَيره هَهُنَا وَإِذَا قُلْنَا يُعِيدُ مَسْحَ رَأْسِهِ

وَغَسْلَ رِجْلَيْهِ فَبَدَأَ بِرِجْلَيْهِ فَيَحْتَمِلُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ الْإِجْزَاءَ لِأَنَّ مَسْحَ الرَّأْسِ يُعْتَدُّ بِهِ فِي رَفْعِ الْحَدَثِ وَوَقَعَ غَسْلُ رِجْلَيْهِ بَعْدَ مَسْحِ رَأْسِهِ فَلَا خَلَلَ فِيهِ فَإِذَا أَعَادَ غَسْلَ رِجْلَيْهِ فَقَطْ وَقَعَ بَعْدَ ذِرَاعَيْهِ وَبَعْدَ الرَّأْسِ أَعْنِي فِي الطَّهَارَةِ الْأُولَى فَيَحْصُلُ التَّرْتِيبُ بِمَجْمُوعِهِمَا وَأَعَادَ رَأْسَهُ لِيَقَعَ بَعْدَ الْيَدَيْنِ وَعِنْدَ غَيْرِهِ إِذَا مَسَحَ رَأْسَهُ أَعَادَ رِجْلَيْهِ لِيَكُونَ آخِرَ فِعْلِهِ. فَإِنْ غَسَلَ وَجْهَهُ ثُمَّ رِجْلَيْهِ ثُمَّ رَأْسِهِ ثُمَّ ذِرَاعَيْهِ فَالِاتِّفَاقُ عَلَى أَنَّهُ يُعِيدُ رَأْسَهُ ثُمَّ رِجْلَيْهِ لِأَنَّهُ قَدَّمَهُمَا وَرَأْسَهُ عَلَى يَدَيْهِ فَيُؤَخِّرُ مَا قُدِّمَ فَيَمْسَحُ رَأْسَهُ لِيَقَعَ ذَلِكَ بَعْدَ يَدَيْهِ ثُمَّ يَغْسِلُ رِجْلَيْهِ. فَلَوْ أَنَّهُ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا بَدَأَ بِرِجْلَيْهِ ثُمَّ بِرَأْسِهِ فَيَحْتَمِلُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنْ يُجْزِئَهُ لِأَنَّ مَسْحَهُ رَأْسَهُ الْأَوَّلَ قَدْ وَقَعَ بَعْدَ الرِّجْلَيْنِ أَوَّلًا وَإِنَّمَا مَسَحَ رَأْسَهُ الْآنَ لِيَقَعَ بَعْدَ ذِرَاعَيْهِ وَعِنْدَ غَيْرِهِ يُعِيدُ رِجْلَيْهِ بَعْدَ رَأسه ليَكُون آخر فعله. فول بَدَأَ بِوَجْهِهِ ثُمَّ رِجْلَيْهِ ثُمَّ ذِرَاعَيْهِ ثُمَّ رَأْسِهِ أَعَادَ رِجْلَيْهِ فَقَطِ اتِّفَاقًا لِأَنَّ يَدَيْهِ غُسِلَتْ بَعْدَ وَجْهِهِ وَمَسَحَ رَأْسَهُ بَعْدَ يَدَيْهِ فَيَغْسِلُ رِجْلَيْهِ بَعْدَ رَأْسِهِ وَقَدْ ذَهَبَ الْخَلَلُ. وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ عِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ وَعِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ أَنَّ الْمُقَدَّمَ عَلَى الْوَجْهِ يُلْغَى وَالْمُقَدَّمَ عَلَى الْيَدَيْنِ بَعْدَ الْوَجْهِ يُلْغَى وَالْمُؤَخَّرَ بَعْدَ الْيَدَيْنِ مِنْ قَبْلِ الرَّأْسِ يُلْغَى وَالْمُؤَخَّرَ بَعْدَ الرَّأْسِ قَبْلَ الرِّجْلَيْنِ يُلْغَى. وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ الْمُقَدَّمُ فِي حُكْمِ الْمُلْغَى عَلَى مَا قَدَّمَهُ عَلَيْهِ وَمَا وَقَعَ بَعْدَ الْمُقَدَّمِ مِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يَتَأَخَّرَ عَنْهُ فَهُوَ مُرَتَّبٌ عَلَيْهِ فَيَكُونُ الْمُقَدَّمُ مُلْغًى فِي حَقِّ مَا تَقَدَّمَ عَلَيْهِ ثَابِتًا فِي حَقِّ مَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ فَالَّذِي بَدَأَ بِذِرَاعَيْهِ ثُمَّ وَجْهِهِ ثُمَّ رَأْسِهِ ثُمَّ رِجْلَيْهِ عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ لَمَّا بَدَأَ بِذِرَاعَيْهِ قَبْلَ وَجْهِهِ كَانَ غَسْلُ ذِرَاعَيْهِ مُلْغًى وَيُعِيدُ وَجْهَهُ لِأَنَّهُ لَوِ اسْتَفْتَى حِينَئِذٍ عَالِمًا لَقَالَ لَهُ اغْسِلْ وَجْهَكَ وَيَكُونُ غَسْلُ وَجْهِهِ أَوَّلًا غَيْرَ مُعْتَدٍّ بِهِ ثُمَّ كَانَ شَأْنُهُ بَعْدَ وَجْهِهِ أَنْ يَغْسِلَ يَدَيْهِ فَمَسْحُهُ رَأسه بعد وَجهه ملغى للوقوعه قَبْلَ مَوْقِعِهِ وَلَوِ اسْتَفْتَى حِينَئِذٍ لَقِيلَ لَهُ اغْسِلْ ذِرَاعَيْكَ وَإِذَا أُلْغِيَ مَسْحُ رَأْسِهِ كَانَ الصَّوَابُ أَنْ يَغْسِلَ ذِرَاعَيْهِ فَغَسْلُ رِجْلَيْهِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ مُلْغًى لِوُقُوعِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا الْوَجْهُ فَيُعِيدُ مِنْ ذَلِكَ إِلَى آخِرِ وُضُوئِهِ وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَمَّا قَدَّمَ يَدَيْهِ عَلَى الْوَجْهِ كَانَ ذَلِكَ مُلْغًى فِي حَقِّ الْوَجْهِ فَيَقَعُ مَسْحُ رَأْسِهِ بَعْدَ الْيَدَيْنِ وَالْوَجْهِ وَذَلِكَ مَوْضِعُهُ فَرَتَّبَ الرَّأْسَ عَلَى سَبْقِ الْيَدَيْنِ لَهُ وَالرِّجْلَيْنِ عَلَى الرَّأْسِ وَيَبْقَى الْخَلَلُ بَيْنَ الْيَدَيْنِ وَالْوَجْهِ فَقَطْ فَإِذَا أَعَادَ غَسْلَ يَدَيْهِ انْجَبَرَ الْخَلَلُ. وَإِذَا بَدَأَ بِذِرَاعَيْهِ ثُمَّ رَأْسِهِ ثُمَّ وَجْهِهِ ثُمَّ رِجْلَيْهِ فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَعَ الْيَدَانِ مُقَدَّمَتَيْنِ عَلَى الْوَجْهِ وَكَذَلِكَ الرَّأْس وَالرجلَانِ مُؤَخَّرَتَيْنِ عَنِ الْجَمِيعِ وَهُوَ الصَّوَابُ فَيُعِيدُ يَدَيْهِ وَرَأْسَهُ فَقَطْ وَعِنْدَ الْغَيْرِ يُعِيدُ يَدَيْهِ وَرَأْسَهُ وَرِجْلَيْهِ. فَإِنْ بَدَأَ بِالرَّأْسِ ثُمَّ الْوَجْهِ ثُمَّ الْيَدَيْنِ ثُمَّ الرِّجْلَيْنِ فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ يُعِيدُ رَأْسَهُ لِيَتَأَخَّرَ عَنْ يَدَيْهِ وَلَا يُعِيدُ رِجْلَيْهِ لِيُوقِعَهُ بَعْدَ رَأْسِهِ وَعِنْدَ الْغَيْرِ يَمْسَحُ رَأْسَهُ ثُمَّ وَجْهَهُ فَإِنْ بَدَأَ بِرَأْسِهِ ثُمَّ رِجْلَيْهِ ثُمَّ وَجْهِهِ ثُمَّ يَدَيْهِ أَعَادَ رَأْسَهُ ثُمَّ رِجْلَيْهِ اتِّفَاقًا. وَلَوْ بَدَأَ بِرِجْلَيْهِ ثُمَّ وَجْهِهِ ثُمَّ يَدَيْهِ ثُمَّ رَأْسِهِ أَعَادَ رِجْلَيْهِ وِفَاقًا. وَلَوْ بَدَأَ بِرِجْلَيْهِ ثُمَّ يَدَيْهِ ثُمَّ وَجْهِهِ ثُمَّ رَأْسِهِ فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ يُعِيدُ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ فَقَطْ لِأَنَّ رِجْلَيْهِ مُقَدَّمَتَانِ عَلَى مَا حَقُّهُمَا أَنْ تَتَأَخَّرَا عَنْهُ وَكَذَلِكَ يَدَاهُ تَقَدَّمَتْ عَلَى الْوَجْهِ وَحُكْمُهُمَا التَّأْخِيرُ وَمَسْحُ الرَّأْسِ لَمْ يَقَعْ مُقَدَّمًا عَلَى مَا يَتَقَدَّمُهُ وَعِنْدَ الْغَيْرِ يُعِيدُ يَدَيْهِ ثُمَّ رَأْسَهُ لِيَقَعَ بَعْدَ الْيَدَيْنِ ثُمَّ رِجْلَيْهِ وَلَوْ بَدَأَ بِرِجْلَيْهِ ثُمَّ رَأْسِهِ ثُمَّ وَجْهِهِ ثُمَّ يَدَيْهِ لَأَعَادَ رَأْسَهُ وَرِجْلَيْهِ وفَاقا وَلَو قلت هَهُنَا بِيَدَيْهِ ثُمَّ بِالْوَجْهِ أَعَادَ يَدَيْهِ إِلَى آخِرِ وُضُوئِهِ وِفَاقًا. فُرُوعٌ خَمْسَةٌ: الْأَوَّلُ فِي الْجَوَاهِرِ يُسْتَحَبُّ الِابْتِدَاءُ بِالْيَمِينِ مِنَ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ لِقَوْلِهِ

عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِمَيَامِنِهِ رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ وَأَدْخَلَهُ سَحْنُونُ فِي الْكِتَابِ وَلِأَنَّهُ // (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) //. الثَّانِي قَالَ الْمَازِرِيُّ إِذَا أَمَرَ الْمُتَوَضِّئُ أَرْبَعَةَ رِجَالٍ أَنْ يُطَهِّرُوا أَعْضَاءَهُ مَعًا فَقَالَ بَعْضُ مَنْ أَوْجَبَ التَّرْتِيبَ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُنَكِّسِ لِأَنَّهُ لَمْ يُقَدِّمْ مَا وَجَبَ تَقْدِيمُهُ. الثَّالِثُ فِي الطَّرَّازِ الْقَوْلُ بِالْوُجُوبِ مُخْتَصٌّ بِالْوَاجِبِ دون الْمسنون وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِأَنَّ مَا لَا يَجِبُ أَصْلُهُ كَيْفَ يَجِبُ وَصْفُهُ. الرَّابِعُ لَوْ تَرَكَ التَّرْتِيبَ حَتَّى صَلَّى قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ يُعِيدُ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ فِي وُجُوبِهِ قَالَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ إِعَادَةِ الْوُضُوءِ لِأَجْلِهِ وَإِعَادَةِ الصَّلَاةِ أَنَّ إِعَادَةَ الْوُضُوءِ مُرَغَّبٌ فِيهِ بِدَلِيلِ الْأَمْرِ بِالتَّجْدِيدِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا تُصَلُّوا فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ. الْخَامِسُ إِذَا نَكَّسَ مَسْنُونُ وُضُوئِهِ فَبَدَأَ بِالْوَجْهِ قَبْلَهُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِنْ كَانَ سَاهِيًا لم يعد وَجهه قَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا أَوْ عَامِدًا فَظَاهِرُ الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَبْتَدِئُ الْوُضُوءَ وَسَوَّى بَيْنَ الْمَفْرُوضِ وَالْمَسْنُونِ. سُؤَالٌ نَدَبَ الشَّرْعُ لِتَقْدِيمِ الْيُمْنَى مِنَ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ وَالْجَنْبَيْنِ فِي الْغَسْلِ وَالْوُضُوءِ وَلَمْ يَنْدُبْ لِتَقْدِيمِ الْيُمْنَى مِنَ الْأُذُنَيْنِ أَوِ الْفَوْدَيْنِ أَوِ الْخَدَّيْنِ أَوِ الصُّدْغَيْنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَمَا الْفَرْقُ؟ جَوَابُهُ أَنَّ أُولَئِكَ الْأَعْضَاءَ الْمُقَدَّمَةَ اشْتَمَلَتْ عَلَى مَنَافِعَ تَقْتَضِي شَرَفَهَا فَقَدَّمَهَا الشَّرْعُ لِذَلِكَ. بَيَانُهُ الْيَدُ الْيُمْنَى فِيهَا مِنَ الْحَرَارَةِ الْغَرِيزِيَّةِ وَالْقُوَّةِ وَوُفُورِ الْخَلْقِ وَالصَّلَاحِيَّةِ لِلْأَعْمَالِ مَا لَيْسَ فِي الْيَسَارِ وَذَلِكَ أَنَّ الْخَاتَمَ يَضِيقُ فِي الْيُمْنَى

الفصل الثالث في فضائله وهي سبعة

وَيَتَّسِعُ فِي الْيَسَارِ وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي الرِّجْلَيْنِ وَمَنِ اعْتَبَرَ ذَلِكَ وَجَدَهُ مُقْتَضَى الْخِلْقَةِ الْأُولَى مَا لَمْ تُعَارِضْهُ عَادَةٌ فَاسِدَةٌ عَنِ الْخَلْقِ الْأَصْلِيِّ. وَأَمَّا الْأُذُنَانِ وَنَحْوُهُمَا فَمُسْتَوِيَانِ فِي الْمَنَافِعِ وَصِفَاتِ الشَّرَفِ فَلَمْ يُقَدِّمِ الشَّرْعُ يَمِينَ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَلَى يَسَارِهِ وَقَدَّمَ الْجَنْبَ الْأَيْمَنَ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الْأَعْضَاءِ الشَّرِيفَةِ الْمَذْكُورَةِ. تَذْيِيلٌ يَبْدَأُ بِالْأَعَالِي فِي الطَّهَارَةِ لِشَرَفِهَا لِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الْوَجْهُ مِنَ الْحَوَاسِّ وَالنُّطْقِ وَيُثَنِّي بِالْيَدَيْنِ لِكَثْرَةِ دُخُولِهِمَا فِي الطَّاعَةِ وَغَيْرِهَا وَيُقَدِّمُ الرَّأْسَ عَلَى الرِّجْلَيْنِ لِشَرَفِهِ لِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنَ الْقُوَى الْمُدْرِكَةِ وَالْحِكْمَةِ وَقُدِّمَ الْفَمُ عَلَى الْأَنْفِ لِشَرَفِهِ بِالذَّوْقِ وَالنُّطْقِ وَقُدِّمَ الْفَرْجَانِ مُحَافَظَةً عَلَى الطَّهَارَةِ مِنَ النَّقْضِ. السُّنَّةُ السَّابِعَةُ غَسْلُ الْبَيَاضِ الَّذِي بَيْنَ الصُّدْغَيْنِ وَالْأُذُنَيْنِ قَالَ الْمَازِرِيُّ انْتَقَدَ هَذِهِ السُّنَّةَ عَلَى الْقَاضِي أَصْحَابُنَا وَقَالُوا إِنْ كَانَ مِنَ الْوَجْهِ فَهُوَ وَاجِبٌ وَإِلَّا فَهُوَ كَالْقَفَا سَاقِطٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ قَالَ وَلَعَلَّهُ ظَفِرَ بِحَدِيثٍ يُوجِبُ كَوْنَهُ سُنَّةً أَوْ يَكُونُ سُنَّةً مُرَاعَاةً للْخلاف على سَبِيل التَّوَسُّع. الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي فَضَائِلِهِ وَهِيَ سَبْعَةٌ الْفَضِيلَةُ الْأُولَى التَّسْمِيَةُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ اسْتَحْسَنَهَا مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ مَرَّةً وَأَنْكَرَهَا مَرَّةً وَقَالَ أَهُوَ يَذْبَحُ مَا عَلِمْتُ أَحَدًا يَفْعَلُ ذَلِكَ وَنَقَلَ ابْنُ شَاسٍ عَنْهُ التَّخْيِيرَ وَعَنِ ابْنِ زِيَادٍ الْكَرَاهَةَ. وَأَفْعَالُ الْعَبْدِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ مِنْهَا مَا شُرِّعَتْ فِيهِ التَّسْمِيَةُ وَمِنْهَا مَا لَمْ تُشَرَّعْ فِيهِ وَمِنْهَا مَا تُكْرَهُ فِيهِ. الْأَوَّلُ كَالْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ وَالتَّيَمُّمِ عَلَى الْخِلَافِ وَذَبْحِ النُّسُكِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَمِنْهُ مُبَاحَاتٌ لَيْسَتْ بِعِبَادَاتٍ كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْجِمَاعِ. وَالثَّانِي كَالصَّلَوَاتِ وَالْأَذَانِ وَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ والأذكار وَالدُّعَاء.

وَالثَّالِثُ الْمُحَرَّمَاتُ إِذِ الْغَرَضُ مِنَ التَّسْمِيَةِ حُصُولُ الْبَرَكَةِ فِي الْفِعْلِ الْمُشْتَمِلِ عَلَيْهَا وَالْحَرَامُ لَا يُرَادُ كَثْرَتُهُ وَكَذَلِكَ الْمَكْرُوهُ. وَهَذِهِ الْأَقْسَامُ تَتَحَصَّلُ مِنْ تَفَارِيعِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ فِي الْمَذْهَبِ فَمَا ضَابِطُ مَا شُرِعَ فِيهِ التَّسْمِيَةُ مِنَ الْقُرُبَاتِ وَالْمُبَاحَاتِ مِمَّا لَمْ يُشْرَعْ فِيهِ؟ قُلْتُ وَقَعَ الْبَحْثُ فِي هَذَا الْفَصْلِ مَعَ جَمَاعَةٍ مِنَ الْفُضَلَاءِ وَعَسُرَ الْفَرْقُ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ قَدْ قَالَ إِنَّهَا لَمْ تُشْرَعْ مَعَ الْأَذْكَارِ وَمَا ذكر مَعهَا لِأَنَّهَا بركَة فِي نَفسهَا. وَورد عَلَيْهِ أَنَّ الْقُرْآنَ مِنْ أَعْظَمِ الْبَرَكَاتِ مَعَ أَنَّهَا شُرِعَتْ فِيهِ. وَالْأَصْلُ فِي شَرْعِيَّتِهَا فِي الْوُضُوءِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا وُضُوءَ لَهُ وَلَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ إِلَّا أَنَّهُ لَا أَصْلَ لَهُ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ بِوُجُوبِهَا مَعَ أَنَّ التِّرْمِذِيَّ قَالَ عَنْهُ لَا أَعْرِفُ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثًا // (جَيِّدَ الْإِسْنَادِ) //. الْفَضِيلَةُ الثَّانِيَةُ فِي الْجَوَاهِرِ السِّوَاكُ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ وَفِي أَبِي دَاوُدَ كَانَ يُوضَعُ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وُضُوؤُهُ وَسِوَاكُهُ وَالْكَلَامُ فِي وَقْتِهِ وَآلَتِهِ وَكَيْفِيَّتِهِ. أَمَّا وَقْتُهُ فَقَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ يَسْتَاكُ قَبْلَ الْوُضُوءِ وَيَتَمَضْمَضُ بَعْدَهُ لِيَخْرُجَ الْمَاءُ بِمَا يَنْثُرُهُ السِّوَاكُ وَلَا يَخْتَصُّ السِّوَاكُ بِهَذِهِ الْحَالَةِ بَلْ فِي الْحَالَاتِ الَّتِي يَتَغَيَّرُ فِيهَا الْفَمُ كَالْقِيَامِ مِنَ النَّوْمِ أَوْ بِتَغْيِيرِ الْفَمِ لِمَرَضٍ أَوْ وَجَعٍ أَوْ صَمْتٍ كَثِيرٍ أَوْ مَأْكُولٍ مُتَغَيِّرٍ. وَأَمَّا الْآلَةُ فَهِيَ عِيدَانُ الْأَشْجَارِ لِأَنَّهُ سُنَّةُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَسُنَّةُ السَّلَفِ أَوْ بِأُصْبُعِهِ إِنْ لَمْ يَجِدْ وَيَفْعَلُ ذَلِكَ مَعَ الْمَاءِ فِي الْمَضْمَضَةِ لِأَنَّهُ يُخَفف القلح

وَالْقَلَحُ صُفْرَةُ الْأَسْنَانِ فَإِنِ اسْتَاكَ بِأُصْبُعٍ فَجَعَلَهَا سِوَاكًا لِلسِّنِّ أَوْلَى مِنْ جَعْلِ السِّنِّ سِوَاكًا لِلْأُصْبُعِ وَيَتَجَنَّبُ مِنَ السِّوَاكِ مَا فِيهِ أَذًى لِلْفَمِ كَالْقَصَبِ فَإِنَّهُ يَجْرَحُ اللِّثَةَ وَيُفْسِدُهَا وَكَالرَّيْحَانِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَقُولُ الْأَطِبَّاءُ فِيهِ فَسَادٌ وَقَدْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ. وَأَمَّا كَيْفِيَّتُهُ فَيُرْوَى عَنْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ اسْتَاكُوا عَرْضًا وَادَّهِنُوا غِبًّا أَيْ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ وَاكْتَحِلُوا وِتْرًا فَالسِّوَاكُ عَرْضًا أَسْلَمُ لِلَّثَةٍ مِنَ التَّقَطُّعِ وَالْأَدْهَانُ إِنْ كَثُرَتْ تُفْسِدُ الشَّعْرَ وَتَنْثُرُهُ. وَالسِّوَاكُ وَإِنْ كَانَ مَعْقُولَ الْمَعْنَى فَعِنْدِي أَنَّهُ مَا عَرِيَ مِنْ شَائِبَةِ تَعَبُّدٍ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَوِ اسْتَعْمَلَ الْغَسُولَاتِ الْجَلَّاءَةَ عِوَضًا مِنَ الْعِيدَانِ لَمْ يَأْتِ بِالسُّنَّةِ. الْفَضِيلَةُ الثَّالِثَةُ فِي التَّلْقِينِ تَكْرَارُ الْمَغْسُولِ وَقَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ لَمْ يُوَقِّتْ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي التَّكْرَارِ إِلَّا مَا أَسْبَغَ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَغَيْرُهُ يُرِيدُ بِهِ نَفْيَ الْوُجُوبِ لَا نَفْيَ الْفَضِيلَةِ وَكَذَلِكَ قَالَ وَقَدِ اخْتَلَفَتِ الْآثَارُ فِي التَّوْقِيتِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ التَّوْقِيتُ التَّقْدِيرُ مِنَ الْوَقْتِ وَهُوَ الْمِقْدَارُ مِنَ الزَّمَانِ فَمَعْنَاهُ لَمْ يُقَدِّرْ عَدَدًا قَالَ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ قَالَ مَعْنَاهُ لَمْ يُوجِبْ مِنْ قَوْله تَعَالَى {كِتَابًا مَوْقُوتًا} أَيْ فَرْضًا لَازِمًا وَلَيْسَ بِصَوَابٍ وَرُوِيَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً وَقَالَ هَذَا وُضُوءٌ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ الصَّلَاةَ إِلَّا بِهِ فَأَثْبَتَ الْقَبُولَ عِنْدَ ثُبُوتِهِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ غَيْرِهِ وَيُرْوَى عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ وَثَلَاثًا ثَلَاثًا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ فَالْأُولَى وَاجِبَةٌ وَالثَّانِيَةُ سُنَّةٌ وَالثَّالِثَةُ فَضِيلَةٌ وَالرَّابِعَةُ مُخْتَرَعَةٌ إِذَا أَتَى بِهَا عُقَيْبَ الثَّالِثَةِ أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَبْلَ الصَّلَاةِ بِذَلِكَ الْوُضُوءِ فَإِنْ صَلَّى بِهِ كَانَ تَجْدِيدُ الْوُضُوءِ فَضِيلَةً لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْوُضُوءُ عَلَى الْوُضُوءِ نُورٌ عَلَى نُورٍ وَقَوْلِهِ فِي الرَّابِعَةِ

فَمَنْ زَادَ أَوِ اسْتَزَادَ فَقَدْ تَعَدَّى وَظَلَمَ وَالتَّجْدِيدُ زِيَادَةٌ فَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ وَدَلِيلُ تَحْرِيمِ الرَّابِعَةِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا تَوَضَّأَ ثَلَاثًا هَذَا وُضُوئِي وَوُضُوءُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي وَوُضُوءُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ فَمَنْ زَادَ أَوِ اسْتَزَادَ فَقَدْ تَعَدَّى وَظَلَمَ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ قَالَ الْأَصِيلِيُّ لَيْسَ هَذَا بِثَابِتٍ. وَالْوُضُوءُ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ إِنْ صَحَّ الْحَدِيثُ فَيَكُونُ مَعْنَى مَا رُوِيَ فِي الْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ وَيَكُونُ الِاخْتِصَاصُ بِالْغُرَّةِ لَا بِالْوُضُوءِ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَمَنْ زَادَ أَوِ اسْتَزَادَ فَيَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا التَّأْكِيدُ وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِهِمَا وَاحِدًا وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ اسْتَزَادَ مِنْ بَابِ الِاسْتِفْعَالِ وَهُوَ طَلَبُ الْفِعْلِ وَالْإِنْسَانُ لَهُ حَالَتَانِ تَارَةً يَتَوَضَّأُ بِنَفْسِهِ فَيُقَالُ إِنَّهُ زَادَ الرَّابِعَةَ وَتَارَةً يَسْتَعِينُ بِغَيْرِهِ فِي سَكْبِ الْمَاءِ وَغَيْرِهِ فَيَطْلُبُ مِنْ ذَلِكَ الْغَيْرِ زِيَادَةَ الرَّابِعَةِ فَيُقَالُ لَهُ اسْتَزَادَ. وَجَوَّزَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ الِاقْتِصَارَ عَلَى الْوَاحِدَةِ وَقَالَ أَيْضًا لَا أُحِبُّهَا إِلَّا مِنْ عَالِمٍ يَعْنِي لِأَنَّ مِنْ شَرط الِاقْتِصَار عَلَيْهَا الإسباغ وَذَلِكَ لَا بضبطه إِلَّا الْعُلَمَاءُ وَإِذَا لَمْ يُسْبِغْ وَأَسْبَغَ فِي الثَّانِيَةِ كَانَ بَعْضُ الثَّانِيَةِ فَرْضًا وَهُوَ مَا حَصَلَ بِهِ الْإِسْبَاغُ فِي بَقِيَّةِ الْأُولَى وَبَقِيَّتُهَا فَضِيلَةٌ وَهُوَ مَا عَدَا ذَلِكَ وَإِلَى أَنْ يَأْتِيَ بِرَابِعَةٍ تَخْتَصُّ بِهَا الْمَوَاضِعُ الْمَتْرُوكَةُ أَوَّلًا وَلَا تَعُمُّ لِئَلَّا يَقَعَ فِي النَّهْيِ. فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا شَكَّ فِي أَصْلِ الْغَسْلِ ابْتَدَأَهُ لِأَنَّهُ فِي عُهْدَةِ الْوَاجِبِ حَتَّى يَفْعَلَهُ وَإِنْ شَكَّ هَلْ هِيَ ثَالِثَةٌ أَوْ رَابِعَةٌ قَالَ الْمَازِرِيُّ تَنَازَعَ الْأَشْيَاخُ فِي فِعْلِهَا هَلْ تُكْرَهُ مَخَافَةَ أَنْ تَكُونَ مُحَرَّمَةً أَوْ لَا تُكْرَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْمَأْمُورِ بِهِ مِنَ الطَّهَارَةِ مُتَوَجِّهًا عَلَى الْإِنْسَانِ وَالْبِنَاءُ عَلَى الْيَقِينِ فِي الطَّهَارَة وركعات الصلات مِنَ الْعَدَدِ فَيُصَلِّي الرَّكْعَةَ وَإِنْ شَكَّ هَلْ هِيَ رَابِعَةٌ وَاجِبَةٌ أَوْ خَامِسَةٌ مُحَرَّمَةٌ وَيَلْحَقُ بِهَذَا صَوْمُ التَّاسِعِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ إِذَا شَكَّ فِيهِ فَإِنَّهُ دَائِرٌ بَيْنَ الْمَنْدُوبِ وَالْمُحَرَّمِ

قَاعِدَةٌ إِذَا تَعَارَضَ الْمُحَرَّمُ وَغَيْرُهُ مِنَ الْأَحْكَامِ الْأَرْبَعَةِ قُدِّمَ الْمُحَرَّمُ لِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمُحَرَّمَ لَا يَكُونُ إِلَّا لِمَفْسَدَةٍ وَعِنَايَةُ الشَّرْعِ وَالْعُقَلَاءِ بِدَرْءِ الْمَفَاسِدِ أَشَدُّ مِنْ عِنَايَتِهِمْ بِتَحْصِيلِ الْمَصَالِحِ وَلِأَنَّ تَقْدِيمَ الْمُحَرَّمِ يُفْضِي إِلَى مُوَافَقَةِ الْأَصْلِ وَهُوَ التَّرْكُ فَمَنْ لَاحَظَ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ قَالَ بالتراك وَمَنْ قَالَ يَغْسِلُ يَقُولُ الْمُحَرَّمُ رَابِعَةٌ بَعْدَ ثَالِثَةٍ مُتَيَقَّنَةٍ وَلَمْ يَتَيَقَّنْ ثَالِثَةً فَلَا يَحْرُمُ وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي الصَّوْمِ وَمَا أَظُنُّ فِي الصَّلَاةِ خِلَافًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ الْفَضِيلَةُ الرَّابِعَةُ الِاقْتِصَادُ وَالرِّفْقُ بِالْمَاءِ مَعَ الْإِسْبَاغِ وَالْإِسْبَاغُ التَّعْمِيمُ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً} أَيْ عَمَّمَهَا وَأَنْكَرَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَوْلَ مَنْ قَالَ حَدُّ الْوُضُوءِ أَنْ يَقْطُرَ أَوْ يَسِيلَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ أَيْ أَنْكَرَ التَّحْدِيدَ قَالَ مَالِكٌ رَأَيْتُ عَبَّاسًا قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ عَبَّاسٌ بِبَاءٍ وَاحِدَةٍ مِنْ تَحْتِهَا وَسِينٍ مُهْمَلَةٍ وَمِنَ الشُّيُوخِ مَنْ يَقُولُ عَيَّاشًا بِالْيَاءِ وَالشِّينِ وَهُوَ خَطَأٌ يَتَوَضَّأُ بِثُلُثِ مُدِّ هِشَامٍ وَيَفْضُلُ لَهُ مِنْهُ وَيُصَلِّي بِالنَّاسِ وَأَعْجَبَنِي ذَلِكَ وَفِي الْبُخَارِيِّ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ وَيَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِذَا كَانَ الْمُغْتَسِلُ مُعْتَدِلَ الْخَلْقِ كَاعْتِدَالِ خَلْقِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلَا يَزِيدُ فِي الْمَاءِ عَلَى الْمُدِّ فِي الْوُضُوءِ وَالصَّاعِ فِي الْغُسْلِ وَإِنْ كَانَ ضَئِيلًا فَلْيَسْتَعْمِلْ مِنَ الْمَاءِ مَا يَكُونُ نِسْبَتُهُ إِلَى جَسَدِهِ كَنِسْبَةِ الْمُدِّ وَالصَّاعِ إِلَى جَسَدِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فَإِنْ تَفَاحَشَ الْخَلْقُ فَلَا يَنْقُصُ عَنْ مِقْدَارِ أَنْ يَكُونَ نِسْبَتُهُ إِلَى جَسَدِهِ كَنِسْبَةِ الْمُدِّ وَالصَّاعِ إِلَى جَسَدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْفَضِيلَةُ الْخَامِسَةُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ أَنْ يَجْتَنِبَ الْخَلَاءَ لِنَهْيِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ ذَلِكَ مَخَافَةَ الْوَسْوَاسِ الْفَضِيلَةُ السَّادِسَةُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يَجْعَلُ الْإِنَاءَ عَنِ الْيَمِينِ لِفِعْلِهِ عَلَيْهِ

السَّلَامُ لِذَلِكَ وَلِأَنَّهُ أَمْكَنُ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْمُكْنَةَ إِنَّمَا تُتَصَوَّرُ فِي الْأَقْدَاحِ وَمَا تَدْخُلُ الْأَيْدِي إِلَيْهِ أَمَّا الْأَبَارِيقُ فَالتَّمَكُّنُ إِنَّمَا يَحْصُلُ بِجَعْلِهِ عَلَى الْيَسَارِ لِيَسْكُبَ الْمَاءَ بِيَسَارِهِ فِي يَمِينِهِ الْفَضِيلَةُ السَّابِعَةُ قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِي الرِّسَالَةِ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ بِأَثَرِ الْوُضُوءِ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ التَّوَّابِينَ وَاجْعَلْنِي مِنَ الْمُتَطَهِّرِينَ وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ رَفَعَ طَرْفَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ خَاتِمَةٌ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَا بَأْسَ بِالْمَسْحِ بِالْمِنْدِيلِ بَعْدَ الْوُضُوءِ خِلَافًا لِأَصْحَابِ الشَّافِعِي مُحْتَجِّينَ بِمَا فِي مُسْلِمٍ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لَمَّا وَصَفَتْ غُسْلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَتْ ثُمَّ أَتَيْتُهُ بِالْمِنْدِيلِ فَرَدَّهُ وَقَالَ إِنَّهُ يذهب بِنور الْوَجْه حجتناما رُوِيَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ كَانَ إِذَا تَوَضَّأَ مَسَحَ وَجْهَهُ بِطَرَفِ ثَوْبِهِ وَفِي التِّرْمِذِيِّ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَتْ لَهُ خِرْقَةٌ يُنَشِّفُ فِيهَا بَعْدَ الْوُضُوءِ وَضَعَّفَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ لَا يَصِحُّ فِي هَذَا الْبَابِ شَيْءٌ وَلِأَنَّ الْمَسْحَ يُؤَدِّي إِلَى النَّظَافَةِ فَإِنَّ الْمَاءَ إِذَا بَقِيَ فِي شَعْرِهِ قَطَرَ مِنَ اللِّحْيَةِ عَلَى الثَّوْبِ فَعَلِقَ بِهِ الْغُبَارُ فَيَنْطَمِسُ لَوْنُهُ وَكَذَلِكَ يَعْلَقُ مَاءُ رِجْلَيْهِ بِذُيُولِ ثَوْبِهِ وَحَدِيثُ مُسْلِمٍ لَا يُنَافِي مَا قُلْنَا لِأَنَّا نَقُولُ بِإِبَاحَةِ تَرْكِهِ وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَالْقِيَاسُ مَعَنَا لِمَا ذَكَرْنَاهُ وَيُؤَكِّدُهُ أَنَّ غُسَالَةَ الْمَاءِ نَجِسَةٌ عِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ فَيَجِبُ إِزَالَتُهَا عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَرْعٌ وَإِذَا أُبِيحَ التَّنْشِيفُ فَهَلْ يُبَاحُ قَبْلَ الْفَرَاغِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ عَلَى رَأْيِ ابْنِ الْجَلَّابِ لَا يَجُوزُ لِقَوْلِهِ وَلَا يَجُوزُ تَفْرِيقُ الطَّهَارَةِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَعَلَى الْمَشْهُورِ يَجُوزُ لِيَسَارَتِهِ وَفِي الْمَجْمُوعَةِ قُلْتُ لِمَالِكٍ أَيَفْعَلُ ذَلِكَ قَبْلَ غَسْلِ رِجْلَيْهِ قَالَ نَعَمْ وَإِنِّي لأفعله

(الباب الثالث في الغسل وفيه فصلان)

(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْغُسْلِ وَفِيهِ فَصْلَانِ) الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي أَسْبَابِهِ وَهِيَ سَبْعَةَ عَشَرَ الْتِقَاءُ الْخِتَانَيْنِ وَإِنْزَالُ الْمَاءِ الدَّافِقِ مِنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَالشَّكُّ فِي أَحَدِهِمَا مَا لَمْ يُسْتَنْكَحْ ذَلِكَ وَتَجْدِيدُ الْإِسْلَامِ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَالْوِلَادَةُ وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ جَافًّا وَانْقِطَاعُ دَمِ الْحَيْضِ وَانْقِطَاعُ دَمِ النِّفَاسِ وَالْمَوْتُ فِي غَيْرِ الشُّهَدَاءِ فَهَذِهِ أَسْبَابُ الْوُجُوبِ وَتَلِيهَا أَسْبَابُ النَّدْبِ وَهِيَ شُهُودُ الْجُمُعَةِ وَشُهُودُ صَلَاةِ عِيدِ الْأَضْحَى وَشُهُودُ صَلَاةِ عِيدِ الْفِطْرِ وَإِحْرَامُ الْحَجِّ وَدُخُولُ مَكَّةَ وَالرَّوَاحُ لِعَرَفَةَ لِلْوُقُوفِ وَمُبَاشَرَةُ غُسْلِ الْمَيِّتِ وَانْقِطَاعُ دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ وَانْقِطَاعُ دَمِ الْمَرْأَةِ الَّتِي شَأْنُهَا أَلَّا تَحِيضَ فَإِنَّهَا لَا تَتْرُكُ الصَّلَاةَ بِسَبَبِهِ وَتَغْتَسِلُ لِانْقِطَاعِهِ وَالْمَقْصُود بالْكلَام هَهُنَا الْخَمْسَةُ الْأُوَلُ فَغَيْرُهَا نَتَكَلَّمُ عَلَيْهِ فِي مَوَاضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَهَذِهِ الْخَمْسَةُ هِيَ أَسْبَابُ الْجَنَابَةِ وَالْجَنَابَةُ مُشْتَقَّةٌ مِنَ التَّجَنُّبِ وَهُوَ الْبُعْدُ وَمِنْهُ الرَّجُلُ الْأَجْنَبِيُّ مِنْكَ أَيِ الْبَعِيدُ عَنْ قَرَابَتِكَ وَصُحْبَتِكَ وَمِنْهُ الْمَجَانَبَةُ لِلْقَبَائِحِ وَلَمَّا كَانَ الْمُتَّصِفُ بِهَذِهِ الْأَسْبَابِ بَعِيدًا مِنَ الْعِبَادَاتِ سُمِّيَ جُنُبًا وَقِيلَ مُشْتَقَّةٌ مِنَ الْجَنْبِ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي حُصُولِ هَذِهِ الْأَسْبَابِ مُبَاشَرَةُ النِّسَاءِ فَيَحْصُلُ اجْتِمَاعُ الْجَنْبِ مَعَ الْجَنْبِ حِسًّا لِذَلِكَ السَّبَبُ الْأَوَّلُ فِي الْجَوَاهِرِ الْتِقَاءُ الْخِتَانَيْنِ يُوجِبُ الْغُسْلَ أَوْ مِقْدَارُ

الْحَشَفَةِ مِنْ مَقْطُوعِهَا لِمَا فِي مُسْلِمٍ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ وَجَهَدَهَا فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ وَفِي مُسْلِمٍ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ ذَلِكَ وَعَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا جَالِسَةٌ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنِّي لَأَفْعَلُ ذَلِكَ ثُمَّ أَغْتَسِلُ فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ قَالَ الْعُلَمَاءُ هِيَ نَاسِخَةٌ لِمَا تَقَدَّمَهَا مِنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي مُسْلِمٍ لِلْأَنْصَارِيِّ الَّذِي مَرَّ عَلَيْهِ فَخَرَجَ إِلَيْهِ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ بِالْمَاءِ فَقَالَ لَعَلَّنَا أَعْجَلْنَاكَ؟ قَالَ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا أُعْجِلْتَ أَوْ قَحَطْتَ فَلَا غُسْلَ وَمِنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي مُسْلِمٍ إِنَّمَا الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ أَيْ إِنَّمَا يَجِبُ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ فِي الطُّهْرِ مِنْ إِنْزَالِ الْمَاءِ الدَّافِقِ وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ كَانَتْ هَذِهِ رُخْصَةً فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ نُسِخَتْ وَقَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّمَا الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ مَحْمُولٌ عَلَى النَّوْمِ فَإِنَّ الْوَطْءَ فِيهِ مِنْ غَيْرِ إِنْزَالٍ لَا يُوجِبُ شَيْئًا إِجْمَاعًا وَهَذَا أَوْلَى مِنَ النَّسْخِ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ عَامًّا فِي الْمَاءَيْنِ فَهُوَ مُطْلَقٌ فِي الْحَالَيْنِ النَّوْمِ وَالْيَقَظَةِ فَحَمْلُهُ عَلَى النَّوْمِ تَقْيِيدٌ لِلْمُطْلَقِ وَالتَّقْيِيدُ أَوْلَى مِنَ النَّسْخِ لِمَا تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ الْأُصُولِ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْتِقَاءَ الْخِتَانَيْنِ يُوجِبُ الْغُسْلَ أَنَّهَا طَهَارَةُ حَدَثٍ فَتَتَعَلَّقُ بِنَوْعٍ مِنَ اللَّمْسِ كَالْوُضُوءِ وَلِأَنَّ الْتِقَاءَ الْخِتَانَيْنِ سَبَبٌ قَوِيٌّ لِخُرُوجِ الْمَنِيِّ فَيَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمُهُ كَاللَّمْسِ لَمَّا كَانَ سَبَبًا قَوِيًّا لِلْمَذْيِ فَيَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمُهُ قَاعِدَةٌ أُصُولِيَّةٌ اللَّفْظُ إِذَا خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ لَا يَكُونُ لَهُ مَفْهُومٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ} فَإِنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُمْ إِنَّمَا يُقْدِمُونَ عَلَى ذَلِكَ الْخَوْف غَزْوٍ أَوْ فَضِيحَةٍ فَلَا يَدُلُّ مَفْهُومُهُ عَلَى جَوَازِ قَتْلِ الْأَوْلَادِ إِذَا أُمِنَ ذَلِكَ إِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَنَقُولُ لَمَّا كَانَ الْغَالِبُ عَلَى النَّاسِ الْخِتَانُ لَمْ يَدُلَّ مَفْهُومُ اللَّفْظِ

عَلَى انْتِفَاءِ الْحُكْمِ إِذَا لَمْ يُوجَدِ الْخِتَانَانِ فَلَا جَرَمَ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ يَجِبُ الْغُسْلُ بِالْإِيلَاجِ فِي الْحَيَّةِ وَالْمَيِّتَةِ وَالْبَهِيمَةِ خِلَافًا ح فِي قَوْلِهِ فَرْجُ الْمَيِّتَةِ غَيْرُ مَقْصُودٍ فَأَشْبَهَ الْكُوَّةَ وَلَنَا عُمُومُ الْحَدِيثِ وَالنَّقْضُ عَلَيْهِ بِالْعَجُوزِ الْفَانِيَةِ وَالْمَجْذُومَةِ وَالْبَرْصَاءِ وَيَجِبُ بِالْإِيلَاجِ فِي فَرْجِ الْخُنْثَى الْمُشكل خلافًا لأَصْحَاب الشَّافِعِي لِعُمُومِ الْخَبَرِ وَقِيَاسًا عَلَى دُبُرِهِ وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ خَرَّجَهُ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَى نَقْضِ الطَّهَارَةِ بِالشَّكِّ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ يَجِبُ بِاسْتِدْخَالِ الْمَرْأَةِ ذَكَرَ الْبَهِيمَةِ كَمَا يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ بِفَرْجِ الْبَهِيمَةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْقُبُلِ وَالدُّبُرِ وَالنَّوْمِ وَالْيَقَظَةِ فِي حَقِّ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ لِعُمُومِ الْخَبَرِ فَرْعَانِ الْأَوَّلُ فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا عُدِمَ الْبُلُوغُ فِي الْوَاطِئِ أَوِ الْمَوْطُوءِ أَوْ فِيهِمَا أَمَّا الْأَوَّلُ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَا غُسْلَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يُنْزِلَ يُرِيدُ لِنُقْصَانِ لَذَّتِهِ وَفُتُورِ شَهْوَتِهِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى أُصْبُعِ رَجُلٍ لَوْ غَيَّبَهُ فِيهَا وَقَالَ أَصْبَغُ فِي الْوَاضِحَةِ يَغْتَسِلُ لِعُمُومِ الْحَدِيثِ وَأَمَّا الثَّانِي وَهُوَ عَدَمُ الْبُلُوغِ فِي الْمَوْطُوءَةِ وَهِيَ مِمَّنْ تُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ قَالَ ابْنُ شَاسٍ قَالَ فِي مُخْتَصَرِ الْوَقَّادِ لَا غُسْلَ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا إِنَّمَا أُمِرَتْ بِالْوُضُوءِ لِتَكَرُّرِهِ بِخِلَافِ الْغُسْلِ كَمَا أُمِرَتْ بِالصَّلَاةِ دُونَ الصَّوْمِ وَقَالَ أَشْهَبُ عَلَيْهَا الْغُسْلُ وَأَمَّا الثَّالِثُ وَهُوَ عَدَمُ الْبُلُوغِ فِيهِمَا قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ يَقْتَضِي الْمَذْهَبُ أَلَّا غُسْلَ عَلَيْهِمَا وَقَدْ يُؤْمَرَانِ بِهِ عَلَى وَجْهِ النَّدْبِ

الثَّانِي إِذَا جَامَعَ دُونَ الْفَرْجِ فَأَنْزَلَ وَوَصَلَ مَاؤُهُ إِلَى فَرْجِهَا فَإِنْ أَنْزَلَتْ وَجَبَ الْغُسْلُ وَإِنْ لَمْ تُنْزِلْ وَلَمْ تَلْتَذَّ لَمْ يَجِبْ وَإِنِ الْتَذَّتْ وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْهَا إِنْزَالٌ فَقَوْلَانِ الْوُجُوب لِأَن التذاذهاا قَدْ يَحْصُلُ بِهِ الْإِنْزَالُ وَهُوَ الْغَالِبُ وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ مَالِكٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ فِي الْكِتَابِ لِقَوْلِهِ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا إِلَّا أَنْ تَكُونَ قَدِ الْتَذَّتْ وَعَدَمُ الْوُجُوبِ رِوَايَةٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِذَا قُلْنَا تَبْطُلُ الطَّهَارَةُ بِرَفْضِ النِّيَّةِ وَجَبَ عَلَيْهَا الْغُسْلُ وَيُؤَيِّدُ قَوْلَ مَالِكٍ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الصَّحِيحِ إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ وَمَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ وَجَبَ الْغُسْلُ فَالشَّرْطُ الْتِقَاءُ الْخِتَانَيْنِ تَمْهِيدٌ يُوجِبُ الْتِقَاءَ الْخِتَانَيْنِ نَحْوُ سِتِّينَ حُكْمًا وَهِيَ تَحْرِيمُ الصَّلَاةِ وَالطَّوَافِ وَسُجُودِ الْقُرْآنِ وَسُجُودِ السَّهْوِ وَمَسِّ الْمُصْحَفِ وَحَمْلِهِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالْإِقَامَةِ فِي الْمَسْجِدِ وَيُفْسِدُ الصَّوْمَ وَيُوجِبُ فِسْقَ مُتَعَمِّدِهِ وَالْكَفَّارَةَ لِذَلِكَ وَالتَّعْزِيزَ عَلَيْهِ وَفَسَادَ الِاعْتِكَافِ وَالتَّعْزِيزَ عَلَيْهِ وَفِسْقَ مُتَعَمِّدِهِ لَا سِيَّمَا إِذَا تَكَرَّرَ أَوْ وَقَعَ فِي الْمَسْجِدِ وَفَسَادَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَفِسْقَ مُتَعَمِّدِهِ وَالتَّعْزِيزَ عَلَيْهِ وَالْهَدْيَ وَأَمَّا الْمُضِيُّ فِي الْفَاسِدِ فَمُسَبَّبٌ عَنِ الْإِحْرَامِ وَتَحْلِيلِ الْمَبْتُوتَةِ وَتَقْرِيرِ الْمَهْرِ الْمُسَمَّى فِي الصَّحِيحِ وَالْمِثْلِ فِي الْفَاسِدِ وَوَطْءِ الشُّبْهَةِ وَالتَّفْوِيضِ وَالْعِدَّةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ فِي الْمَمْلُوكَةِ قَبْلَ الْمِلْكِ وَبَعْدَهُ وَالْمُسْتَكْرَهَةِ وَالْجَلْدِ والتعزيز فِي الزِّنَا وَالرَّجْمِ وَالتَّفْسِيقِ وَتَحْرِيمِ الْمُظَاهَرَةِ فِي الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَلُحُوقِ الْوَلَدِ فِي الْحَلَالِ وَالْإِمَاءِ الْمُشْتَرَكَاتِ وَوَطْءِ الشُّبْهَاتِ وَجَعْلِ الْأَمَةِ فِرَاشًا وَإِزَالَةِ ولَايَة الْإِجْبَار عَن الْكَبِيرَة وتحصين الزَّوْجَيْنِ والفيتة فِي الْإِيلَاءِ وَالْعَوْدِ فِي الظِّهَارِ عَلَى الْخِلَافِ وَتَحْرِيمِ أُمِّ الزَّوْجَةِ وَجَدَّاتِهَا وَبِنْتِ الزَّوْجَةِ وَبَنَاتِهَا وَبَنَاتِ أَبْنَائِهَا وَفِسْقِ الْمُتَعَمِّدِ لِارْتِكَابِ الْمَمْنُوعِ مِنْ ذَلِكَ وَتَحْرِيمِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ فِي الْإِمَاءِ وَتَفْسِيقِ فَاعِلِهِ وَتَحْرِيمِ وَطْءِ الزَّوْجِ فِي اسْتِبْرَاءِ وَطْء الشُّبْهَة وتعزيزه لِمَنْ فَعَلَ وَكُلُّ مَوْضِعٍ حُرِّمَ عَلَى الرِّجْلِ الْمُبَاشَرَةُ حُرِّمَ عَلَى الْمَرْأَةِ التَّمْكِينُ إِذَا عَلِمَتْ بِالتَّحْرِيمِ أَوْ ظَنَّتْهُ ظَنًّا مُعْتَبَرًا

تَنْبِيهٌ فَرْجُ الْمَرْأَةِ يُشْبِهُ عَقْدَ الْخَمْسَةِ وَالثَّلَاثِينَ وَهُوَ جَمْعُ الْإِبْهَامِ وَالسَّبَّابَةِ فَهَذِهِ الثَّلَاثُونَ وَإِلْصَاقُ الْوُسْطَى بِالْكَفِّ وَهُوَ الْخَمْسَةُ فَإِذَا جُمِعَ بَيْنَهُمَا فَهُوَ خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ فَإِذَا كَانَ بَطْنُ الْكَفِّ إِلَى فَوْقَ فَالثَّلَاثُونَ مَجْرَى الْبَوْلِ وَالْخَمْسَةُ مَجْرَى الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالْوَطْءِ وَالْوَلَدِ فَإِنْ قُلِبَتِ الْيَدُ كَانَ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ وَمَوْضِعُ خِتَانِ الْمَرْأَةِ هُوَ فِي الْخَمْسَةِ الْعُلْيَا فَيَكُونُ الْتِقَاءُ الْخِتَانَيْنِ عِبَارَةً عَنْ مُقَابَلَتِهِمَا كَمَا تَقُولُ الْعَرَبُ الْتَقَى الْفَارِسَانِ إِذَا تَقَابَلَا وَجَبَلَانِ مُتَلَاقِيَانِ إِذَا كَانَا مُتَقَابِلَيْنِ وَلَوِ الْتَقَيَا عَلَى التَّحْقِيقِ بِأَنْ يَقَعَ خِتَانُهُ عَلَى خِتَانِهَا لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنَ الْحَشَفَةِ وَلَا غَيْرِهَا فِي مَجْرَى الْوَطْءِ فَلَا يَجِبُ غُسْلٌ كَمَا قَالَهُ فِي الْكِتَابِ بَلْ إِنَّمَا تَتَحَقَّقُ مُلَاقَاةُ خِتَانِ الرَّجُلِ بِخِتَانِ الْمَرْأَةِ بِمَغِيبِ الْحَشَفَةِ فِي الْفَرْجِ فَهَذَا الْتِقَاءُ الْخِتَانَيْنِ السَّبَبُ الثَّانِي فِي الْجَوَاهِرِ إِنْزَالُ الْمَاءِ الدَّافِقِ مَقْرُونًا بِلَذَّةٍ يُوجِبُ الْغُسْلَ وُجِدَ مِنَ الرَّجُلِ أَوِ الْمَرْأَةِ وَهُوَ مِنَ الرَّجُلِ فِي اعْتِدَالِ الْحَالِ أَبيض ثخنين دَفَّاقٌ يَخْرُجُ مَعَ الشَّهْوَةِ الْكُبْرَى رَائِحَتُهُ كَرَائِحَةِ الطَّلْعِ أَوِ الْعَجِينِ يَعْقُبُهُ فُتُورٌ وَمَنِيُّ الْمَرْأَةِ رَقِيقٌ أَصْفَرُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَذْيِ خُرُوجُهُ مَعَ اللَّذَّةِ الْكُبْرَى بِخِلَافِ الْمَذْيِ قَالَ صَاحِبُ الطّراز وَلَا يشْتَرط فِي إِنْزَال الْمَرْأَة مَائَهَا لِأَنَّ عَادَتَهُ أَنْ يَنْدَفِعَ إِلَى دَاخِلِ الرَّحِمِ لِيُخْلَقَ مِنْهُ الْوَلَدُ وَرُبَّمَا دَفَعَهُ الرَّحِمُ إِلَى خَارج وَلَيْسَ عَلَيْهَا انْتِظَار خُرُوجه لَكمَا الْجَنَابَةِ بِانْدِفَاعِهِ إِلَى الرَّحِمِ فَإِنْ خَرَجَ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَبَعْدَ الْغُسْلِ غَسَلَتْ فَرْجَهَا وَتَوَضَّأَتْ وَإِنْ صَلَّتْ قَبْلَ خُرُوجِهِ صَحَّتْ صَلَاتُهَا وَتَغْسِلُ فَرْجَهَا وَتَتَوَضَّأُ لِمَا يُسْتَقْبَلُ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إِنَّمَا الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ تَقْدِيرُهُ إِنَّمَا يَجِبُ الْغُسْلُ بِالْمَاءِ الطَّهُورِ مِنْ إِنْزَالِ الْمَاءِ الدَّافِقِ وَفِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ قَالَتْ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْمَرْأَةُ تَرَى فِي الْمَنَامِ مَا يَرَى الرَّجُلُ أَتَغْتَسِلُ؟ فَقَالَ لَهَا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ نَعَمْ فَلْتَغْتَسِلْ فَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَهَلْ تَرَى ذَلِكَ الْمَرْأَةُ؟ فَقَالَ لَهَا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ تَرِبَتْ يَمِينُكِ وَمِنْ أَيْنَ يَكُونُ الشَّبَهُ وَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ تُنْزِلُ الْمَنِيَّ وَعَلَى

ذَلِكَ دَلَّ التَّشْرِيحُ فِي الطِّبِّ وَأَنَّ لِلْمَرْأَةِ أُنْثَيَيْنِ مُلْتَصِقَيْنِ فِي أَصْلِ مَجْرَى الْوَطْءِ يَتَدَفَّقُ مِنْهُمَا الْمَنِيُّ وَمَجْرَى الْوَطْءِ لِلْمَرْأَةِ بِمَنْزِلَةِ الذَّكَرِ أُنْثَيَا كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي أَصْلِهِ وَالطُّولُ كَالطُّولِ وَقَدْ يَقَعُ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الطُّولَيْنِ وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ تَرِبَتْ يَمِينُكِ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى الْمُرَادُ نَفْيُ الْغِنَى وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ مَعْنَاهُ ضَعِيف عَقْلُكَ أَتَجْهَلِينَ هَذَا؟ وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ مَعْنَاهُ التَّحْضِيضُ عَلَى التَّعَلُّمِ نَحْوَ قَوْلِهِمْ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ وَقِيلَ أَصَابَتْ يَدُكِ التُّرَابَ وَلَمْ يَدْعُ عَلَيْهَا بِالْفَقْرِ وَقِيلَ ثَرِبَتْ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ مِنَ الثَّرْبِ الَّذِي هُوَ إِصَابَةُ الشَّحْمِ أَيِ اسْتَغْنَتْ وَهِيَ لُغَةٌ فِيهِ بِإِبْدَالِ الْمُثَنَّاةِ مِنَ الْمُثَلَّثَةِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهَا لِلْإِنْكَارِ وَإِنْ كَانَ أَصْلُهَا افْتَقَرْتِ حَتَّى تَلْتَصِقَ يَدُكِ بِالتُّرَابِ تَقُولُ الْعَرَبُ تَرِبَ إِذَا افْتَقَرَ وَأَتْرَبَ إِذَا اسْتَغْنَى وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ أَيْنَ يَكُونُ الشَّبَهُ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الصَّحِيحَيْنِ إِذَا سَبَقَ مَاءُ الْمَرْأَةِ أَذْكَرَ وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الْمَرْأَةِ مَاءَ الرَّجُلِ آنَّثَ وَرُوِيَ إِذَا سَبَقَ مَاءُ الْمَرْأَةِ مَاءَ الرَّجُلِ أَوْ عَلَا أَشْبَهَ الْوَلَدُ أَخْوَالَهُ وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ أَوْ عَلَا أَشْبَهَ أَعْمَامَهُ لِأَجْلِ الْغَلَبَةِ وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الْمَرْأَةِ وَعَلَا كَانَ الْوَلَدُ أُنْثَى لِأَجْلِ السَّبق وأسبه أَخْوَالَهُ لِأَجْلِ الْغَلَبَةِ وَالْكَثْرَةِ وَإِنْ سَبَقَ مَاءُ الرَّجُلِ وَغَلَبَ مَاءُ الْمَرْأَةِ بَعْدَهُ وَكَانَ أَكْثَرَ كَانَ الْوَلَدُ ذَكَرًا يُشْبِهُ أَخْوَالَهُ وَإِنْ سَبَقَ مَاءُ الْمَرْأَةِ وَمَاءُ الرَّجُلِ أَكْثَرُ كَانَ الْوَلَدُ أُنْثَى يشبه أَعْمَامه تَفْرِيغ فِي الْجَوَاهِرِ فَلَوْ خَرَجَ بِغَيْرِ لَذَّةٍ لِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يَجِبُ الْغُسْلُ قِيَاسًا عَلَى دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ وَالظَّاهِرُ عِنْدِي إِيجَابُهُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّمَا الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ وَلِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ أَنَّ مَنِ اسْتَيْقَظَ وَوَجَدَ الْمَنِيَّ وَلَمْ يَرَ احْتِلَامًا أَنَّ عَلَيْهِ الْغُسْلَ فَقَدْ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى قَالَ مُجَاهِدٌ إِذَا لَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَفِي أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يَجِدُ الْبَلَلَ وَلَا يَذْكُرُ احْتِلَامًا قَالَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ وَفِي الرَّجُلِ يَرَى الِاحْتِلَامَ وَلَا يَجِدُ بَلَلًا لَا غُسْلَ عَلَيْهِ

وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْأَوَّلِ فَهَلْ يُسْتَحَبُّ مِنْهُ الْوُضُوءُ أَوْ يَجِبُ يُخَرَّجُ ذَلِكَ عَلَى الْخَارِجِ النَّادِرِ هَلْ يُوجِبُ أَمْ لَا وَلَوِ اقْتَرَنَتْ بِهِ لَذَّةٌ غَيْرُ مُعْتَادَةٍ كَمَنَ بِهِ حَكَّةٌ أَوِ اغْتَسَلَ بِمَاءٍ حَارٍّ فَوَجَدَ لَذَّةً فَأَنْزَلَ فييه خِلَافٌ فَأَوْجَبَهُ سَحْنُونُ وَلَوْ وُجِدَتِ اللَّذَّةُ الْمُعْتَادَةُ مُتَقَدِّمَةً عَلَى الْإِنْزَالِ كَمَنْ يُجَامِعُ أَوْ يَلْتَذُّ بِغَيْرِ جِمَاعٍ ثُمَّ يُنْزِلُ بَعْدَ ذَلِكَ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْوُجُوبُ لِمَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ أَكْتَفِي بِاللَّذَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ إِنِ اغْتَسَلَ أَعَادَ الْغُسْلَ لِأَنَّ الْإِيلَاجَ وَالْمَاءَ سَبَبَانِ فَيَجِبُ الْغُسْلُ كَمَنْ بَالَ بَعْدَ وُضُوئِهِ مِنَ اللَّمْسِ وَعَدَمُ الْوُجُوبِ لِعَدَمِ الْمُقَارَنَةِ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَيْضًا فِي الْمَجْمُوعَةِ وَالتَّفْرِقَةُ لِمُحَمَّدٍ فِي كِتَابِهِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ جَامَعَ فَاغْتَسَلَ لَهُ فَلَا يَجِبُ لِأَنَّهُ مِمَّا أَدَّى حُكْمَهُ وَبَيْنَ عَدَمِ الِاغْتِسَالِ فَيَغْتَسِلُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ فِي الْمُلَاعِبِ يُعِيدُ الصَّلَاةَ بَعْدَ الْغُسْلِ لِأَنَّ سَبَبَ الْحَدَثِ يَقُومُ مَقَامَهُ كَاللَّمْسِ وَالنَّوْمِ وَأَنَّهُمَا أُقِيمَا مَقَامَ الْوَدْيِ وَالرِّيحِ وَالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ مَقَامَ الْمَنِيِّ وَلَا يَجِبُ الْغُسْلُ وَالْإِعَادَةُ قَبْلَ الْخُرُوجِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ السَّبَبِ وَبَعْدَ خُرُوجِهِ بَعْدَهُ جُنُبًا مِنْ حِينِ الْمُلَاعَبَةِ وَمَنْ صَلَّى جُنُبًا وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُجَامِعِ يُعِيدُ الصَّلَاةَ بَعْدَ الْوُضُوءِ وَلَا يغْتَسل لِأَن سَبَب قَدْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ غُسْلُهُ وَالْوُضُوءَ مَأْمُورٌ بِهِ قِيَاسًا عَلَى الِاسْتِحَاضَةِ بِجَامِعِ الْخُرُوجِ عَنِ الْعَادَةِ وَأَمَّا إِعَادَةُ الصَّلَاةِ مِنَ الْأَوَّلِ فَلَا يُنَافِي مَا هُنَا لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ جُنُبًا مِنْ حِينِ الْجِمَاعِ فَقَدِ اغْتَسَلَ فَتَصِحُّ صَلَاتُهُ بِخِلَافِ الْمُلَاعِبِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إِقَامَةُ السَّبَبِ مَقَامَ السَّبَب بِخِلَافِ الْأَصْلِ وَإِذَا وُجِدَ الْمُسَبِّبُ أُضِيفَ الْحُكْمُ إِلَيْهِ وَسَقَطَ سَبَبُهُ كَالْمَسِّ إِذَا اتَّصَلَ بِهِ الْإِمْذَاءُ بَطَلَ حُكْمُهُ وَكَانَ الْحُكْمُ لِلْمَذْيِ حَتَّى يجب غسل الذّكر لَكِن يُقَال هَهُنَا إِذَا لَغَيْتُمُ الْأَوَّلَ تَكُونُ الصَّلَاةُ وَقَعَتْ قَبْلَ نَقْضِ الطَّهَارَةِ فَلَا إِعَادَةَ \ فَنُجِيبُ بِأَنَّ الْإِيلَاجَ إِذَا اتَّصَلَ بِهِ الْإِنْزَالُ كَانَتِ الْجَنَابَةُ قَائِمَةً لم ينْفَصل

حُكْمُهَا وَلَمْ يُكْمُلِ السَّبَبُ أَوَّلًا وَلَا آخِرًا بَلِ الْمَجْمُوعُ هُوَ السَّبَبُ لِأَنَّ هَذَا الْإِنْزَالَ عَنْ تِلْكَ الْمُجَامَعَةِ فَأَشْبَهَ اسْتِدَامَةَ الْمُجَامَعَةِ فَكَأَنَّ حُكْمَ الْمُجَامَعَةِ مُسْتَمِرٌّ حَتَّى يُنْزِلَ وَنَظِيرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْحَيْضُ لَا يَرْتَفِعُ حُكْمُهُ حَتَّى يَكْمُلَ جَمِيعُهُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يُعِيدُ الْغُسْلَ وَالصَّلَاةَ وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ أَصْحَابِنَا وَقَالَ آخَرُونَ يُعِيدُ الْغُسْلَ دُونَ الصَّلَاةِ مُلَاحَظَةً لِاسْتِقْلَالِ الْأَقْوَالِ بِالسَّبَبِيَّةِ وَإِنْ عُرِّيَ عَنِ اللَّذَّةِ وَمَتَى قُلْنَا بِعَدَمِ إِعَادَةِ الْغُسْلِ فَالْإِعَادَةُ اسْتِحْبَابٌ فَرْعٌ مُرَتَّبٌ قُلْنَا فِيمَنْ أَوْلَجَ ثُمَّ اغْتَسَلَ إِنَّهُ يَغْتَسِلُ أَيْضًا إِذَا أَنْزَلَ فَلَوْ أَنَّهُ أَنْزَلَ أَوَّلًا فَاغْتَسَلَ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ بَقِيَّةُ مَاءٍ فَمُقْتَضَى الْأَصْلِ الْمُتَقَدِّمِ أَنَّهُ يَغْتَسِلُ لِأَنَّ حَدثهُ الْآن كَمَا كمل فَأَشْبَهَ مَنِ اغْتَسَلَ بَعْدَ إِيلَاجِهِ وَقَبْلَ إِنْزَالِهِ وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ لَا يَجِبُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ خُرُوجِهِ قَبْلَ الْبَوْلِ أَوْ بَعْدَهُ خِلَافًا ش فِي إِيجَابِهِ الْغُسْلَ فِي الْحَالَيْنِ وَقَالَ أَبُو حنيفَة يَجِبُ قَبْلَ الْبَوْلِ لِأَنَّهُ بَقِيَّةُ الْمَاءِ الْمُعْتَبَرِ وَلَا يَجِبُ بَعْدَهُ لِخُرُوجِهِ بِغَيْرِ دَفْقٍ وَلَا شَهْوَةٍ وَإِذَا قُلْنَا بِعَدَمِ الْغُسْلِ فَقِيلَ يَجِبُ الْوُضُوءُ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ حَنْبَلٍ قِيَاسًا عَلَى الْمَذْيِ وَلِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يُوجِبِ الْغُسْلَ فَلَا أقل من الْوُضُوءِ وَقَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ وَابْنُ الْجَلَّابِ هُوَ مُسْتَحَبٌّ قِيَاسًا عَلَى الِاسْتِحَاضَةِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَارْتِكَابُ هَذَا صَعْبٌ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ لِمَنْ تَقَدَّمَ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ الْمُتَقَدِّمُونَ فِي إِيجَابِهِ الْغُسْلَ أَوِ الْوُضُوءَ فَالْخُرُوجُ عَنْ قَوْلِ الْجَمِيعِ مَحْذُور

وَكَذَلِكَ مَنْ جَامَعَ وَلَمْ يُنْزِلْ وَاغْتَسَلَ ثُمَّ أَنْزَلَ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ عَلَيْهِ الْغُسْلُ فُرُوعٌ سِتَّةٌ الْأَوَّلُ قَالَ فِي الْكِتَابِ قَالَ سَحْنُونُ قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَرَأَيْتَ الْمُسَافِرَ يَكُونُ عَلَى وُضُوءٍ أَوْ غَيْرِ وُضُوءٍ وَيَطَأُ أَهْلَهُ أَوْ جَارِيَتَهُ وَلَيْسَ مَعَهُ مَاءٌ قَالَ قَالَ مَالِكٌ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وهما سَوَاء قَالَ صَاحب الطّراز اخْتُلِفَ فِي قَوْلِهِ هُمَا سَوَاءٌ قِيلَ الْمُتَوَضِّئُ وَالْمُحْدِثُ وَقِيلَ الزَّوْجَةُ الْمَمْلُوكَةُ لِأَنَّ أَهْلَ الْعِرَاقِ يُفَرِّقُونَ بَيْنَهُمَا لِحَقِّ الزَّوْجَةِ فِي الْوَطْءِ وَالْأَوَّلُ بَيِّنٌ لِأَنَّ لِلزَّوْجَةِ أَنْ تَمْنَعَ وَيَسْقُطَ حَقُّهَا لأجل الْعِبَادَة وَقَالَ الشَّافِعِي لَهُ ذَلِكَ إِنْ كَانَ مَعَهُمَا مَاءٌ يَغْسِلَانِ بِهِ النَّجَاسَةَ عَنْ فَرْجِهِمَا حُجَّتُنَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ الصَّلَاةَ بِالطَّهَارَةِ الْكَامِلَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ وَهُمَا قَادِرَانِ فَلَا يَتَسَبَّبَانِ فِي إِبْطَالِهَا وَيَرْجِعَانِ إِلَى لبتيمم قِيَاسًا عَلَى مَنْ مَعَهُ مَاءٌ فَيُهْرِقُهُ وَيَتَيَمَّمُ وَلِهَذَا قَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَيْسَ لِلزَّوْجَيْنِ الْمُتَوَضِّئَيْنِ أَنْ يُقَبِّلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ إِذَا لم يكن مَعَهُمَا مَاء يتوضئان بِهِ وَقَالَ التُّونُسِيُّ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ لَوْ طَالَ عَدَمُ الْمَاءِ فِي سَفَرِهِ جَازَ لَهُ الْوَطْءُ قِيَاسًا عَلَى الْجَرِيحِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْجرْح يطول بُرْؤُهُ غَالِبا خلافًا عَدَمِ الْمَاءِ الثَّانِي إِذَا مَنَعْنَاهُ مِنَ الْوَطْءِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ مَنَعْنَاهُ مِنَ الْبَوْلِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَاءٌ وَحَقْنَتُهُ خَفِيفَةٌ قَالَ ابْن الْقَاسِم فَإِذا كَانَتِ الْحَقْنَةُ مُثْقَلَةً لَا يُمْنَعُ وَلَا يُخْتَلَفُ فِي الْأَوَّلِ أَنَّهُ إِنْ فَعَلَ تَيَمَّمَ وَصَلَّى وَوَقع الْخلاف فِي الْمُحدث بريق الْمَاءَ وَيَتَيَمَّمُ وَيُجْزِئُهُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ حُجَّتُنَا آيَةُ التَّيَمُّمِ الثَّالِثُ قَالَ فِي الْكِتَابِ لِلْمَجْرُوحِ أَوِ الْمَشْجُوجِ أَنْ يَطَأَ بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ

لِطُولِ أَمْرِهِ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ الْمُرَادُ اللَّذَانِ يَتَيَمَّمَانِ لِأَنَّ مَنْ بِهِ شَجَّةٌ وَاحِدَةٌ لَا تَمْنَعُهُ الْغُسْلَ هُوَ كَالْمُسَافِرِ لَا يَطَأُ أَهْلَهُ إِنْ عَدِمَ الْمَاءَ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ هَذَا عُدُولٌ عَنِ الْمَقْصُودِ بِمَسْأَلَةِ الْكِتَابِ وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ مَنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الصَّلَاةِ بِلَا جَنَابَةٍ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَسَبَّبَ فِي إِبْطَالِ ذَلِكَ وَوَرَدَ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ صَاحِبُ الشَّجَّةِ فَإِنَّهُ يَمْسَحُ عَلَيْهَا بَدَلًا مِنَ الْغُسْلِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُنْهَى عَنِ الْوَطْءِ قَالَ مَالِكٌ ذَلِكَ يَطُولُ الرَّابِعُ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَا يَنَامُ الْجُنُبُ حَتَّى يَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا خلافًا لأهل الْعرَاق ابْن حَبِيبٍ مِنْ أَصْحَابِنَا حُجَّتُنَا مَا فِي الْمُوَطَّأِ وَالصَّحِيحَيْنِ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ذَكَرَ لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ تُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ لَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ تَوَضَّأْ ثُمَّ اغْسِلْ ذَكَرَكَ وَنَمْ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ وَأَمَّا مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَنَامُ وَهُوَ جُنُبٌ وَلَا يَمَسُّ مَاءً قَالَ أَبُو دَاوُدَ قَالَ سُوَيْدٌ هَذَا الْحَدِيثُ خَطَأٌ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ طَعَنُوا فِيهِ وَاخْتُلِفَ فِي عِلَّةِ هَذَا الْوُضُوءِ فَقِيلَ لِيَنَامَ عَلَى إِحْدَى الطَّهَارَتَيْنِ وَقِيلَ لِيَنْشَطَ فَيَغْتَسِلَ وَقِيلَ إِنَّ الْأَرْوَاحَ تُرْفَعُ إِلَى الْعَرْشِ لِتَسْجُدَ إِلَّا مَنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ وَهَذَا يَبْطُلُ بِالْحَائِضِ وَقِيلَ إِنَّ النُّفُوسَ إِذَا اسْتَشْعَرَتْ أَنَّهَا مُتَقَرِّبَةٌ مَالَتْ إِلَى جَنَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَيَكُونُ أَقْرَبَ لِلْمَوَاهِبِ الرَّبَّانِيَّةِ فَإِنَّ مَنْ أَسَاءَ اسْتَوْحَشَ وَمَنْ أَحْسَنَ اسْتَبْشَرَ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ وَلَمْ يَقُلْ بِوُجُوبِهِ إِلَّا أَهْلُ الظَّاهِرِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنِ اقْتَصَرَ الْجُنُبُ عَلَى فِعْلِ ابْنِ عمر رَضِي الله عَنْهُمَا فَحَسَنٌ فَفِي الْمُوَطَّأِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ أَوْ يَطْعَمَ وَهُوَ جُنُبٌ غَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَمَسَحَ رَأْسَهُ وَكَانَ يَتْرُكُ غُسْلَ رِجْلَيْهِ لِسُقُوطِ غُسْلِهِمَا مَعَ الْخُفِّ قَالَ مَالِكٌ فِي الْكِتَابِ وَالْجُنُبُ بِخِلَافِ الْحَائِضِ

وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْحَيْضَ مُسْتَمِرٌّ يُبْطِلُ كُلَّ وُضُوءٍ يُفْعَلُ لِلنَّوْمِ وَإِنْ عَلَّلْنَا بِالنَّشَاطِ لِلْغُسْلِ ظَهَرَ الْفَرْقُ أَيْضًا لِتَعَذُّرِهِ فِي حَقِّهَا مَعَ أَنَّهُ فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ يَتَخَرَّجُ أَمْرُهَا بِالْوُضُوءِ عَلَى عِلَّةِ الْأَمْرِ بِهِ وَحَكَى قَوْلًا بِوُجُوبِ وُضُوءِ الْجُنُبِ فُرُوعٌ مُرَتَّبَةٌ الْأَوَّلُ إِذَا عَدِمَ الْمَاءَ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْوَاضِحَةِ لَا يَتَيَمَّمُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَتَيَمَّمُ الثَّانِي إِذَا تَوَضَّأَ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ بَقِيَّةُ الْمَنِيِّ أَوْ أَحْدَثَ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ لَا يُعِيدُ الْوُضُوءَ قَالَ اللَّخْمِيُّ عَلَى تَعْلِيلِنَا بِالْمَبِيتِ عَلَى إِحْدَى الطَّهَارَتَيْنِ يُعِيدُ حُجَّةُ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ فِي الْحَدِيثِ أَمْرَهُ بِغَسْلِ ذَكَرِهِ بَعْدَ الْوُضُوءِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَا تَنْقُضُهُ نَوَاقِضُ الطَّهَارَةِ الصُّغْرَى قَالَ صَاحب الطّراز وَلِأَن الْوضُوء هَهُنَا طَهَارَةٌ عَنِ الْجَنَابَةِ بِاعْتِبَارِ النَّوْمِ فَلَا يَنْقُضُهُ إِلَّا الْجَنَابَةُ الطَّارِئَةُ بَعْدَهُ الثَّالِثُ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَا بَأْسَ أَنْ يُعَاوِدَ أَهْلَهُ وَيَأْكُلَ قَبْلَ الْوُضُوءِ خِلَافًا لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ فِي الْأَمْرَيْنِ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَدُورُ عَلَى نِسَائِهِ فِي السَّاعَةِ الْوَاحِدَةِ مِنَ اللَّيْلِ أَوِ النَّهَارِ وَهُنَّ إِحْدَى عَشْرَةَ وَفِي رِوَايَة وَهن تسع نسْوَة قيل لأنس أَو كَانَ يُطِيقُهُ؟ قَالَ كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّهُ أُعْطِيَ قُوَّةَ ثَلَاثِينَ وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْوُضُوءِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَلِأَنَّ الْجِمَاعَ يَنْقُضُ الْغُسْلَ وَالْوُضُوءَ بَدَلٌ مِنَ الْغُسْلِ فَلَا يُشَرَّعُ الْوُضُوءُ لِنَاقِضِهِ وَإِنَّمَا تُشَرَّعُ الطَّهَارَةُ لِمَا يَجْتَمِعُ مَعَهُ وَتَكْمُلُ مَصْلَحَتُهُ وَأَمَّا مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَعُودَ فَلْيَتَوَضَّأْ بَيْنَهُمَا فَيَدُلُّ عَلَى الشَّرْعِيَّةِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَنَحْنُ لَا نَكْرَهُ الْوُضُوءَ وَأَمَّا الْأَكْلُ فَلِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ غَسَلَ يَدَيْهِ ثُمَّ يَأْكُلُ أَوْ يَشْرَبُ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ عَن فُقَهَاء الْأَمْصَار

مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ يُعِيدُ مَنْ أَحْدَثَ نَوْمَةً نَامَ فِيهَا مُحْتَجًّا بِأَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ صَلَّى بِالنَّاسِ الصُّبْحَ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى أَرْضِهِ بِالْحَرَّةِ فَرَأَى فِي ثَوْبِهِ احْتِلَامًا فَاغْتَسَلَ وَغَسَلَ مَا رَأَى فِي ثَوْبِهِ وَأَعَادَ الصَّلَاةَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَلَمْ يُعِدْ مَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ وَالْأَثَرُ فِي الْمُوَطَّأِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْوَاضِحَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ يَلْبَسُهُ وَلَا يَنْزِعُهُ فَيُعِيدُ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ نَامَ فِيهِ قَالَ الْبَاجِيُّ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا يَجْعَلُونَ هَذَا تَفْسِيرًا لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ وَهُوَ عِنْدِي غَيْرُ بَيِّنٍ بَلْ هُوَ اخْتِلَافُ قَوْلٍ. قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ يُرِيدُ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ فِيمَنْ شَكَّ فِي الْحَدَثِ. قَالَ وَعُذْرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ مَتَى شَكَّ فِي طَهَارَتِهِ أَوْ ظَنَّ نَقْضَهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. وَهَلْ يَسْتَوِي فِي طَرَيَانِ الشَّكِّ قَبْلَ الصَّلَاةِ أَوْ بَعْدَهَا قَوْلَانِ وَمَتَى غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ الطَّهَارَةُ لَا إِعَادَةَ وَوَجَبَ الْعَمَلُ بِذَلِكَ الظَّنِّ فَلَو تَوَضَّأ وَوجد بللاعقيبه فَغَالِبُ الظَّنِّ أَنَّ ذَلِكَ الْبَلَلَ مِنَ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ فَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ تُوجِبُ الْفَرْقَ بَيْنَ الثَّوْبَيْنِ فَإِنَّ الَّذِي لَا يُفَارِقُهُ الشَّكُّ فِي الطَّهَارَةِ مُتَحَقِّقٌ فِي جُمْلَةِ لَيَالِيهِ وَالَّذِي يُفَارِقُهُ مَا يَدْرِي مَا طَرَأَ عَلَيْهِ فَيَكُونُ ظَنُّ الطَّهَارَةِ سَالِمًا فِي مُعَارَضَةِ الشَّكِّ وَالطَّهَارَتَانِ فِي هَذِهِ الْقَاعِدَةِ سَوَاءٌ. أَمَّا لَوْ كَانَ الْمَنِيُّ رَطْبًا أَعَادَ مِنْ أَحْدَثِ نَوْمَةٍ نَامَهَا فِيهِ قَوْلًا وَاحِدًا. فَرْعٌ مُرَتَّبٌ قَالَ إِذَا قُلْنَا يُعِيدُ مِنْ أَحْدَثِ نَوْمَةٍ وَكَانَ غَيْرُهُ يَنَامُ فِيهِ قَبْلَهُ قَالَ سَحْنُونُ لَا شَيْءَ عَلَى الْأَوَّلِ لِعَدَمِ الْأَمَارَةِ فِي حَقِّهِ. الْخَامِسُ إِذَا رَأَتِ امْرَأَةٌ فِي ثَوْبِهَا دَمَ حَيْضٍ لَا تَدْرِي أَنَّهُ مِنْهَا أَوْ مِنْ شَيْءٍ أَصَابَهَا قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ لَمْ يُفَارِقْهَا لَيْلًا وَلَا نَهَارًا أَوْ كَانَ يَلِي جَسَدَهَا اغْتَسَلَتْ وَأَعَادَتْ جَمِيعَ صَلَاةٍ صَلَّتْهَا فِيهِ يُرِيدُ أَنَّهَا تُسْقِطُ أَيَّامَ الطُّهْرِ وَتُعِيدُ الصِّيَامَ الْوَاجِبَ مِنْ يَوْمِ أَنْ صَامَتْ فِيهِ مَا لَمْ يُجَاوِزْ أَيَّامَ حَيْضَتِهَا وَإِنْ كَانَتْ تَلْبَسُهُ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ أَعَادَتْ مِنْ أَحْدَثِ لُبْسَةٍ كَوَاجِدِ الْجَنَابَةِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ

تُعِيدُ صَوْمَ يَوْمٍ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ دَمُ حَيْضٍ انْقَطَعَ مَكَانُهُ قَالَ التُّونِسِيُّ إِنْ كَانَتْ نُقْطَةً أَعَادَتْ يَوْمًا وَإِنْ كَانَتْ نُقَطًا أَعَادَتْ بِعَدَدِهَا أَيَّامًا فَيُحْمَلُ كَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى أَنَّهُ دَمٌ كَثِيرٌ مُتَفَرِّقٌ. السَّبَبُ الثَّالِثُ فِي الْجَوَاهِرِ الشَّكُّ فِي تَحَقُّقِ الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ وَالْإِنْزَالِ فَإِنْ وَجَدَ بَلَلًا وَلَا يَدْرِي أَهْوَ مَذْيٌ أَوْ مَنِيٌّ وَأَيْقَنَ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَرَقٍ قَالَ مَالِكٌ لَا أَدْرِي مَا هَذَا قَالَ ابْنُ نَافِعٍ يَغْتَسِلُ وَقَالَ ابْنُ زِيَادٍ لَا يَلْزَمُهُ إِلَّا الْوُضُوءُ مَعَ غَسْلِ الذَّكَرِ وَقَالَ ابْنُ سَابِقٍ هَذَا يَنْبَنِي عَلَى أَصْلِ مَالِكٍ فِي تَيَقُّنِ الطَّهَارَةِ وَالشَّكِّ فِي الْحَدَثِ. السَّبَبُ الرَّابِعُ تَجَدُّدُ الْإِسْلَامِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْكِتَابِ عَلَيْهِ الْغُسْلُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ يَكْفِيهِ الْوُضُوءُ وَفَرَّقَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَيْنَ مَنْ أَجْنَبَ فَيَغْتَسِلُ وَبَيْنَ مَنْ لَمْ يُجْنِبْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ إِلَّا الْوضُوء. قَالَ ابْن شاش وَالْمَشْهُور اخْتِصَاص الْوُجُوب بِالْجِنَايَةِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ فَأَمَّا الْوُجُوبُ عَلَى مَنْ أَجْنَبَ وَمَنْ لَمْ يُجْنِبْ فَمُشْكِلٌ وَأَمَّا التَّفْرِقَةُ فَقَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ هُوَ مَأْمُورٌ بِالْوُضُوءِ إِجْمَاعًا وَإِذَا لَمْ يُسْقِطِ الْإِسْلَامُ الْحَدَثَ الْأَصْغَرَ فَأَوْلَى أَلَّا يُسْقِطَ الْأَكْبَرَ وَلِأَنَّ الْحَائِضَ إِذَا أَسْلَمَتْ بَعْدَ طُهْرِهَا لَا تَتَوَضَّأُ حَتَّى تَغْتَسِلَ وَلِأَنَّ الصَّلَاةَ الَّتِي هُوَ مُسْتَقْبِلُهَا مِنْ شَرْطِهَا الطَّهَارَةُ مِنَ الْحَدَثَيْنِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ تَحْصِيلُ الشَّرْطِ لَا أَنَّهُ مُؤَاخَذٌ بِأَمْرِ تَقَدُّمِ الْإِسْلَامِ فَيَسْقُطُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ بَلْ هَذَا الْأَمْرُ أَوْجَبَهُ الْإِسْلَامُ لِأَنَّ الصَّلَاةَ وَالطَّهَارَةَ مِنْ آثَارِ الْإِسْلَامِ فَلَا يُسْقِطُهُمَا الْإِسْلَامُ وَأَمَّا الِاسْتِحْبَابُ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَكَمَا قَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ لَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَمَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِالْغُسْلِ وَأَكْثَرُ مَنْ أَسْلَمَ مُحْتَلِمٌ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْجَنَابَةِ وَالْحَدَثِ الْأَصْغَرِ أَنَّ الْجَنَابَةَ صَدَرَتْ فِي وَقْتٍ لَمْ يُخَاطِبْ فِيهَا أَحْكَامَ الْفُرُوعِ وَإِذَا سَقَطَ الْخِطَابُ بِالْحُكْمِ سَقَطَ الْخِطَابُ بِأَسْبَابِهِ وَشُرُوطِهِ وَمَوَانِعِهِ لِأَنَّ الْخِطَابَ بِهَا لِأَجْلِهِ وَأَمَّا الْحَدَثُ الْأَصْغَرُ الصَّادِرُ فِي الْكُفْرِ فَيَلْزَمُ هَذَا التَّقْرِيرَ سُقُوطُهُ أَيْضًا لَكِنْ يَجِبُ الْوُضُوءُ لِلصَّلَاةِ لَا لِلْحَدَثِ السَّابِقِ بَلْ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ شَرْطٌ فِي الصَّلَاةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِذَا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة فَاغْسِلُوا} الْآيَةَ فَدَلَّتْ عَلَى إِيجَابِ الْوُضُوءِ دُونَ الْغُسْلِ. فَإِنْ قُلْتَ فَقَدْ قَالَ تَعَالَى {حَتَّى تَغْتَسِلُوا} فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ شَرْطٌ. قُلْتُ يُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى جَنَابَةِ الْإِسْلَامِ جَمْعًا بَيْنَ الْآيَةِ وَعَدَمِ أَمْرِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِمَنْ أَسْلَمَ بِالِاغْتِسَالِ. وَيُسْتَحَبُّ لَهُ الْغُسْلُ لِأَنَّهُ مُسْتَقْبِلٌ أَعْظَمَ الْقُرَبِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَطَهَّرَ لَهَا كَمَا يَتَطَهَّرُ للْإِحْرَام وَدخُول مَكَّة وشهود الْجُمُعَة وَهَهُنَا أَوْلَى. وَأَمَّا مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَام أَمر قبس بْنَ عَاصِمٍ أَنْ يَغْتَسِلَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْوُجُوبِ لِظَاهِرِ الْأَمْرِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِهِ النَّظَافَةُ لَا الْعِبَادَةُ بِدَلِيلِ أَمْرِهِ بِالسِّدْرِ وَالسِّدْرُ إِنَّمَا يُقْصَدُ لِلنَّظَافَةِ وَلَعَلَّهُ رَآهُ مُشَوَّهًا بِالدَّرَنِ. فُرُوعٌ سِتَّةٌ: الْأَوَّلُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ إِذَا اغْتَسَلَ قَبْلَ إِسْلَامِهِ وَهُوَ عَازِمٌ عَلَيْهِ أَجْزَأَهُ لِمَا فِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَعَثَ خَيْلًا قِبَلَ نَجْدٍ فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ ثُمَامَةُ بْنُ أَثَالٍ سَيِّدُ أَهْلِ الْيَمَامَةِ فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ وَسَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَطْلِقُوهُ إِلَى تَمَامِهِ فَانْطَلَقَ إِلَى جَبَلٍ قَرِيبٍ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَأَسْلَمَ وَلِأَنَّ الْكُفْرَ يَحْصُلُ بِالِاعْتِقَادِ إِجْمَاعًا.

وَاخْتَلَفُوا هَلْ يَحْصُلُ الْإِيمَانُ بِمُجَرَّدِ الِاعْتِقَادِ لِأَنَّهُ ضِدَّهُ فَإِذَا ارْتَفَعَ أَحَدُ الضِّدَّيْنِ تَعَيَّنَ الْآخَرُ وَلِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَبِلَ إِسْلَامَ الْجَارِيَةِ وَلَمْ يَصْدُرْ مِنْهَا إِلَّا إِشَارَتُهَا إِلَى السَّمَاءِ أَوْ لَا يَحْصُلُ الْإِيمَانُ إِلَّا بِالْإِقْرَارِ؟ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ مِنَ الْأُصُولِيِّينَ بِشَرْطِ إِمْكَانِ التَّلَفُّظِ وَآيُ الْقُرْآنِ تَشْهَدُ لَهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَيْثُ ذَكَرَ الْإِيمَانَ فِي كِتَابِهِ ذَكَرَهُ مَقْرُونًا بِالْبَاءِ كَقَوْلِهِ {وَمن لم يُؤمن بِاللَّه وَرَسُوله} وَآمَنَ يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ قَالَ أَرْبَابُ عِلْمِ الْبَيَانِ إِنَّمَا دَخَلَتْ هَذِهِ الْبَاءُ لِأَنَّ الْفِعْلَ مُضَمَّنٌ مَعْنَى أَقَرَّ وَالْإِقْرَارُ يَتَعَدَّى بِالْبَاءِ فَيَكُونُ الْمَعْنَى وَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْ بِقَلْبِهِ وَيُقِرَّ بِلِسَانِهِ وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْآيَاتِ كَمَا قَالَ الْفَرَزْدَقُ (كَيْفَ تَرَانِي قَالِبًا مِجَنِّي ... قَدْ قَتَلَ اللَّهُ زِيَادًا عَنِّي) أَيْ صَرْفَهُ بِالْقَتْلِ فَضُمِّنَ قَتَلَ مَعْنَى صَرَفَ فَعَدَّاهُ بِعْنَ كَمَا يَتَعَدَّى صَرَفَ وَهُوَ مِنْ أَسْرَارِ كَلَامِ الْعَرَبِ وَجَوَامِعِ كَلِمِهَا لِتَعْبِيرِهَا عَنِ الْجُمْلَتَيْنِ بِجُمْلَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ صَرَفَهُ فَقَتَلَهُ فَقَالَ قَتَلَهُ عَنِّي فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ تَظْهَرُ صِحَّةُ الْغُسْلِ وَعَلَى الثَّانِي يُشْكِلُ لِأَنَّ الْإِيمَانَ إِذَا لَمْ يُقْبَلْ فَأَوْلَى الْغُسْلُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ التَّلَفُّظَ اللَّاحِقَ لَمَّا صَحَّحَ التَّصْدِيقَ السَّابِقَ صَحَّحَ الْغُسْلَ السَّابِقَ أَيْضًا فَيَكُونُ الْإِيمَانُ الْقَلْبِيُّ وَالْغُسْلُ مَوْقُوفَيْنِ عَلَى التَّلَفُّظِ فَإِذَا تَلَفَّظَ صَحَّا جَمِيعًا وَيَصِحُّ الْغُسْلُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِأَنَّ الْأَدْنَى يَتْبَعُ الْأَعْلَى الثَّانِي لَوْ كَانَ الْكَافِرُ يَعْتَقِدُ دِينًا يَقْتَضِي الْغُسْلَ مِنَ الْجَنَابَةِ فَاغْتَسَلَ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ الظَّاهِرُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ وَهُوَ مُخْتَلَفٌ وَقَدْ خَرَّجَهُ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ

(الفصل الثاني في كيفية الغسل)

عَلَى غُسْلِ الذِّمِّيَّةِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهَا لَا تَحْتَاجُ إِلَى إِعَادَتِهِ بَعْدَهُ بِاعْتِبَارِ إِبَاحَةِ الْوَطْءِ بِهِ الثَّالِثُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ يَنْوِي بِغُسْلِهِ الْجَنَابَةَ فَإِنْ نَوَى الْإِسْلَامَ أَجْزَأَهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ نَوَى بِذَلِكَ الطُّهْرَ عَلَى وَجْهِ اللُّزُومِ كَمَا أَنَّ الْوُضُوءَ إِذَا نَوَى بِهِ الصَّلَاةَ ارْتَفَعَ الْحَدَثُ عَلَى وَجْهِ اللُّزُومِ الرَّابِعُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ يَتَيَمَّمُ فَإِنْ أَدْرَكَ الْمَاءَ اغْتَسَلَ وَيَنْوِي بِتَيَمُّمِهِ الْجَنَابَةَ عِنْدَ فِعْلِ الصَّلَاةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ تَيَمُّمُهُ عِنْدَ فِعْلِ الصَّلَاةِ وَأَحْكَامُهُ أَحْكَامُ الْمُتَيَمِّمِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إِنْ تَعَذَّرَ الْغُسْلُ فَلَا يَتَيَمَّمُ الْخَامِسُ قَالَ ابْنُ شَاسٍ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ غُسْلُ الْكَافِرِ إِذَا أَسْلَمَ تَعَبُّدٌ وَعَلَى الْمَشْهُورِ مُعَلَّلٌ بِالْجَنَابَةِ وَيَتَخَرَّجُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ غُسْلُ مَنْ لَمْ يُجْنِبْ السَّادِسُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ يُؤْمَرُ مَنْ أَسْلَمَ أَنْ يَغْتَسِلَ وَيَحْلِقُ رَأْسَهُ إِنْ كَانَ قَزَعًا وَنَحْوه وَاسْتحبَّ الشَّافِعِي حَلْقَهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ عَن عثيم بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ قَالَ لَمَّا أَسْلَمْتُ قَالَ لِي عَلَيْهِ السَّلَامُ أَلْقِ عَنْكَ شَعْرَ الْكُفْرِ وَمَعْنَاهُ الَّذِي هُوَ زِيُّ الْكُفْرِ وَإِلَّا فَقَدَ كَانَ النَّاسُ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا بِغَيْرِ حَلْقٍ السَّبَبُ الْخَامِسُ إِلْقَاءُ الْوَلَدِ جَافًّا قَالَ الْقَاضِي فِي التَّلْقِينِ يُوجِبُ الْغُسْلَ وَرَوَاهُ أَشْهَبُ وَغَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ لَا غُسْلَ عَلَيْهَا وَمَعْنَى الْأَوَّلِ أَنَّهُ يَجِبُ الْغُسْلُ عَلَيْهَا بِخُرُوجِ مَائِهَا وَالْوَلَدُ مُشْتَمِلٌ عَلَى مَائِهَا لِأَنَّهُ مِنْهُ خُلِقَ فَيَجِبُ عَلَيْهَا بِخُرُوجِهِ وَوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ مَاءَهَا قَدِ اسْتَحَالَ عَنْ هَيْئَتِهِ الَّتِي مِنْهَا الْغُسْلُ فَأَشْبَهَ حَالَةَ السَّلَسِ بَلْ هَذَا أَشَدُّ بُعْدًا (الْفَصْلُ الثَّانِي فِي كَيْفِيَّةِ الْغُسْلِ) وَصِفَةُ سَائِرِ الْأَغْسَالِ وَاحِدَةٌ وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى فُرُوضٍ وَسُنَنٍ وَفَضَائِلَ فَفُرُوضُهُ خَمْسَةٌ الْأَوَّلُ الْمَاءُ الطَّهُورُ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَحْرِيرُهُ لَكِنْ كَرِهَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْكِتَابِ الِاغْتِسَالَ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ وَالْقَصْرِيَّةِ وَالْبِئْرِ الْقَلِيلَةِ الْمَاءِ إِذَا وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ بدا وَفِي مُسلم قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام لايغتسل أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ وَهُوَ جُنُبٌ وَهُوَ يُفْسِدُهُ إِمَّا لِنَجَاسَتِهِ عَلَى رَأْيِ الْحَنَفِيَّةِ وَإِمَّا لِأَنَّ النُّفُوسَ تَعَافُهُ لِلطَّعَامِ وَالشَّرَابِ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ طَهُورًا وَفِي الْكِتَابِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ سَأَلْتُ مَالِكًا عَنِ الْبِئْرِ الْقَلِيلَةِ الْمَاءِ يَأْتِيهَا الْجُنُبُ وَلَيْسَ مَعَهُ مَا يَغْرِفُ بِهِ وَفِي يَده قذره قَالَ يَحْتَالُ حَتَّى يَغْسِلَ يَدَهُ. قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَجْهُ الْحِيلَةِ أَنْ يَرْفَعَ الْمَاءَ بِفِيهِ وَيَغْسِلَ يَدَيْهِ بِهِ أَعْلَى الْبِئْرِ مِرَارًا إِنْ أَمْكَنَ الصُّعُودُ أَوْ يَسْكُبَ عَلَى يَدِهِ مِنْ فَمه ويغسلها عِنْد الْحَائِط الْبِئْرِ إِنْ تَعَذَّرَ الصُّعُودُ حَتَّى لَا يَبْقَى فِي يَدِهِ مَا يَظْهَرُ لَهُ أَثَرٌ فِي إِفْسَادِ الْمَاءِ. الْفَرْضُ الثَّانِي النِّيَّةُ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ مَبَاحِثُهَا فِي الْوُضُوءِ فَلْنَكْتَفِ بِمَا هُنَاكَ وَنَذْكُرْ مَا يَخْتَصُّ بِهَذَا الْبَابِ وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ إِذَا اغْتَسَلَ لِلْجُمُعَةِ أَوْ لِلتَّبَرُّدِ وَلَمْ يَنْوِ الْجَنَابَةَ لَا يُجْزِئُهُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ رَوَى أَشْهَبُ وَابْنُ نَافِعٍ وَابْنُ كِنَانَةَ عَنْ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْإِجْزَاءَ وَأَفْتَوْا بِهِ قِيَاسًا عَلَى مَنْ تَوَضَّأَ لِنَافِلَةٍ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ لِلْفَرِيضَةِ. وَلِأَنَّ غُسْلَ الْجُمُعَةِ إِنَّمَا شُرِعَ لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ إِذْ لَا يُؤْمَرُ بِهِ مَنْ لَا يُصَلِّيهَا فَالْغُسْلُ لَهَا يَتَضَمَّنُ رَفْعَ مَا يَمْنَعُ مِنْهَا كَالْوُضُوءِ لِلنَّافِلَةِ.

وَالْفَرْقُ لِلْمَشْهُورِ أَنَّ النَّافِلَةَ تَتَضَمَّنُ رَفْعَ الْحَدَثِ لِتَحْرِيمِ فِعْلِهَا بِالْحَدَثِ فَإِذَا نَوَاهَا فَقَدْ نَوَى لَازِمَهَا عَلَى وَجْهِ الِالْتِزَامِ بِخِلَافِ غُسْلِ الْجُمُعَةِ فَلَيْسَ مِنْ شَرْطِهِ رَفْعُ الْحَدَثِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إِنَّهُ لَا يَصِحُّ إِلَّا بَعْدَ رَفْعِ الْحَدَثِ فَيَتَضَمَّنُ الْقِيَاسَ السَّابِقَ بَلْ يُؤَكِّدُ ذَلِكَ وَنَقُولُ كُلُّ سَبَبَيْنِ بَيْنَهُمَا تَلَازُمٌ شَرْعِيٌّ فَإِنَّ الْقَصْدَ إِلَى أَحَدِهِمَا قَصْدٌ لِلْآخَرِ كَالصَّلَاةِ مَعَ رَفْعِ الْحَدَثِ وَالْعِبَادَةِ مَعَ أَجْزَائِهَا. فَإِنِ اغْتَسَلَ لِجَنَابَةٍ نَاسِيًا لِجُمُعَتِهِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يَخْتَلِفُ أَصْحَابُ مَالِكٍ فِي عَدَمِ الْإِجْزَاءِ خِلَافًا ش ح وَقَالَ ابْنُ عبد الْحَكِيم وَأَشْهَبُ وَابْنُ أَبِي سَلَمَةَ يُجْزِئُهُ قَالَ وَهَذَا لَا يَقْتَضِي الْعَكْسَ لِأَنَّ ابْنَ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ لَا تُجْزِئُ الْجُمُعَةُ عَنِ الْجَنَابَةِ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ تُجْزِئُ الْجُمُعَةُ عَنِ الْجَنَابَةِ وَلَا تُجْزِئُ الْجَنَابَةُ عَنِ الْجُمُعَةِ. أَمَّا ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ فَرَأَى أَنَّ غُسْلَ الْجُمُعَةِ لَا يَتَضَمَّنُ رَفْعَ الْحَدَثِ وَالْجَنَابَةُ تَتَضَمَّنُ النَّظَافَةَ فَيَحْصُلُ الْمَقْصُودَانِ وَأَمَّا عَبْدُ الْمَلِكِ فَرَأَى أَنَّ غُسْلَ الْجُمُعَةِ لَا يَصِحُّ مِنَ الْجُنُبِ وَإِنَّمَا شُرِعَ فِي حق الطَّاهِر فالقصد إِلَيْهَا قصد للزمها كَمَا تَقَدَّمَ. فَرْقٌ يُجْزِئُ غُسْلُ الْجَنَابَةِ عَنِ الْوُضُوءِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْوِيَهُ وَلَا يُجْزِئُهُ عَنْ غُسْلِ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَنْوِيَهُ مَعَ أَنَّهُ سُنَّةٌ وَأَخْفَضُ رُتْبَةً وَإِذَا أَجْزَأَ عَنِ الْأَعْلَى فَأَوْلَى أَنْ يُجْزِئَ عَنِ الْأَدْنَى وَالْفَرْقُ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ الْوُضُوءَ بَعْضُ أَجْزَاءِ الْجَنَابَةِ وَالْأَقَلُّ تَابِعٌ لِلْأَكْثَرِ وَغُسْلُ الْجُمُعَةِ فِي كُلِّ أَعْضَاء الْجَنَابَة. وَثَانِيهمَا أَن الْوضُوء وَاجِب مِنَ الْجِنْسِ فَضَمُّ الشَّيْءِ إِلَى جِنْسِهِ أَقْرَبُ مِنْ ضَمِّهِ إِلَى غَيْرِ جِنْسِهِ. وَلَوِ اغْتَسَلَ لِجُمُعَتِهِ وَجَنَابَتِهِ وَنَوَاهُمَا مَعًا فَالْإِجْزَاءُ فِي الْكِتَابِ لِأَن الْمَقْصُود

مِنَ الْجَنَابَةِ رَفْعُ الْحَدَثِ وَمِنْ غُسْلِ الْجُمُعَةِ النَّظَافَةُ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْمَقْصُودَيْنِ. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِم يَنْفِي الْإِجْزَاءِ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِغُسْلِ جُمْلَةِ جَسَدِهِ لِلْجَنَابَةِ فَلَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ بَلْ جَعَلَ الْجُمُعَةَ مُشْتَرَكَةً فَلَا يَكُونُ آتِيًا بِمَا أُمِرَ بِهِ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَا يُجْزِئُهُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. قَالَ ابْنُ الْجَلَّابِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُجْزِئَهُ عَنْ جُمُعَتِهِ دُونَ جَنَابَتِهِ لِضَعْفِ الْغُسْلِ بِالتَّشْرِيكِ وَهُوَ أَضْعَفُ الْغُسْلَيْنِ وَتَوَهَّمَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهَا مُخَرَّجَةٌ عَلَى مَنْ مَشَى فِي حَجَّةٍ وَاحِدَةٍ لِنَذْرِهِ وَفَرْضِهِ فَإِنَّ فِيهَا اخْتِلَافًا وَقَالَ مَالِكٌ أَحَقُّهُمَا بِالْقَضَاءِ أَوْجَبُهُمَا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَلَيْسَ كَمَا تَوَهَّمَهُ بَلِ الْمَسْأَلَةُ مَذْكُورَةٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ كَمَا تَرَى. وَقَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا حَاضَتْ أَخَّرَتْ غُسْلَهَا حَتَّى تَطْهُرَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يَنْبَغِي إِذَا طَهُرَتْ مِنَ الْحَيْضِ وَلَمْ تَغْتَسِلْ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهَا حُكْمَ الْجُنُبِ فِي الْقِرَاءَةِ وَالْوُضُوءِ قَبْلَ النَّوْمِ لِتَمَكُّنِهَا مِنَ الْغُسْلِ حِينَئِذٍ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُجْزِئُهَا غُسْلٌ وَاحِدٌ لَهُمَا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ إِنْ نَسِيَتِ الْجَنَابَةَ أَجْزَأَهَا لِأَنَّ الْحَيْضَ أَشَدُّهُمَا مَنْعًا وَقَالَ سَحْنُونُ إِنْ نَسِيَتِ الْحَيْضَ لَمْ يُجْزِئْهَا لِاخْتِصَاصِ الْحَيْضِ بِالْمَنْعِ مِنَ الْوَطْءِ وَلِأَنَّهُ النَّاسِخُ لِحُكْمِ الْجَنَابَةِ وَالْحُكْمُ لِلنَّاسِخِ لِبُطْلَانِ الْمَنْسُوخِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُجْزِئُهَا قِيَاسًا عَلَى أَسْبَابِ الْأَحْدَاثِ فِي الطَّهَارَةِ الصُّغْرَى قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَة فِي الشَّجَّة إِذا كَانَت مَوْضِعَ الْوُضُوءِ إِنْ غَسَلَهَا بِنِيَّةِ الْوُضُوءِ يُجْزِئُ عَنِ الْجَنَابَةِ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ تُجْزِئُ نِيَّةُ الْوُضُوءِ عَنِ الْغُسْلِ وَيَبْنِي عَلَى الْمَغْسُولِ وَنِيَّةُ الْغُسْلِ عَنِ الْوُضُوءِ لِأَنَّ كِلَيْهِمَا فَرْضُ طَهَارَةٍ. الْفَرْضُ الثَّالِثُ تَعْمِيمُ الْجَسَدِ بِالْغُسْلِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كُنْتُم جنبا فاطهروا} وَقَوله تَعَالَى {حَتَّى تغتسلوا} وَاللَّفْظُ ظَاهِرٌ فِي الِاسْتِغْرَاقِ.

الْفَرْضُ الرَّابِعُ التَّدْلِيكُ قَالَ فِي الْكِتَابِ فِي الْجُنُبِ وَالْمُتَوَضِّئِ يَأْتِي النَّهْرَ يَنْغَمِسُ فِيهِ نَاوِيًا الطُّهْرَ لَا يُجْزِئُهُ إِلَّا أَنْ يَتَدَلَّكَ خِلَافًا ش ح. قَالَ فِي الرِّسَالَةِ وَمَا شَكَّ فِيهِ عَاوَدَهُ بِالْمَاءِ وَالدَّلْكِ وَيُتَابِعُ عُمْقَ سُرَّتِهِ وَتَحْتَ حَلْقِهِ وَحَاجِبَيْهِ وَبَاطِنَ رُكْبَتَيْهِ وَرُفْغَيْهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَبُو الْفَرَجِ إِذَا وَالَى الصَّبَّ بِالْمَاءِ أَوْ أَطَالَ الْمُكْثَ تَحْتَ الْمَاءِ حَتَّى عَلِمَ وُصُولَهُ لِلْبَشَرَةِ أَجْزَأَهُ فَرَأَى أَنَّ الدَّلْكَ لَا يَجِبُ لِنَفْسِهِ وَإِنَّمَا يَجِبُ لِلْإِيصَالِ. وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلْ حَقِيقَةُ الْغُسْلِ لُغَةً الْإِيصَالُ مَعَ الدَّلْكِ فَيَجِبُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَلِذَلِكَ تُفَرِّقُ الْعَرَبُ بَيْنَ الْغَسْلِ وَالْغَمْسِ لِأَجْلِ التَّدْلِيكِ فَتَقُولُ غَمَسْتُ اللُّقْمَةَ فِي الْمَرَقِ وَلَا تَقُولُ غَسَلْتُهَا أَوْ نَقُولُ حَقِيقَتُهُ الْإِيصَالُ فَقَطْ لِقَوْلِ الْعَرَبِ غَسَلَتِ السَّمَاءُ الْأَرْضَ إِذَا أَمْطَرَتْهَا وَاعْتَبَرَ أَصْحَابُنَا التَّدْلِيكَ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَمَسْحِ الرَّأْسِ وَالتَّيَمُّمِ وَالْخُفَّيْنِ لِأَنَّهَا طَهَارَاتٌ فَتُسَوَّى فِي ذَلِكَ. وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ لَوْ أَلْقَتِ الرِّيحُ التُّرَابَ عَلَى وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ أَوْ تَلَقَّى الْمَطَرَ بِرَأْسِهِ أَجْزَأَهُ. حُجَّتُنَا أَنَّ الْمُحْدِثَ مَمْنُوعٌ مِنَ الْعِبَادَاتِ وِفَاقًا وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ عَلَى ذَلِكَ فِي صُورَةِ النِّزَاعِ وَأَمَّا مَا فِي مُسْلِمٍ مِنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِأُمِّ سَلَمَةَ إِنَّمَا يَكْفِيكِ أَنْ تُحْثِي الْمَاءَ عَلَى رَأْسِكِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ ثُمَّ تُفِيضِي الْمَاءَ عَلَيْكِ فَتَطْهُرِينَ وَفِي أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ عَنْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ وُضُوءُ الْمُسْلِمِ وَلَوْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ عَشْرَ سِنِينَ فَهِيَ مُطْلَقَةٌ فِي كَيْفِيَّةِ الِاسْتِعْمَالِ فَتُحْمَلُ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ وَلِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ فَيَكُونُ أَرْجَحَ مِمَّا ذَكَرَهُ الْخَصْمُ. فَرْعٌ إِنْ عَجَزَ عَنْ تَدْلِيكِ بَعْضِ جَسَدِهِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ سَحْنُونُ يُعِدُّ لَهُ خِرْقَةً وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ يَسْقُطُ كَمَا يَسْقُطُ فَرْضُ الْقِرَاءَةِ عَن

الْأَخْرَسِ وَلِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنَ السَّلَفِ اتِّخَاذُ خِرْقَةٍ وَنَحْوِهَا فَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَشَاعَ مِنْ فِعْلِهِمْ وَفَرَّقَ أَيْضًا بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكثير. الْفَرْض الْخَامِس الْفَوْر قَالَه ابْنُ يُونُسَ وَدَلِيلُهُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْوُضُوءِ. وَأَمَّا سُنَنُهُ قَالَ الْقَاضِي ثَلَاثٌ الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ وَتَخْلِيلُ اللِّحْيَةِ عَلَى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى الْوُجُوب وَزَاد ابْن يُونُس رَابِعَة دَاخِلِ الْأُذُنَيْنِ. وَأَمَّا فَضَائِلُهُ فَفِي التَّلْقِينِ خَمْسٌ الْبَدَاءَةُ بِغَسْلِ الْيَدَيْنِ ثُمَّ بِإِزَالَةِ الْأَذَى ثُمَّ الْوُضُوءُ ثُمَّ تَخْلِيلُ أُصُولِ شَعْرِهِ ثُمَّ يَغْرِفُ عَلَيْهِ ثَلَاثًا لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ بَدَأَ بِغَسْلِ يَدَيْهِ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ يُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي الْمَاءِ فَيُخَلِّلُ بِهَا أُصُولَ شَعْرِهِ ثُمَّ يَصُبُّ الْمَاءَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ غُرُفَاتٍ بِيَدِهِ ثُمَّ يُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى جلده كُله فَغسل الْيَدَيْنِ هَهُنَا إِنْ كَانَ مِنْ نَجَاسَةٍ فَهُوَ وَاجِبٌ وَإِنْ كَانَ مِنْ نَوْمٍ فَهُوَ مُسْتَحَبٌّ وَأَمَّا الْوُضُوءُ فَقدم لكَون أَعْضَاء الْوضُوء أشرف الْجَسَدِ وَمَحَلَّ الْعِبَادَةِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ اتَّفَقَ أئئمة الْفِقْهِ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ سَوَاءٌ طَرَأَتِ الْجَنَابَة على الْحَدث أَو الطَّهَارَة إِلَّا الشَّافِعِي فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ إِنْ كَانَ مُحْدِثًا قَبْلَ الْجَنَابَةِ. وَاحْتَجَّ عَلَيْهِ الْقَاضِي بِدُخُولِهِ مَعَهُ إِذَا اجْتمعَا أَو سبقت الْجَنَابَة فَكَذَلِك هَهُنَا وَلِأَنَّ الْكُبْرَى تَدْخُلُ فِي الْكُبْرَى فَالصُّغْرَى أَوْلَى. فَإِنِ اغْتَسَلَ مِنْ غَيْرِ وُضُوءٍ قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْوُضُوءَ بَعْدَ الْغُسْلِ لَا وَجْهَ لَهُ وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ قَبْلَهُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِالْوُضُوءِ بَعْدَ الْغُسْلِ قَالَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَاءٌ يُسْبِغُ الْوُضُوءَ وَالْغُسْلَ غَسَلَ أَعْضَاءَ وُضُوئِهِ أَوَّلًا بِنِيَّةِ الْجَنَابَةِ ثُمَّ غَسَلَ مَا بَقِيَ مِنْ جَسَدِهِ وَحْدَهُ وَقَدْ فَعَلَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ خَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ. تَمْهِيدٌ يَقَعُ التَّدَاخُلُ فِي الشَّرِيعَةِ فِي سِتَّةِ مَوَاضِعَ

الْأَوَّلُ الطَّهَارَاتُ كَالْوُضُوءِ إِذَا تَعَدَّدَتْ أَسْبَابُهُ أَوْ تَكَرَّرَ السَّبَبُ الْوَاحِدُ وَالْغُسْلُ إِذَا اخْتَلَفَتْ أَسْبَابُهُ أَوْ تَكَرَّرَ السَّبَبُ الْوَاحِدُ وَالْوُضُوءُ مَعَ الْجَنَابَةِ وَفِي تَدَاخُلِ طَهَارَةِ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ خِلَافٌ. الثَّانِي الْعِبَادَاتُ كَسُجُودِ السَّهْوِ إِذَا تَعَدَّدَتْ أَسْبَابُهُ وَتَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ مَعَ الْفَرْضِ وَالْعُمْرَةُ مَعَ الْحَجِّ. الثَّالِثُ الْكَفَّارَاتُ كَمَا لَوْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ مِرَارًا بِخِلَافِ الْيَوْمَيْنِ أَوِ الْأَكْثَرِ خِلَافًا ح فِي إِيجَابِهِ كَفَارَّةً وَاحِدَةً فِي جُمْلَةِ رَمَضَانَ وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي الرَّمَضَانَيْنِ. الرَّابِعُ الْحُدُودُ إِذَا تَمَاثَلَتْ وَهِيَ أَوْلَى بِالتَّدَاخُلِ مِنْ غَيْرِهَا لِكَوْنِهَا أَسْبَابًا مُهْلِكَةً وَحُصُولُ الزَّجْرِ بِوَاحِدٍ مِنْهَا أَلَا تَرَى أَنَّ الْإِيلَاجَ سَبَبُ الْحَدِّ وَالْغَالِبُ تَكَرُّرُ الْإِيلَاجَاتِ فَلَوْلَا تَدَاخُلُ الْحُدُودِ هَلَكَ الزَّانِي وَإِنَّمَا يَجِبُ تَكَرُّرُهَا إِذَا تَخَلَّلَتْ بَيْنَ أَسْبَابِهَا لِأَنَّ الْأَوَّلَ مِنْهَا مُوجِبٌ لِسَبَبِهِ السَّابِقِ فَلَوِ اكْتَفَيْنَا بِهِ لَأَهْمَلْنَا الْجَنَابَةَ فَيَكْثُرُ الْفَسَادُ وَلِأَنَّا عَلِمْنَا أَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يَفِ بِزَجْرِهِ فَحَسُنَ الثَّانِي. الْخَامِسُ الْعَدَدُ يَقَعُ التَّدَاخُلُ فِيهَا عَلَى تَفْصِيلٍ نَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. السَّادِسُ الْأَمْوَالُ كَدِيَةِ الْأَطْرَافِ مَعَ النَّفْسِ إِذَا سَرَتِ الْجِرَاحَةُ وَالصَّدَقَاتُ فِي وَطْءِ الشُّبْهَاتِ وَيَدْخُلُ الْمُتَقَدِّمُ فِي الْمُتَأَخِّرِ وَالْمُتَأَخِّرُ فِي الْمُتَقَدِّمِ وَالطَّرَفَانِ فِي الْوَسَطِ وَالْقَلِيلُ فِي الْكَثِيرِ وَالْكَثِيرُ فِي الْقَلِيلِ. فَالْأَوَّلُ نَحْوَ الْأَطْرَافِ مَعَ النَّفْسِ إِذَا سَرَتِ الْجِرَاحَةُ وَالْجَنَابَةِ مَعَ الْحَيْضِ وَالْوُضُوءِ مَعَ الْغُسْلِ وَالصَّدَاقِ الْمُتَقَدِّمِ مَعَ الْمُتَأَخِّرِ إِنِ اتَّحَدَتِ الشُّبْهَةُ مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ مِنَ الْمَذْهَبِ اعْتِبَارُ الْحَالَةِ الْأُولَى كَيْفَ كَانَتْ لِأَنَّ الْوُجُوبَ حَصَلَ عِنْدَهَا فَلَا يَنْتَقِلُ عَنْهَا وَالِانْتِقَالُ مَذْهَب الشَّافِعِي. وَالثَّانِي نَحْوَ الْحَيْضِ فِي الْجَنَابَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَيْهِ وَالْحُدُودِ الْمُتَأَخِّرَةِ مَعَ الْمُتَقَدِّمِ عَلَيْهَا مِنْ جِنْسِهَا عددا وَالْكَفَّارَات.

وَالثَّالِثُ نَحْوَ الْمَوْطُوءَةِ بِالشُّبْهَةِ وَكَانَتْ حَالُهَا الْوُسْطَى أَعْظَمَ صَدَاقًا. وَالرَّابِعُ كَالْأُصْبُعِ مَعَ النَّفْسِ إِذَا سَرَتِ الْجِرَاحَةُ وَالصَّدَاقِ الْمُتَقَدِّمِ وَالْمُتَأَخِّرِ إِذَا كَانَ أَقَلَّ وَالْعُمْرَةِ مَعَ الْحَجِّ وَالْوُضُوءِ مَعَ الْغُسْلِ. وَالْخَامِسُ كَالْأَطْرَافِ إِذَا اجْتَمَعَتْ مَعَ النَّفْسِ وَالْحُدُودِ مَعَ الْحَدِّ الْأَوَّلِ وَالْكَفَّارَاتِ وَالِاغْتِسَالَاتِ وَالْوُضُوءَاتِ إِذَا تَعَدَّدَتْ أَسْبَابُهَا أَوِ اخْتَلَفَتْ. فَرْعٌ جَوَّزَ فِي الْكِتَابِ أَنْ يُؤَخِّرَ غَسْلَ رِجْلَيْهِ مِنْ وُضُوئِهِ حَتَّى يَفْرُغَ الْغُسْلُ فَيَغْسِلَهُمَا فِي مَكَانٍ طَاهِرٍ لما فِي البُخَارِيّ من مَيْمُونَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَدْنَيْتُ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ غُسْلَهُ مِنَ الْجَنَابَةِ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ ثُمَّ أَفْرَغَ بِهِمَا عَلَى فَرْجِهِ وَغَسَلَهُ بِشِمَالِهِ ثُمَّ أَفْضَى بِيَدِهِ إِلَى الْأَرْضِ فَدَلَكَهَا دَلْكًا شَدِيدًا ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ أَفْرَغَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ مَلْءَ كَفَّيْهِ ثُمَّ غَسَلَ سَائِرَ جَسَدِهِ ثُمَّ تَنَحَّى عَنْ مَقَامِهِ ذَلِكَ فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ ثُمَّ أَتَيْتُهُ بِالْمِنْدِيلِ فَرَدَّهُ وَلِأَنَّ الْبَدَاءَةَ لَمَّا كَانَتْ بِأَعْضَاءِ الْوُضُوءِ لِشَرَفِهَا كَانَ الْخَتْمُ بِهَا شَرَفًا وَفَضْلًا. قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَعَنْهُ فِي الْمَبْسُوطِ لَيْسَ الْعَمَلُ عَلَى تَأْخِيرِ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ فَعَلَى هَذَا إِذَا أَخَّرَهُمَا أَعَادَ الْوُضُوءَ وَرَاعَى فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ الْمُوَالَاةَ وَرَاعَى فِي الْأُولَى تَبَعِيَّةَ الْوُضُوءِ لِلْغُسْلِ وَأَنَّ الْجَمِيعَ عِبَادَةٌ وَاحِدَةٌ فَلَا تَفْرِيقَ. وَإِذَا قُلْنَا يُؤَخِّرُ غَسْلَهُمَا فَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ يَمْسَحُ عَلَى رَأْسِهِ وَقَالَ الْبَاجِيُّ لَا يَمْسَحُ بَلْ إِذَا غَسَلَ ذِرَاعَيْهِ غَرَفَ عَلَى رَأْسِهِ. وَفِي الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ غَسَلَ فَرْجَهُ ثُمَّ تَمَضْمَضَ واستنشق وَغسل وَجهه وَيَديه ثمَّ صب عَلَى رَأْسِهِ وَجَسَدِهِ وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ فَبِأَيِّ نِيَّةٍ يَغْسِلُهُمَا قَالَ صَاحِبُ الرِّسَالَةِ يَنْوِي بِذَلِكَ الْوُضُوءَ وَالْغُسْلَ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَحْتَاجُ إِلَى أَنْ يَنْوِيَ الْوُضُوءَ.

وَاتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ أَنْ يَنْوِيَ بِهِ تَمَامَ الْوُضُوءِ دُونَ غُسْلِهِ لِأَنَّ الْمُسْتَحَبَّ لَا يُجْزِئُ عَنِ الْوَاجِبِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ يُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي الْمَاءِ فَيُخَلِّلُ بِهَا أُصُولَ شَعْرِهِ فَقَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى فِيهِ مَصَالِحُ إِحْدَاهَا تَسْهِيلُ إِيصَالِ الْمَاءِ إِلَى الْبَشَرَةِ وَأُصُولِ الشَّعْرِ وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمُخْتَصَرِ وَالْوَاضِحَةِ وَثَانِيهمَا مُبَاشَرَةُ الشَّعْرِ بِالْيَدِ عَلَى حَسَبِ الْإِمْكَانِ وَقَدْ أَشَارَ إِلَيْهِ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْمَجْمُوعَة. وَثَالِثهَا تَأْنِيسُ الْجَسَدِ بِالْمَاءِ لِئَلَّا يَقْشَعِرَّ فَيَمْرَضَ. قَالَ الْبَاجِيُّ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ لَيْسَ عَلَيْهِ تَخْلِيلُ لِحْيَتِهِ لِأَنَّ الْفَرْضَ قَدِ انْتَقَلَ إِلَى الشَّعْرِ فَيَسْقُطُ إِيصَالُ الْمَاءِ إِلَى الْبَشَرَةِ وَرِوَايَةُ أَشْهَبَ أَنَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ لِقَوْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِي الْحَدِيثِ ثُمَّ يُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي الْمَاءِ فَيُخَلِّلُ بِهَا أُصُولَ شَعْرِهِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ الْبَشَرَةُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْجَنَابَةِ وَالْوُضُوءِ عَلَى رِوَايَةِ أَشْهَبَ أَنَّ الطَّهَارَةَ الصُّغْرَى أَقْرَبُ لِلتَّخْفِيفِ لِجَوَازِ الْبَدَلِ فِيهَا عَنِ الْغُسْلِ بِالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ بِخِلَافِ الْغُسْلِ. فُرُوعٌ ثَمَانِيَةٌ: الْأَوَّلُ قَالَ فِي الْكِتَابِ الْحَائِضُ وَالْجُنُبُ لَا تَنْقُضُ شَعْرَهَا فِي غُسْلِهَا وَلَكِنْ تَضْغَثُهُ خِلَافًا لِابْنِ حَنْبَلٍ فِي الْحَائِضِ وَاللَّخْمِيِّ فِيهِمَا لِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا سَأَلَتْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي حَلِّ ضَفْرِ شَعْرِ رَأْسِهَا فِي الْجَنَابَةِ فَقَالَ إِنَّمَا يَكْفِيكِ أَنْ تُحْثِي عَلَى رَأْسِكَ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ ثُمَّ تُفِيضِي عَلَيْكِ الْمَاءَ فَتَطْهُرِينَ. الثَّانِي إِذَا كَانَ عَلَى ذَكَرِ الْجُنُبِ نَجَاسَةٌ فَغَسَلَهُ بِنِيَّةِ الْجَنَابَةِ وَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ الْأَظْهَرُ الْإِجْزَاءُ وَقِيلَ لَا يُجْزِئُ حَتَّى يَغْسِلَهُ بِنِيَّةِ الْجَنَابَةِ فَقَطْ.

الثَّالِثُ فِي الْجِلَابِ الْجُنُبُ طَاهِرُ الْجَسَدِ وَالْعَرَقِ لِمَا فِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَقِيَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ فِي طَرِيقٍ مِنْ طُرُقِ الْمَدِينَةِ وَهُوَ جُنُبٌ فَانْسَلَّ فَذَهَبَ فَاغْتَسَلَ فَتَفَقَّدَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَلَمَّا جَاءَ قَالَ أَيْنَ كُنْتَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقِيتَنِي وَأَنَا جُنُبٌ فَكَرِهْتُ أَنْ أُجَالِسَكَ حَتَّى أَغْتَسِلَ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام سُبْحَانَ اللَّهِ إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ الرَّابِعُ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَا يَجُوزُ عُبُورُهُ وَلُبْثُهُ فِي الْمَسْجِد خلافًا لداود والمزني فيهمَا وَالشَّافِعِيّ فِي الْعُبُورِ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ وَجِّهُوا هَذِهِ الْبُيُوتَ عَنِ الْمَسْجِدِ فَإِنِّي لَا أُحِلُّ الْمَسْجِدَ لِجُنُبٍ وَلَا حَائِض حجَّة الشَّافِعِي قَوْله تَعَالَى {وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ} فاستثناء السَّبِيلِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ بِقَاعٌ فَيَكُونُ تَقْدِيرُ الْآيَةِ لَا تَقْرَبُوا مَوَاضِعَ الصَّلَاةِ. جَوَابُهُ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِضْمَارِ بَلِ الْمُرَادُ الصَّلَاةُ نَفْسُهَا نُهِينَا عَنْ قُرْبَانِهَا سُكَارَى وَجُنُبًا إِلَّا فِي السَّفَرِ فَإِنَّا نَقْرَبُهَا جُنُبًا بِالتَّيَمُّمِ وَخُصَّ السَّفَرُ بِالذِّكْرِ لِعَدَمِ الْمَاءِ فِيهِ غَالِبًا وَهَذَا تَفْسِيرُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَالْأَوَّلُ لِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. حُجَّةُ الثَّالِثِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ وَنَحْنُ نَقُولُ بِمُوجَبِهِ وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ عَدَمِ تَنَجُّسِهِ وَمَنْعِهِ مِنَ الْمَسْجِدِ كَالْقِرَاءَةِ. إِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَسْجِدِ بَيْتِ الْإِنْسَانِ وَغَيْرِهِ قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْوَاضِحَةِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُؤَجِّرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ وَإِنْ كَانَ يَرْجِعُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْإِجَارَةِ حَانُوتًا. الْخَامِسُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَهُوَ مُرَتَّبٌ إِذَا احْتَاجَ لِيَنَامَ فِي الْمَسْجِدِ لِعَدَمِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ وَكَذَلِكَ كَلُّ مَا يُمْنَعُ مِنْهُ الْجُنُبُ يُبَاحُ لَهُ بِالتَّيَمُّمِ إِذَا عُدِمَ

الْمَاءُ وَإِذَا احْتَلَمَ فِي الْمَسْجِدِ قَالَ يَخْرُجُ مِنْ غَيْرِ تَيَمُّمٍ وَفِي النَّوَادِرِ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ يَنْبَغِي أَنْ يَتَيَمَّمَ. حُجَّتُنَا أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ذَكَرَ أَنَّهُ جُنُبٌ فَخَرَجَ مِنْ غَيْرِ تَيَمُّمٍ وَلِأَنَّ اشْتِغَالَهُ بِالتَّيَمُّمِ لُبْثٌ مَعَ الْجَنَابَةِ. السَّادِسُ قَالَ مَالِكٌ لَا يَدْخُلُ الْكَافِرُ الْمَسْجِدَ خِلَافًا ش ح زَادَ فِي الْجَوَاهِرِ وَإِن أذن لَهُ الْمُسلم وَمنعه الشَّافِعِي فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَيَشْتَرِطُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِذْنَ الْمُسْلِمِ فِي دُخُولِهِ. حُجَّتُنَا قَوْله تَعَالَى {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ} {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْجُنُبِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَأَمَّا رَبْطُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ثُمَامَةَ بْنَ أَثَالٍ فِي الْمَسْجِدِ فَذَلِكَ كَانَ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ وَهُوَ مَنْسُوخٌ بِمَا ذَكَرْنَاهُ. السَّابِعُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا صَلَّى نَاسِيًا لِلْجَنَابَةِ ثُمَّ ذَكَرَهَا بَعْدَ خُرُوجِهِ إِلَى السُّوقِ يَرْجِعُ وَلَا يَتَمَادَى لِغَرَضِهِ وَيَغْتَسِلُ وَيُصَلِّي قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى ضِيقِ وَقْتِ الصَّلَاةِ أَوْ عَلَى قَضَائِهَا فَإِنَّ الْقَضَاءَ وَاجِبٌ عِنْدَ الذِّكْرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَقِمِ الصَّلَاة لذكري} . الثَّامِنُ فِي الطَّرَّازِ يُفَارِقُ الْجُنُبُ الْحَائِضَ فِي جَوَازِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ ظَاهِرًا وَمَسِّ الْمُصْحَفِ لِلْقِرَاءَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْحَائِضِ لِحَاجَةِ التَّعْلِيمِ وَخَوْفِ النِّسْيَانِ. قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ يَقْرَأُ الْآيَةَ وَنَحْوَهَا عَلَى وَجْهِ التَّعَوُّذِ وَلَا يُعَدُّ قَارِئًا وَلَا لَهُ ثَوَابُ الْقِرَاءَةِ. تَنْبِيهٌ حَمْلُ الْقُرْآنِ عَلَى قسمَيْنِ أَحدهمَا لَا يَذْكُرُ إِلَّا قُرْآنًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى

{كذبت قوم لوط الْمُرْسلين} فَيَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ قِرَاءَتُهُ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي الْقُرْآنِ وَلَا تَعَوُّذَ فِيهِ وَثَانِيهِمَا هُوَ تَعَوُّذٌ كَالْمُعَوِّذَتَيْنِ فَتَجُوزُ قِرَاءَتُهُمَا لِضَرُورَةِ دَفْعِ مَفْسَدَةِ الْمُتَعَوَّذِ مِنْهُ. وَالْأَصْلُ فِي الْمَنْعِ حَدِيثُ التِّرْمِذِيِّ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَا تَقْرَأُ الْحَائِضُ وَلَا الْجُنُبُ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ وَالْمُتَعَوِّذُ لَا يُعَدُّ قَارِئًا وَكَذَلِكَ الْمُبَسْمِلُ وَالْحَامِدُ فَبَقِيَ مَا عَدَا هَذِهِ الصُّوَرِ عَلَى الْمَنْعِ.

(الباب الرابع في المسح الذي هو بدل من الغسل)

(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْمَسْحِ الَّذِي هُوَ بَدَلٌ مِنَ الْغُسْلِ) وَفِيهِ فَصْلَانِ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْجَبَائِرِ قَالَ فِي الْكِتَابِ يَمْسَحُ عَلَيْهَا فَإِنْ تَرَكَ ذَلِكَ أَعَادَ الصَّلَاةَ أَبَدًا خِلَافًا ح فِي قَوْلِهِ بِعَدَمِ الْإِعَادَةِ لِأَنَّ الْمَسْحَ لَا يَجِبُ عِنْدَهُ لِاقْتِضَاءِ الْقُرْآنِ الْغُسْلَ وَالزِّيَادَةُ عَلَى النَّصِّ نَسْخٌ عِنْدَهُ وَنَسْخُ الْقُرْآنِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ مُمْتَنَعٌ إِجْمَاعًا وَقَالَ بِمَسْحِ الْخُفَّيْنِ لِوُصُولِ أَحَادِيثِهِ إِلَى التَّوَاتُرِ عِنْدَهُ فَأَمْكَنَ النَّسْخُ. احْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِمَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ انْكَسَرَتْ إِحْدَى زَنْدَيَّ فَأَمَرَنِي عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ أَمْسَحَ عَلَى الْجَبَائِرِ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَالْأَحَادِيثُ فِي هَذَا الْبَابِ وَاهِيَةٌ فَنَعْدِلُ إِلَى الْقِيَاسِ عَلَى الْخُفَّيْنِ بِجَامِعِ الضَّرُورَةِ وَبِطْرِيقِ الْأَوْلَى لِمَزِيدِ الشِّدَّةِ وَيُؤَكِّدُ هَذَا الْقِيَاسَ مَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَعَثَ سَرِيَّةً فَأَصَابَهُمُ الْبَرْدُ فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَمَرَهُمْ أَنْ يَمْسَحُوا عَلَى الْعَصَائِبِ وَالتَّسَاخِينِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْعَصَائِبُ الْعَمَائِمُ وَالتَّسَاخِينُ الْخِفَافُ وَإِذَا جَازَ الْمَسْحُ لِضَرُورَةِ الْبَرْدِ فَأَوْلَى الْجِرَاحُ. قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَلَا فَرْقَ فِي الْمَذْهَبِ بَيْنَ تَرْكِ الْجَبِيرَةِ أَوْ بَعْضِهَا وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ يُجْزِئُ أَقَلُّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ عَلَى أَصْلِهِمْ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ. حُجَّتُنَا أَنَّ الْعُضْوَ كَانَ يَجِبُ اسْتِيعَابُهُ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ

وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي ذِمَّتِهِ بِيَقِينٍ وَالْأَصْلُ عَدَمُ بَرَاءَتِهِ بِمَا ذَكَرَهُ الْخَصْمُ مِنَ الطَّهَارَةِ. سُؤَالٌ مَسْحُ الْخُفِّ وَالتَّيَمُّمُ بَدَلَانِ مِنَ الْغُسْلِ وَلَا يَجِبُ تَعْمِيمُهَا فِي مَوَاضِعِ الْغَسْلِ لِجَوَازِ الِاقْتِصَارِ عَلَى أَعْلَى الْخُفَّيْنِ وَالْكُوعَيْنِ فِي التَّيَمُّمِ. جَوَابُهُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْجَبِيرَةِ وَالْخُفَّيْنِ أَنَّهَا لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهَا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْغَسْلِ بِخِلَافِ الْخُفَّيْنِ وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ التَّيَمُّمِ أَنَّهُ عِبَادَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ بَدَلٌ عَنْ أَصْلِ الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ لَا بَدَلَ عَنْ أَجْزَائِهِمَا فَالْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ لَمْ يُهْجَرَا بَلْ هُمَا مَطْلُوبَانِ فَوَجَبَتِ الْعِنَايَةُ بِمُرَاعَاةِ أَجْزَائِهِمَا وَالتَّيَمُّمُ فَقَدَ أَعْرَاضَ الطَّهَارَتَيْنِ فَلَا يُرَاعَى فِيهِ أَجْزَاؤُهُمَا. فُرُوعٌ سِتَّةٌ: الْأَوَّلُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا كَانَ الْجُنُبُ يَنْكَبُّ الْمَاءُ عَنْ جُرْحِهِ أَوْ شَجَّتِهِ غَسَلَ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ إِذَا صَحَّ فَإِنْ لم يغسل حَتَّى صَلَوَاتٍ كَثِيرَةً وَهُوَ فِي مَوْضِعٍ لَا يُصِيبُهُ الْوُضُوءُ أَعَادَ صَلَاتَهُ مِنْ حِينِ قَدَرَ عَلَى مَسِّهِ بِالْمَاءِ كَاللُّمْعَةِ. قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ يُرِيدُ فِي غَسْلِ جَسَدِهِ لَا أَنَّهُ لَا يَمْسَحُهَا فَإِذا صَحَّ غسل الْموضع الَّذِي كَانَ بمسح عَلَيْهِ كَالْخُفِّ إِذَا نَزَعَهُ إِلَّا أَنْ يَبْرَأَ الْجُرْحُ وَهُوَ عَلَى وُضُوئِهِ الْأَوَّلِ كَمَا إِذَا نَزَعَ خُفَّهُ وَهُوَ عَلَى وُضُوئِهِ الْأَوَّلِ فَإِنْ كَانَتِ الشَّجَّةُ فِي رَأْسِهِ وَمَسَحَهَا لِلْوُضُوءِ لَا يُجْزِئُهُ الْمَسْحُ عَنِ الْجَنَابَةِ وَهَذَا الْفَرْعُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْجَنَابَةَ تُجْزِئُ بِنِيَّةِ الْوُضُوءِ لِأَنَّهُمَا فَرْضَانِ فَأَجْزَأَ أَحَدُهُمَا عَنِ الْآخَرِ كَالْحَيْضِ مَعَ الْجَنَابَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فَإِنِ اغْتَسَلَ لِجَنَابَتِهِ أَعَادَ حِينَ الْغُسْلِ قَالَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُعِيدُ الْمَوْضِعَ إِذَا تَرَكَهُ نَاسِيًا فَقَطْ وَالْمُتَأَوِّلُ وَالْعَامِدُ يُعِيدَانِ الْغُسْلَ. سُؤَالٌ تَنُوبُ نِيَّةُ الْوُضُوءِ عَنْ نِيَّةِ الْجَنَابَةِ وَلَا تَنُوبُ نِيَّةُ التَّيَمُّمِ للْوُضُوء عَن

نِيَّةِ التَّيَمُّمِ لِلْغُسْلِ إِذَا نَسِيَهُ وَإِنْ كَانَ بَدَلًا مِنَ الْوُضُوءِ فَرْضًا كَالْجَنَابَةِ وَنَقَلَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ فِي ذَلِكَ خِلَافًا. جَوَابُهُ أَنَّ التَّيَمُّمَ عَنِ الْوُضُوءِ بَدَلَ الْوُضُوءِ وَهُوَ بَعْضُ الْغُسْلِ وَالتَّيَمُّمَ عَنِ الْجَنَابَةِ بَدَلٌ عَنْ غَسْلِ جَمِيعِ الْجَسَدِ وَبَدَلُ الْبَعْضِ لَا يَقُومُ مَقَامَ الْكُلِّ وَالْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ أَصْلَانِ فِي لُمْعَةِ الْجَبِيرَةِ مُتَسَاوِيَانِ فِيهَا بِإِجْزَاءِ أَحَدِهِمَا عَنِ الْآخَرِ. الثَّانِي قَالَ فِي الْكِتَابِ يَمْسَحُ عَلَى الدَّوَاءِ وَالْمَرَارَةِ عَلَى الظُّفُرِ وَالْقِرْطَاسِ عَلَى الصُّدْغِ لِلضَّرُورَةِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْغُسْلُ مُتْلِفًا بَلْ لِمُجَرَّدِ الضَّرُورَةِ أَوْ خَوْفَ زِيَادَةِ الْمَرَضِ أَوْ تَأْخِيرِ الْبُرْءِ خِلَافًا ش فِي اشْتِرَاطِهِ التَّلَفَ. الثَّالِثُ لَوْ سَقَطَتِ الْجَبِيرَةُ قَبْلَ الْبُرْءِ أَوْ حَلَّهَا لِلتَّدَاوِي قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِنْ قَدَرَ أَنْ يَمْسَحَ نَفْسَ الْجُرْحِ وَجَبَ وَإِلَّا رَدَّ الْجَبِيرَةَ فِي حِينِهِ وَمَسَحَ عَلَيْهَا فَإِنِ احْتَاجَتِ الْمُدَاوَاةُ إِلَى طُولٍ فَهَلْ يُعِيدُهَا أَوْ يَبْنِي عَلَى قَصْدِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَيَتَخَرَّجُ فِيهَا الْخِلَافُ الَّذِي فِي نَاسِي بَعْضِ طَهَارَتِهِ ثُمَّ ذَكَرَهُ بِحَيْثُ لَا مَاءَ وَطَالَ عَلَيْهِ طَلَبُهُ لِلْمَاءِ أَوْ هُرِيقَ مَاؤُهُ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ وَطَالَ ذَلِكَ. قَالَ فَإِنْ كَانَتِ الْجَبِيرَةُ فِي ذِرَاعِهِ فَمَسَحَ عَلَيْهَا لَمْ يُعِدْ مَا بَعْدَهَا لِأَنَّ التَّرْتِيبَ قَدْ وَقَعَ فِي وُضُوئِهِ أَوَّلًا وَاتَّصَفَ بِالْكَمَالِ بِخِلَافِ مَنْ نَسِيَ بَعْضَ طَهَارَتِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ سُقُوطِ الْجَبِيرَةِ وَالْعُصَابَةِ الْعُلْيَا الَّتِي عَلَيْهَا الْمَسْحُ كَالْخُفِّ الْأَعْلَى إِذَا نَزَعَهُ. الرَّابِعُ إِذَا كَثُرَتِ الْخِرَقُ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ إِنْ أَمْكَنَ الْمَسْحُ عَلَى السُّفْلَى لَا يَمْسَحُ عَلَى الْعُلْيَا قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ يُجْزِئُ وَيَتَخَرَّجُ ذَلِكَ عَلَى لُبْسِ خُفٍّ عَلَى خُفٍّ لِأَنَّهُ إِذَا انْتَقَلَ الْفَرْضُ لِلْجَبِيرَةِ لَا يَجِبُ مَحَلٌّ مَخْصُوصٌ بَلِ الْإِمْرَارُ بِالْيَدِ. فَرْعٌ مُرَتَّبٌ مِنَ الطَّرَّازِ إِذَا قُلْنَا لَا يَمْسَحُ إِلَّا عَلَى أَقَلِّ مَا يُمْكِنُ لَا يَمْسَحُ عَلَى الْكَثِيفِ الْمُسْتَغْنَى عَنْهُ وَهَذَا الْكَلَامُ فِي الِارْتِفَاعِ وَأَمَّا الْعَرْضُ فَلَا يجوز

أَنْ يُؤْخَذَ مِنَ الْمَوْضِعِ السَّالِمِ إِلَّا مَا كَانَ مِنْ ضَرُورَةِ شَدِّهِ وَكَذَلِكَ الْعُصَابَةُ إِنْ أَمْكَنَ حَلُّهَا مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ حَلَّهَا وَمَسَحَ عَلَى الْجُرْحِ إِنْ تَعَذَّرَتْ مُبَاشَرَتُهُ بِالْمَسْحِ. الْخَامِسُ قَالَ فِي الطَّرَّازِ لَا يُعِيدُ مَا صَلَّى بِالْمَسْحِ عَلَى الْجَبِيرَةِ خِلَافًا ش قِيَاسًا عَلَى مَا صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ وَالْخُفَّيْنِ وَصَلَاةِ الْمَرِيضِ وَالْخَائِفِ وَلِأَنَّ الْقَضَاءَ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ. وَهَذَا الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الطَّهَارَةَ هَلْ هِيَ شَرْطٌ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْجَبِيرَةِ أَمْ لَا فَعِنْدَ الشَّافِعِي هِيَ شَرْطٌ مُحْتَجًّا بِحَدِيثِ أَبِي دَاوُدَ قَالَ خَرَجْنَا فِي سَفَرٍ فَأَصَابَ رَجُلًا مِنَّا شَجَّةٌ فِي رَأسه فَاحْتَلَمَ فَسَأَلَ أَصْحَابه على تَجِدُونَ لِي رُخْصَةً فِي التَّيَمُّمِ فَقَالُوا مَا نَجِدُ لَكَ رُخْصَةً فِي التَّيَمُّمِ وَأَنْتَ تَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ فَاغْتَسَلَ فَمَاتَ فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى رَسُول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أُخْبِرَ بِذَلِكَ فَقَالَ قَتَلَهُمُ اللَّهُ أَلَا سَأَلُوا إِذا لم يعلمُوا وَإِنَّمَا شِفَاء الغى السُّؤَالُ وَإِنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيَشُدَّ عَلَى جُرْحِهِ خِرْقَةً ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيْهَا وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ. وَجَوَابُهُ أَنَّ التَّيَمُّمَ لَوْ كَانَ طَهَارَةً لَمْ يُحْتَجْ إِلَى الْغُسْلِ لِأَنَّا لَا نَعْنِي بِالطَّهَارَةِ إِلَّا مَا أَزَالَ الْمَانِعَ الشَّرْعِيَّ وَلِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ طَهَارَتَيْنِ خِلَافُ قَوَاعِدِ الشَّرْعِ فِي الْأَحْدَاثِ فَيَتَعَيَّنُ حَمْلُ الْحَدِيثِ عَلَى حَالَتَيْنِ حَتَّى يَكُونَ مَعْنَاهُ إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ إِنْ عَجَزَ عَنِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ وَيَشُدَّ عَلَى جُرْحِهِ خِرْقَةً ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيْهَا وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ إِنْ أَمْكَنَهُ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ وَمِثْلُ هَذَا الْإِضْمَارِ مُجْمَعٌ عَلَى جَوَازِهِ وَمَا ذَكَرْتُمُوهُ عَلَى خِلَافِ الْقَوَاعِدِ غَيْرُ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ وَحُمِلَ كَلَامُ الشَّارِعِ عَلَى مُوَافَقَةِ قَوَاعِدِهِ وَطَرْدِ عَوَائِدِهِ وَمَا أُجْمِعَ عَلَيْهِ أَوْلَى مِمَّا ذَكَرْتُمُوهُ وَلِأَنَّ الْإِجْمَاعَ مُنْعَقِدٌ عَلَى جَوَازِ الصَّلَاةِ بِالْمَسْحِ عَلَى الْجَبِيرَةِ وَإِنِ ابْتَدَأَ لُبْسَهَا عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْإِعَادَةِ وَإِذَا ثَبَتَ الْجَوَازُ بِدُونِ الطَّهَارَةِ لَا تَكُونُ شَرْطًا فِيهِ. وَأَمَّا الْقِيَاسُ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَمُنْدَفِعٌ بِفَارِقِ الضَّرُورَةِ فَإِنَّ الْجُرْحَ يَأْتِي بِغَيْرِ عِلْمٍ.

(الفصل الثاني في المسح على الخفين)

السَّادِسُ فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا كَانَ الْمَوْضِعُ لَا يُمْكِنُ وَضْعُ شَيْءٍ عَلَيْهِ وَلَا مُلَاقَاتُهُ بِالْمَاءِ فَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعِ التَّيَمُّمِ وَلَا يُمْكِنُ مَسُّهُ بِالتُّرَابِ وَجَبَ تَرْكُهُ فَلَا غُسْلَ وَلَا مَسْحَ لِأَنَّهُ الْمَقْدُورُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ التَّيَمُّمُ لِيَأْتِيَ بِطَهَارَةٍ تَامَّةٍ وَالْغُسْلُ تَرْجِيحًا لِلْأَصْلِ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا احْتِيَاطًا فَائِدَتَانِ الْأُولَى إِيقَاعُ الطَّهَارَةِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْحَدَثِ عَبَثٌ لَكِنَّهُ جَازَ عَلَى الْجَبَائِرِ وَالْخِفَافِ لمسيس الْحَاجة لهَذِهِ الْأُمُور لَيْلًا يَعْتَادَ الْمُكَلَّفُ تَرْكَ الْمَسْحِ وَالْغُسْلَ فَيَثْقُلَا عَلَيْهِ عِنْدَ إِمْكَانِهِمَا الثَّانِيَةُ يُفَرَّقُ الْفَصْلُ مِنَ الْجَسَدِ إِنْ كَانَ فِي الرَّأْسِ قِيلَ لَهُ شَجَّةٌ أَوْ فِي الْجِلْدِ قِيلَ لَهُ خَدْشٌ أَوْ فِيهِ وَفِي اللَّحْمِ قِيلَ لَهُ جُرْحٌ وَالْقَرِيبُ الْعَهْدِ الَّذِي لَمْ يُفْتَحْ يُقَالُ لَهُ خُرَّاجٌ فَإِنْ فُتِحَ قِيلَ لَهُ قَرْحٌ أَوْ فِي الْعَظْمِ قِيلَ لَهُ كَسْرٌ أَوْ فِي الْعَصَبِ عَرْضًا قِيلَ لَهُ بَتْرٌ وَطُولًا قِيلَ لَهُ شَقٌّ وَإِنْ كَانَ عَدَدُهُ كَثِيرًا سُمِّيَ شَدْخًا أَوْ فِي الْأَوْرِدَةِ وَالشَّرَايِينِ قِيلَ لَهُ انْفِجَارٌ وَهَذِهِ الْفَائِدَةُ مُحْتَاجٌ إِلَيْهَا فِي قَوْلِ الْجَلَّابِ وَالتَّهْذِيبِ مَنْ كَانَتْ لَهُ شِجَاجٌ أَوْ جِرَاحٌ أَوْ قُرُوحٌ فَيَعْلَمُ الْفَرْقَ بَيْنَهَا فِي اللُّغَةِ (الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ) وَالْكَلَامُ فِي حُكْمِهِ وَشُرُوطِهِ وَكَيْفِيَّتِهِ أَمَّا حُكْمُهُ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قَالَ فِي الْكِتَابِ يَمْسَحُ الْمُسَافِرُ وَالْمُقِيمُ ثُمَّ قَالَ لَا يَمْسَحُ الْمُقِيمُ وَهَذَا اللَّفْظُ يَقْتَضِي أَنَّهُ رَجَعَ عَنِ الْأَوَّلِ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ إِنِّي لَأَقُولُ الْيَوْمَ مَقَالَةٌ مَا قُلْتُهَا قَطُّ قَدْ أَقَامَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِالْمَدِينَةِ عشر سنسن وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ فِي خِلَافَتِهِمْ وَذَلِكَ خَمْسٌ وَثَلَاثُونَ سَنَةً فَلَمْ يَرَهُمْ أَحَدٌ يَمْسَحُونَ وَإِنَّمَا كَانَتِ الْأَحَادِيثُ بِالْقَوْلِ وَكِتَابُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ وَيُعْمَلَ بِهِ

وَقَالَ فِي النَّوَادِرِ لَا أَمْسَحُ فِي سَفَرٍ وَلَا حَضَرٍ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ فِيهَا آخِرُ مَا فَارَقْتُهُ عَلَيْهِ الْمَسْحُ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ وَالْمَازِرِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ بِالْمَنْعِ عَلَى الْإِطْلَاقِ عَلَى الْكَرَاهَةِ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ كَالْفِطْرِ فِي السَّفَرِ جَائِزٌ وَالْأَفْضَلُ تَرْكُهُ وَقَدْ يَتْرُكُ الْعَالِمُ مَا يُفْتِي بِجَوَازِهِ فَقَدْ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ حَدَّثَنِي سَبْعُونَ مِنْ أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَأَخْبَارُ الْمَسْحِ قَدْ وَرَدَتْ فِي الصِّحَاحِ إِلَّا أَنْ يُقَالَ نَزَلَتِ الْمَائِدَةُ بَعْدَهَا كَمَا يَزْعُمُ جَمَاعَةٌ لَكِنْ فِي مُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُدَ عَنْ جَرِيرٍ قَالَ رَأَيْتُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَالَ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ قَالَ إِبْرَاهِيمُ كَانَ يُعْجِبُهُمْ هَذَا الْحَدِيثُ لِأَنَّ إِسْلَامَ جَرِيرٍ كَانَ بَعْدَ الْمَائِدَةِ قَالَ التِّرْمِذِيُّ قَبْلَ مَوْتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِيَسِيرٍ وَيَدُلُّ عَلَى جَوَازِهِ فِي الْحَضَرِ قَوْله تَعَالَى {وَأَرْجُلَكُمْ} بِالْخَفْضِ إِذَا حَمَلْنَاهُ عَلَى الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ أَتَى سُبَاطَةَ قوم فَبَال قَائِما وَمسح على خفيه والبساطة الْمِزْبَلَةُ وَهِيَ مِنْ خَوَاصِّ الْحَضَرِ وَفِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ وَقَّتَ لِلْحَاضِرِ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَلِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَالتَّوْقِيتُ فَرْعُ الْجَوَازِ وَوَجْهُ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْمُسَافِرِ وَالْمُقِيمِ أَنَّ الْمَشَقَّةَ إِنَّمَا تَعْظُمُ فِي نَزْعِ الْخُفِّ فِي السَّفَرِ لِفَوَاتِ الرِّفَاقِ وَقَطْعِ الْمَسَافَاتِ مَعَ تَكْرَارِ الصَّلَوَاتِ وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ سَفَرُ الْبَحْرِ لِأَنَّ التَّعْلِيلَ لِجِنْسِ السَّفَرِ وَلِأَنَّ الْغَالِبَ السَّفَرُ فِي الْبَرِّ فَكَانَ سَفَرُ الْبَحْرِ تَبَعًا لَهُ وَلِأَنَّ الطَّهَارَةَ مُشَابِهَةٌ لِلصَّلَاةِ لِكَوْنِهَا شَرْطَهَا وَلِإِبْطَالِ الْحَدَثِ لَهُمَا وَرُخْصَةُ الْقَصْرِ فِي الصَّلَاةِ تَخْتَصُّ بِالسَّفَرِ فَكَذَلِكَ الطَّهَارَةُ فَتَكُونُ رُخْصَةً فِي عِبَادَةٍ تَخْتَصُّ بِالسَّفَرِ أَصْلُهُ الصَّوْمُ فُرُوعٌ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِذَا قُلْنَا لَا يَمْسَحُ إِلَّا الْمُسَافِرُ فَيُشْتَرَطُ فِي السَّفَرِ الْإِبَاحَةُ قِيَاسًا عَلَى الْقَصْرِ وَالْفِطْرِ وَلِأَنَّ الرُّخَصَ لَا تُسْتَبَاحُ بِالْمَعَاصِي وَإِذَا قُلْنَا يَمْسَحُ الْحَاضِرُ وَالْمُسَافِرُ فَهَلْ يَمْسَحُ الْعَاصِي بِسَفَرِهِ؟ قَوْلَانِ وَالصَّحِيحُ الْمَسْحُ لِأَنَّ عَدَمَ الِاخْتِصَاصِ يَصِيرُ طَرْدِيًّا فِي الرُّخْصَةِ الثَّانِي قَالَ فِي الْكِتَابِ لَيْسَ لِلْمَسْحِ تَوْقِيت خلافًا ح وش قَالَ صَاحب

الطَّرَّازِ رَوَى أَشْهَبُ عَنْهُ يَمْسَحُ الْمُسَافِرُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَهَذَا الْقَوْلُ إِنَّمَا يُنْسَبُ إِلَيْهِ فِي كِتَابِ السِّرِّ الَّذِي بَعَثَهُ إِلَى الرَّشِيدِ وَالْأَصْحَابُ يُنْكِرُونَهُ فَقَالَ فِيهِ عَلَى زَعْمِ النَّاقِلِ يَمْسَحُ الْمُقِيمُ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَالْمُسَافِرُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَفِي مُسْلِمٍ رَخَّصَ لَنَا عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا كُنَّا مُسَافِرِينَ أَلَّا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ إِلَّا مِنْ جَنَابَةٍ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ الْغُسْلُ بِالْقُرْآنِ فَلَا يُتْرَكُ إِلَّا لِدَلِيلٍ مَعْلُومٍ رَاجِحٍ عَلَيْهِ وَوَجْهُ الْمَذْهَبِ مَا رَوَاهُ سَحْنُونُ فِي الْكِتَابِ عَنْ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ قَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ مِنْ فَتْحِ الشَّامِ وَعَلَيَّ خُفَّايَ فَنَظَرَ إِلَيْهِمَا فَقَالَ كَمْ لَكَ مُنْذُ لَمْ تَنْزِعْهُمَا؟ فَقُلْتُ لَبِسْتُهُمَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْيَوْمَ الْجُمُعَةُ ثَمَانٍ فَقَالَ أَصَبْتَ وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لَوْ لَبِسْتُ الْخُفَّيْنِ وَرِجْلَايَ طَاهِرَتَانِ وَأَنَا على وضوء لم أبال أَن لَا أَنْزِعَهُمَا حَتَّى أَبْلُغَ الْعِرَاقَ وَأَقْضِيَ سَفَرِي وَلِأَنَّ التَّوْقِيتَ يُنَافِي أُصُولَ الطَّهَارَاتِ فَإِنَّهَا دَائِرَةٌ مَعَ أَسْبَابِهَا لَا مَعَ أَزْمَانِهَا وَإِذَا تَقَابَلَتِ الْأَخْبَارُ بَقِيَ مَعَنَا النَّظَرُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ وَابْنُ مَعِينٍ حَدِيثَانِ لَا أَصْلَ لَهُمَا وَلَا يَصِحَّانِ حَدِيثُ التَّوْقِيتِ وَحَدِيثُ التَّسْلِيمَتَيْنِ فِي الصَّلَاةِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنْكَارُ الْمَسْحِ أَصْلًا وَأَنَّ الْمَائِدَةَ مُتَأَخِّرَةٌ عَنِ الْمَسْحِ وَفِي أَبِي دَاوُد عَن أبي عُمَارَةِ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ؟ قَالَ نَعَمْ قَالَ يَوْمًا قَالَ يَوْمَيْنِ قَالَ وَثَلَاثًا قَالَ نَعَمْ وَمَا شِئْتُ قَالَ أَبُو دَاوُدَ فِي سَنَدِهِ اخْتِلَافٌ الثَّالِثُ إِذَا فَرَّعْنَا عَلَى رِوَايَةِ أَشْهَبَ وَمَسْحِ الْمُقِيمِ ثُمَّ سَافَرَ قَبْلَ تَمَامِ مُدَّتِهِ هَلْ يَبْنِي عَلَى ذَلِكَ مُدَّةَ الْمُسَافِرِ أَمْ لَا؟ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَيَتَخَرَّجُ عَلَى الْمُسَافِرِ إِذَا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ نَوَى الْإِقَامَةَ هَلْ يَبْنِي عَلَيْهَا صَلَاةَ الْمُقِيم أم لَا؟ وَقَالَ الشَّافِعِي ينْزع بعد يَوْم وَلَيْلَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة يُقيم مُدَّة الْمُسَافِر

وَأَمَّا شُرُوطُهُ فَعَشَرَةٌ وَهِيَ أَنْ يَكُونَ جِلْدًا طَاهِرًا مَخْرُوزًا سَاتِرًا لِمَحَلِّ الْفَرْضِ وَيُمْكِنُ مُتَابَعَةُ الْمَشْيِ فِيهِ لِذَوِي الْمُرُوءَةِ لُبِسَ عَلَى طَهَارَةٍ بِالْمَاءِ كَامِلَةٍ وَأَنْ يَكُونَ لَابِسُهُ حَلَالًا غَيْرَ مُرَفَّهٍ فَالْأَوَّلُ احْتِرَازٌ مِنَ الْخِرَقِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّهَا لَيْسَتْ خُفًّا لِلْعَرَبِ وَلَا تَعُمُّ الْحَاجَةُ إِلَيْهَا وَلَا وَرَدَتْ بِهَا الرُّخْصَةُ الثَّانِي احْتِرَازٌ مِنْ جِلْدِ الْمَيْتَةِ فَإِنَّ الصَّلَاةَ بِالنَّجِسِ لَا تَجُوزُ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُعْتَادُ الَّذِي وَرَدَتْ فِيهِ السُّنَّةُ وَتَدْعُو إِلَيْهِ الضَّرُورَةُ الثَّالِثُ احْتِرَازٌ مِنَ الْمَرْبُوطِ لِمَا تَقَدَّمَ الرَّابِعُ فِي الْجَوَاهِرِ احْتِرَازٌ مِمَّا دُونَ الْكَعْبَيْنِ فَإِنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فَقَدْ قَصُرَ الْبَدَلُ عَنِ الْمُبْدَلِ وَالْأَصْلُ الْمُسَاوَاةُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ غَسَلَ مَا بَقِيَ جَمَعَ بَيْنَ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْبَدَلَ هُوَ الْمَشْرُوعُ سَادًّا مَسَدَّ الْمُبْدَلِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَرَوَى الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْمُحْرِمِ يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ إِذَا قَطَعَهُمَا دُونَ الْكَعْبَيْنِ وَيُمِرُّ الْمَاءَ عَلَى مَا بَدَا قَالَ الْبَاجِيُّ وَالَّذِي قَالَ هَذَا إِنَّمَا هُوَ الْأَوْزَاعِيُّ وَهُوَ كَثِيرُ الرِّوَايَةِ فَلَعَلَّهُ وَهِمَ وَلَعَلَّ ذَلِكَ يُخَرَّجُ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي أَنَّ غَسْلَ الْكَعْبَيْنِ غَيْرُ وَاجِبٍ فَرْعٌ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِذَا قَطَعَ الْخُفَّ إِلَى فَوْقِ الْكَعْبَيْنِ ثُمَّ خرج عَن مَوضِع الْغسْل قإن كَانَ ذَلِكَ لَا يُرَى مِنْهُ الْقَدَمُ جَازَ الْمَسْحُ وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْمَذَاهِبِ حَتَّى قَالَ الشَّافِعِي إِنْ كَانَ فِيهِ شَرْجٌ يُفْتَحُ وَيُغْلَقُ إِنْ أُغْلِقَ جَازَ الْمَسْحُ وَإِنْ فُتِحَ غَلْقُهُ بَطَلَ الْمَسْحُ الْخَامِسُ احْتِرَازٌ مِنَ الْوَاسِعِ جِدًّا أَوِ الْمَقْطُوعِ قَطْعًا فَاحِشًا قَالَ فِي الْكِتَابِ إِنْ كَانَ قَلِيلًا مَسَحَ وَإِلَّا فَلَا وَتَحْدِيدُ الْكَثِيرِ بِالْعرْفِ خلافًا لأبي ح فِي تَحْدِيدِهِ بِثَلَاثَةِ أَصَابِعَ فَإِنَّ الْمَعْلُومَ مِنْ عَادَةِ النَّاسِ أَنَّهُمْ لَا يَعْزِفُونَ عَنِ الْقطع

الْيَسِيرِ لَا سِيَّمَا الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ مَعَ غَزْوِهِمْ وَكَثْرَةِ أَسْفَارِهِمْ فَكَانَ الْجَوَازُ فِي الْقَلِيلِ مَعْلُومًا وَأَمَّا مَنْ حَدَّهُ بِغَيْرِ الْعُرْفِ فَرِوَايَةُ الْمُتَقَدِّمِينَ ظُهُورُ الْقَدَمِ أَوْ جُلُّهَا وَحَدَّهُ الْبَغْدَادِيُّونَ بِإِمْكَانِ الْمَشْيِ فِيهِ فَرَاعَى الْأَوَّلُونَ ظُهُورَ الْمُبْدَلِ وَالْآخَرُونَ فَقْدَ الْحَاجَةِ إِلَى اللُّبْسِ فَإِنْ شَكَّ فِي مُجَاوَزَةِ الْقَطْعِ لِلْقَدْرِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يَمْسَحُ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْغَسْلُ السَّادِسُ احْتِرَازٌ مِنَ الْمُحْدِثِ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ سَأَلَ أَبَاهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَقَالَ إِذَا أَدْخَلْتَ رِجْلَيْكَ فِي الْخُفِّ وَهُمَا طَاهِرَتَانِ فَامْسَحْ عَلَيْهِمَا وَرَوَى الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ قَالَ ثُمَّ أَهَوَيْتُ لِأَنْزِعَ خُفَّيْهِ يَعْنِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ دَعْهُمَا فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْلَا الطَّهَارَةُ لَمَا جَازَ الْمَسْحُ قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِ الطَّهَارَةِ وَقَالَ صَاحب الطّراز قَالَ أَبُو حنيفَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا تُشْتَرَطُ الطَّهَارَةُ حَالَةَ اللُّبْسِ بَلْ لَوْ لَبِسَهُمَا مُحْدِثًا وَأَدْخَلَ الْمَاءَ فِيهِمَا حَتَّى عَمَّ رِجْلَيْهِ صَحَّ فَالشَّرْطُ عِنْدَهُ وُرُودُ الْحَدَثِ وَهُوَ لَابِسُهُمَا عَلَى طَهَارَةٍ قَالَ ابْن اللُّبْسَ عَادَةٌ لَا عِبَادَةٌ وَالطَّهَارَةُ إِنَّمَا تُشْتَرَطُ فِي الْعِبَادَاتِ وَإِنَّمَا يَظْهَرُ حُكْمُ الطَّهَارَةِ فِي اللُّبْسِ عِنْدَ طُرُوِّ الْحَدَثِ وَالرِّجْلُ مَكْنُونَةٌ فِي الْخُفِّ فَلَا يُصَادِفُهَا الْحَدَثُ وَهَذَا تَهْوِيلٌ لَيْسَ عَلَيْهِ تَعْوِيلٌ فَإِنَّ الْحَدَثَ لَيْسَ جِسْمًا يُحْجَبُ بِالْخِفَافِ وَإِنَّمَا هُوَ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ مُتَعَلِّقٌ بِمَا دَلَّ النَّصُّ عَلَى تَعَلُّقِهِ بِهِ ثُمَّ قَالَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُشْكِلُ بِأَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا ظَاهِرُ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَدْخَلْتُهُمَا وَهُمَا طَاهِرَتَانِ فَعَلَّلَ الطَّهَارَةَ بِالْمُقَارَنَةِ الثَّانِي إِذَا كَانَ اكْتِنَانُ الرِّجْلِ فِي الْخُفِّ يَمْنَعُ مِنْ وُصُولِ الْحَدَثِ فَيَنْبَغِي إِذا نزع الْخُف أَو الْجَبِيرَة لَا يَجِبُ غَسْلُ الْأَعْضَاءِ الْمَسْتُورَةِ بِهِمَا لِعَدَمِ تَعَلُّقِ الْحَدَثِ بِهَا السَّابِعُ احْتِرَازٌ مِنَ التَّيَمُّمِ قَالَهُ فِي الْكِتَابِ وَقَالَ أَصْبَغُ يَمْسَحُ إِذَا لَبِسَهُمَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَلَوْ صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ ثُمَّ لَبِسَهُمَا لَا يَمْسَحُ لِانْتِفَاضِ تَيَمُّمِهِ بِتَمَامِ صَلَاتِهِ وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى رَفْعِ الْحَدَثِ فَأَصْبَغُ يَرَاهُ وَمَالِكٌ لَا يرَاهُ

تَحْقِيقٌ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْحَدَثَ لَهُ مَعْنَيَانِ الْأَسْبَابُ الْمُوجِبَةُ كَالرِّيحِ وَنَحْوِهِ وَلِذَلِكَ يُقَالُ أَحْدَثَ إِذَا وُجِدَ مِنْهُ سَبَبٌ مِنْهَا وَالثَّانِي الْمَنْعُ الشَّرْعِيُّ مِنَ الْإِقْدَامِ عَلَى الصَّلَاةِ حَتَّى يَتَطَهَّرَ وَهُوَ الَّذِي تُرِيدُهُ الْفُقَهَاءُ بِقَوْلِهِمْ يَنْوِي فِي وُضُوئِهِ رَفْعَ الْحَدَثِ إِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَالتَّيَمُّمُ يُبِيحُ إِجْمَاعًا وَمَعَ الْإِبَاحَةِ لَا مَنْعَ فَيَكُونُ الْحَدث قد ارْتَفع ضَرُورَة قلا مَعْنَى لِقَوْلِنَا إِنَّهُ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ وَأَمَّا الِاحْتِجَاجُ بِوُجُوبِ الْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ عِنْدَ وُجُودِ الْمَاءِ فَلَا يَسْتَقِيمُ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي بَقَاءَ الْمَنْعِ مَعَ الْإِبَاحَةِ فَإِنَّ اجْتِمَاعَ الضِّدَّيْنِ مُحَالٌ عَقْلًا وَالشَّرْعُ لَا يَرِدُ بِخِلَافِ الْعَقْلِ فَإِنْ كَانَ الْحَدَثُ مُفَسَّرًا بِغَيْرِ ذَلِكَ فَيَنْبَغِي أَنْ يُبْرَزَ حَتَّى نَتَكَلَّمَ عَلَيْهِ بِالرَّدِّ أَوِ الْقَبُولِ فَإِنَّا لَا نَجِدُ غَيْرَ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ الثَّامِنُ احْتِرَازٌ مِنْ غَسْلِ إِحْدَى الرِّجْلَيْنِ وَإِدْخَالِهَا فِي الْخُفِّ قَبْلَ غَسْلِ الرِّجْلِ الْأُخْرَى فَإِنَّهُ لَا يَمْسَحُ حَتَّى يَخْلَعَ ثُمَّ يَلْبَسُهُمَا بَعْدَ كَمَالِ الطَّهَارَةِ خلافًا لأبي ح وَمُطَرِّفٍ مِنْ أَصْحَابِنَا قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِيمَنْ لَيْسَ مَعَهُ مِنَ الْمَاءِ إِلَّا مَا يَتَوَضَّأُ بِهِ فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ ثُمَّ لَبِسَ خُفَّيْهِ ثُمَّ أَتَمَّ وُضُوءَهُ قَالَ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَغْسِلَ رِجْلَيْهِ بَعْدَ وُضُوئِهِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فالأصحاب يخرجُون هَذَا الْفَرْع بطريقين يبْقى أَنَّ الْحَدَثَ هَلْ يَرْتَفِعُ عَنْ كُلِّ عُضْوٍ بِانْفِرَادِهِ أم لَا يرْتَفع إِلَّا بعد كَمَا الطَّهَارَةِ؟ فَإِنْ قُلْنَا بِالِارْتِفَاعِ فَمَذْهَبُ مُطَرِّفٍ وَإِلَّا فَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَهِيَ مُفَرَّعَةٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَإِنَّ الْحَدَثَ هُوَ الْمَنْعُ الشَّرْعِيُّ مِنَ الصَّلَاةِ حَتَّى يَتَطَهَّرَ الْمُحْدِثُ وَهُوَ مَمْنُوعٌ قَبْلَ الْكَمَالِ بِالْإِجْمَاعِ فَكَيْفَ يَلِيقُ أَنْ يُقَالَ الْحَدَثُ يَرْتَفِعُ عَنْ كُلِّ عُضْوٍ بِانْفِرَادِهِ وَمَا يَظْهَرُ بَعْدَ هَذِهِ الْمَقَالَةِ عَلَى التَّحْقِيقِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعَهُ مِنَ الْمَاءِ مَا يَكْفِيهِ لِبَعْضِ طَهَارَتِهِ وَهُوَ مُحْدِثٌ فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِعْمَالُ ذَلِكَ الْمَاءِ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَوْ كَانَتِ الطَّهَارَةُ تَحْصُلُ فِي بَعْضِ الْأَعْضَاءِ يُوجَبُ اسْتِعْمَالُهُ فِي بعض

الْأَعْضَاء كمن مَعَه لَا يَكْفِيهِ لإزالته النَّجَاسَةِ إِلَّا عَنْ بَعْضِ أَعْضَائِهِ فَإِنَّهُ يُزِيلُ مِنْهَا بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ. وَالطَّرِيقُ الْأُخْرَى أَنَّ الْمُسْتَدِيمَ لِلشَّيْءِ هَلْ يَكُونُ كَالْمُبْتَدِئِ لَهُ كَمَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ الدَّارَ وَهُوَ دَاخِلُهَا أَوْ لَا يَلْبَسُ الثَّوْبَ وَهُوَ لَابِسُهُ أَمْ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ وَهُوَ أَصْلٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ. فَرْعَانِ: الْأَوَّلُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ الشَّرْطُ حُصُولُ الطَّهَارَةِ غُسْلًا أَوْ وُضُوءًا وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ لَا يَمْسَحُ عَلَى طَهَارَةِ الْغُسْلِ. الثَّانِي قَالَ لَوْ تَوَضَّأَ وَلَبِسَ خُفَّيْهِ ثُمَّ ذَكَرَ لُمْعَةً فِي وَجْهِهِ أَوْ يَدَيْهِ فَغَسَلَ ذَلِكَ وَصَلَّى ثُمَّ أَحْدَثَ لَا يَمْسَحُ عَلَى خُفَّيْهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ نَزَعَهُمَا بَعْدَ غَسْلِ اللُّمْعَةِ قَبْلَ أَنْ يُحْدِثَ وَعَلَى قَوْلِ مُطَرِّفٍ يَمْسَحُ. التَّاسِعُ احْتِرَازٌ مِنَ الْمُحْرِمِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ لُبْسُ الْخُفَّيْنِ فَإِنْ لَبِسَهُمَا لَمْ يَجُزْ لَهُ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا قَالَ الْبَاجِيُّ وَعِنْدِي يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ الْمُحْرِمَةِ أَنْ تَمْسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَمْنُوعَةً مِنْ لُبْسِهِمَا. سُؤَالٌ الْمُحْرِمُ وَالْغَاصِبُ لِلْخُفِّ كِلَاهُمَا عَاصٍ بِاللُّبْسِ وَالْغَاصِبُ إِذَا مَسَحَ صَحَّتْ صَلَاتُهُ بِخِلَافِ الْمُحْرِمِ فَمَا الْفَرْقُ؟ جَوَابُهُ أَنَّ الْغَاصِبَ يُؤْذَنُ لَهُ فِي الصَّلَاةِ بِالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فِي الْجُمْلَةِ وَإِنَّمَا أَدْرَكَهُ التَّحْرِيمُ مِنْ جِهَةِ الْغَصْبِ فَأَشْبَهَ الْمُتَوَضِّئَ بِالْمَاءِ الْمَغْصُوبِ وَالذَّابِحَ بِالسِّكِّينِ الْمَغْصُوبَةِ فَيَأْثَمَانِ وَتَصِحُّ أَفْعَالُهُمَا وَأَمَّا الْمُحْرِمُ فَلَمْ يُشْرَعْ لَهُ الْمَسْحُ أَلْبَتَّةَ. الْعَاشِرُ احْتِرَازٌ مِنَ الْمُتَرَفِّهِ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا اخْتَضَبَتِ الْمَرْأَةُ بِالْحِنَّاءِ وَهِيَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ فَلَبِسَتِ الْخُفَّ فَتَمْسَحُ عَلَيْهِ إِذَا أَحْدَثَتْ أَوِ الرَّجُلُ يُرِيدُ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ عَلَى وُضُوءٍ فَيَلْبَسُهُ لِيَمْسَحَ إِذَا اسْتَيْقَظَ لَا يُعْجِبُنِي وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الَّذِي يُرِيدُ الْبَوْلَ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْوَاضِحَةِ يُعِيدُ أَبَدًا

وَقَالَ ابْنُ دِينَارٍ وَأَصْبَغُ يُكَرَهُ ذَلِكَ وَالصَّلَاةُ تَامَّةٌ لِأَنَّ الْخُفَّ لَا يُشْتَرَطُ فِي لُبْسِهِ نِيَّةُ الْقُرْبَةِ فَلَا يَضُرُّهُ فِيهِ الرَّفَاهِيَةُ. حُجَّةُ مَالِكٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَنَّ الْخُفَّ إِنَّمَا شُرِّعَ لُبْسُهُ لِلْوُضُوءِ لَا لِمُتْعَةِ اللُّبْسِ فَلَا تتْرك عَزِيمَة غسل الرجلَيْن لغير ضَرُورَة. وَأَمَّا كَيْفِيَّةُ الْمَسْحِ فَقَالَ فِي الْكِتَابِ يَمْسَحُ ظُهُورَ الْخُفَّيْنِ وَبُطُونَهُمَا وَلَا يَتَتَبَّعُ غُصُونَهُمَا وَهِيَ كَسْرُوهُمَا وَيَنْتَهِي إِلَى الْكَعْبَيْنِ مَارًّا عَلَى الْعَقِبَيْنِ من أَسْفَل وَمن فَوق وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يَمْسَحُ أَسْفَلَهُمَا وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لَوْ كَانَ الدِّينُ بِالرَّأْيِ لَكَانَ أَسْفَلُ الْخُفِّ أَوْلَى مِنْ أَعْلَاهُ وَلَكِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَمْسَحُ ظَهْرَ خُفَّيْهِ وَرُوِيَ أَيْضًا أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ يَمْسَحُ أَعْلَى الْخُفِّ وَأَسْفَلَهُ وَضَعَّفَهُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَخَالَفَ ابْنُ شَعْبَانَ فِي غُضُونِ الْخُفَّيْنِ وَالْجَبْهَةِ فِي التَّيَمُّمِ. حُجَّةُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْغُضُونَ فِي حُكْمِ الْبَاطِنِ وَالْبَاطِنُ لَيْسَ مَحَلًّا لِلطَّهَارَةِ لِأَنَّ الْمَسْحَ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّخْفِيفِ. فُرُوعٌ اثْنَا عَشَرَ: الْأَوَّلُ قَالَ سَحْنُونُ فِي الْعُتْبِيَّةِ يَمْسَحُ عَلَى الْمَهَامِيزِ قَالَ الْبَاجِيُّ قَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ وَجَمَاعَةُ أَصْحَابِهِ لَا يَجِبُ الْإِيعَاب وَالْوَاجِب عِنْد الشَّافِعِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَقَلُّ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْم وَعند أبي حنيفَة ثَلَاثَةُ أَصَابِعَ وَعِنْدَ ابْنِ حَنْبَلٍ مَسْحُ أَكْثَرِهِ. حُجَّتُنَا أَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ صَحَّ فِيهِ الْفِعْلُ وَجب إِذْ لوانتفى الْوُجُوبُ لَمَا صَحَّ أَصْلُهُ السَّاقُ وَإِذَا كَانَ الْوُجُوبُ مُتَقَرِّرًا فِي آخِرِ الْعُضْوِ وَجَبَ إِيعَابُهُ كَسَائِرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ. الثَّانِي صِفَةُ الْمَسْحِ فِي الْكِتَابِ وَضْعُ الْيَدِ الْيُمْنَى عَلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِ الرِّجْلِ مِنْ ظَهْرِهَا وَالْيُسْرَى تَحْتَ أَصَابِعِهَا مَارًّا بِهِمَا إِلَى مَوْضِعِ الْوُضُوءِ قِيَاسًا عَلَى الْوُضُوءِ لِأَنَّهُ بَدَلُهُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَقِيلَ عَكْسُهُ وَعِنْدَ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ

الْيُمْنَى عَلَى حَالَتِهَا وَالْيُسْرَى يَبْدَأُ بِهَا مِنَ الْعَقِبِ إِلَى الْأَصَابِعِ لِيَسْلَمَ مِنْ آثَارِ الْعَقِبِ وَهُوَ قَول الشَّافِعِي قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ ظَاهِرُ الْكِتَابِ يَقْتَضِي جَعْلَ الْيُمْنَى عَلَى أَعْلَى الْيُسْرَى وَيَفْعَلُ فِي الْيُسْرَى كَذَلِكَ وَهُوَ وَهْمٌ فَإِنَّ الْإِشَارَةَ إِلَى الْبِدَايَةِ فَقَطْ لِقَوْلِ مَالِكٍ فِي الْوَاضِحَةِ يَجْعَلُ الْيُمْنَى تَحْتَ الْيُسْرَى وَالْيُسْرَى مِنْ فَوْقِهَا لِأَنَّهُ أَمْكَنُ فِي مَسْحِهَا الثَّالِثُ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَا يُجْزِئُ مَسْحُ الْبَاطِنِ عَنِ الظَّاهِرِ وَلَا الْعَكْسُ لَكِنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى الظَّاهِرِ يُوجِبُ الْإِعَادَةَ فِي الْوَقْتِ وَقَالَ سَحْنُونُ لَا يُعِيدُ مُطْلَقًا قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَقَوْلُهُ لَا يُجْزِئُ يُحْتَمَلُ فِي الْفِعْلِ وَفِي الْحُكْمِ وَهُوَ قَول ابْن نَافِع وَيُعِيد عِنْد أَبَدًا وَهُوَ أَقْعَدُ بِأَصْلِ مَالِكٍ لِأَنَّ الْخُفَّ بَدَلٌ فَيَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ مُبْدَلِهِ وَلِأَنَّهُ لَوِ انْخَرَقَ بَاطِنُهُ خَرْقًا فَاحِشًا لَا يَمْسَحُ عَلَيْهِ. وَالْمَذْهَبُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ انْتَقَلَ إِلَى الْخُفِّ مِنْ حَيْثُ هُوَ خُفٌّ كَالتَّيَمُّمِ لَا يُرَاعَى فِيهِ مَوَاضِعُ الْوُضُوءِ وَلَا الْغُسْلُ فَلَوِ اقْتَصَرَ عَلَى الْأَسْفَلِ قَالَ لَا يُجْزِئُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَالَ أَشْهَبُ يُجْزِئُهُ. فَرْعٌ مُرَتَّبٌ قَالَ إِذَا قُلْنَا يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ قَالَ ابْنُ أبي زيد يُعِيد الْوضُوء لعدم المولاة وَيَتَخَرَّجُ فِيهِ قَوْلٌ بِإِعَادَةِ أَسْفَلِهِ وَحْدَهُ. الرَّابِعُ قَالَ فِي الْكِتَابِ يُزِيلُ الطِّينَ مِنْ أَسْفَلِ الْخُفِّ لِيُصَادِفَهُ الْمَسْحُ فَلَوْ مَسَحَ الطِّينَ أَوْ غَسَلَهُ لِيَمْسَحَ الْخُفَّ ثُمَّ نَسِيَ لَمْ يُجْزِهِ وَيُعِيدُ الصَّلَاةَ لِعَدَمِ نِيَّةِ الطَّهَارَةِ قَالَهُ صَاحِبُ الطَّرَّازِ فَلَوْ غَسَلَ بِنِيَّةِ الْوُضُوءِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُجْزِئُهُ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ الْإِعَادَةُ لِيَأْتِيَ بِالْمَشْرُوعِ غَيْرَ تَابِعٍ. الْخَامِسُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا لَبِسَ خُفَّيْنِ عَلَى خُفَّيْنِ مَسَحَ الْأَعْلَى وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ الْمَنْعَ. حُجَّةُ الْأَوَّلِ أَنَّ الْأَحَادِيثَ وَرَدَتْ مِنْ غَيْرِ اسْتِفْصَالٍ وَلِأَنَّ الضَّرُورَةَ كَمَا تَدْعُو الْخُف الْوَاحِد تَدْعُو الْخُفَّيْنِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَالْخِلَافُ إِنَّمَا هُوَ فِي لبسهما عقيب

غَسْلٍ أَمَّا لَوْ لَبِسَ الْأَوَّلَ عُقَيْبَ غَسْلٍ وَالثَّانِيَ بَعْدَ مَسْحٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ قَوْلًا وَاحِدًا قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ يَنْبَغِي الْعَكْسُ وَحُجَّةُ الْمَنْعِ أَنَّ الْخُفَّ الْأَعْلَى إِنْ كَانَ بَدَلًا مِنَ الْأَسْفَلِ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ لِلْبَدَلِ بَدَلٌ وَهُوَ غَيْرُ مَعْهُودٍ أَوْ مِنَ الرَّجُلِ فَيَلْزَمُ أَلَّا يُعِيدَ الْمَسْحَ عَلَى الْأَسْفَلِ إِذَا نَزَعَ الْأَعْلَى السَّادِسُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا مَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ ثُمَّ لَبِسَ أُخْرَى بَعْدَ الْمَسْحِ مَسَحَ عَلَى الْأُخْرَى لِقِيَامِ مَسْحِ الْخُفِّ مَقَامَ غَسْلِ الرِّجْلِ فِي رَفْعِ الْحَدَثِ وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ لَا يَمْسَحُ لِأَنَّ الْمَسْحَ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ لِوُجُوبِ الْغَسْلِ عِنْدَ النَّزْعِ فَلَا يَقُومُ مَقَامَ الْغَسْلِ كَالتَّيَمُّمِ وَفَرَّقَ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَلُبْسِهِمَا بَعْدَ الْغَسْلِ لِأَنَّ الْغَسْلَ يَرْفَعُ الْحَدَثَ السَّابِعُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ إِذَا مَسَحَ الْأَعْلَى ثُمَّ نَزَعَهُ مَسَحَ الْأَسْفَلَ وَأَجْزَأَهُ خِلَافًا ح فَإِنْ أَخَّرَ ذَلِكَ أَعَادَ الْوُضُوءَ كَالَّذِي يفرق وضوءه وَرَأى أَبُو حنيفَة أَنَّ الْخُفَّيْنِ شَيْءٌ وَاحِدٌ بَدَلٌ مِنَ الرِّجْلِ فَإِذَا لَمْ تَظْهَرْ بَقِيَ حُكْمُ الْمَسْحِ وَفَرَّقَ بَيْنَ الْخُفَّيْنِ وَالْجُرْمُوقَيْنِ وَقَالَ يَمْسَحُ الْخُفَّ إِذَا نَزَعَ الْجُرْمُوقَ الْأَعْلَى لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ وَيُؤَيِّدُ قَوْلَهُ مَنْ مَسَحَ رَأْسَهُ ثُمَّ حَلَقَ شَعْرَهُ لَا يُعِيدُ مَسْحًا حُجَّتُنَا الْقِيَاسُ عَلَى مَنْ نَزَعَ الْخُفَّ عَنِ الرِّجْلِ وَعَلَى الْجَبَائِرِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَأَمَّا نَزْعُ خُفِّهِ بَعْدَ الْمَسْحِ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْغَسْلُ لِمَالِكٍ وَالْوُضُوءُ لَهُ أَيْضًا وَلَا يَتَوَضَّأُ وَلَا يَغْسِلُ لِلْحُسْنِ حُجَّةُ الْمَشْهُورِ انْتِقَالُ حُكْمِ الْمَسْحِ لِلرِّجْلِ وَالرِّجْلُ لَا تُمْسَحُ فَتُغْسَلُ وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا أَدْخَلْتَ رِجْلَيْكَ فِي الْخُفِّ وَهُمَا طَاهِرَتَانِ فَامْسَحْ عَلَيْهِمَا مَا شِئْتَ وَمَا بَدَا لَكَ مَا لَمْ تَخْلَعْهُمَا أَوْ تُصِيبَكَ جَنَابَةٌ فَاشْتَرَطَ عَدَمَ النَّزْعِ وَالْقِيَاسُ عَلَى نزع العصائب

حُجَّةُ الْوُضُوءِ أَنَّ الْمَسْحَ رَفْعُ الْحَدَثِ فَإِذَا نُزِعَ تَجَدَّدَ الْحَدَثُ وَهُوَ لَا يَتَبَعَّضُ لِأَنَّا لَا نَجِدُ شَيْئًا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ فِي عُضْوٍ دُونَ غَيْرِهِ فَيَعُمَّ فَيَجِبُ الْوُضُوءُ وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ النَّزْعَ لَيْسَ بِحَدَثٍ بَلِ الْحَدَثُ هُوَ مَا سَلَفَ وَقَدْ عُمِلَ بِمُوجَبِهِ إِلَّا غَسْلَ الرِّجْلِ أُبْدِلَ بِالْمَسْحِ فَإِذَا ذَهَبَ الْمَسْحُ أُكْمِلَتِ الطَّهَارَةُ بِالْغَسْلِ حُجَّةُ الثَّالِثِ الْقِيَاسُ عَلَى حَلْقِ الرَّأْسِ فَإِذَا قُلْنَا يَمْسَحُ عَلَى الْأَسْفَلِ فَنَزَعَ فَردا من الأعلين قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَمْسَحُ تِلْكَ الرِّجْلَ عَلَى الْأَسْفَلِ وَقَالَ سَحْنُونُ وَابْنُ حَبِيبٍ يَنْزِعُ الْأُخْرَى وَيَمْسَحُ الْأَسْفَلَيْنِ حُجَّةُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْمَلْبُوسَ بَاقٍ عَلَى حُكْمِ الْبِدَايَةِ وَالْقِيَاسُ عَلَى مَا إِذَا لَبِسَ ابْتِدَاءً عَلَى إِحْدَى رِجْلَيْهِ خُفَّيْنِ وَعَلَى رِجْلٍ خُفًّا وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ خَلْعِ أَحَدِ الْخُفَّيْنِ الْمُنْفَرِدَيْنِ أَنَّ الْخُفَّ بَاقٍ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ وَهُنَاكَ بِالْخَلْعِ بَطَلَتِ الْبَدَلِيَّةُ بِسَبَبِ الْغَسْلِ فِي إِحْدَى الرِّجْلَيْنِ إِذْ لَا يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا حُجَّةُ سَحْنُونَ أَنَّ الطَّهَارَةَ لَا تَتَبَعَّضُ فِي الِانْتِقَاضِ وَالْخِفَافُ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ فَيَبْطُلُ فِيهِمَا كَمَا لَوْ كَانَا عَلَى الرِّجْلَيْنِ وَإِذَا قُلْنَا يَمْسَحُ مَا تَحْتَ الْمَنْزُوعِ فَمَسَحَ ثُمَّ لَبِسَ الْمَنْزُوعَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي العتيبة يُمْسَحُ عَلَيْهِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى الرِّجْلِ الْأُخْرَى خُفًّا آخَرَ فَإِنَّ الْبَدَلِيَّةَ قَدْ حَصَلَتْ بِسَتْرِ الرِّجْلَيْنِ بِجِنْسِ الْخُفِّ الثَّامِنُ فِي الْجِلَابِ إِذَا كَانَ عَلَى كُلِّ رِجْلٍ خُفٌّ فَنَزَعَ إِحْدَى الرِّجْلَيْنِ نَزَعَ الْأُخْرَى وَغَسَلَ لِئَلَّا يَجْمَعَ الْبَدَلَ وَالْمُبْدَلَ وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْإِشْرَافِ عَنْ أَصْبَغَ يَمْسَحُ اللَّابِسَةَ وَيَغْسِلُ الْمَنْزُوعَةَ التَّاسِعُ لَوْ تَعَسَّرَ نَزْعُ الْخُفِّ الْبَاقِي قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ إِنَّهُ يَغْسِلُ الْمَنْزُوعَةَ وَيَمْسَحُ الْأُخْرَى عَلَى ذَلِكَ الْخُفِّ حِفْظًا لِمَالِيَّةِ الْخُفِّ وَقِيَاسًا عَلَى الْجَبِيرَةِ وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِ الْبَغْدَادِيِّينَ مَنْعُ الْإِجْزَاءِ لِتَعَذُّرِ الْمَشْيِ عَلَى هَذِهِ الْهَيْئَة

قَالَ ابْنُ شَاسٍ وَيَنْتَقِلُ إِلَى التَّيَمُّمِ وَاسْتَحْسَنَهُ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَقِيلَ يُمَزِّقُ الْخُفَّ تَرْجِيحًا لِجَانِبِ الْعِبَادَةِ عَلَى الْمَالِيَّةِ الْعَاشِرُ قَالَ فِي الْكِتَابِ كَانَ مَالِكٌ يَقُولُ يَمْسَحُ عَلَى الْجُرْمُوقَيْنِ أَسْفَلَهُمَا جِلْدٌ يَبْلُغُ مَوْضِعَ الْوُضُوءِ مَخْرُوزٌ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَالْجُرْمُوقَانِ عَلَى ظَاهِرِ الْكِتَابِ الْجَوْرَبَانِ الْمُجَلَّدَانِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ هُمَا الْخُفَّانِ الْغَلِيظَانِ لَا سَاقَ لَهُمَا وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ هُوَ الْمَعْرُوفُ وَنَقَلَ ابْنُ بَشِيرٍ هُمَا خُفٌّ عَلَى خُفٍّ فَيَكُونُ فِيهِمَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ حُجَّةُ الْجَوَازِ مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى الْجُرْمُوقَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَجَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ وَوُجْهَةُ الثَّانِي أَنَّ الْقُرْآنَ اقْتَضَى الْغَسْلَ فَلَا يُخْرَجُ عَنْهُ إِلَّا بِمُتَوَاتِرٍ مِثْلِهِ وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ لَمْ يُخَرِّجْهَا أَحَدٌ مِمَّنِ اشْتَرَطَ الصِّحَّةَ وَقَدْ ضَعَّفَهَا أَبُو دَاوُدَ بِخِلَافِ أَحَادِيثِ الْخُفَّيْنِ فَإِنَّهَا مُتَوَاتِرَةٌ وَلِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ اللفائف والفائف لَا يُمْسَحُ عَلَيْهَا وَأَمَّا مَا يُرْوَى عَنِ السَّلَفِ فَمَحْمُولٌ عَلَى الْمُجَلَّدَيْنِ وَيَتَخَرَّجُ هَذَا الْخِلَافُ أَيْضًا فِي الْقَاعِدَةِ الْأُصُولِيَّةِ وَهِيَ أَنَّ الرُّخَصَ إِذَا وَقَعَتْ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ هَلْ يُلْحَقُ بِهَا مَا فِي مَعْنَاهَا لِلْعِلَّةِ الْجَامِعَةِ بَيْنَهُمَا أَو يغلب بِالدَّلِيلِ الثَّانِي لِلْمُتَرَخِّصِ قَوْلَانِ الْحَادِي عَشَرَ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا تَزَحْزَحَتْ رِجْلَاهُ إِلَى سَاقِ الْخُفِّ نَزَعَهُمَا وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ وَإِنْ خَرَجَ الْعَقِبَانِ إِلَى السَّاقِ قَلِيلًا وَالْقَدَمُ عَلَى حَالِهَا فَرَدَّهُمَا مَسَحَ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يُعَدُّ خَلْعًا لَهُمَا بِخِلَافِ الثَّانِي قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِنْ كَانَ بِقَصْدِهِ أَخْرَجَ عَقِبَهُ خُرِّجَ عَلَى رَفْضِ الطَّهَارَةِ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ قَصْدِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ الثَّانِي عَشَرَ فِي الْجَوَاهِرِ يُكَرَهُ التَّكْرَارُ وَالْغَسْلُ فِيهِمَا وَيُجْزِئُ إِن فعل

وَقَدْ تَقَدَّمَ خِلَافُ ابْنِ حَبِيبٍ فِي الْغَسْلِ وَسَبَبُ الْكَرَاهَةِ فِي التَّكْرَارِ أَنَّ الْغَسْلَ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّخْفِيفِ وَالتَّكْرَارُ يُنَافِيهِ وَلِأَنَّ الْعَمَلَ فِي السُّنَّةِ عَلَى خِلَافِهِ وَأَمَّا الْغَسْلُ فَلِأَنَّ الْمَسْحَ أَوَّلُ مَرَاتِبِ الْغَسْلِ فَيَقَعُ الْمَأْمُورُ بِهِ تَبَعًا وَالْأَصْلُ أَنْ يَكُونَ مَقْصُودًا

(الباب الخامس في بدل الوضوء والغسل وهو التيمم)

(الْبَابُ الْخَامِسُ فِي بَدَلِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَهُوَ التَّيَمُّمُ) وَهُوَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ لُطْفًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بِهَا وَإِحْسَانًا إِلَيْهَا وَلِيَجْمَعَ لَهَا فِي عِبَادَتِهَا بَيْنَ التُّرَابِ الَّذِي هُوَ مَبْدَأُ إِيجَادِهَا وَالْمَاءِ الَّذِي هُوَ سَبَبُ اسْتِمْرَارِ حَيَاتِهَا إِشْعَارًا بِأَنَّ هَذِهِ الْعِبَادَةَ سَبَبُ الْحَيَاةِ الْأَبَدِيَّةِ وَالسَّعَادَةِ السَّرْمَدِيَّةِ جَعَلَنَا اللَّهُ تَعَالَى مِنْ أَهْلِهَا مِنْ غَيْرِ مِحْنَةٍ وَهُوَ فِي اللُّغَةِ مِنَ الْأَمِّ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَهُوَ الْقَصْدُ يُقَالُ أَمَّهُ وَأَمَمَهُ وَتَأَمَّمَهُ إِذَا قَصَدَهُ وَأَمَّهُ أَيْضًا شَجَّهُ فِي وَسَطِ رَأْسِهِ وَمِنَ الْأَوَّلِ قَوْله تَعَالَى {وَلَا تيمموا الْخَبيث مِنْهُ تنفقون} أَيْ لَا تَقْصِدُوهُ ثُمَّ نُقِلَ فِي الشَّرْعِ لِلْفِعْلِ الْمَخْصُوصِ وَأَوْجَبَهُ لِتَحْصِيلِ مَصَالِحِ أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ قبل خواتها وَلَوْلَا ذَلِكَ لَأُمِرَ عَادِمُ الْمَاءِ بِتَأْخِيرِ الصَّلَاةِ حَتَّى يَجِدَ الْمَاءَ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اهْتِمَامَ الشَّرْعِ بِمَصَالِحِ الْأَوْقَاتِ أَعْظَمُ مِنَ اهْتِمَامِهِ بِمَصَالِحِ الطَّهَارَةِ فَإِنْ قُلْتَ فَأَيُّ مَصْلَحَةٍ فِي إِيقَاعِ الصَّلَاةِ فِي وَقْتِهَا دُونَ مَا قَبْلَهُ وَبعده مَعَ جَزْمِ الْعَقْلِ بِاسْتِوَاءِ أَفْرَادِ الْأَزْمَانِ قُلْتُ اعْتَمَدَ الْعُلَمَاءُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ وَهُوَ أَنَّا اسْتَقْرَأْنَا عَادَةَ اللَّهِ تَعَالَى فِي شَرْعِهِ فَوَجَدْنَاهُ جَالِبًا لِلْمَصَالِحِ وَدَارِئًا لِلْمَفَاسِدِ وَكَذَلِكَ

(الفصل الأول في أسبابه وهي ستة)

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا إِذَا سَمِعْتَ نِدَاءَ اللَّهِ تَعَالَى فَارْفَعْ رَأْسَكَ فَتَجِدُهُ إِمَّا يَدْعُوكَ لِخَيْرٍ أَوْ لِيَصْرِفَكَ عَنْ شَرٍّ فَمِنْ ذَلِكَ إِيجَابُ الزَّكَوَاتِ وَالنَّفَقَاتِ لِسَدِّ الْخَلَّاتِ وأروش الْجِنَايَات جبرا للملتفات وَتَحْرِيمُ الْقَتْلِ وَالزِّنَا وَالْمُسْكِرِ وَالسَّرِقَةِ وَالْقَذْفِ صَوْنًا لِلنُّفُوسِ وَالْأَنْسَابِ وَالْعُقُولِ وَالْأَمْوَالِ وَإِعْرَاضًا عَنِ الْمُفْسِدَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَصَالِحِ الدُّنْيَوِيَّاتِ وَالْأُخْرَوِيَّاتِ وَنَحْنُ نَعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ الْمَلِكَ إِذَا كَانَ مِنْ عَادَتِهِ إِكْرَامُ الْعُلَمَاءِ وَإِهَانَةُ الْجُهَلَاءِ ثُمَّ رَأَيْنَاهُ خَصَّصَ شَخْصًا بِالْإِكْرَامِ وَنَحْنُ لَا نَعْرِفُ حَالَهُ فَإِنَّهُ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّنَا أَنَّهُ عَالِمٌ عَلَى جَرَيَانِ الْعَادَةِ وَكَذَلِكَ مَا تُسَمِّيهِ الْفُقَهَاءُ بِالتَّعَبُّدِ مَعْنَاهُ أَنَا لَا نَطَّلِعُ عَلَى حِكْمَتِهِ وَإِنْ كُنَّا نَعْتَقِدُ أَنَّ لَهُ حِكْمَةً وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا حِكْمَةَ لَهُ وَلِأَجْلِ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَمَرَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ فِي الْوَقْتِ لِتَرْكِ السُّنَنِ لِأَنَّ الْإِعَادَةَ حِينَئِذٍ تُحَصِّلُ مَصْلَحَةَ الْوَقْتِ وَالسُّنَّةِ وَمَجْمُوعُهُمَا مُهِمٌّ بِخِلَافِ خَارِجِ الْوَقْتِ لِذَهَابِ مَصْلَحَةِ الْوَقْتِ وَلَا يَلْزَمُ مِنَ الِاهْتِمَامِ بِمَجْمُوعِ مَصْلَحَتَيْنِ الِاهْتِمَامُ بِإِحْدَاهُمَا ثُمَّ يَبْحَثُ الْفُقَهَاءُ فِي هَذَا الْبَابِ فِي أَسْبَابِهِ وَالَّذِي يُؤْمَرُ بِالتَّيَمُّمِ مَنْ هُوَ وَالَّذِي يُتَيَمَّمُ بِهِ وَصِفَةِ التَّيَمُّمِ وَالْمُتَيَمَّمِ لَهُ وَوَقْتِ التَّيَمُّمِ وَالْأَحْكَامِ التَّابِعَةِ لِلتَّيَمُّمِ فَهَذِهِ فُصُولٌ سَبْعَةٌ (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي أَسْبَابِهِ وَهِيَ سِتَّةٌ) الْأُولَى عَدَمُ الْوِجْدَانِ لِلْمَاءِ وَإِنَّمَا يَتَحَقَّقُ عِنْدَ بَذْلِ الْجُهْدِ فِي الطَّلَبِ فِي حَقِّ مَنْ يُمْكِنُهُ اسْتِعْمَالُهُ وَيَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الطَّلَبِ إِلَى حِينِ الصَّلَاةِ أَنَّ الْوُضُوءَ وَاجِبٌ إِجْمَاعًا فَيَجِبُ طَلَبُ الْمَاءِ لِأَنَّ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ الْمُطْلَقُ إِلَّا بِهِ وَهُوَ مَقْدُورٌ لِلْمُكَلَّفِ فَهُوَ وَاجِبٌ فَيَكُونُ طَلَبُ الْمَاءِ وَاجِبًا حَتَّى يَتَبَيَّنَ الْعَجْزُ فَيَتَيَمَّمُ حِينَئِذٍ وَلِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ قَوْله تَعَالَى {فَلَمْ تَجِدُوا مَاء} أَيْ بَعْدَ الطَّلَبِ قَالَ صَاحِبُ

الطَّرَّازِ الطَّلَبُ الْوَاجِبُ عَلَى قَدْرِ الْوُسْعِ وَالْحَالَةِ الْمَوْجُودَة فقد روى ابْن الْقَاسِم فِي العتيبة لَا بَأْسَ بِسُؤَالِ الْمُسَافِرِ أَصْحَابَهُ الْمَاءَ فِي مَوضِع يكثر فِيهِ أما مَوضِع يعْدم فَلَا وَرَوَى أَشْهَبُ إِنَّمَا يَطْلُبُهُ مِمَّنْ يَلِيهِ ويرجوه فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يطْلب أَرْبَعِينَ رَجُلًا وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَأَصْبَغُ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَطْلُبُ فِي الرُّفْقَةِ الْعَظِيمَةِ مِمَّنْ حَوْلَهُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَقَدْ أَسَاءَ وَلَا يُعِيدُ وَإِنْ كَانَتِ الرُّفْقَةُ يَسِيرَةً وَلَمْ يَطْلُبْهُ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ وَالرَّجُلَانِ وَشِبْهُهُمَا وَهُمْ مُتَقَارِبُونَ فَلْيُعِدْ أَبَدًا لِكَثْرَةِ الرَّجَاءِ وَقَالُوا الْمَرْأَةُ الَّتِي لَا تَخْرُجُ تُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ إِلَى آخِرِ الْوَقْتِ ثُمَّ تَخْرُجُ فَتَطْلُبُ إِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَفِي الْجَوَاهِرِ أَرْبَعُ حَالَاتٍ إِحْدَاهُمَا تَحَقُّقُ الْعَدَمِ حَوْلَهُ فَيَتَيَمَّمُ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ الثَّانِيَةُ أَنْ يَتَوَهَّمَهُ حَوْلَهُ فَلْيَفْحَصْ فَحْصًا لَا مَشَقَّةَ فِيهِ وَهَذَا يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْقَوِيِّ وَالضَّعِيفِ وَالرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ الثَّالِثَةُ أَنْ يَعْتَقِدَ قُرْبَهُ فَيَلْزَمُهُ السَّعْيُ لَهُ وَحَدُّ الْقُرْبِ عَدَمُ الْمَشَقَّةِ وَفَوَاتِ الرُّفْقَةِ وَرُوِيَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمَوَّازِ مَنْ شَقَّ عَلَيْهِ نِصْفُ الْمِيلِ فَقَالَ سَحْنُونُ لَا يَعْدِلُ لِلْمِيلَيْنِ وَإِنْ كَانَ آمِنًا لِأَنَّ الْبُعْدَ يُؤَدِّي إِلَى خُرُوجِ وَقْتِ الصَّلَاةِ وَقَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ وَقَدْ خَرَجَ مِنْ قَرْيَةٍ يُرِيدُ قَرْيَةً أُخْرَى وَهُوَ غَيْرُ مُسَافِرٍ إِنْ طَمِعَ فِي الْمَاءِ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّفَقِ مَضَى إِلَيْهِ وَإِلَّا تَيَمَّمَ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ وَقْتَ الْمَغْرِبِ الِاخْتِيَارِيَّ إِلَى مَغِيبِ الشَّفَقِ وَهُوَ مَذْهَبُهُ فِي الْمُوَطَّأِ فَإِنَّ التَّيَمُّمَ لَا يُؤَخِّرُ عَنْ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ وَلَوْ جَازَ ذَلِكَ لَجَازَ بَعْدَ الشَّفَقِ فَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ امْتِدَادِهِ لَا يُؤَخِّرُ تَيَمُّمَهُ إِلَى الشَّفَقِ قَالَ التُّونِسِيُّ وَيَتَخَرَّجُ فِيهَا قَوْلٌ آخَرُ بِالتَّأْخِيرِ إِلَى مَا بَعْدَ الشَّفَقِ لِقَوْلِهِ فِي الْحَضَرِ بِخِلَافِ إِنْ رَفَعَ الْمَاءَ مِنَ الْبِئْرِ أَوْ ذَهَبَ إِلَى النَّهْرِ أَنَّهُ لَا يَتَيَمَّمُ وَكَذَلِكَ خَرَّجَهُ ابْنُ حَبِيبٍ أَيْضًا قَالَ وَهُوَ عِنْدِي لَا يَصِحُّ لِغَلَبَةِ الْمَاءِ فِي الْحَضَرِ بِخِلَافِ الصَّحْرَاءِ مَا بَيْنَ الْقَرْيَتَيْنِ

حُجَّةُ الْمَذْهَبِ قَوْله تَعَالَى {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} وَهُوَ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ وِجْدَانُهُ وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ قَالَ أَقْبَلْتُ أَنَا وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ مِنَ الْجُرُفِ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْمِرْبَدِ تَيَمَّمَ فَمَسَحَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ ثُمَّ صَلَّى وَالْمِرْبَدُ مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى مِيلَيْنِ قَالَ الْقَاضِي فِي التَّنْبِيهَاتِ الْجُرُفُ بِضَمِّ الْجِيمِ وَالرَّاءِ وَالْمِرْبَدُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَالْبَاءِ بِوَاحِدَةٍ مِنْ تَحْتِهَا وَلِأَنَّ التَّيَمُّمَ إِنَّمَا يُشْرَعُ لِتَحْصِيلِ مَصْلَحَةِ الْوَقْتِ قَالَ سَحْنُونُ لَا يَعْدِلُ الْخَارِجُ مِنَ الْقرْيَة إِلَى ميل وَكَذَلِكَ الْمُسَافِر يُرِيد لَا يَخْرُجُ عَنْ مَقْصِدِهِ وَهُوَ لَا يُخَالِفُ قَوْلَ مَالِكٍ فَإِنَّ قَوْلَ مَالِكٍ مَحْمُولٌ عَلَى الَّذِي يَكُونُ ذَلِكَ قَصْدُهُ الرَّابِعَةُ أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ حَاضِرًا لَكِنْ لَيْسَ لَهُ آلَةٌ تُوصِلُ إِلَيْهِ فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ لِأَنَّهُ فَاقِدٌ وَلَوْ وَجَدَهُ لَكِنْ إِنِ اشْتَغَلَ بِالنَّزْعِ خَرَجَ الْوَقْتُ قَالَ فِي الْكِتَابِ يُعَالِجُهُ عِنْدَ الْمَغَارِبَةِ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ وَيَتَيَمَّمُ عِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ وَلَوْ كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ لَكِنْ لَوِ اسْتَعْمَلَهُ خَرَجَ الْوَقْتُ قَالَ ابْنُ شَاسٍ يَسْتَعْمِلُهُ عِنْدَ الْمَغَارِبَةِ لِأَنَّهُ وَاجِدٌ وَيَتَيَمَّمُ عِنْدَ الْقَاضِي أَبِي مُحَمَّدٍ وَحَكَاهُ الْأَبْهَرِيُّ رِوَايَةً قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَلَا فَرْقَ عِنْدِي بَيْنَ تَشَاغُلِهِ بِاسْتِعْمَالِهِ أَوْ بِاسْتِخْرَاجِهِ مِنَ الْبِئْرِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ الصَّلَاةُ فِي الْوَقْتِ قَالَ وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ وَالْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ وَفَرَّقَ ابْنُ الْقَصَّارِ أَيْضًا فَقَالَ فِي الْجُمُعَةِ يَتَوَضَّأُ وَلَوْ خَافَ فَوَاتَهَا لِأَنَّ الظُّهْرَ هِيَ الْأَصْلُ وَوَقْتُهَا بَاقٍ وَسَوَّى بَيْنَهُمَا بَعْضُ الْأَصْحَابِ بِجَامِعِ الْفَرِيضَةِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَتَيَمَّمُ وَيُعِيدُ الصَّلَاةَ احْتِيَاطًا قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي النُّكَتِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ النَّزْعِ مِنَ الْبِئْرِ وَالِاسْتِعْمَالِ أَنَّ الْمُسْتَعْمِلَ وَاجِدٌ وَالنَّازِحَ فَاقِدٌ وَإِنَّمَا هُوَ يَتَسَبَّبُ لِيَجِدَ

فَرْعَانِ الْأَوَّلُ لَوْ كَانَ مَعَ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ قدر كِفَايَة أحدهم مَاء وأحدهم جنب وَالْآخَرُ مُحْدِثٌ وَالثَّالِثُ مَيِّتٌ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْحَيُّ أَوْلَى وَيُيَمَّمُ الْمَيِّتُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ لِلْمَيِّتِ لِأَنَّ الْحَيَّ يُصَلِّي بِطَهَارَتِهِ عَلَى الْمَيِّتِ وَغَيْرِهَا مِنَ الصَّلَوَاتِ وَالْمَيِّتِ يُصَلَّى عَلَيْهِ بِهَا فَقَطْ وَلِأَنَّ حَالَةَ طَهَارَةِ الْحَيِّ تَعُودُ عَلَى الْمَيِّتِ وَحَالَ طَهَارَةِ الْمَيِّتِ لَا تَعُودُ عَلَى الْحَيِّ فَإِنْ كَانَ الْمَاءُ لِلْمَيِّتِ وَاحْتَاجَ إِلَيْهِ الْحَيُّ لِيَشْرَبَهُ أَخَذَهُ وَيُقَوَّمُ بِثَمَنِهِ لِلْوَارِثِ وَلَيْسَ لَهُ دَفْعُ مِثْلِهِ إِذَا رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ بَيْنَهُمَا فَالْحَيُّ أَوْلَى بِهِ وَقَالَ الْقَاضِي الْمَيِّتُ أَوْلَى بِهِ فَعَلَى الْبَحْثِ الْأَوَّلِ إِذَا كَانَ مَعَ رَجُلٍ مَا يَغْتَسِلُ بِهِ وَوَجَدَ جُنُبًا وَمَيِّتًا يَكُونُ الْحَيُّ أَوْلَى بِهِبَتِهِ مِنَ الْمَيِّتِ خِلَافًا ش فِي قَوْلِهِ إِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ طَهَارَةِ الْمَيِّتِ النَّظَافَةُ وَلَا تَحْصُلُ إِلَّا بِالْمَاءِ وَطَهَارَةُ الْحَيِّ الْمَقْصُودُ مِنْهَا الْإِبَاحَةُ وَالتَّيَمُّمُ كَافٍ فِي ذَلِكَ وَلِأَنَّهُ آخِرُ عَهْدِهِ مِنَ الدُّنْيَا بِالطَّهَارَةِ وَالْحَيُّ يَتَطَهَّرُ بَعْدَ ذَلِكَ وَجَوَابُ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِطَهَارَةِ الْمَيِّتِ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَالنَّظَافَةُ تَبَعٌ وَلِهَذَا إِذَا لَمْ يُوجَدِ الْمَاءُ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ حَتَّى يُيَمَّمَ وَكَذَلِكَ الشَّهِيدُ لَمَّا لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ لَمْ يُغَسَّلْ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ آخِرُ عَهْدِهِ مِنَ الصَّلَوَاتِ فَيَنْبَغِي أَنْ تَكْمُلَ وَالْجُنُبُ أَوْلَى مِنَ الْمُحْدِثِ لِعُمُومِ مَنْعِ الْجَنَابَةِ وَلِأَنَّ الْجُنُبَ مُسْتَعْمِلٌ جُمْلَةَ الْمَاءِ وَالْمُحْدِثَ يَتْرُكُ بَعْضَهُ بِلَا انْتِفَاعٍ وَعَلَى هَذَا لَوِ اجْتَمَعَ جُنُبٌ وَحَائِضٌ هَلْ تَكُونُ الْحَائِضُ أَوْلَى لِكَوْنِهَا تَسْتَفِيدُ بِالْغُسْلِ أَكْثَرَ مِنَ الْجُنُبِ أَوْ يَسْتَوِيَانِ؟ وَهُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ الْغُسْلَ وَاحِدٌ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ فَإِنَّهُ بَعْضُ الْغُسْلِ لِلْجَنَابَةِ

الثَّانِي قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا كَانَ مَعَهُ مَا يَكْفِيهِ لِلْوُضُوءِ وَهُوَ جُنُبٌ تَيَمَّمَ وَلَا يَتَوَضَّأُ فِي أَوَّلِ تَيَمُّمِهِ وَلَا ثَانِيهِ وَيَغْسِلُ بِذَلِكَ الْمَاءِ النَّجَاسَةَ خِلَافًا ش فِي أَمْرِهِ بِالْوُضُوءِ حَتَّى يَصِيرَ فَاقِدًا لِلْمَاءِ لَنَا أَنَّهُ بَدَلٌ وَالْبَدَلُ هُوَ الَّذِي شَأْنُهُ أَنْ يَحِلَّ مَحَلَّ الْمُبْدَلِ وَلَا يُجْمَعَ بَيْنَهُمَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ صُورَةِ النِّزَاعِ وَالْمَسْحِ عَلَى الْخُفِّ فِي كَوْنِهِ يَجْمَعُ بَيْنَ مَسْحِهِ وَغَسْلِ غَيْرِهِ أَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ لَا عَنِ الْمَغْسُولِ وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّجَاسَةِ أَنَّ الْمَاءَ يُطَهِّرُ مِنَ الْخَبَثِ كُلَّ مَوْضِعٍ غُسِلَ بِهِ وَلَوْ قَلَّ بِخِلَافِ الْمُحْدِثِ لَا تَحْصُلُ طَهَارَتُهُ إِلَّا بِجُمْلَةِ الْغُسْلِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْغُسْلِ لِلْجَنَابَةِ وَالتَّيَمُّمِ لِلْجَنَابَةِ فِي كَوْنِ الْوُضُوءِ شُرِّعَ مَعَ الْغُسْلِ دُونَ التَّيَمُّمِ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْوُضُوءَ مِنْ جِنْسِ الْغُسْلِ شُرِّعَ بَيْنَ يَدَيْهِ أُهْبَةً لَهُ كَالْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ قَبْلَ الْوُضُوءِ وَالْإِقَامَةِ بَيْنَ يَدَيِ الصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ بَيْنَ يَدَيِ النَّجْوَى وَهُوَ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ التَّيَمُّمِ فَلَا يُشْرَعُ تَهَيُّؤًا لَهُ وَثَانِيهِمَا أَنَّ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ أَشْرَفُ الْجَسَدِ لِكَوْنِهَا مَوْضِعَ التَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ فَكَانَتِ الْبَدَاءَةُ بِهِ أَوْلَى وَالتَّيَمُّمُ شُرِعَ فِي عُضْوَيْنِ مِنْهَا فَالْوُضُوءُ يَأْتِي عَلَيْهِمَا وَعَلَى غَيْرِهِمَا فَلَا مَعْنَى لِلْبِدَايَةِ بِالْوُضُوءِ السَّبَبُ الثَّانِي فِي الْجَوَاهِرِ الْخَوْفُ مِنْ فَوَاتِ النَّفْسِ أَوْ عُضْوٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ أَوْ زِيَادَةِ مَرَضٍ أَوْ تَأَخُّرِ بُرْءٍ أَوْ حُدُوثِ مَرَضٍ يُخَافُ مَعَهُ مَا ذَكَرْنَاهُ وَرَوَى بَعْضُ الْبَغْدَادِيِّينَ لَا يَتَيَمَّمُ لِتَوَقُّعِ الْمَرَضِ أَوْ لِزِيَادَتِهِ أَوْ تَأَخُّرِ الْبُرْء أَو مُجَرَّدِ الْأَلَمِ فَلَا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِن كُنْتُم مرضى} وَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَن

عَمْرو ابْن الْعَاصِ قَالَ احْتَلَمْتُ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ فَأَشْفَقْتُ إِنِ اغْتَسَلْتُ أَنْ أَهْلَكَ فَتَيَمَّمْتُ ثُمَّ صَلَّيْتُ بِأَصْحَابِي الصُّبْحَ فَذُكِرَ ذَلِك للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ يَا عَمْرُو صَلَّيْتَ بِأَصْحَابِكَ وَأَنْتَ جُنُبٌ فَأَخْبَرْتُهُ الَّذِي مَنَعَنِي مِنَ الِاغْتِسَالِ وَقُلْتُ سَمِعْتُ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ الله كَانَ بكم رحِيما} فَضَحِك - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا وَلِأَنَّ الْفِطْرَ أُبِيحَ لِلْمَرِيضِ مَعَ عدم الْأَذَى فههنا أولى وَخَالَفنَا الشَّافِعِي رَحِمَهُ اللَّهُ فِي تَأْخِيرِ الْبُرْءِ وَحُجَّتُنَا عَلَيْهِ أَنَّهُ ضَرَرٌ عَلَيْهِ فَيَكُونُ مَنْفِيًّا قِيَاسًا عَلَى تَوَقُّعِ الْمَرَضِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حرج} قَاعِدَةٌ الْمَشَاقُّ قِسْمَانِ أَحَدُهُمَا لَا تَنْفَكُّ عَنْهُ الْعِبَادَةُ كَالْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ فِي الْبَرْدِ وَالصَّوْمِ فِي النَّهَارِ الْأَطْوَلِ وَالْمُخَاطَرَةِ بِالنُّفُوسِ فِي الْجِهَادِ وَنَحْوُ ذَلِكَ لَا يُوجِبُ تَخْفِيفًا فِي الْعِبَادَةِ لِأَنَّهَا قُرِّرَتْ مَعَهُ وَالْقِسْمُ الثَّانِي تَنْفَكُّ الْعِبَادَةُ عَنْهُ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ نَوْعٌ فِي الْمَرْتَبَةِ الْعُلْيَا كَالْخَوْفِ عَلَى النُّفُوسِ وَالْأَعْضَاءِ وَالْمَنَافِعِ فَهَذَا يُوجِبُ التَّخْفِيفَ لِأَنَّ حِفْظَ هَذِهِ الْأُمُورِ هُوَ سَبَبُ مَصَالِحِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلَوْ حَصَّلْنَا هَذِهِ الْعِبَادَةَ لِثَوَابِهَا لَذَهَبَ أَمْثَالُهَا وَنَوْعٌ فِي الْمَرْتَبَةِ الدُّنْيَا كَأَذَى وَجَعٍ فِي أُصْبُعٍ فَتَحْصِيلُ هَذِهِ الْعِبَادَةِ أَوْلَى مِنْ دَرْءِ هَذِهِ الْمَشَقَّةِ لِشَرَفِ الْعِبَادَةِ وَخِسَّةِ هَذِهِ الْمَشَقَّةِ النَّوْعُ الثَّالِثُ مَشَقَّةٌ بَيْنَ هَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ فَمَا قَرُبَ مِنَ الْعُلْيَا أَوْجَبَ التَّخْفِيفَ وَمَا قَرُبَ مِنَ الدُّنْيَا لَمْ يُوجِبْ وَمَا تَوَسَّطَ يُخْتَلَفُ فِيهِ لِتَجَاذُبِ الطَّرَفَيْنِ لَهُ فَعَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ تَتَخَرَّجُ الْفَتَاوَى فِي مَشَاقِّ الْعِبَادَاتِ تَتْمِيمٌ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ تَخْتَلِفُ الْمَشَاقُّ بِاخْتِلَافٍ رُتَبِ الْعِبَادَاتِ فَمَا كَانَ

فِي نَظَرِ الشَّرْعِ أَهَمَّ اشْتُرِطَ فِي إِسْقَاطِهِ أَشَدُّ الْمَشَاقِّ أَوْ أَعَمُّهَا فَإِنَّ الْعُمُومَ بِكَثْرَتِهِ يَقُومُ مَقَامَ الْعِظَمِ كَمَا سَقَطَ التَّطَهُّرُ مِنَ الْخَبَثِ فِي الصَّلَاةِ الَّتِي هِيَ أَفْضَلُ الْعِبَادَاتِ بِسَبَبِ التَّكْرَارِ كَدَمِ الْبَرَاغِيثِ وَثَوْبِ الْمُرْضِعِ وَكَمَا سَقَطَ الْوُضُوءُ فِيهَا بِالتَّيَمُّمِ لِكَثْرَةِ عَدَمِ الْمَاءِ أَوِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ أَوِ الْعَجْزِ عَنِ اسْتِعْمَالِهِ وَمَا لَمْ تَعْظُمْ رُتْبَتُهُ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ تُؤْثَرُ فِيهِ الْمَشَاقُّ الْخَفِيفَةُ وَجَمِيعُ بَحْثِ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ يَطَّرِدُ فِي أَبْوَابِ الْفِقْهِ فَكَمَا وُجِدَتِ الْمَشَاقُّ فِي الْوُضُوءِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ مُتَّفَقٍ عَلَى اعْتِبَارِهِ وَمُتَّفَقٍ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِهِ وَمُخْتَلَفٍ فِيهِ كَذَلِكَ نَجِدُ فِي الصَّوْمِ وَالْحَجِّ وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتَوَقَانِ الْجَائِعِ لِلطَّعَامِ عِنْدَ حُضُورِ الصَّلَاةِ وَالتَّأَذِّي بِالرِّيَاحِ الْبَارِدَةِ فِي اللَّيْلَةِ الظَّلْمَاءِ وَالْمَشْيِ فِي الْوَحْلِ وَغَضَبِ الْحُكَّامِ وَجُوعِهِمُ الْمَانِعِ مِنِ اسْتِيفَاءِ النَّظَرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ الْغَرَرُ وَالْجَهَالَةُ فِي الْبَيْعِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ سُؤَالٌ مَا ضَابِطُ الْمَشَقَّةِ الْمُؤْثَرَةِ فِي التَّخْفِيفِ مِنْ غَيْرِهَا؟ فَإِنَّا إِذَا سَأَلْنَا الْفُقَهَاءَ يَقُولُونَ ذَلِكَ يَرْجِعُ إِلَى الْعُرْفِ فَيُحِيلُونَ عَلَى غَيْرِهِمْ وَيَقُولُونَ لَا نَحُدُّ ذَلِكَ فَلَمْ يَبْقَ بَعْدَ الْفُقَهَاءِ إِلَّا الْعَوَامُّ وَالْعَوَامُّ لَا يَصِحُّ تَقْلِيدُهُمْ فِي الدِّينِ؟ جَوَابُهُ هَذَا السُّؤَالُ لَهُ وَقْعٌ عِنْد الْمُحَقِّقين إِن كَانَ سهلا فِي بَادِي الرَّأْيِ وَنَحْنُ نَقُولُ مَا لَمْ يَرِدِ الشَّرْعُ بِتَحْدِيدِهِ يَتَعَيَّنُ تَقْرِيبُهُ بِقَوَاعِدِ الشَّرْعِ لِأَنَّ التَّقْرِيبَ خبر مِنَ التَّعْطِيلِ لِمَا اعْتَبَرَهُ الشَّرْعُ فَنَقُولُ عَلَى الْفَقِيهِ أَنْ يَفْحَصَ عَنْ أَدْنَى مَشَاقِّ تِلْكَ الْعِبَادَةِ الْمُعَيَّنَةِ فَيُحَقِّقَهُ بِنَصٍّ أَوْ إِجْمَاعٍ أَوِ اسْتِدْلَالٍ ثُمَّ مَا وَرَدَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ الْمَشَاقِّ مِثْلَ تِلْكَ الْمَشَقَّةِ أَوْ أَعْلَى جَعَلَهُ مَسْقَطًا وَإِنْ كَانَ أَدْنَى لَمْ يَجْعَلْهُ مِثَالُهُ التَّأَذِّي بِالْقَمْلِ فِي الْحَجِّ مُبِيحٌ لِلْحَلْقِ بِحَدِيثِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ فَأَيُّ مَرَضٍ آذَى مِثْلَهُ أَوْ أَعْلَى مِنْهُ أَبَاحَ وَإِلَّا فَلَا وَالسّفر مُبِيح الْفطر بِالنَّصِّ فَيُعْتَبَرُ بِهِ غَيْرُهُ مِنَ الْمَشَاقِّ سُؤَالٌ آخَرُ مَا لَا ضَابِطَ لَهُ وَلَا تَحْدِيدَ وَقَعَ فِي الشَّرْعِ عَلَى قِسْمَيْنِ قِسْمٌ اقْتُصِرَ فِيهِ عَلَى أَقَلِّ مَا تَصْدُقُ عَلَيْهِ تِلْكَ الْحَقِيقَةُ كَمَنْ بَاعَ عَبْدًا وَاشْتَرَطَ أَنَّهُ

كَاتِبٌ يَكْفِي فِي هَذَا الشَّرْطِ مُسَمَّى الْكِتَابَةِ وَلَا يُحْتَاجُ إِلَى الْمَهَارَةِ فِيهَا فِي الْوَفَاءِ بِالشَّرْطِ وَكَذَلِكَ شُرُوطُ السَّلَمِ فِي سَائِرِ الْأَوْصَافِ وَأَنْوَاعِ الْحِرَفِ يُقْتَصَرُ عَلَى مُسَمَّاهَا دُونَ مَرْتَبَةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْهَا وَالْقِسْمُ الْآخَرُ مَا وَقَعَ مُسْقِطًا لِلْعِبَادَاتِ لَمْ يَكْتَفِ الشَّرْعُ فِي إِسْقَاطِهَا بِمُسَمَّى تِلْكَ الْمَشَاقِّ بَلْ لِكُلِّ عِبَادَةٍ مَرْتَبَةٌ مُعَيَّنَةٌ مِنْ مَشَاقِّهَا الْمُؤْثَرَةِ فِي إِسْقَاطِهَا فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْعِبَادَاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ؟ جَوَابُهُ الْعِبَادَاتُ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى مَصَالِحِ الْمَعَادِ وَمَوَاهِبِ ذِي الْجَلَالِ وَسَعَادَةِ الْأَبَدِ السَّرْمَدِيَّةِ فَلَا يَلِيقُ تَفْوِيتُهَا بِمُسَمَّى الْمَشَقَّةِ مَعَ يَسَارَةِ احْتِمَالِهَا وَلِذَلِكَ كَانَ تَرْكُ الرُّخَصِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْعِبَادَاتِ أَوْلَى وَلِأَنَّ تَعَاطِيَ الْعِبَادَةِ مَعَ الْمَشَقَّةِ أَبْلَغُ فِي إِظْهَارِ الطَّاعَةِ وَأَبْلَغُ فِي التَّقَرُّبِ وَلِذَلِكَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَفْضَلُ الْعِبَادَةِ أَحَمَزُهَا أَيْ أَشَقُّهَا وَقَالَ أَجْرُكَ عَلَى قَدْرِ نَصَبِكَ وَأَمَّا الْمُعَامَلَاتُ فَتَحْصُلُ مَصَالِحُهَا الَّتِي بُذِلَتِ الْأَعْوَاضُ فِيهَا بِمُسَمَّى حَقَائِقِ الشُّرُوطِ بَلِ الْتِزَامُ غَيْرِ ذَلِكَ يُؤَدِّي إِلَى كَثْرَةِ الْخِصَامِ وَنَشْرِ الْفَسَادِ وَإِظْهَارِ الْعِنَادِ فُرُوعٌ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِذَا تَيَمَّمَ الْمَرِيضُ مِنَ الْجَنَابَةِ ثُمَّ أَحْدَثَ حَدَثَ الْوُضُوءِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَيْهِ لَمْ يَتَوَضَّأْ لِأَنَّ الْجَنَابَةَ تُسْقِطُ حُكْمَ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ وَيَتَيَمَّمُ لِكُلِّ صَلَاةٍ لِلْجَنَابَةِ الثَّانِي قَالَ إِذَا قَدَرَ الْمَرِيضُ عَلَى الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ قَائِمًا فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ وَهُوَ فِي عَرَقِهِ فَخَافَ إِنْ فَعَلَ ذَلِكَ انْقَطَعَ عَرَقُهُ وَدَامَ عَلَيْهِ الْمَرَضُ قَالَ مُطَرِّفٌ وَعَبْدُ الْمَلِكِ وَأَصْبَغُ يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي إِيمَاءً لِلْقِبْلَةِ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ قَبْلَ زَوَالِ عَرَقِهِ لَمْ يُعِدْ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِلْمَذْهَبِ لِأَنَّهُ تَأْخِيرُ الْبُرْءِ

الثَّالِثُ قَالَ إِذَا عَظُمَتْ بَطْنُهُ حَتَّى لَا يَتَمَكَّنَ مِنْ تَنَاوُلِ الْمَاءِ أَوْ أَدْرَكَهُ الْمَيْدُ فِي الْبَحْرِ حَتَّى لَا يَمْلِكَ نَفْسَهُ يَتَيَمَّمُ لِأَنَّهُ وُسْعُهُ السَّبَبُ الثَّالِثُ الْجِرَاحُ الْمَانِعَةُ مِنَ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ قَالَ فِي الْكِتَابِ قِيلَ لِابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا عَمَّتْهُ الْجِرَاحُ؟ قَالَ يَتَيَمَّمُ قِيلَ فَأَكْثَرُهُ جَرِيحٌ! قَالَ يَغْسِلُ الصَّحِيحَ وَيَمْسَحُ الْجَرِيحَ قِيلَ لَهُ لَمْ يَبْقَ إِلَّا يَدٌ أَوْ رِجْلٌ صَحِيحَةٌ قَالَ لَا أَحْفَظُ عَنْ مَالِكٍ فِيهَا شَيْئًا وَأَرَى أَنْ يَتَيَمَّمَ وَقَالَ ابْنُ الْجَلَّابِ مَنْ كَانَتْ بِهِ جِرَاحٌ فِي أَكْثَرِ جَسَدِهِ وَهُوَ جُنُبٌ أَوْ فِي أَكْثَرِ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ وَهُوَ مُحْدِثٌ يَتَيَمَّمُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِن كَانَ مُرَاده أَن الْأَكْثَر متفرق فِي الْجَسَدِ مَنَعَ مَسَّ السَّالِمِ فَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِلَّا فَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَذْهَبِ الْكتاب وموافق لأبي حنيفَة فَإِنَّ أَصْحَابَ الرَّأْيِ يَقُولُونَ إِنْ كَانَ أَقَلُّهُ مَجْرُوحًا جَمَعَ بَيْنَ الْمَاءِ وَالتَّيَمُّمِ أَوْ سَالِمًا كَفاهُ التَّيَمُّم وَعند الشَّافِعِي لَا يَكْفِي فِيمَا صَحَّ إِلَّا الْغُسْلُ وَإِنْ قَلَّ وَإِذَا مَسَحَ وَغَسَلَ يَتَيَمَّمُ أَيْضًا بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ فِيمَنْ وَجَدَ بَعْضَ كِفَايَتِهِ مِنَ الْمَاءِ فَإِنَّهُ يَسْتَعْمِلُهُ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ خَرَجْنَا فِي سَفَرٍ فَأَصَابَ رَجُلًا مِنَّا حَجَرٌ فَشَجَّهُ فِي رَأْسِهِ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ هَلْ تَجِدُونَ لِي رُخْصَةً فِي التَّيَمُّمِ فَقَالُوا لَا نَجِدُ لَكَ رُخْصَةً وَأَنْتَ تَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ فَاغْتَسَلَ فَمَاتَ فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ قَتَلُوهُ قَتَلَهُمُ اللَّهُ أَلَا سَأَلُوا إِذْ لم يعلمُوا إِنَّمَا شفَاه الْعِيِّ السُّؤَالُ إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ ويعصر أَوْ يَعْصِبَ عَلَى جُرْحِهِ خِرْقَةً ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيْهَا وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ يُرِيدُ أَنَّ إِحْدَى هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ تُجْزِئُهُ عَلَى حَسَبِ حَالِ الْمَجْرُوحِ وَلَا مَعْنَى لِلتَّيَمُّمِ مَعَ الْغَسْلِ لِأَنَّ الْبَدَلَ وَالْمُبْدَلَ مِنْهُ لَا يَجْتَمِعَانِ فَرْعٌ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي النُّكَتِ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ إِذَا لَمْ يَبْقَ مِنْهُ إِلَّا يَدٌ أَوْ رِجْلٌ فَغَسَلَ الصَّحِيحَ وَمَسَحَ الْجِرَاحَ لَمْ يُجْزِهِ لِأَنَّهُ لم يَأْتِ بِالْغسْلِ وَلَا يُبدلهُ الَّذِي هُوَ التَّيَمُّمُ وَلَوْ تَحَمَّلَ الْمَشَقَّةَ وَغَسَلَ الْجَمِيعَ أَجْزَأَهُ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ حَقُّهُ فَإِذَا أَسْقَطَهُ سقط كمن صلى قَائِما مَعَ الْمُبِيح الْجُلُوسِ السَّبَبُ الرَّابِعُ غَلَاءُ الْمَاءِ إِنْ كَانَ لَا يَجِدُ الْمَاءَ إِلَّا بِثَمَنٍ وَهُوَ قَلِيلُ الدَّرَاهِمِ يَتَيَمَّمُ أَوْ كَثِيرُهَا اشْتَرَاهُ مَا لَمْ يَكْثُرِ الثَّمَنُ فَيَتَيَمَّمُ أَمَّا الشِّرَاءُ فَقِيَاسًا عَلَى الرّفْع من

(الفصل الثاني فيمن أبيح له التيمم)

الْبِئْرِ وَالطَّلَبِ فِي الْفَلَوَاتِ بِجَامِعِ الْمَشَقَّةِ وَأَمَّا إِذَا كَثُرَ الثَّمَنُ فَلَا يَشْتَرِيهِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْمَضَرَّةِ وَلَيْسَ فِي الْكَثِيرِ حَدٌّ قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِأَضْعَافِ ثَمَنِهِ إِلَّا بِثَمَنِهِ أَوْ شِبْهِهِ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ لَيْسَ عَلَيْهِ شِرَاءُ الْقِرْبَةِ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ قَالَ ابْنُ الْجَلَّابِ يُحْتَمَلُ أَنْ يُحَدَّ بِالثُّلُثِ وَاعْتبر أَصْحَاب الشَّافِعِي مُطلق الزِّيَادَة فرع فِي الْجَوَاهِرِ لَوْ وُهِبَ لَهُ الْمَاءُ لَزِمَهُ قَبُولُهُ عِنْدَ الْقَرَوِيِّينَ لِعَدَمِ الْمِنَّةِ فِي مِثْلِ هَذَا وَلَا يَلْزَمُهُ عِنْدَ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ وَقِيلَ إِنَّمَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ ثَمَنِ الْمَاءِ وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ يَلْزَمُهُ الْمَاءُ قَوْلًا وَاحِدًا بِخِلَافِ الثَّمَنِ السَّبَبُ الْخَامِسُ خَوْفُ الْعَطَشِ عَلَى نَفْسِهِ قَالَهُ فِي الْكِتَابِ وَفِي التَّفْرِيعِ وَإِنْ خَافَهُ عَلَى غَيْرِهِ وَكَذَلِكَ قَالَهُ ش ح قَالَ صَاحِبُ الْكِتَابِ يَكْفِي ضَرَرُ الْعَطَشِ مِنْ غَيْرِ تَلَفٍ كَالْجَبِيرَةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ خَوْفِ الْعَطَشِ الْآنَ أَوْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ السَّبَبُ السَّادِسُ فِي الْجَوَاهِرِ الْخَوْفُ عَلَى النَّفْسِ أَوِ الْمَالِ مِنَ السَّارِقِ أَوِ السَّبُعِ وَقِيلَ الْخَوْفُ عَلَى الْمَالِ لَا يبح (الْفَصْل الثَّانِي فِيمَن أُبِيح لَهُ التَّيَمُّم) قَالَ فِي الْكِتَابِ يَتَيَمَّمُ الْجُنُبُ وَالْمُحْدِثُ الْحَدَثَ الْأَصْغَرَ وَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ النَّخَعِيِّ مَنْعَ الْجُنُبِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ لَنَا عُمُومُ قَوْله تَعَالَى {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} الْآيَةَ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ وَفِي الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَأَى رَجُلًا مُعْتَزِلًا لَمْ يُصَلِّ فَقَالَ لَهُ يَا فُلَانُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَ الْقَوْمِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أصابني جَنَابَة وَلَا مَاء معي قَالَ عَلَيْكَ بِالصَّعِيدِ فَإِنَّهُ يَكْفِيكَ وَلِأَنَّ التَّيَمُّمَ إِنَّمَا شُرِعَ لِاسْتِدْرَاكِ مَصْلَحَةِ الْوَقْتِ وَهَذَا قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ فِيهِ بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ

وَقَالَ فِيهِ أَيْضًا يَتَيَمَّمُ الْحَاضِرُ إِذَا فَقَدَ الْمَاءَ وَخَشِيَ فَوَاتَ الْوَقْتِ قَبْلَ الْوُصُولِ إِلَيْهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ الْمَسْجُونُ وَقَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهُمَا مَا مَرَّ وَالثَّانِي الْإِعَادَةُ بَعْدَ الْوَقْتِ إِذَا وَجَدَ المَاء لمَالِك أَيْضا الشَّافِعِي وَالثَّالِثُ أَنَّ الْحَاضِرَ يَطْلُبُ الْمَاءَ وَإِنْ طَلَعَتِ الشَّمْس إِلَّا أَن يكون لَهُ عذر لمَالِك أَيْضا فِي الْمُوازِية وَهُوَ قَول أبي حنيفَة إِنَّهُ لَا يَتَيَمَّمُ حَاضِرٌ إِلَّا مَرِيضٌ أَوْ مَحْبُوسٌ قَالَ ابْنُ شَاسٍ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الَّذِي رَجَعَ إِلَيْهِ مَالك أَن يعبد أَبَدًا وَجْهُ الْمَشْهُورِ عُمُومُ آيَةِ التَّيَمُّمِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَقِيَهُ رَجُلٌ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ حَتَّى أَقْبَلَ عَلَى الْجِدَارِ فَمَسَحَ بِوَجْهِهِ وَيَدِهِ ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ زَادَ أَبُو دَاوُدَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَرُدَّ عَلَيْكَ السَّلَامَ إِلَّا أَنِّي لَمْ أَكُنْ عَلَى طُهْرٍ فَإِذَا شُرِعَ التَّيَمُّمُ فِي الْحَضَرِ لِتَحْصِيلِ مَصْلَحَةِ رَدِّ السَّلَامِ فَالصَّلَاةُ أَوْلَى وَفِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ أَبُو ذَرٍّ انْتَقَلْتُ بِأَهْلِي إِلَى الرَّبَذَةِ فَكُنْتُ أُجْنِبُ وَأُعْدَمُ الْمَاءَ الْخَمْسَةَ الْأَيَّامِ وَالسِّتَّةَ فَأَعْلَمْتُ بذلك رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ وُضُوءُ الْمُسْلِمِ وَلَوْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ عَشْرَ حِجَجٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَأَبُو ذَرٍّ انْتَقَلَ لِلْإِقَامَةِ حُجَّةُ الْمَنْعِ أَنَّ آيَةَ التَّيَمُّمِ وَرَدَتْ فِي الْمُسَافِرِ وَالْمَرِيضِ وَلَيْسَ هَذَا مِنْهُمَا وَالْقِيَاسُ عَلَيْهِمَا مَدْفُوعٌ بِفَارِقِ غَلَبَةِ عَدَمِ الْمَاءِ فِي السَّفَرِ وَعَجْزِ الْمَرِيضِ عَنِ اسْتِعْمَالِهِ وَلِأَنَّ الْوُضُوءَ عِبَادَةٌ شُطِرَتْ فِي التَّيَمُّمِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ السَّفَرُ شَرْطًا فِيهَا قِيَاسًا عَلَى تَشْطِيرِ الصَّلَاةِ بِالْقَصْرِ فَرْعَانِ مُرَتَّبَانِ الْأَوَّلُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِذَا قُلْنَا يَتَيَمَّمُ فَآخِرَ الْوَقْت

(الفصل الثالث في المتيمم به)

الثَّانِي إِذَا مَنَعْنَا التَّيَمُّمَ فِي الْحَضَرِ فَهَلْ يُشْتَرَطُ فِي السَّفَرِ مَسَافَةُ الْقَصْرِ حَكَى الْبَاجِيُّ عَنِ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّ كُلَّ مَنْ قَالَ بِقَصْرِهِ عَلَى السَّفَرِ رَأَى ذَلِكَ وَقَالَ الْقَاضِي يَجُوزُ فِي أَقَلِّ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ سَفَرٌ (الْفَصْل الثَّالِث فِي الْمُتَيَمم بِهِ) فِي الْجَوَاهِرِ هُوَ التُّرَابُ وَالْحَصْبَاءُ وَالسِّبَاخُ والجص والنورة غير مطبوختين وَجَمِيعُ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ إِذَا لَمْ تُغَيِّرْهَا الصَّنْعَةُ بِطَبْخٍ أَوْ نَحْوِهِ سَوَاءٌ وُجِدَ التُّرَابُ أَوْ لَمْ يُوجَدْ خِلَافًا ش وَابْنِ شَعْبَانَ مِنَّا فِي قَصْرِ التَّيَمُّمِ عَلَى التُّرَابِ وَخَصَّصَ ابْنُ حَبِيبٍ الْإِجْزَاءَ بِعَدَمِ التُّرَابِ وَيَجُوزُ بِالْمِلْحِ عِنْدَ مَالك وَابْن الْقَاسِم وَلَا يجوز عَن أَشْهَبَ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ فِي الْمِلْحِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْمَنْعُ لِمَالِكٍ لِأَنَّهُ طَعَامٌ وَالْجَوَازُ لِابْنِ الْقَصَّارِ لِأَنَّهُ أَجْزَاءٌ مِنَ الْأَرْضِ احْتَرَقَتْ وَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْمَعْدِنِيِّ فَيَجُوزُ لِأَنَّهُ أَجْزَاءُ الْأَرْضِ احْتَرَقَتْ بِحَرِّ الشَّمْسِ وَبَيْنَ الْمَصْنُوعِ لِمُخَالَطَتِهِ لِغَيْرِهِ بِالصَّنْعَةِ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَتَيَمَّمُ عَلَى الرُّخَامِ كَالزُّمُرُّدِ وَالْيَاقُوتِ وَلَا الشَّبِّ وَالزَّاجِ وَالزَّرْنِيخِ وَالْكُحْلِ وَالْكِبْرِيتِ لِأَنَّهَا عَقَاقِيرُ قَالَ سُلَيْمَانُ فِي السُّلَيْمَانِيَّةِ إِنْ أَدْرَكَهُ الْوَقْتُ فِي أَرْضِهَا وَلَا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ حَتَّى يَخْرُجَ الْوَقْتُ أَجْزَأَهُ قَالَ وَقَالَ مَالِكٌ يَتَيَمَّمُ عَلَى الْمَغْرَةِ لِأَنَّهُ تُرَابٌ مِنْهُ الْأَحْمَرُ وَالْأَصْفَرُ وَالْأَسْوَدُ يُرِيدُ إِذَا كَانَ غَيْرَ مَطْبُوخٍ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ الْمُتَوَلِّدُ فِي الْأَرْضِ مِنْهُ مَا يُشَاكِلُهَا كَالزَّرْنِيخِ وَالْكُحْلِ وَالْمَغْرَةِ فَيَجُوزُ بِهِ التَّيَمُّمُ وَقَالَ أَبُو بكر الْوَقَّاد لَا يتَيَمَّم وَأما المنطرفة كَالْفِضَّةِ وَنَحْوِهَا فَلَا يَتَيَمَّمُ بِهِ قَوْلًا وَاحِدًا وَأما النخيل وَالْحَلْفَاءُ وَالْحَشِيشُ وَنَحْوُهُ إِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى قَلْعِهِ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ وَابْنُ الْقَصَّارِ يَتَيَمَّمُ بِهِ فَيَضْرِبُ بِيَدِهِ الْأَرْضَ عَلَيْهَا وَأَجَازَهُ الْوَقَّادُ فِي الْخَشَبِ إِذَا عَلَا وَجْهَ الْأَرْضِ كَمَا فِي الْغَابَاتِ لِأَنَّهُ ضَرُورَةٌ وَلِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَبْرُكُ عَلَى الْأَرْضِ فَبَرَكَ عَلَى هَذِهِ الْمَوَاضِعِ حَنِثَ وَلَوْ بَرَكَ عَلَى جِذْعٍ وَشِبْهِهِ لَمْ يَحْنَث

فَتَلَخَّصَ أَنَّ الْمُتَيَمَّمَ بِهِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ جَائِزٌ اتِّفَاقًا وَهُوَ التُّرَابُ الطَّاهِرُ وَغَيْرُ جَائِزٍ اتِّفَاقًا وَهُوَ الْمَعَادِنُ وَالتُّرَابُ النَّجِسُ وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ وَهُوَ مَا عدا ذَلِك حجتنا على الشَّافِعِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدا طيبا} قَالَ ثَعْلَبٌ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ كَأَبِي عُبَيْدَةَ وَالْأَصْمَعِيِّ الصَّعِيدُ وَجْهُ الْأَرْضِ مِنَ الصُّعُودِ وَهُوَ الْعُلُوّ وَمِنْه سميت الفتاة صعدة لعلوها فَكل صَعِدَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَهُوَ صَعِيدٌ يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِهِ إِلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ فَإِنْ قِيلَ قَوْله تَعَالَى {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} وَصِيغَةُ مِنْهُ تَقْتَضِي التَّبْعِيضَ وَالتَّبْعِيضُ إِنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِي التُّرَابِ لَا فِي الْحَجَرِ وَكَذَلِكَ لَفْظُ الْمَسْحِ لَا يُتَصَوَّرُ إِلَّا مَعَ التُّرَابِ إِذْ لَا يَصْدُقُ مَسَحْتُ يَدِي بِالْمِنْدِيلِ إِلَّا وَفِي الْيَدِ شَيْءٌ يُزَالُ قُلْنَا السُّؤَالَانِ جَلِيلَانِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ مِنْ وُجُوهٍ الْأَوَّلُ أَنَّ مِنْ كَمَا تَكُونُ لِلتَّبْعِيضِ تَكُونُ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ كَقَوْلِنَا بِعْت من هَهُنَا إِلَى هَهُنَا وَابْتِدَاءُ الْفِعْلِ فِي التَّيَمُّمِ هُوَ الْمَسْحُ مِنَ الْحَجَرِ الثَّانِي أَنَّهَا تَكُونُ لِبَيَانِ الْجِنْسِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاجْتَنبُوا الرجس من الْأَوْثَان} فَيَكُونُ الْمُرَادُ امْسَحُوا مِنْ هَذَا الْجِنْسِ الطَّهُورِ الطَّاهِرِ فَإِنَّهُ الْمُرَادُ عِنْدَنَا بِالطَّيِّبِ احْتِرَازًا مِنَ النَّجِسِ الثَّالِثُ أَنَّ الْحَجَرَ لَوْ سُحِقَ لَمْ يَصِحَّ التَّيَمُّمُ بِهِ مَعَ إِمْكَانِ التَّبْعِيضِ فَيَكُونُ ظَاهِرُ اللَّفْظِ عِنْدَكُمْ مَتْرُوكًا فَيَسْقُطُ الِاسْتِدْلَالُ وَعَنِ الثَّانِي أَنْ نَقُولَ الْغَالِبُ عَلَى الْحَجَرِ وَسَائِرِ أَنْوَاعِ الْأَرْضِ إِذَا مَرَّتْ عَلَيْهَا الْيَدَانِ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِمَا مَا يُغَبِّرُهُمَا فَصَحَّ الْمَسْحُ لِذَلِكَ وَأَمَّا الْحَجَرُ الَّذِي دُلِّكَ مِرَارًا أَوْ غُسِلَ وَهُوَ بَيِّنُ الْغَسْلِ فَنَادِرٌ وَالْخِطَابُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْغَالِب

وَأَمَّا الطَّيِّبُ فَلَيْسَ الْمُنْبَتَّ خِلَافًا لَهُ حَيْثُ اسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذن ربه} لِأَنَّ الطَّيِّبَ فِي اللُّغَةِ هُوَ الْمُلَائِمُ لِلطِّبَاعِ المستحسن اللَّائِقُ بِالسِّيَاقِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {الطَّيِّبَات للطيبين والطيبون للطيبات} وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْمُنْبَتَّاتِ بَلِ الْبَعِيدَاتِ مِنَ الدَّنَاءَاتِ الشَّرْعِيَّةِ وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ تَصَدَّقَ بِكَسْبٍ طَيِّبٍ وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ إِلَّا طَيِّبًا الْمُرَادُ الْحَلَالُ لِأَنَّهُ الْمُنَاسِبُ لِلسِّيَاقِ فِي الْإِنْفَاقِ وَقَوْلُهُ والبلد الطّيب إِنَّمَا حُمِلَ عَلَى الْمُنْبِتِ لِأَنَّ السِّيَاقَ فِي الزِّرَاعَةِ وَالسِّيَاقُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ فِي الطَّهَارَاتِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالطَّيِّبِ الطَّاهِرَ لِأَنَّ الْمُنَاسِبَ لِلسِّيَاقِ التَّطَهُّرُ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أحد قبلي نصرت بِالرُّعْبِ مسيرَة شهروأحلت لِيَ الْغَنَائِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي وَبُعِثْتُ لِلْأَحْمَرِ وَالْأَسْوَدِ وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ صَلَّى الْحَدِيثَ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ وَتُرَابُهَا طَهُورًا فَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِلشَّافِعِيِّ لِأَنَّ الْأَرْضَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى التُّرَابِ وَغَيْرِهِ وَالْقَاعِدَةُ الْأُصُولِيَّةُ أَنَّ تَخْصِيصَ بَعْضِ أَنْوَاعِ الْعَامِ بِالذِّكْرِ لَا يَقْتَضِي تَخْصِيصَهُ نَعَمْ يَدُلُّ عَلَى شَرَفِهِ وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ تَنْبِيهٌ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ سُئِلَ عَنِ الْحَصَا وَالْجَبَلُ يَكُونُ عَلَيْهِ وَهُوَ لَا يَجِدُ تُرَابًا أَيَتَيَمَّمُ عَلَيْهِ؟ قَالَ نَعَمْ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ عَدَمَ التُّرَابِ شَرْطٌ بَلْ وَقَعَ ذَلِكَ اتِّفَاقٌ فِي السُّؤَال فروع أَرْبَعَة الأول قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا وَجَدَ الطِّينَ وَعَدِمَ التُّرَابَ وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِ وَيُجَفِّفُهُ مَا اسْتَطَاعَ وَيَتَيَمَّمُ بِهِ خِلَافًا ش فِي قَوْلِهِ الطِّينُ لَا يُسَمَّى صَعِيدًا وَهُوَ مَمْنُوعٌ لِأَنَّ الطِّينَ تُرَابٌ وَمَاءٌ وَالْمَاءُ أَفْضَلُ مِنَ التُّرَابِ وَالْأَفْضَلُ لَا يُوجِبُ قُصُورًا فِي الْمَفْضُولِ

الثَّانِي قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا تَيَمَّمَ عَلَى مَوْضِعٍ نَجِسٍ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ قَالَ وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ مَنْ تَوَضَّأَ بِمَاءٍ غَيْرِ طَاهِرٍ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ وَكَذَلِكَ هَذَا عِنْدِي وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْإِشْرَافِ عَنِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ والأبهري لَا يجْزِيه وَهُوَ مَذْهَب الشَّافِعِي وَأبي حنيفَة وَنقض أَبُو حنيفَة أَصْلَهُ فِي أَنَّ الشَّمْسَ تُطَهِّرُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ أَبُو الْفَرَجِ أَظُنُّ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ رَأَى أَنَّ النَّجَاسَةَ لَمَّا لَمْ تَظْهَرْ عَلَيْهِ كَانَ كَالْمَاءِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ فَلَا يُنَجِّسُهُ إِلَّا مَا غَيَّرَهُ كَالْمَاءِ قَالَ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَجِبُ إِيصَالُ التُّرَابِ فِيهِ إِلَى الْبَشَرَةِ إِذْ لَوْ تَيَمَّمَ عَلَى الْحَجَرِ الصَّلْدِ أَجْزَأَهُ وَإِنَّمَا الْوَاجِبُ قَصْدُ الْأَرْضِ وَضَرْبُهَا بِالْيَدِ وَالْمُرْتَفِعُ مِنَ التُّرَابِ النَّجِسِ إِلَى الْأَعْضَاءِ لَمْ يَحْصُلْ بِهِ خَلَلٌ فِي طَهَارَةِ الْحَدَثِ وَإِنَّمَا هُوَ حَامِلٌ لِنَجَاسَةٍ لَمْ يَتَعَمَّدْهَا فَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ عَلَى قَاعِدَةِ إِزَالَةِ النَّجَاسَةِ أَوْ لِأَنَّ الْغُبَارَ يَنْتَقِلُ مَعَ الرِّيحِ الْجَارِيَةِ عَلَى هَذَا الْمَكَانِ وَالتَّيَمُّمُ إِنَّمَا يَقَعُ عَلَى أَعْلَى الْمُنْتَقِلِ الطَّاهِرِ وَلَمَّا كَانَ الْمَذْهَبُ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ إِذَا وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ وَلَمْ تغيره أَنه نجس احْتَاجَ الْأَصْحَاب هَهُنَا إِلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التُّرَابِ الَّذِي لَمْ يَتَغَيَّرْ فَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ الْمَاءُ يَنْقُلُ الْمُحْدِثَ إِلَى كَمَالِ الطَّهَارَةِ فَاشْتُرِطَ فِيهِ مَا لَمْ يُشْتَرَطْ فِي التُّرَابِ الَّذِي لَا يَنْقُلُ إِلَى كَمَالِ الطَّهَارَةِ وَقَالَ غَيْرُهُ الْمَاءُ يُتَوَصَّلُ إِلَى نَجَاسَتِهِ بِالْحَوَاسِّ بِخِلَافِ التُّرَابِ فَإِنَّ الْمَطْلُوبَ فِيهِ الِاجْتِهَادُ فَإِذَا أَخْطَأَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمُنْتَقِلَ إِلَيْهِ مِنَ التُّرَابِ لَا يَقْطَعُ بِطَهَارَتِهِ وَإِنَّمَا يُمْكِنُ فِيهِ ذَلِكَ فَنَقْضُ الظَّنِّ بِالْعِلْمِ مُتَّجِهٌ وَأَمَّا نَقْضُ الظَّنِّ بِالظَّنِّ فَلَا كَالْمُجْتَهِدِ فِي الْكَعْبَةِ إِذَا أَخْطَأَ فِي اجْتِهَادِهِ حَيْثُ يُؤْمَرُ بِالِاجْتِهَادِ وَلَوْ أَمْكَنَهُ الْعِلْمُ بِالْكَعْبَةِ أَعَادَ أَبَدًا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَأَصْبَغُ هَذَا إِذَا لَمْ يَعْلَمْ نَجَاسَتَهُ فَإِنْ عَلِمَ أَعَادَ أَبَدًا وَوَجْهُ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ قَوْله تَعَالَى {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طيبا} وَالطّيب هَهُنَا الطَّاهِرُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَهَذَا لَيْسَ بِطَاهِرٍ وَلِأَنَّ الطَّهَارَةَ لَا تَحْصُلُ بِالنَّجَاسَةِ

قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَلَوْ تَغَيَّرَ بِالنَّجَاسَةِ لَمْ يُجْزِهِ وِفَاقًا فَرْعٌ مُرَتَّبٌ إِذَا مَنَعْنَا التَّيَمُّمَ مِنَ التُّرَابِ الْمَذْكُورِ فَهَلْ نَكْرَهُهُ بِالتُّرَابِ الَّذِي تيَمّم بِهِ مُدَّة لِأَجْلِ طَهَارَةِ الْحَدَثِ كَمَا فِي الْمَاءِ فَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي النَّوَادِرِ لَا بَأْسَ بِهِ وَهُوَ مَذْهَب الشَّافِعِي وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ أَنَّ الْمُسْتَعْمَلَ مِنَ التُّرَابِ هُوَ مَا عَلِقَ بِالْيَدَيْنِ أَمَّا مَا بَقِيَ فَهُوَ كَالْمَاءِ الْبَاقِي فِي الْإِنَاءِ فَإِنَّهُ طَاهِرٌ إِجْمَاعًا وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي السَّاقِطِ الَّذِي بَقِيَ مِنَ الْأَعْضَاءِ الثَّالِثُ فِي الْجِلَابِ لَا يَتَيَمَّمُ عَلَى لَبَدٍ وَلَا حَصِيرٍ وَإِنْ كَانَ فِيهِمَا غُبَارٌ خِلَافًا ح لَنَا أَنَّهَا لَيْسَتْ بِصَعِيدٍ فَلَا يُجْزِئُ الرَّابِعُ فِي الْجَوَاهِرِ مَنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلَا مَا يَتَيَمَّمُ بِهِ كَالْمَصْلُوبِ وَالْخَائِفِ مِنَ النُّزُولِ عَنِ الدَّابَّةِ وَالْمَرِيضِ لَا يَجِدُ مَنْ يُنَاوِلُهُ ذَلِكَ فَأَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ يُصَلِّي وَيَقْضِي إِذَا وَجَدَ مَاءً أَوْ تُرَابا لِابْنِ الْقَاسِم فِي العتيبة وَعبد الْملك ومطرف وَابْن عبد الحكم وَالشَّافِعِيّ وَلَا صَلَاةَ وَلَا قَضَاءَ لِمَالِكٍ وَابْنِ نَافِعٍ وَيَقْضِي وَلَا يُصَلِّي فِي الْحَال لأصبغ وَأبي حنيفَة وَيُصَلِّي وَلَا يَقْضِي لِأَشْهَبَ فَوَجْهُ الصَّلَاةِ فِي الْحَالِ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَرْسَلَ أُنَاسًا فِي طَلَبِ قِلَادَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَأَدْرَكَتْهُمُ الصَّلَاةُ فَصَلَّوْا بِغَيْرِ وُضُوءٍ وَلم يكن إِذا ذَاكَ تَيَمُّمٌ فَشَكَوْا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَنَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ فَكَانَ شَرْعًا عَامًّا حَتَّى يَرِدَ رَافِعُهُ وَوَجْهُ الْقَوْلِ بِعَدَمِ الصَّلَاةِ فِي الْحَالِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طَهُورٍ وَمَا لَا يُقْبَلُ لَا يُشْرَعُ فِعْلُهُ وَلِأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَجْنَبَ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الْجُنُبَ يَتَيَمَّمُ فَلَمْ يُصَلِّ وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَوَجْهُ الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْإِعَادَةِ أَنَّهُ فَعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ فَلَا إِعَادَةَ إِلَّا بِأَمْرٍ جَدِيدٍ

(الفصل الرابع في صفة التيمم)

وَالْأَصْلُ عَدَمُ ذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ يُصَلِّيَانِ كَمَا أُمِرَا وَلَا يُعِيدَانِ وَلِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَأْمُرْ مَنْ ذَهَبَ لِلْقِلَادَةِ بِإِعَادَةٍ وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ مَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلِ الطَّهَارَةُ شَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ أَوْ فِي الْأَدَاءِ فَمَنْ رَأَى أَنَّهَا شَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ لَمْ يُوجِبِ الصَّلَاةَ فِي الْحَالِ وَهَذَا مُشْكِلٌ مِنْهُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَإِنَّ الْأُمَّةَ مُجْمِعَةٌ عَلَى أَنَّ الْوُجُوبَ لَيْسَ مَشْرُوطًا بِالطَّهَارَةِ وَإِلَّا لَكَانَ لِكُلِّ مُكَلَّفٍ أَنْ يَقُولَ أَنَا لَا تَجِبُ عَلَيَّ الصَّلَاةُ حَتَّى أَتَطَهَّرَ وَأَنَا لَا أَتَطَهَّرُ فَلَا يَجِبُ عَلَيَّ شَيْءٌ لِأَنَّ وُجُوبَ الطَّهَارَةِ تَبَعٌ لِوُجُوبِ الصَّلَاةِ فَإِذَا سَقَطَ أَحَدُهُمَا سَقَطَ الْآخَرُ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ كُلَّ مَا هُوَ شَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ كَالْحَوْلِ مَعَ الزَّكَاةِ وَالْإِقَامَةِ مَعَ الْجُمُعَةٍ وَالصَّوْمِ لَا يَتَحَقَّقُ الْوُجُوبُ حَالَةَ عَدَمِهِ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ تَحْصِيلُهُ فَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ أَمْرًا آخَرَ فَلَعَلَّهُ يَكُونُ مُسْتَقِيمًا (الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي صِفَةِ التَّيَمُّمِ) فَأَوَّلُ ذَلِكَ النِّيَّةُ وَاجِبَةٌ فِيهِ خِلَافًا لِلْأَوْزَاعِيِّ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ مَبَاحِثُهَا فِي الْوُضُوءِ فَلْنَكْتَفِ بِمَا هُنَاكَ وَيَنْوِي اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ سَوَاءٌ كَانَ جُنُبًا أَوْ مُحْدِثًا الْحَدَثَ الْأَصْغَرَ فَلَوِ اجْتَمَعَا وَكَانَ نَاسِيًا لِلْجَنَابَةِ فَرِوَايَتَانِ إِحْدَاهُمَا عَدَمُ الْإِجْزَاءِ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ حِينَئِذٍ يَكُونُ بَدَلًا عَنِ الْوُضُوءِ وَهُوَ بَعْضُ أَعْضَاءِ الْجَنَابَةِ وَالْبَدَلُ عَنِ الْبَعْضِ لَا يَنُوبُ مَنَابَ الْبَدَلِ عَنِ الْكُلِّ وَهُوَ التَّيَمُّمُ عَنِ الْجَنَابَةِ وَالْأُخْرَى يُجْزِيهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ ارْتِفَاعُ الْمَنْعِ مِنَ الصَّلَاةِ وَهُوَ وَاحِدٌ فَلَا يَضُرُّ اخْتِلَافُ أَسْبَابِهِ وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْكِتَابِ بِنِيَابَةِ الْوُضُوءِ عَنِ الْجَنَابَةِ فِي الْجَبِيرَةِ إِذَا مَسَحَهَا وَهُوَ جُنُبٌ ثُمَّ بَرِئَتْ وَغَسَلَهَا بِنِيَّةِ الْوُضُوءِ وَنَصَّ اللَّخْمِيُّ عَلَى النِّيَابَةِ مُطْلَقًا وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْوُضُوءِ وَالتَّيَمُّمِ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّ التَّيَمُّمَ بَدَلٌ عَنِ الْوُضُوءِ الَّذِي هُوَ بَعْضُ الْجَنَابَةِ وَالْوُضُوءُ أَصْلٌ فِي نَفْسِهِ وَإِذَا نَوَى اسْتِبَاحَةَ الْفَرْضِ اسْتَبَاحَ النَّفْلَ لِأَنَّ الْأَدْنَى يَتْبَعُ الْأَعْلَى فِي نَظَرِ الشَّرْعِ وَلِأَنَّهُ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ الْفَرَائِضَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَكْمُلُ بِالنَّوَافِلِ فَكَانَتْ كَالْأَجْزَاءِ لَهَا وَلَا يُصَلِّي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ بِتَيَمُّمِ الصُّبْحِ لِأَنَّ الْفَرْضَ لَا يكون

تَبَعًا لِلنَّفْلِ وَقِيلَ يُصَلِّي لِحُصُولِ الِاسْتِبَاحَةِ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَلَوْ نَوَى فَرْضَيْنِ صَحَّ وَلَا يُصَلِّي أَكْثَرَ مِنْ فَرْضٍ وَاحِدٍ عَلَى الْمَشْهُورِ ثُمَّ يَسْتَعْمِلُ الصَّعِيدَ قَالَ فِي الْكِتَابِ يَضْرِبُ الْأَرْضَ بِيَدَيْهِ جَمِيعًا ضَرْبَةً وَاحِدَةً فَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِمَا شَيْءٌ نَفَضَهُ نَفْضًا خَفِيفًا وَمَسَحَ بهما وَجهه ثمَّ يضْرب أُخْرَى لِلْيَدَيْنِ وَيَضَعُ الْيُسْرَى عَلَى الْيُمْنَى فَيُمِرُّهَا مِنْ فَوْقِ الْكَفِّ إِلَى الْمِرْفَقِ وَمِنْ بَاطِنِ الْمِرْفَقِ إِلَى الْكُوعِ وَيَفْعَلُ بِالْيُسْرَى كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ شَاسٍ وَأَجَازَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ وَعَبْدُ الْحَقِّ مَسْحَ كَفِّ الْيُمْنَى قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْيُسْرَى وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ تَرْكَهَا حَتَّى يَصِلَ كُوعَ الْأُخْرَى وَيَمْسَحَ الْكُوعَيْنِ وَاخْتَارَهُ وَالْقَوْلَانِ مُؤَوَّلَانِ مِنَ الْكِتَابِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَالثَّانِي ظَاهِرُ الْكِتَابِ وَوَجْهُهُ أَنَّ كَفَّهُ الْيُمْنَى كَمَا تَمْسَحُ ذِرَاعَهُ فَكَذَلِكَ ذِرَاعُهُ يَمْسَحُ كَفَّهُ وَالتَّكْرَارُ فِي التَّيَمُّمِ غَيْرُ مَطْلُوبٍ فَلَا يُؤْمَرُ بِمَسْحِ كَفِّهِ بكفه وَلِأَنَّهُ يَذْهَبُ بِمَا فِي كَفِّهِ الْيَمِينِ مِنَ التُّرَاب وَوجه الأول أَن الأَصْل أَن لَا يَشْرَعَ فِي عُضْوٍ إِلَّا بَعْدَ كَمَالِ مَا قَبْلَهُ وَمَا نَقَلَهُ صَاحِبُ الرِّسَالَةِ إِذَا وَصَلَ الْكُوعَ مَسَحَ بِبَاطِنِ إِبْهَامِ الْيُسْرَى ظَاهِرَ إِبْهَامِهِ الْيُمْنَى وَكَذَلِكَ فِي الْيُسْرَى قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَيْسَ فِي ذَلِكَ حَدٌّ كَالْوُضُوءِ وَهَذِهِ الصِّفَةُ وَإِنْ لَمْ تَرِدْ فَلَيْسَتْ تَحَكُّمًا بَلْ لَمَّا عَلِمَ الْفُقَهَاءُ أَنَّ الْإِيعَابَ مَطْلُوبٌ وَالصَّعِيدُ لَيْسَ يَعُمُّ بِسَيَلَانِهِ كَالْمَاءِ اخْتَارُوا هَذِهِ الصِّفَةَ لِإِفْضَائِهَا لِمَقْصُودِ الشَّارِعِ وَفِعْلُ الْوَسَائِلِ لِتَحْصِيلِ الْمَقَاصِدِ مِنْ قَوَاعِدِ الشَّرْعِ وَعَادَتِهِ قَالَ مَالك فِي العتيبة يجْزِيه ضَرْبَة إِذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُعِيدُ فِي وَقْتٍ وَلَا غَيْرِهِ وَعِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ وَالشَّافِعِيّ وَأَبُو حنيفَة يُعِيدُ مُطْلَقًا لَنَا مَا فِي مُسْلِمٍ وَالْبُخَارِيِّ أَنَّ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ قَالَ لِعُمَرَ بْنِ الْخطاب رَضِي

اللَّهُ عَنْهُمَا أَمَا تَذْكُرُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ أَنَا وَأَنْتَ فِي سَرِيَّةٍ فَأَجْنَبْنَا فَلَمْ نَجِدِ الْمَاءَ فَأَمَّا أَنْتَ فَلَمْ تُصَلِّ وَأَمَّا أَنَا فَتَمَعَّكْتُ فِي التُّرَابِ كَمَا تَتَمَرَّغُ الدَّابَّةُ وَصَلَّيْتُ فَأَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَضَرْبَةٌ لِلْكَفَّيْنِ فَقَالَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ يَا عَمَّارُ فَقَالَ عَمَّارُ إِنْ شِئْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَمْ أُحَدِّثْ بِهِ فَقَالَ بَلْ نُوَلِّيكَ مِنْ ذَلِكَ مَا تَوَلَّيْتَ وَيُرْوَى إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ أَنْ تَضْرِبَ بِيَدَيْكَ الْأَرْضَ ثُمَّ تَنْفُخَ ثُمَّ تَمْسَحَ بِهِمَا وَجْهَكَ وَكَفَّيْكَ وَيُرْوَى أَنْ تَقُولَ هَكَذَا وَضَرَبَ بِيَدَيْهِ إِلَى الْأَرْضِ وَنَفَضَ يَدَيْهِ فَمَسَحَ وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ لَا يَجِبُ نَقْلُ شَيْءٍ مِنَ الْأَرْضِ فَلَا مَعْنَى لِلْإِعَادَةِ وَإِنَّمَا ضَرَبَ أَوَّلًا لِيَخْرُجَ مِنَ الْعُهْدَةِ وَلِأَن تكْرَار التَّيَمُّمِ كَتَرْكِ تَكْرَارِ الْوُضُوءِ لَا تُعَادُ لِأَجْلِهِ الصَّلَاةُ فِي الْوَقْتِ وَلَا فِي غَيْرِهِ وَقَالَ أَيْضًا فِي الْكِتَابِ إِنْ تَيَمَّمَ إِلَى الْكُوعَيْنِ أَعَادَ التَّيَمُّمَ وَالصَّلَاةَ فِي الْوَقْتِ فَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ أَعَادَ التَّيَمُّمَ فَقَطْ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ يُعِيدُ عِنْدَ ابْنِ نَافِعٍ أَبَدًا وَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي ح وَش لِإِطْلَاقِ الْيَدِ فِي التَّيَمُّمِ وَتَقْيِيدِهَا فِي الْوُضُوءِ وَالْمُطْلَقُ يُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَالْقِيَاسُ عَلَى الْوَجْهِ حُجَّةُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْيَدَ أُطْلِقَتْ فِي السَّرِقَةِ فَحُمِلَتْ عَلَى الْكُوعِ فَكَذَلِكَ هَهُنَا وَلِأَنَّ الْيَدَ لَوْ لَمْ تَصْدُقْ عَلَى الْكُوعَيْنِ لما قيل فِي الْوضُوء {إِلَى الْمرَافِق} لِأَن المغيا يَجِبُ أَنْ تَكْمُلَ حَقِيقَتُهُ قَبْلَ الْغَايَةِ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَكَانَتْ إِلَّا لِلِاسْتِثْنَاءِ مَكَانَ إِلَى لِإِخْرَاجِ العضدين وَيمْنَع هَهُنَا حَمْلُ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ لِاخْتِلَافِ الْحُكْمِ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا وُضُوءٌ وَالْآخَرَ تَيَمُّمٌ قَاعِدَةٌ أُصُولِيَّةٌ الْمُطْلَقُ مَعَ الْمُقَيَّدِ عَلَى أَرْبَعِ أَقْسَامٍ تَارَةً يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ وَالسَّبَبُ كَالْوُضُوءِ وَالسَّرِقَةِ فَلَا حَمْلَ إِجْمَاعًا وَتَارَةً يَتَّحِدَانِ كَمَا لَوْ ذَكَرَ الرَّقَبَةَ فِي الظِّهَارِ مَرَّتَيْنِ مُطْلَقَةً وَمُقَيَّدَةً بِالْإِيمَانِ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَتَارَةً يَخْتَلِفُ السَّبَبُ وَيَتَّحِدُ الْحُكْمُ كَالرَّقَبَةِ فِي الْقَتْلِ مُقَيَّدَةً بِالْإِيمَانِ وَمُطْلَقَةً فِي الظِّهَارِ وَفِي

الْحَمْلِ مَذْهَبَانِ وَتَارَةً يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ وَيَتَّحِدُ السَّبَبُ كَالْوُضُوءِ وَالتَّيَمُّمِ فَالسَّبَبُ وَاحِدٌ وَهُوَ الْحَدَثُ وَالْحُكْمُ مُخْتَلِفٌ وَهُوَ الْوُضُوءُ وَالتَّيَمُّمُ وَفِي الْحَمْلِ مَذْهَبَانِ فَعَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ تَتَخَرَّجُ فُرُوعٌ كَثِيرَةٌ وَيَظْهَرُ أَنَّ إِلْحَاقَ التَّيَمُّمِ بِالْوُضُوءِ أَوْلَى مِنْ إِلْحَاقِهِ بِالسَّرِقَةِ لَكِنْ يُؤَكَّدُ الْمَذْهَبُ مِنْ جِهَةِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ كَحَدِيثِ عَمَّارٍ وَغَيْرِهِ فَإِنَّهُ مَسَحَ وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ طُرُقٍ وَلَمْ يُذْكَرِ الْمِرْفَقَيْنِ وَرِوَايَةُ الْمُرْفَقَيْنِ مُنْكَرَةٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ قَالَ شُعْبَةُ كَانَ سَلَمَةُ يَقُولُ الْوَجْهَ وَالذِّرَاعَيْنِ فَقَالَ لَهُ مَنْصُورٌ ذَاتَ يَوْمٍ انْظُرْ مَا تَقُولُ فَإِنَّهُ لَا يَذْكُرُ الذِّرَاعَيْنِ غَيْرُكَ وَلَوْ صَحَّتْ لَحَمَلْنَاهَا عَلَى الْفَضِيلَةِ جَمْعًا بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ وَأَمَّا الْخَصْمُ فَيُعَطِّلُ أَحَدَهُمَا وَلِأَنَّ الْيَدَ تُغْسَلُ جُمْلَتُهَا لِلْجَنَابَةِ فَإِذَا أَبْدَلَ التَّيَمُّمَ مِنَ الْغَسْلِ تَيَمَّمَ عَلَى بَعْضِهَا وَتَرَكَ الْعَضُدَانِ فَكَذَلِكَ إِذَا أَبْدَلَ مِنَ الْوُضُوءِ تَرَكَ بعض مَا يغسل للْوُضُوء وَعَكسه الْوَجْه لما كَانَ يُوعَبُ لِلْجَنَابَةِ أُوعِبَ بَدَلًا مِنَ الْوُضُوءِ وَلِأَنَّ التَّيَمُّمَ شُرِعَ فِيمَا لَمْ يُسْتَرْ عَادَةً فَأُسْقِطَ مِنْ مَحَالِّ الطَّهَارَةِ مَا سُتِرَ عَادَةً وَلِذَلِكَ لَمْ يُشَرَعْ فِي الرَّأْسِ لِسَتْرِهِ بِالْعِمَامَةِ وَلَا فِي الرِّجْلَيْنِ لِسَتْرِهِمَا بِالنَّعْلِ وَشُرِعَ فِي الْوَجْهِ لِكَوْنِهِ بَادِيًا فَكَذَلِكَ يُقْتَصَرُ عَلَى الْكُوعَيْنِ لِكَوْنِهِمَا الْبَادِيَيْنِ هَذَا الْكَلَامُ فِي الْإِجْزَاءِ وَالْأَفْضَلُ الْبُلُوغُ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ لِأَنَّهُ فِعْلُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ يَتَيَمَّمُ إِلَى الْآبَاطِ مِنْ أَسْفَلَ وَالْمَنَاكِبِ مِنْ فَوْقَ لِأَنَّ الْيَدَ اسْمٌ لِلْجُمْلَةِ وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ إِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ أَعَادَ التَّيَمُّمَ فَقَطْ فَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ لَا بُدَّ مِنْ إِعَادَتِهِ وَلَوْ كَانَ سَابِغًا قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ تَنَفَّلَ بَعْدَ فَرْضِهِ وَاسْتَمَرَّ تَنَفُّلُهُ حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ ثُمَّ ذَكَرَ فَإِنَّهُ يُعِيدُ التَّيَمُّمَ وَلَا يَتَنَفَّلُ بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ النَّاقِصِ وَكَذَلِكَ إِذَا عَلِمَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْوَقْتِ فَلَا يَتَنَفَّلُ بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ حَتَّى يُعِيدَ التَّيَمُّمَ

فَائِدَةٌ الْكُوعُ آخِرُ السَّاعِدِ وَأَوَّلُ الْكَفِّ وَالْمِرْفَقُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَبِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْفَاءِ أَوَّلُ السَّاعِدِ وَالْإِبْهَامُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ مِثْلَ الْإِكْرَامِ وَهُوَ الْأُصْبُعُ الْعُظْمَى مِنَ الْيَدِ وَالْبِهَامُ بِغَيْر همز جمع بهم والبهم جَمِيع بَهِيمَةٍ وَهُوَ وَاحِدُ أَوْلَادِ الضَّأْنِ ذَكَرًا كَانَ أَمْ أُنْثَى وَهِيَ لِلضَّأْنِ مِثْلُ السَّخْلِ لِلْمَعْزِ فُرُوعٌ أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ يَعُمُّ وَجْهَهُ وَلِحْيَتَهُ بِالْمَسْحِ كَمَا فِي الْوُضُوءِ فَمَا لَا يُجْزِئُ فِي الْوُضُوءِ لَا يُجْزِئُ فِي التَّيَمُّم وَجوز ابْن مسلمة ترك الْيَسِير وَأَبُو حنيفَة تَرْكَ الرُّبُعِ لِأَنَّ الْمَسْحَ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّخْفِيفِ لنا قَوْله تَعَالَى {فامسحوا بوجوهكم وَأَيْدِيكُمْ} كَمَا فِي الْوُضُوءِ الثَّانِي قَالَ يُخْتَلَفُ فِي مَسْحِ الْوَجْهِ بِجَمِيعِ الْيَدِ فَجَوَّزَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَسْحَ الرَّأْسِ فِي الْوُضُوءِ بِأُصْبُعٍ إِنْ أَوْعَبَ وَيَلْزَمُ مِثْلُهُ فِي التَّيَمُّمِ وَقَالَتِ الْحَنَفِيَّةُ لَا يُجْزِئُ أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَصَابِعَ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَسْحِ يَقْتَضِي آلَةً لِلْمَسْحِ وَالْآلَةُ الْمُعْتَادَةُ هِيَ الْكَفُّ وَهُوَ صَادِقٌ عَلَى أَكْثَرِهِ وَهَذَا بَاطِلٌ لِأَنَّ الْآيَةَ اقْتَضَتِ الْمَسْحَ بِأَيِّ طَرِيقٍ كَانَ الثَّالِثُ قَالَ ابْنُ شَاسٍ يُخَلِّلُ أَصَابِعَهُ وَيَنْزِعُ الْخَاتَمَ قِيَاسًا عَلَى الْوُضُوءِ وَقَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ تَخْلِيلُ الْأَصَابِعِ فِي التَّيَمُّمِ أَوْلَى مِنَ الْوُضُوءِ لِبُلُوغِ الْمَاءِ مَا لَا يَبْلُغُهُ التُّرَابُ قَالَهُ ابْنُ شَعْبَانَ قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَمَا رَأَيْتُ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ قَالَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَنْزِعُ الْخَاتَمَ وَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَنْزِعُهُ لِأَنَّهُ أَخَفُّ مِنَ الْوُضُوءِ

(الفصل الخامس في المتيمم له)

وَقَدِ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي تَخْلِيلِ الْأَصَابِعِ فِي الْوُضُوءِ فَإِذَا قُلْنَا بِالْوُجُوبِ ثَمَّ لَمْ يبعد الْوُجُوب هَهُنَا الرَّابِع قَالَ ابْن شَاس حكمه فِي الم والاة وَالتَّرْتِيبِ حُكْمُ الْوُضُوءِ وَقَالَهُ فِي الْكِتَابِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي أَدِلَّةِ الْحُكْمَيْنِ وَلِأَنَّ الْعُلَمَاءَ لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَهُمَا إِلَّا الْأَعْمَشُ فَإِنَّهُ قَالَ يَبْدَأُ فِي التَّيَمُّمِ بِالْيَدَيْنِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَكَذَلِكَ التَّدْلِيكُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ فِي الْوُضُوءِ لَوْ سَفَّتِ الرِّيحُ التُّرَابَ عَلَيْهِ لَمْ يُجْزِهِ وَإِنْ قُلْنَا إِنَّ الْمُنْغَمِسَ فِي الْمَاءِ يُجْزِيهِ لِأَنَّ الْوُضُوءَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ إِيعَابِ الْأَعْضَاءِ بِالْمَاءِ فَإِذَا أَوْعَبَهَا أَجْزَأَهُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَأَمَّا التَّيَمُّمُ فَلَا يَجِبُ فِيهِ الْإِيعَابُ بِدَلِيلِ التَّيَمُّمِ عَلَى الْحَجَرِ فَلَا بُدَّ مِنَ الْإِيعَابِ بِصُورَةِ الْمَسْحِ فَإِذَا لَمْ يَتَدَلَّكْ لَمْ يَحْصُلِ التَّيَمُّمُ أَلْبَتَّةَ وَالْفَرْقُ مَذْهَبُ الشَّافِعِي (الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي الْمُتَيَمَّمِ لَهُ) قَالَ فِي التَّلْقِينِ وَهُوَ كُلُّ قُرْبَةٍ لَزِمَ التَّطَهُّرُ لَهَا كَالصَّلَاةِ وَمَسِّ الْمُصْحَفِ وَغُسْلِ الْمَيِّتِ تَنْبِيهٌ وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى قَوْلِهِ مَا يَلْزَمُ التَّطَهُّرُ لَهُ احْتِرَازًا مِنَ الْحَائِضِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهَا الطُّهْرُ لِلْوَطْءِ وَلَا تتيمم ولنفصل ذَلِك فُرُوعًا أَحَدَ عَشَرَ الْأَوَّلُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ يَتَيَمَّمُ الْمَرِيضُ وَالْمُسَافِرُ لِخُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَلَمْ أَحْفَظْ عَنْ مَالِكٍ فِيهِمَا فِقْهًا وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ فِي النَّوَادِرِ لَا يَتَيَمَّمُ لِنَافِلَةٍ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ لَهَا

لَنَا قَوْله تَعَالَى {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} وَهُوَ عَامٌّ فِي جِنْسِ الصَّلَاةِ وَلِهَذَا يُشْتَرَطُ الْوضُوء للنافلة ثمَّ قَالَ {فَلم تجدو مَاء فَتَيَمَّمُوا صَعِيدا} فَشُرِعَ التَّيَمُّمُ لِكُلِّ صَلَاةٍ يُتَوَضَّأُ لَهَا الثَّانِي قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَحْدَثَ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي صَلَاة الْعِيدَيْنِ لَا يتَيَمَّم خلافًا لأبي ح قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى الْوُضُوءِ وَيُصَلِّي وَحْدَهُ فَلَا يَتَيَمَّمُ لِإِدْرَاكِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ أَحْدَثَ مَعَ الْإِمَامِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ لِذَلِكَ وَإِنْ فَاتَتْهُ الْجَمَاعَة وَالْجُمُعَة وَقد سلم أَبُو حنيفَة بِذَلِكَ وَيُوَضِّحُ ذَلِكَ أَنَّ الْوُضُوءَ شَرْطٌ وَاجِبٌ وَالْجَمَاعَةَ فَضِيلَةٌ وَالْوَاجِبُ لَا يُتْرَكُ لِأَجْلِ الْفَضِيلَةِ وَقِيلَ يَتَيَمَّمُ لِخَوْفِ فَوَاتِ الْجُمُعَةِ وَعَلَى هَذَا يَتَيَمَّمُ لِفَوَاتِ الْعِيدَيْنِ قَالَ وَلَوْ خَافَ فَوَاتَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ إِنْ تَوَضَّأَ وَيُدْرِكُ الصُّبْحَ وَيُدْرِكُهُمَا إِنْ تَيَمَّمَ قَالَ يَتَوَضَّأُ الثَّالِثُ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَا يُصَلِّي الْجِنَازَةَ بِالتَّيَمُّمِ إِلَّا الْمُسَافِرُ الَّذِي لَا يَجِدُ الْمَاءَ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْحَضَرِ الْمَاءُ فَإِنْ كَانَ ثَمَّ مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهَا فَلَا حَاجَةَ إِلَى التَّيَمُّمِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَأَمْكَنَ التَّأْخِيرُ حَتَّى يُوجَدَ الْمَاءُ أُخِّرَتْ وَإِلَّا صَلَّوْا بِالتَّيَمُّمِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ إِذَا خَرَجَ لِلْجِنَازَةِ وَهُوَ طَاهِرٌ ثُمَّ أَحْدَثَ وَلَمْ يَجِدْ مَاءً تَيَمَّمَ وَإِنْ خَرَجَ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ لَمْ يتَيَمَّم وَقَالَ أَبُو حنيفَة يَتَيَمَّمُ كَقَوْلِهِ فِي الْعِيدَيْنِ وَيَجِيءُ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا كَمَا تَقَدَّمَ الرَّابِعُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ مِنْ مَسْجِدُهُ فِي سُوقِهِ أَوْ دَخَلَ مَسْجِدًا فَأَرَادَ تَحِيَّتَهُ أَوْ أَرَادَ الْقِرَاءَةَ وَهُوَ جُنُبٌ لَا يَتَيَمَّمُ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ يَتْرُكُهُ الْخَامِسُ قَالَ فِي الْكِتَابِ مَنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ فِي سَفَرِهِ يَتَيَمَّمُ لِمَسِّ الْمُصْحَفِ وَيَقْرَأُ حِزْبَهُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ وَقَالَ عَبْدُ الْملك

لَا يَتَيَمَّمُ إِلَّا لِلْمَكْتُوبَةِ لِأَنَّهُ مُحْدِثٌ أُجِيزَتْ لَهُ الْفَرِيضَةُ لِلضَّرُورَةِ وَلِذَلِكَ مَنَعَ الصَّلَاةَ أَوَّلَ الْوَقْتِ لِجَوَازِ التَّأْخِيرِ لَنَا آيَةُ التَّيَمُّمِ قَالَ فَيصَلي النافة مُتَّصِلَةً بِهَا أَوْ بِالْفَرْضِ الَّذِي قَبْلَهَا وَإِذَا نَوَى بِتَيَمُّمِهِ النَّافِلَةَ فَعَلَ سَائِرَ النَّوَافِلِ فَإِذَا نَوَى مَسَّ الْمُصْحَفِ فَعَلَ الْقِرَاءَةَ وَسُجُودَ التِّلَاوَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِمَسِّ الْمُصْحَفِ وَهَلْ لَهُ أَنْ يَتَنَفَّلَ بِهِ وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ مَالِكٍ أَوْ يُقَالُ الْوضُوء لمس الْمُصحف مُخْتَلف فِيهِ يضعف عَنِ الْوُضُوءِ؟ وَهُوَ لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ السَّادِسُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا قَدَّمَ النَّافِلَةَ عَلَى الْفَرِيضَةِ أَعَادَ التَّيَمُّمَ لِلْفَرِيضَةِ لِبُطْلَانِهِ بِالْفَرَاغِ مِنْهَا قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ حُجَّةُ الْبُطْلَانِ أَنَّ الْمُتَيَمِّمَ مُحْدِثٌ فَلَا يُشْرَعُ لَهُ التَّيَمُّمُ إِلَّا لِضَرُورَةٍ وَلَا ضَرُورَةَ إِلَّا عِنْدَ دُخُولِ الصَّلَاةِ وَلِهَذِهِ الْعلَّة لَا يجمع بَين فرضين وَحجَّة عَدَمِ الْبُطْلَانِ أَنَّ التَّيَمُّمَ بَدَلٌ فَلَا يَبْطُلُ إِلَّا بِوُجُودِ الْمُبْدَلِ أَوِ الْحَدَثِ فَيَسْتَمِرُّ حُكْمُهُ إِلَى ذَلِكَ السَّابِعُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ إِذَا تَيَمَّمَ الْجُنُبُ لِلنَّوْمِ لَا يَتَنَفَّلُ وَلَا يَمَسُّ مُصْحَفًا وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ ذَلِكَ كَالْخِلَافِ فِي الْوُضُوءِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَلَوْ تَيَمَّمَ لِلْفَرِيضَةِ فَلَهُ فِعْلُهَا وَفِعْلُ النَّافِلَةِ بَعْدَهَا وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ حَتَّى يُحْدِثَ وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ الْحَدَثُ الطَّارِئُ لَا يَمْنَعُ الْقِرَاءَةَ لِتَقَدُّمِ الِاسْتِبَاحَةِ وَلَيْسَ كَمَا زَعَمَ فَإِنَّ الْجَنَابَةَ ثَابِتَةٌ وَإِنَّمَا التَّيَمُّمُ مُبِيحٌ إِلَى حِينِ الْحَدَثِ فَمَنِ ادَّعَى بَقَاءَ الْإِبَاحَةِ بَعْدَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ الدَّلِيلُ الثَّامِنُ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَا يُصَلِّي بِهِ مَكْتُوبَتَيْنِ قَالَ اللَّخْمِيُّ فِيهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ عَدَمُ الْجَمْعِ مُطْلَقًا فِي الْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ لِمَا تَقَدَّمَ وَالْجَمْعُ قِيَاسًا عَلَى مُبْدَلِهِ وَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ إِذَا اجْتَمَعَتَا فِي الْأَدَاءِ كَالظُّهْرِ مَعَ الْعَصْرِ آخِرَ الْقَامَة

الْأُولَى وَبَيْنَ غَيْرِهِمَا فَيَجُوزُ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَ مَنْ يَطْلُبُ الْمَاءَ وَمَنْ لَا يَطْلُبُهُ كَالْمَجْدُورِ وَالْمَحْصُوبِ فَيَجُوزُ فِي الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَالْمَذْهَبُ الْمَنْعُ مُطْلَقًا وَقَدْ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ مُسْنِدًا عَنِ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ لَا يُصَلِّي بِالتَّيَمُّمِ إِلَّا صَلَاةً وَاحِدَةً قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَنْبَنِي عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا يُتَيَمَّمُ لَهَا قَبْلَ وَقْتِهَا وَأَنَّ الطَّلَبَ وَاجِبٌ وَأَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ فَإِنْ جَمَعَ قَالَ ابْن الْقَاسِم فِي العتيبة يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَلَوْ أَعَادَ أَبَدًا كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ وَقَالَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ يُعِيدُ أَبَدًا وَقَالَ أَصْبَغُ يُعِيدُ الْمُشْتَرِكَةَ فِي الْوَقْتِ وَالْمُبَايِنَةَ أَبَدًا التَّاسِعُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِذَا قُلْنَا لَا يَجْمَعُ بَيْنَ فَرْضَيْنِ فَهَلْ يَجْمَعُ بَيْنَ فَرْضٍ وَسُنَّةٍ أَوْ فَرْضٍ مُعَيَّنٍ وَفَرْضٍ عَلَى الْكِفَايَةِ؟ الْمَذْهَبُ الْجَوَازُ إِذَا قَدَّمَ الْفَرْضَ وَقَالَ سَحْنُونُ إِذَا تَيَمَّمَ لِلْعِشَاءِ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَن لَا يُصَلِّيَ الْوِتْرَ وَإِذَا قُلْنَا يُصَلِّي الْجِنَازَةَ بِتَيَمُّمِ الْفَرِيضَةِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَثْرَةِ الْجَنَائِزِ وَقِلَّتِهَا وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ لَا يُصَلِّي عَلَى جَنَائِزَ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ فِي صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ لِأَنَّهُ إِسْقَاطٌ لِفَرَائِضَ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ وَهُوَ بَاطِلٌ لِأَنَّ الصَّلَاةَ وَاحِدَةٌ الْعَاشِرُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِذَا تَيَمَّمَ لِصَلَاةٍ ثُمَّ ذَكَرَ غَيْرَهَا فَإِنْ كَانَتِ الْمَذْكُورَةُ فِي التَّرْتِيبِ بَعْدَهَا تَيَمَّمَ لَهَا إِذَا فَرَغَ مِنَ الْأُولَى وَإِنْ كَانَتْ قَبْلَهَا لَمْ يَجُزْ تَيَمُّمُهُ لِلْأُخْرَى الْحَادِي عَشَرَ قَالَ لَوْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ خَمْسٍ تَيَمَّمَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ لِئَلَّا يَتَيَمَّمَ لِلْفَرْضِ قَبْلَهُ

(الفصل السادس في وقت التيمم)

(الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي وَقْتِ التَّيَمُّمِ) قَالَ ابْنُ شَاسٍ إِنَّمَا شُرِعَ التَّيَمُّمُ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ عَلَى الْمَعْرُوفِ وَاخْتَارَ الْقَاضِي أَبُو إِسْحَاقَ قَبْلَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّيَمُّمَ يَرْفَعُ الْحَدَثَ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْمَشْهُورِ فَالرَّاجِي يَتَيَمَّمُ آخِرَ الْوَقْتِ الِاخْتِيَارِيِّ وَالْآيِسُ أَوَّلَهُ وَالشَّاكُّ وَسَطَهُ وَرُوِيَ آخِرَهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَقِيلَ بَلْ وَسَطَهُ إِلَّا الرَّاجِي فَإِنَّهُ يُؤَخِّرُهُ وَقِيلَ آخِرَهُ إِلَّا الْآيِسَ فَإِنَّهُ يُقَدِّمُ وَنَبْسُطُ ذَلِكَ عَلَى الْعَادَةِ فَنَقُولُ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَا يَتَيَمَّمُ مُسَافِرٌ أَوَّلَ الْوَقْتِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ آيِسًا فَيَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ وَالْمَرِيضُ وَالْخَائِفُ يَتَيَمَّمَانِ فِي وَسَطِ الْوَقْتِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ نَافِعٍ لَا يَتَيَمَّمُ أَحَدٌ إِلَّا أَنْ يَخَافَ فَوَاتَ الْوَقْتِ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ حَنْبَلٍ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ طَهَارَةُ ضَرُورَةٍ وَلَا ضَرُورَةَ مَعَ بَقَاءِ الْوَقْتِ وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَتَيَمَّمُ الْمُسَافِرُ أَوَّلَ الْوَقْتِ مُطْلَقًا وَلَمْ يُفَرِّقْ قَالَ وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّ بِدُخُولِ الْوَقْتِ قَدْ وَجَبَتِ الصَّلَاةُ فَيُمَكَّنُ الْمُكَلَّفَ مِنْ فِعْلِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ يَخْتَلِفَ بِاخْتِلَافِ الْأَعْذَارِ فَإِنْ سَقَطَ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ لِعُذْرٍ كَالْمَجْدُورِ يَتَيَمَّمُ أَوَّلَ الْوَقْتِ لِإِدْرَاكِ فَضِيلَةِ الْوَقْتِ وَعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِي التَّأْخِيرِ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إِنْ سَقَطَ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ لِعَدَمِهِ أَوْ لعدم المناول أَو عدم الْأَمْن االموصل إِلَيْهِ كَالْآيِسِ مِنَ الْمَاءِ حَتَّى يَخْرُجَ الْوَقْتُ يَتَيَمَّمُ أَوَّلَ الْوَقْتِ وَكَذَلِكَ قَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ عبد الحكم وَابْن الْمَاجشون وَالشَّافِعِيّ وَأَبُو حنيفَة وَهُوَ عَلَى خِلَافِ أَصْلِهِ لِتَعَلُّقِ الْوُجُوبِ عِنْدَهُ بِآخِرِ الْوَقْتِ وَأَمَّا الرَّاجِي فَيَتَيَمَّمُ آخِرَ الْوَقْتِ تَوَقُّعًا لِتَحْصِيلِ مَصْلَحَةِ الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ وَقَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمَجْمُوعَة وَأَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ لِأَنَّ فَضِيلَةَ أَوَّلِ الْوَقْتِ تُتْرَكُ لِرُخْصَةِ الْجَمْعِ وَالطَّهَارَةُ لَا تُتْرَكُ لِرُخْصَتِهِ وَإِنَّمَا تُتْرَكُ لِلْعَجْزِ وَأَمَّا الَّذِي لَا يَرْتَجِي وَلَا يَيْأَسُ كَالْجَاهِلِ بِموضع المَاء

يَتَيَمَّمُ وَسَطَ الْوَقْتِ عِنْدَ الْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ وَابْنِ الْجَلَّابِ فَرْعٌ لَا إِعَادَةَ عَلَى مَنْ أَوْقَعَ الصَّلَاةَ فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ لَهُ إِلَّا أَرْبَعَةٌ فَإِنَّهُمْ يُعِيدُونَ فِي الْوَقْتِ الْأَوَّلُ الشَّاكُّ فَإِنَّهُ كَالْمُقَصِّرِ فِي حَدْسِهِ وَلَوْ أَنَّهَا نِهَايَتُهُ لَأَوْشَكَ أَنْ يَظْهَرَ لَهُ قَالَ فِي الْكِتَابِ مَنْ أُمِرَ بِالتَّيَمُّمِ وَسَطَ الْوَقْتِ فَفَعَلَ ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ فَإِنَّهُمْ يُعِيدُونَ إِلَّا الْمُسَافِرَ فَإِنَّهُ لَا يُعِيدُ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ يَصِلُ الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ فَتَيَمَّمَ أَوَّلَهُ وَصَلَّى قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُعِيدُهَا فِي الْوَقْتِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ لِأَنَّ هَذِهِ الْإِعَادَةَ مُسْتَحَبَّةٌ وَالْمُسَافِرُ جُوِّزَ لَهُ تَرْكُ نِصْفِ الْعَزِيمَةِ وَالْمُسْتَحَبَّةُ أَوْلَى وَيُعِيدُ غَيْرُهُ كَالْفَاقِدِ إِذَا وَجَدَ الْمَاءَ وَأَمَّا قَوْلُهُ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ يَصِلُ الْمَاءَ أَمَرَهُ بِالْإِعَادَةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فِي الْوَقْتِ لِأَنَّ دُخُولَ الْوَقْتِ وَهُوَ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ لَا يَمْنَعُ مِنْ تَحْصِيلِ مَصْلَحَةِ أَوَّلِ الْوَقْتِ كَمَا لَا يَمْنَعُ النَّافِلَةَ فَإِذَا فَعَلَ أَجْزَأَ وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ لَصَحَّتْ صَلَاتُهُ وَلَوْ كَانَ اعْتِقَادُ وِجْدَانِ الْمَاءِ يَمْنَعُ مِنَ الصِّحَّةِ لَكَانَتْ فَاسِدَةً تُعَادُ أَبَدًا فَالْفَائِتُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ إِنَّمَا هُوَ فَضِيلَةُ الطَّهَارَةِ فَإِنْ وَجَدَ الْمَاءَ يُعِيدُ لِتَحْصِيلِهَا قَالَ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ لَمْ يُعِدْ فِي الْوَقْتِ أَعَادَ أَبَدًا لِأَنَّ اعْتِقَادَ الْوِجْدَانِ يَمْنَعُ التَّيَمُّمَ تَنْزِيلًا لِلِاعْتِقَادِ مَنْزِلَةَ الرُّؤْيَةِ إِلَّا أَنَّهُ إِذَا صَلَّى وَلَمْ يَجِدْ مَاءً تَبَيَّنَ فَسَادُ اعْتِقَادِهِ وَصِحَّةُ صَلَاتِهِ وَإِذَا قُلْنَا يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ فَهُوَ الْقَامَةُ الْأُولَى عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَقِيلَ الْغُرُوبُ وَيُعِيدُ مَنْ صَلَّى بِالنَّجَاسَةِ إِلَى الِاصْفِرَارِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ النَّجَاسَةَ مَنَافِيةٌ مُقَارَنَةً وَالصَّلَاةُ هَهُنَا بِغَيْرِ مُنَافٍ الثَّانِي النَّاسِي لِلْمَاءِ فِي رَحْلِهِ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا ذَكَرَ النَّاسِي أَعَادَ فِي الْوَقْتِ فَإِنْ ذَكَرَ وَهُوَ الصَّلَاةِ قَطَعَهَا وَأَعَادَهَا بِالْوُضُوءِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَرَوَى الْمَدَنِيُّونَ الْإِعَادَةَ مُطْلَقًا وَهُوَ قَوْلُ مُطَرِّفٍ وَعبد الْملك وَابْن عبد الحكم وَوَافَقَ أَبُو حنيفَة الْمَشْهُور وَاخْتلف قَول الشَّافِعِي وَفرق بعض

أَصْحَابِهِ بَيْنَ النَّاسِي فَلَا يُجْزِئُهُ لِتَفْرِيطِهِ وَبَيْنَ الْجَاهِلِ الَّذِي جَعَلَ الْمَاءَ فِي سَاقِيَتِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَيُجْزِيهِ لِعَدَمِ تَفْرِيطِهِ قَالَ ابْنُ شَاسٍ وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَدَمَ الْإِعَادَةِ مُطْلَقًا وَلَوْ أَدْرَجَ الْمَاءَ فِي رَحْلِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ لَمْ يَقْطَعْ وَلَمْ يَقْضِ وَوَافَقَهُ ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الطَّرَّازِ وَالَّذِي فِي الْكِتَابِ لَا عِلْمَ عِنْدِهِ وَهُوَ أَعَمُّ مِنَ الْقِسْمَيْنِ. حُجَّةُ الْمَشْهُورِ أَنَّ اسْتِعْمَالَ الْمَاءِ سَقَطَ بِالْأَعْذَارِ كَاللُّصُوصِ وَالسِّبَاعِ وَتَقْلِيدِ إِنْسَانٍ فِي عَدَمِ الْمَاءِ وَالنِّسْيَانُ عُذْرٌ فَيَسْقُطُ وَإِخْبَارُ نَفْسِهِ كَإِخْبَارِ غَيْرِهِ لَهُ وَهُوَ نَاسٍ. حُجَّةُ الْوُجُوبِ أَنَّ وُجُودَ الْمَاءِ لَا يُنَافِيهِ النِّسْيَانُ وَإِنَّمَا يُنَافِيهِ الْعَدَمُ وَالتَّيَمُّمُ مَشْرُوطٌ بِعَدَمِ الْوُجُودِ لِلْآيَةِ وَلَمْ يَتَحَقَّقِ الشَّرْطُ وَقِيَاسًا عَلَى نِسْيَانِ الرَّقَبَةِ فِي مِلْكِهِ فِي الْكَفَّارَةِ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ الصَّوْمُ وَعَلَى الْجَبِيرَةِ إِذَا صَحَّتْ وَنَسِيَ أَنْ يَنْزِعَهَا وَيَغْسِلَ مَا تَحْتَهَا وَعَلَى الْخُفِّ إِذَا نَسِيَ غَسْلَ مَا تَحْتَهُ وَالْعِلَّةُ فِي الْجَمِيعِ نِسْيَانُ الشَّرْطِ وَقَوْلُهُ إِنْ ذَكَرَهُ فِي الصَّلَاةِ قَطَعَهَا لِأَنَّهُ مَعْنًى تُعَادُ الصَّلَاةُ لِأَجْلِهِ فِي الْوَقْتِ فَتُقْطَعُ لَهُ قِيَاسًا عَلَى مَنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ فِي الْمَسْجِدِ بَعْدَ إِحْرَامِهِ مُنْفَرِدًا قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَيَتَخَرَّجُ فِيهَا قَوْلُ أَنَّهُ لَا يَقْطَعُ كَمَنْ نَسِيَ ثَوْبَهُ الطَّاهِرَ وَصَلَّى بِنَجِسٍ ثُمَّ ذَكَرَهُ فِي الصَّلَاةِ. فَرْعٌ مُرَتَّبٌ لَوْ سَأَلَ رُفْقَتَهُ الْمَاءَ فَنَسُوهُ فَلَمَّا تَيَمَّمَ وَصَلَّى وَجَدُوهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ إِنْ ظَنَّ أَنَّهُمْ إِنْ عَلِمُوا بِهِ مَنَعُوهُ لَا يُعِيدُ وَإِلَّا أَعَادَ فِي الْوَقْتِ وَلَوْ تَيَقَّنَ الْمَاءَ فِي رَاحِلَتِهِ وَاخْتَلَطَتْ فِي الْقَافِلَةِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهَا قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُفَرِّطٍ فَتَصِحُّ صَلَاتُهُ لِأَنَّ الْمُسَافِرَ قَدْ يَشْتَغِلُ بِشَدِّ مَتَاعٍ أَوْ إِصْلَاحِ شَأْنٍ فَيَعْرِضُ لَهُ ذَلِك كثيرا ولأصحاب الشَّافِعِي فِيهِ قَوْلَانِ. الثَّالِثُ الْخَائِفُ مِنَ اللُّصُوصِ. الرَّابِعُ الْعَادِمُ مَنْ يُنَاوِلُهُ الْمَاءَ لِتَقْصِيرِهِمْ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْكِتَابِ.

الفصل السابع في الأحكام التابعة للتيمم

هَذَا حُكْمُ مَنْ أَوْقَعَ الصَّلَاةَ فِي الْوَقْتِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ وَأَمَّا مَنْ أَخَّرَ مَا أَذِنَ لَهُ فِي تَقْدِيمِهِ فَلَا إِعَادَةَ وَمَنْ قَدَّمَ مَا أَذِنَ لَهُ فِي تَأْخِيرِهِ فَقيل يُعِيد فِي الْوَقْت وَقيل وَبعده وَسَبَبُ الْخِلَافِ هَلِ التَّأْخِيرُ مِنْ بَابِ الْأَوْلَى أَوِ الْأَوْجَبِ وَقِيلَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْعَالِمِ فَيُعِيدُ مُطْلَقًا وَبَيْنَ الظَّانِّ فَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَمَنْ قدم مَا أَمر يتوسطه فَلَا يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَإِنْ أَمَرْنَاهُ بِالْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ فَنَسِيَ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يُعِيدُ بَعْدَ الْوَقْتِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ كُلُّ مَنْ أَمَرْنَاهُ بِإِعَادَةٍ فِي الْوَقْتِ فَنَسِيَ أَعَادَ بَعْدَ الْوَقْتِ الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي الْأَحْكَامِ التَّابِعَةِ لِلتَّيَمُّمِ وَفِيهِ فُرُوعٌ عَشَرَةٌ: الْفَرْعُ الْأَوَّلُ قَالَ فِي الْكِتَابِ الْآيِسُ مِنَ الْمَاءِ لَا يُعِيدُ خِلَافًا لطاووس لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ خَرَجَ رَجُلَانِ لِسَفَرٍ فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ وَلَيْسَ مَعَهُمَا مَاءٌ فَتَيَمَّمَا وَصَلَّيَا ثُمَّ وَجَدَا الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ فَأَعَادَ أَحَدُهُمَا الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ وَلَمْ يُعِدِ الْآخَرُ ثُمَّ أَتَيَا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذَكَرَا ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ لِلَّذِي لَمْ يُعِدْ أَصَبْتَ السُّنَّةَ وَأَجْزَأَتْكَ صَلَاتُكَ وَقَالَ لِلْآخَرِ لَكَ الْأَجْرُ مَرَّتَيْنِ وَقِيَاسًا عَلَى الْجَبِيرَةِ وَالْقَصْرِ لِلصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ فَإِذَا زَالَتْ أَعْذَارُهُمْ لَا يُعِيدُونَ فَكَذَلِك هَهُنَا. الثَّانِي قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا طَلَعَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مَعَهُ مَاءٌ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ لَا يَقْطَعُ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ نَسِيَ الْمَاءَ فِي رَحْله وَقَالَ أَبُو حنيفَة يَقْطَعُ إِلَّا أَنْ يَجِدَهُ قَبْلَ السَّلَامِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَقْطَعُ. لَنَا أَنه مأذوق لَهُ فِي الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ بِالتَّيَمُّمِ وَالْأَصْلُ بَقَاء ذَلِك

الْإِذْن وَلقَوْله تَعَالَى {وَلَا تَطْلُبُوا أَعمالكُم} وَالْعَمَلُ كَانَ مَعْصُومًا قَبْلَ طَرَيَانِ الْمَاءِ وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ. حُجَّةُ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الْأَصْلَ إِيقَاعُ الصَّلَاةِ بِالْوُضُوءِ مَعَ الْقُدْرَةِ وَقَدْ قَدَرَ فَيَجِبُ وَلِأَنَّ كُلَّ مَا أَبْطَلَ الطَّهَارَةَ خَارِجَ الصَّلَاةِ أَبْطَلَهَا دَاخِلَ الصَّلَاةِ. جَوَابُهُ أَنَّ ذَلِكَ يَنْتَقِضُ بِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَسُؤْرِ الْحِمَارِ فَإِنَّهُمْ لَا يَقُولُونَ ببطلانها. نقوض سنة: يَحْتَجُّ الْخَصْمُ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْأَمَةِ تُعْتَقُ فِي الصَّلَاةِ مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ وَالْعُرْيَانِ يَجِدُ ثَوْبًا فِي الصَّلَاةِ وَالْمُسَافِرِ يَنْوِي الْإِقَامَةَ فِي أَثْنَائِهَا وَنَاسِي الْمَاءِ فِي رَحْلِهِ وَالْوَالِي يَقْدَمُ عَلَى وَالٍ آخَرَ فِي إِتْيَانِ الْجُمُعَةِ وَذِكْرِ الصَّلَاةِ فِي صَلَاةٍ وَالْفَرْقِ بَيْنَ صُورَةِ النِّزَاعِ وَبَيْنَ الْأُولَى وَالثَّانيَِة أَنَّهُمَا دخلا بِغَيْر بدل وَهَهُنَا بِبَدَلٍ وَهُوَ التَّيَمُّمُ مَعَ أَنَّ ابْنَ يُونُسَ قَالَ إِذَا عُتِقَتِ الْأَمَةُ بَعْدَ رَكْعَةٍ وَهِيَ مَكْشُوفَةُ الرَّأْسِ قَالَ أَشْهَبُ تَتَمَادَى وَلَا تُعِيدُ فِي وَقْتٍ وَلَا غَيْرِهِ كَالْمُتَيَمِّمِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ لَمْ تَجِدْ مَنْ يُنَاوِلُهَا خِمَارًا وَلَا وَصَلَتْ إِلَيْهِ فَلَا تُعِيدُ وَإِنْ قَدَرَتْ أَعَادَتْ فِي الْوَقْتِ وَبَيْنَ الثَّالِثَةِ أَنَّ الْإِبْطَالَ وُجِدَ مِنْ جِهَتِهِ وَفِعْلِهِ بِكَوْنِهِ قَصَدَ الْإِقَامَةَ وَالْقَصْرُ رُخْصَةٌ فِي السَّفَرِ وَبَيْنَ الرَّابِعَةِ أَنَّهُ مَنْسُوبٌ لِلتَّفْرِيطِ لِنِسْيَانِهِ وَبَيْنَ الْخَامِسَةِ أَنَّ اسْتِنَابَةَ الثَّانِي عَنِ الْأَوَّلِ كَالْوَكِيلِ وَأَمَّا التَّيَمُّمُ فَهُوَ بَدَلٌ عَنِ الْوُضُوءِ وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ أَبْقَيْنَا الْأَوَّلَ لَتَرَكْنَا الِاحْتِيَاطَ لِلنَّاسِ كَافَّةً فِي جَمْعِهِمْ وَبَيْنَ السَّادِسَةِ أَنَّ نِسْيَانَ الصَّلَاةِ كَانَ مِنْ قِبَلِهِ فَهُوَ مُفَرِّطٌ وَلِأَنَّ الشَّرْعَ قَدْ جَعَلَ الْوَقْتَ لِلْمَنْسِيَّةِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَإِنَّ ذَلِكَ وَقْتٌ لَهَا الْحَدِيثَ فَتَكُونُ الْحَاضِرَةُ حِينَئِذٍ فِي غَيْرِ وَقْتِهَا وَمَنْ صَلَّى قَبْلَ الْوَقْتِ أَعَادَ أَمَّا الْمُتَيَمِّمُ فَصَلَّاهَا فِي وَقْتِهَا بشروطها فتجزئه.

الثَّالِثُ قَالَ صَاحِبُ الْإِشْرَافِ إِذَا وَجَدَهُ قَبْلَ الشُّرُوعِ لَا يَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ إِذَا خَشِيَ فَوَاتَ الْوَقْتِ وَإِنْ لَمْ يَخْشَ فَالْعُلَمَاءُ عَلَى بُطْلَانِ تَيَمُّمِهِ إِلَّا أَبَا سَلَمَةَ. لَنَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى اشْترط عَدو وُجُودِ الْمَاءِ وَهُوَ وَاجِدٌ. الرَّابِعُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا وَجَدَ الْجُنُبُ الْمَاءَ بَعْدَ التَّيَمُّمِ وَالصَّلَاةِ وَخُرُوجِ الْوَقْتِ اغْتَسَلَ لِلْمُسْتَقْبَلِ وَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ فَيُعِيدُ مَا صَلَّى فِي الْوَقْتِ الَّذِي وَجَدَ فِيهِ الْمَاءَ. لَنَا مَا فِي أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ لِأَبِي ذَرٍّ الصَّعِيدُ طَهُورُ الْمُسْلِمِ وَلَوْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ عَشْرَ سِنِينَ فَإِذَا وَجَدَ الْمَاءَ فَلْيُمْسِسْهُ بَشَرَتَهُ وَحَكَى صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ فِيهِ الْإِجْمَاعَ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ هِيَ الَّتِي اعْتَمَدَ عَلَيْهَا الْأَصْحَابُ وَغَيْرُهُمْ فِي أَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ وَهُوَ مِنَ الْأُمُورِ الْمُشْكِلَةِ وَقَدْ آنَ أَنْ نَكْشِفَ عَنْهُ فَنَقُولَ كَيْفَ يَسْتَقِيمُ قَوْلُنَا التَّيَمُّمُ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ مَعَ أَنَّ الْحَدَثَ لَهُ مَعْنَيَانِ أَحَدُهُمَا الْأَسْبَابُ الْمُوجِبَةُ كَالرِّيحِ لِلْوُضُوءِ وَالْوَطْءِ لِلْغُسْلِ مَثَلًا وَالثَّانِي الْمَنْعُ الشَّرْعِيُّ مِنَ الْإِقْدَامِ عَلَى الْعِبَادَةِ حَتَّى نَتَطَهَّرَ وَهَذَا هُوَ الَّذِي قَصَدَهُ الْفُقَهَاءُ بِقَوْلِهِمْ يَنْوِي الْمُتَطَهِّرُ رَفْعَ الْحَدَثِ فَإِنَّ رَفْعَ الْأَسْبَابِ مُحَالٌ. فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِأَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ الْأَوَّلَ فَكَذَلِكَ الْوُضُوءُ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ الثَّانِي فَقَدِ ارْتَفَعَ بِالضَّرُورَةِ فَإِنَّ الْإِبَاحَةَ ثَابِتَةٌ إِجْمَاعًا وَمَعَ الْإِبَاحَةِ لَا مَنْعَ فَهَذَا بَيَانٌ ضَرُورِيٌّ لَا مَحِيصَ عَنْهُ. وَأَمَّا مَا يُتَمَسَّكُ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ صَلَّيْتَ بِأَصْحَابِكَ وَأَنْتَ جُنُبٌ وَكَانَ مُتَيَمِّمًا وَمِنْ إِيجَابِ الْغسْل على الْجنب إِذا وَجب الْمَاءُ وَمِنْ عَدَمِ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَوَاتِ فَتَخَيُّلَاتٌ لَا تَحْقِيقَ لَهَا. أَمَّا الْأَوَّلُ فَمَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِفْهَامِ لِيَتَبَيَّنَ مَا عِنْدَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ مِنَ الْفِقْه

لَا عَلَى الْخَبَرِ وَالْكَلَامُ مُحْتَمِلٌ لِلْأَمْرَيْنِ فَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا نَقُولُ عَلَى وَفْقِ الدَّلِيلِ الضَّرُورِيِّ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ. وَأَمَّا وُجُوبُ الْغُسْلِ عَلَى الْجُنُبِ فَإِنَّ الْمَاءَ فِيهِ مِنَ الْمُنَاسَبَةِ لِلتَّقَرُّبِ مَا لَيْسَ فِي التُّرَابِ فَوَجَبَ اسْتِعْمَالُهُ عِنْدَ وُجُودِهِ لِمُنَاسَبَتِهِ لِمَعْنَى التَّقَرُّبِ لَا أَنَّ الْحَدَثَ بَاقٍ. وَأَمَّا عَدَمُ الْجَمْعِ بَيْنَ صَلَوَاتٍ فَذَلِكَ هُوَ الْأَصْلُ فِيهِ وَفِي الْوُضُوءِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة فَاغْسِلُوا} إِلَى قَوْله تَعَالَى {فَتَيَمَّمُوا} وَالشُّرُوطُ اللُّغَوِيَّةُ أَسْبَابٌ وَالْأَصْلُ تَرْتِيبُ الْمُسَبَّبَاتُ عَلَى الْأَسْبَابِ وَكَذَلِكَ كَانَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَرَى أَلَّا يَجْمَعَ بَيْنَ فَرْضَيْنِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إِنَّ الْوُضُوءَ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ فَكَذَلِكَ التَّيَمُّمُ. وَأَمَّا وُجُوبُ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ إِذَا وَجَدَهُ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَلِمَا تَقَدَّمَ مِنْ مُنَاسَبَتِهِ لِلنَّظَافَةِ وَأَصَالَتِهِ لَا لِبَقَاءِ الْحَدَثِ. وَقَدِ اشْتَدَّ نَكِيرُ صَاحِبِ الْقَبَسِ وَإِنَّهُ لَمَعْذُورٌ قَالَ رَفْعُ التَّيَمُّمِ لِلْحَدَثِ هُوَ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ فَإِنَّ الْمُوَطَّأَ كِتَابُهُ الَّذِي كَانَ يُعْنَى بِهِ وَيُقْرَأُ عَلَيْهِ طُولَ عُمُرِهِ حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ الْقَائِلُ فِيهِ يَؤُمُّ الْمُتَيَمِّمُ الْمُتَوَضِّئِينَ لِأَنَّ الْمُتَيَمِّمَ قَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَلَيْسَ الَّذِي وَجَدَ الْمَاءَ بِأَطْهَرَ مِنْهُ وَلَا أَتَمَّ صَلَاةً وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ رَفْعُ الْحَدَثِ بِالتَّيَمُّمِ مُغَيٌّ بِطَرَيَانِ الْمَاءِ كَمَا أَن رفع بِالْوضُوءِ مغي بِطَرَيَانِ الْحَدَثِ. وَكَذَلِكَ اشْتَدَّ تَعَجُّبُ الْمَازِرِيِّ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَقَالَ لَعَلَّ الْخِلَافَ فِي اللَّفْظِ وَاسْتَدَلَّ عَلَى رَفْعِ التَّيَمُّمِ لِلْحَدَثِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَكِن يُرِيد ليطهركم} وَبِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا وَحَكَى فِيهِ رِوَايَتَانِ عَنْ مَالِكٍ وَابْنِ الْمُسَيَّبِ وَابْنِ شِهَابٍ.

وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّهُ يَرْفَعُ الْحَدَثَيْنِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ إِذَا وَجَدَ الْمَاءَ بَعْدَ التَّيَمُّمِ وَقَبْلَ الصَّلَاةِ قَالَ وَفَائِدَةُ رَفْعِ الْحَدَثِ عِنْدَ الْأَصْحَابِ أَرْبَعَةُ أَحْكَامٍ وَطْءُ الْحَائِضِ إِذَا طَهُرَتْ بِهِ وَلُبْسُ الْخُفَّيْنِ بِهِ وَعَدَمُ وُجُوبِ الْوُضُوءِ إِذَا وَجَدَ الْمَاءَ بَعْدَهُ وَإِمَامَةُ الْمُتَيَمِّمِ الْمُتَوَضِّئِينَ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ زَادَ ابْنُ شَاسٍ التَّيَمُّمَ قَبْلَ الْوَقْتِ فَتَكُونُ خَمْسَةً. نَظَائِرُ خَمْسَةٌ التَّيَمُّمُ وَالْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْمَسْحُ عَلَى الْجَبِيرَةِ وَالْمَسْحُ عَلَى شَعْرِ الرَّأْسِ وَالْغَسْلُ عَلَى الْأَظْفَارِ وَفِي الْجَمِيعِ قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ وَالْمَذْهَبُ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ عَدَمُ الرَّفْعِ. الْخَامِسُ قَالَ فِي الْكِتَابِ يَؤُمُّ الْمُتَيَمِّمُ الْمُتَوَضِّئِينَ وَإِمَامَةُ الْمُتَوَضِّئِ لَهُمْ أَحَبُّ إِلَيَّ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ عَلَى أَصْلِنَا فَيُكَرَهُ لِأَنَّهَا حَالَةُ ضَرُورَةٍ كَصَاحِبِ السَّلَسِ وَالْإِجْزَاءِ لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ صَلَّى مُتَيَمِّمًا بِالْمُتَوَضِّئِينَ وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ خَلْفَ مَنْ يُومِئُ وَالْقَارِئِ خَلْفَ الْأُمِّيِّ أَنَّ السُّجُودَ وَالْقِرَاءَةَ مِنْ نَفْسِ الصَّلَاةِ فَالْإِخْلَالُ بِهِمَا إِخْلَالٌ فِي نَفْسِ الصَّلَاةِ فَالْمَأْمُومُ حِينَئِذٍ آتٍ بِصَلَاةٍ لَا سُجُودَ فِيهَا وَلَا قِرَاءَةَ لِأَنَّ الصَّلَاتَيْنِ وَاحِدَةٌ وَأَمَّا الطَّهَارَةُ فَلَا تَبَعِيَّةَ فِيهَا وَلَا اخْتِلَاطَ وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ مِنْهَا الِاسْتِبَاحَةُ وَهِيَ حَاصِلَةٌ. السَّادِسُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا نَوَى بِتَيَمُّمِهِ الصَّلَاةَ جَاهِلًا لِلْجَنَابَةِ وَصَلَّى لَا يُجزئهُ وَيُعِيد أبدا وَهُوَ قَول أبي حنيفَة قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَرُوِيَ عَنْهُ الْإِجْزَاءُ وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَيُعِيد فِي الْوَقْت. وَجه الأول قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى وَهُوَ لَمْ يَنْوِ الْجَنَابَةَ فَلَا تَرْتَفِعُ وَلِأَنَّ الَّذِي نَوَاهُ لَيْسَ بِمَانِعٍ لِلصَّلَاةِ لِانْدِرَاجِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ فِي الْأَكْبَرِ فَأَشْبَهَ مَا إِذَا نَوَى الْأَكْلَ أَوِ الشُّرْبَ وَلَوْ سَلَّمْنَا

عَدَمَ الِانْدِرَاجِ لَكِنَّ التَّيَمُّمَ لِلْوُضُوءِ بَدَلٌ عَنِ الْوُضُوءِ وَالْوُضُوءُ نَفْسُهُ بَعْضُ أَعْضَاءِ الْجَنَابَةِ فَلَا يُجْزِئُ عَنْهَا فَيَكُونُ بَدَلَهُ كَذَلِكَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَوَجْهُ الْإِجْزَاءِ أَنَّ صُورَةَ التَّيَمُّمِ لَهُمَا وَاحِدَةٌ وَمُوجِبُهُ لَهُمَا وَاحِدٌ وَهُوَ عَدَمُ الْمَاءِ فَيُجْزِئُ كَالْوضُوءِ للريح عَن الوضوئ مِنَ الْمَسِّ. فَلَوْ تَيَمَّمَ لِلْجَنَابَةِ ثُمَّ تَبَيَّنَ عَدَمَهَا هَلْ يُجْزِئُهُ عَنِ الْوُضُوءِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ يُجْزِئُهُ. السَّابِعُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا تَيَمَّمَتِ الْحَائِضُ وَصَلَّتْ بَعْدَ طُهْرِهَا لَا يَطَؤُهَا زَوْجُهَا حَتَّى يَكُونَ مَعَهُمَا مِنَ الْمَاءِ مَا يَغْتَسِلَانِ بِهِ جَمِيعًا قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ يُرِيدُ حَتَّى يَكُونَ مَعَهُمَا مِنَ الْمَاءِ مَا يَتَطَهَّرَانِ بِهِ مِنَ الْحَيْضِ وَالْجَنَابَةِ وَفِي كِتَابِ ابْنِ شَعْبَانَ لَهُ وَطْؤُهَا بِالتَّيَمُّمِ وَهُوَ قَول الشَّافِعِي. لَنَا أَنَّ التَّيَمُّمَ لَيْسَ بِطَهَارَةٍ فَيَقْتَصِرَ بِهِ عَلَى الصَّلَاةِ. حُجَّةُ الْجَوَازِ أَنَّهُ طَهَارَةٌ لِلصَّلَاةِ فَيَكُونُ طَهَارَةً لِغَيْرِهَا عَمَلًا بِارْتِفَاعِ الْمَنْعِ فِي الصُّورَتَيْنِ. الثَّامِنُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِذَا تَيَمَّمَ رَجُلَانِ فِي سَفَرٍ أَوْ نَفَرٌ يَسِيرٌ فَقَالَ رَجُلٌ وَهَبْتُ هَذَا الْمَاءَ لِأَحَدِكُمَا وَهُوَ يَكْفِي أَحَدَهُمَا قَالَ سَحْنُونُ مَنْ أَسْلَمَهُ لِصَاحِبِهِ انْتَقَضَ تَيَمُّمُ التَّارِكِ لَهُ وَكَذَلِكَ إِذَا قَالَ هُوَ لِأَحَدِكُمْ إِلَّا فِي الْعَدَدِ الْكَثِيرِ كَالْجَيْشِ فَلَا يَنْتَقِضُ وُضُوءُ الْبَاقِينَ وَإِنْ قَلَّ كَأَنَّهُ رَأَى أَنَّ قَوْلَهُ يُوجِبُ التَّشْرِيكَ بَيْنَهُمْ وَنَصِيبُ كُلِّ وَاحِد لَا يَقع بِهِ الكفارية بِخِلَافِ قَوْلِهِ هُوَ لِأَحَدِكُمَا فَإِنَّهُمَا لَوْ تَقَارَعَا عَلَيْهِ حَصَلَ لِأَحَدِهِمَا فَمَنْ أَسْلَمَهُ مَعَ جَوَازِ أَنْ يَكُونَ لَهُ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ فَإِذَا كَانَ اثْنَانِ كَانَ ظَنُّ أَحَدِهِمَا لِحَوْزِهِ أَقْرَبَ مِنَ الثَّلَاثَةِ وَكُلَّمَا كَثُرَ الْعَدَدُ ضَعُفَ الظَّنُّ وَلَوْ وَجَدُوهُ فِي الصَّحْرَاءِ بَعْدَ تَيَمُّمِهِمْ بِمَكَانٍ لَا ينسون فِيهِ إِلَى تَفْرِيطٍ فَإِنْ بَدَرَ إِلَيْهِ أَحَدُهُمْ فَتَوَضَّأ بِهِ قَالَ سَحْنُون فِي العتيبة لَا يَنْتَقِضُ تَيَمُّمُ الْبَاقِينَ فَلَوْ أَعْطَوْهُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمُ اخْتِيَارًا قَالَ سَحْنُونُ فِي الْعُتْبِيَّةِ يَنْتَقِضُ تيممهم أَجْمَعِينَ وَقَالَ فِي الجموعة لَا يَنْتَقِضُ إِلَّا تَيَمُّمُ الْمُسَلَّمِ إِلَيْهِ لِأَنَّهُمْ قَبْلَ حَوْزِهِ لَا يُعَدُّونَ مَالِكِينَ لَهُ وَإِنَّمَا مَلَكَهُ مَنْ حَازَهُ كَالصَّيْدِ وَلَوْ سَلِمَ مِلْكُهُمْ فَالَّذِي يُصِيبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لَا تَقَعُ بِهِ الْكِفَايَةُ كَمَا لَوْ وَهَبَهُ لِجَمِيعِهِمْ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا وَجَدَ الرُّجَلَانِ فِي السَّفَرِ مِنَ الْمَاءِ كِفَايَةَ أَحَدِهِمَا فَيَتَشَاحَّانِ عَلَيْهِ يَتَقَاوَمَانِهِ لِأَنَّ الْمُقَاوَمَةَ شِرَاءٌ وَشِرَاءُ الْمَاءِ وَاجِبٌ فَإِنْ تَرَكَ أَحَدُهُمَا الْمُقَاوَمَةَ قَبْلَ بُلُوغِهِ الْقَدْرَ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ شِرَاؤُهُ بِهِ وَصَلَّى أَعَادَ الصَّلَاةَ أَبَدًا فَلَوْ كَانَا مُعْدَمَيْنِ كَانَ لَهُمَا التَّيَمُّمُ جَمِيعًا إِلَّا أَنْ يُجِيبَا إِلَى الْقُرْعَةِ فَمَنْ صَارَ لَهُ انْتَقَضَ تَيَمُّمُهُ وَكَانَ عَلَيْهِ قِيمَةُ نَصِيبِ صَاحِبِهِ دَيْنًا وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا وَالْآخَرُ مُعْسِرًا كَانَ لِلْمُوسِرِ الْوُضُوءُ بِهِ وَيُؤَدِّي لِشَرِيكِهِ قِيمَةَ نَصِيبِهِ إِلَّا أَنْ يَحْتَاجَ إِلَى نَصِيبِهِ مِنْهُ فَيُقَسَّمُ وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ لَا تَلْزَمُ الْمُقَاوَمَةُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إِلَّا أَنْ يَتَشَاحَّا وَأَمَّا إِنْ تَرَكَاهَا وَأَسْلَمَ أَحَدُهُمَا الْمَاءَ لِصَاحِبِهِ لَمْ يَنْتَقِضْ تَيَمُّمُ الدَّافِعِ قَالَ وَذَلِكَ بَعِيدٌ عِنْدِي. قَاعِدَةٌ الْمَوَانِعُ الشَّرْعِيَّةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: الْأَوَّلُ يُمْنَعُ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً كَالرَّضَاعِ يَمْنَعُ النِّكَاحَ قَبْلَهُ وَطَارِئًا عَلَيْهِ. وَالثَّانِي يُمْنَعُ ابْتِدَاءً فَقَطْ كَالِاسْتِبْرَاءِ يَمْنَعُ النِّكَاحَ ابْتِدَاءً وَإِذَا طَرَأَ عَلَيْهِ لَا يُبْطِلُهُ. الثَّالِثُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ كَالْإِحْرَامِ يَمْنَعُ مِنْ وَضْعِ الْيَدِ عَلَى الصَّيْدِ ابْتِدَاءً وَإِنْ طَرَأَ عَلَى الصَّيْدِ اخْتُلِفَ فِيهِ وَكَذَلِكَ الْمَاءُ مَعَ التَّيَمُّمِ وَعَلَى الْفَقِيهِ أَنْ يَنْظُرَ فِي رَدِّ الْفُرُوعِ إِلَى أَقْرَبِ الْأُصُولِ إِلَيْهَا فَيَعْتَمِدَ عَلَيْهِ. التَّاسِعُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ لَوْ وَجَدَ الْمُتَيَمِّمُ مَاءً فَتَوَضَّأَ بِهِ وَصَلَّى أَوْ لَمْ يُصَلِّ ثُمَّ عَلِمَ بِنَجَاسَتِهِ قَالَ سَحْنُونُ لَا يَنْتَقِضُ تَيَمُّمُهُ قَالَ وَيُرِيد بِالنَّجسِ غَيْرَ الْمُتَيَقَّنِ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِعَدَمِ اتِّصَالِ تَيَمُّمِهِ بِصَلَاتِهِ. الْعَاشِرُ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَصَابَ الْمُتَيَمِّمَ بَوْلٌ وَلَا مَاءَ مَعَهُ مَسَحَهُ بِالتُّرَابِ وَأَعَادَ فِي الْوَقْتِ لِأَنَّهُ يزِيل الْعين.

صفحه فارغه

(الباب السادس في الحيض)

(الْبَابُ السَّادِسُ فِي الْحَيْضِ) وَلْنُقَدِّمِ الْكَلَامَ عَلَى لَفْظِهِ وَحَقِيقَتِهِ وَسَبَبِهِ ثُمَّ الْكَلَامَ عَلَى فِقْهِهِ أَمَّا لَفْظُهُ فَحَكَى صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ فِيهِ احْتِمَالَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ حَاضَتِ السَّمُرَةُ إِذَا خَرَجَ مِنْهَا مَاءٌ أَحْمَرُ فَشَبَّهَ دَمَ الْحَيْضِ بِهِ. وَثَانِيهِمَا أَنَّ الْحَيْضَ وَالْمَحِيضَ مُجْتَمَعُ الدَّمِ وَمِنْهُ الْحَوْضُ لِاجْتِمَاعِ الْمَاءِ فِيهِ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّ الْحَوْضَ مِنْ ذَوَاتِ الْوَاوِ وَالْحَيْضَ مِنْ ذَوَاتِ الْيَاءِ فَهُمَا مُتَبَايِنَانِ وَلِذَلِكَ جَعَلَهُمَا صَاحِبُ الصِّحَاحِ فِي بَابَيْنِ وَتَقُولُ حَاضَتِ الْمَرْأَةُ تَحِيضُ حَيْضًا وَمَحِيضًا فَهِيَ حَائِضٌ وَحَائِضَةٌ وَقَالَ بَعْضُ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ إِنْ أَرَدْتَ الْحَالَةَ الْمُسْتَمِرَّةَ وَالصِّفَةَ الْمُعْتَادَةَ قُلْتَ حَائِضٌ وَطَاهِرٌ وَطَالِقٌ وَإِنْ أَرَدْتَ الْحَالَةَ الْحَاضِرَةَ قُلْتَ حَائِضَةٌ وَطَاهِرَةٌ وَطَالِقَةٌ وَالْحَيْضَةُ الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ وَلَوْ دَفْعَةً بِفَتْحِ الْحَاءِ وَلَكِنَّ اصْطِلَاحَ الْمَذْهَبِ عَلَى أَنَّهَا الْمُدَّةُ الَّتِي تَعْتَدُّ بِهَا مِنْ زَمَانِ الْحَيْضِ فِي الْعَدَدِ وَالِاسْتِبْرَاءِ وَالْحِيضَةُ بِكَسْرِ الْحَاءِ الِاسْمُ وَالْخِرْقَةُ الَّتِي تَسْتَثْفِرُ بِهَا وَكَذَلِكَ الْمَحِيضَةُ. وَالْحَيْضُ وَالطُّهْرُ يُسمى كل وَاحِد مِنْهَا قُرْءًا وَقُرْءًا بِضَمِّ الْقَافِ وَفَتْحِهَا

وَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا عَلَى الْمَذْهَبَيْنِ قِيلَ الْإِطْلَاقُ عَلَى سَبِيلِ الِاشْتِرَاكِ وَقِيلَ مُتَوَاطِئٌ مَوْضُوعٌ لِلْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ وَاخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ الْمُشْتَرَكِ فَقِيلَ اجْتِمَاعُ الدَّمِ فِي الْجَسَدِ زَمَانَ الطُّهْرِ أَوْ فِي الرَّحِمِ زَمَانَ الْحَيْضِ فَإِنَّ أَصْلَ الْقُرْءِ الْجَمْعُ وَمِنْهُ قَرَأْتُ الْمَاءَ فِي الْحَوْضِ إِذَا جَمَعْتُهُ وَمِنْهُ الْقِرَاءَةُ لِلْكُتُبِ فَإِنَّهُ جَمْعُ حَرْفٍ إِلَى حَرْفٍ وَكَلِمَةٍ إِلَى كَلِمَةٍ وَقِيلَ الْمُشْتَرَكُ الزَّمَانُ لِقَوْلِهِمْ جَاءَ فُلَانٌ لِقُرْئِهِ أَيْ لِزَمَانِهِ وَلَمَّا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا زَمَانٌ يَخُصُّهُ قِيلَ لَهُ قُرْءٌ وَتَقُولُ الْعَرَبُ اسْتُحِيضَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا اسْتَمَرَّ دَمُهَا بَعْدَ أَيَّامِهِ فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ وَتَحَيَّضَتْ أَيْ قَعَدَتْ أَيَّامَ حَيْضِهَا وَفِي الْحَدِيثِ تَحَيَّضِي فِي عِلْمِ اللَّهِ سِتًّا أَوْ سَبْعًا وَأَمَّا حَقِيقَتُهُ فَهُوَ غُسَالَةُ الْجَسَدِ وَفَضَلَاتِ الْأَغْذِيَةِ الَّتِي لَا تَصْلُحُ لِلْبَقَاءِ وَلِذَلِكَ عَظُمَ نَتَنُهُ وَقَبُحَ لَوْنُهُ وَاشْتَدَّ لَذْعُهُ وَامْتَازَ عَلَى دَمِ الْجَسَدِ وَكَذَلِكَ عَلَى الَّذِي مِنْهُ دَمُ الِاسْتِحَاضَةِ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ذَلِكَ عِرْقٌ وَلَيْسَ بِحَيْضَةٍ أَيْ عِرْقٌ انْشَقَّ فَخَرَجَ مِنْهُ دَمُ الْجَسَدِ وَلَيْسَ بِغُسَالَةٍ فَيَجْتَمِعُ ذَلِكَ مِنَ الْوَقْتِ إِلَى الْوَقْتِ ثُمَّ يَنْدَفِعُ فِي عُرُوقِ الدَّمِ فَيَخْرُجُ مِنْ فُوَّهَاتِهَا إِلَى تَجْوِيفِ الرَّحِمِ فَيَجْتَمِعُ هُنَاكَ ثُمَّ يَنْدَفِعُ فِي عُنُقِ الرَّحِمِ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ الْوَطْءِ وَجَعَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ذَلِكَ عَلَمًا عَلَى بَرَاءَةِ الْأَرْحَامِ وَحِفْظًا لِلْأَنْسَابِ. وَأَمَّا سَبَبُهُ فَقِيلَ لَمَّا أَعَانَتْ حَوَّاءُ آدَمَ عَلَى الْأَكْلِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهَا هَذَا الدَّمَ عُقُوبَةً لَهَا يُبْعِدُهَا عَنْ طَاعَةِ رَبِّهَا حَالَةَ مُلَابَسَتِهِ لَهَا وَأَقَرَّ ذَلِكَ فِي بَنَاتِهَا وَقِيلَ أَوَّلُ مَا امْتُحِنَ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ. وَأَمَّا فِقْهُهُ فَنُمَهِّدُ لَهُ بِالنَّظَرِ فِي أَحْكَامِ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ وَأَقْسَامِ الْحَيْضِ وَدَمِ الِاسْتِحَاضَةِ وَدَمِ النِّفَاسِ فَهَذِهِ أَرْبَعَة فُصُول.

الفصل الأول في أحكام الحيض والطهر

الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي أَحْكَامِ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ وَأَقَلُّ الْحَيْضِ غَيْرُ مَحْدُودٍ بَلِ الصُّفْرَةُ وَالْكُدْرَةُ حَيْضٌ سَوَاءٌ كَانَتَا فِي أَوَّلِهِ أَوْ فِي آخِرِهِ خِلَافًا لِمَكْحُولٍ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النِّسَاءَ كُنَّ يَبْعَثْنَ إِلَيْهَا بِالدِّرَجَةِ فِيهَا الْكُرْسُفُ فِيهِ الصُّفْرَةُ فَتَقُولُ لَا تَعْجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ وَالدِّرَجَةُ بِكَسْرِ الدَّالِّ وَفَتْحِ الرَّاءِ جَمْعُ دُرْجَةٍ بِضَمِّ الدَّالِّ وَسُكُونِ الرَّاءِ الْخِرْقَةُ وَالْكُرْسُفُ الْقُطْنُ وَهُوَ أليق بالرحم اللينه وَتَجْفِيفِهِ لِمَا يَجِدُهُ وَصَفَائِهِ. وَالدَّفْعَةُ مِنَ الدَّمِ حيض خلافًا لأبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ فِي أَنَّهُمَا لَا يُعِدَّانِ حَيْضًا إِلَّا مَا كَانَ يَعْتَدُّ بِهِ فِي الْعِدَّةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ فَحَدَّدَهُ أَبُو حنيفَة وَابْن مسلمة بِثَلَاثَة أَيَّام وَالشَّافِعِيّ بِيَوْمٍ وَلَيْلَةٍ. وَفِي التَّفْرِيعِ أَقَلُّ الْحَيْضِ خَمْسَةُ أَيَّامٍ فِي الْعِدَدِ وَالِاسْتِبْرَاءِ لِعَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ الْمَازِرِيُّ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَقَلُّهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فِي الْعِدَّةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ وَفِي الْكِتَابِ فِي كِتَابِ الِاسْتِبْرَاءِ إِذَا رَأَتِ الدَّمَ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ فَتَسْأَلُ عَنْهُ النِّسَاءَ فَإِنْ قُلْنَ يَقَعُ بِهِ الِاسْتِبْرَاءُ اسْتَبْرَأَتْ بِهِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادَ تَفْرِقَةُ مَالِكٍ بَيْنَ الْعَدَدِ وَالصَّلَاةِ اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ عَدَمُ التَّفْرِقَةِ فَتَكُونُ الدَّفْعَةُ تَحْرُمُ بِهَا الصَّلَاةُ وَتَنْقَضِي بِهَا الْعِدَّةُ فَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِعَشَرَةِ أَيَّامٍ وَبَعْضِ يَوْمٍ. وَالْمَعْرُوفُ مِنَ الْمَذْهَبِ التَّفْرِقَةُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ دَمُ الْحَيْضِ أَسْوَدُ يُعْرَفُ فَإِذَا رَأَيْتِ ذَلِكَ فَاتْرُكِي الصَّلَاة وَقَوله تَعَالَى {فل هُوَ أَذَى فاعتزلوا النِّسَاء فِي الْمَحِيض} وَاتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى أَنَّ أَوَّلَ النِّفَاسِ غَيْرُ مَحْدُود فَكَذَلِك

فُرُوعٌ أَرْبَعَةٌ: الْأَوَّلُ الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ قَالَ فِي التَّلْقِينِ يَمْنَعَانِ أَحَدَ عَشَرَ حُكْمًا وُجُوبَ الصَّلَاةِ وَصِحَّةَ فِعْلِهَا وَفِعْلَ الصَّوْمِ دُونَ وُجُوبِهِ وَالْجِمَاعُ فِي الْفَرْجِ وَمَا دُونَهُ وَالْعِدَّةُ وَالطَّلَاقُ وَالطَّوَافُ وَمَسُّ الْمُصْحَفِ وَدُخُولُ الْمَسْجِدِ وَالِاعْتِكَافُ وَفِي الْقِرَاءَةِ رِوَايَتَانِ أَمَّا الْأَوَّلُ وَالثَّانِي فَبِالْإِجْمَاعِ فَرْعٌ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ لَوْ بَقِيَ مِنَ النَّهَارِ رَكْعَةٌ فَابْتَدَأَتْ تُصَلِّي الْعَصْرَ فَلَمَّا فَرَغَتِ الرَّكْعَةُ غَابَتِ الشَّمْسُ وَحَاضَتْ قَالَ سَحْنُونُ تَقْضِيهَا لِأَنَّهَا لَمْ تَحِضْ إِلَّا بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهَا كَمَا لَوْ لَمْ تُصَلِّهَا وَقَالَ أَصْبَغُ لَا تَقْضِيهَا لِأَنَّ مَا تَوَقَّعَهُ بَعْدَ الْغُرُوبِ لَوْ كَانَ زَمَنَ أَدَاءٍ لَكَانَتْ مَنْ إِذَا حَاضَتْ فِيهِ وَلَمْ تُصَلِّ الْعَصْرَ يَسْقُطُ عَنْهَا وَأَمَّا الْحَدِيثُ فَمَعْنَاهُ فَقَدْ أَدْرَكَ وَجُوبَهَا لِأَنَّهُ قَدْ لَا يُصَلِّيهَا فَلَا يَكُونُ أَدَاءً وَخَبَرُ الشَّرْعِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ صَادِقًا. وَأَمَّا الثَّالِثُ وَهُوَ وُجُوبُ الصَّوْمِ قَالَ الْمَازِرِيُّ أَنْكَرَهُ عَلَى الْقَاضِي جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْوَاجِبِ مَا يُعَاقَبُ تَارِكُهُ وَالْحَائِض لَا تعاقب على الصَّوْمِ وَالشَّيْءُ لَا يُوجَدُ بِدُونِ حَقِيقَتِهِ وَحْدَهُ فَلَا يَكُونُ الصَّوْمُ وَاجِبًا وَهُوَ مُحَرَّمٌ وَوَافَقَ الْقَاضِيَ عَلَى ذَلِكَ أَبُو الطَّاهِرِ وَجَمَاعَةٌ شُبْهَتُهُمْ أَمْرَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ الْحَائِضَ تَنْوِي الْقَضَاءَ إِجْمَاعًا وَالْقَضَاءُ فَرْعُ وُجُوبِ الْأَدَاءِ. الثَّانِي لَوْ كَانَ الصَّوْمُ لَا يَجِبُ أَدَاؤُهُ لَكَانَ وُجُوبُهُ مُنْشَأً فِي زَمَنِ الْقَضَاءِ وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا احْتَاجَتْ إِلَى إِضَافَتِهِ لِرَمَضَانَ السَّابِقِ. وَجَوَابُ الْأَوَّلِ أَنَّ الْقَضَاءَ فَرْعُ تَحَقُّقِ سَبَبِ وُجُوبِ الْأَدَاءِ لَا الْأَدَاءِ وَالسَّبَبُ مُتَحَقِّقٌ فِي حَقِّهَا وَهُوَ رُؤْيَة الْهلَال.

وَجَوَابُ الثَّانِي أَنَّ الْحَاجَةَ لِإِضَافَتِهِ لِمَا سَبَقَ لَتَعَيَّنَ نِسْبَتُهُ إِلَيْهِ فَإِنَّ الْوُجُوبَ يَثْبُتُ حَالَةَ الطُّهْرِ مُضَافًا لِذَلِكَ السَّبَبِ وَمَقْصُودُ النِّيَّةِ تَمْيِيزُ الْعِبَادَاتِ عَنِ الْعَادَاتِ أَوْ تَمْيِيزُ مَرَاتِبِ الْعِبَادَاتِ وَلَا تَمْيِيزَ لِهَذَا الصَّوْمِ إِلَّا بِسَبَبِهِ فَوَجَبَتْ إِضَافَتُهُ إِلَيْهِ كَمَا تُضَافُ الصَّلَوَاتُ إِلَى أَسْبَابِهَا. وَأَمَّا الْوَطْءُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} فَحَرُمَ وَنَبَّهَ عَلَى سَبَبِ الْمَنْعِ وَهُوَ الْأَذَى وَهَذَا الظَّاهِرُ يَقْتَضِي اعْتِزَالَهُنَّ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَقَدْ قَالَ بِهِ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ لَا سِيَّمَا إِذَا قُلْنَا فِي الْمَحِيضِ اسْمُ زَمَانِ الْحَيْضِ فَإِنَّ هَذَا الْبِنَاءَ يَصْلُحُ لِلْمَصْدَرِ وَالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَظَاهِرُ التَّعْلِيلِ يَقْتَضِي اقْتِصَارَ تَحْرِيمِ الْمُبَاشَرَةِ لِلْفَرْجِ فَقَطْ لَا سِيَّمَا إِنْ قُلْنَا إِنَّ الْمَحِيضَ اسْمُ مَكَانِ الْحَيْضِ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ وَابْنِ حَبِيبٍ وَلَوْلَا السُّنَّةُ لَكَانَ النَّظَرُ مَعَهُمَا لِأَنَّ النُّصُوصَ تَتَّسِعُ عِلَلُهَا. وَالْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ جَمَعَ بَيْنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَفِي الْمُوَطَّأِ وَالصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا كَانَتْ إِحْدَانَا إِذَا كَانَتْ حَائِضًا أَمَرَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَتَأْتَزِرُ بِإِزَارٍ ثُمَّ يُبَاشِرُهَا وَفِي أَبِي دَاوُدَ عَنْ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُبَاشِرُ الْمَرْأَةَ مِنْ نِسَائِهِ وَهِيَ حَائِضٌ إِذَا كَانَ عَلَيْهَا إِزَارٌ يَبْلُغُ أَنْصَافَ الْفَخِذَيْنِ أَوِ الرُّكْبَتَيْنِ. فَائِدَتَانِ: الْأُولَى سَبَبُ سُؤَالِهِمْ لَهُ حَتَّى نزل قَوْله تَعَالَى {ويسئلونك عَن الْمَحِيض} فَقِيلَ كَانُوا يَعْتَزِلُونَ مَوَاضِعَ الْحُيَّضِ كَالْيَهُودِ فَسَأَلُوا عَنْ ذَلِكَ فَأَخْبَرَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الْحَرَامَ الْجِمَاع بقوله تَعَالَى {فِي الْمَحِيض} وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ فِي الْآيَةِ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا قَوْله تَعَالَى {فَإِذا تطهرن فأتوهن} وَالْمُرَادُ بِالْإِتْيَانِ الْوَطْءُ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمَمْنُوع مِنْهُ هُوَ الْوَطْء وَأَنه هُوَ المغيا بِحَتَّى لِيَلْتَئِمَ السِّيَاقُ وَثَانِيهِمَا أَنَّا نَحْمِلُ الْمَحِيضَ عَلَى اسْمِ مَكَانِ الْحَيْضِ وَقِيلَ سَأَلُوا لِأَنَّهُمْ يجتنبون

الْحُيَّضَ فِي الْقُبُلِ وَيَأْتُونَهُنَّ فِي الدُّبُرِ فَأَمَرَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِالِاعْتِزَالِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَأَبَاحَ بَعْدَ الطُّهْرِ الْقُبُلَ فَقَطْ بِقَوْلِهِ {مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ الله} . الثَّانِيَةُ لَيْسَ عَلَى وَاطِئِ الْحَائِضِ كَفَّارَةٌ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ لَوَازِمِ التَّحْرِيمِ بِدَلِيلِ الْغَصْبِ وَالْغَيْبَةِ وَالنَّمِيمَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَلَا بُدَّ حِينَئِذٍ مِنْ دَلِيل يقررها وَلم يُوجد فيقرر. وَقَالَ الشَّافِعِي وَابْنُ حَنْبَلٍ وَجَمَاعَةٌ يُكَفِّرُ وَأَوْجَبَ الْحَسَنُ كَفَّارَةَ رَمَضَان وَأحمد يُخبرهُ بَيْنَ دِينَارٍ وَنِصْفِ دِينَارٍ وَقَتَادَةُ يُوجِبُ بِإِصَابَتِهِ فِي الدَّمِ دِينَارَيْنِ وَبَعْدَ انْقِطَاعِهِ نِصْفَ دِينَارٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ يُوجِبُ إِنْ أَصَابَهَا أَوَّلَ الدَّمِ دِينَارًا وَفِي آخِرِهِ نِصْفَ دِينَارٍ وَلَعَلَّ هَذِهِ الْأُمُور مِنْهُم اسْتِحْسَانٌ لِدَفْعِ السَّيِّئَةِ بِالْحَسَنَةِ فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ يَحْرُمُ وَطْؤُهَا بَعْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ وَقَبْلَ الْغُسْلِ خلافًا للأبي حنيفَة فِي إِبَاحَتِهِ ذَلِكَ إِذَا انْقَضَى أَكْثَرُ الْحَيْضِ وَهُوَ عَشَرَةُ أَيَّامٍ عِنْدَهُ أَوْ وُجِدَ مَعْنًى يُنَافِي حُكْمَ الْحَيْضِ مِثْلَ حُضُورِ آخِرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ لِأَنَّ الْوُجُوبَ عِنْدَهُ مُتَعَلِّقٌ بِآخِرِ الْوَقْتِ أَوْ يَتَيَمَّمُ لِلصَّلَاةِ وَوَافَقَهُ ابْنُ بُكَيْرٍ مِنْ أَصْحَابِنَا فِي الْإِبَاحَةِ. لَنَا قَوْله تَعَالَى {حَتَّى يطهرن فَإِذا تطهرن فأتوهن} فَاشْتَرَطَ انْقِطَاعَ الدَّمِ وَالْغُسْلَ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْغُسْلُ قَوْله تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التوابين وَيُحب المتطهرين} مَدْحًا وَحَثًّا عَلَى التَّطْهِيرِ وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مُكْتَسَبٌ وَانْقِطَاعُ الدَّمِ لَيْسَ بِمُكْتَسَبٍ. وَأَمَّا قَول أبي حنيفَة إِنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ الدَّمُ فَيَزُولُ بِزَوَالِ عِلَّتِهِ فَيُشْكِلُ عَلَيْهِ بِانْقِطَاعِهِ قَبْلَ الْعَشَرَةِ الْأَيَّامِ فَلَوْ تييمت عَلَى مَذْهَبِنَا فَفِي جَوَازِ وَطْئِهَا بَعْدَ أَيَّامِ الدَّمِ قَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ التَّيَمُّمَ هَلْ يَرْفَعُ الْحَدَثَ أَمْ لَا.

فرع فِي الْكتاب يجْبر الْمُسلم زَوجته الذِّمِّيَّة عَلَى غُسْلِ الْحَيْضِ دُونَ الْجَنَابَةِ لِأَنَّهُ لَا يَطَؤُهَا حَتَّى تَغْسِلَ وَعَنْ مَالِكٍ فِي غَيْرِ الْكِتَابِ لَا يُجْبِرُهَا لِأَنَّ الْغُسْلَ الَّذِي هُوَ شَرْطٌ هُوَ الْغُسْلُ الشَّرْعِيُّ وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ مِنْهَا لِأَنَّهَا لَا تَنْوِي الْوُجُوبَ قِيلَ هُوَ يَنْوِي عَنْهَا فَقِيلَ كَيْفَ يَنْوِي الْإِنْسَانُ عَنْ غَيْرِهِ قِيلَ كَغُسْلِ الْمَيِّتِ يَنْوِي غَيْرُ الْمَغْسُولِ. أُجِيبَ بِأَنَّ غُسْلَ الْمَيِّتِ فِعْلُ النَّاوِي فَلِذَلِكَ صَحَّتْ نِيَّتُهُ فَإِنَّ نِيَّةَ الْإِنْسَانِ إِنَّمَا تُخَصِّصُ فِعْلَهُ دُونَ فِعْلِ غُسْلِ غَيْرِهِ وَغُسْلُ الذِّمِّيَّةِ لَيْسَ فِعْلَ الزَّوْجِ فَنِّيَّتُهُ لَهُ كَنِيَّتِهِ لِصَلَاةِ غَيْرِهِ وَأَمَّا غُسْلُ الْمَيِّتِ فَفِعْلُ النَّاوِي فَظَهَرَ الْفَرْقُ وَعُلِمَ أَنَّ الْمُمْكِنَ مِنَ الذِّمِّيَّةِ لَيْسَ هُوَ شَرْطَ الْوَطْءِ وَشَرْطُ الْوَطْءِ لَيْسَ مُمْكِنًا مِنْهَا حَالَةَ الْكُفْرِ وَفِي هَذَا الْمَقَامِ اضْطَرَبَتْ آرَاءُ الْأَصْحَابِ وَتَزَلْزَلَتْ عَلَيْهِمُ الْقَوَاعِدُ فَرَأَوْا أَنَّ أَحَدَ الْإِشْكَالَيْنِ لَازِمٌ إِمَّا إِبَاحَةُ الْوَطْءِ بِدُونِ شَرْطِهِ أَو اعْتِقَاد مَا لَيْسَ بِشَرْطٍ شَرْطًا وَكَشْفُ الْغِطَاءِ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ تَقُولَ: قَاعِدَةٌ خِطَابُ الشَّرْعِ قِسْمَانِ خِطَابُ وَضْعٍ لَا يَفْتَقِرُ إِلَى عِلْمِ الْمُكَلَّفِ وَلَا قُدْرَتِهِ وَلَا إِرَادَتِهِ وَلَا نِيَّتِهِ وَهُوَ الْخِطَابُ بِالْأَسْبَابِ وَالشُّرُوطِ وَالْمَوَانِعِ وَخِطَابُ تَكْلِيفٍ يَفْتَقِرُ إِلَى ذَلِكَ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُهُ فِي مُقَدّمَة الْكتاب وَالْغسْل من الْحيض مِنَ الْحَيْضِ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى خِطَابَانِ خِطَابُ وَضْعٍ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ شَرْطٌ وَخِطَابُ تَكْلِيفٍ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ عِبَادَةٌ وَالْخِطَابُ الثَّانِي هُوَ الْمُحْتَاجُ إِلَى النِّيَّةِ فَعَدَمُ النِّيَّةِ يَقْدَحُ فِيهِ دُونَ الْأَوَّلِ فَيَبْطُلُ كَوْنُ هَذَا الْغُسْلِ عِبَادَةً وَيَبْقَى كَوْنُهُ شَرْطًا وَلَا يَلْزَمُ إِبَاحَةُ الْمُسْلِمَةِ إِذَا اغْتَسَلَتْ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ لِأَنَّهَا مُكَلَّفَةٌ بِخِلَافِ الذِّمِّيَّةِ وَكَانَ الْأَصْلُ إِبَاحَتَهَا خُولِفَ الدَّلِيلُ ثمت فَيبقى هَا هُنَا عَلَى مُقْتَضَى الْقَاعِدَةِ. وَأَمَّا مَسُّ الْمُصْحَفِ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَا يمسهُ إِلَّا الْمُطهرُونَ} وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ لَا يَمَسُّ الْمُصْحَفَ إِلَّا طَاهِرٌ.

وَأَمَّا الْمَسْجِدُ فَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يَحِلُّ الْمَسْجِدُ لِحَائِضٍ وَلَا جُنُبٍ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَأَجَازَهُ ابْنُ مَسْلَمَةَ وَقَالَ هُمَا طَاهِرَانِ وَإِنَّمَا يُخْشَى مِنْ دَمِ الْحَيْضِ. وَأَمَّا جَوَازُ الْقِرَاءَةِ فَلِمَا يُرْوَى عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا كَانَتْ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهِيَ حَائِضٌ وَالظَّاهِرُ اطِّلَاعُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَمَّا الْمَنْعُ فَقِيَاسًا عَلَى الْجُنُبِ وَالْفَرْقُ لِلْأَوَّلِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَنَّ الْجَنَابَةَ مُكْتَسَبَةٌ وَزَمَانُهَا لَا يَطُولُ بِخِلَافِ الْحَيْضِ. فُرُوعٌ: الْأَوَّلُ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِذَا وَقَعَ دَمُ الْحَيْضِ وَلَمْ تَغْتَسِلْ فَهِيَ كَالْجُنُبِ فِي الْمَنْعِ مِنَ الْقِرَاءَةِ وَالْوُضُوءِ لِلنَّوْعِ لِأَنَّهَا مَلَكَتْ أَمْرَهَا. الثَّانِي قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ إِذَا رَأَتِ الدَّمَ قَبْلَ أَيَّامِ حَيْضَتِهَا قَبْلَ وَقْتِ الْعَادَةِ إِنْ كَانَ حَيْضُهَا مِنَ الْأَمَامِ مَا يَمْنَعُ الْإِصَابَةَ جُعِلَ حَيْضًا وَإِلَّا كَانَ حَيْضَةً وَاحِدَةً قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَفِي الْقَدْرِ الْمَانِعِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا مَا فِي الْكِتَابِ مِنَ الْإِحَالَةِ عَلَى الْعُرْفِ وَالْأَرْبَعَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ. الثَّالِثُ إِذَا انْقَطَعَتِ الْحَيْضَةُ فَحَاضَتْ يَوْمًا وَطَهُرَتْ يَوْمًا قَالَ فِي الْكتاب تلْغي أَيَّام النَّقَاء خلافًا لأبي ح فَإِذَا كَمُلَ مِنْ أَيَّامِ الدَّمِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا اغْتَسَلَتْ وَصَلَّتْ قَالَ أَيْضًا فِي الْكِتَابِ تُلَفِّقُ مِنْ أَيَّامِ الدَّمِ أَيَّامَهَا وَتَسْتَطْهِرُ بِثَلَاثٍ وَالْأَيَّامُ الَّتِي تُلْغَى هِيَ فِيهَا طَاهِرٌ تُصَلِّي وَيَأْتِيهَا زَوْجُهَا ثُمَّ هِيَ مُسْتَحَاضَةٌ تَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَتَغْتَسِلُ كُلَّ يَوْمٍ إِذَا انْقَطَعَ الدَّمُ إِذْ لَعَلَّهُ لَا يَرْجِعُ إِلَيْهَا وَلَا تَكُونُ حَائِضًا بَعْدَ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ تَتَيَقَّنَ دَمَ الْحَيْضِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَأَمَّا قَوْلُهُ تَسْتَطْهِرُ يَرِدُ إِذَا كَانَتْ دُونَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ وَفِيهَا خَمْسَةُ أَقْوَالِ الَّتِي تَأْتِي فِي الْمُعْتَادَةِ إِذَا جَاوَزَ دَمُهَا عَادَتَهَا وَأَمَّا قَوْلُهُ تَكُونُ مُسْتَحَاضَةً فَخَالَفَ فِيهِ ابْنُ مَسْلَمَةَ عَلَى تَفْصِيلٍ فَإِنَّ أَقَلَّ الطُّهْرِ عِنْدَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَإِذا مضى

مِنَ الْأَيَّامِ أَكْثَرُ الْحَيْضِ وَأَقَلُّ الطُّهْرِ كَانَ الْآتِي بَعْدَ ذَلِكَ حَيْضًا تَامًّا وَتُلَفِّقُ أَيَّامَ الطُّهْرِ كَمَا يُلَفِّقُ الْحُيَّضُ فَإِذَا كَانَ الْحَيْضُ يَوْمًا بِيَوْمٍ لَفَّقَتْ مِنْ أَيَّامِ الدَّمِ خَمْسَةَ عشر يَوْم وَلَا تَكُونُ مُسْتَحَاضَةً وَإِنْ كَانَ الْحَيْضُ يَوْمًا وَالطُّهْرُ يَوْمَيْنِ لَمْ تُلَفِّقْ أَيَّامَ الْحَيْضِ وَإِلَّا فَقَدْ بَقِيَ أَقَلُّ مِنْ أَقَلِّ الطُّهْرِ فَتَكُونُ مُسْتَحَاضَةً. وَضَابِطُهُ أَنَّ أَيَّامَ الدَّمِ إِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ أَيَّامِ الطُّهْرِ فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَحِيضُ أَكْثَرَ مِنْ زَمَنِ طُهْرِهَا وَإِنْ كَانَ زَمَنُ الطُّهْرِ أَكْثَرَ أَوْ مُسَاوِيًا فَهِيَ عِنْدَهُ حَائِضٌ بَعْدَ ذَلِكَ فِي أَيَّامِ الدَّمِ وَطَاهِرٌ فِي أَيَّامِ الِانْقِطَاعِ وَالْمَذْهَبُ أَظْهَرُ لِأَنَّهُ إِذَا يُعْلَمُ أَنَّ الدَّمَ الْأَوَّلَ وَالْأَخِيرَ حَيْضَةٌ فَالْأَيَّامُ الْمُتَخَلِّلَةُ لَيْسَتْ فَاصِلَةً بَيْنَ حَيْضَيْنِ فَلَا يكون طهرا. حجَّة أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ أَنَّ حَدَّ الطُّهْرِ غَيْرُ مَوْجُود هَا هُنَا فَيَلْزَمُ انْتِفَاءُ الْمَحْدُودِ فَلَا يَكُونُ يَوْمُ النَّقَاءِ طُهْرًا فَيَكُونُ حَيْضًا إِذْ لَا وَاسِطَةَ. جَوَابُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الطُّهْرَ مَحْدُودٌ بِحَسَبِ الْعدَد لَا بِحَسب الْعِبَادَة وَثَانِيهمَا أَن أَبَا حنيفَة قَدْ يُجَوِّزُ وَطْأَهَا فِي يَوْمِ النَّقَاءِ إِذَا اغْتَسَلَتْ أَوْ تَيَمَّمَتْ وَذَلِكَ دَلِيلُ الطُّهْرِ وَأَمَّا قَوْلُهُ تَغْتَسِلُ كُلَّ يَوْمٍ فَلِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِذَا رَأَتِ الْمُسْتَحَاضَةُ الطُّهْرَ وَلَوْ سَاعَةً فَلْتَغْتَسِلْ. فَرْعَانِ مُرَتَّبَانِ. الْأَوَّلُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ إِذَا رَأَتِ الدَّمَ فِي الْيَوْمِ وَلَوْ سَاعَةً حَسِبَتْهُ مِنْ أَيَّامِ الدَّمِ وَإِنِ اغْتَسَلَتْ فِي بَاقِيهِ وَصَلَّتْ. الثَّانِي لَوْ طَلَّقَهَا فِي إِبَّانِ النَّقَاءِ قَالَ التُّونِسِيُّ مُخَيَّرٌ عَلَى رَجَعْتِهَا وَفِي النُّكَتِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الشُّيُوخِ لَا يُخَيَّرُ لِأَنَّهُ زَمَانٌ يَجُوزُ الْوَطْءُ فِيهِ وَالْأول أظهر لقَوْله تَعَالَى {فطلقوهن لعدتهن} أَيْ لِاسْتِقْبَالِهَا وَهَذِهِ لَا تَسْتَقْبِلُ عِدَّتَهَا.

الرَّابِعُ قَالَ فِي الْكِتَابِ عَلَامَةُ الطُّهْرِ الْقَصَّةُ الْبَيْضَاءُ إِنْ كَانَتْ تَرَاهَا وَإِلَّا فَالْجُفُوفُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهِيَ أَنْ تُدْخِلَ الْخِرْقَةَ جَافَّةً فَتَخْرُجُ جَافَّةً كَذَلِكَ. وَالْقَصَّةُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ مِنَ الْقَصِّ بِفَتْحِ الْقَافِ وَهُوَ الْجِيرُ وَمِنْه نَهْيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ تَقْصِيصِ الْقُبُورِ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ أَنَّهَا تُشْبِهُ الْبَوْلَ وَرَوَى أَنَّهَا تُشْبِهُ الْمَنِيَّ وَلَعَلَّ ذَلِكَ مُخْتَلِفٌ فِي النِّسَاءِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهَا إِنْ رَأَتِ الْجُفُوفَ وَعَادَتُهَا الْقَصَّةُ فَلَا تُصَلِّي حَتَّى تَرَاهَا إِلَّا أَنْ يَطُولَ ذَلِكَ قَالَ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الطُّولُ خَوْفُ فَوَاتِ الصَّلَاةِ وَاخْتُلِفَ هَلْ هُوَ الِاخْتِيَارِيُّ أَوْ هُوَ الضَّرُورِيُّ قَالَ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا لَا تَنْتَظِرُ زَوَالَ الْقَصَّةِ بَلْ تَغْتَسِلُ إِذَا رَأَتْهَا لِأَنَّهَا عَلَامَةُ الطُّهْرِ قَالَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ مَنْ عَادَتُهَا الْجُفُوفُ لَا تَطْهُرُ بِالْقَصَّةِ وَمَنْ عَادَتُهَا الْقَصَّةُ تَطْهُرُ بِالْجُفُوفِ لِأَنَّ الْحَيْضَ دَمٌ ثُمَّ صُفْرَةٌ ثُمَّ تَرِيَّةٌ ثُمَّ كُدْرَةٌ ثُمَّ قَصَّةٌ ثُمَّ جَفَافٌ قَالَ ابْن شاش قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَامَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ فِي حَقِّ مَنِ اعْتَادَتْهَا فَيَكُونُ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ وَيَدُلُّ لِلْمَذْهَبِ عَلَى أَنَّ الْقَصَّةَ أَبْلَغُ أَنَّهَا مُتَّصِلَةٌ بِدَاخِلِ الرَّحِمِ وَالْخِرْقَةُ لَا تَصِلُ إِلَى ذَلِكَ وَقَوْلُ عَائِشَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا لَا تعجلين حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تَطْهُرُ حَتَّى تَرَى الْجَفَافَ ثُمَّ تَجْرِي بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى مَا تَقَرَّرَ مِنْ عَادَتِهَا قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَيَتَخَرَّجُ فِيهَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا لَا تَغْتَسِلُ حَتَّى تَرَى الْقَصَّةَ لِأَنَّهَا أَبْلَغُ وَالثَّانِي أَنَّهَا تَنْتَظِرُ عَادَةَ أَقَارِبِهَا مِنْ أَهْلِهَا فَإِنْ رَأَتْ عَادَتَهُنَّ اتَّبَعَتْهَا وَإِلَّا كَانَتْ عَلَى حُكْمَيْنِ إِذَا رَأَتْ خِلَافَ عَادَتِهِنَّ فَإِنِ اخْتَلَفَ أَقَارِبُهَا فَأَخَوَاتُهَا أَقْرَبُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَأُمُّهَا وَخَالَاتُهَا أَقْرَبُ مِنْ عَمَّاتِهَا. فُرُوعٌ ثَلَاثَةٌ: الْأَوَّلُ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا اغْتَسَلَتْ مِنْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ ثُمَّ رَأَتْ قَطْرَةَ دَمٍ أَوْ غُسَالَتَهُ لَمْ تُعِدِ الْغسْل وتتوضا وَهَذِه تسمى التربة بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ

الفصل الثاني في الحيض

الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ لِقَوْلِ أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كُنَّا لَا نَعُدُّ الصُّفْرَةَ وَالْكُدْرَةَ بَعْدَ الطُّهْرِ شَيْئًا وَفِي الْكِتَابِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ لَا تُصَلِّي مَا دَامَتْ تَرَى التِّرِيَّةَ شَيْئًا مِنْ حَيْضٍ أَوْ حَمْلٍ لِأَنَّهُ دَمٌ مِنَ الرَّحِمِ وَقِيَاسًا عَلَى مَا إِذَا تَمَادَى يَوْمًا وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّهَا لَا تَعُدُّهُمَا طُهْرًا. الثَّانِي قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِنْ خَرَجَتِ الْخِرْقَةُ بِالدَّمِ وَحَشَتْ غَيْرَهَا ثُمَّ أَخْرَجَتْهَا آخِرَ النَّهَارِ جَافَّةً كَانَتْ طَاهِرًا مِنْ قَبْلِ هَذَا الْحَشْوِ بِخِلَافِ مَا إِذَا رَأَتْ فِي الْحَشْوِ الثَّانِي الْقَصَّةَ فَإِنَّهَا تَكُونُ طَاهِرًا مِنْ حِينِ خُرُوجِهَا لِأَنَّهَا مِنْ تَوَابِعِ الدَّمِ كَالصَّدِيدِ ثُمَّ عَلَيْهَا اعْتِبَارُ حَالِ خُرُوجِهَا فَإِنْ تَيَقَّنَتْهُ وَإِلَّا عَمِلَتْ بِالْأَحْوَطِ. الثَّالِثُ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ مَالِكٌ لَيْسَ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَقُومَ قَبْلَ الْفَجْرِ لِتَنْظُرَ طُهْرَهَا وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ عَمَلِ النَّاسِ وَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ مَصَابِيحُ قَالَ وَالْقِيَاسُ ذَلِكَ لَكِنَّ الْعَمَلَ أَسْقَطَهُ فَتَعْتَبِرُهُ عِنْدَ إِرَادَةِ النَّوْمِ فَإِنِ اسْتَيْقَظَتْ بَعْدَ الْفَجْرِ وَهِيَ طَاهِرٌ وَحَزَرَتْ تَقَدُّمَهُ مِنَ اللَّيْلِ عَمِلَتْ عَلَى مَا قَامَتْ عَلَيْهِ وَلَا تَقْضِي الصَّلَاةَ حَتَّى تَتَيَقَّنَ الطُّهْرَ وَيَجِبُ عَلَيْهَا أَيْضًا أَنْ تَنْظُرَ عِنْدَ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ فِي أَوَائِلِهَا وُجُوبًا مُوَسَّعًا وَفِي أَوَاخِرِهَا وُجُوبًا مُضَيَّقًا بِقَدْرِ مَا يُمْكِنُهَا أَنْ تَغْتَسِلَ وَتُصَلِّيَ وَرَوَى صَاحِبُ الْمُنْتَقَى عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إِنْكَارَ قِيَامِ النِّسَاءِ بِالْمَصَابِيحِ بِاللَّيْلِ فَيَتَفَقَّدْنَ الطُّهْرَ وَقَالَتْ لَمْ يَكُنِ النِّسَاءُ يَفْعَلْنَ ذَلِكَ وَهِيَ أَكْثَرُ عِلْمًا وَدِينًا الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْحُيَّضِ وَهُنَّ سِتٌّ: الْأُولَى الْمُبْتَدَأَةُ إِنِ انْقَطَعَ دَمُهَا لِعَادَةِ لِدَاتِهَا أَوْ دُونِهَا طَهُرَتْ وَإِنْ زَادَ فَثَلَاثُ رِوَايَاتٍ فَفِي الْكِتَابِ تَمْكُثُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَرِوَايَةُ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ تَغْتَسِلُ مَكَانَهَا

وَرِوَايَة ابْن وهب تستظهر وَقَالَ الشَّافِعِي رَحِمَهُ اللَّهُ إِذَا رَأَتِ الدَّمَ عَلَى غَالِبِ الْحُيَّضِ سِتًّا أَوْ سَبْعًا فَمُسْتَحَاضَةٌ. حُجَّةُ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ تَتْرُكُ الْمَرْأَةُ الصَّلَاةَ نِصْفَ دَهْرِهَا وَهَذَا لَا يُفْهَمُ إِلَّا إِذَا كَانَتْ تَحِيضُ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ نِصْفَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا يَرُدُّ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ وَلِأَنَّ الْخَمْسَةَ عَشَرَ قَدْ تَكُونُ عَادَةً فَهِيَ زَمَانُ حَيْضٍ وَقَدْ أَجْمَعْنَا عَلَى أَنَّ أَوَّلَ دَمِهَا حَيْضٌ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ. وَوَجْهُ الِاسْتِظْهَارِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ رَوَى الْمَدَنِيُّونَ وَالْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ قَوْلَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ لَمَّا سَأَلَتْهُ اقْعُدِي أَيَّامَكِ الَّتِي كُنْتِ تَقْعُدِينَ وَاسْتَظْهِرِي بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّي وَلِأَنَّهُ خَارِجٌ مِنَ الْجَسَدِ أَشْكَلَ أَمْرُهُ فَتَسْتَظْهِرُ لَهُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَصْلُهُ لَبَنُ الْمُصَرَّاةِ وَلِأَنَّ الدَّمَ لَمَّا كَانَ فَضْلَةَ الْغِذَاءِ وَغُسَالَةَ الْجَسَدِ فَلِذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ الْبَدَنِ مِنَ الدَّعَةِ وَالْغِذَاءِ وَالْأَحْوَالِ النَّفْسَانِيَّةِ فَكَانَ الِاسْتِظْهَارُ فِيهِ مُتَعَيَّنًا. وَوَجْهُ عَدَمِ الِاسْتِظْهَارِ أَنَّ إِلْحَاقَهَا بِأَقْرَانِهَا أَمْرٌ اجْتِهَادِيٌّ فَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ كَدَمِ الِاسْتِظْهَارِ وَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمُعْتَادَة. تمسك الشَّافِعِي بِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ قَالَتْ حَمْنَةُ بنت جحش كنت أسحاض حَيْضَةً كَثِيرَةً شَدِيدَةً فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَسْتَفْتِيهِ وَأُخْبِرُهُ فَوَجَدْتُهُ فِي بَيْتِ أُخْتِي زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُسْتَحَاضُ حَيْضَةً كَثِيرَةً شَدِيدَةً فَمَا تَرَى فِيهَا قَدْ مَنَعَتْنِي الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ قَالَ أَنْعِتُ لَكِ الْكُرْسُفَ فَإِنَّهُ يُذْهِبُ الدَّمَ قَالَتْ هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ اتَّخِذِي ثَوْبًا قَالَتْ هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ إِنَّمَا أَثِجُّ ثَجًّا قَالَ سَآمُرُكِ بِأَمْرَيْنِ أَيَّهُمَا فَعَلْتِ أَجْزَأَ عَنِ الْآخَرِ وَإِنْ قَوِيتِ عَلَيْهِمَا فَأَنْتِ أَعْلَمُ إِنَّمَا هَذِهِ رَكْضَةٌ مِنْ رَكَضَاتِ الشَّيْطَانِ فَتَحَيَّضِي سِتَّةَ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعَةً فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى ثُمَّ اغْتَسِلِي حَتَّى إِذَا رَأَيْتِ أَنَّكِ قَدْ طَهُرْتِ وَاسْتَنْقَيْتِ فَصَلِّي ثَلَاثًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً وَأَيَّامَهَا وَصُومِي فَإِنَّ ذَلِكَ يُجْزِيكِ وَكَذَلِكَ فَافْعَلِي كُلَّ شَهْرٍ حِينَ تَحِيضُ النِّسَاءُ فِي مِيقَاتِ حَيْضِهِنَّ وَطُهْرِهِنَّ وَإِنْ قَوِيتِ عَلَى أَنْ

تُؤَخِّرِي الظُّهْرَ وَتُعَجِّلِي الْعَصْرَ فَتَغْتَسِلِينَ وَتَجْمَعِينَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فَافْعَلِي وَتَغْتَسِلِينَ مَعَ الْفَجْرِ وَتُصَلِّينَ فَافْعَلِي وَصُومِي إِنْ قَدَرْتِ عَلَى ذَلِكَ وَهَذَا أَحَبُّ الْأَمْرَيْنِ إِلَيَّ قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ يُقَالُ إِنَّ حَمْنَةَ كَانَتْ مُبْتَدَئَةً وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ سِتًّا أَوْ سَبْعًا اعْتِبَارًا بَلِدَاتِهَا إِنْ كُنَّ يَحِضْنَ سِتًّا فَسِتًّا أَوْ سَبْعًا فَسَبْعًا قَالَ وَقِيلَ كَانَتْ لَهَا عَادَةً فَنَسِيَتْهَا هَلْ هِيَ سِتٌّ أَوْ سَبْعٌ فَأَمَرَهَا أَنْ تَجْتَهِدَ فِي عَادَتِهَا وَلِهَذَا قَالَ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَيْ مَا عَلِمَهُ مِنْ ذَلِكَ وَأَمَّا قَوْلُهُ مِنْ رَكَضَاتِ الشَّيْطَانِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ أَصْلُ الرَّكْضِ الضَّرْبُ بِالرِّجْلِ وَمَعْنَاهُ أَنَّ الشَّيْطَانَ وَجَدَ بِتِلْكَ سَبِيلًا لِلتَّشْكِيكِ عَلَيْهَا وَأَمَرَهَا بِتَأْخِيرِ الصَّلَاةِ وَجَمْعِهَا قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ هُوَ الْأَصْلُ فِي جَمْعِ الْمُسْتَحَاضَةِ وَصَاحِبِ السَّلَسِ فَائِدَةٌ اللِّدَاتُ بِكَسْرِ اللَّامِ جَمْعُ لِدَةٍ وَهِيَ الَّتِي وُلِدَتْ مَعَهَا فِي عَامٍ وَاحِدٍ وَكَذَلِكَ التَّرْبُ الَّذِي خَرَجَ مَعَ الْإِنْسَانِ إِلَى التُّرَابِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَجَمْعُهُ أَتْرَابٌ. الثَّانِيَةُ الصَّغِيرَةُ بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ وَنَحْوِهَا فَدَمُهَا لَيْسَ بِحَيْضٍ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَيَرْجِعُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى مَا يَقُولُهُ النِّسَاءُ فَإِن شككن أخذن بالأحوط. قَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ فِي النِّهَايَة قَالَ الشَّافِعِي رَأَيْتُ جَدَّةً بِالْيَمَنِ بِنْتَ عِشْرِينَ سَنَةً. الثَّالِثَةُ الْآيِسَةُ قَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ يُسْأَلُ عَنْهَا النِّسَاءُ فَإِنْ قُلْنَ إِنَّ مِثْلَهَا تَحِيضُ كَانَ حَيْضًا وَإِنْ قُلْنَ مِثْلُهَا لَا تَحِيضُ قَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ تَتَوَضَّأُ وَتُصَلِّي وَلَا يَكُونُ حَيْضًا وَلَا تَغْتَسِلُ لَهُ وَإِنْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ كَانَ حَيْضًا. قَالَ ابْنُ شَاسٍ وَالْآيِسَةُ بِنْتُ السَّبْعِينَ وَالثَّمَانِينَ وَبِنْتُ الْخَمْسِينَ عِنْدَ أَبِي إِسْحَاقَ. حُجَّتُهُ قَوْلُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِنْتُ الْخَمْسِينَ عَجُوزٌ فِي الْغَابِرِينَ وَقَوْلُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إِنِ امْرَأَةٌ تُجَاوِزُ الْخَمْسِينَ فَتَحِيضُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ قرشية.

الرَّابِعَةُ الْمُعْتَادَةُ فَإِنْ نَقَصَ دَمُهَا مِنْ عَادَتِهَا أَوْ تَسَاوَى طَهُرَتْ وَإِنْ زَادَ فَخَمْسَةُ أَقْوَالٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الَّذِي كَانَ يَقُولُهُ مَالِكٌ طُولَ عُمُرِهِ إِنَّهَا تَقْعُدُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ إِلَى الِاقْتِصَارِ عَلَى الِاسْتِظْهَارِ. قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الَّذِي رَجَعَ عَنْهُ مَالِكٌ الْخَمْسَةَ عَشَرَ وَبِهِ يَقُولُ الْمَدَنِيُّونَ وَابْنُ مَسْلَمَةَ وَبِالثَّانِي قَالَ الْمِصْرِيُّونَ. الثَّالِثُ تَقْتَصِرُ عَلَى الْعَادَةِ وَهُوَ لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَالشَّافِعِيّ وَأبي حنيفَة. الرَّابِع لأبي الجهم الاجتياط فِيمَا بَعْدَ الثَّلَاثِ فَتَصُومُ وَتُصَلِّي وَلَا تُوطَأُ ثُمَّ تُعِيدُ الْغُسْلَ وَتُعِيدُ الصَّوْمَ. الْخَامِسُ لِلْمُغِيرَةِ وَأَبِي مُصْعَبٍ الِاحْتِيَاطُ مِنْ حِينِ مُفَارَقَةِ الْعَادَةِ وَلَا تُعِيدُ الْغُسْلَ إِنْ تَمَادَى بِهَا الدَّمُ فَوْقَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا لِأَنَّ الْغَيْبَ كَشَفَ أَنَّهُ دَمُ اسْتِحَاضَةٍ وَالسَّابِقُ يَقُولُ لَعَلَّهُ حَصَلَ دَمُ حَيْضٍ فِي أَثْنَاءِ هَذَا الدَّمِ. سُؤَالٌ الصَّلَاةُ مِنَ الْحَائِضِ حَرَامٌ وَمِنَ الطَّاهِرِ وَاجِبَةٌ وَالْقَاعِدَةُ مَتَى تَعَارَضَ الْمُحَرَّمُ وَالْوَاجِبُ قُدِّمَ الْحَرَامُ تَرْجِيحًا لِدَرْءِ الْمَفَاسِدِ عَلَى تَحْصِيلِ الْمَصَالِحِ وَتَغْلِيبًا لجَانب الأَصْل فَكَانَ الِاحْتِيَاط هَهُنَا تَرْكَ الْعِبَادَةِ. جَوَابُهُ أَنَّ تَحْرِيمَ الصَّلَاةِ مَشْرُوطٌ بِالْعِلْمِ بِالْحَيْضِ وَهُوَ غَيْرُ حَاصِلٍ فَانْتَفَى التَّحْرِيمُ جزما. حجَّة الأول الحَدِيث الْمُتَقَدّم فِي المبتدئة. حُجَّةُ الثَّانِي حَدِيثُ الِاسْتِظْهَارِ. حُجَّةُ الثَّالِثِ أَنَّ الْغَالِبَ الْبَقَاءُ عَلَى الْعَوَائِدِ فَيَكُونُ الزَّائِدُ اسْتِحَاضَةً وَمَا فِي الْمُوَطَّأِ وَالصَّحِيحَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ فِي الْحَيْضَةِ يَتَمَادَى دَمُهَا إِذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي وَرَوَى الْبُخَارِيُّ

دَعِي الصَّلَاةَ قَدْرَ الْأَيَّامِ الَّتِي كُنْتِ تَحِيضِينَ فِيهَا ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّي وَهُوَ حُجَّةُ الِاسْتِظْهَارِ فَإِنَّ الْحَيْضَةَ قَدْ يَزِيدُ قَدْرُهَا وَقَدْ يَنْقُصُ. فُرُوعٌ ثَلَاثَةٌ: الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ إِذَا كَانَتْ عَادَتُهَا خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا لَا تَسْتَظْهِرُ بِشَيْءٍ وَقَالَ فِي كتاب مُحَمَّد تسنظهر يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ وَهُوَ مُشْكِلٌ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ شَطْرَ الْعُمر فِي سِيَاق الْمُبَالغَة فِي الذَّم فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ الْغَايَةُ وَالنِّهَايَةُ. الثَّانِي لَوْ تَأَخَّرَ الدَّمُ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ ثُمَّ خَرَجَ فَزَادَ عَلَى قَدْرِهِ قَالَ فِي النَّوَادِرِ لَا تَزِيدُ فِي الِاسْتِظْهَارِ عَلَى الثَّلَاثِ. الثَّالِثُ تَثْبُتُ الْعَادَةُ بِمَرَّةٍ قَالَهُ الْغَافِقِيُّ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْوَاضِحَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {كَمَا بَدَأَكُمْ تعودُونَ} وَاعْتبر أَبُو حنيفَة مَرَّتَيْنِ وَمِنْهُ الْعِيدُ. الْخَامِسَةُ الْمُتَحَيِّرَةُ فَفِي الْكِتَابِ سُئِلَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَمَّنْ حَاضَتْ فِي شَهْرٍ عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَفِي آخَرَ سِتَّةَ أَيَّامٍ وَفِي آخَرَ ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتُحِيضَتْ كَمْ تَجْعَلُ عَادَتَهَا قَالَ لَا أَحْفَظُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ شَيْئًا وَلَكِنَّهَا تَسْتَظْهِرُ عَلَى أَكْثَرِ أَيَّامِهَا قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ تَسْتَظْهِرُ عَلَى أَقَلِّ أَيَّامِهَا إِنْ كَانَتْ هِيَ الْأَخِيرَةَ لِأَنَّهَا الْمُسْتَقِرَّةُ وَيَقُولُ ابْنُ الْقَاسِمِ لَعَلَّ عَادَتَهَا الْأُولَى عَادَتْ إِلَيْهَا بِسَبَبِ زَوَالِ سُدَّةٍ مِنَ الْمَجَارِي. وَقَوْلُ مَالِكٍ الْأَوَّلُ إِنَّهَا تَمْكُثُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا لِأَنَّ الْعَادَةَ قَدْ تَنْتَقِلُ. قَالَ وَيَتَخَرَّجُ فِيهَا قَوْلٌ آخَرُ أَنَّهَا لَا تَسْتَظْهِرُ بِشَيْءٍ على القَوْل يَنْفِي الِاسْتِظْهَارِ عُمُومًا. السَّادِسَةُ فِي الْجِلَابِ الْحَامِلُ تَحِيضُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ مُحْتَجًّا بِأَنَّ اللَّهَ

تَعَالَى جَعَلَ الدَّمَ دَلِيلَ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ فَلَوْ حَاضَتْ لَبَطَلَ الدَّلِيلُ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ دَمُ الْحَيْضِ أَسُودُ يُعْرَفُ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَأَمْسِكِي عَنِ الصَّلَاةِ فَمَحْمُولٌ عَلَى الْحَائِلِ. لَنَا مَا فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ فِي الْحَامِلِ تَرَى الدَّمَ إِنَّهَا تَتْرُكُ الصَّلَاةَ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ فَكَانَ إِجْمَاعًا وَإِجْمَاعُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَيْهِ وَكَمَا جَازَ النِّفَاسُ مَعَ الْحَمْلِ إِذَا تَأَخَّرَ أَحَدُ الْوَلَدَيْنِ فَكَذَلِكَ الْحَيْضُ وَلِقَوْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لما راقها وَجه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو رآاك الشَّاعِرُ مَا قَالَ شِعْرَهُ إِلَّا فِيكَ وَهُوَ قَوْلُهُ: (وَمُبَرَّأً مِنْ كُلٍّ غُبَّرِ حَيْضَةٍ ... وَفَسَادِ مُرْضِعَةٍ وَدَاءِ مُغِيلِ) مَعْنَاهُ أَنَّ الْحَيْضَ إِذَا جَرَى عَلَى الْوَلَدِ فِي الرَّحِمِ أَكْسَبَهُ بِسَوَادِهِ غَبَرَةً فِي جِلْدِهِ فَيَكُونُ أَقْتَمَ عَدِيمَ الْوَضَاءَةِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ أَمْرٌ مُتَعَارَفٌ عِنْدَهُمْ وَأَمَّا دَلَالَتُهُ عَلَى الْبَرَاءَةِ فَهِيَ عَلَى سَبِيلِ الْغَالِبِ وَحَيْضُ الْحَامِلِ هُوَ الْقَلِيلُ وَالنَّادِرُ فَلَا يُنَاقِضُ دَلَالَةَ الْغَالِبِ. فُرُوعٌ ثَلَاثَةٌ: الْأَوَّلُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ لَمْ يَقُلْ مَالِكٌ فِي الْحَامِلِ إِنَّهَا تَسْتَظْهِرُ قَدِيمًا وَلَا حَدِيثًا قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِنِ اسْتَمَرَّ دَمُهَا عَلَى عَادَتِهَا قَبْلَ الْحَمْلِ وَزَادَ دَمُهَا فِي بَعْضِ الشُّهُورِ تَجْرِي فِيهَا الْخَمْسَةُ الْأَقْوَالُ الَّتِي تَقَدَّمَتْ فِي الْحَائِلِ وَإِنْ لَمْ تَسْتَمِرَّ عَلَى عَادَتِهَا فَإِمَّا أَنْ تَنْقَطِعَ أَوْ تَنْقُصَ أَوْ تَزِيدَ فَإِنِ انْقَطَعَتْ أَوْ نَقَصَتْ وَدَامَ ذَلِكَ حَيْضًا ثُمَّ أَتَاهَا الدَّمُ فَزَادَ عَلَى عَادَتِهَا الْأُولَى فَفِيهَا ثَمَانِيَةُ أَقْوَالٍ الْخَمْسَةُ السَّابِقَةُ السَّادِسُ يُجْتَهَدُ لَهَا فِي ذَلِكَ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَيْسَ أَوَّلُ الْحَمْلِ كَآخِرِهِ وَلَيْسَ لِذَلِكَ حَدٌّ إِلَّا الِاجْتِهَادُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ رَأَتْ ذَلِكَ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَنَحْوِهَا تَرَكَتِ الصَّلَاةَ خَمْسَةَ عَشَرَ وَنَحْوَهَا وَفِي التَّفْرِيعِ إِلَى عِشْرِينَ يَوْمًا وَإِنْ جَاوَزَتْ سِتَّةَ أَشْهُرٍ فَإِلَى الْعِشْرِينَ وَقَالَ فِي التَّفْرِيعِ إِلَى الثَّلَاثِينَ السَّابِعُ أَنَّهَا تَقْعُدُ أَقْصَى عَادَةِ الْحَوَامِلِ لِمَالِكٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ الثَّامِنُ أَنَّهَا تضَاعف

الفصل الثالث في دم الاستحاضة

أَيَّامَهَا الَّتِي كَانَتْ لَهَا قَبْلَ الْحَمْلِ وَتَغْتَسِلُ قَالَهُ ابْنُ وَهْبٍ وَقَالَ قَالَ مَالِكٌ تَجْلِسُ فِي أَوَّلِ الشُّهُورِ عَادَتَهَا وَالِاسْتِظْهَارُ وَفِي الثَّانِي ضِعْفَ أَيَّامِ حَيْضَتِهَا وَالِاسْتِظْهَارُ وَفِي الثَّالِثِ تَجْلِسُ مِثْلَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَفِي الرَّابِعِ تُرَبِّعُهَا وَهَكَذَا حَتَّى تَبْلُغَ سِتِّينَ يَوْمًا فَلَا تَزِيدُ لِأَنَّهُ أَقْصَى مُدَّةِ النِّفَاسِ فَهُوَ أَعْظَمُ دَمٍ يَجْتَمِعُ فِي الرَّحِمِ بِسَبَبِ الْحَمْلِ وَأَنْكَرَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَقَالَ هُوَ خَطَأٌ وَقَالَ النِّفَاسُ لَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ الْوَضْعِ وَالِاسْتِحَاضَةُ أَوْلَى بِهَا وَمَذْهَبُهُ أَنَّ الْحَامِلَ لَا تَزِيدُ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا. وَأَمَّا إِنْ رَأَتْهُ أَوَّلًا بِزِيَادَةٍ وَقَدْ كَانَ قَبْلُ مُسْتَقِيمًا فَهِيَ فِي أَوَّلِهِ حَائِضٌ لِلزِّيَادَةِ مُسْتَحَاضَةٌ فِي قَدْرِ الزِّيَادَةِ عَلَى الْخِلَافِ الْمَاضِي فَكَأَنَّهُ يَكُونُ حَيْضًا بِتِلْكَ الزِّيَادَةِ فَهَذِهِ عَادَةٌ انْتَقَلَتْ تَبْنِي عَلَيْهَا مَا يَفْعَلُ بِالْحَامِلِ. وَجْهُ الِاجْتِهَادِ أَنَّ الْحَمْلَ يَحْبِسُ الدَّمَ عَنِ الْخُرُوجِ فَإِذَا خَرَجَ كَانَ زَائِدًا وَرُبَّمَا اسْتَمَرَّ لِطُولِ الْمُكْثِ. وَوَجْهُ عَدَمِ الِاسْتِظْهَارِ هُوَ أَنَّهُ دَمٌ ثَبَتَ بِالِاجْتِهَادِ فَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ كَأَيَّامِ الِاسْتِظْهَارِ. الثَّانِي لَوْ رَأَتِ الْحَامِلُ صُفْرَةً أَوْ كُدْرَةً قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ فِي الْكِتَابِ لَا تُصَلِّي حَتَّى تَنْقَطِعَ عَنْهَا لِأَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كَانَتْ تَأْمُرُ النِّسَاءَ بِذَلِكَ. الثَّالِثُ إِذَا رَأَتِ الْحَامِلُ مَاءً أَبْيَضَ عُقَيْبَ سَبَبِ إِسْقَاطٍ أَوْ نَحْوِهِ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ عَلَيْهَا الْوُضُوءُ دُونَ الْغُسْلِ وَلَا يَلْحَقُ بِالدَّمِ لِخُرُوجِهِ عَنْ صِفَتِهِ وَالْوُضُوءِ لِكَوْنِهِ خَارِجًا مُعْتَادًا مِنَ الْفَرْجِ. الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ وَهُوَ مَا زَادَ عَلَى الدَّمِ الْمُعْتَبر قَالَ ابْنُ شَاسٍ إِذَا حَكَمْنَا بِالِاسْتِحَاضَةِ فَالْحَائِضُ إِمَّا مُبْتَدَأَةٌ أَوْ مُعْتَادَةٌ وَكِلَاهُمَا إِمَّا مُمَيِّزَةٌ أَوْ غَيْرُ مُمَيِّزَةٍ فَهَذِهِ أَقْسَامٌ أَرْبَعَةٌ

الْأَوَّلُ الْمُبْتَدَأَةُ الْمُمَيِّزَةُ فَحَيْضَتُهَا مُدَّةُ تَمْيِيزِهَا مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَأَمَّا الْمُبْتَدَأَةُ غَيْرُ الْمُمَيِّزَةِ فَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُهَا وَأَمَّا الْمُعْتَادَةُ الْمُمَيِّزَةُ فَحَيْضَتُهَا مُدَّةُ التَّمْيِيزِ لِحَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ وَلِأَنَّ الْعَادَةَ تَخْتَلِفُ وَالتَّمْيِيزَ لَا يَخْتَلِفُ وَالنَّظَرَ إِلَى اللَّوْنِ اجْتِهَادٌ وَالْعَادَةَ تَقْلِيدٌ وَالِاجْتِهَادَ أَوْلَى وَأَمَّا الْمُعْتَادَةُ غَيْرُ الْمُمَيِّزَةِ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْعَادَةِ لِلْمُغِيرَةِ وَأَبِي مُصْعَبٍ فَإِذَا شَكَّتْ أَهُوَ انْتِقَالُ عَادَةٍ أَوِ اسْتِحَاضَةٌ اغْتَسَلَتْ وَصَلَّتْ وَصَامَتْ وَلَا يُصِيبُهَا زَوْجُهَا احْتِيَاطًا فَإِنِ انْقَطَعَ الدَّمُ لِخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا عَلِمَتِ انْتِقَالَ الْعَادَةِ فَكَانَتِ الْمُدَّةُ كُلُّهَا حَيْضًا وَإِنِ اسْتَمَرَّ الدَّمُ عُلِمَ أَنَّهَا اسْتِحَاضَةٌ وَثَبَتَ حَيْضُهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ عَادَتِهَا وَتَقْضِي الصَّوْمَ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الزِّيَادَةِ عَلَى الْخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا. الثَّانِي قَالَ مُطَرِّفٌ تَبْلُغُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا. الثَّالِثُ الِاسْتِظْهَارُ عَلَى الْعَادَةِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا لَا تَتَجَاوَزُ الْخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَقَالَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ تَتَجَاوَزُ بِالْيَوْمَيْنِ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ وَأَنْكَرَهُ سَحْنُونٌ. فُرُوعٌ تِسْعَةٌ: الْأَوَّلُ اسْتُحِبَّ لِلْمُسْتَحَاضَةِ فِي الْكِتَابِ أَنْ تَتَوَضَّأَ لِكُلِّ صَلَاةٍ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ لَا يُخْتَلَفُ فِي وُجُوبِ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا وَاخْتُلِفَ إِذَا كَانَتْ جَاهِلَةً فَتَرَكَتِ الصَّلَاةَ فَأَنْكَرَ سَحْنُونٌ مَا ذُكِرَ مِنْ سُقُوطِهَا بِالْجَهْلِ وَاسْتُحِبَّ لَهَا الْوُضُوءُ وَلَمْ يُسْتَحَبَّ لَهَا الْغُسْلُ كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ حَمْنَةَ لِأَنَّ تَرْكَ الْغُسْلِ // (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) // وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْوُضُوءِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى عدم وجوب الْغسْل إِلَّا أَن تشك ودهب أَبُو ح وَش وَجَمَاعَةٌ إِلَى وُجُوبِ الْوُضُوءِ عَلَيْهَا وَيَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ أَنَّ حَدِيثَ وُجُوبِهِ لَمْ يُخَرِّجْهُ أَحَدٌ مِمَّنِ اشْتَرَطَ الصِّحَّةَ قَالَ أَبُو دَاوُدَ زَادَ عُرْوَةُ ثُمَّ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ حَتَّى يَجِيءَ ذَلِكَ الْوَقْتُ وَقَالَ هَذِهِ الزِّيَادَةُ مَوْقُوفَةٌ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَأَنْكَرَهَا صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَيَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ اتِّفَاقُ الْجَمِيعِ عَلَى أَنَّهُ إِذَا خَرَجَ فِي الصَّلَاة أتمتها وأجزأتها.

وَوجه الاسحباب أَنَّهُ مِنْ جِنْسِ الْأَحْدَاثِ كَالسَّلَسِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ فَضْلَةِ الْمَنِيِّ أَنَّهَا تُوجِبُ الْوُضُوءَ دُونَ الْغُسْلِ عَدَمُ الْحَرَجِ فِيهَا لِنُدْرَتِهَا بِخِلَافِهِ وَإِنَّمَا وِزَانُهُ سَلَسُ الْمَنِيِّ لَا جَرَمَ يُسْتَحَبُّ مِنْهُ الْوُضُوءُ وَلَوْ خَرَجَتْ فَضْلَةُ الْمَنِيِّ فِي الصَّلَاةِ أَبْطَلَتْهَا وِفَاقًا بِخِلَافِ دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ. الثَّانِي قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا انْقَطَعَ دَمُ الِاسْتِحَاضَةِ لَا غُسْلَ عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْغُسْلِ وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ الْوُضُوءَ مُسْتَحَبٌّ فَلَا يُسْتَحَبُّ الْغُسْلُ كَالسَّلَسِ وَوَجْهُ الثَّانِي أَمْرُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِحَمْنَةَ بِهِ حِينَ أَمَرَهَا بِالْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ وَكَانَ الْأَصْلُ أَنْ تَغْتَسِلَ وَتَتَوَضَّأَ لِكُلِّ صَلَاةٍ تُرِكَ الْعَمَلُ بِالْغُسْلِ فِي الِابْتِدَاءِ وَكَانَ عَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَأْمُرَانِ الْمُسْتَحَاضَةَ بِهِ فِي كُلِّ صَلَاةٍ إِنْ قَوِيَتْ عَلَى ذَلِكَ نَقَلَهُ أَبُو دَاوُدَ قَالَ ابْنُ شَاسٍ تَغْتَسِلُ مِنْ طُهْرٍ إِلَى طُهْرٍ إِنْ كَانَتْ مُمَيِّزَةً وَإِلَّا فَغُسْلُهَا عِنْدَ الْحُكْمِ عَلَيْهَا بِالِاسْتِحَاضَةِ يَكْفِي. الثَّالِثُ الْمُسْتَحَاضَةُ تُوطَأُ خِلَافًا لِابْنِ عُلَيَّةَ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّ حَمْنَةَ بِنْتَ جَحْشٍ كَانَت مُسْتَحَاضَة بأتيها زَوجهَا وَلقَوْله تَعَالَى {حَتَّى يطهرن} وَهَذِهِ طَاهِرٌ وَلِأَنَّ مُطَلِّقَهَا لَا يُجْبَرُ عَلَى الرَّجْعَةِ فَتُوطَأُ قِيَاسًا عَلَى مَوْضِعِ الْإِجْمَاعِ. الرَّابِعُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا رَأَتِ الدَّمَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ الطُّهْرَ خَمْسَةً ثُمَّ الدَّمَ أَيَّامًا ثُمَّ الطُّهْرَ سَبْعَةً فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَرَادَ مُسْتَحَاضَةً فِي الدَّمِ الثَّانِي وَقِيلَ فِي السَّبْعَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِرَبْطِ هَذَا الدَّمِ بِالسَّبْعَةِ بَعْدَهُ وَأَرَى أَنَّهُ يُرِيدُ بَعْدَ السَّبْعَةِ وَاخْتُلِفَ فِي هَذَا أَيْضًا فَقَالَ التُّونِسِيُّ رَاعِي الطُّهْرَ خَمْسَةً وَالْأَيَّامُ أَقَلُّهَا يَوْمَانِ فَيَكُونُ الْجَمِيعُ سَبْعَةً مَعَ سَبْعَةٍ الطُّهْرُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَجَاءَ الدَّمُ وَلَمْ يَكْمُلِ الطُّهْرُ. وَقِيلَ الدَّمُ الْآتِي بَعْدَ السَّبْعَةِ عَلَى صِفَةِ الِاسْتِحَاضَةِ قَبْلَهَا قَالَ التُّونِسِيُّ يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ أَيَّامُ الدَّمِ ثَلَاثَةً وَالدَّمُ الْآتِي بَعْدَ السَّبْعَةِ مِنْ جِنْسِ الْآتِي فِي الثَّلَاثَةِ الَّتِي بَعْدَ الْخَمْسَةِ فَلِذَلِكَ جَعَلَهَا مُسْتَحَاضَةً وَيَنْبَغِي إِذَا كَانَ عَلَى صِفَةِ الْحَيْضِ أَنْ يَكُونَ حَيْضًا وَالْمُسْتَحَاضَةُ تَرَى دَمًا تُنْكِرُهُ قَالَ وَالَّذِي قَالَهُ صَوَابٌ.

الْخَامِسُ إِذَا تَغَيَّرَ دَمُ الِاسْتِحَاضَةِ إِلَى الْغِلَظِ وَالسَّوَادِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِنْ لَمْ يَمْضِ بَعْدَ الْحَيْضِ زَمَانٌ هُوَ أَقَلُّ الطُّهْرِ عَلَى مَا تقدم فالستحاضة بَاقِيَةٌ وَإِنْ مَضَى فَهُوَ حَيْضٌ فَإِنْ تَمَادَى عَلَى صِفَتِهِ أَوْ تَغَيَّرَ قَالَ مُطَرِّفٌ تَجْلِسُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَفَرَّقَ عَبْدُ الْمَلِكِ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ ابْتِدَاءِ الِاسْتِحَاضَةِ فَقَالَ فِي تِلْكَ تَجْلِسُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَفِي هَذِهِ تَسْتَظْهِرُ بِثَلَاثٍ وَرَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ إِنْ عَلِقَ بِهَا دَمُ الِاسْتِحَاضَةِ بَعْدَ أَيَّامِ حَيْضَتِهَا لن تَسْتَظْهِرَ يُرِيدُ بَعْدَ أَنْ تَغْتَسِلَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَرَّةً تَسْتَظْهِرُ وَمَرَّةً لَا تَسْتَظْهِرُ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا جَاءَ الْمُسْتَحَاضَةَ دَمُ الْحَيْضِ وَزَادَ على الْعَادة وَهُوَ مثل الِاسْتِحَاضَة فَلَا تحاط لَهُ وَإِنْ كَانَ مِثْلَ دَمِ الْحَيْضِ فَهِيَ حَائِضٌ وَإِنْ أَشْكَلَ فَالْأَحْسَنُ أَنَّهَا مُسْتَحَاضَةٌ وَقِيلَ تَسْتَظْهِرُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَقِيلَ تَجْلِسُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا. السَّادِسُ لَوْ تَمَادَى دَمُ الِاسْتِحَاضَةِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّ الطُّهْرَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ رَأَتِ الدَّمَ بَعْدَ الِاسْتِحَاضَةِ بِخَمْسَةِ أَيَّامٍ قَالَ التُّونِسِيُّ إِنْ أَشْبَهَ الْحَيْضَ فَهُوَ حَيْضٌ وَإِنْ أَشْبَهَ الِاسْتِحَاضَةِ فَهُوَ اسْتِحَاضَةٌ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَهَذَا مُشْكِلٌ بِأَنَّهَا رَأَتِ ابْتِدَاءَ الدَّمِ بَعْدَ طُهْرٍ تَامٍّ فَلَا تُرَاعِي صِفَتَهُ كَمَا لَوِ انْقَطَعَتِ الِاسْتِحَاضَةُ مُدَّةَ أَقَلِّ الطُّهْرِ ثُمَّ رَأَتِ الدَّمَ نَعَمْ لَوْ جَاءَ فِي أَيَّامِ الْعَادَةِ دَلَّتْ قَرِينَتُهَا عَلَى أَنَّهُ حَيْضٌ أَوْ قَبْلَ الْعَادَةِ عَلَى صِفَةِ الْحَيْضِ فَقَرِينَةُ الصِّفَةِ تَدُلُّ عَلَى الْحَيْضِ. فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْعَادَةِ عَلَى غَيْرِ صِفَةِ الْحَيْضِ فَاسْتِحَاضَةٌ لِانْتِفَاءِ الْقَرَائِنِ وَفِيهِ عَلَى هَذَا نَظَرٌ لِأَنَّ دَمَ الْمَرَضِ قَدِ انْقَطَعَ وَالْحَيْضُ لَا يَتَغَيَّرُ زَمَانُهُ وَالِاحْتِيَاطُ أَحْسَنُ فَلَا تَدَعُ الصَّلَاةَ إِلَّا بِمَا لَا يُشْكِلُ أَنَّهُ دَمُ حَيْضٍ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ السَّابِعُ إِذَا كَانَتْ لَا تَرَى الدَّمَ إِلَّا عِنْدَ وُضُوئِهَا فَإِذَا قَامَتْ ذَهَبَ عَنْهَا قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تَدَعُ الصَّلَاةَ إِلَّا أَنْ تَرَى دَمًا تُنْكِرُهُ يَعْنِي الْمُسْتَحَاضَةَ أَمَّا غَيْرُهَا فَتَغْتَسِلُ مِنْهُ وَلَا تَدَعُ الصَّلَاةَ عِنْدَ انْقِطَاعِهِ فَإِذَا جَاوَزَ ذَلِكَ أَيَّامَهَا فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ لَا تَغْتَسِلُ لَهُ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ فِي هَذِهِ أَنَّهَا تَشُدُّهُ وَتُصَلِّي مِنْ غَيْرِ غُسْلٍ كَالْمُسْتَحَاضَةِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ لِأَنَّهَا مُسْتَنْكَحَةٌ بِذَلِكَ مِنْ قِبَلِ الشَّيْطَانِ قَالَ قَالَ ابْن أبي زيد معنى قَوْله مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهَا تَغْتَسِلُ عِنْدَ

الفصل الرابع في النفاس

كُلِّ وُضُوءٍ حَتَّى تُجَاوِزَ الْأَيَّامَ وَالِاسْتِظْهَارَ ثُمَّ هِيَ مُسْتَحَاضَةٌ قَالَ وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ لَيْسَ عَلَيْهَا غُسْلٌ وَهُوَ أَوْلَى بِتَفْسِيرِ قَوْلِهِ مِنَ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ. وَالْمُسْتَنَدُ فِي هَذَا الْحُكْمِ أَنَّ امْرَأَةً اسْتَفْتَتْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَقَالَتْ كُلَّمَا أَقْبَلْتُ أُرِيدُ الطَّوَافَ هَرَقْتُ الدَّمَ ثُمَّ إِذَا ذَهَبْتُ ذَهَبَ قَالَ إِنَّمَا ذَلِكَ رَكْضَةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ فَاغْتَسِلِي ثُمَّ اسْتَثْفِرِي بِثَوْبٍ وَطُوفِي وَقَالَ أَيْضًا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَمُرَادُهُ بِعَدَمِ الْغُسْلِ إِذَا أَصَابَهَا ذَلِكَ فِي زَمَنِ الِاسْتِحَاضَةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ. الثَّامِنُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ يُسْتَحَبُّ لِلْمُسْتَحَاضَةِ وَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ إِذَا تَطَهَّرْنَ أَنْ يُطَيِّبْنَ فُرُوجَهُنَّ لِمَا فِي الْبُخَارِيِّ أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَنْ غُسْلِهَا مِنَ الْحَيْضِ فَأَرَاهَا كَيْفَ تَغْتَسِلُ قَالَ خُذِي فُرْصَةً مِنْ مِسْكٍ فَتَطَهَّرِي بِهَا قَالَتْ كَيْفَ أَتَطَهَّرُ بِهَا قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ تَطَهَّرِي بِهَا قَالَتْ عَائِشَةُ فَأَخَذْتُهَا إِلَيَّ فَقُلْتُ لَهَا تَتَبَّعِي بِهَا أَثَرَ الدَّمِ التَّاسِعُ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ مَالِكٌ إِذَا تَرَكَتِ الْمُسْتَحَاضَةُ الصَّلَاةَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الِاسْتِظْهَارِ جَاهِلَةً لَا إِعَادَةَ عَلَيْهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْإِعَادَةُ أَحَبُّ إِلَيَّ قَالَ وَلَوْ طَالَ ذَلِكَ أَيْضًا عَلَيْهَا لِأَنَّهَا مُتَأَوِّلَةٌ وَالْقَضَاءُ إِنَّمَا وَرَدَ فِي النَّاسِي وَالنَّائِمِ لِتَفْرِيطِهِمَا وَقِيلَ تُعِيدُ إِنْ كَانَ يَسِيرًا وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا لَمْ تُعِدْهُ قَالَ وَقَدْ سَأَلْتُ شَيْخَنَا ابْنَ رِزْقٍ فَقَالَ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا لِلْخِلَافِ أَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ قَضَائِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِحُجَّةٍ وَكَذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي النِّفَاسِ وَالْكَلَامُ عَلَى لَفْظِهِ وَحَقِيقَتِهِ. أَمَّا لَفْظُهُ فَالنِّفَاسُ فِي اللُّغَةِ وِلَادَةُ الْمَرْأَةِ لَا نَفْسُ الدَّمِ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْعَيْنِ وَالصِّحَاحِ وَلِذَلِكَ يُقَالُ دَمُ النِّفَاسِ وَالشَّيْءُ لَا يُضَافُ لِنَفْسِهِ وَهُوَ بِكَسْر

النُّونِ وَالْمَرْأَةُ نُفَسَاءُ بِضَمِّهَا وَفَتْحِ الْفَاءِ وَالْمَدِّ وَالْجَمْعُ نِفَاسٌ بِكَسْرِهَا وَفَتْحِ الْفَاءِ. وَلَيْسَ فِي الْكَلَام مَا وَزنه فعلا يُجْمَعُ عَلَى فِعَالٍ غَيْرُ نُفَسَاءَ وَعُشَرَاءَ وَيُجْمَعَانِ أَيْضًا عَلَى نَفَسَاوَاتٍ وَعُشَرَاوَاتٍ بِضَمِّ الْأَوَّلِ وَفَتْحِ الثَّانِي وَيُقَالُ نَفِسَتِ الْمَرْأَةُ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْفَاءِ وَبِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْفَاءِ وَالْوَلَدُ مَنْفُوسٌ وَفِي الْحَدِيثِ وَمَا مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ إِلَّا وَقَدْ كُتِبَ مَكَانُهَا مِنَ الْجَنَّةِ أَوِ النَّارِ وَلَا يَتَعَيَّنُ اشْتِقَاقُهُ مِنَ النَّفْسِ بِمَعْنَى الدَّمِ لِأَنَّ النَّفْسَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الرُّوحِ وَالدَّمِ وَالْجَسَدِ وَالْعَيْنِ يُقَالُ أُصِيبَ فُلَانٌ بِنَفْسٍ أَيْ عَيْنٍ وَالنَّافِسُ الْعَائِنُ وَنَفْسُ الشَّيْءِ ذَاتُهُ نَحْوَ رَأَيْتُ زَيْدًا نَفْسَهُ وَالنَّفْسُ قَدْرُ دَبْغَةٍ مِمَّا يُدْبَغُ بِهِ الْأَدِيمُ مِنَ الْقَرَظِ وَغَيْرِهِ وَمَعَانِي هَذَا اللَّفْظِ كَثِيرَةٌ. وَأَمَّا حَقِيقَتُهُ فَهِيَ أَنَّ دَمَ الْحَيْضِ إِذَا اشْتَغَلَ الرَّحِمُ بِالْوَلَدِ انْقَسَمَ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ أَصْفَاهُ وَأَعْدَلُهُ يَتَوَلَّدُ مِنْهُ لَحْمُ الْجَنِينِ فَإِنَّ الْأَعْضَاءَ تَتَوَلَّدُ مَنِ الْمَنِيَّيْنِ وَاللَّحْمَ يَتَوَلَّدُ مِنْ دَمِ الْحَيْضِ وَالْقِسْمُ الَّذِي يَلِيهِ فِي الِاعْتِدَالِ يَتَوَلَّدُ مِنْهُ لَبَنُ الْجَنِينِ غِذَاؤُهُ الَّذِي يَحِلُّ بَعْدَ الْوَضْعِ فِي الثَّدْيِ وَالثَّالِثُ الْأَرْدَأُ يَجْتَمِعُ فَيَخْرُجُ بَعْدَ الْوِلَادَةِ فَدَمُ النِّفَاسِ فِي الْحَقِيقَةِ دَمُ حَيْضٍ اجْتَمَعَ. وَفِي الْفَصْلِ فُرُوعٌ خَمْسَةٌ: الْأَوَّلُ قَالَ فِي الْكِتَابِ غَايَتُهُ سِتُّونَ يَوْمًا ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْعُرْفِ وَكَرِهَ التَّحْدِيدَ وَقَالَ الشَّافِعِي سِتُّونَ وَأَبُو حنيفَة أَرْبَعُونَ وَمَقْصُودُ الْفَرِيقَيْنِ أَنْ يَكُونَ أَرْبَعُ حِيَضٍ فَلَمَّا كَانَ أَبُو حنيفَة يَقُولُ أَكْثَرُ الْحَيْضِ عَشَرَةٌ قَالَ أَكْثَرُ النِّفَاسِ أَرْبَعُونَ وَلما قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ خَمْسَةَ عَشَرَ قَالُوا أَكْثَرُهُ سِتُّونَ وَذَلِكَ كُلُّهُ بِنَاءً عَلَى عَوَائِدَ عِنْدَهُمْ وَأَمَّا أَقَلُّهُ فَلَا حَدَّ لَهُ كَالْحَيْضِ خِلَافًا ح فِي أَنَّ أَقَلَّهُ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ أَحَدَ عَشَرَ لِيَزِيدَ النِّفَاسُ عَلَى الْحَيْضِ عِنْدَهُ بِيَوْم وَفَائِدَة الْخلاف هَهُنَا وَفِي الْحَيْضِ قَضَاءُ مَا مَضَى مِنَ الصَّلَوَاتِ وَيَرِدُ عَلَى التَّحْدِيدِ

أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى النُّصُوصِ وَلَا نُصُوصَ فَلَا تَحْدِيدَ وَأَنَّ الرُّجُوعَ فِي هَذَا إِلَى مَا يَقُولُهُ النِّسَاءُ مُتَعَيَّنٌ. الثَّانِي قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا انْقَطَعَ ثُمَّ رَأَتْهُ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَنَحْوِهَا كَانَ نِفَاسًا وَإِنْ بَعُدَ كَانَ حَيْضًا وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَقَلِّ الطُّهْرِ وَقَدْ تَقَدَّمَ وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إِذَا كَانَ قَبْلَ الْأَرْبَعِينَ فَهُوَ نِفَاس وَالشَّافِعِيّ مِثْلَهُ مَرَّةً وَمِثْلَنَا أُخْرَى وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ مَشْكُوكٌ فِيهِ يُعْمَلُ فِيهِ بِالِاحْتِيَاطِ. لَنَا أَنَّ الطُّهْرَ التَّامَّ فَصْلٌ بَيْنَ دَمَيْنِ مَانِعَيْنِ مِنَ الْعِبَادَةِ فَلَا يَلْحَقُ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ قِيَاسًا عَلَى الْحَيْضَتَيْنِ. الثَّالِثُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا زَادَ عَلَى الْعَادَةِ كَانَ اسْتِحَاضَةً قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ تَسْتَظْهِرُ إِلَى السَّبْعِينَ لِأَنَّ الدَّمَ قَدْ يَزِيدُ كَالْحَيْضِ. وَجْهُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ اجْتِهَادٌ فَلَا يُزَادُ فِيهِ كَزَمَانِ الِاسْتِظْهَارِ. الرَّابِعُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ إِذَا وَلَدَتْ وَلَدًا وَبَقِيَ آخَرُ إِلَى شَهْرَيْنِ وَالدَّمُ مُتَمَادٍ فَدَمُهَا مَحْمُولٌ عَلَى عَادَةِ النِّفَاسِ وَلِزَوْجِهَا الرَّجْعَةُ قَالَ وَقِيلَ إِنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الْحَامِلِ حَتَّى تَضَعَ الْوَلَدَ الثَّانِيَ وَقَدِ اخْتَلَفَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ عَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ. لَنَا أَنَّ حَقِيقَةَ دَمِ النِّفَاسِ مَوْجُودَةٌ وَأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ خُرُوجِ الدَّمِ إِنَّمَا هُوَ انْغِلَاقُ فَمِ الرَّحِمِ لِسَبَبِ الْحَمْلِ وَقَدِ انْفَتَحَ بِالْوَلَدِ الْأَوَّلِ فَيَكُونُ الْخَارِجُ دَمَ نِفَاسٍ فَلَا يَتَوَقَّفُ جَعْلُهُ نِفَاسًا عَلَى الثَّانِي قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَالَّذِي يَرَى أَنَّهُ حَيْضٌ يَقُولُ تَجْلِسُ مُدَّةَ حَيْضِ الْحَامِلِ فَقَطْ وَقَالَ لَو جَعَلْنَاهُ نفاسا على وَهُوَ شَهْرَانِ وَتَضَعُ آخَرَ فَإِنْ قُلْنَا تَجْلِسُ شَهْرَيْنِ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ النِّفَاسُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَلَا قَائِلَ بِهِ وَإِنْ قُلْنَا لَا تَجْلِسُ مَعَ أَنَّهُ دَمٌ عَقِيبَ الْوِلَادَةِ فَذَلِكَ خِلَافُ الْأَصْلِ فَالْوَاجِبُ حِينَئِذٍ أَنْ يَكُونَ حَيْضًا وَالنِّفَاسُ بَعْدَ الْوَلَدِ الثَّانِي. فَرْعٌ إِذَا قُلْنَا إِنَّهُ نِفَاسٌ فَوَضَعَتِ الثَّانِيَ بَعْدَ شَهْرَيْنِ قَالَ التُّونِسِيُّ

يَكُونُ الثَّانِي نِفَاسًا فَإِنَّهُ كَأَيِّ وَلَدٍ فِي وِعَائِهِ بِدَمِهِ وَلِأَنَّ الرَّحِمَ يَنْصَبُّ إِلَيْهِ عِنْدَ حَرَكَةِ الْوَضْعِ مِنَ الدَّمِ مَا لَا يَنْصَبُّ إِلَيْهِ قَبْلَ الْوَضْعِ فَلَوْ وَضَعَتِ الثَّانِيَ قَبْلَ تَمَامِ النِّفَاسِ الْأَوَّلِ أَلْغَتِ الْمَاضِيَ وَاسْتَأْنَفَتْ مِنَ الثَّانِي. وَقَالَ أَبُو حنيفَة النِّفَاسُ مِنَ الْأَوَّلِ فَإِنْ أَتَمَّتْ أَرْبَعِينَ لَمْ يَكُنِ الثَّانِي نِفَاسًا وَتَابَعَهُ الشَّافِعِيَّةُ مُحْتَجِّينَ بِأَنَّ الحيضتين لَا يتصلان فَكَذَلِك النفاسان وَقِيَاسًا على مَا إِذا اتصلا قَبْلَ الْوِلَادَةِ. الْخَامِسُ لَوْ وَضَعَتِ الْوَلَدَ جَافًّا فَفِي الْغُسْلِ قَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّهُ مَخْلُوقٌ مِنْ مَائِهَا وَمَاؤُهَا لَوْ خَرَجَ لَوَجَبَ الْغُسْلُ أَو الْوضُوء فَكَذَلِكَ هُوَ أَوْ أَنَّهُ خَرَجَ عَنْ ذَلِكَ الطّور إِلَى طور الْحَصَا وَنَحْوه. انْتهى الْجُزْء الأول من كتاب الذَّخِيرَة يَلِيهِ الْجُزْء الثَّانِي وأوله كتاب الصَّلَاة

(كتاب الصلاة)

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم (كتاب الصَّلَاة) وَالصَّلَاةُ فِي اللُّغَةِ الدُّعَاءُ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وصل عَلَيْهِم إِن صلواتك سكن لَهُم} أَيْ دَعَوَاتُكَ وَسُمِّيَتْ هَذِهِ الْعِبَادَةُ صَلَاةً قِيلَ مَجَازًا لِمَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ مِنَ الدُّعَاءِ وَقِيلَ هِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الصَّلَوَيْنِ وَهُمَا عِرْقَانِ فِي الردف وأصلهما الصَّلَاة وَهُوَ عِرْقٌ فِي الظَّهْرِ يَفْتَرِقُ عِنْدَ عَجَبِ الذَّنَبِ وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ دُرَيْدٍ فِي صِفَةِ الْفَرَسِ (قَرِيبُ مَا بَيْنَ الْقَطَاةِ وَالْمَطَا ... بَعِيدُ مَا بَيْنَ الْقَذَالِ وَالصَّلَا) وَلِذَلِكَ كُتِبَتِ الصَّلَاةُ بِالْوَاوِ فِي الْمُصْحَفِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ قِيلَ هُمَا عَظْمَانِ يَنْحَنِيَانِ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَلَمَّا كَانَا يَظْهَرَانِ مِنَ الرَّاكِعِ سُمِّيَ مُصَلِّيًا لِذَلِكَ وَفِعْلُهُ صَلَاةً وَمِنْهُ الْمُصَلِّي وَهُوَ الثَّانِي مِنْ حَلْبَةِ السِّبَاقِ لِأَنَّ رَأْسَ فَرَسِهِ يَكُونُ عِنْدَ صَلْوَى

الأول وَقيل لِأَنَّهَا ثَانِيَة الْإِيمَان كالثاني فِي حلبة السباق وَقيل لِأَن فَاعِلَهَا مُتَابِعٌ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَمَا يُتَابِعُ الْفَرَسُ الثَّانِي الْأَوَّلَ وَقِيلَ هِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ تَصْلِيَةِ الْعُودِ بِالنَّارِ لِيَقُومَ وَلَمَّا كَانَتْ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ كَانَتْ مُقَوِّمَةً لِفَاعِلِهَا وَقِيلَ مِنَ الصِّلَةِ لِأَنَّهَا تَصِلُ بَيْنَ الْعَبْدِ وَرَبِّهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ ثُمَّ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ أُطْلِقَ هَذَا الِاسْمُ عَلَيْهَا بِطَرِيقِ النَّقْلِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُعْتَزِلَةِ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ أَوْ بِطَرِيقِ الْمَجَازِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمَازِرِيِّ وَالْإِمَامِ فَخْرِ الدِّينِ وَجَمَاعَةٍ وَاخْتَلَفُوا فِي وَجْهِ الْمجَاز فَقيل لما كَانَ الدُّعَاء جزءها وَهُوَ قَوْله تَعَالَى آمِرًا لَنَا {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقيم} فَسُمِّيَتْ صَلَاةً مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الْكُلِّ بِاسْمِ الْجُزْءِ وَقِيلَ مِنْ مَجَازِ التَّشْبِيهِ لِأَنَّ كُلَّ مُصَلٍّ خَاضِعٌ مُتَذَلِّلٌ لِرَبِّهِ مُشْبِهٌ لِلدَّاعِي فِي ذَلِكَ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا لَيْسَ فِي اللَّفْظِ نَقْلٌ وَلَا مَجَازٌ وَهُوَ مَذْهَبُهُ فِي سَائِرِ الْأَلْفَاظِ الشَّرْعِيَّةِ بَلْ لَفْظُ الصَّلَاةِ مُسْتَعْمَلٌ فِي حَقِيقَتِهِ اللُّغَوِيَّةِ وَهِيَ الدُّعَاءُ فَإِذَا قِيلَ لَهُ الدُّعَاءُ لَيْسَ مُجْزِئًا وَحْدَهُ وَيَصِحُّ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُولُ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طَهُورٍ؟ نقُول عَدَمُ الْإِجْزَاءِ لِدَلَالَةِ الْأَدِلَّةِ عَلَى ضَمِّ أُمُورٍ أُخْرَى لِلدُّعَاءِ لَا مِنْ لَفْظِ الصَّلَاةِ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْأَوَّلِ فَهَلْ لَمَّا نَقَلَ الشَّرْعُ هَذَا اللَّفْظَ جَعَلَهُ مُتَوَاطِئًا لِلْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ أَوْ جَعَلَهُ مُشْتَرِكًا كَلَفْظِ الْعَيْنِ فِي اللُّغَةِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْإِمَامِ فَخْرِ الدِّينِ مُحْتَجًّا بِأَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى مَا فِيهِ

الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ وَعَلَى مَا لَا رُكُوعَ فِيهِ وَلَا سُجُودَ كَصَلَاةِ الْجَنَازَةِ وَعَلَى مَا لَا تَكْبِيرَ فِيهِ وَلَا سَلَامَ كَالطَّوَافِ وَعَلَى مَا لَا حَرَكَةَ لِلْجِسْمِ فِيهِ كَصَلَاةِ الْمَرِيضِ الْمَغْلُوبِ وَلَيْسَ بَيْنَ هَذِهِ الصُّوَرِ قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ فَيَكُونُ اللَّفْظ مُشْتَركا قَاعِدَة تقربات الْعباد على ثَلَاثَة أَقْسَامٍ أَحَدُهَا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَقَطْ كَالْمَعَارِفِ وَالْإِيمَانِ بِمَا يَجِبُ وَيَسْتَحِيلُ وَيَجُوزُ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَثَانِيها حق للعباد فَقَطْ بِمَعْنَى أَنَّهُمْ مُتَمَكِّنُونَ مِنْ إِسْقَاطِهِ وَإِلَّا فَكل حق للْعَبد فَفِيهِ حق الله تَعَالَى وَهُوَ أمره بإيصاله لمستحقه كاداء الدُّيُون ورد الغضوب والودائع وَثَالِثهَا حق لله تَعَالَى وَحقّ للعباد وَالْغَالِبُ مَصْلَحَةُ الْعِبَادِ كَالزَّكَوَاتِ وَالصَّدَقَاتِ وَالْكَفَّارَاتِ وَالْأَمْوَالِ الْمَنْذُورَاتِ وَالْهَدَايَا وَالضَّحَايَا وَالْوَصَايَا وَالْأَوْقَافِ وَرَابِعُهَا حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَلِرَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - والعباد كالأذان فحقه تَعَالَى التَّكْبِيرَاتِ وَالشَّهَادَةِ بِالتَّوْحِيدِ وَحَقُّ رَسُولِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ الشَّهَادَةُ لَهُ بِالرِّسَالَةِ وَحَقُّ الْعِبَادِ الْإِرْشَادُ لِلْأَوْقَاتِ فِي حَقِّ النِّسَاءِ وَالْمُنْفَرِدِينَ وَالدُّعَاءُ لِلْجَمَاعَاتِ فِي حَقِّ الْمُقْتَدِينَ وَالصَّلَاةُ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى كَالنِّيَّةِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّسْبِيحِ وَالتَّشَهُّدِ وَالْقِيَامِ وَالْقُعُودِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَتَوَابِعِهَا مِنَ التَّوَرُّكِ وَالْكَفِّ عَنِ الْكَلَامِ وَكَثِيرِ الْأَفْعَالِ وَعَلَى حَقِّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَالتَّسْلِيم وَالشَّهَادَةِ لَهُ بِالرِّسَالَةِ وَعَلَى حَقِّ الْمُكَلَّفِ وَهُوَ دُعَاؤُهُ لِنَفْسِهِ بِالْهِدَايَةِ وَالِاسْتِعَانَةِ عَلَى الْعِبَادَةِ وَغَيْرِهَا وَالْقُنُوتُ وَدُعَاؤُهُ فِي السُّجُودِ وَالْجُلُوسِ لِنَفْسِهِ وَقَوْلُهُ سَلام عَلَيْنَا وَعَلَى حَقِّ الْعِبَادِ كَالدُّعَاءِ لَهُمْ بِالْهِدَايَةِ والقنوت وَطَلَبِ الْإِعَانَةِ وَالسَّلَامِ عَلَى

عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ وَالسَّلَامِ عَلَى الرَّسُولِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَالتَّسْلِيمِ آخِرَ الصَّلَاةِ عَلَى الْحَاضِرِينَ فَلِذَلِكَ كَانَتِ الصَّلَاةُ أَفْضَلَ الْأَعْمَالِ بَعْدَ الْإِيمَانِ تَمْهِيدٌ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ كَانَ الْمَفْرُوضُ مِنَ الصَّلَاةِ قبل الْخمس رَكْعَتَيْنِ غدوا وَرَكْعَتَيْنِ عشيا مَا كَانَ عَلَيْهِ السَّلَام يُصَلِّي بِمَكَّةَ تِسْعَ سِنِينَ وَفُرِضَتِ الْخَمْسُ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ وَقَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَابْنُ مَسْلَمَةَ مِنْ أَصْحَابنَا فرض الصَّلَوَات الْخمس نَاسخ لما كَانَ يَجِبُ عَلَى النَّاسِ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَقِيلَ وُجُوبُهُ لَمْ يُنْسَخْ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي خَاصَّتِهِ قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ لَمْ تَخْتَلِفِ الْآثَارُ وَلَا الْعُلَمَاءُ فِي أَن الصَّلَاة أَنَّهَا فرضت بِمَكَّة لَيْلَة الْإِسْرَاء أَتَى جِبْرِيلُ مِنَ الْغَدِ لِصَبِيحَةِ الْإِسْرَاءِ فَصَلَّى بِهِ الصَّلَوَاتِ لِأَوْقَاتِهَا فِي يَوْمَيْنِ لَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ فَرْضِهَا فَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا فُرِضَتْ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أُكْمِلَتْ صَلَاةُ الْحَضَرِ أَرْبَعًا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَبَعْضُ رُوَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ الزِّيَادَةُ كَانَتْ بِالْمَدِينَةِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فُرِضَتْ أَرْبعا أَرْبعا إِلَّا الْمغرب فرضت ثَلَاثًا وَالصُّبْحَ رَكْعَتَيْنِ وَيُعَضِّدُهُ قَوْله تَعَالَى {فَلَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تقصرُوا من الصَّلَاة} وَقَوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ الصَّوْمَ وَشَطْرَ الصَّلَاةِ وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّمَا هِيَ صَدَقَهٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ يَعْنِي الْقَصْرَ وَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ الْإِتْمَامُ قَالَ وَحَدِيثُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ

عَنْهَا أصح إِسْنَادًا وَالْجَوَاب لَهُ عَن النُّصُوص أَن ذَلِك بَعْدَ الْإِتْمَامِ بِالْمَدِينَةِ وَيَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الصَّلَاةِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى {حَافظُوا على الصَّلَوَات} وَقَوله تَعَالَى {أقِم الصَّلَاة لدلوك الشَّمْس} وَهِي الظّهْر وَالْعصر ((إِلَى غسق اللَّيْل)) الْمغرب وَالْعشَاء ((وَقُرْآن الْفجْر)) الصُّبْحُ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةُ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ فِي جَمَاعَةٍ وَأَمَّا السُّنَّةُ فَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْمُوَطَّأِ خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ فَمَنْ جَاءَ بِهن لم يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شَيْئًا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ وَمَنْ لم يَأْتِ بِهن فَلَيْسَ لَهُ عِنْد الله عَهْدٌ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ أَدْخَلَهُ الْجنَّة وَفِي التِّرْمِذِيّ أَنه عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلَاتُهُ فَإِنْ صَلَحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ فَإِنِ انْتُقِصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَيْءٌ قَالَ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ فَيُكْمِلُ بِهَا مَا انْتُقِصَ مِنَ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ يَكُونُ سَائِرُ عَمَلِهِ عَلَى ذَلِكَ وَفِي الْكِتَابِ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ بَابا

(الباب الأول في الأوقات)

(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي الْأَوْقَاتِ) وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنَ التَّوْقِيتِ وَهُوَ التَّحْدِيدُ وَسُمِّيَ الزَّمَانُ وَقْتًا لَمَّا حُدِّدَ بِفِعْلٍ مُعَيَّنٍ فَكُلُّ وَقْتٍ زَمَانٌ وَلَيْسَ كُلُّ زَمَانٍ وَقْتًا وَالزَّمَانُ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ اقْتِرَانُ حَادِثٍ بِحَادِثٍ قَالَ الْمَازِرِيُّ إِنِ اقْتَرَنَ خَفِيٌّ بِجَلِيٍّ سُمِّيَ الْجَلِيُّ زَمَانًا نَحْوَ جَاءَ زيد طُلُوع الشَّمْس فطلوع الشَّمْس زمَان المجئ إِذَا كَانَ الطُّلُوعُ مَعْلُومًا وَالْمَجِيُّ خَفِيًّا وَلَوْ خَفِيَ طُلُوعُ الشَّمْسِ عِنْدَ ضَرِيرٍ أَوْ مَسْجُونٍ قلت لَهُ تطلع الشَّمْس عِنْد مجئ زيد فَيكون المجي زَمَانَ الطُّلُوعِ وَقِيلَ هُوَ حَرَكَاتُ الْفَلَكِ فَإِذَا تحرّك الْفلك بالشمس على أفقها فَهُوَ النَّهَارُ أَوْ تَحْتَهُ فَهُوَ اللَّيْلُ وَقَدْ نَصَبَ اللَّهُ تَعَالَى الْأَزْمَانَ أَسْبَابًا كَمَا نَصَبَ الْأَوْصَافَ وَفِيهَا سَبْعَةُ فُصُولٍ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي أَقْسَامِهَا قَالَ صَاحِبُ التَّلْقِينِ وَهِيَ تَنْقَسِمُ إِلَى وَقْتِ أَدَاءٍ وَوَقْتِ قَضَاءٍ وَإِلَى

مَا لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَلَا تَأْخِيرُهُ كَوَقْتِ الصُّبْحِ وَإِلَى مُوَسَّعٍ كَوَقْتِ الظُّهْرِ وَمُضَيَّقٍ كَوَقْتِ الْمَغْرِبِ وَإِلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْفَوَاتُ كَوَقْتِ الصُّبْحِ وَإِلَى مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْفَوَاتُ كَوَقْتِ الظُّهْرِ وَالْمَغْرِبِ فَإِنَّ الظُّهْرَ يَكُونُ أَدَاءً إِلَى الْغُرُوبِ وَالْمَغْرِبَ إِلَى الْفَجْرِ وَبَقِيَ عَلَيْهِ وَقْتُ الْكَرَاهَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ أَرْبَعَةٌ بَعْدَ الْفَجْرِ حَتَّى يُصَلِّيَ الصُّبْحَ وَبَعْدَ الصَّلَاةِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ وَبَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ حَتَّى الْغُرُوبِ وَبَعْدَ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَنْصَرِفَ النَّاسُ وَلَا يَلْحَقُ بِهَا الزَّوَالُ عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ وَيَلْحَقُ عَلَى رِوَايَةٍ وَالْمُسْتَنَدُ مَا فِي مُسلم أَنه قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام لَا تَحَرَّوْا بِصَلَاتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبَهَا فَتُصَلُّوهَا عِنْدَ ذَلِكَ وَنَهَى عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ وَبَعْدَ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَفِي مُسْلِمٍ ثَلَاثُ سَاعَاتٍ كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ وَأَنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوتَانا حَتَّى تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ وَحِينَ تَقُومُ قَائِمَةُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ وَحِينَ تُضِيفُ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ حَتَّى تَغْرُبَ قَالَ مَالِكٌ فِي الْكِتَابِ وَمَا أَدْرَكْتُ أَهْلَ الْفَضْلِ إِلَّا وَهُمْ يهجرون وَيُصَلُّونَ فِي نِصْفِ النَّهَارِ وَكَرِهَهُ الشَّافِعِيُّ إِلَّا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهَذِهِ الْآثَارُ مُعَارِضَةٌ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي مُسْلِمٍ مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا فَإِنَّ ذَلِكَ وَقتهَا وَهَذَا عَام فِي المفروضات الْمَنْسِيَّاتِ وَالْأَوَّلُ عَامٌّ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ

الفصل الثاني في وقت صلاة الظهر

وَالْخَاصُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ فَلَا جَرَمَ اسْتُثْنِيَتِ الْفَوَائِتُ وَمَا كَانَ مُؤَكَّدًا كَرَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَقِيَامِ اللَّيْلِ لِتَأَكُّدِهِ بِالْعَادَةِ وَالنَّهْيُ نَهْيُ كَرَاهَةٍ فَيُصَلِّي الْقِيَامَ بَعْدَ الْفَجْرِ وَقَبْلَ الصَّلَاةِ وَكَذَلِكَ الْجَنَائِزُ وَسُجُود التِّلَاوَة بعد الصُّبْح وَالْعصر وَقيل الْحمرَة على مَا فِي الْكتاب وَالْمَنْع فِيهَا فِي الْمُوَطَّأِ وَتَخْصِيصُ الْجَوَازِ بِمَا بَعْدَ الصُّبْحِ عِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ أَمَّا إِذَا خَشِيَ عَلَى الْمَيِّت صَلَّى عَلَيْهِ مُطْلَقًا تَقْدِيمًا لِلْوَاجِبِ الَّذِي هُوَ صَوْنُ الْمَيِّتِ عَنِ الْفَسَادِ عَلَى الْمَكْرُوهِ الَّذِي هُوَ الْوَقْتُ قَالَ صَاحِبُ التَّلْقِينِ وَوَقْتُ الْأَدَاءِ يَنْقَسِم خَمْسَةِ أَضْرُبٍ وَقْتُ فَضِيلَةٍ وَهُوَ أَوَّلُ الْأَوْقَاتِ وتوسعة وَهُوَ آخِره وَوَقْتُ عُذْرٍ وَهُوَ أَوْقَاتُ الْجَمْعِ لِلْمُسَافِرِ وَوَقْتٌ مُشَابِهٌ لِوَقْتِ الْفَضِيلَةِ وَوَقْتُ الضَّرُورَةِ وَهُوَ مَا قَبْلَ الْغُرُوبِ وَطُلُوعِ الْفَجْرِ أَوِ الشَّمْسِ لِأَرْبَابِ الْأَعْذَارِ قَالَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ وَقْتِ التَّوْسِعَةِ وَوَقْتِ الرُّخْصَةِ أَنَّ التَّأْخِيرَ إِلَى التَّوْسِعَةِ يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَالتَّأْخِيرَ لِوَقْتِ الرُّخْصَةِ لَا يَجُوزُ إِلَّا لِعُذْرٍ لَوْلَاهُ لَمْ يَكُنْ إِمَّا حَظْرًا وَإِمَّا نَدْبًا وَيَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّهُ يَجُوزُ تَأْخِيرُ الظُّهْرِ مَثَلًا إِلَى آخِرِ الْقَامَةِ الْأُولَى مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَلَا يَجُوزُ بَعْدَ الْقَامَةِ إِلَّا لِعُذْرٍ لَوْلَاهُ لَكَانَ آثِمًا عَلَى الْمَشْهُورِ وَإِنْ كَانَ مُؤَدِّيًا أَوْ مُضَيِّعًا لِمَنْدُوبٍ عَلَى غَيْرِ الْمَشْهُورِ فِي مُتَعَمِّدِ تَأْخِيرِ الظُّهْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ إِمَّا حَظْرًا وَإِمَّا نَدْبًا الْفَصْلُ الثَّانِي فِي وَقْتِ صَلَاةِ الظُّهْرِ وَهِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَهِيَ شِدَّةُ الْحَرِّ يُقَالُ ظُهْرٌ وَظَهِيرَةٌ فَكَأَنَّهُ وَقْتُ ظُهُورِ مَيْلِ

الفصل الثالث في وقت صلاة العصر

الشَّمْسِ أَوْ غَايَةِ ارْتِفَاعِهَا لِأَنَّ الْمُرْتَفِعَ ظَاهِرٌ أَوْ لِأَنَّ وَقْتَهَا أَظْهَرُ الْأَوْقَاتِ بِسَبَبِ الظِّلِّ وَتُسَمَّى الْهَجِيرَةَ مِنَ الْهَاجِرَةِ وَهِيَ شِدَّةُ الْحَرِّ وَتُسَمَّى الْأُولَى لِأَنَّهَا أَوَّلُ صَلَاةٍ صَلَّاهَا جِبْرِيلُ برَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلذَلِك بَدَأَ الْعلمَاء بهَا فِي التصنيف وَأَوَّلُ وَقْتِهَا الزَّوَالُ وَهُوَ نُزُولُ الشَّمْسِ عَنْ وسط السَّمَاء وعلامته زِيَادَةُ الظِّلِّ بَعْدَ نُقْصَانِهِ تَنْبِيهٌ قَدْ يُعْلَمُ من غير زِيَادَة الظل لَكِن يحزر خَطًّا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مُسَامِتًا لِخَطِّ الزَّوَالِ فِي السَّمَاءِ بِالطُّرُقِ الْمَعْلُومَةِ عِنْدَ أَرْبَابِ الْمَوَاقِيتِ وَيَضَع فِيهِ قَائِما وَعند الزَّوَالِ يَخْرُجُ ظِلُّ الْقَائِمِ مِنَ الْخَطِّ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةِ الظِّلِّ خُصُوصًا فِي الصَّيْفِ فَهَذَا أَوَّلُ الْوَقْتِ الِاخْتِيَارِيِّ إِلَى أَنْ يَصِيرَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ بَعْدَ الظِّلِّ الَّذِي زَالَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ آخِرُ الِاخْتِيَارِيِّ إِذا صَار ظلّ كل شَيْء مثيله الْفَصْل الثَّالِث فِي وَقت صَلَاة الْعَصْر وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْعَشِيِّ فَإِنَّهُ يُسَمَّى عَصْرًا وَقِيلَ مِنْ طَرَفِ النَّهَارِ وَالْعَرَبُ تُسَمِّي كُلَّ طَرَفٍ مِنَ النَّهَارِ عَصْرًا وَفِي الْحَدِيثِ حَافِظُوا عَلَى الْعَصْرَيْنِ صَلَاةٌ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَصَلَاةٌ قَبْلَ غُرُوبِهَا يُرِيدُ الصُّبْحَ وَالْعَصْرَ وَأَوَّلُ وَقْتِهَا إِذا

صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ وَوَقْتُ الْفَضِيلَةِ مِنْهُ مَا دَامَتِ الشَّمْسُ نَقِيَّةً وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ مَا رَأَيْتُ مَالِكًا يُحَدِّدُ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ قَامَتَيْنِ بَلْ يَقُولُ وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّ الْفَضِيلَةَ إِلَى الْقَامَتَيْنِ بَعْدَ زِيَادَةِ ظِلِّ الزَّوَالِ وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ فَإِنَّ الشَّمْسَ حِينَئِذٍ تَكُونُ نَقِيَّةً قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَلِأَصْحَابِنَا أَنَّ أَوَّلَ وَقْتِهَا قَبْلَ انْتِهَاءِ الْقَامَةِ الْأُولَى بِقَدْرِ أَربع رَكْعَات فِي الْعَصْرِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي حَدِيثِ جِبْرِيلَ وَصلى فِي الْعَصْر حِين صَار ظلّ كل شَيْء مثله وَاللَّفْظ ظَاهر من الْجُمْلَةِ وَوَافَقَنَا الشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ أَوَّلُ وَقْتِهَا آخِرُ الْقَامَتَيْنِ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ عَنِ الْقَاسِم بن مُحَمَّد مَا أَدْرَكْنَا النَّاسَ إِلَّا وَهُمْ يُصَلُّونَ الْعَصْرَ بِعَشِيٍّ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْعَصْرَ بَعْدَ الْقَامَتَيْنِ وَهُوَ معَارض بِحَدِيث جِبْرِيلَ فَإِنْ صَلَّى الْعَصْرَ قَبْلَ الْقَامَةِ الْأُولَى لَا يجْزِيه وَقَالَ أَشْهَبُ أَرْجُو إِنْ صَلَّى الْعَصْرَ قَبْلَ الْقَامَة وَالْعشَاء قبل الشَّفق أَن يجْزِيه وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ لِأَنَّ الْمُسَافِرَ قَدْ يُصَلِّيهمَا كَذَلِك عِنْد رحيله وَلِأَنَّ الْقَامَةَ الْأُولَى لَوْ لَمْ تَكُنْ وَقْتًا لَهَا لَمَا جَازَ تَقْدِيمُهَا لِلْعُذْرِ فَائِدَةٌ مَنْ علم وَقت الظّهْر علم وَقت الْعَصْر بِأَن يَزِيدُ عَلَى ظِلِّ الزَّوَالِ سِتَّةَ أَقْدَامٍ وَنِصْفًا بِقَدَمِهِ فَإِنَّهُ قَامَةُ كُلِّ أَحَدٍ غَالِبًا وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ ظِلَّ الزَّوَالِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ أبي زيد من غلق يَدَهُ وَجَعَلَهَا بَيْنَ نَحْرِهِ عَلَى تَرْقُوَتِهِ وَبَيْنَ حَنَكِهِ وَخِنْصَرِهِ مِمَّا يَلِي

الفصل الرابع في وقت صلاة المغرب

التَّرْقُوَةَ وَاسْتَقْبَلَ الشَّمْسَ قَائِمًا لَا يَرْفَعُ حَاجِبَيْهِ فَإِنْ رَأَى قُرْصَ الشَّمْسِ فَقَدْ دَخَلَ الْعَصْرُ وَإِنْ كَانَ قُرْصُهَا عَلَى حَاجِبَيْهِ لَمْ يَدْخُلْ وَيُعْرَفُ الظُّهْرُ بِأَنْ تَضْرِبَ وَتَدًا فِي حَائِطٍ تَكُونُ الشَّمْسُ عَلَيْهِ عِنْدَ الزَّوَالِ فَإِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ انْظُرْ طَرَفَ ظِلِّ الْوَتَدِ وَاجْعَلْ فِي يَدِكَ خَيْطًا فِيهِ حَجَرٌ مُدَلًّى مِنْ أَعْلَى الظِّلِّ فَإِذَا جَاءَ الْخَيْطُ عَلَى طَرَفِ الظِّلِّ فَخُطَّ مَعَ الْخَيْطِ خَطًّا طَوِيلًا فَإِنَّهُ يَكُونُ خَطًّا لِلزَّوَالِ أَبَدَ الدَّهْرِ فَمَتَى وَصَلَ ظِلُّ ذَلِكَ الْوَتَدِ إِلَيْهِ فَقَدْ زَالَتِ الشَّمْسُ فَفِي الشتَاء يصل إِلَيْهِ أَسْفَل وَفِي الصَّيف يصل إِلَيْهِ فَوْقَ الْفَصْلُ الرَّابِعِ فِي وَقْتِ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَهِي مشقة مِنَ الْغُرُوبِ وَلَا تُسَمَّى عِشَاءً لُغَةً وَلَا شرعا وَفِي الصَّحِيحِ النَّهْيُ عَنْ تَسْمِيَتِهَا عِشَاءً قَالَ فِي الْكِتَابِ وَقْتُهَا غُرُوبُ قُرْصِ الشَّمْسِ دُونَ الشُّعَاعِ إِلَى حِينِ الْفَرَاغِ مِنْهَا لِلْمُقِيمِينَ وَيَمُدُّ الْمُسَافِرُ الْمَيْلَ وَنَحْوَهُ وَرِوَايَةُ الْمُوَطَّأِ إِلَى الشَّفَقِ وَهُوَ اخْتِيَار الْبَاجِيّ وَأبي حنيفَة وَوَقَعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ امْتِدَادُ وَقْتِهَا الِاخْتِيَارِيِّ لِقَوْلِهِ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ فِي الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ قَرْيَتِهِ يُرِيدُ قَرْيَةً أُخْرَى وَهُوَ غَيْرُ مُسَافِرٍ وَعَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ إِنْ طَمِعَ فِي إِدْرَاكِ الْمَاءِ قَبْلَ الشَّفَقِ أَخَّرَ الصَّلَاةَ حُجَّةُ الْمَشْهُورِ أَنَّ الْأُمَّةَ مُجْمِعَةٌ عَلَى إِقَامَتِهَا فِي سَائِرِ

الفصل الخامس في وقت العشاء

الْأَعْصَارِ وَالْأَمْصَارِ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَلَوْ كَانَ مُمْتَدًّا لَفَعَلْتَ فِيهَا مَا تَفْعَلُهُ فِي الظُّهْرِ وَغَيْرِهَا مِنَ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ وَأَمْكَنَ أَنْ يُقَالَ إِنَّ إِجْمَاعَهُمْ لِوُقُوعِ الْخِلَافِ فِي امْتِدَادِ وَقْتِهَا الِاخْتِيَارِيّ احْتِيَاطًا لِأَن وَقْتُهَا غَيْرَ مُمْتَدٍّ وَهَذَا بِخِلَافِ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَحَدِيثُ جِبْرِيلَ فِي كَوْنِهِ صَلَّى بِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْمَغْرِبَ فِي الْيَوْمَيْنِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ حجَّة الثَّانِي مَا فِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ وَقْتُ الْمَغْرِبِ إِلَى أَنْ تَغِيبَ حُمْرَةُ الشَّفَقِ وَالْقِيَاسُ عَلَى سَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى عَدَمِ امْتِدَادِ وَقْتِهَا فَمَا حَدُّهُ؟ فَعِنْدَنَا مَا تقدم وللشافعية قَولَانِ إِحْدَاهمَا يُعْتَبَرَ بَعْدَ الْغُرُوبِ الطَّهَارَةُ وَلُبْسُ الثِّيَابِ وَالْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ وَفِعْلُ ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ فَإِنْ أَحْرَمَ بِهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَهِيَ قَضَاءٌ أَوْ فِي أَثْنَاءِ ذَلِكَ فَقَدْ أَحْرَمَ فِي الْوَقْتِ وَثَانِيهِمَا أَنَّهُ غَيْرُ مَمْدُودٍ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَاتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِ امْتِدَادِهَا إِلَى مَغِيبِ الشَّفق لما فِي الْمُوَطَّأ أَنه عَلَيْهِ السَّلَام قَرَأَ فِي الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ وَقَرَأَ بِالْمُرْسَلَاتِ قَالَ وَهَذَا مِمَّا يُقَوي امتداد وَقتهَا لانه لايجوز امتداد وَقتهَا إِلَى بَعْدِ الشَّفَقِ قَالَ وَإِذَا قُلْنَا بِالِامْتِدَادِ وَالِاشْتِرَاكِ فَهَل تخص الْعِشَاءُ قَبْلَ الشَّفَقِ بِمِقْدَارِ فِعْلِهَا؟ أَوْ تَمْتَدُّ بَعْدَ الشَّفَقِ بِمِقْدَارِ الْمَغْرِبِ؟ وَهَلْ يُجْزِئُ تَقْدِيمُ الْعِشَاءِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ؟ وَهَلْ يَأْثَمُ بِتَأْخِيرِ الْمغرب إِلَى بعد الشَّفق؟ يخْتَلف فِي جَمِيعِ ذَلِكَ كَمَا فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ الْفَصْل الْخَامِس فِي وَقت الْعشَاء وَالْعِشَاءُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ مَمْدُودًا أَوَّلُ الظَّلَامِ وَعَتَمَةُ اللَّيْل ثلثه وظلمته

وَأَعْتَمَ الْقَوْمُ إِذَا سَارُوا حِينَئِذٍ وَالْعَتَمَةُ أَيْضًا الْإِبْطَاءُ وَرُوِيَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ أَنَّهُ كَانَ يَغْضَبُ وَيَصِيحُ إِذَا سَمِعَ مَنْ يُسَمِّيهَا الْعَتَمَةَ وَيَقُولُ إِنَّمَا هِيَ الْعِشَاءُ لِمَا فِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ لَا يَغْلِبَنَّكُمُ الْأَعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلَاتِكُمْ فَإِنَّهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى الْعشَاء وَإِنَّمَا تعتم بحلاب الْإِبِل والسهر فِي ذَلِك أَن الْعَادة أَن العظماء إِذا سموا شَيْئا باسم ايليق الْعُدُولُ عَنْهُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَنْقِيصِهِمْ وَالرَّغْبَةِ عَنْ صَنِيعِهِمْ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْظَمُ الْعُظَمَاءِ قَدْ سَمَّاهَا الْعشَاء فِي قَوْله تَعَالَى {عشَاء يَبْكُونَ} {وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ} وَفِي الْمُوَطَّأِ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا وَهَذَا يَقْتَضِي الْجَوَازَ وَأَوَّلُ وَقْتِهَا مَغِيبُ الشَّفَقِ وَهُوَ الْحُمْرَةُ دُونَ الْبَيَاضِ لِقَوْلِ الْعَرَبِ هَذَا الثَّوْبُ أَشَدُّ حُمْرَةً مِنَ الشَّفَقِ وَلَوْ كَانَ الْبَيَاضُ لَمَا صَحَّ ذَلِكَ الْكَلَامُ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا تُعْتَبَرُ الصُّفْرَةُ أَيْضًا قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وروى ابْن الْقَاسِم عَنهُ أَيْضا أَن الْبيَاض الَّذِي يشك فِيهِ مَعَ الْحمرَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة مَغِيبُ الْبَيَاضِ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يُصَلِّيهَا لِمَغِيبِ الْقَمَرِ لِثَلَاثٍ وَهَذَا رُبْعُ اللَّيْلِ وَيُعَضِّدُهُ قَوْله تَعَالَى {أَقِمِ الصَّلَاة لدلوك الشَّمْس إِلَى غسق اللَّيْل} وَالْغَسَقُ اجْتِمَاعُ الظُّلْمَةِ وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِأَحَدِ النيرين

الفصل السادس في وقت الصبح

فَيَتَعَلَّقُ بِالثَّانِي مِنْهُمَا أَصْلُهُ صَلَاةُ الصُّبْحِ مَعَ الْفَجْرَيْنِ وَلِأَنَّ الشَّفَقَ مِنَ الشَّفَقَةِ وَهِيَ رِقَّةُ الْقَلْبِ فَكُلَّمَا كَانَ أَرَقَّ كَانَ أَوْلَى بِالِاسْمِ وَالْبَيَاضُ أَرَقُّ مِنَ الْحُمْرَةِ وَلِأَنَّهُ سَبَبٌ لِصَلَاةٍ ضَرُورِيَّةٍ مِنَ الدِّينِ وَسَبَبُ الضَّرُورِيِّ لَا يَثْبُتُ الابيقين وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ مُعَارَضٌ بِحَدِيثِ جِبْرِيلَ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ بَيَانٌ لِلْغَايَةِ وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّهُ عِبَادَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِأَحَدِ النَّيِّرَيْنِ فَيَتَعَلَّقُ بِأَقْرَبِهِمَا إِلَى الشَّمْسِ أَصْلُهُ الصُّبْحُ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّهُ مُعَارَضٌ بِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ الشَّفَقُ الْحُمْرَةُ فَإِذَا غَابَ فَقَدْ وَجَبَتِ الصَّلَاةُ وَعَنِ الْخَامِسِ أَنَّهُ بَاطِلٌ بِإِثْبَاتِهِمْ آخِرَ وَقْتِ الْعِشَاءِ إِلَى الْفَجْرِ بِغَيْرِ نَصٍّ وَلَا إِجْمَاعٍ بَلْ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى خِلَافِهِمْ وَكَذَلِكَ أثبتوا وَقْتَ الْمَغْرِبِ إِلَى الشَّفَقِ وَوَقْتَ الظُّهْرِ آخِرَ الْقَامَتَيْنِ وَالْجُمْهُورُ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ وَفِي الْكِتَابِ يَمْتَدُّ وَقْتُهَا الِاخْتِيَارِيُّ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ وَكَذَلِكَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَعِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ إِلَى نِصْفِ اللَّيْل وَعند أبي حنيفَة اللَّيْلُ كُلُّهُ وَعِنْدَ النَّخَعِيِّ رُبْعُ اللَّيْلِ حُجَّةُ الثُّلُثِ حَدِيثُ جِبْرِيلَ حُجَّةُ النِّصْفِ رِوَايَةٌ فِيهِ وَمَا فِي الْمُوَطَّأ أَن عمر ابْن الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَتَبَ إِلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ أَن صل الْعشَاء مَا بَيْنك وَبَين ثلث اللَّيْل فَإِن أَخَّرْتَ فَإِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي وَقْتِ الصُّبْحِ وَالصُّبْحُ وَالصَّبَاحُ أَوَّلُ النَّهَارِ وَقِيلَ مِنَ الْحُمْرَةِ الَّتِي عِنْدَ ظُهُورِهِ وَمِنْهُ

صَبَاحَةُ الْوَجْهِ لِحُمْرَتِهِ وَتُسَمَّى صَلَاةَ الْفَجْرِ لِتَفَجُّرِ النُّورِ كَالْمِيَاهِ وَأَوَّلُ وَقْتِهَا طُلُوعُ الْفَجْرِ الْمُسْتَطِيرِ الصَّادِقِ وَهُوَ الثَّانِي وَلَا يُعْتَبَرُ الْأَوَّلُ الْكَاذِبُ وَهُوَ الَّذِي لَا يَمْتَدُّ مَعَ الْأُفُقِ بَلْ يَطْلُبُ وَسَطَ السَّمَاءِ وَكَثِيرٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ لَا يَعْرِفُ حَقِيقَتَهُ وَيَعْتَقِدُ أَنَّهُ عَامُّ الْوُجُودِ فِي سَائِرِ الْأَزْمِنَةِ وَهُوَ خَاصٌّ بِبَعْضِ الشِّتَاءِ وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ الْمَجَرَّةُ فَمَتَى كَانَ الْفَجْرُ بِالْبَلْدَةِ وَنَحْوِهَا طَلَعَتِ الْمَجَرَّةُ قَبْلَ الْفَجْرِ وَهِيَ بَيْضَاءُ فَيَعْتَقِدُ أَنَّهَا الْفَجْرُ فَإِذَا بَايَنَتِ الْأُفُقَ ظَهَرَ مِنْ تَحْتِهَا الظَّلَامُ ثُمَّ يَطْلُعُ الْفَجْرُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمَّا غَيْرُ الشِّتَاءِ فَيَطْلُعُ أَوَّلَ اللَّيْلِ أَو نصفه فَلَا يَطْلُعُ آخِرَهُ إِلَّا الْفَجْرُ الْحَقِيقِيُّ ثُمَّ يَمْتَدُّ وَقْتُهَا الِاخْتِيَارِيُّ إِلَى الْإِسْفَارِ وَهُوَ فِي الْكِتَابِ وَقِيلَ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَلَا يَصِحُّ عَنْ مَالِكٍ غَيْرُهُ وَجْهُ الْأَوَّلِ حَدِيثُ جِبْرِيلَ وَوَجْهُ الثَّانِي مَا فِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ إِذا صليتم الْفجْر إِلَى أَن يطلع قرص الشَّمْسِ الْأَوَّلُ وَفِي رِوَايَةٍ وَقْتُ صَلَاةِ الصُّبْحِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَالْجُمْهُورُ أَنَّهَا مِنْ صَلَاةِ النَّهَارِ لِتَحْرِيمِ الطَّعَامِ عَلَى الصَّائِمِ وَهُوَ لَا يَحْرُمُ إِلَّا نَهَارا وَقَالَ الْأَعْمَش هِيَ من اللَّيْلِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَة النَّهَار مبصرة} وَآيَةُ النَّهَارِ هِيَ الشَّمْسُ وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَلَاةُ النَّهَارِ عَجْمَاءُ وَالصُّبْحُ لَيْسَتْ عَجْمَاءُ وَقَوْلُ أُميَّة بن أبي الصلث (وَالشَّمْسُ تَطْلُعُ كُلَّ آخِرِ لَيْلَةٍ ... حَمْرَاءَ تُبْصِرُ لَوْنهَا يتوقد)

وَقَالَ الْمَازِرِيُّ قِيلَ هُوَ وَقْتُ بِدَايَةٍ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ الْقَوْلُ بِالْمُوجَبِ وَعَنِ الْحَدِيثِ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ هُوَ لَيْسَ بِحَدِيثٍ وَإِنَّمَا هُوَ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ وَعَنِ الشِّعْرِ أَنَّ الْخَلِيلَ قَالَ النَّهَارُ أَوَّلُهُ مِنَ الْفَجْرِ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالشَّمْسِ ضِيَاؤُهَا على حذف الْمُضَاف ويؤكد تَقْرِير هَذِه الْأَوْقَات حَدِيث جِبْرِيل فِي التِّرْمِذِيِّ وَأَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ أَمَّنِي جِبْرِيلُ عِنْدَ الْبَيْتِ مَرَّتَيْنِ فَصَلَّى بِيَ الظُّهْرَ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ وَكَانَتْ قَدْرَ الشِّرَاكِ وَصَلَّى بِيَ الْعَصْرَ حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُهُ وَصَلَّى بِيَ الْمَغْرِبَ حِينَ أَفْطَرَ الصَّائِمُ وَصَلَّى بِيَ الْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ وَصَلَّى بِيَ الْفَجْرَ حِينَ حَرُمَ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ عَلَى الصَّائِمِ فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ صَلَّى بِيَ الظُّهْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُهُ وَصلى بِي الْعَصْر حِين كَانَ ظله مِثْلَيْهِ وَصَلَّى بِيَ الْمَغْرِبَ حِينَ أَفْطَرَ الصَّائِمُ وَصَلَّى بِيَ الْعِشَاءَ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ وَصَلَّى بِي الْفجْر فأسفر ثمَّ الْتفت إِلَيّ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ هَذَا وَقْتُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِكَ وَالْوَقْتُ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ وَفِي بَعْضِ طُرُقِهِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يُصَلِّي بِصَلَاةِ جِبْرِيلَ وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فُرُوعٌ سِتَّةٌ الْأَوَّلُ الِاشْتِرَاكُ عِنْدَنَا وَاقِعٌ فِي الْأَوْقَات خلافًا (ش. ح) وَابْنِ حَبِيبٍ مِنْ أَصْحَابِنَا لَنَا وُجُوهٌ أَحدهَا الْأَوْقَات الدَّالَّةُ عَلَى جَمْعِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ دُونَ غَيْرِهَا وَلَوْلَا الِاشْتِرَاكُ لَرُوعِيَتِ الضَّرُورَةُ فِي غَيْرِهَا كَمَا رُوعِيَتْ فِيهَا وَإِلَّا يلْزم نقض الْعلَّة لَا لِمُوجَبٍ وَثَانِيهَا أَنَّ أَرْبَابَ الضَّرُورَاتِ

يُدْرِكُونَ الصَّلَاتَيْنِ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَقَبْلَ الْفَجْرِ مَعَ انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مَا خَرَجَ وَقْتُهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ النِّزَاعِ فَيَكُونُ وَقْتُهَا بَاقِيًا وَلَا مَعْنَى لِلِاشْتِرَاكِ إِلَّا ذَلِكَ ثَالِثُهَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَمَّنِي جِبْرِيلُ مَرَّتَيْنِ الْحَدِيثَ وَذَكَرَ فِيهِ أَنَّهُ صَلَّى بِهِ الْعَصْرَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ وَصَلَّى بِهِ الظُّهْرَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي ذَلِكَ الْوَقْتَ فَيَكُونُ مُشْتَرِكًا احْتَجُّوا بِحَدِيث عبد الله ابْن عمر وَفِيه وَقت الظّهْر مالم يَدْخُلْ وَقْتُ الْعَصْرِ وَبِحَدِيثِ جِبْرِيلَ وَأَنَّهُمَا يُوجِبَانِ حصر الْأَوْقَات وَأما أَوْقَات الضرورات فخاصة بِهِمْ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ فَلَا بُدَّ مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ فَيُحْمَلُ الْأَوَّلُ عَلَى أَفْضَلِ الْأَوْقَاتِ وَالثَّانِي عَلَى مَا فِيهِ تَفْرِيطٌ أَوْ عُذْرٌ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ مَعْنَى اخْتِصَاصِ الْوَقْتِ بِأَرْبَابِ الضَّرُورَاتِ أَنَّهُمْ غَيْرُ مُقَصِّرِينَ فِيهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْإِجْمَاعِ عَلَى عَدَمِ لُزُومِ مَا خرج وقته التَّفْرِيع إِذَا قُلْنَا بِالِاشْتِرَاكِ فَالْمَشْهُورُ الْمَنْقُولُ فِي الْجَوَاهِرِ أَنَّهُ خَاصٌّ بِأَرْبَعِ رَكَعَاتٍ مِنْ أَوَّلِ الْقَامَةِ الثَّانِيَةِ وَقَالَ التُّونِسِيُّ الِاشْتِرَاكُ فِي آخِرِ الْقَامَةِ الْأُولَى بِقَدْرِ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ وَمَنْشَأُ الْقَوْلَيْنِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَصَلَّى بِيَ الْعَصْرَ حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ إِنْ حَمَلْنَا الصَّلَاةَ على أَسبَابهَا وَهُوَ مَجَازٌ كَانَ الِاشْتِرَاكُ وَاقِعًا فِي الْقَامَةِ الثَّانِيَة أَو على أَحْكَامهَا وَهُوَ الْحَقِيقَة كَانَ الِاشْتِرَاك فِي آخر الأولى وَلَا يتَّجه فِي قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام فَصَلَّى بِيَ الظُّهْرَ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ إِلَّا الِابْتِدَاءُ وَالْمَجَازُ وَيَكُونُ مِنْ إِطْلَاقِ لَفْظِ الْكُلِّ عَلَى الْجُزْءِ وَكَذَلِكَ الْمَغْرِبُ وَالصُّبْحُ فَيَتَأَكَّدُ الْمَشْهُورُ بِهَذِهِ الصَّلَوَات قَالَ صَاحب التَّلْخِيص فَمَا بَيْنَ الْقَامَتَيْنِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ

مُشْتَرك بَين الصَّلَاتَيْنِ مقسوم بَينهَا بِقدر اشْتِرَاك مُسْتَقل بِذَاتِهِ قَالَ وَلَوْ صَلَّى الظُّهْرَ عِنْدَ الزَّوَالِ وَالْعَصْرَ بإثره لم تجب عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ عَلَى الْقَوْلِ بِالِاشْتِرَاكِ وَحَكَاهُ صَاحِبُ اللُّبَابِ وَقَالَ أَشْهَبُ الِاشْتِرَاكُ عَامٌّ فِي الثَّانِيَةِ بِدَلِيلِ أَرْبَابِ الضَّرُورَاتِ وَقَالَ صَاحِبُ التَّلْقِينِ وَابْنُ الْقَصَّارِ وَغَيرهمَا تخْتَص الظُّهْرُ بِمِقْدَارِهَا عِنْدَ الزَّوَالِ وَالْعَصْرُ بِمِقْدَارِهَا عِنْدَ الْغُرُوبِ لِوُجُوبِ إِيقَاعِ الظُّهْرِ قَبْلَ الْعَصْرِ وَفَوَاتِ الظُّهْرِ مَعَ إِيجَابِ الْعَصْرِ آخِرَ النَّهَارِ وَقَالَ الْمَازِرِيُّ وَعِنْدَ بَعْضِ الْأَصْحَابِ عَدَمُ الِاخْتِصَاصِ مُطْلَقًا وَبقول تَقَدُّمِ الظُّهْرِ لِأَجْلِ التَّرْتِيبِ لَا لِعَدَمِ الِاشْتِرَاكِ الثَّانِي قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ تَجِبُ الصَّلَاةَ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ وُجُوبًا مُوَسَّعًا مِنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَعند زفر يجب تَأْخِير الْوَقْتِ بِقَدْرِ مَا تَوَقَّعَ فِيهِ الصَّلَاةَ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ يُكْتَفَى بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَقَالَ الْكَرْخِيُّ مِنْهُمْ تَجِبُ إِمَّا بِالشُّرُوعِ أَوْ بِالتَّأْخِيرِ إِلَى آخِرِ الْوَقْتِ وَاخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بآخر الْوَقْتِ هَلْ هِيَ نَافِلَةٌ أَوَّلَ الْوَقْتِ أَوْ مَوْقُوفَةٌ فَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ وَهُوَ مُكَلَّفٌ أَثْبَتْنَا أَنَّهَا وَاجِبَةٌ وَإِلَّا كَانَتْ نَفْلًا وَرَوَى الْمُزَنِيُّ عَنِ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الْوُجُوبَ مُتَعَلِّقٌ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ مَنْ مَاتَ وَسَطَ الْوَقْتِ أَثِمَ وَعِنْدَنَا لَا يَأْثَمُ قَاعِدَةٌ الْوَاجِبُ الْمُخَير وَالْمُوَسَّعُ وَالْكِفَايَةُ كُلُّهَا مُشْتَرِكَةٌ فِي أَنَّ الْوُجُوبَ

مُتَعَلِّقٌ بِأَحَدِ الْأُمُورِ فَفِي الْمُخَيَّرِ بِأَحَدِ الْخِصَالِ والموسع بِأحد الْأَزْمَان الكامنة بَيْنَ طَرَفَيِ الْوَقْتِ وَفِي الْكِفَايَةِ بِأَحَدِ الطَّوَائِفِ وَمَتَى تَعَلَّقَ الْوُجُوبُ بِقَدْرٍ مُشْتَرَكٍ كَفَى فِيهِ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِهِ وَلَا يَتَعَيَّنُ الْإِخْلَالُ بِهِ إِلَّا بِتَرْكِ جَمِيعِ أَفْرَادِهِ فَلَا جَرَمَ خَرَجَ الْمُكَلف عَن الْعهْدَة بِأَيّ زمَان كَانَ منهلا إِلَّا بِتَرْكِ جَمِيعِهَا فَمَنْ لَاحَظَ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ وَهُوَ الْحق قَالَ الْوَقْت كُله طرف الْوُجُوب لِتَحَقُّقِ الْمُشْتَرَكِ فِي جُمْلَةِ أَجْزَائِهِ الَّذِي هُوَ مُتَعَلِّقُ الْوُجُوبِ وَمَنْ لَاحَظَ أَنَّ الْوَقْتَ سَبَبٌ وَالْإِجْزَاءُ حَاصِلٌ بِالْفِعْلِ أَوَّلَ الْوَقْتِ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ تَرَتُّبِ الْمُسَبَّبَاتِ عَلَى أَسْبَابِهَا حُكِمَ بِأَنَّ أَوَّلَهُ وَقْتُ الْوُجُوبِ وَمَنْ لَاحَظَ أَنَّ حَقِيقَةَ الْوَاجِبِ مَا يَلْحَقُ الْإِثْمُ بِتَرْكِهِ وَهَذَا إِنَّمَا يَتَحَقَّقُ آخِرَ الْوَقْتِ قَالَ الْوُجُوبُ مُخْتَصٌّ بِهِ وَمن أشكلت عَلَيْهِ الْحجَّاج قَالَ بِالْوَقْفِ وَالْحق الأبلج معنى مَا تَقَدَّمَ فِي تَقْرِيرِ الْقَاعِدَةِ فَرْعٌ قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ الَّذِي تَقْتَضِيهِ أُصُولُ مَذْهَبِ مَالِكٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْوَاجِب الْمُخَير إِلَّا لبدل وَهُوَ الْعَزْم على أَدَائِهَا فِي الْوَقْتِ لِأَنَّ مَنْ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ وَلَمْ يَفْعَلْ وَلَمْ يَعْزِمْ عَلَى الْفِعْلِ فَهُوَ مُعْرِضٌ عَنِ الْأَمْرِ بِالضَّرُورَةِ وَالْمُعْرِضُ عَنِ الْأَمْرِ عَاصٍ وَالْعَاصِي يَسْتَحِقُّ الْعِقَابَ وَاخْتَارَ الْبَاجِيُّ وَغَيْرُهُ عَدَمُ وُجُوبِ هَذَا الْعَزْمِ لِأَنَّ الْأَمْرَ دَلَّ عَلَى وُجُوبِ الْفِعْلِ فَقَطْ وَالْأَصْلُ عَدَمُ وُجُوبِ غَيره وَلِأَن الْبَدَل يقوم مقَام الْبَدَل فَيَلْزَمُ سُقُوطُ الْمَأْمُورِ بِهِ وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ الثَّالِثُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ لَا تَزَالُ الصَّلَاةُ أَدَاءً مَا بَقِيَ الْوَقْتُ الضَّرُورِيُّ لِأَنَّ الْأَدَاءَ إِيقَاع الْعِبَادَة فِي وَقتهَا الْمَحْدُود لَهَا وَلِهَذَا الْوَقْتُ مَحْدُودٌ لَهَا فَإِذَا تَعَمَّدَ التَّأْخِيرَ إِلَى آخر

الضَّرُورِيِّ لَا يَأْثَمُ عِنْدَ ابْنِ الْقَصَّارِ حَمَلًا لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ عَلَى إِدْرَاكِ الْأَدَاءِ وَالْمُؤَدِّي لَيْسَ بِآثِمٍ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ لَوْ قِيلَ بِالْإِثْمِ لَمْ يَبْعُدْ لِلتَّأْخِيرِ عَنِ الْوَقْتِ الْمَحْدُودِ فِي حَدِيثِ جِبْرِيلَ قَالَ وَلَا خِلَافَ أَنَّ مَنْ تَعَمَّدَ التَّأْخِيرَ حَتَّى بَقِيَ زَمَانُ رَكْعَةٍ فَقَطْ أَنَّهُ عَاصٍ وَرَجَّحَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ الْأَوَّلَ مُحْتَجًّا بِأَنَّ الْعِبَادَةَ تَسْقُطُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِالْأَعْذَارِ وَلَوْلَا أَنَّ الْوَقْتَ بَاقٍ لم يسْقط وَأَنْكَرَ الْإِجْمَاعَ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْقَصَّارِ يَأْبَاهُ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ اتَّفَقَ أَصْحَابُ مَالِكٍ عَلَى امْتِنَاعِ تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ عَنِ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ إِلَى مَا بَعْدَهُ مِنْ وَقْتِ الضَّرُورَةِ وَأَنَّهُ لَا تجوز إِلَّا لِضَرُورَةٍ وَهُوَ الْقَامَةُ فِي الظُّهْرِ وَالْقَامَتَانِ فِي الْعَصْرِ أَوْ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ وَمَغِيبُ الشَّفَقِ فِي الْمَغْرِبِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ لَهُ وَقْتَيْنِ وَانْقِضَاءُ نِصْفِ اللَّيْلِ فِي الْعِشَاءِ الأخيره والإسفار فِي الصُّبْح لقَوْله عَلَيْهِ السَّلَام تِلْكَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِينَ الْحَدِيثَ وَلِأَنَّهُ لَمْ يُعْهَدْ فِي السَّلَفِ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَهُوَ مُضَيِّعٌ لِصَلَاتِهِ وَإِنْ كَانَ مُؤَدِّيًا وَأَمَّا تَرْكُهَا حَتَّى يَخْرُجَ الْوَقْتُ فَمِنَ الْكَبَائِرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوف يلقون غيا}

الرَّابِعُ فِي التَّأْخِيرِ وَالتَّعْجِيلِ قَالَ فِي الْكِتَابِ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ فِي الشِّتَاءِ والصيف والفيء ذِرَاعٍ كَمَا أَمَرَ بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِي الله عَنهُ وَاسْتحبَّ الشَّافِعِي رَحمَه الله التَّعْجِيل أول الْوَقْت أَبُو حنيفَة التَّأْخِيرُ إِلَى آخِرِ الْوَقْتِ لِلْفَذِّ وَالْجَمَاعَةِ لَنَا أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَتَبَ إِلَى عُمَّالِهِ إِنَّ أَهَمَّ أُمُورِكُمْ عِنْدِي الصَّلَاةُ فَمَنْ حَفِظَهَا وَحَافَظَ عَلَيْهَا حَفِظَ دِينَهُ وَمَنْ ضَيَّعَهَا فَهُوَ لِمَا سِوَاهَا أَضْيَعُ ثُمَّ كَتَبَ أَنْ صَلُّوا الظُّهْرَ إِذَا كَانَ الْفَيْءُ ذِرَاعًا إِلَى أَنْ يَكُونَ ظِلُّ أَحَدِكُمْ مِثْلَهُ حجَّة الشَّافِعِي مَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَتَبَ إِلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنْ صَلِّ الظّهْر إِذا زاغت الشَّمْس وَعَن أَبِي دَاوُدَ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُصَلِّي الظُّهْرَ إِذا زَالَت الشَّمْس وَكَانَ يشْعر بِالدَّوَامِ وَالْعَادَةِ وَفِيهِ أَيْضًا سُئِلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ فَقَالَ الصَّلَاةُ لِأَوَّلِ وَقْتِهَا حجَّة أبي حنيفَة مَا فِي الْمُوَطَّأ أَن أَبَا هُرَيْرَة سُئِلَ عَنْ أَوَّلِ وَقْتِ الصَّلَاةِ فَقَالَ لِلسَّائِلِ صَلِّ الظُّهْرَ إِذَا كَانَ ظِلُّكَ مِثْلَكَ وَالْعَصْرَ إِذا كَانَ ظلك مثليك وَجَوَاب الشَّافِعِي أَنَّ كِتَابَهُ لِأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ تَحْذِيرٌ عَنْ قبل الزَّوَال أَو يَخُصُّهُ بذلك فِي نَفسه جمعا بَين كِتَابَته وَعَن الثَّانِي أَن نعلم أَن الْأَذَان بعد الزَّوَال لِاجْتِمَاع النَّاس

وَالنَّفْل وَهَذِه سنة السّلف وَجَوَاب أبي حنيفَة عَمَّا فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ لَعَلَّ ذَلِكَ كَانَ فِي زَمَنِ الشِّتَاءِ إِذَا كَانَ ظِلُّ الزَّوَالِ كَذَلِكَ أَوْ لَعَلَّهُ سُئِلَ عَنْ آخِرِ الْوَقْتِ فَلَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِ عُمَرَ خِلَافٌ بَلْ قَوْلُ عُمَرَ أَرْجَحُ لِكَوْنِهِ إِمَامَ الْمُسْلِمِينَ وَأَكْثَرَ فَحْصًا عَنْ دِينِهِمْ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَالْفَيْءُ ذِرَاعٌ فَالْفَيْءُ لَا يُقَالُ إِلَّا بَعْدَ الزَّوَالِ لِأَن الظل يفِيء للزِّيَادَة بَعْدَ النُّقْصَانِ أَيْ يَرْجِعُ وَأَمَّا الذِّرَاعُ فَقَالَ التُّونِسِيُّ هُوَ رُبْعُ الْقَامَةِ فَإِنَّهُ الْغَالِبُ مِنْ كُلِّ إِنْسَانٍ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ عِلَّةُ ذَلِكَ اجْتِمَاعُ النَّاسِ وَأَمَّا الْفَذُّ فَظَاهِرُ قَوْلِهِ أَنَّهُ لَا يُؤَخِّرُ وَكَذَلِكَ نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِي الرِّسَالَةِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَالْعِرَاقِيِّينَ فِيهِ وَفِي الْجَمَاعَةِ الْمُتَوَفِّرَةِ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يُؤَخِّرُ قَلِيلًا لِأَنَّ مَسَاجِدَ الْجَمَاعَاتِ أَصْلٌ فِي الصَّلَوَاتِ وَمَا عَدَاهُمْ تَبَعٌ لَهُمْ فَرْعٌ مُرَتَّبٌ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ ظَاهِرُ الْكِتَابِ أَنَّ الذِّرَاعَ لَا يُزَادُ عَلَيْهِ لِشِدَّةِ الْحَرِّ لذهابه بِهِ وَقَالَ أَشهب وَالشَّافِعِيّ يُؤَخر ذراعين لما فِي أبي دَاوُود إِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَإِذَا اشْتَدَّ الْحر فأبردوا عَن الصَّلَاة قَالَ أَبُو دَاوُود حَتَّى رَأَيْنَا الْفَيْءَ فِي التُّلُولِ وَمَعْنَى الْإِبْرَادِ الدُّخُول

فِي وَقْتِ الْبَرْدِ نَحْوَ أَتْهَمَ وَأَنْجَدَ إِذَا دَخَلَ تِهَامَةَ وَنَجْدًا وَأَصْبَحَ وَأَمْسَى إِذَا دَخَلَ فِي الصَّبَاحِ وَالْمَسَاءِ وَالتُّلُولُ جَمْعُ تَلٍّ وَهُوَ الرَّابِيَةُ وَفَيْحُ جَهَنَّمَ انْتِشَارُ حَرِّهَا وَأَصْلُهُ السِّعَةُ وَمِنْهُ مَكَانٌ أَفْيَحٌ وَأَرْضٌ فَيْحَاءُ أَيْ وَاسِعَةٌ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ جَهَنَّمَ حَقِيقَةً كَمَا رُوِيَ إِنَّ النَّارَ اشْتَكَتْ إِلَى رَبِّهَا أَنْ قَدْ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا فَأَذِنَ لَهَا فِي نَفَسَيْنِ نَفَسٌ فِي الشِّتَاءِ وَنَفَسٌ فِي الصَّيْفِ فَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَهُ مِنَ الْحَرِّ فِي الصَّيف فَهُوَ من نَفسهَا وَأَشد مَا تَرَوْنَهُ مِنَ الْبَرْدِ فِي الشِّتَاءِ فَهُوَ مِنْهَا وَقِيلَ أَرَادَ التَّشْبِيهَ وَاخْتُلِفَ فِي إِبْرَادِ الْفَذِّ فَقَالَ ابْن حبيب لَا يبرد وَاشْترط الشَّافِعِي فِي الْإِبْرَادِ أَرْبَعَةَ شُرُوطٍ الِاجْتِمَاعُ فِي الْمَسْجِدِ وَشِدَّةُ الْحَرِّ وَالْبِلَادُ الْحَارَّةِ كَالْحِجَازِ وَبَعْضِ الْعِرَاقِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي إِتْيَانِ النَّاسِ الْمَسْجِدَ مِنْ بَعْدُ وَاخْتَارَ الْبَاجِيُّ إِلْحَاقَ الْفَذِّ بِالْجَمَاعَةِ بِجَامِعِ الْحر المشغل عَن مَقَاصِد الصَّلَاة قَالَ كالأحوال النَّفْسَانِيَّةِ نَحْوِ إِفْرَاطِ الْجُوعِ وَالْعَطَشِ إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ مَعَهُمَا فَرْعٌ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَبْسُوطِ لَا تُؤَخَّرُ الْعَصْرُ عَنْ وَقْتِهَا مِثْلُ الظُّهْرِ قَالَ الْبَاجِيُّ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ مِنْ أَصْحَابِنَا لِأَنَّهَا تُدْرِكُ النَّاسَ مُتَأَهِّبِينَ بِخِلَافِ الظُّهْرَ فَإِنَّهَا تَأْتِي وَقْتَ قَائِلَةٍ وَدَعَةٍ وَسَوَّى فِي التَّلْقِينِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ فِي النَّوَادِرِ لِتَحْصِيلِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ وَرَوَى مَالِكٌ وَمُسلم الَّذِي تفوته صَلَاة الْعَصْر فكأنهما وتر أَهله وَمَا لَهُ قَالَ الْبُخَارِيُّ وَتَرْتُ الرَّجُلَ إِذَا قَتَلْتَ لَهُ قَتِيلًا وَأَخَذْتَ مَالَهُ وَقَالَ

الْخَطَّابِيُّ وُتِرَ نُقِصَ وَبَقِيَ وِتْرًا وَلِأَنَّ النَّفْلَ بَعْدَهَا مَمْنُوعٌ فَتُؤَخَّرُ حَتَّى يَتَنَفَّلَ النَّاسُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ تُؤَخَّرُ مَا دَامَتِ الشَّمْسُ نَقِيَّةً وَأَمَّا الْمَغْرِبُ فَيُتَعَجَّلُ أَوَّلُ وَقْتِهَا لِلْعَمَلِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ الْمُبَادَرَةُ إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَمَّا الْعِشَاءُ فَقَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهَا لِئَلَّا تَفُوتَ النَّاسَ بِسَبَبِ اشْتِغَالِهِمْ بِأَعْشِيَتِهِمْ وَلَا تُؤَخَّرُ جِدًّا وَقَدْ أَنْكَرَ فِي الْكِتَابِ تَأْخِيرَهَا إِلَى ثلث اللَّيْل خلافًا (ش وح) وَرَوَى الْعِرَاقِيُّونَ تَأْخِيرَهَا لِذَلِكَ لِمَا فِي الْبُخَارِيِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ مَكَثْنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ نَنْتَظِرُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لصَلَاة الْعشَاء خرج عَلَيْنَا حِينَ ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا أَدْرِي أَشَيْءٌ شَغَلَهُ فِي أَهْلِهِ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ فَقَالَ حِينَ خَرَجَ إِنَّكُمْ تَنْتَظِرُونَ صَلَاةً مَا يَنْتَظِرُهَا أَهْلُ دِينٍ غَيْرُكُمْ وَلَوْلَا أَنْ يَثْقُلَ عَلَى أُمَّتِي لَصَلَّيْتُ بِهِمْ هَذِهِ السَّاعَةَ ثُمَّ أَمَرَ الْمُؤَذِّنَ فَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَهَذَا الْحَدِيثُ كَمَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ التَّأْخِيرِ يَدُلُّ عَلَى تَرْكِ التَّأْخِيرِ لِانْتِفَاءِ ذَلِكَ فَإِنَّ لَوْلَا تَدُلُّ عَلَى انْتِفَاءِ الشَّيْءِ لِوُجُودِ غَيْرِهِ وَلِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ فَلَا أَدْرِي أَشَيْءٌ شَغَلَهُ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عَادَتَهُمْ خِلَافُ ذَلِكَ وَفِي الْجَوَاهِرِ قِيلَ تَقْدِيمُهَا أَفْضَلُ وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بالتقديم إِن اجْتمع النَّاس وينتظرون إِن أبطأوا وَاسْتَحَبَّ ابْنُ حَبِيبٍ تَأْخِيرَهَا فِي زَمَنِ الشِّتَاءِ قَلِيلا لطول اللَّيْل وَفِي ليَالِي رَمَضَان أَكثر من ذَلِكَ تَوْسِعَةً عَلَى النَّاسِ فِي الْإِفْطَارِ وَأَمَّا الصُّبْح فتعجيلها أفضل على ظَاهر الْكتاب عِنْد الشَّافِعِي خلافًا (ح) مُحْتَجًّا بِأَنَّ الْوَاقِعَ مِنَ التَّغْلِيسِ كَانَ لضَرُورَة أَنهم أَرْبَابُ ضَرُورَاتٍ فِي أَعْمَالِهِمْ وَفِلَاحَتِهِمْ وَأَنَّ الْأَصْلَ

التَّأْخِيرُ لِمَا فِي التِّرْمِذِيِّ أَسْفِرُوا بِالْفَجْرِ فَهُوَ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ صَلَّى حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ ثُمَّ قَالَ مَا صَلَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هَذِهِ الصَّلَاةَ هَذَا الْوَقْتَ إِلَّا فِي هَذِهِ اللَّيْلَة فِي هَذَا الْمَكَان يعْنى يَوْم الْجمع فِي الْحَجِّ لَنَا مَا فِي مُسْلِمٍ سُئِلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ فَقَالَ الصَّلَاةُ لأوّل وَقتهَا وَمَا فِي أبي دَاوُود أَوَّلُ الْوَقْتِ رِضْوَانُ اللَّهِ وَآخِرُهُ عَفْوُ اللَّهِ وَمَا فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كَانَ نِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ يَشْهَدْنَ الْفَجْرَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ ثُمَّ يَنْقَلِبْنَ مَا يُعْرَفْنَ مِنَ الْغَلَس والتلفع التلفف والمرط الكساء الغليظ وَكَانَ يشْعر بِالدَّوَامِ وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ لَيْلًا فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَلَوْلَا التَّغْلِيسُ لَمَا حَسُنَ تَقْدِيمُ الْأَذَانِ وَفِي أبي دَاوُود أَنه عَلَيْهِ السَّلَامُ أَسْفَرَ مَرَّةً بِالصُّبْحِ ثُمَّ لَمْ يَعُدْ إِلَى الْإِسْفَارِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ وَالْجَوَابُ عَنْ قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام أَسْفِرُوا بِالْفَجْرِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى تَعَدِّي وَقْتِ الظَّنِّ إِلَى وَقْتِ الْيَقِينِ وَدَلِيلُهُ قَوْلُهُ أَسْفِرُوا بِالْفَجْرِ وَلَمْ يَقُلْ أَسْفِرُوا بِالصَّلَاةِ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ إِذَا ثَبَتَ أَنَّ التَّغْلِيسَ أَفْضَلُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ فِعْلُهَا مَعَ الْجَمَاعَةِ فِي الْإِسْفَارِ أَفْضَلُ مِنَ التَّغْلِيسِ مُنْفَرِدًا لِأَنَّ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى فَضِيلَةِ الْوَقْتِ بِدَلِيلِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ لَيْلَةَ الْمَطَرِ

تَمْهِيدٌ الْأَصْلُ أَنَّ الْمُبَادَرَةَ إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي سَائِرِ الْأَحْوَالِ أَفْضَلُ لِمَا فِيهِ مِنْ إِظْهَارِ الطَّوَاعِيَةِ وَالْأَمْنِ مِنْ تَفْوِيتِ مَصْلَحَةِ الْعِبَادَةِ إِلَّا أَنْ يَقُومَ مُعَارِضٌ رَاجِحٌ كَالْحَرِّ فَإِنَّ الْإِبْرَادَ مُقَدَّمٌ عَلَى مَصْلَحَةِ الْعِبَادَةِ لِأَنَّ الْمَشْيَ فِي الْحَرِّ الشَّدِيدِ يُذْهِبُ الْخُشُوعَ الَّذِي هُوَ أَفْضَلُ أَوْصَافِ الصَّلَاةِ وَلِهَذَا أُمِرْنَا بِالْمَشْيِ إِلَى الْجَمَاعَةِ بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ وَإِنْ فَاتَتِ الْمُبَادِرَةُ وَصَلَاةُ الْجَمَاعَةِ وَبَرَكَةُ الِاقْتِدَاءِ وَهَذَا عَمَّمَهُ الشَّرْعُ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَلِذَلِكَ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ إِذَا تَعَارَضَ الشُّغْلُ وَالصَّلَاةُ فَالْأَخْيَارُ مِنَ الْعُلَمَاءِ عَلَى تَقْدِيمِ الشُّغْلِ لِيَتَفَرَّغَ لِلْخُشُوعِ وَقَالَ غَيْرُهُ يَنْبَغِي أَنْ تُؤَخَّرَ الصَّلَاةُ بِكُلِّ مُشَوِّشٍ وَيُؤَخِّرُ الْحَاكِمُ الْحُكْمَ لِأَجْلِهِ كَإِفْرَاطِ الظَّمَأِ وَالْجُوعِ وَالْحُقْنَةِ لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الصَّحِيحِ إِذَا حَضَرَ الْعَشَاءُ وَالصَّلَاةُ زَادَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَأَحَدُكُمْ صَائِمٌ فَلْيَبْدَأْ بِالْعَشَاءِ تَتِمَّةٌ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَمْ أَرَ مَالِكًا يُعْجِبُهُ هَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي جَاءَ إِنَّ الرَّجُلَ لَيُصَلِّيَ الصَّلَاةَ وَمَا فَاتَتْهُ وَلَمَا فَاتَهُ مِنْ وَقْتِهَا أَعْظَمُ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا لِأَنَّهُ كَانَ يَرَى النَّاسَ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ حَتَّى يَتَمَكَّنَ الْوَقْتُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ يُرِيدُ لَمْ يَكُنْ يَأْخُذُ بِعُمُومَهِ لَكِن يُرَاعِي أَوَّلَ الْوَقْتِ فِي الْجُمْلَةِ وَلِأَنَّ رَاوِيَ هَذَا

الْحَدِيثِ مِنَ الْمُرْجِئَةِ فَلَا يَأْخُذُ مَالِكٌ بِحَدِيثِهِ الْخَامِسُ فِي الصَّلَاةِ الْوُسْطَى فِيهَا تِسْعَةُ مَذَاهِبَ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ هِيَ الصُّبْحُ عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيّ وَالظُّهْرُ عِنْدَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَالْعَصْرُ عِنْدَ أبي حنيفَة وَالْمَغْرِبُ عِنْدَ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ قَالَ وَقِيلَ الْعِشَاءُ وَقِيلَ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَقِيلَ مُبْهَمَةٌ فِي الْخَمْسِ كَمَا أُخْفِيَتْ لَيْلَةُ الْقَدْرِ وَسَاعَةُ الْجُمُعَةِ قَالَ وَلَوْ قِيلَ إِنَّهَا الْجُمُعَةُ لَاتَّجَهَ وَنَقَلَهُ الْمَازِرِيُّ عَنْ غَيْرِهِ وَنَقَلَ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ أَنَّهَا الْعَصْر وَالصُّبْح وَالْوُسْطَى مُؤَنّثَة أَوسط أما من الْفَضِيلَة فَلقَوْله تَعَالَى {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أمة وسطا} {وَقَالَ أوسطهم} أَوْ مِنَ التَّوَسُّطِ بَيْنَ صَلَاتَيْنِ وَهُوَ مُشْتَرِكٌ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَالصُّبْحُ أَحَقُّ بِالْمَعْنَيَيْنِ أَمَّا الْفَضْلُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفجْر كَانَ مشهودا} وَفِي الصَّحِيحَيْنِ تَجْتَمِعُ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلَائِكَةُ النَّهَارِ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مشهودا} وَقَوله عَلَيْهِ السَّلَامُ لَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْح لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا دَلِيلُ

فَضْلِهِمَا وَالصُّبْحُ أَفْضَلُهُمَا لِمَا فِي مُسْلِمٍ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّهَا قَامَ نصف لَيْلَة وَمن صلى الصُّبْح فِي جمَاعَة فَكَأَنَّهَا صلى اللَّيْل كُله فَتكون الصُّبْح أفضل الْخمس وَلِأَنَّهَا أَكثر مشقة وَتَأْتِي فِي وَقت الرَّغْبَةِ عَنِ الصَّلَاةِ إِلَى النَّوْمِ فَتَكُونُ أَقْرَبَ للتضييع فيناسب الاهتمام بالحث على حفظهَا لتخصصها بِالذِّكْرِ فِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ فَتَكُونُ هِيَ الْمُرَادَةُ مِنْهُ وَأَمَّا التَّوَسُّطُ بِاعْتِبَارِ الْوَقْتِ فَلِأَنَّهَا مُنْقَطِعَةٌ عَمَّا قَبْلَهَا وَعَمَّا بَعْدَهَا عَنِ الْمُشَارَكَةِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا حُجَّةُ الظُّهْرِ تَوَسُّطُهَا وَقْتَ الظَّهِيرَةِ وَحُجَّةُ الْعَصْرِ مَا فِي الصَّحِيحِ مِنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَام يَوْمَ الْأَحْزَابِ شَغَلُونَا عَنِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى صَلَاةِ الْعَصْرِ مَلَأَ اللَّهُ بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا أَوْ أَنَّهَا تَأْتِي فِي وَقْتِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَتَضِيعُ فنبه على الْمُحَافظَة عَلَيْهَا كَمَا قَالَ فِي الْجُمُعَةِ {وَذَرُوا الْبَيْعَ} حُجَّةُ الْمَغْرِبِ تَوَسُّطُ عَدَدِهَا بَيْنَ الثُّنَائِيَّةِ وَالرُّبَاعِيَّةِ وَعدم امتداد وَقتهَا وتجسيم الشَّرْعِ لَهَا وَإِتْمَامُهَا فِي السَّفَرِ حُجَّةُ الْعِشَاءِ اخْتِصَاصُهَا بِعَدَمِ تَعَلُّقِهَا بِشَيْءٍ مِنَ النَّهَارِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فُضِّلْتُمْ بِهَا عَلَى سَائِرِ الْأُمَمِ وَلَمْ تُصَلِّهَا أُمَّةٌ قَبْلَكُمْ وَلِأَنَّ النَّوْمَ قَدْ يَغْلِبُ فِيهَا فَتُضَيَّعُ حُجَّةُ الْخَمْسِ أَنَّهَا الْأَوْسَط لَهَا لكَونهَا فَردا وَمَا لأوسط لَهُ إِذَا أُطْلِقَ عَلَيْهِ الْوَسَطُ كَانَ كِنَايَةً عَنْ جَمِيعِهِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهَا أَخَفُّ مَشَقَّةً مِنْ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ لِإِتْيَانِهَا وَقْتَ

فَتْرَةٍ مِنَ الْأَعْمَالِ وَالْأَجْرُ عَلَى قَدْرِ النَّصَبِ فَتَنْحَطُّ رُتْبَتُهَا وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْمَتْرُوكَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ ثَلَاثَةٌ الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ وَالْمَغْرِبُ فَلَعَلَّ الْإِشَارَةَ للْجَمِيع أَو غَيرهَا من الثَّلَاث أوهي لَكِنْ يَكُونُ تَفْضِيلُهَا عَلَى مَا مَعَهَا فَلَا يَتَنَاوَلُ الصُّبْحَ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّا بَيَّنَّا أَنَّ الصُّبْحَ أَفْضَلُ بِالنَّصِّ الصَّرِيحِ فَلَا يُدْفَعُ بِالِاسْتِدْلَالِ وَعَنِ الرَّابِعِ مَا تَقَدَّمَ فِي الثَّالِثِ وَعَنِ الْخَامِسِ أَنَّ الْكِنَايَةَ لَا يُعْدَلُ إِلَيْهَا إِلَّا عِنْدَ عَدَمِ التَّصْرِيحِ وَقَدْ وُجِدَ كَمَا تَقَدَّمَ وَلِأَنَّ الثَّالِثَ يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ وَسَطًا لِلْخَمْسَةِ لِتَأَخُّرِهِ عَنِ اثْنَيْنِ وَتَقَدُّمِهِ عَلَى اثْنَيْنِ قَاعِدَةٌ الْأَصْلُ فِي كَثْرَةِ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ وَقِلَّتِهِمَا أَنْ يَتْبَعَا كَثْرَةَ الْمَصْلَحَةِ فِي الْفِعْلِ وَقِلَّتَهَا وَكَثْرَةَ الْمَفْسَدَةِ وَقِلَّتَهَا كَتَفْضِيلِ التَّصَدُّقِ بِالدِّينَارِ عَلَى الدِّرْهَمِ وَإِحْيَاءُ الرَّجُلِ الْأَفْضَلِ أَفْضَلُ مِنْ إِحْيَاءِ الْمَفْضُولِ وَإِثْمُ الْأَذِيَّةِ فِي الْأَعْرَاضِ وَالنُّفُوسِ أَعْظَمُ مِنَ الْأَذِيَّةِ فِي الْأَمْوَالِ وَكَذَلِكَ غَالِبُ الشَّرِيعَةِ وَقَدْ يَسْتَوِي الْفِعْلَانِ فِي الْمَصْلَحَةِ وَالْمَفْسَدَةِ مِنْ كُلِّ وَجه وَيُوجب الله سُبْحَانَهُ أَحَدَهُمَا دُونَ الْآخَرِ كَإِيجَابِ الْفَاتِحَةِ فِي الصَّلَاةِ دُونَ غَيْرِهَا مَعَ مُسَاوَاتِهَا لِنَفْسِهَا وَكَتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ مَعَ غَيْرِهَا مِنَ التَّكْبِيرَاتِ وَأَبْعَدُ مِنْ هَذَا عَنِ الْقَاعِدَةِ تَفْضِيلُ الْأَقَلِّ مَصْلَحَةً عَلَى الْأَكْثَرِ كَتَفْضِيلِ الْقَصْرِ عَلَى الْإِتْمَامِ مَعَ اشْتِمَالِ الْإِتْمَامِ على مزِيد

الفصل السابع في أوقات الضرورات

الْخُضُوعِ وَالْإِجْلَالِ وَأَنْوَاعِ التَّقَرُّبِ وَكَتَفْضِيلِ الصُّبْحِ عَلَى سَائِرِ الصَّلَوَاتِ عِنْدَنَا وَتَفْضِيلِ الْعَصْرِ عَلَى رَأْيِ مَنْ قَصَرَ الْقِرَاءَةَ فِيهَا عَلَى مَا وَرَدَتِ السّنة بِهِ وَكَتَفْضِيلِ رَكْعَةِ الْوِتْرِ عَلَى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَاللَّهُ تَعَالَى هُوَ الْفَاعِل الْمُخْتَار يفضل مَا شَاءَ على مَا شَاءَ وَمَنْ شَاءَ عَلَى مَنْ شَاءَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إِلَيْهِ يَرْجِعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ السَّادِسُ فِي إِثْبَاتِ الْأَوْقَاتِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِذَا حَصَلَ الْغَيْمُ أَخِّرْ حَتَّى يَتَيَقَّنَ الْوَقْتُ وَلَا يَكْتَفِي بِالظَّنِّ بِخِلَافِ الْقِبْلَةِ وَالْفَرْقُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْوُصُولَ إِلَى الْيَقِينِ مُمْكِنٌ فِي الْوَقْتِ بِخِلَافِ الْقِبْلَةِ الثَّانِي أَنَّ الْقِبْلَةَ يَجُوزُ تَرْكُهَا فِي الْخَوْفِ وَالنَّافِلَةِ بِخِلَافِ الْوَقْتِ قَالَ وَيجوز التَّقْلِيد الْمَأْمُون كايمة الْمَسَاجِدِ لِأَنَّهُ لَمْ يَزَلِ الْمُسْلِمُونَ يَهْرَعُونَ لِلصَّلَاةِ عِنْدَ الْإِقَامَةِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ مِقْيَاسٍ وَكَذَلِكَ المؤذنون لقَوْله عَلَيْهِ السَّلَام الْمُؤَذِّنُونَ أُمَنَاءُ وَفِي الْجَوَاهِرِ مَنِ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ الْوَقْتُ فَلْيَجْتَهِدْ لِيَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ وَإِنْ خَفِيَ ضوء الشَّمْس اسْتدلَّ بالاورد وَالْأَعْمَالِ وَسُؤَالِ أَرْبَابِهَا وَيَحْتَاطُ قَالَ وَرَوَى مُطَرِّفٌ عَن مَالك أَن مِنْهُ الصَّلَاة فِي الْغَيْم وَتَأْخِير الظُّهْرِ وَتَعْجِيلُ الْعَصْرِ وَتَأْخِيرُ الْمَغْرِبِ حَتَّى لَا يشك فِي اللَّيْل وتعجيل الْعشَاء ويتحرى فِي ذَهَابَ الْحُمْرَةِ وَتَأْخِيرُ الصُّبْحِ حَتَّى لَا يَشُكَّ فِي الْفَجْرِ الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي أَوْقَاتِ الضَّرُورَاتِ وَهِي الْجُنُون وَالْإِغْمَاء وَالصبَا وَالْكفْر وَالْحيض وَالنّفاس زَاد

صَاحِبُ التَّلْقِينِ النِّسْيَانَ وَأُفَصِّلُ ذَلِكَ فَأَقُولُ قَالَ فِي الْكِتَابِ الْمَجْنُونُ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْحَائِضُ وَالْكَافِرُ إِنْ كَانَ ذَلِكَ بِالنَّهَارِ قَضَوْا ذَلِكَ الْيَوْمَ أَوْ بِاللَّيْلِ قَضَوْا صَلَاةَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ أَوْ مَا يُقْضَى فِيهِ صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ قَضَوُا الْأَخِيرَةَ مِنْهُمَا قَالَه صَاحِبُ الطَّرَّازِ يُرِيدُ زَالَتْ أَعْذَارُهُمْ وَيُرِيدُ بِالْقَضَاءِ الْفِعْلَ نَحْوَ قَوْله تَعَالَى {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ} لأَنهم يَقْضُونَ الصَّلَاةَ الَّتِي خَرَجَ وَقْتُهَا قَالَ فَإِنْ زَالَ الْعُذْرُ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ الِاخْتِيَارِيِّ الْأَوَّلِ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُمْ يُصَلُّونَهَا وَإِنْ خَرَجَ وَقْتُ الظُّهْرِ أَوْ غَابَ الشَّفَقُ صَلَّوْهُمَا عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِي وَعند أبي حنيفَة الْأَخِيرَةَ فَقَطْ إِلَّا أَنْ يُدْرِكَ مِنَ الْأُولَى تَكْبِيرَةً لَنَا أَنَّ وَقْتَ الْأُولَى مُشَارِكٌ لِوَقْتِ الثَّانِيَةِ فِي الضَّرُورَةِ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمَا أُخِّرَتِ الْمَغْرِبُ لَيْلَةَ عَرَفَةَ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ وَرَوَى ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْحَائِضِ تَطْهُرُ قَبْلَ الْفَجْرِ تُصَلِّي الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَقَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ قَضَوُا الْأَخِيرَة مِنْهُمَا وَللشَّافِعِيّ قَولَانِ فِي التَّقْدِيم أَحَدُهُمَا كَقَوْلِنَا وَالْآخَرُ يُدْرِكُهُمَا بِوَقْتِ الطَّهَارَةِ وَإِيقَاعِ رَكْعَة وَفِي الْجَدِيد قَولَانِ يُدْرِكُ الصَّلَاتَيْنِ بِرَكْعَةٍ وَالِثَانِي بِتَكْبِيرَةٍ نَظَرًا لِلِاشْتِرَاكِ فِي آخِرِ الْوَقْتِ لَهُمَا لَنَا مَا فِي الْمُوَطَّأ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ مُشَارَكَةِ الظُّهْرِ لَهَا فِي هَذَا الْقَدْرِ وَأَنَّهَا لَا تُدْرَكُ بِأَقَلِّ مِنْهُ وَأَمَّا احْتِجَاجُهُمْ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي مُسْلِمٍ إِذَا أَدْرَكَ أَحَدُكُمْ سَجْدَةً مِنْ صَلَاةِ الْعَصْر قبل الشَّمْسِ فَلْيُتِمَّ الصَّلَاةَ فَهُوَ حُجَّةٌ لَنَا لِأَنَّ إِدْرَاكَ السُّجُودِ فَرْعُ إِدْرَاكِ الرُّكُوعِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا تَلْزَمُ الصَّلَاةُ بِأَقَلِّ مِنْ إِدْرَاكِ رَكْعَةٍ وَقَالَ أَشْهَبُ تَلْزَمُ بِالرُّكُوعِ فَقَطْ قَالَ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ آخِرَ الْأَوْقَاتِ لِأُولَى الصَّلَاتَيْنِ وَسَبَبُ

الْخِلَافِ أَنَّ الِاشْتِرَاكَ هَلْ هُوَ مِنْ أَوَّلِ وَقْتِ الْأُولَى إِلَى آخِرِ وَقْتِ الثَّانِيَةِ أَوْ تَخْتَصُّ الْأُولَى بِمِقْدَارِهَا مِنْ آخِرِ وَقْتِهَا وَالْأَخِيرَةُ بِمِقْدَارِهَا مِنْ آخِرِ وَقْتِهَا وَيَظْهَرُ الْخِلَافُ فِي أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الْفَجْرِ هَلْ تُدْرَكُ بِهَا الصَّلَاتَانِ أَوِ الْعِشَاءُ فَقَطْ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ مَسْلَمَةَ وَكَذَلِكَ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ لِلْحَائِضِ الْمُسَافِرَةِ تُدْرِكُ الْعِشَاءَ خَاصَّةً عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالصَّلَاتَيْنِ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَاعْلَمْ أَنَّ فِي هَذَا الْمَقَامِ إِشْكَالَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ مُقْتَضَى الْخِلَافِ فِي آخِرِ الْأَوْقَاتِ لِأُولَى الصَّلَاتَيْنِ أَوْ أُخْرَاهُمَا يَقْتَضِي الْخِلَافَ فِيمَنْ سَافَرَ قَبْلَ الْغُرُوبِ بِرَكْعَةٍ هَلْ يَقْصُرُ الظُّهْرَ أَمْ لَا وَلَا يَكَادُ يُوجَدُ ذَلِكَ فِي الْمَذْهَبِ وَهُوَ مَوْجُودٌ مَشْهُورٌ فِي الْعِشَاءِ فَهَلِ الْحُكْمُ وَاحِدٌ أَوْ مُخْتَلِفٌ وَيَحْتَاجُ حِينَئِذٍ إِلَى الْفَرْقِ وَثَانِيهِمَا أَنَّهُ يَلْزَمُ أَيْضًا أَنَّ الْحَائِضَ إِذَا طَهُرَتْ قَبْلَ الْغُرُوب بِرَكْعَة أَن يَجِبَ عَلَيْهَا الظُّهْرُ وَيَسْقُطَ الْعَصْرُ بِنَاءً عَلَى أَنه آخِرُ الْوَقْتِ لِلصَّلَاةِ الْأُولَى وَلَمْ أَرَهُ فِي الْمَذْهَب غَايَة مَا رَأَيْته فروع الأول الْمَازِرِيُّ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ إِذَا أَخَّرَتِ الْعَصْرَ إِلَى قَبْلِ الْغُرُوبِ بِرَكْعَةٍ فَحَاضَتْ فَإِنَّهَا تَقْضِيهَا فَإِنْ كَانَ هَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ هَذِهِ الرَّكْعَةَ لِلظُّهْرِ بِنَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَوَاخِرِ الْأَوْقَاتِ فَحَاضَتْ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ وَلَمْ تَحِضْ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ فَتَقْضِيهَا فَقَدِ اسْتَوَى الْبَابَانِ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ أَو كَانَت التَّسْوِيَة خَاصَّة فَهَذَا الْمُتَأَخر الْمَحْكِيُّ عَنْهُ فَيَكُونُ الْفَرْقُ لِغَيْرِهِ أَنَّ الْمُسَافِرَ يَقْصُرُ الْعَصْرَ إِذَا سَافَرَ قَبْلَ الْغُرُوبِ بِرَكْعَةٍ

وَلَا يقْتَصر الْعِشَاءَ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ إِذَا سَافَرَ قَبْلَ الْفجْر بِرَكْعَة إِن اهْتِمَامَ الشَّرْعِ بِالْمَغْرِبِ فِي الْوَقْتِ أَكْثَرُ مِنَ الظّهْر لتضييقه الْوَقْت فِي الْمغرب عَلَى الْمَشْهُورِ وَتَوْسِيعِهِ لِلظُّهْرِ إِجْمَاعًا فَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَعْلِ آخِرِ الْوَقْتِ لِلْمَغْرِبِ لِمَزِيدِ اهْتِمَامِ الشَّرْعَ جَعَلَهُ لِلظُّهْرِ فَافْتَرَقَا الثَّانِي وَالثَّالِثُ وَالرَّابِعُ وَالْخَامِسُ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ اخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي أَرْبَعِ مَسَائِلَ إِذَا نَسِيَتِ الظُّهْرَ وَصَلَّتِ الْعَصْرَ وَحَاضَتْ لِرَكْعَةٍ مِنَ النَّهَارِ هَلْ يَسْقُطُ الظُّهْرُ أَمْ لَا وَإِذَا نَسِيَ الْمُسَافِرُ الظُّهْرَ فِي السَّفَرِ وَصَلَّى الْعَصْرَ وَقَدِمَ قَبْلَ الْغُرُوب فَبَيْنَمَا تَوَضَّأ غَرَبَتِ الشَّمْسُ فَهَلْ يُصَلِّيهَا حَضَرِيَّةً أَوْ سَفَرِيَّةً وَإِذَا سَافَرَ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ نَاسِيًا لِلظُّهْرِ لِرَكْعَةٍ فَهَلْ يُصَلِّيهَا سَفَرِيَّةً أَوْ حَضَرِيَّةً وَمَنْ صَلَّى الظُّهْرَ بِثَوْبٍ نَجِسٍ وَالْعَصْرَ بِثَوْبٍ طَاهِرٍ ثُمَّ عَلِمَ بِنَجَاسَةِ الثَّوْبِ قَبْلَ الْغُرُوبِ بِأَرْبَعِ رَكَعَاتٍ فَهَلْ تَسْقُطُ إِعَادَةُ الظُّهْرِ أَمْ لَا وَخرج قَوْلَيْهِ فِيهَا عَلَى اخْتِصَاصِ الْعَصْرِ بِمِقْدَارِهَا قَبْلَ الْغُرُوبِ فَيَكُونُ آخِرُ الْوَقْتِ لَهَا أَوْ لَا يَخُصُّ فَيَكُونُ الْوَقْتُ لِلظُّهْرِ فَيَلْحَقُهَا أَحْكَامُ الْقَصْرِ وَالسَّفَرِ وَالْإِعَادَةِ إِلَّا أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ إِنَّمَا حَكَاهُ إِذَا فَعَلَ إِحْدَى الصَّلَاتَيْنِ أَمَّا إِذَا اجْتَمَعَ الصَّلَاتَانِ فَلَمْ أَرَ فِيهَا خِلَافًا وَبَعْضُ الْأَصْحَابِ يَقُولُ إِذَا أَسْقَطْنَا صَلَاةً أَسْقَطْنَا مَا بَعْدَهَا فَلَا يُمْكِنُ إِسْقَاطُ الظُّهْرِ وَإِيجَابُ الْعَصْرِ فِي حَقِّ مَنْ حَاضَتْ وَإِذَا أَوْجَبْنَا صَلَاةً أَوْجَبْنَا مَا بَعْدَهَا فِي حَقِّ مَنْ طَهُرَتْ وَهَذَا الْكَلَامُ إِنَّمَا يَسْلَمُ مَعَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْعُذْرِ وَعَدَمِهِ أَمَّا إِذَا قُلْنَا إِنَّ آخِرَ الْوَقْت لأولى الصَّلَاتَيْنِ وطهرت اخْتَصَّتِ الظُّهْرَ بِزَوَالِ الْعُذْرِ فَيَجِبُ بِخِلَافِ الْعَصْرِ وَعَكْسُهُ إِذَا طَهُرَتْ

فُرُوعٌ ثَمَانِيَةٌ الْأَوَّلُ قَالَ فِي الْكِتَابِ فِيمَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْفَجْرِ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ لَا يقْضِي الصُّبْح خلافًا ش فتمهد الْوَقْتَ الَّذِي يَقْتَضِي طَرَيَانَ الْعُذْرِ فِيهِ سُقُوطُ الصَّلَاة فعندنا وَقْتُ الْأَدَاءِ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقْتُ الِاخْتِيَارِ وَعِنْدَ مُعْظَمِ الشَّافِعِيَّةِ إِذَا مَضَى مِنَ الْوَقْتِ قَدْرُ فِعْلِ الصَّلَاةِ ثُمَّ طَرَأَ الْعُذْرُ بَعْدَهُ سَقَطَتْ قَاعِدَةٌ الْمُعَيَّنَاتُ لَا تَثْبُتُ فِي الذِّمَمِ وَمَا فِي الذمم لَا يكون معينا كَانَ مَا فِي الذِّمَمِ يَخْرُجُ عَنْ عُهْدَتِهِ بِأَيِّ فَرْدٍ شَاءَ مِنْ نَوْعِهِ وَالْمُعَيَّنُ لَا يَقْبَلُ الْبَدَلَ فَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مُحَالٌ وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ يَظْهَرُ أَثَرهَا فِي الْمُعَامَلَات وَهَهُنَا أَيْضًا لِأَنَّ الْأَدَاءَ مُعَيَّنٌ بِوَقْتِهِ فَلَا يَكُونُ فِي الذِّمَّةِ وَالْقَضَاءُ لَيْسَ لَهُ وَقْتٌ مُعَيَّنٌ يَتَعَيَّنُ حَكْمُهُ بِخُرُوجِهِ فَهُوَ فِي الذِّمَّةِ وَالْقَاعِدَةُ ان من شُرُوط الِانْتِقَالِ إِلَى الذِّمَّةِ تَعَذُّرَ الْعَيْنِ كَالزَّكَاةِ مَثَلًا مَا دَامَتْ مُعَيَّنَةً بِوُجُودِ نِصَابِهَا لَا تَكُونُ فِي الذِّمَّةِ وَإِذَا تَلِفَ النِّصَابُ بِعُذْرٍ لَا يضمن فَكَذَلِك إِذا تعذر الْأَدَاء بِعُذْر لَا يَجُبِ الْقَضَاءُ وَلَا يُعْتَبَرُ فِي الْقَضَاءِ التَّمَكُّنُ مِنَ الْإِيقَاعِ أَوَّلَ الْوَقْتِ كَمَا لَا يُعْتَبَرُ فِي ضَمَانِ الزَّكَاةِ تَأَخُّرُ الْجَابِي فِي الزَّرْعِ وَالثَّمَرَةِ بَعْدَ وَقْتِ الْوُجُوبِ وَكَمَا لَوْ بَاعَ صَاعًا مِنْ صَبْرَةٍ وَتَمَكَّنَ مِنْ كَيْلِهِ ثُمَّ تَلِفَتِ الصَّبْرَةُ مِنْ غَيْرِ الْبَائِعِ فَإِنَّهُ لَا يُخَاطَبُ بِالتَّوْفِيَةِ وَلِهَذَا أَجْمَعْنَا فِي حَقِّ الْمُسَافِرِ يَقْدُمُ أَوِ الْمُقِيمِ يُسَافِرُ عَلَى اعْتِبَارِ آخر الْوَقْت

الثَّانِي قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا أُغْمِيَ عَلَيْهِ فِي الصُّبْحِ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ فاسقط الْإِعَادَة قِيَاسا على الْحَائِط وَكَذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ فِي الْمَجْمُوعَةِ لَا يَقْضِي مَا خَرَجَ وَقْتُهُ إِذَا كَانَ الْإِغْمَاءُ مُتَّصِلًا بِمَرَضٍ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ فَأَمَّا الصَّحِيحُ يُغْمَى عَلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ الْوَاحِدَةِ فَيَقْضِيَهَا وَقَالَ أَبُو حنيفَة يَقْضِي الْخَمْسَ فَمَا دُونَهُنَّ دُونَ مَا زَادَ مُحْتَجًّا بِأَنَّ عَمَّارًا أُغْمِيَ عَلَيْهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً قَضَاهَا وَأَنَّ ابْنَ عُمَرَ أُغَمِيَ عَلَيْهِ الْأَيَّامَ فَلَمْ يَقْضِهَا وَأَوْجَبَ ابْنُ حَنْبَلٍ الْإِعَادَةَ مُطْلَقًا قِيَاسًا عَلَى النَّائِمِ وَالسَّكْرَانِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ اتَّفَقَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ مَنْ بَلَغَ مُطْبِقًا أَنَّهُ لَا يَقْضِي شَيْئًا تَمْهِيدٌ الْقَضَاءُ عَلَى الصَّحِيحِ إِنَّمَا يَجِبُ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ غَيْرَ أَمْرِ الْأَدَاءِ وَلَمْ يُوجَدْ نَصٌّ فِي صُورَةِ النِّزَاعِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا وَرَدَ فِي النَّوْمِ وَالنِّسْيَانِ فَقِيَاسُنَا مَعْضُودٌ بِالْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ وَقِيَاسُ الْحَنَابِلَةِ مَدْفُوعٌ بِفَارِقِ أَنَّ النّوم وَالسكر مكتسبان فَلَو أثر فِي السُّقُوطِ لَكَانَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً لِلتَّعْطِيلِ وَأَمَّا تَفْرِقَةُ الْحَنَفِيَّةِ فَهِيَ خِلَافُ الْأُصُولِ فَإِنَّ الْأَصْلَ أَنَّ مَا يَسْقُطُ يَسْقُطُ مُطْلَقًا كَالْحَيْضِ وَمَا لَا يَسْقُطُ لَا يَسْقُطُ مُطْلَقًا كَالنَّوْمِ الثَّالِثُ قَالَ فِي الْكِتَابِ وَقْتُ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي الْإِغْمَاء مَغِيبِ الشَّمْسِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ اللَّيْلُ كُلُّهُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ لَا يَخْتَلِفُ أَصْحَابُنَا أَنَّ الْأَخِيرَةَ

تَتَعَيَّنُ إِذَا ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْهُمَا وَتَسْقُطُ الْأُولَى فَإِنْ زَاحَمَ الْعَصْرَ غَيْرُ الظُّهْرِ كَصَلَاةٍ مَنْسِيَّةٍ فالوقت للمنسية عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَتَسْقُطُ الْحَاضِرَةُ وَعِنْدَ أَصْبَغَ يُصَلِّيهمَا ولانب الْقَاسِمِ فِيهَا تَرَدُّدٌ وَالَّذِي رَجَعَ إِلَيْهِ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْوَقْتَ اسْتَحَقَّتْهُ الْمَنْسِيَّةُ فَلَمْ يَبْقَ لِلْحَاضِرَةِ شَيْءٌ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الْآخَرِ أَنَّهَا أَدْرَكَتْ وَقْتَهَا لقَوْله عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ وَكَذَلِكَ لَوْ طَهُرَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ بِأَرْبَعِ رَكَعَاتٍ فَلِمَالِكٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ أَنَّهَا تُصَلِّيهِمَا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَعِنْدَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ تَسْقُطُ الْمَغْرِبُ فَكَذَلِكَ الْخِلَافُ فِي الْمُسَافِرَةِ تَطْهُرُ قَبْلَ الْفَجْرِ بِثَلَاثٍ الرَّابِعُ قَالَ ابْنُ أبي زيد فِي النَّوَادِر لم يخْتَلف فِي الْحَائِضِ إِنَّهُ يُشْتَرَطُ لَهَا وَقْتُ الطَّهَارَةِ غَيْرَ مَا يُدْرَكُ بِهِ الصَّلَاةَ وَفِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ قَوْلَانِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَحَدُهُمَا يُشْتَرَطُ كَالْحَائِضِ بِجَامِعِ الْعُذْرِ وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ خِطَابِهِ زَوَالُ الْعَقْلِ وَقَدْ عَقَلَ وَفَرَّقَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ بَيْنَ الْكَافِرِ وَالْحَائِضِ بِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِالْفُرُوعِ بِخِلَافِهَا وَلِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ قِبَلِهِ بِخِلَافِهَا وَسَوَّى بَيْنَهُمَا سَحْنُونٌ فِي كِتَابِ ابْنِهِ وَالْقَاضِي فِي تَلْقِينِهِ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يُنَاسِبُ عَدَمَ التَّغْلِيظِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يُعْتَبَرُ وَقْتُ الطَّهَارَةِ فِي أَرْبَابِ الْأَعْذَارِ عَلَى الْإِطْلَاقِ عِنْدَ سَحْنُونٍ وَأَصْبَغَ وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ يُعْتَبَرُ فِي الْجَمِيعِ إِلَّا الْكَافِرَ وَاسْتَثْنَى ابْنُ حَبِيبٍ مَعَهُ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَأَجْرَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ الْخِلَافَ فِي الْجَمِيعِ قَالَ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلِ الطَّهَارَةُ شَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ أَوْ فِي الْأَدَاءِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ شَرْطَ الْوُجُوبِ لَا يَجِبُ تَحْصِيلُهُ على الْمُكَلف كالإقامة فِي الصَّوْم لإتمام وَإِنَّمَا تَجِبُ شُرُوطُ الْأَدَاءِ لِأَجْلِ تَقَرُّرِ الْوُجُوبِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَيْهَا وَالطَّهَارَةُ تَجِبُ إِجْمَاعًا فَلَا تَكُونُ شَرْطًا فِي الْوُجُوبِ عَلَى قَوْلٍ وَأَلْزَمَ اللَّخْمِيُّ التَّيَمُّمَ لِمَنْ يَقُولُ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ

إِذَا عُدِمَ الْمَاءُ وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَإِذَا قُلْنَا بِاشْتِرَاط الطَّهَارَة على الْمَشْهُور إِلَّا الْكَافِر فَقَالَ صَاحِبُ التَّلْقِينِ يُضَافُ لِلطَّهَارَةِ سَتْرُ الْعَوْرَةِ وَغَيْرُهُ مِمَّا تَتَوَقَّفُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ الْخَامِسُ لَوْ طَرَأَ عَائِقٌ بَعْدَ وَقْتِ الطَّهَارَةِ كَالْحَدَثِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ تَقْضِي الْحَائِضُ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ مَا لَزِمَهُمَا أَمَّا لَوْ عَلِمَا بَعْدَ الطَّهَارَةِ وَقَبْلَ الصَّلَاةِ أَنَّ الْمَاءَ الَّذِي تَطَهَّرَا بِهِ نَجِسٌ فَإِنَّ الْمُعْتَبَرَ مَا بَعْدَ الطُّهْرِ الثَّانِي قَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمَا حَتَّى صَلَّيَا وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا وَسَوَّى بَيْنَهُمَا سَحْنُونٌ فِي كِتَابِ ابْنِهِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِم فِي الْمُوازِية التَّسْوِيَة بَين الْمَاءِ وَالْحَدَثِ وَرَأَى طَرَيَانَ الْعُذْرَ كَاسْتِمْرَارِهِ بِجَامِعِ عَدَمِ التَّمَكُّنِ وَرَأَى سَحْنُونٌ أَنَّ بِالطُّهْرِ تَعَلُّقِ الْخِطَابِ وَأَمَّا تَفْرِقَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَلِأَنَّ الْحَدَثَ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الصَّلَاةِ وَنَجَاسَةُ الْمَاءِ تَخْلِي حَدَثَ الْحَيْضِ عَلَى حَالِهِ وَهُوَ مَانِعٌ مِنَ الْوُجُوبِ وَهَذَا الْفَرْقُ يَنْقَدِحُ فِي الْحَائِضِ خَاصَّةً مَعَ تَعْمِيمِ الْحُكْمِ فِيهِمَا السَّادِسُ إِذَا قَدَرَتْ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ فَأَحْرَمَتْ بِالظُّهْرِ ثُمَّ تَبَيَّنَ خَطَؤُهَا فَإِنْ كَانَتْ صَلَّتْ رَكْعَةً شَفَّعَتْهَا إِنْ كَانَتْ تُدْرِكُ رَكْعَةً قَبْلَ الْغُرُوبِ وَإِلَّا قَطَعَتْ فَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهَا ذَلِكَ إِلَّا بَعْدَ الْغُرُوبِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ إِنْ كَانَ بَعْدَ رَكْعَةٍ شَفَّعَتْهَا وَسَلَّمَتْ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ ثَلَاثٍ كَمَّلَتْهَا وَهِيَ نَافِلَةٌ ثُمَّ تُصَلِّي الْعَصْرَ وَقَالَ أَصْبَغُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لَوْ قَطَعَتْ فِي الْمَوْضِعَيْنِ لَكَانَ وَاسِعًا وَلَوْ عكست فقدرت الْوَقْت للعصر فَقَط وصلتها ثُمَّ تَبَيَّنَ خِلَافُهُ قَالَ مَالِكٌ فِي

الْمَوَّازِيَّةِ تُصَلِّي الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ كَمَا وَجَبَا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تُعِيدُ الْعَصْرَ وَقَالَ أَشْهَبُ فِي الْعُتْبِيَّةِ تُصَلِّي الظُّهْرَ فَقَطْ إِلَّا إِنْ بَقِي بعد قَدْرِ رَكْعَةٍ فَأَكْثَرَ وَصَحَّ تَقْدِيرُهَا لِلصَّلَاتَيْنِ لَكِنْ بَدَأَتْ بِالْعَصْرِ نَاسِيَةً فَفِي الْجَوَاهِرِ تُصَلِّي الظُّهْرَ لِإِدْرَاكِهَا وَقْتَهَا وَتُؤْمَرُ بِإِعَادَةِ الْعَصْرِ لِوُقُوعِهَا فِي الزَّمَانِ الْمُخْتَصِّ بِالظُّهْرِ كَمَنْ أَوْقَعَ الْعَصْرَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَقِيلَ لَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ لِأَنَّهَا إِنَّمَا تَجِبُ لِأَجْلِ الْمَنْسِيَّةِ فِي الْوَقْتِ السَّابِعُ فِي الْجَوَاهِرِ حُكْمُ الصَّبِيِّ حُكْمُ الْحَائِضِ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ فَلَوِ احْتَلَمَ بَعْدَمَا صَلَّى وَجَبَتِ الْإِعَادَة عندنَا وَعند أبي حنيفَة خلافًا ش مُتَمَسِّكًا بِأَنَّ الزَّوَالَ سَبَبٌ فِي الشَّرْعِ لصَلَاة وَاحِدَة إِجْمَاعًا لما نقل فِي حَقِّ الصَّبِيِّ أَوْ فَرْضٌ فِي حَقِّ الْبَالِغِ وَقَدْ أَوْقَعَ صَلَاةً فَلَا تَجِبُ أُخْرَى وَإِلَّا لَلَزِمَ أَنْ يَكُونَ الزَّوَالُ سَبَبًا لِصَلَاتَيْنِ وَالْمُقَرَّرُ خِلَافُهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ قِيلَ بِنَفْيِ الْإِعَادَةِ وَكَذَلِكَ الْخلاف لَو بلغ بعد الظّهْر وَقبل الْجُمُعَةِ لَنَا أَنَّ الْمُتَقَدِّمَ مِنْهُ نَفْلٌ وَآخِرُ الْوَقْت هُوَ الْمُعْتَبر كَمَا تقدم وَهُوَ مُقْتَضى الْوُجُوب وَالنَّفْلُ لَا يُجْزِئُ عَنِ الْوَاجِبِ الثَّامِنُ إِذَا ذَهَبَ عَقْلُهُ بِدَوَاءٍ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ بعض الشفعوية إِنْ لَمْ يَكُنِ الْغَالِبُ إِزَالَتُهُ لِلْعَقْلِ أَسْقَطَ الْغَرَض وَإِن كَانَ لَمْ يَسْقُطْ قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ لَا يَسْقُطُ مُطْلَقًا كَمَا لَوْ شَرِبَ مُسْكِرًا لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ مُسْكِرٌ وَلِأَنَّ الصَّلَاةَ وَاجِبَةٌ إِجْمَاعًا وَحَيْثُ أَجْمَعْنَا عَلَى السُّقُوطِ فَيُعْذَرُ مِنْ غَيْرِ صنعه وَهَهُنَا لَيْسَ كَذَلِك

(الباب الثاني في الأذان والإقامة)

(الْبَابُ الثَّانِي فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ) فَأَمَّا الْأَذَانُ فِي اللُّغَةِ فَهُوَ الْإِعْلَامُ بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ أَصْلُهُ مِنَ الْأُذُنِ كَأَنَّهُ أَوْدَعَ مَا عَمِلَهُ أُذُنَ صَاحِبِهِ ثُمَّ اشْتَهَرَ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ بِالْإِعْلَامِ بِأَوْقَاتِ الصَّلَاةِ فَاخْتَصَّ بِبَعْضِ أَنْوَاعِهِ كَمَا اخْتَصَّ لَفْظُ الدَّابَّةِ وَالْبِشَارَةِ وَالنِّسْيَان وَالْقَارُورَةِ وَالْخَابِيَةِ بِبَعْضِ أَنْوَاعِهَا وَأَذَّنَ إِذَا أَعْلَمَ بِفَتْح الذَّال وتشديدها وَأذن لَهُ فِي شَيْء أَبَاحَهُ لَهُ بِكَسْرِ الذَّالِ مُخَفَّفَةً وَهُوَ أَيْضًا بِمَعْنَى عَلِمَ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ من الله} وَبِمَعْنى اسْتمع وَمِنْه قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام وَمَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ كَإِذْنِهِ لِنَبِيٍّ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ وَالْمِئْذَنَةُ بِكَسْرِ الْمِيمِ الْمَنَارَةُ وَالْإِقَامَةُ مِنَ الْقِيَامِ لِأَنَّ النَّاسَ يَقُومُونَ لِلصَّلَاةِ بِسَبَبِهَا وَمَعْنَى قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ أَيِ اسْتَقَامَ إِيقَاعُهَا وَآنَ الدُّخُولُ فِيهَا وَفِي الْبَابِ خَمْسَةُ فُصُولٍ

الفصل الأول في صفة الأذان

الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي صِفَةِ الْأَذَانِ وَهُوَ سَبْعَ عَشْرَةَ جُمْلَةً مِنَ الْكَلَامِ وَقَوْلُ الْأَصْحَابِ سَبْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً مَجَازٌ عَبَّرُوا بِالْكَلِمَةِ عَنِ الْكَلَامِ وَإِلَّا فَهُوَ ثَمَانِيَة وَسِتُّونَ كلمة وَالْخلاف فِي مَوَاضِع مِنْهُ أَحَدُهَا التَّكْبِيرُ فَعِنْدَنَا مَثْنَى وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ أَرْبَعٌ وَالْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ مُخْتَلِفَةٌ فِي ذَلِكَ وَتَتَرَجَّحُ رِوَايَةُ مَذْهَبِنَا بِعَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَإِنَّهَا مَوضِع إِقَامَته عَلَيْهِ السَّلَام حَالَة اسْتِقْلَال أَمْرِهِ وَكَمَالِ شَرْعِهِ إِلَى حِينِ انْتِقَالِهِ لِرِضْوَانِ رَبِّهِ وَالْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ كَذَلِكَ يَسْمَعُهُ الْخَاصُّ وَالْعَامُّ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ بِرِوَايَةِ الْخَلَفِ عَنِ السَّلَفِ رِوَايَةً متواترة مخرجة لَهُ من حِين الظَّن والتخمين إِلَى حِين الْيَقِين وَأَمَّا الرِّوَايَاتُ الْأُخَرُ فَلَا تُفِيدُ إِلَّا الظَّنَّ وَهُوَ لَا يُعَارِضُ الْقَطْعَ وَلِذَلِكَ رَجَعَ أَبُو يُوسُفَ عَنْ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ وَثَانِيهَا تَرْجِيعُ الشَّهَادَتَيْنِ خَالَفَ فِيهِ أَبُو حَنِيفَةَ مُحْتَجًّا بِأَنَّ سَبَبَ التَّرْجِيعِ قَدِ انْتَفَى فَيَنْتَفِي وَذَلِكَ أَنَّ سَبَبَهُ إِغَاظَةُ الْمُشْرِكِينَ بِالشَّهَادَتَيْنِ أَوْ أَمْرُهُ أَبَا مَحْذُورَةَ بِالْإِعَادَةِ لِلتَّعْلِيمِ أَوْ أَنَّهُ كَانَ شَدِيدُ الْبُغْضِ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَام فَلَمَّا أسلم وَمد فِي الْأَذَانِ وَوَصَلَ إِلَى الشَّهَادَتَيْنِ أَخْفَى صَوْتَهُ حَيَاء من قومه فَدَعَاهُ عَلَيْهِ السَّلَام وَعَرَّكَ أُذُنَهُ وَأَمَرَهُ بِالتَّرْجِيعِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْحُكْمَ قَدْ يَنْتَفِي سَبَبُهُ وَيَبْقَى كَالرَّمَلَانِ فِي الْحَجِّ لِإِغَاظَةِ الْمُشْرِكِينَ وَهُوَ بَاقٍ لِقَوْلِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا لِي أَرَى الرَّمَلَانِ وَلَا من أرِي مَعَ أَنه مُخَالف فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَلَكِن قولة عمر وَغَيره

حجَّة عَلَيْهِ لنا مَا تقدم من الْمَدِينَة وَمَا فِي أبي دَاوُود أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ لِأَبِي مَحْذُورَةَ فِي تَعْلِيمِهِ الْأَذَانَ تَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ تَرْفَعُ بِهَا صَوْتَكَ ثُمَّ تَقُولُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَه إِلَّا الله أشهد أَن مُحَمَّد رَسُول الله أشهد أَن مُحَمَّد رَسُول الله تخفي بهَا صَوْتك ثمَّ ترفع بِالشَّهَادَةِ وَكَمَّلَ لَهُ الْأَذَانَ إِلَى قَوْلِهِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ ثُمَّ قَالَ لَهُ فَإِنْ كَانَتْ صَلَاةُ الصُّبْحِ قُلْتَ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَرْعٌ قَالَ فِي الْكِتَابِ يَكُونُ صَوْتُهُ فِي تَرْجِيعِ الشَّهَادَتَيْنِ أَرْفَعَ مِنَ الْأَوَّلِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ هَذَا يَقْتَضِي الْإِسْمَاعَ بِالْأَوَّلِ وَهُوَ الْحَقُّ لِأَنَّهُ أَذَانٌ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنَ الْإِعْلَامِ قَالَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَخْفِضُ التَّكْبِيرَ عَلَى مَا فِي الْكتاب وَهِي رِوَايَة أَشهب عَنهُ وَقَدْ تَأَوَّلَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ خَفْضَهُ مِنَ الْكِتَابِ وَهُوَ غَلَطٌ قَالَ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ يُرَجِّعُ الْمُؤَذِّنُ الْأَوَّلُ بِخِلَافِ مَنْ بَعْدَهُ وَقَالَ الْمَازِرِيُّ اخْتُلِفَ فِي أَوَّلِ الْأَذَانِ فَقِيلَ يَخْفِضُ فِيهِ الصَّوْتَ مِثْلَ مَا قَبْلَ التَّرْجِيعِ وَيَبْتَدِئُ الرَّفْعَ مِنَ التَّرْجِيعِ وَقِيلَ يَرْفَعُ أَوَّلًا ثُمَّ يَخْفِضُ وَيَرْفَعُ مِنَ التَّرْجِيعِ إِلَى آخِرِهِ وَاخْتَارَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ مُوَافَقَةِ الْأَحَادِيثِ فِي عُلُوِّ الصَّوْتِ وَمِمَّا فِيهِ مِنَ الْإِعْلَامِ وَثَالِثُهَا الصَّلَاةُ

خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ عِنْدَنَا مَشْرُوعَةٌ خِلَافًا ش ح فِي أحد قوليهما لنا إِجْمَاع الْمَدِينَةِ وَحَدِيثُ أَبِي مَحْذُورَةَ الْمُتَقَدِّمُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ اخْتُلِفَ فِي حِينِ مَشْرُوعِيَّتِهِ فَقِيلَ إِنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَمَرَ بِهِ فَفِي الْمُوَطَّأِ قَالَ مَالِكٌ بَلَغَنِي أَنَّ الْمُؤَذِّنَ جَاءَ يُؤْذِنُ عُمَرَ بِالصَّلَاةِ فَوَجَدَهُ نَائِمًا فَقَالَ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ فَقَالَ لَهُ اجْعَلْهَا فِي نِدَاءِ الصُّبْحِ وَقِيلَ أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لما تقدم فِي حَدِيثِ أَبِي مَحْذُورَةَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ عُمَرَ إِنْكَارًا لِمَا قَالَهُ الْمُؤَذِّنُ فِي غَيْرِ صَلَاةِ الصُّبْحِ فُرُوعٌ ثَلَاثَةَ عَشَرَ الْأَوَّلُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَسَّعَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي مُخْتَصَرِ مَا لَيْسَ فِي الْمُخْتَصِرِ فِي تَرْكِ ذَلِكَ لِمَنْ كَانَ مُنْفَرِدًا وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ يُشْرَعُ فِي الْعِشَاءِ وَقَالَ النَّخَعِيُّ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَاسْتَحْسَنَ الْأَوَّلَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا لمن كَانَ وَحده أَو لمن مَعَه مِمَّن لَيْسَ بِنَائِمٍ قَالَ وَهُوَ فَاسِدٌ لِأَنَّ الْأَذَانَ مُتَّبَعٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهِ أَلَا تَرَاهُ يُحَيْعِلُ وَإِنْ كَانَ وَحْدَهُ وَيُحْمَلُ قَوْلُ مَالِكٍ عَلَى أَنَّهُ لَا يُبْطِلُ الْأَذَانَ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَاخْتَلَفَ الْمَذْهَبُ هَلْ يُقَالُ مَرَّتَيْنِ قِيَاسًا عَلَى التَّكْبِيرِ أَوْ مَرَّةً لِأَنَّهَا مُخْتَصَّةٌ فَيَكُونُ مَرَّةً كَقَوْلِنَا قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ الثَّانِي التَّثْوِيبُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ هُوَ عِنْدَنَا غَيْرُ مَشْرُوعٍ خِلَافًا ح مُحْتَجًّا بِأَنَّ بِلَالًا كَانَ إِذَا أَذَّنَ أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ يَرْحَمُكَ اللَّهُ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ وَرَوَوْا أَن عمر لَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ جَاءَ أَبُو مَحْذُورَةَ وَقَدْ أَذَّنَ فَقَالَ الصَّلَاةَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حَيَّ على

الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَيْحَكَ أَمَجْنُونٌ أَنْتَ مَا كَانَ فِي دُعَائِكَ الَّذِي دَعَوْتَ مَا نَأْتِيكَ حَتَّى تَأْتِيَنَا وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ سُنَّةً لَمْ يُنْكِرْهُ وَكَرِهَهُ مَالِكٌ وَكَرِهَ تَنَحْنُحَ الْمُؤَذِّنِ عِنْدَ الْفَجْرِ ليعلم النَّاس ويركعون وَرُوِيَ أَنه حدث فِي زمَان مُعَاوِيَةَ أَنَّ الْمُؤَذِّنَ إِذَا أَذَّنَ عَلَى الصَّوْمَعَةِ دَارَ إِلَى الْأَمِيرِ وَاخْتَصَّهُ بِحَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ إِلَى حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ ثُمَّ يَقُولُ الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ وَأَقَرَّ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيز وَأَجَازَهُ ابْن الْمَاجشون فِي الْمَبْسُوطِ وَذَكَرَ فِي صِفَةِ التَّسْلِيمِ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْأَمِيرُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ حَيّ على الْفَلاح وَالصَّلَاة يَرْحَمُكَ اللَّهُ قَالَ وَأَمَّا فِي الْجُمُعَةِ فَيَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْأَمِيرُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ قَدْ حَانَتِ الصَّلَاةُ قَدْ حَانَتِ الصَّلَاةُ وَعَادَةُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ تَأْبَى هَذِهِ الْمُحْدَثَاتِ فَائِدَةٌ التَّثْوِيبُ مِنْ قَوْلِهِمْ ثَابَ إِلَيْهِ جِسْمُهُ إِذَا رَجَعَ بَعْدَ الْمَرَضِ وَالْبَيْتُ مَثَابَةٌ لِلنَّاسِ أَيْ مَرْجِعٌ لَهُمْ قَالَ الْخَطَّابِيُّ أَصْلُهُ الْإِعْلَامُ يُقَالُ ثَوَّبَ إِذا لوح بِثَوْبِهِ وللفرق بَيْنَ ثَابَ وَتَابَ مُعْجَمًا وَمُهْمَلًا أَنَّ الْأَوَّلَ لِلرُّجُوعِ وَالثَّانِي لِلْإِقْلَاعِ وَمِنْهُ التَّوْبَةُ مِنَ الذَّنْبِ أَيِ الْإِقْلَاعُ عَنْهُ الثَّالِثُ أَنْكَرَ فِي الْكِتَابِ التَّطْرِيبَ فِي الْأَذَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِنْ مُؤَذِّنِي الْمَدِينَةِ يَطْرَبُ يَعْنِي الْعَمَلَ عَلَى خِلَافِهِ وَالتَّطْرِيبُ مِنَ الِاضْطِرَابِ الَّذِي يُصِيب الْإِنْسَان من الْخَوْف أَو الْفَرح مشبه بتقطيع الصَّوْت وترعيده

بِذَلِكَ وَكَرِهَهُ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّشْبِيهِ بِالْغِنَاءِ الَّذِي بنزه التَّقَرُّبُ عَنْهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَكَذَلِكَ التَّحْزِينُ بِغَيْرِ تَطْرِيبٍ وَلَا يُبَالِغُ فِي الْمَدِّ بَلْ يَكُونُ عَدْلًا قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَالسُّنَّةُ أَنْ يَكُونَ مُحَدَّدًا عَالِيًا الرَّابِعُ أَنْكَرَ فِي الْكِتَابِ دَوَرَانَ الْمُؤَذِّنِ وَالْتِفَاتَهُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهِ وَبَلَغَنِي عَنهُ إِجَازَته للإسماع وَأنكر الإدارة إِنْكَارًا شَدِيدًا وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يُحَوِّلُ صَدْرَهُ عَنِ الْقِبْلَةِ وَلَمْ يَحْكِ خِلَافًا وَفِي الْجُلَّابِ لَا بَأْسَ أَنْ يُؤَذِّنَ إِلَى الْقِبْلَةِ وَغَيْرِهَا مبتدئا وَفِي أثْنَاء أَذَانه وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِنْ أَذَّنَ عَلَى الْمَنَارِ فَلَهُ أَنْ يَدُورَ بِجَمِيعِ جَسَدِهِ عَنِ الْقِبْلَةِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَتْرُكُ الِاسْتِقْبَالَ بِوَجْهِهِ وَلَا بِقَدَمَيْهِ كَانَ فِي مَنَارٍ أَوْ غَيْرِهِ وَيَلْوِي عُنُقَهُ فِي حَيَّ على الصَّلَاة حَيّ عَلَى الْفَلَاحِ لِيُسْمِعَ النَّوَاحِيَ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ يَثْبُتَ بِجَمِيعِ جَسَدِهِ فِي جَمِيعِ أَذَانِهِ وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَنَارِ لَوَى عُنُقَهُ وَاسْتَحَبَّ الشَّافِعِيُّ الِاسْتِقْبَالَ فِي الْإِقَامَةِ أَيْضًا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ رَأَيْتُ الْمُؤَذِّنِينَ بِالْمَدِينَةِ وُجُوهَهُمْ إِلَى الْقِبْلَةِ وَرَأَيْتُهُمْ يُقِيمُونَ عَرْضًا يَخْرُجُونَ مَعَ الْإِمَامِ وَهُمْ يُقِيمُونَ يَعْنِي أَنَّهُمْ ذُرِّيَّةُ الصَّحَابَةِ يَنْقِلُونَ عَنِ الْآبَاءِ وَالْأَجْدَادِ وَفِي أَبِي دَاوُدَ رَأَيْتُ بِلَالًا يُؤذن ويدور وَيتبع هَهُنَا وَهَهُنَا وأصبعاه فِي أُذُنَيْهِ وَفِيه عَن أَبِي جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَأَيْتُ بِلَالًا خَرَجَ إِلَى الْأَبْطَحِ فَأَذَّنَ فَلَمَّا بَلَغَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ لَوَى عُنُقَهُ يَمِينًا وَشِمَالًا وَلَمْ يَسْتَدِرْ قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَعَلَيْهِ عَمَلُ أَهْلِ الْعِلْمِ

الْخَامِسُ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَا يُؤَذِّنُ قَاعِدًا إِلَّا مِنْ عُذْرٍ إِذَا كَانَ مَرِيضًا يُؤَذِّنُ لِنَفْسِهِ وَأَجَازَ فِي الْحَاوِي قَاعِدًا وَرَاكِبًا وَجْهُ الْأَوَّلِ الِاتِّبَاعُ لِلسَّلَفِ وَالْقِيَاسُ عَلَى الْإِقَامَةِ وَالْخُطْبَةِ وَلِأَنَّ الدُّعَاءَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى يَقْتَضِي الِاهْتِمَامَ وَالْجُلُوس تَقْصِير الْوَجْه الثَّانِي أَنَّ الْمَقْصُودَ الْإِعْلَامُ وَهُوَ حَاصِلٌ وَلِأَنَّ الْأَذَانَ مِنَ السُّنَنِ التَّابِعَةِ لِلْفَرَائِضِ فَأَشْبَهَ نَوَافِلَ الصَّلَاةِ السَّادِسُ وَسَّعَ فِي الْكِتَابِ فِي تَرْكِ وَضْعِ الْإِصْبَعَيْنِ فِي الْأُذُنَيْنِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَرَأَيْتُهُمْ بِالْمَدِينَةِ لَا يَفْعَلُونَهُ وَاسْتَحْسَنَهُ الشَّافِعِيُّ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ وَقَوْلُنَا أَرْجَحُ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُسْتَحْسَنًا لَكَانَ فِي مَسْجِدِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْإِقَامَةُ كَالْأَذَانِ السَّابِعُ فِي الْجَوَاهِر يجْزم آخر كل جملَة مِنَ الْأَذَانِ وَلَا يَصِلُهَا بِمَا بَعْدَهَا وَيُدْمِجُ الْإِقَامَةَ لِلْعَمَلِ فِي ذَلِكَ الثَّامِنُ قَالَ فِي الْكِتَابِ يُؤَذِّنُ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ بِخِلَافِ الْإِقَامَةِ وَاخْتَارَ فِي الْمُخْتَصَرِ الْوُضُوءَ وَهُوَ اخْتِيَارُ صَاحِبِ الْمَعُونَةِ وَالشَّافِعِيِّ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي التِّرْمِذِيِّ لَا يُؤَذِّنُ إِلَّا مُتَوَضِّئٌ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْإِقَامَةُ لِأَنَّهَا أَذَانٌ وَإِعْلَامٌ بِخُرُوجِ الْإِمَامِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الصَّحِيحَيْنِ بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ لِمَنْ شَاءَ فَرْعٌ مُرَتَّبٌ إِذا لم يكره الْحَدث فكرهه ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ لِلْجُنُبِ وَأَجَازَهُ أَبُو

الْفَرَجِ فِي الْحَاوِي وَسَحْنُونٌ خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلْ يُكْرَهُ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ لِلْجُنُبِ أَمْ لَا فَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ إِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَرُدَّ عَلَيْكَ السَّلَامَ إِلَّا أَنِّي لَمْ أَكُنْ عَلَى طُهْرٍ يَعْنِي لِمَا فِي السَّلَامِ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ التَّاسِعُ قَالَ فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ أَرْبَعَةُ مُؤَذِّنِينَ لِمَسْجِدٍ وَاحِدٍ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ رَأَيْتُ بِالْمَدِينَةِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ مُؤَذِّنًا وَكَذَلِكَ بِمَكَّةَ يُؤَذِّنُونَ مَعًا فِي أَرْكَانِ الْمَسْجِد كل وَاحِد لَا يَنْقَضِي بِأَذَانِ صَاحِبِهِ فَأَمَّا الْمَسْجِدُ الْكَبِيرُ فَيَجُوزُ أَنْ يُؤَذِّنَ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ رَجُلٌ يُسْمِعُ مَنْ يَلِيهِ لِأَنَّ كُلَّ جَمَاعَةٍ يَحْتَاجُونَ لِلْإِعْلَامِ وَأَمَّا الصَّغِيرُ فَتَوَالِي الْأَذَانِ فِيهِ أَبْلَغُ مِنْ جَمْعِهِ بِحَسْبِ الْوَقْتِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ أَمَّا الصُّبْحُ وَالظُّهْرُ وَالْعِشَاءُ فَيُؤَذِّنُونَ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ إِلَى الْعَشَرَةِ وَفِي الْعَصْرِ إِلَى الْخَمْسَةِ وَفِي الْمَغْرِبِ وَاحِدٌ فَقَطْ التُّونِسِيُّ يُرِيدُ أَوْ جَمَاعَةً مُجْتَمِعِينَ فَإِنْ تَشَاحُّوا أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ بِشَرْطَيْنِ التَّسَاوِي فِي الْإِمَامَة وَأَن لَا يَكُونَ صَاحِبَ الْوَقْتِ فَإِنَّهُ مُقَدَّمٌ وَتَصِحُّ الْقُرْعَةُ فِي الْمَغْرِبِ وَغَيْرِهَا وَالْأَصْلُ فِيهَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يستهموا عَلَيْهِ لاستهموا وَقد اخْتَصَمَ قَوْمٌ بِالْقَادِسِيَّةِ فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ سَعْدٌ وَكَرِهَ الْحَنَفِيَّةُ تَكْرَارَهُ فِي مَسْجِدِ مَحَلَّةٍ بِخِلَافِ الشَّاغِرِ مُحْتَجِّينَ بِأَنَّ التَّكْرَارَ يُؤَدِّي إِلَى تَقْلِيلِ الْجَمَاعَةِ بِاعْتِمَادِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى أَذَانِ نَفْسِهِ وَجَوَابُهُ أَنَّ مَنِ اعْتَادَ الْأَذَانَ حَقَّقَ الْوَقْتَ فَلَا يَخْتَلِفُونَ غَالِبًا

الْعَاشِرُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ يَفْصِلُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَة إِلَّا الْمغرب عندنَا وَعند أبي حنيفَة خِلَافًا لِصَاحِبَيْهِ فِي الْفَصْلِ بَيْنَهُمَا بِجِلْسَةٍ كَالْخُطْبَتَيْنِ وَلِلشَّافِعِيِّ فِي الْفَصْلِ بَيْنَهُمَا بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كُنَّا بِالْمَدِينَةِ إِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ لِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ ابْتَدَرُوا السَّوَارِيَ يَرْكَعُونَ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ الْغَرِيبَ لَيَدْخُلُ الْمَسْجِدَ فَيَحْسَبُ أَنَّ الصَّلَاةَ قَدْ صُلِّيَتْ مِنْ كَثْرَة من يُصليهَا وَجَوَابه مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يُصَلِّي الْمَغْرِبَ إِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَتَوَارَتْ بِالْحِجَابِ وَهَذَا يَقْتَضِي عدم الْفَصْل وَعمل الْمَدِينَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ آخِرُ الْعَمَلَيْنِ مِنْ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْحَادِيَ عَشَرَ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَا يُسَلِّمُ فِي أَذَانِهِ وَلَا يَرُدُّ سَلَامًا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ خُرُوجِ الْأَذَانِ عَنْ نِظَامِهِ وَلِأَنَّهُ الْعَمَل فِي السَّلَفِ فَرْعٌ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ فَإِنْ عَرَضَ لَهُ مُهِمٌّ كَأَعْمَى يُخْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْوُقُوعِ فِي حفير فَفِي الْوَاضِحَة يتَكَلَّم ويبتدئ وَهُوَ قَول الشَّافِعِي قِيَاسًا عَلَى الْخُطْبَةِ فَإِنَّ الْكَلَامَ فِيهَا مَمْنُوعٌ إِلَّا لِضَرُورَةٍ وَأَمَّا التَّسْلِيمُ عَلَيْهِ فَالْمَذْهَبُ مَنْعُهُ قَالَ التُّونِسِيُّ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَرُدُّ إِشَارَةً يَجُوزُ كَالْمُصَلِّي قَالَ وَالْفَرْقُ أَنَّ أُبَّهَةَ الصَّلَاةِ وَعَظَمَتَهَا تَمْنَعُ مِنَ الِانْحِرَافِ فِي الْكَلَامِ بِخِلَافِ الْأَذَان وَلذَلِك منعناه السَّلَامَ فِي الْخُطْبَةِ وَأَبَحْنَاهُ فِي الْجُمُعَةِ قَالَ فَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَرُدُّ إِشَارَةً وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي مُخْتَصَرِ الْوَقَارِ وَاخْتَلَفَ فِيهِ أَصْحَابُنَا وَخَرَجَ بَعْضُهُمْ عَلَى الْجَوَازِ جَوَازِ التَّسْلِيمِ

عَلَيْهِ وَإِذَا قُلْنَا لَا يَرُدُّ مُطْلَقًا فَإِنَّهُ يَرُدُّ بَعْدَ فَرَاغِهِ كَالْمَسْبُوقِ يَرُدُّ عَلَى الْإِمَامِ إِذَا أَتَمَّ صَلَاتَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا قَالَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُؤَذِّنِ وَالْمُصَلِّي فِي الرَّدِّ بِالْإِشَارَةِ أَنَّهَا لَيْسَتْ سَلَامًا وَإِنَّمَا هِيَ بَدَلُ الْبَدَل إِنَّمَا شُرِعَ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْمُبْدَلِ مِنْهُ وَالْمُصَلِّي يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ الْكَلَامُ فَشُرِعَتْ لَهُ وَالْمُؤَذِّنُ لَوْ سَلَّمَ لَمْ يَبْطُلْ أَذَانُهُ وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا فَكَانَ الْأَحْسَنُ التَّأْخِيرَ حَتَّى يَفْرُغَ كَمَا فَعَلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي رَدِّ السَّلَامِ حَتَّى تَيَمَّمَ على الْجِدَار لكَرَاهَة ذكر اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ جُنُبٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ فَإِنْ تَكَلَّمَ بَنَى قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ يُرِيدُ إِذَا كَانَ يَسِيرًا وَسَوَّى فِيهِ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالسَّهْوِ لِأَنَّ الْإِعْلَامَ يَحْصُلُ بِخِلَافِ الْكَثِيرِ الثَّانِيَ عَشَرَ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ إِنْ نَكَّسَ ابْتَدَأَ وَقَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِنْ نَسِيَ شَيْئًا مِنْهُ فَإِنْ طَالَ لَمْ يَبْنِ وَإِنْ قَرُبَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْقَلِيلِ وَيُعِيدُ فِي الْكثير من مَوضِع نَسِيَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُعِيدُ الْيَسِيرَ فِي الْقُرْبِ لَنَا أَنَّ تَرْكَ الْكَلِمَةِ وَنَحْوِهَا قَدْ لَا يَعْلَمُهَا السَّامِعُ وَإِنْ عَلِْمَهَا عَلِمَ أَنَّهُ غَلَطَ فَعَوْدُهَا لَا يَحْصُلُ إِعْلَامًا وَرُبَّمَا لُبِّسَ عَلَى السَّامِعِ فَلَا يَشْرَعُ فَرْعَانِ مُرَتَّبَانِ الْأَوَّلُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِنْ أَرَادَ الْأَذَانَ فَأَخْطَأَ فَأَقَامَ أَعَادَ الْأَذَانَ وَقَالَ ابْنُ الْجُلَّابِ إِنْ أَرَادَ الْأَذَانَ فَأَقَامَ أَوِ الْإِقَامَةَ فَأَذَّنَ أَعَادَ حَتَّى يَكُونَ عَلَى نِيَّةٍ لفعله

وَيَسْتَمِرُّ عَلَيْهَا فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ نِيَّةَ التَّقَرُّبِ لِأَنَّهُ قربَة من القربان وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَبْهَرِيُّ فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَاحْتَجَّ بِأَنَّهُ قُرْبَةٌ فَتَجِبُ فِيهِ النِّيَّة لقَوْله عَلَيْهِ السَّلَام الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَكَذَلِكَ صَاحَبُ تَهْذِيبِ الطَّالِبِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ نِيَّةَ الْفِعْلِ وَهِيَ أَعَمُّ مِنْ نِيَّةِ التَّقَرُّبِ لِوُجُودِهَا فِي الْمُحَرَّمَاتِ وَالْمُبَاحَاتِ بِدُونِ التَّقَرُّبِ وَلِذَلِكَ يَقُولُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ يُعِيدُ حَتَّى يَكُونَ عَلَى صَوَابٍ مِنْ فِعْلِهِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْأَظْهَرُ مِنْ قَوْلِ الْأَصْحَابِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ وَقيل إِن أَرَادَ الْأَذَان فأذ لَا يُعِيدُ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِأَنَّهَا مُثَنَّى وَهَذَا مِمَّا يُؤَيِّدُ عَدَمَ اشْتِرَاطِ نِيَّةِ التَّقَرُّبِ فَإِنَّهُ قَدْ صَحَّحَ الْإِقَامَةَ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدِ التَّقَرُّبَ بِهَا الثَّانِي قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ فَإِنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوْ جُنَّ فِي بَعْضِهِ ثُمَّ أَفَاقَ بَنَى فِيمَا قَرُبَ وَقَالَهُ أَشْهَبُ فِي الْإِقَامَةِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَبْنِي فِي الطُّولِ وَهُوَ بَاطِلٌ لِأَنَّ الْإِعَادَةَ بَعْدَ الطُّولِ لَبْسٌ فَلَا شرع فَلَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فِي الْإِقَامَةِ فَأَرَادَ غَيْرُهُ إِتْمَامَهَا قَالَ أَشْهَبُ يَبْتَدِئُهَا وَإِنْ بَنَى أَجْزَأَهُ وَسَوَّى بَيْنَ الْإِغْمَاءِ وَالْجُنُونِ وَالْمَوْتِ وَسَوَّغَ فِيهِ الِاسْتِخْلَافَ قِيَاسًا عَلَى الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ إِذَا سَبَقَ الْإِمَامُ الْحَدَثَ وَمَنَعَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْأَذَانِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي الْإِمَامِ يَسْبِقُهُ الْحَدَثُ وَفَرَّقَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ بِأَنَّ الْمُسْتَخْلَفَ فِي الصَّلَاةِ يَأْتِي بِجَمِيعِهَا فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ الْأَذَانِ وَهُوَ مَنْقُوضٌ بِالْخُطْبَةِ فَإِنَّ الْخَلِيفَةَ يَأْتِي بِالْبَعْضِ الثَّالِثَ عَشَرَ مَا فِي الصِّحَاح إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثمَّ صلو عَلَيَّ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بهَا عشرا ثمَّ سَأَلُوا لِيَ الْوَسِيلَةَ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لَا تنبغي إِلَّا لعبد من عباد الله وأرجوا أَنْ أَكُونَ أَنَا

هُوَ فَمَنْ سَأَلَ لِيَ الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ عَلَيْهِ شَفَاعَتِي قَالَ الْمَازِرِيُّ اخْتُلِفَ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ إِحْدَاهَا إِذَا أَذَّنَ مُؤَذِّنُونَ هَلْ يَحْكِيهِمْ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ وَلِأَنَّهُ ذِكْرٌ فَيُؤْمَرُ بِتَكْرِيرِهِ أَوْ يَقْتَصِرُ عَلَى الْمُؤَذِّنِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْأَمْرَ لَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ وَثَانِيهَا إِذَا رَجَعَ الْمُؤَذِّنُ هَلْ يَكْتَفِي بِالْأَوَّلِ لِحُصُولِ الْمِثْلِيَّةِ الَّتِي فِي قَوْلِهِ مِثْلَ مَا يَقُولُ وَلِأَن الترجيع إِنَّمَا هُوَ الإسماع وَالسَّامِعُ لَيْسَ بِمُسْمِعٍ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ يُكَرِّرُ نَظَرًا لِعُمُومِ الْحَدِيثِ وَثَالِثُهَا هَلْ يُكَرر مَعَه آخِرَ الْأَذَانِ قَوْلَانِ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ هَلْ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ أَمْ لَا؟ أَوْ يُقَالُ إِنَّ قَوْلَهُ مِثْلَ صِيغَةِ تَشْبِيهٍ وَيَكْفِي فِيهِ وَجْهٌ وَاحِدٌ لُغَةً أَوْ يُحْمَلُ عَلَى أَعْلَى مَرَاتِبِ التَّشْبِيهِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْحَقِيقَةُ وَالثَّانِي مَجَازٌ قَالَ فِي الْكِتَابِ فِي مَعْنَى الْحَدِيثِ وَذَلِكَ فِيمَا يَقَعُ فِي قَلْبِي إِلَى آخِرِ التَّشَهُّدِ يَعْنِي لِأَنَّهُ ثَنَاءٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَمَا عَدَاهُ دُعَاءٌ لِلصَّلَاةِ وَالسَّامِعُ لَيْسَ بِدَاعٍ إِلَيْهَا وَيُؤَيِّدُ مَا وَقَعَ فِي قَلْبِهِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَنَّهُ الْحَقُّ مَا فِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ الْمُؤَذِّنَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ رضيت بِاللَّه رَبًّا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولا وبالاسلام دينا غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ وَلَمْ يَذْكُرْ زِيَادَةً عَلَى التَّمْجِيدِ وَالتَّوْحِيدِ وَالتَّشَهُّدِ تَنْبِيهٌ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَو فعل ذَلِك رجل لم أربه بَأْسًا نَقَلَهُ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ وَإِنْ أَتَمَّ الْأَذَانَ مَعَهُ فَلَا بَأْسَ وَوَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ صَاحِبُ الْمُنْتَقى وَصَاحب

النُّكَتِ وَحُكِيَ عَنْ سَحْنُونٍ ذَلِكَ وَقَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَعَبْدُ الْحَقِّ فِي تَهْذِيبِ الطَّالِبِ بَلْ مَعْنَاهُ إِن فعل الاقتصاد فَلَا بَأْسَ وَهُوَ اللَّائِقُ إِذْ لَا يَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ لِمَنْ وَافَقَ ظَاهِرَ اللَّفْظِ لَا بَأْسَ وَإِنَّمَا يَحْسُنُ ذَلِكَ إِذَا خَالَفَ الظَّاهِرَ وَاقْتَصَرَ وَقَالَ مَالِكٌ فِي مُخْتَصَرِ مَا لَيْسَ فِي الْمُخْتَصَرِ يُكْمِلُ الْأَذَانَ مَعَهُ وَيُبَدِّلُ الْحَيْعَلَتَيْنِ بالحوقلتين لِمَا فِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ فَقَالَ أحدكُم اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَسَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى آخِرِ الْأَذَانِ وَقَالَ عِنْدَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَكَمَّلَ الْأَذَانَ فَائِدَةٌ الْحَوْلُ مَعْنَاهُ الْمُحَاوَلَةُ وَالتَّحَيُّلُ وَالْقُوَّةُ مَعْنَاهَا الْقُدْرَةُ وَمَعْنَى الْكَلَامِ لَا حِيلَةَ لَنَا وَلَا قُدْرَةَ عَلَى شَيْءٍ إِلَّا بِقُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَشِيئَتِهِ فَإِنْ كَانَ فِي الصَّلَاةِ قَالَ فِي الْكِتَابِ يَحْكِي فِي النَّافِلَةِ دُونَ الْفَرِيضَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ رَوَى أَبُو مُصْعَبٍ يَحْكِي فِيهِمَا وَجَوَّزَهُ ابْنُ وَهْبٍ وَاسْتَحْسَنَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَمَنَعَ سَحْنُونٌ وَالشَّافِعِيُّ فِيهِمَا فَمَنْ نَظَرَ إِلَى قَوْلِهِ فِي أَوَّلِ الْحَدِيثِ فَقُولُوا مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصٍ جَوَّزَ وَمَنْ نَظَرَ إِلَى أَنَّ الصَّلَاةَ أَفْضَلُ الْعِبَادَاتِ فَالْعِنَايَةُ بِهَا أَوْلَى مَنْعٍ وَمَنْ نَظَرَ إِلَى تَأَكُّدِ الْفَرِيضَةِ مَنْعَ فِيهَا خَاصَّةً وَجَوَّزَ فِي النَّافِلَة كَمَا اخْتصّت سُجُود التِّلَاوَةِ وَالصَّلَاةِ دَاخِلَ الْكَعْبَةِ وَعَلَى الرَّاحِلَةِ إِلَى غَيْرِ الْكَعْبَةِ تَفْرِيعٌ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِذَا قُلْنَا لَا يَحْكِيهِ فِي الْفَرِيضَةِ حَكَاهُ بَعْدَ فَرَاغِهَا وَقَالَهُ الشَّافِعِيُّ

وَإِذَا قُلْنَا يَحْكِيهِ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفْلِ أَوْ فِي الْفَرْض فَقَطْ فَلَا يَتَجَاوَزُ التَّشَهُّدَيْنِ فَلَوْ قَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْأَصِيلِي لَا تَبْطُلُ صَلَاتَهُ لِأَنَّهُ مُتَأَوِّلٌ وَحَكَى صَاحِبُ النُّكَتِ عَنْ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ الْبُطْلَانَ لِأَنَّهُ مُتَكَلِّمٌ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَهُوَ مُقْتَضَى أَصْلِ الْمَذْهَبِ لِأَنَّ الْجَهْلَ مِثْلُ الْعَمْدِ فِي الصَّلَاةِ فَإِنْ أَبْطَأَ الْمُؤَذّن جَوَّزَ فِي الْكِتَابِ أَنْ يَقُولَ قَبْلَهُ وَنَقَلَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى عَنْهُ يَقُولُ بَعْدَهُ أَحَبُّ إِلَيَّ نظرا إِلَى ظَاهر الحَدِيث فَإِنَّ جَوَابَ الشَّرْطِ لَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَهُ وَالْأَوَّلُ أَفْقَهُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الذِّكْرُ وَهُوَ حَاصِلٌ مُطْلَقًا فَرْعٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ إِذَا انْتَهَى الْمُؤَذِّنُ إِلَى آخِرِ الْأَذَانِ يَحْكِيهِ إِنْ شَاءَ وَهَذَا الْفَرْعُ أَهْمَلَهُ أَبُو سَعِيدٍ فَنَقَلَهُ إِذَا أَتَمَّ الْأَذَانَ فَلَا بَأْسَ قَالَ صَاحب الطّراز وَفِيه فَوَائِد أَحدهَا أَنَّهُ يَكْتَفِي بِذِكْرِ أَوَّلِ الْأَذَانِ عَنْ آخِرِهِ لِأَن الْمَقْصُود غير ذَلِك الذّكر وَهُوَ حَاصِل وَثَانِيها أَنَّهُ إِذَا سَمِعَ مُؤَذِّنًا آخَرَ تَأَوَّلَ بَعْضُهُمْ مِنْ هَذَا الْفَرْعِ أَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ حِكَايَتُهُ كَآخِرِ الْأَذَانِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ تَلْزَمُهُ بِخِلَافِ آخِرِ الْأَذَان قَالَ وَالَّذِي يُوضح هَذَا الْخلاف أَنَّ الْفَذَّ يُقِيمُ لِنَفْسِهِ وَالْجَمَاعَةُ يُقِيمُ لَهَا وَاحِد فَلَو كَانَ تكْرَار الْحِكَايَة لَاسْتُحِبَّ لِكُلِّ مَنْ فِي الْمَسْجِدِ أَنْ يُقِيمَ الصَّلَاةَ إِذَا أَقَامَهَا الْمُؤَذِّنُ بَعْدَ أَذَانِهِ أَغَالِيطُ الْمُؤَذِّنِينَ فِي مَوَاضِعَ مِنَ الْأَذَانِ أَحَدُهَا اللَّهُ أكبر يمدون بعد الْبَاء فيصيرا كبارًا وَالْأَكْبَارُ جَمْعُ كُبَرٍ وَالْكُبَرُ الطَّبْلُ فَيَخْرُجُ الْأَذَانُ إِلَى

الفصل الثاني في حكمه

مَعْنَى الْكُفْرِ وَثَانِيهَا يَمُدُّونَ فِي أَوَّلِ أَشْهَدُ فَيَخْرُجُ إِلَى حَيِّزِ الِاسْتِفْهَامِ وَالْمُرَادُ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا إِنْشَائِيًّا وَكَذَلِكَ يَصْنَعُونَ فِي أَوَّلِ الْجَلَالَةِ وَثَالِثُهَا الْوُقُوفُ عَلَى لَا إِلَهَ وَهُوَ كُفْرٌ وتعطيل فقد شاهدت ذَلِك فِي مُؤذن الْجَامِعِ الْكَبِيرِ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ فَكَانَ يَمُدُّ إِلَى أَنْ يَفْرُغَ نَفَسُهُ هُنَالِكَ ثُمَّ يَبْتَدِئُ إِلَّا اللَّهُ وَرَابِعُهَا لَا يُدْغِمُونَ تَنْوِينَ مُحَمَّدًا فِي الرَّاءِ بعده وَهُوَ لَحْنٌ خَفِيٌّ عِنْدَ الْقُرَّاءِ وَخَامِسُهَا لَا ينطلقون بِالْهَاءِ مِنَ الصَّلَاةِ فَيَخْرُجُ الْكَلَامُ إِلَى الدُّعَاءِ إِلَى صلا النَّار وسادسها لَا ينطقون بِالْحَاء من الْفَلاح فَخرج الْكَلَامُ عَنِ الْمَقْصُودِ فَوَائِدُ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي أَكْبَرُ هَلْ مَعْنَاهُ كَبِيرٌ لِاسْتِحَالَةِ الشِّرْكَةِ بَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَغَيْرِهِ فِي الْكِبْرِيَاءِ وَصِيغَةُ أَفْعَلُ إِنَّمَا تَكُونُ مَعَ الشِّرْكَةِ أَوْ مَعْنَاهُ أَكْبَرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ لِأَنَّ الْمُلُوكَ وَغَيْرَهُمْ فِي الْعَادَةِ يُوصَفُونَ بِالْكِبْرِيَاءِ فَجِيئَتْ صِيغَةُ أَفْعَلٍ بِنَاءً عَلَى الْعَادَةِ وَحَيَّ مَعْنَاهُ الدُّعَاءُ لِلشَّيْءِ تَقُولُ الْعَرَبُ حَيَّ عَلَى الثَّرِيدِ أَيِ أَقْبِلْ وَكَذَلِكَ هَلَّا بِمَعْنَاهُ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا فَيُقَالُ حَيْهَلَا بِالتَّنْوِينِ وبغيرتنوين بتسكين اللَّام وبتحريكها مَعَ الْألف ويعدى بعلى كَمَا فِي الْأَذَان وبإلى وبالباء وَمِنْه الْحَدِيثُ إِذَا ذُكِرَ الصَّالِحُونَ فَحَيْهَلَا بِعُمَرَ وَالْفَلَاحُ فِي اللُّغَة الْخَيْر الْكثير أَفْلَحَ الرَّجُلُ إِذَا أَصَابَ خَيْرًا وَالْإِلَهُ الْمَعْبُودُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ نَفْيَ الْمَعْبُودِ كَيْفَ كَانَ لِوُجُودِ المعبودين فِي الْوُجُود كالأصنام وَالْكَوَاكِب بل ثمَّ صِفَةٌ مُضْمَرَةٌ تَقْدِيرُهَا لَا مَعْبُودَ مُسْتَحِقٌّ لِلْعِبَادَةِ إِلَّا اللَّهُ وَمَنْ لَمْ يُضْمِرْ هَذِهِ الصِّفَةَ لَزِمَهُ أَنْ يَكُونَ تَشَهُّدُهُ كَذِبًا الْفَصْلُ الثَّانِي فِي حُكْمِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْأَذَانُ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ سُنَّةٌ وَهُوَ الْأَذَانُ فِي الْمَسَاجِدِ وَعَرَفَةَ وَمِنًى وَالْعدَد الْكثير فِي السّفر والايمة حَيْثُ كَانُوا وَمُخْتَلَفٌ فِي

وُجُوبه وَهُوَ أَذَان الْجُمُعَة قَالَ وَالْأَحْسَن وُجُوبه لتَعلق الْأَحْكَام كَتَحْرِيمِ الْبَيْعِ وَوُجُوبِ السَّعْيِ وَمُسْتَحَبٌّ وَهُوَ أَذَانُ الْفَذِّ الْمُسَافِرِ وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ هَلْ هُوَ مُسْتَحَبٌّ أَمْ لَا وَهُوَ أَذَانُ الْفَذِّ فِي غَيْرِ السّفر وَالْجَمَاعَةُ الَّتِي لَا تَحْتَاجُ إِلَى إِعْلَامِ غَيْرِهَا وَالْقَوْلَانِ لِمَالِكٍ قَالَ وَالصَّوَابُ عَدَمُ الِاسْتِحْبَابِ لِعَدَمِ حِكْمَةِ الْأَذَانِ وَمَكْرُوهٌ وَهُوَ الْأَذَانُ لِلْفَوَائِتِ وَالسُّنَنِ وَأَذَانُ النِّسَاءِ فَرْقٌ الْفَذُّ فِي السَّفَرِ فِي مَوضِع لَيْسَ فِيهِ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ فَشُرِعَ لَهُ إِظْهَارُهَا وَسَرَايَا الْمُسْلِمِينَ تقصده فَيحْتَاج إِلَى الذب عَنْ نَفْسِهِ بِخِلَافِ الْحَاضِرِ فَإِنَّهُ مُنْدَرِجٌ فِي شَعَائِرِ غَيْرِهِ وَصِيَانَتِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ مُتَأَخَّرِي الْأَنْدَلُسِيِّينَ وَالْقَرَوِيِّينَ أَنَّ الْأَذَانَ وَاجِبٌ لِإِقَامَةِ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ فَإِنْ فَعَلَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ سَقَطَ عَنْ جُمْلَتِهِمْ قَالُوا وَهُوَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ فِي مَسَاجِد الْجَمَاعَات ومواضع الأيمة وَحَيْثُ يقْصد الدُّعَاء للصَّلَاة وَعَن البغدادين أَنَّهُ سُنَّةٌ وَاخْتَارَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ وُجُوبَهُ عَلَى الْكِفَايَةِ فِي الْمَسَاجِدِ وَالْجَمَاعَةِ الرَّاتِبَةِ وَعَلَّلَهُ بِإِظْهَارِ الشَّعَائِرِ وَضَبْطِ الْأَوْقَاتِ وَقَالَ الْمَازِرِيُّ فِي الْأَذَانِ مَعْنَيَانِ أَحَدُهُمَا إِظْهَارُ الشَّعَائِرِ وَالتَّعْرِيفُ بِأَنَّ الدَّارَ دَارُ إِسْلَامٍ وَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ يُقَاتَلُ أهل الْقرْيَة على تَركه حَتَّى يَفْعَلُوا إِن عجز عَن قهرهم على إِقَامَة إِلَّا بِالْقِتَالِ وَهُوَ مَذْهَب ابْن الطّيب وَثَانِيهمَا الدُّعَاء للصَّلَاة والإعلام بوقتها وَهُوَ جُلُّ الْمَقْصُودِ مِنْهُ فَحَكَى الْبَغْدَادِيُّونَ أَنَّهُ سُنَّةٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَفَرْضٌ عِنْدَ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَوَقَعَ لِمَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ وَاجِبٌ وَمَعْنَاهُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَتَأَوَّلَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ قَوْلَ مَنْ قَالَ إِنَّهُ سُنَّةٌ بِأَنَّ مَعْنَاهُ لَيْسَ شرطا فِي الصَّلَاة ومنشأ الْخلاف فِي قاعدتين إِحْدَاهمَا أَنه عَلَيْهِ السَّلَام أَمَرَ بِالْأَذَانِ بِلَالًا وَأَبَا مَحْذُورَةَ وَغَيْرَهُمَا وَالْخِلَافُ بَيْنَ الْأُصُولِيِّينَ فِي حَمْلِ الْأَمْرِ عَلَى الْوُجُوبِ أَو على

النَّدْبِ وَثَانِيَتُهُمَا أَنَّ الصَّلَوَاتِ وَاجِبَةٌ وَصِحَّتُهَا مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى مَعْرِفَةِ دُخُولِ وَقْتِهَا وَالْخِلَافُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِيمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْوَاجِبُ الْمُطْلَقُ وَهُوَ مَقْدُورٌ لِلْمُكَلَّفِ هَلْ يَكُونُ وَاجِبًا أَمْ لَا؟ سُؤَالٌ إِذَا رَتَّبَ اللَّهُ تَعَالَى وُجُوبَ شَيْءٍ عَلَى سَبَبٍ أَوْ شَرْطٍ لَا يَجِبُ تَحْصِيلُهُمَا وَلَا يَبْحَثُ عَنْهُمَا إِجْمَاعًا كَتَرْتِيبِ الرَّجْمِ عَلَى الزِّنَا وَالْإِحْصَانِ وَالْقَطْعِ عَلَى السَّرِقَةِ وَنَحْوِهِمَا فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ تَحْصِيلُهُمَا وَلَا الْبَحْثُ عَنْهُمَا وَإِنَّمَا يَجِبُ تَحْصِيل مَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ الْوَاجِبُ بَعْدَ تَحَقُّقِ سَبَبِ وُجُوبِهِ كَتَوَقُّفِ الْحَجِّ وَالْجُمُعَةِ عَلَى السَّعْيِ لَهُمَا بَعْدَ تَحَقُّقِ وجوبهما وأسبابهما فَلَو خولفت هَذِه الْقَاعِدَة هَهُنَا فَإِنَّ الْأَوْقَاتَ أَسْبَابُ الْوُجُوبِ كَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَالِاسْتِطَاعَةِ فِي الْحَجِّ جَوَابُهُ أَنَّ أَسْبَابَ الْوُجُوبِ عَلَى قِسْمَيْنِ مِنْهَا مَا يَجُوزُ أَنْ يُعَرَّى عَنْهُ الْمُكَلَّفُ فِي جُمْلَةِ عُمْرِهِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْبَحْثُ عَنْهُ كَالسَّرِقَةِ وَنَحْوِهَا وَمِنْهَا مَا يُقْطَعُ بحصوله فِي الْجُمْلَة من غير تعْيين قيقطع بِتَرْتِيبِ الْوُجُوبِ فِي ذِمَّتِهِ لِقَطْعِهِ بِسَبَبِهِ وَإِذَا قَطَعَ بِالْوُجُوبِ تَعَيَّنَ الْإِيقَاعُ فَيَتَعَيَّنُ الْبَحْثُ عَنْ تَعْيِينِ السَّبَبِ حَتَّى لَا يَقَعَ الْفِعْلُ قَبْلَهُ فَيكون مَعْصِيَةً غَيْرَ مُجْزٍ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْأَذَانَ لَيْلَة الْإِسْرَاء فِي السَّمَاء بهيئته وَصفته وَكَانَ بِمَكَّةَ مَعَ بَقِيَّةٍ مِنَ الْكُفَّارِ فَكَانَتِ الصَّلَاة اختلاسا إِلَى بعد الْهِجْرَة وَفِي الْمُوَطَّأ أَنه عَلَيْهِ السَّلَام أَرَادَ أَنْ يَتَّخِذَ خَشَبَتَيْنِ يَضْرِبُ بِهِمَا لِيَجْتَمِعَ النَّاسُ لِلصَّلَاةِ فَأُرِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ خَشَبَتَيْنِ فِي النَّوْمِ فَقَالَ إِنَّ هَاتَيْنِ لَنَحْوٌ مِمَّا يُرِيدُهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقِيلَ أَلَا تُؤَذِّنُونَ لِلصَّلَاةِ؟ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِين اسْتَيْقَظَ

فَذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ فَأَمَرَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْأَذَانِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ اهْتَمَّ كَيْفَ يَجْمَعُ النَّاسَ لِلصَّلَاةِ؟ فَقيل لَهُ تنصب راية عِنْد حُضُور الصَّلَاةِ فَإِذَا رَأَوْهَا آذَنَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَلَمْ يُعْجِبْهُ فَذُكِرَ لَهُ الْقَنْعُ يَعْنِي الشَّبُّورَ فَلَمْ يُعْجِبْهُ وَقَالَ هُوَ مِنْ أَمْرِ الْيَهُودِ وَذُكِرَ لَهُ النَّاقُوسُ فَقَالَ هُوَ مِنْ أَمْرِ النَّصَارَى وَرُوِيَ أَنَّ عُمَرَ قَالَ ابْعَثُوا رَجُلًا يُنَادِي بِالصَّلَاةِ يعْنى بقول الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ وَيُرْوَى اتَّخِذُوا نَارًا مِثْلَ الْمَجُوسِ وَيُرْوَى نَوِّرُوا بِاللَّيْلِ وَدَخِّنُوا بِالنَّهَارِ وَيُرْوَى أَنَّ عمر رَضِي الله عَنهُ رأى مثل ابْن زَيْدٍ وَتَابَعَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فِي الرُّؤْيَا بِضْعَةَ عَشَرَ فَائِدَةٌ قَالَ الْخَطَّابِيُّ يُرْوَى الْقَبْعُ بِالْبَاءِ مَفْتُوحَةً وَبِالنُّونِ سَاكِنَةً قَالَ وَسمعت أَبَا عمر يَقُول الثبع بالثاء الْمُثَلَّثَة والجميع اسماء للبوق فبللنون من اقناع الصَّوْت وَالرَّأْس وَهُوَ رَفْعُهُ وَبِالْبَاءِ مِنَ السِّتْرِ يُقَالُ قَبَعَ رَأْسَهُ فِي جَيْبِهِ إِذَا أَدْخَلَهُ فِيهِ تَمْهِيدٌ هَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَجْتَهِدُ فِيمَا بِهِ يَعْرِفُ الْوَقْتَ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ الِاجْتِهَادِ فِي الْأَحْكَامِ كَمَا ظَنَّهُ أَبُو الطَّاهِرِ وَغَيْرُهُ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَجَعَلُوهُ من المسئلة الْأُصُولِيَّةِ هَلْ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي الْأَحْكَامِ أَمْ لَا؟ لِأَنَّ الْحُكْمَ هُوَ وُجُوبُ تَعَرُّفِ الْوَقْتِ وَهَذَا لَمْ يَقَعْ فِيهِ اجْتِهَادٌ بَلْ وَقَعَ فِي الطُّرُقِ الْمُفْضِيَةِ إِلَى ذَلِكَ وَالطُّرُقُ لَيْسَتْ أَحْكَامًا كَمَا لَوْ وَجَبَ علينا ان ننقذ الغريق

فَاجْتَهَدْنَا فِي فِعْلِ ذَلِكَ هَلْ يَكُونُ بِسَفِينَةٍ أَو بِحَبل أَو خطام أَو بالسباحة إِلَيْهِ فَإِنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ أَحْكَامًا وَإِنَّمَا الْحُكْمُ وُجُوبُ الْإِنْقَاذِ وَلِذَلِكَ يَجْتَهِدُ النَّاسُ فِي تَعَرُّفِ الْوَقْت بالخطوط الْمَوْضُوعَة عَلَى الْحِيطَانِ وَالرُّخَامَاتِ وَسَائِرِ الْآلَاتِ وَلَا يُعَدُّونَ مُجْتَهِدِينَ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ فَلَمَّا وَقَعَتِ الرُّؤْيَا احْتَمَلَ أَنْ تَكُونَ وَحْيًا مِنَ النُّبُوَّةِ كَمَا أَقَامَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُوحَى إِلَيْهِ فِي أَوَّلِ نُبُوَّتِهِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ فِي الْمَنَامِ وَكَمَا أُوحِيَ لِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْمَنَامِ بِذَبْحِ وَلَدِهِ وَعَلِمَ ذَلِكَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِوَحْيٍ سَابِقٍ أَوْ بِقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ تُفِيدُ الْقَطْعَ أَوِ الظَّنَّ الْغَالِبِ بِأَنَّهَا وَحْيٌ فَعَدَلَ عَنِ الِاجْتِهَادِ إِلَى الْوَحْيِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الرُّؤْيَا مُنَبِّهَةٌ عَلَى وَجْهِ الْمَصْلَحَةِ وَلَيْسَتْ وَحْيًا فَرَجَعَ إِلَيْهَا عَلَيْهِ السَّلَامُ لِرُجْحَانِ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ مِنَ الْمَصْلَحَةِ لَا لِكَوْنِهَا وَحْيًا وَالْمَصْلَحَةُ فِي ذَلِكَ أَرْجَحُ مِنْ كُلِّ مَا تَقَدَّمَ قَبْلَهَا لِتَحْصِيلِ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَالشَّهَادَةِ بِالرِّسَالَةِ وَإِعْلَامِ الْخَلْقِ وَمُبَايَنَةِ شَعَائِرِ الْكُفْرِ وَإِظْهَارِ اخْتِصَاصِ الْأُمَّةِ وَفِي الْبُخَارِيِّ الْمُؤَذِّنُونَ أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْنَاقًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرْوَى بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ فَالْكَسْرُ مَعْنَاهُ سُرْعَةُ الْمَشْيِ وَمِنْهُ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ كَانَ يَسِيرُ الْعَنَقَ فَإِذَا وَجَدَ فُرْجَةً نَصَّ وَالْفَتْحُ قِيلَ هُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ فَتُطَوَّلُ أَعْنَاقُهُمْ حَتَّى لَا يَصِلَ الْعَرَقُ إِلَى أَفْوَاهِهِمُ الَّتِي كَانُوا يُؤَذِّنُونَ بِهَا وَقِيلَ أَطْوَلُ رَجَاءً مِنْ قَوْلِهِمْ تَطَاوَلَتْ إِلَيْهِ الْأَعْنَاقُ وَطَالَ عُنُقِي إِلَى رَجَائِكَ وَقِيلَ أطول أعناقا وَعَبَّرَ بِالْعُنُقِ عَنِ الصَّوْتِ لِأَنَّهُ مَحَلُّهُ وَفِي أَبِي دَاوُدَ الْمُؤَذِّنُ

يُغْفَرُ لَهُ مَدَى صَوْتِهِ وَيَشْهَدُ لَهُ كُلُّ رَطْبٍ وَيَابِسٍ وَمَعْنَاهُ يُغْفَرُ لَهُ بِسَبَبِ إِسْمَاعِهِ وَنَشْرِهِ لِذِكْرِ اللَّهِ فِي مَدِّ صَوْتِهِ لِأَنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ وَشَهَادَةُ الْجَمَادَاتِ لَهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُخْلَقَ بِهَا إِدْرَاكًا وَحَيَاةً عِنْدَ الْأَذَانِ فَتُضْبَطَ ذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ ذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَفِي الْمُوَطَّأ أَنه عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ وَلَهُ ضُرَاطٌ حَتَّى لَا يَسْمَعَ النِّدَاءَ فَإِذَا قُضِيَ الْأَذَان أقبل حَتَّى إِذا ثوب بِالصَّلَاةِ أَدْبَرَ حَتَّى إِذَا قُضِيَ التَّثْوِيبُ أَقْبَلَ حَتَّى يَخْطُرَ بَيْنَ الْمَرْءِ وَنَفْسِهِ فَيَقُولُ اذْكُرْ كَذَا وَاذْكُر كَذَا لما لم يكن يذكر وَحَتَّى يَضِلَّ الرَّجُلُ أَنْ يَدْرِيَ كَمْ صَلَّى وَالتَّثْوِيبُ الْإِقَامَةُ وَهُوَ مِنَ الرُّجُوعِ كَمَا تَقَدَّمَ وَهُوَ يُصَدِّقُ عَلَى تَكْرَارِ اللَّفْظِ فِي الْأَذَانِ لِأَنَّهُ رُجُوعُ إِلَيْهِ وَعَلَى الدُّعَاءِ الَّذِي بَعْدَ الْأَذَانِ لِأَنَّهُ رُجُوعٌ لِلَفْظِ الْأَذَانِ وَعَلَى الْإِقَامَةِ لِأَنَّهَا رُجُوعٌ إِلَى الْأَذَانِ وَقَدْ رُوِيَ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ وَيُرْوَى يَظَلُّ الرَّجُلُ بِالظَّاءِ الْقَائِمَةِ بِمَعْنَى يَصِيرُ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {ظَلَّ وَجْهُهُ مسودا} {فيظللن رواكد على ظَهره} وَيُرْوَى يَضِلُّ مِنَ الضَّلَالِ بِالضَّادِ السَّاقِطَةِ فَائِدَةٌ لَا يتَوَهَّم من هَذَا أَن الْأَذَان وَالْإِقَامَة أفضل من الصَّلَاة لهروب الشَّيْطَان فِيهَا دُونَ الصَّلَاةِ لِأَنَّ الْمَفْضُولَ قَدْ يَخْتَصُّ بِمَا لَيْسَ للفاضل كَمَا قَالَ عَلَيْهِ

السَّلَام أفضلكم عَلِيٌّ وَأَقْرَأُكُمْ أُبَيٌّ وَأَفْرَضُكُمْ زَيْدٌ وَأَعْلَمُكُمْ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ مَعَ فَضْلِ أَبِي بَكْرٍ عَلَى الْجَمِيعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ وَكَذَلِكَ تَعَرَّضَ الشَّيْطَانُ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي صلَاته فهم يربطه ثمَّ تَركه كَمَا جَاءَ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ وَإِذَا سَلَكَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَجًّا سَلَكَ الشَّيْطَانُ فَجًّا غَيْرَهُ فَهُرُوبُهُ مِنْ عُمَرَ وَإِلْمَامُهُ بِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَهُرُوبِهِ مِنَ الْأَذَانِ وَتَسَلُّطِهِ فِي الصَّلَاةِ وَفِي الْمُوَطَّأِ سَاعَتَانِ تُفْتَحُ فِيهِمَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَقَلَّ دَاعٍ تُرَدُّ عَلَيْهِ دَعْوَتُهُ حَضْرَةُ النِّدَاءِ بِالصَّلَاةِ وَالصَّفُّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَيُرْوَى فِي تَهْذِيبِ الطَّالِبِ وَنُزُولُ الْغَيْثِ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ فَرْعٌ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ الْأَذَانُ أَمِ الْإِمَامَةُ؟ فَقِيلَ الْأَذَانُ وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ تَهْذِيبِ الطَّالِبِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فِي التَّكْبِيرَاتِ وَالشَّهَادَةِ بِالتَّوْحِيدِ وَحَقِّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الشَّهَادَةِ لَهُ بِالرِّسَالَةِ وَحَقِّ الْعِبَادِ فِي الْإِعْلَامِ بِالْوَقْتِ فِي حَقِّ النِّسَاءِ وَالْمُنْفَرِدِينَ وَالدُّعَاءِ لِلْجَمَاعَةِ فِي حَقِّ الْمُقْتَدِينَ بِخِلَافِ الْإِمَامَةِ فَإِنَّ الْإِمَامَ لَمْ يَتَحَدَّدْ لَهُ إِلَّا الْجَهْرُ بِالذِّكْرِ لِلْإِعْلَامِ بِالْأَذْكَارِ وَلِذَلِكَ قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَوْلَا الْخَلِيفَةُ لَكُنْتُ مُؤَذِّنًا أَي الْخلَافَة سُؤال لم كَانَ عَلَيْهِ السَّلَام مُؤذنًا؟ لِأَن أَفْضَلَ الْخَلْقِ شَأْنُهُ الْمُوَاظَبَةُ عَلَى

الفصل الثالث في صفة المؤذن

أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ بَلْ كَانَ إِمَامًا وَلَمْ يُؤَذِّنْ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً فِي سَفَرِهِ جَوَابُهُ مِنْ وُجُوهٍ أَحَدُهَا أَنَّ الْأَذَانَ مُشْتَمِلٌ عَلَى دُعَاءِ النَّاس إِلَى الصَّلَاة فَلَو أذن لَكَانَ التَّخَلُّف على إِجَابَتِهِ شَدِيدَ الْحَرَجِ فَكَانَ يَشُقُّ عَلَى النَّاسِ وَثَانِيهَا أَنَّهُ إِنْ قَالَ أَشْهَدُ أَنِّي مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ غَيَّرَ نَظْمَ الْأَذَانِ وَإِنْ قَالَ أشهد أَن مُحَمَّد رَسُولُ اللَّهِ أَوْهَمَ رِسَالَةَ غَيْرِهِ وَثَالِثُهَا أَنَّ الْأَذَان يحْتَاج إِلَى رصد ومراقبة وَالِاشْتِغَالُ بِأَعْبَاءِ الرِّسَالَةِ وَمَصَالِحِ الْأُمَّةِ يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْإِمَامَةِ وَقِيلَ الْإِمَامَةُ أَفْضَلُ لِإِفَادَتِهَا فَضْلَ الْجَمَاعَةِ وَهِيَ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ دَرَجَةً وَلَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ لِلْأَذَانِ الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي صِفَةِ الْمُؤَذّن فَفِي الْجَوَاهِرِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا عَاقِلًا مُمَيِّزًا ذَكَرًا بَالِغًا عَدْلًا عَارِفًا بِالْمَوَاقِيتِ صَيَّتًا حَسَنَ الصَّوْتِ فَلَا يُعْتَدُّ بِأَذَانِ كَافِرٍ أَوْ مَجْنُون أَو سَكرَان أَو مختبط أَوِ امْرَأَةٍ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُؤَذِّنُ الصَّبِيُّ وَلَا يُقِيمُ إِلَّا مَعَ النِّسَاءِ أَوْ فِي مَوْضِعٍ لَيْسَ فِيهِ غَيْرُهُ وَجَوَّزَ مَالِكٌ فِي الْحَاوِي الْأَذَان لَهُ والقاعد وَالرَّاكِبِ وَالْجُنُبِ وَمُنِعَ الْإِقَامَةَ وَمُنِعَ فِي الْكِتَابِ أَذَانُهُ وَقَالَ لِأَنَّ الْمُؤَذِّنَ إِمَامٌ وَهُوَ لَا يَكُونُ إِمَامًا وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَإِنْ جَوَّزَ إِمَامَةَ الصَّبِيِّ حُجَّةُ الْمَنْعِ مَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْمُؤَذِّنُونَ أُمَنَاءُ وَقَالَ يَؤُمُّكُمْ أَقْرَأُكُمْ وَيُؤَذِّنُ لَكُمْ خِيَارُكُمْ وَهَذَا حُجَّةٌ لسَائِر

الشُّرُوطِ وَأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ وَازِعٌ شَرْعِيٌّ فَيُحِيلُ الْوُثُوقَ بِأَمَانَتِهِ عَلَى الْأَوْقَاتِ وَلِأَنَّهَا وِلَايَةٌ عَلَى وَسِيلَةِ أَعْظَمِ الْقُرُبَاتِ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَاتِ حُجَّةُ الْجَوَازِ مَا رَوَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ كَانَ عُمُومَتِي يَأْمُرُونَنِي بِالْأَذَانِ لَهُمْ وَأَنَا لَمْ أَحْتَلِمْ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ شَاهِدٌ وَلَمْ يُنْكِرْ وَلِأَنَّهُ ذِكْرُ اللَّهِ وَخَبَرٌ عَنْ أَمْرٍ وَاقع يصحان مِنْهُ كَمَا تصح أخباره فِي الاسْتِئْذَان والوسائل وَغير ذَلِك قَالَه صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَلِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ التَّنَفُّلِ بِالصَّلَاةِ فَيَكُونُ مِنْ أَهْلِ التَّنَفُّلِ بِالْأَذَانِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِأَنَّ الْوَسَائِلَ أَخْفَضُ مِنَ الْمَقَاصِدِ حُجَّةُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ أَنَّهَا آكَدُ مِنَ الْأَذَانِ لِلُزُومِهَا لِلْفَذِّ حَتَّى قِيلَ إِنْ تَرَكَهَا عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ حُجَّةُ تَفْرِقَةِ مَالِكٍ فِي رِوَايَةِ أَشْهَبَ عَنْهُ أَنَّ الْحَاجَةَ قَدْ تَدْعُو إِلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ. فُرُوعٌ خَمْسَةٌ الْأَوَّلُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ يُسْتَحَبُّ حُسْنُ الْهَيْئَةِ فَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ مَنْ أَذَّنَ وَأَقَامَ فِي ثِيَابِ شَعْرٍ أَوْ سَرَاوِيلَ فَلْيُعِدْ إِنْ لَمْ يُصَلُّوا وَخَالَفَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ الثَّانِي لَمْ يُكْرَهُ فِي الْكِتَابِ أَذَان الْأَعْمَى قَالَ وَكَانَ مؤذنه عَلَيْهِ السَّلَام أَعْمَى يَعْنِي ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ لَيْسَ فِيهِ خِلَافٌ إِذَا كَانَ أَمِينًا إِلَّا أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ فِي الْوَقْتِ إِلَى مَا يَقَعُ فِي نَفْسِهِ بَلْ يَسْتَخْبِرُ الثِّقَةَ ويتثبت وفضلهما أَشهب على الْبعد إِذا سددوا الْوَقْتَ وَالْقِبْلَةَ وَفَضَّلَ الْعَبْدَ إِذَا كَانَ رِضًى عَلَى الْأَعْرَابِيِّ وَالْأَعْرَابِيَّ إِذَا كَانَ رِضًى عَلَى وَلَدِ الزِّنَا الثَّالِثُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ ظَاهِرُ الْمَذْهَب كَرَاهِيَة أَذَان النِّسَاء خلافًا

لِ (ش) وَ (ح) غَيْرَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ لَا يُجْزِئُ عَنِ الرِّجَالِ حُجَّتُنَا أَنَّ رَفْعَ صَوْتِهَا مَكْرُوهٌ مَعَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ لِمَا فِيهِ مِنَ الْفِتْنَةِ وَمِنْ تَرْكِ الْحَيَاءِ الرَّابِعُ فِي الْجَوَاهِرِ لِلْإِمَامِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ عَلَى الْأَذَانِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَاخْتُلِفَ فِي إِجَارَةِ غَيْرِهِ مِنْ آحَادِ النَّاسِ عَلَى الْأَذَانِ وَالصَّلَاةِ فَالْمَشْهُورُ الْمَنْعُ مِنَ الصَّلَاةِ مُنْفَرِدَةً وَالْجَوَازُ فِي الْأَذَانِ مُنْفَرِدًا وَمَعَ الصَّلَاةِ وَعِنْدَ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْجَوَازُ فِيهِمَا مُطْلَقًا وَعِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ الْمَنْعُ فِيهِمَا مُطْلَقًا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَتَرَدَّدَ النَّقْلُ عَنِ الشَّافِعِي قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَاتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى جَوَازِ الرُّزْقَةِ وَقَدْ أَرْزَقَ عُمَرُ بن الْخطاب الْمُؤَذِّنِينَ وَكَذَلِكَ تَجُوزُ الرُّزْقَةُ لِلْحَاكِمِ وَإِنِ امْتَنَعَتِ الْإِجَارَةُ عَلَى الْحُكْمِ حُجَّةُ الْمَشْهُورِ أَنَّهُ فِعْلٌ يَجُوزُ التَّبَرُّعُ بِهِ عَنِ الْغَيْرِ فَلَا يَكُونُ كَوْنُهُ قُرْبَةً مَانِعًا مِنَ الْإِجَارَةِ فِيهِ قِيَاسًا عَلَى الْحَجِّ عَنِ الْغَيْرِ وَبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ وَكَتْبِ الْمَصَاحِفِ وَالسِّعَايَةِ عَلَى الزَّكَاةِ وَيَمْتَنِعُ فِي الْإِمَامَةِ مُفْرَدَةً لِأَنَّ فِعْلَ الْإِمَامِ فِعْلُ الْمُنْفَرِدِ وَفِعْلُ الْمُنْفَرِدِ لَا يَجُوزُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِ حُجَّةُ مَنْ جَوَّزَهَا مُنْفَرِدَةً مُلَاحَظَةُ الْتِزَامِهِ لِلْمَكَانِ الْمُعَيَّنِ وَهُوَ غَيْرُ مَأْمُورٍ بِهِ عَيْنًا فَجَازَ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِ قَالَ الْمَازِرِيُّ قَالَ بَعْضُ أَشْيَاخِي يَرْتَفِعُ الْخِلَافُ فِي الْمَنْعِ إِذَا كَانَ ثَمَّ فِعْلٌ لَا يَلْزَمُ الْمُصَلِّي كَمَا يَرْتَفِعُ الْخِلَافُ فِي الْجَوَازِ إِذَا لَمْ يَزِدْ عَلَى الْوَاجِبِ حُجَّةُ الْمَنْعِ مَا فِي أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ عَن عُثْمَان بن أبي العَاصِي أَنَّهُ قَالَ مِنْ آخِرِ مَا عُهِدَ إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنِ اتَّخَذَ مُؤَذِّنًا لَا يَأْخُذُ عَلَى أَذَانِهِ أَجْرًا وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَإِذَا امْتُنِعَ فِي الْأَذَانِ امْتُنِعَ فِي الْإِمَامَةِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِكَوْنِهَا أَدْخَلَ فِي بَابِ التَّقَرُّبِ وَالتَّعَلُّقِ بِالذِّمَّةِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْجِهَاد

وَجَوَابه أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْوَرَعِ وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْجِهَادَ يَتَعَيَّنُ بِالْحُضُورِ بِخِلَافِ الْأَذَانِ وَالْإِمَامَةِ فَرْعٌ مُرَتَّبٌ فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَاسْتُؤْجِرَ عَلَيْهَا ثُمَّ طَرَأَ مَا يَمْنَعُ الْإِمَامَةَ فَهَلْ يَحُطُّ مِنَ الْأُجْرَةِ بِسَبَبِ عَجْزِهِ قَوْلَانِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ مَبْنِيَّانِ عَلَى الْأَتْبَاعِ هَل لَهَا حَظّ من الثّمن أَو لَا قَالَ الْمَازِرِيُّ احْتَجَّ الْقَائِلُ بِعَدَمِ الْحَطِّ بِمَا وَقَعَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ مَنِ اشْتَرَى عَبْدًا لَهُ مَالٌ أَوْ شَجَرًا مُثْمِرًا فَاسْتَحَقَّ المَال من يَد العَبْد وجائحة تصيب الثَّمَرَة لَا يوجبان حَطِيطَةً مِنَ الثَّمَنِ وَاحْتَجَّ الْآخَرُ بِأَنَّ حِلْيَةَ السَّيْف التابعة لَهُ إِذا اسْتَحَقَّتْ فَلَهَا حَطُّهَا مِنَ الثَّمَنِ وَكَذَلِكَ سِلْعَةٌ من صَفْقَة فِيهَا سلع قَالَ إِنَّمَا سَقَطَ اعْتِبَارُ الْأَوَّلِينَ لِأَنَّ الثَّمَرَةَ مَضْمُونَةٌ بِالْقَبْضِ لَمَّا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْبَائِعِ سَقْيٌ وَأَنَّ الْعَبْدَ مَالِكٌ وَإِنَّمَا وَقَعَتِ الْمُعَاوَضَةُ عَلَى تَقْدِيرِ يَدِهِ عَلَى مَالِهِ وَهَذَا قَدْ فَعَلَهُ الْبَائِعُ وَلَمْ يُبْطَلْ قَالَ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ الْأَحْسَنُ الْحَطِيطَةُ بِقَدْرِ مَا يَعْلَمُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ زَادَهُ لِأَجْلِ الْمَالِ قِيَاسًا عَلَى مَا إِذَا تَعَذَّرَ عَلَى الْمَرْأَةِ شِوَارُهَا فَإِنَّهُ يَسْقُطُ مِنَ الصَّدَاقِ قَدْرُ مَا يُعْلَمُ أَنَّ الزَّوْجَ زَادَهُ لِأَجْلِهِ مَعَ أَنَّ الزَّوْجَ لَا يَمْلِكُ انْتِزَاعَهُ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَاعْلَمْ أَنَّ كَوْنَ الْأَتْبَاعِ مَقْصُودَةً بِالْأَعْوَاضِ أَمْرٌ مَقْطُوعٌ بِهِ بَلْ نَقُولُ التَّبَعَ قَدْ يَرْتَفِعُ عَنْهُ التَّحْرِيمُ الثَّابِتُ لَهُ مُنْفَرِدًا كَحِلْيَةِ السَّيْفِ التَّابِعَةِ لَهُ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ بَيْعُهَا مُنْفَرِدَةً بِجِنْسِهَا وَيَجُوزُ تَبَعًا قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ يَحُطُّ مِنَ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ الْإِمَامَةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْإِمَامَةَ لَوْ عَقَدَ عَلَيْهَا مُنْفَرِدَةً صَحَّ وَكُرِهَ بِخِلَافِ الثَّمَرَةِ وَمَالِ الْعَبْدِ الْخَامِسُ مِنَ الْبَيَانِ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا كَانَ الْمُؤَذِّنُونَ إِذَا صعدوا الْمنَار

الفصل الرابع فيما يؤذن له

عَايَنُوا مَا فِي الدُّورِ وَطَلَبَ أَهْلُهَا مَنْعُهُمْ مِنَ الصُّعُودِ مُنِعُوا وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الدُّورِ عَلَى الْبُعْدِ بَيْنَهُمُ الْفِنَاءُ الْوَاسِعُ وَالسِّكَّةُ الْوَاسِعَةُ لِأَنَّ هَذَا مِنَ الضَّرَرِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ قَالَ صَاحب الْبَيَان وَهَذَا على أصل مَالك فِي أَنَّ الِاطِّلَاعَ مِنَ الضَّرَرِ الْوَاجِبِ الْإِزَالَةِ وَمَنْ يَرَى مِنْ أَصْحَابِهِ أَنَّ مَنْ أَحْدَثَ اطِّلَاعًا عَلَى جَارِهِ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ وَيُقَالُ لِلْجَارِ اسْتُرْ عَلَى نَفْسِكَ يُفَرِّقُ بِأَنَّ الْمُؤَذِّنَ لَيْسَ بِمَالك بل طَالب مَنْدُوبًا بِفِعْلٍ مُحَرَّمٍ قَالَ وَهَذَا حُكْمُ الدُّورِ الْبَعِيدَةِ إِلَّا أَنْ لَا يَتَبَيَّنَ فِيهَا الذُّكُورُ مِنَ الْإِنَاث والهبآت الْفَصْل الرَّابِع فِيمَا يُؤذن لَهُ وَهُوَ الصَّلَوَاتُ الْمَفْرُوضَةُ عَلَى الْأَعْيَانِ الْمُؤَدَّاةُ فِي مَسَاجِد الْجَمَاعَات وَالْأَيمَة حَيْثُ كَانُوا فَالْمَفْرُوضَةُ احْتِرَازٌ مِنَ النَّوَافِلِ لِعَدَمِ التَّوْقِيتِ فِيهَا وَأَمَّا صَلَاةُ الْعِيدَيْنِ فَتَوَفُّرُ الدَّوَاعِي عَلَيْهَا مُغْنٍ عَنِ الْإِعْلَامِ وَلَا يُنَادَى لَهَا الصَّلَاة جَامِعَة وعَلى الْأَعْيَانِ احْتِرَازٌ مِنْ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ وَقتهَا حَتَّى يعلم بِهِ بل سنتها وُجُودُ الْمَيِّتِ لَا الْوَقْتُ وَالْأَذَانُ إِنَّمَا هُوَ إِعْلَامٌ بِالْأَوْقَاتِ وَقَوْلُنَا الْمُؤَادَّةُ احْتِرَازٌ مِنَ الْفَوَائِتِ فَفِي الْكتاب من نسي صلوَات كَثِيرَة تجزيه الْإِقَامَةُ لِكُلِّ صَلَاةٍ بِلَا أَذَانٍ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يُؤَذِّنُ لَهَا وَتَرَدَّدَ الشَّافِعِيُّ وَقَدِ اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَة فِي صلَاته عَلَيْهِ السَّلَام يَوْمَ الْوَادِي لَمَّا نَامُوا عَنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ حَتَّى

طَلَعَتِ الشَّمْسُ هَلْ أَذَّنَ لَهَا أَمْ لَا فَفِي الْمُوَطَّأِ أَمَرَ بِالْإِقَامَةِ فَصَلَّى بِهِمْ وَلَمْ يَذْكُرْ أَذَانَا وَفِي أَبِي دَاوُدَ ذَكَرَ الْأَذَانَ وَهُوَ مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَعْدَ صَلَاتِهِ بِهِمْ مَنْ نَسِيَ الصَّلَاةَ فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا فَإِن الله تَعَالَى يَقُول {أقِم الصَّلَاة لذكري} وَهُوَ يَقْتَضِي عَدَمَ الِاشْتِغَالِ بِغَيْرِهَا وَالْأَذَانُ شُغْلٌ عَنْهَا وَقَوْلنَا فِي جماعات الْمَسَاجِد احْتِرَازٌ مِنَ الْوَاحِدِ إِذَا صَلَّى وَحْدَهُ فِي الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ يَكْتَفِي بِالْإِقَامَةِ وَرُوِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنه يُؤذن سرا وَقَوْلنَا وَالْأَيمَة حَيْثُ كَانُوا فَفِي الْكِتَابِ إِذَا خَرَجَ إِمَامُ الْمِصْرِ فِي الْجِنَازَةِ فَتَحْضُرُهُ الصَّلَاةُ يُؤَذَّنُ لَهَا وَيُقَامُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قِيلَ هُوَ إِمَامُ الْجَامِع المجمعة لِأَنَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَهُ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ فَيَتَوَقَّى أَمْرَهُ لِيَجْتَمِعَ لَهُ النَّاسُ وَكَذَلِكَ كُلُّ إِمَامٍ مَشْهُورٍ يُؤَذَّنُ لَهُ لِيَجْتَمِعُوا فُرُوعٌ أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَا يُنَادَى لِصَلَاةٍ قَبْلَ وَقْتِهَا إِلَّا الصُّبْحُ وَوَافَقَهُ الشَّافِعِيُّ وَخَالَفَنَا أَبُو حنيفَة وَسوى بَين سَائِر الصَّلَوَات لما فِي البُخَارِيّ أَنه عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ إِنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادي ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ

فَإِنَّهُ لَا يُؤَذِّنُ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَ أَذَانَيْهِمَا إِلَّا أَنْ يَرْقَى ذَا وَيَنْزِلَ ذَا وَفِي بَعْضِ طُرُقِهِ وَكَانَ رَجُلًا أَعْمَى لَا يُنَادِي حَتَّى يُقَالَ لَهُ أَصْبَحْتَ أَصْبَحْتَ وَإِجْمَاعُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى ذَلِكَ يَنْقُلُهُ الْخَلَفُ عَنِ السَّلَفِ نَقْلًا مُتَوَاتِرًا وَلَمَّا اطَّلَعَ أَبُو يُوسُفَ عَلَى ذَلِكَ رَجَعَ عَنْ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَهِيَ تَأْتِي فِي وَقْتِ نَوْمٍ وَحَاجَةٍ إِلَى الِاغْتِسَالِ لِكَثْرَةِ الِاجْتِمَاعِ بِالنِّسَاءِ لَيْلًا وَفِي النَّاسِ الْبَطِيءُ وَالسَّرِيعُ والفضيلة فِي التلغيس فَيتَعَيَّن الْأَذَانُ قَبْلَ الْفَجْرِ احْتَجَّ أَبُو حَنِيفَةَ بِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ لِبِلَالٍ لَا تُؤَذِّنْ حَتَّى يَسْتَبِينَ لَكَ الْفَجْرُ وَمَدَّ يَدَيْهِ عَرْضًا وَلِأَنَّ الْأَذَانَ قَبْلَ الْوَقْتِ كَذِبٌ فَيَحْرُمُ وَجَوَابُ الْأَوَّلِ أَنَّ الْحَدِيثَ طَعَنَ فِيهِ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ وَلَوْ سَلَّمْنَا صِحَّتَهُ فَيُحْمَلُ الْأَذَانُ عَلَى الْإِقَامَةِ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْمُشَابَهَةِ وَلِأَنَّهَا إِعْلَامٌ فِي نَفْسِهَا وَالْإِعْلَامُ هُوَ الْأَذَانُ جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ إِعْلَامٌ بِوَقْتِ التَّأَهُّبِ لِلصَّلَاةِ لَا بِوَقْتِ فِعْلِهَا فَلَيْسَ كَذِبًا فَرْعٌ إِذَا قُلْنَا بِتَقْدِيمِ أَذَانِهَا عَلَى وَقْتِهَا قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ الْأَحْسَنُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ اللَّيْلِ غَيْرَ مَحْدُودٍ وَإِلَيْهِ أَشَارَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ مُحْتَجًّا بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يَمْنَعُكُمْ مِنْ سُحُورِكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ وَالسُّحُورُ آخِرُ اللَّيْلِ وَقَالَ ابْنُ

وَهْبٍ سُدُسُ اللَّيْلِ الْأَخِيرُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ مِنْ حِينِ خُرُوجِ وَقْتِ الْعِشَاءِ نِصْفَ اللَّيْلِ وَنقل الْمَازرِيّ يُؤذن لَهما بَعْدَ الْعِشَاءِ وَإِنْ صَلَّيْتَ أَوَّلَ اللَّيْلِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْفَجْرِ فَجَازَ تَقْدِيمُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَا كَالنِّيَّةِ مَعَ الصَّوْمِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْأَذَانَ حِينَئِذٍ إِعْلَامٌ بِالتَّأَهُّبِ لِلنَّوْمِ لَا لِلصَّلَاةِ فَهُوَ عَلَى خِلَافِ حِكْمَةِ الْأَذَانِ فَلَا يُشْرَعُ الثَّانِي أَنْكَرَ فِي الْكِتَابِ تَقْدِيمَ أَذَانِ الْجُمُعَةِ عَلَى الزَّوَالِ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ فَإِنَّهُ جَوَّزَ أَذَانَهَا قَبْلَ الزَّوَالِ وَهُوَ فَاسِدٌ لِأَنَّهَا إِنْ كَانَتْ ظُهْرًا فَحُكْمُهَا حُكْمُ الظُّهْرِ وَإِن كَانَت بَدَلا وَالْبدل يتبع الْمُبدل الثَّالِثُ فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا جَمَعَ الْإِمَامُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ يُؤَذِّنُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَهُوَ فِي الْكِتَابِ وَالْأُولَى فَقَطْ عِنْدَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَلَا يُؤَذِّنُ مُطْلَقًا حَكَاهُ صَاحِبُ الْجُلَّابِ وَيُقِيمُ لِكُلِّ صَلَاةٍ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَهَذِهِ الْمَقَالَاتُ مَحْكِيَّةٌ فِي جَمْعِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَمَّا غَيْرُ الْإِمَامِ فَتُجْزِئُهُمْ إِقَامَتَانِ لِلْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ تَكْفِي إِقَامَةُ الْأُولَى حُجَّةُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْأَذَان للصَّلَاة فِي حق الأيمة مِنْ شَعَائِرِهَا فَلَا يُتْرَكُ مَعَ إِمْكَانِهِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْهُ تَوَفُّرُ الْجَمْعِ لِلثَّانِيَةِ كَمَا لَا يَمْنَعُهُ لِلْأُولَى وَقِيَاسًا عَلَى الْإِقَامَةِ

حُجَّةُ الثَّانِي مَا فِي مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ لَمَّا وَصَفَ حَجَّةَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى الِاسْتِقْصَاءِ فَقَالَ فِي الْجَمْعِ بِعَرَفَةَ ثُمَّ أَذَّنَ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا وَقَالَ فِيهِ حَتَّى أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ فَصَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا شَيْئًا حُجَّةُ الثَّالِثِ مَا فِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ جَمَعَ بِمُزْدَلِفَةَ فَلَمْ يَذْكُرْ أَذَانًا وَذَكَرَ الْإِقَامَةَ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَلِأَنَّ الْأَذَانَ إِعْلَامٌ لِلْغَائِبِ وَالْجَمْعُ إِنَّمَا هُوَ لِمَنْ حَضَرَ حُجَّةُ الرَّابِعِ مَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَلَّى الْمَغْرِبَ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَصَلَّى الْعِشَاءَ رَكْعَتَيْنِ بِإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ يَحْتَمِلُ بِإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَلِأَنَّ الْجَمْعَ يُوجِبُ تَعَلُّقَ إِحْدَى الصَّلَاتَيْنِ بِالْأُخْرَى فَكَأَنَّ الْإِقَامَةَ الْأُولَى وَقَعَتْ لَهُمَا جَمِيعًا الرَّابِعُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ فِي قَوْمٍ بَنَوْا مَسْجِدًا فَتَنَازَعُوا فِيهِ فَاقْتَسَمُوهُ بِجِدَارٍ لَيْسَ لَهُمْ قِسْمَتُهُ قَالَ أَشْهَبُ فَإِنْ فَعَلُوا لَمْ يَجْزِهِمْ مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ وَكَذَلِكَ مَسْجِدَانِ مُتَلَاصِقَانِ أَوْ مَسْجِدٌ فَوْقَ مَسْجِدٍ لِأَنَّ الْأَذَانَ مِنْ شَعَائِر الْمَسَاجِد

الفصل الخامس في الإقامة

الْفَصْل الْخَامِس فِي الْإِقَامَة فَفِي الْجُلَّابِ هِيَ عَشْرُ كَلِمَاتٍ يُرِيدُ عَشْرَ جمل من الْكَلَام وَإِلَّا فَهُوَ اثْنَان وَثَلَاثُونَ كَلِمَةً وَهَذَا مَجَازٌ مَشْهُورٌ مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الْكُلِّ بِاسْمِ الْجُزْءِ كَمَا أَنَّ الْعَرَبَ تُسَمِّي الْقَصِيدَةَ كَلِمَةً وَهِيَ مَرَّةً مَرَّةً إِلَّا التَّكْبِيرُ خِلَافًا لِ (ح) فِي قَوْلِهِ هِيَ مرَّتَيْنِ وَكَذَلِكَ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ وَخِلَافًا لِ (ش) فِي قَوْلِهِ هِيَ مَرَّةً مَرَّةً إِلَّا التَّكْبِيرُ وَالْإِقَامَةُ لَنَا مَا فِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَمَرَ بِلَالًا أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ وَالْأَحَادِيثُ قَدْ وَرَدَتْ عَلَى وَفْقِ الْمَذَاهِبِ كلهَا لَكِن أرجحها مَا وَافق عمل الْمَدِينَةِ وَفِي الْجُلَّابِ هِيَ سُنَّةٌ آكَدُ مِنَ الْأَذَانِ وَفِي الْكِتَابِ لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ أَذَانٌ وَلَا إِقَامَةٌ وَإِنْ أَقَمْنَ فَحَسَنٌ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَجَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَيْسَ عَلَيْهَا أَذَانٌ وَلَا إِقَامَةٌ وَاسْتِحْسَانُ إِقَامَتِهِنَّ لِلشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا إِذَا أَقَمْنَ لِأَنْفُسِهِنَّ لَا لِلْجَمَاعَاتِ لِأَنَّهُمَا ذكر فَأَشْبَهت النّسخ قَالَ

صَاحب الطّراز وَرُوِيَ عَن مَالك عَدَمُ الِاسْتِحْسَانِ لِأَنَّ أَزْوَاجَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُنَّ ذَلِكَ قَالَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَالصَّبِيّ فِي كَونه يُقيم أَنَّ الصَّبِيَّ يُؤْمَرُ بِذَلِكَ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَيُمَرَّنُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَلِأَنَّ الصَّبِيَّ لَا يُنْكَرُ رَفْعُ صَوْتِهِ فُرُوعٌ عَشَرَةٌ الْأَوَّلُ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَا بَأْسَ أَنْ يُقِيمَ غَيْرُ مَنْ أَذَّنَ خِلَافًا لِ (ش) فِي الْكَرَاهَةِ مُحْتَجًّا بِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّ زِيَادَ بْنَ الْحَارِث قَالَ أَمرنِي عَلَيْهِ السَّلَام أَن أذن فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ فَأَذَّنْتُ فَأَرَادَ بِلَالٌ أَنْ يُقِيمَ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّ أَخَا صُدَاءٍ أذن فَمن أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ أَمْرِ الْإِمَامِ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ بِالْإِمَامَةِ مِنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا بِالْفَتْوَى لِأَنَّ زِيَادًا كَانَ حَدِيثَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ فَأَرَادَ عَلَيْهِ السَّلَامُ تأليفه لما فِي أَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الْمَازِنِيِّ حِينَ رَأَى الْأَذَانَ فِي مَنَامِهِ فَأَمَرَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ يُلْقِيَهُ عَلَى بِلَالٍ فَفَعَلَ فَأَذَّنَ بِلَالٌ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ أَنَا رَأَيْتُهُ وَأَنَا كُنْتُ أُرِيدُهُ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَأَقِمْ أَنْتَ وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ عَنِ الْأَذَانِ بِدَلِيلِ تَوَجُّهِهَا عَلَى الْمُنْفَرِدِ دُونَهُ فَجَازَ أَنْ يَقَعَا مِنِ اثْنَيْنِ كَالْإِقَامَةِ وَالْإِمَامَةِ الثَّانِي قَالَ فِي الْكِتَابِ لَا يُقِيمُ رَاكِبًا وَفِي الْجُلَّابِ رِوَايَتَانِ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ كَانَ يُنَادِي بِالصَّلَاةِ عَلَى الْبَعِيرِ

فَإِذَا نَزَلَ أَقَامَ وَأَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَفْعَله لِأَن السّنة إِيصَال الْإِقَامَةِ بِالصَّلَاةِ وَالنُّزُولُ عَنِ الدَّابَّةِ وَعَقْلُهَا وَإِصْلَاحُ الْمَتَاع طول الثَّالِث إِذا كَانَ الْمُسْتَحبّ إيصالها بِالصَّلَاةِ فَهَل يبعد الْمُؤَذّن عَن الإِمَام مِثْلِ الْجَامِعِ الْوَاسِعِ يَخْرُجُ إِلَى بَابِهِ أَوْ يَصْعَدُ عَلَى سَطْحِهِ فَيُقِيمُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَفْعَلُ إِنْ كَانَ يُسْمِعُ مَنْ حَوْلَهُ وَإِلَّا فَهُوَ خطأ وَقَالَ مَالك فِي الْمَجْمُوعَةِ وَأَشْهَبُ يُقِيمُ فِي الصَّحْنِ وَفِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ سَمِعَ الْإِقَامَةَ وَهُوَ بِالْبَقِيعِ فَأَسْرَعَ الْمَشْيَ إِلَى الْمَسْجِدِ وَلَوْ كَانَتِ الْإِقَامَةُ فِي دَاخِلِ الْمَسْجِدِ لَمْ يَسْمَعْهَا وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا بَأْسَ بِالْكَلَامِ الْخَفِيفِ بَعْدَ الْإِقَامَةِ مَا لَمْ يُحْرِمِ الْإِمَامُ فَإِذَا أَحْرَمَ فَلَا يَتَكَلَّمُ أَحَدٌ وَلَا يُقِيمُ فِي الْمَسْجِدِ بَعْدَ إِقَامَةِ الْمُؤَذِّنِ الرَّابِعُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِنْ نَسِيَ الْإِقَامَةَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ تَعَمَّدَ فَلْيَسْتَغْفِرِ اللَّهَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَعِنْدَ ابْنِ كِنَانَةَ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ فَقَدْ جَوَّزَ النَّخَعِيُّ وَالشَّعْبِيُّ وَابْنُ حَنْبَلٍ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ لِلْفَذِّ تَرْكَ الْإِقَامَةِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْأَذَانِ فَرْعٌ مُرَتَّبٌ قَالَ فَلَوْ ظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ يُؤثر نقصا فَسجدَ لَهُ بَعْدَ السَّلَامِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَالَ فِي مُخْتَصَرِ الطُّلَيْطِلِيِّ يُعِيدُ لِأَنَّهُ أَدْخَلَ فِي الصَّلَاةِ مَا لَيْسَ مِنْهَا كَمَنْ زَادَ جَاهِلًا الْخَامِسُ قَالَ لَو تَركهَا جهلا حَتَّى أَحْرَمَ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ لَا

يَقْطَعُ قَالَ وَلَوْ أَنَّهُ بَعْدَ إِحْرَامِهِ أَقَامَ وَصلى فقد أَسَاءَ وليستغفر الله تَعَالَى قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ يُرِيدُ أَنَّهُ أَقَامَ ثُمَّ أَحْرَمَ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَكُونُ قَدْ خَرَجَ مِنَ الْإِحْرَام الأول بنيته وَقَوله الْمنَافِي لَهُ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ وَلَوْ تَمَادَى عَلَى إِحْرَامِهِ الْأَوَّلِ أَعَادَ الصَّلَاةَ سُؤَالٌ كَيْفَ يُطْلَقُ لَفْظُ الِاسْتِغْفَارِ الْمُخْتَصُّ بِالذُّنُوبِ فِي ترك السّنَن وَتركهَا لَيْسَ ذَنبا حَتَّى يسْتَغْفر جَوَابه أَن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يُحْرِمُ الْعَبْدَ مِنَ التَّقَرُّبِ إِلَيْهِ بِالنَّوَافِلِ وَالْفَرَائِضِ عُقُوبَةً لَهُ عَلَى ذَنْبِهِ وَيُعِينُهُ عَلَى التَّقَرُّبِ بِسَبَبِ طَاعَتِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لنهدينهم سبلنا} وَلقَوْله تَعَالَى {فَأَما من أعْطى وَاتَّقَى} إِلَى قَوْله {فسنيسره لليسرى} (وَأما من بخل وَاسْتغْنى) إِلَى قَوْله {فسنيسره للعسرى} فَإِذَا اسْتَغْفَرَ مِنْ ذُنُوبِهِ غُفِرَتْ لَهُ بِفَضْلِ الله وَأمن حِينَئِذٍ من الِابْتِلَاء بالمؤاخذة بالحرمان السَّادِسُ مَنْ خَافَ فَوَاتَ الْوَقْتِ تَرَكَ الْإِقَامَةَ قَالَ أَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ تَقْدِيمًا لِلْفَرْضِ عَلَى فَضِيلَةِ الْإِقَامَةِ وَيَشْكُلُ عَلَيْهِ تَرْكُ الْإِسْرَاعِ الشَّدِيدِ وَإِنْ فَاتَتْهُ الْجُمُعَةُ حِفْظًا لِلْخُشُوعِ السَّابِعُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَقَدْ صَلَّى أَهْلُهُ لَا تُجْزِئُهُ إِقَامَتُهُمْ

وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى تَأَكُّدِ الْإِقَامَةِ وَقَالَ فِي الْمَبْسُوطِ يُقِيمُ أَحَبُّ إِلَيَّ وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّهَا أُهْبَةٌ لِلصَّلَاةِ وَلِذَلِكَ شُرِعَتْ فِي الْفَوَائِتِ وَجْهُ الثَّانِي أَنَّهَا دُعَاءٌ لِلصَّلَاةِ وَهَذَا إِنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِي حَقِّ الْفَذِّ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَكَذَلِكَ قَالَ فِي الْكِتَابِ مَنْ صَلَّى فِي بَيته لَا تكفيه إِقَامَة أهل مصر وَلِلشَّافِعِيِّ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ قَدْ أَدَّى فِيهِ حَقَّ الْإِقَامَةِ فَلَا تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْفَذِّ كَمَا لَا تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْجَمَاعَةِ الْكَائِنِينَ فِي الْمَسْجِدِ حُجَّةُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُمْ فِي صلواتهم فَأشبه مَسْجِدا آخر ومسافر مَعَ مُقِيمٍ الثَّامِنُ قَالَ فِي الْكِتَابِ يَنْتَظِرُ الْإِمَامُ بَعْدَ الْإِقَامَةِ قَلِيلًا قَدْرَ مَا تَسْتَوِي الصُّفُوفُ ثُمَّ يُكَبِّرُ وَلَا يَكُونُ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقُرْآنِ شَيْءٌ وَقَدْ كَانَ عُمَرُ وَعُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يُوَكِّلَانِ رَجُلًا لِتَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ فَإِذَا أخبروهما بِذَلِكَ كَبَّرَا وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ كَبَّرَ الْإِمَامُ مُحْتَجًّا بِمَا يُرْوَى أَنَّ بِلَالًا قَالَ يَا رَسُول الله إِنَّك لتستغني بأمين وَلَا يصدق الْمُؤَذِّنَ فِي قَوْلِهِ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ لَنَا مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنه قَالَ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا تَقُومُوا حَتَّى تَرَوْنِي قَدْ خَرَجْتُ وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى تَأَخُّرِ خُرُوجِهِ وَلِأَنَّ الْمُنْفَرِدَ لَا يُحْرِمُ حَتَّى يَفْرُغَ وَكَذَلِكَ الْجَمَاعَةُ وَجَوَابُهُمْ أَنَّ الْحَدِيثَ لَيْسَ فِي الصِّحَاحِ وَلَا مَشْهُور وَلَعَلَّ السَّبق يتَفَاوَت بقراءتهما لَا بِتَعْجِيلِ الْإِحْرَامِ وَأَمَّا التَّصْدِيقُ فَإِنَّ مَعْنَى قد قَامَت الصَّلَاة تأهبوا لَهَا كَمَا نقُول قَدْ قَامَتِ الْحَرْبُ فَالْكُلُّ صَادِقٌ سَوَاءٌ أَحْرَمَ الْإِمَامُ أَوْ تَأَخَّرَ فَإِذَا كَانَتْ إِخْبَارًا عَنِ التَّأَهُّبِ فَهُوَ حَاصِلٌ فَلَا كَذِبَ فِي التَّأَخُّرِ وَأَمَّا تَسْوِيَةُ الصُّفُوفِ فَفِي

مُسْلِمٍ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَمْسَحُ مَنَاكِبَنَا فِي الصَّلَاةِ وَيَقُولُ اسْتَوُوا فِي الصُّفُوفِ وَلَا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ وَفِي الْبُخَارِيِّ رَأَيْتُ الرَّجُلَ مِنَّا يُلْزِقُ كَعْبَهُ بِكَعْبِ صَاحِبِهِ وَفِي أَبِي دَاوُدَ أَنه عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ أَقِيمُوا الصُّفُوفَ وَحَاذُوا بَيْنَ الْمَنَاكِبِ وَسُدُّوا الْخَلَلَ وَلِينُوا بِأَيْدِي إِخْوَانِكُمْ وَلَا تَذَرُوا فُرُجَاتٍ لِلشَّيْطَانِ وَمَنْ وَصَلَ صَفًّا وَصَلَهُ اللَّهُ وَمَنْ قطع صفا قطعه الله التَّاسِعُ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَا تَوْقِيتَ لِقِيَامِ النَّاسِ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَإِنَّ فِيهِمُ الْقَوِيَّ وَالضَّعِيفَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ قَامَ الْإِمَامُ فَإِنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ بِالْمُسَارَعَةِ فَيَمْتَثِلُ وَقَالَ زُفَرُ عِنْدَ قَوْلِهِ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ يَقُومُونَ بِقَدْرِ مَا إِذَا اسْتَوَتِ الصُّفُوفُ وَفَرَغَتِ الْإِقَامَةُ الْعَاشِرُ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ مَالِكٌ إِذَا أُقِيمَتْ عَلَيْهِ صَلَاةٌ وَهُوَ فِي صَلَاةٍ أُخْرَى إِنْ طَمَعَ فِي فَرَاغِهَا قَبْلَ رُكُوعِ الْإِمَامِ الرَّكْعَةَ الْأُولَى أَتَمَّهَا وَدَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ لِوُجُوبِهَا عَلَيْهِ قَبْلَ الْحَاضِرَةِ وَإِنْ يَئِسَ قَطَعَهَا وَدخل مَعَه ثمَّ اسْتَأْنف الصَّلَاتَيْنِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُتِمَّهَا رَكْعَتَيْنِ إِنْ كَانَ قَدْ رَكَعَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَا تُبْطِلُوا أَعمالكُم} إِلَّا أَن يخَاف فَوَات رَكْعَة الْإِمَامِ فَيَقْطَعَ مِنْ رَكْعَةٍ بِسَلَامٍ قَالَ فَإِنْ كَانَ يُصَلِّي تِلْكَ الصَّلَاةَ بِعَيْنِهَا فَفِي الْمُدَوَّنَةِ إِنْ لَمْ يَرْكَعْ قَطَعَ وَإِنْ أَمْكَنَهُ صَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ رُكُوعِ الْإِمَامِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَصَلَاتُهُ مَعَ الْإِمَامِ إِنَّمَا هِيَ نَافِلَةٌ لِامْتِنَاعِ صَلَاة الْعَصْر قبل الظُّهْرِ وَقَدْ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يُصَلِّي نَافِلَة وَلم

يُصَلِّي الْفَرِيضَة وَإِنَّمَا جَوَّزنَا هَهُنَا ذَلِكَ لِمَا فِي الْخُرُوجِ مِنَ الْمَسْجِدِ بَعْدَ الْإِقَامَة من تعريضه لِسُوءِ الظَّنِّ وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ فِي سَمَاعِ سَحْنُونٍ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى أَنْفِهِ وَيَخْرُجُ

(الباب الثالث في شروط الصلاة)

(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ) الشَّرْطُ فِي اللُّغَةِ الْعَلَامَةُ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {فَقَدْ جَاءَ أشراطها} أَي علاماتها قد تَقَدَّمَ فِي الْمُقَدِّمَةِ حَقِيقَتُهُ اصْطِلَاحًا وَشُرُوطُهَا وَهِيَ عَشَرَةٌ الْأَوَّلُ الْعِلْمُ بِدُخُولِ الْوَقْتِ فَإِنَّ الْوَقْتَ سَبَبٌ وَالْعِلْمَ بِدُخُولِهِ شَرْطٌ قَالَ صَاحِبُ التَّلْقِينِ وَهُوَ كَمَا قَالَ وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ فِي تَعْلِيق لَا يَجُوزُ لِعَالِمٍ وَلَا عَامِّيٍّ أَنْ يُقَلِّدَ فِي وَقت الظّهْر لِأَنَّهُ شَاهد بالحس فالوصول إِلَى الْيَقِين مُمْكِنٌ فَلَا يَجُوزُ التَّقْلِيدُ الثَّانِي طَهَارَةُ الْحَدَثِ وَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُهَا وَهِيَ شَرْطٌ فِي الِابْتِدَاءِ وَالدَّوَامِ فَلَوْ زَالَتْ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ غَلَبَة بطلت الصَّلَاة الثَّالِثُ طَهَارَةُ الْخَبَثِ فِي الْجَسَدِ وَالثَّوْبِ وَالْمَكَانِ وَقَدْ تَقَدَّمَ كَثِيرٌ مِنْ فُرُوعِهَا فِي الطَّهَارَةِ وَنَذْكُر هَهُنَا نُبْذَةً مِنْهَا أَمَّا الْجَسَدُ فَفِيهِ فُرُوعٌ أَرْبَعَةٌ وَفصل الْفَرْع الأول فَفِي الْكتاب إِذا سَالَ أَو قطر فَيَغْسِلُهُ عَنْهُ ثُمَّ يَبْنِي وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ إِنْ كَانَ يَسِيرًا فَتَلَهُ وَمَضَى قِيَاسًا على كَانَ كَثِيرًا فَقِيلَ يَقْطَعُ قَالَ وَهُوَ الْأَقْيَسُ وَقِيلَ يَغْسِلُهُ وَيَتَمَادَى عَلَى الرُّعَافِ الثَّانِي مَنِ انْكَسَرَ عَظْمُهُ فَجَبَرَ بِعَظْمِ مَيْتَةٍ قَالَ صَاحِبُ الْإِشْرَافِ وَأَبُو حَنِيفَةَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ كَسْرُهُ وَقَالَ

فصل في الرعاف

الشَّافِعِيُّ يَكْسِرُ وَيَنْزِعُ إِذَا خَافَ الْمَشَقَّةَ دُونَ التَّلَفِ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ يَقْلَعُهُ وَإِنْ أَدَّى إِلَى التَّلَفِ حُجَّتُنَا أَنَّهُ جُرِحَ فَيَسْقُطُ كَدَمِ الْجِرَاحِ وَلِأَنَّهُ صَارَ بَاطِنًا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَكَلَ مَيْتَةً الثَّالِثُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِذَا سَقَطَتِ السِّنُّ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ رَدُّهَا عَلَى قَوْلِنَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ قَالَ الظَّاهِرُ إِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّ مَا أُبِينَ عَنِ الْحَيِّ فَهُوَ مَيْتَةٌ وَأَجَازَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَهُوَ مُقْتَضَى مَذْهَبِ ابْنِ وهب وَابْن الْمَوَّاز لِأَنَّهُ ينجس جملَته بِالْمَوْتِ وَكَذَلِكَ بَعْضُهُ بِخِلَافِ الْأَنْعَامِ فَإِنَّ جُمْلَتَهَا تَنْجُسُ بِالْمَوْتِ فَيَنْجُسُ جُزْؤُهَا إِذَا انْفَصَلَ مِنْهَا وَهِيَ حَيَّةٌ الرَّابِع فِي الْجَوَاهِر لَو جعل فِي حزامه الْمَرْتَكَ الْمَعْمُولَ مِنْ عِظَامِ الْمَيْتَةِ أَوْ غَيْرِهَا مِنَ النَّجَاسَاتِ فَلَا يُصَلِّي بِهِ حَتَّى يَغْسِلَهُ وَأَجَازَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ الصَّلَاةَ بِهِ فَصْلٌ فِي الرعاف فَفِيهِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ فَرْعًا الْأَوَّلُ فِي اشْتِقَاقِهِ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الرُّعَافِ الَّذِي هُوَ السَّبْقُ فَقَوْل الْعَرَبُ فَرَسٌ رَاعِفٌ إِذَا كَانَ يَتَقَدَّمُ الْخَيْلَ ورعف فلَان الْخَيل إِذا تقدمها وَقَالَ رعف يرعف بِفَتْح الْعين فِي الْمَاضِي وَضم الْمُسْتَقْبَلِ وَفَتْحِهِ وَالشَّاذُّ الضَّمُّ فِيهِمَا وَلَمَّا كَانَ الدَّمُ يَسْبِقُ إِلَى الْأَنْفِ سُمِّيَ رُعَافًا الثَّانِي قَالَ اللَّخْمِيُّ الدَّمُ فِي الرُّعَافِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ يَسِيرٌ يُذْهِبُهُ الْفَتْلُ فَفِي الْجَوَاهِرِ يَسْتَوِي فِيهِ الظَّنُّ وَالشَّكُّ فَإِنَّهُ يَفْتِلُهُ وَكَثِيرٌ لَا يُذْهِبُهُ الْفَتْلُ وَلَا يُرْجَى انْقِطَاعُهُ لِعَادَةٍ تَقَدَّمَتْ فَهَذَانِ لَا يَخْرُجُ لَهُمَا مِنَ الصَّلَاةِ يَفْتِلُ الْأَوَّلَ على رُؤُوس الْأَنَامِلِ وَيَكُفُّ الْآخَرَ مَا اسْتَطَاعَ وَكَثِيرٌ يُذْهِبُهُ الْفَتْلُ لِثَخَانَتِهِ فَفِيهِ قَوْلَانِ فَكَانَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ يمسحه بأصابعه حَتَّى تختضب فَيَغْمِسَهَا فِي حَصْبَاءِ الْمَسْجِدِ وَيَرُدُّهَا وَقَالَ مَالِكٌ لَا أُحِبُّ ذَلِكَ فَرَاعَى مَالِكٌ قَدْرَ النَّجَاسَةِ

وَتَفَاحُشِهَا وَرَاعَى عَبْدُ الْمَلِكِ الْمَوَاضِعَ دُونَ الْقَدْرِ وَكثير يذهبه الفتل فَهَذَا يَخْرُجُ لِغَسْلِهِ وَيَبْنِي عَلَى صَلَاتِهِ بَعْدَ الْغَسْلِ إِنْ شَاءَ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَتَكَلَّمَ وَيَخْرُجَ مِنَ الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا رُخْصَةٌ عَلَى خِلَافِ الْأُصُولِ غَيْرُ لَازِمَةٍ وَإِذَا خَرَجَ فَلَهُ شُرُوطٌ سِتَّةٌ أَنْ يُمْسِكَ أَنْفَهُ وَأَنْ يَغْسِلَ فِي أَقْرَبِ الْمَوَاضِع وَأَن لَا يمشي على نَجَاسَة وَأَن لَا يتَكَلَّم عمدا وَلَا سَهوا وَأَن لَا يتلطخ كثير من جسده أَو ثِيَابه وَأَن لَا يَبْعُدَ الْمَكَانُ جِدًّا وَلَا يُشْتَرَطُ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَصَاحِبُ الطَّرَّازِ وَوَافَقَنَا الشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَبُو حنيفَة تَبْطُلُ طَهَارَتُهُ وَيَتَوَضَّأُ وَيَبْنِي بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ النَّجِسَ يُبْطِلُ الْوُضُوءَ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَنْهُ لَنَا مَا يُرْوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ الْمُسَيِّبِ وَجَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ فَكَانَ إِجْمَاعًا وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمُوَطَّأ أَيْضا مِثْلُ هَذَا فِي مُخَالَفَةِ الْأُصُولِ لَا يُقْدِمُ السَّلَفُ عَلَيْهِ إِلَّا بِتَوْقِيفٍ ظَاهِرٍ فَإِنْ كَانَ تَكَلَّمَ لَمَّا خَرَجَ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا تَكَلَّمَ الْإِمَامُ حِينَ خُرُوجِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ تَبْطُلُ عِنْدَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا إِمَامًا أَوْ مُنْفَرِدًا وَقَالَ سَحْنُونٌ إِذَا تَكَلَّمَ سَهْوًا فِي غَسْلِ الدَّمِ وَالْمُسْتَخْلَفُ لم يفرغ من صلَاته حمله عِنْد خَلِيفَته وَفِي كتاب ابْن سَحْنُون إِذا تَكَلَّمَ الرَّاعِفُ قَبْلَ فَرَاغِ الْإِمَامِ حَمَلَهُ الْإِمَامُ عَنْهُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ تَكَلَّمَ فِي ذَهَابه نَاسِيا بطلت وَإِنْ تَكَلَّمَ فِي رُجُوعِهِ لَمْ تَبْطُلْ وَجْهُ الْبُطْلَانِ مُطْلَقًا انْسِلَاخُهُ مِنْ هَيْئَةِ الْمُصَلِّينَ بِالرُّعَافِ وَالْكَلَام وَقد جَاءَ فِي الحَدِيث إِن كَانَ مَطْعُونًا عَلَيْهِ مَنْ أَصَابَهُ قَيْءٌ أَوْ رُعَافٌ فَلْيَنْصَرِفْ وَلْيَتَوَضَّأْ وَلْيَبْنِ مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ

وَرَأَى ابْنُ حَبِيبٍ أَنَّ حَالَةَ الرُّجُوعِ إِقْبَالٌ عَلَى الصَّلَاةِ فَيَكُونُ الْكَلَامُ مُنَافِيًا لَهَا بِخِلَافِ الذَّهَابِ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ سَهَا وَالْمَأْمُومُ رَاجِعٌ فَوَجَدَ الْإِمَامَ قَدْ سَلَّمَ لَمْ يَلْزَمْهُ سَهْوُهُ قَالَهُ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ لَوْ أَبْطَلَ الْإِمَامُ صَلَاتَهُ عَمْدًا حَالَةَ خُرُوجِ الْمَأْمُومِ بَطَلَتْ عَلَيْهِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ وَلَوْ مَشى على عشب يَابِس بطلت صلَاته عِنْد سَحْنُونٍ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدُوسٍ وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَإِنْ كَانَ لَيْلًا فَلْيُدَلِّكْ نَعْلَهُ وَإِنْ كَانَ نَهَارًا فَلْيَنْظُرْ إِلَى أَسْفَلِهَا فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسَامَحَةِ فِي الرَّطْبِ إِذَا دُلِّكَ فضلا عَن العشب وَقد تقدم فِي الطَّهَارَة معنى العشب وَلم يفرق وَأَمَّا فِي الْجَوَاهِرِ فَقَدْ حُكِيَ فِي الْكَلَامِ سَهْوًا وَالْمَشْيُ عَلَى النَّجَاسَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ تَبْطُلُ مُطْلَقًا لَا تَبْطُلُ مُطْلَقًا التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الرُّجُوعِ فَتَبْطُلُ وَبَيْنَ الذَّهَابِ فَلَا تَبْطُلُ وَلَمْ يُعَيِّنْ لَا إِمَامًا وَلَا غَيْرَهُ وَكَذَلِكَ أَبُو الطَّاهِرِ تَفْرِيعٌ فَإِنْ آثَرَ الرَّاعِفُ ابْتِدَاءَ الصَّلَاةِ مِنْ أَوَّلِهَا فَلْيَأْتِ بِمَا يُنَافِيهَا لِئَلَّا يَكُونَ قَدْ زَادَ فِي الصَّلَاةِ مَا لَيْسَ مِنْهَا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ فَإِنِ ابْتَدَأَهَا وَلَمْ يَقْطَعْهَا فَسَدَتْ وَإِنْ آثَرَ التَّمَادِيَ حَيْثُ قُلْنَا لَهُ الْخُرُوجُ فَإِنْ وَقَفَ الدَّمُ فَتَلَهُ

عَلَى أَنَامِلِهِ فَإِنْ زَادَ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ يَفْتِلُهُ عَلَى أَرْبَعِ أَصَابِعٍ إِلَى الْأُنْمُلَةِ فَإِنْ وَصَلَ إِلَى الْوُسْطَى أَعَادَ صَلَاتَهُ احْتِيَاطًا قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِذَا زَادَ عَلَى الْأَنَامِلِ الْأُوَلِ وَابْتَلَّتِ الْأَصَابِعُ كُلُّهَا أَوْ جُلُّهَا لَا يُبَاحُ لَهُ الْبِنَاءُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ هَذَا التَّحْدِيدُ عَسِيرٌ بَلْ يُقَالُ مَا لَا يَزِيدُ على رُؤُوس الْأَنَامِلِ لَا يَجِبُ أَنْ يَنْصَرِفَ مِنْهُ لِأَنَّهَا حَالَةُ السَّلَفِ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَفْتِلَهُ بِإِبْهَامِهِ فَإِنْ عَسُرَ فَتْلُهُ وَجَبَ الِانْصِرَافُ فَإِنْ لَمْ يَنْصَرِفْ فَسَدَتِ الصَّلَاةُ قَالَ وَهَذَا الْفَتْلُ إِنَّمَا شُرِعَ فِي مَسْجِدٍ مُحْصِبٍ غَيْرِ مَفْرُوشٍ حَتَّى ينزل المفتول فِي ذَلِك الْحَصْبَاءِ أَمَّا الْمَفْرُوشُ فَيَخْرُجُ مِنْ أَوَّلِ مَا يَسِيلُ أَوْ يَقْطُرُ أَحْسَنُ لِأَنَّهُ يُنَجِّسُ الْمَوْضِعَ وَحَيْثُ قُلْنَا لَا يَخْرُجُ لِكَوْنِ الدَّمُ لَا يَنْقَطِعُ بِغَسْلٍ وَلَا غَيْرِهِ فَأَضَرَّ بِهِ الدَّمُ قَالَ صَاحب الطّراز قَالَ ملك يُوصي بِالصَّلَاةِ وَكَانَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ يَأْمُرُ بِذَلِكَ فِي هَذِه الْحَالة وَاخْتلف فِي تَفْسِيرِ الضَّرَرِ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ مَعْنَاهُ فِي جِسْمِهِ كَالْأَرْمَدِ إِذا سجد يتَضَرَّر رَأسه وَوَجهه وَكَذَلِكَ هَذَا وَلِأَنَّ الْمَوَادَّ تَنْصَبُّ إِلَى الْوَجْهِ وَالْأَنْفِ حَالَة الرُّكُوع وَالسُّجُود فتكثر الدِّمَاء فيضربه الاستفراغ وَقَالَ غَيره بل مَعْنَاهُ يتَضَرَّر بِالتَّلْوِيثِ كَمَا قُلْنَا فِي الطِّينِ الْخَضْخَاضِ يُصَلِّي فِيهِ إِيمَاءً لِيَسْلَمَ مِنَ التَّلْوِيثِ وَالدَّمُ أَقْبَحُ مِنَ الطِّينِ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَقْيَسُ فَإِنَّ الْعَجْزَ عَنْ إِزَالَةِ النَّجَاسَةِ لَا يُسْقِطُ وُجُوبَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ كَمَا قُلْنَا فِي الْعَجْزِ عَنِ السُّتْرَةِ فِي الْعُرَاةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الدَّمِ وَالطِّينِ أَنَّ الطين يدْخل فِي الْعَينَيْنِ وَالْأَنْفِ فَيَشْغَلُ عَنِ

الصَّلَاةَ وَإِذَا قُلْنَا بِالْإِيمَاءِ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُومِئ للرُّكُوع وَالسُّجُودِ وَيَقُومُ وَيَقْعُدُ وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْمَعُونَةِ يُومِئُ لِلسُّجُودِ وَيَأْتِي بِالْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ قَالَ وَهُوَ أطهر وَإِذا صلى بإيماء انْقَطع الدَّمُ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَقَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ قَالَ أَعَادَ عِنْدَ أَشْهَبَ قَالَ وَيَتَخَرَّجُ فِيهِ قَوْلٌ أَنَّهُ لَا يُعِيدُ الثَّالِثُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا رَعَفَ خَلْفَ الْإِمَامِ وَذَهَبَ لِغَسْلِ الدَّمِ يُصَلِّي فِي أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَذَلِكَ إِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ إِلَّا فِي الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إِلَى الْمَسْجِدِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ الرُّعَافُ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ فَيَقْتَصِرُ مِنْهُ عَلَى الضَّرُورَةِ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ يَقْتَضِي الرُّجُوعَ وَلَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي التَّشَهُّدِ لِأَجْلِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ الَّتِي الْتَزَمَهَا فِي صَلَاتِهِ وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ إِنْ رَجَا رَكْعَةً رَجَعَ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ نَافِلَةٌ زَائِدَةٌ عَلَى الصَّلَاةِ وَلَا ضَرُورَةَ إِلَيْهَا قَالَ فَلَوْ كَانَتْ صَلَاتُهُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ رَجَعَ إِلَيْهِ وَلَوْ سَلَّمَ الْإِمَامُ لِفَضِيلَةِ الْبُقْعَةَ عِنْدَ مَالِكٍ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ شَعْبَانَ لَا يَرْجِعُ فَإِنْ قَدَّرَ انْصِرَافَ الْإِمَامِ فَأَتَمَّ مَكَانَهُ وَتبين خَطؤُهُ قَالَ ابْن الْقَاسِم تجزيه لِأَنَّهُ عَمِلَ مَا يَجُوزُ لَهُ مِنَ الِاجْتِهَادِ وَلِذَلِكَ يَلْزَمُ إِذَا قَدَّرَ بَقَاءَهُ فَأَخْطَأَ تَنْبِيهٌ تعَارض هَهُنَا مَحْذُورَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ مُفَارَقَةَ الْإِمَامِ بَعْدَ الْتِزَامِ الصَّلَاةِ مَعَهُ لَا تَجُوزُ وَالثَّانِي الْحَرَكَاتُ إِلَى الْأَمَامِ فِعْلٌ زَائِدٌ فِي الصَّلَاةِ لَا يَجُوزُ وَلَا بُد

لِلرَّاعِفِ مِنْ أَحَدِهِمَا بَعْدَ مُفَارَقَةِ الْإِمَامِ فَيَحْتَاجُ إِلَى الْخُرُوج فَالْمَشْهُورُ مُرَاعَاةُ الْأَوَّلِ وَوُجُوبُ الرُّجُوعِ لِوُجُوهٍ أَحَدُهَا أَنَّ وُجُوبَ الِاقْتِدَاءِ رَاجِحٌ بِالِاسْتِصْحَابِ لِثُبُوتِهِ قَبْلَ الرُّعَافِ بِخِلَافِ الْآخَرِ وَثَانِيهَا أَنَّ الزِّيَادَةَ إِنَّمَا تَمْنَعُ وَتُفْسِدُ إِذَا كَانَتْ خَالِيَةً مِنَ الْقُرْبَةِ وَهَذِهِ وَسِيلَةٌ لِلْقُرْبَةِ فِي الِاقْتِدَاءِ فَتَكُونُ قُرْبَةً وَثَالِثُهَا أَنَّ هَذِهِ حَالَةُ ضَرُورَةٍ فَتُؤَثِّرُ فِي عَدَمِ اعْتِبَارِ الْحَرَكَاتِ وَلَا تُؤَثِّرُ فِي تَرْكِ الِاقْتِدَاءِ كَمَا فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ فَإِنَّ الرُّجُوعَ جَوَّزَتْهُ الزِّيَادَةُ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ بِطُولِ الِانْتِظَارِ لِأَجْلِ الِاقْتِدَاءِ الَّذِي لَمْ يَجِبْ فَكَيْفَ إِذَا وَجَبَ وَأَمَّا الْجُمُعَةُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إِلَى الْجَامِعِ وَلَوْ عَلِمَ انْصِرَافَ النَّاسِ عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ لِأَنَّ الْجَامِعَ مِنْ جُمْلَةِ شُرُوطِهَا فَلَا تَصِحُّ دُونَهُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ إِذَا انْصَرَفَ النَّاسُ أَتَمَّ الْجُمُعَةَ فِي أَدْنَى مَوْضِعٍ يُصَلِّي فِيهِ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ لَوْ صَلَّى ثُمَّ أَحْدَثَ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَلِأَنَّ الْمَسْجِدَ إِنَّمَا يَجِبُ عِنْدَ اسْتِكْمَالِ الشُّرُوطِ وَقَدْ فَاتَتِ الْجَمَاعَةُ وَالْإِمَامُ فَلَا يَجِبُ الْجَامِعُ وَلِأَنَّهُ لَوْ أَدْرَكَ أَحَدٌ ثَمَّةَ رَكْعَةً وَهُوَ مَسْبُوقٌ لَأَتَمَّهَا ثَمَّةَ مُنْفَرِدًا وَكَذَلِكَ الرَّاعِفُ وَابْنُ الْقَاسِمِ يَرَى أَنَّ الْأَصْلَ اسْتِقْلَالُ كُلِّ شَرْطٍ بِنَفْسِهِ وَأَنَّ صَلَاةَ الْمُنْفَرِدِ عَنِ الْجَامِعِ إِنَّمَا تَصِحُّ لأجل اتِّصَاله بالصفوف فَهِيَ ضَرُورَة منفية هَهُنَا وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْمَشْهُورِ فَحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ سَيْلٌ يُضِيفُ إِلَيْهَا أُخْرَى ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا وَهُوَ يَجْرِي عَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ نَسِيَ سَجْدَةً مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ لَا يَدْرِي مِنْ أَيَّتِهَا هِيَ فَيُضِيفُ إِلَيْهَا أُخْرَى مُرَاعَاةً لِقَوْلِ ابْنِ شَعْبَانَ وَيُعِيدُ أَرْبَعًا لِعَدَمِ شَرْطِ الْجُمُعَةِ وَهُوَ الْمَسْجِدُ فَإِنْ أَتَمَّ فِي الْجَامِعِ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ عَلَيْهِ سَجْدَتَيْ سَهْوٍ قَالَ مَالك اللَّتَان قَبْلَ السَّلَامِ لَا يَسْجُدْهُمَا إِلَّا فِي الْجَامِعِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنْ

سَجَدَهُمَا فِي غَيْرِهِ لَمْ يُجْزِيَاهُ لِأَنَّهُمَا مِنْ نَفْسِ الْجُمُعَةِ الرَّابِعُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا رَعَفَ فِي الْجُمُعَةِ بَعْدَ رَكْعَةٍ بِسَجْدَتَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ فَوجدَ الإِمَام جَالِسا جلس مَعَه وَسلم ثمَّ قضى لِأَنَّهُ مَأْمُوم بجب عَلَيْهِ الِاتِّبَاعُ وَالْقَضَاءُ لَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَإِذَا لَمْ يُتِمَّ الْأُولَى بِسَجْدَتَيْهَا وَلَمْ يَرْجِعْ حَتَّى فَرَغَ الْإِمَامُ ابْتَدَأَ ظُهْرًا أَرْبَعًا قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ أَصْحَابِنَا بِخِلَافِ غَيْرِ الْجُمُعَةِ لِأَنَّهُ لَوْ صَلَّى بِهَا جُمُعَةً لَصَلَّاهَا فَذًّا وَهُوَ لَا يَجُوزُ وَإِذَا قُلْنَا يَبْتَدِئُ الظُّهْرَ فَهَلْ يَسْتَأْنِفُ الْإِحْرَامَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ يَقْطَعُ عِنْدَ مَالِكٍ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِمَا بَعْدَ الْإِحْرَامِ فَلَا يُدْخِلُهُ فِي صَلَاتِهِ وَلَا يَقْطَعُ عِنْدَ سَحْنُونٍ مُطْلَقًا لِأَنَّ إِحْرَامَهُ قَدِ انْعَقَدَ عَلَى فَضْلِ الْجَمَاعَةِ وَهُوَ أَعْظَمُ مِنْ مُدْرِكِ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ مَعَ الْإِمَامِ وَسَبَقَ فِي غَيْرِهِ لَا سِيَّمَا قَدْ يَكُونُ قَدْ حَضَرَ الْقِرَاءَةَ أَوِ الرُّكُوعَ وَهَذِهِ قُرُبَاتٌ لَا يَنْبَغِي أَنْ تُهْمَلَ وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ حَزْمٍ الْإِجْمَاعَ فِي أَنَّ الْمَسْبُوقَ إِذَا لَمْ يَطْمَعْ فِي إِدْرَاكِ جَمَاعَةٍ أُخْرَى وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا التَّشَهُّدُ فَإِنَّهُ مَأْمُورٌ بِالدُّخُولِ مَعَ الْجَمَاعَةِ فِيهِ وَخَيَّرَهُ أَشْهَبُ لِتَعَارُضِ الْأَدِلَّةِ فَإِنْ فَارَقَهُ بَعْدَ رَكْعَةٍ فِي الْجُمُعَةِ فَلَمَّا عَادَ نَسِيَ أُمَّ الْقُرْآنِ حَتَّى رَكَعَ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ وَتُجْزِئُهُ وَقِيلَ يَبْتَدِئُ الْقِرَاءَةَ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ وَكَذَلِكَ الْخِلَافُ إِذَا ذَكَرَ بَعْدَ سَجْدَةٍ فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى فَرَغَ مِنْ تِلْكَ الرَّكْعَةِ أَجْزَأَهُ عِنْدَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ سَجْدَتَا السَّهْوِ وَيُلْغِي تِلْكَ الرَّكْعَةَ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ وَسَجْدَةٍ وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ وَيُعِيدُ ظُهْرًا أَرْبَعًا لِوُصُولِ السَّهْوِ نِصْفَ الصَّلَاةِ فَيَسْجُدُ رَجَاءَ الْإِجْزَاءِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى ذَلِكَ وَيُعِيدُ

ظُهْرًا لِأَنَّ الْجُمُعَةَ لَا تَصِحُّ مِنَ الْفَذِّ الْخَامِسُ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَا يَبْنِي عَلَى أقل من رَكْعَة ويلغي مَا هُوَ أَقَلُّ مِنْهَا وَلَوْ سَجْدَةً كَانَتِ الْأُولَى أَوْ غَيْرَهَا مُنْفَرِدًا كَانَ أَوْ مَأْمُومًا قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ فِيهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ يُلْغَى أَقَلُّ مِنَ الرَّكْعَةِ مُطْلَقًا وَلَا يَلْغِي شَيْئًا مُطْلَقًا إِلَّا فِي الْجُمُعَةِ وَقَالَ أَشْهَبُ الِابْتِدَاءُ أَحَبُّ إِلَيَّ وَإِنْ بَنَى أَجْزَأَهُ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ إِنْ رَأَى أَنَّ الْأَقَلَّ مِنَ الرَّكْعَةِ فِي الْأُولَى أَلْغَاهُ وَإِنْ كَانَ فِي الثَّانِيَةِ بَنَى عَلَيْهِ وَجْهُ الْمَذْهَبِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ وَقِيَاسًا عَلَى أَرْبَابِ الْأَعْذَارِ فِي أَوَاخِرِ الْأَوْقَاتِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ وَجْهُ الثَّانِي أَنَّ الرُّعَافَ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَيَبْنِي فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَامْتَنَعَ فِي الْجُمُعَةِ لِفَوَاتِ الْجَمَاعَةِ وَالْإِمَامِ اللَّذَيْنِ هُمَا شَرْطٌ وَجْهُ التَّخْيِيرِ تَعَارَضُ الْأَدِلَّةِ وَجْهُ الْفَرْقِ الْقِيَاسُ عَلَى النَّاعِسِ مَعَ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ يَبْنِي وَيَلْحَقُ الْإِمَامَ فِي الثَّانِيَةِ بِخِلَافِ الْأُولَى فَإِنَّهُ يُلْغِيهَا وَالْفَرْقُ الْمَشْهُورُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاعِسِ أَنَّ مُنَافَاةَ الرُّعَافِ لِلصَّلَاةِ أَشَدُّ مِنَ النُّعَاسِ فَإِنَّهُ فِيهِ مُفَارَقَةُ الْمَكَانِ وَالْهَيْئَةِ وَإِذَا قُلْنَا يَبْنِي عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فَرَعَفَ وَهُوَ رَاكِعٌ أَوْ سَاجِدٌ رَفَعَ وَخَرَجَ لِغَسْلِ الدَّمِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُجْزِئُهُ هَذَا الرَّفْعُ وَلَا يَعُودُ إِلَى رُكُوعِهِ وَلَا سُجُودِهِ قَاعِدَةٌ الْمُوَالَاةُ شَرْطٌ فِي الصَّلَاةِ بِالْإِجْمَاعِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ رَكَعَاتِهَا وَلَا بَيْنَ أَجْزَاءِ رَكَعَاتِهَا فَمَنْ لَاحَظَ أَنَّ الرُّعَافَ مُخِلٌّ بِهَا سَوَّى بَيْنَ الرَّكَعَاتِ وَأَجْزَائِهَا لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ وَمَنْ لَاحَظَ أَنَّ الرَّكْعَةَ الْوَاحِدَةَ كَالْعِبَادَةِ الْمُسْتَقِلَّةِ

وَالصَّلَاةِ الْمُنْفَرِدَةِ لِأَنَّ الشَّرْعَ قَدْ خَصَّصَهَا بِأَحْكَامٍ إِدْرَاكُ الْأَوْقَاتِ وَفَضِيلَةُ الْجَمَاعَاتِ وَالْجِهَاتِ وَتَحْصِيلُ الْأَدَاءِ بِإِدْرَاكِهَا دُونَ الْقَضَاءِ فَصَارَتْ أَوْلَى بِالْمُوَالَاةِ فِي نَفْسِهَا مِنْ جُمْلَةِ الصَّلَاةِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ إِهْمَالِ الْمُوَالَاةِ فِي جُمْلَةِ الصَّلَاةِ إِهْمَالُهَا فِي الرَّكْعَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ السَّادِسُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا فَارَقَ الْإِمَامُ بَعْدَ التَّشَهُّدِ وَقَبْلَ السَّلَامِ فَإِنْ رَجَعَ وَوَجَدَ الْإِمَامَ انْصَرَفَ قَعَدَ وَتَشَهَّدَ وَسَلَّمَ وَإِنْ رَعَفَ بَعْدَ مَا سَلَّمَ الْإِمَامُ سلم وأجزت عَنْهُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ مَعْنَاهُ يَرْجِعُ إِلَى طَمَعٍ فِي إِدْرَاكِ الْإِمَامِ وَالْخِلَافُ مَعَ ابْنِ شَعْبَانَ عَلَى مَا مَرَّ إِنْ كَانَ فِي جُمْعَةٍ أَوْ فِي الْحَرَمَيْنِ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِذَا رَعَفَ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ لَا يُسَلِّمُ حَتَّى يَغْسِلَ الدَّمَ إِنْ كَانَ كَثِيرًا لِأَنَّ السَّلَامَ رُكْنٌ حُجَّةُ الْمَذْهَبِ أَنَّ وُقُوعَ السَّلَامِ مَعَ الرُّعَافِ أَخَفُّ مِنَ الْعَمَلِ الْكَثِيرِ فِي الصَّلَاةِ لِإِزَالَةِ الدَّمِ قَالَ فِي الْكِتَابِ وَلَوْ فَارَقَهُ بَعْدَ سَجْدَةٍ مِنَ الْأُولَى فَوَجَدَهُ فِي رُكُوعِ الثَّانِيَةِ لَا يُضِيفُ سَجْدَةً لِتِلْكَ السَّجْدَةِ وَيُلْغِيهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ يَتَخَرَّجُ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ فِيمَنْ أَدْرَكَ الثَّانِيَةَ مِنَ الْجُمُعَةِ وَذَكَرَ بَعْدَ سَلَامِ الإِمَام أَنه نسي سَجْدَة أَنه يسْجد وتجزيه جُمْعَتُهُ أَنَّهُ يَأْتِي بِالسَّجْدَةِ وَتُجْزِئُهُ الْأُولَى قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الرَّاعِفَ عَقَدَ الْإِمَامُ عَلَيْهِ رَكْعَةً فَلَيْسَ لَهُ الْبِنَاءُ وَالنَّاعِسُ بِخِلَافِ السَّاهِي عَنْ سَجْدَةٍ حَتَّى سَلَّمَ الْإِمَامُ فَإِنَّ السَّلَامَ عِنْدَ أَشْهَبَ لَيْسَ فِي حُكْمِ عَقْدِ رَكْعَةٍ وَوَافَقَهُ الْمَازِرِيُّ عَلَى الْإِنْكَارِ السَّابِعُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا فَارَقَهُ بَعْدَ رَكْعَةٍ مِنَ الظُّهْرِ وَعَادَ إِلَيْهِ فِي الرَّابِعَةِ يَتْبَعُهُ فِيهَا وَلَا يَقْضِي مَا فَاتَهُ حَتَّى يَفْرُغَ الْإِمَامُ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْمُخَالَفَةِ وَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ قَالَ صَاحب الطّراز

قَوْلُهُ يَقْضِي مَا فَاتَهُ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَضَاءٌ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَقْرَأُ فِي الْأُولَى بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَيَقُومُ فِي الثَّانِيَةِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَحْدَهَا وَلَا يَجْلِسُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الْأُولَى ثَالِثَةُ إِمَامِهِ وَيَكُونُ بَانِيًا فِي الْفِعْلِ قَاضِيًا فِي القَوْل فيجتمع الْقَضَاء وَالْبناء هَا هُنَا فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ إِحْدَاهَا تَفُوتُهُ الْأُولَى وَيُصَلِّي الثَّانِيَةَ وَتَفُوتُهُ بَقِيَّةُ الصَّلَاةِ فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ يَبْدَأُ بِالْبِنَاءِ فَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَيَجْعَلُهَا ثَانِيَةً ثُمَّ يَأْتِي بِأُخْرَى بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَيَجْلِسُ كَمَا كَانَ يَفْعَلُ مَعَ إِمَامِهِ ثُمَّ رَكْعَةُ الْقَضَاءِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ وَعِنْدَ سَحْنُونٍ يَبْدَأُ بِالْقَضَاءِ يَأْتِي بِالْأُولَى بِالْحَمْدِ وَسُورَةٍ وَيَجْلِسُ ثُمَّ بِالرَّابِعَةِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَيَقُومُ ثُمَّ بِرَكْعَةِ الْقَضَاءِ وَنَظِيرُهُ مُقِيمٌ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ وَهَكَذَا يَفْعَلُ عِنْدَهُ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ تَصِيرُ صَلَاتُهُ كُلُّهَا جُلُوسًا وَالْبِنَاءُ أَرْجَحُ لِأَنَّ حُكْمَ الْأُولَى فِي الْمَسْبُوقِ أَنْ تُؤَخَّرَ إِلَى بَعْدِ الْفَرَاغِ وَثَانِيهَا تَفُوتُهُ الْأُولَى وَيُصَلِّي الْوُسْطَيَيْنِ وَمَنْ رَعَفَ فِي الرَّابِعَةِ فَصَلَّى قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ يَبْدَأُ بِالرَّابِعَةِ وَتَكُونُ ثَالِثَةً وَيَجْلِسُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيَقُومُ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ وَعَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ يَقْضِي الْأُولَى بِالْحَمْدِ وَسُورَةٍ وَثَالِثُهَا تَفُوتُهُ الْأُولَيَانِ وَيُصَلِّي الثَّالِثَةَ وَتَفُوتُهُ الرَّابِعَةُ فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ بِالْحَمْدِ وَسُورَةٍ وَهِيَ ثَانِيَةٌ لَهُ فَيَجْلِسُ وَيَأْتِي بِرَكْعَتَيْنِ متواليتين بِالْحَمْد لِلَّهِ وَسُورَةٍ وَعِنْدَ سَحْنُونٍ يَأْتِي بِالْأُولَيَيْنِ قَبْلَ الرَّابِعَةِ وَيَجْلِسُ بَيْنَهُمَا كَمَنْ فَاتَتْهُ رَكْعَةٌ مِنَ

الْمَغْرِبِ الثَّامِنُ إِنْ فَاتَتْهُ الْأُولَى وَأَدْرَكَ الثَّانِيَةَ وَرَعَفَ فِي الثَّالِثَةِ وَأَدْرَكَ الرَّابِعَةَ قَالَ سَحْنُونٌ يَأْتِي بِالَّتِي سَبَقَهُ بِهَا ثُمَّ بِالَّتِي رَعَفَ فِيهَا وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَبْتَدِئُ بِالَّتِي رَعَفَ فِيهَا وَهَلْ يَجْلِسُ لَهُمَا يَأْتِي عَلَى حُكْمِ مَا تَقَدَّمَ التَّاسِعُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ اخْتُلِفَ فِي الرَّاعِفِ فِي صَلَاةِ الْجَنَازَةِ وَالْعِيدِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ يَرْجِعُ بَعْدَ الْغَسْلِ إِلَى مَوْضِعِ الصَّلَاةِ لِأَنَّ ذَلِكَ الْمَكَانَ مِنْ سُنَنِهَا وَلَوْ أَتَمَّ فِي بَيْتِهِ أَجَزَأَهُ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ خَافَ فَوَاتَهَا لَمْ يَنْصَرِفْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَبَّرَ عَلَى الْجِنَازَةِ شَيْئًا وَلَا صَلَّى رَكْعَةً مِنَ الْعِيدَيْنِ الْعَاشِرُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا قَاءَ عَامِدًا أَوْ غَيْرَ عَامِدٍ اسْتَأْنَفَ الصَّلَاةَ بِخِلَافِ الرُّعَافِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ الْقَيْءُ النَّجِسُ الْخَارِجُ عَنْ صِفَةِ الطَّعَامِ يُبْطِلُ الصَّلَاةَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْهُ وَالطَّاهِرُ يَتَعَلَّقُ بِالْمُتَعَمَّدِ وَغَيْرِهِ كَمَا بَيَّنَ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ إِنْ تَقَيَّأَ بَلْغَمًا أَوْ قَلْسًا فَأَلْقَاهُ تَمَادَى وَإِنِ ابْتَلَعَ الْقَلَسَ بَعْدَ ظُهُورِهِ عَلَى لِسَانِهِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَإِنْ كَانَ سَهْوًا بَنَى وَسَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَلَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ الْقَيْءُ النَّجِسُ هَلْ يَغْسِلُهُ عَنْهُ وَيَبْنِي فَعِنْدَ أَشْهَبَ يَبْنِي فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ مِنَ النَّجَاسَاتِ وَعِنْدَ ابْنِ شِهَابٍ يَبْنِي فِي الْقَيْءِ وَالرُّعَافِ خَاصَّةً وَإِنْ كَانَا عِنْدَهُ مُوجِبَيْنِ لِلْوُضُوءِ وَالْبِنَاءِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الرُّعَافِ وَالْقَيْءِ عِنْدَنَا أَنَّ الْقَيْءَ فِيهِ تَفْرِيطٌ بِسَبَبِ أَنَّ أَسْبَابَهُ تَتَقَدَّمُ بِحَسِّ الْغَثَيَانِ وَغَيْرِهِ بِخِلَافِ الرُّعَافِ الْحَادِيَ عَشَرَ إِذَا ظَنَّ أَنَّهُ رَعَفَ فَخَرَجَ ثُمَّ تَبَيَّنَ عَدَمُ الرُّعَافِ فَعِنْدَ مَالِكٍ لَا يَبْنِي لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ وَعِنْدَ سَحْنُونٍ يَبْنِي لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا يَجُوزُ لَهُ قَالَهُ صَاحِبُ الطَّرَّازِ الثَّانِيَ عَشَرَ قَالَ لَوِ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ بِالتَّيَمُّمِ ثُمَّ صَبَّ الْمَطَرَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ ثُمَّ رَعَفَ غَسَلَ عَنْهُ الدَّمَ وَلَمْ يُبْطِلْ صَلَاتَهُ فَإِنْ أَحَبَّ قَطَعَ صَلَاتَهُ بِالرُّعَافِ فَتَكَلَّمَ وَلَوْ وَجَدَ مِنَ الْمَاءِ قَدْرَ مَا يَغْسِلُ بِهِ الدَّمَ فَقَطْ فَهَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ لِأَنَّ تَيَمُّمَهُ لَمْ يَبْطُلْ بِصَلَاتِهِ بِسَبَبِ اشْتِغَالِهِ بِالْغَسْلِ أَوْ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ اخْتِبَارُ

الْمَاءِ هَلْ يَكْفِيهِ أَمْ لَا فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِالطَّلَبِ أَو لَا تبطل وَهُوَ مَذْهَب الشَّافِعِي الثَّالِثَ عَشَرَ قَالَ اتَّفَقَ أَصْحَابُنَا أَنَّ الْمَأْمُومَ يَبْنِي فِي الرُّعَافِ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ وَكَذَلِكَ الْإِمَامُ لِأَنَّهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَهُوَ مُحْتَاجٌ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْفَذِّ فَأَجَازَ مَالِكٌ لَهُ الْبِنَاءَ وَمُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ لِأَنَّهُ مَعْنَى لَا يَمْنَعُ الْبِنَاءَ فَيَسْتَوِي فِيهِ الْمُصَلُّونَ كَالسَّلَامِ مِنِ اثْنَتَيْنِ وَلِأَنَّهُ مُحْتَاجٌ لِتَحْصِيلِ فَضِيلَةِ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَمَنَعَهُ ابْنُ حَبِيبٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ سَبَبَ الرُّخْصَةِ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ فَقَطْ وَأَمَّا الثَّوْبُ فَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا كَانَ طَرَفُ عِمَامَتِهِ عَلَى نَجَاسَةٍ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ إِنْ كَانَ يَتَحَرَّكُ بِحَرَكَتِهِ فَهُوَ مُصَلٍّ بِالنَّجَاسَةِ وَإِلَّا فَلَا وَفِي السُّلَيْمَانِيَّةِ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَإِنْ كَانَتِ الْعِمَامَةُ طَوِيلَةً نَظَرًا لِلِاتِّصَالِ وَيَجِبُ صَوْنُ الثِّيَابِ وَمَا يُلَابِسُهَا عَنِ النَّجَاسَاتِ صَوْنًا لِلْعِبَادَاتِ عَنْ دَنِيءِ الْهَيْئَاتِ وَقَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا قُطِّرَ عَلَى الْإِمَامِ نَجَاسَةٌ فِي الصَّلَاةِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ غَيْرُ ذَلِكَ الثَّوْبِ وَلَا مَعَهُ غَيْرُهُ تَمَادَى عَلَى صَلَاتِهِ وَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَإِنْ وَجَدَ غَيْرَهُ خَرَجَ وَاسْتَخْلَفَ فَإِنْ كَانَ فَذًّا قَطَعَ وَابْتَدَأَ بِالثَّوْبِ الطَّاهِرِ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ سِوَاهُ فَالْقِيَاسُ الِاسْتِخْلَافُ لِلْإِمَامِ وَالْقَطْعُ لِلْفَذِّ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْقَطْعَ أَحَبُّ إِلَيْهِ لِأَنَّ عُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ طَرَحَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يُصَلِّي سَلَا الْجَزُورِ وَغَسَلَتْهُ فَاطِمَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَتَمَادَى عَلَى صَلَاتِهِ وَرُوِيَ أَنَّهُ فَرْثٌ وَدَمٌ وَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّهُ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ وَقَبْلَ تَحْرِيمِ ذَبَائِحِ الْمُشْرِكِينَ وَالسَّلَا وِعَاءُ الْوَلَدِ فَهُوَ كَلَحْمِ النَّاقَةِ الْمُذَكَّاةِ وَكَذَلِكَ الْفَرْثُ طَاهِرٌ عِنْدَنَا وَلَعَلَّ الدَّمَ الَّذِي كَانَ فِيهِ يَسِيرٌ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِذَا قُلْنَا لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ بِالْعِمَامَةِ الْمُتَّصِلَةِ

بِالنَّجَاسَةِ فَمَنْ صَلَّى وَمَعَهُ حَبْلٌ طَرَفُهُ مَرْبُوطٌ بِمَيْتَةٍ فَإِنْ كَانَ الْحَبْلُ تَحْتَ قَدَمَيْهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَالْبِسَاطِ وَإِنْ كَانَ مَشْدُودًا بِهِ وَلم تُجْزِهِ وَهُوَ قَوْلُ (ش) وَلَوْ كَانَ مَرْبُوطًا فِي أُذُنِ دَنِّ خَمْرٍ وَالْأُذُنُ طَاهِرَةٌ لَمْ يَنْفَعهُ ذَلِك لِأَن الْأذن مُتَّصِل بِالنَّجَاسَةِ لَو كَانَ مَرْبُوطًا بِقَارِبٍ فِيهِ النَّجَاسَةُ أَوْ جِرَارُ خَمْرٍ أَوِ الْقَارِبُ فِي مَاءٍ نَجِسٍ فَإِنْ كَانَ الرِّبَاطُ فِي مَوْضِعٍ نَجِسٍ لَمْ يُجْزِهِ وَإِنْ كَانَ مُتَّصِلًا بِمَوْضِعٍ طَاهِرٍ فَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَوْ مَشَى عَلَى جَنْبِ النَّهْرِ لَتَحَرَّكَ الْقَارِبُ بِمَا فِيهِ مِنَ النَّجَاسَةِ كَدَنِّ الْخَمْرِ أَوِ الْمَيْتَةِ أَوْ يُقَالُ إِنَّمَا مَسَكَ الْقَارِبَ وَالنَّجَاسَةُ جَاوَرَتْهُ فَهُوَ كَمَا لَوْ رَبَطَهُ فِي دَابَّة واقفة على شَيْء نجس وللشافعية هَهُنَا قَوْلَانِ فَإِنْ قُلْنَا فِي الدَّابَّةِ لَا تُجْزِيهِ وَكَانَ مَشْدُودًا فِي رَأْسِ دَابَّةٍ وَعَلَيْهَا رَحْلٌ نجس فَيظْهر هَهُنَا أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الدَّابَّةَ لَهَا فِعْلٌ وَهِيَ الَّتِي تُعَدُّ حَامِلَةً لِلنَّجَاسَةِ بِخِلَافِ الْقَارِبِ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْعُودِ الْمُتَنَجِّسِ وَلِهَذَا تُؤَثِّرُ النَّجَاسَةُ الَّتِي تَقُومُ فِيهَا بِخِلَافِ النَّجَاسَةِ الَّتِي تَقِفُ عَلَيْهَا الدَّابَّةُ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِنْ صَلَّى وَمَعَهُ لَحْمُ مَيْتَةٍ أَوْ عَظْمُهَا أَعَادَ فِي الْوَقْتِ وَكَذَلِكَ جِلْدُهَا إِذَا دُبِغَ وَلَا يُصَلَّى عَلَى جِلْدِ حِمَارٍ وَإِنْ ذُكِّيَ وَتَوَقَّفَ فِي الْكَيْمَخْتِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ صَلَّى بِلَحْمِهَا نَاسِيًا وَبِجِلْدِهَا الْمَدْبُوغِ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا وَتَوَقَّفَ فِي الْكَيْمَخْتِ لِأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ فِي سُيُوفِ الصَّحَابَةِ وَهُمْ يُصَلُّونَ بِهَا فَائِدَةٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ الْكَيْمَخْتِ بِفَتْحِ الْكَافِ بَعْدَهَا يَاءٌ بِاثْنَتَيْنِ مِنْ تَحْتِهَا سَاكِنَةٌ

وَفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَآخِرُهُ تَاءٌ بِاثْنَتَيْنِ فَوْقَهَا وَهُوَ جِلْدُ الْفَرَسِ وَشَبَهُهُ غَيْرُ مُذَكَّى فَارِسِيٌّ اسْتُعْمِلَ وَأَمَّا الْمَكَانُ فَلْيَكُنْ كُلُّ مَا يَمَاسُّهُ عِنْدَ الْقِيَامِ وَالسُّجُودِ وَالْجُلُوسِ طَاهِرًا وَأَمَّا مَا لَا يُلَابِسُهُ فَلَا يَضُرُّهُ كَمَا قَالَ فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى طرف حَصِير بطرفه الآخر نَجَاسَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذَا كَانَ مَوْضِعُ قَدَمَيْهِ طَاهِرًا صَحَّتِ الصَّلَاةُ وَلَوْ كَانَ مَوْضِعُ رُكْبَتَيْهِ نَجِسًا وَفِي الْجَبْهَةِ عَنْهُ رِوَايَتَانِ بِنَاءً مِنْهُ عَلَى أَنَّ الرُّكْبَتَيْنِ وَالْيَدَيْنِ لَا يَجِبُ السُّجُودُ عَلَيْهِمَا وَإِنَّمَا يَجِبُ عِنْدَ تَطْهِيرِ مَا يَجِبُ السُّجُودُ عَلَيْهِ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ الثَّوْبُ النَّجِسُ الزَّائِدُ الَّذِي لَا يَجِبُ لُبْسُهُ مَعَ فَسَادِ الصَّلَاةِ بِهِ فَائِدَةٌ قَالَ صَاحِبُ التَّلْقِينِ الْجَسَدُ يَجِبُ تَطْهِيرُهُ وَأَمَّا الثَّوْبُ فَلَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ فَرْضٌ إِلَّا فِي تَرْكِ النَّجِسِ مِنْهُ أَوْ وُجُوبِ الْإِزَالَةِ إِنِ اخْتَارَهُ أَوْ وَجَبَ لُبْسُهُ يُرِيدُ أَنَّ الْجَسَدَ إِذَا كَانَ نَجِسًا تَوَجَّهَ الْخِطَابُ بِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ عَنْهُ لِتَعَذُّرِ فِعْلِ الصَّلَاةِ بِدُونِهِ وَأَمَّا الثَّوْبُ فَلَا يَجِبُ تَطْهِيرُهُ لِحُصُولِ مَقْصُودِ الشَّرْعِ بِالتَّرْكِ فَإِنِ اخْتَارَهُ الْمُكَلَّفُ لِسُتْرَتِهِ أَوْ وَجَبَ لُبْسُهُ لِعَدَمِ غَيْرِهِ صَارَ كَالْجَسَدِ تَجِبُ إِزَالَةُ النَّجَاسَةِ عَنْهُ وَهَذَا بِعَيْنِهِ يَتَّجِهُ فِي الْمَكَانِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَوْ صَلَّى عَلَى حَصِيرٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَنْتَقِلُ وَطَرَفُهُ مُتَّصِلٌ بِنَجَاسَةٍ فَفِي تَنْزِيلِهِ مَنْزِلَةَ الْمُتَّصِلِ بِجَسَدِهِ قَوْلَانِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ قَالَ وَاخْتَارَ عَبْدُ الْحَقِّ أَنَّهُ لَا يَتَنَزَّلُ

وَهَذَا خِلَافُ مَا فِي الْكِتَابِ كَمَا تَقَدَّمَ وَالَّذِي رَأَيْتُهُ لِعَبْدِ الْحَقِّ خِلَافَ هَذَا وَهُوَ أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ مَسْأَلَةَ الْكِتَابِ فِي الْحَصِيرِ وَبَيَّنَهَا قَالَ وَإِنْ كَانَ يَتَحَرَّكُ مَوْضِعُ النَّجَاسَةِ فَالْمُخْتَارُ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ شُيُوخِنَا أَنَّهُ لَا يَضُرُّ وَمِنْهُمْ مَنْ رَاعَى تَحْرِيكَ مَوْضِعِ النَّجَاسَةِ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ وَقَوْلُنَا يَتَحَرَّكُ بِحَرَكَةِ الْمُصَلِّي مُبَايِنٌ لِقَوْلِنَا هُوَ مِمَّا يَتَنَقَّلُ وَلَا يَحْسُنُ تَمْثِيلُهُ بِالْحَصِيرِ فَإِنَّهُ يَتَنَقَّلُ وَلَا يَتَحَرَّكُ بِحَرَكَةِ الْمُصَلِّي وَيَلْحَقُ بِالْمَكَانِ النَّجِسِ مَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِيهِ وَهُوَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ مَوْضِعًا أَحَدُهَا قَالَ فِي الْكِتَابِ لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ وَأَمَامُهُ جِدَارُ مِرْحَاضٍ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ طَاهِرًا لَا رَشْحَ فِيهِ فَلَا يُخْتَلَفُ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَتْ مَكْرُوهَةً ابْتِدَاءً لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى أَحْسَنِ الْهَيْأَتِ مُسْتَقْبِلًا أَفْضَلَ الْجِهَاتِ لِأَنَّهُ يُنَاجِي اللَّهَ تَعَالَى وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ إِذَا كَانَ أَمَامَهُ مَجْنُونٌ لَا يَتَطَهَّرُ أَوْ صَبِيٌّ أَوِ امْرَأَةٌ فَلْيَتَنَحَّ عَنْهُمْ وَكَذَلِكَ الْكَافِرُ فَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ يُرْشَحُ فَيُخْتَلَفُ فِيهِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ بِغَيْرِ إِعَادَةٍ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ مَنْ تَعَمَّدَ الصَّلَاةَ إِلَى نَجَاسَةٍ أَمَامَهُ أَعَادَ إِلَّا أَنْ تَبْعُدَ جِدًّا وَيُوَارِيهَا عَنْهُ بِشَيْءٍ فَقَاسَ الْمُصَلَّى إِلَيْهِ عَلَى الْمُصَلَّى عَلَيْهِ وَنَحْنُ نَقِيسُهَا عَلَى مَا عَلَى يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ أَوْ خَلْفِهِ وَثَانِيهَا الثَّلْجُ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ عَلَى الثَّلْجِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ يُكْرَهُ لِفَرْطِ بُرُودَتِهِ الْمَانِعَةِ مِنَ التَّمَكُّنِ مِنَ السُّجُود كالمكان الْحَرج وَثَالِثُهَا الْمَقْبَرَةُ قَالَ فِي

الْكِتَابِ لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ إِلَى الْقَبْرِ وَفِي الْمَقْبَرَةِ وَبَلَغَنِي أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَمَنَعَ ابْنُ حَنْبَلٍ مِنَ الصَّلَاةِ إِلَى الْقَبْرِ وَفِي الْمَقْبَرَةِ وَالْمَقْبَرَةُ تَنْقَسِمُ إِلَى مَقْبَرَةِ الْكُفَّارِ وَالْمُسْلِمِينَ وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَإِمَّا أَنْ يَتَيَقَّنَ نَبْشُهَا أَوْ عَدَمُهُ أَوْ يَشُكَّ فِي ذَلِكَ فَهَذِهِ سِتَّةُ أَقْسَامٍ مَنَعَ أَحْمَدُ وَالشَّافِعِيُّ جَمِيعَ ذَلِكَ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ أَحْمَدَ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ فَمَرَّةٌ حَمَلَ النَّهْيَ عَلَى التَّعَبُّدِ لَا عَلَى النَّجَاسَةِ فَحَكَمَ بِالصِّحَّةِ وَفَرَّقَ ابْنُ حَبِيبٍ بَيْنَ قُبُورِ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكين فَمنع من قُبُورِ الْمُشْرِكِينَ لِأَنَّهُ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النَّارِ وَقَالَ يُعِيدُ فِي الْعَامِرَةِ أَبَدًا فِي الْعَمْدِ وَالْجَهْلِ لِبَقَاءِ نَبْشِهَا النَّجِسِ وَلَا يُعِيدُ فِي الداثرة لذهاب نبشها وَبَين قُبُور الْمُسلمين فَلم يمْنَع كَانَت داثرة أَوْ عَامِرَةً قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ عَلَى أَنَّ الْمَقْبَرَةَ لَمْ تُنْبَشْ أَمَّا الْمَنْبُوشَةُ الَّتِي يَخْرُجُ مِنْهَا صَدِيدُ الْأَمْوَاتِ وَمَا فِي أَمْعَائِهِمْ فَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَيْهِ مَالِكٌ حجتنا أَن مَسْجده عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ مَقْبرَة للْمُشْرِكين فنبشها عَلَيْهِ السَّلَام وَجَعَلَ مَسْجِدَهُ مَوْضِعَهَا وَلِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَلَّى عَلَى قُبُورِ الشُّهَدَاءِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى تَعَارُضِ الْأَصْلِ وَالْغَالِبِ فَرَجَّحَ مَالِكٌ الْأَصْلَ وَغَيْرُهُ الْغَالِبَ حُجَّةُ الْمُخَالِفِ مَا فِي التِّرْمِذِيِّ نَهَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ يُصَلَّى فِي سَبْعَةِ مَوَاضِعَ فِي المزيلة وَالْمَجْزَرَةِ وَالْمَقْبَرَةِ وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ وَمَعَاطِنِ الْإِبِلِ وَفِي الْحمام وَفَوق ظهر بَيت الله عز وَجل وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام لَا تَجْلِسُوا عَلَى الْقُبُورِ وَلَا تُصَلُّوا إِلَيْهَا رَابِعُهَا الْحَمَّامُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا كَانَ

مَوْضِعُهُ طَاهِرًا فَلَا بَأْسَ بِهِ وَكَرِهَهُ الشَّافِعِيُّ وَالْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ وَمَنَعَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ مَعَ سَطْحِهِ وَجْهُ الْمَذْهَبِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي مُسلم وَجعلت لي الأَرْض مَسْجِدا وترابها طَهُورًا حُجَّةُ الْكَرَاهَةِ الْحَدِيثُ السَّابِقُ وَلِأَنَّهُ مَوْضِعُ النَّجَاسَاتِ وَكَشْفُ الْعَوْرَاتِ خَامِسُهَا أَعْطَانُ الْإِبِلِ أَجَازَ فِي الْكِتَابِ الصَّلَاةَ فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ وَقَالَ لَا خَيْرَ فِي مَعَاطِنِ الْإِبِلِ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ لَا يُصَلَّى فِيهَا وَلَوْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا وَلَوْ بَسَطَ عَلَيْهَا ثَوْبًا وَفِي مُسْلِمٍ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ أُصَلِّي فِي مرابض الْغنم قَالَ نَعَمْ فَقَالَ أُصَلِّي فِي مَبَارِكِ الْإِبِلِ قَالَ لَا وَفِي أبي دَاوُد صَلُّوا فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ فَإِنَّهَا بَرَكَةٌ وَلَا تُصَلُّوا فِي مَبَارِكِ الْإِبِلَ فَإِنَّهَا مِنَ الشَّيَاطِينِ وَاخْتُلِفَ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا عَلَى سِتَّةِ مَذَاهِبَ فَقيل لِأَنَّ أَهْلَهَا يَسْتَتِرُونَ بِهَا لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ وَهُوَ مَذْهَب ابْن الْقَاسِم وَابْن وهب وَابْن حبيب وَقيل لنفارها وَقيل لِكَثْرَة ترابها ووسخها فتمنع من تَمام السُّجُود ومراح الْغنم نظيف وَقيل لِأَنَّهَا تَقْصِدُ السُّهُولَ فَتَجْتَمِعُ النَّجَاسَةُ فِيهَا وَالْغَنَمُ تَقْصِدُ الْأَرْضَ الصُّلْبَةَ وَقِيلَ لِسُوءِ رَائِحَتِهَا وَالصَّلَاةُ مَأْمُور فِيهَا

بِحُسْنِ الرَّائِحَةِ وَلِذَلِكَ تُبَخَّرُ الْمَسَاجِدُ وَقِيلَ لِأَنَّهَا خُلِقَتْ مِنَ الشَّيَاطِينِ وَالصَّلَاةُ يَبْعُدُ بِهَا عَنْ مَوَاضِعِهِمْ فَرْعٌ مَنْ صَلَّى فِيهَا قَالَ أَصْبَغُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَقَالَ ابْنُ حبيب يُعِيد أبدا فِي الْجَهْل والعمد وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى تَعَارُضِ الْأَصْلِ وَالْغَالِبِ فَائِدَةٌ رَبَضُ الْبَطْنِ مَا يَلِي الْأَرْضَ مِنَ الْبَعِيرِ وَالشَّاةِ وَجَمْعُهُ أَرْبَاضٍ وَالْمَرْبِضُ مَوْضِعُ الرَّبْضِ وَجَمْعُهُ مَرَابِضُ وَالشَّاةُ فِي الْمَرْبِضِ تُسَمَّى رَبِيضًا وَالْعَطَنُ بِفَتْح الطَّاء والمعطن بِكَسْرِهَا وَاحِدُ الْأَعْطَانِ وَالْمَعَاطِنِ وَهِيَ مَبَارِكُ الْإِبِلِ عِنْدَ الْمَاءِ لِتَشْرَبَ عَلَلًا وَهُوَ الشُّرْبُ الثَّانِي بَعْدَ نَهَلٍ وَهُوَ الشُّرْبُ الْأَوَّلُ وَعَطِنَتِ الْإِبِلُ بِالْفَتْحِ تَعْطُنُ بِضَمِّ الطَّاءِ وَكَسْرِهَا عُطُونًا إِذَا رَوِيَتْ ثُمَّ بَرَكَتْ فَهِيَ إِبِلٌ عَاطِنَةٌ وَعَوَاطِنُ وَعَطَنُ الْجِلْدِ تَخْلِيَتُهُ فِي فَرْثٍ وَمِلْحٍ حَتَّى يَنْتَثِرَ صُوفُهُ وَفُلَانٌ وَاسِعُ الْعَطَنِ أَيْ رَحْبُ الذِّرَاعِ سَادِسُهَا الْكَنَائِسُ كَرِهَ فِي الْكِتَابِ الصَّلَاةَ فِيهَا لنجاستها بأقدامهم وَمَا يدخلونه فِيهَا وللصور وَقَالَ الْحَسَنُ لِأَنَّهَا بُنِيَتْ عَلَى غَيْرِ التَّقْوَى وَقِيلَ لِأَنَّهَا مَأْوَى الشَّيَاطِينِ وَقَدْ خَرَجَ عَلَيْهِ السَّلَامُ من الْوَادي لِأَنَّ بِهِ شَيْطَانًا وَلِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ وَلَا خَيْرَ فِي مَوْضِعٍ لَا تَدْخُلُهُ الْمَلَائِكَةُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِنْ عَلَّلْنَا بِالصُّوَرِ لَمْ نَأْمُرْ

بِالْإِعَادَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَإِنْ عَلَّلْنَا بِالنَّجَاسَةِ قَالَ سَحْنُون يُعِيد فِي الْوَقْت وعَلى قَول ابْنِ حَبِيبٍ يُعِيدُ أَبَدًا فِي الْجَهْلِ وَالْعَمْدِ لِأَنَّهُ أَصْلُهُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَا يَنْفَكُّ من النَّجَاسَاتِ كَالْمَجْزَرَةِ وَالْمَزْبَلَةِ وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَأَمَّا الْكَنِيسَةُ الدَّارِسَةُ الْعَافِيَةُ مِنْ آثَارِ أَهْلِهَا فَلَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ فِيهَا إِذَا اضْطُرَّ إِلَيْهَا وَإِلَّا فَهِيَ مَكْرُوهَةٌ عَلَى ظَاهِرِ مَذْهَبِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِمَا رَوَى مَالِكٌ عَنْهُ أَنَّهُ كَرِهَ دُخُولَ الْكَنَائِسِ وَالصَّلَاةِ فِيهَا وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا تُعَادُ فِي وَقت وَلَا غَيْرِهِ سَابِعُهَا قَارِعَةُ الطَّرِيقِ كَرِهَ فِي الْكِتَابِ الصَّلَاةَ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ لِأَرْوَاثِ الدَّوَابِّ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَالطَّرِيقُ الْقَلِيلَةُ الْخَاطِرِ فِي الصَّحَارِي تُخَالِفُ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ فِي الطَّرِيقِ مَكَانٌ مُرْتَفِعٌ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ الدَّوَابُّ وَقَدْ قَالَ مَالك فِي النَّوَادِر فِي مَسَاجِد فِي الْأَفْنِيَةِ تَمْشِي عَلَيْهَا الْكِلَابُ وَالدَّجَاجُ وَغَيْرُهَا لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ فِيهَا وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كُنْتُ أَبِيتُ فِي الْمَسْجِدِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَكُنْتُ فَتًى شَابًّا عَزَبَا وَكَانَتِ الْكِلَابُ تُقْبِلُ وَتُدْبِرُ فِي الْمَسْجِدِ وَلَمْ يَكُونُوا يَرُشُّونَ شَيْئًا من ذَلِك ثامنها فِي الْجَوَاهِر المجزرة لنجاستها واستقذارها تاسعها فِي الْجَوَاهِرِ الْمَزْبَلَةُ لِأَنَّهَا مَوْضِعُ الْقِمَامَاتِ وَمُشْتَمِلَةٌ على القاذورات عَاشرهَا فِي الْجَوَاهِرِ بَطْنُ الْوَادِي لِأَنَّ الْأَوْدِيَةَ مَأْوَى الشَّيَاطِين حادي عشرهَا الْقبْلَة تكون فِيهَا التَّمَاثِيلُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِي كَرَاهِيَتِهَا اعْتِبَارًا بِالْأَصْنَامِ فَإِنْ كَانَتْ فِي ستر على جِدَار الْكَعْبَةِ فَأَصْلُ مَالِكٍ الْكَرَاهَةُ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا أَكْرَهُهُ لِمَا جَاءَ إِلَّا مَا كَانَ رَقْمًا فِي ثَوْبٍ وَكَرِهَ فِي الْكِتَابِ الصَّلَاةَ بِالْخَاتَمِ فِيهِ تِمْثَال لِأَنَّهُ من زِيّ الْأَعَاجِم ثَانِي عَشَرَهَا كَرِهَ فِي الْكِتَابِ الصَّلَاةَ إِلَى حَجَرٍ مُنْفَرد فِي

الطَّرِيق أَو غَيرهَا بِخِلَاف الْحِجَارَة الْكَثِيرَة لشبهه بالأصنام ثَالِث عَشَرَهَا قَالَ فِي الْكِتَابِ لَا يَسْتَنِدُ الْمَرِيضُ لحائض وَلَا جنب قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ أَثْوَابَهُمَا نَجِسَةٌ نَظَرًا إِلَى الْغَالِبِ أَمَّا إِذَا كَانَتْ طَاهِرَةً فَلَا ينْهَى عَن ذَلِك وَقَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ قَالَ فِي غَيْرِ الْكِتَابِ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَأَكْثَرُ شُيُوخِنَا عَلَى أَنَّهُ بَاشَرَ نَجَاسَةً فِي أَثْوَابِهِمَا فَكَانَ كَالْمُصَلِّي عَلَيْهَا وَقَالَ بَعضهم بل هما معاونان بالاستناد إِلَيْهِمَا فبهما يدْخل فِي الصَّلَاة وهما لَا تصح مِنْهُمَا الصَّلَاةِ فَلَا يُعَيِّنَانِ فِيهَا وَيَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَنِدُ مُتَوَضِّئًا وَلَا قَائِلَ بِهِ وَرَأَيْتُ فِي حَاشِيَةٍ لِبَعْضِ الْكُتُبِ كَانَ الشَّيْخُ ابْنُ الْفَخَّارِ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْحَائِضِ وَالْجُنُبِ وَيَقُولُ الْحَائِضُ لَا تَنْفَكُّ عَنِ النَّجَاسَةِ بِخِلَافِ الْجُنُبِ وَقَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَنْعُ لأَجلهَا لَا لِأَجْلِهِ لِأَنَّهُمَا لَمَّا مَنَعَا مِنَ الصَّلَاةِ وَتَوَابِعِهَا مَنَعَا مِنْ مُلَابَسَةِ الْمُصَلِّينَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَقْرَبُ الْجُنُبَ وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى رَدَاءَةِ حَالِهِ وَالْحَائِضُ مُلَابِسَةٌ لِلْأَقْذَارِ فَنُهِيَ عَنْ مُلَابَسَتِهَا كَالْمَزْبَلَةِ وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ وَإِنْ فَرَشَ فِيهَا الطَّاهِرَ رَابِعَ عَشَرَهَا قَالَ الْمَازِرِيُّ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ مَنْ صَلَّى فِي بَيْتِ نَصْرَانِيٍّ أَوْ مُسْلِمٍ لَا يَتَنَزَّهُ عَنِ النَّجَاسَةِ أَعَادَ أَبَدًا

الشَّرْط الرَّابِع ستر الْعَوْرَة وَالْعَوْرَةُ الْخَلَلُ فِي الثَّغْرِ وَغَيْرِهِ وَمَا يُتَوَقَّعُ مِنْهُ ضَرَر أَعور الْمَكَانُ إِذَا صَارَ ذَا عَوْرَةٍ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {إِن بُيُوتنَا عَورَة} أَيْ خَالِيَةٌ يُتَوَقَّعُ الْفَسَادُ فِيهَا فَلِذَلِكَ سُمِّيَتِ السوءتان عَورَة لِأَن كشفهما مُوجب خَلَلًا فِي حُرْمَةِ مَكْشُوفِهِمَا وَالْمَرْأَةُ عَوْرَةٌ لِأَنَّهُ يُتَوَقَّعُ مِنْ رُؤْيَتِهَا أَوْ سَمَاعِ كَلَامِهَا خَلَلٌ فِي الدِّينِ وَالْعِرْضِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْعَوْرَةِ الْمُسْتَقْبَحُ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ الْجَمِيلَةَ تَمِيلُ النُّفُوسُ إِلَيْهَا وَبِهَذَا يَظْهَرُ أَنَّ الْمَرْأَةَ مَعَ الْمَرْأَةِ كَالرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ فِي حُكْمِ السَّتْرِ وَسَائِرِ مَسَائِلِ الْعَوْرَةِ تَخْرُجُ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى وَفِي الْجَوَاهِرِ وَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَى وُجُوبِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ وَفِي وُجُوبِهِ فِي الْخَلْوَةِ قَوْلَانِ قَالَ الْمَازِرِيُّ هُوَ مُسْتَحَبٌّ عَنْ أَعْيُنِ الْمَلَائِكَةِ لِمَا فِي التِّرْمِذِيّ أَنه عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ إِيَّاكُمْ وَالتَّعَرِّيَ فَإِنَّ مَعَكُمْ مَنْ لَا يُفَارِقُكُمْ إِلَّا عِنْدَ الْغَائِطِ وَحِينَ يُفْضِي أَحَدُكُمْ إِلَى أَهْلِهِ فَاسْتَحْيُوهُمْ وَأَكْرِمُوهُمْ وَأَقَلُّ مَرَاتِبِهِ النَّدْبُ وَهَلْ هُوَ شَرْطٌ فِي الصَّلَاةِ يَجِبُ فِيهَا وَلَهَا؟ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ الْمَذْهَبُ عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ فِي الْوُجُوبِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي وُجُوبِ إِعَادَةِ الصَّلَاةِ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَهَذَا مَحْكِيٌّ فِي الْجَوَاهِرِ عَنِ ابْنِ بكير وَالْقَاضِي أبي بكر حُجَّةُ الشَّرْطِيَّةِ قَوْله تَعَالَى {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كل مَسْجِد}

قِيلَ اللِّبَاسُ فِي الصَّلَاةِ وَالطَّوَافِ وَفِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ حَائِضٍ إِلَّا بِخِمَارٍ وَلِأَنَّ الْمُصَلِّي يُنَاجِي ربه فَيشْتَرط فِي حَقه أفضل الهيآت والمكشوف الْعَوْرَةِ لَيْسَ كَذَلِكَ حُجَّةُ عَدَمِ الشَّرْطِيَّةِ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاة فَاغْسِلُوا} الْآيَةَ فَلَوْ وَجَبَ شَيْءٌ آخَرُ لَذَكَرَهُ وَفِي أَبِي دَاوُدَ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ حَتَّى يَتَوَضَّأَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَذَكَرَ الْوضُوء وَقَالَ لم يسْتَقْبل الْقِبْلَةَ وَمَفْهُومُهُ أَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ كَافٍ فِي الْقبُول فَلَا يكون غَيره وَاجِبا ثُمَّ النَّظَرُ فِي الْعَوْرَةِ مَا هِيَ وَفِي سَائِرِهَا؟ أَمَّا الْعَوْرَةُ فَثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ الرِّجَالُ فِي الْجَوَاهِرِ أَجْمَعْتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ السوءتين من الرِّجَال عَورَة وَفِي غَيرهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ مِنَ السُّرَّةِ إِلَى الرُّكْبَةِ وَهُمَا غَيْرُ دَاخِلَتَيْنِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْعِرَاقِيِّينَ وَالشَّافِعِيِّ وَوَافَقَهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ فِي السُّرَّةِ وَخَالَفَ فِي الرُّكْبَةِ لِأَنَّهَا مَفْصِلُ وَعَظْمُ الْفَخِذِ فِيهَا وَهُوَ عَوْرَةٌ فَتَكُونُ عَوْرَةً أَوْ هُمَا دَاخِلَتَانِ أَوِ السَّوْءَتَانِ فَقَطْ وَرَوَى أَبُو الْفَرَجِ مَا ظَاهِرُهُ أَنَّ جَمِيعَ بَدَنِ الرَّجُلِ عَوْرَةٌ فِي الصَّلَاةِ وَجْهُ الْمَذْهَبِ مَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ لعَلي غط فخدك وَلَا تنظر إِلَى فَخدَّ حَيٍّ وَلَا مَيِّتٍ وَجْهُ الِاقْتِصَارِ عَلَى السَّوْءَتَيْنِ مَا فِي مُسْلِمٍ وَالْبُخَارِيِّ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَوْمَ خَيْبَرَ انْكَشَفَ

الْإِزَارُ عَنْ فَخِذِهِ قَالَ أَنَسٌ حَتَّى إِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِ فَخِذِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ حَدِيثُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ضَعِيفٌ وَالَّذِي يَقْتَضِيهِ النَّظَرُ أَنَّ الْعَوْرَةَ السَّوْءَتَانِ وَالْفَخِذُ وَالْعَانَةُ حَرِيمٌ لَهُمَا الْقِسْمُ الثَّانِي الْإِمَاءُ وَهُنَّ مِثْلُ الرِّجَالِ قَالَ فِي الْكِتَابِ شَأْنُ الْأَمَةِ أَنْ تُصَلِّيَ بِغَيْرِ قِنَاعٍ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ اخْتُلِفَ فِي قَوْلِهِ شَأْنُهَا هَلْ مَعْنَاهُ لَا تُنْدَبُ إِلَى ذَلِكَ وَهُوَ الْأَظْهَرُ كَالرَّجُلِ أَوْ يَجُوزُ لَهَا ذَلِكَ مَعَ النَّدْبِ لِلسَّتْرِ وَهُوَ اخْتِيَارُ صَاحِبِ الْجُلَّابِ وَقَدْ كَانَ عُمَرُ رَضِي الله عَنهُ يمْنَع الْإِمَاء من الْإِزَارِ وَقَالَ لِابْنِهِ أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّ جَارِيَتَكَ خَرَجَتْ فِي الْإِزَارِ وَتَشَبَّهَتْ بِالْحَرَائِرِ وَلَوْ لَقِيْتُهَا لَأَوْجَعْتُهَا ضَرْبًا فَائِدَةٌ مَعْنَى نَهْيِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْإِمَاءَ عَنْ تَشَبُّهِهِنَّ بِالْحَرَائِرِ أَنَّ السُّفَهَاءَ جَرَتْ عَادَتُهُمْ بِالتَّعَرُّضِ لِلْإِمَاءِ دُونَ الْحَرَائِرِ فَخَشِيَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ يَلْتَبِسَ الْأَمْرُ فيتعرض السُّفَهَاء لِلْحَرَائِرِ ذَوَاتِ الْجَلَالَةِ فَتَكُونُ الْمَفْسَدَةُ أَعْظَمُ وَهَذَا مَعْنَى قَوْله تَعَالَى {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يؤذين} أَي أَن يتميزن بعلاماتهن عَنْ غَيْرِهِنَّ وَأَلْحَقَ فِي الْكِتَابِ الْمُكَاتَبَةَ وَالْمُدَبَّرَةَ وَالْمُعتق بَعْضهَا بالأمة الْقِنّ وَأم الْوَلَدِ بِالْحُرَّةِ وَأَلْحَقَ صَاحِبُ الْجُلَّابِ الْمُكَاتَبَةَ بِأُمِّ الْوَلَدِ فِي اسْتِحْبَابِ السِّتْرِ وَأَلْحَقَ الشَّافِعِيَّةُ الْجَمِيعَ بِالْأَمَةِ الْقِنِّ نَظَرًا لِلْمِيرَاثِ وَنَحْنُ نَنْظُرُ إِلَى عُقُودِ الْحُرِّيَّةِ مَعَ أَنَّهُ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَا تُصَلِّي الْأَمَةُ إِلَّا

وَعَلَى جَسَدِهَا ثَوْبٌ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَالْأَمْرُ بذلك مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ إِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْوُجُوبِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ مِنَ الْعَلِيِّ أَوِ الْوَخْشِ وَالْمَشْهُورُ عَدَمُ الْوُجُوبِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَوْ صَلَّتِ الْأَمَةُ مَكْشُوفَةَ الْفَخِذِ أَعَادَتْ فِي الْوَقْتِ وقَوْله تَعَالَى {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} يَقْتَضِي الْعَفْوَ عَنِ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ مِنَ الْحُرَّةِ لِأَنَّهُ الَّذِي يَظْهَرُ عِنْدَ الْحَرَكَاتِ لِلضَّرُورَةِ وَعَمَّا يَظْهَرُ مِنَ الْأَمَةِ عِنْدَ التَّقْلِيبِ لِلشِّرَاءِ وَهُوَ مَا عَدَا السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ فَرْعٌ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ لَوْ أَحْرَمَتْ مَكْشُوفَةَ السَّاقِ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا يَجُوزُ لَهَا كَشْفُهُ فَعَتَقَتْ فَقِيلَ تَسْتُرُ ذَلِكَ وَتَتَمَادَى إِنْ كَانَتِ السُّتْرَةُ قَرِيبَةً وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَنَا فَإِنْ بَعُدَتْ فَقِيلَ تَتَمَادَى وَقِيلَ تَقْطَعُ فَإِنْ قَرُبَتْ وَلَمْ تَسْتُرْ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَكَذَلِكَ الْعُرْيَانُ خِلَافًا ل (ح) مفرقا بَينهمَا فَإِن هَذِهِ حَالَةُ ضَرُورَةٍ بِخِلَافِ الْأَمَةِ فَإِنَّهَا كَانَتْ يُبَاحُ لَهَا ذَلِكَ وَقَالَ سَحْنُونٌ يَقْطَعَانِ وَقَالَ أَصْبَغُ هِيَ كَالْمُتَيَمِّمِ يَجِدُ الْمَاءَ فِي الصَّلَاةِ لَا إِعَادَةَ عَلَيْهَا فِي الْوَقْتِ وَلَا بَعْدَهُ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ أَحَبُّ إِلَيَّ لَوْ جَعَلَتْهَا نَافِلَةً وَشَفَّعَتْهَا وَسَلَّمَتْ كَمَنْ سَمِعَ الْإِقَامَةَ وَقَالَ مَالِكٌ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ تُعِيدَ قَالَ وَكَذَلِكَ الْخِلَافُ فِي الْحُرَّةِ يُلْقِي الرِّيحُ خِمَارَهَا وَالرَّجُلِ يَسْقُطُ إِزَارُهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا سَقَطَ ثوب الإِمَام فَظهر فرجه وَدبره أَخَذَهُ مَكَانَهُ وَأَجْزَأَهُ إِذَا لَمْ يَبْعُدْ ذَلِكَ قَالَ سَحْنُونٌ وَيُعِيدُ كُلُّ مَنْ نَظَرَ إِلَى فَرْجِهِ مِمَّنْ خَلْفَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَى مَنْ لم ينظر

وَقَالَ فِي كِتَابِ ابْنِهِ صَلَاتُهُ وَصَلَاتُهُمْ فَاسِدَةٌ وَإِنْ رَدَّهُ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ بَنَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى أَصْلِهِ أَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ سُنَّةٌ وعَلى القَوْل الآخر بفريضيتها يَخْرُجُ وَيَسْتَخْلِفُ فَإِنْ تَمَادَى فَصَلَاةُ الْجَمِيعِ فَاسِدَةٌ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ قَالَ وَأُمِرَ مَنْ نَظَرَ بِالْإِعَادَةِ لِأَنَّهُ مُرْتَكِبٌ لِمَعْصِيَةٍ بِالنَّظَرِ قَالَ وَيَلْزَمُهُ الْإِبْطَالُ بِجَمِيعِ وُجُوهِ الْعِصْيَانِ وَهُوَ خِلَافُ مَا ذهب إِلَيْهِ التّونسِيّ من أَنَّهَا تبطل لَا بذلك وَلَا بِالسَّرقَةِ وَلَا بِالْغَضَبِ لَوْ وَقَعَ فِي الصَّلَاةِ وَلِذَلِكَ قَالَ الْمَازِرِيُّ إِنَّ طُرُوَّ اللِّبَاسِ عَلَى الْعُرْيَانِ وَالْعِتْقَ عَلَى الْأَمَةِ يَتَخَرَّجُ عَلَى الْخِلَافِ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ هَلْ هِيَ سُنَّةٌ وَهِيَ طَرِيقَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ فَرِيضَةٌ وَهِيَ طَرِيقَةُ سَحْنُونٍ؟ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ فَلَوْ عَتَقَتْ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَلَمْ تَعْلَمْ حَتَّى صَلَّتْ قَالَ أَصْبَغُ تُعِيدُ فِي الْوَقْتِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلِلشَّافِعِيَّةِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا كَقَوْلِنَا وَالثَّانِي تُعِيدُ أَبَدًا لِأَنَّهَا مُفَرِّطَةٌ الْقِسْمُ الثَّالِثُ الْحَرَائِرُ فِي الْجَوَاهِرِ أَجْسَادُهُنَّ كُلُّهَا عَوْرَةٌ إِلَّا الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا صَلَّتْ بَادِيَةَ الشَّعْرِ أَوْ ظُهُورِ الْقَدَمَيْنِ أَعَادَتْ فِي الْوَقْتِ وَقَالَ أَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ أَوْ بَعْضِ الْفَخِذِ أَوِ الْبَطْنِ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَا إِعَادَةَ عَلَيْهَا وَوَافَقَنَا الشَّافِعِيُّ فِي أَنَّ الْقَدَمَيْنِ عَوْرَةٌ وَخَالَفَنَا أَبُو حَنِيفَةَ لَنَا مَا فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَمَّا سُئِلَتْ مَاذَا تُصَلِّي فِيهِ الْمَرْأَةُ مِنَ الثِّيَابِ؟ فَقَالَتْ تُصَلِّي فِي الْخِمَارِ وَالدِّرْعِ السَّابِغِ الَّذِي يُغَيِّبُ ظُهُورَ قَدَمَيْهَا وَقَدْ رَفَعَهُ أَبُو دَاوُد للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

فُرُوعٌ خَمْسَةٌ الْأَوَّلُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا صَلَّتْ مُتَنَقِّبَةً لَا إِعَادَةَ عَلَيْهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِم ذَلِك رَأْيِي وَالتَّلَثُّمُ كَذَلِكَ وَنَهَى الشَّافِعِيُّ عَنْهُ وَأَوْجَبَ ابْنُ حَنْبَلٍ تَغْطِيَةَ وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا لَنَا أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ عَورَة فِي الْإِحْرَامِ فَلَا يَكُونُ عَوْرَةً فِي الصَّلَاةِ وَيُسْتَحَبُّ كَشْفُهُ لِمُبَاشَرَةِ السُّجُودِ وَالتَّلَثُّمُ يَسْتُرُ الْأَنْفَ وَفِي الْمُوَطَّأِ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ كَانَ إِذَا رَأَى إِنْسَانًا يُغَطِّي فَاهُ فِي الصَّلَاةِ جَبَذَ الثَّوْبَ عَنْهُ حَتَّى يَكْشِفَ فَاهُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَلِمَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي كَرَاهِيَةِ تَغْطِيَةِ اللِّحْيَةِ قَوْلَانِ وَكَرِهَهُ أَبُو حَنِيفَةَ الثَّانِي قَالَ فِي الْكِتَابِ الْمُرَاهِقَةُ بِمَنْزِلَةِ الْكَبِيرَةِ لِأَن مَنْ أُمِرَ بِالصَّلَاةِ أُمِرَ بِشُرُوطِهَا وَفَضَائِلِهَا فَلَوْ صَلَّتْ بِغَيْرِ قِنَاعٍ قَالَ أَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ تُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ يُصَلِّي عُرْيَانًا قَالَ لَوْ صَلَّيَا بِغَيْرِ وُضُوءٍ أَعَادَا أَبَدًا وَقَالَ سَحْنُونٌ فِي كِتَابِ ابْنِهُ لَا يُعِيدَانِ الثَّالِثُ قَالَ فِي الْكِتَابِ الْعَاجِزُونَ عَنِ السَّتْرِ يُصَلُّونَ أَفْذَاذًا قِيَامًا مُتَبَاعِدِينَ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ وَجَمَاعَةً بِإِمَامٍ إِنْ كَانُوا فِي ظَلَامٍ وَوَافَقَنَا الشَّافِعِيُّ فِي تَفَرُّقِهِمْ وَقِيَامِهِمْ وَعَدَمِ إِيمَائِهِمْ بِالسُّجُودِ وَخَيَّرَهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ بَيْنَ الْقِيَامِ وَبَيْنَ

الصَّلَاةِ قُعُودًا بِإِيمَاءٍ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ يَجِبُ الْقُعُودُ لَنَا النُّصُوصُ الدَّالَّةُ عَلَى وُجُوبِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَأَنَّهَا أَرْكَانٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا وَالسُّتْرَةُ شَرْطٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَالْأَرْكَانُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الشُّرُوطِ وَالْمُجْمَعُ عَلَيْهِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُخْتَلَفِ فِيهِ قَاعِدَةٌ الْوَسَائِلُ أَبَدًا أَخْفَضُ رُتْبَةً مِنَ الْمَقَاصِدِ إِجْمَاعًا فَمَهْمَا تَعَارَضَا تَعَيَّنَ تَقْدِيمُ الْمَقَاصِدِ عَلَى الْوَسَائِلِ وَلِذَلِكَ قَدَّمْنَا الصَّلَاةَ عَلَى التَّوَجُّهِ إِلَى الْكَعْبَةِ لِكَوْنِهِ شَرْطًا وَوَسِيلَةً وَالصَّلَاةُ مقصد وَلذَلِك قَدَّمْنَا الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ اللَّذَيْنِ هُمَا مَقْصِدَانِ عَلَى السُّتْرَةِ الَّتِي هِيَ وَسِيلَةٌ فَلَوْ جَمَعُوا نَهَارًا قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ فَعِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ وَالشَّافِعِيِّ يكونُونَ صفا وإمامهم فِي صفهم قَالَ لِأَنَّ السَّتْرَ سَقَطَ عَنْهُمْ بِالْعَجْزِ وَالتَّبَاعُدَ مُسْتَحَبٌّ لِمَا فِيهِ مِنْ غَضِّ الْبَصَرِ قَالَ فَإِنْ كَثُرُوا صَفُّوا صَفًّا آخَرَ وَغَضُّوا أَبْصَارَهُمْ فَلَوْ كَانَتِ امْرَأَةً لَمْ تَجِدْ مَكَانًا تَسْتَتِرُ بِهِ عَنِ الرِّجَالِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ تصلي جالسة وَإِن كَانَت خَلْوَةٍ صَلَّتْ قَائِمَةً قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ فَلَوْ كَانُوا فِي مَكَانٍ ضَيِّقٍ صَلَّى الرِّجَالُ وَصَرَفَ النِّسَاء وجوههن عَنْهُم وَصلى النِّسَاءُ وَصَرَفَ الرِّجَالُ وُجُوهَهُمْ عَنْهُنَّ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِي فَإِن لم يَكُونُوا ديانين فَلَا يُكَلَّفُ النِّسَاءُ الْقِيَامَ وَلَا الرُّكُوعَ وَلَا السُّجُودَ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الضَّرَرِ الْعَظِيمِ الَّذِي لَا يحْتَملهُ طِبَاعُهُنَّ الرَّابِعُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ لَوْ كَانَ فِي الْعُرَاةِ صَاحِبُ ثَوْبٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ العري وَاسْتحبَّ لَهُ بعد صلَاته دفع الثَّوْبِ لِغَيْرِهِ تَعَاوُنًا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا يَجِبُ إِذْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ كَشْفُ عَوْرَتِهِ وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ إِذَا كَانَ

مَعَهُ فَضْلُ سُتْرَةٍ لَا يَلْزَمُهُ دَفْعُهُ بِخِلَافِ فَضْلِ الطَّعَامِ لِلْمُضْطَرِّ لِأَنَّهُ لَا مَنْدُوحَةَ عَنْهُ والسترة سَقَطت بِالْعَجْزِ الْخَامِسُ قَالَ لَوْ أُعِيرَ لَهُ ثَوْبٌ لزمَه قبُوله للقدرة على الستْرَة كَالْمَاءِ لِلْمُتَيَمِّمِ لِقِلَّةِ الْمِنَّةِ فِي ذَلِكَ فَلَوْ وُهِبَ لَهُ فَالشَّافِعِيُّ لَا يُلْزِمُهُ الْقَبُولَ كَهِبَةِ الرَّقَبَة فِي الْكَفَّارَة وَيلْزمهُ وَيَردهُ بعد صَلَاة وَيُلْزِمُ رَبَّهُ أَخْذَهُ قَالَ وَهُوَ الرَّاجِحُ فَلَوْ أَعَارَهُ لِجَمَاعَةٍ وَالْوَقْتُ ضَيِّقٌ صَلَّى مَنْ لَمْ يُصَلِّ إِلَيْهِ عُرْيَانًا وَيُعِيدُ إِذَا وَصَلَ إِلَيْهِ فِي الْوَقْت الموسع وَقَالَ الشَّافِعِي يؤخرون مَا دَامَ وَقْتُ الْأَدَاءِ مُتَّسِعًا فَإِنْ لَمْ يُعِرِ الْمُكْتَسِي أَحَدًا السُّتْرَةَ وَهُوَ يَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ امهم مُتَقَدما عَلَيْهِم النّظر الثَّانِي فِي السّتْر وَفِي الْجَوَاهِرِ يَكُونُ صَفِيقًا كَثِيفًا فَإِنْ كَانَ شَفَّافًا فَهُوَ كَالْعَدَمِ مَعَ الِانْفِرَادِ وَإِنْ كَانَ يَصِفُ وَلَا يَشِفُّ كُرِهَ وَصَحَّتِ الصَّلَاةُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ الْخَفِيفُ الشَّفَّافُ بِمَنْزِلَةِ التَّلَطُّخِ بِالطِّينِ لَا يُعَدُّ سُتْرَةً بِخِلَافِ الْكَثِيفِ الرَّقِيقِ الَّذِي يَصِفُ قَالَ وَيجب ستره الْعَوْرَةِ بِكُلِّ مَا يُمْكِنُ مِنْ حَطَبٍ أَوْ حَشِيشٍ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إِلَّا طِينًا فَلِلشَّافِعِيَّةِ فِي التَّلَطُّخِ بِهِ قَوْلَانِ فَإِنْ وُجِدَ السَّتْرُ لِبَعْضِ الْعَوْرَةِ سَتَرَ الْفَرْجَيْنِ فَإِنْ وَجَدَهُ لِأَحَدِهِمَا سَتَرَ أَيَّهُمَا شَاءَ وَاخْتُلِفَ فِي أَيهمَا أولى فَقَالَ الشَّافِعِيُّ الْقُبُلُ لِعَدَمِ الْحَائِلِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّظَرِ والدبر تحول بَينه وَبَين النّظر الأليتين وَلِأَنَّهُ مُسْتَقْبل بِهِ مَنْ يُنَاجِي وَلِبَعْضِ أَصْحَابِهِ الدُّبُرُ أَوْلَى لِفُحْشِهِ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ قَالَ وَهَذَا أَبْيَنُ

وَيجْعَل مذاكيره بَين فخديه وَيُمْكِنُهُ سَتْرُهَا بِظَهْرِ يَدَيْهِ بِخِلَافِ الدُّبُرِ فُرُوعٌ سِتَّةٌ الْأَوَّلُ لَوْ وَجَدَ جِلْدَ كَلْبٍ أَوْ خِنْزِير أَو ميتَة فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ السَّتْرُ بِهِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَعَلَى قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي عَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِالنَّجَاسَةِ لَا يلْبسهُ إِذا أَبَحْنَا لَهُ الْخِنْزِيرَ وَالْجِلْدَ النَّجِسَ وَجَبَتِ الصَّلَاةُ بِهِ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ لُبْسِهِ وَتَرْكِهِ لِتَعَارُضِ حُرْمَةِ العري وَالصَّلَاة بِالنَّجَاسَةِ فَتعين التخير وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ يُصَلِّي عُرْيَانًا وَقَالَ أَيْضًا يُصَلِّي بِهِ لَنَا أَنَّ التَّطْهِيرَ يُسْقِطُهُ عَدَمُ الْمَاءِ وَقَدْ تَحَقَّقَ وَالسَّتْرُ لَا يُسْقِطُهُ إِلَّا الْعَجْزُ وَلَمْ يُوجَدْ وَلِأَنَّ فِي الْعُرْيِ هَتْكَ حُرْمَتَيْنِ حُرْمَةِ السَّتْرِ عَنِ الْأَبْصَارِ وَحُرْمَةِ السَّتْرِ لِلصَّلَاةِ بِخِلَافِ النَّجَاسَةِ الثَّانِي قَالَ إِذَا لَمْ يَجِدْ إِلَّا حَرِيرًا صَلَّى بِهِ عِنْدَ الْكَافَّةِ خِلَافًا لِابْنِ حَنْبَلٍ وَوَقَعَ مِثْلُهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ وَلَعَلَّ الصَّحِيحَ أَنَّ لُبْسَهُ مَعَ الْقُدْرَةِ لَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ وهب وَابْن الْمَاجشون وَلم يستحبا لَهُ إِعَادَة وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ كَانَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ لَمْ يُعِدْ وَإِلَّا أَعَادَ فِي الْوَقْتِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُعِيدُ أَبَدًا إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ غَيْرُهُ وَإِنْ كَانَ لَمْ يُعِدْ لِأَنَّ جِنْسَهُ لَا يُنَافِي الصَّلَاةَ بِدَلِيلِ مَا لَوْ كَانَ مَحْشُوًّا فِي كُمِّهِ وَلُبْسُهُ لِلنِّسَاءِ وَفِي الْحَرْبِ وَجوزهُ

ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْغَزْوِ إِذَا كَانَ مَعَهُ غَيْرُهُ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أُهْدِيَ إِلَيْهِ فَرُّوجٌ مِنْ حَرِيرٍ فَلَبِسَهُ وَصَلَّى فِيهِ ثُمَّ انْصَرَفَ فَنَزَعَهُ نَزْعًا شَدِيدًا كَالْكَارِهِ لَهُ وَقَالَ لَا يَنْبَغِي هَذَا لِلْمُتَّقِينَ وَلَمْ يُعِدِ الصَّلَاةَ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا لَمْ يَجِدْ إِلَّا حَرِيرًا صَلَّى عُرْيَانًا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَاسْتَقْرَأَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مِنْ تَقْدِيمِهِ الْحَرِيرَ عَلَى النَّجِسِ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ يُصَلِّي بِهِ وَلَا يُصَلِّي عُرْيَانًا وَهَذَا خِلَافُ مَا نَقَلَهُ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَكَذَلِكَ رَأَيْتُهُ لِلْمَازِرِيِّ مَنْقُولًا عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَقَالَ فِي التَّخْرِيجِ الَّذِي عَزَاهُ إِلَيْهِ أَنَّهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَدَّمَهُ عَلَى النَّجِسِ وَالنَّجِسُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعُرْيِ وَالْمُقَدَّمُ عَلَى الْمُقَدَّمِ عَلَى الْعُرْيِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعُرْيِ وَقَالَ يَلْزَمُ مَنْ قَالَ بِالْإِعَادَةِ مُطْلَقًا إِذَا صَلَّى فِي الْحَرِيرِ وَحْدَهُ مُخْتَارًا لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْعُرْيَانِ اخْتِيَارًا لِكَوْنِ الْمَمْنُوعِ شَرْعًا كَالْمَعْدُومِ حِسًّا أَنَّهُ إِذَا صَلَّى فِي الثَّوْبِ الْمَغْصُوبِ يُعِيدُ فَإِن الْتَزمهُ ألزمناه الصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ صِحَّتُهَا فَلَا يَجِدُ انْفِصَالًا إِلَّا أَنْ يَقُولَ الْحَرِيرُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ أَشَدُّ مِنَ الْغَصْبِ الَّذِي هُوَ حَقٌّ لِلْعِبَادِ وَلِقَوْلِهِ الْإِسْقَاطُ مِنْ جِهَتِهِمْ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَوِ اجْتَمَعَ لَهُ حَرِيرٌ وَنَجِسٌ فَفِي الْكِتَابِ يُصَلِّي فِي الْحَرِيرِ وَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ لِأَنَّ تَحْرِيمَهُ لَيْسَ لِأَجْلِ الصَّلَاةِ فَلَا يُنَافِيهَا بِخِلَافِ النَّجَاسَةِ وَعِنْدَ أَصْبَغَ يُصَلِّي فِي النَّجِسِ لِعُمُومِ تَحْرِيمِ الْحَرِيرِ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا فَيَكُونُ أَفْحَشَ مِنَ النَّجِسِ الَّذِي تَحْرِيمُهُ خَاصٌّ بِالصَّلَاةِ فَلَوْ صَلَّى بِثَوْبٍ حَرِيرٍ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى طَاهِرٍ غَيْرِ حَرِيرٍ فَإِنْ أَفْرَدَهُ فَقِيلَ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ وَقِيلَ لَا يُعِيدُ مُطْلَقًا وَقِيلَ فِي الْوَقْتِ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ فَقِيلَ يُعِيدُ وَقِيلَ لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْخِلَافُ فِيمَنْ صَلَّى مُتَخَتِّمًا بِالذَّهَبِ الثَّالِثُ قَالَ فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ مَحْلُولُ الْإِزَارِ بِغَيْرِ سَرَاوِيلَ قَالَ

صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ مُطَرِّفٌ رَأَيْتُ مَالِكًا فِي الْمَسْجِدِ مُطْلِقَ الْإِزَارِ فَلَمَّا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ زَرَّرَهُ وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ إِنْ كَانَ ضَيَّقَ الْجَيْبَ لَا تُرَى مِنْهُ الْعَوْرَةُ جَازَتِ الصَّلَاةُ وَإِلَّا لَمْ تَجُزْ إِلَّا أَنْ يُزَرِّرَهُ أَوْ يَشُدَّ وَسَطَهُ بِحَبْلٍ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ سَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ إِنِّي رَجُلٌ أَصِيدُ أَفَأُصَلِّي فِي الْقَمِيصِ الْوَاحِدِ؟ قَالَ نَعَمْ وَزَرِّرْهُ وَلَوْ بِشَوْكَةٍ وَفَرَّقَ الْحَنَفِيَّةُ بَيْنَ الْأَمْرَدِ وَبَيْنَ الْمُلْتَحِي لِأَنَّ لِحْيَتَهُ تَسْتُرُ الْجَيْبَ وَالطَّوْقَ لَنَا مَا فِي الْبُخَارِيِّ كَانَ رِجَالٌ يُصَلُّونَ مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَاقِدِي أُزُرِهِمْ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ كَهَيْئَةِ الصِّبْيَانِ فَيُقَالُ للنِّسَاء لَا ترفعن رؤوسكن حَتَّى يَسْتَوِيَ الرِّجَالُ جُلُوسًا وَكُلُّ مَا يُتَوَقَّعُ مِنَ الْجَيْبِ يُتَوَقَّعُ مِنَ الذَّيْلِ الرَّابِعُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ تَجُوزُ الصَّلَاةُ بِمِئْزَرٍ وَسَرَاويل وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ لَا تُجْزِئُهُ حَتَّى يَكُونَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ وَكَذَلِكَ السَّرَاوِيلُ لِمَا فِي الْبُخَارِيِّ لَا يُصَلِّي أَحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ وَهُوَ مَحْمُولٌ عِنْدَنَا عَلَى الِاسْتِحْبَابِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ السَّرَاوِيل مَكْرُوه ابْتِدَاء وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَمَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَهَى أَنْ يُصَلِّيَ فِي سَرَاوِيلَ لَيْسَ عَلَيْهِ رِدَاءٌ وَلِأَنَّهُ يَصِفُ وَمِنْ زِيِّ الْعَجَمِ وَقَالَ أَشْهَبُ يُعِيدُ مَنْ صَلَّى فِي السروال والتبان فِي الْوَقْتِ قَالَ وَكَذَلِكَ

مَنْ أَذَّنَ فِي السَّرَاوِيلِ وَحْدَهَا أَعَادَ أَذَانَهُ مَا لَمْ يُصَلِّ وَكَانَ كَمَنْ صَلَّى بِغَيْرِ أَذَانٍ الْخَامِسُ قَالَ صَاحِبُ الْجُلَّابِ مَنْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ فَإِنْ كَانَ وَاسِعًا الْتَحَفَ بِهِ وَخَالَفَ بَيْنَ طَرَفَيْهِ وَعَقَدَهُ عَلَى عُنُقِهِ وَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا ائْتَزَرَ بِهِ مِنْ سُرَّتِهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ إِذَا صَلَّى كَذَلِكَ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ وَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَفِي الْبُخَارِيِّ النَّهْيُ عَنِ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ وَهِيَ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ تَجَلُّلُ الرَّجُلِ بِإِزَارِهِ لَا يرفع مِنْهُ جَانِبًا كَالصَّخْرَةِ الصَّمَّاءِ الَّتِي فِيهَا فَإِنْ وهمه أَمر لَا يُمكنهُ إِلَّا الِاحْتِرَازُ مِنْهُ وَعِنْدَ الْفُقَهَاءِ هِيَ أَنْ يُدْخِلَ الرِّدَاءَ مِنْ تَحْتِ إِبِطِهِ الْأَيْسَرِ وَيَتْرُكُ طَرَفَهُ على يسَاره وَبِيَدِي مَنْكِبَهُ الْأَيْمَنَ وَيُغَطِّي الْأَيْسَرَ وَهُوَ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ الِاضْطِبَاعُ لِأَنَّهُ يُبْدِي ضَبُعَهُ الْأَيْمَنَ فَكُرِهَتْ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمَرْبُوطِ وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْمَنْدُوبِ أَوْ لِأَنَّهُ لَا يُبَاشِرُ الْأَرْضَ بِيَدَيْهِ وَإِنْ بَاشَرَ انْكَشَفَتْ عَوْرَتُهُ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ مِئْزَرٌ فَلَا بَأْسَ بِهِ السَّادِسُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا صَلَّى مُحْتَزِمًا أَوْ جَامِعًا شَعْرَهُ أَوْ جَامِعًا كُمَّيْهِ إِنْ كَانَ ذَلِكَ لِبَاسُهُ أَوْ كَانَ يَعْمَلُ فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَدَخَلَ عَلَى هَيْئَتِهِ فَلَا بَأْسَ وَإِلَّا فَلَا خير فِيهِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعٍ وَلَا أَكْفِتَ الشَّعْرَ وَلَا الثِّيَابَ وَالْكَفْتُ الضَّمُّ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {ألم نجْعَل

الأَرْض كفاتا أَحيَاء وأمواتا} أَيْ تَضُمُّ الْفِرْقَتَيْنِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَسِرُّ الْكَرَاهَةِ أَنْ يَضُمَّ ذَلِكَ خَشْيَةَ التُّرَابِ وَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام عفروجك فِي التُّرَاب وَلِأَنَّهُ شَأْنُ التَّذَلُّلِ وَالْخُضُوعِ قَالَ وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ مَكْشُوفَ الرَّأْسِ فَأَرَادَ سَتْرَهُ لِيَقِيَهُ التُّرَابَ كُرِهَ قَالَ صَاحِبُ الْجُلَّابِ الِاخْتِيَارُ لِمَنْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ أَنْ يَلْبَسَ أَكْمَلَ اللِّبَاسِ وَالْإِمَامُ أَوْلَى بِذَلِكَ وَيَرْتَدِي وَلَا يُعَرِّي مَنْكِبَيْهِ وَلَا بَأْسَ بِالْمِئْزَرِ وَالْعِمَامَةِ وَيُكْرَهُ السِّرْوَالُ وَالْعِمَامَةُ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ سَيْفٌ أَوْ قَوْسٌ جَعَلَ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنَ اللِّبَاسِ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {خُذُوا زينتكم عِنْد كل مَسْجِد} وَالْعَبْد يُنَاجِي ربه فَيُسْتَحَب أَنْ يَتَجَمَّلَ لَهُ وَلَّمَا كَانَ الْإِمَامُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَفْضَلَ الْقَوْمِ دِينًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَفْضَلَهُمْ زِيًّا وَقَوْلُهُ تُكْرَهُ السَّرَاوِيلُ وَالْعِمَامَةُ الْكَرَاهَةُ لِأَجْلِ السِّرْوَالِ وَذِكْرُ الْعِمَامَةِ حَشْوٌ فِي الْكَلَامِ وَكُرِهَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي ثَوْبٍ يَسْجُدُ عَلَى بَعْضِهِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ السَّاجِدِ عَلَى غَيْرِ الْأَرْضِ الشَّرْطُ الْخَامِسُ اسْتِقْبَالُ الْكَعْبَةِ وَالنَّظَرُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ إِلَيْهِ وَالْمُسْتَقْبَلِ فِيهِ وَالْمُسْتَقْبِلِ نَفْسِهِ فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَطْرَافٍ الطَّرَفُ الْأَوَّلُ الْمُسْتَقْبَلُ إِلَيْهِ وَهُوَ الْكَعْبَة قَالَ الله تَعَالَى {وحيثما كُنْتُم فَوَلوا وُجُوهكُم شطره} وَالشَّطْرُ فِي اللُّغَةِ النِّصْفُ وَهُوَ أَيْضًا الْجِهَةُ وَهُوَ المُرَاد هَهُنَا فَيجب على

الْعَالم أَنْ يَكُونُوا مُسْتَقْبِلِيهَا بِوُجُوهِهِمْ كَالدَّائِرَةِ لِمَرْكَزِهَا فَأَمَّا دَاخِلُهَا فَقَالَ فِي الْكِتَابِ لَا تُصَلَّى فِيهِ وَلَا فِي الْحِجْرِ فَرِيضَةٌ وَلَا رَكْعَتَا الطَّوَافِ الْوَاجِبَتَانِ وَلَا الْوِتْرُ وَلَا رَكْعَتَا الْفَجْرِ وَغَيْرُ ذَلِكَ لَا بَأْسَ بِهِ فَإِنْ صَلَّى مَكْتُوبَةً أَعَادَ فِي الْوَقْتِ كَمَنْ صَلَّى إِلَى غَيْرِ الْقبْلَة وَأَجَازَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ الْمَكْتُوبَةَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وطهر بَيْتِي للطائفين والقائمين والركع السُّجُود} قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَلَا مَوْضِعَ أَطْهَرُ مِنْهُ وَوَافَقَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ وَمَنَعَ ابْنُ جَرِيرٍ الْجَمِيعَ لِمَا فِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا دخل الْبَيْت كبر فِي نواحيه وَلم يصل فِيهِ حَتَّى خَرَجَ رَكَعَ فِي قِبَلِ الْبَيْتِ رَكْعَتَيْنِ وَقَالَ هَذِهِ الْقِبْلَةُ لَنَا الْآيَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ وَالْمُصَلِّي دَاخِلُهُ لَمْ يَسْتَقْبِلْهُ بَلْ بَعْضَهُ وَلِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ عَنْ أَحَدٍ مِنَ السَّلَفِ أَنَّهُ صَلَّى فِي الْبَيْتِ وَكَيْفَ تَغْفُلُ الْأُمَّةُ عَنِ الْفَضِيلَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّافِعِيُّ مَعَ اجْتِهَادِ سَلَفِهَا وَخَلَفِهَا فِي تَحْصِيلِ الْفَضَائِلِ وَلِأَنَّ الِاسْتِقْبَالَ مَأْمُورٌ بِهِ وَكُلُّ مَأْمُورٌ بِهِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُمْكِنُ الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ حَالَةَ التَّكْلِيفِ وَالْمُصَلِّي دَاخِلُ الْبَيْتِ يَسْتَحِيلُ أَلَّا يَكُونَ مُسْتَقْبِلًا لِبَعْضِهِ فَيَسْقُطُ التَّكْلِيفُ وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ وَالْجَوَابُ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ مَوْضِعَ الطَّوَافِ خَارِجُ الْبَيْتِ إِجْمَاعًا فَيَكُونُ مَوْضِعُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ كَذَلِكَ وَأَمَّا جَوَازُ النَّافِلَةِ فَلِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ دَخَلَ الْكَعْبَةَ هُوَ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَة الحَجبي وبلال فأغلقها عَلَيْهِ وَمَكَثَ فِيهَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ فَسَأَلَتُ بِلَالًا حِين خرج

مَاذَا صَنَعَ عَلَيْهِ السَّلَامُ؟ فَقَالَ جَعَلَ عَمُودًا عَنْ يَسَارِهِ وَعَمُودَيْنِ عَنْ يَمِينِهِ وَثَلَاثَةُ أَعْمِدَةٍ وَرَاءَهُ وَكَانَ الْبَيْتُ يَوْمَئِذٍ عَلَى سِتَّةِ أَعْمِدَةٍ ثُمَّ صَلَّى زَادَ أَبُو دَاوُدَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَهَذَا الْحَرْفُ يَدْفَعُ تَأْوِيلَ ابْنُ جَرِيرٍ أَنَّ صلَاته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَتْ دُعَاءً لِأَنَّ النَّافِلَةَ يَجُوزُ تَرْكُ الِاسْتِقْبَالِ فِيهَا مُطْلَقًا فِي السَّفَرِ وَتَرْكُ الْقِيَامِ مَعَ الْقُدْرَةِ وَالْإِيمَاءِ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَفِي إِعَادَةِ الْمَكْتُوبَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فَفِي الْكِتَابِ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ كَالْمُصَلِّي بِالِاجْتِهَادِ لوُقُوع الْخلاف فِي المسئلة وَعِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ وَأَصْبَغَ يُعِيدُ أَبَدًا تَرْجِيحًا لوُجُوب اسْتِقْبَال جَمِيع الْبَيْتِ وَعِنْدَ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يُعِيدُ مُطلقًا نظرا لمدرك الشَّافِعِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ قَالَ فَلَوْ صَلَّى فَوْقَ ظَهْرِ الْبَيْتِ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لِمَالِكٍ يُعِيدُ أَبَدًا وَعِنْدَ أَشْهَبَ فِي الْوَقْتِ وَعِنْدَ ابْنِ عبد الحكم لَا يُعِيد مُطلقًا وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِنْ لَمْ يَبْقَ بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ السَّطْحِ شَيْء لم يجزه وَإِلَّا أَجْزَأَهُ وَهُوَ مَحْكِيٌّ عَنْ أَشْهَبَ وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يجْزِيه إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ مَا يَسْتُرُهُ مِنَ الْبِنَاءِ وَقَالَ أَصْحَابُهُ يَكْفِيهِ مِنْ ذَلِكَ غَرْزُ خَشَبَةٍ أَوْ عَصَا قَالَ صَاحِبُ الْجُلَّابِ يُكْرَهُ أَنْ تُصَلَّى الْمَكْتُوبَةُ فِي الْكَعْبَةِ وَالْحِجْرِ وَعَلَى ظَهْرِهَا وَمَنْ فَعَلَ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ وَلَا بَأْسَ بِصَلَاةِ النَّافِلَةِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَلَوْ جَوَّزْنَا الصَّلَاةَ فِي الْكَعْبَةِ وَعَلَى ظَهْرِهَا لَمْ نُجِزْهَا فِي سِرْبٍ تَحْتَهَا أَوْ مَطْمُورَةٍ لِأَنَّ الْبُيُوتَ شَأْنُهَا أَنْ تَرْتَفِعَ

وَلَيْسَ شَأْنُهَا أَنْ تَنْزِلَ وَكَذَلِكَ قَالَ فِي الْمَسَاجِدِ إِنَّ أَسَطِحَتَهَا لَهَا أَحْكَامُ الْمَسَاجِدِ بِخِلَافِ مَا لَوْ حَفَرَ تَحْتَهَا بَيْتًا يَجُوزُ أَنْ يدْخلهُ الْجنب وَالْحَائِض إِلَّا أَن ذَلِكَ لَا يُفْعَلُ إِلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلِ الْمَقْصُودُ بِالِاسْتِقْبَالِ بَعْضُ هَوَائِهَا أَوْ بعض بنائها أَو جملَة بنائها وهوائها؟ وَالْأول مَذْهَب أبي حنيفَة وَسوى بَين دَاخل الْبَيْت وظهره لوُجُود بعض الْهَوَاء وَالثَّانِي مَذْهَب الشَّافِعِي فَسَوَّى بَيْنَ جُزْءِ الْبِنَاءِ دَاخِلَ الْبَيْتِ وَعَلَى ظَهره وَالثَّالِث مَذْهَبنَا وَهُوَ مُقْتَضى ظواهر النُّصُوصِ فَإِنَّ جُزْءَ الْبِنَاءِ لَا يُسَمَّى بَيْتًا وَلَا كَعْبَةً وَأَبْعَدُ مِنْ ذَلِكَ جُزْءُ الْهَوَاءِ الْعَارِي عَنِ الْبِنَاءِ فَإِنَّ الْكَعْبَةَ فِي اللُّغَةِ هِيَ الْمُرْتَفِعَةُ وَمِنْهُ الْمَرْأَةُ الْكَاعِبُ إِذَا ارْتَفَعَ ثَدْيُهَا وَكَعَبَ الرَّجُلُ وَالْبَيْتُ هُوَ ذُو السَّقْفِ وَالْحِيطَانِ وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يَتَحَقَّقُ إِلَّا فِي جُمْلَةِ الْبَيْتِ بِبُنْيَانِهِ وَهَوَائِهِ وَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ عَلَى الْمَشْهُورِ بَيْنَ دَاخِلِهِ وَظَهْرِهِ فَإِنَّ دَاخِلَهُ ارْتِفَاعٌ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ وَظَهْرُهُ فَرَاغٌ مَحْضٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الصَّلَاةِ عَلَى ظَهْرِهَا وَعَلَى أَبِي قُبَيْسٍ أَنَّ الْمُصَلِّيَ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ مُسْتَقْبِلٌ بِوَجْهِهِ جُمْلَةَ الْبِنَاءِ وَالْهَوَاءِ بِخِلَافِ ظَهْرِهَا وَلِأَنَّ السّنة فرقت بَينهمَا فَنهى عَلَيْهِ السَّلَام عَنِ الصَّلَاةِ عَلَى ظَهْرِهَا فُرُوعٌ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ فِي الْجَوَاهِرِ لَوِ امْتَدَّ صَفٌّ طَوِيلٌ قَرِيبُ الْبَيْتِ فَالْخَارِجُ عَنْ

سَمْتِ الْبَيْتِ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَمِثْلُ هَذَا الصَّفِّ فِي الْآفَاق تصح وَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ فِي بَلَدَيْنِ مُتَقَارِبَيْنِ لِسَمْتٍ وَاحِدٍ تَصِحُّ إِجْمَاعًا وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى قَاعِدَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا أَوْجَبَ الِاسْتِقْبَالَ الْعَادِيَّ دُونَ الْحَقِيقِيِّ فَلَوِ اسْتَقْبَلَ صَفٌّ طَوِيلٌ حَيَوَانًا بَعِيدًا فِي بَرِّيَّةٍ صَدَقَ فِي الْعَادَةِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قُبَالَتُهُ فِي رَأْيِ الْعَيْنِ وَلَوْ قَرُبَ مِنْهُمْ بَطَلَ ذَلِكَ فَكَذَلِكَ الْكَعْبَةُ طُولُهَا أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعًا وَعَرْضُهَا عِشْرُونَ ذِرَاعًا فَالصَّفُّ الْبَعِيدُ مِنْهَا يُعَدُّ فِي الْعَادَةِ مُسْتَقْبِلًا لَهَا بِخِلَافِ الْقَرِيبِ الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ أَنَّ الْخَلَائِقَ يَسْتَقْبِلُونَ الْكَعْبَةَ شَرَّفَهَا اللَّهُ كَاسْتِقْبَالِ أَجْزَاءِ مُحِيطِ الدَّائِرَةِ لِمَرْكَزِهَا فَإِذَا تَخَيَّلْنَا الْكَعْبَةَ مَرْكَزًا فَقَدْ خَرَجَ مِنْهُ خُطُوطٌ مُجْتَمِعَةُ الْأَطْرَافِ فِي الْمَرْكَزِ وَكُلَّمَا بَعُدَتِ اتَّسَعَتْ مِثْلُ قَصَبَتَيْ شَبَكَةِ الصَّيَّادِينَ فَمِنَ الْمَعْلُومِ حِينَئِذٍ أَنَّ كُلَّمَا بَعُدَ خَطَّانِ مِنْ هَذِهِ الْخُطُوطِ وَسِعَ طَرَفَاهُمَا أَكْثَرُ مِمَّا إِذا قربا فَلذَلِك كَانَ الصَّفُّ الطَّوِيلُ فِي الْبُعْدِ مُسْتَقْبِلًا وَفِي الْقُرْبِ لَيْسَ مُسْتَقْبِلًا الثَّانِي فِي الْجَوَاهِرِ الْوَاقِفُ بِمَكَّةَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ يَسْتَقْبِلُ بِنَاءَ الْكَعْبَةِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرِ اسْتَدَلَّ فَإِنْ كَانَ الِاسْتِدْلَالُ بِمَشَقَّةٍ فَلِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي جَوَازِ الِاجْتِهَادِ تَرَدُّدٌ الثَّالِثُ الْوَاقِفُ بِالْمَدِينَةِ يَتَنَزَّلُ مِحْرَابُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي حَقِّهِ مَنْزِلَةَ الْكَعْبَةِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الِاجْتِهَادُ بالتيامن والتياسر لِأَنَّهُ مَنْصُوبٌ بِالْوَحْيِ وَمُبَاشَرَةِ

الْمَعْصُومِينَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَجِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَإِجْمَاعُ الْأُمَّةِ وَهِيَ مَعْصُومَةٌ أَيْضًا فَيَقْطَعُ بِصِحَّتِهِ وَخَطَأِ مُخَالِفِهِ فَلَا مَعْنَى لِلِاجْتِهَادِ الطَّرَفُ الثَّانِي الَّذِي يَسْتَقْبِلُ فِيهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ يَجِبُ الِاسْتِقْبَالُ إِلَّا فِي الْقِتَالِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فرجالا أَو ركبانا} وَلَا تُصَلَّى فَرِيضَةٌ وَلَا صَلَاةُ جَنَازَةٍ عَلَى رَاحِلَة فَإِنْ فَعَلَتْ مِثْلَ فِعْلِهَا فِي الْأَرْضِ فَفِي جَوَازِ ذَلِكَ وَكَرَاهِيَتِهِ قَوْلَانِ نَظَرًا لِصُورَةِ الْأَدَاءِ وَإِلَى أَنَّ الْأَرْضَ يَتَأَتَّى فِيهَا مِنَ التَّوَاضُعِ وَالتَّذَلُّلِ بِمُبَاشَرَةِ التُّرَابِ وَالتَّمَكُّنِ مِنَ الْخُشُوعِ مَا لَيْسَ فِي الرَّوَاحِلِ وَهَذَا هُوَ مَذْهَبُ الْكِتَابِ فَقَالَ فِي مَرِيضٍ لَا يَسْتَطِيعُ الْجُلُوسَ لَا يُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ فِي مَحْمَلِهِ بَلْ عَلَى الْأَرْضِ وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَفِي أَبِي دَاوُدَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا سُئِلَتْ هَلْ رَخَّصَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِلنِّسَاءِ أَنْ يُصَلِّينَ عَلَى الدَّوَابِّ؟ قَالَتْ لَمْ يُرَخِّصْ فِي ذَلِكَ فِي شِدَّةٍ وَلَا رَخَاءٍ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ فَإِنْ فَعَلَ قَالَ سَحْنُونٌ يُعِيدُ أَبَدًا وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِذَا اسْتَوَتْ حَالَتَا الْأَرْضِ وَالْمَحْمَلِ فِي الْإِيمَاءِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فُرُوعٌ أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا كَانَ الْمَرِيضُ لَا يَجِدُ مَنْ يُحَوِّلُهُ إِلَى الْقِبْلَةِ وَلَا يَرْجُوهُ صَلَّى أَوَّلَ الْوَقْتِ وَإِنْ كَانَ رَاجِيًا صَلَّى آخِرَ الْوَقْت وَإِن شكّ فوسط الْوَقْت الثَّانِي قَالَ فِي الْكِتَابِ مَنْ خَافَ السِّبَاعَ أَوْ غَيْرَهَا صَلَّى عَلَى دَابَّتِهِ إِيمَاءً

حَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ بِهِ فَإِنْ أَمِنَ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالا أَوْ ركبانا} وَفِي التِّرْمِذِيّ أَنهم كَانُوا مَعَه عَلَيْهِم السَّلَامُ فِي مَسِيرَةٍ فَانْتَهَوْا إِلَى مَضِيقٍ فَمُطِرُوا وَالسَّمَاءُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَالْبِلَّةُ مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَذَّنَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَى رَاحِلَتِهِ وَأَقَامَ أَوْ أُقِيمَ فَتَقَدَّمَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى رَاحِلَتِهِ فَصَلَّى بِهِمْ يُومِئُونَ إِيمَاءَ السُّجُودِ أَخْفَضَ مِنَ الرُّكُوعِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَوْلُهُ حَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ مَعْنَاهُ إِذَا لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَتَوَجَّهَ بِهَا إِلَى الْقِبْلَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَالْمُسَايَفَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحدهمَا أَن الْعذر هَهُنَا قَدْ يَكُونُ مَوْهُومًا وَالْمُسَايَفَةُ مُحَقَّقَةٌ وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْجُلَّابِ إِذَا كَانَ عُذْرُهُ مُشْكَلًا غَيْرَ مُحَقَّقٍ أَعَادَ الثَّانِي فَضِيلَةُ الْجِهَادِ وَسَوَّى الْغَيْرُ بَيْنَهُمَا فِي الْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ فَلَوْ خَافَ مِنَ السِّبَاعِ أَوِ اللُّصُوصِ وَهُوَ مَاشٍ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَالشَّافِعِيُّ يُصَلِّي إِيمَاءً كَالْمُسَايَفَةِ وَلَوْ كَانَ جَالِسًا وَخَافَ مِنْ عَدُوِّهِ قَالَ أَشْهَبُ وَغَيْرُهُ يُصَلِّي جَالِسًا وَيَسْجُدُ إِلَّا أَنْ يَخَافَ فَيُومِئُ الثَّالِثُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ لَوْ غَشِيَهُ السَّيْلُ فِي وَادٍ لَا مَفَرَّ لَهُ إِلَّا بطول وَخَافَ فَوَاتَ الْوَقْتِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ الْوُقُوفُ صَلَّى فِي غدوه وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَكَذَلِكَ خَوْفُ الْحَيَّاتِ وَقَالَ الْمُزَنِيُّ الْحَيَّاتُ عذر نَادِر والنَّادِرٌ لَا يُسْقِطُ الْقَضَاءَ وَهَذِهِ الْفُرُوعُ كُلُّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى قَاعِدَةِ تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهَا وَهِيَ تَعَارُضُ الْمَقَاصِدِ وَالْوَسَائِلِ فَإِنَّهُ يَجِبُ تَقْدِيمُ الْمَقَاصِدِ لِكَوْنِهَا أَهَمَّ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ وَالْأَرْكَانُ مَقَاصِدُ وَالِاسْتِقْبَالُ شَرْطٌ وَوَسِيلَةٌ فَلَا تُتْرَكُ الْمَقَاصِدُ لِأَجْلِ تَعَذُّرِهِ الرَّابِعُ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَا يُصَلِّي عل دَابَّته التَّطَوُّع إِلَّا فِي سفر تقصر فِيهِ

الصَّلَاة قَالَ صَاحب الطّراز إِن كَانَ مُسْتَقْبل الْقِبْلَةَ فِي السَّفَرِ الْقَصِيرِ فَيَخْتَلِفُ فِيهِ الْمَذْهَبُ عَلَى رَأْيِ مَنْ جَوَّزَ الْإِيمَاءَ لِلْمُتَنَفِّلِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَقْبِلًا فَقَدْ جَوَّزَهُ الشَّافِعِيُّ فِي كُلِّ سَفَرٍ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ الْفَرْسَخَيْنِ وَالْأَوْزَاعِيُّ لِكُلِّ مَنْ خَرَجَ مِنْ بَلَدٍ فِي حَاجَة رَاكِبًا أَو مَاشِيا الْأَدِلَّةُ الدَّالَّةُ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالِاسْتِقْبَالِ وَجَوَّزَ فِي الْكِتَابِ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَالْوِتْرَ عَلَى الرَّاحِلَةِ خِلَافًا لِ (ح) فِي الْوِتْرِ لَنَا مَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يُسَبِّحُ عَلَى الرَّاحِلَةِ وَيُرْسِلُهَا غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي عَلَيْهَا الْمَكْتُوبَة والتنفل على الدَّابَّة من حَيْثُ الْجُمْلَةِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْمَاشِي فَمَنَعَهُ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَجَوَّزَهُ الشَّافِعِيُّ حُجَّتُنَا عَمَلُ السَّلَفِ وَلَيْسَ لِلْمُخَالِفِ مُدْرَكٌ إِلَّا الْقِيَاسُ عَلَى الرَّاكِبِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الرَّاكِبَ بِمَنْزِلَةِ الْجَالِسِ الْمُتَنَفِّلِ وَحَرَكَةُ الْمَاشِي تُنَافِي هَيْئَةَ الصَّلَاةِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي الْكِتَابِ يُصَلِّي عَلَى دَابَّتِهِ فِي السَّفَرِ حَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ بِهِ عَدَمُ اعْتِبَارِ الْقِبْلَةِ وَقْتَ الْإِحْرَامِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِنْ كَانَتْ دَابَّتُهُ غَيْرَ مَقْطُورَةٍ وَاقِفَةً افْتَتَحَهَا إِلَى الْقِبْلَةِ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ إِذَا كَانَتْ وَاقِفَةً لَا يُصَلِّي إِلَّا إِلَى الْقِبْلَةِ وَاتَّفَقُوا فِي الْمَقْطُورَةِ أَنَّهُ يُصَلِّي حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ وَإِنْ كَانَتْ وَاقِفَةً وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُفْرَدَةِ الَّتِي لَا تَصْعُبُ إِدَارَتُهَا فَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ يَلْزَمُهُ إِدَارَتُهَا وَيُحْرِمُ إِلَى الْقِبْلَةِ كَالْمَاشِي عِنْدَهُمْ وَمَنَعَ بَعْضُهُمْ لُزُومَ ذَلِكَ حُجَّتُهُمْ مَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ إِذَا سَافَرَ فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَتَطَوَّعَ اسْتَقْبَلَ بِنَاقَتِهِ الْقِبْلَةَ وَكَبَّرَ ثُمَّ صَلَّى حَيْثُ وَجه ركابه وَإِذا أحرم إِلَى جِهَة مسيره فَلَا

يَنْحَرِفُ بِوَجْهِهِ إِلَى غَيْرِهَا قَالَ مَالِكٌ إِذَا مَالَ مَحْمَلَهُ فَحَوَّلَ وَجْهَهُ إِلَى دُبُرِ الْبَعِيرِ لَمْ أُحِبَّهُ وَلْيُصَلِّ إِلَى سَيْرِ الْبَعِيرِ وَلَوْ صلى فِي الْمحمل مشرقا أَو مغربا لَا يَنْحَرِفُ إِلَى الْقِبْلَةِ وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا وَلْيُصَلِّ قِبَلَ وَجْهِهِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ فَعَلَى هَذَا إِذا انحرف بَعْدَ الْإِحْرَامِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَلَا سَهْوٍ فَإِن كَانَت الْقبْلَة فَلَا شَيْء عَلَيْهِ فَإِنَّهَا الْأَصْلُ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرُهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَقَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَأَمَّا إِذَا ظَنَّ أَنَّ تِلْكَ طَرِيقُهُ أَوْ غَلَبَتْهُ دَابَّتُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ فَلَوْ وَصَلَ مَنْزِلًا وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ نَزَلَ وَأَتَمَّ بِالْأَرْضِ رَاكِعًا وَسَاجِدًا إِلَّا قَوْلِ مَنْ يُجَوِّزُ الْإِيمَاءَ فِي النَّافِلَةِ لِلصَّحِيحِ فَإِنَّهُ يُتِمُّ صَلَاتَهُ عَلَى دَابَّتِهِ إِلَى الْقِبْلَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْزِلَ إِقَامَةٍ خَفَّفَ قِرَاءَتَهُ وَأَتَمَّ صَلَاتَهُ عَلَى الدَّابَّةِ لِأَنَّهُ يَسِيرُ وَلَهُ أَنْ يَعْمَلَ فِي صَلَاتِهِ مَا لَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ مِنْ مَسْكِ الْعِنَانِ وَالضَّرْبِ بِالسَّوْطِ وَتَحْرِيكِ الرِّجْلِ إِلَّا أَنَّهُ لَا يَتَكَلَّمُ وَلَا يَلْتَفِتُ وَلَا يَسْجُدُ عَلَى قَرْبُوسِ سِرْجِهِ وَلَكِنْ يُومِئُ قَالَ فِي الْكتاب قيام الْمصلى فِي الْمحمل مُتَرَبِّعًا وَإِذَا رَكَعَ رَكَعَ مُتَرَبِّعًا وَوَضَعَ يَدَيْهِ على رُكْبَتَيْهِ فَإِذا رفع رَأسه من رُكُوعه رَفَعَ يَدَيْهِ عَنْ رُكْبَتَيْهِ فَإِذَا أَهْوَى إِلَى السَّجْدَة بَين رجلَيْهِ وَسجد إِلَّا أَنْ يَقْدِرَ أَنْ يَثْنِيَ رِجْلَيْهِ فَيُومِئَ متربعا وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ فِي الْعُتْبِيَّة إِذا أعيا فِي تَرَبُّعِهِ فَمَدَّ رِجْلَيْهِ أَرْجُو أَنْ يَكُونَ خَفِيفًا قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ لَوْ صَلَّى عَلَى دَابَّتِهِ فِي قِبْلَتِهِ قَائِمًا رَاكِعًا وَسَاجِدًا مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ أَجَزَأَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ وَعَلَى قَوْلِ سَحْنُون لَا يجْزِيه لدُخُوله على

الْغَرَرِ وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ تَمْهِيدٌ أَقَامَ الشَّرْعُ جِهَةَ السَّفَرِ بَدَلًا مِنْ جِهَةِ الْكَعْبَةِ فِي حَقِّ الْمُتَنَفِّلِ لِأَنَّ تَحْصِيلَ مَقَاصِدِ الصَّلَاةِ أَوْلَى مِنْ رِعَايَةِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِهَا وَلَوْ مَنَعَ الشَّرْعُ التَّنَفُّل فِي الْأَسْفَار لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ لَامْتَنَعَ أَكْثَرُ النَّاسِ مِنَ التَّنَفُّلِ فِي السَّفَرِ وَلَامْتَنَعَ الْأَبْرَارُ مِنَ الْأَسْفَارِ حِرْصًا عَلَى النَّوَافِلِ وَكَذَلِكَ لَا تُتْرَكُ مَقَاصِدُ الصَّلَاةِ مِنَ الْأَرْكَانِ لِتَعَذُّرِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ فَإِنَّ الْقَاعِدَةَ تَقْدِيمُ الْمَقَاصِدِ عَلَى الْوَسَائِلِ الطَّرَفُ الثَّالِثُ الْمُسْتَقْبِلُ فَفِي الْجَوَاهِر أَحْوَاله سِتّ لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ فِي أَحَدِ الْحَرَمَيْنِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْيَقِينُ وَحَرُمَ الِاجْتِهَادُ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا عَالِمًا بِأَدِلَّةِ الْكَعْبَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ الِاجْتِهَادُ وَحَرُمَ التَّقْلِيد وَإِن لم يكن عَالما وَأمكنهُ التَّعْلِيم وَجب التَّعْلِيم وَحَرُمَ التَّقْلِيدُ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ وَقَدْ سَمِعَ أَقْوَالَ الْعُلَمَاءِ بِالْأَدِلَّةِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي تِلْكَ الْأَقْوَالِ وَحَرُمَ التَّقْلِيدُ فَإِنْ لَمْ يسمع جَازَ لَهُ التَّقْلِيد لقَوْله تَعَالَى {فاسئلوا أهل الذّكر إِن كُنْتُم لَا تعلمُونَ} وَيَلْحَقُ بِهِ الْأَعْمَى وَحَيْثُ قُلْنَا بِالتَّقْلِيدِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُقَلِّدُ مُكَلَّفًا مُسْلِمًا عَارِفًا بِأَدِلَّةِ الْقِبْلَةِ فَإِنْ عَدِمَ مَنْ يُقَلِّدُهُ وَيَلْحَقُ بِهِ الْمُجْتَهِدُ إِذَا خَفِيَتْ عَلَيْهِ الْأَدِلَّةُ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُصَلِّي إِلَى أَيِّ جِهَةٍ شَاءَ وَلَوْ صَلَّى أَرْبَعَ صَلَوَاتٍ لِأَرْبَعِ جِهَاتٍ لَكَانَ مَذْهَبًا وَفِي الْمُجْتَهِدِ الْمُتَحَيِّرِ قَوْلٌ ثَالِثٌ أَنَّهُ يُقَلِّدُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ فَلَوْ رَجَعَ لِلْأَعْمَى بَصَرُهُ فِي الصَّلَاةِ فَشَكَّ تَحَرَّى

وَبَنَى وَلَمْ يَقْطَعْ كَمَا لَوْ شَكَّ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ قَالَ فَلَوْ تَرَكَ الْأَعْمَى التَّقْلِيدَ مَعَ إِمْكَانِهِ وَصَلَّى بِرَأْيِ نَفْسِهِ أَوِ الْجَاهِلِ قَالَ بعض الشفعوية صَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ قَالَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ وَجَدَ مِنْهُ الْقَصْدَ إِلَى الْجِهَةِ وَهَذَا مُشْكِلٌ مِنْ صَاحب الطّراز فَإِن الْجَاهِل ترك مَا يجب عَلَيْهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ تَرَكَ الْمُجْتَهِدُ الِاجْتِهَادَ فَإِنَّ صَلَاتَهُ بَاطِلَةٌ وَلَوْ أَخْبَرَ الْأَعْمَى رَجُلٌ أَن الَّذِي قَلّدهُ يُخطئ فَفِي الْجَوَاهِرِ فَإِنْ صَدَّقَهُ انْحَرَفَ إِلَى الْجِهَةِ الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا وَبَنَى لِأَنَّهُ اجْتَهَدَ لَهُ مُجْتَهِدٌ قَالَ سَحْنُونٌ هَذَا هُوَ الْحَقُّ إِنْ كَانَ الْمُخْبِرُ أَخْبَرَ بِاجْتِهَادٍ فَإِنْ كَانَ عَنْ مُعَايَنَةٍ بَطَلَ مَا مَضَى وَلَمْ يَبْنِ قَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ فِي تَعْلِيقِهِ الْبَلَدُ الْخَرَابُ الَّذِي لَا أحد فِيهِ لَا يُقَلّد الْمُجْتَهد محاربيه فَإِنْ خَفِيَتْ عَلَيْهِ الْأَدِلَّةُ أَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ قَلَّدَهَا وَالْبَلَدُ الْعَامِرُ الَّذِي تَتَكَرَّرُ الصَّلَوَاتُ فِيهِ وَيَعْلَمُ أَنَّ إِمَامَ الْمُسْلِمِينَ نَصَبَ مِحْرَابَهُ أَوِ اجْتَمَعَ أَهْلُ الْبَلَدِ عَلَى نَصْبِهِ فَإِنَّ الْعَالِمَ وَالْعَامِّيَّ يُقَلِّدُونَهُ قَالَ لِأَنَّهُ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَبْنِ إِلَّا بَعْدَ اجْتِهَادِ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ قَالَ وَأَمَّا الْمَسَاجِدُ الَّتِي لَا تجْرِي هَذَا الْمَجْرَى فَإِنَّ الْعَالِمَ بِالْأَدِلَّةِ يَجْتَهِدُ وَلَا يُقَلِّدُ فَإِنْ خَفِيَتْ عَلَيْهِ الْأَدِلَّةُ قَلَّدَ مَحَارِيبَهَا وَأَمَّا الْعَامِّيُّ فَيُصَلِّي فِي سَائِرِ الْمَسَاجِدِ وَقَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ مَنْ غَابَ عَنِ الْكَعْبَةِ فَفَرْضُهُ الِاجْتِهَادُ فَإِنْ صَلَّى بِغَيْرِ اجْتِهَادٍ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ وَإِن وَقعت إِلَى الْكَعْبَة وَلم يفصل وَهَهُنَا قَوَاعِد خمس تَتَعَيَّنُ الْإِحَاطَةُ بِهَا الْقَاعِدَةُ الْأُولَى لَيْسَ الِاجْتِهَادُ بَذْلُ الْجُهْدِ كَيْفَ كَانَ بَلْ يُشْتَرَطُ فِيهِ مَعْرِفَةُ الْأَدِلَّةِ الْمَنْصُوبَةِ عَلَى الْكَعْبَةِ فَمَنِ اجْتَهَدَ فِي غَيْرِهَا فَلَيْسَ بِمُجْتَهِدٍ كَمَا أَنَّ الْمُجْتَهِدَ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ بِغَيْرِ أَدِلَّتِهَا الْمَنْصُوبَةِ عَلَيْهَا لَيْسَ بمجتهد وأصول

الْأَدِلَّة على الْكَعْبَةِ سِتَّةٌ الْعُرُوضُ وَالْأَطْوَالُ مَعَ الدَّائِرَةِ الْهَنْدَسِيَّةِ أَوْ غَيْرِهَا مِنَ الْأَشْكَالِ الْهَنْدَسِيَّةِ عَلَى مَا بُسِطَ فِي عِلْمِ الْمَوَاقِيتِ وَالْقُطْبُ وَالْكَوَاكِبُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالرِّيَاحُ وَهِيَ أَضْعَفُهَا كَمَا أَنَّ أَقْوَاهَا الْعرُوض والأطوال ثُمَّ الْقُطْبُ وَيَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِ هَذِهِ الْأَدِلَّةِ قَوْله تَعَالَى {وبالنجم هم يَهْتَدُونَ} فِي سِيَاقِ الِامْتِنَانِ وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى الْمَشْرُوعِيَّةِ وقَوْله تَعَالَى {لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْر} وَالْهِدَايَةُ إِنَّمَا تَكُونُ لِلْمَقَاصِدِ وَالصَّلَاةُ مِنْ أَهَمِّ الْمَقَاصِدِ وقَوْله تَعَالَى {وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عدد السنين والحساب} وَهَذَا كُلُّهُ تَنْبِيهٌ عَلَى وُجُوهِ تَحْصِيلِ الْمَصَالِحِ مِنَ الْكَوَاكِبِ وَمِنْ أَهَمِّ الْمَصَالِحِ إِقَامَةُ الصَّلَاةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ وَلِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ كُلَّ مَا أَفْضَى إِلَى الْمَطْلُوبِ فَهُوَ مَطْلُوبٌ وَهَذِهِ الْأُمُورُ مُفْضِيَةٌ إِلَى إِقَامَةِ الصَّلَوَاتِ الْمَطْلُوبَةِ فَتَكُونُ مَطْلُوبَةً الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ حَيْثُ قُلْنَا بِتَقْلِيدِ الْمَحَارِيبِ فَيشْتَرط فِيهَا أَن لَا تَكُونَ مُخْتَلِفَةً وَلَا مَطْعُونًا عَلَيْهَا مِنْ أَهْلِ الْعلم فمهما فقد أَحَدُ الشَّرْطَيْنِ لَا يَجُوزُ تَقْلِيدُهَا إِجْمَاعًا فَإِنَّ الْأَصْلَ فِي التَّكَالِيفِ الْعِلْمُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تقف مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم} وَقَدْ أَقَامَ الشَّرْعُ الظَّنَّ مَقَامَهُ لِتَعَذُّرِهِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الصُّوَرِ وَغَلَبَةِ صِدْقِ الظُّنُونِ وَنُدْرَةِ كَذِبِهَا وَالْمَصْلَحَةُ الْغَالِبَةُ لَا تُتْرَكُ لِلْمَفْسَدَةِ النَّادِرَةِ وَنفي الشَّك مُلْغًى بِالْإِجْمَاعِ وَمَعَ الِاخْتِلَافِ أَوِ الطَّعْنِ مِنْ أهل الْعلم

لَا عِلْمَ وَلَا ظَنَّ بَلْ نَقْطَعُ مَعَ الِاخْتِلَافِ بِالْخَطَأِ وَنَظُنُّهُ مَعَ الطَّعْنِ وَهَذَا هُوَ شَأْنُ مَحَارِيبِ الْقُرَى بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ فَإِنَّهَا مُخْتَلِفَةٌ جِدًّا وَمَطْعُونٌ عَلَيْهَا جِدًّا وَقَدْ صَنَّفَ الزَّيْنُ الدُّمْيَاطِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ تَصَانِيفَ فِيهَا وَنَبَّهَ عَلَى كَثْرَةِ فَسَادِهَا وَاخْتِلَافِهَا وَلَيْسَ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ بَلَدٌ نُقَلِّدُ مَحَارِيبَهَا الْمَشْهُورَةَ حَيْثُ قُلْنَا بِالتَّقْلِيدِ إِلَّا مصر والقاهرة والاسكندرية وَبَعض دمياط أَو بعض محاريب قوص وَأما الْمحلة ومنية بني خَصِيبٍ وَالْفَيُّومُ فَإِنَّ جَوَامِعَهَا فِي غَايَةِ الْفَسَادِ فَإِنَّهَا مُسْتَقْبِلَةٌ بِلَادَ السُّودَانِ وَلَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ جِهَةِ الْكَعْبَةِ مُلَابَسَةٌ الْقَاعِدَةُ الثَّالِثَةُ فِي مَعْرِفَةِ الِاسْتِدْلَالِ بِالْأَدِلَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ أَمَّا الْعُرُوضُ وَالْأَطْوَالُ فَلَا يَلِيق ذكرهَا هَهُنَا لِطُولِ أَمْرِهَا بَلْ نُحِيلُهَا عَلَى كُتُبِهَا الْمَوْضُوعَةِ لَهَا وَأَمَّا الْقُطْبُ فَهُوَ نُقْطَةٌ مُقَدَّرَةٌ مَا بَين الفرقدين والجدي وَهُوَ أقرب إِلَى الجدي وَالْجَدْيُ وَالْفَرْقَدَانِ مَعَ نُجُومٍ صِغَارٍ بَيْنَهُمَا صُورَتُهَا صُورَة سفينة أَو سَمَكَة وَهِي تَدور أبدا على الدَّهْرِ لَيْلًا وَنَهَارًا مَعَ بَنَاتِ نَعْشٍ فَالْجَدْيُ يَلِي النَّعْشَ وَالْفَرْقَدَانِ يَلِيَانِ الْبَنَاتَ وَهَذَا الْقُطْبُ هُوَ وَسَطُ السَّمَاءِ فَمَنْ جَعَلَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ فَقَدْ صَارَ الْجَنُوبُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ وَمَشْرِقُ الِاعْتِدَالِ عَلَى يَمِينِهِ وَمَغْرِبُ الِاعْتِدَالِ عَلَى يَسَارِهِ وَتَنْقَسِمُ لَهُ دَائِرَةُ الْأُفُقِ أَرْبَعَةَ أَرْبَاعٍ وَيُسْتَعَانُ عَلَى ذَلِكَ بِمَنْ هُوَ عَالِمٌ بِهِ فَإِذَا عَرَفْتَ الْقُطْبَ فَهُوَ يُجْعَلُ بِمِصْرَ وَمَا قَارَبَهَا خَلْفَ الْكَتِفِ الْأَيْسَرِ لَا بَيْنَ الْكَتِفَيْنِ وَلَا قُبَالَةَ صَفْحَةِ الْخَدِّ الْأَيْسَرِ بِحَيْثُ يَكُونُ مَطْلِعُ الْعَقْرَبِ وَمَشْرِقُ الشِّتَاءِ بَيْنَ الْعَيْنَيْنِ وَكُلَّمَا صَعَّدْتَ فِي الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ مِلْتَ إِلَى الْمَشْرِقِ وَكُلَّمَا انْحَدَرْتَ إِلَى الشِّمَالِ مِلْتَ إِلَى الْجَنُوبِ فَأَنْتَ أَبَدًا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْجَنُوبِ عَلَى الْوَجْهِ

الْمَحْدُودِ لَكَ وَلَا يَحْصُلُ التَّغَيُّرُ فِي أَقَلِّ مِنْ مَسِيرَةِ يَوْمَيْنِ شَرْقًا أَوْ غَرْبًا شَمَالًا أَوْ جَنُوبًا وَفِي إِفْرِيقِيَّةَ مِنْ أَرْضِ الْمَغْرِبِ يميلون إِلَى الشرق أَكْثَرَ مِنْ مِصْرَ وَأَهْلُ الْمَغْرِبِ الدَّاخِلِ يَزِيدُونَ عَلَى ذَلِكَ وَيُقَرِّبُونَ الْجَدْيَ مِنْ صَفْحَةِ الْخَدِّ الْأَيْسَرِ أَكْثَرَ وَفِي الْأَنْدَلُسِ يُبْعِدُونَهُ عَنْ صَفْحَةِ الخد ويقربون إِلَى الْجنُوب أَكثر من مِصْرَ وَأَهْلُ الْيَمَنِ يَجْعَلُونَهُ بَيْنَ أَعْيُنِهِمْ وَأَهْلُ الْعِرَاقِ وَالْمُوصِلِ وَبِلَادُ الرُّومِ وَالصَّقَالِبَةُ يَجْعَلُونَهُ بَيْنَ أَكْتَافِهِمْ وَأَهْلُ الشَّامِ يَمِيلُونَ عَنْ ذَلِكَ إِلَى جِهَةِ الْمَشْرِقِ يَسِيرًا وَبِلَادُ الْعَجَمِ يَجْعَلُونَهُ عَلَى جَنْبِ الْكَتِفِ الْأَيْمَنِ لَا بَيْنَ الْكَتِفَيْنِ وَلَا على صفحة الخد وبلاد الْهِنْد والسند يَجْعَلُونَهُ عَلَى صَفْحَةِ الْخَدِّ وَيَسْتَقْبِلُونَ وَسَطَ الْمَغْرِبِ وَأَوَائِلُ بِلَادِ التَّكْرُورِ وَالنُّوبَةُ وَالْبَجَّةُ يَجْعَلُونَهُ عَلَى صَفْحَةِ الْخَدِّ الْأَيْسَرِ وَيَسْتَقْبِلُونَ وَسَطَ الْمَشْرِقِ وَأَوَاخِرُ بِلَادِ التَّكْرُورِ وَالزَّيْلَعُ وَالْحَبَشَةُ يُقَرِّبُونَهُ مِنْ بَيْنِ الْعَيْنَيْنِ مِنْ جِهَةِ الْخَدِّ الْأَيْسَرِ وَهَذَا بَيَانُ هَذِهِ الْجِهَاتِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ فَإِنَّ ذِكْرَهَا عَلَى التَّفْصِيلِ لَا يَسَعُهُ هَذَا الْمَكَانُ وَعَلَى الْمُجْتَهِدِ تَحْرِيرُ ذَلِكَ فِي مَوَاضِعِهِ بِالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ بِحَسْبِ الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ وَأَمَّا الِاسْتِدْلَالُ بِالشَّمْسِ فَطُلُوعُهَا يُعَيِّنُ الْمَشْرِقَ وَالْمَغْرِبَ وَكَذَلِكَ غُرُوبُهَا وَزَوَالُهَا يُعَيِّنُ الشَّمَالَ وَالْجَنُوبَ فَإِنَّهَا لَا تَزُولُ أَبَدًا إِلَّا قُبَالَةَ الْقُطْبِ فَمُسْتَقْبِلُهَا حِينَئِذٍ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ وَالشَّامِيَّةِ يَكُونُ الْجَنُوبُ أَمَامَهُ وَالشَّمَالُ خَلْفَهُ وَالْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ عَنْ يَسَارِهِ وَيَمِينِهِ فَإِذَا انْقَسَمَتْ لَكَ الْجِهَاتُ الْأَرْبَعُ فِي بَلَدِكَ وَأَنْتَ تَعْلَمُ الْكَعْبَةَ فِي أَيِّ جِهَةٍ مِنْ جِهَاتِ بَلَدِكَ اسْتَقْبِلْهَا كَمَا تَقول فِي الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ الْكَعْبَةُ مِنْهَا مَا بَيْنَ الشرق وَالْجَنُوبِ وَهِيَ أَقْرَبُ إِلَى الْمَشْرِقِ وَأَمَّا الِاسْتِدْلَالُ بِالْقَمَرِ فَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ الْقَمَرَ لَا يَزَالُ قوسا إِلَّا فِي منتصف الشَّهْر فَفِي أَوَّلِ الشَّهْرِ يَكُونُ مُحَدَّبَ الْقَوْسِ

أبدا إِلَى جِهَة الْمغرب ومقعده إِلَى الشرق وَفِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنَ الشَّهْرِ يَكُونُ عَلَى الْعَكْس محدبه إِلَى الْمشرق ومقعده إِلَى الْمَغْرِبِ فَمَتَى نَظَرْتَ إِلَيْهِ فِي أَيِّ وَقْتٍ شِئْتَ بِاللَّيْلِ أَوْ بِالنَّهَارِ خَرَجَتْ لَكَ الْجِهَاتُ الْأَرْبَعُ وَفَعَلْتَ فِيهِ مَا فَعَلْتَهُ فِي الشَّمْسِ وَأَمَّا مُنْتَصَفُ الشَّهْرِ حَيْثُ لَا تَحْدِيبَ وَلَا تَقْعِيرَ فَإِنْ كُنْتَ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ فَاعْلَمْ أَنَّ الْجِهَةَ الْقَرِيبَةَ مِنْهُ هِيَ الْمَشْرِقُ والبعيدة الْمَغْرِبُ فَتَخْرُجُ لَكَ الْجِهَاتُ الْأَرْبَعُ فَتَتَعَيَّنُ لَكَ جِهَةُ الْقِبْلَةِ وَإِنْ كُنْتَ فِي آخِرِ اللَّيْلِ فالجهة الْقَرِيبَة مِنْهُ الْمغرب والبعيدة الْمَشْرِقُ فَتَخْرُجُ لَكَ الْجِهَاتُ الْأَرْبَعُ فَاصْنَعْ حِينَئِذٍ مَا تَصْنَعُهُ مَعَ الشَّمْسِ وَأَمَّا الرِّيَاحُ فَاعْلَمْ أَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَنْصِبُ بُيُوتَهَا إِلَى جِهَةِ الْمَشْرِقِ وَالْبَيْتُ إِنَّمَا يُمَالُ إِلَيْهِ مِنْ جِهَةِ بَابه والميل الصِّبَا وَمِنْه سميت الصابئة صبئبة لِأَنَّهَا مَالَتْ إِلَى عِبَادَةِ النُّجُومِ فَسُمِّيَتِ الرِّيحُ الْآتِيَةُ مِنْ وَسَطِ الْمَشْرِقِ صَبَا وَلَمَّا كَانَ بَابُ الْبَيْتِ يَتَنَزَّلُ مِنْهُ مَنْزِلَةَ الْوَجْهِ مِنَ الْإِنْسَانِ كَانَ ظَهْرُ الْبَيْتِ دُبُرَهُ فَالرِّيحُ الْغَرْبِيَّةُ تُسَمَّى دَبُورًا وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ نُصِرْتُ بِالصَّبَا وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ وَيَتَعَيَّنُ حِينَئِذٍ أَنْ تكون جِهَة القطب شِمَاله وضدها يَمِينه فَسُمِّيَتِ الرِّيحُ مِنْ جِهَةِ الْقُطْبِ شَمَالًا وَالْبِلَادُ الَّتِي فِي تِلْكَ الْجِهَةِ مِنَ الْحِجَازِ شَامًا وَهِي الَّتِي تُسَمَّى بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ بَحَرِيَّةً لِكَوْنِ الْبَحْرِ الْملح فِي تِلْكَ الْجِهَةِ فِي الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ وَعَكْسُهَا تُسَمَّى جَنُوبِيَّةً لِكَوْنِهَا مِنْ جَنْبِ الْبَيْتِ وَالْبِلَادُ الَّتِي فِي تِلْكَ الْجِهَةِ مِنَ الْحِجَازِ تُسَمَّى يَمَنًا وَتُسَمَّى بِمِصْرَ مَرِيسِيَّةَ لِأَجْلِ بَلَدٍ فِي هَذِه الْجِهَة تسمى مريسية

وَكُلُّ رِيحٍ بَيْنَ رِيحَيْنِ مِنْ هَذِهِ تُسَمَّى نكباء لتنكيبها عَن كل وَاحِد مِنْهُمَا فَالرِّيَاحُ حِينَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ أَرْبَعَةُ أُصُولٍ وَأَرْبَعَةُ نَوَاكِبَ فَإِذَا عَلِمْتَ رِيحًا مِنْ هَذِهِ الرِّيَاحِ تَعَيَّنَتْ لَكَ الْجِهَاتُ الْأَرْبَعُ وَفَعَلْتَ مَا تَقَدَّمَ فِي الشَّمْسِ فَهَذِهِ أُصُولُ الْأَدِلَّةِ وَفُرُوعُهَا كَثِيرَةٌ مِنَ الْأَنْهَارِ كَالنِّيلِ اعْلَمْ أَنَّهُ يَجْرِي مِنَ الْجَنُوبِ إِلَى الشَّمَالِ فَتَخْرُجُ بِهِ الْجِهَاتُ الْأَرْبَعُ وَكَذَلِكَ غَيْرُهُ مِنَ الْأَنْهَارِ وَالْجِبَالِ وَالْبِلَادِ وَغَيْرُ ذَلِكَ فَهَذِهِ الْأَدِلَّةُ تَتَعَيَّنُ عَلَى الْفَقِيهِ أَنْ يَعْلَمَهَا أَوْ بَعْضَهَا لِيَخْرُجَ مِنْ عُهْدَةِ ذَلِكَ الْوَاجِبِ فِي الْكَعْبَةِ تَنْبِيهٌ إِذَا قُلْنَا إِنَّ كُلَّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ لَا يُمكن القَوْل بِهِ هَهُنَا لِأَنَّ أَدِلَّةَ الْأَحْكَامِ يُعَارِضُ بَعْضُهَا بَعْضًا وَفِيهَا الْعَامُّ وَالْمُخَصَّصُ وَالْمُطْلَقُ وَالْمُقَيَّدُ وَالنَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ فَقَدْ يَطَّلِعُ أَحَدُ الْمُجْتَهِدِينَ عَلَى الْعَامِّ دُونَ الْمُخَصَّصِ وَيَطَّلِعُ الْآخَرُ عَلَى الْمُخَصَّصِ فَيَخْتَلِفَانِ وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي سَائِرِ الْأَقْسَامِ وَأَمَّا أَدِلَّةُ الْقِبْلَةِ فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَهَا فَمَنْ عَلِمَ جُمْلَتَهَا كَمَنْ عَلِمَ وَاحِدًا مِنْهَا فِي الْهِدَايَةِ فَلَا يَقَعُ الْخِلَافُ فِيهَا إِلَّا بَيْنَ جَاهِلٍ وَعَالِمٍ وَلَا يَقَعُ بَيْنَ عَالِمَيْنِ أَبَدًا لِأَنَّهَا أُمُورٌ مَحْسُوسَةٌ فَالْمُصِيبُ فِيهَا وَاحِدٌ لَيْسَ إِلَّا الْقَاعِدَةُ الرَّابِعَةُ أَنَّ أَرْبَابَ الْمَذَاهِبِ يَنْقُلُونَ الْخِلَافَ فِي الْوَاجِبِ فِي الْكَعْبَةِ فِي حَقِّ الْغَائِبِ عَنْهَا هَلْ هُوَ الْعَيْنُ أَوِ الْجِهَةُ وَهُوَ مُشْكِلٌ فَإِنَّ الْمُعَايِنَ لَا خِلَافَ أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ الْعَيْنُ بِلَا خلاف هَهُنَا وَالْغَائِبُ عَنْهَا إِمَّا وَاحِدٌ وَقَدِ اتَّفَقَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتْبَعَ جِهَةً يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ عَيْنَ الْكَعْبَةِ

وَرَاءَهَا إِمَّا بِالِاجْتِهَادِ أَوْ بِالتَّقْلِيدِ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْعُدُولُ عَنْ تِلْكَ الْجِهَة وَلِأَن اللَّهَ تَعَالَى كَلَّفَهُ بِرُؤْيَةِ الْعَيْنِ مَعَ الْغَيْبَةِ فَلَا خلاف هَهُنَا أَيْضا وَأما الْكثير فَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى وُجُوبِ الصَّلَاةِ فِي الْمَدِينَتَيْنِ الْمُتَقَارِبَتَيْنِ إِلَى جِهَةٍ وَاحِدَةٍ وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْكَعْبَة لَا يَكْفِي طولهَا بذلك وَأَنْ بَعْضَهُمْ خَارِجٌ عَنْهَا بِالضَّرُورَةِ وَالصَّفُّ الطَّوِيلُ بِمَنْزِلَة المدينتين وَقد انْعَقَد الْإِجْمَاع هَهُنَا عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِالْجِهَةِ الَّتِي يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ الْكَعْبَةَ وَرَاءَهَا وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إِنَّ صَلَاةَ بَعْضِهِمْ بَاطِلَةٌ وَلَا سَبِيلَ إِلَى الْقَوْلِ بِذَلِكَ إِذْ لَيْسَ الْبَعْضُ أَوْلَى مِنَ الْبَعْضِ فَيَبْقَى مَحَلُّ الْخِلَافِ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْأَحْكَامَ عَلَى قِسْمَيْنِ مَقَاصِدُ وَوَسَائِلُ فَالْمَقَاصِدُ كَالْحَجِّ وَالسَّفَرُ إِلَيْهِ وَسِيلَةٌ وَإِعْزَازُ الدِّينِ وَنَصْرُ الْكَلِمَةِ مَقْصِدٌ وَالْجِهَادُ وَسِيلَةٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنَ الْوَاجِبَاتِ وَالْمُحَرَّمَاتِ وَالْمَنْدُوبَاتِ وَالْمَكْرُوهَاتِ وَالْمُبَاحَاتِ فَتَحْرِيمُ الزِّنَا مَقْصِدٌ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى مَفْسَدَةِ اخْتِلَاطِ الْأَنْسَابِ وَتَحْرِيمُ الْخَلْوَةِ وَالنَّظَرِ وَسِيلَةٌ وَصَلَاةُ الْعِيدَيْنِ مَقْصِدٌ مَنْدُوبٌ وَالْمَشْيُ إِلَيْهَا وَسِيلَةٌ وَرَطَانَةُ الْأَعَاجِمِ مَكْرُوهَةٌ وَمُخَالَطَتُهُمْ وَسِيلَةٌ إِلَيْهِ وَأَكْلُ الطَّيِّبَاتِ مَقْصِدٌ مُبَاحٌ وَالِاكْتِسَابُ لَهُ وَسِيلَةٌ مُبَاحَةٌ وَحُكْمُ كُلِّ وَسِيلَةٍ حُكْمُ مَقْصِدِهَا فِي اقْتِضَاءِ الْفِعْلِ أَوِ التَّرْكِ وَإِنْ كَانَتْ أَخْفَضَ مِنْهُ فِي ذَلِكَ الْبَابِ إِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَالِاجْتِهَادُ قَدْ يَكُونُ فِي تَعْيِينِ الْمَقَاصِدِ كتميز الْأُخْت من الْأَجْنَبِيَّة وَقد تقع فِي الْوَسَائِلِ كَالِاجْتِهَادِ فِي أَوْصَافِ الْمِيَاهِ وَمَقَادِيرِهَا عِنْدَ مَنْ يَعْتَبِرُ الْمِقْدَارَ وَالْمَقْصِدُ هُوَ الطَّهُورِيَّةُ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّهُ مَهْمَا تَبَيَّنَ عَدَمُ إِفْضَاءِ الْوَسِيلَةِ إِلَى الْمَقْصِدِ بِطَلَ اعْتِبَارُهَا كَمَا إِذَا تَيَقَّنَّا أَن المَاء الَّذِي اجتهدنا فِي أَوْصَافِهِ مَاءُ وَرْدٍ مُنْقَطِعٌ فَإِنَّهُ يَجِبُ إِعَادَةُ

الصَّلَاةِ بِطَهَارَةٍ أُخْرَى فَعَيْنُ الْكَعْبَةِ مَعَ الْجِهَاتِ كَطَهُورِيَّةِ الْمَاءِ مَعَ الْأَوْصَافِ فَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْوَاجِبِ وُجُوبَ الْمَقَاصِدِ فِي الْكَعْبَةِ هَلْ هُوَ الْعَيْنُ وَتَكُونُ الْجِهَاتُ وَسَائِلَ فَإِذَا تَبَيَّنَ خَطَؤُهَا بَطَلَتِ الصَّلَاةُ كَالْمِيَاهِ وَهُوَ مَشْهُورُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ الأَصْل فَإِن الْمَقْصُود الَّذِي دلّ النَّص عَلَيْهِ إِنَّمَا هُوَ الْبَيْتُ أَوِ الْوَاجِبُ وُجُوبَ الْمَقَاصِدِ هُوَ الْجِهَةُ وَلَا عِبْرَةَ بِالْعَيْنِ أَلْبَتَّةَ لِأَنَّ الْعَيْنَ لَمَّا اسْتَحَالَ تَيَقُّنُهَا عَادَةً أَسْقَطَ الشَّرْعُ اعْتِبَارَهَا وَأَقَامَ مَظِنَّتَهَا الَّتِي هِيَ الْجِهَةُ مَقَامَهَا كَإِقَامَةِ السَّفَرِ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ مِيلًا مَقَامَ الْمَشَقَّةِ وَإِقَامَةِ صِيَغِ الْعُقُودِ مَقَامَ الرِّضَا وَالرِّضَا هُوَ الأَصْل لقَوْله عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا عَنْ طيب نَفسه مِنْهُ لَكِنْ لَمَّا تَعَذَّرَتْ مَعْرِفَتُهُ لِخَفَائِهِ أُقِيمَتْ مَظِنَّتُهُ مَقَامَهُ وَسَقَطَ اعْتِبَارُهُ حَتَّى لَوْ رَضِيَ بِانْتِقَالِ الْمِلْكِ وَلَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ قَوْلٌ وَلَا فعل لم ينتفل الْمِلْكُ فَكَذَلِكَ عَيْنُ الْكَعْبَةِ سَقَطَ اعْتِبَارُهَا لِخَفَائِهَا وَأُقِيمَتِ الْجِهَةُ مَقَامَهَا فَصَارَتْ هِيَ الْوَاجِبَةُ وُجُوبَ الْمَقَاصِد وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُور عندنَا وَمذهب أبي حنيفَة وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ وَسِيلَةِ الطَّهُورِيَّةِ وَوَسِيلَةِ الْكَعْبَةِ فَإِنَّ الْوُصُولَ إِلَى الطَّهُورِيَّةِ مُمْكِنٌ وَلَوْ فِي الْبَحْرِ بِخِلَافِ عَيْنِ الْكَعْبَةِ فَظَهَرَ أَنَّ الْجِهَةَ وَاجِبَةٌ إِجْمَاعًا إِمَّا وُجُوبَ الْمَقَاصِدِ أَو وُجُوبَ الْوَسَائِلِ وَالْعَيْنُ وَاجِبَةٌ وُجُوبَ الْمَقَاصِدِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَلَيْسَتْ وَاجِبَةً عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ مُطلقًا لَا مقصد وَلَا وَسِيلَة وَيظْهر حِينَئِذٍ إِمْكَان الْخلاف فِي المسئلة وَيَتَخَرَّجُ وُجُوبُ الْإِعَادَةِ عَلَيْهِ فِي حَقِّ مَنْ أَخْطَأَ فَإِنْ قُلْنَا الْجِهَةُ هِيَ الْمَقْصِدُ وَقَدْ حَصَلَتْ فَلَا إِعَادَةَ وَإِنْ قُلْنَا إِنَّهَا وَسِيلَةٌ وَالْوَسِيلَةُ إِذَا لَمْ تُفِضْ إِلَى الْمَقْصِدِ سَقَطَ اعْتِبَارُهَا كَالْأَوْصَافِ مَعَ الْمِيَاهِ فَتَجِبُ الْإِعَادَةُ لِتَحْصِيلِ

الْمَقْصِدِ الَّذِي لَمْ يَحْصُلْ بَعْدُ الْقَاعِدَةُ الْخَامِسَةُ هِيَ أَنَّ جِهَةَ الْكَعْبَةِ تَكُونُ شَرْقًا فِي قطر وغربا فِي قطر وكل نقطة تفرض بَين الْمشرق وَالْمغْرب من جِهَةِ الشَّمَالِ أَوِ الْجَنُوبِ فَهِيَ جِهَةُ الْكَعْبَةِ لقوم وعَلى ثَلَاثمِائَة وَسِتِّينَ نُقْطَةٍ وَتَحْرِيرُ ذَلِكَ يَحْصُلُ بِالطُّرُقِ الْمُتَقَدِّمَةِ مِنَ الِاسْتِدْلَالِ وَلَا يَجِبُ اتِّبَاعُ الْإِسْطِرْلَابِ وَلَا الطُّرُقِ الهندسية بل إِن حصلت فَهِيَ حسن لِأَنَّهَا مُؤَكدَة للحق لَا مبطلة لَهُ وَعَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَام مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَذكره مَالك عَن عمر فِي الْمُوَطَّأِ خَاصًّا بِبَعْضِ الْأَقْطَارِ فَإِنَّ اتِّبَاعَ ظَاهِرِهِ يُوجِبُ كَوْنَ الْجَنُوبِ وَالشَّمَالِ قِبْلَةً لِكُلِّ أحد وَهُوَ خلاف الْإِجْمَاع وَبِأَن الْمَشْرِقَ وَالْمَغْرِبَ لَيْسَا قِبْلَةً لِأَحَدٍ وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ بَلْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَدِينَةِ وَالشَّامِ وَنَحْوِهِمَا فِي جِهَةِ الْجَنُوبِ وَعَلَى الْيَمَنِ وَنَحْوِهِ فِي جِهَة الشمَال فَإِن هَذِه الأقطار الْبَيْتُ مِنْهُمْ فِي هَاتَيْنِ الْجِهَتَيْنِ وَأَمَّا مَنْ عَدَاهُمْ فَلَا يُرَادُ بِالْحَدِيثِ وَلِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ فِي الْمَجْمُوعَةِ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ إِذَا تَوَجَّهَ قِبَلَ الْبَيْتِ وَعَلَيْهِ الْأَمْرُ عِنْدَنَا يَعْنِي بِالْمَدِينَةِ فَاشْتَرَطَ فِي اسْتِعْمَالِ الْحَدِيثِ مُصَادَفَةَ جِهَةَ الْكَعْبَةِ وَمِثْلُ هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَام لَا تستقبلوا الْقبْلَة لبول أَوْ غَائِطٍ وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا مَحْمُولٌ عَلَى مَا حُمِلَ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ عَلَيْهِ فَإِنَّ التَّشْرِيقَ وَالتَّغْرِيبَ قَدْ يَكُونُ جِهَةَ الْكَعْبَةِ فَيَنْعَكِسُ الحكم

فُرُوعٌ ثَمَانِيَةٌ الْأَوَّلُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا عَلِمَ فِي الصَّلَاةِ أَنَّهُ إِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ ابْتَدَأَ الصَّلَاة مَنْ أَوَّلِهَا بِإِقَامَةٍ وَوَافَقَهُ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ قَالَ صَاحب الطّراز وَيتَخَرَّج فِيهَا قَول باستدارة وَالتَّمَادِي عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِيمَنْ ذَكَرَ النَّجَاسَةَ فِي صَلَاتِهِ فَإِنَّهُ يَطْرَحُهَا وَيَتَمَادَى وَمَنْ صَلَّى عُرْيَانًا ثُمَّ وَجَدَ السُّتْرَةَ وَالْفَرْقُ عَلَى الْمَشْهُورِ أَنَّ التَّوَجُّهَ مُتَّفَقٌ عَلَى شَرْطِيَّتِهِ بِخِلَافِ طَهَارَةِ الْخَبَثِ وَالسُّتْرَةِ فَيَكُونُ آكَدُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ ظُهُورِ الْخَطَأِ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَفِي أَثْنَائِهَا أَنَّ ظُهُورَهُ فِي أَثْنَائِهَا كَظُهُورِ الْخَطَأِ فِي الدَّلِيلِ قَبْلَ بَتِّ الْحُكْمَ فَإِنَّهُ يَجِبُ الِاسْتِئْنَافُ إِجْمَاعًا وَبَعْدَهَا كَظُهُورِ الْخَطَأِ بَعْدَ بَتِّ الْحُكْمِ وَتَنْفِيذِهِ فَلَا يُؤثر سُؤال قد استدارت الصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ لما أخبروا بتحول الْجِهَة من الْبَيْت الْمُقَدّس وَلم يبتدئوا جَوَابه أَنَّ الْمَاضِيَ مِنْ صَلَاتِهِمْ لَمْ يَكُنْ خَطَأً بَلْ هُوَ صَحِيحٌ وَالطَّارِئُ نَسَخَ فَبَنَوُا الصَّحِيحَ عَلَى الصَّحِيحِ بِخِلَافِ هَذَا الْمُصَلِّي الثَّانِي قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا تَبَيَّنَ الْخَطَأُ بَعْدَ الْفَرَاغِ فِي الْبَيَانِ نَاسِيًا أَوْ مُجْتَهِدًا يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لِسَحْنُونٍ يُعِيدُ مُطْلَقًا وَكَالْأَسِيرِ يجْتَهد فيصوم شعْبَان وَحكي التَّفْصِيل عَن الشَّافِعِي قَالَ وَذُكِرَ عَنِ ابْنِ الْقَابِسِيِّ يُعِيدُ النَّاسِي أَبَدًا بِخِلَافِ الْمُجْتَهِدِ قَالَ فَلَوْ صَلَّى بِغَيْرِ الْقِبْلَةِ مُتَعَمِّدًا أَوْ

جَاهِلًا بِوُجُوبِ الِاسْتِقْبَالِ فَلَا خِلَافَ فِي إِعَادَتِهِ أَبَدًا وَلِمُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ وَالْمُغِيرَةِ إِنْ شَرَّقَ أَوْ غَرَّبَ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ وَإِنِ اسْتَدْبَرَ الْقِبْلَةَ أَعَادَ مُطْلَقًا حُجَّةٌ الْمَشْهُورُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وقَوْله تَعَالَى {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فثم وَجه الله} خَصَّ مِنْهُ الْجِهَةَ الْمَعْلُومَةَ الْخَطَأِ فَتَكُونُ حُجَّةً فِيمَا عَدَا ذَلِكَ وَفِي التِّرْمِذِيِّ كُنَّا مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي سَفَرٍ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ فَلَمْ نَدْرِ أَيْنَ الْقِبْلَةُ فَصَلَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا عَلَى حَاله فَلَمَّا أَصْبَحْنَا ذكرنَا ذَلِك للنَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فَنزل قَوْله {فأينما توَلّوا فثم وَجه الله} وَقَوْلُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنَّهَا نَزَلَتْ فِي التَّنَفُّلِ عَلَى الرَّوَاحِلِ لَا يُنَافِي ذَلِكَ لِاحْتِمَالِ الْجَمْعِ فِي الْإِرَادَةِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ أَمَّا مَنْ لَا تَلْتَبِسُ عَلَيْهِ الْكَعْبَةُ وَإِنَّمَا سَهَا فَتَوَجَّهَ إِلَى غَيْرِهَا أَعَادَ أَبَدًا الثَّالِثُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ لَوْ شَكَّ الْمُجْتَهِدُ بَعْدَ إِحْرَامِهِ وَلَمْ تَتَعَيَّنْ لَهُ جِهَةٌ تَمَادَى لِأَنَّهُ دخل بِالِاجْتِهَادِ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ خَطَؤُهُ الرَّابِعُ قَالَ لَوْ صَلَّى بِاجْتِهَاد وَحضر صَلَاةٌ أُخْرَى فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَإِنْ كَانَ الْوَقْتَانِ تَخْتَلِفُ فِيهِمَا الْأَدِلَّةُ اجْتَهَدَ ثَانِيًا وَإِلَّا فَلَا وَفِي الْجَوَاهِرِ يُعِيدُ الِاجْتِهَادَ مُطْلَقًا الْخَامِسُ قَالَ إِذَا أَدَّاهُ الِاجْتِهَادُ إِلَى جِهَةٍ فَصَلَّى إِلَى غَيْرِهَا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ صَلَّى إِلَى الْكَعْبَةِ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيُّ وَأَبِي حَنِيفَةَ لِتَرْكِهِ الْوَاجِبَ قَالَ كَمَا لَوْ صَلَّى ظَانًّا أَنَّهُ مُحْدِثٌ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مُتَطَهِّرٌ

السَّادِسُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا عَلِمَ فِي صَلَاتِهِ أَنَّهُ انْحَرَفَ عَنِ الْقِبْلَةِ وَلَمْ يُشَرِّقْ وَلَمْ يُغَرِّبِ اسْتَقَامَ إِلَى الْقِبْلَةِ وَبَنَى وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيُّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ تَبْطُلُ لِأَنَّ الصَّلَاةَ الْوَاحِدَةَ لَا تَكُونُ إِلَى جِهَتَيْنِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَهَذَا إِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ قَالَ وَأَمَّا لَوِ اعْتَقَدَ الْمَأْمُومُ أَنَّ الْإِمَامَ انْحَرَفَ انْحِرَافًا بَيِّنًا فَارَقَهُ وَأَتَمَّ لِنَفْسِهِ وَلَوْ كَانُوا فِي بَيْتٍ مُظْلِمٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُمْ صَلَّوْا لِجِهَاتٍ شَتَّى فَإِن كَانَ الإِمَام إِلَى غير الْقِبْلَةِ أَعَادُوا كُلُّهُمْ تَبَعًا لِلْإِمَامِ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَعَادَ دُونَ الْإِمَامِ السَّابِعُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ الْكَافَّةُ عَلَى أَنَّ مَنْ يُحْسِنُ الِاسْتِدْلَالَ وَلَا وَجَدَ دَلِيلًا أَنَّهُ يَتَحَرَّى جِهَةً تَرْكَنُ إِلَيْهَا نَفْسُهُ يُصَلِّي إِلَيْهَا صَلَاةً وَاحِدَةً وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ يُصَلِّي أَرْبَعَ صَلَوَاتٍ إِلَى أَرْبَعِ جِهَاتٍ وَهُوَ مَذْهَبُهُ فِي الْأَوَانِي يُصَلِّي بعددها وزائد إِحْدَى صلوَات وَكَذَلِكَ فِي الثِّيَابِ النَّجِسَةِ وَوَجْهُ قَوْلِ الْجَمَاعَةِ قَوْله تَعَالَى {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} وَأَنَّ الْيَقِينَ لَا يَحْصُلُ بِأَرْبَعِ جِهَاتٍ لِاحْتِمَالِ أَن تكون الْكَعْبَة فِي جِهَة بَين اثْنَتَيْنِ مِنْهَا بَلْ لَا يَحْصُلُ الْيَقِينُ حَتَّى يُصَلِّيَ ثَلَاثَمِائَةٍ وَسِتِّينَ صَلَاةً وَهَذَا لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ ففارقت هَذِه المسئلة مسئلة الْأَوَانِي الثَّامِنُ قَالَ لَوْ أَخْبَرَ مُجْتَهِدٌ مُجْتَهِدًا وَهُوَ ثِقَة خَبِير عَنْ جِهَةِ الْبَلَدِ رَجَعَ إِلَيْهِ فَإِنَّ قِبْلَةَ الْبَلَدِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنِ اجْتِهَادَاتٍ فَهِيَ أَقْرَبُ لِلصَّوَابِ مِنِ اجْتِهَادٍ وَاحِدٍ وَإِنْ أَخْبَرَهُ عَنِ اجْتِهَادِ نَفْسِهِ سَأَلَهُ عَنْ وَجْهِ الِاجْتِهَادِ فَإِن

تَبَيَّنَ لِأَحَدِهِمَا صَوَابُ الْآخَرِ اتَّبَعَهُ وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ فَعَلَ فَصَلَاةُ الْمَأْمُومِ مِنْهُمَا بَاطِلَةٌ فَإِنْ طَلَعَ الْغَيْمُ وَنَسِيَ أَحَدُهُمَا وَجْهَ اجْتِهَادِهِ سَأَلَ صَاحِبَهُ فَإِنْ تَبَيَّنَ لَهُ صَوَابُهُ اتَّبَعَهُ وَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنِ انْتَظَرَ زَوَالَ الْغَيْمِ فَإِنْ خَافَ فَوَاتَ الْوَقْتِ قَلَّدَ صَاحِبَهُ كَالْأَعْمَى الشَّرْطُ السَّادِسُ النِّيَّة وَقد تقدّمت فِي الطَّهَارَة مباحثها فتراجع هُنَاكَ وَنَذْكُر هَهُنَا مَا تخْتَص بِهِ فَنَقُولُ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ النِّيَّةُ الْكَامِلَةُ هِيَ الْمُتَعَلِّقَةُ بِأَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ تَعْيِينُ الصَّلَاةِ وَالتَّقَرُّبُ بِهَا ووجوبها وأدائها وَاسْتِشْعَارُ الْإِيمَانِ يُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ فَهَذِهِ هِيَ النِّيَّةُ الْكَامِلَةُ فَإِنْ سَهَا عَنِ الْإِيمَانِ أَوْ وُجُوبِ الصَّلَاةِ أَوْ كَوْنِهَا أَدَاءً أَوِ التَّقَرُّب بهَا لَمْ تَفْسُدْ إِذَا عَيَّنَهَا لِاشْتِمَالِ التَّعْيِينِ عَلَى ذَلِكَ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَالْمُعِيدُ لِلصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ وَالصَّبِيُّ لَا يَتَعَرَّضَانِ لِفَرْضٍ وَلَا لِنَفْلٍ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا كَانَ مَأْمُومًا فَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ مَعَ ذَلِكَ فَإِنْ تَرَكَهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَأَمَّا الْإِمَامُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْوِيَ الْإِمَامَةَ إِلَّا فِي خَمْسَةِ مَوَاضِعَ قَالَ ابْن بشير فِي كتاب النَّظَائِر الَّذِي لَهُ الْجُمُعَةُ وَالْجُمَعُ وَالْجَنَائِزُ وَالْخَوْفُ وَالِاسْتِخْلَافُ يَجْمَعُهَا للْحِفْظ ثَلَاث جيمات وخاآن وَالسِّرُّ فِيهَا مِنْ جِهَةِ الْفِقْهِ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَهُوَ أَنَّ الْإِمَامَةَ فِيهَا شَرْطٌ وَلَمَّا كَانَتْ صَلَاةُ الْمُنْفَرِدِ مُسَاوِيَةً لِصَلَاةِ الْإِمَامِ لَمْ يَحْصُلْ وَصْفُ الْإِمَامَةِ إِلَّا بِالنِّيَّةِ فَيَحْصُلُ الشَّرْطُ حِينَئِذٍ وَحَكَى الْبَاجِيُّ عَنْ (ش) أَنَّ الْإِمَامَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْوِيَ مُطْلَقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَقَالَ (ح) لَا تَقْتَدِي الْمَرْأَةُ بِمَنْ لَمْ يَنْوِ أَنَّهُ يَؤُمُّهَا إِلَّا فِي الْجُمُعَةِ قَالَ لِأَنَّ الْإِمَامَ يَجِبُ عَلَيْهِ تَأْخِيرُهَا خَلْفَهُ فَلَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ هَذَا الْفَرْضُ إِلَّا بِنِيَّةٍ كَمَا أَنَّهُ لَا يَتَوَجَّهُ عَلَى الْمَأْمُومِ فَرْضُ الِاتِّبَاعِ إِلَّا بِالنِّيَّةِ وَمَا ذَكَرَهُ مَنْقُوضٌ بِالْجُمُعَةِ وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَإِنَّهُ تَسْقُطُ عَنْهُ الْقِرَاءَةُ

وَسُجُودُ السَّهْوِ فِي السَّهْوِ الَّذِي يَخُصُّهُ فَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةٍ تُؤَثِّرُ فِي ذَلِكَ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَاخْتُلِفَ هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَنْوِيَ الدُّخُولَ بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فَمَالَ إِلَيْهِ الْبَاجِيُّ وَقَالَ هُوَ مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ إِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ نَاسِيًا لِلْإِحْرَامِ قَالَ وَمَنْ جَوَّزَ تَقْدِيمَ النِّيَّةِ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ قَالَ وَأَمَّا مَا عَدَا الْإِحْرَام من الْأَركان فَلَا تحْتَاج إِلَى تَعْيِينٍ عِنْدَ الْإِحْرَامِ وَلَا عِنْدَ الْفِعْلِ وَقَالَ بعض الشفعوية يَنْوِي الْأَرْكَانَ عِنْدَ الْإِحْرَامِ قَالَ وَهُوَ هَوَسٌ وَقَدْ كَانَتِ الْأُمَّةُ عَلَى خِلَافِ هَذَا وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَنْوِيَ حُرُوفَ الْفَاتِحَةِ وَالتَّسْلِيمَ لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ قَالَ وَمِثْلُ هَذِهِ الْهَفْوَةِ قَوْلُ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ مِنْ أَصْحَابِنَا إِنَّهُ يَلْزَمُهُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ أَن يذكر حدث الْعَالم وأدلته وَإِثْبَات الْأَعْرَاض واستحالة عرو الْجَوَاهِرِ عَنْهَا وَإِبْطَالَ حَوَادِثَ لَا أَوَّلَ لَهَا وأدلة الْعَالم بِالصَّانِعِ وَإِثْبَاتَ الصِّفَاتِ وَمَا يَجِبُ لَهُ تَعَالَى وَمَا يَسْتَحِيلُ وَمَا يَجُوزُ وَأَدِلَّةَ الْمُعْجِزَةِ وَتَصْحِيحَ الرِّسَالَةِ ثُمَّ الطُّرُقَ الَّتِي بِهَا وَصَلَ التَّكْلِيفُ إِلَيْهِ قَالَ وَحَكَى الْمَازِرِيُّ أَرَدْتُ اتِّبَاعَ كَلَامِ الْقَاضِي عِنْدَ إِحْرَامِي فَرَأَيْتُ فِي مَنَامِي كَأَنِّي أَخُوضُ فِي بَحْرٍ مِنْ ظَلَامٍ فَقُلْتُ هَذِهِ وَاللَّهِ الظُّلْمَةُ الَّتِي قَالَهَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَحَكَى صَاحِبُ الْقَبَسِ مَذْهَبَ الْقَاضِي عَنْ إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ أَيْضًا وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ تِذْكَارُ هَذِهِ الْأُمُورِ يَكْفِي فِيهِ الزَّمَنُ الْيَسِيرُ بِخِلَافِ تَعَلُّمِهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ هَلْ يَفْتَقِرُ إِلَى نِيَّةِ عَدَدِ الرَّكَعَاتِ فِيهِ خِلَافٌ يَنْبَنِي عَلَيْهِ الْخِلَافُ فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ مَنِ افْتَتَحَ بِنِيَّةِ الْقَصْرِ فَأَتَمَّ أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ صَلَّى الْجُمُعَةَ فَلَمْ تَتِمَّ لَهُ شُرُوطهَا هَل عَلَيْهِ ظهر أم لَا أَو دخل مَعَ الْإِمَامُ فِي الْجُمُعَةِ يَظُنُّهَا الظُّهْرَ أَوْ بِالْعَكْسِ وَيَجِبُ مُقَارَنَتُهَا لِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَحَكَى اللَّخْمِيُّ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ قَالَ مَالِكٌ تُجْزِئُ الْجُمُعَةُ عَنِ الظُّهْرِ وَلَا يُجْزِئُ الظُّهْرُ

عَنِ الْجُمُعَةِ وَقَالَ فِي السُّلَيْمَانِيَّةِ تُجْزِئُ عَنْهَا وَقَالَ أَشْهَبُ لَا تُجْزِئُ الْجُمُعَةُ عَنِ الظُّهْرِ إنْشَاء واستصحابا وَوَافَقَنَا الشَّافِعِيُّ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو حَنِيفَةَ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا بِالشَّيْءِ الْيَسِيرِ وَوَافَقَهُمَا صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَقَالَ دَاوُدُ يَجِبُ تَقْدِيمهَا لنا أَن النِّيَّة شرعت لتميز الْعِبَادَاتِ عَنِ الْعَادَاتِ أَوْ لِتَمَيُّزِ مَرَاتِبِ الْعِبَادَاتِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ وَالَّذِي لَا يُقَارِنُ الشَّيْءَ لَا يُمَيِّزُهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يَفْتَقِرُ إِلَى لَفْظٍ سِوَى التَّكْبِيرِ خِلَافًا لِ ش فِي اسْتِحْبَابِهِ لِذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّكْلِيف وَالتَّنْبِيهِ عَلَى مُتَعَلِّقَاتِهَا لَنَا أَنَّ السَّلَفَ لَمْ يَكُونُوا يَفْعَلُونَ ذَلِك فَلَا يشرع وَيجب استصحابها حكما بِأَن لَا يَحْدُثَ مَا يُنَافِيهَا كَنِيَّةِ الْخُرُوجِ فِي الْحَالِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ رَفْضُ النِّيَّةِ فِي الْوُضُوءِ وَالْحَجِّ لَا يَضُرُّ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوُضُوءَ تَعَيَّنَ بِالْأَعْضَاءِ وَالْحج بمواضعه الْمَخْصُوصَة بِخِلَافِ الْآخَرِينَ فَكَانَ احْتِيَاجُهُمَا إِلَى النِّيَّةِ أَقَلَّ فَكَانَ تَأْثِيرُ الرَّفْضِ فِيهِمَا أَبْعَدَ وَالْغَفْلَةُ عَنْهُمَا فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ لَا تَضُرُّ وَيُحْكَى عَنْ سَحْنُونٍ أَنَّهُ كَانَ يُعِيدُ صَلَاتَهُ مُعَلِّلًا بِأَنَّ نِيَّته غربت وَقَالَ القَاضِي أَبُو بكر إِن غربت لِأَمْرٍ مَضَى فِي الصَّلَاةِ أَوْ عَارِضٍ لَمْ يَضُرَّ وَإِنْ كَانَتْ بِأَسْبَابٍ مُتَقَدِّمَةٍ قَدْ لَزِمَتِ للْعَبد مِنَ الِانْهِمَاكِ فِي الدُّنْيَا وَالتَّعَلُّقِ بِفُضُولِهَا فَيَقْوَى تَرْكُ الِاعْتِدَادِ بِهَا لِأَنَّهُ وَاقِعٌ بِاخْتِيَارِهِ وَقَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَحَ لِلْعِبَادِ فِي اسْتِرْسَالِ الْخَوَاطِرِ فِي الصَّلَاةِ بِمَا لَيْسَ مِنْهَا فَإِذَا ذَكَرَ عَادَ إِلَيْهَا فَإِنِ اسْتَمَرَّ مُخْتَارًا مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ وَأَعْرَضَ عَنْ صَلَاتِهِ بَطَلَتْ قَالَ وَقَالَ الْفُقَهَاءُ الَّذِي يَقَعُ مِنَ الصَّلَاةِ فِي حَالِ الْخَوَاطِرِ مُجْزٍ وَقَالَ الزُّهَّادُ لَيْسَ بِمُجْزٍ وَقَدْ وَرَدَ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ إِنَّ الرَّجُلَ لَيُصَلِّي الصَّلَاةَ فَيُكْتَبُ لَهُ نِصْفُهَا ثُلُثُهَا رُبُعُهَا حَتَّى ذَكَرَ عشرهَا

فَرْعٌ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ النَّوَافِلُ عَلَى قِسْمَيْنِ مُقَيَّدَةٌ وَمُطْلَقَةٌ فَالْمُقَيَّدَةُ السُّنَنُ الْخَمْسُ الْعِيدَانِ وَالْكُسُوفُ وَالِاسْتِسْقَاءُ وَالْوِتْرُ وَرَكْعَتَا الْفَجْرِ فَهَذِهِ مُقَيَّدَةٌ إِمَّا بِأَزْمَانِهَا أَوْ بِأَسْبَابِهَا فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ نِيَّةِ التَّعْيِينِ فَمَنِ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ ثُمَّ أَرَادَ رَدَّهَا لِهَذِهِ لَمْ يَجُزْ وَأَلْحَقَ الشَّافِعِيَّةُ بِهَذِهِ قِيَامَ رَمَضَانَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ وَالْمُطْلَقَةُ مَا عَدَا هَذِهِ فَيَكْفِي فِيهَا نِيَّةُ الصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَ فِي اللَّيْلِ فَهُوَ قِيَامُ اللَّيْلِ أَوْ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ كَانَ مِنْهُ أَوْ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ فَهُوَ الضُّحَى أَوْ عِنْدَ دُخُولِ مَسْجِدٍ فَهُوَ تحيته وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْعِبَادَاتِ مِنْ صَوْمٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ لَا يَفْتَقِرُ إِلَى التَّعْيِينِ فِي مُطْلَقِهِ بَلْ تَكْفِي نِيَّةُ أَصْلِ الْعِبَادَةِ الشَّرْطُ السَّابِعُ تَرْكُ الْكَلَامِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ اخْتَلَفَ الْمَذْهَبُ فِي كَوْنِهِ فَرْضًا أَوْ سُنَّةً وَهُوَ مَذْهَبُ الْأَبْهَرِيِّ قَالَ وَقَالَ إِنَّ الْقَوْلَ بِالْإِعَادَةِ إِذَا تَكَلَّمَ عَامِدًا إِنَّمَا هُوَ عَلَى الْقَوْلِ بِالْإِعَادَةِ مِمَّن ترك السّنَن عَامِدًا قَالَ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ فَرْضٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْكَلَامُ سَبْعَةُ أَقْسَامٍ فَإِنْ تَكَلَّمَ سَاهِيًا أَوْ عَامِدًا لِلْكَلَامِ سَاهِيًا عَنِ الصَّلَاةِ لَمْ يُفْسِدْهَا أَوْ عَامِدًا ذَاكِرًا أَنه فِي الصَّلَاة أَو عَالما بِتَحْرِيمِهِ فَيُفْسِدُهَا أَوْ جَاهِلًا بِجَوَازِهِ فَقِيلَ تَبْطُلُ لِأَنَّهُ عَامِدٌ وَقِيلَ تَصِحُّ لِأَنَّهُ مُتَأَوِّلٌ أَوْ عَامِدًا مَأْمُومًا تَكَلَّمَ لِإِصْلَاحِ الصَّلَاةِ لِسَهْوٍ دَخَلَ عَلَى الإِمَام فَقَالَ مَالك وَابْن الْقَاسِم لَا يُفْسِدهَا وَقَالَ الْمُغِيرَةُ يُفْسِدُهَا أَوْ عَامِدًا تَكَلَّمَ لِإِنْقَاذِ مُسْلِمٍ مِنْ مَهْلَكَةٍ أَوْ نَحْوِهِ فَذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ ويستأنف الصَّلَاة إِلَّا أَن يضيق فَيكون كالمسابفة فَإِنْ خَافَ عَلَى مَالٍ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ وَكَانَ كثيرا تكلم

واستأنف وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا لَمْ يَتَكَلَّمْ فَإِنْ فَعَلَ بطلت وَفِي الْجَوَاهِر كل مَا ينْطَلق عَلَيْهِ اسْم كَلَام من غير تَحْدِيد بِحُرُوفِهِ وَلَا تَعْيِينٍ لَهَا مُبْطِلٌ لِلصَّلَاةِ تَعَمَّدَهُ أَوْ أُكْرِهَ عَلَيْهِ أَوْ وَجَبَ لِإِنْقَاذٍ مِنْ مَهْلَكَةٍ أَو شبهه وَقَالَ بعض الشفعوية لَا يُبْطِلهَا لوُجُوبه عَلَيْهِ لقَوْله عَلَيْهِ السَّلَام لِأَبِي سَعِيدٍ مَا مَنَعَكَ أَنْ تُجِيبَ إِذْ دَعَوْتُكَ؟ فَقَالَ كُنْتُ أُصَلِّي فَقَالَ أَلَمْ تَجِدْ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دعَاكُمْ لما يُحْيِيكُمْ} قَالَ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا أَعُودُ قَالَ صَاحب الطّراز وَهَذَا يحْتَمل أَنَّهُ يُجِيبُهُ بَعْدَ قَطْعِ النَّافِلَةِ أَوْ يُجِيبُهُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ أَو بِلَفْظِ الْقُرْآنِ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ وَلَا يُبْطِلُهَا سَبْقُ اللِّسَانِ وَلَا كَلَامُ النَّاسِي وَلَا لِإِصْلَاحِ الصَّلَاة وَقَالَ ت = الْمُغِيرَةُ تَبْطُلُ وَتَبْطُلُ بِكَلَامِ الْجَاهِلِ إِلْحَاقًا لَهُ بِالْعَامِدِ وَقِيلَ لَا تَبْطُلُ إِلْحَاقًا بِالنَّاسِي قَاعِدَةٌ يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ أَنْ يَعْلَمَ أَحْكَامَ اللَّهِ تَعَالَى فِي كُلِّ فِعْلٍ يَقْدُمُ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَتَعَلَّمْ ذَلِكَ كَانَ عَاصِيًا وَعِلْمُ الْإِنْسَان بحالته الَّتِي هُوَ فِيهَا فرض الْعين مِنَ الْعِلْمِ فَإِذَا أَقْدَمَ عَلَى الصَّلَاةِ وَلَمْ يَعْلَمْ تَحْرِيمَ الْكَلَامِ فِيهَا فَهُوَ عَاصٍ مُفَرِّطٌ فَلذَلِك كَانَ الْمَشْهُور إِلْحَاقه بالعامد المقصر دون النَّاسِي الْمَعْذُور فَتخرج فروع الْجَاهِلِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ فُرُوعٌ تِسْعَةٌ الْأَوَّلُ التَّنَحْنُحُ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ إِنْ كَانَ لضَرُورَة فَغير مُبْطل وَإِن كَانَ

لغير ضَرُورَةٍ فَهُوَ مُبْطِلٌ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فَإِنْ قَصَدَ بِهِ الْإِفْهَامَ لِغَيْرِهِ لَمْ يَبْطُلْ عِنْدَ ابْن الْقَاسِم وَيبْطل عِنْد ابْن الْحَكَمِ الثَّانِي قَالَ فِي الْكِتَابِ النَّفْخُ مِثْلُ الْكَلَامِ يُبْطِلُ الصَّلَاةَ عَمْدُهُ وَجَهْلُهُ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ لِلسَّهْوِ وَكَرِهَهُ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَلَمْ يَرَهُ كَالْكَلَامِ وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ وَاشْتَرَطَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي إِبْطَالِهِ لِلصَّلَاةِ أَنْ يُسْمَعَ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلْ شبه بِالنَّفَسِ فَلَا يُبْطِلُ أَوْ يُقَالُ هُوَ مُرَكَّبٌ من الْألف وَالْفَاء فَهُوَ كَلَامٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَلا تَقُلْ لَهما أُفٍّ} فَجعله قولا وَهُوَ اسْم لوسخ الأظافر وَالْكَاف اسْمٌ لِوَسَخِ الْبَرَاجِمِ ثُمَّ الْحُرُوفُ لَيْسَتْ شَرْطًا فَلَوْ ضَحِكَ أَوْ نَهِقَ كَالْحَمِيرِ أَوْ نَعَقَ كَالْغِرْبَانِ وَنَحْوِهِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ الثَّالِث قَالَ والأنين كَالْكَلَامِ إِلَّا أَن تضطره إِلَيْهِ عِنْدَ مَالِكٍ وَالْبُكَاءُ إِنْ كَانَ مِنْ بَابِ الْخُشُوعِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَهُوَ كَالْكَلَامِ وَفِي حَدِيثِ الْمُوَطَّأِ لَمَّا أَمَرَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ قَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إِنَّ أَبَا بَكْرٍ إِذَا قَامَ فِي مَقَامِكَ لَمْ يَسْمَعِ النَّاس من الْبكاء وَهُوَ دَلِيل عدم إفساده للصَّلَاة الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ إِذَا قَرَأَ كِتَابًا مُلْقًى بَين يَدَيْهِ عَامِدًا ابْتَدَأَ الصَّلَاة فرضا

كَانَت أَو نقلا وَسَجَدَ لِسَهْوِهِ إِنْ كَانَ نَاسِيًا قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِنْ كَانَ قُرْآنًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ خِلَافًا لِ ح وَإِنْ كَانَ لَيْسَ بِقُرْآنٍ وَحَرَّكَ بِهِ لِسَانَهُ فَكَمَا قَالَ فِي الْكتاب وَإِن لم يَتَحَرَّك لِسَانُهُ فَإِنْ قَلَّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنَّ تَعَمَّدَ وَإِنْ طَالَ مَعَ الذِّكْرِ أَفْسَدَ لِأَنَّهُ تلبس بِفعل من الصَّلَاةِ لَيْسَ مِنْ جِنْسِهَا كَمَا لَوْ طَالَتْ فِكْرَتُهُ فِي شَيْءٍ بَيْنَ يَدَيْهِ الْخَامِسُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا سَلَّمَ سَاهِيًا مِنْ رَكْعَتَيْنِ فَتَكَلَّمَ يَسِيرًا رَجَعَ وَبَنَى وَسَجَدَ لِسَهْوِهِ بَعْدَ السَّلَامِ لِحَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ وَإِنْ تَبَاعَدَ أَعَادَ وَقِيلَ لِابْنِ الْقَاسِمِ إِنِ انْصَرَفَ وَأَكَلَ وَشَرِبَ وَلَمْ يَطُلْ ذَلِكَ؟ قَالَ يَبْتَدِئُ وَلَمْ أَحْفَظْهُ عَن مَالك وَفِي مُسلم أَنه عَلَيْهِ السَّلَام صَلَّى الْعَصْرَ فَسَلَّمَ مِنْ ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ ثُمَّ دَخَلَ مَنْزِلَهُ فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ الْخِرْبَاقُ وَكَانَ فِي يَدَيْهِ طُولٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَذَكَرَ لَهُ صَنِيعَهُ فَخَرَجَ غَضْبَانَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى النَّاسِ فَقَالَ أَصَدَقَ هَذَا؟ فَقَالُوا نَعَمْ فَصَلَّى رَكْعَةً ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى مِثْلِ قَوْلِ مَالِكٍ وَاخْتَلَفَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ فِي الْقُرْبِ فَقَالَ مِقْدَارُ رَكْعَةٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ مِقْدَارُ الصَّلَاةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا وَقِيلَ مَا كَانَ فِي الْعُرْفِ طُولًا قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَبْنِي وَإِنْ طَالَ وَهُوَ قَوْلُ مَنْ يَرَى أَنَّهُ مَا خَرَجَ مِنَ الصَّلَاةِ وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى إِحْرَامٍ عِنْدَهُ قَالَ وَقَدْ نقل البراذعي هَذِه المسئلة نقلا فَاسِدا لقَوْله فَإِن تبَاعد

وَخَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ فَأَوْهَمَ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا شَرْطٌ قَالَ مَالِكٌ إِذَا خَرَجَ إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ أَوْ قُرْبَ مُصَلَّاهُ ابْتَدَأَ وَقَالَ أَشْهَبُ الْخُرُوجُ مِنَ الْمَسْجِدِ حَدٌّ فِي الْقَطْعِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَسْجِدِ فَمِقْدَارُ مُجَاوَزَةِ الصُّفُوفِ بِحَيْثُ لَا يلصي بِصَلَاتِهِمْ فَرْعٌ مُرَتَّبٌ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ فَلَوْ ذَكَرَ بِالْقُرْبِ فَتَكَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَبْنِ لِأَنَّهُ كَلَامٌ بِغَيْرِ سَهْوٍ وَقَالَهُ مَالِكٌ قَالَ وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا أَكَلَ أَوْ شرب يرْوى بِالْوَاو وبأو وَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَبْنِي إِذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ مَا لَمْ يُطِلْ وَوَجْهُ قَوْلِ ابْن الْقَاسِم أَن الْأكل وَالشرب وَأَغْلظ مِنَ الْكَلَامِ وَلَمْ يُشْرَعْ جِنْسُهُ فِي الصَّلَاةِ السَّادِسُ فِي الْجَوَاهِرِ لَوْ قَالَ ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ إِنْ قَصَدَ التِّلَاوَةَ لَمْ يَضُرُّهُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ إِلَّا الْإِفْهَامَ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يضرّهُ أَيْضًا وَقَالَ الْمَازِرِيُّ يَتَخَرَّجُ فِيهَا قَوْلٌ بِالْإِبْطَالِ من الْخلَافَة فِي بُطْلَانِ صَلَاةِ مَنْ فَتَحَ بِالْقُرْآنِ عَلَى مَنْ لَيْسَ مَعَهُ فِي الصَّلَاةِ السَّابِعُ الْقَهْقَهَةُ فِي الْجَوَاهِرِ يُبْطِلُ عَمْدُهَا وَسَهْوُهَا وَغَلَبَتُهَا وَقِيلَ هِيَ كَالْكَلَامِ لَا يُبْطِلُ سَهْوُهَا قَالَهُ أَصْبَغُ وَقَالَ فِي الْكِتَابِ إِنْ كَانَ وَحْدَهُ قَطَعَ وَإِنْ كَانَ مَعَ إِمَامٍ مَضَى وَأَعَادَ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى

الْخُرُوجِ بِسَلَامٍ رَفْعًا لِلْخِلَافِ وَيَسْتَأْنِفُ الْإِحْرَامَ بِيَقِينٍ وَهُوَ سَبَبُ التَّمَادِي مَعَ الْإِمَامِ وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا قَهْقَهَ الْإِمَامُ مَغْلُوبًا اسْتَخْلَفَ وَأَتَمَّ مَعَهُمْ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ لِأَنَّ غَلَبَةَ الْقَهْقَهَةِ كَسَبْقِ الْكَلَامِ وَقِيلَ يَبْطُلُ مَا مَضَى لِمُنَافَاةِ الْقَهْقَهَةِ الصَّلَاةَ أَكْثَرَ مِنَ الْكَلَامِ بِسَبَبِ الْخُشُوعِ مَعَهَا أَوْ لِأَنَّهَا لَمْ يُشْرَعْ جِنْسُهَا فِي الصَّلَاةِ بِخِلَافِهِ وَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ عَلَى رَأْي مَالك وَابْن الْقَاسِم وَلَا تَبْطُلُ بِالتَّبَسُّمِ لِخِفَّتِهِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ الصَّوَابُ قِيَاسًا عَلَى الْمُرْتَقَبِ وَعَلَى الْعَابِثِ بِيَدِهِ وَعَلَى مُسَوِّي الْحَصْبَاءِ بِنَعْلِهِ وَشِبْهِ ذَلِكَ مِمَّا فِي فِعْلِهِ تَرْكُ الْخُشُوعِ نَاسِيًا كَانَ أَو عَامِدًا وَلَا سُجُود عَلَيْهِ بَان بِاتِّفَاقٍ وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ لِكَوْنِهِ زِيَادَةً فِي الصَّلَاةِ وَفِي الْجُلَّابِ قَبْلَ السَّلَامِ لِنُقْصَانِ الْخُشُوعِ وَهُوَ ضَعِيفٌ الثَّامِنُ فِي الْكِتَابِ كَرِهَ لِلْمَأْمُومِ أَنْ يَتَعَوَّذَ إِذا قَرَأَ الإِمَام آيَة وَعِيد قَالَ إِن فعل سرا قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْإِنْصَاتِ قَالَ وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْمُنْفَرِدِ فَعِنْدَ الشَّافِعِي يتَعَوَّذ عِنْد الْوَعيد ويسئل عِنْدَ الْوَعْدِ وَكَرِهَهُ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفْلِ وَمُرَادُهُ فِي الْكِتَابِ الْفَرِيضَةُ التَّاسِعُ فِي الْكِتَابِ لَا يَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ إِنْ عَطَسَ إِلَّا فِي نَفْسِهِ وَتَرْكُهُ أَحْسَنُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ الْمُعْتَادَةِ فِيهَا فَأَشْبَهَ الْكَلَامَ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ تُكْرَهُ الْعَطْسَةُ الْعَالِيَةُ فِي الصَّلَاةِ وَلْيَحْفَظْهَا مَا قدر وَيجْعَل

يَدَهُ عَلَى وَجْهِهِ وَجَوَّزَ فِي الْكِتَابِ الدُّعَاءَ عَلَى الظَّالِمِ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَة كَانَ عَلَيْهِ السَّلَام فِي قنوته يَدْعُو الْمُؤمنِينَ وَيَلْعَنُ الْكَافِرِينَ قَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ إِنْ قَالَ يَا فُلَانُ فَعَلَ اللَّهُ بِكَ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ بِخِلَافِ فَعَلَ اللَّهُ بِفُلَانٍ أَوِ اللَّهُمَّ افْعَلْ بِفُلَانٍ قَالَ وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِنَا قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا مَرَّ بِهِ إِنْسَانٌ فَأَخْبَرَهُ بِمَا يَسُرُّهُ فَقَالَ الْحَمد لله عَامِدًا أَو بِمَا يضرّهُ فتوجع قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُعْجِبُنِي وَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاة قَالَ وَهُوَ كَمَا قَالَ لِأَنَّهُ أشغل نَفسه بِغَيْر أَمر صلَاته من أَمر دُنْيَاهُ بِخِلَافِ فِعْلِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ رَفَعَ يَدَيْهِ فِي الصَّلَاةِ وَحَمِدَ اللَّهَ لَمَّا أَمَرَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْمُكْثِ فِي مَوْضِعِهِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ كُنَّا نسلم على النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام وَهُوَ فِي الصَّلَاة وَيرد عَلَيْنَا فَلَمَّا رَجَعْنَا مِنْ عِنْدِ النَّجَاشِيِّ سَلَّمْنَا عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْنَا وَقَالَ إِنَّ فِي الصَّلَاةِ لَشُغْلًا زَادَ أَبُو دَاوُدَ فَأَخَذَنِي مَا قَدُمَ وَمَا حَدُثَ فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ يُحْدِثُ مَنْ أَمْرِهِ مَا يَشَاءُ وَإِنَّهُ قَدْ أَحْدَثَ أَنْ لَا تَتَكَلَّمُوا فِي الصَّلَاةِ الشَّرْطُ الثَّامِنُ تَرْكُ الْأَفْعَالِ الْكَثِيرَةِ فَفِي الْجَوَاهِرِ يُبْطِلُهَا كُلُّ مَا يُعَدُّ بِهِ عِنْدَ النَّاظِرِ مُعْرِضًا عَنِ الصَّلَاةِ لِفَسَادِ نِظَامِهَا وَمَنْعِ اتِّصَالِهَا وَلَا يُبْطِلُهَا مَا لَيْسَ كَذَلِكَ مِنْ تَحْرِيك الْأَصَابِع للتسبيح أَوْ حَكَّةٍ وَهُوَ مَكْرُوهٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ لمصْلحَة الصَّلَاة كسد الْفرج أَو الضَّرُورَة كَقَتْلِ مَا يُحَاذِرُهُ وَإِنْقَاذِ نَفْسٍ إِذَا كَانَ عَلَى الْقُرْبِ فَإِنْ تَبَاعَدَ تَغَيَّرَ النِّظَامُ فَيُبْطِلُهَا وَإِنْ كَانَ وَاجِبًا

فُرُوعٌ تِسْعَةٌ الْأَوَّلُ قَالَ فِي الْكِتَابِ يَرُدُّ السَّلَامَ بِرَأْسِهِ أَوْ بِيَدِهِ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفْلِ وَوَافَقَهُ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَرُدُّ مُطْلَقًا وَلَا الْإِشَارَةَ وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَجَابِرٌ وَجَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ يَرُدُّ مُطْلَقًا بِالْإِشَارَةِ وَبِاللَّفْظِ الْمُعْتَادِ فِي رَدِّ السَّلَامِ وَيُرْوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَة أَنه كَانَ يرفع صَوته برد السَّلَام لما فِي التِّرْمِذِيِّ عَنْ صُهَيْبٍ مَرَرْتُ بِالنَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي فَرَدَّ عَلَيَّ إِشَارَةً بِإِصْبَعِهِ وَلِلْفُقَهَاءِ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَصْحَابِهِ حَدِيث ابْن مَسْعُود فِي بَاب الْكَلَام قد تقدم الثَّانِي فِي الْكتاب قَالَ ابْن الْقَاسِم إِذَا عَطَسَ فَشَمَّتَهُ رَجُلٌ فَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ إِشَارَةً فِي فَرْضٍ وَلَا نَفْلٍ لِمَا فِي مُسْلِمٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فَعَطَسَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ فَقُلْتُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ فَقُلْتُ وَاثُكْلَ أُمَّاهُ مَا شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ؟ فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذهم! فَعرفت أَنهم يُصمتُونِي فَسكت فَلَمَّا سلم النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام بِأَبِي وَأُمِّي مَا ضَرَبَنِي وَلَا نَهَرَنِي وَلَا سَبَّنِي ثُمَّ قَالَ إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يصلح فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ هَذَا إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ فَمَا رَأَيْتُ معلما قطّ أرْفق مِنْهُ عَلَيْهِ السَّلَام وَوجه الدَّلِيل أَنه

عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يُقِرَّهُ عَلَى الْكَلَامِ وَلَمْ يَأْمُرهُ بِالْإِشَارَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ رَدِّ السَّلَامِ وَجَوَابِ التَّشْمِيتِ أَنَّ جَوَابَ التَّشْمِيتِ دُعَاءٌ وَهُوَ مَا لَا يَتَأَتَّى بِالْإِشَارَةِ وَرَدُّ السَّلَامِ تَحِيَّةٌ وَهُوَ يَحْسُنُ فِي الْعَادَةِ بِالْإِشَارَةِ بِالرَّأْسِ وَغَيْرِهِ الثَّالِثُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ مُقْتَضَى قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ يَرُدُّ بِالْإِشَارَةِ أَنَّ لِلنَّاسِ أَنْ يُسَلِّمُوا عَلَيْهِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَفِي هَذَا الِاسْتِقْرَاءِ نَظَرٌ فَقَدْ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ وَلِلشَّافِعِيَّةِ قَوْلَانِ قَالَ وَالْأَوَّلُ الْمَشْهُورُ وَبِهِ قَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ وَحُجَّتُهُ عُمُومُ التَّسْلِيم وَحَدِيث ابْن عمر أَنه عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يَرُدُّ بِالْإِشَارَةِ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَى مَنْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ وَاسْتحبَّ الشَّافِعِي التصفيق لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُسَبِّحُ الرِّجَالُ وَلْيُصَفِّقِ النِّسَاءُ وَالْعَمَلُ عَلَى خِلَافِهِ وَالْمَعْنَى أَيْضًا فَإِنَّ التَّسْبِيحَ يُنَاسِبُ الصَّلَاةَ بِخِلَافِ التَّصْفِيقِ فَرْعٌ مُرَتَّبٌ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ لَفْظُ التَّسْبِيحِ سُبْحَانَ اللَّهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فَإِنْ قَالَ سُبْحَانَهُ فَقَدْ أَخْطَأَ وَلَا يَصِلُ إِلَى الْإِعَادَةِ وَإِنْ قَالَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ أَوْ كَبَّرَ أَوْ هَلَّلَ فَلَا حَرَجَ

الرَّابِعُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ رَأَيْتُ مَالِكًا إِذَا أَصَابَهُ التَّثَاؤُبُ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى فِيهِ وَيَنْفُثُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَلَا أَدْرِي مَا يَفْعَلُهُ فِي الصَّلَاةِ؟ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ إِنَّ اللَّهَ يحب العطاس وَيكرهُ التثاؤب فَإِذا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرُدُّهُ مَا اسْتَطَاعَ وَلَا يَقُلْ هَا هَا فَإِنَّمَا ذَلِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ يَضْحَكُ مِنْهُ وَفِي رِوَايَةٍ فَلْيُمْسِكْ عَلَى فِيهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَأَمَّا النَّفْثُ فَلَيْسَ مِنْ أَحْكَامِ التَّثَاؤُبِ بَلْ رُبَّمَا اجْتَمَعَ الرِّيق فِي فَم الْإِنْسَان فينفثه وَلَو ابتلعه جَازَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْفُثَهُ إِذَا كَانَ صَائِمًا وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْوَاضِحَةِ يَسُدُّ فَاهُ بِيَدِهِ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى يَنْقَطِعَ تَثَاؤُبُهُ قَالَ فَإِنْ قَرَأَ حَالَ تَثَاؤُبِهِ فَإِنْ كَانَ يَفْهَمُ مَا يَقُول فمكروه ويجزيه وَإِنْ لَمْ يَفْهَمْ فَلْيُعِدْ مَا قَرَأَ فَإِنْ لَمْ يُعِدْ فَإِنْ كَانَ فِي الْفَاتِحَةِ لَمْ يُجْزِهِ وَإِلَّا أَجْزَأَهُ الْخَامِسُ قَالَ فِي الْكِتَابِ فَإِذا انْفَلَتَتْ دَابَّتُهُ وَطَلَبَهَا عَلَى الْقُرْبِ بَنَى وَإِلَّا طَلَبَهَا وَابْتَدَأَ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ إِنْ كَانَ الْوَقْتُ ضَيِّقًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَتَمَادَى فِي طلب دَابَّته وَهُوَ فِي الصَّلَاة كالمسابفة وَقَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ هَذَا مُتَّجِهٌ إِلَّا أَنْ يكون لَا يؤيس أَمر الدَّابَّة فيشتغل بِصَلَاتِهِ وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنِ الْأَزْرَقِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ كُنَّا بالأهواز نُقَاتِلُ الْحَرُورَيَّةِ فَبَيْنَمَا أَنَا عَلَى حَرْفِ نَهْرٍ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ فَصَلَّى فَإِذَا لِجَامُ دَابَّتِهِ فِي يَدِهِ فَجَعَلَتِ الدَّابَّةُ تُنَازِعُهُ وَجَعَلَ يَتْبَعُهَا قَالَ شُعْبَة هُوَ أَبُو هُرَيْرَة الْأَسْلَمِيُّ فَجَعَلَ الرَّجُلُ مِنَ الْخَوَارِجِ يَقُولُ اللَّهُمَّ افْعَلْ بِهَذَا الشَّيْخِ! فَلَمَّا انْصَرَفَ الشَّيْخُ قَالَ أبي سَمِعْتُ قَوْلَكُمْ وَإِنِّي غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سِتَّ غَزَوَاتٍ أَوْ سَبْعَ غَزَوَاتٍ أَوْ ثَمَانِيَ غَزَوَاتٍ وَشَهِدْتُ مَسِيرَهُ وَإِنِّي إِنْ كُنْتُ أَرْجِعُ مَعَ دَابَّتِي أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَدَعَهَا تَرْجِعُ إِلَى مَأْلَفِهَا وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ

أحد من الصَّحَابَة رضوَان الله عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ وَفِي أَبِي دَاوُدَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا أَنه عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يُصَلِّي وَالْبَابُ عَلَيْهِ مُغْلَقٌ فَجِئْتُ فَاسْتَفْتَحْتُ فَمَشَى يفتح لِي ثُمَّ رَجَعَ وَذَكَرَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ الْبَابَ فِي قِبْلَةِ الْبَيْتِ السَّادِسُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ لَوْ خَافَ عَلَى صَبِيٍّ بِقُرْبِ النَّارِ قَالَ مَالِكٌ يُنْجِيهِ فَإِنِ انْحَرَفَ عَنِ الْقِبْلَةِ ابْتَدَأَ وَإِنْ لَمْ يَنْحَرِفْ بَنَى قَالَ وَإِنْ خَافَ فَوَاتَ الْوَقْتِ إِنْ قَطَعَ لَمْ يَقْطَعْ السَّابِعُ قَالَ مَنْ قَرُبَ مِنْهُ صَبِيٌّ فِي الصَّلَاة فلينه عَنهُ فِي الْمَكْتُوبَة وَلَا بَأْسَ بِهِ فِي النَّافِلَةِ لِمَا فِي الْمُوَطَّأ عَن عبَادَة قَالَ رَأَيْته عَلَيْهِ السَّلَام يُصَلِّي وَأُمَامَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَى عُنُقِهِ فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا زَادَ مُسْلِمٌ يَؤُمُّ النَّاسَ وَتَأَوَّلَهُ مَالِكٌ فِي النَّوَافِلِ وَرَوَى عَنْهُ حَمْلُهُ عَلَى الضَّرُورَةِ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ فَرْضٍ وَنَفْلٍ خِلَافَ مَا فِي الْكِتَابِ وَقَدْ زَادَ أَبُو دَاوُدَ بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الظُّهْرِ أَوِ الْعَصْرِ وَقَدْ دَعَاهُ بِلَالٌ لِلصَّلَاةِ فَقَامَ فِي مُصَلَّاهُ وَقُمْنَا خَلْفَهُ وَهِيَ فِي مَكَانِهَا فَكَبَّرَ حَتَّى إِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ أَخَذَهَا ثُمَّ وَضَعَهَا ثُمَّ رَكَعَ وَسَجَدَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ سُجُودِهِ أَخَذَهَا وَرَدَّهَا فِي

مَكَانِهَا فَمَا زَالَ يَصْنَعُ بِهَا كَذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ فِي حَمْلِ الْمَرْأَةِ وَلَدَهَا فِي الْفَرْضِ تَرْكَعُ بِهِ وَتَسْجُدُ لَا يَنْبَغِي فَإِنْ لَمْ يَشْغَلْهَا عَنِ الصَّلَاةِ لَمْ تُعِدْ وَالَّذِي قَالَهُ إِنَّمَا يُتَصَوَّرُ إِذَا كَانَ مشدودا لَا يَسْقُطُ إِذَا رَكَعَتْ أَوْ سَجَدَتْ وَإِلَّا فتضعه فِي الرُّكُوع وَالسُّجُود وتأخذه عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيَكُونُ ذَلِكَ الْعَمَلُ مِنْ حيّز الْقَلِيل الَّذِي لَا يعطل الصَّلَاةَ الثَّامِنُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا ابْتَلَعَ طَعَامًا بَيْنَ أَسْنَانِهِ لَمْ يَقْطَعْ ذَلِكَ صَلَاتَهُ وَكَذَلِكَ إِذَا الْتَفَّتْ فِي الصَّلَاةِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ نَقَلَهُ الْبَرَاذِعِيُّ لَا يَلْتَفِتُ وَلَمْ يَقُلْ مَالِكٌ ذَلِكَ وَإِنَّمَا قَالَ إِذَا الْتَفَتَ وَالِالْتِفَاتُ على ضَرْبَيْنِ لحَاجَة وَهُوَ مُبَاح بِحَدِيث أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَيْثُ الْتَفَتَ فِي الصَّلَاةِ فَرَأَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَتَأَخَّرَ وَفِي أَبِي دَاوُدَ ثَوَّبَ بِصَلَاةِ الصُّبْحِ فَجَعَلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُصَلِّي وَهُوَ يَلْتَفِتُ إِلَى الشِّعْبِ وَكَانَ أَرْسَلَ فَارِسًا إِلَيْهِ مِنَ اللَّيْلِ يَحْرُسُ وَلِغَيْرِ حَاجَةٍ مَكْرُوهٌ لِمَا فِي الْبُخَارِيِّ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ سَأَلْنَا النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام عَنِ الِالْتِفَاتِ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ هُوَ اخْتِلَاسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلَاةِ الْعَبْدِ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُخْتَصَرِ لَا بَأْسَ أَنْ يَتَصَفَّحَ بِجَسَدِهِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ إِنِ الْتَفَتَ بِجَمِيعِ جسده لم أسأَل ملكا عَنْهُ وَذَلِكَ كُلُّهُ سَوَاءٌ يَعْنِي لِأَنَّ رِجْلَيْهِ مَعَ نصفه الأول يكون مُسْتَقْبلا فَهُوَ مُسْتَقْبل عَادَة وَهُوَ

قَول الشَّافِعِي قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِذَا حَوَّلَ رِجْلَيْهِ عَنْ جِهَة الْكَعْبَة بَطل توجهه التَّاسِعُ أَعَابَ فِي الْكِتَابِ تَفْرِيقَ الْقَدَمَيْنِ أَوْ يَكُونُ فِي فِيهِ دِرْهَمٌ أَوْ فِي كُمِّهِ خُبْزٌ أَوْ شَيْءٌ يَحْشُو كُمَّهُ أَوْ يُفَرْقِعُ أَصَابِعَهُ وَغَيْرَهُ لِأَنَّهُ مَنْ فِعْلِ الْفِتْيَانِ وَكَرِهَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَسْجِدِ لِأَنَّهُ مِنَ الْعَبَثِ الَّذِي تنزه الْمَسَاجِد عَنهُ وَلم يكره أَن يُحَرك رِجْلَيْهِ وَلَا أَنْ يَمْسَحَ التُّرَابَ عَنْ جَبْهَتِهِ أَوْ كَفَّيْهِ وَأَجَازَ مَالِكٌ الصَّلَاةَ فِي الْغَزْوِ وَالْجِهَادِ وَالثُّغُورِ وَمَوَاضِعِ الرِّبَاطِ بِالسَّيْفِ وَبِالْقَوْسِ وَقَالَ لَيْسَ كَالسَّيْفِ وَكَرِهَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَاسْتَحَبَّ أَنْ يَجْعَلَ عَلَى عَاتِقِهِ عِمَامَتَهُ وَأَجَازَ ابْنُ حَبِيبٍ الصَّلَاةَ بِهِمَا جَمِيعًا وَلَمْ يَرَ بَأْسًا بِتَرْكِ الْعِمَامَةِ وَرَأَى أَنَّ السَّيْفَ وَالْقَوْسَ عَدْلُ الرِّدَاءِ وَأَمَّا فِي الْحَضَرِ فَيُكْرَهُ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِلَّا أَنْ يَأْمُرَ بِهِ السُّلْطَانُ لِأَمْرٍ يَنُوبُ فَلَا بَأْسَ وَلْيَطْرَحْ عَلَى السَّيْفِ مَا يَسْتُرُهُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ تَفْرِيقُ الْقَدَمَيْنِ قِلَّةُ وقار وإلصاقهما زِيَادَةُ تَنَطُّعٍ فَيُكَرَهُ وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُخْتَصَرِ ذَلِكَ وَاسِعٌ وَكَرِهَ مَا فِي الْفَمِ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الْقِرَاءَةَ وَهُوَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْنَعُهُ الدِّرْهَمُ مَخَارِجَ الْحُرُوفِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَمْنَعُهُ ذَلِكَ فَمَنْ خَشِيَ ذَلِكَ تَجَنَّبَهُ وَحَشْوُ الْكُمِّ يَمْنَعُ هَيْئَةَ السُّجُودِ مِنْ مِرْفَقَيْهِ وَكَرِهَ مَالِكٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ أَنْ يَكُونَ فِي كُمِّهِ صَحِيفَةٌ فِيهَا شَعْرٌ فَإِنْ كَانَ ثَمِينًا يَخْشَى عَلَيْهِ حَمَلَهُ وَلَوْ كَانَ حَيَوَانًا نجس الروث كالغراب لم يضرّهُ لِأَن ظَاهر وَبَاطِنُ الْحَيَوَانِ لَا عِبْرَةَ بِهِ وَكَذَلِكَ الْحَيَوَانُ الْمُذَكَّى إِذَا غَسَلَ ظَاهِرَهُ مِنَ الدَّمِ وَلَا يَضُرُّ مَا فِي بَاطِنِهِ مِنَ الدَّمِ

خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ فِي اعْتِبَارِهِمْ إِيَّاهُ كَدَنِّ الْخَمْرِ وَقَارُورَةٍ مُلِئَتْ نَجَاسَةً وَالْفَرْقُ طَهَارَتُهُ بِخِلَافِهِمَا وَأَمَّا فَرْقَعَةُ الْأَصَابِعِ فَلِمَا وَرَدَ أَنَّ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ صَلَّيْتُ خَلْفَ ابْنِ عَبَّاسٍ فَفَرْقَعْتُ أَصَابِعِي فَلَمَّا صَلَّى قَالَ لِي لَا أُمَّ لَكَ تُفَرْقِعُ أَصَابِعَكَ وَأَنْتِ فِي الصَّلَاةِ وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنِ التَّشْبِيكِ وَهُوَ أَخَفُّ مِنْهُ وَكَرِهَهُ مَالِكٌ فِي الصَّلَاةِ دُونَ الْمَسْجِدِ وَفِي أَبِي دَاوُدَ سُئِلَ نَافِعٌ عَنِ الرَّجُلِ يُصَلِّي مشبكا يَده قَالَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ تِلْكَ صَلَاةُ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَفِيهِ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَأَحْسَنَ وَضَوْءَهُ ثُمَّ خَرَجَ عَامِدًا إِلَى الْمَسْجِدِ فَلَا يُشَبِّكُ يَدَيْهِ فَإِنَّهُ فِي صَلَاةٍ وَقَالَ بِهِ الشَّافِعِيُّ وَكَذَلِكَ يَنْهَى عَنْ جَعْلِ الْيَدِ عَلَى الْخَاصِرَةِ لِنَهْيِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي مُسْلِمٍ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ مُخْتَصِرًا وَأَمَّا مَسْحُ التُّرَابِ إِنْ كَانَ مِنْ بَابِ التَّرَفُّهِ فَمَسْحُهُ مَكْرُوهٌ وَلَهُ أَنْ يُوَطِّنَ مَوْضِعَ سُجُودِهِ وَرُوِيَ عَنْهُ الْكَرَاهَةُ وَلَمْ يَكْرَهْ تَحْوِيلَ الْخَاتَمِ فِي الْأَصَابِعِ لِضَبْطِ عَدَدِ الرَّكَعَاتِ وَكَرِهَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ لِأَنَّهُ عَمَلٌ فِي الصَّلَاةِ لَيْسَ مِنْهَا وَلَاحَظَ مَالِكٌ عَوْنَهُ عَلَى الصَّلَاةِ وَكَرِهَ التَّرْوِيحَ مِنَ الْحَرِّ فِي الْمَكْتُوبَةِ وَخَفَّفَهُ فِي النَّافِلَةِ وَكَرِهَ الْمَرَاوِيحَ فِي الْمَسْجِدِ وَكَرِهَ قَتْلَ الْعَقْرَبِ وَالْحَيَّةِ وَالطَّيْرِ يَرْمِيهِ وَرُوِيَ عَنْهُ عَدَمُ كَرَاهَةِ قَتْلِ الْعَقْرَبِ وَفِي أَبِي دَاوُدَ أَمَرَنَا عَلَيْهِ السَّلَامُ بِقَتْلِ الْأَسْوَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ الْحَيَّةُ وَالْعَقْرَبُ الشَّرْطُ التَّاسِعُ قَالَ فِي التَّلْقِينِ تَرْتِيبُ الْأَدَاءِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْإِحْرَامُ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ وَالرُّكُوعُ قبل السُّجُود وَالسُّجُود قبل السَّلَام وَتَرْتِيبُ الصَّلَاةِ لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا بِخِلَافِ تَرْتِيب الطَّهَارَة

الشَّرْطُ الْعَاشِرُ الْمُوَالَاةُ فَيَجِبُ إِيقَاعُ أَجْزَاءِ الصَّلَاةِ وَأَرْكَانِهَا يَلِي بَعْضُهَا بَعْضًا مِنْ غَيْرِ تَفْرِيقٍ وَاسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ لِأَجْلِ الضَّرُورَةِ الرُّعَافَ وَصَلَاةَ الْخَوْفِ فِي حَقِّ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ يَنْتَظِرُ الطَّائِفَةَ الثَّانِيَة وَالْمَسْبُوقُ يَنْتَظِرُ الْإِمَامَ فِيمَا لَا يُعْتَدُّ بِهِ مِنْ صَلَاتِهِ حَتَّى يُسَلِّمَ ثُمَّ يَقُومُ يُصَلِّي لِنَفْسِهِ وَالسَّاهِي عَنْ بَعْضِ صَلَاتِهِ يَبْنِي مَا لَمْ يُطِلْ وَقَالَ رَبِيعَةُ يَبْنِي وَإِنْ طَالَ مَا لَمْ يُحْدِثْ فَجَعَلَ الْمُوَالَاةَ وَاجِبَةً مَعَ الذّكر سَاقِطَة مَعَ النسْيَان كَالْوضُوءِ لَا حق بِالشُّرُوطِ وَلَيْسَ مِنْهَا وَهِي السُّتْرَةُ فَإِنَّهَا يَجِبُ تَقْدِيمُهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهَا بُطْلَانُ الصَّلَاةِ وَهِيَ مِنْ مَحَاسِنِ الصَّلَاةِ وَفَائِدَتُهَا قَبْضُ الْخَوَاطِرِ عَنِ الِانْتِشَارِ وَكَفُّ الْبَصَرِ عَنِ الِاسْتِرْسَالِ حَتَّى يَكُونَ الْعَبْدُ مُجْتَمِعًا لِمُنَاجَاةِ رَبِّهِ وَلِهَذَا السِّرِّ شُرِعَتِ الصَّلَاةُ إِلَى جِهَةٍ وَاحِدَةٍ مَعَ الصَّمْتِ وَتَرْكِ الْأَفْعَالِ الْعَادِيَّةِ وَمَنَعَ مِنَ الْجَرْيِ إِلَيْهَا وَإِنْ فَاتَتِ الْجَمَاعَةُ وَفَضِيلَةُ الِاقْتِدَاءِ وَمِنْ إِقَامَتهَا مَعَ الْجُوع الْمُبَرِّحِ أَوْ غَيْرِهِ مِنَ الْمُشَوِّشَاتِ إِنْ أَمْكَنَ اسْتِدْرَاكُ ذَلِكَ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ تَحْصِيلًا لِأَدَبِ الْقَلْبِ مَعَ الرَّبِّ أَعَانَنَا اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ فِي سَائِرِ الْأَحْوَالِ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ ثُمَّ الْمَارُّ يَأْثَمُ إِنَّ كَانَتْ لَهُ مَنْدُوحَةٌ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ لَوْ يَعْلَمُ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ لَكَانَ لَهُ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ قَالَ أَبُو النَّضِرِ لَا أَدْرِي أَقَالَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَوْ شَهْرًا أَو سنة وشاركه الْمُصَلِّي فِي الْإِثْمِ إِنْ تَعَرَّضَ لِلْمُرُورِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْمُوَطَّأِ إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَلَا يَدَعْ أَحَدًا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلْيَدْرَأْهُ مَا اسْتَطَاعَ فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِلَّا أَنْ

يُضْطَرَّ إِلَى ذَلِكَ فَقَدْ كَانَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَبْسُطُ رِجْلَيْهَا بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَيْهِ السَّلَام وَهُوَ يُصَلِّي وَإِن لم يكن للمار مَنْدُوحَةٌ عَنِ الْمُرُورِ أَثِمَ الْمُصَلِّي وَحْدَهُ وَنَحْوُهُ إِنْ تَعَرَّضَ لِلْمُرُورِ بِعُذْرٍ إِذَا لَمْ يُقَصِّرْ وَالْحَالَاتُ أَرْبَعُ فَاثْنَانِ لَا يَأْثَمَانِ يَأْثَمُ الْمَارُّ وَحْدَهُ يَأْثَمُ الْمُصَلِّي وَحْدَهُ وَاخْتُلِفَ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَام فليقاتله فَقيل إِذا فرغ من الصَّلَاة يغلظ عَلَيْهِ وَقِيلَ يَدْعُو عَلَيْهِ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {قَاتَلَهُمُ الله أَنى يوفكون} أَيْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَقِيلَ يَدْفَعُهُ دَفْعًا شَدِيدًا أَشد من الدرأة وَلَا يَنْتَهِي إِلَى مَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ أَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ إِنْ قَرُبَ مِنْهُ يَدْرَأُهُ وَلَا يُنَازِعُهُ فَإِنْ مَشَى لَهُ وَنَازَعَهُ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ إِذَا تَجَاوَزَهُ لَا يَرُدُّهُ مِنْ حَيْثُ جَاءَ لِأَنَّهُ مروران قَالَ صَاحب الطّراز يدرأه حَالَة الْقيام وروى ابْن الْقَاسِم لَا يدرأه فِي حَالَة السُّجُودِ لِمُنَافَاةِ السُّجُودِ لِذَلِكَ وَإِنَّ مَرَّ بِهِ مَا لَا تُؤثر فِيهِ الْإِشَارَة كالهر دَفعه بِرجلِهِ أَو يلصقه إِلَى الستْرَة لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَزَلْ يَدْرَأُ بَهِيمَةً أَرَادَتْ أَنْ تَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى لَصَقَ بَطْنَهُ بِالْجِدَارِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ لَوْ دَفَعَهُ فَمَاتَ كَانَتْ دِيَتُهُ عَلَى الْعَاقِلَةِ عِنْدَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ قَالَ وَأَجْرَى عَبْدُ الْحَقِّ هَذَا عَلَى الْخِلَافِ فِيمَنْ عَضَّ إنْسَانا

فَأَخْرَجَ الْمَعْضُوضُ يَدَهُ فَكَسَرَ سِنَّ الْعَاضِّ وَالْخِلَافُ جَارٍ فِي كُلِّ مَنْ أُذِنَ لَهُ إِذْنٌ خَاصٌّ فَأَدَّى إِلَى التَّلَفِ هَلْ يَسْقُطُ الْإِذْنُ عَنهُ أثر الْجَنَابَة أَمْ لَا فَائِدَةٌ قَالَ سِيبَوَيْهِ الشَّيْطَانُ فِي اللُّغَة كل متمرد عَاتٍ من الْجِنّ وَالْإِنْس وَالدَّوَاب وَلَيْسَ هَذَا الِاسْمُ خَاصًّا بِالْجِنِّ وَلَمَّا كَانَ الْمَارُّ فَعَلَ مَا لَا يَلِيقُ وَخَرَقَ حُرْمَةَ الصَّلَاةِ وَأُبَّهَتَهَا كَانَ ذَلِكَ نَوْعًا مِنَ التَّمَرُّدِ فَسَمَّاهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ شَيْطَانًا وَلَا حَاجَةَ إِلَى قَوْلِ مَنْ يَتَكَلَّفُ الْمَجَازَ فِي الْحَدِيثِ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ فَإِنْ صَلَّى إِلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ فقد خلط بَعْضُ النَّاسِ فَقَالَ لَا يَمُرُّ أَحَدٌ بَيْنَ يَدَيْهِ بِمِقْدَارِ رَمْيَةِ السَّهْمِ وَقِيلَ رَمْيَةُ الْحَجَرِ وَقِيلَ رَمْيَةُ الرُّمْحِ وَقِيلَ بِمِقْدَارِ الْمُطَاعَنَةِ وَقِيلَ بِمِقْدَارِ الْمُضَارَبَةِ بِالسَّيْفِ مُغْتَرِّينَ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَلْيُقَاتِلْهُ فَحَمَلُوهُ عَلَى أَنْوَاعِ الْقِتَالِ وَلَيْسَ يَسْتَحِقُّ الْمُصَلِّي سَوَاءَ وَضَعَ سُتْرَةً أَوْ لَمْ يَضَعْهَا سِوَى مِقْدَارِ مَا يَحْتَاجُهُ لِقِيَامِهِ وَرُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ فُرُوعٌ سَبْعَةٌ الْأَوَّلُ قَالَ فِي الْكِتَابِ الْخَطُّ بَاطِل وَهُوَ قَول جُمْهُور الْفُقَهَاء وَجَوَّزَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ إِذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَأَشْهَبُ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ شَيْئًا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلِيَنْصِبْ عَصَاهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ فليخطط خَطًّا ثُمَّ لَا يَضُرُّهُ مَا مَرَّ

أَمَامَهُ وَهُوَ مَطْعُونٌ عَلَيْهِ جِدًّا وَالنَّظَرُ يَرُدُّهُ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى سُتْرَةً وَلَا يَرَاهُ الْمَارُّ فَيَتَحَرَّزُ بِسَبَبِهِ قَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ وَالْحُفْرَةُ وَالنَّهْرُ وَكُلُّ مَا لَا يَنْصَبُّ قَائِمًا كَالْخَطِّ لَيْسَ بَسُتْرَةٍ وَاخْتُلِفَ فِي صُورَةِ الْخَطِّ فَقِيلَ مِنَ الْقبْلَة إِلَى دبرهَا وَقيل بالضد وَهُوَ قَول أَحْمد وَقيل قَوس كَهَيْئَةِ الْمَحَارِيبِ الثَّانِي قَالَ فِي الْكِتَابِ لَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَ الْمُسَافِرُ إِلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ وَأَمَّا فِي الْحَضَرِ فَلَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِلَّا أَنْ يَأْمَنَ الْمُرُورَ وَرَوَى أَشْهَبُ فِي الْعُتْبِيَّة الاستتار مَعَ الْأَمْنِ حُجَّةُ الْأَوَّلُ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنه عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ إِذَا وَضَعَ أَحَدُكُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْلَ مؤخرة الرحل فَليصل وَلَا يُبَالِي مَا يَمُرُّ وَرَاءَ ذَلِكَ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السُّتْرَةَ لِأَجْلِ الْمُرُورِ فَحَيْثُ لَا مُرُورَ لَا يشرع حُجَّةُ الثَّانِي مَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى سُتْرَةٍ فَلْيَدْنُ مِنْهَا لَا يَقْطَعُ الشَّيْطَانُ عَلَيْهِ صَلَاتَهُ وَالشَّيْطَانُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ وَالْحَدِيثُ مُضْطَرِبُ الْإِسْنَادِ وَاخْتُلِفَ فِي هَذَا الشَّيْطَانِ فَقِيلَ هُوَ الْمُوَسْوِسُ فَيَمْنَعُهُ الْقُرْبَ مِنَ السُّتْرَةِ كَمَا يَمْنَعُهُ غلق الْبَاب من الدُّخُول والعوذ

مِنَ الْأَوَانِي وَالْبَسْمَلَةُ مِنَ الطَّعَامِ وَقِيلَ هُوَ الْمَار ويعضد الأول مَا فِي البُخَارِيّ صلى عَلَيْهِ السَّلَام بِالنَّاسِ بِمِنَى إِلَى غَيْرِ جِدَارٍ فَرْعٌ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ إِذَا صَلَّى عَلَى مَكَانٍ عَال فَإِن غَابَتْ عَنهُ رُؤُوس المارين وَإِلَّا عَمِلَ سُتْرَةً فِي السُّطُوحِ الثَّالِثُ قَالَ فِي الْكتاب يجوز للمسبوق أَن يتَقَدَّم أَو يتَأَخَّر وَيَتَيَامَنَ وَيَتَيَاسَرَ لِسَارِيَةٍ يَسْتَتِرُ بِهَا لِأَنَّ ذَلِكَ أَخَفُّ مِنْ مُدَافَعَتِهِ لِلنَّاسِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ ذَلِكَ إِذَا كَانَتْ قَرِيبَةً الرَّابِعُ قَالَ فِي الْكِتَابِ السُّتْرَةُ قَدْرُ مُؤَخَّرَةِ الرَّحْلِ فِي جِلَّةِ الرُّمْحِ وَالْحَرْبَةِ نَحْوِ عَظْمِ الذِّرَاعِ وَجِلَّةُ الرُّمْحِ أَحَبُّ إِلَيَّ وَاسْتَحَبَّ طُولَ الرُّمْحِ أَوِ الْحَرْبَةِ لما فِي البُخَارِيّ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَام إِذَا خَرَجَ يَوْمَ الْعِيدِ يَأْمُرُ بِالْحَرْبَةِ تُوضَعُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَيُصَلِّي إِلَيْهَا وَالنَّاسُ خَلْفَهُ وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السَّفَرِ وَفِي الْفَيَافِي قَالَ ابْن حبيب لَا بَأْس لَهَا دُونَ مُؤَخَّرَةِ الرَّحْلِ فِي الطُّولِ وَدُونَ جِلَّةِ الرُّمْحِ فِي الْغِلَظِ وَقَدْ كَانَتِ الْعَنَزَةُ الَّتِي كَانَتْ تُرْكَزُ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ دُونَ الرُّمْحِ فِي الْغِلَظِ وَإِنَّمَا يُكْرَهُ مِنْ ذَلِكَ مَا كَانَ رَقِيقًا جِدًّا وَفِي التَّنْبِيهَاتِ مُؤَخَّرَةُ الرَّحْلِ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَبِالْوَاوِ وَيُقَالُ آخِرَةُ الرَّحْلِ وَهُوَ الْعُودُ الَّذِي خَلْفَ الرَّاكِبَ وَجِلَّةُ الرُّمْحِ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ أَيْ غِلَظُهُ وَالْعَنَزَةُ الرُّمْحُ الْقصير قَالَ

صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِذَا سَقَطَتِ الْحَرْبَةُ قَالَ مَالِكٌ يُقِيمُهَا إِنْ كَانَ ذَلِكَ خَفِيفًا كَانَ جَالِسًا أَوْ قَائِمًا فَيَنْحَطُّ لَهَا كَمَا يَنْحَطُّ لِلْحَجَرِ لِيَقْتُلَ الْعَقْرَبَ وَكَرِهَ السَّوْطَ فِي الْكِتَابِ لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ مَطْرُوحًا فَلَيْسَ بِسُتْرَةٍ كَالْخَطِّ أَوْ قَائِمًا فَلَا يُؤْبَهُ لَهُ بِخِلَافِ الْقَلَنْسُوَةِ الْعَالِيَةِ وَالْوِسَادَةِ قَالَهُ مَالِكٌ وَكَذَلِكَ الْحَيَوَانُ الطَّاهِرُ الرَّوْثِ جوزه فِي الْعُتْبِيَّةِ بِخِلَافِ الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَجَوَّزَ أَيْضًا الِاسْتِتَارَ بِظَهْرِ الرَّجُلِ وَتَرَدَّدَ قَوْلُهُ فِي جَنْبِهِ وَمَنَعَ وَجْهَهُ وَجَوَّزَ السُّتْرَةَ بِالصَّبِيِّ إِذَا اسْتَقَرَّ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ وَلَوْ كَانَتْ أُمَّهُ أَوْ أُخْتَهُ وَفِي الْجُلَّابِ لَا يَسْتَتِرُ بِامْرَأَةٍ إِلَّا أَنْ تَكُونَ مِنْ مَحَارِمِهِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ لَا يَسْتَتِرُ بِمِرْحَاضٍ وَنَحْوِهِ وَلَا بِنَائِمٍ وَلَا بمجنون وَلَا مأيون فِي دبره وَحَكَاهُ الْمَازِرِيُّ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَزَادَ الْكَافِرَ قَالَ وَيخْتَلف إِذَا كَانَ وَرَاءَ السُّتْرَةِ رَجُلٌ يَتَحَدَّثُ وَمَنَعَ فِي الْكتاب من الصَّلَاة الْحجر الْمُنْفَرِدَ بِخِلَافِ الْحِجَارَةِ الْمُجْتَمِعَةِ لِشَبَهِهِ بِالصَّنَمِ وَالْمَنْعُ من الْقيام لاحْتِمَال الانكشاف وَفِي الْجُلَّابِ الْمَنْعُ مِنْ حِلَقِ الْمُتَكَلِّمِينَ فِي الْفِقْهِ وَغَيْرِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ شَغْلِ الْبَالِ بِخِلَافِ الطَّائِفِينَ بِالْبَيْتِ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ صلى مِمَّا يَلِي بَاب بني سهم فَالنَّاس يَمُرُّونَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِأَنَّ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ قَالَ صَاحب القبس وَلَا يَجْعَل السُّتْرَةَ قُبَالَةَ وَجْهِهِ لِحَدِيثِ الْمِقْدَادِ مَا رَأَيْتُهُ عَلَيْهِ السَّلَام صلى إِلَى شَيْء يصمد إِلَيْهِ صمدا إِنَّمَا كَانَ يَجْعَلُهُ عَلَى يَمِينِهِ أَوْ عَلَى يَسَارِهِ قَالَ وَلَا يَتَقَدَّمُ مِنْ سُتْرَتِهِ كَثِيرًا حَتَّى إِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ تَأَخَّرَ وَقَدْ رَأَيْتُ بَعْضَ الْغَافِلِينَ مِمَّنْ يَنْتَصِبُ لِلتَّعْلِيمِ يَفْعَلُهُ وَهُوَ جَهَالَةٌ لِأَنَّهُ عَمَلٌ فِي الصَّلَاةِ وَقَالَ أَبُو الطَّاهِرِ اخْتَلَفَتِ الْأَحَادِيثُ فِي الَّذِي كَانَ بَيْنَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَبَيْنَ سُتْرَتِهِ فَرَوَى بِلَالٌ ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ وَرَوَى سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ مَمَرُّ الشَّاةِ وَاخْتُلِفَ فِي الْجَمْعِ فَحَمَلَ أَكْثَرُ الْأَشْيَاخِ الْأَوَّلَ عَلَى حَالَةِ الْقِيَامِ وَالثَّانِيَ عَلَى

مِقْدَار مَا يتقى حَالَة السُّجُود وروى أَبُو الطّيب بن خلدون أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ إِذا وقف قرب من سترته بالمقدار الثَّانِي فَإِذَا أَرَادَ الرُّكُوعَ بَعُدَ مِنْهَا بِالْمِقْدَارِ الْأَوَّلِ وَكَانَ أَبُو الطّيب هَذَا يَفْعَله وَيرى أَنه عمل يسير للإصلاح لِأَنَّ الدُّنُوَّ مِنَ السُّتْرَةِ أَجْمَعُ لِلْقَلْبِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ لَا حَدَّ لِلْقُرْبِ مِنَ السُّتْرَةِ لَكِنَّهُ مَأْمُورٌ بِهِ وَحَدَّهُ الشَّافِعِيُّ وَابْنُ حَنْبَلٍ ثَلَاثَة أَذْرُعٍ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا صَلَّى فِي الْكَعْبَةِ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِدَارِ ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ قَالَ وَلَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ لِأَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْكَعْبَةِ لَا تَحْتَاجُ إِلَى سُتْرَةٍ قَالَ وَكَانَ مَالك يُصَلِّي يَوْمًا بَعِيدًا مِنْ سُتْرَتِهِ فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ لَا يعرفهُ فَقَالَ أَيُّهَا الْمُصَلِّي ادْنُ مِنْ سُتْرَتِكَ فَجَعَلَ مَالِكٌ يَتَقَدَّمُ وَيَقُولُ {وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فضل الله عَلَيْك عَظِيما} الْخَامِسُ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَا أَكْرَهُ الْمُرُورَ بَين الصُّفُوف وَالْإِمَامُ يُصَلِّي لِأَنَّهُ سُتْرَةٌ لَهُمْ قَالَ وَكَانَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ يَمْشِي بَيْنَ الصُّفُوفِ عَرْضًا حَتَّى يَصِلَ إِلَى الصَّلَاةِ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ عَرَضَ لَهُ عَارِضٌ يَمْشِي عَرْضًا لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَقْبَلْتُ رَاكِبًا عَلَى أَتَانٍ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ قَدْ نَاهَزْتُ الِاحْتِلَامَ وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي لِلنَّاسِ بِمِنًى فَمَرَرْتُ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصُّفُوفِ فَنَزَلْتُ وَأَرْسَلْتُ الْأَتَانَ تَرْتَعُ وَدَخَلْتُ فِي الصَّفّ فَلم يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيَّ

أَحَدٌ وَيُؤَكِّدُهُ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يُوجِبُ سَهْوُهُ سُجُودًا فَكَذَلِكَ خَلَلُ الْمَأْمُومِ إِذَا اخْتَصَّ بِهِ لَا يُوجِبُ خَلَلًا فِي الصَّلَاةِ وَثَانِيهمَا أَن الْجَمَاعَة لَا تحْتَاج كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إِلَى سُتْرَةٍ إِجْمَاعًا فَكَانَتْ سُتْرَةُ الْإِمَامِ سُتْرَةً لَهُمْ فَإِنْ لَمْ يَمُرَّ أَحَدٌ بَيْنَ الْإِمَامِ وَسُتْرَتِهِ كَانَتْ سُتْرَتُهُمْ سَالِمَةً عَنِ الْخَلَلِ فَلَا يَضُرُّهُمْ ذَلِكَ مَعَ أَنَّ أَبَا الطَّاهِرِ قَدْ حَكَى الْخِلَافَ فِي سُتْرَةِ الْجَمَاعَة هَل هِيَ ستْرَة للْإِمَام فَإِذَا وَقَعَ فِيهَا خَلَلٌ وَقَعَ فِي سُتْرَتِهِمْ أَو هِيَ للْإِمَام فَلَا يَضُرُّهُمُ الْخَلَلُ فِي سُتْرَتِهِ وَلَفْظُ الْكِتَابِ كَمَا سَمِعْتُهُ وَالْإِمَامُ سُتْرَةٌ لَهُمْ السَّادِسُ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَيْءٌ يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي وَهُوَ قَوْلُ (ش) وَ (ح) وَجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ يَقْطَعُهَا الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ وَفِي نَفْسِي مِنَ الْمَرْأَةِ وَالْحِمَارِ شَيْءٌ مُحْتَجًّا بِمَا فِي مُسْلِمٍ إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَإِنَّهُ يَسْتُرُهُ إِذَا كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ مثل مؤخرة الرَّحْلِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْلُ مؤخرة الرَّحْلِ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ صَلَاتَهُ الْحِمَارُ وَالْمَرْأَةُ وَالْكَلْبُ الْأَسْوَدُ قَالَ أَبُو ذَرٍّ سَأَلْتُ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ الْكَلْب الْأسود شَيْطَان وَزَاد أَبُو دَاوُد الْخِنْزِير وَالْيَهُودِيَّ وَالْمَجُوسِيَّ لَنَا مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت شبهتمونا بالحمير وَالْكلاب لَقَدْ رَأَيْتُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُصَلِّي وَأَنَا عَلَى السَّرِيرِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ مُنْضَجِعَةٌ فَتَبْدُو لِيَ الْحَاجة فأكره أَن أَجْلِس

فَأُوذَيَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَأَنْسَلُّ مِنْ عِنْدِ رِجْلَيْهِ وَفِي الْمُوَطَّأِ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَابْن عمر رَضِي الله عَنْهُم لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَيْءٌ فَيَتَرَجَّحُ مَا ذَكَرْنَاهُ بِعَمَلِ الصَّحَابَةِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْهَوَامِّ وَالطُّيُورِ أَوْ يجمع بِحمْل الْقَطْعُ عَلَى قَطْعِ الْإِقْبَالِ عَلَى الصَّلَاةِ بِسَبَبِ الْفِكْرَةِ فِي الْمَارِّ لَا عَلَى الْإِبْطَالِ السَّابِعُ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَا يَتَنَاوَلُ أَحَدٌ شَيْئًا مِنْ بَيْنِ يَدَيِ الْمُصَلِّي لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُرُورِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي قِلَّةِ احْتِرَامِ الصَّلَاةِ أَوْ فِي اشْتِغَالِ الْمُصَلِّي عَنْهَا وَكَرِهَ فِي الْمَجْمُوعَةِ أَنْ يَتَكَلَّمَ رَجُلٌ عَنْ يَمِينِهِ مَعَ رَجُلٍ عَنْ يَسَارِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ قِلَّةِ الِاحْتِرَامِ قَالَ فِي الْكِتَابِ فَإِنْ كَانَ الْمُصَلِّي هُوَ الْمُنَاوِلَ لِغَيْرِهِ مَنَعَ أَيْضًا لِأَنَّ الْعَيْنَ الْمُتَنَاوَلَةَ تَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَشْغَلُهُ عَنِ الصَّلَاةِ

(الباب الرابع في أركان الصلاة)

(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي أَرْكَانِ الصَّلَاةِ) وَهِيَ عَشَرَةٌ الأول الْقيام وَفِي الْجَوَاهِر يجب الْإِحْرَام وَالْقِرَاءَةِ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِقْلَالِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَقُومُوا لله قَانِتِينَ} فَإِن اسْتندَ مَعَ الْقُدْرَة وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ أُزِيلَ الْمُسْتَنِدُ إِلَيْهِ سَقَطَ بَطَلَتْ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ التَّارِكِ لِلْقِيَامِ وَإِلَّا لَمْ تَبْطُلْ مَعَ الْكَرَاهَةِ لِتَنْقِيصِ كَمَالِ الْقِيَامِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ الظَّاهِرُ عِنْدِي فِي الْأَوَّلِ الْإِجْزَاءُ لِأَنَّهُ قِيَامٌ فِي الْعَادَةِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَقُومُ فَقَامَ مُتَّكِئًا حَنَثَ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ لَا يُعْجِبُنِي فَمَحْمُولٌ عَلَى الْكَرَاهَةِ فَإِنْ عَجَزَ عَنِ الِاسْتِقْلَالِ فَفَرْضُهُ التَّوَكُّؤُ فَإِنْ عَجَزَ انْتَقَلَ إِلَى الْجُلُوسِ مُسْتَقِلًّا فَإِنْ عَجَزَ فَفَرْضُهُ الْجُلُوسُ مُسْتَنِدًا وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَيَتَرَبَّعُ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ عَجَزَ عَنِ التَّرَبُّعِ صَلَّى عَلَى قَدْرِ وُسْعِهِ قَاعِدًا أَوْ عَلَى جَنْبِهِ أَوْ ظَهْرِهِ وَرِجْلَاهُ إِلَى الْكَعْبَةِ وَيُومِئُ بِرَأْسِهِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ يُرِيدُ إِنْ قَدَرَ أَنْ يَثْنِيَ رِجْلَيْهِ ثناهما وَإِلَّا أقامهما وَإِلَّا أمدهما لِأَنَّهَا كلهَا هيآت الْجُلُوس فَلَا يجوز

لَهُ الْإِخْلَال بهَا وَكَلَامُهُ فِي الْكِتَابِ مَحْمُولٌ عَلَى التَّرْتِيبِ بَيْنَ الهيآت الْمَذْكُورَاتِ وَهُوَ قَوْلُ (ش) وَ (ح) وَلَمْ يَقُلْ بِالتَّخْيِيرِ أَحَدٌ وَيُوَضِّحْهُ أَنَّ الِاسْتِقْبَالَ مَأْمُورٌ بِهِ وَعَلَى الْجَنْبِ يَسْتَقْبِلُ بِوَجْهِهِ الْكَعْبَةَ وَعَلَى الظَّهْرِ إِنَّمَا يَسْتَقْبِلُ السَّمَاءَ وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ عَجَزَ عَنِ الْجَنْبِ الْأَيْمَنِ فَعَلَى الْأَيْسَرِ فَإِنْ عَجَزَ فَعَلَى الظَّهْرِ وَقَالَ (ش) إِنْ عَجَزَ عَنِ الْأَيْمَنِ فَعَلَى الظَّهْرِ وَالتَّرَبُّعُ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَأَنَسٍ وَلِأَنَّهُ أَلْيَقُ بِالْأَدَبِ وَتَمْيِيزٌ بَيْنَ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ وَقَالَ (ش) (ح) يَجْلِسُ مِثْلَ جُلُوسِ التَّشَهُّدِ لِأَنَّهُ أَصْلٌ فِي الصَّلَاةِ حَالَةَ السَّعَةِ فَيَكُونُ أَفْضَلَ حَالَةَ الرَّفَاهِيَةِ وَلِأَنَّهُ مِنْ شَأْنِ الْأَكْفَاءِ وَالِافْتِرَاشُ أَوْلَى بالعبيد قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عبد الحكم واستحبه الْمُتَأَخّرُونَ وَرُوِيَ عَن الشَّافِعِيَّة قَوْلَانِ آخَرَانِ ضَمُّ الرُّكْبَتَيْنِ إِلَى الصَّدْرِ كَالِاحْتِبَاءِ وَضَمُّ رُكْبَتِهِ الْيُمْنَى ثَانِيًا لِرُكْبَتِهِ الْيُسْرَى كَالْجَالِسِ أَمَامَ الْمُعَلِّمِ فَائِدَةٌ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ يَنْتَقِلُ الْقَائِمُ إِلَى الْقُعُودِ بِالْقَدْرِ الَّذِي لَا يُشَوِّشُ عَلَيْهِ الْخُشُوعَ وَالْأَذَكَارَ وَلَا تُشْتَرَطُ الضَّرُورَةُ وَلَا الْعَجْزُ عَنْ إِيقَاعِ صُورَةِ الْقِيَامِ إِجْمَاعًا وَيُشْتَرَطُ فِي الِانْتِقَالِ مِنَ الْجُلُوسِ إِلَى الِاضْطِجَاعِ عُذْرٌ أَشَقُّ مِنَ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الِاضْطِجَاعَ مُنَافٍ لِلتَّعْظِيمِ أَكْثَرَ مِنَ الْقُعُودِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ فَلَوْ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ دُونَ الْقِرَاءَةِ اقْتَصَرَ عَلَى أُمِّ الْقُرْآنِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ كَمَالِ أُمِّ الْقُرْآنِ انْتَقَلَ إِلَى الْجُلُوسِ عَلَى مُقْتَضَى الرِّوَايَاتِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إِنْ قُلْنَا إِنَّهَا فَرْضٌ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا فَرْضٌ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ يَكْفِي أَنْ يَقُومَ مِقْدَارَ

وُسْعِهِ إِلَّا فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّهُ يَجْلِسُ لِيَأْتِيَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَهَكَذَا يَجْرِي الْكَلَامُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا فَرْضٌ فِي الْأَكْثَرِ فُرُوعٌ تِسْعَةٌ الْأَوَّلُ كَرِهَ فِي الْكِتَابِ لِقَادِحِ الْمَاءِ مِنْ عَيْنَيْهِ أَن يُصَلِّي إِيمَاء مُسْتَلْقِيًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ فَعَلَ أَعَادَ أَبَدًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْهُ التَّسْهِيلَ فِي ذَلِكَ وَجَوَّزَهُ أَشْهَبُ وَ (ح) وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ كَرِهَ ذَلِكَ مَالِكٌ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَلَوْ كَانَ الْيَوْمُ وَنَحْوُهُ لَمْ أَرَ بِذَلِكَ بَأْسًا وَلَوْ كَانَ يُصَلِّي جَالِسًا وَيُومِئُ فِي الْأَرْبَعِينَ لَمْ أَكْرَهْهُ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلْ هَذَا الِاسْتِلْقَاءُ يَحْصُلُ الْبُرْءَ غَالِبًا أَمْ لَا وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَحْصُلُ وَالتَّجْرِبَةُ تَشْهَدُ لِذَلِكَ وَكَمَا جَازَ لَهُ الِانْتِقَالُ مِنَ الْغَسْلِ إِلَى الْمسْح بِسَبَب الفصاد قَالَ التّونسِيّ فَكَذَلِك هَهُنَا قَالَ غَيْرُهُ وَكَمَا جَازَ التَّعَرُّضُ لِلتَّيَمُّمِ بِالْأَسْفَارِ بِسَبَب الأرباح الْمُبَاحَة فههنا أولى الثَّانِي قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا تَشَهَّدَ مِنِ اثْنَتَيْنِ فَيُكَبِّرُ وَيَنْوِي بِذَلِكَ الْقِيَامَ قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَ لِأَنَّهُ خُرُوجٌ مِنْ جُلُوسٍ إِلَى جُلُوسٍ مُبَايِنٍ لَهُ فَلَا يَتَمَيَّزُ إِلَّا بِالنِّيَّةِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْجُلُوسِ الْأَوَّلِ فِي كَوْنِهِ لَا يَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةٍ بِخِلَافِ الثَّانِي أَنَّ الْأَوَّلَ أَصْلٌ فَتَتَنَاوَلُهُ النِّيَّةُ الْأُولَى عِنْدَ الْإِحْرَامِ وَالثَّانِي عَارِضٌ فَيَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةٍ وَلَمَّا كَانَ التَّكْبِير للثالثة يكون حَالَة الْقيام فَتكون هَهُنَا حَالَة التربع وَيَنْوِي بجلوسه الْقيام

الثَّالِثُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ إِذَا افْتَتَحَ عَاجِزًا عَنِ الْقِيَامِ فَقَدَرَ فِي أَثْنَائِهَا قَامَ أَوْ قَادِرًا فَعَجَزَ جَلَسَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُم} الرَّابِعُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ لَوْ كَانَتْ دَارُهُ بِمَقْرُبَةٍ مِنَ الْمَسْجِدِ فَيَأْتِيهِ مَاشِيًا وَيُصَلِّي فِيهِ جَالِسًا قَالَ مَالِكٌ لَا يُعْجِبُنِي قَالَ وَهَذَا فِيهِ تَفْصِيلٌ فَقَدْ رَأَيْنَا مَنْ يُطِيقُ الْمَشْيَ وَلَا يُطِيقُ الْقِيَامَ فَيُصَلِّي هَذَا جَالِسًا فَإِنْ كَانَ يُطِيقُهُ إِلَّا أَنَّ الْإِمَامَ يُطَوِّلُ صَلَّى وَحْدَهُ لِأَنَّ الْقِيَامَ فَرْضٌ وَالْجَمَاعَةُ سُنَّةٌ وَقَالَهُ (ش) قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ يَلْزَمُهُ أَنْ يَقِفَ مَا أَطَاقَ فَإِذَا ضَعُفَ جَلَسَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي كل رَكْعَة الْخَامِسُ قَالَ لَوْ خَافَ مِنَ الْقِيَامِ انْقِطَاعَ الْعَرَقِ وَدَوَامَ الْعِلَّةِ صَلَّى إِيمَاءً عِنْدَ مُطَرِّفٍ وَعَبْدِ الْمَلِكِ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ فَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ قَبْلَ زَوَالِ الْعَرَقِ لَمْ يُعِدْ وَلَوْ لَمْ يَعْرَقْ إِلَّا أَنَّهُ يَخَافُ مُعَاوَدَةَ عِلَّتِهِ فَكَذَلِك عِنْد ابْن عبد الحكم السَّادِسُ قَالَ لَوْ خَافَ خُرُوجَ الرِّيحِ إِنْ قَامَ قَالَ مُحَمَّدٌ يُصَلِّي جَالِسًا قَالَ وَهُوَ مُشْكِلٌ فَإِنَّهُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَا يُوجِبُ وُضُوءًا كَالسَّلَسِ فَكَيْفَ تُتْرَكُ أَرْكَانُ الصَّلَاةِ لِوَسِيلَتِهَا وَلذَلِك أَن الْعُرْيَان يُصَلِّي قَائِما

السَّابِعُ قَالَ لَوْ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ وَالسُّجُودِ وَإِن قَامَ شقّ عَلَيْهِ الْجُلُوس وَإِذا جَلَسَ شَقَّ عَلَيْهِ الْقِيَامُ فَإِنْ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ قَائِمًا أَحْرَمَ قَائِمًا لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ ثُمَّ يَرْكَعُ إِنْ قَدَرَ وَإِلَّا أَوْمَأَ ثُمَّ يَسْجُدُ وَيَجْلِسُ وَيُتِمُّ صَلَاتَهُ جَالِسًا وَإِنْ أَدْرَكَتْهُ جَالِسًا أَحْرَمَ جَالِسًا وَأَتَمَّ جَالِسًا لِلْمَشَقَّةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْإِيمَاءُ قَائِمًا بِالرَّأْسِ وَالظَّهْرِ وَيَحْسِرُ عَنْ جَبْهَتِهِ فِي الْإِيمَاءِ لِلسُّجُودِ وَلَوْ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لَكِنْ لَوْ سَجَدَ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى النُّهُوضِ قَالَ التُّونُسِيُّ يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ فِي الْأُولَى ثُمَّ يُتِمُّ جَالِسًا لِأَنَّ السُّجُودَ أَعْظَمُ مِنَ الْقِيَامِ لِمَزِيدِ الْإِجْلَالِ وَالِاتِّفَاقِ عَلَى وُجُوبِهِ وَلِذَلِكَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ إِذَا كَانَ سَاجِدًا وَقَالَ غَيْرُهُ يُصَلِّي جُمْلَةَ صَلَاتِهِ إِيمَاءً إِلَّا الْأَخِيرَةَ يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ فِيهَا إِذْ لَا بَدَلَ عَنِ الْقِيَامِ وَالرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ لَهُمَا بَدَلٌ وَهُوَ الْإِيمَاءُ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْجُلُوسَ بَدَلٌ مِنَ الْقِيَامِ قَالَ وَجُلُوسُهُ فِي التَّشَهُّدِ وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ كَجُلُوسِ الْقَائِمِ وَلَوْ حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فِي الْأَرْضِ ذَاتِ الطِّينِ قَالَ فِي الْبَيَانِ يَسْجُدُ وَيَجْلِسُ عَلَى الطِّينِ وَالْخَضْخَاضِ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي لَا يَغْمُرُهُ وَقَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَلَا يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ تَلْوِيثُ يَدَيْهِ وَلَوْ صَلَّى إِيمَاءً أَعَادَ أَبَدًا وَرَوَى زِيَادٌ عَنْ مَالِكٍ وَحَكَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ وَعَمَّنْ لَقِيَ مِنْ أَصْحَابِهِ أَنَّهُ يُصَلِّي إِيمَاءً كَالْمَرِيضِ الْعَاجِزِ عَنِ الْجُلُوسِ وَالسُّجُودِ قَالَ وَأَرَى لِذِي الثِّيَابِ الرَّثَّةِ لَوْ أَتَى لَا يُفْسِدُهَا الطِّينُ وَلَا يَتَضَرَّرُ بِهِ فِي جِسْمِهِ لَا يَجُوزُ لَهُ الْإِيمَاءُ وَإِلَّا جَازَ قِيَاسًا عَلَى مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ فِي الَّذِي لَا يَجِدُ الْمَاءَ إِلَّا بِثَمَنٍ لِأَنَّهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ انْتَقَلَ عَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ لِحِيَاطَةِ مَالِهِ

الثَّامِن قَالَ فِي الْكتاب إِذا صلى مضجعا أَوْمَأَ بِرَأْسِهِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِيمَاءَ بَدَلٌ لَا بَعْضَ الْمَعْجُوزِ عَنْهُ فَإِنَّ الْإِيمَاءَ بِالرَّأْسِ لَيْسَ مِنَ السُّجُودِ وَعَلَى هَذَا لَا يَجِبُ فِيهِ اسْتِيفَاءُ الْقُدْرَةِ وَلَوْ صَحَّ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ عِنْدَ ابْنِ سَحْنُونٍ تَحْصِيلًا لِلْأَكْمَلِ وَقِيلَ لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا أَمر فَإِنْ عَجَزَ عَنِ الْإِيمَاءِ بِرَأْسِهِ أَوْمَأَ بِعَيْنَيْهِ وَقَلْبِهِ وَقَالَ (ح) تَسْقُطُ عَنْهُ الصَّلَاةُ وَفِي الْجَوَاهِر إِذا لم تبْق إِلَّا النِّيَّة فينوي عندنَا وَعند الشَّافِعِي احْتِيَاطًا وَهُوَ الَّذِي اقْتَضَتْهُ الْمُذَاكَرَةُ وَعِنْدَ (ح) تَسْقُطُ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْبَرَاءَةُ وَلِأَنَّ النِّيَّةَ وَسِيلَةٌ تَسْقُطُ عِنْدَهُ بِسُقُوطِ مَقْصِدِهَا وَيَجِبُ عَلَى الْمُضْطَجِعِ الْإِحْرَامُ وَالْقِرَاءَةُ فَإِنْ عَجَزَ عَنِ النُّطْقِ فَبِقَلْبِهِ وَيُحَرِّكُ لِسَانَهُ مَا اسْتَطَاعَ وَهَذَا وَاجِبٌ عِنْدَ (ش) وَأَشْهَبَ وَالظَّاهِرُ مِنَ الْمَذْهَبِ السُّقُوطُ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ كَلَامٌ عَرَبِيٌّ فَلَا يَأْتِي إِلَّا بِلِسَانٍ وَوُجُوبُ غَيْرِهِ يَحْتَاجُ إِلَى نَصٍّ مِنْ جِهَةِ الشَّرْع التَّاسِعُ كَرِهَ فِي الْكِتَابِ لِلْقَائِمِ فِي الصَّلَاةِ تَنْكِيسَ الرَّأْسِ وَلَمْ يُعَيِّنْ لِبَصَرِهِ جِهَةً مُعَيَّنَةً وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهِ وَبَلَغَنِي عَنْهُ أَنَّهُ يَضَعُهُ فِي جِهَةِ قِبْلَتِهِ وَمَذْهَبُ (ش) وَ (ح) يُسْتَحَبُّ لَهُ وَضْعُهُ مَوْضِعَ سُجُودِهِ وَفِي جُلُوسِهِ إِلَى حِجْرِهِ لَنَا أَنَّ عَدَمَ الدَّلِيلِ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ الْمَشْرُوعِيَّةِ وَلَمْ يَرِدْ دَلِيلٌ فِي ذَلِكَ وَفِي مُسْلِمٍ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ رَفْعِ أَبْصَارِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ فِي الصَّلَاةِ أَوْ لَا تَرْجِعُ إِلَيْهِمْ وَوَجْهُ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ أَنَّهُ أُمِرَ بِاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ بِجُمْلَتِهِ وَمِنْهَا

بَصَرُهُ وَأَمَّا تَنْكِيسُ الرَّأْسِ فَلَيْسَ فِيهِ اسْتِقْبَالُ بِالْوَجْهِ وَقَدْ قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ارْفَعْ بِرَأْسِكَ فَإِنَّ الْخُشُوعَ فِي الْقَلْبِ الرُّكْنُ الثَّانِي تَكْبِيرَة الْإِحْرَام وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَدْخُلُ بِهَا فِي حُرُمَاتِ الصَّلَاةِ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ مَا كَانَ قَبْلَهَا مُبَاحا لَهُ كَالْكَلَامِ وَالْأكل وَالشرب وَمن قَول الْعَرَب أصبح وَأمسى إِذَا دَخَلَ فِي الصَّبَاحِ وَالْمَسَاءِ وَأَنْجَدَ وَأَتْهَمَ إِذَا دَخَلَ نَجْدًا وَتِهَامَةَ وَكَذَلِكَ أَحْرَمَ إِذَا دَخَلَ فِي حُرُمَاتِ الصَّلَاةِ أَوِ الْحَجِّ وَالدَّاخِلُ يُسَمَّى مُحْرِمًا فِيهِمَا فَهَذِهِ الْهَمْزَةُ لِلدُّخُولِ فِي الشَّيْءِ الْمَذْكُورِ مَعَهَا وَتَنْعَقِدُ الصَّلَاةُ بِقَوْلِنَا اللَّهُ أَكْبَرُ إِجْمَاعًا وَزَادَ (ش) الْأَكْبَرُ وَأَبُو يُوسُفَ الْكَبِيرُ وَ (ح) اللَّهُ أَجَلُّ وَأَعْظَمُ وَنَحْوَ ذَلِكَ وَمَنَعَ مِنَ الِانْعِقَادِ بِالثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي النداء نَحْو يَا رَحْمَن وَجَوَّزَ ابْنُ شِهَابٍ الِاقْتِصَارَ عَلَى النِّيَّةِ دُونَ لَفْظِ أَلْبَتَّةَ لَنَا عَلَى الْفَرْقِ مَا فِي أَبِي دَاوُدَ مِنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطَّهُورُ وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ وَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمُقَدِّمَةِ أَنَّ الْمُبْتَدَأَ يَجِبُ انْحِصَارُهُ فِي الْخَبَرِ فَيَنْحَصِرُ سَبَبُهُ فِي التَّكْبِيرِ فَلَا يَحْصُلُ بِغَيْرِهِ فَيَبْطُلُ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَنَقُولُ لِغَيْرِهِمْ إِنْ كَانَ التَّكْبِيرُ تَعَبُّدًا فَيجب أَنْ يَتْبَعَ فِعْلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَالْأُمَّةُ بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ قِيَاسٍ وَلَا تَصَرُّفٍ وَإِلَّا فَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْأَكْبَرِ لِوُجُودِ الثَّنَاءِ فِي غَيْرِهِ كَمَا قَالَت الْحَنَفِيَّة وَأَيْضًا فينتقض بقولنَا الْأَكْبَر اللَّهُ فَإِنَّهُ أَبْلَغُ مِمَّا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيَّةُ وَلَا يَقُولُونَ بِهِ وَكَذَلِكَ اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَيَلْزَمُهُمْ أَنْ يَقُولُوا ذَلِكَ فِي أَلْفَاظِ الْفَاتِحَةِ وَفِي الرُّكْنِ فروع ثَمَانِيَة الْأَوَّلُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ لَا يُجْزِئُ إِشْبَاعُ فَتْحة الْبَاء

حَتَّى يَصِيرَ أَكْبَارُ بِالْأَلْفِ فَإِنَّ الْأَكْبَارَ جَمْعُ كُبَرٍ وَالْكُبَرُ الطَّبْلُ وَلَوْ أَسْقَطَ حَرْفًا وَاحِدًا لَمْ يُجْزِهِ أَيْضًا وَوَافَقْنَا (ش) فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَأما قَول الْعَامَّة الله وَكبر فَلَهُ مَدْخَلٌ فِي الْجَوَازِ لِأَنَّ الْهَمْزَةَ إِذَا وليت الضمة جَازَ أَن تقلب واوا الثَّانِي قَالَ إِذَا أَحْرَمَ بِالْعَجَمِيَّةِ وَهُوَ يُحْسِنُ الْعَرَبيَّة لَا يجْزِيه عِنْدَنَا وَعِنْدَ (ش) خِلَافًا لِ (ح) فَإِنْ كَانَ لَا يُحْسِنُهَا فَعِنْدَ الْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ يَدْخُلُ بِالنِّيَّةِ دُونَ الْعَجَمِيَّةِ وَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ وَ (ش) يَدْخُلُ بِلُغَتِهِ لَنَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمِ وَلِأَنَّ الْمَطْلُوبَ لَفْظُ التَّكْبِيرِ دُونَ مَعْنَاهُ فَقَدْ يَكُونُ الْعَجَمِيُّ مَوْضُوعًا لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْعَرَبِيَّةِ فَرْعٌ مُرَتَّبٌ قَالَ لَوْ كَبَّرَ هَذَا بِالْعَجَمِيَّةِ وَسَبَّحَ أَوْ دَعَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَقَدْ أَنْكَرَ مَالِكٌ فِي الْكِتَابِ جَمِيعَ ذَلِكَ لِنَهْيِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَطَانَةِ الْأَعَاجِمِ وَقَالَ إِنَّهَا خِبٌّ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَات الرطانة بِفَتْح الرَّاء وَكسرهَا مَعًا وَفَتَحِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ كَلَامُهُمْ بِلِسَانِهِمْ وَالْخِبُّ بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْبَاءِ بِوَاحِدَةٍ أَي مكر وخديعة قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَقَدْ تَأَوَّلَ جَوَازَ ذَلِكَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنَ الْكِتَابِ وَهُوَ فَاسِدٌ وَيَجِبُ عَلَى الْعَجَمِيِّ أَنْ يَتَعَلَّمَ مِنْ لِسَانِ الْعَرَبِ مَا يَحْتَاجُهُ لِصَلَاتِهِ وَغَيْرِهَا فَإِنْ أَسْلَمَ أَوَّلَ الْوَقْتِ أَخَّرَ الصَّلَاةَ حَتَّى يَتَعَلَّمَ كَعَادِمِ الْمَاءِ الرَّاجِي لَهُ آخِرَ الْوَقْتِ إِنْ كَانَ يَجِدُ آخِرَ الْوَقْتِ مَنْ يُصَلِّي بِهِ وَإِلَّا فَالْأَفْضَلُ لَهُ التَّأْخِيرُ قَالَ فَلَوْ كَانَ بِلِسَانِهِ عَارِضٌ

يَمْنَعُهُ مِنَ النُّطْقِ بِالرَّاءِ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ التَّكْبِيرُ لِأَنَّ كَلَامَهُ يُعَدُّ تَكْبِيرًا عِنْدَ الْعَرَبِ فَلَوْ كَانَ مَقْطُوعَ اللِّسَانِ أَوْ لَا يَنْطِقُ إِلَّا بِالْبَاء سقط عَنهُ وَقَالَ الشَّافِعِي يُحَرك لِسَانه مَا أمكنه الثَّالِثُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا نَسِيَ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ مَعَ الْإِمَامِ وَكَبَّرَ لِلرُّكُوعِ نَاوِيًا بِذَلِكَ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ أَجْزَأَتْهُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ مَضَى مَعَ الْإِمَامِ وَأَعَادَ الصَّلَاةَ وَإِنْ لَمْ يُكَبِّرْ أَلْبَتَّةَ كَبَّرَ وَكَانَ مِنَ الْآنَ دَاخِلًا فِي الصَّلَاةِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ نَوَى الْإِحْرَامَ وَالرُّكُوعَ مَعًا وَقَالَ (ش) هَذَا لَا يُجْزِئُ لِلْإِشْرَاكِ فِي النِّيَّةِ لَنَا أَنَّ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ وَنِيَّتَهَا حَاصِلَانِ فَلَا يَضُرُّ الْقَصْدَ إِلَى قُرْبَةٍ أُخْرَى كَمَا لَوْ نَوَى إِسْمَاعَ الْغَيْرِ فَلَوْ وَقَعَتْ هَذِهِ التَّكْبِيرَةُ الْمُشْتَرَكَةُ فِي الِانْحِطَاطِ قَالَ الْبَاجِيُّ هَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْكِتَابِ ويجزيه لِأَنَّهُ ابْتَدَأَهَا فِي آخِرِ أَجْزَاءِ الْقِيَامِ وَقَالَ ابْن الْمَوَّاز لَا يجْزِيه لِأَنَّ الْقِيَامَ الَّذِي يَخْتَصُّ بِالْإِحْرَامِ لَا يَتَحَمَّلُهُ الْإِمَامُ عَنِ الْمَأْمُومِ وَقَالَ (ش) إِذَا أَتَى بِحَرْفٍ وَاحِدٍ مُنْحَنِيًا لِلرُّكُوعِ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْمَكْتُوبَةِ وَقَوْلُ الْبَاجِيِّ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ يَدْخُلُ بِأول حرف وَهِي مَسْأَلَةُ خِلَافٍ فَمَنْ جَعَلَهَا جُزْءًا مِنَ الصَّلَاةِ قَالَ يدْخل بِأول حرف وَمن جعلهَا سَبَب الدُّخُول فِي الصَّلَاة لَمْ يَدْخُلْ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى يَتَحَقَّقَ السَّبَبُ لِلدُّخُولِ فَلَوْ كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ وَلَمْ يَنْوِ الْإِحْرَامَ وَذكر وَهُوَ

رَاكِعٌ قَالَ فِي الْكِتَابِ يَتَمَادَى لِاحْتِمَالِ الصِّحَّةِ عَلَى رَأْيِ ابْنِ شِهَابٍ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ يَرْفَعُ وَيُكَبِّرُ ثُمَّ يَرْكَعُ لِأَنَّهُ قَطْعٌ لِلشَّكِّ وَإِذَا قُلْنَا يَرْجِعُ فَظَاهِرُ الْعُتْبِيَّةِ بِغَيْرِ سَلَامٍ تَرْجِيحًا لِلْبُطْلَانِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ بِسَلَامٍ تَرْجِيحًا لِلصِّحَّةِ عَلَى رَأْيِ ابْنِ شِهَابٍ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى رَفَعَ فَالْمَشْهُورُ يَتَمَادَى وَخَيَّرَهُ أَبُو مُصْعَبٍ بَيْنَ الْقَطْعِ وَالتَّمَادِي مَعَ الْإِعَادَةِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْجُمُعَةِ يَقْطَعُ وَرَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَقَالَ أَيْضًا يَتَمَادَى وَيُعِيدُ ظُهْرًا لِلِاحْتِيَاطِ لِلْجُمْعَةِ وَأَمَّا إِعَادَتُهَا بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ فَهُوَ الْمَشْهُورُ وَهَلْ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ وَهُوَ اخْتِيَارُ صَاحب الطّراز أَو النّدب قَالَ وَهُوَ اخْتِيَارُ صَاحِبِ الْجُلَّابِ وَصَاحِبِ النُّكَتِ لِأَنَّ تَكْبِيرَةَ الرُّكُوعِ تُجْزِئُ عَنْ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ لِمَنْ نَسِيَهَا عِنْد ابْن الْمُسَبّب وَلَا تُجْزِئُ عِنْدَ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرحمان كَمَا فِي الْكِتَابِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ سَحْنُونٌ الْمَعْرُوف مَكَان ابْن الْمُسَبّب ابْنُ شِهَابٍ وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْمُوَطَّأِ قَالَ وَخرج المسئلة على اشْتِرَاط مُقَارنَة النِّيَّة للتكبير فَمن اشْترط أَوْجَبَ وَمَنْ لَا فَلَا لِأَنَّهُ قَصَدَ الصَّلَاةَ عِنْدَ الْقِيَامِ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ لَوْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ لِقَصْدِ الصَّلَاةَ وَكَبَّرَ لِلرُّكُوعِ لَمْ يجزه عِنْد ربيعَة قَالَ وَإِنَّمَا مدرك المسئلة هَلْ تَفْتَقِرُ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ إِلَى نِيَّةٍ غَيْرَ نِيَّةِ الصَّلَاةِ وَهُوَ مَذْهَبُ رَبِيعَةَ أَوْ لَا تَفْتَقِرُ وَهُوَ مَذْهَبُ سَعِيدٍ قَالَ

وَنَقَلَ أَبُو سَعِيدٍ أَنَّهَا لَا تُجْزِئُهُ عِنْدَ رَبِيعَةَ وَلَيْسَ فِي الْكِتَابِ إِلَّا الْإِعَادَةَ فَيُحْتَمَلُ الِاحْتِيَاطُ وَقَدْ تَأَوَّلَ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى ابْنِ شِهَابٍ وَابْنِ الْمُسَيِّبِ الدُّخُولَ فِي الصَّلَاةِ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ كَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ تَنْبِيهٌ قَوْلُ صَاحِبِ الطَّرَّاز إِنَّ صَاحِبَ الْجُلَّابِ قَالَ بِالنَّدْبِ مُشْكِلٌ لِأَنَّ ابْنَ الْجُلَّابِ قَدْ قَالَ يُعِيدُ إِيجَابًا فَصَرَّحَ بِالْإِيجَابِ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ النَّقْلُ عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ سَهْوٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنَّمَا هُوَ ابْنُ شِهَابٍ وَقَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَصَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ يُجْزِئُ عِنْدَهُمَا مَعًا فَعَلَى هَذَا لَا سَهْوَ وَأَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمُوَطَّأِ وَالْمُدَوَّنَةِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَلَوْ ذَكَرَ وَهُوَ رَاكِعٌ فَكَبَّرَ لِلْإِحْرَامِ فَقَدْ أَخْطَأَ وَيُلْغِي تِلْكَ الرَّكْعَةَ وَيَقْضِيهَا بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ تُجْزِئُهُ قَالَ وَكَذَلِكَ إِذَا ذَكَرَ وَهُوَ سَاجِدٌ فَكَبَّرَ لِلْإِحْرَامِ وَأَنْكَرَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مِنْ شَرْطِ الْإِحْرَامِ الْقِيَامَ قَالَ وَالَّذِي قَالَهُ مُحَمَّدٌ ظَاهِرٌ فَإِنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَشْتَرِطْ مَعَ الْإِحْرَامِ قِيَامًا وَإِنَّمَا الْقِيَامُ رُكْنٌ فِي الرَّكْعَةِ فَإِذَا لَمْ تَبْطُلْ لِفَوَاتِهِ لَا تَبْطُلُ لِذَهَابِهِ مِنَ الْإِحْرَامِ قَالَ فَإِنْ لَمْ يُكَبِّرْ لِلْإِحْرَامِ وَلَا لِلرُّكُوعِ لَمْ تُجْزِهِ تَكْبِيرَةُ السُّجُودِ إِلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْإِمَامَ يَحْمِلُهَا وَلَا يَكْتَفِي بِصُورَةِ التَّكْبِيرِ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِيهَا لِأَنَّ مِنْ شَرْطِهَا أَنْ يَقْتَرِنَ بِهَا مَا يعْتد بِهِ من صلَاته وَهَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى رَكَعَ الثَّانِيَةَ وَكَبَّرَ لِرُكُوعِهَا فَهَلْ تَكُونُ الثَّانِيَةُ كَالْأُولَى فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُحْرِمُ

وَلَا يَقْطَعُ بِسَلَامٍ وَلَا كَلَامٍ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ يَتَمَادَى وَيَقْضِي رَكْعَةً ثُمَّ يُعِيدُ وَسَوَّى بَيْنَهُمَا قَالَ وَالْأول أَبْيَنُ فَإِنَّ التَّكْبِيرَ صَادَفَ قِيَامَ النِّيَّةِ الْحُكْمَيَّةِ وَاتَّصَلَ بِفِعْلٍ مُعْتَدٍّ بِهِ قَالَ فَإِنْ قِيلَ لَمْ لَا يَحْمِلُ الْإِمَامُ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ كَالْقِرَاءَةِ مَعَ أَنَّهُ مَرْوِيٌّ عَنْ مَالِكٍ قُلْنَا حَمَلَ الإِمَامُ فَرْعَ صِحَّةِ صَلاةِ الْمَأْمُومِ وَلَمْ تَصِحَّ لَهُ صَلاةٌ قَبْلَ التَّكْبِيرِ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ مصادرة فَإِنَّ الْخَصْمَ لَا يَقُولُ صَحَّتْ بِالنِّيَّةِ بَلْ يَقُولُ الْقِرَاءَةُ لَهَا بَدَلٌ حَالَةَ الْجَهْرِ وَهُوَ السَّمَاعُ وَالْقَدْرُ الْمَقْصُودُ مِنَ الْقِرَاءَةِ وَحَالَةُ السِّرِّ وَهُوَ تَوَفُّرُهُ عَلَى الْخُشُوعِ وَالْفِكْرَةِ فِي الْمُثُولِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَعَالَى فَحَمَلَهَا الْإِمَامُ لِوُجُودِ مَا يُخَلِّفُهَا وَالتَّكْبِيرَةُ لَا بَدَلَ لَهَا وَلِأَنَّ الْمَأْمُومَ مُفْتَقِرٌ إِلَى لَفْظٍ يَخْرُجُ بِهِ مِنَ الصَّلَاةِ وَلَا يَحْمِلُهُ الْإِمَامُ وَهُوَ السَّلَامُ فَيَفْتَقِرُ إِلَى لَفْظٍ يَدْخُلُ بِهِ فِي الصَّلَاةِ وَلَا يَحْمِلْهُ الْإِمَامُ وَهُوَ التَّكْبِيرُ تَسْوِيَةً بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ بِخِلَافِ الْقِرَاءَةِ قَدْ فَقَدَ فِيهَا مَعْنَى التَّسْوِيَةِ وَبِهَذَا الْفَرْقِ فَرَّقْنَا بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ لَمَّا قَاسَهَا الْحَنَفِيَّةُ عَلَيْهِ فِي عَدَمِ الِاحْتِيَاجِ إِلَى السَّلَام الرَّابِعُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا نَسِيَ الْإِمَامُ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ وَكَبَّرَ لِلرُّكُوعِ وَكَبَّرَ مَنْ خَلْفَهُ لِلْإِحْرَامِ أَعَادَ جَمِيعُهُمِ الصَّلَاةَ وَكَذَلِكَ لَوْ نَوَى بِتَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ الْإِحْرَامَ لِأَنَّهُ ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ بِالرُّكُوعِ وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَقِيَامُ الْإِمَامِ نَائِبٌ عَنْهُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ أَبُو الْفَرَجِ هَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الْفَاتِحَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَأَمَّا عَلَى غَيْرِهِ فَتُجْزِئُهُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ مَنْ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ فِي رَكْعَةٍ أَلْغَاهَا فَإِنَّهُ يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ وَتَصِحُّ صَلَاتُهُ وَهَلْ يُعِيد أم لَا يتَخَرَّج على مسئلة السَّهْو عَن الْقِرَاءَة الْخَامِس إِذا كبر ظَانّا بِأَن الْإِمَامَ قَدْ كَبَّرَ ثُمَّ كَبَّرَ الْإِمَامُ أَعَادَ صلَاته إِلَّا أَنْ يُكَبِّرَ

بَعْدَهُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ لَا يُعِيدُ عَلَى القَوْل بِحمْل الإِمَام تَكْبِيرَة الْإِحْرَام وَوَافَقَ الْمَشْهُور (ح) وَللشَّافِعِيّ قَوْلَانِ وَإِذَا كَبَّرَ بَعْدَهُ فَفِي الْكِتَابِ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُسَلِّمَ وَعَنْ سَحْنُونٍ وَ (ش) أَنه يسلم كَأَنَّهُ عَقَدَ الصَّلَاةَ فِي الْجُمْلَةِ فَأَشْبَهَ مَنْ أَحْرَمَ بِالظُّهْرِ قَبْلَ الزَّوَالِ فَإِنَّهَا تَنْعَقِدُ نَافِلَةً حُجَّةُ الْمَشْهُورِ أَنَّهُ إِنَّمَا عَقَدَ صَلَاتَهُ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ حِينَئِذٍ صَلَاةٌ بِلَا عَقْدٍ فَلَا حَاجَةَ إِلَى الْحَلِّ قَالَ وَلَوْ أَحْرَمَ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ ظَانًّا أَنَّهُ فِي التَّشَهُّدِ قَالَ أَشْهَبُ لَيْسَ عَلَيْهِ الِاسْتِئْنَافُ وَالْفَرْقُ أَنَّ هَذَا بُنِيَ عَلَى أَمْرٍ ثَبَتَ وَانْقَضَى وَالْأَوَّلُ بُنِيَ عَلَى أَمْرٍ لَمْ يَدْخُلِ الْوُجُودَ أَلْبَتَّةَ كَمَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي التَّشَهُّدِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ إِحْرَامُهُ بنية الْإِتْمَام وَإِنْ كَانَ لَمْ يُشَارِكْهُ فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ لَا يَسْجُدُ لِسَهْوِ الْإِمَامِ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ وَلَهُ إِعَادَتُهَا فِي جَمَاعَةٍ قَالَ وَلَوْ أَحْرَمَ جَمَاعَةٌ قَبْلَ إِمَامِهِمْ ثُمَّ أَحْدَثَ إِمَامُهُمْ فَقَدِمَ أَحَدُهُمْ فَصَلَّى بِأَصْحَابِهِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ ابْنِ سَحْنُون وَكَذَلِكَ إِن صلوا أفذاذا لِفَسَادِ إِحْرَامِهِمْ قَالَ فَلَوْ لَمْ يُحْرِمْ بَعْدَ إِمَامِهِ حَتَّى رَكَعَ وَنَوَى بِتَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ الْإِحْرَامَ أَوْ لَمْ يَنْوِ يَجْرِي الْحُكْمُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَإِنْ لَمْ يُكَبِّرْ لِلرُّكُوعِ وَلَا لِلسُّجُودِ فَمُقْتَضَى قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِي الْقَطْعِ إِلَى سَلَامٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ السَّلَامُ أَحَبُّ إِلَيَّ قَالَ قَالَ التُّونُسِيُّ جَعَلَ الرُّكُوعَ يَنْوِي الْإِحْرَامَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَصَاحِبُ النُّكَتِ إِنَّمَا قَالَ فِي الْكتاب يُجزئ الْمَأْمُومَ تَكْبِيرَةُ الرُّكُوعِ إِذَا نَوَى بِهَا الْإِحْرَامَ إِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ قَائِمًا لِأَنَّ الْقِيَامَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ وَلَا يَحْمِلُهُ الْإِمَامُ أَمَّا إِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ بَعْدَ الْقِيَامِ فِي الرُّكُوعِ فَلَا يُجْزِئُهُ لتَركه الْقيام السَّادِسُ قَالَ فَلَوْ أَحْرَمَا مَعًا أَعَادَ بَعْدَهُ عِنْد مَالك و (ش) خلافًا لأبي

حنيفَة مُلْحِقًا الْإِحْرَامَ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَإِنَّمَا الْمَمْنُوعُ السَّبْقُ لَنَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْمُوَطَّأِ إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَالْفَاءُ لِلتَّعْقِيبِ وَجَوَابُ الشَّرْطِ أَيْضًا بَعْدَهُ وَأَمَّا الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ فَإِنَّا وَإِنِ اسْتَحْبَبْنَا تَقَدُّمَ الْإِمَامِ فِيهِمَا فَلَا يَتَأَخَّرُ الْمَأْمُومُ حَتَّى يَنْقَضِيَ لِطُولِ الْأَفْعَالِ فَلَا تَحْصُلُ الْمُتَابَعَةُ فِيهِمَا عَلَى الْكَمَالِ إِلَّا كَذَلِكَ وَأَمَّا الْأَقْوَالُ كَالتَّكْبِيرِ كُلِّهِ وَالسَّلَامِ وَالتَّأْمِينِ فَيَتَأَخَّرُ الْمَأْمُومُ عَنْ جُمْلَتِهَا لِضِيقِ زَمَانِهَا وَذَلِكَ هُوَ الِاتِّبَاع عَادَة فِي الْفَصْلَيْنِ قَالَ وَإِذَا قُلْنَا يُعِيدُ التَّكْبِيرَ فَهَلْ يُسَلِّمُ قَبْلَ ذَلِكَ يَتَخَرَّجُ عَلَى مَا إِذَا تَمَادَى عَلَى إِحْرَامِهِ هَلْ يُعِيدُ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى سَلَامٍ أَوْ يُجْزِئُهُ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَيَحْتَاجُ إِلَى السَّلَامِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِنْ لَمْ يَسْبِقْهُ الْإِمَامُ بِحرف بطلت صلَاته قَالَ وَهَذَا مَبْنِيّ على أصل هَلْ يَدْخُلُ الْمُصَلِّي فِي الصَّلَاةِ بِالْهَمْزَةِ الْأُولَى أَوْ لَا يَدْخُلُ إِلَّا بِالرَّاءِ فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ اللَّهُ ثُمَّ شَغَلَهُ السُّعَالُ حَتَّى رَكَعَ الْإِمَامُ فَرَكَعَ مَعَهُ لَمْ يُجْزِهِ وَيَنْبَنِي عَلَى هَذَا الْفَرْع هَل تَكْبِيرَة الْإِحْرَام ركن أَو شَرط فَقَوله عَلَيْهِ السَّلَام تَحْرِيمهَا التَّكْبِير فإضافة التَّحْرِيم إِلَيْهَا يَقْتَضِي شَرْطِيَّتَهَا قَالَ وَكَذَلِكَ السَّلَامُ أَيْضًا هَلْ هُوَ مِنَ الصَّلَاةِ أَمْ لَا وَيُؤَكِّدُ الشَّرْطِيَّةَ افْتِقَارُهُ إِلَى النِّيَّةِ الْمُخَصَّصَةِ بِهِ وَكَوْنِ الْمَسْبُوق تقدمه كَالنِّيَّةِ وَالطَّهَارَةِ بِخِلَافِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ يُؤَخِّرُهُ حَتَّى يُسَلِّمَ الْإِمَامُ وَلَا يَحْمِلُهُ الْإِمَامُ بِخِلَافِ أَذْكَارِ الصَّلَاةِ وَكَذَلِكَ السَّلَامُ يَفْتَقِرُ إِلَى نِيَّةٍ تَخُصُّهُ وَلَا يَتْبَعُ الْمَسْبُوقُ الْإِمَامَ فِيهِ بَلْ يُؤَخِّرُهُ حَتَّى يَفْرُغَ وَلَا يَحْمِلُهُ الْإِمَامُ وَيَشْرُعُ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ مُتَيَامِنًا فِيهِ قَالَ وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا عَلَى رُكْنِيَّتِهِ بِأَنَّ شُرُوطَ الصَّلَاةِ شُرُوطُهُ

أَيْضا كالطهارة والستارة وَالْقِبْلَةِ وَمُقَارَنَةِ النِّيَّةِ وَدُخُولِ الْوَقْتِ وَأَمَّا اخْتِصَاصُهُ وَاخْتِصَاصُ السَّلَامِ بِالنِّيَّةِ فَلِتَعْيِينِ حَالَةِ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ وَالْخُرُوجِ مِنْهَا وَلَا يُسَلِّمُ الْمَسْبُوقُ مَعَ الْإِمَامِ لِئَلَّا يَخْرُجَ مِنَ الصَّلَاةِ قَبْلَ تَمَامِهَا وَلَا يَحْمِلُهَا الْإِمَامُ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَصِيرُ مَأْمُومًا بِالتَّكْبِيرِ وَيَجِبُ السَّلَامُ عَلَيْهِ تَسْوِيَةً بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُمَا طَرَفَا الصَّلَاةِ وَشُرِعَ فِيهِ التَّيَامُنُ تَنْبِيهًا عَلَى الْخُرُوجِ قَالَ وَإِذَا كَانَتْ رُكْنًا دَخَلَ الْمُصَلِّي فِي الصَّلَاةِ بِحَرَكَةِ الْهَمْزَةِ حَتَّى يَقَعَ التَّكْبِيرُ مِنَ الصَّلَاةِ إِلَّا أَنْ يَمْنَعَ مَانِعٌ مِنْ تَمَامِهَا كَمَا يَدْخُلُ فِي الصَّوْمِ بِأَوَّلِ جُزْءٍ من النَّهَار وَهُوَ من الصَّوْم قَالَ وَقَول ابْن الْقَاسِم يُجزئهُ أَوْجَهُ لِأَنَّ إِحْرَامَهُ قَارَنَ إِحْرَامَ الْإِمَامِ مَوْجُودًا أَمَّا لَوْ سَلَّمَا مَعًا فَيُعِيدُ أَبَدًا عِنْدَ أصبغ وَيجْرِي فِيهِ الِاخْتِلَاف الَّذِي فِي الْإِحْرَامِ وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ السَّابِعُ قَالَ لَوْ أَحْرَمَ أَحَدُهُمَا مُؤْتَمًّا بِالْآخَرِ ثمَّ شكا عِنْدَ التَّشَهُّدِ فِي أَيِّهِمَا الْإِمَامُ قَالَ سَحْنُونٌ يَتَفَكَّرَانِ مِنْ غَيْرِ طُولٍ فَإِنْ طَالَ أَوْ سَلَّمَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ بَطَلَتْ صَلَاةُ السَّابِقِ لِأَنَّهُ سَلَّمَ عَلَى شَكٍّ وَالْمُتَأَخِّرُ إِنْ كَانَ إِمَامًا فَلَا يَضُرُّهُ تَقَدُّمَ الْمَأْمُومِ وَإِنْ كَانَ مَأْمُوما فقد صَادف الحكم فَلَو كَانَا مُسَافِرًا وَمُقِيمًا وَشَكَّا بَعْدَ رَكْعَتَيْنِ قَالَ سَحْنُونٌ يُسَلِّمُ الْمُسَافِرُ وَيُعِيدُ وَيُتِمُّ الْمُقِيمُ لِأَنَّهُ لَوْ أَتَمَّ أَتَمَّ مَعَ شَكِّهِ وَلَيْسَ هُوَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ إِكْمَالِ الصَّلَاةِ فِي حَقِّهِ الثَّامِنُ قَالَ لَوْ شَكَّ الْمُصَلِّي فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ أَمَّا الْإِمَامُ وَالْمُنْفَرِدُ فَهُمَا

كَالْمُتَيَقِّنِ لِعَدَمِ التَّكْبِيرِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيَمْضِيَانِ وَيُعِيدَانِ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ كَبَّرَا لِلرُّكُوعِ أَمْ لَا إِلَّا أَنْ يَذْكُرَا قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَا فَيُعِيدَانِ التَّكْبِيرَ وَالْقِرَاءَةَ وَقَالَ سَحْنُونٌ يَتَمَادَى الْإِمَامُ وَهُوَ يَتَذَكَّرُ فَإِذَا سَلَّمُوا سَأَلَ الْقَوْمَ فَرَأى ابْن الْقَاسِم أَن الْعَمَل على الشَّك لَا يُجزئهُ وَهُوَ مَذْهَب الشَّافِعِي وَرَأَى غَيْرُهُ احْتِمَالَ حُرْمَةِ الصَّلَاةِ وَأَمَّا الْمَأْمُومُ إِن ذكر قبل أَن يرْكَع قَطَعَ بِسَلَامٍ وَأَحْرَمَ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى رَكَعَ وَكَبَّرَ لِلرُّكُوعِ تَمَادَى وَأَعَادَ وَإِنْ لَمْ يُكَبِّرْ فَقَالَ أَصْبَغُ يَقْطَعُ وَابْنُ حَبِيبٍ لَا يَقْطَعُ وَيَتَمَادَى لِاحْتِمَالِ الصِّحَّةِ وَيُعِيدُ لِاحْتِمَالِ الْبُطْلَانِ نَظَائِرٌ سِتَّةٌ قَالَ الْمَازِرِيُّ إِذَا شَكَّ فِي فِي الْإِحْرَامِ أَوْ فِي الطَّهَارَةِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ زَادَ فِيهَا رَكْعَةً عَامِدًا أَوْ سَاهِيًا ثُمَّ تَبَيَّنَ عَدَمُ الزِّيَادَةِ أَوْ فَسَادُ الْأُولَى أَوْ سَلَّمَ مِنِ اثْنَتَيْنِ سَاهِيًا وَصَلَّى بَقِيَّةَ صَلَاتِهِ بِنِيَّةِ النَّافِلَةِ أَوْ أَحْرَمَ بِالظُّهْرِ ثُمَّ أَكْمَلَهَا بِنِيَّةِ الْعَصْرِ ثُمَّ تَبَيَّنَ الصَّوَابَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ فَفِي الْجَمِيعِ قَوْلَانِ وَالْبُطْلَانُ إِذَا زَادَ عَامِدًا أَوْ أَكْمَلَ بِنِيَّةِ النَّافِلَةِ أَرْجَحُ لِفَسَادِ النِّيَّةِ وَمُعْتَمَدُ الْخِلَافِ فِي الْجَمِيعِ النَّظَرُ إِلَى حُصُولِ الصَّوَابِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَتَصِحُّ أَوْ عَدَمُ تَصْمِيمِ الْمُصَلِّي عَلَى الْعِبَادَةِ فَتبْطل الرُّكْن الثَّالِث الْقِرَاءَة وفيهَا فروع ثَمَانِيَة الْأَوَّلُ الْبَسْمَلَةُ وَفِيهَا أَرْبَعَةُ مَذَاهِبَ الْوُجُوبُ لِ (ش) وَالْكَرَاهَةُ لِمَالِكٍ وَالنَّدْبُ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا وَالْأَمْرُ بِهَا سِرًّا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَا يَقْرَأُ الْبَسْمَلَةَ فِي الْمَكْتُوبَةِ سِرًّا وَلَا جَهْرًا إِمَامًا أَوْ مُنْفَرِدًا وَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي النَّافِلَةِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ لَا يَخْتَلِفُ فِي جَوَازِهَا فِي النَّافِلَةِ وَأَنَّهَا لَا

تُفْسِدُ الْفَرِيضَةَ وَقَالَ (ش) وَابْنُ شِهَابٍ هِيَ آيَة من الْفَاتِحَة وَللشَّافِعِيّ فِيمَا عَدَا الْفَاتِحَةِ قَوْلَانِ وَقَالَ أَحْمَدُ لَيْسَتْ آيَةً إِلَّا فِي النَّمْلِ لَنَا وُجُوهٌ خَمْسَةٌ أَحَدُهَا مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ أَنَسٌ صَلَّيْتُ خلف النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ فَكَانُوا يستفتحون بِالْحَمْد لله رب الْعَالمين لَا يذكرُونَ بِسم الله الرحمان الرَّحِيم فِي أَوَّلِ الْقِرَاءَةِ وَلَا فِي آخِرِهَا الثَّانِي مَا فِي الْمُوَطَّأِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ سَمِعْتُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ هِيَ خِدَاجٌ هِيَ خِدَاجٌ غَيْرُ تَمَامٍ قَالَ أَبُو السَّائِب مولى هِشَام ابْن زُهْرَةَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ إِنِّي أَحْيَانًا أَكُونُ وَرَاءَ الْإِمَامِ قَالَ فَغَمَزَ ذِرَاعِي ثُمَّ قَالَ اقْرَأْ بِهَا فِي نَفْسِكَ يَا فَارِسِيُّ قَالَ سَمِعْتُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ فَنِصْفُهَا لِي وَنِصْفُهَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ اقْرَءُوا يَقُولُ الْعَبْدُ الْحَمْدُ لله رب الْعَالمين يَقُول الله حمدني عَبدِي يَقُول العَبْد الرحمان الرَّحِيم يَقُولُ اللَّهُ أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي يَقُولُ الْعَبْدُ مَالك يَوْم الدّين يَقُولُ اللَّهُ مَجَّدَنِي عَبْدِي يَقُولُ الْعَبْدُ إِيَّاكَ نعْبد وَإِيَّاك نستعين فَهَذِهِ الْآيَةُ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ يَقُول العَبْد اهدنا الصِّرَاط الْمُسْتَقيم صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالّين فَهَذِهِ لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ وَسَاقَ الْحَدِيثَ وَالْقِسْمَةُ لَيْسَتْ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ لِعَدَمِ ذِكْرِهَا وَلَا فِي غَيْرِ الْفَاتِحَةِ مِنَ الْأَذْكَارِ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ لَفْظُ الصَّلَاةِ اسْتُعْمِلَ مَجَازًا فِي الْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ إِمَّا مِنْ بَابِ التَّعْبِيرِ بِالْجُزْءِ عَنِ الْكُلِّ لِأَنَّ الدُّعَاءَ جُزْؤُهَا أَوِ التَّعْبِيرِ بِالْكُلِّ عَنِ الْجُزْءِ لِأَنَّ الْفَاتِحَةَ جُزْءُ

الصَّلَاةِ وَلَمْ يَذْكُرِ الْبَسْمَلَةَ فِيهَا فَلَيْسَتْ مِنْهَا فَإِنْ قِيلَ الْجَوَابُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ الْحَقِيقَةُ الشَّرْعِيَّةُ وَاللُّغَوِيَّةُ لَيْسَتَا مُرَادَتَيْنِ إِجْمَاعًا فَلَمْ يَبْقَ سِوَى الْمَجَازِ وَهُوَ عِنْدَنَا مَجَازٌ عَنِ الْحَقِيقَةِ اللُّغَوِيَّةِ الَّتِي هِيَ الدُّعَاءُ إِلَى قِرَاءَةٍ مَقْسُومَةٍ بِنِصْفَيْنِ وَهَذَا أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهِ جُمْلَةَ الْفَاتِحَةِ أَوْ بَعْضَهَا فَيَحْتَاجُ إِلَى التَّرْجِيحِ وَهُوَ مَعَهَا فَإِنَّ بَعْضَهَا أَقْرَبُ إِلَى الْحَقِيقَةِ مِنْ كُلِّهَا وَالْأَقْرَبُ إِلَى الْحَقِيقَةِ أَرْجَحُ فَيَبْقَى الْبَعْضُ الْآخَرُ غَيْرُ مَذْكُورٍ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ الثَّانِي أَنَّ الصَّلَاةَ لَيْسَتْ مَقْسُومَةً اتِّفَاقًا فَيَكُونُ ثُمَّ إِضْمَارٌ تَقْدِيرُهُ قَسَمْتُ بَعْضَ قِرَاءَةِ الصَّلَاةِ وَنَحْنُ نَقُولُ بِمُوجِبِهِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ التَّجَوُّزَ عَنِ الْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ أَوْلَى لِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَن كل من أُطْلِقَ لَفْظُهُ حُمِلَ عَلَى عُرْفِهِ وَلِذَلِكَ حَمَلْنَا قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام لَا يقبل الله صَلَاة بِغَيْرِ طَهُورٍ عَلَى الصَّلَاةِ الشَّرْعِيَّةِ وَثَانِيهِمَا أَنَّ التَّجَوُّزَ عَنِ الْكُلِّ إِلَى الْجُزْءِ أَوْلَى مِنَ الْجُزْءِ إِلَى الْكُلّ لِحُصُولِ الِاسْتِلْزَامِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَعَلَى هَذَا يَكُونُ اسْتِيعَابُ الْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ أَقْرَبُ إِلَى الْحَقِيقَةِ مِنْ بَعْضِهَا وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْمَجَازَ أَوْلَى مِنَ الْإِضْمَارِ كَمَا تقرر فِي علم الْأُصُول الثَّالِث أَن الفاءات هِيَ الْفَاصِلَةُ بَيْنَ الْآيِ فَلَوْ كَانَتِ الْبَسْمَلَةُ مِنَ الْفَاتِحَةِ لَكَانَتِ الْآيَاتُ ثَمَانِيَةً وَهُوَ بَاطِلٌ لِوَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ تَسْمِيَتُهَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بِالسَّبْعِ الْمَثَانِي وَالثَّانِي أَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ قَسَمُ اللَّهِ تَعَالَى يَكْمُلُ عِنْدَ {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} وَلَيْسَ كَذَلِك الرَّابِعُ أَنَّ الْقَوْلَ بِمَا يُفْضِي إِلَى التَّكْرَارِ وَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ وَهُوَ فِي {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ عَنْ هَذَا السُّؤَالِ بِأَنَّ الْأَوَّلَ ثَنَاء على الله بِالرَّحْمَةِ فِي الْفِعْل

المبسل عَلَيْهِ وَالثَّانِي ثَنَاء اللَّهِ تَعَالَى بِالرَّحْمَةِ لِكُلِّ مَرْحُومٍ فَلَا تَكْرَارَ الْخَامِسُ إِجْمَاعُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَإِنَّ الصَّلَاةَ تُقَامُ بَيْنَهُمْ مِنْ عَهْدِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى زَمَنِ مَالِكٍ مَعَ الْجَمْعِ الْعَظِيمِ الَّذِي يَسْتَحِيلُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ فَنَقْلُهُمْ لِذَلِكَ بِالْفِعْلِ كَنَقْلِهِمْ لَهُ بِالْقَوْلِ فَيَحْصُلُ الْعِلْمُ فَلَا يُعَارِضُهُ شَيْءٌ مِنْ أَخْبَار الْآحَاد احْتَجُّوا بِوُجُوه أَحدهَا إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ عَلَى كَتْبِهَا فِي الْمُصْحَفِ وَالْإِرْسَالِ بِهِ إِلَى الْبِلَادِ احْتِرَازًا لِلْقُرْآنِ وَضَبْطًا لَهُ فَتَكُونُ مِنَ الْقُرْآنِ وَلِذَلِكَ لَمْ يَكْتُبُوهَا فِي أَوَّلِ بَرَاءَةٌ لَمَّا لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهَا مِنْهَا الثَّانِي مَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ نُعَيْمٍ الْمُجْمِرِ قَالَ صَلَّيْتُ وَرَاءَ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَرَأَ بِسْمِ الله الرَّحْمَن الرَّحِيم ثُمَّ قَرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَقَالَ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ أَنِّي لأشبهكه بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الثَّالِثُ مَا فِي التِّرْمِذِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَام يستفتح الصَّلَاة بِسم الله الرحمان الرَّحِيمِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأُولَى أَنَّهَا لَمَّا أُنْزَلَتْ فِي النَّمْل أَمر عَلَيْهِ السَّلَام لَا يكْتب كتابا إِلَّا ابْتُدِئَ بِهَا فِيهِ فَجَرَى الصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ عَلَى ذَلِكَ كَمَا هُوَ الْيَوْمُ وَبِذَلِك رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ قُلْتُ لعُثْمَان مَا بالكم كتبتم بِسم الله الرحمان الرَّحِيمِ وَأَسْقَطْتُمُوهَا مِنْ بَرَاءَةٌ فَقَالَ مَا تَحَقَّقْتُ هَلْ هِيَ سُورَةٌ عَلَى حِيَالِهَا أَمْ هِيَ وَالْأَنْفَالُ سُورَةٌ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ لَمْ يُخْرِجْهُ أَحَدٌ مِمَّنِ اشْتَرَطَ الصِّحَّةَ وَحَدِيثُهُ فِي الْمُوَطَّأِ يُوهِنُ هَذَا الْحَدِيثَ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّهُ ضَعَّفَهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ

إِن ذَلِك فِي النَّافِلَة وَاسع فعل ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْفَاتِحَةِ وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ أَوْ فِي الْفَاتِحَةِ وَغَيْرِهَا وَهُوَ حِكَايَةُ الْبَاجِيِّ عَنِ الْعِرَاقِيِّينَ حُجَّةُ الْأَوَّلُ مَا فِي أَبِي دَاوُدَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ بِالتَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَة بِالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَعُمُوم اللَّام يَشْمَلُ الْفَرْضَ وَالنَّفْلَ تَنْبِيهٌ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ يَعْتَمِدُونَ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِالتَّوَاتُرِ وَالْبَسْمَلَةُ لَيْسَتْ مُتَوَاتِرَةً فَلَا تَكُونُ قُرْآنًا وَيَعْتَقِدُونَ أَنَّهُ دَلِيلٌ قَاطِعٌ وَهُوَ بَاطِلٌ لِأَنَّ قَوْلَهُمُ الْقُرْآنُ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِالتَّوَاتُرِ إِنْ أَخَذُوهُ كُلِّيَّةً انْدَرَجَتْ فِيهَا صُورَةُ النِّزَاعِ فَالْخَصْمُ يَمْنَعُ الْكُلِّيَّةَ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى صُورَةِ النِّزَاعِ أَوْ جُزْئِيَّةً لَمْ تُفِدْ شَيْئًا إِذْ لَعَلَّ صُورَةَ النِّزَاعِ فِيمَا بَقِيَ غَيْرُ الْجُزْئِيَّةِ وَمِمَّا يُوَضِّحُ لَكَ فَسَادَهُ أَنَّ مَنْ زَادَ فِي الْقُرْآنِ مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ كَافِرٌ إِجْمَاعًا وَكَذَلِكَ مَنْ نقص مِنْهُ مَا هومنه فَكَانَ يَلْزَمُ تَكْفِيرُنَا أَوْ تَكْفِيرُ خَصْمِنَا وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ لَيْسَ مَلْزُومًا لِلتَّوَاتُرِ بَلْ عِنْدَ الْخَصْمِ الْقُرْآنُ يَثْبُتُ بِالتَّوَاتُرِ وَبِغَيْرِ التَّوَاتُرِ فَمُصَادَرَتُهُ عَلَى ذَلِكَ لَا تجوز لِأَنَّهُ يَقُول إِن الْبَسْمَلَة لَيست مُتَوَاتِرَةً وَهِيَ قُرْآنٌ وَنَحْنُ أَيْضًا نَقُولُ هِيَ غير متواترة وَلَا يكفر مثبتها من الْقُرْآن

فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّنَا غَيْرُ جَازِمِينَ بِأَنَّ الْقُرْآنَ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِالتَّوَاتُرِ الثَّانِي قَالَ فِي الْكِتَابِ يَتَعَوَّذُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ إِنْ شَاءَ وَلَا يَتَعَوَّذُ أَحَدٌ فِي الْمَكْتُوبَةِ وَيَجُوزُ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ وَلَمْ يَزَلِ النَّاسُ يَتَعَوَّذُونَ فِيهِ خِلَافًا لِ (ش) وَ (ح) لَنَا مَا تَقَدَّمَ فِي الْبَسْمَلَةِ مِنَ النُّصُوصِ وَعَمَلِ الْمَدِينَةِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ قَبْلَ الْفَاتِحَةِ فِي النَّافِلَةِ فَأَجَازَهُ فِي الْكِتَابِ وَكَرِهَهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَإِذَا تَعَوَّذَ فَهَلْ يَجْهَرُ بِهِ كَالْقِرَاءَةِ أَوْ كَالتَّسْبِيحِ لَهُ قَوْلَانِ فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُسِرُّهُ وَأَبُو هُرَيْرَةَ يَجْهَرُ بِهِ وَيَتَعَوَّذُ فِي جُمْلَةِ الرَّكَعَاتِ عِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ وَ (ش) لِأَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِ الْقِرَاءَةِ وَيَخْتَصُّ بِالرَّكْعَةِ الْأُولَى عِنْدَ (ح) لِأَنَّهُ لِافْتِتَاحِ الصَّلَاةِ حُجَّةُ الْأَوَّلِ قَوْله تَعَالَى {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآن فاستعذ بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم} حُجَّةُ الثَّانِي أَنَّ الْمُهِمَّ صَرْفُ الشَّيْطَانِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَنِ الصَّلَاةِ وَقَدْ حَصَلَ وَلَفْظُهُ عِنْدَ مَالِكٍ وَ (ش) وَ (ح) أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ وَعِنْدَ الثَّوْرِيِّ أَعُوذُ بِالسَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ وَمَذْهَبُ الْجَمَاعَةِ مُوَافِقٌ لِظَاهِرِ الْكِتَابِ فَيَكُونُ أَوْلَى الثَّالِثُ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَيْسَ الْعَمَلُ عَلَى قَوْلِ عُمَرَ حِينَ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ قَالُوا لَهُ إِنَّكَ لَمْ تَقْرَأْ قَالَ كَيْفَ كَانَ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ قَالُوا حَسَنًا قَالَ فَلَا بَأْس إِذن وَيُعِيدُ بَعْدَ الْوَقْتِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَرُوِيَ عَنْهُ رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ إِنَّ الصَّلَاةَ صَحِيحَةٌ قَالَ الْمَازرِيّ وَقَالَ

ابْنُ شَبْلُونَ إِنَّ أُمَّ الْقُرْآنِ لَيْسَتْ فَرْضًا مُحْتَجًّا بِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ فَرْضًا لَمَا حَمَلَهَا الإِمَام فَإِن الإِمَام لَا يحمل الْفُرُوض ولقضية عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ يَحْمِلُ الْقِيَامَ وَهُوَ فَرْضٌ وَلِأَنَّ الْحَمْلَ رُخْصَةٌ فَيَقْتَصِرُ بِهَا عَلَى مَحَلِّهَا جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى الْوُجُوبِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْمَتْرُوكَ لِعُمْرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْجَهْرُ دُونَ الْقِرَاءَةِ حُجَّةُ الْمَذْهَبِ الْمُتَقَدّم مِنَ الْحَدِيثِ فِي الْبَسْمَلَةِ الرَّابِعُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا لَمْ يُحَرِّكُ لِسَانَهُ فَلَيْسَ بِقِرَاءَةٍ وَقَالَهُ (ش) لِأَنَّ الْمَعْهُودَ مِنَ الْقِرَاءَةِ حُرُوفٌ منظومة وَالَّذِي فِي النَّفْسِ لَيْسَ بِحُرُوفٍ فَإِنْ حَرَّكَ لِسَانَهُ وَلَمْ يَسْمَعْ نَفْسَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّة يُجزئهُ والاسماع يسير أَحَبُّ إِلَيَّ وَقَالَهُ (ش) فَلَوْ قَطَعَ لِسَانَهُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأَ فِي نَفْسِهِ خِلَافًا لِ (ش) وَأَشْهَبَ لِأَنَّ الَّذِي فِي النَّفْسِ لَيْسَ بِقِرَاءَةٍ وَإِذَا لم تجب الْقِرَاءَة فيختلف فِي وُقُوفه تَخْرِيجًا عَلَى الْأُمِّيِّ قَالَهُ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْأَبْكَمُ يَدْخُلُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ الْخَامِسُ قَالَ فِي الْكِتَابِ مَنْ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ فِي رَكْعَةٍ مِنَ الصُّبْحِ أَوْ رَكْعَتَيْنِ مَنْ غَيْرِهَا أَعَادَ الصَّلَاةَ فَإِنْ تَرَكَ فِي

رَكْعَةٍ مِنْ غَيْرِ الصُّبْحِ اسْتُحِبَّ الْإِعَادَةُ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ إِذَا كَانَتْ حَضَرِيَّةً وَأَتَمَّهَا بِالسُّجُودِ وَقَالَ أَيْضًا فِي الْكِتَابِ يُلْغِيهَا ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَا هُوَ بِالْبَيِّنِ وَالْأَوَّلُ أَعْجَبُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ الَّذِي اسْتَحَبَّ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ السُّجُودَ قَبْلَ السَّلَامِ وَالْإِعَادَةَ وَكَانَ عِنْدَهُمَا إِعَادَةُ الرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ أَبْعَدُ أَقَاوِيلِ مَالِكٍ قَالَ سَحْنُونٌ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ أَعْجَبُ إِلَيْهِ مُرَادُهُ قَوْلُهُ الْأَخِيرُ بِالسُّجُودِ وَعَلَيْهِ جُلُّ أَصْحَابِنَا وَنَقَلَ أَبُو مُحَمَّدٍ أَنَّ رَأْيَ ابْنَ الْقَاسِمِ بإلغاء الرَّكْعَةِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَمُرَادُهُ بِالْقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةُ وَفِي الْجَوَاهِرِ هِيَ وَاجِبَةٌ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ عَلَى الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنَ الْمَذْهَبِ يَعْنِي فِي التَّلْقِينِ وَفِي الْأَكْثَرِ عَلَى رِوَايَةٍ وَفِي رَكْعَةٍ عِنْدَ الْمُغْيِرَةِ وَكَلَامُ التَّلْقِينِ وَالْجَوَاهِرِ هُوَ رَأْيُ الْعِرَاقِيِّينَ وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الْكِتَابِ كَمَا تَرَى وَوَافَقْنَا (ش) عَلَى وُجُوبِهَا وَقَالَ (ح) سُنَّةٌ يَسْجُدُ لِسَهْوِهَا وَالْوَاجِبُ مُطْلَقُ الْقِرَاءَةِ نَحْوَ نِصْفِ آيَةٍ وَرُوِيَ عَنْهُ آيَةٌ وَرَوَى آيَةٌ طَوِيلَةٌ أَوْ ثَلَاثُ آيَاتٍ قِصَارٍ وَلَا تَجِبُ الْقِرَاءَةُ عِنْدَهُ إِلَّا فِي رَكْعَتَيْنِ فَقَطْ مُلَاحَظَةً لِأَصْلِ الْمَشْرُوعِيَّةِ وَالزَّائِدُ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ شُرِعَ عَلَى الْخِفَّةِ لَنَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ

حُجَّةُ (ح) قَوْله تَعَالَى {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ من الْقُرْآن} وَلِأَنَّ الْفَاتِحَةَ مَدَنِيَّةٌ وَكَانَتِ الصَّلَاةُ قَبْلَهَا صَحِيحَةٌ إِجْمَاعًا فَلَا يَرْتَفِعُ الْإِجْمَاعُ إِلَّا بِمُعَارِضٍ رَاجِحٍ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقِرَاءَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ صِحَة الصَّلَاة مَعْنَاهُ لم يدل دَلِيل حِينَئِذٍ اشْتِرَاطَ الْفَاتِحَةِ وَذَلِكَ يَرْجِعُ إِلَى الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ وَيَكْفِي فِي رَفْعِهَا أَدْنَى دَلِيلٍ وَقَدْ بَيَّنَّا رَفْعَهَا بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ وَأَمَّا وَجْهُ اقْتِصَارِ الْوُجُوبِ عَلَى رَكْعَةٍ فَهُوَ ظَاهِرُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلِأَنَّهُ نَظَرٌ وَاجِبٌ فَلَا يَتَكَرَّرُ كَالتَّحْرِيمِ وَالسَّلَامِ وَجه الْوُجُوب فِي كل رَكْعَة قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام فِي مُسْلِمٍ لِلْإِعْرَابِيِّ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ قُمْ وَاسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ وَكَبِّرْ ثُمَّ اقْرَأْ وَسَاقَ الْحَدِيثَ ثُمَّ قَالَ وَافْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَلِأَنَّهَا لَمَّا وَجَبَتْ فِي رَكْعَةٍ وَجَبَتْ فِي جُمْلَةِ الرَّكَعَاتِ كَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَجه الْوُجُوب فِي الْأَكْثَر أَنَّهَا مسئلة اجْتِهَادٍ فَيُسْتَحَبُّ تَرْكُ الْأَقَلِّ وَوَجْهُ السُّجُودِ أَنَّ أقل أحوالها أَن يلْحق بِالسُّنَنِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا تَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ وَتُسْتَحَبُّ فِي السِّرِّ دُونَ الْجَهْرِ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَأَشْهَبُ لَا يَقْرَؤُهَا فِيهِمَا قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ لَا تَجِبُ الْقِرَاءَةُ عَلَى الْمَأْمُومِ عَلَى الْإِطْلَاقِ عِنْدَ مَالِكٍ وَ (ح) وَقَالَ (ش) تَجِبُ الْفَاتِحَةُ عَلَيْهِ لِعُمُومِ النُّصُوصِ وَفِي أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ صلى عَلَيْهِ

السَّلَام الصُّبْحَ فَثَقُلَتْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ إِنِّي أَرَاكُم تقرؤون وَرَاء إِمَامِكُمْ قَالَ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِي وَاللَّهِ قَالَ فَلَا تَفْعَلُوا إِلَّا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِهَا وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَفِي النَّسَائِيِّ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَلَّى بَعْضَ الصَّلَوَاتِ الَّتِي يَجْهَرُ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ فَقَالَ لَا يَقْرَأُ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِذَا جَهَرَ الْإِمَامُ إِلَّا بِأُمِّ الْقُرْآنِ لَنَا قَوْله تَعَالَى {وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وأنصتوا} وَالْخلاف فِي الْجَهْر والسر وَاحِدٌ وَفِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ انْصَرَفَ مِنْ صَلَاةٍ جَهَرَ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ فَقَالَ هَلْ قَرَأَ مَعِي مِنْكُمْ أَحَدٌ آنِفًا فَقَالَ رَجُلٌ نَعَمْ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ إِنِّي أَقُول مَا لي أنازع الْقُرْآن فَانْتَهَى النَّاسُ عَنِ الْقِرَاءَةِ مَعَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِيمَا جَهَرَ فِيهِ وَفِي مُسْلِمٍ أَقِيمُوا الصُّفُوفَ ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمْ أَقْرَؤُكُمْ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَإِذَا قَرَأَ فانصتوا وَقَوله عَلَيْهِ السَّلَام الأيمة ضُمَنَاءُ وَالضَّمَانُ إِنَّمَا يَتَحَقَّقُ فِي الْفَاتِحَةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ فِيمَا ذَكَرُوهُ أَنَّ الْعُمُومَاتِ مَخْصُوصَةٌ بِمَا ذَكَرْنَاهُ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ طَعَنَ فِي سَنَدِهِ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمَا السَّادِسُ فِي

الْجَوَاهِرِ مَنْ لَمْ يُحْسِنِ الْقِرَاءَةَ وَجَبَ عَلَيْهِ تَعَلُّمُهَا فَإِنْ لَمْ يَسَعِ الْوَقْتُ ائْتَمَّ بِمَنْ يُحْسِنُهَا وَفِي الطَّرَّازِ يَنْبَغِي أَنْ يَتَعَلَّمَ وَلَا يتوانى لِأَنَّهَا من فروض الصَّلَاة وَيَنْبَغِي لَهُ أَن لَا يُصَلِّيَ وَحْدَهُ قَالَ فَإِنْ صَلَّى وَحْدَهُ وَهُوَ يَجِدُ مَنْ يَأْتَمُّ بِهِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ لَمْ تُجْزِهِ وَأَعَادَهَا هُوَ وَمَنِ ائْتَمَّ بِهِ كَذَلِك قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ قَالَ سَحْنُون فَرْضه ذكر الله تَعَالَى وَهُوَ قَوْلُ (ش) وَعِنْدَ الْأَبْهَرِيِّ وَصَاحِبِ الطَّرَّازِ لَا يَجِبُ التَّعْوِيضُ قِيَاسًا عَلَى تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ إِذَا تَعَذَّرَتْ وَلِأَنَّ الْبَدَلَ يَفْتَقِرُ إِلَى نَصٍّ وَالَّذِي رُوِيَ من ذَلِك فِي حَدِيث الْأَعرَابِي المسئ لِصَلَاتِهِ زِيَادَةٌ لَمْ تَصِحَّ وَإِذَا لَمْ يَجِبِ الْبَدَلُ فَعِنْدَ الْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ يَقِفُ وُقُوفًا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَجْزَأَهُ لِأَنَّ الْقِيَامَ وَسِيلَةُ الْقِرَاءَةِ وَإِذَا بَطَلَ الْمَقْصِدُ بَطَلَتِ الْوَسِيلَةُ وَعِنْدَ (ح) يَجِبُ الْوُقُوفُ بِقَدْرِ آيَةٍ وَفِي الْمَبْسُوطِ يَنْبَغِي أَنْ يَقِفَ بِقَدْرِ الْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ وَيَذْكُرَ اللَّهَ تَعَالَى فَلَوِ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ كَمَا أُمِرَ فَطَرَأَ عَلَيْهِ الْعِلْمُ بِهَا فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ بِأَنْ يَكُونَ شَدِيدَ الْحِفْظِ وَسَمِعَ مَنْ يَقْرَؤُهَا فَلَا يَسْتَأْنِفُ الصَّلَاةَ قَالَ صَاحِبَ الطَّرَّازِ وَكَذَلِكَ لَوْ نَسِيَ الْقِرَاءَةَ ثُمَّ ذَكَرَهَا فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ كَالْعَاجِزِ عَنِ الْقِيَامِ فَتَطْرَأُ عَلَيْهِ الْقُدْرَةُ وَقَالَ (ح) يَقْطَعُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ لِأَنَّهُ عَقَدَ إِحْرَامَهُ عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الصَّلَاةِ فَلَوِ أُرْتِجَ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ فِي الْفَاتِحَةِ أَوْ غَيْرُهَا فَأَرَادَ أَنْ يَبْتَدِئَ السُّورَةَ مِنْ أَوَّلِهَا ثُمَّ تَذَكَّرَ كَأَن يسْتَأْنف الْقِرَاءَة وَيَبْنِي على رفض النِّيَّة هَل تُؤَثِّرُ فِي الْإِبْطَالِ أَمْ لَا قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ مُفْتَقِرَةٌ إِلَى نِيَّةٍ فَأَثَّرَ فِيهَا الرَّفْضُ وَالْقِرَاءَةُ لَا تَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةٍ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهَا الرَّفْضُ وَهُوَ قَوْلُ (ش) فَلَوْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْقِرَاءَةِ إِلَّا بِالْعَجَمِيَّةِ لَمْ يَجُزْ لَهُ خِلَافًا لِ (ح) مُحْتَجًّا بِقَوْلِهِ

تَعَالَى {إِن هَذَا لفي الصُّحُف الأولى} {وَإنَّهُ لفي زبر الْأَوَّلين} وَلَمْ تَكُنْ فِيهَا عَرَبِيَّةٌ وَلِأَنَّ الْإِعْجَازَ يُرَادُ لِإِقَامَةِ الْحُجَّةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مَقْصُودًا فِي الصَّلَاةِ بَلِ الثَّنَاءُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَالِاتِّعَاظُ وَهُمَا حَاصِلَانِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْأَوَّلَ مَعَارَضٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فاقرءوا مَا تيَسّر من الْقُرْآن} وَالْقُرْآنُ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ الْعَرَبِيُّ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْإِعْجَازَ مُرَادٌ فِي حَقِّ الْمُصَلِّي لِاسْتِصْحَابِ الْإِيمَانِ الَّذِي هُوَ شَرْطٌ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ مَنْقُوضٌ بِمَا لَوْ نَظَمَ لِلثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى شِعْرًا وَبِالثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِغَيْرِ الْقُرْآنِ السَّابِعُ فِي الْجَوَاهِرِ لَا تَجُوزُ الْقِرَاءَةُ الشَّاذَّةُ وَيُعِيدُ مَنْ صَلَّى خَلْفَهُ أَبَدًا وَقَالَهُ فِي الْكِتَابِ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ لِأَنَّهَا تَفْسِيرٌ وَمَنْ قَرَأَ بِتَفْسِيرِ الْقُرْآنِ بطلت صلَاته وَقَالَ أَشهب فِي الْمَجْمُوعَة من صَلَّى بِالتَّوْرَاةِ أَوِ الْإِنْجِيلِ أَوِ الزَّبُورِ وَهُوَ يُحْسِنُ الْقُرْآنَ أَوْ لَا يُحْسِنُهُ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ كَالْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ الثَّامِنُ كَرِهَ فِي الْكِتَابِ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَقَبْلَ الْقِرَاءَةِ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ وَتَبَارَكَ اسْمُكَ وَتَعَالَى جَدُّكَ وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ وَفِي مُخْتَصَرِ مَا لَيْسَ فِي الْمُخْتَصَرِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ بَعْدَ إِحْرَامِهِ وَهُوَ قَول (ح) رَحمَه الله وَجه الْمَشْهُور مَا تَقَدَّمَ فِي الْبَسْمَلَةِ الرُّكْنُ الرَّابِعُ الرُّكُوعُ وَهُوَ فِي اللُّغَةِ انْحِنَاءُ الظَّهْرِ قَالَ الشَّاعِرُ (أَلَيْسَ وَرَائِي إِنْ تَرَاخَتْ مَنِيَّتِي ... لُزُومُ عَصًا تَحْنِي عَلَيْهَا الْأَصَابِعُ) (أَخْبَرَ أَخْبَارَ الْقُرُونِ الَّتِي مَضَتْ ... أَدَبٌ كَأَنِّي كُلَّمَا قُمْتُ رَاكِعُ)

دَلِيلُ وُجُوبِهِ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمنُوا ارْكَعُوا واسجدوا} وَمِنَ السُّنَّةِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا وَالْإِجْمَاعُ عَلَى ذَلِكَ وَفِي الْجَوَاهِرِ أَقَلُّهُ أَنْ تَنَالَ رَاحَتَاهُ رُكْبَتَيْهِ أَوْ يقربا مِنْهُمَا وَأَكْمَلُهُ اسْتِوَاءُ الظَّهْرِ وَالْعُنُقِ وَيَنْصِبُ رُكْبَتَيْهِ وَيَضَعُ كَفَّيْهِ عَلَيْهِمَا وَيُجَافِي مِرْفَقَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ وَلَا يُجَاوِزُ فِي الِانْحِنَاءِ الِاسْتِوَاءَ وَفِي الرُّكْنِ فروع ثَلَاثَة الْأَوَّلُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا عَجَزَ عَنِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ دُونَ الْقِيَامِ يُومِئُ قَائِمًا لِلرُّكُوعِ طَاقَتَهُ وَيَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ وَإِذَا قَدَرَ عَلَى الْجُلُوسِ أَوْمَأَ لِلسُّجُودِ وَيَتَشَهَّدُ تَشَهُّدَيْهِ جَالِسًا وَإِلَّا صَلَّى صَلَاتَهُ كُلَّهَا قَائِمًا يُومِئُ لِلسُّجُودِ أَخْفَضُ مِنَ الرُّكُوعِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَاخْتُلِفَ هَلْ يُشْتَرَطُ فِي الْإِيمَاءِ الطَّاقَةَ أَوْ يَأْتِي بالحركات بَدَلا عَن الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْكِتَابِ وَالْأَوَّلُ لِمَالِكٍ أَيْضًا وَ (ش) وَجْهُ الْمَذْهَبِ الْقِيَاسُ عَلَى الْمُسَايَفَةِ وَصَلَاةِ النَّافِلَةِ وَهُمَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِمَا وَأَمَّا الزِّيَادَة للسُّجُود فقياسا على الْمُبدل مِنْهُ الثَّانِي قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى الْقِرَاءَةُ فِي الرُّكُوعِ مَنْهِيٌّ عَنْهَا وَكَرِهَ مَالِكٌ الدُّعَاءَ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَهَى عَنْ لُبْسِ الْقِسِيِّ وَعَنِ التَّخَتُّمِ بِالذَّهَبِ وَعَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الرُّكُوع وروى ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ نُهِيْتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ

قَاعِدَةٌ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى غَنِيٌّ عَنْ خَلْقِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ لَا تَنْفَعُهُ الطَّاعَةُ وَلَا تَضُرُّهُ مَعْصِيّة لَكِنَّهُ أَمَرَنَا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنْ نُظْهِرَ الذُّلَّ وَالِانْقِيَادَ لِجَلَالِهِ فِي حَالَاتٍ جَرَتِ الْعَادَاتُ بِأَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ لِذَلِكَ كَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْمُبَادَرَةِ إِلَى الْأَوَامِرِ وَالْمُبَاعَدَةِ عَنِ النَّوَاهِي وَأَنْ نَتَأَدَّبَ مَعَهُ فِي الْحَالَاتِ الَّتِي تَقْتَضِي الْأَدَبَ عَادَةً وَلِذَلِكَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ اسْتَحْيِ مِنَ اللَّهِ كَمَا تَسْتَحْيِي مِنْ شَيْخٍ مِنْ صَالِحِي قَوْمِكَ وَلَمَّا كَانَتِ الْعَادَةُ جَارِيَةٌ عِنْدَ الْأَمَاثِلِ وَالْمُلُوكِ بِتَقْدِيمِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِمْ قَبْلَ طَلَبِ الْحَوَائِجِ مِنْهُمْ لِتَنْبَسِطَ نُفُوسُهُمْ لإنالتها أمرنَا الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِتَقْدِيمِ الثَّنَاءِ عَلَى الدُّعَاءِ كَقَوْلِ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ (أَأَذْكُرُ حَاجَتِي أَمْ قَدْ كَفَانِي ... حَيَاؤُكَ إِنَّ شِيمَتَكَ الْحَيَاءُ) (إِذَا أَثْنَى عَلَيْكَ الْمَرْءُ يَوْمًا ... كَفَاهُ مِنْ تَعَرُّضِكَ الثَّنَاءُ) (كَرِيمٌ لَا يُغَيِّرُهُ صَبَاحٌ ... عَنِ الْخُلُقِ الْجَمِيلِ وَلَا مسَاء) فَيكون الدُّعَاءُ فِي السُّجُودِ لِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا لِهَذَا الْمَعْنَى وَالثَّانِي أَنَّهُ غَايَةُ حَالَاتِ الذُّلِّ وَالْخُضُوعِ بِوَضْعِ أشرف مَا فِي الْإِنْسَان الَّذِي هُوَ رَأسه فِي التُّرَاب فيوشك أَن لَا يُرَدَّ عَنْ مَقْصِدِهِ وَأَنْ يَصِلَ إِلَى مَطْلَبِهِ فَائِدَةٌ مَعْنَى قَوْلِهِ فَقَمِنٌ أَيْ أَوْلَى وَمِثْلُهُ قَمِينٍ وَحَرٍ وَحَرِيٍّ وَجَدِيرٍ وَمَعْنَاهَا

كلهَا أولى الثَّالِثُ يَضَعُ كَفَّيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَكَانَ ابْنُ مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ يطبق يَدَيْهِ ويضعهما بَيْنَ فَخِذَيْهِ لَنَا مَا فِي الْبُخَارِيِّ قَالَ مُصْعَبُ بْنُ سَعِيدٍ صَلَّيْتُ إِلَى جَنْبِ أَبِي فطبقت بَيْنَ كَفَّيَّ ثُمَّ وَضَعْتُهُمَا بَيْنَ فَخِذَيَّ فَنَهَانِي وَقَالَ كُنَّا نَفْعَلُهُ فَنُهِيْنَا عَنْهُ وَأُمِرْنَا أَنْ نَضَعَ أَيْدِينَا عَلَى الرُّكَبِ وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى نَسْخِ الْأَوَّلِ وَمَشْرُوعِيَّةِ الثَّانِي قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ فَلَو كَانَ بيدَيْهِ عِلّة تثور عَلَيْهِ فوضعهما عَلَى رُكْبَتَيْهِ أَوْ قِصَرٌ كَثِيرٌ لَمْ يَزِدْ فِي الِانْحِنَاءِ عَلَى تَسْوِيَةِ ظَهْرِهِ أَوْ قُطِعَتْ إِحْدَاهُمَا وَضَعَ الثَّانِيَةَ عَلَى رُكْبَتِهِ وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ الرُّكْنُ الْخَامِسُ الرَّفْعُ مِنَ الرُّكُوعِ فَفِي الْجَوَاهِرِ إِنْ أَخَلَّ بِهِ وَجَبَتِ الْإِعَادَةُ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَلَكِنَّهُ يَتَمَادَى عِنْدَهُ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ وَلَمْ يَجِبْ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ وَفِي مُسْلِمٍ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِلْمُسِيءِ صَلَاتَهُ وَارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَافِعًا تعتدل وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى عَلَى أَنَّ الرَّفْعَ وَسِيلَة الْفرق بَيْنَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَعَدَمُهُ لَا يُوجِبُ الِالْتِبَاسَ قَالَ وَإِذَا قُلْنَا بِرِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَهَلْ يَجِبُ الِاعْتِدَالُ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَجِبُ وَعِنْدَ أَشْهَبَ يَجِبُ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَقَالَ الْقَاضِي

أَبُو مُحَمَّدٍ يَجِبُ مَا هُوَ إِلَى الْقِيَامِ أقرب ووافقنا الشَّافِعِي عَلَى وُجُوبِ الْقِيَامِ وَخَالَفْنَا ح وَقَضَى بِصِحَّةِ صَلَاة من خَرَّ مِنَ الرُّكُوعِ إِلَى السُّجُودِ الرُّكْنُ السَّادِسُ فِي السُّجُودِ وَهُوَ فِي اللُّغَةِ الِانْخِفَاضُ إِلَى الْأَرْضِ سجدت النَّخْلَة إِذا مَالَتْ وَمِنْه قَوْله (بِجَيْش يَظَلُّ الْبُلْقُ فِي حَجَرَاتِهِ ... تَرَى الْأُكْمَ فِيهَا سُجَّدًا لِلْحَوَافِرِ) وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِهِ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا ارْكَعُوا واسجدوا} وَفِعْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَإِجْمَاعُ الْأُمَّةِ وَنَهَى فِي الْكِتَابِ عَنِ الْإِقْعَاءِ وَإِلْصَاقِ الْبَطْنِ بِالْفَخِذَيْنِ وَإِلْصَاقِ الضَّبْعَيْنِ لِلْجَنْبَيْنِ وَوَضْعِ الذِّرَاعَيْنِ عَلَى الْفَخِذَيْنِ إِلَّا فِي النَّوَافِلِ وَافْتِرَاشِ الذِّرَاعَيْنِ وَأَمَرَ بِتَوْجِيهِ الْيَدَيْنِ إِلَى الْقِبْلَةِ وَلَمْ يُعَيِّنْ مَوْضِعَهُمَا وَمُسَاوَاةِ النِّسَاءِ لِلرِّجَالِ فِي السُّجُودِ وَالْجُلُوسِ وَالتَّشَهُّدِ وَالسُّجُودِ عَلَى الْأَنْفِ وَالْجَبْهَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يَجِبُ كَشْفُ الْكَعْبَيْنِ وَيُسْتَحَبُّ أَمَّا الْإِقْعَاءُ فَاخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِهِ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ الْجُلُوسُ عَلَى الْأَلْيَتَيْنِ مَعَ نَصْبِ الْفَخِذَيْنِ كَالْكَلْبِ إِذَا جَلَسَ وَقَالَ أَهْلُ الحَدِيث وضع الأليتين على الْقَدَمَيْنِ وَزَاد الْخطابِيّ وَيقْعد مُسْتَقرًّا وَهُوَ يكسر الْهمزَة الأولى ممدودا وَأما حكمه قَالَ الْخَطَّابِيُّ كَرِهَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَأَهْلِ الْعِلْمِ وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ وَابْنُ حَنْبَلٍ يَسْتَعْمِلُونَهُ وَفِي مُسْلِمٍ سَأَلَ طَاوُسٌ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ الْإِقْعَاءِ عَلَى الْقَدَمَيْنِ فَقَالَ هِيَ السُّنَّةُ وَهُوَ حُجَّةٌ لِتَفْسِيرِ الْحَدِيثَيْنِ وَفِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ عَلَيْهِ

السَّلَامُ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَا عَلِيُّ إِنِّي أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي وَأَكْرَهُ لَكَ مَا أَكْرَهُ لِنَفْسِي لَا تُقْعِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَأَمَّا إِلْصَاقُ الْبَطْنِ وَمُجَافَاةُ الْيَدَيْنِ فَفِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ إِذَا صَلَّى فَرَجَ مَا بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى يَبْدُوَ بَيَاضُ إِبِطَيْهِ وَفِي أَبِي دَاوُدَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّهُ وَصَفَ سُجُودَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَوَضَعَ وَاعْتَمَدَ عَلَى رَأْسِهِ وَرَفَعَ عَجِيزَتَهُ وَقَالَ هَكَذَا كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَسْجُدُ وَأَمَّا الِافْتِرَاشُ فَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا سَجَدْتَ فَضَعْ كَفَّيْكَ وَارْفَعْ مرفقيك وَأما توجه الْيَدَيْنِ فلأنهما يسجدان فيتوجها وَأَمَّا مَكَانُ وَضْعِهِمَا فَلَمْ يُحَدِّدْهُ فِي الْكِتَابِ وَقَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وش حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ وَهُوَ فِي الْحَدِيثِ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَام وحذر أُذُنَيْهِ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ وَيُرْوَى عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَام ذَلِك فِي التِّرْمِذِيّ قَالَ وَالْخلاف هَهُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي مَوْضِعِهِمَا حَالَةَ الْإِحْرَامِ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ يَدَاهُ حَالَةَ سُجُودِهِ مَوْضِعَهُمَا حَالَةَ إِحْرَامِهِ قَالَ وَوَضْعُهُمَا بَيْنَ الْمَنْكِبِ وَالصَّدْرِ أَمْكَنُ لِلسُّجُودِ وَيَبْسُطُهُمَا فَإِنْ قَبَضَهُمَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ مَسَّ الْأَرْضَ بِبَعْضِ كَفِّهِ أَمَّا لَوْ لَمْ يَمَسَّ إِلَّا ظَاهِرَ أَصَابِعِهِ لَمْ يُجْزِهِ وَفِي الْبَيَانِ فِي الْمَاسِكِ عِنَانِ فَرَسِهِ وَلَا يَصِلُ بِيَدِهِ الْأَرْضَ

قَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ بِهِ لِلضَّرُورَةِ وَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِهِ أَيْضًا وَلَا أُحِبُّ لَهُ أَنْ يَتَعَمَّدَ ذَلِكَ وَلَا يَعْتَادُهُ وَأَمَّا مُسَاوَاةُ النِّسَاءِ لِلرِّجَالِ فَفِي النَّوَادِرِ عَنْ مَالِكٍ تَضَعُ فَخِذَهَا الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى وَتَنْضَمُّ قَدْرَ طَاقَتِهَا وَلَا تُفَرِّجُ فِي رُكُوعٍ وَلَا سُجُودٍ وَلَا جُلُوسٍ بِخِلَافِ الرَّجُلِ وَهُوَ قَوْلُ ش وَجْهُ الْأَوَّلِ مَا فِي الْحَدِيثِ أَنَّ النِّسَاءَ شَقَائِقُ الرِّجَال وَجه الثَّانِي أَن انفراج الْمَرْأَة يذكر بِحَالِ الْجِمَاعِ فَيُفْسِدُ عَلَيْهَا صَلَاتَهَا وَلِذَلِكَ قِيلَ إِنَّمَا يُؤْمَرْنَ بِذَلِكَ إِذَا صَلَّيْنَ مَعَ الرِّجَالِ وَأَمَّا وَضْعُ الْكَفَّيْنِ مَعَ الْوَجْهِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فَلِأَنَّهُمَا يَسْجُدَانِ مَعَ الْوَجْهِ فَيُشَارِكَانِهِ بِخِلَافِ الرُّكْبَتَيْنِ وَالْقَدَمِ فَإِنَّهُمَا يَبْقَيَانِ فِي الْأَرْضِ بَعْدَ رَفْعِ الْوَجْهِ فَلَا يَضَعُ يَدَيْهِ إِلَّا عَلَى مَا عَلَيْهِ وَجهه وَأَمَّا السُّجُودُ عَلَى الْأَنْفِ وَالْجَبْهَةِ قَالَ صَاحِبُ الطّراز هُوَ قَول الكافة فَإِن اقْتَصَرَ عَلَى أَنْفِهِ بَطَلَتْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرَوَى أَبُو الْفَرَجِ فِي الْحَاوِي الْإِجْزَاءَ وَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى الْجَبْهَةِ أَجْزَأَهُ عِنْدَ مَالِكٍ فِي النَّوَادِرِ وَاسْتَحَبَّ لَهُ صَاحِبُ الْإِشْرَافِ الْإِعَادَةَ فِي الْوَقْتِ وَبَطَلَتْ فِي الْوَجْهَيْنِ عِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ وَصَحَّتْ فِي الْوَجْهَيْنِ عِنْدَ ح وَالْمَشْهُورُ الْإِجْزَاءُ فِي الْجَبْهَةِ دُونَ الْأَنْفِ وَجْهُ الْوُجُوبِ فِيهِمَا قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يُصِبْ أَنْفُهُ مِنَ الأَرْض مَا يُصِيب الجبين فِي الدَّارَقُطْنِيّ حجَّة أبي حنيفَة أَنَّ الْأَنْفَ مِنَ الْوَجْهِ فَيُجْزِئُ كَجُزْءٍ مِنَ الْجَبْهَةِ وَهُوَ مَدْفُوعٌ بِالْحَدِيثِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الذَّقَنِ قَالَ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّ السُّجُودَ عَلَى الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ وَاجِبٌ وَذَكَرَهُ الطُّلَيْطِلِيُّ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ حَنْبَلٍ وَعِنْدَ ح لَيْسَ بِوَاجِبٍ

وَللشَّافِعِيّ قَوْلَانِ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ يُقَوِّي فِي نَفْسِي أَنَّ السُّجُودَ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ سُنَّةٌ فِي الْمَذْهَبِ قَالَ فَإِنْ لَمْ يَرْفَعْ يَدَيْهِ عِنْدَ رَفْعِهِ مِنَ السُّجُودِ قِيلَ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَقِيلَ لَا تَبْطُلُ فُرُوعٌ سَبْعَة الْأَوَّلُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا عَجَزَ عَنِ السُّجُودِ لَا يَرْفَعُ إِلَى جَبْهَتِهِ شَيْئًا وَلَا يَنْصِبُ بَيْنَ يَدَيْهِ شَيْئًا يَسْجُدُ عَلَيْهِ فَإِنِ اسْتَطَاعَ السُّجُودَ وَإِلَّا أَوْمَأَ فَإِنْ رَفَعَ شَيْئًا وَجَهَلَ لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ وَقَالَ ش يَنْصِبُ شَيْئًا يَسْجُدُ عَلَيْهِ قِيَاسًا عَلَى الرَّابِيَةِ تَكُونُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَإِنْ وَضَعَهُ عَلَى يَدَيْهِ لَمْ يُجْزِهِ لِأَنَّهُ سَاجِدٌ عَلَى مَا هُوَ حَامِلٌ لَهُ وَإِنَّمَا يَسْجُدُ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا لَنَا مَا فِي الْكِتَابِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَهَى أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ عَلَى رَحْلٍ وَقَالَ فَمَنْ لَمْ يسْتَطع فليوم بِرَأْسِهِ إِيمَاءً قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَأَمَّا قَوْلُهُ إِنْ نَصَبَ شَيْئًا لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ فَهَذَا لَهُ حالتان أَن الصَّلَاة بِجَبْهَتِهِ وَأَنْفِهِ لَمْ يُجَزْهُ وَإِنْ أَوْمَأَ إِلَيْهِ أَجْزَأَهُ قَالَهُ فِي النَّوَادِرِ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ السُّجُودَ كَانَ عَلَى الْأَرْضِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْإِيمَاءُ لَهَا أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ مَالك يحسر الْعِمَامَة عَن جَبهته فِي إمائه وَابْن الْقَاسِم لاحظ كَونه بَدَلا يعرض فِيهِ عَن الأول كالتيمم الثَّانِي قَالَ فِي الْكِتَابِ مَنْ بِجَبْهَتِهِ جِرَاحَاتٌ لَا يَسْتَطِيع بهَا الْأَرْضَ إِلَّا بِأَنْفِهِ

فَإِنَّهُ يُومِئُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ إِنَّ السُّجُودَ لَا يُجْزِئُ عَلَى الْجَبْهَةِ دُونَ الْأَنْفِ وَقَوْلُ ح إِنَّ الْأَنْفَ يُجزئ عَن الْجَبْهَة لَا يجْزِيه الْإِيمَاءُ وَقَالَ ش يَسْجُدُ عَلَى صُدْغَيْهِ لَنَا أَنَّ السُّجُودَ إِنَّمَا يَكُونُ بِالْجَبْهَةِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الصَّحِيحَيْنِ أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ الْجَبْهَةِ وَالْيَدَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ وَفِي رِوَايَة أَشَارَ لأنفه وَقَدْ جَعَلَ الشَّرْعُ الْإِيمَاءَ بَدَلَ السُّجُودِ وَالْعُدُولُ عَنِ الْبَدَلِ الشَّرْعِيِّ لَا يَصِحُّ كَمَا لَوْ سَجَدَ عَلَى هَامَتِهِ فَلَوْ سَجَدَ عَلَى أَنْفِهِ قَالَ أَشْهَبُ يَصِحُّ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ مِنَ الْإِيمَاءِ الثَّالِثُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ لَوْ رَفَعَ مِنَ الرُّكُوع فَسقط على جَبينه وانقلب على أَنفه أَجزَأَهُ عِنْد ح خلافًا ش وَيَتَخَرَّجُ فِي الْمَذْهَبِ عَلَى قَوْلَيْنِ قِيَاسًا على من قَرَأَ السَّجْدَة فَأَهوى إِلَيْهَا فَرَكَعَ سَاهِيًا فَفِي النَّوَادِرِ رَوَى جَمِيعُ الْأَصْحَابِ الْإِجْزَاءَ إِلَّا ابْنَ الْقَاسِمِ رَوَى الْإِلْغَاءَ الرَّابِعُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا نَهَضَ مِنْ بَعْدِ السَّجْدَتَيْنِ مِنَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى فَيَنْهَضُ وَلَا يَجْلِسُ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ هَذَا لَهُ صُورَتَانِ إِحْدَاهُمَا أَنَّهُ يُثْبِتُ وَلَا يعْتَمد على يَدَيْهِ وَهُوَ مَذْهَب ش ح وَمَكْرُوهٌ عِنْدَ مَالِكٍ لِمَا رُوِيَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ نَهَضَ مُعْتَمِدًا عَلَى الْأَرْضِ وَهُوَ أَقْرَبُ لِلْوَقَارِ فَإِذَا نَزَلَ لِلسُّجُودِ هَلْ يَنْزِلُ عَلَى يَدَيْهِ أَوْ رُكْبَتَيْهِ؟ قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ ذَلِكَ وَاسْعٌ وَالْيَدَانِ أَحْسَنُ خِلَافًا ش ح لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ إِذَا سَجَدَ أَحَدُكُمْ فَلَا

يَبْرُكُ كَمَا يَبْرُكُ الْبَعِيرُ وَلِيَضَعْ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ وَالصُّورَةُ الثَّانِيَةُ أَنْ يَسْتَقِرَّ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ قبل النهوض فكرهه مَالك ح خلافًا ش وَقَدْ رُوِيَ الْأَمْرَانِ فِي الْحَدِيثِ وَمَا ذَكَرْنَاهُ أَرْجَحُ قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ الِانْتِقَالَاتِ وَرِوَايَةُ الِاسْتِرَاحَةِ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْعُذْرِ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ أحد فَلَا يُعِيد وَلَا يَسْجُدُ فَإِنَّ السُّجُودَ إِنَّمَا يَكُونُ فِيمَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ عَمْدُهُ وَزَعَمَ اللَّخْمِيُّ أَنَّهُ اخْتُلِفَ فِي السُّجُودِ لَهُ فَإِذَا قَامَ مِنَ الْجِلْسَةِ الْأُولَى قَامَ مُعْتَمِدًا عَلَى يَدَيْهِ اتِّفَاقًا وَكَرِهَ (ش) تَقْدِيمَ إِحْدَى الرِّجْلَيْنِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ لَا بَأْسَ بِهِ وَيُرْوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهَا الخطوة الملعونة الْخَامِسُ قَالَ فِي الْكِتَابِ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يرفع كور الْعِمَامَة حَتَّى يَمَسَّ الْأَرْضَ بِبَعْضِ جَبْهَتِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَكْرَهُهُ فَإِنْ فَعَلَ فَلَا إِعَادَةَ وَهُوَ قَوْلُ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ش لَا يجْزِيه وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ كَانَ كَثِيفًا أَعَادَ فِي الْوَقْتِ وَإِنْ كَانَ طَاقَتَيْنِ لَمْ يُعِدْ فَائِدَةٌ كَوْرُ الْعِمَامَةَ بِفَتْحِ الْكَافِ هُوَ مُجْتَمَعُ طاقتها على الجبين السَّادِسُ كَرِهَ فِي الْكِتَابِ حَمْلَ التُّرَابِ أَوِ الْحَصْبَاء مِنَ الظِّلِّ إِلَى الشَّمْسِ يَسْجُدُ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَيَسْجُدُ عَلَى فَضْلِ ثَوْبِهِ كَمَا فَعَلَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ فِي الْمَسَاجِدِ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى حَفْرِهَا فَيَتَأَذَّى الماشون فِيهَا

السَّابِعُ كَرِهَ فِي الْكِتَابِ السُّجُودَ عَلَى الطَّنَافِسِ وَالشعر وَالثيَاب والأدم بِخِلَاف الْحصْر وَمَا تنبته الأَرْض خلافًا (ش) لما فِي ذَلِك من التَّوَاضُع اَوْ اتِّبَاع السُّنَّةِ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَصْحَابُهُ يَسْجُدُونَ عَلَى التُّرَابِ وَالطِّينِ وَفِي الصَّحِيحِ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ إِنِّي أَرَانِي فِي صَبِيحَتِهَا أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ فَوَكَفَ سَقْفُ الْمَسْجِدِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ بِالْمَطَرِ فَخَرَجَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَعَلَى وَجهه الْمَاءُ وَالطِّينُ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ عَلَى الْأَرْضِ وَقَدِ أُنْفِقَ عَلَى مَسْجِدِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الزَّمَنِ الْقَدِيمِ مَالٌ عَظِيمٌ وَلَمْ يُفْرَشْ فِيهِ بُسُطٌ وَلَا غَيْرُهَا وَكَذَلِكَ الْكَعْبَةُ تُكْسَى وَلَا تفرش وَلَوْلَا مَا ذكرنَا لَتَقَرَّبَ النَّاسُ بِالْفُرُشِ كَمَا تَقَرَّبُوا بِغَيْرِهِ فَأَمَّا مَا تُنْبِتُ الْأَرْضُ فَلِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَلَّى عَلَى الْخِمْرَةِ الْمَعْمُولَةِ مِنَ الْجَرِيدِ وَعَلَى الْحَصِيرِ الَّذِي قد اسود من طول مَا لبس وَلَيْسَتِ الْعِلَّةُ كَوْنَهُ نَبَاتَ الْأَرْضِ فَإِنَّ ثِيَابَ الْقطن والكتان نَبَات الأَرْض فَلم تُكْرَهِ الصَّلَاةُ عَلَيْهِمَا بَلِ الْعِلَّةُ مُرَكَّبَةٌ مِنْ نَبَاتِ الْأَرْضِ وَفِعْلِ السُّنَّةِ مِمَّا فِيهِ تَوَاضُعٌ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ فَإِنْ فَرَشَ خُمْرَةً فَوْقَ الْبِسَاطِ لَمْ يُكْرَهْ وَسُئِلَ عَنِ الْمِرْوَحَةِ فَقَالَ هِيَ صَغِيرَةٌ إِلَّا أَنْ يَضْطَرَّ إِلَيْهَا وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَضَعَ رِجْلَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ عَلَى مَا عَلَيْهِ وَجْهُهُ بِخِلَافِ الْيَدَيْنِ فَائِدَةٌ مِنَ التَّنْبِيهَاتِ الطِّنْفَسَةُ بِكَسْرِ الطَّاءِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَهِيَ أَفْصَحُهُمَا

وَبِضَمِّهِمَا مَعًا وَكَسْرِهِمَا مَعًا وَحُكِيَ فَتْحُ الطَّاءِ وَكَسْرُ الْفَاءِ وَهِيَ بِسَاطٌ صَغِيرٌ كَالْخِرْقَةِ وَكُلُّ بِسَاطٍ طِنْفَسَةٌ وَالْأَدَمُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالدَّالِ الْجُلُودُ الْمَدْبُوغَةُ جَمْعُ أَدِيمٍ الرُّكْنُ السَّابِعُ الْفَصْلُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِهِ فِعْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَإِجْمَاعُ الْأُمَّةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ يَجْرِي فِي الِاعْتِدَالِ مِنَ الْخِلَافِ فِيهِ مَا يَجْرِي فِي الِاعْتِدَالِ مِنَ الرُّكُوعِ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَالِاتِّفَاقُ عَلَى وُجُوبِ فِعْلِهِ بِخِلَافِ الْقِيَامِ مِنَ الرُّكُوعِ وَالِاعْتِدَالِ فِيهِمَا وَالْفَرْقُ أَنَّ الرُّكُوعَ مُتَمَيِّزٌ عَنِ السُّجُودِ فَلَا حَاجَةَ إِلَى الْقِيَامِ عَلَى رَأْيِ مَنْ يَرَاهُ بِخِلَافِ الْفَصْل بَين السَّجْدَتَيْنِ لَو ذهب صَار السَّجْدَتَانِ وَاحِدَةً وَأَمَّا الْجُلُوسُ بَيْنَهُمَا فَوَاجِبٌ عِنْدَ ش وَشرط وَعند ح لَيْسَ بِشَرْط قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ وَهُوَ عِنْدَنَا يَتَخَرَّجُ عَلَى الرَّفْعِ مِنَ الرُّكُوعِ الرُّكْنُ الثَّامِنُ الْجُلُوسُ الْأَخِيرُ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْوَاجِبُ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا يَعْتَدِلُ فِيهِ وَيُسَلِّمُ لِأَنَّ السَّلَامَ وَاجِبٌ وَالْوَاجِبُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مَحَلٍّ وَلَا مَحَلَّ لَهُ إِلَّا الْجُلُوسُ إِجْمَاعًا وَمَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ الْمُطْلَقُ إِلَّا بِهِ وَكَانَ مَقْدُورًا لِلْمُكَلَّفِ فَهُوَ وَاجِبٌ الرُّكْنُ التَّاسِعُ السَّلَامُ وَهُوَ مَوْضُوعٌ فِي اللُّغَةِ لِسِتَّةِ مَعَانٍ السَّلَامَةُ وَالِاسْتِسْلَامُ وَاسْمٌ لِلتَّسْلِيمِ وَاسْمٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَاسْمُ شَجَرٍ الْوَاحِدَةُ مِنْهُ سَلَامَةٌ وَلِلْبَرَاءَةِ مِنَ الْعُيُوبِ وَفِيهِ لُغَتَانِ السَّلَامُ عَلَى وَزْنِ الْكَلَامِ بِفَتْحِ السِّينِ وَبِكَسْرِهَا وَسُكُونُ اللَّامِ مِثْلَ عَدْلٍ نَحْو قَوْله (وفقنا فَقُلْنَا إِيهِ سَلِّمْ فَسَلَّمَتْ ... فَمَا كَانَ إِلَّا ومؤها بالحواجب)

فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ دُعَاءً لِلْمُصَلِّينَ بِكِفَايَةِ الشُّرُورِ وَعَلَى الثَّانِي أَمَانٌ مِنَ الْمُسَلِّمِ لِلْمُسَلَّمِ عَلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ وَفِي غَيْرِهَا وَعَلَى الثَّالِثِ يَحْتَمِلُ الْمَعْنَيَيْنِ وَالرَّابِعُ مَعْنَاهُ اللَّهُ عَلَيْكُمْ حَفِيظٌ أَوْ رَاضٍ أَوْ مُقْبِلٌ وَالْخَامِسُ غَيْرُ مُرَادٍ فِي الصَّلَوَات وَلَا فِي التَّحِيَّاتِ وَالسَّادِسُ دُعَاءٌ بِالسَّلَامَةِ مِنْ عُيُوب الذُّنُوب وَكلهَا يصلح أَن يريدها الْمُصَلِّي وَالْمُسَلِّمُ إِلَّا الْخَامِسَ فَإِنْ جَوَّزْنَا اسْتِعْمَالَ اللَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ فِي جَمِيعِ مَفْهُومَاتِهِ وَهُوَ مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمُقَدِّمَةِ جَوَّزْنَا لِلْمُصَلِّي أَنْ يُرِيدَ جَمِيعَهَا وَهُوَ أَكْمَلُ فِي جَدْوَاهَا وَإِنْ قُلْنَا بِالْمَنْعِ فَيَنْبَغِي لِلْمُصَلِّي أَنْ يُرِيدَ أَتَمَّهَا مَعْنًى وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِهَا مَا فِي أَبِي دَاوُدَ مِنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطَّهُورُ وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ وَالْمُبْتَدَأُ يَجِبُ انْحِصَارُهُ فِي الْخَبَرِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمُقدمَة فَيكون تحليلها منحصرا فِي التَّسْلِيم فَلَوِ اعْتَمَدَ غَيْرُهُ لَكَانَ بَاقِيًا فِي الصَّلَاةِ مُدْخِلًا فِيهَا مَا لَيْسَ مِنْهَا وَهُوَ حَرَامٌ وَتَرْكُ الْحَرَامِ وَاجِبٌ فَيَجِبُ التَّسْلِيمُ وَفِي الرُّكْنِ فروع سِتَّة الْأَوَّلُ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَا يُجْزِئُ إِلَّا السَّلَام عَلَيْكُم يُسَلِّمهَا الإِمَام وَالْمُنْفَرد الرِّجَال وَالنِّسَاءُ مَرَّةً تِلْقَاءَ الْوَجْهِ وَيَتَيَامَنُ قَلِيلًا قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَفِي الْوَاضِحَةِ يُسَلِّمُ الْمُنْفَرِدُ اثْنَتَيْنِ عَن يَمِينه وعَلى يسَاره وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي

خَاصَّةِ نَفْسِهِ وَخَرَّجَ الْبَاجِيُّ عَلَيْهِ الْإِمَامَ وَلَا يَقُلْ لِلنِّسَاءِ السَّلَامُ عَلَيْكُنَّ لِوَضْعِ هَذَا اللَّفْظِ وَضْعًا عَامًّا وَيَقَعُ التَّحْلِيلُ بِهِ مُعَرَّفًا بِغَيْرِ خِلَافٍ وَجَوَّزَ ش الْمُنَكَّرَ وَتَرَدَّدَ فِي عَلَيْكُمُ السَّلَامُ وَقَالَ ح لَفْظُهُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ مَرَّتَيْنِ عَنِ الْيَمِينِ وَالْيَسَارِ مُنْفَرِدًا كَانَ أَو غَيره وَفِي الْجَوَاهِر جَوَاز التنكير عَن أبي الْقَاسِم بن شبلون وَجوز أَبُو حنيفَة سَائِرَ الْكَلَامِ حَتَّى لَوْ أَحْدَثَ قَاصِدًا لِلْخُرُوجِ أَجْزَأَهُ وَحَكَى الْمَازِرِيُّ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ أحدث آخر صلَاته فِي التَّشَهُّد صلَاته صَحِيحَة قَالَ الْبَاجِيُّ وَهَذَا يُعْرَفُ مِنْ مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ لَا يُجَوِّزُونَ الْخُرُوجَ بِالْحَدَثِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ لَمْ يَشْتَرِطِ الْقَصْدَ لَنَا مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْحَدِيثِ وَأَنَّهُ تَعَبُّدٌ فَيَقْتَصِرُ بِهِ عَلَى تَسْلِيمِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَالسَّلَفُ مِنْ بَعْدِهِ وَإِلَّا لَجَازَ سَلَامُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَغَيْرُهُ مِنْ أَلْفَاظِ التَّحِيَّةِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ عِنْدَ ش وَفِي التِّرْمِذِيِّ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يُسَلِّمُ مِنَ الصَّلَاةِ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً تِلْقَاءَ وَجْهِهِ قَالَ مَالِكٌ وَمَا أَدْرَكْنَا الْأَئِمَّةَ إِلَّا عَلَى تَسْلِيمَةٍ وَرَوَى سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ كُنْتُ أَرَاهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ حَتَّى يُرَى بَيَاض خَدّه وَالْأول أرجح للْعَمَل مِنْهُ عَلَيْهِ السَّلَام وَالْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة بعده وَأهل الْمَدِينَة بعدهمْ وَالْقِيَاس عَلَى تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ تَسْوِيَةً بَيْنَ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ وَلِأَنَّهُ لَوْ أَحْدَثَ بَعْدَ الْأُولَى لَمْ تَفْسُدِ الصَّلَاةُ إِجْمَاعًا إِلَّا عِنْدَ ابْنِ حَنْبَلٍ وَالْحَسَنِ بن حَيّ وَهُمَا مَسْبُوقَانِ بِالْإِجْمَاعِ وَإِذَا كَانَ الْإِمَامُ يُسَلِّمُ اثْنَتَيْنِ فَقَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَا يَقُومُ الْمَسْبُوقُ للْقَضَاء حَتَّى يُسَلِّمهَا فَإِنْ قَامَ أَسَاءَ وَلَمْ تَفْسُدْ وَلَمَّا كَانَ السَّلَام سَبَب

الْخُرُوجِ مِنَ الصَّلَاةِ (وَهُوَ مِنَ الصَّلَاةِ) شُرِعَ أَوَّلُهُ لِلْقِبْلَةِ لِأَنَّهُ مِنْهَا وَآخِرُهُ لِغَيْرِهَا إِشَارَةً لِلِانْصِرَافِ قَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ التَّيَامُنُ لَيْسَ شَرْطًا فَلَوْ تَيَاسَرَ ثُمَّ تَيَامَنَ لَمْ تَبْطُلْ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَام وتحليلها التَّسْلِيمُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ تَبْطُلُ لِأَنَّهُ غَيْرُ السَّلَامِ الْمَعْهُودِ مِنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ احْتَجَّ الْحَنَفِيَّةُ بِمَا يُرْوَى عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ إِذَا رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ الْأَخِيرَةِ وَقَعَدَ ثُمَّ أَحْدَثَ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ وَلِأَنَّهُ لَا يَجِبُ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ فِيهِ بِدَلِيلِ قِيَامِ الْمَسْبُوقِ وَلَمْ يُسَلِّمْ وَلِأَنَّ الْأَكْلَ لَمَّا نَافَى الصَّوْمَ خَرَجَ مِنْهُ بِاللَّيْلِ وَإِنْ لَمْ يَقَعِ الْأَكْلُ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ عَدَمَ الْمُتَابَعَةِ كَانَ لِقِيَامِ الْمُعَارِضِ وَهُوَ بَقَاءُ مَا يَجِبُ تَقْدِيمُهُ قَبْلَ السَّلَامِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ التَّسْلِيمَ آخِرُ جُزْءٍ مِنَ الصَّلَاةِ فَهُوَ كَآخِرِ جُزْءٍ مِنَ الصَّوْمِ وَلَيْسَ كَاللَّيْلِ وَلِأَنَّا نَمْنَعُ مُضَادَّةَ السَّلَامِ لِلصَّلَاةِ لِأَنَّ الْجُزْءَ لَا يُنَافِي الْكُلَّ وَمِمَّا يُوَضِّحُ مَذْهَبَنَا أَنَّ الصَّلَاةَ صِلَةٌ بَيْنَ الْعَبْدِ وَرَبِّهِ وَمَوَاطِنُ الإجلال والتعظيم وَالْأَدب والموانسة فِي حَضْرَةِ الرُّبُوبِيَّةِ حَتَّى أُمِرَ الْعَبْدُ فِيهَا بِالِانْقِطَاعِ عَنْ سَائِرِ الْجِهَاتِ وَالْحَرَكَاتِ إِلَّا جِهَةً وَاحِدَةً وَهَيْئَةً وَاحِدَةً بِجَمْعِ شَمْلِهِ عَلَى أَدَبِ الْمُنَاجَاة وَإِذا كَانَت عَلَى هَذِهِ الصِّفَاتِ لَا يَلِيقُ خَتْمُهَا بِالْحَدَثِ الَّذِي هُوَ أفحش القاذورات الثَّانِي فِي الْجَوَاهِرِ اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي انْسِحَابِ حُكْمِ النِّيَّةِ عَلَى السَّلَامِ أَوِ اشْتِرَاطِ تَجْدِيدِ نِيَّةِ الْخُرُوجِ عَلَى قَوْلَيْنِ قَالَ صَاحِبُ الْإِشْرَافِ إِذا سلم بِغَيْر نِيَّة التَّحْلِيل لَا يجْزِيه خلافًا لبَعض الشفعوية وَوَافَقَهُ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَاسْتَدَلَّ بِأَنَّ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ تفْتَقر إِلَى نِيَّة التَّحْرِيم لتميزها عَن غَيرهَا

وَكَذَلِكَ يشْتَرط فِي التَّسْلِيم نِيَّة التَّحْلِيل لتميزه عَنْ جِنْسِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الطَّهَارَةِ أَنَّ النِّيَّةَ لِتَمْيِيزِ الْعِبَادَاتِ عَنِ الْعَادَاتِ أَوْ لِتَمْيِيزِ مَرَاتِبِ الْعِبَادَات فِي أَنْفسهَا الثَّالِثُ قَالَ فِي الْكِتَابِ يُسَلِّمُ الْمَأْمُومُ عَنْ يَمِينِهِ ثُمَّ عَلَى الْإِمَامِ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَمَرَنَا عَلَيْهِ السَّلَامُ ثُمَّ ذَكَرَ التَّشَهُّدَ وَقَالَ ثُمَّ سَلِّمُوا عَلَى الْيَمِينِ ثُمَّ سَلِّمُوا عَلَى قَارِئِكُمْ وَعَلَى أَنْفُسِكُمْ وَفِي الْجَوَاهِرِ فِي رَدِّ الْمَأْمُومِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ فَفِي الْكِتَابِ كَانَ يَقُولُ يَبْدَأُ بِمَنْ عَلَى يَسَارِهِ ثُمَّ الْإِمَامِ ثُمَّ رَجَعَ يَقُولُ يَبْدَأُ بِالْإِمَامِ ثُمَّ يَسَارِهِ وَرَوَى الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ التَّخْيِيرَ وَجْهُ الْبِدَايَةِ بِالْيَسَارِ أَنَّ جَوَابَ التَّحِيَّةِ عَلَى الْفَوْرِ وَقَدْ حَالَ بَيْنَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ سَلَامُ التَّحَلُّلِ بِخِلَافِ مَنْ عَلَى الْيَسَارِ وَلِأَنَّ ابْنَ الْمُسَيَّبِ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَجْهُ الْمَشْهُورِ أَنَّ الْإِمَامَ هُوَ السَّابِقُ بِالتَّحِيَّةِ فَيُبْدَأُ بِهِ وَلِأَنَّهُ فِعْلُ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَجْهُ التَّخْيِيرِ تَقَابُلُ الْأَدِلَّةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ يَرُدُّ عَلَى الْإِمَامِ فَقَطْ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ هَلْ يَرُدُّ عَلَى الْإِمَامِ وَمَنْ عَلَى يَسَارِهِ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ؟ وَقِيلَ يَرُدُّ قِيَاسًا عَلَى جُمْلَةِ الْمَأْمُومِينَ فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ تَسْلِيمَةً وَقِيلَ لَا يَجْمَعُ تَشْرِيفًا لِلْإِمَامِ وَلِأَنَّ تَسْلِيمَ الْإِمَامِ فِي زَمَانٍ آخَرَ فَكَانَ الرَّدُّ عَلَيْهِ بِلَفْظٍ آخَرَ وَهَلْ يُشْتَرَطُ فِي الرَّدِّ عَلَى الْيَسَارِ التَّأْخِيرُ حَتَّى يسلم

من على يسَار وَلَيْسَ فِيهِ نَصٌّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِأَنَّهُ وَإِنْ تَأَخَّرَ فَهُوَ فِي حُكْمِ الْوَاقِعِ قَالَ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى يَسَارِهِ أَحَدٌ فَالْمَشْهُورُ لَا يُسَلِّمُ وَعَلَى قَوْلِهِ إِنَّ الْمُنْفَرِدَ يُسَلِّمُ اثْنَتَيْنِ يسلم فَإِذا فَرَّعْنَا عَلَى الْمَشْهُورِ فَكَانَ مَنْ عَلَى يَسَارِهِ مَسْبُوقًا فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ لَا يَرُدُّهُ لِأَنَّ سَلَامَهُ مُتَأَخِّرٌ جِدًّا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ هُوَ فِي حُكْمِ الْوَاقِعِ وَلِأَنَّ رَدَّ الْمَأْمُومِ سُنَّةٌ مُقَدَّرَةٌ عَلَى مَنْ عَلَى يَسَارِهِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَرُدُّ عَلَى مَنْ لَمْ يَقْصِدِ السَّلَامَ عَلَيْهِ قَالَ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْكِتَابِ أَنَّهُ يَتَيَامَنُ فِي جُمْلَةِ تَسْلِيمِهِ بِخِلَافِ الْإِمَامِ لِأَنَّ سَلَامَ الْمَأْمُومِ مُخْتَصٌّ بِمَنْ عَلَى يَمِينِهِ وَلِهَذَا لَا يَرُدُّ عَلَيْهِ إِلَّا مَنْ عَلَى يَمِينِهِ وَسَلَامُ الْإِمَامِ لَيْسَ مُخْتَصًّا بِجِهَةٍ وَلِهَذَا يَرُدُّ عَلَيْهِ جُمْلَةُ الْمَأْمُومِينَ يَمِينًا وَشِمَالًا وَخَلْفًا وَأَمَامًا وَقَالَ ش يَنْوِي الْفَذُّ بِالسَّلَامِ الْخُرُوجَ وَالتَّسْلِيمَ عَلَى الْحَفَظَةِ وَيَنْوِي بِالتَّسْلِيمِ الثَّانِي الْخُرُوجَ فَقَطْ وَيَنْوِي الْإِمَامُ الْخُرُوجَ وَالتَّسْلِيمَ عَلَى الْحَفَظَةِ وَالْمَأْمُومِينَ وَيَنْوِي بِالثَّانِي الْحَفَظَةَ وَالْخُرُوجَ وَيَنْوِي الْمَأْمُومُ بِالْأَوَّلِ التَّحْلِيلَ وَالْحَفَظَةَ وَمَنْ عَلَى يَمِينِهِ مِنَ الْمَأْمُومِينَ وَالْإِمَامِ إِنْ كَانَ عَلَى يَمِينِهِ وَبِالثَّانِي الْخُرُوجَ وَالْحَفَظَةَ وَالْإِمَامَ إِنْ كَانَ عَلَى يَسَارِهِ فَإِنْ كَانَ أَمَامَهُ فَهُوَ مُخَيَّرٌ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَعِنْدَنَا لَا يرد على الإِمَام بِتَسْلِيمَة التَّحْلِيل لِأَنَّهُ يَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ الْمُتَكَلِّمِ فِي الصَّلَاةِ وَإِذَا رَدَّ عَلَى الْإِمَامِ فَهَلْ يُشْتَرَطُ حُضُورُهُ فَلَا يَرُدُّ الْمَسْبُوقُ الَّذِي رَجَعَ إِلَيْهِ مَالِكٌ وَأَخَذَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ الرَّدُّ نَظَرًا إِلَى أَنَّهُ مِنْ سُنَّةِ الصَّلَاةِ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ شُرِعَ عَلَى الْفَوْرِ وَقَدْ تَرَاخَى وَهَذَا فِيمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً فَأَكْثَرَ فَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ إِلَّا التَّشَهُّدَ قَالَ سَحْنُونٌ لَا يَرُدُّ لِأَنَّهُ لَيْسَ إِمَامًا لَهُ فِي صَلَاتِهِ وَلِهَذَا لَا

يَسْجُدُ مَعَهُ فِي سَهْوِهِ فَلَوْ سَلَّمَ عَلَى الْإِمَامِ قَبْلَ تَسْلِيمِ التَّحَلُّلِ سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ وَجَوَّزَ فِي الْكِتَابِ الرَّدَّ بِالسَّلَامِ عَلَيْكُمْ وَبِعَلَيْكُمُ السَّلَامُ وَرَجَّحَ الْأَوَّلَ وَجَوَّزَ أَشْهَبُ فِي الْعُتْبِيَّةِ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ نَفْسِ الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا هُوَ رَدُّ تَحِيَّةٍ وَلَمَّا كَانَ مُتَعَلِّقًا بِالصَّلَاةِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ تَرَجَّحَ أَنْ يَكُونَ مِنْ جِنْسِ سَلَامِ الصَّلَاةِ وَاسْتَحَبَّ فِي الْكِتَابِ أَنْ لَا يَجْهَرَ بِتَسْلِيمَةِ الْيَسَارِ مِثْلَ تَسْلِيمَةِ الْيَمِينِ لِأَنَّهَا لَا يُطْلَبُ لَهَا جَوَابٌ فَكَانَتْ كَأَذْكَارِ الصَّلَاةِ وَالْأُولَى كَتَكْبِيرَةِ الْإِمَامِ يَطْلُبُ لَهَا الْجَواب فيجهر بهَا الرَّابِعُ قَالَ فِي الْكِتَابِ يَجْهَرُ الْإِمَامُ وَمَنْ خَلفه بِالسُّجُود بِالسَّلَامِ من السُّجُود للسَّهْو بعد السَّلَام قَالَ صَاحِبُ الْمَعُونَةِ فِيهِ رِوَايَتَانِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوَّلِ وَالْإِخْفَاءُ كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي عدم الرُّكُوع الْخَامِسُ قَالَ فِي الْوَاضِحَةِ لَا يَمُدُّ سَلَامَهُ وَلْيَحْذِفْهُ وَفِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَلِأَنَّ الْإِمَامَ إِذَا طَوَّلَ سَلَامَهُ سَلَّمَ الْمَأْمُومُ قَبْلَ سَلَامِهِ إِلَّا أَنَّهُ لَا يُبَالِغُ فِي الْحَذْفِ لِئَلَّا يُسْقِطَ الْأَلِفَ السَّادِسُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا سَلَّمَ إِمَامُ مَسْجِدِ الْقَبَائِلِ فَلَا يَقْعُدُ فِي مُصَلَّاهُ بِخِلَافِ إِمَامِ السَّفَرِ وَنَحْوِهِ لِمَا رَوَى سَحْنُونٌ فِي الْكِتَابِ أَنَّهَا السُّنَّةُ وَأَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَالَ الْجُلُوسُ عَلَى الْحِجَارَةِ الْمُحْمَاةِ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ وَفِي

الْبُخَارِيِّ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا سَلَّمَ مَكَثَ قَلِيلا فَكَانُوا يرَوْنَ ذَلِك كَمَا يَنْفِرُ النِّسَاءُ قَبْلَ الرِّجَالِ وَاخْتُلِفَ فِي تَعْلِيلِهِ فَقيل لِئَلَّا يغتربه الدَّاخِلُ فَيُحْرِمَ مَعَهُ وَقِيلَ لِئَلَّا يَشُكَّ هَلْ سَلَّمَ أَمْ لَا أَوْ يَشُكَّ مَنْ خَلْفَهُ الرُّكْن الْعَاشِر الطُّمَأْنِينَة قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَمْكَنَ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ فِي رُكُوعِهِ وَجَبْهَتِهِ مِنَ الْأَرْضِ فِي سُجُودِهِ وَتَمَكَّنَ مُطْمَئِنًا فَقَدْ تَمَكَّنَ رُكُوعُهُ وَسُجُودُهُ وَهِي عِنْد مَالك وَاجِبَة خلافًا ح فَإِنَّهُ لَا يَشْتَرِطُ إِلَّا أَصْلَ الْأَرْكَانِ حَتَّى لَو سجد على شَيْء فزهقت جَبهته إِلَى الأَرْض كَانَت سَجْدَتَيْنِ محتجا بِأَن الله تَعَالَى أَمر بِالْأَرْكَانِ وَلَمْ يَأْمُرْ بِالطُّمَأْنِينَةِ وَالزِّيَادَةُ عِنْدَهُ عَلَى النَّص نسخ وَنسخ الْقُرْآن بِخَير الْوَاحِدِ لَا يَجُوزُ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنَّهَا فَضِيلَةٌ لَنَا مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَصَلَّى ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ فَصَلَّى ثُمَّ جَاءَ فعل ذَلِكَ ثَلَاثًا فَقَالَ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أُحْسِنُ غَيْرَهُ فَعَلِّمْنِي فَقَالَ إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ وَسَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا الْحَدِيثَ وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ وَفِعْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ على ذَلِك

وَفِي الْحَدِيثِ سُؤَالٌ لِلْحَنَفِيَّةِ وَهُوَ أَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ حُجَّةٌ لَنَا لِأَنَّ إِيقَاعَ الصَّلَاةِ بِدُونِ شَرَائِطِهَا حَرَامٌ إِجْمَاعًا فَلَوْ كَانَتِ الطُّمَأْنِينَةُ وَاجِبَةً لَكَانَ الْمُصَلِّي حِينَئِذٍ مُرْتَكِبًا لِمُنْكَرٍ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاجِبٌ عَلَى الْفَوْرِ وَلَمَّا لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عَلَيْهِ السَّلَامُ دَلَّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الطُّمَأْنِينَةِ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَالطُّمَأْنِينَةُ الْوَاجِبَةُ أَدْنَى لُبْثٍ فَإِنْ زَادَ عَلَيْهَا فَفِي اتِّصَافِ الزَّائِدِ بِالْوُجُوبِ قَوْلَانِ نَظَرًا إِلَى جَوَازِ التَّرْكِ وَالْقِيَاسُ عَلَى فُرُوضِ الْكِفَايَةِ إِذَا لَحِقَ بِهِمْ مَنْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْفِعْلُ فَإِنْ فَعَلَهُ يَقع وَاجِبا

(الباب الخامس في سنن الصلاة)

(الْبَابُ الْخَامِسُ فِي سُنَنِ الصَّلَاةِ) وَالسُّنَّةُ فِي اللُّغَةِ لَهَا ثَلَاثَةُ مَعَانٍ السِّيرَةُ وَصُورَةُ الْوَجْهِ وتمر بِالْمَدِينَةِ وَالسّنَن الطَّرِيقَة وَيُقَالُ بِالْفَتْحِ فِي السِّينِ وَالنُّونِ وَضَمِّهِمَا وَضَمِّ السِّينِ فَقَطْ وَالسُّنَّةُ فِي الشَّرْعِ لَهَا خَمْسَةُ معَان مَا يلفى شَرعه من النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام مِنْ غَيْرِ الْقُرْآنِ فَيُقَالُ هَذَا ثَابِتٌ بِالْكِتَابِ وَالسّنة قولا كَانَت السّنة أَو فِعْلًا وَعَلَى فِعْلِهِ دُونَ قَوْلِهِ وَعَلَى فِعْلِهِ الَّذِي هُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ نَحْوَ الْوِتْرِ وَقِيَامِ اللَّيْلِ وَعَلَى مَا تَأَكَّدَ مِنَ الْمَنْدُوبَاتِ مُطْلَقًا وَعَلَى مَا يَقْتَضِي تَرْكُهُ سُجُودَ السَّهْوِ فِي الصَّلَاةِ عِنْدَ بَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ نَحْوَ صَاحِبِ الْجُلَّابِ وَجَمَاعَة مَعَه وَالْكَلَام هَهُنَا عَلَى الْقِسْمَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ فِي الصَّلَاةِ مُجْمَلًا وَمُفَصَّلًا فَنَقُولُ سُنَنُ الصَّلَاةِ اثْنَتَانِ وَعِشْرُونَ سُنَّةً السُّنَّةُ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ الْجَهْرُ فِيمَا يُجْهَرُ فِيهِ وَهُوَ الْأُولَيَانِ مِنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَجُمْلَةُ الصُّبْحِ وَالْوِتْرُ وَالْجُمُعَةُ وَالْعِيدَانِ وَالِاسْتِسْقَاءُ وَالسِّرُّ فِيمَا يُسَرُّ فِيهِ وَهُوَ مَا عَدَا ذَلِكَ قَالَ فِي الْكِتَابِ وَالْجَهْرُ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ وَفَوْقَ

ذَلِكَ قَلِيلًا وَالْمَرْأَةُ دُونَ الرَّجُلِ فِي ذَلِكَ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ السِّرُّ مَا لَا يُسْمَعُ بِأُذُنٍ أَصْلًا وَالْجَهْرُ ضِدُّهُ وَأَقَلُّهُ إِسْمَاعُ مَنْ يَلِي الْمُصَلِّيَ إِذَا أَنْصَتَ إِلَيْهِ وَالْإِمَامُ يَرْفَعُ صَوْتَهُ مَا أَمْكَنَهُ لِيُسْمِعَ الْجَمَاعَةَ وَالْمُنْفَرِدُ بَيْنَ ذَلِكَ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ خَرَجَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى النَّاسِ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَقَدْ عَلَتْ أَصْوَاتُهُمْ بِالْقِرَاءَةِ فَقَالَ إِنَّ الْمُصَلِّيَ يُنَاجِي رَبَّهُ فَلْيَنْظُرْ مَا يُنَاجِيهِ بِهِ وَلَا يَجْهَرْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْقِرَاءَةِ وَفِي الْبَيَانِ لَا يَجُوزُ أَن يفرط الْمَسْبُوق فِي الْجُمُعَة إِذَا كَانَ بِجَنْبِهِ مِثْلُهُ لِئَلَّا يَخْلِطَ عَلَيْهِ وَلَا ان يرفع صَوته فِي النَّافِلَة إِذَا كَانَ بِجَنْبِهِ مَنْ يُصَلِّي وَالْمَرْأَةُ تَأْتِي بِأَقَلِّ مَرَاتِبِ الْجَهْرِ لِأَنَّ صَوْتَهَا عَوْرَةٌ فَائِدَةٌ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَجْهَرُ فِي صَلَاتِهِ بِالنَّهَارِ فَكَانَ الْمُنَافِقُونَ يَجِدُونَ بِذَلِكَ وَسِيلَةً فَيُصَفِّرُونَ وَيُكْثِرُونَ اللَّغَطَ فَشُرِعَ الْإِسْرَارُ حَسْمًا لِمَادَّتِهِمْ السُّنَّةُ الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ سُورَةٌ مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ وَالْقِيَامُ لَهَا فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ وَالْمُنْفَرِدَتَيْنِ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِنْ تَرْكَهَا صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَأَوْجَبَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ زِيَادَةً عَلَى الْفَاتِحَةِ وَحَدَّهُ غَيْرُهُ بِثَلَاثِ آيَاتٍ وَقِيلَ مَا تَيَسَّرَ وَخَرَّجَ اللَّخْمِيُّ قَوْلًا بِالْوُجُوبِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهَا فَضِيلَةٌ لَا توجب سجودا وَالْأَفْضَل الِاقْتِصَار على صُورَة الْعَمَل وَيجوز

الْجَمْعُ بَيْنَ سُوَرٍ لِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَقَدْ عَرَفْتُ النَّظَائِرَ الَّتِي كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقْرِنُ بَيْنَهَا وَذَكَرَ عِشْرِينَ سُورَةً وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى النَّوَافِلِ وَإِذَا قَرَأَ سُورَةً قَرَأَ مَا بعْدهَا اتبَاعا لترتيب الْمُصحف فَلَو قَرَأَ مَا قَبْلَهَا جَازَ وَلَوِ اقْتَصَرَ عَلَى بَعْضِ سُورَةٍ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ مَالِكٌ لَا يَفْعَلُ فَإِنْ فَعَلَ أَجْزَأَهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَرَوَى الْوَاقِدِيُّ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ حُجَّةُ الْمَشْهُورِ أَنَّهُ الْغَالِبُ مِنْ فِعْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَفِعْلِ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ بَعْدَهُ وَفِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَلَّى الصُّبْحَ بِمَكَّةَ فَاسْتَفْتَحَ سُورَةَ الْمُؤْمِنُونَ حَتَّى جَاءَ ذِكْرُ مُوسَى وَهَارُونَ وَعِيسَى عَلَيْهِمْ السَّلَامُ أَخَذَتْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ سَعْلَةٌ فَرَكَعَ وَفِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَرَأَ فِي رَكْعَتَيِ الصُّبْحِ بِالْبَقَرَةِ قَالَ فِي الْكِتَابِ وَلَا يَقْضِي مَا نسبه مِنْ رَكْعَةٍ فِي رَكْعَةٍ أُخْرَى وَقَالَ ح يَقْرَأُ فِي الْأُولَيَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ فَإِذَا نَسِيَ قَرَأَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ لَنَا أَنَّهَا لَوْ قُضِيَتْ لَقُضِيَتِ الْأَرْكَانُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَلَيْسَ يُبَايِنُ حُجَّتُنَا عَلَى عَدَمِ قِرَاءَتِهَا فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ خلافًا ش مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ وَيُسْمِعُنَا الْآيَةَ أَحْيَانًا وَكَانَ يُطَوِّلُ فِي الرَّكْعَة الأولى من الظّهْر ويقصرالثانية وَكَذَلِكَ فِي الصُّبْحِ وَيَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ احْتَجَّ ش بِمَا فِي مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ كُنَّا نَحْزِرُ قِيَامه الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ قَدْرَ ألَم تَنْزِيلُ

السَّجْدَةِ وَحَزَرْنَا قِيَامَهُ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ قَدْرَ النِّصْفِ مِنْ ذَلِكَ وَحَزَرْنَا قِيَامَهُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنَ الْعَصْرِ عَلَى قَدْرِ قِيَامِهِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ وَفِي الْأَخِيرَتَيْنِ مِنَ الْعَصْرِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ ذَلِكَ وَفِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ عَبْدَ الله ابْن عمر كَانَ إِذَا صَلَّى وَحْدَهُ يَقْرَأُ فِي الْأَرْبَعِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ وَكَانَ يَقْرَأُ أَحْيَانًا بِالسُّورَتَيْنِ وَالثَّلَاثِ فِي الرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ مِنَ الْفَرِيضَةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ أَرْجَحُ لِأَنَّهُ مُبَيَّنٌ وَمَا ذَكَرْتُمُوهُ حَزْرٌ وَعَن الثَّانِي أَنه مَحْمُول على النافذة بِدَلِيل ذكر الْفَرِيضَة بعده وَلِأَنَّهُ يُعَارض بِعَمَلِ الْمَدِينَةِ السُّنَّةُ الْخَامِسَةُ التَّكْبِيرُ مَا عَدَا تَكْبِيرَة الْإِحْرَام قَالَ اللَّخْمِيّ وَقيل هُوَ فَضِيلَةٌ وَقَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَقِيلَ التَّكْبِيرَةُ الْوَاحِدَةُ سُنَّةً وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِي مَعْنَاهُ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فِي الْأَرْكَانِ وَهُوَ عِنْدَنَا مَشْرُوعٌ فِي كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ خِلَافًا لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَجَمَاعَتِهِ لِمَا أَطْبَقَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ فِي سَائِرِ الْأَمْصَارِ وَلِأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ صَلَّى وَكَبَّرَ لِلرَّفْعِ وَالْخَفْضِ وَقَالَ إِنِّي لَأَشْبَهُكُمْ بِصَلَاة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ الْمَازِرِيُّ وَقَدْ رَأَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ مُقْتَضَى الرِّوَايَاتِ وُجُوبُهُ لِقَوْلِهِ فِي تَارِكِهِ إِنْ لَمْ يَسْجُدْ وَطَالَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَقَالَ بِوُجُوبِهِ ابْنُ حَنْبَلٍ لَنَا حَدِيثُ الْأَعْرَابِيِّ الْمُسِيءِ لِصَلَاتِهِ قَالَ فِي الْكِتَابِ يُكَبِّرُ لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ إِذَا شَرَعَ فِيهِ وَلَا يُكَبِّرُ بَعْدَ التَّشَهُّدِ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَائِمًا وَوَافَقَهُ ح وَخَالَفَهُ ش لَنَا مَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ إِذَا قَامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ

كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ كَمَا يُكَبِّرُ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ وَلِأَنَّ التَّكْبِيرَ شُرِعَ فِي الصَّلَاةِ مُتَّصِلًا بِمَا يَنْتَقِلُ مِنَهُ وَإِلَيْهِ فَلَا يَخْرُجُ مِنْ رُكْنٍ إِلَّا ذَاكِرًا وَلَا يَدْخُلُ فِي رُكْنٍ إِلَّا ذَاكِرًا وَكَذَلِكَ لَا يَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ إِلَّا ذَاكِرًا بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَلَا يَخْرُجُ مِنْهَا إِلَّا ذَاكِرًا بِالتَّسْلِيمِ وَالْجُلُوسُ لَيْسَ بِرُكْنٍ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ بِدُونِهِ إِجْمَاعًا فَكَانَ التَّكْبِيرُ بَعْدَهُ لِلْقِيَامِ فَيَكُونُ فِي أَوَّلِهِ كَقِيَامِ أَوَّلِ الصَّلَاةِ وَلِأَنَّ الصَّلَاةَ فُرِضَتْ مَثْنَى مَثْنَى ثُمَّ زِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ كَمَا فِي الْمُوَطَّأِ فَقَدْ كَانَ التَّشَهُّدُ قَبْلُ بِغَيْرِ تَكْبِيرٍ فَتَكُونُ التَّكْبِيرَةُ لِلزِّيَادَةِ فِي ابْتِدَائِهَا أَوَّلَ الْقِيَامِ السُّنَّةُ السَّادِسَةُ وَالسَّابِعَةُ الْجِلْسَةُ الْوُسْطَى وَالْمِقْدَارُ الزَّائِدُ بَعْدَ جُلُوسِهِ الْوَاجِبِ لِلسَّلَامِ دَلِيلُ عَدَمِ وُجُوبِهَا أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا تَرَكَهَا سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ قَالَ فِي الْكِتَابِ الْجُلُوسُ كُلُّهُ سَوَاءٌ يُفْضِي بِأَلْيَتِيِهِ إِلَى الْأَرْضِ وَيَنْصِبُ رِجْلَهُ الْيُمْنَى وَظَاهِرُ إِبْهَامِهَا مِمَّا يَلِي الْأَرْضَ وَيَثْنِي رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَقَالَ ح يَفْرِشُ الْيُسْرَى فَيَقْعُدُ عَلَيْهَا وَيَنْصِبُ الْيُمْنَى وَيُوَجِّهُ أَصَابِعَهُ لِلْقِبْلَةِ وَوَافَقَهُ ش إِلَّا فِي الْجِلْسَةِ الْأَخِيرَةِ فَقَالَ يُخْرِجُ رِجْلَهُ مِنَ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ وَيُفْضِي بِأَلْيَتِهِ إِلَى الأَرْض وَقَول ح فِي الْبُخَارِيِّ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وََقَوْلُ ش فِي أَبِي دَاوُدَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَيَتَرَجَّحُ قَوْلُ مَالِكٍ بِالْعَمَلِ فَقَدْ نَقَلَهُ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَقَالَ ابْنُ عمر هُوَ السّنة فرعان

الأول سنة الْجُلُوس أَن يرفع يَدَيْهِ على فخديه فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَفِي النَّوَادِرِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ عَنهُ عَلَيْهِ السَّلَام أَنه قَالَ الْيَدَانِ تَسْجُدَانِ كَمَا يَسْجُدُ الْوَجْهُ فَإِذَا وَضَعَ أَحَدُكُمْ وَجْهَهُ فَلْيَضَعْ يَدَيْهِ وَإِذَا رَفَعَ فَلْيَرْفَعْهُمَا قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ الْإِعَادَةِ لِأَنَّهَا تَبَعٌ الثَّانِي قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ الْمَعْرُوفُ مِنَ الْمَذْهَبِ قَبْضُ الْيُمْنَى إِلَّا الْمُسَبِّحَةِ يَبْسُطُهَا وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَقَالَ فِي الْمَبْسُوطِ لَا يَبْسُطُهَا وَهُوَ فِي الْبُخَارِيِّ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَالْأَوَّلُ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَفِي السَّبَّابَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُحَرِّكُهَا مِنْ تَحْتِ الْبُرْنُسِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تُمَدُّ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيكٍ وَكَانَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ يُحَرِّكُهَا عِنْدَ الشَّهَادَةِ فَقَطْ فَالسُّكُونُ إِشَارَةٌ إِلَى الْوَحْدَانِيَّةِ وَالتَّحْرِيكُ فِي مُسْلِمٍ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهُوَ مَقْمَعَةٌ لِلشَّيْطَانِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَذْكُرُ الصَّلَاةَ وَأَحْوَالَهَا فَلَا يُوقِعُهُ الشَّيْطَانُ فِي سَهْوٍ وَيكون جنبها الْأَيْسَر إِلَى جنب الْخِنْصر إِلَى أَسْفَل وَهُوَ قَول الشَّافِعِي إِلَّا أَنَّهُ قَالَ أَوَّلُ مَا يَضَعُ كَفَّهُ عَلَى صَدْرِهَا ثُمَّ يُقَلِّبُهَا بَعْدَ ذَلِكَ ثُمَّ يَقْبِضُ الْخِنْصَرَ وَالْبِنْصَرَ وَالْوُسْطَى وَيَبْسُطُ السَّبَّابَةَ وَالْإِبْهَامَ وَهُوَ فِي أَبِي دَاوُدَ وَقَالَ أَيْضًا يَبْسُطُ الْوُسْطَى مَعَهُمَا وَهُوَ فِي أَبِي دَاوُدَ وَقَالَ أَيْضًا يَقْبِضُ الْجَمِيعَ إِلَّا الْمُسَبِّحَةَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ الَّذِي رَوَاهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي صفة صلَاته عَلَيْهِ السَّلَام وَإِذَا قَبَضَ الْإِبْهَامَ جَعَلَهُ تَحْتَ الثَّلَاثَةِ قَالَ مَالِكٌ وَكُلُّهُ وَاسِعٌ السُّنَّةُ الثَّامِنَةُ وَالتَّاسِعَةُ التَّشَهُّدَانِ قَالَ الْمَازرِيّ رُوِيَ عَن مَالك وش وُجُوبُ الْأَخِيرِ وَعَنْ أَحْمَدَ وُجُوبُهُمَا وَوَافَقَ الْمَشْهُورَ ح لَنَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ

لِلْأَعْرَابِيِّ ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ثُمَّ اجْلِسْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا فَإِذَا فَعَلْتَ هَذَا فَقَدَ تَمَّتْ صَلَاتُكَ وَلَمْ يَذْكُرِ التَّشَهُّدَ وَفِي الصِّحَاحِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ تَرَكَ الْجِلْسَةَ الْوُسْطَى فَسَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ وَفِي التِّرْمِذِيِّ أَنَّهُ سَبَّحَ بِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ وَهَذَا شَأْنُ السُّنَنِ وَنَقِيسُ الْأَخِيرَ عَلَى الْأَوَّلِ حُجَّةُ وُجُوبِهِمَا فِعْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَوْلُهُ فِي أَبِي دَاوُدَ إِذَا جَلَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلِ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ وَاخْتَارَ مَالِكٌ فِيهِ تَشَهُّدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَفِي الْمُوَطَّأِ كَانَ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ لِلنَّاسِ قُولُوا التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ الزَّاكِيَاتُ لِلَّهِ الطَّيِّبَات الصَّلَوَاتُ لِلَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْمُوَطَّأِ لَمْ يَذْكُرْ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ وَاخْتَارَ ش رِوَايَةَ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهِي التَّحِيَّات الْمُبَارَكَاتُ الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ سَلَامٌ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ وَسَاقَ التَّشَهُّدَ مُرَجِّحًا لَهُ بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ وَلِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ تُوُفِّيَ وَابْنُ عَبَّاسٍ صَغِيرٌ

فَيَكُونُ آخِرَ الْأَمْرِ مِنَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَيَكُونُ أرجح لِأَن فِيهِ زِيَادَة المباركات وَالسَّلَام فِيهِ مُنْكرا وَهُوَ أَكثر سَلام الْقُرْآن وَاخْتَارَ ح واية ابْنِ مَسْعُودٍ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُهُمُ التَّشَهُّدَ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَسَاقَ التَّشَهُّدَ مُرَجِّحًا لَهُ بِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَخَذَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِيَدِي فَعَلَّمَنِي التَّشَهُّدَ وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَخَذَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِيَدِي فَعَلَّمَنِي التَّشَهُّدَ وَهَذَا يَقْتَضِي الْعِنَايَةَ وَالضَّبْطَ حَتَّى ان الْحَنَفِيَّة الْيَوْم يرونه فِي مَعْنَى أَخَذَ بِيَدِي أَخَذَ فِي جُمْلَةِ الرِّوَايَاتِ إِلَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَإِنَّ كُلَّهُمْ فَعَلَ ذَلِكَ كَمَا فَعَلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَعَ ابْنِ مَسْعُودٍ وَلِأَنَّهُ بِزِيَادَةِ الْوَاوِ وَهِيَ التَّشَهُّدُ بِالتَّعَدُّدِ كَمَا حَصَلَ التَّرْجِيحُ فِي رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ بِالْوَاوِ عَلَى إِسْقَاطِهَا وَكَذَلِكَ فِي قَوْلِنَا فِي رَدِّ التَّحِيَّةِ وَعَلَيْكُمُ السَّلَامُ أَرْجَحُ مِنْ عَلَيْكُمُ السَّلَامُ تَرْجِيحُنَا أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يَقُولُهُ عَلَى الْمِنْبَرِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ فَجَرَى مَجْرَى التَّوَاتُرِ وَالْإِجْمَاعِ لِأَنَّ فِيهِ زِيَادَةَ الزَّاكِيَاتُ وَالتَّسْلِيمُ بِالتَّعْرِيفِ أَبْلَغُ لِإِفَادَةِ الْعُمُومِ فَوَائِدُ التَّحِيَّاتُ جَمْعُ تَحِيَّةٍ وَالتَّحِيَّةُ السَّلَامُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذا حييتُمْ بِتَحِيَّة} وَالتَّحِيَّةُ الْمُلْكُ لِقَوْلِهِ

(مِنْ كُلِّ مَا نَالَ الْفَتَى ... قَدْ نِلْتُهُ إِلَّا التَّحِيَّةَ) أَيِ الْمُلْكُ وَالتَّحِيَّةُ الْبَقَاءُ وَقِيلَ هُوَ الْمُرَادُ بِالْبَيْتِ وَالْمُلْكُ هُوَ الْمَشْهُورُ وَأَصْلُهُ أَن الْملك كَانَ يحبى فَيُقَالُ لَهُ أَبَيْتَ اللَّعْنَ وَلَا يُقَالُ لِغَيْرِهِ ذَلِكَ وَالزَّاكِيَاتُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ صَالِحُ الْأَعْمَالِ وَمِنَهُ قَوْله تَعَالَى {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} وَالطَّيِّبَاتُ الْأَقْوَالُ الْحَسَنَةُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلم الطّيب} وَقَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَى الطَّيِّبِ فِي التَّيَمُّمِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ الْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ لِأَنَّهَا تُطَيِّبُ الْعَبْدَ كَمَا قَالَ تَعَالَى {الطَّيِّبَات للطيبين} وَالصَّلَوَاتُ إِنْ جَعَلْنَا الْأَلِفَ وَاللَّامَ فِيهَا لِلْعَهْدِ كَانَت الصَّلَوَات الْخمس وَالْجِنْس شَمَلَتْ سَائِرَ الصَّلَوَاتِ الشَّرْعِيَّاتِ هَذَا إِذَا اعْتَبَرْنَا الْحَقِيقَةَ الشَّرْعِيَّةَ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَإِنِ اعْتَبَرْنَا اللُّغَوِيَّةَ وَهِيَ الدُّعَاءُ كَانَتْ لِلْعُمُومِ فِي سَائِرِ الدَّعَوَاتِ وَاللَّامُ فِي قَوْلِنَا لِلَّهِ لِلِاخْتِصَاصِ أَيْ هَذِهِ الْأُمُور مُخْتَصَّة بِاللَّه إِلَى الْإِخْلَاصِ فَهِيَ عِبَادَاتٌ مِنَّا لِلرَّبِّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِأَن لَا يعبد بِهَذِهِ الْأُمُور إِلَّا الله كَمَا نعْبد فِي الْفَاتِحَةِ بِقَوْلِنَا {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} أَيْ لَا نَعْبُدُ إِلَّا إِيَّاهُ وَلَا نَسْتَعِينُ إِلَّا بِهِ وَقَوْلُنَا السَّلَامُ عَلَيْكَ إِنْ جَعَلْنَا السَّلَامَ اسْمًا لِلَّهِ تَعَالَى فَيَكُونُ مَعْنَاهُ اللَّهُ عَلَيْكَ حَفِيظٌ أَوْ رَاضٍ وَقِيلَ هُوَ مَصْدَرُ تَقْدِيرِ الْكَلَامِ سَلَّمَ اللَّهُ عَلَيْكَ سَلَامًا ثُمَّ نَقَلْنَاهُ مِنَ الدُّعَاءِ إِلَى الْخَبَرِ

كَمَا قَالَ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَام {فَقَالُوا سَلاما قَالَ سَلام} فَسَلَامُهُ أَبْلَغُ مِنْ سَلَامِهِمْ لِأَجْلِ النَّقْلِ وَكَذَلِكَ قَالَ فِي الْحَمد لله فِي أَوَّلِ الْفَاتِحَةِ وَتَقْرِيرُ جَمِيعِ ذَلِكَ فِي عِلْمِ النَّحْوِ وَقِيلَ جَمْعُ سَلَامَةٍ فَيَكُونُ دُعَاءً بِالسَّلَامَةِ مِنَ الشُّرُورِ كُلِّهَا وَالرَّحْمَةِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ هِيَ إِرَادَةُ الْإِحْسَانِ فَتَكُونُ صِفَةً ذَاتِيَّةً قَدِيمَةً وَاجِبَةَ الْوُجُودِ يُعَضِّدُهُ قَوْله تَعَالَى {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا} أَيْ تَعَلَّقَتْ إِرَادَتُكَ وَعِلْمُكَ بِسَائِرِ الْمَوْجُودَاتِ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ هِيَ الْإِحْسَانُ كُلُّهُ يُعَضِّدُهُ قَوْله تَعَالَى {ورحمتي وسعت كل شَيْء} أَي الْجنَّة لقَوْله {فسأكتبها للَّذين يَتَّقُونَ} فَتَكُونُ رَحْمَةُ اللَّهِ عِنْدَهُ مُحْدَثَةً لَيْسَتْ صِفَةً ذاتية وَالرَّحْمَة اللُّغَوِيَّة هِيَ رِقَّةُ الطَّبْعِ تَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ تَعَالَى فَيَتَعَيَّنُ الْعُدُولُ إِلَى أَحَدِ هَذَيْنِ الْمَجَازَيْنِ اللَّازِمَيْنِ لِلْحَقِيقَةِ عَادَةً وعَلى التقريرين فَهُوَ دُعَاءٌ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَرْعٌ قَالَ فِي الْكتاب لَا يتبسمل أَوَّلَ التَّشَهُّدِ وَإِنْ كَانَ رُوِيَ ذَلِكَ فِي الْمُوَطَّأِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَعَلَى الْأَوَّلِ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ لِأَنَّ رِوَايَةَ عُمَرَ

وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ لَيْسَ فِيهَا بَسْمَلَةٌ وَلَا فِي خَبَرٍ ثَابِتٍ وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُنْكِرُهَا وَفِي الْحَدِيثِ لِيَكُنْ أَوَّلَ قَوْلِكُمُ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ السُّنَّةُ الْعَاشِرَةُ قَوْلُ سمع الله لمن حَمده فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ إِذَا قَالَ الْإِمَامُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَضَى الْعَمَلُ فِي سَائِرِ الْأَمْصَارِ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى وَرُوِيَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ بِزِيَادَةِ اللَّهُمَّ وَنُقْصَانِ الْوَاوِ وَاخْتَارَهُ أَشْهَبُ وَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ وَاخْتَارَهُ ش وَبِزِيَادَةِ الْوَاوِ فَقَطْ وَبِزِيَادَتِهِمَا وَهُوَ اخْتِيَارُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَبِنُقْصَانِهِمَا وَهُوَ اخْتِيَارُ ح وَمَعْنَى اللَّهُمَّ النِّدَاءُ وَمَعْنَى الْوَاوِ تَقْدِيرُ مَعْطُوفٍ عَلَيْهِ أَيْ لَكَ الْحَمْدُ وَلَكَ الْحَمْدُ فَيَصِيرُ الْكَلَامُ فِي مَعْنَى جُمْلَتَيْنِ وَمَعْنَى سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا عَنْ فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ دُعَاءً بِلَفْظِ الْخَبَرِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ تَقْدِيرُهُ اللَّهُمَّ اسْمَعْ لِمَنْ حَمِدَكَ وَعَبَّرَ بِالسَّمَاعِ عَنِ الْمُكَافَأَةِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا} أَي قد يجازيهم لِأَن علم الله تَعَالَى لَا يعلق عَلَى حَرْفِ قَدْ لِوُجُوبِ تَعَلُّقِهِ وَمَعْنَى مُوَافَقَةِ الْمَلَائِكَة فِيهِ خَمْسَة أَقْوَال النِّيَّة وَالْإِخْلَاص كَأَنَّهُ يَقُولُ مَنْ أَخْلَصَ فِي الْإِجَابَةِ كَأَنَّهُ يَقُولُ مَنِ اسْتُجِيبَ لَهُ فِي الْوَقْتِ فِي الْكَيْفِيَّةِ بِأَنْ يَدْعُوَ لِنَفْسِهِ وَلِلْمُسْلِمِينَ كَمَا تَفْعَلُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ بِكَوْنِهِ دُعَاءً فِي طَاعَةٍ لَا يُشَارِكُهَا شَيْءٌ مِنَ الدُّنْيَا قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى وَلَا يَقُلِ الْإِمَامُ اللَّهُمَّ

رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ وَهُوَ فِي الْكِتَابِ خِلَافًا ش وَعِيسَى بْنِ دِينَارٍ وَابْنِ نَافِعٍ لِاقْتِضَاءِ الْحَدِيثِ اخْتِصَاصَ الْإِمَامِ بِلَفْظٍ غَيْرِهِ وَيَقُولُهَا الْمُنْفَرِدُ خلافًا ح لِأَنَّهُمَا مِنْ سُنَّةِ الصَّلَاةِ وَلَمْ يُوجَدْ خَلْفَهُ مَنْ يَقُول فيقولهما وَكَرِهَ مَالِكٌ لِلْمَأْمُومِ الزِّيَادَةَ عَلَى رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ وَإِنْ كَانَ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ نَافِعٍ قَالَ كُنَّا نُصَلِّي يَوْمًا وَرَاءَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ قَالَ رجل وَرَاءه رَبنَا وَلَك الْحَمْدُ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ فَلَمَّا انْصَرَفَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ مَنِ الْمُتَكَلِّمُ آنِفًا؟ قَالَ الرَّجُلُ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَقَدْ رَأَيْتُ بِضْعَةً وَثَلَاثِينَ مَلِكًا يَبْتَدِرُونَهَا أَيُّهُمْ يَكْتُبُهَا أَوَّلًا قَالَ لِأَنَّ الْعَمَلَ عَلَى خِلَافِهِ السُّنَّةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقَالَ ش وَاجِبُةٌ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ وَوَافَقَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ فِي الْوُجُوبِ لَنَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي التَّشَهُّدِ فَإِذَا قُلْتَ هَذَا فَقَدَ تَمَّتْ صَلَاتُكَ وَلَمْ يَذْكُرِ الصَّلَاةَ حُجَّةُ ش قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ لَا تَجِبُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فتجنب فِي الصَّلَاة وَبِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ الصَّلَاةَ إِلَّا بِطَهُورٍ وَبِالصَّلَاةِ عَلَيَّ

وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْوُجُوبَ فِيمَا هُوَ أَعَمُّ مِنَ الْحَالَتَيْنِ وَهُوَ مُطْلَقُ الزَّمَانِ فَلَا تَتَعَيَّنُ الصَّلَاةُ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ السُّنَّةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ الِاعْتِدَالُ فِي الْفَصْلِ بَيْنَ الْأَرْكَانِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فَهَذِهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ سُنَّةً فِي الْجَوَاهِرِ وأضاف صَاحب الْمُقدمَات عشرا إِلَيْهَا الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ إِقَامَتُهَا فِي الْمَسَاجِدِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِمَا يَرْفَعُ اللَّهُ بِهِ الدَّرَجَاتِ وَيَمْحُو بِهِ السَّيِّئَاتِ إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عِنْدَ المكاره وَكَثْرَة الخطى إِلَى الْمَسَاجِدِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَلَا يُخْتَلَفُ فِي خُرُوجِ الْمُتَجَالَّةِ فِي الْجَنَائِزِ وَالْعِيدَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَلَا تَخْرُجُ الشَّابَّةُ إِلَّا فِي جِنَازَةِ أَهْلِهَا وَالْمَسْجِدِ عَلَى النُّدْرَةِ السُّنَّةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ الْأَذَانُ لَهَا سنة فِي مَسَاجِد الْجَمَاعَات والايمة حَيْثُ كَانُوا وَفَرْضٌ فِي جُمْلَةِ الْمِصْرِ السُّنَّةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ الْإِقَامَةُ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ السُّنَّةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ رَفْعُ الْيَدَيْنِ مَعَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَفِي الْجَوَاهِرِ وَالتَّلْقِينِ هِيَ فَضِيلَةٌ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَا أَعْرِفُهُ إِلَّا فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَهُوَ قَوْلُ ح قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ تَرْكَهُ مُطْلَقًا وَرُوِيَ عَنْهُ فِعْلُهُ فِي الْإِحْرَامِ وَالرَّفْعِ مِنَ الرُّكُوعِ وَفِي سَمَاعِ ابْنِ وَهْبٍ الْإِحْرَامُ وَالرُّكُوعُ وَالرَّفْعُ مِنَهُ وَهُوَ قَوْلُ ش وَابْن حَنْبَل وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ يَفْعَلُهُ مَعَ ذَلِكَ إِذَا قَامَ مِنِ اثْنَتَيْنِ فَهَذِهِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ وَجْهُ الْأَوَّلِ مَا فِي أَبِي دَاوُدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ

مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ أَلَا أُصَلِّي لَكُمْ صَلَاتَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَلَمْ يَرْفَعْ يَدَيْهِ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً وَكُلُّ مَنْ قَالَ بِالرَّفْعِ مَرَّةً وَاحِدَةً جَعَلَهَا فِي الْإِحْرَامِ وَلِأَنَّ التَّكْبِيرَ شُرِعَ فِي الصَّلَاةِ مَقْرُونًا بِحَرَكَاتِ الْأَرْكَانِ دُخُولًا وَخُرُوجًا وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ مَعَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ رُكْنٌ شُرِعَ مَعَهَا حَرَكَةُ الْيَدَيْنِ وَلِأَنَّ الرَّفْعَ يَشْغَلُ النَّفْسَ عَنِ الْخُشُوعِ فَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ فَيَقْتَصِرُ عَلَى الْأَوَّلِ وَجْهُ الثَّانِي أَنَّ الرَّفْعَ مَنْسُوخٌ بِمَا يُرْوَى عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ كُنَّا نَرْفَعُ أَيْدِيَنَا فِي الصَّلَاةِ فَمَرَّ بِنَا عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ مَا لِي أَرَاكُمْ رَافِعِي أَيْدِيكُمْ كَأَنَّهَا أَذْنَابُ خَيْلِ شَمْسٍ اسْكُنُوا فِي الصَّلَاةِ وَجْهُ الثَّالِثُ أَنَّ حَالَةَ الرَّفْعِ ابْتِدَاءُ حَالَةِ قِيَامٍ فَأَشْبَهَ الْأَوَّلَ وَجْهُ الرَّابِعِ مَا فِي الصَّحِيحِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ رَوَاهُ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا قَامَ فِي الصَّلَاةِ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى تَكُونَا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ حِينَ يُكَبِّرُ لِلرُّكُوعِ وَيَفْعَلُ ذَلِكَ إِذَا رفع رَأسه مِنْهُ وَيَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السُّجُودِ وَجْهُ الْخَامِسِ مَا فِي الْبُخَارِيِّ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَفْعَلُهُ وَرَفَعَهُ أَبُو دَاوُدَ وَطَرِيقُ الْجَمْعِ بَيْنَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ الْأَصْلَ وَبَقِيَّةُ الْأَحَادِيثِ تَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ وَكَذَلِكَ أَشَارَ إِلَيْهِ مَالِكٌ فِي النَّوَادِر ويحقق

ذَلِكَ عَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَأَمَّا حَدُّ الرَّفْعِ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ إِلَى الْمَنْكِبَيْنِ وَهُوَ الْمَشْهُور وَقَول ش وَابْنِ حَنْبَلٍ وَإِلَى الْأُذُنَيْنِ وَهُوَ قَوْلُ ح وَإِلَى الصَّدْرِ عِنْدَ سَحْنُونٍ وَجْهُ الْأَوَّلِ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ السَّابِقُ وَالثَّانِي فِي مُسْلِمٍ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَالثَّالِثُ فِي أَبِي دَاوُدَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَمَّا صِفَةُ الرَّفْعِ فَالَّذِي عَلَيْهِ الْعِرَاقِيُّونَ والباجي ش أَن تكون اليدان قائمتين يحاذى كَفَّاهُ مَنْكِبَيْهِ وَأَصَابِعُهُ أُذُنَيْهِ وَهِيَ صِفَةُ الرَّاغِبِ فَإِنَّ الرَّاغِبَ لِلشَّيْءِ يَبْسُطُ لَهُ يَدَيْهِ وَعِنْدَ سَحْنُونٍ ظُهُورُهُمَا إِلَى السَّمَاءِ وَبُطُونُهُمَا إِلَى الْأَرْضِ وَهِيَ صِفَةُ الرَّاهِبِ فَإِنَّ الْخَائِفَ مِنَ الشَّيْءِ يَنْقَبِضُ عَنْهُ وَقَدْ فُسِّرَ بِهِمَا قَوْله تَعَالَى {ويدعوننا رغبا ورهبا} وَقِيلَ رَجَاءَ الْخَيْرِ وَخَوْفًا مِنَ الشَّرِّ وَفِي التِّرْمِذِيِّ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ إِذَا كَبَّرَ نَشَرَ أَصَابِعَهُ مَدًّا وَجْهُ الثَّانِي الْحَدِيثُ الْوَارِدُ فِي الرَّفْعِ إِلَى الصَّدْرِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُتَصَوَّرُ غَالِبًا إِلَّا كَذَلِكَ قَالَ وَأَمَّا إِرْسَالُهُمَا فَلَمْ أَرَ لِأَصْحَابِنَا فِيهِ شَيْئًا وَقَالَ ش يُثْنِيهِمَا مَرْفُوعَتَيْنِ حَتَّى يَفْرُغَ مِنَ التَّكْبِيرِ قَالَ وَالظَّاهِرُ إِرْسَالُهُمَا حَالَةَ التَّكْبِيرِ لِيَكُونَ مُقَارِنًا لِلْحَرَكَةِ كَالْخَفْضِ وَالرَّفْعِ مُقَارِنًا لِلْحَرَكَةِ وَيُرْسِلُهُمَا بِوَقَارٍ وَلَا يَدْفَعُ بِهِمَا إِلَى قُدَّامٍ وَلَا يَقْبِضْهُمَا عِنْدَ الْإِرْسَالِ وَلَا يَخْبِطُ بِهِمَا لِمُنَافَاةِ

ذَلِكَ لِلْوَقَارِ وَيُسْتَحَبُّ كَشْفُهُمَا عِنْدَ الْإِحْرَامِ وَفِي أَبِي دَاوُدَ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا كَبَّرَ رَفَعَ يَدَيْهِ ثُمَّ الْتَحَفَ ثُمَّ أَخَذَ شِمَالَهُ بِيَمِينِهِ وَأَدْخَلَ يَدَيْهِ فِي ثَوْبِهِ السُّنَّةُ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ الْإِنْصَاتُ لِلْإِمَامِ فِيمَا يَجْهَرُ فِيهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} السُّنَّةُ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ رَدُّ السَّلَامِ عَلَى الْإِمَامِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْأَرْكَانِ السُّنَّةُ التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ تَأْمِينُ الْمَأْمُومِ عِنْدَ قَوْلِ الْإِمَامِ {وَلا الضَّالِّينَ} وَهِيَ فِي الْجَوَاهِرِ وَالتَّلْقِينِ فَضِيلَةٌ وَفِيهِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ الْقَصْرُ وَالْمَدُّ وَالْقَصْرُ مَعَ تَشْدِيدِ الْمِيمِ وَقِيلَ هُوَ عِبْرَانِيٌّ عَرَّبَتْهُ الْعَرَبُ وَبَنَتْهُ عَلَى الْفَتْحِ وَقِيلَ عَرَّبَتْهُ اسْمًا لِلَّهِ تَعَالَى وَنُونُهُ مَضْمُومَةٌ عَلَى النِّدَاءِ تَقْدِيرُهُ يَا آمِينَ اسْتَجِبْ لَنَا دُعَاءَنَا وَقِيلَ عَرَبِيٌّ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ اسْمٌ لِطَلَبِ الْإِجَابَةِ كَسَائِرِ أَسْمَاءِ الْأَفْعَالِ وَاشْتِقَاقُهُ مِنَ الْأَمَانِ بِمَعْنَى اسْتِجَابَةِ دُعَائِنَا وَالْمَدُّ هُوَ الْمَشْهُورُ فِي السُّنَّةِ وَاللُّغَةِ شَاهِدُ الْقَصْرِ (تَبَاعَدَ مني فطحلا إِذْ سَأَلته ... أَمِين فَزَاد الله فِي بَيْنِنَا بُعْدًا) شَاهِدُ الْمَدِّ (وَيَرْحَمُ اللَّهُ عَبْدًا قَالَ آمِينَا ... ) وَالْأَوَّلُ مَحْمُولٌ عَلَى الْقَصْرِ لِلضَّرُورَةِ قَالَ فِي الْكتاب لَا يقل آمِينَ وَلْيَقُلْ مَنْ خَلْفَهُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ يُرِيدُ فِي الْجَهْرِ وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي النَّوَادِر

وَلَا يَقُوله الْإِمَامُ إِلَّا فِي السِّرِّ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْوَاضِحَة يَقُوله مُطلقًا وَهُوَ قَول ش ح وَابْنِ حَنْبَلٍ وَفِي التَّبْصِرَةِ لِابْنِ بُكَيْرٍ هُوَ مُخَيَّرٌ فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ وَجْهُ الْأَوَّلِ مَا فِي الْمُوَطَّأِ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا قَالَ الْإِمَامُ {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} فَقُولُوا آمِينَ فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ الْمَلَائِكَةَ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَفِي الْمُوَافَقَةِ مَا تَقَدَّمَ فِي سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَلِأَنَّ الْإِمَامَ دَاعٍ فَيَكُونُ الْمَأْمُومُ هُوَ الْمُؤَمِّنُ عَلَى سُنَّةِ الدُّعَاءِ وَجْهُ الثَّانِي مَا فِي الصِّحَاحِ إِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَفِي أَبِي دَاوُدَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ آمِينَ حَتَّى يَسْمَعَ من فِي الصَّفّ الأ , ل وَلِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلْقِرَاءَةِ وَالْإِمَامُ قَارِئٌ وَجْهُ الثَّالِثِ تَعَارُضُ الْأَدِلَّةِ تَفْرِيعٌ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْفَذَّ يُؤَمِّنُ قَالَ وَإِذَا قُلْنَا يُؤمن قَالَ وَإِذا قُلْنَا يُؤمن الْمَأْمُون قَالَ مَالِكٌ فَمَنْ لَا يَسْمَعُ الْإِمَامَ لَا يُؤَمِّنُ لِأَنَّهُ إِجَابَةٌ وَالْإِجَابَةُ فَرْعُ السَّمَاعِ وَفِي الْبَيَانِ قَالَ مَالِكٌ لَيْسَ عَلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْ أَنْ يُؤَمِّنَ وَظَاهِرُهُ لَهُ ذَلِكَ قَالَ وَيَتَحَرَّى الْوَقْتَ كَمَا يَتَحَرَّى الْمَرِيضُ لِرَمْيِ الْجَمْلَدِ فَيُكَبِّرُ وَذَهَبَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدُوسٍ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَذَهَبَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ إِلَى أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ قَالَ وَهُوَ أَظْهَرُ لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ مَمْنُوعٌ مِنَ الْكَلَامِ وَالتَّأْمِينُ كَلَامٌ أُقِيمَ فِي مَوْضِعِهِ وَعِنْدَ التَّحَرِّي قَدْ يُخْطِئُ قَالَ فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ وَإِذا قُلْنَا يُؤمن الإِمَام قَالَ الْبَاجِيّ لَا يَجْهَرُ بِهِ قَالَ وَهُوَ الْأَرْجَحُ لِأَنَّهُ دُعَاء

وَالْأَصْلُ فِي الدُّعَاءِ الْخُفْيَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {ادْعُوا ربكُم تضرعا وخفية} {وَاذْكُر رَبك فِي نَفسك تضرعا وخفية} وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ يَجْهَرُ لِيُقْتَدَى بِهِ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ وَنَحْنُ نَحْمِلُهُ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ لَا لِمَشْرُوعِيَّةِ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ التَّقْدِيرِ السُّنَّةُ الْعِشْرُونَ قَوْلُ الْمَأْمُومِ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ وَهِيَ فِي الْجَوَاهِرِ وَالتَّلْقِينِ فَضِيلَةٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا السّنة الْحَادِيَة وَالْعشْرُونَ لِلْمَرْأَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ النَّافِلَةِ السُّنَّةُ الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ التَّسْبِيحُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَهِيَ فِي الْجَوَاهِرِ وَالتَّلْقِينِ فَضِيلَةٌ وَقَالَ فِي الْكِتَابِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَلَا مُوَقَّتٍ وَأَنْكَرَ التَّحْدِيد وَهُوَ قَول ش وح وَأَوْجَبَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ كَمَا أوجب التَّكْبِير فِي الرُّكُوع وَالسُّجُود وَرب اغْفِرْ لِي بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَسَبِّحْ باسم رَبك الْعَظِيم} وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ وَفِي أَبِي دَاوُدَ لَمَّا نَزَلَتْ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ اجْعَلُوهَا فِي رُكُوعِكُمْ فَلَمَّا نزلت {سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى} قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكُمْ لنا حَدِيث الْأَعرَابِي المسئ لِصَلَاتِهِ عَلَّمَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْوَاجِبَاتِ فَلَوْ كَانَ التَّسْبِيح وَاجِبا لذكره وَأما إِنْكَاره مَالك للتحديد فقد حدده ابْن حَنْبَل سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيم ثَلَاثًا وَسُبْحَان رَبِّي

الْأَعْلَى ثَلَاثًا وَاسْتَحَبَّ ش ذَلِكَ ثَلَاثًا وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَقُولُ الْإِمَامُ خَمْسًا حَتَّى يَلْحَقَ الْمَأْمُومَ ثَلَاثًا لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا رَكَعَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ وَذَلِكَ أَدْنَاهُ وَإِذَا سَجَدَ فَلْيَقُلْ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَذَلِكَ أَدْنَاهُ وَهُوَ مُعَارِضٌ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَوَرَدَتْ أَذْكَارٌ مُخْتَلِفَةٌ غَيْرُ هَذَا وَذَلِكَ يَمْنَعُ التَّحْدِيدَ وَالْوُجُوبَ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ بَعْدَ عَدِّهِ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سُنَّةً وَأَسْقَطَ بعض مَا عده غَيره فَمن هَذِه ثَمَان سُنَنٍ مُؤَكَّدَاتٍ يَسْجُدُ لِسَهْوِهِنَّ وَتُعَادُ الصَّلَاةُ لِتَرْكِهِنَّ عَمْدًا أَبَدًا عَلَى الْخِلَافِ فِي تَرْكِ السُّنَنِ عَمْدًا وَهِيَ السُّورَةُ وَالْجَهْرُ وَالْإِسْرَارُ وَالتَّكْبِيرُ وَسَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَالتَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ وَالْجُلُوسُ لَهُ وَالتَّشَهُّد الْأَخير وَمَا عدا هَذِه الثَّمَانِية فَلَا فَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْفَضَائِلِ إِلَّا فِي تَأْكِيدِ الطَّلَبِ الشَّرْعِيِّ إِلَّا الْقِنَاعَ لِلْمَرْأَةِ فَإِنَّ الصَّلَاةَ تُعَادُ لِتَرْكِهِ فِي الْوَقْتِ

(الباب السادس في فضائل الصلاة)

(الْبَاب السَّادِس فِي فَضَائِل الصَّلَاة) قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَهِيَ سَبْعَ عَشْرَةَ جَعْلُ الرِّدَاءِ عَلَى الْمَنْكِبِ وَالتَّيَامُنُ فِي السَّلَامِ وَقِرَاءَةُ الْمَأْمُومِ مَعَ الْإِمَامِ فِي السِّرِّ وَإِطَالَةُ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاة الصُّبْح وَالظّهْر وَفِي الْجلاب إِذا ابْتَدَأَ قَصِيرَةً قَطَعَهَا وَشَرَعَ فِي طَوِيلَةٍ وَفِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قَرَأَ الْبَقَرَة فِي صَلَاة الصُّبْح وَأَن عمر رَضِي الله عَنهُ قَرَأَ يُوسُف وَالْحج فِي رَكْعَتي الصُّبْح وَأَن القرافصة بْنَ عُمَيْرٍ قَالَ مَا أَخَذْتُ سُورَةَ يُوسُفَ إِلَّا مِنْ قِرَاءَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ إِيَّاهَا فِي الصُّبْحِ مِنْ كَثْرَةِ مَا كَانَ يُرَدِّدُهَا ذَكَرَ هَذَا مَالِكٌ لِيَدُلَّ أَنَّ الْعَمَلَ يَقْتَضِي ذَلِكَ مَعَ أَنَّ فِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَام قَرَأَ {إِذا زلزلت} فِي رَكْعَتي الصُّبْح وَفِي رِوَايَة بالمعوذتين وَفِي

الْجَوَاهِرِ يَقْرَأُ فِي الصُّبْحِ بِطِوَالِ الْمُفَصَّلِ وَمَا زَادَ عَلَيْهَا بِقَدْرِ مَا يَحْمِلُهُ التَّغْلِيسُ وَلَا يبلغ بهَا الْإِسْفَار وَالظّهْر دونهَا ويخفف فِي الْمغرب وَالْعصر تَلِيهَا وَالْعشَاء بَين المنزلتين وَقَالَ ش ح وَأَشْهَبُ يُسَوِّي الظُّهْرَ بِالصُّبْحِ وَالْمُدْرِكُ فِي ذَلِكَ الْعَمَلَ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ الصُّبْحَ رَكْعَتَانِ فَقَط وتدرك النَّاس أَكْثَرهم نيام فيمد فِيهَا حَتَّى يُدْرِكهَا الْمَسْبُوق فَفِي الحَدِيث من شهد صَلَاة الصُّبْح فَكَأَنَّمَا قَامَ لَيْلَة بالتطويل يَحْصُلُ لِلْمَسْبُوقِ هَذِهِ الْفَضِيلَةُ وَالظُّهْرُ يُدْرِكُ النَّاسَ مُسْتَيْقِظِينَ وَعَدَدُهَا أَرْبَعٌ فَهَذَا يَقْتَضِي عَدَمُ الْإِطَالَةِ وَكَوْنُهُ فِي وَقْتِ فَرَاغٍ مِنَ الْأَعْمَالِ لِلتَّخَلِّي لِلْقَائِلَةِ وَالْأَغْذِيَةِ يَقْتَضِي التَّطْوِيلَ فَكَانَتْ دُونَ الصُّبْحِ وَأَمَّا الْعَصْرُ فَتَأْتِي فِي وَقْتِ شُغْلٍ وَالْمَغْرِبُ وَقْتُهَا ضَيِّقٌ بِخِلَافِ غَيْرِهَا قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَهُمَا يَسْتَوِيَانِ فِي الْقِرَاءَةِ عِنْدَ مَالِكٍ مَعَ أَنَّهُ قَدْ وَرَدَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يقْرَأ بِالطورِ فِي الْمَغْرِبِ ثُمَّ مَا صَلَّى بَعْدَهَا حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ وَفِي أَبِي دَاوُدَ بِالْأَعْرَافِ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ مَا مِنَ الْقُرْآنِ شَيْءٌ إِلَّا وَقَدْ سَمِعْتُهُ عَلَيْهِ السَّلَام يؤم النَّاس بِهِ فَكَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُخَالِفُ عَادَتَهُ لِيُعَلِّمَ النَّاسَ ذَلِكَ وَقَدْ أَنْكَرَ الْعُلَمَاءُ وَمَالِكٌ عَلَى مَنْ يَقْتَصِرُ على

بَعْضِ الْقُرْآنِ وَلَوْ كَانَ أَفْضَلَ مِنْ غَيْرِهِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْزَلَ الْقُرْآنَ لِيُخَافَ مِنْ وَعِيدِهِ وَيُرْجَى وَعْدُهُ وَيُتَأَدَّبَ بِقَصَصِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُتْلَى جَمِيعُهُ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ كَرِهَ مَالِكٌ تكْرَار قِرَاءَة {قل هُوَ الله أحد} فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ لِلَّذِي يَحْفَظُ الْقُرْآنَ لِئَلَّا يعْتَقد أَن أجر قرائتها ثَلَاثِ مَرَّاتٍ مِثْلَ أَجْرِ جُمْلَةِ الْقُرْآنِ مُتَأَوِّلًا لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّهَا تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ فَقَالَ إِذْ لَيْسَ ذَلِكَ مَعْنَى الْحَدِيثِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ بَلْ لَهُ مَعَانٍ كَثِيرَةٍ عِنْدَهُمْ أَحْسَنُهَا أَنْ أَجْرَهَا مُضَاعَفٌ يَعْدِلُ أَجْرَ ثُلُثِ الْقُرْآنِ غَيْرَ مُضَاعَفٍ فَائِدَةٌ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ الْمُفَصَّلُ كُلُّهُ مَكَّيٌّ وَأَوَّلُهُ قِيلَ الْحُجُرَاتُ وَقِيلَ ق وَهُوَ الصَّحِيح لِأَن الحجرات مَدَنِيَّة وَقيل الرحمان قَالَ وَكَرِهَ مَالِكٌ إِظْهَارَ الْهَمْزَةِ فِي قِرَاءَةِ الصَّلَاةِ وَاسْتَحَبَّ التَّسْهِيلَ عَلَى رِوَايَةِ وَرْشٍ لِأَنَّهُ لُغَتُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ وَكَذَلِكَ التَّرْقِيقُ وَالتَّفْخِيمُ وَالروم والإشمام وَغير ذَلِك من مَعَانِي الْقِرَاءَةِ قَالَ وَتَقْصِيرُ الْجِلْسَةِ الْأُولَى وَالتَّأْمِينُ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ لِلْفَذِّ وَالْإِمَامِ فِيمَا يُسِرُّ فِيهِ وَقَوْلُ الْفَذّ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ وَصِفَةُ الْجُلُوسِ وَالْإِشَارَةُ فِيهِ بِالْأُصْبُعِ وَقِيَامُ الْإِمَامِ مِنْ مَوْضِعِهِ سَاعَةَ يُسَلِّمُ وَالسُّتْرَةُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ على مَوضِع الْأَمْن من الْمُرُور بِوُجُوبِهَا فِي غَيْرِهِ قَالَ وَاعْتِدَالُ الصُّفُوفِ وَتَرْكُ الْبَسْمَلَةِ وَوَضْعُ الْيَدَيْنِ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى حَالَةَ الْقِيَامِ وَقد كرهه فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ كَرَاهَةَ

أَنْ يُعَدَّ مِنَ الْوَاجِبَاتِ وَقَالَ فِي الْكِتَابِ أَكْرَهُهُ فِي الْفَرِيضَةِ بِخِلَافِ طُولِ الْقِيَامِ فِي النَّوَافِلِ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ وَأَبُو الْوَلِيدِ رِوَايَةُ ابْنُ الْقَاسِمِ مَحْمُولَةٌ عَلَى الِاعْتِمَادِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ فِيهِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ الْكَرَاهَةُ فِي الْفَرْضِ رِوَايَةُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْإِبَاحَةُ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفْلِ رِوَايَةُ أَشْهَبَ وَالِاسْتِحْبَابُ فِيهِمَا رِوَايَةُ مطرف وَهُوَ مَذْهَب ش ح وَابْن حَنْبَل وَهُوَ فِي الصِّحَاح عَنهُ عَلَيْهِ السَّلَام وَفِي الْمُوَطَّأِ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ من كَلَام النُّبُوَّة إِذا لم تَسْتَحي فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ وَوَضْعُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى فِي الصَّلَاةِ قَالَ وَاخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِهِ فَقَالَ الْبَاجِيُّ يَقْبِضُ يُمْنَاهُ عَلَى الْمِعْصَمِ وَالْكُوعِ مِنَ الْيُسْرَى وَلَا يَعْتَمِدُ عَلَيْهَا وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ يَقْبِضُ عَلَى أَصَابِعِ الْيُسْرَى وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ لَا يَقْبِضُ عَلَى شَيْءٍ بَلْ يَضَعُ كَفَّهُ الْيُسْرَى مبسوطة وكفه الْيُمْنَى عَلَيْهَا وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَقْبِضُ بِكَفِّهِ الْيُمْنَى كَفَّهُ الْيُسْرَى وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَضَعُ كَفَّهُ عَلَى كَفِّهِ وَيَقْبِضُ بِالْخِنْصَرِ وَالْبِنْصَرِ وَالْإِبْهَامِ عَلَى رُسْغِهِ وَيَمُدُّ الْوُسْطَى وَالسَّبَّابَةَ عَلَى ذِرَاعِهِ الْيُسْرَى وَاخْتُلِفَ فِي مَوْضِعِهِمَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ غَيْرُ مَحْدُودٍ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ تَحْتَ الصَّدْرِ وَفَوْقَ السُّرَّةِ وَهُوَ ظَاهِرُ حَدِيثِ الْمُوَطَّأِ وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ يَضَعُهُمَا تَحْتَ السُّرَّةِ وَهُوَ فِي أَبِي دَاوُدَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَرُوِيَ عَنْ ش فَوْقَ النَّحْرِ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ

عَنْهُ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وانحر} أَنَّهُ ذَلِكَ قَالَ وَالصَّلَاةُ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ مَا تُنْبِتُهُ وَالصَّلَاةُ فِي جَمَاعَةٍ لِلرَّجُلِ فِي نَفْسِهِ وَهِيَ سُنَّةٌ فِي الْمَسَاجِدِ وَفَرِيضَةٌ فِي الْجُمْلَة وَأَمَّا النِّسَاءُ فَقَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ أَمَّا الْمُتَجَالَّاتِ فَلَا خِلَافَ فِي خُرُوجِهِنَّ لِلْمَسَاجِدِ وَالْأَعْيَادِ وَغَيْرِهَا وَأَمَّا الشَّابَّةُ فَلَا تَخْرُجُ إِلَّا فِي النُّدْرَةِ وَفِي جَنَائِزِ أَهْلِهَا وَعَلَى الْإِمَامِ مَنْعُهُنَّ وَفِي الْحَدِيثِ عَنهُ عَلَيْهِ السَّلَام مَا تركت بعدِي قتنة أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ وَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لَوْ أَدْرَكَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا أحدثه النِّسَاءُ لَمَنَعَهُنَّ الْمَسَاجِدَ كَمَا مُنِعَ نِسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَالَ وَالنِّسَاءُ أَرْبَعٌ فَانِيَةٌ فَهِيَ كَالرَّجُلِ وَمُتَجَالَّةٌ فَلَا تُكْثِرُ التَّرَدُّدُ وَشَابَّةٌ تَخْرُجُ عَلَى النُّدْرَةِ وَفَائِقَةٌ لَا خِمَارَ لَهَا لَا تَخْرُجُ أَلْبَتَّةَ وَالْقُنُوتُ وَأَصْلُهُ فِي اللُّغَةِ الطَّاعَةُ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {والقانتين والقانتات} وَيُطْلَقُ عَلَى طُولِ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ وَفِي الْحَدِيثِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ طُولُ الْقُنُوتِ وَعَلَى الصَّمْتِ وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {وَقومُوا لله قَانِتِينَ} وَعَلَى الدُّعَاءِ وَمِنَهُ قُنُوتُ الصُّبْحِ وَهُوَ عِنْدُنَا وَعند ش ح مَشْرُوعٌ خِلَافًا لِابْنِ حَنْبَلٍ وَفِي الصُّبْحِ عندنَا وَعند ش خلافًا ح فِي تَخْصِيصِهِ إِيَّاهُ بِالْوِتْرِ وَفِي الْجُلَّابِ لِمَالِكٍ فِي الْقُنُوتِ فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ رِوَايَتَانِ لَنَا مَا سَنَذْكُرُهُ مِنَ الْأَحَادِيثِ أجَاب ابْن حَنْبَل

فحملها عَلَى نَوَازِلَ كَانَتْ تَنْزِلُ بِالْمُسْلِمِينَ وَالْحُكْمُ يَنْتَفِي لِانْتِفَاءِ سَبَبِهِ جَوَابُهُ مَنْعُ التَّعْلِيلِ بِخُصُوصِ تِلْكَ الْوَقَائِعِ بَلْ لِمُطْلَقِ الْحَاجَةِ لِدَرْءِ الشُّرُورِ وَجَلْبِ الْخُيُورِ وَهُوَ أَوْلَى لِعُمُومِهِ فَيَجِبُ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ وَهَذِهِ الْعِلَّةُ بَاقِيَةٌ فَيَدُومُ الْحُكْمُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا قَنَتَ قَبْلَ الرُّكُوعِ لَا يُكَبِّرُ خِلَافًا لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ وَقَبْلَ الرُّكُوعُ وَبَعْدَهُ وَاسِعٌ وَالَّذِي آخذ بِهِ فِي نَفسِي قبل خلافًا ش وَكَانَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقْنُتُ قَبْلُ وَعُمَرُ وَأَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقْنُتَانِ بَعْدُ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ سُئِلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَهْوَ قَبْلُ أَمْ بَعْدُ فَقَالَ مَحِلُّ الْقُنُوتِ قَبْلُ زَادَ الْبُخَارِيُّ قِيلَ لِأَنَسٍ إِنَّ فَلَانَا يُحَدِّثُ عَنْكَ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَنَتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ قَالَ كَذَبَ فُلَانٌ وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ قَنَتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ شَهْرًا وَوَافَقَ ش فِي الْوِتْرِ أَنَّ قُنُوتَهُ قَبْلُ وَلِأَنَّهُ قَبْلُ يَحْصُلُ لِلْمَسْبُوقِ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ وَقَالَ فِي الْكِتَابِ لَا تَوْقِيتَ فِيهِ وَلَا يَجْهَرُ أَمَّا عَدَمُ التَّحْدِيدِ فَلِأَنَّهُ وَرَدَ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ وَأَمَّا عَدَمُ الْجَهْر فقياسا على سَائِر الْأَدْعِيَة وروى ابْنِ وَهْبٍ أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَّمَ النَّبِيَّ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَعِينُكَ وَنَسْتَغْفِرُكَ وَنُؤْمِنُ بِكَ وَنَخْنَعُ لَكَ وَنَخْلَعُ وَنَتْرُكُ مَنْ يَكْفُرُكَ اللَّهُمَّ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَلَكَ نُصَلِّي وَنَسْجُدُ وَإِلَيْكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ نَرْجُو رَحْمَتَكَ وَنَخَافُ عَذَابَكَ الْجِدَّ إِنَّ عذابك بالكافرين مُلْحِقٌ وَإِنَّ هَذَا بَعْدَ مَا كَانَ يَدْعُو عَلَى مُضَرَ إِذْ جَاءَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَأَوْمأ إِلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنِ اسْكُتْ فَسَكَتَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْكَ سَبَّابًا وَلَا لَعَّانًا إِنَّمَا بَعْثَكَ رَحْمَةً وَلم

يَبْعَثْكَ عَذَابًا {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} ثُمَّ عَلَّمَهُ الْقُنُوتَ وَفِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَّمَ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ فِي الْقُنُوتِ اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ إِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ وَأَنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ وَيُرْوَى أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَقْنُتُ فِي الْوِتْرِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ فَوَائِدُ نَخْنَعُ مَعْنَاهُ نَتَوَاضَعُ وَمِنَهُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّ أَخْنَعَ الْأَسْمَاءِ عِنْدَ الله رجل يُسمى بشاه وَنَخْلَعُ مَعْنَاهُ مِنْ ذُنُوبِنَا وَنَحْفِدُ مَعْنَاهُ نُعَاضِدُ عَلَى طَاعَتِكَ وَمِنَهُ حَفَدَةُ الْأَمِيرِ أَيْ أَعْوَانُهُ وَأَبْنَاءُ الْأَبْنَاءِ يُسَمَّوْنَ حَفَدَةً لِذَلِكَ وَقَوْلُهُ قِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ مَعَ أَنَّ الْقَضَاءَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَقَعَ غَيْرُهُ مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُقَدِّرُ الْمَكْرُوهَ بِشَرْطِ عَدَمِ دُعَاءِ الْعَبْدِ المستجاب فَإِذا اسْتَجَابَ دعاءه لم يَقع المفضي لفَوَات شَرطه وَلَيْسَ هُوَ رد لِلْقَضَاءِ الْمُبْرَمِ وَمِنْ هَذَا الْبَابِ

صِلَةُ الرَّحِمِ تَزِيدُ فِي الْعُمْرِ وَالرِّزْقِ وَقَوْلُهُ أعوذ برضاك يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَعَاذُ بِهِ قَدِيمًا لِامْتِنَاعِ الاستجارة بالحوادث ورضى اللَّهِ تَعَالَى إِمَّا إِرَادَةُ الْإِحْسَانِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الرَّحْمَةِ عَلَى رَأْيِ الْأَشْعَرِيِّ أَوِ الْإِحْسَانُ نَفْسُهُ عَلَى رَأْيِ الْقَاضِي وَالْأَوَّلُ مُتَعَيَّنٌ لقدمه وَكَذَلِكَ قَوْله بمعافاتك من عُقُوبَتك وَقَوْلُهُ أَعُوذُ بِكَ مِنْكَ كَيْفَ تَصِحُّ الِاسْتِعَاذَةُ مِنَ الْقَدِيمِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إِلَّا مِنْ حَادِثٍ وَجَوَابُهُ أَنَّ قَوْلَهُ مِنَكَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ تَقْدِيرُهُ مِنْ مَكْرُوهَاتِكَ لِيَعُمَّ مَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا وَمَا لَمْ يَعْلَمْهُ وَقَوْلُهُ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ مُشْكِلٌ مِنْ جِهَةِ الْعَرَبِيَّةِ وَالْمَعْنَى مِنْ جِهَةِ تَشْبِيهِ الذَّاتِ بِالثَّنَاءِ وَجَوَابُهُ أَنَّ ثُمَّ مُضَافًا مَحْذُوفًا فِي الْأَوَّلِ تَقْدِيره ثناؤك اللَّائِق ثَنَاؤُكَ عَلَى نَفْسِكَ فَرْعٌ قَدْ أَلْحَقَ فِي الْكِتَابِ الدُّعَاءَ بِالْقُنُوتِ وَكَرِهَهُ فِي الرُّكُوعِ بِخِلَافِ السُّجُودِ وَالْقِيَامِ وَالْجُلُوسِ بِحَوَائِجَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَجَازَ الذِّكْرَ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ أجَاز مَالك وش الدُّعَاءَ بِجَمِيعِ الْحَوَائِجِ وَقَالَ ح لَا يُدْعَى إِلَّا بِمَا فِي الْقُرْآنِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ مِمَّا لَا يسئل بِهِ النَّاسُ فَإِنْ قَالَ أَطْعِمْنِي أَوْ زَوِّجْنِي فَسَدَتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ الْكَلَامِ كَرَدِّ السَّلَامِ وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ وَالشِّعْرِ الْمِنَظُومِ دُعَاءً أَوْ ثَنَاءً فَإِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ يُفْسِدُ الصَّلَاةَ لَنَا مَا فِي

الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَّمَهُمُ التَّشَهُّدَ إِلَى قَوْله أشهد أَلا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ قَالَ ثُمَّ لِيَخْتَرْ مِنَ الْمَسَائِلِ مَا شَاءَ وَهَذَا عَامٌّ وَالْجَوَابُ عَمَّا ذَكَرُوهُ أَنَّ تِلْكَ الْأُمُورَ يُعَدُّ الْإِنْسَانُ بِهَا فِي الْعُرْفِ غَيْرَ مُصَلٍّ لِمُبَايَنَتِهَا لِنِظَامِ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ الدُّعَاءِ وَلِأَنَّهُ مِنْ فِعْلِ السَّلَفِ قَالَ عُرْوَةُ إِنِّي لَأَدْعُو اللَّهَ فِي حَوَائِجِي كُلِّهَا حَتَّى فِي الْمِلْحِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ مَالِكٌ إِلَّا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ التَّأَدُّبُ فَلَا يَقُلْ اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي وَهُوَ كَثِيرُ الدَّرَاهِمِ وَلْيَدْعُ بِدُعَاءِ الصَّالِحِينَ وَبِمَا فِي الْقُرْآن قيل لَهُ فيدعو قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَلَا يَدْعُو فِي الْقِيَامِ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ وَلَا فِي أَثْنَاءِ الْفَاتِحَةِ فِي الْمَكْتُوبَةِ بِخِلَافِ النَّافِلَةِ فَإِنَّهَا مُشْتَمِلَةٌ عَلَى الدُّعَاءِ فَهِيَ أَوْلَى وَيَدْعُو بَعْدَ فَرَاغِهَا إِنْ أَحَبَّ وَقَدْ دَعَا الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَعْدَهَا بقوله {رَبنَا لَا تزغ قُلُوبنَا} الْآيَةَ وَيَدْعُو بَعْدَ الرَّفْعِ مِنَ الرُّكُوعِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ إِنْ أَحَبَّ وَأَوْجَبَ ابْنُ حَنْبَلٍ الدُّعَاءَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ بِقَوْلِهِ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي وَيَدْعُو بَعْدَ التَّشَهُّدِ وَيُكْرَهُ قَبْلَهُ وَأَمَّا غَيْرُ الدُّعَاءِ مِنَ الثَّنَاءِ وَالذِّكْرِ الْحَسَنِ فَالْقُرْآنُ أَوْلَى مِنَهُ تِلَاوَةً وَسَمَاعًا وَقَدْ كَرِهَ مَالِكٌ لِلْمَأْمُومِ سُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا فَإِنْ فَعَلَ فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ وَأَجَازَ فِي الْكِتَابِ الدُّعَاءَ عَلَى الظَّالِمِ لِمَا فِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ حِينَ رَفَعَ مِنَ الرُّكُوعِ غِفَارٌ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا وَأَسْلَمُ سَالَمَهَا اللَّهُ وَعَصِيَّةُ عَصَتِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ اللَّهُمَّ الْعَنْ بَنِي لَحْيَانَ وَالْعَنْ رَعْلًا وَذَكْوَانَ ثُمَّ سَجَدَ وَفِي النَّوَادِرِ إِنْ قَالَ يَا فُلَانُ اللَّهُمَّ افْعَلْ

بِهِ كَذَا قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بَلْ يَقُولُ افْعَلْ بِفُلَانٍ وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَمَا عَلِمْتُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِنَا قَالَهُ غَيْرُهُ وَقَدْ بَقِيَ مِنَ الْمِنَدُوبَاتِ آدَابُ الْقُلُوبِ فَمِنْهَا الْخُشُوعُ وَهُوَ اتِّصَافُ الْقَلْبِ بِالذِّلَّةِ وَالِاسْتِكَانَةِ وَالرَّهَبِ بَيْنَ يَدَيِ الرَّبِّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَقد أَفْلح الْمُؤْمِنُونَ الَّذين هم فِي صلَاتهم خاشعون} وَالْخُشُوعُ أَفْضَلُ أَوْصَافِ الصَّلَاةِ وَلِذَلِكَ أَمَرَنَا بِالْمَشْيِ إِلَيْهَا بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ مَعَ تَفْوِيتِ الِاقْتِدَاءِ وَالْمُبَادَرَةِ إِلَى الطَّاعَة وَحُضُور الْأَشْغَالِ الْمَانِعَةِ مِنَهُ وَمَا تُؤَخَّرُ جُمْلَةُ الصَّلَاةِ لَهُ إِلَّا وَهُوَ مِنْ أَفْضَلِ صِفَاتِهَا وَمِنْهَا الْفِكْرَةُ فِي مَعَانِي الْأَذْكَارِ وَالْقِرَاءَةِ فَإِنْ كَانَتْ دَالَّةً عَلَى تَوَكُّلٍ تَوَكَّلَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى الْحيَاء اسْتَحْيَا مِنَهُ أَوْ عَلَى التَّعْظِيمِ عَظَّمَهُ أَوِ الْمَحَبَّةِ أَحَبَّهُ أَوِ الْإِجَابَةِ أَجَابَهُ أَوْ زَجْرٍ عَزَمَ عَلَى تَرْكِ الْمُخَالَفَةِ وَلَا يَشْتَغِلُ عَنِ الْفِكْرَةِ فِي آيَةٍ بِالْفِكْرِ فِي آيَةٍ أُخْرَى وَإِنْ كَانَتْ أَفْضَلَ لِمَا فِيهِ مِنْ سُوءِ أَدَبِ الْمُنَاجَاةِ وَالْإِعْرَاضِ عَنِ الرَّبِّ بِالْقَلْبِ الَّذِي هُوَ أَفْضَلُ أَجْزَاءِ الْإِنْسَانِ وَلِذَلِكَ هُوَ أَقْبَحُ مِنَ الْإِعْرَاضِ عَنْهُ بِالْجَسَدِ وَلِذَلِكَ قَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَيَشْغَلُنِي عَنِ الْقِرَاءَةِ بِذِكْرِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ فَجَعَلَهُ مِنَ الشَّيْطَانِ وَإِنْ كَانَ قُرْبَةً عَظِيمَةً فَهَذِهِ هِيَ الصَّلَاةُ النَّاهِيَةُ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَتَكُونُ اللَّامُ فِيهَا لِلْكَمَالِ كَمَا هِيَ فِي صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا قَالَ سِيبَوَيْهِ وَهِيَ مُنَاسِبَةٌ لِذَلِكَ فَإِنَّ الْقَلْبَ إِذَا اتَّصَفَ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ فِي الصَّلَاةِ كَانَ إِذا تخَلّل مِنْهَا قَرِيبُ الْعَهْدِ بِذِكْرِ الزَّوَاجِرِ عَنِ الْقَبَائِحِ فَلَا يُلَابِسُهَا وَالْمَرْغُوبَاتِ فِي الْمَدَائِحِ فَلَا يُفَارِقُهَا

فَرْعٌ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَقَدْ وَرَدَ التَّرْغِيبُ فِي الذِّكْرِ بَعْدَ السَّلَامِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِذَا فرغت فانصب وَإِلَى رَبك فارغب} قِيلَ انْصَبْ فِي الدُّعَاءِ وَارْغَبْ إِلَيْهِ فِي الْحَاجَاتِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ سَبَّحَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَحَمِدَ اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَكَبَّرَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ فَذَلِكَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ وَقَالَ تَمَامَ الْمِائَةِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٍ حُطَّتْ خَطَايَاهُ وَلَوْ كَانَتْ مِثْلَ زبد الْبَحْر

(الباب السابع في الإمامة)

(الْبَابُ السَّابِعُ فِي الْإِمَامَةِ) وَالْإِمَامَةُ فِي اللُّغَةِ الِاقْتِدَاءُ وَالْإِمَامُ الْمُقْتَدَى بِهِ وَالْإِمَامُ خَشَبَةُ الْبِنَاءِ الَّتِي يَتْبَعُهَا فِي اسْتِقَامَةِ أَعْمَالِهِ وَقِيلَ أَصْلُ إِمَامٍ الِاقْتِدَاءُ مِنْهَا تَشْبِيهًا بِهَا وَالْمَأْمُومُ الْمُقْتَدِي وَالْمَأْمُومُ مَنْ شُجَّ فِي رَأْسِهِ فَوُصِلَتْ إِلَى أُمِّ دِمَاغِهِ وَفِي الْبَابِ تِسْعَةُ فُصُولٍ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي شُرُوطِ الْإِمَامَةِ وَهِيَ سَبْعَةٌ الشَّرْطُ الأول الْإِسْلَام لقَوْله عَلَيْهِ السَّلَام أيمتكم شفعاؤكم فَاخْتَارُوا بِمن تستشفعون وَهَذَا يدل ثَلَاثَة أوجه الأول وَصفه

بِالشَّفَاعَةِ وَالشَّفِيعُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَقْبُولًا عِنْدَ الْمَشْفُوعِ عِنْدَهُ وَالْكَافِرُ لَيْسَ كَذَلِكَ الثَّانِي حصره الأيمة فِي الشُّفَعَاءِ لِوُجُوبِ حَصْرِ الْمُبْتَدَأِ فِي الْخَبَرِ فَمَنْ لَيْسَ بِشَفِيعٍ لَا يَكُونُ إِمَامًا الثَّالِثُ أَنَّهُ أَوْجَبَ اخْتِيَارَهُ وَالْكَافِرُ لَيْسَ بِمُخْتَارٍ فَرْعٌ فَلَوْ صَلَّى بِالْمُسْلِمِينَ وَلَمْ يَعْلَمُوا بِهِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ يُعِيدُونَ أَبَدًا خِلَافًا لِبَعْضِ الشفعوية قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَلَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ عِنْدَ مَالك وش وَقَالَ ح إِنْ كَانَ فِي مَسْجِدٍ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ إِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ كَالْمُرْتَدِّ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِنْ عَمِلَهُ خَوْفًا عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِلَّا عُرِضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ فَإِنْ أَسْلَمَ فَلَا إِعَادَةَ عَلَى الْمَأْمُومِينَ وَإِلَّا قُتِلَ وَأَعَادُوا قَالَ صَاحب الطّراز وَيلْزم إِذا حكمنَا بِإِسْلَامِهِ بِمُجَرَّد الصَّلَاة أَن لَا يُعِيدَ الْقَوْمُ لِأَنَّهَا وَقَعَتْ خَلْفَ مُسْلِمٍ لَكِنَّ إِسْلَامَهُ غَيْرُ مُحَقَّقٍ وَجْهُ إِسْلَامِهِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا فَلَهُ مَا لَنَا وَعَلَيْهِ مَا عَلَيْنَا وَلِأَنَّ الشَّعَائِرَ دَلِيلُ الْإِيمَانِ الْبَاطِنِ كَالشَّهَادَتَيْنِ وَجْهُ عَدَمِ إِسْلَامِهِ أَنَّ إِمَامَتَهُ إِنَّمَا تَدُلُّ عَلَى اعْتِقَادِهِ حُسْنَ فِعْلِ هَذِهِ الصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ وَهُوَ لَوْ صَرَّحَ بِذَلِكَ قَبْلَ وُجُوبِهِ لَمْ يَكُنْ مُسْلِمًا الشَّرْطُ الثَّانِي الْعَدَالَةُ قَالَ صَاحِبُ الطّراز لَا يشْتَرط ظُهُورهَا بل تَكْفِي الستْرَة عِنْدَ جَمَاعَةِ الْفُقَهَاءِ غَيْرَ أَنَّ الْمَعْرُوفَ خَيْرٌ مِنَ الْمَجْهُولِ قَالَ مَالِكٌ لَا يُصَلَّى خَلْفَ الْمَجْهُولِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ إِمَامًا رَاتِبًا وَأَمَّا الْفَاسِق بجوارحه فَظَاهر

الْمَذْهَب مَنعه خلافًا ش وَابْنِ حَنْبَلٍ لَنَا مَا تَقَدَّمَ فِي الْكَافِرِ وَلِأَنَّهُ أَسْوَأُ حَالًا مِنَ الْمَرْأَةِ بِقَبُولِ شَهَادَتِهَا دُونَهُ احْتَجُّوا بِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَلُّوا خَلْفَ كُلِّ مُسْلِمٍ بَرًّا كَانَ أَوْ فَاجِرًا وَإِنْ عَمِلَ الْكَبَائِرَ وَلِأَنَّ كُلَّ مُصَلٍّ يُصَلِّي لِنَفْسِهِ وَجَوَابُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الصَّلَاةِ عَلَيْهِ إِذَا مَاتَ بعضده أَنَّ الْأَمْرَ لِلْوُجُوبِ وَلَا تَجِبُ الصَّلَاةَ خَلْفَ الْفَاسِقِ إِجْمَاعًا وَتَجِبُ عَلَيْهِ مَيِّتًا وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ مَنْقُوضٌ بِالْكَافِرِ وَالْمَرْأَةِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِمَا الْمَأْمُومُ وَقَدْ سَلَّمَ هَذَا ش وَبِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ عَلَى صِحَّةِ صَلَاةِ مَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ رَاكِعا لَوْ كَانَ مِنَفَرِدًا لَمْ تَصِحَّ وَبِجُلُوسِ مَنْ أَدْرَكَ الثَّانِيَةَ وَبِسُجُودِهِ لِسَهْوِ الْإِمَامِ وَلَوْ فَعَلَ ذَلِك الْمُنْفَرد بطلت صلَاته وَمِنْهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّلَاتَيْنِ وَاحِدَةٌ وَأَنَّ صَلَاةَ الْإِمَامِ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ وَلَيْسَتْ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ صَلَاةَ الْإِمَامِ قَالَ وَأَوْجَبَ مَالِكٌ الْإِعَادَةِ أَبَدًا عَلَى مَنِ ائْتَمَّ بِمَنْ يَشْرَبُ الْخَمْرَ وَإِنْ لَمْ يَسْكَرْ وَلِهَذَا فَرَّقَ الْأَبْهَرِيُّ بَيْنَ الْفَاسِقِ بِإِجْمَاعٍ وَبَيْنَ الْفَاسِقِ بِالتَّأْوِيلِ فَإِنَّهُ مُعْتَقَدُ التَّقَرُّبِ فَهُوَ أَخَفُّ مِنَ الْقَادِمِ عَلَى مَا يَعْتَقِدُهُ مَعْصِيَةً قَالَ أَبُو طَاهِر فِي إِمَامَةِ الْفَاسِقِ بِجَوَارِحِهِ قَوْلَانِ وَالْبُطْلَانُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ يُتَوَقَّعُ مِنَهُ تَرْكُ فُرُوضِ الصَّلَاةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ حَالُهُ فَإِنْ كَانَ فِسْقُهُ لَا يَحْمِلُهُ عَلَى ذَلِكَ ائْتَمَّ بِهِ وَإِلَّا فَلَا وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ مَنْ صَلَّى خَلْفَ شَارِبِ الْخَمْرِ يُعِيدُ أَبَدًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَالِي الَّذِي إِلَيْهِ الطَّاعَةُ إِلَّا أَن يكون حِينَئِذٍ سكرانا قَالَهُ مَنْ لَقِيَهُ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَقِيلَ تُسْتَحَبُّ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ

فَرْعٌ قَالَ فِي الْكِتَابِ مَنْ صَلَّى خَلْفَ السَّكْرَانِ أَعَادَ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِنْ ذَهَبَ عَقْلُهُ انْتَقَضَتْ طَهَارَتُهُ فَهُوَ كَالْمَجْنُونِ وَإِنْ لَمْ يَغِبْ عَقْلُهُ فَيُعِيدُ أَبَدًا أَيْضًا قَالَ وَمِنَ الْأَصْحَاب من علله بِأَنَّهُ متحمل لِلنَّجَاسَةِ فِي جَوْفِهِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ قَالَ وَيَلْزَمُهُ أَلَّا تَصِحَّ صَلَاتُهُ فِي نَفْسِهِ قَالَ وَلَهُ أَنْ يَقُولَ لَمَّا تَعَذَّرَ عَلَيْهِ دَفْعُ النَّجَاسَةِ صَارَ كَمَنْ تَضَمَّخَ ثُمَّ عَدِمَ الْمَاءَ وَكَمَنْ أَرَاقَ الْمَاءَ ثُمَّ صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ فَإِنَّهُمَا آثِمَانِ مَعَ صِحَّةِ صَلَاتِهِمَا قَالَ وَعَلَى هَذَا النَّظَرِ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَقَيَّأَ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الشَّافِعِيَّةِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَتَقَيَّأُ لِأَنَّ مَعِدَتَهُ تَبْقَى نَجِسَةً قَالَ وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا لِأَجْلِ الْخُرُوجِ عَلَى السُّلْطَانِ وَهُوَ مَفْسَدَةٌ عَظِيمَةٌ وَمِنَهُمْ مَنْ سَوَّى قَالَ وَأَمَّا الْخَوَارِجُ فَمَنَعَ مَالِكٌ إِمَامَتَهُمْ لِأَنَّهُمْ أَشَدُّ الْفُسَّاقِ وَاخْتَلَفَ فِي كُفْرِهِمْ لِاعْتِقَادِهِمْ إِبَاحَةَ مَا خَالَفَ فِيهِ جَمَاعَةَ السُّنَّةِ وَأَنَّ مَا عَلَيْهِ جَمَاعَةُ السُّنَّةِ لَيْسَ مِنَ الدِّينِ قَالَ وَأَمَّا أَهْلُ الْبِدَعِ وَالْأَهْوَاءِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمْ عَلَى اخْتِلَافِ طَبَقَاتِهِمْ وَلَوْ جَوَّزْنَا إِمَامَةَ الْفَاسِقِ لَمَنَعْنَاهَا خَلْفَهُمْ لِمَا فِيهِ مِنْ تَكْثِيرِ الْبِدَعِ بِشُهْرَةِ الْإِمَامَةِ وَتَوَقَّفَ فِي الْكِتَابِ فِي إِعَادَةِ الصَّلَاةِ خَلْفَ الْمُبْتَدِعِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأُرَاهَا فِي الْوَقْتِ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا إِعَادَةَ مُطْلَقًا وَهَذَا يَقْتَضِي عَدَمُ تَكْفِيرِهِمْ عِنْدَ الثَّلَاثَةِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُعِيدُ مُطْلَقًا وَفِي الْجَوَاهِرِ مَنْ صَلَّى خَلَفَ قَدَرِيٍّ الْجُمُعَةَ أَعَادَ أَرْبَعًا وَاشْتَرَطَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْإِعَادَةِ أَنْ لَا يكون واليا وَفِي الْبَيَان تؤول مَا فِي الْكِتَابِ لِمَالِكٍ عَلَى عَكْسِ تَفْرِقَةِ ابْنِ حَبِيبٍ لِقَوْلِهِ وَأَرَى إِنْ كُنْتَ تَتَّقِيهِ وَتَخَافُهُ عَلَى نَفْسِكَ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَهُ وَتُعِيدَ ظهرا

أَرْبَعًا قَالَ وَالْخِلَافُ فِي الْبِدَعِ وَالْأَهْوَاءِ الْمُحْتَمَلَةِ قَوْلَةُ الْكُفْرِ أَمَّا الْكُفْرُ الصَّرِيحُ فَلَا يَصِحُّ الِاخْتِلَافُ فِي الْإِعَادَةِ وَالْخَفِيفُ الَّذِي لَا يُؤَوَّلُ إِلَى الْكُفْرِ فَلَا يَصِحُّ الِاخْتِلَافُ فِي أَنَّ الْإِعَادَةَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ قَالَ وَإِنْ كَانَتِ الرِّوَايَاتُ وَرَدَتْ مُجْمَلَةً فَرْعٌ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا قَطَعَ صَلَاتَهُ مُتَعَمِّدًا أَوْ صَلَّى بِالْحَدَثِ عَمْدًا فَسَدَتْ عَلَى مَنْ خَلْفَهُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا تَفْسُدُ عَلَيْهِمْ إِلَّا أَنْ يَسْتَمِرَّ بِهِمْ وَأَشَارَ إِلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ أَيْضًا إِذَا أَمَّهُمْ مُحْدِثًا أَجْزَأَتْهُمْ وَهُوَ قَوْلُ ش وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يَبْنِي أَحَدٌ إِذَا فَسَدَتْ صَلَاةُ إِمَامِهِ إِلَّا فِي الْحَدَثِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَفْصِلَ فَإِنْ قَطَعَ لِشُبْهَةٍ مِثْلَ أَنْ تَكُونَ عَادَتُهُ أَنْ يَذْكُرَ اللَّهُ تَعَالَى قَبْلَ الْإِحْرَامِ فَنَسِيَ حَتَّى أَحْرَمَ وَأَحْرَمُوا فَقَطَعَ لِذَلِكَ أَوْ توقفت عَلَيْهِ الْقِرَاءَة فَقطع لذَلِك فَالْأَظْهر هَهُنَا الصِّحَّة ويتمون لأَنْفُسِهِمْ بِخِلَاف المتمرد فِي الْقَطْعِ الشَّرْطُ الثَّالِثُ الذُّكُورَةُ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَا تَؤُمُّ الْمَرْأَةُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ الْمَشْهُورُ حَمْلُهُ عَلَى الْعُمُومِ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفْلِ للرِّجَال وَالنِّسَاء وَهُوَ

قَول وَعَنْ مَالِكٍ الْإِعَادَةُ أَبَدًا وَرُوِيَ عَنْهُ تَؤُمُّ النِّسَاءَ وَهُوَ قَوْلُ ش لَنَا أَنَّهَا أَسْوَأُ حَالًا مِنَ الصَّبِيِّ لِلْأَمْرِ بِتَأْخِيرِهَا فِي الصُّفُوفِ بِخِلَافِهِ وَمِنَ الْعَبْدِ بِصِحَّةِ صَلَاتِهِ فِي الْجُمُعَةِ بِخِلَافِهَا وَيُرْوَى أَخِّرُوهُنَّ حَيْثُ أَخَّرَهُنَّ اللَّهُ فَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا لِلْإِمَامَةِ فَرْعٌ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ الْخُنْثَى إِن حكم لَهَا بالذكورية صحت الصَّلَاة أَو بالأنوثة أَعَادَ أَبَدًا قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ وَالْمُشْكِلُ لَا تَصِحُّ إِمَامَتُهُ بِالرِّجَالِ وَلَا بِالنِّسَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يَلْحَقُ الْعِنِّينُ بِالْخَصِيِّ لِبُعْدِهِ مِنَ الْأُنُوثَةِ الشَّرْطُ الرَّابِعُ الْبُلُوغُ فِي الْكِتَابِ لَا يَؤُمُّ الصَّبِيُّ فِي النَّافِلَةِ الرِّجَالَ وَلَا النِّسَاءَ وَهُوَ قَوْلُ ح فِي الْفَرْضِ وَالنَّفْلِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُعِيدُ الْمَأْمُومُ أَبَدًا وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ يَؤُمُّ فِي النَّافِلَةِ وَأَجَازَ ش إِمَامَتَهُ فِي الْمَكْتُوبَةِ إِلَّا فِي الْجُمُعَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي مُصْعَبٍ مِنَّا وَفِي الْجَوَاهِرِ الْمُمَيِّزُ لَا تَجُوزُ إِمَامَتُهُ فِي الْمَكْتُوبَةِ وَلَا تَصِحُّ وَقَالَ أَبُو مُصْعَبٍ تَصِحُّ وَإِنْ لَمْ تَجُزْ وَفِي النَّافِلَةِ تَصِحُّ وَإِنْ لَمْ تَجُزْ وَقِيلَ تَصِحُّ وَتَجُوزُ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُمَيِّزِ فَلَا تَصِحُّ وَلَا تَجُوزُ وَالْخِلَافُ يَرْجِعُ إِلَى إِمَامَة المتنفل بالمفترض فَنحْن نمنعه وش يُجِيزُهُ لَنَا مَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْإِمَامُ ضَامِنٌ وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ فَحَصَرَ الْإِمَامَ فِي وَصْفِ الضَّمَانِ فَلَا يُوجَدُ فِي غَيْرِهِ وَضَمَانُهُ لَا يُتَصَوَّرُ فِي الذِّمَّةِ لِأَنَّهُ لَا يَبْرَأُ أَحَدٌ بِصَلَاةِ غَيْرِهِ بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّ صَلَاةَ الْإِمَامِ تَتَضَمَّنُ صَلَاةَ الْمَأْمُومِ وَلَنْ يَتَأَتَّى ذَلِكَ حَتَّى يَشْتَمِلَ عَلَى أَوْصَافِ صَلَاةِ

الْمَأْمُومِ لَكِنْ مِنْ جُمْلَةِ أَوْصَافِهَا الْوُجُوبُ وَهُوَ مُتَعَذَّرٌ فِي صَلَاةِ الصَّبِيِّ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ ظَهَرَ امْتِنَاعُ إِيقَاعِ الظُّهْرِ خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَالْقَاضِي خَلْفَ الْمُؤَدِّي وَالْمُفْتَرِضِ خَلْفَ الْمُتَنَفِّلِ حُجَّةُ ش مَا فِي الْبُخَارِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ لِأَبِيهِ لِيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا فَلَمْ يَكُنْ فِيهِمْ أَكْثَرُ قُرْآنًا مِنِّي فَقَدَّمُونِي وَأَنَا ابْنُ سِتِّ سِنِينَ وَفِيهِ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي مَعَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام ثُمَّ يَرْجِعُ فَيَؤُمُّ قَوْمَهُ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ اجْتِهَادٌ مِنْ قَوْمِهِ فَلَيْسَ بِحُجَّةٍ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهَا وَاقِعَةُ عَيْنٍ فَلَعَلَّهُ كَانَ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ النَّفْلَ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ مِنْ خِيَارِ فُقَهَاءِ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَكَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَمَرَهُ بِالصَّلَاةِ بِأَهْلِهِ وَكَانَ يَحْضُرُ مَعَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِاحْتِمَالِ طريان فقه فِي الصَّلَاة فيقتبسه وَيُؤَيّد ذَا كَوْنُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَسَّمَ النَّاسَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ طَائِفَتَيْنِ فَصَلَّى بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ عَلَى خِلَافِ الْقَوَاعِدِ مِنْ جِهَةِ انْتِظَارِهِ لِإِتْمَامِ الطَّائِفَةِ الْأُولَى وَهُوَ زِيَادَةٌ فِي الصَّلَاةِ وَمِنْ جِهَةِ اسْتِقْلَالِ الْمَأْمُومِ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ اسْتِخْلَافٍ وَمِنْ جِهَةِ سَلَامِ الْمَأْمُومِ قَبْلَ إِمَامِهِ فَلَوْ صَحَّ مَا قَالُوهُ لَصَلَّى عَلَيْهِ السَّلَامُ بِكُلِّ طَائِفَةٍ الصَّلَاةَ تَامَّةً دَفْعًا لِهَذِهِ الْمَحْذُورَاتِ وَأَمَّا صَلَاةُ الْمُتَنَفِّلِ خَلْفَ الْمُفْتَرِضِ فَفِي الْجُلَّابِ جَوَازُهَا وَالْفَرْقُ أَنَّ صِفَةَ النَّفْلِ كَوْنُهُ قُرْبَةً وَهُوَ حَاصِلٌ فِي الْفَرْضِ وَلِهَذَا مَنْ أَحْرَمَ قَبْلَ الزَّوَال بِالظّهْرِ

ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ وَقَعَ نَفْلًا وَلِأَنَّ إِعَادَةَ الصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ مَشْرُوعٌ لِتَحْصِيلِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ وَلِأَنَّ الْأَدْنَى يَتْبَعُ الْأَعْلَى مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ الشَّرْطُ الْخَامِسُ قُدْرَتُهُ عَلَى الْأَرْكَانِ وَفِيهِ فُرُوعٌ ثَلَاثَة الْأَوَّلُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا صَلَّى الْقَارِئُ خلف الْأُمِّي هُوَ أَشَدُّ مِنْ إِمَامٍ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ عَمْدًا وَالْإِعَادَةُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ أَبَدًا لِأَنَّ صَلَاةَ الْإِمَامِ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَهُوَ مُصَلٍّ بِغَيْر قِرَاءَة وَخَالَفنَا ش هَهُنَا وَفِي الرَّاكِعِ خَلْفَ الْمُومِئِ وَالْفَاسِقِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ كُلَّ مُصَلٍّ يُصَلِّي لِنَفْسِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بُطْلَانُهُ وَيُؤَيِّدهُ قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام يؤم الْقَوْم أقرأهم فَجَعَلَ الْقِرَاءَةِ مِنْ أَوْصَافِهِ وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْإِمَامُ ضَامِنٌ وَإِنَّمَا يَتَحَقَّقُ الضَّمَانُ إِذَا حَمَلَ الْقِرَاءَةَ عَنِ الْمَأْمُومِ بِقِرَاءَتِهِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَإِذَا بَطَلَتْ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ فَصَلَاةُ الْأُمِّيِّ بَاطِلَةٌ إِذَا كَانَ الْمَأْمُومُ صَالِحًا لِلْإِمَامَةِ وَوَافَقَ ح وَخَالَفَ أَشْهَبُ وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ تَرَكَ الِاقْتِدَاءَ بِحَامِلِ الْقِرَاءَةِ عَنْهُ وَصَلَّى بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ فِي حَالَةٍ تَجِبُ عَلَيْهِ وَجْهُ الثَّانِي أَنَّ الْجَمْعَ لَا يَجِبُ إِلَّا فِي الْجُمُعَةِ وَالْوَاجِبُ عَلَى كل أحد مَا يقدر عَلَيْهِ فرع إِن افْتَتَحَ الْأُمِّيُّ ثُمَّ أَتَى الْقَارِئُ قَالَ فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ كَانَ لَمْ يَرْكَعْ قَطَعَ وَإِنْ رَكَعَ شَفَّعَهَا نَافِلَةً فَإِنْ كَانَ فِي ثَلَاثٍ قَطَعَ فَإِنْ أَخَّرَهُ الْقَارِئُ وَتَقَدَّمَ قَالَ يَحْتَمِلُ عَدَمَ الْإِجْزَاءِ لِبُطْلَانِ الْإِحْرَامِ وَالْإِجْزَاءَ لِانْتِفَاءِ الْمُبْطِلِ وَهُوَ عَدَمُ الْقِرَاءَةِ قَالَ وَظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَلَّا يَأْتَمَّ الْأُمِّيُّ بِالْأُمِّيِّ لفَوَات شَرط الْإِمَامَة خلافًا لسَحْنُون وش وح وَهُوَ مَعْرُوف من قَول

أَهْلِ الْعِلْمِ لِأَنَّ الْأُمِّيَّ إِنْ لَمْ تَزِدْ حَالَة بالإتمام لَا تنقص عَنِ الْإِفْرَادِ قَالَ وَلَا يَأْتَمُّ الْأُمِّيُّ بِالْقَارِئِ المسخوط الْحَال الثَّانِي اللَّاحِنُ قَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ وَالْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ إِنْ غَيَّرَ الْمَعْنَى نَحْوَ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} و {أَنْعَمت عَلَيْهِم} بِكَسْرِ الْكَافِ وَبِضَمِّ التَّاءِ لَمْ تَجُزْ إِمَامَتُهُ وَإِلَّا جَازَتْ وَأَمَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدٍ بِالْإِعَادَةِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ وَفِي الْبَيَانِ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ لَا تَجُوزُ وَإِنْ كَانَ لَحْنُهُ فِي غَيْرِ الْفَاتِحَةِ حَمْلًا لِمَا فِي الْكِتَابِ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الَّذِي لَا يُحْسِنُ الْقِرَاءَةَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَقَالَ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ فَاتِحَةٍ وَلَا غَيْرِهَا قَالَ وَهُوَ بَعِيدٌ وَفِي الْجَوَاهِرِ مَنْ كَانَ يَلْحَنُ فِي الْفَاتِحَةِ لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ وَقَالَ الْإِمَامُ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ أَيْضًا وَحَكَى اللَّخْمِيُّ الصِّحَّةَ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَفِي الْبَيَانِ هِيَ مَكْرُوهَةٌ ابْتِدَاءً وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ اللَّحَّانَ لَا يَقْصِدُ اللَّحْنَ بَلْ يَقْصِدُ مَا يَقْصِدُهُ الْقَارِئُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ حَبِيبٍ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلِ اللَّحْنُ يُخْرِجُ الْقُرْآنَ عَنْ كَوْنِهِ قُرْآنًا أَمْ لَا وَفِي الْحَدِيثِ مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَأَعْرَبَهُ كَانَ لَهُ بِكُلِّ حَرْفٍ عَشْرُ حَسَنَاتٍ فَإِنْ لَمْ يُعْرِبْهُ كَانَ لَهُ بِكُلِّ حَرْفٍ حَسَنَةٌ فَأَثْبَتَ الْقُرْآنَ مَعَ اللَّحْنِ وَلَا تَصِحُّ إِمَامَةُ مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى إِخْرَاجِ الْحُرُوفِ مِنْ مَخَارِجِهَا بِسَبَبِ الْجَهْلِ وَتَجُوزُ إِمَامَةُ الْأَلْكَنِ لِلسَّالِمِ مِنْهَا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا كَانَ يُقِيمُ الْفَاتِحَةَ وَلَا تَجُوزُ إِمَامَةُ مَنْ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الضَّادِ وَالظَّاءِ وَمَنْ لَا يحسن أَدَاء

الصَّلَاةِ قِرَاءَةً وَفِقْهًا قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ مَنْ كَانَ يَعْجِزُ عَنِ النُّطْقِ بِالْحُرُوفِ خِلْقَةً وَهُوَ الْأَلْكَنُ تَصِحُّ إِمَامَتُهُ لِسُقُوطِ الْفَرْضِ عَنْهُ بِسَبَبِ الْعَجْزِ بِخِلَافِ الْعَاجِزِ بِسَبَبِ الْجَهْلِ وَقِيلَ فِي الْعَاجِز بِسَبَب الْخلقَة لَا تَصِحُّ إِمَامَتُهُ وَفِي الْبَيَانِ الْأَلْكَنُ الَّذِي لَا يُبَيِّنُ قِرَاءَتَهُ وَالْأَلْثَغُ الَّذِي لَا يَتَأَتَّى لَهُ النُّطْقُ بِبَعْضِ الْحُرُوفِ وَالْأَعْجَمِيُّ الَّذِي لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الظَّاءِ وَالضَّادِ وَالسِّينِ وَالصَّادِ وَنَحْوِهُ لَا خِلَافَ فِي صِحَّةِ مَنِ ائْتَمَّ بِهِمْ وَإِنْ كَانَ الِائْتِمَامُ بِهِمْ مَكْرُوهًا إِلَّا أَنْ لَا يُوجَدَ مَنْ يَرْضَى قَالَ الْأَصْمَعِيُّ الْفَأْفَاءُ الَّذِي يُكَرِّرُ الْفَاءَ وَالتَّمْتَامُ الَّذِي يُكَرِّرُ التَّاءَ والأرث الَّذِي يدغم الْحُرُوف بَعْضهَا فِي بعض وَلكنه يجمع ذَلِكَ كُلَّهُ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ لَا يَفْتَحُ على من لَيْسَ مَعَه فِي صَلَاة وَأَن طلب مِنْهُ الْفَتْح فَإِن فعل فعل فَهَل صَلَاةُ الْفَاتِحِ قَوْلَانِ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْقُرْآنِ يَقْصِدُ بِهِ إِفْهَامَ الْغَيْرِ وَأَمَّا مَنْ فِي الصَّلَاةِ فَإِنْ أَخْطَأَ الْإِمَامُ فِي غَيْرِ أُمِّ الْقُرْآنِ يَفْتَحُ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يُغَيِّرَ الْمَعْنَى أَو بِطَلَب مِنْهُ الْفَتْح وَأَخْطَأ فِي أُمِّ الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ يَفْتَحُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الصَّلَاة لَا تُجزئ إِلَّا بهَا فَإِن تَرَكَ الْإِنْسَانُ آيَةً مِنَ الْفَاتِحَةِ فَهَلْ يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ أَمْ لَا سُجُودَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْأَقَلَّ تَبَعٌ لِلْأَكْثَرِ قَوْلَانِ وَيَتَخَرَّجُ عَلَى مُرَاعَاةِ الِاتِّبَاعِ فِي أَنْفسهَا فَإِن الصَّلَاة تبطل الثَّالِثُ الْعَاجِزُ عَنِ الْقِيَامِ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا عَجَزَ يَسْتَخْلِفُ وَيَرْجِعُ إِلَى الصَّفِّ مَأْمُومًا وَفِي الْجُلَّابِ فِي إِمَامَةِ الْجَالِسِ بِالْقَائِمِ رِوَايَتَانِ وبالجواز قَالَ ش وح لَنَا أَنَّ صَلَاةَ الْإِمَامِ هِيَ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ بِدَلِيلِ الْقِرَاءَةِ فَيَكُونُ تَارِكًا لِلْقِيَامِ مَعَ الْقُدْرَةِ فَلَا تصح

صَلَاتُهُ وَفِي الدَّارَقُطْنِيِّ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يَؤُمَّنَّ أَحَدٌ بَعْدِي جَالِسًا وَهُوَ ضَعِيفٌ لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ قَالَهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي الْأَحْكَامِ حُجَّةُ الْجَوَازِ مَا فِي الصِّحَاحِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَمَّ بِالنَّاسِ فَجَاءَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَجَلَسَ عَنْ يَسَارِهِ فَكَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُصَلِّي بِالنَّاسِ جَالِسًا وَأَبُو بَكْرٍ قَائِمًا يَقْتَدِي بِصَلَاتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَيَقْتَدِي النَّاسُ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَجُلُوسُ الْمَأْمُومِ قَادِرًا عَلَى الْقِيَامِ مَمْنُوع عِنْد مَالك وش ح خِلَافًا لِابْنِ حَنْبَلٍ مُحْتَجًّا بِمَا فِي الصِّحَاحِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ سَقَطَ عَنْ فَرَسٍ فَجُحِشَ شِقُّهُ الْأَيْمَنُ قَالَ أَنَسٌ فَدَخَلْنَا نَعُودُهُ فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَصَلَّى بِنَا قَاعِدًا فَصَلَّيْنَا وَرَاءَهُ قُعُودًا فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ قَالَ إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ وَإِذَا صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قعُودا أَجْمَعُونَ وَهُوَ عندنَا مَنْسُوخ بقضية أَبِي بَكْرٍ الْمُتَقَدِّمَةِ وَيُعَضِّدُهُ أَنَّ الْأَرْكَانَ وَاجِبَةٌ فَلَا تتْرك الِاقْتِدَاء الْمَنْدُوبَ قَالَ وَتَجُوزُ إِمَامَةُ الْجَالِسِ لِلْجَالِسِ عِنْدَ مَالِكٍ وَمُطَرِّفٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْمَنْعُ وَالْجَوَازُ وَهُوَ أَحْسَنُ لِاسْتِوَاءِ الْحَالَةِ وَمنع ابْن الْقَاسِم إِمَامَة المومئ بالومئ وَأَجَازَهَا ش قَالَ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِمَا فِي التِّرْمِذِيِّ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَلَّى بِهِمْ فِي رَاحِلَتِهِ لِلْمَطَرِ وَالْبِلَّةِ إِيمَاءً حُجَّةُ الْمَنْعِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا الْحَدِيثَ فَجعل من صفته الرُّكُوع وَالسُّجُود والمومي لَيْسَ كَذَلِكَ وَأَمَّا صَلَاتُهُ خَلْفَ الصَّحِيحِ فَجَائِزَةٌ اتِّفَاقًا وَفِي الْجَوَاهِر لَا تصح إِمَامَة المنضجع بمنضجع وَلَا غَيْرُهُ الشَّرْطُ السَّادِسُ مُوَافَقَةُ مَذْهَبِ الْمَأْمُومِ فِي الْوَاجِبَاتِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي

الْعُتْبِيَّةِ لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ أَحَدًا يَتْرُكُ الْقِرَاءَةَ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ لَمْ أُصَلِّ خَلْفَهُ وَقَالَ أَشْهَبُ عِنْدَ ابْنِ سَحْنُونٍ مَنْ صَلَّى خَلْفَ مَنْ لَا يرى الْوضُوء من الذَّكَرِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْقِبْلَةِ يُعِيدُ أَبَدًا وَقَالَ سَحْنُونٌ يُعِيدُ فِيهِمَا فِي الْوَقْتِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَتَحْقِيقُ ذَلِكَ أَنَّهُ مَتَى تَحَقَّقَ فِعْلُهُ لِلشَّرَائِطِ جَازَ الِائْتِمَامُ بِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يعْتَقد وُجُوبهَا وَإِلَّا لم تجز فالشافعي يَمْسَحُ جَمِيعَ رَأْسِهِ سُنَّةً فَلَا يَضُرُّ اعْتِقَادُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَمَّ فِي الْفَرِيضَةِ بِنِيَّةِ النَّافِلَةِ أَوْ يَمْسَحُ رِجْلَيْهِ قَالَ الْمَازِرِيُّ قَدْ حُكِي الْإِجْمَاعُ فِي الصَّلَاةِ خَلْفَ الْمُخَالِفِ فِي الْمَذْهَبِ وَإِنَّمَا يَمْتَنِعُ فِيمَا عُلِمَ خَطَؤُهُ كَنَقْضِ قَضَاءِ الْقَاضِي قَالَ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ تَفْرِقَةُ أَشْهَبَ بَيْنَ الْقُبْلَةِ وَمَسِّ الذَّكَرِ الشَّرْطُ السَّابِعُ اتِّفَاقُهُمَا فِي الْمُقْتَدَى فِيهِ وَدَلِيلُ هَذَا الشَّرْطِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْبُلُوغِ وَفِيهِ فُرُوعٌ خَمْسَةٌ الْأَوَّلُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا ظَنَّهُ فِي الْعَصْرِ وَهُوَ فِي الظُّهْرِ فَسَدَتْ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ وَهُوَ قَوْلُ ح وَأَحَدُ قَوْلَيِ ابْنِ حَنْبَلٍ خلافًا ش قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ إِذَا عَلِمَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ فِي رَكْعَةٍ شَفَّعَهَا أَوِ اثْنَتَيْنِ سَلَّمَ أَوْ ثَلَاثٍ كَمَّلَهَا وَأَعَادَ الثَّانِي قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَؤُمَّ بِهِ فِي قَضَاءٍ مِنْ يَوْمَيْنِ وَمِنْ يَوْم يجوز وَقَالَ قَالَ عِيسَى تصح مُطْلَقًا لِأَنَّ الْفَوَائِتَ وَقْتُهَا وَاحِدٌ وَظُهْرُ الْيَوْمِ مُسَاوٍ لِظُهْرِ أَمْسِ وَإِنَّمَا وَقَعَ الْخِلَافُ فِي الْأَوْقَات الثَّالِثُ قَالَ فِي الْكِتَابِ مَنْ أَحْرَمَ بِالْجُمُعَةِ ظَانًّا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ

فِي الظُّهْرِ أَجْزَأَتْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْعَكْسُ يُعِيدُ لِافْتِقَارِ الْجُمُعَةِ إِلَى نِيَّةٍ تَخُصُّهَا خِلَافًا ش وَقَالَ أَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ يُعِيدُ فِيهِمَا وَحكى اللَّخْمِيّ عَن مَالك لَا يُعِيد فِيهَا وَالْفَرْقُ لِلْمَذْهَبِ مِنْ وُجُوهٍ أَحَدُهَا أَنَّهَا تُجْزِئُ عَنِ الظُّهْرِ لِمَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةِ وَثَانِيهَا أَنَّ مَنْ أَحْرَمَ بِنِيَّةِ الْجُمُعَةِ فِي سُجُودِ الْأَخِيرَةِ صَلَّى بِهِ الظُّهْرَ وَثَالِثُهَا أَنَّ لِلْجُمُعَةِ شِعَارًا عَظِيمًا لَا يُعْذَرُ الْإِنْسَانُ بِسَبَبِهَا إِذا ادّعى جهلها بِخِلَاف غَيرهَا الرَّابِعُ إِذَا أَحْرَمَ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ إِمَامُهُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ أَشْهَبُ تُجْزِيهِ وَلِلشَّافِعِيَّةِ قَوْلَانِ وَمُعْتَمِدُ الْجَوَازِ مَا جَاءَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْحَجِّ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَصَحَّحَهُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهُوَ مُشْكِلٌ فَإِنَّ الْحَجَّ لَا يفْتَقر إِلَى تعْيين نِيَّة بل إِذا أطلق انْصَرف إِلَى الْمَفْرُوض إِجْمَاعًا وَلَا يَجْزِي ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ إِجْمَاعًا وَالْحَجُّ بَابُ ضَرُورَةٍ الْخَامِسُ فِي الْجَوَاهِرِ لَا يَقْتَدِي مُسَافِرٌ بِمُقِيمٍ فَإِن اقْتدى بِهِ وَقُلْنَا الْقصر فرض فَلَا يَجُوزُ وَقِيلَ يَجُوزُ وَإِنْ قُلْنَا سُنَّةٌ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ الْمَنْعَ وَأَبُو إِسْحَاقٍ الْجَوَازَ تَسْوِيَةً بَيْنَ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ وَفَضِيلَةِ الْقَصْرِ وَإِنْ قُلْنَا بِالتَّخْيِيرِ فَالْإِتْمَامُ مَعَ الْمُقِيمِ أَوْلَى مِنَ الْقَصْرِ مُنْفَرِدًا وَحُكْمُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الِاقْتِدَاءِ يَتَنَزَّلُ على الْخلاف الْمُتَقَدّم فَإِن قُلْنَا الْقصر فرض قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ وَبَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ تَبْطُلُ وَقَالَ بَعضهم لَا تبطل لاحْتِمَال الِانْتِقَال كالعيد فِي الْجُمُعَةِ وَقِيلَ يُقْتَدَى بِهِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ خَاصَّةً وَاخْتُلِفَ هَلْ يُسَلِّمُ أَوْ يَنْتَظِرُهُ وَيُسَلِّمُ مَعَهُ وَإِنْ قُلْنَا سُنَّةً لَمْ يُعِدْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرَوَى أَشْهَبُ وَمُطَرِّفٌ الْإِعَادَةَ فِي الْوَقْت إِلَّا أَن يكون فِي الْحَيّ أَوْ مَسَاجِدِ الْأَمْصَارِ الْكِبَارِ هَذَا إِذَا عُلِمَ أَنَّهُ مُقِيمٌ فَإِنْ جَهِلَ ذَلِكَ

الفصل الثاني فيما يكره في الإمام

ثمَّ علم قَالَ سَحْنُون تجزيه وَأَمَّا ائْتِمَامُ الْمُقِيمِ بِالْمُسَافِرِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ هُوَ أَخَفُّ فِي الْكَرَاهَةِ مِنَ الْأُولَى وَاتَّفَقَتِ الرِّوَايَاتُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ أَحَدَ الْفَرِيقَيْنِ لَا يَؤُمُّ بِالْآخَرِ إِلَّا فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ وَالْأُمَرَاءِ الْفَصْل الثَّانِي فِيمَا يكره فِي الإِمَام وَفِيه فروع سَبْعَة الأول كره فِي الْكتاب إِمَامَة الْأَعرَابِي بالمسافرين والحاضرين وَإِنْ كَانَ أَقْرَأَهُمْ وَهُوَ قَوْلُ ش وَعَلَّلَهُ ابْنُ حَبِيبٍ بِجَهْلِهِ لِلسُّنَّةِ وَالْبَاجِيُّ بِتَرْكِهِ لِلْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَاتِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَالْأَوَّلُ أَبْيَنُ فَإِنَّ الْجُمُعَة لَا تجب عَلَيْهِ وَالْمُنْفَرد فِي رُؤُوس الْجِبَالِ لَا تُكْرَهُ إِمَامَتُهُ إِذَا كَانَ عَالِمًا بِالسُّنَّةِ فَائِدَةٌ الْأَعْرَابِيُّ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ الْبَدَوِيُّ سَوَاءٌ كَانَ عَرَبيا أَو أعجميا الثَّانِي كَرِهَ فِي الْكِتَابِ إِمَامَةَ الْعَبْدِ فِي مَسَاجِدِ الْعَشَائِرِ وَالْجَمَاعَاتِ وَالْأَعْيَادِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَأَجَازَهَا ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَثْبَتَهُ فِي غير الْجُمُعَة وش وَابْن حَنْبَل لنا أَن الرّقّ وَنقص لمنع الشَّهَادَة فَيكْرَه فِي الْإِمَامَة

وَلِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِلطَّعْنِ على الْجَمَاعَة فَإِنَّهُ أَفْضَلُهُمْ وَمَنَعَ فِي الْكِتَابِ إِمَامَتَهُ فِي الْجُمُعَةِ قَالَ ابْن الْقَاسِم فَإِن فعل أَعَادَ وَأَعَادُوا لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ وَفِي الْجُلَّابِ عَنْ أَشْهَبَ تُجْزِئُهُمْ لِأَنَّهَا بِالْإِحْرَامِ وَجَبَتْ عَلَيْهِ فَسَاوَاهُمْ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ النَّوَافِلَ كَذَلِكَ مَعَ بُطْلَانِ الْإِمَامَةِ فِيهَا وَأَنَّ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ عَلَيْهِ فِي الْجُمُعَةِ تَفْرِيعٌ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِذَا قُلْنَا بِالْإِعَادَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُعِيدُونَ فِي الْوَقْتِ جُمُعَةً بِخُطْبَةٍ وَبَعْدَهُ ظُهْرًا وَفِي امْتِدَادِ الْوَقْتِ إِلَى الضَّرُورِيِّ قَوْلَانِ وَفِي الْبَيَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِلَى قَبْلِ الْغُرُوبِ بِرَكْعَةٍ مِثْلَ ظَاهِرِ الْكِتَابِ وَإِنْ كَانَ لَا يُدْرِكُ بَعْضَ الْعَصْرِ إِلَّا بَعْدَ الْغُرُوبِ وَرَوَى مُطَرِّفٌ مَا لَمْ تَغْرُبِ الشَّمْسُ مِثْلَ رِوَايَةٍ فِي الْكِتَابِ بِإِسْقَاطِ بَعْضٍ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِلَى قَبْلِ الْغُرُوبِ بِمِقْدَارِ الْعَصْرِ وَقِيلَ مَا لَمْ تَصْفَرَّ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَبْهَرِيُّ إِذَا أَدْرَكَ رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا قَبْلَ وَقْتِ الْعَصْرِ أَتَمَّهَا جُمُعَةً وَإِلَّا ظُهْرًا وَفِي إِعَادَةِ الْإِمَامِ الْمُسَافِرِ ثَالِثُهَا يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ بِنَاءً عَلَى الْخلاف فِيمَن جهر مُتَعَمدا وَأما الْبعد فَيُعِيدُ أَبَدًا وَقِيلَ لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ وَلَوِ اجْتَمَعَ فِي الْقَرْيَةِ جَمَاعَةُ عَبِيدٍ تَتَقَرَّى بِهِمُ الْقَرْيَةُ فَأَقَامُوا الْجُمُعَةَ لَمْ تُجْزِهُمْ عَلَى الْمَذْهَبِ وَبِه قَالَ ش خلافًا ح قَالَ وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْعِيدِ وَالْجُمُعَةِ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْعِيدَ مِنَ النَّوَافِلِ وَلَوْ فَاتَهُ مَعَ الْجَمَاعَةِ صَلَّاهُ وَحْدَهُ وَمَا لَهُ أَنْ يَفْعَلَهُ وَحْدَهُ فَلَهُ الْإِمَامَةُ فِيهِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَأَجَازَ ابْنُ حَبِيبٍ إِمَامَةَ الْعَبْدِ فِي الْعِيد

لِوُجُوبِهَا عَلَيْهِ عِنْدَهُ بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ وَحَكَاهُ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَسَوَّى الْمَشْهُورَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُمَا لَا يَجِبَانِ عَلَيْهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ رَوَى عَلِيٌّ لَا يؤم الْأَحْرَار إِلَّا أَن يكون تقْرَأ وهم لَا يقرأون وَأَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنْ يَكُونَ إِمَامًا رَاتِبًا فِي التَّرَاوِيحِ تَمْهِيدٌ الْوَاجِبُ عَلَى الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ وَالْمُسَافر أحد الصَّلَاتَيْنِ لَا بِعَيْنِهَا وَالْخِيَرَةُ لَهُمْ فِي التَّعْيِينِ وَعَلَى الْمُسَافِرِ أَحَدُ الشَّهْرَيْنِ إِمَّا رَمَضَانُ أَوْ شَهْرُ الْقَضَاءِ فَهَذِهِ الصُّوَرُ كُلُّهَا كَخِصَالِ الْكَفَّارَةِ فَفِيهَا نِصْفُ خِصَالِ الْكَفَّارَةِ بِالْوُجُوبِ بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ أَحَدِهَا وَيَكُونُ مُوقِعًا لِلْوَاجِبِ إِذَا فَعَلَ أَحدهَا فَكَذَلِك هَهُنَا وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ إِجْزَاءِ النَّفْلِ عَنِ الْفَرْضِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وُضِعَ عَنِ الْمُسَافِرِ الصَّوْمُ وَشَطْرُ الصَّلَاةِ أَيْ تَعْيِينُ الصَّوْمِ وَتَعْيِينُ الْإِتْمَامِ فَالْعَبْدُ مُتَطَوِّعٌ بِالتَّعْيِينِ فَقَطْ وَالْحُرُّ مُفْتَرِضٌ فِيهِ فَهَذَا مَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلْ يُلَاحِظُ أَصْلَ الْوُجُوبِ أَوْ يُلَاحِظُ التَّعْيِينَ وَبِهَذَا يَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَ الْأَصْحَابِ إِنَّهُ مُتَطَوِّعٌ بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ لَيْسَ على ظَاهره بل بتعينها فَقَطْ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ إِحْدَى التَّكْبِيرَتَيْنِ إِمَّا فِي الْجُمُعَةِ أَوِ الظُّهْرِ وَهَذَا التَّقْرِيرُ يَجِبُ اعْتِقَادُهُ فَإِنَّ خِلَافَهُ يُؤَدِّي إِلَى خِلَافِ الْإِجْمَاعِ من إِجْزَاء النَّفْل عَن الْفَرْض الثَّالِثُ كَرِهَ فِي الْكِتَابِ وَلَدَ الزِّنَا إِمَامًا رَاتِبًا قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَالْعَتِيقَ الْمَجْهُولَ الْأَبِ لِئَلَّا يؤديا لظن فِي النَّسَبِ قَالَ فَإِنْ قِيلَ كَانَتِ الصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ يُصَلُّونَ خَلْفَ الْمَوَالِي وَمَنْ أَسْلَمَ مِنْ غَيْرِ اسْتِفْصَالٍ قُلْنَا أَوْلَادُ الْجَاهِلِيَّةِ تلْحق بِآبَائِهَا من نِكَاح أَو سفاح

الفصل الثالث في الترجيح بين الأيمة إذا اجتمعوا

الرَّابِعُ كَرِهَ فِي الْكِتَابِ الْخَصِيَّ لِشَبَهِهِ بِالْمَرْأَةِ وَفِي الْجَوَاهِر لَا يكره الْخَامِسُ كَرِهَ ابْنُ وَهْبٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ إِمَامَةَ الْأَقْطَعِ وَالْأَشَلِّ إِذَا عَجَزَا عَنْ وَضْعِ أَيْدِيهِمَا فِي الْأَرْضِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَخَالَفَ فِيهِ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَفِي كُلِّ عُيُوبِ الْبَدَنِ وَلَمْ يُرَاعِ إِلَّا نَقْصَ الْيَدَيْنِ أَوْ مَا يُؤَثِّرُ فِي ركن كَقطع اللِّسَان السَّادِسُ كَرِهَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ إِمَامَةَ الْمَحْدُود وترتبه وَإِنْ صَلَحَتْ حَالُهُ وَقَالَ ابْنُ الْجَلَّابِ لَا بَأْسَ بِإِمَامَةِ الْأَعْمَى وَالْأَقْطَعِ وَالْمَحْدُودِ إِذَا كَانَ عَدْلًا وَتُكْرَهُ إِمَامَةُ الْمُتَيَمِّمِ لِلْمُتَوَضِّئِ وَصَاحِبِ السَّلَسِ والجراح للأصحاء والأغلف وَفِي الْوَاضِحَة لَا تجوز إِمَامَةُ الْقَاتِلِ عَمْدًا وَإِنْ تَابَ بِخِلَافِ الْمَحْدُودِ وَفِي الْجَوَاهِر كَرَاهَة إِمَامَة المأبون وترتبه وَقيل لَا تكره إِذا كَانَ صَالحا السَّابِع من الْجَوَاهِرِ لَا يَأْتَمُّ مُسَافِرٌ بِمُقِيمٍ وَلَا مُقِيمٌ بِمُسَافِرٍ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَالثَّانِي أَخَفُّ كَرَاهَةً مِنَ الْأَوَّلِ وَاتَّفَقَتِ الرِّوَايَاتُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ أَحَدَ الْفَرِيقَيْنِ لَا يَؤُمُّ بِالْآخَرِ إِلَّا فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ وَالْأُمَرَاءِ الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي التَّرْجِيحِ بَين الأيمة إِذا اجْتَمعُوا فِي الْجَوَاهِر من أفرد بِالْعِلْمِ وَالْوَرَعِ فَهُوَ أَوْلَى إِذْ بِهِمَا تُؤَدَّى الصَّلَاة وَتحصل الشَّفَاعَة فَإِن تعدد من جمعهَا رُجِّحَ بِالْفَضَائِلِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْخُلُقِيَّةِ وَالْمَكَانِيَّةِ كَشَرَفِ

النَّسَبِ فَإِنَّهُ يَبْعَثُ عَلَى صِيَانَةِ الْمُتَّصِفِ بِهِ عَمَّا يُنَافِي دِينَهُ وَيُوجِبُ لَهُ أَنَفَةً عَنْ ذَلِكَ وَالسِّنُّ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْبَرَكَةُ فِي أَكَابِرِكُمْ وَلِأَنَّهُ أَطَاعَ اللَّهَ قَبْلَ الْأَصَاغِرِ فَيَتَمَيَّزُ بِذَلِكَ وَكَمَالُ الصُّورَةِ لِأَنَّ جَمَالَ الْخَلْقِ يَدُلُّ عَلَى جَمَالِ الْأَخْلَاقِ غَالِبًا وَحُسْنُ اللِّبَاسِ فَإِنَّهُ يدل على شرف النَّفس وَالْعَبْد عَنِ النَّجَاسَاتِ لِكَوْنِهَا مُسْتَقْذِرَاتٍ وَكَمَالُ الْبِنْيَةِ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى وُفُورِ الْعَقْلِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ فَإِنَّهُ من أعظم صِفَات الشّرف وَتقدم الْأَمِير على الرّعية لِئَلَّا تنقص حرمته فِي النُّفُوسِ بِتَقْدِيمِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ فَتَخْتَلَّ الْمَصَالِحُ الْعَامَّةُ وَالْفَقِيهُ عَلَى الصَّالِحِ لِأَنَّ الْفِقْهَ مَقْصُودٌ لِصَوْنِ الْأَرْكَانِ وَالشُّرُوطِ عَنِ الْمُفْسِدَاتِ وَالصَّلَاحِ مِنَ التَّتِمَّاتِ فَإِنْ تَسَاوَوْا وَتَشَاحُّوا أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ إِنْ طَلَبُوا الْفَضِيلَة لَا الرياسة وَفِي مُسْلِمٍ يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ سِنًّا وَلَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ وَلَا يَقْعُدُ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ الْقَارِئُ أَوْلَى مِنَ الْعَالِمِ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَجَوَابُهُ أَنَّ أَقْرَأَهُمْ حِينَئِذٍ كَانَ أَعْلَمَهُمْ وَلَيْسَ ذَلِكَ مَحَلُّ النِّزَاعِ وَرَجَّحَ مَالِكٌ بِالْقَرَابَةِ فِي الْعُتْبِيَّةِ فَقَالَ لَا يَؤُمُّ عَمَّهُ وَإِنْ كَانَ أَصْغَرَ مِنَهُ وَوَافَقَهُ ح تَنْبِيهٌ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَقَعَ فِي التَّهْذِيبِ غَلَطٌ وَهُوَ قَوْلُهُ يَؤُمُّ الْأَعْلَمُ إِذَا كَانَ

أَحْسَنَهُمْ حَالًا وَإِنَّمَا فِي الْكِتَابِ إِذَا كَانَتْ حَالُهُ حَسَنَةً وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ بَيْنَ حَسَنٍ وَأَحْسَنَ فَرْعٌ قَالَ فِي الْكِتَابِ صَاحِبُ الْمَنْزِلِ أَوْلَى مِمَّنْ حَضَرَهُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَكَذَلِكَ تُمْنَعُ الْإِمَامَةُ فِي مَسْجِدِ الْإِمَامِ الرَّاتِبِ إِلَّا بِإِذْنِهِ لِانْدِرَاجِ جَمِيعِ ذَلِكَ تَحْتَ الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ وَيَنْبَغِي لِرَبِّ الْمَنْزِلِ أَنْ يَأْذَنَ لِمَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ وَأَهْلُ كُلِّ الْمَسْجِدِ أَوْلَى بِإِمَامَتِهِ إِلَّا أَنْ يَحْضُرَهُمُ الْوَالِي وَلَا يَتَقَدَّمُ رَبُّ الدَّارِ عَلَى مَنْ يَكْرَهُ إِمَامَتَهُ لِمَا فِي التِّرْمِذِيِّ لَعَنَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ثَلَاثَةً رَجُلًا أَمَّ قَوْمًا وهم لَهُ كَارِهُون وأمرأة بَات زَوجهَا عَلَيْهَا ساخطا ورجلا سمع حَيّ على فلاح فَلَمْ يُجِبْ قَالَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَرَاهَةِ جَمِيعِهِمْ أَوْ أَكْثَرِهِمْ وَأَهْلُ الْفَضْلِ مِنَهُمْ وَإِنْ قَلُّوا وَلَوْ كَانَ صَاحِبُ الدَّارِ عَبْدًا قَالَ مَالِكٌ هُوَ أَوْلَى فَلَوْ كَانَتِ امْرَأَةً قَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ تُوَلِّي رَجُلًا لِأَنَّهُ مَنْزِلُهَا لَا يُتَصَرَّفُ فِيهِ إِلَّا بِإِذْنِهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ يَسْتَوِي مَالك الدَّارِ وَمَنْفَعَتُهَا قَاعِدَةٌ يَتَقَدَّمُ فِي كُلِّ وِلَايَةٍ مَنْ هُوَ أَقْوَمُ بِمَصَالِحِهَا فيتقدم للْقَضَاء من هُوَ أَكثر يقظة بِوُجُوه الْحجَّاج وَالْأَحْكَامِ وَفِي الْحُرُوبِ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَكَايِدِهَا وَأَشد

الفصل الرابع في تبعية الإمام في المكان

إِقْدَامًا عَلَيْهَا وَأَعْرَفُ بِسِيَاسَةِ خَبَرِهَا وَفِي الزَّكَاةِ من هُوَ أعلم بنصبها وأحكامها وَفِي إِمَامَة الْحُكْمِ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ بِتَدْبِيرِ الْأَيْتَامِ وَتَنْمِيَةِ الْأَمْوَالِ وَقَدْ يَكُونُ الشَّخْصُ الْوَاحِدُ نَاقِصًا فِي بَابٍ كَامِلًا فِي غَيْرِهِ كَالْمَرْأَةِ نَاقِصَةٌ فِي وِلَايَةِ الْحُرُوبِ كَامِلَةٌ بِاعْتِبَارِ الْحَضَانَةِ لِأَنَّ فِيهَا مِنَ الصَّبْرِ عَلَى الطِّفْلِ وَتَحْصِيلِ مَصَالِحِهِ مَا لَيْسَ فِي الرِّجَالِ فَعَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ قُدِّمَ الْفَقِيهُ عَلَى الْقَارِئِ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِإِقَامَةِ أَرْكَانِهَا وَدَرْءِ مُفْسِدَاتِهَا وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأَوْصَافِ الَّتِي قَدَّمْنَاهَا لَهَا مَدْخَلٌ فِي تَحْصِيلِ مَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ إِلَّا الْإِمَارَة فَإنَّا قَدَّمْنَا الْمَصْلَحَةَ الْعَامَّةَ فِيهَا عَلَى الْخَاصَّةِ وَاسْتَشْكَلَ عَلَى ذَلِكَ التَّقْدِيمُ بِالْمَكَانِ نَحْوَ رَبِّ الدَّارِ وَالْمَسْجِدِ فَإِنَّ الْمَكَانَ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي مَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ وَلَيْسَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ تُتْرَكُ لَهُ مَصْلَحَةُ الصَّلَاةِ وَقَدْ كَتَبَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى عُمَّالِهِ إِنَّ أَهَمَّ أَمْرِكُمْ عِنْدِي الصَّلَاةُ وَهِيَ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ بَعْدَ الْإِيمَانِ فَكَانَتْ رِعَايَتُهَا أَوْلَى مِنْ رِعَايَةِ صَاحِبِ الْمَنْزِلِ الْفَصْلُ الرَّابِع فِي تَبَعِيَّة الإِمَام فِي الْمَكَان وَفِيه فروع أَرْبَعَة الْأَوَّلُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا صَلَّى بِقَوْمٍ عَلَى ظَهْرِ الْمَسْجِدِ وَهُمْ أَسْفَلُ مِنْ ذَلِكَ لَا يُعْجِبُنِي قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ

جَمَاعَةٌ أَمْ لَا وَفِي الْجُلَّابِ إِذَا كَانَ مَعَهُ طَائِفَةٌ فَلَا بَأْسَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ اتِّبَاعُ الْإِمَامِ فِي الْمَكَانِ وَكَذَلِكَ كَرِهَ مَالِكٌ صَلَاتَهُمْ فَوْقَهُ أَوْ فِي دُورٍ مَحْجُورٍ عَلَيْهَا بِإِمَامٍ فِي الْمَسْجِدِ وَفِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا أَمَّ الرَّجُلُ الْقَوْمَ فَلَا يَقُمْ فِي مَكَانٍ أَرْفَعَ مِنْ مَقَامِهِمْ قَالَ وَالْمَذْهَبُ صِحَّةُ الصَّلَاةِ وَقَالَ صَاحِبُ الْإِشْرَافِ إِذَا كَانَ الْإِمَامُ فَوْقَ السَّطْحِ لَا تَصِحُّ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ لِأَنَّهُ مُحْتَاجٌ إِلَى عَمَلٍ فِي الصَّلَاةِ بِالنَّظَرِ لِضَبْطِ أَحْوَالِ الْإِمَامِ قَالَ وَهُوَ يَنْتَقِضُ بِمَنْ كَانَ إِمَامه على يَمِينه أَو يَسَارِهِ وَالْكَرَاهَةُ مَعَ عَدَمِ الضَّرُورَةِ وَإِعَادَةُ الْمَأْمُومِ فِي الْوَقْتِ عِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ وَلَا كَرَاهَةَ فِي الكدى لِأَنَّهَا فِي الْعُرْفِ أَرْضٌ وَاحِدَةٌ قَالَ فِي الْكِتَابِ وَعَلَيْهِمُ الْإِعَادَةُ بَعْدَ الْوَقْتِ إِذَا صَلَّى إِمَامُهُمْ عَلَى دُكَّانٍ فِي الْمِحْرَابِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ يَسِيرَةَ الِارْتِفَاعِ فَصَلَاتُهُمْ تَامَّةٌ قَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا مِثْلُ الشِّبْرِ وَعَظْمِ الذِّرَاعِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَقَدْ أَسْقَطَ أَبُو سعيد المسئلة الْأُولَى اكْتِفَاءً بِهَذِهِ وَلَيْسَتْ فِي مَعْنَاهَا فَإِنَّ هَذِهِ أَشَارَ فِيهَا مَالِكٌ لِفِعْلِ بَنِي أُمَيَّةَ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ كِبْرِيَاءً وَهُوَ يُنَافِي الصَّلَاةَ لِكَوْنِهَا مَبْنِيَّةً عَلَى الْخُشُوعِ وَالْخُضُوعِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا كَانَ الِارْتِفَاعُ كَثِيرًا فَفِي بُطْلَانِ صَلَاةِ الْمُرْتَفِعِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْبُطْلَانُ وَنَفْيُهُ وَاشْتَرَطَ التَّكْبِيرَ فِي حَقِّ الْمَأْمُومِ وَالْبُطْلَانُ فِي حَقِّ الإِمَام مُطلقًا وكل من قصد التكبر مِنْهُمَا بطلت صَلَاتُهُ وَصَلَاةُ مَنْ خَلْفَهُ إِذَا كَانَ إِمَامًا وَلَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ الْقَصْدَ إِلَى ذَلِكَ مُحَرَّمٌ وَأَنَّهُ مَتَى

حَصَلَ بَطَلَتِ الصَّلَاةُ وَإِذَا كَانَ مَعَ الْإِمَامِ طَائِفَةٌ قَصَدُوا التَّكَبُّرَ عَلَى بَقِيَّةِ الْجَمَاعَةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدُوا فَفِي الْإِعَادَةِ قَوْلَانِ الثَّانِي كَرِهَ فِي الْكِتَابِ الصَّلَاةَ بَيْنَ يَدَيِ الإِمَام قَالَ وَهِي تَامَّة وَقَالَ ش وح فَاسِدَةٌ وَلَوْ كَانُوا فِي الْمَسْجِدِ وَمَنَعَ ش فِي الدُّورِ إِلَّا أَنْ تَتَّصِلَ الصُّفُوفُ لَنَا مَا رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْكِتَابِ أَنَّ دَارًا لِآلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَمَامَ الْقِبْلَةِ كَانُوا يُصَلُّونَ فِيهَا بِصَلَاةِ الْإِمَامِ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمُ الصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ نَعَمْ يُكْرَهُ لعدم علمهمْ سَهْو الْإِمَامِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ فَإِنْ سَهَا الْإِمَامُ يَقْطَعُ الْمَأْمُومُ وَلَا يَبْنِي لِنَفْسِهِ مَعَ وُجُودِ الْإِمَامِ بِخِلَافِ السُّفُنِ إِذَا فَرَّقَهَا الرِّيحُ لِأَنَّهُ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ كَالرُّعَافِ فَإِنْ تَمَادَى مَعَهُ فَرَكَعَ قبله وَسجد بعده وَقد قَالَ مَالِكٌ فِي الْأَعْمَى يَفْعَلُ ذَلِكَ وَلَا يَشْعُرُ يُعِيدُ الصَّلَاةَ فَرْعٌ قَالَ يَكْتَفِي بِتَكْبِيرِ مَنْ خَلْفَ الْإِمَامِ وَلَوْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ مُبَلِّغٌ جَازَ لِأَنَّ إِمَامَ الْكُلِّ وَاحِدٌ وَفِي أَبِي دَاوُدَ اشْتَكَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَصَلَّيْنَا وَرَاءَهُ وَهُوَ قَاعِدٌ وَأَبُو بَكْرٍ يُسْمِعُ النَّاس الحَدِيث وَأَجَازَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفْلِ وَابْنُ حَبِيبٍ فِي النَّفْلِ وَفِي الْجَوَاهِرِ فِي صَلَاةِ الْمُسْمِعِ وَالصَّلَاةِ بِهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ

الفصل الخامس في مقام المأموم مع الإمام

ثَالِثُهَا التَّفْرِقَةُ بَيْنَ إِذْنِ الْإِمَامِ فَتَصِحُّ وَبَيْنَ عَدمه فَتبْطل الثَّالِثُ أَجَازَ فِي الْكِتَابِ صَلَاةَ أَهْلِ السُّفُنِ المتقاربة بِإِمَام وَاحِد فِي وَاحِدهَا فَلَوْ فَرَّقَتْهُمُ الرِّيحُ فَفِي النَّوَادِرِ لِابْنِ عَبْدِ الحكم يستخلفون قَالَ أَبُو طَاهِر وَإِنْ صَلَّوْا أَفْذَاذًا جَازَ فَإِنِ اجْتَمَعُوا بَعْدَ التَّفَرُّقِ لَا يَرْجِعُونَ إِلَى الْإِمَامِ بِخِلَافِ الْمَسْبُوقِ يَظُنُّ أَنَّ إِمَامَهُ أَكْمَلَ فَيَقُومُ لِلْقَضَاءِ ثُمَّ يَتَبَيَّنُ لَهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ وَلَا يَعْتَدُّ بِمَا فعله وَالْفرق أَن تَفْرِقَة السفن اضطرارية الرَّابِع أجَاز فِي الْكتاب أَن يكون بَينهمَا نَهْرٌ صَغِيرٌ وَقَالَهُ ش وَمَنَعَهُ ح وَجَعَلَ كُلَّ فَاصِلٍ بَيْنَهُمَا يَقْطَعُ التَّبَعِيَّةِ لَنَا أَنَّ أَزْوَاجَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كُنَّ يُصَلِّينَ فِي حُجُرِهِنَّ بِصَلَاتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَحَدَّ ش النَّهْرَ بِثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاع بَينه وَبَين الصُّفُوف وَالْإِمَام وَقَالَ صَاحِبُ الْإِشْرَافِ إِنْ كَانَ الطَّرِيقُ أَوِ النَّهر لَا يمْنَع سَماع التَّكْبِير جَائِز الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي مَقَامِ الْمَأْمُومِ مَعَ الْإِمَامِ وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ مُسْتَحَبٌّ وَفِي الْكِتَابِ يَقُومُ الرَّجُلُ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ فَإِنْ قَامَ عَنْ يَسَارِهِ رَدَّهُ عَنْ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَدَّ ابْنَ عَبَّاسٍ مِنْ يَسَارِهِ إِلَى يَمِينِهِ من

الفصل السادس في تسوية الصفوف

خَلفه وَلِأَن الْيَمين أفضل وَالْمُصَلي مَأْمُور بِأَفْضَل الهيآت وَالْجِهَاتِ وَالْمَرْأَةُ خَلْفَهُ لِأَنَّهَا تُشَوِّشُ الْفِكْرَ فَتَشْغَلُ عَنِ النَّظَرِ وَالرَّجُلَانِ خَلْفَهُ لِأَنَّ التَّصْفِيفَ مَطْلُوبٌ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ فَإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي وَالصَّبِيُّ مَعَ الرَّجُلِ بِمِنَزِلَةِ الرَّجُلَيْنِ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ مليكَة دَعَتْهُ عَلَيْهِ السَّلَام لطعام صَنْعَتْهُ فَأَكَلَ مِنَهُ ثُمَّ قَالَ قُومُوا فَأُصَلِّي لَكُمْ قَالَ أَنَسٌ فَقُمْتُ إِلَى حَصِيرٍ لَنَا قَدِ اسْوَدَّ من طول مَا لبس فَنَضَحْتُهُ بِمَاءٍ فَقَامَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَيْهِ وَصَفَفْتُ أَنَا وَالْيَتِيمُ وَرَاءَهُ وَالْعَجُوزُ مِنْ وَرَائِنَا فَصَلَّى لنا رَكْعَتَيْنِ وَانْصَرف وَالرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ الرَّجُلُ عَنْ يَمِينِهِ وَالْمَرْأَةُ خَلْفَهُ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَلَّى بِهِ وَبِأُمِّهِ أَوْ خَالَتِهِ قَالَ فَأَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ وَأَقَامَ الْمَرْأَةَ خَلْفَنَا الْفَصْلُ السَّادِس فِي تَسْوِيَة الصُّفُوف قَالَ اللَّخْمِيُّ يَبْتَدِأُ بِالصُّفُوفِ مِنْ خَلْفِ الْإِمَامِ ثُمَّ مِنْ عَلَى يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ حَتَّى يَتِمَّ الصَّفُّ وَلَا يَبْتَدِأُ بِالثَّانِي حَتَّى يُكْمِلَ الْأَوَّلَ وَلَا بِالثَّالِثِ قَبْلَ الثَّانِي وَالصَّفُّ الْأَوَّلُ مَا يَلِي الْإِمَامَ فَإِنْ كَانَ ثَمَّ مَقْصُورَةٌ مُحَجَّرَةٌ فَالصَّفُّ الْأَوَّلُ الْخَارِجُ عَنْهَا لِلْوُضُوءِ بِهَا

فُرُوعٌ خَمْسَةٌ الْأَوَّلُ قَالَ فِي الْكِتَابِ مَنْ صَلَّى خَلْفَ الصُّفُوفِ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ فَإِنْ جَبَذَ إِلَيْهِ أَحَدًا فَهُوَ خَطَأٌ مِنَهُمَا وَالْإِجْزَاءُ قَوْلُ ح وش خِلَافًا لِابْنِ حَنْبَلٍ وَبَالَغَ فَقَالَ مَنِ افْتَتَحَ صَلَاتَهُ مُنْفَرِدًا خَلْفَ الْإِمَامِ فَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ حَتَّى رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ فَصَلَاتُهُ وَصَلَاةُ مَنْ تَلَاحَقَ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ بَاطِلَةٌ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ فَأَمَرَهُ بِالْإِعَادَةِ لَنَا مَا فِي الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّهُ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَهُوَ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَاكِعٌ فَرَكَعَ دُونَ الصَّفِّ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ زَادَكَ اللَّهُ حِرْصًا وَلَا تَعُدْ وَأَمَّا خَطَأُ الْمُوَافِقِ لَهُ فَلِأَنَّ الصَّفَّ الْأَوَّلَ أَفْضَلُ وَقَالَ ش فَيُسْتَحَب لَهُ ذَلِكَ وَفِي أَبِي دَاوُدَ وَسِّطُوا الْإِمَامَ وسدوا الْخلَل الثَّانِي قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ مَنْ تَأَخَّرَ عَنِ الصَّفِّ لِعُذْرٍ وَصَلَّى مُنْفَرِدًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَأعَاد عِنْد مَالك خلافًا لِابْنِ حبيب الثَّالِثُ قَالَ فِي الْكِتَابِ مَنْ دَخَلَ وَقَدْ قَامَتِ الصُّفُوفُ قَامَ حَيْثُ شَاءَ وَكَانَ يَتَعَجَّبُ مِمَّنْ يَقُولُ يَقُومُ حَذْوَ الْإِمَامِ حُجَّةُ الْمُخَالِفِ أَنَّ ابْتِدَاءَ الصُّفُوفِ مِنْ خَلْفِ الْإِمَامِ وَهَذَا مبتدئ صف وَعِنْدَ مَالِكٍ ذَلِكَ خَاصٌّ بِالصَّفِّ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ

الْمُوَازِي وَقَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ مَالِكٌ إِنْ رَأَى خَلَلًا فِي الصَّفِّ سَدَّهُ إِنْ لَمْ يُضَيِّقْ عَلَى غَيْرِهِ فَرُبَّ خَلَلٍ بَيْنَ قَائِمَيْنِ يسترانه إِذَا جَلَسَا وَيَخْرِقُ ثَلَاثَةَ صُفُوفٍ لِلْفُرْجَةِ فَإِنْ كَانَتِ الْفُرَجُ كَثِيرَةٌ مَشَى إِلَى آخِرِهَا عِنْدَ مَالِكٍ وَإِلَى أَقْرَبِهَا إِلَى الْإِمَامِ عِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ فَإِنْ كَانَتِ الْفُرْجَةُ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَتْرُكُهَا قَالَ وَالَّذِي قَالَهُ صَحِيحٌ فِيمَنْ هُوَ فِي الصَّلَاةِ أَمَّا مَنْ لَيْسَ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يَخْرِقُ الصُّفُوفَ إِلَى الْفُرْجَةِ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ كَمَا فَعَلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا جَاءَ مِنْ عِنْدِ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ فَوَجَدَ أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ الرَّابِعُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا كَانَتْ طَائِفَةٌ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ فَلَا بَأْسَ أَنْ تَقِفَ طَائِفَة عَن يسَاره وَلَا تلتصق بِالطَّائِفَةِ الَّتِي عَنْ يَمِينِهِ وَكُرِهَ تَفْرِيقُ الصُّفُوفِ وَكَذَلِكَ فِي الْبُخَارِيِّ قَالَ أَنَسٌ كَانَ أَحَدُنَا يُلْصِقُ مَنْكِبَهُ بِمَنْكِبِ صَاحِبِهِ وَقَدَمَهُ بِقَدَمِهِ وَفِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ لَا يُكَبِّرُ حَتَّى يَأْتِيَهُ رِجَالٌ قَدْ وَكَّلَهُمْ بِتَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ فَيُخْبِرُونَهُ أَنْ قَدِ اسْتَوَتْ فَيُكَبِّرُ وَكَذَلِكَ عُمَرُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ فَإِنْ رَأَى رَجُلًا خَارِجًا مِنَ الصَّفِّ يُشِيرُ إِلَيْهِ وَيَجُوزُ تقطيع الصَّفّ الموغر فِي الْموضع وَأَرْخَصَ مَالِكٌ لِلْعَالِمِ يُصَلِّي فِي آخِرِ الْمَسْجِدِ فِي مَوْضِعِهِ مَعَ أَصْحَابِهِ وَإِنْ بَعُدَتِ الصُّفُوفُ عَنْهُمْ وَيَسُدُّونَ فُرَجَهُمْ وَأَرْخَصَ فِي اعْتِدَالِ الصَّفِّ لِطَلَبِ الشَّمْسِ أَوِ الظِّلِّ وَأَجَازَ فِي الْكِتَابِ الصَّلَاةَ بَيْنَ الْأَسَاطِينِ إِذَا ضَاقَ الْمَسْجِدُ وَكَرَاهِيَّتُهُ إِمَّا لِتَقْطِيعِ الصُّفُوفِ أَوْ لِأَنَّهُ مَظَنَّةُ النَّجَاسَةِ من

الأحذية قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا كَانَتِ الْمَقْصُورَةُ لَا تدخل إِلَّا بِإِذْنٍ فَالصَّفُّ الْأَوَّلُ مَا خَرَجَ عَنْهَا وَإِلَّا فَلَا الْخَامِسُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا صَلَّتِ النِّسَاءُ بَيْنَ الرِّجَالِ صَحَّتْ صَلَاتُهُمْ وَقَالَهُ ش وَقَالَ ح مُحَاذَاةُ الْمَرْأَةِ تُفْسِدُ الصَّلَاةَ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَخِّرُوهُنَّ حَيْثُ أَخَّرَهُنَّ اللَّهُ فَمَنْ لَمْ يُؤَخِّرْهُنَّ فَهُوَ قَائِمٌ مَقَامًا مَنْهِيًّا عَنْهُ فَتَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ مَعَ أَنَّ الْحَدِيثَ يَحْتَمِلُ غَيْرَ الضَّرُورَةِ فِي الشَّهَادَاتِ أَوْ غَيْرِهَا مَعَ أَنَّهُ يَقُولُ لَا تَثْبُتُ فُرُوضُ الصَّلَاةِ إِلَّا بِطْرِيقٍ مَعْلُومٍ فَقَدْ نَقَضَ أَصْلَهُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَقَدْ غَيَّرَ أَبُو سعيد هَذِه المسئلة بِاشْتِرَاطِ ضِيقِ الْمَسْجِدِ وَلَيْسَ شَرْطًا قَالَ فَلَوْ قَامَ مَقَامَ الْإِمَامِ عِنْدَ الْبَيْتِ وَخَلْفَهُ الرِّجَالُ وَصَفَّ النِّسَاءُ مِنَ الْجِهَةِ الْأُخْرَى قَالَ أَشْهَبٌ لَا بَأْسَ بِهِ قَالَ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَكُنَّ خَلْفَ الرِّجَالِ سُؤَالٌ شَرَفُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ مُعَلَّلٌ بِسَمَاعِ الْقِرَاءَةِ وَإِرْشَادِ الْإِمَامِ وَتَوَقُّعِ الِاسْتِخْلَافِ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مَا يَلِي الْإِمَامَ مِنَ الثَّانِي وَالثَّالِثِ أَفْضَلُ مِنْ آخِرِ الْأَوَّلِ إِذَا طَالَ جَوَابُهُ أَنَّ ذَلِكَ مُعَارَضٌ بِكَوْنِ الْوَاقِفِ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ مُتَّصِفًا بِكَوْنِهِ مِنَ السَّابِقِينَ وَلذَلِك حَكَى أَبُو عُمَرَ فِي التَّمْهِيدِ الْخِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ هَلِ الصَّفُّ الْأَوَّلُ الَّذِي يَلِي الْإِمَامَ أَوِ السَّابِقُ حَيْثُ كَانَ

الفصل السابع في الإعادة في جماعة

الْفَصْل السَّابِع فِي الْإِعَادَة فِي جمَاعَة وَفِي الْمُوَطَّأِ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلَاةَ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً وَعَنْهُ فِيهِ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ أَحَدِكُمْ وَحْدَهُ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا وَقِيلَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا إِنَّ الْجُزْءَ أَكْبَرُ مِنَ الدَّرَجَةِ وَالتَّفَاوُتُ بِحَسب الْجَمَاعَات وَالْأَيمَة وَفِي مُسْلِمِ صَلَاةٌ مَعَ إِمَامٍ خَيْرٌ مِنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ صَلَاةً يُصَلِّيهَا وَحْدَهُ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى وَالِاسْتِذْكَارُ وَالْإِكْمَالُ وَغَيْرِهِمْ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلَاةَ الْفَذِّ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ صَلَاةً فَتَكُونُ صَلَاةُ الْجَمَاعَة ثَمَانِيَة وَعِشْرِينَ صَلَاةً وَاحِدَةً بِصَلَاةِ الْفَذِّ وَسَبْعَةً وَعِشْرِينَ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى رِوَايَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَعَلَى ذَلِكَ تَتَخَرَّجُ بَقِيَّةُ الْأَعْدَادِ الْوَارِدَةِ فِي الرِّوَايَاتِ وَجَعَلُوا الْأَعْدَادَ الْوَارِدَةَ كُلَّهَا أَعْدَادَ صَلَوَاتٍ لِأَجْزَاءِ ثَوَابِ صَلَاةِ الْفَذِّ فَإِنَّ هَذِهِ الْفَضِيلَةَ قُيِّدَتْ فِي بَعْضِهَا بِالصَّلَوَاتِ وَأُطْلِقَتْ فِي بَعْضِهَا وَسُمِّيَتْ أَجْزَاءً وَدَرَجَاتٍ فَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْقَيْدِ وَيَكُونُ الْجُزْءُ الْوَارِدُ فِي بَعْضِهَا جُزْءَ ثَوَابِ الْجَمَاعَاتِ لَا جُزْءَ ثَوَابِ الْفَذِّ وَاسْتَقَامَتِ الرِّوَايَاتُ كُلُّهَا وَعَظُمَتِ الْمِنَّةُ عَلَى الْعِبَادِ وَعَظُمَ التَّرْغِيبُ فِي صَلَاة

الْجَمَاعَات لَمْ يَحْكُوا فِي ذَلِكَ خِلَافًا وَفِي الْجَوَاهِرِ الْجَمَاعَةُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ لَا تَجِبُ إِلَّا فِي الْجُمُعَةِ وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا وُجُوبُهَا عَلَى الْكِفَايَة وَلَا تتْرك الْجَمَاعَة إِلَّا لعذر عَامٍّ كَالْمَطَرِ وَالرِّيحِ الْعَاصِفِ بِاللَّيْلِ أَوِ الْخَاصِّ كَالتَّمْرِيضِ وَخَوْفِ السُّلْطَانِ أَوِ الْغَرِيمِ مَعَ الْإِعْسَارِ أَوِ الْقِصَاصِ مَعَ رَجَاءِ الْعَفْوِ وَالْمَشْهُورُ اسْتِوَاءُ الْجَمَاعَاتِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ تُفَضَّلُ الْجَمَاعَةُ بِالْكَثْرَةِ وفضيلة الائتمام تَمْهِيدٌ لَا نِزَاعَ أَنَّ الصَّلَاةَ مَعَ الصُّلَحَاءِ وَالْعُلَمَاءِ وَالْكَثِيرِ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِمْ لِشُمُولِ الدُّعَاءِ وَسُرْعَةِ الْإِجَابَةِ وَكَثْرَةِ الرَّحْمَةِ وَقَبُولِ الشَّفَاعَةِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي زِيَادَةِ الْفَضِيلَةِ الَّتِي شَرَعَ اللَّهُ تَعَالَى الْإِعَادَةَ لِأَجْلِهَا فَالْمَذْهَبُ أَنَّ تِلْكَ الْفَضِيلَةَ لَا تَزِيدُ وَإِنْ حَصَلَتْ فَضَائِلُ أُخَرَ لَكِنْ لَمْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى جَعْلِهَا سَبَبًا لِلْإِعَادَةِ وَابْنُ حَبِيبٍ يَرَى ذَلِكَ قَالَ وَلَا تَحْصُلُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ بِأَقَلِّ مِنْ رَكْعَةٍ يُدْرِكُهَا مَعَ الْإِمَامِ وَهَذَا مِمَّا تَقَدَّمَ لانزاع أَنَّ مُدْرِكَ التَّشَهُّدِ لَهُ أَجْرٌ وَأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِذَلِكَ وَإِنَّمَا تِلْكَ الدَّرَجَاتُ لَا تَحْصُلُ إِلَّا بِرَكْعَةٍ لِأَنَّ الشَّرْعَ أَضَافَهَا لِجُمْلَةِ الصَّلَاةِ وَمُدْرِكُ أقل من رَكْعَة لَيْسَ مدْركا للصَّلَاة بقوله عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ فقد أدْرك الصَّلَاة قَالَ وَلَا يُعِيدُ مَعَ الْوَاحِدِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ إِمَامًا سُؤَالٌ الِاثْنَانِ إِذَا كَانَا جَمَاعَةً وَجَبَ أَنْ يُعِيدَا مَعَ الْوَاحِدِ وَإِلَّا فَيُعِيدُ مَنْ

صَلَّى مَعَ الْوَاحِدِ جَوَابُهُ هُمَا جَمَاعَةٌ إِذَا كَانَا مُفْتَرِضَيْنِ وَالْمُعِيدُ لَيْسَ بِمُفْتَرِضٍ قَالَ وَإِذَا أَعَادَ لَا يَتَعَرَّضُ لِتَخْصِيصِ نِيَّةٍ أَوْ يَنْوِي الْفَرْضَ أَوِ النَّفْلَ أَوْ إِكْمَالَ الْفَضِيلَةِ أَرْبَعَةُ أَقْوَال تتخرج عَلَيْهَا ثَلَاثَة فروع الْأَوَّلُ إِذَا ذَكَرَ عَدَمَ الطَّهَارَةِ فِي الْأُولَى أَجْزَأَتْهُ الثَّانِيَةُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ ذَكَرَ الْأُولَى حِينَ دُخُولِهِ فِي الثَّانِيَةِ فَلَا تُجْزِئُهُ وَإِلَّا أَجْزَأَتْهُ الثَّانِي إِذَا أَعَادَ لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تجزيه خلافًا لأَشْهَب الثَّالِثُ إِذَا أَحْدَثَ فِي أَثْنَاءِ الثَّانِيَةِ رَوَى الْمِصْرِيُّونَ عَدَمَ الْإِعَادَةِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ قَصَدَ بِالثَّانِيَةِ رَفْضَ الْأُولَى فَلَا إِعَادَةَ وَرُوِيَ عَنْهُ الْإِعَادَةُ وَبِهِ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ وَسَحْنُونٌ وَاخْتُلِفَ فِي التَّعْلِيلِ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَيَّتُهُمَا فَرْضُهُ وَقَالَ سَحْنُونٌ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ بِدُخُولِهِ فِيهَا وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ إِذَا كَانَ الْحَدَثُ علته وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ إِنْ أَحْدَثَ بَعْدَ رَكْعَةٍ أَعَادَ لِأَنَّهُ أَدْرَكَ صَلَاةَ الْإِمَامِ وَإِلَّا فَلَا وَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ إِنْ أَرَادَ الثَّانِيَةَ فَرْضه الأولى نَافِلَةً أَوْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَلْيُعِدِ الثَّانِيَةَ

فروع اثْنَا عشر الْأَوَّلُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا جَاءَ الْمَسْجِدَ وَقَدْ صَلَّى وَحْدَهُ فَلْيُصَلِّ مَعَ النَّاسِ إِلَّا الْمَغْرِبَ فَلْيَخْرُجْ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِمِحْجَنٍ وَكَانَ قَدْ صَلَّى فِي أَهْلِهِ وَلَمْ يُصَلِّ مَعَهُمْ إِذَا جِئْتَ فَصَلِّ مَعَ النَّاسِ وَإِنْ كُنْتَ قَدْ صَلَّيْتَ وَتُعَادُ الصَّلَوَاتُ كُلُّهَا إِلَّا الْمَغْرِبَ وَإِلَّا الصُّبْحَ وَالْمَغْرِبَ عِنْدَ ابْن عمر وَإِلَّا الصُّبْح وَالْعَصْرَ عِنْدَ ح وَكُلُّهَا عِنْدَ ش نَظَرًا لِعُمُومِ الْحَدِيثِ وَرَأَى ح أَنَّ الْأُولَى فَرْضُهُ وَالصُّبْحَ وَالْعَصْرَ لَا يَتَنَفَّلُ بَعْدَهُمَا وَالْمَغْرِبَ وِتْرٌ وَفِي أَبِي دَاوُدَ لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ وَعِنْدَنَا أَنَّ الثَّانِيَةَ لَمْ تَتَعَيَّنْ لِلنَّافِلَةِ وَفِي أَبِي دَاوُدَ لَا تُصَلُّوا صَلَاةً فِي يَوْمٍ مرَّتَيْنِ فَيجمع بَين العمومين فَيحمل النَّهْي على الْمغرب وَفِي جَمَاعَتَيْنِ أَوْ حَالَةِ الِانْفِرَادِ وَالْأَمْرُ بِالْإِعَادَةِ عَلَى مَا عَدَا ذَلِكَ وَأَمَّا خُرُوجُهُ مِنَ الْمَسْجِدِ فَلِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَلِأَنَّ فِيهِ صُورَةَ الْقُعُودِ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى حَالَةَ النُّهُوضِ لَهَا تَفْرِيعٌ فَإِنْ أَعَادَ الْمَغْرِبَ قَالَ فِي الْكتاب شفع الْآخِرَه وَتَكُونُ الْأُولَى صَلَاتُهُ

وَفِي النَّوَادِرِ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ يُسَلِّمُ مَعَ الْإِمَامِ وَيُعِيدُهَا لِأَنَّهَا تَقَعُ فَرْضًا عَلَى رَأْيٍ فَلَا تَفْسُدُ بِرَابِعَةٍ فَلَوْ دَخَلَ فِي الْمَغْرِبِ مَعَ الْجَمَاعَةِ نَاسِيًا فَذَكَرَ قَبْلَ رَكْعَةٍ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَقْطَعُ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي نَافِلَةٍ مَمْنُوعَةٍ فَأَشْبَهَ الْقِيَامَ فِي النَّافِلَةِ لِثَالِثَةٍ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَنْهَا قَالَ وَيَتَخَرَّجُ فِيهَا قَوْلٌ بِالْإِتْمَامِ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ بَعْدَ إِحْرَامِهِ بِهَا فَإِنْ ذَكَرَ بَعْدَ الرُّكُوعِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَتَمَادَى وَيُسَلِّمُ مِنِ اثْنَتَيْنِ قَالَ وَقَالَ الْبَاجِيُّ وَمُقْتَضَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْقَطْعُ فَإِنْ أَرَادَ التَّخْرِيجَ عَلَى مَا إِذَا أَحْرَمَ بِالْمَغْرِبِ فَأُقِيمَتْ عَلَيْهِ بَعْدَ رَكْعَةٍ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ فَإِنَّ الْفَرْقَ أَنَّ الَّذِي أُقِيمَتْ عَلَيْهِ إِنْ لَمْ يَقْطَعْ فَعَلَ الْمَكْرُوهَ لِأَنَّهُ قَدْ نَهَى عَنْ صَلَاتَيْنِ مَعًا وَإِنْ شَفَعَ تَنَفَّلَ قَبْلَ الْمَغْرِبِ بِخِلَافِ هَذِهِ الصُّورَةِ قَالَ وَإِنْ أَتَمَّ الْمَغْرِبَ مَعَ الْإِمَامِ سَاهِيًا عَنِ الْإِشْفَاعِ فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ ذَكَرَ بِالْقُرْبِ رَجَعَ وَأَتَى بِرَكْعَةٍ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ فَإِن تطاول فَلَا شَيْء عَلَيْهِ الثَّانِي قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا سَمِعَ الْإِقَامَةَ فِي الْمَسْجِدِ وَقَدْ صَلَّى فِي بَيْتِهِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الدُّخُولُ مَعَهُمْ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ الْجَمَاعَةُ فَرْضٌ عَلَى الْأَعْيَانِ وَلَيْسَتْ شَرْطًا فِي صِحَة الصَّلَاة وَقَالَ بعض الشفعوية فَرْضُ كِفَايَةٍ لِمَا فِي الصِّحَاحِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَدَ نَاسًا فِي بَعْضِ الصَّلَوَاتِ فَقَالَ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ رَجُلًا فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ ثُمَّ أُخَالِفُ إِلَى رِجَالٍ يَتَخَلَّفُونَ عَنْهَا فَآمُرُ رِجَالًا فَيَحْرِقُونَ عَلَيْهِمْ بِحُزَمِ الْحَطَبِ بُيُوتَهُمْ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى صَدْرِ الْإِسْلَامِ حَيْثُ كَانَ

النِّفَاقُ وَالتَّقَاعُدُ عَنِ الدِّينِ كَثِيرًا وَأَيْضًا فَالْحَدِيثُ لَنَا فَإِنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَخْبَرَ أَنَّهُ هَمَّ بِتَرْكِ الْجَمَاعَةِ وَهُوَ لَا يَهُمُّ بِتَرْكِ الْوَاجِبِ فَإِذَا صَلَّى وَحْدَهُ ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ فَوَجَدَهُمْ فِي تِلْكَ الصَّلَاة الْمَشْهُور النَّدْبُ لِلدُّخُولِ مَعَهُمْ وَرُوِيَ عَنْهُ الْكَرَاهَةُ فَلَوْ وَجَدَهُمْ فِي التَّشَهُّدِ فَلَا يَدْخُلُ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُعِيدًا فَذًّا فَإِنِ اعْتَقَدَهُمْ فِي الْأَوَّلِ فَسَلَّمُوا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُسَلِّمُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ وَالْأَمْرُ بِالْجَمَاعَةِ لَمْ يَأْتِ عَلَى الْعُمُومِ وَإِنَّمَا جَاءَ فِيمَن حضر الْجَمَاعَة الثَّالِثُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي بَيْتِهِ وَأَوْتَرَ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يُعِيدُهَا لِأَجْلِ الْوِتْرِ فَإِنْ أَعَادَهَا قَالَ سَحْنُونٌ يُعِيدُ الْوتر وَقَالَ يحى بْنُ عُمَرَ لَا يُعِيدُ لِأَنَّهُ لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَة الرَّابِعُ إِذَا أَمَرْنَاهُ بِإِعَادَةِ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ قَالَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَنَفَّلَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ أَنْ يُعِيد لِأَن التَّنَفُّل بعدهمَا مَكْرُوه الْخَامِسُ قَالَ فِي الْكِتَابِ مَنْ صَلَّى مَعَ الْوَاحِدِ لَا يُعِيدُ فِي جَمَاعَةٍ وَقَالَهُ الْحَنَفِيَّةُ وَقَالَ ابْن حَنْبَل يُعِيد وللشافعية ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ مِثْلُ قَوْلِنَا يُعِيدُ مَا عَدَا الصُّبْحَ وَالْعَصْرَ يُعِيدُ الْجَمِيعَ لَنَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَام لَا تصل صَلَاةٌ فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ وَاخْتَلَفَ الْأَشْيَاخُ فِي صُورَتَيْنِ إِذَا صَلَّى مَعَ صَبِيٍّ أَوْ مَعَ أَهْلِهِ هَلْ يُعِيدُ أَمْ لَا نَظَرًا إِلَى تَنَفُّلِ الْأَوَّلِ؟ وَلِعُمُومِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَلِّ وَإِنْ صَلَّيْتَ فِي أَهْلِكَ فِي الثَّانِيَة

فَرْعٌ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُعِيدُ مَنْ صَلَّى مَعَ الْوَاحِدِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ وَالْمُقَدَّسِ لِفَضْلِ تِلْكَ الْبِقَاعِ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ خِلَافُهُ وَإِنَّمَا الصَّلَاةُ بِهَا فُرَادَى أَفْضَلُ مِنَ الْجَمَاعَةِ فِي غَيْرِهَا وَأَلْزَمُهُ اللَّخْمِيُّ الْإِعَادَة مُنْفَردا السَّادِسُ لَوْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ تِلْكَ الصَّلَاةُ بَعْدَ أَنْ صَلَّى رَكْعَةً مِنْهَا قَالَ فِي الْكِتَابِ يُضِيفُ إِلَيْهَا رَكْعَةً وَيُسَلِّمُ وَيُعِيدُ مَعَ الْإِمَامِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِلَّا أَنْ يَخَافَ أَنْ تَفُوتَهُ رَكْعَةٌ مَعَ الْإِمَامِ فَيَقْطَعُ بِسَلَامٍ فَإِنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ بَعْدَ ثَلَاثٍ قَالَ فِي الْكِتَابِ يُكْمِلُهَا وَيَدْخُلُ مَعَهُ وَلَا يَجْعَلُ الْأُولَى نَافِلَةً فَإِنْ أُقِيمَتْ قَبْلَ الرُّكُوعِ قَطَعَ وَدَخَلَ مَعَهُ وَقَالَ ش يَدْخُلُ مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَحْرَمَ قَبْلَ إِمَامِهِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ بِخِلَافِ مَنْ أَحْرَمَ بِنَافِلَةٍ فَإِنَّهُ يُتِمُّهَا وَالْفرق أَنه فِي الأولى قطعهَا ليكملها وَهَهُنَا الْقَطْعُ لِغَيْرِهَا فَكَانَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَوْلَى وَأَيْضًا فَإِنَّ النَّافِلَةَ إِذَا قَطَعَهَا لَا يَعُودُ إِلَيْهَا بِخِلَافِ الْفَرِيضَةِ فَإِنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الْمَغْرِبُ قَالَ فِي الْكِتَابِ يَقْطَعُ وَإِنْ صَلَّى رَكْعَةً وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ يُضِيفُ إِلَيْهَا أُخْرَى وَجه الأول عدم التَّنْفِيل قبل الْمغرب وَجْهُ الثَّانِي انْعِقَادُ الصَّلَاةِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَكَذَلِكَ لَوْ أُقِيمَتْ بَعْدَ رَكْعَةٍ قَطَعَ عَلَى مَذْهَب الْكتاب

فَإِنْ أُقِيمَتْ بَعْدَ ثَلَاثٍ أَتَمَّهَا وَلَا يَدْخُلُ مَعَهم وانعقاد الثَّالِثَة بتمكن الْيَدَيْنِ من الرَّكْعَتَيْنِ عِنْد ابْن الْقَاسِم وبالرفع عِنْد أَشهب السَّابِعُ قَالَ فِي الْكِتَابِ مَنْ صَلَّى وَحْدَهُ فَأَمَّ غَيْرَهُ فِيهَا أَعَادَ الْمَأْمُومُ لِأَنَّهُ لَا يدْرِي أَيَّتهمَا فَرْضه وَقَالَ ح وش وَابْنُ حَنْبَلٍ الثَّانِيَةُ نَافِلَةٌ وَهُوَ الْقِيَاسُ لِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ بِالْأُولَى لَنَا مَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ أَو ذَلِك إِلَيْك؟ إِنَّمَا ذَلِك إِلَى الله فرع مُرَتّب قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِنْ أَمَّهُمْ وَقُلْنَا يُعِيدُ الْمَأْمُومُ أَبَدًا فَفِي الْكِتَابِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُعِيدُوا فِي جَمَاعَةٍ لِأَنَّ الْأُولَى قَدْ تَكُونُ فَرْضَهُمْ وَلَا جَمَاعَتَانِ فِي يَوْمٍ وَهَذَا الْفَرْعُ يَشْكُلُ عَلَى مَا فِي الْجَوَاهِرِ أَنَّهُ لَا يُعِيد مَعَ الْوَاحِد فَإِن الْوَاحِد هَهُنَا مُتَنَفِّلٌ وَقَدْ حَصَلَتِ الْجَمَاعَةُ وَإِنْ وَجَبَتِ الْإِعَادَةُ وَثَمَّ الْمُعِيدُ مُتَنَفِّلٌ وَلَا إِعَادَةَ فَكَانَتْ أَقْرَبُ بِحُصُول الْجَمَاعَة الثَّامِنُ لَوْ ذَكَرَ الْمَأْمُومُ سَجْدَةً مِنْ إِحْدَى الصَّلَاتَيْنِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ لَا يُعِيدُ وَقَالَ عبد الْملك يُعِيد لِأَن اعْتِقَاده لم يخلص للْفَرض التَّاسِعُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا صَلَّى الْإِمَامُ وَحْدَهُ صَلَّى أَهْلُ الْمَسْجِدِ

بعده أفذاذا قَالَ ابْن الْقَاسِم وَلَا يُعِيدُ فِي جَمَاعَةٍ وَجْهُهُ أَنَّ الْمَسْجِدَ لَهُ حَقُّ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ فِيهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمه} وَهَذَا الْحَقُّ بِيَدِ الْإِمَامِ وَلَيْسَ لِغَيْرِهِ إِقَامَتُهُ فَإِذَا أَذَّنَ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ فَقَدْ أَدَّى ذَلِكَ الْحَقَّ فَهُوَ حِينَئِذٍ فِي حُكْمِ الْجَمَاعَةِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ فَلَوْ أَذَّنَ الْقَوْمُ قَبْلَهُ وَصَلَّوْا كَانَ لَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ بَعْدَهُمْ وَيُصَلِّيَ لِأَنَّهُ صَاحب الْحق وهم معتدون وَلَوْ غَابَ إِمَامُهُمْ فَجَمَعَ بِهِمْ غَيْرُهُ قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِنْ كَانَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ لَا تُعَادُ فِيهِ جَمَاعَةٌ وَإِلَّا أُعِيدَتْ وَأَمَّا كَوْنُهُمْ يصلونَ أفذاذا فَقَالَ بِهِ ح وش وَأَجَازَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ مُحْتَجًّا بِمَا رُوِيَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي وَحْدَهُ فَقَالَ أَلا رجلا يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا فَيُصَلِّيَ مَعَهُ؟ وَجَوَابُهُ لَعَلَّهُ كَانَ لَا يُحْسِنُ الصَّلَاةَ فَأَمَرَ مَنْ يُعَلِّمُهُ كَيْفَ يُصَلِّي أَوْ كَانَ فِي نَفْلٍ أَوْ خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَيُرْوَى عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ كَانَ أَصْحَابه عَلَيْهِ السَّلَام إِذا فَاتَتْهُمْ الْجَمَاعَة صَلَّوْا فِي الْمَسْجِدِ فُرَادَى قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَيَتَنَزَّلُ الْمَكَانُ الَّذِي جَرَتِ الْعَادَةُ بِالْجَمْعِ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَسْجِدًا مَنْزِلَةَ الْمَسْجِدِ وَقَالَهُ مَالِكٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَرَخَّصَ فِي الْمَسَاجِدِ الَّتِي يجمع فِيهَا بعض الصَّلَوَات الْعَاشِرُ فِي الْجَوَاهِرِ لَيْسَ لِلْمَأْمُومِ أَنْ يُصَلِّيَ فَذًّا وَلَا بِالْعَكْسِ فَإِنِ اضْطُرَّ كَمَرِيضٍ اقْتَدَى بِمَرِيضٍ فَصَحَّ قَالَ سَحْنُونٌ يُتِمُّ لِنَفْسِهِ كَمَا يَصِيرُ الْإِمَامُ بِالْعُذْرِ مَأْمُومًا وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ يَتَمَادَى لِأَنَّهُ دَخَلَ بِمَا يَجُوزُ لَهُ

الفصل الثامن في سبق الإمام المأموم وبالعكس

الْحَادِيَ عَشَرَ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ لَا يَجْلِسُ أَحَدٌ وَالْإِمَامُ يُصَلِّي وَلَا يَرْكَعُ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ بَعْدَ الْإِقَامَةِ فِي الْمَسْجِدِ وَلَا فِي رِحَابِهِ وَلَا فِي أفنيته الْمُتَّصِلَة بِهِ الثَّانِي عَشَرَ قَالَ لَا يَجُوزُ تَعَدِّي الْمَسْجِدِ إِلَى غَيْرِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ إِمَامُهُ لَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ فَإِنْ فَعَلَ فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ عِنْدَنَا الْفَصْلُ الثَّامِنُ فِي سَبْقِ الْإِمَامِ الْمَأْمُوم وَبِالْعَكْسِ وَفِيه فروع تِسْعَة الْأَوَّلُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا جَاءَ وَالْإِمَامُ رَاكِعٌ فَلْيَرْكَعْ إِنْ كَانَ قَرِيبًا وَخَشِيَ رَفْعَ رَأْسِهِ مِنَ الرُّكُوعِ وَيَدِبُّ إِلَى الصَّفِّ وَقَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ الْقُرْبُ نَحْوَ ثَلَاثَةِ صُفُوفٍ وَقَالَ الشَّافِعِي إِنْ دَبَّ ثَلَاثَ خُطُوَاتٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ إِنْ كَانَ قَرِيبًا أَنه إِنْ بَعُدَ لَا يَرْكَعُ وَإِنْ خَشِيَ فَوَاتَ الرَّكْعَةِ حَتَّى يَأْتِيَ الصَّفَّ وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَرَوَى عَنْهُ خِلَافَهُ قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ خِلَافًا أَوْ يُحْمَلُ الْأَوَّلُ عَلَى أَوَّلِ الصَّلَاةِ لِأَنَّ إِدْرَاكَ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ مُمْكِنٌ وَالثَّانِي عَلَى آخِرِ رَكْعَةٍ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ وَقِيلَ لَا يَرْكَعُ مُطْلَقًا حَتَّى يَدْخُلَ الصَّفَّ وَإِذَا قُلْنَا يَدِبُّ فَهَلْ وَهُوَ رَاكِعٌ حَتَّى يَرْفَعَ وَهُوَ فِي الصَّفِّ أَوْ حَتَّى يَرْفَعَ لِأَنَّ فِعْلَهُ ذَلِكَ فِي الرُّكُوعِ فَشَاقٌّ قَوْلَانِ وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّهُ انْتَهَى إِلَيْهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهُوَ رَاكِعٌ فَرَكَعَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ الصَّفَّ فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ زَادَكَ اللَّهُ حِرْصًا وَلَا تَعُدْ

الثَّانِي قَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ إِدْرَاكُ الرَّكْعَةِ قَبْلَ رَفْعِ الْإِمَامِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ فَإِنْ شَكَّ فِي ذَلِكَ لَا يَحْرُمُ فَإِنْ أَحْرَمَ وَرَكَعَ ثُمَّ شَكَّ فَلَا يَعْتَدُّ بِهَا عِنْدَ مَالِكٍ وَيَتَمَادَى وَيُعِيدُ عِنْدَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ احْتِيَاطًا وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ قِيَاسًا عَلَى الشَّكِّ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ وَغَيرهَا الثَّالِث إِذا أحس الإِمَام بداخل لَا ينتظره عِنْد مَالك وح قَالَ الْمَازِرِيُّ وَقَالَ سَحْنُونٌ يَنْتَظِرُهُ وَلِ ش قَوْلَانِ لَنَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ مَشْرُوعًا لَصَرَفَ نُفُوسَ الْمُصَلِّينَ إِلَى انْتِظَارِ الدَّاخِلِينَ فَيَذْهَبُ إِقْبَالُهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ وَأَدَبُهُمْ مَعَ رَبِّهِمْ وَقِيَاسًا عَلَى الْفَذ إِذا أحس بِمن يُعِيد فَضِيلَة الْجَمَاعَة وَقد سلمه ش احْتَجُّوا بِالْقِيَاسِ على صَلَاة الْخَوْف بِأَنَّهَا إِعَانَةٌ عَلَى قُرْبَةٍ فَتَكُونُ قُرْبَةً كَتَعْلِيمِ الْعِلْمِ وَإِقْرَاءِ الْقُرْآنِ وَتَبْلِيغِ الشَّرَائِعِ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ الْإِشْرَاكِ فِي الْأَعْمَالِ لِأَنَّ ذَلِكَ لِأَغْرَاضٍ دُنْيَوِيَّةٍ وَرَدَّ عَلَيْهِمْ أَنَّهُ تَفْوِيتٌ لِقُرْبَتَيْنِ الْقِيَامُ وَالْفَاتِحَةُ فِي الرَّكْعَةِ الَّتِي يَقْضِيهَا الْمَسْبُوقُ أَجَابُوا بِأَنَّهُ مُعَارَضٌ بِأَنَّ السُّجُودَ وَالْجُلُوسَ حِينَئِذٍ يَكُونُ نَفْلًا وَعَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ يَكُونُ فَرْضًا وَالْفَرْضُ أَفْضَلُ مِنَ النَّفْلِ قُلْنَا بَلْ يَأْتِي بِهِمَا بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ فَرْضًا وَمَعَهُ نَفْلًا فَيَكُونُ الْجَمِيع الرَّابِعُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَدْرَكَهُ فِي السَّجْدَةِ الْأَخِيرَةِ يَدْخُلُ مَعَهُ وَلَا يَسْجُدُ مَا فَاتَهُ وَلَا يَقْضِيهِ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا جِئْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ وَنَحْنُ سُجُودٌ فَاسْجُدُوا وَلَا تَعُدُّوهَا شَيْئًا وَمَنْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ وَقَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ يُرْفِقُ فِي مَشْيِهِ حَتَّى يَرْفَعَ مُلَاحِظَهُ ليقي الزِّيَادَة فِي الصَّلَاة

الْخَامِسُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ يُسْتَحَبُّ لِلْمَأْمُومِ أَلَّا يَشْرَعَ فِيمَا عَدَا الْإِحْرَامِ وَالسَّلَامِ حَتَّى يَشْرَعَ الْإِمَامُ وَقَبْلُهُ مِنَهِيٌّ عَنْهُ فَإِنْ رَفَعَ قَبْلَ أَن يظْهر الْإِمَامُ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا أَجْزَأَهُ لِحُصُولِ الِارْتِبَاطِ بِذَلِكَ الْجُزْءِ وَفِي مُسْلِمٍ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَمَا يَخْشَى أَحَدُكُمْ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ أَنْ يُحَوِّلَ اللَّهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ وَلَمْ يَذْكُرْ إِعَادَةً وَيَرْجِعُ وَلَا يَنْتَظِرُ رَفْعَ الْإِمَامِ قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ أَيْضًا هُوَ وَأَشْهَبُ لَا يَرْجِعُ لِأَنَّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُود وَقد انْعَقَدَ فَتَكْرَارُهُ زِيَادَةٌ فِي الصَّلَاةِ وَقَالَ سَحْنُونٌ يَرْجِعُ وَيَبْقَى بَعْدَ السَّلَامِ بِقَدْرِ مَا تَقَدَّمَهُ الْإِمَامُ وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ مَعَ الْإِمَامِ مَا عَدَا الْإِحْرَامَ وَالسَّلَامِ وَالْقِيَامَ مِنِ اثْنَتَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ إِلَى الْإِمَامِ فَصلَاته صَحِيحَة على الْمَشْهُور السَّادِسُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ إِذَا نَعَسَ خَلْفَ الْإِمَامِ عَنْ رُكُوعِ الْأُولَى فَإِنْ طَمَعَ فِي السُّجُودِ سَجَدَ وَيُلْغِيهَا وَإِنَّمَا يَتْبَعُ الإِمَام فِيمَا عدا الأولى وَقَالَهُ ح وش قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَقَالَهُ مَالِكٌ فِي الْغَافِلِ وَالْمَضْغُوطِ وَقَالَ أَشْهَبُ وَابْنُ وَهْبٍ يَرْكَعُ وَيَتْبَعُهُ فِي الْأُولَى وَغَيْرِهَا مَا لَمْ يَرْفَعْ مِنَ السُّجُودِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ وَقِيلَ يَتْبَعُهُ مَا لَمْ يَعْقِدِ الثَّانِيَةَ وَسَبَبُ الْخِلَافِ هَلِ الْقِيَامُ فرض على الْمَأْمُور لَا يُسْقِطُهُ إِلَّا عُذْرُ السَّبْقِ فَيَكُونُ الشُّرُوعُ فِيهِ مَانِعًا مِنَ الِاتِّبَاعِ أَوْ لَيْسَ بِفَرْضٍ قِيَاسًا عَلَى الْمَسْبُوقِ فَلَا يَكُونُ مَانِعًا وَإِذَا قُلْنَا بِالسُّجُودِ فَقِيلَ السَّجْدَتَانِ وَقِيلَ الْوَاحِدَةُ مَانِعَةٌ لِأَنَّهَا فَرْضٌ صَحِيحٌ وَإِذَا قُلْنَا مَا لَمْ يَعْقِدِ الرَّكْعَةَ فَهَلْ عَقْدُهَا بِوَضْعِ الْيَدَيْنِ أَوِ الرَّفْعِ قَوْلَانِ وَقِيلَ لَا يَتَلَافَى فِي الْأُولَى وَلَا فِي غَيرهَا لِأَن الْمَشْرُوع عَقِيبَهُ وَهَذَا قَدْ فَاتَ وَوَجْهُ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ

السَّلَامُ مَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا وَقد فَاتَهُ الرُّكُوع فَيجب عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ لِأَنَّهُ يَتْرُكُ مُتَابَعَةَ الْإِمَامِ فِي وَاجِبٍ وَقِيَاسًا عَلَى الْمَسْبُوقِ وَوَجْهُ الثَّانِي مَا فِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَفَّهُمْ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ صَفَّيْنِ فَصَلَّى بِالَّذِينَ يَلُونَهُ رَكْعَةً ثُمَّ قَامَ فَلَمْ يَزَلْ قَائِمًا حَتَّى صَلَّى الَّذِينَ خَلْفَهُ رَكْعَةً ثُمَّ تَقَدَّمُوا وَتَأَخَّرَ الَّذِينَ كَانُوا قُدَّامَهُمْ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً ثُمَّ قَعَدَ حَتَّى صَلَّى الَّذِينَ تَخَلَّفُوا رَكْعَةً ثُمَّ سَلَّمَ وَهَذَا أَصْلٌ فِيمَنْ أَحْرَمَ مَعَ الْإِمَامِ وَعَاقَهُ عُذْرٌ عَنِ الرُّكُوعِ حَتَّى رَكَعَ فَإِنَّهُ يَرْكَعُ وَيَتْبَعُهُ قَالَ فَلَوْ رَكَعَ فِي الْأُولَى وَنَعَسَ عَنْ سُجُودِهَا فَعَنْ مَالك وش أَنه كالركوع وَعَن مَالك أَيْضا وَأَشْهَب وح الْفَرْقُ وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّهَا إِنَّمَا تَكْمُلُ بِسُجُودِهَا وَجْهُ الثَّانِي مَا فِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَلَّى بِعُسْفَانَ صَلَاةَ الْخَوْفِ وَالْعَدُوُّ تُجَاهَهُمْ فَأَحْرَمَ بِالصَّفَّيْنِ فَلَمَّا رَكَعُوا سَجَدَ بِأَحَدِهِمَا وَلَمْ يَسْجُدِ الثَّانِي حَتَّى قَامَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى الثَّانِيَة وَهُوَ أَصْلٌ فِي كُلِّ مَنْ عَاقَهُ عُذْرٌ بَعْدَ الرُّكُوعِ عَنِ السُّجُودِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَفَرَّقَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا لِتَأَكُّدِ الْجَمَاعَةِ فِي الْجُمُعَةِ قَالَ فَلَوْ نَعَسَ فِي الرَّابِعَةِ عَنِ الرُّكُوعِ لَا يَكُونُ السَّلَامُ مَانِعًا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ إِذَا زُوحِمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَنِ السُّجُودِ فِي الْأُولَى حَتَّى رَكَعَ الْإِمَامُ فِي الثَّانِيَةِ وَعَنْهُ فِي الثَّانِيَةِ حَتَّى سَلَّمَ يُصَلِّي ظُهْرًا أَرْبَعًا وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَتْبَعُهُ وَلَوْ أَدْرَكَ الْأُولَى وَزُوحِمَ عَنْ سُجُودِ الثَّانِيَةِ حَتَّى سَلَّمَ الْإِمَامُ فَقِيلَ يَسْتَأْنِفُ الرَّكْعَةَ بِنَاءً عَلَى أَن

السَّلَامَ بِمِنَزِلَةِ الرَّكْعَةِ قَالَ وَحَيْثُ قُلْنَا يَبْنِي الناعس فسوى ابْن الْقَاسِم بن المزاحم وح وش وَلابْن الْقَاسِم أَيْضا لَا يَبْنِي فِي المزاحم لِأَنَّهُ صنع للآدمي السَّابِعُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ ثَلَاثًا قَامَ بِغَيْرِ تَكْبِيرٍ لِأَنَّ الْإِمَامَ حَبسه وَلَيْسَ لَهُ بجلوس بِخِلَاف مَا لَو أدْرك اثْنَتَيْنِ وصابط ذَلِكَ أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ فَرْدًا قَامَ بِغَيْرِ تَكْبِيرٍ أَوْ زَوْجًا قَامَ بِتَكْبِيرٍ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا أَدْرَكَ وِتْرًا قَامَ بِتَكْبِيرٍ لِأَنَّهُ مُتَنَفِّلٌ وَجْهُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ زِيَادَةٌ عَلَى تَكْبِيرِ الصَّلَاةِ فَيَفْتَقِرُ إِلَى نَصٍّ قَالَ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ يَقُومُ بِغَيْرِ تَكْبِيرٍ فِي الشَّفْعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ قَاضٍ للماضيتين وَالَّذِي شرع فِي أَوَّلُهُمَا تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ فَإِنْ أَدْرَكَهُ فِي الْجُلُوسِ الْأَخِيرِ قَالَ فِي الْكِتَابِ يَقُومُ بِتَكْبِيرٍ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ مُحْتَجِّينَ بِأَنَّهُ قَدْ كَبَّرَ قَائِمًا وَلَمْ يُشْرَعْ فِي أَوَّلِ الصَّلَاةِ غَيْرُ تَكْبِيرَة جَوَابُهُمْ أَنَّهُ الْآنَ كَمَا شَرَعَ فِي أَوَّلِ صلَاته وَلم يكبر فيكبر قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَيَتَخَرَّجُ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ إِنَّهُ لَا يُكَبِّرُ إِذَا أَدْرَكَ شفعا أَنه لَا يكبر هَهُنَا وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُخْتَصَرِ إِنْ وَجَدَهُ جَالِسًا كَبَّرَ لِلْإِحْرَامِ فَقَطْ أَوْ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا كَبَّرَ لِلْإِحْرَامِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَقَالَهُ ش فِي الْجُلُوسِ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْفَرْقُ أَنَّ التَّكْبِيرَ مَشْرُوعٌ لِلْوُصُولِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْخُرُوجِ مِنْهُمَا فَمَنْ دَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ فِيهِمَا كَبَّرَ لَهُمَا وَأَمَّا الْقِيَامُ وَالْجُلُوسُ فَلَيْسَ لَهُمَا تَكْبِيرٌ فَالدَّاخِلُ فِيهِمَا لَا يُكَبِّرُ وَإِذَا جَلَسَ مَعَه يتَشَهَّد قَالَهُ صَاحِبُ الطَّرَّازِ خِلَافًا لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَام مَا أدركتم فصلوا قَالَ فَلَوْ وَجَدَهُ فِي جُلُوسِ

الصُّبْحِ يُحْرِمُ وَيَجْلِسُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَمْ يَرْكَعِ الْفَجْرَ فَيَجْلِسُ وَلَا يُحْرِمُ فَإِذَا سَلَّمَ ركع الْفجْر وَأحرم الثَّامِنُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَدْرَكَ الْأَخِيرَةَ مِنَ الرُّبَاعِيَّةِ قَرَأَ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَحْدَهَا وَفِي الَّتِي بعد سَلام الإِمَام بِالْحَمْد وَسورَة وَيجْلس ثمَّ بِالْحَمْد وَسورَة ثمَّ بِالْحَمْد وَحْدَهَا وَيَقْضِي مَا فَاتَهُ جَهْرًا إِنْ كَانَ جَهرا وَاتفقَ أَرْبَاب الْمَذْهَب على أَن من فَاتَهُ رَكْعَتَانِ قضاهما بِالْحَمْد وَسُورَةٍ وَقَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ وَلَا خِلَافَ بَيْنِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّ الْقَاضِيَ إِنَّمَا يُفَارِقُ الْبَانِيَ فِي الْقِرَاءَةِ فَقَطْ وَفِي الْجَوَاهِرِ اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ عَلَى ثَلَاثِ طُرُقٍ طَرِيقَةُ أَبِي مُحَمَّدٍ وَجُلِّ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ الْمَذْهَبَ عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ فِي الْبِنَاءِ فِي الْأَفْعَالِ وَالْقَضَاءِ فِي الْأَقْوَالِ وَطَرِيقَةُ الْقَرَوِيِّينَ أَنَّ الْمَذْهَبَ عَلَى قَوْلَيْنِ فِي الْقِرَاءَةِ خَاصَّةً وَعَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ فِي الْجُلُوسِ وَطَرِيقَةُ اللَّخْمِيِّ أَنَّ الْمَذْهَبَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ بَانٍ فِي الْأَفْعَالِ وَالْأَقْوَالِ وَقَاضٍ فِيهِمَا وَقَاضٍ فِي الْقِرَاءَةِ فَقَطْ تَنْبِيهٌ يُقَالُ أَفْعَالُ الصَّلَاةِ كُلُّهَا وَاجِبَةٌ إِلَّا ثَلَاثَةً رَفْعُ الْيَدَيْنِ مَعَ تَكْبِيرِ الْإِحْرَامِ وَالْجِلْسَةُ الْوُسْطَى وَالتَّيَامُنُ فِي السَّلَامِ وَأَقْوَالُ الصَّلَاةِ كُلُّهَا لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ إِلَّا ثَلَاثَةً تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ وَقِرَاءَةُ الْحَمْدِ وَالسَّلَامُ وَلَمَّا اخْتَلَفَتْ رِوَايَاتُ الْحَدِيثِ فِي الْقَضَاءِ وَالْبِنَاءِ جُمِعَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ بِتَخْصِيصِ الْقَضَاءِ بِالْأَقْوَالِ لِضَعْفِهَا بِكَثْرَةِ عَدَمِ الْوُجُوبِ فِيهَا قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَلَا يَقْنُتُ الْمَسْبُوقُ فِي قَضَاءِ الصُّبْحِ عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ لِأَنَّهُ قَاضٍ لِمَا فَاتَهُ وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ يَقْنُتُ قَالَ وَقَدْ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ رَكَعَاتِ الْمَغْرِبِ صَارَتْ صَلَاتُهُ جُلُوسًا كُلُّهَا

الفصل التاسع في الاستخلاف

وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ وَبِهِ اسْتَدَلَّ أَصْحَابُنَا وَالشَّافِعِيَّةُ عَلَى الْحَنَفِيَّةِ حَيْثُ جَعَلُوهُ إِذَا أَدْرَكَ الرَّابِعَة جعلهَا آخر صلَاته ويبتدئ بالثالثة الْقَضَاءِ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ لَا تَجِبُ عِنْده فِي الآخرتين ثُمَّ بِالْأُولَى بِالْقِرَاءَةِ وَأَمَّا الرُّبَاعِيَّةُ فَلَا تَصِيرُ جُلُوسًا كلهَا إِذَا فَاتَتْهُ الْأُولَى أَدْرَكَ الثَّانِيَةَ وَفَاتَهُ الْبَاقِي بِرُعَافٍ أَوْ أَدْرَكَ الْمُقِيمُ خَلْفَ الْمُسَافِرِ رَكْعَةً قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَابْنُ الْمَوَّازِ يَأْتِي بِالثَّانِيَةِ وَيجْلس وبالثالثة يجلس لِأَنَّ مِنْهَا يَقُومُ إِلَى قَضَاءِ الْأُولَى عِنْدَهُمَا وَعند سَحْنُون لَا يجلس التَّاسِعُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ إِذَا استفهم الإِمَام بِرَكْعَتَيْنِ فأفهم بَعْضَهُمْ فِيهِمَا بَعْدَ سَلَامِهِ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُعِيدُوا بَعْدَ الْوَقْتِ وَكَذَلِكَ إِذَا كَانُوا مُقِيمِينَ وَمُسَافِرِينَ فَقَدَّمَ الْمُقِيمُونَ أَحَدَهُمْ الْفَصْلُ التَّاسِعُ فِي الِاسْتِخْلَاف وَهُوَ جَائِز عندنَا وَعند ابْن حَنْبَل وَللشَّافِعِيّ قَوْلَانِ وَفَرَّقَ ح بَيْنَ طُرُوِّ الْحَدَثِ عَلَيْهِ فَيَسْتَخْلِفُ وَبَيْنَ تَذَكُّرِهِ فَقَالَ إِنَّمَا يَسْتَخْلِفُ مَنْ أحرم ظَاهرا لَنَا مَا رَوَاهُ مَالِكٌ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ذَهَبَ إِلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ لِيُصْلِحَ بَينهم فَجَاءَت الصَّلَاة فَجَاءَ الْمُؤَذِّنُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ أَتُصَلِّي بِالنَّاسِ فَأُقِيمَ؟ قَالَ نَعَمْ فَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ فَجَاءَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَالنَّاسُ فِي الصَّلَاةِ فَتَخَلَّصَ حَتَّى وَقَفَ فِي الصَّفِّ وَسَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ ثُمَّ اسْتَأْخَرَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى اسْتَوَى فِي الصَّفِّ وَتَقَدَّمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَصَلَّى الْحَدِيثَ فَقَدْ رَجَعَ

عَلَيْهِ السَّلَامُ إِمَامًا بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ وَقِيَاسًا عَلَى وِلَايَةِ الْقَضَاءِ وَغَيْرِهَا بِجَامِعِ تَحْصِيلِ الْمَصْلَحَةِ وَرَفْعِ الْمُنَازَعَةِ حُجَّةُ الْمَنْعِ مَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَلَّى بِأَصْحَابِهِ فَلَمَّا أَحْرَمَ بِالصَّلَاةِ ذَكَرَ أَنَّهُ جُنُبٌ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ كَمَا أَنْتُمْ وَمَضَى وَرَجَعَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ مَاءً وَلَمْ يَسْتَخْلِفْ جَوَابُهُ أَنَّهُ دَلِيلُ الْجَوَازِ وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ وَهَذَا الحَدِيث حجَّة على أبي حنيفَة فِي أَنَّ تَقَدُّمَ الْجَنَابَةِ لَمْ يَمْنَعِ الِاقْتِدَاءَ بِهِ وَإِذَا صَحَّ الِاقْتِدَاءُ فِي الْحَالَتَيْنِ صَحَّ الِاسْتِخْلَافُ فِيهِمَا قِيَاسًا لِإِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى وَالنَّظَرُ فِي مَحَلِّهِ وَصِفَتِهِ وَصِفَةِ الْمُسْتَخْلِفِ وَفِعْلِهِ فَهِيَ أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ مَحِلُّهُ فَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ إِذَا طَرَأَ عَلَى الْإِمَامِ مَا يَمْنَعُهُ الْإِمَامَةَ وَيُبْطِلُ الصَّلَاةَ فَالْأَوَّلُ كَتَقْصِيرِهِ عَنْ فَرْضٍ فَإِنَّهُ يُصَلِّي مَأْمُومًا خَلْفَ النَّائِبِ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَلَوْ حَصَرَ عَنْ بَعْضِ السُّورَةِ بَعْدَ الْحَمْدِ لَمْ يَكُنْ لَهُ عِنْدِي الِاسْتِخْلَاف لصِحَّة الصَّلَاة وَالثَّانِي كَغَلَبَةِ الْحَدَثِ أَوْ تَذَكُّرِهِ أَوِ الرُّعَافِ الَّذِي يَقْطَعُ لِأَجْلِهِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَأَحْوَالُ الرُّعَافِ ثَلَاثَةٌ إِنْ كَانَ غَيْرَ قَاطِرٍ وَلَا سَائِلٍ فَخَرَجَ أَفْسَدَ عَلَيْهِمْ وَإِنْ كَثُرَ الدَّمُ فَتَمَادَى أَفْسَدَ عَلَيْهِمْ وَإِنْ سَالَ وَلَمْ يَكْثُرْ جَازَ الْخُرُوجُ وَالْبِنَاءُ الثَّانِي صِفَةُ الِاسْتِخْلَافِ فَفِي الْجَوَاهِرِ الْأُولَى أَنْ يَسْتَخْلِفَ بِالْإِشَارَةِ فَإِنِ اسْتَخْلَفَ بِالْكَلَامِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ بِالْخُرُوجِ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ إِمَامًا وَكَذَلِكَ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِنْ تَكَلَّمَ فِيمَا لَا يَبْنِي عَلَيْهِ كَالْحَدَثِ فَلَا يَضُرُّهُمْ أَوْ فِيمَا يَبْنِي عَلَيْهِ أَبْطَلَ عَلَى نَفْسِهِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ يُرِيدُ وَلَا يَضُرُّهُمْ قَالَ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنِ اسْتَخْلَفَ بِالْكَلَامِ جَهْلًا أَوْ عَمْدًا أُبْطِلَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ فَإِنْ كَانَ سَاهِيا فَعَلَيهِ فَقَط وَبِهَذَا قَالَ مَنْ لَقِيتُهُ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَقَالَ اللَّخْمِيّ

لِلْمَأْمُومِينَ اسْتِخْلَافُ غَيْرِ مَنِ اسْتَخْلَفَهُ الْإِمَامُ لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا الْتَزَمُوا اتِّبَاعَهُ وَلِذَلِكَ لَا يَجِبُ الْقَبُولُ عَلَى الْمُسْتَخْلَفِ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِنْ لَمْ يسْتَخْلف يقدموا رَجُلًا يُصَلِّي بِهِمْ فَإِنْ قَدَّمَتْ كُلُّ طَائِفَةٍ إِمَامًا قَالَ أَشهب فِي الْعُتْبِيَّة يجزيهم وَقَدْ أَخْطَأَتِ الثَّانِيَةُ كَقَوْمٍ دَخَلُوا عَلَى قَوْمٍ يصلونَ فصلوا بِإِمَام اساؤوا ويجزنهم قَالَ ابْن الْقَاسِم فِي الْكتاب فَإِن صَلَّوْا وُحْدَانًا جَازَ وَلَا يُعْجِبُنِي قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ مَنِ ابْتَدَأَ الصَّلَاة بِإِمَام فأتمها فَذا أَو افذاذا فَأَتَمَّهَا بِإِمَامٍ أَعَادَ وَالْأَوَّلُ بَيِّنٌ فَإِنَّ الْجَمَاعَةَ فَضِيلَةٌ لَا شَرْطٌ وَأَلْحَقَهَا ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ بالنافلة فَتعين بِالشُّرُوعِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْفَضِيلَةَ الَّتِي الْتَزَمُوهَا فَاتَتْ بِفَوَاتِ سَبَبِهَا كَالنَّافِلَةِ إِذَا فَاتَتْ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ قَالَ فَلَوْ أَشَارَ إِلَيْهِمْ عِنْدَ الْخُرُوجِ أَنِ امْكُثُوا فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ جَوَازُ الِاسْتِخْلَافِ لَهُمْ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ لِلْحَدِيثِ الْوَارِدِ فِي خُرُوجِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا ذَكَرَ الْجَنَابَةَ والْحَدِيث غير مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فَرَوَى مَالِكٌ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَبَّرَ وَكَبَّرُوا وَغَيْرُهُ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَامَ فِي مُصَلَّاهُ فَانْتَظَرَ أَنْ يُكَبِّرَ فَانْصَرَفَ ثُمَّ قَالَ كَمَا أَنْتُمْ قَالَ مَالِكٌ وَهَذَا الْحَدِيثُ خَاصٌّ بِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوْجَبَ تقدم تَكْبِيرَة الإِمَام وَهِي هَهُنَا مُتَأَخِّرَة وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنْ صَلَّوْا وُحْدَانًا فِي الْجُمُعَةِ بَطَلَتْ عَلَى الْمَشْهُورِ سَوَاءٌ عَقَدُوا مَعَهُ رَكْعَةً أَمْ لَا قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَيَنْبَغِي لَهُ إِذَا أَحْدَثَ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى أَنْفِهِ وَيَخْرُجَ وَلَا يَتَكَلَّمَ يُوهِمُ أَنَّهُ رَعَفَ وَتَنْقَطِعُ عَنْهُ الظُّنُونُ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي مُسلم

يسْتَخْلف مِنَ الصَّفِّ الَّذِي يَلِيهِ لِقُرْبِهِ مِنَ التَّقَدُّمِ إِلَى مَقَامِ الْإِمَامِ وَلِذَلِكَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ليلني مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى فَإِنْ قَالَ تَقَدَّمْ يَا فُلَانُ قَالَ نَعَمْ سَاهِيًا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ قَالَ فَإِنْ قِيلَ يَنْبَغِي أَلَّا يَسْجُدُوا مَعَهُ لِأَنَّهُ سَهْوٌ قَبْلَ الِاقْتِدَاءِ قُلْنَا إِذَا وَقَعَ الِاقْتِدَاءُ اتَّصَلَ بِالْأَوَّلِ كَالْمَسْبُوقِ فِي سَهْوِ الْمُتَقَدِّمِ عَلَيْهِ فَإِنْ تَقَدَّمَ غيرالمستخلف فصلى الْمُقدم خَلفه قَالَ سَحْنُون يجزيهم لِأَنَّ الْمُقَدَّمَ لَا يَكُونُ إِمَامًا حَتَّى يَشْرَعَ فِي عَمَلِ الصَّلَاةِ وَيُتَّبَعَ وَلَوْ قَالَ تَقَدَّمْ يَا فُلَانُ وَهُوَ اسْمٌ لِاثْنَيْنِ فَتَقَدَّمَ غَيْرُ الْمُرَادِ أَوْ تَقَدَّمَا بِطَائِفَتَيْنِ أَجْزَأَ عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ إِلَّا فِي الْجُمُعَةِ إِذَا تَقَدَّمَا لِأَنَّهُ لَا جُمْعَتَانِ فِي مَوْضِعٍ وَيَتَعَيَّنُ أَسْبَقُهُمَا فَإِنِ اسْتَوَيَا لَمْ يُجِزْ وَاحِدًا مِنَهُمَا فَإِنِ اسْتَخْلَفَ ثمَّ عَاد بعد زَوَال الْعذر لم يتبع وَله إِخْرَاجُهُ فَإِنْ أَخْرَجَهُ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ لَمْ يَجُزْ وَتَفْسُدُ صَلَاتُهُمْ إِنِ اتَّبَعُوهُ وَصَلَاتُهُ إِنْ أَدَّى دُخُولُهُ إِلَى الْجُلُوسِ بَعْدَ رَكْعَةٍ وَنَحْوِهُ مِمَّا لَمْ يَجُزْ لِلْمُنْفَرِدِ وَإِنْ أَخْرَجَهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ فَكَرِهَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَيَنْبَغِي إِذَا تَمَّتْ صَلَاتُهُ أَنْ يُشِيرَ إِلَيْهِمْ حَتَّى يَقْضِيَ لِنَفْسِهِ ثُمَّ يُسَلِّمَ وَيُعَضِّدُهُ حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَمَّا لَوْ أَحْدَثَ الثَّانِي فَقَدَّمَ الأول جَازَ وَقَالَ يحيى ابْن عمر لَا يَجُوزُ وَفِعْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ خَاصٌّ بِهِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُجَدِّدَ نِيَّةَ الْإِمَامَةِ فَهُوَ كَسَائِرِ الْجَمَاعَةِ وَلِهَذَا يَلْحَقُهُ

سَهْوُ خَلِيفَتِهِ الْكَائِنِ قَبْلَ رُجُوعِهِ وَلَوْ أَخْرَجَ خَلِيفَتَهُ عَلَى الْكَرَاهَةِ فِي ذَلِكَ فَلَهُ رَدُّهُ وَأَنْ يَخْرُجَ لِتَرْكِ الْمَكْرُوهِ كَمَا فَعَلَ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَلَوْ أَخْرَجَهُ وَبَنَى عَلَى صَلَاةِ نَفْسِهِ دُونَ صَلَاةِ خَلِيفَتِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَيْهِمُ الْإِعَادَةُ اتَّبَعُوهُ أَمْ لَا لِأَنَّهُمْ تَرَكُوا اتِّبَاعَ إِمَامِهِمْ مِنْ غَيْرِ اسْتِخْلَافٍ الثَّالِثُ صفة الْمُسْتَخْلف وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ تَصِحُّ إِمَامَتُهُ وَانْسَحَبَ عَلَيْهِ حُكْمُ الْإِمَامِ قَبْلَ طُرُوِّ الْعُذْرِ وَمَا يَفْعَله بعد الأول يعتدبه مِنْ صَلَاةِ نَفْسِهِ فَأَمَّا مَنْ أَحْرَمَ بَعْدَ الْعُذْرِ إِنِ اسْتَخْلَفَهُ عَلَى رَكْعَةٍ أَوْ ثَلَاثٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِجُلُوسِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْجُلُوسِ وَهُوَ أَحْرَمَ بِالصَّلَاةِ لِنَفْسِهِ وَإِنِ اسْتَخْلَفَهُ عَلَى رَكْعَتَيْنِ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ قَدَّمَهُ فِي أَوَّلِ رَكْعَةٍ فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ وَتَبْطُلُ صَلَاتُهُمْ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ رَكْعَةٍ فَأَكْثَرَ يَعْمَلُ عَلَى بِنَاءِ صَلَاةِ الْأَوَّلِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاتُهُمْ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ خَلِيفَةً حَتَّى يَتْبَعَ فَلَوْ أَحْدَثَ عَامِدًا أَوْ تَكَلَّمَ عَامِدًا بَعْدَ قَوْلِهِ يَا فُلَانُ صَلِّ بِالنَّاسِ وَقَبْلَ الِاتِّبَاعِ لَمْ تَفْسُدْ عَلَيْهِمْ لِأَنَّ الْحَاصِلَ قَبْلُ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ اعْتِقَادُ الِاتِّبَاعِ فَلَيْسَ بِإِمَامٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ إِذَا سَأَلَ بَعْدَ الِاسْتِخْلَافِ كَيْفَ يَصْنَعُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاتُهُمْ وَمَنْ دَخَلَ مَعَهُ بَعْدَ الرَّفْعِ تَبْطُلُ صَلَاتُهُمْ إِنِ اسْتَخْلَفَ وَاتَّبَعُوهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ مُتَنَفِّلٌ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عمر تجزيهم لِأَنَّهَا تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ تَرَكَهَا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا أَمَّ مُسَافِرٌ بِالْفَرِيقَيْنِ فَلْيَسْتَخْلِفْ مُسَافِرًا لِأَنَّ صَلَاةَ الْمُقِيمِ خَلَفَ

الْمُسَافِرِ أَخَفُّ مِنَ الْمُسَافِرِ خَلْفَ الْمُقِيمِ فَإِنْ قَدَّمَ مُقِيمًا لَمْ يُقْبَلْ وَقَدَّمَ مُسَافِرًا فَإِنْ قَبِلَ جَاهِلًا وَأَتَمَّ صَلَاةَ الْإِمَامِ سَلَّمَ الْمُسَافِرُونَ أنفسهم وَقِيلَ يَسْتَخْلِفُونَ مُسَافِرًا يُسَلِّمُ بِهِمْ وَقِيلَ يَثْبُتُونَ حَتَّى يُسَلِّمُوا بِسَلَامِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ إِذَا صَلَّى بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ فَأَحْدَثَ وَلَمْ يسْتَخْلف فَنوى الرجل الْإِمَامَة بِالْمَرْأَتَيْنِ صَحَّتْ صَلَاتُهُمْ الرَّابِعُ فِي فِعْلِ الْمُسْتَخْلَفِ وَفِيه فروع أَرْبَعَة الْأَوَّلُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا قَدَّمَ مَنْ فَاتَتْهُ رَكْعَة فَصلاهَا جَلَسَ لِأَنَّهَا ثَانِيَةُ الْإِمَامِ وَيَجْتَزِئُ بِمَا قَرَأَ الْإِمَامُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ هَذَا حَقِيقَةُ التَّبَعِيَّةِ وَلِأَنَّهُ بِإِحْرَامِهِ خَلْفَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ اتِّبَاعُ مَا أَدْرَكَ مِنْ غَيْرِ اسْتِخْلَافٍ فَكَيْفَ إِذَا اسْتَخْلَفَ حَتَّى لَوْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ فَخَرَجَ وَلَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ جَرَى عَلَى تَرْتِيبِ مَا كَانَ دَخَلَ عَلَيْهِ وَأَخَّرَ قَضَاءَ مَا فَاتَهُ حَتَّى يَفْرُغَ مِمَّا أَدْرَكَهُ وَفِي بِنَائِهِ عَلَى الْقِرَاءَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ ثَالِثُهَا يُفَرِّقُ بَيْنَ أَنْ يَسْتَخْلِفَ فَلَا يَبْنِي وَبَيْنَ أَنْ يَتَقَدَّمَ بِنَفْسِهِ فَيَبْنِي وَالْمُدْرِكُ أَنَّ الْقِرَاءَةَ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِيهَا إِمَامًا وَمَأْمُومًا أَمْ لَا؟ وَأَنَّهُ إِذَا اسْتَخْلَفَ انْتَفَى التَّنَاقُضُ لَطَرَيَانِ السَّبَبِ فَإِنِ ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ بِإِحْرَامٍ عَمْدًا قَالَ سَحْنُونٌ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاتُهُمْ لِتَعَدِّيهِ فِي إِبْطَالِ الْعَمَلِ وَاتِّبَاعِهِمْ

لَهُ فَإِنَّهُ بِمُجَرَّدِ رَفْضِهِ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ إِمَامًا وَإِنْ كَانَا سَهْوًا وَكَثُرَتِ الزِّيَادَةُ فَكَذَلِكَ وَإِنْ قَلَّتْ سَجَدَ لِلسَّهْوِ وَصَحَّتْ فَإِنْ قَطَعَ بِسَلَامٍ أَوْ كَلَامٍ وَابْتَدَأَ فَإِنِ اتَّبَعُوهُ بَطَلَتْ عَلَيْهِمْ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا أَتَمَّ صَلَاةَ الْأَوَّلِ يَثْبُتُونَ حَتَّى تَكْمُلَ صَلَاتُهُ وَيُسَلِّمَ بِهِمْ وَقَالَ الشَّافِعِي يسلمُونَ قَالَ وَيتَخَرَّج على مَسْأَلَة الْمُسَافِرين مَعَ الْخَلِيفَةِ الْمُقِيمِ أَنَّ هَؤُلَاءِ يُسَلِّمُونَ وَفِي الْجَوَاهِرِ وَقِيلَ يَسْتَخْلِفُونَ مَنْ يُسَلِّمُ بِهِمْ مِنْهُمْ فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مَسْبُوقٌ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ اللَّخْمِيّ هُوَ مُخَيّر بَين أَرْبَعَة أَحْوَال يُصَلِّي وَيَنْصَرِفُ قِيَاسًا عَلَى الطَّائِفَةِ الْأُولَى فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ أَوْ يَسْتَخْلِفُ مَنْ يُسَلِّمُ بِهِمْ أَوْ يَنْتَظِرُ الْإِمَامَ فَيُسَلِّمُ مَعَهُ لِأَنَّ كِلَيْهِمَا قَاضٍ وَالسَّلَامَانِ وَاحِدٌ أَوْ يَنْتَظِرُ فَرَاغَ الْإِمَامِ من قَضَائِهِ ثمَّ يقْضِي الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِذَا أَحْدَثَ وَهُوَ رَاكِعٌ يَرْفَعُ بِهِمُ الثَّانِي وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ فِي السُّجُودِ مِثْلُهُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ يَدِبُّ الثَّانِي رَاكِعًا وَقَالَ يَرْفَعُ فِيهَا رَأْسَهُ وَيَسْتَخْلِفُ لِأَنَّ بَقَاءَهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ يُؤَدِّي إِلَى الِاسْتِدَامَةِ فِي الْفَاسِدِ وَهُوَ أَهْوَنُ لَهُ فِي الِاسْتِخْلَافِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يُكَبِّرُ لِئَلَّا يُوهِمَ فَإِنِ اقْتَدَوْا بِهِ فِي الرَّفْعِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ يَتَخَرَّجُ ذَلِكَ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْحَرَكَةِ إِلَى الْأَرْكَانِ هَلْ هِيَ مَقْصُودَةٌ فَتَبْطُلُ أَوْ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ فَلَا تَبْطُلُ وَقَالَ بَعْضُ

الْمُتَأَخِّرِينَ بَلْ هُمْ كَالرَّافِعِينَ قَبْلَ إِمَامِهِمْ فَيَرْجِعُونَ إِلَى الرُّكُوعِ مَعَ الثَّانِي وَفِي النَّوَادِرِ يَسْتَخْلِفُ قبل الرّفْع ليتصل الِاسْتِخْلَاف بِالْفِعْلِ الصَّحِيح الثَّالِثُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ لَوِ اسْتَخْلَفَهُ عَلَى رَكْعَتَيْنِ فَصَلَّاهُمَا فَأَخْبَرَهُ بِتَرْكِ سَجْدَةٍ مِنْ إِحْدَى الْأُولَيَيْنِ قَالَ سَحْنُونٌ يَقُومُ الثَّانِي بِالْقَوْمِ إِنْ كَانُوا على شكّ يُصَلِّي بهم رَكْعَة بِالْحَمْد فَقَطْ لِأَنَّهَا بِنَاءٌ ثُمَّ يَجْلِسُ وَيَأْتِي بِرَكْعَةِ قَضَاء بِالْحَمْد وَسُورَةٍ وَيَسْجُدُونَ قَبْلَ السَّلَامِ مَعَهُ وَقِيلَ يَسْجُدُ بهم قبل رَكْعَة الْقَضَاء فَإِن تَيَقّن الْقَوْم الْإِتْمَامَ قَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ لَا يَتْبَعُونَهُ فِي الْأُولَى وَعَلَى مَذْهَبِ ابْنِ وَهْبٍ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ بِالْحَمْد وَسورَة وَيسْجد بهم بعد السَّلَامِ عَلَى قَاعِدَتِهِ فِيمَنْ ذَكَرَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ خَلَلًا فِي أَوَّلِهَا وَلَوْ شَكَّ الْأَوَّلُ فِي السَّجْدَة قَالَ سَحْنُون يقْرَأ بِالْحَمْد وَسُورَةٍ لِاحْتِمَالِ الصِّحَّةِ فَتَكُونُ هَذِهِ الرَّكْعَةُ قَضَاءً وَكَذَلِكَ الثَّانِيَةُ وَيَتَشَهَّدُ فِي الْأُولَى لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا بِنَاءً وَرَابِعَةَ الْأَوَّلِ وَيُصَلُّونَهَا مَعَهُ إِنْ شَكُّوا وَيَسْجُدُونَ قَبْلَ السَّلَامِ قَالَ وَالْقِيَاسُ فِيمَا قَالَهُ أَنْ يَبْنِيَ الْمُسْتَخْلَفُ إِذَا شَكَّ الْأَوَّلُ عَلَى أَنَّ الْفَائِتَ رَكْعَةٌ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَوْ كَانَ بَاقِيًا حِينَئِذٍ احْتَسَبَ بِرَكْعَةٍ فَقَطْ فَلَوْ لَمْ يُخْبِرْهُ بِالرَّكْعَةِ حَتَّى فَرَغَ قَالَ سَحْنُونٌ صَلَاةُ الْمُسْتَخْلَفِ تَامَّةٌ وَيَسْجُدُ بِهِمْ قَبْلَ السَّلَامِ لِأَنَّهُ قَامَ فِي مَوْضِعِ الْجُلُوسِ وَتَرَكَ السُّورَةَ فَإِنَّ ثَالِثَتَهُ ثَانِيَةُ الْأَوَّلِ فَإِنْ سَلَّمُوا أَتَوْا بِرَكْعَةٍ بِالْحَمْد فَقَطْ وَسَجَدُوا لِلسَّهْوِ خَوْفًا مِنْ زِيَادَتِهَا وَإِنْ تَيَقَّنُوا تَرْكَ السَّجْدَةِ لَمْ يَسْجُدُوا فَلَوْ أَنَّهُ مَعَه من أول الصَّلَاة فاستخلفه عَلَى اثْنَتَيْنِ ثُمَّ ذَكَرَ السَّجْدَةَ فَإِنْ شَكَّ مَعَهم صلى بهم رَكْعَة بِالْحَمْد

فَقَطْ وَسَجَدَ بِهِمْ قَبْلَ السَّلَامِ وَإِنْ لَمْ يَشُكُّوا صَحَّتْ صَلَاتُهُمْ فَلَوْ ذَكَرَ الثَّانِي سَجْدَةً لَا يَدْرِي هَلْ هِيَ مِمَّا صَلَّى مَعَ الْأَوَّلِ أَوْ مِمَّا قُضِيَ قَالَ سَحْنُونٌ سَجَدَ سَجْدَة وَتشهد واتى بِرَكْعَتَيْنِ بِالْحَمْد فَقَطْ وَسَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ لِأَنَّهُ نَقْصٌ وَزَادَ وَيُعِيدُ الصَّلَاةَ لِكَثْرَةِ السَّهْوِ وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ شَكَّ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ فِي سَجْدَتَيْنِ مِنْ رَكْعَتَيْنِ وَلَوْ أَحْرَمَ مَعَهُ فِي التَّشَهُّدِ فَلَمَّا قَضَى رَكْعَةً ذَكَرَ الْأَوَّلُ سَجْدَةً مِنَ الْأُولَى فَإِنْ رَجَعَ فِي وَقْتٍ يَجُوزُ فِيهِ الْبناء بطلت ركعته وَيُصلي بالقوم رَكْعَة بِالْحَمْد فَقَطْ وَيَقْضِي لِنَفْسِهِ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ وَيَسْجُدُ بِهِمْ قَبْلَ السَّلَامِ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ فِيهِ الْبِنَاءُ الثَّانِي لم يرْكَع فَبنى على ركعته وَسجد قَبْلَ السَّلَامِ وَإِنِ اسْتَخْلَفَهُ عَلَى رَكْعَتَيْنِ فَلَمَّا صَلَّاهُمَا قَالَ الْأَوَّلُ تَرَكْتُ سَجْدَتَيْنِ لَا أَدْرِي مِنْ رَكْعَةٍ أَوْ رَكْعَتَيْنِ فَإِنَّهُ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ وَلَا يقومُوا فِي الرَّابِعَة مَعَه لاحْتِمَال كَونهمَا مِنْ رَكْعَةٍ فَيَصِيرُ فِي الرَّابِعَةِ قَاضِيًا لَا يُؤْتَمُ بِهِ وَلَا يَرْجِعُ الثَّانِي إِلَى الْجُلُوسِ وَيَسْجُدُ بِهِمْ قَبْلَ السَّلَامِ ثُمَّ يَأْتُونَ بِرَكْعَةٍ بَعْدَ سَلَامِهِ وَيُسَلِّمُونَ وَيَسْأَلُ الْأَوَّلُ فَإِنْ ذَكَرَ أَنَّهُمَا من رَكْعَة أجزتهم فان كَانَتَا مِنْ رَكْعَتَيْنِ أَعَادُوا لِتَرْكِهِمُ اتِّبَاعَ الثَّانِي وَلَوِ اتَّبَعُوهُ وَأَعَادُوا الصَّلَاةَ لَكَانَ حَسَنًا وَلَوْ لَمْ يَرْجِعِ الْأَوَّلُ حَتَّى يَجْلِسَ فِي آخِرِ رَكْعَتَيِ الْقَضَاء سجد بهم قبل السَّلَام واتى

بعدهب رَكْعَتَيْنِ بِالْحَمْد فَقَطْ وَلَوْ رَجَعَ بَعْدَ أَنْ صَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً وَقَامَ فَذُكِرَ لَهُ سَجْدَةٌ مِنْ إِحْدَى رَكْعَتَيْهِ صَارَتِ الثَّالِثَةُ ثَانِيَةً وَهُوَ يَجْلِسُ فِيهَا فَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ بِنَاءً ثُمَّ يَتَشَهَّدُ وَيَسْجُدُ بِهِمْ قبل السَّلَام ثمَّ يَأْتِي بِرَكْعَة قَضَاء بِالْحَمْد وَسُورَةٍ وَلَوْ قَالَ لَهُ ذَلِكَ حِينَ قَدَّمَهُ سَجَدَ بِهِمْ سَجْدَةً ثُمَّ بَنَى عَلَى رَكْعَةٍ ثُمَّ يُعِيدُ مَنْ خَلْفَهُ لِاحْتِمَالِ إِصَابَةِ السَّجْدَةِ موضعهَا الرَّابِعُ فِي الْجَوَاهِرِ لَوْ لَمْ يَذْكُرْ كَمْ صَلَّى الْأَوَّلُ وَمَنْ خَلْفَهُ يَعْلَمُ ذَلِكَ أَشَارَ إِلَيْهِم فيجيبوه بِالْإِشَارَةِ فَإِنْ لَمْ يَفْهَمْ وَمَضَى فِي صَلَاتِهِ سَبَّحُوا بِهِ حَتَّى يَفْهَمَ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ بُدًّا مِنَ الْكَلَامِ تَكَلَّمَ وَقَالَ سَحْنُونٌ يَنْبَغِي أَن يقدم مَنْ يَعْلَمُ فَإِنْ تَمَادَى وَصَلَّى رَكْعَةً فَلْيُوهِمِ الْقيام فَإِن سبحوا بِهِ وَجلسَ وَتشهد ويوهم الْقيام فَإِن سبحوا بِهِ قَامَ وَاعْتَقَدَهَا ثَالِثَةً

(الباب الثامن في السهو)

(الْبَابُ الثَّامِنُ فِي السَّهْوِ) وَفِيهِ مُقَدِّمَةٌ وَسِتَّةُ فُصُولٍ أَمَّا الْمُقْدِمَةُ فَفِيهَا عَشْرُ قَوَاعِدَ يَنْبَنِي عَلَيْهَا فَصُولُ هَذَا الْبَابِ الْقَاعِدَةُ الْأُولَى لِلصَّلَاةِ فَرَائِضُ وَسُنَنٌ وَفَضَائِلُ كَمَا تَقَدَّمَ فَالْفَرَائِضُ لَا بُدَّ مِنْهَا وَالسُّنَنَ يَنُوبُ السُّجُودُ عَنْهَا إِنْ سَهَا عَنْهَا وَالْفَضَائِلُ لَا يَسْجُدْ لِسَهْوِهَا وَلَا تُعَادُ الصَّلَاةُ لَهَا تَنْبِيهٌ قَالَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ يَجِبُ السُّجُودُ لِلسُّنَنِ الَّتِي أَحْصَيْنَاهَا فِيمَا تَقَدَّمَ وَمِنْ جُمْلَةِ مَا أُحْصِيَ الزِّيَادَةُ عَلَى مِقْدَارِ الْوَاجِبِ مِنَ الْجُلُوسِ الْأَخِيرِ وَالِاعْتِدَالُ فِي الْفَصْلِ بَيْنَ الْأَرْكَانِ وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهَذِهِ لَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ لَهَا وَإِنَّمَا يَسْجُدُ كَمَا قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ لِتَرْكِ ثَمَانٍ

السُّورَةُ وَالْجَهْرُ وَالْإِسْرَارُ وَالتَّكْبِيرُ وَسَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَالتَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ وَالْجُلُوسُ لَهُ وَالتَّشَهُّدُ الْأَخِيرُ الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ يَسْجُدُ عِنْدَنَا لِنَقْصِ الْأَقْوَالِ الْمَحْدُودَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِاللَّهِ تَعَالَى وَلِنَقْصِ الْأَفْعَالِ عَلَى تَفْصِيلٍ يَأْتِي وَقَوْلُنَا الْمَحْدُودَةُ احْتِرَازٌ مِنَ الْقُنُوتِ وَالتَّسْبِيحِ وَقَوْلنَا الْمُتَعَلّقَة بِاللَّه تَعَالَى احْتِرَازٌ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَالْأَدْعِيَةِ وَقَالَ ش لَا يَسْجُدُ لِشَيْءٍ مِنَ الْأَقْوَالِ إِلَّا التَّشَهُّدَ وَالْقُنُوتَ وَالصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَام وَيَسْجُدُ لِلْأَفْعَالِ وَوَافَقَهُ أَشْهَبُ فِي التَّكْبِيرِ وَقَالَ ح يَسْجُدُ لِلْأَقْوَالِ الْوَاجِبَةِ فَإِذَا أَتَى بِالْفَاتِحَةِ فَقَدْ أَتَى بِالْوَاجِبِ فَلَا يَسْجُدُ وَفَرْقٌ بَيْنَ الْوَاجِبِ وَالرُّكْنِ فَالْوَاجِبُ مَا لَهُ جَابِرٌ وَالرُّكْنُ مَا لَا جَابر لَهُ كَمَا نقُوله نَحن فِي الْحَجِّ وَقَالَ بِالسُّجُودِ لِتَرْكِ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدَيْنِ وَاعْتَبَرَهَا بِالتَّشَهُّدِ لِتَكَرُّرِهَا فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ لَنَا قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام لكل سَهْو سَجْدَتَانِ احْتَجُّوا بِأَنَّ التَّكْبِيرَ كَلِمَتَانِ فَهُوَ خَفِيفٌ بِالْقِيَاسِ عَلَى التَّسْبِيحِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ كَلِمَتَانِ وَكَذَلِكَ السَّلَامُ وَهُمَا رُكْنَانِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ مَحِلَّ النِّزَاعِ فِي الْقَوْلِ الْمَحْدُودِ وَالتَّسْبِيحِ لَيْسَ بمحدود

الْقَاعِدَةُ الثَّالِثَةُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ الزِّيَادَةُ الَّتِي يُبْطِلُ الصَّلَاةَ عَمْدُهَا مُوجِبَةٌ لِلسُّجُودِ خِلَافًا لِعَلْقَمَةَ والاسود فِي تخصيصهم السُّجُود بِالنُّقْصَانِ وَقَوْلنَا يبطل عمدها كَالرَّكْعَةِ وَالسَّجْدَةِ مَثَلًا احْتِرَازٌ مِنَ التَّطْوِيلِ فِي الْقِرَاءَةِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لَنَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ الْحَدِيثَ وَسَيَأْتِي الْقَاعِدَةُ الرَّابِعَةُ أَنَّ السَّهْوَ إِذَا تَكَرَّرَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَمِنْ جِنْسَيْنِ أَجْزَأَتْ فِيهِ سَجْدَتَانِ وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ إِذَا اجْتَمَعَ الزِّيَادَةُ وَالنُّقْصَانُ سَجَدَ قَبْلَ وَبَعْدَ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إِنْ كَانَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ تَدَاخَلَ كَجَمَرَاتِ الْحَجِّ وَإِلَّا فَلَا وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِكُلِّ سَهْوٍ سَجْدَتَانِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ السُّجُودَ وَجَبَ لِوَصْفِ السَّهْوِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذا سَهَا أحدكُم فليسجد سَجْدَتَيْنِ وترتيب الْحُكْمِ عَلَى الْوَصْفِ يُوجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْوَصْفَ لِذَلِكَ الْحُكْمِ وَإِذَا كَانَ وَصْفُ السَّهْوِ هُوَ الْعِلَّةُ انْدَرَجَتْ سَائِرُ أَفْرَادِهِ تَحْتَ سَجْدَتَيْنِ كَمَا أَنَّهُ لَمَّا وَجَبَتِ الْفِدْيَةُ فِي الْحَجِّ لِوَصْفِ الطِّيبِ انْدَرَجَ أَفْرَادُهُ فِي الْفِدْيَةِ الْوَاحِدَةِ وَعَنِ الثَّانِي أَن المُرَاد لكل سَهْو سَجْدَتَانِ فِيهِ سَائِرَ أَفْرَادِ السَّهْوِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ سَلَّمَ مِنِ اثْنَتَيْنِ وَهُوَ سَهْوٌ وَقَامَ وَهُوَ سَهْوٌ وَقَامَ وَتَكَلَّمَ وَهُوَ سَهْوٌ وَرَجَعَ إِلَى الصَّلَاةِ وَهُوَ سَهْوٌ وَسَجَدَ لِجَمِيعِ ذَلِكَ

سَجْدَتَيْنِ لِأَنَّ الْأَصْلَ تَرْتِيبَ الْأَحْكَامِ عَلَى أَسْبَابِهَا فلولا ذَلِكَ لَسَجَدَ عَقِيبَ كُلِّ سَهْوٍ كَسُجُودِ التِّلَاوَةِ فرعان الْأَوَّلُ لَوْ تَيَقَّنَ السُّجُودَ وَشَكَّ هَلْ هُوَ قَبْلُ أَوْ بَعْدُ؟ قَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ سَجَدَ قَبْلُ وَيَبْنِي عَلَى النُّقْصَانِ دُونَ الزِّيَادَةِ كَالشَّكِّ فِي الرَّكْعَات الثَّانِي لوكثر سَهْوُهُ وَاسْتَنْكَحَهُ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى لِمَالِكٍ تَرْكُ السُّجُودِ لِلِاسْتِنْكَاحِ وَالسُّجُودُ لِمَا فِي الصِّحَاحِ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ يُصَلِّي جَاءَ الشَّيْطَانُ فَلَبَّسَ عَلَيْهِ حَتَّى لَا يَدْرِيَ كَمْ صَلَّى؟ فَإِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ ذَلِكَ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ الْقَاعِدَةُ الْخَامِسَةُ سُجُودُ السَّهْوِ عِنْد الْمَالِك للنقصان قبل وللزيادة على سَبِيل الأولى وَقَالَ ش كِلَاهُمَا قَبْلُ وَقَالَ ح كِلَاهُمَا بَعْدُ وَرَوَاهُ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَعَمَّارٍ وَابْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ وَقَالَ ابْن حبيب كِلَاهُمَا قبل الأمورد النَّصِّ لَنَا مَا فِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَامَ مِنِ اثْنَتَيْنِ فَسَجَدَ قَبْلُ وَسَلَّمَ مِنِ اثْنَتَيْنِ وَمِنْ ثَلَاثٍ فَسَجَدَ بَعْدُ وَلِأَنَّ النُّقْصَانَ بَدَلٌ مِمَّا هُوَ قَبْلَ السَّلَامِ فَيَكُونُ قَبْلَ السَّلَامِ وَالزِّيَادَةُ زَجْرٌ لِلشَّيْطَانِ عَنِ الْوَسْوَسَةِ فِي الصَّلَاةِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَرْغِيمِهِ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا سَجَدَ اعْتَزَلَ الشَّيْطَانُ يَبْكِي وَيَقُولُ يَا وَيْلَهْ أُمِرَ ابْنُ آدَمَ

بِالسُّجُودِ فَسَجَدَ فَلَهُ الْجَنَّةُ وَأُمِرْتُ بِالسُّجُودِ فَعَصَيْتُ فَلِيَ النَّارُ الْحَدِيثَ فَيَكُونُ بَعْدَ السَّلَامِ حَذَرًا مِنَ الزِّيَادَةِ احْتَجَّ ش بِمَا فِي مُسْلِمٍ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا؟ فَلْيَطْرَحِ الشَّكَّ وَلْيَبْنِ عَلَى مَا يَتَيَقَّنُ ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ فَإِنْ كَانَ قَدْ صَلَّى خَمْسًا شَفَعْنَ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى وَإِنْ كَانَ قَدْ صَلَّى إِتْمَامًا لِأَرْبَعٍ كَانَتَا لَهُ تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ وَهُوَ مُضْطَرِبُ الطّرق وَأكْثر الْحفاظ يرونه مُرْسلا وَيحْتَمل أَنه غير بِالسُّجُودِ عَنْ سَجْدَتِي الرَّكْعَةِ الْمُكَمِّلَةِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ أَشْهَبُ إِنْ تَعَمَّدَ التَّقْدِيمَ فِيمَا بَعْدَ السَّلَامِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُعِيدُهَا بَعْدُ وَتَصِحُّ الْقَاعِدَةُ السَّادِسَةُ فِي الْكِتَابِ السَّهْوُ فِي النَّافِلَةِ كَالْفَرِيضَةِ وَقَالَ ش فِي أحد قوليه وَابْن سِيرِين لَا سُجُودَ فِي النَّافِلَةِ لَنَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِكُلِّ سَهْوٍ سَجْدَتَانِ وَلِأَنَّهُ جَائِزٌ لِمَا اخْتَلَّ مِنْ مُوجِبِ الْإِحْرَامِ وَهُوَ مُشْتَرِكٌ بَيْنَ الْبَابَيْنِ فَرْعَانِ الْأَوَّلُ لَوْ سَهَا عَنِ السُّورَةِ فِي النَّافِلَةِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ مَالِكٌ إِنْ شَاءَ زَادَ فِي النَّافِلَةِ عَلَى الْفَاتِحَةِ وَإِن شَاءَ اقْتصر عَلَيْهَا بِخِلَاف الْفَرِيضَة فَإِنَّهُمَا مَحْدُودَةٌ فِيهَا فَكَمَا كَانَ مِنَ الْمَحْدُودَاتِ كَالتَّكْبِيرِ وَعدد الرَّكْعَات اسْتَويَا فِيهِ وَإِلَّا فَلَا الثَّانِي لَوْ سَهَا عَنِ السَّلَامِ فِي النَّافِلَةِ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُعِيد

وَإِن لم يعْتَمد فَسَادَهَا فَلَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ وَقَالَ سَحْنُونٌ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَسْجُدَ مَتَى مَا ذَكَرَ لِأَنَّ السُّجُود ثَبت عَلَيْهِ بِالتَّرْكِ وَلَا نَأْمُرُهُ بِالسَّلَامِ لِأَنَّ الطُّولَ أَوْجَبَ الْخُرُوجَ مِنَ الصَّلَاةِ الْقَاعِدَةُ السَّابِعَةُ أَنَّ الْأَصْلَ فِي التَّكَالِيفِ أَنْ تَقَعَ بِالْعِلْمِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ علم} وَلَمَّا تَعَذَّرَ فِي أَكْثَرِ الصُّوَرِ أَقَامَ الشَّرْعُ الظَّنَّ مَقَامَهُ لِغَلَبَةِ إِصَابَتِهِ وَنُدْرَةِ خَطَئِهِ تَقْدِيمًا لِلْمَصْلَحَةِ الْغَالِبَةِ عَلَى الْمَفْسَدَةِ النَّادِرَةِ وَبَقِيَ الشَّكُّ مُلْغًى إِجْمَاعًا فَكُلُّ مَا شَكَكْنَا فِي وُجُودِهِ مِنْ سَبَبٍ أَوْ شَرْطٍ أَوْ مَانِعٍ اسْتَصْحَبْنَا عَدَمَهُ إِنْ كَانَ مَعْدُومًا قَبْلَ الشَّكِّ أَوْ شَكَكْنَا فِي عَدَمِهِ اسْتَصْحَبْنَا وُجُوَدَهُ إِنْ كَانَ مَوْجُودًا قَبْلَ الشَّكِّ فَعَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ إِذَا شَكَّ فِي إِكْمَالِ صَلَاتِهِ فَقَدْ شَكَّ فِي وُجُودِ السَّبَبِ الْمُبَرِّئِ لِلذِّمَّةِ فَيَسْتَصْحِبُ عَدَمَهُ وَيُلْغِي الْمَشْكُوكُ فِيهِ لِلْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ وَكَذَلِكَ إِنْ شَكَّ فِي طريان الْحَدَثِ بَعْدَ الطَّهَارَةِ فَقَدْ حَصَلَ الشَّكُّ فِي حُصُولِ الشَّرْطِ حَالَةَ أَدَاءِ الْعِبَادَةِ فَيَسْتَصْحِبُ عَدَمَ الشَّرْطِ حَتَّى يَتَطَهَّرَ وَإِذَا شَكَّ هَلْ طَلَّقَ أم لَا فقد شكّ فِي طريان السَّبَبِ الْوَاقِعِ فَيَسْتَصْحِبُ عَدَمَهُ فَتَثْبُتُ الْعِصْمَةَ وَإِذَا طَلَّقَ وَشَكَّ هَلْ وَاحِدَةً أَوْ ثَلَاثًا؟ فَقَدْ شَكَّ فِي بَقَاءِ الْعِصْمَةِ وَهِيَ شَرْطٌ فِي الرَّجْعَةِ فَلَا تَثْبُتُ الرَّجْعَةُ وَعَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ تَتَخَرَّجُ هَذِهِ الْفُرُوعُ وَلَا يَبْقَى فِيهَا تَنَاقُضٌ ألْبَتَّةَ سُؤَالَانِ الْأَوَّلُ مُقْتَضَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ اسْتِصْحَابُ وجود الطَّهَارَة لتقدمه على الشَّك فَلم يَسْتَصْحِبُ الثَّانِي إِذَا شَكَّ فِي الْإِكْمَالِ أَكْمَلَ وَسَجَدَ وَقَدْ ثَبَتَ السُّجُودُ مَعَ الشَّكِّ فِي سَبَبِهِ الَّذِي هُوَ الزِّيَادَةُ أَوِ النَّقْصُ

فَقَدِ اعْتُبِرَ الْمَشْكُوكُ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الشَّكَّ فِي الشَّرْطِ مُسْتَلْزِمٌ لِلشَّكِّ فِي الْمَشْرُوطِ فَيَقَعُ الشَّكُّ فِي صُدُورِ السَّبَبِ الْمُبَرِّئِ لِلذِّمَّةِ مِنَ الْمُكَلَّفِ وَهَذَا السَّبَبُ كَانَ مَعْدُومًا فَيَسْتَصْحِبُ عَدمه وَعَن الثَّانِي أَن الشَّك هَهُنَا هُوَ السَّبَبُ وَهُوَ مَقْطُوعٌ بِوُجُودِهِ وَلِلشَّرْعِ أَنْ يَنْصِبَ أَيَّ شَيْءٍ شَاءَ سَبَبًا وَشَرْطًا وَمَانِعًا فَرْعٌ الْمُعْتَبَرُ عِنْدَنَا فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ الْيَقِينُ دُونَ الظَّنِّ وَعِنْدَ ش لِإِمْكَانِ تَحْصِيلِهِ وَقَالَ ح إِنْ لَمْ يَكُنْ مُوَسْوَسًا وَشَكَّ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا بَنَى عَلَى غَالِبِ ظَنِّهِ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ الْمُنْفَرِدُ يَبْنِي عَلَى الْيَقِينِ وَالْإِمَامُ عَلَى غَالِبِ الظَّنِّ الْقَاعِدَةُ الثَّامِنَةُ أَنَّ نِيَّةَ الصَّلَاةِ إِنَّمَا يَتَنَاوَلُهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ مِنَ التَّرْتِيبِ وَالنِّظَامِ الْمَخْصُوصِ فَإِنْ غَيَّرَ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ الْقَصْدَ إِلَى إِيقَاعِهِ قُرْبَةً لِكَوْنِهِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ فَعَلَى هَذَا يَفْتَقِرُ التَّلْفِيقُ إِلَى نِيَّةٍ تَخُصُّهُ وَلَا تَكْفِي صُورَةُ الْفِعْلِ فَلَا يَضُمُّ سُجُودَ الثَّانِيَةِ إِلَى رُكُوعِ الْأُولَى وَهَذَا الْمَشْهُورُ خِلَافًا لِ ش وَأَشْهَبَ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ الْقَاعِدَةُ التَّاسِعَةُ الْإِمَامُ يَحْمِلُ عَنِ الْمَأْمُومِ سُجُودَ السَّهْوِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْإِمَامُ ضَامِنٌ وَضَمَانُهُ لَيْسَ بِالذِّمَّةِ لِانْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ زَيْدٍ لَا تنوب عَن عَمْرو وَإِنَّمَا الضَّمَان يحمل الْقِرَاءَةَ وَالسُّجُودَ أَوْ مِنَ التَّضَمُّنِ فَتَكُونُ صَلَاةُ الإِمَام

الفصل الأول في نقصان الأفعال

مُتَضَمِّنَةً لِصِفَاتِ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ مِنْ فَرْضٍ وَأَدَاءٍ وَقَضَاء وَقِرَاءَة وَسُجُود وَهُوَ مَطْلُوب الْقَاعِدَةُ الْعَاشِرَةُ التَّقَرُّبُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالصَّلَاةِ الْمُرَقَّعَةِ الْمَجْبُورَةِ إِذَا عَرَضَ فِيهَا الشَّكُّ أَوْلَى مِنَ الْإِعْرَاضِ عَنْ تَرْقِيعِهَا أَوِ الشُّرُوعِ فِي غَيْرِهَا وَالِاقْتِصَارُ عَلَيْهَا أَيْضًا بَعْدَ التَّرْقِيعِ أَوْلَى من إِعَادَتهَا فانه مناهجه عَلَيْهِ السَّلَامُ وَمِنْهَاجُ أَصْحَابِهِ وَالسَّلَفِ الصَّالِحِ بَعْدَهُمْ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي الِاتِّبَاعِ وَالشَّرُّ كُلُّهُ فِي الِابْتِدَاعِ وَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا صَلَاتَيْنِ فِي يَوْمٍ فَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ الِاسْتِظْهَارُ عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَلَوْ كَانَ فِي ذَلِكَ خَيْرٌ لَنَبَّهَ عَلَيْهِ وَقَرَّرَهُ فِي الشَّرْعِ وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَا يُتَقَرَّبُ إِلَيْهِ بِمُنَاسَبَاتِ الْعُقُولِ وَإِنَّمَا يُتَقَرَّبُ إِلَيْهِ بِالشَّرْعِ الْمَنْقُولِ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي نُقْصَان الْأَفْعَال وَفِيه ثَلَاثَة عشر فرعا الْأَوَّلُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِنْ سَهَا عَنْ سُجُودِ الْأُولَى وَذَكَرَ قَبْلَ رُكُوعِ الثَّانِيَةِ يَسْجُدُ وَيَبْتَدِئُ الْقِرَاءَةَ أَوْ بَعْدَ رُكُوعِهَا أَلْغَى الْأُولَى وَجَعَلَ الثَّانِيَةَ أُولَى وَفِي الْجَوَاهِرِ يَرْجِعُ إِلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ مَا لَمْ يَعْقِدِ الرَّكْعَةَ الَّتِي بَعْدَهَا بِالرَّفْعِ مِنْهَا وَقِيلَ بِوَضْعِ الْيَدَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ إِذَا رَجَعَ إِلَى الْقِيَامِ

أَنْ يَقْرَأَ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ إِنْ فَرَغَ مِنَ الْقِرَاءَةِ بَطَلَتِ الْأُولَى وَوَافَقْنَا ح لَنَا أَنَّهَا انْعَقَدَتْ بِالرُّكُوعِ فَمُرَاعَاتُهَا أولى من غَيرهَا وَقَالَ ح وش يَرْجِعُ إِلَيْهَا وَلَوْ رَكَعَ الثَّانِيَةَ لِأَنَّ فِعْلَ الثَّانِيَة وَقع سَهوا فمراعاة الأولى المشروعية أولى لَنَا أَنَّ إِلْغَاءَ الْأُولَى يُفْضِي إِلَى تَتَابُعِ الْبِنَاءِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ وَقِيَاسًا عَلَى ذِكْرِهَا آخِرَ الصَّلَاةِ وَلَوْ سَجَدَ مِنَ الثَّانِيَةِ سَجْدَةً لَمْ يَرْجِعْ وِفَاقًا إِلَّا أَنَّ ش يَضُمُّ سَجْدَةَ الثَّانِيَةِ لِلْأُولَى وَقَالَ ح إِنْ كَانَ الْبَاقِي مِنَ الْأُولَى سَجْدَتَيْنِ بَطَلَتْ أَوْ سَجْدَةً أَتَى بِسَجْدَة فِي آخر صلَاته فَإِنَّ الْحُكْمَ فِي الْبِنَاءِ الْأَكْثَرِ كَمَا لَوْ رَكَعَ الْمَسْبُوقُ مَعَ الْإِمَامِ وَلِأَنَّ السُّجُودَ لَمَّا كَانَ يَتَكَرَّرُ لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ التَّرْتِيبُ كَصِيَامِ رَمَضَان جَوَابه أَن السَّجْدَة فرض يَتَرَتَّب كَالسُّجُودِ مَعَ الرُّكُوعِ وَالْإِمَامُ نَابَ عَنِ الْمَسْبُوقِ فِي الْقِرَاءَة وَلنَا عَلَى ش أَنَّ التَّرْقِيعَ يَفْتَقِرُ إِلَى نِيَّةٍ قبل الْفِعْل وَقد وَافَقنَا فِي الرجوح عَنْ سُجُودِ الْأُولَى حَتَّى رَكَعَ الْإِمَامُ فِي الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ يَتْبَعُهُ فِي الثَّانِيَةِ وَلَا يَنْصَرِفُ للأولى وَكَذَلِكَ هَهُنَا تَفْرِيعٌ قَالَ إِنْ ذَكَرَ سَجْدَتَيْنِ فِي قِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ وَلَمْ يُطِلْ سَجَدَهُمَا فَإِنْ طَالَتِ الْقِرَاءَةُ يَتَخَرَّجُ سُجُودُهُ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَنْ نَسِيَ الْحَمْدَ فَأَعَادَهَا بَعْدَ السُّورَةِ وَأَعَادَ السُّورَةَ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ عِنْدَ سَحْنُونٍ بِخِلَافِ ابْنِ حَبِيبٍ وَإِنْ ذَكَرَ فِي انْحِطَاطِهِ لِلرُّكُوعِ سَجَدَ لِلسَّهْوِ وِفَاقًا وَهَلْ يَرْفَعُ قَبْلَ السُّجُودِ أَمْ لَا؟ يَتَخَرَّجُ عَلَى أَنَّ الْفِعْلَ إِذَا صَادَفَ مَحِلَّهُ وَنَوَى بِهِ غَيْرَهُ هَلْ يَعْتَدُّ بِهِ أَمْ لَا وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ إِذَا قَرَأَ سَجْدَةً فَلَمَّا قَصَدَ

السُّجُود لَهَا ركع ثمَّ ذكر تجزيه عَن ركعته وَقَالَ ابْن الْقَاسِم لَا تجزيه فَإِنْ قُلْنَا يَنْحَطُّ فَلَا سُجُودَ وَإِنْ قُلْنَا يَرْفَعُ وَكَانَ بَلَغَ حَدَّ الرُّكُوعِ عَلَيْهِ السُّجُودُ لِلسَّهْوِ وَإِنْ ذَكَرَ حِينَ اطْمَأَنَّ رَاكِعًا فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ الرُّجُوعَ إِلَى الْأُولَى وروى أَشهب عَدمه وَأَن تمكن الْيَدَيْنِ من الرُّكْبَتَيْنِ فَوت وَابْنُ الْقَاسِمِ يَرَى أَنَّ الرُّكُوعَ إِنَّمَا يَنْعَقِدُ بِالرَّفْعِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَالثَّانِي أَظْهَرُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الرُّكُوعِ التَّوَاضُعُ وَقَدْ حَصَلَ بِالتَّمَكُّنِ وَخَيَّرَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمَسْبُوقَ يُدْرِكُ فِي حَالَة الرّفْع الرَّكْعَة فَيكون مِنْهَا وَلَمْ يُوجَدْ فَيَسْتَدْرِكُ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنَ الِاسْتِدْرَاكِ انْعِقَادُ رُكْنٍ وَإِنْ ذَكَرَ بَعْدَ الرَّفْعِ جعل الثَّانِيَة الاولى عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَثَانِيَةً عِنْدَ مَالِكٍ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ الِاخْتِلَافُ فِي الْقِرَاءَةِ هَلْ يَقْرَأُ فِيمَا بعْدهَا بِالْحَمْد وَسورَة أم بِالْحَمْد فَقَطْ؟ قَالَ وَالسَّجْدَةُ مِثْلُ السَّجْدَتَيْنِ إِلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ الْأَوَّلُ إِذَا ذَكَرَ فِي قِيَامِهِ أَوْ رُكُوعِهِ وَقُلْنَا يَسْجُدُ فَرَوَى أَشْهَبُ يَخِرُّ سَاجِدًا وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ لِأَنَّهُ إِنَّمَا تَرَكَ الرُّكُوعَ لِأَجْلِ السُّجُودِ فَلَا يَشْتَغِلُ بِغَيْرِهِ وَلِأَنَّ الْجِلْسَةَ إِنَّمَا تُرَادُ لِلْفِعْلِ وَقَدْ حَصَلَ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَجْلِسُ ثُمَّ يَسْجُدُ لِيَرْجِعَ إِلَى أَوَّلِ الْخَلَلِ فَيَبْنِي عَلَى الصِّحَّةِ وَيَرْجِعُ بِلَا تَكْبِيرٍ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَرْجِعُ بِتَكْبِيرٍ الثَّانِي أَنَّ فِي السَّجْدَتَيْنِ إِذَا ذَكَرَ رَافِعًا يَرْفَعُ ثُمَّ يَهْبِطُ وَفِي السَّجْدَةِ لَا حَاجَةَ إِلَى الرَّفْعِ لِأَنَّهَا كَانَتْ يُؤْتَى بِهَا مِنْ غَيْرِ قيام الثَّانِي قَالَ لَوْ رَكَعَ وَسَهَا عَنِ الرَّفْعِ وَتَمَادَى فَثَلَاثَة أَقْوَال قَالَ مَالك

يجْزِيه وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُعْتَدُّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ وَقَالَ أَيْضًا يَرْجِعُ مَا لَمْ يَعْقِدِ الرُّكُوعَ فِي رَكْعَةٍ أُخْرَى فَإِنْ ذَكَرَ فِي سُجُودِهِ قَالَ ابْن الْمَوَّاز يرجع إِلَى الرُّكُوع محدوبا ثُمَّ يَرْفَعُ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ وَإِنْ رَجَعَ إِلَى الْقِيَامِ أَعَادَ صَلَاتَهُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَرْجِعُ إِلَى الْقِيَامِ مُعْتَدِلًا لِئَلَّا يَحْصُلَ رُكُوعَانِ وَهَذَا الْفَرْعُ يُلَاحَظُ فِيهِ وُجُوبُ الرَّفْعِ مِنَ الرُّكُوعِ فَلَوْ رَكَعَ وَرَفَعَ وَلَمْ يَعْتَدِلْ قَالَ فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الِاعْتِدَالَ سُنَةٌ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهِ يُعِيدُ الرَّكْعَةَ وَكَذَلِكَ لَوْ تَرَكَ الِاعْتِدَالَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَلَوْ جَلَسَ بَينهمَا وَلم يرفع يَدَيْهِ فَالْمَشْهُور يجْزِيه وَعَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهِ يَرْجِعُ إِلَيْهِ مَا لَمْ يَعْقِدْ رَكْعَةً وَهَلْ يَرْجِعُ فَيَضَعُ يَدَيْهِ بِالْأَرْضِ ثمَّ يرفعهما أَو يضعهما على فخديه فَقَطْ يَتَخَرَّجُ عَلَى الْخِلَافِ فِي الرَّفْعِ مِنَ الرُّكُوع اذا ترك الثَّالِثُ فِي الْجَوَاهِرِ لَوْ أَخَلَّ بِالسُّجُودِ مِنَ الْأُولَى وَبِالرُّكُوعِ مِنَ الثَّانِيَةِ لَمْ يُجْزِهِ سُجُودُ الثَّانِيَةِ عَنِ الْأُولَى وَكَذَلِكَ لَوْ أَخَلَّ بِالرُّكُوعِ مِنَ الْأُولَى وَالسُّجُودِ مِنَ الثَّانِيَةِ لِافْتِقَارِ التَّرْقِيعِ إِلَى نِيَّةٍ تُقَارِنُ الْفِعْلَ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَقَالَ أَشْهَبُ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ يُجْزِئُ سُجُودُ الثَّانِيَةِ وَيُلْغِي الرُّكُوعَ وَرُكُوعُ الثَّانِيَةِ عَنْ رُكُوعِ الْأُولَى اكْتِفَاء بِصُورَة الْفِعْل الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ إِذَا لَمْ يَجْلِسْ بَعْدَ اثْنَتَيْنِ وَاسْتَقَلَّ قَائِمًا لَا يَرْجِعُ وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِنْ ذَكَرَ وَهُوَ يَتَزَحْزَحُ لِلْقِيَامِ جَلَسَ وَسَجَدَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنِ ارْتَفَعَ عَنِ الْأَرْضِ وَلَمْ يَعْتَدِلْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَرْجِعُ وَهُوَ

ظَاهِرُ الْكِتَابِ لِأَنَّ السُّجُودَ وَجَبَ فَلَا يَسْقُطُ بِالرُّجُوعِ فَلَا فَائِدَةَ فِيهِ وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ يرجع لانه لم يتلبس بِرُكْنٍ وَفِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا قَامَ الامام فِي الرَّكْعَتَيْنِ فان ذَكَرَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوِيَ قَائِمًا فَلْيَجْلِسْ وَإِنِ اسْتَوَى قَائِما فَلَا يجلس وَيسْجد سَجْدَتي السَّهْو فَإِنِ اعْتَدَلَ قَائِمًا فَلَا يَرْجِعُ عِنْدَنَا وَعِنْدَ ش وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ الْأَوْلَى الرُّجُوعُ وَقَالَ الْحَسَنُ مَا لَمْ يَرْكَعْ تَفْرِيعٌ إِنْ رَجَعَ بَعْدَ النُّهُوضِ وَقَبْلَ الِاسْتِوَاءِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يسْجد بعد السَّلَام لإنجاز الْخَلَلِ وَلِحُصُولِ الزِّيَادَةِ وَإِنْ رَجَعَ بَعْدَ الِاعْتِدَالِ جَاهِلًا قَالَ سَحْنُونٌ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَسْجُدُ وَتَصِحُّ قَالَ وَلَا خِلَافَ فِي الصِّحَّةِ إِذَا رَجَعَ سَاهِيًا وَفِي الْفَسَادِ إِذَا رَجَعَ عَامِدًا مَعَ الْعلم والمتأول يجْزِيه وَإِذَا قُلْنَا لَا تَفْسُدُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَتِمُّ جُلُوسُهُ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ وَيَعْتَدُّ بِجُلُوسِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ قِيلَ وَلَا يُعْتَدُّ بِهِ وَإِذَا كَانَ إِمَامًا فَاعْتَدَلَ فَلْيَتْبَعْهُ الْمَأْمُومُ وَإِنْ رَجَعَ فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَبْقَى جَالِسًا مَعَهُ لِأَنَّهُ عِنْدَهُ يَعْتَدُّ بِجُلُوسِهِ قَالَ وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ لَا يَقُومُ بِقِيَامِهِ لِأَنَّ الْمَأْمُومَ عَلَى حُكْمِ جُلُوسِهِ فِي الْأَرْضِ أَو يقوم لَان بِقِيَامِ الْإِمَامِ وَجَبَ قِيَامٌ الْمَأْمُومِ فَإِذَا أَخْطَأَ لَمْ يَتْبَعْهُ كَمَا لَوْ جَلَسَ مِنْ رَكْعَةٍ قَالَ وَهُوَ قِيَاس فَلَو قاما مَعًا وَرجع الْإِمَامُ لَا يَتْبَعُهُ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَيَتْبَعُهُ على قَول ابْن الْقَاسِم لانه يَعْتَدُّ بِهِ فَلَوْ جَلَسَ وَنَسِيَ التَّشَهُّدَ حَتَّى اعْتَدَلَ فَفِي الْجُلَّابِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَفِي الْمُقدمَات يسْجد وَبِه قَالَ ح وش لَنَا أَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ فَلَا يَسْجُدُ

كَالتَّسْبِيحِ وَقِيَاسًا عَلَى السُّورَةِ وَالتَّكْبِيرِ عِنْدَهُمَا فَلَوْ رَجَعَ لِلتَّشَهُّدِ بَعْدَ النُّهُوضِ وَقَدْ كَانَ جَلَسَ يخرج على الرُّجُوع الى الْجُلُوس الْخَامِس فِي الْكتاب إِذا ظن الْمَسْبُوق سَلَامَ الْإِمَامِ فَقَامَ لِلْقَضَاءِ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ فَإِنْ رَجَعَ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَعَ الْإِمَامِ وَلَا يَعْتَدُّ بِمَا صلى قبل سَلَامِهِ فَإِنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ قَائِمًا أَوْ رَاكِعًا ابْتَدَأَ الْقِرَاءَة وَيسْجد قَبْلَ السَّلَامِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَقَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ إِذَا رَجَعَ قَبْلَ السَّلَامِ سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ لِأَنَّ الْفِعْلَ الَّذِي سَهَا فِيهِ هُوَ مَا سَبَقَ وَالْإِمَامُ لَا يَحْمِلُ السَّهْوَ فِيهِ أَمَّا إِذَا سَلَّمَ عَلَيْهِ قَائِمًا فَلَا يَرْجِعُ اتِّفَاقًا كَمَا لَوْ سَهَا عَنِ الْجَلْسَةِ الْوُسْطَى فَذَكَرَهَا قَائِمًا وَيَسْجُدُ قَبْلُ لِنَقْصِهِ النُّهُوضَ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَلِمَالِكٍ يَسْجُدُ بَعْدُ احْتِيَاطًا لِتَرْكِ الزِّيَادَةِ فِي الصَّلَاةِ بِسُجُودِ السَّهْوِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا سُجُودَ عَلَيْهِ لِأَنَّ سَهْوَهُ مَعَ الْإِمَامِ وَيَرْجِعُ مِنَ الْقِيَامِ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ بِغَيْرِ تَكْبِيرٍ كَالرُّجُوعِ مِنَ الْخَامِسَةِ وَلَوْ تَكَلَّمَ غَيْرُ الْمَسْبُوقِ عَقِبَ سَلَامِ إِمَامِهِ سَاهِيًا قَالَ مَالِكٌ يَسْجُدُ لِبُطْلَانِ الْإِمَامَةِ بِالسَّلَامِ وَفِيهِ خِلَافٌ وَلَوْ سَلَّمَ وَانْصَرَفَ فَرَجَعَ قَبْلَ سَلَامِهِ قَالَ مَالِكٌ لَا سُجُودَ عَلَيْهِ قَالَ وَيَتَخَرَّجُ فِيهَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ كِنَانَةَ إِنَّ عَلَيْهِ السُّجُودَ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى سَلَّمَ رَجَعَ وَجَلَسَ وَسَلَّمَ وَسَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ لِنُقْصَانِ الْجُلُوسِ لِلسَّلَامِ السَّادِسُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ لَوْ سَهَا الْإِمَامُ عَنْ سَجْدَةٍ فِي الْأُولَى قَالَ سَحْنُونٌ يُسَبِّحُونَ بِهِ مَا لَمْ يَعْقِدِ الرَّكْعَةَ فَيَتْبَعُونَهُ وَكُلُّ حَالَةٍ لَوْ ذُكِّرَ فِيهَا رَجَعَ لَا

يتبعونه فِيهَا فاذا عقد الثَّانِيَة كَانَت أُولَاهُمْ فَإِذَا جَلَسَ قَامُوا وَيَقُومُونَ مَعَهُ فِي الثَّالِثَةِ كَإِمَامٍ قَامَ مِنِ اثْنَتَيْنِ وَيَقُومُونَ فِي رَابِعَتِهِ كَإِمَامٍ قَعَدَ فِي ثَالِثَةٍ وَيَأْتُونَ بِرَكْعَةٍ يَؤُمُّهُمْ أَحَدُهُمْ أَوْ أَفْذَاذًا وَيَسْجُدُونَ قَبْلَ السَّلَامِ وَلَوْ دَخَلَ يَؤُمُّ فِي الثَّانِيَةِ فَذَكَرَ فِي تَشَهُّدِهَا سَجْدَةً لَا يَدْرِي مِنْ أَيَّتِهِمَا؟ قَالَ سَحْنُونٌ يَسْجُدُ سَجْدَةً وَيَتَشَهَّدُ وَيَجْعَلُهَا أُولَى فَإِنْ تيقنوا خِلَافه لم يسجدوا مَعَه ويقومون بثالثة ويسجدون مَعَه للسَّهْو وَإِن شكوا اتَّبعُوهُ الا فِي الجلسة وَيَثْبُتُونَ قِيَامًا وَقَالَ مَالِكٌ أَيْضًا جُلُوسًا وَهُوَ أَحْسَنُ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى اتِّبَاعِهِمْ فِي الْخَامِسَةِ لاحْتِمَال أَن تكون رَابِعَة فَلَا يخالفونه بِالشَّكِّ وَيَقْضُونَهَا لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا خَامِسَةً فِي حَقِّهِ قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ يَتَخَرَّجُ عَلَى الْخِلَافِ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فِيمَنْ ذَكَرَ سَجْدَةً فِي آخِرِ صَلَاتِهِ لَا يَدْرِي مِنْ أَيِّهَا؟ قَالَ ابْنُ الْقَاسِم يسْجد الْآن لتصح الرَّابِعَة وَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ وَقَالَ أَشْهَبُ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ فَقَطْ فَعَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ يَحْتَسِبُ بِرَكْعَةٍ وَلَا يَسْجُدُ سَجْدَةً خِلَافَ مَا قَالَ سَحْنُونٌ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي ذَاكِرِ السَّجْدَةِ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ لَا يَدْرِي مِنْ أَيِّهَا؟ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ مَعْلُومَةٌ وَالنَّقْصَ مَشْكُوكٌ فِيهِ وَقَالَ سَحْنُونٌ قَبْلَ السَّلَامِ تَغْلِيبًا لِلنَّقْصِ وَلَوْ ذَكَرَ سَجْدَةً فِي الثَّانِيَةِ لَا يَدْرِي مِنْ أَيَّتِهِمَا يسْجد الْآنَ وَيَجْلِسُ وَيَتَشَهَّدُ عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ تَتْمِيمًا لِلثَّانِيَةِ مَا أَمْكَنَ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ لَا يَجْلِسُ لِأَنَّهُ كَمَنْ قَالَ لَا أَدْرِي أَصَلَّيْتُ وَاحِدَةً أَوِ اثْنَتَيْنِ وَهُوَ أَبْيَنُ عَلَى قَوْلِنَا يَأْتِي بثانية بِالْحَمْد وَسُورَةٍ وَلَوْ تَرَكَ سَجْدَةً مِنَ الْأُولَى وَقَامَ فسجدها وَاتبعهُ ساهون عامدون فَذَكَرَ قَبْلَ الرُّكُوعِ فَسَجَدَهَا فَلَا يُعِيدُهَا مَنْ سجدها وان

لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى رَكَعَ مَضَى مَعَ السَّاجِدِينَ فَإِذَا قَامَ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ بَدَلًا مِنَ الْأُولَى لَا يَتْبَعُهُ السَّاجِدُونَ وَيَتْبَعُهُ السَّاهُونَ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ هُوَ وَالسَّاجِدُونَ وَغَيْرُهُمْ وَتَبْطُلُ صَلَاةُ الْعَامِدِينَ وَالْأَحْسَنُ إِعَادَةُ السَّاجِدِينَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فَإِنْ تَمَادَى عَلَى إِسْقَاطِ تِلْكَ الرَّكْعَةِ وَبَنَى عَلَى ذَلِكَ صَحَّتِ الصَّلَاةُ لَهُ وَلِلسَّاهِينَ وَبَطَلَتْ عَلَى الْعَامِدِينَ وَالسَّاجِدِينَ لِاخْتِلَافِ النِّيَّاتِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ إِمَامِهِمْ السَّابِع قَالَ صَاحب الطّراز وَلَو أَدْرَكَ مَعَهُ رَكْعَتَيْنِ فَذَكَرَ سَجْدَةً لَا يَدْرِي مِنْ أَيِّ رَكْعَةٍ؟ وَذَكَرَ الْمَأْمُومُ سَجْدَةً لَا يدْرِي من أَي رَكْعَتَيْنِ؟ فَلْيَسْجُدْ مَعَ الْإِمَامِ سَجْدَةً وَيَتْبَعُهُ فِي رَكْعَةٍ بِالْفَاتِحَةِ وَيَسْجُدُ مَعَهُ قَبْلَ السَّلَامِ وَيَقْضِي بَعْدُ رَكْعَةً قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَقِيلَ يَتْبَعُهُ فِي سجدته وركعته وَسجد مَعَه السَّهْو وَسلم بسلامه ويبتدئ الصَّلَاة للِاخْتِلَاف فِي الِابْتِدَاء الثَّامِنُ قَالَ لَوْ ذَكَرَ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ سَجْدَتَيْنِ لَا يَدْرِي مُجْتَمِعَتَيْنِ أَوْ مُفْتَرِقَتَيْنِ؟ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَتشهد ثمَّ أَتَى بِرَكْعَتَيْنِ بِالْحَمْد فَقَطْ وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِمَا مِنَ الْأُولَيَيْنِ فَتَنْتَقِصُ الْقِرَاءَةُ وَيَتَخَرَّجُ فِيهَا قَوْلٌ بِالسُّجُودِ بَعْدَ السَّلَامِ فَلَوْ كَانَ مَأْمُومًا سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ واتى بعد الامام بِرَكْعَتَيْنِ بِالْحَمْد وَسُورَةٍ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ لِأَنَّهُمَا إِنْ كَانَتَا مِنَ الْأُولَيَيْنِ فَقَدْ فَاتَهُ أَوَّلُ صَلَاةِ الْإِمَامِ بِخِلَافِ الْفَذِّ وَكَذَلِكَ لَوْ ذَكَرَ أَنَّ إِمَامَهُ تَرَكَ ذَلِكَ دُونَهُ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ فِي المسئلتين لزِيَادَة مثل النّصْف التَّاسِعُ فِي الْجَوَاهِرِ لَوْ سَهَا عَنْ أَرْبَعِ سَجدَات من أَربع رَكْعَات أَو عَن

الثمان سَجدَات اصلح الْأَخِيرَة وَخرجت المسئلة عَلَى كَثْرَةِ السَّهْوِ هَلْ تَبْطُلُ الصَّلَاةُ أَمْ لَا؟ الْعَاشِرُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ لَوْ سَبَّحَ الْمَأْمُومُ بِالْإِمَامِ فَلَمْ يَرْجِعْ حَتَّى سَلَّمَ فَلَا يُسَلِّمْ مَعَهُ فَإِنْ فَاوَضَهُ الْإِمَامُ لَمْ يَضُرُّهُ عَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَلَوْ سَلَّمَ مَعَهُ عَلَى يَقِينِ النَّقْصِ أَوْ شَكٍّ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ فَإِنْ ذَكَرَ بعد ذَلِك الْإِتْمَام فَقَوْلَانِ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الْكِتَابِ إِذَا قَالَ قَوْمٌ لِلْفَذِّ لَمْ تُصَلِّ إِلَّا ثَلَاثًا لَمْ يَرْجِعْ إِلَيْهِمْ وَلَا سَهْوَ عَلَيْهِ إَنْ تَيَقَّنَ الْإِتْمَامَ وَفِي الْجُلَّابِ قَالَ أَشْهَبُ إِنْ أَخْبَرَهُ عَدْلَانِ رَجَعَ إِلَيْهِمَا فَإِنْ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ فَفِي الْكِتَابِ يُعِيدُ الصَّلَاةَ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِنْ كَانَ لَمْ يُسَلِّمْ فَظَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ سَلَّمَ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ تَشَكَّكَ وَأَنَّ الشَّكَّ بعد السَّلَام يُؤثر الثَّانِيَ عَشَرَ قَالَ سَحْنُونٌ فِي كِتَابِ نَوَازِلِهِ لَوْ ذَكَرَ سَجْدَةً فِي آخِرِ وِتْرِهِ لَا يَدْرِي هَلْ هِيَ مِنْهُ أَوْ مِنَ الشَّفْعِ؟ سَجَدَ الْآنَ وَتَشَهَّدَ وَسَلَّمَ وَسَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ وَأَجْزَأَهُ إِنْ كَانَ صَلَّى شَفْعًا وَإِلَّا شَفَعَ وتره بِرَكْعَة بعد السُّجُود وَأَعَادَهُ فَلَو ذكره من الشفع وَتَرَهُ وَيُعِيدُهُ إِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ إِشْفَاعٌ وَإِلَّا كمله فَقَط الثَّالِثَ عَشَرَ قَالَ اللَّخْمِيُّ لَوْ ذَكَرَ سَجْدَةً مِنَ الرَّابِعَةِ وَصَلَّى خَامِسَةً سَاهِيًا قِيلَ يَسْجُدُ الرَّابِعَة لَأَنَّ الْخَامِسَةَ مُلْغَاةٌ شَرْعًا فَلَا تَحُولُ وَقِيلَ تَحُولُ وَتَبْطُلُ الرَّابِعَةُ وَتَنُوبُ عَنْهَا الْخَامِسَةُ وَقِيلَ لَا تَنُوبُ وَيَأْتِي بِهَا فَإِنْ شَكَّ هَلْ من الرَّابِعَة أَو الْخَامِسَةِ؟ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَأْتِي بِسَجْدَةٍ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا مِنَ الرَّابِعَةِ وَيُسَلِّمُ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ وَعَلَى الثَّانِي يَأْتِي بِرَكْعَة لاحْتِمَال كَونهَا من

الفصل الثاني في زيادة الفعل

الرَّابِعَةِ وَقَدْ بَطَلَتْ بِحَيْلُولَةِ الْخَامِسَةِ وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ يُسَلِّمُ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ لِنِيَابَةِ الْخَامِسَةِ عَنْهَا وَإِحْدَى الرَّكْعَتَيْنِ صَحِيحَةٌ ضَرُورَةً فَإِنْ شَكَّ هَلْ هِيَ سَجْدَةٌ أَوْ سَجْدَتَانِ مُجْتَمِعَتَانِ أَوْ مُفْتَرِقَتَانِ؟ يَأْتِي بِسَجْدَتَيْنِ يَنْوِي بِهِمَا الرَّابِعَةَ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِمَا مُجْتَمِعَتَيْنِ وَعَلَى الثَّانِي يَأْتِي بِرَكْعَةٍ وَعَلَى الْقَوْلِ الآخر يَأْتِي بِسَجْدَة يَنْوِي بِهَا الْخَامِسَةَ لِإِمْكَانِ افْتِرَاقِهِمَا وَالرَّابِعَةُ بَطَلَتْ بِالْخَامِسَةِ وَنَابَتِ الْخَامِسَةُ عَنْهَا بَعْدَ تَرْقِيعِهَا الْفَصْلُ الثَّانِي فِي زِيَادَةِ الْفِعْلِ فَفِي الْجَوَاهِرِ إِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ وَزَادَ فِي الرُّبَاعِيَّةِ رَكْعَةً صَحَّتْ أَوْ رَكْعَتَيْنِ فَفِي الصِّحَّةِ قَوْلَانِ أَوْ أَرْبَعًا فَالْمَشْهُورُ الْبُطْلَانُ وَرُوِيَتِ الصِّحَّةُ وَإِنْ زَادَ فِي الصُّبْحِ مِثْلَهَا فَإِنْ قُلْنَا بِالْبُطْلَانِ فِي الرّبَاعِيّة فِي الرَّكْعَتَيْنِ فههنا أولى لتَفَاوت النِّسْبَة وَإِلَّا فَفِي الْبُطْلَانِ قَوْلَانِ وَإِنْ زَادَ فِيهَا رَكْعَة فَقَوْلَانِ نظرا الى يسَاره الزِّيَادَةِ أَوْ عِظَمِ النِّسْبَةِ وَفِي إِلْحَاقِ الثُّلَاثِيَّةِ بِالرُّبَاعِيَّةِ أَوِ الثُّنَائِيَّةِ قَوْلَانِ وَحَيْثُ صَحَّحْنَا سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ وَتَبْطُلُ بِزِيَادَةِ الْعَمْدِ وَلَوْ بِسَجْدَةٍ وَفِي إِلْحَاق الْجَهْل بالعمد أَو بِالنِّسْيَانِ قَوْلَانِ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِ

جِنْسِهَا قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ إِنْ كَثُرَ جِدًّا أَبْطَلَهَا وَإِنْ قَلَّ فَثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ جَائِزٌ كَحَيَّةٍ تريده فيقتلها وَيَبْنِي أَنه فِي صَلَاة فَلَا سُجُودَ وَمَكْرُوهٌ كَحَيَّةٍ أَوْ عَقْرَبٍ يَقْتُلُهَا إِذَا مَرَّتْ بَيْنَ يَدَيْهِ فَفِي السُّجُودِ قَوْلَانِ وَمُحَرَّمٌ كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فَقِيلَ يَسْجُدُ وَقِيلَ تَبْطُلُ وَفِي الْفَصْل سِتَّة فروع الأول إِذَا اعْتَقَدَ ثَلَاثًا فَأَتَمَّ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا أَرْبَعٌ رَجَعَ حِينَ ذَكَرَهُ وَيَجْلِسُ وَيُسَلِّمُ وَيَسْجُدُ وَقَالَهُ ش وَقَالَ ح يرجع من لَمْ يَسْجُدْ فِي الْخَامِسَةِ فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ جَلَسَ بَعْدَ الرَّابِعَةِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ فَتَكُونُ الْخَامِسَةُ تَطَوُّعًا يُضِيفُ إِلَيْهَا أُخْرَى وَيُسَلِّمُ لَنَا مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا فَلَمَّا سَلَّمَ قِيلَ لَهُ أَزِيدَ فِي الصَّلَاةِ؟ قَالَ وَمَا ذَاكَ؟ قَالُوا صَلَّيْتَ خَمْسًا فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ قَالَ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَنْسَى كَمَا تنسون فاذا نسي أحدكُم فليسجد سَجْدَتَيْنِ الثَّانِي قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ إِذَا قَامَ إِلَى خَامِسَةٍ سَهْوًا وَاتَّبَعَهُ سَاهٍ وَمُتَعَمِّدٌ وَجلسَ آخر صحت صلَاتهم إِلَّا الْعَامِد لقصده لزِيَادَة وَقَالَهُ ش وَقَالَ ح إِنْ قَامَ قَبْلَ التَّشَهُّدِ بَطَلَتَ صَلَاتُهُ وَإِلَّا صَحَّتْ وَيَجُوزُ عِنْدَهُ ان يتَنَفَّل بِإِحْرَام الْفَرْضَ بَعْدَ تَمَامِهِ لِأَنَّ السَّلَامَ عِنْدَهُ لَيْسَ من

الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا هُوَ مُنَافٍ لَهَا وَنَحْنُ نَمْنَعُهُ ذَلِكَ وَإِنْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الصَّلَاةِ فَهُوَ شَرْطُ التَّحْلِيلِ وَمُفَارَقَةِ الْعِبَادَةِ الْأُولَى قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ قَالَ سَحْنُونٌ مَعْنَاهُ فِي الْكِتَابِ أَن الْجَالِس يسبح بِهِ فَإِنْ لَمْ يُسَبِّحْ أَعَادَ أَبَدًا قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ فَلَوْ قَالَ كُنْتُ أَسْقَطْتُ سَجْدَةً مِنَ الْأُولَى وَلَمْ أُنَبَّهْ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ تَبْطُلُ عَلَى مَنْ لَمْ يَتْبَعْهُ وَتَصِحُّ لِمَنِ اتَّبَعَهُ مُطْلَقًا قَالَ يُرِيدُ إِذَا شَكُّوا أَوْ تَيَقَّنُوا النُّقْصَانَ وَقَالَ سَحْنُونٌ صَلَاةُ السَّاهِينَ تَامَّةٌ وَالْعَامِدِينَ بَاطِلَةٌ إِنْ تَيَقَّنُوا الزِّيَادَةَ إِلَّا أَنْ يَتَأَوَّلُوا وُجُوبَ الِاتِّبَاعِ لِأَنَّ الْفِعْلَ تَبَعٌ لِلِاعْتِقَادِ قَالَ وَيَتَخَرَّجُ عَلَى هَذَا إِذَا تَعَمَّدَ خَمْسًا فَتَبَيَّنَ أَنَّهَا أَرْبَعٌ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا يَضُرُّهُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا صَلَّى خَمْسًا سَهْوًا ثُمَّ ذَكَرَ سَجْدَةً مِنَ الْأُولَى يَأْتِي بِرَكْعَةٍ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَالصَّوَابُ الِاكْتِفَاءُ بِالْخَامِسَةِ وَإِذَا لَمْ يَعْتَدَّ بِهَا سَهْوًا فَأَوْلَى عَمْدًا قَالَ وَيَتَخَرَّجُ فَرْعُ الْخِلَافِ إِذَا أَحْرَمَ بِفَرِيضَةٍ ثُمَّ اعْتَقَدَ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِنَافِلَةٍ وَتَمَادَى فَفِي الْإِجْزَاءِ قَوْلَانِ فَلَوْ أَنَّ مَعَهُ مَسْبُوقًا بِرَكْعَةٍ فَجَلَسَ وَقَالَ الْإِمَامُ أَسْقَطْتُ سَجْدَةً مِنَ الْأُولَى قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إِنْ صَدَّقَهُ كُلُّ مَنْ خَلْفَهُ أَعَادَ هَذَا صَلَاتَهُ وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ أَحَدٌ لَمْ يُعِدْ فَلَوْ قَامَ لِلْخَامِسَةِ سَهْوًا فَدَخَلَ مَعَهُ فِيهَا مَسْبُوقٌ لَمْ يُجْزِهِ وَقَالَهُ ح خِلَافًا ش لِأَنَّهَا غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهَا وَقَدْ سَلَّمَ ش اذا رَجَعَ الْإِمَامُ فَدَخَلَ مَعَهُ ثُمَّ سَهَا فَرَكَعَ وَرَفَعَ الدَّاخِل مَعَه ان ذَلِك لَا يجْزِيه وَكِلَاهُمَا سَوَاءٌ فَلَوْ قَامَ مَعَهُ فِيهَا مَسْبُوقٌ لم يجزه وَقَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَقَالَ إِنْ عَلِمَ أَنَّهَا خَامِسَةٌ بَطَلَتَ صَلَاتُهُ إِلَّا أَنْ يَقُولَ كُنْتُ أَسْقَطْتُ سَجْدَةً مِنَ الْأُولَى إِلَّا أَنْ يُخَالِفَهُ من خَلفه

فرع مُرَتّب إِذا قَامَ الى خَامِسَة بعد التَّشَهُّدِ بَعْدَ الرَّابِعَةِ رَجَعَ وَتَشَهَّدَ وَإِلَّا يَتَخَرَّجْ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي التَّشَهُّدِ لِسُجُودِ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَام قَالَ وَيُمكن الْفرق بِأَن السَّهْو يلغي وَيَتَّصِلُ الْجُلُوسُ بِالتَّشَهُّدِ بِخِلَافِ سُجُودِ السَّهْوِ فَإِنَّهُ مَشْرُوع وَهُوَ الظَّاهِر عِنْد الشَّافِعِيَّة الثَّالِثُ لَوْ صَلَّى الْمَغْرِبَ أَرْبَعًا سَهْوًا أَجْزَأَتْ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ وَعِنْدَ قَتَادَةَ وَالْأَوْزَاعِيِّ يُضِيفُ إِلَيْهَا أُخْرَى وَيَسْجُدُ لَنَا أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا الْحَدِيثَ الْمُتَقَدِّمَ فَلَوْ صَلَّاهَا خمْسا سَهوا أجزته عِنْدَ أَشْهَبَ وَيَسْجُدُ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ عَلَيْهِ الْإِعَادَة وَقَالَ ابْن الْمَاجشون لَا أَقُول يُبْطِلهَا مِثْلُ نِصْفِهَا سَهْوًا كَمَا قِيلَ بَلْ رَكْعَتَانِ يُبْطِلَانِهَا لِأَنَّ كَثِيرَ الْفَسَادِ يُبْطِلُ كَالْغَرَرِ فِي الْبَيْعُ الرَّابِعُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ سَاهِيًا سَجَدَ وَقَدْ تقدم ابطالهما للصَّلَاة لشدَّة منافاتهما للصَّلَاة الْخَامِس اذا تفكر فِي اتمام صلَاته ثمَّ يتَيَقَّن فَلَا سَهْوَ عَلَيْهِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِنْ تَفَكَّرَ قَائِمًا أَوْ جَالِسًا أَوْ سَاجِدًا فَلَا سُجُودَ اتِّفَاقًا لِأَنَّ زِيَادَةَ اللَّبْثِ فِي هَذِهِ الْمَوَاطِنِ لَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ وَأَمَّا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ إِنْ طَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا

الفصل الثالث في نقصان الأقوال

سُجُود وَقَالَ اشهب يسْجد كَانَ جَالِسا بَينهمَا مستوفرا على قَدَمَيْهِ أَو ركبيته السَّادِسُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا صَلَّى النَّافِلَةَ ثَلَاثًا شَفَعَهَا وَسَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِنْ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَجْلِسْ بَعْدَ اثْنَتَيْنِ فَلِنُقْصَانِ الْجَلْسَةِ وَقِيلَ لِنَقْصِ السَّلَامِ وَعَلَى هَذَا لَا فَرْقَ بَيْنَ الْجُلُوسِ وَعَدَمِهِ وَيَرِدُ عَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ إِنْ قَامَ إِلَى خَامِسَةٍ فَقَدْ أَخَلَّ بِالسَّلَامِ مِنْ مَوْضِعِهِ سَاهِيًا مَعَ أَنَّهُ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ قَامَ إِلَى خَامِسَةٍ فِي النَّافِلَةِ رَجَعَ وَلَا يُكْمِلُهَا سَادِسَةً وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ لِأَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الْجَادَّةُ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِي النَّافِلَةِ عَدَمُ الزِّيَادَةِ عَلَى أَرْبَعٍ فَلَوْ صَلَّى الْفَجْرَ ثَلَاثًا قَالَ اخْتُلِفَ فِي بُطْلَانِهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْفَجْرَ مَحْدُودٌ بِالِاتِّفَاقِ فَزِيَادَةُ نِصْفِهِ تُبْطِلُهُ واذا قُلْنَا لَا تبطله فَصلَاته أَرْبَعًا اسْتَحَبَّ مَالِكٌ الْإِعَادَةَ خِلَافًا لِمُطَرِّفٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا قَامَ فِي النَّافِلَةِ إِلَى ثَالِثَةٍ سَاهِيًا رَجَعَ فَجَلَسَ وَكَذَلِكَ إِنْ ذَكَرَ وَهُوَ رَاكِع وَبِه أخد ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَيْضًا يُتِمُّهَا أَرْبَعًا الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي نُقْصَانِ الْأَقْوَالِ وَفِيهِ ثَمَانِيَةُ فُرُوعٍ الْأَوَّلُ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي الْأَركان

الثَّانِي قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ لَوْ ذَكَرَ قَبْلَ الرُّكُوعِ أَنَّهُ سَهَا عَنِ الْفَاتِحَةِ قَرَأَهَا وَيُعِيدُ السُّورَة على مَذْهَب الْكتاب وش وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ لَا يُعِيدُهَا لِحُصُولِهَا قَبْلُ وَالتَّرْتِيبُ مِنْ بَابِ الْفَضِيلَةِ وَأَمَّا الْمُسْتَنْكِحُ فَلَا يُعِيدُهَا وَحَيْثُ قُلْنَا بِالْإِعَادَةِ فَلَا يَسْجُدُ عِنْدَ مَالك وش لِأَنَّ زِيَادَةَ الْقِرَاءَةِ مَشْرُوعَةٌ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ عَمْدُهَا خِلَافًا لِسَحْنُونٍ فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى رَكَعَ وَرَفَعَ أَوْ سَجَدَ سَجْدَةً فَأَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ يَرْفَعُ فَيَقْرَأُ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ بِنَاءً عَلَى إِلْغَاءِ الرَّكْعَةِ وَيَفْعَلُ ذَلِكَ وَيُعِيدُ الصَّلَاةَ عِنْدَ سَحْنُونٍ احْتِيَاطًا لِأَنَّ مَنْ يَقُول لَا يجْزِيه سُجُود السَّهْو يبطل الصَّلَاةَ وَيَقْطَعُ بِسَلَامٍ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ يَبْنِي على الصِّحَّة وَيَتَمَادَى وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ فَإِنْ ذَكَرَ بَعْدَ السَّجْدَتَيْنِ فَأَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ يُضِيفُ لِهَذِهِ الرَّكْعَةِ أُخْرَى وَيُسَلِّمُ بَعْدَ أَنْ يَسْجُدَ قَبْلَ السَّلَامِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَيَتَمَادَى وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ وَيَفْعَلُ ذَلِكَ ثُمَّ يُعِيدُ وَيُلْغِي الرَّكْعَةَ وَيَجْعَلُ الثَّالِثَةَ ثَانِيَةً فِي الْقِرَاءَةِ وَالْجُلُوسِ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إِنْ ذَكَرَ فِي الثَّانِيَةِ فَإِنْ ذَكَرَ وَهُوَ رَاكِعٌ فِي الثَّالِثَةِ أَنَّهُ أَسْقَطَهَا مِنْ إِحْدَى الْأُولَيَيْنِ فَخَمْسَةُ أَقْوَالٍ يَتَمَادَى وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ وَيَفْعَلُ ذَلِكَ وَيُعِيد الصَّلَاة وَيَجْعَلُ الثَّالِثَةَ ثَانِيَةً وَيَجْلِسُ وَيُكْمِلُ وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ لِتَرْكِ السُّورَةِ مِنْ هَذِهِ الثَّانِيَةِ وَيَتَمَادَى على صلَاته وَيَقْضِي رَكْعَة بِالْحَمْد وَسُورَةٍ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ وَيَرْجِعُ إِلَى الْجُلُوسِ وَيسْجد وَيسلم يَجْعَلهَا نَافِلَةً قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى رَفَعَ مِنَ الثَّالِثَةِ أَوْ فِي الرَّابِعَةِ أَوِ التَّشَهُّدِ فَأَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ يََسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَمْ يَخْتَلِفْ فِي ذَلِكَ أَصْحَابُ مَالِكٍ وَيَفْعَلُ ذَلِكَ وَيُعِيدُ الصَّلَاةَ قَالَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ كَانَ مَالِكٌ يُحِبُّ أَنْ يُعِيدَ إِذَا تَرَكَ الْقِرَاءَةَ مِنْ رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ مِنْ أَيِّ الصَّلَوَات كَانَت ثمَّ قَالَ أَرْجُو أَن يُجزئهُ سُجُود

السَّهْو وَمَا هُوَ بالبين وَيَأْتِي بِرَكْعَة بِالْحَمْد فَقَطْ بِنَاءً عَلَى الْإِلْغَاءِ وَجَعْلِ الثَّالِثَةِ ثَانِيَةً وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ لِتَرْكِ الْجُلُوسِ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ مِنَ الْمَذْهَبِ عَلَى الْقَوْلِ بِالْإِلْغَاءِ وَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ بِالْحَمْد وَسُورَةٍ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ بِنَاءً عَلَى الْقَضَاءِ فِي الرَّكْعَةِ وَلَوْ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ فِي الثَّانِيَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ حَتَّى رَكَعَ فَفِيهَا الْأَقْوَالُ الَّتِي فِي الْأُولَى إِلَّا قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنَّهُ قَالَ هَهُنَا يتمادى بِخِلَاف الأولى لقَوْله الْعَمَل هَهُنَا بِالْكَثْرَةِ وَلَا فَرْقَ عِنْدَهُ فِي الثَّانِيَةِ بَيْنَ أَنْ يَذْكُرَ ذَلِكَ فِي رُكُوعِهَا أَوْ سُجُودِهَا أَوْ قَبْلَ رُكُوعِ الثَّالِثَةِ فَإِنَّهُ يَتَشَهَّدُ وَيَجْعَلُهَا نَافِلَةً فَلَوْ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ مِنَ الْأَخِيرَتَيْنِ كَانَ كالترك من الْأَوليين وَلَو ترك فِي رَكْعَة من الْأَخِيرَة فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ يَسْجُدُ وَيُعِيدُ يَسْجُدُ فَقَطْ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ سُؤَالٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْقِرَاءَةِ لَا يَتَمَادَى وَفِيمَنْ نَسِيَ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ وَكَبَّرَ لِلرُّكُوعِ يَتَمَادَى مَعَ الْإِمَامِ وَالْكُلُّ مُخْتَلَفٌ فِيهِ جَوَابُهُ أَنَّهُ احْتِيَاطٌ فِي الصُّورَتَيْنِ أَمَّا فِي الْقِرَاءَةِ فَلِأَنَّ الْبِنَاءَ عَلَى الصِّحَّةِ أَحْوَطُ فَإِنَّ كُلَّ قَائِلٍ يَقُولُ بِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِاعْتِبَارِ السُّجُودِ أَوْ بِاعْتِبَارِ زِيَادَةِ رَكْعَةٍ أَوْ بِاعْتِبَارِ تَرْكِ الْمَجْمُوعِ بِخِلَافِ الْإِحْرَامِ فَرْعٌ لَوْ تَرَكَ آيَةً مِنَ الْفَاتِحَةِ فَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ الْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ عَلَى الْمَذْهَبِ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَام وَقيل لَا يسْجد الثَّالِثُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ إِذَا تَعَمَّدَ تَرْكَ السُّورَةِ فِي الْأُولَيَيْنِ يَسْتَغْفِرُ

اللَّهَ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ (ح ش) لِمَا فِي مُسْلِمٍ مَنْ قَرَأَ أُمَّ الْقُرْآنِ أَجْزَتْ عَنْهُ وَمَنْ زَادَ فَهُوَ أَفْضَلُ وَفِي الْجُلَّابِ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ وَيُجْزِيهِ وَيُعِيدُ الصَّلَاةَ أَبَدًا وَهُوَ قَوْلُ عِيسَى فِي الْعَمْدِ وَالْجَهْلِ فَرَأَى ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ السُّجُودَ إِنَّمَا شُرِعَ لِوَصْفِ السَّهْوِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِكُلِّ سَهْوٍ سَجْدَتَانِ فَلَا يُسْجَدُ لِلْعَمْدِ وَرَأَى غَيْرُهُ أَنه يشرع لجبر الْخلَل وَهُوَ مَشْرُوع فِي الْحَالَتَيْنِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ فَلَوْ تَرَكَ بَعْضَ السُّورَةِ فَلَا سُجُودَ اتِّفَاقًا وَفِي الْكِتَابِ لَا يقْضِي قِرَاءَة رَكْعَة فِي رَكْعَة الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ إِذَا سَهَا عَنِ التَّشَهُّدِ أَوِ التَّشَهُّدَيْنِ سَجَدَ إِنْ ذَكَرَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِنْ ذَكَرَ قبل السَّلَام تشهدا أَوْ بَعْدَهُ وَهُوَ قَرِيبٌ رَجَعَ إِلَى الصَّلَاةِ بِإِحْرَامٍ قَوْلَانِ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ وَالتَّشَهُّدُ عِنْدَ مَالِكٍ أَخَفُّ مِنْ غَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا وَذَكَرَ قَبْلَ سَلَامِهِ وَبَعْدَ سَلَامِ إِمَامِهِ وَقِيَامِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ فَإِنْ قَامَ إِمَامُهُ فَلَا يَتَشَهَّدُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ تَنْبِيهٌ كَيْفَ يَقُولُ فِي الْكِتَابِ إِنْ سَهَا عَنِ التَّشَهُّدَيْنِ سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ مَعَ أَنَّهُ إِنَّمَا يَتَحَقَّقُ سَهْوُهُ عَنِ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ إِذَا سَلَّمَ فَإِنْ قِيلَ السَّلَامُ كُلُّهُ مُكَمِّلٌ لِلتَّشَهُّدِ فَتَصَوُّرُهُ مُشْكِلٌ جِدًّا وَكَذَلِكَ قَوْلُ صَاحِبِ الْجُلَّابِ وَوُجُوبُ سُجُود

السَّهْوِ عَنْ فِعْلٍ كَتَرْكِ الْجَلْسَةِ الْوُسْطَى وَمَا أَشْبَهَهَا وَلَيْسَ فِي الصَّلَاةِ شَيْءٌ يُشْبِهُ الْجَلْسَةَ الْوُسْطَى مِنَ الْأَفْعَالِ فِي إِيجَابِ السُّجُودِ وَالْجَوَابُ يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ فِي الرَّاعِفِ الْمَسْبُوقِ بِرَكْعَةٍ خَلْفَ الْإِمَامِ وَالْمُقِيمِ الْمَسْبُوقِ يُصَلِّي خَلْفَ مُسَافِرٍ وَالْمُقِيمِ يُصَلِّي صَلَاةَ الْخَوْفِ خَلْفَ إِمَامٍ مُسَافِرٍ فَيَجْتَمِعُ لِهَؤُلَاءِ الْمَسْبُوقِينَ الْقَضَاءُ وَهُوَ مَا فَاتَهُمْ قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَالْبِنَاءِ وَهُوَ مَا فَاتَهُمْ بِالرُّعَافِ وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ تَقْدِيمُ الْبِنَاءِ فَيَأْتُونَ بِرَكْعَةٍ وَيَجْلِسُونَ لِأَنَّهَا ثَانِيَتُهُمْ وَبِأُخْرَى وَيَجْلِسُونَ لِأَنَّهَا رَابِعَةُ إِمَامِهِمْ وَبِأُخْرَى وَيَجْلِسُونَ لِأَنَّهَا آخِرُ صَلَاتِهِمْ فَإِذَا سَهَوَا عَنْ جَلْسَتَيْنِ مِنْ هَذِهِ الجلسات تصورت هَذِه الْمسَائِل فِي السَّهْو الْخَامِسُ فِي الْكِتَابِ إِذَا سَهَا عَنْ أَكْثَرَ مِنْ تَكْبِيرَتَيْنِ سَجَدَ وَإِلَّا فَلَا وَفِي الْجُلَّابِ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَسْجُدُ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ النَّظَرُ إِلَى أَن التَّكْبِير كلمتان فتخف الْوَاحِدَة مِنْهُمَا أَو إِلَى كَونهَا مَشْرُوعَة محدودة فَيسْجد السَّادِس قَالَ فِي الْكتاب إِذا أبدل سمع الله لمن حَمده بِالتَّكْبِيرِ أَو بِالْعَكْسِ يَرْجِعُ إِلَى الْمَشْرُوعِ وَإِلَّا سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ وَإِنْ نَسِيَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا فَذَلِكَ خَفِيفٌ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ مَعْنَاهُ تَرَكَ مَوْضِعَيْنِ وَأَبْدَلَهُمَا فَلَمْ يَثْبُتِ الْبَدَلُ لِعَدَمِ مَشْرُوعِيَّتِهِ فَإِنْ أَبْدَلَ مَوْضِعًا وَاحِدًا فَالْمَرْوِيُّ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيَتَخَرَّجُ

عَلَى الْقَوْلِ بِالسُّجُودِ لِلتَّكْبِيرَةِ الْوَاحِدَةِ السُّجُودُ وَلَوْ رَجَعَ إِلَى التَّحْمِيدِ وَالتَّكْبِيرِ فَظَاهِرُ الْكِتَابِ لَا شَيْء عَلَيْهِ وَقيل يسْجد بعد الزِّيَادَة وَهُوَ يَظْهَرُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّ الذِّكْرَ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ زِيَادَةٌ فَيُرَاعَى زِيَادَةُ اثْنَتَيْنِ كَمَا يُرَاعَى نُقْصَانُهُمَا قَالَ وَمَنْ يُرَاعِي نُقْصَانَ تَكْبِيرَةٍ أَمْكَنَ أَنْ يُرَاعِيَ زِيَادَتَهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِانْفِصَالِ سُجُودِ الزِّيَادَةِ عَنِ الصَّلَاةِ قَالَ وَالْمذهب لَا سُجُودَ لِزِيَادَةِ التَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ لِأَنَّهُ لَا تبطل الصَّلَاةُ عِنْدَهُ فَإِنْ فَاتَ الْمَحَلُّ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخ إِن حمد لإنحطاطه وَكبر لرفعه يَأْتِي بِتَكْبِيرٍ يَنْوِي بِهِ الْخَفْضَ وَتَحْمِيدٍ يَنْوِي بِهِ الرَّفْعَ وَخَالَفَهُ كَثِيرٌ مِنَ الشُّيُوخِ لِأَجْلِ الْفَوْتِ وَأَمَّا قَوْلُهُ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ فَقَالَ ابْنُ عبد الحكم يُعِيد خوف الزِّيَادَة فِي الصَّلَاة بِالسُّجُود قبل السَّابِعُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ لَوْ أَسَرَّ فِيمَا يجْهر فِيهِ سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْآيَةُ وَنَحْوهَا خلافًا (ح ش) لَنَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِكُلِّ سَهْوٍ سَجْدَتَانِ فَلَوْ كَثُرَ ذَلِكَ فَأَعَادَ الْقِرَاءَةَ جَهْرًا فَرَوَى أَشْهَبُ لَا سُجُودَ عَلَيْهِ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ قَبْلُ لِتَرَتُّبِ السُّجُودِ عَلَيْهِ أَوَّلًا وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَسْجُدُ إِذَا أَسَرَّ بعد جهر من الزِّيَادَة فِي الصَّلَاة فالسجود لقُوَّة الِاخْتِلَاف فِي ذَلِك الثَّامِنُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ إِذَا شَكَّ هَلْ سَلَّمَ أَمْ لَا يُسَلِّمُ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ فَلَوْ سَهَا عَنِ السَّلَامِ وَلَمْ يَعْتَقِدْ أَنَّهُ سَلَّمَ وَطَالَ الْجُلُوسُ جِدًّا ثُمَّ ذَكَرَ فَسَلَّمَ فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ لَا سُجُودَ وَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ يَسْجُدُ لِزِيَادَةِ الطُّولِ فَإِنِ اعْتَقَدَ أَنَّهُ سَلَّمَ ثُمَّ ذَكَرَ وَهُوَ بَاقٍ فِي مَوْضِعِهِ لَمْ يَنْحَرِفْ عَنِ الْقِبْلَةِ وَلَمْ يُحْدِثْ مَا يُنَافِي الصَّلَاةَ سَلَّمَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَإِنْ تَحَوَّلَ عَنِ

الفصل الرابع في زيادة الأقوال

الْقبْلَة وَهُوَ قريب اسْتَقْبلهَا بِغَيْر إِحْرَام وَسلم مِنْ غَيْرِ تَشَهُّدٍ وَيَسْجُدُ بَعْدُ لِزِيَادَةِ التَّحَوُّلِ وَأَن تباعدا أَوْ أَحْدَثَ ابْتَدَأَ صَلَاتَهُ وَيُخْتَلَفُ فِي السُّجُودِ إِذَا تَغَيَّرَ عَنْ هَيْئَتِهِ وَفِي الْإِحْرَامِ كَمَا إِذَا قَامَ وَإِذَا قُلْنَا يُكَبِّرُ إِذَا قَامَ قَالَ مَالِكٌ يُكَبِّرُ ثُمَّ يَجْلِسُ لِأَنَّ مَشْرُوعِيَّةَ الْإِحْرَامِ فِي الْقِيَامِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَجْلِسُ وَيكبر وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ لِيَتَّصِلَ التَّكْبِيرُ بِالْحَالَةِ الَّتِي فَارَقَ فِيهَا فَإِنْ أَحْرَمَ بِنَافِلَةٍ رَجَعَ إِنْ لَمْ يَرْكَعْ عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا يَرْجِعُ لِلسُّجُودِ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ وَلِمَالِكٍ تَبْطُلُ صلَاته لِأَن إِحْرَام النَّافِلَة يبطل إِلَّا بِسَلام وَهُوَ مُبْطل للفريضة فَإِذا قُلْنَا يَرْجِعُ فَلَمْ يَذْكُرْ حَتَّى رَكَعَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَرْجِعُ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَرْجِعُ وَالْمَشْهُورُ الرُّجُوعُ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْمَكْتُوبَةِ إِلَى النَّافِلَةِ وَلَوْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي زِيَادَةِ الْأَقْوَالِ وَفِيهِ فُرُوعٌ أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ مَنْ قَرَأَ السُّورَةَ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ لَا سُجُودَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِي مَشْرُوعِيَّتِهَا فِي الْأَخِيرَتَيْنِ لِابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَ (ش) وَفِي الْجلاب عَن أَشهب يسْجد الثَّانِي فِي الْكِتَابِ مَنْ تَكَلَّمَ نَاسِيًا سَجَدَ بعد وَقَالَهُ (ش) وَقَالَ (ح)

الْكَلَامُ سَهْوٌ يُبْطِلُ وَمُسَلَّمٌ أَنَّ السَّلَامَ فِي أَثْنَائِهَا سَهوا لَا يُبْطِلُ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَيْهِ وَحَدِيثُ ذِي الْيَدَيْنِ وَلِأَنَّ كُلَّ مَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ يُوجِبُ السُّجُود سَهْوه الثَّالِثُ إِذَا جَهَرَ فِيمَا يُسَرُّ فِيهِ سَجَدَ بعد فِي الْبَيَانِ وَلَا خِلَافَ أَحْفَظُهُ فِي أَنَّهُ سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَالْعَكْسِ أَنَّ فِعْلَ مَا تَرْكُهُ سُنَّةٌ أَشَدُّ مِنْ ترك مَا فعله سنة لفعله عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَانْتَهُوا عَنْهُ وَإِن أَمرتكُم بِشَيْء فائتوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْآيَةُ وَنَحْوهَا خلافًا (ح ش) لَنَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِكُلِّ سَهْوٍ سَجْدَتَانِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُسْمِعُنَا الْآيَةَ أَحْيَانًا قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَقِيلَ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ لِنَقْصِهِ السُّنَّةَ فَلَوْ تَعَمَّدَ تَرْكَ الْإِسْرَارِ أَوِ الْجَهْرِ فَأَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ لَا سُجُودَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِفِقْدَانِ سَبَبِهِ الَّذِي هُوَ السَّهْوُ عِنْدَهُ وَالسُّجُودُ لِوُجُودِ الْخَلَلِ وَالسُّجُودُ جَائِزٌ وَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ لِلِاسْتِهْزَاءِ وَهَذِهِ جَارِيَةٌ فِي كُلِّ سُنَّةٍ تُعُمِّدَ تَرْكُهَا وَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِالْجَهْرِ كَزِيَادَةِ الْكَلَامِ وَلَا تَبْطُلُ بِالسِّرِّ لِأَنَّهُ نَقَصَ وَمَا زَاد الرَّابِعُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا سَلَّمَ مِنَ اثْنَتَيْنِ سَاهِيًا فَسَبَّحُوا بِهِ فَلَمْ يَفْقَهْ فَقَالَ لَهُ أحد الْمَأْمُومين سَهَوْت فَسَأَلَهُمْ فَقَالُوا نعم فَإِنَّهُ يتمم بِهِمْ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ صلى إِحْدَى صَلَاتي الْعشَاء إِمَّا الظُّهْرَ أَوِ الْعَصْرَ فَسَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَتَى جِذْعًا فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ فَاسْتَنَدَ إِلَيْهِ كَهَيْئَةِ الْغَضْبَانِ

وَفِي الْقَوْمِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَهَابَا أَنْ يتكلما فَخرج سرعَان النَّاس فَقَالُوا أَقَصُرَتِ الصَّلَاةُ فَقَامَ ذُو الْيَدَيْنِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقَصُرَتِ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيتَ فَنَظَرَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام يَمِينا وَشمَالًا فَقَالَ احقاما يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ فَقَالُوا صَدَقَ وَلَمْ تُصَلِّ إِلَّا ركعيتن فصلى رَكْعَتَيْنِ ثمَّ سلم ثمَّ سجد وَالْمَشْهُورُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الِاثْنَتَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَقَالَ سَحْنُونٌ ذَلِكَ خَاصٌّ بِالِاثْنَتَيْنِ قَصْرًا لِلْحَدِيثِ عَلَى مَوْرِدِهِ لِمُخَالَفَةِ الْأُصُولِ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ مُعَلَّلٌ بِإِصْلَاحِ الصَّلَاةِ فَيَتَعَدَّى وَحَيْثُ قُلْنَا بِالْكَلَامِ فَفِي الْجَوَاهِرِ مَا لَمْ يَكْثُرْ وَقِيلَ يُبْنَى وَإِنْ كَثُرَ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى وَكَرَاهَةُ الْكَلَامِ لِلْمَأْمُومِ فِي هَذَا عَنِ ابْنِ وَهْبٍ وَابْنِ نَافِعٍ فَإِنْ فَعَلَ فَلَا إِعَادَةَ وَالْإِعَادَةُ أَبَدًا عَنِ ابْنِ كِنَانَةَ وَجَعَلَ الْحَدِيثَ خَاصًّا بِصَدْرِ الْإِسْلَامِ وَقَالَهُ (ح ش) وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ إِبَاحَةَ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ نُسِخَتْ قَبْلَ خُرُوجِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِنَ الْحَبَشَة وراوي هَذَا الْحَدِيثِ أَبُو هُرَيْرَةَ وَهُوَ مُتَأَخِّرُ الْإِسْلَامِ سُؤَالَانِ الْأَوَّلُ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَعْتَقِدُ إِتْمَامَ الصَّلَاةِ وَالْقَوْمُ يَعْتَقِدُونَ النَّسْخَ وَيُجَوِّزُونَهُ فَلِذَلِكَ تَكَلَّمُوا بِخِلَافِ صُورَةِ النِّزَاعِ الثَّانِي رُوِيَ فِي الْحَدِيثِ مَا قُصِرَتِ الصَّلَاةُ وَلَا نَسِيتُ وَيُرْوَى كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ وَالْخُلْفُ مِنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ محَال

وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلُ أَنَّهُمْ تَكَلَّمُوا بَعْدَ الْعِلْمِ بِعَدَمِ النَّسْخِ بِقَوْلِهِ كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَصْدًا أُذِنَ لَهُ فِيهِ لِلتَّعْلِيمِ فَالْكَلَامُ صِدْقٌ وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَحَقًّا مَا يَقُولُ لِلتَّثَبُّتِ على الْقَضِيَّة أَو هُوَ إِخْبَار عَن اعْتِقَاد وَهُوَ كَذَلِك فَلَا خلاف فرع فَلَو كَانَ الْإِمَامُ يَعْتَقِدُ الْإِتْمَامَ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ لمَالِك قَولَانِ يرجع وَقيل يرجع إِن كَثُرُوا وَفِي الِاثْنَتَيْنِ وَالثَّلَاثِ لَا يَرْجِعُ وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ يَقِينَهُ يَضْطَرِبُ وَجْهُ الثَّانِي تَرْجِيحُ الْيَقِينِ عَلَى غَيْرِهِ وَحَيْثُ قُلْنَا يَرْجِعُ فَفِي الْجَوَاهِرِ يَرْجِعُ بِإِحْرَامٍ ثُمَّ يُكَبِّرُ تَكْبِيرَةَ الْقِيَامِ لِلثَّالِثَةِ وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ لَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ جَالِسا فِي مقَامه وَإِنَّمَا يفْتَقر للْإِحْرَام لَوْ قَامَ بَعْدَ سَلَامِهِ أَوْ فَعَلَ مَا يُوجِبُ حَاجَتَهُ لِلْإِحْرَامِ وَاعْتَرَضَهُ أَبُو الْوَلِيدِ بِأَنَّ الْمُوجِبَ لِلْإِحْرَامِ هُوَ السَّلَامُ وَغَيْرُهُ وَإِذَا قُلْنَا يحرم مِنْهَا قَائِمًا كَالْإِحْرَامِ الْأَوَّلِ قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَقَدِّمِينَ أَوْ جَالِسًا لِأَنَّهَا الْحَالَةُ الَّتِي فَارَقَ فِيهَا الصَّلَاةَ قَالَهُ ابْنُ شَبْلُونٍ وَإِذَا قُلْنَا يُحْرِمُ قَائِمًا جَلَسَ بَعْدَ ذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِيَأْتِيَ بالنهضة وروى ابْنُ نَافِعٍ لَا يَجْلِسُ لِأَنَّ النَّهْضَةَ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ وَقَدْ فَاتَ مَحَلُّهَا قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتَ إِنْ سَلَّمَ سَاهِيًا قَبْلَ إِتْمَامِ صَلَاتِهِ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ صَلَاتِهِ بِذَلِكَ إِجْمَاعًا وَيُتِمُّهَا وَيَسْجُدُ إِنْ كَانَ فَذًّا أَوْ إِمَامًا وَإِنْ سَلَّمَ شَاكًّا فِي إِتْمَامِ صَلَاتِهِ لَمْ يَصِحَّ رُجُوعُهُ إِلَى تَمَامِهَا فَإِنْ تَيَقَّنَ بَعْدَ سَلَامِهِ تَمَامَهَا أَجْزَأَتْهُ عِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ لِبَيَانِ الصِّحَّةِ وَقِيلَ فَاسِدَةٌ وَهُوَ الْأَظْهَرُ

الفصل الخامس في الشك

وَإِنْ سَلَّمَ قَاصِدًا لِلتَّحْلِيلِ مُعْتَقِدًا تَمَامَهَا ثُمَّ شَكَّ أَوْ تَيَقَّنَ بَعْدَ سَلَامِهِ رَجَعَ لِإِصْلَاحِهَا وَهَلْ يَرْجِعُ بِإِحْرَامٍ قَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ السَّلَامَ سَهْوًا هَلْ يُخْرِجُ مِنَ الصَّلَاةِ فَلَا يَدْخُلُ إِلَّا بِإِحْرَامٍ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَالِكٌ أَوْ لَا يُخْرِجُ مِنَ الصَّلَاةِ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى إِحْرَامٍ قَالَهُ أَشْهَبُ وَعَبْدُ الْمَلِكِ وَمُحَمَّدٌ وَعَلَى الْأَوَّلِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُكَبِّرُ ثُمَّ يَجْلِسُ ثُمَّ يَبْنِي قَالَ وَالصَّوَابُ يَجْلِسُ ثُمَّ يُكَبِّرُ ثُمَّ يَبْنِي لِئَلَّا يَزِيدَ الِانْحِطَاطُ بَيْنَ الْقِيَامِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ السَّلَامَ يُخْرِجُ يَرْجِعُ إِلَى مَوْضِعِ الْمُفَارَقَةِ فَإِنْ سَلَّمَ مِنَ اثْنَتَيْنِ رَجَعَ لِلْجُلُوسِ أَوْ مِنْ غَيْرِهَا فَذَكَرَ قَائِمًا رَجَعَ إِلَى حَالِ رَفْعِ رَأْسِهِ مِنَ السُّجُودِ وَلَا يَجْلِسُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَوْضِعَ جُلُوسٍ الْفَصْلُ الْخَامِس فِي الشَّك وَفِيه فروع خَمْسَة الْأَوَّلُ فِي الْجَوَاهِرِ لَوْ شَكَّ فِي رُكْنٍ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِتْيَانُ بِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ موسوسا الثَّانِي قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ لَوْ شَكَّ الْإِمَامُ بَعْدَ سَلَامِهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَبْنِي عَلَى يَقِينِهِ فَإِنْ سَأَلَ مَنْ خَلْفَهُ فَأَخْبَرُوهُ فَقَدْ أَحْسَنَ وَيُتِمُّ بِهِمْ فَلَوْ شَكَّ فِي التَّشَهُّدِ فَالْمَذْهَبُ يَبْنِي عَلَى يَقِينِهِ وَلَا يَسْأَلُهُمْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فَإِنْ سَأَلَ اسْتَأْنَفَ الصَّلَاةَ وَكَذَلِكَ لَوْ سَلَّمَ عَلَى شَكٍّ وَسَأَلَهُمْ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِم

وَأَشْهَبُ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ يُجْزِيهِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَسْأَلُهُمْ وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ الشَّاكَّ مَأْمُورٌ بِالْبِنَاءِ عَلَى الْيَقِينِ فَتَعَمُّدُ الْكَلَامِ يُبْطِلُ وَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ سَلَامٌ لَوْ قَارَنَهُ اعْتِقَادُ الْإِتْمَامِ كَمُلَتِ الصَّلَاةُ وَأَوْلَى الشَّك الثَّالِثُ قَالَ لَوْ شَكَّ الْمَأْمُومُ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ فِي رُكُوعِ الْأُولَى قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُسَلِّمُ مَعَهُ وَلَا يَأْتِي بِرَكْعَةٍ حَذَرًا مِنَ الْخَامِسَةِ وَيُعِيدُ الصَّلَاةَ وَقَالَ مَالِكٌ يُتِمُّ عَلَى الْيَقِين وَيسْجد بعد السَّلَام الرَّابِعُ قَالَ اللَّخْمِيُّ لَوْ شَكَّ الْإِمَامُ وَمَنْ خَلْفَهُ فَأَخْبَرَهُمْ عَدْلَانِ رَجَعُوا إِلَيْهِمَا وَفِي الْعَدْلِ قَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ الْخَبَرِ أَوِ الشَّهَادَةِ سُؤَالٌ لَنَا مَا يَكْفِي فِيهِ الْخَبَرُ اتِّفَاقًا كَالْفُتْيَا وَالرِّوَايَةِ وَمَا لَا يَكْفِي فِيهِ الْخَبَر اتِّفَاقًا كالحدود والدعاوي وَلنَا مَا اخْتلف فِيهِ بِمَا ضَابِطُ الْأَوَّلَيْنِ حَتَّى تُرَدَّ إِلَيْهِمَا فُرُوعُهُمَا وَيُقْضَى عَلَى الْخِلَافِ بِالْوِفَاقِ جَوَابُهُ ذَكَرَ الْمَازِرِيُّ فِي شَرْحِ الْبُرْهَانِ أَنَّ الْأَحْكَامَ مِنْهَا عَامٌّ لِلْبَشَرِ فَهُوَ مَوْطِنُ الْخَبَرِ إِذْ لَا بَاعِثَ عَلَى عَدَاوَةِ الْجَمِيعِ فَيَسْتَظْهِرُ بِالْعَدَدِ وَخَاصٌّ بِمُعَيَّنٍ كَالدَّعَاوَى فَهُوَ مَوْطِنُ الشَّهَادَةِ لِاحْتِمَالِ الْعَدَاوَةِ وَمُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْخُصُوصِ وَالْعُمُومِ كَإِثْبَاتِ هِلَالِ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ عَامٌّ بِالْقِيَاسِ إِلَى الْبَلَدِ وَخَاصٌّ بِالْقِيَاسِ إِلَى أَنَّهُ لَا يتَنَاوَل غَيرهم وَلَا زَمَانا آخر فَاخْتلف النَّاس أَي الثنائيتين تغلب وَكَذَلِكَ هَهُنَا لَا أَثَرَ لِلْعَدَاوَةِ عَلَى تَقْدِيرِ التَّقْلِيدِ فَإِنَّ الذِّمَّةَ تَبْرَأُ فَيُقْبَلُ الْخَبَرُ أَوْ يُلَاحَظُ الْخُصُوصُ فَيحْتَاج إِلَى الشَّهَادَة الْخَامِسُ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ لَا يُفَارِقُ الشَّكُّ الْيَقِينَ فِي الصَّلَاةِ إِلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ إِذَا شَكَّ فِي الزِّيَادَةِ الْكَثِيرَةِ أَجْزَأَهُ السُّجُودُ اتِّفَاقًا بِخِلَافِ تَيَقُّنِهَا وَإِذَا كَثُرَ الشَّكُّ لُهِّي عَنْهُ وَلِمَالِكٍ فِي السُّجُودِ قَوْلَانِ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ لَيْسَ ذَلِك

الفصل السادس في سجدتي السهو

بِاخْتِلَافٍ بَلِ السُّجُودُ عَلَى مَنْ أَعْرَضَ عَنِ الشَّكِّ وَعَدَمِهِ عَمَّنْ أَصْلَحَ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ اخْتِلَافٌ الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي سَجْدَتَيِ السَّهْوِ وَفِيهِ فُرُوعٌ سَبْعَة الْأَوَّلُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا سَهَا عَنِ السُّجُودِ الَّذِي قَبْلَ السَّلَامِ سَجَدَ إِنْ كَانَ قَرِيبًا وَإِلَّا اسْتَأْنَفَ الصَّلَاةَ قَالَ صَاحِبُ الْإِشْرَافِ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ وَجُوبُ السُّجُودِ لِلنُّقْصَانِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَ (ش) لَا تَفْسُدُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهَا وَقَالَ (ح) هُمَا وَاجِبَتَانِ وَلَيْسَتَا شَرْطًا فِي الصَّلَاةِ لَنَا مَا فِي مُسْلِمٍ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ صَلَّيْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَإِمَّا زَادَ أَوْ نَقَصَ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحَدَثَ فِي الصَّلَاةِ شَيْءٌ فَقَالَ وَمَا ذَاك فَقُلْنَا لَهُ الَّذِي صدر فَقَالَ إِذَا زَادَ الرَّجُلُ أَوْ نَقَصَ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ وَكُلُّ مَا يَجِبُ دَاخِلَ الصَّلَاةِ بَطَلَتْ لِأَجْلِ عَدَمِهِ حُجَّةُ (ش) أَنَّهُ فَرْعٌ عَنْ تَرْكِ السُّنَّةِ وَالْفَرْعُ لَا يَزِيدُ عَلَى الْأَصْلِ جَوَابُهُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ سَبَبِ الْوُجُوبِ أَنْ يَكُونَ مَشْرُوعًا فَضْلًا عَنِ الْوُجُوب بل يَكُونُ حَرَامًا كَالْجِنَايَاتِ مَعَ الْعُقُوبَاتِ وَمُبَاحًا كَشِرَاءِ الرَّقِيقِ مَعَ النَّفَقَاتِ وَمَنْدُوبًا كَالنِّكَاحِ مَعَ سَدِّ الْخُلَّاتِ مِنَ الزَّوْجَاتِ

تَفْرِيع إِذا قُلْنَا إِن الصَّلَاة تجزيء بِدُونِهِ وَذَكَرَهُ بِالْقُرْبِ سَجَدَ تَكَلَّمَ أَوْ لَمْ يَتَكَلَّمْ قَالَهُ (ش) وَقَالَ (ح) إِنْ تَكَلَّمَ بَعْدَ السَّلَامِ لَمْ يَسْجُدْ وَقَالَ الْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ إِنْ صَرَفَ وَجْهَهُ عَنِ الْقِبْلَةِ لَمْ يَسْجُدْ لَنَا الْأَحَادِيثُ الْمُتَقَدِّمَةُ وَإِنْ ذَكَرَهُ بَعْدَ الطُّولِ فَفِي الْكِتَابِ إِنْ كَانَ عَنْ ثَلَاثٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ أَوِ التَّكْبِيرِ حَتَّى إِذَا طَالَ كَلَامُهُ أَوْ قَامَ فَأَكْثَرَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِذا طَال سِتَّة أَقْوَالٍ الْأَوَّلُ مَا فِي الْكِتَابِ لِأَنَّ الْخَلَلَ إِذَا كَثُرَ أَفْسَدَ كَالْغَرَرِ فِي الْبَيْعِ فَيُسْتَحَبُّ السُّجُودُ لِاثْنَتَيْنِ وَيَجِبُ لِثَلَاثٍ وَلَا تَبْطُلُ مُطْلَقًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ سُنَّةٌ وَتَبْطُلُ مُطْلَقًا فِي الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ وَالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ لِمَالِكٍ لمشروعيته قبل السَّلَام ووجوبه فَتبْطل الصَّلَاة للطول كالأركان وَيسْجد إِلَّا أَن ينْتَقض وضوؤه فَتَبْطُلُ لِأَشْهَبَ لِمُشَابِهَةِ الصَّلَاةِ الطَّهَارَةَ فِي إِبْطَالِ الْحَدَثِ لَهُمَا فَلَا تَجِبُ الْمُوَالَاةُ فِيهِمَا مَعَ السَّهْوِ وَيَمْنَعُ الْحَدَثُ الْبِنَاءَ فِيهِمَا وَيَسْجُدُ مُطْلَقًا كَسُجُودِ الزِّيَادَةِ وَتَبْطُلُ إِنْ وَجَبَ عَنِ الْأَفْعَالِ إِنْ طَالَ أَوْ أَحْدَثَ بِخِلَافِ الْأَقْوَالِ وَهَلْ يَسْقُطُ السُّجُودُ إِنْ طَالَ مَعَ الْأَقْوَالِ أَمْ لَا قَوْلَانِ لِأَنَّ الْفِعْلَ مُتَّفَقٌ عَلَى السُّجُودِ لَهُ وَلَا يَحْمِلُ الْإِمَامُ مَفْرُوضَهُ فَيَتَأَكَّدُ وَقَوْلٌ سَابِعٌ فِي الْجَوَاهِرِ تَبْطُلُ الصَّلَاةُ إِنْ كَانَ عَن الجلسة الْوُسْطَى أَو الْفَاتِحَة وركعة فَرْعٌ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إِنْ ذَكَرَهُمَا بِالْقُرْبِ يُحْرِمْ لَهُمَا وَيَسْجُدْهُمَا فِي مَوْضِعِ ذِكْرِهِ إِلَّا فِي الْجُمُعَةِ لَا يَسْجُدُهُمَا إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ وَكَذَلِكَ السَّلَامُ وَغَيْرُهُ فَإِنْ

فعل ذَلِك فِي غير الْمَسْجِد لَا تجزيه الْجُمُعَةُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الرُّعَافِ خِلَافُ ابْنِ شعْبَان فِي ذَلِك الثَّانِي فِي الْكِتَابِ يَأْتِي بِالسُّجُودِ الَّذِي بَعْدَ السَّلَامِ وَلَوْ بَعْدَ شَهْرٍ لِأَنَّ الصَّلَاةَ قَدْ تَمَّتْ وَهُوَ قُرْبَةٌ مُنْفَصِلَةٌ عَنْهَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِ جَوَاز على ذَلِكَ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَعِنْدَ غُرُوبِهَا وَقَدْ قَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ فَإِنْ كَانَ عَنْ نَافِلَةٍ قَالَ صَاحب النُّكَتِ عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ لَا يَأْتِي بِهِ فِي وَقْتٍ تُمْنَعُ فِيهِ النَّافِلَةُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَظَاهِرُ الْكِتَابِ التَّسْوِيَةُ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ مُفَارِقٌ للنوافل الثَّالِث فِي الْجَوَاهِر الإِمَام يحمل عَنِ الْمَأْمُومِ سُجُودَ السَّهْوِ لِمَا فِي الدَّارَقُطْنِيِّ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَيْسَ عَلَى مَنْ خَلْفَ الْإِمَامِ سَهْوٌ فَإِنْ سَهَا الْإِمَامُ فَعَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ خَلْفَهُ وَيَلْزَمُ الْمَسْبُوقَ أَنْ يَسْجُدَ مَعَ الْإِمَامِ إِنْ كَانَ قَبْلَ السَّلَامِ وَعَقَدَ مَعَهُ رَكْعَةً كَمَا يَتْبَعُهُ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ فَإِنْ لم يعْقد رَكْعَة لم يتبعهُ عَن ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ صَلَاتَهُ وَقَالَ سَحْنُونٌ يَتْبَعُهُ كَالتَّشَهُّدِ وَفِي الْكِتَابِ لَا يَسْجُدُ مَعَهُ قَبْلُ وَلَا بَعْدُ وَلَا يَقْضِيهِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ فَلَوْ سَهَا الْمَأْمُومُ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ حَمَلَهُ لِأَنَّهُ مَأْمُومٌ حِينَئِذٍ فَلَوْ سَهَا الْإِمَامُ فِي الْجَلْسَةِ الْأَخِيرَةِ لَمْ يَسْجُدْ مَعَهُ وَلَو سهيا جَمِيعًا فِيهَا فَيُحْتَمَلُ عَدَمُ سُجُودِ الْمَأْمُومِ لِكَوْنِهِ فِي غَيْرِ صَلَاةِ نَفْسِهِ وَالسُّجُودُ لِكَوْنِهِ سَهْوًا وَقَعَ فِي إِحْرَامِهِ مُضَافًا لِمُوَافَقَةِ الْإِمَامِ فَإِنْ أَدْرَكَ وَلَمْ يَسْجُدِ الْإِمَامُ سَجَدَ الْمَأْمُومُ وَقَالَهُ (ش) كَمَا لَوْ سَلَّمَ الْإِمَامُ مِنْ ثَلَاثٍ فَإِنَّ الْمَأْمُومَ يُكْمِلُ وَخَالَفَ (ح) مُحْتَجًّا بِأَنَّهُ لَمْ يَسْهُ وَإِنَّمَا كَانَ يَسْجُدُ تَبَعًا لَا مَتْبُوعًا فَلَا سُجُودَ وَجَوَابُهُ مَنْعُ الْحَصْرِ وَإِذَا قُلْنَا يَسْجُدُ فَقَدْ خَيَّرَهُ مَالِكٌ وَاسْتَحَبَّ

لَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ الِانْتِظَارَ وَحَتَّمَهُ عَلَيْهِ ابْنُ الْمَاجِشُونِ فَلَوْ سَجَدَ مَعَهُ لَمْ يُجْزِهِ وَيُعِيدُهُ بَعْدَ السَّلَامِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ اسْتِحْبَابًا جَاهِلًا كَانَ أَوْ عَامِدًا فَلَوْ أَخَّرَ السُّجُودَ فَسَهَا هُوَ فِي قَضَاءِ زِيَادَةٍ أَجْزَأَهُ سَجْدَتَانِ اتِّفَاقًا أَوْ نُقْصَانًا سَجْدَتَانِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ قَبْلَ السَّلَامِ تَغْلِيبًا لِلنَّقْصِ وَبَعْدَهُ عِنْدَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْإِمَامِ فَلَوِ اسْتَخْلَفَ الْإِمَامُ هَذَا الْمَسْبُوقَ فَسَهَا فِي الْقَضَاءِ نَقْصًا فَالْقَوْلَانِ وَلَوْ سَهَا فِيمَا اسْتَخْلَفَهُ نَقْصًا فَسَجْدَتَانِ قَبْلَ السَّلَامِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَيْضًا بَعْدُ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنْ تَرَكَ الْإِمَامُ سُجُودًا بَعْدَ السَّلَامِ سَجَدَهُ الْمَأْمُومُ وَإِنْ كَانَ قَبْلُ قَالَ فِي الْكِتَابِ يَسْجُدُ مَعَهُ ويجزيه وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَسْجُدُ حَتَّى يَقْضِيَ فَإِنْ سَجَدَ مَعَهُ ثُمَّ سَهَا فِي قَضَائِهِ سَجَدَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَيْضًا وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا يَسْجُدُ لَوِ اسْتُخْلِفَ سَجَدَ بِهِمْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ قَبْلَ الْقَضَاءِ وَعِنْدَ أَشْهَبَ بَعْدَهُ فَإِنْ أَخَّرَ الْإِمَامُ السُّجُودَ قَبْلَ السَّلَامِ بَعْدَهُ فَفِي الْكِتَابِ سَجَدَ الْمَأْمُومُ مَعَهُ سُؤَالٌ السُّجُودُ وَاجِبٌ فَيَكُونُ السَّلَامُ قَبْلَهُ سَلَامًا فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ فَيَمْتَنِعُ مُوَافَقَةُ الْإِمَامِ فِيهِ كَالْمُقِيمِ إِذَا ائْتَمَّ بِمُسَافِرٍ وَكَالْمَسْبُوقِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَسْجُدَ مَعَهُ بِغَيْرِ سَلَامٍ جَوَابُهُ مُخَالَفَةُ الْإِمَامِ مَمْنُوعَةٌ والمقيم الْمَسْبُوق لم يُخَالف الْإِمَامَ فَإِنَّهُ لَمَّا سَلَّمَ خَرَجَ مِنَ الْإِمَامَةِ مَعَهم بفعلهم وتركهم حَالَة الِانْفِرَاد وَهَهُنَا لَوْ تَرَكَ السَّلَامَ مَعَ أَنَّهُ مُتَّبِعٌ لَهُ فِي السُّجُودِ كَانَ مُخَالِفًا لَهُ مَعَ بَقَاءِ حُكْمِهِ تَفْرِيعٌ لَوْ لَمْ يُسَلِّمْ مَعَهُ وَسَجَدَ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ الظَّاهِرُ الْإِجْزَاءُ لِأَنَّ الْإِمَامَ

هُوَ المخطن فِي تَأْخِيرِ السُّجُودِ وَلَوْ شَرَعَ فِي السُّجُودِ حَالَةَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَلَمْ يَتْبَعْهُ فِيهِ فَقَدْ أَسَاءَ وَيُجْزِيهِ لِأَنَّ سُجُودَ الْإِمَامِ لَمْ يَقَعْ فِي الصَّلَاة فَلم يُخَالِفهُ الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ إِنْ أَحْدَثَ فِيهِمَا أَعَادَهُمَا خلافًا (ح) قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ تَوَضَّأَ وَكَمَّلَهُمَا أَجْزَأَهُ فَلَوْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ بَعْدَ سَجْدَةٍ قَالَ أَشْهَبُ لِمَنْ خَلْفَهُ أَنْ يُكْمِلَهُمَا وابتداؤهما أحسن الْخَامِسُ فِي الْكِتَابِ إِذَا لَمْ يَدْرِ أَسَجَدَ اثْنَتَيْنِ أَمْ لَا سَجَدَ أُخْرَى وَلَا يَسْجُدُ لسَهْوه لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يُكْمِلْ سُجُودَهُ تَدَاخَلَ السَّهْوُ عَلَى الْقَاعِدَةِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ فَلَوْ سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ وَسَهَا فَتَكَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ بَعْدَ السَّلَامِ وعَلى قَول ابْن الْمَاجشون يسْجد ثمَّ يسهو أَلا يسْجد فَلَا يسْجد هَهُنَا فَلَو ذكر أَنه نقص من صلَاته فَسجدَ وَاحِدَة ثمَّ تذكر فَلَا يسْجد الْأُخْرَى وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ وَكَذَلِكَ لَوْ سَجَدَهُمَا فَلَوْ شكّ هَل سجدهما لِفَرْضِهِ أَوْ لِسَهْوِهِ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عَلَيْهِ أَرْبَعُ سَجدَات السَّادِس فِي الْكِتَابِ إِذَا ذَكَرَ سُجُودًا بَعْدَ السَّلَامِ فِي نَافِلَةٍ أَوْ مَكْتُوبَةٍ لَا يُفْسِدُهَا بِخِلَافِ مَا قَبْلَ السَّلَامِ لِشِدَّةِ تَعَلُّقِهِ بِالصَّلَاةِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُمَا لَا يُبْطِلَانِ الصَّلَاةَ مَعَ الطُّولِ لَا يَقْطَعُ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَرْجِعُ إِلَى السَّهْوِ مِنْ غَيْرِ قَطْعِ مَا هُوَ فِيهِ بِسَلَامٍ أَوْ كَلَامٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا لَوْ ذَكَرَ السُّجُودَ خَارِجَ الصَّلَاةِ يَرْجِعُ لِحِينِهِ مِنْ غَيْرِ كَلَامٍ فَإِنْ طَالَتِ الْقِرَاءَةُ فِي الْحَاضِرَةِ بَطَلَتِ الْأُولَى وَكَذَلِكَ إِذَا لم تطل الْقِرَاءَةَ وَرَكَعَ مُرَاعَاةً لِلطُّولِ وَهَلْ يُعْتَبَرُ فِي

الرُّكُوع الرّفْع بِخِلَاف الْمَعْرُوفُ وَإِذَا بَطَلَتِ الْأُولَى وَهُوَ فِي نَافِلَةٍ كَمَّلَهَا أَوْ فِي فَرِيضَةٍ فَفِي الْكِتَابِ إِنْ صَلَّى رَكْعَةً شَفَعَهَا عِنْدَ مَالِكٍ فَإِنْ ذَكَرَ سُجُودَ سَهْوِ نَافِلَةٍ فِي نَافِلَةٍ فَفِي الْكِتَابِ إِن كَانَ سُجُود بعد السَّلَام تَمَادَى أَوْ قَبْلَهُ وَالْوَقْتُ قَرِيبٌ لَمْ يَقْطَعْ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَمْ يَرْكَعْ فَيَرْجِعُ لِلسُّجُودِ ثُمَّ لِنَافِلَتِهِ إِنْ شَاءَ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ لَا يَقْضِي الْحَاضِرَةَ لِأَنَّهَا فَسَدَتْ بِغَيْرِ قَصْدِهِ وَلَوْ ذَكَرَهُ فِي مَكْتُوبَةٍ قَالَ مَالِكٌ يَتَمَادَى رَكَعَ أَوْ لَمْ يَرْكَعْ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لِأَنَّ الْفَرْضَ لَا يُتْرَكُ لِلنَّفْلِ وَابْنُ عَبْدِ الحكم يُلَاحظ وجوب النَّافِلَة بِالشُّرُوعِ السَّابِع كَانَ مَالك يَقُول يكبر لِلَّتَيْنِ بَعْدَ السَّلَامِ قِيَاسًا عَلَى سُجُودِ التِّلَاوَةِ وَرَجَعَ لِلْإِحْرَامِ قِيَاسًا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَتَكْفِي تَكْبِيرَةٌ وَاحِدَةٌ لِلْإِحْرَامِ وَالدُّخُولِ وَفِي الْجَوَاهِرِ يُكَبِّرُ لِلِابْتِدَاءِ وَالرَّفْعِ وَيَتَشَهَّدُ لِلَّتَيْنِ بَعْدَ السَّلَامِ وَفِي اللَّتَيْنِ قَبْلَهُ رِوَايَتَانِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ مَنِ اشْتَرَطَ الْإِحْرَام اشْترط السَّلَام لِأَن الْإِحْرَام لابد لَهُ مِنْهُ وَمَنْ لَا فَلَا وَالْكُلُّ مَرْوِيٌّ فِي الْأَحَادِيثِ وَهَلْ يَجْهَرُ بِهِ كَالصَّلَوَاتِ أَوْ يُسِرُّهُ كَالْجِنَازَةِ رِوَايَتَانِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

(الباب التاسع في الجمعة)

(الْبَاب التَّاسِع فِي الْجُمُعَة) وَهِي مُشْتَقَّة من الْجمع للاجتماع النَّاسِ فِيهَا وَكَانَ اسْمُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ عَرُوبَةَ مِنَ الْإِعْرَابِ الَّذِي هُوَ التَّحْسِينُ لِمَكَانِ تَزَيُّنِ النَّاس فِيهِ وَمِنْه وَقَوله تَعَالَى {عربا أَتْرَابًا} أَي محسنات لِبُعُولَتِهِنَّ وَقَدْ جَمَعَ أَسْمَاءَ الْأُسْبُوعِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى عَلَى التَّرْتِيبِ مُبْتَدِئًا بِالْأَحَدِ قَوْلُ الْقَائِلِ (أُؤَمِّلُ أَنْ أَعِيشَ وَإِنَّ يَوْمِي ... بِأَوَّلَ أَوْ بِأَهْوَنَ أَوْ جُبَارِ) (أَوِ التَّالِي دُبَارِ فَإِنْ يَفُتْنِي ... فَمُؤْنِسِ أَوْ عَرُوبَةَ أَوْ شُبَارِ) وَهَذَا الْيَوْمُ الَّذِي أُمِرَتِ الْأُمَمُ بِتَعْظِيمِهِ فَعَدَلُوا عَنْهُ إِلَى السَّبْتِ وَالْأَحَدِ وَفِي الْمُوَطَّأِ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَة فِيهِ خلق الله آدم وَفِيه اهبط وَفِيهِ تِيبَ عَلَيْهِ وَفِيهِ مَاتَ وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا وَهِيَ مُصِيخَةٌ يَوْم الْجُمُعَة من حِين يصبح حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ شَفَقًا مِنَ السَّاعَةِ إِلَّا الْجِنَّ وَالْإِنْسَ وَفِيهِ سَاعَةٌ لَا يُصَادِفُهَا عَبْدٌ مُسلم وَهُوَ

يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ وَفِيهِ قَالَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ هَذِهِ السَّاعَةُ مَذْكُورَةٌ فِي التَّوْرَاةِ فَوَائِدُ ذِكْرُ هَذِهِ الْكَائِنَاتِ فِيهِ فِي سِيَاقِ تَعْظِيمِهِ يَدُلُّ عَلَى عِظَمِهَا وَعِظَمِهِ أَمَّا عِظَمُهَا فَخَلْقُ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهُوَ الْمُفَضَّلُ عَلَى الْمَلَائِكَةِ وَمَبْدَأُ نَوْعِ الْإِنْسَانِ وَالْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ عَلَيْهِمْ السَّلَامُ وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرُ ذُرِّيَّتِهِ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرَانِ وَوَقُودُ النِّيرَانِ إِلَّا أَنَّ ذَرَّةً مِنَ الْإِيمَانِ لَا يَعْدِلُهَا شَيْءٌ مِنَ الْكُفْرَانِ وَلَحْظَةً مِنَ الْقُرْبِ يُغْتَفَرُ لَهَا هِجْرَانُ الدَّهْرِ وَأَمَّا التَّوْبَةُ عَلَيْهِ فَسَبَبُ السَّعَادَةِ وَمَبْدَأُ السِّيَادَةِ وَأَمَّا قِيَامُ السَّاعَةِ فَهُوَ الْمَقْصُودُ بِالرَّسَائِلِ وَنَصْبِ الْوَسَائِلِ وَفِيهِ إِكْرَامُ الْأَبْرَارِ وَخِزْيُ الْفُجَّارِ وَأَمَّا إِصَاخَةُ الدَّوَابِّ وإشفاقها فدليل إِدْرَاكهَا وَهُوَ مُخْتَلف فِيهِ يحرر فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَأَمَّا سَاعَةُ الْإِجَابَةِ فَفِيهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ الصَّحِيحُ أَنَّهَا مِنْ حِينِ جُلُوسِ الْإِمَامِ إِلَى حِينِ تُقْضَى الصَّلَاةُ وَهُوَ فِي مُسْلِمٍ وَفِي أَبِي دَاوُود وَحين تُقَام الصَّلَاة إِلَى انصراف مِنْهَا وَفِي التِّرْمِذِيِّ الْتَمِسُوهَا بَعْدَ الْعَصْرِ إِلَى غيوبة الشَّمْسِ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ هِيَ آخِرُ سَاعَةٍ فِي النَّهَارِ وَقِيلَ غَيْرُ مُخْتَصَّةٍ وَبِه يُمكن

الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَقْوَالِ وَفِي الْقَبَسِ هِيَ السَّاعَةُ الَّتِي تِيبَ عَلَى آدَمَ فِيهَا وَقَوْلُهُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي مَعَ امْتِنَاعِ الصَّلَاةِ عَلَى الْأَقْوَالِ الْأُوَلِ إِمَّا مِنْ مَجَازِ التَّشْبِيهِ لِأَنَّ السَّامِعَ لِلْخُطْبَةِ أَوِ الْجَالِسَ الْمُنْتَظِرَ لِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ بِمَنْزِلَةِ الْمُصَلِّي أَوْ مِنْ بَابِ إِطْلَاقِ لَفْظِ الْمُسَبَّبِ عَلَى السَّبَبِ فَإِنَّ انْتِظَارَ الصَّلَاةِ سَبَبٌ لِإِيقَاعِهَا وَلِذَلِكَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ جَلَسَ مَجْلِسًا يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ فَهُوَ فِي صَلَاةٍ حَتَّى يُصَلِّيَ تَنْبِيهٌ لَمَّا كَانَتِ الْقُلُوبُ تَصْدَأُ بِالْغَفَلَاتِ وَالْخَطِيئَاتِ كَمَا يَصْدَأُ الْحَدِيدُ اقْتَضَتِ الْحِكْمَةُ الْإِلَهِيَّةُ جَلَاءَهَا فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ بِمَوَاعِظِ الْخُطَبَاءِ وَأُمِرَ بِالِاجْتِمَاعِ لِيَتَّعِظَ الْغَنِيُّ بِالْفَقِيرِ وَالْقَوِيُّ بِالضَّعِيفِ وَالصَّالِحُ بِالطَّالِحِ وَلذَلِك أُمِرَ بِاجْتِمَاعِ أَهْلِ الْآفَاقِ فِي الْحَجِيجِ مَرَّةً فِي الْعُمْرِ لِئَلَّا يَشُقَّ عَلَيْهِمْ بِخِلَافِ أَهْلِ الْبَلَدِ فَرْعٌ وَفِي الْكِتَابِ كُرِهَ تَخْصِيصُهُ بِتَرْكِ الْعَمَل تَشْبِيها بِأَهْل الْكتاب فِي السبت والأحد وَفِي الْجَوَاهِرِ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ فَرْضٌ عَلَى الْأَعْيَانِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذكر الله} وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى الْكِفَايَةِ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلِ الْمَقْصُودُ إِصْلَاحُ الْقُلُوبِ بِالْمَوَاعِظِ وَالْخُشُوعِ فَيَعُمُّ أَوْ إِظْهَارُ الشَّعَائِرِ وَهُوَ حَاصِلٌ بِالْبَعْضِ فَيَخُصُّ تَمْهِيدٌ يَحْكِي جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَصْحَابِ الْخِلَافَ هَلِ الْجُمُعَةِ بَدَلٌ مِنَ الظُّهْرِ أَمْ لَا وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ الْبَدَلَ لَا يفعل إِلَّا عِنْدَ تَعَذُّرِ الْمُبْدَلِ وَالْجُمُعَةِ يَتَعَيَّنُ فِعْلُهَا مَعَ

إِمْكَانِ الظُّهْرِ فَهُوَ مُشْكِلٌ وَالْحَقُّ أَنْ يُقَالَ إِنَّهَا بَدَلٌ مِنَ الظُّهْرِ فِي الْمَشْرُوعِيَّةِ وَالظُّهْرُ بَدَلٌ مِنْهَا فِي الْفِعْلِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهَا وَاجِبٌ مُسْتَقِلٌّ بِنَاءً عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ الْوَاجِبُ الظُّهْرُ وَيَجِبُ إِسْقَاطُهُ بِالْجُمُعَةِ وَهُوَ كَلَامٌ غير مَعْقُول فَإِن الْوَاجِب مَا لَا يجوز تَركه وَهَذَا يجب تَركه فالجمع بَيْنَهُمَا مُتَنَاقِضٌ قَاعِدَةٌ الْبَدَلُ فِي الشَّرْعِ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ بَدَلٌ مِنَ الْمَشْرُوعِيَّةِ كَالْجُمُعَةِ بَدَلُ الظُّهْرِ وَالْكَعْبَةِ بَدَلٌ مِنَ الْمَقْدِسِ وَبَدَلٌ مِنَ الْفِعْلِ كَالْخُفَّيْنِ بَدَلٌ مِنَ الْغَسْلِ وَمَسْحِ الْجَبِيرَةِ بَدَلُ الْغَسْلِ وَبَدَلٌ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ دُونَ الْفِعْلِ وَالْمَشْرُوعِيَّةِ كَالتَّيَمُّمِ مَعَ الْوُضُوءِ وَمِنْ كُلِّ الْأَحْكَامِ كَالصَّوْمِ مِنَ الْعِتْقِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَبَدَلٌ مِنْ حَالَةٍ مِنْ أَحْوَالِ الْفِعْلِ دُونَ الْمَشْرُوعِيَّةِ وَالْفِعْلِ وَالْأَحْكَامِ كَالْعَزْمِ بَدَلٌ عَنْ تَعْجِيلِ الْعِبَادَةِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَالتَّعْجِيلُ وَالتَّأْخِيرُ وَالتَّوَسُّطُ أَحْوَالٌ عَارِضَةٌ لِلْفِعْلِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ أَحْكَامٌ تَخُصُّهُ فَخَاصِّيَّةُ الْأَوَّلِ أَنْ يَكُونَ الْبَدَلُ أَفْضَلَ وَأَنْ لَا يُفْعَلَ الْمُبْدَلُ عَنْهُ إِلَّا عِنْدَ تَعَذُّرِ الْبَدَلِ عَكْسُهُ غَيْرُهُ أَوْ قَدْ لَا يُفْعَلُ أَلْبَتَّةَ كَالصَّلَاةِ لِلْمَقْدِسِ وَخَاصِّيَّةُ الثَّانِي الْمُسَاوَاةُ فِي الْمَحَلِّ وَقَدْ يَسْتَوِي الْحُكْمُ كَالْجَبِيرَةِ وَقَدْ يَخْتَلِفُ كَالْخُفِّ لِوُجُوبِ الْأَعْلَى دُونَ الْأَسْفَلِ وَخَاصِّيَّةُ الثَّالِثِ أَنْ لَا يَنُوبَ عَنِ الْمُبْدَلِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْحُكْمِ بَلْ يُخْتَصُّ الْمُبْدَلُ مِنْهُ بِأَحْكَامٍ وَخَاصِّيَّةُ الرَّابِعِ اسْتِوَاءُ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ فِي الْأَحْكَامِ بِسَبَبِهِمَا وَخَاصِّيَّةُ الْخَامِسِ أَنَّ الْفِعْلَ بِجُمْلَةِ أَحْكَامِهِ بَاقٍ وَإِنَّمَا السَّاقِطُ بِالْبَدَلِ حَالَةٌ مِنَ الْأَحْوَالِ دُونَ شَيْءٍ مِنَ الْأَحْكَامِ وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ تُظْهِرُ بُطْلَانَ قَوْلِ الْقَائِلِ الْبَدَلُ يَقُومُ مَقَامَ الْمُبْدَلِ مُطْلَقًا وَأَنْ يُفْعَلَ إِلَّا عِنْدَ تَعَذُّرِ الْمُبْدَلِ بَلْ ذَلِك يخْتَلف فِي الشَّرْع كَمَا ترى وَفِي الْبَابِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ

الفصل الأول في شروطها

الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي شُرُوطِهَا وَهِيَ عَلَى قِسْمَيْنِ شُرُوطُ وُجُوبٍ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ تَحْصِيلُهَا وَهُوَ شَأْنُ شَرْطِ الْوُجُوبِ حَيْثُ وَقَعَ فِي الشَّرْعِ وَشُرُوطُ أَدَاءٍ يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ تَحْصِيلُهَا وَشُرُوطُ الْوُجُوبِ عَلَى قِسْمَيْنِ شُرُوطٌ فِي الصِّحَّةِ وَفِي الْوُجُوب فَقَط فَهَذِهِ ثَلَاثَة أَقسَام الشَّرْطُ الْأَوَّلُ الْعِلْمُ بِدُخُولِ وَقْتِهَا وَهُوَ الزَّوَالُ وَقَالَ بَعْضُ الْحَنَابِلَةِ أَوَّلُهَا وَقْتُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ وَقَالَ بَعضهم أَو السَّادِسَةِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الأولى الحَدِيث وَجعل خُرُوج الإِمَام عَقِيبَ الْخَامِسَةِ لَنَا مَا فِي الْبُخَارِيِّ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ حِينَ تَمِيلُ الشَّمْسُ وَإِنَّ الْجُمُعَةَ هِيَ الظُّهْرُ وَإِنَّمَا سَقَطَتِ الرَّكْعَتَانِ لتعذر الْخطْبَة كَمَا سَقَطت لِعُذْرِ السَّفَرِ وَقَدْ سَلَّمَ الْخَصْمُ آخِرَ الْوَقْتِ فَتَعَيَّنَ أَوَّلُهُ عَلَيْهِ قَالَ سَنَدٌ فَلَوْ خَطَبَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَصَلَّى بَعْدَهُ رَوَى مُطَرِّفٌ لَا تجزيهم لِبُطْلَانِ الشَّرْطِ وَيُعِيدُونَ جُمُعَةً قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ مَا لَمْ تَغِبِ الشَّمْسُ وَلَوْ كَانَ لَا يُدْرِكُ بَعْضَ الْعَصْرِ إِلَّا بَعْدَ الْغُرُوبِ وَعِنْدَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ

آخِرُ وَقْتِهَا أَوَّلُ الْعَصْرِ فَيُصَلُّونَ أَرْبَعًا حِينَئِذٍ وَعِنْدَ سَحْنُونٍ قَبْلَ الْغُرُوبِ بِقَدْرِ الْخُطْبَةِ وَالْجُمُعَةِ وَجُمْلَةِ الْعَصْرِ وَفِي الْجَوَاهِرِ اصْفِرَارُ الشَّمْسِ وَقِيلَ قَبْلَ الْغُرُوبِ بِأَرْبَعِ رَكَعَاتٍ وَقَالَ مُطَرِّفٌ إِذَا صُلِّيَتْ بِغَيْرِ خُطْبَةٍ أُعِيدَتْ إِلَى الْمَغْرِبِ وَلَوْ صُلِّيَ الْعَصْرُ بَعْدَ الْغُرُوبِ وَقِيلَ قَبْلَ الْغُرُوبِ بِخَمْسِ رَكَعَاتٍ سِوَى زَمَانِ الْخُطْبَةِ الْمُتَوَسِّطَةِ فَلَوْ خَرَجَ عَلَيْهِ وَقْتُهَا وَهُوَ فِيهَا فَرُوِيَ يُتِمُّهَا جُمُعَةً وَلَوْ بَعْدَ الْغُرُوبِ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ إِنْ عَقَدَ مِنْهَا رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا أَتَمَّهَا وَإِلَّا فَظُهْرًا الشَّرْطُ الثَّانِي الْجَمَاعَةُ فَفِي الْجَوَاهِرِ غير محدودة وَلَا تجزي الْأَرْبَعَةَ وَمَا فِي مَعْنَاهَا بَلْ لَا بُدَّ مِمَّن تَتَقَرَّى بِهِمْ قَرْيَةٌ وَالشَّاذُّ أَنَّهَا مَحْدُودَةٌ فِي رِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ بِثَلَاثِينَ بَيْتًا وَالْبَيْتُ مَسْكَنُ الرَّجُلِ الْوَاحِدِ وَعِنْدَ ش بِأَرْبَعِينَ وَعِنْدَ رَبِيعَةَ ثَلَاثَة عَشَرَ وَعِنْدَ ح بِأَرْبَعَةٍ بِالْإِمَامِ لِأَنَّهُ عَدَدٌ يَزِيدُ عَلَى أَقَلِّ الْجَمْعِ وَمَا عَدَاهُ مِنْ مَرَاتِبِ الْأَعْدَادِ مَشْكُوكٌ فِيهِ وَاحْتَجَّ (ش) بِمَا يرْوى السُّنَّةِ أَنَّ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ فَمَا فَوْقَهَا جُمُعَةً وَنَقَلَ الْمَازِرِيُّ عَشَرَةَ أَقْوَالٍ عَدَمُ التَّحْدِيدِ وَاثْنَانِ وَثَلَاثَةٌ وَأَرْبَعَةٌ وَتِسْعَةٌ وَاثْنَا عَشَرَ وَمَا قَارَبَ الثَّلَاثِينَ وَأَرْبَعُونَ وَخَمْسُونَ وَمِائَتَانِ لَنَا أَنَّ من شَرطهَا الْإِقَامَة وَالْأَرْبَعَة وَنَحْوهَا لَا تمكنهم الْإِقَامَةُ وَلَا يُشْتَرَطُ الْأَرْبَعُونَ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَقْبَلَتْ عِيرٌ بِتِجَارَةٍ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَانْصَرَفَ النَّاسُ يَنْظُرُونَ وَمَا بَقِيَ مَعَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ غَيْرُ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا فَنَزَلَتْ {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَو لهوا} قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ بَعْدَ الْخُطْبَةِ أَوْ فِيهَا جَمَاعَةٌ صَلَّى الْجُمُعَةِ أَرْبَعًا إِذَا لَمْ يَرْجِعُوا قَالَ سَنَدٌ قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ الْأَشْيَاخُ مُقْتَضَى الْمَذْهَب أَن

حُضُورَهُمُ الْخُطْبَةَ شَرْطٌ وَقَالَ الْبَاجِيُّ قَوْلُ أَصْحَابِنَا إِنَّ السَّعْيَ يَجِبُ بِالْأَذَانِ أَنَّهُ لَيْسَ شَرْطًا لِأَنَّ الْبَعِيدَ لَا يَأْتِي حَتَّى تَفْرَغَ الْخُطْبَةُ قَالَ سَنَدٌ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْكِتَابِ وَهُوَ قَول ش وح قَوْلَانِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا الْمَوْعِظَةُ وَلَا تَحْصُلُ إِلَّا بِالْجَمَاعَةِ وَلِأَنَّهُ الْعَمَلُ قَالَ وَإِذَا ثَبَتَ وَجُوبُ حُضُورِهِمْ فَلَا يَخْطُبُ حَتَّى يَحْضُرُوا مَا بَقِيَ الْوَقْتُ الْمُخْتَارُ وَإِلَّا صَلَّى أَرْبَعًا فَإِنْ خَرَجُوا قَبْلَ تَمَامِهَا تَمَادَى وَحْدَهُ فَإِنْ أَتَوْا صَلَّى بِهِمْ عَلَى ظَاهِرِ الْكِتَابِ لِقَوْلِهِ إِذَا لَمْ يَرْجِعُوا وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ إِنْ حَضَرُوا مَا لَهُ بَالٌ أَجْزَأَ وَإِلَّا فَلَا فَإِنِ انْفَضُّوا بَعْدَ الْخُطْبَةِ وَأَيِسَ مِنْهُمْ صَلَّى أَرْبَعًا وَإِلَّا انْتَظَرَهُمْ إِلَى الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ فَإِنْ عَادُوا بِالْقربِ إجتزاوا بِالْخُطْبَةِ لِأَنَّ الْفَصْلُ الْيَسِيرَ لَا يَمْنَعُ وَإِنْ بَعُدَ الْوَقْتُ فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ إِعَادَةُ الْخُطْبَةِ لِارْتِبَاطِهَا بِالصَّلَاةِ وَلِهَذَا يُعِيدُهَا الْوَالِي الثَّانِي إِذَا قُدِّمَ وَقِيلَ ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ فَإِنِ انْفَضُّوا بَعْدَ الْإِحْرَامِ فَالْمَذْهَبُ إِنْ يَئِسَ بَنَى عَلَى إِحْرَامِهِ أَرْبَعًا وَإِلَّا جَعَلَهُ نَافِلَةً وَانْتَظَرَهُمْ وَإِنِ انْفَضُّوا بَعْدَ رَكْعَةٍ قَالَ سَحْنُونٌ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَوِ انْفَضُّوا فِي التَّشَهُّد فَقَالَ أَشهب وَعبد الْوَهَّاب لَا يُتمهَا جُمُعَة لِأَن بِرَكْعَة تدْرك الصَّلَاةَ وَرَأَى سَحْنُونٌ أَنَّ شَرْطَ الِابْتِدَاءِ شَرْطُ الِانْتِهَاءِ فَإِنِ انْفَضَّ مَنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ وَبَقِيَ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ وَهُمْ جَمَاعَةٌ قَالَ سَحْنُونٌ لَا يَجْمَعُ خِلَافًا لِأَشْهَبَ لِأَنَّهُمْ تَبَعٌ فَلَا يَسْتَقِلُّونَ الشَّرْطُ الثَّالِثُ الْإِمَامُ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ هُوَ شَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ وَالصِّحَّةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يُشْتَرَطُ حُضُورُ السُّلْطَانِ وَلَا إِذْنُهُ وَقَالَهُ ش وَقَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ يُشْتَرَطُ أَوْ رَجُلٌ يَجْتَمِعُ عَلَيْهِ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ لَا بُد مِمَّن

تُخَافُ مُخَالَفَتُهُ وَقَالَ ح لَا بُدَّ مِنَ السُّلْطَان لانه الْعَمَل وَقِيَاسًا على الْجِهَاد وَجَوَابه منع الاول الْعَمَلُ لِأَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ صَلَّى بِالنَّاسِ وَعُثْمَانُ مَحْصُورٌ وَكَانَ قَادِرًا عَلَى الِاسْتِئْذَانِ وَكَانَ سعيد بن العَاصِي أَمِيرَ الْمَدِينَةِ فَأُخْرِجَ مِنْهَا وَصَلَّى بِهِمْ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ وَذَلِكَ كَثِيرٌ وَعَنِ الثَّانِي الْقِيَاسُ على الصَّلَوَات الْخمس قَالَ سَنَد واذا لم يشْتَرط فَلَو تولاها لم يجزأن تُقَامَ دُونَهُ إِلَّا إِذَا ضَيَّعَهَا قَالَ مَالِكٌ لَوْ تَقَدَّمَ رَجُلٌ بِغَيْرِ إِذْنِهِ لَمْ تُجْزِهِمْ لِأَنَّهُ مَحَلُّ اجْتِهَادٍ فَإِذَا رَتَّبَ الْحَاكِمُ فِيهِ شَيْئًا ارْتَفَعَ الْخِلَافُ أَمَّا إِذَا ضَيَّعَهَا سَقَطَ اتِّبَاعه فَلَو لَمْ يَتَوَلَّهَا السُّلْطَانُ اسْتُحِبَّ اسْتِئْذَانُهُ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ فِي إِذْنِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ إِذَا اسْتُنْكِرَ تَأْخِيرُ الْإِمَامِ جَمَعُوا لِأَنْفُسِهِمْ إِنْ قدرُوا وَإِلَّا صلوا أَرْبعا يتنفلون مَعَهُ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَا أَبَا ذَرٍّ كَيْفَ بِكَ إِذَا كَانَ عَلَيْكَ أُمَرَاءُ يُمِيتُونَ الصَّلَاةَ أَوْ قَالَ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا تَأْمُرنِي؟ قَالَ صلى الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا فَإِذَا أَدْرَكْتَهَا مَعَهُمْ فَصَلِّهَا فَإِنَّهَا لَكَ نَافِلَةٌ قَالَ سَنَدٌ يُرِيدُ بِالتَّأْخِيرِ إِلَى الْعَصْرِ فَإِذَا صَلَّوُا الظُّهْرَ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يُصَلُّونَ أَفْذَاذًا تَشْبِيهًا بِمَنْ فَاتَتْهُ وَلَوْ دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ وَقَدْ صَلَّى رَكْعَةً قَالَ الْأَبْهَرِيُّ يُتِمُّهَا بِهِمْ جُمُعَةً

وَإِلَّا أَتَمَّهَا أَرْبَعًا وَقَالَ ش إِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ قَبْلَ فَرَاغِهَا أَتَمَّهَا أَرْبَعًا وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ إِنْ أَحْرَمَ فِي وَقْتِهَا أَتَمَّهَا جُمُعَةً وَقَالَ ح لَا يَبْنِي وَيَسْتَأْنِفُ أَرْبَعًا وَالْمَشْهُورُ اتمامها جُمُعَة واذا صَلَّوْا ظُهْرًا ثُمَّ أَتَى الْإِمَامُ فِي الْوَقْتِ لَزِمَهُمُ الْإِعَادَةُ وَإِلَّا فَلَا وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُهُ يَتَنَفَّلُونَ مَعَهُ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَصَّارِ يَجُوزُ تَأْخِير الْجُمُعَة الى الْغُرُوب تَلْزَمُهُمُ الْإِعَادَةُ وَإِذَا قُلْنَا لَا تَلْزَمُهُمْ فَيُعِيدُونَ بِنِيَّةِ الْجُمُعَةِ كَإِعَادَةِ الصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ فَإِنْ تَأَخّر مَعَه جمَاعَة غَيرهم أجزائهم وَإِلَّا فَلَا الشَّرْطُ الرَّابِعُ الْمَسْجِدُ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ هُوَ شَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ وَالصِّحَّةِ عَلَى رَأْيِ مَنْ يَشْتَرِطُ فِيهِ الْبُنْيَانَ وَأَمَّا عَلَى رَأْي من لَا يَشْتَرِطه بل يَكْتَفِي بالفضاء إِذَا حُبِسَ وَعُيِّنَ لِلصَّلَاةِ وَحُكِمَ لَهُ بِالْمَسْجِدِ يَكُونُ شَرْطًا فِي الصِّحَّةِ فَقَطْ فَإِنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يَتَعَذَّرُ وَأَفْتَى الْبَاجِيُّ إِذَا انْهَدَمَ سَقْفُ الْمَسْجِدِ لَا تُقَامُ فِيهِ الْجُمُعَةُ قَالَ وَهُوَ يُعِيد بَلْ تُقَامُ فِيهِ لِأَنَّهُ يُسَمَّى مَسْجِدًا حِينَئِذٍ وَحُكْمُهُ فِي التَّعْظِيمِ الشَّرْعِيِّ حُكْمُ الْمَسْجِدِ وَقَالَ الْبَاجِيُّ لَا تُقَامُ إِلَّا فِي الْجَامِعِ فَلَوْ مَنَعَ مَانِعٌ لَمْ تُقَمْ فِي الْمَسَاجِدِ حَتَّى يحكم الامام لوَاحِد مِنْهُمَا بِكَوْنِهِ جَامِعًا قَالَ وَهُوَ بَعِيدٌ بَلْ تُقَامُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ نَقْلِ حُكْمٍ إِلَيْهِ قَالَ فَإِن قيل لَو جَازَ ذَلِكَ لَجَازَ لِلرَّاعِفِ أَنْ يُتِمَّ بَقِيَّةَ الْجُمُعَةِ فِي بَعْضِ الْمَسَاجِدِ قَالَ قُلْتُ قَدْ جَوَّزَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ وَإِنْ مَنَعْنَا فَلِأَنَّهُ الْتَزَمَ الصَّلَاةَ فِي الْجَامِعِ ابْتِدَاءً وَفِي الْجَوَاهِرِ يُشْتَرَطُ فِي ذَلِك الْبُنيان الْمُعْتَاد للمساجد وَأَن يتَّفق عَلَى الِاجْتِمَاعِ فِيهِ عَلَى التَّأْبِيدِ فَكُلُّ جَامِعٍ مَسْجِد وَلَيْسَ كل مَسْجِد جَامعا

واستقرأ الصَّالِحِي عدم وُجُوبه استقراء بَاطِلا وَدَلِيلُ وَجُوبِهِ قَوْله تَعَالَى {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} وَالنِّدَاءُ إِنَّمَا يَكُونُ عَادَةً فِي الْمَسَاجِدِ لِلْعَمَلِ قَالَ سَنَد وَلَا يكون عِنْدَ مَالِكٍ إِلَّا دَاخِلَ الْمَصْرِ وَجَوَّزَ ح مُصَلَّى الْعِيدِ لِشِبْهِ الْجُمُعَةِ بِالْعِيدِ لَنَا أَنَّهُ مَكَانٌ تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ فَيَكُونُ مُنَافِيًا لِوُجُوبِ الْجُمُعَةِ قَاعِدَةٌ مَتَّى كَانَ فِعْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَيَانًا لِمُجْمَلٍ كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ ذَلِكَ الْمُجْمَلِ إِنْ وَاجِبًا فَوَاجِبٌ وَإِنْ مُبَاحًا فَمُبَاحٌ لِأَنَّ الْبَيَان مُرَاد للمتكلم حَالَةَ التَّخَاطُبِ فَهُوَ مَوْجُودٌ فِي الْكَلَامِ الْأَوَّلِ وَآيَةُ الْجُمُعَةِ مُجْمَلَةٌ لَمْ تَدُلَّ عَلَى خُصُوصِ صَلَاةٍ فَيُحْتَمَلُ الصُّبْحُ وَالظُّهْرُ وَالْعَصْرُ وَالسِّرُّ وَالْجَهْرُ وَغَيْرُ ذَلِكَ فَبَيَّنَ عَلَيْهِ السَّلَامُ جَمِيعَ ذَلِكَ فَجَمِيعُ بَيَانِهِ يَكُونُ وَاجِبًا إِلَّا مَا دَلَّ الدَّلِيل على خِلَافه فبهذه الْقَاعِدَة يسْتَدلّ عَلَى وُجُوبِ الْمَسْجِدِ وَالْخُطْبَةِ وَسَائِرِ الْفُرُوضِ فُرُوعٌ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ لَا يُصَلَّى فِي الْمَوَاضِعِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهَا حَوْلَ الْمَسْجِدِ وَإِنْ أَذِنَ أَهْلُهَا فِي ذَلِكَ قَالَ سَنَدٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَيُعِيدُونَ وَإِنْ ذَهَبَ الْوَقْتُ

لِأَنَّ عَدَمَ الْحَجْرِ مِنْ خَوَاصِّ الْمَسْجِدِ فَإِذَا عدم افقد الشَّرْط ولان السَّعْي وَاجِب وَتجوز ذَلِكَ يُبْطِلُهُ بِخِلَافِ الطُّرُقِ فَإِنَّهَا لَا تُبْطِلُ السَّعْيَ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ يُكْرَهُ فَإِنِ اتَّصَلَتِ الصُّفُوفُ صَحَّ اعْتِبَارًا بِحَجْرِ أَزْوَاجِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْحُجَرَ كُنَّ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ جَرِيدٍ وَمُسُوحِ الشَّعْرِ وَلَمْ يَفُتِ الشَّرْطُ أَوْ بِأَنَّهَا كَانَتْ تُدْخَلُ بِغَيْرِ إِذْنٍ وَقَالَ مَالِكٌ لَيْسَتْ مِنَ الْمَسْجِدِ بَلْ أَبْوَابُهَا شَارِعَةٌ فِي الْمَسْجِدِ وَكَانَ الْمَسْجِدُ يَضِيقُ عَلَى أَهْلِهِ فَيَتَّسِعُ النَّاسُ بِهَا وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَتَّجِهُ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ فِي الْمَسْجِدِ لَامْتَنَعَ الْوَطْءُ وَاللُّبْثُ فِي زمن الْحيض والجنابة الثَّانِي فِي الْجُلَّابِ لَا يُصَلَّى فِي بَيْتِ الْقَنَادِيلِ وَلَا عَلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ وَفِي الْكِتَابِ يُعِيد بعد الْوَقْت أَرْبعا قَالَ سَنَد وروى مطرف وَعبد الْملك الْجَوَاز وَقَالَهُ اشهب واصبغ لِأَنَّهُ أَوْلَى مِنَ الْأَفْنِيَةِ فَإِنَّ أَهْوِيَةَ الْأَوْقَافِ أَوْقَافٌ سُؤَالٌ قَدْ حَنَّثَهُ مَالِكٌ إِذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ فَصَعِدَ السَّطْحَ جَوَابُهُ أَنَّهُ احْتِيَاطٌ فِي الصُّورَتَيْنِ وَالْحِنْثُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الصَّلَاةِ بِدَلِيلِ التَّحْنِيثِ بِأَكْلِ اللُّبَابَةِ مِنَ الرَّغِيفِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَهِيَ لَيْسَتْ رَغِيفًا عُرْفًا وَلَا لُغَة الثَّالِثُ جُوِّزَ فِي الْكِتَابِ الصَّلَاةَ فِي الْأَفْنِيَةِ الْمُبَاحَةِ وَإِنْ لَمْ تَتَّصِلْ بِهَا الصُّفُوفُ

إِذَا ضَاقَ الْمَسْجِدُ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ لَمَّا تَعَذَّرَ لَمْ يُعْتَبَرِ الصَّفُّ وَفِي الطُّرُقِ ذَاتِ الْأَرْوَاثِ إِذَا ضَاقَ الْمَسْجِدُ وَحَكَى اللَّخْمِيُّ عَنْ سَحْنُونٍ مَنْعَهُ الْقِسْمُ الثَّانِي شُرُوطُ الْوُجُوبِ دُونَ الصِّحَّةِ وَهِيَ سِتَّةٌ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ وَالرَّابِعُ فِي الْجَوَاهِرِ الْبُلُوغُ وَالْإِقَامَةُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالذُّكُورِيَّةُ وَنَقَلَ ابْن شعْبَان عَن مَالك الْوُجُوب فِي الْعَبْدِ لَنَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي أَبِي دَاوُدَ الْجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي جمَاعَة الا أَرْبَعَة عبد مَمْلُوك وَامْرَأَة أَو صبي أَو مَرِيض وَأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ مُسَافِرًا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَلَمْ يُصَلِّ الْجُمُعَةَ قَالَ سَنَدٌ وَفِي الْكِتَابِ يَغْتَسِلُ مَنْ حَضَرَ مِنْهُمْ وَيُكْرَهُ لِلشَّابَّةِ الْحُضُورُ وَيُسْتَحَبُّ لِلْعَبْدِ إِنْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ وَفِي الْجُلَّابِ يُسْتَحَبُّ لِلْمُكَاتَبِ بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ تَمْهِيدٌ الْوَاجِبُ عَلَيْهِمْ إِحْدَى الصَّلَاتَيْنِ إِمَّا الظُّهْرُ أَوِ الْجُمُعَةُ فَمُتَعَلِّقُ الْوُجُوبِ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ الَّذِي هُوَ مَفْهُومُ إِحْدَاهُمَا وَلَا تَخْيِيرَ فِيهِ وَالْخُصُوصُ مُتَعَلِّقُ التَّخْيِيرِ وَلَا إِيجَابَ فِيهِمَا كَمَا قُلْنَا فِي خِصَالِ الْكَفَّارَةِ فَكَمَا يَتَّصِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ خِصَالِ الْكَفَّارَةِ بِالْوُجُوبِ وَتَبْرَأُ الذِّمَّةُ بِهِ فَكَذَلِكَ هَهُنَا وَلَيْسَت ذَلِكَ مِنْ بَابِ إِجْزَاءِ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَنِ الْوَاجِبِ وَكَذَلِكَ الْمُسَافِرُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَحَدُ الشَّهْرَيْنِ رَمَضَانُ أَوْ شَهْرُ الْقَضَاءِ وَإِحْدَى الصَّلَاتَيْنِ الْقَصْرُ أَوِ الْإِتْمَامُ

الشَّرْطُ الْخَامِسُ الِاسْتِيطَانُ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ شَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ دُونَ الصِّحَّةِ وَفِي الْكِتَابِ يُجْمَعُ فِي الْقَرْيَةِ ذَاتِ الْأَسْوَاقِ كَانَ لَهَا وَالٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَمَرَّةً لَمْ يَذْكُرِ الْأَسْوَاقَ لَنَا أَنَّ قَبَائِلَ الْعَرَبِ كَانَتْ حَوْلَ الْمَدِينَةِ وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِإِقَامَتِهَا وَاشْتَرَطَ ح أَنْ يَكُونَ مِصْرًا وَفِيهِ مَنْ يُنَفِّذُ الْأَحْكَامَ مُحْتَجًّا بِمَا يُرْوَى أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ لَا جُمُعَة وَلَا تشريف إِلَّا فِي مِصْرٍ جَامِعٍ وَجَوَابُهُ مَنْعُ الصِّحَّةِ وَفِي أَبِي دَاوُدَ أَوَّلُ جُمُعَةٍ جُمِعَتْ فِي الْإِسْلَامِ بَعْدَ جُمُعَةٍ جُمِعَتْ فِي مَسْجِدِهِ عَلَيْهِ السَّلَام لجمعة جُمِعَتْ بِجُوَاثَاءَ قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى الْبَحْرَيْنِ قَالَ سَنَدٌ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ اشْتِرَاطُ السُّوقِ فِي الْقَرْيَةِ لِتَوَقُّفِ الِاسْتِيطَانِ عَلَيْهِ عَادَةً قَالَ فَلَوْ مَرَّتْ جَمَاعَةٌ بَقَرْيَةٍ خَالِيَةٍ يَنْزِلُونَهَا شَهْرَيْنِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ أَقَامُوا سِتَّةَ أَشْهُرٍ جَمَعُوا وَإِلَّا فَلَا قَالَ الْبَاجِيُّ إِنْ عَلَّلْنَا بِالِاسْتِيطَانِ لَمْ يجمعوا أَو بالاقامة جمعُوا وَالْأول الْأَظْهر فان أهل العمود مقيمون وَلَا يَجْمَعُونَ قَالَ فِي الْكِتَابِ يَجْمَعُ أَهْلُ الْأَخْصَاصِ وَمَنَعَ فِي غَيْرِ الْكِتَابِ وَرَأَى أَنَّ الْبُنْيَانَ مِنْ شِعَارِ الْأَمْصَارِ وَإِذَا جَوَّزْنَا فِي الْأَخْصَاصِ فَقَدْ مَنَعَ مَالِكٌ فِي الْخِيَمِ وَجَوَّزَهُ ابْنُ وَهْبٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا عَلَى الْمَذْهَبِ أَنَّ الْخُصَّ أَشْبَهُ بِالْبُنْيَانِ وَكَانَ مَسْجِدُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَرِيشًا كَالْخُصِّ وَالْخِيَامُ أَشْبَهُ بِالسُّفُنِ لِانْتِقَالِهَا وَفِي الْكِتَابِ إِذَا مَرَّ الْأَمِيرُ مُسَافِرًا بِقَرْيَةٍ مِنْ قُرَى عَمَلِهِ تُجْمَعُ فِي مِثْلِهَا الْجُمُعَةُ جَمَعَ بِهِمْ وَإِنْ كَانَتْ لَا تُجْمَعُ فِي

مثلهَا أعادوا هم وَهُوَ اما الأولى فَلِأَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَمَعَ بِأَهْلِ مَكَّةَ وَهُوَ مُسَافِرٌ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ فَكَانَ إِجْمَاعًا وَلِأَنَّهَا كَانَتْ تَجِبُ عَلَى نَائِبِهِ فِي الْمَكَانِ وَتَصِحُّ مِنْهُ فَإِذَا حَضَرَ الْأَصْلُ فَهُوَ أوفق بِذَلِكَ أَوْ تَقْدِيمًا لِمَصْلَحَةِ حُرْمَةِ الْإِمَامَةِ بَعْدَ تقدم الْغَيْرِ كَمَا قُلْنَا فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ مَعَ الْأَعْلَمِ مِنْهُ وَمَعَ الْأَبْلَغِ دُعَاءً مِنَ الْقَرَابَةِ فِي الْجَنَائِز وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ الْجُمُعَةَ لَا تُجْزِئُ عَنِ الظُّهْرِ قَالَ سَنَدٌ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ تجزيء الإِمَام والمسافرين لَان ظهْرهمْ رَكْعَتَانِ والجهر وَقع مِنْهُ بِالتَّأْوِيلِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ إِذَا شَهِدَا الْجُمُعَةَ أَنَّهَا تَصِحُّ مَعَ فِقْدَانِ بَعْضِ الشُّرُوطِ فِي حَقِّ هَذَا وَهُوَ الْمَكَانُ الَّذِي يَسْتَوْطِنُ فِيهِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ مِنَ الْمُسَافِرين أَنهم اذا استخلفوا لَا تجزيهم ان فِعْلَهُ يَجْرِي مَجْرَى حُكْمِ الْحَاكِمِ فِي إِسْقَاطِ الشُّرُوطِ بِخِلَافِهِمْ الشَّرْطُ السَّادِسُ الْكَوْنُ فِي مَسَافَةِ سَمَاعِ النِّدَاءِ فِي الْكِتَابِ يَشْهَدُهَا مَنْ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ أَوْ أَزْيَدَ يَسِيرًا مِنَ الْمَدِينَةِ لِأَنَّهُ الَّذِي يُسْمَعُ مِنْهُ النِّدَاءُ غَالِبًا مَعَ انْتِفَاءِ الْمَوَانِعِ وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ش الِاعْتِبَارُ بِسَمَاعِ النِّدَاءِ وَقَالَ ح لَا تَجِبُ عَلَى الْخَارِجِ عَنِ الْمَدِينَةِ أَلْبَتَّةَ مُحْتَجًّا بِأَنَّ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَذِنَ يَوْمَ الْعِيدِ لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ لِأَهْلِ الْعَوَالِي أَنْ يَنْصَرِفُوا لَنَا قَوْله تَعَالَى {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ من يَوْم الْجُمُعَة فَاسْعَوْا} مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصٍ وَفِي أَبِي دَاوُدَ الْجُمُعَةُ عَلَى مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ وَفِي التِّرْمِذِيِّ أَمَرَهُمْ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ يَشْهَدُوا الْجُمُعَةَ مِنْ قُبَاءٍ قَالَ سَنَد وأجمعت الامة على الْوُجُوب على من حواه الْمِصْرِ سَوَاءً سَمِعَ أَوْ لَمْ يَسْمَعْ

وَاعْتَبَرَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ الثَّلَاثَةَ الْأَمْيَالِ مِنْ خَارِجِ الْمِصْرِ وَالْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ مِنَ الْجَامِعِ لِئَلَّا تَجِبَ مِنْ خَمْسَةِ أَمْيَالٍ فَأَكْثَرَ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْمُرَاعَى فِي ذَلِكَ مَكَانُهُ وَقْتَ وُجُوبِ السَّعْي عَلَيْهِ دون مَكَانِ مَنْزِلِهِ وَلَيْسَ لِمَنْ هُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ اميال إِقَامَتهَا لوُجُوب السَّعْي عَلَيْهِم وَقَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ لَا يُقِيمُونَهَا إِلَّا بَعْدَ سِتَّةَ أَمْيَالٍ لِأَنَّ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ يُوجِبُ السَّعْيَ عَلَى مَنْ دُونَهُمْ اليهم وَالِي الْمَدِينَة فَيلْزم عصيانهم بِأَحَدِهِمَا فيمنعون لنفي التَّشْوِيشِ عَنِ الْمُتَوَسِّطِينَ وَقَالَ الْبَاجِيُّ يُقِيمُونَهَا بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ فَمَنْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ السَّعْيُ يجب عَلَيْهِ اقامتها وَلَا يُقِيمُونَهَا إِلَّا بَعْدَ بَرِيدٍ لِتَعَلُّقِهِمْ بِالْمَدِينَةِ فِي سوقها ومشاهدة بيدائها قَالَ سَنَدٌ فَلَوْ صَلَّى أَهْلُ الْقَرْيَةِ الْقَرِيبَةِ فِي جَامِعِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الْبَعِيدَةِ الظَّاهِرُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ لِأَنَّ جُمُعَتَهُمْ بِالْمِصْرِ بِالْجَامِعِ الْعَتِيقِ وَيُحْتَمَلُ الْإِجْزَاءُ لِصَلَاتِهِمْ خَلْفَ مَنْ صَحَّتْ جُمُعَتُهُ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ الْعَتِيقُ فِي حَقِّ أَهْلِ الْمِصْرِ الْقِسْمُ الثَّالِثُ شَرْطُ الصِّحَّةِ فَقَطْ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَهُوَ الْخُطْبَةُ وَفِيهِ فُرُوعٌ تِسْعَةٌ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ الْخُطَبُ كُلُّهَا سَوَاءٌ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا لَا يُسَلِّمُ عَلَى النَّاسِ إِذَا صَعِدَ وَيَجْلِسُ فِي خُطْبَةِ الْعِيدَيْنِ قَبْلَهَا وَفِي الْجُمُعَةِ حَتَّى يُؤَذِّنَ الْمُؤَذِّنُ وَفِي الْجَمِيعِ يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ يَجْلِسُ بَيْنَهُمَا لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ وَكَانَ يَجْلِسُ إِذَا صَعِدَ عَلَى الْمِنْبَرِ حَتَّى يَفْرَغَ الْمُؤَذِّنُ ثُمَّ يَقُومُ فَيَخْطُبُ ثُمَّ يَجْلِسُ فَلَا يَتَكَلَّمُ حَتَّى يَقُومَ فَيَخْطُبُ قَالَ سَنَد

قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ الْجَلْسَةُ لَيْسَتْ وَاجِبَةً وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ وُجُوبُهَا وَمِقْدَارُهَا جَلْسَةٌ بَين السَّجْدَتَيْنِ وَأما عدم السَّلَام فلمالك وح خلافًا ش مُحْتَجًّا بِمَا يُرْوَى عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ إِذَا دَنَا مِنْ مِنْبَرِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ سَلَّمَ عَلَى مَنْ عِنْدَ مِنْبَرِهِ مِنَ الْجُلُوسِ واذا صعد اسْتقْبل بِوَجْهِهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ كَانَ مَعَهُمْ لَا يُسَلِّمُ وَإِنْ خَرَجَ عَلَيْهِمْ سَلَّمَ إِذَا صَعِدَ وَاسْتَقْبَلَهُمْ لَنَا عَمَلُ الْمَدِينَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا خَرَجَ سَلَّمَ عَلَى مَنْ خَرَجَ عَلَيْهِمْ وَحَكَى الْخِلَافَ فِيمَا عَدَا حَالَةَ الْخُرُوجِ قَالَ سَنَدٌ فَإِذَا فَرَغَ الْمُؤَذِّنُ وَثَمَّ مَنْ تَنْعَقِدُ بِهِمُ الْجُمُعَةُ خَطَبَ وَإِلَّا فَلَا وَالْقِيَامُ مِنْ سُنَّتِهَا وَقَالَ ش شَرْطٌ وَقَالَ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ يَجُوزُ أَنْ يَخْطُبَ قَاعِدًا لَنَا أَنَّهَا السّنة وأبلغ فِي الاسماع وَلَنَا عَلَى ش الْقِيَاسُ عَلَى تَرْكِ الْمِنْبَرِ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ لِلْخَطِيبِ وَلَا يَكُونُ لَاغِيًا بِذَلِكَ وَلَا مَنْ يُجَاوِبُهُ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ قَالَ دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَوْمَ الْجُمُعَة وَعمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنْهُم يَخْطُبُ فَقَالَ عُمَرُ أَيَّةُ سَاعَةٍ هَذِهِ؟ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ انْقَلَبْتُ مِنَ السُّوقِ فَسَمِعْتُ النِّدَاءَ فَمَا زِدْتُ عَلَى أَنْ تَوَضَّأْتُ فَقَالَ عمر الْوضُوء أَيْضا؟ وَقيل الرجل عُثْمَان الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ يُسْتَحَبُّ لِإِمَامِ الْمِنْبَرِ الِاتِّكَاءُ عَلَى الْعَصَا لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَتَوَكَّأُ عَلَى الْعَصَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ قَالَ سَنَدٌ وَحِكْمَتُهَا مَنْعُ الْيَدِ مِنَ الْعَبَثِ وَمَسْكِ اللِّحْيَةِ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَالْقَوْسُ عِنْدَ مَالِكٍ مِثْلُ الْعَصَا وَرُوِيَ عَنْهُ لَا يَتَوَكَّأُ عَلَى قَوْسٍ إِلَّا فِي السَّفَرِ لِأَنَّ الْعَصَا السُّنَّةُ وَلَيْسَ لَهُ سُنَّةٌ فِيمَا يَصْنَعُ بِيَدَيْهِ يُرْسِلُهُمَا أَوْ يقبض الْيُسْرَى باليمنى وَاسْتحبَّ بَين تَحْرِيكُ جَسَدِهِ وَيَدَيْهِ وَلَمْ يُحَدِّدْ ذَلِكَ مَالِكٌ وَفِي الْجَوَاهِر

يَبْدَأُ بِالْحَمْدِ وَيَخْتِمُ بِقَوْلِهِ يَغْفِرُ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فَإِنْ قَالَ اذْكُرُوا اللَّهَ يَذْكُرْكُمْ فَحَسَنٌ وَيُؤْمَرُ بِالطَّهَارَةِ فِي الْخُطْبَةِ وَهَلْ ذَلِكَ عَلَى النَّدْبِ أَوْ عَلَى الْوُجُوبِ؟ عِنْدَ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ قَوْلَانِ وَيُؤْمَرُ بِرَفْعِ الصَّوْتِ وَلِذَلِكَ اتُّخِذَ الْمِنْبَر الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَحْدَثَ فِي الْخُطْبَةِ اسْتَخْلَفَ مَنْ يُتِمُّ بِهِمُ الْخُطْبَةَ وَالصَّلَاةَ وَكَذَلِكَ إِذَا أَحْدَثَ بَعْدَ الْخُطْبَةِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ قَالَ سَنَدٌ أَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْوُضُوءَ فِي صَحْنِ الْجَامِعِ وَكَرِهَهُ مَالِكٌ وَلَوْ فِي طَسْتٍ فَإِذَا تَوَضَّأَ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ يَبْتَدِئُ الْخُطْبَةَ وَقَالَ أَشْهَبُ يَبْنِي إِنْ قَرُبَ فَإِنْ عَادَ بَعْدَ الِاسْتِخْلَافِ فَالْخَلِيفَةُ أَوْلَى بِالْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ لِثُبُوتِ حُكْمِ الْإِمَامَةِ لَهُ وَلَوْ تَقَدَّمَ الْأَوَّلُ لَجَازَ وَيَخْتَلِفُ إِذَا أَخْرَجَهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِك فِي الِاسْتِخْلَاف وَكره فِي الْكِتَابِ أَنْ يَسْتَخْلِفَ عَلَى الصَّلَاةِ مَنْ لَمْ يَشْهَدِ الْخُطْبَةَ فَإِنْ فَعَلَ جَازَ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ وَإِذَا صَحَّحْنَا فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُعِيدَ الْخُطْبَةَ فَلَوِ اسْتَمَرَّ عَلَى الْخُطْبَةِ بَعْدَ الْحَدَثِ فَكَرِهَهُ فِي الْكِتَابِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ الطَّهَارَةَ لَيْسَتْ شَرْطًا فِي الْخُطْبَةِ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِنْ خَطَبَ جُنُبًا أَعَادَ الصَّلَاةَ أَبَدًا وَالْمُدْرَكُ أَنَّهُ ذِكْرٌ فِي الصَّلَاةِ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالتَّكْبِيرِ فَإِنِ اسْتَخْلَفَ من لم يدْرك الاحرام مَعَه بَلْ أَحْرَمَ بَعْدُ مِنْ خَلْفِهِ وَكَانَ قَدْ دَخَلَ مَعَهُ طَائِفَةٌ فَلِلْأَصْحَابِ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ لِلْجَمِيعِ لَان احرام الْأَوَّلين قبل إمَامهمْ وَصَلَاة الآخرين بِغَيْر خطْبَة والإجزاء أَيْضًا وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَلَوِ اسْتَخْلَفَ مَنْ دَخَلَ خَلْفَهُ فَشَكَّ بَعْدَ الصَّلَاةِ فِي الْإِحْرَامِ أَعَادُوا كُلُّهُمُ الْجُمُعَةَ وَفِي الْجُلَّابِ إِذَا أَحْدَثَ الْإِمَامُ اسْتَخْلَفَ عَلَيْهِمْ فَإِنْ لَمْ يَسْتَخْلِفِ اسْتَخْلَفُوا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا وَصَلَّوْا أَفْذَاذًا ظُهْرًا أَرْبَعًا

أَجْزَأَهُمْ قَالَ سَنَدٌ قَوْلُهُ أَجْزَأَهُمْ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ فَرْضَ الْوَقْتِ الْجُمُعَةُ فَلَا يُجْزِيهِمُ الظُّهْرُ مَا أمكنهم الْجُمُعَة الْخَامِسُ فِي الْكِتَابِ إِذَا قَدِمَ وَالٍ بَعْدَ الْخُطْبَةِ يَبْتَدِئُهَا لِأَنَّ الْجُمُعَةَ مِنَ الْأَحْكَامِ الِاجْتِهَادِيَّةِ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ هَلْ تَفْتَقِرُ لِلسُّلْطَانِ أَمْ لَا؟ فَإِذَا وَلِيَهَا السُّلْطَانُ فَقَدِ ارْتَفَعَ الْخِلَافُ كَحُكْمِ الْحَاكِمِ إِذَا اتَّصَلَ بِالْقَضَايَا فَلَا تَصِحُّ إِلَّا مِنْهُ ويليه وَكِيلُهُ وَالْوَكِيلُ إِذَا عُزِلَ فِي أَثْنَاءِ تَصَرُّفِهِ الْمُرْتَبِطِ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ سَقَطَ اعْتِبَارُ مَا مَضَى مِنْهُ قَالَ سَنَدٌ فَإِنْ صَلَّى بِخُطْبَةِ الْأَوَّلِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَسَحْنُونٌ لَا تُجْزِيهِمْ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ لِأَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ قَدِمَ عَلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ فَعَزَلَهُ وَهُوَ يَخْطُبُ فَلَمَّا فَرَغَ صَلَّى أَبُو عُبَيْدَةَ وَكَمَا لَوْ أَحْدَثَ فَتَقَدَّمَ غَيْرُهُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَلَوْ تَمَادَى الْأَوَّلُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالثَّانِي حَتَّى صَلَّى فَرَضِيَ بِذَلِكَ الثَّانِي قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُعِيدُونَ أَبَدًا فَلَوْ أَذِنَ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ أَجْزَأَتْهُمْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ أَعَادُوا الْخُطْبَةَ لِأَنَّهُ اسْتِخْلَافٌ مِنَ الثَّانِي فِيمَا كَانَ يَفْعَلُهُ فَلَوْ قَدِمَ الثَّانِي بَعْدَ رَكْعَة قَالَ ابْن الْمَوَّاز يُعِيدُونَ الْخُطْبَةَ وَالصَّلَاةَ فَإِنْ قَدِمَ بَعْدَ الصَّلَاةِ فِي الْوَقْت قَالَ بعض الْقرَوِيين يعيدون وَهَذَا يَتَخَرَّجُ عَلَى أَنَّ الْعِلْمَ بِالْعَزْلِ لَيْسَ بِشَرْط وعَلى القَوْل بشرطيته لَا يعيدون السَّادِسُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ إِذَا خطب بِمَالِه بَالٌ أَجْزَأَ وَإِلَّا أَعَادُوا الْخُطْبَةَ وَالصَّلَاةَ قَالَ سَنَدٌ وَقَالَ مَالِكٌ إِذَا سَبَّحَ أَوْ هَلَّلَ وَلم يخْطب أعادوا مَا لم يصل فاذا صَلَّى فَلَا وَقَالَ مُطَرِّفٌ يَكْفِي أَدْنَى شَيْءٍ وَقَالَ ح يَكْفِي تَسْبِيحَةٌ أَوْ تَهْلِيلَةٌ وَوَافَقَ ش ابْنَ الْقَاسِمِ مُرَاعَاةً لِلِاسْمِ وَالْعَمَلِ وَجْهُ قَول

مُطَرِّفٍ قَوْله تَعَالَى {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ قَالَ وَاتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى اسْتِحْسَانِ قِصَرِ الْخُطْبَةِ وَفِي مُسْلِمٍ طُولُ صَلَاةِ الرَّجُلِ وَقِصَرُ خُطْبَتِهِ مَئِنَّةٌ مِنْ فِقْهِهِ فَأَطِيلُوا الصَّلَاة وأقصروا الْخطْبَة قَالَ غَيره وَالثَّانيَِة أَقْصَرُ مِنَ الْأُولَى قَالَ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْرَأَ فِي الْخُطْبَةِ وَلَا يَجِبُ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ مُحْتَجِّينَ بِقِيَاسِ الْخُطْبَتَيْنِ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَكَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يَتْرُكُ فِي خُطْبَتِهِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قولا سديدا إِلَى قَوْله عَظِيما} قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَقْرَأَ فِي الْخُطْبَةِ الْأُولَى سُورَةً تَامَّةً مِنْ قِصَارِ الْمُفَصَّلِ وَكَانَ عُمَرُ ابْن عبد الْعَزِيز يقْرَأ ب {أَلْهَاكُم التكاثر} وَتَارَةً بِالْعَصْرِ فَاسْتِحْبَابُ الْإِكْمَالِ قِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ وَالْقِصَرِ لِاسْتِحْبَابِ قِصَرِ الْخُطْبَةِ قَالَ مَالِكٌ وَلَا يَقْرَأُ بِسُورَةٍ فِيهَا سَجْدَةٌ فَإِنْ فَعَلَ فَلَا يَنْزِلُ لِلسَّجْدَةِ وَفِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ عُمَرَ رَضِي الله عَنهُ قَرَأَ سَجْدَة عَلَى الْمِنْبَرِ فَنَزَلَ فَسَجَدَ قَالَ مَالِكٌ وَلَيْسَ الْعَمَل على النُّزُول خلافًا لاشهب وح وش لِأَنَّ عُمَرَ إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِلتَّعْلِيمِ فَإِنِ ارْتَجَّ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُفْتَحُ عَلَيْهِ فِي الْقِرَاءَة دُونَ الْخُطْبَةِ لِإِرْشَادِ بَعْضِ الْقِرَاءَةِ لِبَعْضِهَا بِخِلَافِ الْخُطْبَةِ قَالَ سَنَدٌ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْخُطْبَةُ وَاحِدَةً يُكَرِّرُهَا كُلَّ جُمُعَةٍ وَتُسْتَحَبُّ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَوْجَبَهَا ش وَالْحَمْدُ وَالْوَصِيَّةُ بالتقوى السَّابِعُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ إِذَا جَهِلَ فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ يُعِيدُ الصَّلَاةَ وَتُجْزِئُ الْخُطْبَةُ لِأَنَّ الشَّرْطَ يَتَقَدَّمُ الْمَشْرُوطَ

قَالَ سَنَدٌ فَلَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ صَلَّوْا أَرْبَعًا الا عِنْد عبد الْملك لعدم ايجابه الْخطْبَة الثَّامِنُ فِي الْكِتَابِ مَنْ خَرَجَ عَلَيْهِ الْإِمَامُ فِي صَلَاةٍ أَتَمَّهَا وَلَا يَبْتَدِئُ صَلَاةً بَعْدَ خُرُوجِهِ وَقَالَهُ ح وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ يُحَيِّي الْمَسْجِدَ بَعْدَ خُرُوجِهِ مُحْتَجِّينَ بِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ جَابر بَيْنَمَا النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَصَلَّيْتَ يَا فُلَانُ؟ قَالَ لَا قَالَ قُمْ فَارْكَعْ وَيُرْوَى إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ وَلْيَتَجَوَّزْ فِيهِمَا وَجَوَابُهُ أَنَّهَا قَضِيَّةُ عَيْنٍ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ تَرَكَ الْخَطَابَةَ حِينَ الصَّلَاةِ أَوْ كَانَ ذَا فَاقَةٍ فَقَصَدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ يُشَاهِدَهُ النَّاسُ أَوْ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ بِمَا يُرْوَى مِنَ النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ حِينَئِذٍ وَيُعَضِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ أَنْصِتْ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْتَ فَنَهَى عَنِ النَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ الَّذِي هُوَ وَاجِبٌ فَأَوْلَى الْمَنْدُوبُ قَالَ سَنَدٌ وَلِهَذَا تَرَكَ الْخُطَبَاءُ الرُّكُوعَ إِذَا خَرَجُوا اشْتِغَالًا بِالْخُطْبَةِ الَّتِي هِيَ أهم قَالَ وَقَالَ مَالك أَيْضا لَهُ التنقل بَعْدَ الْخُرُوجِ حَتَّى يَرْقَى الْمِنْبَرَ فَإِنْ أَحْرَمَ بَعْدَ الْجُلُوسِ عِنْدَ الْأَذَانِ فَلِمَالِكٍ يَقْطَعُ لِعَدَمِ الْمَشْرُوعِيَّةِ وَلَا يَقْطَعُ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَوِّتْ وَاجِبًا وَلَوْ دَخَلَ فَأَحْرَمَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَقَوْلَانِ إِذْ لَا فرق بَين المسئلتين قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ هَذَا الْخِلَافُ فِي الدَّاخِلِ أَمَّا الْجَالِسُ فِي الْمَسْجِدِ فَيَقْطَعُ قَوْلًا وَاحِدًا اذ لَا خلاف فِيهِ التَّاسِعُ فِي الْكِتَابِ لَا يَذْكُرُ إِلَّا الشَّيْءَ الْخَفِيفَ فِي نَفْسِهِ وَيُنْصِتُ مِنْ بُعْدٍ كَمِنْ

قُرْبٍ خِلَافًا لِابْنِ حَنْبَلٍ لِأَنَّ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ إِذَا خَطَبَ يَقُولُ إِذَا قَامَ الْإِمَامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَاسْتَمِعُوا وَأَنْصِتُوا فان للمنصت الَّذِي لَا يسمع من الْحَظ مِثْلَ مَا لِلْمُنْصِتِ السَّامِعِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ فَكَانَ إِجْمَاعًا قَالَ سَنَدٌ قَالَ مَالِكٌ وَلَا يُشَمِّتُ الْعَاطِسَ سِرًّا وَلَا جَهْرًا وَلَا يَرُدُّ سَلَامًا وَلَا يَشْرَبُ الْمَاءَ لِوُجُوبِ الْإِنْصَاتِ وَيُسْكِتُ النَّاسَ بِالتَّسْبِيحِ لِأَنَّهُ أُبِيحَ فِي الصَّلَاةِ وَبِالْإِشَارَةِ وَلَا يَحْصِبُهُمْ لِمَا فِي مُسْلِمٍ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ حَرَّكَ الْحَصْبَاءَ لَغَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَالْأَمْرُ فِي التَّحْصِيبِ وَاسِعٌ فَفِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا رَأَى مُتَحَدِّثَيْنِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَحَصَبَهُمَا إِلَى أَنْ صَمَتَا قَالَ الْمَازِرِيُّ وَيَجِبُ الْإِنْصَاتُ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ قَالَ وَمُقْتَضى تَعْلِيل الْمَذْهَب إِيقَاع الصُّبْحِ الْمَنْسِيَّةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ وَقَدْ قَالَهُ بَعْضُ الْبَغْدَادِيِّينَ لِأَنَّهُ يَتْرُكُ الْوَاجِبَ لِمَا هُوَ أَوْجَبُ مِنْهُ قَالَ سَنَدٌ فَلَوْ لَغَا الْإِمَامُ بِلَغْوِ أَحَدٍ قَالَ مَالِكٌ يُنْصِتُونَ وَلَا يَتَكَلَّمُونَ لِاحْتِمَالِ عَوْدِهِ إِلَى الْخُطْبَةِ قَالَ أَشْهَبُ وَلَا يَقْطَعُ ذَلِكَ خُطْبَتَهُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يُنْصِتُونَ وَلَا يَتَحَوَّلُونَ عَنْهُ فَلَوِ اشْتَغَلَ بِقِرَاءَةِ كِتَابٍ وَنَحْوِهِ قَالَ مَالِكٌ لَيْسَ عَلَيْهِمْ أَنْ يُنْصِتُوا وَفِي الْكِتَابِ إِذَا أَخَذَ فِي الْخُطْبَةِ اسْتَقْبَلَهُ النَّاسُ لِأَنَّ الِاسْتِمَاعَ بِالْأُذُنِ وَالْقَلْبِ وَالْعَيْنِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَدِّثِ النَّاسَ مَا حَدَّثُوكَ بِأَبْصَارِهِمْ قَالَ سَنَدٌ وَهُوَ مَنْدُوبٌ وَسَوَّى ابْنُ حَبِيبٍ

الفصل الثاني في كيفية أدائها

فِيهِ بَيْنَ السَّامِعِ وَغَيْرِهِ الْفَصْلُ الثَّانِي فِي كَيْفيَّة أَدَائِهَا وَفِيه فروع عشرَة الْأَوَّلُ الْغُسْلُ وَهُوَ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ وَحَكَى اللَّخْمِيُّ الْوُجُوبَ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمُ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ وَفِي أَبِي دَاوُدَ مَنْ تَوَضَّأَ فَبِهَا وَنِعْمَتْ وَمَنِ اغْتَسَلَ فَالْغُسْلُ أَفْضَلُ فَائِدَةً الْهَاءُ فِي بِهَا عَائِدَةٌ عَلَى فَعْلَةِ الْوُضُوءِ مُتَعَلِّقَةٌ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ فَبِهَا خُذُوا وَفِي الْكِتَابِ لَا يَنْتَقِضُ الْغُسْلُ بِنَاقِضِ الْوُضُوءِ لِأَنَّهُ مَشْرُوعٌ لِلنَّظَافَةِ لَا لِرَفْعِ الْحَدَثِ فَنَاقِضُهُ الْأَوْسَاخِ دُونَ الْحَدَثِ كَمَا قُلْنَا فِي وُضُوءِ الْجُنُبِ عِنْدَ النَّوْمِ لَا يَنْقُضُهُ الْحَدَثُ الْأَصْغَرُ لِأَنَّهُ لَمْ يُشْرَعْ لَهُ قَالَ سَنَدٌ وَالظَّاهِرُ افْتِقَارُهُ إِلَى النِّيَّةِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ مُحْتَجًّا بِأَنَّهُ مَشْرُوعٌ لِلنَّظَافَةِ فَلَا تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ كَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَجَوَابُهُ أَنَّ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مَطْلُوبًا إِلَّا أَنَّ فِيهِ شَائِبَةَ التَّعَبُّدِ بِدَلِيلِ تَوَجُّهِهِ عَلَى التَّنْظِيفِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ الْمَشْهُورُ عَدَمُ إِجْزَائِهِ بِمَاءِ الْمُضَافِ كَمَاءِ الرَّيَاحِينِ وَقِيلَ يَجْزِي وَفِي الْكِتَابِ يَكُونُ مُتَّصِلًا بِالرَّوَاحِ وَقَالَ ابْنُ وهب

فِي الْعُتْبِيَّة وح وش إِنِ اغْتَسَلَ بَعْدَ الْفَجْرِ أَجْزَأَهُ لَنَا الْحَدِيثُ السَّابِقُ وَالشَّرْطُ لَا يَتَأَخَّرُ عَنِ الْمَشْرُوطِ وَقَدْ جُعِلَ الرَّوَاحُ فِيهِ شَرْطًا وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ أَنْ يُصَلِّي على أكمل هيآت النَّظَافَةِ قَالَ سَنَدٌ إِنْ تَرَاخَى يَسِيرًا فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَإِن دَامَ مُتَعَمِّدًا اسْتَأْنَفَهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِنْ غَلَبَهُ النّوم فان نسي الْغسْل وَذكره فِي الْمَسْجِدِ وَالْوَقْتُ يَتَّسِعُ رَجَعَ فَاغْتَسَلَ وَإِلَّا فَلَا الثَّانِي الْقِرَاءَةُ فِيهَا جَهْرًا بِخِلَافِ صَلَاةِ النَّهَارِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إِظْهَارُ الشَّعَائِرِ وَلِذَلِكَ شُرِعَ فِيهَا الْخُطْبَةُ وَالْجَمْعُ فِي الْمَكَانِ الْوَاحِدِ وَالزِّينَةُ وَفِي الْجَوَاهِر يقْرَأ فِيهَا بِالْجمعَةِ فِي الأولى وبالمنافقين أَو بسبح أَو هَل اتاك حَدِيث الغاشية فِي الثَّانِيَة وَقَالَهُ ش خلافًا ح لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَقْرَأُ عَلَى أَثَرِ سُورَةِ الْجُمُعَةِ هَلْ أَتَاك حَدِيث الغاشية الثَّالِثُ قَالَ سَنَدٌ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُؤْمَرُ لَهَا بِالطِّيبِ وَالزِّينَةِ وَقَصِّ الشَّارِبِ وَالظُّفْرِ وَنَتْفِ الْإِبْطِ وَالِاسْتِحْدَادِ وَالسِّوَاكِ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْغُسْلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ وَأَنْ يَسْتَنَّ وَأَنْ يَمَسَّ مِنَ الطِّيبِ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ وَلَوْ مِنْ طِيبِ الْمَرْأَةِ وَمَعْنَى الْوُجُوبِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ تَأَكُّدُ السُّنَّةِ وَقِيلَ يُسْتَعْمَلُ فِي مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ وَهُوَ السُّقُوطُ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا} أَيْ سَقَطَتْ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ عَطْفُ مَا لَيْسَ بِوَاجِب عَلَيْهِ من الطّيب والزينة

الرَّابِعُ فِي الْجُلَّابِ التَّهْجِيرُ أَفْضَلُ مِنَ التَّبْكِيرِ خلافًا لِابْنِ حبيب وش وَاخْتَلَفَ الشَّافِعِيَّةُ هَلْ أَوَّلُهُ الْفَجْرُ أَوِ الشَّمْسُ مُحْتَجِّينَ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْمُوَطَّأِ مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ حَضَرَتِ الْمَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ فَحَمَلُوا السَّاعَاتِ عَلَى الْعَادِيَةِ وَقَسَّمَ مَالِكٌ السَّاعَةَ السَّادِسَةَ خَمْسَةَ أَقْسَامٍ فَحَمَلَ الْحَدِيثَ عَلَى هَذِهِ الْأَقْسَامِ حُجَّتُهُ أَنَّ الرواح لَا يكون لُغَة إِلَّا بَعْدَ الزَّوَالِ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {غُدُوُّهَا شهر ورواحها شهر} فَالْمَجَازُ لَازِمٌ عَلَى الْمَذْهَبَيْنِ وَمَذْهَبُنَا أَقْرَبُهُمَا لِلْحَقِيقَةِ فَيَكُونُ أَوْلَى وَلِأَنَّهُ عَقَّبَ الْخَامِسَةَ بِخُرُوجِ الْإِمَامِ وَهُوَ لَا يَخْرُجُ بَعْدَ الْخَامِسَةِ مِنْ سَاعَاتِ النَّهَارِ وَإِلَّا لَوَقَعَتِ الصَّلَاةُ قَبْلَ الزَّوَالِ وَإِذَا بَطَلَ أَحَدُ الْمَذْهَبَيْنِ تَعَيَّنَ الْآخَرُ إِذْ لَا قَائِلَ بِالْفَرْقِ وَبِتَقْسِيمِ السَّادِسَةِ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى وَصَاحب الاستذكار والعيسى فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ وَصَاحِبُ الطَّرَّازِ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ وَابْن بشير وَصَاحب الْمعلم وَابْن يُونُس وَجَمَاعَةُ التَّقْسِيمِ فِي السَّابِعَةِ وَالْمَوْجُودُ لِمَالِكٍ إِنَّمَا هُوَ قَوْلُهُ أَرَى هَذِهِ السَّاعَاتِ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ عَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ لَان حَدِيث مُسلم كَانَ ينْصَرف مِنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَالْجُدْرَانُ لَيْسَ لَهَا فَيْءٌ وَإِذَا كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَخْرُجُ فِي أَوَّلِ السَّابِعَةِ وَقَدْ قَالَ فِي الْحَدِيثِ فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ حَضَرَتِ الْمَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ فَإِذَا كَانَ الامام

يَخْرُجُ فِي أَوَّلِ السَّابِعَةِ بَطَلَ الْحَدِيثُ بِالْكُلِّيَّةِ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ تِلْكَ الْأَزْمَانَ أَزْمِنَةٌ فِي غَايَةِ الصِّغَرِ فَإِنَّ الْحَدِيثَ يَأْبَاهُ وَالْقَوَاعِدُ لِأَنَّ الْبَدَنَةَ وَالْبَيْضَةَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا مِنَ التَّعْجِيلِ وَالتَّأْخِيرِ وَتَحَمُّلِ الْمُكَلَّفِ من الْمَشَقَّة مَا يَقْتَضِي هَذَا التَّفْصِيل وَإِلَّا فَلَا معنى للْحَدِيث وَلَا هَذَا التَّرْغِيبِ فِي الْمُبَادَرَةِ إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى الْخَامِسُ فِي الْجُلَّابِ الْأَذَانُ الثَّانِي آكَدُ مِنَ الْأَوَّلِ وَهُوَ الَّذِي يَحْرُمُ عِنْدَهُ الْبَيْعُ وَيُرْوَى أَن مؤذني رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانُوا ثَلَاثَة يُؤذنُونَ على المنابر وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ فَإِذَا فَرَغَ الثَّالِثُ قَامَ عَلَيْهِ السَّلَام فَخَطب إِلَى زمن عُثْمَان كَثُرَ النَّاسُ أَمَرَ بِأَذَانٍ بِالزَّوْرَاءِ وَهِيَ مَوْضِعُ السُّوقِ لِيَرْتَفِعَ النَّاسُ مِنْهُ عِنْدَ الزَّوَالِ فَإِذَا جَلَسَ أُذِّنَ عَلَى الْعَادَةِ إِلَى زَمَنِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ نُقِلَ أَذَانُ الزَّوْرَاءِ إِلَى الْمَسْجِدِ وَجَعَلَهُ مُؤَذِّنًا وَاحِدًا فَإِذَا جَلَسَ أَذَّنَ الْجَمِيعُ قُدَّامَهُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَالسُّنَّةُ أَوْلَى بِالِاتِّبَاعِ وَفِي الْكِتَابِ يُكْرَهُ الْبَيْعُ عِنْدَ الْأَذَانِ وَالْجُلُوسِ عَلَى الْمِنْبَرِ فَإِنْ فُعِلَ فُسِخَ وَيُكْرَهُ مِمَّنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِمُ الْجُمُعَةُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يُفْسَخُ إِلَّا أَنْ يُبَايِعَهُمْ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ قَالَ سَنَدٌ إِنَّمَا الْخِلَافُ إِذَا أَذَّنَ وَلَمْ يَقْعُدْ فَظَاهِرُ الْكِتَابِ الْجَوَازُ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ الْمَنْعَ وَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ الرَّوَاحِ لِلْخُطْبَةِ لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ وَقِيلَ لِلصَّلَاةِ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَجِبُ السَّعْيُ بِمِقْدَارِ مَا يُدْرِكُ مِنَ الْخُطْبَةِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَيُؤْمَرُ بِإِقَامَةِ النَّاسِ مِنَ الْأَسْوَاقِ وَالْمُعْتَبَرُ مِنَ الْأَذَانِ أَوَّلُهُ وَوَافَقَ ابْنُ حَنْبَلٍ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ مِمَّنْ تَجِبُ عَلَيْهِمُ الْجُمُعَةُ وَرُوِيَ

عَن مَالك امضاؤه وَقَالَهُ ح وش لَنَا أَنَّ النَّهْيَ يَقْتَضِي فَسَادَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَجْهُ الثَّانِي أَنَّ الْبَيْعَ سَالِمٌ فِي نَفْسِهِ مِنَ الْمَفَاسِدِ وَإِنَّمَا مُنِعَ صَوْنًا لِلصَّلَاةِ عَنِ الْفَوَاتِ فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ بِالْفَسْخِ فَفَاتَ مَضَى بِالْقِيمَةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَبِالثَّمَنِ عِنْدَ سَحْنُونٍ وَالْمُغِيرَةِ نَظَرًا لِلنَّهْيِ أَوْ لِسَلَامَةِ الْعَقْدِ فِي نَفْسِهِ وَالْقِيمَةُ حِينَ الْقَبْضِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَبَعْدَ الْجُمُعَةِ عِنْدَ أَشْهَبَ مُرَاعَاةً لِوَقْتِ جَوَازِ الْبَيْعِ وَإِذَا حَصَلَ رِبْحٌ لَمْ يَحْرُمْ عِنْدَ مَالِكٍ لِمِلْكِ الْمَبِيعِ بِالْقِيمَةِ وَيَتَصَدَّقُ بِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ وَلَا خِلَافَ فِي مَنْعِ كُلِّ مَا يَشْغَلُ عَنِ السَّعْيِ وَاخْتُلِفَ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ عَلَى الْقَوْلِ بِفَسْخِ الْبَيْعِ فَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَفَسَخَهُ أَصْبَغُ وَاخْتُلِفَ فِي إِلْحَاقِ الْإِجَارَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْبَيْعِ وَبَيْنَهُمَا كَثْرَتُهُ بخلافهما فَتكون مفسدته أعظم وَالشَّرِكَة وَالْإِقَامَة وَالتَّوْلِيَةُ وَالْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ أَلْحَقَهَا ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ بِالْبيعِ قَالَ وَالْحق أَنَّهَا أَخَفُّ وَأَلْحَقَ عَبْدُ الْوَهَّابِ الْهِبَاتِ وَالصَّدَقَاتِ بِالْبَيْعِ قَالَ وَعِنْدِي أَنَّهَا تَبَرُّعَاتُ عِبَادَاتٍ يُتَقَرَّبُ بِهَا وَعَادَةُ النَّاسِ التَّصَدُّقُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَرْعٌ فَإِنِ اضْطُرَّ لِشِرَاءِ الْمَاءِ لِلطَّهَارَةِ قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ يَشْتَرِيهِ لِأَنَّهُ إِعَانَةٌ عَلَى الْجُمُعَةِ لَا صَارِفَ عَنْهَا قَالَ أَمَّا إِنْ كَانَ الْبَائِعُ مِنْ أَهْلِ الْجُمُعَةِ فَفِيهِ نَظَرٌ لِاشْتِغَالِهِ عَنْهَا السَّادِسُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ فَصَلَّى ظُهْرًا فِي بَيْتِهِ لَا يُجْزِيهِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ يُجْزِيهِ لِأَنَّهُ لَوْ أَعَادَ لَأَعَادَ أَرْبَعًا

مِثْلَ الْأُولَى وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلْ فَرْضُ الْوَقْتِ الْجُمُعَة لَا يجب اسقاطها فَلَا يجزيء أَوِ الظُّهْرُ وَيَجِبُ إِسْقَاطُهُ بِالْجُمُعَةِ وَقَدْ فَاتَ مَا يجب بِهِ الاسقاط فيجزيء السَّابِعُ فِي الْكِتَابِ يَتَنَفَّلُ الْإِمَامُ بَعْدَ الْجُمُعَةِ فِي بَيْتِهِ دُونَ الْمَسْجِدِ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَنْصَرِفَ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ وَلِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْض} قَالَ وَكَذَلِكَ مَنْ خَلْفَهُ فَإِنْ رَكَعُوا فَوَاسِعٌ الثَّامِنُ فِي الْكِتَابِ يُصَلِّي الظُّهْرَ مَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ بِإِمَامٍ بِخِلَافِ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ وَوَافَقَ ش فِي الْأَوَّلَيْنِ وَخَالَفَ ح بِالْكَرَاهَةِ لِأَنَّ زَمَانَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يَخْلُو عَن الْمَعْذُورِينَ وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِذَلِكَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَنَا أَدِلَّة فضل الْجَمَاعَة قَالَ سَنَد وَفِي الْوَاضِحَة يسْتَحبّ تَأْخِيرُهُمْ حَتَّى تَفُوتَ الْجُمُعَةُ وَقَالَهُ ش وَظَاهِرُ الْكِتَابِ خِلَافُهُ وَيُسْتَحَبُّ لَهُمْ إِخْفَاءُ صَلَاتِهِمْ لِئَلَّا يُتَّهَمُوا وَلَا يُؤَذِّنُونَ لِأَنَّ الْأَذَانَ يَوْمَئِذٍ مِنْ سُنَّةِ الْجَامِعِ قَالَ الْمَازِرِيُّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَجْمَعُ الْخَائِفُ وَلَا الْمُتَخَلِّفُ لِعُذْرِ الْمَطَرِ الَّذِي هُوَ غَيْرُ عَامٍّ لِإِمْكَانِ الْأَمْنِ فِي الْأَوَّلِ وَتَحَمُّلِ الْمَشَقَّةِ فِي الثَّانِي وَإِنْ كَانَ لَا يجب أما إِذا كَانَ عَاما قَالَ اللَّخْمِيُّ الْأَحْسَنُ جَمْعُ أَرْبَابِ الْأَعْذَارِ كُلِّهِمْ أَمَّا مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِمُ الْجُمُعَةُ فَرَوَى

أَشْهَبُ يَجْمَعُونَ وَاسْتَحَبَّهُ ش وَجْهُ الْمَذْهَبِ سَدُّ ذَرِيعَةِ الْبِدَعِ وَإِذَا قُلْنَا لَا يَجْمَعُونَ فَجَمَعُوا أجزأهم التَّاسِعُ فِي الْكِتَابِ يَتَخَطَّى إِلَى الْفُرَجِ بِرِفْقٍ قَبْلَ جُلُوسِ الْإِمَامِ فَإِذَا جَلَسَ فَلَا لِمَا فِي أبي دَاوُد أَن رجلا تخطى رِقَابَ النَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالنَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يخْطب فَقَالَ لَهُ النَّبِي اجْلِسْ فَقَدْ آذَيْتَ النَّاسَ وَلِأَنَّهُ يَمْنَعُ الْإِنْصَاتَ وَكَرِهَهُ ش مُطلقًا لعُمُوم الْأَدَاء ومرعاة الْفرج أولى مِم تخلف عَنْ سَدِّهَا وَمَنْ قَامَ لِحَاجَةٍ عَلَى وَجْهِ الْعود فَهُوَ أَحَق بموضعه الْعَاشِر قَالَ سَنَد لَا يُقَام عِنْد مَالك وش فِي جَامِعَيْنِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِذَا كَبَّرَ الْمِصْرُ وَاحْتَاجُوا إِلَى ذَلِكَ يَجُوزُ وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ إِنْ كَانَتِ الْمِصْرُ ذَاتَ جَانِبَيْنِ جَازَ وَجَوَّزَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ مُطْلَقًا فِي مَسْجِدَيْنِ وَدَاوُدُ فِي سَائِرِ الْمَسَاجِدِ لَنَا أَنَّ وُجُوبَ السَّعْيِ يَأْبَى الْإِقَامَةَ مُطْلَقًا إِلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ وَلِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَعَلَهُ وَالْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ فَلَوْ جَازَ ذَلِكَ لَمْ تُعَطَّلِ الْمَسَاجِدُ فِي زَمَانِهِمْ فَهُوَ إِجْمَاعٌ فَلَوْ صُلِّيَتْ فِي مسجدين فَقَالَ مَالِكٌ الْجُمُعَةُ لِأَهْلِ الْمَسْجِدِ الْعَتِيقِ وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ لِلسَّابِقِينَ وَهَلْ بِالْإِحْرَامِ أَوْ بِالسَّلَامِ قَوْلَانِ لَنَا أَنَّ الثَّانِيَ لَمْ يَتَّفِقْ عَلَيْهِ جَامِعًا فَلَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ فِيهِ لِفِقْدَانِ شَرْطِهِ وَلِأَنَّهُ لَوْ جَازَ ذَلِكَ لَأَمْكَنَ كُلُّ جَمَاعَةٍ إِفْسَادَ جُمُعَةِ الْمِصْرِ فَلَوْ أُنْشِئَتْ قَرْيَةٌ يُصَلَّى فِيهَا جُمُعَتَانِ فَإِنْ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا بِتَوْلِيَةِ السُّلْطَانِ فَالْجُمُعَةُ لَهُ وَإِلَّا فَمَنْ سَبَقَ بِالْإِحْرَامِ لِوُجُوبِ مُتَابَعَتِهِ حِينَئِذٍ وَإِنْ جُهِلَ السَّبْقُ فَسَدَتَا وَقَالَ الْمُزَنِيُّ تَصِحَّانِ لِأَنَّ الْبِنَاءَ عَلَى الصِّحَّةِ فَلَا يَبْطُلُ بِالشَّكِّ لَنَا أَنَّ الذِّمَّةَ مَشْغُولَةٌ

الفصل الثالث في مسقطاتها

وَشَكَكْنَا فِي السَّبْقِ الْمُبَرِّئِ فَتَبْقَى مَشْغُولَةً وَإِذَا حكمنَا بِالْفَسَادِ وسبقت احداهما أَو جهل سبقهما أَعَادُوا جَمِيعًا أَرْبَعًا لِقَطْعِنَا بِتَأَدِّي الْجُمُعَةِ فَلَا يُجزئ احدا بعد ذَلِك جُمْعَةً إِنْ عُلِمَتِ الْمُقَارَنَةُ وَإِنْ جُهِلَ الْحَالُ فَالْأَحْوَطُ يُصَلُّونَ جُمُعَةً وَيُعِيدُونَ ظُهْرًا أَفْذَاذًا الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي مُسْقِطَاتِهَا وَهِيَ ثَلَاثَةٌ التَّغْرِيرُ بِالنَّفْسِ أَوِ الْعِرْضِ أَوِ الْمَالِ وَاخْتُلِفَ فِي خُرُوجِ الْعَرُوسِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ مَالِكٌ لَا يَتَخَلَّفُ عَنِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَاتِ وَقِيلَ يَتَخَلَّفُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَهِيَ جَهَالَةٌ عَظِيمَةٌ كَمَا قَالَ مَالِكٌ وَغَلْطَةٌ غَيْرُ خَافِيَةٍ وَقَالَ مَالِكٌ يَتَخَلَّفُ لِتَمْرِيضِ مَنْ يَتَعَلَّقُ بِهِ وَتَجْهِيزِ جِنَازَتِهِ وَخَوْفِ الْغَرِيمِ مَعَ الْإِعْسَارِ وَالْمَطَرِ الْعَظِيمِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَتَخَلَّفُ الْأَعْمَى إِذَا لَمْ يَجِدْ مَنْ يَقُودُهُ بِخِلَاف المجذم وَلَيْسَ لِلسُّلْطَانِ مَنْعُهُ فِي الْجُمُعَةِ خَاصَّةً وَلَا يخالط النَّاس فِي بَقِيَّة الصَّلَوَات وَقَالَ ابْن سَحْنُون لَا يخالطوهم فِي الْجُمُعَةِ وَلَا تَسْقُطُ بِشِدَّةِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَلَا بِصَلَاةِ الْعِيدِ إِذَا كَانَا فِي يَوْمٍ خِلَافًا لِابْنِ حَنْبَلٍ مُحْتَجًّا بِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ قَدِ اجْتَمَعَ فِي يَوْمِكُمْ عِيدَانِ فَمَنْ شَاءَ أَجْزَأَهُ مِنَ الْجُمُعَةِ وَإِنَّا مُجْمِعُونَ لَنَا آيَةُ وُجُوبِ السَّعْيِ وَلِأَنَّهُ عمل الانصار فِي سَائِرِ الْأَقْطَارِ وَأَمَّا الْخَارِجُ عَنِ الْمِصْرِ فَفِي الْكِتَابِ لَا

يَتَخَلَّفُونَ وَرُوِيَ عَنْهُ يَتَخَلَّفُونَ لِإِذْنِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِأَهْلِ الْعَوَالِي وَلِمَا فِي انْتِظَارِهِمْ رجوعهم مِنَ الْمَشَقَّةِ قَالَ الْمَازِرِيُّ قَالَ مَالِكٌ لَيْسَ عَلَى الشَّيْخِ الْفَانِي وَلَا الْمَرِيضِ جُمُعَةٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ الَّذِينَ تَسْقُطُ عَنْهُمُ الْجُمُعَةُ إِذَا حَضَرُوهَا ثَلَاثَة أَقسَام قسم تجب عَلَيْهِم وبهم على غَيْرِهِمْ وَهُمْ أَرْبَابُ الْأَعْذَارِ الرِّجَالُ الْأَحْرَارُ فَتَكْمُلُ بهم الْجُمْلَة وَقِسْمٌ لَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ وَلَا بِهِمْ وَهُمُ الصِّبْيَانُ وَقِسْمٌ لَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٌ لَا تَجِبُ بِهِمْ عَلَى غَيْرِهِمْ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَهُمُ الْمُسَافِرُونَ وَالْعَبِيدُ وَنَقَلَ أَبُو الطَّاهِرِ قَوْلًا بِعَدَمِ إِجْزَائِهَا لِلْمُسَافِرِينَ فُرُوعٌ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ إِسْقَاطُهَا عَمَّنْ بِعَرَفَةَ وَمِنًى وَعَلَّلَ بِأَنَّ الْحَالَّ فِي تِلْكَ الْمَوَاطِنِ مُسَافِرٌ واهلها نزر يسير وَلَا تعقد بِهِمُ الْجُمُعَةُ وَنَاظَرَ أَبُو يُوسُفَ مَالِكًا عِنْدَ الرشيد فَقَالَ صلى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْمَ عَرَفَةَ رَكْعَتَيْنِ وَالْجُمُعَةُ رَكْعَتَانِ فَقَالَ مَالِكٌ هَل جهر أم أسر فَسكت أَبُو يُوسُف الثَّانِي يَجُوزُ إِنْشَاءُ عُذْرِ السَّفَرِ إِجْمَاعًا قَالَ سَنَدٌ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ كَرَاهَتَهُ قَبْلَ الزَّوَالِ وَقَالَهُ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ جهادا وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ لَا بَأْسَ بِهِ وَقَالَهُ (ح) وَيَحْرُمُ بَعْدَ الزَّوَالِ عِنْدَ مَالِكٍ وَ (ش) وَقَالَ ابْن

حَنْبَلٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْجِهَادِ وَجَوَّزَهُ (ح) قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ الصَّلَوَاتِ فَإِنْ خَرَجَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَلَمْ يُؤَذَّنْ حَتَّى تَجَاوَزَ ثَلَاثَةَ أَمْيَال تَمَادى وَإِلَّا فَظَاهر الْمَذْهَب الرُّجُوع الثَّالِثُ إِذَا وَرَدَ إِلَى بَلَدِهِ وَطَمِعَ فِي إِدْرَاكِ الْجُمُعَةِ فَلَا يُصَلِّي الظُّهْرَ فَإِنْ صَلَّاهَا فِي مَسَافَةٍ لَا يَجِبُ فِيهَا السَّعْيُ أَجْزَأَهُ وَإِن كَانَت تجب مِنْهَا فَإِنْ لَمْ يُدْرِكِ الْجُمُعَةَ فَالظَّاهِرُ الْإِجْزَاءُ نَظَرًا إِلَى حَالَةِ الْإِيقَاعِ وَهِيَ حَالَةُ سَفَرٍ وَإِنْ أَدْرَكَ قَالَ الْبَاجِيُّ إِنْ كَانَ عَالِمًا بِذَلِكَ لم يجزه فَإِن صلى على قرب مِنْ مِصْرٍ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ لَا يُدْرِكُ الْجُمُعَةَ ثُمَّ أَدْرَكَهَا قَالَ مَالِكٌ يُصَلِّيهَا وَقَالَ أَشْهَبُ الأولى صَحِيحَة وَيُعِيد جُمُعَة وَيَكِلُ أَمْرَهَا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَإِذَا قُلْنَا بِصِحَّةِ الْأُولَى فَعِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ وَعِنْدَ سَحْنُونٍ تُكْرَهُ وَعِنْدَ أَشْهَبَ إِنْ كَانَ صَلَّى فَذًّا اسْتُحِبَّ لَهُ وَإِلَّا كُرِهَ

(الباب العاشر في صلاة السفر)

(الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي صَلَاةِ السَّفَرِ) السَّفَرُ فِي اللُّغَةِ قَطْعُ الْمَسَافَةِ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ سَفَرَتِ الْمَرْأَةُ عَنْ وَجْهِهَا إِذَا أَظْهَرَتْهُ وَأَسْفَرَ الصُّبْح إِذا ظهر لِأَنَّهُ سفر عَنْ أَخْلَاقِ الرِّجَالِ بِسَبَبِ مَشَاقِّهِ وَالْكَلَامُ فِي السَّبَب والشروط وَالْحُكْمِ وَمَحَلِّهِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ فُصُولٍ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي السَّبَبِ وَهُوَ فِي الْكِتَابِ سَفَرُ ثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ مِيلًا أَرْبَعَةُ بُرُدٍ كُلُّ بَرِيدٍ أَرْبَعَةُ فَرَاسِخَ وَكُلُّ فَرْسَخٍ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ وَتَرَكَ قَوْلَهُ يَوْمًا وَلَيْلَةً قَالَ سَنَدٌ مَعْنَاهُ تَرَكَ التَّحْدِيدَ قَالَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ وَإِلَّا فَهُمَا سَوَاءٌ وَقَالَهُ (ش) وَقَالَهُ (ح) أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ فَرْسَخًا وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ مِيلًا وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ أَرْبَعُونَ مِيلًا وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ صَلَّى فِي سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ مِيلًا لَا يُعِيدُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَفِي الْجَوَاهِر وَرُوِيَ عَن

مَالِكٍ اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ مِيلًا لَنَا مَا فِي الْبُخَارِيِّ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ يَقْصُرَانِ وَيُفْطِرَانِ فِي أَرْبَعَةِ بُرُدٍ وَيُرْوَى عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَام لاتقصروا فِي أَدْنَى مِنْ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ مِنْ مَكَّةَ إِلَى عُسْفَانَ فَوَائِدُ الْفَرْسَخُ فَارِسِيٌّ عُرِّبَ وَالْمِيلُ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمَيْلِ بِفَتْحِ الْمِيمِ لِأَنَّ الْبَصَرَ يَمِيلُ فِيهِ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ حَتَّى يفنى إِدْرَاكُهُ وَفِيهِ سَبْعَةُ مَذَاهِبَ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ هُوَ عشرَة غلى وَالْغَلْوَةُ طَلَقُ الْفَرَسِ وَهُوَ مِائَتَا ذِرَاعٍ فَيَكُونُ الْمِيلُ أَلْفَيْ ذِرَاعٍ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَصَحُّ مَا قِيلَ فِيهِ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَخَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَنَقَلَ صَاحِبُ الْبَيَانِ ثَلَاثَةُ آلَافِ ذِرَاعٍ وَقِيلَ أَرْبَعَةُ آلَافِ ذِرَاعٍ كُلُّ ذِرَاعٍ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ أُصْبُعًا كُلُّ أُصْبُعٍ سِتُّ شَعِيرَاتٍ بَطْنُ إِحْدَاهَا إِلَى ظَهْرِ الْأُخْرَى كل شعيرَة سِتّ شَعرَات شعر الْبِرْذَوْنِ وَقِيلَ أَمَدُ الْبَصَرِ قَالَهُ صَاحِبُ الصِّحَاحِ وَقِيلَ أَلْفُ خُطْوَةٍ بِخُطْوَةِ الْجَمَلِ وَقِيلَ أَنْ يَنْظُرَ الشَّخْصُ فَلَا يَعْلَمُ أَهُوَ آتٍ أَمْ ذَاهِبٌ أَوْ رَجُلٌ أَوِ امْرَأَةٌ قَالَ سَنَدٌ وَالْبَحْرُ عِنْدَ مَالِكٍ مِثْلُ الْبَرِّ فِي اعْتِبَارِ المساحة وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا اعْتِبَارُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لِأَنَّ الرّيح قد تقطع تِلْكَ المساحة فِي نِصْفِ نَهَارٍ قَالَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ المساحة المستقيمة أَو الشَّدِيدَة لِحُصُولِ الْمَشَقَّةِ وَاشْتَرَطَ ابْنُ الْجَلَّابِ وَاللَّخْمِيُّ الِاسْتِقَامَةَ قَالَ فَإِنِ اجْتَمَعَ الْبَرُّ وَالْبَحْرُ فَإِنْ رَاعَيْنَا الْمِسَاحَةَ فَلَا كَلَامَ وَإِلَّا وَجَبَ التَّلْفِيقُ فَإِنْ كَانَتِ الْبِدَايَةُ بِالْبَرِّ وَهُوَ لَا يُسَافِرُ فِي الْبَحْرِ إِلَّا بِالرِّيحِ فَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّاز ولابد أَن يكون فِي مَسَافَةِ الْبَرِّ أَرْبَعَةُ بُرُدٍ لِأَنَّ الرِّيحَ قد يتَعَذَّر فَلَوْ كَانَ لِلْبَلَدِ طَرِيقَانِ قَرِيبٌ وَبَعِيدٌ فَعَدَلَ عَنِ الْقَرِيبِ النَّاقِصِ عَنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ لِحَاجَةٍ قصر

عِنْدَ مَالِكٍ وَ (ش) وَ (ح) وَإِنْ لم يقْصد إِلَّا للترخص فَقَالَ (ح) يقصر وَللشَّافِعِيّ قَوْلَانِ وَيَتَخَرَّجُ لِمَالِكٍ قَوْلَانِ مِنْ قَوْلَيْهِ فِي لَابِسِ الْخُفِّ لِلتَّرَخُّصِ قَاعِدَةٌ الْأَصْلُ اعْتِبَارُ الْأَوْصَافِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْحُكْمِ فَإِذَا تَعَذَّرَ اعْتِبَارُهَا إِمَّا لِعَدَمِ انْضِبَاطِهَا أَوْ لِخَفَائِهَا أُقِيمَتْ مَظِنَّتُهَا مَقَامَهَا فَكَانَ الْأَصْلُ إِنَاطَةُ الْأَحْكَامِ بِالْعَقْلِ حَالَةَ وَجُودِهِ لَكِنَّهُ لَمَّا لَمْ يَنْضَبِطْ زَمَانُهُ أُقِيمَ الْبُلُوغُ مَقَامَهُ لِكَوْنِهِ مَظِنَّةً لَهُ وَمُوجِبُ انْتِقَالِ الْأَمْلَاكِ الرضى وَلَمَّا لَمْ يُعْلَمْ أُقِيمَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ مَقَامَهُ وَالْمَشَقَّةُ سَبَبُ التَّرَخُّصِ بِالْقَصْرِ فَلَمَّا لَمْ تَنْضَبِطْ أُقِيمَت المساحة مقَامهَا لكَونهَا مَظَنَّة لَهَا فروع أحد عشرَة الْأَوَّلُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا وَاعَدَ مَنْ يمر بِهِ أَو ينْتَظر فِيهِ رفْقَة تَأتيه وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ الَّذِي يَمُرُّ بِهِ أَوْ يَنْتَظِرُ فِيهِ مَا لَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ إِنْ كَانَ عَازِمًا عَلَى السَّفَرِ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَصَرَ وَإِنْ كَانَ لَا يُسَافِرُ إِلَّا بِهِمْ أَتَمَّ حَتَّى يَبْرُزَ عَنِ الْمَوْضِعِ الْآخَرِ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ مَتَى نَوَى الْمُسَافِرُ إِقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ أَتَمَّ وَقَالَهُ (ش) وَقَالَ رَبِيعَةُ يَوْمًا وَلَيْلَةً قِيَاسًا عَلَى مُدَّةِ السَّفَرِ وَقَالَ (ح) خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا

لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ ذَلِكَ وَقَالَ اللَّيْثُ سِتَّةَ عَشَرَ وَإِسْحَاقُ تِسْعَةَ عَشَرَ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَقَامَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَامَ الْفَتْحِ تِسْعَةَ عَشَرَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ فَنَحْنُ إِذَا أَقَمْنَا تِسْعَةَ عَشَرَ قَصَرْنَا وَإِذَا زِدْنَا أَتْمَمْنَا لَنَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُقِيمُ الْمُهَاجِرُ بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ ثَلَاثًا مَعَ تَحْرِيمِ الْإِقَامَةِ عَلَيْهِمْ بِمَكَّةَ لِأَنَّهُمْ تَرَكُوهَا لله فَيكون الزَّائِد اقامة وَفِي مُسْلِمٍ الضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَالْمُقِيمُ لَا يُضِيفُ وَلِأَنَّ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ يَقْتَضِي أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ ضَارِبًا فِي الْأَرْضِ لَا يَقْصُرُ خَالَفْنَاهُ فِي الثَّلَاثِ لِأَنَّ الْمُسَافِرَ تَنْعَقِرُ دَابَّتُهُ وَيَقْضِي فِي بعض المناهل حَوَائِجه فلابد مِنَ اللُّبْثِ الْيَسِيرِ فَيَبْقَى مَا عَدَاهُ عَلَى مُقْتَضَى الدَّلِيلِ وَالْجَوَابُ عَلَى مَا نَقَلُوهُ أَنَّ اللّّبْث لَيْسَ مَانِعا من الْقصر بل لابد مِنْ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ فَلَا بُدَّ عَلَى وَجُودِهَا مِنْ دَلِيلٍ وَعَنِ الْقِيَاسِ الْفَرْقُ بِأَنَّ أَكْثَرَ الْإِقَامَةِ أَكْثَرُ مِنْ أَكْثَرِ السَّفَرِ عَادَةً فَيَكُونُ أَقَلُّهَا أَكْثَرَ مِنْ أَقَلِّهِ عَمَلًا بِالْمُنَاسَبَةِ تَفْرِيعٌ قَالَ سَنَدٌ اعْتَبَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ غَيْرَ يَوْمِ دُخُولِهِ لِتَنَاوُلِ لَفْظِ خَبَرِ الْأَيَّامِ وَيَلْزَمُ عَلَى قَوْلِهِ عَدَمُ اعْتِبَارِ يَوْمِ خُرُوجِهِ وَقَالَهُ (ش) وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَسَحْنُونٌ عِشْرُونَ صَلَاةً وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ لِأَنَّ الْحُكْمَ إِنَّمَا تَعَلَّقَ بِالْأَيَّامِ لِأَجْلِ الصَّلَوَاتِ فَلَوْ عَزَمَ عَلَى السَّفَرِ بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ قَالَ سَحْنُونٌ لَا يَقْصُرُ حَتَّى يَظْعَنَ كَابْتِدَاءِ السَّفَرِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَقْصُرُ فِي مَوْضِعِهِ دَفْعًا لِلنِّيَّةِ بِالنِّيَّةِ وَلَوْ نَوَى الِاسْتِيطَانَ إِلَّا أَنَّهُ عَزَمَ عَلَى الْحَرَكَةِ قَبْلَ الْأَرْبَعِ ثُمَّ رَجَعَ أَتَمَّ عِنْدَ مَالِكٍ وَقَصَرَ عِنْدَ ابْنِ مَسْلَمَةَ وَلَوْ عَزَمَ بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ عَلَى إِتْمَامِ سَفَرِهِ اشْتُرِطَ فِي الثَّانِي مَسَافَةُ الْقَصْرِ وَهُوَ أَرْجَحُ قَوْلَيْ مَالِكٍ وَبِهِ أَخذ ابْن الْقَاسِم وَابْن الْمَوَّاز

الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ إِذَا عَزَمَ عَلَى الْإِقَامَةِ بَعْدَ رَكْعَةٍ يُضِيفُ إِلَيْهَا أُخْرَى وَيَجْعَلُهَا نَافِلَةً ثمَّ يبتديء أَرْبَعًا قَالَ سَنَدٌ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي بُطْلَانِهَا قَوْلَانِ لِاخْتِلَافِ النِّيَّةِ وَإِذَا قُلْنَا بِالصِّحَّةِ فَفِي الْكتاب يَجْعَلُهَا نَافِلَةً وَعِنْدَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ يُتِمُّهَا سَفَرِيَّةً وتجزيه خلافًا (ح ش) نَظَرًا لِلْإِحْرَامِ كَالْمُتَيَمِّمِ يَطْرَأُ عَلَيْهِ الْمَاءُ فَلَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ قَبْلَ الرُّكُوعِ قَالَ مَالِكٌ يَجْعَلُهَا نَافِلَةً وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ يُتِمُّهَا أَرْبَعًا بِخِلَافِ مَا بَعْدَ الرُّكُوعِ لِحُصُولِ مَا يَبْنِي عَلَيْهِ كَمَنْ أَدْرَكَ مِنَ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً وَلَوْ أَدْرَكَ فِي الْجُمُعَةِ دُونَ الرَّكْعَةِ صَلَّى أَرْبَعًا فَلَوْ نَسِيَ الْعَصْرَ فَأَحْرَمَ بِهِ قَبْلَ الْغُرُوبِ بِرَكْعَةٍ ثُمَّ نَوَى الْإِقَامَةَ بِرَكْعَةٍ بَعْدَ رَكْعَةٍ قَالَ سَحْنُونٌ يَتَمَادَى لِأَنَّهَا نِيَّةٌ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ وَقَدْ تَرَتَّبَتْ فِي ذِمَّتِهِ سَفَرِيَّةً وَقَالَ أَصْبَغُ يَقْطَعُ لِأَنَّ وَقْتَهَا إِلَى الْغُرُوبِ مَا لَمْ يُحْرِمْ قَبْلَ الْغُرُوبِ كَمَا لَوْ غَرَبَتِ الشَّمْسُ بَعْدَ رَكْعَةٍ مِنَ الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ يَسْتَأْنِفُ قَضَاءَ الظُّهْرِ ثُمَّ إِذَا قَطَعَ الْمُسَافِرُ قَالَ أَصْبَغُ يَبْتَدِئُهَا سَفَرِيَّةً لِوُقُوعِ النِّيَّةِ بَعْدَ الْوَقْتِ وَقَالَ ابْن الْمَوَّاز تجزيه ثُمَّ رَجَعَ إِلَيَّ قَوْلِ أَصْبَغَ فَلَوْ لَمْ يُحْرِمْ بِالْعَصْرِ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ ثُمَّ نَوَى الْإِقَامَةَ صَلَّاهَا سَفَرِيَّةً وَلَوْ بَقِيَ مِنَ النَّهَارِ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ وَعَلَيْهِ الصَّلَاتَانِ فَلَمَّا صَلَّى رَكْعَةً مِنَ الظُّهْرِ نَوَى الْإِقَامَةَ قَالَ سَحْنُونٌ يُصَلِّيهَا سَفَرِيَّةً وَالْعَصْرَ حَضَرِيَّةً لِأَنَّهُ أَقَامَ بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِ الظُّهْرِ فَلَوْ نَوَى بَعْدَ الصَّلَاةِ فَفِي الْجُلَّابِ لَا يُعِيدُ كَالْمَرِيضِ يَصِحُّ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَقِيلَ يُعِيدُهَا اسْتِحْبَابًا لِبَقَاءِ الْوَقْتِ وَالْفَرْقُ أَنَّ سَبَبَ التَّرْخِيصِ لِلْمَرِيضِ مُقَارِنٌ لِلصَّلَاةِ وَلِلْمُسَافِرِ مُفَارِقٌ لِأَن حَالَة الصَّلَاة لَا يسر فِيهَا

تَمْهِيدٌ لَا يَصِيرُ مُسَافِرًا بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ لِأَنَّ السَّفَرَ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ فَلَا تَكْفِي فِيهِ النِّيَّةُ وَيَصِيرُ مُقِيمًا بِهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِقَامَةُ كَمَا قُلْنَا فِي الْعُرُوضِ تَصِيرُ لِلْقُنْيَةِ بَعْدَ التِّجَارَة بِمُجَرَّد النِّيَّة لِأَن الْأَصْلَ فِيهَا وَلَا تَصِيرُ لِلتِّجَارَةِ بَعْدَ الْقُنْيَةِ إِلَّا بِالْبَيْعِ مَعَ النِّيَّةِ الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ النَّوَاتِيَّةُ يَقْصُرُونَ وَإِنْ كَانَ مَعَهُمُ الْأَهْلُ وَالْوَلَدُ فِي السَّفِينَةِ وَقَالَهُ (ش) وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ لَا يَقْصُرُونَ لِأَنَّهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْمُقِيمِينَ الْخَامِسُ فِي الْكِتَابِ لَوْ نَوَى إِقَامَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فِي قَرْيَةٍ وَلَيْسَ فِيهَا أَهْلُهُ وَفِيهَا جَوَارِيهِ وَوَلَدُهُ وَمَالُهُ قَصَرَ فَإِنْ كَانَ فِيهَا أَهْلُهُ أَتَمَّ وَلَوْ صَلَّى وَاحِدَةً لِأَنَّ الْعَادَةَ تَقُومُ مَقَامَ الْقَصْدِ كَالْأَثْمَانِ فِي الْبَيْعِ وَالْكَوْنُ فِي هَذَا الْمَكَان إِقَامَةٌ فِي الْعَادَةِ فَلَا حَاجَةَ إِلَى النِّيَّةِ وَقَالَ (ش) حَتَّى يَنْوِيَ إِقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ لِأَن الْمُهَاجِرين كَانُوا فِي مَكَّة عِنْد أَهْليهمْ وكانون يَقْصُرُونَ وَنَحْنُ نَمْنَعُ ذَلِكَ وَتَقْدِيرُ التَّسْلِيمِ يَكُونُ خَاصًّا بِهِمْ لِأَنَّهُمْ تَرَكُوا وَطَنَهُمْ لِلَّهِ فَلَمْ يَبْقَ لِنُفُوسِهِمْ إِلَيْهِ سُكُونٌ قَالَ سَنَدٌ فَلَوْ نَزَلَ بِقَرْيَةٍ كَانَ أَهْلُهُ بِهَا وَمَاتُوا فَفِي الْمُوازِية يتم مالم يَرْفُضْ سُكْنَاهَا وَلَوْ تَزَوَّجَ بِقَرْيَةٍ لَيْسَتْ مَسْكَنَهُ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ لَا يُتِمُّ حَتَّى يَبْنِيَ بِأَهْلِهِ ثمَّ يلْزمه

السُّكْنَى وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ فِي الْفَرْعَيْنِ وَفِي الْكِتَابِ لَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ بِقَرْيَةٍ ثُمَّ سَافَرَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهَا أَتَمَّ لِأَنَّهَا وَطَنُهُ وَرَجَعَ إِلَى أَنَّهُ يَقْصُرُ نَظَرًا إِلَى الْأَصْلِ فِيهَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَوْضِعَ أَهْلِهِ السَّادِسُ قَالَ سَنَدٌ إِنْ نَوَى غَايَةَ مَا يُسَافِرُ إِلَيْهِ لَكِنَّهُ إِنْ وَجَدَ حَاجَتَهُ دُونَ ذَلِكَ رَجَعَ أَتَمَّ السَّابِعُ فِي الْكِتَابِ إِذَا سَافَرَ ثَلَاثَةَ فَرَاسِخَ ثُمَّ رَجَعَ أَتَمَّ إِذَا رَجَعَ لِأَنَّهُ سَفَرٌ ثَانٍ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ بِخِلَافِ مَنْ تَرُدُّهُ الرِّيحُ غَلَبَةً لِأَنَّهُ لَمْ يَعْزِمْ عَلَى الرُّجُوعِ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ فِي الْمَجْمُوعَةِ يَقْصُرُ كَمَنْ تَرُدُّهُ الرِّيحُ الثَّامِنُ فِي الْكِتَابِ يُتِمُّ الْأَسِيرُ بِدَارِ الْحَرْبِ إِلَى أَنْ يُسَافِرَ لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَعْزِمْ فَهُوَ مَسْجُونٌ قَالَ سَنَدٌ وَكَذَلِكَ لَوْ سَافَرَ بِهِ الشَّهْرَيْنِ قَصَرَ وَإِنْ كَانَ لَوْ وَجَدَ يَهْرُبُ وَرَجَعَ التَّاسِعُ يَقْصُرُ الْجَيْشُ بِدَارِ الْحَرْبِ وَلَوْ أَقَامَ شَهْرًا لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَقَامَ بِتَبُوكَ عِشْرِينَ يَوْمًا يَقْصُرُ قَالَ سَنَدٌ فَلَوْ عَزَمُوا عَلَى الْإِقَامَةِ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ قَصَرُوا الْعَاشِرُ فِي الْكِتَابِ إِذَا رَدَّتْهُ الرِّيحُ أَتَمَّ فِي الْمَكَانِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ قَالَ سَنَدٌ إِنْ رَدَّتْهُ الرِّيحُ إِلَى وَطَنِهِ أَتَمَّ وَإِلَّا فَقَوْلَانِ لِمَالِكٍ فَلَوْ رَدَّتْهُ إِلَى وَطَنِهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ بِالصَّلَاةِ قَالَ سَحْنُون تبطل كَمَا لَو نوى الْإِقَامَة فِيهَا

الفصل الثاني في الشروط

الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الْكِتَابِ مَنْ دَخَلَ مَكَّةَ فَأَقَامَ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً فَأَوْطَنَهَا ثُمَّ أَرَادَ الْخُرُوجَ إِلَى الْجُحْفَةِ لِيَعْتَمِرَ مِنْهَا ثُمَّ يَقْدَمُ مَكَّةَ فَيُقِيمُ بِهَا الْيَوْمَيْنِ ثُمَّ يَخْرُجُ يُتِمُّ وَرَجَعَ إِلَى الْقَصْرِ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ يَتَخَرَّجُ عَلَى تَلْفِيقِ الْإِقَامَةِ الْإِتْمَامُ بِضَمِّ الْيَوْمَيْنِ إِلَى مَا قَبْلَهُمَا وَالْقَصْرُ عَلَى تَرْكِ التَّلْفِيقِ وَأَضَافَ الْيَوْمَيْنِ إِلَى مَا بَعْدَهُمَا مِنَ السَّفَرِ وَيَخْرُجُ عَلَى التَّلْفِيقِ مَنْ سَافَرَ فِي الْبَحْرِ ثُمَّ رَدَّتْهُ الرِّيحُ إِلَيْهِ هَلْ يَقْصُرُ فِيهِ أَوْ يُتِمُّ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ يُتِمُّ إِذَا كَانَ مَوْضِعَ وَطَنِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَطَنَهُ وَلَا نَوَى دَوَامَ الْإِقَامَةِ فَفِي قَصْرِهِ قَوْلَانِ وَلَا تُحْسَبُ الْمَسَافَةُ بِالْعَوْدَةِ إِلَى وَطَنِهِ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْهُ إِقَامَةٌ أَصْلًا وَالْإِقَامَةُ الْمُعْتَبَرَةُ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ فَإِنْ رَجَعَ لِأَخْذِ شَيْءٍ نَسِيَهُ ثُمَّ يَقْصُرُ فِي رُجُوعِهِ فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَقْصُرُ وَإِنْ رَجَعَ إِلَى غَيْرِ وَطَنِهِ وَكَانَ يَقْصُرُ فِيهِ قَصَرَ الْآنَ وَإِنْ كَانَ يُتِمُّ فَقِيلَ يُتِمُّ فِي رُجُوعِهِ وَقِيلَ يَقْصُرُ ثُمَّ مُنْتَهَى سَفَرِهِ مُنْتَهَى قَصْرِهِ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ إِقَامَةً فِي أَضْعَافِ سَفَرِهِ يَكُونُ مَكَانُ الْإِقَامَةِ هُوَ الْمُعْتَبَرَ وَقِيلَ يُلَفِّقُ الْمَسَافَةَ بِمَا قَبْلَ الْإِقَامَةِ وَمَا بَعْدَهَا فَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي تَلْفِيقِ الْإِقَامَةِ وَفِي تَلْفِيقِ السَّفَرِ الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الشُّرُوطِ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ الْعَزْمُ عَلَى قَطْعِ الْمَسَافَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَلَوْ قَطَعَ الْمَسَافَةَ وَلَمْ يَعْزِمْ لَمْ يَجُزِ الْقَصْرُ الشَّرْطُ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ لَا يَقْصُرُ حَتَّى يَبْرُزَ عَنْ بُيُوتِ الْقَرْيَةِ وَإِذَا رَجَعَ

أَتَمَّ إِذَا دَخَلَهَا أَوْ قَارَبَهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تقصرُوا من الصَّلَاة} فَرَتَّبَ الْقَصْرَ عَلَى الضَّرْبِ وَالْكَائِنُ فِي الْبُيُوتِ لَيْسَ بِضَارِبٍ فِي الْأَرْضِ فَلَا يَقْصُرُ فَائِدَةٌ نَقَلَ ابْنُ عَطِيَّةَ فِي تَفْسِيرِهِ ضَرَبَ فِي الْأَرْضِ إِذَا سَافَرَ لِلتِّجَارَةِ وَضَرَبَ الْأَرْضَ إِذَا سَافر لِلْحَجِّ أَو الْغَزْو فَكَأَنَّ الْأَوَّلَ لَمَّا كَانَ طَالِبًا لِمَتَاعِ الدُّنْيَا كَانَ ملتبسا بِهَا وَفِيهَا وَالثَّانِي عَابِرُهَا إِلَى الْآخِرَةِ فَلَيْسَ فِيهَا وَإِنَّمَا هُوَ فِي الْآخِرَةِ قَالَ سَنَدٌ ظَاهر الْكتاب يَقْتَضِي أَلا يُحَاذِيَهُ مِنَ الْبُيُوتِ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ شَيْءٌ وَرُوِيَ عَنْهُ لَا بُدَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ وَرُوِيَ تَخْصِيصُهَا بِقَرْيَةٍ تُقَامُ فِيهَا الْجُمُعَةُ لِوُجُوبِ السَّعْيِ مِنْ تِلْكَ الْمَسَافَةِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا وَفِي الْكِتَابِ إِذَا كَانَتِ الْبَسَاتِينُ مُتَّصِلَةً لَمْ يَقْصُرْ حَتَّى يُفَارِقَهَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ لِأَنَّهَا مِنْ تَوَابِعِهَا وَأَهْلُ الْبَلَدِ يُقِيمُونَ فِيهَا قَالَ سَنَدٌ وَلَوْ كَانَ فِي الْبَلَدِ نَهْرٌ كَبَغْدَادَ لَمْ يَقْصُرْ حَتَّى يَتَجَاوَزَ الْجَانِبَ الْآخَرَ فَإِنِ اتَّصَلَ بُنْيَانُ قَرْيَةٍ بِقَرْيَةٍ فَحَتَّى يَتَجَاوَزَهُمَا وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا فَضَاءٌ فَلَا وَلَا يَقْصُرُ الْبَدَوِيُّ حَتَّى يُجَاوِزَ جَمِيعَ بُيُوتِ الْحَيِّ فَرْعٌ قَالَ وَلَو نَوَى الرَّجْعَةَ بَعْدَ بُرُوزِهِ ثُمَّ نَوَى السَّفَرَ قَالَ مَالِكٌ لَا يَقْصُرُ حَتَّى يَبْرُزَ عَنْ مَوْضِعه

الشَّرْطُ الثَّالِثُ إِبَاحَةُ السَّفَرِ فِي الْكِتَابِ لَا يَقْصُرُ الصَّائِدُ لِلتَّلَذُّذِ قَالَ سَنَدٌ السَّفَرُ خَمْسَةٌ وَاجِبٌ وَمَنْدُوبٌ وَيُقْصَرُ فِيهِمَا وَمُبَاحٌ وَيُقْصَرُ فِيهِ خِلَافًا لِابْنِ مَسْعُودٍ فِي تَخْصِيصِهِ بِالْوَاجِبِ مُعَلِّلًا بِأَن الْوَاجِب لَا يتْرك لِلْوَاجِبِ وَلِعَطَاءٍ فِي تَخْصِيصِهِ بِالْعِبَادَاتِ لَنَا مَا فِي الصِّحَاحِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ إِذَا قَفَلَ مِنْ حَجَّةٍ أَوْ غَزْوَةٍ قَصَرَ فِي رُجُوعِهِ إِلَى بَيْتِهِ وَهُوَ مُبَاحٌ وَمُحَرَّمٌ وَالْمَشْهُورُ الْمَنْعُ لِأَنَّ الْمَعْصِيَةَ لَا تَكُونُ سَبَبَ الرُّخْصَةِ كَمَا أَنَّ زَوَالَ الْعَقْلِ يُسْقِطُ التَّكَالِيفَ بِخِلَافِ السُّكْرِ وَالْخَوْفُ يُبِيحُ الْإِيمَاءَ فِي الصَّلَاةِ وَالْمُحَارِبُ الْخَائِفُ مِنَ الْإِمَامِ لَا يُومِئُ وَقِيلَ يَتَرَخَّصُ لِعُمُومِ النَّصِّ وَالْمَكْرُوهُ إِنْ قُلْنَا بِالْمَنْعِ فِي الْمُحَرَّمِ كُرِهَ وَإِلَّا جَازَ وَالْعَاصِي فِي سَفَرِهِ مُخَالِفٌ لِلْعَاصِي بِسَفَرِهِ الشَّرْطُ الرَّابِعُ أَلَّا يَقْتَدِيَ بِمُقِيمٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ يُتِمُّ وَرَاءه أَن أدْرك رَكْعَة وَقَالَهُ (ح وش) وَابْن حَنْبَل لنا مَا فِي الْمُوَطَّأِ كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا صَلَّى وَرَاء الإِمَام صلى أَرْبعا وَإِذا وجده صَلَّى رَكْعَتَيْنِ قَالَ سَنَدٌ وَقَالَ أَشْهَبُ يَنْتَظِرُهُ بَعْدَ اثْنَتَيْنِ حَتَّى يُسَلِّمَ فَإِنْ أَدْرَكَ أَقَلَّ مِنْ رَكْعَةٍ قَالَ مَالِكٌ لَا يُتِمُّ خِلَافًا ل (ح وش) كَمَنْ أَدَرَكَ أَقَلَّ مِنْ رَكْعَةٍ مِنَ الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ لَا يَلْتَزِمُهَا

الفصل الثالث في الحكم

الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الْحُكْمِ فَفِي الْجَوَاهِرِ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ أَنَّهُ سُنَّةٌ وَقَالَهُ (ش) وَرَوَى أَشْهَبُ أَنَّهُ فَرْضٌ وَقَالَهُ (ح) وَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ وَجَمَاعَةٌ مُبَاحٌ وَلَمْ يَخْتَلِفْ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ أَنَّ الْمُقِيمَ إِنَّمَا يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَحَكَى صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ الْمَنْعَ وَجْهُ النَّدْبِ مَا فِي أَبِي دَاوُدَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ صَحِبت النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فِي السَّفَرِ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبضه الله تَعَالَى وَصَحِبْتُ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَلَمْ يزدْ على رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبضه الله تَعَالَى وَصَحِبْتُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَلَمْ يَزِدْ على 0 رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبضه الله تَعَالَى وصحبت عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبضه الله تَعَالَى وَجْهُ الْفَرْضِ قَوْلُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فُرِضَتِ الصَّلَاةُ مَثْنَى مَثْنَى فَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ وَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ أَوَّلَ الصَّلَاةِ وَجْهُ الْإِبَاحَةِ قَوْله تَعَالَى {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ} وَنَفْيُ الْجُنَاحِ يَقْتَضِي الْإِبَاحَةَ قَاعِدَةٌ الْأَصْلُ فِي كَثْرَةِ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ وَقِلَّتِهِمَا كَثْرَةُ الْمُصْلَحَةِ أَوِ الْمَفْسَدَةِ وَقِلَّتُهُمَا فِي الْفِعْلِ وَقَدْ يَسْتَوِي الْفِعْلَانِ فِي الْمَصْلَحَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَيُوجِبُ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَحَدَهُمَا دُونَ الْآخَرِ وَيُثِيبُ عَلَيْهِ أَكْثَرَ كَالْفَاتِحَةِ فِي الصَّلَاةِ مَعَ الْفَاتِحَةِ فِي

غَيْرِهَا وَتَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ مَعَ غَيْرِهَا مِنَ التَّكْبِيرَاتِ وَقَدْ يُفَضِّلُ الْقَلِيلَ عَلَى الْكَثِيرِ كَتَفْضِيلِ الصُّبْحِ عَلَى سَائِرِ الصَّلَوَاتِ لِأَنَّهَا الْوُسْطَى عِنْدَنَا وَرَكْعَةِ الْوِتْرِ عَلَى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَاللَّهُ تَعَالَى يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَيَحْكُمُ مَا يُرِيدُ فَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَا عَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْقَصْرُ عَلَى قلَّة مشقته وأذكاره افضل من الْإِتْمَام فرق مُلَابسَة الرُّخْصَة فِي قَصْرِ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ وَتَرْكُهَا فِي الصَّوْمِ أَفْضَلُ لِجَمْعِهَا بَيْنَ التَّرَخُّصِ وَبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ فِي الصَّلَاةِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ فَائِدَةٌ لِلْعُلَمَاءِ فِي صِفَةِ الْقَصْرِ الْوَارِدِ فِي الْآيَةِ سِتَّةُ أَقْوَالٍ مِنْ طُولِ الْأَرْكَانِ دُونَ إِسْقَاطٍ عِنْدَ الْخَوْفِ فَلَوِ اقْتَصَرَ عَلَى الْوَاجِبَاتِ أَتَمَّ وَلَمْ تَجِبِ الْإِعَادَةُ فَإِنْ لَمْ يَعْتَدِلْ فِي الرَّفْعِ مِنَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَفِي إِعَادَتِهِ قَوْلَانِ وَمِنْ شُرُوطِهَا فَيُصَلِّي لِلْقِبْلَةِ وَغَيْرِهَا عِنْدَ الْخَوْفِ أَوِ الِاقْتِصَارُ عَلَى رَكْعَتَيْنِ عِنْدَ الْخَوْفِ أَوْ رَكْعَةٍ عِنْدَ الْخَوْفِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَلَّى بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً وَلَمْ يَقْضُوا أَوِ الِاقْتِصَارُ عَلَى رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَيكون قَوْله تَعَالَى {إِن خِفْتُمْ} مُتَعَلِّقًا بِمَا بَعْدَهُ تَقْدِيرُهُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي صَلَاتِكُمْ وَكُنْتَ فِيهِمْ يَا مُحَمَّدُ فَأَقَمْتَ لَهُم الصَّلَاة فلتقم طَائِفَة مِنْهُم مَعَك} الْآيَةَ فَهَذِهِ الْفَاءُ جَوَابُ الشَّرْطِ لَا نَفْيَ الْحَرَجِ أَوْ صَلَاةُ الْخَوْفِ فَيَكُونُ الْقَصْرُ فِي الْهَيْئَةِ فُرُوعٌ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَتَمَّ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ رَكْعَتَيْنِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ دَخَلَ

الْحَضَرَ أَعَادَ أَرْبَعًا لِأَنَّ فِعْلَهَا فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا أَفْضَلُ مِنَ السَّفَرِ لِوُقُوعِ الْخِلَافِ فِي فَسَادِ السَّفَرِيَّةِ وَالِاتِّفَاقِ عَلَى فَرْضِيَّةِ الْحَضَرِيَّةِ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِذَا أَحْرَمَ بِنِيَّةِ الْإِتْمَامِ ثُمَّ بَدَا لَهُ بَعْدَ رَكْعَتَيْنِ فَسَلَّمَ لَا يُجْزِيهِ وَقَالَهُ ش لِأَنَّ إِحْرَامَهُ إِنْ كَانَ فَاسِدًا لَا يُجْزِيهِ أَوْ صَحِيحًا فَقَدْ أَفْسَدَهُ بِالْإِبْطَالِ فَلَوْ أَحْرَمَ بِالْإِتْمَامِ سَاهِيًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ قَالَ سَنَدٌ وَلَوْ شكّ هَل نوى الْقصر والإتمام لَأَعَادَ فِي الْوَقْتِ لِاحْتِمَالِ الْإِتْمَامِ فَلَوْ أَحْرَمَ بِالظُّهْرِ مُطْلَقًا وَلَمْ يُخَصِّصْ أَتَمَّ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَالْقَصْرُ يَحْتَاجُ إِلَى تَخْصِيصٍ وَفِي الْجَوَاهِرِ عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ يَصِحُّ أَنْ يُحْرِمَ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ لِأَنَّ نِيَّتَهُ عَدَدَ الرَّكَعَاتِ لَا تَلْزَمُ الثَّالِثُ إِذَا أَمَّ الْمُسَافِرِينَ أَحَدُهُمْ فَسَبَّحُوا بِهِ بَعْدَ رَكْعَتَيْنِ فَلَمْ يَرْجِعْ يَقْعُدُونَ حَتَّى يُسَلِّمُوا بِسَلَامِهِ قَالَ سَنَدٌ وَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ مَا مَرَّ وَقَالَ أَيْضًا يُسَلِّمُونَ وَيَنْصَرِفُونَ وَقَالَ يَتَمَادَوْنَ وَيُعِيدُونَ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَتْبَعُونَهُ وَيُعِيدُونَ مَعَهُ قَالَ وَإِنَّمَا آمُرُهُمْ بِالِانْتِظَارِ لاخْتِلَاف النَّاس فِي السّفر فأمالوا تَمَادَى حَضَرِيٌّ وَانْتَظَرُوهُ حَتَّى صَلَّى رَكْعَتَيْنِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ فَلَوْ نَوَى الْمَأْمُومُ الْإِتْمَامَ وَانْكَشَفَ أَنَّ الْإِمَامَ أَتَمَّ اتَّبَعَهُ وَأَعَادَ فِي الْوَقْتِ وَإِنْ قَصَرَ الْإِمَامُ لَمْ يُسَلِّمْ مَعَهُ كَمَا لَا يُسَلِّمُ الْمُقِيمُ وَيُعِيدُ صَلَاتَهُ فِي الْوَقْتِ فَلَوْ أتم الإِمَام صلَاته سَاهِيًا وَخَلْفَهُ مُقِيمٌ لَا يَعْتَدُّ بِرَكْعَتَيِ السَّهْوِ قَالَ ابْن حبيب فَإِن اعتدا أَعَادَ أَبَدًا وَلَوْ أَتَمَّ عَامِدًا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَالْمُقِيمُونَ أَبَدًا لِلِاخْتِلَافِ فِي رَكْعَتَيِ الزِّيَادَةِ هَلْ هُمَا فَرْضٌ عَلَى الْإِمَامِ أَمْ لَا وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ يُعِيدُونَ فِي الْوَقْتِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنْ أَحْرَمَ بِالْقَصْرِ فَأَتَمَّ سَاهِيًا سَجَدَ لِلسَّهْوِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فِيمَنْ شَفَعَ الْوِتْرَ

الفصل الرابع في المحل

نَاسِيًا وَكَمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ فِيمَنْ صَلَّى الْوِتْرَ خَمْسًا وَالْفَجْرَ أَرْبَعًا وَأَعَادَ أَبَدًا فِي الْعَمْدِ وَقِيلَ فِي الْوَقْتِ فِيهِمَا أَمَّا فِي الْعَمْدِ فَلِأَنَّ فِعْلَهُ صَادَفَ فِعْلًا صَحِيحًا كَمَنْ صَلَّى خَامِسَةً سَهْوًا ثُمَّ ذَكَرَ سَجْدَةً مِنَ الْأُولَى وَأَمَّا فِي السَّهْوِ فَلِأَنَّ الْقَصْرَ غَيْرُ وَاجِبٍ قَالَ سَحْنُونٌ يُعِيدُ أَبَدًا لِكَثْرَةِ السَّهْوِ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ لَيْسَ بِسَهْوٍ مُجْتَمَعٍ عَلَيْهِ الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الْمَحَلِّ وَهُوَ فِي الْكِتَابِ كُلُّ صَلَاةٍ رُبَاعِيَّةٍ سَافَرَ فِي آخِرِ وَقْتِهَا الضَّرُورِيِّ قَصَرَهَا وَإِنْ قَدِمَ فِيهِ أَتَمَّهَا وَإِنْ ذَكَرَ صَلَاةَ حَضَرٍ أَوْ سَفَرٍ قَضَاهُمَا كَمَا وَجَبَتَا عَلَيْهِ وَقَالَهُ (ح) وَقَالَ (ش) يَقْصُرُ الْحَضَرِيَّةَ فِي السَّفَرِ كَمَا يَقْصُرُ الْمَرِيضُ صَلَاةَ الصِّحَّةِ عَلَى حَسَبِ حَالِهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ حَالَةَ الْمَرِيضِ بَدَلٌ وَالْبَدَلُ لَا يُؤْتَى بِهِ إِلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنِ الْمُبْدَلِ وَالْقَصْرُ لَيْسَ بَدَلًا عَنِ الْإِتْمَامِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ الْأَوْلَى قَصْرُ السَّفَرِيَّةِ وَلَوْ أَتَمَّ جَازَ وَمَنْ قَالَ فَرْضُ الْمُسَافِرِ التَّخْيِيرُ فِي السَّفَرِ خَيْرٌ فِي الْقَضَاءِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إِذَا بَقِيَ مِنَ النَّهَارِ رَكْعَتَانِ وَسَافَرَ فَذَكَرَ سَجْدَتَيْنِ لَا يَدْرِي مِنَ الظُّهْرِ أَوِ الْعَصْرِ يُصَلِّيهِمَا سَفَرِيَّتَيْنِ يَبْدَأُ بِأَيَّتِهِمَا شَاءَ نَظَرًا لِلِاشْتِرَاكِ فَإِنْ ذَكَرَ سَجْدَتَيْنِ لَا يدْرِي مجتمعتين من صَلَاةٍ أَوْ مُفْتَرِقَتَيْنِ مِنْ صَلَاتَيْنِ صَلَّى ظُهْرَيْنِ وَعَصْرًا يَبْدَأُ بِظُهْرٍ حَضَرِيٍّ ثُمَّ سَفَرِيٍّ قَبْلَ

الْعَصْر أَو بعده ثمَّ عصر سَفَرِي لِأَنَّهُمَا إِن كَانَتَا مِنَ الظُّهْرِ فَعَصْرُهُ صَحِيحٌ وَسَافَرَ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ فَيَكُونُ سَفَرِيًّا أَوْ مِنَ الْعَصْرِ فَهُوَ سَفَرِي وَإِن افترقتا بَطل الصَّلَاتَانِ وَسَافَرَ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ وَالظُّهْرُ عَلَيْهِ حضرية

(الباب الحادي عشر في الجمع بين الصلاتين والنظر في أسبابه وشروطه وحكمه ومحله)

(الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ وَالنَّظَر فِي أَسبَابه وشروطه وَحكمه وَمحله) فَهَذِهِ خَمْسَةُ فُصُولٍ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي أَسْبَابِهِ وَهِيَ سِتَّةٌ السَّبَبُ الْأَوَّلُ السَّفَرُ فِي الْكِتَابِ إِذا جد بِهِ الْمسير جمع آخر الْوَقْت الظُّهْرِ وَأَوَّلَ الْعَصْرِ وَيُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ إِلَى مَغِيبِ الشَّفَقِ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي السَّفَرِ أَخَّرَ الظُّهْرَ حَتَّى يَدْخُلَ أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ ثُمَّ يَنْزِلُ فَيَجْمَعُ بَيْنَهُمَا وَفِيهِمَا أَيْضًا إِذَا عَجِلَ بِهِ

السَّيْرُ فِي السَّفَرِ أَخَّرَ الظُّهْرَ حَتَّى يَدْخُلَ أول وَقت الْعَصْر يُؤَخر الْمَغْرِبَ حَتَّى يَجْمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعِشَاءِ وَأَسْرَعَ السّير وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ أَشْهَبُ مُبَادَرَةُ مَا يُخَافُ فَوَاته وَجوزهُ ابْن حبيب لمُجَرّد قَطْعِ الْمَسَافَةِ قَالَ الْبَاجِيُّ أَقْوَالُ أَصْحَابِنَا تَدُلُّ على جَوَاز الْمَنْع لحدة السَّيْرِ وَإِنْ كَانَ السَّفَرُ لَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاة السَّبَب الثَّانِي فِي الْجَوَاهِر مهما اجْتَمَعَ الْمَطَرُ وَالطِّينُ وَالظُّلْمَةُ أَوِ اثْنَانِ مِنْهُمَا أَوِ انْفَرَدَ الْمَطَرُ جَازَ الْجَمْعُ بِخِلَافِ انْفِرَادِ الظَّلَامِ وَالْمَشْهُورُ عَدَمُ اعْتِبَارِ انْفِرَادِ الطِّينِ وَظَاهِرُ الْمُسْتَخْرَجَةِ جَوَازُهُ وَقَالَ (ش) يَجْمَعُ فِي الْمَطَرِ بِخِلَافِ الطِّينِ وَالظُّلْمَةِ وَيَجْمَعُ فِي سَائِرِ الْمَسَاجِدِ لعُمُوم الْعذر وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ تَخْصِيصُهُ بِمَسْجِدِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِمَزِيدِ الْفَضِيلَةِ وَيُخَصَّصُ بِالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ وَاسْتَقْرَأَ الْبَاجِيُّ اعْتِبَارَهُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ أَرَى ذَلِكَ فِي الْمَطَرِ السَّبَبُ الثَّالِثُ الْمَرَضُ فِي الْكِتَابِ إِذَا خَافَ الْغَلَبَةَ عَلَى عَقْلِهِ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ عِنْدَ الْغُرُوب وَقَالَهُ ابْن حَنْبَل خلافًا (ش) لَنَا أَنَّهُ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ جَمَعَ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا سَفَرٍ وَرُوِيَ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا الْمَرَضُ وَلِأَنَّ مَشَقَّةَ الْمَرَضِ أَعْظَمُ مِنْ مَشَقَّةِ السَّفَرِ قَالَ سَنَدٌ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَجْمَعُ إِلَّا بِتَأْخِيرِ الظُّهْرِ إِلَى أَوَّلِ الْعَصْرِ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْمَشْهُورِ فَجَمَعَ وَلَمْ يَذْهَبْ عَقْلُهُ قَالَ عِيسَى يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ كَوَاجِدِ الْمَاءِ بَعْدَ الصَّلَاةِ بِالتَّيَمُّمِ سُؤَالٌ إِنْ وَقَعَتِ الْغَلَبَةُ عَلَى الْعَقْلِ سَقَطَ التَّكْلِيفُ فَلَا يَفْعَلُ مَا لَمْ يُؤْمَرْ

بِهِ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مَشْرُوعٍ كَصَلَاةِ الْفَذِّ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ فَلَا يُقَدَّمُ الْوَاجِبُ عَنْ وَقْتِهِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ جَوَابُهُ أَنَّ الْوَقْتَ مُشْتَرَكٌ وَهُوَ سَبَبُ الصَّلَاتَيْنِ فَتَعَلَّقَ الْخِطَابُ بِالثَّانِيَةِ لِوُجُودِ سَبَبِهَا بِخِلَافِ صَلَاةِ الْفَذِّ وَفِي الْكِتَابِ يَجْمَعُ صَاحِبُ الْبَطْنِ وَنَحْوُهُ فِي وَسَطِ وَقْتِ الظُّهْرِ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ عِنْدَ الشَّفَقِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ يَجْمَعُ أَوَّلَ وَقْتِ الظُّهْرِ وَأَوَّلَ وَقْتِ الْمَغْرِبِ قِيَاسًا عَلَى الْمُسَافِرِ قَالَ وَقَوْلُهُ وَسَطَ الظُّهْرِ ظَاهِرُهُ رُبُعُ الْقَامَةِ وَقَدْ وَقَعَ فِي مَوَاضِعَ تَفْسِيرُهَا بِآخِرِ الْقَامَةِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ عِنْدَ مَغِيبِ الشَّفَقِ وَبِهِ فَسَّرَ الْبَاجِيُّ قَالَ وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَنْ يَقْدِرُ عَلَى الْأَرْكَانِ لَكِنْ تَشُقُّ عَلَيْهِ الْحَرَكَة أما لَو كَانَ يَعْتَرِيه مَا يعجزه عَنْ رُكْنٍ وَلَوْ أَنَّهُ الْقِيَامُ جَمَعَ أَوَّلَ الْوَقْتِ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْكِتَابِ لَوْ خَافَ الْمَيْدَ فِي الْبَحْرِ جَمَعَ أَوَّلَ الْوَقْتِ وَلَا يُصَلِّيهمَا فِي الْبَحْر قَاعِدا قَاعِدَة السَّبَبُ الرَّابِعُ فِي الْجَوَاهِرِ الْخَوْفُ فِي جَوَازِ الْجَمْعِ بِهِ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ السَّبَبُ الْخَامِسُ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ السَّبَبُ السَّادِسُ الْإِفَاضَةُ بِمُزْدَلِفَةَ فَرْعٌ هَلْ يَجُوزُ الْجَمْعُ بِغَيْرِ سَبَبٍ حَكَى الْمَازِرِيُّ الْمَنْعَ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالْجَوَازَ لِأَشْهَبَ بِنَاءً عَلَى الِاشْتِرَاكِ فِي الْوَقْتِ وَيُعَضِّدُهُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا سَفَرٍ وَيُرْوَى مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ

الفصل الثاني في الشروط

وَلَا مَطَرٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَرَادَ أَلَّا يحرج أمته الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الشُّرُوطِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ فِي الْجَوَاهِرِ تُقَدَّمَ الْأُولَى مِنْهُمَا وَيَنْوِي الْجَمْعَ فِيهِمَا وَلَا يُجْزِئُ أَنْ يَنْوِيَ أَوَّلَ الثَّانِيَةِ وَقِيلَ يُجْزِيهِ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ فِي بَيْتِهِ فَلَا يُصَلِّي الْعِشَاءَ بَعْدَهُمْ قَالَ ابْن الْقَاسِم ويصليهما مَعَهُمْ قَالَ سَنَدٌ قَالَ مَالِكٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ أَوْ مَكَّةَ فَيُصَلِّيهَا بَعْدَهُمْ لِفَضِيلَةِ الْمَسْجِدِ وَأَمَّا الصَّلَاةُ مَعَهُمْ فَلِأَنَّ الرُّخْصَةَ لَا تَتَعَلَّقُ بِالْمَغْرِبِ لِوُقُوعِهَا فِي وَقْتِهَا وَإِنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِالْعِشَاءِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ نِيَّةَ الْجَمْعِ لَا تُشْتَرَطُ فِي الْأُولَى خِلَافًا لِ (ش) وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى خِلَافِ مَا فِي الْجَوَاهِرِ الشَّرْطُ الثَّانِي قَالَ سَنَدٌ الْجَمَاعَةُ فَلَا يَجْمَعُ الْمُنْفَرِدُ فِي بَيْتِهِ وَلَا فِي الْمَسْجِدِ خِلَافًا لِ (ش) لِأَنَّ الْجَمْعَ إِنَّمَا شرع لمَشَقَّة الِاجْتِمَاع قَالَ مَالِكٌ وَيَجْمَعُ قَرِيبُ الدَّارِ مِنَ الْمَسْجِدِ وَالْمُعْتَكِفُ فِيهِ قَالَ يحيى ابْن عُمَرَ وَفِي الْجَوَاهِرِ وَفِي جَمْعِ الشَّيْخِ الضَّعِيفِ وَالْمَرْأَة بالمسمع خِلَافٌ الشَّرْطُ الثَّالِثُ فِي الْجَوَاهِرِ الْمُوَالَاةُ فَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا بِأَكْثَرَ مِنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَمَهْمَا نَوَى الْإِقَامَةَ فِي جَمْعِ السَّفَرِ فِي إِحْدَى الصَّلَاتَيْنِ بَطل

الفصل الثالث في الحكم

الْجَمْعُ وَبَعْدَهُمَا لَا يَضُرُّ وَلَوِ انْقَطَعَ الْمَطَرُ قَبْلَ الثَّانِيَةِ أَوْ فِي أَثْنَائِهَا جَازَ التَّمَادِي على الْجمع أَو لَا يُؤمن عوده الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الْحُكْمِ وَهُوَ عِنْدَنَا جَائِزٌ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ الْكَرَاهَةُ فِي السَّفَرِ وَقَالَ (ش) بِالْجَوَازِ وَمَنَعَ (ح) إِلَّا بِعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ مُحْتَجًّا بِأَنَّ الْمَوَاقِيتَ ثَبَتَتْ بِالتَّوَاتُرِ فَلَا تبطل بالآحاد وَأَجَازَ أَن يُؤَخر الْأُولَى إِلَى آخِرِ وَقْتِهَا وَتُقَدَّمَ الثَّانِيَةُ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا وَقَدْ جَنَحَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِلَى قَوْلِهِ فِي الْمَجْمُوعَةِ فَقَالَ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ مِنْ غَيْرِ مَرَضٍ أَعَادَ أَبَدًا لَنَا مَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا وَالْمَغْرِبَ وَالْعَشَاءَ جَمِيعًا فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا سَفَرٍ قَالَ مَالِكٌ أَرَى ذَلِكَ فِي الْمَطَرِ وَخَرَّجَ مُسْلِمٌ وَلَا مَطَرٍ الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الْمَحَلِّ وَهُوَ الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ وَالْمغْرب وَالْعِشَاءُ لِوُقُوعِ الِاشْتِرَاكِ بَيْنَ كُلِّ صَلَاتَيْنِ مِنْهُمَا على خلاف

الفصل الخامس في صفة الجمع

الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي صِفَةِ الْجَمْعِ وَفِي الْكِتَابِ يُؤَخَّرُ الْمَغْرِبُ قَلِيلًا وَيُصَلَّيَانِ قَبْلَ الشَّفَقِ لِيَنْصَرِفَ النَّاسُ فِي النُّورِ وَقَالَ مَالِكٌ فِي النَّوَادِرِ يَجْمَعُ عِنْدَ مَغِيبِ الشَّمْسِ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ إِنَّمَا دَعَتْ لِتَقْدِيمِ الْعِشَاءِ قَالَ مَالِكٌ وَلَا يَتَنَفَّلُ بَيْنَهُمَا وَقَالَهُ (ش) قَالَ سَنَدٌ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَتَنَفَّلُ عِنْدَ أَذَانِ الْعِشَاءِ لِزِيَادَةِ الْقُرْبَةِ وَإِذَا قُلْنَا لَا يَتَنَفَّلُ فَتَنَفَّلَ فَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ الْجَمْعَ قِيَاسًا عَلَى الْإِقَامَةِ خِلَافًا لِ (ش) وَلَا يَتَنَفَّلُ بَعْدَ الْعِشَاءِ فِي الْمَسْجِدِ لِيَنْصَرِفَ النَّاسُ بِضَوْءٍ وَلَا يُوتِرُونَ حَتَّى يَغِيبَ الشَّفَقُ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا ارْتَحَلَ بَعْدَ الزَّوَالِ جَمَعَ ذَلِكَ الْوَقْتَ لِمَا فِي مُسْلِمٍ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِتَبُوكَ إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَإِنِ ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ أَخَّرَ الظُّهْرَ حَتَّى يَنْزِلَ لِلْعَصْرِ فَيَجْمَعَ بَيْنَهُمَا وَفِي الْمَغْرِبِ مِثْلُ ذَلِكَ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ سَحْنُونٌ فِي الْمَغْرِبِ مِثْلُ ذَلِكَ فَقِيلَ تَفْسِيرٌ وَقِيلَ خِلَافٌ قَالَ سَنَدٌ فَإِنْ جَمَعَ فِي الْمَنْهَلِ قَالَ مَالِكٌ يُعِيدُ الْآخِرَةَ مَا دَامَ فِي الْوَقْتِ وَلَوْ جَمَعَ أَوَّلَ الْوَقْتِ لِشِدَّةِ السَّيْرِ ثُمَّ بَدَا لَهُ فَأَقَامَ أَوْ عَرَضَ لَهُ مَا يُوجِبُ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ ذَهَبَ الْمَطَرُ بَعْدَ الْجَمْعِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَوْ كَانَ الرَّحِيلُ عَقِيبَ الزَّوَالِ عَازِمًا عَلَى النُّزُولِ قَبْلَ تَصَرُّمِ

وَقْتِ الثَّانِيَةِ صَلَّى قَبْلَ الرَّحِيلِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةَ عِنْدَ نُزُولِهِ وَلَوْ كَانَ لَا يَنْزِلُ مِنْ قَبْلِ الزَّوَالِ إِلَى بَعْدِ الْغُرُوبِ صَلَّى كُلَّ صَلَاةٍ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا وَكَذَلِكَ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَلَوْ زَالَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ فِي الْمَنْهَلِ وَإِذَا رَحل نزل بعد الاصفرار فَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ إِنْ شَاءَ جَمَعَ فِي الْمَنْهَلِ أَوْ بَعْدَ النُّزُولِ إِذْ فِي كِلْتَا الْحَالَتَيْنِ خُرُوجُ إِحْدَى الصَّلَاتَيْنِ عَنْ وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ وَلَوْ زَالَتِ الشَّمْسُ وَهُوَ رَاكِبٌ لَا يَنْزِلُ إِلَّا بَعْدَ الِاصْفِرَارِ وَجَوَّزَ ابْنُ مَسْلَمَةَ الْجَمْعَ إِذَا نزل

(الباب الثاني عشر في قضاء الصلوات وترتيبها)

(الْبَاب الثَّانِي عشر فِي قَضَاء الصَّلَوَات وَتَرْتِيبِهَا) وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْقَضَاءِ وَهُوَ وَاجِبٌ فِي كُلِّ مَفْرُوضَةٍ لَمْ تفعل عِنْد مَالك (ح ش) قَالَ سَنَدٌ وَعَلَى مَذْهَبِ ابْنِ حَبِيبٍ وَابْنِ حَنْبَلٍ لَا يَقْضِي الْمُتَعَمِّدُ لِأَنَّهُ مُرْتَدٌّ بِذَلِكَ فَإِذَا تَابَ لَا يَقْضِي لَنَا مَا فِي مُسلم عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا رَقَدَ أَحَدُكُمْ عَنِ الصَّلَاةِ أَوْ غَفَلَ عَنْهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا فَإِنَّ الله عز وَجل يَقُول {وأقم الصَّلَاة لذكري} فَهُوَ يَدُلُّ بِذَاتِهِ وَتَنْبِيهِهِ عَلَى مَعْنَى الْآيَةِ فَائِدَتَانِ الأولى أَن معنى الْآيَة أقِم الصَّلَاةَ لِذِكْرِ صَلَاتِي فَيَكُونُ مِنْ مَجَازِ الْحَذْفِ أَوْ مِنْ مَجَازِ الْمُلَازَمَةِ لِأَنَّهُ إِذَا أَقَامَ الصَّلَاة فقد ذكر الله تَعَالَى فِيهَا

الثَّانِيَةُ أَنَّ الشَّرْعَ إِنَّمَا خَصَّصَ النَّائِمَ وَالْغَافِلَ بِالذِّكْرِ لِذَهَابِ الْإِثْمِ فِي حَقِّهِمَا الَّذِي هُوَ من لَوَازِم الْوُجُوب فَتوهم المتوهم انْتِفَاء قَضَاء لِانْتِفَاءِ الْوُجُوبِ فَأَمَرَ الشَّرْعُ بِالْقَضَاءِ مِنْ بَابِ التَّنْبِيهِ بِالْأَدْنَى عَلَى الْأَعْلَى الَّذِي هُوَ الْمُتَعَمَّدُ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْقَضَاءُ عَلَى الْفَوْرِ لَا يُؤَخَّرُ إِلَّا لمَشَقَّة وَقَالَ سَنَدٌ تَعْجِيلُ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ كَتَعْجِيلِ الصَّلَاةِ أَوَّلَ الْوَقْتِ يُسْتَحَبُّ وَلَا يَجِبُ وَفِي الْكِتَابِ يَقْضِي عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ وَلَا يَمْنَعُهُ عَنْ حَوَائِجِهِ فرعان الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ يَقْضِي فِي سَائِرِ الْأَوْقَاتِ حَتَّى عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَعِنْدَ غُرُوبِهَا وَلَا يُؤَخِّرُهَا وَيَجْهَرُ فِيمَا كَانَ يَجْهَرُ فِيهِ وَيُسِرُّ فِيمَا كَانَ يُسِرُّ فِيهِ وَوَافَقَنَا (ش) فِي غُرُوبِ الشَّمْسِ وَطُلُوعِهَا وَخَالَفَ فِي الْإِجْهَارِ بِالنَّهَارِ لِفَوَاتِهِ عِنْدَهُ لِفَوَاتِ زَمَانِهِ كَتَكْبِيرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَاللَّيْلُ عِنْدَهُ يَحْتَمِلُ الْجَهْرَ وَالسِّرَّ وَخَيَّرَهُ الْأَوْزَاعِيُّ فِي السِّرّ والجهر مُطلقًا ووافقنا أَبُو حنيفَة فِي السِّرِّ وَالْجَهْرِ وَخَالَفَنَا فِي طُلُوعِ الشَّمْسِ وَغُرُوبِهَا وَأَبْطَلَ صُبْحَ الْيَوْمِ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ عَلَيْهِ فِيهِ بِخِلَافِ غُرُوبِ الشَّمْسِ عَلَيْهِ فِي عَصْرِ يَوْمِهِ مُحْتَجًّا بِنَهْيِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنِ الصَّلَاةِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَعِنْدَ غُرُوبِهَا مُفَرِّقًا بَيْنَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ فَإِنَّ الطُّلُوعَ يَتَعَقَّبُهُ وَقْتُ الْمَنْعِ وَالْغُرُوبَ يَتَعَقَّبُهُ وَقْتُ الْإِبَاحَةِ وَجَوَابُهُ أَنَّ نَصَّهُ عَامٌّ فِي الْفَرَائِضِ وَالنَّوَافِلِ وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا خَاصٌّ بِالْفَرَائِضِ

الفصل الثاني في ترتيب الفوائت

فَيُقَدَّمُ الْخَاصُّ عَلَى الْعَامِّ قَالُوا مَا ذَكَرْتُمُوهُ عَامٌّ فِي الْأَزْمَانِ دُونَ الصَّلَوَاتِ وَمَا ذَكَرْنَاهُ عَامٌّ فِي الصَّلَوَاتِ دُونَ الْأَزْمَانِ فَلَيْسَ أَحَدُهُمَا بِحَمْلِهِ عَلَى الْآخَرِ أَوْلَى مِنَ الْعَكْسِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَعَمُّ مِنَ الْآخَرِ مِنْ وَجه وأخص من وَجه قُلْنَا لَا نسلم إِذْ مَا ذَكَرْنَاهُ عَامٌّ فِي الْأَزْمَانِ بَلْ أَيُّ زمَان ثَبت فِيهِ الحكم سقط عَن غَيْرِهِ كَالْمُطْلَقَاتِ سَلَّمْنَاهُ لَكِنْ مَا ذَكَرْنَاهُ مُؤَكَّدٌ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَإِنَّ ذَلِكَ وَقْتٌ لَهَا وَالْمُؤَكَّدُ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ لَنَا عَلَى (ش) أَنَّهَا صِفَةٌ لِلْقِرَاءَةِ فَلَا تَسْقُطُ كَصِفَةِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَلِأَنَّ قَوْلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذكرهَا إِشَارَة إِلَى المنسية بجملة صفاتها الثَّانِي قَالَ سَنَدٌ مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ كُفْرًا ثمَّ اسْلَمْ لَا قَضَاء لما تَركه فِي رِدَّتِهِ وَلَا قَبْلَهَا عِنْدَ مَالِكٍ وَ (ح) خلافًا (ش) وَلِابْنِ حَنْبَلٍ قَوْلَانِ لَنَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ الْفَصْلُ الثَّانِي فِي تَرْتِيبِ الْفَوَائِتِ وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ وَاجِبٌ لِمَا فِي مُسْلِمٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ جَعَلَ يَسُبُّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ وَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كِدْتُ أَنْ أُصَلِّيَ الْعَصْرَ حَتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ أَنْ تَغْرُبَ فَقَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَامُ فَوَاللَّهِ مَا صَلَّيْتُهَا فَنَزَلْنَا إِلَى بُطْحَانَ فَتَوَضَّأَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَتَوَضَّأْنَا فَصَلَّى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْعَصْر بعد مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَصَلَّى بَعْدَهَا الْمَغْرِبَ وَقِيَاسًا عَلَى تَرْتِيبِ الْأَرْكَانِ لِأَنَّهُ تَرْتِيبٌ مُتَعَلِّقٌ

بِالصَّلَاةِ فَإِنْ عَلِمَ أَعْيَانَ الصَّلَوَاتِ وَلَمْ يَشُكَّ صَلَّاهَا وَإِنْ شَكَّ أَوْقَعَ مِنَ الصَّلَوَاتِ أَعْدَادًا تحيط بِعَدَد تِلْكَ الشكوك فروع سِتَّة الْأَوَّلُ فِي الْجَوَاهِرِ لَوْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ خَمْسٍ لَا يَدْرِي عَيْنَهَا صَلَّى خَمْسًا وَقَالَهُ (ح وش) وَقَالَ الْمُزنِيّ الْقيَاس عِنْدِي أَن تجزيه أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ يَنْوِي بِهَا مَا عَلَيْهِ يَجْهَرُ فِي الْأُولَيَيْنِ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْجَهْرُ وَيَجْلِسُ بَعْدَ الثَّالِثَةِ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ الْمَغْرِبَ وَإِنْ كَانَتِ الصُّبْحَ فَقَدْ صَلَّاهَا وَزَادَ لِأَجْلِ الشَّكِّ رَكْعَتَيْنِ فَلَا يَضُرُّهُ كَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ أَرْبَعًا سَهْوًا وَجَوَابُهُ مَنْعُ الصِّحَّةِ بِكَثْرَةِ السَّهْوِ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهَا الصُّبْحَ سَلَّمْنَاهُ لَكِنَّ السَّاهِيَ يعْتَقد أَنَّهُ فِي الصُّبْحِ وَهَذَا يَعْتَقِدُ الزِّيَادَةَ عَلَيْهَا وَكَذَلِكَ زِيَادَةُ الْجُلُوسِ بَعْدَ الثَّالِثَةِ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهَا أَرْبَعَةً مُفْسِدٌ أَيْضًا وَكَذَلِكَ زِيَادَةُ الرَّابِعَةِ على تَقْدِير كَونهَا ثلاثية الثَّانِي قَالَ فِي الْجَوَاهِر لَو نَسِيَ ظُهْرًا وَعَصْرًا لَا يَدْرِي أَيَّتَهُمَا قَبْلَ صَاحِبَتِهَا فَالْمَشْهُورُ يُصَلِّي ظُهْرًا بَيْنَ عَصْرَيْنِ أَوْ عَصْرًا بَيْنَ ظُهْرَيْنِ وَقِيلَ يُصَلِّي ظُهْرًا لِلسَّبْتِ ثُمَّ عَصْرًا لِلْأَحَدِ ثُمَّ عَصْرًا لِلسَّبْتِ ثُمَّ ظهرا للأحد مُرَاعَاة أَعْيَان الْأَيَّامِ فَلَوْ عَلِمَ أَنْ إِحْدَاهُمَا سَفَرِيَّةٌ وَشَكَّ فِي تَقْدِيمهَا فَالَّذِي رَجَعَ إِلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنْ يُصَلِّيَ سِتًّا ظُهْرًا حَضَرِيًّا ثُمَّ يُعِيدَهُ سَفَرِيًّا ثُمَّ عصرا حَضَرِيًّا ثُمَّ يُعِيدَهُ سَفَرِيًّا قَالَ وَضَابِطُ هَذَا الْبَابِ أَنْ يَضْرِبَ الْمَنْسِيَّاتِ فِي أَقَلَّ مِنْهَا بِوَاحِدَةٍ وَيَزِيدَ عَلَى الْمُتَحَصِّلِ وَاحِدَةً وَيُصَلِّيَ الْجَمِيعَ على حَسْبَمَا تَقَدَّمَ فَإِنْ شَكَّ فِي السَّفَرِ أَعَادَ كُلَّ صَلَاةٍ يُصَلِّيهَا سَفَرِيَّةً فَلَوْ ذَكَرَ صُبْحًا وَظُهْرًا

وَعَصْرًا صَلَّى سَبْعًا مُبْتَدِئًا مِنَ الصُّبْحِ إِلَى الْعَصْرِ ثُمَّ الصُّبْحِ فَإِنْ شَكَّ فِي السَّفَرِ أَعَادَ كُلَّ رُبَاعِيَّةٍ بَعْدَ فِعْلِهَا سَفَرِيَّةً فَتَبْلُغُ إِحْدَى عَشْرَةَ وَعَلَى هَذَا الْقَانُونِ وَعَلَى غَيْرِ الْمَشْهُورِ فِي مُرَاعَاةِ الْأَيَّامِ يُضَاعِفُ الْعَدَدَ الَّذِي يَنْتَهِي إِلَيْهِ الْحساب الثَّالِثُ فِي الْجَوَاهِرِ لَوْ عَلِمَ عَيْنَ الصَّلَاةِ وَجَهِلَ يَوْمَهَا صَلَّاهَا غَيْرَ مُلْتَفِتٍ إِلَى تَعْيِينِ الْأَيَّامِ لَأَنَّ التَّقَرُّبَ بِالصَّلَاةِ لَا بِالْيَوْمِ قَالَ سَنَدٌ هَذَا إِذَا شَكَّ فِي جُمْلَةِ الْأَيَّامِ أَمَّا إِنْ شَكَّ فِي يَوْمَيْنِ قَالَ سَحْنُونٌ الْحُكْمُ وَاحِدٌ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُصَلِّيهَا مَرَّتَيْنِ لِيَوْمَيْنِ نَظَرًا لِاعْتِبَارِ الْأَيَّامِ قَالَ وَمُقْتَضَى مَذْهَبِهِ لَوِ انْحَصَرَتْ لَهُ جُمُعَةٌ مُعَيَّنَةٌ صَلَّى سَبْعًا وَإِنَّمَا سَقَطَ فِي عُمُومِ الْجَهْلِ لِكَثْرَةِ الْمَشَقَّةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَوْ شَكَّ فِي كَوْنِهَا سَفَرِيَّةً صلاهَا سفرية ثمَّ حضرية الرَّابِع فِي الْجَوَاهِر لَو نسى صَلَاة وَثَانِيَتَهَا وَلَا يَدْرِي مَا هُمَا صَلَّى الْخَمْسَ على ترتيبها وَأعَاد مَا بَدَأَ بِهِ وَلَو كَانَت ثَالِثهَا فستا أَيْضا لَكِن يُصَلِّي كل صَلَاة وَثَالِثهَا ثُمَّ ثَالِثَةَ الثَّالِثَةِ كَذَلِكَ حَتَّى يُكْمِلَ سِتًّا وَكَمَالُهَا بِإِعَادَةِ الْأُولَى وَلَوْ كَانَتْ رَابِعَتَهَا أَعْقَبَ كُلَّ صَلَاةٍ بِرَابِعَتِهَا أَوْ خَامِسَتَهَا أَعْقَبَ كُلَّ صَلَاةٍ بِخَامِسَتِهَا وَلَوْ كَانَتْ سَادِسَتَهَا أَوْ حَادِيَةَ عشرهَا أَو سادسة عشرهَا فَإِنَّهَا عَيْنُ الْأُولَى فَلْيُصَلِّ ظُهْرَيْنِ وَعَصْرَيْنِ وَمَغْرِبَيْنِ وَعِشَاءَيْنِ وصبحين الْخَامِسُ فِي الْجُلَّابِ إِذَا نَسِيَ صَلَاتَيْنِ مُرَتَّبَتَيْنِ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لَا يَدْرِي اللَّيْلَ قَبْلَ النَّهَارِ أَوِ النَّهَارَ قَبْلَ اللَّيْلِ صَلَّى سِتَّ صَلَوَاتٍ مُبْتَدِئًا بِالظُّهْرِ اسْتِحْبَابًا لِأَنَّهَا أَوَّلُ صَلَاةٍ بَدَأَ بِهَا جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَيُّ صَلَاةٍ بَدَأَ بِهَا أَعَادَهَا قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ وَقِيلَ يَبْدَأُ بِالصُّبْحِ لِأَنَّهَا أَوَّلُ النَّهَارِ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلْ هِيَ مِنَ النَّهَارِ فَتَكُونُ أَوَّلَهُ أَوْ لَا فَتكون الظّهْر أول النَّهَار فَإِن كن ثَلَاثًا قضى سبعا أَو أَرْبعا قضى ثَمَانِي أَوْ خَمْسًا قَضَى تِسْعًا عَلَى الشَّرْطِ الْمُتَقَدِّمِ قَالَ

الفصل الثالث في ترتيب القضاء مع الأداء

سَنَدٌ وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى الْمُتَجَاوِرَاتِ أَمَّا لَوْ كَانَت الصَّلَاتَان مفترقتين فَفِي كتاب ابْن سَحْنُونٍ يُصَلِّي سَبْعَ صَلَوَاتٍ يَبْدَأُ بِصَلَاتَيِ اللَّيْلِ ثُمَّ بِصَلَاتَيِ النَّهَارِ وَلَا يَبْدَأُ بِصَلَوَاتِ النَّهَارِ لِئَلَّا يُصَلِّي ثَمَانِي قَالَ سَنَدٌ فَلَوْ كُنَّ ثَلَاثًا وَبَدَأَ بِالْمَغْرِبِ صلى سبعا وَلَو بَدَأَ بالصبح صلى ثَمَانِي لِأَنَّهُ إِذَا أَكْمَلَ بِالْعِشَاءِ احْتَمَلَ أَنْ تَكُونَ هِيَ الْأُولَى فَيُعِيدُ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَإِنْ بَدَأَ بِالظُّهْرِ صَلَّى سَبْعَ صَلَوَاتٍ لِأَنَّهُ إِذَا أَكْمَلَ بِالصُّبْحِ فَقَدْ تَكُونُ هِيَ الْأُولَى وَبَعْدَهَا صَلَاتَانِ مِنَ الْأَرْبَعِ فَيُعِيدُ الْأَرْبَعَ وَإِنْ بَدَأَ بِالْعَصْرِ صلى ثَمَانِي أَو بالعشاء صلى تسعا السَّادِسُ قَالَ سَنَدٌ لَوْ نَسِيَ صَلَاتَيْنِ لَا يَدْرِي أَهُمَا مِنْ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ صَلَّى عَشْرَ صَلَوَاتٍ لِيَوْمَيْنِ إِلَّا أَنْ يَتَيَقَّنَ أَنَّهُمَا متغايران فَيصَلي سبعا لِأَنَّهُ إِذا بَدَأَ بِصَلَاة يَوْم يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْخَامِسَةُ الْأُولَى وَمَا بَعْدَهَا إِلَى مَا يضاهيها من الْخمس وَيجوز أَنْ تَكُونَ هِيَ الثَّانِيَةَ الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي تَرْتِيبِ الْقَضَاءِ مَعَ الْأَدَاءِ قَالَ ابْنُ الْجَلَّابِ فِي التَّرْتِيبِ كُلِّهِ إِنَّهُ وَاجِبٌ مَعَ الذِّكْرِ سَاقِطٌ مَعَ النِّسْيَانِ فِي الْمَتْرُوكَاتِ فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ وَفِي الْمَفْعُولَاتِ يُسْتَحَبُّ فِي الْوَقْتِ وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ لَا يَجِبُ التَّرْتِيبُ مَعَهَا فَهِيَ مُسْتَثْنَاةٌ نَقَلَهُ فِي الْجَوَاهِرِ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَجَمَاعَةٍ نَظَائِرُ التَّرْتِيبُ وَالتَّسْمِيَةُ فِي الذَّبِيحَةِ وَمُوَالَاةُ الطَّهَارَةِ وَإِزَالَة النَّجَاسَة وَالْوُجُوب فِيهَا عِنْدَ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ مَعَ الذِّكْرِ دون

النِّسْيَانِ عَلَى خِلَافِ قَاعِدَةِ الْوَاجِبَاتِ لِضَعْفِ مُدْرَكِ الْوُجُوبِ فِيهَا فَسَقَطَ مَعَ النِّسْيَانِ وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ وَاجِبٌ فِي الْيَسِيرِ فَيُقَدَّمُ عَلَى الْحَاضِرَةِ وَلَوْ فَاتَ وَقْتُ أَدَائِهَا وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَ (ش) وَ (ح) يَبْدَأُ بِالْوَقْتِيَّةِ وَرَوَى أَشْهَبُ التَّخْيِيرَ بَيْنَهُمَا لَنَا الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ قَدَّمَ فِيهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْعَصْرَ عَلَى الْمَغْرِبِ وَعَيَّنَ الْوَقْتَ لِلْمَنْسِيَّةِ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ بِقَوْلِهِ فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا وَيُرْوَى فَإِنَّ ذَلِكَ وَقْتُهَا وَهُوَ لَا يَتَّسِع لغَيْرهَا فَوَجَبَ تَأْخِيرهَا وَهُوَ الْمَطْلُوبُ وَاتَّفَقَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ مَنْ نَسِيَ الظُّهْرَ يَوْمَ عَرَفَةَ وَأَحْرَمَ بِالْعَصْرِ ثُمَّ ذَكَرَ الظُّهْرَ فَإِنَّهَا تُفْسَدُ عَلَيْهِ فَيَجِبُ تَقْدِيمُ مَا تَقَدَّمَ وَجُوبُهُ إِلَّا مَا اسْتُثْنِيَ حُجَّةُ (ش) الْقِيَاسُ عَلَى تَرْتِيبِ الْخَمْسِ مَعَ الْجِنَازَةِ وَالْقَلِيلِ عَلَى الْكَثِيرِ وَالْمَذْكُورِ عَلَى الْمَنْسِيِّ فَإِنَّهُ لَوْ نَسِيَ فَبَدَأَ بِالْحَاضِرَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ حَتَّى خَرَجَ وَقْتُ الْحَاضِرَةِ صَحَّتْ وَفِي الْبَابِ فُرُوعٌ خَمْسَة الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ مَنْ ذَكَرَ مَنْسِيَّةً فِي مَكْتُوبَةٍ قَطَعَ وَإِنْ صَلَّى رَكْعَةً شَفَعَهَا أَوْ رَكْعَتَيْنِ سَلَّمَ أَوْ ثَلَاثًا أَتَمَّهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَيَقْطَعُ بَعْدَ ثَلَاثٍ أَحَبُّ إِلَيَّ وَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا فَلَا يَقْطَعُ وَإِنْ كَانَتِ الْمَغْرِبُ تَمَادَى مَعَ الْإِمَامِ وَأَعَادَهَا وَإِذَا سَلَّمَ صَلَّى مَا نَسِيَ وَأَعَادَ مَا صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ وَإِنْ صَلَّى قَبْلَهَا صَلَاةً وَأَدْرَكَ وَقْتَهَا وَوَقْتَ الَّتِي صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ فَلْيُعِدْهُمَا جَمِيعًا بَعْدَ الْفَائِتَةِ وَوَقْتُ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي هَذَا اللَّيْلُ كُلُّهُ قَالَ سَنَدٌ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٌ أَنَّ التَّرْتِيبَ غَيْرُ وَاجِبٍ

وَلَا شَرط وَظَاهر الْكتاب يقْضى الْوُجُوبَ وَالشَّرْطِيَّةَ لِقَضَائِهِ بِفَسَادِ الْحَاضِرَةِ وَقَوْلُهُ يَتَمَادَى الْمَأْمُومُ وَيُكْمِلُ الذَّاكِرُ بَعْدَ ثَلَاثٍ يَشْهَدُ لِابْنِ الْقَاسِم وَإِذا قُلْنَا لَا يقْضى فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فِي الْكِتَابِ يَقْطَعُ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ يَجْعَلُهَا نَافِلَةً وَفَرَّقَ ابْنُ حَبِيبٍ بَيْنَ مَا خَرَجَ وَقْتُهُ فَلَا يَقْطَعُ وَقَالَ إِنْ ذَكَرَ ظُهْرَ يَوْمِهِ فِي الْعَصْرِ أَوْ مَغْرِبَ لَيْلَتِهِ فِي الْعِشَاءِ يَقْطَعُ وَأَمَّا مَا خَرَجَ وَقْتُهُ فِي آخِرِ وَقْتِ الْحَاضِرَةِ فَاسْتِدْرَاكُهُ لِبَقِيَّةِ الْوَاجِبِ أَوْلَى مِنْ نَافِلَةٍ لَا تُجْزِيهِ حُجَّةُ مَا فِي الْكِتَابِ الْقِيَاسُ عَلَى مَنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ صَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ بَعْدَ إِحْرَامِهِ بِهَا مُنْفَرِدًا وَجْهُ إِتْمَامِهَا نَافِلَةً الْقِيَاسُ عَلَى مَنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ فَرِيضَةٌ فِي نَافِلَةٍ وَأَمَّا قَوْلُهُ يُضِيفُ إِلَيْهَا أُخْرَى فَنَقُولُ إِنْ كَانَ الْوَقْتُ الِاخْتِيَارِيُّ قَائِمًا يَسَعُ الْمَنْسِيَّةَ وَالنَّافِلَةَ فَكَمَا قَالَ وَإِنْ لَمْ يَسَعْ كَذَاكِرِ الظُّهْرِ فِي آخِرِ وَقْتِ الِاشْتِرَاك فَإِن اتم نَافِلَة خرج الْوَقْتُ فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَشْتَغِلَ بِمَا لَا يجب عَلَيْهِ أَصله قَالَ وَهُوَ مُقْتَضى قَوْلِ أَصْحَابِنَا أَنَّ مَنْ أَخَّرَ عَنِ الِاخْتِيَارِيِّ أَثِمَ وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ التَّأْثِيمِ يُحْتَمَلُ التَّمَادِي وَإِنْ خَرَجَ الِاخْتِيَارِيُّ وَالضَّرُورِيُّ فَأَتَمَّ يُتِمُّهَا عَلَى الْمَذْهَبِ نَافِلَةً مَا لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ مِنْ أَدَاءِ الْمَذْكُورِ فِيهَا وَعِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ يَقْطَعُ عَلَى شَفْعٍ أَوْ وِتْرٍ فَإِنْ كَانَ يَمْنَعُ قَطَعَ إِلَّا أَنْ يَمْتَنِعَ أَدَاءُ الْمَذْكُورِ فِيهَا بِكُلِّ وَجْهٍ وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الذَّاكِرِ بَعْدَ ثَلَاثٍ يَقْطَعُ أَحَبُّ إِلَيَّ فَلَا يَظْهَرُ لِلذِّكْرِ أَثَرٌ قَالَ وَيَتَخَرَّجُ عَلَى قَوْلِهِ وَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ إِنْ ذَكَرَ بَعْدَ رَكْعَةٍ مِنَ الصُّبْحِ فَعِنْدَهُ يَقْطَعُ وَعِنْدَ مَالِكٍ يَتَمَادَى وَأَمَّا قَوْلُهُ لَا يَقْطَعُ خَلْفَ الْإِمَامِ فَقَالَهُ (ش وح) إِمَّا لِأَنَّ الْإِمَامَ يَحْمِلُ التَّرْتِيبَ كَالْقِرَاءَةِ أَوْ

لِأَنَّ الْمُتَابَعَةَ مُتَّفَقٌ عَلَى وُجُوبِهَا بِخِلَافِهِ وَيُعِيدُ الْحَاضِرَةَ بَعْدَ الْمَنْسِيَّةِ بَعْدَ مُفَارَقَةِ الْإِمَامِ مَا دَامَ وَقْتُهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ وَأَبَدًا عِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ فَإِنَّ الذِّكْرَ عِنْدَهُ يُؤَثِّرُ فِي ابطال الْفَرْضِيَّة فَتَبْقَى نَافِلَةً وَأَمَّا قَوْلُهُ يَتَمَادَى الْمَأْمُومُ فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ فَقَدْ حَكَى اللَّخْمِيُّ رِوَايَةً بِأَنَّهُ يُضِيفُ إِلَيْهَا أُخْرَى وَيَجْعَلُهَا رَابِعَةً وَالْأُولَى مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّ الذِّكْرَ لَا يُفْسِدُهَا وَالثَّانِيَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّهُ يُفْسِدُهَا وَقَوْلُهُ يُعِيدُهَا قَالَ سَنَدٌ اسْتِحْبَابًا وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَنْ دَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ فَذَكَرَ أَنَّهُ صَلَّى وَحْدَهُ الْمَغْرِبَ أَنَّ هَذَا اخْتُلِفَ فِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ وَذَاكَ اتُّفِقَ عَلَى صِحَّةِ صَلَاتِهِ فَتَعَيَّنَ إِعَادَةُ الْمَغْرِبِ مرَّتَيْنِ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِذَا ذَكَرَ مَنْسِيَّةً بَعْدَ إِيقَاعه لِلظهْرِ وَالْعصر قبل الْغُرُوب مِقْدَار يَسَعُ الثَّلَاثَ صَلَّى الْمَنْسِيَّةَ ثُمَّ أَعَادَهَا عَلَى التَّرْتِيبِ وَإِنِ اتَّسَعَ لِلْمَنْسِيَّةِ مَعَ إِحْدَاهُمَا صَلَّى الْمَنْسِيَّةَ وَأَعَادَ الْعَصْرَ وَكَذَلِكَ الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ مَعَ الصُّبْحِ وَقَالَ فِي النَّوَادِرِ الْوَقْتُ إِلَى اصْفِرَارِ الشَّمْسِ فَقَطْ مُلَاحَظَةٌ إِنَّ تَرْتِيبَ الْمَفْعُولَاتِ مُسْتَحَبٌّ وَهَذَا وَقْتُ نَهْيٍ وَقِيَاسًا عَلَى مَنْ نَسِيَ النَّجَاسَةَ أَوْ أَخْطَأَ الْقِبْلَةَ وَالْفَرْقُ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ أَنَّ الشَّرْعَ سَامَحَ فِيهِمَا فِي مَوَاضِعَ مَعَ الذِّكْرِ وَلَمْ يُسَامِحْ فِي التَّرْتِيبِ مَعَ الذِّكْرِ وَحَكَى فِي الْجَوَاهِرِ فِي الْوَقْتِ هَلْ هُوَ الضَّرُورِيُّ أَوِ الِاخْتِيَارِيُّ قَوْلَيْنِ مُطْلَقًا قَالَ سَنَدٌ فَلَوْ صَلَّى الْمَنْسِيَّةَ وَنَسِيَ إِعَادَةَ مَا صَلَّى قَبْلَهَا حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُعِيدُهَا خِلَافًا لِمُطَرِّفٍ لِوُقُوعِ الصَّلَاةِ صَحِيحَةً وَرَاعَى مُطَرِّفٌ أَنَّ التَّرْتِيبَ وَاجِبٌ فَيُسْتَدْرَكُ مَعَ الذِّكْرِ ابْتِدَاءً وَلَوْ ذَكَرَهَا بَعْدَ إِيقَاعِ الْجُمُعَة قَالَ مَالك وَابْن الْقَاسِم يُعِيد ظهرا

وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُعِيدُ لِأَنَّ الْفَرَاغَ مِنَ الْجُمُعَةِ كَخُرُوجِ الْوَقْتِ وَإِنْ ذَكَرَ فِي الْجُمُعَةِ فَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ أَشْهَبُ إِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يُدْرِكُ رَكْعَةً بَعْدَ الْمَنْسِيَّةِ فَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَقْطَعَ وَيَقْضِيَ ثُمَّ يَعُودَ إِلَى الْجُمُعَةِ وَإِلَّا تَمَادَى وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ فِي الْجُمُعَةِ إِلَّا احْتِيَاطًا وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ مَذْهَبُ مَالِكٍ اتِّبَاعُ الْإِمَامِ وَإِعَادَةُ الْجُمُعَةِ ظُهْرًا فَلَوْ صَلَّى صَلَوَاتٍ ذَاكِرًا لِلْمَنْسِيَّةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ يُصَلِّي الْمَنْسِيَّةَ وَمَا بَقِيَ وَقْتُهُ مِنَ الْمَفْعُولَاتِ وَهُوَ يُؤَكِّدُ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنَّ التَّرْتِيبَ لَيْسَ بِشَرْطٍ قَالَ سَنَدٌ وَعَلَى الْقَوْلِ بِشَرْطِيَّتِهِ يُعِيدُ الْمَفْعُولَاتِ بَعْدَ الْوَقْتِ وَقَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَوْ ذَكَرَهَا آخِرَ النَّهَارِ فَصَلَّاهَا وَقَدْ بَقِيَ مَا يَسَعُ صَلَاتَهُ فَصَلَّى الْعَصْرَ فَبَقِيَ بَقِيَّةٌ قَالَ مَالِكٌ يُعِيدُ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَقَالَ سَحْنُون الظّهْر فَقَط وَلَو ذكرهَا بعد مَا رَكَعَ الْفَجْرَ قَبْلَ الصُّبْحِ فَصَلَّاهَا قَالَ سَحْنُونٌ يُعِيدُ الْفَجْرَ لِأَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِوَقْتٍ مَخْصُوصٍ فَيَجِبُ التَّرْتِيبُ كَالْمَفْرُوضَةِ وَلَوْ صَلَّى الْمَذْكُورَةَ بَعْدَ الْحَاضِرَةِ وَبَقِيَ مَا يَسَعُ الْحَاضِرَةَ وَشَكَّ فِي فَائِتَةٍ صَلَّى الْفَائِتَةَ وَلَا يُعِيدُ الْحَاضِرَةَ لِخُرُوجِ الْوَقْتِ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ إِنْ ذَكَرَهَا فِي نَافِلَةٍ وَكَانَ صَلَّى مِنْهَا رَكْعَةً أَضَافَ إِلَيْهَا أُخْرَى وَإِلَّا قَطَعَ وَكَانَ يَقُولُ يَقْطَعُ بِقَدْرِ رَكْعَةٍ أَمَّا عَدَمُ الْقَطْعِ بَعْدَ رَكْعَةٍ فَقِيَاسًا عَلَى الْفَرِيضَةِ وَالْوَقْتُ مُسْتَحِقٌّ لِلنَّافِلَةِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ وَأَمَّا الْقَطْعُ بَعْدَ رَكْعَةٍ فَلِأَنَّهُ لَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَظْهَرْ لِلذِّكْرِ أَثَرٌ بِخِلَافِ الْفَرِيضَةِ فَإِنَّهُ انْصَرَفَ عَمَّا عَزَمَ عَلَيْهِ وَالْفَرْقُ عِنْدَ مَالِكٍ فِي كَوْنِهِ يَقْطَعُ ثَلَاثًا فِي الْفَرْضِ وَلَا يَقْطَعُ بَعْدَ رَكْعَةٍ فِي النَّافِلَةِ أَنَّ الثَّلَاثَ الْأَكْثَرُ مِنَ الْعِبَادَةِ بِخِلَافِ رَكْعَةٍ مِنَ النَّافِلَةِ وَإِنَّمَا وِزَانُهَا رَكْعَتَانِ فِي

الْفَرْضِ وَهُوَ يَقْطَعُ فِيهِمَا وَإِذَا قَطَعَ النَّافِلَةَ فَلَا يُعِيدُهَا كَمَنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الْفَرِيضَةُ فِي نَافِلَة لعدم تَعَمّده الْإِبْطَال الرَّابِع فِي الْكتاب إِذا ذكر الإِمَام منسية يقطع وَيُعلمهُم يقطعون فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهَا حَتَّى فَرَغَ لَا يُعِيدُونَ وَيُعِيدُ هُوَ بَعْدَ قَضَاءِ الْمَنْسِيَّةِ وَكَانَ يَقُولُ يُعِيدُونَ فِي الْوَقْتِ فَجَعَلَهُ يَقْطَعُ بِخِلَافِ الْفَذِّ فَإِنَّهُ يَجْعَلُ صَلَاتَهُ نَافِلَةً عَلَى التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ وَلَوْ أَتَمَّ الْإِمَامُ نَافِلَةً لَأَفْسَدَ عَلَيْهِمْ بِتَمَادِيهِ قَالَ سَنَدٌ وَعَلَى قَوْلِهِ يَقْطَعُونَ أَجْمَعُونَ فَإِنَّهُ إِنْ رَكَعَ أَتَى بِثَانِيَةٍ وَسَلَّمَ بِهِمْ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يَسْتَخْلِفُ كَالْحَدَثِ وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ الْإِمَامَ قَطَعَ لِخَلَلٍ فِي صِفَةِ صَلَاتِهِ فَإِنَّ التَّرْتِيبَ صِفَةٌ كَالْإِحْرَامِ وَالْقِرَاءَةِ وَالنِّيَّةِ يَقْطَعُ الْمَأْمُومُ مَعَ الْإِمَامِ فِيهِ كَمَا يَقْطَعُ فِيهِمَا وَالْحَدَث شَرط مفارق ولهذه الْإِشَارَةِ قَالَ أَصْحَابُنَا كُلَّمَا بَطَلَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ إِلَّا فِي نِسْيَانِ الْحَدَثِ وَسَبقه الْخَامِس فِي الْكتاب إِن ذَكَرَ ثَلَاثًا وَمَا قَرُبَ مِنْهُنَّ قَدَّمَهُنَّ عَلَى الْحَاضِرَةِ وَإِنْ فَاتَتْ وَإِنْ كَثُرَتْ بَدَأَ بِالْحَاضِرَةِ ثُمَّ الْمَنْسِيَّاتِ ثُمَّ الْحَاضِرَةِ إِنْ بَقِيَ مِنْ وَقْتِهَا شَيْءٌ وَإِلَّا فَلَا قَالَ سَنَدٌ ظَاهِرُ الْكِتَابِ يَقْتَضِي أَنَّ الْأَرْبَعَ غَايَةُ الْكَثْرَةِ وَأَنَّ الْخَمْسَ تُقَدَّمُ الْحَاضِرَةُ عَلَيْهِنَّ وَقَالَهُ سَحْنُونٌ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ تُقَدَّمُ الْخَمْسُ عَلَى الْحَاضِرَةِ وَحَكَى صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ الْقَوْلَيْنِ فِي ظَاهِرِ الْكِتَابِ وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ إِذَا كَانَ عَلَيْهِ مَنْسِيَّاتٌ كَثِيرَةٌ فَقَضَّاهُنَّ وَبَقِيَ عَلَيْهِ خَمْسٌ كُنَّ كَالْخَمْسِ الْمُنْفَرِدَاتِ يَجِبُ تَرْتِيبُهَا فِي نَفْسِهَا وَمَعَ الْحَاضِرَةِ وَعَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ يَجِبُ التَّرْتِيبُ فِي الْخَمْسِ أَصْلًا أَوْ بِنَاءً قَالَ سَنَدٌ وَقَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ تُقَدَّمُ الْمَنْسِيَّاتُ

وَإِنْ كَثُرْنَ إِذَا أَتَى بِجَمِيعِهَا فِي فَوْرِهِ وان خرج وَقت الْحَاضِرَة وَجعل اجماعهما فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ كَصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا قُلْنَا فِي النَّوَافِلِ الْكَثِيرَةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ بِالتَّيَمُّمِ حُجَّةُ التَّقْدِيمِ عَلَى الْحَاضِرَةِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ أَنَّ التَّرْتِيبَ وَاجِبٌ لِمَا تَقَدَّمَ وَالْوَاجِبُ يُتْرَكُ لِلْوَاجِبِ وَإِنْ قُلْنَا بِأَنَّهُ سُنَّةٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فَنَقُولُ هَذَا الْوَقْتُ بَيْنَ الْحَاضِرَةِ وَالْمَنْسِيَّةِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَإِنَّ ذَلِكَ وَقْتُهَا وَالْمَنْسِيَّةُ أَوْلَى لِتَقَدُّمِ وُجُوبِهَا أَمَّا الِاقْتِصَارُ عَلَى الْأَرْبَعِ فَلِمَا رَوَى ابْنُ مَسْعُودٍ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَحُبِسْنَا عَنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيَّ فَقُلْتُ نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأَمَرَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِلَالًا فَأَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعِشَاءَ ثُمَّ طَافَ عَلَيْنَا فَقَالَ مَا عَلَى الْأَرْضِ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللَّهَ غَيْرُكُمْ احْتَجَّ بِهِ الْبَاجِيُّ وَلَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُنَّ قُدِّمْنَ عَلَى الصُّبْحِ حُجَّةُ الْخَمْسِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا وَهُوَ عَامٌّ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَخَالَفْنَاهُ فِي الْكَثِيرِ الَّذِي يَتَكَرَّرُ وَهُوَ السَّادِسَةُ فَمَا فَوْقَهَا لِحُصُولِ الْمَشَقَّةِ فَبَقيَ مَا عَدَاهُ عَلَى مُقْتَضَى الدَّلِيلِ

(الباب الثالث عشر في الوتر)

(الْبَابُ الثَّالِثَ عَشَرَ فِي الْوِتْرِ) وَهُوَ الْفَرْدُ وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ وَهُوَ بِفَتْحِ الْوَاوِ عِنْدَ أهل الْحجاز وبكسرها الرجل وَلُغَةُ أَهْلِ الْعَالِيَةِ عَلَى الْعَكْسِ وَتَمِيمٌ تَكْسِرُ فِيهِمَا وَهُوَ بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ وَأَمَّا الْمُثَلَّثَةُ مَعَ الْكسر فَهُوَ الْفراش الوطئ وَمَعَ الْفَتْح مَاء الْفَحْل يجمع فِي رَحِمِ النَّاقَةِ إِذَا أَكْثَرَ الْفَحْلُ ضِرَابَهَا وَلَمْ تَلْقَحْ وَهُوَ عِنْدَنَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَحَكَى الْمَازِرِيُّ عَنْ سَحْنُونٍ وُجُوبَهُ وَبِهِ قَالَ (ح) مُحْتَجًّا بِمَا يُرْوَى عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّ اللَّهَ زَادَكُمْ صَلَاةً إِلَى صَلَوَاتِكُمُ الْخَمْسِ أَلَا وَهِيَ الْوِتْرُ وَالزِّيَادَةُ عَلَى الشَّيْءِ تَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ مِنْ جِنْسِهِ وَهُوَ غَيْرُ ثَابِتٍ لَنَا مَا فِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ لِلسَّائِلِ لَمَّا سَأَلَهُ عَنِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فَقَالَ هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُنَّ قَالَ لَا إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ فَقَالَ وَاللَّهِ لَا أَزِيدُ عَلَيْهِنَّ وَلَا أَنْقُصُ مِنْهُنَّ فَقَالَ أَفْلَحَ وَاللَّهِ إِنْ صَدَقَ وَلِفِعْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِيَّاهُ عَلَى الرَّاحِلَةِ وَهُوَ مِنْ شِعَارِ النَّوَافِلِ سُؤَالٌ قِيَامُ اللَّيْلِ وَالْوِتْرِ واجبان على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَكَيْفَ يَسْتَقِيمُ الِاسْتِدْلَالُ جَوَابُهُ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِ فِي السَّفَرِ وَفِي الْجَوَاهِرِ آكَدُ

الصَّلَوَاتِ بَعْدَ الْخَمْسِ الْعِيدَانِ ثُمَّ الْكُسُوفُ ثُمَّ الْوِتْرُ ثُمَّ الْفَجْرُ ثُمَّ رَكْعَتَانِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَاخْتُلِفَ فِي رَكْعَتَيِ الْإِحْرَامِ هَلْ هُمَا سُنَّةٌ أَوْ نَافِلَةٌ وَفِي رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ هَلْ سُنَّةٌ أَو حكمهَا حكم الطّواف وَفِي الْكتاب هُوَ وَاحِد وَقَالَهُ (ش) وَقَالَ (ح) بِثَلَاثٍ بِتَسْلِيمَةٍ لَنَا مَا فِي الصِّحَاحِ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَام عَنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَثْنَى مَثْنَى فَإِذَا خَشِيَ أَحَدُكُمُ الصُّبْحَ صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَة يُوتر لَهُ مَا قَدْ صَلَّى قَالَ سَنَدٌ فَلَوْ أَوْتَرَ خَلْفَ مَنْ يُوتِرُ بِثَلَاثٍ قَالَ مَالِكٌ يُوَافِقُهُ وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَشْفَعَ وِتْرَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ الْمَنْعَ وَرَوَى غَيْرُهُ الْكَرَاهَةَ وَالْجَوَازَ وَمَنْ أَحْرَمَ بِشَفْعٍ لَا يُحَوِّلُهُ وِتْرًا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْكِتَابِ وَرُوِيَ الْجَوَازُ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى نِيَّةِ الرَّكَعَاتِ وَنقل اللَّخْمِيُّ عَنْ مَالِكٍ افْتِقَارَهُ إِلَى النِّيَّةِ لِتَمْيِيزِ رُتْبَتِهِ وَعَنْ أَصْبَغَ عَدَمُ افْتِقَارِهِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَإِذَا خَشِيَ أَحَدُكُمُ الصُّبْحَ صَلَّى رَكْعَةً يُوتر لَهُ مَا قَدْ صَلَّى وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إِذَا أَحْرَمَ بِشَفْعٍ جَعَلَهُ وِتْرًا إِذَا خَشِيَ الصُّبْحَ وَأَمَّا الرَّكْعَتَانِ قَبْلَهُ فَفِي الْجَوَاهِرِ قِيلَ هُمَا شَرْطٌ فِي تَمَامِ الْفَضِيلَةِ وَقِيلَ فِي الصِّحَّةِ وَسَبَبُ الْخِلَافِ هَلْ هُوَ وِتْرٌ لِلْفَرْضِ أَوْ للنفل وَفِي اخْتِصَاص الرَّكْعَتَيْنِ بِهِ أَو تَكْفِي كُلَّ رَكْعَتَيْنِ قَوْلَانِ وَهَلْ يُشْتَرَطُ اتِّصَالُهُمَا بِِهِِ قَوْلَانِ وَفِي الْكِتَابِ لَا يُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ لَيْسَ قَبْلَهَا شَيْءٌ فِي سَفَرٍ وَلَا حَضَرٍ خِلَافًا (ش) أما الْحَدِيثُ السَّابِقُ عَلَى أَنَّهُ وِتْرُ النَّفْلِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَقَدُّمِهِ قَالَ سَنَدٌ ظَاهِرُ الْكِتَابِ لَا يُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ لِعُذْرِ الْمَرَضِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ فِي الْمَرَضِ وَالسَّفَرِ فَإِنْ فَعَلَ مِنْ غَيْرِ

عُذْرٍ قَالَ أَشْهَبُ يُعِيدُ وِتْرَهُ بِأَثَرِ شَفْعٍ مَا لَمْ يُصَلِّ الصُّبْحَ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِنْ كَانَ بِقرب شَفَعَهُ وَأَوْتَرَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ اتِّصَالَهُ بِالشَّفْعِ فِي الْمَجْلِسِ وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ غَيْرَ ذَلِكَ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَنْقُولُ عَنِ السَّلَفِ وَفِي الْكِتَابِ الَّذِي آخُذُ بِهِ فِي نَفْسِي الْقِرَاءَةُ فِيهِ بِالْحَمْدِ وَالْإِخْلَاصِ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَانَ لَا يُفْتِي بِهِ وَإِنَّمَا يَفْعَلُهُ وَرَوَى سَحْنُونٌ ذَلِكَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهُوَ فِي أَبِي دَاوُدَ وَهُوَ قَوْلُ جمَاعَة من أَصْحَاب (ش) قَالَ سَنَد وَقَالَ ابْن حبيب (ح) بِتَرْكِ الْمُعَوِّذَتَيْنِ فَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى الْحَمْدِ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ لَا سُجُودَ عَلَيْهِ وَلَوْ سَهَا عَنْ جُمْلَةِ الْقِرَاءَةِ قَالَ مَالِكٌ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَشْفَعَهُ وَيَسْجُدَ لِلسَّهْوِ ثُمَّ يُوتِرَ فَلَوْ لَمْ يَدْرِ هَلْ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ مِنَ الشَّفْعِ أَوْ مِنَ الْوِتْرِ قَالَ سَحْنُونٌ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ وَيُعِيدُ شَفْعَهُ وَوِتْرَهُ وَهَذَا يَتَّجِهُ فِيمَنْ جَمَعَ شَفْعَهُ وَوِتْرَهُ فِي سَلَامٍ أَمَّا لَوْ سلم بَينهمَا فَقَالَ مَالِكٌ يَشْفَعُ وِتْرَهُ ثُمَّ يُوتِرُ فَإِنْ ذَكَرَ سَجْدَةً وَلَمْ يَدْرِ مِنْ وِتْرِهِ أَوْ شفعه قَالَ سَحْنُون ان تقدم لَهُ إِشْفَاعٌ سَجَدَ سَجْدَةً وَسَلَّمَ وَسَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ وَتُجْزِيهِ وَإِلَّا أَصْلَحَ هَذِهِ بِسَجْدَةٍ وَشَفَعَهَا وَسجد بعد السَّلَام وأوتر وَقَالَ أَبُو الطَّاهِرِ يَجْهَرُ فِي الْوِتْرِ فَإِنْ سَهَا عَنِ الْجَهْرِ سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ أَوْ بَعْدَهُ فَفِي بُطْلَانِ وِتْرِهِ قَوْلَانِ لِأَنَّ ابْنَ

عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَغَيْرَهُ مِمَّنْ وَصَفَ وِتْرَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ذَكَرَهُ جَهْرًا وَأَمَّا الشَّفْعُ فَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ لَا يَخْتَصُّ بِقِرَاءَةٍ وخصصه القَاضِي فِي المعونة بسبح فِي الأولى وَقل يأيها الْكَافِرُونَ فِي الثَّانِيَة وَقَالَهُ (ح وش) وَابْن حَنْبَل فروع خَمْسَة الأول فِي الْكِتَابِ يُصَلِّي الْوِتْرَ بَعْدَ الْفَجْرِ وَقَالَهُ (ش وح) خِلَافًا لِابْنِ حَنْبَلٍ وَأَبِي مُصْعَبٍ وَاللَّخْمِيِّ مِنَّا فَعِنْدَنَا لَهُ وَقْتَانِ اخْتِيَارِيٌّ إِلَى الْفَجْرِ وَاضْطِرَارِيٌّ بَعْدَهُ إِلَى الشَّمْسِ وَعِنْدَهُمُ اخْتِيَارِيٌّ فَقَطْ لَنَا مَا فِي التِّرْمِذِيِّ مَنْ نَامَ عَنْ وِتْرِهِ فَلْيُصَلِّهِ إِذَا أَصْبَحَ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَلَا يَتَعَمَّدُ تَأْخِيرَهُ بَعْدَ الْفَجْرِ قَالَ سَنَدٌ فَإِنْ أَصْبَحَ وَالْوَقْتُ مُتَّسِعٌ وَقَدْ تَنَفَّلَ بَعْدَ الْعِشَاءِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُوتِرُ الْآنَ بِوَاحِدَةٍ وَإِلَّا صَلَّى قَبْلَهُ رَكْعَتَيْنِ لِأَنَّ الشَّفْعَ قَبْلَهُ مِنَ الرَّوَاتِبِ فَإِنْ لَمْ يَتَّسِعِ الْوَقْتُ لِلشَّفْعِ وَالْوِتْرِ وَرَكْعَتَيِ الْفَجْرِ قَالَ أَصْبَغُ يَسْقُطُ قَالَ سَنَدٌ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ أَعْلَقُ بِالْوَقْتِ مِنَ الشفع لِأَن الصُّبْح يقدم على الْوِتْرَ عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ فَيُقَدَّمُ تَابِعُهُ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا ضَاقَ الْوَقْتُ إِلَّا عَنِ الصُّبْحِ وَالْوِتْرِ صَلَّاهُمَا وَتَرَكَ الْفَجْرَ لِلِاخْتِلَافِ فِي وُجُوبِ الْوتر لانه يُسْتَدْرَكُ نَهَارًا بِخِلَافِ الْوِتْرِ وَإِنْ لَمْ يَسَعْ إِلَّا الصُّبْحَ صَلَّاهُ وَلَا يَقْضِي بَعْدَ الشَّمْسِ إِلَّا الْفَجْرَ إِنْ شَاءَ فَإِنْ بَقِيَ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ قَالَ أَصْبَغُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ يُوتِرُ بِثَلَاثٍ وَيدْرك

الصُّبْحَ بِرَكْعَةٍ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ يُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ وَيُكْمِلُ الصُّبْحَ فِي الْوَقْتِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْكِتَابِ وَأَمَّا الْقَضَاءُ فَقَالَ (ح) يَجِبُ قَضَاءُ الْوِتْرِ بعد الشَّمْس لِأَنَّهُ وَاجِب عِنْده و (ش) قَولَانِ فِي سَائِر السّنَن المؤقتة الثَّانِي فِي الْكِتَابِ يُوتِرُ عَلَى الرَّاحِلَةِ فِي السّفر حَيْثُ تَوَجَّهت وَقَالَهُ (ش) خلافًا (ح) قَالَ وَاجِب أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ وَيُوتِرَ عَلَى الْأَرْضِ ثُمَّ ينْتَقل عَلَى الرَّاحِلَةِ وَلَا يُعِيدُ وِتْرَهُ بَعْدَ التَّنَفُّلِ خلافًا (ش) وَفِي مُسْلِمٍ أَوْتَرَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوَّلَ اللَّيْلِ وَوَسَطَهُ وَآخِرَهُ وَانْتَهَى وِتْرُهُ إِلَى السَّحَرِ قَالَ وَإِنْ أَوْتَرَ قَبْلَ الْعِشَاءِ نَاسِيًا أَعَادَهُ بعْدهَا وَقَالَهُ (ش) خلافًا (ح) لنا الْعَمَل الثَّالِث فِي الْكتاب إِذَا دَخَلَ فِي الصُّبْحِ نَاسِيًا وِتْرَ لَيْلَتِهِ أَنْ يَقْطَعَهُ وَيُوتِرَ وَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا وَقَدْ كَانَ يُرَخَّصُ فِي التَّمَادِي لِلْمَأْمُومِ حُجَّةُ الْقَطْعِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي أَبِي دَاوُدَ مَنْ نَامَ عَنْ وِتْرِهِ فَلْيُصَلِّهِ إِذَا ذَكَرَهُ قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ مَا قَالَ أَحَدٌ بِقَطْعِ الصُّبْحِ الا ابْنُ الْقَاسِمِ وَالصَّحِيحُ عَنْ مَالِكٍ عَدَمُ الْقَطْعِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ الْمُغِيرَةُ وَالْبَاجِيُّ لَا يَقْطَعُ مُنْفَرد وَلَا غَيْرُهُ لِأَنَّ الْفَرْضَ لَا يُقْطَعُ إِلَّا للْفَرض وروى فِي الْمَأْمُوم التخير فَيَكُونُ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قَالَ وَإِذَا قُلْنَا لَا يَقْطَعُ الْمَأْمُومُ فَيَجُوزُ أَلَّا يَقْطَعَ الْإِمَامُ مُرَاعَاةً لِلْجَمَاعَةِ فِي حَقِّهِمَا وَيَجُوزُ أَنْ يُفَرَّقَ بِوُجُوب الِاتِّبَاع

الرَّابِعُ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَا يُقْضَى الْوِتْرُ بَعْدَ الصُّبْحِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا صَلَاةَ بعد الصُّبْح حَتَّى تطلع الشَّمْس الْخَامِس فِي الْكِتَابِ إِذَا شَكَّ فِي تَشَهُّدِهِ هَلْ هُوَ فِي الشَّفْعِ أَوِ الْوِتْرِ سَلَّمَ وَسَجَدَ لِسَهْوِهِ ثُمَّ أَوْتَرَ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْوِتْرِ قَالَ سَنَدٌ اخْتَارَ عَبْدُ الْحَقِّ عَدَمَ السُّجُودِ وَحمل مسئلة الْكِتَابِ عَلَى مَنْ يُجَوِّزُ إِضَافَةَ الْوِتْرِ إِلَى الشَّفْعِ وَرُوِيَ السُّجُودُ قَبْلَ السَّلَامِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ فِي الْوِتْرِ فَيَشْفَعُهُ بِالسُّجُودِ

(الباب الرابع عشر في ركعتي الفجر)

(الْبَابُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ) وَالْفَجْرُ أَصْلُهُ مِنْ تَفَجُّرِ الْعُيُونِ أَيِ انْشِقَاقِهَا فَشُبِّهَ طُلُوعُ الْفَجْرِ بِالضَّوْءِ مِنَ الْأُفُقِ بِطُلُوعِ الْمَاءِ من الْعُيُون وَكَذَلِكَ سُمِّيَ الصَّدِيعَ مِنَ الصَّدْعِ الَّذِي هُوَ الشَّقُّ وَتقول فجر الْعين فجرا وفجر فجورا إِذا انْشَقَّ وَأَفْجَرْنَا إِذَا دَخَلْنَا فِي الْفَجْرِ مِثْلَ أَصْبَحْنَا وَأَمْسَيْنَا إِذَا دَخَلْنَا فِي الصَّبَاحِ وَالْمَسَاءِ وَفِيهِ فروع سِتَّة الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ وَقْتُهُمَا بَعْدَ الْفَجْرِ وَيَتَحَرَّاهُمَا إِذَا كَانَ غَيْمًا فَإِنْ أَخْطَأَ أَعَادَهُمَا لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُ عَنِ الْأَذَانِ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ تُقَامَ الصَّلَاةُ قَالَ سَنَدٌ قَالَ ابْن حبيب لَا يعيدهما إِذَا أَخْطَأَ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ التَّحَرِّي وَقَدْ فَعَلَهُ فَإِنْ أَحْرَمَ قَبْلَ

الْفَجْرِ وَأَتَمَّ بَعْدَهُ قَالَ مَالِكٌ لَا يُجْزِيهِ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ أَمَّا أَنَا فَأَقْرَأُ فِيهِمَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَحْدَهَا لِقَوْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إِنْ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَيُخَفِّفُ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ حَتَّى إِنِّي لَأَقُولُ قَرَأَ فِيهِمَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ أَمْ لَا وَحَكَى اللَّخْمِيُّ رِوَايَةً بِقِرَاءَةِ السُّورَةِ وَقَالَهُ (ش) وَفِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَرَأَ فِيهِمَا {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} {وَقل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} وَيُعَضِّدُ الْأَوَّلَ أَنَّ الْفَجْرَ مَعَ الصُّبْح كالرباعية فركعتان بِالْحَمْد وَسورَة وركعتان بِالْحَمْد وَحدهَا وَلذَلِك شرع فِيهِ الْإِسْرَارُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَحَكَى اللَّخْمِيُّ فِيهِ رِوَايَتَيْنِ وَفِي الْكِتَابِ تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ بِهِمَا زِيَادَةً عَلَى نِيَّة الصَّلَاة الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَقَدْ اقيمت الصَّلَاة فَلَا يَرْكَعْهُمَا وَيَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ وَإِنْ أَحَبَّ رَكَعَهُمَا بَعْدَ الشَّمْسِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ لَا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَةُ وَقَالَهُ (ش) وَفِي الْجُلَّابِ يَخْرُجُ مِنَ الْمَسْجِدِ فَيُصَلِّيهِمَا ثُمَّ يَعُودُ وَقَالَهُ (ح) وَاسْتَحَبَّ أَشْهَبُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ أَنْ يَرْكَعَهُمَا حَالَةَ الْإِقَامَةِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لِأَنَّهُمْ يَطْلُبُونَهَا فِيهِ وَأَمَّا قَضَاؤُهُمَا بَعْدَ الشَّمْسِ فَقَالَهُ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ قَالَ سَنَدٌ وَوَقْتُ الْقَضَاءِ إِلَى الزَّوَالِ لِأَنَّهُمَا تَبَعٌ لِصَلَاةِ أَوَّلِ النَّهَارِ وَالنِّصْفُ الْأَوَّلُ يَنْقَضِي بِالزَّوَالِ وَفِي التِّرْمِذِيِّ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ

مَنْ لَمْ يُصَلِّ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ فَلْيُصَلِّهِمَا بَعْدَمَا تَطْلُعُ الشَّمْسُ فَلَوْ نَامَ عَنِ الصُّبْحِ قَالَ مَالِكٌ لَا يُصَلِّيهِمَا مَعَ الصُّبْحِ بَعْدَ الشَّمْسِ وَمَا بَلَغَنِي أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَضَاهُمَا يَوْمَ الْوَادِي وَقَالَ أَشْهَبُ بَلَغَنِي وَيَقْضِيهِمَا وَهُوَ فِي مُسْلِمٍ وَيُعَضِّدُ الْأَوَّلَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ نَسِيَ صَلَاةً أَوْ نَامَ عَنْهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا وَذَلِكَ يَمْنَعُ مِنَ الِاشْتِغَالِ بِغَيْرِهَا وَفِي الْجَوَاهِر عَن البهري ان لفظ الْقَضَاء فيهمَا تجوز بل هما رَكْعَتَانِ يَنُوب ثوابهما لَهُ عَن ثَوَاب الْفَائِت الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ إِنْ سَمِعَ الْإِقَامَةَ قَبْلَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ إِنْ لَمْ يَخَفْ فَوَاتَ رَكْعَةٍ صَلَّاهُمَا خَارِجَ الْمَسْجِدِ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَفْنِيَةِ الَّتِي تُصَلَّى فِيهَا الْجُمُعَةُ اللَّاصِقَةُ بِهِ وَقَالَهُ (ح) وَقَالَ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ يُقَدَّمُ الدُّخُولُ فِي الصُّبْحِ لِعُمُومِ الْحَدِيثِ لَنَا مَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِأَبِي هُرَيْرَةَ لَا تَدَعْهُمَا وَلَوْ طَرَدَتْكَ الْخَيْلُ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ يَرْكَعُهُمَا إِلَّا أَنْ تَفُوتَهُ الصَّلَاةُ فَرَأَى فِي الْكِتَابِ أَنَّ فَضِيلَةَ رَكْعَةٍ أعظم مِنْهُمَا وَمنع فِي الأفنية خلافًا (ح) لِأَدَائِهِ إِلَى الطَّعْنِ عَلَى الْإِمَامِ قَالَ سَنَدٌ إِذَا أُقِيمَتْ عَلَيْهِ فِي الْفِنَاءِ قَالَ مَالِكٌ يَدْخُلُ مَعَهُمْ وَلَا يَرْكَعُهُمَا كَمَا لَوْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ قَالَ وَلِلْإِمَامِ تَسْكِيتُ الْمُؤَذِّنِ حَتَّى يَرْكَعَ فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ لَا يَخْرُجُ وَلَا يسكته ويركع مَكَانَهُ

الْخَامِسُ فِي الْجَوَاهِرِ لَوْ رَكَعَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ فَفِي رُكُوعِهِ رِوَايَتَانِ وَإِذَا قُلْنَا يَرْكَعُ فَهَلْ ذَلِكَ إِعَادَةٌ لِلْفَجْرِ أَوْ تَحِيَّةٌ لِلْمَسْجِدِ قَوْلَانِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ نَظَرًا لِتَعَارُضِ النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ حِينَئِذٍ إِلَّا رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَالْأَمْرِ بِتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ وَقَدْ جَوَّزَ فِي الْكِتَابِ لِمَنْ يَفُوتُهُ حِزْبُهُ أَنْ يُصَلِّيَهُ قَبْلَ الصُّبْحِ وَبَعْدَ الْفَجْرِ وَسُجُودِ التِّلَاوَةِ قَالَ وَإِنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ بَعْدَ الْفَجْرِ وَقَبْلَ الصُّبْحِ فَلَا يُصَلِّي إِلَّا رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَانْفَرَدَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ بِأَنَّهُ يُحَيِّي الْمَسْجِدَ ثُمَّ يَرْكَعُ لِلْفَجْرِ وَضَعَّفَهُ أَبُو عمرَان السَّادِسُ يُكْرَهُ الْكَلَامُ بَعْدَ الصُّبْحِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ وَبَعْدَ الْفَجْرِ لِأَنَّهُ وَقْتُ ذِكْرٍ

(الباب الخامس عشر في صلاة النافلة)

(الْبَاب الْخَامِس عشر فِي صَلَاة النَّافِلَة) وَفِيه فروع ثَمَانِيَة الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مثنى وجوزها (ح) الى الثمان بِتَسْلِيمَةٍ بِاللَّيْلِ وَالْأَوَّلُ عِنْدَهُ أَحْسَنُ وَإِلَى الْأَرْبَعِ بِالنَّهَارِ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِحْبَابِ وَلَوْ صَلَّى مَا شَاءَ جَازَ وَجَوَّزَ (ش) أَنْ يُصَلِّيَ بِغَيْرِ عَدَدٍ وَالْأَفْضَلُ السَّلَامُ مِنْ رَكْعَتَيْنِ مُحْتَجًّا بِمَا فِي مُسْلِمٍ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُصَلِّي تِسْعَ رَكَعَاتٍ لَا يَجْلِسُ فِيهِنَّ إِلَّا فِي الثَّامِنَةِ فَيَذْكُرُ اللَّهَ وَيَحْمَدُهُ وَيَدْعُوهُ ثُمَّ يَنْهَضُ لَا يُسَلِّمُ ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي التَّاسِعَةَ لَنَا مَا فِي الصِّحَاحِ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى فَإِذَا خَشِيَ أَحَدُكُمُ الصُّبْحَ فَلْيُصَلِّ رَكْعَةً تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى وَخَصَّصَ اللَّيْلَ لِكَوْنِ غَالِبِ التَّنَفُّلِ فِيهِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ لِخُرُوجِهِ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَيَعُمُّ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ

الثَّانِي فِي الْكِتَابِ يُصَلِّي النَّافِلَةَ جَمَاعَةً لَيْلًا أَوْ نَهَارًا لِأَنَّ النَّاسَ قَامُوا مَعَهُ عَلَيْهِ السَّلَام فِي قيام رَمَضَان لَيْلَتَيْنِ اَوْ ثَلَاثًا وَأُجْمِعَ عَلَيْهِ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ وَالْعِيدَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَالْخَوْف وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ مُرَادُهُ الْجَمْعُ الْقَلِيلُ خِفْيَةً كَالثَّلَاثَةِ لِئَلَّا تَظُنَّهُ الْعَامَّةُ مِنْ جُمْلَةِ الْفَرَائِض وَكَذَلِكَ اشار ابو الطَّاهِر وَقَالَ وَلَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِي كَرَاهَةِ الْجَمْعِ لَيْلَةَ نِصْفِ شعْبَان وَلَيْلَة عَاشُورَاء وَيَنْبَغِي للأيمة الْمَنْعُ مِنْهُ قَالَ سَنَدٌ وَيَجُوزُ الْجَهْرُ فِيهَا والاسرار فِي اللَّيْل وَالنَّهَار قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَالْجَهْرُ بِاللَّيْلِ أَفْضَلُ وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ الْإِسْرَارُ بِالنَّهَارِ أَفْضَلُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَلَاةُ النَّهَارِ عَجْمَاءُ وَكَرِهَ مَالِكٌ طُولَ السُّجُودِ فِي النَّافِلَةِ فِي الْمَسْجِدِ وَقَالَ أَكْرَهُ الشُّهْرَة الثَّالِث فِي الْكتاب اذا قطع النَّافِلَة عمدا قَضَاهَا وَقَالَهُ (ح) خلافًا (ش) وَوَافَقَ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَيْهِمَا وَقَوله تَعَالَى {وَلَا تُبْطِلُوا أَعمالكُم} وَإِذَا حَرُمَ الْإِبْطَالُ وَوَجَبَ الْإِتْمَامُ فَيَجِبُ الْقَضَاءُ قِيَاسًا عَلَى الْوَاجِبَاتِ وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِلسَّائِلِ إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ مَفْهُومُهُ أَنَّ التَّطَوُّعَ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ قَاعِدَةٌ الْأَحْكَامُ عَلَى قِسْمَيْنِ مِنْهَا مَا اوجبه الله تَعَالَى فِي اصل شَرعه كَالصَّلَاةِ

وَالصَّوْمِ وَمِنْهَا مَا وَكَلَهُ إِلَى إِرَادَةِ خَلْقِهِ كالمنذورات فَلَا يجب إِلَّا بِالنَّذْرِ وَخَصَّصَهُ بِنَقْلِ الْمَنْدُوبَاتِ إِلَى الْوَاجِبَاتِ وَأَسْبَابُ الْأَحْكَامِ عَلَى قِسْمَيْنِ مِنْهَا مَا قَرَّرَهُ فِي أَصْلِ شَرْعِهِ كَالزَّوَالِ وَرُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَمِنْهَا مَا وَكَلَهُ إِلَى إِرَادَةِ خَلْقِهِ كَالتَّعْلِيقَاتِ فِي الْمَنْذُورَاتِ وَالطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ فَدُخُولُ الدَّارِ لَيْسَ سَبَبًا لِطَلَاقِ امْرَأَةِ أَحَدٍ وَلَا عِتْقِ عَبْدِهِ إِلَّا أَنْ يَجْعَلَهُ الْمُكَلَّفُ سَبَبًا لِذَلِكَ بِالتَّعْلِيقِ وَعَمَّمَ الشَّرْعُ ذَلِكَ فِي الْمَنْدُوبَاتِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْأَحْكَامِ فَلَا غَرْوَ حِينَئِذٍ أَنْ يَنْصِبَ اللَّهُ تَعَالَى الشُّرُوعَ سَبَبًا لِلْوُجُوبِ وَتَشْهَدُ لَهُ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ بِالِاعْتِبَارِ وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ بِالنُّسُكَيْنِ إِجْمَاعًا تَنْبِيهٌ لَا يُوجَدُ ذَلِكَ عِنْدَنَا إِلَّا فِي سَبْعِ مَسَائِلَ النُّسُكَيْنِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالِاعْتِكَافِ وَالِائْتِمَامِ وَالطَّوَافِ أَمَّا الشُّرُوعُ فِي تَجْدِيدِ الْوُضُوءِ فَنَصَّ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنْ قَطْعَهُ لَا يُوجِبُ قَضَاءً وَكَذَلِكَ الشُّرُوعُ فِي الصَّدَقَةِ وَالْقِرَاءَةِ وَالْأَذْكَارِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْقُرُبَاتِ وَلِلْخَصْمِ الْقِيَاسُ عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ وَلنَا الْفرق ان امكن الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ لَمْ يُؤَقِّتْ قَبْلَ الْمَكْتُوبَةِ وَلَا بَعْدَهَا رُكُوعًا لِعَمَلِ الْمَدِينَةِ قَالَ سَنَدٌ وَقَوْلُ ابْنِ الْجَلَّابِ رَكْعَتَانِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ مِنْ آكَدِ الْمَسْنُونَاتِ غَيْرُ مَعْرُوفٍ فِي الْمَذْهَبِ وَلَيْسَ بَعْدَ الْمَغْرِبِ سُنَّةٌ وَقَالَ (ش) رَكْعَتَانِ قَبْلَ الصُّبْحِ وَرَكْعَتَانِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَانِ بَعْدَهُ وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَقَالَ أَهْلُ الْعِرَاقِ قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعٌ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ رَكْعَتَانِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ

وَفِي الْجَوَاهِرِ عَدَّ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ مِنَ الرَّوَاتِب الرُّكُوع قبل الْعَصْر وَبعد الْمغرب الْخَامِسُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ قَبْلَ الرُّكُوعِ فِي النَّافِلَةِ إِنْ أَمْكَنَهُ إِدْرَاكُ رُكُوعِ الرَّكْعَةِ الْأَوْلَى بِالِاقْتِصَارِ عَلَى الْحَمْدِ فَعَلَ وَإِلَّا قَطَعَ بِسَلَامٍ وَلَا يَقْضِي النَّافِلَةَ فَإِنْ قَطَعَ بِغَيْرِ سَلَامٍ أَعَادَ الْمَكْتُوبَةَ لِأَنَّ قَوْلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا صَلَاتَانِ مَعًا يُعَارِضُهُ {وَلا تُبْطِلُوا أَعمالكُم} فَمَهْمَا أَمْكَنَ الْجَمْعُ فَعَلَ قَالَ سَنَدٌ وَإِذَا بَطَلَتِ الْفَرِيضَةُ بِسَبَبِ الدُّخُولِ بِغَيْرِ سَلَامٍ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى حُكْمِ النَّافِلَةِ لِأَنَّهُ يَكْفِي فِيهَا مُطلق الصَّلَاة السَّادِسُ فِي الْكِتَابِ يُكْرَهُ التَّنَفُّلُ عِنْدَ الشُّرُوعِ فِي الْإِقَامَةِ وَالْإِمَامُ فِي مَوْضِعِهِ وَبَعْدَ الْجُمُعَةِ وَفِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يُصَلِّي الْإِمَامُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ حَتَّى يتَحَوَّل السَّابِعُ فِي الْجُلَّابِ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ أَرَادَ الْجُلُوسَ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ جَلَسَ وَلَمْ يُصَلِّ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُجْتَازًا أَوْ مُحْدِثًا أَوْ فِي وَقْتِ نَهْيٍ أَوْ تَكَرَّرَ بِالدُّخُولِ مِنْهُ بَعْدَ أَنْ يُحَيِّيَ وَهِيَ تُسَمَّى تَحِيَّةً ماخوذة من التَّحِيَّة الَّذِي هُوَ السَّلَامُ وَيُسَمَّى السَّلَامُ تَحِيَّةً مِنَ الْحَيَاةِ لِأَنَّ السَّلامَة بِسَبَبِهَا غَالِبًا وَالسَّلَامُ دُعَاءٌ بِالسَّلَامَةِ وَأَصْلُهَا مَا فِي الصِّحَاحِ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ وَمَفْهُومُهُ أَنَّ الْمُجْتَازَ لَا يُؤْمَرُ بِذَلِكَ قَالَ سَنَدٌ ان صلى فرضا اداء وَقَضَاء دخل فِيهِ التَّحِيَّةَ كَالِاعْتِكَافِ فِي رَمَضَانَ

قَالَ مَالِكٌ يُبْدَأُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِالطَّوَافِ قَبْلَ الرُّكُوعِ لِأَنَّهُ الصَّلَاةُ الْمُخْتَصَّةُ بِهِ وَفِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ بِالرُّكُوعِ قَبْلَ السَّلَامِ عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَام لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الرُّسُل عَلَيْهِم السَّلَام قَاعِدَة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى غَنِيٌّ عَنِ الْخَلْقِ لَا تَزِيدُهُ طَاعَتُهُمْ وَلَا تنقصه معصيتهم وَالْأَدب مَعَه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى اللَّائِق لجلاله مُتَعَذر منا فَأمرنَا سُبْحَانَهُ أَنْ نَتَأَدَّبَ مَعَهُ كَمَا نَتَأَدَّبُ مَعَ اكابرنا لِأَنَّهُ وَسِعَنَا وَلِذَلِكَ أَمَرَنَا بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْمَدْحِ لَهُ وَإِكْرَامِ خَاصَّتِهِ وَعَبِيدِهِ وَلَمَّا كَانَ الدَّاخِلُ على بيُوت الأكابر يسلم عَلَيْهِم وَالسَّلَام فِي حَقه تَعَالَى مُتَعَذر لكَونه سالما لذاته من سَائِر النقائض بل وَرَدَ بِأَنْ يُقَالَ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ وَإِلَيْكَ يَعُودُ السَّلَامُ حَيِّنَا رَبَّنَا بِالسَّلَامِ أَيْ أَنْتَ السَّالِمُ لِذَاتِكَ وَمِنْكَ تَصْدُرُ السَّلَامَةُ لِعِبَادِكَ وَإِلَيْكَ يَرْجِعُ طَلَبُهَا فَأَعْطِنَا إِيَّاهَا وَلَمَّا اسْتَحَالَ السَّلَامُ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ مَقَامَهُ لِيَتَمَيَّزَ بَيْتُ الرَّبِّ عَنْ غَيْرِهِ وَلِذَلِكَ نَابَتِ الْفَرِيضَةُ عَنِ النَّافِلَةِ لحُصُول التَّمْيِيز الثَّامِنُ فِي الْكِتَابِ يُؤْمَرُ الصِّبْيَانُ بِالصَّلَاةِ إِذَا أَثْغَرُوا لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مروا الصّبيان بِالصَّلَاةِ لِسَبْعِ سِنِينَ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا لِعَشْرٍ

فصل في الجواهر

وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ وَحِكْمَةُ ذَلِكَ التَّدْرِيبُ عَلَيْهَا حَتَّى يَأْتِيَ وَقْتُ التَّكْلِيفِ فَلَا تَشُقَّ عَلَيْهِمْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ يُؤَدَّبُونَ عِنْدَ الْإِثْغَارِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمْ حِينَئِذٍ قَالَ سَنَدٌ مَعْنَى التَّأْدِيبِ عِنْدَهُ فِي السَّبْعِ بِغَيْرِ ضَرْبٍ وَيُضْرَبُونَ عَلَيْهَا عِنْدَ الْعَشْرِ وَيَكُونُ قَوْلُهُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ عَطْفًا عَلَى مُرُوهُمْ وَهُوَ أَحْوَطُ لَا سِيَّمَا الذُّكُورُ مَعَ الْإِنَاثِ وَأَمَّا الصَّوْمُ فَقَالَ مَالِكٌ يُؤْمَرُونَ بِهِ عِنْدَ الْبُلُوغِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا يَتَكَرَّرُ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ عِنْدَ إِطَاقَتِهِمْ لِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغُوا فَائِدَةٌ يُقَالُ ثُغِرَ إِذَا سَقَطت رابعته واثغر إِذا ثبتَتْ فَصْلٌ فِي الْجَوَاهِرِ الَّذِي اسْتَمَرَّ الْعَمَلُ عَلَيْهِ مِنَ الْعَدَدِ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ سِتٌّ وَثَلَاثُونَ رَكْعَة ثَلَاث وِتْرٌ وَتُسْتَحَبُّ الْجَمَاعَةُ فِيهِ تَأَسِّيًا بِعُمَرَ رَضِيَ الله عَنهُ واستمرارا الْعَمَلِ قَالَ سَنَدٌ وَاخْتَارَ مَالِكٌ فِي مُخْتَصَرِ مَا لَيْسَ فِي الْمُخْتَصَرِ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً وَهِي صلَاته عَلَيْهِ السَّلَام وَالَّذِي جَمَعَ عَلَيْهَا النَّاسَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَرُوِيَ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَقُومُونَ فِي زَمَنِ عُمَرَ ثَلَاثًا وَعِشْرِينَ رَكْعَةً وَاخْتَارَهُ (ح) وَابْنُ حَنْبَل وَكَانُوا يصلونَ إِلَى قَرِيبِ الْفَجْرِ وَكَرِهَ مَالِكٌ إِحْيَاءَ اللَّيْلِ كُلِّهِ اتِّبَاعًا لِلسُّنَّةِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ يُوَاظِبُهُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ لَا اخْتِلَافَ فِي أَنَّ الْكَثِيرَ مِنَ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ مِنَ الْقَلِيلِ مَعَ الِابْتِدَاءِ فِي الطُّولِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلِ الْأَفْضَلُ طُولُ الْقِيَامِ أَوْ كَثْرَةُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ مَعَ اسْتِوَاءِ الزَّمَانِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ

السَّلَامُ مَنْ رَكَعَ رَكْعَةً وَسَجَدَ سَجْدَةً رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً وَحُطَّتْ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ وَجَاءَ أَنَّ الذُّنُوبَ تَتَسَاقَطُ كُلَّمَا رَكَعَ وَسَجَدَ وهما يدان عَلَى الْفَضْلِ لَا عَلَى الْأَفْضَلِيَّةِ وَرُوِيَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا سُئِلَ أَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ قَالَ طُولُ الْقُنُوتِ وَرُوِيَ طُولُ الْقِيَامِ وَهُوَ الأطهر وَكره الدُّعَاء والخطب وَالْقَصَصُ لَيْلَةَ الْخَتْمِ لِتَرْكِ السَّلَفِ إِيَّاهُ وَالصَّلَاةُ فِي رَمَضَانَ أَفْضَلُ مِنْ مُذَاكَرَةِ الْعِلْمِ لِأَنَّهُ عَمَلُ السَّلَفِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ الْعِلْمُ أَفْضَلُ لِأَنَّهُ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ وَفِي الْكِتَابِ يُكْرَهُ إِذَا دَخَلَ إِمَامٌ آخَرُ أَنْ يَقْرَأَ إِلَّا مِنْ حَيْثُ وَقَفَ الْأَوَّلُ لِيَتَسَنَّى نَظْمُ الْمُصْحَفِ قَالَ وَلَيْسَ ختم الْقُرْآن مِنْ سُنَّةِ الْقِيَامِ قَالَ سَنَدٌ فَلَوْ أَتَمَّ الْخَتْمَةَ فِي رَكْعَةٍ وَأَرَادَ ابْتِدَاءَهَا فِي تِلْكَ الرَّكْعَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ وَيَبْتَدِئُ بِالْبَقَرَةِ لِأَنَّ الرُّكْنَ لَا يُكَرَّرُ وَالتَّرْتِيلُ أَفْضَلُ مِنَ الْإِسْرَاعِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا شَكَّ فِي حَرْفٍ فَلَا يَنْظُرْهُ فِي مُصْحَفٍ بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى يُسَلِّمَ وَيَجُوزُ أَنْ يَؤُمَّ مِنَ الْمُصْحَفِ فِي النَّافِلَةِ وَيُكْرَهُ فِي الْفَرِيضَةِ وَقَالَهُ (ش) وابطل (ح) الصَّلَاة بِالنّظرِ فِي الْمُصْحَفِ وَفِي الْبُخَارِيِّ كَانَ خِيَارُنَا يَقْرَأُ فِي الْمُصْحَفِ فِي رَمَضَانَ وَانْفِرَادُ الْوَاحِدِ لِطَلَبِ السَّلَامَةِ من الرِّيَاء أفضل على الْمَشْهُور مالم يُؤَدِّ إِلَى تَعْطِيلِ الْمَسَاجِدِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الصَّحِيحِ خَيْرُ صَلَاةِ أَحَدِكُمْ فِي بَيْتِهِ إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ وَفِي الْجُلَّابِ يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَة بِالْحَمْد وَعَشْرٍ مِنَ الْآيَاتِ الطِّوَالِ وَيَزِيدُ فِي الْقِصَارِ وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ عَلَى نَظْمِهِ فِي الْمُصْحَفِ وَلَا يَقْرَأُ أَحْزَابًا وَلَا بَأْسَ

بِالصَّلَاةِ بَيْنَ الْأَشْفَاعِ فِي رَمَضَانَ إِذَا كَانَ الْإِمَامُ يَجْلِسُ بَيْنَهَا وَإِلَّا فَلَا وَمَنْ فَاتَهُ الْعِشَاءُ مَعَ الْإِمَامِ فَلْيَبْدَأْ بِهَا وَحْدَهُ وَإِنْ فَاتَتْهُ رَكْعَةٌ مِنَ الإشْفَاعِ قَضَاهَا مَعَ الْإِمَامِ فِي الشفع الثَّانِي يرْكَع بركوعه وَيسْجد بسجوده يفعل ذَلِكَ إِلَى آخِرِ صَلَاتِهِ مُؤْتَمًّا بِهِ فِيهَا رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ بَعِيدٌ لِإِحْرَامِهِ قَبْلَهُ وَسَلَامِهِ أَيْضًا قَبْلَهُ أَوْ يَتَوَاطَأُ فِعْلُهُ مِنْ غَيْرِ ائْتِمَامٍ فِيهَا رَوَاهُ أَشْهَبُ وَهُوَ أَصَحُّ فَإِذَا فَرَغَ الْإِمَامُ قَضَى الْمَأْمُومُ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ إِنْ فَاتَتْهُ رَكْعَةٌ مِنْ رَكَعَاتِ الْوِتْرِ مَعَهُ خَشْيَةَ الْمُخَالَفَةِ وَحَكَى صَاحِبُ الْوَجِيزِ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يَقْضِي وَحْدَهُ تِلْكَ الرَّكْعَةَ الْأُولَى لِئَلَّا يُخَالِفَهُ فِي جُمْلَةِ الصَّلَاةِ فِي الْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ قَالَهُ سَحْنُونٌ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَهُوَ أَوْلَى الْأَقْوَال

(الباب السادس عشر في سجود القرآن)

(الْبَابُ السَّادِسَ عَشَرَ فِي سُجُودِ الْقُرْآنِ) وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ هُوَ فَضِيلَةٌ وَاسْتَقْرَأَ ابْنُ مُحْرِزٍ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْكِتَابِ لِيَسْجُدْهَا بَعْدَ الصُّبْحِ مَا لَمْ يُسْفِرْ أَنَّهُ سُنَّةٌ وَقَالَهُ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ (ح) وَاجِب عَلَى الْقَارِئِ وَالْمُسْتَمِعِ مُحْتَجًّا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا قرئَ عَلَيْهِم الْقُرْآن لَا يَسْجُدُونَ} وَالذَّمُّ دَلِيلُ الْوُجُوبِ وَلِأَنَّهُ يُتْرَكُ لَهُ فِعْلُ الصَّلَاةِ الْوَاجِبَةِ وَمَا يُتْرَكُ الْوَاجِبُ لَهُ فَهُوَ وَاجِبٌ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ لَيْسَ الْمُرَادُ الْقُرْآنَ كَيْفَ كَانَ إِجْمَاعًا وَإِذَا كَانَ مَخْصُوصًا بِحَمْلِ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى السُّجُودِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ فِي الْخَمْسِ أَوْلَى مِنَ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْمَتْرُوكَ هُوَ الْقِيَامُ فِي غَيْرِ الْفَاتِحَةِ وَهُوَ غَيْرُ وَاجِبٍ وَفِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَرَأَ سَجْدَةً وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَنَزَلَ وَسَجَدَ وَسَجَدْنَا مَعَهُ ثُمَّ قَرَأَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى فَتَهَيَّأَ النَّاسُ لِلسُّجُودِ فَقَالَ عَلَى رِسْلِكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَكْتُبْهَا عَلَيْنَا إِلَّا أَنْ نَشَاءَ وَلَمْ يُنْكِرْهُ عَلَيْهِ أَحَدٌ فَكَانَ إِجْمَاعًا

فُرُوعٌ سَبْعَةٌ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ سُجُودُ الْقُرْآنِ إِحْدَى عشر سَجْدَةً لَيْسَ فِي الْمُفَصَّلِ مِنْهَا شَيْءٌ المص وَالرَّعْدُ وَالنَّحْلُ وَبَنُو إِسْرَائِيلَ وَمَرْيَمُ وَالْأُولَى مِنَ الْحَجِّ وَالْفُرْقَانُ وَالْهُدْهُدُ والم تَنْزِيلُ وَص وَحم تَنْزِيلُ قَالَ الْقَاضِي فِي الْإِشْرَافِ وَرُوِيَ عَنْهُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ بَاقِيهَا فِي الْمُفَصَّلِ وَقَالَهُ (ش) وَ (ح) وَخَمْسَ عَشْرَةَ ثَانِيَةُ الْحَجِّ مُكَمِّلَتُهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ جُمْهُورُ الْمُتَأَخِّرِينَ يُعِدُّونَ ذَلِكَ اخْتِلَافًا وَالْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ يَقُولُ السُّجُودُ فِي الْجَمِيعِ مَأْمُورٌ بِهِ وَإِنَّمَا الْإِحْدَى عَشْرَةَ هِيَ الْعَزَائِمُ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ الْمُفَصَّلِ كُلُّهُ مَكِّيٌّ قِيلَ أَوَّلُهُ الْحُجُرَاتُ وَقِيلَ (ق) وَقِيلَ الرَّحْمَنُ سُمِّيَ بذلك لِكَثْرَة تَفْصِيله بِبسْم اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ سَجَدَ فِي النَّجْمِ وَسَجَدَ مَنْ كَانَ مَعَهُ وَفِي إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ وَفِي اقْرَأ بِسم رَبِّكَ وَفِي أَبِي دَاوُدَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عامرقال قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فُضِّلَتْ سُورَةُ الْحَجِّ بِأَنَّ فِيهَا سَجْدَتَيْنِ قَالَ نَعَمْ مَنْ لَمْ يَسْجُدْهُمَا فَلَا يَقْرَأْهُمَا وَالثَّانِيَةُ عِنْدَ قَوْلِهِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ} وَذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ مَحْمُولٌ عَلَى النَّسْخِ لِإِجْمَاعِ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَفُقَهَائِهَا عَلَى تَرْكِ ذَلِكَ مَعَ تَكَرُّرِ الْقِرَاءَةِ لَيْلًا وَنَهَارًا وَلَا يُجْمِعُونَ عَلَى ترك السّنة وَفِي أبي دَاوُد أَن عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَسْجُدْ فِي شَيْءٍ

مِنَ الْمُفَصَّلِ مُنْذُ تَحَوَّلَ إِلَى الْمَدِينَةِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ مَالِكٌ وَ (ح) سَجَدَ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {رب الْعَرْش الْعَظِيم} وَقَالَ (ش) عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {وَيَعْلَمُ مَا يخفون وَمَا يعلنون} لَنَا أَنَّهُ كَلَامٌ مُتَّصِلٌ فَيُسْجَدُ عِنْدَ آخِرِهِ وَالْمذهب أَنه فِي (ص) عِنْد قَوْله تَعَالَى {وخر رَاكِعا وأناب} وروى عَنهُ عِنْد قَوْله {وَحسن مآب} وَفِي الْكتاب هُوَ فِي تَنْزِيل عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} وَقَالَهُ (ح وش) عِنْد قَوْله تَعَالَى {وهم لَا يسئمون} الْمُدْرَكُ فِي ذَلِكَ أَنَّ السُّجُودَ شُرِعَ عِنْدَ أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ عِنْدَ الْأَمْرِ بِهِ أَوْ مَدْحِ الساجدين أَو ذمّ المستكبرين أَو الشُّكْر كَمَا فِي (ص) وَالْأَمر هَهُنَا عِنْدَمَا ذَكَرْنَاهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَسْجُدُ فِي الْانْشِقَاقِ فِي آخِرِ السُّورَةِ وَقَالَ الْقَاضِي عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ} الثَّانِي فِي الْجَوَاهِرِ يُشْتَرَطُ فِيهَا شَرَائِطُ الصَّلَاةِ إِلَّا السَّلَامَ وَالْإِحْرَامَ وَيُكَبِّرُ لِلْخَفْضِ وَالرَّفْعِ إِنْ كَانَ فِي صَلَاةٍ وَإِلَّا فَفِي التَّكْبِيرِ فِي الْكِتَابِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ رَجَعَ عَنْ عَدَمِ التَّكْبِيرِ إِلَيْهِ وَخَيَّرَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَفِي أَبِي دَاوُدَ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَإِذَا مَرَّ بِالسَّجْدَةِ كَبَّرَ وَسَجَدَ وَسَجَدْنَا مَعَهُ وَقَالَ ابْنُ

حَنْبَلٍ يُسَلِّمُ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى الطَّوَافِ وَعَمَلِ السَّلَفِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سُجُودِ السَّهْوِ أَنَّهُ من تَوَابِع الصَّلَاة فَأعْطِي حُكْمَهَا وَهِيَ مِنْ تَوَابِعِ الْقِرَاءَةِ وَالْقِرَاءَةُ لَيْسَ لَهَا إِحْرَام وَلَا سَلام الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ يَسْجُدُ مَنْ قَرَأَ السَّجْدَةَ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ إبان صَلَاة وَغير متطهر فَلَا يَقْرَأها وَيَتَعَدَّاهَا لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ لَمْ يَسْجُدْهُمَا فَلَا يَقْرَأْهُمَا وَمِنْ جِهَةِ الْقَوَاعِدِ أَنَّ مُلَابَسَةَ السَّبَبِ تُوجِبُ تَوَجُّهَ الْأَمْرِ فَتَرْكُهُ حِينَئِذٍ يَقْبُحُ أَمَّا مَنْ لَمْ يُلَابِسِ السَّبَبَ لَا يَكُونُ تَارِكًا لِلْمَأْمُورِ بِهِ وَيُعَوِّضُ عَنِ الْقِرَاءَةِ قِرَاءَةً أُخْرَى قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ يَتْرُكُ ذِكْرَ السُّجُودِ خَاصَّةً وَقَالَ سَنَدٌ يَتْرُكُ مَا لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى وَلَا نِظَامَ اللَّفْظِ وَإِذَا تَرَكَهَا لِعَدَمِ الطَّهَارَةِ فَالْمَذْهَبُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ الْجَلَّابِ يَقْرَؤُهَا إِذَا تَطَهَّرَ أَو خرج وَقت النَّهْي وَيسْجد لَهَا وَالْأَظْهَر الْمَذْهَبِ فَإِنَّ الْقَضَاءَ مِنْ شِعَارِ الْفَرَائِضِ وَفِي الْكِتَابِ يَقْرَؤُهَا بَعْدَ الصُّبْحِ إِلَى الْإِسْفَارِ وَبَعْدَ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَتَغَيَّرِ الشَّمْسُ وَقَالَهُ (ش وح) وَقَاسَ فِي الْكِتَابِ عَلَى صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَمَنَعَ فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ ذَلِكَ لِلنَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ حِينَئِذٍ وَحَكَى سَنَدٌ الْفَرْقَ عَنْ مُطَرِّفٍ بَيْنَ الصُّبْحِ فَيَسْجُدُ قِيَاسًا عَلَى رُكُوعِ الطَّائِفِ وَبَيْنَ الْعَصْرِ فَلَا يَسْجُدُ وَالْفَرْقُ لِلْمَذْهَبِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّوَافِلِ الِاخْتِلَافُ فِي وَجُوبِهِ وَيُفْعَلُ فِي الصَّلَاةِ وَتُتْرَكُ لَهُ وَلِأَنَّ النَّفْلَ تَبَعٌ لِلْفَرْضِ وَهُوَ تَبَعٌ لِلْقِرَاءَةِ وَهِيَ جَائِزَةٌ حِينَئِذٍ

تَنْبِيهٌ فِيهِ شِبْهُ الصَّلَاةِ بِالطَّهَارَةِ وَالسُّتْرَةِ وَالْقِبْلَةِ وَالتَّكْبِير وَشبه الْقِرَاءَة من جِهَة عدم الْإِحْرَامِ وَالسَّلَامِ وَلِهَذَا الشِّبْهِ جَازَ الطَّوَافُ حِينَئِذٍ لحُصُول فِيهِ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى رَكَعَ فِي الْأُولَى مَضَى عَلَى رُكُوعِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ يَنْحَطُّ لِلسُّجُودِ وَسَبَبُ الْخِلَافِ هَلْ تَنْعَقِدُ الرَّكْعَةُ دُونَ الرَّفْعِ أَمْ لَا وَإِنْ قَصَدَ بِالرُّكُوعِ السَّجْدَةَ لَمْ تَحْصُلْ لَهُ لِأَنَّهُ غَيَّرَ هَيْئَتَهَا وَأَشَارَ ابْنُ حَبِيبٍ إِلَى جَوَازِ ذَلِكَ وَإِنْ قَصَدَ السُّجُودَ فَرَكَعَ فَفِي اعْتِدَادِهِ بِهِ قَوْلَانِ وَإِنْ ذَكَرَ وَهُوَ مُنْحَنٍ خَرَّ لِسَجْدَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى رَفَعَ لَمْ يُعْتَدَّ بِرَكْعَتِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِخِلَافِ مَالِكٍ وَإِنْ ذَكَرَ مُنْحَنِيًا رَفَعَ مُتَمِّمًا لِلرَّكْعَةِ وَإِنْ ذَكَرَ بَعْدَ رَفْعِهِ تَمَّتْ رَكْعَتُهُ وَيَقْرَأُ السَّجْدَةَ فِيمَا بَعْدُ وَسَبَبُ الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ أَنَّ نِيَّتَهُ كَانَتْ لِلسُّجُودِ وَهُوَ نَفْلٌ وَالرُّكُوعُ فَرْضٌ وَفِي إِجْزَاءِ النَّفْلِ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْفَرْضِ إِلَيْهِ خِلَافٌ وَإِذَا أَعَادَهَا فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَهَلْ قبل قِرَاءَة أم الْقُرْآن أَو بَعْدَهَا قَوْلَانِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ وَقَالَ أَشْهَبُ يَسْجُدُهَا وَإِنْ سَلَّمَ وَإِنْ قَصَدَ السُّجُودَ فَرَكَعَ وَذَكَرَ وَهُوَ مُنْحَنٍ فَخَرَّ سَاجِدًا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ طَالَ الرُّكُوعُ بِالطُّمَأْنِينَةِ سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ هَذَا إِذَا قُلْنَا لَا يُعْتَدُّ بِالرَّكْعَةِ أَمَّا إِذَا قُلْنَا يُعْتَدُّ فَيَقْرَأُ السَّجْدَةَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ لَا سُجُود عَلَيْهِ وَرجحه الْمَازرِيّ لعدم الزِّيَادَة هَهُنَا قَالَ سَنَدٌ فَإِنْ لَمْ يَذْكُرِ السَّجْدَةَ حَتَّى ركع فِي الثَّانِيَة أتم نافلته فَإِنْ شَرَعَ فِي غَيْرِهَا قَرَأَ السَّجْدَةَ وَسَجَدَهَا وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ لِلْإِخْلَالِ بِهَا فِي الْأُولَى وَهُوَ فِي التَّلْقِينِ لِأَنَّ السُّجُودَ فَضِيلَةٌ وَفِي الْجلاب يسْجد لِأَنَّهُ سنة

الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ لَا يَقْرَؤُهَا فِي الْفَرِيضَةِ مُنْفَرد وَلَا إِمَام لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ فِي الصَّلَاةِ فَإِنْ قَرَأَهَا الْإِمَامُ سَجَدَ بِهِمْ قَالَ سَنَدٌ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَقْرَؤُهَا فِي الْفَرْضِ وَيَسْجُدُ وَيُعِيدُهَا فِي الثَّانِيَةِ إِذَا نَسِيَهَا فِي الْأُولَى وَحَيْثُ سَجَدَ فَأَعَادَ الْقِرَاءَةَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ سَجَدَ وَإِنْ أَعَادَهَا خَارِجَ الصَّلَاةِ لَا يَسْجُدُ إِلَّا فِي مَجَالِسَ أَمَّا الْمَجْلِسُ الْوَاحِدُ فَلَا وَلَوْ قَرَأَ سَجَدَاتٍ مُخْتَلِفَةً فِي مَجْلِسٍ سَجَدَ لِجَمِيعِهَا فَالرَّكَعَاتُ كَالْمَجَالِسِ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ يَقْرَؤُهَا الْإِمَامُ فِي الْفَرِيضَةِ وَقَالَهُ (ش) وَرَوَى أَشْهَبُ لَا يَقْرَؤُهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْجَمْعُ قَلِيلًا لَا يُخَلَّطُ عَلَيْهِمْ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يَقْرَؤُهَا فِي السِّرِّ بِخِلَافِ الْجَهْرِ وَقَالَهُ (ح) وَابْنُ حَنْبَلٍ لِأَنَّ الْجَهْرَ لَا تَخْلِيطَ فِيهِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَقْرَأُ فِي صُبْحِ الْجُمُعَةِ بتنزيل السَّجْدَة {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ} وَنَحْنُ نَقُولُ بِمُوجَبِهِ فَإِنَّ مَنْ قَرَأَهَا سَجَدَهَا وَإِنَّمَا الْخِلَافُ هَلْ يَقْصِدُهَا أَمْ لَا وَفِي الْجَوَاهِرِ يَسْجُدُ الْإِمَامُ فِي النَّافِلَةِ وَإِنْ لَمْ يَأْمَنِ التَّخْلِيطَ عَلَى الْمَنْصُوص لِفِعْلِ السَّلَفِ ذَلِكَ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ ثُمَّ إِذَا قَرَأَ السَّجْدَةَ فِي الْفَرِيضَةِ وَإِنْ كَانَ مَمْنُوعًا فَلْيَجْهَرْ بِهَا لِلْإِعْلَامِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَهَلْ يَتْبَعُ لِوُجُوبِ مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ أَوْ لَا يَتْبَعُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ سَاهِيًا قَوْلَانِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ الْخَامِسُ كَرِهَ فِي الْكِتَابِ قِرَاءَةَ السَّجْدَةِ وَحْدَهَا قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِلَّا أَنْ يُضِيفَ إِلَيْهَا جَمِيعَ آيَاتِهَا قَالَ الْمَازِرِيُّ الْمُرَادُ جُمْلَةُ آيَاتِهَا لِأَنَّهَا مَقْصُودَةٌ لِلسَّجْدَةِ لَا لِلتِّلَاوَةِ وَهُوَ خِلَافُ الْعَمَل

السَّادِس فِي الْكتاب إِذا لم يسْجد القاريء يَسْجُدُ الْمُسْتَمِعُ وَيُكْرَهُ الْجُلُوسُ لِلسُّجُودِ خَاصَّةً قَالَ الْمَازرِيّ وَاللَّخْمِيّ يسْجد السَّامع مَعَ القاريء بِخَمْسَة شُرُوط بُلُوغ القاريء وَطَهَارَتِهِ وَسُجُودِهِ وَقِرَاءَتِهِ لَا لِيُسْمِعَ النَّاسَ وَقَصْدِ الِاسْتِمَاعِ مِنَ السَّامِعِ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ لَا يَتْبَعُ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ فِي السُّجُودِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ أَهْلًا لِلْإِمَامَةِ قَالَ سَنَدٌ فَإِنْ سَجَدَهَا الْمُعَلِّمُ وَالْمُتَعَلِّمُ قَالَ مَالِكٌ يَسْجُدُ الْآخَرُ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَقَطْ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يَسْجُدُ مُطْلَقًا نَظَرًا لِأَنَّ هَذَا بَاب مشقة فَيتْرك وَلَو سَهَا القاريء عَنِ السُّجُودِ فَإِنْ كَانَ قَرِيبًا سَجَدَ وَإِلَّا رَجَعَ إِلَى قِرَاءَةِ السَّجْدَةِ وَإِذَا لَمْ يَسْجُدِ الْإِمَامُ فَفِي الْمُسْتَمِعِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ يَسْجُدُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ قِيَاسًا عَلَى سُجُودِ السَّهْوِ وَلَا يَسْجُدُ عِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ لِأَنَّهُ تَبَعٌ وَلَمْ يُوجد الأَصْل وخيره أَشهب السَّابِعُ فِي الْوَاضِحَةِ يَسْجُدُ الْمَاشِي وَيَنْزِلُ لَهَا الرَّاكِبُ إِلَّا فِي سَفَرِ الْقَصْرِ فَيُومِئُ عَلَى دَابَّتِهِ فَصْلٌ فِي الْجَوَاهِرِ سَجْدَةُ الشُّكْرِ مَكْرُوهَةٌ عَلَى الْمَشْهُورِ عِنْدَ بِشَارَةٍ أَوْ مَسَرَّةٍ وَرُوِيَ الْجَوَازُ وَقَالَ بِهِ ابْنُ حَبِيبٍ وَقَالَ (ش وح) سُنَّةٌ لَنَا أَنَّ النِّعَمَ كَانَتْ مُتَجَدِّدَةً عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَالسَّلَفِ وَأَعْظَمُهَا الْهِدَايَةُ وَالْإِيمَانُ وَلَوْ كَانَتْ سُنَّةً لَوَاظَبَ عَلَيْهَا فَكَانَتْ تَكُونُ مُتَوَاتِرَةً احْتَجُّوا بِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ سَجَدَ لِفَتْحِ مَكَّة ولمجيء رَأس أبي جهل إِلَيْهِ ولوصول كتاب عَليّ رَضِي الله عَنهُ إِلَيْهِ بِإِسْلَامِ هَمْدَانَ وَفِي الْبُخَارِيِّ سَجَدَ كَعْبُ بْنُ مَالك لما بشر بتوبة الله تَعَالَى عَلَيْهِ

(الباب السابع عشر في صلاة العيدين)

(الْبَاب السَّابِع عشر فِي صَلَاة الْعِيدَيْنِ) وَالْعِيدُ مَأْخُوذٌ مِنَ الْعَوْدِ لِتَكَرُّرِهِ فِي كُلِّ سَنَةٍ وَهُوَ عِنْدَنَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَعِنْدَ (ح) وَاجِبٌ عَلَى الْأَعْيَانِ وَعِنْدَ ابْنِ حَنْبَلٍ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وانحر} جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّهَا صَلَاةُ الْعِيدِ وَظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِلسَّائِلِ خَمْسُ صَلَوَاتٍ فَقَالَ هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُنَّ قَالَ لَا إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ يَقْتَضِي عَدَمَ الْوُجُوبِ وَفِي الْكِتَابِ لَا يُؤْمَرُ بِهَا الْعَبِيدُ وَلَا الْإِمَاءُ وَلَا النِّسَاءُ لِانْشِغَالِ الْأَوَّلِينَ بِالسَّادَاتِ وَكَشْفِ النِّسَاءِ بِالنِّسْبَةِ لِلْجَمْعِ قَالَ فَإِنْ شَهِدُوهَا فَلَا يَنْصَرِفُونَ إِلَّا مَعَ الْإِمَامِ كَمَنْ فَعَلَ بَعْضَ النَّافِلَةِ وَإِذَا لَمْ يَشْهَدْهَا إِلَّا النِّسَاءُ صَلَّيْنَهَا أَفْذَاذًا خلافًا ل (ح) لِاعْتِقَادِهِ أَنَّهَا لَا تُصَلَّى إِلَّا جَمَاعَةً فِي مَوضِع الْجُمُعَة لنا الْقيَاس على الْكُسُوف

قَالَ سَنَدٌ وَيَتَخَرَّجُ تَحَرِّيهِنَّ لِوَقْتِ صَلَاةِ الْإِمَامِ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْجُمُعَةِ وَجَمْعِ الرَّجُلِ بِهِنَّ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَنْ فَاتَتْهُ الْجُمُعَةُ هَلْ يَجْمَعُ أَمْ لَا وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا قُلْنَا لَا يُؤْمَرُ بِهَا مَنْ لَا يُؤْمَرُ بِالْجُمُعَةِ فَفِي كَرَاهَةِ فِعْلِهِ لَهَا أَقْوَالٌ ثَالِثُهَا التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْفَذِّ فَتُكْرَهُ وَالْجَمَاعَةِ فَلَا وَهِيَ عَلَى أَهْلِ الْآفَاقِ وَقَالَ سَنَدٌ الْمَشْهُورُ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى دُونَ غَيْرِهِمْ فِي ذَلِكَ وَفِي الْبَيَانِ كَرِهَ مَالِكٌ السّفر بعد الْفجْر يَوْمَ الْعِيدِ إِلَّا لِعُذْرٍ قَالَ فَلَوْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ لَمْ يَجُزِ السَّفَرُ كَالْجُمُعَةِ يُكْرَهُ قَبْلَ الزَّوَالِ وَيَحْرُمُ بَعْدَهُ وَقَالَ مَالِكٌ فِي كِتَابِ الضَّحَايَا إِنَّمَا يَجْمَعُ لِلْعِيدَيْنِ مَنْ تَلْزَمُهُمُ الْجُمُعَةُ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يُصَلِّ الْعِيدَيْنِ بِمِنًى كَمَا لَمْ يُصَلِّ الْجُمُعَةَ وَإِذَا قُلْنَا بِشَرْطِ الِاسْتِيطَانِ فِي الْبَلَدِ إِنْ جَمَعُوا بِإِمَامٍ فَلَا خُطْبَةَ عَلَيْهِمْ وَإِنْ خُطِبَ فَحَسَنٌ وَعَلَى هَذَا يخرج قَوْله فِي الْمُخْتَصر يوتى لِلْعِيدَيْنِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ يُصَلُّونَ مَكَانَهُمْ بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ وَوَقْتُهَا مِنْ حِينِ تَحِلُّ النَّافِلَةُ إِلَى الزَّوَالِ وَفِي الْكِتَابِ يَخْرُجُ النَّاسُ إِلَيْهَا عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ لِأَنَّ مَا قَبْلَ ذَلِكَ زَمَنُ ذِكْرٍ وَقِيَاسًا عَلَى الْإِمَامِ وَقَالَ (ش) بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ لِيَسْبِقَ النَّاسُ إِلَى الْمَجَالِسِ وَفِي الْكِتَابِ يُكَبِّرُونَ إِذَا خَرَجُوا فِي الطَّرِيقِ إِلَى الْمُصَلَّى إِلَى خُرُوجِ الْإِمَامِ تَكْبِيرًا يَسْمَعُهُ مَنْ يَلِيهِ وَلَا يُكَبَّرُ إِذَا رَجَعَ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ يُكَبَّرُ بَعْدَ الصُّبْحِ وَعَلَّقَهُ بِالْيَوْمِ وَقَالَ (ش) مِنَ اللَّيْلِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هدَاكُمْ ولعلكم تشكرون} وَالْعِدَّةُ قَدْ كَمُلَتْ بِالْغُرُوبِ أَوِ الْفَجْرِ أَوَّلَ الْأَيَّامِ الْمُتَجَدِّدَةِ أَوْ يُلَاحَظُ عَمَلُ الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ وَهُوَ مِنَ الشَّمْسِ فَمَنْ رَاحَ

قَبْلَ ذَلِكَ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَا يُكَبَّرُ وَلَا يُؤْتَى بِهِ قَبْلَ وَقْتِهِ كالأذان وَفِي الْجَوَاهِر قيل يكبر وَقيل يختصر التَّكْبِيرُ بِمَا بَعْدَ الْإِسْفَارِ وَلَمْ يُحَدِّدْهُ مَالِكٌ لِأَنَّ الْأَمْرَ وَرَدَ بِهِ مُطْلَقًا وَاسْتَحَبَّ ابْنُ حَبِيبٍ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ عَلَى مَا هَدَانَا اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا لَكَ مِنَ الشَّاكِرِينَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ ولعلكم تشكرون} وَكَانَ أَصْبَغُ يَزِيدُ اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ هَل يقطع التَّكْبِير بِخُرُوج الإِمَام فِي محمل الْعِيد مَاضِيا إِلَى الْمصلى أَو بعد حُلُوله فِي محمل الصَّلَاةِ وَفِي تَكْبِيرِهِ بِتَكْبِيرِ الْإِمَامِ فِي أَثْنَاءِ خُطْبَتِهِ قَوْلَانِ وَفِي الْبَيَانِ يُكَبِّرُونَ مَعَهُ سِرًّا فِي أَنْفُسِهِمْ وَذَلِكَ حَسَنٌ غَيْرُ وَاجِبٍ وَقَالَهُ فِي الْكِتَابِ فِي الْحَجِّ الْأَوَّلِ وَفِي الْكِتَابِ يَخْرُجُ الْإِمَامُ بِقَدْرِ مَا إِذَا بَلَغَ الْمُصَلَّى حَلَّتِ الصَّلَاةُ وَالْفِطْرُ وَالْأَضْحَى سَوَاءٌ وَقَالَ (ش) يُؤَخَّرُ الْفِطْرُ قَلِيلًا لِأَجْلِ إِخْرَاجِ الْفِطْرَةِ وَيُعَجَّلُ فِي الْأَضْحَى لِيَتَّسِعَ الْوَقْتُ لِلذَّبْحِ وَعَمَلُ الْمَدِينَةِ على مَا ذَكرْنَاهُ وَفِي المعونة غَد وَالْإِمَام بِحَسَبِ قُرْبِ مَنْزِلِهِ وَبُعْدِهِ فَيَتَقَدَّمُهُ النَّاسُ وَهُوَ إِذَا وَصَلَ صَلَّى وَفِي الْجُلَّابِ الْمَشْيُ إِلَيْهَا أَفْضَلُ مِنَ الرُّكُوبِ لِمَا فِي التِّرْمِذِيِّ قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ السُّنَّةُ أَنْ يَأْتِيَ لعيده مَاشِيًا وَفِي الْكِتَابِ غَسْلُ الْعِيدَيْنِ مَطْلُوبٌ دُونَ غسل الْجُمُعَة لما روى مَالِكٌ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي

جُمُعَةٍ مِنَ الْجُمَعِ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ إِنَّ هَذَا الْيَوْمَ جَعَلَهُ اللَّهُ عِيدًا لِلْمُسْلِمِينَ فَاغْتَسِلُوا وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ طِيبٌ فَلَا يَضُرُّهُ أَنْ يَمَسَّ مِنْهُ وَعَلَيْكُمْ بِالسِّوَاكِ فَأَمَرَ بِالْغُسْلِ لِأَنَّهُ عِيدٌ وَلَوْلَا أَنَّ الْعِيدَ يُغْتَسَلُ لَهُ لَمَا صَحَّ هَذَا التَّعْلِيلُ وَلَمَّا كَانَ الْعِيدُ مُنْخَفِضًا عَنِ الْجُمُعَةِ فِي الْوُجُوبِ وَهُوَ فِي وَقْتِ الْبُرُودَةِ وَعَدَمِ انْتِشَارِ رَوَائِحِ الْأَعْرَاقِ انْحَطَّ غُسْلُهُ عَنْ غُسْلِهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ يَغْتَسِلُ بَعْدَ الْفَجْرِ فَإِنْ فَعَلَ قَبْلَهُ أَجْزَأَ وَيُسْتَحَبُّ الطِّيبُ وَالتَّزَيُّنُ لِلْخَارِجِ لِلصَّلَاةِ وَالْقَاعِدِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ لِأَن الزِّينَة لَهَا فَمن بعد فَلَا وَفِي الْعِيد لِلْيَوْمِ فَيَشْتَرِكَ فِيهِ الْقَاعِدُ وَالْخَارِجُ وَأَمَّا الْعَجَائِزُ فَفِي بذلة الثِّيَاب وإقامتها بالصحراء أَفْضَلُ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ بِمَكَّةَ لِفَضْلِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَقَالَ (ش) الْمَسْجِدُ أَفْضَلُ لَنَا مَا فِي أبي دَاوُد قَالَ بكر بن ميسر كُنْتُ أَغْدُو مِنَ الْمَسْجِدِ مَعَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى الْمُصَلَّى يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ الْأَضْحَى وَفِي الْكِتَابِ وَلَا يُصَلَّى فِي الْمِصْرِ فِي موضِعين خلافًا (ش) قِيَاسا على الْجُمُعَة وَيقْرَأ فِيهَا بسبح وَنَحْوِهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ اسْتَحَبَّ ابْنُ حَبِيبٍ (ق) واقتربت السَّاعَة فِي الثَّانِيَةِ وَقَالَهُ (ش) وَكِلَاهُمَا فِي الصِّحَاحِ وَيَتَرَجَّحُ الْمَشْهُورُ بِالتَّخْفِيفِ عَلَى الْجَمْعِ وَيُكَبِّرُ فِي الْأُولَى سَبْعًا بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَفِي الثَّانِيَةِ سِتًّا بِتَكْبِيرَةِ الْقِيَامِ فَالزَّوَائِدُ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ حَنْبَلٍ وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ إِحْدَى عَشْرَةَ وَعِنْدَ (ش) اثْنَتَا عَشْرَةَ سَبْعٌ فِي الْأُولَى وَخَمْسٌ فِي الثَّانِيَةِ مُحْتَجًّا بِمَا يُرْوَى عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُكَبِّرُ فِي الْعِيدَيْنِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ تَكْبِيرَةً سِوَى تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ وَتَكْبِيرَةِ الدُّخُولِ فِي الرُّكُوعِ وَهُوَ إِنْ صَحَّ مُعَارَضٌ بِعَمَلِ الْمَدِينَةِ وَعِنْدَ (ح) سِتٌّ ثَلَاثٌ فِي الأولى

وَثَلَاث فِي الثَّانِيَة وَهُوَ فِي أَبِي دَاوُدَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَنَا مَا فِي أَبِي دَاوُدَ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُكَبِّرُ فِي الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى فِي الْأُولَى سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ وَفِيِ الثَّانِيَةِ خَمْسَ تَكْبِيرَاتٍ قَالَ وَيُفْصَلُ بَيْنَ التَّكْبِيرَاتِ بِقَدْرِ مَا يُكَبِّرُ النَّاسُ وَقَالَهُ (ح) وَقَالَ (ش) يُفْصَلُ بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ بِقَدْرِ سُورَةٍ وَسَطٍ بِالتَّهْلِيلِ وَالتَّحْمِيدِ مُحْتَجًّا بِأَنَّهُ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَلِأَنَّهُ تَكْبِيرٌ تكَرر حَالَةَ الْقِيَامِ فَلَا يُوَالَى كَتَكْبِيرِ الْجِنَازَاتِ لَنَا عَمَلُ الْمَدِينَةِ فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَفْعَلُهُ لَنُقِلَ كَمَا نُقِلَ فِطْرُهُ قَبْلَ الْفِطْرِ وَرُجُوعُهُ مِنْ غَيْرِ الطَّرِيقِ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى التَّسْبِيحِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِلَّا فِي الْأُولَى قَالَ سَنَدٌ وَرُوِيَ عَنْهُ الرّفْع فِي الْجَمِيع وَقَالَهُ (ش وح) وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي هَذَا الْفَصْلِ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَالْقِرَاءَةُ بَعْدَ التَّكْبِيرِ خِلَافًا (ح) فِي الْأُولَى مُحْتَجًّا بِمَا فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَالَى بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ وَالْجَوَابُ مَنْعُ الصِّحَّةِ لَنَا مَا رُوِيَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَبَّرَ يَوْمَ الْفِطْرِ سَبْعًا فِي الْأُولَى ثُمَّ قَرَأَ ثُمَّ كَبَّرَ فِي الْآخِرَةِ خَمْسًا ثُمَّ قَرَأَ وَفِي الْكِتَابِ يَخْطُبُ بَعْدَ الصَّلَاةِ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يُصَلِّي يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ الْأَضْحَى قَبْلَ الْخُطْبَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ

الأول أَن خطْبَة الْجُمُعَةِ شَرْطٌ فِيهَا وَشَأْنُ الشَّرْطِ التَّقْدِيمُ بِخِلَافِ الْعِيدِ الثَّانِي أَنَّ فَوَاتَ الْجُمُعَةِ عَظِيمٌ فَقُدِّمَتِ الْخُطْبَةُ حَتَّى يَتَكَامَلَ النَّاسُ الثَّالِثُ أَنَّ الْعِيدَ لَا يَجِبُ فَلَوْ قُدِّمَتْ فَرُبَّمَا سَئِمَ بَعْضُ النَّاس فَيتْرك الصَّلَاةَ فَعُجِّلَتْ وَوُجُوبُ الْجُمُعَةِ يَمْنَعُ ذَلِكَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ عَرَفَةَ أَنَّ خُطْبَةَ عَرَفَةَ لِتَعْلِيمِ الْمَنَاسِكِ وَالتَّعْلِيمُ يَتَقَدَّمُ الْعَمَلَ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنْ بَدَأَ بِهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ أَعَادَهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَجْزَاهُ لِعَدَمِ شَرْطِيَّتِهَا قَالَ الْمَازِرِيُّ وَيُكَبِّرُ فِي الْخُطْبَةِ بِغَيْرِ حَدٍّ وَالثَّانِيَةُ أَكْثَرُ مِنَ الْأُولَى وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَفْتَتِحُهَا بِسَبْعٍ اتِّبَاعًا وَيَخْتِمُهَا بِثَلَاثٍ وَكَذَلِكَ الثَّانِيَةُ قَالَ وَيَذْكُرُ فِي خُطْبَةِ الْفِطْرِ الْفِطْرَةَ وَسُنَنَهَا وَفِي الْأَضْحَى الْأُضْحِية وسننها وَذَكَاتَهَا وَيَحُضُّهُمْ عَلَيْهَا وَفِي الْكِتَابِ إِنْ سَهَا فِي خُطْبَةٍ اسْتَخْلَفَ مَنْ يُتِمُّهَا فَائِدَةٌ كُلُّ صَلَاةٍ فِيهَا خُطْبَةٌ يُجْهَرُ فِيهَا لِأَنَّ الْجَهْرَ وَالْخُطْبَةَ كِلَاهُمَا إِظْهَارٌ لِلشَّعَائِرِ فَتَلَازَمَا إِلَّا صَلَاةَ عَرَفَة لِأَن خطبتها للتعليم لَا للشعائر فَكَانَت الصَّلَاة فِيهَا سرا فروع سِتَّة الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ يُسْتَحَبُّ الْأَكْلُ قَبْلَ الْغُدُوِّ لِلْفِطْرِ بِخِلَافِ الْأَضْحَى وَفِي التِّرْمِذِيِّ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَطْعَمَ وَلَا يَطْعَمُ يَوْمَ الْأَضْحَى حَتَّى يُصَلِّيَ وَالْفَرْقُ أَن الْفطر يتقدمه الصَّوْمُ فَشُرِعَ الْأَكْلُ فِيهِ لِإِظْهَارِ التَّمْيِيزِ

وَلِأَنَّ صَدَقَةَ الْفِطْرِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَصَدَقَةَ الْأُضْحِيَّةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَسَوَّى الشَّرْعُ بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ وَالْفُقَرَاءِ فِي الْحَالَةِ وَلِيَكُونَ الْفِطَرُ فِي الْأَضْحَى عَلَى لَحْمِ الْقُرْبَةِ قَالَ سَنَدٌ وَاسْتَحَبَّ الْبَاجِيُّ وَ (ش) أَنْ يَكُونَ بِتَمْرٍ وَيُرْوَى أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ لَا يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا أَو أقل أَو أَكثر الثَّانِي فِي الْكِتَابِ الْأَحْسَنُ الْخُرُوجُ مِنْ طَرِيقٍ وَالرُّجُوعُ مِنْ غَيْرِهِ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا خَرَجَ يَوْمَ عِيدٍ مِنْ طَرِيقٍ يَرْجِعُ مِنْ غَيْرِهِ وَهُوَ مُعَلَّلٌ بِكَثْرَةِ الزِّحَامِ فِي الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ أَوِ الْغُبَارِ أَوْ لِيَشْهَدَ لَهُ الطَّرِيقَانِ أَوْ لِيُسَوِّيَ بَيْنَ أَهْلِ الطَّرِيقَيْنِ فِي التَّبَرُّك والاستفتاء أَوْ لِتَعُمَّ الصَّدَقَةُ مَسَاكِينَ الطَّرِيقَيْنِ أَوْ لِإِظْهَارِ كَثْرَة أهل الْإِسْلَام وانتشارهم الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ فَاتَتْهُ مَعَ الْإِمَامِ أَنْ يُصَلِّيَهَا عَلَى هَيْئَتِهَا قَالَ سَنَدٌ فَإِنْ أَدْرَكَ الْخُطْبَةَ قَالَ مَالِكٌ يَسْمَعُهَا كَمَنْ أَدْرَكَ شَيْئًا مِنَ الصَّلَاةِ فَإِنْ فَاتَتْ جَمَاعَةً قَالَ سَحْنُونٌ لَا يُجَمَّعُونَ لِأَنَّ الْعِيدَ يَجْرِي مَجْرَى الْجُمُعَةِ بِدَلِيلِ الِاجْتِمَاعِ وَالْخُطْبَةِ فِيهِمَا وَسَدًّا لِذَرِيعَةِ انْقِطَاعِ الْمُبْتَدِعَةِ عَنِ السُّنَّةِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُجَمَّعُونَ كَصَلَاةِ الْخُسُوفِ وَإِذَا قُلْنَا يُجَمَّعُونَ فَبِغَيْرِ خُطْبَةٍ فَإِنْ فَاتَتْهُ الْأُولَى فَالْمَشْهُورُ يَقْضِيهَا بِتَكْبِيرِهَا وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا يُقْضَى التَّكْبِيرُ إِلَّا فِي الْجِنَازَةِ لِأَنَّهُ بَدَلُ الرَّكَعَاتِ وَوَافَقَ فِيمَن فَاتَهُ الرَّكْعَتَانِ بِسَبَبٍ أَنَّهُ غَيْرُ قَاضٍ وَإِذَا قُلْنَا يُكَبِّرُ فَإِنَّهُ يَقُومُ بِغَيْرِ تَكْبِيرٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِم خلافًا لعبد الْملك فَإِن قُلْنَا إِنَّ الَّذِي يَأْتِي بِهِ آخِرُ صَلَاتِهِ كَبَّرَ خَمْسًا وَإِنْ قُلْنَا قَضَاءٌ فَسِتًّا فَإِنْ لَمْ يَفُتْهُ إِلَّا بَعْضُ

التَّكْبِيرِ قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ حَنْبَلٍ وَ (ح) يَقْضِيهِ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ وَ (ش) لِأَنَّ التَّكْبِيرَ يَأْتِي بِهِ الْمَأْمُومُ مَعَ جَهْرِ الْإِمَامِ فَلَا يَحْمِلُهُ عَنْهُ بِخِلَافِ الْقِرَاءَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَو نسي تَكْبِير رَكْعَة فَلَا يتدارك فِي الرُّكُوعِ وَلَا بَعْدَهُ لَأَنَّ الْقِيَامَ مَحَلُّهُ قِيَاسًا عَلَى الْقِرَاءَةِ وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ وَقِيلَ يَتَدَارَكُهُ مَا لَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ وَقَالَ (ح) لِأَنَّهُ على تَكْبِيرِ الْعِيدِ لِأَنَّ تَكْبِيرَ الرُّكُوعِ مِنْهُ وَيُدْرِكُ بِهِ الْعِيدَ عِنْدَهُ فَإِنْ تَذَكَّرَ قَبْلَ الرُّكُوعِ كبر وَأعَاد الْقِرَاءَة وَيسْجد بَعْدَ السَّلَامِ وَقِيلَ لَا يُعِيدُهَا وَلَوْ أَدْرَكَ الْمَسْبُوقُ الْقِرَاءَةَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَ (ح) يَدْخُلُ مَعَهُ وَيُكَبِّرُ سَبْعًا وَإِنْ وَجَدَهُ رَاكِعًا دَخَلَ مَعَهُ وَكَبَّرَ وَاحِدَةً وَإِنْ وَجَدَهُ قَائِمًا فِي الثَّانِيَةِ كَبَّرَ خَمْسًا وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَاحِدَةً قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ أَدْرَكَهُ فِي قِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ كَبَّرَ خَمْسًا غَيْرَ الْإِحْرَامِ وَإِذَا قَضَى كَبَّرَ سِتًّا وَالسَّابِعَةُ قَدْ كَبَّرَهَا لِلْإِحْرَامِ وَإِذا فَاتَتْهُ صَلَاة الْعِيدَيْنِ فَلَا تقضى بالزوال خلافًا (ح وش) محتجين بِمَا فِي النَّسَائِيّ أَن قوما رَأَوُا الْهِلَالَ نَهَارًا فَأَمَرَهُمْ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ يفطروا ويخرجوا من الْغَد وَجَوَابه يحمل الْخُرُوجُ لِمُجَرَّدِ الزِّينَةِ وَلَوْ كَانَتْ تُقْضَى لَقُضِيَتْ بَعْدَ الزَّوَالِ فِي يَوْمِهَا لِقُرْبِهِ وَفِي الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ كَسَائِرِ الْمَقْضِيَّاتِ وَالْقِيَاسُ عَلَى الْجُمُعَةِ بِجَامِعِ الْخطْبَة أَو إِظْهَار الشعائر الرَّابِع فِي الْجَوَاهِر لَا يُتَنَفَّلُ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا فِي الْمُصَلَّى وَقَالَهُ (ح) وَلَمْ يَكْرَهْهُ (ش) لِغَيْرِ الْإِمَامِ وَيُتَنَفَّلُ قبلهَا وَبعدهَا فِي الْمَسْجِد قَالَ سَنَدٌ وَاسْتَحَبَّ ابْنُ

حَبِيبٍ أَلَّا يُتَنَفَّلَ ذَلِكَ الْيَوْمَ إِلَى الظُّهْرِ وَهُوَ مَرْدُودٌ بِالْإِجْمَاعِ وَرَوَى أَشْهَبُ لَا يُتَنَفَّلُ قَبْلَهَا فِي الْمَسْجِدِ كَالْمُصَلَّى وَيُتَنَفَّلُ بَعْدَهَا لِأَنَّ قبلهَا وَقت شُرِعَ لِلذِّكْرِ فَلَا يُتَنَفَّلُ فِيهِ كَوَقْتِ الْخُطْبَةِ لَنَا مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ خَرَجَ يَوْمَ الْأَضْحَى فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهُمَا وَلَا بَعْدَهُمَا زَادَ أَبُو دَاوُدَ يَوْمَ الْفِطْرِ وَقِيَاسًا عَلَى الْإِمَامِ وَعَلَى صَلَاةِ الْجِنَازَةِ واذا قُلْنَا بالتنفل فِي الْمَسْجِد قبلهَا فيلغى للْإِمَام بل اول مَا يقدم يبْدَأ بِالصَّلَاةِ الْخَامِسُ فِي الْكِتَابِ يُكَبِّرُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ وَالْمُنْفَرِدُ وَالْمُسَافِرُ وَغَيْرُهُ خَلْفَ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ وَيُكَبِّرُ الْمَسْبُوقُ بَعْدَ الْقَضَاءِ كَسُجُودِ السَّهْوِ وَمَنْ نَسِيَهُ أَتَى بِهِ إِنْ كَانَ قَرِيبًا وَإِلَّا فَلَا وَقَالَهُ (ح) وَقَالَ (ش) يُكَبِّرُ وَإِنْ بعد وَرَأى ان التَّكْبِير من شَعَائِر الايام وَهِيَ بَاقِيَةٌ وَعِنْدَنَا مِنْ شَعَائِرِ الصَّلَوَاتِ فِي الْأَيَّامِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُخْتَصَرِ الْكَبِيرِ الطُّولُ مُفَارَقَةُ الْمَجْلِسِ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ لَمْ يُكَبِّرِ الْإِمَامُ كَبَّرَ النَّاسُ كَسُجُودِ السَّهْوِ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} قَالَ سَنَدٌ لَا يُكَبِّرُ إِذَا قَضَى صَلَاةً فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَلَا إِذَا قَضَى صَلَاةَ ايام التَّشْرِيق فِيهَا خلافًا (ش) فيهمَا وَلَا إِذَا قَضَاهَا هِيَ فِي غَيْرِهَا فَائِدَةٌ سُمِّيَتْ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ مِنْ شُرُوقِ الشَّمْسِ فِي اول يَوْم يقوم مِنْ بَابِ مَجَازِ تَسْمِيَةِ الْكُلِّ بِاسْمِ الْجُزْءِ وَقِيلَ مِنْ تَشْرِيقِ اللَّحْمِ وَهُوَ نَشْرُهُ لِيَجِفَّ بِالشَّمْسِ وَفِي الْكِتَابِ أَوَّلُ التَّكْبِيرِ صَلَاةُ الظُّهْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ إِلَى الصُّبْحِ مِنْ آخِرِ ايام

التَّشْرِيقِ وَقَالَهُ (ش) وَقَالَ (ح) يَبْدَأُ بَعْدَ الصُّبْحِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ لَنَا قَوْله تَعَالَى {فَإِذا قضيتم مَنَاسِككُم فاذكروا الله} وَيَوْمُ عَرَفَةَ لَمْ تُقْضَ فِيهِ الْمَنَاسِكُ وَإِنَّمَا تقضى بعد صبح الْعِيد وَفِي الْجَوَاهِر لَا يكبر دبر الصَّلَوَات النَّافِلَةِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ يُكَبِّرُ وَقِيلَ يُكَبِّرُ دُبُرِ الظُّهْرِ مِنَ الْيَوْمِ الرَّابِعِ وَنَقَلَ أَبُو الطَّاهِرِ قَوْلًا بِالتَّكْبِيرِ فِي سَائِرِ الْأَوْقَاتِ قِيَاسًا على اهل منى السَّادِسُ قَالَ سَنَدٌ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ قَوْلِ الرَّجُلِ لِأَخِيهِ يَوْمَ الْعِيدِ تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكَ فَقَالَ لَا أَعْرِفُهُ وَلَا أُنْكِرُهُ وَكَرِهَهُ غَيْرُهُ وَرُوِيَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ فِعْلُ الْيَهُودِ وَلَا يُنْكَرُ فِي الْعِيدِ لَعِبُ الْغِلْمَانِ بِالسِّلَاحِ وَالصِّبْيَةِ بِالدُّفُوفِ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ بَيْنَمَا الْحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِحِرَابِهِمْ دَخَلَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَهْوَى الى الْحَصْبَاء فحصبهم بهَا قَالَ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ دَعْهُمْ يَا عُمَرُ وَكَرِهَ مَالِكٌ لَعِبَهُمْ فِي الْمَسْجِدِ وَيُحْمَلُ الْحَدِيثُ أَنَّهُمْ كَانُوا يُرَوْنَ مِنَ الْمَسْجِدِ وَفِيهِمَا عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دَخَلَ عَلَيْهَا فِي أَيَّامِ مِنًى وَعِنْدَهَا جَارِيَتَانِ تَضْرِبَانِ بالدف وَالنَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مُسَجًّى عَلَيْهِ بِثَوْبٍ فَانْتَهَرَهُمَا فَكَشَفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَجْهَهُ فَقَالَ دَعْهُمَا يَا أَبَا بَكْرٍ فَإِنَّهَا أَيَّامُ عِيدٍ

(الباب الثامن عشر في صلاة الكسوف)

(الْبَابُ الثَّامِنَ عَشَرَ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ) الْأَجْوَدُ كَسَفَتِ الشَّمْسُ وَخَسَفَ الْقَمَرُ وَقِيلَ بِالْعَكْسِ وَقِيلَ هُمَا فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَقِيلَ الْكُسُوفُ تَغَيُّرُ لونهما والخسوف ومغيبها فِي السَّوَادِ وَقِيلَ الْخُسُوفُ فِي الْكُلِّ وَالْكُسُوفُ فِي الْبَعْضِ وَيُقَالُ خَسَفَ بِالْفَتْحِ وَبِالضَّمِّ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ وَانْكَسَفَتِ الشَّمْسُ وَأَنْكَرَهُ بَعْضُهُمْ بِالْأَلِفِ وَأَصْلُ الْكُسُوفِ التَّغَيُّرُ وَمِنْهُ كَاسِفُ الْبَالِ أَيْ مُتَغَيِّرُ الْحَالِ وَالْخَسْفُ الذَّهَابُ بِالْكُلِّيَّةِ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ} وَالْخَسْفُ النَّقْصُ وَمِنْهُ رَضِيَ بِخُطَّةِ خَسْفٍ وَلَمَّا كَانَ الْقَمَر يذهب جملَة ضوؤه كَانَ أَوْلَى بِالْخُسُوفِ مِنَ الْكُسُوفِ وَفِي الْجَوَاهِرِ صَلَاةُ الْكُسُوفِ سُنَّةٌ عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْعَبِيدِ وَمَنْ عَقَلَ الصَّلَاةَ مِنَ الصِّبْيَانِ وَتُصَلِّيهَا الْمَرْأَةُ فِي بَيْتِهَا وَقَالَ (ح) وَاجِبَةٌ وَفِي الْجُلَّابِ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ وَقْتُهَا وَقْتُ الْعِيدَيْنِ قِيَاسًا عَلَيْهَا وَعَلَى الِاسْتِسْقَاءِ بِجَامِعِ أَنَّ هَذَا وَقْتٌ لَيْسَ بِشَيْء من الْفَرَائِض فَجعل السّنَن الْمُسْتَقِلَّةِ تَمْيِيزًا لَهَا عَنِ النَّوَافِلِ التَّابِعَةِ وَرُوِيَ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ وَقَالَهُ (ش) لِعُمُومِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَإِذَا

رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَافْزَعُوا إِلَى الصَّلَاةِ وَقِيَاسًا عَلَى الْجِنَازَةِ وَرُوِيَ إِلَى الْعَصْرِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا صَلَاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ قَالَ سَنَدٌ فَإِنْ طَلَعَتْ مَكْسُوفَةً لَمْ يُصَلَّ حَتَّى تَحِلَّ النَّافِلَةُ خلافًا (ش) لِلنَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ حِينَئِذٍ وَلِمَالِكٍ فِي كَوْنِهِمْ يَقِفُونَ وَيَذْكُرُونَ قَوْلَانِ فَلَوْ كُسِفَتْ عِنْدَ الْغُرُوب وغربت الشَّمْس كَذَلِك لم تصل اجماعا وَالْفرق ذهَاب رَجَاء نَقصهَا لِذَهَابِ النَّهَارِ وَحِكْمَةُ الصَّلَاةِ أَنْ يَعُودَ إِلَيْهَا ضوؤها وَمَنْفَعَتُهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ تُفْعَلُ فِي الْمَسْجِدِ دُونَ الْمُصَلَّى وَقَالَهُ (ش) وَخَيَّرَ أَصْبَغُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صِحَّته وَبَين الْقَضَاء وَقَالَهُ (ح) لَنَا مَا رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ قَالَت عَائِشَة رَضِي الله عنهاخسفت الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فخرح إِلَى الْمَسْجِدِ فَقَامَ وَكَبَّرَ وَصَفَّ النَّاسَ خَلْفَهُ الْحَدِيثَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعِيدَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ أَنَّ وَقْتَهَا ضَيِّقٌ لَا يَجْتَمِعُ لَهُ أَهْلُ الْقُرَى وَالْمُصُرِ فَلَا يَضِيقُ الْمَسْجِدُ عَلَيْهِمْ وَلِأَنَّ الْخُرُوجَ إِلَى الْمُصَلَّى قَدْ يُفَوِّتُهَا بِتَجَلِّي الشَّمْسِ وَفِي الْكتاب لَا يجْهر بِقِرَاءَتِهَا وَقَالَهُ (ش وح) خلافًا لِابْنِ جنبل لَنَا مَا فِي الْمُوَطَّأِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ خَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَصَلَّى وَالنَّاسُ مَعَهُ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا نَحْوًا مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ ثُمَّ سَجَدَ ثُمَّ انْصَرَفَ وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ فَقَالَ إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ فَقَوْلُهُ نَحْوًا مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ يَدُلُّ عَلَى السِّرِّ وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ

إِلَى التَّقْدِيرِ وَفِي الْجُلَّابِ يُقْرَأُ فِي الرُّكُوعِ الأول بِسُورَة نَحوا من الْبَقَرَة وَفِي الثَّانِي بنجو آل عمرَان وَفِي الثَّالِث بِنَحْوِ النِّسَاءِ وَفِي الرَّابِعِ بِنَحْوِ الْمَائِدَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ هِيَ رَكْعَتَانِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ رُكُوعَانِ وَقِيَامَانِ يُقْرَأُ فِي كُلِّ رُكُوعٍ الْفَاتِحَةُ وَقَالَهُ (ش) وَقَالَ (ح) رَكْعَتَانِ طَوِيلَتَانِ كَصَلَاةِ الصُّبْحِ وَهُوَ مَرْوِيٌّ فِي أَبِي دَاوُدَ وَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَهُ وَبَين الحَدِيث الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الصَّلَاةِ وَقَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ لَا تَكُونُ الْفَاتِحَةُ فِي الرُّكُوعِ الثَّانِي وَلَا فِي الرَّابِعِ لِأَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ رَكْعَةٌ وَاحِدَةٌ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى كُلِّ قِرَاءَةٍ بَعْدَ رُكُوعٍ قَالَ فَإِنْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ فِي أَضْعَافِ الصَّلَاةِ قَالَ سَحْنُونٌ يُتِمُّونَ مِثْلَ سَائِرِ النَّوَافِلِ لِزَوَالِ السَّبَبِ وَقَالَ أَصْبَغُ كَمَا ابتدأوا نظرا للشروع فروع سِتَّة الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ إِذَا فُرِغَ مِنْهَا وَالشَّمْسُ عَلَى حَالِهَا لَا تُعَادُ وَلَكِنِ الذِّكْرُ وَالتَّنَفُّلُ لِأَنَّ الْكُسُوفَ سَبَبٌ لَهُ سَبَبٌ وَاحِدٌ وَقَدْ فعل فَيسْقط حُكْمُهُ وَفِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ جَلَسَ كَمَا هُوَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ يَدْعُو حَتَّى انْجَلَتِ الشَّمْسُ وَلَا خُطْبَةَ لَهَا عِنْدَنَا خِلَافًا لِ (ش) لَنَا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمُتَقَدِّمُ وَلم يذكر الْخطْبَة

الثَّانِي فِي الْكِتَابِ لَا تَفُوتُ الرَّكْعَةُ بِفَوَاتِ ركوعها الأول خلافًا (ش) وَمَنْ فَاتَتْهُ رَكْعَةٌ قَضَاهَا بِرُكُوعَيْنِ وَسَجْدَتَيْنِ احْتَجَّ (ش) بِأَنَّ الْإِمَامَ إِنَّمَا يَحْمِلُ الْقِرَاءَةَ دُونَ الرُّكُوعِ جَوَابُهُ أَنَّ الرُّكُوعَ الثَّانِيَ هُوَ الرُّكْنُ لِتَوَسُّطِهِ بَيْنَ الْقِرَاءَةِ وَالسُّجُودِ وَتَوَسُّطِ الْأَوَّلِ بَيْنَ الْقِرَاءَةِ فَلَهُ حُكْمُهَا أَوِ الرُّكُوعَانِ كَالرُّكُوعِ الْوَاحِدِ وَالْمُدْرِكُ لِبَعْضِ الرُّكُوعِ مُدْرِكٌ إِجْمَاعًا قَالَ سَنَدٌ فَإِنْ سَهَا عَنِ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ وَرَكَعَ الثَّانِيَ بِنِيَّةِ الثَّانِي سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ وَإِنْ رَكَعَهُ بِنِيَّةِ الْأَوَّلِ وَتَرَكَ الثَّانِيَ فَإِنْ ذَكَرَ قَبْلَ عَقْدِ الثَّانِيَةِ رَجَعَ إِلَى الْأُولَى وَإِلَّا بَنَى وَجَعَلَ الثَّانِيَةَ أُولَى وَسَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ الثَّالِثُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَطُولَ السُّجُودُ وَقَالَهُ (ش) قِيَاسًا عَلَى الرُّكُوعِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ مَالِكٌ لَا يَطُولُ لِأَنَّ الْحَدِيثَ السَّابِقَ لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ التَّطْوِيلُ بَلْ قَالَ فَسَجَدَ وَلِأَنَّهُ لَمْ يُكَرَّرْ فَلَا يَطُولُ وَإِذَا قُلْنَا بِالطُّولِ فَلَمْ يَفْعَلْ سجد قبل السَّلَام لترك سنة الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ صَلَاةُ خُسُوفِ الْقَمَرِ كَسَائِرِ النَّوَافِلِ وَيُدْعَوْنَ وَلَا يَجْتَمِعُونَ وَقَالَهُ (ح) وَقَالَ (ش) يُسْتَحَبُّ لَهَا الْجَمْعُ وَالْخُطْبَةُ مِثْلَ صَلَاةِ الْكُسُوفِ لَنَا عَمَلُ الْمَدِينَةِ وَقَدْ خَسَفَ الْقَمَرُ مَرَّاتٍ عَلَى عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلم ينْقل عَن الْجمع وَحكى اللَّخْمِيّ عَن ابْن الْمَاجشون انهاكصلاة الخسوف وَتُصَلَّى أَفْذَاذًا وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا تُصَلَّى فِي الْبُيُوتِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهَا تُصَلَّى فِي الْمَسْجِدِ أَفْذَاذًا قَالَ سَنَدٌ وَوَقْتُهَا اللَّيْلُ كُلُّهُ فَإِنْ طلع مكسوفا بَدَأَ بِالْمَغْرِبِ وَظَاهِرُ قَوْلِ

مَالِكٍ عَدَمُ افْتِقَارِهَا إِلَى نِيَّةٍ تَخُصُّهَا بِخِلَافِ الْكُسُوف فان انكشفت عَن الْفجْر لم يصلوا خلافًا (ش) لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ فَلَا صَلَاةَ إِلَّا رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ من الصَّلَاة رَدُّ ضَوْئِهِ لَيْلًا لِتَحْصُلَ مَصْلَحَتُهُ وَقَدْ فَاتَ ذَلِك وَلَو كسف فَلم يصلوا حَتَّى غَابَ بلَيْل لم يصلو خلافًا (ش) لَان منفعَته لَا تعود الْخَامِسُ فِي الْجَوَاهِرِ لَا يُصَلَّى لِلزَّلَازِلِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْآيَاتِ وَحَكَى اللَّخْمِيُّ عَنْ أَشْهَبَ الصَّلَاةَ وَاخْتَارَهُ السَّادِسُ فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا اجْتَمَعَ عِيدٌ وَكُسُوفٌ قُدِّمَ الْكُسُوفُ وَفِيهِ سُؤَالَانِ الْأَوَّلُ أَنَّ اجْتِمَاعَهُمَا مُحَالٌ عَادَةً فَإِنَّ كُسُوفَ الشَّمْسِ إِنَّمَا يُكْسَفُ بِالْقَمَرِ إِذَا حَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهَا فِي دَرَجَتِهَا يَوْمَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَعِيدُ الْفِطْرِ يَكُونُ بَيْنَهُمَا نَحْو ثَلَاثَة عشرَة دَرَجَة منزلَة وَالْأَضْحَى يَكُونُ بَيْنَهُمَا نَحْوُ مِائَةٍ وَثَلَاثِينَ دَرَجَةً وَعشر مَنَازِلَ نَعَمْ يُمْكِنُ عَقْلًا أَنْ يَذْهَبَ ضَوْءُ الشَّمْسِ بِغَيْرِ سَبَبٍ أَوْ بِسَبَبٍ غَيْرِ الْقَمَرِ كَحَيَاةِ إِنْسَانٍ بَعْدَ قَطْعِ رَأْسِهِ أَوْ إِخْلَاءِ جَوْفه الْكَلَام عَلَى مِثْلِ هَذَا مُنْكَرٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ مَعَ أَن الشَّافِعِي وَجَمَاعَةً مِنَ الْعُلَمَاءِ تَحَدَّثُوا فِيهِ السُّؤَالُ الثَّانِي أَنَّهُ ذَكَرَ فِي بَابِ التَّطَوُّعِ أَنَّ الْعِيدَيْنِ آكَدُ مِنَ الْكُسُوفِ وَهُوَ مُنَاقِضٌ لِتَقْدِيمِهِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْكُسُوفَ يُخْشَى ذَهَابُ سَبَبِهِ بِخِلَافِ الْعِيدَيْنِ كَمَا نقدم جَوَابُ الْأَذَانِ عَلَى قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ خَشْيَةَ الْفَوَاتِ فَإِنِ اجْتَمَعَ كُسُوفٌ وَجُمُعَةٌ قُدِّمَتِ الْجُمُعَةُ عِنْدَ خَوْفِ فَوَاتِهَا وَإِنْ أُمِنَ قُدِّمَ الْكُسُوفُ وَتُقَدَّمُ الْجِنَازَةُ عَلَى الْكُسُوفِ وَالْجُمُعَةِ إِلَّا أَنْ يَضِيقَ وَقتهَا قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ وَيُقَدَّمُ الْعِيدَانِ عَلَى الِاسْتِسْقَاءِ لِأَنَّ وَقْتَهُمَا يَفُوتُ وَالْمَطْلُوبُ فِيهِمَا الزِّينَةُ وَفِيهِ الْخُمُولُ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مُتَنَاقِضٌ

(الباب التاسع عشر في صلاة الاستسقاء)

(الْبَابُ التَّاسِعَ عَشَرَ فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ) وَالِاسْتِفْعَالُ غَالِبًا لِطَلَبِ الْفِعْلِ نَحْوُ الِاسْتِفْهَامِ لِطَلَبِ الْفَهْمِ والاسترشاد لطلب الرشد وَالِاسْتِسْقَاء طلب السَّقْي وَهِي عندنَا سنة خلافًا (ح) لَنَا مَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا شَكَا النَّاسُ إِلَى النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام قَحْطَ الْمَطَرِ فَأَمَرَ بِمِنْبَرٍ فَوُضِعَ لَهُ فِي الْمُصَلَّى وَوَعَدَ النَّاسَ يَوْمًا يَخْرُجُونَ فِيهِ فَخَرَجَ عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ بَدَا حَاجِبُ الشَّمْسِ فَقَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَكَبَّرَ وَحَمَدَ اللَّهَ ثُمَّ قَالَ إِنَّكُمْ شَكَوْتُمْ جَدْبَ دِيَارِكُمْ وَاسْتِئْخَارَ الْمَطَرِ عَنْ إِبَّانِ زَمَانِهِ عَنْكُمْ وَقَدْ أَمَرَكُمُ اللَّهُ أَنْ تَدْعُوهُ وَوَعَدَكُمْ أَنْ يَسْتَجِيبَ لَكُمْ ثُمَّ قَالَ الْحَمد لله رب الْعَالمين الرحمان الرَّحِيمِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ اللَّهُمَّ أَنْتَ الله لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْغَنِيُّ وَنَحْنُ الْفُقَرَاءُ أنزل علينا الْغَيْث وَاجعَل مَا انزلت علينا قُوَّةً وَبَلَاغًا إِلَى حِينٍ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ فَلَمْ يَزَلْ فِي الرَّفْعِ حَتَّى بَدَا

بَيَاضُ إِبْطَيْهِ ثُمَّ حَوَّلَ إِلَى النَّاسِ ظَهْرَهُ وَقَلَبَ أَوْ حَوَّلَ رِدَاءَهُ وَهُوَ رَافِعٌ يَدَيْهِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ وَنَزَلَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَأَنْشَأَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ سَحَابَةً فَرَعَدَتْ وَبَرَقَتْ ثُمَّ أَمْطَرَتْ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَمْ يَأْتِ مَسْجِدَهُ حَتَّى سَالَتْ السُّيُول وَفِي الْكتاب صلى ضَحْوَةً فَقَطْ قَالَ سَنَدٌ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَقتهَا وَقْتُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَفْسِيرًا لِقَوْلِ مَالِكٍ وَقَالَ ش تُفْعَلُ بَعْدَ الزَّوَالِ لَنَا الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ وَالْقِيَاسُ عَلَى الْعِيدَيْنِ وَنَقَلَ أَبُو الطَّاهِرِ إِيقَاعَهَا بَعْدَ الزَّوَالِ وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ قَوْلَانِ فِي الْمَذْهَبِ وَفِي الْبَيَانِ قَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ بِالِاسْتِسْقَاءِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَالصُّبْحِ قَالَ يُرِيدُ بِهِ الدُّعَاءَ لَا الْبُرُوزَ إِلَى الْمُصَلَّى لِأَنَّ السُّنَّةَ فِيهِ الضُّحَى وَفِي الْجَوَاهِرِ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَأْمُرَ الْإِمَامُ قَبْلَهَا بِالتَّوْبَةِ وَرَدِّ الْمَظَالِمِ وَتَحَلُّلِ النَّاسِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا لِأَنَّ الذُّنُوبَ سَبَبُ الْمَصَائِبِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فبمَا كسبت أَيْدِيكُم} وَسَبَبُ مَنْعِ الْإِجَابَةِ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ وَيَأْمُرُهُمْ بِالصَّدَقَةِ وَالْإِحْسَانِ لِلْفُقَرَاءِ فَالْعَبْدُ يُجَازَى مِنْ جِنْسِ عَمَلِهِ فَمَنْ أَطْعَمَ أُطْعِمَ وَمَنْ أَحْسَنَ أُحْسِنَ إِلَيْهِ وَلَا يَزَالُ اللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا دَامَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ قَالَ سَنَدٌ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي تَقْدِيمِ الصَّوْمِ قَبْلَ الِاسْتِسْقَاءِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَيُصْبِحُونَ صِيَامًا وَقَدْ فَعَلَهُ عُمَرُ وَاسْتَحَبَّهُ ش ثَلَاثًا لِمَا رُوِيَ أَنَّ دَعْوَةَ الصَّائِمِ لَا تُرَدُّ وَيَخْرُجُونَ مَعَ الْإِمَامِ فِي ثِيَابِ الْبِذْلَةِ وَالْمِهْنَةِ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ شِعَارُهُمُ الْخُشُوعُ وَالْخَوْفُ قَالَ ابو الطَّاهِر

وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يُكَبِّرُ عِنْدَ خُرُوجِهِ إِلَيْهَا وَقِيلَ يُكَبِّرُ قِيَاسًا عَلَى صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ وَفِي الْكِتَابِ لَا يَخْرُجُ بِمِنْبَرٍ وَلَكِنْ يَتَوَكَّأُ الْإِمَامُ عَلَى عَصًا وَأَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَ الْمِنْبَرَ مِنْ طِينٍ فِي الْمُصَلَّى لِلْعِيدَيْنِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّان وَقَالَ اشهب فِي الْمَجْمُوعَة ذَاك وَاسِعٌ لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْمَشْهُورُ إِخْرَاجُ الصّبيان والبهائم وَالنِّسَاء الَّتِي لَا تُخْشَى فِتْنَتُهُنَّ غَيْرُ مَشْرُوعٍ وَقِيلَ مَشْرُوعٌ لِتَكْثِيرِ أَسْبَابِ الرَّحْمَةِ وَلَا خِلَافَ فِي مَنْعِ مَنْ تُخْشَى فِتْنَتُهُ مِنَ النِّسَاءِ وَمَنَعَ فِي الْكِتَابِ الْحُيَّضَ وَجَوَّزَ أَهْلَ الذِّمَّةِ لِأَنَّهُمْ يُرْزَقُونَ كَمَا نُرْزَقُ وَفِي الْجَوَاهِرِ مَنَعَهُ أَشْهَبُ دَفْعًا لِلْفِتْنَةِ عَنْ ضُعَفَاءِ الْإِسْلَامِ وَلِأَنَّهُ لَا يُتَقَرَّبُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِأَعْدَائِهِ وَجَوَّزَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ وَ (ش) خُرُوجَهُمْ مُنْفَرِدِينَ بِيَوْمٍ إِخْفَاءً لِشَعَائِرِهِمْ وَمَنَعَهُ ابْنُ حَبِيبٍ لِئَلَّا يَحْصُلَ السَّقْيُ فِي يَوْمِهِمْ فَيُفْتَنَ النَّاسُ وَيُسْتَسْقَى لِلْجَدْبِ وَحَيَاةِ الزَّرْع ولشرب النَّاس اَوْ شرب الْبَهَائِم اَوْ لتكامل الْكِفَايَة بِالْمَاءِ اَوْ لمجئ النِّيلِ وَلِتَكْرِيرِ الِاسْتِسْقَاءِ إِنِ احْتِيجَ إِلَيْهِ لِحُصُولِ الْحَاجَةِ فِي الْجَمِيعِ وَفِي الْمُوَطَّأِ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَام يَقُول اللَّهُمَّ اسْقِ عِبَادك وبهيمتك وانشر رحمتك وأحي بلدك الْمَيِّت وَجوز اللَّخْمِيّ وش اسْتِسْقَاءَ الْمُخْصِبِ لِلْمُجْدِبِ وَتَوَقَّفَ فِيهِ الْمَازِرِيُّ دُونَ الدُّعَاءِ الْمُجَرَّدِ لِكَوْنِهِ بِدْعَةً وَفِي الْكِتَابِ يَقْرَأُ فيهمَا بسبح وَالشَّمْس وَضُحَاهَا وَنَحْوهمَا وَقَالَهُ ابْن

حَنْبَل وَقَالَ (ش) ب (ق) وَفِي الثَّانِيَة ب {اقْتَرَبت السَّاعَة} لنا الْمَقْصُود الدُّعَاء وَالِاسْتِغْفَار فيوجد فِي الصَّلَاةِ وَلَا يُكَبَّرُ فِيهَا عِنْدَنَا خِلَافًا (ش) لانه لم يرو ويبدل التَّكْبِير بالاستغفار قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا ربكُم إِنَّه كَانَ غفارًا يُرْسل السَّمَاء عَلَيْكُم مدرارا} فَجُعِلَ الِاسْتِغْفَارُ سَبَبَ الْإِمْطَارِ وَفِي الْكِتَابِ يَخْطُبُ بَعْدَ الصَّلَاةِ خُطْبَتَيْنِ كَالْعِيدَيْنِ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى وَكَانَ يَقُولُ يَخْطُبُ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَكِلَاهُمَا مَرْوِيٌّ فِي الْحَدِيثِ وَالْأَشْهَرُ أَلَّا يُطَوِّلَ لِأَنَّ التَّقَرُّبَ قبل المسئلة أَنْسَبُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَبَيْنَ الِاسْتِسْقَاءِ وَالْعِيدَيْنِ أَنَّهَا شَرْطٌ فِيهَا بِخِلَافِهِمَا وَالشَّرْطُ يَتَقَدَّمُ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ أَحْدَثَ فِي الْخُطْبَةِ تَمَادَى لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ فِي الْخُطْبَةِ وَلَا تَتَّصِلُ بِصَلَاةٍ بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ وَإِذَا فَرَغَ مِنْ خُطْبَتِهِ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ مَكَانَهُ وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ فَيَجْعَلُ الَّذِي عَلَى الْيَمِينِ عَلَى الْيَسَارِ وَالَّذِي عَلَى الْيَسَارِ عَلَى الْيَمين خلافًا (ح) وَلَا يُقَلِّبُهُ فَيَجْعَلُ الْأَسْفَلَ أَعْلَى وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ يُحَوَّلُ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ وَقَالَهُ (ش) لِأَنَّ الدُّعَاءَ بَعْدَ الْخُطْبَةِ الْأُولَى خُطْبَةٌ وَنَقَلَ ابو الطَّاهِر التَّحْوِيل بعد الْخطْبَتَيْنِ لِئَلَّا تفصل الْخُطْبَةَ بِعَمَلٍ لَيْسَ مِنْهَا وَفِي الْكِتَابِ يُحَوِّلُ النَّاسُ أَرْدِيَتَهُمْ وَهُمْ جُلُوسٌ إِذَا حَوَّلَ الْإِمَامُ لِلتَّفَاؤُلِ بِتَحْوِيلِ الْحَالِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ ابْنُ الْمَاجشون وَلَا يحول النِّسَاءُ وَصِفَةُ التَّحْوِيلِ أَنْ يَأْخُذَ بِيَمِينِهِ مَا عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ وَيُمِرَّهُ مِنْ وَرَائِهِ فَيَضَعَهُ عَلَى الْأَيْمَنِ وَمَا عَلَى الْأَيْمَنِ عَلَى الْأَيْسَرِ وَفِي الْكِتَابِ ثُمَّ يَدْعُو

قَائِمًا وَيَدْعُونَ وَهُمْ قُعُودٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَلَا يُدْعَى لِلْأَمِيرِ بَلْ يُخْلَصُ الْأَمْرُ لِلَّهِ قَالَ سَنَدٌ وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ قَرُبَ مِنْهُ أَنْ يُؤَمِّنَ عَلَى دُعَائِهِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَرْفَعُ يَدَيْهِ وَبُطُونُهُمَا إِلَى الْأَرْضِ وَرُوِيَ عَنْهُ بُطُونُهُمَا إِلَى السَّمَاءِ وَيَفْعَلُ النَّاسُ مِثْلَهُ جُلُوسًا وَيَجْهَرُ بِالدُّعَاءِ لِأَنَّ دُعَاءَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ سُمِعَ فَنُقِلَ وَيَكُونُ الدُّعَاءُ بَيْنَ الطُّولِ وَالْقِصَرِ وَفِي الْكِتَابِ يَتَنَفَّلُ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا قَالَ سَنَدٌ كَرِهَ ابْنُ حَبِيبٍ ذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى الْعِيدَيْنِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الِاسْتِسْقَاءَ طَلَبٌ لِلْغُفْرَانِ فَإِنَّ الْجَدْبَ بِسَبَبِ الذُّنُوبِ فَحسن فِيهِ الْقُرُبَاتُ وَمَنْ أَدْرَكَ الْخُطْبَةَ وَفَاتَتْهُ الصَّلَاةُ جَلَسَ لَهَا وَلَا يُصَلِّي وَهُوَ بِالْخِيَارِ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّهَا بَقِيَّةُ نَافِلَةٍ مُطْلَقَةٍ

(الباب العشرون في صلاة الخوف)

(الْبَاب الْعشْرُونَ فِي صَلَاة الْخَوْف) قَالَ سَنَدٌ وَهِيَ عِنْدَنَا رُخْصَةٌ لَا سُنَّةٌ وَيجوز فعل الثَّلَاثَة لَهَا خلافًا ش مُحْتَجًّا بِأَنَّ أَقَلَّ الطَّائِفَةِ ثَلَاثَةٌ وَالْقُرْآنُ دَلَّ عَلَى طَائِفَتَيْنِ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ وَالْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ فِي الثَّلَاثَةِ فَيَحْرُسُ وَاحِدٌ وَيُصَلِّي اثْنَانِ وَالْقِتَالُ ثَلَاثَةٌ وَاجِبٌ كَقِتَالِ أَهْلِ الشِّرْكِ وَالْبَغْيِ وَمَنْ يُرِيدُ الدَّمَ عَلَى الْخِلَافِ وَمُبَاحٌ كَمُرِيدِ الْمَالِ وَحَرَامٌ كَقِتَالِ الْإِمَامِ الْعَادِلِ وَالْحِرَابَةِ فَالْوَاجِبُ وَالْمُبَاحُ سَوَاءٌ فِي هَذِهِ الرُّخْصَةِ وَلَا يُتَرَخَّصُ فِي الْحَرَامِ وَفِي الْجَوَاهِرِ فِي جَوَازِ إِقَامَتِهَا فِي اتِّبَاعِ الْكُفَّارِ مُنْهَزِمِينَ أَقْوَالٌ ثَالِثُهَا التَّفْرِقَةُ بَيْنَ خَوْفِ عَوْدَتِهِمْ وَأَمْنِهَا وَالْمَشْهُورُ اسْتِوَاءُ الْمُسَافِرِينَ وَالْمُقِيمِينَ فِي رُخْصَتِهَا لِضَرُورَةِ الِاحْتِرَاسِ مِنَ الْعَدُوِّ فِي الْحَالَتَيْنِ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا يُقِيمُهَا الْحَضَرِيُّ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ أَخَّرَ الصَّلَاةَ وَلَمْ يُصَلِّ صَلَاةَ الْخَوْفِ وَكَانَ فِي غَزَوَاتِهِ يُصَلِّيهَا جَوَابُهُ أَنَّ آيَةَ الْخَوْفِ إِنَّمَا نَزَلَتْ بَعْدَ ذَلِكَ وَضَابِطُهَا أَنَّ الْخَوْفَ الْمُبِيحَ إِذَا حَصَلَ قَسَمَ الْإِمَامُ النَّاسَ طَائِفَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا تَحْرُسُ وَالْأُخْرَى يُصَلِّي بِهَا شَطْرَ الصَّلَاةِ إِنْ كَانَتْ رُبَاعِيَّةً فِي الْحَضَر أَو ثنائية فِي السّفر وَفِي الصُّبْح والثلاثية فِي

الْمَغْرِبِ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَيَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ الْبَعْضُ بِإِمَامٍ وَالْبَعْضُ الْآخَرُ أَفْذَاذًا وَأَخَذَ الْبَاجِيُّ مِنْ هَذَا جَوَازَ طَائِفَتَيْنِ بِإِمَامَيْنِ لِأَنَّهُ إِذَا جَازَ أَنْ يُخَالِفَ الْإِمَامُ فَيصَلي وَمِنْه جَازَ أَنْ يُجَمِّعَ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَة مِنْهُم مَعَك} الْآيَة وَفِي القبس صلاهَا عَلَيْهِ السَّلَام أَرْبَعَة وَعشْرين مرّة فروع سَبْعَة الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ يُصَلِّي بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى مِنَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ وَيَتَشَهَّدُ وَيُتِمُّونَ لِأَنْفُسِهِمْ وَهُوَ قَائِمٌ لِأَنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى التَّخْفِيفِ فَلَوْ صلى بالاولى رَكْعَة لاحتاجت الثَّانِيَة الى ثَلَاث تَشَهُّدَاتٍ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي هَذِهِ الرُّخْصَةِ التَّشْطِيرُ بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ فَكَانَتِ الْأُولَى أَوْلَى بِتَكْمِيلِ الرَّكْعَةِ الْوُسْطَى لِسَبْقِهَا وَلِأَنَّهَا أُعْطِيَتْ حُكْمَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى لَا الثَّانِيَةِ بِدَلِيلِ الْقِرَاءَةِ وَالْجَهْرِ قَالَ وَيُصَلِّي بِالثَّانِيَةِ رَكْعَة وَيسلم ويقضون بِالْحَمْد وَسُورَةٍ قَالَ سَنَدٌ فَلَوْ صَلَّى الْمَغْرِبَ بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً جَهْلًا أَوْ عَمْدًا قَالَ سَحْنُونٌ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَصِلَاتُهُمْ لِتَرْكِهِ سُنَّتَهَا وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ تَصِحُّ لِأَنَّ طُولَ الْقِيَامِ مَشْرُوعٌ وَإِذَا قُلْنَا تَصِحُّ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ تَبْطُلُ صَلَاةُ الْأُولَى لِمُفَارَقَتِهَا الْإِمَامَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْمُفَارَقَةِ وَتَصِحُّ صَلَاةُ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ لِمُفَارَقَتِهِمْ فِي مَوْضِعِ الْمُفَارَقَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا صَحَّحْنَا صَلَاةَ الْأَخِيرَةِ فيجتمع عَلَيْهَا الْبناء وَالْقَضَاء فتبدأ بِالْبِنَاءِ عِنْد ابْن الْقَاسِم وبالقضاء عِنْدَ أَشْهَبَ وَأَمَّا انْتِظَارُهُ قَائِمًا إِذَا صَلَّى بالاولى رَكْعَتَيْنِ

فَلِأَنَّ الْجُلُوسَ الْأَوَّلَ يُسْتَحَبُّ فِيهِ التَّخْفِيفُ بِخِلَافِ الْقِيَامِ وَقَدْ كَانَ يَقُولُ يَنْتَظِرُهُمْ جَالِسًا لِتُدْرِكَ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ أَوَّلَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْأَوَّلِ فَفِي الْجَوَاهِرِ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَدْعُوَ أَوْ يَسْكُتَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ إِحْرَامِ الثَّانِيَة وَألا يقْرَأ لَان قِرَاءَته بِالْحَمْد وَحْدَهُ فَلَوْ كَانَ انْتِظَارُهُ فِي الثَّانِيَةِ كَمَا فِي الصُّبْحِ أَوْ صَلَاةِ السَّفَرِ خُيِّرَ بَيْنَ السُّكُوتِ وَالدُّعَاءِ وَالْقِرَاءَةِ الَّتِي لَا تَتِمُّ حَتَّى تُدْرِكَهَا الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ قَالَ سَنَدٌ فَلَوْ رَكَعَ قَبْلَ أَنْ يَأْتُوهُ لَأَجْزَأَهُ لِأَنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ رُخْصَةٌ فَلَهُ تَرْكُهَا وَلَا تَبْطُلُ صَلَاةُ الطَّائِفَةِ الاولى وان وَقع الْخلاف فِي كَوْنِهِ صَلَّى صَلَاةَ أَمْنٍ وَصَلَّوْا صَلَاةَ خَوْفٍ لِمُفَارَقَتِهِمْ قَبْلَ الْمُخَالَفَةِ قَالَ وَالطَّائِفَةُ الْأُولَى يُصَلُّونَ بَعْدَ مُفَارَقَتِهِ أَفْذَاذًا فَلَوْ أَمَّهُمْ أَحَدُهُمْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ صَلَاتُهُمْ فَاسِدَةٌ بِخِلَافِ مَنْ أَمَّهُمْ وَهُوَ عَلَى مَا مَرَّ فِي الْمَسْبُوقِ فَإِنْ فَاتَ بَعْضَ الطَّائِفَةِ الْأُولَى الرَّكْعَةُ الْأُولَى مِنَ الْمَغْرِبِ فَلَا تُقْضَى الرَّكْعَةُ إِلَّا بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَتَقِفُ حَتَّى يَفْرُغَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْقِدْ مَعَهُ نِصْفَ الصَّلَاةِ وَالْمُخَالَفَةُ إِنَّمَا شُرِعَتْ بَعْدَ ذَلِكَ وَرَجَعَ سَحْنُونٌ إِلَى هَذَا بَعْدَ قَوْلِهِ لَا يَنْتَظِرُهُ لِأَنَّهُ مِنَ الطَّائِفَةِ الْأُولَى وَرَكْعَتَا الْإِمَامِ فِي حُكْمِ صَلَاةٍ تَامَّةٍ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِمْ وَقَالَ مَالِكٌ وَجَمِيعُ أَصْحَابِهِ وَ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ يَثْبُتُ الْإِمَامُ حَتَّى يُتِمُّوا صَلَاتَهُمْ إِلَّا أَشْهَبَ قَالَ يَنْصَرِفُونَ إِلَى وَجْهِ الْعَدُوِّ وهُمْ فِي الصَّلَاةِ وَتَأْتِي الثَّانِيَةُ فَيُصَلِّي بِهَا بَقِيَّةَ الصَّلَاةِ وَتَرْجِعُ إِلَى الْعَدُوِّ وَهُمْ فِي الصَّلَاةِ ثُمَّ تَأْتِي الْأُولَى إِلَى مَوْضِعِ الْإِمَامِ فَتُتِمُّ صَلَاتَهَا مُنْفَرِدَةً ثُمَّ تَنْصَرِف إِلَى الْعَدُوِّ وَتَأْتِي الْأُخْرَى إِلَى مَوْضِعِ الْإِمَامِ فَيُتِمُّ وَقَالَهُ (ح) وَهُوَ فِي أَبِي دَاوُدَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ

الْحَنَفِيَّةُ وَهَذَا أَوْلَى، لِأَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يُفَارِقُ إِمَامَهُ قَبْلَ فَرَاغِهِ؛ وَالْمَشْيُ مَعْهُودٌ فِي الرُّعَافِ 0 وَجَوَابُهُمْ أَنَّ إِمَامَتَهُ انْقَضَتْ فِي حُكْمِ هَذِهِ الصَّلَاةِ 0 وَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْمُوَطَّأِ وَمُسْلِمٍ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهُوَ عَلَى ظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى {فلتقم طَائِفَة مِنْهُم مَعَك} وَهُوَ يبطل قَول الشَّافِعِي فِي إِحْرَامِهِ بِالْجَمِيعِ إِذَا كَانَ الْعَدُوُّ مِنْ جِهَةِ الْقِبْلَةِ وَالْمُسْلِمُونَ فِيهِمْ كَثْرَةٌ وَلَا مَانِعَ مِنَ النَّظَرِ إِلَى الْكُفَّارِ وَقَوْلُهُ {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لم يصلوا فليصلوا مَعَك} يَقْتَضِي كَمَالَ الصَّلَاةِ مَعَهُ حَتَّى يُسَلِّمُوا بِسَلَامِهِ وَهُوَ أحوط للصَّلَاة؛ فان عَلَى قَوْلِهِمْ يَدْخُلُ فِعْلٌ كَثِيرٌ فِي الصَّلَاةِ ويستدبر الْقبْلَة وَهُوَ أحوط للحرب فان الحرس اذا لم يَكُونُوا فِي صَلَاة تَمَكَّنُوا مِنَ الْقِتَالِ التَّامِّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَوْ زَالَ الْخَوْفُ أَتَمَّ بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى صَلَاةَ أَمْنٍ وَتُصَلِّي الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى بِإِمَامٍ آخَرَ لِأَنَّهُ احرم بنية صَلَاة الْخَوْف وَهُوَ لَا يحرم بِنِيَّةِ صَلَاةِ الْأَمْنِ كَالْمَرِيضِ يُحْرِمُ جَالِسًا ثُمَّ يَصِحُّ فَيَقُومُ فَلَا يُحْرِمُ أَحَدٌ مَعَهُ ثُمَّ رَجَعَ فجوز الدُّخُولَ مَعَهُ لِأَنَّ الصَّلَاةَ أَوَّلًا انْعَقَدَتْ فِي حَقِّ الْجَمِيعِ وَهَذَا الْأَمْنُ عَارِضٌ فَإِنْ قَامَ ينْتَظر الطَّائِفَة الثَّانِيَة فوالى الْخَوْفَ قَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ مَنْ أَتَمَّ وَانْصَرَفَ أَجْزَتْهُ وَمَنْ لَمْ يُتِمَّ لَمْ يُفَارِقِ الْإِمَامَ وَلَا يَنْتَظِرُ الْإِمَامُ أَحَدًا قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ ذهب الْخَوْف بعد رَكْعَتَيْنِ وَهِيَ رُبَاعِيَّةٌ وَبَعْضُهُمْ لَمْ يُصَلِّ شَيْئًا وَبَعْضُهُمْ صَلَّى رَكْعَةً وَبَعْضُهُمْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ اتَّبَعَهُ مَنْ لَمْ يُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ

وَيُمْهِلُ مَنْ صَلَّى رَكْعَةً حَتَّى يُصَلِّيَهَا الْإِمَامُ ثُمَّ يَتْبَعُهُ فِي الرَّابِعَةِ وَيُمْهِلُ مَنْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى يُسَلِّمَ بِسَلَامِ الْإِمَامِ قَالَ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ مَسْلَمَةَ وَإِذَا صَلَّى بِالثَّانِيَةِ فَفِي الْكِتَابِ يُتِمُّونَ بَعْدَ سَلَامِهِ وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ قِيَاسًا عَلَى الْمَسْبُوقِ وَرَوَى عَنْهُ يُتِمُّونَ قبل سَلَامه وَسلم بهم اجمعين لتجوز التَّحْلِيل كَمَا جَازَتِ الْأُولَى لِلْإِحْرَامِ وَفِي الْبَابِ أَحَادِيثُ صَحِيحَةٌ مُتَعَارِضَةٌ تَدُلُّ عَلَى جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَاهُ وَإِنَّمَا النَّظَرُ فِي التَّرْجِيحِ وَإِذَا قُلْنَا بِغَيْرِ الْمَشْهُورِ قَالَ مَالِكٌ يَقُومُونَ بِإِشَارَتِهِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ الثَّانِي فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا اخْتَلَفَ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ فِي السَّفَرِ وَالْإِقَامَةِ صَلَّى بِالْأُولَى رَكْعَةً إِنْ كَانَ مُسَافِرًا لِأَنَّهَا شَطْرُ صَلَاتِهِ وَاثْنَتَيْنِ فِي غير الثَّانِيَة إِنْ كَانَ حَضَرِيًّا لِأَنَّ الْإِمَامَ هُوَ الْمَتْبُوعُ وَأَتَمَّ الْمُسَافِرُ وَالْمُقِيمُ مَا بَقِيَ مِنْ صَلَاةِ نَفسه الثَّالِثُ إِذَا لَمْ تُمْكِنِ التَّفْرِقَةُ وَخَافُوا إِنِ اشْتَغَلُوا بِالصَّلَاةِ دَهَمَهُمُ الْعَدُوُّ وَانْهَزَمُوا صَلَّوْا عَلَى مَا يُمْكِنُهُمْ رِجَالًا وَرُكْبَانًا إِلَى الْقِبْلَةِ وَغَيْرِهَا عَلَى الدَّوَابِّ وَعَلَى الْأَرْضِ وَإِيمَاءً إِنْ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَيَكُونُ السُّجُودُ أَخْفَضَ مِنَ الرُّكُوعِ وَقَالَهُ (ش) وَمَنَعَهُمْ مُشَاةً وَفِي حَالَةِ الْمُسَايَفَةِ لِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِكَثْرَةِ الْعَمَلِ وَلِانْصِرَافِ النُّفُوسِ عَنِ الصَّلَاةِ لَنَا قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ خِفْتُمْ فرجالا أَو ركبانا} معضودا بقول ابْن عُمَرَ فِي الْمُوَطَّأِ فَإِنْ كَانَ خَوْفًا أَشَدَّ مِنْ ذَلِكَ صَلَّوْا رِجَالًا قِيَامًا عَلَى أَقْدَامِهِمْ أَوْ رُكْبَانًا مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ أَوْ غَيْرَ

مُسْتَقْبِلِيهَا قَالَ نَافِعٌ لَا أَرَاهُ حَدَّثَهُ إِلَّا عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقِيَاسًا عَلَى مَنْ لَازَمَتْهُ النَّجَاسَةُ أَوِ الْمَرَضُ وَاشْتَرَطَ فِي الْجَوَاهِرِ صَلَاةَ الْمُسَايَفَةِ خَوْفَ فَوَاتِ الْوَقْتِ وَأَبَاحَ كُلَّ مَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ أَوْ حَمْلِ سِلَاحٍ مُتَلَطِّخٍ بِالدَّمِ إِلَّا عِنْدَ الْغَنِيِّ عَنْهُ قَالَ سَنَدٌ فَإِنْ صَلَّى عَلَى الدَّابَّةِ رَكْعَةً ثُمَّ أَمِنَ نَزَلَ وَأَتَمَّ الصَّلَاةَ كَالْمَرِيضِ يَقْوَى فِي أَثْنَائِهَا فَإِنْ صَلَّى رَكْعَةً بِالْأَرْضِ ثمَّ اشْتَدَّ الْخَوْف ركب وَبنى خلافًا (ش) مُحْتَجًّا بِأَنَّهُ عَمَلٌ كَثِيرٌ وَنَحْنُ نَقِيسُ الرُّكُوبَ عَلَى الْمَشْيِ قَالَ أَشْهَبُ وَلَهُمْ أَنْ يَجْمَعُوا عَلَى الدَّوَابِّ بِطَائِفَتَيْنِ إِنْ أُحْوِجُوا لِذَلِكَ وَقَالَهُ ش وَقَالَ ح لَا يَجْمَعُونَ وَإِنْ أَتَاهُمُ الْعَدُوُّ فِي الصَّلَاةِ فَرَمَوْهُ بِالنَّبْلِ وَانْهَزَمُوا لم تبطل الرَّابِع قَالَ لَو ظنُّوا سوادا عدوا فَصَلَّوْا صَلَاةَ الْخَوْفِ ثُمَّ تَبَيَّنَ خِلَافُهُ قَالَ أَشهب أجزتهم وَاسْتَحَبَّ ابْنُ الْمَوَّازِ الْإِعَادَةَ فِي الْوَقْتِ لِأَنَّ الْخَوْفَ سَبَبُ الرُّخْصَةِ وَهُوَ مَوْجُودٌ وَقَالَ (ح وش) تَجِبُ كَظَانِّ الطَّهَارَةِ وَهُوَ مُحْدِثٌ وَالْفَرْقُ أَنَّ الطَّهَارَةَ شَرْطٌ وَهِيَ مَفْقُودَةٌ وَالْخَوْفَ سَبَبٌ وَهُوَ مَوْجُودٌ وَلَوْ تَحَقَّقُوا الْعَدُوَّ فَصَلَّوْا ثُمَّ تَبَيَّنَ فِي الصَّلَاةِ أَنَّ بَيْنَهُمْ نَهْرًا يَمْنَعُهُمْ مِنَ الْوُصُول أجزتهم عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ لِوُجُودِ الْخِلَافِ وَلَا تُجْزِيهِمْ عَلَى الْآخَرِ لِأَنَّهُمْ مُفَرِّطُونَ فِي تَعَرُّفِ النَّهْرِ الْخَامِسُ قَالَ لَوِ انْهَزَمُوا مِنَ الْعَدُوِّ وَكَانَ الْعَدو مُنْهَزِمًا مِنَ اثْنَيْنِ كَانُوا عُصَاةً فَلَا يَتَرَخَّصُونَ بِصَلَاةِ الْخَوْفِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُتَحَرِّفًا لِقَتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ وَإِلَّا جَازَ التَّرَخُّصُ وَلَوْ وَقَعَتِ الْمُسَايَفَةُ وَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَانْهَزَمَ الْعَدُوُّ قَالَ

مَالِكٌ إِنْ كَانُوا طَالِبِينَ صَلَّوْا إِيمَاءً لِأَنَّهُمْ لَمْ يَأْمَنُوا يَقِينًا وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَ (ش) يُصَلُّونَ عَلَى الْأَرْضِ لِأَنَّهُمْ طَالِبُونَ وَالْخلاف فِي تَحْقِيق منَاط السَّادِسُ قَالَ فَإِنْ حَضَرَ الْخَوْفُ فِي الْبَحْرِ وَهُمْ فِي مَرْكَبٍ وَاحِدٍ فَهُمْ كَأَهْلِ الْبَرِّ أَو فِي مركبين صَلَّتْ وَاحِدَةٌ بَعْدَ وَاحِدَةٍ وَقَسَّمَ إِمَامُ كُلِّ وَاحِدَةٍ أَهْلَهَا طَائِفَتَيْنِ فَإِنْ أَمِنُوا إِذَا صَلَّوْا بِإِمَامٍ وَاحِدٍ جَازَ وَيُقَسَّمُ أَهْلُ كُلِّ قِطْعَةٍ طَائِفَتَيْنِ فَإِنْ كَانَتْ عِدَّةَ قَطَائِعَ جَازَ أَنْ يَقْسِمَهُمْ وَيُصَلِّيَ نِصْفُ الْقَطَائِعِ وَيَحْرُسَ الْآخَرُ وَأَمَّا الْقِطْعَةُ الَّتِي مَعَ الْإِمَامِ فَتُقَسَّمُ طَائِفَتَيْنِ وَإِنْ قسموا كل قِطْعَة طائفتين فَهُوَ أحسن السَّابِعُ فِي الْكِتَابِ إِذَا سَهَا الْإِمَامُ فِي أَوَّلِ صَلَاةِ الْخَوْفِ سَجَدَتِ الطَّائِفَةُ الْأُولَى بَعْدَ إِتْمَامِهَا كَانَ قَبْلَ السَّلَامِ أَوْ بَعْدَهُ وَإِذَا أَتَمَّ بِالثَّانِيَةِ جَلَسَ حَتَّى يُتِمُّوا فَسَجَدَ بِهِمْ ثُمَّ يُسَلِّمُ قَالَ سَنَدٌ فَلَوْ كَانَ السُّجُودُ مِمَّا يَخْفَى أَشَارَ إِلَى الْأُولَى فَلَوْ سَهَا فِي انْتِظَارِ الثَّانِيَةِ أَوْ تَكَلَّمَ أَوْ أَحْدَثَ لَمْ يَلْزَمِ الْأُولَى شَيْءٌ لِكَمَالِ صَلَاتِهِمْ بِخِلَافِ الثَّانِيَة فَإِنَّهَا تسْجد مُطلقًا كالمسبوق تَنْبِيه شَرْعِيَّة صَلَاةِ الْخَوْفِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَصْلَحَةَ الْوَقْتِ الِاخْتِيَارِيِّ أَعْظَمُ مِنْ مَصَالِحِ اسْتِيفَاءِ الْأَرْكَانِ وَحُصُولِ الْخُشُوعِ وَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَإِلَّا لَجَوَّزَ الشَّرْعُ التَّأْخِيرَ لِلْأَمْنِ مَعَ أَنَّا لَمْ نَشْعُرْ بِمَصْلَحَةِ الْوَقْتِ أَلْبَتَّة وَتحقّق شَرَفُ هَذِهِ الْمَصَالِحِ وَنَظِيرُهُ الصَّلَاةُ بِالتَّيَمُّمِ تَدُلُّ على ان مصلحَة الْوَقْت أَعْظَمُ مِنْ مَصْلَحَةِ طَهَارَةِ الْمَاءِ

(الباب الحادي والعشرون في صلاة الجنازة)

(الْبَابُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ) قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ الْجِنَازَةُ بِكَسْرِ الْجِيمِ الْمَيِّتُ عَلَى السَّرِيرِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ مَيِّتٌ فَهُوَ سَرِيرٌ وَنَعْشٌ وَالْعَامَّةُ بِفَتْحِ الْجِيمِ قَالَ عِيَاضٌ الْفَتْح وَالْكَسْر مَعًا لِلْمَيِّتِ بِالْفَتْحِ وَالسَّرِيرُ بِالْكَسْرِ فَالْحَرَكَةُ الْعُلْيَا لِلْأَعْلَى وَالسُّفْلَى لِلْأَسْفَلِ وَفِي الْكِتَابِ سِتَّةُ فُصُولٍ وَأَنَا ذَاكِرُهَا عَلَى التَّرْتِيبِ مِنَ الِاحْتِضَارِ إِلَى التَّعْزِيَةِ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الِاحْتِضَارِ قَالَ سَنَدٌ يُسْتَحَبُّ حِينَئِذٍ حُسْنُ الظَّنِّ بِاللَّهِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي أَبِي دَاوُدَ لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاللَّهِ وَيَسْتَعِينُ عَلَى

ذَلِكَ بِالتَّفْكِيرِ فِي سَعَةِ رَحْمَةِ اللَّهِ وَيَجْتَهِدُ فِي الدُّعَاءِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ مَوْتِهِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَأَلْحِقْنِي بالرفيق وَفِي رِوَايَة الرفيق الْأَعْلَى يَعْنِي اعلا مُرْتَفَقِ الْجَنَّةِ وَلَا يَتَمَنَّى الْمَوْتَ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الصَّحِيحَيْنِ لَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ لِضَرٍّ نَزَلَ بِهِ وَلَكِنْ يَقُولُ اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا دَامَتِ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي وَتَوَفَّنِي مَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ التَّوَجُّهَ إِلَى الْقِبْلَةِ لِأَنَّهَا أَفْضَلُ الْجِهَاتِ وَقَالَهُ الْجُمْهُورُ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ كَرَاهَتَهُ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يُوجِبْهُ وَحَضَرَ احْتِضَارَهُ جَمَاعَةٌ وَلَمْ يَأْمُرْ بِهِ وَأَنْكَرَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ عَلَى مَنْ فَعَلَ بِهِ ذَلِكَ فِي مَرَضِهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ إِنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَعَلَى ظَهْرِهِ وَرِجْلَاهُ إِلَى الْقِبْلَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَا يَفْعَلُ أَهْلُهُ ذَلِكَ حَتَّى يُتَيَقَّنَ الْمَوْتُ بِإِشْخَاصِ بَصَرِهِ قَالَ سَنَدٌ وَكَرِهَ مَالِكٌ الْقِرَاءَةَ عِنْدَهُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا بَأْسَ بِقِرَاءَةِ (يَس) لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي أَبِي دَاوُدَ اقْرَأُوا يَس عَلَى مَوْتَاكُمْ وَيُلَقَّنُ عِنْدَ الْمَوْتِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي مُسْلِمٍ مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَإِذَا قَضَى أَوَّلُ مَا يُبْدَأُ بِتَغْمِيضِهِ لِمَا فِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ دَخَلَ عَلَى أَبِي مَسْلَمَةَ وَقَدْ شَقَّ بَصَرُهُ فَأَغْمَضَهُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَيُقَالُ عِنْدَ تَغْمِيضِهِ بِسْمِ اللَّهِ

وَعَلَى وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ اللَّهُمَّ يَسِّرْ عَلَيْهِ أَمْرَهُ وَسَهِّلْ عَلَيْهِ مَوْتَهُ وَأَسْعِدْهُ بِلِقَائِكَ وَاجْعَلْ مَا خَرَجَ إِلَيْهِ خَيْرًا مِمَّا خَرَجَ عَنْهُ وَلَا يَجْلِسُ عِنْدَهُ إِلَّا أَحْسَنُ أَهْلِهِ قَوْلًا وَفِعْلًا وَيَتَجَنَّبُهُ الْجُنُبُ وَالْحَائِضُ لِأَجْلِ الْمَلَائِكَةِ ثُمَّ يُشَدُّ لِحْيُهُ الْأَسْفَلُ بِعِصَابَةٍ وَيُرْبَطُ فَوْقَ رَأْسِهِ لِئَلَّا يَدْخُلَ الْهَوَامُّ إِلَى فَمِهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَأُبِيحَ الْبُكَاءُ قَبْلَ الْمَوْتِ وَبَعْدَهُ بِغَيْرِ صَوْتٍ فِي الْوَحْدَةِ وَالِاجْتِمَاعِ وَفِي الْبُخَارِيِّ اشْتَكَى سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ فَأَتَاهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَعُودُهُ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ وَجَدَهُ فِي غَاشِيَتِهِ فَقَالَ قَدْ قَضَى قَالُوا لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فبكاه النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَلَمَّا رَأَى الْقَوْمُ بُكَاءَهُ بَكَوْا فَقَالَ أَلَا تَسْمَعُونَ إنَّ اللَّهَ لَا يُعَذِّبُ بِدَمْعِ الْعَيْنِ وَحُزْنِ الْقَلْبِ وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بِهَذَا وَأَشَارَ الى لِسَانه قَالَه ابْنُ حَبِيبٍ وَالنَّوْحُ مَمْنُوعٌ فِي سَائِرِ الْأَحْوَالِ لِأَنَّهُ اسْتِغَاثَةٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَإِظْهَارُ أَنَّهُ جَار وَفعل غير مَا يَنْبَغِي غير انه قد رَثَى ابْنُ عُمَرَ أَخَاهُ عَاصِمًا بِقَوْلِهِ (فَإِنْ تَكُ أحزان وفائض دمعة ... جرين وَمَا من دَاخل الْجوف منفعا) (تَجَرَّعْتُهَا فِي عَاصِمٍ وَاحْتَسَبْتُهَا ... فَأَعْظَمُ مِنْهَا مَا احتسبنني وَتَجَرَّعَا) (فَلَيْتَ الْمَنَايَا كُنَّ خَلَّفْنَ عَاصِمًا ... فَعِشْنَا جَمِيعًا أَوْ ذَهَبْنَ بِنَا مَعَا) (دَفَعْنَا بِكَ الْأَيَّامَ حَتَّى إِذَا أَتَتْ ... تُرِيدُكَ لَمْ نَسْطَعْ لَهَا عَنْكَ مَدْفَعَا) وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى إِبَاحَةِ مِثْلِهِ مِنَ الْمَرَاثِي وَأَمَّا مَا فِيهِ التَّشْنِيعُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فَلَا وَفِي أَبِي دَاوُدَ لَعَنَ اللَّهُ النَّائِحَةَ وَالْمُسْتَمِعَةَ قَالَ سَنَدٌ هِيَ الَّتِي تَتَّخِذُ النَّوْحَ صَنْعَةً وَإِلَّا فَالْمَرَّةُ مَكْرُوهَةٌ لِمَا فِي الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ تَرَكَ نِسَاءَ جَعْفَرٍ لَمْ

يسكتهن وَفِيه عَن جَابر جي بِأَبِي يَوْمَ أُحُدٍ وَقَدْ مُثِّلَ بِهِ وَسَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ فَسُمِعَ صَوْتُ صَائِحَةٍ فَقَالَ مَنْ هَذِهِ؟ فَقَالُوا ابْنَةُ عَمْرٍو فَقَالَ فَلْتَبْكِ أَوْ لَا تَبْكِي فَمَا زَالَتِ الْمَلَائِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا حَتَّى رُفِعَ وَفِيهِ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ أَخَذَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَلَّا نَنُوحَ فَمَا وَفَتْ مِنَّا امْرَأَةٌ غَيْرُ خَمْسِ نِسْوَةٍ سَمَّتْهُنَّ فَائِدَةٌ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الْحَيِّ عَلَيْهِ فِي الْمُوَطَّأِ مُشْكِلٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يواخذ بِفِعْلِ غَيْرِهِ وَجَوَابُهُ مِنْ وُجُوهٍ الْأَوَّلُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ أَوْصَى بِالنِّيَاحَةِ كَمَا قَالَ طَرَفَةُ (إِذَا مُتُّ فَانْعِينِي بِمَا أَنَا أَهْلُهُ ... وَشُقِّي عَلَيَّ الْجَيْبَ يَا ابْنَةَ مَعْبَدِ) أَوْ أَنَّهُمْ يذكرُونَ فِي نواحهم مفاخر هِيَ فخار عِنْدَ الشَّرْعِ كَالْغَضَبِ وَالْفُسُوقِ فَيُعَذَّبُ بِهَا أَوْ مَا قَالَتْهُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا يَغْفِرُ الله لأبي عبد الرحمان أَمَا إنَّهُ لَمْ يَكْذِبْ وَلَكِنَّهُ نَسِيَ أَوْ أَخطَأ إِنَّمَا مر عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَهُودِيَّة يَبْكِي عَلَيْهَا أَهْلُهَا فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّكُمْ لَتَبْكُونَ عَلَيْهَا وَإِنَّهَا لَتُعَذَّبُ

الفصل الثاني في الغسل

الْفَصْل الثَّانِي فِي الْغسْل وَحِكْمَتُهُ التَّأَهُّبُ لِلِقَاءِ الْمَلَكَيْنِ وَهُوَ وَاجِبٌ وَقِيلَ سُنَّةٌ وَفِي مُسْلِمٍ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي ابْنَتِهِ ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنْهَا وَاغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا إِنْ رَأَيْتُنَّ وَاجْعَلْنَ فِي الْأَخِيرِ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ فَإِنْ أَعَدْنَا الشَّرْطَ عَلَى الْجَمِيعِ فَقَدْ وَقَفَ جُمْلَةَ الْغُسْلِ عَلَى إرادتهن فَلَا يكون وَاجِبا اَوْ نقصره عَلَى الْعَدَدِ وَهُوَ الظَّاهِرُ فَيَجِبُ لِأَنَّ الْأَمْرَ لِلْوُجُوبِ أَوْ يُقَالُ هَذَا خَرَجَ مَخْرَجَ التَّعْلِيمِ فَلَا يَكُونُ حُجَّةً إِلَّا فِي الْكَيْفِيَّةِ فَقَطْ وَهُوَ أَيْضًا قَاعِدَةٌ صَحِيحَةٌ لِأَنَّ الْكَلَامَ إِذَا خرج فِي سِيَاق الِاسْتِدْلَال بِهِ فِي غَيْرِهِ وَفِي الْفَصْلِ ثَلَاثَةُ أَنْظَارٍ النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي الْغُسْلِ فِي الْجَوَاهِرِ أَقَلُّهُ امرارا المَاء على جملَة الْجَسَد مَعَ الدَّلْك وكما لَهُ حَمْلُهُ إِلَى مَوْضِعٍ خَالٍ لِلسُّتْرَةِ وَيُوضَعُ عَلَى سَرِير ليبعد عَن فَسَاد العفن ويتمكن مِنْ غَسْلِهِ وَيُنْزَعُ قَمِيصُهُ لِيَعْبُرَ الْهَوَى إِلَيْهِ فيبعد عَن الْفساد وَقَالَهُ (ح) خلافًا (ش) مُحْتَجًّا بِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ غُسِّلَ فِي قَمِيصِهِ جَوَابُهُ الِاتِّفَاقُ عَلَى طَهَارَتِهِ فَشَابَهَ مَنْ يحمل الْقَمِيصَ لِنَجَاسَتِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ نَجِسٌ عَلَى رَأْيٍ وَتُسْتَرُ عَوْرَتُهُ قَالَ الْمَازِرِيُّ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ السَّوْءَةُ فَقَطْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِلَى الرُّكْبَةِ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَسْتُرُ مِنَ الْمَرْأَةِ مَا يَسْتُرُ الرَّجُلُ مِنَ الرَّجُلِ وَعَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ جَمِيعَ جَسَدِهَا وَلَا يُرَاعَى الْمَاءُ الْقَرَاحُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ لِقَاءُ الْمَلَكَيْنِ وَإِنَّمَا كُرِهَ مَاءُ الْوَرْدِ وَالْقَرَنْفُلِ لِلسَّرَفِ بَلْ هُوَ أفضل

وَكُرِهَ الْغُسْلُ وَإِزَالَةُ النَّجَاسَةِ بِمَاءِ زَمْزَمَ احْتِرَامًا لَهُ مِنْ نَجَاسَةٍ قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَلَا وَجْهَ لَهُ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عِنْدَ بَعْضِ أَشْيَاخِي عَلَى الْقَوْلِ بِنَجَاسَةِ الْمَيِّتِ أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِطَهَارَتِهِ فَهُوَ أَوْلَى لِبَرَكَتِهِ وَأَمَّا الْمُسَخَّنُ فَكَرِهَهُ الشَّافِعِيَّةُ لِإِرْخَائِهِ وَاسْتَحَبَّهُ (ح) لِإِنْقَائِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ مُخَيَّرٌ بَيْنَهُمَا وَيَبْدَأُ بِغسْل يَدَيْهِ لقَوْله عَلَيْهِ السَّلَام ابدأن بميامينها وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنْهَا ثُمَّ يُنَظَّفُ لِيُصَادِفَ الْمَاءُ الطَّهُورُ الْأَعْضَاءَ نَظِيفَةً طَاهِرَةً فَلَا يَفْسُدُ وَلَا يُفْضِي بِيَدِهِ إِلَى عَوْرَتِهِ إِلَّا وَعَلَيْهَا خِرْقَةٌ قَالَ فِي الْمُخْتَصر الا لامر لابد مِنْهُ وَمَنَعَهُ ابْنُ حَبِيبٍ مُطْلَقًا وَيَعْصِرُ بَطْنَهُ إِنِ احْتَاجَ إِلَيْهِ وَيَتَعَهَّدُ أَسْنَانَهُ وَمَنْخَرَهُ بِخِرْقَةٍ مَبْلُولَةٍ ثُمَّ يُوَضَّأُ عَلَى الْمَشْهُورِ قَالَ الْمَازِرِيُّ قِيلَ فِي الْأُولَى لِأَنَّهَا هِيَ الْفَرْضُ فَيَكُونُ الْوُضُوءُ مَعَهَا وَقِيلَ فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّ الْأُولَى تَنْظِيفٌ وَفِي الْجَوَاهِرِ ثُمَّ يُضْجَعُ عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْسَرِ لِيَبْدَأَ بِغَسْلِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ عَلَى الْأَيْمَنِ وَذَلِكَ غَسْلَةٌ وَاحِدَةٌ ثُمَّ يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلَاثًا وَفِي تَكْرِيرِ الْوُضُوءِ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ خِلَافٌ قَالَ الْمَازِرِيُّ قَالَ بَعْضٌ عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّكْرَارِ يَكُونُ الْوُضُوءُ غَسْلَةً وَاحِدَةً حَتَّى لَا يَصِلَ إِلَى الرَّابِعَةِ الْمُحَرَّمَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ فَإِنْ حَصَلَ الْإِنْقَاءُ وَإِلَّا فَخَمْسٌ أَوْ سَبْعٌ ثُمَّ يُنَشَّفُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَيَنْجَسُ الثَّوْبُ الَّذِي يُنَشَّفُ بِهِ وَقَالَ التُّونِسِيُّ لَا يُصَلَّى فِيهِ حَتَّى يُغْسَلَ وَكَذَلِكَ كَلُّ مَا أَصَابَهُ مَاؤُهُ وَقَالَ سَحْنُونٌ طَاهِرٌ وَيُسْتَعْمَلُ السِّدْرُ وَلَا يَسْقُطُ الْفَرْضُ إِذَا قُلْنَا الْغُسْلُ لِلْعِبَادَةِ فَيَغْسِلُ بِالْقِرَاحِ ثُمَّ يُضَافُ السِّدْرُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ تَعَذَّرَ السِّدْرُ فَمَا يُنَقِّي وَالسِّدْرُ أَفْضَلُ لِتَنْقِيَتِهِ مَعَ شدّه الْأَعْضَاء ثُمَّ الْكَافُورُ فِي الْأَخِيرِ لِجَمْعِهِ بَيْنَ الْعِطْرِيَّةِ وَمُضَادَّةِ الْعَفَنِ وَشدّه الْأَعْضَاءِ خِلَافًا (ح) فِيهِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي ابْنَتِهِ اغْسِلْنَهَا بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَاجْعَلْنَ فِي الْأَخِيرِ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ وَإِلَّا فَغَيْرُهُ مِنَ الطِّيبِ فَإِنْ خَرَجَتْ نَجَاسَةٌ بَعْدَ الْغُسْلِ أُزِيلَتْ وَلَمْ

يُعَدِ الْغُسْلُ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَقَالَ أَشْهَبُ يُعَادُ الْوُضُوءُ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ يُعَادُ الْغُسْلُ لِيَحْصُلَ آخر أمره طَاهِرَة كَامِلَةٌ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا كَثُرَ الْأَمْوَاتُ يُكْتَفَى بِصَبِّ الْمَاءِ وَيُدْفَنُ بِغَيْرِ غُسْلٍ مَنْ لَا أَهْلَ لَهُ وَيُجْمَعُ النَّفَرُ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ وَفِي الْكِتَابِ الْمَجْرُوحُ وَالْمَجْدُورُ الَّذِي يُخَافُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَزَلَّعَ يُصَبُّ عَلَيْهِ المَاء وَلَا يتَيَمَّم وَفِي الْجلاب يُؤْخَذ عزّر الْقُرُوحِ وَلَا تُنْكَأُ قَالَ الْمَازِرِيُّ قَالَ مَالِكٌ يَغْتَسِلُ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ أَحَبُّ إِلَيَّ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ لِأَنَّهُ إِذَا وَطَّنَ نَفْسَهُ عَلَى الْغُسْلِ بَالَغَ فِي إِنْقَائِهِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَلَا يَفْتَقِرُ إِلَى نِيَّةٍ لِأَنَّهُ غُسْلٌ يُفْعَلُ فِي الْغَيْرِ وَكُلُّ غُسْلٍ يُفْعَلُ فِي الْغَيْرِ لَا يَفْتَقِرُ إِلَى نِيَّةٍ كَغَسْلِ الْإِنَاءِ مِنْ ولوغ الْكَلْب وَلَو قيل بِالنِّيَّةِ وَلم يَبْعُدْ قَالَ سَنَدٌ فَإِنْ عُدِمَ الْمَاءُ يُمِّمَ عِنْد مَالك و (ح وش) كَمَا يَتَيَمَّمُ الْحَيُّ وَلَوْ كَانَ الْمَاءُ يَكْفِي أَحَدَهُمَا وَهُوَ جُنُبٌ وَالْآخَرُ مَيِّتٌ فَالْمَيِّتُ أَوْلَى عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ الْحَيُّ الْجُنُبُ أَوْلَى النَّظَرُ الثَّانِي فِي الْغَاسِلِ قَالَ الْمَازِرِيُّ قَالَ مَالِكٌ لَا أُحِبُّ لِلْجُنُبِ غُسْلَ الْمَيِّتِ بِخِلَافِ الْحَائِضِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَفِي الْجَوَاهِر يُغَسِّلُ الرَّجُلُ الرَّجُلَ وَالْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ وَالْمَرْأَةُ الصَّبِيَّ ابْنَ سَبْعٍ وَالرَّجُلُ الصَّغِيرَةَ جِدًّا دُونَ السَّبْعِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الصَّبِيَّةَ تُشْتَهَى لِلرِّجَالِ فِي سنّ لَا يشتهى الصَّبِي فِيهِ لِلنِّسَاءِ وَمَنَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الصَّغِيرَةِ مُطْلَقًا وَالْكَبِيرَةُ لَا يُغَسِّلُهَا الْأَجْنَبِيُّ وَلَا تُغَسِّلُهُ بَلْ يُيَمِّمُهَا إِلَى الْكُوعَيْنِ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ لِذَوِي الْمَحَارِمِ مِنَ الْمَرْأَةِ وَتُيَمِّمُهُ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا مَاتَتِ الْمَرْأَةُ مَعَ الرِّجَالِ لَيْسَ مَعَهُمُ امْرَأَةٌ غَيْرُهَا أَوِ الرَّجُلُ مَعَ النِّسَاءِ لَيْسَ مَعَهُنَّ رَجُلٌ غَيْرُهُ فَإِنَّهُمَا يُيَمَّمَانِ

وَيُدْفَنَانِ وَمُبَاحَةُ الْوَطْءِ إِلَى حِينِ الْمَوْتِ بِمِلْكِ يَمِينٍ أَوْ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ أَوْ فَاسِدٍ لَا يَقْتَضِي فَسَادُهُ الْفَسْخَ إِلَى حِينِ الْمَوْتِ أَوْ فِيهِ خِيَار عيب أَو فِيهِ لِتَزْوِيجِ الْأَبْعَدِ مَعَ الْأَقْرَبِ يُغَسِّلُهَا وَتُغَسِّلُهُ وَيُمْنَعُ فِي الْفَاسِدِ الَّذِي يُفْسَخُ إِلَى حِينِ الْمَوْتِ وَالَّذِي عَقَدَهُ غَيْرُ الْوَلِيِّ عَلَى ذَاتِ الْقَدْرِ مَعَ وُجُودِهِ وَالرَّجْعِيَّةُ عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ وَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ يَحْدُثُ فِي إِبَاحَةِ الرُّؤْيَةِ بِالْمَوْتِ مَا لَيْسَ قَبْلَهُ بِسَبَبِ تَجَدُّدِ الْمِيرَاثِ وَلَوْ تَزَوَّجَ أُخْتَ زَوْجَتِهِ فَأَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنْ يُغَسِّلَهَا ثُمَّ كَرِهَهُ قَالَ ابْنُ حبيب وَإِذا انْقَضتْ عِدَّتُهَا بِوَضْعِ الْحَمْلِ غَسَّلَتْهُ وَوَافَقَنَا (ش) وَمَنَعَ (ح) أَنْ يُغَسِّلَ الزَّوْجُ امْرَأَتَهُ وَالسَّيِّدُ أَمَتَهُ وَأَجَازَ فِي الزَّوْجَةِ مُحْتَجًّا بِأَنَّهَا فُرْقَةٌ تُبِيحُ أُخْتَهَا فَيَحْرُمُ النَّظَرُ إِلَيْهَا كَالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ جَوَابُهُ مَنْعُ الْحُكْمِ فِي الْأَصْلِ عَلَى رَأْيِ أَشْهَبَ وَلَئِنْ سَلَّمْنَاهُ فَالْفَرْقُ أَنَّ الْفُرْقَةَ قَبْلَ الدُّخُولِ تَمْنَعُ الْمِيرَاثَ وَالْمَوْتُ لَا يَمْنَعُهُ فَلَا يَمْنَعُ النَّظَرَ لَنَا مَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ زَوْجَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ غَسَّلَتْهُ وَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا غَسَّلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا أَزْوَاجُهُ وَيُرْوَى أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ غَسَّلَ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَ الْمَازرِيّ وَإِذا غسلت الْمَرْأَةُ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ لَهَا أَنْ تُكَفِّنَهُ وَلَا تُحَنِّطُهُ لِمَنْعِ الْإِحْدَادِ مِنَ الطِّيبِ وَفِي الْجَوَاهِرِ يَسْتُرُ أَحَدُهُمَا عَوْرَةَ الْآخَرِ وَأَجَازَ ابْنُ حَبِيبٍ كَشْفَهَا قِيَاسًا عَلَى الْحَيَاةِ وَيُغَسِّلُ ذُو الْمَحْرَمِ مِنْ فَوْقِ ثَوْبٍ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَيَصُبُّ الْمَاءَ عَلَيْهَا مِنْ تَحْتِ الثَّوْبِ وَيُجَافِيهِ لِئَلَّا يَلْصَقَ بِجَسَدِهَا فَيَصِفَهُ وَتُغَسِّلُهُ مِنْ فَوْقِ ثوب

عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَفِي الْكِتَابِ يُغَسِّلْنَهُ وَيَسْتُرْنَهُ قَالَ التُّونِسِيُّ وَظَاهِرُهُ التَّجْرِيدُ وَرُوِيَ اسْتِحْبَابُ التَّيَمُّمِ فِيهِمَا وَلَوْ حَضَرَ كَافِرٌ مِنْ جِنْسِ الْمَيِّتِ فَقَالَ مَالِكٌ يُعَلِّمُهُ مَنْ حَضَرَ مِنَ النِّسَاءِ وَيُعَلِّمُهَا مَنْ حَضَرَ مِنَ الرِّجَالِ وَمَنَعَ أَشْهَبُ وِلَايَةَ الْكَافِرِ وَالْكَافِرَةِ لِلْغُسْلِ لِعَدَمِ الْأَمَانَةِ وَجَوَّزَهُ سَحْنُونٌ مَعَ الِاحْتِيَاطِ بِالتَّيَمُّمِ قَالَ مَالِكٌ وَلَا يُغَسِّلُ الْمُسْلِمُ زَوْجَتَهُ النَّصْرَانِيَّةَ وَلَا تُغَسِّلُهُ هِيَ إِلَّا بِحَضْرَةِ الْمُسْلِمِينَ وَإِذَا اجْتَمَعَ مَنْ يَصْلُحُ لِلْغُسْلِ بُدِئَ بِالزَّوْجِ فَإِنْ عُدِمَ أَوِ امْتَنَعَ فَالْأَوْلِيَاءُ عَلَى مَرَاتِبِهِمْ وَتُقَدَّمُ الْبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْنِ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ كَالِابْنِ وَابْنِ الِابْنِ فِي حَقِّ الرَّجُلِ ثُمَّ عَلَى التَّرْتِيبِ وَيُقْضَى لِلزَّوْجَيْنِ بِهِ إِن طَلَبَاهُ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يُقْضَى لِلزَّوْجَةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الزَّوْجَ يَجُوزُ لِأَوْلِيَائِهِ رُؤْيَتُهُ مُجَرَّدًا بِخِلَافِهَا وَالرَّقِيقُ كَالْأَحْرَارِ فِي الزَّوْجِيَّةِ وَيَتَوَقَّفُ اسْتِيفَاءُ الْحَقِّ عَلَى السَّادَاتِ النَّظَرُ الثَّالِثُ فِي الْمَغْسُولِ وَهُوَ مَيِّتٌ لَيْسَ بِشَهِيدٍ وَلَا فُقِدَ أَكْثَرُهُ وَفِي الْكتاب كره تقليم أظفار الْمَيِّت وَحلق عانته واتباعه بالجمر خِلَافًا لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ وَاخْتُلِفَ فِي حَلْقِ الرَّأْسِ قَالَ مَالك و (ح) بِدعَة خلافًا (ش) وَابْنِ حَنْبَلٍ وَاتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُخْتَنُ لَنَا أَنَّ هَذِهِ لَمْ تَشْتَهِرْ فِي السَّلَفِ فَتَكُونُ بِدْعَةً وَقِيَاسًا عَلَى الْخِتَانِ قَالَ سَنَدٌ فَلَوْ أَخْطَأَ الْغَاسِلُ فَفَعَلَ ذَلِكَ ضم فِي الْكَفَن مَا زَالَ مَعَ الْمَيِّتِ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَأَشْهَبُ قَالَ سَحْنُونٌ إِنْ فَعَلَ الْمَرِيضُ ذَلِكَ لِتَخْفِيفِ الْمَرَضِ فَلَا بَأْسَ وَإِنْ كَانَ لِيَتَهَيَّأَ لِلْمَوْتِ فَلَا قَالَ سَنَد

الفصل الثالث في الكفن

يَنْبَغِي أَلَّا يُكْرَهَ لِلْمَوْتِ فَفِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّ خُبَيْبًا لَمَّا اجْتَمَعَ الْمُشْرِكُونَ عَلَى قَتْلِهِ اسْتَعَارَ مُوسًى وَاسْتَحَدَّ بِهَا وَمَوْتُهُ عَلَى أَحْسَنِ الهيآت أفضل قَالَ ابْن الْقَاسِم وَلَا يظفر شَعْرُ الْمَرْأَةِ لِئَلَّا يُنْثَرَ بَعْضُهُ وَقَالَهُ (ح) خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ وَ (ش) وَابْنِ حَنْبَلٍ قَالَت أم عَطِيَّة فِي الصَّحِيح ظفرنا شعر بنت النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام ثَلَاث ظفائر نَاصِيَتَهَا وَقَرْنَيْهَا وَالَّتِي مِنْ خَلْفِهَا قَالَ أَشْهَبُ وَيُنَقَّى مَا بَيْنَ الْأَظْفَارِ مِنَ الْوَسَخِ وَأَمَّا التَّجْمِيرُ فَلَهُ أَرْبَعَةُ مَوَاضِعَ عِنْدَ خُرُوجِ الرُّوحِ كَرِهَهُ مَالِكٌ وَاسْتَحْسَنَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَعِنْدَ الْغُسْلِ يُسْتَحَبُّ لِقَطْعِ الرَّوَائِحِ وَلِتَجْمِيرِ الثِّيَابِ وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَخَلْفَ الْجِنَازَةِ مُتَّفَقٌ عَلَى كَرَاهَتِهِ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي أَبِي دَاوُدَ لَا تُتْبَعُ الْجِنَازَةُ بِصَوْتٍ وَلَا نَارٍ وَلِأَنَّهُ تَفَاؤُلٌ بِالنَّارِ الْفَصْل الثَّالِث فِي الْكَفَن قَالَ اللَّخْمِيُّ الْكَفَنُ وَالدَّفْنُ وَاجِبَانِ قَوْلًا وَاحِدًا وَالْخِلَافُ فِي الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْمُسْتَحَبُّ فِيهِ الْبَيَاضُ لِمَا فِي التِّرْمِذِيِّ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمُ الْبَيَاضَ فَإِنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ وَفِي الْمُعَصْفَرِ خِلَافٌ لِمَالِكٍ وَكَرِهَهُ فِي الْكِتَابِ وَأَمَّا جِنْسُهُ

فَكُلُّ مَا يَجُوزُ لُبْسُهُ لِلْحَيِّ وَمُنِعَ فِي الْكِتَابِ الْحَرِيرُ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ إِلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إِلَيْهِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أُبِيحَ لِلنِّسَاءِ حَالَةَ الْحَيَاةِ لِلتَّجَمُّلِ وَقَدْ ذَهَبَ وَرُوِيَ جَوَازُهُ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ لِأَنَّ الْمَنْعَ كَانَ لِلْكِبْرِيَاءِ وَقَدْ بَطَلَ وَجَوَّزَهُ ابْنُ حَبِيبٍ لِلنِّسَاءِ دُونَ حَاجَةٍ كَحَالَةِ الْحَيَاةِ وَكَرِهَ فِي الْكِتَابِ الْخَزَّ لِأَنَّ سَدَاهُ حَرِيرٌ وَأَمَّا عَدَدُهُ فَأَقَلُّهُ ثَوْبٌ سَاتِرٌ لِجَمِيعِ الْجَسَدِ وَالثَّلَاثَةُ حَقٌّ لِلْمَيِّتِ فِي التَّرِكَة يجْبر عَلَيْهَا الْوَرَثَةُ وَالْغُرَمَاءُ وَتُنَفَّذُ وَصِيَّتُهُ بِإِسْقَاطِهَا لِأَنَّهَا حَقه وَقَالَ سيحنون إِذَا أَوْصَى بِإِسْقَاطِهَا فَزَادَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ ثَانِيًا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ وَالْوَرَثَةِ مَنْعُهُ وَإِنِ اسْتَغْرَقَ الدَّيْنُ مَالَهُ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ وَهَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّ الْوَاحِدَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَفِي مُسْلِمٍ كُفِّنَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سُحُولِيَّةٍ مِنْ كُرْسُفٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ وَالْكُرْسُفُ الْقُطْنُ وَالزِّيَادَةُ إِلَى الْخَمْسَةِ مُسْتَحَبَّةٌ لِلرِّجَالِ وَلِلنِّسَاءِ آكَدُ وَإِلَى السَّبْعَةِ مُبَاحَةٌ وَمَا زَادَ فَسَرَفٌ فَلَوْ أَوْصَى بِسَرَفٍ فِي الْعَدَدِ أَوِ الْجِنْسِ أَوِ الْحَنُوطِ أَوْ غَيْرِهِ كَانَ السَّدَادُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَفِي كَوْنِ الزِّيَادَةِ تَلْزَمُ مِنَ الثُّلُثِ أَوْ تَسْقُطُ رِوَايَتَانِ وَالْخَمْسَةُ عِمَامَةٌ وَقَمِيصٌ وَمِئْزَرٌ وَلِفَافَتَانِ سَابِغَتَانِ وَلِلْمَرْأَةِ إِزَارٌ وَخِمَارٌ وَدِرْعٌ وَلِفَافَتَانِ وَيُسْتَحَبُّ الشَّدُّ عَلَى المئزر بعصائب من حقوبها إِلَى رُكْبَتَيْهَا قَالَ الْمَازِرِيُّ وَاسْتَحَبَّ مَالِكٌ فِي الصَّغِيرِ الْوِتْرَ وَقَالَ سَحْنُونٌ يُلَفُّ بِخِرْقَةٍ وَكَرِهَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَ (ش) الْقَمِيصَ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يُكَفَّنْ فِيهِ وَاسْتَحَبَّهُ (ح) وَابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا لِأَنَّهُ رُوِيَ فِي الْحَدِيثِ وَفِي الْجَوَاهِر الثَّلَاثَة كلهَا لفائف قَالَه ابْن الْقَاسِم وَقَالَ بعض الْمُتَأَخِّرين يَجِيء عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ قَمِيصٌ وَعِمَامَةٌ وَلِفَافَةٌ وَالْمَرْأَةُ كَالرّجلِ ثمَّ يذر

على اللفافة حَنُوطٌ وَيُوضَعُ الْمَيِّتُ عَلَيْهِ وَيُجْعَلُ قُطْنٌ عَلَيْهِ كَافُورٌ عَلَى الْمَنَافِذِ ثُمَّ يُلَفُّ الْكَفَنُ عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ يُبَخَّرَ بِالْعُودِ وَيُشَدُّ مِنْ عِنْدِ رَأْسِهِ وَرِجْلَيْهِ وَقِيلَ يُخَاطُ ثُمَّ يُحَلُّ ذَلِكَ عِنْدَ الدَّفْنِ قَالَ الْمَازِرِيُّ مَوَاضِعُ الْحَنُوطِ خَمْسَةٌ ظَاهِرُ الْجَسَدِ وَبَيْنَ الْأَكْفَانِ وَعَلَى مَسَاجِدِهِ السَّبْعِ الْجَبْهَةِ وَالْأَنْفِ وَالرُّكْبَتَيْنِ وَأَطْرَافِ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ وَالْمَنَافِذِ بَيْنَ الْفَخِذَيْنِ وَالْعَيْنَيْنِ وَالْأُذُنَيْنِ وَالْمَنْخِرَيْنِ وَالْمَغَابِنِ وَهُوَ مُجْتَمَعُ الْوَسَخِ كَالْإِبِطَيْنِ وَمَرَاجِعِ الرُّكْبَتَيْنِ فَإِنْ ضَاقَ الطِّيبُ فَالْبِدَايَةُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِالْمَسَاجِدِ السَّبْعِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَوْ سُرِقَ كَفَنُهُ بَعْدَ دَفْنِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى وَرَثَتِهِ تَكْفِينُهُ لِبَقَاءِ الْحَاجَةِ وَإِنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِالتَّرِكَةِ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يَلْزَمُهُمْ لِاسْتِقْرَارِ حَقِّهِمْ بَعْدَ دَفْعِ حَقِّهِ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِنْ قُسِّمَتِ التَّرِكَةُ فَلَا وَإِنْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ فَلَا يُكَفَّنُ مِنْ ثُلُثٍ وَلَا غَيْرِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بِقُرْبِ دَفْنِهِ وَلَمْ يُقَسِّمِ الْمَالَ وَمَنْ لَا مَالَ لَهُ كُفِّنَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَكَفَنُهُ عَلَى طَائِفَةِ الْمُسْلِمِينَ كَسَدِّ خَلَّتِهِ فِي حَيَاتِهِ وَأَوْجَبَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْكَفَنَ عَلَى مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ فِي الْحَيَاةِ كَالْعَبْدِ مَعَ السَّيِّدِ وَالْوَلَدِ مَعَ أَبِيهِ وَالْأَبِ مَعَهُ طَرْدًا لِلْأَسْبَابِ الْمُوجِبَةِ لِلنَّفَقَاتِ وَنَفَاهُ أَصْبَغُ لِانْتِفَاءِ الْمَنَافِعِ لِاقْتِضَاءِ تِلْكَ الْأَسْبَابِ النَّفَقَاتِ وَاسْتَحَبَّهُ سَحْنُونٌ لِلْوَلَدِ عَلَى الْوَالِدِ دُونَ الْوَالِدِ لِأَنَّ النَّفَقَةَ لِلْوَلَدِ مُتَأَصِّلَةٌ وَلِلْوَالِدِ عَارِضَةٌ قَالَ مَالِكٌ وَهُوَ عَلَى الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ إِنْ كَانَتْ معسرة وَإِلَّا فَلَا وروى عَنهُ يقْضى عَلَيْهِ بِهِ مُطْلَقًا وَنَفَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ مُطْلَقًا وَفِي الْجُلَّابِ مَنْ كَفَنُهُ رَهْنٌ فَالْمُرْتَهِنُ أَحَقُّ بِهِ لِتَقَدُّمِ حَقِّهِ حَالَةَ الْحَيَاةِ وَلَا يُكَفَّنُ فِي نَجِسٍ إِلَّا أَنْ تَتَعَذَّرَ إِزَالَةُ النَّجَاسَةِ عَنْهُ قَالَ الْمَازِرِيُّ يَنْقَطِعُ الْإِحْرَامُ بِالْمَوْتِ عِنْدَ مَالِكٍ وَ (ح) خلافًا (ش) فَيعْطى رَأْسُ الْمُحْرِمِ وَيُطَيَّبُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا مَاتَ ابْنُ

الفصل الرابع في الصلاة

آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ وَلِأَنَّهُ لَوْ بَقِيَ لَطِيفَ بِهِ وَكَمَلَتْ مَنَاسِكُهُ عَمَلًا بِالْمُوجَبِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ حُجَّتُهُ مَا فِي مُسْلِمٍ أَنَّ رَجُلًا وَقَصَتْهُ رَاحِلَتُهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَمَاتَ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ وَلَا تُخَمِّرُوا وَجْهَهُ وَلَا رَأْسَهُ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا وَمِنْ طَرِيقٍ وَلَا تَمَسُّوهُ بِطِيبٍ وَقِيَاسًا عَلَى الْأَعْيَانِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَيْسَ عَامًّا بِلَفْظِهِ لِأَنَّهُ فِي شَخْصٍ وَلَا بِمَعْنَاهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا لِأَنَّهُ مُحْرِمٌ فَيَكُونُ مِنْ بَابِ تَرْتِيبِ الْحُكْمِ عَلَى الْوَصْفِ فَيَعُمُّ فَلَا يَتَعَدَّى حُكْمُهُ لِغَيْرِهِ إِلَّا بِدَلِيلٍ وَهُوَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُطْلَعُ مِنْ خَوَاصِّ الْخَلْقِ عَلَى مَا لم يُعلمهُ فَيخْتَص حكمه بِهِ وَعَن الثَّانِي لَو صَحَّ الْقيَاس لَكَمُلَتِ الْمَنَاسِكُ وَإِلَّا فَلَا الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الصَّلَاة وَفِي الْجَوَاهِرِ تُشْرَعُ عَلَى كُلِّ مَيِّتٍ مُسْلِمٍ حَاضِرٍ لَيْسَ بِشَهِيدٍ وَلَا صُلِّيَ عَلَيْهِ وَلَا فُقِدَ أَكْثَرُهُ وَهِيَ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ وَقَالَ أَصْبَغُ سُنَّةٌ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ قَالَ سَنَدٌ وَهُوَ الْمَشْهُورُ بَلْ قَالَ مَالِكٌ هِيَ أَخْفَضُ مِنَ السُّنَّةِ وَإنَّ الْجُلُوسَ فِي الْمَسْجِدِ وَصَلَاةَ النَّافِلَةِ أَفْضَلُ مِنْهَا إِلَّا جِنَازَةَ من ترجى بركته أَوله حق من قَرَابَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَجْهُ الْأَوَّلِ فِعْلُهُ

عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهُوَ وَاجِبُ الِاتِّبَاعِ وَقَوْلُهُ صَلُّوا عَلَى مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَمِنَ الْأَصْحَابِ مَنْ يَسْتَدِلُّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْمُنَافِقِينَ {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أبدا} فَيَلْزَمُ مِنْ تَحْرِيمِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ وَجُوبُهَا عَلَيْنَا بِالْمَفْهُومِ وَهُوَ غَيْرُ لَازِمٍ لِأَنَّ مَفْهُومَ النَّهْيِ إِثْبَاتُ نَقِيضِهِ وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ ثُبُوتِ الْأَمْرِ فَلَا يَدُلُّ عَلَيْهِ لِجَوَازِ ثُبُوتِهِ مُبَاحًا وَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا بَيَّنَ فَرْضِيَّةَ الْخَمْسِ صَلَوَاتٍ قَالَ لَهُ السَّائِلُ هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُنَّ قَالَ لَا إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ وَلِاشْتِغَالِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِصَلَاةِ الْكُسُوفِ عَنِ الصَّلَاةِ عَلَى وَلَدِهِ وَلَوْ كَانَتْ وَاجِبَةً لَتَقَدَّمَتْ قَالَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ رُوِيَ فِي الصَّحِيحِ لَمَّا تُوُفِّيَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَام اتى وَلَده شِئْت بِكَفَنٍ وَحَنُوطٍ مِنَ الْجَنَّةِ وَنَزَلَتِ الْمَلَائِكَةُ فَغَسَّلَتْهُ ثُمَّ كَفَّنَتْهُ بِذَلِكَ الْكَفَنِ وَحَنَّطَتْهُ بِذَلِكَ الْحَنُوطِ وَكَانَ ذَلِكَ الْكَفَنُ وِتْرًا مِنْ ثِيَابٍ بِيضٍ وَتَقَدَّمَ مَلَكٌ مِنْهُمْ فَجَعَلَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَصُفَّتِ الْمَلَائِكَةُ خَلْفَهُ وَصَلَّوْا عَلَيْهِ ثُمَّ أَلْحَدُوهُ فِي الْقَبْرِ وَنَصَبُوا عَلَيْهِ اللَّبَنَ فَلَمَّا فَرَغُوا قَالُوا لِابْنِهِ شِئْت هَكَذَا فَاصْنَعْ بِوَلَدِكَ وَإِخْوَتِكَ فَإِنَّهَا سُنَّتُكُمْ قَالَ سَنَدٌ وَكَرِهَ مَالِكٌ النِّدَاءَ لَهَا عَلَى أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ وَالصِّيَاحَ خَلْفَهَا وَاسْتَحَبَّ الْإِعْلَامَ بِهَا فِي الْحَيِّ مِنْ غَيْرِ صِيَاحٍ وَقَدْ نَعَى النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ النَّجَاشِيَّ لِلنَّاسِ وَيُسْتَحَبُّ تَعْجِيلُ إِخْرَاجِ الْمَيِّتِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَسْرِعُوا بِجَنَائِزِكُمْ خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَلِذَلِكَ قَالَ الْبَاجِيُّ وَابْنُ حَبِيبٍ يُسْتَحَبُّ سُرْعَةُ الْمَشْيِ بِهَا وَفِي الْكِتَابِ تَتْبَعُ الشَّابَّةُ جِنَازَةَ وَلَدِهَا وَوَالِدِهَا وَزَوْجِهَا وَأَخِيهَا إِنْ كَانَتْ تَخْرُجُ عَلَى مِثْلِهِ عُرْفًا وَيُكْرَهُ لَهَا على غَيرهم

وَكَرِهَ ابْنُ حَبِيبٍ مُطْلَقًا قَالَ وَيَمْنَعُهُنَّ الْإِمَامُ مِنْ ذَلِكَ كَمَا رَدَّهُنَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ ارْجِعْنَ مَأْزُورَاتٍ غَيْرَ مَأْجُورَاتٍ وَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَيْسَ لِلنِّسَاءِ فِي الْجَنَائِزِ نَصِيبٌ ثُمَّ الْبَحْثُ عَنِ الشُّرُوطِ وَالْأَرْكَانِ وَالْمُصَلِّي وَالْمُصَلَّى عَلَيْهِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَبْحَاثٍ الْبَحْثُ الْأَوَّلُ فِي الشُّرُوط وَفِي الْجَوَاهِرِ هِيَ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَيَدُلُّنَا عَلَى اشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ فِيهَا خِلَافًا لِقَوْمٍ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لايقبل اللَّهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طَهُورٍ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الصَّلَاةَ لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ لِوَضْعِهِ فِي الشَّرْعِ لِلْمُتَبَايِنَاتِ وَالْمُشْتَرَكُ لَا يُسْتَعْمَلُ فِي كُلِّ مُسَمَّيَاتِهِ عِنْدَ الْخَصْمِ فَلَا يَتَعَيَّنُ انْدِرَاجُهَا فِي اللَّفْظِ وَلَوْ سُلِّمَ جَوَازُهُ لَكِنَّهُ لَا يَجِبُ فَلَا يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يُصَلَّى بِالتَّيَمُّمِ إِلَّا كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ كَانَتْ تَفُوتُ بِالْتِمَاسِ الْمَاءِ فَالْأَمْرُ وَاسِعٌ وَمَا عَلِمْتُ أحدا من الماضين كرهه إِلَّا مَالك وَاشْتَرَطَ حُضُورَ الْمَيِّتِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يُشْتَرَطُ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَلَّى عَلَى النَّجَاشِيِّ وَهُوَ غَائِبٌ جَوَابُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ خَاصًّا بِهِ لَصَلَّى عَلَى الْغَائِبِينَ وَاشْتَهَرَ ذَلِكَ بَيْنَ الْأُمَّةِ فِي الْمَدِينَةِ وَغَيْرِهَا وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْجَمَاعَةُ قَالَ اللَّخْمِيُّ يَكْفِي الْوَاحِدُ وَالْجَمَاعَةُ سُنَّتَهَا قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَشَرْطُ صِحَّتِهَا الْإِمَامَةُ فَإِنْ فُعِلَتْ بِغَيْرِ إِمَامٍ أُعِيدَتْ مَا لَمْ تفت وَهُوَ مُنَاقض لما تقدم من النَّفْل وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنْ ذَكَرَ مَنْسِيَّةً فِيهَا لَمْ يَقْطَعْ وَلَمْ يُعِدْ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الْجِنَازَةَ لَا تُقْضَى وَالتَّرْتِيبُ إِنَّمَا يَدْخُلُ فِي المؤقتات وَهِيَ آكَدُ مِنَ النَّوَافِلِ فَلَا

يقطع وَإِن ذكر الْجِنَازَة فِيهَا اسْتخْلف أَوْ بَعْدَ الْفَرَاغِ لَمْ يُعِدْ وَإِنْ لَمْ تُرْفَعِ الْجِنَازَةُ الْبَحْثُ الثَّانِي فِي الْأَرْكَانِ وَهِيَ خَمْسَةٌ الرُّكْنُ الْأَوَّلُ الْقِيَامُ قَالَ أَشْهَبُ وَ (ش) وَ (ح) إِنْ صَلَّوْا قُعُودًا لَا يجزى إِلَّا مِنْ عُذْرٍ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى وُجُوبِهَا وعَلى القَوْل بِأَنَّهَا من الرغائب سَاغَ أَنْ تُجْزِئَهُمْ الرُّكْنُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ التَّحْرِيمُ وَالسَّلَامُ وَهُمَا فِيهِ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ الرُّكْنُ الرَّابِعُ الدُّعَاءُ وَفِي الْكِتَابِ يَدْعُو وَلَا يَقْرَأُ وَقَالَهُ (ح) وَقَالَ (ش) وَابْن جنبل يَقْرَأُ فِي الْأُولَى خَاصَّةً وَحَكَاهُ فِي الْجَوَاهِرِ عَنْ أَشْهَبَ مُحْتَجًّا بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْبُخَارِيِّ كُلُّ صَلَاةٍ لَمْ يُقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ جَوَابُهُ أَنَّهُ مُنْصَرِفٌ إِلَى الصَّلَاة الْمُطلقَة الَّتِي لَا تُضَاف وَهَذِه لَا تُسْتَعْمَلُ إِلَّا مُضَافَةً لِلْجِنَازَةِ فَلَا تَنْدَرِجُ فِي الْعُمُومِ كَمَا لَمْ يَنْدَرِجِ الْمَاءُ الْمُضَافُ فِي الْمَاءِ الْمُطْلَقِ الْوَارِدِ فِي الْقُرْآنِ سَلَّمْنَاهُ لَكِنَّ لَفْظَ الصَّلَاةِ مُشْتَرَكٌ لِذَاتِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَمَا لَيْسَ كَذَلِكَ كَالْجِنَازَةِ وَمَا لَيْسَ فِيهَا تَكْبِيرٌ كَصَلَاةِ الْأَخْرَسِ وَمَا لَيْسَ فِيهَا قِيَامٌ كَالْمَرِيضِ وَلَيْسَ بَيْنَهَا قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ فَيَكُونُ اللَّفْظُ مُشْتَرَكًا وَإِنْ جَوَّزْنَا اسْتِعْمَالَهُ فِي جَمِيعِ مُسَمَّيَاتِهِ لَكِنْ لَا يَجِبُ فَلَا تَنْدَرِجُ صُورَةُ النِّزَاعِ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى سُجُودِ السَّهْوِ وَالتِّلَاوَةِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا جُزْءٌ لِلْمَكْتُوبَةِ وَفِي الْمُوَطَّأِ سُئِلَ أَبُو هُرَيْرَة فَكيف تصلي على الْجِنَازَة فَقَالَ لَعَمْرُ اللَّهِ أُخْبِرُكَ أَتَّبِعُهَا مِنْ أَهْلِهَا فَإِذَا وُضِعَتْ كَبَّرْتُ وَحَمَدْتُ اللَّهَ وَصَلَّيْتُ عَلَى نَبِيِّهِ ثُمَّ أَقُولُ اللَّهُمَّ إِنَّهُ عَبْدُكَ

وَابْن عَبدك وَابْن امتك كَانَ يشْهد الا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ مُحْسِنًا فَزِدْ فِي إِحْسَانِهِ وان كَانَ مسيئا فَتَجَاوز عَن سيآته اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُ وَلَمْ يَذْكُرِ الْقِرَاءَةَ وَلِأَنَّهُ عَمَلُ الْمَدِينَةِ فَلَوْ كَانَ يُفْعَلُ مَعَ تَكْرَارِ الْأَمْوَاتِ لَكَانَ مَعْلُومًا عِنْدَهُمْ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يُجْهَرُ بِالدُّعَاءِ لَيْلًا وَلَا نَهَارًا قَالَ سَنَدٌ وَيَبْدَأُ بِحَمْدِ اللَّهِ ثُمَّ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ ثُمَّ يَدْعُو كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ عِنْدَ الْعُظَمَاءِ تَقْدِيمُ الثَّنَاءِ عَلَى طَلَبِ الْعَطَاءِ وَتُقَدَّمُ الصَّلَاةُ لِتَقَدُّمِ حَقِّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ وَلَا تَكُونُ الصَّلَاةُ وَالتَّحْمِيدُ فِي التَّكْبِيرِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الثَّنَاءُ وَالصَّلَاةُ فِي الْأُولَى وَالدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ فِي الثَّانِيَةِ وَيَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا إِلَى آخِرِ الدُّعَاءِ فِي الثَّالِثَةِ ثُمَّ يُكَبِّرُ الرَّابِعَةَ وَيُسَلِّمُ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَقَالَ (ش) الْفَاتِحَةُ فِي الْأُولَى وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَالدُّعَاءُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ فِي الثَّانِيَةِ وَالدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ فِي الثَّالِثَةِ ثُمَّ يُكَبِّرُ وَيُسَلِّمُ وَالْمَقْصُودُ الِاجْتِهَادُ فِي الدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ فقد يُكَرر الدُّعَاء فَلَا يُكَرر وَقد يقل فَيُكَرِّرُ وَهُوَ غَيْرُ مُتَعَيَّنٍ وَالْمَذْهَبُ وُجُوبُهُ فَتُعَادُ الصَّلَاةُ لِعَدَمِهِ وَاسْتَحَبَّ مَالِكٌ دُعَاءَ أَبِي هُرَيْرَةَ السَّابِقَ وَاخْتُلِفَ فِي الدُّعَاءِ بَعْدَ الرَّابِعَةِ فَأَثْبَتَهُ سَحْنُونٌ قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ التَّكْبِيرَاتِ وَخَالَفَهُ سَائِرُ الْأَصْحَابِ قِيَاسًا عَلَى عَدَمِ الْقِرَاءَةِ بَعْدَ الرَّكْعَةِ الرَّابِعَةِ لِأَنَّ التَّكْبِيرَاتِ الْأَرْبَعَ أُقِيمَتْ مَقَامَ الرَّكَعَاتِ الْأَرْبَعِ وَفِي الرِّسَالَةِ مِنْ مُسْتَحْسَنِ مَا قِيلَ بَعْدَ التَّكْبِيرِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَمَاتَ وَأَحْيَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي يُحْيِي الْمَوْتَى لَهُ الْعَظَمَةُ والكبرياء وَالْملك وَالْقُدْرَة وَالنِّسَاء وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَارْحَمْ مُحَمَّدًا وَآلَ مُحَمَّدٍ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ وَرَحِمْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ

فِي الْعَالَمِينَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ اللَّهُمَّ إِنَّهُ عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ أَنْتَ خَلَقْتَهُ وَرَزَقْتَهُ وَأَنْتَ أَمَتَّهُ وَأَنْتَ تُحْيِيهِ وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِسِرِّهِ وَعَلَانِيَتِهِ جِئْنَا شُفَعَاءَ لَهُ فَشَفِّعْنَا فِيهِ اللَّهُمَّ قِهِ مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَمِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ وَاعْفُ عَنْهُ وَعَافِهِ وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ وَاغْسِلْهُ بِمَاءٍ وَثَلْجٍ وَبَرَدٍ وَنَقِّهِ مِنَ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ وَأَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ مُحْسِنًا فَزِدْ فِي إِحْسَانِهِ وَإِنْ كَانَ مُسِيئًا فَتَجَاوَزْ عَنْهُ اللَّهُمَّ إِنَّهُ قَدْ نَزَلَ بِكَ وَأَنْتَ خَيْرُ مَنْزُولٍ بِهِ فَقِيرًا إِلَى رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ غَنِي عَن عَذَابه اللَّهُمَّ ثَبت عِنْد المسئلة مَنْطِقَهُ وَلَا تَبْتَلِهِ فِي قَبْرِهِ بِمَا لَا طَاقَةَ لَهُ بِهِ اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُ قَالَ تَقُولُ هَذَا بَعْدَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ وَتَقُولُ بَعْدَ الرَّابِعَةِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لحينا وميتنا وحاضرنا وغائبنا وصغيرنا وكبيرنال وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ مُتَقَلَّبَنَا وَمَثْوَانَا وَلِوَالِدِينَا وَلِمَنْ سَبَقَنَا بِالْإِيمَانِ وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْوَاتِ اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَأَسْعِدْنَا بِلِقَائِكَ وَطَيِّبْنَا لِلْمَوْتِ وَاجْعَلْ فِيهِ رَاحَتَنَا ثُمَّ تُسَلِّمُ فَإِنْ كَانَتِ امْرَأَةً قُلْتَ اللَّهُمَّ إِنَّهَا أَمَتُكَ وَابْنَةُ أَمَتِكَ وَتُرَتِّبُ مَا بَقِيَ وَلَا تَقُلْ وَأَبْدِلْهَا زَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهَا لِأَنَّهَا قَدْ تَكُونُ لِزَوْجِهَا فِي الْجَنَّةِ فَإِنَّ نِسَاءَ الْجَنَّةِ مَقْصُورَاتٌ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ وَلِلرِّجَالِ زَوْجَاتٌ كَثِيرَةٌ وَيَقُولُ فِي دُعَاءِ الطِّفْلِ بَعْدَ قَوْلِهِ أَنْتَ تُحْيِيهِ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لِوَالِدَيْهِ سَلَفًا وَذُخْرًا وَفَرَطًا وَأَجْرًا وَثَقِّلْ بِهِ مَوَازِينَهُمَا وَأَعْظِمْ بِهِ أُجُورَهُمَا وَلَا تَحْرِمْنَا وَإِيَّاهُمَا أَجْرَهُ وَلَا تَفْتِنَّا وَإِيَّاهُمَا بَعْدَهُ اللَّهُمَّ أَلْحِقْهُ بِصَالِحِ سَلَفِ الْمُؤْمِنِينَ وَكَفَالَةِ

إِبْرَاهِيمَ وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ وَأَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ وَعَافِهِ مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَمِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ تَقُولُ ذَلِكَ فِي كُلِّ تَكْبِيرَةٍ وَبَعْدَ الرَّابِعَةِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَسْلَافِنَا وَأَفْرَاطِنَا وَمَنْ سَبَقَنَا بِالْإِيمَانِ اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَاغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْوَاتِ وَيُسَلِّمُ تَنْبِيهٌ الدُّعَاءُ بِكِفَايَةِ عَذَابِ جَهَنَّمَ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَيْضًا وَهُوَ إِنَّمَا يَجُوزُ مَعَ مَنْ يَجُوزُ الْعَذَابُ عَلَيْهِمْ سَمْعًا وَإِلَّا فَيَحْرُمُ وَقَدْ أَوْضَحْتُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْمُنْجِيَاتِ وَالْمُوبِقَاتِ فِي الْأَدْعِيَةِ وَذَكَرْتُ فِيهِ سِتَّةَ عَشَرَ نوعا مُحرمَة وَفِيه الدُّعَاء وَآدَابه قَالَ الْمَازِرِيُّ حَكَى عَبْدُ الْوَهَّابِ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ أَطْفَالَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْكُفَّارِ فِي الْجنَّة وَرُوِيَ فِي أَطْفَال الْكفَّار وَالله أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا بِهِ عَامِلِينَ وَروى أَنَّهُمْ خَدَمٌ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ وَروى أَنَّهُمْ مَعَ آبَائِهِمْ وَتَوَقَّفَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ فِي الْإِجْمَاعِ فِي أَطْفَالِ الْمُؤْمِنِينَ وَقَالَ أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى قَالَ فعلى هَذَا يحسن الدُّعَاء بكفايتهم وَإِلَّا فَلَا وَأَمَّا أَوْلَادُ الْأَنْبِيَاءِ فَلَا شَكَّ فِي انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ أَنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ فَائِدَةٌ الْفَرَطُ فِي اللُّغَةِ السَّابِقُ وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ أَيْ سَابِقُكُمْ وَمِنَ الْمَعْلُومِ سَبْقُهُ إِنْ مَاتَ قَبْلَهُمَا أَوْ عَدَمُ سَبْقِهِ إِنْ مَاتَ بَعْدَهُمَا وَالدُّعَاءُ بِالْوَاجِبِ وَالْمُسْتَحِيلِ مُحَرَّمٌ لَكِنَّ الْمُرَادَ جَعْلُهُ سَابِقَ خَيْرٍ

فُرُوعٌ فِي الْجَوَاهِرِ مَوْقِفُ الْإِمَامِ وَرَاءَ الْجِنَازَةِ عِنْدَ وَسَطِ الرَّجُلِ وَمَنْكِبِ الْمَرْأَةِ حِفْظًا لِلْإِمَامِ من التَّذَكُّر فَإِنَّهُ الأَصْل الْمَتْبُوع وَفِيه عِنْد وَسطهَا ستر لَهَا عَن الْمُؤمنِينَ وَقَالَهُ (ش) الرُّكْنُ الْخَامِسُ التَّكْبِيرُ فِي الْجَوَاهِرِ هُوَ أَربع وَقَالَهُ (ش وح) وَابْنُ حَنْبَلٍ لِمَا فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَعَى النَّجَاشِيَّ لِلنَّاسِ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ وَخَرَجَ بِهِمْ إِلَى الْمُصَلَّى فَصَفَّ بِهِمْ وَكَبَّرَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ وَلِأَنَّهَا كَالرَّكَعَاتُ فَلَا يَزِيدُ عَلَى الْأَرْبَعِ فَلَوْ زَادَ الْإِمَامُ خَامِسَةً صَحَّتِ الصَّلَاةُ لِأَنَّهَا مَرْوِيَّةٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَمُخْتَلَفٌ فِيهَا وَمَعَ ذَلِكَ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ لَا يُتَّبَعُ فِيهَا لِأَنَّهَا مِنْ شعار الشِّيعَةِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُسَلِّمُونَ بِسَلَامِهِ فَلَوْ فَاتَتْ بَعْضَهُمْ تَكْبِيرَةٌ قَالَ سَنَدٌ قَالَ أَشْهَبُ لَا تجزيه الْخَامِسَةُ وَيَقْضِي لِأَنَّ الْقَضَاءَ إِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ السَّلَام وَقَالَ أصبغ تُجزئه لِأَنَّهُمْ لَمْ يُسَلِّمُوا فَهُوَ مَحَلُّ الْقَضَاءِ وَفِي الْكِتَابِ لَا تُرْفَعُ الْأَيْدِي إِلَّا مَعَ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى وَقَالَهُ (ح) قِيَاسًا عَلَى الْمَكْتُوبَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ رُوِيَ عَنْهُ الرَّفْعُ فِي الْجَمِيعِ وَقَالَهُ (ش) قِيَاسًا عَلَى الْأُولَى وَالْفَرْقُ فِي الْأُولَى أَنَّ التَّكْبِيرَاتِ فِي الصَّلَوَاتِ شُرِعَتْ لِلِانْتِقَالَاتِ وَتَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ لَا انْتِقَالَ مَعَهَا فَشُرِعَتْ مَعَهَا حَرَكَةُ الرَّفْعِ وَالْجِنَازَةُ لَيْسَ فِيهَا انْتِقَالٌ فَأَشْبَهَتْ كُلُّهَا الْإِحْرَامَ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْمَنْعُ فِي الْجَمِيعِ تَنْزِيلًا لِلتَّكْبِيرَاتِ مَنْزِلَةَ الرَّكَعَاتِ وَالرَّكَعَاتُ لَا يُرْفَعُ لَهَا وَرَوَى أَشْهَبُ التَّخْيِيرَ لِتَعَارُضِ الْأَدِلَّةِ

فروع سَبْعَة الْأَوَّلُ كَرِهَ مَالِكٌ فِي الْكِتَابِ وَضْعَهَا فِي الْمَسْجِد و (ح) وَجُمْهُور الْعلمَاء خلافًا (ش) وَابْنِ حَنْبَلٍ مُحْتَجَّيْنِ بِمَا رَوَاهُ مَالِكٌ أَن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَمَرَتْ أَنْ يُمَرَّ عَلَيْهَا بِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فِي الْمَسْجِدِ حِينَ مَاتَ لِتَدْعُوَ لَهُ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ النَّاسُ عَلَيْهَا فَقَالَتْ مَا أَسْرَعَ مَا نَسِيَ النَّاسُ مَا صَلَّى النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى سُهَيْلِ بن بَيْضَاءَ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ وَقِيَاسًا عَلَى سَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ لَعَلَّهُ لِعُذْرِ مَطَرٍ أَو غَيره ويعضده إِنْكَار الكافة وَعَن الثَّانِي الْفَرْقُ بِاحْتِمَالِ خُرُوجِ النَّجَاسَةِ أَوْ أَنَّ الْمَيِّت ينجس فِي نسفه لَنَا حَدِيثُ النَّجَاشِيِّ الْمُتَقَدِّمُ وَلَوْلَا أَنَّهُ السُّنَّةُ مَا أَخْرجُوهُ من الْمَسْجِد إِلَى الْمصلى وَفِي أَبِي دَاوُدَ مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَحَكَى اللَّخْمِيُّ الْمَنْع وَالْكَرَاهَة وَالْجَوَاز الثَّانِي فِي الْكِتَابِ الْبِدَايَةُ بِيَمِينِ السَّرِيرِ بِدْعَةٌ قَالَ سَنَدٌ قَالَ أَشْهَبُ وَ (ح) وَابْنُ حَنْبَلٍ وَالشَّافِعِيَّةُ بِذَلِكَ لِفَضْلِ الْيَمِينِ قَالَ أَشْهَبُ فَيَبْدَأُ بِالْمُقَدَّمِ الْأَيْمَنِ مِنَ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ بِالْمُؤَخَّرِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ بِالْمُقَدَّمِ الْأَيْسَرِ ثُمَّ بِالْمُؤَخَّرِ الْأَيْسَرِ تَقْدِيمًا للأيمن كُله على الْأَيْسَر كُلِّهِ وَقَالَ (ح) وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْأَصْحَابِ حَمْلُهَا مِنَ الْجَوَانِبِ الْأَرْبَعِ مِنْ خَارِجِ النَّعْشِ أَفْضَلُ مِنْ حَمْلِهَا بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ لِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ هِيَ السُّنَّةُ وَقَالَ (ش) بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ أَفْضَلُ لِحَمْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ

سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ كَذَلِكَ وَكَرِهَ ابْنُ الْقَاسِمِ حَمْلَهَا عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ وَمَنْ حَمَلَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ وَيَنْبَغِي تَمْيِيزُ الْمَيِّتِ فَلَا يُحْمَلُ عَلَى دَابَّةٍ وَلَا عَجَلَةٍ إِلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ قَالَ أَشْهَبُ وَحَمْلُ الصَّبِيِّ عَلَى الْأَيْدِي أحب إِلَيّ من الدَّابَّة والنعش الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ السُّنَّةُ الْمَشْيُ أَمَامَهَا وَقَالَهُ (ش) وَابْن حَنْبَل لما فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ رَأَيْتُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يَمْشُونَ أَمَامَ الْجِنَازَة وَلِأَنَّهُم شُفَعَاء فيتقدمون كَمَا يَتَقَدَّمُ الْإِمَامُ فِي الْخَمْسِ وَيَتَأَخَّرُ عَنْهَا فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّ رُؤْيَتَهُ لَهَا أَوْفَرُ فِي بَذْلِ الْجُهْدِ فِي الدُّعَاءِ وَفِي الْجَوَاهِرِ الرَّاكِبُ وَرَاءَهَا أَفْضَلُ لِيُخَفِّفَ عَنِ النَّاسِ وَفِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ الرَّاكِبُ يَسِيرُ خَلْفَ الْجِنَازَةِ وَقِيلَ هُوَ كَالْمَاشِي وَقِيلَ بِتَأْخِيرِهِمَا وَقَالَهُ (ح) لِأَنَّهُ مَرْوِيٌّ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَلِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِاعْتِبَارِ الْجَمِيعِ بِمَوْعِظَةِ الْمَوْتِ وَالشَّفَاعَةُ إِنَّمَا تَكُونُ فِي الصَّلَاةِ قَالَ سَنَدٌ وَخَيَّرَ أَبُو مُصْعَبٍ فِي الْجِهَاتِ كُلِّهَا وَهُوَ فِي الْبُخَارِيِّ وَيُسْتَحَبُّ لِلنِّسَاءِ التَّأْخِيرُ وَرَاءَهَا خَلْفَ الرَّاكِب للسترة الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ لَا بَأْسَ بِالْجُلُوسِ عِنْدَ الْقَبْرِ قَبْلَ وَضْعِ الْجِنَازَةِ وَقَالَهُ (ش) وَكَرِهَهُ (ح) حَتَّى تُوضَعَ مُحْتَجًّا بِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا اتَّبَعْتُمُ الْجِنَازَةَ فَلَا تَجْلِسُوا حَتَّى تُوضَعَ لَنَا مَا فِي مُسْلِمٍ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُومُ لِلْجِنَازَةِ

ثمَّ جلس بعد وَهُوَ دَلِيلُ نَسْخِ مَا ذَكَرُوهُ قَالَ سَنَدٌ وَالْقِيَامُ تَعْظِيمٌ لِمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ وَلَا يَنْزِلُ الرَّاكِبُ حَتَّى تُوضَعَ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ التَّسْوِيَةُ وَفِي الْجُلَّابِ مَنْ صَحِبَ جِنَازَةً فَلَا يَنْصَرِفُ حَتَّى تُوَارَى وَيَأْذَنُ لَهُ أَهْلُ الْمَيِّتِ فِي الِانْصِرَافِ إِلَّا أَنْ يَطُولَ ذَلِكَ وَفِي الرِّسَالَةِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ قِيرَاطٌ مِنَ الْأَجْرِ وَقِيرَاطٌ فِي حُضُورِ دَفْنِهِ وَذَلِكَ فِي التمنيل مِثْلُ جَبَلِ أُحُدٍ وَرُوِيَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ مَالِكٌ إِنَّمَا نُهِيَ عَنِ الْقُعُودِ عَلَى الْقُبُورِ لِمَنْ يُرِيدُ التَّغَوُّطَ وَقَدْ كَانَ عَلِيٌّ رَضِي الله عَنهُ يتوسد الْقَبْر ويضجع عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَيُمْشَى عَلَى الْقَبْرِ إِذا عَفا بِخِلَاف المسنم الْخَامِسُ فِي الْكِتَابِ مَنْ فَاتَهُ بَعْضُ التَّكْبِيرِ يَنْتَظِرُ الْإِمَامَ حَتَّى يُكَبِّرَ وَقَالَهُ (ح) وَابْنُ حَنْبَل خلافًا (ش) لِأَنَّ التَّكْبِيرَاتِ كَالرَّكَعَاتِ فَلَا يَقْضِي قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَقَالَ مَالِكٌ أَيْضًا يُكَبِّرُ تَكْبِيرَةً وَاحِدَةً وَلَا يَقْضِي مَا عَدَاهَا حَتَّى يُسَلِّمَ وَقَالَ أَيْضًا يَدْخُلُ بِالنِّيَّةِ وَقَالَ الْقَابِسِيُّ إِنْ مَضَى أَيْسَرُ الدُّعَاءِ كَبَّرَ وَإِلَّا فَلَا فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ قَضَى التَّكْبِيرَ مُتَوَالِيًا على الْقَوْلِ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْغَائِبِ يَدْعُو بَيْنَهَا وَإِنْ غَابَتِ الْجِنَازَةُ عَنْهُ قَالَ سَنَدٌ وَلَوْ فَرَّعْنَا عَلَى الْأَوَّلِ إِنْ شَاءَ سَكَتَ أَوْ دَعَا فَإِذَا كَبَّرَ الْإِمَامُ الثَّانِيَةَ كَبَّرَ مَعَهُ وَقَضَى بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَالَ ابْنُ حبيب يَكْتَفِي بِالثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ بهَا أحرم فَلَا يَقْضِي تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ وَلَوْ سَهَا الْإِمَامُ عَنْ بَعْضِ التَّكْبِيرِ سَبَّحُوا بِهِ وَلَا يُكَبِّرُونَ إِلَّا إِنْ مَضَى

البحث الثالث فيمن يصلي

وَتَرَكَهُمْ وَلَوْ رُفِعَتْ فَذَكَرَ بَاقِيَ التَّكْبِيرِ قَالَ مَالِكٌ يُتِمُّ مَا لَمْ يُدْفَنْ وَقَالَ ابْنُ حبيب إِن تطاول ذَلِك ابتدأها قَالَ الْبَاجِيّ وَلِلنَّاسِ أَن يوكلوا عَلَيْهِ وَإِنْ دُفِنَ كَمَنْ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ السَّادِسُ قَالَ سَنَدٌ وَيَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْجَنَائِزِ وَقَالَ (ش) إِذَا اجْتَمَعَ رَجُلٌ وَصَبِيٌّ وَخُنْثَى وَامْرَأَةٌ الْمُسْتَحَبُّ إِفْرَادُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِالصَّلَاةِ لَنَا مَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ عُثْمَانَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَأَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ عَلَى الْجَنَائِزِ بِالْمَدِينَةِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ يَجْعَلُونَ الرِّجَالَ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ وَالنِّسَاءَ مِمَّا يَلِي الْقبْلَة السَّابِعُ فِي الْكِتَابِ لَا يُدْخَلُ بِالثَّانِيَةِ فِي صَلَاةِ الْأُولَى لِأَنَّهَا لَمْ تُنْوَ وَلَوْ أَتَى بِالثَّانِيَةِ قَبْلَ إِحْرَامِ الْأُولَى وَمَنْ خَلْفَهُ يَنْوِيهِمَا قَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ تُعَادُ الصَّلَاةُ الَّتِي لَمْ ينوها ذَهَبَتْ أَمْ لَا لِأَنَّ الْإِمَامَ الْأَصْلُ الْبَحْثُ الثَّالِثُ فِيمَنْ يُصَلِّي وَفِي الْجَوَاهِرِ أَوْلَى النَّاسِ بِالصَّلَاةِ الْوَصِيُّ إِنْ قُصِدَ بِهِ الرَّغْبَةُ فِي صَلَاحِهِ ثُمَّ وَالِي الْمِصْرِ وَصَاحِبُ الشُّرْطِ وَالْقَاضِي إِنْ كَانَ يَلِيهَا لِأَنَّ التَّقَدُّمَ عَلَى وُلَاةِ الْأُمُور يخلي بِأُبَّهَتِهِمْ عِنْدَ الرَّعِيَّةِ فَتُقَدَّمُ الْمَصْلَحَةُ الْعَامَّةُ عَلَى الْخَاصَّةِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الْوَالِي الَّذِي تُؤَدَّى إِلَيْهِ الطَّاعَةُ دُونَ غَيْرِهِ وَقَدْ كَانَ ابْنُ الْقَاسِم

البحث الرابع في المصلى عليه

يَقُولُ هِيَ لِمَنْ كَانَتِ الْخُطْبَةُ لَهُ وَيَتَقَدَّمُ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ الْعَصَبَةُ عَلَى مَرَاتِبِهِمْ الِابْنُ ثُمَّ ابْنُهُ ثُمَّ الْأَبُ ثُمَّ الْأَخُ الشَّقِيقُ ثُمَّ الْأَخ للْأَب ثُمَّ ابْنُ الْأَخِ الشَّقِيقِ ثُمَّ ابْنُ الْأَخِ للْأَب ثمَّ الْجد ثُمَّ الْعَمُّ ثُمَّ ابْنُهُ ثُمَّ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ ثُمَّ مَوَالِي النِّعْمَةِ قِيَاسًا عَلَى الْمَوَارِيثِ وَقَالَتِ الشَّافِعِيَّة الْمَطْلُوب هَهُنَا مَنْ هُوَ أَبْلَغُ فِي الدُّعَاءِ فَيُقَدَّمُ الْوَلِيُّ عَلَى الْوَالِي وَالْأَبُ عَلَى الِابْنِ وَالْجَدُّ عَلَى الْأَخِ لَنَا أَنَّهُ لَمَّا مَاتَ الْحَسَنُ قَدَّمَ الْحُسَيْن سعيد بن العَاصِي أَمِيرَ الْمَدِينَةِ فَدَفَعَ فِي قَفَاهُ وَقَالَ لَوْلَا السُّنَّةُ مَا قَدَّمْتُكَ ثُمَّ صَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْفَقِيهُ أَوْلَى مِنَ الْمُسِنِّ لِأَنَّهُ أَقْوَمُ بِمَصَالِحِ الصَّلَاةِ قَالَ سَنَد إِذا اخْتلف الْأَوْلِيَاء فِي الايمة قدم أفضل الأيمة وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُقَدَّمُ أَوْلِيَاءُ الرَّجُلِ عَلَى أَوْلِيَاءِ الْمَرْأَةِ لِفَضْلِ الرَّجُلِ الْبَحْثُ الرَّابِعُ فِي الْمُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُصَلَّى عَلَى كُلِّ مَيِّتٍ مُسْلِمٍ حَاضِرٍ تَقَدَّمَ اسْتِقْرَارُ حَيَاتِهِ لَيْسَ بِشَهِيدٍ وَلَا صُلِّي عَلَيْهِ وَلَا فُقِدَ أَكْثَرُهُ فُرُوعٌ اثْنَا عَشَرَ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ يُصَلَّى عَلَى قَاتِلِ نَفْسِهِ وَمن حَده الْقَتْل فَقتله الإِمَام

أَو اقْتُصَّ مِنْهُ فِي النَّفْسِ يُصَلِّي عَلَيْهِ النَّاسُ دُونَ الْإِمَامِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَالشَّافِعِيّ يُصَلِّي عَلَيْهِ الْإِمَامُ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَلَّى عَلَى مَاعِزٍ وَالْغَامِدِيَّةِ قَالَ وَمَنْ حَدُّهُ الْجَلْدُ فَمَاتَ صَلَّى عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْإِمَامَ أَمَرَ بِزُهُوقِ رُوحِ الْأَوَّلِ وَهِيَ عُقُوبَةٌ تَتَعَلَّقُ بِالرُّوحِ وَالصَّلَاةُ رَحْمَةٌ تَتَعَلَّقُ بِزُهُوقِ الرُّوحِ فَلَا يَسْعَى فِي رَحْمَتِهَا مَنْ سَعَى فِي عُقُوبَتِهَا لِتَنَاقُضِ الْمُنَاسَبَةِ وَأَمَرَ فِي الثَّانِي بِعُقُوبَةِ جِسْمِهِ فَلَا تنَاقض الثَّانِي قَالَ وَمَنْ وَقَعَ فِي سَهْمِهِ مِنَ الْمغنم صبي يَعْقِلُ أَوْ أَجَابَ بِمَا ظَهَرَ مِنْهُ مَا يُعْرَفُ بِمِثْلِهِ الْإِسْلَامُ صَلَّى عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا قَالَ سَنَدٌ إِنْ كَانَ مَعَهُ أَبَوَاهُ فَهُوَ عَلَى دِينِهِمَا حَتَّى يَكْبَرَ وَلَوْ كَانَا فِي مِلْكَيْنِ وَإِلَّا فَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ لَهُ أَحْكَامُ الْإِسْلَامِ فِي الصَّلَاةِ وَالدَّفْنِ وَالْمِيرَاثِ وَالْعِتْقِ وَالْقَوَدِ وَالْمُعَاقَلَةِ بِمُجَرَّدِ السَّبْيِ تَنْزِيلًا لِلسِّيَادَةِ مَنْزِلَةَ الْأُبُوَّةِ وَقَالَ مُطَرِّفٌ الْأَمْرُ كَذَلِكَ إِنْ طَالَتِ التَّرْبِيَةُ وَإِلَّا فَلَا وَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِم فِي صغَار الْمَجُوس الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ لَا يُجْبِرُ السَّيِّدُ وَلَدَ عَبده من امته على الْإِسْلَام إِذا كَانَا كَافِرين لقَوْله عَلَيْهِ السَّلَامُ كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ حَتَّى يَكُونَ أَبَوَاهُ هُمَا اللَّذَانِ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ وَالْفَرْقُ بَينه وَبَين الأول حُرْمَة الْأَبَوَيْنِ وَالسَّبْيُ كَالصَّيْدِ مَنْ حَازَهُ تَصَرَّفَ فِيهِ وَقَالَ أَبُو مُصْعَبٍ فِي التَّبْصِرَةِ يَتْبَعُ السَّيِّدَ تَغْلِيبًا لِلْإِسْلَامِ الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ لَا يُصَلَّى عَلَى الصَّبِيِّ وَلَا يُغَسَّلُ وَلَا يُحَنَّطُ حَتَّى يَسْتَهِلَّ صَارِخًا وَقَالَهُ (ح وش) وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ قَبْلَ الْبُلُوغِ لِطَهَارَتِهِ مِنَ

الذُّنُوبِ وَلِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يُصَلِّ عَلَى وَلَدِهِ إِبْرَاهِيمَ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَام أغْنى عَن الصَّبِي من الصَّلَاةِ وَقَدْ صَلَّى عَلَيْهِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ رُوِيَ أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَلَّى وَالْإِثْبَاتُ أَوْلَى مِنَ النَّفْيِ لِمَا فِي التِّرْمِذِيِّ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ الطِّفْلُ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَلَا يَرِثُ وَلَا يُوَرَّثُ حَتَّى يَسْتَهِلَّ صَارِخًا قَالَ سَنَدٌ لَا يُعْتَبَرُ عِنْدَ مَالِكٍ الرَّضَاعُ وَلَا الْعُطَاسُ وَلَا الْحَرَكَةُ أَلْبَتَّةَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَوْ أَقَامَ يَوْمًا يَتَحَرَّكُ وَيَتَنَفَّسُ وَيَفْتَحُ عَيْنَيْهِ حَتَّى يُسْمَعَ صَوْتُهُ وَإِنْ كَانَ خَفِيفًا لِأَنَّ الْحَرَكَةَ تَكُونُ عَنِ الرِّيَاحِ وَالْمَيِّتُ يَتَحَرَّك طَويلا وَخَالف (ح وش) فِي الْحَرَكَةِ وَالِاخْتِلَاجِ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ يُصَلَّى عَلَى ابْنِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لِنَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ حِينَئِذٍ تَمْهِيدٌ لَا خِلَافَ أَنَّ الْجَنِينَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ حَيٌّ بَعْدَ الأَرْبَعَةِ أَشْهُر وَيَدُلُّ على ذَلِك اعْتِقَاده وَنَمَاؤُهُ وَالْحَدِيثُ الصَّحِيحُ الْوَارِدُ فِي نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ وَإِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ وَإِنْ كَانَتْ مُحَقَّقَةً فَإِن الشَّرْع لم يَعْتَبِرْهَا حَتَّى يَسْتَقِرَّ بَعْدُ الْوَضْعُ قُلْنَا حَيَاةٌ شَرْعِيَّةٌ بَعْدَ الْوَضْعِ وَحَقِيقِيَّةٌ قَبْلَهُ وَأَمَّا تَرْكُ غُسْلِهِ فَلِأَنَّهُ إِنَّمَا شُرِعَ لِلصَّلَاةِ وَلَا صَلَاةَ قَالَ مَالك وَيغسل عِنْد الدَّمِ وَيُلَفُّ فِي خِرْقَةٍ وَكَرِهَ مَالِكٌ دَفْنَهُ فِي الدَّارِ لِئَلَّا يُنْبَشَ وَأَجَازَهُ ابْنُ حَبِيبٍ لدفنه عَلَيْهِ السَّلَام فِي منزله الْخَامِسُ فِي الْكِتَابِ مَنِ ارْتَدَّ قَبْلَ الْبُلُوغِ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَلَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ قَالَ سَنَد مُعظم أَصْحَابنَا اعْتِبَار ردته فِي سَائِر الْأَحْكَام إِلَّا فِي الْقَتْلَ وَقَالَ (ش) لَا تَصِحُّ رِدَّتُهُ وَلَا إِسْلَامُهُ وَوَافَقَهُ (ح) فِي رِدَّتِهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْإِسْلَامَ يُغَلَّبُ فِي الشَّرْعِ لِتَبَعِ الْوَلَدِ أَبَاهُ فِي الْإِسْلَامِ دُونَ الرِّدَّةِ لَنَا أَنَّ الْكُفْرَ

سَبَبُ الْأَحْكَامِ فِي الشَّرْعِ وَالْأَصْلُ تَرْتِيبُ الْأَحْكَامِ عَلَى أَسْبَابِهَا وَأَمَّا الْقَتْلُ فَلَا يَكُونُ إِلَّا الْمُكَلف لِأَنَّهُ عُقُوبَةٌ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا إِذَا بَلَغَ عَلَى رِدَّتِهِ فَقِيلَ يُقْتَلُ لِأَنَّهَا حَالَةٌ يَجِبُ فِيهَا الرُّجُوعُ إِلَى الْإِسْلَامِ وَقِيلَ لَا يُقْتَلُ لِأَنَّهُ لم يرجع عَن إِسْلَام بعد الْبلُوغ السَّادِسُ فِي الْكِتَابِ يُصَلَّى عَلَى أَكْثَرِ الْجَسَدِ بِخِلَافِ الرَّأْسِ وَالْيَدِ إِلْحَاقًا لِلْأَقَلِّ بِالْأَكْثَرِ وَقِيَاسًا عَلَى الْأَصَابِعِ وَالْأَسْنَانِ وَالشَّعْرِ وَالظُّفْرِ فَإِنَّهَا لَا يُصَلَّى عَلَيْهَا قَالَ سَنَدٌ إِنْ كَانَ الْبَعْضُ مَجْهُولًا يُفَرَّعُ عَلَى الْمَيِّتِ الْمَجْهُولِ وَإِنْ كَانَ بَعْضُ مُسْلِمٍ يُعْلَمُ مَوْتُهُ تَجِبُ الصَّلَاةُ فَإِنْ كَانَ أَيْسَرَهُ فَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ عِنْدَ مَالِكٍ وَ (ح) وَقَالَ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ وَابْنُ حَبِيبٍ يُنْوَى بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ الْجُمْلَةَ وَإِنْ غَابَتِ الْجُمْلَةُ صُلِّيَ عَلَيْهَا لِصَلَاتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى النَّجَاشِيِّ سَوَاءً كَانَ فِي مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَمْ لَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي طَرَفِ الْبَلَدِ فَلَا بُدَّ مِنْ حُضُورِهِ وَيُرْوَى أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ صَلَّى عَلَى عِظَامٍ بِالشَّامِ بِمَحْضَرِ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ فَكَانَ إِجْمَاعًا وَلَوْ صُلِّيَ عَلَيْهِ ثُمَّ وُجِدَ الْأَكْثَرُ صُلِّيَ عَلَيْهِ وِفَاقًا وَإِنْ كَانَ الْمَوْجُودُ أَكْثَرَهُ مُجَمَّعًا أَوْ مُقَطَّعًا صُلِّيَ عَلَيْهِ أَوْ نِصْفَهُ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَوْ وُجِدَتِ الْأَطْرَافُ كُلُّهَا لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهَا عِنْدَ مَالِكٍ وَ (ح) لِتَبَعِيَّتِهَا لِلْجَسَدِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يُصَلَّى عَلَى النِّصْفِ وَلَا الْأَكْثَرِ المقطع لتعذر غسله السَّابِعُ قَالَ سَنَدٌ إِذَا كَانَ الْمَيِّتُ مَجْهُولًا فَإِنْ كَانَ بِمَكَانٍ لَا يَدْخُلُهُ الْكُفَّارُ

غَالِبًا كَمَدِينَتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ فِي مَدَائِنِ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ صَغِيرٌ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَلَوْ وُجِدَ فِي كَنِيسَةٍ وَعَلَيْهِ زِيُّ النَّصَارَى إِذَا كَانَ فِي نَادِي الْمُسْلِمِينَ وَجَمَاعَتِهِمْ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الصَّغِيرِ الْمَنْبُوذِ وَفِي الْبَلَدِ أَهْلِ كِتَابٍ لَهُ حُكْمُ الْإِسْلَامِ فِي الصَّلَاةِ وَالْحُرْمَة وَالْعَقْلِ وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مَخْتُونًا وَعَلَيْهِ زِيُّ الْإِسْلَامِ حَتَّى يُعْلَمَ إِسْلَامُهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الصَّغِيرَ الْمَنْبُوذَ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ إِذَا كَبِرَ وَإِنْ وَجَدَهُ كِتَابِيٌّ لَا يُقِرُّ بِيَدِهِ قَالَ وَيُوَارَى وَلَا يُسْتَقْبَلُ بِهِ قِبْلَتُنَا وَلَا قِبْلَة غَيرهَا وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِلْجَهْلِ بِالشَّرْطِ وَهُوَ الْإِسْلَامُ وَقَالَ سَحْنُون و (ح) وَالْحَنَفِيَّة ان كَانَ عَلَيْهِ زِيُّ الْإِسْلَامِ صُلِّيَ عَلَيْهِ تَغْلِيبًا لِلدَّارِ قَالَ سَحْنُونٌ وَلَوْ وُجِدَ فِي فَلَوَاتِ الْمُسلمين أَو غَالب الْمُسَافِر فِيهِ الْمُسلمُونَ صُلِّيَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ فَلَوَاتِ الْكُفَّارِ فَلَوْ كَانَ لقظه فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ زِيُّ الْإِسْلَامِ صُلِّيَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا فَلَوِ اخْتَلَطَ مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ بِالْكُفَّارِ فَإِنْ كَانَ عَدَدُ الْمُسْلِمِينَ أَكْثَرَ أَوْ تَسَاوَوْا صلى عَلَيْهِم ويروى عندنَا وَعند (ش وح) وَابْنِ حَنْبَلٍ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ قَالَ سَحْنُونٌ وَ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ يُصَلَّى وَيُنْوَى الْإِسْلَامُ وَقَالَهُ (ح) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْمُسْلِمُ وَلَيْسَ تَبَعًا لغيره بِخِلَاف بعض الْجَسَد الثَّامِنُ فِي الْكِتَابِ لَا يُصَلَّى عَلَى مَنْ صُلِّيَ عَلَيْهِ وَقَالَهُ (ح) قِيَاسًا لِلصَّلَاةِ عَلَى الْغسْل والحنوط والكفن فَإِنَّهَا لَا تُعَاد وَلذَلِك لَمْ تُعَدِ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

قَالَ اللَّخْمِيُّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ صَلَّى عَلَيْهَا وَاحِدٌ فَتُعَادُ لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ قَالَ سَنَدٌ وَرُوِيَ عَنْهُ يُصَلَّى عَلَيْهَا وَقَالَهُ (ش) وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ إِلَى شَهْرٍ وَفِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ مِسْكِينَةً مَرضت فَأخْبر النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام بِمَرَضِهَا وَكَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَعُودُ الْمَسَاكِينَ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا مَاتَتْ فَآذِنُونِي بِهَا فَخَرَجُوا بِجِنَازَتِهَا لَيْلًا فَكَرِهُوا أَنْ يُوقِظُوهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَلَمَّا أَصْبَحَ أُخْبِرَ بِالَّذِي كَانَ مِنْ شَأْنِهَا فَقَالَ أَلَمْ آمُرْكُمْ أَنْ تُؤْذِنُونِي فَقَالُوا كَرِهْنَا أَنْ نُخْرِجَكَ لَيْلًا وَنُوقِظَكَ فَخَرَجَ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَتَّى صَفَّ بِالنَّاسِ عَلَى قَبْرِهَا وَكَبَّرَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ وَصَلَّى عَلَى الْبَرَاءِ بَعْدَ شَهْرٍ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ عَمَلَ الْمَدِينَةِ أَرْجَحُ مِنَ الْخَبَر على مَا علم أَو ذَلِك لفضله عَلَيْهِ السَّلَام أَو ان حَقَّ الْمَيِّتِ فِي زَمَانِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِقَوْلِهِ لَا يَمُوتَنَّ فِيكُمْ مَيِّتٌ مَا دُمْتُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ إِلَّا آذَنْتُمُونِي أَوْ لَعَلَّهَا دُفِنَتْ بِغَيْرِ صَلَاةٍ وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهَا صُلِّيَ عَلَيْهَا وَفِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَامَ خَطِيبًا وزجر أَنْ يُقْبَرَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إِنْسَانٌ إِلَى ذَلِكَ وَظَاهِرُهُ أَنهم إِذا دفنُوا لَيْلًا لَا يصلونَ التَّاسِعُ قَالَ سَنَدٌ جُمْهُورُنَا وَالْحَنَفِيَّةُ عَلَى الصَّلَاةِ عَلَى قَبْرِ مَنْ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ تَوْفِيَةً لَحَقِّهِ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يُصَلَّى سَدًّا لِذَرِيعَةِ الصَّلَاةِ عَلَى الْقُبُورِ وَهَذَا إِذَا فَاتَ إِخْرَاجُهُ بِالتَّغَيُّرِ عِنْدَ مَالِكٍ أَوْ بِوَضْعِ اللَّبَنِ قَبْلَ التُّرَابِ عِنْدَ أَشْهَبَ أَوِ التُّرَابِ عِنْدَ سَحْنُونٍ لِلَعْنِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَبَّاشَ الْقُبُورِ وَلِأَنَّ جَمَاعَةً وجدوا بَعضهم حول عَن الْقبْلَة وَبَعْضهمْ تجرد مِنَ الْكَفَنِ نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ وَإِذَا قُلْنَا يُصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ فَمَا لَمْ يَتَحَقَّقْ تَمَزُّقُهُ وَذَهَابُهُ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَإِذا صلى عَلَيْهِ إِلَى غير الْقِبْلَةِ ثُمَّ ذَكَرُوا بَعْدَ دَفْنِهِ لَمْ يُعِيدُوا الصَّلَاةَ عِنْدَ جَمَاعَةِ أَصْحَابِنَا فَإِنْ

ذكرُوا قبل الدّفن اسْتحبَّ ابْن الْقَاسِم والإعادة بِخِلَافِ سَحْنُونٍ وَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعُوا رَأْسَهُ مَوْضِعَ رجلَيْهِ الْعَاشِرُ فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا كَانَتِ الْجَنَائِزُ جِنْسًا وَاحِدًا خُيِّرَ بَيْنَ جَعْلِهِمْ صَفًّا وَاحِدًا أَفْضَلُهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَيَلِيهِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ مَنْ يَلِيهِ فِي الْفَضْلِ وَبَيْنَ جَعْلِهِمْ كَمُخْتَلِفِي الْأَجْنَاسِ فَإِنِ اخْتَلَفُوا فَالرَّجُلُ مِمَّا يَلِيهِ ثُمَّ الصَّبِيُّ ثُمَّ الْعَبْدُ ثُمَّ الْخُنْثَى ثُمَّ الْمَرْأَةُ ثُمَّ الصَّغِيرُ ثُمَّ الْأَمَةُ وَأَفْضَلُ الرِّجَالِ مِمَّا يَلِيهِ وَالتَّقَدُّمُ بِالْخِصَالِ الدِّينِيَّةِ الَّتِي تُرَغِّبُ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَإِنِ اسْتَوَوْا قُدِّمَ بِالسِّنِّ فَإِنِ اسْتَوَوْا فَالْقُرْعَةُ أَو التَّرَاضِي الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الْكِتَابِ لَا يُصَلَّى عَلَى موتى الْقَدَرِيَّة والإباضية وَلَا تتبع جنائزهم وَلَا تُعَادُ مَرْضَاهُمْ وَأَوْلَى إِذَا قُتِلُوا قَالَ سَنَدٌ إِنْ تَوَلَّاهُمْ أَهْلُ مَذْهَبِهِمْ تَرَكَهُمُ النَّاسُ زَجْرًا لَهُمْ وَإِلَّا فَاسْتَحَبَّ ابْنُ الْقَاسِمِ مُبَاشَرَتَهُمْ وَأَوْجَبَهَا سَحْنُونٌ قَالَ الْمَازِرِيُّ حَمْلُ كَلَامِ مَالِكٍ عَلَى ظَاهِرِهِ مُمْكِنٌ وَقَدْ أَفْتَى فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ بِكُفْرِهِمْ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى كُفْرِهِمْ فَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِمْ قَالَ سَنَدٌ فَإِنْ قَاتَلُونَا فَقَتَلَهُمُ الْإِمَامُ الْعَادِلُ قَالَ مَالِكٌ وَ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ يُصَلَّى عَلَيْهِمْ وَقَالَ (ح) لَا يُغَسَّلُونَ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِمْ لِقُوَّةِ شَبَهِهِمْ بِأَهْلِ الْحَرْبِ الثَّانِيَ عَشَرَ فِي الْكِتَابِ لَا يُغَسَّلُ الشَّهِيدُ فِي الْمُعْتَرَكِ وَلَا يُكَفَّنُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ ويدفن فِي ثِيَابه وخفافه وقلنسوته وَقَالَهُ (ش) وَابْن حَنْبَل و (ح) وَقَالَ لَا يغسل وَيصلى عَلَيْهِم مُحْتَجًّا بِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَلَّى عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ تِسْعَةٍ وَحَمْزَةُ عَاشِرُهُمْ وَقِيَاسًا عَلَى سَائِرِ الْأَمْوَاتِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ مَنْعُ الصِّحَّةِ وَيُؤَكِّدُ

الْبُطْلَانَ أَنَّهُ رُوِيَ فِيهِ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى حَمْزَةَ سَبْعِينَ مَرَّةً وَهَذَا مِنْ حِسَابِ سَبْعِمِائَةٍ وَلَمْ يَكُونُوا سِوَى سَبْعِينَ وَلَوْ سَلَّمْنَاهُ حَمَلْنَاهُ عَلَى الدُّعَاءِ جَمْعًا بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الشَّهِيدَ مَطْلُوبُ التَّمْيِيزِ بِالِاسْتِغْنَاءِ عَنِ الشَّفَاعَةِ ترغيبا فِي الشَّهَادَة ولانه إِذا حضر إِلَى السَّيِّد عَبده مَحْمُولا بدمائه وهيآت جراحه وهيئة الَّتِي لَاقَى بِهَا أَعْدَاءَهُ فَنَظَرَ إِلَيْهِ السَّيِّدُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ كَانَ أَبْلَغَ فِي عَطْفِهِ عَلَيْهِ وَمَيْلِهِ إِلَيْهِ وَمُغْنِيًا لَهُ عَنْ شَفَاعَةِ الشَّافِعِينَ عِنْدَهُ وَفِي الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ وَفِي أَبِي دَاوُدَ لَمْ يُصَلِّ عَلَى قَتْلَى بَدْرٍ قَالَ سَنَدٌ فَلَوِ اسْتُشْهِدَ جُنُبًا فَلَا فَرْقَ عِنْدَ أَشْهَبَ وَقَالَ سَحْنُون يغسل وَأما الروث وَشبهه فيزال عَنْهُ بِخِلَافِ دَمِهِ لِمَا تَقَدَّمَ وَقَالَ أَشْهَبُ و (ح وش) تُنْزَعُ عَنْهُ الْجُلُودُ وَالْفِرَاءُ وَالْمَحْشُوُّ لِأَمْرِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي أَبِي دَاوُدَ أَنْ يُنْزَعَ عَنْ قَتْلَى أحد الْحَدِيد والجلود وَأَن يدفنوا بدمائهم وَثِيَابِهِمْ وَهُوَ مَحْمُولٌ عِنْدَنَا عَلَى مَا يَخْتَصُّ بِالْقِتَالِ من الخود وَقرب السِّلَاح وَلذَلِك خصّه بالحديد والجلود وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْكِتَابِ يُنْزَعُ السَّيْفُ وَالدِّرْعُ وَإِنْ كَانَ لَابِسًا لَهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ قَالَ فِي مُخْتَصَرِ مَا لَيْسَ فِي الْمُخْتَصَرِ لَا يُنْزَعُ الثَّوْبُ الْجَدِيدُ الَّذِي يَلْبَسُهُ الشَّابُّ وَهُوَ سُنَّةُ الصَّحَابَةِ فِي الدِّرْعِ وَقَدْ وُجِدُوا بِمِصْرَ كَذَلِك مدفونين قَالَ مطرف وَلَا ينْزع الْمِنْطَقَةُ وَلَا الْخَاتَمُ إِلَّا أَنْ يَكْثُرَ ثَمَنُهَا وَلَيْسَ لِلْوَالِي أَنْ يَنْزِعَ ثِيَابَهُ وَيُكَفِّنَهُ فِي غَيرهَا وَقَالَهُ (ح وش) وَابْنُ حَنْبَلٍ لِظَاهِرِ الْأَمْرِ وَغَيْرُ الْبَالِغِ كَالْبَالِغِ خلافًا (ح) مُحْتَجًّا بِأَنَّ تَرْكَ الْغُسْلِ إِظْهَارٌ لِلطَّهَارَةِ مِنَ الذُّنُوبِ وَلَا ذُنُوبَ وَعِنْدَنَا تَرْكُ الْغُسْلِ عَلَمٌ عَلَى الشَّهَادَةِ وَبَذْلِ النَّفْسِ فِي طَاعَةِ الرب وَهُوَ مَوْجُود فِي الصَّبِي وَإِذا لَمْ يَكُنْ عَلَى الشَّهِيدِ مَا يُوَارِيهِ وَوُرِيَ بِثَوْب

فَإِنْ كَانَ مَسْتُورًا قَالَ فِي الْكِتَابِ لَا يُزَادُ عَلَيْهِ شَيْءٌ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَفِي الْجَوَاهِرِ الشَّهِيدُ مَنْ مَاتَ بِسَبَبِ الْقِتَالِ مَعَ الْكُفَّارِ حَالَةَ الْقِتَالِ فَإِنْ رُفِعَ حَيًّا فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي غَمْرَةِ الْمَوْتِ وَلَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ وَقَالَهُ الْحَنَفِيَّةُ وَرَاعَى (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ زَمَانَ الْمُعْتَرَكِ فَقَطْ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِنْ كَانَ بِحَيْثُ يُقْتَلُ قَاتِلُهُ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ فَهُوَ كَحَالَةِ الْمُعْتَرَكِ وَإِلَّا فَلَا قَالَ أَشْهَبُ يَسْتَوِي فِي الْحُكْمِ غَزْوُ الْمُسْلِمِينَ وَخَصَّهُ ابْنُ الْقَاسِمِ بِالْأَوَّلِ وَالْمُشْرِكُونَ غَزَوُا الْمُسْلِمِينَ غَزْوَةَ أُحُدٍ وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ أَوْ يُقَالُ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ خَرَجُوا إِلَيْهِمْ مِنْ دِيَارِهِمْ وَلَقَوْهُمْ فَهُمُ الْغَازُونَ وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ شَهِيدًا وَهُوَ الْمَشْهُورُ قَالَ سَنَدٌ وَسَوَاءٌ قُتِلَ بِسَبَبِ الْمُشْرِكِينَ أَوْ تَرَدَّى فِي بِئْرٍ أَوْ سَقَطَ مِنْ شَاهِقٍ أَوْ مِنْ فَرَسِهِ أَوْ رَجْعِ سَيْفه أَوْ سَهْمه وَلَوْ وُجِدَ فِي الْمُعْتَرَكِ رَجُلٌ مَيِّتٌ لَيْسَ فِيهِ أَثَرُ الْقَتْلِ فَكَذَلِكَ إِذْ لَعَلَّه ركله فرس وَقَالَ (ح) وَابْنُ حَنْبَلٍ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ لِعَدَمِ الْأَثَرِ الدَّالِّ عَلَى الشَّهَادَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْمَقْتُولُ ظُلْمًا أَوْ قِصَاصًا وَالْمَبْطُونُ وَسَائِرُ الشُّهَدَاءِ وَتَارِكُ الصَّلَاةِ وَالْمُحَارِبُ إِذَا قُتِلُوا يُغَسَّلُونَ وَيُصَلَّى عَلَيْهِمْ وَقَالَهُ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ (ح) مَنْ قُتِلَ عَمْدًا مَظْلُومًا بِحَدِيدَةٍ لَمْ يُغَسَّلْ أَوْ بِمِثْقَلٍ غُسِّلَ وَلَا يُغَسَّلُ مَنْ قَتَلَتْهُ الْبُغَاةُ لِأَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمْ يُغَسِّلْ مَنْ قُتِلَ مَعَهُ وَلِأَنَّهُمْ فِي نُصْرَةِ الدِّينِ كَقِتَالِ الْمُشْرِكِينَ وَاخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ (ش) وَابْنِ حَنْبَلٍ وَجَوَابُنَا إِجْمَاعُنَا عَلَى الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ وَكَمَا لَمْ يُنْقَلِ الْغُسْلُ لَمْ تُنْقَلِ الصَّلَاةُ فَجَوَابُهُمْ جَوَابُنَا وَقَالَ (ح) لَا يُصَلَّى عَلَى الْمُحَارِبِ لِأَنَّ قَتْلَهُ خِزْيٌ فَلَا يَكُونُ سَبَبًا لِلرَّحْمَةِ لَنَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَلُّوا عَلَى مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَلَا يُصَلَّى عَلَى الْكَافِرِ وَيُدْفَنُ الذِّمِّيُّ وَفَاءً بِذِمَّتِهِ إِنْ خُشِيَ عَلَيْهِ

الفصل الخامس في الدفن

الضَّيَاعُ وَلَمْ يُوجَدْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ دِينِهِ وَإِن كَانَ لَهُ قريب مُسلم حيل بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُكَفِّنُهُ كُفِّنَ فِي شَيْءٍ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَنْ يَلْزَمُهُ أَمْرُهُ مِثْلَ الْأُمِّ وَالْأَبِ وَالْأَخِ فَيَلِي كَفَنَهُ وَيَتَوَلَّاهُ أَهْلُ دِينِهِ وَإِنْ دَفَنُوهُ فَلَا يَتْبَعُهُ وَإِلَّا تَقَدَّمَ أَمَامَ جِنَازَتِهِ فَسَبَقَ إِلَى قَبْرِهِ فَوَائِدُ شَهِدَ فِي اللُّغَةِ بِمَعْنَى عَلِمَ وَمِنْهُ {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْء شَهِيد} وَبِمَعْنَى أَخْبَرَ وَمِنْهُ شَهِدَ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَبِمَعْنَى حَضَرَ وَمِنْهُ شَهِدَ بَدْرًا وَشَهِدَ صَلَاةَ الْعِيدِ وَشَهِيدٌ وَزْنُهُ فَعِيلٌ وَيَكُونُ بِمَعْنَى فَاعِلٍ نَحْوَ عَلِيمٍ بِمَعْنَى عَالِمٍ وَبِمَعْنَى مَفْعُولٍ نَحْوَ قَتِيلٍ بِمَعْنَى مَقْتُولٍ وَالشَّهِيدُ يَحْتَمِلُ الْمَعْنَيَيْنِ إِمَّا فَاعِلٍ فَقِيلَ هُوَ يَشْهَدُ حَضِيرَةَ الْقُدْسِ بِمَعْنَى يَحْضُرُهَا وَإِمَّا مَفْعُولٍ فَلِأَنَّهُ أُخْبِرَ عَنِ اسْتِحْقَاقِهِ الْجَنَّةَ فَهُوَ مَشْهُودٌ لَهُ بِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُم الْجنَّة} وَأَمَّا غَيْرُ الْمُجَاهِدِينَ مِنَ الْمَبْطُونِ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ السَّبْعَةِ وَيُرْوَى مَا تَرَكَ الْقَاتِلُ عَلَى الْمَقْتُولِ مِنْ ذَنْبٍ لَا سِيَّمَا مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ وَلَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ وَصَبٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا تَعَبٌ حَتَّى الشَّوْكَةُ يُشَاكُهَا إِلَّا كُفِّرَ بِهَا مِنْ ذُنُوبِهِ وَإِذَا كُفِّرَتِ السَّيِّئَاتُ دخل الْجنَّة فَيكون مِنْ بَابِ فَعِيلٍ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ أَيْ مَشْهُودٍ لَهُم الْفَصْل الْخَامِس فِي الدّفن وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ سَتْرُ سَوْآتِ الْأَمْوَاتِ بِالتُّرَابِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ اللَّهُ تَعَالَى

بقوله {ألم نجْعَل الأَرْض كفاتا أَحيَاء وأمواتا} والكفت الضَّم أَي تضم الْأَحْيَاء وتسترهم ببنائها وَالْأَمْوَاتَ بِتُرَابِهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ وَاجِبٌ قَوْلًا وَاحِدًا وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عُمْقُهُ مِثْلُ عَظْمِ الذِّرَاعِ وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ احْفِرُوا لِي وَلَا تُعَمِّقُوا فَإِنَّ خَيْرَ الْأَرْضِ أَعْلَاهَا وَشَرَّهَا أَسْفَلُهَا قَالَ مَالِكٌ لَيْسَ بِمَحْدُودٍ وَلَكِنِ الْوَسَطُ وَاللَّحْدُ أَفْضَلُ مِنَ الشَّقِّ وَفَضَّلَ (ش) الشَّقَّ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أُلْحِدَ وَصَاحِبَاهُ وَاحْتَجَّ بِعَمَلِ الْمَدِينَةِ جَوَابُهُ أَنَّهَا سَبَخَةٌ تَنْهَارُ فَلِذَلِكَ لَا يُلْحِدُونَ وَلْيَكُنْ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَإِدْخَالُ الْمَيِّتِ قَبْرَهُ مِنْ نَاحِيَةِ الْقِبْلَةِ أَفْضَلُ وَيَضَعُهُ فِي قَبْرِهِ الرِّجَالُ وَيَضَعُ الْمَرْأَةَ زَوْجُهَا مِنْ أَسْفَلَ وَمَحَارِمُهَا مِنْ أَعْلَى وَإِنْ تَعَذَّرَ فَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ إِلَّا أَنْ يُوجَدَ مِنْ قَوَاعِدِ النِّسَاءِ مَنْ يُطِيقُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ كُلْفَةٍ وَيُسْتَرُ عَلَيْهَا بِثَوْبٍ حَتَّى تُوَارَى فِي لَحْدِهَا وَلَيْسَ لِعَدَدِ الْمُبَاشِرِ لِلْمَيِّتِ حَدٌّ مِنْ شَفْعٍ أَوْ وِتْرٍ وَيُوضَعُ فِي اللَّحْد على يَمِين مُسْتَقْبل الْقِبْلَةِ وَتُمَدُّ يَدُهُ الْيُمْنَى عَلَى جَسَدِهِ وَيُحَلُّ الْعَقْدُ مِنْ رَأْسِهِ وَرِجْلَيْهِ حَتَّى تَنْصَرِفَ عَنْهُ الْمَوَادُّ وَيُسْنَدُ رَأْسُهُ بِالتُّرَابِ وَكَذَلِكَ رِجْلَاهُ لِئَلَّا يَتَصَوَّبَ وَيُرْفَقُ بِهِ كَالْحَيِّ وَاسْتَحَبَّ أَشْهَبُ أَنْ يُقَالَ عِنْدَ وَضْعِهِ فِي اللَّحْدِ بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْهُ بِأَحْسَنِ قَبُولٍ ثُمَّ يُنَضَّدُ اللَّبَنَ عَلَى فَتْحِ اللَّحْدِ وَتُسَدُّ الْفُرَجُ بِمَا يَمْنَعُ التُّرَابَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ أَفْضَلُ مَا يُسَدُّ بِهِ اللَّبِنُ ثُمَّ اللَّوْحُ ثُمَّ الْقَرَامِيدُ ثُمَّ الْآجُرُّ ثُمَّ الْحِجَارَةُ ثُمَّ الْقَصَبُ فَكُلُّ ذَلِكَ أَفْضَلُ مِنَ التُّرَابِ وَالتُّرَابُ أَفْضَلُ مِنَ التَّابُوتِ ثُمَّ يُحْثَى كُلُّ من أَرْبَعَ حَثَيَاتٍ وَرَوَى سَحْنُونٌ أَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَحَبٍّ ثُمَّ يُهَالُ التُّرَابُ عَلَيْهِ وَلَا يُرْفَعُ إِلَّا بِقَدْرِ شِبْرٍ وَلَا يُجَصَّصُ وَلَا يُطَيَّنُ وَلَا بَأْسَ بِالْحَصْبَاءِ وَوَضْعِ الْحَجْرِ عَلَى

رَأَسِ الْقَبْرِ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَتُكْرَهُ الْكِتَابَةُ عَلَى الْقَبْرِ وَقَدْ وَضَعَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى قَبْرِ ابْنِ مَظْعُونٍ حَجَرًا وَقَالَ هَذَا أَعْرِفُ بِهِ قَبْرَ أَخِي وَأَجَازَ (ح) الْبُنْيَانَ نَحْوَ التُّرْبَةِ الْيَوْمَ وَخَصَّصَ ابْنُ الْقَصَّارِ الْكَرَاهَةَ بِمَا يُضَيِّقُ عَلَى النَّاسِ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ أَشْهَبُ وَتَسْنِيمُ الْقَبْرِ أَحَبُّ إِلَيَّ وَإِنْ رُفِعَ فَلَا بَأْسَ وَقَبْرُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَبْرُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مُسَنَّمَةٌ وَقَالَهُ (ح) وَفِي الْجُلَّابِ يُسَطَّحُ وَلَا يُسَنَّمُ وَقَالَهُ (ش) وَيُرْفَعُ مِنَ الْأَرْضِ قَلِيلًا بِقَدْرِ مَا يُعْرَفُ بِهِ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ سَطَّحَ قَبْرَ ابْنِهِ إِبْرَاهِيمَ وَقُبُورُ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ مَسْطُوحَةٌ وَفِي الْجَوَاهِرِ وَلَا يُدْفَنُ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ مَيِّتَانِ إِلَّا لِحَاجَةٍ وَيُرَتَّبُونَ فِي اللَّحْدِ بِالْفَضِيلَةِ الْأَفْضَلُ لِلْقِبْلَةِ وَالْأَفْضَلُ لِلْمُشَيِّعِ أَلَّا يَنْصَرِفَ إِلَّا بِإِذْنِ أَهْلِ الْمَيِّتِ وَالْقَبْرُ مُحْتَرَمٌ لَا يُمْشَى عَلَيْهِ إِذَا كَانَ مُسَنَّمًا وَالطَّرِيقُ دُونَهُ وَإِنْ عَفَا فَوَاسِعٌ وَلَا تُنْبَشُ عِظَامُ الْمَوْتَى عِنْدَ حَفْرِ الْقُبُورِ وَمَنْ صَادَفَ قَبْرًا رَدَّ عَلَيْهِ تُرَابَهُ وَلَا يُزَادُ مِنْ قَبْرٍ عَلَى غَيْرِهِ وَيُنْبَشُ إِذَا كَانَ الْقَبْرُ أَوِ الْكَفَنُ مَغْصُوبًا أَوْ يَشِحُّ بِهِ رَبُّهُ أَوْ نُسِيَ مَعَهُ مَالٌ فِي الْقَبْرِ أَوْ دُفِنَ بِغَيْرِ غُسْلٍ أُخْرِجَ إِنْ كَانَ قَرِيبًا وَقِيلَ لَا يُخْرَجُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَوْ وُضِعَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ أَوْ أُلْحِدَ إِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ أَوْ رِجْلَاهُ مَوْضِعَ رَأْسِهِ أصلح ان أَمن التَّغَيُّر وَإِلَّا فَلَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا يُبْقَرُ عَلَى جَنِينِ الْمَيِّتَةِ وَإِنِ اضْطَرَبَ وَأَجَازَهُ سَحْنُونٌ إِنْ طُمِعَ فِي حَيَاتِهِ فَقِيلَ هُوَ تَفْسِيرٌ وَقِيلَ هُوَ خِلَافٌ وَكَذَلِكَ الدَّنَانِيرُ فِي بَطْنِ الْمَيِّتِ وَقَالَ مَالِكٌ إِنِ اسْتَطَاعَ النِّسَاءُ عِلَاجَهُ مِنْ مَخْرَجِهِ فَعَلْنَ وَلَمْ يَبْلُغْنِي الْبَقْرُ عَنْ أَحَدٍ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ رَأَيْتُ بِمِصْرَ رَجُلًا مَبْقُورًا عَلَى رمكة مبقورة قَالَ سَنَد وَإِذا أبقرت فَمِنْ خَاصِرَتِهَا الْيُسْرَى لِأَنَّهَا أَقْرَبُ لِلْوَلَدِ وَيَلِي ذَلِك أخص أقاربها والزواج أَحْسَنُ فَإِنْ كَانَتِ الْأُمُّ نَصْرَانِيَّةً حَامِلًا بِجَنِينٍ مُسْلِمٍ قَالَ مَالِكٌ تُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ النَّصَارَى لِأَنَّهُ لَا حُرْمَةَ لِلْجَنِينِ قَبْلَ وَضْعِهِ وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَقِيلَ يُجْعَلُ ظهرهَا

إِلَى الْقِبْلَةِ لِأَنَّ وَجْهَ الْجَنِينِ إِلَى ظَهْرِهَا وَلَوْ بَلَعَ الْمَيِّتُ مِنْ مَالِهِ جَوْهَرَةً صَغِيرَةً نَفِيسَةً أَوْ وَدِيعَةً خَوْفَ اللُّصُوصِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُشَقُّ وَمَنَعَ ابْنُ حَبِيبٍ وَفَرَّقَ ابْنُ الْقَاسِمِ بِأَنَّ الْوَدِيعَةَ مُحَقَّقَةٌ بِخِلَافِ الْجَنِينِ وَمَنْ مَاتَ فِي الْبَحْرِ غُسِّلَ وَكُفِّنَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ وَانْتُظِرَ بِهِ الْبَرُّ إِنْ أُمِنَ التَّغَيُّرُ وَإِلَّا رُمِيَ بِهِ فِي الْبَحْرِ مُسْتَقْبِلًا مُحَرَّفًا عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَتُشَدُّ عَلَيْهِ أَكْفَانه وَلَا تُثْقَلُ رِجْلَاهُ وَخَالَفَهُ سَحْنُونٌ فَالْأَوَّلُ لِيَصِلَ الْبَرَّ فَيُدْفَنَ وَالثَّانِي لِيَسْلَمَ مِنْ أَكْلِ الطُّيُورِ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَظَاهِرُ مَذْهَبِنَا جَوَازُ نَقْلِ الْمَيِّتِ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ وَقَدْ مَاتَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ بِالْعَقِيقِ وَدُفِنَا بِالْمَدِينَةِ قَالَ سَنَدٌ وَلَوْ تَشَاحَّ الْوَرَثَةُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ يُدْفَنُ فِي مِلْكِي وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُدْفَنُ فِي الْمَقَابِرِ الْمُسَبَّلَةِ دُفِنَ فِي الْمُسَبَّلَةِ وَلَيْسَ لَهُ إِبْطَالُ حَقِّهِ مِنَ الْأَرْضِ الْمُسَبَّلَةِ وَيَحْمِلُ الْوَرَثَةُ أَثْمَانَهُ وَلِأَنَّهُ كَانَ فِي نَفْسِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ فَكَأَنَّهُ وَصَّى بِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَنَا أُكَفِّنُهُ مِنْ مَالِي لَمْ يَلْزَمْهُمْ بِذَلِكَ الْعُدُولُ عَنِ التَّرِكَةِ فَلَوْ حُفِرَ لَهُ قَبْرٌ فَدَفَنَ فِيهِ قَوْمٌ مَيِّتَهُمْ فَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ عَلَيْهِمْ مِثْلُهُ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ قِيمَةُ الْحَفْرِ قَالَ وَهُوَ أَبْيَنُ لِأَنَّ الْمَضْمُونَ مَنْفَعَةُ الْحُفْرَةِ لَا عَيْنُ الْقَبْرِ وَالْمَنْفَعَةُ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ وَإِلَّا كَانَ يَجِبُ نَبْشُهُ وَفِي الْجُلَّابِ لَا بَأْسَ بِزِيَارَةِ الْقُبُورِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ كنت نَهَيْتُكُمْ عَن زِيَارَة الْقُبُور والآن فزوروها فَإِنَّهَا تذكر بِالآخِرَة

الفصل السادس في التعزية

الْفَصْل السَّادِس فِي التَّعْزِيَة قَالَ سَنَدٌ يَجُوزُ أَنْ يَجْلِسَ الرَّجُلُ لِلتَّعْزِيَةِ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ جَلَسَ لَهَا فِي الْمَسْجِدِ حِينَ قُتِلَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ وَجَعْفَرٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ وَيُكْرَهُ عِنْدَ الْقَبْرِ بِخِلَافِ الْمَنْزِلِ وَكَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا عَزَّى يَقُولُ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي الْبَاقِي وَآجَرَكَ فِي الْفَانِي وَكَرِهَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ التَّعْزِيَةَ فِي النِّسَاءِ وَقَالَ مَالِكٌ إِنْ كَانَ فَبِالْأُمِّ وَوَسَّعَ ذَلِكَ غَيْرُهُ وَيَجُوزُ قَبْلَ الدَّفْنِ وَبَعْدَهُ وَيُعَزَّى فِي الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ وَمَنْ يَفْهَمُ الْخِطَابَ وَالْمُتَجَالَّةُ بِخِلَافِ الشَّابَّةِ قَالَ مَالِكٌ لَا يُعَزَّى مُسْلِمٌ بِابْنِهِ الْكَافِرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْء} وَقَالَ (ش) يُعَزَّى بِهِ كَمَا يُعَزَّى الذِّمِّيُّ بِالذِّمِّيِّ وَبِالْمُسْلِمِ قَالَ سَحْنُونٌ يُعَزَّى الذِّمِّيُّ فِي وَلِيِّهِ بِقَوْلِهِ أَخْلَفَ اللَّهُ لَكَ الْمُصِيبَةَ وَجَزَاكَ أَفْضَلَ مَا جَزَى بِهِ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ دِينِكَ وَفِي الْجَوَاهِرِ هِيَ سُنَّةٌ وَهِيَ الْحَمْلُ عَلَى الصَّبْرِ بِوَعْدِ الْأَجْرِ وَالدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ وَالْمُصَابِ وَيُسْتَحَبُّ إِعْدَادُ طَعَامٍ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ مَا لَمْ يَكُنِ اجْتِمَاعُهُنَّ لِلنِّيَاحَةِ وَغَيْرِهَا لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي أَبِي دَاوُدَ اصْنَعُوا لِآلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا فَإِنَّهُ قَدْ أَتَاهُمْ مَا شَغَلَهُمْ

(الباب الثاني والعشرون في تارك الصلاة)

(الْبَابُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ فِي تَارِكِ الصَّلَاةِ) قَالَ سَنَد من حجد وُجُوبَ صَلَاةٍ مِنَ الْخَمْسِ أَوْ رُكُوعَهَا أَوْ سُجُودَهَا كَفَرَ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ وَكُلُّ مَنْ جَحَدَ مَا عُلِمَ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ فَهُوَ كَافِرٌ فِي الصَّلَاةِ أَوْ غَيْرِهَا وَإِنِ اعْتَرَفَ بِالْوُجُوبِ وَلَمْ يُصَلِّ فَلَيْسَ بِكَافِرٍ خِلَافًا لِابْنِ حَنْبَلٍ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُكْفَرُ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ مُحْتَجًّا بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي مُسْلِمٍ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ تَرْكُ الصَّلَاةِ وَيُرْوَى وَبَيْنَ الْكُفْرِ جَوَابُهُ أَنَّ مَعْنَاهُ وَبَيْنَ حُكْمِ الْكُفْرِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ وَحُكْمُ الْكُفْرِ الْقَتْلُ فَظُنَّ بِقَتْلِهِ وَيُعَضِّدُهُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْمُوَطَّأِ خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ فَمَنْ جَاءَ بِهِنَّ وَلَمْ يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شَيْئًا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ وَمن لم يَأْتِ بِهن فَلَيْسَ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ وَهُوَ نَصٌّ فِي جَوَازِ دُخُولِ تَارِكِهَا الْجَنَّةَ فَلَا يَكُونُ كَافِرًا وَلِأَنَّهُ لَا يُكْفَرُ بِفِعْلِ مَا عُلِمَ تَحْرِيمُهُ بِالضَّرُورَةِ إِجْمَاعًا فَلَا

يَكْفَرُ بِتَرْكِ فِعْلِ مَا عُلِمَ وُجُوبُهُ بِجَامِعِ مُخَالفَة ضرورى فِي الدّين ويروى أَن الشَّافِعِي قَالَ لِأَحْمَدَ إِذَا كَفَّرْتَهُ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ وَهُوَ يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله بِأَيّ شَيْءٍ يَرْجِعُ إِلَى الْإِسْلَامِ فَقَالَ بِفِعْلِ الصَّلَاةِ فَقَالَ لَهُ إِنْ كَانَ إِسْلَامُهُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا فَتَكُونُ وَاقِعَةً فِي زَمَنِ الْكُفْرِ فَلَا تَصِحُّ وَإِنْ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَسَكَتَ أَحْمَدُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَإِذَا لَمْ يُكَفَّرْ فَيُقْتَلُ عِنْدَ مَالِكٍ وَ (ش) حَدًّا خلافًا (ح) وَبَعْضِ أَصْحَابِنَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ إِلَى قَوْلِهِ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سبيلهم} فَاشْتَرَطَ فِي تَرْكِ الْقَتْلِ بَعْدَ التَّوْبَةِ إِقَامَةَ الصَّلَاة وَلم يقمها فَيقْتل وَلِلْحَدِيثِ السَّابِق وَإِجْمَاع الصَّحَابَةِ عَلَى قِتَالِ مَانِعِي الزَّكَاةِ مَعَ أَبِي بكر رَضِي الله عَنْهُم حجَّة أبي حنيفَة قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ كُفْرٍ بَعْدَ إِيمَانٍ أَوْ زنا بَعْدَ إِحْصَانٍ أَوْ قَتْلِ نَفْسٍ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ عَامٌّ وَمَا ذَكَرْنَاهُ خَاصٌّ فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ وَإِذَا قُلْنَا يُقْتَلُ فَقَالَ التُّونِسِيُّ يُؤَخَّرُ حَتَّى يَبْقَى مِنَ النَّهَارِ قَدْرُ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ قَالَ سَنَدٌ يَنْبَغِي أَن يُرَاعى رَكْعَة من الْعَصْر لاجملتها عَلَى أَقَلِّ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ احْتِيَاطًا لِلدِّمَاءِ قَالَ اللَّخْمِيُّ بَلْ قَدْرُ الْإِحْرَامِ وَالرُّكُوعِ دُونَ السُّجُودِ وَالْقِرَاءَةِ لِإِدْرَاكِ السُّجُودِ بِالرُّكُوعِ عِنْدَ أَشْهَبَ لِلْخِلَافِ فِي الْقِرَاءَةِ وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ حَتَّى يَخْرُجَ الْوَقْتُ لِتَحَقُّقِ السَّبَبِ بِارْتِكَابِ الْمَعْصِيَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ إِذَا بَقِيَ رَكْعَةٌ مِنَ الْوَقْتِ الضَّرُورِيِّ أَوْ جُمْلَةُ الصَّلَاةِ أَوْ فَوَاتُ الِاخْتِيَارِيِّ قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَجَمَاعَةُ الْمُتَأَخِّرِينَ يُنْخَسُ بِالْحَدِيدِ حَتَّى يَمُوتَ أَوْ يُصَلِّيَ قَالَ سَنَدٌ قِيلَ تُضْرَبُ عُنُقُهُ وَيُقْتَلُ عِنْدَ مَالِكٍ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَقَالَ (ش)

وَالْعِرَاقِيُّونَ مِنَّا لَا يُقْتَلُ بِتَرْكِ الزَّكَاةِ لِدُخُولِ النِّيَابَةِ فِيهَا فَيُمْكِنُ أَخْذُهَا مِنْهُ قَهْرًا فَهِيَ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَلَوْ قَالَ أُصَلِّي وَلَمْ يَفْعَلْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُبَالَغُ فِي عُقُوبَتِهِ حَتَّى تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ وَلَا يُقْتَلُ لِعَدَمِ جَزْمِنَا بِتَصْمِيمِهِ عَلَى الْمُخَالَفَةِ وَقِيلَ يُقْتَلُ لِكَوْنِهِ لَمْ يُقِمِ الصَّلَاةَ وَاللَّهُ تَعَالَى اشْتَرَطَ الْإِقَامَةَ وَإِذَا قُلْنَا يُقْتَلُ فَاخْتُلِفَ فِي اسْتِتَابَتِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ عَلَى رِوَايَتَيْنِ وَفِي كَوْنِهَا عَلَى الْوُجُوبِ أَوِ النَّدْبِ قَالَ وَأَرَى الْوُجُوبَ لِمَنْ يَجْهَلُ قَبُولَ تَوْبَتِهِ وَالِاسْتِحْبَابَ لِمَنْ يَعْلَمُهُ وَقَدِ اسْتَتَابَ عَلَيْهِ السَّلَام ثُمَامَة الْأَسير ثَلَاثَة أَيَّام الْمَازرِيّ فَإِن امْتنع من فعل المنسيات من الْأَصْحَابِ مَنْ قَالَ يُقْتَلُ لِأَنَّ الشَّرْعَ عَيَّنَ وَقْتَ الذِّكْرِ لِلْمَنْسِيَّةِ كَوَقْتِ الْأَدَاءِ لِلْحَاضِرَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ أَبَاهُ لِوُقُوعِ الْخِلَافِ فِي قَضَاءِ الْفَوَائِتِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْقَضَاءِ فَيَجُوزُ التَّأْخِيرُ عَلَى الْمُخْتَارِ

(كتاب الصيام)

(كِتَابُ الصِّيَامِ) قَالَ عِيَاضٌ وَهُوَ فِي اللُّغَةِ الْإِمْسَاك قَالَ الله تَعَالَى {إِنِّي نذرت للرحمان صوما} أَيْ إِمْسَاكًا قَالَ النَّابِغَةُ (خَيْلٌ صِيَامٌ وَخَيْلٌ غَيْرُ صَائِمَةٍ ... تَحْتَ الْعَجَاجِ وَأُخْرَى تَعْلِكُ اللُّجُمَا) وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ الصَّوْمُ الْإِمْسَاكُ عَنِ الطَّعَامِ وَصَامَ الْفَرَسُ أَيْ أَقَامَ عَلَى غَيْرِ عَلَفٍ وَهُوَ الْبَيْتُ الْمُتَقَدِّمُ عِنْدَهُ وَفَسَّرَهُ عِيَاضٌ بِمُطْلَقِ الْإِمْسَاكِ وَالصَّوْمُ ذَرْقُ النَّعَامَةِ وَالصَّوْمُ شَجَرٌ فِي لُغَةِ هُذَيْلٍ وَهُوَ فِي الشَّرْعِ الْإِمْسَاكُ عَنْ شَهْوَتَيِ الْفَمِ وَالْفَرْجِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُمَا مُخَالَفَةً لِلْهَوَى فِي طَاعَةِ الْمَوْلَى فِي جَمِيعِ أَجْزَاءِ النَّهَارِ بِنِيَّةٍ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ مَعَهُ إِنْ أَمْكَنَ فِيمَا عَدَا زَمَنَ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَأَيَّامَ الْأَعْيَادِ وَاخْتُلِفَ فِي أَوَّلِ صَوْمٍ وَجَبَ فِي الْإِسْلَامِ فَقِيلَ عَاشُورَاءُ وَقِيلَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَأَوَّلُ مَا فُرِضَ مِنْ رَمَضَانَ خُيِّرَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّعَامِ ثُمَّ نُسِخَ الْجَمِيعُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} وَأُوجِبَ الصِّيَامُ إِلَى اللَّيْلِ وَأُبِيحَ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ وَالْجِمَاعُ إِلَى أَنْ يُصَلِّيَ الْعِشَاءَ أَوْ يَنَامَ فَيَحْرُمُ جَمِيعُ ذَلِكَ إِلَى الْفَجْرِ فَاخْتَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ امْرَأَتَهُ فِي أَنَّهَا نَامَتْ

وَوَطِئَهَا فَنَزَلَ قَوْله تَعَالَى {عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ من الْخَيط الْأسود من الْفجْر} وَاشْتُقَّتِ الشُّهُورِ مِنْ بَعْضِ عَوَارِضِهَا الَّتِي تَعْرِضُ فِيهَا فَرَمَضَانُ مِنَ الرَّمْضَاءِ الَّتِي هِيَ الْحِجَارَةُ الْحَارَّةُ لِأَنَّهُ قَدْ يَأْتِي فِي الْحَرِّ وَشَوَّالٌ من شيل الْإِبِل أذنا بهَا لِذُبَابٍ يَعْرِضُ لَهَا وَذُو الْقِعْدَةِ أَوَّلُ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ فَيُقْعَدُ فِيهِ عَنِ الْقِتَالِ وَذُو الْحِجَّةِ لِوُقُوعِ الْحَجِّ فِيهِ وَيُقَالُ ذُو قِعْدَةٍ وَذُو حِجَّةٍ بِالتَّنْكِيرِ وَالتَّعْرِيفِ وَالْمُحَرَّمُ مِنْ تَحْرِيمِ الْقِتَالِ فِيهِ وَصَفَرٌ مِنَ الصِّفْرِ بِالْكَسْرِ الَّذِي هُوَ الْخُلُوُّ فَإِنَّ الطُّرُقَاتِ يَقِلُّ سَالِكُهَا بِسَبَبِ ذَهَابِ الْأَمْنِ لِانْسِلَاخِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ وَالرَّبِيعَانِ مِنْ رَبِيعِ الْعُشْبِ لِأَنَّهُ قَدْ يَأْتِي فِيهِمَا وَالْجُمَادِيَّانِ مِنْ جَمَادِ الْمَاءِ لِأَنَّهُمَا قَدْ يَأْتِيَانِ فِي الْبَرْدِ وَرَجَبٌ شَهْرٌ حَرَامٌ وَالتَّرْجِيبُ التَّعْظِيمُ وَشَعْبَانُ مِنَ التَّشَعُّبِ لِأَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَخْتَلِفُ فِيهِ وَتُظْهِرُ الْقِتَالَ لِخُرُوجِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ وَيُرْوَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لَا تَقُولُوا جَاءَ رَمَضَانُ فَإِنَّ رَمَضَانَ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَكِنْ قُولُوا جَاءَ شَهْرُ رَمَضَانَ وَالثَّابِتُ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ فَجَعَلَهُ اسْمًا لِلشَّهْرِ قَالَ الْفَرَّاءُ وَيُجْمَعُ عَلَى رَمَضَانِينَ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ يُجْمَعُ عَلَى أَرْمِضَاءٍ وَرَمَضَانَاتٍ وَيُقَالُ رَمِضَ يَوْمُنَا بِكَسْرِ الْمِيمِ يَرْمَضُ بِفَتْحِهَا إِذَا كثر حره

قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ فَمَنْ جَحَدَ وُجُوبَهُ كَفَرَ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ وَإِنِ اعْتَرَفَ بِوُجُوبِهِ وَلَمْ يَصُمْهُ خَرَجَ عَلَى الْخِلَافِ فِي تَارِكِ الصَّلَاةِ وَفِي الْكِتَابِ عَشَرَةُ أَبْوَابٍ

(الباب الأول في أسباب الوجوب والطرق)

(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي أَسْبَابِ الْوُجُوبِ وَالطُّرُقِ) أَمَّا الْأَسْبَابُ فَسِتَّةٌ النَّذْرُ وَقَتْلُ الْخَطَأِ وَالظِّهَارُ وَالْحِنْثُ وَاخْتِلَالُ النُّسُكِ وَسَتَأْتِي وَظُهُورُ الْهِلَالِ وَأَمَّا الطُّرُقُ الْمُثْبِتَةُ لِلْهِلَالِ قَالَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ هِيَ سِتَّةٌ رُؤْيَةُ الْإِنْسَانِ لِنَفْسِهِ وَالرُّؤْيَةُ الْعَامَّةُ وَالْخَاصَّةُ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَخَبَرُ الْوَاحِدِ فِي مَوْضِعٍ لَيْسَ فِيهِ إِمَامٌ أَوْ فِيهِ لَكِنْ لَا يُعْنَى بِأُمُورِ النَّاسِ أَوْ تُنْقَلُ إِلَى بَلَدٍ عَمَّا ثَبَتَ فِي بَلَدٍ آخَرَ عَلَى الْمَشْهُورِ فُرُوعٌ سَبْعَةٌ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْوَاحِدِ وَيَصُومُ وَحْدَهُ فَإِنْ أَفْطَرَ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَيَجِبُ أَنْ يُعْلِمَ الْإِمَامَ لَعَلَّ غَيْرَهُ يُوَافِقُهُ قَالَ سَنَدٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَبْدًا أَوْ فَاسِقًا أَوِ امْرَأَةً أَوْ مَجْهُولًا لِانْعِدَامِ الْفَائِدَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ قِيلَ يَرْفَعُهُ وَإِنْ كَانَ لَا يُرْجَى قَبُولُ شَهَادَتِهِ رَجَاءَ الِاسْتِفَاضَةِ وَيَثْبُتُ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ وَمَنَعَ سَحْنُونٌ إِنْ كَانَتِ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً وَالْمِصْرُ كَبِيرٌ وَلَا يَثْبُتُ شَوَّالٌ إِلَّا بِاثْنَيْنِ وَنَقَلَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ ثُبُوتَهُ بِالْوَاحِدِ وَقَالَ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ يَثْبُتُ رَمَضَانُ بِالْوَاحِدِ وَخَصَّصَهُ (ح) بِالْغَيْمِ قَالَ اللَّخْمِيُّ جَوَّزَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ الصَّوْمَ وَالْفِطْرَ

بِخَبَرِ الْوَاحِدِ عَنْ رُؤْيَةِ نَفْسِهِ أَوْ رُؤْيَةِ غَيره لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَأَجَازَ الصَّوْمَ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَعَلَى هَذَا يَجُوزُ الْفِطْرُ آخِرَ النَّهَارِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ فَإِنْ قِيلَ الْمُؤَذِّنُ كَالْوَكِيلِ لِلنَّاسِ يُخْبِرُهُمْ قُلْنَا يَلْزَمُ إِذَا وَكَّلُوا مَنْ يَتَرَصَّدُ لَهُمُ الْهِلَالَ أَنْ يُقْبَلَ وَحْدَهُ وَفِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ ترا آى النَّاسُ الْهِلَالَ فَأَخْبَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنِّي رَأَيْتُهُ فَصَامَ وَأَمَرَ النَّاسَ بِصِيَامِهِ جَوَابُهُ لَيْسَ فِيهِ مَا يَمْنَعُ تَقَدُّمَ شَهَادَةِ غَيْرِهِ فَجَازَ تَقَدُّمُهُ وَيُعَضِّدُهُ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ وَإِنْ شَهِدَ ذَوَا عَدْلٍ فَصُومُوا وَأَفْطِرُوا وَانْسُكُوا وَقِيَاسًا عَلَى شَوَّالٍ وَأَمَّا الْمُؤَذِّنُ فَإِنَّمَا قُبِلَ قَوْلُهُ فِي تَعْيِينِ أَوَّلِ النَّهَارِ وَإِلَّا فالصوم مَعْلُوم الْوُجُوب لابد مِنْهُ بِخِلَافِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ فَإِنَّ الصَّوْمَ مَنُوطٌ بِالشَّاهِدِ قَالَ سَنَدٌ فَلَوْ حَكَمَ الْإِمَامُ بِالصَّوْمِ بِالْوَاحِدِ لَمْ يُخَالَفْ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ فَتْوَى لَا حُكْمٌ تَمْهِيدٌ الْأَحْكَامُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ مِنْهَا مَا لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِالشَّهَادَةِ كَوُجُوبِ تَنْفِيذِ الدَّعَاوَى عِنْدَ الْحُكَّامِ وَمَا يَكْفِي فِيهِ الْوَاحِدُ كَالْفَتَاوَى مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ وَمَا اخْتُلِفَ فِي لُحُوقِهِ بِأَحَدِهِمَا كَمُخْبِرِ الْمُصَلِّي بِعَدَدِ الرَّكَعَاتِ وَرَمَضَانَ وَغَيْرِهِمَا فَمَا حُكْمُ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي حَتَّى يَظْهَرَ الصَّوَابُ فِي إِلْحَاقِ الثَّالِثِ بِأَيِّهِمَا قَالَ الْمَازِرِيُّ فِي شَرْحِ الْبُرْهَانِ الْحُقُوقُ مِنْهَا عَامٌّ فِي الْأَشْخَاصِ وَالْأَزْمَانِ كَالْفُتْيَا فَيُقْبَلُ فِيهِ الْوَاحِدُ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ فِي مُعَادَاةِ جُمْلَةِ الْأَئِمَّةِ وَخَاصٌّ لِمُعَيَّنٍ كَالدَّعْوَى عِنْدَ الْحَاكِمِ فَيُشْتَرَطُ الْعَدَدُ لِدَفْعِ التُّهْمَةِ بِعَدَاوَةِ الشَّاهِدِ بَاطِنًا وَرَمَضَانُ

لَا يَعُمُّ الْأَزْمَانَ وَإِنْ عَمَّ الْبُلْدَانَ فَاجْتَمَعَ فِيهِ الشَّبَهَانِ فَوَقَعَ الْخِلَافُ فِي أَيِّهِمَا يُغَلَّبُ وَقَوِيَ انْتِفَاءُ التُّهْمَةِ بِمُشَارَكَةِ الشَّاهِدِ فِي الْحُكْمِ وَكَذَلِكَ ضَعُفَتِ التُّهْمَةُ فِي الصَّلَاةِ لِعَدَمِ تَصَوُّرِ الْمُصَلِّي لِكَوْنِهِ سَاعِيًا فِي قُرْبَةٍ فَأَشْبَهَ الْفَتْوَى فِي عَدَمِ التُّهْمَةِ الثَّانِي فِي الْجُلَّابِ إِذَا ثَبَتَ رَمَضَانُ فِي بَلَدٍ مِنَ الْبُلْدَانِ لَزِمَ الصَّوْمُ لِكُلِّ بَلَدٍ نُقِلَ إِلَيْهِمْ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ كَانَ ثُبُوتُهُ بِالِاسْتِفَاضَةِ حَتَّى لَا يَكُونَ مِنْ بَابِ الْحُكْمِ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ثُبُوتُهُ عِنْدَ الْإِمَامِ لِعُمُومِ حُكْمِهِ وَفِي أَبِي دَاوُدَ عَنْ كُرَيْبٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ سَأَلَهُ لَمَّا قَدِمَ مِنَ الشَّامِ عَنْ هِلَالِ رَمَضَانَ مَتَى رَأَيْتُمُ الْهِلَالَ قَالَ قُلْتُ رَأَيْتُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَالَ أَنْتَ رَأَيْتَهُ قُلْتُ نَعَمْ وَرَآهُ النَّاسُ وَصَامُوا وَصَامَ مُعَاوِيَةُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَكِنَّا رَأَيْنَاهُ لَيْلَةَ السَّبْتِ فَلَا نَزَالُ نَصُومُهُ حَتَّى نُكْمِلَ الثَّلَاثِينَ أَوْ نَرَاهُ فَقُلْتُ لَهُ أَفَلَا نَكْتَفِي بِرُؤْيَةِ مُعَاوِيَةَ فَقَالَ لَا هَكَذَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَجَابَ الْمَشْهُورُ عَنْ هَذَا أَنَّ الْمَدِينَةَ كَانَتْ مُصْحِيَةً وَلَمْ يُرَ فِيهَا فَقُدِّمَتِ الْمُشَاهَدَةُ عَلَى الْخَبَرِ خَبَرِ كُرَيْبٍ وَيَكُونُ ذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِهِ هَكَذَا أمرنَا رَسُوله الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن لَا نَرْجِعَ عَنِ الْيَقِينِ إِلَى الظَّنِّ مَعَ أَنَّ الْمَشْهُورَ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُرْصَدَ مَعَ الصَّحْوِ أَمْ لَا بَلْ قُضِيَ بِالثُّبُوتِ مُطْلَقًا فَيُشَكِلُ الْحَدِيثُ قَاعِدَةٌ نَصَبَ اللَّهُ تَعَالَى الْأَوْقَاتِ أَسْبَابًا لِلْأَحْكَامِ كَالْفَجْرِ وَالزَّوَالِ وَرُؤْيَةِ الْهِلَالِ كَمَا نَصَبَ الْأَفْعَالَ أَسْبَابًا نَحْوَ السَّرِقَةِ وَالزِّنَا وَالْأَوْقَاتُ تَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْأَقْطَارِ فَمَا مِنْ زَوَالٍ لِقَوْمٍ إِلَّا وَهُوَ فَجْرٌ لِقَوْمٍ وَعَصْرٌ لِقَوْمٍ وَمَغْرِبٌ لِقَوْمٍ وَنِصْفُ اللَّيْلِ لِقَوْمٍ بَلْ كُلَّمَا تَحَرَّكَتِ الشَّمْسُ دَرَجَةً فَتِلْكَ الدَّرَجَةُ بِعَيْنِهَا هِيَ فَجْرٌ وَطُلُوعُ شَمْسٍ وَزَوَالٌ وَغُرُوبٌ وَنِصْفُ لَيْلٍ وَنِصْفُ نَهَارٍ وَسَائِرُ أَسْمَاءِ الزَّمَانِ يُنْسَبُ إِلَيْهَا بِحَسَبِ أَقْطَارٍ مُخْتَلِفَةٍ وَخَاطَبَ اللَّهُ تَعَالَى كُلَّ قَوْمٍ بِمَا يَتَحَقَّقُ فِي قُطْرِهِمْ لَا فِي قُطْرِ غَيرهم

فَلَا يُخَاطَبُ أَحَدٌ بِزَوَالِ غَيْرِ بَلَدِهِ وَلَا يفجره وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْهِلَالُ مَطَالِعُهُ مُخْتَلِفَةٌ فَيَظْهَرُ فِي الْمَغْرِبِ وَلَا يَظْهَرُ فِي الْمَشْرِقِ إِلَّا فِي اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ بِحَسَبِ احْتِبَاسِهِ فِي الشُّعَاعِ وَهَذَا مَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ لِمَنْ يَنْظُرُ فِيهِ وَمُقْتَضَى الْقَاعِدَةِ أَنْ يُخَاطَبَ كُلُّ أَحَدٍ بِهِلَالِ قُطْرِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ حُكْمُ غَيْرِهِ وَلَوْ ثَبَتَ بِالطُّرُقِ الْقَاطِعَةِ كَمَا لَا يَلْزَمُنَا الصُّبْحُ وَإِنْ قَطَعْنَا بِأَنَّ الْفَجْرَ قَدْ طَلَعَ عَلَى مَنْ شَرق عَنَّا كَمَا قَالَه (ح) , إِلَى هَذَا أَشَارَ الْبُخَارِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِقَوْلِهِ بِأَنَّ لِأَهْلِ كُلِّ بَلَدٍ رُؤْيَتَهُمْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَلَا غَيْرِهِ مِنَ الْخُلَفَاءِ أَنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ إِلَى الْأَقْطَارِ وَيَبْعَثُ الْبَرِيدَ إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ الْهِلَالَ فَصُومُوا بَلْ كَانُوا يَتْرُكُونَ النَّاسَ مَعَ مَرْئِيِّهِمْ فَيَصِيرُ حَدًّا مُجْمَعًا عَلَيْهِ وَيُشْكِلُ عَلَى هَذَا الْمَشْهُورُ وَقَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَيْضًا فِي قَصْرِهِ اللُّزُومُ عَلَى مَحَلِّ الْوِلَايَةِ فِي الْحُكْمِ دُونَ الِاسْتِفَاضَةِ وَكَذَلِكَ إِذَا ثَبَتَ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَحُكِمَ بِهِ بِالشَّاهِدَيْنِ إِنْ حُكِمَ بِهِ عَلَى أَهْلِ قُطْرِهِ لَا يَتَعَدَّاهُمْ أَوْ عَلَى غَيْرِهِمْ فَيَنْبَغِي أَلَّا يُنَفَّذَ حُكْمُهُ لِأَنَّهُ حُكْمٌ بِغَيْرِ سَبَبٍ وَكُلُّ حُكْمٍ بِغَيْرِ سَبَبٍ لَا يَلْزَمُ وَلَا يُنَفَّذُ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ لَا يُقْبَلُ فِي ذِي الْحِجَّةِ إِلَّا عَدْلَانِ قَالَ سَنَد إِن رأى شوالا وَاحِدًا قَالَ مَالِكٌ لَا يُفْطَرُ سَدًّا لِذَرِيعَةِ الْمُتَهَاوِنِينَ وَقَالَ عبد الْملك فِي الْفطر بِقَلْبِه وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَأْكُلُ بِحَيْثُ لَا يُرَى وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ ظُهِرَ عَلَيْهِ فِي وَلَمْ يَذْكُرْهُ قَبْلَ ذَلِكَ عُوقِبَ إِنِ اتُّهِمَ وَقَالَ ابْن جنبل لَا يُفْطِرُ لِعَدَمِ ثُبُوتِهِ وَاحْتِيَاطًا لِلصَّوْمِ لَنَا قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ وَقَدْ رُئِيَ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ إِنْ لَمْ يَخَفِ اتِّفَاقًا وَإِنْ كَانَ مُسَافِرًا أَوْ لَهُ عُذْرٌ فَالْمَذْهَبُ الْفِطْرُ

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ وَأَمِنَ مِنَ الِاطِّلَاع فالمهشور لَا يفْطر سدا لذريعة المتهاونين الْفطر لِوُجُودِ السَّبَبِ فَإِنْ شَهِدَ عَلَى رَمَضَانَ شَاهِدَانِ وَلَمْ مَعَ الصَّحْوِ فَكَمَالُ الْعِدَّةِ قَالَ مَالِكٌ يُكْمِلُ عِدَّةَ شَعْبَانَ خِلَافًا لِ (ش) لَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِرَمَضَانَ وَآخَرُ بِشَوَّالٍ قَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ لَا يُفْطَرُ بِشَهَادَتِهِمَا لِوُجُوبِ إِكْمَالِ شَعْبَانَ وَرَمَضَانَ بِالْبَيِّنَةِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ إِنْ كَانَتْ شَهَادَةُ الثَّانِي بَعْدَ تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ منْ شَهَادَةِ الْأَوَّلِ لَا تُلَفَّقُ لِعَدَمِ اجْتِمَاعِهِمَا أَوْ بَعْدَ ثَلَاثِينَ جَرَى تَلْفِيقُهُمَا عَلَى الْخِلَافِ فِي تَلْفِيقِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْأَفْعَالِ الرَّابِعُ فِي الْجُلَّابِ لَوْ رُئِيَ الْهِلَالُ بَعْدَ الزَّوَالِ فَلِلَّيْلَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ اتِّفَاقًا أَوْ قَبْلَهُ فَلِلْمُسْتَقْبَلَةِ عِنْدَ مَالِكٍ وَ (ح وش) وَلِلْمَاضِيَةِ عِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ وَوَافَقَ ابْنُ حَنْبَلٍ فِي أول رَمَضَان وَخَالف فِي آخِره احْتِيَاط لِلصَّوْمِ لَنَا أَنَّ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ رِوَايَةً زِيدَ فِيهَا بَعْدَ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ فَإِنَّهُ يَتِمُّ الْهِلَالُ أَوَّلَ النَّهَارِ فَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى يَشْهَدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُمَا رَأَيَاهُ بِالْأَمْسِ سَبَبُ عَدَمِ رُؤْيَتِهِ حُصُولُهُ فِي شُعَاعِ الشَّمْسِ فَرُبَّمَا تَخَلَّصَ مِنْهُ فِي الْعَصْرِ فَهُوَ الْهِلَالُ الصَّغِيرُ وَرُبَّمَا تَخَلَّصَ فِي الظُّهْرِ أَوْ قَبْلَهُ وَهُوَ الْهِلَالُ الْكَبِيرُ فَإِنَّهُ كُلَّمَا بَعُدَ زَمَانُ التَّخَلُّصِ نَقَصَ الْهِلَالُ مِنَ الشَّمْسِ وَلَمَّا كَانَتِ الْأَهِلَّةُ تَكْبُرُ وَتَصْغُرُ وَيَخْتَلِفُ زَمَانُ خُرُوجِهَا مِنَ الشُّعَاعِ تَرَجَّحَ الْبَقَاءُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ صَوْمٍ أَوْ فِطْرٍ عَمَلًا بِالْأَصْلِ وَلَمَّا كَانَ الْغَالِبُ تَخَلُّصَهُ لِلَّيْلَةِ الْآتِيَةِ بَعْدَ الزَّوَالِ كَانَتْ رُؤْيَتُهُ مُتَخَلِّصَةً قَبْلَهُ لِيُشْعَرَ تَخْلِيصُهُ مِنَ اللَّيْلَةِ الْمَاضِيَةِ لَا سِيَّمَا أَنَّهُ بَعِيدٌ مِنَ الشَّمْسِ جِدًّا فَهَذَا سَبَبُ الْخِلَافِ قَبْلَ الزَّوَالِ وَبَعْدَهُ الْخَامِسُ فِي الْجُلَّابِ إِذَا أُشْهِدَ عَلَيْهِ وَجَبَ الْكَفُّ وَالْقَضَاءُ وَعَلَى شَوَّالٍ وَجَبَ الْفِطْرُ وَالصَّلَاةُ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الزَّوَالِ فَلَا يُصَلُّوا السَّادِسُ قَالَ سَنَدٌ لَوْ تَوَالَى الْغَيْمُ شُهُورًا قَالَ مَالِكٌ يُكْمِلُونَ عِدَّةَ الْجَمِيعِ حَتَّى يَظْهَرَ خِلَافُهُ اتِّبَاعًا لِلْحَدِيثِ وَيَقْضُونَ إِنْ تَيَقَّنَ لَهُمْ خِلَافُ

إِثْبَات الْهِلَالِ بِالْحِسَابِ خِلَافًا لِلدَّاوُدِيِّ وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ وَأما قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ فَلَيْسَ الْمُرَادُ تَقْدِيرَ سَيْرِ الْقَمَرِ فِي الْمَنَازِلِ لِقَوْلِهِ فِي مُسْلِمٍ فَاقْدُرُوا لَهُ ثَلَاثِينَ وَالْمُطْلَقُ يُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَلِأَنَّ مَعْنَاهُ اقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ أَيْ مِقْدَاره وَهُوَ ثَلَاثُونَ لذَلِك لَا يجِئ شَهْرٌ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ إِلَّا نَاقِصًا فَائِدَةٌ غُمَّ مَعْنَاهُ خَفِيَ بِغَيْمٍ أَوْ غَيْرِهِ وَمِنْهُ الْغَيْمُ لإخفائه السَّمَاء وَالْغَم لِأَنَّهُ سَاتِر للقلب والأغم مَسْتُور الجبه لَا أَعْلَمُ خِلَافًا فِي إِثْبَاتِ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ بِالْحِسَابِ فِي الْآلَاتِ بِالْمَاءِ وَالرَّمْلِ وَغَيْرِهِمَا وَعَلَى ذَلِكَ أَهْلُ الْأَمْصَارِ فِي سَائِرِ الْأَعْصَارِ زَمَنَ الشِّتَاءِ عِنْدَ الْأَمْطَارِ وَالْغُيُومِ فَمَا الْفَرْقُ جَوَابُهُ أَنَّ لِلْإِثْبَاتِ أَسْبَابًا مَنْصُوبَةً فَإِنْ عَلِمَ السَّبَبَ لَزِمَهُ حُكْمُهُ مِنْ غَيْرِ شَرْعٍ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ بَلْ يَكْفِي الْحِسُّ وَالْعَقْلُ وَحُصُولُ الْهِلَالِ خَارِجَ الشُّعَاعِ لَيْسَ بِسَبَبٍ بَلْ ظُهُورُهُ لِلْحِسِّ فَمَنْ تَسَبَّبَ لَهُ بِغَيْرِ الْبَصَرِ مُعْتَمِدًا عَلَى الْحِسَابِ لم يُوجد فِي حَقه السَّبَب فَلَا يرتب عَلَيْهِ حُكْمٌ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى فِي الصَّلَاة {أقِم الصَّلَاة لدلوك الشَّمْس} وَمَا قَالَ صُومُوا للهلال بل قَالَ {من شهد مِنْكُم الشَّهْر فليصمه} فَجَعَلَ السَّبَبَ الْمُشَاهَدَةَ لَهُ دُونَهُ قَالَ سَنَدٌ فَلَوْ كَانَ الْإِمَامُ يَرَى الْحِسَابَ فَأَثْبَتَ الْهِلَالَ بِهِ لَمْ يُتَّبَعْ لِإِجْمَاعِ السَّلَفِ عَلَى خِلَافِهِ

(الباب الثاني في شروطه)

(الْبَابُ الثَّانِي فِي شُرُوطِهِ) وَهِيَ تِسْعَةٌ وَهِيَ كُلُّهَا لِلْوُجُوبِ إِلَّا النِّيَّةَ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ الْبُلُوغُ وَسَيَأْتِي صَوْمُ الصِّبْيَانِ فِي بَابِ التَّطَوُّعِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى الشَّرْطُ الثَّانِي الْعَقْلُ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْجُنُونُ يَمْنَعُ الصِّحَّةَ بِخِلَافِ اسْتِتَارِهِ بِالنَّوْمِ مُطْلَقًا أَوْ بِالْإِغْمَاءِ عَلَى تَفْصِيلٍ يَأْتِي وَفِي الْكِتَابِ إِنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ جُمْلَةَ النَّهَارِ أَوْ أَكْثَرَهُ لَمْ يُجْزِهِ صَوْمُهُ وَإِنْ مَضَى أَكْثَرُهُ قَبْلَ الْإِغْمَاءِ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْفَجْرِ إِلَى نِصْفِهِ أَوْ نَامَ جَمِيعَهُ أَجْزَأَهُ قَالَ سَنَدٌ إِنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْفَجْرِ حَتَّى طلع فَالْمَشْهُورُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَا يَلْزَمُهُ الْكَفُّ وَقَالَ أَشْهَبُ يُجْزِئُهُ وَقَالَ (ح) يُجْزِئُهُ مُطْلَقًا وَلَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ جُمْلَةَ الشَّهْرِ لِأَنَّ مَا لَا يُبْطِلُ الصَّوْمَ قَلِيلُهُ لَا يُبْطِلُهُ كَثِيرُهُ كَالسَّفَرِ وَالنَّوْمُ عَكْسُهُ الْحَيْضُ وَقَالَ الْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ يَسِيرُهُ يُفْسِدُهُ وَلَوْ فِي وَسَطِ النَّهَارِ كَالْحَيْضِ وَقَالَ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ تَكْفِي إِفَاقَتُهُ فِي جُزْءٍ مِنَ النَّهَارِ لِتَحْصُلَ النِّيَّةُ تَمْهِيدٌ الْإِغْمَاءُ يُشْبِهُ النَّوْمَ مِنْ جِهَةِ عَدَمِ الْعَقْلِ وَيُشْبِهُ الْحَيْضَ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُنَافٍ لِلصَّلَاةِ فَمَنْ غَلَّبَ شَبَهَ النَّوْمِ لَمْ يُبْطِلْ مُطْلَقًا أَوْ شَبَهَ الْحَيْضِ أَبْطَلَ

مُطْلَقًا وَمَنْ سَوَّى رَجَّحَ بِأَمْرٍ خَارِجٍ وَهُوَ أكثرية النَّهَار وَأَن لَا يُصَادِفَ أَوَّلَ أَجْزَاءِ الْعِبَادَةِ فَإِنَّ عَدَمَهُ شَرْطٌ وَشَأْنُ الشَّرْطِ التَّقَدُّمُ عَلَى أَوَّلِ الْأَجْزَاءِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَاحَظَ وُجُودَ النِّيَّةِ فَقَطْ مَعَ تَجْوِيزِ إِيقَاعِهَا عِنْدَهُ فِي النَّهَارِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَالْحُكْمُ فِي الْجُنُونِ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ أَيْسَرَ النَّهَارِ أَوْ أَكْثَرَهُ مِثْلُ الْإِغْمَاءِ وِفَاقًا وَخِلَافًا وَهَذَا خِلَافُ مَا فِي الْجَوَاهِرِ وَالْجُلَّابِ وَالتَّنْبِيهِ لِأَبِي الطَّاهِرِ فَإِنَّهُمْ قَسَّمُوا الْإِغْمَاءَ وَلَمْ يُقَسِّمُوا الْجُنُونَ وَوَافَقَهُمَا صَاحِبُ التَّلْقِينِ فَقَالَ الْجُنُونُ وَالْإِغْمَاءُ يَمْنَعَانِ مِنَ ابْتِدَاءِ الصَّوْمِ وَقَدْ يَمْنَعَانِ مِنَ اسْتِصْحَابِهِ عَلَى وَجْهِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُعْتَبَرُ فِي الْإِغْمَاءِ الْمَرَضُ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ إِنْ كَانَ مَرَضٌ أَجْزَأَهُ وَلَوْ طَلَعَ الْفَجْرُ عَلَيْهِ كَذَلِكَ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَلَوْ طَلَعَ الْفَجْرُ عَلَى مَنْ أَذْهَبَ عَقْلَهُ السُّكْرُ لَمْ يُجْزِهِ صَوْمُ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ فِطْرُ بَقِيَّتِهِ وَفِي الْكِتَابِ لَوْ بَلَغَ مُطَبِّقًا سِنِينَ قَضَى الصَّوْمَ دُونَ الصَّلَاةِ وَلَا يَقْضِي عِنْدَ (ح وش) كَالصِّبَا لَنَا أَنَّهُ مَرَضٌ فَيَنْدَرِجُ فِي قَوْله تَعَالَى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سفر فَعدَّة من أَيَّام أخر} قَالَ سَنَدٌ وَكَذَلِكَ لَوْ بَلَغَ عَاقِلًا ثُمَّ جُنَّ وَفِي الْجُلَّابِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ فِيمَا أَظُنُّهُ إِنْ بَلَغَ مَجْنُونًا فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لِاسْتِقْرَارِ عَدَمِ التَّكْلِيفِ عَلَيْهِ وَإِذَا قُلْنَا بِالْقَضَاءِ قَالَ مَالِكٌ إِنَّمَا يَقْضِي مِثْلَ الْخَمْسِ سِنِينَ فَأَمَّا الْعَشَرَةُ فَلَا لِكَثْرَةِ الْمَشَقَّةِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ إِنْ بَلَغَ غَيْرَ مُطْبِقٍ وَقَلَّتِ السُّنُونُ وَجَبَ الْقَضَاءُ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ كَثُرَتِ السُّنُونُ فَفِي الْمَذْهَبِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْقَضَاءُ مُطْلَقًا وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَنَفْيُهُ مُطْلَقًا وَنَفْيُهُ مَعَ كَثْرَةِ السِّنِينَ نَحْوَ الْعَشَرَةِ الشَّرْطُ الثَّالِثُ الْإِسْلَامُ وَكَوْنُهُ شَرْطًا فِي الْوُجُوبِ يَتَخَرَّجُ عَلَى كَوْنِهِمْ مُخَاطَبِينَ بِالْفُرُوعِ وَفِي الْكِتَابِ مَنْ أَسْلَمَ فِي رَمَضَانَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءُ مَا مَضَى مِنْهُ وَالْأَحْسَنُ قَضَاءُ يَوْمِ إِسْلَامِهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ

الشَّرْطُ الرَّابِعُ الطَّهَارَةُ مِنَ الْحَيْضِ بِخِلَافِ الْجَنَابَةِ لقَوْله تَعَالَى {فَالْآن باشروهن} إِلَى قَوْله تَعَالَى {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَض من الْخَيط الْأسود من الْفجْر} وَلَوْلَا ذَلِكَ لَوَجَبَ الْإِمْسَاكُ قَبْلَ الْفَجْرِ لِلْغُسْلِ وَفِي الْمُوَطَّأِ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَيُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ جِمَاعٍ غَيْرِ احْتِلَامٍ فِي رَمَضَانَ ثُمَّ يَصُومُ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ رَأَتِ الطُّهْرَ قَبْلَ الْفَجْرِ اغْتَسَلَتْ بَعْدَهُ وَأَجْزَأَهَا الصَّوْمُ وَإِلَّا أَكَلَتْ ذَلِكَ الْيَوْمَ قَالَ سَنَدٌ قَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ إِنْ أَخَّرَتْهُ بِتَفْرِيطٍ لَمْ يُجْزِهَا وَقِيلَ لَا يُجْزِيهَا بِحَالٍ تَسْوِيَةً بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَقَالَ مَالِكٌ أَيْضًا إِنْ أَمْكَنَهَا الْغُسْلُ فَلم تفعل وَإِن كَانَ الْوَقْتُ ضَيِّقًا لَا يَسَعُ فَلَا لِأَنَّ التَّمَكُّنَ مِنَ الطِّهَارَةِ شَرْطٌ فِي الصَّلَاةِ فَيَكُونُ شَرْطًا فِي الصَّوْمِ وَقِيلَ تَصُومُ وَتَقْضِي احْتِيَاطًا وَفِي الْكِتَابِ إِنْ شَكَّتْ فِي تَقَدُّمِ الطُّهْرِ قَبْلَ الْفَجْرِ صَامَتْ وَقَضَتْ قَالَ قَالَ الْبَاجِيُّ من الْأَصْحَابِ مَنْ قَالَ هَذِهِ رِوَايَةٌ بِأَنَّ الْحُيَّضَ لَا تَقْطَعُ النِّيَّةَ السَّابِقَةَ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بَلْ رِوَايَةٌ فِي جَوَازِ الصَّوْمِ بِنِيَّةٍ مِنَ النَّهَارِ قَالَ سَنَدٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ مَالِكًا لَمْ يُعَيِّنْ ذَلِكَ وَسَطَ الشَّهْرِ فَيَصِحُّ الْأَوَّلُ وَلَا قَالَ يُجْزِيهَا الصَّوْمُ فَيَصِحُّ الثَّانِي بَلْ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِالصَّوْمِ الْإِمْسَاكَ فَلَمْ يُخَالِفْ أَصْلَهُ الشَّرْطُ الْخَامِسُ الْقُدْرَةُ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْمَرَضُ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ خَفِيفٌ لَا يَشُقُّ مَعَهُ الصَّوْمُ وَشَاقٌّ لَا يَتَزَيَّدُ بِالصَّوْمِ وَشَاقٌّ يَتَزَيَّدُ أَوْ تَنْزِلُ عِلَّةٌ أُخْرَى وَشَاقٌّ يُخْشَى طُولُهُ بِالصَّوْمِ فَحُكْمُ الْأَوَّلِ كَالصَّحِيحِ وَالثَّانِي التَّخْيِيرُ بَيْنَ الصَّوْمِ وَالْفِطْرِ وَالثَّالِثُ وَالرَّابِعُ لَيْسَ لَهُمَا الصَّوْمُ فَإِنْ صَامَا أَجْزَأَهُمَا وَالضَّعِيفُ الْبِنْيَةِ إِنْ لَمْ يُجْهِدْهُ الصَّوْمُ لَزِمَهُ وَإِنْ أَجْهَدَهُ فَقَطْ كَانَ مُخَيَّرًا أَوْ خَافَ حُدُوثَ عِلَّةٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ الصَّوْمُ وَلَا قَضَاءَ إِنْ أَفْطَرَ مَا دَامَ كَذَلِكَ فَإِنْ تَغَيَّرَتْ حَالَتُهُ قَضَى وَكَذَلِكَ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ إِنْ قَدَرَ عَلَى الصِّيَامِ مِنْ غَيْرِ جُهْدٍ إِلَّا أَنَّهُ يَخْشَى التَّزَيُّدَ بِالصَّوْمِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَجُوزُ لَهُ

الْفِطْرُ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الصَّوْمِ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ الشَّرْطُ السَّادِسُ الزَّمَنُ الْقَابِلُ لِلصَّوْمِ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْأَيَّامُ الْمَنْهِيُّ عَنْ صِيَامِهَا ثَمَانِيَةٌ الْفِطْرُ وَالنَّحْرُ وَأَيَّامُ مِنًى وَأَيَّامُ الشَّكِّ وَالْجُمُعَةُ وَالسَّبْتُ أَنْ يَخُصَّ أَحَدَهُمَا بِصِيَامٍ أَمَّا الْعِيدَانِ فَبِالْإِجْمَاعِ وَأَمَّا أَيَّامُ مِنًى فَيُجَوِّزُ مَالِكٌ صِيَامَهَا لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ نَهَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ صِيَامِ يَوْمِ الْفِطَرِ وَالْأَضْحَى وَمَفْهُومُهُ جَوَازُ مَا عَدَاهُمَا وَلِإِجْمَاعِ الْمَذْهَبِ عَلَى صَوْمِهِمَا لِلْمُتَمَتِّعِ بِخِلَافِ يَوْمِ الْعِيدِ وَأَجَازَ فِي الْمُدَوَّنَةِ الرَّابِعَ فَقَط لِأَن للمتعجل أَن يسْقطهُ وَقَالَ أَشهب يفْطر جَمِيعهَا وَإِن وَفِي التِّرْمِذِيِّ لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إِلَّا فِيمَا افْتُرِضَ عَلَيْكُمْ وَفِي الصَّحِيحِ النَّهْيُ عَنْ تَخْصِيصِ الْجُمُعَةِ بِصِيَامٍ تَنْبِيهٌ الصَّوْمُ يَوْمَ الْعِيدِ لَا يَنْعَقِدُ قُرْبَةً وَالصَّلَاةُ تَنْعَقِدُ قُرْبَةً فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ وَالْجَمِيعُ مُحَرَّمٌ وَمَنْهِيٌّ عَنْهُ فَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ تَارَةً تَكُونُ الْعِبَادَةَ الْمَوْصُوفَةَ بِكَوْنِهَا فِي الْمَكَانِ أَوِ الزَّمَانِ أَوْ فِي حَالَةٍ مِنَ الْحَالَاتِ فَيَفْسُدُ لِأَنَّ النَّهْيَ يَقْتَضِي فَسَادَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَتَارَةً يَكُونُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ هُوَ الصِّفَةَ الْمُقَارِنَةَ لِلْعِبَادَةِ فَلَا يَفْسُدُ وَالْعِبَادَةِ يَتَعَلَّقُ النَّهْيُ بِوَصْفٍ خَارِجٍ عَنِ الْعِبَادَةِ وَالْمُبَاشَرُ بِالنَّهْيِ فِي صَوْمِ الْعِيدِ هُوَ الصَّوْمُ الْمَوْصُوفُ بِكَوْنِهِ فِي الْيَوْمِ وَلَفْظُ الْحَدِيثِ يَشْهَدُ لِذَلِكَ وَالْمُبَاشَرُ لِلنَّهْيِ فِي الصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ إِنَّمَا هُوَ الْغَاصِبُ وَلَمْ يَرِدْ نَهْيٌ فِي الصَّلَاةِ الْمُقَارِنَةِ لِلْوَصْفِ بَلْ فِي الْغَصْبِ فَقَطْ وَالْقَضَاءُ عَلَى الصِّفَةِ لَا يَنْتَقِلُ لِلْمَوْصُوفِ وَلَا بِالْعَكْسِ كَمَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ شُرْبُ الْخَمْرِ مَفْسَدَةٌ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ شَارِبُ الْخَمْرِ مفْسدَة كَمَا لَا يَصح أَن يُقَال شَارِب الْخَمْرِ سَاقِطُ الْعَدَالَةِ فَظَهَرَ أَنَّ أَحْكَامَ الصِّفَاتِ لَا تَنْتَقِلُ إِلَى الْمَوْصُوفَاتِ وَظَهَرَ أَنَّ النَّهْيَ فِي الصَّوْمِ عَنِ الْمَوْصُوفِ وَفِي الصَّلَاةِ عَنِ الصِّفَةِ وَظَهَرَ الْفَرْقُ وَهَذِهِ قَاعِدَةٌ يَتَّجِهُ بِهَا كثير

مِنَ الْفُرُوعِ فِي أَبْوَابِ الْفِقْهِ وَمَوَارِدِ الشَّرْعِ الشَّرْطُ السَّابِعُ النِّيَّةُ وَفِي الْجَوَاهِرِ يُشْتَرَطُ فِيهَا أَنْ تَكُونَ مُعَيَّنَةً لِخُصُوصِ الصَّوْمِ الَّذِي شُرِعَ فِيهِ مُبَيَّتَةً مِنَ اللَّيْلِ جَازِمَةً مِنْ غَيْرِ تَرَدُّدٍ وَفِي هَذِهِ الْقُيُودِ فُرُوعٌ سِتَّةٌ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ إِنِ اعْتَقَدَ أَوَّلَ رَمَضَانَ مِنْ شَعْبَانَ يَكُفُّ وَيَقْضِي وَإِنْ أَكَلَ بَعْدَ عِلْمِهِ لَمْ يُكَفِّرْ إِلَّا أَنْ يَفْعَلَهُ مُنْتَهِكًا وَهُوَ يَعْلَمُ مَا يَلْزَمُ الْمُنْتَهِكَ أَمَّا الْإِمْسَاكُ فَلِقَوْلِهِ {فَمن شهد مِنْكُم الشَّهْر فليصمه} فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الْإِمْسَاكِ صَوْمًا شَرْعِيًّا وَلَمَّا بَطَلَ كَوْنُهُ شَرْعِيًّا أَيْضًا بَقِيَ الْأَصْلُ الْإِمْسَاكُ وَفِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّ أَسْلَمَ أَتَوْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ أَصُمْتُمْ يَوْمَكُمْ هَذَا فَقَالُوا لَا فَقَالَ أَتِمُّوا بَقِيَّةَ يَوْمِكُمْ وَاقْضُوا وَأَمَّا الْقَضَاءُ فَعَلَيْهِ إِنْ أَكَلَ أَوْ لَمْ يَأْكُلْ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ فِي الْمَبْسُوطِ وَ (ح) يَكُفُّ وَيُجْزِئُهُ لِأَنَّ شُهُودَ الْهِلَالِ سَبَبُ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ وَلَمْ يَتَأَتَّ لَهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ تَوْقِيتًا بِالسَّبَبِ الثَّانِي أَنَّ النِّيَّةَ وَاجِبَةٌ لِرَمَضَانَ وَيَمْنَعُ إِذَا تَعَيَّنَ الصَّوْمُ وَكَانَ مُقِيمًا صَحِيحًا لَنَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي النَّسَائِيِّ لَا صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يُبَيِّتِ الصِّيَامَ مِنَ اللَّيْلِ وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ الْمُسَافِرُ وَالْمَرِيضُ وَالْقَاضِي قَالَ سَنَدٌ وَلَا تَصِحُّ عِنْدَ مَالِكٍ وَ (ش) إِلَّا مِنْ لَيْلَتِهِ لَا قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا وَقَالَ (ح) تجزيء قَبْلَ الزَّوَالِ فِي كُلِّ مُعَيَّنٍ كَرَمَضَانَ وَالنَّذْرِ وَشِبْهِهِ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ ... إِذَا لَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ بَعْدَ الصَّبَاحِ ثُمَّ تَحَقَّقَ رَمَضَانُ أَمْسَكَ وَأَجْزَأَهُ وَلَا يَقْضِي لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَعَثَ إِلَى أَهْلِ الْعَوَالِي يَوْمَ عَاشُورَاءَ أَنَّ مَنْ أَكَلَ مِنْكُمْ فَيُمْسِكُ بَقِيَّةَ نَهَارِهِ وَمَنْ لَمْ يَأْكُلْ فَلْيَصُمْ وَجَوَابُهُ مَنْعُ وُجُوبِ

الْيَوْمِ وَلَيْسَ فِيهِ عَدَمُ تَقَدُّمِ النِّيَّةِ لَنَا أَنَّ النِّيَّةَ شَرْطٌ لِمَا تَقَدَّمَ وَتَقَدُّمُ بَعْضِ الْمَشْرُوطِ عَلَى الشَّرْطِ مُحَالٌ وَقَالَ (ح) يَكْفِي مُطْلَقُ النِّيَّةِ فِي رَمَضَانَ فِي الْحَضَرِ وَفِي كُلِّ صَوْمٍ مُعَيَّنٍ حَتَّى لَوْ نَوَى التَّطَوُّعَ وَقَعَ فَرْضًا لِحُصُولِ التَّعْيِينِ بِالزَّمَنِ وَقِيَاسًا عَلَى طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْحَجَّ صَعْبٌ صَحَّ فِيهِ وَلِذَلِكَ لَمْ يُشْرَعْ فِي الْعُمْرِ إِلَّا مَرَّةً وَالْمُعَارَضَةُ بِالْقِيَاسِ عَلَى الصَّلَاةِ تَمْهِيدٌ قَدْ تَقَدَّمَتْ فِي الطَّهَارَةِ مَبَاحِثُ وَأَنَّهَا إِنَّمَا شُرِعَتْ لِتَمْيِيزِ الْعِبَادَاتِ عَنِ الْعَادَاتِ أَوْ لِتَمَيُّزِ مَرَاتِبِ الْعِبَادَاتِ فِي نَفْسِهَا فَمَتَى حَصَلَ التَّمْيِيزُ اسْتُغْنِيَ عَنْهَا وَهَذَا الشَّرْطُ هُوَ الَّذِي لَاحَظَ التَّمْيِيز حَاصِلٌ لِهَذِهِ الْعِبَادَةِ بِزَمَانِهَا وَلَا تَقَعُ إِلَّا عَلَى وَجْهٍ وَاحِدٍ يَتَعَيَّنُ زَمَانُهُ فَلِذَلِكَ حَصَلَ الِاتِّفَاقُ عَلَى تَعْيِينِ النِّيَّةِ وَالْأَظْهَرُ اسْتِمْرَارُ إِبْقَاءِ زَمَانِهَا إِلَى الْفَجْرِ لِأَنَّ الْأَصْلَ مُقَارَنَةُ النِّيَّةِ لِأَوَّلِ أَجْزَاءِ الْمَنْوِيِّ وَقِيلَ تَتَقَدَّمُ قَبْلَ الْفَجْرِ وتجزئ لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يُبَيِّتِ الصِّيَامَ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا تُعَادُ بِالنَّوْمِ وَالْأَكْلِ بَعْدَهَا خِلَافًا لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ من الْفجْر} وَيَكْفِي فِي رَمَضَانَ نِيَّةٌ وَاحِدَةٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْن حَنْبَل خلافًا ل (ح وش) لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فليصمه} يَقْتَضِي صَوْمَهُ لَيْلًا وَنَهَارًا وَأَنَّهُ عِبَادَةٌ وَاحِدَةٌ تُجْزِي بِنِيَّةٍ وَاحِدَةٍ خُصِّصَ اللَّيْلُ وَبَقِيَ مَا عداهُ على الأَصْل وَلقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يُبَيِّتِ الصِّيَامَ مِنَ اللَّيْلِ وَمُقْتَضَاهُ إِجْزَاءُ رَمَضَانَ بِنِيَّةٍ وَاحِدَةٍ لِعُمُومِ الْأَلِفِ وَاللَّامِ خُصِّصَ مَا عَدَا الشَّهْرَ بِالْإِجْمَاعِ فَيبقى الشَّهْر

تَمْهِيدٌ الْمَنَوِيُّ ثَلَاثَةٌ عِبَادَةٌ مُتَّحِدَةٌ لَا يَتَخَلَّلُهَا شَيْءٌ تَكْفِي فِيهَا نِيَّةٌ وَاحِدَةٌ إِجْمَاعًا وَعِبَادَةٌ يُمْكِنُ أَنْ يَتَخَلَّلَهَا غَيْرُهَا مِنْ جِنْسِهَا وَغَيْرِ جِنْسِهَا فَتَتَعَدَّدُ نِيَّاتُهَا اتِّفَاقًا وَعِبَادَةٌ يُمْكِنُ أَنْ يَتَخَلَّلَهَا غَيْرُ جِنْسِهَا فَقَطْ كَأَيَّامِ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ يَتَخَلَّلُهَا الصَّلَاةُ وَالذِّكْرُ دُونَ الصَّوْمِ فَأَشْبَهَتِ الْعِبَادَةَ الْوَاحِدَةَ مِنْ جِهَةِ عَدَمِ تَخَلُّلِ الْجِنْسِ وَالْعِبَادَاتِ مِنْ جِهَةِ تَخَلُّلِ غَيْرِ الْجِنْسِ فَالشَّبَهَانِ مَنْشَأُ الْخِلَافِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَأَلْحَقَ مَالِكٌ الصَّوْمَ الْمُتَتَابِعَ بِرَمَضَانَ بِجَامِعِ التَّتَابُعِ وَفِي الْجَوَاهِرِ وَكَذَلِكَ مِنْ شَأْنِهِ سَرْدُ الصَّوْمِ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ ذَلِكَ اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ التَّجْدِيدُ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ فِيمَا لَا تَجِبُ مُتَابَعَتُهُ كَصَوْمِ الْمُسَافِرِ وَمَا لَا تَجِبُ مُتَابَعَتُهُ كَصَوْم الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيس ثَلَاثَة أَقْوَال ثَالِثهَا يجزيء فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي قَالَ سَنَدٌ وَإِذَا سَافَرَ فِي رَمَضَانَ فَفِي احْتِيَاجِهِ لِتَبْيِيتِ النِّيَّةِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ قَوْلَانِ وَفِي التَّلْقِينِ لَا تَنْقَطِعُ نِيَّتُهُ بِطُرُوِّ السَّفَرِ لِأَنَّهَا وَقَعَتْ وَقْتَ التَّحَتُّمِ وَتَنْقَطِعُ إِذَا وَقَعَتْ فِي السَّفَرِ وَطَرَأَتِ الْإِقَامَةُ لِوُقُوعِهَا حَالَةَ عَدَمِ التَّحَتُّمِ وَإِذَا سَهَا عَنِ الصَّوْمِ الْمُتَتَابِعِ وَأَصْبَحَ يَنْوِي الْفِطْرَ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ صَحَّ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا تُجْزِيهِ كَمَنْ خَرَجَ مِنْ فَرْضِ الصَّلَاةِ إِلَى نَفْلِهَا وَالْحَيْضُ يُوجِبُ تَجْدِيدَ النِّيَّةِ لِأَنَّهَا تُبْطِلُ الْفِعْلِيَّةَ فَأولى الْحِكْمِيَّةَ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا نَوَى بِرَمَضَانَ أَدَاءَ الْحَاضِرِ وَقَضَاءَ الْخَارِجِ أَجزَأَهُ وَعَلِيهِ قَضَاء الآخر وَقَالَهُ (ح وش) وَلَوْ نَوَى بِحَجَّتِهِ نَذْرَهُ وَفَرْضَهُ أَجْزَأَهُ لِنَذْرِهِ وَقَضَاءِ فَرْضِهِ لِأَنَّهُ أَوْجَبَهَا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ اخْتُلِفَ فِي كَسْرِ الْخَاءِ مِنَ الْآخَرِ وَفَتْحِهَا وَالْفَتْحُ الصَّوَابُ وَالْفَرْقُ أَنَّ رَمَضَانَ شَهْرٌ وَقَدْ عَيَّنَهُ الشَّرْعُ لِلْحَاضِرِ فَيَكُونُ الْقَصْدُ لِلْآخَرِ قَصْدًا لِلْمُحَالِ الْمُسْتَحِيلِ وَالْحَجُّ عَلَى التَّرَاخِي وَيَكُونُ عَلَيْهِ الْإِطْعَامُ لِتَأْخِيرِ الْقَضَاءِ وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ لَا إِطْعَامَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَحُلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَضَاءِ صَوْمٌ وَإِذَا صَامَ رَمَضَانَ وَشَعْبَانَ عَنْ ظِهَارِهِ لَا يُجْزِئُهُ رَمَضَانُ لِفَرْضِهِ وَلَا لِظِهَارِهِ

وَالْفَرْقُ أَنَّهُ ههُنَا صَامَهُ عَنْ جِنْسِهِ وَأَجْزَأَهُ لِتَقَارُبِهِمَا بِخِلَافِ الظِّهَارِ قَالَ سَنَدٌ حُجَّةُ الْإِجْزَاءِ عَنِ الْخَارِجِ أَنَّ الصَّوْمَيْنِ فِي الذِّمَّةِ وَالْمُكَلَّفُ هُوَ الْمُعَيَّنُ كَالدُّيُونِ إِلَّا أَنَّ أَحَدَهُمَا عُيِّنَ لَهُ الزَّمَانُ وَمَعَ ذَلِكَ فَهُوَ قَابِلٌ لَهُمَا كَوَقْتِ الصَّلَاةِ إِذَا ضَاقَ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ لَهَا وَيَصِحُّ فِيهِ غَيْرُهَا مِنَ الصَّلَاةِ وَإِذَا قَبِلَهُمَا فأولاهما بِالْقضَاءِ أوجبهما وَقَالَ اشهب لَا يجزيء عَن وَاحِد مِنْهَا لِأَنَّهُ لَا يجزيء عَلَيْهِمَا إِجْمَاعًا وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنَ الْآخَرِ فَقِيَاسًا عَلَى مَا إِذَا أَحْرَمَ لِحَاضِرَةٍ وَفَائِتَةٍ عَنْ نَذْرِهِ وَفَرْضِهِ لَمْ يُجْزِهِ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِأَن رمضاان لَا يُقْبَلُ غَيْرُهُ وَهُوَ لَمْ يَبْقَ وَقَالَهُ (ش) وَحَيْثُ قُلْنَا لَا يُجْزِيهِ عَنْ فَرْضِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ فِي فَرْضِهِ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ يُكَفِّرُ كَفَّارَةَ الْمُتَعَمِّدِ الرَّابِعُ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ مَنْ رَفَضَ صِيَامَهُ أَوْ صَلَاتَهُ كَانَ رَافِضًا بِخِلَافِ رَفْضِ الْإِحْرَامِ وَالْوُضُوءِ بَعْدَ كَمَالِهِ أَوْ فِي خِلَالِهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ النِّيَّةَ مُرَادَةٌ لِلتَّمْيِيزِ وَالْحَجُّ وَالْوُضُوءُ مُمَيَّزَانِ بِمَكَانَيْهِمَا الْمُتَعَبَّدِ بِهِمَا وَالصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ لَمْ يُعَيَّنْ لَهُمَا مَكَانٌ فَكَانَ احْتِيَاجُهُمَا إِلَى النِّيَّةِ أَقْوَى وَأَثَّرُ الرَّفْضُ فِيهِمَا الْخَامِسُ فِي الْكِتَابِ النَّهْيُ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ أَوَّلَ رَمَضَانَ وَقَالَهُ (ح وش) خِلَافًا لِابْنِ حَنْبَلٍ لِلتَّرَدُّدِ فِي النِّيَّةِ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَصُومُهُ احْتِيَاطًا لَنَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا إِشْكَالَانِ الْأَوَّلُ مَنْ شَكَّ فِي الْفَجْرِ لَا يَأْكُلُ وَمَنْ شَكَّ فِي رَمَضَانَ لَا يَصُومُ فَمَا الْفَرْقُ؟ الثَّانِي أَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الْفِعْلَ إِذَا دَارَ بَيْنَ الْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ فُعِلَ كَمَا أَنه إِذا

دَارَ بَيْنَ التَّحْرِيمِ وَالْكَرَاهَةِ تُرِكَ وَهَذَا دَارَ بَيْنَ الْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ مِنْ رَمَضَانَ فَوَاجِبٌ أَوْ إِنْ كَانَ مِنْ شَعْبَانَ فَمَنْدُوبٌ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ رَمَضَانَ عِبَادَةٌ وَاحِدَةٌ وَإِنَّمَا الْأَكْلُ بِاللَّيْلِ رُخْصَةٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {من شهد مِنْكُم الشَّهْر فليصمه} وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْجَمِيعِ وَالْأَصْلُ فِي اللَّيْلِ الصَّوْمُ وَفِي شَعْبَانَ الْفِطْرُ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ دَائِرٌ بَيْنَ التَّحْرِيمِ وَالنَّدْبِ فَيَتَعَيَّنُ التَّرْكُ إِجْمَاعًا لِأَن النِّيَّة الجازمة شَرط وَهِي هَهُنَا مُتَعَذِّرَةٌ وَكُلُّ قُرْبَةٍ بِدُونِ شَرْطِهَا فَفِعْلُهَا حَرَامٌ فَإِنْ كَانَ صَوْمُهُ مِنْ رَمَضَانَ فَهُوَ حَرَامٌ لِعَدَمِ شَرْطِهِ أَوْ مِنْ شَعْبَانَ فَهُوَ مَنْدُوبٌ قَالَ سَنَدٌ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ الْأَكْلُ فِيهِ وَكَرِهَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ مَعَ الْغَيْمِ وَإِنْ صَامَهُ احْتِيَاطًا وَوَافَقَ رَمَضَانَ لَمْ يُجْزِهِ عِنْدَ مَالِكٍ لِعَدَمِ تَعْيِينِ النِّيَّةِ خِلَافًا لِ ح عَلَى أَصْلِهِ فِي النِّيَّةِ وَلَا يُكْرَهُ صَوْمُهُ إِذَا وَافَقَ عَادَتَهُ خِلَافًا لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي ابي دَاوُود لَا تُقَدِّمُوا شَهْرَ رَمَضَانَ بِيَوْمٍ وَلَا بِيَوْمَيْنِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ صَوْمًا يَصُومُهُ رَجُلٌ فَلْيَصُمْ ذَلِكَ وَلَا يُكْرَهُ صَوْمُهُ تَطَوُّعًا خِلَافًا لِمُحَمَّدِ ابْن مَسْلَمَةَ لِجَزْمِ النِّيَّةِ وَالنَّهْيُ إِنَّمَا وَرَدَ أَنْ يَكُونَ مِنْ رَمَضَانَ لِعَدَمِ الْجَزْمِ وَقَالَ أَبُو الطَّاهِرِ صَوْمُهُ تَطَوُّعًا مَكْرُوهٌ لِمُوَافَقَةِ أَهْلِ الْبِدَعِ وَصَوْمُهُ احْتِيَاطًا مَنْهِيٌّ عَنْهُ عَلَى نُصُوصِ الْمَذْهَبِ وَاسْتَقْرَأَ اللَّخْمِيُّ وَجُوبَهُ مِنْ أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي وُجُوبِ الْإِمْسَاكِ عَلَى مَنْ شَكَّ فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ وَفِي أَحَدِ الْأَقْوَالِ فِي الْحَائِضِ تَتَجَاوَزُ عَادَتَهَا تَصُومُ وَتَقْضِي قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ السَّادِسُ فِي الْكِتَابِ إِذَا الْتَبَسَتِ الشُّهُورُ عَلَى الْأَسِيرِ فَصَامَ شَهْرًا يَظُنُّهُ رَمَضَانَ إِنْ صَادَفَ قَبْلَهُ لَمْ يُجْزِهِ لِكَوْنِهِ قَبْلَ سَبَبِ الْوُجُوبِ كَالظُّهْرِ قَبْلَ الزَّوَالِ أَوْ بَعْدَهُ أَجْزَأَهُ لِكَوْنِهِ قَضَاءً كَالظُّهْرِ بَعْدَ الْغُرُوبِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ الْبَاجِيُّ يَتَخَرَّجُ الصَّوْمُ بَعْدَهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي إِجْزَاءِ الْأَدَاءِ عَنِ الْقَضَاءِ كَمَا لَوْ مَضَتْ لَهُ شُهُورٌ فَكَانَ صَوْمُهُ فِي شَعْبَانَ قَالَ سَحْنُونٌ يَقْضِي شَهْرًا وَاحِدًا وَقِيلَ الشُّهُورُ كُلُّهَا لِاخْتِلَافِ الْأَئِمَّةِ قَالَ وَالتَّخْرِيجُ بَاطِلٌ وَلَا يُعْرَفُ خِلَافٌ فِي إِجْزَاءِ الْأَدَاءِ عَنِ

الْقَضَاءِ وَإِنَّمَا مَنَعَ الْإِجْزَاءَ أَنَّهُ لَمْ يَنْوِ بِالثَّانِي قَضَاءَ الْأَوَّلِ وَلَا أَدَاءَهُ فَلَمْ تَرْتَبِطْ بِهِ النِّيَّة فَلَا يجزيء كَمَا لَوْ صَلَّى الْأَعْمَى الظُّهْرَ قَبْلَ الزَّوَالِ أَيَّامًا لَمْ يَكُنِ الثَّانِي قَضَاءً عَنِ الْأَوَّلِ لِعَدَمِ ارْتِبَاطِهِ بِهِ قَضَاءً وَلَا أَدَاءً وَإِنَّمَا قِيلَ لِمَشَقَّةِ الصَّوْمِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَوِ اسْتَمَرَّ الْأَسِيرُ سِنِينَ مُتَوَالِيَةً يَصُومُ قَبْلُ قَضَى الْجَمِيعَ عَلَى الْمَشْهُورِ قَالَ سَنَدٌ فَلَوْ صَادَفَ شَوَّالًا أَوْ ذَا الْحِجَّةِ فَإِنْ كَانَ رَمَضَانُ ثَلَاثِينَ وَشَوَّالٌ ثَلَاثِينَ قَضَى يَوْمًا أَوْ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ قَضَى يَوْمَيْنِ وَإِنْ كَانَ رَمَضَانُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ وَشَوَّالٌ ثَلَاثِينَ لَمْ يَقْضِ شَيْئًا وَلَا يُعِيدُ فِي النَّحْرِ لِيَوْمِ النَّحْرِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَيَعْمَلُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَأَلْزَمَهُ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ قَضَاءَ يَوْمَيْنِ مِنْ شَوَّالٍ إِنْ كَانَ قَضَاءً أَوْ يَوْمًا إِنْ كَانَ أَدَاءً وَلَمْ يَعْتَبِرْ رَمَضَانَ وَكَذَلِكَ فِي النَّحْرِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ مَنْ أَفْطَرَ رَمَضَانَ كُلَّهُ لِعُذْرٍ قَضَى شَهْرًا تَامًّا وَالشَّهْرُ الْأَوَّلُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أخر} بِخِلَافِ مَنْ عَلَيْهِ نَذْرٌ مُطْلَقٌ تَنَاوَلَ لَفْظَ الشَّهْرِ مِنَ الْهِلَالِ إِلَى الْهِلَالِ وَلَوْ لَمْ يَتَرَجَّحْ عِنْدَ الْأَسِيرِ شَيْءٌ قِيلَ يَصُومُ السَّنَةَ كمن نذر يَوْمًا ونسيه فَقيل يَصُومُ الْجُمُعَةَ وَقِيلَ وَمَنْ خَفِيَ عَلَيْهِ جِهَةُ الْقِبْلَةِ صَلَّى أَرْبَعَ صَلَوَاتٍ وَالْحَقُّ أَلَّا يَلْزَمَهُ شَيْءٌ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ السَّبَبِ وَالْفَرْقُ أَنَّ رَمَضَانَ يَجُوزُ فِطْرُهُ لِلْعُذْرِ وَهَذَا مَعْذُورٌ حَتَّى يَطَّلِعَ وَالنَّذْرُ لَا يَجُوزُ فِطْرُهُ مَعَ الْقُدْرَةِ وَكَذَلِكَ التَّوَجُّهُ لِلْبَيْتِ وَلَوْ تَحَرَّى شَهْرًا فَلَمَّا قَدِمَ نَسِيَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُعِيدُ كُلَّ حَتَّى يَتَيَقَّنَ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ

(الباب الثالث في حقيقته)

(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي حَقِيقَتِهِ) وَهِيَ الْإِمْسَاكُ عَنْ دُخُولِ كُلِّ (مَا) يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ غَالِبًا مِنَ الْمَنَافِذِ الْمَحْسُوسَةِ كَالْفَمِ وَالْأَنْفِ وَالْأُذُنِ إِلَى الْمعدة والإخراج كالجماع والاستمتاع وَالِاسْتِسْقَاء عَلَى الْخِلَافِ وَمَا يَجْرِي فِي ذَلِكَ يَكُونُ فِي أَحَدَ عَشَرَ فَرْعًا الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ الْقُبْلَةُ وَالْمُبَاشَرَةُ وَفِي الصَّحِيحِ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ ثُمَّ تَقُولُ (وَأَيُّكُمْ أَمْلَكُ) لِنَفْسِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَيُرْوَى أَرْبِهِ بِفَتْحِ الْأَلِفِ وَبِكَسْرِ الْأَلِفِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ وَكِلَاهُمَا حَاجَةُ النَّفْسِ قَالَ سَنَد وخصص (ح وش) وَالْقَاضِي الْحُرْمَةَ بِمَنْ تُحَرِّكُ الْقُبْلَةُ شَهْوَتَهُ وَالْمَذْهَبُ التَّسْوِيَةُ كَالِاعْتِكَافِ وَالْإِحْرَامِ وَالْكَرَاهَةُ تَحْرِيمٌ (عِنْدَ) الْقَاضِي وَتَنْزِيهٌ عِنْدَ غَيْرِهِ فَإِنْ أَنْزَلَ فَفِي الْكِتَابِ عَلَيْهِ الْقَضَاء وَالْكَفَّارَة وَأسْقط الْكَفَّارَة (ش وح) لِقُصُورِهِ عَنِ الْجِمَاعِ عَلَى قَصْدِ الْإِفْسَادِ وَفِي الْكِتَابِ لَوْ بَاشَرَ فَأَمْذَى أَوْ أَنْعَظَ أَوِ الْتَذَّ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَإِلَّا فَلَا وَأَسْقَطَ (ح وش) الْقَضَاءَ فِي الْمَذْيِ لِكَوْنِهِ كَالْبَوْلِ لِإِيجَابِ الْوُضُوءِ وَالْإِجْمَاعُ عَلَى عَدَمِ إِيجَابِهِ الْكَفَّارَةَ وَجَوَابُهُ الْقِيَاسُ عَلَى الْمَنِيِّ بِجَامِعِ اللَّذَّةِ وَأَمَّا عَدَمُ الْكَفَّارَةِ فَلِأَنَّ سُنَّتَهَا قَصْدُ الْإِفْسَادِ وَلَمْ يُوجَدْ قَالَ سَنَدٌ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وُجُوبُ الْقَضَاءِ وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ خِلَافٌ فِي عَدَمِ تَحْرِيمِ الْمُبَاشَرَةِ لِلْإِنْسَانِ امْرَأَتَهُ بَعْدَ الْفَجْرِ فَلَوْ نَظَرَ بلذة

فَأَنْزَلَ قَالَ مَالِكٌ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِلَّا أَنْ يُدِيمَ النَّظَرَ بِلَذَّةٍ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ بِالْإِنْزَالِ وَإِنْ لَمْ يُتَابِعْ كَالْقُبْلَةِ وَأَسْقَطَ (ح وش) الْقَضَاءَ وَالْكَفَّارَةَ فَلَوْ نَظَرَ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ فَأَمْذَى قَالَ مَالِكٌ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَأَسْقَطَهُ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا الْتَذَّ وَأَوْجَبَهُ إِذَا أَمْذَى وَلَوْ تَذَكَّرَ فَأَمْذَى فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا لَمْ يُدِمِ الْفِكْرَ وَالنَّظَرَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيُكْرَهُ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِنِ احْتَقَنَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ فَقَطْ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْإِشْرَافِ لَا يُفْطِرُ كَمَا أَنَّ اللَّبَنَ إِذَا وُضِعَ فِي الدُّبُرِ لَا يُحَرَّمُ لَنَا أَنَّ الْحُقْنَةَ فِي الْأَمْعَاءِ وَالْكَبِدِ تَجْذِبُ مِنَ الْأَمْعَاءِ كَمَا تَجْذِبُ مِنَ الْمَعِدَةِ فَتُفْطِرُ وَأَمَّا الْإِرْضَاعُ فَلِأَنَّ الْحُكْمَ مُتَعَلِّقٌ بِوَصْفِهِ نِيَّة لِأَنَّ اللَّبَنَ لَوِ اسْتُهْلِكَ بِطَعَامٍ لَا يُحَرَّمُ مَعَ إِغْذَائِهِ الثَّالِثُ كَرِهَ فِي الْكِتَابِ السَّعُوطَ وَقَالَ إِذَا وَصَلَ الْكُحْلُ فِي الْعَيْنِ أَوِ الدُّهْنُ فِي الْأُذُنِ إِلَى الْحَلْقِ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ فَقَطْ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا وَجَدَ طَعْمَ الدُّهْنِ الْمَوْضُوعِ عَلَى رَأْسِهِ فِي حَلْقِهِ أَفْطَرَ وَقَالَ أَبُو مُصْعَبٍ لَا يُفْطِرُ بِالْكُحْلِ وَكَرِهَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ قَالَ سَنَدٌ يُكْرَهُ كُلُّ مَا لَا يُؤْمَنُ وُصُولُهُ إِلَى الْجَوْفِ وَلَا يُفْطِرُ مَا وَصَلَ إِلَى الدِّمَاغِ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ مُحْتَجِّينَ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ مَا لَمْ تَكُنْ صَائِمًا وَجَوَابُهُ حُذِرَ الْوُصُولُ إِلَى الْجَوْفِ وَيُعَضِّدُهُ أَنَّ التَّحْرِيمَ إِنَّمَا يَتَنَاوَلُ شَهْوَتَيِ الْفَمِ وَالْفَرْجِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَض} بَقِيَ مَا عَدَا ذَلِكَ عَلَى الْأَصْلِ وَإِلَّا فَالْجَسَدُ يَتَغَذَّى مِنْ خَارِجِهِ بِالدُّهْنِ وَغَيْرِهِ وَلَا يفْطر إِجْمَاعًا

الرَّابِعُ مَنْ تَبَخَّرَ لِلدَّوَاءِ فَوَجَدَ طَعْمَ الدُّخَانِ فِي حلقه يقْضِي الصَّوْم بِمَنْزِلَة وجد ان الْكُحْلِ فِي الْعَيْنِ فِي الْحَلْقِ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ لُبَابَةَ يُكْرَهُ اسْتِنْشَاقُ الْبَخُورِ فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يُفْطِرْ وَفِي التَّلْقِينِ يَجِبُ الْإِمْسَاكُ عَنِ الشُّمُومِ وَلَمْ يُفَصِّلْ قَالَ سَنَدٌ وَلَوْ حَكَّ الْحَنْظَلَ تَحْتَ قَدَمَيْهِ فَوَجَدَ طَعْمَهُ فِي حَلْقِهِ أَوْ قَبَضَ عَلَى الثَّلْجِ فَوَجَدَ بَرَدًا فِي جَوْفِهِ لَمْ يُفْطِرْ وَأَبَاحَ مُطَرِّفٌ الْكُحْلَ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ الْإِثْمِدَ وَإِذَا قُلْنَا بِالْقَضَاءِ فَسَوَّى أَشْهَبُ بَيْنَ الْوَاجِبِ بِالنَّذْرِ وَغَيْرِهِ وَبَيْنَ التَّطَوُّعِ وَخَصَّصَهُ ابْنُ حَبِيبٍ بِالْوَاجِبِ وَالْمَنْعُ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ إِنَّمَا هُوَ بِالنَّهَارِ أَمَّا إِذَا جُعِلَتْ بِاللَّيْلِ فَلَا يَضُرُّ هُبُوطُهَا بِالنَّهَارِ اعْتِبَارًا بِمَا يُقْطَرُ مِنَ الرَّأْسِ مِنَ الْبَلْغَمِ الْخَامِسُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ لَا أَرَى فِي الإحليل شَيْئا وَلَا وَوَافَقَهُ (ح) وَابْنُ حَنْبَلٍ خِلَافًا لِ (ش) لَنَا أَنَّ الْكَبِدَ لَا يَجْذِبُ مِنَ الذَّكَرِ وَلَا مِنْ بِخِلَافِ الْحُقْنَةِ وَكَذَلِكَ ذُو الْجَائِفَةِ لَا يَصِلُ إِلَى الْكَبِدِ السَّادِسُ كَرِهَ فِي الْكِتَابِ الْحِجَامَةَ فَإِنْ فَعَلَ وَسَلِمَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَالَهُ (ح وش) وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ يُفْطِرُ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أفطر الحاجم والمحجوم وَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ يَحْتَمِلُ الْأَوَّلُ أَنَّهُمَا كَانَا يَغْتَابَانِ فَسَمَّاهُمَا مُفْطِرَيْنِ بِذَهَابِ الْأَجْرِ أَوْ أَنَّ الْحَاجِمَ وَجَدَ طَعْمَ الدَّمِ وَالْمَحْجُومَ عَجَزَ عَنِ الصَّوْمِ أَوْ مَرَّ بِهِمَا آخِرَ النَّهَارِ فَكَأَنَّهُ عَذَرَهُمَا أَوْ دَعَا عَلَيْهِمَا السَّابِعُ كَرِهَ فِي الْكِتَابِ ذَوْقَ الْأَطْعِمَةِ وَوَضْعَ الدَّوَاءِ فِي الْفَمِ وَوَضْعَ الْعِلْكَ وَالطَّعَامِ لِلصَّبِيِّ أَوْ غَيْرِهِ قَالَ سَنَدٌ فَإِنْ وَجَدَ طَعْمَهُ فِي حَلْقِهِ وَلَمْ يَتَيَقَّنِ الِازْدِرَادَ فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ إِفْطَارُهُ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ وَقَاسُوا الطَّعْمَ عَلَى الرَّائِحَةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الرَّائِحَةَ لَا تَسْتَصْحِبُ مِنَ الْجِسْمِ شَيْئًا بِخِلَافِ الطَّعْمِ

السَّابِع فِي الْكِتَابِ إِذَا بَلَعَ فِلْقَةَ حَبَّةٍ بَيْنَ أَسْنَانِهِ أَوْ عَبَرَ حَلْقَهُ ذُبَابٌ لَا يَضُرُّهُ لتعذر الِاحْتِرَاز من ذَلِك وَقَالَهُ (ش وح) قَالَ سَنَدٌ وَفَطَّرَهُ سَحْنُونٌ بِالذُّبَابِ وَأَشْهَبُ بِالْفِلْقَةِ وَفِي كِتَابِ ابْنِ مُصْعَبٍ إِنْ كَانَ سَاهِيًا فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَإِلَّا فَالْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ السَّهْوِ وَالْعَمْدِ عَلَى الْمَذْهَبِ لِأَنَّ الْفَمَ قَدِ اسْتَهْلَكَ مَا فِيهِ فَصَارَ كَالرِّيقِ وَفَطَّرَهُ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ وَأَمَّا الْخُبْزُ الْمُتَمَيِّزُ وَاللَّحْمُ فَيُفْسِدُ الصَّوْمَ عِنْدَهُ الثَّامِنُ قَالَ سَنَدٌ فَإِنِ ابْتَلَعَ مَا لَا يُغَذِّي كَالْحَصَاةِ قَالَ سَحْنُونٌ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ إِنْ تَعَمَّدَهُ وَإِلَّا فَالْقَضَاءُ فَقَطْ لِأَنَّهُ يُثْقِلُ الْمَعِدَةَ وَيَكْسِرُ سَوْرَةَ الْجُوعِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا شَيْءَ فِي سَهْوِهِ وَفِي عَمْدِهِ الْكَفَّارَةُ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ لَا يُفْطِرُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ لَيْسَ طَعَامًا وَلَا شَرَابًا وَقَالَ مَالِكٌ يُفْطِرُ وَلَا يُكَفِّرُ مُطْلَقًا فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ وَغُبَارُ الطَّرِيقِ لَا يُفْطِرُ لِضَرُورَةِ الْمُلَابَسَةِ وَاخْتُلِفَ فِي غُبَارِ الدَّقِيقِ لِأَهْلِ صَنْعَتِهِ فَاعْتَبَرَهُ أَشْهَبُ وَأَلْغَاهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَفِي الْجَوَاهِرِ اخْتُلِفَ فِي غُبَارِ الْجَبَّاسِينِ أَوْلَى بِعَدَمِ الْإِفْطَارِ 0 التَّاسِعُ فِي الْكِتَابِ إِنْ سَبَقَهُ الْقَيْءُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ تَقَيَّأَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي أبي دَاوُود مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ وَهُوَ صَائِمٌ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ وَإِنِ اسْتَقَاءَ فَلْيَقْضِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الِاسْتِقَاءَ يَتَعَلَّقُ بِاللَّهَوَاتِ ثُمَّ يَرْجِعُ فَيَصِيرُ كَالْأَكْلِ مُخْتَارًا وَفِي الْجُلَّابِ الْقَضَاءُ مُسْتَحَبٌّ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي لَاسْتَوَى مُخْتَارُهُ وَغَالِبُهُ كَالْأَكْلِ وَالْجِمَاعِ إِذَا أُكْرِهَ عَلَيْهِمَا وَالْفَرْقُ مَا لِلنَّفْسِ فِيهِمَا مِنَ الْحَظِّ بِخِلَافِهِ بِشَهْوَتَيِ الْفَمِ وَالْفَرْجِ قَالَ سَنَدٌ وَأَوْجَبَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ فِي عَمْدِهِ الْكَفَّارَةَ وَهَذَا الْخِلَافُ إِذَا لَمْ يَزْدَرِدْ مِنْهُ شَيْئًا أَمَّا لَوِ ازْدَرَدَ مُتَعَمِّدًا قَالَ سَحْنُونٌ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ كَانَ بَلْغَمًا أَوْ طَعَامًا وَالْخِلَافُ هَهُنَا مِثْلُ الْخِلَافِ فِي الْعَلَقَةِ يَبْتَلِعُهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ رَوَى أَبُو أُوَيْسٍ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَإِنْ لَمْ يَزْدَرِدْ شَيْئًا قَالَ سَنَدٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَ ذَرْعِ الْقَيْءِ مِنْ عِلَّةٍ أَوِ امْتِلَاءِ قَلِيلِهِ أَوْ كَثِيرِهِ تَغَيَّرَ أَمْ لَا وَالْقَلْسُ كَالْقَيْءِ وَهُوَ مَا يَصْعَدُ مِنْ فَمِ الْمَعِدَةِ عِنْدَ

امْتِلَائِهَا فَإِنْ بَلَغَ إِلَى فِيهِ فَأَمْكَنَ طَرْحُهُ وَلَمْ يَفْعَلْ قَالَ مَالِكٌ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ فِي سَهْوِهِ وَالْكَفَّارَةُ فِي جَهْلِهِ وَعَمْدِهِ وَرَجَعَ مَالِكٌ إِلَى الْقَضَاءِ فَإِنْ خَرَجَ الْبَلْغَمُ مِنَ الصَّدْرِ أَوِ الرَّأْسِ بِالتَّنَخُّمِ مِنْ طَرَفِ لِسَانِهِ قَالَ سَحْنُونٌ عَلَيْهِ فِي سَهْوِهِ الْقَضَاءُ وَأَسْقَطَهُ ابْنُ حَبِيبٍ إِلْحَاقًا بِالرِّيقِ وَلَوْ جَمَعَ رِيقَهُ فِي فَمِهِ ثُمَّ بَلَعَهُ قَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ لَا يُفْطِرُ كَقَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُفْطِرُ كَقَوْلِ سَحْنُونٍ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَوِ ابْتَلَعَ دَمًا خَرَجَ مِنْ سِنِّهِ قِيلَ لَا يُفْطِرُ الْعَاشِرُ إِذَا سَبَقَهُ الْمَاءُ مِنَ الْمَضْمَضَةِ يَقْضِي فِي الْوَاجِبِ دُونَ التَّطَوُّعِ قَالَ سَنَدٌ لَا تُكْرَهُ الْمَضْمَضَةُ لِلْحَرِّ وَالْعَطَشِ وَلَا لِغَيْرِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا تُكْرَهُ الْمُبَالَغَةُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مُدَاوَاةِ الْحَفْرِ أَنَّ الْمَاءَ لَا يَعْلَقُ بِخِلَافِ الدَّوَاءِ وَكَرِهَ مَالِكٌ غَمْسَ الرَّأْسِ فِي الْمَاءِ لِلتَّغْرِيرِ بِالدُّخُولِ فِي الْأَنْفِ أَوِ الْفَمِ فَإِنْ غَلَبَهُ قَالَ أَشْهَبُ يَقْضِي فِي الْوَاجِبِ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الْكِتَابِ يَسْتَاكُ فِي جُمْلَةِ النَّهَارِ إِلَّا بِالْأَخْضَرِ وَقَالَهُ (ح) وَقَالَ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ يُكْرَهُ بَعْدَ الزَّوَال لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى الصَّوْمُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَلَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ وَالْخُلُوفُ بِضَمِّ الْخَاءِ تَغَيُّرُ رَائِحَةِ الْفَمِ بَعْدَ الْأَكْلِ فَلَا يَزَالُ مَا مدحه الله بِالسِّوَاكِ وَقِيَاس بِجَامِعِ أَثَرِ الْعِبَادَةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ مَدْحَهُ يَدُلُّ عَلَى فَضِيلَتِهِ لَا عَلَى أَفْضَلِيَّتِهِ عَلَى غَيْرِهِ وَلِأَنَّ الْوِتْرَ أَفْضَلُ مِنَ الْفَجْرِ مَعَ قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَكَمْ مِنْ عِبَادَةٍ أَثْنَى الشَّرْعُ عَلَيْهَا مَعَ فَضْلِ غَيْرِهَا عَلَيْهَا وَهَذِهِ

الْمَسْأَلَةُ مِنْ قَاعِدَةِ ازْدِحَامِ الْمَصَالِحِ الَّتِي يَتَعَذَّرُ الْجمع بَينهَا فالسواك لإجلاب الرَّبِّ تَعَالَى حَالَةَ خِطَابِهِ فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّ تَطْهِير الأفواه لمخاطبة العظماء تَعْظِيمًا لَهُمْ وَالْخُلُوفُ مُنَافٍ لِذَلِكَ فَيُقَدَّمُ السِّوَاكُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ مَعْنَاهُ لَأَوْجَبْتُهُ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَصْلَحَتَهُ تَصْلُحُ لِلْإِيجَابِ وَانْتِفَاءُ الْإِيجَابِ لِلْمَشَقَّةِ وَهُوَ عَامٌّ فِي الصَّلَوَاتِ وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ الْخُلُوفِ مَا يُخَصِّصُهُ لِمَا تَقَدَّمَ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ حَدِيثَ الْخُلُوفِ إِنَّمَا كَانَ نَهْيًا عَنْ عَدَمِ مُحَادَثَةِ الصَّائِمِ لِأَجْلِهِ وَعَنِ الثَّانِي الْفَرْقُ بِأَنَّ الشَّهِيدَ غَيْرُ مُنَاجٍ لِرَبِّهِ وَلِأَنَّهُ جرحه أَشد من الدَّم فَلَا يوثر زَوَالُهُ بَلْ بَقَاؤُهُ يُوجِبُ مِنْ رَبِّهِ الرَّحْمَةَ لَهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْجَنَائِزِ سُؤَالٌ اللَّهُ تَعَالَى يَعْلَمُ الْأَشْيَاءَ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ فَيَعْلَمُ الْخُلُوفَ مُنْتِنًا فَكَيْفَ يَكُونُ عِنْدَهُ أَطْيَبَ مِنَ الْمِسْكِ جَوَابُهُ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الْخَلْفَةَ طَيِّبَةٌ بَلْ تَشْبِيهَ الْحَسَنِ الشَّرْعِيِّ بِالْعُرْفِيِّ أَيْ هَذَا الْمُنْتِنُ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ أَفْضَلُ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ عِنْدَ الطَّبْعِ إِمَّا لِصَبْرِ الصَّائِمِ عَلَيْهِ وَالصَّبْرُ عَمَلٌ صَالِحٌ أَوْ لِلسَّبَبِ فِيهِ بِالصَّوْمِ الَّذِي هُوَ عَمَلٌ صَالِحٌ وَإِلَّا فَالْخُلُوفُ لَيْسَ مِنْ كَسْبِهِ حَتَّى يُمْدَحَ عَلَيْهِ أَوْ يمدح فِي نَفسه

(الباب الرابع في آدابه)

(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي آدَابِهِ) فِي الْجَوَاهِرِ تَعْجِيلُ الْفِطْرِ عِنْدَ الْغُرُوبِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي مُسْلِمٍ لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ فَلَوْ أَرَادَ الْوِصَالَ حَكَى اللَّخْمِيُّ الْمَنْعَ وَالْجَوَازَ وَاخْتَارَهُ إِلَى السَّحَرِ وَكَرَاهِيَتَهُ إِلَى اللَّيْلَةِ الْقَابِلَةِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْبُخَارِيِّ وَلَا تُوَاصِلُوا فَأَيُّكُمْ أَرَادَ أَنْ يُوَاصِلَ إِلَى السَّحَرِ قَالُوا إِنَّكَ تُوَاصِلُ قَالَ إِنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ إِنِّي أَبِيتُ لِي مُطْعِمٌ يُطْعِمُنِي وَسَاقٍ يَسْقِينِي وَتَأْخِيرُ السُّحُورِ لِمَا رَوَى أنس أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ تَسَحَّرَا فَلَمَّا فَرَغَا مِنْ سحورهما قَامَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى الصَّلَاةِ قِيلَ لِأَنَسٍ كَمْ كَانَ فِيهَا؟ قَالَ قَدْرُ مَا يَقْرَأُ الرَّجُلُ خَمْسِينَ آيَةً وَكَفُّ اللِّسَانِ عَنِ الْهَذَيَانِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذَا أَصْبَحَ أَحَدُكُمْ يَوْمًا صَائِمًا فَلَا يَرْفُثُ وَلَا يَجْهَلُ فَإِنْ أَحَدٌ شَاتَمَهُ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ الرَّفَثُ مُبَاشَرَةُ النِّسَاءِ سُؤَالٌ كَيْفَ يَقُولُ إِنِّي صَائِمٌ مَعَ تَحْرِيمِ الرِّيَاءِ والتمدح بالطاعات؟

جَوَابُهُ قِيلَ مَعْنَاهُ يَقُولُ بِلِسَانِ الْحَالِ لَا بِالْمَقَالِ أَيْ يُعْرِضُ عَنْهُ إِعْرَاضَ الصَّائِمِينَ وَلَا يُفْهِمُهُ شَيْئًا وَسُمِّيَ ذَلِكَ قَوْلًا كَمَا قَالَتِ الْعَرَبُ وَاشْتَكَى إِلَيَّ طُولَ السُّرَى قَالَ سَنَدٌ وَقَالَ الشَّافِعِي يُسْتَحَبُّ الْفِطْرُ عَلَى رُطَبٍ لِمَا فِي أَبِي دَاوُود أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يُفْطِرُ عَلَى رُطَبَاتٍ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ حسا حسوات من المَاء وَكَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يَعْمَلَ لِأَهْلِ الْمَسْجِدِ طَعَامًا وَكَرِهَ إِجَابَتَهُمْ لَهُ لِتَحَمُّلِ الْمِنَنِ وَالتَّوَسُّلِ إِلَى المباهاة

(الباب الخامس في مبيحات الفطر)

(الْبَابُ الْخَامِسُ فِي مُبِيحَاتِ الْفِطْرِ) وَهِيَ سِتَّةٌ الْأَوَّلُ السَّفَرُ وَفِي الْجَوَاهِرِ يُشْتَرَطُ فِيهِ مَسَافَةُ الْقَصْرِ فَلَوْ عَزَمَ عَلَى إِقَامَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فَفِي الْجُلَّابِ يَجِبُ الصَّوْمُ وَفِي الْكِتَابِ الصَّوْمُ فِي السّفر أفضل وَقَالَهُ (ح وش) لقَوْله تَعَالَى {وَأَن تَصُومُوا خير لكم} وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَصْرِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الذِّمَّةَ تَبْقَى مَشْغُولَةً بِالْقَضَاءِ بِخِلَافِ الْقَصْرِ الثَّانِي أَن الترخيص لرفاهية الْعِيد وَهِيَ كَمَا تَحْصُلُ بِالْفِطْرِ تَحْصُلُ بِالصَّوْمِ مَعَ النَّاسِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ التَّخْيِيرُ وَاسْتَحَبَّ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ حَنْبَلٍ الْإِفْطَارَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي أبي دَاوُود لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ وَجَوَابُهُ أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَأَى رَجُلًا يُظَلَّلُ عَلَيْهِ وَالزِّحَامُ عَلَيْهِ فَقَالَ مَا هَذَا إِشَارَةً لِهَذِهِ الْحَالَةِ فَإِنْ قَالُوا النَّظَرُ إِلَى عُمُومِ اللَّفْظِ لَا إِلَى خُصُوصِ السَّبَبِ قُلْنَا الْعَامُّ فِي الْأَشْخَاصِ مُطْلَقٌ فِي الْأَحْوَالِ وَنَحْنُ نَحْمِلُ الْحَالَةَ الْمُطْلَقَةَ عَلَى حَالَةِ الضَّرَر

تَمْهِيدٌ الْوَاجِبُ عَلَى الْمُسَافِرِ وَالْمَرِيضِ أَحَدُ الشَّهْرَيْنِ شَهْرِ الْأَدَاءِ أَوْ شَهْرِ الْقَضَاءِ وَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي خُصُوصِيَّتِهِمَا كَمَا أَوْجَبَتْهُ إِحْدَى الْخِصَالِ فِي الْكَفَّارَة وَخير فِي الخصوصيات فَكل مَا مَا يجزيء كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْخِصَالِ وَتُوصَفُ بِالْوُجُوبِ إِذَا فُعِلَتْ تَبْرَأُ الذِّمَّةُ بِهَا فَكَذَلِكَ هَهُنَا لِأَنَّ أَحَدَ الْأَشْيَاءِ قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهَا وَأَعَمُّ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا وَكُلُّ وَاحِدٍ أَخَصُّ وَكُلُّ مَنْ فَعَلَ الْأَخَصَّ فَعَلَ الْأَعَمَّ فُرُوعٌ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَصْبَحَ صَائِمًا فِي الْحَضَرِ ثُمَّ سَافَرَ لَا أُحِبُّ لَهُ الْفِطْرَ فان فعل فالقضاء فَقَط وَقَالَهُ (ح وش) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ يُحْمَلُ عَلَى الْكَرَاهَةِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَامَ الْفَتْحِ خَرَجَ صَائِمًا فَلَمَّا بَلَغَ كُرَاعَ الْغَمِيمِ أَفْطَرَ وَلِأَنَّهُ عُذْرٌ يُبِيحُ الْفِطْرَ فِي أَوَّلِ الْيَوْمِ فَيُبِيحُ فِي آخِرِهِ كَالْمَرَضِ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ يُكَفِّرُ لِوُجُوبِ أَوَّلِهِ فِي الْحَضَرِ فَإِنْ أَفْطَرَ قَبْلَ الْخُرُوجِ إِلَى السَّفَرِ قَالَ مَالِكٌ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَأَسْقَطَهَا ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَأَوْجَبَهَا ابْنُ الْمَاجِشُونِ إِنْ لَمْ يُسَافِرْ وَأَسْقَطَهَا أَشْهَبُ مُطْلَقًا لِعَدَمِ انْتِهَاكِ صَوْمٍ مَعْصُومٍ إِجْمَاعًا الثَّانِي فِي الْكِتَابِ مَنْ صَامَ فِي السَّفَرِ فَأَفْطَرَ مُتَعَمِّدًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَيَّرَ الْعَبْدَ بَيْنَ الْفِطْرِ وَالصَّوْمِ فَأَيَّهُمَا اخْتَارَ لَزِمَهُ أَحْكَامُهُ وَمِنْ أَحْكَامِ الصَّوْمِ الْكَفَّارَةُ عَلَى الْإِفْسَادِ وَفِي الْجَوَاهِرِ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ عَدَمُ الْكَفَّارَةِ لِأَنَّ وَصْفَ السَّفَرِ مُبِيحٌ لِلْإِفْطَارِ فَيَكُونُ شُبْهَةً عِنْدَ طُرُوِّ الْمَانِعِ

فِي عَدَمِ الْكَفَّارَةِ كَالذِّمِّيِّ كَانَ مُبَاحَ الدَّمِ لَا يُقْتَلُ بِهِ الْمُسْلِمُ وَالْأَمَةُ مُبَاحَةُ الْوَطْءِ فَإِذا وَطئهَا السَّيِّد بعد زواجها لَاحَدَّ وَأَوْجَبَهَا ابْنُ الْمَاجِشُونِ فِي الْجِمَاعِ دُونَ غَيْرِهِ لِأَنَّ الْإِفْطَارَ شُرِعَ لِلتَّقْوِيَةِ عَلَى السَّفَرِ وَالْجِمَاعُ يُضْعِفُ قَالَ سَنَدٌ وَقَالَ مُطَرِّفٌ هُوَ مُخَيَّرٌ بَعْدَ الشُّرُوعِ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَمَرَ النَّاسَ بِالْإِفْطَارِ عَامَ الْفَتْحِ لِيَتَقَوَّوْا عَلَى عَدُوِّهِمْ وَصَامَ هُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قِيلَ لَهُ إِنَّ طَائِفَةً مِنَ النَّاسِ قَدْ صَامُوا حِينَ صُمْتَ قَالَ فَلَمَّا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْكَدِيدِ دَعَا بِقَدَحٍ فَشَرِبَ فَأَفْطَرَ النَّاسُ وَإِذَا قُلْنَا يُكَفِّرُ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ كَانَ مُتَأَوِّلًا وَلَمْ يَرَهُ أَشْهَبُ وَإِنْ أَفْطَرَ لِعُذْرٍ فَأَكَلَ وَشَرِبَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ جَامَعَ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ جَامَعَ أَوَّلًا قَالَ مَالِكٌ يُكَفِّرُ لِأَنَّهُ يَزِيدُهُ ضَعْفًا وَأَوْرَدَهُ عَلَى صَوْمٍ مُحْتَرم وَقَالَ مطرف فَلَا يكفر نظرا للتخير فَلَوْ شَرِبَ لِعُذْرٍ لَمْ يُكْرَهْ لَهُ التَّمَادِي عَلَى أَنْوَاعِ الْمُفْطِرَاتِ عِنْدَ سَحْنُونٍ كَالْمَرِيضِ وَمَنَعَ ابْنُ حَبِيبٍ كَالْمُضْطَرِّ إِلَى الْمَيْتَةِ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَصْبَحَ صَائِمًا فِي السَّفَرِ فَأَتَى أَهْلَهُ فَأَفْطَرَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ وَلَوْ تَطَوَّعَ فَسَافَرَ فَأَفْطَرَ قَضَى إِلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إِلَيْهِ لقَوْله تَعَالَى {وَلَا تُبْطِلُوا أَعمالكُم} وَفِي الْجُلَّابِ عَنْ مَالِكٍ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَطُرُوُّ السَّفَرِ كَطُرُوِّ الْمَرَضِ الْمُبِيحُ الثَّانِي الْإِكْرَاهُ وَفِي الْكِتَابِ مَنْ أُكْرِهَ عَلَى الشُّرْبِ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ فَقَطْ وَقَالَهُ (ح) وَأَسْقَطَهُ (ش) وَفَعَلَ بِهِ ذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى ذَرْعِ الْقَيْءِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ إِذَا بَاشَرَهُ وَأَسْقَطَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ إِلَّا بِالْجِمَاعِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ مَالِكٌ إِنْ جَامَعَهَا نَائِمَةً قَضَتْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ الْكَفَّارَةُ لِأَنَّهُ أَفْسَدَ صَوْمَيْنِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ فَإِنْ أُكْرِهَ رَجُلٌ عَلَى وَطْءِ امْرَأَتِهِ قَالَ أَكثر

الْأَصْحَاب و (ح وش) لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ حَنْبَلٍ عَلَيْهِ لِأَنَّ الِانْتِشَارَ دَلِيلُ الِاخْتِيَارِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الِانْتِشَارَ قَدْ يَكُونُ بِالطَّبْعِ لَا بِالِاخْتِيَارِ الْمُبِيحُ الثَّالِثُ خَوْفُ الْمُرْضِعِ عَلَى وَلَدِهَا فِي الْكِتَابِ إِنْ لَمْ يَقْبَلْ غَيْرَهَا أَوْ قَبِلَهُ وَعَجَزَتْ عَنْ إِجَارَتِهِ أَفْطَرَتْ وَأَطْعَمَتْ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا مُدًّا وَقَالَهُ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ قَالَ سَنَدٌ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا إِطْعَامَ عَلَيْهَا قِيَاسًا عَلَى الْمَرِيضِ بِجَامِعِ الْإِبَاحَةِ لَنَا قَوْله تَعَالَى {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مَسَاكِين} قِيلَ الْمُرَادُ بِهَا الْمُرْضِعُ وَالْحَامِلُ وَالشَّيْخُ وَقِيلَ تُسْتَحَبُّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فليصمه} وَإِنْ خَافَتْ عَلَى نَفْسِهَا خَاصَّةً لَمْ تُطْعِمْ وَإِنِ اسْتَأْجَرَتْ فَمِنْ مَالِهَا دُونَ الْأَبِ لِأَنَّ إِرْضَاعَهُ عَلَيْهَا وَقِيلَ عَلَى الْأَبِ وَهَذَا إِذَا لَمْ يُطِقْ وَإِنْ كَانَ لِلصَّبِيِّ مَالٌ فَمِنْ مَالِهِ وَالْإِطْعَامُ خَاصٌّ بِصَوْمِ رَمَضَانَ رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي النَّذْرِ الْمُبِيحُ الرَّابِعُ الْخَوْفُ عَلَى الْحَمْلِ فِي الْكِتَابِ إِنْ خَافَتْ عَلَى وَلَدِهَا فَأَفْطَرَتْ لَا تُطْعِمُ وَتَقْضِي لِأَنَّهَا مَرِيضَةٌ وَقَالَهُ ح وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ تُطْعِمُ وَقَالَ أَشْهَبُ تُطْعِمُ اسْتِحْبَابًا وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ تُطْعِمُ فِي الْخَوْفِ عَلَى النَّفْسِ دُونَ الْوَلَدِ قَالَ اللَّخْمِيُّ لِلْحَامِلِ ثَلَاثُ حَالَاتٍ إِنْ كَانَتْ أَوَّلَ الْحَمْلِ وَلَا يُجْهِدُهَا الصَّوْمُ لَزِمَهَا الصِّيَامُ وَإِنْ كَانَتْ تَخَافُ عَلَى وَلَدِهَا مِنَ الصَّوْمِ لَزِمَهَا الْفِطْرُ وَإِنْ خَافَتْ عَلَى نَفْسِهَا فَقَطْ فَهِيَ مُخَيَّرَةٌ وَحَيْثُ كَانَ لَهَا الْفِطْرُ فَأَفْطَرَتْ فَعَلَيْهَا الْقَضَاءُ وَفِي الْإِطْعَامِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ الثَّلَاثَةُ السَّابِقَةُ وَقَالَ أَبُو مُصْعَبٍ إِنْ خَافَتْ عَلَى وَلَدِهَا قَبْلَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَطْعَمَتْ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهَا مَرِيضَةٌ

الْمُبِيحُ الْخَامِسُ الْمَرَضُ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْصِيلُهُ فِي الشُّرُوطِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَجْهَدَهُ الصُّدَاعُ مِنَ الْخَوَاءِ أَفْطَرَ وَأَجَازَ مَالِكٌ مِنَ الْعَطَشِ الشَّدِيدِ مِنْ غَيْرِ إِطْعَامٍ الْمُبِيحُ السَّادِسُ الْكَبِيرُ الْعَاجِزُ عِنْدَ مَالِكٍ وَ (ش) لِأَنَّهُ غَيْرُ مُطِيقٍ وَيُطْعِمُ عِنْدَ (ح) لِأَنَّهُ بَدَلٌ مِنَ الصَّوْمِ

(الباب السادس في سبب الكفارة)

(الْبَابُ السَّادِسُ فِي سَبَبِ الْكَفَّارَةِ) وَفِي التَّلْقِينِ الْكَفَّارَةُ كَفَّارَتَانِ صُغْرَى لِتَأْخِيرِ الْقَضَاءِ عَنْ زَمَنِهِ وَكُبْرَى وَهِيَ لَا تَجِبُ إِلَّا لِرَمَضَانَ بِتَعَمُّدِ إِفْطَارِهِ عَلَى وَجْهِ الْهَتْكِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ مِنْ جِمَاعٍ أَوْ أَكْلٍ أَوْ غَيْرِهِمَا أَوْ رَفْضٍ أَوْ إِمْسَاكٍ بَعْدَ الشُّرُوعِ أَوْ عَزْمٍ عَلَى تَرْكِهِ فَلَمْ يُشْرَعْ فِيهِ وَعَلَى كُلِّ مُعْتَقِدٍ لِوُجُوبِهِ مِنْ رَجُلٍ أَوِ امْرَأَةٍ لِكُلِّ يَوْمٍ كَفَّارَةٌ وَلَا يُسْقِطُهَا طُرُوُّ الْعُذْرِ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا يُقَدَّمُ التَّكْفِيرُ فِي يَوْمٍ عَنْ يَوْمٍ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا فِي مُسْلِمٍ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ هَلَكْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَمَا أَهْلَكَكَ؟ قَالَ وَقَعْتُ عَلَى أَهْلِي فِي رَمَضَانَ قَالَ هَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ بِهِ رَقَبَةً؟ قَالَ لَا قَالَ فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَالَ لَا قَالَ فَهَلْ تَجِدُ مَا تُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ . قَالَ لَا ثُمَّ جَلَسَ فَأُتِيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ قَالَ تَصَدَّقْ بِهَذَا فَقَالَ أَفْقَرُ مِنَّا فَمَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا أَحْوَجُ إِلَيْهِ مِنَّا فَضَحِكَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ ثُمَّ قَالَ اذْهَبْ وَأَطْعِمْهُ أهلك زَاد أَبُو دَاوُود بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ قَدْرُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا وَقَالَ صُمْ وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ وَالْعَرَقُ بِفَتْحِ الرَّاءِ الزِّنْبِيلُ وَيُرْوَى بِسُكُونِهَا وَخَالَفَ الْأَصْمَعِيُّ فَقَالَ بَلْ ذَلِكَ الْعَظْمُ عَلَيْهِ لَحْمٌ وَاللَّابَةُ الْحِجَارَةُ

السُّودُ فَهُوَ يُشِيرُ إِلَى الْجِبَالِ الْمُحْدِقَةِ بِالْمَدِينَةِ وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ مَا يُوجِبُ عَدَمَ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَالنَّخَعِيِّ لِأَنَّ الْوُجُوبَ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تَصَدَّقْ بِهَذَا وَلَمَّا كَانَ سَدُّ خَلَّةِ الْجُوعِ مُقَدَّمًا عَلَى الْكَفَّارَاتِ أُذِنَ لَهُ فِي أَكْلِهِ وَتَبْقَى الْكَفَّارَةُ فِي ذِمَّتِهِ وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ مَا يُبَرِّئُهُ أَلْبَتَّةَ قَاعِدَةٌ إِذَا رُتِّبَ الْحُكْمُ عَقِبَ أَوْصَافٍ مُنَاسِبَةٍ جُعِلَ مَجْمُوعُهَا عِلَّةً لَهُ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا لَيْسَ بِمُنَاسِبٍ اعْتُبِرَ الْمُنَاسِبُ وَقَدْ رُتِّبَتِ الْكَفَّارَةُ عَقِبَ أَوْصَافٍ غَيْرِ مُنَاسِبَةٍ نَحْو كَونه أَعْرَابِيًا ومناسبة وَهُوَ افساد الصَّوْم بِالْجِمَاعِ واعتبره الشَّافِعِي عَلَى الْقَاعِدَةِ وَلَمْ يُوجِبِ الْكَفَّارَةَ بِالْأَكْلِ وَنَحْوِهِ لِقُصُورِهِ عَلَى الْجِمَاعِ لِكَوْنِهِ لَزِمَ إِفْسَادُ صَوْمَيْنِ فِي الْوَاطِئِ وَفِي الْمَوْطُوءَةِ بِخِلَافِ الْأَكِلِ وَاعْتَبَرْنَا نَحْنُ وَصْفَ الْإِفْسَادِ الَّذِي هُوَ فِي الْجِمَاعِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ التَّعْلِيلَ بِالْعِلَّةِ الْعَامَّةِ أَوْلَى مِنَ الْخَاصَّةِ لِكَثْرَةِ فُرُوعِهَا وَبَقِيَ وَصْفٌ مُنَاسِبٌ لَمْ يَعْتَبِرْهُ أَحَدٌ فِيمَا عَلِمْتُ هُوَ كَوْنُهُ جِمَاعًا فِي الزَّوْجَةِ وَهُوَ مُنَاسِبٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ الْأَكْثَرُ فِي الْوُجُودِ فَيَكُونُ الْعِقَابُ الزَّجْرِيُّ عَنْهُ أَوْلَى فُرُوعٌ ثَمَانِيَةٌ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ وَالْقَضَاءُ بِمَغِيبِ الْحَشَفَةِ خِلَافًا لِ ش فِي الْقَضَاءِ مُحْتَجًّا بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَمْ يَأْمُرْهُ بِالْقَضَاءِ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ أَمَرَهُ فِي رِوَايَةِ الْمُوَطَّأِ بِالْقَضَاءِ قَالَ سَنَدٌ وَكَذَلِكَ لَوْ وَطِئَ امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا أَوْ فَرْجِ مَيِّتَةٍ أَوْ بَهِيمَةٍ وَقَالَهُ (ش) خِلَافًا لِ ح لِأَنَّهُ يُوجِبُ الْغُسْلَ فَيُوجِبُ الْكَفَّارَةَ تَنْبِيهٌ قَدْ تَقَدَّمَ فِي الطَّهَارَةِ إِيجَابُ الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ حُكْمًا

الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِذَا وَطِئَهَا فِي يَوْمٍ مرَّتَيْنِ فكفارة وَاحِدَة وَقَالَهُ (ح وش) لِأَنَّ الْوَطْءَ الثَّانِيَ لَمْ يُصَادِفْ صَوْمًا صَحِيحًا فَلَا يُوجِبُ كَفَّارَةً لِقُصُورِهِ عَنْ مَوْرِدِ الْإِجْمَاعِ قَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ وَبَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ إِنْ كَفَّرَ عَنِ الْوَطْءِ الْأَوَّلِ ثُمَّ وَطِئَ فَكَفَّارَةٌ أُخْرَى قِيَاسًا عَلَى كَفَّارَةِ الْفِدْيَةِ فِي الْحَجِّ فَإِنَّهُ إِذَا تَطَيَّبَ بَعْدَ أَنْ تَطَيَّبَ وَكَانَ كَفَّرَ عَنِ الْأَوَّلِ جَدَّدَ الْكَفَّارَةَ وَإِلَّا فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَقِيَاسُهُ عَلَى الْوَطْءِ الْأَوَّلِ بِجَامِعِ التَّحْرِيمِ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ إِنْ أَكْرَهَ امْرَأَتَهُ عَلَى الْوَطْءِ فِي رَمَضَانَ عَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ عَنْهُ وَعَنْهَا وَكَذَلِكَ يُهْدِي عَنْهَا فِي الْحَجِّ لِأَنَّهُ أَفْسَدَ صَوْمَيْنِ وَحَجَّيْنِ وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْقَضَاءُ عَنْ نَفْسِهِ قَالَ سَنَدٌ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ عَلَيْهِ كَفَارَةٌ وَاحِدَةٌ عَنْهُ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِأَنَّ الْوُجُوبَ عَلَيْهِ فَرْعُ الْوُجُوبِ عَلَيْهَا وَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ لَمْ يُكَفِّرْ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ بَلْ بِفِعْلِهِ سَبَبَ الْكَفَّارَتَيْنِ وَهَذَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ عِنْدَنَا وَإِذَا قُلْنَا بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ فَكُلُّ مَا لَا يَصِحُّ كَفَّارَةً عَنْهَا لَا يُكَفِّرُ عَنْهَا نَحْوُ الْأَمَةِ لَا يُكَفَّرُ عَنْهَا بِالْعِتْقِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ بَلْ بِالْإِطْعَامِ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لَا يَثْبُتُ وَالصَّوْمُ لَا يَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ وَلَوْ أَطَاعَتِ الْأَمَةُ السَّيِّدَ كَفَّرَ عَنْهَا لِأَنَّ السِّيَادَةَ كَالْإِكْرَاهِ وَكَذَلِكَ وَطْءُ السَّيِّدِ وَإِنْ أَطَاعَتْهُ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ وَإِذَا أَكْرَهَ زَوْجَتَهُ وَعَجَزَ عَنِ التَّكْفِيرِ فَكَفَّرَتْ مِنْ مَالِهَا بِالْإِطْعَامِ رَجَعَتْ عَلَيْهِ بِالْأَقَلِّ مِنْ مَكِيلِهِ أَوِ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتُرِيَ بِهِ الطَّعَامُ أَوْ قِيمَةِ الْعِتْقِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ أَحَدُهَا بِخِلَافِ الْحَمِيلِ بِالطَّعَامِ فِيمَا تَحَمَّلُ بِهِ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ فَقَطْ لِأَنَّهُمَا دَخَلَا عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْحَمِيلَ أَجْنَبِيٌّ رَجَعَ بِالْأَقَلِّ مِنَ الثَّمَنِ أَوِ الْقِيمَةِ أَوِ الْمِثْلِ إِنْ كَانَ طَعَامًا كَالزَّوْجَةِ الرَّابِعُ قَالَ سَنَدٌ لَوْ طَلَعَ الْفَجْرُ عَلَيْهِ مُولِجًا فَنَزَعَ قَالَ ابْن الْقَاسِم و (ح وش) لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ النَّزْعَ تَرْكٌ لِلْجِمَاعِ وَلَيْسَ بِجِمَاعٍ كَمَا لَوْ حَلَفَ أَلَّا يَدْخُلَ الدَّارَ وَهُوَ فِيهَا فَخَرَجَ أَوْ لَا يَرْكَبَ الدَّابَّةَ فَنَزَلَ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ وَقَالَ

ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ حَنْبَلٍ يَقْضِي لِمَا فِيهِ مِنَ اللَّذَّةِ فَلَوْ تَمَادَى قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَ (ح) بِالْقَضَاءِ فَقَطْ وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ وَ (ش) بِالْقَضَاءِ وَالْكَفَّارَةِ وَكَذَلِكَ لَوِ ابْتَدَأَ الْإِيلَاجَ حَالَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَلَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي الصَّوْمِ فَلَمْ يَطْرَأِ الْجِمَاعُ عَلَى صَوْمٍ وَإِنَّمَا مَنَعَ انْعِقَادَهُ وَقِيلَ يَجِبُ لِأَنَّ حَدِيثَ الْأَعْرَابِيِّ لَا تَفْصِيلَ فِيهِ فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْفَجْرِ حِينَ طُلُوعِهِ وَهُوَ يُولِجُ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ فَلَمْ يَنْزِعْ فَإِنْ قُلْنَا لَا كَفَّارَةَ عَلَى النَّاسِي لَا كَفَّارَةَ هَهُنَا إِلَّا أَنْ يَفْعَلَهُ مُنْتَهِكًا الْخَامِسُ فِي الْكِتَابِ إِذَا نَوَى الْفِطْرَ نَهَارَ رَمَضَانَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ وَلَوْ نَوَى قَبْلَ الشَّمْسِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ إِنْ سَهَا عَنِ الصَّوْمِ وَسَطَ الشَّهْرِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ أَوَّلِهِ لِاسْتِصْحَابِ النِّيَّةِ بِخِلَافِ الْعَمْدِ وَالْمَذْهَبُ التَّسْوِيَةُ لاندفاع النِّيَّة الْحكمِيَّة بضدها وَخَالف أَشهب وح وش فِي الْكَفَّارَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْقِدْ صَوْمًا فَيَفْسُدُ كَمَنْ لَمْ يُحْرِمْ بِالْحَجِّ أَوِ الصَّلَاةِ وَجَامَعَ وَالْفَرْقُ تَعْيِينُ الزَّمَانِ لَهُ بِخِلَافِهَا فَإِنْ نَوَى الْفِطْرَ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ فَمَذْهَبُ الْكِتَابِ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَأَسْقَطَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَاسْتَحَبَّهُ سَحْنُونٌ بِخِلَافِ مَنْ بَيَّتَ الْفِطْرَ لِأَنَّ النِّيَّةَ لِغَيْرِ فِعْلٍ مُلْغَاةٌ كَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ مَنْ رَفَضَ صِيَامَهُ أَوْ صَلَاتَهُ بَطَلَتْ بِخِلَافِ مَنْ رفض وضوءه أَو حجه بعد كَمَا لَهَا أَوْ فِي خِلَالِهِمَا وَالْفَرْقُ أَنَّ النِّيَّةَ مُرَادَةٌ لِلتَّمْيِيزِ وَالْحَجُّ وَالْوُضُوءُ مُتَمَيِّزَانِ بِمَكَانَيْهِمَا الْمُعَيَّنَيْنِ لَهُمَا وَالصَّلَاةُ وَالصَّوْمُ لَمْ يُعَيَّنْ لَهُمَا مَكَانٌ فَكَانَ احْتِيَاجُهُمَا لِلنِّيَّةِ أَقْوَى فَأَثَّرَ الرَّفْضُ السَّادِسُ فِي الْكِتَابِ مَنْ تَوَقَّعَ فِي نَهَارِهِ السِّفْرَ أَوِ الْمَرَضَ أَوِ الْجُنُونَ فَأَفْطَرَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ وَإِنْ طَرَأَتِ الْمُبِيحَاتُ فِي ذَلِكَ النَّهَارِ وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ خِلَافًا لِ ش لِأَنَّهُ انْتَهَكَ حُرْمَةَ الصَّوْمِ قَبْلَ الْمُبِيحِ وَقِيلَ تَنْتَقِضُ الْكَفَّارَةُ عِنْدَ طُرُوِّ الْمُبِيحَاتِ السَّابِعُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَكَلَ نَاسِيًا فِي رَمَضَانَ أَوْ غَيْرَ عَالِمٍ بِالْفَجْرِ فَعَلَيهِ الْقَضَاء خلافًا ل (ح وش) فِي الْأَوَّلِ وَسَلَّمَ (ش) فِي الثَّانِي وَ (ح) فِي سَبْقِ الِاسْتِنْشَاقِ بِالْمَاءِ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى هَذَيْنِ الْفَرْعَيْنِ وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي

مُسْلِمٍ مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ فَأَكَلَ وَشَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ فَظَاهِرُ تَخْصِيصِ ذَلِكَ بِاللَّهِ تَعَالَى يَقْتَضِي أَنَّ الْعَمْدَ لَا مَدْخَلَ لِلَّهِ فِيهِ وَهَذَا يَقْتَضِي نَفْيَ الْإِثْمِ لَا نَفْيَ الْقَضَاءِ فَإِنْ أَفْطَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مُتَأَوِّلًا قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ لِأَنَّ الْجَهْلَ لَيْسَ بِنَافِعٍ فَلَوْ أَكَلَ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ جَامَعَ كَفَّرَ عِنْدَنَا وَقِيلَ لَا يُكَفِّرُ لِأَنَّهُ لَمْ يُفْسِدْ مَعْصُومًا فَلَوْ طَهُرَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ وَلَمْ تَغْتَسِلْ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ فَأَكَلَتْ لِاعْتِقَادِ الْجَوَازِ لَمْ تُكَفِّرْ لِأَنَّهُ شِبْهُ إِبَاحَةٍ وَكَذَلِكَ مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا فَظَنَّ بُطْلَانَ صَوْمِهِ وَكَذَلِكَ الَّذِي يَقْدَمُ مِنَ السَّفَرِ لَيْلًا فَيَظُنُّ أَنَّ صَوْمَهُ لَا يُجْزِيهِ وَكَذَلِكَ مَنْ سَافَرَ مِيلَيْنِ فَظَنَّ أَنَّ سَفَرَهُ يُبِيحُ الْفِطْرَ وَمَنْ رَأَى هِلَالَ شَوَّالٍ نِصْفَ النَّهَارِ فَظَنَّ أَنَّهُ يُبِيحُ الْفِطْرَ الثَّامِنُ فِي الْجُلَّابِ تَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ بِتَعَدُّدِ فَسَادِ الْأَيَّامِ عِنْدَ مَالِكٍ وَ (ش) وَقَالَ (ح) إِذَا لَمْ يُكَفِّرْ عَنِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ فَكَفَّارَةٌ لِلْجَمِيعِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي التَّدَاخُلِ إِذَا كَفَّرَ عَنِ الْأَوَّلِ وَفِي تَدَاخُلِ الرَّمَضَانَيْنِ إِذَا لَمْ يُكَفِّرْ عَنِ الْأَوَّلِ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى سَائِرِ الْكَفَّارَاتِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ قِيَاسِهِ عَلَى الْحُدُودِ تَمْهِيدٌ التَّدَاخُلُ فِي الشَّرْعِ يَقَعُ فِي الطَّهَارَةِ مَعَ الْغُسْلِ وَفِي الْعِبَادَاتِ كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ مَعَ الْفَرْضِ وَصَوْمِ الِاعْتِكَافِ مَعَ رَمَضَانَ وَالْعُمْرَةِ مَعَ الْحَجِّ وَفِي الْحُدُودِ الْمُمَاثِلَةِ فِي الْعَدَدِ عَلَى تَفْصِيلٍ يَأْتِي وَفِي الْأَمْوَالِ كَدُخُولِ دِيَةِ الْأَطْرَافِ فِي دِيَةِ النَّفْسِ وَالْأَخِيرِ فِي الْأَوَّلِ كَالْفِدْيَةِ فِي الْحَجِّ إِذَا اتَّحد السَّبَب والعارفان فِي الْوسط كَالْوَطْءِ بِالشُّبْهَةِ إِذْ استمرواتحدت الشُّبْهَةُ وَكَانَ حَالُ الْمَرْأَةِ فِي الْوَسَطِ أَفْضَلَ مِنَ الْمَبْدَأِ وَالْمُنْتَهَى فَيَجِبُ لَهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ بِاعْتِبَارِ الْوَسَطِ وَلَكِنَّ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ يَقْتَضِي اعْتِبَارَ الْحَالَةِ الْأُولَى مُطْلَقًا وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِتَنَقُّلِ الصَّدَاقِ بِتَنَقُّلِ الْحَالَاتِ وَالْقَلِيلُ فِي الْكَثِيرِ مِثْلُ الطَّرَفِ مَعَ النَّفْسِ وَالْكَثِيرُ فِي الْقَلِيلِ كَالْأَطْرَافِ إِذَا اجْتَمَعَتْ مَعَ السِّرَايَةِ إِلَى النَّفْسِ وَاخْتُلِفَ فِي تَدَاخُلِ الْكَفَّارَاتِ كَمَا تَقَدَّمَ

(الباب السابع في المترتبات على الإفطار)

(الْبَابُ السَّابِعُ فِي الْمُتَرَتِّبَاتِ عَلَى الْإِفْطَارِ) وَهِيَ سَبْعَةُ أَحْكَامٍ الْحُكْمُ الْأَوَّلُ الْإِمْسَاكُ تَشْبِيهًا بِالصَّائِمِينَ وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُتَعَمِّدٍ بِالْإِفْطَارِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ أَوْ ظَانٍّ الْإِبَاحَةَ مَعَ عَدَمِهَا وَغَيْرُ وَاجِبٍ عَلَى مَنْ أُبِيحَ لَهُ إِبَاحَة حَقِيقَة كَالْمَرِيضِ يَصِحُّ وَالْمُسَافِرِ يَقْدَمُ وَالْحَائِضِ تَطْهُرُ فِي بَقِيَّةِ النَّهَارِ وَقَالَهُ (ش) وَقَالَ (ح) يَجِبُ قِيَاسًا عَلَى قِيَامِ الْبَيِّنَةِ عَلَى رُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْأَدَاءَ هَهُنَا مَعْلُومٌ فِي الْبَعْضِ وَتَعَلُّقُ الْوُجُوبِ بِالْبَعْضِ الْآخَرِ مُحَالٌ وَالْخِطَابُ ثَمَّةَ مُتَعَلِّقٌ بِالْكُلِّ فَيُشْتَرَطُ الثُّبُوتُ وَقَدْ ثَبَتَ فَيَجِبُ وَمَنْ أَصْبَحَ يَوْمَ الشَّكِّ مُفْطِرًا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ أَمْسَكَ وَلَمْ يَحْكِ خِلَافًا وَفِي الْجُلَّابِ إِذَا شَهِدَ عَلَى رَمَضَانَ نَهَارًا وَجَبَ الْكَفُّ وَالْقَضَاءُ وَظَاهِرُ التَّلْقِينِ مُتَعَارِضٌ غَيْرَ أَن نقل الْخلاف أصر ح ثُمَّ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ أَمَّا الصِّبَا وَالْجُنُونُ وَالْكُفْرُ إِذَا زَالَتْ لَا يَجِبُ الْإِمْسَاكُ وَقِيلَ يَجِبُ فِي الْكُفْرِ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ مَا نَقَلَهُ ابْنُ الْجَلَّابِ قَالَ سَنَدٌ فَلَوْ أَسْلَمَ الْكَافِرُ قَالَ مَالِكٌ يُمْسِكُ لِكَوْنِهِ مُخَاطَبًا بِفُرُوعِ الشَّرْعِ خلافًا لاشهب وَلَو بلغ الصيب بَقِيَ عَلَى حَالِهِ صَائِمًا أَوْ مُفْطِرًا وَلَوْ أَفْطَرَ الْبَالِغُ لِعَطَشٍ أَبَاحَ لَهُ سَحْنُونٌ الْأَكْلَ وَمَنَعَ ابْنُ حَبِيبٍ وَفَرَّقَ بِأَنَّ عُذْرَهُ يَقْتَضِي

إِفْطَارَهُ سَاعَةً بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَمَنَعَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا مِنْ وَطْءِ الْمُسَافِرِ امْرَأَتَهُ الطَّاهِرَةَ النَّصْرَانِيَّةَ لِأَنَّهَا مُخَاطَبَةٌ بِالصَّوْمِ الْحُكْمُ الثَّانِي الْقَضَاءُ وَفِي الْجَوَاهِرِ يَجِبُ قَضَاءُ رَمَضَانَ عَلَى كُلِّ مُفْسِدٍ لِلصَّوْمِ أَوْ تَارِكٍ لَهُ بِسَفَرٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ أَوْ إِغْمَاءٍ أَوْ سَهْوٍ أَوْ جُنُونٍ وَقِيلَ فِي الْجُنُونِ مَا لَمْ تَكْثُرِ السُّنُونُ وَقِيلَ مَا لَمْ يَبْلُغْ مَجْنُونًا وَلَا يَجِبُ بِالصِّبَا أَوِ الْكُفْرِ أَوْ عَجْزٍ مِنَ الْكِبَرِ وَلَا يَجِبُ التَّتَابُعُ فِيهِ وَيُسْتَحَبُّ إِذَا شَرَعَ فِي قَضَاءِ يَوْمٍ وَجَبَ عَلَيْهِ إِتْمَامُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى فَإِنْ أَفْطَرَ مُتَعَمِّدًا وَجَبَ قَضَاءُ الْأَصْلِ وَفِي قَضَاءِ الْقَضَاءِ قَوْلَانِ وَالْأَصْلُ فِي هَذَا قَوْله تَعَالَى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أخر} أَوْ يُقَالُ فَرُؤْيَةُ الْهِلَالِ سَبَبٌ لِلْوُجُوبِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْخُرُوجِ عَنْ عُهْدَتِهِ إِلَّا مَا دَلَّ عَلَيْهِ الدَّلِيلُ وَيَجِبُ الْقَضَاءُ بِالنَّذْرِ بِالْإِفْطَارِ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا وَمَعَ الْعُذْرِ إِنْ كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا فَقِيلَ كَذَلِكَ وَقِيلَ لَا يَجِبُ مَعَ الْعُذْرِ دُونَ النِّسْيَانِ وَقِيلَ يَجِبُ إِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ الْيَوْمَ لِمَعْنًى فِيهِ وَعَلَيْهِ يَخْرُجُ الْخِلَافُ فِي نَاذِرِ صَوْمِ يَوْمَ يَقْدَمُ فُلَانٌ فَقَدِمَ نَهَارًا فَفِي الْكِتَابِ سُقُوطُهُ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَفِي الْكِتَابِ يَقْضِي فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ قَالَ سَنَدٌ جُمْلَةُ السَّنَةِ وَقْتٌ لَهُ إِلَّا الْفِطْرَ وَالنَّحْرَ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ وَاسْتَحَبَّ عمر رَضِي الله عَنهُ قَضَاء من الْعشْر وَفِي أبي دَاوُود قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ أَحَبُّ إِلَى الله فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ فَإِنْ قَضَى فِي يَوْمِ النَّحْرِ لَمْ يُجْزِهِ لِأَنَّ النَّهْيَ دَلِيلُ الْفَسَادِ وَكَذَلِكَ أَيَّامُ النَّحْرِ الثَّلَاثَةُ وَفِيهَا الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ فِي الشُّرُوطِ وَلَا يَبْتَدِئُ الْقَضَاءَ فِي الرَّابِعِ وَفِيهِ خِلَافٌ وَهُوَ أَخَفُّ مِنَ الثَّلَاثَةِ وَيَجُوزُ تَأْخِيرُهُ إِلَى شَعْبَانَ وَيَحْرُمُ بَعْدَهُ لِقَوْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إِنْ كَانَتْ إِحْدَانَا لَتُفْطِرُ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَمَا تَقْدِرُ أَنْ تَقْضِيَهُ مَعَ الشُّغْلِ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَّى يَأْتِيَ شَعْبَانُ

قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا لَمْ يَبْقَ مِنْ شَعْبَانَ إِلَّا مَا يَسَعُ التَّمَتُّعَ وَقَضَاءَ رَمَضَانَ صَامَ الْقَضَاءَ تَغْلِيبًا لِأَصْلِهِ فَإِنْ وَسِعَهُمَا بَدَأَ بِالتَّمَتُّعِ عِنْدَ مَالِكٍ فِي الْكِتَابِ وَخَيَّرَهُ أَشْهَبُ وَيُكْرَهُ التَّطَوُّعُ قَبْلَهُ عِنْدَ مَالِكٍ وَوَسَّعَ فِيهِ ابْنُ حَبِيبٍ وَإِنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ لَمْ يَصُمْ عَنْهُ أَحَدٌ وَصَّى بِهِ أَمْ لَا عِنْدَ مَالِكٍ وَ (ح) وَمَشْهُورُ (ش) خِلَافًا لِابْنِ حَنْبَلٍ فِي النَّذْرِ وَفِي مُسْلِمٍ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ وَجَوَابُهُ صَرْفُهُ عَنْ ظَاهِرِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى} فَيحمل على أَن يَفْعَل مَا يَنُوبُ مَنَابَ الصَّوْمِ مِنَ الصَّدَقَةِ وَالدُّعَاءِ وَفِي الْمُوَطَّأِ كَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ الله عَنهُ يَقُول لَا يَصُوم أحد عَن أحد وَلَا يُصَلِّي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ وَقِيَاسًا عَلَى الْجِهَادِ وَالصَّلَاةِ فِي حَالَةِ الْحَيَاةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ شَرَعَ فِي قَضَاءِ يَوْمٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ قَضَاهُ لَا يَجُوزُ لَهُ فِطْرُهُ لِأَنَّ أَقَلَّ أَحْوَالِهِ أَنْ يَكُونَ نَفْلًا وَقَالَ أَشْهَبُ لَا أُحِبُّهُ فَإِنْ فَعَلَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ أَكَلَ فِي يَوْمِ الْقَضَاءِ أَحَبُّ إِلَيَّ إِتْمَامُهُ وَيَجُوزُ فِطْرُهُ قَالَ سَنَدٌ وَإِنْ أَكَلَ فِيهِ عَامِدًا لَمْ يُسْتَحَبَّ لَهُ الْإِمْسَاكُ وَكَذَلِكَ النَّذْرُ الْمُطْلَقُ لِأَنَّ الْإِمْسَاكَ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ الْحُكْمُ الثَّالِثُ الْإِطْعَامُ وَفِي الْجَوَاهِرِ لِوُجُوبِهِ ثَلَاثَةُ أَسْبَابٍ فَوَاتُ فَضِيلَةِ الْوَقْتِ كَالْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ وَبَدَلٌ مِنَ الصَّوْمِ كَالشَّيْخِ وَالْعَاجِزِ وَتَأْخِيرُ الْقَضَاءِ عَنْ وَقْتِهِ مَعَ الْإِمْكَانِ وَفِي الْكِتَابِ مَنْ فرط فِي الْقَضَاء وَأوصى أَنْ يُطْعَمَ عَنْهُ مُدٌّ لِكُلِّ يَوْمٍ مُقَدَّمٌ عَنِ الْوَصَايَا لِوُجُوبِهِ مُؤَخَّرٌ عَنِ الزَّكَاةِ لِأَنَّهَا مُجْمَعٌ عَلَيْهَا وَلَمْ يَقِفْ وُجُوبُهَا عَلَى تَبْيِينٍ مِنَ الْمُكَلَّفِ قَالَ سَنَدٌ إِنْ مَاتَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنَ الْقَضَاءِ أَوْ تَمَكَّنَ وَمَاتَ فِي السَّنَةِ فَلَا إِطْعَامَ خِلَافًا (لِ ش) فِي الْقسم الثَّانِي

مُحْتَجًّا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَام مَسَاكِين} وَهَذَا مُطِيقٌ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ فِي صَوْمِ رَمَضَانَ لَا فِي قَضَائِهِ سَلَّمْنَاهُ لَكِنَّ الْإِطْعَامَ كَفَّارَةٌ لِتَرْكِ الْوَاجِبِ وَلَا يَتَعَيَّنُ إِلَّا بِخُرُوجِ جُمْلَةِ الْوَقْتِ قَالَ فَإِنْ مَضَى مِنْ شَعْبَانَ يَوْمٌ تَرَتَّبَ إِطْعَامُ يَوْمٍ فَإِنْ مَرِضَ فِي بَقِيَّةِ شَعْبَانَ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ غَيْرُ ذَلِكَ فَإِنْ صَحَّ أَيَّامًا وَجَبَ عَلَيْهِ بِعَدَدِهَا وَقَالَهُ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ (ح) لَا يَجِبُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَعدَّة من أَيَّام أخر} مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ فَيَعُمُّ الْعُمُرَ لَا تَقْيِيدُهُ بِالسَّنَةِ لَكِنَّ خُرُوجَهَا يَقْتَضِي بَقَاءَ صِيَامِهِ فِي الذِّمَّةِ كَالصَّلَاةِ بَعْدَ الْوَقْتِ لَا غَيْرُ وَجَوَابُهُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ وَابْنَ عَبَّاسٍ وَأَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ فَكَانَ إِجْمَاعًا وَقِيَاسًا عَلَى الْمُرْضِعِ وَالشَّيْخِ عِنْدَنَا إِذَا أَخَّرَهُ سِنِينَ لَمْ تَجِبْ إِلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ خِلَافًا لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ قِيَاسًا عَلَى كَفَّارَةِ الْإِفْسَادِ وَيُقَدَّمُ الْإِطْعَامُ عَلَى النَّذْرِ لِأَنَّ سَبَبَهُ مُقَدَّمٌ فِي الشَّرْعِ وَيُؤَخَّرُ عَنْ كَفَّارَةٍ لِأَنَّهُ مُسَبَّبٌ عَنِ الْقَضَاءِ وَهِيَ عَنِ الْأَدَاء وافطارا بِمَوْضِعٍ مُقَدَّمٍ عَلَيْهِ لِذَلِكَ وَهُوَ وَهَادِي الْمُتْعَةِ سَوَاءٌ فَإِنْ لَمْ يُوصِ بِهِ لَا يَلْزَمُ الْوَرَثَةَ خِلَافًا (لِ ش) وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ وَأَنْكَرَهَا ابْنُ أَبِي زَيْدٍ لِأَنَّهُ قَدْ يُخْرِجُهُ وَلَا يَعْلَمُونَ أَوْ يَحْمِلُهُ أَحَدٌ عَنْهُ لِأَنَّهُ مُفْتَقِرٌ إِلَى النِّيَّةِ وَلَمْ يَنْوِ وَالْإِطْعَامُ مُدٌّ وَمُدُّ الْعَيْشِ كَسَائِرِ الْكَفَّارَاتِ وَقَالَ أَشْهَبُ يُخْرِجُ فِي غَيْرِ الْمُدَوَّنَةِ مُدًّا قَالَ الْبَاجِيُّ هُوَ اسْتِحْبَابٌ وَيُطْعِمُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ مَعَ الْقَضَاءِ كَالْهَدْيِ مَعَ حَجِّ الْقَضَاءِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا تَقْيِيدَ لِتَحَقُّقِ سَبَبِهِ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الثَّانِي وَأَطْعَمَ لِلْيَوْمِ الْأَوَّلِ مِسْكِينًا ثُمَّ فَرَطَ الثَّانِي مِنْ شَعْبَانَ فَلَمْ يَصُمْهُ جَازَ لَهُ

أَنْ يُطْعِمَ الْمِسْكِينَ الْأَوَّلَ لِأَنَّهُ سَبَبٌ طَرَأَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْأَوَّلِ فَإِنْ لَمْ يُكَفِّرْ عَنِ الْأَوَّلِ لَمْ يَجُزِ الدَّفْعُ لَهُ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي اجْتِمَاعِ الْكَفَّارَاتِ فَلَوْ عَزَمَ عَلَى التَّأْخِيرِ فَأَطْعَمَ قَبْلَهُ لَمْ يُجْزِهِ عِنْدَ أَشْهَبَ لِعَدَمِ السَّبَبِ الْحُكْمُ الرَّابِعُ فِي الْكَفَّارَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ هَلْ هِيَ مُتَنَوِّعَةٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ أَوْ مُخْتَصَّةٌ بِالْإِطْعَامِ لِقَوْلِهِ فِي الْكِتَابِ لَا يَعْرِفُ مَالِكٌ غَيْرَ الْإِطْعَامِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ وَهَذَا التَّأْوِيلُ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ بَلْ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى الْأَفْضَلِ النَّوْعُ الْأَوَّلُ عِتْقُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ كَامِلَةٍ غَيْرِ مُلَفَّقَةٍ سَلِيمَةٍ مِنَ الِاسْتِحْقَاقِ بِوَجْهٍ النَّوْعُ الثَّانِي صَوْمُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ لِأَنَّ التَّتَابُعَ وَقَعَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْحَدِيثِ وَقِيَاسًا عَلَى كَفَّارَةِ الْقَتْلِ النَّوْعُ الثَّالِثُ إِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ بِمُدِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَخَيَّرَ أَشْهَبُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغَدَاءِ وَالْعَشَاءِ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْمَشْهُورِ فَالْإِطْعَامُ يَعُمُّهَا لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ فِي خَبَرِهَا وَقِيلَ يَخْتَصُّ بِغَيْرِ الْجِمَاعِ لِأَنَّ الْعِتْقَ وَالصِّيَامَ وَرَدَا فِي الْجِمَاعِ فَيَخْتَصُّ بِهِمَا وَالْإِطْعَامُ إِنَّمَا وَرَدَ فِي الْمُطِيقِ لِلْآيَةِ وَالْإِطْعَامُ أَفْضَلُ عَلَى الْمَشْهُورِ لِعُمُومِ نَفْعِهِ لَا سِيَّمَا فِي الشَّدَائِدِ وَقِيلَ الْعِتْقُ أَفْضَلُ وَقَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ يَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ وَتَسْتَقِرُّ الْكَفَّارَةُ فِي الذِّمَّةِ عِنْدَ الْعَجْزِ وَقَالَ مَالِكٌ هِيَ عَلَى التَّخْيِيرِ لِأَنَّ الْحَدِيثَ رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ بِصِيغَةِ أَوْ وَهِيَ لِلتَّخْيِيرِ وَقِيَاسًا عَلَى كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَقَالَتِ الْأَئِمَّةُ عَلَى التَّرْتِيبِ وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ عندنَا لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي مُسْلِمٍ لَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِ خَصْلَةً إِلَّا بَعْدَ أَنْ وَقِيَاسًا عَلَى كَفَّارَةِ الْقَتْلِ وَالظِّهَارِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الَّذِي فِي الْحَدِيثِ اسْتِفْهَامٌ وَلَيْسَ بِشَرْطٍ وَفِي الْجُلَّابِ إِذَا أَطْعَمَ ثَلَاثِينَ مِسْكِينًا مُدَّيْنِ مُدَّيْنِ فِي يَوْمٍ عَنْ كَفَّارَةٍ جَازَ أَنْ يُطْعِمَهُمْ فِي يَوْمٍ آخَرَ

عَنْ كَفَّارَةٍ أُخْرَى سُؤَالٌ الْمَقْصُودُ مِنَ الْإِطْعَامِ هُوَ أَحَدُ الْجَانِبَيْنِ وَسَدُّ خَلَّةِ الْمَسَاكِينِ وَهُمَا حَاصِلَانِ بِإِطْعَامِ مِسْكِينٍ ذَلِكَ الطَّعَامَ فِي سِتِّينَ يَوْمًا لِسَدِّ سِتِّينَ خَلَّةً فَمَا الْفَرْقُ جَوَابُهُ أَنَّ الْجَمَاعَةَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ فِيهِمْ وَلِيٌّ أَوْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ تَعَالَى فَيَكُونُ إِطْعَامُهُمْ أَفْضَلَ وَلِأَنَّهُ يُرْجَى مِنْ دُعَائِهِمْ مَا لَا يُرْجَى مِنْ دُعَاءِ الْوَاحِدِ أَصْلُهُ الصَّلَاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ وَلِذَلِكَ أَوْجَبَ (ش) فِي الزَّكَاةِ الدَّفْعَ لِلْأَصْنَافِ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ يَقْتَضِي الْمَذْهَبُ الْإِجْبَارَ عَلَى الْكَفَّارَةِ وَلَا تُوكَلُ إِلَى الْأَمَانَةِ فَمَنِ ادَّعَى إِسْقَاطَهَا لِجَهْلٍ أَوْ تَأْوِيلٍ لَا يُصَدَّقُ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِمَا يُشْبِهُ وَقَالَ الْقِيَاسُ هِيَ مَوْكُولَةٌ إِلَى الْأَمَانَةِ الْحُكْمُ الْخَامِسُ قَالَ سَنَدٌ قَالَ مَالِكٌ الْعُقُوبَةُ لِمَنْ تَعَمَّدَ الْإِفْسَادَ إِنْ ظَهَرَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَأْتِ مُسْتَفْتِيًا لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يُعَاقب السَّائِل وَكيلا يَمْتَنِعَ النَّاسُ عَنِ الِاسْتِفْتَاءِ الْحُكْمُ السَّادِسُ فِي الْجَوَاهِرِ قَطْعُ التَّتَابُعِ فِيمَا يُشْتَرَطُ فِيهِ فَإِنْ أفطر فِيهِ لغير عذر أَو عذر يُمكنهُ دَفعه كالسفر فَأَمَّا مَا لَا يُمْكِنُهُ مِنْ سَهْوٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ عِدَّةٍ أَوْ حَيْضٍ فَلَا وَفِي الْجُلَّابِ إِنْ تَعَمَّدَ صِيَامَ ذِي الْحِجَّةِ مَعَ عِلْمِهِ بِأَيَّامِ التَّشْرِيقِ لَمْ يُجْزِهِ وَإِنْ جَهِلَ أَفْطَرَ وَبَنَى وَيُسْتَحَبُّ لَهُ الِابْتِدَاءُ وَلَوْ صَامَ شَعْبَانَ وَرَمَضَانَ لِكَفَّارَتِهِ وَفَرْضِهِ قَضَى ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ الْحُكْمُ السَّابِعُ قَطْعُ النِّيَّةِ الْحُكْمِيَّةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ تَنْقَطِعُ بِإِفْسَادِ الصَّوْمِ أَوْ تَرْكِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَلِعُذْرٍ أَوْ لِغَيْرِ عُذْرٍ أَوْ بِزَوَالِ التَّحَتُّمِ كالسفر وَالْمَرَض

(الباب الثامن في صيام التطوع)

(الْبَابُ الثَّامِنُ فِي صِيَامِ التَّطَوُّعِ) وَهُوَ مِنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ وَهُوَ عِنْدَنَا يَجِبُ إِتْمَامُهُ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ تَسَحَّرَ بَعْدَ الْفَجْرِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِطُلُوعِهِ مَضَى فِيهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَإِنْ أَفْطَرَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَفِي مُسلم قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ قَالَ سَنَدٌ الْقَضَاءُ اسْتِحْسَانٌ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْإِمْسَاكِ بَعْدَ الْإِفْسَادِ وَوَاجِبٌ إِذَا أَفْسَدَ لِغَيْرِ عُذْرٍ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَوْجَبَهُ (ح) مَعَ الْقُدْرَةِ وَنَفَاهُ (ش) مُطْلَقًا بَلْ جَوَّزَ الْفِطْرَ لَهُ وَفِي مُسْلِمٍ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا دَخَلَ عَلَيْنَا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ فَقُلْنَا لَا قَالَ إِنِّي إِذًا صَائِمٌ ثُمَّ أَتَى يَوْمًا آخَرَ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أُهْدِيَ إِلَيْنَا حَيْسٌ فَقَالَ أَرِينِيهِ فَلَقَدْ أَصْبَحْتُ صَائِمًا فَأَكَلَ زَادَ النَّسَائِيُّ وَأَصُومُ يَوْمًا مَكَانَهُ وَقِيَاسًا عَلَى الشُّرُوعِ فِي تَجْدِيدِ الْوُضُوءِ وَالصَّدَقَةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهَا قَضِيَّةُ عَيْنٍ فَلَعَلَّهَا مُخْتَصَّةٌ ويؤكده أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يُقَدِّمُ شَهْوَةَ بَطْنِهِ عَلَى طَاعَةِ رَبِّهِ وَعَنِ الثَّانِي الْمُعَارَضَةُ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ إِذَا شَرَعَ فِيهَا مُتَطَوِّعًا فَإِنَّهُ يَجِبُ الْإِتْمَامُ اتِّفَاقًا وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} وَالنَّهْيُ عَنِ الْإِبْطَالِ يُوجِبُ الْأَدَاءَ فَيَجِبُ الْقَضَاءُ قِيَاسا على

النَّذْرِ وَتَوْفِيَةً وَفِي الْمُوَطَّأِ عَنْ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَصْبَحَتَا صَائِمَتَيْنِ مُتَطَوِّعَتَيْنِ فَأُهْدِيَ إِلَيْهِمَا طَعَامٌ فَأَفْطَرَتَا عَلَيْهِ فَدَخَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَتْ عَائِشَةُ فَبَدَرَتْنِي حَفْصَةُ وَكَانَتْ بِنْتَ أَبِيهَا فَسَأَلَتْ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اقْضِيَا يَوْمًا مَكَانَهُ وَلَمَّا قَالَ السَّائِلُ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هَلْ عَلَيَّ غَيْرُ ذَلِكَ قَالَ لَا إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ فَأَثْبَتَ الْوُجُوبَ مَعَ التَّطَوُّعِ وَهُوَ الْمَطْلُوب تَنْبِيه لايوجد لَنَا أَنَّ الشُّرُوعَ مُلْزِمٌ إِلَّا فِي سِتِّ عِبَادَاتٍ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَالِاعْتِكَافِ وَالِائْتِمَامِ وَطَوَافِ التَّطَوُّعِ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ وَالصَّدَقَةِ وَالرِّفْدِ وَالسَّفَرِ لِلْجِهَادِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَإِنَّ صَوْمَ عَاشُورَاءَ عِنْدَ مَالك مُسْتَحبّ وَعند الشَّافِعِي سُنَّةٌ وَفِي أَبِي دَاوُدَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ وَصَوْمُ عَاشُورَاءَ إِنِّي أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُقَالُ فِيهِ تَابَ اللَّهُ عَلَى آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَاسْتَوَتِ السَّفِينَةُ عَلَى الْجُودِيِّ وَفُلِقَ الْبَحْرُ لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَغَرِقَ فِرْعَوْنُ وَوُلِدَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَخَرَجَ يُونُسُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنَ الْحُوتِ وَيُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنَ الْجُبِّ وَتَابَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى قَوْمِ يُونُسَ وَفِيهِ تُكْسَى الْكَعْبَةُ كُلَّ عَامٍ وَمَنْ أصبح غير ناو ولصومه أَجْزَأَهُ صَوْمُهُ أَوْ بَاقِيهِ إِنْ أَكَلَ وَهُوَ مَرْوِيّ عَنهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَيُسْتَحَبُّ فِيهِ التَّوْسِعَةُ عَلَى الْعِيَالِ وَهُوَ عَاشِرُ الْمُحَرَّمِ وَقَالَ (ش) التَّاسِعُ وَفِي مُسْلِمٍ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ الْأَعْرَجِ قَالَ انْتَهَيْتُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ رِدَاءَهُ فِي زَمْزَمَ فَقُلْتُ أَخْبِرْنِي عَنْ صَوْمِ عَاشُورَاءَ؟ فَقَالَ إِذَا رَأَيْتَ هِلَالَ الْمُحَرَّمِ فَاعْدُدْ وَأَصْبِحْ يَوْمَ التَّاسِعِ صَائِمًا قُلْتُ هَكَذَا كَانَ

رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَصُومُهُ قَالَ نَعَمْ وَلِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ أَظْمَاءِ الْإِبِلِ وَعَادَتُهُمْ تَسْمِيَةُ الْخَامِسِ رَبْعًا وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّا نَقُولُ بِمُوجَبِهِ وَلَيْسَ فِيهَا الِاقْتِصَارُ عَلَى التَّاسِعِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ مُعَارَضٌ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الِاشْتِقَاقِ الْمُوَافَقَةُ فِي الْمَعْنَى وَالْعَاشُورَاءُ مِنَ الْعَشْرِ وَصَوْمُ عَرَفَةَ مُسْتَحَبٌّ وَقَالَتِ الشَّافِعِيَّةُ مَسْنُونٌ وَيُسْتَحَبُّ إِفْطَارُهُ لِلْحَاجِّ لِيَقْوَى عَلَى الدُّعَاءِ خلافًا (ح) وَفِي أَبِي دَاوُدَ وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صِيَامُ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ وَفِي أَبِي دَاوُدَ نَهَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ صِيَامِ يَوْمِ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ سُؤَالٌ قَالَ الْعُلَمَاءُ الْمُرَادُ بِالتَّكْفِيرِ الصَّغَائِرُ وَفِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُم سيآتكم} فَجُعِلَ اجْتِنَابُ الْكَبَائِرِ مُكَفِّرًا وَرُوِيَ أَنَّ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ مُكَفِّرَاتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ وَأَنَّ الْجُمُعَةَ كَذَلِكَ وَأَنَّ رَمَضَانَ كَذَلِكَ وَإِذَا حَصَلَ التَّكْفِيرُ بِإِحْدَى هَذِهِ لَا تَكُونُ الْأُخْرَى مُكَفِّرَةً وَإِلَّا يَلْزَمُ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ وَهُوَ مُحَالٌ جَوَابُهُ مَعْنَاهُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا شَأْنُهُ التَّكْفِيرُ فَإِنْ فَعَلَ شَيْئًا كَفَّرَ وَإِلَّا فَلَا يَنْتَفِي كَوْنُهُ مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ وَفِي الْجَوَاهِرِ يُسْتَحَبُّ صَوْمُ تَاسُوعَاءَ وَيَوْمِ التَّرْوِيَةِ وَقَدْ وَرَدَ صَوْمُ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ كَصِيَامِ سَنَةٍ وَصَوْمُ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ وَشَعْبَانَ وَعَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ صِيَامَ كُلِّ يَوْمٍ مِنْهَا يَعْدِلُ سَنَةً وَفِي مُسْلِمٍ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَأَتْبَعَهُ بِسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ كَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ كُلَّهُ وَاسْتَحَبَّ مَالِكٌ صِيَامَهَا فِي غَيْرِهِ خَوْفًا مِنْ إِلْحَاقِهَا بِرَمَضَانَ عِنْدَ الْجُهَّالِ وَإِنَّمَا عَيَّنَهَا الشَّرْعُ مِنْ شَوَّالٍ لِلْخِفَّةِ عَلَى الْمُكَلَّفِ بِسَبَبِ قُرْبِهِ مِنَ الصَّوْمِ وَإِلَّا فَالْمَقْصُودُ حَاصِلٌ فِي غَيْرِهِ فَيُشْرَعُ التَّأْخِيرُ جَمْعًا بَيْنَ

مَصْلَحَتَيْنِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ فَكَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ أَنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشَرَةٍ فَالشَّهْرُ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ وَالسِّتَّةُ بِسِتِّينَ كَمَالِ السَّنَةِ فَإِذَا تَكَرَّرَ ذَلِكَ فِي السِّنِينَ فأنكا صَامَ الدَّهْرَ سُؤَالٌ يُشْتَرَطُ فِي التَّشْبِيهِ الْمُسَاوَاةُ أَوِ الْمُقَارَبَةُ وَههنا لَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا الصَّوْمَ عُشْرُ صَوْمِ الدَّهْرِ وَالْأَجْرُ عَلَى قَدْرِ الْعَمَل وَلَا مقاربة بَين عشر الشَّيْء كُله جَوَابُهُ مَعْنَاهُ فَكَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ أَنْ لَوْ كَانَ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَإِنَّ شَهْرَنَا بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ لِمَنْ كَانَ قَبْلَنَا وَالسِّتَّةُ بِشَهْرَيْنِ لِمَنْ كَانَ قَبْلَنَا فَقَدْ حَصَلَتِ الْمُسَاوَاةُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ تَنْبِيهٌ هَذَا الْأَجْرُ مُخْتَلَفُ الْأَجْرِ فَخَمْسَةُ أَسْدَاسِهِ أَعْظَمُ أَجْرًا لِكَوْنِهِ مِنْ بَابِ الْوَاجِبِ وَسُدُسُهُ ثَوَابُ النَّفْلِ فَائِدَةٌ إِنَّمَا قَالَ بِسِتٍّ بِالتَّذْكِيرِ وَلَمْ يَقُلْ بِسِتَّةٍ رَعْيًا لِلْأَصْلِ فَوَجَبَ تَأْنِيثُ الْمُذَكَّرِ فِي الْعَدَدِ لِأَنَّ الْعَرَبَ تُغَلِّبُ اللَّيَالِيَ عَلَى الْأَيَّامِ لِسَبْقِهَا فَتَقُولُ لِعَشْرٍ مَضَيْنَ مِنَ الشَّهْرِ وَاسْتَحَبَّ مَالِكٌ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ فَكَانَ يَصُومُهَا أَوَّلَهُ وَعَاشِرَهُ وَالْعِشْرِينَ وَهِيَ الْأَيَّامُ الْبِيضُ وَاخْتَارَ أَبُو الْحَسَنِ تَعْجِيلَهَا أَوَّلَ الشَّهْرِ وَهِيَ صِيَامُ الدَّهْرِ لِأَنَّ الثَّلَاثَةَ بِثَلَاثِينَ كَمَا تَقَدَّمَ فَائِدَةٌ قَالَ ابْنُ الْجَوَالِيقِيِّ فِي إِصْلَاحِ مَا تَغْلَطُ فِيهِ الْعَامَّةُ تَقُولُ الْأَيَّامُ الْبِيضُ فَيَجْعَلُونَ الْبِيضَ وَصْفًا لِلْأَيَّامِ وَالصَّوَابُ أَيَّامُ الْبِيضِ أَيْ أَيَّامُ اللَّيَالِي الْبِيضِ بِحَذْفِ الْمَوْصُوفِ وَإِقَامَةِ الْوَصْفِ مَقَامَهُ وَإِلَّا فَالْأَيَّامُ كُلُّهَا بِيضٌ وَاللَّيَالِي الْبِيضُ

لَيْلَةُ الثَّالِثَ عَشَرَ وَالرَّابِعَ عَشَرَ وَالْخَامِسَ عَشَرَ لِأَنَّهَا بَيْضٌ بِالْقَمَرِ وَأَسْمَاءُ لَيَالِي الشَّهْرِ عَشَرَةٌ لِكُلِّ ثَلَاثٍ اسْمٌ الثَّلَاثُ الْأُوَلُ غُرَرٌ لِأَنَّ غُرَّةَ كُلِّ شَيْءٍ أَوَّلُهُ وَالثَّانِيَةُ نُفَلٌ مِثْلُ زُحَلَ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ عَلَى الْغُرَرِ وَالنَّفْلُ الزِّيَادَةُ وَثَلَاثٌ تُسَعٌ لِأَنَّ آخِرَهَا تَاسِعٌ وَثَلَاثٌ عُشَرٌ لِأَنَّ أَوَّلَهَا عَاشِرٌ وَوَزْنُهَا مِثْلُ زُحَلَ أَيْضًا وَثَلَاثٌ تُبَعٌ وَثَلَاثٌ دُرَعٌ كَزُحَلَ أَيْضًا لِاسْوِدَادِ أَوَائِلِهَا وَابْيِضَاضِ سَائِرِهَا وَثَلَاثٌ ظُلَمٌ كَزُحَلَ أَيْضًا لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا مُظْلِمٌ وَثَلَاثٌ حَنَادِسُ لِسَوَادِهَا ... لِأَنَّهَا بَقَايَا وَثَلَاثٌ مِحَاقٌ لِامِّحَاقِ الْقَمَرِ أَوِ الشَّمْسِ وَكَرِهَ مَالِكٌ صَوْمَ الدَّهْرِ لِئَلَّا يُصَادِفَ نَذْرًا أَوْ غَيْرَهُ وَاسْتَحَبَّهُ أَبُو الطَّاهِرِ قَالَ سَنَد أجَازه مَالِكٌ إِذَا أَفْطَرَ الْأَيَّامَ الْمَنْهِيَّ عَنْهَا وَقَالَهُ (ش وح) لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّ حَمْزَةَ الْأَسْلَمِيَّ قَالَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنِّي رَجُلٌ أَسْرُدُ الصَّوْمَ أَفَأَصُومُ فِي السَّفَرِ فَقَالَ صُمْ إِنْ شِئْتَ فَيُحْمَلُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْ صَامَ الدَّهْرَ لَا صَامَ عَلَى مَنْ لَا يُفْطِرُ مَا نُهِيَ عَنْهُ فَإِنْ نَذَرَهُ فَأَفْطَرَ نَاسِيًا قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِتَعَذُّرِ الْقَضَاءِ فَإِنْ تَعَمَّدَ الْفِطْرَ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ الْمُفْطِرِ يَوْمًا فِي رَمَضَانَ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِطْعَامُ مِسْكِينٍ وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ الْإِثْمُ فَقَطْ وَكَرِهَ مَالك تَخْصِيص وسط الشَّهْر بِصَوْم وَاسْتحبَّ ابو حنيفَة صَوْمَ الْخَامِسَ عَشَرَ وَيَوْمَيْنِ قَبْلَهُ وَرُوِيَتْ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهَا الْأَيَّامُ الْبِيضُ وَالْغُرُّ وَاسْتَحَبَّ السَّابِعَ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَجَبٍ فِيهِ بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَخَمْسَةً وَعِشْرِينَ مِنْ ذِي الْقِعْدَةِ فِيهِ أُنْزِلَتِ الْكَعْبَةُ عَلَى آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَمَعَهَا الرَّحْمَةُ وَثَالِثَ الْمُحَرَّمِ فِيهِ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ وَاسْتَجَابَ لَهُ وَصَوْمَ شَعْبَانَ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ أَكْثَرُ صَوْمِهِ فِيهِ وَفِيهِ تُرْفَعُ الْأَعْمَالُ وَصِيَامَ يَوْمِ نِصْفِهِ وَقِيَامَ لَيْلَتِهِ وَفِي الْكِتَابِ لَا أُحِبُّ لِلْمَرْأَةِ الَّتِي تَعْلَمُ حَاجَةَ زَوْجِهَا إِلَيْهَا أَنْ تَصُومَ إِلَّا بِإِذْنِهِ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا تَصُومُ الْمَرْأَةُ وَبَعْلُهَا شَاهِدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ قَالَ سَنَدٌ فَلَوْ أَذِنَ لَهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ إِبْطَالُهُ وَلَهُ إِنْ لَمْ يَأْذَنْ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالسُّرِّيَّةُ كَذَلِكَ

قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا إِذْنَ لَهُ عَلَى إِمَائِهِ وَلَا ذُكُورِ عَبِيدِهِ إِلَّا أَنْ يُضْعِفَهُمْ عَنِ الْخِدْمَةِ وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ تَفْطِيرُ زَوْجَتِهِ الذِّمِّيَّةِ فِي صَوْمِهَا الْوَاجِبِ فِي دِينِهَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَفِي الْكِتَابِ إِنَّمَا يُؤْمَرُ الصِّبْيَانُ بِالصَّوْمِ بَعْدَ الْبُلُوغِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ قَالَ سَنَدٌ وَرَوَى أَشْهَبُ يُؤْمَرُونَ عِنْدَ الْقُدْرَةِ وَصَوْمُهُمْ شَرْعِيٌّ عِنْدَنَا وَقَالَ (ح) إِمْسَاكٌ لِلتَّمْرِينِ وَقَالَهُ فِي الصَّلَاةِ لَنَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِينَ سَأَلَتْهُ الْمَرْأَةُ عَنِ الصَّغِيرِ أَلِهَذَا حَجٌّ؟ قَالَ نَعَمْ وَلَكِ أَجْرٌ وَقِيَاسًا عَلَى صَوْمِ الْبَالِغِ وَإِذَا قُلْنَا يَصُومُ عِنْدَ الْقُدْرَةِ فَأَفْطَرَ وَهُوَ يَقْدِرُ أُمِرَ بِالْقَضَاءِ عِنْدَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَعَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ فِي الصَّبِيَّةِ تُجَامَعُ فَتُصَلِّي بِغَيْرِ غُسْلٍ لَا تَقْضِي مَا خَرَجَ وَقْتُهُ مِنَ الصَّلَاةِ وَلَا تَقْضِي الصَّوْمَ فَإِنْ أَفْطَرَ عَجزا أَمر بِالْقضَاءِ عِنْد عبد الْملك وَأَن لَا يقْضِي أحسن

(الباب التاسع في الاعتكاف)

(الْبَابُ التَّاسِعُ فِي الِاعْتِكَافِ) وَأَصْلُهُ الِاحْتِبَاسُ وَالْعَكْفُ الْحَبْس وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {وَالْهَدْي معكوفا} {وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا} {وَأَنْتُم عاكفون فِي الْمَسَاجِد} وَعَكَفَ يَعْكُفُ بِضَمِّ الْكَافِ وَكَسْرِهَا وَهُوَ فِي الشَّرْعِ الِاحْتِبَاسُ فِي الْمَسَاجِدِ لِلْعِبَادَةِ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ وَفِيهِ خَمْسَةُ فُصُولٍ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي شُرُوطِهِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ اللُّبْثُ فِي الْمَسْجِدِ خِلَافًا لِابْنِ لُبَابَةَ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا السُّنَّةُ عَلَى الْمُعْتَكِفِ أَلَّا يَعُودَ مَرِيضًا وَلَا يَشْهَدَ جِنَازَةً وَلَا يَمَسَّ امْرَأَةً وَلَا يُبَاشِرَهَا وَلَا يَخْرُجَ لِحَاجَةٍ إِلَّا لِمَا بِذِمَّتِهِ وَلَا اعْتِكَافَ إِلَّا بِصَوْم

وَلَا اعْتِكَافَ إِلَّا فِي مَسْجِدٍ جَامِعٍ وَفِي الْكِتَابِ يَخْرُجُ لِغُسْلِ الْجُمُعَةِ وَغُسْلِ الْجَنَابَةِ وَلَا يَغْسِلُ ثَوْبَهُ إِذَا خَرَجَ وَيَخْرُجُ لِشِرَاءِ الطَّعَامِ ثُمَّ يَرْجِعُ عَنْهُ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ إِعْدَادُ ذَلِكَ وَالِاسْتِنَابَةُ فِيهِ قَالَ سَنَدٌ وَإِذَا قُلْنَا يَخْرُجُ فَلَا يَتَحَدَّثُ مَعَ أَحَدٍ فَإِنْ فَعَلَ وَطَالَ قَطَعَ التَّتَابُعَ وَإِنْ تَحَدَّثَ مِنْ غَيْرِ وُقُوفٍ لَمْ يَضُرَّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ إِنْ خَرَجَ لِدَيْنٍ لَهُ أَوْ غَلَبَهُ أَحَدٌ فَسَدَ اعْتِكَافُهُ لِإِعْرَاضِهِ عَنْ مُلَازَمَةِ الْعِبَادَةِ الَّتِي هِيَ رَفِيقَة الِاعْتِكَافِ قَالَ سَنَدٌ وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ إِنْ أَكْرَهَهُ الْقَاضِي أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَسْتَأْنِفَ فَإِنْ بَنَى أَجْزَأَهُ لِعَجْزِهِ عَنْ دَفْعِ الْإِكْرَاهِ كَقَضَاءِ حَاجَةِ الْإِنْسَانِ قَالَ مَالِكٌ الْإِمَامُ أَطْلَقَهُ حَتَّى يخرج إِذا لم يعْتَكف فِرَارًا فَإِن نفذ صَبْرُ صَاحِبِ الدَّيْنِ أَوْ طَالَتِ الْمُدَّةُ أَحْضَرَهُ أَوْ وَكِيلُهُ وَيُؤَخِّرُهُ فِي الْحَدِّ لِأَنَّهُ يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ فَإِنْ أَخْرَجَهُ جَازَ لِوُجُوبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَيُؤَدِّي الشَّهَادَةَ فِي الْمَسْجِدِ وَلَا يَخْرُجُ وَفِي الْكِتَابِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِطَ مَا يُغَيِّرُ سُنَّةَ الِاعْتِكَافِ وَلَا أَنَّهُ مَتَى شَاءَ خَرَجَ وَلَا تَعْتَكِفُ الْمَرْأَةُ فِي مَسْجِدِ بَيْتِهَا وَقَالَهُ ابْن حَنْبَل خلافًا (ل ح وش) مُحْتَجَّيْنِ بِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ فَلَمَّا انْصَرَفَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي أَرَادَ أَن يعْتَكف فِيهِ وجد أخببة خِبَاءَ عَائِشَةَ وَخِبَاءَ حَفْصَةَ وَخِبَاءَ زَيْنَبَ فَلَمَّا رَآهَا سَأَلَ عَنْهَا فَقِيلَ لَهُ هَذَا خِبَاءُ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ وَزَيْنَبَ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - آلْبِرَّ تَقُولُونَ بِهِنَّ ثُمَّ انْصَرَفَ فَلَمْ يَعْتَكِفْ حَتَّى اعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ حُجَّةٌ لَنَا مِنْ جِهَةِ فِعْلِهِنَّ لِذَلِكَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ مَعْلُومٌ عِنْدَهُمْ وَإِنْكَارُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَمْ يُصَرَّحْ فِيهِ بِأَنَّهُ لِلْمَسْجِدِ بَلْ لِكَوْنِهِنَّ قصدن الْقرب مِنْهُ غيرَة عَلَيْهَا فَخَشِيَ عَلَيْهِنَّ ذَهَابَ الْأَجْرِ وَلِأَنَّهُ شَرْطٌ لِلرِّجَالِ فَيَكُونُ لِلنِّسَاءِ كَالْجُمُعَةِ وَفِي الْكِتَابِ مَنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ لَا يَعْتَكِفُ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ وَإِلَّا فَفِي أَيِّ

مَسْجِدٍ شَاءَ قَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ وَ (ح) لَا يَعْتَكِفُ إِلَّا فِي مَسْجِدٍ تُقَامُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ لِوُجُوبِهَا عِنْدَ ابْنِ حَنْبَلٍ وَتَرْكِ فَضِيلَتِهَا عِنْدَ (ح) لَنَا عُمُومُ قَوْله تَعَالَى {وَأَنْتُمْ عاكفون فِي الْمَسَاجِد} قَالَ سَنَدٌ فَإِنِ اعْتَكَفَ فِي غَيْرِ الْجَامِعِ فَأَتَتِ الْجُمُعَةُ خَرَجَ اتِّفَاقًا وَيَبْطُلُ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّهُ أَدْخَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَقَالَهُ (ش) وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ الصِّحَّةُ وَقَالَهُ (ح) لِأَنَّ الْخُرُوجَ إِلَيْهَا مُسْتَثْنًى شَرْعًا كَمَا اسْتُثْنِيَ لِلْغَائِطِ طَبْعًا فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ يُخْتَلَفْ فِي بُطْلَانِ اعْتِكَافِهِ بِالْمَعْصِيَةِ الصَّغِيرَةِ أَوْ لَا يَبْطُلُ إِلَّا بِالْكَبِيرَةِ وَإِذَا خَرَجَ قَالَ مَالِكٌ يَتِمُّ اعْتِكَافُهُ بِالْجَامِعِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَعُودُ إِلَى مَسْجِدِهِ لِتَعَيُّنِهِ بِاعْتِكَافِهِ وَلِأَنَّهُ لَوْ خَرَجَ إِلَى الْبَوْلِ لَا يَدْخُلُ مَسْجِدًا هُوَ أَقْرَبُ مِنَ الْأَوَّلِ وَلَوْ كَانَتِ الْأَيَّامُ لَا تَأْتِي فِيهَا الْجُمُعَةُ فَمَرِضَ فَخَرَجَ ثُمَّ رَجَعَ لِتَكْمِيلِ الِاعْتِكَافِ فَأَتَتِ الْجُمُعَةُ فِيهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوَّلِ لِذَهَابِ الْمُتَابَعَةِ وَفَرَّقَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَلَوْ كَانَتِ الْأَيَّامُ تَأْتِي فِيهَا الْجُمُعَةُ فَحَدَثَ لَهُ عُذْرٌ يُسْقِطُهَا صَحَّ اعْتِكَافُهُ وَفِي الْكِتَابِ يَعْتَكِفُ فِي عَجُزِ الْمَسْجِدِ وَرِحَابِهِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي صُعُودِ الْمُؤَذِّنِ السَّطْحَ وَالْمَنَارَ بِالْكَرَاهَةِ وَالْإِبَاحَةِ وَالْأَوَّلُ الْمَشْهُورُ قَالَ سَنَدٌ الرَّحَبَةُ مَا كَانَ مُضَافًا إِلَى الْمَسْجِدِ وَإِنْ كَانَ خَارِجَهُ وَيَكُونُ لَهَا حُكْمُ الْمَسْجِدِ وَقَالَ الْبَاجِيُّ مَعْنَاهُ دَاخِلَ الْمَسْجِدِ وَلَا يَصِحُّ خَارِجَهُ وَظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ خِلَافُهُ وَأَجَازَ مَالِكٌ لِمَنِ اعْتَكَفَ بِمَكَّةَ دُخُولَ الْكَعْبَةِ لِأَنَّهَا فِي حكم الْمَسْجِد الشَّرْط الثَّانِي الصَّوْم وَقَالَهُ (ح) خِلَافًا (لِ ش) مُحْتَجًّا بِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الْأُوَّلَ مِنْ شَوَّالٍ وَيَوْمُ الْفِطْرِ لَا صَوْمَ فِيهِ وَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَالَ لَهُ أَوْفِ بِنَذْرِكَ وَاللَّيْلُ لَا صَوْمَ فِيهِ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ شَرْطًا فِي اعْتِكَافِ اللَّيْلِ فَلَا يَكُونُ بِالنَّهَارِ إِذْ لَا أَثْنَاءَ الْعِبَادَةِ وَلِأَنَّهُ لُبْثٌ فِي مَكَانٍ مَخْصُوصٍ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الصَّوْمُ قِيَاسًا عَلَى الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أنَّ خُرُوجَ يَوْمِ الْفِطْرِ مِنَ الْعَشْرِ لَا يُعَدُّ بِإِطْلَاقِ لَفْظِ

الْعَشْرِ عَلَيْهِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الدَّارَقُطْنِيَّ رَوَى أَوْفِ بِنَذْرِكَ وَصُمْ أَوْ أنَّ الصَّوْمَ كَانَ أَوَّلَ الْإِسْلَامِ بِاللَّيْلِ وَلَعَلَّ ذَلِكَ قَبْلَ نَسْخِهِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ كَالنِّيَّةِ الْفِعْلِيَّةِ وَعَنِ الرَّابِعِ قَلَّبَهُ عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُ لُبْثٌ فِي مَكَانٍ مَخْصُوصٍ فَلَا يُسْتَدَلُّ بِهِ قِيَاسًا عَلَى الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ لَنَا حَدِيثُ عَائِشَةَ الْمُتَقَدِّمُ وَأَجْمَعْنَا لَوْ نَذَرَ الِاعْتِكَافَ صَائِمًا لَزِمَهُ الصَّوْمُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ شَرْطًا لَمَا لَزِمَ كَمَا لَوْ نَذَرَ الِاعْتِكَافَ مُتَصَدِّقًا لَأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا لَيْسَ قُرْبَةً بِالشَّرْعِ وَكُلُّ وَاحِدٍ قُرْبَةٌ عَلَى حِدَتِهِ وَأَمَّا نَذْرُهُ الْحَجَّ مَاشِيًا فَإِنَّ الْمَشْيَ مُكَمِّلٌ الْحَجَّ بِالتَّوَاضُعِ فِيهِ وَإِلَّا فَالْأَصْلُ أَنَّ هَذِهِ الْأَحْوَالَ لَا تَلْزَمُ فِي النُّذُورِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَسَوَاءً كَانَ الصَّوْمُ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ كَالطَّهَارَةِ شَرْطٌ فِي الصَّلَاةِ وَقَدْ تُفْعَلُ لِغَيْرِهَا قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَلَهُ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ وَكُلِّ صَوْمٍ وَاجِبٍ وَإِنْ نَذَرَ الِاعْتِكَافَ فَلَا يَعْتَكِفْهُ فِي صَوْمٍ وَاجِبٍ لِإِيجَابِ النَّذْرِ الصَّوْمَ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَهُ أَنْ يَجْعَلَهُ فِي صِيَامِ النَّذْرِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَلَوِ اعْتَقَدَ أَنَّهُ يَجْعَلُهُ فِي صَوْمٍ وَاجِبٍ أَوْ كَانَ يَجْهَلُ أَنَّ الصَّوْمَ شَرْطٌ جَازَ أَنْ يَجْعَلَهُ فِي أَيِّ صَوْمٍ شَاءَ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى أَجَازَ مَالِكٌ جَعْلَهُ فِي أَيِّ صَوْمٍ شَاءَ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ لِأَنَّهُ لَوْ نَذَرَ صَلَاةً لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَطَهَّرَ لَهَا بَلْ يَكْتَفِي بِطَهَارَةِ غَيْرِهَا وَفِي الْكِتَابِ إِنْ أَفْطَرَ مُتَعَمِّدًا انْتَقَضَ اعْتِكَافُهُ أَوْ نَاسِيًا اعْتَكَفَ يَوْمًا مَكَانَهُ وَوَصَلَهُ بِاعْتِكَافٍ فَإِنْ لَمْ يَصِلْهُ ابْتَدَأَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ ذَلِكَ فِي النَّذْرِ أَمَّا التَّطَوُّعُ فَلَا قَضَاءَ مَعَ النِّسْيَانِ قَالَ يُحْتَمَلُ أْنَ يَكُونَ خِلَافًا لِقَوْلِ مَالِكٍ أَوْ وِفَاقًا وَحَكَاهُ سَنَدٌ خِلَافًا عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ وَالْفَرْقُ لِمَالِكٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّطَوُّعِ بِالصَّوْمِ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ بِنِيَّةِ الدُّخُولِ كَمَا يَتَعَيَّنُ بِالنَّذْرِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ إِنْ عَجَزَ عَنِ الصَّوْمِ لِمَرَضٍ خَرَجَ فَإِذَا صَحَّ بَنَى فَإِنْ فَرَّطَ فِي الْبِنَاءِ ابْتَدَأَ فَإِن صَحَّ فِي بعض النَّهَار وَقَوي عَن الصَّوْمِ دَخَلَ حِينَئِذٍ وَلَا يُؤَخِّرُ ذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ وَإِذَا طَهُرَتِ الْحَائِضُ رَجَعَتْ حِينَئِذٍ فَإِنْ

كَانَ يَوْمُ الْفِطْرِ فِي مُدَّةِ اعْتِكَافِهِ وَصَحَّ قَبْلَهُ بِيَوْمٍ يَرْجِعُ وَلَا يَبِيتُ لَيْلَةَ يَوْمِ الْفِطْرِ فِي مُعْتَكَفِهِ فَإِذَا قَضَى يَوْمَ الْفِطْرِ عَادَ وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ يَرْجِعُ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ وَلَا يَعْتَدُّ بِذَلِكَ الْيَوْمِ قَالَ سَنَدٌ إِنْ كَانَ مَرَضُهُ لَا يُلْزِمُهُ الْخُرُوجَ مِنَ الْمَسْجِدِ وَجَبَتِ الْإِقَامَةُ لِيَأْتِيَ مِنَ الْعِبَادَةِ بِالْمُمْكِنِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ يَخْرُجُ حَتَّى يَقْدِرَ عَلَى الصَّوْمِ فَلَا اعْتِكَافَ إِلَّا بِصَوْمٍ وَقَدْ خَرَّجَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى هَذَا أَنَّهُ إِذَا صَحَّ أَوْ طَهُرَتْ فِي بَعْضِ النَّهَارِ لَا يَرْجِعَانِ لِعَدَمِ الصَّوْمِ وَالْفَرْقُ أَنَّ طُرُوَّ الْعُذْرِ مُمْكِنُ الدَّوَامِ فَيَبْقَى مُدَّةً مُعْتَكِفًا بِغَيْرِ صَوْمٍ بِخِلَافِ ارْتِفَاعِهِ فَإِنَّهُ يَتَعَقَّبُهُ الصَّوْمُ مِنَ الْغَدِ فَلَا يُمْنَعُ كَمَا لَوْ زَالَ الْعُذْرُ بِاللَّيْلِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ لَيْلِ الْفِطْرِ وَغَيْرِهِ أَنَّ سَائِرَ اللَّيَالِي وَقْتٌ لِابْتِدَاءِ الِاعْتِكَافِ فَيَكُونُ وَقْتًا لِاسْتِدَامَتِهِ وَأَنَّ سَائِرَ اللَّيَالِي قَابِلٌ لِنِيَّةِ الصَّوْمِ بِخِلَافِ الْفِطْرِ وَإِذَا قُلْنَا لَا يَخْرُجُ لَيْلَةَ الْعِيدِ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ فَقَدْ خَالَفَ سَحْنُونٌ فِي الْخُرُوجِ إِلَى الصَّلَاةِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْخُرُوجِ إِلَى الْجُمُعَةِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ فِيمَنِ اعْتَكَفَ الْعَشْرَ فَمَرِضَ إنَّهُ يَقْضِي أَيَّامَ الْمَرَضِ بعد الْعِيد أَن الِاعْتِكَاف الْمعِين بِخِلَاف الصّيام الْمُعَيَّنِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الِاعْتِكَافَ أَشْبَهُ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ لِتَعَلُّقِهِ بِالْمَسْجِدِ وَبَقَائِهِ مَعَ الْمَرَضِ كَبَقَاءِ الْإِحْرَامِ مَعَ فَوَاتِ الْحَجِّ وَفَسَادِهِ وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُ مُتَابَعَتُهُ بِالنِّيَّةِ كَمَا يَلْزَمُ بِالْبَدَنِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ وَقَدْ قَالَ سَحْنُونٌ يَقْضِي اعْتِكَافَ رَمَضَانَ لِوُجُوبِ قَضَاءِ صَوْمِهِ وَصَيْرُورَةِ الِاعْتِكَافِ مَعَهُ كَالْعِبَادَةِ الْوَاحِدَةِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَلَوِ اسْتَغْرَقَ الْمَرَضُ أَوِ الْحَيْضُ جَمِيعَ الْعَشْرِ الَّذِي نَوَاهُ أَوْ نَذَرَهُ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ عِنْدَ سَحْنُونٍ فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ لِأَنَّ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ إِذَا نَذَرَهُمَا فِي سَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ فَمَرِضَ لَا يَقْضِيهِمَا وَعِنْدَ ابْنِ عَبْدُوسٍ يَقْضِي فِي الْمَوْضِعَيْنِ تَوْفِيَةً بِالسَّبَبِ وَعَلَى أَصْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ إِنْ قَصَدَ بِنَذْرِ الْأَيَّامِ أَمْرًا يَخْتَصُّ بِهَا لَمْ يَقْضِ وَإِلَّا قَضَى قَالَ الْبَاجِيُّ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ لَا يَقْضِي فِي غَيْرِ رَمَضَانَ وَإِذَا رَجَعَتِ الْحَائِضُ وَالْمَرِيضُ فِي بَعْضِ النَّهَارِ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُعْتَدُّ بِذَلِكَ الْيَوْمِ لِعَدَمِ الصَّوْمِ فَإِنْ طَهُرَتْ

قَبْلَ الْفَجْرِ اغْتَسَلَتْ وَنَوَتْ وَدَخَلَتِ الْمُعْتَكَفَ حِينَ تُصْبِحُ وَيُجْزِيهَا عِنْدَ مَالِكٍ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يُجْزِيهَا حَتَّى تَدَخُلَ أَوَّلَ اللَّيْلِ كَابْتِدَاءِ الِاعْتِكَافِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي الِابْتِدَاءِ فَعِنْدَ سَحْنُونٍ لَا يُجْزِيهِ إِلَّا مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ وَعِنْدَ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ يُجْزِيهِ وَإِذَا قُلْنَا بِالْإِجْزَاءِ فَفَرَّطَتْ اسْتَأْنَفَتِ الِاعْتِكَافَ الشَّرْطُ الثَّالِثُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْعِبَادَةِ اللَّائِقَةِ بِالِاعْتِكَافِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ الِاقْتِصَارُ عَلَى الصَّلَاةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ وَمَذْهَبُ ابْنِ وَهْبٍ جُمْلَةُ الْأَعْمَالِ الْمُخْتَصَّةِ بِالْآخِرَةِ كَمُدَارَسَةِ الْعِلْمِ وَعِيَادَةِ الْمَرْضَى وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ إِذا انْتهى إِلَيْهَا الزِّحَامُ بِخِلَافِ الْحُكْمِ بَيْنَ النَّاسِ وَالْإِصْلَاحِ بَيْنَهُمْ سُؤَالٌ مَنَعَهُ فِي الْكِتَابِ مِنَ الْجِنَازَةِ وَجَوَّزَ لِلْمُتَنَفِّلِ فِي الصَّلَاةِ الرَّدَّ عَلَى الْمُؤَذِّنِ كِلَاهُمَا أَدْخَلَ فِي الْعِبَادَةِ مَا لَيْسَ مِنْهَا جَوَابُهُ أَنَّ الْمَسْجِدَ لَمْ يُوضَعْ لِلْجِنَازَةِ وَالصَّلَاةُ وَضِعَتْ لِلذِّكْرِ وَالرَّدُّ عَلَى الْمُؤَذِّنِ ذِكْرٌ وَفِي الْكِتَابِ لَا يُصَلِّي عَلَى الْجِنَازَةِ وَإِنِ انْتَهَى إِلَيْهِ الْمُصَلُّونَ وَلَا يَعُودُ مَرِيضًا فِي الْمَسْجِدِ وَلَا يُعَزِّي وَلَا يُهَنِّئُ وَلَا يَعْقِدُ نِكَاحًا فِي الْمَسْجِدِ إِلَّا أَنْ يَغْشَاهُ فِي مَجْلِسِهِ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا الْمُتَقَدِّمِ وَلِأَنَّ الِاعْتِكَافَ يَقْتَضِي عِبَادَةً مَخْصُوصَةً فَلَا يُدْخِلُ فِيهِ غَيْرَهَا قِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ وَلَهُ أَنْ يَأْمُرَ بِمَصْلَحَتِهِ ومصلحة أَهله وَيبِيع مَاله إِذَا كَانَ خَفِيفًا وَيُكْرَهُ خُرُوجُهُ لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ فِي بَيْتِهِ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ وَيَتَّخِذُ مَوْضِعًا بِقُرْبِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا خَرَجَ لِمَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ مِنْ جِهَادٍ أَوْ حَقٍّ أَوْ دَيْنٍ أَوْ إِكْرَاه

فَفِي بُطْلَانِ اعْتِكَافِهِ قَوْلَانِ قَالَ سَنَدٌ فَإِنْ خَرَجَ لِلْجِنَازَةِ أَوْ عِيَادَةِ مَرِيضٍ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ وَإِنْ صَلَّى عَلَيْهَا فِي الْمَسْجِدِ كُرِهَ وَلَا يَبْطُلُ كَمَا لَوْ دَعَا لِأَحَدٍ أَوْ تَحَدَّثَ مَعَهُ فَإِنْ مَاتَ مَعَهُ أَحَدٌ فِي الْمَسْجِدِ وَلَيْسَ مَعَهُ مَنْ يُجَهِّزُهُ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ وَيَتَخَرَّجُ بُطْلَانُ اعْتِكَافِهِ عَلَى مَنْ نَزَلَ عَلَيْهِ الْعَدُوُّ فَخَرَجَ لِلْجِهَادِ رَجَعَ مَالِكٌ إِلَى أَنَّهُ يَبْنِي بَعْدَ قَوْلِهِ يَبْتَدِئُ قَالَ مَالِكٌ وَيَجُوزُ ذَهَابُ بَعْضِ الْمُعْتَكِفِينَ إِلَى بَعْضٍ لِلْعَشَاءِ وَنَحْوِهِ وَيَشْتَرِي لَهُ طَعَامَهُ إِذَا اشْتَرَى طَعَامَ نَفْسِهِ وَإِذَا مَنَعْنَا عِيَادَةَ الْمَرْضَى فَمَرِضَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَخْرُجُ لِعِيَادَتِهِ لِوُجُوبِ بِرِّهِ وَيَبْتَدِئُ اعْتِكَافَهُ قَالَ مَالِكٌ وَلَا يَخْرُجُ مَعَ جِنَازَتِهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ عَدَمَ الْعِيَادَةِ يُسْخِطُهُمَا بِخِلَافِ التَّشْيِيعِ وَفِي الْكِتَابِ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ وَيَتَطَيَّبَ بِخِلَافِ الْحَجِّ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فِي الْعَقْدِ مِنْ وُجُوهٍ أَحَدُهُمَا طُولُ زَمَانِ الْحَجِّ فَيُخْشَى مِنَ الْعَقْدِ الْوَطْءُ الثَّانِي أَنَّ إِفْسَادَهُ أَعْظَمُ حَرَجًا الثَّالِثُ أَنَّهُ مُنِعَ فِي الْحَجِّ مِنَ الطِّيبِ وَالنَّظَافَةِ وَالزِّينَةِ فَمُنِعَ مِنَ الْعَقْدِ لِفَرْطِ التَّشْدِيدِ بِخِلَافِ الِاعْتِكَافِ وَفِي الْكِتَابِ لَا يَجْلِسُ مَجَالِسَ الْعِلْمِ وَلَا يَكْتُبُ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ إِلَّا الشَّيْءَ الْخَفِيفَ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ شُرِعَ لَهَا الْمَسْجِدُ فَلَا يُشْرَعُ فِيهَا كَالصَّلَاةِ وَالطَّوَافِ وَفِي الْكِتَابِ لَا يَأْخُذُ مِنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ وَإِنْ جَمَعَهُ أَلْقَاهُ لِحُرْمَةِ الْمَسْجِدِ قَالَ سَنَدٌ فَإِنْ فَعَلَ لَا يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ فَإِنْ كَانَ لَهُ حَاجِزٌ عَنِ النَّاسِ فَقَدْ خَفَّفَ لَهُ ابْنُ حَبِيبٍ فِي ذَلِكَ وَيَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَ يَدَهُ أَوْ رَأْسَهُ مِنَ الْمَسْجِدِ لِذَلِكَ وَإِذَا خَرَجَ لِغُسْلِ الْجُمُعَةِ فَلَهُ فِي بَيْتِهِ نَتْفُ الْإِبْطِ وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ وَحَلْقُ الْعَانَةِ

الفصل الثاني في المعتكف

لِلْجُمُعَةِ وَلَا تَجُوزُ لَهُ الْحِجَامَةُ وَالْفِصَادَةُ وَالْبَوْلُ وَالْغَائِطُ فِي الْمَسْجِدِ فَإِنْ فَعَلَ يُخْتَلَفُ فِي بُطْلَانِ اعْتِكَافِهِ نَظَرًا لِكَوْنِهِ كَبِيرَةً أَمْ لَا وَيُكْرَهُ لَهُ السِّوَاكُ مِنْ أَجْلِ مَا يُلْقِيهِ مِنْ فِيهِ فِي الْمَسْجِدِ وَكَرِهَ مَالِكٌ لِلْمُؤَذِّنِ إِقَامَةَ الصَّلَاةِ لِأَنَّهَا غَيْرُ فِعْلِ الِاعْتِكَافِ الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْمُعْتَكِفِ وَهُوَ كُلُّ مَنْ تَصِحُّ مِنْهُ الْعِبَادَةُ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ أَذِنَ لِرَقِيقِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ فِي الِاعْتِكَافِ فَلَيْسَ لَهُ قَطْعُهُ فَإِنْ نَذَرَهُ الْعَبْدُ فَمَنَعَهُ سَيِّدُهُ فَهُوَ عَلَيْهِ إِذَا أُعْتِقَ وَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ وَالْمَشْيُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ نَذَرَهُ الْمُكَاتَبُ وَهُوَ يَسِيرٌ لَا يَضُرُّ لَا يَمْنَعُهُ وَإِنْ أَضَرَّ بِالسَّعْيِ مَنَعَهُ قَالَ سَنَدٌ إِنْ لَمْ يَأْذَنْ لِلرَّقِيقِ فَهُوَ مُجْبَرٌ فِي قَطْعِهِ وَإِنْ أَذِنَ فِي النَّذْرِ الْمُطْلَقِ فَلَهُ الْمَنْعُ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْفَوْرِ وَإِنْ نَذَرَ مُعَيَّنًا بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَمَنَعَهُ فَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ يَقْضِيهِ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَإِنْ نَذَرَ الْأَيَّامَ لِمَعْنًى فِيهَا لَمْ يَقْضِ وَإِلَّا قَضَى وَأَسْقَطَهُ سَحْنُونٌ مُطْلَقًا وَالزَّوْجَةُ كَالْعَبْدِ وَإِذَا أَذِنَ لِلْمُكَاتَبِ فَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَالْعَجْزِ فَلِلسَّيِّدِ مَنْعُهُ الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي حُكْمِهِ وَفِي الْكِتَابِ لَمْ يَبْلُغْنِي عَنْ أَحَدٍ مِنَ السَّلَفِ أَنَّهُ اعْتَكَفَ إِلَّا أَبَا بَكْرِ بن

عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَلَيْسَ بِحَرَامٍ وَإِنَّمَا تَرَكُوهُ لِشِدَّتِهِ لِاسْتِوَاءِ لَيْلِهِ وَنَهَارِهِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ تَرَكُوهُ لِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ فِي حَقِّهِمْ لِأَنَّهُ كَالْوِصَالِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَفِي الْكِتَابِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ الِاعْتِكَافُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ فَسَأَلْتُهُ فَأَنْكَرَهُ وَقَالَ أَقَلُّهُ عَشْرَةُ أَيَّامٍ وَبِهِ أَقُولُ قَالَ سَنَدٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ أَنَّ أَقَلَّ مِنَ الْعَشَرَةِ لَا يَكُونُ مَشْرُوعًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّ ذَلِكَ الْأَحْسَنُ وَالْعَشَرَةُ هِيَ عَادَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلَا يَنْبَغِي مُجَاوَزَتُهَا لِلسُّنَّةِ وَإِنْ كَانَ فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اعْتَكَفَ الْعَامَ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ عِشْرِينَ يَوْمًا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَا بَأْسَ بِالْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ وَفِي الْجُلَّابِ أَقَلُّهُ يَوْمٌ وَالِاخْتِيَارُ عَشَرَةٌ وَفِي الْكِتَابِ مَنِ اعْتَكَفَ أَوَاخِرَ رَمَضَانَ دَخَلَ غُرُوبُ الشَّمْسِ وَلَا يَرْجِعُ إِلَى أَهْلِهِ حَتَّى يَشْهَدَ الْعِيدَ لِأَنَّهُ مَرْوِيٌّ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَعَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَإِنِ اعْتَكَفَ وَسَطَهُ رَجَعَ إِلَيْهِمْ آخِرَ أَيَّامِ الِاعْتِكَافِ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ خَرَجَ لَيْلَةَ الْفِطْرِ أَوْ فَعَلَ فِيهَا مَا يُبْطِلُ الِاعْتِكَافَ بَطَلَ اعْتِكَافه لَا تصالها بِهِ كَرَكْعَتَيِ الطَّوَافِ بِالطَّوَافِ وَقَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَقَالَ سَحْنُونٌ هَذَا خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بَلْ ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ قَالَ سَنَدٌ الدُّخُولُ مِنَ الْغُرُوبِ لِمَالِكٍ وَ (ش) وَ (ح) خِلَافًا لِابْنِ حَنْبَلٍ لِأَنَّ اللَّيْلَةَ أَوَّلُ الْيَوْمِ فَيَدْخُلُ قَبْلَ الْغُرُوبِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ جُمْلَةِ اللَّيْلَةِ فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ إِلَى الْفَجْرِ قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ أَجْزَأَهُ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَإِنْ كَانَ نَذْرًا لِأَنَّ الصَّوْمَ إِنَّمَا يَكُونُ بِالنَّهَارِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يَحْتَسِبُ بِهِ وَيَسْتَأْنِفُ عَشَرَةً بَعْدَهُ لِاسْتِوَاءِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فِي الِاعْتِكَافِ وَفِي الْجُلَّابِ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْفِطْرِ فِي اعْتِكَافِهِ خَرَجَ يَوْمَ الْفِطْرِ إِلَى أَهْلِهِ وَعَلَيْهِ حُرْمَةُ الِاعْتِكَافِ وَعَادَ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يَخْرُجُ وَيَكُونُ يَوْمُهُ كَلَيْلِ أَيَّامِ الِاعْتِكَافِ وَفِي الْكِتَابِ لَا يَعْتَكِفُ أَهْلُ الثُّغُورِ إِلَّا مَعَ الْأَمْنِ لِأَنَّ حِفْظَ الْمُسْلِمِينَ

أَوْلَى فَإِنِ اعْتَكَفَ وَنَزَلَ خَوْفٌ خَرَجَ فَإِنْ أَمِنَ ابْتَدَأَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَّا أَنَّهُ يَبْنِي كَالْمَرِيضِ وَالْجِوَارُ كَالِاعْتِكَافِ إِلَّا مَنْ جَاوَرَ نَهَارًا بِمَكَّةَ دُونَ اللَّيْلِ فَلَا يَلْزَمُهُ الصَّوْمُ وَلَا يُلْزَمُ بِالدُّخُولِ وَالنِّيَّةِ إِلَّا الْيَوْمَ الْأَوَّلَ وَالْجِوَارُ بِمَكَّةَ وَسَائِرِ الْمَسَاجِدِ قُرْبَةٌ تَلْزَمُ بِالنَّذْرِ قَالَ سَنَدٌ يُرِيدُ أَنَّ مَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُجَاوِرَ لَيْلًا وَنَهَارًا عِدَّةَ أَيَّامٍ فَهُوَ اعْتِكَافٌ بِلَفْظِ الْجِوَارِ وَلَوْ نَوَى جِوَارَ يَوْمٍ كَانَ لَهُ التَّرْكُ بَعْدَ الدُّخُولِ فِيهِ لِأَنَّ جِوَارَهُ عِبَادَةٌ وَلَيْسَ فِيهِ صَوْمٌ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا طُلِّقَتْ أَوْ تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَهِيَ مُعْتَكِفَةٌ أَتَمَّتِ اعْتِكَافَهَا وَقَالَ (ش) تَخْرُجُ لَيْلَتَهَا لَنَا أَنَّهَا عِبَادَةٌ سَبَقَتْ فَلَا تُقْطَعُ بِالْعِدَّةِ كَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ قَالَ سَنَدٌ فَإِنْ خَرَجَتْ بَطَلَ اعْتِكَافُهَا وَإِنْ تَقَدَّمَتِ الْعِدَّةَ وَتَرَكَتْ بَيْتَهَا وَاعْتَكَفَتْ صَحَّ اعْتِكَافُهَا كَالصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ وَمَنْ أَبْطَلَ الِاعْتِكَافَ بِكُلِّ ذَنْبٍ أَبْطَلَهُ هَهُنَا وَلَوِ اعْتَكَفَتْ فَحَاضَتْ فَخَرَجَتْ وَطُلِّقَتْ قَبْلَ الرُّجُوعِ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ تَرْجِعُ فَتَعْتَدُّ فِي الْمَسْجِدِ لِتَقَدُّمِ حَقِّ الْعِبَادَةِ وَفِي الْكِتَابِ يَجِبُ الِاعْتِكَافُ بِدُخُولِ الْمُعْتَكف الْمُعْتَكِفِ بِنِيَّةٍ فَيَلْزَمُهُ الْمَنْوِيُّ مِنَ الْأَيَّامِ خِلَافًا لِ (ش) أَوْ بِالنَّذْرِ لِأَنَّهُ أَشْبَهَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مِنْ جِهَةِ تَحْرِيمِ الْمُبَاشَرَةِ وَاشْتِرَاطِ الْمَسْجِدِ وَاللُّبْثِ فِي مَكَانٍ مَخْصُوصٍ فَيَجِبُ بِالشُّرُوعِ قِيَاسًا عَلَيْهَا وَلِأَنَّ الِاعْتِكَافَ مَعْنَاهُ لُغَةً الْمُلَازَمَةُ وَاللَّازِمُ هُوَ الَّذِي لَا يُفَارِقُ فَمَنْ نَوَى الِاعْتِكَافَ فَقَدْ نَوَى مَا لَا يَجُوزُ تَفْرِيقُهُ فَيَكُونُ مُتَتَابِعًا وَهُوَ الْمَطْلُوبُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ تَرَكَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَ النِّيَّةِ جَازَ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ فَإِنْ نَوَى عِدَّةً مُنْقَطِعَةً لَمْ يَلْزَمْهُ إِلَّا الَّذِي شَرَعَ فِيهِ

الفصل الرابع في مبطلاته

الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي مُبْطِلَاتِهِ وَهِيَ سِتَّةٌ الْأَوَّلُ مُبَاشَرَةُ النِّسَاءِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا جَامَعَ أَوْ قَبَّلَ أَوْ بَاشَرَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا نَاسِيًا أَوْ مُتَعَمِّدًا فَسَدَ اعْتِكَافُهُ وَيَبْتَدِئُهُ وَقَالَهُ (ح) وَابْنُ حَنْبَلٍ وَخَالَفَ (ش) فِي الْوَطْءِ سَاهِيًا لِأَنَّهُ عَلَى أَصْلِهِ لَا يُبْطِلُ الصَّوْمَ لَنَا قَوْله تَعَالَى {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِد} فَنَهَى عَنْ مُطْلَقِ الْمُبَاشَرَةِ فَيَعُمُّ قَالَ سَنَدٌ إِنْ وَقَعَ اللَّمْسُ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِجْمَاعًا وَفِي الْمُوَطَّأِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُدْنِي إِلَيَّ رَأْسَهُ فَأُرَجِّلُهُ وَلَوْ مَرِضَ الْمُعْتَكِفُ فَبَاشَرَ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ وَكَذَلِكَ لَوْ حَاضَتِ الْمَرْأَةُ فَخَرَجَتْ فَوَطِئَهَا زَوْجُهَا قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ فِيهِمَا لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مُبِيحٌ لِلْمُبَاشَرَةِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ وَلَوْ كَانَتْ مُكْرَهَةً كَمَا يَبْطُلُ الصَّوْمُ مَعَ الْإِكْرَاهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَهَا أَنْ تَتَصَرَّفَ فِي حَوَائِجِهَا وَتَصْنَعَ مَا أَرَادَتْ إِلَّا الْمُبَاشَرَةَ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ ذَلِكَ كَانَ لِلِاشْتِغَالِ بِالْمَسْجِدِ وَقَدْ فَاتَتْ وَمَنَعَهَا سَحْنُونٌ لِبَقَاءِ حُرْمَةِ الِاعْتِكَافِ وَفِي الْكِتَابِ تَأْكُلُ امْرَأَتُهُ مَعَهُ فِي الْمَسْجِدِ وَتُحَدِّثُهُ وَتُصْلِحُ شَأْنَهُ مَا لَمْ يَلْتَذَّ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا وَفِي الْجَوَاهِرِ الثَّانِي وَالثَّالِثُ الرِّدَّةُ وَالسُّكْرُ قَارَنَا الِابْتِدَاءَ أَوْ طَرَيَا وَيَجِبُ الِاسْتِئْنَافُ الرَّابِعُ وَالْخَامِسُ الْجُنُونُ وَالْإِغْمَاءُ يُوجِبَانِ الْبِنَاءَ دُونَ الِاسْتِئْنَافِ وَقَالَ

الفصل الخامس في نذر الاعتكاف

سَنَدٌ إِنْ كَانَ فِي عَقْلِهِ عِنْدَ الْفَجْرِ أَوْ أَكْثَرِ النَّهَارِ أَجْزَأَهُ عَلَى مَا مَرَّ فِي الصَّوْمِ السَّادِسُ فِي الْجَوَاهِرِ الْكَبِيرَةُ مُبْطِلَةٌ عِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ وَإِنْ صَحَّ الصَّوْمُ كَالْقَذْفِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ قَبْلَ الْفَجْرِ قَالَهُ فِي الْكِتَابِ لِأَنَّ الِاعْتِكَاف غَايَة التبتل لِلْعِبَادَةِ فتنا فِيهِ الْمَعْصِيَةُ كَمَا قُلْنَا إنَّ الْمَطْلُوبَ مِنَ الصَّلَاةِ الْخُشُوعُ وَالتَّذَلُّلُ لِلَّهِ تَعَالَى فَتَبْطُلُ بِالتَّكَبُّرِ الْمُنَافِي لَهَا بِخِلَافِ غَيْرِهِ قَالَ سَنَدٌ وَسَوَاءً سَكِرَ أَمْ لَا وَلَوْ شَرِبَ لَبَنًا أَوْ دَوَاءً مُخَدِّرًا فَسَكِرَ كَذَلِكَ زَعَمَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ تَخْرِيجَهُ عَلَى الْخَمْرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِعَدَمِ الْعِصْيَانِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ وَرَأَى الْمَغَارِبَةُ أَنَّ الْكَبَائِرَ لَا تُبْطِلُهُ قِيَاسًا عَلَى الصَّوْمِ خِلَافًا لِلْبَغْدَادِيِّينَ الْفَصْلُ الْخَامِس فِي نذر الِاعْتِكَاف وَفِي الْكِتَابِ مَنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لَزِمَهُ ذَلِكَ أَوْ عُكُوفَ لَيْلَةٍ أَوْ يَوْمٍ لَزِمَهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ خِلَافًا لِ (ش) فِي الثَّانِي أَوْ عُكُوفَ شَهْرٍ لَا يُفَرِّقُهُ وَلْيَعْتَكِفْ ليله ونهاره واستتباع اللَّيْل وللنهار لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَأَتْبَعَهُ بِسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ وَلَمْ يَقُلْ بِسِتَّةٍ فَأَعْرَضَ عَنِ الْأَيَّامِ وَذَكَرَ اللَّيَالِيَ لِانْدِرَاجِ اللَّيْلَةِ فِي لَفْظِ الْيَوْمِ قَالَ سَنَدٌ فَلَوِ اقْتَصَرَ عَلَى النَّهَارِ لَا يُجْزِيهِ عِنْدَ سَحْنُونٍ خِلَافًا لِعَبْدِ الْوَهَّابِ وَرُوِيَ الْإِجْزَاءُ عَنْ مَالِكٍ وَلَوْ نَذَرَ عُكُوفَ بَعْضِ يَوْمٍ لَا يَصِحُّ عِنْدَنَا وَعِنْدَ ابْنِ حَنْبَلٍ خِلَافًا (ش) عَلَى أَصْلِهِ فِي عَدَمِ اشْتِرَاطِ الصَّوْمِ وَنَحْنُ عَلَى أَصْلِنَا فِي اشْتِرَاطِهِ وَكَانَ بَعْضُ السَّلَفِ إِذَا جَلَسَ فِي الْمَسْجِدِ سَاعَةً يَأْمُرُ جُلَسَاءَهُ بِنِيَّةِ الِاعْتِكَافِ لِيَحْصُلَ أَجْرُهُ

عَلَى رَأْيِ مَنْ يَعْتَقِدُهُ وَأَمَّا وُجُوبُ الْمُتَابَعَةِ فِي أَيَّامِهِ فَلِلسُّنَّةِ وَلِأَنَّ الِاعْتِكَافَ مَعْنَاهُ الْمُلَازَمَةُ وَالْمُلَازِمُ لَا يُفَارِقُ فَقَدْ تَنَاوَلَ لَفْظُهُ عَدَمَ التَّفْرِيقِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ مَنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ بِعَيْنِهِ فَمَرِضَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ أَفْطَرَهُ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ فَإِنْ حَاضَتِ الْمَرْأَةُ وَصَلَتِ الْقَضَاءَ بِاعْتِكَافِهَا قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ تَصِلِ ابْتَدَأَتْ قَالَ سَنَدٌ إِنْ حَاضَتْ أَوَّلَ الشَّهْرِ فَلَا قَضَاءَ إِلَّا يَوْمُ حَيْضِهَا على الْمَشْهُور وعَلى القَوْل بِالْقضَاءِ فبإنها لَا تَقْضِي عِنْدَ سَحْنُونٍ إِلَّا فِي رَمَضَانَ فَلَوْ مَرِضَتْ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ ثُمَّ حَاضَتْ قَضَتِ الْمُفَرَّطَ فِيهِ فَإِنْ مَرِضَتْ فِي وَسَطِهِ فَكَالْحَيْضِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ وَنَاذِرُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ كَنَاذِرِ الصَّوْمِ فِيهَا يَلْزَمُهُ الرَّابِعُ فَقَطْ قَالَ سَنَدٌ قَالَ أَبُو الْفَرَجِ تَلْزَمُهُ كُلُّهَا وَيَتَخَرَّجُ الْيَوْمُ الرَّابِعُ عَلَى جَوَازِ صَوْمِهِ وَنَاذِرُ الِاعْتِكَافِ بِمَسْجِدِ الْفُسْطَاطِ إِذَا اعْتَكَفَ بِمَكَّةَ أَجْزَأَهُ وَلَا يَجِبُ الْخُرُوجُ إِلَّا إِلَى مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ فَلَوْ نَذَرَهُ بِمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ لَمْ يُجْزِهِ بِالْفُسْطَاطِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَمَسْجِدِي هَذَا وَلَوْ نَذَرَهُ بِالْمَدِينَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ السَّعْيُ وَلَوْ كَانَ بِمَكَّةَ أَوْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا نَذَرَ صَوْمًا بِمَوْضِعٍ يَتَقَرَّبُ بِإِتْيَانِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى لَزِمَهُ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ بِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَمَنْ نَذَرَ اعْتِكَافًا بِسَاحِلٍ مِنَ السَّوَاحِلِ اعْتَكَفَ فِي مَوْضِعِهِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ لِأَنَّ الصَّوْمَ لَا يَمْنَعُهُ مِنَ الْحَرَسِ قَالَ سَنَدٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَ نَذْرِ الصَّوْمِ بِمَوْضِعٍ إِتْيَانُهُ قُرْبَةٌ وَبَيْنَ نَذْرِ الِاعْتِكَافِ بِالْفُسْطَاطِ أَنَّ الْمَسَاجِدَ فِي حُرْمَةِ الصَّلَوَاتِ سَوَاءٌ إِلَّا الثَّلَاثَةَ الَّتِي فِي الحَدِيث

وَسَدُّ الثُّغُورِ فِي الرِّبَاطِ يَخْتَصُّ فَضْلُهُ بِبَعْضِ الْمَوَاضِعِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا قَالَ أَعْتَكِفُ فِي هَذَا الشَّهْرِ فَسَدَ أَوَّلُهُ بِتَعَمُّدِ إِفْسَادِ آخِرِهِ وَاسْتَأْنَفَهُ مُتَتَابِعًا وَالشُّرُوعُ كَالنَّذْرِ وَفِي الْكِتَابِ مَنْ نَذَرَهُ ثُمَّ مَاتَ وَأَوْصَى بِالْإِطْعَامِ عَنْهُ أُطْعِمَ عَنْهُ عَدَدَ الْأَيَّامِ مُدًّا مُدًّا لِكُلِّ مِسْكِينٍ وَلَوْ نَذَرَهُ مَرِيضًا لَا يَسْتَطِيعُ الصَّوْمَ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ صِحَّتِهِ وَأَوْصَى بِالْإِطْعَامِ إِنْ لَزِمَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ سَنَدٌ وَلَا إِطْعَامَ فِي الِاعْتِكَافِ لَكِنْ لَمَّا أَوْصَى انْصَرَفَ إِلَى عُرْفِ الشَّرْعِ فِي الْإِطْعَامِ

(الباب العاشر في ليلة القدر)

(الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) اخْتُلِفَ فِي مَعْنَى هَذَا الْقَدْرِ فَقِيلَ الشَّرَفُ فَهِيَ شَرِيفَةٌ وَقِيلَ مِنَ التَّقْدِيرِ لِأَنَّهَا تُقَدَّرُ فِيهَا الْأَرْزَاقُ وَالْكَائِنَاتُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي قَوْله تَعَالَى {فِيهَا يفرق كل أَمر حَكِيم} قِيلَ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ وَقِيلَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ وَمَعْنَى ذَلِكَ عِنْدَ الْمَلَائِكَةِ الْمُوَكَّلَةِ بِهَا وَإِلَّا فَكُلُّ شَيْءٍ قَدْ قُدِّرَ فِي الْأَزَلِ وَمَعْنَى قَوْله تَعَالَى {خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} أَنَّ الْعَمَلَ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْعَمَلِ فِي أَلْفِ شَهْرٍ فَتَكُونُ الرَّكْعَةُ فِيهَا خَيْرًا مِنْ ثَلَاثِينَ أَلْفَ رَكْعَةٍ وَكَذَلِكَ سَائِرُ أَنْوَاعِ الْبِرِّ وَشُهُودِ مَغْرِبِهَا وَعِشَائِهَا وَخُصَّتْ بِهِ هَذِهِ الْأُمَّةُ لِقِصَرِ أَعْمَارِهَا لِيَحْصُلَ فِيهَا لَهُمْ مَا يَحْصُلُ فِي الْأَعْمَارِ الطَّوِيلَةِ لُطْفًا بِهَا قَاعِدَةٌ الْأَصْلُ فِي كَثْرَةِ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ وَقِلَّتِهِمَا كَثْرَةُ الْمَصَالِحِ أَوِ الْمَفَاسِدِ أَوْ قِلَّتُهَا وَقَدْ يُفَضِّلُ اللَّهُ تَعَالَى أَحَدَ الْمُسْتَوِيَيْنِ مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ عَلَى الْآخَرِ كَالْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ

السَّلَامُ خُصُّوا بِالنُّبُوَّةِ وَالدَّرَجَاتِ الْعُلْيَا بِمُجَرَّدِ تَفْضِيلِهِ تَعَالَى وَإِلَّا فَهُمْ قَبْلَ ذَلِكَ كَسَائِرِ الْبَشَرِ {إِنْ هُوَ إِلا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مثلا لبني إِسْرَائِيل} جَرَّدَهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَحَصَرَهُ فِي الْعُبُودِيَّةِ الْمَحْضَة بقوله {إِن هُوَ إِلَّا عبد} ثُمَّ أَفَاضَ عَلَيْهِ نِعَمَهُ بِقَوْلِهِ {أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ} وَكَمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ مَعَ سَائِرِ الْبِقَاعِ وَكَذَلِكَ الْأَزْمِنَةُ مُسْتَوِيَةٌ وَخَصَّ اللَّهُ تَعَالَى مَا شَاءَ بِمَا شَاءَ لَا لِأَمْرٍ رُجِّحَ فِيهَا بَلْ بِمُجَرَّدِ الْفَضْلِ نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى مِنْ عَظِيمِ فَضْلِهِ الَّذِي لَا يُعْطِيهِ غَيْرُهُ وَلَا يَمْلِكُهُ سِوَاهُ وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي زَمَانِهَا عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ قَوْلًا قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ الْأَوَّلُ لِابْنِ مَسْعُودٍ السَّنَةُ كُلُّهَا وَقِيلَ رَمَضَانُ كُلُّهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {شهر رَمَضَان الَّذِي أنزل فِيهِ الْقُرْآن} الثَّالِثُ لِابْنِ الزُّبَيْرِ لَيْلَةُ سَبْعَ عَشْرَةَ مِنْهُ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفرْقَان} وَكَانَ ذَلِكَ فِيهَا الرَّابِعُ لِأَبِي سَعِيدٍ إِحْدَى وَعِشْرُونَ لِرُؤْيَا النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ يَسْجُدُ فِي صَبِيحَتِهَا فِي مَاءٍ وَطِينٍ وَكَانَ فِيهَا الْخَامِسُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُوَيْسٍ ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ السَّادِسُ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ السَّابِعُ لِأُبَيٍّ سَبْعٌ وَعِشْرُونَ وَقَالَ أخبرنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ فِي

صَبِيحَتِهَا بَيْضَاءَ لَا شُعَاعَ لَهَا كَأَنَّ أَنْوَارَ الْخلق فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ تَغْلِبُهَا وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَحْلِفُ عَلَى أَنَّهَا فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ وَكَانَ يَقُولُ السُّورَةُ ثَلَاثُونَ كَلِمَةً فَإِذَا وَصَلْتَ إِلَى قَوْله تَعَالَى {هِيَ} فَهِيَ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ مِنْهَا وَكَانَ يَقُولُ خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ سَبْعٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {من سلالة من طين ثمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَة فِي قَرَار مكين ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} وَيَأْكُل فِي سبع لقَوْله تَعَالَى {وأنبتنا فِيهَا حبا وَعِنَبًا وَقَضْبًا وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا وَحَدَائِق غلبا وَفَاكِهَة وَأَبا} فَالْأَبُّ لِلْأَنْعَامِ وَالسَّبْعُ لِلْإِنْسَانِ وَيَسْجُدُ عَلَى سَبْعٍ وَالْأَرْضُونَ سَبْعٌ وَالسَّمَاوَاتُ سَبْعٌ وَالطَّوَافُ سَبْعٌ وَالْجِمَارُ سَبْعٌ الثَّامِنُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ التَّاسِعُ لِلْأَنْصَارِ أَنَّهَا فِي أَشْفَاعِ هَذِهِ الْأَفْرَادِ وَأَصْلُهُ عِنْدَهُمْ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اطْلُبُوهَا فِي تَاسِعَةٍ تَبْقَى قَالُوا هِيَ لَيْلَةُ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالْعَدَدِ مِنْكُمْ قَالَ سَنَدٌ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ فِي الْكِتَابِ وَ (ش) أَنَّهَا فِي جُمْلَةِ الْعَشْرِ لِمَا فِي أَبِي دَاوُد قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - التموسها فِي التَّاسِعَةِ وَالسَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْكِتَابِ مَعْنَاهُ لَيْلَةُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَخَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى نُقْصَانِ الشَّهْرِ وَأَمَّا مَعَ تَمَامِهِ فَلَيْلَةُ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَأَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَسِتٍّ وَعِشْرِينَ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَقِيلَ لِتِسْعٍ مَضَتْ وَسَبْعٍ مَضَتْ وَخَمْسٍ مَضَتْ

عُدَّتُ الْقَوْلِ الثَّانِيَ عَشَرَ الثَّالِثَ عَشَرَ لَيْلَةُ النِّصْفِ قَالَ سَنَدٌ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ وَيُبْطِلُهُ قَوْله تَعَالَى {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقدر} وقَوْله تَعَالَى {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآن} الرَّابِعَ عَشَرَ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ هِيَ فِي الْعَشْرِ الْوَسَطِ مِنْ رَمَضَانَ الْخَامِسَ عَشَرَ قَالَ سَنَدٌ قِيلَ ارْتَفَعَتْ بَعْدَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

(كتاب الزكاة)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (كِتَابُ الزَّكَاةِ) وَمَعْنَاهَا فِي اللُّغَةِ الزِّيَادَةُ مِنْ زَكَا يَزْكُو زَكَاءً بِالْمدِّ إِذا زَاد بِذَاتِهِ كَالزَّكَاةِ بِصِفَاتِهِ كَالْإِنْسَانِ وَمَا يُقْصَرُ مَعْنَاهُ الزَّوْجُ مِنَ الْعَدَدِ وَالْفَرْدِ سُمِّيَ الْمَأْخُوذُ مِنَ الْمَالِ زَكَاةً وَإِنْ كَانَ يَنْقُصُ لِأَنَّهُ يَزْكُو فِي نَفْسِهِ من اللَّهِ تَعَالَى لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ تَصَدَّقَ بِكَسْبٍ طَيِّبٍ وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ إِلَّا طَيِّبًا كَأَنَّمَا يَضَعهَا فِي كف الرحمان يُرَبِّيهَا لَهُ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ أَوْ لِأَنَّهُ يُزَكِّي الْمَالَ فَحَذَفَ مِنْ صِفَتِهِ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا فَرَضَ الزَّكَاةَ إِلَّا لِيُطَيِّبَ مَا بَقِيَ مِنْ أَمْوَالِكُمْ فَإِذَا لَمْ يَخْرُجْ كَانَ خَبِيثًا وَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ أَوْسَاخَ النَّاسِ وَفِي ذَاتِهِ بِالْبَرَكَةِ أَوْ لِأَنَّهُ يُزَكِّي الْمَأْخُوذَ مِنْهُ فِي صِفَتِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} (التَّوْبَة: 103) وَالْمَالُ الْمَصْرُوفُ لِلدَّارِ الْآخِرَةِ فَإِنَّهُ يُضَافُ إِلَيْهِ فَيَزِيدُ فِيهِ وَهُوَ الْمَالُ الْمُعْتَبَرُ فِي الْحَقِيقَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ} (النَّحْل: 96) وَكَانَ بَعْضُ السَّلَفِ يَقُول للسَّائِل مرْحَبًا بِمن يوفر مالنا لدارنا أَو لِأَنَّهُ يُؤْخَذ من الْأَمْوَال التَّامَّة الزَّاكِيَةِ بِذَاتِهَا كَالْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ أَوْ

بِغَيْرِهَا كَالنَّقْدَيْنِ فَالْأَوَّلُ مِنْ مَجَازِ التَّشْبِيهِ وَالثَّانِي مِنْ مَجَازِ إِعْطَاءِ الْمُسَبِّبِ الْمَادِّيِّ وَالثَّالِثُ مِنْ مَجَازِ إِعْطَاءِ الْمُسَبِّبِ حُكْمَ السَّبَبِ الْغَامِضِ وَالرَّابِعُ مِنْ مَجَازِ التَّشْبِيهِ إِنْ جَعَلْنَا الزِّيَادَةَ حَقِيقَةً فِي الْأَجْسَامِ دُونَ الْمَعَانِي وَإِلَّا فَهُوَ حَقِيقَةٌ وَالْخَامِسُ مِنْ مَجَازِ إِعْطَاءِ الْمُسَبِّبِ حُكْمَ السَّبَبِ الْمَادِّيِّ عَنْ حَقِيقَتِهِ خِلَافَ مَا تَقَدَّمَ فِي الثَّانِي قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ مِنَ الزَّكَاةِ مَعْرُوفُ الْمَالِ فَعَلَى هَذَا هِيَ حَقِيقَةٌ وَيَكُونُ اللَّفْظُ يشْتَرك بَيْنَ الزِّيَادَةِ وَالْمَعْرُوفِ وَتُسَمَّى صَدَقَةً فِي قَوْله تَعَالَى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بهَا} (التَّوْبَة: 103) من التَّصْدِيق حَقًا فِي قَوْله تَعَالَى {وآتو حَقه يَوْم حَصَاده) {الْأَنْعَام: 141) لِأَن هُوَ الثَّابِتُ وَهُوَ الثَّابِتُ بِوُجُوبِهَا وَسُمِّيَتْ عَفْوًا فِي قَوْله تَعَالَى {خُذِ الْعَفْوَ} (الْأَعْرَاف: 199) لِأَنَّ الْعَفو فِي اللُّغَة الزِّيَادَة أَي الزِّيَادَة عَلَى الْغِنَى قَاعِدَةٌ الْأَصْلُ فِي كَثْرَةِ الثَّوَابِ وَالْعِقَاب أَو قلتهما وَقَدْ تَسْتَوِي مَصْلَحَةُ الْفِعْلَيْنِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَيُوجب الله تَعَالَى أَوْ عَلَيْهِ وَيَجْعَلُ ثَوَابَهُ أَتَمَّ أَجْرًا فَإِنَّ دِرْهَمًا مِنَ الزَّكَاةِ مُسَاوٍ فِي الْمَصْلَحَةِ لِدِرْهَمٍ من تَعَالَى أَن لَمْ يُوجِبْهُ لَتَقَاعَدَ الْأَغْنِيَاءُ عَنْ بِرِّ الْفُقَرَاءِ فِيهِ فيهلكوا وَعظم أجره ترغيباً فِي إكرامه وَدَفْعِهِ وَمِنْ تَفْضِيلِ التَّسَاوِي بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَالصَّوْم فِي رَمَضَان فان كَانَ أَيَّامًا مِنْ غَيْرِهِ وَإِنَّ الْقِرَاءَةَ وَالْأَذْكَارَ فِي الْفَرْضِ أَفْضَلُ مِنْ مِثْلِهَا فِي النَّفْلِ وَتَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ مَعَ سَائِرِ التَّكْبِيرَاتِ وَالْأَذْكَارِ فِي الْقُرْآنِ إِذَا قُصِدَ بِهَا غَيْرُ الْقُرْآنِ جَازَتْ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ بَلْ قَدْ يَكُونُ النَّفْلُ أَعْظَمَ مَصْلَحَةً مِنَ الْوَاجِبِ كَالتَّصَدُّقِ بِشَاةٍ سَمِينَةٍ وَالتَّزْكِيَةِ بِدُونِهَا وَالتَّصَدُّقِ بِحِقَّةٍ وَالتَّزْكِيَةِ بِبِنْتِ مَخَاضٍ مَعَ الْقَطْعِ بِأَنَّ ثَوَابَ الْوَاجِبِ أَتَمُّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَلَنْ يَتَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِمِثْلِ أَدَاءِ مَا افْتَرَضْتُهُ عَلَيْهِ

وَهَذَا الْحَدِيثُ مَعْمُولٌ بِهِ إِذَا تَسَاوَى الْفَرْضُ وَالنَّفْلُ أَمَّا إِذَا تَفَاوَتَا بِالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ مِثْلَ التَّزْكِيَة بِشَاة وَالتَّصَدُّق بِعشْرَة الاوساة فَيحمل أَنْ يَكُونَ الْفَرْضُ أَفْضَلَ وَيُحْتَمَلُ الْعَكْسُ وَفِيهِ مُخَالفَة ظَاهر الحَدِيث وَلَيْسَ فِي الْتِزَام وَبعد كَثِيرٌ كَمَا فَضَّلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْأُمَّةَ مَعَ قِلَّةِ عَمَلِهَا عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَسَائِرِ الْأُمَمِ وَالصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدَيْنِ عَلَى الصَّلَاةِ الْكَثِيرَةِ فِي سَائِرِ الْمَسَاجِدِ تَنْبِيهٌ أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى الزَّكَاةَ شُكْرًا لِلنِّعْمَةِ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ وَسَدًّا لِخَلَّةِ الْفُقَرَاءِ وَكَمَّلَ هَذِهِ الْحِكْمَةَ بِتَشْرِيكِهِ بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ وَالْفُقَرَاءِ فِي أَعْيَانِ الْأَمْوَالِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ حَتَّى لَا تَنْكَسِرَ قُلُوبُ الْفُقَرَاءِ بِاخْتِصَاصِ الْأَغْنِيَاءِ بِتِلْكَ الْأَمْوَالِ وَمُتَعَلَّقَاتُهَا فِي الشَّرْعِ سِتَّةٌ النَّقْدَانِ وَالْمَاشِيَةُ وَالْحَرْثُ وَالتِّجَارَةُ وَالْمَعَادِنُ وَالْفِطْرُ وَلَمْ يُوجِبْهَا فِي غير هَذَا من نفائس على الْأَمْوَال ركُوبه فَاكْتَفَى بِتَزْكِيَةِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا فَإِنَّ الْغَالِبَ الرّفْع من النَّقْدَيْنِ فِي الْأَخْذ وَمِنَ الْحَرْثِ فِي الْأَرَاضِي وَأَمَّا الْجَوَاهِرُ فَلَا يملكهَا إِلَّا قَلِيل مِنَ النَّاسِ تَمْهِيدٌ قَالَ صَاحِبُ التَّلْقِينِ كُلُّ عَيْنٍ جَازَ بَيْعُهَا جَازَ تَعَلُّقُ الزَّكَاةِ بِهَا قَالُوا يُشْكِلُ بِالدُّورِ وَالْجَوَاهِرِ وَغَيْرِهَا فَإِنَّهَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَلَا يَجُوزُ تَعَلُّقُ الزَّكَاةِ بِهَا وَالْجَوَابُ أَنْ نَقُولَ كُلُّ مَا جَازَ بَيْعُهُ جَازَ أَنْ يَكُونَ تِجَارَةً وَكُلُّ مَا جَازَ أَنْ يَكُونَ تِجَارَةً جَازَ تَعَلُّقُ الزَّكَاةِ بِهِ يَنْتُجُ كُلُّ مَا جَازَ بَيْعُهُ جَازَ تَعَلُّقُ الزَّكَاةِ بِهِ بِالضَّرُورَةِ وَلَمْ يَقُلْ رَحِمَهُ اللَّهُ وَجَبَتِ الزَّكَاةُ فِيهِ وَإِنَّمَا قَالَ جَازَ تَعَلُّقُ الزَّكَاةِ بِهِ

قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ مَنْ جَحَدَ وُجُوبَهَا كثير كفر وَمن أقرّ ومنعها ضرب أخذت مِنْهُ كُرْهًا فَإِنِ امْتَنَعَ فِي جَمَاعَةٍ وَقُوَّةٍ قُوتِلُوا حَتَّى تُؤْخَذَ كَمَا فَعَلَ الصِّدِّيقُ رَضِيَ الله عَنهُ وَقَالَ ابْن حبيب من اعْتِرَاف بِالْوُجُوبِ وَامْتَنَعَ كَفَرَ كَمَا قَالَهُ فِي الصَّلَاةِ وَفِي الْكِتَابِ أَبْوَابٌ تِسْعَةٌ.

(الباب الأول في زكاة النقدين)

(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي زَكَاةِ النَّقْدَيْنِ) وَالنَّظَرُ فِي سَبَبِ الْوُجُوبِ وَشُرُوطِهِ وَمَوَانِعِهِ وَالْجُزْءِ الْوَاجِبِ وَالْوَاجِبِ عَلَيْهِ فَهَذِهِ خَمْسَةُ أَنْظَارٍ النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي التَّسَبُّبِ وَهُوَ أَنْ يَمْلِكَ نِصَابًا مِنَ الذَّهَبِ وَهُوَ عِشْرُونَ دِينَارًا مَسْكُوكَةً أَوْ غَيْرَ مَسْكُوكَةٍ أَوْ مِنَ الْوَرِقِ وَهُوَ مِائَتَا دِرْهَمٍ مَسْكُوكَةٍ أَوْ غَيْرِ مَسْكُوكَةٍ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ النِّصَابُ فِي اللُّغَةِ الْأَصْلُ وَمِنْهُ قَوْلُ السَّمَوْأَلِ (وَنَحْنُ كَمَاءِ الْمُزْنِ لَا فِي نِصَابِنَا ... كَهَامٍ وَلَا مِنَّا يعد بخيل) وَأَصله الْمنَار وَهُوَ الْعَلَمُ وَمِنْهُ الأَنْصَابُ حِجَارَةٌ نُصِبَتْ عَلَمًا لِلْعِبَادَةِ وَأُخِذَتْ مِنَ الِارْتِفَاعِ لِأَنَّ نَصَائِبَ الْحَوْضِ حِجَارَةٌ تُرْفَعُ حَوْلَهُ وَالنِّصَابُ أَصْلُ الْوُجُوبِ وَعَلَمٌ عَلَيْهِ ومرتفع عَن الْقلَّة فاجتمعت المعانني كها فِيهِ وَفِي النَّسَائِيِّ قَالَ عَلَيْهِ

السَّلَامُ الْمِكْيَالُ عَلَى مِكْيَالِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْوَزْنُ عَلَى وَزْنِ أَهْلِ مَكَّةَ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ أَخْبَرَنِي كُلُّ مَنْ أَثِقُ بِهِ أَنَّ دِينَارَ الذَّهَبِ بِمَكَّةَ وَزْنُهُ اثْنَانِ وَثَمَانُونَ حَبَّةً وَثَلَاثَةُ أَعْشَارِ الْحَبَّةِ مِنْ حَبِّ الشَّعِيرِ الْمُطْلَقِ وَالدِّرْهَمُ سَبْعَةُ أَعْشَارِ الْمِثْقَالِ فَالدِّرْهَمُ الْمَكِّيُّ سَبْعٌ وَخَمْسُونَ حَبَّةً وَسِتَّةُ أَعْشَارِ الْحَبَّةِ وَعُشْرِ عشر حَبَّةٍ قَالَ سَنَدٌ كُلُّ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ سَبْعَةُ مَثَاقِيلَ وَكَانَتِ الدَّرَاهِمُ بَغْلِيَّةً ثَمَانِيَةَ دَوَانِقَ وَطَبَرِيَّةً أَرْبَعَة دوانق فَجمعت فِي الْإِسْلَام وكل جعل كُلَّ دِرْهَمٍ سِتَّةَ دَوَانِقَ وَقَالَ غَيْرُهُ وَالْبَغْلِيَّةُ كَبُرَتْ لِرَدَاءَتِهَا وَكَانَ الِاجْتِمَاعُ عَلَى ذَلِكَ فِي زَمَنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَالظَّاهِرُ مِنَ الِاجْتِمَاعِ أنَّمَا كَانَ لإذهَاب تِلْكَ الرَّدَاءَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ آثَارِ الْكُفْرِ وَإِنَّ الدِّرْهَمَ كَانَ مَعْلُومًا فِي زَمَنِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَلِذَلِكَ رَتَّبَ الزَّكَاةَ عَلَيْهِ وَكَانَت الْأُوقِيَّة فِي زَمَنه أَرْبَعِينَ وَالسّن نِصْفَ أُوقِيَّةٍ وَالنَّوَاةُ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرُ فِي الْأَحْكَامِ خَمْسَةٌ ثَلَاثَةٌ اثْنَا عَشَرَ فِي الدِّيَةِ وَالنِّكَاحِ وَالسَّرِقَةِ وَيَجْمَعُهَا أَنَّهَا فِي الذِّمَّةِ وَاثْنَانِ عشرَة عشرَة فِي الزَّكَاة والجزية لِأَن تقسيط الْمُقَدَّرِ مِنَ الدَّرَاهِمِ عَلَى الْمُقَدَّرِ مِنَ الدَّنَانِيرِ يَقْتَضِيهِ تَنْبِيهٌ الدِّرْهَمُ الْمِصْرِيُّ أَرْبَعَةٌ وَسِتُّونَ حَبَّةً فَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ دِرْهَمِ الزَّكَاةِ فَإِذَا أَسْقَطْتَ الزَّائِدَ كَانَ النِّصَابُ مِنْ دَرَاهِمِ مِصْرَ مِائَةً وَثَمَانِينَ دِرْهَمًا وَحَبَّتَيْنِ فَقَطْ

(فروع خمسة)

وَالنَّقْدَانِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ أَعْيَانٌ مَوْجُودَةٌ وَقِيَمُ الْمَتَاجِرِ وَدُيُونٌ فِي الذِّمَّةِ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ النُّقُودُ الْمَوْجُودَةُ وَهِيَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا كَانَ عِنْده فلوس قيمتهَا مايتا دِرْهَمٍ لَا زَكَاةَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُدِيرًا فتجري مجْرى الْعرض وَكره أُعِدَّتْ لِلْمُعَامَلَةِ وَجَبَتْ فِي قِيمَتِهَا الزَّكَاةُ وَلَا يعْتَبر وَزنهَا اتِّفَاقًا وَالْفَرْقُ بَيْنَ الزَّكَاةِ وَالرِّبَا أَنَّ الرِّبَا فِيهَا وَقَالَ ش ح إِذا الرِّبَا اشد لِأَن الْبَين عِنْدَ الْجَمِيعِ وَالْمَطْعُومَاتِ عِنْدَ ش وَالْمِكْيَالَاتِ عِنْدَ ح رَبَوِيَّاتٌ وَلَيْسَتْ كُلُّهَا زَكَوِيَّةً مَعَ أَنَّ مَالِكًا لَمْ يُحَرِّمْ وَإِنَّمَا كَرِهَ الرِّبَا فِيهَا (فروع خَمْسَة) الأول مَا زَاد على النّصاب أَخذ مِنْهُ بِحِسَابِهِ عِنْد مَالك وش وَابْنِ حَنْبَلٍ وَقَالَ طَاوُسٌ لَا شَيْءَ فِيهِ حَتَّى يَبْلُغَ مِائَتَيْنِ أُخْرَى وَقَالَ ح لَا شَيْءَ فِيهِ حَتَّى تَصِيرَ الدَّرَاهِمُ مِائَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَالدَّنَانِيرُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ مُحْتَجًّا بِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَفَوْتُ لَكُمْ عَنِ الْخَيل وَالرَّقِيق فهاتوا صَدَقَة الرقة من كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ وَلَيْسَ فِي تِسْعِينَ وَمِائَةٍ شَيْءٌ فَإِذَا بَلَغَتْ مِائَتَيْنِ فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ وَلِأَنَّهُ نِصَابٌ مُزَكًّى فَيَكُونُ لَهُ وَقَصٌ كالمائية وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ مُعَارَضٌ بِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِعَلِيٍّ

رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِذَا كَانَ لَكَ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ وَلَيْسَ عَلَيْكَ شَيْءٌ يَعْنِي فِي الذَّهَبِ حَتَّى يَكُونَ لَكَ عِشْرُونَ دِينَارًا) فَإِذَا كَانَ لَكَ عِشْرُونَ دِينَارًا فَفِيهَا نِصْفُ دِينَارٍ فَمَا زَادَ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ وَفِي سَنَدِهِ وَهَنٌ وَلِأَنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِمَا ذَكَرْتُمُوهُ إِنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَةِ مَفْهُومِ الْعَدَدِ وَهُوَ مُعَارَضٌ بِالْمَنْطُوقِ وَهُوَ أَقْوَى مِنْهُ إِجْمَاعًا بِمَا فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الرِّقَّةِ رُبْعُ الْعُشْرِ وَعَنِ الثَّانِي الْفَرْقُ بِأَنَّ التجزئة فِي الْمَوَاشِي عشرَة بِخِلَافِ النَّقْدَيْنِ وَالْمُعَارَضَةُ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْحُبُوبِ وَهُوَ أَوْلَى مِنَ الْقِيَاسِ عَلَى الْمَوَاشِي لِأَجْلِ تَيْسِيرِ التَّجْزِيءِ وَعَدَمِ اخْتِلَافِ النِّصَابِ فَائِدَةٌ الرِّقَةُ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَتَخْفِيفِهَا الدَّرَاهِمُ الْمَسْكُوكَةُ لَا يُقَالُ فِي غَيْرِهَا وَالْوَرِقُ الْمَسْكُوكُ وَغَيْرُهُ قَالَهُ فِي التَّنْبِيهَاتِ الثَّانِي لَوْ كَانَتِ الْمِائَتَانِ نَاقِصَةً تَجُوزُ بِجَوَازِ الْوَازِنَةِ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ وَمَعْنَى النُّقْصَانِ أَن تكون فِي مِيزَانٍ دُونَ آخَرَ فَإِنْ نَقَصَتْ فِي الْجَمِيعِ فَلَا زَكَاةَ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بَلْ فِيهَا الزَّكَاةُ إِذَا تَسَامَحَ النَّاسُ بِذَلِكَ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ نَقَصْتَ كُلَّ دِينَارٍ ثَلَاثَ حَبَّاتٍ وَهِيَ تُغْتَفَرُ وَجَبَتِ الزَّكَاةُ وَفِي الْمُوَطَّأ كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى عَامِلِهِ بِمِصْرَ أَنِ انْظُرْ مَنْ مَرَّ بِكَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَخُذْ مِمَّا ظَهَرَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ مِمَّا يُرِيدُونَ مِنَ التِّجَارَةِ مَنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِينَارًا دِينَارًا فَمَا نَقَصَ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ حَتَّى تَبْلُغَ عِشْرِينَ دِينَارًا فَإِنْ نَقَصَتْ ثُلُثَ دِينَارٍ فَلَا تَأْخُذْ مِنْهَا شَيْئًا قَالَ صَاحِبُ تَهْذِيبِ الطَّالِبِ

قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا جَازَتْ بِجَوَازِ الْوَازِنَةِ وَجَبت الزَّكَاة كَانَ النَّقْص مَا كَانَ بِحُصُول الْمَقْصُودِ هَذَا فِي الْمَسْكُوكَةِ وَأَمَّا غَيْرُهَا فَقَالَ عبد الْمَالِك إِذَا نَقَصَ غَيْرُ الْمَسْكُوكِ دِرْهَمًا مِنَ الْمِائَتَيْنِ أَوْ ثُلُثَ دِينَارٍ لَمْ تَجِبِ الزَّكَاةُ قَالَ وَتَعَارُضُ الْمَوَازِينِ كَتَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ وَالْخِبْرَيْنِ وَالْقِيَاسَيْنِ وَالْمُثْبِتُ أَوْلَى مِنَ النَّافِي قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ بِوَزْنِ زَمَانِنَا وَيُزَكِّي أَهْلُ كُلِّ بَلَدٍ بِوَزْنِهِمْ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنَ الْكَيْلِ قَالَ وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ بِقَوْلِ مَالِكٍ وَقَالَ ش وح إِذَا نَقَصَ النِّصَابُ حَبَّةً لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ وَرَوَاهُ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ عَنْ مَالِكٍ الثَّالِثُ إِذَا كَانَ النَّقْدُ مَغْشُوشًا يَسِيرًا جِدًّا كَالدَّانَقِ فِي الْعَشْرَةِ فَلَا حُكْمَ لَهُ وَإِلَّا فَالْمُعْتَبَرُ بِمَا فِيهِ حَقُّ النَّقْدِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ الْحَنَفِيُّ وَابْنُ النَّجَّارِ مِنَّا الْحُكْمُ لِلْأَغْلَبِ وَظَوَاهِرُ النُّصُوصِ تَمْنَعُ الِاعْتِدَادَ بِغَيْرِ النَّقْدَيْنِ الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ يَضُمُّ الذَّهَبَ إِلَى الْوَرِقِ بِالْأَجْزَاءِ لَا بِالْقِيمَةِ وَيُخْرِجُ مِنْ كل صنف ربع عشره وَقَالَهُ ح وش وَابْن حَنْبَل وَقَالَ هما جِنْسَانِ لَا يمتع التَّفَاضُل بَينهمَا فَيمْتَنع الضَّم كالابل مَعَ الْبَقر وَالْفرق أَنَّهُمَا رُؤُوس الْأَمْوَالِ وَقِيَمُ الْمُتْلَفَاتِ وَالْوَاجِبُ فِي الْجَمِيعِ رُبُعُ الْعشْر بِخِلَاف غَيرهَا وَقَالَ ح يكمل النّصاب بالورق أوالقيمة لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ وَجَوَابُهُ لَوْ مَلَكَ عَشْرَةً

قِيمَتُهَا مِائَتَا دِرْهَمٍ لَمْ تَجِبِ الزَّكَاةُ إِجْمَاعًا وَأَمَّا الْإِخْرَاجُ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ فَلِأَنَّهُ أَعْدَلُ للْفُقَرَاء والأغنياء مَعَ عِلّة الِاخْتِلَافِ بِخِلَافِ الْحُبُوبِ لَمَّا عَظُمَ الْخِلَافُ فِيهَا اعْتُبِرَ الْوَسَطُ عَدْلًا بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ فَائِدَةٌ هَنْدَسِيَّةٌ فِقْهِيَّةٌ يُعْلَمُ بِهَا النَّقْدُ الْمَغْشُوشُ هَلْ هُوَ مَغْشُوشٌ أَمْ لَا وَإِنْ كَانَ مَغْشُوشًا فَمَا مِقْدَارُ غِشِّهِ وَهَلِ الْغِشُّ مِنَ النَّقْدِ الزَّكَوِيِّ فَيُضَمَّ بَعْدَ الْعِلْمِ بِمِقْدَارِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ فَيُطْرَحَ مِنْ غَيْرِ حِمَا بِالنَّارِ وَلَا بَرْدٍ بِالْمِبْرَدِ وَلَا حَكٍّ بِالْمَيْلَقِ بَلْ يُعْلَمُ ذَلِكَ وَالذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ عَلَى حَالَيْهِمَا مِنْ سِكَّةٍ أَوْ صِيَاغَةٍ أَوْ تَرْصِيعِ فُصُوصٍ مَعَ بَقَائِهِ عَلَى مِنْحَتِهِ وَهِيَ فَائِدَةٌ يَحْتَاجُهَا الْفُقَهَاءُ وَالْقُضَاةُ فِي أَمْوَالِ الْأَيْتَامِ وَالْمُلُوكُ وَأَرْبَابُ الْأَمْوَالِ النَّفِيسَةِ وَهِيَ من عجائب المعقولات مِمَّا تَعب الأقدمون التَّعَب الْكَثِيرَ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِهَا وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنْ يَتَّخِذَ مِيزَانًا تَتَحَرَّكُ عِلَاقَةُ كِفَّتِهِ مِنْ طَرَفِ الْعَمُودِ إِلَى وَسَطِهِ وَيَعْمَلُ عَلَى طرف العمود عَلامَة مُتَقَارِبَةً مُتَنَاسِبَةَ الْبُعْدِ مُحَرَّرَةَ التَّسَاوِي ثُمَّ تَأْخُذُ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً خَالِصَيْنِ وَتُسَوَّى زِنَتُهُمَا فِي الْهَوَاءِ وَلْتَكُنْ كِفَّتَا الْمِيزَانِ مِنْ جِسْمٍ يَغُوصُ فِي الْمَاءِ مُتَسَاوِيَتَيِ الزِّنَةِ وَالْمِسَاحَةِ ثُمَّ نَزِّلْهُمَا فِي مَائِعٍ مُتَسَاوِي الْأَجْزَاءِ سَهْلِ الْحَرَكَةِ كَالْمَاءِ الصَّافِي وَنَحْوِهِ فَيَحْصُلُ فِي كِفَّةِ الذَّهَبِ مِنَ الْمَاءِ أَكْثَرُ مِمَّا فِي كِفَّةِ الْفِضَّةِ لِيَتَلَزَّزَ الذَّهَبُ فَتُحَرِّكُ عِلَاقَةَ كِفَّتِهِ عَلَى الْعَمُودِ حَتَّى يُسَاوِيَ الْفِضَّةَ فِي الْمَاءِ كَمَا سَاوَاهَا فِي الْهَوَاءِ وَتَحْفَظُ عَدَدَ تِلْكَ الْعَلَامَاتِ الَّتِي قَطَعَتْهَا عِلَاقَةُ كِفَّتِهِ وَلْتَكُنْ سِتَّةً مَثَلًا فَيُعْلَمَ أَنَّ ذَلِكَ فَضْلُ الذَّهَبِ الْخَالِصِ عَلَى الْفِضَّةِ الْخَالِصَةِ وَنَفْرِضُ أَنَّ الْجِرْمَ الْمُمْتَحَنَ ذَهَبٌ فَتَزِنُهُ بِفِضَّةٍ خَالِصَةٍ فِي الْهَوَاءِ ثُمَّ تَضَعُهَا فِي الْمَاءِ فترجح كفة الممتحن لتلزز الذَّهَب فتسوي

بَيْنَهُمَا فِي الْمَاءِ بِتَحْرِيكِ الْعِلَاقَةِ عَلَى الرَّدِّ فَإِنْ قَطَعَتِ الْعِلَاقَةُ تِلْكَ الْعَلَامَاتِ السِّتَّ فَهُوَ خَالِصٌ لَا غِشَّ فِيهِ وَإِنْ حَصَلَتِ الْمُسَاوَاةُ دُونَ ذَلِكَ وَلْتَكُنْ حَصَلَتْ بِالْحَرَكَةِ عَلَى أَرْبَعٍ فَقَطْ فَقَدْ بَقِيَ الثُّلُثُ فَثُلُثُهُ فِضَّةٌ وَعَلَى هَذِهِ النِّسْبَةِ أَوْ يَعْمَلُ جِرْمَيْنِ مُتَسَاوِيَيِ الْعَظْمِ أَحدهمَا ذهب خَالص وَالْآخر فضَّة خَالِصَة وتحرر وَزْنَهُمَا وَلْتَكُنِ الْفِضَّةُ أَرْبَعَةً وَالذَّهَبُ خَمْسَةً وَيَعْمَلُ جِرْمًا آخَرَ مُسَاوِيًا عَظْمُهُ لِعَظْمِ الْمُمْتَحَنِ فِضَّةً خَالِصَةً وَلِتَعْرِفْ وَزْنَهُ وَلْتَكُنْ سَبْعَةً وَوَزْنُ الْمُمْتَحَنِ ثَمَانِيَة بِزِيَادَة الممتحن وَاحِد ونسبته الى السَّبْعَة نِسْبَةُ السُّبْعِ وَنِسْبَةُ الْوَاحِدِ فِي الذَّهَبِ الْخَالِصِ إِلَى الْفِضَّةِ الْخَالِصَةِ نِسْبَةُ الرُّبُعِ فَفِي الْمُمْتَحَنِ مِنَ الْغِشِّ بِقَدْرِ مَا بَيْنَ الرُّبُعِ وَالسُّبُعِ فَلَوْ كَانَ الْمُمْتَحَنُ ثَمَانِيَةً وَنِصْفًا وَرُبْعًا حَتَّى يكون لزائد مِثْلَ رُبُعِ الْفِضَّةِ الَّتِي تُقَابِلُهُ كَانَ خَالِصًا فَإِنْ عَسُرَ عَلَيْنَا وُجُودُ فِضَّةٍ مُتَسَاوِيَةٍ لِلْمُخْتَلِطِ عَمِلْنَا جِرْمَيْنِ مِنْ شَمْعٍ أَوْ غَيْرِهِ أَحَدُهُمَا مسَاوٍ عظمه لعظم المختلظ وَالْآخَرُ يُسَاوِي عَظْمُهُ عَظْمَ فِضَّةٍ مُسَاوِيَةٍ لِلْمُخْتَلِطَةِ أَعْدَدْنَاهَا ثُمَّ تَعْرِفُ زِنَةَ الشَّمْعَيْنِ فَإِنْ كَانَتْ نِسْبَةُ زِنَةِ شَمْعِ الْمُمْتَحَنِ إِلَيْهِ كَنِسْبَةِ زِنَةِ شَمْعِ الْفِضَّةِ إِلَيْهَا فَالْمُمْتَحَنُ فِضَّةٌ خَالِصَةٌ وَإِنْ كَانَ ذَهَبًا فَاجْعَلْ مَكَانَ الْفِضَّةِ ذَهَبًا فَإِنَّ عسر اتِّخَاذ جرم يُسَاوِي عظمه عَظْمَ الْمُخْتَلِطِ فَتَزِنُهُ بِصَنْجٍ فِي الْهَوَاءِ فِي مِيزَانٍ مُحْكَمٍ ثُمَّ تُزِيلُهُ مِنَ الْمِيزَانِ وَتَمْلَأُ كِفَّتَيْهِ بِالْمَاءِ ثُمَّ تَضَعُ الْمُمْتَحَنَ فِي الْكِفَّةِ فَيَطْلَعُ بَعْضُ الْمَاءِ وَتُرَجِّحُ الْكِفَّةَ فَتُقَابِلُهُ بِالصَّنْجِ فِي الْكِفَّةِ الْأُخْرَى فَتَكُونُ هَذِهِ الصَّنْجُ أَكْثَرَ مِنْ صَنْجِ الْهَوَاءِ إِنْ كَانَ جَوْهَرُهَا أَخَفَّ مِنْ جَوْهَرِ الذَّهَبِ لِأَنَّ الْخَالِصَ حِينَئِذٍ مِنَ الْمَاءِ مَعَهَا أَقَلُّ وَمَعَ الْمُمْتَحَنِ أَكْثَرُ فَإِنْ كَانَتْ أَثْقَلَ مِنْ جَوْهَرِ الذَّهَبِ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ صَنْجِ الْهَوَاءِ أَوْ مُسَاوِيَةً لَهُ كَانَتْ مُسَاوِيَةً لِصَنْجِ الْهَوَاءِ ثُمَّ تَحْفَظُ نِسْبَةَ مَا بَيْنَ الْهَوَاءِ وَالْمَاءِ مِنْ زِيَادَةِ الصَّنْجِ وَقِلَّتِهَا وَتَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ بِجِسْمٍ خَالِصٍ مِنَ الذَّهَبِ

إِن كَانَ الممتحن ذَهَبا أَو فضَّة إِنْ كَانَتْ فِضَّةً فَإِنِ اسْتَوَتِ النِّسْبَتَانِ فَهُوَ خَالِصٌ أَوِ اخْتَلَفَتَا فَهُوَ مَغْشُوشٌ بِقَدْرِ الِاخْتِلَافِ وَبِهَذِهِ الطَّرِيقِ يَمْتَحِنُ سَائِرَ الْمَعَادِنِ الْخَامِسُ حُلِيُّ التِّجَارَةِ الْمُفَصَّلُ بِالْيَاقُوتِ وَنَحْوِهِ يُزَكِّي عَلَيْهِ غَيْرُ الْمُدِيرِ وَزْنَهُ كُلَّ عَامٍ وَالْحِجَارَةُ بَعْدَ الْبَيْعِ وَالْمُدِيرُ يُقَوِّمُ الْحِجَارَةَ فِي شَهْرِ زَكَاتِهِ وَيُزَكِّي وَزْنَ الْحُلِيِّ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ إِنْ كَانَ مَرْبُوطًا بِالْحِجَارَةِ رَبْطَ صِيَاغَةٍ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تَأْثِيرَ لِلرَّبْطِ فَإِنْ كَانَ الذَّهَبُ تَبَعًا لِلْحِجَارَةِ وَوَزْنِهِ زَكَّى الذَّهَبَ تَحَرِّيًا كُلَّ عَامٍ وَإِذَا بَاعَ زَكَّى مَا يَنُوبُ الْحِجَارَةَ بَعْدَ حَوْلٍ مِنْ يَوْمِ الْبَيْعِ وَإِنِ اشْتَرَاهُ لِلتِّجَارَةِ وَهُوَ مُدِيرٌ قَوَّمَ الْحِجَارَةَ وَزَكَّى وَزْنَهُ تَحَرِّيًا وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ التُّونُسِيُّ تُقَوَّمُ الصِّيَاغَةُ وَإِنْ كَانَ مُحْتَكِرًا زَكَّى الذَّهَبَ كُلَّ عَامٍ تَحَرِّيًا وَثَمَّنَ الْحِجَارَةَ بَعْدَ الْبَيْعِ لِعَامٍ وَاحِدٍ فَعَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ يَفُضُّ الثَّمَنَ عَلَى الْحُلِيِّ مَصُوغًا وَقِيمَةِ الْحِجَارَةِ وَعَلَى قَوْلِ التُّونُسِيِّ لَا يَحْتَاجُ إِلَى الْفَضِّ بَلْ يُسْقِطُ عَدَدَ مَا زَكَّى تَحَرِّيًا وَيُزَكِّي الْبَاقِيَ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا لَمْ يُمْكِنِ النَّزْعُ فَهَلْ يُعْطِي كُلَّ نَوْعٍ حُكْمَهُ بِالتَّحَرِّي أَوْ يُغَلِّبُ الْحِجَارَةَ فَيَكُونُ الْجَمِيعُ عَرْضًا أَو يكون الحكم للْأَكْثَر الْقِسْمُ الثَّانِي مِنَ النَّقْدَيْنِ مَا يَكُونُ قَيِّمًا فِي الْمَتَاجِرِ وَالتَّاجِرُ إِمَّا أَنْ يُبَاشِرَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ وَالْمُبَاشِرُ بِنَفْسِهِ إِمَّا أَنْ يَنْتَظِرَ حِوَالَة الْأَسْوَاق وَهُوَ المحتكر أَولا وَهُوَ الْمُدِيرُ وَالْمُبَاشِرُ لِغَيْرِهِ هُوَ الْمُقَارِضُ فَهَذِهِ ثَلَاث حالات الحاله الأولى المحتكر فَتجب الزَّكَاةُ عَلَيْهِ عِنْدَ مَالِكٍ وَالْأَئِمَّةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} (التَّوْبَة: 103) وَفِي أَبِي دَاوُدَ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَأْمُرُنَا أَنْ نُخْرِجَ الصَّدَقَةَ مِنَ الَّذِي نُعِدُّهُ لِلْبَيْعِ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ

(فروع ستة)

(فُرُوعٌ سِتَّةٌ) الْأَوَّلُ قَالَ سَنَدٌ فَإِنِ اشْتَرَى بعض كَانَ لِلتِّجَارَةِ وَلَمْ تَخْلُ نِيَّتُهُ فَعَلَيْهِ الزَّكَاةُ إِذَا بَاعَ فَإِنِ اشْتَرَى بِعَرْضٍ مُقْتَنًى تَنَزَّلَ الْمُشْتَرَى مَنْزِلَةَ أَصِلِهِ وَلَا تُؤَثِّرُ فِيهِ نِيَّةُ التِّجَارَةِ تَغْلِيبًا لِلْأَصْلِ قَالَهُ مَالِكٌ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ وَلِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ بِعَيْنِ زَكَاتِهِ وَلَا مَا تَضْمَنُهَا فَهُوَ كَالْهِبَةِ وَالْمِيرَاثِ وَالْغَنِيمَةِ إِذَا نَوَى بِهَا التِّجَارَةَ فَلَا زَكَاةَ عِنْدَ الْجَمِيعِ وَلِأَنَّ زَكَاةَ الْقِيَمِ تَابِعَةٌ لِزَكَاةِ الْعَيْنِ وَلَا عَيْنَ فَلَا زَكَاةَ فَإِنِ اشْتَرَاهُ لِعَيْنٍ بَنَاهُ عَلَى حَوْلِهَا فَإِنْ لَمْ يَبِعْهُ بَعْدَ حَوْلِ الْعَيْنِ قَالَ مَالِكٌ لَا يُزَكِّي حَتَّى يَبِيعَ خِلَافًا لِ (ش) وَ (ح) وَخَيَّرَاهُ بَيْنَ إِخْرَاجِ رُبُعِ عُشْرِ قِيمَتِهِ لَنَا أَنَّ وُجُودَ الْعَيْنِ فِي يَدِهِ مُعْتَبَرٌ فِي الِابْتِدَاءِ فَكَذَلِكَ فِي الِانْتِهَاءِ فَإِنْ زَكَّى قَبْلَ الْبَيْعِ لَمْ تُجِزْهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِعَدَمِ الْوُجُوبِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ لِأَنَّهُ يَرَى الْوُجُوبَ مُتَحَقَّقًا وَإِنَّمَا تَرَتَّبَ الْإِخْرَاجُ عَلَى الْبَيْعِ وَهُوَ مَذْهَبُهُ فِي الدَّيْنِ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِذَا اسْتَهْلَكَ عَرْضَ التِّجَارَةِ فَأَخَذَ قيمَة بَنَاهَا عَلَى حَوْلِهِ كَالثَّمَنِ لِأَنَّهُ ثَمَنٌ بِالْعَقْدِ وَالْقِيمَةُ ثَمَنٌ بِالشَّرْعِ وَلِأَنَّ الْقِيمَةَ قَائِمَةٌ مَقَامَ الْمُقَوَّمِ وَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ قِيمَةً فَإِنْ أَخَذَ بِالْقِيمَةِ سِلْعَةً لِلتِّجَارَةِ فَهِيَ لِلتِّجَارَةِ أَوْ لِلْقِنْيَةِ فَهِيَ لِلْقِنْيَةِ لَا تُزَكَّى بَعْدَ الْبَيْعِ قَالَ سَنَدٌ إِذَا أَخَذَ مِنَ الْمُتَعَدِّي عُرُوضًا فَلَا زَكَاةَ وَلَوْ حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ قَبْلَ التَّعَدِّي وَكَذَلِكَ لَو بَاعَ بِثمن فَلم يَقْبِضْهُ حَتَّى أَخَذَ عَنْهُ عَرْضًا لِعَدَمِ وُجُودِ الْعَيْنِ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ إِذَا بَاعَ سِلْعَةً لِلتِّجَارَةِ بَعْدَ الْحَوْلِ فَإِنَّهُ يُزَكِّي حِينَئِذٍ بَعْدَ الْقَبْضِ فَإِنْ أَخَذَ فِي الْمِائَةِ ثَوْبًا فَبَاعَهُ بِعَشَرَةٍ فَلَا يُزَكِّي إِلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مَا يُكْمِلُ بِهِ النِّصَابَ أَوْ يَبِيعُ بِنِصَابٍ لِأَنَّ الْقِيَمَ أُمُورٌ مُتَوَهَّمَةٌ وَإِنَّمَا يُحَقِّقُهَا الْبَيْعُ الرَّابِعُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ إِذَا ابْتَاعَ عَبْدًا لِلتِّجَارَةِ فَكَاتَبَهُ فَعَجَزَ أَوِ ارْتَجَعَ مِنْ مُفْلِسٍ سِلْعَتَهُ أَوْ أَخَذَ مِنْ غَرِيمِهِ عَبْدًا فِي دَيْنِهِ أَوْ دَارًا فَأَجَرَهَا سِنِينَ رَجَعَ جَمِيعُ ذَلِكَ لِحُكْمِ أَصْلِهِ مِنَ التِّجَارَةِ فَإِنَّ مَا كَانَ لِلتِّجَارَةِ لَا يَبْطُلُ إِلَّا بنية

الْقِنْيَةِ وَالْعَبْدُ الْمَأْخُوذُ يَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ أَصِلِهِ قَالَ سَنَدٌ فَلَوِ ابْتَاعَ الدَّارَ أَوْ غَيْرَهَا بِقَصْدِ الْغَلَّةِ فَفِي اسْتِئْنَافِ الْحَوْلِ بَعْدَ الْبَيْعِ لِمَالِكٍ رِوَايَتَانِ وَأَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ الِاسْتِئْنَافَ وَلَوِ ابْتَاعَهَا لِلتِّجَارَةِ وَالسُّكْنَى فَلِمَالِكٍ قَوْلَانِ مُرَاعَاةً لِقَصْدِ الثَّمَنِيَّةِ بالغلة وَالتِّجَارَة وتغليبا لِنِيَّةِ الْقِنْيَةِ عَلَى نِيَّةِ الثَّمَنِيَّةِ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ فِي الْعُرُوضِ فَإِنِ اشْتَرَى وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَهِيَ لِلْقِنْيَةِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِيهَا قَاعِدَةٌ كُلُّ مَا لَهُ ظَاهر فَهُوَ منصرف لظاهره الا عِنْد قيام الْمعَارض الرَّاجِح وَكُلُّ مَا لَيْسَ لَهُ ظَاهِرٌ لَا يَتَرَجَّحُ إِلَّا بِمُرَجِّحٍ وَلِذَلِكَ انْصَرَفَتِ الْعُقُودُ إِلَى النُّقُودِ الْغَالِبَةِ لِأَنَّهَا ظَاهِرَةٌ فِيهَا وَإِلَى تَصَرُّفِ الْإِنْسَانِ لنَفسِهِ دون موَالِيه لِأَنَّهُ الْغَالِبُ عَلَيْهِ وَإِلَى الْحِلِّ دُونَ الْحُرْمَةِ لِأَنَّهُ ظَاهِرُ حَالِ الْمُسْلِمِ وَإِلَى الْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ من الْعين عرفا لِأَنَّهُ ظَاهر فِيهَا وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى التَّصْرِيحِ بِهَا وَاحْتَاجَتِ الْعِبَادَاتُ إِلَى النِّيَّاتِ لِتَرَدُّدِ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَادَاتِ وَتَرَدُّدِهَا بَيْنَ مَرَاتِبِهَا مِنَ الْفَرْضِ وَالنَّفْلِ وَغَيْرِهِ والكائنات الى المميزات لِتَرَدُّدِهَا بَيْنَ الْمَقَاصِدِ وَهِيَ قَاعِدَةٌ يَتَخَرَّجُ عَلَيْهَا كَثِيرٌ مِنْ أَبْوَابِ الْفِقْهِ الْخَامِسُ فِي الْكِتَابِ إِذَا اكْتَرَى أَرْضًا فَابْتَاعَ طَعَامًا فَزَرَعَهُ فِيهَا لِلتِّجَارَةِ أَخْرَجَ زَكَاتَهُ يَوْمَ حَصَادِهِ إِنْ كَانَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ ثُمَّ ابْتَدَأَ حَوْلًا وَقَوَّمَهُ بَعْدَهُ ان كَانَ مديرا وَله عين سواهُ وَإِلَّا زَكَاة بعد البيع بعد حَوْلٍ فَإِنْ بَاعَ قَبْلَهُ انْتَظَرَ الْحَوْلَ إِنْ كَانَ نِصَابًا لِأَنَّهُ لَا يُزَكَّى مَالٌ فِي حَوْلٍ مَرَّتَيْنِ فَإِنْ زَرَعَهَا بِطَعَامِهِ أَوْ كَانَتْ لَهُ فَزَرَعَهَا لِلتِّجَارَةِ زَكَّاهُ يَوْمَ حَصَادِهِ إِنْ كَانَ خَمْسَة أَو سُقْ فَإِنْ بَاعَهُ فَالثَّمَنُ فَائِدَةٌ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ مُتَوَلِّدٌ عَن الارض وَالْبذْر كَتَوَلُّدِ السِّخَالِ عَنِ الْمَاشِيَةِ

فَلَمَّا كَانَ أَحَدُهُمَا لَيْسَ لِلتِّجَارَةِ سَقَطَ حُكْمُهَا تَغْلِيبًا لِلْأَصْلِ فِي الْقِنْيَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ وَقِيلَ فِي حُكْمِ الزَّرْعِ إِنَّهُ لِلْأَرْضِ كَمَا غَلَبَتِ الْأُمُّ فِي لُحُوقِ الْوَلَدِ فِي الزِّنَا عَلَى الْأَبِ وَقِيلَ لِلْبَذْرِ وَالْعَمَلِ نَظَرًا لِلْكَثْرَةِ وَقَالَ عَبْدُ الْحَمِيدِ يَفُضُّ عَلَى الثَّلَاثَةِ فَمَا نَابَ مَا للتِّجَارَة زُكِّيَ وَلَوْ كَانَ مَالُ التِّجَارَةِ مَاشِيَةً وَجَبَتْ زَكَاةُ الْعَيْنِ دُونَ التِّجَارَةِ قَالَ سَنَدٌ وَأَسْقَطَ أَشْهَبُ الزَّكَاةَ فِي وَجْهَيِ الزِّرَاعَةِ لِأَنَّ التِّجَارَةَ إِنَّمَا تَكُونُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ غَالِبًا بَلْ هَذَا كَمُبْتَاعِ الْغَنَمِ لِلَبَنِهَا وَالْعَبْدِ لِغَلَّتِهِ وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَوْ كَانَ مُدِيرًا وَحَلَّ شَهْرُهُ وَالزَّرْعُ بَقَلَ قَوْمَهُ بَقْلًا وَإِنْ حَلَّ بَعْدَ تَعَلُّقِ زَكَاةِ الزَّرْعِ بِهِ لَا يُقَوِّمُهُ وَلَا تَبْنِهِ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلْحَبِّ قَبْلَ الِانْفِصَالِ وَالْمَالُ لَا يُزَكَّى فِي عَامٍ مَرَّتَيْنِ وَكَذَلِكَ لَوِ اشْتَرَى غَنَمًا فَزَكَّاهَا زَكَاةَ الْمَاشِيَةِ فَلَا يُزَكَّى ثَمَنُهَا الا بعد حول من حِينَئِذٍ فَإِن حل حوله بَعْدَ زَكَاةِ الْحَبِّ زَكَّى نَاضَّهُ وَعُرُوضَهُ وَتَبَّنَ الْحَبَّ وَلَا يُزَكَّى الْحَبُّ إِلَّا بَعْدَ حَوْلٍ مِنْ يَوْمِ زَكَاتِهِ وَكَذَلِكَ ثَمَنُهُ إِنَّ بَاعَهُ السَّادِسُ فِي الْكِتَابِ مَنِ اشْتَرَى عَرْضًا لِلتِّجَارَةِ ثمَّ نوى الْقنية سَقَطت الزَّكَاة وَقَالَ (ش) وَ (ح) وَفِي الْجُلَّابِ لَوِ اشْتَرَى عَرْضًا لِلْقِنْيَةِ فَنَوَى بِهِ التِّجَارَةَ لَا يَكُونُ لِلتِّجَارَةِ بَلْ يَسْتَقْبِلُ حَوْلًا بَعْدَ الْبَيْعِ وَقَالَهُ مَالِكٌ وَالْأَئِمَّةُ وَالْفَرْقُ

مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعُرُوضِ الْقِنْيَةِ فَيَرْجِعُ إِلَى أَصْلِهَا بِالنِّيَّةِ وَلَا يَخْرُجُ عَنْهُ كَمَا لَا يَرْجِعُ الْمُقِيمُ مُسَافِرًا لِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِقَامَةُ حَتَّى يَنْضَافَ إِلَيْهَا فِعْلُ الْخُرُوجِ وَيَصِيرَ مُقِيمًا بِهَا لِسَلَامَتِهَا عَنْ مُعَارَضَةِ الْأَصْلِ الثَّانِي أَنَّ حَقِيقَةَ الْقِنْيَةِ الْإِمْسَاكُ وَقَدْ وَجَدَ حَقِيقَة البيع للربح وَلم يُوجد وَقَالَ اشعب لَا تَبْطُلُ التِّجَارَةُ بِالنِّيَّةِ فَإِنَّ الْفِعْلَ السَّابِقَ وَهُوَ الشِّرَاءُ لِلتِّجَارَةِ أَقْوَى مِنَ النِّيَّةِ فَإِنَّهُ مَقْصِدٌ وَهِيَ وَسِيلَةٌ وَالْمَقَاصِدُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْوَسَائِلِ الْحَالة الثَّانِيَة الادارة كَالْخَيَّاطِ وَالزَّيَّاتِ وَمَنْ يَنْقُلُ الْقُمَاشَ إِلَى الْبِلَادِ فَيَجْعَلُ لِنَفْسِهِ شَهْرًا يُقَوِّمُ فِيهِ عُرُوضَ التِّجَارَةِ فَيُزَكِّي قِيمَتَهَا مَعَ عَيْنِهِ وَدَيْنِهِ إِلَّا مَا لَا يَرْتَجِيهِ مِنْهُ فَكَذَلِكَ لَوْ تَأَخَّرَ بَيْعُهَا وَقَبَضَ دَيْنَهُ عَامًا آخَرَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُحْتَكِرِ أَنَّ ضَبْطَ حَوْلِ كُلِّ سِلْعَةٍ مَعَ تكَرر ذَلِك مَعَ مُرُور الْأَيَّامِ عُسْرٌ فَإِنْ أَلْزَمْنَاهُ بِذَلِكَ أَضْرَرْنَا بِهِ أَوْ أَسْقَطْنَا الزَّكَاةَ أَضْرَرْنَا بِالْفُقَرَاءِ فَكَانَتِ الْمُصْلَحَةُ الجامعة كَمَا ذَكرْنَاهُ وَسوى ش وح بَيْنَهُمَا وَقَالَ سَنَدٌ وَمَبْدَأُ الْحَوْلِ الْيَوْمُ الَّذِي يُزَكَّى فِيهِ الْمَالُ قَبْلَ إِدَارَتِهِ أَوْ يَوْمَ إِفَادَتِهِ إِنْ كَانَتِ الْإِدَارَةُ قَبْلَ تَزْكِيَتِهِ فَيُبْنَى عَلَى حَوْلِ أَصْلِهِ فَإِنِ اخْتَلَطَتْ أَحْوَالُهُ جَرَى عَلَى اخْتِلَافِ أَصْحَابِنَا فِي ضَمِّ الْفَوَائِدِ إِذَا اخْتَلَطَتْ أَحْوَالُهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَاضٌّ أَوْ لَهُ لَكِنَّهُ أَقَلُّ مِنَ الْجُزْءِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ قَالَ مَالِكٌ يَبِيعُ الْعَرْضَ لِأَنَّ الزَّكَاةَ إِنَّمَا تَجِبُ فِي الْقِيَمِ فَلَوْ أَخْرَجَ الْعَرْضَ لَكَانَ كَإِخْرَاجِ الْقِيمَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ أَيْضًا ش وح يُخَيّر بَين البيع واخراج الثّمن وَبَين اخراج الْعَرْضِ لِأَنَّ الزَّكَاةَ مُرْتَبِطَةٌ بِالْعُرُوضِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ وَهِيَ الْكَائِنَةُ فِي الْحَوْلِ وَالْقِيَمُ مُتَوَهَّمَةٌ لَمْ تُوجَدْ وَمُرْتَبِطَةٌ بِالْقِيَمِ لِأَنَّهَا النِّصَابُ وَهِيَ السَّبَبُ الشَّرْعِيُّ فَخُيِّرَ لِذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ نَافِع لَا يُزكي حَتَّى ينض عشرُون دِينَارًا بَعْدَ حَوْلٍ فَيُزَكِّيهَا ثُمَّ يُزَكِّي بَعْدَ ذَلِكَ مَا قَلَّ وَلَا يُقَوِّمُ لِأَنَّ الزَّكَاةَ إِنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِالثَّمَنِ بِشَرْطِ النُّضُوضِ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ فِي مُدِيرٍ لَا يُقَوِّمُ بَلْ

(فروع ثمانية)

مَتَّى نَضَّ لَهُ شَيْءٌ زَكَّاهُ مَا صَنَعَ إِلَّا خَيْرًا وَمَا أَعْرِفُهُ مِنْ عَمَلِ النَّاسِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالتَّقْوِيمُ أَحَبُّ إِلَيَّ وَإِذَا قُلْنَا بِالتَّقْوِيمِ فَيُقَوَّمُ مَا يُبَاعُ بِالذَّهَبِ بِالذَّهَبِ وَمَا يُبَاعُ غَالِبًا بِالْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ لِأَنَّهُ قِيمَةُ الِاسْتِهْلَاكِ فَإِنْ كَانَتْ تُبَاعُ بِهِمَا وَاسْتَوَيَا بِالنِّسْبَةِ الى الزَّكَاة يُخَيّر والاضمن قَالَ الْأَصْلُ فِي الزَّكَاةِ الْفِضَّةُ قَوَّمَ بِهَا وَإِنْ قُلْنَا إِنَّهُمَا أَصْلَانِ فَقَالَ (ح) وَابْنُ حَنْبَلٍ يُعْتَبَرُ الْأَفْضَلَ لِلْمَسَاكِينِ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ لَحِقَهُمْ وَقَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ يُقَوَّمُ دَيْنُهُ مَحْمُولٌ عَلَى دَيْنِ الْمُعَامَلَةِ أَمَّا دَيْنُ الْقَرْضِ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ حَتَّى يَقْبِضَهُ فَيُزَكِّيَهِ لِعَامٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ الْقَرْضَ مَصْرُوفٌ عَنِ الْإِدَارَةِ كَعَرْضٍ ادَّخَرَهُ لِلْكُسْوَةِ أَوِ الْقِنْيَةِ وَالدَّيْنُ عَلَى الْمُعْسِرِ لَا يُحْسَبُ وَلَا يُقَوَّمُ عِنْدَ مَالِكٍ وَالْأَئِمَّةِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُقَوِّمُهُ لِأَنَّهُ مُمْكِنُ الْبَيْعِ فَإِنْ كَانَ على ملئ وَعَلَيْهِ بَيِّنَةٌ مُرْضِيَةٌ زَكَّاهُ وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا عَلَى مُوسِرٍ فَلَا يُزَكِّيهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْأَئِمَّةِ لِتَعَذُّرِ الْمُطَالَبَةِ بِهِ فَأَشْبَهَ الْمُعْسِرَ وَعِنْدَ ابْن الْمَاجشون يقومه لَا مَكَان بَيْعه واذا كَانَ لَهُ مَال غَائِب لايعلم خَبره قَالَ ملك لَا يُزَكِّيهِ حَتَّى يَعْلَمَ خَبَرَهُ فَيُزَكِّيهِ لِلسِّنِينَ الْمَاضِيَةِ لِأَنَّهُ أَوْلَى بِالسُّقُوطِ مِنَ الدَّيْنِ عَلَى الْمُعْسِرِ لِتَعَذُّرِ بَيْعِهِ بِخِلَافِ دَيْنِ الْمُعْسِرِ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْمُعْتَبَرُ فِي الدَّيْنِ الْحَالِّ عَدَدُهُ إِنْ كَانَ عينا أوالقيمة إِنْ كَانَ عَرْضًا أَوْ مُؤَجَّلًا وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي تَقْوِيم دينه من الطَّعَام نظرا لكَونه بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ أَمْ لَا (فُرُوعٌ ثَمَانِيَةٌ) الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ يُقَوِّمُ نَخْلَ التِّجَارَةِ وَقَالَهُ ابْن حبيب (ح) خلافًا (ش) دُونَ تَمْرِهَا لِأَنَّ التَّمْرَةَ زَكَاةُ الْخَرْصِ وَلِأَنَّهَا كَخَرَاجِ الدَّابَّةِ وَالْعَيْنِ قَالَ سَنَدٌ إِنْ كَانَت النخيل مُثْمِرَةً وَاشْتَرَطَ ثَمَرَتَهَا وَقَدْ طَابَتْ

فَزَكَاتُهَا مِنَ الْبَائِعِ وَإِنْ كَانَتْ لَمْ تَطِبْ وَكَانَتْ يَوْمَ التَّقْوِيمِ لَا تَبْلُغُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ قُوِّمَتْ مَعَ الرِّقَابِ وَإِنْ بَلَغَتْ فَيُحْتَمَلُ أَلَّا تقوم لِأَنَّهَا آئلة إِلَى الزَّكَاةِ فِي عَيْنِهَا وَظَاهِرُ قَوْلِ أَصْبَغَ التَّقْوِيمُ وَإِنْ طَابَتْ يَوْمَ التَّقْوِيمِ وَبَلَغَتِ الزَّكَاةَ زَكَّى عَيْنَهَا وَلَا تُقَوَّمُ وَكَذَلِكَ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَا يُقَوِّمُ الْمُدِيرُ غَنَمَهُ وَإِنِ ابْتَاعَهَا للتِّجَارَة ولترك رِقَابِهَا كُلَّ عَامٍ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ الْوَاجِبُ فِيهَا زَكَاةُ التِّجَارَةِ قِيَاسًا عَلَى الْحَمِيرِ لَنَا أنَّ زَكَاةَ الْعَيْنِ أَقْوَى لِتَعَلُّقِهَا بِالْعَيْنِ دُونَ الْقِيمَةِ وَلِأَنَّهُ يجب باجماع ويستغنى عَن النِّيَّة وتؤكد ظَوَاهِرُ النُّصُوصِ بِالْوُجُوبِ فِي الْمَاشِيَةِ فَإِنْ كَانَتْ دُونَ النِّصَابِ قَالَ مَالِكٌ يُقَوِّمُهَا إِلَّا أَنْ تَكُونَ لِلْقِنْيَةِ لِتَقَدُّمِ تَعَلُّقِ الزَّكَاةِ بِعَيْنِهَا وَإِنْ زَكَّى عَيْنَهَا ثُمَّ بَاعَهَا فَحَوْلُ ثَمَنِهَا مِنْ يَوْمِ زَكَاةِ عَيْنِهَا كَالزَّرْعِ إِذَا بَاعَهُ بَعْدَ تعشيره وَيَنْقَطِع عَن حول إدارته لِأَنَّ الْحَوْلَ شَرْطٌ وَإِنْ زَكَّى قِيمَتَهَا ثُمَّ نَتَجَتْ فَصَارَ نِصَابًا لَمْ يُزَكِّهَا السَّاعِي إِلَّا الى حول من يَوْم زَكَاة الْقيمَة لَيْلًا يُزَكَّى الْمَالُ فِي الْحَوْلِ مَرَّتَيْنِ وَإِنْ كَانَتْ نِصَابا فَلم يَتِمَّ حَوْلُهَا حَتَّى بَاعَهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ تَسْقُطُ عَنْهُ زَكَاةُ الْمَاشِيَةِ وَيُزَكِّي ثمنهَا لعدم مزاحمة زَكَاة الْعين فِي الْكِتَابِ لَوْ زَكَّى النَّقْدَ ثُمَّ اشْتَرَى بِهِ غَنَمًا بَعْدَ أَشْهُرٍ اسْتَقْبَلَ الْحَوْلَ مِنْ يَوْمِ اشْتَرَاهَا وَفِي الْجُلَّابِ رِوَايَةٌ فِي بِنَائِهِ عَلَى حَوْلِ الْعَيْنِ الثَّانِي قَالَ سَنَدٌ إِنْ كَانَ يَشْتَرِي مَا يصبغه ثمَّ يَبِيعهُ قوم مَعَه مَاله عَيْن مَقْصُودة كَالصَّبْغِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَقْصُودِ كَخَيْطِ الْحَرِيرِ يَخِيطُ بِهِ أَوْ يُطَرِّزُ بِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ فِيهِ خِلَافٌ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الصَّنْعَةُ دُونَ الْخَيط وكالصابون يغسل بِهِ وَلَا تُقَوَّمُ آلَاتُ صَنْعَتِهِ لِأَنَّهَا لَمْ تُتَّخَذْ لِلْبَيْعِ الثَّالِثُ قَالَ سَنَدٌ وَلَا يُقَوِّمُ كِتَابَةَ مُكَاتِبِهِ عِنْدَ ابْنِ

الْقَاسِمِ لِأَنَّهَا فَائِدَةٌ خَارِجَةٌ عَنِ الْإِدَارَةِ وَعِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ يَحْسِبُ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الرَّقَبَةِ أَوِ الْكِتَابَةِ الرَّابِعُ فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا بَارَ عَرْضُهُ قَوَّمَهُ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ لِأَنَّهُ قَالَ يَبْطُلُ حُكْمُ الْإِدَارَةِ وَلَمْ يَحِدَّ لِذَلِكَ حَدًّا وَحَدَّهُ سَحْنُونٌ بِعَامَيْنِ الْخَامِسُ فِي الْكِتَابِ إِذَا نَضَّ لَهُ وَسَطَ السَّنَةِ أَوْ فِي طَرَفِهَا وَلَو دِرْهَمٌ وَاحِدٌ قَوَّمَ عُرُوضَهُ لِتَمَامِهَا وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ نَضَّ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ شَيْءٌ قَوَّمَ وَكَانَ حَوْلُهُ مِنْ يَوْمِئِذٍ وَأَلْغَى الْوَقْتَ الْأَوَّلَ لِأَنَّ سَبَبَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ الْعَيْنُ فَإِذَا فُقِدَتْ سَقَطَ حَقُّ الْفُقَرَاءِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُقَوَّمُ حَتَّى يَمْضِيَ لَهُ حَوْلٌ مِنْ يَوْمِ بَاعَ بِذَلِكَ الْعَيْنِ لِأَنَّهُ مِنْ يَوْمِئِذٍ دَخَلَ فِي حَالِ الْمُدِيرِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا لَمْ يَنِضُّ لَهُ شَيْءٌ قَوَّمَ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ لِأَجْلِ الْقِيمَةِ فَلَا حَاجَةَ إِلَى الْعَيْنِ لِقِيَامِ الْقِيمَةِ مَقَامَهَا قَالَ سَنَدٌ وَقَالَ اشهب لَا يُزكي حَتَّى حَتَّى يَنِضَّ عِشْرِينَ دِينَارًا أَوْ مَا يُكْمِلُهَا بِمَا عِنْدَهُ مِنْ عَيْنِ بَيْعٍ أَوِ اقْتِضَاءٍ لِأَنَّ الْعَيْنَ لَمَّا كَانَتْ مُعْتَبَرَةً كَانَ النِّصَابُ مُعْتَبَرًا فَتَكُونُ الْقِيمَةُ تَبَعًا لَهُ وَكُلُّ هَذِهِ الْفُرُوعِ إِذَا ابْتَدَأَ التِّجَارَةَ بِالْعَيْنِ فَلَوْ وَرِثَ عَرَضَا أَوْ وُهِبَ لَهُ أَوْ كَانَتْ عِنْدَهُ لِلْقِنْيَةِ فَأَدَارَهَا فَلَا يُزَكِّي عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وان نض لَهُ لِأَنَّهَا لَا تَتَعَلَّقُ بِهَا زَكَاةٌ فِي الْحُكْرَةِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهَا فِي الْإِدَارَةِ فَيَجِبُ أَنْ يَعْزِلَ مَا يَبْتَاعُهُ مِمَّا يَنِضُّ لَهُ فَيَكُونُ إِدَارَةً دُونَ الْأَوَّلِ وَإِنَّ نَضَّ لَهُ شَيْءٌ فَابْتَاعَ بِهِ سِلْعَةً نَظَرَ إِلَى قِيمَتِهَا بَعْدَ حَوْلٍ مِنْ يَوْمِ الِابْتِيَاعِ فَإِنْ كَانَ نِصَابًا وَإِلَّا ضَمَّ مَا ابْتَاعَهُ ثَانِيًا إِلَيْهِ حَتَّى يَحْصُلَ النِّصَابُ فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ حَصَلَ رُوعِيَ نُضُوضُ الْعَيْنِ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْخِلَافِ وَإِنْ بِيعَ بِدَيْنٍ اعْتُبِرَ بَعْدَ قَبْضِهِ مَا ابْتَاعَ بِهِ وَعَلَى قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ يَكُونُ مُدِيرًا مِنْ يَوْمِ بَاعَ لِأَنَّهُ سَلَكَ بِالدَّيْنِ مَسْلَكَ التِّجَارَةِ وَسَوَّى فِي الْكِتَابِ بَيْنَ نَضُوضِ وَسَطَ الْحَوْلِ وَآخِرِهِ وَقَالَ عبد الْوَهَّاب لَا بُد مِنْهُ آخِرَ الْحَوْلِ لِأَنَّهُ زَمَنُ الْوُجُوبِ وَالنَّضُوضُ شَرْطٌ فِي كُلِّ عَامٍ السَّادِسُ قَالَ سَنَدٌ

اخْتِلَاطُ أَحْوَالِ الْمُدِيرِ كَاخْتِلَاطِ أَحْوَالِ الْفَوَائِدِ وَلَوْ أَدَارَ أَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا ثُمَّ تَرَكَ قَالَ ابْن الْقَاسِم لَا يُزكي دينه حَنى يَقْبِضَهُ وَلَا عَرْضَهُ حَتَّى يَبِيعَهُ لِعَدَمِ الْوُجُوبِ بَعْدَ الْحَوْلِ السَّابِعُ قَالَ لَوْ كَانَ بَعْضُ مَاله مدارا أَو بعض غير مدَار وهما متساوينا فَلِكُل مَال حكمه وَإِلَّا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ أَدَارَ الْأَكْثَرَ زَكَّى الْجَمِيعَ أَوِ الْأَقَلَّ زَكَّاهُ وَانْتَظَرَ بِالْآخَرِ حوله لِأَن زَكَاة الادارة أقوى من الحكر لِإِخْرَاجِهَا مِنَ الدَّيْنِ وَالْعَرْضِ وَبِأَدْنَى نُضُوضٍ بِخِلَافِ الْحُكْرَةِ فَتَكُونُ مَتْبُوعَةً لَا تَابِعَةً وَقَالَ عَبْدُ الْملك الاقل تَابعا مُطلقًا لِأَنَّهُ الْمَعْهُودُ فِي الشَّرْعِ وَقَالَ أَصْبَغُ بِعَدَمِ التّبعِيَّة مُطلقًا الثَّامِن قَالَ لَوْ طَرَأَ لَهُ مَالُ فَائِدَةٍ فَخَلَطَهَا بِمَالِ الْإِدَارَةِ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ زَكَّى كُلَّ وَاحِدٍ عَلَى حَوْلِهِ وَقَالَ أَصْبَغُ إِنْ بَقِيَ مِنَ الْحَوْلِ يَسِيرٌ أَلْغَى الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ الْمُقَارَضَةُ وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْقَرْضِ الَّذِي هُوَ الْقَطْعُ كَأَنَّ رَبَّ الْمَالِ اقْتَطَعَ مَالَهُ عَنِ الْعَامِلِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا كَانَ الْعَامِلُ وَرَبُّ الْمَالِ كُلٌّ مِنْهُمَا مُخَاطب بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ مُنْفَرِدًا فِيهَا يَنُوبُهُ وَجَبَتْ عَلَيْهِمَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمَا مُخَاطَبٌ لِكَوْنِهِمَا عَبْدَيْنِ أَوْ ذِمِّيَّيْنِ أَوْ لِقُصُورِ الْمَالِ وَرِبْحِهِ عَنِ النِّصَابِ وَلَيْسَ لِرَبِّهِ غَيْرُهُ سَقَطَتْ عَنْهُمَا وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُخَاطَبًا فَقَطْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَتى سَقَطت عَن احداهما سَقَطَتْ عَنِ الْعَامِلِ فِي الرِّبْحِ وَرَوَى أَشْهَبُ الِاعْتِبَارُ بِرَبِّ الْمَالِ لِأَنَّهُ يُزَكِّي مِلْكَهُ فَإِذَا خُوطِبَ وَجَبَتْ فِي حِصَّةِ الْعَامِلِ وَإِنْ لَمْ يكن اهلا وَفِي كتاب مُحَمَّد ابْن الْمَوَّازِ يُعْتَبَرُ حَالُ الْعَامِلِ فِي نَفْسِهِ فَإِنْ كَانَ أَهْلًا بِالنِّصَابِ وَغَيْرِهِ زَكَّى وَإِلَّا فَلَا وَفِي الْكِتَابِ إِذَا اقْتَسَمَا قَبْلَ الْحَوْلِ يُزَكِّي رَبُّ الْمَالِ لِتَمَامِ

حَوْلِهِ وَلَا يُزَكِّي الْعَامِلُ إِلَّا بَعْدَ حَوْلٍ مِنْ يَوْمِ الْقِسْمَةِ وَحُصُولِ النِّصَابِ فِي الرِّبْحِ وَلَوْ كَانَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ دَيْنٌ أَوْ هُوَ عَبْدٌ أَوْ عَلَى الْعَامِلِ دَيْنٌ يَغْتَرِقُ ربحه لم يزدْ الْعَامِلُ وَإِنْ حَصَلَ لَهُ نِصَابٌ قَالَ صَاحِبُ الْمُقدمَات لِابْنِ الْقَاسِم فِي الْحول قَولَانِ احداهما يُعْتَبَرُ فِي رَأْسِ الْمَالِ وَحِصَّةُ رَبِّهِ دُونَ عَمَلِ الْعَامِلِ وَالثَّانِي يُضَافُ إِلَى ذَلِكَ الْحَوْلِ مِنْ يَوْمِ أَخَذَهُ الْعَامِلُ وَلَهُ فِي النِّصَابِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٌ أَحَدُهَا يُشْتَرَطُ فِي نِصَابِ رَبِّ الْمَالِ بِرِبْحِهِ وَيُزَكَّيَانِ كَانَ لِلْعَامِلِ نِصَابٌ أَمْ لَا وَالثَّانِي يُعْتَبَرُ فِي رَأْسِ الْمَالِ وَجَمِيعِ الرِّبْحِ وَالثَّالِثُ يُعْتَبَرُ فِي رَأْسِ الْمَالِ وَحِصَّةِ رَبِّهِ وَيُعْتَبَرُ فِي حِصَّةِ الْعَامِلِ أَيْضًا فَإِنْ كَانَا نِصَابَيْنِ زَكَّى الْعَامِلُ وَإِلَّا فَلَا يَجْرِي عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ بَلْ يَنْبَغِي لِمَا اشْتُرِطَ فِي التَّزْكِيَةِ إِسْلَامُهُمَا وَحُرِّيَّتُهُمَا وَبَرَاءَتُهُمَا مِنَ الدَّيْنِ ان اشْترط مُرُورُ الْحَوْلِ عَلَيْهِمَا وَمِلْكُهُمَا النِّصَابَ قَاعِدَةٌ مَتَى كَانَ الْفَرْعُ يَخْتَصُّ بِأَصْلٍ أجْرِيَ عَلَيْهِ مِنْ غير خلاف وَمَتى دَار بَين اصلين واصول يَقَعُ الْخِلَافُ فِيهِ لِتَغْلِيبِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ بَعْضَ تِلْكَ الْأُصُولِ أَوْ تَغْلِيبِ غَيْرِهِ أَصْلًا آخَرَ كَمَا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَا يَجِبُ فِي قَتْلِ أُمِّ الْوَلَدِ لِتَرَدُّدِهَا بَيْنَ الْأَرِقَّاءِ لِإِبَاحَةِ وَطْئِهَا والأحرار لِامْتِنَاع بيعهَا وَالتَّوْلِيَة مِنَ الْمُكَاتِبِ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ الْأَحْرَارِ لِإِحْرَازِهِ نَفْسَهُ وَمَالَهُ وَبَيْنَ الرَّقِيقِ لِعَدَمِ الْوَفَاءِ وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ فِي الشَّرْعِ وَعَامِلُ الْقِرَاضِ دَائِرٌ بَيْنَ أَنْ يكون شَرِيكا بِعَمَلِهِ وَرب المَال بِمَا لَهُ لِتَسَاوِيهِمَا فِي زِيَادَةِ الرِّبْحِ وَنَقْصِهِ كَالشَّرِيكَيْنِ وَلِعَدَمِ تَعَلُّقِ مَا يَسْتَحِقُّهُ الْعَامِلُ بِالذِّمَّةِ وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ أَجِيرًا لِاخْتِصَاصِ رَبِّ الْمَالِ بِغُرْمِ رَأْسِ الْمَالِ وَلِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ عَلَى عَمَلٍ وَهُوَ شَأْنُ الْإِجَازَة وَمُقْتَضى الشّركَة ان يملك بالظهور وَمُقْتَضى الإجازه أَلَّا يَمْلِكَ إِلَّا بِالْقِسْمَةِ فَاجْتِمَاعُ هَذِهِ الشَّوَائِبِ سَبَب الْخلاف

فَمَنْ غَلَّبَ الشَّرِكَةَ كَمَّلَ الشُّرُوطَ فِي حَقِّ كل وَاحِد مِنْهُمَا وَمن غلب الْإِجَازَة جَعَلَ الْمَالَ وَرَبِحَهُ لِرَبِّهِ فَلَا يُعْتَبَرُ الْعَامِلُ أَصْلًا وَابْنُ الْقَاسِمِ صَعُبَ عَلَيْهِ إِطْرَاحُ أَحَدِهِمَا فَاعْتبر وَجها فَمن هَذِه ووجها مِنْ هَذا قَالَ سَنَدٌ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إِسْقَاطهَا عَن الْعَامِل بالدن اسْتِحْسَانٌ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُمْلَكُ بِالْمُقَاسَمَةِ وَالزَّكَاةُ وَجَبَتْ قبله فَلَا يضر رقّه وَلَا دَيْنُهُ وَمَذْهَبُ الْكِتَابِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ يُمْلَكُ بِالظُّهُورِ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِنُفُوذِ عِتْقِهِ إِذَا رَبِحَ إِلَّا أَنَّهُ فِيهِ شَائِبَتَانِ وَيُلْزِمُ مَنْ يَقُول بالمقاسمة أَن لَا يُحَاسِبَ الْعَامِلَ بِالزَّكَاةِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الرِّبْحَ رَقَابَةٌ عَلَى الْمَالِ وَمَصْرِفُ كُلْفَةٍ وَمِنْهَا الزَّكَاةُ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ إِنَّ الزَّكَاةَ بِجُمْلَتِهَا تَخْرُجُ مِنَ الرِّبْحِ لِهَذَا الْمَعْنَى فَرْعَانِ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ اشْتِرَاطُ زَكَاةِ الرِّبْحِ عَلَى الْعَامِلِ وَرَبِّ الْمَالِ وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ زَكَاةِ الْمَالِ عَلَى الْعَامِلِ وَيَجُوزُ فِي الْمُسَاقَاةِ عَلَى الْعَامِلِ وَرَبِّ الْأَصْلِ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ زَكَاةِ الرِّبْحِ يَرْجِعُ الى ان الْعَامِل الرّبع مثلا لاربع عُشْرِهِ وَذَلِكَ مَعْلُومٌ وَاشْتِرَاطُ زَكَاةِ الْمَالِ قَدْ تَسْتَغْرِقُ نَصِيبَهُ مِنَ الرِّبْحِ فَهُوَ زِيَادَةُ غَرَرٍ فِي الْقِرَاضِ فَلَا يَجُوزُ وَأَمَّا الْمُسَاقَاةُ فَالْمُزَكَّى هُوَ الثَّمَرَةُ وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الرِّبْحِ فِي الْقِرَاضِ وَفِي الْجَوَاهِرِ قِيلَ لَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ حِصَّةِ الْعَامِل على رب المَال لاحْتِمَال ان لَا يَخْرُجَ رِبْحُهُ فَلَا يَتَوَجَّهُ وَرُوِيَ لَا يَجُوزُ اشْتِرَاط زَكَاة الرِّبْح على وَاحِد مهما وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَتَفَاصَلَا قَبْلَ حَوْلٍ أَوْ كَانَ الْمَالُ لَا زَكَاةَ فِيهِ فَلَا يُشْتَرَطُ رُبُعُ عُشْرِ الرِّبْحِ مَعَ حِصَّتِهِ كَمَا لَو اشْترط لأَجْنَبِيّ نِصْفَ الرِّبْحِ فَأَبَى مَنْ أَخَذَهُ فَهُوَ لِمُشْتَرِطِهِ قَالَ سَنَدٌ فَلَوْ رَبِحَ فِي الْمَالِ أَرْبَعِينَ دِينَارًا وَتَعَامَلَا عَلَى النِّصْفِ وَالزَّكَاةُ عَلَى الْعَامِلِ فَلِرَبِّ الْمَالِ دِينَارٌ مِنَ الْأَرْبَعِينَ ثُمَّ نَصِفُ الْبَاقِي

فَيَحْصُلُ لَهُ عِشْرُونَ وَنِصْفٌ وَعَلَى قَوْلِ الْغَيْرِ يَكُونُ لِرَبِّ الْمَالِ عِشْرُونَ وَلِلْعَامِلِ تِسْعَةَ عَشَرَ وَيَقْتَسِمَانِ الدِّينَارَ فَيَأْخُذُ رَبُّ الْمَالِ عِشْرِينَ جُزْءًا مِنْ تِسْعَةٍ وَثَلَاثِينَ وَهُوَ مَبْنِيٌ عَلَى أَنَّ الْعَامِلَ يَمْلُكُ بِالظُّهُورِ وَأنَّ الدِّينَارَ عَلَى مِلْكَيْهِمَا نَشَأَ وَالْأَوَّلُ عَلَى مِلْكِهِ بِالْمُقَاسَمَةِ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ لَا يُزَكِّي الْعَامِلُ وَإِنْ أَقَامَ أَحْوَالًا حَتَّى يَقْتَسِمَا قَالَ سَنَدٌ وَذَلِكَ إِذَا كَانَ الْعَامِلُ مُسَافِرًا لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ لَا يَدْرِي مَا حَالُ مَالِهِ وَالْعَامِلُ كَالْأَجِيرِ فَإِنْ تَمَّ حَوْلُهُ قَبْلَ سَفَرِ الْعَامِلِ وَهُوَ عَيْنٌ لَمْ يَشْغَلْهُ قَالَ سَحْنُونٌ يُزَكِّيهِ رَبُّهُ وَإِنْ أَشْغَلَ مِنْهُ شَيْئًا فَلَا يُزَكِّيهِ حَتَّى يَقْبِضَهُ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ فِي الْبَلَدِ وَهُوَ مُدِيرٌ قَوَّمَ لِتَمَامِ حَوْلِهِ عَلَى سَنَةِ الْإِدَارَةِ وَإِنْ كَانَ محتكرا وَرب المَال مديرا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُقَوِّمُهُ مَعَ حِصَّةِ رِبْحِهِ دُونَ حِصَّةِ الْعَامِلِ لِأَنَّ الْمَالَ نَفْسُهُ لَمْ تَجِبْ فِيهِ زَكَاةٌ إِلَّا بِطَرِيقِ الْعَرْضِ وَحِصَّةُ الْعَامِلِ إِنَّمَا تَجِبُ فِيهَا تَبَعًا لِلْوُجُوبِ فِي الْأَصْلِ فَإِنْ كَانَ الْمَالُ غَائِبًا وَأَمَرَهُ بِالتَّزْكِيَةِ زَكَّاهُ وَحُسِبَتِ الزَّكَاةُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا لَمْ يَظْهَرْ رِبْحٌ عَلَى الْفَوْرِ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ إِلَّا بِالْمُقَاسَمَةِ أَمَّا إِذَا قُلْنَا بِالظُّهُورِ تَسْقُطُ الزَّكَاةُ فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ وَأَخذه السُّلْطَان قَالَ اشهب يُجزئهُ ويحتسب مِنْ رَأْسِ الْمَالِ عَلَى الْخِلَافِ وَلَا يُخْتَلَفُ فِي مَنْعِ الْعَامِلِ مِنْ إِخْرَاجِ الزَّكَاةِ وَيُخْتَلَفُ فِي حِصَّتِهِ مِنَ الرِّبْحِ عَلَى الْخِلَافِ فِي زَمَنِ مِلْكِهِ وَمَذْهَبُ الْكِتَابِ يُزَكِّي لِسَائِرِ الْأَعْوَامِ لِأَنَّ الْمَالَ يُنَمَّى وَقَالَ مَرَّةً لِعَامٍ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ رَدِّ الْعَامِلِ فَأَشْبَهَ الدَّيْنَ وَلَوِ اقْتَسَمَا وَرَبُّ الْمَالِ مُدِيرٌ وَالْعَامِلُ غَيْرُ مُدِيرٍ لَمْ تَكُنْ عَلَى الْعَامِلِ زَكَاةُ حِصَّتِهِ إِلَّا لعام وَاحِد وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا اتَّفَقَا فِي الْإِدَارَةِ فَفِي تَقْوِيمِهِ عِنْد الْحول خلاف وَفِي اخراجه الزَّكَاةَ بَعْدَ التَّقْوِيمِ مِنَ الْمَالِ أَوْ مَالِ رَبِّ الْمَالِ خِلَافٌ وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا لِرَبِّ المَال فِي الادارة اشار ابْن مُحرز الى إجزائه عَلَى الْخِلَافِ فِيمَنْ لَهُ مَالَانِ مَدَارٌ وَغَيْرُ مَدَارٍ وَإِذَا قُلْنَا يُزَكِّي لِعَامٍ وَاحِدٍ فَالْمُعْتَبَرُ حَالَة الِانْفِصَال إِنِ اسْتَوَى مِقْدَارُهُ فِي جَمِيعِ السِّنِينَ أَوْ كَانَ الْمَاضِي اكثر فان كَانَ أنْقصَ زَكَّى فِي كُلِّ سَنَةٍ مَا كَانَ فِيهَا فَإِنِ اخْتَلَفَ بِالزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ زَكَّى النَّاقِصَةَ وَمَا قَبَلَهَا عَلَى حُكْمِهَا

وَزَكَّى الزَّائِدَةَ عَلَى حُكْمِهَا وَالنَّاقِصَةَ قَبْلَهَا عَلَى حكمهَا مثل ان يكون فِي الأول مِائَتَيْنِ وَفِي الثَّانِي مِائَةٌ وَفِي الثَّالِثِ ثَلَاثُمِائَةٍ فَيُزَكِّي عَن مِائَتَيْنِ فِي العامين الْأَوَّلين وَعَن ثَلَاث مائَة فِي الْعَامِ الثَّالِثِ قَالَ اللَّخْمِيُّ هَذَا كُلُّهُ فِي الْعَيْنِ وَيُزَكِّي الْعَامِلُ قَبْلَ رُجُوعِهِ الْمَاشِيَةَ وَالثِّمَارَ وَالزَّرْعَ وَزَكَاةَ فِطْرِ الرَّقِيقِ وَمِنْ أَيِّ شَيْءٍ تُحْسَبُ زَكَاةُ الْمَاشِيَةِ وَالزَّرْعِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فِي الْكِتَابِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَقَالَ فِي غَيْرِهِ يُلْغَى كَالنَّفَقَةِ وَالثَّالِثُ يَجْرِي فِيهِ إِنْ رَبِحَتْ كَانَ عَلَى الْعَامِلِ بِقَدْرِ رِبْحِهِ وَأَمَّا الرَّقِيقُ فَالثَّلَاثَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ وَالرَّابِعُ مَا فِي الْكِتَابِ يُخْرِجُهُ رَبُّ الْمَالِ مِنْ عَيْنِ الْمَالِ وَلَمْ يخْتَلف الْمَذْهَب فِي نض زَكَاةِ الْعَيْنِ عَلَى الْمَالِ وَالرِّبْحِ فَإِنْ بِيعَتِ الْغَنَمُ بِرِبْحٍ فَضَّتْ عَلَيْهِ وَعَلَى رَأْسِ الْمَالِ كَالنَّفَقَةِ أَوْ بِغَيْرِ رِبْحٍ وَأَيُّمَا حَصَلَ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَتْ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَحَطَّ قَدْرَهَا من رَأس المَال وَلَا يلغى لَيْلًا يَكُونَ عَلَى الْعَامِلِ وَحْدَهُ وَكَذَلِكَ الزَّرْعُ وَالرَّقِيقُ يُرَاعَى الرِّبْحُ فِي أَثْمَانِهِمْ بَعْدَ الْبَيْعِ أَوْ مَعَهُ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ يُسْقِطُ رَبُّ الْمَالِ قِيمَةَ الشَّاةِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَيَكُونُ رَأْسُ الْمَالِ مَا بَقِيَ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْفَعَهَا مِنْ مَالِهِ دُونَ مَالِ الْقِرَاضِ لِأَنَّهُ زِيَادَةُ قِرَاضٍ بَعْدَ الشُّغْلِ فَإِنْ لَمْ يَفْسَخْ ذَلِكَ حَتَّى نَضَّ الْمَالُ كَانَ لِلْعَامِلِ فِي مِقْدَارِ قِيمَةِ الشَّاةِ مَا يَنُوبُهُ فِي رِبْحِ الْقِرَاضِ الْقِسْمُ الثَّالِثُ مِنَ النَّقْدَيْنِ مَا يَكُونُ ديونا فِي الذِّمَّة فان صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ مِنْ فَائِدَةٍ وَمن غصب وَمن قرض وَمن تِجَارَة وَالْأول أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ الْأَوَّلُ الْمِيرَاثُ وَالْهِبَةُ وَأَرْشُ الْجِنَايَةِ وَمَهْرُ الْمَرْأَةِ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا وَإِنْ تَرَكَ قَبْضَهُ فِرَارًا إِلَّا بَعْدَ حَوْلٍ بَعْدَ قَبْضِهِ وَالثَّانِي مِنْ عَرْضٍ أَفَادَهُ فَهُوَ مِثْلُ الْأَوَّلِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ بَاعَهُ مُؤَجَّلًا فَقَبَضَهُ بَعْدَ حَوْلٍ زَكَّاهُ حِينَئِذٍ وَإِنْ أَخَّرَهُ فِرَارًا يَتَخَرَّجُ عَلَى قَوْلَيْنِ تَزْكِيَتُهُ لِمَاضِي السِّنِينَ وَيَسْتَقْبِلُ بِهِ

حَوْلًا بَعْدَ الْقَبْضِ وَالثَّالِثُ عَنِ الْعَرْضِ الْمُشْتَرَى لِلْقِنْيَةِ بِنَاضٍّ كَانَ عِنْدَهُ إِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا فَقَبْضَهُ بَعْدَ حَوْلٍ زَكَّاهُ حِينَئِذٍ وَإِنْ تَرَكَ قَبْضَهُ فِرَارًا زَكَّى لِمَاضِي الْأَعْوَامِ وَالرَّابِعُ دَيْنُ الْإِجَارَةِ إِنْ قَبَضَهُ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ كَانَ كالقسم الثَّانِي أَو قبل الِاسْتِيفَاء وَهُوَ مَثَلًا سِتُّونَ دِينَارًا عَنْ ثَلَاثِ سِنِينَ ثَلَاثَة أَقْوَالٍ أَحَدُهَا الَّذِي يَأْتِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي مَسْأَلَةِ هِبَةِ الدَّيْنِ أَنْ يُزَكِّيَ بَعْدَ حَوْلٍ عِشْرِينَ وَالثَّانِي يُزَكِّي تِسْعَةً وَثَلَاثِينَ وَنِصْفًا قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَالثَّالِثُ لَا يُزَكِّي إِلَّا عِشْرِينَ بَعْدَ عَامَيْنِ لِأَنَّهُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مَلِكَ أَرْبَعِينَ عَلَيْهِ عِشْرُونَ دِينَارًا قَالَ صَاحِبُ تَهْذِيبِ الطَّالِبِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُ الْخِلَافِ دَارًا وَيُحْتَمَلُ سُقُوطُهَا فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وَلَمْ تَبْلُغْ إِلَى حَدِّ الْغَرَرِ الْمَانِعِ مِنَ الْإِجَارَةِ وَلَوْ شَهِدَتِ الْعَادَةُ بِبَقَائِهَا أَكْثَرَ مِنَ الْعَقْدِ لَمْ يُخْتَلَفْ فِيهَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ فِي حَالٍ لَا فِي حُكْمٍ بِأَنْ يَكُونَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي دَارٍ تُخْشَى وَقَوْلُ سَحْنُونٍ حَيْثُ لَا تُخْشَى وَأَمَّا الْغَصْبُ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْمَشْهُورُ يُزَكِّيهِ زَكَاةً وَاحِدَةً كَالْقَرْضِ وَالثَّانِي يَسْتَقْبِلُ حَوْلًا كَالْفَائِدَةِ وَقِيلَ لِسَائِرِ الْأَعْوَامِ الْمَاضِيَةِ وَأَمَّا الْقَرْضُ فَلِعَامٍ وَاحِدٍ بَعْدَ الْقَبْضِ لِحُصُولِهِ عِنْدَهُ فِي طَرَفَيِ الْحَوَلِ وَقِيَاسًا عَلَى عُرُوضِ التِّجَارَةِ وَلِأَنَّ الزَّكَاةَ لَا تَجِبُ إِلَّا فِي مُعَيَّنٍ وَالدَّيْنُ فِي الذِّمَّةِ غَيْرُ مُعَيَّنٍ فَلَا يَجِبُ وَقَالَ (ح) إِنْ كَانَ عَلَى مَلِيءٍ زَكَّاهُ بَعْدَ الْقَبْضِ لِكُلِّ عَامٍ وَإِنْ كَانَ عَلَى مُعْسِرٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَالَ (ش) إِنْ كَانَ مُعْتَرِفًا ظَاهِرًا وَبَاطنا باذلاله زَكاه لِكُلِّ عَامٍ قَبْلَ الْقَبْضِ كَالْمُودِعِ وَإِنِ اعْتَرَفَ بَاطِنًا فَقَطْ أَخْرَجَهَا بَعْدَ الْقَبْضِ وَالْجَاحِدُ مُطْلَقًا لَهُمْ فِيهِ قَوْلَانِ كَالْمَغْصُوبِ وَالْمُؤَجَّلِ وَالضَّائِعِ وَدَيْنِ التِّجَارَةِ كَعُرُوضِ التِّجَارَةِ فِي حُكْمِ الْإِدَارَةِ وَالْحُكْرَةِ فُرُوعٌ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ مَنْ حَالَ الْحَوْلُ عَلَى مَالِهِ فَأَقْرَضَهُ قَبْلَ زَكَاتِهِ ثمَّ قَبضه بعد سِنِين زَكَّاهُ لعامين وَمَنْ لَهُ دَيْنٌ مِنْ قَرْضٍ أَوْ بَيْعٍ فَلَا يُزَكِّيه

حَتَّى يَقْبِضَ مِنْهُ نِصَابًا ثُمَّ يُزَكِّي بَعْدَ ذَلِكَ قَلِيلَ مَا يَقْتَضِيهِ وَكَثِيرَهُ أَنْفَقَ الَّذِي زكى أَو أبقى لِأَنَّهُ اذا قبض دون النّصاب لَعَلَّه لَا يَقْبِضُ غَيْرَهُ فَلَا تَجِبُ الزَّكَاةُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمَدِينَ بِصَدَدِ الْإِفْلَاسِ وَالْإِعْسَارِ وَيَكُونُ الْمَقْبُوضُ بَعْدَ ذَلِكَ تَبَعًا كَعُرُوضِ التِّجَارَةِ إِذَا بَاعَ مِنْهَا بِنِصَابٍ زَكَّاهُ وَيُزَكِّي بَعْدَ ذَلِكَ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ تَبَعًا وَلَوْ كَانَ مَعَهُ نِصَابٌ لَمْ يُتِمَّ حَوْلَهُ فَاقْتَضَى مِنْ دَيْنِهِ أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ لَمْ يُزَكِّهِمَا حَتَّى يَتِمَّ حَوْلُ الْأَوَّلِ فَيُزَكِّيهِمَا لِأَنَّ الْحَوْلَ فِي الْأَوَّلِ شَرْطٌ وَالنِّصَابُ فِي الثَّانِي شَرْطٌ وَلَمْ يُوجَدَا قَبْلُ قَالَ سَنَدٌ فَلَوْ تَلِفَ مَا اقْتَضَاهُ قَبْلَ حَوْلِ الْأَوَّلِ زَكَّى الْأَوَّلَ إِذَا تَمَّ حَوْلُهُ دُونَ التَّالِفِ أَوِ الْمُنْفِقِ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَجْتَمِعَا فِي الْوُجُوبِ بِخِلَافِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ الْأَوَّلُ وَاقْتَضَى مِنْ دَيْنِهِ عَشْرَةً بَعْدَ حَوْلِهِ فَأَنْفَقَهَا ثُمَّ اقْتَضَى عَشْرَةً أُخْرَى فَإِنَّهُ يُزَكِّي الأولى وَالْآخِرَة عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الدَّيْنَ مَالٌ وَاحِدٌ تَتَعَلَّقُ بِهِ الزَّكَاةُ بِالْحَوْلِ فَهُوَ كَالتَّمْرِ إِذَا أَزْهَى بِحَسَبِ مَا أَكَلَ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَقِيلَ لَا يُزَكِّي الْمُنْفَقَةَ لِأَنَّهُ أَنْفَقَهَا قَبْلَ الْوُجُوبِ كَمَا لَوْ أَنْفَقَهَا قَبْلَ الْحَوْلِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ إِذَا قَبَضَ عَشْرَةً ثُمَّ عشرَة فَالْمَشْهُور حول الْجَمِيع من قبل الثَّانِيَة والشاذ من الأول وَيَتَخَرَّجُ عَلَيْهِ الْخِلَافُ فِي ضَيَاعِ الْأَوْلَى أَوْ إِنْفَاقِهَا وَالْإِنْفَاقُ أَوْلَى بِالْوُجُوبِ لِكَوْنِهِ مُخْتَارًا كَالْقَرْضِ بَعْدَ الْحَوْلِ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلْ وَجَبَتِ الزَّكَاةُ قبل الْقَبْض وانما التَّوَقُّف الْإِخْرَاجُ وَلَا يَجِبُ إِلَّا بِالْقَبْضِ وَفِي الْكِتَابِ لَوْ زَكَّى الْأُولَى بَعْدَ الْحَوْلِ قَبْلَ قَبْضِ الدّين زكى مَا يقبضهُ من قَلِيل أوكثير تَلِفَ الْأَوَّلُ أَوْ بَقِيَ لِتَمَامِ الْحَوْلِ لَهُمَا وَهُمَا كَالْمَالِ الْوَاحِدِ فِي النِّصَابِ وَالْحَوْلِ فَهُوَ كَمَنِ اقْتَضَى نِصَابًا مِنْ دَيْنِهِ فَزَكَّاهُ فَإِنَّهُ يُزَكِّي بَعْدَ ذَلِكَ مَا يَقْتَضِيهِ مِنْ قَلِيلٍ وَكثير بِخِلَافِ مَا اقْتَضَاهُ قَبْلَ حَوْلِ الْأَوَّلِ لِاخْتِلَافِهِمَا فِي كَمَالِ الْحَوْلِ وَكَذَلِكَ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَوْ تَلِفَ الْأَوَّلُ قَبْلَ الْحَوْلِ لَمْ يُزَكِّ مَا يَقْبِضُ حَتَّى يَبْلُغَ نِصَابًا لِحُصُولِ التَّبَايُنِ وَكَذَلِكَ قَالَ لَوْ أَفَادَ مِائَةً فَأَقْرَضَ مِنْهَا خَمْسِينَ أَوِ ابْتَاعَ بِهَا سِلْعَةً فَبَاعَهَا مُؤَجَّلَةً وَبقيت بقيتها حَوْلًا فَزَكَّاهَا ثُمَّ أَنْفَقَهَا أَوْ أَبْقَاهَا فَلْيُزَكِّ قَلِيلَ مَا يَقْتَضِي وَكَثِيرَهُ وَلَوْ تَلِفَتِ النَّفَقَةُ بَعْدَ الْحَوْلِ أَوْ أَنْفَقَهَا فَلَا

شَيْءَ فِيمَا يُقْتَضَى حَتَّى يَكُونَ نِصَابًا أَوْ عِنْدَهُ مَا يُكْمِلُهُ بِهِ وَقَدْ حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ وَلَمْ يُزَكِّهِ وَلَوْ زَكَّاهُ لَمْ يَضُمَّ وَزَكَّى مَا اقْتَضَى وَإِنْ كَانَ دُونَ دُونِ النِّصَابِ وَلَوْ بَقِيَ مِنَ الْأَوَّلِ دُونَ النِّصَابِ فَأَنْفَقَهُ بَعْدَ الْحَوْلِ أَوْ أَبْقَاهُ فَإِذَا اقْتَضَى تَمَامَ النِّصَابِ زَكَّاهُ ثُمَّ يُزَكِّي قَلِيلَ مَا يَقْتَضِي وَكَثِيرَهُ وَلَوْ أَنْفَقَهُ وَاقْتَضَى شَيْئًا مِنْ دَيْنِهِ قَبْلَ الْحَوْلِ لَمْ يُضِفْهُ بَعْدَ الْحَوْلِ وَلَا يُزكي حَتَّى يَقْتَضِي نِصَابا لافتراقهما بِسَبَب الْحَوَلِ فَلَا يُعْتَبَرُ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ تَفْرِيعٌ قَالَ سَنَدٌ فَلَوِ اقْتَضَى مِنْ دَيْنِهِ دِينَارًا بعد الْحول لَيْسَ لَهُ غير فَاتَّجَرَ فِيهِ فَبَلَغَ نِصَابًا زَكَّاهُ عَلَى الْمَذْهَبِ فِي ضَمِّ الرِّبْحِ إِلَى الْأَصْلِ ثُمَّ يُزَكِّي مَا يَقْتَضِي وَإِنْ قَلَّ وَلَوِ اقْتَضَى مِنْ دينه قبل بُلُوغ الأول نِصَابا والجميع نِصَابًا زَكَّاهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ابْتَاعَ بِهِ سِلْعَةً فَلَا يَضُمُّهُ لِلثَّانِي حَتَّى يَنِضَّ ثَمَنُهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ لَوْ لَمْ يَكُنْ لِرَبِّ الْمَالِ غَيْرُ الدَّيْنِ فَاقْتَضَى مِنْهُ دِينَارًا ثُمَّ آخَرَ فَاشْتَرَى بِالْأَوَّلِ ثُمَّ بِالثَّانِي فَبَاعَ سِلْعَةَ الْأَوَّلِ بِعشْرين وَالثَّانيَِة كَذَلِك زكى عَن اُحْدُ وَعِشْرِينَ إِنْ كَانَ شَرَاهُ بِالثَّانِي بَعْدَ بَيْعِ سلْعَة الأول حَتَّى يَجْتَمِعَانِ وَإِنْ كَانَ قَبْلُ زَكَّى الْأَرْبَعِينَ لِحُصُولِ سَبَبِ الرِّبْحِ قَبْلَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ وَلَوِ اشْتَرَى بِالثَّانِيَةِ ثُمَّ بِالْأَوَّلِ قَبْلَ الْبَيْعِ زَكَّى الْأَرْبَعِينَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَالَ أَبُو الطَّاهِرِ وَعِنْدَ أَشْهَبَ إِذَا أكمل النِّصَابَ بِالثَّانِي بَقِيَ الْأَوَّلُ عَلَى حَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ دُونَ النِّصَابِ يَنْبَغِي أَلَّا يُزَكِّيَ إِلَّا احدا وَعشْرين لِأَن الْغَيْب كشف أَنه شراه بِالْأَوَّلِ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ وَإِنْ كَانَ شِرَاؤُهُ بِالْأَوَّلِ بَعْدَ بَيْعِهِ لَمَّا اشْتَرَاهُ بِالثَّانِي زكى عَن اُحْدُ وَعِشْرِينَ قَالَ مَالِكٌ وَحَوْلُ مَا يَقْتَضِيهِ بَعْدَ النِّصَابِ مِنْ يَوْمِ يَقْبِضُهُ لِأَنَّهُ يَوْمُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فَلَوْ كَثُرَ مَا يَقْتَضِيهِ وَصَعُبَ ضَبْطُهُ قَالَ مَالِكٌ يُضِيفُ مَا شَاءَ مِنْهُ لِمَا قَبْلَهُ وَكَذَلِكَ إِذَا بَاعَ عَرْضَهُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْء وَيضم الْفَوَائِدَ إِذَا اخْتَلَطَتْ إِلَى أَوَاخِرِهَا لِتَبَايُنِ أَحْوَالِهَا وَلَا زَكَاةَ قَبْلَ الْحَوْلِ وَرُوِيَ عَنْهُ التَّسْوِيَةُ لِأَنَّهُ الْأَصْلَحُ لِلْفُقَرَاءِ الثَّانِي قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ لَا يُجَزِئُهُ التَّطَوُّعُ بِزَكَاةِ الدَّيْنِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلَا

النظر الثاني في شروط الوجوب

الْعَرَضُ قَبْلَ بَيْعِهِ لِعَدَمِ شَرْطِ الْوُجُوبِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ أَشْهَبُ بِالْإِجْزَاءِ لِأَنَّ الْوُجُوبَ عِنْدَهُ ثَبَتَ وَإِنَّمَا بَقِيَ التَّمَكُّنُ وَقَدْ تَمَكَّنَ وَقَالَ مَرَّةً يُجَزِّئُهُ فِي الدَّيْنِ دُونَ الْعَرْضِ فَإِنَّ الزَّكَاة فِي ثمن الْعرض وَهُوَ مُخْتَلف بِالْأَسْوَاقِ فَلَا يَسْتَقِرُّ فِيهِ وُجُوبٌ حَتَّى يُبَاعَ وَالدَّيْنُ مُتَعَيِّنٌ الثَّالِثُ قَالَ سَنَدٌ مَنْ أَوْدَعَ مَالًا فَأَسْلَفَهُ الْمُودَعَ ثُمَّ طَلَبَهُ رَبُّهُ بَعْدَ سِنِين فَأَحَالَهُ عَلَى الْمُسْتَقْرِضِ زَكَّاهُ لِعَامٍ وَاحِدٍ وَفِي الْجَوَاهِرِ يُمْكِنُ أَنْ يُزَكِّيَ نِصَابًا ثَلَاثَةً فِي حَوْلٍ بِأَنْ يَكُونَ لِرَجُلٍ دَيْنٌ وَعَلَيْهِ مِثْلُهُ لِثَالِثٍ وَالْمِدْيَانَانِ مَلِيَّانِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَرْضٌ يَفِي بِمَا عَلَيْهِ فَأَحَالَ الْوَسَطَ مُطَالِبَهُ عَلَى مِدْيَانِهِ فَقَبَضَهُ بَعْدَ حَوْلٍ فَالزَّكَاةُ عَلَى الطَّرَفَيْنِ وَيُخْتَلَفُ فِي الْوَسَطِ النَّظَرُ الثَّانِي فِي شُرُوطِ الْوُجُوبِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ الْحَوْلُ وَيُسَمَّى حَوْلًا لِأَنَّ الْأَحْوَالَ تَحُولُ فِيهِ كَمَا يُسَمَّى سَنَةً لِتَسَنُّهِ الْأَشْيَاءُ فِيهِ وَالتَّسَنُّهُ التَّغَيُّرُ وَسُمِّيَ عَامًا لِأَنَّ الشَّمْسَ عَامَتْ فِيهِ حَتَّى قَطَعَتْ جُمْلَةَ الْفَلَكِ وَلِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} (يس: 36) وَأَصْلُ شَرْطِيَّتِهِ مَا فِي أَبِي دَاوُدَ لَيْسَ فِي مَالٍ زَكَاةٌ حَتَّى يحول عَلَيْهِ الْحول وشرطية مُخْتَصَّةٌ بِالنَّقْدِ وَالْمَاشِيَةِ بِخِلَافِ الزَّرْعِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} (الْأَنْعَام: 6) وَالْفَرْقُ أَنَّ الزَّرْعَ حَصَلَ نَمَاؤُهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا يَحْصُلُ فِيهِمَا بِمُجَرَّدِ حُصُولِهِمَا فِي الْمِلْكِ وَيُسْتَثْنَى مِنَ النَّقْدَيْنِ الْمَعْدِنُ وَالرِّكَازُ لِعِلَلٍ تَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَفِيهِ بَحْثَانِ الْبَحْثُ الْأَوَّلُ فِي الْأَرْبَاحِ وَهُوَ كُلُّ عُسْرٍ زَكَاتُهُ تَقَدَّمَ فِي الْأَصْلِ زَكَوِيٌّ فِي الْأَوَّلِ احْتِرَازًا مِنْ لَبَنِ الْمَاشِيَةِ الثَّالِث احْتِرَازًا من عِلّة المفتنات وَفِيه فروع

خَمْسَةٌ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ حَوْلَ رِبْحِ الْمَالِ حَوْلَ أَصْلِهِ كَانَ الْأَصْلُ نِصَابًا أَمْ لَا وَوَافَقَ (ح) إِنْ كَانَ الْأَصْلُ نِصَابًا وَمَنَعَ (ش) مُطْلَقًا لَنَا قَوْلُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِلسَّاعِي عَلَيْهِمْ السَّخْلَةُ يَحْمِلُهَا الرَّاعِي لَا تَأْخُذُهَا وَالرِّبْحُ كَالسِّخَالِ وَفِي الْجَوَاهِرِ يُقَدِّرُ الرِّبْحَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ مَوْجُودًا يَوْمَ الشِّرَاءِ بِالْمَالِ حَتَّى يُضَافَ إِلَيْهِ مَا فِي يَدِهِ وَعِنْدَ أَشْهَبَ يَوْمَ حُصُولِهِ وَعِنْدَ الْمُغِيرَةِ يَوْمَ مَلِكَ أَصْلَ الْمَالِ وَعَلَيْهِ تَتَخَرَّجُ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ إِذَا حَالَ الْحَوْلُ عَلَى عَشْرَةٍ فَأَنْفَقَ مِنْهَا خَمْسَةً وَاشْتَرَى بِخَمْسَةٍ سِلْعَةً فَبَاعَهَا بِخَمْسَةَ عَشَرَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تَجِبُ الزَّكَاةُ إِنْ تَقَدَّمَ الشِّرَاءُ عَلَى الْإِنْفَاقِ وَإِلَّا فَلَا وَأَسْقَطَهَا أَشْهَبُ مُطْلَقًا وَأَوْجَبَهَا الْمُغِيرَةُ مُطْلَقًا قَالَ سَنَدٌ وَإِذَا قُلْنَا يُزَكِّي الْجَمِيعَ عَلَى قَوْلِ الْمُغِيرَةِ فَلَوْ أَسْلَفَ خَمْسَةً بَعْدَ الْحَوْلِ وَاشْتَرَى بِالْبَاقِي سِلْعَةً وَبَاعَهَا بِخَمْسَةَ عَشَرَ لِيَنْتَظِرَ قَبْضَ السَّلَفِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ لِتَكْمِيلِهِ النِّصَابَ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يَنْتَظِرُ لِأَنَّهُ لَوْ أَتْلَفَهَا زَكَّى فَكَيْفَ ينْتَظر فعلى قَوْلهَا لَوْ أَنْفَقَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ اقْتَضَى قَاعِدَةٌ مَتَى يُثْبِتُ الشَّرْعُ حُكْمَا حَالَةِ عَدَمِ سَبَبِهِ أَوْ شَرْطِهِ فَإِنْ أَمْكَنَ تَقْدِيرُهُمَا مَعَهُ فَهُوَ أَقْرَبُ مِنْ إِثْبَاتِهِ وَإِلَّا عُدَّ مُسْتَثْنَى عَنْ تِلْكَ الْقَاعِدَةِ كَمَا أَثْبَتَ الشَّرْعُ الْمِيرَاثَ فِي دِيَةِ الْخَطَأِ وَهُوَ مَشْرُوطٌ بِتَقَدُّمِ مِلْكَ الْمَوْرُوثِ قَرَّرَ الْعُلَمَاءُ الْمَلِكَ قَبْلَ الْمَوْتِ لِيَصِحَّ التَّوْرِيثُ وَلِمَا صَحَّحْنَا عِتْقَ الْإِنْسَانِ عَبْدَهُ عَنْ غَيْرِهِ وَأَثْبَتْنَا الْوَلَاءَ لِلْمُعْتِقِ عَنْهُ احْتَجْنَا لِتَقْدِيرِ تَقَدُّمٍ مِثْلَ مِلْكِهِ لِلْمُعْتَقِ عَنْهُ قَبْلَ الْعِتْقِ لِأَنَّهُ سَبَبُ الْإِجْزَاءِ عَنِ الْكَفَّارة وَثُبُوتِ الْوَلَاءِ وَذَلِكَ كَثِيرٌ فِي الْأَسْبَابِ وَالشُّرُوطِ وَالْمَوَانِعِ فَيُعَبِّرُ الْعُلَمَاءُ عَنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ بِإِعْطَاءِ الْمَعْدُومِ حُكْمَ الْمَوْجُودِ وَالْمَوْجُود حكم الْمَعْدُوم وَهَا هُنَا لِمَا أَلْحَقَ الشَّرْعُ السِّخَالَ وَالْفَوَائِدَ بِالْأُصُولِ مَعَ اشْتِرَاطِ الْحَوَلِ وَلَا حَوْلَ حَالَةَ وُجُودِهَا احْتَجْنَا لِتَقْدِيرِهَا فِي أَوَّلِ الْحَوْلِ مُحَافَظَةً عَلَى الشُّرُوطِ وَلَمَّا كَانَ الشِّرَاءُ سَبَبَ الرِّبْحِ قَدَّرَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِمُلَازَمَةِ الْمُسَبِّبِ سَبَبَهُ وَعِنْدَ

اشهب يَوْم الْحُصُول لَيْلًا يَجْمَعَ بَيْنَ التَّقْدِيرَيْنِ وَالتَّقْدِيرُ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ وَالْمُغِيرَةُ يُلَاحِظُ سَبَبِيَّةَ الْأَصْلِ فَيُقَدَّرُ عِنْدَهُ قَالَ سَنَدٌ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ اسْتِقْلَالُ الرِّبْحِ بِحَوْلِهِ وَهَذَا إِذَا تَقَدَّمَ مِلْكُ أَصْلِ الْمَالِ فِي يَدِهِ أَمَّا لَوِ اشْتَرَى سِلْعَةً بِمِائَةٍ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ فَبَاعَهَا بِمِائَةٍ وَثَلَاثِينَ بَعْدَ الْحَوْلِ فَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ يَسْتَقْبِلُ بِالرِّبْحِ لِعَدَمِ تَقَدُّمِ مِلْكٍ عَلَيْهِ وَرَوَى أَشْهَبُ يُزَكِّيهِ الْآنَ لِأَنَّ الدَّيْنَ مُسْتَنِدٌ إِلَى دَنَانِيرَ فِي الذِّمَّةِ وَالْمُعَيَّنَةُ مِلْكُهُ إِجْمَاعًا الثَّانِي قَالَ لَوِ اشْتَرَى سِلْعَةً بِمِائَةِ دِينَارٍ فَبَاعَ السِّلْعَةَ بِمِائَةٍ وَثَلَاثِينَ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ يُزَكِّي الرِّبْحَ عَلَى الْمِائَةِ الَّتِي بِيَدِهِ إِذَا حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ لِأَنَّ الشِّرَاءَ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِالَّتِي بِيَدِهِ لَوْ طَالَبَهُ الْبَائِعُ نَقْدَهَا فَكَانَتْ أَصْلًا كَمَا لَوْ نَقَدَهَا وَرَوَى أَشْهَبُ يَأْتَنِفُ حَوْلًا بِهِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الْمِائَةِ الْقَضَاءِ وَلَوْ شَاءَ بَاعَ السِّلْعَةَ وَقَضَى مِنْ ثَمَنِهَا وَإِذَا قُلْنَا لَا فَرَوَى أَشْهَبُ يَبْتَدِئُ الْحَوْلَ مِنْ يَوْمِ النُّضُوضِ الثَّالِثُ قَالَ لَوْ تَسَلَّفَ مِائَةَ دِينَارٍ فَرَبِحَ فِيهَا بَعْدَ الْحَوْلِ عِشْرِينَ فَفِي تَزْكِيَةِ الْعِشْرِينَ خِلَافٌ وَلَوْ تَسَلَّفَ فَاتَّجَرَ فِيهِ حَوْلًا رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ يُؤَدِّي مَا تَسَلَّفَ وَيُزَكِّي الرِّبْحَ وَإِلَيْهِ رَجَعَ مَالِكٌ الرَّابِع فِي الْكتاب من بَاعَ عشر دَنَانِيرَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ بَعْدَ الْحَوَلِ أَوْ ثَلَاثِينَ ضأنية قبل مجي السَّاعِي بَعْدَ الْحَوْلِ بِأَرْبَعِينَ مِعْزًى غَيْرَ حَلُوبٍ أَوْ عِشْرِينَ جَامُوسَةً بِثَلَاثِينَ مِنَ الْبَقَرِ أَوْ أَرْبَعَةً مِنَ الْبُخْتِ بِخَمْسِينَ مِنَ الْعِرَابِ زَكَّى وَقَالَ (ش) لَوِ اسْتَبْدَلَ ذَهَبًا بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةً بِفِضَّةٍ اسْتَأْنَفَ الْحَوَلَ لِاشْتِرَاطِ الْحَوَلِ فِي كُلِّ عَيْنٍ وَلِاخْتِلَافِ أَجْنَاسِهَا فِي الْبَيْعِ لَنَا أَنَّ الْغَرَضَ مُتَّحِدٌ وَالْوَاجِبُ فِيهَا وَاحِدٌ فَيَكُونُ الْبَدَلُ كَرِبْحِ الْأُصُولِ حَوْلُهَا وَاحِدٌ وَأَمَّا الْبَيْعُ فَبَابُ مُكَايَسَةٍ وَهَذَا بَابٌ مَعْرُوفٌ قَالَ سَنَدٌ وَيَتَخَرَّجُ فِيهِ الْخِلَافُ الَّذِي فِي ضَمِّ الْأَرْبَاعِ الْخَامِسُ فِي الْكِتَابِ إِذَا اشْتَرَى بِالْعِشْرِينَ سِلْعَةً بَعْدَ الْحَوْلِ قَبْلَ التَّزْكِيَةِ فَبَاعَهَا بَعْدَ حَوْلٍ بِأَرْبَعِينَ زَكَّى لِلْحَوْلِ الْأَوَّلِ عِشْرِينَ وَلِلثَّانِي تِسْعَةً وَثَلَاثِينَ وَنِصْفَ دِينَارٍ يُزَكِّي الْأَرْبَعِينَ وَإِنْ بَاعَ قَبْلَ حَوْلٍ زَكَّى الْعِشْرِينَ فَقَطْ حَتَّى يُكْمِلَ الْحَوْلَ يُزَكِّي قَالَ سَنَدٌ وَإِذَا أَلْحَقْنَا الرِّبْحَ بِالْفَائِدَةِ زَكَّى فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ عَنْ عِشْرِينَ فَيَجِبُ دِينَارٌ لِلْحَوْلَيْنِ وَيُزَكِّي الرِّبْحَ فِي الْحَوْلِ الثَّالِثِ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْمَشْهُورِ

فَلِابْنِ الْقَاسِمِ قَوْلٌ أَنَّهُ لَا يُجْعَلُ دَيْنُ الزَّكَاةِ فِي الْعَرُوضِ بَلْ فِي الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِهِ وَلَا يَحْتَسِبُهُ فِي غَيْرِهِ مَعَ وحول لَهُ لِتُعَلُّقِهَا بِهِ كَتَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالرَّهْنِ وَالْجِنَايَةِ بِالْجَانِي مِنَ الرَّقِيقِ الْبَحْثُ الثَّانِي فِي الْفَوَائِدِ وَهِيَ الْأَمْوَالُ الْمُتَجَدِّدَةُ عَنْ غَيْرِ أَصْلِ سَاقٍ مُزَكَّى فَالْأَوَّلُ احْتِرَازٌ مِنَ الْأَرْبَاحِ وَالثَّانِي احْتِرَازٌ من حَالَة المقتناة فِيهِ فُرُوعٌ أَحَدَ عَشَرَ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَفَادَ دُونَ النِّصَابِ ثُمَّ أَفَادَ قَبْلَ حَوْلِهِ نِصَابًا أَوْ مَا يَكُونُ مَعَ الْأَوَّلِ نِصَابًا بِنَفْسِهِ أَوْ بِرِبْحِهِ فَالْحَوَلُ مِنْ يَوْمِ إِفَادَةِ الثَّانِي لِأَنَّ اعْتِبَارَ الْحَوَلِ فَرْعُ مِلْكِ النِّصَابِ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ نِصَابًا وَالثَّانِي كَذَلِكَ أَوْ دُونَهُ فَكُلُّ مَالٍ يُزَكَّى عَلَى حَوْلِهِ مَا دَامَ فِي جُمْلَتهَا نِصَابٌ فَإِنْ نَقَصَتْ عَنْهُ كَانَتْ كَفَائِدَةٍ لَا زَكَاةَ فِيهَا فَإِنْ أَفَادَ مَا يُتِمُّهَا نِصَابًا اسْتَقْبَلَ الْحَوْلَ مِنْ يَوْمِ الثَّالِثِ وَقَالَ (ح) يُضَمُّ الثَّانِي إِلَى الْأَوَّلِ إِذَا كَانَ الْأَوَّلُ نِصَابًا لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يَأْخُذُ مِنْ أُعْطِيَّاتِ النَّاسِ الزَّكَاةَ مَعَ أَمْوَالِهِمْ وَقِيَاسًا عَلَى الْأَرْبَاحِ وَنَسْلِ الْمَاشِيَةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ الْمُعَارَضَةُ بِعَمَلِ الْخُلَفَاءِ قَبْلَهُ وَبِأَدِلَّةِ اعْتِبَارِ الْحَوْلِ وَعَنِ الثَّانِي الْفَرْقُ أَنَّ الْأَرْبَاحَ وَالنَّسْلَ فَرْعَانِ عَنْ أَصْلٍ فَأُعْطِيَا حُكْمَهُ فِي الْحَوْلِ بِخِلَافِ الْفَوَائِدِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا أَفَادَ فَائِدَتَيْنِ مَجْمُوعُهُمَا نِصَابٌ ضَمَّ الْأُولَى إِلَى الثَّانِيَةِ وَقِيلَ يُزَكِّيهِمَا لِحَوْلِ الثَّانِيَةِ أَوَّلَ عَامٍ ثُمَّ يُبْقِي كُلَّ فَائِدَةٍ عَلَى حَوْلِهَا وَلَوْ كَانَتِ الْأُولَى نِصَابًا لَا يَضُمُّهَا لِلثَّانِيَةِ لِنُقْصَانِ جُزْءِ الزَّكَاةِ بَلْ تَبْقَى عَلَى حَوْلِهَا وَقِيلَ يَضُمُّهَا وَلَوْ أَفَادَ عَشْرَةً ثُمَّ عَشْرَةً فَأَنْفَقَ الْأُولَى أَوْ ضَاعَتْ لَمْ يُزَكِّ الثَّانِيَةَ عِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِعَدَمِ النِّصَابِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَيَضُمُّ مَا دُونَ النِّصَابِ مِنَ الْمَاشِيَةِ إِلَى الْأَوْلَى إِذَا كَانَتْ نِصَابًا بِخِلَافِ الْعَيْنِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْعَيْنَ مُوكَلَةٌ

الى أَمَانَة عين أَرْبَابِهَا فَيُرَتِّبُونَهَا عَلَى أَحْوَالِهَا وَالْمَوَاشِي لِلسُّعَاةِ فَيَعْسُرُ عَلَيْهِمُ الْخُرُوجُ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَقِيلَ لِأَنَّ أوقاص الْعين مزكاة بِخِلَاف الْمَاشِيَة فالمضموم لَا عِبْرَةَ بِهِ فِي الْمَاشِيَةِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الصُّوَرِ قَالَ وَيَتَخَرَّجُ عَلَى الْفَرْقِ مَنْ لَا سُعَاةَ لَهُمْ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْعَيْنِ وَالْمَاشِيَةِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ قَالَ بعض الْقرَوِيين كمن لَيْسَ لَهُمْ سُعَاةٌ يَضُمُّونَ الثَّانِيَةَ إِلَى الْأُولَى لاحْتِمَال تَوْلِيَة السَّعَادَة عَلَيْهِم الثَّانِي وَفِي الْكِتَابِ وَلَوْ رَجَعَتْ بَقِيَّةُ أَحَدِهِمَا أَوْ كِلَيْهِمَا نِصَابا بالمتجر رَجَعَ كُلُّ مَالٍ إِلَى حَوْلِهِ قَالَ سَنَدٌ مَعْنَاهُ أَنْ يَتَّجِرَ بَعْدَ حَوْلِ الْأَوَّلِ وَقَبْلَ حَوْلِ الثَّانِي يُزَكِّي الْأَوَّلَ وَرَبِحَهُ حِينَئِذٍ وَانْتَقَلَ حَوْلُهُ لذَلِك الْوَقْت فان كَانَ تحري فِي الثَّانِي زكى الأول واذا جَاءَ حَوْلُ الْأَوَّلِ وَمَعَهُ مِنْهُمَا نِصَابٌ زَكَّى الثَّانِي وَرِبْحَهُ وَلَوْ خَلَطَهُمَا عِنْدَ حَوْلِ الْأَوَّلِ فَعَادَا نِصَابًا قَبْلَ حَوْلِ الثَّانِي فَضَّ الرِّبْحَ عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ وَزَكَّى الْأَوَّلَ وَحِصَّتَهُ مِنَ الرِّبْحِ وَلَوْ زَكَّى الْأَوَّلَ عِنْدَ حَوْلِهِ وَنَقَصَ الْجَمِيعَ عِنْدَ حَوْلِ الثَّانِي عَنِ النِّصَابِ ثُمَّ اتّجر بِأَحَدِهِمَا فَصَارَ الْجَمِيع نِصَابا فان اتّجر مَا بَيْنَ الْحَوْلَيْنِ زَكَّى الثَّانِي عَلَى نَحْوِ مَا مَرَّ وَلَا يُزَكِّي الْأَوَّلَ لِأَنَّهُ زَكَاهُ فِي سَنَتِهِ وَلَمْ يَحُلْ لَهُ حَوْلٌ وَإِنِ اتّجر بَعْدَ حَوْلِ الْأَوَّلِ مِنَ السَّنَةِ الْأُخْرَى فَقَدِ اخْتَلَطَ حَوْلَ الْمَالَيْنِ وَرَجَعَا مَالًا وَاحِدًا فِي الزَّكَاة خلطهما أم لَا اتّجر بِأَحَدِهِمَا أَو بهما أَو لَا فَإِنْ رَبِحَ فِي أَحَدِهِمَا وَلَمْ يَدْرِ مَا هُوَ فَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ يُزَكِّي على حول آخرهما لَيْلًا يُزَكِّيَ الْأَوَّلَ قَبْلَ حَوْلِهِمَا وَهُوَ يَخْرُجُ عَلَى الْخلاف فِي اخْتِلَاط أَحْوَال الْفَوَائِد وَقَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَكَلَامُ الْكِتَابِ فِيهِ عَجْرَفَةٌ وَيَظْهَرُ أَنَّ مَعْنَاهُ مَا فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَالَّذِي فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ أَفَادَ عَشْرَةً ثُمَّ عَشْرَةً ضَمَّ الْأُولَى إِلَى الثانيةِ فَإِنْ صَارَتِ الْأُولَى نِصَابًا لِمَتْجَرٍ قَبْلَ حول الثَّانِيَة زكاها ويزكي

الثَّانِيَة بحولها وَإِنْ قُلْتَ فَإِنْ كَانَ يُزَكِّي الْفَائِدَتَيْنِ كُلَّ وَاحِدَةٍ لِحَوْلِهَا ثُمَّ رَجَعَا دُونَ النِّصَابِ ثُمَّ صَارَت الأولى نِصَابا بالمتجر قبل ان يجمعهما حَوْلٌ زَكَّاهُمَا حِينَئِذٍ وَيَنْتَقِلَ حَوْلُهُمَا إِلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ ثُمَّ إِذَا حَلَّ حَوْلُ الثانيةِ زَكَّاهَا إِن كَانَ فِيهَا وَفِي الأولى نِصَاب الثَّالِث فِي الْكِتَابِ لَا يُزَكِّي الْكِتَابَةَ وَالْمِيرَاثَ وَالْهِبَةَ إِلَّا بَعْدَ حَوْلٍ بَعْدَ الْقَبْضِ وَلَوْ قَبَضَهَا بَعْدَ أَحْوَالٍ فَلَا شَيْءَ فِيهَا لِلْأَحْوَالِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَأَوْجَبَهَا (ش) فِي الدَّيْنِ مُطْلَقًا كَانَ فَائِدَةً لِأَصْلِ أَوْ لَا أَصْلَ لَهُ وَقَالَ دَيْنُ الْمُبَايِعَةِ يَقْبَلُ الْفَسْخَ بِخِلَافِ هَذِهِ فَيَجِبُ فِيهَا بطرِيق الأولى وخصص ذَلِك (ح) بدن الْمُعَارَضَةِ بِمَالٍ أَوْ غَيْرِهِ كَالْمَهْرِ وَالْخُلْعِ وَالصُّلْحِ لَنَا أَنَّهَا دُيُونٌ لَمْ تَثْبُتْ عَلَيْهَا يَدٌ وَلَمْ تَتَعَيَّنْ وَحَيْثُ أَجْمَعْنَا عَلَى الزَّكَاةِ فَفِي مُعَيَّنٍ وَفِي الْيَدِ وَهَذِهِ بِخِلَافِهِ فَلَا تَجِبُ بِخِلَافِ مَا وَجَبَ عَنْ مَالٍ فَإِنَّ الْأَصْلَ كَانَ مُتَعَيِّنًا وَفِي الْيَدِ وَالْمَقْبُوضُ بَدَلُهُ فَيَنْزِلُ مَنْزِلَتَهُ قَالَ سَنَدٌ فَلَوْ وَرِثَ عَرْضًا فَلَا زَكَاةَ فِيهِ وَلَوْ قَصَدَ بِهِ التِّجَارَةَ وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَهُ فَأَقَامَ ثَمَنَهُ سِنِينَ بَعْدَ حَوْلٍ بَعْدَ الْقَبْضِ وَإِنْ وَرِثَ حُلِيًّا يَجُوزُ اتِّخَاذُهُ فَنَوَى قِنْيَتَهُ فَلَا زَكَاةَ وَإِنْ نَوَى التِّجَارَةَ زَكَّى وَزْنَهُ قَالَهُ فِي الْكِتَابِ مِنْ يَوْمِ قَبْضِهِ لِتُعَلِّقِ الزَّكَاةِ بِعَيْنِهِ وَإِنْ وَرِثَ ثَمَرَةً قَبْلَ طِيبِهَا فَالزَّكَاةُ عَلَيْهِ وَيُعْتَبَرُ النِّصَابُ فِي نَصِيبِهِ وَإِلَّا فَلَا زَكَاةَ عَلَى الْمَيِّتِ وَيُعْتَبَرُ النّصاب من جملَة الْوَرَثَة الرَّابِع فِي الْكِتَابِ تُسْتَقْبَلُ الْمَرْأَةُ بِمَهْرِهَا حَوْلًا بَعْدَ الْقَبْضِ عَيْنًا أَوْ مَاشِيَةً مَضْمُونَةً أَمَّا الْعَيْنُ مِنَ الْمَاشِيَةِ وَالنَّخْلِ فَتُزَكِّيهَا أَتَى الْحَوْلُ عِنْدَهَا أَوْ عِنْدَ الزَّوْجِ لِأَنَّ ضَمَانَهَا مِنْهَا وَقَالَهُ الْأَئِمَّة الْخَامِس فِي الْكتاب اذا تَأَخّر ثمن الشّركَة عِنْدَ الْحَاكِمِ لِيُقَسِّمَ فَلَا يُزَكِّي إِلَّا بَعْدَ حَوْلٍ مِنْ يَوْمِ الْقَبْضِ وَلَوْ بَعَثَ الْوَارِثُ رَسُولَهُ بِأَجْرٍ أَوْ بِغَيْرِ أَجْرٍ فَالْحَوْلُ مَنْ قَبْضِ رَسُولِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ فِي تَنْزِيلِ قَبْضِ وَكِيلِهِ مَنْزِلَةَ قَبْضِهِ خِلَافٌ

وَكَذَلِكَ يُحْسَبُ الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ قَبْضِ الْوَصِيِّ عَلَى الْأَصَاغِرِ لِأَنَّ يَدَ الْوَكِيلِ يَدُ الْمُوَكِّلِ وَالْوَصِيّ وَكيل الْأَب فَلَوْ كَانُوا صِغَارًا أَوْ كِبَارًا فَحَوْلُ الصِّغَارِ من يَوْم الْقِسْمَة لِأَنَّهُ يَوْمئِذٍ عِنْد مَا لَهُم وَحَوْلُ الْكِبَارِ مِنْ يَوْمِ الْقَبْضِ لِأَنَّ قبض الْوَصِيّ لَا يكون قبضا لَهُم وَمَا لَهُم من بَاب مَال الضَّمَان وَهُوَ كُلُّ مَالٍ أَصْلُ مِلْكِهِ مُتَحَقِّقٌ وَالْوُصُولُ اليه مُمْتَنع كالضائع وَالْمَغْصُوب والضال مَأْخُوذٌ مِنَ التَّغَيُّرِ الضَّامِرِ الَّذِي لَا يُنْتَفَعُ بِهِ لِشِدَّةِ الْهُزَالِ وَقَالَ (ح) لَا زَكَاةَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ وَقَالَ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ يُزَكِّي لِمَاضِي السِّنِينَ وَرَاعَى مَالِكٌ حُصُولَ الْمَالِ فِي الْيَدِ فِي طَرَفَيِ الْحَوَلِ لِأَنَّ كَمَالَ الْمِلْكِ إِنَّمَا يَحْصُلُ بِالْيَدِ وَمَعَ عَدَمِهَا يُشْبِهُ الْإِنْسَانَ الْفَقِيرَ فَلَا زَكَاةَ قَالَ سَنَدٌ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَوْرُوثِ وَمَا يَتْبَعُهُ السُّلْطَانُ يَقْبِضُ بَعْدَ سِنِينَ يُزَكَّى لِعَامٍ وَاحِدٍ قِيَاسًا عَلَى الدَّيْنِ وَلَوْ وَضَعَ الْإِمَامُ الْمَوْرُوثَ تَحْتَ يَدِ عَدْلٍ ثُمَّ قَبَضَهُ الْوَارِثُ فَظَاهِرُ الْكِتَابِ الاستيناف فِي الْحَوْلِ بَعْدَ الْقَبْضِ لِعَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنَ التَّصَرُّفِ قَبْلَ ذَلِكَ وَقَالَ مُطَرِّفٌ يُزَكِّي لِمَاضِي السِّنِينَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ لِأَنَّ قَبْضَ السُّلْطَانِ لِلْغَائِبِ وَالصَّغِيرِ كَقَبْضِهِ وَقَالَ أَيْضًا إِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ اسْتَأْنَفَ وَإِنْ عَلِمَ وَلَمْ يَسْتَطِيع التَّخَلُّصَ إِلَيْهِ زَكَّاهُ لِعَامٍ وَاحِدٍ وَإِنِ اسْتَطَاعَ فَلِمَاضِي السِّنِينَ وَلَوْ حَبَسَ الْوَكِيلُ الْمَالَ عَنْهُ سِنِينَ بِإِذْنِهِ وَهُوَ مُفَوَّضٌ إِلَيْهِ زَكَّاهُ لِكُلِّ عَامٍ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا عَنْهُ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ لَا يُزَكِّيهِ إِلَّا لِعَامٍ وَاحِدٍ وَقَالَ أَصْبَغُ لِكُلِّ عَامٍ وَلَوْ تَصَدَّقَ عَلَى غَائِبٍ بِمَالٍ وَغَلَّةٍ لَهُ سِنِينَ فَإِنْ قلبه اسْتَأْنَفَ حَوْلًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا يَسْقُطُ عَنِ الْأَوَّلِ زَكَاةُ مَا مَضَى لِأَنَّ الْمِلْكَ إِنَّمَا انْتَقَلَ عَنْهُ بِالْقَبُولِ وَقِيلَ يَسْقُطُ لِأَنَّ الْقبُول مُسْند الى الْإِيجَاب السَّادِس قَالَ سَنَدٌ لَوْ بُعِثَ بِمَالٍ يَشْتَرِي بِهِ ثَوْبًا لِزَوْجَتِهِ فَحَالَ حَوْلُهُ قَبْلَ الشِّرَاءِ قَالَ ابْن الْقَاسِم يُزَكِّيه السَّابِع فِي الْكِتَابِ مَنْ وَرِثَ نِصَابًا مِنْ مَاشِيَةٍ اَوْ نخلا فأثمرت وَذَلِكَ فِي يَدِ وَصِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ يَأْخُذُ السَّاعِي صَدَقَتَهَا كُلَّ عَامٍ عَلِمَ الْوَارِثُ أَمْ لَا بِخِلَاف

الْعَيْنِ لِأَنَّ الْخِطَابَ بِالزَّكَاةِ خِطَابُ وَضْعٍ لَا خِطَابَ تَكْلِيفٍ وَلِذَلِكَ وَجَبَ فِي مَالِ الْأَصَاغِرِ وَخِطَابُ الْوَضْعِ مَعْنَاهُ اعْلَمُوا أَنِّي قَدْ وَضَعْتُ النِّصَابَ سَبَبًا لِلزَّكَاةِ فَمَتَى وَجَدْتُمُوهُ بِشُرُوطٍ فَأَخْرِجُوا مِنْهُ الزَّكَاة وَالْمقول لَهُ هَذَا هُوَ الْمَقُول لَهُ فِي النَّقْدَيْنِ أَرْبَابُهَا وَفِي الْمَاشِيَةِ وَالْحَرْثِ الامام ونوابه فَلَا جرم لَمْ يَحْتَجْ لِعِلْمِ الْمَالِكِ وَإِنَّمَا خَصَّصَ خِطَّابَ النَّقْدَيْنِ بِأَرْبَابِهَا لِأَنَّهَا أُمُورٌ خَفِيَّةٌ لَا يَتَمَكَّنُ الْإِمَامُ فِيهَا وَلِأَنَّ الْحَرْثَ وَالْمَاشِيَةَ يَنْمَيَانِ بِأَنْفُسِهِمَا فَلَا حَاجَة الى يَد تنمية بِخِلَافِ النَّقْدَيْنِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَاشِيَةِ الْغَائِبَةِ وَالْمَغْصُوبَةِ أَنَّ النَّمَاءَ فِي الْمَغْصُوبِ لِلْغَاصِبِ وَضَمَانُهَا مِنْهُ والضامن كالمالك بِخِلَاف الغائبة للْوَصِيّ الثَّامِن فِي الْكِتَابِ إِذَا أَفَادَ عَشْرَةً فَأَقْرَضَهَا ثُمَّ أَفَادَ خَمْسِينَ فَحَالَ حَوْلُهَا فَزَكَّاهَا ثُمَّ أَنْفَقَهَا فَلْيُزَكِّ مَا اقْتَضَى مِنَ الْعَشْرَةِ لِاجْتِمَاعِهَا مَعَ الْخَمْسِينَ فِي الْحَوْلِ وَإِنَّمَا تَوَقَّفَ عَلَى الْقَبْضِ الْإِخْرَاج التَّاسِع فِي الْكِتَابِ إِذَا أَفَادَ نِصَابًا ثُمَّ مَا دُونَهُ فَزَكَّى الْأَوَّلَ لِحَوْلِهِ وَأَنْفَقَهُ قَبْلَ حَوْلِ الثَّانِي لَمْ يُزَكِّ الثَّانِي عِنْدَ حَوْلِهِ إِلَّا أَنْ يُفِيدَ مَعَهُ أَوْ قَبْلَهُ وَبَعْدَ الْأَوَّلِ مَا يكمل النّصاب وَهُوَ بَاقٍ فَإِنْ كَانَ الْجَمِيعُ دُونَ النِّصَابِ وَأَفَادَ رَابِعًا يُكْمِلُهُ زَكَّى الْجَمِيعَ لِحَوَلِ الرَّابِعِ لِأَنَّ اعْتِبَارَ الْحَوْلِ فَرْعُ النِّصَابِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَقْرَضَ مِائَةً ثُمَّ أَفَادَ عَشْرَةً لَمْ يُزَكِّهَا لِحَوْلِهَا إِذْ لَعَلَّهُ لَا يَقْتَضِي الدَّيْنَ فَإِنْ أَنْفَقَ الْعَشْرَةَ بَعْدَ حَوْلِهَا أَوْ أَنْفَقَهَا ثُمَّ اقْتَضَى عَشْرَةً زَكَّاهَا مَعَهَا وَجَعَلَ حَوْلَهُمَا مِنْ حِينَئِذٍ ثُمَّ يُزَكِّي مَا اقْتَضَى مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ وَيَصِيرُ حَوْلُ مَا اقْتَضَى مِنْ يَوْمِ يُزَكِّيهِ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِلَّا أَنْ يَكْثُرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَيَرُدَّ الْأَخِيرَ إِلَى مَا قَبْلَهُ الْعَاشِر فِي الْجَوَاهِرِ لَوْ بَاعَ الْمُقْتِنَاةَ بِنَسِيئَةٍ فَفِي ابْتِدَاءِ الْحَوْلِ مِنْ يَوْمِ الْقَبْضِ أَوِ الْبَيْعِ قَولَانِ

الْحَادِي عشر قَالَ إِذا اجْتمعت فَوَائِد واقتضاآت وَقد اجْتمعت الْفَوَائِد وَاصل الدُّيُون فِي مَالك وَحَوْلٍ فَإِنِ اسْتَقَلَّ كُلُّ نَوْعٍ بِتَمَامِ النِّصَابِ لَمْ يُضِفْ أَحَدَ النَّوْعَيْنِ إِلَى الْآخَرِ إِلَّا أَنْ يُتَّفَقَ حَوْلَ الْفَوَائِدِ وَوَقْتِ الِاقْتِضَاءِ فَإِنْ قَصُرَتْ عَنْهُ مُنْفَرِدَةً وَكَمُلَتْ مُجْتَمِعَةً أُضِيفَتِ الْفَائِدَةُ إِلَى مَا بَعْدَهَا مِنَ الِاقْتِضَاءِ تَخْفِيفًا لِلْحَوْلِ بِخِلَاف تَقْدِيمهَا والاقتضاآت إِلَى مَا قَبْلَهَا مِنْ صِنْفِهَا لِحُلُولِ الْحَوْلِ عَلَى أَصْلِ الدَّيْنِ وَإِنَّمَا أُخِّرَ الْإِخْرَاجُ خَشْيَةَ الْإِعْسَارِ مِثْلَ أَنْ يَقْتَضِيَ عَشْرَةً ثُمَّ عَشْرَةً فَإِنَّهُ يُزَكِّي الثانيةَ أَنْفَقَ الْأُولَى أَوْ أَبْقَاهَا وَإِنِ اسْتَفَادَ عَشْرَةً ثُمَّ اقْتَضَى عَشْرَةً فَلَا يُضِيفُ الْفَائِدَةَ إِلَى الدَّيْنِ إِلَّا أَنْ تَبْقَى فِي يَدِهِ حَتَّى يَحُولَ حَوْلُهَا عِنْدَ أَشْهَبَ اَوْ يَقْتَضِي عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى اخْتِلَافِهِمَا فِي الْمَالِ اذا جمعه مَالك دُونَ حَوْلٍ وَلَوِ اجْتَمَعَتْ فَوَائِدُ وَدُيُونٌ وَلَوْ أَضَافَ الْفَوَائِدَ إِلَى مَا بَعْدَهَا لَمْ يَحْصُلْ نِصَابٌ وَكَذَلِكَ إِنْ أَضَافَ الدَّيْنَ إِلَى مَا قَبْلَهُ لِكَيْ يُكْمِلَ بِإِضَافَةِ الْجَمِيعِ فَفِي الزَّكَاةِ قَوْلَانِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ كَمَا لَوِ اقْتَضَى عَشْرَةً ثُمَّ اسْتَفَادَ عَشْرَةً ثُمَّ اقْتَضَى خَمْسَةً بَعْدَ إِنْفَاقِ الْعَشْرَةِ الْمُقْتَضَاةِ فَمَنِ اعْتَبَرَ إِضَافَةَ الْخَمْسَةِ إِلَى الْعِشْرَةِ الْمُقْتَضَاةِ وَإِضَافَةَ مَا قَبْلَهَا مِنَ الْفَائِدَةِ إِلَيْهَا وَعَدَّهَا كَالْوَسَطِ أَوْجَبَ الزَّكَاةَ فِي الْخَمْسَةِ خَاصَّةً لِأَنَّهَا تُزَكَّى بِالْمَالَيْنِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ إِنَّمَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِيهَا خَاصَّةً وَسَمِعَنَا الْوُجُوبَ فِي الْجَمِيعِ عِنْدَ بَعْضِ الْأَشْيَاخِ وَهُوَ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ السَّابِقِ وَهُوَ كَوْنُهَا تُزَكَّى بِالْمَالَيْنِ وَكَذَلِكَ لَوِ اقْتَضَى عَشْرَةً ثُمَّ أَفَادَ عَشْرَةً ثُمَّ اقْتَضَى دِينَارًا جَرَى الْخِلَافُ فِي الدِّينَارِ وَالْجَمِيعِ وَلَوْ كَانَ الِاقْتِضَاءُ عَشْرَةً وَجَبَ فِي الْجَمِيعِ لِأَنَّكَ كَيْفَمَا أَضَفْتَ عَلَى الِاجْتِمَاعِ وَالِانْفِرَادِ وَجَبَتْ وَهُوَ يشبه الخليط هَل هُوَ خليط ام لَا الشَّرْط الثَّانِي التَّمَكُّنُ مِنَ التَّنْمِيَةِ وَيَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِهِ إِسْقَاطُ الزَّكَاةِ عَنِ الْعَقَارِ

(فروع خمسة)

وَالْمُقْتَنَاةِ فَلَوْ أَنَّ الْغِنَى كَافٍ لَوَجَبَتْ فِيهِمَا وَلَمَّا لَمْ تَجِبْ دَلَّ عَلَى شَرْطِيَّةِ التَّمَكُّنِ مِنَ النَّمَاءِ إِمَّا بِنَفْسِ الْمَالِكِ أَوْ بِوَكِيلِهِ وَفِيهِ (فُرُوعٌ خَمْسَةٌ) الْأَوَّلُ الْمَغْصُوبُ مَعَ الدُّيُونِ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ فِيمَا يُزَكَّى مِنَ الدَّيْنِ الثَّانِي اللُّقَطَةُ وَفِي الْجَوَاهِرِ تَزَكَّى لِعَامٍ وَاحِدٍ كَالدَّيْنِ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ لِكُلِّ عَامٍ لِأَنَّ ضَمَانَهَا مِنْهُ وَإِلْحَاقًا لِلضَّيَاعِ بِالْمَرَضِ وَالسَّجْنِ الْمَانِعَيْنِ مِنَ التَّنْمِيَةِ الثَّالِثُ فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا دَفَنَهُ فَضَاعَ زَكَّاهُ لكل عَام لتَفْرِيطه قَالَ مَالِكٌ وَقِيلَ لِعَامٍ وَاحِدٍ كَالدَّيْنِ وَقِيلَ إِنْ دَفْنَهُ فِي صَحْرَاءَ فَلِكُلِّ عَامٍ لِتَعْرِيضِهِ إِيَّاهُ لِلتَّلَفِ بِخِلَافِ الْمَوْضِعِ الْمَحْصُورِ وَعَكْسُهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَعَدَّهُ فِي الصَّحْرَاءِ كَالْهَالِكِ وَفِي بَيْتِهِ كَالْقَصْرِ فِي الطَّلَبِ الرَّابِعُ قَالَ الْمَاشِيَةُ الْمَغْصُوبَةُ تُعَادُ بَعْدَ أَعْوَامٍ فَفِي الْكِتَابِ يُزَكِّيهَا لِعَامٍ وَاحِدٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا لِجُمْلَةِ الْأَعْوَامِ وَمَا أَخَذَهُ السُّعَاةُ أَجَزَّأَ عَنْهُ وَلَوْ رُدَّتِ الْمَاشِيَةُ بِعَيْبٍ أَوْ أَخَذَهَا الْبَائِعُ بِفَلْسِ الْمُشْتَرِي أَوْ لفساد العقد بعد اعوام فَفِي زَكَاتُهَا عَلَى الْبَائِعِ أَوِ الْمُشْتَرِي خِلَافٌ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الرَّدَّ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ هَلْ هُوَ نقض للْبيع من أَصله أم مِنْ حِينِهِ وَعَلَيْهِ يَأْتِي بِنَاءُ الْبَائِعِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْحَوْلِ أَوِ اسْتِئْنَافُهُ وَأَمَّا مَا اشْتَرَاهُ مِنَ الْمَاشِيَةِ فَحَالَ حَوْلُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ زَكَّاهُ الْخَامِسُ فِي الْبَيَانِ وَالتَّحْصِيلِ الْمَشْهُورُ تَزْكِيَةُ الْوَدِيعَةِ لِكُلِّ عَامٍ وَرَوِيَ عَنْ مَالِكٍ لعام وَاحِد لعدم التنمية

الشَّرْط الثَّالِث قَرَارُ الْمِلْكِ قَالَ سَنَدٌ إِذَا أَكْرَى دَارَهُ أَرْبَعَ سِنِينَ بِمِائَةٍ نَقْدًا فَمَرَّ بِهِ حَوْلٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُزَكِّي مَا يُقَابِلُ مَا سَكَنَهُ الْآخَرُ وَمَا يُقَابِلُ قِيمَةَ الدَّارِ فَإِنَّ الْأُجْرَةَ دَيْنٌ عَلَيْهِ وَقَالَ أَيْضًا يُزَكِّي الْجَمِيعَ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مِلْكَ عِوَضِ الْمَنَافِعِ هَل من يَوْم الْقَبْض أَو من الِاسْتِيفَاء فَمُقْتَضى عقد الْإِجَازَة اسْتِحْقَاقُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِمَا عَقَدَ عَلَيْهِ وَمُقْتَضى عدم تَسْلِيم الْمَنْفَعَة يزلزل الْمِلْكِ وَقَدْ تَقَدَّمَ كَلَامُ عَبْدِ الْحَقِّ فِيهَا فِي الدُّيُونِ وَلَا زَكَاةَ فِي الْغَنِيمَةِ قَبْلَ الْقسم عَلَى الْمَشْهُورِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ السَّبَبِ الَّذِي هُوَ الْملك النَّظَرُ الثَّالِثُ فِي الْمَوَانِعِ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ الدَّيْنُ وَفِيهِ بَحْثَانِ الْبَحْثُ الْأَوَّلُ فِي الدَّيْنِ الْمُسْقِطِ وَهُوَ مُسْقِطٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَ (ح) وَابْن حَنْبَل عَن الْعين الحولي فِيمَا يقابلها مِنْهَا احْتِرَازًا مِنَ الْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ وَالْمَعْدِنِ خِلَافًا لِ (ش) لَنَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَعَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ الزَّكَاةَ إِنَّمَا تَجِبُ عَلَى الْغَنِيِّ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً وَفِي رِوَايَةٍ زَكَاةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ وَلِأَنَّ الْمِدْيَانَ تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْغَارِمِينَ} وَالْفَرْقُ بَيْنَ النَّقْدِ وَالْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ مِنْ ثَلَاثَةِ أوجه

الأول أَن النَّقْد مَوْكُولٌ إِلَى أَمَانَةِ أَرْبَابِهِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُمْ فِي الدُّيُونِ كَمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُمْ فِي مَالِهِ بِخِلَافِهِمَا مَا لَمْ يُوكَلَا إِلَيْهَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُمَا فِي الدَّيْنِ تَسْوِيَةً بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ الثَّانِي أَنَّهُمَا يَنْمِيَانِ بِأَنْفُسِهِمَا فَكَانَتِ النِّعْمَةُ فِيهِمَا أَتَمَّ فَقَوِيَ إِيجَابُ الزَّكَاةِ شُكْرًا لِلنِّعْمَةِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِي سُقُوطِهَا الدَّيْنُ بِخِلَافِ النَّقْدِ الثَّالِثُ أَِنَّ النَّقْدَ لَا يتَعَيَّن فالحقوق الْمُتَعَلّقَة بِهِ مُتَعَلِّقَةٌ بِالذِّمَمِ وَالدَّيْنُ فِي الذِّمَّةِ فَاتَّحَدَ الْمَحَلُّ فتدافع الحقان فَرجع الدَّيْنُ لِقُوَّتِهِ بِالْمُعَاوَضَةِ وَالْحَرْثُ وَالْمَاشِيَةُ يَتَعَيَّنَانِ وَالدُّيُونُ فِي الذِّمَمِ فَلَا مُنَافَاةَ وَأَمَّا الْمَعْدِنُ فَأَشْبَهَهُ بِالْحَرْثِ قَالَ سَنَدٌ فَلَوْ كَانَتِ الْمَاشِيَةُ رَهْنًا لَمْ يَكُنْ لِلْمُرْتَهِنِ مَنْعُ التَّصَدُّقِ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْعَيْنِ وَحَقِّ الْمُرْتَهِنِ فِي الذِّمَّةِ أَوْ مَالِيَّتِهَا فَلَوْ حَضَرَ السَّاعِي وَفَلِسَ رَبُّهَا وَاخْتَارَ البَائِع الْغنم فَلِلْمُصَّدِّقِ أَخْذُ الزَّكَاةِ مِنْهَا فَإِنْ شَاءَ الْبَائِعُ أَخَذَ الْبَاقِي بِجُمْلَةِ الثَّمَنِ وَلَا فَرْقَ فِي الدّين بَين ان يكون مجْلِس الْمَاشِيَةِ أَمْ لَا وَفِي الْكِتَابِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ عِنْدَهُ عَبْدٌ وَعَلَيْهِ عَبْدٌ بِصِفَتِهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ زَكَاةُ الْفِطْرِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ قَالَ سَنَدٌ وَأَشْهَبُ يُوجِبُهَا وَابْنُ الْقَاسِمِ يرى انها زَكَاة مصروفة بأمانة اربابها فَأشبه الْعَيْنَ وَأَشْهَبُ يَرَى أَنَّهَا وَجَبَتْ بِسَبَبِ حَيَوَانٍ فَأَشْبَهَتِ الْمَاشِيَةَ أَوْ لِأَنَّهَا تَخْرُجُ مِنَ الْحَبِّ فَأَشْبَهَتِ الْحَرْثَ وَفِي الْمُقْدِمَاتِ الدَّيْنُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ دَيْنٌ يُسْقِطُهَا وَإِنْ كَانَ لَهُ عُرُوضٌ تَفِي بِهِ وَهُوَ دَيْنُ الزَّكَاةِ وَحَال عَلَيْهِ حَوْلٌ كَزَكَاةِ الْعَامِ الْأَوَّلِ فِي الْعَامِ الثَّانِي أَمْ لَا كَمَا لَوِ اسْتَفَادَ نِصَابًا ثُمَّ فِي نِصْفِ حَوْلِهِ نِصَابًا فَتَحَوَّلَ حَوْلُ الْأَوَّلِ فَلَا يُزَكِّيهِ حَتَّى يَتْلَفَ ثُمَّ يَحُولُ حَوْلُ الثَّانِي فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاتُهُ لِأَجْلِ

الدَّيْنِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إِنْ كَانَتِ الْعَيْنُ الَّتِي وَجَبَتْ فِيهَا الزَّكَاةُ قَائِمَةً مَنَعَ حَقَّ زَكَاةِ الْعَامِ الْأَوَّلِ زَكَاةَ الْعَامِ الثَّانِي وَإِنِ اسْتُهْلِكَتْ لَمْ يَمْنَعْ وَقَالَ زُفَرُ لَا يُمْنَعُ مُطْلَقًا قِيَاسًا عَلَى الْكَفَّارَةِ بِجَامِعِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَالْفَرْقُ تَوَجُّهُ الْمُطَالَبَةِ بِدَيْنِ الزَّكَاةِ مِنْ جِهَةِ الْآدَمِيِّينَ بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ وَقِسْمٌ يُسْقِطُهَا كَانَ لَهُ حَوْلٌ أَمْ لَا إِلَّا أَنْ تَكُونَ لَهُ عُرُوضٌ تَفِي بِهِ وَهُوَ مَا اسْتَدَانَهُ فِيمَا بِيَدِهِ مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ وَقِسْمٌ يُسْقِطُهَا إِنْ لم يمر لَهُ حول من يَوْم استدانه كَانَتْ لَهُ عُرُوضٌ أَمْ لَا وَيُسْقِطُهَا إِنْ مرت بِهِ سنة من يَوْم استدانه إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ عَرْضٌ يَفِي بِهِ وَهُوَ مَا اسْتَدَانَهُ فِيمَا بِيَدِهِ مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ كَانَ الدَّيْنُ مِنْ مُبَايَعَةٍ أَوْ سَلَفٍ لِعَشَرَةٍ فَاتجر فِيهَا مَعَ عِشْرَةٍ لَهُ فَإِنْ تَسَلَّفَهَا فِي نِصْفِ حَوْلِ الْأَوَّلِ لَمْ تَجِبِ الزَّكَاةُ وَإِنْ كَانَ لَهُ عَرْضٌ حَتَّى يَحُولَ حول من يَوْم التسلف فان تسلقها فِي أَوَّلِ حَوْلِ الْأَوْلَى وَجَبَتِ الزَّكَاةُ إِنْ كَانَت لَهُ عرُوض تفي بِالدّينِ وَأَشْهَب يُسَوِّي بَيْنَ دَيْنِ الزَّكَاةِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ الدَّيْنُ كُلُّهُ مُسْقِطٌ وَإِنْ كَانَتْ لَهُ عُرُوضٌ لِقَوْلِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْمُوَطَّأِ هَذَا شَهْرُ زَكَاتكُمْ فَمن كَانَ عَلَيْهِ دين فليؤد دينه حَتَّى تحصل اموالكم فتؤدون مِنْهَا الزَّكَاةَ قَالَ سَنَدٌ فَإِنْ لَحِقَهُ الدَّيْنُ بَعْدَ الْحَوْلِ لَمْ يُسْقِطْهَا قِيَاسًا عَلَى السَّلَفِ وَالتَّلَفِ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْإِمْكَانِ وَهُوَ مُعَاوَضَةٌ لَمْ يُسْقِطْهَا لِمُقَابَلَةِ عِوَضِهِ لَهُ أَوْ بِغَيْرِ مُعَاوَضَةٍ كَالْمَهْرِ وَالْحِمَالَةِ مِمَّا هُوَ بِرِضَاهُ لَمْ يُسْقِطْهَا وَمَا هُوَ بِغَيْرِ رِضَاهُ كَالْجِنَايَةِ يُسْقِطُهَا لِعَدَمِ التُّهْمَةِ وَقِيَاسًا عَلَى التَّلَفِ حِينَئِذٍ وَجَمِيعِ حُقُوقِ الْعِبَادِ يُسْقِطُهَا عَيْنًا أَوْ عَرْضًا حَالَّةٌ أَوْ مُؤَجَّلَةٌ وَحُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى مِنْهَا مَا يُطَالب بِهِ كَالزَّكَاةِ

فَيُسْقِطُهَا وَمَا لَا يُطَالِبُ بِهِ كَالْكَفَّارَةِ فَلَا يُسْقِطُهَا خِلَافًا لِ (ش) وَالْفَرْقُ إجْزَاءُ الصَّوْمِ فِيهَا فَلَا تَتَعَيَّنُ الْمَالِيَّةُ فِي جِنْسِهَا فُرُوعٌ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُسْقِطُهَا مَهْرُ الْمَرْأَةِ وَنَفَقَتُهَا قُضِيَ بِهَا أَمْ لَا لِأَنَّهَا تَحَاصُّ الْغُرَمَاءُ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلْسِ بِهِ بِخِلَافِ نَفَقَةِ الْوَلَدِ وَالْأَبَوَيْنِ وَلَوْ قَضَى بِهَا الْقَاضِي وَحَلَّتْ خِلَافًا لِأَشْهَبَ فِي الْمَقْضِيِّ بِهَا لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ لَا تَجِبُ إِلَّا مَعَ الْيُسْرِ وَنَفَقَةُ الْمَرْأَةِ مُعَاوَضَةٌ قَالَ سَنَدٌ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يُسْقِطهَا الْمهْر لِأَنَّهُ لَيْسَ شَأْنَ النِّسَاءِ الْمُطَالَبَةَ بِهِ إِلَّا فِي مَوْتٍ أَوْ فِرَاقٍ قَالَ فَعَلَى قَوْلِهِ تَجِبُ الزَّكَاةُ عَلَى الْمَكَّاسِينَ لِأَنَّ مُطَالَبَةَ النَّاسِ لَهُمْ أَنْدَرُ من مُطَالبَة النِّسَاء بِالْمهْرِ وَهِيَ لَا تَجِبُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَسْقَطَهَا بِنَفَقَةِ الْوَلَدِ قِيَاسًا عَلَى الزَّوْجَةِ وَالْفَرْقُ لَهُ أَنَّ الْأَصْلَ نَفَقَةُ الْوَلَدِ وَعَدَمُ نَفَقَةِ الْوَالِدِ حَتَّى تَضُرَّ الْحَاجَةُ وَفِي النُّكَتِ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ كَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْوَلَدِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا أَسْقَطَتْ ثُمَّ حَدَّثَتْ أَمَّا اذا لم تتقدم بيسر فَتسقط بِنَفَقَة الزَّكَاة الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِذَا وَهَبَ الدَّيْنَ الْمَقْدُورَ عَلَى أَخْذِهِ بَعْدَ أَحْوَالٍ فَلَا زَكَاةَ عَلَى الْوَاهِبِ وَلَا الْمَوْهُوبِ لَهُ حَتَّى يَحُولَ الْحَوْلُ بَعْدَ قَبْضِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْمَوْهُوبِ عَرْضٌ يُقَابله لنُقْصَان ملكه بتسلط الْغَرِيمِ وَنُقْصَانِ تَصَرُّفِهِ بِامْتِنَاعِ التَّبَرُّعِ فَلَا تَجِبُ الزَّكَاةُ لِلْقُصُورِ عَنْ مَوْضِعِ الْإِجْمَاعِ وَلِقُوَّةِ الشَّبَهِ بِالْفُقَرَاءِ وَقَالَ غَيْرُهُ يُزَكِّي الْمَوْهُوبَ لَهُ كَانَ لَهُ عَرْضٌ أَمْ لَا لِأَنَّ الدَّيْنَ مُتَعَلِّقٌ بِالذِّمَّةِ وَلَا يَتَعَيَّنُ لَهُ هَذَا الْمَالُ وَالزَّكَاةُ مُتَعَلِّقَةٌ بِعَيْنِ الْمَالِ وَقَدْ زَالَ الْمَانِعُ وَتَقَرَّرَ الْملك فَيجب كَمَا لَو كَانَ عَرْضٌ وَفِي الْجُلَّابِ إِذَا كَانَ لَهُ دَيْنٌ بِقَدَرٍ عَيَّنَهُ فَأَبْرَأَهُ مِنْهُ رَبُّهُ بَعْدَ الْحَوْلِ فَفِي تَزْكِيَتِهِ فِي الْحَالِ أَوْ يَسْتَقْبِلُ حَوْلًا رِوَايَتَانِ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ إِنْ وُهِبَ لَهُ عَرْضٌ يُسَاوِيهِ قَالَ سَنَدٌ لَوْ لَمْ يَرَهُ لَكِنْ أَفَادَ بَعْدَ الْحَوْلِ مَا يَفِي بِالدّينِ فَقَالَ

ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُزَكِّي خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَلَوْ وَهَبَ لِغَيْرِ الْمِدْيَانِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ يُزَكِّيهِ الْوَاهِبُ لِأَنَّ يَدَ الْقَابِضِ كَيَدِهِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَلَوْ أَحَالَ بِالدَّيْنِ غَرِيمَهُ بَعْدَ الْحَوْلِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الزَّكَاةُ عَلَى الْمُحَالِ وَالْمُحِيلِ لِأَنَّ قَبْضَ الْمُحَالِ كَقَبْضِهِ الثَّالِثُ فِي الْجُلَّابِ إِذَا اقْترض نِصَابا فاتجر بِهِ حَوْلًا فَرَبِحَ نِصَابًا زَكَّى عَنِ الْفَضْلِ دُونَ الْأَصْلِ وَقِيلَ لَا زَكَاةَ فِيهِمَا إِلَّا بَعْدَ حَوْلٍ عَلَى الرِّبْحِ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْأَصْلِ على الْفَرْع المبحث الثَّانِي فِيمَا يُقَابِلُ بِهِ الدَّيْنَ فِي الْكِتَابِ يَجْعَلُ دَيْنَهُ فِي كُلِّ مَا يُبَاعُ عَلَيْهِ فِي دَيْنِ الْفَلْسِ وَقَالَ (ح) لَا يَجْعَلُ فِي غَيْرِ النَّقْدَيْنِ وَهُوَ مَنْقُولٌ عِنْدَنَا فِي الْجَوَاهِرِ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يَقُولُ هَذَا شَهْرُ زَكَاتِكُمْ فَمَنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلْيُؤَدِّ دينه حَتَّى تحصل أَمْوَالكُم فتؤدون مِنْهَا الزَّكَاةَ وَلَوْ كَانَ يَجْعَلُ فِي الْعُرُوضِ لَقَالَ اجْعَلُوهَا فِي عَبِيدِكُمْ وَدَوْرِكُمْ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ اُحْدُ فَكَانَ اجماعا فجوابنا أَنَّ مُرَادَهُ دَفْعُ الدَّيْنِ حَتَّى يُزَكِّيَهُ قَابِضُهُ لِقَوْلِهِ حَتَّى تُحَصَّلَ أَمْوَالُكُمْ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِمَا يُقَابِلُ الدَّيْنَ وَيُؤَكِّدُهُ أَنَّ الزَّكَاةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِعَيْنِ الْمَالِ وَالدَّيْنُ بِالذِّمَّةِ فَلَا يُزَاحِمُهَا إِلَّا إِذَا انْسَدَّتِ الطُّرُقُ وَتَعَيَّنَ الْمَالُ مَصْرِفًا لِلدَّيْنِ وَقِيَاسًا عَلَى التَّبَرُّعَاتِ وَنَفَقَاتِ الْأَقَارِبِ فَإِنَّهَا لَا تَمْتَنِعُ حِينَئِذٍ قَالَ سَنَدٌ وَمَشْهُورُ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ جَعْلُ دَيْنِ الزَّكَاةِ فِي الْعَرْضِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ وَقَالَ أَيْضًا لَا يُجْعَلُ إِلَّا فِي الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِهِ لِتَعَلُّقِ الزَّكَاةِ بِهِ كَالرَّهْنِ وَالْجِنَايَةِ وَالتَّسْوِيَةُ لِمَالِكٍ وَ (ح) وَ (ش) وَفِي الْجَوَاهِرِ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي اشْتِرَاطِ ملك الْعرض الَّذِي يَجْعَل قبالة الدَّيْنِ مِنْ أَوَّلِ الْحَوْلِ أَوْ يَكْفِي آخِرَ الْحَوْلِ رِوَايَتَانِ فُرُوعٌ خَمْسَةٌ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ يُجْعَلُ دَيْنُهُ فِي قِيمَةِ رَقَبَةِ مُدَبِّرِيهِ

وَقِيَمَةِ كِتَابَةِ مُكَاتِبِيهِ تُقَوَّمُ الْكِتَابَةُ بِعَرْضٍ ثُمَّ الْعَرْضُ بِعَيْنٍ لِأَنَّ الْمُدَبَّرَ إِنَّمَا يَنْظُرُ فِي عِتْقِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ فَيَلْحَقُ بِالْوَصِيَّةِ وَالْهِبَةِ الَّتِي لَمْ تَقْبَضْ وَفِي الْجُلَّابِ يَجْعَلُ فِي قِيمَتِهِ خِدْمَتَهُ لِامْتِنَاعِ بَيْعِهِ وَجَوَازِ إِجَارَتِهِ فَالْمُتَحَقَّقُ الْمَنْفَعَةُ وَقَالَ سَحْنُون فِي الْمَجْمُوعَة لَا تجْعَل فِي الرِّقَابِ وَلَا فِي الْخِدْمَةِ لِأَنَّ الْغَرِيمَ لَا يَدْفَعُ عَنِ النَّقْدِ بِهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنَّ دَبَّرَ بَعْدَ الدَّيْنِ جُعِلَ فِي رَقَبَتِهِ بِلَا خِلَافٍ وَالْخِلَافُ فِي الْمُعَتَقِ إِلَى أَجَلٍ وَأَوْلَى بِالْمَنْعِ وَلَا يُجْعَلُ دَيْنُهُ فِي الْآبِقِ لِامْتِنَاعِ بَيْعِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ كَانَ قَرِيبًا جُعِلَ وَأَمَّا تَقْوِيمُ الْكِتَابَةِ بِالْعَرْضِ فَحَذَرًا مِنَ الرِّبَا إِذَا كَانَتْ بِالنَّقْدَيْنِ وَمَا لَا يَكُونُ ثَمَنًا شَرْعًا لَا يَكُونُ قِيمَةً شَرْعًا قَالَ سَنَدٌ يَجْعَلُ فِي قِيمَتِهِ مُكَاتِبًا لِأَنَّهُ الْمُتَحَقِّقُ الْآنَ وَقَالَ أَصْبَغُ فِي قِيمَةِ عَبْدٍ لِأَنَّ الْأَصْلَ رِقُّهُ وَالْأَصْلُ عَدَمُ وَفَاءِ الْكِتَابَةِ وَقِيَاسًا عَلَى الْجِنَايَةِ وَيَجْعَلُ فِي قِيمَةِ خِدْمَةِ الْمُعَتَقِ إِلَى أَجَلٍ عِنْدَ أَشْهَبَ وَفِي قِيمَةِ رَقَبَةِ الْمُخَدِّمِ عَلَى أَنَّهُ يَرْجِعُ بَعْدَ مُدَّةِ الْخِدْمَةِ وَعَلَى مَذْهَبِ سَحْنُونٍ لَا يُقَوَّمُ لِامْتِنَاعِ بَيْعِهِ فِي الدَّيْنِ عَلَى أَنَّهُ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ إِلَى موت المخدم أَو السنين الْكَثِيرَة الْمَحْدُودَةِ بِخِلَافِ الْقَلِيلَةِ وَكَذَلِكَ الْمُسْتَأْجِرُ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَخْدَمَهُ عَبْدًا جَعَلَ فِي قِيمَةِ الْخِدْمَةِ عِنْدَ أَشْهَبَ الثَّانِي قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ يَجْعَلُهُ فِي دَيْنِهِ الْمُرْتَجَى دُونَ الْمَيْئُوسِ وَالْعَبْدِ الْآبِقِ قَالَ سَنَدٌ الْحَالُّ يُحْسَبُ عَدَدُهُ وَالْمُؤَجَّلُ عَلَى ظَاهِرِ الْكِتَابِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إِنَّمَا هُوَ اخذ حق الْفُقَرَاء وَقَالَ ابْن سَحْنُونٍ فِي قِيمَتِهِ لِأَنَّهَا الْمُحَقَّقَةُ الْآنَ فِي الْبَيْعِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُقَوَّمُ الدَّيْنُ الَّذِي عَلَى الْمُعْسِرِ بِجَعْلِهِ فِي الْكِتَابِ كَالضَّائِعِ وَرَأَى مَرَّةً إِمْكَانَ الْبَيْعِ الثَّالِثُ قَالَ سَنَدٌ مَنْ لَهُ مِائَتَان مختلفتي الْحَوْلِ وَعَلَيْهِ مِائَةٌ زَكَّى مِائَةً

لِلْحَوْلِ الْأَوَّلِ وَجَعَلَ الدَّيْنَ فِي الْأُخْرَى فَلَا يُزَكِّيهَا عِنْدَ حَوْلِهَا لِتَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَفِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ أَيُّ مِائَةٍ حِلَّ حَوْلُهَا زَكَّاهَا وَجَعَلَ الدَّيْنَ فِي الْأُخْرَى وَهُوَ أَحْوَطُ الرَّابِعُ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ لَوْ كَانَ لَهُ مِائَةٌ وَعَلَيْهِ مِائَةٌ لَأَجِيرٍ لَمْ يَعْمَلْ لَهُ مَا اسْتَأْجَرَ عَلَيْهِ جَعَلَ عَمَلَهُ سِلْعَةً يَجْعَلُ فِيهَا دَيْنَهُ الْخَامِسُ فِي الْكِتَابِ إِذَا كَانَ لَهُ مِائَةٌ وَعَلَيْهِ مِائَةٌ وَبِيَدِهِ مائَة جعل مَا عَلَيْهِ فِي الَّتِي لَهُ وَزَكَّى الَّتِي بِيَدِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ مَلِيءٍ حُسِبَتْ قِيمَتُهُ وَالدَّيْنَانِ إِمَّا حَالَّانِ أَوْ مُؤَجَّلَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا حَالٌّ وَلَا يُخْتَلَفُ فِي هَذِهِ الْأَقْسَامِ فِي جَعْلِ عَدَدِ مَا عَلَيْهِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الَّذِي لَهُ فَتَارَةً يُحْسَبُ عَدَدُهُ وَتَارَةً قِيمَتُهُ وَتَارَةً لَا يُحْسَبُ شَيْئًا أَمَّا الْحَالُّ عَلَى الْمُوسِرِ فَعَدَدُهُ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا وَأَمَّا الْمُؤَجَّلُ وَالَّذِي عَلَيْهِ حَال فَجعله فِي قِيمَتِهِ وَإِنْ كَانَا مُؤَجَّلَيْنِ وَتَسَاوَى الْأَجَلَانِ أَو أَجَّلَ دَيْنَهُ أَوْ لَا جَعَلَهُ فِي قِيمَتِهِ وان كَانَ الَّذِي يحل عَلَيْهِ قَبْلُ جَعَلَ عَدَدَ مَا عَلَيْهِ فِي قِيمَةِ مَالِهِ وَإِنْ كَانَ عَلَى مُعْسِرٍ لَمْ يَجْعَلْ فِي عَدَدِهِ وَلَا قِيمَتِهِ الْمَانِعُ الثَّانِي فِي اتِّخَاذ النَّقْدَيْنِ حليا لاستعمال مُبَاح عِنْدَ مَالِكٍ وَ (ش) وَابْنِ حَنْبَلٍ خِلَافًا لِ (ح) مُحْتَجًّا بِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ دَخَلَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَرَأَى فِي يَدَيَّ فَتَخَاتٍ مِنْ وَرِقٍ فَقَالَ مَا هَذَا يَا عَائِشَةُ قَالَت صنعتهن أتزين لَك قَالَ تؤدين زَكَاتَهُنَّ قَالَتْ لَا قَالَ هُوَ

{حَسْبُكِ مِنَ النَّارِ} وَالْفَتَخَاتُ خَوَاتِمُ كِبَارٌ وَلِأَنَّ الْحُلِيَّ وَغَيْرَهُ اسْتَوَيَا فِي الرِّبَا فَيَسْتَوِيَانِ فِي الزَّكَاةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ مَنْعُ الصِّحَّةِ قَالَهُ التِّرْمِذِيّ ويؤكد هـ مَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كَانَتْ تَلِي بَنَاتَ أَخِيهَا يَتَامَى فِي حِجْرِهَا لَهُنَّ الْحُلِيُّ فَلَا تُخْرِجُ مِنْ حُلِيِّهِنَّ الزَّكَاةَ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الرِّبَا مُتَعَلِّقٌ بِذَاتِ النَّقْدَيْنِ وَالزَّكَاةُ مُتَعَلِّقَةٌ بِوَصْفِهِمَا وَهُوَ كَوْنُهُمَا مُعَدَّيْنِ لِلنَّمَاءِ فَلَيْسَ الْمَدْرَكُ وَاحِدًا حَتَّى يَسْتَوِيَا فُرُوعٌ أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ لَا زَكَاةَ فِيمَا يَتَّخِذُهُ النِّسَاءُ مِنَ الْحُلِيِّ لِلْكِرَاءِ وَاللِّبَاسِ أَوِ الرَّجُلُ لِلِبَاسِ أَهْلِهِ وَخَدَمِهِ وَلَا فِيمَا كُسِرَ فَحُبِسَ لِإِصْلَاحِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ إِذَا كَانَ الْكسر قَابلا للإصلاح فان احْتَاجَ للبسط فَهُوَ كَالتِّبْرِ يُزَكَّى قَالَ مَالِكٌ وَإِذَا نَوَى إِصْلَاحَهُ لِيَصْدُقَهُ امْرَأَةً زَكَّى وَمَنَعَ أَشْهَبُ وَمَا اتَّخَذَهُ الرَّجُلُ لِامْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا أَوْ أَمَةٍ سَيَبْتَاعُهَا فَحَالَ الْحَوْلُ قَبْلَ ذَلِكَ زَكَّى عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ لِأَنَّ الْمَانِعَ لَمْ يَحْصُلْ وَإِنَّمَا حَصَلَ قَصْدُهُ وَلَوِ اتَّخَذَتْهُ امْرَأَةٌ لِابْنَةٍ حَدَثَتْ لَهَا فَلَا زَكَاةَ لِجَوَازِ اسْتِعْمَالِهَا لَهُ بِخِلَاف الرجل وان اتَّخَذَتْهُ عُدَّةً لِلدَّهْرِ دُونَ اللِّبَاسِ أَوِ الْكِرَاءِ والعاربة زكته لِأَن الْمسْقط التجمل وَلَو يُوجَدْ وَلَوِ اتَّخَذَتْهُ لِلِبَاسٍ وَنَوَتْهُ لِلدَّهْرِ فَقِيلَ لَا تُزَكِّيهِ نَظَرًا لِلِانْتِفَاعِ بِاللِّبَاسِ وَالْأَحْسَنُ الزَّكَاةُ قَالَ سَنَد رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ الزَّكَاةَ فِي حُلِيِّ الْكِرَاءِ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنَ التَّنْمِيَةِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ مَا اتَّخَذَهُ الرَّجُلُ مِنْ حُلِيِّ النِّسَاءِ أَوْ مِنْ حلي الرِّجَال للكراء زكى وَكَذَلِكَ مَا اتَّخَذَهُ النِّسَاءُ مِنْ حُلِيِّ الرِّجَالِ لِلْكِرَاءِ لِامْتِنَاعِ التَّجَمُّلِ بِهِ عَلَى مَالِكِهِ فِي الصُّورَتَيْنِ

الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِذَا وَرِثَهُ الرَّجُلُ فَحَبَسَهُ لِلْبَيْعِ أَوْ لِتَوَقُّعِ الْحَاجَةِ دُونَ اللِّبَاسِ زَكَّاهُ قَالَ سَنَدٌ قَالَ أَشْهَبُ لَا يُزَكَّى فَلَوْ وَرِثَهُ وَلَا نِيَّةَ لَهُ زَكَّى عِنْدَ مَالِكٍ لِوُجُودِ السَّبَبِ وَلَمْ يَتَحَقَّقِ الْمَانِعُ وَأَسْقَطَ أَشْهَبُ مُرَاعَاةً لِصُورَةِ الْحُلِيِّ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ لَا زَكَاةَ فِي حِلْيَةِ السَّيْفِ وَالْمُصْحَفِ وَالْخَاتَمِ قَالَ سَنَدٌ يُرِيدُ إِذَا كَانَ لِلْقِنْيَةِ لَا لِلتِّجَارَةِ وَلَا خِلَافَ فِي خَاتَمِ الْفِضَّةِ لِلرِّجَالِ وَحِلْيَةِ السَّيْفِ بِالْفِضَّةِ وَالْمَشْهُورُ جَوَازُهُ بِالذَّهَبِ وَكَرَاهَةُ تَحْلِيَةِ غَيْرِهِ مِنَ السِّلَاحِ لِأَنَّ التَّجَمُّلَ عَلَى الْعَدُوِّ إِنَّمَا يَحْصُلُ غَالِبًا بِالسَّيْفِ وَجَوَّزَهُ أَشْهَبُ فِي الْأَسْلِحَةِ وَالْمِنْطَقَةِ قِيَاسًا عَلَى السَّيْفِ وَمَنَعَ فِي السَّرْجِ وَاللِّجَامِ وَالْمَهَامِيزِ لِأَنَّهَا لِبَاسُ الدَّوَابِّ وَجَوَّزَهُ ابْنُ وَهْبٍ وَ (ح) مُطْلَقًا لِعُمُومِ الْإِرْهَابِ فِي قَلْبِ الْعَدُوِّ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ يُبَاحُ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ لِلِبَاسِ النِّسَاءِ وَشُعُورِهِنَّ وأزرار جُيُوبهنَّ وأقفال ثياببهن وَيُبَاحُ لِلرِّجَالِ خَاتَمُ الْفِضَّةِ وَتَحْلِيَةُ السَّيْفِ وَالْمُصْحَفِ بِهَا وَرَبْطُ الْأَسْنَانِ وَالْأَنْفِ بِالذَّهَبِ وَأَمَّا الْأَوَانِي وَحِلْيَةُ الْمَرَايَا وَالْمَكَاحِلُ وَأَقْفَالُ الصَّنَادِيقِ وَالْأَسِرَّةِ وَالدُّوِيِّ وَالْمَقَالِمِ فَحَرَامٌ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَأَمَّا تَحْلِيَةُ الْكَعْبَةِ وَالْمَسَاجِدِ بِالْقَنَادِيلِ بَلْ وَالْعَلَائِقِ وَالصَّفَائِحِ عَلَى الْأَبْوَابِ وَالْجُدُرِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ قَالَ سَحْنُونٌ يُزَكِّيهِ الْإِمَامُ لِكُلِّ عَامٍ كَالْعَيْنِ الْمُحْبَسَةِ وَقَالَ أَبُو الطَّاهِرِ وَحِلْيَةُ الْحُلِيِّ الْمَحْظُورِ كَالْمَعْدُومَةِ وَالْمُبَاحَةِ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ تَسْقُطُ وَتُزَكَّى كَالْمَسْكُوكِ وَالثاني أنَّهَا كَالْعَرْضِ إِذَا بِيعَتْ وَجَبَتِ الزَّكَاةُ حِينَئِذٍ وَلَا يُكْمِلُ بِهَا النِّصَابَ وَالثَّالِثُ يَتَخَرَّجُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ حُلِيِّ الْجَوَاهِرِ يُجْعَلُ مَعَه كَالْعَيْنِ فيكمل بهَا النّصاب هَا هُنَا

الرَّابِع فِي الْجَوَاهِرِ لَا زَكَاةَ فِي حُلِيِّ الصِّبْيَانِ لِأَنَّ مَالِكًا جَوَّزَ لَهُمْ لُبْسَهُ قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ فِيهِ الزَّكَاةُ الْمَانِعُ الثَّالِثُ الرِّقُّ لِأَنَّ الْعَبْدَ عِنْدَنَا يَمْلِكُ خِلَافًا لِ (ش) لَكِنَّ تَسَلُّطَ السَّيِّدِ عَلَى انْتِزَاعِ مَا فِي يَدِهِ مَانِعٌ مِنَ الزَّكَاةِ كَالدَّيْنِ وَفِي الْكِتَابِ مَنْ فِيهِ عَلَقَةُ رِقٍّ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى السَّيِّدِ عَنْهُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ إِلَّا (ح) فِي عُشْرِ أَرْضِ الْمُكَاتَبِ وَالْمَأْذُونِ لَهُ لَنَا مَا رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا لَيْسَ عَلَى الْعَبْدِ وَلَا عَلَى الْمُكَاتَبِ زَكَاةٌ فِي مَالِهِ وَلِأَنَّ الزَّكَاةَ مُوَاسَاةٌ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ كَنَفَقَةِ الْأَقَارِبِ وَأَوْلَى بِعَدَمِ الْوُجُوبِ لِوَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أنَّ الْقَرِيبَ أَوْلَى بِالْبِرِّ مِنَ الْأَجْنَبِيِّ الثَّانِي أَنَّهَا تَجِبُ لِمَنْ لَا يَمْلِكُ نِصَابًا وَلِأَنَّ صُورَةَ النِّزَاعِ قَاصِرَةٌ عَنْ مَحِلِّ الْإِجْمَاعِ فَلَا تلْحق بِهِ وَالْفرق بَينه وَبَين الْمِدْيَانَ مُتَصَرِّفٌ بِالْمُعَاوَضَةِ بِغَيْرِ إِذْنٍ وَلِأَنَّهُ سَقَطَتْ عَنهُ لحق نَفسه لَيْلًا تَبْقَى ذِمَّتُهُ مَشْغُولَةً وَالْعَبْدُ لِحَقِّ غَيْرِهِ فَهُوَ أَشَدُّ قَالَ وَيَسْتَأْنِفُ السَّيِّدُ الْحَوْلَ إِذَا انْتَزَعَ لِأَنَّ مِلْكَهُ مُتَجَدِّدٌ وَفِي تَهْذِيبِ الطَّالِبِ قَالَ مَالك اذا أسلم الْكَافِر اَوْ اعْتِقْ العَبْد فَمَاله فَائِدَة كَانَ عينا أَوْ مَاشِيَةً أَوْ زَرْعًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَبْلَ طِيبِ الزَّرْعِ وَانْتِهَاءِ الثَّمَرَةِ فَيُزَكِّيهِمَا الْمَانِعُ الرَّابِع توقع طريان الْمُسْتَحق فَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا نَوَى الْمُلْتَقِطُ التَّمَلُّكَ فِي السَّنَةِ الثانيةِ وَلَمْ يَتَصَرَّفْ اسْتَأْنَفَ الْحَوْلَ مِنْ يَوْمِ نَوَى وَمَنَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا لَمْ يُحَرِّكْهَا تَوْفِيَةً لِلْمَلِكِ الْأَوَّلِ بِبَقَاءِ الْعَيْنِ

النَّظَرُ الرَّابِعُ فِيمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ وَفِيهِ بَحْثَانِ فِي الْأَمْوَالِ الْمُطْلَقَةِ وَالْأَمْوَالِ الْمَوْقُوفَةِ الْبَحْثُ الْأَوَّلُ فِي الْأَمْوَالِ الْمُطْلَقَةِ وَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِي الْأَمْوَالِ الْمُطلقَة على المَال لِلنِّصَابِ عِنْدَ حُصُولِ الشُّرُوطِ وَانْتِفَاءِ الْمَوَانِعِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَيُخْتَلَفُ فِي اشْتِرَاطِ الْإِسْلَامِ عَلَى الْخِلَافِ فِي مُخَاطبَة الْكفَّار فِي فروع الشَّرِيعَةِ وَإِنْ لَمْ يُخْتَلَفْ فِي كَوْنِهِ شَرْطًا فِي الْأَدَاءِ وَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِي أَمْوَالِ الصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينَ وَإِنْ لَمْ يَتَوَجَّهِ الْوُجُوبُ عَلَيْهِمْ وَقَالَهُ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ خِلَافًا لِ (ح) فِي الْعَيْنِ وَالْمَاشِيَةِ دُونَ الْحَرْثِ وَالْفِطْرِ قَاعِدَةٌ خِطَابُ اللَّهِ تَعَالَى قِسْمَانِ خِطَابُ تَكْلِيفٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ وَمَنْ أُلْحِقَ بِهِمْ تَبَعًا كَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَخِطَابُ وَضْعٍ يَتَعَلَّقُ بِنَصْبِ الْأَسْبَابِ وَالشُّرُوطِ وَالْمَوَانِعِ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى التَّكْلِيفِ فِي مَحَالِّهَا كَالْإِتْلَافِ سَبَبُ الضَّمَانِ وَدَوَرَانُ الْحَوْلِ مِنْهُ شَرْطٌ لِوُجُوبِ الزَّكَاة وَالْجُنُون مَانع من الْعِبَادَة بل مَعْنَاهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى إِذَا وَقَعَ هَذَا فِي الْوُجُودِ فَرَتِّبُوا عَلَيْهِ هَذَا الْحَكَمَ وَقَدْ يَقَعُ مَعَهُ التَّكْلِيفُ كَالزِّنَى سَبَبُ الْحَدِّ وَالطَّهَارَةُ شَرْطٌ فِي الصَّلَاةِ وَالْإِحْرَامُ مَانِعٌ مِنَ الطِّيبِ وَالصَّيْدِ فَخِطَابُ الزَّكَاةِ عِنْدَ (ح) مِنْ خِطَابِ التَّكْلِيفِ لِيَسْقُطَ عَنِ الصِّبْيَانِ وَعِنْدَنَا خِطَابُ وَضْعٍ وَيَدُلُّ عيه مَا فِي التِّرْمِذِيِّ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَلَا مَنْ وَلِيَ يَتِيمًا لَهُ مَالٌ فَلْيَتَّجِرْ فِيهِ وَلَا يَتْرُكْهُ حَتَّى تَأْكُلَهُ الصَّدَقَةُ وَفِي إِسْنَادِهِ

ضَعْفٌ وَفِي الْمُوَطَّأِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اتَّجِرُوا بِأَمْوَالِ الْيَتَامَى لَا تَأْكُلُهَا الزَّكَاةُ وَالْقِيَاسُ عَلَى نَفَقَاتِ الْقُرَابَاتِ وَقِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ سُؤَالٌ لَوْ كَانَ مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ لما اشْترطت فِيهِ النِّيَّة وَقد اشْترطت جَوَابه أَنَّ خِطَابَ الْوَضْعِ قَدْ يَجْتَمِعُ مَعَ خِطَابِ التَّكْلِيف ويغلب التَّكْلِيف كالنذرور وَالْكَفَّارَاتِ وَقَدْ يَغْلِبُ خِطَابُ الْوَضْعِ وَيَكُونُ التَّكْلِيفُ تبعا وَهَا هُنَا كَذَلِك بديل أَخْذِهَا مِنَ الْمُمْتَنِعِ مِنْهَا مَعَ عَدَمِ النِّيَّةِ وَالنُّذُورُ لَا يُقْضَى بِهَا لِغَلَبَةِ الْعِبَادَةِ عَلَيْهَا فَرْعٌ فِي تَهْذِيبِ الطَّالِبِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تُزَكَّى مَاشِيَةُ الْأَسِيرِ وَالْمَفْقُودِ وَزَرْعُهُمَا دُونَ نَاضِّهِمَا لِاحْتِمَالِ الدَّيْنِ الْبَحْثُ الثَّانِي فِي الْأَمْوَالِ الْمَوْقُوفَةِ وَالْكَلَام فِي هَذَا الْبَاب يَتَوَقَّفُ عَلَى بَيَانِ الْوَقْفِ هَلْ يَنْقُلُ الْأَمْلَاكَ وَالْمَنَافِعَ فَقَطْ وَتَبْقَى الْأَعْيَانُ عَلَى مِلْكِ الْوَاقِفِينَ وَلَو مَاتُوا فَكَمَا يكون لَهُم آخر الرِّيعِ بَعْدَ الْمَوْتِ يَكُونُ لَهُمْ مَلِكُ الرَّقَبَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَحَكَى بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الِاتِّفَاقَ عَلَى سُقُوطِ الْمِلْكِ مِنَ الرِّقَابِ فِي الْمَسَاجِدِ وَأنَّهُ مِنْ بَابِ إِسْقَاطِ الْمِلْكِ كَالْعِتْقِ لَنَا وَجْهَانِ الْأَوَّلُ أَنَّ الْقَاعِدَةَ مَهْمَا أَمْكَنَ الْبَقَاءُ عَلَى مُوَافَقَةِ الْأَصْلِ فَعَلْنَا وَالْقَوْلُ بِبَقَاءِ الْمِلْكِ أَقْرَبُ لِمُوَافَقَةِ الْأَصْلِ فَإِنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْمِلْكِ عَلَى مِلْكِ أَرْبَابِهَا الثَّانِي قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِعُمْرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَبِّسِ الْأَصْلَ وَسَبِّلِ الثَّمَرَةَ يَدُلُّ عَلَى بَقَاءِ الْأَمْلَاكِ وَإِلَّا لَقَالَ لَهُ سَبِّلْهَا وَلَا حَاجَةَ إِلَى التَّفْصِيلِ تَفْرِيعٌ فِي الْجَوَاهِرِ إِنْ كَانَتْ نَبَاتًا زَكَّيْتَ عَلَى مِلْكِ وَاقِفِهَا وَلَا يُرَاعى حِصَصَ الْمُسْتَحِقِّينَ لِلرِّيعِ لِأَنَّ مِلْكَهُمْ عَلَيْهِ إِنَّمَا يَثْبُتُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ كَالْمُسَاقَاةِ

لِلْعَامِلِ وَقِيلَ إِنْ تَوَلَّاهَا غَيْرُهُ فِي التَّفْرِيقِ وَكَانَ الْآخرُونَ يَسْتَحِقُّونَ الزَّكَاةَ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا لِضَعْفِ الْمِلْكِ بِعَدَمِ التَّصَرُّفِ كَمَالِ الْعَبْدِ وَإِنْ قُلْنَا بِالزَّكَاةِ عَلَى الْمَشْهُورِ أَوْ لِأَنَّهُمْ لَا يَسْتَحِقُّونَ أَخْذَ الزَّكَاةِ لَا يُعْتَبَرُ النِّصَابُ فِي كُلِّ حِصَّةٍ إِذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى مُعَيَّنِينَ عِنْدَ سَحْنُونٍ خِلَافًا لِابْنِ الْمَوَّازِ وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ ملكهم بالظهور فَيشْتَرط أَو بِالْقِسْمَةِ فَلَا يشْتَرط قَالَ أَبُو عِمْرَانَ وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ خِلَافُ ظَاهِرِ المدونه واما عين المعينين فَيشْتَرط لانهم لَا يملكُونَ الا بالوصول وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ اخْتُلِفَ إِذَا كَانَ الْحَبْسُ عَلَى وَلَدِ فُلَانٍ هَلْ يَلْحَقُونَ بِالْمُعَيَّنِينَ أَمْ لَا وَالْقَوْلَانِ قَائِمَانِ مِنَ الْمُدَوَّنَةِ فِي الْوَصَايَا وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنْ كَانَ الْوَقْفُ مَوَاشِيَ وُقِفَتْ لِتُفَرَّقِ أَعْيَانُهَا فَمَرَّ الْحَوْلُ قَبْلَ التَّفْرِيقِ فَلَا زَكَاةَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هُنَّ مِثْلُ الدَّنَانِيرِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ كَانَتْ تُفَرَّقُ عَلَى مَجْهُولِينَ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا وَإِنْ كَانَتْ عَلَى مُعَيَّنِينَ فَالزَّكَاةُ عَلَى مَنْ بَلَغَتْ حِصَّتُهُ نِصَابًا قَالَ مُحَمَّدٌ وَهَذَا احب إِلَيْنَا والمدرك هَا هُنَا ان يفرق الاعيان اعواض عَنْ مِلْكِ الْمُعْطِي فَلَا يُزَكِّيهَا عَلَى مِلْكِهِ إِذْ لَا مَالِكَ وَغَيْرُهُ لَمْ يَحُلِ الْحَوْلُ بَعْدَ الْقَبْضِ فَتُسْقِطُ لِلزَّكَاةِ مُطْلَقًا أَوْ يُقَالُ لَمَّا كَانَ الْمُنْتَقَلُ إِلَيْهِ مُعَيَّنًا قَدَّرَ مِلْكَهُ ثَابتا من أول اغراض الْمِلْكِ وَقَدْ حَالَ الْحَوْلُ مِنْ حِينَئِذٍ فَتَجِبُ الزَّكَاةُ وَإِنْ وَقَفْتَ لِتُفَرِّقَ أَوْلَادَهَا زَكَّيْتَ الْأُصُولَ وَيُزَكَّى نَسْلُهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا كَانَتْ عَلَى مَجْهُولِينَ وَبَلَغَ نِصَابًا وَحَالَ الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ الْوِلَادَةِ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى مُعَيَّنِينَ فَلَا زَكَاةَ عَلَى مَنْ لَمْ يَبْلُغْ نِصَابًا وَأَوْجَبَهَا سَحْنُونٌ فِي الْمُعَيَّنِينَ وَالْمَجْهُولِينَ تَغْلِيبًا لِلْمِلْكِ الْأَوَّلِ وَإِنْ وَقَفْتَ لِتُفَرِّقَ غَلَّتَهَا مِنْ لَبَنٍ وَصُوفٍ عَلَى مُعَيَّنِينَ أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنِينَ زَكَّيْتَ الْأُمَّهَاتِ وَالْأَوْلَاد على ملك الْوَاقِف لعد مُزَاحَمَةِ غَيْرِهِ لَهُ فِي الْمِلْكِيَّةِ وَحَوْلُهُمَا وَاحِدٌ قَالَ صَاحِبُ الْمُقْدِمَاتِ فِي الْعَيْنِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لَا تَجِبُ فِيهَا حَتَّى تُفَرَّقَ عَلَى مُعَيَّنِينَ أَوْ غَيْرِهِمْ وَهُوَ مَعْنَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ لعدم تعين النَّقْدَيْنِ على الْمَذْهَب وَلَا يجب إِنْ كَانَتْ تُفَرَّقُ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنِينَ

لعدم قبُول الْملك واعرض الْوَاقِف عَن ملكه وَإِنَّمَا يجب فِي حِصَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُعَيَّنِينَ وَهُوَ يَتَخَرَّجُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ فِي فَائِدَةِ الْعَيْنِ على الزَّكَاة بعد الْحول قبل الْقَضَاء وَيجب فِي جُمْلَتِهَا إِنْ كَانَتْ تُفَرَّقُ عَلَى مُعَيَّنِينَ تَقْوِيَةً لِلْمِلْكِ السَّابِقِ وَإِنْ فُرِّقَتْ عَلَى مُعَيَّنِينَ فَفِي حِصَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لِأَنَّ الْمُعَيَّنَ يَقْبَلُ نَقْلَ الْمِلْكِ وَهُوَ مُخَرَّجٌ أَيْضًا عَلَى هَذَا مِنْ حَيْثُ الْإِجْمَالِ وَإِنْ فَصَّلْنَا قُلْنَا إِنْ كَانَتْ تُقَسَّمُ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنِينَ فَقِيلَ يُزَكِّي جُمْلَتَهَا عَلَى مِلْكِ الْمَحْبِسِ وَقِيلَ لَا يُزَكِّي لِإِعْرَاضِهِ عَنْ مِلْكِهِ وَإِنْ كَانَتْ تُفَرَّقُ على مُعينين فَقيل لَا زَكَاة وَقيل يُزكي عَلَى مِلْكِ الْمُقَسَّمِ عَلَيْهِمْ إِنْ بَلَغَتْ حِصَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نِصَابًا وَأَمَّا الثَّمَرَةُ الْمُتَصَدَّقُ بِهَا أَوِ الْمَوْهُوبَةُ لِعَامٍ أَوْ أَعْوَامٍ مَحْصُورَةٍ إِنْ كَانَتْ عَلَى الْمَسَاكِينِ زَكَّيْتَ عَلَى مِلْكِ الْمُعْطِي إِنْ كَانَتْ جُمْلَتُهَا نِصَابًا أَوْ إِذَا أَضَافَهُ إِلَى مَا فِي مِلْكِهِ كَانَ نِصَابًا وَأَن كَانَ عَلَى مُعَيَّنِينَ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ يُزَكِّي عَلَى مِلْكِ الْوَاهِبِ تَقْوِيَةً لِمِلْكِهِ فِي الرِّقَابِ كَالْمُسَاقِي لِسَحْنُونٍ وَلَا يخرج الزَّكَاة عَلَى قَوْلِهِ حَتَّى يَحْلِفَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ تَحَمُّلَ الزَّكَاةَ مِنْ مَالِهِ وَيُزَكَّى عَلَى مِلْكِ الْمَوْهُوبِ وَالْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ وَالْمُعَرَّى إِنْ كَانَتْ حِصَّتُهُ نِصَابًا لِأَنَّ الرَّقَبَةَ مَعَهُمْ كَالْعَارِيَةِ فَنَشَأَتِ الثَّمَرَةُ عَلَى أَمْلَاكِهِمْ وَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ فيزكيان على ملك الآخذين وَبَين الْعَارِية فيزكي على مَالك الْمُعَرِّي قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ وَفِي الْمَوْقُوفِ عَلَى الْمَسَاجِد وَنَحْوهَا خلاف بَين الْمُتَأَخِّرين وَالصَّوَاب أَن لَا زَكَاةَ لِعَدَمِ تَوَجُّهِ الْأَمْرِ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَإِن كَانَ الْمَوْقُوف علينا لِيُفَرَّقَ فَلَا زَكَاةَ لِخُرُوجِهَا مِنْ يَدِ مَالِكِهَا وَبَطَلَتْ قِيمَتُهَا وَيَقْبِضُهَا مَنْ صَارَتْ إِلَيْهِ وَإِنْ وَقَفْتَ لِتُسَلِّفَ زَكَّيْتَ بَعْدَ الْحَوْلِ النَّظَرُ الْخَامِسُ فِي الْجُزْءِ الْوَاجِبِ وَهُوَ رُبُعُ الْعُشْرِ وَفِي الْكِتَابِ إنَّ جَمْعَ النِّصَابِ مِنَ النَّقْدَيْنِ أَخْرَجَ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ بِحِسَابِهِ لِأَنَّهُ أَعْدَلَ لِلْفُقَرَاءِ والأغنياء مَعَ قلَّة الِاخْتِلَاف بِخِلَاف الْحُبُوب لما عَظُمَ الِاخْتِلَافُ فِيهَا اعْتُبِرَ الْوَسَطُ عَدْلًا بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَهُ إِخْرَاجُ الذَّهَبِ على الْوَرق وَبِالْعَكْسِ بِالْقيمَةِ دون الْوَرق وَقَالَهُ ح خِلَافًا لِ ش لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ مَا لَمْ تَنْقُصْ

قيمَة الدِّينَار من عشرَة دَرَاهِم لَيْلًا يبخس الْفُقَرَاء من الْقِيمَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَإِنْ زَادَتْ صَحَّ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّاب إِنَّمَا يخرج على كُلِّ دِينَارٍ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَعَنِ الْعَشَرَةِ دِينَارٌ نَظَرًا إِلَى الْأَصْلِ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِخْرَاجُ الْوَرِقِ عَنِ الذَّهَبِ أَصْوَبُ لِأَجْلِ التَّفْرِيقِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّاز لَا تخرج عَن الْفضة الردية قِيمَتُهَا دَرَاهِمَ أَقَلَّ مِنَ الْوَزْنِ بَلْ يُخْرِجُ مِنْ عَيْنِهَا أَوْ قِيمَتِهَا ذَهَبًا وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي الذَّهَبِ الرَّدِيءِ قَالَ سَنَدٌ وَمَنَعَ مَالِكٌ مِنْ إِخْرَاجِ الْحَبِّ وَالْعَرْضِ فِي الْكِتَابِ وَأَجَازَهُ ابْن حبيب إِذْ رَآهُ أَحْسَنَ لِلْمَسَاكِينِ وَفِي الدَّارَقُطْنِيِّ قَالَ مُعَاذٌ لِأَهْلِ الْيَمَنِ ائْتُونِي بِعَرْضِ ثِيَابٍ آخُذُهُ مِنْكُمْ فِي الصَّدَقَةِ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْكُمْ وَخَيْرٌ لِلْمُهَاجِرِينَ بِالْمَدِينَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا أَوْجَبَ الزَّكَاةَ شُكْرًا لِلنِّعْمَةِ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ وَسَدًّا لِخَلَّةِ الْفُقَرَاءِ أَوْجَبَ الْإِخْرَاجَ مِنْ أَعْيَانِ الْأَمْوَالِ لَيْلًا تَنْكَسِرَ قُلُوبُ الْفُقَرَاءِ بِاخْتِصَاصِ الْأَغْنِيَاءِ بِأَعْيَانِ الْأَمْوَالِ وَهُوَ مدرك مَالك وش وَإِنَّمَا عَدَلَ مَالِكٌ عَنْ ذَلِكَ لِشِدَّةِ قُرْبِ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ مِنَ الْآخَرِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا خرج أحد النَّقْدَيْنِ على الْآخَرِ فَعَلَى الصَّرْفِ الْأَوَّلِ عِنْدَ الشَّيْخِ أَبِي بكر وعَلى الْحَاضِر عِنْد ابْن الْقَاسِم وَيُرِيد بِالْأولِ عشرَة دِينَار قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ لَا يُمْكِنُ مِنْ كَسْرِ الدِّينَارِ السَّكُوكِ لِلْفُقَرَاءِ إِذَا وَجَبَ عَلَيْهِ بَعْضُهُ فَإِنْ كَانَ الْبَعْضُ لَهُ سِكَّةٌ تَخُصُّهُ أَخْرَجَهُ إِنْ وَجَبَتْ جُمْلَتُهُ وَإِنْ لَمْ تَجِبْ فَفِي كَسره قَوْلَانِ مَعَ حُصُولِ الِاتِّفَاقِ عَلَى مَنْعِ كَسْرِ الدِّينَارِ لِأَنَّ الْبَعْضَ لَيْسَ لَهُ حُرْمَةُ الْكُلِّ وَإِذا قُلْنَا يزكّى فِي قيمَة بَعْضِ الْكَامِلِ فَفِي إِخْرَاجِ قِيمَةِ السِّكَّةِ قَوْلَانِ عَدَمُ اللُّزُومِ لِابْنِ حَبِيبٍ لِأَنَّ السِّكَّةَ لَا يُكْمَلُ بِهَا النِّصَابُ وَاللُّزُومُ لِابْنِ

الْقَابِسِيِّ لِأَنَّ الْمَسَاكِينَ كَالشُّرَكَاءِ قَالَ سَنَدٌ وَإِذَا زكى الْآنِية فَلهُ كسر جرة مِنْهَا خلافًا ل ش وَله جُزْء دَفْعُ جُزْءٍ الْجَمِيعِ شَائِعًا وَلِلْإِمَامِ مَا يَرَاهُ مِنْ بَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ وَفِي الْكِتَابِ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ فَلَمْ يُخْرِجْهَا وَاشْتَرَى بِهَا خَادِمًا فَمَاتَتْ أَوْ فَرَّطَ حَتَّى ضَاعَ ضَمِنَ الزَّكَاةَ وَإِنْ لَمْ يُفَرِّطْ حَتَّى ضَاعَ أَوْ بَقِيَ دُونَ النِّصَابِ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْن الْحَضْرَمِيّ وش يَخْرُجُ مِمَّا دُونَ النِّصَابِ رُبُعَ عُشْرِهِ لِأَنَّ الْفُقَرَاءَ شُرَكَاءُ فِيمَا بَقِيَ وَقَالَ ح لَا يَضْمَنُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ طَلَبَ مِنْهُ فَامْتَنَعَ وَلَا يَأْثَمُ بِالتَّأْخِيرِ وَلَوْ طَلَبَهُ الْمَسَاكِينُ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ لِغَيْرِهِمْ فَلَا يَأْثَمُ بِمَنْعِهِمْ خِلَافًا لَنَا وَالْفَرْقُ عِنْدَهُ أَنَّ الْإِمَامَ وَكِيلٌ لِجُمْلَةِ مَصَارِفِ الزَّكَاةِ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ فِي قبض الْجُزْء والمشترك فِيهَا آثِمٌ بِالتَّأْخِيرِ كَوَكِيلِ الْغَرِيمِ فِي الدَّيْنِ وَالْمِسْكِينُ لم يتَعَيَّن لَهُ الْحَقُّ وَلَيْسَ وَكِيلًا لِلْجُمْلَةِ تَمْهِيدٌ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَفِيهَا رُبُعُ الْعُشْرِ فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ فَفِيهَا شَاةٌ لَفْظَةُ فِي تَكُونُ لِلظَّرْفِيَّةِ نَحْوَ زِيدٌ فِي الدَّار وللسبب كَقَوْلِه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي النَّفْسِ الْمُؤْمِنَةِ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ أَيْ بِسَبَبِ قَتْلِهَا تَجِبُ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ لِاسْتِحَالَةِ حُلُول الْإِبِل فِي النَّفس المؤمنة فَإِن جعلناها فِي أَحَادِيثِ الزَّكَاةِ لِلظَّرْفِيَّةِ كَانَ نَصِيبُ الْفُقَرَاءِ أَجزَاء فِي النّصاب فيكونون شُرَكَاء وَمُقْتَضَاهُ أَن لَا يَتَمَكَّنَ الْغَنِيُّ مِنَ الدَّفْعِ مِنْ غَيْرِ الْعَيْنِ المزكاة وَأَن لَا يَضْمَنَ إِلَّا بِالتَّعَدِّي وَأَنْ يُخْرِجَ مِمَّا بَقِيَ رُبُعَ الْعُشْرِ وَإِنْ جَعَلْنَاهَا لِلسَّبَبِيَّةِ لَمْ يَكُونُوا شُرَكَاءَ بَلْ وَجَبَ لَهُمْ عَلَى الْغَنِيِّ بِسَبَبِ الْمِلْكِ مِثْلَ رُبُعِ عُشْرِهَا وَمُقْتَضَاهُ أَنْ يَتَمَكَّنَ الْغَنِيُّ مِنَ الدَّفْعِ مِنْ غَيْرِ الْعَيْنِ الْمُزَكَّاةِ وَلَا يخْرِجُ مِمَّا بَقِيَ دُونَ النِّصَابِ شَيْئًا لانْتِفَاء الْمُسَبّب قبل التَّمَكُّن

وَأَن يَأْثَم بِالتَّأْخِيرِ مُطْلَقًا قَبْلَ التَّمَكُّنِ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ تَرْتِيبُ الْمُسَبِّبَاتِ عَلَى أَسْبَابِهَا فَيَأْثَمُ بِعَدَمِ التَّرْتِيبِ فَهَذَا مَثَارُ خِلَافِ الْعُلَمَاءِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ إِنْ أَخْرَجَهَا قَبْلَ الْحَوْلِ فَهَلَكَتْ ضَمِنَ إِلَّا أَن يكون الْإِخْرَاج فِي وَقت الاجزاء لِأَن قَبْلَهُ لَمْ يَخْرُجِ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ فَهُوَ بَاقٍ وَلَو بعث بهَا حِين وَجَبت لتفريق فَسَقَطت أَجْزَأت لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَكَّلَ إِلَيْهِ قَسْمَ نَصِيبِ الْفُقَرَاءِ وَهَلَاكُ نَصِيبِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ بَعْدَ الْقَسْمِ مِنْهُ وَإِنْ فَرَّعْنَا عَلَى السَّبَبِيَّةِ فَقَدْ وَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَى الْبَرَاءَةِ لَوْ هَلَكَ جُمْلَةُ الْمَالِ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ وَهِيَ فِيهِ وَكَذَلِكَ إِذَا أُفْرِدَتْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ وَجَدَهَا بَعْدَ تَلَفِ مَالِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ صُرِفَتْ لِلْفُقَرَاءِ وَلَوْ بَعَثَ بِصَدَقَةِ الْمَاشِيَةِ وَالْحَرْثِ مَعَ رَسُولِهِ ضَمِنَ لِأَنَّ شَأْنهَا مَجِيء السَّاعِي أَو الْمُتَصَدّق وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ إِذَا أَخْرَجَ زَكَاةَ الْعَيْنِ مِنْ صُنْدُوقِهِ فِي نَاحِيَةِ بَيْتِهِ ضَمِنَهَا حَتَّى يُخْرِجَهَا مِنْ بَيْتِهِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ يَعْنِي إِذَا كَانَ شَأْنُهُ دَفْعُهَا إِلَى لِلْإِمَامِ وَلَوْ كَانَ هُوَ يَلِي تَفْرِيقَهَا لَمْ يَضْمَنْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

(الباب الثاني في زكاة المعادن)

(الْبَابُ الثَّانِي فِي زَكَاةِ الْمَعَادِنِ) وَالْمَعْدِنُ بِكَسْرِ الدَّالِ مِنْ عَدَنٍ بِفَتْحِ الدَّالِ يَعِدِنُ بِكَسْرِهَا عدونا إِذا أَقَامَ وَمِنْه جنَّة عَدْنٍ أَيْ جَنَّاتُ إِقَامَةٍ وَالْمَعْدِنُ يُقِيمُ النَّاسُ فِيهِ صَيْفًا وَشِتَاءً أَوْ لِطُولِ مَقَامِ النَّقْدَيْنِ فِيهِ وَلَا يُسَمَّى رِكَازًا عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ خِلَافًا لِ ح لَنَا مَا فِي الصِّحَاحِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - العجماء جَبَّار والبئر جَبَّار وَفِي رِوَايَة جرج العجما جُبَارٌ وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ وَفِي الرِّكَازِ الْخُمْسُ وَلَمْ يقدر فِيهِ الْخُمْس وَلِأَنَّ الرِّكَازَ مِنَ الرِّكْزِ وَالْمَعْدِنُ ثَابِتٌ وَلَيْسَ بمركوز وَالنَّظَر فِي جنسه وقده وَمَوْضِعِهِ وَوَاجِدِهِ وَالْوَاجِبِ فِيهِ فَهَذِهِ خَمْسَةُ فُصُولٍ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي جِنْسِهِ قَالَ سَنَدٌ وَلَا تَجِبُ الزَّكَاةَ إِلَّا فِي مَعْدِنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ عِنْد مَالك وش وَلَمَّا أَوْجَبَ ح فِي الْمَعْدِنِ الْخُمْسَ أَوْجَبَهُ فِي كُلِّ مَا يَنْطَبِعُ كَالْحَدِيدِ بِخِلَافِ مَا لَا يَنْطَبِعُ كَالْعَقِيقِ وَالْكُحْلِ وَهِيَ نَقْضٌ عَلَيْهِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي الزِّئْبَقِ وَاعْتَبَرَ ابْنُ حَنْبَلٍ كُلَّ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْمَعْدِنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ} الْبَقَرَة 167 وَنقص عَلَيْهِ بالطين الْأَحْمَر الْفَصْل الثَّانِي فِي قدره وَفِي الْكتاب لَا يُزَكَّى مَا يَخْرُجُ مِنَ الْمَعْدِنِ حَتَّى يَكُونَ عِشْرِينَ دِينَارًا أَوْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ ثُمَّ يُزَكَّى بَعْدَ ذَلِكَ مَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ مِنْ غير

حَوْلٍ إِلَّا أَنْ يَنْقَطِعَ ذَلِكَ النَّيْلُ وَيَأْتَنِفَ شَيْئًا آخَرَ فَيَبْدَأُ النِّصَابَ فَاشْتَرَطَ النِّصَابَ مَالِكٌ وش وَابْنُ حَنْبَلٍ خِلَافًا لِ ح لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى النَّقْدَيْنِ فِي الزَّكَاةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ يَضُمُّ الذَّهَبَ إِلَى الْوَرِقِ بِالْإِجْزَاءِ فِي الْمَعَادِنِ كَالنَّقْدَيْنِ فِي الزَّكَاةِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِضَمِّ الْمَعْدِنَيْنِ فَبَيِّنٌ وَأَمَّا عَلَى الْمَنْعِ فِي ذَلِكَ فَيَبْعُدُ لِاسْتِحَالَة اجتماعها فِي مَعْدن وَاحِد قَالَ سَنَد وَإِن كَانَ بِيَدِهِ مَالٌ حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ دُونَ النِّصَابِ كَمَّلَ بِهِ النِّصَابَ الْمَعْدِنِيَّ قَالَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ لِوُجُودِ السَّبَبِ مُسْتَجْمِعًا لِمَا يُوجِبُ الزَّكَاةَ وَعَلَى قَوْلِ أَصْبَغَ لَا يَضُمُّ عَامِلُ الْقِرَاضِ مَا بِيَدِهِ إِذَا كَانَ دُونَ النِّصَابِ بَعْدَ الْحول إِلَى مَا يُزَكِّيه من الرِّبْح لَا يضم هَا هُنَا وَيَسْتَقْبِلُ بِالْجَمِيعِ حَوْلًا لِأَنَّ حُكْمَ الْحَوْلِ إِنَّمَا يعْتَبر فِي النّصاب لَا فِيمَا دونه لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعَهُ نِصَابٌ حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ ثُمَّ اسْتَخْرَجَ مِنَ الْمَعْدِنِ دُونَ النِّصَابِ لَا يُزَكِّيهِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ نَقْضٌ عَلَى عَبْدِ الْوَهَّابِ وَلَوِ اسْتَخْرَجَ دُونَ النِّصَابِ وَبَعْدَ مُدَّةٍ دُونَ النِّصَابِ لَا يَضُمُّ عِنْدَ الْجَمِيعِ ثُمَّ لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَتَّصِلَ النَّيْلُ وَهُوَ الْعرق الَّذِي يتبع وَالْعَمَلُ وَهُوَ التَّصْفِيَةُ أَوْ يَنْقَطِعَا مَعًا أَوْ يَتَّصِلُ أَحَدُهُمَا فَإِنِ اتَّصَلَا ضُمَّ بَعْضُهُ إِلَى بَعْضٍ وِفَاقًا وَإِنِ انْقَطَعَا لَا يُضَمُّ أَوْ تصل الْعَمَلَ وَحْدَهُ لَا يُضَمُّ أَوِ النَّيْلَ وَحْدَهُ وَظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالنَّيْلِ دُونَ الْعَمَلِ وَعِنْدَ ش لَوِ انْقَطَعَ الْعَمَلُ بِغَيْرِ عُذْرٍ اسْتَأْنَفَ إِذَا أَعَادَ الْعَمَلَ وَإِنِ اتَّصَلَ النَّيْلُ لَنَا أَنَّ النَّيْلَ هُوَ الْمَقْصُودُ دُونَ الْعَمَلِ فَإِذَا انْقَطَعَ فَلَا زَكَاةَ كَمَا لَوِ انْقَطَعَ سَنَةً وَإِذَا اتَّصَلَ لَمْ يَنْظُرْ إِلَى قَطْعِ الْعَمَلِ كَمَا لَوْ أَخَّرَ التَّصْفِيَةَ سَنَةً وَقَدْ سَلَّمَهُ ش وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الزَّرْعِ يُسْتَحْصَدُ بَعْضُهُ قَبْلَ بَعْضٍ أَنَّ الزَّكَاةَ وَجَبَتْ فِي جَمِيعِهِ عِنْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ وَظُهُورِ الْفَرْقِ مِثْلَ نَبَاتِ الزَّرْعِ وَاسْتِخْرَاجِهِ مِثْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَالتَّصْفِيَةِ مِثْلَ الْحَصَادِ

فَمَا لَمْ يَظْهَرْ نَيْلٌ مِثْلَ مَا لَمْ يُحْصَدْ وَيُزْرَعْ فَإِذَا ظَهَرَ فَهُوَ كَزَرْعٍ بَعْدَ زَرْعٍ لَا يُضَمُّ فَائِدَةٌ يُقَالُ النَّيْلُ وَالنَّوْلُ وَالنَّوَالُ وَالنَّائِلُ وَهُوَ الْعَطَاءُ فَإِنِ اسْتَخْرَجَ مَعَادِنَ مَعًا فَالْمَذْهَبُ عَدَمُ الضَّمِّ وَقَالَهُ سَحْنُونٌ خِلَافًا لِابْنِ الْقَاسِمِ مُشَبِّهًا لَهَا بِالْفَدَادِينَ لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يُضَمُّ نَيْلٌ إِلَى نَيْلٍ فَأَوْلَى مَعْدِنٌ إِلَى مَعْدِنٍ وَالْفَرْقُ لِلْمَذْهَبِ أَنْ إِبَّانَ الزَّرْعِ وَاحِدٌ وَالْمِلْكُ شَامِلٌ لِجَمِيعِهِ قَبْلَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ وَالْمِلْكُ إِنَّمَا يَثْبُتُ فِي الْمَعْدِنِ بِالْعَمَلِ وَنَظَائِرُهُ الْفَوَائِدُ لَا تُضَمُّ فِي الْحَالِ بَلْ فِي الِاسْتِقْبَالِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقْدِمَاتِ تُضَمُّ الْمَعَادِنُ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ وَإِذَا عَمِلَ فِي أَحَدِهِمَا فَأَنَالَهُ ثُمَّ فِي الثَّانِي فَأَنَالَهُ قَبْلَ انْقِطَاعِ الْأَوَّلِ ثُمَّ فِي الثَّالِثِ فَأَنَالَهُ قَبْلَ انْقِطَاعِ الْأَوَّلِ وَالثاني أَضَافَ الْجَمِيعَ إِنْ كَثُرَتْ كَالزَّرْعِ وَلَوْ أَنَالَهُ الثَّانِي قَبْلَ انْقِطَاعِ الْأَوَّلِ ثُمَّ انْقَطَعَ الْأَوَّلُ وَبَقِيَ الثَّانِي فَأَنَالَهُ الثَّالِثَ قَبْلَ انْقِطَاعِ الثَّانِي أَضَافَ الثَّانِي إِلَى الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ وَلَمْ يُضِفِ الْأَوَّلَ إِلَى الثَّالِثِ وَلَوْ أَنَالَهُ الْأَوَّلَ وَاتَّصَلَ ثُمَّ أَنَالَهُ الثَّانِي وَانْقَطَعَ ثُمَّ عَادَ وَلَمَّا انْقَطَعَ أَنَالَهُ الثَّالِثَ وَالْأَوَّلُ عَلَى حَالِهِ أَضَافَ الْأَوَّلَ إِلَى الْخَارِجِ مِنَ الثَّانِي قَبْلَ انْقِطَاعِهِ وَبَعْدَ انْقِطَاعِهِ أَوْ إِلَى مَا خَرَجَ لَهُ مِنَ الثَّالِثِ وَلَا يُضِيفُ مَا خَرَجَ لَهُ مِنَ الثَّانِي قَبْلَ انْقِطَاعِهِ إِلَى مَا خَرَجَ لَهُ بَعْدَ انْقِطَاعِهِ وَلَا مَا خَرَجَ لَهُ مِنَ الثَّالِثِ بَعْدَ انْقِطَاعِ الثَّانِي قَالَ هَذَا كُلُّهُ قَوْلُ ابْنِ مَسْلَمَةَ وَهُوَ تَفْسِيرُ مَا فِي الْكِتَابِ لِأَنَّ الْمَعَادِنَ كَالْأَرَضِينَ قَالَ سَنَدٌ فَإِنِ اشْتَرَكَ جَمَاعَةٌ فِي عَمَلِ الْمَعْدِنِ فَحَصَلَ لَهُم نِصَاب قَالَ ستحنون لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ قِيَاسًا عَلَى الزَّرْعِ وَقَالَ عبد الْملك تجب قِيَاسا على اشْتِرَاك الْعَمَل فِي الْقِرَاضِ فَإِنَّ الْعِبْرَةَ بِمَنْ أُقْطِعَ الْمَعْدِنَ وَهُوَ وَاحِدٌ وَيَنْبَنِي الْخِلَافُ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُمْ كَالشُّرَكَاءِ فَلَا تَجِبُ أَوْ كَالْأُجَرَاءِ فَلَا يَمْلِكُونَ إِلَّا بِالْقِسْمَةِ وَقَدْ وَجَبَتْ قَبْلَ ذَلِكَ وَالْفَرْعُ مَبْنِيّ

عَلَى جَوَازِ الْإِجَارَةِ عَلَى الْمَعْدِنِ بِجُزْءٍ مِنْهُ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ عَلَى مَنْعِهِ وَجَوَّزَهُ أَصْبَغُ قِيَاسًا عَلَى الْقِرَاضِ بِجَامِعِ الضَّرُورَةِ لتعذر بيع الْمَعَادِن الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي وَاجِدِهِ فَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا حُرًّا وَجَبَتِ الزَّكَاةُ وَإِنْ كَانَ ذِمِّيًّا أَوْ عبدا قَالَ سَحْنُون وش لَا زَكَاةَ قِيَاسًا عَلَى الْعَيْنِ وَقَالَ عَبْدُ الْملك وح تجب قَالَ الْبَاجِيّ لَا يُسْقِطُ الدَّيْنُ زَكَاةَ الْمَعْدِنِ كَالزَّرْعِ الْفَصْلُ الرَّابِع فِي مَوْضِعه قَالَ أَبُو الطااهر الْمَعْدِنُ ثَلَاثُ أَقْسَامٍ فِي أَرْضٍ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ فَلِلْإِمَامِ وَمَمْلُوكُهُ لِمَالِكٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَقِيلَ كَالْأَوَّلِ لِعَدَمِ تَعْيِينِ الْمَالِكِ وَقِيلَ لِمَنِ افْتَتَحَ تِلْكَ الْأَرْضَ أَوْ لِوَارِثِهِ وَمَمْلُوكَةٍ لِمَالِكٍ مُعَيَّنٍ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لِمَالِكِهَا لِلْإِمَامِ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ النَّقْدَيْنِ فَيَكُونُ لِلْإِمَامِ لِأَجْلِ الزَّكَاةِ وَبَيْنَ غَيْرِهَا فَلِلْمَالِكِ وَفِي الْكِتَابِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا فِي أَرْضِ الْعَرَبِ أَو البربر أَو للعنوة فَلِلْإِمَامِ إِقْطَاعُهُ وَأَخْذُ زَكَاتِهِ ظَهَرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَفِي الْإِسْلَام وَمَا ظهر فِي أَرض الصُّلْح فللأهلة دُونَ الْإِمَامِ قَالَ سَنَدٌ اخْتِصَاصُ مَا فِي الْفَيَافِي بِالْإِمَامِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَالْإِقْطَاعُ هُوَ جَعْلُ الِانْتِفَاعِ لَهُ بِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً أَوْ مُطْلَقَةً عَلَى غَيْرِ التَّمْلِيكِ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ أقطع - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمِلْحَ الَّذِي بِمَأْرِبَ ثُمَّ نَزَعَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُبَاعُ لِلْغَرَرِ وَلَا يُورَثُ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُبَاعُ وَيُورَثُ كَبِئْرِ

الْمَاشِيَةِ وَسَبَبُ تَعْيِينِ ذَلِكَ لِلْإِمَامِ خَوْفًا مِنَ الْفِتْنَةِ عَلَيْهِ وَاجْتِمَاعِ السُّفَهَاءِ إِلَيْهِ وَمَا كَانَ فِي مِلْكٍ وَاحِدٍ فَلِلْإِمَامِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِجَمِيعِ الْأَصْحَابِ سَوَاءً كَانَتْ عَنْوَةً أَوْ صُلْحًا أَوْ لِلْعَرَبِ لِأَجْلِ مَا فِيهِ مِنَ الزَّكَاةِ وَدَرْءًا لِلْفِتْنَةِ وَعِنْدَ الْأَصْحَابِ لِرَبِّ الْمَكَانِ أَنْ يُعَامِلَ عَلَيْهِ وَفِيهِ الزَّكَاةُ لِأَنَّ مَنْ مَلَكَ ظَاهِرَ الْأَرْضِ مَلَكَ بَاطِنَهَا وَأَجْزَاءَهَا وَابْنُ الْقَاسِمِ يَمْنَعُ أَنَّهُ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ بَلْ من الْأَعْيَان الْمُبَاحَة كَمَا الْبُحَيْرَةِ وَمَا ظَهَرَ بِفَيَافِي الصُّلْحِ وَمَوَاتِهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ لَهُمْ لِأَنَّهُمْ لَا يُضَايَقُونَ فِي أَرْضِهِمْ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ هُوَ لِلْإِمَامِ لِأَنَّهُ لم يقْصد بِعقد الصُّلْحِ وَعَلَى الْأَوَّلِ إِذَا أَسْلَمُوا بَعْدَ ذَلِكَ فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَسْتَقِرُّ مِلْكُهُمْ عَلَيْهِ وحكمهم حكم المساجين خِلَافًا لِابْنِ الْمَوَّازِ الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي الْوَاجِبِ وَفِيه رُبُعُ الْعُشْرِ عِنْدَنَا وَيُصْرَفُ فِي مَصَارِفِ الزَّكَاةِ لَا فِي مَصَارِفِ الْفَيْءِ قَالَهُ فِي الْكِتَابِ وَوَافَقَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح الْخُمْسُ محتجا بقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَفِي الرِّكَازِ الْخُمْسُ قِيلَ لَهُ وَمَا الرِّكَازُ قَالَ هُوَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ الْمَخْلُوقَانِ فِي الْأَرْضِ يَوْم خلق الله السَّمَوَات وَالْأَرْضَ وَلِأَنَّهُ كَانَ فِي أَيْدِي الْمُشْرِكِينَ فَأَزَلْنَاهُمْ عَنْهُ فَيجِبُ فِيهِ الْخُمْسُ كَالْغَنَائِمِ وَإِعْرَاضُ الْغَانِمِينَ عَنْهُ لَا يُسْقِطُ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ الْمُعَارَضَةُ بِمَا تَقَدَّمَ مِنَ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ وَعَنِ الثَّانِي النَّقْضُ بِمَا إِذَا وَجَدَهُ فِي دَارِهِ فَقَدْ قَالَ فِيهِ رُبُعُ الْعُشْرِ وَفِي الْمُوَطَّأ أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَقْطَعَ بِلَالَ بْنَ

الْحَارِثِ الْمُزَنِيَّ مَعَادِنَ الْقَبَلِيَّةِ وَهِيَ مِنْ نَاحِيَةِ الْفَرْع فَتلك الْمَعَادِن لَا يوخذ مِنْهَا إِلَى الْيَوْمِ إِلَّا الزَّكَاةُ وَهَذَا إِجْمَاعٌ فَائِدَةٌ مِنَ التَّنْبِيهَاتِ الْقَبَلِيَّةِ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالْبَاءِ بِوَاحِدَة وَكسر اللَّام وَالْفرع بِضَم الْفَاء وَحُكِيَ إِسْكَانُ الرَّاءِ قَالَ غَيْرُهُ الْقَبَلِيَّةُ نِسْبَةٌ إِلَى سَاحل الْبَحْر وَفِي الْكتاب النذرة والتابة يُوجَدُ بِغَيْرِ عَمَلٍ أَوْ بِعَمَلٍ يَسِيرٍ فِيهَا الْخُمْسُ كَالرِّكَازِ قَالَ سَنَدٌ الْمُعْتَبَرُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ التَّصْفِيَةُ دُونَ الْحَفْرِ وَالطَّلَبِ مِمَّا لَا تَصْفِيَةَ فِيهِ فَهُوَ النَّدْرَةُ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ فِيهَا الزَّكَاةُ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَتَغْلِيبًا لِلْأَصْلِ وَلِأَنَّ الْخُمْسَ إِنَّمَا وَجَبَ فِي الرِّكَازِ لِشَبَهِهِ بِالْغَنِيمَةِ لِكَوْنِهِ مِنْ أَمْوَالِ الْكُفَّارِ وَهَذَا نَبَاتُ الْأَرْضِ وَرَاعَى الْمَذْهَبُ خِفَّةَ الْعَمَلِ اعْتِبَارًا بِالسَّيْحِ وَالنَّضْحِ فِي الزَّرْعِ وَفِي الْجَوَاهِرِ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْقَلِيلِ فَتَجِبُ الزَّكَاةُ وَبَيْنَ الْكَثِيرِ فَالْخُمْسُ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ إِنْ كَانَتْ مُمَازَجَةً لِلتُّرَابِ تَحْتَاجُ إِلَى تَخْلِيصٍ فَهِيَ كَالْمَعْدِنِ قَالَ سَنَدٌ وَإِذَا قُلْنَا بِالزَّكَاةِ اعْتَبَرْنَا النِّصَابَ قَوْلًا وَاحِدًا وَضَمَمْنَاهَا إِلَى الْمَعْدِنِ وَإِنْ قُلْنَا بِالْخُمْسِ فَعَلَى الْخِلَافِ فِي الرِّكَازِ فَائِدَةٌ النَّدْرَةُ بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الدَّالِ الْمُنْقَطِعُ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ عَنْ هَيْئَتِهِ وَمِنْهُ نَدَرَ الْعَظْمَ أَيْ قَطَعَهُ وَنَادِرُ الْكَلَامِ مَا خَرَجَ عَنْ أُسْلُوبِهِ سُؤَالٌ الْمَعْدِنُ يُشْبِهُ النَّقْدَيْنِ فِي جَوْهَرِهِ وَالزَّرْعَ فِي هَيْئَتِهِ فَلِمَ رُتِّبَ عَلَى شِبْهِ النَّقْدِ النِّصَابُ وَالْجُزْءُ الْوَاجِبُ دُونَ الْحَوْلِ وَهُوَ مِنْ أَحْكَامِ النَّقْدِ وَرُتِّبَ إِسْقَاطُهُ لِشَرْعِ الزَّرْعِ فَمَا الْمُرَجَّحُ جَوَابُهُ أَنَّ الْجَوَاهِرَ أَصْلٌ وَالْهَيْئَةُ فَرْعٌ وَالنِّصَابُ سَبَبٌ وَهُوَ أَصْلُ الْحُكْمِ وَالْحَوْلُ شَرْطٌ تَابِعٌ فَجُعِلَ الْأَصْلُ للْأَصْل والتبع وَلَمَّا كَانَ السَّبَبُ مُسْتَلْزِمًا لِمُسَبِّبِهِ الَّذِي هُوَ الْجُزْءُ الْوَاجِبُ أُلْحِقَ بِهِ وَبِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الْحَوَلِ قَالَ الْأَئِمَّةُ لِأَنَّ الْمَعْدِنَ فِيهِ حَقٌّ فَلَوِ اشْتَرَطَ الْحَوْلَ لَكَانَ الْمَأْخُوذُ

حَقَّ الْعَيْنِ فَيَبْطُلُ حَقُّ الْمَعْدِنِ وَهُوَ خِلَافٌ الْإِجْمَاعِ قَالَ سَنَدٌ وَظَاهِرُ كَلَامِ مَالِكٍ أَنَّ الزَّكَاة تجب بانفصاله عَن الْمَعْدن كَمَا تجب فِي الزَّرْع وَالثَّمَرَة وببدو الصَّلَاحِ وَيَقِفُ الْإِخْرَاجُ عَلَى التَّصْفِيَةِ وَالْكَيْلِ كَالزَّرْعِ وَلَا تَسْقُطُ مِنْهُ النَّفَقَةُ وَالْكَلَفُ كَالزَّرْعِ وَقَالَهُ الشَّافِعِيَّة فِي الْمَوْضِعَيْنِ خلافًا ل ح

صفحة فارغة

(الباب الثالث في الركاز)

(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الرِّكَازِ) وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ رَكَزْتَ الْخَشَبَةَ فِي الْأَرْضِ وَهُوَ أَمْوَالٌ جُعِلَتْ فِي الأَرْض وَهُوَ المطالب فِي الْمُعَرّف وَتَتَمَهَّدُ فُرُوعُهُ بِالنَّظَرِ فِي جِنْسِهِ وَقَدْرِهِ وَمَوْضِعِهِ وَوَاجِدِهِ وَالْوَاجِبِ فِيهِ فَهَذِهِ خَمْسَةُ فُصُولٍ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي جِنْسِهِ وَفِي الْكِتَابِ كَانَ يُخَصِّصُهُ بالنقدين ثمَّ رَجَعَ إِلَى تعميمه فيهمَا أَو فِي غَيرهمَا وَبِه قَالَ ابْن حَنْبَل وح خلافًا ل ش لنا عُمُوم قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَفِي الرِّكَازِ الْخُمْسُ وَقِيَاسًا عَلَى الْغَنِيمَةِ وَوَجْهُ الأول أَنه مَال يُسْتَفَاد من الألاض فَيُخْتَصُّ حُكْمُهُ بِبَعْضِ أَنْوَاعِهِ كَالْمَعْدِنِ وَالْحُبُوبِ وَقَالَ إِنْ أُصِيبَ بِعَمَلٍ أَوْ بِغَيْرِ عَمَلٍ فَهُوَ رِكَازٌ وَقَالَ أَيْضًا مَا أُصِيبَ بِكُلْفَةٍ أَوْ بِمَالٍ فَلَيْسَ بِرِكَازٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ أَنَّهُ لَهُ حُكْمُ الْمَعْدِنِ لِأَجْلِ الْكُلْفَةِ الْفَصْلُ الثَّانِي فِي قدره وَفِي الْكِتَابِ لَا يُشْتَرَطُ النِّصَابُ وَفِي الْجُلَّابِ فِي الْقَلِيلِ رِوَايَتَانِ فَأَشْبَهَ أَنْ يَكُونَ مَا دُونَ النِّصَابِ الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي مَوْضِعِهِ وَهُوَ خَمْسَةٌ الْعَنْوَةُ وَالصُّلْحُ وَدَارُ الْحَرْبِ وَالْفَيَافِي وَالْمَجْهُولُ الْحَالِ وَفِي الْكِتَابِ مَا وُجِدَ فِي الْفَيَافِي أَوْ أَرْضِ الْعَرَبِ فَهُوَ لواجده وَعَلِيهِ الْخمس لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ وَالْبِئْرُ جُبَارٌ

وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ وَمَا وُجِدَ فِي أَرْضِ الْعَنْوَةِ فَهُوَ لِجَمِيعِ مَنِ افْتَتَحَهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَفِيهِ الْخُمُسُ أَوْ بِأَرْضِ الصُّلْحِ فَهُوَ للَّذين صولحوا وَلَا يُخَمّس وَلَوْ وُجِدَ فِي دَارِ أَحَدِهِمْ إِلَّا أَنْ يَجِدَهُ رَبُّ الدَّارِ فَهُوَ لَهُ خَاصَّةً إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَيْسَ مِنْهُمْ فَيَكُونُ لَهُمْ دُونَهُ أَوْ بِدَارِ الْحَرْبِ فَهُوَ لِجَمِيعِ الْجَيْشِ قَالَ سَنَدٌ فِي أَرْضِ الصُّلْحِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لِلْإِمَامِ مُرَاعَاةً لِعَقْدِ الصُّلْحِ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ هُوَ لِمَنْ وَجَدَهُ لِأَنَّ عَقْدَ الصُّلْحِ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ جَازَ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ كَانَ لُقَطَةً يُعَرَّفُ فَيَكُونُ لِمَنْ عَرَفَهُ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ بِسَبَبِ أَنَّ لِكُلِّ مِلَّةٍ سِكَّةٍ وَعَلَامَاتٌ وَلَا لِمَنْ لَهُ ذِمَّةٌ وَلَا لِوَارِثِ ذِي ذِمَّةٍ فَهُوَ لِوَاجِدِهِ وَفِيهِ الْخُمُسُ وَفِي الْجَوَاهِرِ لِأَهْلِ الصُّلْحِ وَإِنْ كَانَ وَاجِدُهُ مِنْهُمْ وَإِذَا قُلْنَا إِنَّهُ لُقَطَةٌ حَلَفَ مُدَّعِيهِ فِي الْكَنِيسَةِ وَقَالَ أَصْبَغُ هُوَ لِوَاجِدِهِ كَانَ فِي أَرْضِ الصُّلْحِ أَوِ الْعَنْوَةِ أَو للْعَرَب نَظَرًا إِلَى أَنَّ الْمُوجِبَ لِاسْتِحْقَاقِ مَا فَوْقَ الْأَرْضِ مِنْ فَتْحٍ أَوْ صُلْحٍ أَوْ إِسْلَامٍ لَا يُوجب اسْتِحْقَاق مَا تحتهَا ويقويه مَالِكٌ فِي الْكِتَابِ إِنَّ مَا فِي قُبُورِ الْجَاهِلِيَّةِ لِوَاجِدِهِ وَلَمْ يَكُنْ فِي أَرْضِ الْعَرَبِ مَنْ يَدْفِنُ الْمَالَ وَإِنَّمَا يَسْتَقِيمُ ذَلِكَ فِي فَارِسَ وَالرُّومِ وَالَّذِينَ بِلَادُهُمْ عَنْوَةٌ قَالَ سَنَدٌ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ كَانَ لِأَهْلِ الْعَنْوَةِ أَوْ وَرَثَتِهِمْ فَهُوَ لِأَهْلِ الْفَتْحِ وَإِنْ كَانَ عَادِيًّا فَهُوَ لِوَاجِدِهِ لِأَنَّهُ كَالصَّيْدِ وَالْحَشِيشِ وَلَا يَسْتَحِقُّ الْجَيْشُ إِلَّا مَا كَانَ بِأَيْدِي مَنْ قَاتَلُوهُ وَإِذَا قُلْنَا لِلْجَيْشِ فَإِنْ كَانَ مَوْجُودًا خَمَّسَ وَدَفَعَ إِلَيْهِمْ بَاقِيهِ وَمَنْ غَابَ رُفِعَ لَهُ نُصِيبُهُ كَالْغَنِيمَةِ وَإِنِ انْقَرَضَ الْجَيْشُ وَلَمْ تَنْضَبِطْ ذُرِّيَّتُهُ قَالَ سَحْنُونٌ هُوَ كَاللَّقْطَةِ يُفَرَّقُ عَلَى مَسَاكِينِ تِلْكَ الْبَلْدَةِ إِنْ كَانُوا مِنْ بَقَايَا أَهْلِ الْفَتْحِ وَالِاجْتِهَادِ فِيهِ لِلْإِمَامِ وَقَالَ أَشْهَبُ هُوَ لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ يُدْفَعُ لِلسُّلْطَانِ الْعَدْلِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا أَخَذَ

وَاجِدُهُ خُمْسَهُ وَعَمِلَ فِي بَاقِيهِ مَا يَعْمَلُهُ فِي اللُّقَطَةِ وَلَوْ وُجِدَ فِي دَارِ الْحَرْبِ قَبْلَ الْفَتْحِ مِنْ دَفْنِ الْجَاهِلِيَّةِ فَفِي الْكِتَابِ هُوَ لِجَمَاعَةِ الْجَيْشِ الَّذِينَ مَعَ الْوَاجِدِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَخَذَهُ بِهِمْ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ يَخْتَصُّ بِهِ وَاجِدُهُ إِذْ لَا مِلْكَ لِلْكُفَّارِ عَلَيْهِ وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ إِنَّ كَانَ عَادِيًّا فَلِوَاجِدِهِ وَفِيهِ الْخُمْسُ وَإِنْ كَانَ لِأَهْلِ تِلْكَ الدَّارِ أَوْ لِمَنْ هُوَ مِنْ وَرَثَتِهُمْ فَهُوَ غَنِيمَةٌ لِلْجَيْشِ وَيَخْمُسُ جَمِيعَهُ عَيْنًا أَوْ عَرَضًا وَلَوْ وُجِدَ بَيْنَ أَرْضِ الصُّلْحِ وَالْعَنْوَةِ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا جَهِلَ أَعَنْوَةٌ هُوَ أَمْ صُلْحٌ فَهُوَ لِوَاجِدِهِ لِعَدَمِ تَعْيِينِ غَيْرِهِ قَالَ وَمَا تقدم إِنَّمَا هُوَ فِي موَات الأَرْض أَو مَا وُجِدَ فِي مِلْكِ أَحَدٍ مِنَ الْعَنْوَةِ أَوِ الصُّلْحِ أَوْ غَيْرِهِمَا فَإِنْ وَجَدَهُ صَاحِبُ الدَّارِ أَوِ الْأَرْضِ فَهُوَ لَهُ عِنْدَ عَبْدِ الْملك وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي غَيْرِ الْعَنْوَةِ أَمَّا مَنْ وَجَدَهُ فِي دَارِ غَيْرِهِ فَلِرَبِّ الدَّارِ عِنْدَ مَالِكٍ لِأَنَّ يَدَهُ عَلَى ظَاهِرِهَا فَيَكُونُ عَلَى بَاطِنِهَا وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي أَرْضِ الصُّلْحِ وَلَا فَرْقَ عِنْدَهُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ رَبُّ الدَّارِ هُوَ الْوَاجِدُ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الصُّلْحِ أَوْ وُجِدَ فِي دَارِهِ لِأَنَّ يَدَهُ عَلَى دَارِهِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِفَتْوَاهُ فِي الْكِتَابِ وَقَالَ مَالِكٌ أَيْضًا هُوَ لِمَنْ وَجَدَهُ إِنْ كَانَ جَاهِلِيًّا كَالصَّيْدِ يَخْتَصُّ بِهِ السَّابِقُ إِلَيْهِ وَعَلَى الأول لَو انْتَقَلت إِلَيْهِ بالتملك فَهُوَ لِلْبَائِعِ وَعِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيَّةِ إِنِ ادَّعَاهُ الْبَائِعُ فَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَتِ الدَّارُ مَوْرُوثَةً وَقُسِّمَتْ كَانَتْ لِجُمْلَةِ الْوَرَثَةِ وَيُقْضَى مِنْهُ دَيْنَ الْمَيِّت إِلَّا أَن يكون الْمَيِّت اشترها كَمَا تَقَدَّمَ لِأَنَّ الْعُقُودَ إِنَّمَا تَنْقِلُ مَا حَصَلَ بِهِ الرِّضَا حَالَةَ الْمُعَارَضَةِ وَالْمَجْهُولُ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الرِّضَا فَإِنِ ادَّعَاهُ الْمُبْتَاعُ دُونَ الْبَائِعِ وَأَنَّهُ الَّذِي حَفِظَهُ فِي مَوْضِعِهِ قُضِيَ لَهُ بِهِ لِلْيَدِ مَعَ عَدَمِ الْمُعَارَضَةِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ مَا يُوجَدُ فِي الدَّارِ لِرَبِّهَا يحلف أَنه مَا وجده فِيهِ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ لَا يَحْلِفُ فَإِنِ ادَّعَاهُ الْبَائِعُ دُونَ الْمُبْتَاعِ فَلَا يَدْفَعُ لَهُ على قَول ابْن نَافِع حَتَّى تثبت صِحَّةَ مَا ادَّعَاهُ فَإِنِ ادَّعَاهُ رَبُّ الدَّارِ وَالْمُسْتَأْجِرُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ عِنْدَ ابْنِ نَافِعٍ وَقَوْلُ رَبِّ الدَّارِ عِنْدَ غَيْرِهِ نَظَرًا إِلَى اسْتِيلَاءِ الْيَدِ أَوِ اشْتِمَالِ الدَّارِ عَلَيْهِ كَالْيَدِ أَمَّا مَا وُجِدَ عَلَيْهِ عَلَامَةُ الْإِسْلَامِ كَالْقُرْآنِ وَأَسْمَاء الْخُلَفَاء

فَهُوَ لُقَطَةٌ لَيْسَ بِرِكَازٍ وَإِنَّمَا الرِّكَازُ فِي أَمْوَالِ الْكُفَّارِ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ أَوْ بَطْنِهَا فِي الْبَرِّ أَوِ الْبَحْرِ فَإِنْ أُشْكِلَ فَلِوَاجِدِهِ وَيَخْمُسُ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُعَارِضِ وَفِي الْجَوَاهِرِ مَا لَفَظَهُ الْبَحْرُ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ عَلَيْهِ مِلْكٌ فَلِوَاجِدِهِ لَا يَخْمُسُ لِعَدَمِ شَبَهِهِ بِالْخُمْسِ وَإِنْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ مِلْكٌ مَعْصُومٌ فَهَلْ هُوَ لِوَاجِدِهِ لِأَنَّ التَّرْكَ بِالْفِعْلِ كَالتَّرْكِ بِالْقَوْلِ وَهُوَ صَحِيحٌ أَوْ لِرَبِّهِ رِوَايَتَانِ أَمَّا لَوْ تَرَكَهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ لِعَطَبِ الْبَحْرِ فَلِصَاحِبِهِ وَعَلَيْهِ لِجَالِبَهِ كَرَاءُ مُؤْنَتِهِ وَكَذَلِكَ الْمَتْرُوك بمضيعة بِالْبرِّ أوالبحر أَوْ عَجَزَ عَنْهُ رَبُّهُ فِيهِ خِلَافٌ فَرْعٌ كُرِهَ فِي الْكِتَابِ حَفْرُ قُبُورِ الْجَاهِلِيَّةِ وَالطَّلَبُ فِيهَا مِنْ غَيْرِ تَحْرِيمٍ قَالَ وَفِي رِكَازِهَا الْخُمْسُ أَمَّا الْكَرَاهَةُ فَحَذَرًا مِنْ مَوَاطِنِ الْعَذَابِ أَوْ مِنْ أَنْ يُصَادِفَ قَبْرَ نَبِيٍّ أَوْ وَلِيٍّ أَوْ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلَاءِ الْمُعَذَّبِينَ إِلَّا وَأَنْتُمْ بَاكُونَ فَلَا يُدْخَلُ لِلدُّنْيَا وَفِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَرَّ بِقَبْرٍ فَقَالَ هَذَا قَبْرُ أَبِي رِغَالٍ وَكَانَ بِهَذَا الْحَرَمِ يَدْفَعُ عَنْهُ فَلَمَّا خَرَجَ مِنْهُ أَصَابَتْهُ النِّقْمَةُ الَّتِي أَصَابَتْ قَوْمَهُ بِهَذَا الْمَكَانِ فَدُفِنَ فِيهِ وَآيَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ دُفِنَ مَعَهُ غُصْنُ ذَهَبٍ إِنْ أَنْتُمْ نَبَشْتُمْ عَنْهُ أَصَبْتُمُوهُ مَعَهُ فَابْتَدَرَهُ النَّاسُ وَأَخْرَجُوا الْغُصْنَ تَحْقِيقًا لصدقه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ سَنَد لم يَكْرَهْهُ أَشْهَبُ قِيَاسًا لِمَمَاتِهِمْ عَلَى حَيَاتِهِمْ فَإِنْ كَانَ نَفْسُ الْقَبْرِ رَصَاصًا أَوْ رُخَامًا خَمَسَ على الْخلاف لِأَنَّهُ مَنْقُولٌ بِخِلَافِ مَا يَكُونُ جِدَارًا فِي الْأَرْضِ فَإِنَّهُ تَابع للْأَرْض لَا يُخَمّس كالأرض

الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي وَاجِدِهِ وَفِي الْكِتَابِ يجِبُ فِيهِ الْخُمْسُ وَإِنْ كَانَ وَاجِدُهُ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرا أَو مديانا أَو ذِمِّيا الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي الْوَاجِبِ فِيهِ وَهُوَ الْخُمْسُ لِلْحَدِيثِ وَقِيَاسًا عَلَى الْغَنَائِمِ قَالَ سَنَدٌ وَمَصْرِفُهُ عِنْدَنَا وَعِنْدَ ح مَصْرِفُ الْفَيْءِ وَعِنْدَ ش مَصْرِفُ الزَّكَاةِ وَقَاسَهُ عَلَى الزَّرْعِ وَالْمَعْدِنِ وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَالًا لِنَبِيٍّ أَوْ مُسْلِمٍ من الْأُمَم السالفة فَلَا يصرف مَاله الْفَيْءِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ إِلْحَاقَ الْخُمْسِ بِالْخُمْسِ أَوْلَى وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ

صفحة فارغة

(الباب الرابع في زكاة المعشرات)

(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي زَكَاةِ الْمُعَشَّرَاتِ) وَالنَّظَرُ فِي الْمُوجِبِ وَالْوَاجِبِ وَوَقْتِ الْوُجُوبِ وَمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ وَصِفَةِ الْإِخْرَاجِ فَهَذِهِ خَمْسَةُ أَنْظَارٍ النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي الْمُوجِبِ وَفِيهِ بَحْثَانِ الْبَحْثُ الْأَوَّلُ فِي جِنْسِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} الْأَنْعَام 6 قَالَ الْعُلَمَاءُ هَذَا حُكْمٌ عَامٌّ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَالْحُكْمُ الْمُشْتَرَكُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُعَلَّلًا بعلة مُشْتَركَة وَاخْتلفُوا فِيهَا فَقَالَ ملك هِيَ الْادِّخَارُ لِلْقُوتِ غَالِبًا لِأَنَّهُ وَصْفٌ مُنَاسِبٌ فِي الِاقْتِيَاتِ مِنْ حِفْظِ الْأَجْسَادِ الَّتِي هِيَ سَبَبُ مَصَالِحِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَإِذَا عَظُمَتِ النِّعْمَةُ وَجَبَ الشُّكْرُ بِدَفْعِ الزَّكَاةِ فَلِذَلِكَ تَجِبُ فِي الزَّيْتُونِ وَالسِّمْسِمِ لِلِاقْتِيَاتِ مِنْ زَيْتِهِمَا وَفِي الْقَطَّانِيِّ لِلِاقْتِيَاتِ بِهَا عِنْدَ الضَّرُورَةِ الَّتِي يَكْثُرُ وُقُوعُهَا وَلَا تَجِبُ فِي الْفَوَاكِهِ وَالتَّوَابِلِ وَالْعُسُولِ لِأَنَّهَا لَا تدخل لِذَلِكَ وَوَافَقَهُ ش فِي الْمَنَاطِ وَخَالَفَهُ فِي تَحْقِيقِهِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ وَقَالَ ح الْمَنَاطُ تَنْمِيَةُ الْأَرْضِ وَإِصْلَاحُهَا فَإِنَّهَا سَبَبُ الْحَيَاةِ وَمُنْشَأُ الْأَقْوَاتِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ الْعُشْرُ أَيْ إِذَا سَقَتِ السَّمَاءُ نَمَتِ الْأَرْضُ وَلَمْ يُعْتَبَرِ الِاقْتِيَاتُ فَلِذَلِكَ

تَجِبُ عِنْدَهُ فِي الْفَوَاكِهِ وَالْخُضَرِ وَالتَّوَابِلِ وَالْعَسَلِ وَالْمُسْتَثْنَى الْقَصَبُ وَالْحَطَبُ وَالْحَشِيشُ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ الْكَيْل والادخال فِي الْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ فَأَوْجَبَهَا فِي اللَّوْزِ لِأَنَّهُ يُكَالُ دُونَ الْجَوْزِ لِأَنَّهُ يُعَدُّ لَنَا عَلَى الْفرق قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي مُسْلِمٍ لَا صَدَقَةَ فِي حَبٍّ وَلَا تمر حَتَّى يبلغ خَمْسَة أَو سُقْ وَهُوَ عَام من جملَة الْحُبُوب وَالثِّمَار فيتمسك بِهِ حَيْثُ نُوزِعْنَا فِي الثُّبُوتِ وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي التِّرْمِذِيِّ الْخُضْرَوَاتِ لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ يُسْتَدَلُّ بِهِ حَيْثُ نُوزِعْنَا فِي النَّفْيِ وَضَعَّفَ التِّرْمِذِيُّ إِسْنَادَهُ وَلِأَنَّ الزَّكَاةَ لَوْ كَانَتْ فِي الْخضر لعلم ذَلِك فِي زَمَانه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَكَانَ مَعْلُومًا بِالْمَدِينَةِ وَبِهَذَا اسْتَدَلَّ مَالِكٌ عَلَى أَبِي يُوسُفَ بِحَضْرَةِ الرَّشِيدِ فَرَجَعَ أَبُو يُوسُفَ إِلَيْهِ وَلِأَنَّ الْكَيْلَ وَصْفٌ طَرْدِيٌّ فَيُلْغَى وَتَنْمِيَةُ الْأَرْضِ وَسِيلَةٌ لِلْقُوتِ وَالْمَقْصِدِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَسِيلَةِ وَيبقى الإدخار وَهُوَ دَاخل فِيمَا ذَكرْنَاهُ وَسِيلَة للقوت والمقصد مقدم على الْوَسِيلَة فيرتجح مَا ذَكَرْنَاهُ عَلَى مَا ذَكَرُوهُ وَحَصَلَ الِاتِّفَاقُ عَلَى الزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ تُعْرَفُ بِتَخْرِيجِ المناط وظابطها أَن تَمَّرَ أَوْصَافَ مَحَلِّ الْحُكْمِ فَنَلْغِي الطَّرْدِيَّ وَنُضِيفُ الْحُكْمَ الْمُنَاسِبَ فُرُوعٌ أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ قَالَ فِي الْكِتَابِ تُؤْخَذُ الزَّكَاةُ مِنَ الزَّيْتُونِ وَلَا يخرص ويأمن أَهْلُهُ عَلَيْهِ كَالْحَبِّ خِلَافًا لِ ش مُلْحِقًا لَهُ بِسَائِرِ الْفَوَاكِهِ لَنَا قَوْله تَعَالَى {وَالنَّخْلَ وَالزَّرْع مُخْتَلف أكله وَالزَّيْتُون وَالرُّمَّان} إِلَى قَوْلِهِ {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتوا حَقه يَوْم حَصَاده} الْأَنْعَام 141 وَلقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِيمَا

سَقَتِ السَّمَاءُ الْعُشْرُ وَلِأَنَّهُ أَعَمُّ مَنْفَعَةً مِنَ الْقَطَّانِيِّ وَلِأَنَّ الشَّامَ لَمَّا فُتِحَ أَمَرَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِأَخْذِ الزَّكَاةِ مِنَ الزَّيْتُونِ وَلَمْ يُخَالِفْهُ أَحَدٌ فَكَانَ إِجْمَاعًا وَعَلَى الْآيَةِ سؤلان الْأَوَّلُ أنَّ الزَّيْتُونَ لَا يُؤْكَلُ مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ فَلَا يَكُونُ مُرَادًا الثَّانِي أَنَّ لَفْظَ الْحَصَادِ ظَاهِرٌ فِي الزَّرْعِ فَيُخَصُّ الْحُكْمُ بِهِ قَالَ سَنَد قَالَ ملك لَا زَكَاةَ فِيمَا يُؤْخَذُ مِنْ زَيْتُونِ الْجِبَالِ وَثِمَارِهَا الْمُبَاحَةِ لِعَدَمِ الْمِلْكِ فِيهِ قَبْلَ الْحَوْزِ أَمَّا لَوْ حَازَهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَسَقَاهُ وَتَعَاهَدَهُ عَلَى هَيْئَةِ عَادَةِ تَنْمِيَةِ الْأَمْلَاكِ زَكَّى وَمَا يُؤْخَذُ مِنْ أَرْضِ الْعَدُوِّ إِنْ جَعَلَهُ غَنِيمَةً فَفِيهِ الْخُمْسُ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِذَا بَلَغَ حب الفجل والجلجلان خَمْسَة أَو سُقْ أُخِذَتِ الزَّكَاةُ مِنْ زَيْتِهِ فَإِنْ بِيعَ حَبًّا أُخِذَ مِنْ حَبِّهِ لِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إِلَى زَيْتِهِمَا فِي الْقُوتِ مِثْلَ الْقَطَانِيِّ وَأَكْثَرَ قَالَ سَنَد وَقَالَ أصبغ فِي بزر الْكَتَّانِ الزَّكَاةُ وَهُوَ أَعَمُّ نَفْعًا مِنْ حَبِّ الْقُرْطُمِ خِلَافًا لِرِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ أَصْحَابُنَا وعَلى القَوْل يتزكية حب الفجل يزكّى بزر السَّلْجَمِ لِعُمُومِ نَفْعِهِ بِمِصْرَ وَالْعِرَاقِ وَمِثْلُهُ زَيْتُ الْجَوْز بخراسان قَالَ وَفِي السَّلْجَمِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ حَبُّهُ وَلَا دِهْنُهُ وَلَا بُدَّ مِنِ اعْتِبَارِ الْأَكْلِ وَفِي الْجَوَاهِرِ فِي حَبِّ الْفُجْلِ وَزَرِيعَةِ الْكَتَّانِ وَالْقُرْطُمِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ ثَالِثُهَا التَّفْرِقَةُ بَيْنَ كَثِيرِ الزَّيْتِ فَتجب وَبَين قلته فَلَا تَجِبُ وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ وَالنَّفْيُ لِابْنِ الْقَاسِم من بزر الْكَتَّان قَالَ وَتجب الزَّكَاة فِي كل مَاله زَيْتٌ وَهَذَا الْإِطْلَاقُ يجِبُ تَقْيِيدُهُ فَإِنَّ الْجَوْزَ وَغَيره فِيهِ الزَّيْت وَلَا زَكَاة فِيهِ الثَّالِث قَالَ سَنَدٌ وَلَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِي عَدَمِ الزَّكَاةِ فِي الْعَسَلِ خِلَافًا لِ ح مُحْتَجًّا بِأَنَّ هِلَالًا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِعُشُورِ نَحْلٍ لَهُ وَسَأَلَهُ أَنْ يَحْمِيَ لَهُ وَادِيًا يُقَالُ لَهُ سَلَبَةُ فَحَمَاهُ لَهُ فَلَمَّا وُلِّيَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَتَبَ إِلَيْهِ عَامله

يَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ إِنْ كَانَ يُؤَدِّي إِلَيْكَ مَا كَانَ يُؤَدِّيهِ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَبَقِّهِ وَلِأَنَّهُ مِمَّا تُنَمَّى لَهُ الْأَرْضُ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمَأْخُوذَ قُبَالَةُ حِمَايَةِ الْوَادِي وَعَن الثَّانِي أَنه ينتفض بِالسَّمْنِ فَإِنَّهُ يُطْلَبُ لَهُ الرَّبِيعُ لَنَا مَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كتب إِلَى عَامله أَن لَا يُؤْخَذَ مِنَ الْعَسَلِ وَلَا مِنَ الْخَيْلِ صَدَقَةٌ الرَّابِعُ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَا زَكَاةَ فِي الْفَوَاكِهِ كَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَنَحْوِهِمَا وَقَالَهُ ش خِلَافًا لِ ح وَعَبْدِ الْمَلِكِ مِنَّا وَابْنِ حَنْبَلٍ فِيمَا يُكَالُ مِنْهَا لِأَنَّهَا لَا تُدَّخَرُ لِلْقُوتِ غَالِبًا وَلِأَنَّهَا لَا تُؤَدَّى مِنْهَا مُوَاسَاةُ الْأَقَارِبِ فِي نَفَقَاتِهِمْ فَأَوْلَى الْمَسَاكِينُ لِتَأْكِيدِ حَقِّ الْغَرِيبِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ إِنَّمَا أَسْقَطَ مَالك زَكَاة التِّين لعدمه من الْمَدِينَة وتحتمل الزَّكَاةُ قِيَاسًا عَلَى الزَّبِيبِ وَهُوَ كَثِيرٌ فِي الأندلس كَمَا أَن الْأرز بِالْعِرَاقِ أَكْثَرُ مِنَ الْبُرِّ وَالذُّرَةِ بِالْيَمَنِ أَكْثَرُ مِنْ غَيْرِ الْيَمَنِ وَلِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ لَا زَكَاة فِي القرطم وبزر الْكَتَّانِ فَقِيلَ لَهُ إِنَّهُ يُعْصَرُ مِنْهُ زَيْتٌ كثير قَالَ فَحِينَئِذٍ فيهمَا الزَّكَاة فَكَذَلِك هَا هُنَا وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ الْوُجُوبِ لِنُدْرَةِ ذَلِكَ فِي الْبِلَادِ أَوْ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ مَوْضِعُ الْأَحْكَامِ الْبَحْثُ الثَّانِي فِي قَدْرِهِ وَالنِّصَابُ عِنْدَنَا مُعْتَبَرٌ وَعِنْدَ الْكَافَّةِ إِلَّا ح أَوْجَبَ فِي الْقَلِيل وَالْكثير لعُمُوم قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ الْعُشْرُ وَلِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْحَوْلُ فِيهِ فَلَا يُشْتَرَطُ النِّصَابُ لَنَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْمُوَطَّأِ لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ وَالْمُقَيَّدُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُطْلَقِ وَجَوَابُ مُسْتَنَدِهِ أَن

الْكَلَامَ إِذَا سِيقَ لِمَعْنًى لَا يُحْتَجُّ بِهِ فِي غَيْرِهِ وَهَذِهِ قَاعِدَةٌ أُصُولِيَّةٌ فَإِذَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّمَا الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ لَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى جَوَازِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ لِأَنَّهُ لَمْ يرد إِلَّا لبَيَان خصر مُوجب الْغسْل فَكَذَلِك هَا هُنَا إِنَّمَا وَرَدَ لِبَيَانِ الْجُزْءِ الْوَاجِبِ لَا لِبَيَانِ مَا يجب فِيهِ فَلَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَيْهِ وَأَمَّا الْحَوْلُ فَلِأَنَّ الشَّرْعَ إِنَّمَا اشْتَرَطَهُ لِتَحْصِيلِ النَّمَاءِ فِي إِنْبَاتِهِ وَالنَّمَاءُ قَدْ كَمُلَ هُنَا فَحَصَلَتْ مَصْلَحَةُ الْحَوْلِ بِخِلَافِ النِّصَابِ وَفِي الْجَوَاهِرِ النِّصَابُ خَمْسَةُ أوسق الوسق سِتُّونَ صَاعًا وَالصَّاعُ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ وَالْمُدُّ رِطْلٌ وَثُلُثٌ بِالْبَغْدَادِيِّ وَقَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ هُوَ سِتَّةُ أَقْفِزَةٍ وَرُبُعُ قَفِيزٍ بِالْقَفِيزِ الْقَرَوِيِّ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ عَشَرَةُ أَرَادِبَ بِالْمِصْرِيِّ وَفِي الْجُلَّابِ هُوَ أَلْفٌ وَسِتُّمِائَةُ رِطْلٍ بِالْبَغْدَادِيِّ فَائِدَةٌ قَالَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ وَقَفْتُ مِنْ تَحْرِيرِ مَقَادِيرِ أَوْزَانِ الزَّكَاةِ وَمَكَايِيلِهَا عَلَى مَا رَأَيْتُ أَنْ أُثْبِتَهُ رَجَاءَ النَّفْعِ بِهِ وَهُوَ مَا خَرَّجَهُ النَّسَائِيُّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمِكْيَالُ عَلَى مِكْيَالِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْوَزْنُ عَلَى وَزْنِ أَهْلِ مَكَّةَ وَخَرَّجَ أَبُو دَاوُدَ عَنِ ابْن حَنْبَل قَالَ عبرت مده - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رِطْلٌ وَثُلُثٌ وَلَا يَبْلُغُ فِي التَّمْرِ هَذَا قَالَ وَبَحَثْتُ غَايَةَ الْبَحْثِ فَأَخْبَرَنِي كُلُّ مَنْ وَثِقْتُ بِتَمْيِيزِهِ أَنَّ دِينَارَ الذَّهَبِ وَزْنُهُ بِمَكَّةَ اثْنَانِ وَثَمَانُونَ حَبَّةً وَثَلَاثَةُ أَعْشَارِ حَبَّةٍ بِالْحَبِّ مِنَ الشَّعِيرِ الْمُطْلَقِ وَالدِّرْهَمُ سَبْعَةُ أَعْشَارِ الْمِثْقَالِ فالدرهم الْمَكِّيّ سَبْعَة وَخَمْسُونَ حَبَّةً وَسَبْعَةُ أَعْشَارِ حَبَّةٍ وَعُشْرُ عُشْرِ حَبَّة فالرطل مائَة وَثَمَانِية وَعِشْرُونَ درهما بِالدَّرَاهِمِ الْمَذْكُورِ قَالَ وَوَجَدْنَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ لَا يَخْتَلِفُ مِنْهُم اثْنَان فِي أَن مده - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الَّذِي تُؤَدَّى بِهِ الصَّدَقَةُ لَيْسَ أَكْثَرَ مِنْ رِطْلٍ وَنِصْفٍ وَلَا أَقَلَّ مِنْ رِطْلٍ وَرُبْعٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ رِطْلٌ وَثُلُثُ وَلَيْسَ بِاخْتِلَافِ وَلَكِنْ بِحَسْبِ الْمُكَيَّلِ مِنَ التَّمْرِ وَالْبُرِّ وَالشَّعِيرِ وَمِنْ غَيْرِ الْجَوَاهِرِ الرِّطْلُ الْبَغْدَادِيُّ مِائَةٌ وَثَلَاثُونَ دِرْهَمًا بالدرهم الْمَذْكُور

تَنْبِيهٌ الدِّرْهَمُ الشَّرْعِيُّ سَبْعَةٌ وَخَمْسُونَ حَبَّةً وَسِتَّةُ أَعْشَارِ حَبَّةٍ وَعُشْرُ عُشْرِ حَبَّةٍ بِحَبِّ الشَّعِيرِ الْوسط فَإِن كمل سَبْعَة مثاقل عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَإِذَا قَسَّمْتَهَا عَلَى السَّبْعَةِ خَرَجَ هَذَا الْقَدْرُ وَدِرْهَمُ مِصْرَ أَرْبَعَةٌ وَسِتُّونَ حَبَّةً قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ وَالرِّطْلُ الشَّرْعِيُّ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَيَكُونُ قَدْرُهُ بِدِرْهَمِ مِصْرَ مِائَةً وَخَمْسَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ حَبَّةً وَخُمْسَ حَبَّةٍ وَالْمُدُّ الشَّرْعِيُّ مَا وَسِعَ رِطْلًا وَثُلُثًا بِالرِّطْلِ الشَّرْعِيِّ قَالَ سَنَدٌ مِنَ الزَّبِيبِ أَوِ الْمَاسِ أَوِ الْعَدَسِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قِيلَ مِنَ الْمَاءِ وَقِيلَ مِنَ الْوَسَطِ مِنَ الْقَمْحِ وَقيل رَطْل وَنصف وَقيل رطلان وتسع رَطْل مِصْرَ وَعَلَى الْقَوْلِ بِرِطْلٍ وَثُلُثٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ رِطْلًا وَتِسْعَةَ دَرَاهِمَ بِدَرَاهِمِهَا وَثُلُثَ وَرُبُعَ دِرْهَمٍ وَثُلُثَيْ حَبَّةٍ وَعُشُرَ حَبَّةٍ وَثُلُثَيْ عُشُرِ حَبَّةٍ وَالصَّاعُ الشَّرْعِيُّ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ بِالرِّطْلِ الشَّرْعِيِّ وَبِرِطْلِ مِصْرَ أَرْبَعَةُ أَرْطَالٍ وَرُبُعٌ وَدِرْهَمَانِ وَنِصْفٌ بدرهمهإلا ثُلُثَيْ حَبَّةٍ وَالنِّصَابُ الشَّرْعِيُّ أَلْفٌ وَسِتُّمِائَةُ رِطْلٍ بِالْبَغْدَادِيِّ لِأَنَّ مَالِكًا لَمَّا نَاظَرَ أَبَا يُوسُفَ فِيهِ وَأَتَى أَهْلُ الْمَدِينَةِ بَأَمْدَادِهِمُ الَّتِي كَانَ آبَاؤُهُمْ يُؤَدُّونَ بِهَا الزَّكَاةَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اعْتَبَرَهُ هَارُونُ الرَّشِيدُ بِرِطْلٍ بَغْدَادِيٍّ فَوَجَدَهُ هَذَا الْقَدْرَ وَلَعَلَّهُ الْيَوْمَ قَدْ زَادَ أَوْ نَقَصَ فَإِنَّ هَذِهِ أُمُورٌ غَيْرُ مُنْضَبِطَةٍ فِي الْبِلَادِ فَيَكُونُ بِرِطْلِ مِصْرَ أَلْفًا وَمِائَتَيْنِ وَثَمَانِينَ رِطْلًا وَسدس رَطْل ودرهمين وَنصف وربعا وَثمنا بدرهمهما فَيَكُونُ بِإرْدَبِّ مِصْرَ خَمْسَةَ أَرَادِبَ وَثُلُثَ وَسُدْسَ رِطْلٍ وَدِرْهَمَيْنِ وَنِصْفًا وَرُبُعًا وَثُمُنًا بِدِرْهَمْهِمَا هَذَا عَلَى مَا فِي الْجَوَاهِرِ أَنَّ الرِّطْلَ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَقَالَ سَنَدٌ هُوَ ثَلَاثُونَ دِرْهَمًا فَعَلَى قَوْلِهِ يَكُونُ خَمْسَةَ أَرَادِبَ وَثُلُثًا وَنِصْفَ سُدُسِ إرْدَبٍّ وَرِطْلَيْنِ وَثُلُثَ رِطْلٍ بِرِطْلِ مِصْرَ وَعشرَة دَرَاهِم وَنصف وَربع وَثمن بِدِرْهَمْهِمَا وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ

الْقَاسِمِ هُوَ عَشَرَةُ أَرَادِبَ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْإرْدَبُّ حِينَئِذٍ صَغِيرًا وَيُؤَكِّدُ ذَلِكَ مَا فِي الْجَوَاهِرِ فِي كِتَابِ النَّفَقَاتِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ ويبة مصر اثْنَانِ وَعِشْرُونَ مُدًّا بِمُدِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَتَكُونُ تِسْعَةً وَثَلَاثِينَ رِطْلًا وَثُلُثَيْ رِطْلٍ بِالرِّطْلِ الشَّرْعِيِّ وَهُوَ الْيَوْمُ أَرْبَعُونَ رِطْلًا بِرِطْلِ مِصْرَ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ فِي كِتَابِ السَّلَمِ الْوَيْبَةُ بِمِصْرَ عِشْرُونَ مُدًّا وَالْأَرْدَبُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ أَرْبَعُ وَيْبَاتٍ ذَكَرَهُ فِي السَّلَمِ وَالْإرْدَبُّ الْيَوْمَ سِتُّ وَيْبَاتٍ وَالْوَيْبَةُ أَرْبَعُونَ رِطْلًا بِرِطْلِ مِصْرَ وَهَذَا التَّقْدِيرُ الَّذِي يَجُوزُ فِي النِّصَابِ هُوَ عَلَى وَيْبَةِ مَدِينَةِ مِصْرَ وَإرْدَبِّهَا وَأَمَّا الضِّيَاعُ وَالْقُرَى فَإرَدَبَّهَا أَكْبَرُ بِكَثِيرٍ وَهِيَ مُتَفَاوِتَةُ الْكَثْرَةِ قَالَ سَنَدٌ وَتَحْدِيدُ النِّصَابِ عِنْدَنَا لِلتَّقْرِيبِ حَتَّى لَوْ نَقَصَ الْيَسِيرُ وَجَبَتِ الزَّكَاةُ كَمَا فِي النَّقْدَيْنِ خِلَافًا لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لِلتَّحْقِيقِ وَالنِّصَابُ عِنْدَ مَالِكٍ مِنْ حَبِّ الزَّيْتُونِ كَسَائِرِ الْمُعَشَّرَاتِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنِ احْتَاجَ أَهْلُهُ لِلِانْتِفَاعِ بِبَعْضِهِ أَخْضَرَ خُرِصَ وَأُخِذَتِ الزَّكَاةُ مِنْ زَيْتِهِ فُرُوعٌ سِتَّةٌ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ يُعْتَبَرُ النِّصَابُ فِي حِصَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الشُّرَكَاءِ فِي جُمْلَةِ أُمُورِ الزَّكَاةِ وَيُضَافُ إِلَى الْحِنْطَةِ الشَّعِيرُ وَالسُّلْتُ وَقَالَ ش لَا يُضَمُّ مِنَ الثَّلَاثَةِ شَيْءٌ إِلَى الْآخَرِ لِاخْتِلَافِهَا فِي الِاسْمِ وَالْمَعْنَى كَالْحِنْطَةِ مَعَ الْأَرُزِّ لَنَا أَنَّهَا مُتَقَارِبَةٌ فِي الْمَنْفَعَةِ وَالْمَنْبَتِ بِخِلَافِ الْأَرُزِّ وَقَالَ سَنَدٌ قَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ إِلَّا ابْنَ الْقَاسِمِ الْأَشْقَالِيَّةُ صِنْفٌ مِنَ الْحِنْطَة اسْمه العلس بِالْيمن بِجمع مَعَ الْحِنْطَة وَقَالَ اصبغ هم جنس مُفْرد حبته مستطيلة متصوفة قَالَ وَخِلَافُهُمْ يَرْجِعُ إِلَى الْخِلَافِ فِي تَحْقِيقِ الصِّفَةِ وَالْعَلَسُ يُخَزَّنُ فِي قِشْرِهِ كَالْأَرُزِّ فَلَا يُزَادُ فِي النِّصَابِ لِأَجْلِ

قِشْرِهِ وَكَذَلِكَ الْأَرُزُّ وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ يُكْمِلُ عَشْرَةَ أَوْسُقٍ لَنَا عُمُومُ الْخَبَرِ وَالْقِيَاسُ عَلَى نَوَى التَّمْر وقشر الفول السّفل الثَّانِي فِي الْكِتَابِ الْأَرُزُّ وَالذُّرَةُ وَالدَّخَنُ لَا ضَمَّ فِيهَا لِتَفَاوُتِ الْمَنَافِعِ وَفِي الْجَوَاهِرِ هِيَ جِنْسٌ وَاحِدٌ تُضَمُّ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ الْقَطَّانِيُّ وَهِيَ الْفُولُ وَالْحِمَّصُ وَالْعَدَسُ وَالْجُلْبَانُ وَاللُّوبِيَا وَكُلُّ مَا يُعْلَمُ أَنَّهُ مِنْهَا يُضَمُّ وَلَا يُضَمُّ إِلَيْهَا غَيْرُهَا وَيُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ مِنْهَا بِحِسَابِهِ زَادَ فِي الْجُلَّابِ الْبَسِيلَةُ وَالتُّرْمُسُ وَفِي الْجَوَاهِر اتِّحَادُ جِنْسِهَا فِي الرِّبَا رِوَايَتَانِ وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي جَرَيَانِهَا فِي الزَّكَاةِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ وَالظَّاهِرُ عِنْدِي أَنَّهَا أَجْنَاسٌ فِي الرِّبَا وَالزَّكَاةِ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ لَنَا تَقَارُبُ مَنَافِعِهَا وَأَنَّ الْعَرَبَ خَصَّتْهَا بِاسْمٍ دُونَ سَائِرِ الْحُبُوبِ وَهِيَ الْقُطْنِيَّةُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الرِّبَا وَالزَّكَاةِ أَنَّ الرِّبَا ضَيِّقٌ بِدَلِيلِ ضَمِّ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فِي الزَّكَاة ة وَهُمَا فِي الرِّبَا جِنْسَانِ وَلِأَنَّ الزَّكَاةَ مُوَاسَاةٌ فَيُعَانُ الْفُقَرَاءُ بِضَمِّ الْحُبُوبِ لِيُكْمَلُ لَهُمُ النِّصَابُ وَيَكْثُرُ الْجُزْءُ الْوَاجِبُ وَلِأَنَّ اللَّبَنَ رِبَوِيٌّ لَيْسَ بِزَكَوِيِّ وَكَذَلِكَ الْمَطْعُومَاتُ كُلُّهَا عِنْدَ ش وَالْمُكَيَّلَاتُ عِنْدَ ح مَعَ انْتِفَاءِ الزَّكَاةِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْقِسْمَيْنِ إِجْمَاعًا قَالَ سَنَدٌ وَمَعْنَى قَوْلِ مَالك وَمَا يعلم أَنه مِنْهَا أَن اسْم الْقُطْنِيَّةَ عِنْدَ النَّاسِ لِمَا يُقْطَنُ لِمَنْفَعَتِهِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ أَيْ يُمْكَثُ وَمِنْهُ الْقَاطِنُ لِلْمُقِيمِ فَتُعْمَلُ إِذَا احْتِيجَ إِلَيْهَا دَقِيقًا وَخُبْزًا وَسَوِيقًا وَبِهَذَا تَخْرُجُ التَّوَابِلُ لِأَنَّهَا لَا تُتَّخَذُ لِهَذَا الْغَرَضِ وَقَالَ أَشهب الكرسنة والقطنية وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ هِيَ جِنْسٌ عَلَى حِدَتِهِ وَذَكَرَ الْبَاجِيُّ أَنَّهَا الْبَسِيلَةُ وَقَالَ ابْنُ هَارُونَ الْبَصْرِيُّ مِنَّا الْبَسِيلَةُ الْمَاشُّ وَهُوَ حَبٌّ بِالْعِرَاقِ يُشْبِهُ الْجُلْبَانَ وَالْوَاجِبُ أَنْ يُرْجَعَ فِي ذَلِكَ إِلَى الْعُرْفِ كَمَا قَالَهُ مَالِكٌ وَفِي الْبَيَانِ رُوِيَ عَن ملك ضَمُّ الْأَرُزِّ وَالْجُلْجُلَانِ مَعَ الْقَطَّانِيِّ وَهُوَ خِلَافُ الْمَشْهُور

الرَّابِعُ فِي الْجَوَاهِرِ الزَّبِيبُ وَالتِّينُ وَالزَّيْتُونُ وَالتَّمْرُ والجلجلان وبزر الْكَتَّانِ إِنْ قُلْنَا هِيَ زَكَوِيَّةُ فَأَجْنَاسٌ وَلِيَعْلَمِ الْفَقِيهُ أَنَّ التَّبَايُنَ بَيْنَ أَنْوَاعِ الْقَطَّانِيِّ وَبَيْنَ الْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ وَالسُّلْتِ لَا يَزِيدُ عَلَى التَّبَايُنِ بَين أعلا أَنْوَاعِ التَّمْرِ وَأَدْوَنِهِ عِنْدَ إِمْعَانِ النَّظَرِ فَلِذَلِكَ ضُمَّتْ فِي النِّصَابِ وَلَا يُضَمُّ عِنْدَ مَالِكٍ حِمْلُ نَخْلَةٍ إِلَى حَمْلِهَا فِي الْعَامِ الثَّانِي الْخَامِسُ فِي الْجَوَاهِرِ مَا اتَّفَقَ مِنَ الزَّرْعِ فِي النَّبَاتِ وَالْحَصَادِ مِنَ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ أُضِيفَ وَمَا كَانَ لَهُ بَطْنَانِ أَوْ بُطُونٌ فَقِيلَ يُعْتَبَرُ بِالْفُصُولِ فَمَا نَبَتَ فِي الرَّبِيعِ مَثَلًا ضُمَّ لِلِاتِّفَاقِ فِي السَّقْيِ وَقِيلَ مَا نَبَتَ قبل حصاد غَيره ضم إِلَيْهِ كاتفاق الْفَوَائِدِ فِي الْمِلْكِ وَالْحَوْلِ وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ لَهُ زَرْعٌ فِي ثَلَاثَةِ أَزْمِنَةٍ وَزُرِعَ الثَّالِثُ قَبْلَ حَصَادِ الْأَوَّلِ ضُمَّ الْجَمِيعُ أَوْ بَعْدَ حَصَادِهِ وَقَبْلَ حَصَادِ الثَّانِي وَجَبَتِ الزَّكَاةُ إِنْ كَانَتْ إِضَافَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الطَّرَفَيْنِ مُفْرَدًا إِلَى الْوَسَطِ يُكْمِلُ النِّصَابَ وَلَا تَجِبُ إِنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْ مَجْمُوعِهَا مَعَهُ نِصَابٌ وَفِي الْوُجُوبِ إِذَا كُمِّلَ النِّصَابُ بِالْوَسَطِ مَعَ الطَّرَفَيْنِ جَمِيعًا وَلَمْ يُكْمَلْ بِضَمِّ أَحَدِهِمَا إِلَى الْوَسَطِ خِلَافٌ وَأَجْرَاهُ أَبُو الطَّاهِرِ عَلَى خَلِيطَيْ شَخْصٍ وَاحِدٍ هَلْ يُعَدَّانِ خَلِيطَيْنِ أَمْ لَا قَالَ سَنَدٌ وَتُضَمُّ الْحُبُوبُ الَّتِي زُرِعَتْ فِي بِلَادٍ وَإِنِ اخْتَلَفَتِ الْبِلَادُ فِي الْإِدْرَاكِ فِي النَّوْعِ الْوَاحِدِ بِسَبَبِ الْبَرْدِ وَالْحَرِّ لِأَنَّ الْعَامَ وَاحِدٌ فَيُضَمُّ وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا رَطْبًا وَالْآخَرُ طلعا لِأَن إِيجَاد زَمَانِ الْإِدْرَاكِ لَيْسَ شَرْطًا بِالْإِجْمَاعِ وَقَالَ صَاحِبُ الْمُقْدِمَاتِ إِذَا زُرِعَتْ فِي أَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ وَحُصِدَتْ فِي وَقت وَاحِد ضمنت وَلَوْ زُرِعَ الثَّانِي قَبْلَ حَصَادِ الْأَوَّلِ وَزُرِعَ الثَّالِثُ بَعْدَ حَصَادِ الْأَوَّلِ وَقَبْلَ حَصَادِ الثَّانِي يُجْمَعُ الثَّانِي مَعَ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ كَانَ الْأَوَّلُ بَاقِيًا عِنْدَهُ وَعِنْدَ أَشْهَبَ يُزَكَّى الثَّانِي وَإِنْ كَانَ دُونَ النِّصَابِ مَعَ فَوَاتِ الْأَوَّلِ وَلَا يُجْمَعُ الْأَوَّلُ مَعَ الثَّالِثِ فَلَوْ زُرِعَ الثَّانِي قَبْلَ

حصاد الأول ثمَّ رفع الثَّالِثُ بَعْدَ حَصَادِ الثَّانِي وَقَبْلَ حَصَادِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ مِنَ الْقَطَّانِيِّ مَا يُتَعَجَّلُ جُمِعَ الْأَوَّلُ مَعَهُمَا وَلَمْ يُجْمَعِ الثَّانِي مَعَ الثَّالِثِ فَإِنْ رُفِعَ مِنَ الثَّانِي ثَلَاثَةُ أَوْسُقٍ انْتَظَرَ الْأَوَّلَ فَإِنْ كَمُلَ النِّصَابُ وَالْأَوَّلُ بَاقٍ زَكَّاهَا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ ثُمَّ إِذَا حَصَدَ الثَّالِثَ فَبلغ مَعَ مَا بَقِي فِي يَده مِنَ الْأَوَّلِ نِصَابًا زَكَّاهُمَا وَلَا يُزَكِّي مَا زَكَّاهُ مِنَ الثَّانِي وَعَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ يُزَكَّى الثَّالِثُ وَإِنْ كَانَ دُونَ النِّصَابِ بَعْدَ فُقْدَانِ مَا قَبْلُهُ وَكَذَلِكَ حُكْمُ الْمَعَادِنِ السَّادِسُ فِي الْبَيَانِ قَالَ مَالِكٌ يَحْسِبُ فِي الزَّرْعِ مَا أَكَلَ مِنْهُ وَمَا آجَرَ بِهِ الْجِمَالَ وَغَيْرَهَا بِخِلَاف مَا أكلت الدَّوَابّ فِي الدارس لِأَنَّ النَّفَقَةَ مِنْ مَالِهِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَيَحْسِبُ مَا تَصَدَّقَ بِهِ وَقَالَ اللَّيْثُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ بَعْدَ الْإِفْرَاكِ وَقَبْلَ الْيُبْسِ وَأَمَّا مَا أُكِلَ بَعْدَ الْيُبْسِ فَيَحْسَبُ بِلَا خِلَافٍ وَاخْتُلِفَ فِي الصَّدَقَةِ بَعْدَ الْيُبْسِ وَعِنْدَ مَالِكٍ يَحْسَبُهَا وَأَمَّا مَا أَكَلَتِ الدَّوَابُّ فِي الدِّرَاسِ فَلَا يُحْسَبُ كَآفَاتِ السَّمَاءِ سُؤَالٌ يَنْبَغِي ضَمُّ الزَّبِيبِ مَعَ التَّمْرِ لِتَقَارُبِهِمَا كَالْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ وَأَنْوَاعِ الْقَطَانِيِّ جَوَابُهُ أَنَّ مَا ضَمَمْنَاهُ تَقَارَبَ زَمَانُ حَصَادِهِ وَالْجَزَرُ وَالتَّمْر وَالزَّبِيب بَينهمَا خَمْسَة أشهر وَلذَلِك لم تضم الذُّرَةَ إِلَى الدَّخَنِ لِتَبَايُنِ أَزْمِنَتِهَا النَّظَرُ الثَّانِي فِي الْجُزْءِ الْوَاجِبِ وَفِي الْكِتَابِ مَا يُشْرَبُ مِنَ السَّمَاءِ أَوْ سَحًّا أَوْ بَعْلًا فَفِيهِ الْعشْر وَمَا شرب بالسواني بِقرب أَوْ أَدْلِيَةٍ فَنِصْفُ الْعُشْرِ وَفِي الصِّحَاحِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالْأَنْهَارُ وَالْعُيُونُ أَوْ كَانَ بَعْلًا الْعُشْرُ وَفِيمَا سُقِيَ بِالسَّوَانِي وَالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ مَتَى كَثُرَتِ الْمُؤْنَةُ خَفَّتِ الزَّكَاةُ رِفْقًا بِالْعِبَادِ وَمَتَى قَلَّتْ كَثُرَتِ الزَّكَاةُ لِيَزْدَادَ الشُّكْرُ لِزِيَادَةِ النِّعَمِ وَنَظِيرُهُ الزَّكَاةُ فِي الْمَعْدِنِ وَالْخُمْسُ فِي الرِّكَازِ

فَوَائِدُ سَقْيُ السَّمَاءِ الْمَطَرُ وَالسَّحُّ وَالسَّيْلُ وَالْعُيُونُ والأنهار قَالَ ابْن فَارس وَهُوَ العثري وَقِيلَ الْعَثْرِيُّ الْبَعْلِيُّ قَالَ أَبُو دَاوُدَ الْبَعْلِيُّ مَا يَشْرَبُ بِعُرُوقِهِ وَأَنْكَرَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ وَقَالَ هَذَا لَمْ يُوجَدْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ النَّخْلَ كَذَلِكَ وَيُحْكَى أَنَّ فِي بِلَادِ السُّودَانِ أَوْدِيَةً يَزْرَعُونَ فِيهَا الذُّرَةَ السَّنَةَ كُلَّهَا مِنْ غَيْرِ سَقْيٍ بَلْ تُرَشِّحُ هِيَ الْمَاءَ مِنْ جَوَانِبِهَا والقرب الدَّلْوُ الْكَبِيرُ وَالدَّالِيَةُ أَنْ تَمْضِيَ الدَّابَّةُ فَيَرْتَفِعُ الدَّلْوُ فَيُفْرَغُ ثُمَّ تَرْجِعُ فَيَنْزِلُ وَالسَّانِيَةُ الْبَعِيرُ الَّذِي يُسْنَى عَلَيْهِ أَيْ يُسْتَقَى قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ وَالنَّضْحُ السَّقْيُ بِالْجَمَلِ وَيُسَمَّى الْجَمَلُ الَّذِي يَجُرُّهُ نَاضِحًا وَمِثْلُهُ الدَّوَالِيبُ وَالنَّوَاعِيرُ قَالَ سَنَدٌ وَأَمَّا حَفْرُ الْأَنْهَارِ وَالسَّوَانِي وَإِقَامَةُ الْجُسُورِ لَا تَأْثِيرَ لِمُؤْنَةِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ إِصْلَاحُ الْأَرْضِ كَالْحَرْثِ فَإِنِ اجْتمع السيح والنضج وَاسْتَوَيَا قَالَ مَالِكٌ فَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعُشْرِ عَدْلًا بَيْنَهُمَا فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ قَالَ مَالِكٌ الْأَقَل تبع كالضأن مَعَ الْمعز وَقَالَ غبد الْوَهَّاب يتَخَرَّج على الرِّوَايَتَيْنِ فِي تَأْثِير بَعْضِ الثَّمَرَةِ هَلْ تَكُونُ لِلْمُبْتَاعِ وَإِنْ قَلَّ أَو يكون للْبَائِع تبعا للْأَكْثَر رِوَايَتَانِ وَكَذَلِكَ هَا هُنَا وَقَالَ ابْن الْقَاسِم الحكم للَّذي أحيي بِهِ الزَّرْعَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الزَّرْعِ نِهَايَتُهُ وَالْمُحَصِّلُ لِلْمَقْصُودِ هُوَ الْمَقْصُودُ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَحَدُّهُ الثُلُثُ وَمَا قَارَبَهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنْ جُهِلَتِ الْمُسَاوَاةُ وَالتَّفَاضُلُ جُعِلَا مُتَسَاوِيَيْنِ لِتَسَاوِي الِاحْتِمَالِ كَمُدَّعِي السِّلْعَةِ إِذَا تَعَدَّدَ وَلَا يَدَ وَلَا بَيِّنَة فَإِن كَانَ فِي أَرْضَيْنِ ضُمَّ أَحَدُهُمَا إِلَى الْآخَرِ فِي النِّصَابِ وَأُخِذَ مِنَ السَّيْحِ الْعُشْرُ وَالنَّضْحُ نِصْفُ الْعُشْرِ وَمَتَى ادَّعَى رَبُّ الزَّرْعِ النَّضْحَ صُدِّقَ إِنْ لَمْ يُعْلَمْ كَذِبُهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا كَانَ السَّيْحُ بِالْكِرَاءِ أَلْحَقَهُ اللَّخْمِيُّ بِالنَّضْحِ قَالَ صَاحب تَهْذِيب الطَّالِب إِذْ عجز عَنِ الْمَاءِ فَاشْتَرَاهُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَلَيْهِ الْعُشْرُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْحَسَنِ نِصْفُ الْعُشْرِ قَالَ وَهُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّ مَشَقَّةَ الْمَالِ كمشقة الْبدن

نَظَائِر قَالَ الْعَبَّادِيّ إِلْحَاق الْأَقَل بِالْأَكْثَرِ اثْنَا عَشْرَةَ مَسْأَلَةً فِي الْمَذْهَبِ السَّيْحُ وَالنَّضْحُ وَالْمَعَزُ وَالضَّأْنُ يُؤْخَذُ مِنْ أَكْثَرِهِمَا وَالْمَأْخُوذُ فِي زَكَاةِ الْإِبِلِ مِنْ غَالَبِ غَنَمِ الْبَلَدِ ضَأْنًا أَوْ مَاعِزًا وَإِذَا أَدَارَ بَعْضَ مَالِهِ دُونَ الْبَعْضِ زَكَّى بِحُكْمِ غَالِبِهِ وَزَكَاةُ الْفِطْرِ مِنْ غَالَبِ عَيْشِ الْبَلَدِ وَبَيَاضُ الْمُسَاقَاةِ مَعَ السَّوَادِ يَتْبَعُهُ إِذَا كَانَ أَقَلَّ وَإِذَا نَبَتَ أَكْثَرُ الْغَرْسِ فَلِلْغَارِسِ الْجَمِيعُ وَإِنْ نَبَتَ الْأَقَلُّ فَلَا شَيْءَ لَهُ فِيهَا وَقِيلَ لَهُ الْأَقَلُّ وَإِذَا أَطْعَمَ أَكثر الْغَرْس سقط عَنهُ الْعَمَل وَإِذا حد المساقي أَكثر الْحَائِط سقط عَنهُ السَّقْي وغذا أبر أَكثر الْحَائِط فجميعه للْبَائِع وغذا حَبَسَ عَلَى أَوْلَادِهِ الصِّغَارِ أَوْ وَهَبَ وَحَازَ الْأَكْثَرَ صَحَّ الْحَوْزُ فِي الْجَمِيعِ وَإِذَا اسْتَحَقَّ الْأَقَل من البيع أَو وجد عَيْبًا فَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ وَيَرْجِعُ بِقَدْرِهِ فَرْعَانِ الأول فِي الْكتاب مَا لَا يُثمر وَلَا يتزبب يخرص أَن لَوْ كَانَ ذَلِكَ مُمْكِنًا فَإِذَا وَصَلَ نِصَابًا أَخذ ثمنه عشر وَإِنْ قَلَّ عَنْ نِصَابِ النَّقْدِ لِأَنَّ الْأَصْلَ مُشَاركَة الْفُقَرَاء للأعباء فِيمَا يَمْلِكُونَهُ وَإِنْ نَقَصَ عَنِ النِّصَابِ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْءٌ وَإِنْ زَادَ عَلَى النّصاب وَهُوَ فَائِدَةٌ قَالَ سَنَدٌ وَرُوِيَ عَنْهُ يُدْفَعُ تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا وَخَيَّرَهُ مَرَّةً أُخْرَى وَقَالَ عَبْدُ الْملك وش يُؤْخَذُ عُشْرُهُ رَطْبًا وَعِنَبًا وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ إِذا أَرَادَ إِخْرَاج الزَّبِيب مَعَ ابْنِ الْمَوَّازِ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْوَاجِبِ فَإِنْ أَكَلَهُ أَدَّى قِيمَتَهُ رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَظَاهِرُهُ يَوْمَ الْإِزْهَاءِ وَلَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ إِذَا قُطِعَتِ الثَّمَرَةُ قَبْلَ الْإِزْهَاءِ لِأَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهَا وَالْمَأْكُولُ مِنْهَا لَا يُحْسَبُ فِي الْخَرْصِ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِذَا جُمِعَ النِّصَابُ مِنَ الْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ وَالسَّلْتِ أُخِذَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ بِحِسَابِهِ وَفِي الْجُلَّابِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا بَأْسَ بِإِخْرَاجِ الأعلا عَنِ الْأَدْنَى بِقَدْرِ مُكَيَّلَتِهِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي هَذِهِ أَنْ تَكُونَ أَجْنَاسًا كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلَمَّا جُعِلَتْ جِنْسًا كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ رُوعِيَ حُقُوق الْفُقَرَاء فِي

خصوصاتها وَبِهَذَا تفارق أَنْوَاعَ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ حَيْثُ قُلْنَا يخْرجُ مِنَ الْوَسَطِ فَإِنَّ الْجِنْسَيْنِ مِنَ التَّمْرِ لَا يَكَادَانِ يَسْتَوِيَانِ فَأَخْرَجَ مِنَ الْوَسَطِ وَالِاخْتِلَافُ فِي النَّوْعَيْنِ أَشَدُّ وَيُمْكِنُ الْإِخْرَاجُ مِنْهُمَا بِخِلَافِ النَّوْعِ الْوَاحِدِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقْدِمَاتِ إِنْ أَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ الْأَدْنَى عَن الأعلا بِقِيمَتِهِ امْتَنَعَ حَيْثُ يَمْتَنِعُ التَّفَاضُلُ وَجَازَ حَيْثُ جَازَ كالقطامي إِذا قُلْنَا لَا يُجزئ فِيهَا بالتفاضل وَعَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ دَفْعِ الْعُرُوضِ وَالنَّقْدِ النَّظَرُ الثَّالِثُ فِي وَقْتِ الْوُجُوبِ وَفِي الْجَوَاهِرِ وَقْتُ الْوُجُوبِ إِزْهَاءُ النَّخْلِ وَطِيبُ الْكَرَمِ وَإِفْرَاكُ الزَّرْعِ وَاسْتِغْنَاؤُهُ عَنِ الْمَاءِ وَاسْوِدَادُ الزَّيْتُونِ أَوْ مُقَارَبَتُهُ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ وَقْتَ الْخَرْصِ قِيَاسًا لِلْخَارِصِ عَلَى ساعي الْمَاشِيَة وَقَالَ ابْن سَلمَة الجداد لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} الْأَنْعَام 6 قَالَ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ مَنْ مَاتَ بَيْنَ هَذِهِ الْحَالَاتِ فَمَنْ صَادَفَ قَبْلَ مَوْتِهِ وَقْتَ الْوُجُوبِ وَجَبَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ مَنْ بَاعَ قَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ إِنْ قَدَّمَ الزَّكَاةَ عَلَى الْخَرْصِ لَمْ يُجْزِهِ لِعَدَمِ الْوُجُوبِ عِنْدَهُ حِينَئِذٍ فَرْعَانِ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ إِذَا مَاتَ بَعْدَ الْإِزْهَاءِ وَالْإِفْرَاكِ فالزكاة عَلَيْهِ وصّى أم لَا بلغت حِصَّةٍ نَصَابًا أَمْ لَا وَإِلَّا فَعَلَى مَنْ بَلَغَتْ حِصَّتُهُ نِصَابًا لِأَنَّ الْإِزْهَاءَ هُوَ وَقْتُ الْوُجُوبِ وَقَبْلَ ذَلِكَ هُوَ عَلَفٌ لَا طَعَامٌ وَفِي الْكِتَابِ سَأَلْتُ بَعْضَ الشُّيُوخِ إِذَا مَاتَ قبل الأزهاء وَعَلِيهِ دين يغترفه فَلَمْ يَقُمْ رَبُّ الدَّيْنِ حَتَّى أَزْهَى هَلْ تزكي عَلَى مِلْكِهِ لِتَعَذُّرِ الْمِيرَاثِ بِالدَّيْنِ أَوْ عَلَى مِلْكِ الْوَرَثَةِ لِاحْتِمَالِ دَفْعِ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِهِ بِمَالٍ يُوصِي لَهُ بِهِ فَقَالَ عَلَى مِلْكِهِ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ مَنْ بَاعَ زَرْعَهُ بَعْدَ فَرْكِهِ أَخْرَجَ مِنْهُ الزَّكَاةَ وَبَيْعُهُ

نَافِذٌ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ حَقِّ الْفُقَرَاءِ قَالَ سَنَدٌ وَيخْرِجُ طَعَامًا مِنْ جِنْسِ الْمَبِيعِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ قَوْلِ مَالِكٍ إِذَا بَاعَ عِنَبًا أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ ثَمَنِهِ وَبَيْنَ هَذَا أَنَّ إِخْرَاجَ الْعِنَبِ فِي الزَّكَاةِ لَا يَجُوزُ فَيَتَعَيَّنُ الْعُدُولُ إِلَى الثَّمَنِ لِأَنَّهُ يَأْتِي فِي الصُّورَتَيْنِ بِمَا بَاعَ أَوْ بَدَّلَهُ فَإِنْ بَاعَ الزَّرْعَ جُزَافًا أَوْ قَائِمًا مِنَ الْمُبْتَاعِ عَلَى قَدْرِهِ وَزَكَّى عَلَى قَوْلِهِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ الطُّرُقِ إِلَى الْعِلْمِ فَإِنْ كَانَ فَاسِقًا أَوْ كَافِرًا حَزَرَ الزَّرْعَ قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ شَرَطَ الزَّكَاةَ عَلَى الْمُبْتَاعِ جَازَ وَتُؤْخَذُ مِنْهُ وَإِذَا كَانَتِ الزَّكَاةُ على البَائِع فتعذرت عَلَيْهِ وَالْمَبِيعُ قَائِمٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ وَالشَّافِعِيَّةُ يُؤْخَذُ مِنَ الْمَبِيعِ لِتَقَدُّمِ حَقِّ الْفُقَرَاءِ فِيهِ عَلَى الْمُبْتَاعِ فَلَا يَسْقُطُ إِلَّا بِبَدَلٍ مِنَ الْبَائِعِ وَلَمْ يَأْتِ وَمَنَعَ أَشْهَبُ الرُّجُوعَ لِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَاسْتِقْرَارِ الْمِلْكِ كَالْعَبْدِ الْجَانِي إِذَا بَاعَهُ سَيِّدُهُ وَالْتَزَمَ الْجِنَايَةَ ثُمَّ أُعْسِرَ وَفِي الْجُلَّابِ إِنْ وُجِدَ الْبَائِعُ مُفْلِسًا وَوَجَدَ الثَّمَرَةَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أُخِذَ مِنْهَا وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ وَقَالَ أَشْهَبُ تُؤْخَذُ الزَّكَاةُ مِنَ الْمُشْتَرِي مُطْلَقًا نَظَرًا لِتَقَدُّمِ حَقِّ الْفُقَرَاءِ النّظر الرَّابِع فِي الْوَاجِب عَلَيْهِ ويتضح برسم فُرُوع سِتَّة الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ مَنِ اكْتَرَى أَرْضَ خَرَاجٍ أَوْ غَيْرَهَا فَعَلَيْهِ الزَّكَاةُ وَقَالَهُ ش وَقَالَ ح الْخَرَاجُ يُسْقِطُ زَكَاةَ الزَّرْعِ ثُمَّ يَحْتَاجُ لِبَيَانِ الْخَرَاجِ وَهُوَ نَوْعَانِ الْأَوَّلُ وَضَعَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى أَرْضِ الْعِرَاقِ لَمَّا فَتَحَهَا عَنْوَةً وَقَسَّمَهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ ثمَّ رأى أَن ينزلُوا عَنْهَا لَيْلًا يَشْتَغِلُوا عَنْهَا بِالْجِهَادِ فَتُخُرِّبَ أَوْ بِهَا عَنِ الْجِهَادِ فَنَزَلَ عَنْهَا بَعْضُهُمْ بِعِوَضٍ وَبَعْضُهُمْ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَضُرِبَ الْخَرَاجُ عَلَيْهَا قَالَ سَنَدٌ هُوَ أُجْرَة عِنْد مَالك وش وأوقفها على الْمُسلمين وَكَذَلِكَ مَنَعَ مَالِكٌ الشُّفْعَةَ فِيهَا وَقِيلَ بَلْ بَاعهَا

مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ بِثَمَنٍ مُقَسَّطٍ يُؤْخَذُ فِي كُلِّ سَنَةٍ وَهُوَ الْخَرَاجُ وَجَازَتِ الْجَهَالَةُ فِيهَا لِكَوْنِهَا مَعَ كَافِرٍ وَلِلضَّرُورَةِ وَالنَّوْعُ الثَّانِي أَنْ يُصَالِحَ بَعْضَ الْكُفَّارِ عَلَى أَرْضِهِمْ بِخَرَاجٍ فَيَكُونُ كَالْجِزْيَةِ فَإِذَا أَسْلَمُوا سَقَطَ خِلَافًا لِ ح بِخِلَاف الأول احْتج بقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يُجْتَمَعُ الْعُشُرُ وَالْخَرَاجُ فِي أَرْضِ مُسْلِمٍ وَلِأَنَّ سَبَبَهَا وَاحِدٌ فَلَا يَجْتَمِعَانِ كَزَكَاةِ السَّوْمِ وَالتِّجَارَة وَالْجَوَاب عَن الأول منع الصِّحَّة سَلَّمْنَاهَا لَكِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الصُّلْحِ فَإِنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ لِسُقُوطِ الْخَرَاجِ وَعَن الثَّانِي الْفرق بَين الْمُسْتَحِقّ لِزَكَاةِ السَّوْمِ وَالتِّجَارَةِ وَاحِدٌ وَهُوَ مَصْرِفُ الزَّكَاةِ فَسَقَطَ الْأَدْنَى الَّذِي هُوَ زَكَاةُ التِّجَارَةِ لكَونهَا مُتَعَلقَة بالقيم فالأعلا الَّذِي هُوَ زَكَاةُ السَّوْمِ لِتَعَلُّقِهَا بِالْعَيْنِ كَاجْتِمَاعِ سببين للميراث يَرث بأقواهما وَهَاهُنَا حَقَّانِ لِمُسْتَحِقِّينَ فَلَا يَسْقُطُ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ الثَّانِي قَالَ سَنَد وَلَو بَاعَ مُسلم أَرضًا لَا خراج عَلَيْهَا من ذمِّي فَلَا خَرَاجَ عَلَى الذِّمِّيِّ وَلَا عُشْرَ عِنْدَ مَالك وش وَقَالَ ح عَلَيْهِ الْخراج لَيْلًا تَخْلُوَ الْأَرْضُ عَنِ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ عَلَيْهِ عُشْرَانِ وَمَنَعَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ صِحَّةَ الْبَيْعِ لِإِفْضَائِهِ إِلَى الْخُلُوِّ لَنَا أَنَّ البيع سَبَب الْخراج فِي غير صُورَة النزاع فَلَا يكون سَببهَا فِيهَا بِالْقِيَاسِ وَيَبْطُلُ قَوْلُهُمْ بِبَيْعِ الْمَاشِيَةِ مِنَ الذِّمِّيِّ الثَّالِثُ مَنِ اكْتَرَى أَرْضًا غَيْرَ خَرَاجِيَّةٍ قَالَ ح الزَّكَاةُ عَلَى صَاحِبِ

الأَرْض دون الزراع لِأَنَّ الْأُجْرَةَ مَنْفَعَةٌ لِلْأَرْضِ قَائِمَةٌ مُقَامَ الزَّرْعِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الزَّكَاةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِعَيْنِ الزَّرْعِ لِاخْتِلَافِهَا بِاخْتِلَافِهِ بِالْكَثْرَةِ وَالْقِلَّةِ وَالْجِنْسِ لِأَنَّهُ قَدْ رَتَّبَ الشَّرْعُ فِي الْكِرَاءِ زَكَاةَ النَّقْدَيْنِ لِأَنَّهُ كِرَاؤُهَا غَالِبًا فَلَا تُزَكَّى مَرَّتَيْنِ وَقَدْ يَسْتَغْرِقُ الْعُشْرُ الْأُجْرَةَ وَيَزِيدُ عَلَيْهَا وَهُوَ مُنْكَرٌ فِي الشَّرْعِ الرَّابِع فِي الْكتاب إِذْ بَاعَ الزَّرْعَ أَخْضَرَ وَاشْتَرَطَ الْمُبْتَاعُ زَكَاتَهُ عَلَى الْبَائِعِ فَهِيَ عَلَى الْمُبْتَاعِ لِحُدُوثِ سَبَبِ الْوُجُوبِ عِنْدَهُ فَإِنْ وَجَبَتْ عَلَى الْبَائِعِ فَاشْتَرَطَهَا عَلَى الْمُبْتَاعِ جَازَ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ يَرْجِعُ إِلَى جُزْءٍ مَعْلُومٍ فَيَكُونُ الْمَبِيعُ مَا سِوَاهُ وَاشْتِرَاطُ الْمُبْتَاعِ فِي الْأَخْضَرِ يَلْزَمُ مِنْهُ بَيْعُ زَرْعٍ بِطَعَامٍ مَجْهُولٍ لِأَنَّ الْعُشْرَ يَكْثُرُ وَيَقِلُّ وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي الثَّمَنِ الْخَامِسُ فِي الْكِتَابِ مَنْ مَنَحَ أرضه صَبيا أَو ذِمِّيا أَو عبدا أَو أكراها فَلَا زَكَاةَ إِلَّا عَلَى الصَّبِيِّ لِقِيَامِ الْمَانِعِ فِيمَا عَدَاهُ خِلَافًا لِ ح فِي الْعَبْدِ وَالذِّمِّيِّ السَّادِسُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَوْصَى بِزَكَاةِ زَرْعِهِ الْأَخْضَرِ أَوْ تَمْرِهِ قَبْلَ إِزْهَائِهِ فَهُوَ وَصِيَّةٌ مِنَ الثُلُثِ غَيْرُ مُبْدَأَةٍ لِأَنَّهَا لَمْ تَلْزَمْ وَلَا تَسْقُطُ الزَّكَاةُ عَنِ الْوَرَثَةِ لِتَجَدُّدِ سَبَبِ الْوُجُوبِ فِي حَقِّهِمْ وَيُعَدُّ مُسْتَثْنًى لِعُشْرِ زَرْعِهِ فَإِنْ كَانَ الْمُوصَى بِهِ نِصَابًا زَكَّاهُ الْمُتَصَدّق وَإِن لم يكن مِسْكِينٍ إِلَّا مُدٌّ لِأَنَّهُمْ كَمَالِكٍ وَاحِدٍ لِعَدَمِ تَعْيِينِهِمْ وَلَا يَرْجِعُ الْمَسَاكِينُ عَلَى الْوَرَثَةِ بِمَا أُخِذَ مِنْهُمْ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ وَيسْتَحق بَعْضُهُ وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْصَى بِجُمْلَةِ الزَّرْعِ فَإِنْ أَوْصَى بِهِ لِمُعَيَّنٍ كَانَ كَأَحَدِ الْوَرَثَةِ وَعَلَيْهِ النَّفَقَةُ مَعَهُمْ لِثُبُوتِ مِلْكِهِ بِالْوَفَاةِ وَالْمَسَاكِينُ لَا يملكُونَ إِلَّا بِالْقَبْضِ بِالنَّفَقَةِ فِي مَالِ الْوَصِيِّ قَالَ سَنَدٌ قَالَ سَحْنُونٌ وَيُفَارِقُ الْوَصِيَّةَ بِالْعُشْرِ الْوَصِيَّةُ بِأَوْسُقٍ مُسْتَثْنَاةٍ لِلْمَسَاكِينِ أَو لمُعين إِن زَكَاتهَا من بَقِيَّة الثَّمر فَإِن الْوَصِيَّة حِينَئِذٍ لما بعد الِاسْتِحْقَاق وَقَالَ ملك فِي الْعرية نَحْو مشَاع أَو معِين زَكَاة عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ وَإِنْ

كَانَ لِمُعَيَّنٍ وَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ بِتَمْرِ حَائِطِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَالسَّقْيُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ وَالْمُؤْنَةُ عَلَى رب الْحَائِط بِخِلَاف الْهِبَة والعمرى قَالَ ابْن الْقَاسِم أَكَابِرُ أَصْحَابِنَا الْعَارِيَةُ مِثْلُ الْوَصِيَّةِ وَقَالَ أَشْهَبُ الزَّكَاةُ فِي الْعَرِيَّةِ وَالْهِبَةِ عَلَى الْمُعْطَى لَهُ إِلَّا أَنْ تُعَرَّى بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ إِنْ كَانَتِ الْعَرِيَّةُ نَخْلًا مُعَيَّنًا مَقْبُوضًا فَزَكَاتُهَا عَلَى حَائِزِهَا إِنْ كَانَتْ نِصَابًا قَالَ سَنَدٌ وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْعَرِيَّةَ إِنْ كَانَتْ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَزَكَاتُهَا عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ وَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ لِأَنَّهَا عَلَى مِلْكِهِ كَمُلَتْ وَإِنْ كَانَتْ لِمُعَيِّنٍ وَهِيَ مَكِيلَةٌ مَعْلُومَةٌ فَعَلَى رَبِّ الْحَائِطِ وَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ لِأَنَّ الْمُعْطَى لَهُ إِنَّمَا يَمْلِكُ بِالْقَبْضِ وَإِنْ كَانَتِ الْعَرِيَّةُ مُعَيَّنٌ لِمُعَيَّنٍ فَعَلَى الْمُعَرِّي عِنْدَ مَالِكٍ بِخِلَافِ الْهِبَةِ لِأَنَّ الْعَرِيَّةَ عِنْدَهُ إِبَاحَةٌ كَطَعَامِ الضَّيْفِ لَا يُمْلَكُ إِنَّمَا بِالتَّنَاوُلِ وَلَا يُورَثُ عَنْهُ إِلَّا مَا أَخَذَهُ مِنْهَا إِلَّا أَنْ يَقْصِدَ التَّمْلِيكَ بِلَفْظِ الْعَرِيَّةِ فَيَكُونُ هِبَةً وَأَلْحَقَ أَشْهَبُ الْعَرِيَّةَ بِالْهِبَةِ بِجَامِعِ التَّبَرُّعِ تَنْبِيهٌ تَقَدَّمَ فِي الْأَمْوَالِ الْمَوْقُوفَةِ أَنَّهُ إِذَا وَقَفَ الْمَاشِيَةَ لِتُفَرَّقَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى وَالدَّنَانِيرَ لَا زَكَاةَ فِيمَا أَتَى عَلَيْهِ الْحول من ذَلِك وَهَاهُنَا قَالَ إِذَا أَوْصَى بِتَمْرِ حَائِطِهِ أَوْ بِزَرْعِهِ زَكَّى مَعَ أَنَّ الْجَمِيعَ أَوْصَى بِهِ لِغَيْرٍ مُعَيَّنٍ وَالْكُلُّ زَكَوِيٌّ وَالْفَرْقُ أَنَّ الثِّمَارَ وَالزَّرْعَ تنشأ على مِلْكِهِ لِأَنَّ رِقَابَ النَّخْلِ لَهُ وَكَذَلِكَ الْأَرْضُ وَمَا نَشَأَ عَلَى مِلْكِهِ فَهُوَ مِلْكُهُ فَيُزَكِّيهِ عَلَى مِلْكِهِ فَهُوَ مِلْكُهُ فَيُزَكِّيهِ عَلَى مِلْكِهِ لِأَنَّ أَصْلَهُ عِنْدَهُ وَفِي مِلْكِهِ وَالْمَاشِيَةُ وَالدَّنَانِيرُ لم يبْق لَهَا اصل عِنْده فَهُوَ مَمْلُوكٌ لَهُ حَتَّى يُقَالَ بَقِيَتْ عَلَى مِلْكِهِ بَلْ لَمَّا أَعْرَضَ عَنْ أَعْيَانِهَا لَمْ يَبْقَ لَهُ فِيهَا مِلْكٌ وَغَيْرُ الْمُعَيَّنِ لَا يَمْلِكُ إِلَّا بِالْقَبْضِ فَلَمْ يَبْقَ مِلْكٌ يُزَكَّى عَلَيْهِ وَالسِّرُّ أَنَّهَا لَيْسَ لَهَا أَصْلٌ عِنْدَهُ بِخِلَافِ الزَّرْع وَالتَّمْر النَّظَرُ الْخَامِسُ فِي صِفَةِ الْإِخْرَاجِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ كُلُّ مَا كَانَ عَلَى سَاقٍ كَالْحِنْطَةِ وَنَحْوِهَا يُؤْخَذُ مِنْ حَبِّهِ وَمَا كَانَ يُعْصَرُ كَالزَّيْتُونِ وَنَحْوِهِ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ يُؤْخَذُ مِنَ الزَّيْتِ إِذَا بَلَغَ الْحَبُّ نِصَابًا يُؤْخَذُ مِنَ الْحَبِّ يُخَيّر

فُرُوعٌ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ لَا يُخْرَصُ إِلَّا التَّمْر وَالْعِنَب للْحَاجة إِلَى أكلهَا رَطْبَيْنِ وَيُخْرَصَانِ إِذَا أُزْهِيَا لَا قَبْلَ ذَلِكَ فَيُخْرَصَانِ رَطْبَيْنِ وَيُسْقَطُ مَا يَنْقُصُ مِنْهَا وَقَالَ ح يمْنَع الْخرص لِأَنَّهُ ممار وَتَخْمِينٌ وَالْمَطْلُوبُ إِنَّمَا هُوَ الْعِلْمُ وَقِيَاسًا عَلَى الْحُبُوبِ لَنَا إِجْمَاعُ الْمَدِينَةِ وَمَا رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن عتاب ابْن أسيد انه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَمَرَ أَنْ يُخْرَصَ الْعِنَبُ كَمَا يُخْرَصُ النَّخْلُ وَتُؤْخَذُ زَكَاتُهُ زَبِيبًا كَمَا تُؤْخَذُ زَكَاةُ النَّخْلِ وَلِأَنَّهُ أَتَمُّ حَالَتِهِ فَأَشْبَهَ يُبْسَ الْحَبِّ وَلِأَنَّهُ لَو أهمل الْكل فَيمْنَع حق الْفُقَرَاء أَو يحْجر عَلَيْهِ فيضق الْحَالُ عَلَى أَرْبَابِهِ وَكِلَاهُمَا مَفْسَدَةٌ فَتُدْفَعُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ كَدَفْعِ الْخُصُومَاتِ بِتَقْوِيمِ الْمُتْلَفَاتِ وَتَقْدِيرِ أُرُوشِ الْجِنَايَاتِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْحُبُوبِ تَوَفُّرُ الدَّعَاوِي على أكملها رَطْبَيْنِ قَالَ سَنَدٌ فَإِنْ كَانَ الْمَوْضِعُ لَا يَأْتِيهِ الخارص واحتيج إِلَى التَّصَرُّف دعى أَهْلَ الْمَعْرِفَةِ وَعَمِلَ عَلَى قَوْلِهِمْ فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُمْ وَكَانَ يَبِيعُ رَطْبًا أَوْ عِنَبًا فِي السُّوقِ وَلَا يَعْرِفُ الْخَرْصَ قَالَ مَالِكٌ يُؤَدِّي مِنْهُ يُرِيدُ أَنَّهُ إِذَا عَلِمَ فِيهِ نِصَابًا وَجَهل مَا زَادَ فَإِنْ عَلِمَ جُمْلَةَ مَا بَاعَ ذكره لأهل الْمعرفَة فحزروه بهَا يكون بمثلة تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا فَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقِ النِّصَابُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا بَاعَ زيتونا لَهُ أَو رطبا لَهُ تمر أَوْ عِنَبًا لَهُ زَبِيبٌ لَزِمَهُ الْإِتْيَانُ بِزَكَاتِهِ زيتا وَتَمْرًا وزبيبا بِخِلَاف إِذَا بَاعَ قَبْلَ تَنَاهِيهِ لِتَعَيُّنِ حَقِّ الْفُقَرَاءِ بالطيب هَاهُنَا قَالَ سَنَدٌ وَصِفَةُ الْخَرْصِ قَالَ مَالِكٌ يَخْرُصُ نَخْلَة مَا فِيهَا رَطْبًا فَإِنْ كَانَ الْحَائِطُ جِنْسًا وَاحِدًا لَا يُخْتَلَفُ فِي الْجَفَافِ جَمَعَ جملَة النخلات وحزركم ينقص حِين تتمر وَإِن كَانَ يخْتَلف الْمَائِيَّةُ وَاللَّحْمُ حَزَرَ كُلَّ وَاحِدٍ عَلَى حِدَتِهِ وَكَذَلِكَ الْعِنَبُ وَيَكُونُ الْخَارِصُ عَدْلًا عَارِفًا وَيَكْفِي الْوَاحِدُ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ حَنْبَلٍ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ

السَّلَام بِعْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ خَارِصًا وَلِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ فَيَكُونُ حَاكِمًا وَالْحُكْمُ يَكْفِي فِيهِ الْوَاحِدُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُقَوِّمِينَ لِأَنَّهُمَا يَرْفَعَانِ إِلَى الْحَاكِمِ وَالْحَكَمَيْنِ فِي الصَّيْدِ لِتَبَعِهِمَا اخْتِيَارَ الْمُقَوِّمِ عَلَيْهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا اخْتَلَفَ الْخُرَّاصُ اتُّبِعَ أَعْلَمُهُمْ فَإِنِ اسْتَوَوْا أُخِذَ مِنْ قَوْلِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مِنْ أَسْهُمِ عَدَدِهِمْ كثلاث مِنْ ثَلَاثَةٍ وَلَا يَتْرُكُ الْخَارِصُ شَيْئًا وَرَوَى يَتْرُكُ الْعَرَايَا وَالْغَلَّةَ وَنَحْوَهُمَا لِأَنَّهَا مَعْرُوفَةٌ وَمَهْمَا أَتْلَفَتِ الْجَائِحَةُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمَالِكِ لِفَوَاتِ الْإِمْكَان وَلَو أتلف الْملك ضمن فَلَو بَاعَ الْجَمِيع غرم الملكية لِأَنَّهُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ وَقِيلَ يُؤْخَذُ مِنْ ثَمَنِهِ لِأَنَّهُ الْمَوْجُودُ بِيَدِ الْغِنَى وَإِذَا تَبَيَّنَ خَطَأَ الْخَارِصِ رَجَعَ إِلَى مَا تَبَيَّنَ إِنْ كَانَ عَارِفًا وَإِلَّا بَنَى عَلَى الْأَوَّلِ وَلَا عِبْرَةَ بِمَا حَصَلَ عِنْدَ الْجِذَاذِ لِاتِّصَالِ حُكْمِ الْحَاكِم بِهِ وَهُوَ ضَعِيف لِأَن الْحَاكِم إذى قطع بخطأه وَجَبَ نَقْضُ حُكْمِهِ وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ وَقِيلَ تَلْزَمُ الزِّيَادَةُ لِكَوْنِ الْخَطَأِ فِيهَا قَطْعِيًّا بِخِلَافِ النَّقْصِ وَإِذَا خَرَصَ خَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهله إِن شاؤا تَصَرَّفُوا وَضَمِنُوا الزَّكَاةَ مِنْ حِينِ الْخَرْصِ أَوْ تَرَكُوا وَلَمْ يَضْمَنُوا وَتُؤْخَذُ الزَّكَاةُ كَمَا وَجَدُوا مِنَ الْخَرْصِ أَوْ خَالَفَهُ إِنْ نَقَصَ عَنِ النِّصَابِ فَلَا زَكَاةَ لِأَنَّ هَذَا هُوَ الْأَصْلُ وَلَا فَرْقَ فِي الْخَرْصِ بَيْنَ مَا يَتْمُرُ أَو يتزبب أَولا قَالَ عبد الْملك يخرص مَا لَا يُثمر وَلَا يَتَزَبَّبُ عَلَى حَالِهِ وَإِذَا احْتِيجَ إِلَى كُلِّ مَا قُلْنَا لَا يُخْرَصُ قَبْلَ كَمَالِهِ فَفِي خَرْصِهِ قَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى عِلَّةِ الْخَرْصِ هَلْ هِيَ حَاجَةُ الْأَكْلِ أَوْ أَوَانُ النَّخْلِ وَالْعِنَب يتمر للعصر بِخِلَاف غَيرهَا قَالَ سَنَدٌ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُوَسَّعُ عَلَيْهِمْ فِي الْخرص يتْرك لَهُم شَيْء من رُؤْس النّخل وََإِذَا قُلْنَا لَا تَلْزَمُ الزِّيَادَةُ فَيُسْتَحَبُّ الْإِخْرَاجُ مِنْهَا وِفَاقًا فَإِنْ كَانَ الْمُتَصَدِّقُ مِنْ أَهْلِ الْجَوْرِ قَوْلُ أَشْهَبَ لَا يُعْتَدُّ بِهِ وَعَلَى قَول اصبع إِن دفع الزَّكَاة لحَاكم الْجور يَجْزِي ويعتد بِهِ هَا هُنَا لِأَنَّهُ ينْفد من أَئِمَّة الْجور مَا ينْفد مِنْ أَئِمَّةِ الْعَدْلِ وَالْجَائِحَةُ تُسْقِطُ الزَّكَاةَ إِذَا نَقَصَتْ عَنِ النِّصَابِ فَلَوْ بَاعَهَا وَهِيَ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ فَأُجِيحَتْ بِأَقَلِّ مِنَ الثُلُثِ فَالزَّكَاةُ بَاقِيَةٌ لِأَخْذِهِ الثَّمَنَ وَإِنْ كَانَتِ الثُلُثَ فَأَكْثَرَ سَقَطَ عَنِ الْمُشْتَرِي وَسَقَطَتِ الزَّكَاةُ عَنْهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِذَا ادَّعَى رَبُّ الْحَائِطِ حَيْفَ الْخَارِصِ وَأَتَى بِخَارِصٍ آخَرَ لَمْ يُوَافَقْ لِأَنَّ الْخَارِصَ حَاكِمٌ وَإِذَا ادَّعَى الْجَائِحَةَ فَعَلَى الْقَوْلِ بِاعْتِبَارِ الْخَرْصِ دُونَ الْكَيْلِ لَا يُقْبَلُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ لثُبُوت الزَّكَاة

بِحُكْمِ الْحَاكِمِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِاعْتِبَارِ الْكَيْلِ إِنْ كَانَ ثَمَّ سَبَبٌ ظَاهِرٌ كَالْجِذَاذِ وَنَحْوِهِ كُلِّفَ الْبَيِّنَةَ لِإِمْكَانِهَا وَإِنْ كَانَ أَمْرًا خَفِيًّا صُدِّقَ بِغَيْر تَبْيِين إِن لم يهتم وَإِلَّا لَمْ يُصَدَّقْ وَإِذَا اتَّهَمَ الْإِمَامُ أَرْبَابَ الزَّيْتُونِ وَالْحَبِّ وَكَّلَ بِحِفْظِهِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ قَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ إِذَا خَرَصَ أَرْبَعَةَ أَوْسُقٍ فَوُجِدَتْ خَمْسَةً أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُخْرِجَ مَحْمُولٌ عَلَى الْوُجُوبِ وَرُوِيَ إِنْ كَانَ عَالِمًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِلَّا زَكَّى وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ يُزَكِّي مُطْلَقًا وَهُوَ الْقِيَاسُ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِذَا كَانَ الْحَائِطُ جِنْسًا أُخِذَ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ دباء أَو أجناسا أَخذ من وَسطهَا لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ الْعُشْرُ وَيُفَارِقُ الْمَاشِيَةَ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْوَاجِبَ فِيهَا قَيْدٌ بِالسِّنِّ فيتقيد بالوسط وَهَاهُنَا أَطْلَقَ فَيُطْلَقُ الثَّانِي أنَّ الْمَاشِيَةَ تُسَاقُ لِلْفُقَرَاءِ فَلَو أَخذ الْأَدْنَى لتعذر سوقه وَهَاهُنَا لَا بُدَّ مِنْ حَمْلِهِ وَرُوِيَ عَنْهُ لَا بُدَّ مِنَ الْوَسَطِ قِيَاسًا عَلَى الْمَاشِيَةِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} الْبَقَرَة 267 وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ جَيِّدًا كُلُّهُ قُبِلَ مِنْهُ الْوَسَطُ وَقَالَ ابْنُ دِينَارٍ إِذَا اجْتَمَعَ صِنْفَانِ أَخَذَ مِنَ الْأَكْثَرِ وَرَوَى أَشْهَبُ إِنْ كَانَتْ ثَلَاثَةً أَخَذَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ بِقِسْطِهِ الثَّالِثُ قَالَ سَنَدٌ قَالَ مَالِكٌ الزَّيْتُونُ الَّذِي لَهُ زَيْتٌ تُؤْخَذُ الزَّكَاةُ مِنْ زَيْتِهِ فَإِنْ لَمْ يَعْصِرْهُ وَأَرَادَ بَيْعَهُ فَرِوَايَتَانِ فِي ثَمَنِهِ وَحَبِّهِ وَكَذَلِكَ مَا يُثمر أَوْ يَتَزَبَّبُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِنَّمَا عَلَيْهِ عُشْرُ حَبِّ الزَّيْتُونِ قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ الْحُبُوبِ وَالْفَرْقُ لِلْمَذْهَبِ أَنَّ الْحُبُوبَ إِنَّمَا تُؤْخَذُ مِنْهَا حَالَة يصلح للإدخار مِنْهَا وَمِثْلُهَا مِنَ الزَّيْتُونِ الزَّيْتُ وَمَا لَا زَيْتَ لَهُ يَتَخَرَّجُ عَلَى الْعِنَبِ وَالرُّطَبِ اللَّذَيْنِ لَا زَبِيبَ وَلَا تَمْرَ لَهَا فِي إِخْرَاجِ الثَّمَنِ أَو الْحبّ والتخيير وَالله أعلم

(الباب الخامس في زكاة النعم)

(الْبَابُ الْخَامِسُ فِي زَكَاةِ النَّعَمِ) وَالْأَصْلُ فِيهَا قَوْله تَعَالَى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} التَّوْبَة 103 وَفِي الْمُوَطَّأِ إِنَّ فِي كِتَابِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِسم الله الرحمان الرَّحِيمِ هَذَا كِتَابُ الصَّدَقَةِ فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الْإِبِلِ فَدُونَهَا الْغَنَمُ فِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ وَفِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ ابْنَةُ مَخَاضٍ فَإِنْ لَمْ تَكُنِ ابْنَةَ مَخَاضٍ فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ وَفِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ ابْنَةُ لَبُونٍ وَفِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلَى سِتِّينَ حِقَّةٌ طَرُوقَةُ الْفَحْلِ وَفِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ جَذَعَةٌ وَفِيمَا فَوْقَ ذَلِك إِلَى تسعين ابْنا لَبُونٍ وَفِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ حِقَّتَانِ طَرُوقَتَا الْفَحْلِ فَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الْإِبِلِ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ ابْنَةُ لَبُونٍ وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ وَفِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ إِذَا بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ شَاةٌ وَفِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلَى مِائَتَيْنِ شَاتَانِ وَفِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلَى ثَلَاثِمِائَةٍ ثَلَاثُ شِيَاهٍ فَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَفِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ وَلَا يُخْرَجُ فِي الصَّدَقَةِ تَيْسٌ وَلَا هَرِمَةَ وَلَا ذَاتُ عَوَارٍ إِلَّا مَا شَاءَ الْمُصَّدِّقُ وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ وَفِي الرِّقَّةِ إِذَا بَلَغَتْ خَمْسَ

أَوَاقٍ رُبُعُ الْعُشْرِ قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ مَعْنَى مَا فِي كِتَابِ عُمَرَ فِي كِتَابٍ كَتَبَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِعُمَّالِهِ فَلَمْ يُخْرِجْهُ حَتَّى قُبِضَ وَعَمِلَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَتَّى قُبِضَ ثُمَّ عُمَرُ حَتَّى قُبِضَ وَلَمْ يَزَلِ الْخُلَفَاءُ يَعْمَلُونَ بِهِ وَفِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَخَذَ مِنْ ثَلَاثِينَ بَقَرَةً تَبِيعًا وَمِنْ أَرْبَعِينَ بَقَرَةً مُسِنَّةً وَأُتِي بِأَدْوَنَ مِنْ ذَلِكَ فَأَبَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا وَقَالَ لَمْ أَسْمَعْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَلِكَ فِيهِ شَيْئًا حَتَّى أَلْقَاهُ فَأَسْأَلَهُ فَتُوُفِّيَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ فَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ سمع مَا أَخذ فَائِدَة يشكل قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ وَالِابْنُ لَا يَكُونُ إِلَّا ذَكَرًا وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الْمَوَارِيثِ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ وَالرَّجُلُ لَا يَكُونُ إِلَّا ذَكَرًا جَوَابُهُ أَنَّهُ أَشَارَ إِلَى السَّبَبِ الَّذِي زِيدَ لِأَجْلِهِ فِي السن فَعدل عَن بنت مَخَاض بنت سَنَةٍ إِلَى ابْنِ اللَّبُونِ ابْنِ سَنَتَيْنِ فَكَأَنَّهُ يَقُول إِنَّمَا زيدت فَضِيلَة السّنة لبعضه وَصْفَ الذُّكُورِيَّةِ وَإِنَّمَا اسْتَحَقَّ الْعَصَبَةُ الْمِيرَاثَ لِوَصْفِ الرجولية الَّتِي تَقِيّ فَضِيلَة السّنة لنقيضة وَصْفَ الذُّكُورِيَّةِ وَإِنَّمَا اسْتَحَقَّ الْعَصَبَةُ الْمِيرَاثَ لِوَصْفِ الرجولية وتختص الزَّكَاة عِنْد مَالك رَحمَه الله وش وح بِبَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ الْإِنْسِيَّةِ خِلَافًا لِابْنِ حَنْبَلٍ فِي بقر الْوَحْشِ لَنَا أَنَّهَا لَا تُجْزِئُ فِي الضَّحَايَا وَالْهَدَايَا فَلَا تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ قِيَاسًا عَلَى الظِّبَاءِ وَلَا تَجِبُ فِي غَيْرِ الْأَنْعَامِ خِلَافًا ل ح وَفِي الْخَيل إِذا كَانَت ذُكُورا وإناثا وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ إِذَا كَانَتْ ذُكُورًا أَوْ إِنَاثًا وَخُيِّرَ رَبُّهَا بَيْنَ إِعْطَاءِ دِينَارٍ عَنْ كُلِّ وَجْهِ فَرَسٍ أَوْ رُبُعِ عُشْرِ قِيمَتِهَا مُحْتَجًّا بقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْخَيْلُ السَّائِمَةُ فِي كُلِّ فَرَسٍ دِينَارٌ وَلِأَنَّهَا تُعَدُّ لِلنَّمَاءِ فَتَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ قِيَاسًا عَلَى الْغنم

وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ مَنْعُ الصِّحَّةِ وَعَنِ الثَّانِي النَّقْضُ بِالْحَمِيرِ وَلِأَنَّهَا لَا تَصْلُحُ لِلضَّحَايَا وَالْهَدَايَا فَتَكُونُ النِّعْمَةُ فِي مَوَاطِنِ الْإِجْمَاعِ أَتَمَّ فَلَا يَلْحَقُ بِهِ صُورَةُ النِّزَاعِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يجب الزَّكَاة فِي الْمُتَوَلد بَين الظباء وَالنعَم وَقَالَهُ ش لِأَنَّهُ يَتَرَكَّبُ مِنْ جِنْسِ مَا لَا يُوجب وَمَا يُوجب فَلَا تجب فِيهِ كَالنَّقْدِ الْمَغْشُوشِ وَيُقَالُ كُلُّ مُتَرَكِّبٍ مِنْ نَوْعَيْنِ مِنَ الْحَيَوَانِ لَا يُعْقِبُ فَيَكُونُ قَاصِرًا عَنْ مَوْضِعِ الْإِجْمَاعِ وَفَرَّقَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ بَيْنَ أَن يكون الْإِنَاث من الْغنم فَتَجِبُ أَوْ مِنْ غَيْرِهَا فَلَا تَجِبُ لِتَبَعِيَّةِ الْأَوْلَاد للأمهات فِي الْملك فتتبعها فِي الزَّكَاةِ وَقِيلَ تَجِبُ مُطْلَقًا نَظَرًا لِحُصُولِ الْمَالِيَّةِ وَالْأَنْعَامُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ الْأَوَّلُ الْغَنَمُ وَيَتَمَهَّدُ فِقْهُهُ بِإِيضَاحِ مَا تُوجَبُ مِنْهُ الزَّكَاةُ وَشُرُوطُ الْوُجُوبِ وَالْوَاجِبُ فِيهِ فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي السَّبَبِ الْمُوجِبِ وَفِيهِ فُرُوعٌ أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ لَا صَدَقَةً فِي الْغَنَمِ إِلَّا فِي أَرْبَعِينَ فَفِيهَا شَاةٌ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَفِي مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ شَاتَانِ إِلَى مِائَتَيْ شَاةٍ وَفِي مِائَتَيْنِ وَشَاةٍ ثَلَاثُ شِيَاهٍ إِلَى ثَلَاثمِائَة فَمَا زَاد فَفِي مل مِائَةٍ شَاةٌ وَقَالَ النَّخَعِيُّ إِذَا بَلَغَتْ ثَلَاثَمِائَةٍ فَفِيهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ إِلَى أَرْبَعِمِائَةٍ فَفِيهَا خَمْسُ شِيَاه لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جَعَلَ الثَّلَاثَمِائَةَ حَدًّا لِلْوَقَصِ وَالْوَقَصُ يَتَعَقَّبُهُ النِّصَابُ وَقَوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَمَا زَادَ فَفِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ يُبْطِلُهُ وَيَنْتَقِضُ مَا ذَكَرَهُ بِالْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ مِنَ الْإِبِلِ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِذَا كَمَّلَ النِّصَابَ بِالْوِلَادَةِ قبل مَجِيء السَّاعِي فَيوم زكا خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ وَاتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى أَنَّ السِّخَالَ تُعَدُّ إِذَا كَانَتِ الْأُمَّهَاتُ نِصَابًا لَنَا مَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ الثَّقَفِيَّ مُصَدِّقًا فَكَانَ يَعُدُّ على النَّاس السخال فَقَالُوا لَهُ

أتعد علينا بالسخال وَلَا يَأْخُذ مِنْهَا شَيْئًا فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نَعَمْ تَعُدُّ عَلَيْهِمْ بِالسَّخْلَةِ يَحْمِلُهَا الرَّاعِي وَلَا تَأْخُذُهَا وَلَا تَأْخُذُ الْأَكُولَةَ وَلَا الرُّبَّى وَلَا الْمَاخِضَ وَلَا فَحْلَ الْغَنَمِ وَتَأْخُذُ الْجَذَعَةَ وَالثَّنِيَّةَ وَذَلِكَ عَدْلٌ بَيْنَ غِذَاءِ الْمَالِ وَخِيَارِهِ فَوَائِدُ الرُّبَّى بِضَمِّ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْبَاءِ مَقْصُورٌ الَّتِي تُرَبِّي وَلَدَهَا وَهِيَ مِنَ الْإِبِلِ عَائِدٌ وَجَمْعُهُ عُودٌ وَجَمْعُ الرُّبَّى رَبَّاتٌ وَمِنْ ذَوَاتِ الْحَوَافِرِ فَرِيشٌ وَجَمْعُهَا فُرْشٌ وَمِنَ الْآدَمِيَّاتِ نُفَسَاءُ وَجَمْعُهَا نِفَاسٌ وَنَفْسَاوَاتٌ وَالْمَاخِضُ الْحَامِلُ وَالْمَخَاضُ وَجَعُ الطَّلْقِ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ} مَرْيَم 23 وَالْأَكُولَةُ شَاةُ اللَّحْمِ الَّتِي تُسَمَّنُ لِتُؤْكَلَ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الَّتِي يكثير أكلهَا والغذا بِالْغَيْنِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَتَيْنِ صِغَارُ السِّخَالِ وَاحِدُهَا غَذِيٌّ وَكَأَنَّهُ مِنَ الْغِذَاءِ لِأَنَّهَا تَغْتَذِي بِلَبَنِ أُمِّهَا وَهِيَ شَدِيدَةُ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عبر بِهِ هَا هُنَا عَنْ ذَوِي الْمَالِ تَحَرُّزًا وَيُؤَكِّدُ ذَلِكَ مُقَابَلَتُهُ بِهَذِهِ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ تُؤْخَذُ الصَّدَقَةُ مِنَ الْغَنَمِ الْمَعْلُوفَةِ وَالسَّائِمَةِ وَكَذَلِكَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ خِلَافًا لِ ش وح فِي الْمَعْلُوفَةِ وَالْعَوَامِلِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَعْلُوفَةً محتجين بِمَفْهُوم قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ إِذَا بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ إِلَى عشْرين وَمِائَة شَاة وَقَوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي كُلِّ سَائِمَةِ إِبِلٍ فِي أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ فَخَصَّ ذَلِكَ بِالسَّائِمَةِ وَهِيَ الَّتِي لَا تُعْلَفُ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمَفْهُومَ إِنْ قُلْنَا إِنَّهُ حُجَّةً فَالْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ لَا يَكُونُ حُجَّةً وَغَالِبُ الْأَنْعَامِ الْيَوْمَ لَا سِيَّمَا فِي الْحِجَازِ فَلَا يَكُونُ حُجَّةً سَلَّمْنَا سَلَامَتَهُ عَنْ مَعَارِضِ الْغَلَبَةِ لَكِنَّ الْمَنْطُوقَ مقدم عَلَيْهِ إِجْمَاعًا وَهُوَ معنى قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي كل أَرْبَعِينَ شَاة شَاة وَقَوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ فَدُونَهَا الْغَنَمُ فِي كُلِّ خمس

شَاةٌ وَهُوَ عَامٌّ بِمَنْطُوقِهِ وَيُؤَكِّدُهُ أَنَّ الزَّكَاةَ إِنَّمَا وَجَبت فِي الْأَمْوَال النامية شكرا النِّعْمَة النَّمَاءِ فِي الْأَمْوَالِ وَالْعَلَفُ يُضَاعِفُ الْجَسَدَ وَالْعَمَلُ يُضَاعِفُ الْمَنَافِعَ فَيَكُونُ هَذَا مِنْ بَابِ مَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ لَا مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ فَثَبَتَ الْحُكْمُ فِي صُورَةِ النِّزَاعِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَانْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَن كَثْرَة الْمُؤْنَة لَا يُؤثر فِي اسقاط الزَّكَاة بل فِي تنقيصها كالشيح وَالنَّفْحِ وَالْمَعْدِنِ مَعَ الرِّكَازِ الرَّابِعُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ تُضَمُّ أَصْنَافُ النَّوْعِ الْوَاحِدِ من الْمَاشِيَة فيضم الضَّأْن إِلَى الْمعز والجوامس إِلَى الْبَقَرِ وَالْبُخْتُ إِلَى الْعِرَابِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِصِدْقِ الِاسْمِ فِي الْجَمِيعِ وَتَقَارُبِ الْمَنْفَعَةِ كَمَا جُمِعَتْ أَنْوَاعُ الثِّمَارِ وَالذَّهَبِ مَعَ الْفِضَّةِ الْفَصْلُ الثَّانِي فِي شُرُوطِ الْوُجُوبِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي النَّقْدَيْنِ شُرُوطُ الزَّكَاةِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ وَكَذَلِكَ موانعها وَإِنَّمَا يَقع الْبَحْث هَاهُنَا عَنِ الشُّرُوطِ الْخَاصَّةِ بِهَذَا الْبَابِ أَوْ مَا تَدْعُو الْحَاجة إِلَه وَهِيَ ثَلَاثَةٌ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ الْحَوْلُ وَقَدْ تَقَدَّمَ اشتقاقه وَفِيه أَرْبَعَة فروع الأول الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَبْدَلَ مَاشِيَةً بِجِنْسِهَا بَنَى عَلَى حَوْلِهَا إِلَّا أَنْ تَنْقُصَ الثانيةُ عَنِ النِّصَابِ وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِهَا لَمْ يَبْنِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فَارًّا فليأخذ السَّاعِي مِنْهُ زَكَاةَ مَا أَعْطَى وَإِنْ كَانَتْ زَكَاةُ الَّذِي أَخَذَ أَفْضَلَ قَالَ سَنَدٌ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ يَبْنِي فِي غَيْرِ الْجِنْسِ سَدًّا لِذَرِيعَةِ الْفِرَارِ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ بِرِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمنع ش وح الْبِنَاءَ فِي الْجِنْسِ وَغَيْرِهِ فِي النَّقْدَيْنِ وَالْمَوَاشِي تمهيد لما قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ قَالَ ش الْمَالُ الْأَوَّلُ لَمْ يَحُلْ عَلَيْهِ الْحَوْلُ فَلَا زَكَاةَ وَلِأَنَّهُمَا لَا يُلَفِّقُهُ النّصاب مِنْهُمَا

فَلَا يَقُومُ أَحَدُهُمَا مَقَامَ الْآخَرِ قُلْنَا الْحَدِيثُ مَعْنَاهُ أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَشَارَ إِلَى الْجَمِيعِ بِوَصْفِ الْمَالِيَّةِ فَقَالَ لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ وَلَمْ يَقُلْ فِي بَقَرٍ أَوْ غَنَمٍ فَاعْتَبَرَ مَا هُوَ مَالٌ الَّذِي هُوَ مَعْنًى مُشْتَرَكٌ وَأَعْرَضَ عَنِ الْخُصُوصِيَّاتِ وَلَقَدْ أَدْرَكَ ح هَذَا الْمَعْنَى وَبَالَغَ فِيهِ حَتَّى جَمَعَ النِّصَابَ مِنَ النَّقْدَيْنِ بِالْقَيِّمَةِ لَكِنَّهُ وَرَدَ عَلَيْهِ بَعْضَ النِّصَابِ الَّذِي قِيمَتُهُ نِصَابٌ مِنْ غَيْرِ صِنْفِهِ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ إِجْمَاعًا فَلَا يَسْتَقِلُّ اعْتِبَارُ الْمَالِيَّةِ كَيْفَ كَانَتْ وَأَعْرَضَ ش عَنْ هَذَا الْمَعْنَى إِعْرَاضًا كُلِّيًّا اعْتِمَادًا عَلَى ظواهر الْأَلْفَاظِ إِنْ سُلِّمَتْ لَهُ وَتَوَسَّطَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ بَيْنَ الْمَوْقِفَيْنِ طَرِيقَةً مُثْلَى فَأَنْزَلَ النَّقْدَيْنِ مَنْزِلَةَ الْمَوَاشِي لِأَنَّهَا أُصُولُ الْأَمْوَالِ وَالْجِنْسُ مَنْزِلَةُ جنسه لحُصُول التَّمَاثُل والتقارب بِخِلَافِ غَيْرِ الْجِنْسِ لِفَرْطِ التَّبَايُنِ قَالَ سَنَدٌ وَإِذا فرعنا عِلّة الْبِنَاءِ فِي غَيْرِ الْجِنْسِ فَزَكَّى زَرْعًا ثُمَّ ابْتَاعَ بِهِ غَنَمًا بَعْدَ شَهْرٍ فَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَبْنِي لِأَنَّ الْأَوَّلَ مِنَ الْأَمْوَالِ الْحَوْلِيَّةِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَبْنِي كَغَيْرِ الْجِنْسِ مِنَ الْمَاشِيَةِ عَلَيْهَا فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ فَسَوَاءٌ بَاعَ مَاشِيَةً بِمَاشِيَةٍ أَوْ بِثَمَنٍ وَأَخَذَ فِيهِ خِلَافَهَا وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ فَإِنْ أَخَذَ بِالثَّمَنِ مِنْ جِنْسِ مَا بَاعَ اسْتقْبل حولا عِنْد مَالك بِبَقَاء التُّهْمَةِ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ عَدَمُ الْبِنَاءِ فِي الْجِنْسِ وَغَيْرِهِ وَإِذَا قُلْنَا بِالْبِنَاءِ فِي غَيْرِ الْجِنْسِ فَيُخَيَّرُ السَّاعِي فِيهِمَا وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا أَبْدَلَ مَا دُونَ النِّصَابِ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ وَلَيْسَتْ لِلتِّجَارَةِ انْقَطَعَ الْحَوْلُ وَإِذَا أبدل الْمَاشِيَة بِغَيْر جِنْسهَا فعلى القَوْل الْبناء لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الثَّانِي نِصَابًا وَلَوْ كَانَتِ الْأُولَى دُونَ النِّصَابِ لَاخْتُلِفَ فِي الْبِنَاءِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ وَلَوْ تَخَلَّلَ بَيْنَ الْمَاشِيَتَيْنِ عين وَلم تكن الأولى للتِّجَارَة واستقبل بِالثانيةِ حَوْلًا فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرَوَى مُطَرِّفٌ الْبِنَاءَ عَلَى الْأَوَّلِ وَأَمَّا الْفَارُّ فَيَبْنِي على كل حَال وَلَو استهلكت مَاشِيَة فَأَخَذَ بَدَلًا عَنِ الْقِيمَةِ مَاشِيَةً فَفِي جَعْلِهِ من

بَدَلِ الْمَاشِيَةِ بِالْمَاشِيَةِ أَوْ بَابِ تَخَلُّلِ الْعَيْنِ قَوْلَانِ سَبَبُهُمَا أَنَّ مَنْ خُيِّرَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ فَاخْتَارَ أَحَدَهُمَا هَلْ يُعَدُّ كَالْمُنْتَقِلِ أَمْ لَا وَفِي هَذِهِ الْقَاعِدَةِ لِلْأَصْحَابِ قَوْلَانِ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِذَا أَفَادَ مَاشِيَةً ثُمَّ أَفَادَ مِنْ جِنْسِهَا ضَمَّهُ إِلَيْهَا خِلَافًا لِ ش قَبْلَ الْحَوْلِ أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ قُدُومِ السَّاعِي إِنْ كَانَتِ الْأَوْلَى نِصَابًا بِنَفْسِهَا وَإِلَّا اسْتَقْبَلَ بِالْجَمِيعِ حَوْلًا مِنْ يَوْمِ أَفَادَ الثانيةَ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ فَكُلٌّ عَلَى حَوْلِهِ إِجْمَاعًا لَنَا فِي الْجِنْسِ عَلَى ش أَنَّ الْجِنْسَ يُضَمُّ إِلَى جِنْسِهِ فِي النِّصَابِ الَّذِي هُوَ السَّبَبُ فَأَوْلَى أَنْ يُضَمَّ فِي الْحَوْلِ الَّذِي هُوَ شَرْطٌ وَوَافَقَنَا ح قَالَ سَنَدٌ وَلَا فَرْقَ فِي الضَّمِّ بَيْنَ مَوْضِعٍ فِيهِ سُعَاةٌ أَمْ لَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَاشِيَةِ فِي ضَمِّ الثانيةِ إِلَى الْأَوْلَى بِخِلَافِ النَّقْدَيْنِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنَّ النِّصَابَ يَتَغَيَّرُ بِضَمِّ الثانيةِ وَيَتَغَيَّرُ الصِّنْفُ الْمَأْخُوذُ فِي جِنْسِهِ كَالِانْتِقَالِ مِنَ الْغَنَمِ فِي الْإِبِلِ إِلَى بِنْتِ مَخَاضٍ فِي سَنَةٍ كَالِانْتِقَالِ إِلَى بِنْتِ لَبُونٍ عَنْ بِنْتِ مَخَاضٍ بِخِلَافِ الْعَيْنِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَثَانِيهَا أَنَّ الْمَاشِيَةَ لَهَا أَوَقَاصٌ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ فَجَازَ أَنْ يَكُونَ الضَّمُّ فِيهَا وَثَالِثُهَا تَكَلُّفُ السُّعَاةِ بِسَبَبِ تَعَدُّدِ الْأَحْوَال إِذا لم تضم الثَّانِيَة بِخِلَافِ النَّقْدَيْنِ وَلَوْ كَانَتِ الْمَاشِيَةُ الْأُولَى نِصَابًا فَنَقَصَتْ قَبْلَ حَوْلِهَا ضَمَّهَا إِلَى الثانيةِ وَلَوْ زَكَّاهَا غَيْرُهُ ثُمَّ بَاعَهَا لَهُ ضَمَّهَا وَزَكَّاهَا السَّاعِي وَكَذَلِكَ لَوْ وَرِثُوهَا بَعْدَ التَّزْكِيَةِ الثَّالِثُ إِذَا بَاعَ دُونَ النِّصَابِ مِنَ الْمَاشِيَةِ بَعْدَ الْحَوْلِ لَمْ يَزِدِ الثَّمَنُ لِأَنَّ الْأَصْلَ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لِلتِّجَارَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي التِّجَارَةِ قَالَ سَنَدٌ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ يُزَكِّي ثَمَنَ دُونِ النِّصَابِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَبْدَلَهُ بِنِصَابٍ مِنْ جِنْسِهِ أَوْ غَيْرِ جِنْسِهِ كَالذَّهَبِ مَعَ الْفِضَّةِ وَالرِّبْحِ مَعَ الْأَصْلِ الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ إِذَا غُصِبَتِ الْمَاشِيَةُ فَرُدَّتْ بَعْدَ أَعْوَامٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُزَكِّي لِعَامٍ وَاحِدٍ وَقَالَ أَيْضًا لِكُلِّ عَامٍ إِلَّا أَن تكون السعاة زكتها فتجزئه كَمَا لَوْ كَانَتْ نَخَلَاتٍ قَالَ سَنَدٌ قِيلَ اخْتِلَاف قَول ابْن الْقَاسِم على الْخِلَافِ فِي رَدِّ الْغَلَّاتِ فَإِذَا قُلْنَا لَا يردهَا

الغاضب لَا يُزَكِّيهَا لِعَدَمِ انْتِفَاعِ رَبِّهَا بِهَا وَيَجْرِي فيا الْخِلَافُ الَّذِي فِي الْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ قَالَ سَنَدٌ فَهَذَا فِيهِ نظر لِأَن أَوْلَادهَا ترد مَعهَا وَهُوَ يَا ثل عدم تزكيتها تزكي لخروجها على يَده وتصرفه فتزكى على لِعَامٍ وَاحِدٍ كَعُرُوضِ التِّجَارَةِ وَوَجْهُ التَّزْكِيَةِ لِكُلِّ عَامٍ تَعَلُّقُ الزَّكَاةِ بِعَيْنِهَا كَمَا لَوْ كَانَتْ نَخْلَة وسرقت ثمارها وَالْفرق بَينهَا وَبَيْنَ الْمَاشِيَةِ يَأْخُذُهَا الْعَدُوُّ ثُمَّ تَقَعُ فِي الْمغنم تزكّى لعام وَاحِد حُصُول شبه المك لِلْعَدو وَلِأَنَّهُ لَو أسلم تثبتت لَهُ فَلَو ظلت لَهُ الْمَاشِيَةُ مِنْ غَيْرِ غَصْبٍ ثُمَّ وُجِدَتْ بَعْدَ أَعْوَامٍ زَكَّاهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِمَاضِي السِّنِينَ وَالْفَرْقُ أَنَّهَا مَضْمُونَةٌ فِي الْغَصْبِ وَالْمَنَافِعِ فِي للْغَاصِب وَذَلِكَ يشبه الْملك فَإِذا قُلْنَا تزكي لِكُلِّ عَامٍ فَلَا يَضْمَنُ الْغَاصِبُ مَا أَخَذَهُ السعاة وَإِن أَخَذُوا مِنْ عَيْنِهَا فَإِنْ أَعْطَى الْغَاصِبُ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ كَانَتْ خَمْسًا مِنَ الْإِبِلِ فَإِنْ قُلْنَا بِالْإِجْزَاءِ لَمْ يَضْمَنْ وَإِلَّا ضَمِنَ وَحَيْثُ قُلْنَا بِالْإِجْزَاءِ فَلَا يَضُرُّ عَدَمُ نِيَّتِهِ كَمَا لَوِ امْتَنَعَ فَإِذَا أَخْلَطَهَا الْغَاصِبُ بِغَيْرِهَا لَمْ يُزَكِّ زَكَاةَ الْخُلَطَاءِ لِعَدَمِ رِضَا رَبِّهَا بِذَلِكَ كَمَا لَو خلط الراعاء الْمَوَاشِي بِغَيْرِ رِضَا أَرْبَابِهَا وَإِذَا رَدَّهَا الْغَاصِبُ وَلَمْ يَكُنِ السَّاعِي يَمُرُّ بِهَا زَكَّاهَا لِمَا مَضَى عَلَى مَا يَجِدُهَا إِلَّا مَا نَقَصَتْهُ الزَّكَاةُ كَالَّذِي يَغِيبُ عَنْهُ السَّاعِي لَا كَالْفَارِّ وَلِأَن رَبهَا لم يكن معتديا فَإِنْ غَصَبَ بَعْضَ الْمَاشِيَةِ وَبَقِيَ فِي يَدِهِ دُونَ النِّصَابِ فَلَا يُزَكِّيهِ السَّاعِي فَإِذَا عَادَتْ زَكَّى الْجَمِيعَ لِمَاضِي السِّنِينَ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِتَزْكِيَةِ الْمَغْصُوبِ لِعَامٍ وَاحِدٍ يُزَكِّي الْجَمِيعَ لِعَامٍ وَاحِدٍ فَلَوْ غُصِبَ لَهُ أَرْبَعُونَ مِنْ ثَمَانِينَ ضِمْنَ الْغَاصِبُ مَا يُؤْخَذُ مِنْهَا لِأَنَّهَا وَقَصٌ دُونَ السَّاعِي لِأَنَّهُ حَاكِمٌ مَعْذُورٌ فَلَوْ رُدَّتِ الْمَاشِيَةُ بِالْعَيْبِ قَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي اسْتَقْبَلَ الْبَائِعُ حَوْلًا لِانْقِطَاعِ مِلْكِهِ فَإِنْ زَكَّاهَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ رَدَّهَا لَمْ يَضْمَنْ كَالْغَاصِبِ قَالَهُ سَحْنُونٌ قَالَ سَنَدٌ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ ثَوَابَ الزَّكَاة لَهُ خلاف الْغَاصِب

الشَّرْطُ الثَّانِي مَجِيءُ السَّاعِي وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ عَلَى أَنَّهُ شَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ لَا فِي الضَّمَانِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَغَيْرُهُ مِنْ أَئِمَّتنَا وش هُوَ مِنْ شُرُوطِ الْوُجُوبِ وَعِنْدَ ح هُوَ مِنْ شُرُوطِ الضَّمَانِ فَقَطْ وَهُوَ حَقِيقَةُ الْمَذْهَبِ نقُوله فِي الْكِتَابِ إِذَا بَاعَ مَاشِيَتَهُ بَعْدَ الْحَوْلِ قَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي لَا أَرَى عَلَيْهِ الشَّاةَ الَّتِي كَانَتْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فَارًّا فَعَلَيْهِ الشَّاةُ الَّتِي كَانَتْ وَجَبَتْ فَجَعَلَهَا وَاجِبَةً فِي الصُّورَتَيْنِ قَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي وَلِهَذَا لَو غَابَ سنتَيْن ثُمَّ جَاءَ أَخَذَ لِمَاضِي السِّنِينَ فَحَقِيقَةُ الْوُجُوبِ تترتب على النّصاب والحول واستمراره وَيكون السَّاعِي كالخلطة يُخَفف تَارَة ويثقل أُخْرَى قَالَ صَاحب الْجَوَاهِر وَالْمَشْهُور لِمَجِيءِ السَّاعِي وَلَا يَمْنَعُ الْمَالِكَ مِنَ التَّصَرُّفِ الْمُبَاح أَنه شَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ لِأَنَّ الْأَئِمَّةَ لَمَّا امْتَنَعُوا مِنْ بَعْثِ السُّعَاةِ سِتَّ سِنِينَ وَانْقَضَتْ بَعَثُوا السُّعَاةَ فَزَكَّوْا مَا وَجَدُوا عَلَى حَالِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فُرُوعٌ عَشَرَةٌ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةُ أَن بيعث السُّعَاةَ طُلُوعَ الثُّرَيَّا اسْتِقْبَالَ الصَّيْفِ وَقَالَ ش يَخْرُجُونَ قَبْلَ الْمُحَرَّمِ لِتَحْصِيلِ الصَّدَقَةِ فَيَأْخُذُ الْفُقَرَاءُ أَوَّلَ الْحَوْلِ مَا يَكْفِيهِمْ لِتَمَامِ الْحَوْلِ وَلِقَوْلِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هَذَا شَهْرُ زَكَاتِكُمْ وَلِأَنَّ رَبْطَهُ بِالثُّرَيَّا يُؤَدِّي إِلَى زِيَادَةٍ فِي الْحَوْلِ لِزِيَادَةِ السَّنَةِ الشَّمْسِيَّةِ عَلَى الْقَمَرِيَّةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمَقْصُودَ سَدُّ الْخَلَّةِ وَهُوَ لَا يخْتَلف عَن الثَّانِي أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى النَّقْدَيْنِ فَإِنَّ الدَّيْنَ مُخْتَصّ إِسْقَاطُهُ بِهِمَا وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ ذَلِكَ مُغْتَفَرٌ لِأَجْلِ أَنَّ الْمَاشِيَةَ فِي زَمَنِ الشِّتَاءِ تَكْتَفِي بِالْحَشِيشِ عَنِ الْمَاءِ فَإِذَا أَقْبَلَ الصَّيْفُ اجْتَمَعَتْ عِنْدَ الْمِيَاهِ فَلَا يَتَكَلَّفُ السُّعَاةُ كَثْرَةَ الْحَرَكَةِ وَلِأَنَّهُ عمل الْمَدِينَة قَالَ سَنَد يخرجُون لِلزَّرْعِ وَالثِّمَارِ عِنْدَ كَمَالِهَا قَالَ مَالِكٌ وَعَلَى السعاة أَن يَأْتُوا أَرْبَاب الْمَاشِيَة وَلَا يبعثون إِلَيْهِمْ فَإِنْ كَانُوا بَعِيدِينَ عَنِ الْمِيَاهِ قَالَ مَالِكٌ يَحْمِلُونَ مَا عَلَيْهِمْ إِلَى الْمَدِينَةِ أَوْ يُنْفِقُونَ عَلَى الْقِيمَةِ لِلضَّرُورَةِ إِذَا لَمْ يَكُنْ بموضعهم مُسْتَحقّ

وَلَا يجِبُ عَلَى السَّاعِي الدُّعَاءُ لِمَنْ أَخَذَ مِنْهُ الصَّدَقَةَ خِلَافًا لِدَاوُدَ وَاسْتَحَبَّهُ ش لِقَوْلِهِ تَعَالَى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بل وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} التَّوْبَة 103 أَيِ ادْعُ لَهُمْ لَنَا أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَالْخُلَفَاء لم يَكُونُوا يأمرون بل ذَلِك السعاة بل ذَلِك خَاص بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لقَوْله تَعَالَى {إِن صلواتك سَكَنٌ لَهُمْ} التَّوْبَة 104 فَهَذَا سَبَبُ الْأَمْرِ بِذَلِكَ الثَّانِي فِي الْكتاب إِذا استهلكت غنمه بعد الْحول قَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي وَهِيَ أَرْبَعُونَ فَأَخَذَ قِيمَتَهَا دَرَاهِمَ زَكَّاهَا مَكَانَهَا لِأَنَّ حَوْلَهَا قَدْ تَقَدَّمَ وَإِنْ أَخَذَ بِالْقِيمَةِ إِبِلًا أَوْ بَقَرًا اسْتَقْبَلَ الْحَوْلَ وَإِنْ أَخَذَ غَنَمًا فِي مِثْلِهَا الزَّكَاةُ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ أَيْضًا أَنَّ عَلَيْهِ الزَّكَاةَ كَالْمُبَادَلَةِ فَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ سَنَدٌ إِنْ كَانَ مُدِيرًا ضَمَّ الثَّمَنَ إِلَى مَالِ الْإِدَارَةِ الَّذِي كَانَ ثمن الْغنم مِنْهُ ويزكي عَلَى حَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ مُحْتَكِرًا زَكَّى الْقِيمَةَ فَإِن كَانَ الْغَنَمُ لِلْإِدَارَةِ وَأَخَذَ بِالْقِيمَةِ عَرْضًا فَلَا زَكَاةَ وَكَذَلِكَ الْبَيْعُ وَإِنْ أَخَذَ فِي قِيمَتِهَا مَاشِيَةً مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا دُونَ النِّصَابِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَوْ نِصَابًا فَيُخْتَلَفُ فِيهِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ إِذَا كَانَتْ أَعْيَانُ الْغَنَمِ قَائِمَةً لَمْ تَفُتْ بِمَا أُخِذَتْ فِيهَا إِذْ لَهُ نرك الْقِيمَةِ أَمَّا لَوْ تَلِفَتْ أَعْيَانُهَا لَمْ يَجُزْ خلاف لتعذر أَخذ الْغنم الْآن وَأخذ غَيْرُهَا مَالٌ حَادِثٌ يُسْتَقْبَلُ بِهِ حَوْلًا وَلَوْ لَمْ يَثْبُتِ الِاسْتِهْلَاكُ لَزَكَّاهَا وَوَافَقَهُ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَزَادَ لَوْ كَانَتْ قَائِمَةً بِيَدِ الْغَاصِبِ لَمْ تَفُتْ بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْفَوْتِ لَزَكَّاهَا عَلَى حول الأولى لإتمامه بِبيع غنم بِغَنَمٍ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ مَنْ وَرِثَ غَنَمًا أَو اشْتَرَاهَا للْقنية ثمَّ بَاعهَا بعد الْحول قَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي اسْتَقْبَلَ بِالثَّمَنِ حَوْلًا بَعْدَ الْقَبْض إِلَّا أَن يَبِيعهَا فِرَارًا فلتلزمه زَكَاةُ الْمَاشِيَةِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ يُزَكِّي الثَّمَنَ الْآنَ لِأَنَّ الْعَيْنَ أَصْلُ سَائِرِ الْمَمْلُوكَاتِ وَلَا يَكُونُ لَهَا مَالِيَّةٌ إِلَّا بِهَا فَإِذَا أَبْدَلَهَا بِأَصْلِهَا بَقِيَتْ عَلَى حُكْمِ الزَّكَاةِ وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ الْقِنْيَةَ تُبْطِلُ حُكْمَ النَّقْدَيْنِ فَيُسْتَقْبَلُ الْحول قَالَ

سَنَد أما الفار بِالْبيعِ فآثم وَلَا تسْقط زَكَاته أَن ذَلِكَ بَعْدَ الْحَوْلِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ يُزَكِّي الثَّمَنَ وَتَسْقُطُ الزَّكَاةُ مِنَ الْمَاشِيَةِ أَمَّا قَبْلَ الْحول فَمَا تقوى فِيهِ التُّهْمَة فَقَالَ مَالك وَابْن حَنْبَل يُؤْخَذ بِزَكَاة مَا بَاعَ مُعَاقَبَةً لَهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ كَالْمِيرَاثِ وَقَالَ ش لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْحَوْلَ شَرْطٌ وَإِنْ بَاعَ غَيْرَ فَارٍّ صَحَّ الْبَيْعُ عِنْد مَالك وح وَابْنِ حَنْبَلٍ خِلَافًا لِ ش مُحْتَجًّا بِأَنَّ الزَّكَاة أَن تعلّقت بالمعين بَطل البيع لتفريق الصَّدَقَة أَوْ بِالذِّمَّةِ فَمَا يُقَابِلُهَا مِنَ الْمَاشِيَةِ رَهْنٌ بِهَا وَبَيْعُ الرَّهْنِ لَا يَجُوزُ وَجَوَابُهُ أَنَّ تَعَلُّقَهَا بِالْعَيْنِ تَعَلُّقُ الْجِنَايَةِ بِالْعَبْدِ الْجَانِي وَهُوَ يَجُوزُ بَيْعُهُ أَوْ تَعَلُّقُ الدَّيْنِ بِالتَّزْكِيَةِ وَبَيْعُ الْوَارِثِ جَائِزٌ فَلَوْ بَاعَ بِثَمَنٍ ثُمَّ اسْتَقَالَ اسْتَقْبَلَ بِالثَّمَنِ حَوْلًا عَلَى ظَاهِرِ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لِأَنَّ الْمِلْكَ انْقَطَعَ ثُمَّ رَجَعَ فَلَوْ غَابَ السَّاعِي سِنِينَ فَبَاعَهَا قَبْلَ مَجِيئِهِ زَكَّى الثَّمَنَ مَكَانَهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لعام وَاحِد نظرا لِأَن لَهُ أصل وَلَمْ يَقْبِضْهُ إِلَّا الْآنَ وَعِنْدَ ابْنِ الْمَوَّازِ لجَمِيع السِّنِينَ لِأَنَّ السَّاعِيَ لَيْسَ شَرْطًا فِي الْوُجُوبِ وَعِنْدَ أَشْهَبَ يَسْتَقْبِلُ حَوْلًا لِأَنَّ الْبَيْعَ قَطَعَ حكمهَا فَإِن كَانَ لِلتِّجَارَةِ قَالَ أَشْهَبُ يُزَكِّيهَا لِعَامٍ وَاحِدٍ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ الْوُجُوبِ لِعَدَمِ مَجِيءِ السَّاعِي وَعُرُوضُ التِّجَارَةِ إِذَا بِيعَتْ زُكِّيَتْ لِعَامٍ وَاحِدٍ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إِنْ كَانَتْ يَوْمَ الْبَيْعِ أَرْبَعًا وَأَرْبَعِينَ فَأَكْثَرَ وَالثَّمَنُ عِشْرُونَ دِينَارًا زَكَّى الثَّمَنَ لِكُلِّ سنة ربع عشر إِلَّا مَا نقصته الزَّكَاة نظرا لأصليته فِي الْأَمْوَالِ فَإِنْ كَانَتْ ثَلَاثًا وَأَرْبَعِينَ زَكَّى لأَرْبَع سِنِين أَو لاثْنَيْنِ وَأَرْبَعين فلثلاث

سِنِينَ إِلَّا أَنْ يَنْقُصَ الثَّمَنُ عَنْ عِشْرِينَ نظرا لعط اشْتِرَاطِ السَّاعِي وَالْوَاجِبُ شَاةٌ وَهُوَ رُبُعُ الْعُشُرِ فَإِنْ بَاعَ قَبْلَ الْحَوْلِ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ بِعشْرين دِينَارا أَو بقيت سِتَّة وَأَرْبَعين قَالَ مَالِكٌ إِنْ كَانَتْ لِلتِّجَارَةِ زَكَّى الْعِشْرِينَ لِحَوْلِ مَا ابْتَاعَهَا بِهِ وَيُزَكِّي رِقَابَ الْمَاشِيَةِ لِحَوْلِ شِرَائِهَا الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ مَا نَقَصَ مِنَ الْمَاشِيَةِ بَعْدَ نُزُولِ السَّاعِي وَقَبْلَ الْعُدَّةِ لَا يتَغَيَّر بِهِ وَيعْتَبر بِسَبَبِهِ الْوَاجِبُ لِأَنَّ التَّمَكُّنَ مِنَ الْأَدَاءِ إِنَّمَا يَحْصُلُ بِالْعَدَدِ وَمَا هَلَكَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ لَا يعْتد بِهِ وَقَالَ سَنَد وَكَذَلِكَ إِذا ولدت قبل عدنها وَهَلْ يَسْتَقِرُّ الْوُجُوبُ بَعْدَهُ وَمُحَاسَبَتُهُ أَوْ حَتَّى يُعَيِّنَ الزَّكَاةَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا سَأَلَهُ فَأَخْبَرَهُ بِمِائَتَيْ شَاةٍ فَقَالَ غَدًا نَأْخُذُ مِنْهَا شَاتَيْنِ فَولدت وَاحِدَة أَو كَانَت مِائَتَيْنِ وَشَاةً فَمَاتَتْ وَاحِدَةٌ تَغَيَّرَ الْوَاجِبُ وَزَكَّى عِدَّةَ مَا يَجِدُ غَدًا وَتَصْدِيقُهُ لَهُ وَعَدُّهُ سَوَاءٌ وَقِيلَ يَسْتَقِرُّ الْوُجُوبُ بِالْعَدَدِ وَالْمُحَاسَبَةِ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ أَنَّ السَّاعِيَ حَاكِمٌ وَحُكْمُهُ تَعْيِينُهُ لِلْوَاجِبِ أَوْ عَدُّهُ حُكْمٌ وَتَعْيِينُهُ تَنْفِيذٌ فَلَوْ كَانَ الْوَاجِبُ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ كَالْغَنَمِ فِي الْإِبِلِ تَعَيَّنَ الْوَاجِبُ وَإِنْ هَلَكَ بَعْضُ الْوَاجِبِ فِيهِ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ مِنَ الْغَدِ وَقَالَهُ ش لِتَعَلُّقِ الْوُجُوبِ فِي غَيْرِ الْجِنْسِ بِالذِّمَّةِ لَا بِالْعَيْنِ بِخِلَافِ الْجِنْسِ وَلَوْ مَرَّ بِهِ فَوَجَدَ غَنَمَهُ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ فَجَاوَزَهُ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ وَقَدْ صَارَتْ أَرْبَعِينَ قَالَ مَالِكٌ لَا يُزَكِّيهَا لِأَنَّ السُّنَّةَ أَنَّ السَّاعِيَ لَا يَمُرُّ فِي الْعَامِ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُزَكِّيهَا لِكَمَالِ السَّبَبِ الْخَامِسُ فِي الْكتاب إِذا قَالَ السَّاعِي أفدت غنمي فِي شهر صدقه إِلَّا أذا يظْهر كذبه وَأَن كَانَ الإِمَام عدلا فَلَا يخرج أحد زَكَاته مَاشِيَته قبل السَّاعِي فَأن أَتَى فَقَالَ لي أدّيت زَكَاة ماشيتي لم يقبل قَوْله وَأَن كَانَ الْإِمَامُ غَيْرَ عَدْلٍ فَلْيَضَعْهَا مَوَاضِعَهَا إِنْ قَدَرَ عَلَى إِخْفَاءِ مَاشِيَتِهِ عَنْهُ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ أَجَزْأَهُ مَا أُخِذَ قَالَ سَنَدٌ أَمَّا تَصْدِيقُهُ لَهُ فَلِأَنَّهُ أَمِينٌ وَالزَّكَاةُ مُوَاسَاةٌ قَالَ مَالك وَقد

أَخطَأ من يحلف بِالنَّاسِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَعْرِفْ بِمَنْعِهَا وَقَالَ الشَّافِعِيَّة تعرض الْيَمِينَ عَلَيْهِ اسْتِحْبَابًا فَإِنْ حَلَفَ وَإِلَّا لَمْ يلْزمه شَيْء وَقسم عبد الْوَهَّاب النَّاس ثَلَاثَة أَقسَام مَعْرُوف بالديانه فَلَا يُطَالب وَلَا يحلف ومعروف بِمَنْع الزَّكَاة يُطَالب وَلَا يحلف ومعروف بالفسوق مَجْهُولُ الْحَالِ فِي الزَّكَاةِ فَيَحْلِفُ وَفِيهِ خِلَافٌ وَأَمَّا عَدَمُ الْإِجْزَاءِ قَبْلَ السَّاعِي فَلِعَدَمِ الْوُجُوبِ قبله إِلَّا لِأَنَّهُ كَدَفْعِ مَالِ السَّفِيهِ لَهُ بِغَيْرِ إِذْنِ وليه وَقَالَ ح خِلَافًا لِ ش فَإِنْ تَأَخَّرَ عَنْهُ السَّاعِي قَالَ مَالِكٌ يَنْتَظِرُهُ فَإِنْ كَانَ لَا يَمُرُّ بِهِ السَّاعِي قَالَ سَحْنُونٌ يُزَكِّي بَعْدَ حول مِنْ مُرُورِ السَّاعِي عَلَى النَّاسِ وَيَتَحَرَّى أَقْرَبَ السُّعَاةِ إِلَيْهِ كَتَضْحِيَةِ مَنْ لَا إِمَامَ لَهُمْ فَلَوْ كَانَ بِأَرْضِ الْحَرْبِ وَلَمْ يَجِدْ فَقِيرًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُؤَخِّرُ زَكَاةَ الْعَيْنِ حَتَّى يَجِدَ الْمُسْلِمِينَ أَوْ يُمْكِنَهُ بَعْثُهَا وَلَا يَضْمَنُ فِي الْمَاشِيَةِ كَمَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ السَّاعِي فَإِنْ خَلُصَ بِهَا زَكَّى لِمَاضِي السِّنِينَ إِلَّا مَا نَقَصَتْهُ الزَّكَاة لِأَن السَّاعِي كالنائب فَأن تَعَذَّرَ تَعَيَّنَ اعْتِبَارُ الْأَصْلِ وَأَمَّا إِزْوَاءُ الزَّكَاةِ عَن الْأَئِمَّة الْجَوْرِ فَاسْتَحْسَنَهُ مَالِكٌ خِلَافًا لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} التَّوْبَة 60 الْآيَة فيفعل ذَلِك مَا أمكن حجتهم قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَتَكُون بعدِي أُمُور تنكرونها فَقَالُوا مَا نصْنَع قَالَ أَدّوا حَقهم واسألوا الله حقكم وَالْأَحَادِيث فِي هَذَا كَثِيرَة جوابها أَنَّهَا مَحْمُولَة على الْمُخَالفَة أما إِذا خَفِي ذَلِكَ فَهُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ فَلَوْ أَمْكَنَهُ إِخْفَاؤُهَا فَدَفعهَا للساعي قَالَ ملك لَا يُجْزِئُهُ لِتَعَدِّيهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَقَالَ أَصْبَغُ تُجْزِئُهُ لِأَنَّهَا تُجْزِئُ مَعَ الْإِكْرَاهِ فَلَوْلَا أَنَّ يَده يَد الْمَسَاكِين لما أَجْزَأَ كَالْإِكْرَاهِ لِلْمَدْيُونِ عَلَى دَفْعِ الدَّيْنِ لِغَيْرِ رَبِّهِ وَأما إجزاؤه مَعَ

الْإِكْرَاه فَقَالَ مَالِكٌ كَمَا تَقَدَّمَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ وَضَعُوهَا مَوْضِعَهَا أَجْزَأَتْهُ الصَّدَقَةُ وَعِوَضُهَا وَإِلَّا فَلَا تُجْزِئُهُ طَوْعًا وَلَا كَرْهًا الصَّدَقَةُ وَلَا عِوَضُهَا هُنَا لِأَن النِّيَابَة الشَّرِيعَة تَبْطُلُ بِعَدَمِ الْعَدَالَةِ وَالْأَصْلُ إِيصَالُ الْحَقِّ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ وَقَالَ أَصْبَغُ النَّاسُ عَلَى خِلَافِهِ لِأَنَّ الْوَكِيلَ الْفَاسِقَ يَحْصُلُ الْإِبْرَاءُ بِالدَّفْعِ إِلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُوصِلِ الْحَقَّ لِمُسْتَحِقِّهِ وَالْإِمَامُ وَكِيلٌ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ لِرَبِّ الْمَالِ فِي الْأَخْذِ لِلْفُقَرَاءِ السَّادِسُ فِي الْكِتَابِ إِذَا هَرَبَ بِمَاشِيَتِهِ ثُمَّ زَادَت بعد سنتَيْن ثُمَّ أَتَى السَّاعِي زَكَّى عَنْ كُلِّ عَامٍ مَا فِيهِ وَغَيْرُ الْهَارِبِ إِذَا تَأَخَّرَ عَنْهُ السَّاعِي سِنِينَ ثُمَّ أَتَى زَكَّى مَا وَجَدَهُ لماضي السنين إِلَّا أَن ينقص عَنِ النِّصَابِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ ضَامِنٌ لِلزَّكَاةِ لَوْ هَلَكَتْ بِخِلَافِ الثَّانِي وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا زَكَّى لماضي السنين بَدَأَ بِالسَّنَةِ الْأُولَى ثُمَّ مَا يَلِيهَا حَتَّى يَنْقُصَ الْوَاجِبُ أَوْ يَسْقُطَ وَقِيلَ قَوْلُ الْكِتَابِ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَدَّعِ أَنَّ مَاشِيَتَهُ كَانَتْ فِي بَعْضِ السِّنِينَ دُونَ ذَلِكَ قَالَ وَقَالَ غَيْرُهُ ذَلِكَ بَعِيدٌ وَوَافَقَ الْأَئِمَّةُ فِي الْهَارِبِ قَالَ سَنَدٌ قِيلَ يُزَكِّي الْهَارِبُ لِمَاضِي السِّنِينَ مَا وَجَدَ فِي يَدِهِ وَلَا يَكُونُ أَسْعَدَ حَالًا مِمَّنْ غَابَ عَنْهُ السَّاعِي وَجَوَابُهُ أَنَّهُ أَسْعَدُ بِسَبَبِ انْتِقَالِ الزَّكَاةِ بِالتَّعَدِّي إِلَى ذِمَّتِهِ وَمَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَغَيَّرُ إِلَّا بِسَبَبٍ طَار فَلَوْ أَقَرَّ بِأَرْبَعِينَ ثَلَاثَ سِنِينَ فَصَارَتْ فِي الرَّابِعَة ألفا قَالَ ملك وَابْنُ الْقَاسِمِ عَلَيْهِ شَاةٌ لِثَلَاثِ سِنِينَ لِنُقْصَانِهَا عَن النّصاب بعد شَاة وتسع سِنِين لِهَذِهِ السَّنَةِ وَقَالَ سَحْنُونٌ عَلَيْهِ ثَلَاثُ شِيَاهٍ لثلاث سِنِين وَعشر شِيَاه لهَذِهِ السّنة لِأَن ضَامِنٌ لِلزَّكَاةِ فِي ذِمَّتِهِ بِتَعَدِّيهِ فَانْتَقَلَتْ عَنِ الْمَاشِيَةِ وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ يُزَكِّي الْأَلْفَ لِمَاضِي السنين وَأما الَّذِي تَأَخّر عَنهُ السَّعْي وَكَانَ مَاله أول السنين دون النّصاب كمل عِنْدَ مَجِيئِهِ فَلَا يَأْخُذُهُ إِلَّا بِشَاةٍ وَلَوْ زَادَ عَنِ النِّصَابِ تَغْلِيبًا لِلْأَصْلِ وَقَالَ

أَشْهَبُ لِمَاضِي السِّنِينَ كَمَا يُزَكِّي النُّصُبَ الْمُتَكَرِّرَةَ عِنْدَ مَجِيئِهِ وَإِنْ كَانَتْ مَعْدُومَةً قَبْلَ ذَلِكَ وَوَافَقَ أَشْهَبُ إِذَا كَمُلَتْ بِفَائِدَةٍ عَنِ الْوِلَادَةِ وَالْفَرْقُ لَهُ أَنَّهَا لَا تُضَمُّ إِلَّا إِلَى نِصَابٍ بِخِلَافِ الْوِلَادَةِ وَالْفَرْقُ لِمَالِكٍ أَنَّهُ إِذَا تَقَدَّمَ نِصَابٌ أَمْكَنَ الْبِنَاءُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ إِذَا لَمْ يَتَقَدَّمْ أَمَّا إِذَا كَانَ أَصْلُ الْمَالِ نِصَابًا وَزَادَ آخِرَ السِّنِينَ فَقَالَ سَحْنُونٌ يُزَكِّي عَن كل سنة مَا فِيهَا خلافًا لما فِي الْكِتَابِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُلَّاكَ مَا استهلكوه فَأولى ان لَا يَلْزَمَهُمْ مَا لَيْسَ عِنْدَهُمْ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى فَلَوْ كَانَتْ نِصَابًا أَوَّلَ سَنَةٍ ثُمَّ نَقُصَ ثُمَّ رَجَعَ بِوِلَادَة أَو مُبَادلَة توجب الْبناء على الْحول الأول اتَّصَلَ الْحُكْمُ بِمَا مَضَى أَوْ بِفَائِدَةٍ بَطَلَ حُكْمُ مَا مَضَى مِنَ الْحَوْلِ فَلَوْ كَانَ النِّصَابُ لَا يَصْلُحُ لِأَخْذِ الزَّكَاةِ مِنْهُ كَالتُّيُوسِ قَالَ ملك عَلَيْهِ شَاةٌ وَاحِدَةٌ لِجُمْلَةِ السِّنِينَ بِخِلَافِ الْخَمْسِ مِنَ الْإِبِلِ لِأَنَّ الْأَصْلَ تَعَلُّقُ الزَّكَاةِ بِالْعَيْنِ حَتَّى لَوِ اتَّفَقَ السَّاعِي مَعَهُ عَلَى تَيْسٍ جَازَ وَالْوَاجِبُ فِي الْإِبِلِ فِي الذِّمَّةِ فَيَتَكَرَّرُ لِكُلِّ عَامٍ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُزَكِّي لِكُلِّ عَامٍ كَالْإِبِلِ السَّابِعُ فِي الْكِتَابِ إِذَا غَابَ عَنْ خَمْسٍ مِنَ الْإِبِلِ خَمْسَ سِنِينَ زَكَّى لِكُلِّ عَامٍ لِتُعَلُّقِ الزَّكَاةِ بِالذِّمَّةِ دُونَ الْعَيْنِ أَوْ عَنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ بِنْتُ مَخَاضٍ لِلسَّنَةِ الأولى فينتقص عَنْ نِصَابِ الْأُولَى فَيَأْخُذُ الْغَنَمَ لِبَاقِي السِّنِينَ أَو عشْرين وَمِائَة بِعشر حقاق أَو أحد وَتسْعُونَ فحقتان وثمان بَنَاتِ لَبُونٍ قَالَ سَنَدٌ فَلَوْ تَلِفَ مِنَ الْخمس وَالْعِشْرين بِغَيْر قبل مَجِيء السَّاعِي لم يزل إِلَّا بِالْغَنَمِ لِأَنَّ الْوُجُوبَ أَوِ الضَّمَانَ إِنَّمَا يَتَقَرَّرُ فِي السَّنَةِ الْأُولَى بِمَجِيئِهِ الثَّامِنُ فِي الْكِتَابِ مَنْ مَاتَ بَعْدَ الْحَوْلِ قَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي لَمْ يَلْزَمْهُ وَلَا وَرَثَتُهُ شَيْءٌ إِلَّا بعد الْحول وَقَالَهُ ح وَالْوَرَثَةُ كَالْخُلَطَاءِ يُشْتَرَطُ فِي حِصَّةِ كل وَاحِد نِصَاب فَإِن اقتسموا فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّ مَجِيءَ السَّاعِي شَرْطٌ فِي

الْوُجُوبِ قَالَ سَنَدٌ لِأَنَّهُ لَوْ دَفَعَ إِلَى الْمَسَاكِينِ قَبْلَهُ لَمْ يُجْزِهِ وَوَجَبَ الدَّفْعُ لِلسَّاعِي وَلَوْ نَقَصَ النِّصَابُ أَوْ هَلَكَ بَعْدَ الْحَوْلِ أَوْ قَبْلَهُ فَلَا زَكَاةَ بِخِلَافِ بَعْدَ مَجِيئِهِ فَصَارَ كالحول وَالْفرق بَين الْمَاشِيَة وَالثَّمَر وَالزَّرْعِ يَمُوتُ رَبُّهُمَا قَبْلَ طِيبِهِمَا أَنَّ شَرِكَةَ الْمَسَاكِين فِيهَا أظهر بِدَلِيل الْأَخْذ من الردئ وَمِنَ الْجَيِّدِ وَفِي الْمَاشِيَةِ الْوَسَطُ وَالْوَاجِبُ لَا يتَغَيَّر بِغَيْر الْمَالِ فَكَذَلِكَ إِذَا مَاتَ بَعْدَ طِيبِهَا زُكِّيَا وَلَو عزل زكاتهما أخرجهَا بعد تلفهَا بِخِلَافِ الْمَاشِيَةِ إِذَا قَدِمَ السَّاعِي بَعْدَ التَّلَفِ لَا يَأْخُذُهَا وَلَوْ تَلِفَتْ زَكَاتُهُمَا لَمْ يَعِدَّهَا بِخِلَاف الْمَاشِيَة إِذا تلفت قبل السَّاعِي وَقَالَ ش يَبْنِي عَلَى حَوْلِ الْمَيِّتِ لِحُصُولِ الْحَوْلِ قَبْلَ الْمَوْتِ فَلَوْ مَرَّ السَّاعِي بالوارث بعد بعض حول تَركه للحول الثَّانِي قَالَ ملك فِي الْكتاب وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ يُوصَى بِقَبْضِهَا عِنْدَ كَمَالِ حَوْلِهَا وَيَصْرِفُهَا وَهُوَ خِلَافُ الْمَعْهُودِ مِنَ السَّلَفِ فَإِنَّ كُلَّ شهر تتجدد فِيهِ كمالات أَحْوَال وَلم تكن السعاة تَتَحَدَّث فِي ذَلِك بل كَانُوا يقتضون مرّة فِي كُلَّ عَامٍ التَّاسِعُ قَالَ سَنَدٌ قَالَ مَالِكٌ وَلَهُ أَنْ يَبِيعَ وَيَرْبَحَ بَعْدَ الْحَوْلِ قَبْلَ مَجِيء السَّاعِي وان نقص زَكَاتِهَا إِلَّا أَنْ يَفْعَلَهُ فِرَارًا فَيَلْزَمُهُ مَا فَرَّ مِنْهُ وَإِنْ عَزَلَ ضَحَايَا فَإِنْ أُشْهِدَ عَلَيْهَا فَلَا زَكَاةَ وَإِنْ وَجَدَهَا السَّاعِي حَيَّةً وَلم يَشْهَدْ زَكَّاهَا قَالَ مُحَمَّدٌ يُرِيدُ أَشْهَدُ لِفُلَانٍ كَذَا لِفُلَانٍ كَذَا الْعَاشِرُ فِي الْبَيَانِ قَالَ ابْن الْقَاسِم لَا يبْعَث السعاة فِي السّنة الشَّدِيدَة الجدب مرَّتَيْنِ لَيْلًا يَأْخُذُوا للْمَسَاكِين مَالا يَنْتَفِعُونَ بِهِ ثُمَّ يَأْخُذُونَ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ لعامين وَيُزَكُّونَ مَا يَجِدُونَ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ رَوَى أَصْبَغُ يَخْرُجُونَ مُطْلَقًا لِأَنَّ تَأْخِيرَهَا ضَرَرٌ بِالْمُلَّاكِ وَهُوَ أَظْهَرُ الشَّرْطُ الثَّالِثُ وَفِي الْجَوَاهِرِ التَّمَكُّنُ مُطَالَبَةِ السَّاعِي دُونَ قُدْرَةِ رَبِّ الْمَاشِيَةِ عَلَى إِيصَالِهَا إِلَيْهِ فَلَوْ أَخَّرَ الزَّكَاةَ مَعَ الْإِمْكَانِ أتم وَإِنْ تَلِفَ النِّصَابُ قَبْلَ التَّمَكُّنِ فَلَا زَكَاةَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ يُزَكِّي مَا بَقِيَ إِنْ كَانَ دُونَ النِّصَابِ نَظَرًا

إِلَى أَنَّ الْفُقَرَاءَ كَالشُّرَكَاءِ فَيُزَكِّي إِذِ الزَّكَاةُ مُتَعَلِّقَةٌ بِالذِّمَّةِ بِشَرْطِ التَّمَكُّنِ فَلَوِ اشْتَرَى مَاشِيَةً وَحَالَ الْحَوْلُ قَبْلَ قَبْضِهَا زَكَّاهَا الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الْوَاجِب فِي الْمَاشِيَة وَفِي الْجَوَاهِرِ اخْتُلِفَ فِي صِفَةِ الشَّاةِ الْمَأْخُوذَةِ فِي الْإِبِل وَالْغنم فَقَالَ ابْن الْقَاسِم يَأْخُذ الْجَذَعُ وَالْجَذَعَةُ وَالثَّنِيُّ وَالثَّنِيَّةُ وَالضَّأْنُ وَالْمَعَزُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَقَالَ ح الثَّنِيُّ وَالثَّنِيَّةُ سَوَاءٌ وَقَالَهُ ش إِنْ كَانَتِ الْغَنَمُ كُلُّهَا ذُكُورًا وَإِلَّا فَلَا يُؤْخَذ إِلَّا أُنْثَى قَالَ ابْن الْقصار الْوَاجِب عندنَا الْإِنَاث فِي جِهَة الْإِجْزَاء وَقَوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ وَلَمْ يُخَصِّصْ وَقِيَاسًا عَلَى الضَّحَايَا وَالْهَدَايَا وَلِأَنَّ ذُكُورَ الضَّأْنِ أَطْيَبُ لَحْمًا وَأَكْثَرُ ثَمَنًا فَعَادَلَ بِذَلِكَ لَبَنَ الْأُنْثَى وَسلمهَا وَفِي الْكِتَابِ الْجِذْعُ مِنَ الضَّأْنِ وَالْمَعَزِ فِي الزَّكَاة سَوَاء وَيُؤْخَذ التني مِنَ الضَّأْنِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَلَا يُؤْخَذُ الثَّنِيُّ مِنَ الْمَعَزِ الْأُنْثَى لِأَنَّ الذَّكَرَ ثلاثي ويحسب عَلَيْهِ رب المَال والتيس وَالْعَمْيَاءَ وَالْمَرِيضَةَ وَالْهَرِمَةَ وَالسَّخْلَةَ وَالْعَرْجَاءَ فَإِنْ كَانَتِ الْغنم كلهَا من ذَلِك لزم رَبهَا الْإِتْيَان بِمَا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ الْوَاجِبُ وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَتْ عَجَاجِيلَ أَوْ فُصْلَانًا وَإِذَا رَأَى الْمُصَّدِّقُ أَنْ يَأْخُذ ذَات العورأ والتيس أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ أَخَذَهُ لِأَنَّهُ حَاكِمٌ يجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْظُرَ بِالْمَصْلَحَةِ وَلَا يَأْخُذُ مِنَ الصِّغَارِ شَيْئًا لِقَوْلِ عُمَرَ الْمُتَقَدِّمِ وَإِذَا كَانَتْ ربى كلهَا أَو مخاضا أَوْ أَكُولَةً أَوْ فُحُولًا لَمْ يَكُنْ لِلْمُصَّدِّقِ الْأَخْذُ مِنْهَا وَيَأْتِي رَبُّهَا بِالْجَذَعِ وَالثَّنِيَّةِ وَلَا يَأْخُذُ مَا تَحْتَ الْجَذَعِ وَإِنْ رَضِيَ رَبُّ الْمَالِ الْمَاشِيَةَ بِمَا فَوْقَ الثَّنِيِّ أَخَذَهُ قَالَ سَنَدٌ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا لَمْ يَجِدْ جذعه وَلَا ثنية أَخذ الربي والمواخض زَادَت العورا فَيَأْخُذُ مِمَّا وَجَدَ قِيَاسًا عَلَى الثِّمَارِ وَقَوْلُ عُمَرَ مَحْمُولٌ عَلَى الْغَالِبِ لَنَا مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِمُعَاذٍ لَمَّا بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ اتَّقِ كَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَين الله حَاجِب

وَفِي الْجَوَاهِرِ أَسْبَابُ النَّقْصِ أَرْبَعَةٌ الْمَرَضُ وَالصِّغَرُ وَالْعَيْبُ وَالذُّكُورَةُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ لَا يَأْخُذُ الْمُصَّدِّقُ ذَاتَ الْعَيْبِ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا خِلَافًا لِمَا فِي الْكِتَابِ فَوَائِدُ ذَاتُ الْعَوَرِ أَي ذَات الْعَيْب والتيس دُونَ الْفَحْلِ وَهُوَ عَيْبٌ بِخِلَافِ الْفَحْلِ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ أَوَّلُ مَا يُولَدُ الْوَاحِدُ مِنَ الْغَنَمِ يُسمى سخلة ذكرا كَانَ أم أُنْثًى ضَأْنًا أَوْ مَعَزًّا ثُمَّ بَهْمَةً لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَجَمْعُهَا بَهْمٌ فَإِذَا بَلَغَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَفصل عَن أمه فأولاد الْمعز حقاق بِالْكَسْرِ الْوَاحِد جفر فَإِذَا رَعَى وَقَوِيَ فَهُوَ عَرِيضٌ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وعتود وجميعها عرضان وعتدان وَهُوَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ جَدْيٌ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الدَّالِ وَالْأُنْثَى عَنَاقٌ وَجَمْعُهَا عُنُوقٌ جَاءَ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ مَا لَمْ يَأْتِ الْحَوْلُ بِالذكر تَيْس وَالْأُنْثَى عنز ثمَّ يجذع فِي السَّنَةِ الثانيةِ فَالذَّكَرُ جَذَعٌ وَالْأُنْثَى جَذَعَةٌ ثمَّ يثني فِي السّنة الثَّانِيَة فالذكر ثني وَالْأُنْثَى ثنية ورباعي فِي الرَّابِعَة وَسدس فِي الْخَامِسَةِ وَضَالِعٌ فِي السَّادِسَةِ وَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ اسْمٌ قَالَ وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ الْجذع من الضَّأْن أذا كَانَ بَين الشاتين لسِتَّة أشهر وَبَين الهرمين يجدع لثمانية أشهر وَقَالَ يحي بْنُ آدَمَ إِنَّمَا يُجْزِئُ الْجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ دون الْمعز لِأَنَّهُ ينزو فيلقح الْمعز لَا تُلَقَّحُ حَتَّى تُثَنَّى وَوَافَقَهُ أَبُو الطَّاهِرِ على ذَلِك وَقَالَ الْأَصْمَعِي يجذع الْمعز لسِتَّة والضأن لثمانية أشهر وَتِسْعَة قَالَ سَنَدٌ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الثَّنِيُّ هُوَ الَّذِي طَرَحَ ثَنِيَّتَهُ لَهُ سَنَتَانِ وَدَخَلَ فِي الثَّالِثَةِ مِنَ الضَّأْنِ وَالْمَعَزِ وَرُوِيَ عَنِ الْأَصْمَعِيِّ الْجَذَعُ ابْنُ سَنَةٍ مِنَ الضَّأْنِ وَالْمَعَزِ وَقِيلَ مَا لَهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَقِيلَ عَشَرَةٌ وَفِي الْجَوَاهِرِ التَّحَاكُمُ فِي هَذَا إِلَى أَهْلِ اللُّغَةِ وَالْأَشْهَرُ أَنَّ الْجَذَعَ ابْنُ سَنَةٍ وَقَالَ غَيْرُهُ سُمِّيَ جَذَعًا لِسُقُوطِ أَسْنَانِهِ وَيُرْوَى النَّهْيُ عَنْ أَخذ حرزات النَّاس وَهِي خِيَار أَمْوَالهم الَّتِي يحزونها فِي نُفُوسِهِمْ فَرْعَانِ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ الْمَأْخُوذُ يَخْتَصُّ بِغَيْرِ الْأَوْقَاصِ وَالْوَقَصُ لَا شَيْءَ فِيهِ وَهُوَ بَيْنَ الْفَرِيضَتَيْنِ فِي جَمِيعِ الْمَاشِيَةِ

فَائِدَةٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ الْوَقَصُ بِفَتْحِ الْوَاوِ مَا لَا زَكَاة فِيهِ مِمَّا بَيْنَ الْفَرِيضَتَيْنِ فِي الزَّكَاةِ وَجَمْعُهُ أَوَقَاصٌ وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ هُوَ مَا وَجَبَتْ فِيهِ الْغَنَمُ كَالْخَمْسِ مِنَ الْإِبِلِ إِلَى الْعِشْرِينَ وَقِيلَ هُوَ فِي الْبَقَرِ خَاصَّةً قَالَ سَنَدٌ الْجُمْهُورُ عَلَى تَسْكِينِ الْقَافِ وَقِيلَ يُفْتَحُ لِأَنَّ جَمْعَهُ أَوَقَاصٌ كَجَمَلٍ وَأَجْمَالٍ وَجَبَلٍ وَأَجْبَالٍ وَلَوْ كَانَتْ سَاكِنَةً لَجُمِعَ عَلَى أَفْعُلٍ مِثْلَ فَلْسٍ وَأَفْلُسٍ وَأَكْلُبٍ وَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّهُمْ قَالُوا حَوْلٌ وَأَحْوَالٌ وَقَوْلٌ وَأَقْوَالٌ وَكِبْرٌ وَأَكْبَارٌ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَقْصُ الْعُنُقِ كَسْرُهَا وَوَقَصَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ وَبِفَتْحِ الْقَافِ قصرا الْعُنُق وَوَاحِد الأوقاص فِي الصَّدَقَة بَيْنَ الْفَرِيضَتَيْنِ وَكَذَلِكَ الشَّنْقُ وَقِيلَ الْوَقَصُ فِي الْبَقَرِ وَالشَّنْقُ فِي الْإِبِلِ وَيُقَالُ تَوَقَّصَتْ بِهِ فرسه إِذا نزى نَزْوًا قَارب الخطا وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ مَعْلُومَةٌ قَبْلَ الشَّرْعِ فَيجِبُ أَنْ تَكُونَ لِمَعْنًى لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالزَّكَاةِ الَّتِي لَمْ تُعْلَمْ إِلَّا مِنَ الشَّرْعِ وَاسْتُعِيرَتْ مِنْ ذَلِكَ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ لِهَذَا الْمَعْنَى الشَّرْعِيّ وَذَلِكَ يحْتَمل أَن يكون وقص الْعُنُق الَّذِي هُوَ قصره لقصوره على النِّصَابِ أَوْ مِنْ وَقَصَتْ بِهِ فَرَسُهُ إِذَا قَارَبَتِ الْخَطْوَ لِأَنَّهُ تَقَارُبَ النُّصُبِ وَقَالَ سَنَدٌ ولمالك وش فِي تعلق الزَّكَاة فِي بالوقص قَولَانِ وأسقطها ح وَجب عدم التَّعَلُّق وَمَا فِي كِتَابِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ حَتَّى تَبْلُغَ الْمِائَةَ وَلِأَنَّ مَا قَبْلَ الوقص وَاجِب الزَّكَاة وَمَا بَعْدَهُ طَرْدِيٌّ وَجْهُ الْجَوَابِ مَا فِي الْأَحَادِيثِ من قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَفِيهَا شَاةٌ إِلَى تِسْعٍ فَفِيهَا شَاتَانِ إِلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ وَحَرْفُ إِلَى يُوجِبُ امْتِدَادَ مَا قَبْلَهَا مِنَ الْحُكْمِ إِلَى آخِرِ الْغَايَةِ كَقَوْلِهِ يعْتد من هَا هُنَا إِلَى هَا هُنَا وَقَوله تَعَالَى {إِلَى الْمرَافِق _ إِلَى _ الْكَعْبَيْنِ} الْمَائِدَة 6 وَإِلَّا سَقَطَ وَيَتَفَرَّعُ عَلَى الْخِلَافِ إِذَا كَانَ مَعَهُ تِسْعٌ مِنَ الْإِبِلِ فَتلف مِنْهَا أَرْبَعَة بَعْدَ الْحَوْلِ إِنْ قُلْنَا الْوَقَصُ مُعْتَبَرٌ سَقَطَ من الشَّاة أَربع أَتْسَاعِهَا فَإِنْ تَلِفَ خُمْسٌ بَعْدَ الْحَوْلِ وَقُلْنَا الْإِمْكَانُ شَرْطٌ فِي الضَّمَانِ سَقَطَ مِنَ الشَّاةِ خمسها وَأَن قُلْنَا الوقص لِمَعْنى

وَإِلَّا سَقَطَ خَمْسَةُ أَتْسَاعِهَا وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ مَعَهُ ثَمَانُونَ مِنَ الْغَنَمِ فَتَلِفَ مِنْهَا أَرْبَعُونَ بَعْدَ الْحَوْلِ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِنْ كَانَ لَهُ سِتُّونَ ضانية وَسَبْعُونَ أُخِذَتْ مِنْ كِلَيْهِمَا شَاتَانِ وَإِنْ كَانَتِ الْمَعَزُ خمسين فضانية وَلَو كَانَ سِتِّينَ وَسِتِّينَ لَخُيِّرَ السَّاعِي وَلَوْ كَانَا مِائَةً وَعِشْرُونَ ضانية وَأَرْبَعِينَ مَعْزًى أَخَذَ شَاتَيْنِ مِنْهَا وَلَوْ كَانَتِ الْمَعَزُ ثَلَاثِينَ أَخَذَهُمَا مِنَ الضَّأْنِ وَلَوْ كَانَا ثَلَاثمِائَة ضانية وَتِسْعِينَ مَعْزًى فَثَلَاثُ ضَوَائِنَ وَالْمَعَزُ وَقْصٌ حَتَّى تبلغ مائَة فَفِيهَا شَاة وَلَو كَانَت ثَلَاثمِائَة وَخمسين وَخَمْسُونَ مَعْزًى فَثَلَاثُ ضَوَائِنَ وَيُخَيَّرُ فِي الرَّابِعَةِ إِمَّا مِنَ الضَّأْنِ وَإِمَّا مِنَ الْمَعَزِ وَلَوْ كَانَتِ الضَّأْنُ ثَلَاثَمِائَةٍ وَسِتِّينَ وَالْمَعَزُ أَرْبَعِينَ أُخِذَ الْأَرْبَعَةُ مِنَ الضَّأْنِ قَالَ سَنَدٌ إِنْ كَانَ النِّصَابُ مِنْ صِنْفَيْنِ عَلَى السَّوَاءِ يُخَيَّرُ فَإِنْ كَانَ أَحدهمَا أكبر من النّصاب مِنَ الْأَكْثَرِ لِأَنَّ الْأَقَلَّ تَبَعٌ فَإِذَا بَلَغَتْ مائَة وَعِشْرُونَ وهم مُتَسَاوِيَانِ يُخَيَّرُ أَوْ كَانَتِ الضَّأْنُ الْأَكْثَرَ أُخِذَ مِنْهَا والمعز الْأَكْثَرُ وَنَقَصَ نِصَابُهَا عَنِ الْأَرْبَعِينَ أُخِذَتْ مِنَ الْمَعَزِ لِأَنَّ الضَّأْنَ لَغْوٌ وَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ عَن الْأَرْبَعين فَذَلِك عِنْد ابْن الْقَاسِم تَرْجِيحا لِلْأَكْثَرِ وَقَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ يَتَخَيَّرُ السَّاعِي لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَجِبُ فِيهِ شَاةٌ وَلَا حَيْفَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ لَا سِيَّمَا إِذَا قُلْنَا الوقص يلغي فَإِن وَجب شَاتَانِ وَتَسَاوَى الصِّنْفَانِ أَخَذَهُمَا مِنْ كِلَيْهِمَا فَإِنْ تَفَاوَتَا لَمْ يَجِبْ فِي أَحَدِهِمَا لَوِ انْفَرَدَ الشتان أُخِذَتْ شَاةٌ مِنْ أَكْثَرِهِمَا وَاعْتُبِرَ مَا يَزِيدُ عَلَى النِّصَابِ مَعَ الْأَقَلِّ فَهُمَا مُتَسَاوِيَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا أَكْثَرُ فَإِنْ كَانَ فَاضِلُ الْأَكْثَرِ أَكْثَرَ وَالْأَقَلُّ نِصَابٌ أُخِذَتِ الثَّانِيَةُ مِنْهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمِنَ الْأَكْثَرِ عِنْدِ سَحْنُونٍ تَغْلِيبًا لِلْأَكْثَرِ وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَمَّا أَثَّرَ الْأَوَّلُ فِي الزَّكَاةِ وَهُوَ نِصَابٌ لَمْ يَحُلْ مِنَ الزَّكَاةِ فَإِنْ لَمْ يَبْلُغِ الْأَوَّلُ نِصَابًا فَلَا يُخْتَلَفُ فِي أَخْذِ الثانيةِ مِنَ الْأَكْثَرِ فَإِنْ كَانَ فَاضِلُ الْأَكْثَرِ أَقَلَّ أُخِذَتِ الثانيةُ مِنَ النِّصْفِ الْآخَرِ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ نِصَابًا وَهَذَا إِنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِي أَرْبَعِينَ بَقَرَةً وَعِشْرِينَ جَامُوسَةً وَكَذَلِكَ إِذَا بَلَغَ نِصَابًا لِأَنَّهُ لَوِ انْفَرَدَ لَوَجَبَتِ الشَّاةُ فَإِنِ اسْتَوَى فَاضِلُ الْأَكْثَرِ مَعَ الصِّنْفِ الْآخَرِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا فِي الثَّانِي نِصَاب أخذت

الثانيةُ مِنْ غَيْرِ فَاضِلِ الْأَكْثَرِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ نِصَابٌ أَثَّرَ فِي الزَّكَاةِ وَعِنْدَ سَحْنُونٍ مِنْ فَاضِلِ الْأَكْثَرِ فَإِنْ كَانَتْ ثَلَاثَمِائَةٍ وَتسْعُونَ أُخِذَتْ ثَلَاثُ ضَوَائِنَ لِأَنَّ التِسْعِينَ وَقَصٌ لِأَنَّ النّصاب هَا هُنَا مائَة أخذت مِنْهَا معزى وَلَو كَانَت ثَلَاثمِائَة وَخمسين ثَانِيَة وَخمسين معزى فَثَلَاث ضوائن وَخير من الْأَرْبَعَة عِنْد ابْن الْقَاسِم كَمَا لَو كَانَ سِتِّينَ وَأَرْبَعِينَ مَعْزًى فَإِنَّ الْأَخْذَ مِنَ الْأَكْثَرِ وَالْأَرْبَعُونَ هَا هُنَا لَا تَكُونُ نِصَابًا فَلَوْ كَانَتِ الْمَعَزُ سِتِّينَ أخذت مِنْهَا لِأَنَّهَا اكثر النّصاب هَا هُنَا وَفِي مِائَتَيْنِ ضانية وَمِائَة معرى لِأَنَّهَا وَاجِبُهَا فِي مِائَتَيْنِ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ وَوَجَبَتِ الثَّالِثَةُ بِانْضِمَامِ الْمَعَزِ وَهِيَ نِصَابٌ وَأَكْثَرُ مِمَّا فَضَلَ مِنَ الْأَكْثَرِ وَكَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ مَعْزًى وَالضَّأْنُ مِائَةٌ وَثَمَانُونَ ضانيتان ومعزى وَعند ابْن مسلمة شَاتَان فِي أَيهمَا شَاءَ وَالثَّالِثَة فِي الصِّنْفِ الْآخَرِ لِأَنَّ فِي كُلِّ صِنْفٍ نِصَابًا للشاتين حَتَّى تزيد على الثلاثمائة يَنْقَلِب النّصاب إِلَى الْمُبين بِالسنةِ وَفِي ثَلَاثُمِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ ضَأْنًا وَمَعْزًى عَلَى السَّوَاءِ ضانية ومعزى وَيتَخَيَّر فِي الثَّالِثَةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ مَسْلَمَةَ لِانْقِلَابِ النِّصَابِ إِلَى الْمُبَيَّنِ وَلَوْ كَثُرَ أَحَدُهُمَا كَانَ الْأَخْذُ مِنْهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكتاب وَكَذَلِكَ اجْتِمَاع الجوامس وَالْبَقر وَالْبخْت والعراب يُرِيد فِي خَمْسَة وَعِشْرِينَ بُخْتًا وَعِرَابًا عَلَى السَّوَاءِ بِنْتُ مَخَاضٍ فِي أحداهما فَإِن كَانَ أحداهما أَكْثَرَ فَمِنْهُ فَإِنْ كَانَتْ سِتَّةً وَسَبْعِينَ فَهِيَ نِصَاب وَاحِد تُؤْخَذ بِنْتُ لَبُونٍ مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ السَّاعِي إِنِ اسْتَوَيَا فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ فَمِنْهُ وَكَذَلِكَ الْحُقَّتَانِ فِي إِحْدَى وَتِسْعِينَ إِلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَهِيَ فِي حُكْمِ النِّصَابَيْنِ وَزَعَمَ اللَّخْمِيُّ أَنَّ السِّتَّة وَالسبْعين فِي حكم النصابين إِن كَانَ الْعِرَابُ خَمْسِينَ أَخَذَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ بِنْتَ لَبُونٍ أَوْ سِتِّينَ أُخِذَتَا مِنْهُمَا فَإِنَّهُ إِذَا أُخِذَتْ بِنْتُ لَبُونٍ عَنْ نِصْفِ الْجَمِيعِ وَهُوَ سَبْعَة وَثَلَاثُونَ كَانَ بَاقِي العراب أَرْبَعَة وَعِشْرُونَ وَسِتَّة عشرَة عِرَابًا فَهِيَ أَكْثَرُ قَالَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْلَمَةَ وَيَتَخَيَّرُ السَّاعِي عِنْدَ مَالِكٍ فِي مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعشْرين فِي حقتين أَو ثَلَاث بنت لَبُونٍ فَإِنْ كَانَتِ الْبُخْتُ أَقَلَّ مِنْ عِشْرِينَ لَمْ يَأْخُذْ مِنْهَا شَيْئًا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ أَكْثَرَ نِصَاب الْخمسين وَإِلَّا الْأَرْبَعِينَ فَإِنْ بَلَغَتْ عِشْرِينَ وَاخْتَارَ بَنَاتِ اللَّبُونِ فَلهُ أَخذ بَنَات اللَّبُون مِنْهَا لِأَنَّهَا نِصْفُ نِصَابِهَا وَإِنِ اخْتَارَ حِقَّتَيْنِ فَلَا وَإِنْ بَلَغَتْ ثَلَاثِينَ وَاخْتَارَ بَنَاتِ اللَّبُونِ أَخذ وَاحِدَة مِنْهَا

وَإِن اخْتَارَ الْحِقَّتَيْنِ فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَأْخُذُهُمَا من العراب لتَعلق الحقة لخمسين مِنَ الْعِرَابِ وَفَاضِلُهَا أَكْثَرُ مِنَ الْبُخْتِ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ مَسْلَمَةَ يَأْخُذُ الثانيةَ مِنَ الْبُخْتِ لِأَنَّهَا يُضَافُ إِلَيْهَا عِشْرُونَ فَيَكُونُ أَكْثَرَ نِصَابِ الْخَمْسِينَ وَالزَّائِدُ وَقَصٌ وَلَوْ كَانَتْ أَرْبَعِينَ وَاخْتَارَ بَنَاتَ اللَّبُونِ وَالْحِقَّتَيْنِ أَخَذَ مِنْهُنَّ وَاحِدَةً لِأَنَّ الْعِرَابَ لَا تَبْلُغُ نِصَابَيْنِ فَلَوْ كَانَتْ سِتِّينَ وَاخْتَارَ بَنَاتِ اللَّبُونِ أَخَذَ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ وَاحِدَة وَخير فِي الثَّالِثَة لتساوي عددهما فِي نصابهما وَإِن أخْتَار حقتين أَخذ من كل صنف حقة وان كَانَت سبعين أَخذ مِنْهَا ابْنَتَيْن لبون وَإِن اخْتَار الحقتين لحقه لِأَنَّهَا نصابها وَإِن كَانَ نصابها ثَمَانِينَ فإننا لَبُونٍ وَمِنَ الْعِرَابِ بِنْتُ لَبُونٍ أَوْ حِقَّةٌ عَنْ خَمْسِينَ وَالثانيةُ مِنَ الْعِرَابِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهَا الْأَكْثَرُ مِمَّا بَقِيَ وَعِنْدَ ابْنِ مسلمة تَأْخُذ الثَّانِيَةُ مِنَ الْبُخْتِ لِأَنَّهُ يُضِيفُ إِلَيْهَا عِشْرِينَ فَيُكْمِلُ نِصَابَهَا وَأَكْثَرُ بُخْتٍٍ فَإِنْ كَانَتْ تِسْعِينَ فَأَكْثَرَ أَخَذَ الْحِقَّتَيْنِ مِنْهَا وِفَاقًا وَكَذَلِكَ ثَلَاثُونَ مِنَ الْبَقَرِ مِنْهَا عِشْرُونَ جَامُوسًا فَالتَّبِيعُ مِنَ الجوامس وَلَو كَانَت خَمْسَة عشرَة يُخَيَّرُ السَّاعِي وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ أَرْبَعِينَ أَوْ خمسين فَلَو كَانَت سِتِّينَ فهما نصابان فِي كُلِّ ثَلَاثِينَ تَبِيعٌ فَإِنِ اسْتَوَيَا أُخِذَ مَنْ كُلِّ صِنْفٍ تَبِيعٌ فَإِنْ كَانَ الْجَامُوسُ أَرْبَعِينَ أُخِذَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ تبيع لِأَن النّصاب الآخر أَكْثَره يقر بَعْدَ إِسْقَاطِ الْأَوَّلِ قَالَ سَحْنُونٌ يَأْخُذُهُمَا مِنَ الجوامس فَتكون عشرُون جَامُوسًا وَعَشْرَ بَقَرَاتٍ وَالصَّوَابُ عَدَمُ الْفَضِّ كَمَا فِي الْحُبُوب بَلْ يخْرِجُ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ مَا أَمْكَنَ وَلَوِ اجْتَمَعَ ثَلَاثُونَ جَامُوسًا وَثَلَاثُونَ بَقَرَةً فَإِنَّهُ يَأْخُذ من كل وَاحِدَة تبيعا وَلَو صَحَّ السقيط تَخَيَّرَ السَّاعِي وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَوْ كَانَ أَحَدُ الصِّنْفَيْنِ فِيهِ الْوَاجِبُ دُونَ الْآخَرِ أَخَذَ السَّاعِي مَا وَجَدَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا كُلِّفَ السَّاعِي أَيهمَا شَاءَ النَّوْع الثَّانِي زَكَاة الْبَقر قَالَ صَاحب الْكتاب الدينة فِي اللُّغَة لفظ الْغنم مَأْخُوذَة من الْغَنِيمَة وَالْبَقر الَّذِي هُوَ الشق لِأَنَّهَا تبقر الأَرْض بسنها وَالْجِمَالُ مِنَ الْجَمَالِ لِأَنَّ الْعَرَبَ تَتَجَمَّلُ بِهَا وَالنَّعَمُ وَالنَّعْمَةُ مِنَ النَّعِيمِ وَالنَّعْمَاءِ كُلُّهَا مِنْ لَفْظَة

نَعَمٍ لِأَنَّ الْجَوَابَ بِهَا يَسُرُّ بِهَا غَالِبًا فَاشْتُقَّ مِنْهَا أَلْفَاظُ هَذِهِ الْأُمُورِ لِكَوْنِهَا سَارَّةً وَقَالَ غَيْرُهُ النَّعَمُ مِنْ نَعَامَةِ الرَّجُلِ وَهِيَ صَدْرُهَا وَالنَّعَمُ يَمْشِي عَلَى نَعَامَةِ أَرْجُلِهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الشُّرُوطِ وَالْمَوَانِعِ وَكَثِيرٍ مِنَ الْفُرُوع فِي النعم وَالْكَلَام هَا هُنَا يَخْتَصُّ بِنَفْسِ السَّبَبِ فَفِي الْكِتَابِ لَيْسَ فِي الْبَقَرِ شَيْءٌ إِلَى ثَلَاثِينَ فَفِيهَا تَبِيعٌ ذَكَرٌ إِلَى أَرْبَعِينَ خَمْسَةٌ أُنْثَى إِلَى سِتِّينَ فَتَبِيعَانِ إِلَى سَبْعِينَ فَمُسِنَّةٌ وَتَبِيعٌ إِلَى ثَمَانِينَ فَمُسِنَّتَانِ وَكَذَلِكَ الجوامس لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لما وَجه معَاذ ابْن جَبَلٍ إِلَى الْيَمَنِ أَمْرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنَ الْبَقَرِ مِنْ كُلِّ ثَلَاثِينَ تَبِيعًا وَمِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّة وَقَالَهُ الْأَئِمَّة قَالَ ابْن الْمسيب وَالزهْرِيّ فِي كل خمسين شَاة لتسويته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَيْنَ الْبَقَرِ وَالْإِبِلِ فِي الْهَدْيِ وَجَعَلَ كُلَّ بَدَنَةٍ صَدَقَةً أَوْ بَقَرَةً بِسَبْعِ شِيَاهٍ وَيَرُدُّ عَلَيْهِمْ أَنَّ خَمْسًا مِنَ الْإِبِلِ بِخَمْسٍ وَثَلَاثِينَ من الْغنم وَلَا يجب فيهمَا مَا يجِبُ فِي الْخَمْسِ وَلِأَنَّهُ عَدَلَ أَوَّلَ الْأَمر إِلَى الذّكر مَعَ نَقصه فَدلَّ ذَلِك على أَنه ابتدا الْفَرْض كالغنم فِي الْإِبِل فَوَائِدُ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ ابْنُ السَّنَةِ تَبِيعٌ وَفِي الثانيةِ جَذَعٌ وَجَذَعَةٌ وَفِي الثَّالِثَةِ ثَنِيٌّ وَثَنِيَّةٌ وَهِيَ الْمُسِنَّةُ لِأَنَّهَا أَلْقَتْ ثَنْيَتَهَا وَفِي الرَّابِعَةِ رُبَاعٌ لِأَنَّهَا أَلْقَتْ رُبَاعِيَّتَهَا وَفِي الْخَامِسَةِ سَدَسٌ وَسَدِيسٌ لِإِلْقَائِهَا السِّنَّ الْمُسَمَّى سَدِيسًا وَفِي السَّادِسَةِ ضالع ثمَّ يُقَال ضالع سنة وضالع سَنَتَيْنِ فَأَمَّا الْجَذَعُ فَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ لَيْسَ بِاعْتِبَارِ سنّ تسْقط وَلَا تطلع وَلَكِن بِاعْتِبَارِ الزَّمَانِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ التبيع لَهُ سنة قد خلت فِي الثَّانِيَة وَقَالَهُ الشَّافِعِيَّة وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ هُوَ عِجْلٌ مَا دَامَ يَتْبَعُ أُمَّهُ إِلَى سَنَةٍ فَهُوَ جَذَعٌ وَقِيلَ يُسَمَّى تَبِيعًا لِأَنَّهُ تَبِيعُ أُمِّهِ وَقِيلَ لِتَبَعِ قَرْنَيْهِ أُذُنَيْهِ لِتَسَاوِيهِمَا وَاخْتُلِفَ فِي تَسْمِيَتِهِ جَذَعًا فَرَآهُ ابْنُ نَافِعٍ وَابْنُ حَبِيبٍ ابْنَ سَنَتَيْنِ وَقَدْ وَقَعَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْحَدِيثِ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ أَيْضًا الْجَذَعُ مَا دَخَلَ فِي الثَّالِثَةِ

وَالْأَوَّلُ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَقِيلَ يُسَمَّى جَذَعًا إِذَا أَخْرَجَ قَرْنَهُ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ الْمُسِنَّةُ مَا دَخَلَتْ فِي الثَّالِثَةِ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ مَا دجل فِي الرَّابِعَة وَيدل عَلَيْهِ أَنَّ بِنْتَ الْأَرْبَعَةِ مِنْ كَرَائِمِ الْأَمْوَالِ فَلَا يتَعَلَّق بهَا الْوُجُوب كَسَائِر الكرائم وَلِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَدْفَعَ عَنِ التَّبِيعِ الْأُنْثَى وَالْمُسِنَّةَ لِفَضْلِهِمَا عَلَيْهِ وَلَا يَأْخُذُ السَّاعِي الْمُسِنَّةَ الْأُنْثَى وَإِنْ كَانَتْ ذُكُورًا وَقَالَ ح يَجُوزُ الذَّكَرُ وَإِنْ كَانَتْ إِنَاثًا وَوَافَقَنَا ش إِذَا لَمْ تَكُنْ ذُكُورًا فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ مُسِنَّةٌ خَيَّرَ السَّاعِي رَبَّ الْمَالِ عَلَيْهَا إِلَّا أَنْ يَطَّوَّعَ بِأَفْضَلَ وَقَالَ ح مَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِينَ بِحِسَابِهِ لِأَنَّ الْوَقَصَ يَتَوَقَّفُ عَلَى النَّصِّ فَفِي الْخَمْسِينَ مُسِنَّةٌ وَرُبْعٌ لِأَنَّ وَقَصَ الْبَقَرِ لَا يَزِيدُ عَلَى تِسْعٍ لَنَا ظَاهِرُ الْحَدِيثِ النَّوْعُ الثَّالِثُ الْإِبِلُ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الشُّرُوطِ وَالْمَوَانِعِ وَكَثِيرٍ مِنَ الْفُرُوعِ فِي النَّقْدَيْنِ وَالْغنم وَالْكَلَام هَا هُنَا على السَّبَب وَفِي الْكتاب لَيْسَ فِيهَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ مِنَ الْإِبِلِ صَدَقَةٌ وَفِيهَا شَاةٌ إِلَى عَشْرٍ فَشَاتَانِ إِلَى خَمْسَةَ عَشَرَ فَثَلَاثُ شِيَاهٍ إِلَى عِشْرِينَ فَأَرْبَعُ شِيَاهٍ إِلَى خَمْسٍ وَعِشْرِينَ فَبِنْتُ مَخَاضٍ فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ فَابْن لبون ذكر فَإِن يُوجَدَا جَمِيعًا خُيِّرَ رَبُّهَا عَلَى بِنْتِ مَخَاضٍ إِلَّا أَنْ يُعْطِيَ شَيْئًا خَيْرًا مِنْهَا فَلَيْسَ لِلسَّاعِي رَدُّهَا فَإِنْ أَبَى فَابْنُ لَبُونٍ لَمْ يَأْخُذْهُ إِلَى سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ فَبِنْتُ لَبُونٍ إِلَى سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ فَحِقَّةٌ طَرُوقَةُ الْفَحْلِ إِلَى إِحْدَى وَسِتِّينَ فَجَذَعَةٌ إِلَى سِتَّةٍ وَسَبْعِينَ فَابْنَتَا لَبُونٍ إِلَى إِحْدَى وَتِسْعِينَ فَحِقَّتَانِ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةٌ خُيِّرَ السَّاعِي بَيْنَ حِقَّتَيْنِ وَثَلَاث بَنَات لبون قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَأْخُذُ إِلَّا بَنَاتِ لَبُونٍ كُنَّ فِي الْإِبِلِ أَمْ لَا وَاتَّفَقُوا إِذَا بَلَغَتْ ثَلَاثِينَ وَمِائَةً أَنَّ فِيهَا حِقَّةٌ وَابْنَتَيْ لَبُونٍ نَظَائِرُ قَالَ الْعَبْدِيُّ مِنَ الْمَسَائِلِ الَّتِي اخْتَارَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهَا غَيْرَ اخْتِيَارِ مَالِكٍ أَربع مَا تقدم فِي بَنَات اللَّبُون إِذا قَالَ أَنْت حر وَعَلَيْك مائَة قَالَ ملك هُوَ حُرٌّ وَعَلَيْهِ مِائَةٌ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ حُرٌّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِذَا اخْتَلَطَ دِينَارٌ لِرَجُلٍ بِمِائَةٍ لِآخَرَ فَضَاعَ مِنْهَا دِينَارٌ قَالَ ملك هما

شَرِيكَانِ هَذَا بِمِائَةِ جُزْءٍ وَهَذَا بِجُزْءٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِصَاحِبِ الْمِائَةِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ وَيَقْتَسِمَانِ الدِّينَارَ نِصْفَيْنِ وَإِذَا ادَّعَى الْغُرَمَاءُ عَلَى الْوَصِيِّ التقاضي فَأنْكر فَإِنَّهُ يَحْلِفُ فَإِنْ نَكَلَ ضَمِنَ الْقَلِيلَ وَتَوَقَّفَ مَالِكٌ فِي الْكَثِيرِ وَضَمَّنَهُ إِيَّاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فَمَا زَاد فَفِي كل خمسين حقة وَأَرْبَعين ابنت لَبُونٍ فَإِذَا بَلَغَتْ مِائَتَيْنِ خُيِّرَ السَّاعِي بَيْنَ أَرْبَعِ حِقَاقٍ أَوْ خَمْسِ بَنَاتِ لَبُونٍ كَانَتِ الاسنان فِي الْإِبِل أم لَا وَيُخَير رب المَال بِأَن يَأْتِيهِ بِمَا شَاءَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْإِبِلِ أَحَدُهُمَا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْغَنَمِ كِتَابُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي جَمِيعِ الْأَنْعَامِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ الْوَاجِبُ فِي الْمِائَتَيْنِ أَرْبَعُ حِقَاقٍ أَوْ خَمْسُ بَنَاتِ لَبُونٍ وَالْخِيَارُ فِي ذَلِكَ لِلسَّاعِي أَوْ لِرَبِّ الْمَالِ وَالتَّفْرِقَةُ إِنْ وُجِدَا جَمِيعًا يُخَيَّرُ السَّاعِي وَإِنْ فُقِدَا أَوْ أَحَدُهُمَا خُيِّرَ رَبُّ الْمَالِ فَالْأَوَّلُ لِوُجُودِ الْأَسْبَابِ لِلسِّنِينَ وَالثاني نَظَرًا لِأَنَّ الزَّكَاةَ مُوَاسَاةٌ وَالثَّالِثُ جَمَعَ بَيْنَ الْمُدْرَكَيْنِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا كَانَ فِي الْمِائَتَيْنِ أَحَدُ السِّنِينَ أَخذه وَإِن وجدا أَو فقدا يُخَيّر السَّاعِي قَالَ مُحَمَّدٌ يُخَيَّرُ إِلَّا أَنْ يَضُرَّ بِرَبّ المَال أَربع حقاق وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا فُقِدَا أَخَذَ السَّاعِي أَيَّ السِّنِينَ أَتَى بِهِ رَبَّ الْمَالِ قَالَ أَصْبَغُ وَلَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ بَلْ هُوَ مُخَيَّرٌ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ إِذَا زَادَتِ الْمِائَةُ وَالْعِشْرُونَ وَاحِدَةً لَا يُخَيَّرُ بَيْنَ الْحِقَّتَيْنِ وَبَنَاتِ اللَّبُونِ إِلَّا إِذَا اجْتَمَعَا فِي الْمَالِ وَالْغَنَمِ الْمَأْخُوذَةِ فِي الْإِبِلِ يَتَعَيَّنُ فِيهِمَا الضَّأْنُ وَالْمَعَزُ بِحَسَبِ حَالِ غَنَمِ الْبَلَدِ وَقَالَ فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ يُعْتَبَرُ حَالُ الْمَالِكِ إِذَا كَانَ مُخَالِفًا للبلد فِي غَنَمِهِ فَائِدَةٌ قَالَ سَنَدٌ الذَّوْدُ لِمَا بَيْنِ الثَّلَاثَةِ إِلَى الْعَشْرَةِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِلَى تسع وَمَا فَوق التسع شقّ إِلَى أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ وَلَا يَنْقُصُ الذَّوْدُ عَنْ ثَلَاثَة كالبقر

وَقَالَ غَيْرُهُ لَا وَاحِدَ لِلذَّوْدِ مِنْ لَفْظِهِ كَالنِّسَاءِ وَالْخَيْلِ وَقَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ يُقَالُ الْوَاحِدُ وَالْجَمَاعَةُ ذَوْدٌ قَالَ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَعْرُوفُ فِي اللُّغَة والْحَدِيث يؤكده فانك تَقول خمس رجال وَلَا تَقول خمس رجل قَالَ المطرزي وَغَيره من اللغويين هُوَ اسْم لِلْإِنَاثِ دُونَ الذُّكُورِ وَلِذَلِكَ حُذِفَتِ التَّاءُ مِنَ الْخَمْسِ فِي الْحَدِيثِ وَتَكُونُ الزَّكَاةُ فِي الذُّكُورِ بِالْإِجْمَاعِ لَا بِالْحَدِيثِ نَظِيرُهُ {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} النِّسَاء 25 وَأَلْحَقَ بِهِنَّ الْعَبِيدَ عَكْسُهُ مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عبد تَفْرِيع قَالَ وَدفع بِغَيْر مَوضِع الشَّاة فِي الْخُمْسِ يَتَخَرَّجُ عِنْدَنَا عَلَى جَوَازِ إِخْرَاجِ الْقيم فِي الزَّكَاة وَجوز ح الْوَجْهَيْنِ وش الْبَعِير فِي الْخَمْسَة دُونَ الْقِيمَةِ وَالْبَعِيرُ عَنْ شَاةٍ فِي أَرْبَعِينَ مِنَ الْغَنَمِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأَصْلَ إِخْرَاجُ الزَّكَاةِ مِنَ الْجِنْسِ وَلَا يَأْخُذُ ابْنَ اللَّبُونِ مَعَ وُجُودِ ابْنَةِ مَخَاضٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَالَهُ ش وَجوزهُ ح إِذا كَانَ بقسمها لَنَا مَا فِي النَّصِّ مِنِ اشْتِرَاطِ عَدَمِ وجدانها فِي أجذه وَالْفرق لنا بَين جَوَاز أَخذ الأعلا سنا وَبَين أَخذ الْأَدْنَى أَن الأعلا كالمتضمن للأدنى فِي ذَاتِهِ فَلَا قِيمَةَ وَالْأَدْنَى إِنَّمَا يُسَاوِي الأعلا بِقِيمَتِهِ لَا بِذَاتِهِ وَمَنَعَ قَوْمٌ مِنْ أَخْذِ ابْنِ اللَّبُونِ إِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ بِنْتُ مَخَاضٍ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى ثَمَنِهَا قِيَاسًا عَلَى الْقُدْرَةِ عَلَى ثَمَنِ الْمَاءِ فِي الطَّهَارَةِ وَالرَّقَبَةِ فِي الظِّهَارِ وَالْفَرْقُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى اشْتَرَطَ فِيهَا عَدَمَ الْمَاءِ وَالرَّقَبَةِ مُطْلَقًا فَعَمَّ الْعَيْنَ وَثمنهَا وَاشْترط هُنَا عدمهَا خَالِصا بِالْمَالِ فَقَالَ إِن لَمْ تُوجَدْ فِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ وَلِأَنَّ الزَّكَاةَ مُوَاسَاةٌ فَتُحْبَسُ فِيهَا الرِّفْقُ بِخِلَافِهِمَا وَإِذَا كَانَ فِي الْمَالِ بِنْتُ مَخَاضٍ مَعِيبَةٌ جَازَ ابْنُ اللَّبُونِ فَإِنْ أَخْرَجَ ابْنَ اللَّبُونِ وَزَادَ ثَمَنًا وَعِنْدَهُ بِنْتُ مَخَاضٍ أَوْ بِنْتُ مَخَاضٍ مَكَانَ بِنْتِ لَبُونٍ

وَزَادَ ثَمَنًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا خَيْرَ فِيهِ فَإِنْ وَقَعَ أَجْزَأَ وَقَالَ أَصْبَغُ عَلَيْهِ فِي الأول رد الثّمن لِأَخْذِهِ إِيَّاهُ بِغَيْرِ حَقٍّ وَعَلَى الْمَالِكِ فِي الثَّانِي إِعْطَاءُ الْأَصْلِ قَالَ وَالْأَحْسَنُ الْإِجْزَاءُ فِي الْوَجْهَيْنِ لِأَن السَّاعِي حَاكم فَلَا ينقص حكمه وَإِذا لم يكن فِي المَال الشيئان وَخير على بنت مَخَاض وأتى بِابْنِ لَبُونٍ فَفِي الْكِتَابِ لِابْنِ الْقَاسِمِ ذَلِكَ إِلَى السَّاعِي وَقَالَ مَالك فِي الْمُوازِية لايأخذ إِلَّا ابْنَةَ مَخَاضٍ لِأَنَّهَا أَفْضَلُ لِلْمَسَاكِينِ وَإِنَّمَا جوز الشَّرْع أَخذه وَحَالَة وجوده فِي المَال المتيسر وَهَاهُنَا هُمَا مَعْدُومَانِ فَيَرْجِعُ إِلَى الْأَصْلِ وَلَوْ وَجَبَتْ بنت لون فَلَمْ تُوجَدْ وَوَجَدَ حِقًّا لَمْ يُؤْخَذْ بِخِلَافِ ابْنِ اللَّبُونِ عَنْ بِنْتِ مَخَاضٍ وَالْفَرْقُ أَنَّ ابْن اللَّبُون يمْتَنع عَن صغَار السبَاع وَيُرِيد الْمَاءَ وَيَرْعَى الشَّجَرَ فَعَادَلَتْ هَذِهِ الْفَضِيلَةُ فَضِيلَةَ الْأُنُوثَةِ وَالْحَقُّ لَا يَخْتَصُّ بِمَنْفَعَةٍ فَلَوْ وَجَبَتْ حقة فَدفع ابْن لَبُونٍ لَمْ يَجُزْ خِلَافًا لِ ش مُحْتَجًّا بِأَنَّهُمَا يجزئان عَنِ السَبْعَيْنِ فَأَوْلَى عَنِ السِتِّينَ كَمَا كَانَ فِي بِنْتِ مَخَاضٍ مَعَ الشَّاةِ فِي الْخَمْسِ وَهَذَا عِنْدَنَا بِخِلَافِ إِخْرَاجِ الْجَذَعَةِ عَنِ الْحِقَّةِ أَو حقتين عَنْ بِنْتَيْ لَبُونٍ لِحُصُولِ الْوَاجِبِ عَدَدًا وَمَعْنًى مَعَ زِيَادَةِ الْفَضِيلَةِ أَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْمِائَتَيْنِ إِلَّا اخذ السِّنِينَ الْحِقَاقِ أَوْ بَنَاتِ اللَّبُونِ لَمْ يُجْبَرْ رَبُّ الْمَالِ عَلَى الشِّرَاءِ وَقَالَهُ ش خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنَّا فَإِنْ فُقِدَا فَفِي الْكِتَابِ يَتَخَيَّرُ السَّاعِي وَإِذَا زَادَتْ عَلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ قَالَ ح رَجَعَتِ الزَّكَاةُ إِلَى الْغَنَمِ فِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ فَمَا زَادَ يُضَافُ إِلَى الْإِبِلِ الْمَأْخُوذَةِ إِلَى مِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ فَحِقَّتَانِ لِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ وَبِنْتُ مَخَاضٍ لِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ إِلَى مِائَةٍ وَخَمْسِينَ فَثَلَاثُ حِقَاقٍ فَمَا زَادَ فَبِالْغَنَمِ حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ فَبِنْتُ مَخَاضٍ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَتَبَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فِي الصَّدَقَاتِ وَالدِّيَاتِ وَفِيهِ إِذَا زَادَتْ عَلَى مِائَةٍ وَعشْرين استؤنفت الْفَرِيضَة وَرُوِيَ تُعَاد الْفَرِيضَة عَلَى أَوَّلِهَا وَجَوَابُهُ أَنَّهُ رُوِيَ عَلَى غَيْرِ هَذَا وَحَدِيثُ أَنَسٍ مَشْهُورٌ بَيْنَ

الْخُلَفَاءِ بِخِلَافِهِ وَالْإِبِلُ فِيهِ مُرَتَّبَةٌ إِلَى الْمِائَتَيْنِ وَفِيهِ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ وَلِأَنَّ كُلَّ مَالٍ وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنْ جِنْسِهِ لَا تَجِبُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ أَصْلُهُ الْبَقَرُ وَالْغَنَمُ وَإِنَّمَا ذَلِكَ ابْتِدَاءٌ لِضَعْفِ الْمَالِ عَنِ الْمُوَاسَاةِ بِعَيْنِ الْمَالِ فَإِنْ رَأَى السَّاعِي رَأْيَ ح أَجْزَأَ لِأَنَّهُ حَاكِمٌ وَلَهُ عِنْدَنَا أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الحقاق وَبَنَات اللَّبُون وَأَن يفردا إِذا يفردا إِذا بلغت أَربع مائَة خلافًا لبَعض الشَّافِعِيَّة الْجَمِيع لنا انه وجد الشَّأْن فَيتَخَيَّر أما زَادَتْ وَاحِدَةً فَيَتَخَيَّرُ عِنْدَ مَالِكٍ بَيْنَ الْحِقَّتَيْنِ وَثَلَاث بَنَات لبون لظَاهِر قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَمَا زَاد فَفِي كل خمسين حقة وَأَرْبَعين بنت لبون فعلق الْحُكَّام بِمُطلق الزِّيَادَةِ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَا رُوِيَ عَن نُسْخَة كتاب عَمْرو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَإِذَا كَانَتْ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَةً فَفِيهَا ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ حَتَّى تَبْلُغَ تسعا وَعشْرين وَمِائَة وَلِأَن الزَّائِد على أحد وَتِسْعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَقَصٌ فَإِذَا لَمْ يتَعَيَّن بِالْوَاحِدَةِ اتَّصَلَ بِهِ وَقَصٌ آخَرُ وَلَا يُوجَدُ وقصان وَرُوِيَ عَن مَالك لَيْسَ لَهُ إِلَّا حقتان إِلَى ثَلَاثِينَ وَمِائَة لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَمَا زَادَ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ وَهُوَ يَقْتَضِي اجْتِمَاعَ الفرضين فَلَا بُد من عشرَة حَتَّى تحصل خَمْسُونَ بَعْدَ أَرْبَعِينَ وَلَوْ أَرَادَ التَّخْيِيرَ لَقَالَ فِي كل خمسين حقة وَلِأَن الزِّيَادَة هِيَ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْفَرْضِ كَالْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ وَالسَّادِسِ وَثَلَاثِينَ وَكَذَلِكَ سَائِرُ الزَّوَائِدِ وَثَلَاثُ بَنَاتِ لبون مُتَعَلقَة بِمِائَة وَعشْرين فالزايدة لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا فَرْضٌ فَلَا تُغَيِّرُهُ كَسَائِرِ مَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ فَرْضٌ وَإِذَا قُلْنَا بِالتَّخْيِيرِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ سَوَاءٌ كَانَ السِّنَانُ فِي الْإِبِلِ أَمْ لَا وَخَرَجَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ إِذَا لَمْ يَجِدْ فِي الْمِائَتَيْنِ إِلَّا أَحَدَ السِّنِينَ لَيْسَ لَهُ إِلَّا إِيَّاه فَكَذَلِك هَا هُنَا وَإِذَا قُلْنَا يَتَغَيَّرُ الْفَرْضُ بِوَاحِدَةٍ إِلَى ثَلَاثٍ بَنَاتِ لَبُونٍ فَزَادَتْ بَعْضُ وَاحِدَةٍ لَمْ يُؤَثِّرْ خِلَافًا لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ حَمْلًا لِلزِّيَادَةِ عَلَى الْمُعْتَادِ

فُرُوعٌ فِي الْكِتَابِ لَا يَأْخُذُ السَّاعِي دُونَ الشَّيْء الْمَفْرُوضِ وَزِيَادَةُ ثَمَنٍ وَلَا فَوْقَهُ وَيُؤَدِّي ثَمَنًا وَلَا يَشْتَرِي مِنَ السَّاعِي شَيْئًا قَبْلَ خُرُوجِهِ إِذْ لَا يَدْرِي صِفَةَ مَا يَقْتَضِيهِ وَلَا يَشْتَرِي الْإِنْسَان مَا عَلَيْهِ بِدَيْنٍ لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ وَلَا يَأْخُذُ السَّاعِي فِيهَا دَرَاهِمَ وَاسْتُحِبَّ عَدَمُ شِرَاءِ الصَّدَقَةِ وَإِنْ قُبِضَتْ قَالَ سَنَدٌ إِخْرَاجُ الْقِيَمِ فِي الزَّكَاةِ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ كَرَاهِيَتُهُ وَإِنْ وَقَعَ صَحَّ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَقَالَهُ مَالِكٌ وَمَنَعَ أَصْبَغُ الصِّحَّةَ هَذَا إِذَا لم يجد الْمَفْرُوض وَأما إِذَا وَجَدَهُ فَلَا يَجُوزُ الْعُدُولُ عَنْهُ إِلَّا عِنْدَ ح وَجْهُ الْكَرَاهِيَةِ تَعْيِينُ النُّصُوصِ لِأَسْنَانِ الْمَاشِيَةِ وَفِي الْبُخَارِيِّ فِي كِتَابِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَنْ لَيْسَتْ عِنْدَهُ بِنْتُ مَخَاضٍ وَعِنْدَهُ بِنْتُ لَبُونٍ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ وَيُعْطِيهِ الْمُصَّدِّقُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ شَاتَيْنِ وَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ الْحِقَّةِ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ إِلَّا بنت لبون قُبِلَتْ مِنْهُ وَيُعْطِي شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا وَإِذَا قُلْنَا بِالْجُبْرَانِ فَالْمَذْهَبُ عَدَمُ التَّحْدِيدِ بَلْ تطلب الْقِيمَةَ مَا بَلَغَتْ نَظَرًا لِحَقِّ الْمَسَاكِينِ وَحَدَّهُ ش بِمَا فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ حَتَّى مَنَعَ أَخْذَ شَاةٍ وَعَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَرَأَى التَّحْدِيدَ تَعَبُّدًا وَإِذَا فُقِدَتِ الْحِقَّةُ الْمَفْرُوضَةُ وَوُجِدَتِ الْجَذَعَةُ وَبِنْتُ اللَّبُونِ وَأَرَادَ السَّاعِي إِحْدَاهُمَا وَرَبُّ الْمَالِ الْأُخْرَى فَالْمَذْهَبُ لَا يُجْبِرُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ بَلْ لَيْسَ لِلسَّاعِي إِلَّا الْمَفْرُوضُ وَخَيَّرَهُ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ كَالْمِائَتَيْنِ مِنَ الْإِبِلِ وَالْمَذْهَبُ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِمَا يَجُوزُ أَخْذُهُ مِنَ الْإِبِلِ لَا بِمَا يَكُونُ كَالْقِيمَةِ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الشِّرَاءِ أَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ فَظَاهِرٌ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ

وَالْغَنَمُ الْمَأْخُوذَةُ فِي الْإِبِلِ لِتَعَلُّقِهَا بِالذِّمَّةِ فَيَكُونُ دَيْنًا وَاخْتُلِفَ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ مِنَ الْحَرْثِ ولاثمار وَالْمَاشِيَةِ فَظَاهِرُ قَوْلِهِ التَّسْوِيَةُ وَأَنَّ الْجَمِيعَ مُتَعَلِّقٌ بِالذِّمةِ وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ منا وح مُتَعَلِّقَةٌ بِالْعَيْنِ وَلِلشَّافِعِيَّةِ قَوْلَانِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ} المعارج 24 فَجَعَلَهُ فِي الْأَمْوَالِ لَا فِي الذِّمَمِ لَنَا أَنَّ لَهُ الْعُدُولَ عَنِ الْمَالِ وَالدَّفْعَ مِنْ غَيْرِهِ فَتَكُونُ مُتَعَلِّقَةً بِالذِّمَّةِ وَالْمَالُ سَبَبُ التَّعَلُّقِ وَلَفْظُة فِي السبيبة فِي الْآيَة كَقَوْلِه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي النَّفْسِ الْمُؤْمِنَةِ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ أَيْ سَبَب قَتْلِهَا يُوجِبُ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ لِتَعَذُّرِ حُصُولِ الْإِبِل فِي النَّفس وَأما سُقُوطُهُ بِالتَّلَفِ فَلِذَهَابِ شَرْطِ الْوُجُوبِ الَّذِي هُوَ التَّمَكُّنُ وَإِذَا قُلْنَا يجِبُ فِي الْعَيْنِ فَيَمْتَنِعُ الْبَيْعُ لِلْجَهَالَةِ وَأَمَّا شِرَاؤُهَا بَعْدَ الْقَبْضِ فَلِمَا فِي الْمُوَطَّأِ قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ عَتِيقٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَكَانَ الرَّجُلُ الَّذِي هُوَ عِنْدَهُ قَدْ أَضَاعَهُ فَأَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِيَهُ مِنْهُ وَظَنَنْتُ أَنَّهُ بَائِعُهُ بِرُخْصٍ فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ لَا تَشْتَرِهِ وَلَوْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ وَاحِدٍ فَإِنَّ الْعَائِدَ فِي صَدَقَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قيئه فَإِذا صنع ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْوَاجِبِ فَأَوْلَى فِي الْوَاجِبِ إِلَّا أَنْ تَدْعُوَ لِذَلِكَ حَاجَةٌ قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ أَكْرَهُ شِرَاءَهَا مِنَ الْمُتَصَدِّقِ عَلَيْهِ وَمِنْ غَيْرِهِ وَخَصَّصَ أَشْهَبُ الْكَرَاهَةَ بِالْمُتَصَدِّقِ عَلَيْهِ وَقَالَهُ مَالِكٌ أَيْضًا وَبِالْأَوَّلِ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ نَظَرًا إِلَى أَن مَا ترك الله لَا يَنْبَغِي لَهُ الْعَوْدُ فِيهِ وَهَذَا حُكْمٌ عَطِيَّةٍ لِلَّهِ وَإِنْ كَانَتِ الْقُرْبَةُ إِنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِثَمَنِهَا كَامْرَأَةٍ جَعَلَتْ خُلْخَالَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَا تُخْرِجُ قِيمَتَهُ قَالَهُ سَحْنُونٌ وَلَمْ يَخْتَلِفْ ملك وَأَصْحَابُهُ فِي الْمُتَصَدِّقِ بِغَلَّةٍ أَصْلَ سِنِينَ أَوْ حَيَاةَ الْمُحَبَّسِ عَلَيْهِ أَنَّ لَهُ شِرَاءَ ذَلِكَ لأجل ضَرُورَة الْمَالِك فِي الأَصْل ولترخيصه

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي شِرَاء الْعرية وَمنع عبد المبلك لِمَا تَقَدَّمَ فَإِنْ كَانَتِ الْعَطِيَّةُ سُكْنَى أَوْ إخدا مَا فَجَوَّزَهُ مَالِكٌ أَيْضًا لِدَرْءِ الضَّرَرِ وَمَنَعَ مِنْ رُكُوبِ الْفَرَسِ الْمَجْعُولِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بِجَوَازِ الْيَسِيرِ مِنْ ذَلِكَ وَشُرْبِ لبن الْغنم وَأما لَو تصدق على وَلَده فَيجوز شِرَاؤُهُ بِخِلَاف الْأَجْنَبِيّ قَالَه ملك فِي الْمُدَوَّنَةِ وَكَذَلِكَ شُرْبُ اللَّبَنِ وَالْكُسْوَةُ مِنَ الصُّوفِ لِتَمَكُّنِ حَقُّ الْأَبِ مِنْ مَالِ الِابْنِ وَرَوَى أَشْهَبُ الْمَنْعَ طَرْدًا لِلْقَاعِدَةِ وَإِذَا جَوَّزْنَا فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ تَخْصِيصَهُ بِالصَّغِيرِ لِأَنَّ الْأَبَ يُنَمِّي لَهُ مَالَهُ وَرَوَى غَيْرُهُ تَخْصِيصَ ذَلِكَ بالكبير لاعْتِبَار إِذْنه بِخِلَافِ الصَّغِيرِ وَالْأُمُّ فِي ذَلِكَ كَالْأَبِ وَلَوْ رَجَعَتِ الصَّدَقَةُ بِمِيرَاثٍ فَلَا كَرَاهَةَ لِأَنَّهُ جَبْرِيٌّ وَلَوْ تَرَافَقَا فِي الطَّرِيقِ فَأَخْرَجَ الْمُتَصَدِّقُ عَلَيْهِ مِنْ دَرَاهِمِ الصَّدَقَةِ وَأَخْرَجَ الْمُتَصَدِّقُ مِثْلَهَا أَجَازَهُ مَالِكٌ لِخِفَّتِهِ فَإِنْ وَقَعَ الْبَيْعُ الْمَكْرُوهُ فَالْجُمْهُورُ على عدم الفسح خِلَافًا لِابْنِ شَعْبَانَ وَلَا يُكْرَهُ لِغَيْرِ الْمُتَصَدِّقِ شراؤها فَوَائِد قَالَ سَنَد أَسْنَان الْإِبِل أحوار فَإِذَا فُصِلَ عَنْ أُمِّهِ فَهُوَ فَصِيلٌ وَبَعْدَ سَنَةٍ بِنْتُ مَخَاضٍ إِلَى سَنَتَيْنِ لِأَنَّ أُمَّهَا تَكُونُ حَامِلًا وَالْمَخَاضُ وَجَعُ الطَّلْقِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فأجأها الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ} مَرْيَم 23 فَإِذَا دَخَلَتْ فِي الثَّالِثَةِ فَبِنْتُ لَبُونٍ لِأَنَّ أُمَّهَا ذَاتُ لَبَنٍ فَإِذَا تَمَّتِ الثَّالِثَةَ فَهِيَ حِقَّةٌ وَحِقٌّ لِلذَّكْرِ إِلَى أَرْبَعٍ لِاسْتِحْقَاقِهَا الْحَمْلَ وَالْفَحْلَ وَبِدُخُولِهَا الْخَامِسَةَ جَذَعَةٌ وَالسَّادِسَةُ ثَنِيَّةٌ وَلِلذَّكَرِ ثَنِيٌّ لِإِلْقَائِهَا ثَنِيَّتَهَا وَالسَّابِعَةُ رُبَاعِيَّةٌ وَرُبَاعٌ لِلذَّكَرِ لِإِلْقَائِهَا رُبَاعِيَّتَهَا وَالثَّامِنَة تلقي سنّ السُّدس الَّذِي بعد الرّبَاعِيّة فَهِيَ سدس وسديس وَفِي

التَّاسِعَة يَبْزُلُ نَابُهَا أَيْ يَطْلَعُ فَهِيَ بَازِلٌ وَفِي الْعَاشِرَةِ مُخَلَّفٌ وَلَيْسَ لَهُ اسْمٌ بَلْ مُخَلَّفُ عَامَيْنِ وَمُخَلَّفُ ثَلَاثٍ إِلَى خَمْسِ سِنِينَ وَتُسَمَّى الْحَامِلُ خَلِفَةً قَالَ ابْنُ حَاتِمٍ وَالْجَذَعَةُ وَقْتٌ لَيْسَ بِسِنٍّ وَفُصُولُ الْأَسْنَانِ عِنْدَ طُلُوعِ سُهَيْلٍ لِقَوْلِهِمْ (إِذَا سُهَيْلٌ آخِرَ اللَّيْلِ طَلَعَ ... فَابْنُ اللَّبُونِ الْحَقْ وَالْحَقِ الْجَذَعَ) (لَمْ يَبْقَ مِنْ أَسْنَانِهَا غَيْرُ الْهُبَعِ ... ) وَالْهُبَعُ هُوَ الَّذِي يُولَدُ لِغَيْرِ حِينِهِ وَرَوَى عَبْدُ الْحَقِّ فِي الْأَحْكَامِ مَغْرِبَ الشَّمْسِ بَدَلَ آخِرَ اللَّيْلِ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ أَوَّلَ اللَّيْلِ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ لِلصَّوَابِ فَإِنَّ الْإِبِلَ تَنْزُو فُحُولُهَا عَلَى إِنَاثِهَا أَوَّلَ الصَّيْفِ وَهِيَ تَحْمِلُ سِنَّةً فَتَلِدُ حِينَئِذٍ فَتَنْتَقِلُ الْأَسْنَانُ حِينَئِذٍ وَسُهَيْلٌ يَطْلُعُ أَوَّلَ اللَّيْلِ أَوَّلَ الشِّتَاءِ وَآخِرَ اللَّيْلِ أَوَّلَ الصَّيْفِ فَيَسْتَقِيمُ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ فَإِنَّ الْفجْر يكون بالجبهة وَقَدْ مَضَى مِنَ الصَّيْفِ النَّثْرَةُ وَالطَّرْفُ وَأَمَّا على رِوَايَة أول اللَّيْل فَيكون الْفجْر بِسَعْد الذَّابِحِ فَلَمْ تُكْمِلِ الْإِبِلُ سَنَةً حَتَّى تَنْتَقِلَ وَالَّذِي لَمْ يُولَدْ أَوَّلَ الصَّيْفِ لَا يَنْتَقِلُ مَعهَا لتقدمه أَو لتأخره فيسمى الْهُبَعُ وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ أَوَّلُ نِتَاجِ النَّاقَةِ رَبْعٌ وَالْأُنْثَى ربعَة وَفِي آخِره هيج وَالْأُنْثَى هيجة وَالشَّارِفُ هِيَ الْمُسِنَّةُ الْهَرِمَةُ وَالْبِكْرُ الصَّغِيرُ مِنْ ذُكُورِ الْإِبِلِ وَالْمَهَارِيُّ الْإِبِلُ الْمَسْنُونَةُ إِلَى مَهْرَةَ بن حيدان قوم من أهل الْيمن والأرجية من إبل الْيمن وَكَذَلِكَ الحيدية والعقيلية نجدتة صِلَابٌ كِرَامٌ تَبْلُغُ

الْوَاحِدَة مائَة دِينَار والقرملية إبل التّرْك والقوالح فحول سندية ترسل فِي الْعِرَابِ فَتُنْتِجُ الْبُخْتَ الْوَاحِدُ بُخْتِيٌّ وَالْأُنْثَى بُخْتِيَّةٌ والناضح الَّذِي يسْقِي عَلَيْهِ المَاء

فارغة

(الباب السادس في زكاة الخلطة)

(الْبَابُ السَّادِسُ فِي زَكَاةِ الْخُلْطَةِ) وَهِيَ عِنْدَنَا وَعِنْدَ ش وَابْنِ حَنْبَلٍ مُؤثرَةٌ مَشْرُوعَةٌ خِلَافًا ل ح لَنَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ وَمَا كَانَ مِنَ الْخَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَادَّانِ بِالسَّوِيَّةِ فَلَوْلَا تَأْثِيرُهَا لَمَا نُهِيَ عَنْهَا وَلَا يُمْكِنُ حَمْلُهَا عَلَى الشَّرِيكَيْنِ لِأَنَّ الشَّرِيكَيْنِ لَا فَرْقَ بَيْنَ اجْتِمَاعِهِمَا وَافْتِرَاقِهِمَا فَلَا مَعْنًى لِلنَّهْيِ حِينَئِذٍ وَكَذَلِكَ الْمَالِكُ الْوَاحِدُ لَهُ أَن يجمع وَيفرق إِجْمَاعًا وَلِأَن الِاخْتِلَاط فيؤثر فِي الْمُؤْنَة فِي الزَّكَاةِ كَالسَّقْيِ فِي الزَّرْعِ وَيَتَّجِهُ الْفِقْهُ فِي حَقِيقَتهَا وشروطها وتراجع أَهلهَا وتعددها واجتماع الِانْفِرَاد مَعَهَا فَهَذِهِ خَمْسَةُ فُصُولٍ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي حَقِيقَتِهَا وَهِيَ ضَمُّ الْمَاشِيَتَيْنِ لِنَوْعٍ مِنَ الرِّفْقِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا تَأْثِيرَ لَهَا فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَمْوَالِ سِوَى الْمَاشِيَةِ فِي جُمْلَةِ أَنْوَاعِهَا الْفَصْلُ الثَّانِي فِي شُرُوطِهَا وَهِيَ سِتَّةٌ الشَّرْطُ الأول النّصاب وَفِي الْكتاب من نقضت حِصَّتُهُ عَنِ النِّصَابِ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فَإِنْ أَخَذَ السَّاعِي مِنْهُمَا فَإِنَّهُمَا يَتَرَادَّانِ إِنْ كَانَ الْجَمِيعُ نِصَابًا لَنَا أَنَّ النِّصَابَ هُوَ السَّبَبُ وَلَا زَكَاةَ مَعَ عَدَمِ السَّبَبِ وَأَمَّا التَّرَاجُعُ فَلِأَن

السَّاعِي حَاكِمٌ أَخَذَهُ كَحُكْمِ الْحَاكِمِ إِذَا اتَّصَلَ بِمَوَاقِعِ الْخِلَافِ وَتَعَيَّنَ مَا حَكَمَ بِهِ وَقَالَ ش إِذَا كَانَ لِأَرْبَعِينَ أَرْبَعُونَ شَاةً زُكُّوا زَكَاةَ الْخُلْطَةِ لِأَنَّ الْخُلْطَةَ تُصَيِّرُ الْأَمْوَالَ كَمَالٍ وَأَخْذُهُ قِيَاسًا عَلَى الْحَوَائِطِ الْمُحَبَّسَةِ عَلَى غَيْرِ الْمُعَيَّنِينَ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أنَّمَا نُسَلِّمُهُ بَعْدَ تَحَقُّقِ النِّصَابِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْجَمِيعَ عَلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ وَهُوَ وَاحِدٌ وَيَتَخَرَّجُ عَلَى قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ أنَّ صَاحِبَ النِّصَابِ يُزَكِّي بِحِسَابِ الْخُلْطَةِ دُونَ نَاقِصِ الْمِلْكِ عَنِ النِّصَابِ كَمَا قَالَ فِي الْعَبْدِ وَالذِّمِّيِّ فَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا أَرْبَعُونَ وَلِلْآخَرِ دُونَهَا فَلَا يَرْجِعُ صَاحِبُ الْأَرْبَعِينَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِ مَضَرَّةٌ قَالَ الْبَاجِيّ وَيحمل عِنْدِي إِذا قصد السَّاعِي أَحدهَا مِنْهُمَا أَن يرجع عَلَيْهِ فَلَو كَانَ الْجَمِيعُ دُونَ النِّصَابِ فَلَا يَرْجِعُ لِأَنَّهَا مَظْلَمَةٌ إِجْمَاعًا بَلْ يَرْجِعُ بِهَا عَلَى مَنْ أَخَذَهَا وَفِي الْكِتَابِ لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا أَرْبَعُونَ وَللْآخر خَمْسُونَ وللثالث شَاة فَأَخذهَا السَّاعِي يرجع عَلَيْهِمَا بِقِيمَتِهَا إِلَّا أَنْ تَكُونَ مِنْ كَرَائِمِ الْأَمْوَال فليسقط مَا زَاد على قيمَة المجزي إِلَّا أَنْ يَأْخُذَهَا بِرِضَاهُمَا وَإِذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا مائَة وَعشرَة وَللْآخر أحد عشر تَرَاجَعَا قِيمَةَ الشَّاتَيْنِ لِإِدْخَالِ صَاحِبِ الْقَلِيلِ الْمَضَرَّةَ عَلَى صَاحِبِ الْكَثِيرِ فَلَوْ كَانَ لَهُ أَلْفُ شَاةٍ أَوْ أَقَلُّ وَلِلْآخَرِ أَرْبَعُونَ فَأَكْثَرَ تَرَاجَعَا قَالَ سَنَد شَأْن السَّاعِي أَن لَا يَأْخُذ إِلَّا شَاة من الْأَكْثَر دون الْأَحَد عَشْرَةَ فَإِنْ أَخَذَ شَاتَيْنِ فَهُوَ قَوْلُ قَائِلٍ فَلَا يَخْتَصُّ أَحَدُهُمَا بالثانيةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَصِفَةُ التَّرَاجُعِ أَنْ يَتَرَاجَعَا عَلَى عَدَدِ غَنَمِهِمَا أُخِذَتَا مِنْهُمَا وَمِنْ أَحَدِهِمَا وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَخْتَصُّ التَّرَاجُعُ بِالشَّاةِ الثانيةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا تَرَاجَعَا بِالْقِيمَةِ فَيَوْمَ الْأَخْذِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيَوْمَ الْوَفَاءِ عِنْدَ أَشْهَبَ نَظَرًا إِلَى أَنَّهُ كَالْمُسْتَهْلِكِ وَالْمُسْتَسْلِفِ الشَّرْطُ الثَّانِي الْحَوْلُ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا حَالَ حَوْلُ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ زَكَّى زَكَاةَ الْمُنْفَرِدِ كَمَا لَوْ كَانَ خَلِيطَهُ

بِغَيْرِ الْجِنْسِ وَعِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ يُزَكِّي زَكَاةَ الخليط فِيمَا بيدَيْهِ وَيسْقط عَن خليطه مَا يتوبه لنا قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ وَلَا تُشْتَرَطُ الْخُلْطَةُ فِي جَمِيعِ الْحَوْلِ بَلْ آخِرِهِ كَشَهْرَيْنِ أَوْ أَقَلَّ بِيَسِيرٍ قَالَهُ فِي الْكِتَابِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الشَّهْرُ وَقَالَ ابْن الْمَوَّاز يجوز الِاجْتِمَاع والافتراق فِي مَا دُونَ الشَّهْرِ مَا لَمْ يَقْرُبْ جِدًّا وَقِيلَ ذَلِك غير مَحْدُود بل يتَجَنَّب مورد النَّهْي هَذَا كُلُّهُ إِذَا كَانَ الِافْتِرَاقُ وَالِاجْتِمَاعُ مُنْقِصًا لِلزَّكَاةِ وَإِلَّا فَيُزَكَّيَانِ عَلَى مَا يُوجَدَانِ عَلَيْهِ وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ يُشْتَرَطُ جَمِيعُ الْحَوْلِ لَنَا أَنَّ الْحَدِيثَ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ فَلَا يُشْتَرَطُ وَلِأَنَّهُمَا لَوِ اجْتَمَعَا أَوَّلَهُ وَافْتَرَقَا آخِرَهُ فَلَهُمَا حُكْمُ الِافْتِرَاقِ فَكَذَلِكَ عَكْسُهُ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَوْ أَصْدَقَ مَاشِيَةً بِعَيْنِهَا فَلَمْ تَقْبِضْهَا الْمَرْأَةُ حَتَّى حَالَ الْحَوْلُ عَلَيْهَا عِنْدَ الزَّوْجِ فَطَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَمَجِيءِ السَّاعِي ثُمَّ أَتَى وَلَمْ يَقْتَسِمَاهَا أَوْ خَلَطَاهَا بَعْدَ الْقِسْمَةِ زَكَّى زَكَاةَ الْخَلِيطَيْنِ وَقَالَ ش إِنْ لَمْ يَقْتَسِمَا بَنَيَا عَلَى الْحَوْلِ وَإِنِ اقْتَسَمَا اسْتَأْنَفَا الْحَوْلَ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلْ مِلْكُ الزَّوْجِ النِّصْفُ الرَّاجِعُ بِالطَّلَاقِ أَو هُوَ بَاقٍ عَلَى أَصْلِ مِلْكِهِ قَالَ سَنَدٌ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ تُخَرَّجُ الْفَوَائِدُ فَالْمُخَالِفُ يَرَاهَا لِلزَّوْجَةِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهَا بَيْنَهُمَا وَقَالَ أَشْهَبُ يَسْتَأْنِفُ الزَّوْجُ الْحَوْلَ فَإِنْ عَادَتْ عَلَى أَصْلِ مِلْكِهِ لما للْمَرْأَة من الْقلَّة فَإِن أَتَى قبل الْقِسْمَة وهما غير خليطين قَالَ سَنَدٌ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ النِّيَّة إِنَّمَا

تُشْتَرَطُ فِي ابْتِدَاءِ الْخُلْطَةِ وَهُمَا بِالطَّلَاقِ شَرِيكَانِ كالورثة وهم خلطا وَإِن لم يقصدوا الْخلطَة الشَّرْط الثَّالِث قَالَ سَنَدٌ أَهْلِيَّةُ الزَّكَاةِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا ذِمِّيًّا أَوْ رَقِيقًا فَلَا خُلْطَةَ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ الشَّرْطُ الرَّابِعُ النِّيَّةُ قَالَ سَنَدٌ اعْتَبَرَهَا مَالِكٌ لِأَنَّهُ مَعْنًى يُغَيِّرُ مُوجِبَ الْحُكْمِ فَيَفْتَقِرُ إِلَى النِّيَّةِ كَالِاقْتِدَاءِ فِي الصَّلَاةِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ مُحْتَجًّا بِحُصُولِ الرِّفْقِ الْمَقْصُودِ وَإِنْ عُدِمَتِ النِّيَّةُ الشَّرْطُ الْخَامِسُ اتِّحَادُ نَوْعِ الْمَاشِيَةِ فَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ كُلُّهَا غَنَمًا أَوْ إِبِلًا أَوْ بَقَرًا أَمَّا إِذَا اجْتَمَعَ نَوْعَانِ زُكِّيَا زَكَاةَ الْمُنْفَرِدِ الشَّرْطُ السَّادِسُ قَالَ سَنَدٌ لَا تُشْتَرَطُ الْخُلْطَةُ فِي جُمْلَةِ أَسْبَابِ الرِّفْقِ الَّتِي هِيَ الرَّاعِي وَالْمَسْرَحُ وَالْمُرَاحُ وَالْفَحْلُ وَالْمَبِيتُ وَالدَّلْوُ الَّذِي يُورَدُ بِهِ الْمَاءُ وَالْخِلَافُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ خِلَافًا لَنَا فِيهِ وَالْمُرَاحُ الَّذِي تَرْجِعُ الْمَاشِيَةُ إِلَيْهِ وَتُجْمَعُ فِيهِ لِلِانْصِرَافِ وَقِيلَ مَوْضِعُ الْإِقَالَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ اجْتِمَاعُ الْجُمْلَةِ لِعَدَمِ دَلَالَةِ الدَّلِيلِ عَلَيْهِ وَلِحُصُولِ الرِّفْقِ فِي بَعْضِهَا وَقَالَ فِي الْكِتَابِ يَكْفِي بَعْضُهَا مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ لَا بُدَّ مِنَ الِاجْتِمَاعِ عَلَى أَكْثَرِ الْأَوْصَافِ وَلِأَنَّ الْأَقَلَّ تَبَعٌ لِلْأَكْثَرِ لَا سِيَّمَا فِي الزَّكَاةِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الرَّاعِي وَحْدَهُ كَافٍ تَشْبِيهًا لَهُ بِالْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ فِي تَغْيِيرِ حُكْمِ الْجَمِيعِ وَقَالَ أَيْضًا الرَّاعِي وَالْمَرْعَى لِأَنَّ اجْتِمَاعَهُمَا يُوجِبُ اجْتِمَاعَ الْفَحْلِ وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ يَكْفِي أَيُّ صفتين كَانَتَا يُرِيدُ مِنَ الدَّلْوِ وَالرَّاعِي وَالْفَحْلِ وَالْمُرَاحِ وَالْمَبِيت الْفَصْل الثَّالِث فِي تراجع الخلطاء وَفِي الْكِتَابِ إِذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ وَلِلْآخَرِ تِسْعٌ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَاةٌ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى التَّرَاجُعِ بِالسَّوِيَّةِ وَالْفَرْقُ بَين الوقص هَا هُنَا وَبَيْنَ الِانْفِرَادِ عَلَى الْمَشْهُورِ أَنَّ الْخُلْطَةَ فِي حُكْمِ الشَّرِكَةِ حَتَّى لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا سَبْعٌ وَلِلْآخَرِ ثَمَانٍ وَجَبَتِ الزَّكَاةُ فِي الزَّائِدِ قَالَ سَنَدٌ لَوْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ خَمْسَةِ بقر خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ رَجَعَ مَنْ أُخِذَتْ مِنْهُ بنت

الْمَخَاضِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ بِخُمْسِ قِيمَتِهَا وَكَذَلِكَ التَّرَاجُعُ فِي الْبَقْرِ فَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا أَرْبَعُونَ جَامُوسًا وَلِلْآخَرِ ثَلَاثُونَ بَقَرَةً فَأَخَذَ مُسِنَّةً مِنَ الْجَوَامِيسِ وَتَبِيعًا مِنَ الْبَقَرِ فَالْأَظْهَرُ عَدَمُ التَّرَاجُعِ وَيُحْتَمَلُ التَّرَاجُعُ بِالْقِيمَةِ وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا مِائَةٌ وَلِلْآخَرِ أَرْبَعُونَ فَأَخَذَ مِنْهُمَا حِقَّتَيْنِ وَإِذَا أَخَذَ السَّاعِي الْوَاجِبَ فَالْمَشْهُورُ الرُّجُوعُ بِالْقِيمَةِ سَوَاءٌ دفع رَأْسا أَو جزأ وَقَالَ أَشْهَبُ يَرْجِعُ بِالرَّأْسِ وَخَيَّرَهُ فِي الْجُزْءِ بَيْنَ نِسْبَتِهِ وَبَيْنَ الْقِيمَةِ وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ فِي مَعْنَى الِاسْتِحْقَاقِ وَالِاسْتِهْلَاكِ لِأَنَّهُ أُخِذَ مِنْهُ بِغَيْرِ رِضَاهُ وَجْهُ الثَّانِي الْقِيَاسُ عَلَى السَّلَفِ وَإِذا قُلْنَا بِالْقيمَةِ فَيوم قبض الْمُتَصَدّق فَإِنِ اخْتَلَفَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْجُوعِ عَلَيْهِ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ الْغَارِمُ وَلَوْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ أَرْبَعُونَ فَأَخَذَ السَّاعِي ثَلَاثَ شِيَاهٍ مِنْ مِلْكِ أَحَدِهِمْ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبَيْهِ بِثُلُثَيْ شَاةٍ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ قَدْ يَرَى مَذْهَبَ الْحَنَفِيَّةِ فِي عَدَمِ اعْتِبَارِ الْخلطَة الْفَصْل الرَّابِع فِي تعدد الْخلطَة فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا خُلِطَ مَعَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ عَمَّ الْحُكْمُ الْجَمِيعَ وَيَتَوَزَّعُ الْوَاجِبُ عَلَى نِسْبَةِ أَمْوَالِهِمْ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَقَالَ ابْن الْمَوَّاز هُوَ خليط لكل وَاحِد لجَمِيع مَاله وَلَيْسوا خلطاء فيزكي كل وَاحِد مَا يَخُصُّهُ مَعَ جُمْلَةِ مَاشِيَةِ خَلِيطِهِ وَقِيلَ هُوَ خلطائه خَاصَّة وَاحِدٍ بِالَّذِي مَعَهُ دُونَ مَا خَرَجَ فَيُزَكِّي كُلَّ وَاحِدٍ بِمَا يَخُصُّهُ مَعَ خُلَطَائِهِ خَاصَّةً وَاخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِذَلِكَ فِي حُكْمِهِ هُوَ فَقِيلَ يُزَكِّي عَلَى ضَمِّ مَالِهِ بَعْضِهِ إِلَى بَعْضٍ وَقِيلَ يُفْرَدُ كُلُّ مَالٍ بِالزَّكَاةِ مَعَ خَلِيطِهِ وَسَبَبُ الْخِلَافِ اجْتِمَاعُ أَمْرَيْنِ مُتَنَاقِضَيْنِ أَحَدُهُمَا الْخَلِيطُ الْأَوْسَطُ يَجِبُ ضَمُّ مَالِهِ بَعْضِهِ إِلَى بَعْضٍ مَعَ عَدَمِ الْخُلْطَةِ وَالثَّانِي الطَّرَفَانِ لَيْسَ بَيْنَهُمَا خُلْطَةٌ فَلَا يَجِبُ الضَّمُّ بَيْنَهُمَا فَمَنْ غَلَّبَ حكم

الْوَسَطِ وَرَأَى أَنْ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يجِبُ ضَمُّهُ إِلَيْهِ وَهُوَ يجِبُ ضَمُّ مِلْكِهِ عَمَّمَ الْحُكْمَ وَمَنْ غَلَّبَ حُكْمَ الطَّرَفَيْنِ أَفْرَدَ حُكْمَ الْوسط فَجعله كمالين لمالكين وَلَمْ يَضُمَّ بَعْضَهُ إِلَى بَعْضٍ وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الرَّابِعُ وَمَنْ رَأَى أَنَّ الْوَسَطَ جَعَلَ الطَّرَفَيْنِ خَلِيطَيْنِ وَالْخَلِيطُ يجِبُ ضَمُّ مَالِهِ وَهُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي وَبَيَانُ ذَلِكَ بِالْمِثَالِ مَنْ خَلَطَ عَشَرَةً مِنَ الْإِبِلِ بِعَشَرَةٍ وَعَشَرَةً أُخْرَى مَعَ آخَرَ فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ تَجِبُ بِنْتُ مَخَاضٍ على الْوسط نصفهَا وعَلى كل وَاحِد من الطَّرَفَيْنِ رُبْعُهَا وَعَلَى الثَّانِي يجِبُ أَيْضًا عَلَى الْوسط نصفهَا وعَلى كل وَاحِد من الطَّرفَيْنِ ثُلُثُ بِنْتِ مَخَاضٍ وَعَلَى الثَّالِثِ عَلَى الْوَسَطِ ثُلُثُ بِنْتِ مَخَاضٍ وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الطَّرفَيْنِ شَاتَان وعَلى الرَّابِع يجب فِي الْجمع ثَمَان شِيَاهٍ عَلَى الْوَسَطِ أَرْبَعٌ وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الطَّرَفَيْنِ شَاتَانِ فَرْعٌ إِذَا وَجَبَتْ حِصَّةٌ من شَاة أَو غَيرهَا أخذت الْقِيمَةُ ذَهَبًا أَوْ وَرِقًا وَقِيلَ يَأْتِي بِهَا فَيَكُونُ شَرِيكًا فِيهَا الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي اجْتِمَاعِ الْخُلْطَةِ وَالِانْفِرَادُ فِي الْكِتَابِ مَنْ لَهُ أَرْبَعُونَ شَاةً وَلِخَلِيطِهِ أَرْبَعُونَ وَلَهُ فِي بَلَدٍ آخَرَ أَرْبَعُونَ مُنْفَرِدَةً ضَمَّهَا إِلَى الْخُلْطَةِ وَأَخَذَ السَّاعِي مِنَ الْجَمِيعِ شَاةً عَلَيْهِ ثُلُثَاهَا وَوَافَقَنَا ش وح ضَمِّ غَنَمِ الْبَلَدَيْنِ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ يُعْتَبَرُ كُلُّ مَالٍ بِنَفْسِهِ فَإِنْ كَانَ لَهُ أَرْبَعُونَ ببلدين فَلَا زَكَاة لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ وَحَمَلَهُ مَالِكٌ رَحِمَهُ

اللَّهُ عَلَى مَا يُنْقِصُ الزَّكَاةَ بِاعْتِبَارِ الْخُلْطَةِ فَقَط جمعا بَينه وَبَين قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مِنَ الْغَنَمِ شَاةٌ وَلِأَنَّهُ غَنِي بالأموال فِي الْبلدَانِ كَالْبَلَدِ الْوَاحِدِ وَقِيَاسًا عَلَى النَّقْدَيْنِ وَقَدْ سَلَّمَهُمَا قَالَ سَنَدٌ إِذَا أَخْرَجَ زَكَاةَ الْجَمِيعِ فِي أَحَدِ الْبَلَدَيْنِ يَخْرُجُ مِنَ الْخِلَافِ فِي نَقْلِ الزَّكَاةِ وَوَافَقَ ش مَالِكًا فِي ضَمِّ الْمُنْفَرِدِ إِلَى الْمُخْتَلِطِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يُضَمُّ لِعَدَمِ الِارْتِفَاقِ فِي الْمُنْفَرِدِ وَالْمَذْهَبُ يَنْظُرُ إِلَى الإرنفاق فِي جِنْسِ ذَلِكَ الْمَالِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالضَّمِّ فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْوَقَصَ لَا شَيْءَ فِيهِ تَكُونُ الشَّاةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَعَلَى الْمَذْهَبِ فِي وَقَصِ الْخُلْطَةِ تَكُونُ أَثْلَاثًا وَإِذَا قُلْنَا بِعَدَمِ الضَّمِّ فَإِنَّهُ يَضُمُّ الْمُنْفَرِدَ إِلَى مَا خَالَطَ بِهِ وَيَكُونُ عَلَيْهِ ثُلُثَا شَاةٍ نَظَرًا لِلْخُلْطَةِ فِي حِصَّة الْملك وَعَلَى صَاحِبِهِ نِصْفُ شَاةٍ نَظَرًا إِلَى أَنَّهُ لَمْ يَخْلِطْ إِلَّا أَرْبَعِينَ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ سَحْنُون على الْأَرْبَعين نصف شَاة وعَلى الثَّمَانِينَ شَاة وَسبب الِاخْتِلَافِ النَّظَرُ إِلَى أَثَرِ الْخُلْطَةِ فَالْأَوَّلُ اعْتَبَرَهَا فِي جَمِيعِ الْمَالِ وَالثاني اعْتَبَرَهَا فِي حَقِّ الْأَرْبَعين فِيمَا خالط بِهِ خَاصَّةً وَفِي الثَّالِثِ اعْتَبَرَ الْقَدْرَ الَّذِي وَقَعَتْ بِهِ فِيهِ الْخُلْطَةُ فَقَطْ وَلَوْ خَلَطَ عَشْرَةً مِنَ الْإِبِلِ بِعِشْرَةٍ لِغَيْرِهِ وَبَقِيَتْ لَهُ عَشْرَةٌ أُخْرَى مُنْفَرِدَةٌ فَعَلَى الْأَوَّلِ تَكُونُ عَلَيْهِمَا بنت مَخَاض أَثلَاثًا وعَلى الثَّانِي يكون عَلَى صَاحِبِ الْعَشْرَةِ شَاتَانِ وَعَلَى صَاحِبِ الْعِشْرِينَ ثُلُثَا بِنْتِ مَخَاضٍ وَعَلَى الثَّالِثِ يُزَكِّي الْجَمِيعَ بِالْغَنَمِ قَالَ سَنَدٌ فَلَوْ خَالَطَ بِدُونِ النِّصَابِ مَنْ لَهُ نِصَابٌ وَلَهُ مَالٌ مُنْفَرِدٌ يُكْمِلُ النِّصَابَ ضَمَّ عَلَى الْمَشْهُورِ وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ لِأَحَدِهِمَا عِشْرُونَ خَالَطَ بِهَا عِشْرِينَ وَلَهُ عِشْرُونَ مُنْفَرِدَةً فَالْمَأْخُوذُ عَلَى صَاحِبِ الْأَكْثَرِ لِأَنَّ الْآخَرَ لم يضرّهُ

(الباب السابع في أداء الزكاة)

(الْبَابُ السَّابِعُ فِي أَدَاءِ الزَّكَاةِ) وَلَهُ ثَلَاثُ حَالَاتٍ أَدَاؤُهَا فِي وَقْتِهَا وَالتَّعْجِيلُ وَالتَّأْخِيرُ الْحَالَةُ الْأُولَى الْأَدَاءُ فِي الْوَقْتِ وَفِي الْجَوَاهِرِ يجِبُ أَدَاؤُهَا عَلَى الْفَوْرِ لِلْإِمَامِ الْعَدْلِ الصَّارِفِ لَهَا فِي وُجُوهِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ} التَّوْبَة 103 وَمَا وَجَبَ عَلَيْهِ وَجَبَ عَلَيْنَا تَمْكِينُهُ مِنْهُ وَقِيلَ لِأَرْبَابِ النَّاضِّ تَفْرِيقُهُ عَلَى مُسْتَحِقِّيهِ وَإِنْ كَانَ عَدْلًا لِأَنَّهَا قُرْبَةٌ وَالْأَصْلُ مُبَاشَرَةُ الْقُرْبِ وَلَيْسَ فِي قَوْله تَعَالَى {خُذ من أَمْوَالهم} عُمُوم بل لفظ صَدَقَة مُطلق يَكْفِي فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِهِ فُرُوعٌ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ فِي الْكتاب يسْأَل الإِمَام النَّاس على الناض وَإِن لَمْ يَتَّجِرُوا وَلَا يَبْعَثُ فِي ذَلِكَ أَحَدًا بَلْ يَكْتَفِي بِأَمَانَةِ النَّاسِ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْإِمَامُ الْعَدْلُ مَنْعَهَا فَيَأْخُذُهَا كُرْهًا وَمَنْ تَجِرَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ فَزَكَاةٌ وَاحِدَة فِي الْعَام بِخِلَاف الذِّمَّة فِي الْعشْر وَلَا تقوم على تجار الْمُسلمين وَلَا الذِّمَّةُ أَمْتِعَتُهُمْ بَلْ إِذَا بَاعُوا أَدُّوا وَمَنِ ادَّعَى قِرَاضًا أَوْ دَيْنًا أَوْ عَدَمَ الْحَوْلِ صُدِّقَ بِغَيْرِ يَمِينٍ قَالَ سَنَدٌ فَإِنْ فَرَّقَهَا رَبُّهَا وَالْإِمَامُ عَدْلٌ أَجْزَأَتْهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَكَذَلِكَ لَوْ طَلَبَهُ فَأَقَامَ عَلَى إِيصَالِهَا إِلَى رَبِّهَا بَيِّنَةً وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ إِنْ طَلَبَهُ الْإِمَامُ الْعَدْلُ غَرَّمَهَا وَإِلَّا أَجْزَأَتْهُ فَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَة قَالَ ملك وَابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إِنَّ كَانَ الْإِمَامُ عَدْلًا وَقَالَ أَشْهَبُ يُقْبَلُ إِنْ كَانَ صَالِحًا فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ جَائِرًا فَلَا تُدْفَعُ إِلَيْهِ لَيْلًا تَضِيعَ عَلَى مُسْتَحِقِّيهَا قَالَ أَشْهَبُ إِنْ دَفَعَهَا إِلَى غَيْرِ الْعَدْلِ مَعَ إِمْكَانِ

إخفائها لم تُجزئه إِلَّا أَن يكرههُ فلعلها تُجزئ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ أَخَذَهَا الْجَائِرُ أَوْ عِوَضًا مِنْهَا وَهُوَ يَضَعُهَا مَوَاضِعَهَا أَجْزَأَتْ وَإِلَّا فَلَا تُجْزِئُ طَوْعًا وَلَا كَرْهًا صَدَقَةً وَلَا عوضهَا قَالَ أصْبع وَالنَّاسُ عَلَى خِلَافِهِ وَإِنَّهَا تُجْزِئُ مَعَ الْإِكْرَاهِ قَالَ أَصْبَغُ فَلَوْ دَفَعَهَا طَوْعًا إِلَيْهِ فَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُعِيدَ تَمْهِيدٌ اجْتَمَعَ فِي الزَّكَاةِ شِبْهُ الْوَدِيعَةِ وَدَفْعُ الْوَدِيعَةِ لِغَيْرِ رَبِّهَا يُوجِبُ الضَّمَانَ إِلَّا مَعَ الْإِكْرَاهِ وَشِبْهُ الدَّيْنِ وَالنَّصِيبُ الْمُشْتَرَكُ وَإِذَا دَفَعَهَا لِوُكَلَاءِ مُسْتَحِقِّيهَا وَالْوَكِيلُ فَاسِقٌ أَبْرَأَ الدَّافِعَ وَالْإِمَامُ أَقَامَهُ الشَّرْعُ وَكِيلًا لِلْفُقَرَاءِ قَالَ فَلَو كتم مَاله فحلله الْجَائِرُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ لَا يَحْلِفُ وَيَدْفَعُ إِلَيْهِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ إِذَا قُلْنَا بِالْإِجْزَاءِ وَإِذَا قُلْنَا بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ يَحْلِفُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ عَلَى أَخْذِ مَالِهِ فَإِنْ كَانَ السُّلْطَانُ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ قَالَ مَالِكٌ يُجْزِئُ قَالَ أَشْهَبُ طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لِأَنَّ تَصَرُّفَاتِ الْخَوَارِجِ نَافِذَةٌ وَإِلَّا فَسَدَتْ أَنْكِحَةُ النَّاسِ وَمُعَامَلَاتُهُمْ وَذَلِكَ فَسَادٌ عَظِيمٌ وَلَا يَنْقُضُ إِلَّا الْجَوْرُ قَالَ وَالنَّاسُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ مَعْرُوفٌ بِالْخَيْرِ يقبل قَوْلُهُ وَمَعْرُوفٌ بِمَنْعِ الزَّكَاةِ يَبْحَثُ الْإِمَامُ عَنْهُ وَقَالَ ح إِذَا مَنَعَهَا لَا يُجْبَرُ عَلَى أَخْذِهَا مِنْ مَالِهِ لَكِنْ يَلْجَأُ إِلَى دَفْعِهَا بِالْحَبْسِ وَغَيْرِهِ لِافْتِقَارِهَا إِلَى النِّيَّةِ لَنَا فِعْلُ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَالْقِيَاسُ عَلَى الزَّرْعِ وَأَمَّا النِّيَّةُ فَإِنَّهَا إِنَّمَا اشْتُرِطَتْ لِمَا فِيهَا مِنْ شَائِبَةِ الْعِبَادَةِ الَّتِي هِيَ تَبَعٌ لِسَدِّ الْخَلَّةِ فَإِذَا مَنَعَ الْمَتْبُوعَ لَا يَسْقُطُ لِتَعَذُّرِ التَّابِعِ أَوْ نَقُولُ نِيَّةُ الْإِمَامِ تَقُومُ مَقَامَ نِيَّتِهِ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ أَكْثَرُ مِنَ الزَّكَاةِ وَقَالَ ش يُؤْخَذُ شَطْرُ مَالِهِمْ عُقُوبَةً لَهُم لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ فِيمَن منعهَا فَإنَّا آخِذُوهَا وَشطر مَاله جَوَابُهُ أَنَّ ذَلِكَ أَوَّلَ الْإِسْلَامِ حَيْثُ كَانَتِ النُّفُوس تشح

بِالزَّكَاةِ وَلقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَيْسَ فِي الْمَالِ حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ لَهُ مَالٌ وَهُوَ مَعْرُوفُ الْمَالِ قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ لَهُ سَجْنُهُ كَدُيُونِ الْمُعَامَلَاتِ الثَّالِثُ مَجْهُولُ الْحَالِ فَإِنِ ادَّعَى دَفْعَهَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهَا وَإِنِ ادَّعَى عَدَمَ النِّصَابِ صُدِّقَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ الثَّانِي قَالَ النِّيَّةُ وَاجِبَةٌ فِي أَدَاءِ الزَّكَاةِ عِنْدَ مَالِكٍ وَالْأَئِمَّة لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ مُتَنَوِّعَةٌ إِلَى فَرْضٍ وَنَفْلٍ وَحِكْمَةُ إِيجَابِ النِّيَّةِ إِنَّمَا هُوَ تَمْيِيزُ الْعِبَادَاتِ عَنِ الْعَادَاتِ وَتَمْيِيزُ مَرَاتِبِ الْعِبَادَاتِ فَتَفْتَقِرُ لِلنِّيَّةِ لِتَمْيِيزِهَا عَنِ الْهِبَاتِ وَالْكَفَّارَاتِ وَالتَّطَوُّعَاتِ وَفِي الْجَوَاهِرِ يَنْوِي وَلِيُّ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا لَا تَفْتَقِرُ الزَّكَاةُ إِلَى النِّيَّةِ قِيَاسا على الدُّيُون ولإجزائها بِالْإِكْرَاهِ وَعَمَّنْ لَا تَتَأَتَّى مِنْهُ النِّيَّةُ كَالْمَجْنُونِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ وَلَا يَحْتَاجُ الْإِمَامُ إِلَى نِيَّةٍ لِأَنَّ فِعْلَهُ يَقُومُ مَقَامَ النِّيَّةِ قَالَ سَنَدٌ وَيَنْوِي الْمُزَكِّي إِخْرَاجَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ وَلَوْ نَوَى زَكَاةَ مَالِهِ أَجْزَأهُ وَتَجِبُ بِالتَّعْيِينِ فَلَوْ تَلِفَتْ بَعْدَ عَزْلِهَا أَجْزَأَتْ إِذَا عَيَّنَهَا وَإِذَا عَيَّنَهَا لَمْ تَحْتَجْ إِلَى نِيَّةٍ عِنْدَ دَفْعِهَا لِلْمَسَاكِينِ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهَا وَعَزَلَهَا عَنْ مِلْكِهِ وَجَبَتِ النِّيَّةُ عِنْدَ التَّسْلِيمِ لِأَنَّ صُورَةُ الدَّفْعِ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ دَفْعِ الْوَدَائِعِ وَالدُّيُونِ وَغَيْرِهَا وَجَوَّزَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ تَقْدِيمَ نِيَّتهَا عَلَيْهَا من غير اسْتِصْحَاب قِيَاسًا عَلَى تَقْدِيمِ الزَّكَاةِ عَلَى أَصْلِهِمْ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَأْمُرُ وَكَيْلَهُ بِإِخْرَاجِهَا فَلَوْ لَمْ يَجُزْ تَقْدِيمُهَا لَكَانَ تَغْرِيرًا بِالْمَالِ وَنَحْنُ نُضَمِّنُ

الْوَكِيلَ إِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا أُمِرَ بِهِ فَلَا ضَرَرَ وَيَنْقُضُ عَلَيْهِمْ بِالنِّيَابَةِ فِي الْحَجِّ مَعَ افْتِقَارِهِ إِلَى نِيَّةٍ تُقَارِنُهُ الثَّالِثُ قَالَ لَو تصدق بجملة مَاله وَنوى زَكَاته وَمَا زَادَ تَطَوُّعٌ أَجْزَأَ وَإِلَّا فَلَا خِلَافًا لِ ح مُحْتَجًّا بِأَنَّهُ لَمْ يَبْعِدْ عَنِ الْمَقْصُودِ وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ بِمَا لَوْ صَلَّى أَلْفَ رَكْعَة يَنْوِي بهَا اثْنَتَيْنِ لِلصُّبْحِ وَالْبَقِيَّةَ لِلنَّفْلِ فَإِنَّهَا لَا تُجْزِئُ الْحَالَةُ الثانيةُ تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ وَفِي الْكِتَابِ لَا يَنْبَغِي إِخْرَاجُ زَكَاةِ عَيْنٍ وَلَا مَاشِيَةٍ قَبْلَ الْحَوْلِ إِلَّا بِيَسِيرٍ فَإِنْ عَجَّلَ زَكَاةَ مَاشِيَتِهِ لِعَامَيْنِ لَمْ يُجْزِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ فِي الْيَسِيرِ خِلَافٌ وَاخْتُلِفَ فِي حَدِّهِ إِذَا جَوَّزْنَاهُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ نَحْوُ الشَّهْرِ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ الْيَوْمَانِ وَحَكَى ابْنُ حَبِيبٍ عَمَّنْ لَقِيَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ الْعَشْرَةُ وَقِيلَ نِصْفُ الشَّهْرِ وَهَذَا الْخلاف يخْتَص بِالْعينِ وَالْمَاشِيَةِ وَأَمَّا الْحَرْثُ فَلَا يَجُوزُ التَّقْدِيمُ فِيهِ وَخَالَفَنَا الْأَئِمَّةُ فِي التَّعْجِيلِ وَأَجَازَهُ ح عَنْ سِنِينَ وَفِي الْحَرْثِ وَالثِّمَارِ قَبْلَ ظُهُورِهِمَا وَفِي أبي دَاوُد أَن الْعَبَّاس سَأَلَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي تَعْجِيل صدقته قبل أَن يحل فَرَخَّصَ لَهُ فِيهَا وَلِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ تَقْدِيمَ الْحُكْمِ عَلَى شَرْطِهِ إِذَا تَقَدَّمَ سَبَبُهُ جَائِزٌ كَالتَّكْفِيرِ قَبْلَ الْحِنْثِ لِتَقَدُّمِ الْحَلِفِ وَالْعَفْوِ عَنِ الْقصاص قبل الزهوق لتقديم الْجرْح فَكَذَلِك هَاهُنَا لِمَا تَقَدَّمَ السَّبَبَ الَّذِي هُوَ النِّصَابُ لَا يَضُرُّ فُقْدَانُ الْحَوْلِ وَلِذَلِكَ اجْتَمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى مَنْعِ التَّعْجِيلِ قَبْلَ كَمَالِ النِّصَابِ وَقِيَاسًا عَلَى الدُّيُونِ فَإِنَّ الْحَوْلَ حَقٌّ لِلْأَغْنِيَاءِ فَإِذَا أَسْقَطُوهُ سَقَطَ كَأَجَلِ الدَّيْنِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ مُحْتَمَلُ التَّعْجِيلِ قَبْلَ الْحَوْلِ بِيَسِيرٍ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ السَّاعِي أَوْ يُعَجِّلُ لَهُ السَّاعِي أَوْ صَدَقَةَ التَّطَوُّعِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ قَصْدَ

الْحِنْثِ عِنْدَنَا يَقُومُ مَقَامَ الْحِنْثِ إِذَا كَانَ عَلَى حِنْثٍ فَلَمْ يَفْقِدِ الشَّرْطَ وَبَدَّلَهُ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ مَصْلَحَةَ الْعَفْوِ تَفُوتُ بِالْمَوْتِ فَجَعَلَ لَهُ استدراكها وَهَاهُنَا لَا تَفُوتُ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ الزَّكَاةَ فِيهَا شائية الْعِبَادَةِ وَلِذَلِكَ افْتَقَرَتْ إِلَى النِّيَّةِ بِخِلَافِ الدُّيُونِ وَيَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَا الْقِيَاسُ عَلَى الصَّلَاةِ وَلِأَنَّ النِّصَابَ إِذَا هَلَكَ قَبْلَ الْحَوْلِ إِنْ قُلْتُمْ إنَّ الْمُعْطَى وَاجِبٌ لَا يَكُونُ الْحَوْلُ شَرْطًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا فَلَا يَحِلُّ لِلْفَقِيرِ التَّصَرُّفُ فِيهِ وَهُوَ لَمْ يُعْطَ لَهُ فَتَبْطُلُ حِكْمَةُ التَّعْجِيلِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَوْ عَجَّلَ بِالْمُدَّةِ الْجَائِزَةِ وَهَلَكَ النِّصَابُ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ أَخَذَهَا إِنْ كَانَتْ قَائِمَةً إِنْ ثَبَتَ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ ذَبَحَ شَاةً مِنَ الْأَرْبَعِينَ بَعْدَ التَّعْجِيلِ ثُمَّ حَالَ الْحَوْلُ لَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ لِاحْتِمَالِ نِيَّةِ النَّدَمِ فَيُتَّهَمُ فِي الرُّجُوعِ قَالَ سَنَدٌ إِذَا دَفَعَ شَاةً مِنْ أَرْبَعِينَ أَوْ نِصْفَ دِينَارٍ مِنْ عِشْرِينَ وَبَقِيَ الْبَاقِي إِلَى تَمَامِ الْحَوْلِ فَظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْمَدْفُوعَ زَكَاةٌ مَفْرُوضَةٌ وَقَالَهُ ش لِأَنَّ الْمَدْفُوعَ يُقَدَّرُ بَقَاؤُهُ فِي يَدِ الْمَالِكِ حَتَّى قَالَ الشَّافِعِيَّةُ لَوْ كَانَتِ الْمَاشِيَةُ مِائَةً وَعِشْرِينَ فَوَلَدَتْ شَاةُ الصَّدَقَةِ فِي يَدِ الْفَقِيرِ سَخْلَةً وَجَبَ عَلَيْهِ إِخْرَاج شاق أُخْرَى لِتَجَدُّدِ النِّصَابِ وَقَالَ ح فِي الْأَوَّلِ لَا تَكُونُ زَكَاةً وَيَسْتَرِدُّهَا مِنَ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ لَمْ يَحُلِ الْحَوْلُ عَلَى نِصَابٍ عِنْدَهُ وَلَوْ تَلِفَ فِي يَدِ السَّاعِي قَبْلَ إِيصَالِهِ إِلَى الْمَسَاكِينِ لَمْ يَضْمَنْهُ عَلَى مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ لِوُقُوعِهِ الْمَوْقِعَ فَلَوْ تَغَيَّرَتْ حَالُ رَبِّ الْمَالِ قَبْلَ الْحَوْلِ بِمَوْتٍ أَوْ رِدَّةٍ قَالَ ح إِنْ كَانَ بِيَدِ الْإِمَامِ اسْتَرْجَعَهُ وَإِنْ وَصَلَ إِلَى الْفُقَرَاءِ فَلَا وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ لَهُ ذَلِكَ مُطْلَقًا كَمَا لَوْ دَفَعَ كِرَاءِ مَسْكَنٍ فَانْهَدَمَ وَلَوْ تَغَيَّرَ حَالُ الْفَقِيرِ بِمَوْتٍ أَوْ ردة فَقَالَ ابْن الْقَاسِم وح وَقَعَتِ الْمَوْقِعَ اعْتِبَارًا بِحَالَةِ الْأَخْذِ وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ يُسْتَرَدُّ مِنْهُ وَلَا يُجْزِئُ رَبُّهَا فَلَوْ عَجَّلَ زَكَاةَ زَرْعِهِ قَبْلَ حَصَادِهِ وَهُوَ قَائِمٌ فِي سُنْبُلِهِ قَالَ مَالِكٌ يُجْزِئُهُ لِلْوُجُوبِ بالطيب فَلَو عجل زَكَاة مَاشِيَة ثمَّ جَاءَ السَّاعِي عِنْدَمَا وجده دون مَا دَفعه للْمَسَاكِين إِذا

عجلها بِمَا لَا يَجُوزُ لَهُ فَقَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ السَّاعِيَ شَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ أَمْ لَا الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ التَّأْخِيرُ مَعَ الْإِمْكَانِ فِي الْجَوَاهِرِ هُوَ سَبَبُ الْإِثْمِ وَالضَّمَانِ فَلَوْ تَلِفَ النِّصَابُ بَعْدَ الْحَوْلِ وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ فَلَا زَكَاةَ

(الباب الثامن في صرف الزكاة والنظر في المصرف وأحكام الصرف)

(الْبَاب الثَّامِن فِي صرف الزَّكَاة وَالنَّظَر فِي الْمَصْرِفِ وَأَحْكَامِ الصَّرْفِ) النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي الصّرْف وَهُوَ الطَّوَائِفُ الثَّمَانِيَةُ الَّتِي فِي قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ} التَّوْبَة 60 فَحَصَرَهَا بِصِيغَةِ إِنَّمَا فِيهِمْ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ إِلَّا صِنْفٌ وَاحِدٌ أَجْزَأَ الْإِعْطَاءُ لَهُ إِجْمَاعًا كَاسْتِحْقَاقِ الْجَمَاعَةِ لِلشُّفْعَةِ إِذَا غَابُوا إِلَّا وَاحِدًا أَخَذَهَا وَإِنْ وَجَدَ الْأَصْنَافَ كلهَا أَجزَأَهُ صنف عِنْد مَالك وح وَقَالَ ش يجِبُ اسْتِيعَابُهُمْ إِذَا وُجِدُوا وَاسْتَحَبَّهُ إِصْبَع لَيْلًا يَنْدَرِسَ الْعِلْمُ بِاسْتِحْقَاقِهِمْ وَلِمَا فِيهِ مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَ مَصَالِحِ سَدِّ الْخَلَّةِ وَالْإِعَانَةِ عَلَى الْغَزْوِ وَوَفَاءِ الدَّيْنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَلِمَا يُرْجَى مِنْ بَرَكَةِ دُعَاءِ الْجَمِيعِ بِالْكَثْرَةِ وَمُصَادَفَةِ وَلِيٍّ فِيهِمْ قَالَ سَنَدٌ وَانْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى عَدَمِ اسْتِيعَابِ آحَادِهِمْ بل قَالَ ش يدْفع ثَلَاثَة مِنْ كُلِّ صِنْفٍ وَلِلْإِمَامِ إِذَا جَمَعَ الصَّدَقَاتِ أَنْ يَدْفَعَ زَكَاةَ الرَّجُلِ الْوَاحِدِ لِفَقِيرٍ وَاحِدٍ هَاتَانِ الصورتان تهدمان مَا يَقُوله الشَّافِعِي من التَّمَلُّك وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ اللَّامُ الَّتِي فِي قَوْلِهِ {إِنَّمَا الصَّدقَات للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين} هَلْ هِيَ لِلتَّمْلِيكِ كَقَوْلِنَا الْمَالُ لِزَيْدٍ أَوْ لِبَيَانِ اخْتِصَاصِ الْحُكْمِ بِالثَّمَانِيَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} الطَّلَاق 1 أَيِ الطَّلَاقُ مُخْتَصٌّ بِهَذَا الزَّمَانِ وَقَوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صُومُوا لِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ

أَيْ وُجُوبُ الصَّوْمِ مُخْتَصٌّ بِهَذَا السَّبَبِ فَلَيْسَ فِي الْآيَةِ عَلَى هَذَا تَعَرُّضٌ لِمِلْكٍ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ لِمَا فِيهِ مِنْ عَدَمِ الْمُخَالَفَةِ لظَاهِر اللَّفْظ بذينك الصُّورَتَيْنِ وَمن قَالَ بِالتَّمْلِيكِ يَلْزَمُهُ مُخَالَفَةُ ظَاهِرِ اللَّفْظِ بِهِمَا وَقَدْ نَصَّ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْكَفَّارَاتِ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَمَعَ ذَلِكَ يَجُوزُ الصَّرْفُ لِلْفُقَرَاءِ وَكَذَلِكَ هَاهُنَا وَلِهَذِهِ الْأَصْنَافِ شُرُوطٌ تَعُمُّهَا وَشُرُوطٌ تَخْتَصُّ بِبَعْضِهَا فَالْعَامَّةُ أَرْبَعَةٌ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ الْإِسْلَامُ إِلَّا مَا يُذْكَرُ فِي الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ الشَّرْطُ الثَّانِي خُرُوجُهُمْ عَنِ الْقَرَابَةِ الْوَاجِبَةِ نَفَقَتُهُمْ وَفِي الْكِتَابِ لَا يُعْطِيهَا لِمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ وَمَنْ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ فَلَا يَلِي هُوَ إِعْطَاءَهُمْ وَيُعْطِيهِمْ مَنْ يَلِي تَفْرِيقَهَا بِغَيْرِ أَمْرِهِ كَمَا يُعْطِي غَيْرَهُمْ قَالَ سَنَدٌ وَاخْتُلِفَ فِي تَعْلِيلِ الْمَنْعِ فَقَالَ مَالِكٌ لِأَنَّهُ يُوَفِّرُ نَفَقَتَهُ الْوَاجِبَةَ عَلَيْهِ قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ لِأَنَّهُمْ أَغْنِيَاءُ بِنَفَقَتِهِ فَيُدْفَعُ لَهُمْ خمس ركازه على الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ وَيَجُوزُ لِغَيْرِهِ الدَّفْعُ لَهُمْ مِنَ الزَّكَاةِ عَلَى الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَمَنْ لَا تَجِبْ نَفَقَتُهُمْ الْمَشْهُورُ أَنَّهُمْ سَوَاءٌ وَقَالَ ابْن حبيب لَا يُجزئهُ إعطاؤها لمن تلْزم نَفَقَتُهُ وَلَا لِمَنْ يُشْبِهُهُمْ كَالْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ وَبَنِي الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ لَهُمُ النَّفَقَةُ وَيلْزمهُ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ فِي الْعَمِّ وَالْعَمَّةِ وَالْخَالِ وَالْخَالَةِ وَمَنْ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ مِنْ أَقَارِبِهِ إِنْ كَانَ فِي عِيَالِهِ وَقَطَعَ بِالدَّفْعِ إِلَيْهِمْ نَفَقَتَهُ لَمْ تُجْزِئْهُ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ لِأَنَّهُ اسْتَعَانَ عَلَى مَا كَانَ الْتَزَمَهُ بِزَكَاتِهِ قَالَ وَفِيه نظر لِأَنَّهُ لَهُ قَطْعَ النَّفَقَةِ عَنْهُمْ فَيَكُونُ غَيْرُهُمْ أَوْلَى فَقَطْ وَإِنْ لَمْ يَقْطَعْ نَفَقَتَهُ أَجْزَأَهُ مَعَ الْكَرَاهَة قَالَه ملك وَرُوِيَ عَنْهُ لَا بَأْسَ إِذَا وَلِيَ هُوَ تَفْرِيقَهَا أَنْ يُعْطِيَ أَقَارِبَهُ الَّذِينَ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَالِكٌ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ ش لِلْجَمْعِ فِيهَا بَيْنَ الصَّدَقَةِ وَصِلَةِ الرَّحِمِ وَيُلَاحَظُ عَدَمُ الْإِخْلَاصِ بِدَفْعِ الذَّمِّ عَنْ نَفْسِهِ وَخَشْيَةِ أَنْ يُعْطِيَ لَهُمْ وَلَيْسُوا أَهْلًا فَرْعٌ وَيَلْحَقُ بِالْقَرَابَةِ الزَّوْجُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ لَا تُعْطِي الْمَرْأَةُ زَكَاتَهَا لِزَوْجِهَا وَقَالَهُ ح لِأَنَّهُ يَتَّسِعُ بِهَا فَيَكُونُ وِقَايَةً عَن نَفَقَة الزَّوْجَة وَكَرِهَهُ

أَشهب وش وَإِنْ لَمْ يَرُدَّهَا فِي نَفَقَتِهَا لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنه سُئِلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ فِيهِ أَجْرَانِ قَالَ سَنَدٌ فَإِنْ دَفَعَ الزَّوْجُ زَكَاتَهُ إِلَيْهَا لَا تُجْزِئُهُ لِأَنَّهَا غَنِيَّةٌ بِنَفَقَتِهِ قَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ إِذَا أَعْطَى أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ الْآخَرَ مَا يَقْضِي بِهِ دَيْنَهُ جَازَ لِعَدَمِ عَوْدِ الْمَنْفَعَةِ قَالَ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الدَّفْعَ لِلْأَبِ لِوَفَاءِ الدَّيْنِ جَائِزٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ لِأَحَدِ الْأَبَوَيْنِ عَلَى الْآخَرِ وَصَاحِبُ الدَّيْنِ فَقِيرٌ الشَّرْطُ الثَّالِثُ خُرُوجُهُمْ عَن آل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ سَنَد الزَّكَاة مُحرمَة على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِجْمَاعًا وَمَالِكٌ وَالْأَئِمَّةُ عَلَى تَحْرِيمِهَا عَلَى قَرَابَتِهِ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ يَحِلُّ لَهُمْ فَرْضُهَا وَنَفْلُهَا وَهُوَ مَسْبُوقٌ بِالْإِجْمَاع وَلما فِي مُسْلِمٍ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّ هَذِهِ الصَّدَقَةَ إِنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ وَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ وَلَا لِآلِ مُحَمَّدٍ وَاخْتُلِفَ فِي تَعْيِينِهِمْ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هُمْ بَنُو هَاشِمٍ دُونَ مَوَالِيهِمْ وَقَالَهُ ح وَاسْتَثْنَى بَنِي أَبِي لَهَبٍ وَزَادَ ش وَأَشْهَبُ بَنِي عبد الْمطلب لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَعْطَاهُمْ مِنْ سَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى دُونَ الْعَرَبِ لما حرمُوا مِنَ الزَّكَاةِ وَقَالَ أَصْبَغُ هُمْ عِتْرَتُهُ الْأَقْرَبُونَ آلُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَهَاشِمٍ وَعَبْدِ مَنَافٍ وَقُصَيٍّ دون مواليهم وَالْأول اظهر فَإِن الأول إِنَّمَا يَتَنَاوَلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ الْأَدْنَيْنِ وَقَالَ ابْنُ نَافِع مواليهم مِنْهُم لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ

مَعْنَاهُ فِي الْبر وَالْحُرْمَة كَمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنْت وَمَالك لأَبِيك وَقَالَ ابْن نَافِع وش وح تَحْرُمُ عَلَيْهِمْ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ وَالْوَاجِبَةُ لِعُمُومِ الْخَبَرِ وَجوز ابْن الْقَاسِم التَّطَوُّع لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّا معاشر الْأَنْبِيَاء لَا نورث مَا تركنَا صَدَقَةٌ ثُمَّ كَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَدْفَعَانِ مِنْ ذَلِكَ لِعَلِيٍّ وَالْعَبَّاسِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَفِي الْجَوَاهِرِ مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ جَوَّزَ لَهُمُ الْوَاجِبَةَ دُونَ التَّطَوُّعِ لِعَدَمِ الْمِنَّةِ فِيهَا فَتَكُونُ أَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ الشَّرْطُ الرَّابِعُ الْحُرِّيَّةُ لِأَنَّ الْعَبْدَ مَكْفِيٌّ بِنَفَقَةِ سَيِّدِهِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ الْبَاجِيُّ يَجُوزُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ عَلَى حِرَاسَتِهَا وَسَوْقِهَا وَإِنْ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ عَامِلًا عَلَيْهَا لِأَنَّهَا أُجْرَةٌ مَحْضَةٌ وَقُدِّمَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ لِعُمُومِهَا وَالْعَامُّ يَجِبُ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْخَاصِّ وَلْنَتَكَلَّمِ الْآنَ عَلَى الْأَصْنَافِ وَشُرُوطِهَا الْخَاصَّةِ فَنَقُولُ الصِّنْفُ الْأَوَّلُ الْفَقِيرُ وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ الَّذِي يَمْلِكُ الْيَسِيرَ لَا يَكْفِيهِ لِعَيْشِهِ وَفِي الْكِتَابِ مَنْ لَهُ دَارٌ وَخَادِمٌ لَا فَضْلَ فِي ثمنهما عَن غَيْرِهِمَا فَيُعْطَى وَإِلَّا فَلَا قَالَ سَنَدٌ مَذْهَبُ الْكِتَابِ تُرَاعَى الْحَاجَةُ دُونَ قَدْرِ النِّصَابِ مِنْ غير الْعين فَإِن من ملك من نِصَابا نم الْعَيْنِ فَهُوَ غَنِيٌّ تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ فَلَا يَأْخُذُهَا وَالْفَرْقُ أَنَّ الشَّرْعَ حَدَّدَ نِصَابَ الْعَيْنِ وَلم يحدده من غَيْرِهَا وَرُوِيَ عَنْهُ الْمَنْعُ مَعَ النِّصَابِ مِنْ غَيْرِ الْعَيْنِ إِذَا فَضَلَ عَنْ قِيمَةِ الْمَسْكَنِ وَرُوِيَ جَوَازُ الْأَخْذِ مَعَ النِّصَابِ مِنَ الْعَيْنِ وَأَمَّا الْمُسْتَغْنِي بِقُوَّتِهِ وَصَنْعَتِهِ فَعَلَى مُرَاعَاةِ الْقُوَّةِ لَا يُعْطي شَيْئا وَقَالَهُ ش قَالَ

ملك وح يُعْطَى لِأَنَّهُ لَيْسَ بِغَنِيٍّ وَإِنَّمَا هُوَ يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ مَا حَصَلَ إِلَى الْآنِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ لَا يُجْزِئُ لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي أَبِي دَاوُدَ لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ وَلَا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٌّ وَالصَّحِيحُ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ مَنْ لَهُ قُوَّةُ صِنَاعَةٍ تَكْفِيهِ لَا يُعْطَى لِقِيَامِ الصَّنْعَةِ مَقَامَ الْمَالِ وَمَنْ لَا تَكْفِيهِ يُعْطَى تَمَامَ الْكِفَايَةِ وَمَنْ كَسَدَتْ صَنْعَتُهُ يُعْطَى وَمَنْ لَيْسَ لَهُ صِنَاعَةٌ وَلَا يَجِدُ فِي الْمَوْضِعِ مَا يَتَحَرَّفُ بِهِ يُعْطَى وَمَنْ وَجَدَ مَا يَتَحَرَّفُ لَوْ تَكَلَّفَ ذَلِكَ فَهُوَ مَوْضِعُ الْخلاف ويؤكد الْمَنْع إِنَّمَا هِيَ مُوَاسَاةٌ فَلَا تَحِلُّ لِلْقَادِرِ عَلَى الْكَسْبِ كَمُوَاسَاةِ الْقَرَابَةِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِتَأْكِيدِ الْقَرِيبِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا تُشْتَرَطُ الزَّمَانَةُ وَلَا التَّعَفُّفُ عَنِ السُّؤَالِ وَالْمَكْفِيُّ بِنَفَقَةِ ابْنِهِ وَالزَّوْجُ لَا يُعْطَى الصِّنْفُ الثَّانِي الْمِسْكِينُ قَالَ سَنَدٌ الْمَشْهُورُ أَنَّ الْمِسْكِينَ أَشَدُّ حَاجَةً مِنَ الْفَقِيرِ وَقَالَهُ ح وَقَالَ الشَّافِعِي وَبَعْضُ أَصْحَابِنَا الْفَقِيرُ أَشَدُّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ} الْكَهْف 79 فَجَعَلَ لَهُمْ سَفِينَةً وَلِأَنَّ الْفَقِيرَ مَأْخُوذٌ مِنْ فِقَارِ الظَّهْرِ إِذَا انْكَسَرَتْ وَذَلِكَ شَأْنُ الْمَوْتِ وَقَالَ ابْنُ الْجُلَّابِ هُمَا سَوَاءٌ لِمَنْ لَهُ شَيْءٌ لَا يَكْفِيهِ فعلى هَذَا تكون الْأَصْنَاف سَبْعَة وَقَالَهُ ابْنُ وَهْبٍ الْفَقِيرُ الْمُتَعَفِّفُ عَنِ السُّؤَالِ مَعَ الْحَاجَةِ وَالْمِسْكِينُ الَّذِي يَسْأَلُ فِي الْأَبْوَابِ وَالطُّرُقِ لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي مُسْلِمٍ لَيْسَ الْمِسْكِينُ هُوَ الطَّوَّافُ الْحَدِيثَ لَنَا قَوْله تَعَالَى {أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ} الْبَلَد 16 وَهُوَ الَّذِي أَلْصَقَ جِلْدَهُ

بِالتُّرَابِ وَلقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَيْسَ الْمِسْكِينُ هُوَ الطَّوَّافُ عَلَى النَّاسِ فَتَرُدُّهُ اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ وَالتَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ قَالُوا فَمَا الْمِسْكِينُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الَّذِي لَا يَجِدُ غِنًى يُغْنِيهِ وَلَا يُفْطَنُ لَهُ فَيُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ وَلَا يَسْأَلُ النَّاسُ شَيْئًا وَقَوْلُ الشَّاعِرِ (أَمَّا الْفَقِيرُ الَّذِي كَانَتْ حَلُوبَتُهُ ... وَفْقَ الْعِيَالِ فَلَمْ يتْرك لَهُ سبد) فَجعل لَهُ حلوبا قَالَ الْأَخْفَشُ وَالْفَقِيرُ مِنْ قَوْلِهِمْ فَقَرْتُ لَهُ فِقْرَةً مِنْ مَالِي أَيْ أَعْطَيْتُهُ فَيَكُونُ الْفَقِيرُ مَنْ لَهُ قِطْعَةٌ مِنَ الْمَالِ وَالْمِسْكِينُ مِنَ السُّكُونِ وَلَوْ أَخَذَ الْفَقِيرُ مِنَ الَّذِي قَالُوهُ فَالَّذِي سَكَنَ عَنِ الْحَرَكَةِ أَقْرَبُ لِلْمَوْتِ مِنْهُ وَأما الْآيَة فَالْمُرَاد بالمساكين المقهورون كَقَوْلِه تَعَالَى {ضربت عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ} الْبَقَرَة 61 وَذَلِكَ لَا يُنَافِي الْغِنَى وَمَعْنَى الْآيَةِ لَا طَاقَةَ لَهُمْ بِدَفْعِ الْملك عَن غصب سفينهم وَورد عل الثَّانِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمِسْكِينِ فِي قَوْلِهِ لَيْسَ الْمِسْكِينُ بِهَذَا الطَّوَّافِ أَيِ الْمِسْكِينِ الْكَامِلِ الْمَسْكَنَةِ وَلَا يلْزم من نَعته بِصفة الْكَمَالِ نَفْيُهُ مُطْلَقًا وَاللَّامُ تَكُونُ لِلْكَمَالِ قَالَهُ سِيبَوَيْهِ وَجَعَلَهَا فِي اسْمِ اللَّهِ لَهُ وَعَنِ الْبَيْت إِن الحلوبة لم يُتمهَا لَهُ إِلَّا فِي الزَّمَنِ الْمَاضِي لِقَوْلِهِ كَانَتْ فِي زَمَنِ مَنْ سَمَّاهُ فَقِيرًا فَلَعَلَّهُ كَانَ فِي ذَلِك الزَّمَان غَنِيًّا الصِّنْفُ الثَّالِثُ هُوَ الْعَامِلُ وَفِي الْجَوَاهِرِ نَحْوُ السَّاعِي وَالْكَاتِبِ وَالْقَاسِمِ وَغَيْرِهِمْ أَمَّا الْإِمَامُ وَالْقَاضِي وَالْفَقِيهُ وَالْقَارِئُ فَرِزْقُهُمْ مِنَ الْخَرَاجِ وَالْخُمْسِ وَالْعُشْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ قَالَ سَنَدٌ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ مَنْ يَسُوقُهَا وَيَرْعَاهَا وَهُوَ شَاذٌّ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ غَنِيًّا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي

الْمُوَطَّأِ لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ إِلَّا لِخَمْسَةٍ لِغَازٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ الْعَامِلِ عَلَيْهَا أَوِ الْغَارِمِ أَوْ لِرَجُلٍ اشْتَرَاهَا بِمَالِهِ أَوْ لِرَجُلٍ لَهُ جَارٌ مِسْكِينٌ فَتَصَدَّقَ عَلَى الْمِسْكِينِ فأهدى الْمِسْكِين للغني وَأَجَازَ أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ أَنْ يَكُونَ مِنْ آل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَوْ عَبْدًا أَوْ ذِمِّيًّا قِيَاسًا عَلَى الْغَنِيِّ وَالْفَرْقُ أَنَّهَا أُجْرَةٌ لَهُ فَلَا تُنَافِي الْغِنَى وَكَوْنُهَا أَوْسَاخَ النَّاسِ يُنَافِي آلَ الْبَيْتِ لِنَفَاسَتِهِمْ وَلِكَوْنِهَا قُرْبَةً تُنَافِي الْكُفَّارَ وَالْعَبِيدَ لِخَسَاسَتِهِمْ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ وَشُرُوطُهُ أَرْبَعَةٌ الْعَدَالَةُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالْبُلُوغُ وَالْعِلْمُ بِأَحْكَامِ الزَّكَاةِ الصِّنْفُ الرَّابِعُ الْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ وَفِي الْجَوَاهِرِ كَانُوا فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ يُظْهِرُونَ الْإِسْلَامَ فَيُؤَلَّفُونَ بِالْعَطَاءِ لِيَنْكَفَّ غَيْرُهُمْ بِانْكِفَافِهِمْ وَيُسْلِمَ بِإِسْلَامِهِمْ وَقَدِ اسْتُغْنِيَ الْآنَ عَنْهُمْ قَالَ عَبْدُ الْوَهَّاب فَلَا سهم لَهُم إِلَّا أَن تدعوا حَاجَةٌ إِلَيْهِمْ وَقِيلَ هُمْ صِنْفٌ مِنَ الْكُفَّارِ يُتَأَلَّفُونَ عَلَى الْإِسْلَامِ لَا يُسْلِمُونَ بِالْقَهْرِ وَقِيلَ قَوْمٌ إِسْلَامُهُمْ ضَعِيفٌ فَيُقَوَّى بِالْعَطَاءِ وَقِيلَ عُظَمَاءُ مِنْ مُلُوكِ الْكُفَّارِ أَسْلَمُوا فَيُعْطَوْنَ لِيَتَأَلَّفُوا أَتْبَاعَهُمْ لِأَن الْجِهَاد يكون تَارَة بِالنِّسْيَانِ وَتَارَةً بِالْبَيَانِ وَتَارَةً بِالْإِحْسَانِ يُفْعَلُ مَعَ كُلِّ صِنْفٍ مَا يَلِيقُ بِهِ الصِّنْفُ الْخَامِسُ فَكُّ الرِّقَابِ فِي الْجَوَاهِرِ يَشْتَرِي الْإِمَامُ الرِّقَابَ مِنَ الزَّكَاةِ فَيُعْتِقُهَا عَنِ الْمُسْلِمِينَ وَالْوَلَاءُ لِجَمِيعِهِمْ قَالَ ابْن الْقَاسِم وَلَا يَجْزِي فِيهَا إِلَّا مَا يَجْزِي فِي الرِّقَابِ الْوَاجِبَةِ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ فِي الْأَعْمَى وَالْأَعْرَجِ وَالْمُقْعَدِ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ هُوَ فِكَاكُ الْمُكَاتَبِينَ قَالَ مُحَمَّدٌ يُعْطِي مُكَاتَبَهُ مِنْ زَكَاتِهِ مَا لَمْ يَتِمَّ بِهِ عِتْقُهُ وَفِي قَطَاعَةِ مُدَبَّرِهِ مَا يُعْتَقُ بِهِ وَهُمَا لَا يُجْزِئَانِ فِي الْوَاجِبِ

فَرْعٌ قَالَ لَوِ اشْتَرَى مِنْ زَكَاتِهِ رَقَبَةً فَأعْتقهَا ليَكُون الْوَلَاء لَهُ النِّيَّة لَا يُجْزِئُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِاسْتِثْنَائِهِ الْوَلَاءَ خِلَافًا لِأَشْهَبَ مُحْتَجًّا بِمَنْ أَمَرَ عَبْدَهُ بِذَبْحِ أُضْحِيَّتِهِ فَذَبَحَهَا عَنْ نَفْسِهِ فَإِنَّهَا تُجْزِئُ عَنِ الْآمِرِ أَوْ أَمْرِهِ بِعِتْقِ عَبْدِهِ عَنْ نَفْسِهِ فَأَعْتَقَهُ الْوَكِيلُ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنَّ الْعِتْقَ عَنِ الْآمِرِ وَلَا يُجْزِئُ فَكُّ الْأَسِيرِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ تَمْهِيدٌ قَوْله تَعَالَى {وَفِي الرّقاب} اجْتَمَعَ فِيهِ الْعُرْفُ الشَّرْعِيُّ وَاللُّغَةُ أَمَّا الْعُرْفُ فَلِأَنَّهُ تَعَالَى أَطْلَقَ الرَّقَبَةَ فِي الظِّهَارِ وَالْقَتْلِ وَلَمْ يُرِدْ بِهَا إِلَّا الرَّقِيقَ الْكَامِلَ الرِّقِّ وَالذَّاتِ وَأَمَّا اللُّغَةُ فَإِنَّ الرَّقَبَةَ تَصْدُقُ لُغَةً على الْأَحْرَار وَالْعَبِيد وَمن كمل وَمن نقص فَالْمَشْهُور قدم الْعُرْفِ الشَّرْعِيِّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ بِأَنَّهُ نَاسِخٌ لِلُّغَةِ وَمَنْ لَاحَظَ اللُّغَةَ لِكَوْنِهَا الْحَقِيقَةَ وَغَيْرُهَا مَجَازٌ أَجَازَ الْمُكَاتَبَ وَالْمُدَبَّرَ وَالْمَعِيبَ وَالْأَسِيرَ وَعِتْقَ الْإِنْسَانِ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ الْوَلَاءُ لَهُ دُونَ الْمُسْلِمِينَ فَلِأَنَّ مَقْصُودَ الزَّكَاةِ إِنَّمَا هُوَ شُكْرُ النِّعْمَةِ وَسَدُّ الْخَلَّةِ وَهَذَا حَاصِلٌ وَالْوَلَاءِ لِلْمُعْتَقِ فَإِنَّ حَقَّ الْمُسْلِمِينَ إِنَّمَا يَتَعَيَّنُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَكَذَلِكَ سَائِرُ مَصَارِفِ الزَّكَاةِ لَا يَعُمُّ مِنْهَا شَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ وَقِيَاسًا عَلَى الرِّقَابِ فِي غَيْرِ الزَّكَاةِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ وَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ قَالَ سَنَدٌ وَجَوَّزَ ابْنُ حَبِيبٍ عِتْقَ مَنْ بَعْضِهِ حُرٌّ تَفْرِيعًا عَلَى الْمُكَاتَبِينَ قَالَ اللَّخْمِيُّ اخْتُلِفَ فِي خَمْسَةٍ الْمَعِيبِ وَإِعْطَاءِ الْمكَاتب وَإِعْطَاء الرجل مَالا لتعتق عَبده وَالْأَسِيرِ وَعِتْقِ بَعْضِ عَبْدٍ فَيَبْقَى الْبَاقِي رَقِيقًا أَو كَانَ بعضه حرا قَالَ وَقَول ملك وَأَصْحَابِهِ إِجْزَاءُ الْمَعِيبِ وَمَنِ اشْتَرَى رَقَبَةً مِنْ زَكَاتِهِ وَقَالَ هِيَ حُرَّةٌ عَنِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا وَلَاءَ لِي فَوَلَاؤُهَا لِلْمُسْلِمِينَ وَتُجْزِئُهُ وَإِنْ قَالَ حُرٌّ عَنِّي وَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُجْزِئُهُ وَوَلَاؤُهُ لَهُ وَقَالَ أَشْهَبُ يُجْزِئُهُ وَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ الصِّنْفُ السَّادِسُ الْغَارِمُ وَهُوَ مَنِ ادَّانَ فِي غَيْرِ سَفَهٍ وَلَا فَسَادٍ وَلَا يَجِدُ وَفَاءً أَوْ مَعَهُمْ أَمْوَالٌ لَا تَفِي دُيُونَهُمْ فَيُعْطَوْنَ مِنَ الزَّكَاةِ قَضَاءَ دُيُونِهِمْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ أَمْوَالٌ فَهُمْ فُقَرَاءُ غَارِمُونَ يُعْطَوْنَ بِالْوَصْفَيْنِ وَفِي الدَّفْعِ لِمَنِ ادَّانَ فِي سفه ثمَّ

نُزِعَ عَنْهُ خِلَافٌ وَفِي دَيْنِهِ لِلَّهِ تَعَالَى كَالْكَفَّارَاتِ وَالزَّكَوَاتِ الَّتِي فَرَّطَ فِيهَا خِلَافٌ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ وَيجِبُ أَنْ يَكُونَ الْغَارِمُ بِحَيْثُ يَنْجَبِرُ حَالُهُ بِأَخْذِ الزَّكَاةِ وَيَفْسُدُ بِتَرْكِهَا بِأَنْ تكون لَهُ أصُول يستغلها فليجئه الدَّيْنُ إِلَى بَيْعِهَا فَيَفْسَدُ حَالُهُ فَيُؤَدِّي ذَلِكَ مِنَ الزَّكَاةِ وَأَمَّا إِنْ كَانَ يَتَدَيَّنُ أَمْوَالَ النَّاسِ لِيَكُونَ غَارِمًا فَلَا لِأَنَّ الدَّفْعَ يُدِيمُهُ على عَادَته الردية وَالْمَنْعُ يَرْدَعُهُ قَالَ سَنَدٌ مَنْ تَدَايَنَ لِفَسَادٍ ثُمَّ حَسُنَتْ حَالُهُ دُفِعَتْ إِلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ لَا يُقْضَى مِنْهَا دَيْنُ الْمَيِّتِ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ فِي نَظَائِرِهِ وشروط الْغَارِم أَرْبَعَة أَن لَا يكون عِنْده مَا يقْضِي بهَا دَيْنَهُ وَأَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ لِآدَمِيٍّ وَأَنْ يَكُونَ مِمَّا يحسن فِيهِ وَأَن لَا يَكُونَ اسْتَدَانَهُ فِي فَسَادٍ الصِّنْفُ السَّابِعُ سَبِيلُ اللَّهِ تَعَالَى وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ الْجِهَادُ دُونَ الْحَج خلافًا لِابْنِ حَنْبَل لنا قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ إِلَّا لِخَمْسَةٍ لِغَازٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الْحَدِيثَ وَلَمْ يَذْكُرِ الْحَجَّ وَلِأَنَّ آخذ الزَّكَاةِ إِمَّا لِحَاجَتِهِ إِلَيْهَا كَالْفَقِيرِ أَوْ لِحَاجَتِنَا إِلَيْهِ كَالْعَامِلِ وَالْحَاجُّ لَا يَحْتَاجُ إِلَيْهَا لِعَدَمِ الْوُجُوبِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ إِنْ كَانَ فَقِيرًا وَلِأَنَّ عِنْدَهُ كِفَايَتَهُ إِنْ كَانَ غَنِيًّا وَلَا نَحْتَاجُ نَحْنُ إِلَيْهِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ عِيسَى بن دِينَار وح إِن كَانَ غَنِيا بِبَلَدِهِ وَمَعَهُ مَا يُغْنِيه فِي غَزوه فَلَا يَأْخُذهَا ووافقنا الشَّافِعِي لَنَا أَنَّ الْآيَةَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَيَكُونُ سَبِيلُ اللَّهِ تَعَالَى غَيْرُهُمْ عَمَلًا بِالْعَطْفِ وَيُؤَكِّدُهُ الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَيَشْتَرِي الإِمَام مِنْهَا الْمساحِي والحبال وَالْمَرَاكِبَ وَكِرَاءَ النَّوَاتِيَّةِ لِلْغَزْوِ وَكَذَلِكَ الْجَوَاسِيسُ وَإِنْ كَانُوا نَصَارَى وَيُبْنَى مِنْهَا حِصْنٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَيُصَالِحُ مِنْهَا الْعَدُوَّ وَقَالَ أَبُو الطَّاهِرِ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ وَالْمَشْهُورُ الْمَنْعُ لِأَنَّهُمْ فَهِمُوا مِنَ السَّبِيل الْجِهَاد نَفسه الصِّنْف الثّمن ابْنُ السَّبِيلِ وَفِي الْجَوَاهِرِ وَهُوَ الْمُنْقَطِعُ بِهِ بِغَيْر بَلَده

الْمُسْتَدِيمُ السَّفَرِ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا بِبَلَدِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ التَّدَايُنُ لِاحْتِمَالِ عَجْزِهِ عَنِ الْأَدَاءِ وَقِيلَ إِنْ قَدَرَ عَلَى السَّلَفِ لَا يُعْطَى فَإِنْ كَانَ مَعَهُ مَا يُغْنِيهِ فَلَا يُعْطَى لِكَوْنِهِ ابْنَ السَّبِيلِ أَوْ يُعْطَى رِوَايَتَانِ وَالْأَوَّلُ الْمَشْهُورُ وَمَا أَخذ لَا يُلْزِمُهُ رَدُّهُ إِذَا صَارَ لِبَلَدِهِ لِأَخْذِهِ إِيَّاهُ بِاسْتِحْقَاقٍ وَلِصَرْفِهِ فِي وُجُوهِ الصَّدَقَةِ قَالَ سَنَدٌ إِنْ كَانَ مُسْتَمِرَّ السَّفَرِ فَلَا خِلَافَ وَإِنْ أَقَامَ مُدَّةً ثُمَّ أَرَادَ الْخُرُوجَ أَجَازَ مَالك وش الدَّفْعَ لَهُ لِأَنَّهُ غَرِيبٌ يُرِيدُ السَّفَرَ قِيَاسًا عَلَى الْمُسْتَدِيمِ بِجَامِعِ الْحَاجَةِ وَمَنَعَ ح وَمَنِ اضْطُرَّ إِلَى الْخُرُوجِ مِنْ بَلَدِهِ زَعَمَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ الدَّفْعَ لَهُ لِمَا يُسَافِرُ بِهِ وَإِنْ كَانَ ذَاهِبًا إِلَى غير مستعيب دَفَعَ لَهُ نَفَقَةَ الرُّجُوعِ شَبَّهَهُ بِابْنِ السَّبِيلِ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ وَمَنَعَ عَبْدُ الْوَهَّابِ مُطْلَقًا وَلَوِ احْتَاجَتْ زَوْجَةُ ابْنِ السَّبِيلِ الَّتِي خَلَّفَهَا النَّفَقَةَ قَالَ مَالِكٌ يُعْطَى لَهَا وَفِي الْكتاب الْحَاج ابْن السَّبِيل قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ فِي نَظَائِرِهِ شُرُوطُ ابْنِ السَّبِيلِ ثَلَاثَةٌ أَنْ يَكُونَ سَفَرُهُ غَيْرَ مَعْصِيَةٍ وَأَنْ يَكُونَ فَقِيرًا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ فِيهِ وَأَن لَا يَجِدَ مَنْ يُسْلِفُهُ النَّظَرُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الصّرْف وَهِيَ سَبْعَةٌ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ إِنْ وَجَدَ الْأَصْنَافَ كُلَّهَا آثَرَ أَهْلَ الْحَاجَةِ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ قَالَ سَنَدٌ إِنِ اسْتَوَتِ الْحَاجَةُ قَالَ ملك يُؤْثِرُ الْأَدْيَنَ وَلَا يَحْرِمُ غَيْرَهُ وَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُؤْثِرُ أَهْلَ الْحَاجَةِ وَيَقُولُ الْفَضَائِلُ الدِّينِيَّةُ لَهَا أُجُورٌ فِي الْآخِرَةِ وَالصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُؤْثِرُ بِسَابِقَةِ الْإِسْلَامِ وَالْفَضَائِلِ الدِّينِيَّةِ لِأَنَّ إِقَامَةً بِنِيَّةِ الْأَبْرَارِ أَفْضَلُ مِنْ إِقَامَةٍ بِنِيَّةِ غَيْرِهِمْ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى بَقَائِهَا من الْمصَالح وَإِذَا أُعْطِيَ الْمُحْتَاجُ فَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ ذَلِكَ غير مَحْدُود وَيُعْطِيه قوت بِقَدْرِ الْمَقْسُومِ وَقَدْ تَقِلُّ الْمَسَاكِينُ وَتَكْثُرُ وَرَوَى الْمُغيرَة لَا يعْطى نِصَابا وَقَوله ح لِأَن الدّفع لَو صف الْفُقَرَاءِ فَلَا يَخْرُجُ بِهِ عَنْهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُعْطِيهِ قُوتَ السَّنَةِ وَإِنِ اتَّسَعَ الْمَالُ زَادَهُ ثَمَنَ الْعَبْدِ وَمَهْرَ الزَّوْجَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ يُعْطَى الْغَارِمُ قَدْرَ دَيْنِهِ وَالْفَقِيرُ وَالْمِسْكِينُ كِفَايَتَهُمَا وَكِفَايَةَ عِيَالِهِمَا وَالْمُسَافِرُ قَدْرَ مَا يُوصِلُهُ إِلَى مَقْصِدِهِ أَو مَوضِع مَاله والغازي مَا يَقُومُ بِهِ حَالَةَ الْغَزْوِ وَالْمُؤَلَّفَةُ بِالِاجْتِهَادِ وَالْعَامِلُ أُجْرَةَ مِثْلِهِ وَمِنْ جَمَعَ وَصْفَيْنِ اسْتَحَقَّ سَهْمَيْنِ

وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ بَلْ بِالِاجْتِهَادِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُعْطَى مِنْهَا الْعَامِلُ بِقدر كَثْرَة مَاله وَقِلَّتِهِ وَكَثْرَةِ الْمُتَحَصِّلِ وَقِلَّتِهِ وَعَمَلُهُ وَصْفٌ يَسْتَحِقُّ بِهِ كَالْفَقْرِ لِأَنَّهَا أُجْرَةٌ فَإِنْ كَانَ ذِمِّيًّا أعطي من غَيرهَا وَقَالَ ابْن لجلاب يُدْفَعُ إِلَيْهِمْ أُجْرَةٌ مَعْلُومَةٌ مِنْهَا بِقَدْرِ عَمَلِهِمْ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسْتَأْجَرُوا بِجُزْءٍ مِنْهَا لِلْجَهَالَةِ بِقَدرِهِ قَالَ فَنَحَا بِهَا مَنْحَى الْإِجَارَةِ وَهُوَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ الْحُكْمُ الثَّانِي فِي التَّرْتِيبِ قَالَ اللَّخْمِيُّ يَبْدَأُ بِالْعَامِلِينَ لِأَنَّهُمْ كَالْأُجَرَاءِ ثُمَّ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ عَلَى الْعِتْقِ لِأَنَّ سَدَّ الْخَلَّةِ أَفْضَلُ وَلِأَنَّهُ حق للأغنياء لَيْلًا تَجِبَ عَلَيْهِمُ الْمُوَاسَاةُ مَرَّةً أُخْرَى وَإِذَا وُجِدَتِ الْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ قُدِّمُوا لِأَنَّ الصَّوْنَ عَنِ النَّارِ مُقَدَّمٌ عَلَى الصَّوْنِ عَنِ الْجُوعِ كَمَا يُبْدَأُ الْغَزْو إِنْ خُشِيَ عَلَى النَّاسِ وَابْنُ السَّبِيلِ إِنْ كَانَ يلْحقهُ ضَرَرٌ قُدِّمَ عَلَى الْفَقِيرِ لِأَنَّهُ فِي وَطَنِهِ الْحُكْمُ الثَّالِثُ فِي الْإِثْبَاتِ وَفِي الْجَوَاهِرِ مَا خَفِيَ مِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ كَالْفَقْرِ وَالْمَسْكَنَةِ مَنِ ادَّعَاهُ صَدَقَ مَا لَمْ يَشْهَدْ ظَاهِرُهُ بِخِلَافِهِ أَوْ يَكُونُ مِنْ أَهْلِ الْمَوْضِعِ وَيُمْكِنُ الْكَشْفُ عَنْهُ فَيُكْشَفُ وَالْغَازِي مَعْلُومٌ بِفِعْلِهِ فَإِنْ أُعْطِيَ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يُوفِ اسْتَرَدَّ وَيُطَالَبُ الْغَارِمُ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى الدَّيْنِ وَالْعُسْرِ إِنْ كَانَ عَنْ مُبَايَعَةٍ إِلَّا إِذَا كَانَ عَنْ طَعَامٍ أَكْلَهُ وَابْنُ السَّبِيلِ يُكْتَفَى فِيهِ بِهَيْئَةِ الْفَقْرِ الْحُكْمُ الرَّابِعُ مُبَاشَرَتُهَا فِي الْكِتَابِ لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَلِيَ أَحَدٌ صَدَقَةَ نَفْسِهِ خَوْفَ الْمَحْمَدَةِ وَلْيَدْفَعَهَا لِمَنْ يَثِقُ بِهِ فَيُقَسِّمُهَا وَقَالَ ش أَحَبُّ إِلَيَّ أَن يتولاها قِيَاسا على الْأُضْحِية وليتقن أَدَاءَهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا كَانَ الْإِمَامُ يَعْدِلُ فِي الْأَخْذِ وَالصَّرْفِ لَمْ يَسَعِ الْمَالِكُ أَنْ يَتَوَلَّى الصَّرْفَ بِنَفْسِهِ فِي النَّاضِّ وَلَا فِي غَيْرِهِ بَلِ الْإِمَامُ لِاحْتِيَاجِهَا إِلَى الِاجْتِهَادِ فِي تَعْيِينِ الْأَصْنَافِ وَتَحْقِيقِ صِفَاتِهِمْ وَشُرُوطِهِمْ وَتَعْيِينِ الْبُلْدَانِ فِي الْحَاجَاتِ وَهِيَ أُمُورٌ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهَا إِلَّا الْوُلَاة

غَالِبًا وَأَمَّا الْحَرْثُ وَالْمَاشِيَةُ فَيَبْعَثُ الْإِمَامُ فِيهَا وَقِيلَ زَكَاةُ النَّاضِّ إِلَى أَرْبَابِهِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ ذَلِكَ إِذَا لَمْ يَكُنِ الْمَصْرِفُ الْفُقَرَاءُ وَالْمَسَاكِينُ خَاصَّةً لِاحْتِيَاجِ غَيْرِهِمَا إِلَى الِاجْتِهَادِ وَحَيْثُ قُلْنَا يَلِيهَا رَبُّهَا فَالْأَفْضَلُ لَهُ أَنْ يُوَلِّيَهَا غَيْرَهُ إِلَّا أَنْ يَجْهَلَ أَحْكَامَهَا فَيجِبُ وَإِذَا كَانَ الْإِمَامُ جَائِرًا لَمْ يَجُزْ دَفْعُهَا لَهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا كَانَ الْإِمَامُ مَشْغُولًا تَوَلَّى النَّاسُ الْحَرْثَ وَالْعَيْنَ وَانْتَظَرُوا بِالْمَاشِيَةِ الْإِمَامَ وَفِيهِ خلاف قَالَ سَنَد ولمفرقهما أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ إِنْ كَانَ أَهْلًا الْحُكْمُ الْخَامِسُ فِي الْخَطَأِ فِيهَا قَالَ سَنَدٌ إِنْ دَفَعَهَا لِكَافِرٍ أَوْ عَبْدٍ أَوْ غَنِيٍّ وَلَمْ يَعْلَمْ فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ بالاحتهاد وَقَدْ فَعَلَهُ أَوْ رَبُّ الْمَالِ فَظَاهِرُ الْكِتَابِ لَا يُجْزِئُهُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَفَرَّقَ بَعْضُ النَّاسِ بَيْنَ الْكَافِرِ وَالْعَبْدِ فَلَا يُجْزِئُ لِاشْتِهَارِهِمَا غَالِبًا وَبَيْنَ الْغَنِيِّ فَيُجْزِئُ لِأَنَّ الرَّجُلَ قَدْ يَكْتُمُ غِنَاهُ كَثِيرًا فِي النَّاسِ وَيَحْرُمُ الدَّفْعُ لِأَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَتَارِكِ الصَّلَاةِ عَلَى الْخِلَافِ فِي تَكْفِيرِهِمْ وَجَوَّزَ ح الدَّفْعَ للذِّمِّيّ لنا قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِمُعَاذٍ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ فِي فُقَرَائِهِمْ فَالظَّاهِرُ اخْتِصَاصُ الْفُقَرَاءِ بالمأخوذ مِنْهُم قَالَ اللَّخْمِيّ لإن كَانَ عَالِمًا بِالْغَنِيِّ أَوْ بِالذِّمِّيِّ أَوِ الْعَبْدِ لَمْ يُجْزِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ وَهِيَ قَائِمَةٌ انْتُزِعَتْ وَإِنْ أَكَلُوهَا غَرَّمُوهَا عَلَى الْمُسْتَحْسَنِ مِنَ الْقَوْلِ لِأَنَّهُمْ صَانُوا بِهَا أَمْوَالَهُمْ وَإِنْ هَلَكَتْ بِأَمْرٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَكَانُوا غُرُّوا مِنْ أنفسهم غرموا وَإِلَّا فَلَا ثمَّ يَخْتَلِفُوا فِي تَغْرِيمِ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْإِمَامُ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ فَإِنْ دَفَعَهَا لِمُسْتَحِقِّهَا ثُمَّ زَالَ سَبَبُ الِاسْتِحْقَاقِ كَابْنِ السَّبِيلِ لَا يُنْفِقُهَا حَتَّى يصل إِلَى مَوْضِعه أَو يصله مَالُهُ وَالْغَازِي يَقْعُدُ عَنِ الْغَزْوِ انْتُزِعَتْ وَتَرَدَّدَ فِي الْغَارِم يسْقط دينه أَو نؤديه مِنْ غَيْرِهَا قَالَ

صَاحِبُ تَهْذِيبِ الطَّالِبِ إِنِ اسْتَهْلَكَهَا الْعَبْدُ هَلْ تَكُونُ جِنَايَةً فِي رَقَبَتِهِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ مُتَطَوِّعٌ فِيهِ خِلَافٌ فَإِنْ دَفَعَ لِمُسْلِمٍ مَا لَا يُجْزِئُ كَالْعِوَضِ رَجَعَ إِنْ كَانَ قَائِمًا وَلَا يَرْجِعُ إِنْ فَاتَ لِأَنَّهُ ظَالِمٌ مُسَلِّطٌ لَهُ عَلَيْهِ أَمَّا لَوْ لَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهَا زَكَاةٌ حُمِلَتْ عَلَى التَّطَوُّعِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ الْحُكْمُ السَّادِسُ تَفْرِيقُهَا بِغَيْرِ بَلَدِهَا وَفِي الْكِتَابِ مَنْ حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ بِغَيْرِ بَلَدِهِ زَكَّى مَا مَعَهُ وَمَا خَلَّفَ بِبَلَدِهِ وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ الْجَمِيعُ بِبَلَدِهِ إِلَّا أَنْ يَخْشَى الْحَاجَةَ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا يَجِدُ سَلَفًا وَقَدْ كَانَ يَقُولُ يُقْسِمُ بِبَلَدِهِ وَاسْتَحَبَّهُ أَشْهَبُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بِمَوْضِعِ حَاجَةٍ فَإِنْ خَشِيَ أَنَّهَا تُؤَدَّى عَنْهُ بِبَلَدِهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَلَا يَدْفَعُ الإِمَام مِنْهَا شَيْئا إِلَى بَيت المَال وتنفذ الزَّكَاة بِموضع وَجَبت إِنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا نَقَلَهَا لِأَقْرَبِ الْبِلَادِ إِلَيْهِمْ لِتَعَلُّقِ آمَالِ فَقُرَاءِ كُلِّ بَلَدٍ بِأَغْنِيَاءِ أَهْلِهَا فَإِن بلغه حَاجَة من غَيْرِ بَلَدِهِ أَعْطَى مِنْهُ أَهْلَ بَلَدِهِ ثُمَّ نَقَلَهُ إِلَى بَلَدِ الْحَاجَةِ قَالَ سَنَدٌ إِنْ كَانَ مَوْضِعُ الزَّكَاةِ لَيْسَ فِيهِ مُسْتَحِقٌّ نُقِلَتْ للأقرب إِلَيْهِ لخفية الْمُؤْنَة وَإِن كَانَ فِيهِ مُسْتَحقّ لَكَانَ حَاجَةَ غَيْرِهِ أَشَدُّ نَقَلَهَا كَمَا نَقَلَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ زَكَاةَ مِصْرَ إِلَى الْحِجَازِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَاجَةُ غَيْرِهِ أَشَدَّ فَقَوْلُ ح وش وَغير الْمَشْهُور عَن مَالك النَّقْل وَحَيْثُ قُلْنَا بعد النَّقْل قد اسْتَثْنَى ابْنُ الْقَاسِمِ الْمَوْضِعَ الْقَرِيبَ وَإِذَا قُلْنَا لَا تُنْقَلُ فَنَقَلَ فَضَاعَتْ فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ اجْتِهَادٍ وَإِنْ كَانَ رب المَال ضمن وَحَيْثُ قُلْنَا جَوَاز النَّقْلِ فَالْأَظْهَرُ إِرْسَالُهَا بَعْدَ الْحَوْلِ وَلَا يَضْمَنُ إِنْ تَلِفَتْ وَفِي الْجَوَاهِرِ نَقْلُ الصَّدَقَةِ عَنْ مَوْضِعِ وُجُوبِهَا وَهُوَ الْبَلَدُ الَّذِي فِيهِ الْمَالُ وَالْمَالِكُ وَالْمُسْتَحِقُّونَ غَيْرُ جَائِزٍ فَإِنْ فَعَلَ كُرِهَ وَأَجْزَأَ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يُجْزِئُ فَإِنِ افْتَرَقَ الْمَالُ وَالْمَالِكُ فَهَلْ يُعْتَبَرُ مَكَانُ الْمَالِ عِنْدَ تَمام بِهَا فَيخْرِجُهَا حَيْثُ هُوَ قَوْلَانِ وَأَمَّا صَدَقَةُ الْفطر فَإِنَّهَا يُنْظَرُ فِيهَا إِلَى مَوْضِعِ الْمَالِكِ فَقَطْ وَحَيْثُ قُلْنَا يَنْقِلُهَا فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ الْإِمَامَ يتكارى عَلَيْهَا

مِنَ الْفَيْءِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَتَكَارَى وَلَكِنْ يَبِيعُهَا ثُمَّ يَشْتَرِي مِثْلَهَا بِالْمَوْضِعِ وَفِي العتبة مَنْ لَيْسَ بِمَوْضِعِهِ مَسَاكِينُ حَمَلَهَا مِنْ عِنْدِهِ ثمَّ تَصِلَ إِلَى الْمَسَاكِينِ الْحُكْمُ السَّابِعُ فِي الْكِتَابِ لَا يخْرِجُ فِي زَكَاتِهِ إِسْقَاطَ دَيْنِهِ عَنِ الْفَقِيرِ لِأَنَّهُ مُسْتَهْلَكٌ عِنْدَ الْفَقِيرِ قَالَ سَنَدٌ فَإِنْ فَعَلَ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُجْزِئُهُ وَقَالَ أَشهب يُجزئهُ بِمَنْزِلَةِ الدَّفْعِ لِلْغَارِمِ بِجَامِعِ السَّبَبِ لِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ

(الباب التاسع في زكاة الفطر)

(الْبَاب التَّاسِع فِي زَكَاة الْفطر) وَفِي الْجَوَاهِرِ هِيَ وَاجِبَةٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَالْأَئِمَّةِ وَحَكَى أَبُو الطَّاهِرِ قَوْلًا بِأَنَّهَا سُنَّةٌ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَلَى النَّاسِ مِنْ رَمَضَانَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَقَوْلُهُ عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ كَمَا تَقُولُ رَضِيَ اللَّهُ عَنِّي وَرَضِيَ عَلَيَّ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِهِ عَلَى النَّاسِ فَائِدَةٌ حُجَّةُ السُّنَّةِ أَنَّ فَرَضَ مَعْنَاهُ قَدَّرَ وَالسُّنَّةُ مُقَدَّرَّةٌ وَيُرْوَى أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ قَالَ أَمَرَنَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِزَكَاةِ الْفِطْرِ قَبْلَ نُزُولِ الزَّكَاةِ فَلَمَّا نَزَلَتْ لَمْ يَأْمُرْنَا وَلَمْ يَنْهَنَا وَنَحْنُ نَفْعَلُهَا وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ ظَاهِرَ الْفَرْضِ الْوُجُوبُ فَالْعُدُولُ عَنْهُ لِغَيْرِ دَلِيلٍ تَحَكُّمٌ وَعَنِ الثَّانِي نَقُولُ بِمُوجِبِهِ فَإِنَّ ظَاهِرَ الْأَمْرِ السَّابِقِ الْوُجُوبُ وَالسُّكُوتُ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَكُونُ نَسْخًا بَلِ اكْتُفِيَ بِمَا تَقَدَّمَ وَيَتَمَهَّدُ الْفِقْهُ بِبَيَانِ سَبَبِ وُجُوبِهَا وَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ وَالْوَاجِبُ عَنْهُ وَالْوَاجِبُ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ فُصُولٌ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي سَبَبِ الْوُجُوبِ وَقَدِ اعْتبر الشَّرْع فِيهِ أمرا وَهُوَ الْوَقْت

وَفِيه تعينه أَقْوَال وأمورا خَاصَّة وَهِيَ الْقَرَابَةُ وَالْمِلْكُ وَالنِّكَاحُ وَلَمَّا كَانَتِ الثَّلَاثَة أسبابا للنفقات كَانَت أسبابا للزكوات عَنِ الْمُنْفَقِ عَلَيْهِ بِجَامِعِ تَحَمُّلِ الْحَقِّ الْمَالِيِّ وَدلّ على ذَلِك قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وأدوا الزَّكَاة عَمَّن تمونون وَاعْتبر أَيْضا غير هَذَا وَهُوَ تَطْهِير الصَّائِم مِنْ رَفَثِ صَوْمِهِ وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ وَلِهَذَا الْمَعْنَى وَجَبَتْ عَلَى الْإِنْسَانِ عَنْ نَفْسِهِ لِيُطَهِّرَهَا مِنْ رَفَثِهِ وَلَمْ تَجِبْ عَنْ عَبِيدِهِ الْكُفَّارِ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا أَهْلًا لِلتَّطْهِيرِ تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ قَدْ تَجِبُ النَّفَقَةُ وَلَا تَجِبُ الزَّكَاةُ كَالْمُسْتَأْجِرِ بِنَفَقَتِهِ وَتَجِبُ الزَّكَاةُ دُونَ النَّفَقَةِ بَلْ بِمُجَرَّدِ الْمِلْكِ كَالْعَبْدِ الْهَارِبِ وَالْمُكَاتَبِ الثَّانِي أَنَّ الْوَقْت هُنَا لَيْسَ كَمَا قُلْنَا فِي الْحَوْلِ مَعَ النِّصَابِ فَإِنَّ الشَّرْطَ مَا ظَهَرَتْ مُنَاسَبَتُهُ فِي غَيْرِهِ كَالْحَوْلِ مكمل لتنمية النّصاب وَالْوَقْت هَا هُنَا لَيْسَ مُكَمِّلًا لِحِكْمَةِ الْقَرَابَةِ أَوِ الْمِلْكِ أَوِ التَّطْهِيرِ فَلَيْسَ شَرْطًا وَقَدْ دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى اعْتِبَارِهِ فَتَعَيَّنَ ضَمُّهُ إِلَى أَحَدِ الْأَسْبَابِ الْأُخَرِ فَيَكُونُ الْمَجْمُوعُ هُوَ السَّبَبَ التَّامَّ وَكُلُّ وَاحِدٍ جز سَبَب كَالْقَتْلِ الْعمد والعدوان وَفِي الْجَوَاهِر قَالَ مَالك وَابْن الْقَاسِم وح تحب بِطُلُوعِ الْفَجْرِ يَوْمَ الْفِطْرِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ تَجِبُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ لَيْلَةَ الْعِيدِ وَقَالَهُ ش وَبِطُلُوعِ الشَّمْسِ يَوْمَ الْفِطْرِ قِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ وَبِغُرُوبِ الشَّمْسِ لَيْلَةَ الْفِطْرِ وُجُوبًا مُوَسَّعًا إِلَى غرُوب الشَّمْس من يَوْم الْفطر قَالَ القَاضِي أَبُو بكر وَالْأول الصَّحِيح وَفِي الْجلاب من اشْترى عبدا لَيْلَة الْفِطْرِ فَهَلْ زَكَاتُهُ عَلَى الْبَائِعِ أَوْ عَلَى الْمُبْتَاع رِوَايَتَانِ

تَنْبِيهٌ الْقَائِلُ تَجِبُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ قَالَ تَجِبُ وُجُوبًا مُوَسَّعًا إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ يَوْمِ الْعِيد فَيكون هُوَ هَذَا القَوْل وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَقْوَالَ الْأَرْبَعَةَ مُتَّفِقَةٌ عَلَى أَنَّ الْوَقْتَ وَقْتُ أَدَاءٍ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ وَإِنَّمَا الْقَضَاءُ بَعْدَهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ أَنَّ الْقَائِلَ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ يَحْصُرُ السَّبَبَ فِي غرُوب الشَّمْس وَبَقِيَّة الْيَوْم عِنْده صرف لِلْإِيقَاعِ فَجُمْلَةُ الْيَوْمِ عِنْدَهُ وَاجِبٌ فِيهِ لَا بِسَبَبِهِ وَالْقَائِل الرَّابِع كُلُّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ زَمَنِهِ الْيَوْمَ سَبَبٌ لِلْوُجُوبِ وَظَرْفٌ لِلْإِيقَاعِ فَكُلُّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ زَمَنِهِ الْيَوْمَ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ وُجُوبًا مُوَسَّعًا إِلَى غرُوب الشَّمْس فَلَا جرم كل من يجد فِي أَيِّ وَقْتٍ كَانَ مِنْ أَجْزَاءِ الْيَوْمِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِخْرَاجُ بِاعْتِبَارِ مَا يَتَجَدَّدُ بَعْدَهُ مِنَ الْأَزْمَانِ فَإِذَا أَسْلَمَ كَافِرٌ عِنْدَ الزَّوَالِ يجِبُ عَلَيْهِ الْإِخْرَاجُ لِأَجْلِ مَا يُقَارِنُهُ مِنَ الْأَزْمِنَة الكائنة بعد الزَّمَانِ بَعْدَ الزَّوَالِ لِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنَ الْيَوْم يسبب الْوُجُوب لظَاهِر قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَغْنُوهُمْ عَنْ سُؤَالٍ هَذَا الْيَوْمَ فَالْخِلَافُ بَيْنَ الْقَائِلِينَ هَلْ جَمِيعُ أَجْزَاءِ الْيَوْمِ ظَرْفٌ لِلْإِيقَاعِ فَقَطْ وَالسَّبَبُ الْغُرُوبُ فَقَطْ أَوْ ظَرْفٌ وَأَسْبَابٌ وَيكون المعتبرفي السَّبَبِيَّةِ الْقَدْرَ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَهُمَا فَيَنْقَسِمُ عَلَى رَأْيِ هَذَا الْقَائِلِ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ إِلَى وَاجِبٍ فِيهِ كعام لِقَضَاءِ الصَّوْمِ وَإِلَى وَاجِبٍ بِسَبَبِهِ كَأَجْزَاءِ الْيَوْمِ وَإِلَى وَاجِب عَلَيْهِ كالمشترك بَين الْفرق وَفِي فُرُوضِ الْكِفَايَةِ وَإِلَى الْوَاجِبِ نَفْسِهِ كَالْمُشْتَرَكِ بَيْنَ خِصَال الْكَفَّارَة أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ وَاقِعَةٌ فِي الشَّرْعِ إِجْمَاعًا وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ هَلْ هِيَ فِيهَا أَمْ لَا وَسَبَبُ الْخِلَافِ أَنَّ الْفِطْرَ الَّذِي أضيفت إِلَيْهِ فِي الْحَدِيثِ هَلْ يُحْمَلُ عَلَى الْفِطْرِ الشَّرْعِيّ الَّذِي لَمْ يُوجَدْ فِي رَمَضَانَ وَذَلِكَ إِنَّمَا يَتَحَقَّقُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَوْ عَلَى مُطلق الْفطر الشَّرْعِيّ الْكَائِن بَعْدَ رَمَضَانَ وَهُوَ غُرُوبُ الشَّمْسِ

لَيْلَة الْفطر أَو يُلَاحظ إيماؤه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي قَوْلِهِ أَغْنُوهُمْ عَنْ سُؤَالٍ هَذَا الْيَوْمَ وَاللَّيْلَةُ مُنْدَرِجَةٌ فِي الْيَوْمِ فَتَجِبُ وُجُوبًا مُوَسَّعًا مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُخَصِّصْ مِنْهُ شَيْئًا أَوْ يُلَاحِظُ قَاعِدَةً أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ الْحُكْمَ إِذَا عُلِّقَ عَلَى اسْمٍ هَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى أَوَّلِهِ أَوْ يُسْتَوْعَبُ فِيهِ خِلَافٌ فِي الْأُصُولِ فَإِذَا قُلْنَا بِالِاسْتِيعَابِ فَهُوَ الْمُوَسَّعُ أَوْ بِالِاقْتِصَارِ فَيُلَاحَظُ قَاعِدَةٌ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ اللَّيْلَةَ هَلْ هِيَ لِلْيَوْمِ الْآتِي أَوِ الْمَاضِي فِيهِ خِلَافٌ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْآخَرِ فَمَنِ الْفَجْرِ إِلَى الشَّمْسِ هَلْ هُوَ مِنَ اللَّيْلِ أَوْ مِنَ النَّهَارِ أَوْ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ آخِرُ وَقْتِهَا زَوَالُ الشَّمْسِ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ قِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ وَيَتَخَرَّجُ عَلَى الْخِلَافِ وُجُوبُهَا وَسُقُوطُهَا عَنِ الْمَوْلُودِ وَالْمُشْتَرَى وَالْمَيِّتِ وَالْمُعْتَقِ وَالْمُطَلَّقَةِ وَمَنْ أَسْلَمَ وَفِي الْكِتَابِ مَنْ أَسْلَمَ يَوْمَ الْفِطْرِ بَعْدَ الْفَجْرِ اسْتُحِبَّ لَهُ زَكَاةُ الْفِطْرِ وَالْأُضْحِيَّةُ لِأَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِالْفُرُوعِ وَلَا تُؤَدَّى عَنِ الْجَنِينِ إِلَّا أَنْ يُولَدَ لَيْلَةَ الْفِطْرِ وَإِنْ كَانَتِ النَّفَقَةُ وَاجِبَةً لِلْحَامِلِ لِأَنَّ النَّفَقَةَ وَجَبَتْ لِلْحَامِلِ بِسَبَب الْحمل لَا للْحَمْل فُرُوعٌ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ تُؤَدَّى بَعْدَ الْفَجْرِ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ الْغُدُوِّ إِلَى الْمُصَلَّى وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَفِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لما ذكرهَا من أدها قبل الصَّلَاة فَهِيَ مَقْبُولَة وَمن أدها بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ وَلِأَنَّ الْمُسْتَحَبَّ الْأَكْلُ قَبْلَ الْغُدُوِّ فَتُقَدَّمُ لِلْفَقِيرِ لِيَأْكُلَ مِنْهَا وَيَسْتَغْنِيَ عَنِ السُّؤَالِ مِنْ أَوَّلِ الْيَوْمِ وَلِأَنَّهُ مُبَادَرَةٌ إِلَى الْخَيْرَاتِ وَإِنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الْفِطْرِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ جَازَ وَيُؤَدِّيهَا الْمُسَافِرُ حَيْثُ هُوَ وَإِنْ أَدَّاهَا أَهْلُهُ عَنْهُ أَجْزَأَهُ قَالَ سَنَدٌ مَنْ قَالَ إِنَّ وَقْتَهَا طُلُوعُ الشَّمْسِ لَا يَسْتَحِبُّهَا قَبْلَ ذَلِكَ لِعَدَمِ الْوُجُوبِ قَالَ ابْن

الْقَاسِمِ إِنْ عَزَلَهَا فَتَلِفَتْ لَمْ يَضْمَنْهَا وَإِنْ دَفَعَهَا قَبْلَ يَوْمِ الْفِطْرِ لِمَنْ يُفَرِّقُهَا جَازَ اتِّفَاقًا فَإِنْ دَفَعَهَا لِلْفَقِيرِ لَمْ تُجْزِهِ عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ وَزَعَمَ الْبَاجِيُّ أَنَّ هَذَا هُوَ مَشْهُورُ الْمَذْهَبِ لِأَنَّ الْقَوْلَ الْآخَرَ يَنْزِعُ إِلَى إِخْرَاج الزَّكَاة قبل وَقتهَا وَتَأَول عَبْدُ الْوَهَّابِ ظَاهَرَ الْكِتَابَ عَلَى الْإِخْرَاجِ لِمَنْ يُفَرِّقُهَا لِأَنَّهَا كَانَتْ عَادَتَهُمْ بِالْمَدِينَةِ وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى خِلَافِهِ ثُمَّ يَنْتَقِضُ قَوْلَهُ بِتَجْوِيزِهِ الدَّفْعَ إِلَى الْإِمَامِ بِالْيَوْمَيْنِ وَيَدُهُ يَدُ الْفُقَرَاءِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْيَوْمَيْنِ وَأَوَّلِ الشَّهْرِ أَنَّ الْعِبَادَ أَضْيَافُ اللَّهِ تَعَالَى يَوْمَ الْفِطْرِ لِذَلِكَ حَرُمَ عَلَيْهِمْ صَوْمُهُ فَفِي الْيَوْمَيْنِ يَتَمَكَّنُ الْفَقِيرُ مِنْ تَهْيِئَتِهَا لِيَوْمِ الْعِيدِ وَيَتَّسِعُ فِيهِ وَقَبْلَ ذَلِكَ تَذْهَبُ مِنْهُ وَمُقْتَضَى هَذَا أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيمُ أَفْضَلَ لَكِنْ رُوعِيَ سَبَبُ الْوُجُوبِ فَاقْتُصِرَ عَلَى ذَلِكَ وَقَالَ ح يجوز إِخْرَاجُهَا قَبْلَ رَمَضَانَ لِأَوَّلِ يَوْمٍ مِنَ السَّنَةِ وَقَالَ ش تَجُوزُ فِي رَمَضَانَ لَا قَبْلَهُ فَجَعَلَ ح وُجُودَ الْمُزَكِّي كَوُجُودِ النِّصَابِ فِي الْأَمْوَال فَإِنَّهُ إِنَّمَا يُخرجهُ عَنْ نَفْسِهِ وَرَأَى أَنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِسَبَبَيْنِ الصَّوْمِ وَالْفِطْرِ مِنْهُ فَيَجُوزُ بَعْدَ أَحَدِهِمَا كَالْكَفَّارَةِ بَعْدَ الْحَلِفِ وَقَبْلَ الْحِنْثِ وَتَعَلُّقُهَا عِنْدَنَا بِالْفَجْرِ فَلَا تُجزئ قبله إِلَّا بالسير لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ فِي الْوَقْتِ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَوْ أخرجهَا بيومين فَهَلَكَتْ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ لَمْ يَضْمَنْهَا لِتَعْيِينِهَا بِفِعْلِهِ كَزَكَاةِ الْمَالِ قَالَ سَنَدٌ لَا يُفِيدُ الضَّمَانُ كَالْإِخْرَاجِ قَبْلَ الْحَوْلِ فَتَضِيعُ قَبْلَهُ الثَّانِي قَالَ سَنَدٌ وَلَا يَأْثَمُ بِالتَّأْخِيرِ مَا دَامَ يَوْمُ الْفِطْرِ قَائِمًا فَإِنْ أَخَّرَهَا عَنْهُ أَثِمَ مَعَ الْقُدْرَة وَقَالَهُ ش وَابْن حَنْبَل واخرج الْمُسَافِرِ عَنْ عَبِيدِهِ وَأَهْلِهِ الْغَائِبِينَ عَنْهُ يَتَخَرَّجُ عَن تزكيته لمَال الْغَائِبِ مَعَ مَا فِي يَدِهِ فَإِذَا أَخْرَجَ أَهْلُهُ وَكَانَ ذَلِكَ عَادَتَهُمْ أَوْ أَمَرَهُمْ أَجْزَأَهُ وَإِلَّا تَخَرَّجَ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَنْ أَعْتَقَ عَنْ غَيره بِغَيْر بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَعِلْمِهِ وَالْإِجْزَاءُ أَحْسَنُ لِأَنَّهُ حَقٌّ مَالِيٌّ كَالدَّيْنِ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ مَنْ مَاتَ يَوْمَ الْفِطَرِ أَوْ لَيْلَتَهُ مِمَّنْ تَلْزَمُكَ نَفَقَتُهُ لم

يُسْقِطْهَا مَوْتُهُ وَمَنْ مَاتَ حِينَئِذٍ فَأَوْصَى بِهَا كَانَتْ فِي رَأْسِ مَالِهِ وَلَوْ لَمْ يُوصَ بِهَا لَمْ يُجْبَرِ الْوَرَثَةُ عَلَيْهَا وَيُنْدَبُونَ كَزَكَاةِ الْعين تَحِلُّ فِي مَرَضِهِ وَإِنَّمَا يَكُونُ فِي الثُلُثِ مَا فرط فِيهِ صِحَّتِهِ إِذَا أَوْصَى بِهِ وَقَوْلُهُ لَمْ يُسْقِطْهَا مَوْتُهُ مَعَ مَوْتِهِ لَيْلَةَ الْفِطْرِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ وَقْتَ الْوُجُوبِ غُرُوبُ الشَّمْسِ وَقَدْ صَرَّحَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ بِأَنَّهُ طُلُوعُ الْفَجْرِ الْفَصْل الثَّانِي فِي الْوُجُوب عَلَيْهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ الْمُوسِرُ وَلَا زَكَاة على مُعسر وَهُوَ الَّذِي لَا يفصل عَنْ قُوتِهِ ذَلِكَ الْيَوْمَ صَاعٌ وَلَا وَجَدَ مَنْ يُسْلِفُهُ إِيَّاهُ وَقِيلَ هُوَ الَّذِي يُجْحَفُ بِهِ فِي مَعَاشِهِ إِخْرَاجُهَا وَقِيلَ مَنْ يَحِلُّ لَهُ أَخْذُهَا وَاخْتُلِفَ فِيهِ فَقِيلَ مِنْ لَهُ أَخْذُ الزَّكَاةِ وَقِيلَ الَّذِي لَا يَأْخُذُ مِنْهَا فِي يَوْمِهِ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَ مِسْكين وَاحِد أَكْثَرَ مِنْ صَدَقَةِ إِنْسَانٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَعَلَى الثَّانِي فَلَا وَرَوَى مُطَرِّفٌ عَنْ مَالِكٍ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُعْطِيَ الْمِسْكِينَ مَا يَخْرُجُ عَنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَإِنْ أَعْطَى زَكَاةَ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ لمساكين عدَّة جَازَ فِي وُجُوبِهَا عَلَى مَنْ لَهُ عَبْدٌ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ وَعَلَى مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ خِلَافٌ وَفِي الْكِتَابِ تَجِبُ عَلَى مَنْ يَحِلُّ لَهُ أَخْذُهَا وَعَلَى الْمُحْتَاجِ إِنْ وَجَدَ أَوْ وَجَدَ مَنْ يُسْلِفُهُ وَإِلَّا فَلَا وَلَا يَقْضِيهَا بَعْدَ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يُؤَخِّرَهَا مَعَ الْقُدْرَةِ وَوَافَقَنَا ش وَابْنُ حَنْبَلٍ فِي إِيجَابِهَا عَلَى الْفَقِيرِ وَخَصَّصَهَا ح بِمَنْ يَمْلِكُ نِصَابًا أَوْ قِيمَتَهُ خَارِجًا عَنْ مَسْكَنِهِ وَأَثَاثِهِ لَنَا عُمُومُ الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ وَمَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَكَرَ زَكَاةَ الْفِطْرِ وَقَالَ أَمَّا غَنِيُّكُمْ فَيُزَكِّيهِ اللَّهُ تَعَالَى وَأَمَّا فَقِيرُكُمْ فَيَرُدُّ اللَّهُ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَاهُ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله عَنهُ فرض - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصِّيَامِ مِنَ اللَّغْوِ وَهُوَ عَام لِأَنَّهَا لَوْ تَعَلَّقَتْ بِالْغَنِيِّ لَكَثُرَتْ بِكَثْرَتِهِ كَسَائِرِ الزَّكَوَاتِ وَلما لم يكن كَذَلِك لكَانَتْ كَالْكَفَّارَةِ قَالَ سَنَدٌ وَظَاهِرُ الْكِتَابِ لَا يُسْقِطُهَا الدَّيْنُ وَفِي الْكِتَابِ مَنْ عِنْدَهُ عَبْدٌ وَعَلَيْهِ عَبْدٌ مِنْ سِلْمٍ لَا تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ عَنْهُ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَاشِيَةِ فِي عَدَمِ إِسْقَاطِ الدَّيْنِ إِيَّاهَا أَنَّهَا مَوْكُولَةٌ لِأَرْبَابِهَا فَأَشْبَهَتِ النَّقْدَيْنِ وَلِأَنَّهُ شَرَطَ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنْ لَا مَالَ فَلَوْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ أُمِرَ بِبَيْعِ الْعَبْدِ فَيَتَعَيَّنُ ثَمَنُهُ دَيْنًا عَلَيْهِ وَالدَّيْنُ أَوْلَى بِهِ فَتَسْقُطُ الزَّكَاةُ بِالدَّيْنِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ لَمْ يُشْتَرَطْ عَدَمُ الْقُدْرَةِ عَلَى الْفِطْرِ فَيَبْطُلُ الْوَجْهُ الثَّانِي وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ مَنْ عِنْدَهُ صَاعٌ لَا يَضُرُّهُ إِخْرَاجُهُ فِي مَعِيشَتِهِ وَلَا يجوع عِيَاله أَو دين يضْربهُ فَعَلَيْهِ إِخْرَاجُهُ فَاعْتُبِرَ الدَّيْنُ كَزَكَاةِ النَّقْدَيْنِ وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّهَا أَشْبَهَتِ الزَّرْعَ مِنْ جِهَةِ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْحَوْلِ وَكَذَلِكَ أَيْضًا أَشْبَهَتِ الْمَعْدِنَ فَلَوْ قَدَرَ عَلَى بَعْضِ الزَّكَاةِ فَالْمَذْهَبُ وُجُوبُهُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَقَاسَهُ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ عَلَى بَعْضِ الْكَفَّارَاتِ فِي عدم الْوُجُوب وَالْفرق أَنَّهَا يجب بَعْضُهَا عَلَى مَالِكِ بَعْضِ عَبْدٍ بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ إِلَّا مِمَّا أُخِذَ مِنَ الزَّكَاة يَوْم الْفطر قَالَ مَالك يُؤَدِّيهَا واستحبها ابْن الْجلاب لحدوث الْقدْوَة بَعْدَ سَبَبِ الْوُجُوبِ قَالَ وَيُحْتَمَلُ قَوْلُ مَالِكٍ الْوُجُوبَ وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ لِأَنَّ وَقْتَ أَدَائِهَا قَائِمٌ كَطَهُورِ الْحَائِضِ آخِرَ الْوَقْتِ وَالْمَشْهُورُ الِاسْتِحْبَابُ وَقَالَهُ ش لِأَنَّ وَقْتَ الْوُجُوبِ لَيْسَ بِمُوَسَّعٍ كَوَقْتِ طِيبِ الثِّمَارِ سُؤَالٌ مَنْ أَخَّرَ زَكَاةَ الْفِطْرِ قَضَاهَا بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةِ فَمَا الْفَرْقُ جَوَابُهُ أَنَّ الْمَقْصُودَ سَدُّ الْخَلَّةِ وَهُوَ حَاصِلٌ فِي سَائِرِ الْأَوْقَاتِ وَالْمَقْصُودُ فِي الْأُضْحِيَّةِ التَّضَافُرُ عَلَى إِظْهَارِ الشَّعَائِرِ وَقَدْ فَاتَ وَلِأَنَّ الْقَضَاءَ مِنْ خَوَاصِّ الْوَاجِب

الْفَصْل الثَّالِث فِي الْوَاجِب عَنهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ كُلُّ مَنْ وَجَبَتْ نَفَقَتُهُ بِمِلْكٍ أَوْ قَرَابَةٍ أَوْ نِكَاحٍ إِلَّا الْكَافِرَ والبائن الْحَامِل وَقَالَ ش وح لَا تَجِبُ عَنِ الزَّوْجَةِ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْمُعَامَلَةِ وَكَالْمُسْتَأْجَرِ بِنَفَقَتِهِ وَوَافَقَنَا ش فِي الزَّوْجَةِ خِلَافًا لِ ح فُرُوعٌ ثَمَانِيَةٌ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ يُؤَدِّيهَا عَنْ عَبِيدِهِ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا لِلتِّجَارَةِ أَوْ لِلْقِنْيَةِ قِيمَتُهُمْ نِصَابًا أَوْ أَقَلَّ أَصِحَّاءَ أَو مرضى مجذمين أَوْ عُمْيَانًا وَوَافَقَ ش فِي عَبِيدِ التِّجَارَةِ خِلَافًا لِ ح وَمَنْ لَهُ بَعْضُ عَبْدٍ لَا يُؤَدِّيهَا إِلَّا عَنْ حِصَّتِهِ كَانَ بَاقِيهِ رَقِيقًا أَوْ حُرًّا وَلَا شَيْءَ عَلَى الْعَبْدِ فِيمَا كَانَ مِنْهُ مُعْتَقًا وَلَا عَلَى الْمُكَاتَبِ بَلْ عَلَى سَيِّدِهِ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ وَلَا يُزَكِّي عَنِ الْآبِقِ إِلَّا أَنْ يُرْتَجَى لِقُرْبِهِ وَزَكَاةُ الْقِرَاضِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا بِيعُوا فَرَبِحَ فِيهِمْ مِثْلَ الثُلُثِ مِنَ الثَّمَنِ فَعَلَى الْعَامِلِ سُدُسُ تِلْكَ الزَّكَاةِ أَوِ الرُّبُعُ فَعَلَيْهِ الثُّمُنُ إِنْ قَارَضَهُ عَلَى النِّصْفِ وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَاب قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ الْحَدِيثَ الْمُتَقَدِّمَ وَلِقَوْلِهِ أَدُّوا الزَّكَاةَ عَمَّنْ تَمُونُونَ فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ ذَلِكَ الْمُسْتَأْجِرُ بِنَفَقَتِهِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَهِيَ وَاجِبَةٌ عِنْدَنَا عَلَى السَّيِّدِ بِالْأَصَالَةِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ بِطَرِيقِ التَّحَمُّلِ عَلَى الْعَبْدِ وَالرِّقِّ وَالْمَالِكِيَّةُ سَبَبُ التَّحَمُّلِ قَالُوا لِأَنَّ الْعَبْدَ لَوْ كَانَ كَافِرًا لَمْ يَجِبْ عَلَى السَّيِّدِ شَيْءٌ وَجَوَابُهُمْ أَنَّ الْكَافِرَ لَيْسَ أَهْلًا لِلتَّطْهِيرِ وَلَوْ كَانَ بِطَرِيقِ التَّحَمُّلِ لَاخْتَلَفَ بِاخْتِلَافِ فَقْرِ الْعَبْدِ وَغِنَاهُ قَالَ سَنَدٌ لَوْ أَعْتَقَهُمْ عِنْدَ زَمَانَتِهِمْ صَحَّ الْعِتْقُ إِجْمَاعًا وَفِي سُقُوطِ نَفَقَتِهِمْ خِلَافٌ وَأَمَّا الْمُشْتَرَكُ فَوَافَقَ الْمَشْهُورُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الشَّرِيكَيْنِ

صَاعٌ كَامِلٌ وَقِيلَ يُخْرِجُ كُلُّ وَاحِدٍ نِصْفَ صَاعٍ وَلَمْ يُعْتَبَرِ النِّصَابُ وَأَسْقَطَهَا ح مُطْلَقًا لعدم الْولَايَة وَلَو كَانَ حُرٍّ وَعَبْدٍ قِيلَ عَلَى الْحَرِّ حِصَّتُهُ فَقَطْ وَقَالَ مُطَرِّفٌ بَلْ جُمْلَتُهَا وَجْهُ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا تَابِعَة للنَّفَقَة فَهِيَ مُتَبَعِّضَةٌ فَتَتَبَعَّضُ نَظَائِرُ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ فِي نَظَائِره ثَلَاثَة مَسَائِلَ تُعْتَبَرُ فِيهَا الْأَنْصِبَاءُ الْفِطْرَةُ عَنِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ وَالشُّفْعَةُ وَالتَّقْوِيمُ فِي الْعِتْقِ وَسِتُّ مَسَائِلَ تخْتَص بالرؤس دُونَ الْأَنْصِبَاءِ أُجْرَةُ الْقَاسِمِ وَكَانِسُ الْمَرَاحِيضِ وَحَارِسُ أَعْدَالِ الْمَتَاعِ وَبُيُوتُ الْغَلَّاتِ وَأُجْرَةُ السَّقْيِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَحَارِسُ الدَّابَّةِ وَالصَّيْدُ وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ كَثْرَةُ الْكِلَابِ وَزَادَ الْعَبْدِيُّ كَنْسَ السَّوَاقِي قَالَ سَنَدٌ وَأَمَّا الْمُعْتَقُ بَعْضُهُ فَخَمْسَةُ أَقْوَالٍ مَذْهَبُ الْكتاب الْمُتَقَدّم وروى عَبْدُ الْمَلِكِ أَنَّ جَمِيعَهَا عَلَى السَّيِّدِ لِأَنَّهَا لَا تَتَبَعَّضُ وَالْمُعْتَقُ بَعْضُهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلزَّكَاةِ لرق بعضه فَتعين الْكُلُّ عَلَى السَّيِّدِ وَرُوِيَ عَنْهُ عَلَى السَّيِّدِ بِقدر ملكه وَالْمُعتق بِقَدْرِ مَا أُعْتِقَ مِنْهُ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ لِأَنَّ الْمُعْتَقَ كَالشَّرِيكِ لِقِسْمَتِهِ مَعَ الْمَنَافِعِ وَالنَّفَقَةِ وَقَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ إِنْ كَانَ لِلْعَبْدِ مَالٌ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا فَعَلَى السَّيِّدِ الْجَمِيعُ لِأَنَّ الزَّكَاة تبع للسيار وَأَسْقَطَهَا ح عَنْهُمَا بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ فِي اسْتِسْعَاءِ الْعَبْدِ لِتَكْمِلَةِ الْعِتْقِ وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ فَرُوِيَ عَن مَالك وش وح سُقُوطُهَا مُطْلَقًا لِنُقْصَانِ مِلْكِ السَّيِّدِ لِحِرْزِهِ مَالَهُ نَفسه وَخَصَّصَهَا ابْنُ حَنْبَلٍ بِهِ فِي كَسْبِهِ كَنَفَقَتِهِ قَالَ وَلَا يَبْعُدُ تَخْرِيجٌ مِثْلُهُ عَلَى قَوْلِ مَالك فِيمَن بَعْضُهُ حُرٌّ وَقَالَ ح يُزَكَّى عَنِ الْكَافِرِ لما يرْوى عَنهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ أَدُّوا زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ يَهُودِيٍّ

أَوْ نَصْرَانِيٍّ أَوْ مَجُوسِيٍّ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ وَقِيَاسًا عَلَى رَقِيقِ التِّجَارَةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ وَعَن الثَّانِي أَن الْمُزَكي ثمَّ الْقيم لَا الرَّقِيق ويؤكد قَوْلنَا قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْمُوَطَّأِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْقِيَاسُ عَلَى الْأَبِ الْكَافِرِ فَلَوْ كَانَ السَّيِّدُ كَافِرًا وَأَسْلَمَ عَبْدُهُ وَلم ينْزع من يَده قَالَ مَالك وح لَا يجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ خِلَافًا لِ ش وَابْنِ حَنْبَلٍ لِأَنَّ الْكَافِرَ غَيْرُ مُخَاطَبٍ فَيَخْرُجُ مِنَ الْعُمُومِ فَلَوِ ارْتَدَّ الْمُسْلِمُ وَقْتَ الْوُجُوبِ ثُمَّ تَابَ بَعْدَهُ سَقَطَتْ زَكَاةُ رَقِيقِهِ عَنْهُ عِنْد مَالك وح وَكَذَلِكَ لَوِ ارْتَدَّ بَعْدَ الْوُجُوبِ قَبْلَ الْأَدَاءِ خِلَافًا لِ ش وَالْخِلَافُ يَتَخَرَّجُ عَلَى قَاعِدَتَيْنِ إِسْقَاطِ الرِّدَّةِ لِلْعَمَلِ وَإِنْ لَمْ يَمُتْ عَلَيْهَا وَزَوَالِ مِلْكِهِ بِالرِّدَّةِ وَأَمَّا الْآبِقُ غَيْرُ الْمَرْجُوِّ لَا يزكّى عَنهُ عِنْد مَالك وح خِلَافًا لِ ش قِيَاسًا عَلَى الْأَسِيرِ فَلَوْ غَابَ غَيْرُ آبِقٍ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ يُزَكَّى عَنْهُ وَإِن طَالَتْ غيبته لاستصحاب الْملك والمغضوب فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْمَرْجُوِّ وَغَيْرِهِ وَأَمَّا رَقِيقُ الْقِرَاضِ فَأَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ يُؤْخَذُ مِنْ مَالِ رَبِّ الْمَالِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْكِتَابِ لِتَعَلُّقِهَا بِالْمَالِكِ لَا بِمَالِ الْقِرَاضِ بِخِلَافِ زَكَاةِ مَاشِيَةِ الْقِرَاضِ وَقَالَ أَشْهَبُ يُخْرِجُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ لِأَنَّهُ سَبَبُ وُجُوبِهَا وَلَا يُلْغَى بِخِلَافِ النَّفَقَةِ لِأَنَّ النَّفَقَةَ لمصْلحَة المَال وَقَالَ مَالك تلغى كَالنَّفَقَةِ وَرُوِيَ عَنْهُ تَسْقُطُ عَنِ النَّصِيبَيْنِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَامِلَ يُمْلَكُ بِالظُّهُورِ قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ قَالَ ش يُزَكَّى عَنِ الْمَغْصُوبِ وَالْآبِقِ الْمَيْئُوسِ مِنْهُمَا إِنْ عُلِمَتْ حَيَاتُهُمَا وَأَسْقَطَهَا ح وَقَالَ مَالِكٌ يُزَكَّى عَنِ الْمَرْهُونِ وَقَالَ ش إِنْ كَانَ عِنْدَهُ وَفَاءٌ لِلدَّيْنِ وَفَاضِلُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ زَكَّى وَإِلَّا فَلَا وَالْعَبْدُ يُبَاعُ بِالْخِيَارِ يُزَكِّي عَنْهُ الْبَائِعُ عِنْدَ مَالِكٍ وَقَالَهُ ش إِنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ وَأُنْفِذَ الْبَيْعُ وَإِنْ كَانَ للْمُشْتَرِي أَولهمَا فَعَلَى الْمُشْتَرِي وَقَالَ ح عَلَى مَنْ يَصِيرُ إِلَيْهِ العَبْد

الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِذَا أَوْصَى بِرَقَبَتِهِ لِرَجُلٍ وَبِخِدْمَتِهِ لِآخَرَ فَزَكَاتُهُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِرَقَبَتِهِ إِن قبل الْوَصِيَّة وَقَالَهُ ش وح لِتُعَلِّقِ الزَّكَاةِ بِالْعَيْنِ قَالَ سَنَدٌ وَهُوَ الَّذِي رَجَعَ إِلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالنَّفَقَةُ عَلَى الْمُخَدِّمِ لِأَنَّهَا قوام الْمَنْفَعَة وَلِهَذَا يجب على رفع الْأَمَةِ إِذَا بُوتَتْ مَعَهُ بَيْتًا وَكَذَلِكَ نَفَقَةُ الْفَرَسِ الْمُحْبَسِ لِلْجِهَادِ وَالْإِبِلِ لِلْحَمْلِ عَلَى مَنْ هِيَ تَحْتَ يَدِهِ وَحَكَى ابْنُ الْمَوَّازِ أَنَّ النَّفَقَةَ وَالزَّكَاةَ عَلَى الْمُخَدِّمِ طَالَتِ الْمُدَّةُ أَوْ قَصُرَتْ لِأَنَّ الْإِخْدَامَ يَعْتَمِدُ الْحَوْزَ فَيَضْعُفُ الْمِلْكَ وَقَالَ سَحْنُونٌ كِلَاهُمَا عَلَى الْمَالِكِ كَالْعَبْدِ الْمُسْتَأْجِرِ وَتَغْلِيبًا لِلَعَيْنِ وَالرَّابِعُ الْفَرْقُ بَيْنَ قِصَرِ الْمُدَّةِ فِي الْخِدْمَةِ فَعَلَى الْمَالِكِ وَبَيْنَ طُولِهَا فَعَلَى الْمُخَدِّمِ كَالْمُحْبَسِ فَلَوْ أَخْدَمَ عَبْدَهُ ثُمَّ هُوَ حر فعلى قَوْلنَا الزَّكَاة تمت عَلَيْهِ لَا يجب على صَاحب الْمَنْفَعَة هَا هُنَا شَيْءٌ كَمَنْ أجَرَ عَبَدَهُ وَعَلَّقَ عِتْقَهُ بِفَرَاغِ الْإِجَارَةِ وَتَجِبُ عَلَى صَاحِبِ الرَّقَبَةِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ تَجِبُ عَلَى الْمُخَدِّمِ لِأَنَّهَا مَحْبُوسَةٌ لَهُ وَمَا لسَيِّد فِيهَا مَرْجِعٌ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ زَكَاةُ الْعَبْدِ زمن الْخِيَار وَالْأمة زمن الْمُوَاضَعَة ونفقتها عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّ ضَمَانَهَا مِنْهُ بِخِلَافِ الْمَبِيعِ بيعا فَاسِدا وَهِي فِي زمن الْفطر عِنْدَ الْبَائِعِ وَالْمَوْرُوثُ إِذَا لَمْ يُقْبَضْ إِلَّا بَعْدَ يَوْمِ الْفِطْرِ فَعَلَى الْوَارِثِ قَالَ سَنَدٌ أما من يَقُول الْملك فِي زمن خِيَار للْمُشْتَرِي فالزكاة عَلَيْهِ وَمن قَالَ هُوَ موقف رَتَّبَ الزَّكَاةَ عَلَى الْإِمْضَاءِ وَالرَّدِّ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي زَكَاتِهِ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ وَأَمَّا الْمُوَاضَعَةُ فَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ حَاضَتْ لَيْلَةَ الْفِطْرِ أَوْ يَوْمَهُ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا زَكَاةٌ كَامِلَةٌ وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ يُبَاعُ بِعُهْدَةِ الثَّلَاثِ فَتَنْقَضِي قَبْلَ

يَوْمِ الْفِطْرِ أَوْ لَيْلَتِهِ وَلَوْ تَأَخَّرَتْ عَنْ يَوْمِ الْفِطْرِ فَهِيَ عَلَى الْبَائِعِ فَقَطْ لِأَنَّ الزَّكَاة عِنْده تبع للْملك بِمُجَرَّد وَكَذَلِكَ أوجب الزَّكَاة على المعمر الْمَالِكِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ وَالْمِلْكُ عِنْدَهُ فِي الْمُوَاضَعَةِ وَالْعُهْدَةُ لِلْمُبْتَاعِ وَوَافَقَ فِي أَنَّ الْمِلْكَ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ وَلِذَلِكَ جَعَلَ الْوَلَدَ لَهُ وَأَمَّا الْبَيْعُ الْفَاسِدُ فَإِنْ قَبَضَ الْمُبْتَاعُ الْعَبْدَ وَفَاتَ فَزَكَاتُهُ عَلَيْهِ لِاسْتِقْرَارِ مَلِكِهِ وَإِنْ لَمْ يَفُتْ فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ فَسَخَ بِحَدَثَانِ ذَلِكَ فَعَلَى الْبَائِعِ تَغْلِيبًا لِمَا تَقَدَّمَ مِنَ الْمِلْكِ وَإِنْ فَاتَ السَّيِّدَ مِلْكُ الْمُبْتَاعِ إِلَى يَوْمِ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ يَوْمُ وُجُوبِ الْقِيمَةِ فَيُعْتَبَرُ زَمَنُ الْفِطْرَ حِينَئِذٍ هَلْ صَادَفَ أَمْ لَا وَابْنُ الْقَاسِمِ يُرَاعِي النَّفَقَةَ وَالضَّمَانَ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ أَدْرَكَهُ يَوْمُ الْفِطْرِ غَيْرَ فَائِتٍ فَعَلَى الْبَائِعِ وَإِلَّا فَعَلَى الْمُبْتَاعِ فَرَاعَى الْفَوْتَ دُونَ الرَّدِّ وَقَالَ أَيْضًا عَلَى كل وَاحِد من البَائِع والمبتاع صلع كَامِلٌ كَمَا قَالَ فِي الْمُوَاضَعَةِ نَظَرًا لِمِلْكِ الْبَائِعِ وَأَنَّ النَّفَقَةَ عَلَى الْمُبْتَاعِ وَهُمَا سَبَبَانِ لِلزَّكَاةِ فِي الْعَبْدِ الْغَائِبِ وَالزَّوْجَةِ الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ لَا يُؤَدِّيهَا عَنْ عبد عَبْدِهِ خِلَافًا ل ش وح لِأَنَّهُ لَيْسَ مِلْكًا لَهُ لِأَنَّ الْعَبْدَ عِنْدَنَا يملك وَلَو أعتق سَيِّدُهُ لَا يُعْتِقُ عَبْدَ عَبْدِهِ الْخَامِسُ فِي الْكِتَابِ تَسْقُطُ زَكَاةُ الْوَلَدِ بِبُلُوغِ الْغُلَامِ وَدُخُولِ الْبِنْت على زَوجهَا ويدعى للدخول فتنقل إِلَيْهِ لِأَنَّهَا عِنْد مَالك وش وَابْنِ حَنْبَلٍ تَتْبَعُ النَّفَقَةَ وَعِنْدَ ح تَتْبَعُ الْوِلَايَةَ التَّامَّةَ فَلَا يُزَكَّى عِنْدَهُ عَنْ وَالِدِهِ الْفَقِيرِ وَلَا عَنْ وَلَدِهِ الْكَبِيرِ الزَّمِنِ وَإِنْ لَزِمَهُ نَفَقَتُهُمَا لِعَدَمِ الْوِلَايَةِ الْكَامِلَةِ لَنَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِيمَا يُرْوَى فِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ عَمَّنْ تُمُونُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِالْقِيَاسِ عَلَى النَّفَقَةِ وَوَصْفُ الْوِلَايَةِ بَاطِل طردا وعكسيا وَعَكْسًا لِأَنَّ الْمَجْنُونَ وَالْفَاسِقَ لَا وِلَايَةَ لَهُمَا مَعَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي مَالِهِمَا وَالْحَاكِمُ لَهُ الْوِلَايَةُ وَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ قَالَ

وَالْولد الصَّغِير الْمُوسر لَا تجب عَلَى أَبِيهِ فِطْرَتُهُ عِنْدَ مَالِكٍ وَالْأَئِمَّةِ وَخَالَفَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ تَعَلُّقًا بِالْوِلَايَةِ وَأَمَّا الزَّوْجَةُ فَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا دُعِيَ إِلَى الْبِنَاءِ فَلَمْ يَجِدْ مَا يُنْفِقُ بَقِيَتْ عَلَى الْأَبِ لِبَقَاءِ الْحَاجَةِ وَإِذَا أَعْسَرَ الزَّوْجُ سَقَطَتْ عَنْهُ النَّفَقَةُ وَالْفِطْرَةُ فَإِنْ أَيْسَرَ بِالنَّفَقَةِ فَقَطْ لَمْ تَلْزَمْهُ الْفِطْرَةُ كَفِطْرَتِهِ وَلَا يَلْزَمُهَا لِأَنَّهَا لَا تَلْزَمُهَا النَّفَقَة قَالَ أَبُو طَاهِر إِذا لم يدع الزَّوْج للدخول وَسُكِتَ عَنْهُ فَهَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْفِطْرَةُ لِأَنَّ الْعَقْدَ تَمْكِينٌ أَمْ لَا قَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى العوائد السَّادِس فِي الْكتاب يُزكي عَن خَادِم وَاحِدَة مِنْ خَدَمِ زَوْجَتِهِ الَّتِي لَا بُدَّ لَهَا مِنْهَا للُزُوم نَفَقَتهَا وَإِن كَانَت الزَّوْجَة مَلِيَّةً قَالَ سَنَدٌ إِذَا كَانَتْ يَحْتَاجُ مِثْلُهَا إِلَى خَادِمٍ خُيِّرَ بَيْنَ أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ شِرَاءِ خَادِم أَو اكرائها أَو ينْفق عَلَى خَادِمِهَا إِذَا طَلَبَتْ ذَلِكَ أَوْ يَخْدِمُهَا بِنَفْسِهِ وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لِعَدَمِ اسْتِيفَائِهَا الْمَنَافِعَ مِنْهُ فَتَجِبُ عَلَيْهِ الْفِطْرَةُ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَفِي الثَّالِثِ خِلَافًا لِ ح مُحْتَجًّا بِعَدَمِ الْوِلَايَةِ فَإِنْ كَانَتْ ذَاتَ شَرَفٍ أَخْدَمَهَا أَكْثَرَ مِنْ خَادِمٍ قَالَهُ ابْن الْقَاسِم ويزكي عَن ذَلِك قَالَ أصْبع إِنْ كَانَتْ بِنْتَ مَلِكٍ أَخْدَمَهَا إِلَى الْخَمْسَةِ فَلَوْ كَانَ لَهَا خَادِمٌ وَاتَّفَقَا عَلَى الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا وَدَعَا إِلَى الْبِنَاءِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَلَيْهِ فِطْرَتُهَا دُونَ الْخَادِمِ لِأَنَّ نَفَقَتَهَا بِالتَّمْكِينِ وَنَفَقَةُ الْخَادِمِ بِخِدْمَةِ الْبَيْتِ وَلِهَذَا لَوْ دَخَلَ وَحَاضَتِ الزَّوْجَةُ بَقِيَتْ نَفَقَتُهَا وَلَوْ مَرِضَتِ الْخَادِمُ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ فِيمَنْ تَزَوَّجَ عَلَى خَادِمٍ بِعَيْنِهَا وَالزَّوْجَةُ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ خَادِمٍ فَمَضَى يَوْمُ الْفِطَرِ وَالْخَادِمُ عِنْدَهَا وَلَمْ يَحُولُوا بَيْنَ الزَّوْجِ وَبَيْنَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ فَزَكَاةُ الْخَادِمِ على الزَّوْج لِأَن الإخدام بعض النَّفَقَة فَيجب تبعا مَعَ أَن أَشهب قَالَ هَا هُنَا لَوْلَا الِاسْتِحْسَانُ لَكَانَ عَلَيْهِ زَكَاةُ بَعْضِهَا إِنْ طَلَّقَ يَوْمَ الْفِطْرِ وَهُوَ الْقِيَاسُ

السَّابِعُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَمْسَكَ عَبِيدَ وَلَدِهِ الصِّغَارَ لِخِدْمَتِهِمْ وَلَا مَالَ لِلْوَلَدِ سِوَاهُمْ أَدَّى الْفِطْرَةَ عَنْهُمْ مَعَ النَّفَقَةِ مِنْ مَالِ الْوَلَدِ وَهُوَ الْعَبِيدُ لِأَنَّهُ غَنِيٌّ بِهِمْ وَإِذَا كَانَ لِلْعَبِيدِ خَرَاجٌ أَنْفَقَ مِنْهُ وَزَكَّى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ خَرَاجٌ وَامْتَنَعَ الْأَبُ مِنَ النَّفَقَةِ أَجْبَرَهُمُ السُّلْطَانَ عَلَى بَيْعِهِمْ لِلْإِنْفَاقِ قَالَ سَنَدٌ إِنْ كَانَ الْوَلَدُ يَحْتَاجُ لِلْعَبْدِ لِصِغَرِهِ أَوْ زَمَانَتِهِ فَنَفَقَتُهُ وَفِطْرَتُهُ عَلَى الْأَبِ وَهُوَ الَّذِي رَجَعَ إِلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَقَالَهُ الشَّافِعِيَّةُ وَمَذْهَبُ الْكِتَابِ أَظْهَرُ فَإِنَّهُ لَا يجِبُ عَلَى الْأَب إخدام خَادِم معِين بل يَبِيع العَبْد وبخدمه مِنْهُ الثَّامِنُ فِي الْكِتَابِ يُؤَدِّيهَا الْوَصِيُّ عَنِ الْيَتَامَى وَعَنْ عَبِيدِهِمْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَإِنْ كَانَ ح خَالَفَ فِي عَبْدِ الصَّبِيِّ وَمَاشَيْتِهِ وَسَلَمِ الْفِطْرَةِ وَالزَّرْعِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ أَنَّ الْخِطَابَ بِهَا مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ لَا مِنْ بَابِ خِطَابِ التَّكْلِيفِ كَأُرُوشِ الْجِنَايَاتِ وَقِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ قَالَ وَمَنْ فِي حِجْرِهِ يَتِيمٌ بِغَيْرِ إِيصَاءٍ وَلَهُ عِنْدَهُ مَالٌ رَفَعَ أَمْرَهُ إِلَى الْإِمَامِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَهُوَ مُصَدَّقٌ إِذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ فِي نَفَقَةِ مِثْلِهِ وَفِطْرَتِهِ كَانُوا عِنْدَهُ أَوْ عِنْدَ أُمِّهِمْ فَيُنْفَذُ تصرفه كَمَا لَوْ أَنْفَقَ عَلَى أَوْلَادِ الْغَائِبِ أَوْ أَدَّى مِنْ دَيْنِ إِنْسَانٍ الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الْوَاجِب وَالْبَحْثِ عَنْ جِنْسِهِ وَقَدْرِهِ وَصِفَتِهِ وَمَصْرِفِهِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَبْحَاثٍ الْبَحْثُ الْأَوَّلُ فِي جِنْسِهِ وَهُوَ المقتاة وَفِي الْكِتَابِ هُوَ الْقَمْحُ وَالشَّعِيرُ وَالسَّلْتُ وَالذُّرَةُ وَالدَّخَنُ وَالْأُرْزُ وَالتَّمْرُ وَالزَّبِيبُ وَالْأَقِطُ قَالَ سَنَدٌ فِي الْمُخْتَصَرِ يُؤَدِّيهَا مِنْ كُلِّ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ إِنْ كَانَ قُوتَهُ فَعَلَى هَذَا يُؤَدِّيهَا مِنَ الْقُطْنِيَّةِ وَزَادَ ابْنُ حَبِيبٍ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ الْعَلْسَ فَجَعَلَهَا عَشْرَةً وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُجْزِئُ إِلَّا الْأَرْبَعَةُ الَّتِي فِي الْحَدِيثِ الْقَمْحُ وَالشَّعِيرُ وَالتَّمْرُ

وَالْأَقِطُ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ بِالْخَمْسَةِ الَّتِي فِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ وَهُوَ مَا رَوَاهُ مَالِكٌ عَنهُ كَمَا يخرج زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مَنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ لِأَنَّ الْقَمْحَ عِنْدَهُ مِنْ جِنْسِ الشَّعِيرِ لَنَا أَنَّ تَعْدِيدَ هَذِهِ الْأُمُورِ لَا يَمْنَعُ مِنْ قِيَاسِ غَيْرِهَا عَلَيْهَا إِمَّا لِأَن هَذَا من مَفْهُومِ اللَّقَبِ الَّذِي هُوَ أَضْعَفُ الْمَفْهُومَاتِ الْعَشْرَةِ فَيُقَدَّمُ الْقِيَاسُ عَلَيْهِ أَوِ الْقِيَاسُ عَلَى بَابِ الرِّبَا ويؤكد الْقيَاس قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَغْنُوهُمْ عَنِ الطَّلَبِ فِي هَذَا الْيَوْمِ فَأَشَارَ إِلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ إِنَّمَا هُوَ غِنَاهُمْ عَنِ الطَّلَبِ وَهُمْ إِنَّمَا يَطْلُبُونَ الْقُوتَ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُعْتَبَرُ وَمَنَعَ ح إِخْرَاجَ الْأَقِطِ إِلَّا بِالْقِيمَةِ وَأَنْ يَكُونَ أَصْلًا قِيَاسًا عَلَى الْقَثِّ الَّذِي هُوَ حَبُّ الْغَاسُولِ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ وَارِد فِي النَّص فَيكون الْقيَاس قبالة فَاسِدا سلمنَا صِحَّته لَكِن الْفرق أَن الْأَقِطَ يُقْتَاتُ مَعَ الِادِّخَارِ كَالتَّمْرِ بِخِلَافِ الْقَثِّ فرع قَالَ فَإِنْ لَمْ يَعْمَلِ الْأَقِطَ وَكَانَ الْقُوتُ اللَّبَنُ فَظَاهَرُ الْمَذْهَبِ الْمَنْعُ مِنْ إِخْرَاجِ اللَّبَنِ وَيَنْظُرُ إِلَى قُوتِ أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ إِلَيْهِمْ وَجَوَّزَهُ الشَّافِعِيَّةُ مَعَ وُجُودِ الْأَقِطِ وَالْفَرْقُ لَنَا الِادِّخَارُ فَائِدَةٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ الْأَقِطُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْقَافِ جُبْنُ اللَّبَنِ الْمُخْرَجُ زُبْدُهُ وَيُقَالُ أَيْضًا بِكَسْرِهَا وَسُكُونِ الْقَافِ وَفِي الْكِتَابِ لَا يُجْزِئُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْقَطَّانِيِّ وَإِنْ أُخْرِجَتْ عَنْ غَيْرِهَا بِالْقِيمَةِ وَلَا يُجْزِئُ دَقِيقٌ وَلَا سَوِيقٌ وَكره التِّين وَمنعه الْحَنَفِيّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَرَى أَنْ يُجْزِئَهُ خِلَافًا لِ ش وَابْنِ حَنْبَلٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَا لَا

يجزيء كَالْقُطْنِيَّةِ وَنَحْوِهَا إِذَا كَانَ قُوتَ قَوْمٍ أَجْزَأَهُمْ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا أَخْرَجَ الدَّقِيقَ وَمَعَهُ رِيعُهُ أَجْزَأَهُ وَرَأَى الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ عَيْشِ كُلِّ أَمَةٍ لَبَنًا أَوْ لَحْمًا أَوْ غَيْرَهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ تَسْوِيَةُ الْفُقَرَاءِ وَالْأَغْنِيَاءِ فِيمَا فِي أَيْدِي الْأَغْنِيَاءِ وَقَالَ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ يُخْرِجُ الدَّقِيقَ وَالسَّوِيقَ وَهُمَا أَصْلَانِ لِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ فِي بَعْضِ الطّرق الدَّقِيق وَقِيَاسًا عَن الْحَبِّ جَوَابُهُمَا أَنَّ الرِّوَايَةَ غَيْرُ ثَابِتَةٍ وَأَنَّ مَنَافِعَ الْحَبِّ الصَّلْقُ وَالْبَذْرُ وَغَيْرُهَا بِخِلَافِ الدَّقِيقِ وَقَدْ سَلَّمْنَا أَنَّ الْخَبَرَ لَا يُجْزِئُ قَالَ سَنَدٌ وَإِذَا أَجَزْنَا الدَّقِيقَ فَأَجَازَ ابْنُ حَبِيبٍ الْخُبْزَ وَفِيهِ نَظَرٌ وَيَتَخَرَّجُ الْخِلَافُ فِيهِ عَلَى الْخِلَافِ فِي عَدِّ الدَّقِيقِ وَالْخُبْزِ جِنْسَيْنِ أَوْ جِنْسًا فِي الْبَيْعِ وَالْمُسْتَحَبُّ غَرْبَلَةُ الْحَبِّ وَلَا يجب إِلَّا أَن يكون غلَّة قَالَه مَالك وَلَا يَجْزِي الْمُسَوَّسُ الْفَارِغُ بِخِلَافِ الْقَدِيمِ الْمُتَغَيِّرِ الطَّعْمِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ الْبَحْثُ الثَّانِي فِي صِفَتِهِ وَفِي الْكِتَابِ يخْرِجُ أَهْلُ كُلِّ بَلَدٍ مِنْ غَالِبِ عَيْشِهِمْ ذَلِكَ الْوَقْتَ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ أَشْهَبُ مِنْ عَيْشِهِ هُوَ وَعَيْشِ عِيَالِهِ إِذَا لَمْ يشح على نَفسه وَعَلَيْهِم لنا قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَغْنُوهُمْ عَنْ سُؤَالِ هَذَا الْيَوْمَ وَالْمَطْلُوبُ لَهُمْ غَالِبُ عَيْشِ الْبَلَدِ وَقِيَاسًا عَلَى الْغَنَمِ الْمَأْخُوذِ فِي الْإِبِلِ قَالَ سَنَدٌ إِنْ عَدَلَ عَنْ غَالِبِ عَيْشِ الْبَلَدِ أَوْ عَيْشِهِ إِلَى مَا هُوَ أعلا أَجْزَأَ وَإِلَى الْأَدْنَى لَا يُجْزِئُ عِنْدَ مَالِكٍ خلافًا ل ش وح وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ كَانَ يَأْكُلُ مِنْ أَفْضَلِ الْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ وَالسَّلْتِ فَأَخْرَجَ الْأَدْنَى أَجْزَأَ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يُخْرِجُ التَّمْرَ وَالشَّعِيرَ وَيَأْكُلُ الْبُرَّ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ الْخَبَرَ وَرَدَ بِصِيغَةِ التَّخْيِيرِ فَيُخَيَّرُ جَوَابُهُمْ أَنَّ أَوْ فِيهِ لَيْسَتْ لِلتَّخْيِيرِ بَلْ لِلتَّنْوِيعِ وَمَعْنَاهُ إِنْ كَانَ غَالب الْعَيْش كَذَا فأخرجوه أَو كَذَا فَأَخْرَجُوهُ فَهُوَ تَنْوِيعٌ لِلْحَالِ كَمَا قَالَ فِيهِ حرا أَو عبدا ذكرا أَو أُنْثَى وَيُؤَكِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَغْنُوهُمْ عَنِ الطَّلَبِ فِي هَذَا الْيَوْمِ

الْبَحْثُ الثَّالِثُ فِي قَدْرِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ صَاعٌ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقِيلَ يُجْزِئُهُ نِصْفُ صَاعٍ مِنَ الْبُرِّ خَاصَّةً وَقَالَهُ ح وَقِيلَ لِمَالِكٍ يُؤَدِّي بِالْمُدِّ الْأَكْبَرِ قَالَ لَا بَلْ بمده - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَإِنْ أَرَادَ خَيْرًا فَعَلَى حَدِّهِ سَدُّ الذَّرِيعَةِ تَغْيِيرُ الْمَقَادِيرِ الشَّرْعِيَّةِ لَنَا ظَاهِرُ الْحَدِيثِ وَنِصْفُ الصَّاعِ مِنَ الْبُرِّ مَرْوِيٌّ وَلَمْ يَصِحَّ بَلْ قَالَ بِهِ مُعَاوِيَةُ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ وَبِتَقْدِيرِ الصِّحَّةِ فَمَا ذَكَرْنَاهُ أَحْوَطُ وَأَمَّا قَدْرُ الصَّاعِ وَنِسْبَتُهُ إِلَى رِطْلِ مِصْرَ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْوَسَقِ الْبَحْثُ الرَّابِعُ فِي مَصْرِفِهِ وَفِي الْكِتَابِ يَصْرِفُهُ كُلُّ قَوْمٍ فِي أَمْكِنَتِهِمْ مِنْ حَضَرٍ أَوْ بَدْوٍ وَلَا يُدْفَعُ لِلْإِمَامِ إِلَّا أَنْ يَعْدِلَ فِيهَا فَلَا يَنْبَغِي الْعُدُولُ بِهَا عَنْهُ فَإِنْ كَانَ مَوْضِعُهُمْ أَغْنِيَاءَ نُقِلَتْ إِلَى أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ وتعطى زكوات لِمِسْكِينٍ وَاحِدٍ وَلَا تُعْطَى لِذِمِّيٍّ وَلَا عَبْدٍ وَرَوَى مَالِكٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَبْعَثُ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ إِلَى الَّذِي تَجَمَّعَ عِنْدَهُ بِيَوْمٍ أَو ثَلَاث لِأَنَّ الْإِمَامَ أَعْرَفُ بِأَهْلِ الْحَاجَةِ لِأَنَّهُمْ يَقْصِدُونَهُ قَالَ سَنَدٌ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا كَانَ عَدْلًا وَجَبَ دَفْعُهَا إِلَيْهِ وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَطْلُبَهَا كَمَا يَطْلُبُ غَيْرَهَا وَقَالَ ش تَفْرِيقُ صَاحِبِهَا أَفْضَلُ وَيُقَسِّمُ كُلَّ صَاعٍ عَلَى ثَلَاثَةٍ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ مِنَ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْآيَةِ وَرَوَى مُطَرِّفٌ عَنْ مَالِكٍ اسْتِحْبَابَ إِعْطَاءِ كُلِّ زَكَاةٍ لِكُلِّ مِسْكِينٍ تَشْبِيهًا بِالْكَفَّارَاتِ وَقَالَ ح تُعْطَى لِلذِّمِّيِّ بِخِلَافِ الزَّكَوَاتِ قَالَ مَالِكٌ وَلَا يُعْطَى مِنْهَا مَنْ يَلِيهَا وَلَا مَنْ يَحْرُسُهَا قَالَ وَيَتَخَرَّجُ فِيهِ خِلَافٌ عَلَى الْخِلَافِ فِي زَكَاةِ الْمَالِ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ أَخْرَجَهَا عِنْدَ مَحِلِّهَا فَضَاعَتْ أَوْ تَبَدَّلَتْ لَمْ يضمن وَلَو أخرجهَا لِعُذْرٍ مِنْ أَدَائِهَا وَكَانَ قَدْ فَرَّطَ فِيهَا فَضَاعَتْ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ ضَمِنَهَا وَالْفَرْقُ أَنَّهُ إِذَا فَرَّطَ انْتَقَلَتْ إِلَى الذِّمَّةِ وَكُلُّ مَا

فِي الذِّمَّةِ مِنَ الْحُقُوقِ لَا تَبْرَأُ مِنْهُ إِلَّا بِإِيصَالِهِ لِمُسْتَحَقِّهِ وَإِذَا لَمْ يُفَرِّطْ كَانَتْ فِي المَال وإفراده كَالْقِسْمَةِ مَعَ الشَّرِيكِ فَيَتَعَيَّنُ نَصِيبُ الْفُقَرَاءِ فَلَا يَضْمَنُ وَوَافَقَنَا ش وَلَمْ يَضْمَنْهُ ح مُطْلَقًا وَحَيْثُ تَعَيَّنَتْ ثُمَّ ذَهَبَتْ أَوْ ذَهَبَ مَالُهُ أَوْ لَحِقَهُ دَيْنٌ ثُمَّ وَجَدَهَا قَالَ سَنَدٌ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ يُنْفِذُهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَهْلِ الدَّيْنِ كَمَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ ثُمَّ لَحِقَهُ دين

صفحة فارغة

(كتاب الحج)

(كِتَابُ الْحَجِّ) وَفِي الصِّحَاحِ هُوَ فِي اللُّغَةِ الْقَصْدُ وَرَجُلٌ مَحْجُوجٌ مَقْصُودٌ وَحَجَّ فُلَانٌ فُلَانًا أَيْ أَطَالَ الِاخْتِلَافَ إِلَيْهِ وَالْحِجُّ بِالْكَسْرِ الِاسْمُ وَالْحِجَّةُ الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ وَهُوَ شَاذٌّ لِأَنَّ الْقِيَاسَ الْفَتْحُ وَهِيَ أَيْضًا شَحْمَةُ الْأُذُنِ قَالَ سَنَدٌ الْحَجُّ التَّرَدُّدُ لِلْقَصْدِ قَالَ الْخَلِيلُ هُوَ كَثْرَةُ الْقَصْد وَسميت الطَّرِيق محجة لِكَثْرَة التَّرَدُّد ووافغه صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَقِيلَ إِنَّمَا سُمِّيَ الْحَاجُّ حَاجًّا لِأَنَّهُ يَتَكَرَّرُ لِلْبَيْتِ لِطَوَافِ الْقُدُومِ وَالْإِفَاضَةِ وَالْوَدَاعِ والمصدر حج بِفَتْح الْحَاء وَكسرهَا وقرىء بِهِمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} آل عمرَان 97 وَالْحَجِيجُ وَالْحُجَّاجُ جَمْعُ حَاجٍّ ثُمَّ نُقِلَ الْحَجُّ فِي الشَّرْعِ إِلَى قَصْدٍ مَخْصُوصٍ كَسَائِرِ الْأَسْمَاءِ الشَّرْعِيَّةِ تَنْبِيهٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} الْبَقَرَة 196 وَلَمْ يَقُلْ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا لِلَّهِ لِأَنَّهُمَا مِمَّا يَكْثُرُ الرِّيَاءُ فِيهِمَا جِدًّا وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ الِاسْتِقْرَاءُ حَتَّى إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْحُجَّاجِ لَا يَكَادُ يَسْمَعُ حَدِيثًا فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا ذَكَرَ مَا اتَّفَقَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ فِي حَجِّهِ فَلَمَّا كَانَا مَظِنَّةَ الرِّيَاءِ قيل فيهمَا لله اعتناء بالإخلاص فَائِدَة قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْ حَجَّ الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ خرج

مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ تَشْبِيهُهُ يَوْمَ الْخُرُوجِ مِنَ الْبَطْنِ يَقْتَضِي أَنْ لَا تَبْقَى عَلَيْهِ تَبِعَاتُ الْعِبَادِ وَلَا قَضَاءُ الصَّلَوَاتِ وَلَا الْكَفَّارَاتِ وَجَوَابُهُ أَنَّ لَفْظَ الذُّنُوبِ لَا يَتَنَاوَلُ هَذِهِ الْأُمُورَ لِأَنَّ ثُبُوتَ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَحُقُوقِ عِبَادِهِ فِي الذِّمَّةِ لَيْسَ ذَنْبًا وَإِنَّمَا الذَّنْبُ الْمُطْلُ بِالْحُقُوقِ بَعْدَ تَعَيُّنِهَا وَلَا يَتَنَاوَلُ الْحُقُوقَ ألْبَتَّةَ نَعَمْ يَتَنَاوَلُ الْمُطْلَ بِحُقُوقِ الْعِبَادِ لَكِنِ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ حَقَّ الْعَبْدِ مَوْقُوفٌ عَلَى إِسْقَاطِهِ فَيَكُونُ مَخْصُوصًا مِنَ الْحَدِيثِ فيتخلص أَنَّ الَّذِي يُسْقِطُ الْحَجَّ إِثْمُ مُخَالِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَقَطْ سُؤَالٌ كَيْفَ يُسَوِّي اللَّهُ بَيْنَ الْفِعْلِ الْعَظِيمِ وَالْحَقِيرِ فِي الْجَزَاءِ مَعَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَجْرُكَ عَلَى قَدْرِ نَصَبِكَ فَالْغُفْرَانُ قَدْ رَتَّبَهُ اللَّهُ عَلَى الْحَجِّ الْمَبْرُورِ وَرَتَّبَهُ عَلَى قِيَامِ رَمَضَانَ وَقِيَامِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمُوَافَقَةِ التَّأْمِينِ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ وَعَلَى التَّوْبَةِ جَوَابُهُ اسْتَوَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ فِي التَّكْفِيرِ وَاخْتَلَفَتْ فِي رَفْعِ الدَّرَجَاتِ قَاعِدَةٌ قَالَ سَنَدٌ قَالَ مَالِكٌ الْحَجُّ أَفْضَلُ مِنَ الْغَزْو لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ فَذَكَرَ الْحَجَّ وَلَمْ يَذْكُرِ الْغَزْوَ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يُكْثِرُ الْحَجَّ وَلَا يَحْضُرُ الْغَزْوَ مَعَ أَنَّهُ قَدْ وَرَدَ مَا جَمِيعُ أَعْمَالِ الْبِرِّ فِي الْجِهَادِ إِلَّا كَنُقْطَةٍ فِي بَحْرٍ فَيَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إِذَا تَعَيَّنَ وَيَكُونُ جَوَابا فِي حق سَائل لفرط شجاعته كَمَا سُئِلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَي

الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ قَالَ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ وَسُئِلَ مَرَّةً أُخْرَى فَقَالَ الصَّلَاةُ لِأَوَّلِ وَقْتِهَا قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَأَفْضَلُ أَرْكَانِ الْحَجِّ الطَّوَافُ لِأَنَّهُ مُشْتَمِلٌ عَلَى الصَّلَوَاتِ وَهُوَ فِي نَفْسِهِ مُشَبَّهٌ بِالصَّلَاةِ وَالصَّلَاةُ أَفْضَلُ مِنَ الْحَجِّ فَيَكُونُ أَفْضَلَ الْأَرْكَانِ فَإِن قيل قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْحَجُّ عَرَفَةُ يَدُلُّ عَلَى فَضِيلَةِ الْوُقُوفِ عَلَى سَائِرِ الْأَرْكَانِ لِأَنَّ تَقْدِيرَهُ مُعْظَمُ الْحَجِّ وُقُوفُ عَرَفَةَ لِعَدَمِ انْحِصَارِ الْحَجِّ فِيهِ بِالْإِجْمَاعِ قِيلَ بَلْ يُقَدَّرُ غَيْرُ ذَلِكَ وَهُوَ إِدْرَاكُ الْحَجِّ وُقُوفُ عَرَفَةَ وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ فَيَكُونُ أَوْلَى مِنَ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ وَقَدْ صَرَّحَ مَالِكٌ بِأَنَّ الطَّوَافَ لِلْغُرَبَاءِ أَفْضَلُ مِنَ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ الْمَكِّيِّينَ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُفَضِّلَهُ عَلَى سَائِرِ الْأَرْكَانِ وَيُحْتَمَلُ غَيْرُ ذَلِكَ وَيَتَمَهَّدُ فِقْهُ هَذَا الْكِتَابِ فِي بَيَانِ سَبَبِ وُجُوبِ الْحَجِّ وَشُرُوطِهِ وَمَوَانِعِهِ وَسَوَابِقِهِ وَمَقَاصِدِهِ وَلَوَاحِقِهِ وَمَحْظُورَاتِهِ وَأُوَضِّحُ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ فِي أَحَدَ عشر بَابا

(الباب الأول في سبب وجوبه)

(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي سَبَبِ وُجُوبِهِ) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} آل عمرَان 97 وَتَرْتِيبُ الْحُكْمِ عَلَى الْوَصْفِ يَدُلُّ عَلَى سَبَبِيَّةِ ذَلِكَ الْوَصْفِ لِذَلِكَ الْحُكْمِ كَقَوْلِنَا زَنَا فَرُجِمَ وَسَهَا فَسَجَدَ وَسَرَقَ فَقُطِعَتْ يَدُهُ وَقَدْ رَتَّبَ اللَّهُ تَعَالَى الْوُجُوبَ بِحَرْفِ عَلَى مَعَ الِاسْتِطَاعَةِ فَتَكُونُ سَبَبًا لَهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ هِيَ مُعْتَبَرَةٌ بِحَالِ الْمُكَلَّفِ فِي صِحَّتِهِ وَمَالِهِ وَعَادَتِهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِبُعْدِ الْمَسَافَةِ وَقُرْبِهَا وَكَثْرَةِ الْجِلْدِ وَقِلَّتِهِ قَالَ فَعَلَى الْمَشْهُورِ مَنْ قَدَرَ عَلَى الْمَشْيِ وَجَبَ عَلَيْهِ وَإِنْ عَدَمَ الْمَرْكُوبَ وَكَذَلِكَ الْأَعْمَى إِذَا وَجَدَ قَائِدًا وَكَذَلِكَ مَنْ لَا يَجِدُ إِلَّا الْبَحْرَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ غَالِبُهُ الْعَطَبَ وَقَالَ ح أَوْ يُعْلَمُ أَنَّهُ يُبْطِلُ الصَّلَوَاتِ بِالْمَيْدِ وَلَوْ كَانَ لَا يَجِدُ مَوْضِعًا لِسُجُودِهِ لِلضِّيقِ إِلَّا عَلَى ظَهْرِ أَخِيهِ قَالَ مَالِكٌ لَا يَرْكَبُ قَالَ سَنَدٌ وَلِمَالِكٍ لَا يَحُجُّ الرَّجُلُ فِي الْبَحْرِ إِلَّا مِثْلَ الْأَنْدَلُسِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ الْبَرَّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَأْتُوكَ رِجَالا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ} الْحَج 27 وَلَمْ يَذْكُرِ الْبَحْرَ وَاخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ ش وَفِي الْجَوَاهِرِ يُخْتَلَفُ فِي إِلْزَامِ الْمَرْأَةِ الْحَجَّ إِذَا عَدِمَتِ الْمَرْأَةُ الْوَلِيَّ وَوَجَدَتْ رُفْقَةً مَأْمُونِينَ وَمَعَ الْحَاجَةِ إِلَى الْبَحْرِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَإِذَا ذَكَرَ الْعَشَاءَ صَلَّاهَا وَإِنْ فَاتَهُ الْحَجُّ فَقَدَّمَ الصَّلَاةَ الْوَاحِدَةَ عَلَى الْحَجِّ وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ فِي الْجُمْعَةِ إِذَا تَعَذَّرَ عَلَيْهِ السُّجُودُ سَجَدَ عَلَى ظَهْرِ أَخِيهِ يُجْزِئُهُ فِي الْبَحْرِ وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ وَخَرَّجَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ الْعَجْزَ عَنِ الْقِيَامِ عَلَى ذَلِكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ السُّجُودَ رُكْنٌ بِدَلِيلِ سُقُوطِ الْقِيَامِ فِي النَّوَافِل

وَالْمَسْبُوقِ وَفِي الْجَوَاهِرِ يَسْقُطُ إِذَا كَانَ فِي الطَّرِيقِ عَدُوٌّ يَطْلُبُ النَّفْسَ أَوْ مِنَ الْمَالِ مَا لَا يَتَجَدَّد أَو يَتَجَدَّدُ وَيُجْحَفُ وَفِي غَيْرِ الْمُجْحَفِ خِلَافٌ وَقَالَ أَصْحَاب ح وش وَإِذَا لَمْ يُمْكِنُهُ السَّفَرُ إِلَّا بِدَفْعِ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ لَا يَلْزَمُهُ الْحَجُّ وَيَجِبُ عَلَى عَادَته السوال إِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَجِدُ مَنْ يُعْطِيهِ وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ إِلَّا عُرُوضُ التِّجَارَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَبِيعَ مِنْهَا مَا يُبَاعُ لِلدَّيْنِ وَأَلْزَمَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ بَيْعَ فَرَسِهِ وَتَرْكَ أَوْلَادِهِ بِغَيْرِ شَيْءٍ بَلْ لِلصَّدَقَةِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَالْأَئِمَّةُ الِاسْتِطَاعَةُ زَادٌ وَمَرْكَبٌ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يُوجِبُ الْحَجَّ قَالَ الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ أَوْ لَعَلَّهُ حَالُ مَفْهُومِ السَّائِلِ وَظَاهِرُ قَوْله تَعَالَى {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} يَقْتَضِي أَن كل أحدا عَلَى حَسَبِ حَالِهِ فَإِنَّ الِاسْتِطَاعَةَ الْقُدْرَةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ} النِّسَاء 129 وَيُؤَكِّدُهُ أَنَّ مَنْ كَانَ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ لَا تُعْتَبَرُ الرَّاحِلَةُ فِي حَقِّهِ إِجْمَاعًا فَلَوْ كَانَتْ شَرْطًا فِي الْعِبَادَةِ لَعَمَّتْ وَكَذَلِكَ الزَّادُ قَدْ يَسْتَغْنِي عَنْهُ مَنْ قَرُبَتْ دَارُهُ فَلَيْسَا مَقْصُودَيْنِ لِأَنْفُسِهِمَا بَلْ لِلْقُدْرَةِ على الْوُصُول وَإِذا تيَسّر الْمَقْصُودُ بِدُونِ وَسِيلَةٍ مُعَيَّنَةٍ سَقَطَ اعْتِبَارُهَا قَالَ سَنَدٌ قَالَ مَالِكٌ وَيُقَدِّمُ الْحَجَّ عَلَى زَوَاجِهِ وَوَفَاءِ دَيْنِ أَبِيهِ وَلَوْ قُلْنَا إَنَّ الْحَجَّ عَلَى التَّرَاخِي خَشْيَةَ الْعَوَائِقِ وَالْحَجُّ قُرْبَةٌ وَالنِّكَاحُ شَهْوَةٌ وَإِنْ قُلْنَا عَلَى الْفَوْرِ وَجَبَ وَدَيْنُ الْأَبِ لَا يَجِبُ إِلَّا أَنْ يَخَافَ الْعَنَتَ فَيَتَزَوَّجُ لِأَنَّ مَفَاسِدَ الزِّنَا أَعْظَمُ وَالْمَرْأَةُ إِذَا قُلْنَا لِزَوْجِهَا مَنْعُهَا قَدَّمَتِ الْحَجَّ وَإِلَّا فَلَا وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ لَوْ تَزَوَّجَتِ الْمَرْأَةُ أَوِ الرَّجُلُ فَالنِّكَاح صَحِيح وَلَا يجوز زواج الْأمة لتوفير الْمَالَ لِلْحَجِّ لِوُجُودِ الطَّوْلِ وَلَوْ شَقَّ عَلَيْهِ رُكُوبُ الْقَتْبِ وَالْمَحْمَلُ مَشَقَّةٌ لَا يُمْكِنُهُ

تَحَمُّلُهَا لَمْ يَلْزَمْهُ وَإِذَا كَانَ عِنْدَهُ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَقُلْنَا الْحَجُّ عَلَى التَّرَاخِي اعْتَبَرْنَا قُدْرَتَهُ عَلَى النَّفَقَةِ ذَاهِبًا وَرَاجِعًا وَمَا يُنْفِقُهُ عَلَى مُخْلَفِيهِ فِي غَيْبَتِهِ فَإِنْ كَانَتْ لَهُ حِرْفَةٌ يَعْمَلُهَا فِي سَفَرِهِ اعْتَبَرْنَا نَفَقَةَ أَهْلِهِ فَقَطْ وَإِنْ قُلْنَا هُوَ عَلَى الْفَوْرِ قُدِّمَ عَلَى نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ لِأَنَّ صَبْرَهَا بِيَدِهَا وَنَفَقَةُ بَعْضِ الْأَقَارِبِ الْمُتَأَخِّرِينَ مُوَاسَاةٌ تَجِبُ فِيمَا يَفْضُلُ عَنِ الضَّرُورَةِ فَإِنْ وَجَدَ النَّفَقَةَ لِذَهَابِهِ فَقَطْ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ يَجِبُ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يخْشَى الضّيَاع هُنَاكَ فتراعى نَفَقَته الْعود إِلَى أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ إِلَى مَوْضِعٍ يَعِيشُ فِيهِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَبَذَلَ لَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ عِنْدَ الْجَمِيعِ لِأَنَّ أَسْبَابَ الْوُجُوبِ لَا يَجِبُ عَلَى أَحَدٍ تَحْصِيلُهَا وَكَذَلِكَ لَوْ بَذَلَ لَهُ قَرْضًا لِأَنَّ الدَّيْنَ يَمْنَعُ الْحَجَّ وَإِنْ غَصَبَ مَالًا فَحَجَّ بِهِ أَجْزَأَهُ حَجُّهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ لَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّهُ سَبَبٌ غَيْرُ مَشْرُوعٍ فَلَا يُجْزِئُ كَأَفْعَالِ الْحَجِّ وَهُوَ عَلَى أَصْلِهِ فِي الصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ وَجَوَابُهُ أَنَّ النَّفَقَةَ أَجْنَبِيَّةٌ عَنِ الْحَجِّ بَلْ هُوَ كَمَنْ غَرَّرَ بِنَفْسِهِ وَحج فَإِنَّهُ يُجزئهُ

(الباب الثاني في الشروط)

(الْبَابُ الثَّانِي فِي الشُّرُوطِ) وَفِي الْجَوَاهِرِ هِيَ أَرْبَعَةٌ الْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ وَالْحُرِّيَّةُ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَيُّمَا صَبِيٍّ حَجَّ بِهِ أَهْلُهُ فَمَاتَ أَجْزَأَ عَنْهُ فَإِنْ أَدْرَكَ فَعَلَيْهِ الْحَجُّ وَأَيُّمَا عَبْدٍ حَجَّ بِهِ أَهْلُهُ أَجْزَأَ عَنْهُ فَإِنْ أُعْتِقَ فَعَلَيْهِ الْحَجُّ وَالْإِسْلَامُ يَجْرِي عَلَى الْخِلَافِ بِخِطَابِ الْكُفَّارِ بِالْفُرُوعِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فَلَا يَكُونُ شَرَطًا فِي الْوُجُوبِ وَوَافَقَنَا الْأَئِمَّةُ فِي الْأَرْبَعَةِ وَزَادَ الشَّافِعِي شَرْطَيْنِ تَخْلِيَةُ الطَّرِيقِ وَإِمْكَانُ السَّيْرِ وَهُمَا عِنْدَنَا مِنْ فُرُوعِ الِاسْتِطَاعَةِ وَزَادَ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ سَابِعًا وَهُوَ ذُو الْمَحْرَمِ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا تَحُجَّنَّ الْمَرْأَةُ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ وَفِي مُسلم نهى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنْ تُسَافِرَ الْمَرْأَةُ مَسِيرَةَ يَوْمَيْنِ إِلَّا وَمَعَهَا زَوْجُهَا أَوْ ذُو مَحْرَمٍ وَجَوَابُهُ الْمُعَارَضَةُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} آل عمرَان 97 وَالْقِيَاسُ عَلَى الْهِجْرَةِ وَمَا ذَكَرُوهُ مَحْمُولٌ

عَلَى التَّطَوُّعِ أَوْ حَالَةِ الْخَوْفِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْكِتَابِ تَحُجُّ بِلَا وَلِيٍّ مَعَ رِجَالٍ وَنسَاء مرضيين وَإِن امْتنع واليها وَقَالَ تَخْرُجُ مَعَ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ الْمَأْمُونَةِ إِذَا اثْبتْ أَن الْحرم لَيْسَ شَرْطًا فَهَلْ تَخْرُجُ مَعَ الرِّجَالِ الثِّقَاتِ قَالَ سَنَدٌ مَنَعَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ سَنَدٌ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْكَرَاهَةِ قَالَ سَنَدٌ وَهَذَا فِي حُجَّةِ الْإِسْلَامِ أَمَّا فِي غَيْرِ الْفَرْضِ فَلَا تَخْرُجُ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ قَالَه ابْنُ حَبِيبٍ لِعُمُومِ النَّهْيِ قَالَ سَنَدٌ فَعَدَمُ هَذِهِ الشُّرُوطِ قَدْ تَقْتَضِي عَدَمَ الْوُجُوبِ وَالصِّحَّةِ كَالْعَقْلِ وَالْإِسْلَامِ عَلَى الْخِلَافِ فِيهِ أَوِ الْوُجُوبَ وَالْإِجْزَاءَ عَنِ الْفَرْضِ دُونَ النَّفْلِ كَالْبُلُوغِ وَالْحُرِّيَّةِ وَأَمَّا عَدَمُ السَّبَبِ الَّذِي هُوَ الِاسْتِطَاعَةُ فَيَمْنَعُ الْوُجُوبَ دُونَ الْإِجْزَاءِ فُرُوعٌ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ إِذَا اجْتَمَعَتِ الشُّرُوطُ مَعَ السَّبَبِ قَالَ سَنَدٌ فَإِنْ كَانَ الْوَقْتُ وَاسِعًا كَانَ الْوُجُوبُ مُوَسَّعًا فَإِنْ مَاتَ سَقَطَ عَنْهُ فَإِنْ فَاتَ الْحَجُّ اسْتَقَرَّ فِي ذِمَّتِهِ فَإِنْ مَاتَ سَقَطَ عَنْهُ وَلَا يَلْزَمُ الْوَرَثَةُ إِذَا لَمْ يُوصَ بِهِ وَقَالَهُ ح وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ فِي رَأْسِ مَالِهِ وَالظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ فِي تَأْخِيرِ الْحَجِّ بِمَنْعِ الْوَالِدَيْنِ وَقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي مَنْعِ الزَّوْجِ الزَّوْجَةَ مِنْهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي وَقَالَهُ ش وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لَهُ مُخَالَفَةُ أَبَوَيْهِ فِي الْفَرِيضَةِ وَقَوْلُ أَشْهَبَ لَيْسَ لِلزَّوْجِ مَنْعُ زَوْجَتِهِ يَقْتَضِي الْفَوْرَ وَقَالَهُ ح وَحَكَاهُ الْعِرَاقِيُّونَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ وَغَيْرُهُ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ مَسَائِلُ الْمَذْهَبِ تَدُلُّ عَلَى التَّرَاخِي قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ أَمْرُ الْآبَاءِ وَغَيْرُهُمْ مِنْ بَابِ تَعَارُضِ الْوَاجِبَيْنِ لَا لِأَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي حُجَّةُ ش أَنَّ فَرْضَ الْحَجِّ نَزَلَ سنة سِتّ وأخره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى سَنَةِ عَشْرٍ وَحَجَّ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ الله عَنهُ سنة تسع أمره النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقَعَدَ بِالْمَدِينَةِ مِنْ غَيْرِ مَانِعٍ وَتَأَخَّرَ مَعَهُ أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَمْ يَسْأَلْهُمْ عَنْ أَعْذَارِهِمْ وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى الْفَوْرِ يُسَمَّى قَضَاءً بَعْدَ ذَلِك

كَمَا إِذَا أَحْرَمَ بِهِ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْمُهِمَّ مِنْهُ إِنَّمَا هُوَ ثَوَابُ الْآخِرَةِ وَهُوَ يَتَأَخَّرُ وَلَا يَفُوتُ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ وَغَيْرِهَا تَفُوتُ الْمَصْلَحَةُ الْمَقْصُودَةُ مِنْهَا بِالتَّأْخِيرِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ قَوْله تَعَالَى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} الْبَقَرَة 196 هُوَ الَّذِي نَزَلَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَهُوَ لَا يَقْتَضِي وُجُوبَ الْحَجِّ بَلْ إِتْمَامَهُ وقَوْله تَعَالَى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ} آل عمرَان 97 نزل سنة تسع وَلَعَلَّ الْوَقْتَ كَانَ لَا يَتَّسِعُ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْقَضَاء لَا يكون إِلَّا فِيمَا يتَعَلَّق بِوَقْتٍ مُعَيَّنٍ كَالصَّلَوَاتِ وَكَذَلِكَ إِذَا أَحْرَمَ تَعَيَّنَ الْوَقْت بِدَلِيل أَن رد الغصوب وَوَفَاءُ الدُّيُونِ إِذَا تَأَخَّرَتْ لَا تُسَمَّى قَضَاءً وَإِنْ كَانَتْ فَوْرِيَّةً وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الثَّوَابَ قَدْ يَفُوتُ بِالْمَوْتِ نَعَمْ هُوَ يُحْسِنُ فَارِقًا لَا مُسْتَندا متأصلا ويوضح مَذْهَبنَا أَن الْأَمر على الْفَوْر وَإِنَّهَا عبَادَة تجب بإفسادها الْكَفَّارَة فَتكون عَلَى الْفَوْرِ كَالصَّوْمِ قَالَ سَنَدٌ وَإِذَا قُلْنَا بالتراخي فَمَا لم يخف الْعَجْزَ كَالْكَفَّارَاتِ فَعَلَى هَذَا إِذَا اخْتَرَمَتْهُ الْمَنِيَّةُ لَا يَأْثَمُ وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ يَأْثَمُ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ جُوِّزَ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي زَمَنِ الْإِثْمِ فَقِيلَ أَوَّلُ سَنَةٍ وَقِيلَ بِالتَّأْخِيرِ عَنْ آخِرِ سَنَةِ الْإِمْكَانِ الثَّانِي قَالَ سَنَدٌ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْحَجُّ رَاكِبًا أَفْضَلُ اقْتِدَاءً بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَجَوَابُهُمْ الِاتِّفَاقُ عَلَى أَنَّ مَنْ نَذَرَ الرُّكُوبَ أَجْزَأَهُ الْمَشْيُ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ وَفِي الْبُخَارِيِّ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا اغْبَرَّتْ قَدَمَا عَبْدٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَمَسهُ النَّار وَلَو مَشى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا رَكِبَ أَحَدٌ وَذَلِكَ مَشَقَّةٌ عَظِيمَةٌ وَلِأَنَّهُ كَانَ يَرْكَبُ لِيَرَاهُ النَّاسُ لِلْمَسْأَلَةِ أَوْ لِفَرْطِ مَشَقَّةِ الْمَشْيِ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَتَنَفَّلُ جَالِسًا الثَّالِثُ فِي الْجَوَاهِرِ يُكْرَهُ التَّنَفُّلُ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَدَاءِ فَرْضِهِ فَإِنْ فَعَلَ لَا يَنْقَلِب فرضا بل نفل

صفحة فارغة

(الباب الثالث في الموانع)

(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْمَوَانِعِ) وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ الْأَوَّلُ الْأُبُوَّةُ وَفِي الْجَوَاهِرِ لِلْأَبَوَيْنِ مَنْعُ الْوَلَدِ مِنَ التَّطَوُّعِ بِالْحَجِّ وَمِنْ تَعْجِيلِ الْفَرْضِ عَلَى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ قَاعِدَةٌ إِذَا تَزَاحَمَتِ الْوَاجِبَاتُ قَدَّمَ الْمُضَيَّقَ على الموسع والفوري عَلَى التَّرَاخِي وَالْأَعْيَانَ عَلَى الْكِفَايَةِ لِأَنَّ التَّضْيِيقَ فِي الْوَاجِبِ يَقْتَضِي اهْتِمَامَ الشَّرْعِ بِهِ وَكَذَلِكَ الْمَنْعُ مِنْ تَأْخِيرِهِ بِخِلَافِ مَا جُوِّزَ تَأْخِيرُهُ وَكَذَلِكَ مَا أَوْجَبَهُ عَلَى كُلِّ أَحَد أَهَمُّ عِنْدَهُ مِمَّا أَوْجَبَهُ عَلَى بَعْضِ الْأَفْرَادِ وَالْأَهَمُّ مُقَدَّمٌ عِنْدَ التَّعَارُضِ فَلِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ قَدَّمَ حَقَّ الْوَالِدَيْنِ لِكَوْنِهِ عَلَى الْفَوْرِ وَكَذَلِكَ حَقُّ السَّيِّدِ وَالزَّوْجِ وَالدَّيْنُ الْحَالُّ الْمَانِعُ الثَّانِي الرِّقُّ وَفِي الْجَوَاهِرِ لِلسَّيِّدِ مَنْعُ عَبْدِهِ إِنْ أَحْرَمَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَيَتَحَلَّلُ إِذَا مَنَعَهُ كَالْمُحْصَرِ وَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيلُهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِإِذْنِهِ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ قَالَ سَنَدٌ ظَاهِرُ الْكِتَابِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ بَعْدَ الْإِذْنِ وَإِنْ لَمْ يُحْرِمْ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا لَمْ يُحْرِمْ فَلَهُ ذَلِكَ عِنْد مَالك وَهُوَ قَول ح وش بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّبَرُّعَ لَا يَلْزَمُ بِالْقَوْلِ وَإِذا قُلْنَا بِمَنْعه فَرَجَعَ فِي إِذْنِهِ فَلَمْ يَعْلَمِ الْعَبْدُ فَأَحْرَمَ يَخْرُجُ عَلَى تَصَرُّفِ الْوَكِيلِ بَعْدَ الْعَزْلِ وَقَبْلَ الْعِلْمِ بِالْعَزْلِ وَقَالَ ح لَهُ إِحْلَالُهُ خِلَافًا لِ ش وَابْنِ حَنْبَلٍ فَإِنَّ إِذْنَهُ لَهُ إِعَارَةُ مَنَافِعَ وَلَهُ عِنْدَهُ الرُّجُوعُ فِيمَا أَعَارَهُ لَهُ

وَالْفَرْقُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ تَعَلُّقُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى بِالْإِحْرَامِ فَهُوَ كَمَا لَوْ أُذِنَ لَهُ لِيُرْهِنَ وَفِي الْجَوَاهِرِ مَا لَزِمَهُ مِنْ جَزَاءِ صَيْدٍ خَطَأٍ أَوْ فِدْيَةٍ لِإِمَاطَةِ أَذًى مِنْ ضَرُورَةٍ أَوْ فَوَاتِ حَجٍّ بِغَيْرِ عَمْدٍ لَا يُخرجهُ من مَاله إِلَّا بِإِذن سيد فَإِنْ أُذِنَ لَهُ وَإِلَّا صَامَ وَلَا يَمْنَعُهُ الصِّيَامُ وَإِنْ أَضَرَّ بِهِ إِلَّا أَنْ يَهْدِيَ عَنْهُ أَوْ يُطْعِمَ وَمَا أَصَابَهُ عَمْدًا فَلَهُ مَنعه من الصّيام الضاربة فِي عَمَلِهِ لِأَنَّ الْعَبْدَ أَدْخَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَلَيْسَ مر إِذْنِ السَّيِّدِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ نَظَرًا لِأَصْلِ الْإِذْنِ وَعَلَيْهِ قَضَاءُ الْحَجِّ الْفَائِتِ إِنْ أَحْرَمَ بِإِذْنِهِ مَعَ الْهَدْيِ إِذَا أَعْتَقَ وَإِنْ أَفْسَدَ حَجَّهُ قَالَ أَشْهَبُ لَا يلْزم سَنَده أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي الْقَضَاءِ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ ثَانِيَةٌ وَقَالَ أَصْبَغُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مِنْ آثَارِ إِذْنِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَالْأَوَّلُ الصَّوَابُ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا بَاعَ رَقِيقَهُ مُحْرِمًا جَازَ الْبَيْعُ وَلَيْسَ للْمُشْتَرِي إحلالا وَقَالَ ش وح قِيَاسًا عَلَى النِّكَاحِ وَبَيْعِ الْمُعْتَقِ وَالْمَرِيضَةِ الْمَجْنُونَةِ وَبَيْعِ السُّفُنِ فِي الشِّتَاءِ وَقَالَ سَحْنُونٌ فِي التَّبْصِرَةِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ لِتَعَذُّرِ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَإِذَا صَحَّ الْبَيْعُ فَالْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ إِنْ لَمْ يَعْلَمْ وَقَالَ ش إِنْ كَانَ إِحْرَامُهُ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ فَلَهُ إِحْلَالُهُ لِأَنَّهُ انْتَقَلَ إِلَيْهِ مَا كَانَ لِلْبَائِعِ وَالْبَائِعُ كَانَ لَهُ إِحْلَالُهُ وَقَالَ ح لَا يَرُدُّ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ بِحَالٍ لِأَنَّ لَهُ إِحْلَالَهُ أَذِنَ الْبَائِعُ فِي الْإِحْرَامِ أَمْ لَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَحْرَمَ بِغَيْرِ إِذَنِ سَيِّدِهِ كَانَ لَهُ فَأَحَلَّهُ ثُمَّ أَذِنَ لَهُ عَامًا آخَرَ فَحَجَّ قَضَاءً عَمَّا حَلَّلَهُ أَجْزَأَهُ وَإِنْ أَهْدَى عَنهُ أَو طعم لِمَا حَلَّلَهُ مِنْهُ أَجْزَأَهُ وَإِلَّا صَامَ هُوَ وَيُجْزِئُهُ قَالَ سَنَدٌ يَنْعَقِدُ إِحْرَامُ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ كَافَّةً خِلَافًا لِأَهْلِ الظَّاهِرِ قِيَاسًا عَلَى الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ ثُمَّ يَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ الْمُوَافَقَةُ عَلَى التَّحْلِيلِ فَإِنْ لَمْ يُوَافِقْ وَكَمَّلَ الْحَجَّ أَثِمَ وَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ وَتَحْلِيلُهُ يَكُونُ بِالنِّيَّةِ وَالْحِلَاقِ لِأَنَّ رَفْضَ النِّيَّةِ وَحْدَهُ لَا يُبْطِلُ الْإِحْرَامَ وَالْحَلْقُ شَأْنُهُ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ كَمَالِ النُّسُكِ فَأُبْطِلُ الْإِحْرَامُ كَالسَّلَامِ إِذَا وَقَعَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يَفْتَقِرُ إِلَى النِّيَّةِ فِي أَثْنَاءِ الْعِبَادَةِ بِخِلَافِ آخِرِهَا وَلُزُومُ الدَّمِ لَهُ فِي التَّحْلِيلِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنه من بَابا الْمُحْصَرِ أَوْ مِنْ بَابِ فَوَاتِ الْحَجِّ فَعِنْدَ أَشْهَبَ مِنْ بَابِ الْمُحْصَرِ فَلَا يَلْزَمُهُ

قَضَاء وَفِي هدي الْمحصر خلاف أسهب يُوجِبُهُ وَابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُوجِبُهُ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْفَوْتِ وَيَلْزَمُهُ الْهَدْيُ وَجَوَّزَ لَهُ فِي الْكِتَابِ الْإِطْعَامَ فِيهِ وَالْفَوَاتُ لَا إطْعَام فِيهِ كَأَنَّهُ رأى أَنه جُزْء فَعَلَيهِ فَأشبه الْفِدْيَة وَقد أنكر يحي الْإِطْعَام هَا هُنَا وَإِذا قُلْنَا الدَّم هَا هُنَا لِلْفَوْتِ لَمْ يَجُزْ فِيهِ طَعَامٌ وَكَانَ الصَّوْمُ فِيهِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَإِنْ قُلْنَا لِلتَّحْلِيلِ فَهُوَ كَالْفِدْيَةِ وَأَمَّا الْقَضَاءُ فَأَسْقَطَهُ مَالِكٌ وَأَشْهَبُ قِيَاسًا على الْمحصر وَنظر فِي الأول لِأَنَّهُ هَا هُنَا وَاجِبٌ عَلَيْهِ وَإِذَا قُلْنَا يَلْزَمُهُ فَلِلسَّيِّدِ مَنْعُهُ مِنَ الْهَدْيِ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مَالِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَيَبْقَى فِي ذِمَّتِهِ وَإِذَا أَذِنَ فَمَضَى وَأَفْسَدَهُ قَالَ أَشْهَبُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي الْقَضَاءِ لِأَنَّ الْإِذْنَ الْأَوَّلَ مَا تَضَمَّنَهُ وَقَالَ أَصْبَغُ يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِ الْأَوَّلِ وَإِذَا أُذِنَ لَهُ فَفَاتَهُ الْحَجُّ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْهَدْيُ إِذَا أَعْتَقَ وَعَلَى قَوْلِ أَصْبَغَ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ قَبْلَ الْعِتْقِ قَالَ أَشْهَبُ لَا يَمْنَعُهُ الِاعْتِمَارَ لِلْفَوَاتِ إِنْ كَانَ قَرِيبًا وَإِلَّا مَنَعَهُ وَيَبْقَى عَلَى إِحْرَامِهِ إِلَى قَابِلٍ أَوْ يَأْذَنُ لَهُ فِي الْعُمْرَةِ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فَفَعَلَ مَا يُوجِبُ فِدْيَةً أَوْ هَدْيًا فَفَرَّقَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَيْنَ تَعَمُّدِهِ وَمَا يضر بسيده من خطأه وَقَالَهُ الشَّافِعِي وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يَمْنَعُهُ مِنَ الصِّيَامِ وَإِنْ كَانَ تَعَمَّدَ وَأَضَرَّ بِهِ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي التَّمَتُّعِ أَوِ الْقِرَانِ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنَ الصَّوْمِ إِذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي الْهَدْيِ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرُ وَالْمُعَتَقُ بَعْضُهُ كَالْقِنِّ فِي ذَلِكَ وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ فَلَهُ السَّفَرُ فِيمَا لَا يَضُرُّ بِسَيِّدِهِ فَيُخَرَّجُ ذَلِكَ عَلَى مَا لَا يَضُرُّ وَمَا لَا يَضُرُّ بِالسَّيِّدِ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ الْمَانِعُ الثَّالِثُ الزَّوْجَةُ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْمُسْتَطِيعَةُ لِفَرْضِ الْحَجِّ لَيْسَ لِلزَّوْجِ مَنْعُهَا عَلَى الْقَوْلِ بِالْفَوْرِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالتَّرَاخِي فَقَوْلَانِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ كَالْقَوْلَيْنِ فِي الْمُبَادَرَةِ لِقَضَاءِ رَمَضَانَ وَأَدَاءِ الصَّلَاةِ لِمَا فِيهِ مِنْ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ وَالْمُبَادَرَةِ إِلَى الْقُرُبَاتِ خَشْيَةَ الْآفَاتِ وَلَوْ أَحْرَمَتْ بِالْفَرْضِ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَحْلِيلُهَا قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ إِلَّا

أَنْ يَكُونَ إِحْرَامُهَا ضَارًّا بِالزَّوْجِ لِاحْتِيَاجِهِ إِلَيْهَا كإحرامها من بَلَدهَا أَو قبل الْمِيقَات ويحللها مِنَ التَّطَوُّعِ كَالْمُحْصَرِ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَلِلزَّوْجِ مُبَاشَرَتُهَا وَعَلَيْهَا الْإِثْمُ دُونَهُ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا حَلَّلَهَا زَوْجُهَا وَهِيَ صَرُورَةٌ ثُمَّ أَذِنَ لَهَا مِنْ عَامِهِ فَحَجَّتْ أَجْزَأَهَا عَنْ فَرِيضَةِ الْإِسْلَامِ قَالَ سَنَدٌ إِذَا كَانَتِ الزَّوْجَةُ أَمَةً لَا تَحُجُّ إِلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهَا وَزَوْجِهَا عِنْدَ مَالِكٍ وَالْأَئِمَّةِ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ إِذْنُ السَّيِّدِ كَافٍ لِأَنَّ السَّفَرَ حَقٌّ لَهُ فَيُسَافِرُ بِهَا وَلَوْ كَرِهَ الزَّوْجُ وَجَوَابُهُ أَنَّ ذَلِكَ إِذَا كَانَت الْمَنْفَعَة عَائِدَة على السَّيِّد وَهَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ مَنَعَهَا مِنَ الزَّوْجِ وَإِذَا كَانَتِ الزَّوْجَةُ حُرَّةً وَأَحْرَمَ زَوْجُهَا بِالْحَجِّ فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ صَرُورَةً لِأَنَّهَا لَا تُعَطِّلُ عَلَيْهِ اسْتِمْتَاعًا وَإِنْ لم تحرم وَهِي ضَرُورَة فَقَالَ مَالك وح وَابْنُ حَنْبَلٍ لَهُ مَنْعُهَا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا وَالْخِلَافُ يَنْبَنِي عَلَى الْفَوْرِ وَالتَّرَاخِي وَإِذَا قُلْنَا لَهُ الْمَنْعُ فَلَهُ تَحْلِيلُهَا وَوُجُوبُ الدَّمِ يَخْرُجُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْعَبْدِ الْمَانِعُ الرَّابِعُ اسْتِحْقَاقُ الدَّيْنِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لِمُسْتَحِقِّهِ مَنْعُ الْمُحْرِمِ الْمُوسِرِ مِنَ الْخُرُوجِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَحَلَّلَ بَلْ يُؤَدِّي فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا أَوِ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا لَمْ يَمْنَعْهُ مِنَ الْخُرُوجِ الْمَانِعُ الْخَامِسُ الْإِحْصَارُ بِالْعَدُوِّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} الْبَقَرَة 196 وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَن المُرَاد التَّحْلِيل وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ فِي سَنَةِ سِتٍّ فَصَدَّهُ الْمُشْرِكُونَ فَنَحَرَ ثُمَّ حَلَقَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ إِلَّا عُثْمَانُ قَالَ اللَّخْمِيُّ اخْتُلِفَ فِي حَصَرَ وَأُحْصِرَ فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ أُحْصِرَ بِالْأَلِفِ فِي الْمَرَضِ وَذَهَابِ النَّفَقَةِ وَحَصَرَ فِي الْحَبْسِ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا حَصْرَ إِلَّا فِي عَدُوٍّ وَقَالَ ابْنُ فَارِسٍ فِي مُجْمَلِ اللُّغَةِ نَاسٌ يَقُولُونَ حَصَرَهُ الْمَرَضُ وَأَحْصَرَهُ الْعَدُوُّ عَكْسُ نَقْلِ أَبِي عُبَيْدَةَ وَقَالَ ابْنُ فَارِسٍ الْإِحْصَارُ عَنِ الْبَيْتِ بِالْمَرَضِ وَغَيْرِهِ فَسَوَّى وَقَالَ أَبُو عمر وحصرني

وَأَحْصَرَنِي إِذَا حَبَسَنِي لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} الْبَقَرَة 573 يُرِيدُ أَحْصَرَهُمُ الْفَقْرُ وَقِيلَ حَصَرَهُ إِذَا ضَيَّقَ عَلَيْهِ وَأَحْصَرَهُ إِذَا مَنَعَهُ شَيْئًا وَإِنْ لَمْ يُضَيِّقْ عَلَيْهِ غَيْرُهُ فَمَنْ مُنِعَ مِنَ الْخُرُوجِ مِنَ الْبَلَدِ فَقَدْ حُصِرَ لِأَنَّهُ ضُيِّقَ عَلَيْهِ أَوْ مُنِعَ مِنْ دُخُولِهَا فَقَدْ أُحْصِرَ قَالَ وَلِلْمُحْصَرِ بِعَدُوٍّ خمس حالات يَصح الْإِحْلَال فِي ثَلَاث وَيمْنَع فِي وَجْهٍ وَيَصِحُّ فِي وَجْهٍ إِنْ شَرَطَ الْإِحْلَالَ فَالثَّلَاثَةُ أَنْ يَكُونَ الْعَدُوُّ طَارِئًا بَعْدَ الْإِحْرَامِ أَوْ مُتَقَدِّمًا وَلَمْ يَعْلَمْ أَوْ عَلِمَ وَكَانَ يَرَى أَنَّهُ لَا يَصُدُّهُ فَصَدَّهُ فَفِي هَذِه يجوز التَّحَلُّل لفعله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَإِنَّهُ كَانَ يَعْتَقِدُ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ لَا يَصُدُّونَهُ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُمْ يَمْنَعُونَهُ أَوْ شَكَّ لَمْ يَحِلَّ إِلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ الْإِحْلَالُ فِي صُورَةِ الشَّكِّ كَمَا فَعَلَهُ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَإِن صد عَن طَرِيقٍ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الْوُصُولِ مِنْ غَيْرِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّحَلُّلُ إِلَّا أَنْ يَضُرَّ بِهِ الطَّرِيقُ الْآخَرُ وَالْبُعْدُ لَيْسَ بِعُذْرٍ فَرْعَانِ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ الْمُحْصَرُ بِعَدُوٍّ غَالِبٍ أَوْ فِتْنَةٍ فِي الْحَجِّ أَوْ عُمْرَةٍ يَتَرَبَّصُ مَا رجا كشف ذَلِك ويتحلل بموضعه إِذا أيسر حَيْثُ كَانَ مِنَ الْحَرَمِ وَغَيْرِهِ وَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ نَحْرَهُ وَيَحْلِقُ أَوْ يُقَصِّرُ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَلَا عُمْرَةَ إِلَّا الصَرُورَةَ فَعَلَيْهِ حَجُّ الْإِسْلَامِ وَإِنْ أَخَّرَ إِخْلَافَهُ إِلَى بَلَدِهِ حَلَقَ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَا يَكُونُ مُحْصَرًا حَتَّى يَفُوتَهُ الْحَجُّ إِلَّا أَن لَا يُدْرِكَهُ فِيمَا بَقِيَ فَيَتَحَلَّلُ مَكَانَهُ قَالَ سَنَدٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ أُحْصِرَ ثُمَّ أَحْرَمَ لَا يحله إِلَّا الْبَيْتُ لِأَنَّهُ أَلْزَمَ نَفْسَهُ ذَلِكَ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْمَنْعِ كَالْمُسَافِرِ يُصْبِحُ صَائِمًا فِي السَّفَرِ فَإِنْ تَقَدَّمَ الْإِحْرَامُ وَكَانَ لَا يُمْكِنُهُ الْحَجُّ وَلَوْ لَمْ يُحْصِرْ لَمْ يَتَحَلَّلْ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْهُ لَا مِنَ الْعَدُوِّ وَإِنْ كَانَ الْعَدُوُّ الْمَانِعُ وَهُوَ كَافِرٌ وَلَمْ يُبْدِ الْقِتَالَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَين التَّحَلُّل والقتال لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يُقَاتل من صده مَعَ علوه الصَّادِّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُم وأيدكم عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ

أَظْفَرَكُم عَلَيْهِم} الْفَتْح 24 وَترك - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْقَتَّالَ لِحُرْمَةِ مَكَّةَ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يَجُوزُ قِتَالُ الْحَاصِرِ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا وَلَمْ يُحْكَ خِلَافًا قَالَ سَنَدٌ وَإِنْ طَلَبَ الْكَافِرُ مَالًا عَلَى الطَّرِيقِ كُرِهَ دَفْعُهُ نَفْيًا لِلذِّلَّةِ فَإِنْ كَانَ الصَّادُّ مُسْلِمًا فَهُوَ كَالْكَافِرِ فِي الْقِتَالِ لِأَنَّهُ ظَالِمٌ قَالَ ش وَهُوَ أَوْلَى بِالتَّحَلُّلِ فَإِنْ طَلَبَ الْيَسِيرَ مِنَ الْمَالِ دَفَعَهُ وَلَمْ يَتَحَلَّلْ كَالْحِرَابَةِ وَلَا ذِلَّةَ فِيهِ لِلْإِسْلَامِ وَإِنْ أَرَادُوا قِتَالَ الصَّادِّينَ جَازَ لَهُمْ لُبْسُ الدُّرُوعِ وَآلَاتِ الْقِتَالِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَحِلُّ الْمُحْصَرُ إِلَى يَوْمِ النَّحْرِ وَلَا يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ حَتَّى يَرُوحَ النَّاسُ إِلَى عَرَفَةَ لِأَنَّهُ الْوَقْتُ الَّذِي يَظْهَرُ أَثَرُ الصَّدِّ فِيهِ وَلَاحَظَ ابْنُ الْقَاسِمِ بِالسَّعْيِ لِلْجُمْعَةِ إِذَا عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَصِلُ بَعْدَ السَّعْيِ الطَّوِيلِ قُطِعَ مِنْ حِينِهِ وَوَافَقَهُ ش قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَيْسَ لِلْعُمْرَةِ حَدٌّ بَلْ يَتَحَلَّلُ وَإِنْ لَمْ يَخْشَ الْفَوْتَ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صُدَّ وَهُوَ مُحْرِمٌ بِعُمْرَةٍ وَلَمْ يَتَأَخَّرْ وَقَالَ عبد الْملك يُقيم مارجا إِدْرَاكَهَا مَا لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ فَإِنْ قَدَرَ الْمحْضر عَلَى إِرْسَالِ الْهَدْيِ فَعَلَ وَإِنْ تَعَذَّرَ نَحَرَهُ فِي الْحِلِّ وَإِنْ كَانَ عَنْ وَاجِبٍ وَقَالَهُ ش وَقَالَ ح لَا يَنْحَرُ إِلَّا فِي الْحَرَمِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} الْبَقَرَة 196 لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى الْإِحْرَامِ وَلَا قَضَاءَ على المتطوع عِنْد مَالك وش وَابْن حَنْبَل وَقَالَ ح يقْضِي لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَضَى لَمَّا صُدَّ وَسُمِّيَتْ عُمْرَةُ الْقَضَاءِ وَجَوَابُهُ أَن المصدودين كَانُوا ألفا وَأَرْبع مائَة وَالْمُعْتَمِرُ مَعَهُ نَفَرٌ يَسِيرٌ وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ أَمر أحدا بِالْقضَاءِ وَإِنَّمَا فعله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اسْتِدْرَاكًا لِلْخَيْرِ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يَقْضِي الصَّرُورَةُ الْفَرْضَ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ لِأَنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ وَقَدْ فَعَلَ جُهْدَهُ وَأَسْقَطَ عَنْهُ الْبَاقِي الْحَصْرُ فَبَرِئَتْ ذِمَّتُهُ وَالْقَضَاءُ إِنَّمَا يَجِبُ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ لَنَا أَنَّ الْأَصْلَ شُغْلُ الذِّمَّةِ

بِالْوَاجِبِ حَتَّى يَأْتِيَ بِهِ وَمَا لَمْ يَأْتِ بِهِ تَبْقَى مَشْغُولَةً فَيَجِبُ الْقَضَاءُ قَالَ سَنَدٌ النَّذْرُ الْمُعَيَّنُ كَالتَّطَوُّعِ وَالنَّذْرُ الْمَضْمُونُ كَفَرْضِ الْإِسْلَامِ وَأَمَّا الْحِلَاقُ فَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ أَخَّرَهُ حَتَّى ذَهَبَتْ أَيَّامُ مِنًى فَعَلَيْهِ هَدْيٌ لِأَنَّ الْحِلَاقَ مِنْ سَبَبِ التَّحَلُّلِ وَقَدْ وَقَعَ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ النِّيَّةَ لَا تَكْفِي فِي التَّحَلُّلِ وَالْمَشْهُورُ كفايتها وَقَالَ شهب وَالْأَئِمَّةُ عَلَى الْمُحْصَرِ الْمُتَحَلِّلِ الْهَدْيُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِن أحصرتم فِيمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} الْبَقَرَة 196 وَجَوَابُهُمْ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي حَصْرِ الْمَرَضِ أَوِ الْمُرَادُ مَا تَيَسَّرَ مُقَلِّدًا وَهُوَ ظَاهِرُ اللَّفْظِ لَا أَنَّهُ يَجِبُ إِنْشَاءُ هَدْيٍ آخَرَ وَإِذَا قُلْنَا بِالْهَدْيِ فَلَيْسَ شَرْطًا فِي جَوَازِ التَّحَلُّلِ عِنْدَ أَشْهَبَ خِلَافًا ل ح وش لِأَنَّ الْهَدْيَ سَبَبُ التَّحَلُّلِ فَلَوْ كَانَ شَرْطًا لَزِمَ الدَّوْرُ وَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ صَامَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ عِنْدَ أَشْهَبَ وَابْنِ حَنْبَلٍ كَدَمِ الْمُتَمَتّع وَقَالَ ح وش يُقِيمُ حَتَّى يَجِدَ الْهَدْيَ وَيَنْحَرُ عِنْدَ أَشْهَبَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ وَخَصَّصَهُ ح بِالْحَرَمِ وَإِذَا كَانَ مَعَ الْمُحْصَرِ هَدْيٌ فَنَحَرَهُ وَهُوَ غَيْرُ مَضْمُونٍ فَحُكْمُهُ فِي حِلِّ الْأَكْلِ حُكْمُ مَا إِذَا بَلَغَ حِلَّهُ بِخِلَافِ مَا عَطِبَ مِنْ هَدْيِ التَّطَوُّعِ قَبْلَ مَحِلِّهِ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ وَأَمَّا الْمَضْمُونُ فَعَلَى الْقَوْلِ بِإِجْزَاءِ الْحَجِّ يُجْزِئُ الْهَدْيُ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ مَنْ أُحْصِرَ بَعْدَ الْوُقُوفِ فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ وَلَا تُحِلُّهُ إِلَّا الْإِفَاضَةُ وَقَالَهُ ح وَعَلِيهِ لجَمِيع مَا يَفُوتُهُ دَمٌ وَاحِدٌ لِاتِّحَادِ نِيَّةِ التَّرْكِ لِأَنَّ التَّحَلُّلَ فِي حُكْمِ الْفَسْخِ وَالْفَسْخُ بَعْدَ الْوُقُوفِ مُتَعَذِّرٌ فَكَذَلِكَ التَّحَلُّلُ قَالَ سَنَدٌ وَقَالَ عبد الْملك وش إِنْ كَانَ الصَّادُّ بِمَكَّةَ وَلَمْ يَدْخُلْهَا الْحَاجُّ وَوَقَفَ وَشَهِدَ الْمَنَاسِكَ فَلْيَحِلَّ قِيَاسًا عَلَى مَا قَبْلَ الْوُقُوفِ بِجَامِعِ الضَّرُورَةِ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ بَعْدَ الْوُقُوفِ يَتَمَكَّنُ مِنْ إِزَالَةِ الشَّعَثِ وَالْحِلَاقِ وَاللِّبَاسِ وَالطّيب مجنة الضَّرُورَة

وَالْأَصْل الْوَفَاء بقوله تَعَالَى {أَتموا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} الْبَقَرَة 195 فَلَوْ وَصَلَ إِلَى مَكَّةَ وَأُحْصِرَ عَنْ عَرَفَةَ طَافَ وَسَعَى وَلَا يَحْلِقُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ حَتَّى يَيْأَسَ مِنْ عَرَفَةَ وَيُؤَخِّرُ الْحِلَاقَ إِلَى الْإِيَاسِ مِنَ الْعَدُوِّ وَيَنْحَرُ وَيَحْلِقُ عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَحْلِقُ إِلَى يَوْمِ النَّحْرِ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ إِذَا وَقَفَ وَصَدَّ عَنِ الْبَيْتِ يَأْتِي بِالْمَنَاسِكِ كُلِّهَا وَيَنْتَظِرُ أَيَّامًا فَإِنْ أَمْكَنَهُ الْوُصُولُ إِلَى الْبَيْتِ طَافَ وَإِلَّا حَلَّ وَانْصَرَفَ وَلَوْ تَمَكَّنَ مِنْ لِقَاءِ الْبَيْتِ وَصد عَن عَرَفَة قَالَ عبد الْملك أَنْ يَحِلَّ دُونَ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَيُؤَخِّرَ الْحِلَاقَ فَإِنْ أَيِسَ وَتَضَرَّرَ بِالطُّولِ حَلَقَ الْمَانِعُ السَّادِسُ الْمَرَضُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَحْرَمَ مَكِّيٌّ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ أَوْ مِنَ الْحَرَمِ أَوْ أَحْرَمَ الْمُتَعَمد بِالْحَجِّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ عُمْرَتِهِ مِنْ مَكَّةَ فَأُحْصِرَ بِمَرَضٍ حَتَّى فَرَغَ النَّاسُ مِنَ الْحَجِّ فَلَا بُدَّ مِنَ الْخُرُوجِ إِلَى الْحِلِّ فَيُلَبِّي مِنْهُ وَيَعْمَلُ عُمْرَةَ التَّحَلُّلِ وَيَحُجُّ قَابِلًا وَيَهْدِي وَالْمُحْصَرُ بِمَرَضٍ إِذَا فَاتَهُ الْحَجُّ لَا يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ حَتَّى يَدْخُلَ أَوَائِلَ الْحَرَمِ وَلَا يُحِلُّهُ إِلَى الْبَيْتِ وَإِنْ تَطَاوَلَ سِنِينَ وَإِنْ تَمَادَى مَرَضُهُ إِلَى قَابِلٍ فَحَجَّ بِإِحْرَامِهِ أَجْزَأَهُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ وَإِذَا كَانَ مَعَ الْمحصر بِمَرَض هَدْيٌ حَبَسَهُ حَتَّى يَصِحَّ فَيَنْطَلِقُ بِهِ مَعَهُ إِلَّا أَنْ يَخَافَ عَلَيْهِ لِطُولِ الْمَرَضِ فَيَبْعَثُ بِهِ يَنْحَرُ بِمَكَّةَ وَعَلَيْهِ هَدْيٌ آخَرُ إِذَا فَاتَهُ الْحَجُّ لِلْفَوَاتِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ قَدْ تَعَيَّنَ قَبْلَ الْفَوْتِ وَلَوْ لَمْ يَبْعَثْ بِهِ مَا أَجْزَأَهُ عَنْ هَدْيِ الْفَوْتِ وَتَحْرِيرُ هَذِهِ الْفَتْوَى أَنَّ الْمَرَضَ لَيْسَ عُذْرًا لِلتَّحَلُّلِ إِذَا طَرَأَ على الْإِحْرَام بِخِلَاف الْعَدو عِنْد مَالك وش وَابْنِ حَنْبَلٍ وَسِوَى ح مُحْتَجًّا بِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْ كُسِرَ أَوْ عَرِجَ فَقَدْ حَلَّ وَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابَلٍ وَقِيَاسًا عَلَى الْعَدُوِّ بِجَامِعِ

الضَّرُورَةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ رَاوِيَهُ ضَعِيفٌ وَبِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ فَهُوَ مَتْرُوكُ الظَّاهِرِ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ بِنَفْسِ الْكَسْرِ وَالْعَرَجِ وَإِنْ فَاتَهُ الْحَجُّ إِجْمَاعًا فَإِنْ أَضْمَرُوا إِذَا أَهْدَى أَضْمَرْنَا إِذَا اعْتَمَرَ وَيُعَضِّدُهُ مَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ انْكَسَرَتْ فَخْذُهُ فَبَعَثُوا إِلَى مَكَّةَ وَبِهَا ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَالنَّاسُ فَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ أَحَدٌ فِي التَّحَلُّلِ فَكَانَ إِجْمَاعًا وَعَنِ الثَّانِي الْفَرْقُ بِأَنَّ الْمَرِيضَ لَا يَسْتَفِيدُ بِتَحَلُّلِهِ مُفَارَقَةَ مَا حَصَرَهُ فَهُوَ كَمَنْ أَخْطَأَ الطَّرِيقَ وَخَافَ الْفَوَاتَ بِخِلَافِ الْمَحْصُورِ بِالْعَدُوِّ فَإِنْ فُرِضَ الْعَدُوُّ قَدْ أَحَاطَ بِهِ مِنْ جَمِيعِ جِهَاتِهِ فَهَذِهِ الصُّورَةُ اخْتَلَفَ فِيهَا الشَّافِعِيَّةُ فَمِنْهُمْ مَنْ أَلْحَقَ وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ قَالَ سَنَدٌ وَلَمْ يُحْفَظْ عَنْ مَالِكٍ فِيهَا نَصٌّ فَيُحْتَمَلُ التَّحَلُّلُ لِيَتَفَرَّغَ لِلْقِتَالِ وَيُحْتَمَلُ التَّسْوِيَةُ بِالْمَرِيضِ فَلَوْ شَرَطَ فِي إِحْرَامِهِ أَنَّهُ يَتَحَلَّلُ مَتَى عَرَضَ لَهُ عَارِضٌ مِنْ مَرَضٍ أَوْ خَطَأِ الطَّرِيقِ أَوْ خَطَأِ الْعَدَدِ أَو ذهَاب النَّفَقَة قَالَ مَالك وح شَرْطُهُ بَاطِلٌ وَأَثْبَتَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ لِمَا يروي أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دَخَلَ عَلَى ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَهِيَ تَبْكِي فَقَالَ مَا يُبْكِيكِ قَالَتْ أُرِيد الْحَج وَأَنا شاكية فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حُجِّي وَاشْتَرِطِي أَنْ تُحِلِّي حَيْثُ حُبِسْتِ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى الصَّلَاةِ وَإِذَا بَقِيَ عَلَى إِحْرَامِهِ إِلَى قَابِلٍ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ لَا هَدْيَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَوْقَعَ جَمِيعَ مَنَاسِكِهِ فِي إِحْرَامِهِ وَرُوِيَ عَنْهُ يَهْدِي كَتَأْخِيرِ بَعْضِ أَفْعَالِ الْحَجِّ عَنْ وَقْتِهِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا طَافَ الْمُفْرِدُ وَسَعَى ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الطَّائِفِ فَأُحْصِرَ بِعَدُوٍّ أَوْ مَرَضٍ أَوْ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْخُرُوجِ لَمْ يُجْزِئْهُ الطَّوَافُ وَالسَّعْيُ الْأَوَّلَانِ بَلْ يَأْتَنِفُهُمَا الْمُحْصَرُ بِالْمَرَضِ وَإِذَا أَصَابَهُ أَذًى يَحْلِقُ وَيَنْحَرُ هَدْيَهُ أحب الْمَانِعُ السَّابِعُ حَبْسُ السُّلْطَانِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا حَبَسَهُ السُّلْطَانُ فِي دَمٍ

لَا يَحِلُّهُ إِلَّا الْبَيْتُ وَفِي الْجَوَاهِرِ مَنْ حُبِسَ فِي دَمٍ أَوْ دَيْنٍ فَهُوَ كَالْمَرَضِ لَا كَالْعَدُوِّ وَفِي إِلْحَاقِهِ بِالْعَدُوِّ قَوْلَانِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ قَالَ سَنَدٌ مَنْ حُبِسَ بِحَقٍّ لَا يَحِلُّهُ إِلَّا الْبَيْتُ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ جِهَتِهِ أَوْ حُبِسَ ظُلْمًا فَهُوَ كَمَنْ أَحَاطَ بِهِ الْعَدُوُّ مِنْ جَمِيعِ الْجِهَاتِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَتَحَلَّلُ وَفِي الْجَوَاهِرِ أَمَّا مَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ بِخَطَأِ الطَّرِيقِ أَوِ الْعَدُوِّ أَوْ خَفَاءِ الْهِلَالِ أَوْ شُغْلٍ أَوْ بِأَيِّ وَجْهٍ غَيْرِ الْعَدُوِّ فَلَا يُحِلُّهُ إِلَّا الْبَيْتُ فَيَتَحَلَّلُ بِالْعُمْرَةِ وَيَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ وَدَمُ الْفَوَاتِ الْمَانِعُ الثَّامِنُ السَّفَهُ قَالَ سَنَدٌ قَالَ مَالِكٌ لَا يَحُجُّ السَّفِيهُ إِلَّا بِإِذْنِ وَلَيِّهِ إِنْ رَأَى وَلِيُّهُ ذَلِكَ نَظَرًا أَذِنَ وَإِلَّا فَلَا وَإِذَا حَلَّلَهُ وَلَيُّهُ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ

(الباب الرابع في السوابق)

(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي السَّوَابِقِ) وَهِيَ ثَلَاثَةٌ السَّابِقَةُ الْأُولَى النِّيَابَةُ فِي الْحَجِّ قَالَ سَنَدٌ اتَّفَقَ أَرْبَابُ الْمَذَاهِبِ أَنَّ الصَّحِيحَ لَا تَجُوزُ اسْتِنَابَتُهُ فِي فَرْضِ الْحَجِّ وَالْمَذْهَبِ كَرَاهَتُهَا فِي التَّطَوُّعِ وَإِن وَقعت صحت الْإِجَازَة وَحَرَّمَهَا ش قِيَاسًا عَلَى الْفَرْضِ وَجَوَّزَهَا ح وَابْنُ حَنْبَلٍ مُطْلَقًا وَأَمَّا الشَّيْخُ الضَّعِيفُ فَقَالَ الْأَئِمَّةُ إِنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَجَبَ عَلَيْهِ الِاسْتِئْجَارُ وَاسْتَحَبَّهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ حَجَّ النَّائِبِ لَا يُسْقِطُ فَرْضَ الْمُنِيبِ وَقَالَ ح يَقَعُ الْحَجُّ تَطَوُّعًا عَنِ النَّائِبِ وَلِلْمُسْتَنِيبِ أَجْرُ النَّفَقَةِ وَتَسْهِيلُ الطَّرِيقِ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُجْزِئُ عَنِ الْكَبِيرِ الْعَاجِزِ وَالْمُنِيبِ الْمُوصِي وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا تَجُوزُ الِاسْتِنَابَة عَن الْعَجز وَرُوِيَ الْجَوَاز وخصصها ابْن وهيب بِالْوَلَدِ وَابْنُ حَبِيبٍ بِالْكَبِيرِ الْعَاجِزِ الَّذِي لَمْ يَحُجَّ وَحَجَّ الْوَلَدُ عَنْ أَبِيهِ الْمَيِّتِ وَإِنْ لَمْ يُوصِ وَنَفَّذَ أَشْهَبُ الْوَصِيَّةَ بِالْحَجِّ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إِنْ كَانَ صَرُورَةً وَقِيلَ لَا يُنَفَّذُ وَقِيلَ يَحُجُّ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يُوصَ إِنْ كَانَ صَرُورَةً وَفِي الصِّحَاحِ أَنَّ امْرَأَةً أَن امْرَأَة خثعم أَنْت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَتْ إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ فِي الْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْتَمْسِكَ عَلَى الرَّاحِلَةِ أَفَأَحُجُّ عَنْهُ قَالَ نَعَمْ وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَى أَبِيكِ دَيْنٌ فَقَضَيْتِهِ نَفَعَهُ وَجَوَابُهُ أَنَّ هَذَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْحَجُّ لِمَا ذَكَرَتْ مِنَ الْعَجْزِ فَنَقُولُ بِمُوجِبِهِ لِأَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِالدُّعَاءِ وَبِالنَّفَقَةِ وَتَشْبِيهُهُ بِالدَّيْنِ مِنْ جِهَةِ حُصُولِ الثَّوَابِ وَالْقِيَاسُ يُعَضِّدُنَا لِأَنَّهُ أَفْعَالٌ بَدَنِيَّةٌ كَالصَّلَاةِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} آل عمرَان 97 وَلم يقل إحتجاج الْبَيْتِ وَإِذَا لَمْ يَجِبِ

الْإِحْجَاجُ وَالْأَصْلُ عَدَمُ دَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهِ فَيَكُونُ فِعْلُهُ عَبَثًا فَيُكْرَهُ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى} النَّجْم 39 وَالْمُعَارَضَةُ بِعَمَل الْمَدِينَةِ وَإِنَّمَا صَحَّحْنَا الْإِجَارَةَ لِأَنَّهُ مَحَلُّ اجْتِهَادٍ فَلَا يُقْطَعُ بِالْبُطْلَانِ قَاعِدَةٌ الْأَفْعَالُ قِسْمَانِ مِنْهَا مَا يَشْتَمِلُ عَلَى مَصْلَحَةٍ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ فَاعِلِهِ كَرَدِّ الْوَدَائِعِ وَقَضَاءِ الدُّيُونِ وَنَحْوَهَا فَتَصِحُّ فِيهَا النِّيَابَةُ إِجْمَاعًا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ انْتِفَاعُ أَهْلِهَا بِهَا وَذَلِكَ حَاصِلٌ بِنَفْسِ الدَّفْعِ وَلِذَلِكَ لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهَا النِّيَّاتُ وَمِنْهَا مَا لَا يَتَضَمَّنُ مَصْلَحَةً فِي نَفْسِهِ بَلْ بِالنَّظَرِ إِلَى فَاعِلِهِ كَالصَّلَاةِ فَإِنَّ مَصْلَحَتَهَا الْخُشُوعُ وَالْخُضُوعُ وَإِجْلَالُ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ وَتَعْظِيمُهُ وَذَلِكَ إِنَّمَا يَحْصُلُ فِيهَا مِنْ جِهَةِ فَاعِلِيهَا فَإِذَا فَعَلَهَا غَيْرُ الْإِنْسَانِ فَاتَتِ الْمَصْلَحَةُ الَّتِي طَلَبَهَا اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ فَلَا تُوصَفُ بِكَوْنِهَا حِينَئِذٍ مَشْرُوعَةً فِي حَقِّهِ فَلَا يَجُوزُ فِيهَا النِّيَابَةُ إِجْمَاعًا وَمَصَالِحُ الْحَجِّ تَأْدِيبُ النَّفْسِ بِمُفَارَقَةِ الْأَوْطَانِ وَتَهْذِيبِهَا بِالْخُرُوجِ عَنِ الْمُعْتَادِ مِنَ الْمَخِيطِ وَغَيْرِهِ لِيَذَّكَّرَ الْمَعَادَ وَالِانْدِرَاجَ فِي الْأَكْفَانِ وَتَعْظِيمَ شَعَائِرِ اللَّهِ تَعَالَى فِي تِلْكَ الْبِقَاعِ وَإِظْهَارَ الِانْقِيَادِ مِنَ الْعَبْدِ لِمَا لَمْ يَعْلَمْ حَقِيقَتَهُ كَرَمْيِ الْجِمَارِ وَهَذِهِ مَصَالِحٌ لَا تحصل إِلَّا للمباشر كَالصَّلَاةِ فَيَظْهَرُ رُجْحَانُ الْمَذْهَبِ بِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ وَمَنْ حَاوَلَ الْفَرْقَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالصَّلَاةِ لَاحَظَ مَا فِيهِ مِنَ الْقُرْبَةِ الْمَالِيَّةِ غَالِبًا فِي الْإِنْفَاقِ فِي السَّفَرِ فَأَشْبَهَ الْعِتْقَ وَالصَّدَقَةَ عَنِ الْغَيْرِ فُرُوعٌ اثْنَا عَشَرَ الْأَوَّلُ قَالَ سَنَدٌ اتَّفَقَ مَالِكٌ وَالْأَئِمَّة على الإرزاق فِي الْحَج وَأما الْإِجَازَة بِأُجْرَة مَعْلُومَة فَقَالَ بهَا مَالك وش وَمَنَعَهُ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ وَالْأَفْعَالُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ مَا يجوز فِيهِ الإزراق وَالْإِجَازَة نَحْوَ بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ وَتَفْرِيقِ الصَّدَقَاتِ وَمَا تُمْنَعُ فِيهِ الْإِجَازَة دون الإزراق نَحْو الْفتيا والقضاة وَمَا اخْتلف فِي جَوَاز الْإِجَازَة فِيهِ دُونَ الْإِرْزَاقِ نَحْوَ الْأَذَانُ وَالصَّلَاةُ وَالْحَجُّ فَإِنْ قَاسُوا عَلَى صُوَرِ الْمَنْعِ فَرَّقْنَا بِأَنَّ الْعَمَل ثمَّة غير منضبط بخلافة هَا هُنَا وقسنا على صُورَة الْجَوَاز وَمنع ش الِاسْتِئْجَار بِالنَّفَقَةِ للْجَهَالَة وقسناها على نَفَقَة النظير وأجبناه بِأَنَّهُ مُنْضَبِطٌ عَادَةً وَالْمُعَارَضَةُ تَقَعُ فِي الْحَجِّ ثَلَاثَة اقتسام

بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَبِالنَّفَقَةِ وَتُسَمَّى الْبَلَاغَ وَعَلَى وَجْهِ الْجَهَالَةِ وَهُوَ أَنْ لَا يُلْزِمَ نَفْسَهُ شَيْئًا وَلَكِنْ إِنْ حَجَّ كَانَ لَهُ كَذَا وَكَذَا وَإِلَّا فَلَا وَالثَّانِي فِي الْكِتَابِ مَنْ أَخَذَ مَالًا يَحُجُّ بِهِ عَنْ مَيِّتٍ فَصَدَهُ عَدُوٌّ عَنِ الْبَيْتِ فَإِنْ أَخَذَهُ عَلَى الْبَلَاغِ رَدَّ مَا فَضَلَ عَنْ نَفَقَتِهِ ذَاهِبًا وَرَاجِعًا وَإِنْ كَانَ أَجِيرًا كَانَ لَهُ مِنَ الْأُجْرَةِ بِحِسَابِ مَسِيرِهِ إِلَى مَوْضِعِ صَدِّهِ وَكَذَلِكَ مَنْ مَاتَ فِي الطَّرِيقِ وَقَالَ ش لَا شَيْءَ لَهُ وَإِنْ أُحْصِرَ صَاحِبُ الْبَلَاغِ فَمَرِضَ فَنَفَقَتُهُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ مُدَّةَ مَرضه وَإِن أَقَامَ إِلَى قَابل أجرأ عَنِ الْمَيِّتِ حُجَّةُ ش بِأَنَّ الْإِجَارَةَ مُقَابَلَةُ الْمَقْصُودِ لَا الْوَسِيلَةُ فَإِذَا لَمْ يَأْتِ بِالْمَقْصُودِ فَلَا شَيْءَ لَهُ كَمَنِ اسْتُؤْجِرَ عَلَى الْبِنَاءِ أَوِ الْخِيَاطَةِ فَهَيَّأَ الْآلَاتِ وَلَمْ يَخِطْ وَجَوَابُهُ أَن أَكثر المبذول هَا هُنَا لِقِطَعِ الْمَسَافَةِ فَهِيَ أَعْظَمُ الْمَقْصُودِ فِي أَخْذِ الْعِوَضِ وَلِذَلِكَ يَكْثُرُ الْمَبْذُولُ وَيَقِلُّ بِكَثْرَةِ الْمَسَافَةِ وَقِلَّتِهَا بِخِلَافِ آلَاتِ الْخِيَاطَةِ وَأَمَّا الْخِيَاطَةُ وَالْبِنَاءُ إِنْ وَقَعَا عَلَى وَجْهِ الْجَعَالَةِ فَمُسَلَّمٌ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا وَكَذَلِكَ فِي صُورَةِ النِّزَاعِ وَإِلَّا فَنَحْنُ نُلْزِمُهُ بِالْعَمَلِ وَلَا تَسْقُطُ الْأُجْرَةُ فَنَحْنُ نَمْنَعُ الْحُكْمَ فِي الْأَصْلِ قَالَ سَنَدٌ إِذَا صُدَّ فِي الْجَعَالَةِ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَفِي الْبَلَاغِ لَهُ مَا جَرَتِ الْعَادَةُ بِهِ مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ كَالْعَسَلِ وَالزَّيْتِ وَاللَّحْمِ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ وَالْوِطَاءِ وَاللِّحَافِ وَالثِّيَابِ وَيَرُدُّ مَا فَضَلَ مِنْ ذَلِكَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِ لَا يُنْفِقُ رَاجِعًا وَذِي الْبَلَاغِ أَنَّ رُجُوعَهُ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ الْعَقْدُ وَإِذَا أُحْصِرَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَتحل فَإِنْ أَوْجَبْنَا الْهَدْيَ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَكُلُّ مَا فَعَلَ مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ وَاقع عَن الْمُسْتَأْجِرِ وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ عَنِ الْمَحْصُورِ وَالدَّمُ عَلَيْهِ وَالْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الْبَلَاغِ إِذَا تَحَلَّلَ بَعْدَ الْحَصْرِ وَبَقِيَ بِمَكَّةَ حَتَّى حَجَّ مِنْ قَابِلٍ أَوْ بَقِيَ عَلَى إِحْرَامِهِ الَّذِي دَخَلَ بِهِ إِلَى قَابِلٍ فَحَجَّ بِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ إِنْ كَانَتِ الْإِجَارَةُ عَلَى الْعَامِ الْأَوَّلِ كَمَا لَوْ أَكْرَى دَارَهُ سَنَةً فَغُصِبَتْ ثُمَّ سَلَّمَهَا الْغَاصِبُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ وَإِنْ كَانَتْ على مطل الْحَجِّ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ سَقَطَ مِنْ نَفَقَتِهِ من يَوْم إِمْكَان التَّحَلُّل مُدَّة مَكَّة فَإِن سَار بعد ذَلِك ليحج فَلهُ نَفَقَته

مَسِيرِهِ وَلَا نَفَقَةَ لَهُ فِي مَقَامِهِ بِهَا حَتَّى يَأْتِيَ مِنْ قَابِلِ الْوَقْتِ الَّذِي أُحْصِرَ فِيهِ وَيَذْهَبُ مِنَ الْوَقْتِ الَّذِي أُحْصِرَ فِيهِ وَيَذْهَبُ مِنَ الْوَقْتِ قَدْرَ السِّيَرِ إِلَى مَكَّةَ فَتَكُونُ لَهُ النَّفَقَةُ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَمَّا الْأَجِيرُ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ فَلَهُ مِنْهَا مِنَ الْحَصْرِ إِلَى الْفَوْتِ أَحْرَمَ أَوْ لَمْ يُحْرِمْ وَأَمَّا الْمُجَاعِلُ فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ الرُّجُوعُ لِلْعِبَادَةِ لَا لِلْعَقْدِ وَإِنْ شَرَطَ عَامًا مُعَيَّنًا فَفَاتَ سَقَطَ الْعَقْدُ وَإِلَّا فَهُوَ عَلَى عَقْدِهِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْأَجِيرِ إِذَا مَاتَ بَعْدَ دُخُولِ مَكَّةَ لَهُ جُمْلَةُ الْأُجْرَةِ وَهُوَ ضَعِيفٌ لِبَقَاءِ بَعْضِ مَا اقْتَضَاهُ الْعَقْدُ وَلَوْ كَانَ الْحَجُّ مَضْمُونًا لَا مُعَيَّنًا مِثْلَ قَوْلِهِ مَنْ يَأْخُذُ كَذَا فِي حَجِّهِ ثُمَّ مَاتَ الْآخِذُ وَلَمْ يُحْرِمْ قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ كَسَائِرِ الْإِجَارَاتِ فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ فَلِلْوَارِثِ أَنْ يُحْرِمَ إِنْ لم يفت السَّنَةُ فِي السَّنَةِ الْمُعَيَّنَةِ وَإِنْ فَاتَتْ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ وَيُحْرِمُ مِنْ مَوْضِعِ شَرْطِ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ مِنْ مِيقَاتِهِ وَلَا يُحْتَسَبُ بِمَا فَعَلَ مُوَرِثه وَقَالَ ش فِي الْجَدِيدِ مِثْلَنَا وَفِي الْقَدِيمِ يَبْنِي كبناء الْوَلِيّ على أَفعَال الصَّبِي وَالْفرق أَن الْوَلِيّ لم يجد إِحْرَامًا وَإِنَّمَا نَابَ فِي بَعْضِ الْأَفْعَالِ وَأَمَّا أجِير الْبَلَاغ يمرض فَلهُ مُدَّة مَرضه نَفَقَته الصَّحِيحِ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ مَنْ ضَعُفَ مِنْ كِبَرٍ لَا يَحُجُّ أَحَدًا عَنْ نَفْسِهِ صَرُورَةً كَانَ أَوْ غَيْرَ صَرُورَةٍ وَمَنْ مَاتَ صَرُورَةً وَلَمْ يُوصِ بِالْحَجِّ وَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَتَطَوَّعَ عَنْهُ بِذَلِكَ فَلْيَتَطَوَّعْ بِغَيْرِ هَذَا مِنْ صَدَقَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَإِنْ أَوْصَى بِعُمْرَةٍ نُفِّذَتْ قَالَ سَنَدٌ الْخِلَافُ هُنَا إِنَّمَا هُوَ فِي الْكَرَاهَةِ وَالْجَوَازِ فَكَمَا يُكْرَهُ عَنِ الْمَيِّتِ فَهُوَ عَنِ الْحَيِّ أَشَدُّ وَيَصِحُّ الْحَجُّ عَنِ الْمَيِّتِ وَتُنَفَّذُ الْوَصِيَّة بإحجاج مُسلم حر بَالغ لتنزل حَجُّهُ مَنْزِلَةَ حَجِّ الْمُوصِي فَإِنْ أَوْصَى بِذَلِكَ لِعَبْدٍ أَوْ صَبِيٍّ وَهُوَ صَرُورَةٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ دَفَعَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِمَا وَقَالَ ابْن الْجلاب إِن أوصى وَهُوَ صرورة لَا يَحُجُّ عَنْهُ إِلَّا بَالِغٌ حُرٌّ إِلَّا أَنْ يُوصِيَ بِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَرُورَةً جَازَ إِلَّا أَنْ يُمْنَعَ مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا مِنْ الْمُدَوَّنَةِ تُنَفَّذُ

وَصِيَّةُ الْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا أَرَادَ نَفْعَهُمَا وَأَمَّا إِنْ كَانَ الْأَجِيرُ صَرُورَةً فَأجَاز إِجَارَته مَالك وح ومنعها ش وَابْن جنبل فَإِنْ وَقَعَ فَلَا يَقَعُ عَنِ النَّائِبِ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ لَبَّيْكَ عَنْ شُبْرُمَةَ قَالَ مَنْ شُبْرُمَةُ قَالَ أَخٌ لِي أَوْ قَرِيبٌ لِي فَقَالَ حَجَجْتَ عَنْ نَفْسِكَ قَالَ لَا قَالَ حُجَّ عَنْ نَفْسِكَ ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ وَقَعَ عَامَ الْفَتْحِ حِينَ فسخ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَالنَّاسُ حَجَّهُمْ إِلَى عُمْرَةٍ فَلَمَّا جَازَ الْفَسْخُ مِنْ قُرْبَةٍ إِلَى قُرْبَةٍ جَازَ الْفَسْخُ مِنْ شخص إِلَى شخص وَيدل عَلَيْهِ قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حج عَن نَفسك وَلقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ قَالَ وَالْخِلَافُ فِي الْعُمْرَةِ كَالْخِلَافِ فِي الْحَجِّ فِيمَا يَجُوزُ وَيَمْتَنِعُ لِأَنَّهُمَا عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ فَائِدَةٌ الصَرُورَةُ لُغَةً مَنْ لَمْ يَتَزَوَّجْ أَوْ لَمْ يَحُجَّ كَأَنَّهُ مِنَ الصَّرِّ وَمِنْهُ الصرة لَا نجماعه وَعَدَمِ اتِّصَالِهِ بِهَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ إِذَا اسْتُؤْجِرَ عَلَى الْحَجِّ فَاعْتَمَرَ عَنْ نَفْسِهِ وَحَجَّ عَنِ الْمَيِّتِ لَمْ يُجِزْهُ عَنِ الْمَيِّتِ وَعَلَيْهِ حُجَّةٌ أُخْرَى عَنْهُ كَمَا اسْتُؤْجِرَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَرَنَ وَنَوَى الْعُمْرَةَ عَنْ نَفْسِهِ وَعَلَيْهِ دَمُ الْقِرَانِ قَالَ سَنَدٌ إِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ مَوْضِعَ الْإِحْرَامِ صَحَّ وِفَاقًا وَإِلَّا فَالْمَذْهَب صِحَّته من مِيقَات الْمَيِّت أَنه إِذَا اعْتَمَرَ وَقُلْنَا تُجْزِئُهُ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنَ الْأُجْرَةِ وَقَالَ ش يَرْجِعُ بِقَدْرِ مَا ترك من الميقاة إِلَى مَكَّةَ لَنَا أَنَّ عَمَلَهُ صَحِيحٌ وَإِنَّمَا وَقَعَ فِيهِ خَلَلٌ جَبَرَهُ بِالدَّمِ فَأَشْبَهَ مَا لَو رَجَعَ إِلَى الميقاة بعد الْعمرَة وَقد سلمه الشَّافِعِي وَقَالَهُ أَبُو حنيفَة لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إِنَّمَا هُوَ الْحَجُّ وَإِنْ قُلْنَا لَا يُجزئهُ وَلَو رَجَعَ إِلَى الميقاة فَأَحْرَمَ عَنِ الْمَيِّتِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ يُجْزِئُهُ إِن كَانَ ميقاة الْمَيِّتِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إِنَّهُ لَمَّا

اعْتَمَرَ لِنَفْسِهِ كَانَ سَفَرُهُ لِنَفْسِهِ فَلَا يُجْزِئُهُ إِلَّا الْعُودُ وَكَمَا أَنَّهُ إِذَا فَاتَ الْحَجُّ يَرُدُّ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَعْدَ هَذَا إِذَا شَرَطُوا عَلَيْهِ أَنْ لَا يُقَدِّمَ عُمْرَةً فَقَدَّمَهَا يَرُدُّ عَلَيْهِمْ مَا قَبَضَ مِنْهُمْ وَلَمْ يَقُلْ يُسْقِطُ مَا بَعْدُ مِنَ الميقاة وَإِذَا كَانَتِ الْإِجَارَةُ عَلَى عَامٍ بِعَيْنِهِ وَقُلْنَا لَا يُجْزِئُهُ رَدُّ الْأُجْرَةِ مَعَ قَوْلِنَا إِنَّهُ لَو رَجَعَ إِلَى الميقاة أَجْزَأَهُ وَلَوْ مَاتَ عِنْدَهُ كَمَنِ اسْتُؤْجِرَ عَلَى مَتَاعٍ فَغَصَبَهُ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ ضَمِنَهُ وَلَا كِرَاءَ لَهُ لِأَنَّ الْغَيْبَ كَشَفَ أَنَّهُ إِنَّمَا حَمَلَهُ لِنَفْسِهِ وَلَوْ رَدَّ الْمَتَاعَ وَأَتَمَّ الْحُمُولَةَ كَانَتْ لَهُ جُمْلَةُ الْأُجْرَةِ وَلَوْ كَانَتِ الْإِجَارَةُ مَضْمُونَةً كَانَ عَلَيْهِ الْوَفَاء بهَا فَلَو تمنع وَجَعَلَ جَمِيعَ ذَلِكَ عَنِ الْمَيِّتِ قَالَ مَالِكٌ يُجْزِئُهُ فَلَوْ شَرَطُوا عَلَيْهِ أَلَّا يُقَدِّمَ عُمْرَةً قَالَ ابْن الْقَاسِم وح عَلَيْهِ أَنْ يُوَفِّيَهُمْ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى قَوْلِ مَالِكٍ لِأَنَّهُ رَآهُ خَيْرًا وَفِي الْجُلَّابِ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ وُقُوعِ الْعُمْرَةِ عَنْهُ وَلَا عَنِ الْمَيِّتِ وَحُكِيَ الْإِجْزَاء عَن ابْن الْحَكَمِ وَلَمْ يَفْصِلْ قَالَ سَنَدٌ وَإِذَا قُلْنَا بِالْإِجْزَاءِ فَعَلَيْهِ الْهَدْيُ كَدَمِ الصَّيْدِ وَالْفِدْيَةُ وَلَوْ شَرط عَلَيْهِ ميقاة فَأَحْرَمَ مِنْ غَيْرِهِ فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ لَا يُجْزِئُهُ وَيُرَدُّ الْمَالُ فِي الْحَجِّ الْمُعَيَّنِ إِنْ فَاتَ وَقَالَ ش لَا يُرَدُّ وَإِنْ أَحْرَمَ مِنَ الْأَقْرَبِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ الْحَجُّ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى مَا إِذَا اسْتُؤْجِرَ لِسَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ فَحَجَّ فِي غَيْرِهَا وَلِأَنَّهُ خِلَافُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَلَوْ أطلق العقد فَفِي تعْيين ميقاة الْمَيِّتِ قَوْلَانِ وَأَمَّا إِذَا قَرَنَ فَلَا يُجْزِئُ عِنْد ابْن الْقَاسِم وش لِأَنَّهُ أحرم وَاحِدٌ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ عَنِ اثْنَيْنِ وَتَقَع عَن الْأَجِير وَيكون الْحَج هَا هُنَا تَبَعًا لِلْعُمْرَةِ لِتَعَذُّرِ وُقُوعِهِ عَنِ الْمُسْتَأْجِرِ فَإِنْ كَانَتِ السَّنَةُ مُعَيَّنَةً لَا بُدَّ أَنْ يُنْفِقَ على سنة أُخْرَى لِأَنَّهُ دين فِي دَيْنٌ أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ فَالْقِيَاسُ أَنَّ عَلَيْهِ الْوَفَاءَ بِهَا وَقِيلَ إِنْ عُرِفَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ وَكَذَلِكَ إِنْ كَتَمَ ذَلِكَ ثُمَّ فَطِنَ لَهُ فُسِخَتِ الْإِجَارَةُ لِأَنَّهُ لَا يُوثَقُ بِهِ فِي السّنة الثَّانِيَة فَلَو أذنوا لَهُ فِي الْقِرَانِ بِعُمْرَةٍ لِنَفْسِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْعَمَلَ يَبْطُلُ لِوُقُوعِ التَّشْرِيكِ فِي الطَّوَافِ الْوَاحِدِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا حَجَّ عَنْ رَجُلٍ وَاعْتَمَرَ عَنْ آخِرٍ وَقَدْ أَمَرَهُ بِذَلِكَ أَنَّ دَمَ الْقِرَانِ عَلَى الْمُعْتَمِرِ وَحَجَّ

حَجَّهُ وَإِذَا جَازَتِ الْإِجَارَةُ عَلَيْهِمَا مُفْرَدَتَيْنِ جَازَتْ مُجْتَمِعَتَيْنِ فَلَوِ اشْتُرِطَ الْقِرَانُ فَأَفْرَدَ فَالْمَذْهَبُ لَا يُجْزِئُهُ لِإِتْيَانِهِ بِغَيْرِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَكَانَ سَفَرُهُ لَهُ وَقَالَ ش يُجْزِئُهُ وَيَرُدُّ مِنَ الْإِجَارَةِ بِقِسْطِ الْعُمْرَةِ فَلَوِ اسْتُؤْجِرَ لِيَقْرِنَ فَتَمَتَّعَ لَمْ يُجْزِئْهُ وَلَا يَرُدُّ عِنْدَ ش هَاهُنَا شَيْئًا وَلَوِ اسْتُؤْجِرَ لِيَتَمَتَّعَ فَقَرَنَ لَمْ يُجْزِئْهُ وَقَالَ ش يُجْزِئُهُ لِأَنَّ عَلَيْهِ الْإِحْرَامَ مِنْ مَكَّةَ فَأحْرم من الميقاة فَلَوِ اسْتُؤْجِرَ عَلَى أَنْ يَتَمَتَّعَ فَأَفْرَدَ لَمْ يُجْزِئْهُ وَلَا يُجْزِئُهُ أَنْ يَعْتَمِرَ بَعْدَ الْحَجِّ لِأَنَّ الشَّرْطَ لَا يَتَنَاوَلُهُ وَلَا يُنْظَرُ إِلَى فَضْلِ الْإِفْرَادِ عِنْدَنَا لِأَنَّهُ لَوِ اسْتُؤْجِرَ عَلَى الْعُمْرَةِ فَحَجَّ لَمْ يُجْزِئْهُ وَإِنَّمَا النَّظَرُ إِلَى مُخَالَفَةِ الْعَقْدِ الْخَامِسُ فِي الْكِتَابِ مَنْ حَجَّ عَنْ مَيِّتٍ أَجْزَأَتْهُ النِّيَّةُ دُونَ لَبَّيْكَ عَنْ فُلَانٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ تَرَكَ مَا يُوجِبُ الدَّمَ مَعَ بَقَاءِ الْإِجْزَاءِ أَنْ لَوْ كَانَتِ الْحُجَّةُ عَنْ نَفْسِهِ أَجْزَأَتْ عَنِ الْمَيِّتِ وَكُلُّ مَا لَمْ يُتَعَمَّدْ مِنْ ذَلِكَ أَوْ فُعِلَ لِضَرُورَةٍ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَيَّامَ مِنًى حَتَّى رَمَى عَنْهُ غَيْرُهُ أَوْ أَصَابَهُ أَذًى فَالْفِدْيَةُ وَالْهَدْيُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ إِنْ كَانَ عَلَى الْبَلَاغِ وَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ بِتَعَمُّدِهِ فَفِي مَالِهِ وَإِنْ كَانَتْ إِجَارَةً فَالْعَمْدُ وَغَيْرُهُ فِي مَالِهِ قَالَ سَنَدٌ الِاقْتِصَارُ عَلَى النِّيَّةِ يَدُلُّ عَلَى قَبُولِ قَوْلِهِ وَفِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ الْأَصْحَاب فعلى القَوْل بِالْأَشْهرِ يعلن تليبته عَنْهُ وَمَقْصُودُ الْكِتَابِ إِنَّمَا هُوَ انْعِقَادُ الْحَجِّ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ فَإِذَا قَبَضَ الْأُجْرَةَ فَهُوَ أَمِينٌ حَتَّى تثبت خِيَانَة وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ حَتَّى تَثْبُتُ التَّوْفِيَةُ وَلَا يُصَدَّقُ إِنِ اتُّهِمَ إِلَّا بِالْبَيِّنَةِ فَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ دَمَ التَّمَتُّعِ وَنَحْوِهِ لم يُجزئ لِأَنَّهُ بَيْعٌ مَجْهُولٌ ضُمَّ إِلَى الْإِجَارَةِ السَّادِسُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ مَنْ أَخَذَ مَالًا عَلَى الْبَلَاغِ فَسَقَطَ مِنْهُ رَجَعَ مِنْ مَوْضِعِ السُّقُوطِ وَنَفَقَتُهُ فِي رُجُوعِهِ عَلَى مُسْتَأْجِرِهِ فَإِنْ تَمَادَى فَهُوَ مَقْطُوعٌ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي إِذْهَابِهِ إِلَّا أَنْ يَسْقُطَ بَعْدَ إِحْرَامِهِ فَلْيَمْضِ لِضَرُورَةِ الْإِحْرَامِ وَنَفَقَتُهُ ذَاهِبًا وَرَاجِعًا عَلَى الَّذِي دَفَعَ إِلَيْهِ الْمَالَ وَلَوْ أَخَذَهُ عَلَى الْإِجَارَةِ فَسَقَطَ ضِمْنَ الْحَجِّ أَحْرَمَ أَوْ لَمْ يُحْرِمْ قَالَ سَنَدٌ الْقِيَاسُ فِي الْبَلَاغِ إِذَا لم يكن

شَرْطًا أَنْ يَتَمَادَى لِأَنَّ الْأُجْرَةَ لَمْ تَتَعَيَّنْ وَالْعَقْدُ لَازِمٌ وَرَأَى ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ الْمَالَ لَمَّا تَعَيَّنَ صَارَ مَحِلَّ الْعَقْدِ كَمَا لَوِ اسْتَأْجر لِغَرَضٍ مُعَيَّنٍ فَتَلِفَ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا نَفْقَةَ لَهُ فِي رُجُوعِهِ لِانْفِسَاخِ الْعَقْدِ بِالسُّقُوطِ وَابْنُ الْقَاسِمِ يَرَى أَنَّ الْمَقْطُوعَ مِنَ الْمَسَافَةِ اسْتَقر فِي الْعَقْدِ ذَهَابًا وَرُجُوعًا فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ أَوْصَى بِأَنْ يَحُجَّ عَنْهُ وَلَمْ يُعَيِّنْ لِذَلِكَ شَيْئًا كَانَ ذَلِكَ فِي تَمَامِ الثُلُثِ إِنْ رَضِيَ الْوَرَثَةُ كُلُّهُمْ بِهَذِهِ الْإِجَارَةِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَلَوْ فَرَضُوا ذَلِكَ لِأَحَدِهِمْ فَفَعَلَهُ بِغَيْرِ عِلْمِهِمْ أَوْ فَعَلَهُ وَصِيٌّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ الْغَرَامَةُ عَلَى الْوَصِيِّ دُونَ مَالِ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ غَرَّرَ بِالْعُدُولِ عَنِ الْإِجَارَةِ الْمَعْلُومَةِ إِلَى الْبَلَاغِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي مَالِ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ فَرَضَ إِلَيْهِ النَّظَرَ فِي الْمَصْلَحَةِ وَقَدْ رَآهَا كَذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ لِلْمَيِّتِ ثُلُثٌ فَذَلِكَ عَلَى الْعَاقِدِ مِنْ وُصِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ وَإِذَا سَقَطَتِ النَّفَقَةُ وَرَجَعَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ سَقَطَتِ الْوَصِيَّةُ وَإِنْ كَانَ فِي الثُلُثِ فَضْلٌ وَقَالَ أَشْهَبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَحُجُّوا عَنْهُ مِنْ بَقِيَّةِ الثُلُثِ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَمَّ كَالْوَصِيَّةِ بِإِعْتَاقِ رَقَبَةٍ تُشْتَرَى فَتَهْلَكُ قَبْلَ الْعِتْقِ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عِتْقُ الْعَبْدِ بِشِرَائِهِ كَمَا يَجِبُ حَجُّ الْأَجِيرِ بِالْعَقْدِ فَلَوْ لَمْ يَسْقُطْ لَكِنْ نَفِدَتْ فِي الْكَلَفِ لَا يَرْجِعُ وَنَفَقَتُهُ عَلَيْهِمْ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَالَ مَحِلُّ الْعَقْدِ فَإِذَا سَقَطَ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمِ الْعُقُودَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَانَ مَعَهُ أَمَانَةً وَهَذَا قَدْ سَلَّمَهُ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي السُّقُوطِ مَعَ يَمِينِهِ سَوَاءً ظَهَرَ ذَلِكَ عِنْدَ الضَّيَاعِ أَوْ بَعْدَ الرُّجُوعِ السَّابِعُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَوْصَى بِأَنْ يحجّ بِأَرْبَعِينَ فدفعوا لِرَجُلٍ عَلَى الْبَلَاغِ فَأَفْضَلَ مِنْهَا عِشْرِينَ رَدَّهَا عَلَيْهِمْ كَمَا لَوْ قَالَ اشْتَرُوا عَبْدَ فُلَانٍ بِمِائَة وعتقوه فاشترو بِأَقَلَّ فَالْبَقِيَّةُ مِيرَاثٌ وَإِنْ قَالَ أَعْطُوا فَلَانًا أَرْبَعِينَ ليحج بهَا عني فاستأجروه بِثَلَاثِينَ فالعشر مِيرَاثٌ قَالَ سَنَدٌ وَإِنْ كَانَ الْمُوصَى لَهُ وَارِثا لَا يُزَاد على النَّفَقَة والكراء شَيْئا قَالَهُ فِي كِتَابِ الْوَصِيَّةِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ وَارِثٍ فَعُلِمَ وَرَضِيَ بِدُونِهِ فَقَدْ أَسْقَطَ حَقَّهُ وَإِن لم

يَعْلَمْ فَرَأَى ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ الْمَقْصُودَ الْحَجُّ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ يَدْفَعُ الْجَمِيعَ لَهُ فِي الْحَجِّ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ لِلْغَيْرِ وَإِذَا قُلْنَا يُعْطَى الزَّائِدُ فَقَالَ أَحِجُّوا غَيْرِي وَقَالَ أَعْطُونِي الزَّائِدَ لَمْ يُوَافِقْ لِأَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِشَرْطِ الْحَجِّ فَإِن الْمَيِّتَ قَصَدَ التَّوْسِعَةَ فِي الْحَجِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَرُورَةً قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْوَصَايَا يَرْجِعُ مِيرَاثًا إِنِ امْتَنَعَ الْمُوصَى لَهُ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَرْجِعُ تَحْصِيلًا لِلْمَقْصُودِ مِنَ الْحَجِّ فَإِنْ قَالَ أَحِجُّوا عَنِّي بِهَذَا الْمَالِ فُعِلَ فِيهِ مَا يُفْعَلُ فِي الْوَصِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ فَإِنَّ الْإِطْلَاقَ تَارَةً يَكُونُ فِي الْأُجْرَةِ وَتَارَةً فِي الْأَجِيرِ وَتَارَةً فِيهِمَا وَتَارَةً يَكُونَانِ مُعَيَّنَيْنِ فَهِيَ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ فَإِذَا أُطْلِقَتِ الْأُجْرَةُ وَقَالَ أَحِجُّوا عني أخرجت من ثلثه أُجْرَة حجه مَوْضِعَهُ قَالَهُ أَشْهَبُ كَالْحَالِفِ يَحْنَثُ إِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ يَمْشِي مِنْ مَوْضِعِ الْحَلِفِ وَإِنْ لَمْ يَحْمِلِ الثُلُثَ فَمِنْ مَوْضِعٍ يَحْمِلُهُ قَالَ مَالك إِن كَانَ يَسِيرا مثل الدَّنَانِير رُدَّ إِلَى الْوَرَثَةِ وَإِنْ سُمِّيَ مَوْضِعًا أَحَجُّوا مِنْهُ إِن حمل الثُّلُث وَإِلَّا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَرْجِعُ مِيرَاثًا وَفَرَّقَ بَيْنَ تَعْيِينِ الْمَوْضِعِ وَإِطْلَاقِهِ لِارْتِبَاطِ الْوَصِيَّةِ بِالْمَوْضِعِ كَمَا لَو اُسْتُؤْجِرَ ليحرم من مَوضِع يُعينهُ فَأَحْرَمَ مِنْ غَيْرِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَقَالَ أَشْهَبُ بِتَنْفِيذِهَا إِلَى ثُلُثِهِ إِنْ وَجَدَ مَنْ يَحُجُّ بِهَا عَنْهُ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إِنْ كَانَ صَرُورَةً فَقَوْلُ أَشْهَبَ أَحْسَنُ وَإِلَّا فَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَوْ قَالَ أَحِجُّوا عَنِّي بِثُلُثِي حَجَّةً وَاحِدَةً فَأَحَجُّوا بِدُونِهِ فَالْبَاقِي لَهُمْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعِنْدَ أَشْهَبَ يُخْرِجُونَهُ فِي حَجَّةٍ أُخْرَى وَفِعْلُهُمْ لِلْأَقَلِّ جَائِزٌ وَلَا يُجْزِئُهُمْ عِنْدَ سَحْنُونٍ وَيَضْمَنُونَ الْمَالَ لِلْمُخَالَفَةِ الثَّامِنُ قَالَ سَنَدٌ يَجِبُ اتِّصَالُ الْعَمَلِ بِالْعَقْدِ فِي الْإِجَارَةِ الْمُعَيَّنَةِ كَسَائِرِ الْإِجَارَاتِ وَإِنْ كَانَتْ بِالْحِجَازِ فَالْأَحْسَنُ أَنْ تَكُونَ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ لِيُشْرَعَ فِيهَا عَقِيبَ العقد وَيجوز التَّأْخِير فِي الْمَضْمُونَة والسنين التَّاسِعُ قَالَ مَنْ عَلَيْهِ مَشْيٌ إِلَى مَكَّةَ فَأَوْصَى بِهِ قَالَ مَالِكٌ لَا يَمْشِي

عَنْهُ وَيَهْدِي هَدْيَيْنِ لِلْحَجِّ وَصَفَتُهُ بِالْمَشْيِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَهَدْيٌ وَاحِدٌ وَلَا يَمْشِي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ فَإِنْ وَعَدَهُ ابْنُهُ بِذَلِكَ بَطَلَ وَعْدُهُ فَمِنَ الْأَصْحَابِ مَنْ حَمَلَ هَذَا مِنْ مَالِكٍ عَلَى الْمَنْعِ مِنَ الِاسْتِنَابَةِ فِي الْحَجِّ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْوَفَاءُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَمْنُوعًا لَمَا خص الْوَلَد عَلَيْهِ على أحد قوليه وَفِي الأولى ألحقهُ بِالصَّوْمِ وَالصَّلَاة وَمَعَ أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ جَوَّزَهُ فِي الصَّوْمِ وَالصَّلَاة لما فِي البُخَارِيّ عَن ابْن عُمَرَ أَنَّ امْرَأَةً جَعَلَتْ أُمَّهَا عَلَى نَفْسِهَا صَلَاةً بِقُبَاءٍ قَالَ فَصَلِّي عَنْهَا وَفِي مُسْلِمٍ أَن امْرَأَة سَأَلته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ أُمِّهَا أَنَّهَا مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ أَفَأَصُومُ عَنْهَا قَالَ صُومِي وَالْحَجُّ أَبْيَنُ وَإِنْ عَيَّنَ الْمَيِّتُ لِذَلِكَ مَالًا لَا يَخْتَلِفُ قَوْلُ مَالِكٍ فِي تَنْفِيذِهِ فَإِنْ لَمْ يُوصِ بِالْمَشْيِ وَقَالَ مَا لَزِمَنِي فَافْعَلُوهُ فَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ يَلْزَمُهُمُ الْهَدْيُ لِتَعَذُّرِ أَدَاءِ الْوَاجِبِ بِالْمَوْتِ وَعِنْدَ سَحْنُونٍ لَا يَفْعَلُونَ شَيْئًا لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَحُجَّ مِنْ مَالِهِ وَلَا أَنْ يَهْدِيَ لِتَعَلُّقِ الْوُجُوبِ بِالْبَدَنِ وَإِنْ قَالَ عَلَيَّ حُجَّتَانِ فَرَضَ وَنَذَرَ فَاسْتَأْجَرُوا اثْنَيْنِ لِعَامٍ وَاحِدٍ صَحَّ بِخِلَافِ مَنْ حَجَّ لِفَرْضِهِ وَنَذْرِهِ فِي عَامٍ وَاحِدٍ لِتَعَذُّرِ الْإِحْرَامِ وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ لَا يجوز لِأَنَّهُ لَا يُؤَدِّي النّذر لَا بَعْدَ الْفَرْضِ الْعَاشِرُ قَالَ لَوْ أَحْرَمَ عَنْ أَبِيه وَأمه لم ينْعَقد وَقَالَ ش وَقَالَ ح يَنْعَقِدُ وَيَجْعَلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ أَيِّهِمَا شَاءَ وَسَلَّمَ عَدَمَ الِانْعِقَادِ فِي الْأَجْنَبِيَّيْنِ وَيَقَعُ عَنْ نَفْسِهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ ثَمَّ إِنَّمَا هُوَ الْبِرُّ وَهُوَ جِهَةٌ وَاحِدَةٌ بِخِلَافِ الأجنبيين فَلَمَّا

أمكن أَن يَقُول أَن الْأَجْنَبِيَّيْنِ الْمَقْصُودُ جِهَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ الْخُرُوجُ عَنْ حَقِّهِمَا فَلَوْ أَحْرَمَ عَنْ أَحَدِهِمَا مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ لَمْ تَقَعْ إِلَّا عَنْ نَفْسِهِ وَقَالَ ش وح يَصْرِفُهُ إِلَى مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا لَنَا أَنَّهُ إِحْرَامٌ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ فَلَا يَصِحُّ تَعْيِينُهُ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا لَوْ أَحْرَمَ عَمَّنْ لَعَلَّهُ يُؤَاجِرُهُ وَيُخَالِفُ إِحْرَامَهُ عَنْ نَفْسِهِ ثُمَّ يُعَيَّنَ بَعْدَ ذَلِكَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ لِأَنَّهُ يُعَيِّنُ نَفسه وَأحد النُّسُكَيْنِ شَأْن أَنْ يَدْخُلَ فِي الْآخَرِ الْحَادِي عَشَرَ قَالَ إِذَا أَوْصَى أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ بِمَالٍ فَتَبَرَّعَ عَنْهُ بِغَيْرِ مَالٍ فَعَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَعُودُ مِيرَاثًا وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ يَسْتَأْجِرُ بِهِ كَمَا لَو اسْتَأْجر عَنهُ بِدُونِ مَال الثَّانِي عَشَرَ إِذَا أَحْرَمَ الْأَجِيرُ عَنِ الْمَيِّتِ ثُمَّ صَرَفَهُ إِلَى نَفْسِهِ لَمْ يُجْزِئْ عَنْهُمَا وَلَا يسْتَحق الْأُجْرَة وَقَالَ الشَّافِعِي يَقَعُ عَنِ الْمَيِّتِ وَاخْتَلَفُوا فِي اسْتِحْقَاقِ الْأُجْرَةِ وَفِي الْجَوَاهِر فِي افتقار العقد إِلَى تعين الزَّمَانِ الَّذِي يَحُجُّ فِيهِ قَوْلَانِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ وَاخْتَلَفُوا فِي تَعَلُّقِ الْفِعْلِ بِنَفْسِ الْأَجِيرِ أَوْ بِذِمَّتِهِ وَعَلِيهِ يخرج الْخلاف إِذا امْتنع الْعين وَإِذَا صُدَّ الْأَجِيرُ فَأَرَادَ الْإِقَامَةَ عَلَى إِحْرَامِهِ إِلَى عَامٍ ثَانٍ أَوْ تَحَلَّلَ وَأَرَادَ الْبَقَاءَ عَلَى إِجَارَتِهِ لِيَحُجَّ فِي الْعَامِ الثَّانِي فَلِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ قَوْلَانِ وَفِي الْجُلَّابِ لَا يَجُوزُ لِلْأَجِيرِ اسْتِئْجَارُ غَيْرِهِ إِلَّا بِإِذْنِ الْمُؤَجِّرِ السَّابِقَةُ الثَّانِيَةُ الْمِيقَاتُ الزَّمَانِيُّ وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ شَوَّالٌ وَذُو الْقِعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَفِي الِاقْتِصَارِ عَلَى الْعشْر الأول مِنْهُ لكَونه الناسك تَكْمُلُ فِيهِ أَوِ اعْتِبَارِ جَمِيعِهِ لِظَاهِرِ النَّصِّ أَوْ إِلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ تَعَلُّقُ الدَّمِ بِتَأْخِيرِ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَأَمَّا الْعُمْرَةُ فَجَمِيعُ السَّنَةِ وَقْتٌ لَهَا لَكِنْ تكره فِي أَيَّام منى لمن يحجّ وَيُكْرَهُ تَكْرَارُهَا فِي السَّنَةِ الْوَاحِدَةِ وَقَالَ مُطَرِّفٌ لَا تكره ومراعاة هَذِه المقياة أَوْلَى وَقِيلَ وَاجِبَةٌ وَمَنْ أَحْرَمَ قَبْلَهُ انْعَقَدَ وَصَحَّ وَقِيلَ لَا يَنْعَقِدُ وَقَالَهُ ش وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} الْبَقَرَة 196 وَأَقل

الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ وَفِي الْكِتَابِ يُسْتَحَبُّ إِهْلَالُ أَهْلِ مَكَّةَ إِذَا أَهَلَّ ذُو الْحِجَّةِ وَقَالَ ش يُسْتَحَبُّ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ وَفِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَقَالَ يَا أَبَا عبد الرحمان رَأَيْتُكَ تَصْنَعُ أَرْبَعًا لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِكَ يَصْنَعُهَا وَسَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ وَرَأَيْتُكَ إِذَا كُنْتَ بِمَكَّةَ أَهَلَّ النَّاسُ إِذَا رَأَوْا هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ وَلَمْ تُهِلَّ أَنْتَ حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ فَقَالَ وَأَمَّا الْإِهْلَالُ فَإِنِّي لم أر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُهِلُّ حَتَّى يَبْعَثَ رَاحِلَتَهُ وَلِأَنَّهُ يَعْقُبُهُ السَّعْيُ فِي الْمَنَاسِكِ لَنَا مَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ يَا أَهْلَ مَكَّةَ مَا شَأْنُ النَّاسِ يَأْتُونَ شُعْثًا وَأَنْتُمْ مُدْهِنُونَ أَهِلُّوا إِذَا رَأَيْتُمُ الْهِلَالَ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ فَكَانَ إِجْمَاعًا وَلِذَلِكَ قِيلَ لِابْنِ عُمَرَ لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِكَ يَفْعَلُ ذَلِكَ قَوَاعِدٌ قَوْله تَعَالَى {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ فَيَجِبُ أَنْ يَرْجِعَا لِعَيْنٍ وَاحِدَةٍ وَالْأَشْهُرُ زَمَانٌ وَالْحَجُّ لَيْسَ بِزَمَانٍ فَيَتَعَيَّنُ حَذْفُ أَحَدِ مُضَافَيْنِ تَصْحِيحًا لِلْكَلَامِ تَقْدِيرُهُ زَمَانُ الْحَجِّ أَشْهَرٌ مَعْلُومَاتٌ أَوِ الْحَجُّ ذُو أَشْهُرٍ مَعْلُومَاتٍ فَيَتَّحِدُ الْمُبْتَدَأُ وَالْخَبَرُ فِي الزَّمَنِ أَوْ فِي الْأَفْعَالِ ثُمَّ الْمُبْتَدَأُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَحْصُورًا فِي الْخَبَرِ فَيَجِبُ انْحِصَارُ الْحَجِّ فِي الْأَشْهُرِ فَيَكُونُ الْإِحْرَامُ قَبْلَهَا كَالْإِحْرَامِ بِالظُّهْرِ قَبْلَ الزَّوَالِ غير مَشْرُوع وَهُوَ قَول الشَّافِعِي لَا يَنْعَقِدُ بِهِ الْحَجُّ بَلْ يَكُونُ مَعْصِيَةً جَوَابُهُ أَن الْإِحْرَام شَرط لِأَنَّهُ نِيَّة الْحَج الْمُمَيز لَهُ وَالْمُمَيِّزُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ خَارِجًا عَنْ حَقِيقَةِ الْمُمَيَّزِ فَيَكُونُ شَرْطًا فَيَجُوزُ تَقْدِيمُهُ لِأَنَّ الشُّرُوطَ يَجِبُ تَقْدِيمُهَا عَلَى أَوْقَاتِ الْمَشْرُوطَاتِ كَالطَّهَارَاتِ وَسَتْرِ الْعَوْرَاتِ مَعَ الصَّلَوَاتِ وَيَكُونُ الْمَحْصُورُ فِي الْأَشْهر إِنَّمَا هُوَ المشرط وَلَيْسَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِ

الْأَصْحَابِ إِنَّهُ رُكْنٌ مُنَافَاةٌ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِمْ إنَّهُ رُكْنٌ أَنَّهُ وَاجِبٌ لَا يُجْبَرُ بِالدَّمِ وَهَذَا مَا يُنَافِي مَا ذَكَرْتُهُ وَلَيْسَ اصْطِلَاحُهُمْ فِي الرُّكْنِ أَنَّهُ جُزْءٌ حَتَّى يَلْزَمَ التَّنَافِي بل الرَّمْي عِنْدهم جُزْء عِنْدهم وَلَيْسَ بِرُكْنٍ أَوْ نَقُولُ هُوَ رُكْنٌ وَظَاهِرُ النَّصِّ يَقْتَضِي حَصْرَ ذَاتِ الْحَجِّ فِي الْأَشْهُرِ وَيَلْزَمُ مِنْ حَصْرِ كُلِّ ذَاتٍ فِي زَمَانٍ أَوْ مَكَانٍ حَصْرُ صِفَاتِهَا مَعَهَا لِاسْتِحَالَةِ اسْتِقْلَالِ الصِّفَةِ بِنَفْسِهَا وَصِفَاتُ الْحَجِّ الْإِجْزَاءُ وَالْكَمَالُ فَيَكُونُ الْمَحْصُورُ فِي الْأَشْهُرِ هُوَ الْحَجُّ الْكَامِلُ وَنَحْنُ نَقُولُ إِنَّ الْإِحْرَامَ فِيهَا أَفْضَلُ فَلَمْ نُخَالِفِ النَّصَّ وَيُؤَكِّدُ ذَلِكَ أَنَّ التَّحْدِيدَ وَقَعَ فِي المقياة الْمَكَانِيِّ وَالْإِجْمَاعُ عَلَى جَوَازِ التَّقْدِيمِ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْكَرَاهَةِ وَيُوَضِّحُ ذَلِكَ أَيْضًا قَوْله تَعَالَى {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} الْبَقَرَة 189 وَهُوَ عَامٌّ مِنْ جُمْلَةِ الْأَهِلَّةِ فَتَكُونُ مِيقَاتًا لِلْحَجِّ وَهَذَا التَّعْلِيلُ الثَّانِي أَنْسَبُ لِلْمَذْهَبِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ مَالِكًا جَوَّزَ فِي الْكِتَابِ تَقْدِيمَ طَوَافِ الْحَجِّ وَسَعْيِهِ فِي مَسْأَلَتَيْنِ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ الْقَارِنُ يَفْعَلُهُمَا قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ وَيُجْزِئَانِهِ لِحَجَّةِ قِرَانِهِ وَمَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ وَبَقِيَ عَلَى إِحْرَامِهِ إِلَى قَابِلٍ يَفْعَلُهُمَا لِحَجٍّ قَابِلٍ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ سُؤَالٌ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْمِيقَاتَيْنِ مَعَ أَنَّ مُرَاعَاةَ الْمَكَانِ أولى لشرفه بِقرب الْبَيْت جَوَابه أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ فِي المكاني هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ يُرِيدُ الْحَجَّ أَو الْعمرَة فَبَيَّنَ أَنَّ هَذِهِ الْمَوَاقِيتَ مَحْصُورَةٌ فِي النَّاسِكِينَ وَلَمْ يَحْصُرِ النَّاسِكِينَ فِيهَا فَجَازِ التَّقْدِيمُ عَلَيْهَا والمقياة الزَّمَانِيُّ عَلَى الْعَكْسِ فَظَهَرَ الْفَرْقُ السَّابِقَةُ الثَّالِثَةُ الميقاة المكاني وَفِي الْجَوَاهِر وَهُوَ ذُو الْحُلَيْفَةِ لِلْمَدِينَةِ وَالْجَحْفَةُ لِلشَّامِ وَمِصْرُ وَيَلَمْلَمُ لِلْيَمَنِ وَقَرْنٌ لِنَجْدٍ وَذَاتُ عَرَقٍ لِلْعِرَاقِ وَهُوَ مُعْتَبَرٌ لِأَهْلِ مَكَّةَ فِي الْحَجِّ لَا فِي الْعُمْرَةِ وَلَا فِي الْقِرَانِ وَقِيلَ يُعْتَبَرُ فِي الْقرَان وَيعْتَبر الآفاقي مُطلقًا فَأن جاوزه ضررة فَفِي إِيجَابِ الدَّمِ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ حَجًّا وَلَا عُمْرَةً خِلَافٌ مَبْنِيٌّ عَلَى وُجُوبِ الْحَجِّ عَلَى الْفَوْرِ أَوِ التَّرَاخِي وَالْعُمْرَةُ كَالْحَجِّ

فِي المقياة فِي حَقِّ الْمُقِيمِ وَالْآفَاقِيُّ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ إِلَى طَرَفِ الْحِلِّ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى طَافَ وَسَعَى لَمْ يُعْتَدَّ بِعُمْرَتِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْمَعْ بَين الْحل وَالْحرَام وَالْحَاجُّ جَامِعٌ بَيْنَهُمَا بِسَبَبِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَالْأَفْضَلُ للمعتمر الْإِحْرَام من الْجِعِرَّانَة أَو التنعم وَفِي الْجُلَّابِ لَا بَأْسَ بِإِحْرَامِ الْمَكِّيِّ بِالْقِرَانِ مِنْ مَكَّةَ وَمَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ اعْتِبَارًا بِالْعُمْرَةِ وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ ابْنُ عَبَّاس وَقت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ قَالَ هن لَهُنَّ وَلمن أتئعليهن من غير أهلهن مِمَّن أَرَادَ الْحَج وَالْعمْرَة فَمَنْ كَانَ دُونَهُنَّ فَمِنْ أَهْلِهِ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ يُهِلُّونَ مِنْهَا زَادَ مُسْلِمٌ وَيُهِلُّ أَهْلُ الْعِرَاقِ مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ وَهَذَا وَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ الْخَبَرِ فَمَعْنَاهُ الْأَمْرُ لِاسْتِحَالَةِ الْخُلْفِ فِي خَبَرِ الْمَعْصُومِ وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ فَلَا تَجُوزُ مُجَاوَزَةُ المقياة لِغَيْرِ عُذْرٍ فَائِدَةٌ يُرْوَى أَنَّ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ فِي أَوَّلِ أَمْرِهِ كَانَ لَهُ نُورٌ يَصِلُ آخِرُهُ إِلَى هَذِهِ الْحُدُودِ فَلِذَلِكَ مَنَعَ الشَّرْعُ مِنْ مُجَاوَزَتِهَا لِمَنْ أَرَادَ الْحَجَّ تَعْظِيمًا لِتِلْكَ الْآثَارِ قَالَ سَنَدٌ وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ جَاوَزَ مِيقَاتَهُ لَا يُرِيدُ الْحَجَّ ثُمَّ أَرَادَهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَيْهِ وَذُو الْحُلَيْفَةِ جَمِيعُ الْوَادِي وَالْمُسْتَحَبُّ الْمَسْجِدُ وَلِمَالِكٍ فِي مُجَاوَزَةِ الْمَرِيضِ ذَا الْحُلَيْفَةِ إِلَى الْجُحْفَةِ قَوْلَانِ وَمَنْ كَانَ مَنْزِلُهُ دُونَ الْمِيقَاتِ فسافر إِلَى وَرَائه ثمَّ رَجَعَ يُرِيد الدُّخُول مَكَّةَ فَلَهُ الْإِحْرَامُ مِنَ الْمِيقَاتِ وَمِنْ مَنْزِلِهِ كَمَا يُؤَخِّرُ الْمِصْرِيُّ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ إِلَى الججفة وَلَا يُؤَخِّرُهُ إِلَى مَسْكَنِهِ إِنْ كَانَ بِمَكَّةَ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ إِلَّا بِإِحْرَامٍ وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الْمِيقَاتُ وَقَالَ ش إِهْلَالُ أَهْلِ الْعِرَاقِ مِنَ الْعَتِيق لقَوْل ابْن عَبَّاس وَقت

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِأَهْلِ الْمَشْرِقِ الْعَقِيقَ وَجَوَابُهُ إِجْمَاعُ النَّاسِ عَلَى أَنَّهُمْ إِذَا جَاوَزُوهُ إِلَى ذَاتِ عِرْقٍ لَا دَمَ عَلَيْهِمْ فَلَوْ كَانَ مِيقَاتًا لَوَجَبَ الدَّمُ وَإِنْ كَانَ مَنْزِلُهُ بَيْنَ مِيقَاتَيْنِ فَمِيقَاتُهُ مَنْزِلُهُ قَالَهُ مَالِكٌ لِأَنَّ الْمَوَاقِيتَ لِأَهْلِهَا وَلِمَنْ مَرَّ عَلَيْهَا وَهَذَا لَيْسَ مِنْهُمَا فَلَا يُؤْمَرُ لَكِنَّ مُنْزِلَهُ حَذْوَ مِيقَاتٍ وَمَنْ مَرَّ عَلَى غَيْرِ ميقاة اعْتبر محاذاته للميقاة كَمَا أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَبْلُغْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْحَدِيثُ فِي ذَاتِ عِرْقٍ جَعَلَهَا مِيقَاتًا بِالِاجْتِهَادِ لِمُحَاذَاتِهَا قَرْنٍ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَمَنْ أَتَى فِي الْبَحْرِ إِلَى جَدَّةَ مِنْ مِصْرَ وَنَحْوِهَا قَالَ مَالِكٌ يُحْرِمُ إِذَا حَاذَى الْجُحْفَةَ قَالَ وَهَذَا إِذَا سَافَرَ فِي بَحْرِ الْقُلْزُومِ لِأَنَّهُ يَأْتِي سَاحِلَ الْجُحْفَةِ ثُمَّ يَخْلُفُهُ وَلَمْ يَكُنِ السَّفَرُ مِنْ عِيذَابٍ مَعْرُوفًا حِينَئِذٍ لِأَنَّهَا كَانَتْ أَرْضَ مَجُوسٍ فَمَنْ سَافَرَ فِي الْبَحْرِ مِنْهَا فَعَلَى حَسَبِ خُرُوجِهِ لِلْبَرِّ إِلَّا أَنْ يخرج أبعد من ميقاة أَهْلِ الشَّامِ أَوْ أَهْلِ الْيَمَنِ وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ فِي الْبَحْرِ مُتَحَرِّيًا الْجُحْفَةِ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّغْرِيرِ بِرَدِّ الرِّيحِ فَيَبْقَى عُمْرُهُ مُحْرِمًا حَتَّى يَتَيَسَّرَ السَّفَرُ السَّالِمُ وَهَذَا حَرَجٌ عَظِيمٌ وَلَا يُخْتَلَفُ فِي دَفْعِ الْحَرَجِ بِتَرْكِ الْإِحْرَامِ إِلَى الْبَرِّ وَإِذَا ثَبَتَ الْجَوَازُ فَلَا يَجِبْ دم لعدم الدَّلِيل عَلَيْهِ وَإِنَّمَا أوجبتاه فِي بَحْرِ الْقُلْزُومِ لِتَمَكُّنِهِ مِنَ الْبِرِّ وَالْإِحْرَامِ مِنَ الْجُحْفَةِ وَهَلْ يُحْرِمُ إِذَا وَصَلَ إِلَى جَدَّةَ لِانْتِقَاءِ الضَّرُورَةِ أَوْ إِذَا سَارَ مِنْهَا وَهُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ سُنَّةَ الْإِحْرَامِ عِنْدَ ابْتِدَاءِ السَّيْرِ فُرُوعٌ سَبْعَةٌ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ يُسْتَحَبُّ لأهل مَكَّة وَمن دَخَلَهَا بِعُمْرَةٍ أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَإِنْ كَانَ مِنَ الْمُعْتَمِرِ الْآفَاقِيِّ سَعَةٌ فَالْمُسْتَحَبُّ خُرُوجُهُ لِمِيقَاتِهِ وَالْأَفْضَلُ لِأَهْلِ الشَّامِ وَمِصْرَ وَالْمغْرب التَّأْخِير لذِي الحليفة لِأَنَّهُ مِيقَاته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ طَرِيقُهُمْ فَإِنْ مَرُّوا مِنَ الْعِرَاقِ فَمِنْ ذَاتِ عِرْقٍ وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْآفَاقِ إِذَا مَرُّوا بِغَيْر مواقيتهم أَحْرمُوا مِنْهُ إِلَّا إِذا الحليفة

كَمَا تَقَدَّمَ قَالَ سَنَدٌ قَدْ أَحْرَمَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ وَرَوَى أَشْهَبُ يُحْرَمُ مِنْ جَوْفِ الْمَسْجِدِ لَا مِنْ بَابِهِ بِخِلَافِ مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ يُحْرِمُ مِنْ بَابِهِ لِأَنَّ التَّلْبِيَةَ لَا يُكْرَهُ إِظْهَارُهَا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ شِعَارِ الْحَجِّ وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ لِأَنَّ الْمَسَاجِدَ لَمْ تُوضَعْ إِلَّا لِلصَّلَاةِ وَمَنْ أَحْرَمَ مِنْ مَنْزِلِهِ فَالْإِبْعَادُ أَفْضَلُ لَهُ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ مَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ يُرِيدُ الْإِحْرَامَ جَاهِلًا رَجَعَ فَأَحْرَمَ مِنْهُ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ فَإِنْ خَافَ فَوَات الْحَج أحرم من مَوْضِعه وَتَمَادَى وَعَلَيْهِ دَمٌ لِأَنَّ مَحْظُورَاتِ الْحَجِّ تُسْتَبَاحُ بِالضَّرُورَةِ وَيَلْزَمُ الدَّمُ كَاللِّبَاسِ وَالطِّيبِ وَلَوْ أَحْرَمَ بَعْدَ مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ وَلَيْسَ مُرَاهِقًا لَمْ يَرْجِعْ وَعَلَيْهِ دم وَقَالَ ش وح يَرْجِعُ كَالْمَكِّيِّ إِذَا أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ مِنْ مَكَّةَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْحِلِّ وَالْفَرْقُ أِنَّ الْحِلَّ شَرط فِي الْإِحْرَام بِخِلَاف الْمِيقَات وَلذَلِك فَأن طَافَ الْحَاجُّ لَا يَرْجِعُ وِفَاقًا قَالَ سَنَدٌ فَلَوْ رَجَعَ بَعْدَ إِحْرَامِهِ لَا يَسْقُطُ الدَّمُ عَنْهُ عِنْدَنَا وَعِنْدَ ابْنِ حَنْبَلٍ وَقَالَ ش وح يَسْقُطُ قِيَاسًا عَلَى مَا إِذَا أَحْرَمَ مِنَ الْمِيقَات ابْتِدَاء لنا أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَحْرَمَ مِنَ الْمِيقَاتِ وَقَالَ خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ وَقَالَ مَنْ تَرَكَ نُسُكًا فَعَلَيْهِ دَمٌ وَقَدْ تَرَكَ نُسُكًا فَلَا يُبَرِّئُهُ مِنَ الدَّمِ إِلَّا إِرَاقَتُهُ كَسَائِرِ الْوَاجِبَاتِ فَلَوْ أَرَادَ رَفْضَ إِحْرَامِهِ وَابْتَدَأَهُ مِنَ الْمِيقَاتِ لَمْ يَرْتَفِضْ عِنْدَ مَالِكٍ وَالْأَئِمَّة

وَالْمَذْهَبُ أَنَّ هَذِهِ الْمَوَاقِيتَ تَحْدِيدٌ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ تَقْرِيبٌ فَإِذَا أَحْرَمَ قَرِيبًا مِنْهُ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ مَنْ أَهَلَّ مِنْ مِيقَاتِهِ بِعُمْرَةٍ وَأَرْدَفَ الْحَجَّ بِمَكَّةَ أَوْ قَبْلَهَا فَلَا دَمَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكِ الْإِحْرَامَ مِنَ الْمِيقَاتِ وَمَنْ جَاوَزَ مِيقَاتَهُ لَا يُرِيدُ إِحْرَامًا ثُمَّ أَرَادَهُ أَحْرَمَ من مَوْضِعه وَلَا دم عَلَيْهِ وَقَالَ الْأَئِمَّة لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تَجَاوَزَ مِيقَاتَهُ وَأَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ مِنْ الْجُعْرَانَةِ وَمَنْ تعدى الميقاة ضَرُورَة ثُمَّ أَحْرَمَ لَزِمَهُ الدَّمُ وَمَنْ تَعَدَّى الْمِيقَاتَ فَأَحْرَمَ بِالْحَجِّ ثُمَّ فَاتَهُ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ لِتَرْكِ الْمِيقَاتِ لِأَنَّهُ يَقْضِي الْحَجَّ وَإِنْ أَفْسَدَهُ بِجِمَاعٍ فَعَلَيْهِ دَمُ الْمِيقَاتِ لِوُجُوبِ التَّمَادِي قَالَ سَنَدٌ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَسْقُطُ الدَّمُ بِالْفَوَاتِ لِأَنَّ انْقِلَابَ الْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ كَانْقِلَابِ الْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ إِذَا جَاوَزَ الْمِيقَاتَ يُرِيدُ الْعُمْرَةَ ثُمَّ أَحْرَمَ بِهَا ثُمَّ أَرْدَفَ الْحَجَّ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الدَّمُ وَرَأَى ابْنُ الْقَاسِمِ أَن الدَّم الْمُتَعَلّق بِبَعْض الْإِحْرَام فرغ إِتْمَامه لِأَنَّهُ لَو فعله قبل ذَلِك لم يُجِزْهُ الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ دَمُ تَعِدِي الْمِيقَاتِ يُجْزِئُ فِيهِ الصَّوْمُ إِنْ تَعَذَّرَ بِخِلَافِ الْإِطْعَامِ لِأَنَّهُ لِتَرْكِ نُسُكٍ كَتَرْكِ الْمَبِيتِ وَدَمُ الْقِرَانِ وَهُوَ مُرَتَّبٌ كَدَمِ التَّمَتُّعِ بِخِلَافِ دَمِ الْمَحْظُورَاتِ على التخير الْخَامِسُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَحْرَمَ مِنْ خَارِجِ الْحَرَمِ مَكِّيٌّ أَوْ مُتَمَتِّعٌ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُجَاوِزِ الْمِيقَاتَ إِلَّا مُحْرِمًا فَإِنْ مَضَى إِلَى عَرَفَاتٍ وَلَمْ يَدْخُلِ الْحَرَمَ وَهُوَ مُرَاهِقٌ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ فَإِنْ أَحْرَمَ الْمَكِّيُّ بِالْحَجِّ مِنَ الْحِلِّ أَوِ التَّنْعِيمِ أَوْ غَيْرُ الْمَكِّيِّ فَعَلَيْهِ أَنْ يَطُوفَ وَيَسْعَى قَبْلَ الْوُقُوفِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُرَاهِقًا بِخِلَافِ مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنَ الْحَرَمِ وَمَنْ دَخَلَ مَكَّةَ غَيْرَ مُحْرِمٍ مُتَعَمِّدًا أَوْ جَاهِلًا أَسَاءَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ سَنَدٌ إِنْ كَانَ يُرِيدُ النُّسُكَ وَجَبَ الْإِحْرَامُ مِنَ الْمِيقَاتِ

وَإِنْ لَمْ يُرِدْ وَخَافَ ضَرَرًا شَدِيدًا مِثْلَ دُخُولِهِ لِقِتَالِ الْبُغَاةِ أَوْ يَخَافُ مِنْ سُلْطَانِهَا فَلَا يُكْرَهُ لَهُ دُخُولُهَا حَلَالًا فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ لِجَوَازِهِ مَعَ عُذْرِ التَّكْرَارِ فَأَوْلَى الْخَوْفُ وَقَالَهُ ش ولدخوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَامَ الْفَتْحِ حَلَالًا سُؤَالٌ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَكَّة حرَام وَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ قَبْلِي وَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِيَ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ يَقْتَضِي بطلَان مَا ذكرتموه جَوَابه أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنْ كَانَ آمِنًا فَذَلِكَ خَاصٌّ بِهِ وَإِنْ كَانَ خَائِفًا فَالْإِشَارَةُ إِلَى صِفَتِهِ أَيْ أُحِلَّتْ لِمَنْ كَانَ بِصِفَتِي وَيَدُلُّ عَلَى التَّخْصِيصِ دُخُولُ الْحَطَّابِينَ وَنَحْوِهِمْ وُفِي الْجَوَاهِرِ يَحْرُمُ عَلَى غَيْرِ الْمُتَرَدِّدِينَ دُخُولُهَا حَلَالًا وَإِنْ لَمْ يُرِدْ نُسُكًا وَقِيلَ يُكْرَهُ وَقَالَ أَبُو مُصْعَبٍ يُبَاحُ وَجَوَّزَ ح لمن كَانَ دون الميقاة الدُّخُول بِغَيْر إِحْرَام وَمنع من قبل الميقاة وَجعل الْحُرْمَة للمقياة وَهُوَ بَاطِل لِأَن حُرْمَة المقياة لِحُرْمَةِ الْحَرَمِ وَالْإِحْرَامُ تَحِيَّةٌ مَشْرُوعَةٌ لِبُقْعَةٍ مُبَارَكَةٍ فَلَا بُدَّ مِنْهَا قَالَ سَنَدٌ وَإِذَا أَوْجَبْنَا الدَّم فَهُوَ لمجاوزة الميقاة عِنْدَ مَالِكٍ وَلِدُخُولِ مَكَّةَ حَلَالًا عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَا إِذَا تَجَاوَزَهُ ثُمَّ أَحْرَمَ قبل مَكَّة وَأما الدُّخُول فِي الْحَطَّابِينَ وَالصَّيَّادِينَ وَالْفَكَّاهِينَ مِمَّنْ يَشُقُّ عَلَيْهِمْ تَكْرَارُ الْإِحْرَامِ فَيَدْخُلُونَهَا بِغَيْرِ إِحْرَامٍ وَأَلْحَقَ بِهِمْ سَحْنُونٌ مَنْ دَخَلَ بِعُمْرَةٍ فَحَلَّ مِنْهَا ثُمَّ خَرَجَ يَنْوِي الرُّجُوعَ لِلْحَجِّ بِجَامِعِ التَّكْرَارِ وَإِذَا قُلْنَا لَا دَمَ عَلَى دَاخِلِ مَكَّةَ غَيْرَ مُحْرِمٍ فَأَرَادَ الْحَجَّ خَرَجَ لِمِيقَاتِهِ فَإِنْ أَحْرَمَ مِنْ مَكَّةَ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ لِأَنَّ لَهُ حُكْمَ أَهْلِ مَكَّةَ السَّادِسُ فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ إِدْخَالُ رَقِيقِهِ مَكَّةَ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ وَإِنْ أَذِنَ السَّيِّدُ فِي الْإِحْرَامِ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا دَمَ وَقَالَهُ ش لِأَنَّ حَقَّ السَّيِّدِ فِي الْمِلْكِ أَسْقَطَ الْحَجَّ فَأَوْلَى مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ وَلَوْ أسلم نَصْرَانِيّ أَو اعْتِقْ عبد أَو بلغ

صبي بعد خول مَكَّة فأحرموا حِينَئِذٍ فَلَا دم للميقات وَقَالَ ح وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ عَلَى الْكَافِرِ الَّذِي أَسْلَمَ الدَّمُ لَنَا أَنَّهُ قَامَ بِهِ مَانِعُ الْحَجِّ فَأَشْبَهَ الْمَجْنُونَ السَّابِعُ فِي الْكِتَابِ يكره الْإِحْرَام قبل الْمِيقَات وَقَالَ ش وح الْأَفْضَلُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ بَلَدِهِ لِأَنَّ عُمَرَ وَعَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} الْبَقَرَة 196 أَنَّ تَمَامَهَا أَنْ تُحْرِمَ بِهَا مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِكَ وَفِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْ أَحْرَمَ مِنَ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى إِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ أَوْ وَجَبَتْ لَهُ الْجنَّة لنا أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَمْ يُحْرِمْ إِلَّا مِنَ الْمِيقَاتِ وَقَالَ خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ وَقِيَاسًا عَلَى مِيقَاتِ الزَّمَانِ أَوْ لِأَنَّهُ خِلَافُ النَّصِّ فِي تَحْدِيدِ الْمَوَاقِيتِ وَمَا رَوَوْهُ أَمْكَنَ حَمْلُهُ عَلَى النَّذْرِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّة

صفحة فارغة

(الباب الخامس في المقاصد)

(الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْمَقَاصِدِ) وَفِي الْجَوَاهِرِ هِيَ ثَلَاثَة أَقسَام وَاجِبَات أَرْكَان يَأْتِي بِتَرْكِهَا وَلَا يُجْبِرُهَا الدَّمُ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ الْإِحْرَامُ وَالْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ وَطَوَافُ الْإِفَاضَةِ وَالسَّعْيُ زَادَ عَبْدُ الْمَلِكِ جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ وَوَاجِبَاتٌ لَيْسَتْ بِأَرْكَانٍ وَهِيَ مَا يُوجب تَركه الدَّم كالتلبية والميقاة وَطَوَافِ الْقُدُومِ لِغَيْرِ الْمُرَاهِقِ وَالْجِمَارِ أَوْ بَعْضِهَا ونزول بِمُزْدَلِفَةَ وَنَحْوِهَا وَمَسْنُونَاتٌ مُسْتَحَبَّةٌ لَا يَأْثَمُ بِتَرْكِهَا وَلَا تُوجِبُ دَمًا كَالْغُسْلِ لِلْإِحْرَامِ أَوْ لِغَيْرِهِ وَالرَّمَلِ فِي الطَّوَافِ أَوْ بَطْنِ الْمَسِيلِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ وَاسْتِلَامِ الرُّكْنِ وَتَرْكِ الصَّلَاةِ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَالْحِلَاقِ بِمِنًى يَوْمَ النَّحْرِ وَطَوَافِ الْوَدَاعِ وَالْمَبِيتِ بِمِنًى لَيْلَةَ عَرَفَةَ وَالْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ ثُمَّ الدَّفْعِ مِنْهَا وَالْوُقُوفِ مَعَ الْإِمَامِ وَعِنْدَ الْجَمْرَتَيْنِ لِلدُّعَاءِ وَالْأَصْلُ فِي هَذِهِ الْمَقَاصِدِ مَا فِي مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ مكث - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تِسْعَ سِنِينَ لَمْ يَحُجَّ ثُمَّ أُذِّنَ فِي النَّاس فِي الْعَاشِرَة أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَاجٌّ فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ بَشَرٌ كَثِيرٌ كُلُّهُمْ يَلْتَمِسُ أَنْ يَأْتَمَّ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَيَعْمَلَ مِثْلَ عَمَلِهِ فَخَرَجْنَا مَعَهُ حَتَّى أَتَيْنَا ذَا الْحُلَيْفَةِ فَوَلَدَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ

مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَيْفَ أَصْنَعُ فَقَالَ اغْتَسِلِي وَاسْتَثْفِرِي بِثَوْبٍ وَأَحْرِمِي وَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْمَسْجِد ثمَّ ركب القصوي حَتَّى إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ نَاقَتُهُ عَلَى الْبَيْدَاءِ نَظَرْتُ إِلَى مُدِّ بَصَرِي بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ رَاكِبٍ وَمَاشٍ وَعَنْ يَمِينِهِ مِثْلُ ذَلِكَ وَعَنْ يَسَارِهِ وَمِنْ خَلْفِهِ مِثْلُ ذَلِكَ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَيْنَ أَظْهُرِنَا وَعَلَيْهِ يَنْزِلُ الْقُرْآنُ وَهُوَ يَعْرِفُ تَأْوِيلَهُ وَمَا عَمِلَ مِنْ شَيْءٍ عَمِلْنَاِ فَأَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ وَأَهَلَّ النَّاسُ بِهَذَا الَّذِي يهلون بِهِ فَلم يرد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شَيْئًا مِنْهُ وَلَزِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تَلْبِيَتَهُ قَالَ جَابِرٌ لَسْنَا نَنْوِي إِلَّا الْحَجَّ لَسْنَا نَعْرِفُ الْعُمْرَةَ حَتَّى إِذَا أَتَيْنَا الْبَيْتَ مَعَهُ اسْتَلَمَ الرُّكْنَ فَرَمَلَ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا ثُمَّ نَفَذَ إِلَى الْمَقَامِ فَقَرَأَ {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} الْبَقَرَة 125 فَجَعَلَ الْمَقَامَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ فَكَانَ أَبِي يَقُولُ وَلَا أَعْرِفُ ذكره إِلَّا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أحد} الْإِخْلَاص 1 {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} الْكَافِرُونَ 1 ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الرُّكْن فاستمله ثُمَّ خَرَجَ مِنَ الْبَابِ إِلَى الصَّفَا فَلَمَّا دَنَا مِنَ الصَّفَا قَرَأَ {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} الْبَقَرَة 158 أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ الله بِهِ فَبَدَأَ بالصفا فرقي عَلَيْهَا حَتَّى رَأَى الْبَيْتَ فَاسْتَقْبَلَ الْبَيْتَ فَوَحَّدَ اللَّهَ وَكَبَّرَهُ وَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ لَا إِلَهَ إِلَّا الله أَنْجَزَ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ ثمَّ دَعَا بَين ذَلِك قَالَ مِثْلَ هَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ نَزَلَ إِلَى الْمَرْوَة حَتَّى انصبت قدماه فِي بَطْنِ الْوَادِي حَتَّى إِذَا صَعِدْنَا مَشَى حَتَّى أَتَى الْمَرْوَةَ فَفَعَلَ عَلَى الْمَرْوَةِ كَمَا فَعَلَ عَلَى الصَّفَا حَتَّى إِذَا كَانَ آخِرَ طَوَافٍ عَلَى الْمَرْوَةِ قَالَ لَوْ أَنِّي اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمْ أَسُقِ الْهَدْيَ وَلَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحِلَّ وَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً فَقَامَ سُرَاقَةُ بْنُ جَعْشَمٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِلْأَبَدِ فَشَبَّكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَصَابِعَهُ وَاحِدَةً فِي الْأُخْرَى وَقَالَ دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ

فِي الْحَج مرَّتَيْنِ لأبد أَبَد الْأَبَد وَقَدِمَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنَ الْيَمَنِ بِبُدُنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَوَجَدَ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مِمَّنْ حَلّ وَلَبِسَتْ ثِيَابًا صَبِيغًا وَاكْتَحَلَتْ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا فَقَالَتْ أَبِي أَمَرَنِي بِهَذَا قَالَ فَكَانَ عَلِيٌّ يَقُولُ بِالْعِرَاقِ فَذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُحَرِّشًا عَلَى فَاطِمَةَ لِلَّذِي صَنَعَتْ مُسْتَفْتِيًا لِرَسُولِ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِيمَا ذَكَرَتْ عَنْهُ فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّنِي أَنْكَرْتُ ذَلِكَ عَلَيْهَا فَقَالَ صَدَقَتْ صَدَقَتْ مَاذَا قُلْتَ حِينَ فَرَضْتَ الْحَجَّ قَالَ قُلْتُ اللَّهُمَّ إِنِّي أُهِلُّ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ فَإِن معي الْهَدْي قَالَ فَلَا تحل قَالَ فَكَانَ جَمَاعَةُ الْهَدْيِ الَّذِي قَدِمَ بِهِ عَلَيٌّ مِنَ الْيَمَنِ وَالَّذِي أَتَى بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِائَةً قَالَ فَحَلَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ وَقَصَّرُوا إِلَّا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَمَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ تَوَجَّهُوا إِلَى مِنًى فَأَهَلُّوا بِالْحَجِّ فَرَكِبَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَصَلَّى بِهَا الظَّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعَشَاءَ وَالْفَجْرَ ثُمَّ مَكَثَ قَلِيلًا حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَأَمَرَ بِقُبَّةٍ مِنْ شِعْرٍ تُضْرَبُ لَهُ بِنَمِرَةٍ فَسَارَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلَا تَشْكُ قُرَيْشٌ إِلَّا أَنَّهُ وَاقِفٌ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ كَمَا كَانَتْ قُرَيْشٌ تَصْنَعُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَجَازَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَّى أَتَى عَرَفَة فَوجدَ الْقبَّة ضُرِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةٍ فَنَزَلَ بِهَا حَتَّى إِذَا زاغت الشَّمْس أَمر بالقصوى فَرُحِّلَتْ لَهُ فَأَتَى بَطْنَ الْوَادِي فَخَطَبَ النَّاسَ وَقَالَ إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا أَلا كل شئ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيَّ مَوْضُوعٌ وَدِمَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ وَإِنَّ أَوَّلَ دَمٍ أَضَعُ مِنْ دمائها ابْنِ رَبِيعَةِ بْنِ الْحَارِثِ كَانَ مُسْتَرْضِعًا فِي بني سعد فَقتله هُذَيْل وَربا الْجَاهِلِيَّة مَوْضُوعَة وَأَوَّلُ رِبًا أَضَعُهُ رِبَانَا رِبَا الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَلَّا يُوَطِّئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بِهِ إِن اعْتَصَمْتُمْ بِهِ كتاب الله وَأَنْتُم تسْأَلُون عَنِّي فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ قَالُوا نَشْهَدُ

أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ وَأَدَّيْتَ وَنَصَحْتَ فَقَالَ بِأُصْبُعِهِ السَّبَّابَةِ يَرْفَعُهَا إِلَى السَّمَاءِ وَيُنَكِّسُهَا إِلَى النَّاسِ اللَّهُمَّ اشْهَدْ اللَّهُمَّ اشْهَدْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ أَذَّنَ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ أَقَامَ وَصلى الْعَصْرَ وَلَمْ يَصِلْ بَيْنَهُمَا ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَّى أَتَى الْموقف فَجعل بطن فاقته القصوى إِلَى الصَّخْرَةِ وَجَعَلَ جَبَلَ الْمُشَاةِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى غَرُبَتِ الشَّمْس وَذَهَبت الصُّفْرَة قَلِيلا وأرت أُسَامَة خَلْفَهُ وَدَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقد شنق القصوى الزِّمَامُ حَتَّى إِنَّ رَأْسَهَا لِيُصِيبُ مَوْرِكَ رَحْلِهِ وَيَقُول بِيَدِهِ الْيُمْنَى أَيهَا النَّاس السَّكِينَةُ كُلَّمَا أَتَى حَبْلًا مِنَ الْحِبَالِ أَرْخَى لَهَا قَلِيلًا حَتَّى تَصْعَدَ حَتَّى أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ فَصَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا شَيْئًا ثُمَّ اضْطَجَعَ رَسُولُ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ فَصَلَّى الْفَجْرَ حِينَ تَبَيَّنَ لَهُ الصُّبْح بِأَذَان وَإِقَامَة ثمَّ ركب القصوى حَتَّى أَتَى الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَدَعَا اللَّهَ وَكَبَّرَهُ وَهَلَّلَهُ وَوَحَّدَهُ فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى أَسْفَرَ جِدًّا فَدَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَأَرْدَفَ الْفَضْلَ بْنَ الْعَبَّاسِ وَكَانَ رَجُلًا حَسَنَ الشَّعْرِ أَبْيَضَ وَسِيمًا فَلَمَّا دَفَعَ رَسُولُ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَرَّتْ ظُعْنٌ يَجْرِينَ وَطَفِقَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهِنَّ فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَدَهُ عَلَى وَجْهِ الْفَضْلِ فَحَوَّلَ الْفَضْلُ وَجْهَهُ إِلَى الشِّقِّ الْآخَرِ يَنْظُرُ فَحَوَّلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَدَهُ مِنَ الشِّقِّ الْآخَرِ عَلَى وَجْهِ الْفَضْلِ فَصَرَفَ وَجْهَهُ مِنَ الشِّقِّ الْآخَرِ حَتَّى أَتَى بِطْنَ مُحَسِّرٍ فَحَرَّكَ قَلِيلًا وَسَلَكَ الطَّرِيقَ الْوُسْطَى الَّتِي تخرج على الْجَمْرَة الْكُبْرَى الَّتِي عِنْدَ الشَّجَرَةِ فَرَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ مَعَ كل حَصَاة مِنْهَا من حَصَى الْخَذْفِ رَمَى مِنْ بَطْنِ الْوَادِي ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمَنْحَرِ فَنَحَرَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بَدَنَةً ثُمَّ أَعْطَى عَلِيًّا فَنَحَرَ مَا غَبَرَ وَأَشْرَكَهُ فِي هَدْيِهِ ثُمَّ أَمَرَ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بِبِضْعَةٍ فَجُعِلَتْ فِي قَدْرٍ فَطُبِخَتْ فَأَكَلَا مِنْ لَحْمِهَا وَشَرِبَا مِنْ مَرَقِهَا ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأَفَاضَ إِلَى الْبَيْتِ فَصَلَّى بِمَكَّةَ الظَّهْرَ فَأَتَى بني عبد الْمطلب يَسْقُونَ عَلَى زَمْزَمَ فَقَالَ انْزِعُوا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَلَوْلَا أَنْ يَغْلِبَكُمُ النَّاسُ عَلَى سِقَايَتِكُمْ لَنَزَعْتُ مَعَكُمْ فَنَاوَلُوهُ دَلْوًا فَشَرِبَ مِنْهُ

قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ كَانَتْ حَجَّتُهُ هَذِهِ فِي عَامِ الْعَاشِرِ مِنَ الْهِجْرَةِ وَهِيَ حَجَّةُ الْوَدَاعِ لَمْ يَحُجَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَعْدَ فَرْضِ الْحَجِّ غَيْرَهَا وَحَجَّ بِمَكَّةَ قَبْلَ فَرْضِهِ حَجَّتَيْنِ فَوَائِدٌ مِنَ الْمُعَلِّمِ قَوْلُهُ كُلَّمَا أَتَى حبلا الحبال دون الْجبَال وَهِي مستطيلة الرمل وَقَوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى قِيلَ الْكَلِمَةُ قَوْله تَعَالَى {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} الْبَقَرَة 229 قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ إِبَاحَةَ اللَّهِ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ وَشَرِبَ مِنْ مَرَقِ الْجَمِيعِ لما فِي الْأكل من الْجَمِيعِ مِنَ الْكُلْفَةِ وَنَحَرَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ إِشَارَةٌ إِلَى عُمْرِهِ عَنْ كُلِّ سَنَةٍ بَدَنَةٌ وَالْخَذْفُ رَمْيُكَ حَصَاةً أَوْ نَوَاةً تَأْخُذُهَا بَيْنَ سَبَّابَتَيْكَ تَنْبِيهٌ اصْطِلَاحُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْفَرْضَ وَالْوَاجِبُ سَوَاءٌ إِلَّا فِي الْحَجِّ فَقَدْ خَصَّصَ ابْنُ الْجُلَّابِ وَغَيْرُهُ اسْمَ الْفَرْضِ بِمَا لَا يُجْبَرُ بِالدَّمِ فَقَالَ فَرَوَّضُ الْحَجِّ أَرْبَعَةٌ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْوَاجِبَاتِ لِأَنَّ كُلَّ مَا يُجْبَرُ بِالدَّمِ وَاجِبٌ كَمَا خَصَّصَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ فِي السَّهْوِ السُّنَّةَ بِمَا يُجْبَرُ بِالسُّجُودِ فَجَعَلَهَا خَمْسَةً مَعَ أَنَّ سُنَنَ الصَّلَاةِ عَدَّهَا صَاحِبُ الْمُقْدِمَاتِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَقَالَ يَسْجُدُ مِنْهَا لِثَمَانِيَةٍ فَلْيَعْلَمْ ذَلِكَ وَلْنَشْرَعِ الْآنَ فِي بَيَانِ الْمَقَاصِدِ وَهِيَ اثْنَا عَشَرَ الْمَقْصد الأول الْإِحْرَام وَيُقَالُ أَحْرَمَ إِذَا دَخَلَ الْحَرَمَ وَأَحْرَمَ إِذَا دَخَلَ فِي حُرُمَاتِ الْحَجِّ أَوِ الصَّلَاةِ كَمَا نَقُولُ أَنْجَدَ وَأَتْهَمَ وَأَصْبَحَ وَأَمْسَى إِذَا دَخَلَ نَجْدًا أَوْ تِهَامَةَ وَالصَّبَاحَ وَالْمَسَاءَ وَلِذَلِكَ يَتَنَاوَلُ قَوْله تَعَالَى {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} الْمَائِدَة 95 الْفَرِيقَيْنِ ثُمَّ الْبَحْثَ عَنْ حَقِيقَةِ الْإِحْرَامِ وَعَنْ سُنَّتِهِ الْبَحْثُ الْأَوَّلُ عَنْ حَقِيقَتِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ يَنْعَقِدُ بِالنِّيَّةِ الْمُقْتَرِنَةِ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ

مُتَعَلِّقٍ بِالْحَجِّ كَالتَّلْبِيَةِ وَالتَّوَجُّهِ عَلَى الطَّرِيقِ وَاشْتَرَطَ ابْنُ حَبِيبٍ التَّلْبِيَةَ عَيْنًا لَا تَنْعَقِدُ بِدُونِهَا فَلَوْ تَجَرَّدَتِ النِّيَّةُ عَنْهُمَا فَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ وَأَجْرَى اللَّخْمِيُّ هَذَا الْخِلَافَ عَلَى الْخِلَافِ فِي انْعِقَاد الْيمن بِمُجَرَّد النِّيَّةِ وَأَنْكَرَهُ أَبُو الطَّاهِرِ وَقَالَ لَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ الْعِبَادَاتِ لَا تَنْعَقِدُ إِلَّا بالْقَوْل أَو النِّيَّة أَوْ بِالدُّخُولِ فِيهَا وَفِي الْكِتَابِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ تَوَجَّهَ نَاسِيًا لِلتَّلْبِيَةِ أَرَاهُ مُحْرِمًا بِنِيَّتِهِ قَالَ سَنَدٌ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَاشْترط مَعَ النِّيَّةِ التَّلْبِيَةَ وَيَقُومُ مَقَامَهَا سَوْقُ الْهَدْيِ كَمَا يَقُومُ غَيْرُ التَّكْبِيرِ عِنْدَهُ مَقَامَ التَّكْبِيرِ فِي الصَّلَاة لما فِي الْمُوَطَّأ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَمَرَنِي أَنْ آمُرَ أَصْحَابِي أَوْ مَنْ مَعِي أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّلْبِيَةِ أَوْ بِالْإِهْلَالِ وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ لَهَا تَحْرِيمٌ فَيَكُونُ لَهُ نُطْقٌ كَالصَّلَاةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ وَرَدَ بِرَفْع الصَّوْت وَهُوَ غير وَاجِب اتِّفَاقًا فَأن لَمْ يَجِبْ مَا تَنَاوَلَهُ النَّصُّ فَأَوْلَى مَا تَضَمَّنَهُ وَعَنِ الثَّانِي الْمُعَارِضَةُ بِأَنَّهَا عِبَادَةٌ لَا يَجِبُ فِي آخِرِهَا نُطْقٌ فَلَا يَجِبُ فِي أَوَّلِهَا كَالصَّوْمِ وَالطَّهَارَةِ عَكْسُهُ الصَّلَاةُ وَفِي الْكِتَابِ يَنْوِي بِتَلْبِيَتِهِ الْإِحْرَامَ إِمَّا حَجًّ أَوْ عُمْرَةً وَيبدأ الْقَارِن بِالْعُمْرَةِ قَالَ بن الْقَاسِمِ وَقَالَ لِي مَالِكٌ النِّيَّةُ تَكْفِي فِي الْإِحْرَامِ وَلَا يُسَمِّي قَالَ سَنَدٌ الْإِحْرَامُ يَنْعَقِدُ بِمُجَرَّد النِّيَّة وَكره ملك وش التَّسْمِيَةَ وَاسْتَحَبَّهَا ابْنُ حَنْبَلٍ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ رَبِّي وَقَالَ قُلْ عُمْرَةٌ فِي حَجَّةٍ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ

مَحْمُولٌ عَلَى الْكَلَامِ النَّفْسَانِيِّ وَحَدِيثُ جَابِرٍ لَيْسَ فِيهِ تَسْمِيَةً وَسَمِعَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا رَجُلًا يَقُولُ لَبَّيْكَ بِحَجَّةٍ فَضَرَبَ فِي صَدْرِهِ وَقَالَ {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} الْمَائِدَة 116 تَنْبِيهٌ فِي الْجَوَاهِر وَصرح أَبُو الطَّاهِرِ فِي كِتَابِهِ وَاللَّخْمِيُّ فِي التَّبْصِرَةِ بِأَنَّ النِّيَّةَ إِذَا تَجَرَّدَتْ عَنِ الْقَوْلِ أَوِ الْفِعْلِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْحَجِّ لَا يَنْعَقِدُ الْحَجُّ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَصْرِيحُ الْكِتَابِ وَسَنَدٍ أَنَّ النِّيَّةَ كَافِيَةٌ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي فِي التَّلْقِينِ فَقَالَ الْإِحْرَامُ هُوَ اعْتِقَادُ دُخُولٍ فِي الْحَجِّ وَبِذَلِكَ يَصِيرُ مُحَرَّمًا وَهَذَا فِي غَايَةِ التَّصْرِيحِ قَالَ صَاحِبُ الْمُعَلِّمِ يَنْعَقِدُ الْحَجُّ بِالنِّيَّةِ وَحْدِهَا كَمَا يَنْعَقِدُ الصَّوْم عِنْد مَالك وش فَهَذَا الصَّرِيحُ وَالتَّشْبِيهُ فِي غَايَةِ الْقُوَّةِ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ صَاحِبُ الْقَبَسِ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الشُّيُوخِ وَقَالَ سَنَدٌ لَوْ نَوَى وَأَقَامَ كَانَ مُحْرِمًا وَهُوَ الْمَحْكِيُّ عَنْهُمَا فِي الْخِلَافِيَّاتِ فَلْيُعْلَمْ ذَلِكَ قَاعِدَةٌ النِّيَّةُ إِنَّمَا شَرَعَهَا اللَّهُ تَعَالَى لِتَمْيِيزِ الْعِبَادَاتِ عَنِ الْعَادَاتِ أَوْ لِتَمْيِيزِ مَرَاتِبِ الْعِبَادَاتِ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ مَبَاحِثُ النِّيَّةِ مُسْتَوْعِبَةً فِي الطَّهَارَةِ فَلْتُرَاجَعْ مِنْ هُنَاكَ وَمِنْ شَرْطِ الْمُمَيَّزِ أَنْ يُفَارِقَ الَّذِي يُمَيِّزُهُ وَإِلَّا فَلَيْسَ نِسْبَتُهُ إِلَيْهِ أَوْلَى من غَيره خُولِفَ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ فِي الصَّوْمِ لِلضَّرُورَةِ وَفِي الطَّهَارَةِ مَعَ الْقُرْبِ الْيَسِيرِ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْيَسَارَةِ فَإِذَا جَعَلْنَا الْإِحْرَامَ مُجَرَّدَ النِّيَّةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَازرِيّ وَغَيره من الْمُحَقِّقين وكما قَالَه فِي الْكتاب فأفعال الْحَج تتأخر عَلَيْهِ بِالشُّهُورِ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ هُوَ مَلَابِسُ لِلِانْكِفَافِ عَنْ مُحَرَّمَاتِ الْحَجِّ لِأَنَّهُ لَوْ لَابَسَهَا إِلَّا الْجِمَاعَ صَحَّ إِحْرَامُهُ وَلَا يُمْكِنُ الِاكْتِفَاءُ بِالِانْكِفَافِ عَنِ الْجِمَاعِ لِصِحَّةِ إِحْرَامِ الْجَاهِلِ بِتَحْرِيمِهِ فَلَا يَكُونُ مَنْوِيًّا لَهُ بِجَهْلِهِ بِهِ وَمِنْ شَرْطِ النِّيَّةِ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا فِي

الْمَنْوِيِّ بَلْ قَدْ نَقَلَ سَنَدٌ أَنَّ الْإِحْرَامَ ينْعَقد مِنْهُ وَهُوَ يُجَامع وَيلْزمهُ التَّمَادِي وَالْقَضَاءُ وَلَمْ يُحْكَ خِلَافًا بَلْ ذُكِرَ مَا يدل على الِاتِّفَاق على ذَلِك من الْمَذَاهِبِ أَمَّا مَنِ اشْتَرَطَ التَّلَبُّسَ بِبَعْضِ أَفْعَالِ الْحَج أَو أقوله أَوِ التَّلْبِيَةِ عَيْنًا أَوِ التَّلْبِيَةِ وَسَوْقِ الْهَدْيِ فَهُوَ مُتَّجِهٌ لِدُخُولِهِ بِالنِّيَّةِ فِي الْمَنْوِيِّ تَفْرِيعٌ فِي الْجَوَاهِرِ لَوْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا لَا يَنْوِي حَجًّا وَلَا عُمْرَةً قَالَ أَشْهَبُ وَالْأَئِمَّةُ مَنْ هُوَ بِالْخِيَارِ فِي صَرْفِهِ إِلَى أَحَدِهِمَا وَإِلَى الْحَجِّ أَفْضَلُ وَقَالَ أَيْضًا إِلَى الْقِرَانِ أَفْضَلُ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ إِحْرَامِ عَلَيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ وَلِأَنَّهُ يَصِحُّ الْتِزَامُهُ مُطْلَقًا فَيَنْعَقِدُ كَذَلِكَ وَرَأَى فِي الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّهُ لَمَّا صَحَّ لَهُمَا صُرِفَ لَهُمَا لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ وَلَوِ اخْتَلَفَ الْعَقْدُ وَالنِّيَّةُ فَالِاعْتِبَارُ بِالْعَقْدِ وَرُوِيَ مَا يُشِيرُ إِلَى النُّطْقِ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ مُفْرِدًا فَأَخْطَأَ فَقَرَنَ أَوْ تَكَلَّمَ بِالْعُمْرَةِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَهُوَ على حجه وَقَالَهُ ش وَقَالَ فِي العتيبة رَجَعَ مَالِكٌ فَقَالَ عَلَيْهِ دَمٌ وَالْفَرْقُ عَلَى الْقَوْلِ بِاعْتِبَارِ النُّطْقِ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعِبَادَاتِ أَنَّ الْإِحْرَامَ لَهُ قُوَّةُ الِانْعِقَادِ مَعَ مُنَافِي الْعِبَادَةِ وَهُوَ الْجِمَاعُ كَمَا قَالَهُ سَنَدٌ فَلَمَّا قَوِيَ أَمْكَنَ أَنْ يُعْتَبَرَ نُطْقُهُ بِخِلَافِ الْعِبَادَاتِ لَا تَنْعَقِدُ مَعَ بُطْلَانِهَا وَإِنْ أَحْرَمَ مُفَصَّلًا فَنَسِيَ مَا أَحْرَمَ بِهِ فَهُوَ قَارِنٌ عِنْدَ أَشْهَبَ احْتِيَاطًا وَقَالَ غَيْرُهُ يُحْرِمُ بِالْحَجِّ وَيَعْمَلُ حِينَئِذٍ عَلَى الْقِرَانِ وَلَوْ شَكَّ هَلْ قَرَنَ أَوْ أَفْرَدَ تَمَادَى عَلَى نِيَّةِ الْقِرَانِ احْتِيَاطًا وَإِنْ شَكَّ هَلْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَحْدَهُ أَوْ بِالْعُمْرَةِ طَافَ وَسَعَى لِجَوَازِ الْعُمْرَةِ وَلَا يُحَلِّقُ لِإِمْكَانِ الْحَجِّ وَيَتَمَادَى عَلَى الْحَجِّ وَيَهْدِي لِتَأْخِيرِ الْحِلَاقِ لَا لِلْقِرَانِ لِأَنَّهُ لَمْ يُحَدِّثْ نِيَّةً وَإِنَّمَا أحرم بشي وَاحِدٍ إِمَّا حَجًّا وَيَكُونُ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ لَهُ أَوْ بِغَيْرِهِ فَلَا يَضُرُّهُ تَمَادِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ سَنَدٌ وَلَوْ نَوَى الْحَجَّ وَلَمْ يَنْوِ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ انْصَرَفَ

إِلَيْهَا إِنْ كَانَ صَرُورَةً لِقُوَّتِهَا فَإِنْ نَوَى النَّفْلَ فَقَالَ ش يَنْصَرِفُ إِلَى الْفَرْضِ وَكَذَلِكَ إِذَا نَوَى عَنْ غَيْرِهِ وَلَوْ أَحْرَمَ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ فُلَانٌ وَهُوَ لَا يَعْلَمُهُ جَازَ عِنْد أَشهب الشَّافِعِيَّة لِقَضِيَّةِ عَلَيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَلَوْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا وَلَمْ يُعَيِّنْ حَتَّى طَافَ فَالصَّوَابُ أَنْ يَجْعَلَ حَجًّا وَيَكُونَ هَذَا طَوَافَ الْقُدُومِ لِأَنَّ طواف الْقدوم لَيْسَ ركن فِي الْحَج وَالطّواف ركنا فِي الْعُمْرَةِ وَقَدْ وَقَعَ قَبْلَ تَعَيُّنِهَا وَالْأَفْضَلُ فِي الْإِحْرَامِ تَعْيِينُ النُّسُكِ خِلَافًا لِ ش محتجا بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ لَا يَنْوِي حَجًّا وَلَا غَيْرَهُ يَنْتَظِرُ الْقَضَاءَ يَنْزِلُ فَنَزَلَ عَلَيْهِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَأَمَرَ أَصْحَابَهُ مَنْ أَهَّلَ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً وَلِأَنَّهُ أَحْوَطُ لِاحْتِمَالِ طَرَيَانِ الْمَوَانِعِ لَنَا حَدِيثُ جَابر أَنه أهل الْحَج وَلِأَنَّ التَّعْيِينَ هُوَ الْأَصْلُ فِي الْعِبَادَاتِ وَيُحْمَلُ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّهُ خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ كَذَلِكَ وَأحرم عِنْد الْمِيقَات وَكَذَلِكَ خرجه ابْن دَاوُد عَن أَبُو عُمَرَ جَمْعًا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ وَفِي الْكِتَابِ لَا يَكُونُ مُحْرِمًا بِتَقْلِيدِ الْهَدْيِ وَإِشْعَارِهِ وَلَوْ أَرَادَ الذَّهَابَ مَعَهُ وَقَالَهُ ش لِأَنَّ الْإِحْرَامَ بِالنِّيَّةِ وَقَالَ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ هُوَ مُحْرِمٌ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ شِعَارِ الْإِحْرَامِ فَأَشْبَهَ النِّيَّةَ وَالتَّلْبِيَةَ وَيبْطل عَلَيْهَا بِمَا لَوْ أَرْسَلَهُ مَعَ غَيْرِهِ وَلَوْ نَوَى وَأقَام كَانَ محرما وَلنَا الْقيَاس على التَّجْرِيد مِنَ الْمَخِيطِ وَفِي الْكِتَابِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِن أَتَى الميقاة مُغْمًى عَلَيْهِ فَأَحْرَمَ عَنْهُ أَصْحَابُهُ لَا يُجْزِئُ خِلَافًا لِ ح مُحْتَجًّا بِأَنَّ ذَلِكَ مَعْلُومٌ من قَصده وتلحقه الْمَشَقَّة وَلَوْلَا ذَلِكَ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ لَوْ وَكَّلَ فِي ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ مَعَ تَقَدُّمِ الْقَصْدِ مِنْهُ وَالْفَرْقُ عندنَا بَينه وَبَين الصَّبِي وَإِن

كَانَ حجا لَا يَصِحُّ الْإِحْرَامُ عَنِ الصَّبِيِّ أَنَّ الصَّبِيَّ تَبَعٌ لِغَيْرِهِ فِي أَصْلِ الدِّينِ وَالْحَجُّ رُكْنُ الدِّينِ بِخِلَافِ هَذَا وَلِأَنَّ الصَّبِيُّ ثَبَتَ بِالنَّصِّ وَالصِّبَا يَطُولُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَلِذَلِكَ سَلَّمَ ح الْمَجْنُونَ الْمُطْبِقَ قَالَ سَنَدٌ فَإِنْ أَفَاقَ قَبْلَ الْوُقُوفِ فَالْأَحْسَنُ رُجُوعُهُ لِمِيقَاتِهِ فَإِنْ أَحْرَمَ مِنْ مَكَانِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا دَمَ عَلَيْهِ وَفِي الْكِتَابِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنَّ رَفْضَ إِحْرَامِهِ لَا يَضُرُّ قَالَ سَنَدٌ إِنَّ رَفْضَهُ للدخول فِي جنسه كفسخ فِي عمْرَة أَو حج فِي حج وَلَا ُيخْتَلَفُ فِي بَقَائِهِ عَلَى الْأَوَّلِ أَوْ غَيْرِ جِنْسِهِ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ عُمْرَةً فَأَرَادَ بَقَاءَهَا مَعَ الْحَجِّ وَالْوَقْتُ قَابِلٌ لِلْإِرْدَافِ فَهُوَ قَارِنٌ وَإِنْ أَرَادَ قَلْبَ الْأَوَّلِ إِلَى الْحَجِّ فَهُوَ اعْتِقَاد فَاسد لَا يَنْقَلِبُ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ حَجًّا فَاعْتَقَدَ بُطْلَانَهُ فَهُوَ بَاقٍ عَلَيْهِ وَلَا تَدْخُلُ الْعُمْرَةُ عَلَى الْحَجِّ وَإِنِ اعْتَقَدَ انْقِلَابَهُ عُمْرَةً لَمْ يَنْقَلِبْ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ يَنْقَلِبُ إِنْ لَمْ يَسُقْ هَديا لما فِي حَدِيث جَابر أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَهَلَّ هُوَ وَأَصْحَابُهُ بِالْحَجِّ وَلَيْسَ مَعَ أَحَدٍ مِنْهُم هدي إِلَّا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَبُو طَلْحَةَ فَأَمَرَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً وَلِأَنَّ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ يَصِيرُ إِحْرَامُهُ عُمْرَةً فَكَذَلِكَ يَصِيرُ بِالْفَسْخِ لَنَا مَا رُوِيَ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ الْفَسْخُ لَنَا خَاصَّةً أَمْ لِمَنْ بَعْدَنَا قَالَ بَلْ لَنَا خَاصَّةً وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ لَا يُخْرَجُ مِنْهَا بِالْفَوْتِ فَلَا يُخْرَجُ بِالنِّيَّةِ كَالْعُمْرَةِ وَإِنَّمَا أَمَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْفَسْخِ لِأَنَّ الْجَاهِلِيَّةَ كَانَتْ تُنْكِرُ الِاعْتِمَارَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَيَقُولُونَ إِذَا عَفَا الْوَبَرْ وَبَرِئَ الدَّبَرْ وَانْسَلَخَ صَفَرْ فَقَدْ حَلَتِ الْعُمْرَةُ لِمَنِ اعْتَمر وَالْفرق بَين الْفَوْت الْفَسْخ أَنه لدفع صرورة الْبَقَاءِ سَنَةً بِخِلَافِ الْفَسْخِ أَمَّا لَوْ رَفَضَ إِحْرَامَهُ إِلَى غَيْرِ شَيْءٍ فَهُوَ بَاقٍ عِنْدِ مَالِكٍ وَالْأَئِمَّةِ خِلَافًا لِدَاوُدَ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ لَا يَبْطُلُ إِحْرَامُهَا بِالْمُنَافَيَاتِ وَأَعْظَمُ أَحْوَالِ الرَّفْضِ أَنْ يكون منافيا

فَائِدَةٌ الْمُرَادُ بِعَفَا الْوَبَرْ أَيْ كَبُرَ عَلَى ظُهُورِ الْإِبِلِ بِسَبَبِ إِرَاحَتِهَا مِنَ السَّفَرِ لِلْحَجِّ وَهُوَ مِنْ أَسْمَاءِ الْأَضْدَادِ عَفَا زَادَ وَعَفَا نَقَصَ وَزَالَ فَمِنَ الْأَوَّلِ قَوْله تَعَالَى {حَتَّى عفوا} الْأَعْرَاف 95 أَي كثيروا وَمن الثَّانِي عَفا الله عَنَّا ي مَحَا ذُنُوبَنَا وَأَزَالَ آثَارَهَا وَيُرْوَى عَفَا الدَّبَرْ وَهُوَ تَقَرُّحُ ظُهُورِ الْإِبِلِ مِنَ السَّفَرِ لِلْحَجِّ تَمْهِيدٌ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ رَفْضُ النِّيَّةِ فِي الْحَج وَالْوُضُوء لَا يضرّهُ بِخِلَاف الصَّوْم وَالصَّلَاة لِأَنَّ النِّيَّةَ مُرَادَةٌ لِلتَّمْيِيزِ فِي الْعِبَادَاتِ عَنِ الْعَادَاتِ أَوْ لِتَمْيِيزِ مَرَاتِبِ الْعِبَادَاتِ وَالْحَجُّ مُتَمَيِّزٌ بِمَوَاضِعِهِ الْمَخْصُوصَةِ وَالْوُضُوءُ بِأَعْضَائِهِ الْمُعَيَّنَةِ بِخِلَافِ الْآخَرِينَ فَكَانَ احْتِيَاجُهُمَا إِلَى النِّيَّةِ أَقَلَّ فَكَانَ تَأْثِيرُ الرَّفْضِ فِيهِمَا أَبْعَدَ قَالَ سَنَدٌ وَالصَّبِيُّ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ يَصِيرُ مُحْرِمًا بِإِحْرَامِ وَلِيِّهِ عِنْدَ مَالك وش وَابْن حَنْبَل لما فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَقِيَ رَكْبًا بِعَسْفَانَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ فَرَفَعَتْ لَهُ امْرَأَةٌ صَبِيًّا مِنْ مِحَفَّتِهَا فَقَالَتْ أَلِهَذَا حَجٌّ قَالَ نَعَمْ وَلَكِ أَجْرٌ وَقَالَ ح لَا يَكُونُ مُحْرِمًا بِإِحْرَامِ وَلِيِّهِ كَمَا لَا يَلْزَمُهُ نَذْرُ وَلِيِّهِ الْبَحْثُ الثَّانِي فِي سُنَنِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ هِيَ أَرْبَعٌ الْغَسْلُ والتجرد من الْمخيط وَرَكْعَتَيْنِ قبله وتجديد التَّلْبِيَة السّنة الأولى الغسيل وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالْأَئِمَّةِ لِمَا فِي التِّرْمِذِيِّ أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تَجَرَّدَ لِإِحْرَامِهِ وَاغْتَسَلَ وَفِي الْكِتَابِ تَغْتَسِلُ الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ لِلْإِحْرَامِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِمَا فِي مُسْلِمٍ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَالنُّفَسَاء وَالْحَائِض إِذا أتتا الْموقف

تغتسلان وتحرمان وتقتضان الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا غَيْرَ الطَّوَّافِ بِالْبَيْتِ قَالَ سَنَدٌ هَذَا الْغُسْلُ غَيْرُ وَاجِبٍ قِيَاسًا عَلَى غُسْلِ الْجُمُعَةِ وَلَا يَتَيَمَّمُ لَهُ إِذَا عُدِمَ الْمَاءُ كَغُسْلِ الْجُمُعَةِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ فَإِنْ جَهِلَتِ الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ الْغَسْلَ حَتَّى أَحْرَمَتْ قَالَ مَالِكٌ تَغْتَسِلُ إِذَا عَلِمَتْ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا نَسِيَ الْغُسْلَ وَذَكَرَ بَعْدَ الْإِهْلَالِ تَمَادَى وَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ تبع للْإِحْرَام وَإِذا أَحْرَمَ سَقَطَ كَغُسْلِ الْجُمُعَةِ وَرَاعَى مَالِكٌ بَقَاءَ الْإِحْرَام وَإِذا رَجَتِ الْحَائِضُ الطُّهْرَ إِذَا وَصَلَتِ الْجُحْفَةَ قَالَ مَالِكٌ لَا تُؤَخِّرُ عَنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ أَفْضَلُ إِجْمَاعًا وَلِأَنَّ الْمُبَادَرَةَ إِلَى الْعِبَادَةِ أَفْضَلُ وَلَا خِلَافَ أَنَّهَا لَا تركع لِإِحْرَامِهَا إِذَا اغْتَسَلَتْ وَالْعُمْرَةُ كَالْحَجِّ فِي الْغُسْلِ وَيَغْتَسِلُ عِنْدَ مَالِكٍ فِي الْحَجِّ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ لِلْإِحْرَامِ وَلِدُخُولِ مَكَّةَ وَرَوَاحِهِ لِلصَّلَاةِ بِعَرَفَةَ وَزَادَ ش لِلْوُقُوفِ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَلِرَمْيِ الْجِمَارِ الثَّلَاثِ وَلِطَوَافِ الزِّيَارَةِ وَطَوَافِ الْوَدَاعِ وَلِلْحِلَاقِ وَفِي الْجُلَّابِ يَغْتَسِلُ لِأَرْكَانِ الْحَجِّ كُلِّهَا فَعَلَى قَوْلِهِ يَغْتَسِلُ لِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَقَالَ أَشْهَبُ يَغْتَسِلُ لِزِيَارَةِ قَبْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ولرمي الْجمار لمَالِك مَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَانَ يَغْتَسِلُ لِإِحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ ولدخوله مَكَّةَ وَلِوُقُوفِهِ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ وَلَا تَغْتَسِلُ الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ لِدُخُولِ مَكَّةَ لِأَنَّهُ لِلطَّوَافِ وَدُخُولِ الْمَسْجِدِ وَهُمَا مَمْنُوعَانِ مِنْهُمَا وَقَالَ مَالِكٌ وَغُسْلُ الْإِحْرَامِ آكُدُهَا لِتَرْتِيبِ سَائِرِ الْمَنَاسِكِ عَلَيْهِ فَالْغُسْلُ لَهُ سنة وَلغيره فَضِيلَة قَالَ مَالك لَا يَتَدَلَّكُ فِي غُسْلِ مَكَّةَ وَعَرَفَةَ وَبِالْمَاءِ وَحْدَهُ وَيُسْتَحَبُّ غُسْلُ مَكَّةَ قَبْلَ دُخُولِهَا بِذِي طُوًى كَفِعْلِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَلَيْسَ فِي تَرْكِ غُسْلِهِ دَمٌ وَلَا فِدْيَةٌ اتِّفَاقًا وَفِي الْكِتَابِ إِنِ اغْتَسَلَ بِالْمَدِينَةِ وَمَضَى لِذِي الْحُلَيْفَةِ مِنْ فَوْرِهِ أَجْزَأَهُ لِقُرْبِهَا مِنْهُ فَإِنْ تَأَخَّرَ بَيَاضُ نَهَارِهِ أَعَادَهُ قَالَ سَنَدٌ اسْتَحَبَّ عبد الْملك

تَقْدِيمه من الْمَدِينَة لفعله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَلِكَ وَلَيْسَ بِثَابِتٍ وَعَلَى هَذَا يَتَجَرَّدُ مِنَ الْمَخِيطِ مِنَ الْمَدِينَةِ وَيَلْبَسُ ثَوْبَيْ إِحْرَامِهِ وَقَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَسَحْنُونٌ وَكُلُّ مَنْ كَانَ مَنْزِلُهُ عَن الميقاة بِثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ جَازَ أَنْ يَغْتَسِلَ مِنْهُ كَالْمَدِينَةِ مَعَ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَاغْتِسَالُهُ لِجَنَابَتِهِ وَإِحْرَامِهِ غُسْلًا وأحدا يجرئ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَقُصَّ شَارِبَهُ وَأَظْفَارَهُ وَعَانَتَهُ ويكتحل ويلبد شعره بالغسول والصمغ ويظفر ليقل قملة كَمَا فعل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وتمتشط الْمَرْأَةُ قَبْلَ إِحْرَامِهَا بِالْحِنَّاءِ وَمَا لَا طِيبَ فِيهِ ويختضب واستحبه ش كَانَ لَهَا زوج أم لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا السُّنَّةُ أَنْ تُدَلِّكَ الْمَرْأَةُ يَدَيْهَا بِالْحِنَّاءِ قَالَ مَالك وَلَا يَجْعَل بِرَأْسِهِ زِئْبَقًا يَقْتُلُ الْقَمْلَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ فَإِنْ كَانَ يُنَظِّفُ الرَّأْسَ مِنْهُ فَلَا يُكْرَهُ وَمَنَعَ مَالِكٌ الطِّيبَ الْمُؤَنَّثَ عِنْدَ الْإِحْرَامِ فَإِنْ فَعَلَ فَالْمَشْهُورُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْأَئِمَّةَ قَالُوا بِاسْتِحْبَابِهِ لِمَا فِي الصِّحَاحِ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كنت أطيبه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِإِحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يطوف بِالْبَيْتِ وَكَأَنِّي أنظر إِلَى وبيض الطّيب فِي مفرقه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ مُحْرِمٌ لِمَالِكٍ مَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَجَدَ رِيحَ طِيبٍ وَهُوَ بِالشَّجَرَةِ فَقَالَ مِمَّنْ رِيحُ هَذَا الطِّيبِ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ مِنِّي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ مِنْكَ

لَعَمْرُ اللَّهِ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ إِنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ طَيَّبَتْنِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ عُمَرُ عَزَمْتُ عَلَيْكَ لَتَرْجِعَنَّ فَلْتَغْسِلَنَّهُ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ ذَلِكَ الطِّيبَ لَمْ يَكُنْ مُؤَنَّثًا وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ طَيَّبْتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِإِحْلَالِهِ وَإِحْرَامِهِ طِيبًا لَا يُشْبِهُ طِيبَكُمْ هَذَا أَو لِأَنَّهُ كَانَ قبل غسله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثُمَّ اغْتَسَلَ وَهُوَ خَاصٌّ بِهِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ وَعِنْدَ مَالِكٍ مَحْمُولٌ عَلَى الْكَرَاهَةِ فَلَا فِدْيَةَ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَعْمِلْ طِيبًا بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَإِن وجد ريحًا أَشَارَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ إِلَى مَا يُوجِبُ الْفِدْيَةَ حَمْلًا لِلِاسْتِصْحَابِ كَالِابْتِدَاءِ كَالْمَخِيطِ وَعَلَى الْمَذْهَبِ يُؤْمَرُ بِغَسْلِهِ بِصَبِّ الْمَاءِ فَإِنْ لَمْ يَزَلْ إِلَّا بِالْمُبَاشَرَةِ بَاشَرَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ فِعْلٌ مَأْمُورٌ بِهِ فَإِنْ كَانَ الطِّيبُ فِي ثَوْبِهِ نَزَعَهُ وَإِنْ عَاوَدَهُ وَقُلْنَا لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ فِي الْعُودِ لِأَنَّهُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ وَكَذَلِكَ إِذَا نَقَلَ الطِّيبَ فِي الْموضع مِنَ الْبَدَنِ إِلَى غَيْرِهِ أَوِ الثَّوْبِ أَوْ نَحَّاهُ ثُمَّ رَدَّهُ إِلَى مَوْضِعِهِ وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ تَطَيُّبٍ السُّنَّةُ الثَّانِيَةُ التَّجَرُّدُ مِنَ الْمَخِيطِ فِي إِزَارٍ وَرِدَاءٍ وَنَعْلَيْنِ لما فِي الصِّحَاح أَن رجلا سَأَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا يلبس الْمحرم من الثِّيَاب فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يلبس الْقَمِيص وَلَا الْعِمَامَة وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ وَلَا الْبَرَانِسَ وَلَا الْخِفَافَ إِلَّا أَحَدٌ لَا يَجِدُ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ وَلَا تَلْبَسُوا مِنَ الثِّيَابِ شَيْئًا مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ وَلَا الْوَرْسُ قَالَ سَنَدٌ فَنَبَّهَ بِالْقَمِيصِ عَنِ الْجُبَّةِ وَنَحْوِهَا وَبِالسَّرَاوِيلَاتِ عَنِ التُّبَّانِ وَنَحْوِهِ وَبِالْبَرَانِسِ عَنِ الْقَلَنْسُوَةِ وَنَحْوِهَا وَبِالْخُفَّيْنِ على الْقُفَّازَيْنِ وَالسَّاعِدَيْنِ وَنَحْوِهِمَا وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ يَحْرُمُ الْمَخِيطُ أَوِ الْمُحِيطُ كَمَا لَوْ سَلَخَ عِجْلًا عَلَى هَيْئَتِهِ فَلَبِسَ رَقَبَتَهُ فِي رَقَبَتِهِ وَيَدَيْهِ فِي يَدَيْهِ وَجَسَدَهُ فِي جَسَدِهِ مِنْ غَيْرِ خِيَاطَةٍ وَفِي الْكِتَابِ لَيْسَ فِي الثَّوْبِ الدَّنِسِ بَأْسٌ مِنْ غَيْرِ

غَسْلٍ قَالَ سَنَدٌ إِنْ كَانَ نَجِسًا غَسَلَ وَقَالَ ش الْجَدِيدُ أَفْضَلُ لَنَا إِنْ كَانَ خَلِقًا قَدْ يَكُونُ أَفْضَلَ مِنْ جَدِيدٍ فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ طِيبٌ فَأَزَالَهُ بِبَوْلِهِ صَحَّ إِحْرَامُهُ وَالْبَيَاض افضل لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خير ثيابكم الْبيَاض فَأَلْبِسُوهَا أَحْيَاءَكُمْ وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ وَالْمَصْبُوغُ بِغَيْرِ طِيبٍ يُكْرَهُ لِمَنْ يَقْتَدِى بِهِ وَجَائِزٌ لِلْعَامَّةِ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَأَى عَلَى طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ ثَوْبًا مَصْبُوغًا وَهُوَ مُحْرِمٌ فَقَالَ عُمَرُ مَا هَذَا الثَّوْبُ الْمَصْبُوغُ يَا طَلْحَةُ فَقَالَ إِنَّمَا هُوَ مَدَرٌ فَقَالَ عُمَرُ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الرَّهْطُ أَئِمَّةٌ يَقْتَدِي بِكُمُ النَّاسُ فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا جَاهِلًا رَأَى هَذَا الثَّوْبَ لَقَالَ إِنَّ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ قَدْ كَانَ يَلْبَسُ الثِّيَابَ الْمُصَبَّغَةَ فِي الْإِحْرَامِ فَلَا تَلْبَسُوا أَيُّهَا الرَّهْطُ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الثِّيَابِ الْمُصَبَّغَةِ وَالْمَمْنُوعُ اتِّفَاقًا مَا صُبِغَ بِطِيبٍ كَالزَّعْفَرَانِ وَوَرْسٍ وَمَنَعَ مَالِكٌ وح مَا يَنْفُضُ وَجَوَّزَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَلَمْ يَرَهُ مِنَ الطِّيبِ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كَانَتْ تَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَاتِ وَهِيَ مُحْرِمَةٌ وَلِأَنَّ الْحَدِيثَ الْمُقدم نَصَّ عَلَى الزَّعْفَرَانِ وَالْوَرْسِ وَمَفْهُومُهُ جَوَازُ مَا عَدَاهُمَا وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي كَوْنِهِ مُحَرَّمًا أَوْ مَكْرُوهًا فَقَالَ أَشْهَبُ لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ وَقِيلَ فِيهِ الْفِدْيَةُ لِأَنَّهُ كَالطِّيبِ أَمَّا مَا لَمْ يَنْفُضْ فَلَيْسَ بِمَكْرُوهٍ لِلنِّسَاءِ دُونَ الرِّجَالِ فَإِنْ كَانَ فِي ثَوْبِهِ لَمْعَةُ زَعْفَرَانٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيَغْسِلُهُ إِذَا ذَكَرَ فَلَوْ لَبِسَ ثَوْبًا فِيهِ رِيحُ الطِّيبِ دُونَ جِرْمِهِ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ عِنْدَنَا وَعِنْدَ ش لِحُصُولِ التَّطَيُّبِ وَقَالَ ح لَا فِدْيَةَ لِأَنَّهُ لَمْ يُسْتَعْمَلِ الطِّيبُ كَمَا لَوْ جَلَسَ فِي الْعَطَّارِينَ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ يُعَدُّ مُسْتَعْمِلًا لِلطِّيبِ عُرْفًا بِخِلَافِ الْجَالِسِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا وَجَدَ ثَمَنَ النَّعْلَيْنِ فَلَا يَقْطَعُ الْخُفَّيْنِ

أَسْفَل من الْكَعْبَة كَوَاجِدِ ثَمَنِ الْمَاءِ فِي التَّيَمُّمِ أَوْ ثَمَنَ الرَّقَبَةِ فِي الظِّهَارِ قَالَ سَنَدٌ وَقَدْ وَهِمَ البرادعي فِي هَذَا فِي هَذَا الْفَرْعِ فَقَالَ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْمُحْرِمُ نَعْلَيْنِ وَهُوَ مَلِيءٌ جَازَ لَهُ لُبْسُ الْخُفَّيْنِ إِذَا قَطَعَهُمَا وَلَعَلَّ الْوَهْمَ مِنَ النُّسَّاخِ وَوَافَقَ مَالِكًا ش وح فِي مَنْعِ الْخُفَّيْنِ وَأَجَازَ ابْنُ حَنْبَلٍ لُبْسَهُمَا غير مقطوعين لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - السَّرَاوِيلُ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ إِزَارًا وَالْخُفُّ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ وَهُوَ غَيْرُ مُقَيَّدٍ أَوْ هَذَا مُطلق والمقيد مقدم مُطلق على الْمُطلق فَإِن وجد نَعْلَيْنِ لم يجد لبسهما مقطوعين والشمشكين وَعَلِيهِ الْفِدْيَة خلافًا لبَعض الشَّافِعِيَّة لاشتراطه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فُقْدَانَ النَّعْلَيْنِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنَّمَا رَخَّصَ فِي قَطْعِ الْخُفَّيْنِ قَدِيمًا لِقِلَّةِ النِّعَالِ أَمَّا الْيَوْمَ فَلَا وَمَنْ فَعَلَهُ افْتَدَى فَإِنْ وَجَدَ النَّعْلَيْنِ غَالِيَيْنِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ كَانَ ذَلِكَ قَلِيلًا اغْتُفِرَ وَإِلَّا فَلَا وَفِي الْكِتَابِ إِحْرَامُ الرَّجُلِ فِي رَأْسِهِ وَالْمَرْأَةِ فِي وَجْهِهَا ويديها وَيكرهُ الْمحرم تَغْطِيَةُ مَا فَوْقَ ذَقْنِهِ فَإِنْ فَعَلَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِمَا جَاءَ عَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَنَدٌ يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ كشف رَأسه عِنْد مَالك وَالْأَئِمَّة لنَهْيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنِ الْعَمَائِمِ وَالْبَرَانِسِ وَلَا تَكْشِفُهُ الْمَرْأَةُ عِنْدَهُمْ لِأَنَّهُ عَوْرَةٌ مِنْهَا وَيَكْشِفُ الرَّجُلُ وَجْهَهُ عِنْدَ مَالِكٍ وَقَالَ ش يُغَطِّيهِ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ عُمَيْرٌ الْحَنَفِيُّ رَأَى عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِالْعَرَجِ يُغَطِّي وَجْهَهُ وَهُوَ محرم لنا قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْمُحْرِمِ الَّذِي وَقَصَتْ بِهِ نَاقَتُهُ لَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ وَلَا وَجْهَهُ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَة ملبيا وَلقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمحرم

أَشْعَثُ أَغْبَرُ وَأَكْثَرُ ظُهُورِ الشَّعَثِ وَالْغَبَرَةِ فِي الْوَجْهِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى حَاجِبِهِ مِنَ الشَّمْسِ إِذْ كَانَ نَائِمًا وَلَمْ يَشْعُرْ أَوْ وَارَى وَجْهَهُ بِثَوْبٍ وَلَمْ يُلْصِقْهُ أَوْ فَعَلَهُ لِضَرُورَةٍ وَمِنْ وجهة النّظر لَو جَازَ ذَلِك للرجل لَجَازَ لِلْمَرْأَةِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى فَإِنْ سَتَرَ وَجْهَهُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ وَقَالَ الْبَاجِيُّ إِذَا قُلْنَا بِتَحْرِيمِ التَّغْطِيَةِ فَغَطَّاهُ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ وَإِنْ قُلْنَا بِالْكَرَاهَةِ فَلَا وَإِحْرَامُ الْمَرْأَة فِي وَجههَا اتِّفَاقًا لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا تَنْتَقِبُ الْمَرْأَةُ فَائِدَةٌ إِنَّمَا مُنِعُ النَّاسُ مِنَ الْمَخِيطِ وَغَيْرِهِ فِي الْإِحْرَامِ لِيَخْرُجُوا عَنْ عَادَتِهِمْ وَإِلْفِهِمْ فَيَكُونُ ذَلِكَ مُذَكِّرًا لَهُمْ بِمَا هُمْ فِيهِ مِنْ طَاعَةِ رَبِّهِمْ فَيُقْبِلُونَ عَلَيْهَا وبالآخرة بمفارقة العوائد فِي لبس الْمخيط والإندارج فِي الأكفان وَانْقِطَاع المألوف عَن الْأَوْطَانِ وَاللَّذَّاتِ السُّنَّةُ الثَّالِثَةُ فِي الْجَوَاهِرِ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يُلَبِّي نَاوِيًا فَالرَّاكِبُ يَبْتَدِئُ إِذَا رَكِبَ وَأَرَادَ الْأَخْذَ فِي السَّيْرِ وَالْمَاشِي إِذَا أَخَذَ فِي الْمَشْيِ وَالْأَفْضَلُ اخْتِصَاصُ الصَّلَاةِ بِالْإِحْرَامِ فَإِنْ أَحْرَمَ عَقِيبَ الْفَرْضِ جَازَ وَفِي الْمُوَطَّأِ أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَلَّى فِي مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ فَإِذَا أستوت بِهِ رَاحِلَته أهل فَلَو أَتَى لميقاة فِي وَقت نهي انْتظر خُرُوجه إِلَى الْخَائِفُ الْمُرَاهِقُ قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِنْ أَتَى وَقت مكتوبه لَا يتَنَفَّل قبلهَا تنفل بعْدهَا فَإِنْ نَسِيَ حَتَّى أَحْرَمَ فَخَرَجَ عَلَى نِسْيَانِ الْغُسْلِ قَالَ مَالِكٌ يُحْرِمُ فِي فِنَاءِ الْمَسْجِدِ إِذَا رَكِبَ وَلَا يَنْتَظِرُ سَيْرَ دَابَّتِهِ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ فِي الْمَسْجِدِ عَقِيبَ سَلَامِهِ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَجِبْتُ مِنِ اخْتِلَافِ أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي إِهْلَالِهِ حِينَ

أَوْجَبَ فَقَالَ إِنِّي لَأَعْلَمُ النَّاسِ بِذَلِكَ إِنَّمَا كَانَت مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حجَّة وَاحِدَة فَمن هُنَاكَ اخْتلفُوا خرج - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَاجًّا فَلَمَّا صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ أَوْجَبَهُ فِي مَجْلِسِهِ فَأَهَلَّ بِالْحَجِّ حِينَ فَرَغَ مِنْ رَكْعَتَيْهِ وَسَمِعَ ذَلِكَ مِنْهُ أَقْوَامٌ فَحَفِظُوهُ عَنْهُ ثُمَّ رَكِبَ فَلَمَّا اسْتَقَلَّتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ أَهَلَّ وَرَأَى ذَلِكَ مِنْهُ أَقْوَامٌ فَقَالُوا إِنَّمَا أَهَلَّ حِينَئِذٍ فَلَمَّا عَلَا شَرَفَ الْبَيْدَاءِ إِلَخْ لَنَا الْحَدِيثُ السَّابِقُ وَهُوَ مَقْصُودٌ بِالْعَمَلِ مِنْ عُمَرَ وَغَيْرِهِ مِنَ السَّلَفِ السُّنَّةُ الرَّابِعَةُ فِي الْجَوَاهِرِ مِنْ سُنَنِ الْإِحْرَامِ تَجْدِيدُ التَّلْبِيَةِ عِنْدَ كُلِّ صُعُودٍ وَهُبُوطٍ وَحُدُوثِ حَادِثٍ وَخَلْفَ الصَّلَوَاتِ وَإِذَا سَمِعَ مَنْ يُلَبِّي وَصِفَةُ تَلْبِيَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ قَالَ أَشْهَبُ إِنِ اقْتَصَرَ عَلَيْهَا فَحَسَنٌ وَلَا بَأْسَ بِالزِّيَادَةِ فَقَدْ زَادَ عُمَرُ لَبَّيْكَ ذَا النَّعْمَاءِ وَالْفَضْلِ الْحَسَنِ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ مَرْهُوبًا مِنْكَ وَمَرْغُوبًا إِلَيْكَ وَزَادَهُ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ بِيَدَيْكَ وَالرَّغْبَاءُ إِلَيْكَ وَالْعَمَلُ فَوَائِدُ فِي الصِّحَاحِ أَلَّبَ بِالْمَكَانِ إِذَا قَامَ بِهِ وَفِي لُغَةٍ لَبَّ وَلَبَّيْكَ مَصْدَرٌ أَيْ إِقَامَةً عَلَى طَاعَتِكِ كَقَوْلِكَ حَمْدًا لِلَّهِ وَشُكْرًا لَهُ فَكَانَ الْأَصْلُ أَنْ يُقَالَ لَبًّا لَكَ وَإِلْبَابًا لَكَ وَهِيَ تَدُلُّ عَلَى التَّكْرَارِ الدَّائِمِ أَيْ إِقَامَةً بَعْدَ إِقَامَةٍ عَلَى طَاعَتِكَ أَبَدًا كَمَا قَالَ تَعَالَى {فَارْجِع الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ} الْملك 4 أَيِ ارْجِعْهُ دَائِمًا فَلَا تَرَى فِي السَّمَاءِ شُقُوقًا وَ {أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ} ق 24 أَيْ إِلْقَاءً بَعْدَ إِلْقَاءٍ

لِأَنَّ التَّثْنِيَةَ أَوَّلُ مَرَاتِبِ التَّكْرَارِ فَدَلَّ بِهَا عَلَيْهِ وَنَظِيرُهُ حَنَانَيْكَ أَيْ هَبْ لَنَا رَحْمَةً بَعْدَ رَحْمَةٍ أَوْ مَعَ رَحْمَةٍ وَدَوَالَيْكَ أَيْ لَكَ دَوْلَةٌ بَعْدَ دَوْلَةٍ وَقَالَ الْخَلِيلُ بَلْ مَعْنَاهُ من قَوْلهم دَار فلَان تلت دَارِي أَيْ تُحَاذِيهَا أَيْ أَنَا مُوَاجِهٌ لِمَا تُحِبُّ إِجَابَةً لَكَ وَزَادَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ قِيلَ مَعْنَاهَا الْإِجَابَةُ أَيْ إِجَابَةً بَعْدَ إِجَابَةٍ وَقِيلَ مَعْنَاهَا الْمَحَبَّةُ مِنْ قَوْلِهِمْ امْرَأَةٌ لَبَّةٌ إِذَا كَانَتْ تُحِبُّ وَلَدَهَا زَادَ الْمَازِرِيُّ فِي الْمُعَلِّمِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ الْإِخْلَاصُ أَيْ إِخْلَاصًا لَكَ وَنَسَبٌ لُبَابٌ إِذا كَانَ خَالِصا ولب الطَّعَام ولبا بِهِ قَالَ وَمَذْهَبُ يُونُسَ أَنَّهُ اسْمٌ مُفْرَدٌ قُلِبَتْ أَلِفُهُ يَاءً نَحْوَ عَلَيْكَ وَلِدِيكَ وَمَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ وَالْجَمَاعَةِ أَنَّهُ تَثْنِيَةٌ قَالَ سَنَدٌ وَيُرْوَى أَنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ عَلَى تَقْدِيرِ نَفْعَلُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْحَمْدَ لَكَ وَبِكَسْرِهَا عَلَى مَعْنَى الْإِخْبَارِ بِثُبُوتِ الْمَحَامِدِ لِلَّهِ وَاسْتَحَبَّهُ مُحَمَّدُ بن الْحسن لِأَنَّهُ ثَنَاء وَالْأول تَعْلِيل والرغب الْمَسْأَلَةُ يُقَالُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَمَعَ الْمَدِّ وَبِضَمِّهَا مَعَ الْقَصْرِ كَالْعَلْيَاءِ وَالْعُلْيَا وَالنَّعْمَاءِ وَالنُّعْمَا تَنْبِيهٌ التَّلْبِيَةُ خَبَرٌ وَمَعْنَاهُ الْوَعْدُ لِلَّهِ تَعَالَى بِالْإِقَامَةِ عَلَى طَاعَتِهِ أَوْ بِالْإِجَابَةِ لَهُ وَالْوَعْدُ إِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُسْتَقْبَلِ وَمُقْتَضَى هَذَا أَنْ يَسْتَمِرَّ إِلَى آخِرِ الْمَنَاسِكِ فِي كُلِّ حَالَةٍ تَبْقَى بَعْدَهَا قُرْبَةٌ مِنَ الْمَنَاسِكِ وَكُلُّ مَنْ قَالَ بِاسْتِصْحَابِهَا إِلَى آخِرِ الْمَنَاسِكِ كَانَ أَكْثَرَ إِعْمَالًا لِمَقْصُودِهَا وَإِذَا قُلْنَا مَعْنَاهَا الْإِجَابَةُ فَقِيلَ هِيَ إِجَابَةُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَيْثُ قِيلَ لَهُ {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالا} الْحَج 27 وَقَالَ سَنَد ويلبي الأعجمي بلغته سُنَنِهَا الْمُوَالَاةُ قَالَ مَالِكٌ وَلَا يَرُدُّ سَلَامًا حَتَّى يَفْرُغَ وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ يَرُدُّ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ وَهِيَ سُنَّةٌ وَيَبْطُلُ عَلَيْهِمْ بِالْأَذَانِ ثُمَّ الْوَاجِبُ إِنَّمَا يقدم إِذا تعذر الْجمع وَهُوَ هَا هُنَا مُمْكِنٌ بِالرَّدِّ بَعْدَ الْفَرَاغِ وَلَيْسَ فِيهَا دُعَاءٌ وَلَا الصَّلَاةُ عَلَيْهِ

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِأَنَّهُ لم ينْقل عَن تلبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَالْمَنَاسِكِ اتْبَاعٌ وَقَالَ ش يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} الشَّرْح 4 أَيْ تذكر حِين أُذْكَرُ كَالْأَذَانِ وَيَدْعُو لِمَا رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا فرغ منن التَّلْبِيَة فِي حج أَو فِي عُمْرَةٍ سَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى رِضْوَانَهُ وَالْجَنَّةَ وَاسْتَعَاذَ بِرَحْمَتِهِ مِنَ النَّارِ وَجَوَابُهُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ عِنْد قطع التَّلْبِيَة فِي الْحَج وَدخُول الْمَسْجِدِ فِي الْعُمْرَةِ وَهِيَ حَالَةُ الدُّعَاءِ غَيْرُ مُرْتَبِط بِالتَّلْبِيَةِ وَيسْتَحب رفع الصَّوْت فِي التَّلْبِيَة للرِّجَال قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَمَرَنِي أَنْ آمُرَ أَصْحَابِي أَوْ مَنْ مَعِي أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّلْبِيَةِ أَوْ باهلال وَرُوِيَ أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سُئِلَ أَيُّ الْحَجِّ أَفْضَلُ قَالَ الثَّجُّ وَالْعَجُّ وَمعنى الثج إِرَاقَة الدِّمَاء وَالْحج رَفْعُ الصَّوْتِ قَالَ مَالِكٌ وَيُلَبِّي خَلْفَ النَّافِلَةِ وَفِي الْفَرِيضَةِ وَفِي الْمَنَازِلِ وَالطُّرُقِ وَحِينَ يَلْقَى النَّاسَ وَبَطْنَ كُلِّ وَادٍ رَاكِبًا وَمَاشِيًا وَنَازِلًا عِنْد الْيَقَظَة وَعند النَّوْمِ لِأَنَّ ذَلِكَ عَادَةُ السَّلَفِ وَهَذَا إِذَا كَانَ ذَاهِبًا فِي إِحْرَامِهِ أَمَّا لَوْ نَسِيَ حَاجَة وَرجع إِلَيْهَا قَالَ مَالك لَا يُلَبِّي أَن هَذَا السَّعْيَ لَيْسَ مِنْ سَعْيِ الْإِحْرَامِ وَلَا تكره التَّلْبِيَة للْجنب وَالْحَائِض لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لعَائِشَة رَضِي الله عهنا حِين حَاضَت افعلي منا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ وَقِيَاسًا عَلَى التَّسْبِيحِ وَفِي الْكِتَابِ يَرْفَعُ وَلَا يسرف وَلَا يرفع فِي الْمَسْجِد وَلَا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَمَسْجِدَ مِنًى وَتَرْفَعُ الْمَرْأَةُ صَوْتَهَا قَدْرَ إِسْمَاعِ نَفْسِهَا قَالَ سَنَدٌ وَرُوِيَ عَنْهُ يَرْفَعُ فِي الْمَسَاجِدِ الَّتِي بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَقَالَ

ش فِي مَسْجِدِ مَكَّةَ وَمَسْجِدِ مِنًى وَمَسْجِدِ عَرَفَةَ وَاخْتُلِفَ فِي عِلَّةِ الْمَنْعِ فَقَالَ أَشْهَبُ لِأَنَّهَا تَكْثُرُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ مِنًى فَلَا يُشْتَهَرُ الْمُلَبِّي وَقِيلَ لِأَنَّ الْمَسَاجِدَ لَمْ تُوضَع لتلبية وَهَذَانِ الْمَسْجِدَانِ لَهُمَا تَعَلُّقٌ بِالْحَجِّ فَلَهُمَا تَعَلُّقٌ بِالتَّلْبِيَةِ وَإِذا قُلْنَا يرفع صَوته وَيسمع نَفْسَهُ وَمَنْ يَلِيهِ وَلِمَالِكٍ فِي زَمَنِ قَطْعِ التَّلْبِيَةِ فِي الْحَجِّ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ ثَلَاثَةً إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ وَرَاحَ يُرِيدُ الصَّلَاةَ بِعَرَفَةَ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَبَعْدَ الزَّوَالِ وَالرَّوَاحِ إِلَى الصَّلَاةِ بِمَسْجِدِ عَرَفَةَ لِأَنَّ التَّلْبِيَةَ إِجَابَةٌ وَقد أجَاب لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْحَجُّ عَرَفَةُ فَقَدْ أَخَذَ فِي الصَّلَاةِ وَالْخُطْبَةِ وَتَكْمِلَةِ الْوُقُوفِ وَنَظِيرُهُ الْمُعْتَمِرُ يَدْخُلُ الْحَرَمَ وَيَأْخُذُ فِي أَسْبَابِ الطَّوَافِ فَإِنَّهُ يَتْرُكُ التَّلْبِيَةَ وَإِذَا فَرَغَ مِنَ الصَّلَاةِ عِنْدَ الرَّوَاحِ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كَانَتْ تَفْعَلُ ذَلِكَ وَبَعْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ لِتُكْمِلَ الْإِجَابَةَ وَبعد جَمْرَة الْعقبَة وَقَالَ ش وح وَجُمْهُور الْعلمَاء لما فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ التَّلْبِيَةَ وَعْدٌ وَأَنَّ الْأَفْضَلَ اسْتِمْرَارُهَا إِلَى آخِرِ الطَّاعَاتِ وَفَرَّقَ ابْنُ الْجُلَّابِ بَيْنَ مَنْ يَأْتِي عَرَفَةَ مُحْرِمًا فَيَقْطَعُ يَوْمَ عَرَفَةَ وَبَيْنَ مَنْ يُحْرِمُ بِعَرَفَةَ فَيُلَبِّي حَتَّى يَرْمِيَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا قَطَعَ التَّلْبِيَةَ فَلَا بَأْسَ بِالتَّكْبِيرِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَكَبِّرَ وَلَا يُرِيدُ الْحَجَّ وَمَنِ اعْتَمَرَ مِنْ مِيقَاتِهِ قَطَعَ التَّلْبِيَةَ إِذَا دَخَلَ الْحَرَمَ وَلَا يُعَاوِدُهَا وَكَذَلِكَ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ وَقَالَ ش لَا يَقْطَعُ حَتَّى يَفْتَتِحَ الطَّوَافَ لِمَا فِي التِّرْمِذِيِّ أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ لَا يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ فِي الْعُمْرَةِ

حَتَّى يَسْتَلِمَ الْحَجَرَ وَفِي الْبُخَارِيِّ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ إِذَا دَخَلَ الْحَرَمَ وَإِنْ أَحْرَمَ مِنَ الْجُعْرَانَةِ أَوِ التَّنْعِيمِ قَطَعَ إِذَا دَخَلَ بُيُوتَ مَكَّةَ أَوْ قُرْبَ الْمَسْجِدِ لِقُرْبِ الْمَسَافَةِ قَالَ سَنَدٌ وَفَرَّقَ فِي الْمُخْتَصَرِ بَيْنَ مَنْ أَحْرَمَ مِنَ التَّنْعِيمِ فَقَطَعَ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْبَيْتِ أَوْ مِنَ الْجُعْرَانَةِ إِذَا جَاءَ مَكَّةَ وَهَذَا كُلُّهُ اسْتِحْسَانٌ وَالْوَاجِبُ التَّلْبِيَةُ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ وَفِي الْكِتَابِ وَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ مُفْرِدًا بِالْحَجِّ أَوْ قَارِنًا فَلَا يُلَبِّي حَتَّى يَبْتَدِئَ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ إِلَى الْفَرَاغِ مِنَ السَّعْيِ فَإِنْ أَبَى فَوَاسِعٌ فَإِذَا فَرَغَ عَادَ إِلَيْهَا قَالَ سَنَدٌ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ أَفْسَدَ حَجَّهُ لِجِمَاعٍ وَمَنْ لَمْ يُفْسِدْهُ وَبَيْنَ أَهْلِ مَكَّةَ وَغَيْرِهِمْ فِي قِطَعِ التَّلْبِيَةِ وَرُوِيَ عَنْهُ يَقْطَعُهَا إِذَا وَصَلَ أَوَائِلَ الْحَرَمِ وَيُعَاوِدُهَا بَعْدَ الطَّوَافِ لِأَنَّهُ وَصَلَ إِلَى مَقْصُودِهِ وَهُوَ فِعْلُ ابْنِ عُمَرَ وَرُوِيَ عَنْهُ إِذَا دَخَلَ مَكَّة لِأَنَّهُ يَأْخُذُ فِي عَمَلِ الطَّوَافِ مِنَ الِاغْتِسَالِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ وَسِيلَةُ الْعُذْرِ الْمَانِعِ مِنْهَا وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ يُلَبِّي وَهُوَ يَطُوفُ لَنَا عَمَلُ الْمَدِينَة أَكثر السَّلَفِ وَالْقِيَاسُ عَلَى طَوَافِ الْعُمْرَةِ وَرَوَى أَشْهَبُ يُعَاوِدُهَا بَعْدَ الطَّوَافِ قَبْلَ السَّعْيِ لِأَنَّ السَّعْيَ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْبَيْتِ وَقَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ قَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ إِذَا تَوَجَّهَ نَاسِيًا لِلتَّلْبِيَةِ وَتَطَاوَلَ ذَلِكَ أَوْ نَسِيَهُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنَ الْحَجِّ عَلَيْهِ دَمٌ وَإِنْ رَجَعَ مَعَ الطَّوْلِ وَلَا يُسْقِطُهُ الرُّجُوعُ بِخِلَافِ مَنْ لَبَّى أَوَّلَ إِحْرَامِهِ ثُمَّ يَتْرُكُ نَاسِيًا أَوْ عَامِدًا لَا دَمَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَتَى بِالتَّلْبِيَةِ أَوَّلًا حِينَ خُوطِبَ بِهَا وَلَيْسَتْ مَحْصُورَةً بَعْدَ ذَلِكَ فَاسْتَحَقَّتْ الْمَقْصِدُ الثَّانِي دُخُولُ مَكَّةَ وَفِي الْجَوَاهِرِ يَغْتَسِلُ بِذِي طوى ويدخلها من ثَنِيَّةِ كَدَاءٍ بِفَتْحِ الْكَافِ وَالْمَدِّ وَهِيَ الصُّغْرَى الَّتِي بأعلا مَكَّة

وَيَهْبِطُ مِنْهَا عَلَى الْأَبْطَحِ وَالْمَقْبَرَةُ فِيهَا عَلَى يَسَارِكَ وَأَنْتَ نَازِلٌ مِنْهَا وَيَخْرُجُ مِنْ ثَنِيَّةِ كُدَيٍّ بِضَمِّ الْكَافِ وَفَتْحِ الدَّالِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ عَلَى التَّصْغِيرِ وَهِيَ الْوُسْطَى الَّتِي بِأَسْفَلِ مَكَّةَ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَدْخُلُ مَكَّةَ مِنَ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا وَيَخْرُجُ مِنَ الثَّنِيَّةِ السُّفْلَى وَرُوِيَ الْفَتْحُ فِي كَافِ الِاثْنَيْنِ والسر فِي هَذَا الدُّخُول أَن نِسْبَة بَاب الْبَيْت إِلَيْهِ كنبسة وَجْهِ الْإِنْسَانِ إِلَيْهِ وَأَمَاثِلُ النَّاسِ إِنَّمَا يُقْصَدُونَ من جِهَة وُجُوههم لَا من ظُهُورِهِمْ وَمَنْ أَتَى مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ لَمْ يَأْتِ مِنْ قُبَالَةِ الْبَابِ ثُمَّ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ لِأَنَّهُ قُبَالَةُ الْبَيْتِ فَيَأْتِي الرُّكْنَ الْأَسْوَدَ لِأَنَّ جَنْبَيِ الْبَابِ كَيَمِينِ الْإِنْسَانِ وَيَسَارِهِ فَالَّذِي يُقَابِلُ يَمِينَ الْمُسْتَقْبل للبيت يسَار الْبَيْت وَيَمِين الْبَيْت قبالة يسَار الْمُسْتَقْبل لَهُ وَفِي هَذَا الْموضع الْحجر فَجعل الْبِدَايَة باليَمِينُ لفضله أَوْ لِفَضِيلَةِ الْحَجَرِ فِي نَفْسِهِ فَيَبْتَدِئُ بِطَوَافِ الْقُدُومِ لِأَنَّ الْقُدُومَ عَلَى الْأَمَاثِلِ يُوجِبُ التَّحِيَّةَ عَلَيْهِمْ وَبَيْتُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ كَبَيْتِ الْمَلِكِ فِي دَوْلَتِهِ فَشَرَعَ اللَّهُ تَعَالَى طَوَافَ الْقُدُومِ إِظْهَارًا لِاحْتِرَامِ الْعَبْدِ لِبَيْتِ الرَّبِّ وتميزا لَهُ عَنْ غَيْرِهِ كَمَا شَرَعَ الصَّلَاةَ فِي دُخُولِ الْمَسَاجِدِ لِذَلِكَ وَكَذَلِكَ شَرَعَ طَوَافَ الْوَدَاعِ لِأَنَّ الْقَادِمَ يَنْبَغِي لَهُ السَّلَامُ إِذَا فَارَقَ وَلَمَّا كَانَ السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مُحَالًا لِكَوْنِهِ سَالِمًا لِذَاتِهِ فَلَا يُدْعَى لَهُ بِالسَّلَامَةِ جُعِلَتِ الصَّلَاةُ وَالطَّوَافُ بَدَلًا مِنْهُ لِتَمْيِيزِ جَنَابِ الرُّبُوبِيَّةِ عَنْ غَيْرِهَا وَفِي الْكِتَابِ يُسْتَحَبُّ دُخُولُهَا نَهَارًا لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ إِذَا دَنَا مِنْ مَكَّةَ بَاتَ بِذِي طُوًى بَيْنَ الثَّنِيَّتَيْنِ حَتَّى يُصْبِحَ ثُمَّ يُصَلِّيَ الصُّبْحَ ثُمَّ يَدْخُلَ مِنَ التَّثْنِيَة الَّتِي بأعلا مَكَّةَ وَلَا يَدْخُلُ إِذَا خَرَجَ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا حَتَّى يَغْتَسِلَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ إِذَا دنا مَكَّة بِذِي

طُوًى وَيَأْمُرُ مَنْ مَعَهُ فَيَغْتَسِلُونَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلُوا وَلِمَا فِيهِ مِنَ التَّمَكُّنِ مِنْ آدَابِ الدُّخُولِ وَذُو طُوًى رَبَضٌ مِنْ أَرْبَاضِ مَكَّةَ فِي طَرَفِهَا فَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ اسْتَلَمَ الْحَجَرَ الْأسود بِفِيهِ إِن قدر وَإِلَّا فليمسه بِيَدِهِ ويضعها على فِيهِ من غير تَقْبِيل وَإِذَا لَمْ يُصَلِّ كَبَّرَ إِذَا حَاذَاهُ وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ جَمِيعَ ذَلِكَ وَلَا يُقَبِّلُ بِفِيهِ الرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ وَلَكِنْ يَلْمِسُهُ بِيَدِهِ ويضعها على فِيهِ من غير تَقْبِيل وَإِن لم يَسْتَطِيع كَبَّرَ وَمَضَى وَكُلَّمَا مَرَّ بِهِ فِي طَوَافٍ وَاجِبٍ أَوْ تَطَوُّعٍ إِنْ شَاءَ اسْتَلَمَ أَوْ تَرَكَ وَلَا يَدَعُ التَّكْبِيرَ كُلَّمَا حَاذَاهُ فِي طَوَافٍ وَاجِبٍ أَوْ تَطَوُّعٍ وَلَا يَسْتَلِمُ الرُّكْنَيْنِ اللَّذَيْنِ يَلِيَانِ الْحَجَرَ وَلَا يُقَبَّلَانِ وَلَا يُكَبِّرُ إِذَا حَاذَاهُمَا وَأَنْكَرَ مَالِكٌ قَوْلَ النَّاسِ إِذَا حَاذُوا الرُّكْنَ الْأَسْوَدَ إِيمَانًا بِكَ وَتَصْدِيقًا بِكِتَابِكَ وَوَضْعَ الْخَدَّيْنِ وَالْجَبْهَةِ عَلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ وَيَسْتَلِمُهُ غَيْرُ الطَّائِفِ وَبَعْدَ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ قَبْلَ الْخُرُوجِ إِلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ إِنْ شَاءَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ مِنَ السَّعْيِ لِيَسْتَلِمَهُ قَبْلَ الرَّوَاحِ لِمَنْزِلِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ قَالَ سَنَدٌ قَالَ مَالِكٌ وَيَغْتَسِلُ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ لِدُخُولِ مَكَّةَ بِذِي طُوًى قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَيَغْسِلُ جَسَدَهُ دُونَ رَأْسِهِ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا لَا يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ إِلَّا لِجَنَابَةٍ وَالْمَعْرُوفُ مِنَ الْمَذْهَبِ غُسْلُ الْجَسَدِ وَالرَّأْسِ مَعَ الرِّفْقِ فِي صَبِّ الْمَاءِ قَالَ مَالك زلا تَغْتَسِلُ النُّفَسَاءُ وَلَا الْحَائِضُ وَقَالَ ش يَغْتَسِلَانِ لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لَمَّا حَاضَتْ افْعَلِي مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ وَلِأَنَّ مَقْصُودَهُ التَّطَيُّبُ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ قَدِمَ بَعْدَ الْعَصْرِ أَقَامَ بِذِي طُوًى حَتَّى يُمْسِيَ لِيَصِلَ بَيْنَ طَوَافِهِ وَرُكُوعِهِ وَسَعْيِهِ فَإِنْ دَخَلَ فَلَا بَأْسَ بِتَأْخِيرِ الطَّوَافِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَيَرْكَعُ وَيَسْعَى إِنْ كَانَ بِطُهْرٍ وَاحِدٍ فَإِن انْتقصَ وضؤه أَعَادَ الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ وَيُقَدِّمُ الْمَغْرِبَ عَلَى رَكْعَتَيِ الطّواف فَإِن دخل قبل طُلُوع الشَّمْس فالمذاهب أَنَّهُ لَا يَطُوفُ فَإِنْ طَافَ فَلَا يَرْكَعُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَجَوَّزَ مُطَرِّفٌ الرُّكُوعَ فَعَلَى قَوْلِهِ يَدْخُلُ فَيَطُوفُ وَاسْتَحَبَّ مَالِكٌ لِلْمَرْأَةِ إِذَا قَدِمَتْ نَهَارًا أَنْ تُؤَخِّرَ الطَّوَافَ إِلَى اللَّيْلِ قَالَ مَالِكٌ وَمَا سَمِعْتُ رَفْعَ الْيَدَيْنِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْبَيْتِ أَوْ عِنْدَ الرُّكْنِ

واستحبه ابْن حبيب لِمَا رُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ كَانَ إِذَا رَأَى الْبَيْتَ رَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ اللَّهُمَّ زِدْ هَذَا الْبَيْتَ تَشْرِيفًا وَتَعْظِيمًا وَمَهَابَةً وَزِدْ مَنْ شَرَّفَهُ وَكَرَّمَهُ مِمَّنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ تَشْرِيفًا وَتَعْظِيمًا وَقَالَهُ ش وَابْن حَنْبَل قَالَ مَالِكٌ وَلَا يُبْدَأُ فِي الْمَسْجِدِ بِالرُّكُوعِ وَلَكِن باستلام الرُّكْن وَالطّواف لفعله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَلِكَ وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ طَوَافَ الْقُدُومِ وَاجِبٌ فَيُقَدَّمُ عَلَى الرُّكُوعِ إِلَّا أَنْ يَجِدَ الْإِمَامَ فِي فَرْضٍ فَيُصَلِّيَ مَعَهُ ثُمَّ يَطُوفَ أَوْ يَخَافَ فَوَاتَ الْمَكْتُوبَةِ وَرَوِيَ عَنْ مَالِكٍ وش تَقْبِيلُ يَدِهِ كَمَا يُقَبَّلُ الْحَجَرُ وَحُجَّةُ الْمَشْهُورِ أَنَّ التَّقْبِيلَ فِي الْحَجَرِ تَعَبُّدٌ وَلَيْسَتِ الْيَدُ بِالْحجرِ حجَّة ش أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - طَافَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ عَلَى بَعِيرٍ يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ بِمِحْجَنٍ وَيُقَبِّلُ الْمِحْجَنَ جَوَابُهُ أَنَّهُ كَانَ يُرَى يُلْصِقُ الْمِحْجَنَ عَلَى فِيهِ فَاعْتُقِدَ تَقْبِيلُهُ والمحجن عود معقوف الرَّأْس ويروى عَنهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ الْحَجَرُ وَالْمَقَامُ يَاقُوتَتَانِ مِنْ يَوَاقِيتِ الْجَنَّةِ فَلَوْلَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى طَمَسَ نُورَهُمَا لاضاآ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَأَنَّ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَهُ عَيْنَانِ وَلِسَانٌ يَشْهَدُ لِمَنِ اسْتَلَمَهُ بِحَقٍّ وَفِي التِّرْمِذِيِّ أَنَّهُ مِنَ الْجنَّة وَكَانَ أَشد بَيَاضًا ماللبن فَسَوَّدَتْهُ خَطَايَا بَنِي آدَمَ وَرُوِيَ أَنَّهُ يَمِينُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ عَهْدُ اللَّهِ الَّذِي مَنِ الْتَمَسَهُ كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ وَلَمَّا كَانَتِ الْعُهُودُ عِنْدَ الْعَرَبِ بِوَضْعِ الْيَمِينِ فِي الْيَمِينِ مِنَ الْمُتَعَاهِدِينَ سُمِّيَ الْعَهْدُ يَمِينًا أَوْ ضُرِبَ مَثَلًا لِلْقُرْبِ مِنَ اللَّهِ

تَعَالَى كَمَا جَاءَ الْمُصَلِّي يَسْجُدُ عَلَى قَدَمِ الرحمان فَمَنْ وَصَلَ إِلَى قَدَمِ الْمَلِكِ فَقَدْ قَرُبَ مِنْهُ أَوْ لِأَنَّهُ يَمِينُ الْبَيْتِ وَهُوَ بَيْتُ اللَّهِ تَعَالَى وَقَدْ أُقِيمَ الطَّوَافُ بِهِ مَقَامَ السَّلَامِ عَلَيْهِ فَلَمَّا أُقِيمَ الْبَيْتُ مَقَامَ رَبِّهِ أُقِيمَ نِسْبَةَ يَمِينِهِ إِلَيْهِ وَاخْتُلِفَ فِي الِاسْتِلَامِ فَقِيلَ مِنَ السَّلَامِ بِكَسْرِ السِّينِ الَّتِي هِيَ الْحِجَارَةُ وَلَمَّا كَانَ لَمْسًا لِلْحَجَرِ قِيلَ لَهُ اسْتِلَامًا وَقِيلَ مِنَ السَّلَامِ بِفَتْحِ السِّينِ فَإِنَّ ذَلِكَ الْفِعْلَ سَلَامٌ عَلَى الْحَجَرِ وَقِيلَ أَصْلُهُ مَهْمُوز استلأم من الملائمة الَّتِي هِيَ الْمُوَافَقَةُ كَأَنَّهُ مُوَافِقٌ لِتَعْظِيمِ الْحَجَرِ أَوِ الشَّرْعِ فِي تَعْظِيمِهِ الْمَقْصِدُ الثَّالِثُ الطَّوَافُ وَصِفَةُ الطَّوَافَاتِ كُلِّهَا وَاحِدَةٌ وَفِيهِ فَصْلَانِ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ شَرَائِطُهُ وَهِيَ تِسْعَةٌ فَالثَّلَاثَةُ الْأُولَى فِي الْجَوَاهِرِ طَهَارَةُ الْحَدَثِ وَطَهَارَةُ الْخُبْثِ وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ إِلَّا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَاحَ فِيهِ الْكَلَامَ وَلَمَّا حَاضَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ الله عَنْهَا بَكت فَأمرهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنْ تُرْدِفَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَأَبَاحَ لَهَا الطَّوَافَ وَقَالَهُ ش وَقَالَ ح والمغيره لَا يشْتَرط الطَّهَارَةُ قِيَاسًا عَلَى الْوُقُوفِ بَلْ هِيَ سُنَّةٌ إِنْ طَافَ مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ شَاةٌ أَوْ جُنُبًا فَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْقِيَاسَ فِي مَعْرِضِ النَّصِّ فَاسِدٌ وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْبَيْتِ فَأَشْبَهَتِ الصَّلَاةَ بِخِلَافِ الْوُقُوفِ وَإِذَا قُلْنَا بِاشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ مَعَ الذِّكْرِ وَالنِّسْيَانِ فَكَذَلِك هَا هُنَا وَإِنْ قُلْنَا لَيْسَتْ شَرْطًا مُطْلَقًا فَكَذَلِكَ فِي الطَّوَافِ وَإِنْ قُلْنَا مَعَ الذِّكْرِ فَكَذَلِكَ فِي الطَّوَافِ وَفِي الْكِتَابِ مَنْ طَافَ الطَّوَافَ الْوَاجِبَ وَفِي ثَوْبِهِ أَوْ جَسَدِهِ نَجَاسَةٌ لَمْ يُعِدْ وَإِنْ صَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ بِذَلِكَ أَعَادَهُمَا إِنْ كَانَ قَرِيبا وَلم ينْتَقض

وضؤه فَإِن انتفض وضؤه أَوْ طَالَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِخُرُوجِ وَقْتِ الصَّلَاةِ وَقَالَ أَصْبَغُ سَلَامُهُ كَخُرُوجِ الْوَقْتِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنْ طَافَ غَيْرَ مُتَطَهِّرٍ أَعَادَ فَإِنْ رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ قَبْلَ الْإِعَادَةِ رَجَعَ مِنْ بَلَدِهِ عَلَى إِحْرَامِهِ فَطَافَ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ يُعِيدُ مَا دَامَ بِمَكَّةَ فَإِنْ أَصَابَ النِّسَاءَ وَخَرَجَ إِلَى بَلَدِهِ أَجْزَأَهُ وَقَالَ أَشْهَبُ بَعْدَ فَرَاغِهِ بِالنَّجَاسَةِ أَعَادَ الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ فِيمَا قَرُبَ إِنْ كَانَ وَاجِبًا وَإِنْ تَبَاعَدَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيَهْدِي وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ الشَّرْطُ الرَّابِعُ الْمُوَلَاةُ لِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الطَّوَافَ كَذَلِكَ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا نَسِيَ الْمُعْتَمِرُ شَوْطًا ابْتَدَأَ الطَّوَافَ وَرَكَعَ وَسَعَى وَأَمَرَّ الْمُوسَى عَلَى رَأْسِهِ وَقَضَى عُمْرَةً وَأَهْدَى وَلَوْ أَرْدَفَ الْحَجَّ عَلَى عُمْرَتِهِ بَعْدَ إِكْمَالِ حَجِّهِ ثُمَّ ذَكَرَ بِعَرَفَةَ شَوْطًا مِنْ طَوَافِهِ مَضَى عَلَى قِرَانِهِ قَالَ سَنَدٌ هَذَا عَلَى الْمَشْهُورِ فِي وُجُوبِ السَّبْعَةِ وَبِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ وَقَدْ كَانَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَغْتَفِرُ الشَّوْطَيْنِ لِأَنَّ الْأَقَلَّ تَبَعٌ لِلْأَكْثَرِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ لَوْ ذَكَرَ شَوْطًا بِالْقُرْبِ وَلم ينْتَقض وضوؤه عَادَ إِلَيْهِ بِالْقُرْبِ اتِّفَاقًا كَمَا يَرْجِعُ إِلَى الصَّلَاةِ وَإِنْ طَالَ بَطَلَ الطَّوَافُ عِنْدَ مَالِكٍ وش وَابْنِ حَنْبَلٍ قِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ وَلَا يَبْطُلُ عِنْدَ ح قِيَاسًا عَلَى الزَّكَاةِ وَالْمَذْهَبُ بُطْلَانُهُ بِنَقْضِ الْوُضُوءِ وَإِنْ قَرُبَ كَالصَّلَاةِ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَبْطُلُ قَالَ مَالِكٌ الشَّكُّ فِي الْإِكْمَال كتيقن النَّقْض وَلَوْ أَخْبَرَهُ آخَرُ بِالْإِكْمَالِ أَجْزَأَ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ خَرَجَ فِي أَثْنَاءِ طَوَافِهِ فَصَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ أَوْ طَلَبَ نَفَقَةً نَسِيَهَا ابْتَدَأَ الطَّوَافَ وَلَا يَخْرُجُ مِنْ طَوَافِهِ إِلَّا لِصَلَاةِ الْفَرِيضَةِ لِأَنَّ التَّفْرِيقَ الْيَسِيرَ لَا يَبْطُلُ لَا سِيَّمَا لِضَرُورَةِ الصَّلَاةِ قَالَ سَنَدٌ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ يَبْنِي قَبْلَ أَنْ يَنْتَقِلَ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَخْرُجَ عَلَى كَمَالِ شَوْطٍ عِنْدَ الْحَجَرِ فَإِنْ خَرَجَ مِنْ غَيْرِهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَدْخُلُ مِنْ مَوْضِعِ خَرَجَ فَإِنْ بَقِيَ مِنَ الطَّوَافِ شَوْطَانِ أَتَمَّهُمَا إِلَى أَن تعتدل الصُّفُوفُ فَإِنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِم يَبْتَدِئ

طَوَافَهُ وَقَالَ أَشْهَبُ مَعَ الْأَكْثَرِينَ يَبْنِي وَلَا يَقْطَعُهُ لِرَكْعَتَيِ الْفَجْرِ إِلَّا فِي التَّطَوُّعِ وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ يَبْنِي إِذَا خَرَجَ لِلنَّفَقَةِ إِنْ لَمْ يُطِلْ وَهُوَ أَعْذَرُ مِنَ الْجِنَازَةِ الشَّرْطُ الْخَامِسُ التَّرْتِيبُ خِلَافًا لِ ح وَوَافَقَنَا ش وَفِي الْجَوَاهِر هُوَ أَنْ يَجْعَلَ الْبَيْتَ عَلَى يَسَارِهِ وَيَبْتَدِئَ بِالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَلَوْ جَعَلَهُ عَلَى يَمِينِهِ لَمْ يَصِحَّ وَلَزِمَتْهُ الْإِعَادَةُ لِأَنَّ جَنْبَيْ بَابِ الْبَيْتِ نِسْبَتُهُمَا إِلَيْهِ كَنِسْبَةِ يَمِينِ الْإِنْسَانِ وَيَسَارِهِ إِلَيْهِ فَالْحَجَرُ مَوْضِعُ الْيَمِينِ لِأَنَّهُ يُقَابِلُ يَسَارَ الْإِنْسَانِ وَبَابُ الْبَيْتِ وَجْهُهُ فَلَوْ جَعَلَ الْحَجَرَ عَلَى يَمِينِهِ لِأَعْرَضَ عَنْ بَابِ الْبَيْتِ الَّذِي هُوَ وَجْهُهُ وَلَوْ جَعَلَهُ عَلَى يَسَارِهِ أَقْبَلَ عَلَى الْبَابِ وَلَا يَلِيق بالأدب الْإِعْرَاض عَن وُجُوه الأمائل وَتَعْظِيمُ بَيْتِ اللَّهِ تَعَالَى تَعْظِيمٌ لَهُ وَقِيلَ إِنْ رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ لَمْ تَلْزَمْهُ إِعَادَةٌ وَلَوْ بَدَأَ بِغَيْرِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ لَمْ يُعْتَدَّ بِذَلِكَ الشَّوْطِ إِلَى أَنْ يَنْتَهِيَ إِلَى الْحَجَرِ فَمِنْهُ يَبْتَدِئُ الِاحْتِسَابُ قَالَ سَنَدٌ الْبِدَايَةُ عِنْدَ مَالِكٍ بِالْحَجَرِ سُنَّةٌ فَإِذَا بَدَأَ بِالرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ فَإِذَا فَرَغَ مِنْ سَعْيِهِ أَتَمَّ ذَلِكَ وَتَمَادَى مِنَ الْيَمَانِيِّ إِلَى الْأَسْوَدِ فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى طَال أَو انْتقض وضؤه أَعَادَ الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ فَإِنْ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ أَجْزَأَهُ وَأَهْدَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} الْحَج 29 وَهَذَا قَدْ طَافَ فَإِنْ تَرَكَهُ عَامِدًا ابْتَدَأَ وَإِنِ ابْتَدَأَ الطَّوَافَ مِنْ بَيْنِ الْحَجَرِ وَالْبَابِ بِالشَّيْءِ الْيَسِيرِ أَجْزَأَهُ وَإِنْ بَدَأَ بِبَابِ الْبَيْتِ إِلَى الرُّكْنِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ وَالْبِدَايَةُ بِالْحَجَرِ شَرْطٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَسُنَّةٌ عِنْدَ مَالِكٍ فَلَو ابْتَدَأَ بالركن الْيَمَانِيّ فَإِذا فرغ سَعْيِهِ تَمَادَى مِنَ الْيَمَانِيِّ إِلَى الْأَسْوَدِ فَإِنْ لم يذكر حَتَّى طَال أَو انْتقض وضؤه أعَاد الطّواف وَالسَّعْي فَإِن خرج مَكَّةَ أَجْزَأَهُ الْهَدْيُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} الْحَج 29 الشَّرْطُ السَّادِسُ أَنْ يَخْرُجَ بِجُمْلَةِ جَسَدِهِ عَنِ الْبَيْتِ وَفِي الْكِتَابِ لَا يُعْتَدُّ بِمَا طَافَ دَاخِلَ الْحِجْرِ وَيَبْنِي عَلَى مَا طَافَ خَارِجًا مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ فَلْيَرْجِعْ وَهُوَ كَمَنْ لَمْ يطف لقَوْله تَعَالَى {وليطوفوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيق}

وَالْحِجْرُ بَقِيَّةُ الْبَيْتِ فَلَا يُجْزِئُ دَاخِلُهُ وَلَا شَاذْرُوَانُهُ خِلَافًا لِ ح الشَّرْطُ السَّابِعُ أَنْ يَكُونَ دَاخِلَ الْمَسْجِدِ فَفِي الْكِتَابِ مَنْ طَافَ مِنْ وَرَاءِ زَمْزَمَ وَفِي سَقَائِفِ الْمَسْجِدِ مِنْ زِحَامِ النَّاسِ أَجْزَأَهُ وَإِنْ طَافَ فِي السَّقَائِفِ لِغَيْرِ زِحَامٍ لِحَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَعَادَ قَالَ سَنَدٌ يُسْتَحَبُّ الدُّنُوُّ مِنَ الْبَيْتِ كَالصَّفِّ الْأَوَّلِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُجْزِئُ مَنْ طَافَ خَارِجَ السَّقَائِفِ كَالطَّائِفِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ أَوْ مِنْ وَرَاءِ الْحَرَمِ وَالْفَرْقُ أَنَّ اتِّصَالَ الزِّحَامِ يَصِيرُ الْجَمِيعُ مُتَّصِلًا بِالْبَيْتِ كَاتِّصَالِ الزِّحَامِ بِالطُّرُقَاتِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَمَعَ عَدَمِ الزِّحَامِ الطَّائِفُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ يُعَدُّ طَائِفًا بِالْمَسْجِدِ لَا بِالْبَيْتِ وَخَرَّجَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ الْمَنْعَ مِنْ وَرَاءِ زَمْزَمَ عَلَى مَنْعِ أَشْهَبَ فِي السَّقَائِفِ وَالْفَرْقُ أَنَّ زَمْزَمَ فِي بَعْضِ الْجِهَاتِ عَارِضٌ فِي طَرِيقِ الطَّائِفِينَ فَلَا يُؤَثِّرُ كَالْمَقَامِ لِوَجْهَيْنِ فِي الْمَطَافِ قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ مَنْ طَافَ فِي سَقَائِفِ الْمَسْجِدِ لَا يَرْجِعُ لِذَلِكَ مِنْ بَلَدِهِ وَقَالَ ابْنُ شَبْلُونٍ يَرْجِعُ كَمَنْ لَمْ يَطُفْ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ هَلْ يُجْزِئُهُ الْهَدْيُ أَوْ يَرْجِعُ قَوْلَانِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ الشَّرْطُ الثَّامِنُ إِكْمَالُ الْعَدَدِ وَهُوَ مَعْلُومٌ مِنْ ضَرُورَةِ الدِّينِ وَفِي حَدِيثِ ابْن عمر أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خب ثَلَاثَة أطواف وَمَشى أَرْبعا وَفِي الْكتاب من نسي الشوط السَّابِع رَكَعَ وَسَعَى فَإِنْ كَانَ قَرِيبًا طَافَ شَوْطًا وَاحِدًا وَرَكَعَ وَسَعَى وَإِنْ طَالَ أَوِ انْتَقَضَ وضؤه ابْتَدَأَ الطَّوَافَ وَسَعَى فَلَوْ رَاحَ إِلَى بَلَدِهِ رَجَعَ وَإِنْ أَصَابَ النِّسَاءَ فَعَلَ كَمَا يَفْعَلُ مَنْ طَافَ وَسَعَى عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ قَالَ سَنَدٌ إِطْلَاقُ الْأَطْوَافِ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَجَوَّزَ مَالِكٌ الْأَشْوَاطَ وَكَرِهَ ش الْأَشْوَاطَ وَالْأَدْوَارَ وَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثِ الرَّمَلِ الْأَشْوَاطُ

والجميع وَاجِب عِنْد مَالك وش وَابْنِ حَنْبَلٍ وَالصَّحِيحُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لفعله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَكَانَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُخَفِّفُ فِي الشَّوْطَيْنِ وَيَجْعَلُ الْأَقَلَّ تَبَعًا لِلْأَكْثَرِ ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ ح إِن طَاف أَرْبعا لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ إِنْ كَانَ بِمَكَّةَ وَإِلَّا جَبَرَهُ بِدَمٍ كَإِدْرَاكِ السُّجُودِ بِالرُّكُوعِ الشَّرْطُ التَّاسِعُ اتِّصَالُ رَكْعَتَيْنِ بِهِ فَإِنْ قُلْتَ الشَّرْطُ يَجِبُ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْمَشْرُوطِ وَهَذَا مُتَأَخِّرٌ فَكَيْفَ يُجْعَلُ شَرْطًا قُلْتُ الْمَشْرُوطُ صِحَّةُ الطَّوَافِ وَهِيَ مُتَأَخِّرَةٌ عَنِ الرُّكُوعِ مَعَ الْإِمْكَانِ وَالرُّكُوعُ يَتَأَخَّرُ عَنِ الْفِعْلِ فَقَطْ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ هُمَا سُنَّةٌ وَقَالَ أَبُو الْوَلِيدِ الْأَظْهَرُ وُجُوبُهُمَا فِي الطَّوَافِ الْوَاجِبِ وَيَجِبَانِ بِالدُّخُولِ فِي التَّطَوُّعِ وَقَالَ أَبُو الطَّاهِرِ هُمَا تَابِعَانِ لِلطَّوَافِ فِي الْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ قَالَ سَنَدٌ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَرْبَابِ الْمَذَاهِبِ أَنَّهُمَا لَيْسَتَا رُكْنًا وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُمَا وَاجَبَتَانِ يُجْبَرَانِ بِالدَّمِ وَقَالَهُ ح وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ لَا دم فيهمَا لنا قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْ تَرَكَ نُسُكًا فَعَلَيْهِ دَمٌ وَلِأَنَّهُمَا عِبَادَةٌ بَعْدَ الطَّوَافِ فَيَجِبَانِ كَالسَّعْيِ فَإِذَا ذَكَرَهُمَا فِي سَعْيِهِ رَجَعَ فَرَكَعَ لِيَقَعَ السَّعْيُ بُعْدَهُمَا وَهُوَ سنة إِن كَانَ على وضوء وَإِلَّا تَوَضَّأَ وَأَعَادَ الطَّوَافَ وَإِنْ قَرُبَ قَالَهُ مَالك وَقَالَ ابْن حبيب إِن انْتقض وضؤه ابْتَدَأَ الطَّوَافَ إِنْ كَانَ وَاجِبًا وَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي التَّطَوُّعِ وَنَظِيرُهُ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ سُجُودُ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ إِذَا أَخَّرَهُ بَعْدَ السَّلَامِ ثُمَّ أَحْدَثَ أَعَادَ الصَّلَاةَ عَلَى قَوْلٍ فَإِنْ ذَكَرَهُمَا بَعْدَ السَّعْيِ قَالَ مَالِكٌ يَرْكَعُهُمَا وَيُعِيدُ السَّعْيَ قِيَاسًا عَلَى الشَّوْطِ يَنْسَاهُ فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى طَالَ ذَلِكَ أَيَّامًا وَرَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَرْكَعُهُمَا مَكَانَهُ فِي سَائِرِ الطَّوَافَاتِ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَيَهْدِي وَطِئَ النِّسَاءَ أَمْ لَمْ يَطَأْ فَإِنْ ذَكَرَ بِمَكَّةَ أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا وَلَمْ يَطَأْ فَإِنْ كَانَتَا مِنْ طَوَافِ الْقُدُومِ وَلَيْسَ بِمُرَاهِقٍ رَجَعَ فَطَافَ وَسَعَى وَأَهْدَى أَوْ مِنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ طَافَ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ لِأَنَّ طَوَافَ الْقُدُومِ مُتَعَيِّنُ الْوَقْتِ بِخِلَافِ الْإِفَاضَةِ فَإِنْ كَانَتَا مِنْ طَوَافِ الْقُدُومِ الَّذِي أَخَّرَهُ وَهُوَ مُرَاهِقٌ أَوْ أَحْرَمَ من

مَكَّة أَو كَانَتَا من عمْرَة وَسَعَى وَلَا دَمَ عَلَيْهِ وَإِنْ وَطِئَ وَهُمَا مِنْ أَيِّ طَوَافٍ كَانَ فَتَذَكَّرَ بِمَكَّةَ أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا طَافَ وَسَعَى لِمَا فِيهِ سَعْيٌ وَأَهْدَى وَاعْتَمَرَ وَإِنْ رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ رَكَعَهُمَا مَكَانَهُ وَأَهْدَى وَيُخْتَلَفُ فِي جَعْلِ النِّسْيَانِ عُذْرًا كَالْمُرَاهَقَةِ فَيَسْقُطُ الدَّمُ وَإِذَا قُلْنَا تَخْتَصُّ الْإِفَاضَةُ بِوَقْتٍ مُعَيَّنٍ وَجَبَ الدَّمُ وَعَلَى رَأْيِ أَشْهَبَ يَجِبُ الدَّمُ فِي الْعُمْرَةِ لِلتَّفْرِيقِ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْكِتَابِ إِنْ كَانَتَا مِنْ عُمْرَةٍ وَرَجَعَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يَلْبَسَ الثِّيَابَ وَيَتَطَيَّبَ فَالدَّمُ يَنُوبُ عَنْهُمَا وَقَالَ الْمُغِيرَةُ يَرْجِعُ لَهُمَا لِأَنَّ فِعْلَهُمَا لَا يَفُوتُ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ لِأَنَّهُمَا لَيْسَتَا بِرُكْنٍ وَلَا تَخْتَصَّانِ بِمَكَانٍ وَاجِب وَلِهَذَا لوصلاهما بِغَيْرِ الْمَقَامِ أَجْزَأَهُ فَلَا يَرْجِعُ لَهُمَا إِلَّا مَعَ الْقُرْبِ كَطَوَافِ الْوَدَاعِ فَإِنْ جَمَعَ وَهُوَ بِمَكَّةَ اسْتُحِبَّ لَهُ الْعُمْرَةُ بَعْدَ الْإِصْلَاحِ لِأَنَّهُ كَانَ مَأْمُورًا بِإِعَادَةِ السَّعْيِ وَالطَّوَافِ لِتَحْصِيلِ الْفَضِيلَةِ وَاسْتَحَبَّ مَالِكٌ الْفِدْيَةَ إِنْ لَبِسَ أَوْ تَطَيَّبَ تشبها بالمحرمين وَفِي الْكِتَابِ لَا تُجْزِئُ الْمَكْتُوبَةُ عَنْهُمَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّدَاخُلِ وَمَنْ لَمْ يَرْكَعْهُمَا حَتَّى دَخَلَ فِي أُسْبُوعٍ آخَرَ قَطَعَ وَرَكَعَ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى أَتَمَّهُ رَكَعَ لِكُلِّ أُسْبُوعٍ رَكْعَتَيْنِ لِأَن السَّعْي تَفْرِيق يَسِيرٌ لَا يُخِلُّ بِهِمَا وَمَنْ جَاءَ فِي غَيْرِ إِبَّانِ الصَّلَاةِ أَخَّرَهُمَا إِلَى الْحِلِّ أَجْزَأَتَا إِلَّا أَن ينْتَقض وضؤه فَيَبْتَدِئُ الطَّوَافَ إِنْ كَانَ وَاجِبًا وَيَرْكَعُ إِلَّا أَنْ يَتَبَاعَدَ فَيَرْكَعُهُمَا وَيَهْدِي وَلَا يَرْجِعُ قَالَ سَنَدٌ وَلَوْ أَخَّرَهُمَا أَرْبَعَةَ أَسَابِيعٍ لَرَكَعَ وَصَحَّ وَلَو أخر ذَلِك عَامِدًا يخرج عَلَى اشْتِرَاطِ الْمُوَالَاةِ وَالْجَوَازِ لِجَوَازِ الطَّوَافِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَتَأْخِيرِ الرُّكُوعِ إِلَى الْغُرُوبِ وَقَدْ قُلْنَا إِذَا نَسِيَ رَكَعَ فِي بَلَدِهِ وَلَوْ أَنَّ الطَّوَافَ صَحِيحٌ لَوَجَبَ الرُّجُوعُ وَفِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا تَمْنَعُوا أَحَدًا يَطُوفُ بِهَذَا الْبَيْتِ وَيُصَلِّي أَيَّ سَاعَةٍ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ فَخَصَّ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ بِرَكْعَتَيِ الطَّوَافِ وَبَعْضُهُمْ بِالدُّعَاءِ قَالَ سَنَدٌ وَيُحْتَمَلُ تَخْصِيصُ ذَلِكَ بِغَيْرِ أَوْقَاتِ النَّهْيِ وَقَدْ طَافَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَعْدَ الصُّبْحِ وَلَمْ يَرْكَعْ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِذَا أَخَّرَهُمَا إِلَى الْغُرُوبِ

قَدِمَ الْمَغْرِبَ عَلَيْهِمَا وَلَوْ رَكَعَ بَعْدَ الْعَصْرِ أَعَادَهُمَا اسْتِحْبَابًا وَالْقِيَاسُ الْإِجْزَاءُ لِأَنَّ الْوَقْتَ يَقْبَلُ الصِّحَّةَ بِدَلِيلِ فِعْلِ الْمَفْرُوضَاتِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَرْكَعُ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَقَالَ مُطَرِّفٌ يَرْكَعُ إِنْ كَانَ بِغَلَسٍ وَيُرْوَى عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِعْلُهُ وَالْمُسْتَحَبُّ فِعْلُهُمَا فِي الْمَسْجِدِ أَوْ بِمَكَّةَ فَإِنْ فَعَلَهُمَا فِي طَرِيقه بوضؤ وَاحِد فَلَا رُجُوع عَلَيْهِ وَإِن انْتقض وضؤه أَعَادَ الطَّوَافَ وَالرُّكُوعَ وَفِي الْكِتَابِ وَمَنْ قَدِمَ مَكَّةَ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا فَطَافَ وَسَعَى وَنَسِيَ الرُّكُوعَ حَتَّى قَضَى الْحَجَّ أَوِ الْعُمْرَةَ إِنْ ذَكَرَ بِمَكَّةَ أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا رَجَعَ فَطَافَ وَرَكَعَ وَسَعَى فَإِنْ كَانَ مُعْتَمِرًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ لَبِسَ الثِّيَابَ وَتَطَيَّبَ وَإِنْ كَانَ حَاجًّا وَكَانَ الرُّكُوعُ مِنْ طَوَافِ الْقُدُومِ الَّذِي يَصِلُ بِهِ السَّعْيَ فَعَلَيْهِ الْهَدْيُ أَوْ مِنَ الْإِفَاضَةِ وَكَانَ قَرِيبًا رَجَعَ فَطَافَ وَركع وَإِن انْتقض وضؤه فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مِنْ طَوَافِ السَّعْيِ الَّذِي يُؤَخِّرُهُ الْمُرَاهِقُ حَتَّى يَرْجِعَ مِنْ عَرَفَةَ فَذَكَرَ ذَلِكَ بِمَكَّةَ بَعْدَ حَجِّهِ أَوْ قَرِيبا مِنْهَا أعَاد الطّواف إِن انْتقض وضؤه وَرَكَعَ وَسَعَى وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُمَا مِنْ طَوَافٍ هُوَ بَعْدَ وُقُوفِ عَرَفَةَ وَإِنْ تَبَاعَدَ رَكَعَهُمَا مَكَانَهُ وَأَهْدَى كَانَتَا مِنْ عُمْرَةٍ أَوْ حَجٍّ قَبْلَ الْوُقُوفِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَا بَأْسَ بِالْحَدِيثِ الْيَسِير فِي الطّواف لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ إِلَّا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَاحَ فِيهَا الْكَلَامَ وَلَا يُنْشَدُ الشِّعْرُ لِشِدَّةِ مُنَافَاتِهِ وَلَا تُسْتَحَبُّ الْقِرَاءَةُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ عَمَلِ السَّلَفِ وَاسْتَحَبَّهَا ش لِأَنَّ مُجَاهِدًا كَانَ يَقْرَأُ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ فِي الطَّوَافِ وَمَنَعَ ابْنُ الْقَاسِم وش مِنَ الْبَيْعِ لِشِدَّةِ مُنَافَاتِهِ وَلِأَنَّهُ دَاخِلُ الْمَسْجِدِ بَلْ يَنْبَغِي لِلطَّائِفِ الْوَقَارُ وَالْمُبَالَغَةُ فِي الْأَدَبِ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ فِي عِبَادَتِهِ وَعِنْدَ بَيْتِهِ وَكَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ أَلْصَقُوا الْمَقَامَ بِالْبَيْتِ خَشْيَةَ السَّيْلِ وَبَقِيَ ذَلِكَ إِلَى زَمَانِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَرَدَّهُ إِلَى مَكَانِهِ زَمَانَ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِخُيُوطٍ قَاسَهَا بِهِ كَانَتْ فِي خَزَائِنِ الْكَعْبَةِ عَمِلَهَا الْجَاهِلِيَّةُ وَقْتَ تَقْدِيمِهِ وَهُوَ عَلَيْهِ الْآن

وَهُوَ الَّذِي نَصَبَ مَعَالِمَ الْحَرَمِ بَعْدَ تَغْيِيرِهَا عَنْ مَوَاضِعِهَا قَالَ سَنَدٌ قَالَ مَالِكٌ بَكَّةُ مَوْضِعُ الْبَيْتِ وَمَكَّةُ اسْمٌ لِلْقَرْيَةِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَيُسْتَحَبُّ الْإِكْثَارُ مِنْ شُرْبِ مَاءِ زَمْزَمَ والوضؤ بِهِ مَا أَقَامَ بِهَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَلْيَقُلْ إِذَا شَرِبَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا وَشِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ قَالَ وَهُوَ لِمَا شُرِبَ لَهُ وَقَدْ جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِإِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَلِأُمِّهِ هَاجَرَ طَعَامًا وَشَرَابًا الْفَصْل الثَّانِي فِي سنته وَهِيَ أَرْبَعَةٌ السُّنَّةُ الْأُولَى الرَّمَلَانِ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ لِلرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ فِي الْأَشْوَاطِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَّلِ وَالْمَعِيَّةُ فِي الْبَاقِي وَذَلِكَ فِي طَوَافِ الْقُدُومِ وَفِي مَشْرُوعِيَّتِهِ فِي الْإِفَاضَةِ لِلْمُرَاهِقِ وَفِي الْقُدُومِ فِي حَقِّ مَنْ أَحْرَمَ مِنَ التَّنْعِيمِ وَشِبْهِهِ خِلَافٌ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَدِمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَكَّةَ فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ إِنَّهُ يَقْدُمُ عَلَيْكُمْ قَوْمٌ قَدْ وَهَنَتْهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ وَلَقُوا مِنْهَا شَرًّا فَأَطْلَعَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ عَلَى ذَلِكَ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَرْمِلُوا الْأَشْوَاطَ الثَّلَاثَةَ لَا كُلَّهَا إِبْقَاءً عَلَيْهِمْ فَلَمَّا رَأَوْهُمْ قَالُوا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ ذَكَرْتُمْ أَن الْحمى نهكتهم هَؤُلَاءِ أَجْلَدُ مِنَّا فَكَانَ السَّبَبُ فِي الرَّمَلَانِ فِي حَقه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَحقّ أَصْحَابه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ إِظْهَارَ الْقُوَّةِ لِلْمُشْرِكِينَ فَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ الْجِهَادِ وَسَبَبُهُ فِي حَقِّنَا تَذَكُّرُ النِّعْمَةِ الَّتِي أَنْعَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا عَلَيْنَا مِنَ الْعِزَّةِ بَعْدَ الذِّلَّةِ وَالْكَثْرَةِ بَعْدَ الْقِلَّةِ وَالْقُوَّةِ بَعْدَ الْمَسْكَنَةِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا زُوحِمَ فِي الرَّمَلِ وَلَمْ يَجِدْ مَسْلَكًا رَمَلَ طَاقَتَهُ وَمَنْ جَهِلَ أَوْ نَسِيَ فَتَرَكَ الرَّمَلَ فِي الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ فَهُوَ خَفِيفٌ قَالَ سَنَدٌ يُسْتَحَبُّ الدُّنُوُّ مِنَ الْبَيْتِ لِأَنَّ الْبَيْتَ هُوَ الْمَقْصُودُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فُرْجَةً يَرْمُلُ فِيهَا تَأَخَّرَ إِلَى حَاشِيَةِ النَّاسِ لِأَنَّ الرَّمَلَانَ أَفْضَلُ مِنَ الدُّنُوِّ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ تَارِكَ الرَّمَلَانِ

عَلَيْهِ دَمٌ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُعِيدُ طَوَافَهُ مَا لَمْ يَفُتْ وَقَالَ أَشْهَبُ يُعِيدُ طَوَافَهُ مَا كَانَ بِمَكَّةَ فَإِنْ فَاتَ أَهْدَى وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يُعِيدُ وَعَلَيْهِ دَمٌ لعُمُوم قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْ تَرَكَ نُسُكًا فَعَلَيْهِ دَمٌ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ هَيْئَة للطَّواف فَلَا يَجِبُ بِتَرْكِهِ شَيْءٌ كَالنَّاسِي فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَخِيرَةِ وَإِذَا قُلْنَا بِالْإِعَادَةِ فَفَعَلَهُ فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَخِيرَةِ لَمْ يُجْزِهِ كَالْقِرَاءَةِ فِي آخِرِ رَكَعَاتِ الصَّلَاةِ وَفِي الْكِتَابِ الرَّمَلَانُ فِي الْقَضَاءِ كَالْأَدَاءِ وَهُوَ آكَدُ عَلَى مَنْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ مِنَ الْمَوَاقِيتِ مِمَّنْ أَحْرَمَ مِنَ الْجُعْرَانَةِ أَوِ التَّنْعِيمِ لِأَنَّ الْأَصْلَ رَمَلَانُ الطَّوَافِ الَّذِي يسْعَى عَقِيبه لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّمَا أَظْهَرَهُ فِيهِ وَلِأَنَّ هَاجَرَ لَمَّا تَرَكَهَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ هُنَاكَ مَعَ إِسْمَاعِيلَ عَطِشَ فَصَعِدَتِ الصَّفَا تَنْظُرُ هَلْ بِالْمَوْضِعِ مَاءٌ فَلَمْ تَرَ شَيْئًا فَنَزَلَتْ وَسَعَتْ فِي بَطْنِ الْمَسِيلِ حَتَّى عَلَتِ الْمَرْوَةَ فَجُعِلَ ذَلِكَ نُسُكًا إِظْهَارًا لِشَرَفِهَا وَتَفْخِيمًا لِأَمْرِهَا قَالَ سَنَدٌ وَلَا يُخْتَلَفُ فِي طَوَافِ الْوَدَاعِ أَنَّهُ لَا رَمَلَ فِيهِ وَلَا يُرْمَلُ فِي طَوَافِ التَّطَوُّعِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا طِيفَ بِالْمَرِيضِ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى الطَّوَافِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِالصَّبِيِّ فَالْمَنْصُوصُ يُرْمَلُ بِالْمَرِيضِ وَفِي الصَّبِيِّ قَوْلَانِ أَجْرَاهُمَا اللَّخْمِيُّ فِي الْمَرِيضِ وَإِذا طَاف الْمحرم بِالصَّبِيِّ وَلَوْ كَانَ الطَّائِفُ لَمْ يَطُفْ عَنْ نَفْسِهِ لَمْ يُنْتَقَلْ إِلَيْهِ وَلَا يَكْفِيهِمَا طَوَافٌ وَاحِدٌ بِخِلَافِ مَا إِذَا حَمَلَ صَبِيَّيْنِ فَطَافَ بِهِمَا طَوافا وَاحِدًا كفاهما كَرَاكِبَيْنِ عَلَى دَابَّةٍ السُّنَّةُ الثَّانِيَةُ أَنْ يَطُوفَ مَاشِيًا لَا رَاكِبًا وَفِي الْكِتَابِ مَنْ طَافَ مَحْمُولا من عذر أَجزَأَهُ وَإِلَّا أعَاد أَنْ يَرْجِعَ إِلَى بَلَدِهِ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَإِنْ طَافَ رَاكِبًا أَعَادَ إِنْ لَمْ يَفُتْ وَإِنْ تَطَاوُلَ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْمَشْيُ مِنْ سُنَنِهِ الْأَرْبَعِ قَالَ سَنَدٌ الطَّوَافُ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ تَتَعَيَّنُ مُبَاشَرَتُهَا وَالرَّاكِبُ أَقْرَبُ مِنَ الْمَحْمُولِ لِأَنَّ حَرَكَةَ دَابَّتِهِ مَنْسُوبَةٌ إِلَيْهِ فَإِنْ حَمَلَهُ مَنْ لَا يَطُوفُ لِنَفْسِهِ جَازَ لِلْعُذْرِ فَإِنْ كَانَ

يَطُوفُ لِنَفْسِهِ وَطَافَ طَوَافًا وَاحِدًا عَنْهُ وَعَنِ الْمَحْمُولِ فَأَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ يُجْزِئُ عَنْهُمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُجْزِئُ عَنْهُمَا حَكَاهُ ابْنُ شَعْبَانَ وَعَنِ الْحَامِلِ فَقَطْ وَعَنِ الْمَحْمُولِ فَقَطْ وَإِذَا قُلْنَا يُجْزِئُ عَنْهُمَا فَكَذَلِكَ إِذَا ذَهَبَ الْعُذْرُ وَإِذَا قُلْنَا لَا يُجْزِئُ عَنْهُمَا فَأَوْلَى إِذَا ذَهَبَ الْعُذْرُ وَإِذَا قُلْنَا عَنِ الْمَحْمُولِ وَحْدَهُ وَجَبَ عَلَى الْحَامِلِ الْإِعَادَةُ وَتُسْتَحَبُّ لِلْمَحْمُولِ وَإِذَا قُلْنَا يُجْزِئُ عَنِ الْحَامِلِ فَقَطْ أَعَادَ الْمَحْمُولُ فَقَطْ فَإِنْ كَانَ الْحَامِلُ لَا يُرِيدُ الطَّوَافَ أُمِرَ الْمَحْمُولُ بِالْإِعَادَةِ لِيَأْتِيَ بِسُنَنِهِ فَإِنْ رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ صَحَّ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ شَرْطًا لَمَا صَحَّ مَعَ فَقْدِهِ كَالطَّهَارَةِ مَعَ الصَّلَاةِ بَلْ هُوَ كَسُجُودِ السَّهْوِ مَعَ الصَّلَاةِ قَالَتْ أم سَلمَة قلت لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنِّي أَشْتَكِي فَقَالَ طُوفِي مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَأَنت راكبة وَطَاف - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَاكِبًا لَكِنْ لِعُذْرِ رُؤْيَةِ النَّاسِ لَهُ لِيَسْتَفْتُوهُ فَإِنْ رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ فَعَلَيْهِ دَمٌ جَبْرًا لِلتَّحَلُّلِ وَقَالَهُ ح وَقَالَ ش لَا دَمَ عَلَيْهِ وَيَجُوزُ الرُّكُوبُ لِمَنْ لَا يُطِيقُ الْمَشْيَ وَلِمَالِكٍ فِي الْكُلْفَةِ وَحْدَهَا قَوْلَانِ وَالْمَشْهُورُ الْمَنْعُ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنْ طَافَ مَحْمُولًا أَوْ رَاكِبًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ السُّنَّةُ الثَّالِثَةُ الدُّعَاءُ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَيْسَ بِمَحْدُودٍ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَقُولُ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الطَّوَافِ وَاسْتِلَامِ الْحَجَرِ بِسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ إِيمَانًا بِكَ وَتَصْدِيقًا بِكِتَابِكَ وَوَفَاءً بِعَهْدِكَ وَاتِّبَاعًا لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَفِي أَبِي دَاوُدَ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُولُ مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ وَاسْتَحَبَّ ش اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا وَذَنْبًا مَغْفُورًا وَسَعْيًا مَشْكُورًا قَالَ سَنَدٌ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ إِذَا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ وَدُعَائِهِ أَنْ يَقِفَ بِالْمُلْتَزَمِ لِلدُّعَاءِ قَالَ مَالِكٌ وَذَلِكَ وَاسِعٌ وَالْمُلْتَزَمُ مَا بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابِ وَقَالَ مُطَرِّفٌ

وَنَعْنِي بِالْمُلْتَزَمِ أَنَّهُ يَعْتَنِي وَيُلِحُّ بِالدُّعَاءِ عِنْدَهُ قَالَ مَالِكٌ وَيُقَالُ لَهُ الْمُتَعَوَّذُ أَيْضًا وَلَا بَأْسَ أَنْ يَعْتَنِقَ وَيَتَعَوَّذَ بِهِ وَلَا يَتَعَلَّقَ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَة وَلَا يحول ظَهْرَهُ لِلْبَيْتِ إِذَا دَعَا وَيَسْتَقْبِلُهُ وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَدْنُو مِنْهُ وَلَا يلتصق وَفِي أبي دَاوُد لما خرج - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِنَ الْكَعْبَةِ اسْتَلَمَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ الْبَيْتَ مِنَ الرب إِلَى الْحَطِيمِ وَوَضَعُوا خُدُودَهُمْ عَلَى الْبَيْتِ وَهُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي وَسَطِهِمْ وَالْحَطِيمُ مَا بَيْنَ الْبَابِ وَالرُّكْنِ كَانَ مَنْ ظُلِمَ دَعَا فِيهِ عَلَى الظَّالِمِ فيتحطم وَفِي أَبِي دَاوُدَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَضَعُ صَدْرَهُ وَوَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ وَكَفَّيْهِ ويبسطهما ثمَّ يَقُول هَكَذَا رَأَيْته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَفْعَلُ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَيُخْرِجُ وَبَصَرَهُ يَتْبَعُ الْبَيْتَ حَتَّى يَكُونَ آخِرَ عَهْدِهِ بِهِ وَفِي الْكِتَابِ يُكْرَهُ دُخُولُ الْبَيْتِ بِالنَّعْلَيْنِ وَالْخُفَّيْنِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا أَرَى بِذَلِكَ فِي الْحِجْرِ بَأْسًا وَلَمْ يَكْرَهْ مَالِكٌ الطَّوَافَ بِالنَّعْلَيْنِ وَالْخُفَّيْنِ قَالَ سَنَد يسْتَحبّ دُخُول الْبَيْت لفعله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَلِكَ وَكَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولُ إِذَا دَخَلَهُ اللَّهُمَّ إِنَّكَ وَعَدْتَ الْأَمَانَ دَاخِلَ بَيْتِكَ وَأَنْتَ خَيْرُ مَنْزُولٍ بِهِ فِي بَيْتِهِ اللَّهُمَّ اجْعَلْ أَمَانِي مَا تَأْمَنُنِي بِهِ أَنْ تَكْفِيَنِي مُؤْنَةَ الدُّنْيَا وَكُلَّ هَوْلٍ دُونَ الْجَنَّةِ حَتَّى تُبَلِّغَنِيهَا بِرَحْمَتِكَ وَأَمَّا الْحِجْرُ فَكَرِهَ أَشْهَبُ ذَلِكَ فِيهِ لِأَنَّهُ مِنَ الْبَيْتِ الَّذِي بَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَكَانَ بَابُهُ بِالْأَرْضِ يَدْخُلُهُ السَّيْلُ فَهَدَمَتْهُ الْعَرَبُ وَرَفَعَتْ بَابَهُ وَضَمَّتْهُ مِنْ نَاحِيَةِ الْحِجْرِ سِتَّةَ أَذْرُعٍ قَالَ مَالِكٌ وَبِنَاءُ الْكَعْبَةِ هَذَا بِنَاءُ ابْنِ الزُّبَيْرِ إِلَّا الْحَائِطَ الَّذِي فِي الْحِجْرِ فَإِنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ كَانَ أَخْرَجَهُ إِلَى الْحِجْرِ فَهَدَمَهُ الْحَجَّاجُ وَرَدَّهُ إِلَى بِنَاءِ الْعَرَبِ وَرَدَمَ الْبَيْتِ حَتَّى عَلَا السُّنَّةُ الرَّابِعَةُ اسْتِلَامُ الْحَجَرِ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ فُرُوعُهَا فِي دُخُول مَكَّة

فَصْلٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ الطَّوَافُ لِلْغُرَبَاءِ أَوْلَى مِنَ الصَّلَاةِ لِأَنَّهُمْ يَجِدُونَ الصَّلَاةَ ببلدهم وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَنْزِلُ عَلَى الْبَيْتِ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ رَحْمَةً سِتُّونَ لِلطَّائِفِينَ وَأَرْبَعُونَ لِلْمُصَلِّينَ وَعِشْرُونَ لِلنَّاظِرِينَ وَجَوَابُ هَذَا الْحَدِيثِ إِذَا قِيلَ إِنَّ الصَّلَاةَ أَفْضَلُ أِنَّ الطَّوَافَ يَشْتَمِلُ عَلَى صَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ فَيَكُونُ الطَّوَافُ مَعَ الصَّلَاةِ أَفْضَلَ مِنَ الصَّلَاةِ وَحْدَهَا فَلَا مُنَافَاةَ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ الطَّوَافُ لِلْغُرَبَاءِ أَفْضَلُ وَالصَّلَاةُ لِأَهْلِ مَكَّةَ أَفْضَلُ وَالنَّفْلُ أَفْضَلُ مِنَ الْجِوَارِ وَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَأْمُرُ النَّاسَ بِالْقُفُولِ بَعْدَ الْحَجِّ لِأَنَّهُ أَبْقَى لِهَيْبَةِ الْبَيْتِ فِي النُّفُوسِ وَفِي الْجُلَّابِ لَا بَأْسَ أَنْ يَطُوفَ الْمُحْرِمُ مِنْ مَكَّةَ قَبْلَ خُرُوجِهِ إِلَى مِنًى تَطَوُّعًا وَلَا بَأْسَ بِالطَّوَافِ بَعْدَ الْعَصْرِ أَوِ الصُّبْحِ وَيُؤَخِّرُ الرُّكُوعَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ أَوْ تَغْرُبَ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَرْكَعَ بَعْدَ الْغُرُوبِ قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ أَوْ بَعْدَهَا قَبْلَ التَّنَفُّلِ وَتَقْدِيمُ الْمَغْرِبِ عَلَى رُكُوعِ الطَّوَافِ أَوْلَى وَلَا يَطُوفُ بَعْدَ الْعَصْرِ أَوِ الصُّبْحِ إِلَّا أُسْبُوعًا وَاحِدًا وَيُكْرَهُ جَمْعُ أَسَابِيعَ وَتَأْخِيرُ رُكُوعِهَا حَتَّى تَرْكَعَ جُمْلَةً وَلْيَرْكَعْ عَقِبَ كل أُسْبُوع ركعتيه وَمَنْ أَحْدَثَ فِي طَوَافِهِ قَاصِدًا أَوْ غَيْرَ قَاصِدٍ انْتَقَضَ طَوَافُهُ وَتَطَهَّرَ وَابْتَدَأَهُ فَإِنْ أَحْدَثَ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الرُّكُوعِ تَوَضَّأَ وَسَعَى وَإِنْ أَحْدَثَ فِي أثْنَاء سَعْيه توظأ وَبَنَى عَلَى سَعْيِهِ وَإِنْ مَضَى مُحْدِثًا أَجْزَأَهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَيَرْكَعُ الطَّائِفُ لِطَوَافِ التَّطَوُّعِ كَالْفَرْضِ فَإِن لم يرْكَع حَتَّى طَال أَو انتفض وَضُوءُهُ اسْتَأْنَفَهُ فَإِنْ شَرَعَ فِي أُسْبُوعٍ آخَرَ قَطَعَهُ وَرَكَعَ فَإِنْ أَتَمَّهُ أَتَى لِكُلِّ أُسْبُوعٍ بركعتيه وأجزأه لِأَنَّهُ أَمْرٌ اخْتُلِفَ فِيهِ وَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ أَنَّ أَرْبَعَةَ أَسَابِيعَ طُولٌ تَمْنَعُ الْإِصْلَاحَ وَتُوجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِئْنَافَ فِيمَا تَقَدَّمَ وَهَذَا الْكَلَامُ مِنَ اللَّخْمِيِّ وَإِطْلَاقُهُ الْإِجْزَاءَ وَوُجُوبَ الِاسْتِئْنَافِ يُشْعِرُ بِأَنَّ الشُّرُوعَ فِي طَوَافِ التَّطَوُّعِ يُوجِبُ الْإِتْمَامَ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنَ الْمَذْهَبِ وَكَلَامِ شُيُوخِ الْمَذْهَبِ وَعَلَى هَذَا تَكُونُ الْمَسَائِلُ الَّتِي يَجِبُ التَّطَوُّعُ فِيهَا بِالشُّرُوعِ سَبْعَة الْحَج وَالْعمْرَة

وَالصَّلَاةُ وَالصَّوْمُ وَالِاعْتِكَافُ وَالْإِتْمَامُ وَالطَّوَافُ وَلَا يُوجَدُ لهَذِهِ السَّبْعَة ثَمَان وَقَوْلُ الْمَالِكِيَّةِ التَّطَوُّعُ يَجِبُ تَكْمِيلُهُ مَحْمُولٌ عَلَى هَذِهِ وَقَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّ الشُّرُوعَ فِي تَجْدِيد الْوضُوء وَغَيره من قرأة الْقُرْآن وَبِنَاء الْمَسَاجِد والصدفات وَغَيْرِهَا مِنَ الْقُرُبَاتِ لَا يَجِبُ إِتْمَامُهَا بِالشُّرُوعِ فِيهَا فَليعلم ذَلِك الْمَقْصد الرَّابِع السَّعْي وَاصل وُجُوبه وركنيته حَدِيث جَابر الْمُتَقَدّم فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قُلْتُ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَرَأَيْتِ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يطوف بهما} الْبَقَرَة 158 وَمَا عَلَى الرَّجُلِ أَنْ لَا يَطَّوَّفَ بِهِمَا قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كَلَّا لَوْ كَانَ كَمَا تَقُولُ لَكَانَتْ فَلَا جَنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَطَّوَّفَ بِهِمَا إِنَّمَا نَزَلَتْ فِي الْأَنْصَارِ وَكَانُوا يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ وَكَانَتْ مَنَاةُ حَذْوَ قُدَيْدٍ وَكَانُوا يَتَحَرَّجُونَ أَنْ يَطَّوَّفُوا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ ذَلِكَ فَأَنْزَلَهَا اللَّهُ تُشِيرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إِلَى قَاعِدَةٍ أُصُولِيَّةٍ وَهِيَ أَنَّ نَفْيَ الْحَرَجِ إِثْبَاتٌ لِلْجَوَازِ وَثُبُوتُ الْجَوَازِ لَا يُنَافِي الْوُجُوبَ بَلِ الْجَوَازُ مَعَ لَوَازِمِ الْوُجُوبِ فَلَوْ نُفِيَ الْحَرَجُ عَنِ التَّرْكِ أُبْطِلَ الْوُجُوبُ وَهِيَ جديرة بذلك رَضِي الله عَنْهَا لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خُذُوا شَطْرَ دِينِكُمْ عَنْ هَذِهِ الْحُمَيْرَاءِ وَفِي السَّعْيِ فَصْلَانِ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الشُّرُوطِ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ التَّرْتِيبُ وَفِي

الْكِتَابِ إِذَا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ خَرَجَ إِلَى الصَّفَا وَلم يحد مَالك فِي أَيِّ بَابٍ يَخْرُجُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَصْعَدَ مِنْهُ وَمِنَ الْمَرْوَةِ أَعْلَاهُمَا حَيْثُ يَرَى الْكَعْبَةَ مِنْهُ وَلَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَدْعُوَ قَاعِدًا عَلَيْهِمَا إِلَّا مِنْ عِلَّةٍ وَيَقِفُ النِّسَاءُ أَسْفَلَهُمَا وَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ الصعُود إِلَّا أَن يخلوا فَيَصْعَدْنَ وَذَلِكَ أَفْضَلُ لَهُنَّ وَلَمْ يَحُدَّ مَالِكٌ فِي الدُّعَاء احدا وَلَا لِطُولِ الْقِيَامِ وَقْتًا وَيُسْتَحَبُّ الْمَكْثُ عَلَيْهِمَا فِي الدُّعَاءِ وَتَرْكُ رَفْعِ الْأَيْدِي أَحَبُّ إِلَى مَالِكٍ فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا فِي ابْتِدَاءِ الصَّلَاة فَإِن بَدَأَ بالمروة زَاد شرطا لِيَصِيرَ بَادِئًا بِالصَّفَا قَالَ سَنَدٌ النَّاسُ يَسْتَحِبُّونَ الْخُرُوجَ مِنْ بَابِ الصَّفَا لِكَوْنِهِ أَقْرَبَ وَيُجْزِئُ السَّاعِي دُونَ الصُّعُودِ خِلَافًا لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ لِمَا رُوِيَ أَنَّ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ لَا يَصْعَدُ الصَّفَا وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ وَلَا يَجِبُ إِلْصَاقُ الْكَعْبَيْنِ بِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ بَلْ يَبْلُغُهُ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ وَقَالَ ش يَجِبُ وَهُوَ كَقَوْلِهِ فِي الطَّوَافِ يَبْدَأُ بِالْحَجَرِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَقُولُ إِذَا صَعِدَ الصَّفَا وَرَأَى الْبَيْتَ رَافِعًا يَدَيْهِ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كل شَيْء قَدِيرٌ ثُمَّ يَدْعُو بِمَا اسْتَطَاعَ ثُمَّ يُكَبِّرُ ثَلَاثًا وَيُهَلِّلُ مَرَّةً ثُمَّ يَدْعُو ثُمَّ يُعِيدُ التَّكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلَ ثُمَّ يَدْعُو يَفْعَلُ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ وَغَيْرِهِ وَالتَّرْتِيبُ شَرْطٌ عِنْد مَالك وش خِلَافًا لِ ح لَنَا حَدِيثُ جَابِرٍ فَإِنْ خَرَجَ إِلَى بَلَدِهِ يُخْتَلَفُ فِي رُجُوعِهِ كَمَنْ ترك شرطا من الطّواف الشَّرْط الثَّانِي الْمُوَالَاة فِي الْكِتَابِ إِذَا جَلَسَ فِي سَعْيِهِ شَيْئًا خَفِيفًا أَجْزَأَهُ وَإِنْ كَانَ كَالتَّارِكِ ابْتَدَأَهُ وَلَا يَبْنِي وَلَا يُصَلِّي عَلَى جِنَازَةٍ وَلَا يَبِيعُ وَلَا يَشْتَرِي وَلَا يَقِفُ مَعَ أَحَدٍ يُحَدِّثُهُ فَإِنْ فَعَلَ وَكَانَ خَفِيفًا لَمْ يَضُرَّ وَإِنْ أَصَابَهُ حقن تَوَضَّأ وَبنى الْكَلَام هُنَا وكالكلام فِي الطَّوَافِ وَهُوَ فِي السَّعْيِ أَخَفُّ وَلِذَلِكَ جُوِّزَ لَهُ الصَّلَاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ بِخِلَافِ الطَّوَافِ

الشَّرْطُ الثَّالِثُ إِكْمَالُ الْعَدَدِ وَفِي الْكِتَابِ مَنْ ترك شرطا مَنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ صَحِيحَةٍ أَوْ فَاسِدَةٍ فَلْيَرْجِعْ لِذَلِكَ مِنْ بَلَدِهِ سُؤَالٌ الصَّفَا أَفْضَلُ أَوِ الْمَرْوَةُ جَوَابُهُ الْمَرْوَةُ لِأَنَّ السَّاعِيَ يَزُورُهَا مِنَ الصَّفَا أَرْبَعًا وَيَزُورُ الصَّفَا مِنَ الْمَرْوَةَ ثَلَاثًا وَمَنْ كَانَتِ الْعِبَادَةُ فِيهِ أَكْثَرَ كَانَ أَفْضَلَ الشَّرْطُ الرَّابِعُ أَنْ يَتَقَدَّمَهُ طَوَافٌ صَحِيحٌ وَفِي الْجَوَاهِرِ يُشْتَرَطُ فِيهِ تَقَدُّمُ طَوَافٍ صَحِيحٍ وَلْيَسْعَ عَقِبَ طَوَافِ الْقُدُومِ فَإِنْ كَانَ مُرَاهِقًا فَعُقَيْبَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَلَوْ أَخَّرَهُ غَيْرُ الْمُرَاهِقِ عُقَيْبَ الْإِفَاضَةِ لَزِمَهُ الدَّمُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَلَوْ أَخَّرَهُ عُقَيْبَ طَوَافِ الْوَدَاعِ أَجْزَأَهُ عِنْدَ مَالِكٍ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَفِي الْكِتَابِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا قَدِمَ مَكَّةَ فَطَافَ وَلَمْ يَنْوِ بِهِ حَجًّا ثُمَّ سَعَى لَا أُحِبُّ لَهُ سَعْيَهُ إِلَّا بَعْدَ طَوَافٍ يَنْوِي بِهِ الْفَرْضَ فَإِنْ رَجَعَ إِلَى بَلَده أَو جَامع رَأَيْته مجزيئا عَنْهُ وَعَلَيْهِ دَمٌ وَأَمْرُ الدَّمِ خَفِيفٌ قَالَ سَنَدٌ وَقَدْ نَقَلَهُ الْبَرْذَاعِيُّ عَلَى خِلَافِ هَذَا فَقَالَ إِذَا طَافَ وَلَمْ يَنْوِ فَرْضًا وَلَا تَطَوُّعًا ثُمَّ سَعَى لَمْ يُجْزِئْهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُجْزِئْهُ لَوَجَبَ الرُّجُوعُ إِلَيْهِ مِنْ بَلَدِهِ فَإِنْ كَانَ هَذَا غَافِلًا عَنِ الْوَاجِبِ أَجْزَأَهُ كَالْغَفْلَةِ عَنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ فَإِنْ كَانَ ذَاكِرًا لِلْوَاجِبِ وَقَصَدَ التَّطَوُّعَ فَيُحْتَمَلُ الْإِجْزَاءُ اعْتِمَاد عَلَى نِيَّةِ الْإِحْرَامِ وَإِنَّ الرَّفْضَ يُؤَثِّرُ فِيهَا وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ لِوُجُودِ الْمُعَارِضِ الْفَصْلُ الثَّانِي فِي سُنَنِهِ وَهِيَ خَمْسٌ السُّنَّةُ الْأُولَى قَالَ سَنَدٌ اتِّصَالُهُ بِالطَّوَافِ إِلَّا الْيَسِيرَ وَلَهُ أَنْ يَطُوفَ بَعْدَ الصُّبْحِ وَيَسْعَى بَعْدَ الشَّمْسِ وَكَذَلِكَ بَعْدَ الْعَصْرِ قَالَ مَالِكٌ إِنْ طَافَ لَيْلًا وَأَخَّرَهُ حَتَّى أَصْبَحَ أَجَزْأَهُ إِنْ كَانَ بِوُضُوءٍ وَإِلَّا أَعَادَ الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ وَالْحِلَاقَ فَإِن خرج من مَكَّة أهْدى وأجزأه تَأْكِيدًا للتفريق بِالْحَدَثِ السُّنَّةُ الثَّانِيَةُ الطَّهَارَةُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ إِنْ سَعَى جُنُبًا أَجْزَأَهُ

قَالَ سَنَد يسْتَحبّ الوضؤ أَو الطَّهَارَة لاتصاله بِالطّوافِ كخطبة الْعِيد قَالَ مَالك فِي الْكتاب وَالْأَصْل قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الصَّحِيحَيْنِ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لَمَّا حَاضَت أقض مَا يَقْضِي الْحَاجُّ غَيْرَ أَلَّا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ فَخَصَّ الطَّهَارَةَ بِالطَّوَافِ السُّنَّةُ الثَّالِثَةُ الْمَشْيُ لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الطَّوَافِ وَفِي الْكِتَابِ لَا يَسْعَى رَاكِبًا إِلَّا مِنْ عُذْرٍ وَقَدْ سعى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَاكِبًا لِلْعُذْرِ بِالِاسْتِفْتَاءِ سُؤَالٌ كَيْفَ يَصِحُّ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ رَكِبَ فِي السَّعْيِ وَأَنَّهُ رَمَلَ جَوَابُهُ رَمَلَ بِزِيَادَةِ تَحْرِيكِ دَابَّتِهِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَاكب فِي حَجِّهِ وَمَشَى فِي عُمْرَتِهِ أَوْ بِالْعَكْسِ وَالْكَلَام فِي الْمَشْي هَا هُنَا كَالْكَلَامِ فِي الْمَشْيِ فِي الطَّوَافِ السُّنَّةُ الرَّابِعَةُ قَالَ سَنَدٌ أَنْ يَتَقَدَّمَهُ طَوَافٌ وَاجِبٌ السُّنَّةُ الْخَامِسَةُ الرَّمَلَانُ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ رَمَلَ فِي جَمِيعِ سَعْيِهِ أَسَاءَ وَأَجْزَأَهُ وَإِنْ لَمْ يَرْمُلْ فِي بَطْنِ الْمَسِيلِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ سَنَد فِي نَسيَه من جَمِيع سَعْيه كمن نَسيَه فِي جمع طَوَافِهِ وَقَالَ مَالِكٌ أَيْضًا إِنْ أَهْدَى لِتَرْكِ الرَّمَلَانِ فَحَسَنٌ وَقَالَ أَيْضًا يُعِيدُ إِلَّا أَنْ يَفُوتَ وَقَالَ أَشْهَبُ يُعِيدُ مَا كَانَ فِي مَكَّةَ فَإِنْ فَاتَ أَهْدَى وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يُعِيدُ وَعَلَيْهِ دَمٌ الْمَقْصِدُ الْخَامِسُ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ قَالَ سَنَدٌ خُطَبُ الْحَجِّ ثَلَاثَةٌ الْأُولَى إِذَا كَانَ سَابِعُ ذِي الْحِجَّةِ صَلَّى الْإِمَامُ الظُّهْرَ وَخَطَبَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ قَبْلَ الزَّوَالِ وَعَلَى الْأَوَّلِ الْجُمْهُورُ لِأَنَّهُ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ وَيَأْمُرُهُمْ بِالْغُدُوِّ يَوْمَ الثَّامِنِ إِلَى مِنًى وَهُوَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ يُعِدُّونَ الْمَاءَ لَهُ وَأَنَّ قُرَيْشًا كَانَتْ تَحْمِلُ الْمَاءَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى مِنًى لِحَاجِّ الْعَرَبِ وَيُعَلِّمُهُمْ مَنَاسِكَهُمْ وَخُرُوجَهُمْ

إِلَى مِنًى لِيُصَلُّوا بِهَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعَشَاءَ وَالصُّبْحَ ثُمَّ يَغْدُونَ إِذَا بَزَغَتِ الشَّمْسُ إِلَى عَرَفَةَ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَلَا يَجْلِسُ فِي وسط هَذِه الْخطْبَة قَالَ مُطَرِّفٌ يَجْلِسُ وَيَفْتَتِحُهَا بِالتَّكْبِيرِ كَخُطْبَةِ الْعِيدِ وَيُكَبِّرُ فِي خِلَالِهَا وَكَذَلِكَ خُطَبُ الْحَجِّ كُلُّهَا وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلْمُدَوَّنَةِ وَالثَّانِيَةُ بِعَرَفَةَ يَوْمَ عَرَفَةَ فَيُعَلِّمُ النَّاسَ مَنَاسِكَهُمْ مِنْ صَلَاتِهِمْ بِعَرَفَةَ وَوُقُوفَهُمْ بِهَا وَدَفْعَهُمْ وَنُزُولَهُمْ بِمُزْدَلِفَةَ وَصَلَاتَهُمْ بِهَا وَوُقُوفَهُمْ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَالدَّفْعَ مِنْهُ وَرَمْيَ الْجَمْرَةِ وَالْحِلَاقَ وَالنَّحْرَ وَالْإِفَاضَةَ وَالثَّالِثَةُ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ بِيَوْمٍ فِي أول أَيَّام الرَّمْي يخْطب فِي جَمِيعِهَا قَائِمًا يُظْهِرُ لِلنَّاسِ نَفْسَهُ عَلَى مِنْبَر أَو غَيره وَاخْتلف فِي خطبَته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَفِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ خَطَبَ عَلَى بَعِيرٍ أَحْمَرَ وَحَدِيثُ جَابِرٍ الْمُتَقَدِّمُ يُشْعِرُ أَنَّهُ خَطَبَ على القصوى وَفِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ خَطَبَ عَلَى مِنْبَرٍ أَيْضًا فُرُوعٌ خَمْسَةٌ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ وَأَخَّرَ الْخُرُوجَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَاللَّيْلَةَ الْمُقْبِلَةَ وَلَمْ يَبِتْ بِمِنًى وَغَدَا مِنْ مَكَّةَ إِلَى عَرَفَاتٍ فَقَدْ أَسَاءَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ كُرِهَ تَرْكُ الْمَبِيتِ بِمِنًى كَمَا كُرِهَ تَرْكُهُ بِهَا بَعْدَ عَرَفَاتٍ وَقَالَ عَلَى مَنْ تَرَكَ لَيْلَةً كَامِلَةً أَوْ جُلَّهَا دَمٌ وَلَمْ يَرَ فِيهِ قَبْلَ عَرَفَة دَمًا وَيكرهُ التَّقَدُّم على مِنًى قَبْلَ التَّرْوِيَةِ أَوْ إِلَى عَرَفَةَ وَلَا يَتَقَدَّمُ النَّاسُ بِأَقْبِيَتِهِمْ إِلَيْهَا بَلْ يُقْتَدَى بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَكُرِهَ الْبُنْيَانُ الَّذِي اتَّخَذَهُ النَّاسُ بِمِنًى وَبُنْيَانُ مَسْجِدِ عَرَفَةَ لِأَنَّهُ مُحْدَثٌ بَعْدَ بَنِي هَاشِمٍ بِعِشْرِينَ سَنَةً قَالَ سَنَدٌ الْمَبِيتُ قَبْلَ عَرَفَةَ بِمِنًى لِلِاسْتِرَاحَةِ لَا لِإِقَامَةِ نُسُكٍ بِهَا وَبَعْدَهَا لإِقَامَة النّسك فَيكون نسكا فَيتَعَلَّق بترك الدَّمِ وَإِذَا حَضَرْتِ الْجُمْعَةُ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَجَبَتْ عَلَى الْمُقِيمِينَ وَالْأَفْضَلُ لِلْمُسَافِرِ

شُهُودُهَا عِنْدَ أَصْبَغَ وَتَرْكُهَا لِإِدْرَاكِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِمِنًى عِنْدَ مُحَمَّدٍ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَلَوْ أَنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ فِي الطَّرِيقِ وَلَمْ يكره أَشهب تقدم الْأَثْقَالِ قَبْلَ التَّرْوِيَةِ لِتَعَلُّقِ الْمَنَاسِكِ بِالْأَبْدَانِ دُونَ الْأَثْقَالِ وَكَرَاهَةُ الْبِنَاءِ بِمِنًى لِأَنَّهَا حَرَامٌ لَا مِلْكَ فِيهَا فَلَا تُحْجَرُ لِمَا فِي التِّرْمِذِيِّ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا نَبْنِيَ لَكَ بَيْتا يظلك بمنى لَا مِنًى مُنَاخُ مَنْ سَبَقَ وَقَالَ مَالِكٌ يَقْدُمُ الْإِمَامُ وَالنَّاسُ يَوْمَ عَرَفَةَ قَبْلَ الشَّمْسِ وَمَنْ دَابَّتُهُ ضَعِيفَةٌ قَبْلَ ذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ وَيسْتَحب الذّهاب رَاكِبًا لفعله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الثَّانِي فِي الْكِتَابِ مَوْضِعُ الْخُطْبَةِ بِهِ الْيَوْمَ حَيْثُ كَانَ قَدِيمًا وَيَخْطُبُ مُتَّكِئًا عَلَى شَيْءٍ وَيُصَلِّي بِالنَّاسِ ثَمَّتْ وَيُؤَذِّنُ الْمُؤَذِّنُ إِنْ شَاءَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ أَوْ بَعْدَ فَرَاغِهِ قَالَ سَنَدٌ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ وَغَيْرِهِ النُّزُولُ بِنَمِرَةَ وَهُوَ مَوْضِعٌ بِعَرَفَةَ فَيَضْرِبُ الْإِمَامُ خِبَاءً أَوْ قُبَّةً بِهَا كَفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَإِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ اغْتَسَلَ النَّاسُ لِلْوُقُوفِ وَذَهَبُوا لِلْمَسْجِدِ ذَاكِرِينَ اللَّهَ تَعَالَى وَهَذَا الْمَسْجِدُ الْيَوْمَ هُوَ مَوضِع خطابته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَخْطُبُ قَبْلَ الزَّوَالِ وَجَوَّزَهُ ابْنُ حَبِيبٍ قَبْلَهُ بِيَسِيرٍ إِلَّا أَنَّهَا لَيْسَتْ لِلصَّلَاةِ حَتَّى يَقِفَ عَلَى وَقْتِهَا وَإِنَّمَا هِيَ للتعليم وَالْأول أظهر تأسيا بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَتَأْخِيرُ الْأَذَانِ بَعْدَ الْخُطْبَةِ أَحْسَنُ لِحَدِيثِ جَابِرٍ وَالنَّفْي التَّخْلِيطِ وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ إِذَا قَامَ الْإِمَامُ مِنَ الجلسة يسْتَحبّ تَطْوِيل الدُّعَاء لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَفْضَلُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ وَفِي مُسْلِمٍ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبِيدًا

من النَّار من يَوْم عَرَفَة وَإنَّهُ ليدنوا ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ الْمَلَائِكَةَ فَيَقُولُ مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ وَفِي الْجُلَّابِ يُجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بأذانين وَإِقَامَتَيْنِ وَقيل بإقاتين بِلَا أَذَانٍ قَالَ سَنَدٌ قَالَ مَالِكٌ مَنْ فَاتَهُ الْإِمَامُ جَمَعَ فِي رَحْلِهِ وَقَالَ أَيْضًا لَهُ الْجَمْعُ فِي رَحْلِهِ وَرُبَّمَا صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ وَقَالَ ابْن حبيب وش وح لَا يُتْرَكُ الْجَمْعُ مَعَ الْإِمَامِ أَلْبَتَّةَ لِلسُّنَّةِ تَنْبِيهٌ جَمَعَ الرَّشِيدُ مَالِكًا وَأَبَا يُوسُفَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَسَأَلَ أَبُو يُوسُفَ مَالِكًا عَنْ إِقَامَةِ الْجُمُعَةِ بِعَرَفَةَ فَقَالَ مَالِكٌ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَافَقَ الْجُمُعَةَ بِعَرَفَةَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَلَمْ يُصَلِّهَا فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ قَدْ صَلَّاهَا لِأَنَّهُ خَطَبَ خُطْبَتَيْنِ وَصَلَّى بَعْدَهُمَا رَكْعَتَيْنِ وَهَذَا هُوَ الْجُمُعَةُ فَقَالَ مَالِكٌ أَجَهَرَ فِيهِمَا بِالْقِرَاءَةِ كَمَا يَجْهَرُ بِالْجُمُعَةِ فَسَكَتَ أَبُو يُوسُفَ وَسَلَّمَ لِمَالِكٍ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ إِذَا فَرَغَ الْإِمَامُ مِنَ الصَّلَاةِ دَفَعَ إِلَى عَرَفَاتٍ وَالنَّاسُ بَعْدَهُ وَالنُّزُولُ بِعَرَفَاتٍ وَمِنًى وَالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ حَيْثُ شِئْتَ لِمَا فِي حَدِيث جَابر 3 - قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نحرت هَا هُنَا وَمنى كلهَا منحر ووقفت هَا هُنَا وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ وَقَالَهُ الْجَمِيعُ وَقَالَ سَنَدٌ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا تَمَّتِ الصَّلَاةُ بِعَرَفَةَ فَخُذْ فِي التَّهْلِيلِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّكْبِيرِ ثُمَّ اسْتَنِدْ إِلَى الْقَصَبَاتِ بِسَفْحِ الْجَبَلِ وَحَيْثُ يَقِفُ الْإِمَامُ أَفْضَلُ لِحَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ مَالِكٌ لَا أُحِبُّ الْوُقُوفَ عَلَى جِبَالِ عَرَفَةَ وَلَكِنْ مَعَ النَّاسِ وَلَيْسَ فِي مَوْضِعٍ مِنْ ذَلِكَ فَضْلٌ إِذَا وَقَفَ مَعَ النَّاسِ وَاتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى أَنَّ وَادي عَرَفَة لَيْسَ من غرفَة وَلَا يُجْزِئُ الْوُقُوفُ بِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي مَسْجِدِ عَرَفَةَ قَالَ مَالِكٌ لَمْ يُصِبْ مَنْ وَقَفَ بِهِ قِيلَ فَإِنْ فَعَلَ قَالَ لَا أَدْرِي وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يُجْزِئُ وَاخْتَارَ مُحَمَّدٌ الْإِجْزَاءَ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ

صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ بِعَرَفَةَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَوْضِعَ الصَّلَاةِ مَوْضِعُ الْخُطْبَةِ وَهُوَ خَطَبَ مَكَانَ الْمَسْجِدِ الْيَوْمَ وَالرُّكُوبُ أَفْضَلُ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْن حَنْبَل خلافًا ل ش للسّنة لما فِيهِ مِنَ الِاسْتِعَانَةِ عَلَى الدُّعَاءِ وَلِذَلِكَ يُسْتَحَبُّ تَرْكُ الصَّوْمِ فَمَنْ وَقَفَ قَائِمًا فَلَا يَجْلِسُ إِلَّا إِذَا أَعْيي الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ مَنْ وَقَفَ بِهِ مُغْمًى عَلَيْهِ حَتَّى دَفَعَ أَجْزَأَهُ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ خِلَافًا لِ ش لِأَنَّ الْإِغْمَاءَ إِذَا طَرَأَ عَلَى الْإِحْرَامِ لَا يُفْسِدُهُ إِجْمَاعًا وَقَدْ دَخَلَتْ نِيَّةُ الْوُقُوفِ فِي نِيَّةِ الْإِحْرَام وَلذَلِك يُجْزِئُ النَّائِمَ وَفِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ عُرْوَةُ بْنُ مُضَرِّسٍ الطَّائِيُّ أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْمَوْقِفِ يَعْنِي بِجَمْعٍ فَقَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَهْلَكْتُ مَطِيَّتِي وَأَتْعَبْتُ نَفْسِي وَاللَّهِ مَا تَرَكْتُ مِنْ جَبَلٍ إِلَّا وَقَفْتُ عَلَيْهِ فَهَلْ لِي من حج فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من أدْرك مَعنا هَذِه الصَّلَاة وأتى قَبْلَ ذَلِكَ عَرَفَاتٍ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ وَقَضَى تَفَثَهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ مَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ قَبْلَ الزَّوَالِ لَمْ يُجْزِئْهُ أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ أَنْ يَقِفَ أَجَزْأَهُ وَإِنِ اتَّصَلَ بِهِ الْإِغْمَاءُ حَتَّى دَفَعَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَقِفَ ثَانِيَةً إِنْ أَفَاقَ بَقِيَّةَ اللَّيْلِ كَالَّذِي يُغْمَى عَلَيْهِ فِي رَمَضَانَ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ وَرُوِيَ عَنْهُ إِنْ وَقَفَ مُفِيقًا ثُمَّ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَجْزَأَهُ فَإِن وقف مغمى عَلَيْهِ فَلم يقف حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ لَمْ يُجْزِئْهُ لِأَنَّ الْإِغْمَاءَ يُنَافِي التَّقَرُّبَ وَالنِّيَّةَ الْفِعْلِيَّةَ فَأَوْلَى الْحُكْمِيَّةَ الَّتِي هِيَ أَضْعَفُ مِنْهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحَجِّ وَالصَّوْمِ أَنَّ الصَّوْمَ تَرْكٌ وَالتَّرْكُ لَا يَتَوَقَّفُ الْخُرُوجُ عَنْ عُهْدَتِهَا عَلَى الشُّعُورِ بِهَا وَلَا الْقَصْدِ إِلَيْهَا بِدَلِيلِ الْخُرُوجِ عَنْ عُهْدَةِ كُلِّ قَتْلٍ فِي الْعَالَمِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَإِنْ لَمْ تَشْعُرْ بذلك النُّفُوس وَلَا بذلك الْخُمُور إِنَّمَا يَكُونُ الصَّوْمُ فِعْلًا عِنْدَ ابْتِدَاءِ

الدُّخُول فِيهِ لَا جرام إِذَا أُغْمِيَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ بَطَلَ وَالْحَجُّ فِعْلٌ حقيق فَيَتَعَيَّنُ فِيهِ الشُّعُورُ وَالْقَصْدُ وَلَاحَظَ مَالِكٌ فِي الْمَشْهُورِ قُوَّةَ انْعِقَادِ الْإِحْرَامِ مَعَ أَعْظَمِ مُفْسِدَاتِهِ كالجماع وَغَيره وَأَشَارَ إِلَى الزَّوَال لِأَنَّهُ ابْتَدَأَ الدُّخُول فِي هَذَا الرُّكْن كَأَنَّهُ وَقَّتَ النِّيَّةَ الْفِعْلِيَّةَ وَهُوَ كَالْفَجْرِ مَعَ الصَّوْمِ الْخَامِسُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ مَنْ تَعَمَّدَ تَرْكَ الْوُقُوفِ حَتَّى دَفَعَ الْإِمَامُ أَجْزَأَهُ أَنْ يَقِفَ لَيْلًا وَأَسَاءَ وَيُهْدِي وَمَنْ مَرَّ بِعَرَفَةَ مَارًّا بَعْدَ دَفْعِ الْإِمَامِ أَجْزَأَهُ إِنْ كَانَ قبل الْفجْر وَالْأَفْضَل فِي الْوَقْف الطَّهَارَة وروى الْأَبْهَرِيّ بِإِسْنَادِهِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْ أَدْرَكَ عَرَفَاتٍ بِلَيْلٍ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ وَمَنْ فَاتَهُ عَرَفَاتٌ بِلَيْلٍ فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ فَلْيُحِلَّ بِعُمْرَةٍ وَهُوَ نَصٌّ فِي اشْتِرَاطِ اللَّيْلِ قَالَ سَنَدٌ إِذَا غُمَّ عَلَى النَّاسِ لَيْلَةُ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ فَأَكْمَلُوا وَوَقَفُوا التَّاسِعَ فَثَبَتَ أَنَّهُ الْعَاشِرُ قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِم وش وح يجزئهم لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَجُّكُمْ يَوْمَ تَحُجُّونَ أَيْ يَوْمَ يَحُجُّونَ فِيهِ اجْتِهَادًا وَلِعِظَمِ مَشَقَّةِ الْحَجِّ وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ لَا يجزئهم كَمَا لَو أخطوا الْمَكَانَ وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ لَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ الْعَاشِرُ قَبْلَ وُقُوفِهِمْ وَوَقَفُوا أَجْزَأَهُمْ وَهُوَ بَاطِلٌ لِتَيَقُّنِ الْخَطَأِ حَالَةَ الْمُبَاشَرَةِ وَإِنَّمَا الرُّخْصَةُ إِذَا وَقَفُوا معتقدين وَلذَلِك صِحَة الصَّلَاةُ مَعَ اعْتِقَادِ جِهَةِ الْكَعْبَةِ وَبَطَلَتْ مَعَ اعْتِقَادِ خَطَئِهَا وَفِي تَهْذِيبِ الطَّالِبِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا ثَبَتَ أَنَّ وُقُوفَهُمْ يَوْمَ النَّحْرِ مضواو عَلَى عَمَلِهِمْ تَبَيَّنَ ذَلِكَ فِي يَوْمِهِمْ أَوْ بعده ويتأخر النَّحْر وَعمل الْحَج كُله مَنْ لَمْ يَحُطَّ وَقَالَ ح إِنْ تَبَيَّنَ أَنه يَوْم التَّرويَة

أَجزَأَهُ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَعَثَ أَبَا بَكْرٍ سَنَةَ ثَمَانٍ أَمِيرًا عَلَى الْحَجِّ وَأَلْحَقَهُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ الله عَنْهُمَا بِسُورَةِ بَرَاءَةٌ يَقْرَؤُهَا عَلَى الْمُشْرِكِينَ بِعَرَفَةَ مَوْضِعِ اجْتِمَاعهم وَيَأْمُرهُمْ أَن لَا يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ وَلَا يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ وَكَانَ حَجُّ الْجَمِيعِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ لِأَنَّ الْجَاهِلِيَّةَ كَانَتْ تَحُجُّ فِي كُلِّ شَهْرٍ سَنَتَيْنِ فَصَادَفَ تِلْكَ السَّنَةَ ذَا الْقَعْدَةِ وَتَأَخَّرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَّى أَتَى سَنَةَ تِسْعٍ فَحَجَّ فِي ذِي الْحِجَّةِ فَإِذَا صَحَّ الْحَجُّ قَبْلَ عَرَفَةَ بِشَهْرٍ فَأولى بِيَوْم وَفِي الْجَوَاهِر لوقفوا الثَّامِن لم يجزئهم وَوَجَب الْقَضَاء وَحكي الأجازاء عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ وَالْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ قَالَ سَنَدٌ مَنْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ فِي الْهِلَالِ يَلْزَمُهُ الْوُقُوفُ كَالصَّوْمِ وَقَالَهُ الْجُمْهُورُ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ لَا يُجْزِئُهُ حَتَّى يَقِفَ مَعَ النَّاسِ يَوْمَ الْعَاشِرِ وَقَدْ سَلِمَ الصَّوْمُ فَيَكُونُ حُجَّةً عَلَيْهِ وَأَوَّلُ الْوُقُوفِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ زَوَالُ الشَّمْسِ وَعِنْدَ ابْنِ حَنْبَلٍ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ لِحَدِيثِ عُرْوَةَ السَّابِقِ وَقِيَاسًا لِجَمِيعِ النَّهَارِ عَلَى جَمِيع اللَّيْل وَجَوَابه أَنه فعله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَاتِّفَاقُ أَهْلِ الْأَعْصَارِ عَلَى ذَلِكَ وَآخِرُ الْوَقْتِ طُلُوعُ الْفَجْرِ يَوْمَ الْعَاشِرِ وَلَا يَجِبُ اسْتِيعَابُ الْوَقْت إِجْمَاعًا وَقد دفع - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَوَّلَ اللَّيْلِ وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى إِجْزَاءِ جُزْءٍ مِنَ اللَّيْلِ فَإِنْ وَقَفَ نَهَارًا دُونَ اللَّيْلِ يُجزئهُ عِنْد مَالك وَيجزئهُ عِنْد ح وش وَعَلَيْهِ دَمٌ لِحَدِيثِ عُرْوَةَ السَّابِقِ وَقِيَاسًا لِلنَّهَارِ عَلَى اللَّيْلِ بَلِ النَّهَارُ أَفْضَلُ لِأَنَّهُ يُقَالُ يَوْم عَرَفَة وَلذَلِك قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَفْضَلُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ فَالْمَشْهُورُ الْيَوْمَ دون اللَّيْل وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وقف

نَهَارًا وَانْصَرَفَ عِنْدَ إِقْبَالِ اللَّيْلِ لَنَا حَدِيثُ جَابر أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَذَهَبَتِ الصُّفْرَةُ وَحَدِيثُ الْأَبْهَرِيِّ الْمُتَقَدِّمُ وَنَقُولُ اللَّيْلُ أَوْلَى لكَونه مجمعا عَلَيْهِ وَإِن من فَاتَهُ اللَّيْل بَطل حجه وَعَلِيهِ دم وَعِنْدهم وَمَا رَوَوْهُ لَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّ أَبَا دَاوُدَ أَشَارَ إِلَى أَنَّ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا مِنْ قَوْلِ الرَّاوِي فَلَوْ دَفَعَ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَرَجَعَ قَبْلَ الْفَجْرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ يُجْزِئُهُ وَيُسْتَحَبُّ الْهَدْيُ وَأَوْجَبَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ لِأَنَّهُ وَجَبَ بِالدَّفْعِ فَلَا يَسْقُطُ بِالْعَوْدِ كَمُجَاوَزَةِ المقياة وَجَوَابه أَنه كمن رَجَعَ للميقاة قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَلَوْ دَفَعَ حِينَ الْغُرُوبِ أَجْزَأَهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَلَوْ دَفَعَ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ عَرَفَةَ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ قَالَ مَالِكٌ أَجْزَأَهُ وَعَلَيْهِ دَمٌ لِعَزْمِهِ عَلَى تَرْكِ اللَّيْلِ وَمَنْ أَتَى قَبْلَ الْفَجْرِ وَعَلَيْهِ صَلَاةٌ إِنِ اشْتَغَلَ بِهَا طَلَعَ الْفَجْرُ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ إِنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْ جِبَالِ عَرَفَةَ وَقَفَ وَصَلَّى وَإِلَّا ابْتَدَأَ بِالصَّلَاةِ وَإِنْ فَاتَهُ الْحَجُّ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِنْ كَانَ مَكِّيًّا بَدَأَ بِالصَّلَاةِ أَوْ آفَاقِيًّا بَدَأَ بِالْحَجِّ وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ تَقْدِيمَ الْحَجِّ مُطْلَقًا عِنْدَ خَوْفِ الْفَوَاتِ قَاعِدَةٌ الْمُضَيَّقُ فِي الشَّرْعِ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا وُسِّعَ فِي تَأْخِيرِهِ وَمَا وُسِّعَ فِيهِ فِي زَمَانٍ مَحْصُورٍ كَالصَّلَاةِ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا غَيَّاهُ بِالْعُمُرِ كَالْكَفَّارَاتِ وَمَا رُتِّبَ عَلَى تَارِكِيهِ الْقَتْلُ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا لَيْسَ كَذَلِكَ فَتُقَدَّمُ الصَّلَاةُ عَلَى الْحَجِّ إِجْمَاعًا غَيْرَ أَنَّ فضل الصَّلَاة قد عورض هَا هُنَا بِالدُّخُولِ فِي الْحَجِّ وَمَا فِي فَوَاتِهِ مِنَ الْمَشَاقِّ فَأَمْكَنَ أَنْ يُلَاحِظَ ذَلِكَ وَفِي الْجَوَاهِرِ مَنْ أَدْرَكَ الْإِحْرَامَ لَيْلَةَ الْعِيدِ صَحَّ لِبَقَاءِ الْوَقْتِ لِأَنَّ الْحَجَّ عَرَفَةُ وَوَقْتُهُ بَاقٍ قَالَ سَنَدٌ إِنْ مَرَّ بِعَرَفَةَ وَعَرَفَهَا أَجْزَأَهُ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهَا فَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يُجْزِئُهُ وَالْأَشْهَرُ الْإِجْزَاءُ لِأَنَّ تَخْصِيصَ أَرْكَانِ الْحَجِّ بِالنِّيَّةِ لَيْسَ شرطا

الْمَقْصِدُ السَّادِسُ الدَّفْعُ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ وَفِي الْكِتَابِ أَكْرَهُ لِمَنِ انْصَرَفَ مِنْ عَرَفَةَ الْمُرُورَ فِي غَيْرِ طَرِيقِ الْمَأْزِمَيْنِ وَالسُّنَّةُ الدَّفْعُ مَعَ الْإِمَامِ وَقَبْلَهُ يُجْزِئُ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ وَلَا بِدَابَّتِهِ عِلَّةٌ فَلَا يُصَلِّي الْمَغْرِبَ وَالْعَشَاءَ إِلَّا بِمُزْدَلِفَةَ فَإِنْ صَلَّى قَبْلَهَا أَعَادَ إِذَا أَتَاهَا لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الصَّلَاةُ أَمَامَكَ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعِ الْمُضِيَّ مَعَ النَّاسِ جَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ عِنْدَ مَغِيبِ الشَّفَقِ حَيْثُ كَانَ وَأَجْزَأَهُ قَالَ سَنَدٌ إِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ دَفَعَ الْإِمَامُ بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ فَإِذَا وَجَدَ فجوة أسْرع لما فِي الصِّحَاح كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِينَ دَفَعَ يَسِيرُ الْعَنَقَ فَإِذَا وَجَدَ فُرْجَةً نَصَّ وَالْعَنَقُ السَّيْرُ الرَّفِيقُ وَالنَّصُّ رَفْعُ السَّيْرِ مِنْ قَوْلِكَ نَصَصْتُ الْحَدِيثَ إِذَا رَفَعْتُهُ إِلَى قَائِله ونصصت الْعَرُوس إِذا رفعتها فَوْقَ الْمِنَصَّةِ وَالْفَجْوَةُ الْفُرْجَةُ بَيْنَ الْمَكَانَيْنِ فَفَعَلَ ذَلِكَ الرَّاكِبُ وَالْمَاشِي وَيُكْثِرُ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَحْمِيدِهِ وَتَمْجِيدِهِ وَتَهْلِيلِهِ فِي السَّيْرِ لِمُزْدَلِفَةَ ومقامة بمنى لقَوْله تَعَالَى {فماذكروا الله عِنْد الْمشعر الْحَرَام} الْبَقَرَة 198 وَقَوله {فَذكرُوا الله كذكركم أباءكم أَو أَشد ذكرا} الْبَقَرَة 200 {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} الْبَقَرَة 203 وَهِيَ أَيَّامُ مِنًى وَالْمَأْزِمَانِ جَبَلَانِ يَمُرُّ النَّاسُ بَيْنَهُمَا ومنهما عبر - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَائِدَة من التَّنْبِيهَات المأزمان تَنْبِيه مَأْزِمٍ وَالْمَأْزِمُ وَالْمَأْزِنُ الْمَضِيقُ وَهُمَا مَضِيقُ جَبَلَيْنِ بِمِنًى وَهُوَ مَهْمُوزٌ مَكْسُورُ الزَّايِ مَفْتُوحُ الْمِيمِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ مَالِكٌ مَنْ دَفَعَ لَا يَنْزِلُ بِبَعْضِ تِلْكَ الْمِيَاهِ لِعَشَاءٍ أَوِ اسْتِرَاحَةٍ وَيَجْمَعُ بَيْنَ الْعِشَائَيْنِ

بِمُزْدَلِفَةَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ مَنْ شَاءَ فِي رَحْلِهِ أَوْ مَعَ الْإِمَامِ وَهُوَ أَفْضَلُ وَالْكَلَامُ فِيهِ كَالْجَمْعِ بِعَرَفَةَ وَكَذَلِكَ تَكَرُّرُ الْأَذَانِ قَالَ مَالِكٌ يَجْمَعُ إِذَا وَصَلَ قَبْلَ حَطِّ الرَّوَاحِلِ وَقَالَ أَشْهَبُ يَحُطُّ رَحْلَهُ أَوَّلًا وَيُقَدِّمُ الْعِشَاءَ وَمَنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ عِنْدَ الْغُرُوبِ وَالْعِشَاءَ عِنْدَ مَغِيبِ الشَّفَقِ وَهُوَ يَسِيرُ مَعَ النَّاسِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُعِيدُ بِمُزْدَلِفَةَ اسْتِحْسَانًا وَقَالَ أَشْهَبُ وش وَابْنُ حَنْبَلٍ أَسَاءَ وَلَا يُعِيدُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ هُوَ كَمَنْ صَلَّى قَبْلَ الْوُقُوفِ فَعَلَى هَذَا يُعِيدُ أَبَدًا وَهُوَ قَوْلُ ح نَظَرًا لاتباعه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلَوْ وَقَفَ بَعْدَ دَفْعِ النَّاسِ وَهُوَ يَطْمَعُ بِلُحُوقِ الْإِمَامِ إِذَا أَسْرَعَ أَخَّرَ الصَّلَاةَ لِيُصَلِّيَهَا مَعَ الإِمَام وَإِلَّا لم يجمع قَالَ مُحَمَّد وَقَالَ ابْن قَاسم إِنْ طَمِعَ فِي وُصُولِ مُزْدَلِفَةَ ثُلُثَ اللَّيْلِ أَخَّرَ الصَّلَاةَ وَإِلَّا صَلَّى كُلَّ صَلَاةٍ فِي وَقْتِهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَدْرَكَ الْإِمَامُ الْمُزْدَلِفَةَ قَبْلَ الشَّفَقِ فَلَا يَجْمَعُ حَتَّى يَغِيبَ الشَّفَقُ مَعَ أَنَّهُ يُعِيدُ أَمَّا التَّأْخِيرُ فَلِأَنَّ الْعِشَاءَ لَا تُقَدَّمُ عَلَى وَقْتِهَا وَالسُّنَّةُ إِنَّمَا وَرَدَتْ بِالْجَمْعِ بَيْنَهُمَا وَقْتَ الْآخِرَةِ وَأَمَّا الِاسْتِيعَادُ فَلْيُعِدْ مَا بَيْنَ عَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ وَلَا يكبر عقيب الْمغرب وَالْعشَاء وَالصُّبْحِ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ لِأَنَّ افْتِتَاحَ التَّكْبِيرِ عِنْدَ مَالك من الظّهْر وَعند ح من صبح يَوْم عَرَفَة وش ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الظُّهْرُ يَوْمَ النَّحْرِ وَالصُّبْحُ يَوْمَ عَرَفَةَ وَصَلَاةُ الْمَغْرِبِ لَيْلَةَ النَّحْرِ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَوْجِيهُ ذَلِكَ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْكِتَابِ وَمَنْ بَاتَ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ فَلَا يَتَخَلَّفُ عَنِ الْإِمَامِ لِأَنَّ الْإِمَامَ يُقِيمُ بِهَا حَتَّى يُصْبِحَ فَإِنْ أَدْرَكَهُ قَبْلَ الصُّبْحِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَفَ مَعَهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِم وح لَا دَمَ عَلَيْهِ لِتَرْكِ الْمَبِيتِ وَقَالَ أَشْهَبُ عَلَيْهِ قِيَاسًا عَلَى مَنْ دَفَعَ مَعَ الْإِمَامِ وَتَرَكَ الْمَبِيتَ وَفِي الْكِتَابِ الْوُقُوفُ بِالْمَشْعَرِ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ فَمَنْ وَقَفَ بَعْدَ الْفَجْرِ وَقَبْلَ الصَّلَاةِ فَهُوَ كَمَنْ لَمْ يَقِفْ لِسُقُوطِ الْوُجُوبِ بِالْفَجْرِ كَفَوَاتِ الْوُقُوفِ مَعَ الْإِمَامِ بِعَرَفَةَ وَلِأَنَّهُ فِي

حَدِيثِ جَابِرٍ الْمُتَقَدِّمِ وَالْمَشْعَرُ الْحَرَامُ جَبَلُ الْمُزْدَلِفَةِ يُقَالُ لَهُ قُزَحُ وَمَنْ أُتِيَ بِهِ الْمُزْدَلِفَةَ مُغْمًى عَلَيْهِ أَجْزَأَهُ وَمَنْ مَرَّ بِهَا وَلَمْ يَنْزِلْ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَإِنْ نَزَلَ وَدَفَعَ آخِرَ اللَّيْلِ أَوْ وَسَطَهُ أَوْ أَوَّلَهُ وَلَمْ يَدْفَعْ مَعَ الإِمَام وأجزأه وَيُسْتَحَبُّ الدَّفْعُ مَعَ الْإِمَامِ وَلَا يَتَعَجَّلُ قَبْلَهُ وَوَاسِعٌ لِلنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ التَّقْدِيمُ وَالتَّأْخِيرُ وَلَا يَقِفُ أَحَدٌ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ إِلَى الْإِسْفَارِ بَلْ يَدْفَعُوا قَبْلَ ذَلِكَ وَإِذَا أَسْفَرَ وَلَمْ يَدْفَعِ الْإِمَامُ دَفَعَ النَّاسُ وَتَرَكُوهُ وَمَنْ لَمْ يَدْفَعْ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ أَسَاءَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ سَنَدٌ الْوُقُوفُ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ مُسْتَحَبٌّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} الْبَقَرَة 198 وَمُزْدَلِفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ وَمَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِهِ فَلَا دم عَلَيْهِ عِنْد مَالك وح وش لِأَنَّهُ إِنَّمَا أحل بِدُعَاء فِي تربص وَوَافَقَ أَشهب ابْن الْقَاسِم هَا هُنَا فِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ يَمُرُّ بِهِ بِمُزْدَلِفَةَ وَخَالَفَهُ فِي عَرَفَةَ لِأَنَّهَا رُكْنٌ وَأَمَّا النُّزُولُ بِالْمُزْدَلِفَةِ فَالْمَشْهُورُ وُجُوبُهُ وَمَنْ تَرَكَهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَبِيتِ أَنَّ الْمَبِيتَ لِلِاسْتِرَاحَةِ غَيْرُ نُسُكٍ وَالنُّزُولُ الْوَاجِبُ يَحْصُلُ بِحَطِّ الرَّحْلِ وَالتَّمَكُّنِ مِنَ الْمَبِيتِ وَلَا يُشْتَرَطُ اسْتِغْرَاقُ النِّصْفِ الْأَوَّلِ مِنَ اللَّيْلِ خِلَافًا لِ ش لِمَا فِي مُسلم أَن سَوْدَة استأذنته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ أَنْ تَدْفَعَ قَبْلَ حَطِّ النَّاسِ فَأَذِنَ لَهَا وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهَا وَقْتًا مَخْصُوصًا وَقَالَ ح يَقِفُ بِالْمَشْعَرِ حَتَّى يُسْفِرَ لِأَنَّهُ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ لَنَا مَا فِي الْبُخَارِيِّ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ لَا يُفِيضُونَ حَتَّى يَرَوُا الشَّمْس على ثبير فخالفهم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَدَفَعَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَكَانُوا يَقُولُونَ أَشْرِقْ ثَبِيرُ كَيْمَا نُغِيرَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَيَفْعَلُ فِي الدّفع مَعَ الْمَشْعَرِ مِنَ السَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ مِثْلَ الدَّفْعِ مِنْ عَرَفَةَ وَيُهَرْوِلُ فِي بَطْنِ مُحَسِّرٍ قَدْرَ رَمْيَةِ الْحَجَرِ لِأَنَّهُ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ الْمَقْصِدُ السَّابِعُ جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ وَفِي الْكِتَابِ يَرْمِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ يَوْم النَّحْر

صُبْحًا سَبْعَ حَصَيَاتٍ رَاكِبًا وَفِي غَيْرِ يَوْمِ النَّحْرِ مَاشِيًا وَإِنْ مَشَى فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ويجزيء قبل الشَّمْس ويعد الْفَجْرِ وَبِطُلُوعِ الْفَجْرِ يَحِلُّ الرَّمْيُ وَالنَّحْرُ بِمِنًى وَقَبله لَا يجزيء وَيُعِيدُ وَتَكُونُ الْجِمَارُ أَكْثَرَ مِنْ حَصَى الْخَذْفِ قَلِيلا وبأخذها مِنْ حَيْثُ شَاءَ وَلَا يَرْمِي بِحَصَى الْجِمَارِ لِأَنَّهَا قَدْ رُمِيَ بِهَا وَالرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ قَالَ سَنَدٌ كَانَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ يَرْمِي بِأَكْبَرَ مِنْ حَصَى الْخَذْفِ وَاخْتلف فِي حَصى الْخذف فَقيل مثل الْبَاقِي وَقِيلَ مِثْلُ النَّوَاةِ وَقِيلَ دُونَ الْأُنْمُلَةِ طُولًا وعرضا وَيكرهُ الْكَبِير لَيْلًا يُؤْذِيَ النَّاسَ وَالصَّغِيرُ مِثْلُ الْحِمَّصَةِ وَالْقَمْحَةِ لَا يُرْمَى بِهِ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْعَدَمِ وَأَكْبَرُ مِنْ حَصَى الْخَذْفِ أَبْرَأُ لِلذِّمَّةِ لِأَنَّ فِيهِ الْوَاجِبَ وَزِيَادَةً وَالْحَجَرُ الْكَبِيرُ يُجْزِئُ عِنْدَ الْجَمِيعِ لِوُقُوعِ الِاسْمِ عَلَيْهِ لَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ وَالْمُسْتَحَبُّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ أَخْذُهَا مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لِلْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ غَدَاةَ الْعَقَبَةِ وَهُوَ عِنْدُ رَاحِلَتِهِ هَاتِ الْتَقِطْ لِي فَالْتَقَطَ حَصَيَاتٍ مِثْلَ حَصَى الْخَذْفِ وَاسْتَحَبَّ مَالِكٌ لَقْطَهَا عَلَى كسرهَا للسّنة وَيسْتَحب تَقْدِيم الرَّمْي على غير إِذَا أَتَى مِنًى لِأَنَّهُ تَحِيَّةُ الْحَرَمِ وَلَا يخْتَص بِنَجس بَلْ مَا يُسَمَّى حَصًى حَجَرًا أَوْ رُخَامًا أَوْ تُرَابًا وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ مَنْعُ الطِّينِ وَالْمَعَادِنِ المتطرقة كالحديد وَغير المتطرقة كالزرنيخ قَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح يَجُوزُ بِكُلِّ مَا هُوَ مِنَ الْأَرْضِ قِيَاسًا عَلَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ وَجَوَّزَهُ دَاوُدُ بِكُلِّ شَيْءٍ حَتَّى بِالْعُصْفُورِ الْمَيِّتِ وَسَلَّمَ ح مَنْعَ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فَنَقِيسُ عَلَيْهَا وَلَا يُرْمَى بِمَا رُمِيَ بِهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ ذَلِكَ لَتَبَادَرَ النَّاسُ إِلَى جماره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَإِنْ رَمَى بِمَا رَمَى بِهِ هُوَ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنَّا لَا يُجْزِئُهُ بِخِلَافِ مَا رَمَى بِهِ غَيْرُهُ وَلَمْ يَجِدْ هَذَا الْفَرْقَ إِلَّا للزموني مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَإِنْ رَمَى بِمَا رَمَى بِهِ غَيره أَجزَأَهُ عِنْد مَالك وش خِلَافًا لِابْنِ شَعْبَانَ وَابْنِ حَنْبَلٍ مُحْتَجِّينَ بِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ

عَبَّاس أَن مَا يقبل يُقَابل مِنْ ذَلِكَ يَرْفَعُ فَلَا يَتَقَرَّبُ بِمَا لَمْ يُقْبَلْ وَقِيَاسًا عَلَى الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي الطَّهَارَةِ لنا أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ شَرْطًا لَبَيَّنَهُ وَالْقِيَاس على شُرُوط الْحُدُود وَالثَّوْب فِي الصَّلَاةِ وَالطَّعَامِ فِي الْكَفَّارَاتِ وَيُمْنَعُ الْحُكْمُ فِي قِيَاسِهِمْ وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ لَوْ رَمَى بِحَجَرٍ نَجِسٍ أَجْزَأَهُ قَالَ وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ عَنِ الْمَذْهَبِ لَكِنَّهُ يُكْرَهُ وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ لَيْسَ عَلَيْهِ غَسْلُهَا فَإِنْ قَدِمَ فِي غَيْرِ وَقْتِ رَمْيٍ أَخَّرَ الرَّمْيَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَرْكَبَ لِأَنَّ الرَّمْيَ رَاكِبًا إِنَّمَا يَكُونُ لِلْعَجَلَةِ وَالْمَشْيُ فِي الْقُرُبَاتِ أَفْضَلُ وَدُخُولُ الْوَقْتِ بالنحر عِنْد مَالك وح وَابْنِ حَنْبَلٍ لِأَنَّهُ مَنْقُولٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنِ السَّلَفِ وَمِنْ جِهَةِ النَّظَرِ أَنَّ اللَّيْلَ زَمَانُ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَالرَّمْيَ يُحَلِّلُ وَغَيْرُ مُنَاسِبٍ وُقُوعُ التَّحَلُّلِ فِي زَمَنِ الْإِحْرَامِ وَلِأَنَّهَا لَيْلَةٌ لَا يَصْلُحُ الرَّمْيُ فِي أَوَّلِهَا فَلَا يَصْلُحُ فِي آخِرِهَا كَيَوْمِ عَرَفَةَ عَكْسُهُ يَوْمُ النَّحْرِ وَجَوَّزَهُ ش فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنَ اللَّيْلِ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَرْسَلَ بِأُمِّ سَلَمَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ فَرَمَتْ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ قَبْلَ الْفَجْرِ ثُمَّ مَضَتْ فَأَفَاضَتْ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْفَجْرِ صَلَاةَ الْفَجْرِ أَوْ يكون خَاصّا بهَا جَمِيعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ وَفِي الْكِتَابِ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ لِحَدِيثِ جَابِرٍ وَيُسْتَحَبُّ رَمْيُهَا مِنْ أَسْفَلِهَا فَإِنْ رَمَاهَا مِنْ فَوْقِهَا أَجْزَأَهُ فَفِي حَدِيثِ جَابر رَمَاهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْ بَطْنِ الْوَادِي وَقَدْ رَمَاهَا عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ أَعْلَاهَا لِزِحَامِ النَّاسِ فَإِنْ تَرَكَهَا أَوْ بَعْضَهَا إِلَى اللَّيْلِ رَمَاهَا لَيْلًا وَإِنْ نَسِيَ بَعْضَهَا رَمَى عَدَدَ مَا تَرَكَ وَلَا يَسْتَأْنِفُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُهْدِيَ عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلِهِ فِي وُجُوبِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لِلرَّمْيِ وَقْتُ أَدَاءٍ وَوَقْتُ قَضَاءٍ فَالْأَدَاءُ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ يَوْمَ النَّحْرِ وَتَرَدَّدَ أَبُو الْوَلِيدِ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي بَعْدَهُ هَلْ هِيَ أَدَاءٌ

أَوْ قَضَاءٌ وَالْقَضَاءُ لِكُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الرَّمْيِ مَا بَعْدَهُ وَلَا قَضَاءَ لِلرَّابِعِ وَلَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ الدَّمِ مَعَ الْفَوَاتِ وَلَا فِي سُقُوطِهِ مَعَ الْأَدَاءِ وَيُخْتَلَفُ فِي وُجُوبِهِ وسقوطه مَعَ الْقَضَاء فَفِي الْمُوَطَّأ أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَخَّصَ لِرُعَاةِ الْإِبِلِ فِي الْبَيْتُوتَةِ عِنْدَ مِنًى يَرْمُونَ يَوْمَ النَّحْرِ ثُمَّ يَرْمُونَ مِنَ الْغَدِ أَو بَعْدَ الْغَدِ لِيَوْمَيْنِ ثُمَّ يَرْمُونَ يَوْمَ النَّفْرِ وَلَوْلَا أَن الْوَقْت الرَّمْيِ لَمَا جَازَ تَأْخِيرُهُمْ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ لَا تُؤَخَّرُ لِلضَّرُورَةِ إِلَّا فِي وَقْتِ أَدَائِهَا كَالصَّلَوَاتِ وَلَا يَبْطَلُ الْحَجُّ بِفَوَاتِ شَيْءٍ مِنَ الْجِمَارِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَبْطُلُ بِفَوَاتِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذَا رَمَى أَحَدُكُمْ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَقَدْ حَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا النِّسَاءَ فَجَعَلَهَا شَرْطًا وَلِأَنَّهَا عِبَادَةُ سَبْعٍ فَتَكُونُ رُكْنًا كَالطَّوَافِ لَنَا قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْ أَدْرَكَ عَرَفَةَ بِلَيْلٍ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ وَلِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ رُكْنًا لَمَا فَاتَتْ بِخُرُوجِ زَمَانِهَا كَالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَهِيَ تَفُوتُ بِخُرُوجِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَلَا تَكُونُ رُكْنًا كَسَائِرِ الْجَمَرَاتِ وَقِيَاسُهَا عَلَى الْجَمَرَاتِ أَوْلَى مِنَ الطَّوَافِ الْمَقْصِدُ الثَّامِنُ فِي الحلاق والذبائح وَتَرْتِيبِهِمَا مَعَ الرَّمْيِ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ حَلَقَ قَبْلَ الْجَمْرَةِ افْتَدَى وَيَذْبَحُ بَعْدَهَا فَإِنْ ذَبَحَ قَبْلَهَا أَوْ حَلَقَ قَبْلَ الذَّبْحِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الَّذِي يُفْعَلُ يَوْمَ النَّحْرِ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ ثَلَاثَةٌ بِمِنًى الرَّمْيُ وَالْهَدْيُ وَالْحِلَاقُ وَالرَّابِعَةُ الْإِفَاضَة لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ بِمِنًى فَدَعَا بِذِبْحٍ فَذَبَحَ ثُمَّ دَعَا بِالْحَلَّاقِ وَوَافَقَنَا فِي الْفِدْيَةِ ح وَابْنُ حَنْبَل وَتردد قَول الشَّافِعِيَّة للِاخْتِلَاف عِنْدَهُمْ هَلْ هِيَ نُسُكٌ فَلَا يَجِبُ لِأَنَّهُ أَحَدُ مَا يُتَحَلَّلُ بِهِ أَوْ إِطْلَاقٌ مَحْصُورٌ فَيَلْزَمُهُ الدَّمُ وَقَوْلُنَا أَبْيَنُ لِأَنَّهُ

وَإِنْ كَانَ نُسُكًا فَهُوَ مِنَ الْمَحْظُورَاتِ فِي الْإِحْرَامِ وَأَمَّا الذَّبْحُ قَبْلَ الرَّمْيِ فَلِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ وقف النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حجَّة الْوَدَاع للنَّاس يسألونه فجَاء فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أَشْعُرْ فَحَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَنْحَرَ فَقَالَ اذْبَحْ وَلَا حَرَجَ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ آخَرُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أَشْعُرْ فَنَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ فَقَالَ ارْمِ وَلَا حَرَجَ فَمَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ قُدِّمَ وَلَا أُخِّرَ إِلَّا قَالَ افْعَلْ وَلَا حَرَجَ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنِ ابْتَدَأَ بِالْحَلْقِ قَبْلَ الرَّمْيِ فَقَوْلَانِ فِي وُجُوبِ الدَّمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَسُقُوطِهِ وَإِنِ ابْتَدَأَ بِالْحَلْقِ قَبْلَ الذَّبْحِ فسقوط الْفِدْيَة لمَالِك وش وَوُجُوبُهَا لِعَبْدِ الْمَلِكِ وَقَالَ ح إِنْ كَانَ مُفْرِدًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَوْ قَارِنًا أَوْ مُتَمَتِّعا لزمَه لقَوْله تَعَالَى {وَلَا تحلقوا رؤوسكم حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} الْبَقَرَة 196 فَشَرَطٌ فِي جَوَازِ الْحَلْقِ نَحْرُ الْهَدْيِ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ إِنْ قَدَّمَ الْحِلَاقَ عَلَى الذَّبْحِ أَوِ الرَّمْيِ سَاهِيًا أَوْ جَاهِلًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَوْ عَامِدًا فَعَلَيْهِ الدَّمُ وَجَوَابُ ح أَنَّهُ قَدْ بَلَغَ مَحِلَّهُ وَإِنَّمَا بَقِيَ ذَبْحُهُ وَلَمْ يَقُلْ حَتَّى يُذْبَحَ وَفِي الْكِتَابِ الذَّبْحُ ضَحْوَةٌ فَإِنْ ذَبَحَ قَبْلَ الْفَجْرِ أَعَادَ وَمَنْ جَامَعَ بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ قَبْلَ الْحِلَاقِ فَحَجُّهُ تَامٌّ وَعَلَيْهِ عُمْرَةٌ وَبَدَنَةٌ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَبَقَرَةٌ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَشَاةٌ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ بَعْدَ ذَلِكَ مُفَرَّقَةً أَوْ مَجْمُوعَةً وَإِنْ جَامَعَ يَوْمَ النَّحْرِ أَوَّلَهُ أَوْ آخِرَهُ قَبْلَ الرَّمْيِ وَالْإِفَاضَةِ فَسَدَ حَجُّهُ وَعَلَيْهِ حَجٌّ قَابِلٌ فَإِنْ وَطِئَ بعد يَوْم النَّحْر قبل الْإِفَاضَة وَالرَّمْي أجرأه الْحَجُّ وَيَعْتَمِرُ وَيُهْدِي وَإِنْ وَطِئَ فِي يَوْمِ النَّحْرِ أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ الرَّمْيِ وَبَعْدَ الْإِفَاضَةِ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْهَدْيُ وَإِنْ وَطِئَ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ ثُمَّ ذَكَرَ شَوْطًا مِنْهَا أَوْ أَكْثَرَ كَمَّلَ الْأَشْوَاطَ وَرَكَعَ ثُمَّ يَعْتَمِرُ وَيُهْدِي قَالَ سَنَدٌ يُسْتَحَبُّ الْهَدْيُ بِخِلَافِ الْأُضْحِيَةِ لِتَعَلُّقِهَا بِالصَّلَاةِ وَلَا صَلَاةَ عِيدٍ عَلَى أَهْلِ مِنًى فَلِذَلِكَ جَازَ نَحْرُ الْهَدْيِ قَبْلَ الشَّمْسِ وَلَا خِلَافَ أَنَّ الوطئ قَبْلَ الْوُقُوفِ يُفْسِدُ الْحَجَّ وَبَعْدَ الْوُقُوفِ وَقَبْلَ الرَّمْيِ وَالْحِلَاقِ قَالَ

مَالِكٌ وَابْنُ حَنْبَلٍ لَا يَفْسُدُ الْحَجُّ وَيَفْسَدُ الطَّوَافُ إِذَا وَطِئَ قَبْلَ الْإِفَاضَةِ وَبَعْدَ الرَّمْيِ قَالَ عبد الْوَهَّاب وَهُوَ أَقيس ومروي عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَقَالَ ح عَلَيْهِ الْهَدْيُ لِأَنَّهَا حَالَةٌ أَمِنَ فِيهَا الْفَوَاتَ فَيُؤْمَنُ فِيهَا الْفَسَادُ كَبَعْدِ الطَّوَافِ لَنَا أَنَّهُ قَدْ بَقِيَ مِنَ الْحَجِّ رُكْنَانِ فَحُكْمُ الْإِحْرَامِ بَاقٍ كَمَا قَبْلَ الْوُقُوفِ وَعِنْدَ ح فِي الْهَدْي الْبَدنَة وش الشَّاة لنا أَن الوطئ الْمُحَرَّمَ فِي الْإِحْرَامِ سَبَبُ الْهَدْيِ وَهُوَ يَصْدُقُ على الْجَمِيع فَيُؤْمَر بالأعلا لِعَظِيمِ جِنَايَتِهِ وَيُجْزِئُهُ أَقَلُّ مَا يَتَنَاوَلُهُ اسْمُ الْهَدْيِ فَإِنْ لَمْ يَجِدِ انْتَقَلَ إِلَى الصَّوْمِ لِأَنَّهُ بَدَلُهُ فِي الْمُتْعَةِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ إِذَا جَامَعَ يَوْمَ النَّحْرِ قَبْلَ الرَّمْيِ وَالْإِفَاضَةِ أَنَّ حَجَّهُ تَامٌّ وَعَلَيْهِ الْهَدْيُ وَبِالْأَوَّلِ قَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ} الْبَقَرَة 167 وَالنَّهْيُ يَدُلُّ على الْفساد وَبِالثَّانِي قَالَ ح لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْ أَدْرَكَ عَرَفَةَ فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا وَطِئَ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ قَبْلَ الرَّمْيِ فَسَدَ حَجُّهُ وَإِذَا قُلْنَا بِالْعُمْرَةِ فَلَيْسَتْ خَارِجَةً عَنْ إِحْرَامِهِ فَيُؤْمَرُ بِتَكْمِيلِ الْإِحْرَامِ الْأَوَّلِ لِيَصِحَّ الدُّخُولُ فِي إِحْرَامٍ آخَرَ كَمَنْ سَلَّمَ فِي صَلَاتِهِ يُحْرِمُ لِيَرْجِعَ إِلَيْهَا فَإِحْرَامُهُ هَا هُنَا الْعُمْرَةُ وَفِي الْكِتَابِ أَكْرَهُ الطِّيبَ بَعْدَ الرَّمْيِ حَتَّى يُفِيضَ فَإِنْ فَعَلَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِذَا رَمَى الْعَقَبَةَ أَخَذَ مِنْ أَظْفَارِهِ وَلِحْيَتِهِ وَشَارِبِهِ وَاسْتَحَدَّ وَلَوْ أَطَلَى بِالنَّوْرَةِ قَبْلَ أَنْ يَحْلِقَ رَأْسَهُ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَيُسْتَحَبُّ فِعْلُ ذَلِكَ بَعْدَ الْإِحْلَالِ لِفِعْلِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ذَلِكَ وَالْحِلَاقُ يَوْمَ النَّحْرِ أَفْضَلُ مِنْهُ بِمَكَّةَ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَوْ بَعْدَهَا فَإِنْ أَخَّرَ الْحِلَاقَ لِبَلَدِهِ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا حَلَقَ أَو قصر وَأهْدى وَمن ظفر أَوْ عَقَصَ أَوْ لَبَّدَ فَعَلَيْهِ الْحِلَاقُ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ تَعْمِيمِ التَّقْصِيرِ لِجُمْلَةِ شَعْرِهِ وَمَنْ ضَلَّتْ بَدَنَتُهُ يَوْمَ النَّحْرِ أَخَّرَ الْحِلَاقِ وَطَلَبَهَا مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الزَّوَالِ فَإِنْ أَصَابَهَا وَإِلَّا حَلَقَ وَفَعَلَ فِعْلَ مَنْ لَمْ يُهْدِ مِنْ وطئ النِّسَاء وَغَيره كَانَ الْهَدْي مِمَّا عَلَيْهِ بدله أَو لَا قَالَ ابْن الْقَاسِم وَإِن قصرا أَو قصرت بَعْضًا وَأَبْقَيَا بَعْضًا ثُمَّ جَامَعَهَا عَلَيْهِمَا الْهَدْيُ وَفِي الْبُخَارِيِّ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

اللَّهُمَّ ارْحَمِ الْمُحَلِّقِينَ قَالُوا وَالْمُقَصِّرِينَ قَالَ اللَّهُمَّ ارْحَمِ الْمُحَلِّقِينَ قَالُوا وَالْمُقَصِّرِينَ ثُمَّ قَالَ فِي الرَّابِعَةِ وَالْمُقَصِّرِينَ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ الْحِلَاقِ على التَّقْصِير وَفِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَيْسَ على النِّسَاء الْحلق وَإِنَّمَا عَلَيْهِنَّ التَّقْصِير وَقَالَ تَعَالَى {مُحَلِّقِينَ رؤسكم وَمُقَصِّرِينَ} الْفَتْح 27 وَهُوَ يَقْتَضِي جُمْلَةَ الرَّأْسِ قَالَ سَنَدٌ الْخِلَافُ فِي اسْتِيعَابِ الرَّأْسِ حَلْقًا كَالْخِلَافِ فِي اسْتِيعَابِهِ مَسْحًا فِي الْوُضُوءِ وَالتَّحَلُّلُ يَقَعُ فِي الْحَجِّ فِي الْجَمْرَةِ لِتَقَدُّمِ الْأَرْكَانِ وَفِي الْعُمْرَةِ بِالْحِلَاقِ لِأَنَّ السَّعْيَ رُكْنٌ فِيهَا فَنَظِيرُهُ الْوُقُوفُ فَيَقَعُ التَّحَلُّلُ بِالْحَلْقِ وَفِي فَسَادِ الْعُمْرَةِ بالوطئ قَبْلِ الْحِلَاقِ قَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّهُ شَرْطٌ فِي الْإِحْلَالِ أَمْ لَا وَالتَّحَلُّلُ تَحَلُّلَانِ رَمْيُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ أَوْ خُرُوجُ وَقْتِهَا وَالثَّانِي الْفَرَاغُ مِنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ فَيَحِلُّ بِالْأَوَّلِ كُلُّ مَا حُرِّمَ بِالْإِحْرَامِ إِلَّا النِّسَاءَ وَالطِّيبَ وَالصَّيْدَ قَالَهُ عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ وَيَخْتَلِفُ قَبْلَ الْإِفَاضَةِ فِي الثِّيَابِ وَالصَّيْدِ وَاللَّمْسِ وَعَقْدِ النِّكَاحِ وَالطِّيبِ وَالْمَذْهَبُ التَّحْرِيمُ لِبَقَاءِ الْإِحْرَامِ وَفِي الْجُلَّابِ إِنْ تَطَيَّبَ بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَإِنَّ صَادَ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ وَإِنْ وَطِئَ فَحَجُّهُ تَامٌّ وَيُهْدِي وَيَعْتَمِرُ قَالَ سَنَدٌ وَالْحِلَاقُ يَتَعَلَّقُ بِزَمَانِ الْحَجِّ لَا بِمَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إِمَاطَةُ الشَّعْرِ إِلَّا أَنَّهُ مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ فَلَا يُخْرَجُ بِهِ عَنْ أَشْهُرِهِ وَيُسْتَحَبُّ فِعْلُهُ بِمِنًى بَعْدَ النَّحْرِ اقْتِدَاء بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَمَا هُوَ زَمَانُ الْحِلَاقِ الَّذِي يَفُوتُ بِهِ فَرَأَى فِي الْمَوَّازِيَّةِ أَنَّهُ زَمَانُ الرَّمْيِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا تَبَاعَدَ ذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ وَمَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْحِلَاقِ وَالتَّقْصِيرِ لِمَرَضٍ فَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ إِنْ وَجَدَ وَإِلَّا فَبَقَرَةٌ وَإِلَّا فشَاةٌ وَإِلَّا صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَسَبْعَةً وَفِي الْكِتَابِ يُمِرُّ الْأَقْرَعُ الْمُوسَى عَلَى رَأْسِهِ وَيُخْتَلَفُ فِي وُجُوبِهِ وَقَالَهُ ح وَعِنْدَ ش لَا يَجِبُ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ تَتَعَلَّقُ بِجُزْءٍ مِنَ الْبَدَنِ فَيَسْقُطُ بِذَهَابِهِ كَالطَّهَارَةِ فِي الْيَدَيْنِ وَلِأَنَّهُ لَا يُوجِبُ فِدْيَةً قَبْلَ

التَّحَلُّلُ فَلَا يَحْصُلُ بِهِ التَّحَلُّلُ وَلِأَنَّ الْقَاعِدَةَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهَا أَنَّ الْوَسَائِلَ يَسْقُطُ اعْتِبَارُهَا عِنْدَ تَعَذُّرِ الْمَقَاصِدِ وَإِمْرَارُ الْمُوسَى وَسِيلَةٌ لِإِزَالَةِ الشَّعْرِ لَنَا فِعْلُ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَأَنَّهَا عِبَادَةٌ تَتَعَلَّقُ بِالشَّعْرِ فَتَنْتَقِلُ لِلْبَشَرَةِ عِنْدَ تَعَذُّرِهِ كَالْمَسْحِ فِي الْوُضُوءِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ حَلَقَ بِالنَّوْرَةِ أَجْزَأَهُ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ كَمَا يَحْصُلُ التَّقْصِيرُ بِالْمِقْرَاضِ وَالْفَمِ وَقَالَ بِهِمَا الشَّافِعِيَّةُ وَمَنْ قَصَّرَ مِنْ جَمِيعِ شَعْرِ رَأْسِهِ وَمَا أَخَذَ أَجْزَأَهُ وَكَذَلِكَ الصِّبْيَانُ وَلَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ إِلَّا التَّقْصِيرُ فِي جُمْلَةِ شُعُورِهِنَّ قَالَ ابْنُ أبي زيد يجز المقصر شعره منَّة أُصُولِهِ وَقَالَ ش يُجْزِئُ النِّسَاءَ حَلْقُ ثُلُثِ شعورهن وَقَالَ ح الرّفْع بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِهِ فِي الْمَسْحِ فِي الْوُضُوءِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ مَالِكٌ إِذَا أَذَى الْمَرْأَةَ الْقمل أَو الشّعْر فلهَا الْحلق وتقصر الْمَرْأَةِ عِنْدَ مَالِكٍ قَدْرُ الْأُنْمُلَةِ وَقَالَتْهُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَالصَّغِيرَةُ تُفَارِقُ الْمَرْأَةَ فِي الْحِلَاقِ لِعَدَمِ الْمُثْلَةِ وَلَا يَنْبَغِي لِلْمُعْتَمِرِ تَأْخِيرُ خلاقه بل يصله الْمَقْصد التَّاسِع طواف الْإِفَاضَة وَهُوَ الطَّوَافُ الَّذِي هُوَ رُكْنٌ فِي الْحَجِّ وَفِيهِ تَفْرِيعَاتٌ أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ تَعْجِيلُ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ يَوْمَ النَّحْرِ أَفْضَلُ وَإِنْ أَخَّرَهُ حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَذَهَبَ مِنْ مِنًى إِلَى مَكَّةَ فَلَا بَأْسَ خِلَافًا لِ ش إِنْ أَخَّرَهُ مَعَ السَّعْيِ بَعْدَ مِنًى حَتَّى تَطَاوَلَ طَافَ وَسَعَى وَأَهْدَى وَلَهُ تَأْخِيرُ السَّعْيِ إِلَى وَقت تَأْخِير الْإِفَاضَة وَكره مَالك تَسْمِيَة طواف الزِّيَارَة وَقَوْلهمْ زرنا قبر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تَعْظِيمًا لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ الزَّائِرَ مُتَفَضِّلٌ عَلَى الْمَزُورِ وَلَا يَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ زُرْنَا السُّلْطَانَ لِمَا فِيهِ من إِبْهَام الْمُكَافَأَةِ وَالْمُمَاثَلَةِ وَأَصْلُ فَرِيضَتِهِ حَدِيثُ جَابِرٍ الْمُتَقَدِّمُ قَالَ سَنَدٌ أَمَّا أَوَّلُ وَقْتِهِ فَلَا يَجُوزُ

قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ إِجْمَاعًا وَتَحْدِيدُ أَوَّلِ الْوَقْتِ مَبْنِيٌّ عَلَى تَحْدِيدِ أَوَّلِ وَقْتِ الرَّمْيِ هَلْ هُوَ طُلُوعُ الشَّمْسِ يَوْمَ النَّحْرِ أَوْ طُلُوعُ الْفجْر أَو نصف اللَّيْل وَأما تَحْدِيدُ آخِرِ وَقْتِهِ فَالْمُخْتَارُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا لِتَمَامِ الشَّهْرِ وَعَلَيْهِ الدَّمُ بِدُخُولِ الْمُحَرَّمِ وَقَالَ ح آخِرُهُ الْيَوْمُ الثَّانِي فَبِدُخُولِ الثَّالِثِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ يَجِبُ الدَّمُ وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ لَيْسَ لِآخِرِ وَقْتِهِ حَدٌّ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ حَدٌّ لَمَا صَحَّ فِعْلُهُ بَعْدَهُ كَالرَّمْيِ وَالْوُقُوفِ لَنَا قَوْله تَعَالَى {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} الْبَقَرَة 197 فَحَصَرَهُ فِي الْأَشْهُرِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوُقُوف أَنه إِنَّمَا يَأْتِي بعد التَّحْلِيل وَحُصُول مُعظم الْحَج بِالْوُقُوفِ بِالطَّوَافِ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَنْ عَمَلِ النَّاسِ وَإِنْ سَمِعَ الْإِقَامَةَ فَلَهُ أَنْ يَقِفَ حَتَّى يُصَلِّيَ قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ أَفَاضَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَحَبُّ إِلَيَّ الرُّجُوعُ إِلَى مِنًى وَلَا يُقيم لصَلَاة الْجُمُعَة وَقَالَ ابْن حبيب لمن أَفَاضَ أَن ينْتَقل بِالطَّوَافِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَوْ قَدَّمَ الْإِفَاضَةَ عَلَى جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ أَجْزَأْتُهُ الْإِفَاضَةُ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَيْهِ الْهَدْيُ وَقَالَ مَالِكٌ لَا يُجْزِئُهُ وَاسْتَحَبَّ أَصْبَغُ الْإِعَادَةَ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِذَا حَاضَتْ قَبْلَ الْإِفَاضَةِ أَوْ نَفِسَتْ لَا تَبْرَحُ حَتَّى تُفِيضَ وَيُحْبَسُ عَلَيْهَا كَرْيُهَا أَقْصَى جُلُوسِ النِّسَاءِ فِي الْحَيْضِ وَالِاسْتِطْهَارِ أَوِ النِّفَاسِ مِنْ غَيْرِ سَقَمٍ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَام ذكر صَفِيَّة بنت حييّ فَقيل لَهُ إِنَّهَا حَاضَت فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَحَابِسَتُنَا هِيَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا قد طافت فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلَا إِذًا وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ أَشْهَبُ يُحْبَسُ الْكَرْيُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا رَوَى غَيْرُهُ ذَلِكَ مَعَ الِاسْتِطْهَارِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ وَقَالَ ابْنُ اللَّبَّادِ هَذَا فِي زَمَنِ الْأَمْنِ أَمَّا فِي هَذَا الْوَقْتِ فَيُفْسَخُ الْكِرَاءُ بَيْنَهُمَا وَإِذَا قُلْنَا بِرِوَايَة ابْن

الْقَاسِمِ فَيَتَجَاوَزُ الدَّمُ مُدَّةَ الْحَبْسِ فَهَلْ تَطُوفُ أَوْ يُفْسَخُ الْكِرَاءُ قَوْلَانِ قَالَ سَنَدٌ هَذَا إِنْ كَانَ الْكَرِي يُمْكِنُهُ الِانْفِرَادُ بِالسَّيْرِ أَمَّا أَهْلُ الْآفَاقِ الْبَعِيدَةِ الَّذِينَ لَا يَرُوحُونَ الأحِمْيَةً فَأَمْرُهُ مَحْمُولٌ عَلَى زَمَنِ الْحَجِّ عَادَةً وَلَا يُحْبَسُ عَلَيْهَا بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّهَا لَوْ صَرَّحَتْ لَهُ بِذَلِكَ عِنْدَ الْعَقْدِ لَأَبَاهُ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ وَهِيَ كَالْمَحْصُورَةِ بِالْعَدُوِّ وَلَا يَلْزَمُهَا جَمِيعُ الْأُجْرَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ عَلَيْهَا لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ مِنْهَا وَرَوَى سَحْنُونٌ أَنَّهَا تَطُوفُ لِلْخِلَافِ فِي اشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ فِي الطَّوَافِ وَلِأَنَّهُ يُسْتَبَاحُ لِلضَّرُورَةِ كَقِرَاءَةِ الْقُرْآن للحائض لضَرُورَة النسْيَان وَهَا هُنَا أَعْظَمُ قَالَ مَالِكٌ وَتَحْبِسُ الْقَافِلَةَ إِنْ كَانَتْ إِقَامَتُهَا الْيَوْمَيْنِ قَالَ مَالِكٌ فَلَوْ شَرَطْنَا عَلَيْهِ عُمْرَةً فِي الْحَرَمِ فَحَاضَتْ قَبْلَهَا لَا يُحْبَسُ وَلَا يُوضَعُ مِنَ الْكِرَاءِ شَيْءٌ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْحَجُّ وَفَرَّقَ مَالِكٌ مَرَّةً بَيْنَ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْكَرِيُّ فَقَالَ الْحَيْضُ شَأْنُ النِّسَاءِ فَهُوَ دَخَلٌ عَلَيْهِ بِخِلَافِ النِّفَاسِ وَحَيْثُ قُلْنَا تَحْبِسُهُ فَلَا يُزَادُ شَيْئًا الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَحْرَمَ مَكِّيٌّ مِنْ مَكَّةَ بِالْحَجِّ أَجْزَأَهُ الطَّوَافُ مَعَ السَّعْيِ بَعْدَ الْوُقُوفِ وَلَوْ عَجَّلَهُمَا قَبْلَهُ لَمْ يُجْزِئْهُ وَأَعَادَهَا بَعْدَهُ فَإِنْ لَمْ يُعِدْ وَرَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ أَجْزَأَهُ وَأَهْدَى وَفِي الْجُلَّابِ إِذَا أَخَّرَ غَيْرُ الْمُرَاهِقِ الطَّوَافِ وَالسَّعْيَ عَامِدًا حَتَّى خَرَجَ إِلَى مِنًى فَلْيَطُفْ وَلْيَسْعَ إِذَا رَجَعَ وَيُهْدِي فَإِنْ تَرْكَهَا نَاسِيًا فَلْيَسْعَ مِنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْقِيَاسُ عِنْدِي فِي الدَّمِ بِخِلَافِ الْمُرَاهِقِ وَقَالَهُ الْأَبْهَرِيُّ وَلَا بَأْسَ بِتَأْخِيرِ الْإِفَاضَةِ إِلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَتَعْجِيلُهَا أَفْضَلُ فَإِنْ أَخَّرَهَا بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى الْمُحَرَّمِ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَمَنْ نَسِيَ الْإِفَاضَةَ وَقَدْ طَافَ لِلْوَدَاعِ أَجْزَأَهُ إِذَا بَعُدَ إِمَّا لِلْمَشَقَّةِ وَإِمَّا لِأَن أَرْكَان الْحَج لَا نفتقر إِلَى النِّيَّةِ فِيمَا يُعِينُ الطَّوَافَ الْفَرْضَ مِنْ غَيْرِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يُجْزِئُهُ قَالَ سَنَدٌ يَرْجِعُ لِلْإِفَاضَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ طَافَ تَطَوُّعًا وَلَمْ يُعَيَّنِ الْوَدَاعَ نَظَائِرُ يُجْزِئُ غَيْرُ الْوَاجِبِ عَنِ الْوَاجِبِ فِي الْمَذْهَبِ فِي سَبْعِ مَسَائِلَ عَلَى

الْخلاف فِيهَا من جدد وضوئِهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ حَدَثَهُ أَوِ اغْتَسَلَ لِلْجُمُعَةِ نَاسِيًا لِلْجَنَابَةِ أَوْ نَسِيَ لُمْعَةً مِنَ الْغَسْلَةِ الْأَوْلَى فِي وُضُوئِهِ ثُمَّ غَسَلَ الثَّانِيَةَ بِنِيَّةِ السُّنَّةِ أَو من سلم من اثْنَتَيْنِ تمّ أَعْقَبَهُمَا بِرَكْعَتَيْنِ نَافِلَةٍ أَوِ اعْتَقَدَ السَّلَامَ وَلَمْ يَكُنْ سَلَّمَ ثُمَّ كَمَّلَ بِنِيَّةِ النَّافِلَةِ أَوْ نَسِيَ سَجْدَةً مِنَ الرَّابِعَةِ وَقَامَ إِلَى خَامِسَةٍ أَوْ نَسِيَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ وَطَافَ لِلْوَدَاعِ الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ يُجْزِئُ الْقَارِنُ طَوَافٌ وَاحِدٌ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي التِّرْمِذِيِّ مَنْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَجْزَأَهُ طَوَافٌ وَاحِدٌ وَقَالَ ح عَلَيْهِ طَوَافَانِ وَسَعْيَانِ لِمَا يُرْوَى أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ حج قَارنا وَطَاف لَهما طوافين سعى لَهما سعييين ثمَّ قَالَ هَكَذَا رَأَيْته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فعل وَجَوَابُهُ أَنَّهُ ضَعِيفٌ سَلَّمْنَا صِحَّتَهُ لَكِنَّ الْقَوْلَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْفِعْلِ لِمَا تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ الْأُصُولِ وَمَنْ دَخَلَ مَكَّةَ مُرَاهِقًا يَخْشَى فَوَاتَ الْحَجِّ وَهُوَ مُفْرِدٌ أَوْ قَارِنٌ فَلْيَدَعِ الطَّوَافَ بَعْدَ الْوُقُوفِ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ لِأَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَخَّرَتْهُ لِلْحَيْضِ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُرَاهِقٍ فَعَلَيْهِ دَمٌ دَخَلَ مَكَّةَ أَوِ الْحَرَمَ أَمْ لَا وَقَالَ أَشْهَبُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لَا دَمَ عَلَيْهِ لِأَنَّ حُكْمَهُ يَتَعَلَّقُ بِمَكَّةَ لَا بِالْحَجِّ كَطَوَافِ الْوَدَاعِ وَالْمَذْهَبُ يَرَى أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِالْإِحْرَامِ وَالْمُفْرِدُ إِذَا طَافَ الطَّوَافَ الْوَاجِبَ وَسَعَى عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ ثُمَّ طَافَ لِلْإِفَاضَةِ بَعْدَ الْوُقُوفِ عَلَى وُضُوءٍ وَلَمْ يَسْعَ حَتَّى أَصَابَ النِّسَاءَ وَالصَّيْدَ وَالطِّيبَ وَالثِّيَابَ فَلْيَرْجِعْ لَابِسًا لِلثِّيَابِ حَلَالًا إِلَّا مِنَ النِّسَاءِ وَالصَّيْدَ وَالطِّيبِ فَيَعْتَمِرُ وَيَسْعَى ثُمَّ يَعْتَمِرُ وَيُهْدِي وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِقَ لِأَنَّهُ حَلَقَ بِمِنًى وَلَا دَمَ عَلَيْهِ فِي الثِّيَابِ لِأَنَّ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ أَحَلَّتْهَا لَهُ بِخِلَافِ الْمُعْتَمِرِ لَا تَحِلُّ لَهُ الثِّيَابُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنَ السَّعْيِ وَعَلَيْهِ لِكُلِّ صَيْدٍ أَصَابَهُ الْجَزَاءُ وَلَا دَمَ لِتَأْخِيرِ الطَّوَافِ الَّذِي طافه على

غَيْرِ وُضُوءٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَمَّدْ ذَلِكَ فَهُوَ مَعْذُورٌ كَالْمُرَاهِقِ وَالْعُمْرَةُ مَعَ الْهَدْيِ تُجْزِئُهُ لِذَلِكَ كُلِّهِ وَأَكْثَرُ النَّاسِ يَقُولُونَ لَا عُمْرَةَ عَلَيْهِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا أَصَابَ النِّسَاءَ عَلَيْهِ هَدْيَانِ لِلْفَسَادِ وَالتَّفْرِيقِ وَيُخْتَلَفُ فِي وُجُوبِ الدَّمِ عَلَيْهِ لِطَوَافِهِ الَّذِي طَافَهُ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ كَمَا اخْتُلِفَ فِيمَنْ تَرَكَهُ نَاسِيًا وَأَمَّا لَوْ طَافَ الْمُعْتَمِرُ بِغَيْرِ وُضُوءٍ أَوْ فِي طَوَافِ الْإِفَاضَةِ فَفِي الْكِتَابِ إِنْ ذَكَرَ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ بِمَكَّةَ أَوْ بَلَدِهِ فَلْيَرْجِعْ حَرَامًا فَيَطُوفَ وَإِنْ حَلَقَ افْتَدَى وَعَلَيْهِ لِكُلِّ صَيْدٍ جَزَاءٌ لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى إِحْرَامِهِ الْمَقْصِدُ الْعَاشِرُ رَمْيُ مِنًى وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ يُرْوَى فِي رَمْيِ الْجِمَارِ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا أُمِرَ بِبِنَاءِ الْبَيْتِ سَارَتِ السَّكِينَةُ بَيْنَ يَدَيْهِ كَأَنَّهَا قُبَّةٌ فَكَانَ إِذَا سَارَتْ سَارَ وَإِذَا نَزَلَتْ نَزَلَ فَلَمَّا انْتَهَتْ إِلَى مَوْضِعِ الْبَيْتِ اسْتَقَرَّتْ عَلَيْهِ وَانْطَلَقَ إِبْرَاهِيمُ مَعَ جِبْرِيلَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ حَتَّى أَتَيَا الْعَقَبَةَ فَعَرَضَ لَهُ الشَّيْطَانُ فَرَمَاهُ ثُمَّ مَرَّ بِالثَّانِيَةِ فَعَرَضَ لَهُ فَرَمَاهُ ثُمَّ مَرَّ بِالثَّالِثَةِ فَعَرَضَ لَهُ فَرَمَاهُ فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبَ رَمْيِ الْجِمَارِ تَذْكِيرًا بِآثَارِ الْخَلِيلِ وَتَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ بِبَقَاءِ الذِّكْرِ الْجَمِيلِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْه ثُمَّ مَشَى مَعَهُ يُرِيهِ الْمَنَاسِكَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى عَرَفَةَ فَقَالَ لَهُ عَرَفْتَ فَقَالَ لَهُ نَعَمْ فَسُمِّيَتْ عَرَفَةَ ثُمَّ رَجَعَ فَبَنَى الْبَيْتَ عَلَى مَوْضِعِ السَّكِينَةِ وَيُرْوَى أَنَّ الْكَبْشَ الَّذِي فُدِيَ بِهِ إِسْحَاقُ عَلَيْهِ السَّلَامُ هَرَبَ مِنْ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَاتَّبَعَهُ فَأَخْرَجَهُ مِنَ الْجَمْرَةِ الْأَوْلَى فَرَمَاهُ بِسبع حَصَيَات فَأَفلَت عِنْدهَا فجَاء الْجَمْرَة الْوُسْطَى فَأخْرجهُ عَنْهَا فَرَمَاهُ بِأَرْبَع حَصَيَات فَأَفلَت عِنْدهَا فجَاء الْجَمْرَة الْكُبْرَى حمرَة الْعَقَبَةِ فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ فَأَخَذَهُ عِنْدَهَا فَجَاءَ بِهِ الْمَنْحَرَ فَذَبَحَهُ

فَائِدَةٌ الْجَمْرَةُ اسْمٌ لِلْحَصَاةِ وَمِنْهُ الِاسْتِجْمَارُ أَيْ اسْتِعْمَال الْحِجَارَة فِي إِزَالَة الْأَذَى عَن الْمخْرج وَقَدْ تَقَدَّمَ صِفَةُ الْجِمَارِ وَقَدْرُهَا فِي الْعَقَبَةِ وَأُلَخِّصُ هَذِهِ الْجِمَارَ فِي تَفْرِيعَاتٍ سِتَّةٍ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ يَرْمِي فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنَ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ سَبْعَ حَصَيَاتٍ مَاشِيًا بَعْدَ الزَّوَالِ فَإِنْ قَدِمَ قَبْلَهُ أَعَادَ بَعْدَهُ وَجَوَّزَهُ ح فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ قَبْلَهُ لِأَنَّهُ يُجَاوِرُهُ يَوْمٌ لَا رَمْيَ فِيهِ فَأَشْبَهَ يَوْمَ نَحْرٍ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لِلرَّمْيِ وَقْتُ أَدَاءٍ وَوَقْتُ قَضَاءٍ وَوَقْتُ فَوَاتٍ فَالْأَدَاءُ مِنْ بَعْدِ الزَّوَالِ إِلَى مَغِيبِ الشَّمْسِ وَتَرَدَّدَ أَبُو الْوَلِيدِ فِي اللَّيْلِ وَالْفَضِيلَةُ تَتَعَلَّقُ بِعُقَيْبِ الزَّوَالِ وَالْقَضَاءُ لِكُلِّ يَوْمٍ مَا بَعْدَهُ وَلَا قَضَاءَ لِلرَّابِعِ فَإِنْ تَرَكَ جَمْرَةً أَتَى بِهَا فِي يَوْمِهَا إِنْ ذَكَرَهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يكون الْأُولَى أَوِ الْوُسْطَى فَيُعِيدُ مَا بَعْدَهَا لِلتَّرْتِيبِ وَقِيلَ لَا يُعِيدُ وَإِنْ ذَكَرَهَا بَعْدَ يَوْمِهَا أَعَادَ مَا كَانَ فِي وَقْتِهِ وَقِيلَ لَا يُعِيدُ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ يَرْمِي الْجَمْرَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنْ فَوْقِهِمَا وَالْعَقَبَةَ مِنْ أَسْفَلِهَا وَالْجَمْرَةَ الْأُولَى تَلِي مَسْجِدَ الْخَيْفِ ثُمَّ الْوُسْطَى تَلِيهَا إِلَى مَكَّةَ ثُمَّ الثَّالِثَةَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَهِيَ الْبَعِيدَةُ إِلَى مِنًى وَأَقْرَبُهَا إِلَى مَكَّةَ وَتَرْتِيبُ الرَّمْيِ مَنْقُولٌ خَلَفًا عَنْ سَلَفٍ وَلَيْسَ فِي تَرْكِهِ دَمٌ عِنْدَ الْجَمِيعِ لِأَنَّهُ هَيْئَةُ نُسُكٍ وَلَيْسَ نُسُكًا فَإِنْ رَمَى بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ فِي مَرَّةٍ لَمْ يُجْزِئْهُ وَهِيَ كَوَاحِدَةٍ لِفِعْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ذَلِكَ مُفَرَّقًا وَيُوَالِي بَيْنَ الرَّمْيِ وَلَا يَنْتَظِرُ بَيْنَ الْحَصَاتَيْنِ شَيْئًا وَيُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ وَإِنْ تَرَكَ التَّكْبِيرَ أَجْزَأَهُ وَلَا يُبَدِّلُ التَّكْبِيرَ

بِالتَّسْبِيحِ وَيَقِفُ عِنْدَ الْجَمْرَتَيْنِ لِلدُّعَاءِ وَلَا يَقِفُ عِنْدَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَقِفْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ وَضَعَ الْحَصْبَاءَ أَوْ طَرَحَهَا لَمْ يُجْزِئْهُ فَإِنْ رَمَى بِحَصَاةٍ فَوَقَعَتْ قُرْبَ الْجَمْرَةِ فَإِنْ وَقَعَتْ مَوْضِعَ حَصَاةِ الْجَمْرَةِ أَجْزَأَهُ وَإِنْ لَمْ تَبْلُغِ الرَّأْسَ وَإِنْ سَقَطَتْ فِي مَحْمَلِ رَجُلٍ فَنَفَضَهَا صَاحِبُ الْمَحْمَلِ فَسَقَطَتْ لَمْ يُجْزِئْهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ رَامِيًا بِهَا وَلَوْ أَصَابَتِ الْمَحْمَلَ ثُمَّ مَضَتْ بِقُوَّةِ الرَّمْيَةِ أَجْزَأَهُ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ إِذَا كَانَ ابْتِدَاءُ الرَّمْيِ مِنْ فِعْلِهِ صَحَّ كَمَا لَوْ صَادَفَتْ مَوْضِعًا صُلْبًا أَوْ عُنُقَ بَعِيرٍ أَوْ رَأْسَ إِنْسَانٍ ثُمَّ طَاحَتْ لِلرَّمْيِ وَالْفَرْقُ أَنَّ هَذَا مَنْسُوبٌ إِلَى فِعْلِهِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ قَالَ سَنَدٌ الْعَقَبَةُ جَبَلٌ مَعْرُوفٌ وَالْجَمْرَةُ اسْمٌ لِلْكُلِّ فَلَوْ وَقَعَتْ دُونَ الْجَمْرَةِ وَتَدَحْرَجَتْ إِلَيْهَا أَجْزَأَهُ لِأَنَّهُ مِنْ فِعْلِهِ فَلَوْ شكّ فِي وصولها فَالظَّاهِر عدم الإجراء وَعِنْدَ ش قَوْلَانِ نَظَرًا لِلْأَصْلِ وَالْغَالِبِ فَلَوْ وَقَعَتْ دُونَ الْمَرْمَى عَلَى حَصَاةٍ فَصَارَتِ الثَّانِيَةُ فِي الْمَرْمَى لَمْ يُجْزِئْهُ وَكَذَلِكَ إِذَا رَمَى لِغَيْرِ الْجَمْرَةِ قَصْدًا فَوَقَعَتْ فِيهَا لِعَدَمِ النِّيَّةِ وَلَوْ قَصَدَ الْجَمْرَةَ فَتَعَدَّتْهَا لَمْ يُجْزِئْهُ لِعَدَمِ الِاتِّصَالِ وَلَوْ تَدَحْرَجَتْ مِنْ مَكَانٍ عَالٍ فَرَجَعَتْ إِلَيْهَا فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ لِأَنَّ الرُّجُوعَ لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ وَلِلشَّافِعِيَّةِ قَوْلَانِ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ إِنْ فَقَدَ حَصَاةً فَأَخَذَ مِمَّا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ حَصَى الْجَمْرَةِ فَرَمَى بِهِ أَجْزَأَهُ وَمَنْ تَرَكَ جَمْرَةً مِنْ هَذِهِ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ رَمَاهَا لَيْلًا وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي لُزُومِ الدَّمِ وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ وَلَوْ تَرَكَ جَمْرَةً أَوِ الْجِمَارَ كُلَّهَا حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ مِنًى فَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَبَقَرَةٌ فَإِنْ لم يجد فشاة فَإِن لم يجد صَامَ وَأَمَّا فِي الْحَصَاةِ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَإِذَا مَضَتْ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ فَلَا رَمْيَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} الْبَقَرَة 203 وَهِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَالْقَضَاءُ إِنَّمَا يَكُونُ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ وَلَمْ يُوجَدْ وَإِذَا رَمَى الْجِمَارَ الثَّلَاثَةَ

بِخَمْسٍ يَوْمَ ثَانِي النَّحْرِ ثُمَّ ذَكَرَ مِنْ يَوْمِهِ رَمَى الْأَوْلَى الَّتِي تَلِي مَسْجِدَ مِنًى بِحَصَاتَيْنِ ثُمَّ الْوُسْطَى بِسَبْعٍ ثُمَّ الْعَقَبَةَ بِسَبْعٍ وَلَا دم عَلَيْهِ وَاو ذَكَرَ مِنَ الْغَدِ رَمَاهَا كَذَلِكَ وَأَهْدَى عَلَى قَوْلَيْ مَالِكٍ وَلَوْ رَمَى مِنَ الْغَدِ ثُمَّ ذَكَرَ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّمْسِ أَنَّهُ نَسِيَ حَصَاةً مِنَ الْأُولَى بِالْأَمْسِ فَلْيَرْمِ الْأُولَى بِحَصَاةٍ وَالِاثْنَتَيْنِ بِسبع سبع ثمَّ يُعِيد رمي يَوْمه لتفا وَقْتِهِ وَعَلَيْهِ دَمٌ لِلْأَمْسِ عَلَى الْخِلَافِ وَإِنْ ذَكَرَ ذَلِكَ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّمْسِ مِنَ الْيَوْمِ الثَّانِي رَمَى عَنْ أَمْسٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَعَلَيْهِ دَمٌ وَلَمْ يُعِدْ رَمْيَ يَوْمِهِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ إِلَّا بَعْدَ رَمْيِ يَوْمِهِ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ رَمَى الأولى بحصاة الاثنتين بِسَبْعٍ سَبْعٍ عَنْ أَوَّلِ يَوْمٍ وَأَعَادَ الرَّمْيَ لِيَوْمِهِ إِذْ عَلَيْهِ بَقِيَّةٌ مِنْهُ وَلَا يُعِيدُ رَمْيَ الْيَوْمِ الَّذِي بَيْنَهُمَا لِأَنَّ وَقْتَ رَمْيِهِ قَدْ مَضَى عَلَيْهِ دَمٌ عَلَى الْخِلَافِ وَإِنْ ذَكَرَ أَنَّهُ نَسِيَ حَصَاةً مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ لَا يَدْرِي مِنْ أَيِّ الْجِمَارِ هِيَ قَالَ مَالِكٌ مَرَّةً يَرْمِي الْأُولَى بِحَصَاةٍ ثُمَّ يَرْمِي الْوُسْطَى وَالْعَقَبَةَ بِسَبْعٍ سَبْعٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَبِهِ أَقُولُ ثُمَّ قَالَ يَرْمِي كُلَّ جَمْرَةٍ بِسَبْعٍ قَالَ سَنَدٌ عَدَدُ الْجِمَارِ سَبْعُونَ حَصَاةً سَبْعٌ لِيَوْمِ النَّحْرِ فِي جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَفِي الْأَيَّامِ بَعْدَهَا ثَلَاثٌ وَسِتُّونَ كُلَّ يَوْمٍ إِحْدَى وَعِشْرُونَ لِكُلِّ جَمْرَةٍ سَبْعٌ فَتَارِكُ الْأُولَى كَتَارِكِ الثَّلَاث لوُجُوب التَّرْتِيب فَإِن ترك الآخر قَالَ مَالِكٌ عَلَيْهِ بَقَرَةٌ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْجَمْرَةُ الْوَاحِدَةُ كَالْجَمِيعِ وَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ فَرَآهَا نُسُكًا تَامًّا وَعِنْدَ مَالِكٍ هِيَ بَعْضُ نُسُكٍ أَمَّا إِذَا تَرَكَ حَصَاةً مِنْ يَوْمِهِ الذَّاهِبِ فَإِنْ كَانَت من الأولى فقد ترك الأخرتين لِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ وَإِنْ كَانَتْ مِنَ الْأَخِيرَةِ قَالَ مَالِكٌ عَلَيْهِ شَاةٌ وَبِذَلِكَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى سِتِّ حَصَيَاتٍ وَقَالَ ش فِي الْحَصَاةِ يُطْعِمُ مِسْكِينًا مُدًّا وَفِي الْحَصَاتَيْنِ مُدَّيْنِ وَفِي الثَّلَاثِ شَاةٌ وَقَالَ مَرَّةً فِي حَصَاةِ دِرْهَمٌ وَقَالَ مَرَّةً ثُلْثُ شَاةٍ لَنَا أَنَّ عَدَدَهَا شبع فَمَا أوجبه كلهَا

أوجه بَعْضُهَا كَالطَّوَافِ وَكَوُجُوبِ التَّرْتِيبِ وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح مُسْتَحَبٌّ قِيَاسًا لِلْجِمَارِ عَلَى الرَّمْيِ وَالْحَلْقِ وَالذَّبْحِ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَلِذَلِكَ إِذَا رَمَى الْأُولَى بِخَمْسٍ بَطَلَ مَا بَعْدَهَا فَيُكَمِّلُهَا وَيُعِيدُ مَا بَعْدَهَا إِنْ كَانَ قَرِيبا وَأَن طَال وَقُلْنَا الْفَوْرُ شَرْطٌ اسْتَأْنَفَ وَإِنْ قُلْنَا الْفَوْرُ شَرْطٌ مَعَ ذكر بَنَى وَإِنْ طَالَ فِي يَوْمِهِ أَوْ غَدِهِ مَا دَامَتْ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَالتَّرْتِيبُ وَاجِبٌ فِي أَدَاءِ الرَّمْيِ كَالتَّرْتِيبِ بَيْنَ أَرْكَانِ الصَّلَوَاتِ فِي أَدَائِهَا وَبَيْنَ الْقَضَاءِ وَالْأَدَاءِ كَالصَّلَاةِ الْمَنْسِيَّةِ مَعَ الْحَاضِرَة وَفِي الأولى يَجِبُ مَعَ الذِّكْرِ وَالسَّهْوِ كَالصَّلَاةِ وَفِي الثَّانِي يَجِبُ مَعَ الذِّكْرِ فَقَطْ كَتَرْتِيبِ الصَّلَوَاتِ وَإِذَا ذَكَرَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي أَنَّهُ تَرَكَ حَصَاةً مِنَ الْجَمْرَةِ الْأُولَى مِنَ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ فَعَلَى اعْتِبَارِ الْفَوْرِ يُعِيدُ الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثَ وَعَلَى الْمَشْهُورِ يَرْمِي لِلْأُولَى حَصَاةً وَيُعِيدُ اللَّتَيْنِ بَعْدَهَا فَإِنْ أَخَذَ فِي ذَلِكَ فَسَهَا عَنْ حَصَاةٍ أَيْضًا اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِيهِ كَالِاخْتِلَافِ فِيمَنْ رَأَى فِي ثَوْبِهِ نَجَاسَةً وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَقَطَعَ وَذَهَبَ لِيَغْسِلَهَا فَسَهَا وَصَلَّى هَلْ يُعِيدُ صَلَاتَهُ كَمَا لَو صلى بذلك ابْتِدَاء أَولا يُعِيد نظر لِلسَّهْوِ وَلَوْ شَكَّ بَعْدَ رَمْيٍ الثَّلَاثِ فِي إِكْمَالِ الْأُولَى يَخْتَلِفُ فِي ابْتِدَاءِ الْجَمِيعِ أَوِ الْبِنَاءِ عَلَى التَّيَقُّنِ أَوْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَنْ شَكَّ فِي رَكْعَةٍ بَعْدَ سَلَامِهِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْبِنَاءِ فِي الشَّكِّ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي النَّاسِي فَرَوَى ابْنُ قَاسِمٍ الِابْتِدَاءَ وَقَدْ كَانَ يَقُول بيني وَالْفَرْقُ أَنَّ النَّاسِيَ مُفَرِّطٌ بِخِلَافِ الشَّاكِّ وَيَخْرُجُ عَلَى هَذِهِ الْأُصُولِ مِنْ سَهَا فَرَمَى الْجَمْرَةَ الْأَخِيرَةَ ثُمَّ الْوُسْطَى ثُمَّ الْأُولَى فَيُعِيدُ الْوُسْطَى ثُمَّ الْأَخِيرَةَ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ حَتَّى تَبَاعَدَ أَعَادَ الرَّمْيَ وَلَوْ رَمَى الثَّلَاثَ بِحَصَاةٍ حَصَاةٍ لِكُلِّ جَمْرَةٍ وَكَرَّرَ ذَلِكَ حَتَّى كَمَّلَ كُلَّ وَاحِدٍ سَبْعًا قَالَ مُحَمَّدٌ يَرْمِي الثَّانِيَةَ سِتا وَالثَّالِثَة

سَبْعًا وَهُوَ مُؤْذِنٌ بِجَوَازِ التَّفْرِيقِ إِلَّا أَنَّهُ رَآهُ تَفْرِيقًا يَسِيرًا كَمَا قَالَ ابْنُ الْجَلَّابِ مَنْ فَرَّقَ رَمْيَهُ تَفْرِيقًا فَاحِشًا أَعَادَ رَمْيَهُ فَاشْتَرَطَ التَّفَاحُشَ وَفِي الْجُلَّابِ لَوْ بَقِيَتْ بِيَدِهِ حَصَاةٌ لَا يَدْرِي مِنْ أَيِّ الْجِمَارِ هِيَ رَمَى بِهَا الْأُولَى ثُمَّ الْوُسْطَى ثُمَّ الْأَخِيرَةَ وَقِيلَ يَسْتَأْنِفُ الْجِمَارَ كُلَّهَا الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ إِذْ بَاتَ لَيْلَةً أَوْ جُلَّهَا مِنْ لَيَالِي مِنًى أَوْ جُمْلَتِهَا فِي غَيْرِ مِنًى فَعَلَيْهِ دَمٌ وَبَعْضَ لَيْلَةٍ لَا شَيْءَ فِيهِ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَفَاضَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِنْ آخِرِ يَوْمٍ حِينَ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مِنًى فَمَكَثَ بِهَا لَيَالِي أَيَّامِ التَّشْرِيق وَفِي الْمُوَطَّأ أرخص - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِرُعَاةِ الْإِبِلِ فِي الْبَيْتُوتَةِ عَنْ مِنًى وَالرُّخْصَةُ تَقْتَضِي انتقاء الْوُجُوبِ لِقِيَامِ الْمَانِعِ وَثُبُوتَ الْوُجُوبِ عِنْدَ عَدَمِهِ وَاتفقَ أَرْبَاب لمذاهب أَنَّ مَنْ تَرَكَ الْمَبِيتَ جَمِيعَ أَيَّامِ مِنًى بِأَنْ يَرْمِيَ وَيَبِيتَ فِي غَيْرِ مِنًى أَنَّ الدَّم لَا يَتَعَدَّد وَقد قَالَ مَالك وش عَلَيْهِ دَمٌ وَاحِدٌ وَقَالَ ح لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ يُوجِبُ دَمًا لَمَا سَقَطَ بِالْعُذْرِ كَالطِّيبِ وَاللِّبَاسِ وَيَنْتَقِضُ عَلَيْهِ بِتَرْكِ الْوَقْفِ مَعَ الْإِمَامِ نَهَارًا لِعُذْرٍ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَمَعَ عَدَمِ الْعُذْرِ عَلَيْهِ دَمٌ إِجْمَاعًا ثُمَّ الْفَرْقُ أَنَّ الطِّيبَ مُحَرَّمٌ فَالدَّمُ كَفَّارَة وَالدَّم هَا هُنَا جَبْرٌ فَيَسْقُطُ بِالْعُذْرِ الْخَامِسُ فِي الْكِتَابِ إِذَا قُدِرَ عَلَى حَمْلِ الْمَرِيضِ الْقَادِرِ عَلَى الرَّمْيِ حُمِلَ وَرَمَى بِيَدِهِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا يَرْمِي الْحَصَاةَ فِي كَفِّ غَيْرِهِ لِيَرْمِيَهَا ذَلِكَ وَإِنْ عَجَزَ عَنِ الرَّمْيِ وَالْحَمْلِ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَحْمِلُهُ رَمَى عَنْهُ غَيْرُهُ ثُمَّ يَتَحَرَّى الْمَرِيضُ وَقْتَ الرَّمْيِ فَيُكَبِّرُ لِكُلِّ حَصَاةٍ تَكْبِيرَةً وَيَقِفُ الرَّامِي عِنْدَ الْجَمْرَتَيْنِ لِلدُّعَاءِ وَيَتَحَرَّى الْمَرِيضُ ذَلِكَ الْوُقُوفَ فَيَدْعُو وَعَلَى الْمَرِيضِ الدَّمُ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْمِ فَإِنْ صَحَّ

مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ الرَّمْيِ أَعَادَ مَا رَمَى غَيْرُهُ عَنْهُ كُله فِي الْأَيَّام الْمَاضِيَة وَعَلِيهِ الدَّم ولورمي عَنْهُ جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ فَصَحَّ آخِرُهُ أعَاد الرَّمْي وَلَا دم عَلَيْهِ صَحَّ لَيْلًا فَيَلْزَمُ مَا رُمِيَ عَنْهُ وَعَلَيْهِ الدَّمُ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ كَالْمَرِيضِ وَيَرْمِي عَنِ الصَّبِيِّ مَنْ رَمَى عَنْ نَفْسِهِ كَالطَّوَافِ وَالصَّبِيُّ الْعَارِفُ بِالرَّمْيِ يَرْمِي عَنْ نَفْسِهِ فَإِنْ تُرِكَ الرَّمْيُ أَوْ لَمْ يُرْمَ عَنِ الْعَاجِزِ فَالدَّمُ عَلَى دم أَحَجَّهُمَا لِأَنَّ النِّيَابَةَ عَنِ الصَّبِيِّ فِي الْإِحْرَامِ كالميت وَالدَّم تَابِعٌ لِلْإِحْرَامِ وَفِي التِّرْمِذِيِّ قَالَ جَابِرٌ كُنَّا إِذَا حَجَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نُلَبِّي عَنِ النِّسَاءِ وَنَرْمِي عَنِ الصِّبْيَانِ وَيُرِيدُ بِالنِّسَاءِ الْأُمَّهَاتِ الْمَوْتَى أَنْ نَحُجَّ عَنْهُنَّ قَالَ سَنَدٌ إِذَا طَمِعَ الْمَرِيضُ فِي الْقُدْرَةِ عَلَى الرَّمْيِ فِي آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ قَالَ مَالِكٌ يَنْتَظِرُ آخِرَ أَيَّامِ الرَّمْيِ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ لَا يَفُوتُ بِفَوَاتِ يَوْمِهِ بَلْ يَكُونُ أَوَّلُهُ زَوَالَ الشَّمْسِ وَآخِرُهُ آخِرَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَعَلَيْهِ يَخْرُجُ قَوْلُهُ لَا دَمَ عَلَيْهِ إِذَا تَرَكَهُ حَتَّى خَرَجَ يَوْمُهُ وَيَشْهَدُ لَهُ جَوَاز التعجل لِلرُّعَاةِ لِأَنَّ الرُّخْصَةَ فِي التَّأْخِيرِ لَا تَخْرُجُ فِيهِ الْعِبَادَةُ عَنْ وَقْتِهَا كَالْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ وَعَلَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ الدَّمُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَرِيضَ لَا يُؤَخِّرُهُ بَعْدَ يَوْمٍ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا هَدْيَ إِذَا أَعَادَ مَا رُمِيَ عَنْهُ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ مَالِكٍ فِيمَنْ أَخَّرَ رَمْيَ يَوْمِهِ إِلَى غَدِهِ وَعِنْدَ ش لَا هَدْيَ وَلَا يَرْمِي عَنْ نَفْسِهِ مَا رَمَاهُ عَنْهُ غَيْرُهُ لِأَنَّ الْفِعْلَ قَدْ سَقَطَ عَنْهُ بِفِعْلِ الْمُنَاسِبِ لنا أَن الْقيَاس يَقْتَضِي أَن ذَلِك الرَّمْي لَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّ الْأَعْمَالَ الْبَدَنِيَّةَ لَا تَدْخُلُهَا النِّيَابَةُ لَكِنْ لَمَّا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ يُرْمَى عَنْهُ فُعِلَ ذَلِكَ اسْتِحْبَابًا وَوَجَبَ الدَّمُ لِتَرْكِ النُّسُكِ وَيَرْمِي عَنْهُ مَنْ قَدْ رَمَى عَنْ نَفسه فَإِن رمى رميا وَاحِد عَنْهُمَا فَيُخْتَلَفُ هَلْ يُجْزِئُ عَنْ نَفْسِهِ أَوِ الْمَرْمِيِّ عَنْهُ أَوْ لَا يُجْزِئُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَوْ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ عَنْ نَفْسِهِ رَمَاهَا عَنِ الْمَرِيضِ ثُمَّ كَمَّلَ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ أَخْطَأَ وَأَجْزَأَ عَنْهُمَا

وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ يُسْتَحَبُّ لَهُ وَضْعُ الْحَصَاةِ فِي يَدِ النَّائِبِ عَنْهُ لِأَنَّهُ الْمَقْدُورُ لَهُ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فَإِنَّ الرَّمْيَ حِينَئِذٍ لِغَيْرِهِ لَا لَهُ فَلَمْ يَأْتِ بِالْوَاجِبِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِم فِي الْوَقْت لِلدُّعَاءِ فَرَأَى مَرَّةً أَنَّ الْوُقُوفَ لَا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ كَوُقُوفِ عَرَفَةَ وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ لَا يُرْمَى عَنِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ قَبْلَ الْإِغْمَاءِ وَلَمْ نُفَصِّلْ نَحْنُ لِأَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ عِنْدَنَا بِحَالٍ فَإِنْ أَفَاقَ فِي أَيَّامِ الرَّمْيِ أعَاد أَو بعْدهَا أهْدى وَإِنَّمَا الْخِلَافُ إِذَا أَفَاقَ فِيهَا هَلْ عَلَيْهِ دَمٌ أَمْ لَا السَّادِسُ فِي الْجُلَّابِ لِأَهْلِ الْآفَاقِ أَنْ يَتَعَجَّلُوا فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ يَوْمِ النَّحْر فيرمون بعد الزَّوَال وينفرون بِالنَّهَارِ دُونَ اللَّيْلِ وَإِذَا أَرَادَ أَهْلُ مَكَّةَ التَّعْجِيل فِي الْيَوْم الأول فَرِوَايَتَانِ بِالْجَوَازِ وَالْمَنْعِ وَالِاخْتِيَارُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُقِيمَ إِلَى النَّفْرِ الثَّانِي وَلَا يَتَعَجَّلُ فِي الْأَوَّلِ وَمن تعجل نَهَارا وَكَانَ عمره بمنى بَعْدَ تَعَجُّلِهِ فَغَرَبَتِ الشَّمْسُ عَلَيْهِ بِهَا فَلْيَنْفِرْ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُقِيمَ وَفِي الْجَوَاهِرِ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ بِقَوْلِهِ بِالتَّعْجِيلِ لِلْمَكَانَيْنِ وَمَنْ نَفَرَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ سَقَطَ عَنْهُ رَمْيُ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَبِيتُ تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُرْمَى عَنْهُ فِي الثَّالِثِ قِيَاسًا عَلَى رُعَاةِ الْإِبِلِ كَمَا كَانَ يَرْمِي إِذَا لَمْ يَتَعَجَّلْ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَلَيْسَ هَذَا قَوْلَ مَالِكٍ وَلَا أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَإِنَّمَا يَصِيرُ رَمْيُ الْمُتَعَجِّلِ كُلُّهُ تِسْعًا وَأَرْبَعِينَ حَصَاةً سَبْعٌ يَوْمَ النَّحْرِ وَالْيَوْمَ الثَّانِي اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ وَأَصْلُ التَّعْجِيلِ قَوْله تَعَالَى {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} الْبَقَرَة 203 وَفِي الْجُلَّابِ وَيَجُوزُ لِرُعَاةِ الْإِبِلِ إِذَا رَمَوْا جَمْرَة الْعقبَة الْخُرُوج عَن مِنًى إِلَى رِعْيِهِمْ فَيُقِيمُونَ فِيهِ يَوْمَهُمْ وَلَيْلَتَهُمْ وَغَدَهُمْ ثُمَّ يَأْتُونَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ فَيَرْمُونَ لِيَوْمِهِمُ الَّذِي مَضَى وَلِيَوْمِهِمُ الَّذِي هم فِيهِ ثمَّ يتعجلون إِن شاؤا أَن يقيموا الْمَقْصِدُ الْحَادِيَ عَشَرَ الرُّجُوعُ مِنْ مِنًى قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ لَا

بَأْسَ بِتَقْدِيمِ الْأَثْقَالِ إِلَى مَكَّةَ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ السَّفَرِ الْمُبَاحِ بِخِلَافِ تَقْدِيمِ الْأَثْقَالِ إِلَى مِنًى قَبْلَ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ أَوْ إِلَى عَرَفَةَ يَوْمَ عَرَفَةَ لِأَنَّهُ ذَرِيعَةٌ لِتَقَدُّمِ النَّاسِ فِي وَقْتٍ السُّنَّةُ فِيهِ عَدَمُ التَّقَدُّمِ وَهِيَ فِي أَثْنَاءِ النُّسُكِ قَالَ مَالِكٌ وَإِذَا رَجَعَ النَّاسُ نَزَلُوا بِالْأَبْطَحِ فَصَلَّوْا بِهِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ أَدْرَكَهُ وَقْتُ الصَّلَاة قبل إِتْيَانه والأبطح حَيْثُ الْمقْبرَة بأعلا مَكَّة تَحت عقبَة كدا وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِانْبِطَاحِهِ وَهُوَ مِنَ الْمُحَصَّبِ وَالْمُحَصَّبُ مَا بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ إِلَى الْمَقْبُرَةِ وَسُمِّيَ مُحَصَّبًا لِكَثْرَةِ الْحَصْبَاءِ فِيهِ مِنَ السَّيْلِ وَنُزُولُ الْأَبْطَحِ لَيْلَةَ الرَّابِعَ عَشَرَ مُسْتَحَبٌّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَلَيْسَ بنسك وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَانُوا يَنْزِلُونَ بِالْأَبْطَحِ وَيَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ قَوْلُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِي الصَّحِيحَيْنِ نُزُولُ الْأَبْطَحِ لَيْسَ بِسُنَّةٍ إِنَّمَا هُوَ مَنْزِلٌ نَزَلَهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأما الصَّلَوَات فَلَمَّا رَوَاهُ ابْن حَنْبَل مُسْندًا أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِالْأَبْطَحِ ثُمَّ هَجَعَ بِهَا هَجْعَةً ثُمَّ دَخَلَ مَكَّةَ قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِي النَّوَادِرِ قَالَ أَصْحَابُنَا يُسْتَحَبُّ لِمَنْ قَفَلَ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَنْ يُكَبِّرَ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ ثَلَاثَ تَكْبِيرَاتٍ وَيَقُولَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كل شَيْء قدير آئبون تائبون عَابِدُونَ سائحون لِرَبِّنَا حَامِدُونَ صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ رَوَاهُ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَفِي الْجُلَّابِ يُسْتَحَبُّ الْمقَام

بِالْمُعَرَّسِ لِمَنْ قَفَلَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَالصَّلَاةُ فِيهِ فَإِنْ أَتَاهُ فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ فَلْيَقُمْ حَتَّى يُصَلِّي إِلَى أَنْ يَتَضَرَّرَ الْمَقْصِدُ الثَّانِيَ عَشَرَ طَوَافُ الْوَدَاعِ وَفِي الْكِتَابِ طَوَافُ الْوَدَاعِ مُسْتَحَبٌّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ مَا دَامَ قَرِيبًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَنَا أَرَى أَنْ يَرْجِعَ إِلَيْهِ مَا لَمْ يَخْشَ فَوَاتَ أَصْحَابِهِ وَلَا يُؤْمَرُ بِالْوَدَاعِ أَهْلُ مَكَّةَ وَلَا مَنْ أَقَامَ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا لعد م الْمُفَارَقَةِ وَالْوَدَاعُ شَأْنُ الْمُفَارِقِ وَلَا عَلَى مَنْ فَرَغَ مِنْ حَجِّهِ فَخَرَجَ لِيَعْتَمِرَ مِنْ الْجِعْرَانَةِ أَوِ التَّنْعِيمِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُفَارِقٍ وَمَنْ خَرَجَ لِيَعْتَمِرَ مِنْ مِيقَاتِهِ أَوْ حَجَّ مِنْ مَرِّ الظَّهْرَانِ أَوْ عَرَفَةَ وَنَحْوِهَا بِالتَّطَوُّعِ وَيُؤْمَرُ بِهِ مِنْ حَجَّ مِنَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَالْعَبِيدِ فَإِنْ أَرَادَ الْمَكِّيّ أَو غَيره السَّعْي ودع قَالَ الْفُقَهَاء كَافَّة لِمَا فِي مُسْلِمٍ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا ينفر أحد حَتَّى يكون آخر عهد بِالْبَيْتِ وَلَيْسَ رُكْنًا اتِّفَاقًا لِحُصُولِ التَّحْلِيلِ دُونَهُ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ بِوُجُوبِهِ وَوُجُوبِ الدَّمِ فِيهِ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَجَوَابُهُمْ أَنَّ الدَّمَ لِمَا فِي الْإِحْرَامِ مِنْ خَلَلِ الْوَاجِبَاتِ وَهَذَا بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَإِذَا وَدَّعَ ثُمَّ بَاعَ أَوِ اشْتَرَى فَلَا يَرْجِعُ وَإِنْ أَقَامَ بِمَكَّةَ بَعْضَ يَوْمٍ رَجَعَ وَطَافَ وَلَوْ وَدَّعَ وَبَرَزَ إِلَى ذِي طُوًى فَأَقَامَ يَوْمًا وَلَيْلَةً فَلَا يَرْجِعُ لِلْوَدَاعِ وَإِنْ كَانُوا يُتِمُّونَ الصَّلَاةَ بِهَا لِأَنَّهَا مِنْ مَكَّةَ وَلِأَنَّهُ وَدَاعٌ فِي الْعَادَةِ قَالَ سَنَدٌ وَيُرْوَى عَنْ مَالِكٍ إِنْ وَدَّعَ وَأَقَامَ إِلَى الْغَدِ فَهُوَ فِي سَعَةٍ وَمَنْ خَرَجَ إِلَى الْمَنَازِلِ الْقَرِيبَةِ أَوِ الْمُتَرَدِّدِ مِنْهَا بِالْحَطَبِ وَنَحْوِهِ لَا يُوَدِّعُ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا خَرَجَ الْمُعْتَمِرُ أَوْ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ بِفَسْخٍ فِي عُمْرَةٍ مِنْ فَوْرِهِ أَجْزَأَهُ طَوَافُ الْعُمْرَةِ عَنِ الْوَدَاعِ لِأَنَّهُ كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ وَإِذَا حَاضَتِ امْرَأَةٌ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ خَرَجَتْ قَبْلَ الْوَدَاعِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَن أم سليم بنت ملْحَان استفتته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقَدْ حَاضَتْ أَوْ وَلَدَتْ بَعْدَمَا أَفَاضَتْ بَعْدَ النَّحْرِ فَأَذِنَ لَهَا فَخَرَجَتْ قَالَ سَنَدٌ فَلَوْ طهرت على الْقرب رجعت كناسي الطّواف

صفحة فارغة

(الباب السادس في اللواحق)

(الْبَاب السَّادِس فِي اللواحق) وَهِي أَرْبَعَة اللَّاحِقَةُ الْأُولَى الْقِرَانُ وَأَخَّرْتُ الْكَلَامَ عَلَى التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ لِأَنَّ الْمُرَكَّبَاتِ مُتَأَخِّرَةٌ عَنِ الْمُفْرَدَاتِ وَالْقِرَانُ هُوَ اجْتِمَاعُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فِي إِحْرَامٍ وَاحِدٍ أَوْ أَكْثَرِهَا وَفِي الْكِتَابِ الْإِفْرَادُ أَفْضَلُ مِنَ الْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ وَالْبُخَارِيِّ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ وَمنا من أهل بِحَجّ وَأهل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْحَجِّ زَادَ أَبُو دَاوُدَ لَمْ يُخَالِطْهُ شَيْءٌ وَهُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يَفْعَلُ إِلَّا الْأَفْضَلَ وَفِي الْمُوَطَّأِ كَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَنْهَى عَنِ التَّمَتُّعِ وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَنْهَى عَنِ الْقِرَانِ وَاتَّفَقَتِ الْأُمَّةُ عَلَى عَدَمِ النَّهْيِ عَن الْإِفْرَاد فَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَغَيْرُهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَلِأَنَّ الدَّمَ فِي غَيْرِهِ جَابِرٌ الْخَلَلَ وَهُوَ لَا خَلَلَ فِيهِ فَيَكُونُ أَفْضَلَ وَأَوَّلُ حَجَّةٍ وَقَعَتْ فِي الْإِسْلَام لثمان من الْهِجْرَة بعث - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَتَّابَ بْنَ أَسِيدٍ عَلَى النَّاسِ فَأَفْرَدَ ثُمَّ بَعَثَ أَبَا بَكْرٍ عَلَى النَّاسِ سَنَةَ تِسْعٍ فأفرد ثمَّ حج - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سنة عشر فأفرد وأفرد عبد الرحمان عَامَ الرِّدَّةِ وَأَفْرَدَ الصِّدِّيقُ السَّنَةَ الثَّانِيَةَ وَأَفْرَدَ

عُمَرُ عَشْرَ سِنِينَ وَأَفْرَدَ عُثْمَانُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً وَفَعَلَهُ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ الْمَحْفُوظ عِنْدهم من فعله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَنَّهُ الْأَفْضَلُ وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ التَّمَتُّعُ أفضل لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمَا سُقْتُ الْهَدْيَ وَلَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً وَلِأَنَّهُ مُشْتَمِلٌ عَلَى عِبَادَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ فِي وَقْتٍ شَرِيفٍ وَهُوَ شُهُورُ الْحَجِّ فَيَكُونُ أَفْضَلَ وَالْجَوَاب عَن الأول أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِتَطْيِيبِ قُلُوبِ أَصْحَابِهِ لَمَّا أَمَرَهُمْ بِفَسْخِ الْحَجِّ مِنَ الْعُمْرَةِ لِيَظْهَرَ جَوَازُ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ خِلَافًا لِلْجَاهِلِيَّةِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْعُمْرَةَ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ أَفْضَلُ وَيُؤَيِّدُهُ وُجُوبُ الدَّمِ عَلَى الْمُتَمَتِّعِ وَقَالَ ح الْقِرَانُ أَفْضَلُ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ عَن أنس أَنه سمع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُلَبِّي بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ جَمِيعًا وَلِأَنَّ فِيهِ زِيَادَةَ نُسُكٍ وَهُوَ الدَّمُ فَيَكُونُ أَفْضَلَ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ رِوَايَةَ أَنَسٍ اضْطَرَبَتْ فِي الْحَجِّ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَذْكُرُ لَهُ عَنْ أَنَسٍ فِي الْحَجِّ أَشْيَاءَ فَيَقُولُ كَانَ أَنَسٌ يَتَوَلَّجُ عَلَى النِّسَاءِ أَيْ صَغِيرٌ وَأَنا عِنْد شفة نَاقَة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصِيبُنِي لُعَابُهَا فَلَعَلَّ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَمعه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُعَلِّمُ أَحَدًا التَّلْبِيَةَ فِي الْقِرَانِ فَقَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الدَّمَ يَدُلُّ عَنِ الْمَفْضُولِيَّةِ لِمَا تَقَدَّمَ وَإِذَا قُلْنَا بِأَفْضَلِيَّةِ الْإِفْرَادِ عَلَيْهِمَا فَأَيُّهُمَا أَفْضَلُ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ الْقِرَانُ أَفْضَلُ لِشَبَهِهِ بِالْإِفْرَادِ وَقَالَ الْقَاضِي فِي المعونة والتلقين وش التَّمَتُّعُ أَفْضَلُ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الْعَمَلَيْنِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ الْقِرَانَ أَفْضَلُ مِنَ التَّمَتُّعِ وَفِي الْجَوَاهِرِ التَّمَتُّعُ أَفْضَلُ مِنَ الْقِرَانِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ لَا يجوز تَفْضِيل بَعْضهَا على بعض لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شَرَعَهَا وَلَمْ يُفَضِّلْ بَيْنَهَا سُؤَالٌ قَالَتِ الْمُلْحِدَةُ حج - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَجَّةً وَاحِدَةً وَأَصْحَابُهُ مَعَهُ

مُتَوَافِرُونَ مُرَاقِبُونَ لِأَحْوَالِهِ غَايَةَ الْمُرَاقَبَةِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا هَلْ كَانَ مُفْرِدًا أَوْ قَارِنًا أَوْ مُتَمَتِّعًا مَعَ حِرْصِهِمْ عَلَى الضَّبْطِ وَذَلِكَ يَمْنَعُ الثِّقَةَ بِصِدْقِهِمْ فِي نَقْلِهِمْ جَوَابُهُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ الْأَوَّلُ أَنَّ الْكَذِبَ إِنَّمَا يَدْخُلُ فِيمَا طَرِيقُهُ النَّقْل وَلم يَقُولُوا أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ ذَلِكَ بَلِ اسْتَدَلُّوا عَلَى مُعْتَقَدِهِ بِقَرَائِنِ أَحْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ وَالِاسْتِدْلَالُ بِذَلِكَ يَقَعُ فِيهِ الِاخْتِلَافُ الثَّانِي أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَمَرَ بَعْضَهُمْ بِالْإِفْرَادِ وَبَعْضَهُمْ بِالتَّمَتُّعِ وَبَعْضَهُمْ بِالْقِرَانِ فأضاف ذَلِك الروَاة إِلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِأَنَّهُ أَمَرَ بِهِ كَمَا قَالُوا رَجَمَ مَاعِزًا وَقَطَعَ فِي مِجَنٍّ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَلَمْ يُبَاشِرْ ذَلِكَ وَنِسْبَةُ الْفِعْلِ إِلَى الْآمِرِ بِهِ مجَاز مَشْهُور الثَّالِث أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ قَارِنًا وَفَرَّقَ بَيْنَ إِحْرَامِهِ بِالْعُمْرَةِ وَإِحْرَامِهِ بِالْحَجِّ فَسَمِعَتْ طَائِفَةٌ إِحْرَامَهُ بِالْعُمْرَةِ فَقَالَتْ اعْتَمَرَ وَطَائِفَةٌ بِالْحَجِّ فَقَالُوا أَفْرَدَ وَطَائِفَةٌ الْإِحْرَام وَالتَّلْبِيَةَ بِهِمَا فَقَالُوا قَارَنَ وَهُوَ يُؤَكِّدُ مَذْهَبَ الْحَنَفِيَّةِ الرَّابِعُ أَنَّ مَعْرِفَةَ ذَلِكَ لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً عَلَيْهِمْ عَلَى الْأَعْيَانِ فَلَمْ تَتَوَفَّرْ دَوَاعِيهِمْ عَلَى ضَبْطِهِ بِخِلَافِ قَوَاعِدِ الشَّرَائِعِ وَفُرُوضِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ يَتَّحِدُ الْمِيقَاتُ وَالْفِعْلُ فِي الْقِرَانِ وَتَنْدَرِجُ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ تَمْهِيدٌ يَقَعُ التَّدَاخُلُ فِي الشَّرِيعَةِ فِي سِتَّةِ مَوَاضِعَ الْأَوَّلُ الطَّهَارَةُ كَالْوُضُوءِ إِذَا تَعَدَّدَتْ أَسْبَابُهُ أَوْ تَكَرَّرَ السَّبَبُ الْوَاحِدُ وَالْغُسْلُ إِذَا اخْتَلَفَتْ أَسْبَابُهُ

أَو تكَرر السَّبَب الْوَاحِد وَالْوُضُوء مَعَ الْجِنَايَة وَفِي تَدَاخُلِ طَهَارَةِ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ خِلَافٌ الثَّانِي الْعِبَادَاتُ كَسُجُودِ السَّهْوِ إِذَا تَعَدَّدَتْ أَسْبَابُهُ وَتَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ مَعَ الْفَرْضِ وَالْعُمْرَةِ مَعَ الْحَجِّ فِي الْقِرَانِ الثَّالِثُ الْكَفَّارَاتُ كَمَا لَوْ أَفْطَرَ فِي الْأَوَّلِ مِنْ رَمَضَانَ مِرَارًا بِخِلَافِ الْيَوْمَيْنِ أَوْ أَكثر خلافًا ل ح فب إِيجَابِهِ كَفَارَّةً وَاحِدَةً فِي جُمْلَةِ رَمَضَانَ وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي الرَّمَضَانَيْنِ الرَّابِعُ الْحُدُودُ إِذَا تَمَاثَلَتْ وَهِيَ أَوْلَى بِالتَّدَاخُلِ مِنْ غَيْرِهَا لِكَوْنِهَا أَسْبَابًا مُهْلِكَةً وَحُصُولُ الزَّجْرِ بِوَاحِدٍ مِنْهَا أَلَا تَرَى أَنَّ الْإِيلَاجَ سَبَبُ الْحَدِّ وَالْغَالِبُ تَكْرَارُ الْإِيلَاجَاتِ فَلَوْلَا تَدَاخُلُهَا هَلَكَ الزَّانِي وَإِذَا وَجَبَ تَكْرَارُهَا إِذَا تَخَلَّلَتْ بَيْنَ أَسْبَابِهَا لِأَنَّ الْأَوَّلَ اقْتَضَاهُ سَبَبُهُ السَّابِقُ فَلَوِ اكْتَفَيْنَا بِهِ لَأَهْمَلْنَا الْجُنَاةَ فَيَكْثُرُ الْفَسَادُ وَلِأَنَّا عَلِمْنَا أَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يَفِ بِزَجْرِهِ فَحَسُنَ الثَّانِي الْخَامِسُ الْعِدَدُ تَتَدَاخَلُ عَلَى تَفْصِيلٍ يَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى السَّادِسُ الْأَمْوَالُ كَدِيَةِ الْأَطْرَافِ مَعَ النَّفْسِ إِذَا سرت الْجِرَاحَات وَالصَّدقَات فِي وطئ الشُّبْهَاتِ وَيَدْخُلُ الْمُتَقَدِّمُ فِي الْمُتَأَخِّرِ وَالْمُتَأَخِّرُ فِي الْمُتَقَدِّمِ وَالطَّرَفَانِ فِي الْوَسَطِ وَالْقَلِيلُ فِي الْكَثِيرِ وَالْكَثِيرُ فِي الْقَلِيلِ فَالْأَوَّلُ نَحْوَ الْأَطْرَافِ مَعَ النَّفْسِ وَالْجَنَابَةِ مَعَ الْحَيْضِ وَالْوُضُوءِ مَعَ الْغُسْلِ وَالصَّدَاقِ الْمُتَقَدِّمِ مَعَ الْمُتَأَخِّرِ إِذَا اتَّحَدَتِ الشُّبْهَةُ وَكَانَ الْأَخِيرُ الْأَكْثَرَ وَالثَّانِي لِلصَّدَاقِ الْآخِرِ مَعَ الْأَوَّلِ إِذَا كَانَ الْأَوَّلُ أَكْثَرَ مَعَ أَنَّ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ هُوَ الْحَالَةُ الْأُولَى كَيْفَ كَانَتْ لِحُصُولِ الْوُجُوبِ عِنْدَهَا فَلَا تَنْتَقِلُ لِغَيْرِهَا وَالِانْتِقَالُ هُوَ مَذْهَبُ ش وَالْحَيْضُ مَعَ الْجِنَايَة الْمُتَقَدِّمَةُ عَلَيْهِ وَالْحُدُودُ الْمُتَأَخِّرَةُ مَعَ الْأَوَّلِ الْمُتَمَاثِلِ وَالْكَفَّارَات وَالثَّالِث نَحْو الموطؤة بِالشُّبْهَةِ وَحَالُهَا الْوُسْطَى أَعْظَمَ صَدَاقًا وَالرَّابِعُ كَالْأُصْبُعِ مَعَ النَّفْسِ إِذَا سَرَى الْجُرْحُ وَالصَّدَاقِ الْمُتَقَدِّمِ أَوِ الْمُتَأَخِّرِ إِذَا كَانَ أَقَلَّ وَالْعُمْرَةِ مَعَ الْحَجِّ وَالْوُضُوءِ مَعَ الْغُسْلِ الْخَامِسُ الْأَطْرَافُ إِذَا اجْتَمَعَتْ مَعَ النَّفْسِ وَالْحُدُودِ مَعَ الْحَدِّ الْأَوَّلِ وَالْكَفَّارَات والاغتسال والوضوآت إِذَا تَعَدَّدَتْ أَسْبَابُهَا أَوِ اخْتَلَفَتْ تَفْرِيعَاتٌ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ أَجَازَ الشَّاةَ فِي دَمِ الْقرَان على

تكره واستجب الْبَقَرَةَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} الْبَقَرَة 196 وَهُوَ يصدق على الشَّاة والبدنة أعلا الْهَدْيِ إِجْمَاعًا فَالْبَقَرَةُ وَسَطٌ فَيُنَاسِبُ التَّيْسِيرَ وَمَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ لَمْ يُضِفْ إِلَيْهِ حَجًّا آخَرَ وَلَا عُمْرَةً فَإِنْ أَرْدَفَ ذَلِكَ أَوَّلَ دُخُولِهِ مَكَّةَ أَوْ بِعَرَفَةَ أَوْ بِأَيَّامِ التَّشْرِيقِ لَمْ يَلْزَمْهُ وَيَتَمَادَى عَلَى حَجِّهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ انْتقل من الأعلا إِلَى الْأَدْنَى وَالتَّدَاخُلُ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ فَلَوْ أَدْخَلَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ كَانَ قَارِنًا لِأَنَّهُ انْتقل من الْأَدْنَى إِلَى الأعلا فَإِنْ أَدْخَلَ الْعُمْرَةَ عَلَى الْحَجِّ قَالَ مَالِكٌ وش وَابْنُ حَنْبَلٍ لَا يَكُونُ قَارِنًا وَقَالَ ح يَكُونُ قَارِنًا وَأَشَارَ إِلَيْهِ اللَّخْمِيُّ قِيَاسًا عَلَى إِدْخَالِ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ لِأَنَّهُ أَحَدُ النُّسُكَيْنِ وَجَوَابه مَا تقدم من الْفرق وانتفاضه بِإِدْخَالِ الْحَجِّ عَلَى الْحَجِّ بَلْ ضَمُّ الشَّيْءِ إِلَى جِنْسِهِ أَقْرَبُ قَالَ وَلِمَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ أَنْ يُرْدِفَ عَلَيْهَا الْحَجَّ وَيَصِيرَ قَارِنًا مَا لَمْ يَطُفْ بِالْبَيْتِ فَإِذَا طَافَ وَلَمْ يَرْكَعْ كُرِهَ الْإِرْدَافُ وَيَلْزَمُ إِنْ فَعَلَ وَعَلَيْهِ الدَّمُ وَإِن أرْدف فِي بعض السَّعْي كره فَإِن فعل كمل عمرته واستأنف الْحَج فَإِن أَرْدَفَ بَعْد السَّعْيِ وَقَبْلَ الْحِلَاقِ لَزِمَهُ الْحَجُّ وَلَمْ يَكُنْ قَارِنًا وَيُؤَخِّرُ الْحِلَاقَ وَلَا يَطُوفُ وَلَا يَسْعَى حَتَّى يَرْجِعَ مِنْ مِنًى إِلَّا طَوَافَ التَّطَوُّعِ وَعَلَيْهِ دَمٌ لِتَأْخِيرِ حِلَاقِ عُمْرَتِهِ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ لِلْمُتْعَةِ إِلَّا أَنْ يُحِلَّ مِنْهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ إِنْ كَانَ غَيْرَ مَكِّيٍّ وَالْأَصْلُ فِي إِدْخَالِ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ حَدِيثُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا أَحْرَمَتْ بِعُمْرَةٍ فَلَمَّا بَلَغَتْ سَرِفًا حَاضَتْ وَهِيَ بِقُرْبِ مَكَّةَ فَدَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهِيَ تَبْكِي فَقَالَ لَهَا إِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ فَأَهِلِّي بِالْحَجِّ وَاصْنَعِي مَا يَصْنَعُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ فَجَوَّزَ لَهَا إِدْخَالَ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ قَالَ سَنَدٌ إِذَا طَافَ شَوْطًا وَاحِدًا ثُمَّ أَرْدَفَ صَارَ قَارِنًا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ لِلْعُمْرَةِ رُكْنَيْنِ الطَّوَافُ وَالسَّعْيُ فَإِذَا لَمْ يَكْمُلِ الطَّوَافُ بِهَا لَمْ يَكْمُلْ رُكْنٌ يَمْنَعُ من عدم إتْمَام الْعمرَة وَقَالَ أَشهب ش

وح لَا يَصِيرُ قَارِنًا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْعُمْرَةِ الطَّوَافُ وَالسَّعْيُ وَإِذَا طَافَ شَوْطًا اتَّصَلَ الْمَقْصُودُ بِالْإِحْرَامِ وَلِأَن ذَلِك الشوط وَقع لِلْعُمْرَةِ فَلَا يَنْتَقِلُ لِلْقِرَانِ لِأَنَّ الرَّفْضَ لَا يَدْخُلُ فِي النُّسُكِ وَزَعَمَ اللَّخْمِيُّ أَنَّ قَوْلَ الْقَاسِمِ اخْتَلَفَ بَعْدَ الطَّوَافِ وَقَبْلَ الرُّكُوعِ وَفِي الْجُلَّابِ رِوَايَتَيْنِ إِذَا أَرْدَفَ قَبْلَ السَّعْيِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ وَإِنْ قُلْنَا يَصِيرُ قَارِنًا فِي بعض الطّواف سقط عَنهُ بَاقِي الْعمرَة وينم طَوَافَهُ نَافِلَةً وَلَا يَسْعَى لِأَنَّ سَعْيَ الْحَجِّ لَا بُدَّ مِنِ اتِّصَالِهِ بِطَوَافٍ وَاجِبٍ وَإِنْ قُلْنَا يَصِيرُ قَارِنًا فِي أَثْنَاءِ السَّعْيِ قَطَعَ سَعْيه لِأَن السَّعْي لَا يتَطَوَّع بِهِ مُنْفَردا وَحَيْثُ قُلْنَا لَا يَكُونُ قَارِنًا فَإِنْ كَانَ الْحَجُّ حَجَّ الْإِسْلَامِ بَقِيَ فِي ذِمَّتِهِ أَوْ تَطَوُّعًا سَقَطَ عَنْهُ عِنْدَ أَشْهَبَ كَمَا لَوْ أَرْدَفَ حَجًّا عَلَى حَجٍّ أَوْ عُمْرَةً عَلَى عمْرَة أَو عمْرَة على حج يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ بِهِ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ شَيْئَيْنِ فِي إِحْرَامه الْحَج وتداخل الْعَمَل بَطل الثَّانِي فَيَبْقَى الْأَوَّلُ عَمَلًا بِالِاسْتِصْحَابِ سُؤَالٌ مُشْتَرَكُ الْإِلْزَامِ إِذَا أَرْدَفَ الْعُمْرَةَ عَلَى الْحَجِّ جَوَابُهُ الْفَرْقُ بِأَنَّهُ الْتَزَمَ الْعُمْرَةَ فِي وَقْتٍ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ فِعْلُهَا فَكَانَ كَنَاذِرِ صَوْمِ النَّحْرِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ قَالَ فَإِنْ أَرْدَفَ الْحَجَّ بَعْدَ السَّعْيِ قَبْلَ الْحِلَاقِ وَجَبَ تَأْخِيرُ الْحِلَاقِ وَيُهْدِي لِتَأْخِيرِهِ وَقَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ يَسْقُطُ عَنْهُ الْهَدْيُ لِأَنَّ حَلْقَهُ حَرَامٌ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ لِأَنَّ حِلَاقَهُ كَالصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ وَاجِبَةٌ مِنْ وَجْهٍ حرَام مِنْ وَجْهٍ فَيَجِبُ الدَّمُ لِتَأْخِيرِهِ مِنْ حَيْثُ هُوَ وَاجِبٌ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِذَا كَانَتْ عُمْرَتُهُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فَعَلَيْهِ هَدْيٌ لِلْمُتْعَةِ وَيُؤَخِّرُهُمَا جَمِيعًا يَقِفُ بِهِمَا عَرَفَةَ وَيُنْحَرَانِ بِمِنًى وَجَازَ تَأْخِيرُ مَا وَجَبَ بِسَبَبِ الْعُمْرَةِ لِارْتِبَاطِهَا بِالْحَجِّ فَإِنْ أَخْرَجَ هَدْيَ تَأْخِيرِ الْحِلَاقِ إِلَى الْحِلِّ فَيَسُوقُهُ إِلَى مَكَّةَ وَيَنْحَرُهُ بِهَا وَلَيْسَ عَلَى مَنْ حَلَقَ مِنْ أَذَى وُقُوفِ هَدْيِهِ بِعَرَفَةَ لِأَنَّهُ نُسُكٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُحْرِمُ أَحَدٌ بِالْقِرَانِ مِنْ دَاخِلِ الْحَرَمِ لِأَنَّ الْعُمْرَةَ لَا يُحْرَمُ

بِهَا إِلَّا مِنَ الْحِلِّ قَالَ مَالِكٌ وَإِذَا أحرم مكي بِالْعُمْرَةِ من مَكَّة تمّ أَرْدَفَ الْحَجَّ صَارَ قَارِنًا وَلَيْسَ عَلَيْهِ دَمُ قِرَانٍ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ أَكْرَهُ الْقِرَانَ لِلْمَكِّيِّ فَإِنْ فَعَلَ فَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ وَبِالصِّحَّةِ قَالَ ش وَقَالَ ح لَا يَصِحُّ مِنْهُمْ تَمَتُّعٌ وَلَا قِرَانٌ فَإِنْ تَمَتَّعَ فَعَلَيْهِ دَمٌ خِلَافًا لَنَا وَإِنْ قَرَنَ ارْتُفِضَتْ عُمْرَتُهُ أَحْرَمَ بِهِمَا مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {ذَلِكَ لمن لم يكن أَهله حاضري الْمَسْجِد الخرام} الْبَقَرَة 196 وَالْإِشَارَة بذلك إِلَى التَّمَتُّعِ فَلِذَلِكَ أَضَافَهُ بِاللَّامِ وَلَوْ أَرَادَ الْهَدْيَ لَأَضَافَهُ بِعَلَى لِأَنَّ اللَّامَ لِمَا يُرْغَبُ وعَلى لما يرهب وَلذَلِك تَقول وَشهد لَهُ عَلَيْهِ وَالْقِرَانُ مِثْلُ التَّمَتُّعِ لِأَنَّهُ فِيهِ إِسْقَاطُ أحد العملين كَمَا أَنَّهُ فِي التَّمَتُّعِ إِسْقَاطُ أَحَدِ السَّفَرَيْنِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْإِشَارَةَ بِذَلِكَ إِلَى الْهَدْيِ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ كَالضَّمِيرِ يَجِبُ عَوْدُهَا إِلَى أَقْرَبِ مَذْكُورٍ وَهُوَ أَقْرَبُ وَلَمَّا كَانَ حُكْمًا شَرْعِيًّا حَسُنَ إِضَافَتُهُ بِاللَّامِ تَقْدِيرُهُ ذَلِكَ مَشْرُوعٌ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الْآيَةَ فَيَسْقُطُ عَنِ الْمَكِّيِّ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَلَى الْمَكِّيِّ دَمُ الْقِرَانِ بِخِلَافِ الْمُتَمَتِّعِ لِأَنَّهُ أسقط أحدا الْعَمَلَيْنِ مَعَ قِيَامِ مُوجِبِهِ وَجَوَابُهُ أَنَّ مُوجِبَ الدَّم نُقْصَان النُّسُكَيْنِ لعدم الْإِحْرَام من الميقاة لَهُمَا مُنْفَرِدَيْنِ وَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْمَكِّيِّ وَغَيْرِهِ لِإِيجَادِ الْإِحْرَامِ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ إِذَا دَخَلَ مكي الْعمرَة ثُمَّ أَضَافَ الْحَجَّ ثُمَّ مَرِضَ حَتَّى فَاتَهُ الْحَجُّ خَرَجَ إِلَى الْحَلِّ ثُمَّ رَجَعَ وَطَافَ وَحَلَّ وَقَضَى قَابِلًا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ قَارِنًا وَمَنْ دَخَلَ مَكَّةَ قَارِنًا فَطَافَ وَسَعَى فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ فَعَلَيْهِ دَمُ الْقِرَانِ وَبِهِ قَالَ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ش يعْقد إِحْرَامَهُ بِالْعُمْرَةِ لَا بِالْحَجِّ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ فِي إشتراط الميقاة الزَّمَانِيِّ فِي الِانْعِقَادِ وَقَدْ سَبَقَ جَوَابُهُ فِي الْمَوَاقِيتِ قَالَ وَالَّذِي يَسْقُطُ عَنْهُ دَمُ الْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ أَهْلُ مَكَّةَ وَطُوًى فَقَطْ بِخِلَافِ الْمَنَاهِلِ الَّتِي بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَوَاقِيتِ وَالْمَكِّيُّ إِذَا خَرَجَ إِلَى مِصْرَ أَوْ غَيْرِهَا لَا يَنْوِي

الِاسْتِيطَانَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَرَنَ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لَا دم عَلَيْهِم وَاخْتلف فيهم فَقَالَ مَالِكٌ هُمْ أَهْلُ مَكَّةَ وَطُوًى طَرَفٌ مِنْهَا وَقَالَ ش وَابْن حَنْبَل الْحرم وَمن كَانَ خَارِجَهُ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ وَقَالَ ح مَنْ دُونَ الْمِيقَاتِ إِلَى الْحَرَمِ وَاللَّفْظُ أَظْهَرُ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ وَفِي النَّوَادِرِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُلْحَقُ بِمَكَّةَ الْمَنَاهِلُ الَّتِي لَا تُقْصَرُ فِي مِثْلِهَا الصَّلَاةُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَلَيْسَ بِقَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَفِي الْجَوَاهِر وَقيل كل من مَسْكَنه دون المقات وَفِي الْجُلَّابِ إِذَا قَتَلَ الْقَارِنُ صَيْدًا فَجَزَاءٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَبِسَ أَوْ تَطَيَّبَ فَفِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ وَمَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَسَاقَ هَدْيًا تَطَوُّعًا ثُمَّ أَدْخَلَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ فَهَلْ يُجْزِئُهُ هَدْيُ عُمْرَتِهِ عَنْ قِرَانِهِ رِوَايَتَانِ نَظَرًا لِتَعَلُّقِ الْهَدْيِ بِالْعُمْرَةِ فَتُجْزِئُ عَنْهُ أَوْ إِنَّ التَّطَوُّعَ السَّابِقَ لَا يُجْزِئُ عَنِ الْوَاجِبِ اللَّاحِقِ اللَّاحِقَةُ الثَّانِيَةُ التَّمَتُّعُ وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْمَتَاعِ وَهُوَ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ كَيْفَ كَانَ لِقَوْلِ الشَّاعِرِ (وَقَفْتُ عَلَى قَبْرٍ غَرِيبٍ بِقَفْرَةٍ ... مَتَاعٌ قَلِيلٌ مِنْ حَبِيبٍ مُفَارِقٍ) فَجَعَلَ وُقُوفَ الْإِنْسَانِ بِالْقَبْرِ مَتَاعًا وَالتَّمَتُّعُ فِيهِ إِسْقَاطُ أَحَدِ السَّفَرَيْنِ فَإِنَّ شَأْنَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ النُّسُكَيْنِ أَنْ يُحْرِمَ بِهِ مِنَ الْمِيقَاتِ وَأَنْ يَرْحَلَ إِلَى قُطْرِهِ فَقَدْ سقط أَحدهمَا فَجعل الشَّرْع الدَّم جَابر لِمَا فَاتَهُ وَلِذَلِكَ لَمْ يَجِبُ عَلَى الْمَكِّيِّ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ الْمِيقَاتُ وَلَا السَّفَرُ وَقَالَ عَطَاءٌ فِي الْوَاضِحَةِ إِنَّمَا سُمِّيَتْ مُتْعَةً لِأَنَّهُمْ يَتَمَتَّعُونَ بَيْنَ الْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ بِالنِّسَاءِ وَالطِّيبِ وَيَرِدُ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَوْ تَحَلَّلَ مِنْ عُمْرَتِهِ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ فَإِنَّهُ مُسْقِطٌ لِأَحَدِ السَّفَرَيْنِ وَلَيْسَ بِتَمَتُّعٍ وَعَلَى الثَّانِي أَنَّ الْمَكِّيَّ كَذَلِكَ وَلَيْسَ بِمُتَمَتِّعٍ قَالَ سَنَدٌ وَلِوُجُوبِ الدَّمِ فِيهِ شُرُوطٌ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَأَنْ تَكُونَ الْعُمْرَةُ وَالْحَجُّ فِي سَفَرٍ وَاحِد وعام

وَاحِدٍ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَتُقَدَّمُ الْعُمْرَةُ عَلَى الْحَجِّ وَالْفَرَاغُ مِنْهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فِيهِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَزَادَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ أَنْ يَقَعَ النُّسُكَانِ عَن شَخْصٍ وَاحِدٍ وَزَادَ الشَّافِعِيَّةُ النِّيَّةَ وَالْإِحْرَامَ بِالْعُمْرَةِ مِنَ الْحِلِّ وَيَدُلُّ عَلَى الْأَوَّلِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْقِرَانِ وَعَلَى الثَّانِي وَالثَّالِثِ قَوْله تَعَالَى {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} الْبَقَرَة 196 وَحَرْفُ إِلَى لِلْغَايَةِ فَجَعَلَ آخِرَ الْعُمْرَةِ مُتَّصِلًا بِالْحَجِّ فَإِذَا رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ أَوْ مِثْلَهُ فِي الْبُعْدِ فَقَدْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَقَالَ الْمُغِيرَةُ بَلْ إِلَى مَوْضِعٍ تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ وَقَالَ ح بَلْ نَفْسَ بَلَدِهِ فَإِنَّهُ مَا لَمْ يُلِمَّ بِأَهْلِهِ فَإِنَّهُ مُتَرَفِّهٌ بِسَفَرِهِ الْأَوَّلِ عَنْ سَفَرَتَيْنِ وَجَوَابُهُ أَنَّ التَّرَفُّهَ إِنَّمَا يَحْصُلُ بِقِلَّةِ السَّيْرِ وَالتَّرْحَالِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ بَلَدِهِ وَمَا يُسَاوِيهِ فِي ذَلِكَ وَقَالَ ش بَلِ الرُّجُوعُ إِلَى مِيقَاتِهِ فَيُحْرِمُ مِنْهُ بِالْحَجِّ لِأَنَّ مَا بَعُدَ عَن الميقاة لَا يَجِبُ الْإِحْرَامُ مِنْهُ فَلَا مَعْنَى لِاعْتِبَارِ الْخُرُوج إِلَيْهِ أما الميقاة فَالْخُرُوجُ إِلَيْهِ مُعْتَبَرٌ شَرْعًا وَالنَّصُّ دَلَّ عَلَى الدَّمِ فِي حَقِّ مَنْ وَصَلَ الْعُمْرَةَ بِالْحَجِّ فِي سَفَرٍ وَهَذَا لَمْ يَصِلْ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ دَمٌ وَجَوَابُهُ لَيْسَ الْمُرَادُ مُجَرَّدَ الِاتِّصَالِ بل الِانْتِفَاع بِمَا سَقَطَ عَنْهُ مِنَ السَّفَرِ وَذَلِكَ مُقْتَضَى لَفْظِ التَّمَتُّعِ فَيَكُونُ السَّبَبُ هُوَ الِانْتِفَاعَ بِالسُّقُوطِ وَهَذَا قد انْتفع فَيجب الدَّم ويتأكذ مَا ذَكَرْتُهُ بِأَنَّهُ مَحْكِيٌّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ غَيْرِ مُخَالِفٍ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ إِسْقَاطُ الدَّمِ عَنْهُ بِرُجُوعِهِ إِلَى غَيْرِ أُفُقِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ غَيْرَ الْحِجَازِ لِوُجُوبِ السَّفَرِ وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ إِنْ كَانَ أُفُقُهُ لَا يُمْكِنُهُ الرُّجُوعُ إِلَيْهِ وَالْعَوْدُ مِنْهُ إِلَى الْحَجِّ يَكْفِي دُونَهُ مِمَّا يَخَافُ فِيهِ الْفَوَاتَ وَلَوْ أَفْسَدَ عُمْرَتَهُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فَحَلَّ مِنْهَا ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ قَبْلَ قَضَاءِ عُمْرَتِهِ فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ وَعَلَيْهِ قَضَاءُ الْعُمْرَةِ قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ فِي التَّمَتُّعِ أَرْبَعَةُ مَذَاهِبَ أَحَدُهَا أَنَّهُ مَا تَقَدَّمَ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَأَنَّهُ الْمُرَادُ بِالْآيَةِ وَالثَّانِي أَنَّهُ الْقِرَانُ التَّمَتُّعُ فِيهِ بِسُقُوطِ

الْعَمَلِ وَالثَّالِثُ أَنَّهُ فَسْخُ الْحَجِّ فِي الْعُمْرَةِ لِتَمَتُّعِهِ بِإِسْقَاطِ بَقِيَّةِ أَعْمَالِ الْحَجِّ وَالرَّابِعُ أَنَّهُ الْإِحْصَارُ بِالْعَدُوِّ وَفَسَّرَ ابْنُ الزُّبَيْرِ الْآيَةَ بِهِ وَلْنُمَهِّدِ الْفُرُوعَ عَلَى الشُّرُوطِ فَنَقُولُ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا كَانَ لَهُ أَهْلٌ بِمَكَّةَ وَأَهْلٌ بِبَعْضِ الْآفَاقِ فَقَدِمَ مُعْتَمِرًا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فَهُوَ مِنْ مُشْكِلَاتِ الْأُمُورِ وَالْهَدْيُ أَحْوَطُ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ أَشْهَبُ إِنْ كَانَ أَكْثَرُ إِقَامَتِهِ بِمَكَّةَ وَيَأْتِي غَيْرَهَا مُنْتَابًا فَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ يَأْتِي غَيْرَهَا لِلسُّكْنَى فَعَلَيْهِ الْهَدْيُ قَالَ اللَّخْمِيُّ لَا يُخْتَلَفُ فِي ذَلِك وَإِنَّمَا تكلم مَالك على مُسَاوَاةِ إِقَامَتِهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَالْمُرَاعَى فِي حُضُورِ الْمَسْجِد وَقت فعل التسكين وَالْإِهْلَالِ بِهِمَا وَفِي الْكِتَابِ مَنْ دَخَلَ مَكَّةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ بِعُمْرَةٍ يُرِيدُ سُكْنَاهَا وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ فَعَلَيْهِ دَمُ التَّمَتُّعِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَّصِفْ بِسُكْنَاهَا وَإِنَّمَا عَزَمَ وَقَدْ يَبْدُو لَهُ وَالْعَزْمُ عَلَى الشَّيْءِ لَا يَقُومُ مَقَامَهُ وَقَالَ أَشْهَبُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إِنْ دَخَلَ بِالْعُمْرَةِ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ وَإِلَّا فَلَا الشَّرْطُ الثَّانِي اجْتِمَاعُ الْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ فِي أَشْهُرِهِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا تَحَلَّلَ مِنْ عُمْرَتِهِ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ اعْتَمَرَ أُخْرَى فِيهَا وَتَحَلَّلَ مِنْهَا ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ فَعَلَيْهِ دَمُ الْمُتْعَةِ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ أَحَدَ السَّفَرَيْنِ بِاعْتِبَارِ الْعُمْرَةِ الثَّانِيَةِ وَإِذَا فَعَلَ بَعْضَ الْعُمْرَةِ فِي رَمَضَانَ وَبَعْضَهَا فِي شَوَّالٍ ثُمَّ حَجَّ فَعَلَيْهِ الدَّمُ وَلَوْ لَمْ يُبْقَ لِشَوَّالٍ إِلَّا الْحِلَاقُ لَمْ يَكُنْ مُتَمَتِّعًا وَقَالَ ح إِذَا أَتَى بِأَكْثَرِ أَفْعَالِ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ كَانَ مُتَمَتِّعًا وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ إِذَا لَمْ يَقَعْ إِحْرَامُ الْعُمْرَةِ فِي شَوَّالٍ فَلَيْسَ بِتَمَتُّعٍ لَنَا أَنَّ الْعُمْرَةَ إِنَّمَا تُعْتَبَرُ بِكَمَالِهَا وَقَدْ وَقَعَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ الشَّرْطُ الثَّالِثُ أَنْ لَا يَرْجِعَ إِلَى وَطَنِهِ وَلَا إِلَى مِثْلِهِ فِي الْمَسَافَةِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا تَحَلَّلَ مَنْ عُمْرَتِهِ وَهُوَ مَنْ أَهْلِ الشَّامِ فَرَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَعَلَيْهِ دم

الْمُتْعَة إِلَّا أَنْ يَرْجِعَ إِلَى مِثْلِ أُفُقِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ السِّتَّةِ وَأَمَّا السَّابِعُ الَّذِي نَقَلَهُ فِي الْجَوَاهِرِ فَلَمْ يَجِدْ فِيهِ خِلَافًا وَقَالَ سَنَدٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ مُتَمَتِّعٌ وَإِنْ كَانَ التَّمَتُّعُ نُسُكًا عَنْ شَخْصَيْنِ وَلَمْ يَجِدْ هُوَ أَيْضًا خِلَافًا أَجْرَاهُ اللَّخْمِيُّ عَلَى التَّكْفِيرِ قبل الْحِنْث اللاحقة الثَّالِثَة فَوَات الْحَج وَفِي الْكِتَابِ يَجِبُ عَلَى كُلِّ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ أَنْ يُتِمَّ عَلَى عَمَلِ الْعُمْرَةِ بِالْإِهْلَالِ الْأَوَّلِ وَلَا يُسَمِّيَ لَهَا إِهْلَالًا وَيَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ أَوَائِلَ الْحَرَمِ وَلَا يَنْتَظِرُ قَابِلًا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ مَا لَمْ يَدْخُلْ مَكَّةَ فَلْيَطُفْ وَلْيَسْعَ وَلَا يَثْبُتُ عَلَى إِحْرَامِهِ وَيَقْضِي حَجَّهُ قَابِلًا وَيُهْدِي قَالَ سَنَدٌ يُرِيدُ أَنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ الْبَقَاءُ عَلَى الْإِحْرَامِ خَشْيَةَ ارْتِكَابِ الْمَحْظُورَاتِ وَلِأَنَّهُ إِحْرَامٌ بِالْحَجِّ قَبْلَ مِيقَاتِهِ الزَّمَانِيِّ بِسَنَةٍ وَهُوَ مَكْرُوهٌ فِي الْيَسِيرِ وَإِذَا بَقِيَ عَلَى إِحْرَامِهِ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ لَا هَدْيَ عَلَيْهِ وَرَوَى أَشْهَبُ عَلَيْهِ اسْتِحْبَابًا لِمُخَالَفَتِهِ سُنَّةَ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ وَإِذَا تَحَلَّلَ بِعُمْرَةٍ فَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ عِنْدَ ح وَفِي الْكِتَابِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَطُوفَ وَيَسْعَى قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ قَابَلٍ بِحَجّ قَابل قَالَ أَخَاف أَن يُجْزِئَهُ قَبْلَ خَوْفِهِ قَالَ سَنَدٌ لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي إِجْزَاءِ السَّعْيِ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ عَلَى الْحَجِّ وَقِيلَ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا قَرَنَ وَسَعَى قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَج أَجزَأَهُ لحجه وَإِنَّمَا كرهه هَا هُنَا لِأَنَّ هَذَا السَّعْيَ شَأْنُهُ أَنْ يَكُونَ لِعُمْرَةِ التَّحَلُّل وَيكرهُ جعله ركنا لِأَنَّ الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ لَمْ يَتَعَيَّنْ بَعْدُ لِأَنَّهُ لَوْ شَاءَ أَنْ يَتَحَلَّلَ بَعْدَ ذَلِكَ تَحَلَّلَ بِعُمْرَةٍ وَعِنْدَهُ لَهُ التَّحَلُّلُ مَا لَمْ تَدْخُلْ أَشْهُرُ الْحَجِّ فَكَانَ هَذَا السَّعْيُ مَوْقُوفًا لَيْسَ مَجْزُومًا بِأَنَّهُ لِلْحَجِّ وَإِذَا قُلْنَا بِالْكَرَاهَةِ فَيُعِيدُ السَّعْي بعد الْإِضَافَة وَفِي الْكِتَابِ يُكْرَهُ لِمَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ

فَأَقَامَ إِلَى أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ قَابَلٍ أَنْ يَتَحَلَّلَ بِعُمْرَةٍ فَإِنْ فَعَلَ أَجْزَأَهُ ثُمَّ إِنْ حَجَّ مِنْ عَامِهِ لَمْ يَكُنْ مُتَمَتِّعًا لِأَنَّهُ لَمْ يَبْتَدِئِ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَإِنَّمَا هَذِه رُخْصَةٌ لَهُ لِقَوْلِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِهَبَّارِ بْنِ الْأَسْوَدِ لَمَّا فَاتَهُ الْحَجُّ أَحِلَّ وَاقْضِ الْحَجَّ مِنْ قَابَلٍ وَأَهْدِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ فَسَخَ حَجَّهُ فِي عُمْرَةٍ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فَهُوَ بَاطِلٌ وَقَالَ أَيْضًا إِنْ جَهِلَ فَفَعَلَ ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ كَانَ مُتَمَتِّعًا وَلَوْ ثَبَتَ عَلَى إِحْرَامِهِ بَعْدَ دُخُولِهِ مَكَّة حَتَّى حج بِهِ قَابلا أَجزَأَهُ عَن حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَمَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ فَوَطِئَ أَوْ تَطَيَّبَ فَعَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُحْرِمِينَ وَعَلَيْهِ هَدْيُ الْفَوَاتِ وَهَدْيُ الْفَسَادِ فِي حَجَّةِ الْقَضَاءِ وَيَفْعَلُ غَيْرَ ذَلِكَ مَتَى شَاءَ قَالَ سَنَدٌ رُوِيَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْقَارِنِ يُجَامِعُ ثُمَّ يَفُوتُهُ الْحَجُّ عَلَيْهِ أَرْبَعُ هَدَايَا لِفَوَاتِهِ وَلِأَنَّهُ صَارَ إِلَى عَمَلِ الْعُمْرَةِ فَكَأَنَّهُ وَطِئَ فِيهَا وَلِقِرَانِهِ وَلِقَضَائِهِ وَرُوِيَ عَنْهُ ثَلَاثَةُ هَدَايَا فَإِنْ نَحَرَ هَدْيَ الْفَوَاتِ وَالْفَسَادِ قَبْلَ الْقَضَاءِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُجْزِئُهُ لِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ أُهْدِيَ عَنْهُ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى تَقَدُّمِ الْوُجُوبِ وَإِنَّمَا التَّأْخِيرُ مُسْتَحَبٌّ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يُجْزِئُهُ وَفِي الْكِتَابِ مَنْ فَاتَهُ حَجٌّ مُفْرَدٌ أَوْ أَفْسَدَ حَجًّا مُفْرَدًا لَا يَقْضِي قَارِنًا لِتَعَيُّنِ الْإِفْرَادِ بِالْإِحْرَامِ فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يُجْزِئْهُ وَمَنْ فَاتَهُ قَارِنًا لَا يَقْضِي الْحَجَّ وَحْدَهُ وَالْعُمْرَةَ وَحْدَهَا بَلْ قَارِنًا خِلَافًا لِ ش وَابْنِ حَنْبَلٍ لِتَعَذُّرِ الْقِرَانِ بِالْإِحْرَامِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ إِنْ أَفْسَدَ الْقَارِنُ حجه فَعَلَيهِ فِي الْحَج الْفَاسِد هدي وَاحِد وَفِي حجَّة الْقَضَاء هديان وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ إِنْ أَفْسَدَ الْقَارِنُ فَقَضَاهُ مُفْرِدًا لَمْ يُجْزِئْهُ وَعَلَيْهِ دَمُ الْقِرَانِ وَدَمُ التَّمَتُّعِ وَيَقْضِي قَارِنًا وَيُهْدِي فِي الْقَضَاءِ هَدْيَيْنِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنَّا إِذَا أَفْسَدَ الْقِرَانَ بَعْدَ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ أَوْ فَاتَهُ فتحلل يَقْضِي مُفْرِدًا لِأَنَّهُ إِنَّمَا فَاتَهُ الْحَجُّ وَحْدَهُ وَقد فرغت

عُمْرَتُهُ بِفَرَاغِ سَعْيِهِ قَالَ وَهُوَ غَلَطٌ لِعَدَمِ تَمَيُّزِ فِعْلِ الْعُمْرَةِ فِي الْقِرَانِ وَلَوْ كَانَ كَمَا قَالَ لَوَجَبَ الْهَدْيُ لِتَأْخِيرِ الْحِلَاقِ وَلَوْ تَمَتَّعَ فَفَسَدَ حَجُّهُ فَقَضَى قَابِلًا قَالَ فِي الْمُوازِية عَلَيْهِ هديان للمتعة وَالْفساد يَجْعَل هَدْيَ الْمُتْعَةِ وَيُؤَخِّرُ هَدْيَ الْفَسَادِ إِلَى الْقَضَاءِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَقْضِي الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ قَابِلًا قَالَ وَالْأَوَّلُ أَبْيَنُ لِأَنَّ الْمُتْعَةَ نُسُكَانِ مُفْتَرِقَانِ فَلَوْ تَمَتَّعَ فَفَاتَهُ الْحَجُّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَسْقُطُ عَنْهُ دَمُ الْمُتْعَةِ وَفِي الْجُلَّابِ مَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ وَلَيْسَ عَلَيْهِ عَمَلُ مَا بَقِيَ مِنَ الْمَنَاسِكِ بَعْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَمَنْ قَدِمَ مَكَّةَ فَطَافَ وَسَعَى عِنْدَ قُدُومِهِ ثُمَّ مَرِضَ فَتَأَخَّرَ حَتَّى فَاتَهُ الْوُقُوفُ لَمْ يُجْزِئْهُ طَوَافُهُ وَسَعْيُهُ أَوَّلًا عَنْ تحلله اللاحقة الرَّابِعَة حج الصَّبِي وَفِيهِ فَصْلَانِ الْأَوَّلُ فِي أَفْعَالِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُحْرِمَ عَنِ الصَّبِيِّ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ وَيُحْضِرُهُ الْمَوَاقِيتَ فَيَحْصُلُ الْحَجُّ لِلصَّبِيِّ نَفْلًا وَالْمُمَيِّزُ يُحْرِمُ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ وَيُبَاشِرُ لِنَفْسِهِ وَوَافَقَنَا ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَالْجُمْهُورُ وَقَالَ ح لَا يَنْعَقِدُ إِحْرَامُهُ بِإِحْرَامِ وَلَيِّهِ لِأَنَّهُ سَبَبٌ يَلْزَمُ الْحَجَّ فَلَا يَصِيرُ الصَّبِيُّ بِهِ مُحْرِمًا كَالنَّذْرِ وَجَوَابه أَنه ينْتَقض بالوضؤ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ بِالنَّذْرِ وَيَصِحُّ مِنْهُ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن ابْن عَبَّاس أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَقِيَ رَكْبًا بَعْسَفَانَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ فَرفعت إِلَيْهِ امْرَأَةٌ صَبِيًّا مِنْ مِحَفَّتِهَا فَقَالَتْ أَلِهَذَا حَجٌّ قَالَ نعم وَلَك أجر وَقد حج مَعَه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صبيان ابْن عَبَّاس وَأنس وَغَيرهمَا وَقَدْ سَلَّمَ ح أَنَّهُ إِذَا كَانَ يَتَجَنَّبُ مَا يَتَجَنَّبُهُ الْمُحْرِمُ فَيَكُونُ مُحْرِمًا وَفِي الْكِتَابِ إِذَا كَانَ لَا يَتَجَنَّبُ مَا يُنْهَى عَنْهُ كَابْنِ ثَمَانِ سِنِينَ فَلَا يُجَرَّدُ حَتَّى يَدْنُوَ من الْحرم وَغَيره يجرده من الميقاة خَشْيَةَ تَكْثِيرِ الْأَوَّلِ مِنْ مَحْظُورَاتِ الْحَجِّ وَإِذَا كَانَ لَا يَتَكَلَّمُ لَا يُلَبِّي عَنْهُ أَبُوهُ وَإِذَا نَوَى بِتَجْرِيدِهِ الْإِحْرَامَ فَهُوَ مُحْرِمٌ وَيَجْتَنِبُ مَا يَجْتَنِبُهُ الْبَالِغُ كَالصَّلَاةِ وَإِذَا احْتَاجَ إِلَى دَوَاءِ طَبِيبٍ فَعَلَهُ بِهِ وَفَدَى عَنْهُ فَإِنَّ الْجَائِزَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى التَّكْلِيفِ كَمَا يَسْجُدُ لسَهْوه فِي

صَلَاتِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْوَ عَلَى الطَّوَافِ طَافَ بِهِ مَنْ طَافَ عَنْ نَفْسِهِ مَحْمُولًا عَلَى سُنَّةِ الطَّوَافِ وَلَا يَرْكَعُ عَنْهُ إِنْ لَمْ يَعْقِلِ الصَّلَاةَ لِتَعَذُّرِ النِّيَابَةِ فِيهَا شَرْعًا وَلَهُ أَنْ يَسْعَى عَنْهُ وَعَنِ الصَّبِيِّ سَعْيًا وَاحِدًا بِخِلَافِ الطَّوَافِ لِخِفَّةِ السَّعْيِ لِجَوَازِهِ بِغَيْرِ وُضُوءٍ وَقَدْ قَالَ ح إِنَّهُ يُجْبَرُ بِالدَّمِ وَلَا يَرْمِي عَنْهُ إِلَّا مَنْ رَمَى عَنْ نَفْسِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ تَدَاخُلِ الْأَعْمَالِ الْبَدَنِيَّةِ وَيَجُوزُ الْإِحْرَامُ بِالصِّغَارِ الذُّكُورِ فِي أَرْجُلِهِمُ الْخَلَاخِلُ وَفِي أَيْديهم الإسورة ذَلِكَ لَهُمْ مِنَ الذَّهَبِ قَالَ سَنَدٌ لَا يَحُجُّ بِالصَّبِيُّ إِلَّا أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ وَمَنْ لَهُ النَّظَرُ فِي مَالِهِ لِتَعَلُّقِ ذَلِكَ بِالْإِنْفَاقِ وَجَوَّزَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ لِأُمِّهِ وَخَالِهِ وَأَخِيهِ وَعَمِّهِ وَشِبْهِهِمْ نَظَرًا إِلَى شَفَقَتِهِمْ وَيُعَضِّدُهُ حَدِيثُ الْمَرْأَةِ السَّابِقُ وَلِلشَّافِعِيَّةِ فِي غَيْرِ الْوَلِيِّ قَوْلَانِ فَإِنْ أَحْرَمَ الْمُمَيِّزُ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلَيِّهِ فَظَاهَرُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ عَدَمُ الِانْعِقَادِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى لُزُومِ الْمَالِ فَلَا يَنْعَقِدُ وَإِذَا كَانَ الصَّبِيُّ يَتَكَلَّمُ لُقِّنَ التَّلْبِيَةَ وَإِلَّا سَقَطَتْ كَمَا تَسْقُطُ عَنِ الْأَخْرَسِ وَإِذَا سَقَطَ وُجُوبُهَا سَقَطَ دَمُهَا وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ إِنَّهَا كَتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ يُلَبِّي عَنْهُ وَلَيُّهُ كَمَا يَنْوِي عَنْهُ وَفِي الْجُلَّابِ لَا يُجَرَّدُ الْمُرْضَعُ وَيُجَرَّدُ الْمُتَحَرِّكُ وَكَرِهَ مَالِكٌ حَجَّ الرَّضِيعِ سُؤَالٌ الْأَجِيرُ يَرْكَعُ عَنْ مُسْتَأْجِرِهِ فَيَرْكَعُ الْوَلِيُّ عَن الصَّبِي فَإِنَّهُ كالأجير حوابه يَنْتَقِضُ بِالْوُقُوفِ فَإِنَّ الْأَجِيرَ يَقِفُ عَنِ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْوَلِيُّ لَا يَقِفُ عَنِ الصَّبِيِّ بَلْ يَقِفُ بِهِ قَالَ وَيَخْرُجُ بِهِ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَيَقِفُ بِهِ وَيَبِيتُ بِهِ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَإِنْ أَمْكَنَهُ الرَّمْيُ رَمَى وَإِلَّا رَمَى عَنْهُ قَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إِذَا فَسَدَ حَجُّهُ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْهَدْيُ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ فِي حَجِّهِ لَمْ يَقَعْ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنَ الْمَالِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ لَيْسَ لِلْأَبِ أَوْ لِمَنْ هُوَ فِي حِجْرِهِ مِنْ وَصِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ أَنْ يُحِجَّهُ وَيَزِيدَ فِي نَفَقَةِ الصَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يخَاف ضيعه فَيُخْرِجَهُ مَعَهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا لَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ فَالزَّائِدُ فِي مَالِ الْوَلِيِّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} الْأَنْعَام 152 وَحَيْثُ كَانَ فِي مَالِ الصَّبِيِّ فَكَذَلِكَ الْفِدْيَةُ وَجَزَاءُ الصَّيْدِ وَحَيْثُ قُلْنَا فِي

مَالِ الْوَلِيِّ فَكَذَلِكَ جَزَاءُ الصَّيْدِ وَقِيلَ فِي مَالِ الصَّبِيِّ إِلْحَاقًا بِالْمَتْلَفَاتِ فِي الْإِقَامَةِ قَالَ سَنَد لَو كَانَ كِرَاء الصَّبِيِّ وَنَفَقَتُهُ فِي السَّفَرِ قَدْرَ نَفَقَتِهِ فِي الْإِقَامَةِ ضَمِنَ الْوَلِيُّ الْكِرَاءَ لَسَدِّ خَلَّتِهِ فِي السَّفَرِ بِدُونِ أُجْرَةِ الْكِرَاءِ وَعَدَمِ حَاجَتِهِ إِلَيْهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَلِيِّ فِيمَا طَرَأَ مِنْ صَنِيعِ اللَّهِ تَعَالَى فِي سَفَرِ الصَّبِيِّ مَعَهُ نَحْوَ الْمَوْتِ وَالْغَرَقِ وَالْمَرَضِ وَفِي الْكِتَابِ مَا لَزِمَ الصَّبِيَّ مِنْ جَزَاءٍ أَوْ فِدْيَةٍ لَا يَصُومُ وَالِدُهُ عَنْهُ وَلَكِنْ يُطْعِمُ وَيُهْدِي لِأَنَّ ضَمَان الْأَمْوَال مُمكن بِخِلَاف الْأَفْعَال الْبَدَنِيَّة

الصفحة فارغة

(الباب السابع في محظورات الإحرام)

(الْبَابُ السَّابِعُ فِي مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ) وَفِي التَّلْقِينِ الْإِحْرَامُ يَمْنَعُ عَشَرَةَ أَنْوَاعٍ لُبْسَ الْمَخِيطِ وَتَغْطِيَةَ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ وَلُبْسَ الْخُفَّيْنِ وَالشُّمُشْكَيْنِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى النَّعْلَيْنِ وَحَلْقَ شَعْرِ الرَّأْسِ أَوْ غَيْرِهِ مِنَ الْبَدَنِ وَالطِّيبَ وَقَصَّ الْأَظْفَارِ وَقَتْلَ الْقُمَّلِ وَقَتْلَ الصَّيْدِ وَالْوَطْءَ فِي الْفَرْجِ وَإِنْزَالَ الْمَاءِ الدَّافِقِ وَعَقْدَ النِّكَاحِ زَادَ غَيْرُهُ إِزَالَةَ الشَّعَثِ بِالزِّينَةِ وَالتَّنْظِيفِ وَكُلُّهَا تُجْبَرُ إِلَّا عَقْدَ النِّكَاحِ وَالْإِنْكَاحِ لِأَنَّهُمَا وَسِيلَتَانِ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهَا الِانْتِفَاعُ بِالْمَقْصِدِ الْمُحَرَّمِ وَغَيْرُهُمَا انْتَفَعَ فِيهِ فَتَعَيَّنَ الْجَابِرُ لتعين الْخلَل قَاعِدَة قَاعِدَةٌ يُحْتَاجُ إِلَيْهَا فِي هَذَا الْبَابِ وَالْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ وَكَثِيرٍ مِنْ أَبْوَابِ الْفِقْهِ وَهِيَ أَنَّ الْجَوَابِرَ مَشْرُوعَةٌ لِاسْتِدْرَاكِ الْمَصَالِحِ الْفَائِتَةِ وَالزَّوَاجِرَ مَشْرُوعَةٌ لِدَرْءِ الْمَفَاسِدِ الْمُتَوَقَّعَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيمَنْ وَجَبَ فِي حَقِّهِ الْجَابِرُ أَنْ يَكُونَ آثِمًا وَلِذَلِكَ شُرِعَ الْجَبْرُ مَعَ الْعَمْدِ وَالْجَهْلِ وَالْعِلْمِ وَالذِّكْرِ وَالنِّسْيَانِ وَعَلَى الْمَجَانِينِ وَالصِّبْيَانِ بِخِلَافِ الزَّوَاجِرِ فَإِنَّ مُعْظَمَهَا عَلَى الْعُصَاةِ زَجْرًا عَنِ الْمَعْصِيَةِ وَقَدْ تَكُونُ عَلَى غَيْرِ الْعُصَاةِ دَفْعًا لِلْمَفَاسِدِ مِنْ غَيْرِ إِثْمٍ كَتَأْدِيبِ الصِّبْيَانِ وَرِيَاضَةِ الْبَهَائِمِ اصلاحا لَهُم وَقِتَالِ الْبُغَاةِ دَرْءًا لِتَفْرِيقِ الْكَلِمَةِ مَعَ عَدَمِ الْمَأْثَمِ لِأَنَّهُمْ مُتَأَوِّلُونَ

وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي بَعْضِ الْكَفَّارَاتِ هَلْ هِيَ زَوَاجِرُ لِمَا فِيهَا مِنْ مَشَاقِّ تَحَمُّلِ الْأَمْوَالِ وَغَيْرِهَا أَوْ وَهِيَ جَوَابِرُ لِأَنَّهَا عِبَادَاتٌ لَا تصلح إِلَّا بِالنِّيَّاتِ وَلَيْسَ التَّقَرُّبُ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى زَجْرًا بِخِلَافِ الْحُدُودِ وَالتَّعْزِيرَاتِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ قُرُبَاتٍ إِذْ لَيْسَتْ فِعْلًا لِلْمَزْجُورِينَ بَلْ تَفْعَلُهَا الْأَئِمَّة فيهم ثمَّ الجوابر تقع مَعَ الْعِبَادَاتِ وَالنُّفُوسِ وَالْأَعْضَاءِ وَمَنَافِعِ الْأَعْضَاءِ وَالْجِرَاحِ وَالْأَمْوَالِ وَالْمَنَافِعِ فَجَوَابِرُ الْعِبَادَاتِ كَالتَّيَمُّمِ مَعَ الْوُضُوءِ وَسُجُودِ السَّهْو مَعَ السّنَن وجهة السّفر فِي الصَّلَاة والنافلة مَعَ الْكَعْبَةِ وَجْهَةِ الْعَدُوِّ فِي الْخَوْفِ مَعَ الْكَعْبَةِ وَصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ لِمَنْ صَلَّى وَحْدَهُ وَأَحَدِ النَّقْدَيْنِ مَعَ دُونِ السِّنِّ الْوَاجِبِ فِي الزَّكَاةِ أَوْ زِيَادَةِ السِّنِّ فِي ابْنِ اللَّبُونِ مَعَ وَصْفِ أُنُوثَةِ بِنْتِ مَخَاضٍ وَالْإِطْعَامِ لِمَنْ أَخَّرَ الْقَضَاءَ وَلَمْ يَصُمْ لِلْعَجْزِ وَالصِّيَامِ وَالْإِطْعَامِ وَالنُّسُكِ فِي حَقِّ مَنِ ارْتَكَبَ مَحْظُورًا مِنْ مَحْظُورَاتِ الْحَج أَو الدَّم كَتَرْكِ الميقاة أَوِ التَّلْبِيَةِ أَوْ شَيْءٍ مِنْ وَاجِبَاتِ الْحَجِّ مَا عَدَا الْأَرْكَانَ أَوْ جَبْرًا لِمَا فَاتَ من السّفر أَو الْعَمَل فِي التَّمَتُّع وَالْقرَان وَجَبَرِ الدَّمِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ فِي غَيْرِهِ وَجَبَرِ الصَّيْدِ فِي الْحَرَمِ وَالْإِحْرَامِ بِالْمِثْلِ أَوِ الطَّعَامِ أَوِ الصِّيَامِ وَالصَّيْدِ الْمَمْلُوكِ بِذَلِكَ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَبِقِيمَتِهِ لِحَقِّ الْمَالِكِ وَهُوَ مُتْلَفٌ وَاحِدٌ جُبِرَ بِبَدَلَيْنِ فَهُوَ نَادِرٌ وَلَمْ يُشْرَعْ كَشَجَرِ الْحَرَمِ الْجَائِزِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ وَاعْلَمْ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تُجْبَرُ إِلَّا بِعَمَلٍ بَدَنِيٍّ وَلَا تُجْبَرُ الْأَمْوَالُ إِلَّا بِالْمَالِ وَتُجْبَرُ الْعُمْرَةُ وَالْحَجُّ وَالصَّيْدُ بِالْبَدَنِيِّ وَالْمَالِيِّ مَعًا وَمُفْتَرِقَيْنِ وَالصَّوْم يجْبر بالبدني بِالْقضَاءِ وبمال فِي الْإِطْعَامِ وَأَمَّا جَوَابِرُ الْمَالِ فَالْأَصْلُ أَنْ يُؤْتَى بِغَيْرِ الْمَالِ مَعَ الْإِمْكَانِ فَإِنْ أَتَى بِهِ كَامِلَ الذَّاتِ وَالصِّفَاتِ بَرِئَ مِنْ عُهْدَتِهِ أَوْ نَاقِصَ الْأَوْصَافِ جَبَرَ بِالْقِيمَةِ لِأَنَّ الْأَوْصَافَ لَيْسَتْ مِثْلِيَّةً أَوْ نَاقِصَ الْقِيمَةِ لَمْ يَضْمَنْ فِي بَعْضِ الْمَوَاطِنِ لِأَنَّ الْفَائِتَ رَغَبَاتُ النَّاسِ وَهِيَ غَيْرُ مُتَقَوَّمَةٌ فِي الشَّرْعِ وَلَا قَائِمَةٌ بِالْعينِ وتجبر

الْأَمْوَال الْمِثْلِيَّةُ بِأَمْثَالِهَا لِأَنَّ الْمِثْلَ أَقْرَبُ إِلَى رَدِّ الْعَيْنِ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ مِنَ الْقِيمَةِ وَقَدْ خُولِفَتْ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ فِي صُورَتَيْنِ فِي لَبَنِ الْمُصَرَّاةِ لِأَجْلِ اخْتِلَاطِ لَبَنِ الْبَائِعِ بِلَبَنِ الْمُشْتَرِي وَعَدَمِ تَمْيِيزِ الْمِقْدَارِ وَفِيمَنْ غَصَبَ مَاءً فِي الْمَعَاطِشِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ يَضْمَنُ بِقِيمَتِهِ فِي مَحل عزته وَأما الْمَنَافِعُ فَالْمُحَرَّمُ مِنْهَا لَا يُجْبَرُ احْتِقَارًا لَهَا كَالْمِزْمَارِ وَنَحْوِهِ كَمَا لَمْ تُجْبَرِ النَّجَاسَاتُ مِنَ الْأَعْيَانِ إِلَّا مَهْرَ الْمَزْنِيِّ بِهَا كَرْهًا وَلَمْ يُجْبَرْ ذَلِكَ فِي اللِّوَاطِ لِأَنَّهُ لَمْ يُقَوَّمْ قَطُّ فِي الشَّرْعِ فَأَشْبَهَ الْقِتَالَ وَالْعِتَاقَ وَغَيْرُ المحاوم مِنْهَا يُضْمَنُ بِالْعُقُودِ الصَّحِيحَةِ وَالْفَاسِدَةِ وَالْفَوَاتُ تَحْتَ الْأَيْدِي الْمُبْطِلَةِ وَلَا تُضْمَنُ مَنَافِعُ الْحُرِّ بِجِنْسِهِ لِأَنَّ يَدَهُ عَلَى مَنَافِعِهِ فَلَا يُتَصَوَّرُ فَوَاتُهَا فِي يَدِ غَيْرِهِ وَمَنَافِعُ الْأَبْضَاعِ تُجْبَرُ بِالْعَقْدِ الصَّحِيح وَالْفَاسِد والشبهة وَالْإِكْرَاه وَلَا يجْبر بِالْفَوَاتِ تَحْتَ الْأَيْدِي الْعَادِيَّةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ قَلِيلَ الْمَنَافِع يجْبر بِالْقَلِيلِ من الجابر وكثيرها بِكَثْرَة وَضَمَانُ الْبُضْعِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَهُوَ يُسْتَحَقُّ بِمُجَرَّدِ الْإِيلَاجِ فَلَوْ جُبِرَ بِالْفَوَاتِ لَوَجَبَ مَا لَا يُمكن ضَبطه فضلا من الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فَإِنَّ فِي كُلِّ سَاعَةٍ يَفُوتُ فِيهَا مِنَ الْإِيلَاجَاتِ شَيْءٌ كَثِيرٌ جِدًّا وَهَذَا بَعِيدٌ مِنْ قَوَاعِدِ الشَّرْعِ وَأَمَّا النُّفُوسُ فَإِنَّهَا خَارِجَة من هَذِهِ الْقَوَانِينِ لِمَصَالِحَ تُذْكَرُ فِي الْجِنَايَاتِ إِنْ شَاءَ الله تَعَالَى ثُمَّ نَشْرَعُ فِي تَمْهِيدِ فِقْهِ أَنْوَاعِ الْمَحْظُورَاتِ فَنَقُولُ النَّوْعُ الْأَوَّلُ لُبْسُ الْمَخِيطِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ خُصُوصَ الْمَخِيطِ بَلْ مَا أَوْجَبَ رَفَاهِيَةً لِلْجَسَدِ كَانَ مخيطا أَو محيطا كَالطَّيْرِ أَوْ جِلْدِ حَيَوَانٍ يُسْلَخُ فَيُلْبَسُ وَقَدْ لَا يُمْنَعُ الْمَخِيطُ إِذَا اسْتُعْمِلَ اسْتِعْمَالَ غَيْرِ الْمَخِيطِ كَوَضْعِ الْقَمِيصِ عَلَى الظَّهْرِ أَوْ مَا يُؤْتَزَرُ بِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْإِحْرَامِ سُؤَاله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَمَّا يلبس الْمحرم وَمَا نبه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَيْهِ بِذِكْرِ كُلِّ نَوْعٍ عَلَى جِنْسِهِ وَفِقْهُ ذَلِكَ كُلُّهُ وَنُبَيِّنُ هُنَا مَا يَحْرُمُ مِمَّا لَا يَحْرُمُ تَفْرِيعَانِ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ يُكْرَهُ إِدْخَالُ الْمَنْكِبَيْنِ فِي الْقَبَاءِ وَالْيَدَيْنِ فِي كُمَّيْهِ

لِأَنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الطَّرْحَ عَلَى الظَّهْرِ لَا شَيْءَ فِيهِ وَوَافَقَنَا ش وَابْنُ حَنْبَلٍ فِي ادخال الْمَنْكِبَيْنِ وسواهما ح بِالطَّرْحِ عَلَى الظَّهْرِ لَنَا أَنَّ لُبْسَهُ بِالْمَنْكِبَيْنِ فِي الْعَادَةِ يُوجِبُ الْفِدْيَةَ قَالَ وَلَهُ طَرْحُ قَمِيصِهِ عَلَى ظَهْرِهِ وَارْتِدَاؤُهُ بِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لُبْسًا لَهُ عَادَةً وَلَا يُزَرِّرُ الطَّيْلَسَانَ عَلَيْهِ وَلَا يُجَلِّلُ كِسَاءَهُ فَإِنْ طَالَ ذَلِكَ حَتَّى انْتَفَعَ بِهِ افْتَدَى لِأَنَّ الْعُقَدَ كَالْخِيَاطَةِ كَمَا تَجِبُ الْفِدْيَةُ فِي الْعِمَامَةِ قَالَ وَيَجُوزُ لِلْمُحْرِمَةِ وَغَيْرِ الْمُحْرِمَةِ مِنَ النِّسَاءِ لُبْسَ الْحَرِيرِ وَالْحُلِيِّ وَالسَّرَاوِيلِ وَيُكْرَهُ لَهُنَّ الْقَبَاءُ لِأَنَّهُ يَصِفُ قَالَ سَنَدٌ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي تَحْرِيمِ الزِّينَةِ فِيهَا كالكحل والحلي النِّسَاء قِيَاسًا عَلَى الطِّيبِ وَكَرَاهَتِهَا لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ لَهَا تَحْرِيم وَتَحْلِيل فَلَا تَحْرِيم الزِّينَةُ فِيهَا كَالصَّلَاةِ أَوْ يُفَرَّقُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ بَيْنَ مَا ظَهَرَ كَالْكُحْلِ وَمَا بَطَنَ كَالْحُلِيِّ قَالَ وَالْأَصْلُ حِلُّ الزِّينَةِ لِعَدَمِ مَنْعِ السُّنَّةِ إِيَّاهَا بَلْ هِيَ كَلُبْسِ الْمَرْقُومَاتِ وَأَجْنَاسِ الْمُلَوَّنَاتِ وَالْخَاتَمُ يَلْحَقُ بِالْقَلَنْسُوَةِ لِإِحَاطَتِهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَالْإِجْمَاعُ عَلَى الرُّخْصَةِ لِلْمَرْأَةِ فِي الْخُفَّيْنِ وَالسَّرَاوِيلِ وَوَافَقَنَا ش وَابْنُ حَنْبَلٍ فِي مَنْعِهَا مِنَ القفازين خلافًا ل ح لنا نَهْيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِيَّاهُنَّ فِي إِحْرَامِهِنَّ عَنِ الْقُفَّازَيْنِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْوَجْهِ وَخَالَفَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي افْتِدَائِهَا لَهُمَا وَالْأَصْلُ فِي أَنَّ اللُّبْسَ الْيَسِيرَ لَا يُوجِبُ فِدْيَةً مَا فِي الصِّحَاحِ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ بِالْجِعْرَانَةِ وَهُوَ مُصَفِّرٌّ لِحْيَتَهُ وَرَأْسَهُ وَعَلَيْهِ حَبَّة فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحْرَمْتُ بِعُمْرَةٍ وَأَنَا كَمَا ترى فَقَالَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - انْزِعْ عَنْكَ الْجُبَّةَ وَاغْسِلْ عَنْكَ الصُّفْرَةَ وَمَا كنت صانعا فِي حجرك فَاصْنَعْهُ فِي عُمْرَتِكَ قَالَ وَالْمُعْتَبَرُ فِي الطُّولِ دَفْعُ مَضَرَّةٍ أَوْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ طَالَ أَوْ قَصُرَ فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ دَفْعَ ضَرَرٍ فَكَالْيَوْمِ لِحُصُولِ التَّرَفُّهِ قَالَ ش لَا فِدْيَةَ عَلَى النَّاسِي وَالْجَاهِلِ بِخِلَافِ الْعَامِدِ طَالَ الزَّمَنُ أَوْ قَصُرَ وَقَالَ ح الِاعْتِبَارُ بِيَوْمٍ كَامِلٍ أَو لَيْلَة لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَمَّا قِيلَ لَهُ مَاذَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ إِنَّمَا سُئِلَ عَن

اللُّبْسِ الْمُعْتَادِ وَقِلَّةُ ذَلِكَ عَادَةً يَوْمٌ أَوْ لَيْلَةٌ لَنَا عَلَى ش أَنَّ الْفِدْيَةَ جَابِرَةٌ لِمَا وَقَعَ مِنْ خَلَلِ الْإِحْرَامِ وَالْجَابِرُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَصْدِ كَقِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ وَإِنَّمَا يُؤَثِّرُ الْعَمْدُ فِي الْإِثْمِ وَعَلَى ح أَنَّ اللُّبْسَ يَصْدُقُ لُغَةً عَلَى اللَّحْظَةِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنَ الْعَادَةِ عُرْفٌ فِعْلِيٌّ لَا قَوْلِيٌّ فَلَا يَقْضِي عَلَى الْأَقْوَالِ بِالتَّخْصِيصِ أَوِ التَّقْيِيدِ كَمَا لَوْ حَلَفَ الْمَالِكُ أَنْ لَا يَدْخُلَ بَيْتًا فَدَخَلَ بُيُوتَ الْعَامَّةِ حَنِثَ وَإِنْ كَانَتْ عَادَتُهُ الْقُصُورَ وَالْقِلَاعَ نَعَمْ إِذَا غَلَبَ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي شَيْءٍ قُضِيَ عَلَيْهِ بِهِ لِأَنَّهُ يَنْسَخُ وَضْعَهُ الْأَوَّلَ وَيَصِيرُ مَوْضُوعًا لِلثَّانِي فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ وَفَرْقٌ بَيْنَ غَلَبَةِ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ وَبَيْنَ غَلَبَةِ مُبَاشَرَةِ بعض أَنْوَاع مُسَمَّاهُ وَلَا خلاف فِي دُخُول تَحْتَ السَّقْفِ وَالْخَيْمَةِ وَاخْتُلِفَ فِي تَظَلُّلِهِ بِالْجَمَلِ أَجَازَهُ مَالِكٌ وَالْجُمْهُورُ وَمَنَعَهُ سَحْنُونٌ وَاخْتُلِفَ فِي استظلاله إِذا نزل فِي بِثَوْبٍ عَلَى شَجَرَةٍ فَمَنَعَهُ مَالِكٌ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّرَفُّهِ وَجَوَّزَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ قِيَاسًا عَلَى الْخَيْمَةِ وَأَمَّا الرَّاكِبُ فَلَا يُخْتَلَفُ فِي مَنْعِهِ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ رَاكِبٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَ ابْنِ حَنْبَلٍ لِمَا رُوِيَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا رَأَى رجلا جعل على رجله عودا لَهُ شعبتان وَجَعَلَ عَلَيْهِ ثَوْبًا يَسْتَظِلُّ بِهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَقَالَ لَهُ اضْحَ لِلَّذِي أَحْرَمْتَ لَهُ أَيْ ابرز للشمس وَجوزهُ ش وح فِي الْمَحْمَلِ وَعَلَى الْأَرْضِ لِمَا رَوَتْ أُمُّ الْحصين فَقَالَت حَجَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَرَأَيْت أُسَامَة وبلال أَحدهمَا آخذ بزمام نَاقَته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَالْآخَرُ رَافِعٌ ثَوْبَهُ مِنَ الْحَرِّ يَسْتُرُهُ حَتَّى يَرْمِيَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَجَوَابُهُ أَنَّ هَذَا يَسِيرُ وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِي الْكَثِيرِ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ الرِّيَاشِيُّ رَأَيْتُ أَحْمَدَ بْنَ الْمُعَدَّلِ الْفَقِيهُ فِي يَوْمٍ شَدِيدِ الْحَرِّ ضَاحِيًا لِلشَّمْسِ فَقُلْتُ لَهُ يَا أَبَا الْفَضْلِ هَذَا أَمْرٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَلَوْ أَخَذْتَ بِالتَّوْسِعَةِ فَأَنْشَأَ يَقُولُ

(ضَحَّيْتُ لَهُ كَيْ أَسْتَظِلَّ بِظِلِّهِ ... إِذَا الظِّلُّ أَمْسَى فِي الْقِيَامَةِ قَالِصًا) (فَيَا أَسَفَا إِنْ كَانَ سَعْيُكَ بَاطِلًا ... وَيَا حَسْرَتَا إِنْ كَانَ حَجُّكَ نَاقِصًا) وَقَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يُعَادِلُ الْمَرْأَةَ فِي الْمَحْمَلِ لَا يَجْعَلُ عَلَيْهَا ظِلًّا وَعَسَى أَنَّهُ يَكُونُ خَفِيفًا وَرَوَى أَشْهَبُ تَسْتَظِلُّ هِيَ دُونَهُ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ لَمْ يَكْشِفِ الْمَحَارَةَ افْتَدَى وَلَا يَسْتَظِلُّ تحتهَا أَن كَانَ نازلا فَأن فعل اقْتدى وَلَا بَأْسَ أَنْ يَكُونَ فِي ظِلِّهَا خَارِجًا عَنْهَا وَلَا يَمْشِي تَحْتَهَا وَاخْتُلِفَ إِذَا فَعَلَ هَذَا وَفِي جَوَازِ الْخَاتَمِ قَوْلَانِ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِذَا شَدَّ مِنْطَقَتَهُ فَوْقَ إِزَارِهِ افْتَدَى وَأما من تَحْتِهِ فَلَا وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا كَانَتْ تَشُدُّ الْهِمْيَانَ عَلَى وَسَطِهَا لِضَرُورَةِ حِفْظِ النَّفَقَةِ وَلَا يَحْتَزِمُ بِحَبْلٍ إِذَا لَمْ يُرِدِ الْعَمَلَ فَإِنْ فَعَلَ افْتَدَى لِمَا فِيهِ مِنَ الرَّفَاهِيَةِ بِضَمِّ الْقُمَاشِ لِلْجَسَدِ وَيُكْرَهُ جَعْلُ النَّفَقَةِ فِي الْعَضُدِ أَوِ الْفَخْذِ أَوِ السَّاقِ مِنْ غَيْرِ فِدْيَةٍ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمُعْتَادِ فَإِنْ جَعَلَ نَفَقَةَ غَيْرِهِ افْتَدَى فَإِنْ شَدَّ نَفَقَتَهُ ثُمَّ أَوْدَعَ نَفَقَتَهُ فَضَمَّهَا إِلَيْهَا أَوِ الْتَجَأَ لِتَقْلِيدِ السَّيْفِ فَلَا فِدْيَةَ وَإِنَّ شَدَّ جِرَاحَهُ بِخِرْقٍ أَوْ عَصَبَ رَأْسَهُ مِنْ صُدَاعٍ أَوْ وَضَعَ عَلَى صُدْغَيْهِ لِلصُّدَاعِ افْتَدَى فَإِنْ أَلْصَقَ عَلَى الْقُرُوحِ خِرْقًا صِغَارًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ أَصْبَغُ فِي شَدِّ النَّفَقَةِ عَلَى الْعَضُدِ الْفِدْيَةُ وَيُعْفَى عَنِ السَّيْفِ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ صَالَحَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَهِلَ الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى أَنْ لَا يَدْخُلُوا إِلَّا بِجُلُبَّانِ السِّلَاحِ يَعْنِي الْقِرَابَ بِمَا فِيهِ فَإِنْ حَمَلَهُ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ قَالَ مَالِكٌ لَا فِدْيَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ كَالشَّدِّ وَقَالَ أَصْبَغُ فِيهِ الْفِدْيَةُ لِمَا فِيهِ مِنْ لُبْسِ الْمَخِيطِ وَلَوْ شَدَّ فَوْقَ مِئْزَرِهِ مِئْزَرًا قَالَ مُحَمَّدٌ يَفْتَدِي إِلَّا أَنْ يَبْسُطَهُمَا وَيَتَّزِرَ بِهِمَا وَاخْتلف قَول مَالك فِي الاسْتِغْفَار عِنْدَ الرُّكُوبِ وَالنُّزُولِ بِالْكَرَاهِيَةِ وَالْجَوَازِ وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ لَا فِدْيَةَ فِي عَصَائِبِ الْجِرَاحِ فِي غَيْرِ الرَّأْسِ لِأَنَّهُ لَا يُمْنَعُ

مِنْ تَغْطِيَةِ غَيْرِ الرَّأْسِ إِلَّا الْمَخِيطَ وَخَرَّجَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنَّا ذَلِكَ عَلَى قَوْلٍ فِي الْجُرْحِ الْيَسِيرِ وَالْفَرْقُ عَلَى الْمَشْهُورِ بَيْنَ الْمِنْطَقَةِ وَالْحَمْلِ عَلَى الرَّأْسِ لِلضَّرُورَةِ وَبَيْنَ شَدِّ الْجِرَاحِ أَن الْأَوَّلين ببضرورة فِيهَا عَامَّةٌ فَيَجُوزُ مُطْلَقًا كَالْقَصْرِ فِي السَّفَرِ وَالْمَشَقَّةِ فِي الْجِرَاحِ خَاصَّةً فَلَا تُبَاحُ مُطْلَقًا كَأَكْلِ الْمَيْتَةِ لَا تُبَاحُ إِلَّا لِلْمُضْطَرِّ وَقَدْ تقدم فِي الْإِحْرَام بعض هَذِه الْفُرُوع الْفَرْعُ الثَّانِي تَغْطِيَةُ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا غَطَّى الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا وَنَزَعَهُ مَكَانَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنِ انْتَفَعَ بِهِ افْتَدَى وَالْمُحْرِمَةُ فِي تَغْطِيَةِ وَجْهِهَا كَالرَّجُلِ وَلَهَا شَدُّ رِدَائِهَا مِنْ فَوْقِ رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا لِلسَّتْرِ وَإِلَّا فَلَا لِحَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا كَانَ الراكبان يَمُرُّونَ بِنَا وَنَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُحْرِمَاتٌ فَإِذَا حَاذَوْنَا سَدَلَتْ إِحْدَانَا مِنْ رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا فَإِذَا جَاوَزُونَا كَشَفْنَاهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَا عَلِمْتُ مَالِكًا يَأْمُرُهَا بِتَجَافِيهِ عَنْ وَجْهِهَا وَإِنْ رَفَعَتْهُ مِنْ أَسْفَلِ وَجْهِهَا افْتَدَتْ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ حَتَّى تَغْرِزَهُ بِخِلَافِ السَّدْلِ وَتَفْتَدِي فِي الرَّفْعِ وَالْقُفَّازَيْنِ قَالَ سَنَدٌ إِذَا لَطَّخَ رَأْسَهُ بِالطِّينِ افْتَدَى كَالْعِمَامَةِ وَسَوَاءٌ غَطَّى جَمِيعَ رَأْسِهِ أَوْ بَعْضَهُ خِلَافًا لِ ح فِي قَوْلِهِ لَا يُوجِبُ الْفِدْيَةَ إِلَّا عُضْوٌ كَامِلٌ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ يَحْصُلُ فِي الْبَعْضِ فَتَجِبُ الْفِدْيَةُ وَلَوْ نَقَضَ رَأَسَهُ بِمِنْدِيلٍ أَوْ مَسَّهُ بِيَدِهِ مِنَ الْحَرِّ أَوْ وَضَعَ عَلَى رَأْسِهِ أَوْ سَتَرَ وَجْهَهُ بِيَدِهِ مِنَ الشَّمْسِ أَوْ وَارَى بَعْضَ وَجْهِهِ بِثَوْبِهِ قَالَ مَالِكٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَدُومُ وَكَرِهَ مَالِكٌ كَبَّ الْوَجْهِ عَلَى الْوِسَادَةِ بِخِلَافِ الْخَدِّ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا جَرَّ الْمُحْرِمُ لِحَافَهُ عَلَى وَجْهِهِ وَهُوَ نَائِمٌ فَانْتَبَهَ فَنَزَعَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ طَالَ بِخِلَافِ الْمُسْتَيْقِظِ لِأَنَّ الرَّفَاهِيَةَ مَشْرُوطَةٌ بِالْإِدْرَاكِ عَادَةً

وَهُوَ غير مدرك فَإِن غطى رَأْسَهُ أَوْ وَجْهَهُ أَوْ طَيَّبَهُ أَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ فَانْتَبَهَ فَلْيَنْزِعْ ذَلِكَ وَالْفِدْيَةُ عَلَى الْفَاعِلِ دون النَّائِم لجنايته على الْإِحْرَام فليزم مُوجِبُ الْجِنَايَةِ وَلَوْ قَتَلَ صَيْدًا فَكَالنُّقْصَانِ لِتَحَقُّقِ الْجِنَايَةِ مِنْهُ بِخِلَافِ التَّرَفُّهِ قَالَ سَنَدٌ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْوَاطِئِ فِي رَمَضَانَ كَرْهًا لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا وَلَا عَلَيْهِ عَنْهَا لَا فديَة هَا هُنَا وَإِذا قُلْنَا بالفدية فيرعى بَقَاء ذَلِك مدى تَحْصِيلِ الِانْتِفَاعِ فِيهَا فَلَوْ طَيَّبَ مُحْرِمٌ مُحْرِمًا فَفِدْيَةٌ عِنْدَ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَفِدْيَتَانِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَيْسَ لِتَرَفُّهِ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ وَلَوْ سَقَطَ عَلَيْهِ طِيبٌ أَوْ تَدَحْرَجَ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ فَنَزَعَهُ فَإِنِ اسْتَدَامَ افْتَدَى وَلَوْ تَقَلَّبَ فِي نَوْرَةٍ أَوْ وَقَعَتْ عَلَى رَأْسِهِ فَحَلَقَتْهُ افْتَدَى لِبَقَاءِ ذَلِكَ بَعْدَ الْيَقَظَةِ وَفِي الْكِتَابِ لِلرَّجُلِ أَنْ يَحْمِلَ عَلَى رَأْسِهِ مَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ كالخرج والجراب فَإِنَّهُ حَمَلَهُ لِغَيْرِهِ بِأَجْرٍ أَوْ بِغَيْرِ أَجْرٍ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ لِدَفْعِ الْحَرِّ عَنْهُ وَالْبَرْدِ بِذَلِكَ وَخُرُوجِهِ عَن مَوضِع الرُّخْصَة وَقَالَهُ ح ش وَلَا يحمل على رَأسه تِجَارَة لَهُ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ وَإِذَا جَعَلَ فِي أُذُنَيْهِ قُطْنًا لِأَمْرٍ وَجَدَهُ فِيهِمَا افْتَدَى لِأَنَّهُمَا مِنَ الرَّأْسِ فَلَا يُغَطَّيَانِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا غَطَّى الْمُحْرِمُ وَجْهَهُ فَلَا فِدْيَةَ وَرُوِيَ عَنْهُ الْفِدْيَةُ بِنَاءً عَلَى كَرَاهَةِ التَّغْطِيَةِ وَتَحْرِيمِهَا النَّوْعُ الثَّالِثُ لُبْسُ الْخُفَّيْنِ والشمشكين مَعَ الْقُدْرَة على النَّعْلَيْنِ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ فَرُوعُهَا فِي الْإِحْرَامِ النَّوْعُ الرَّابِعُ حلق الشّعْر وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} الْبَقَرَة 196 تَقْدِيرُهُ فَحَلَقَ فَفِدْيَةٌ وَالْمَرَضُ الْقُرُوحُ وَالْأَذَى الْقُمَّلُ وَأَلْحَقَ الْفُقَهَاءُ بِالرَّأْسِ الشَّارِبَ وَالْإِبِطَ وَالْعَانَةَ وَإِزَالَةَ سَائِرِ الشَّعَثِ وَخَصَّصَهُ أَهْلُ الظَّاهِرِ بِالرَّأْسِ لَنَا أَنَّ إِمَاطَةَ الْأَذَى فِي الْعَانَةِ وَالْإِبِطِ أَكْثَرُ فَيَكُونُ مِثْلَ قَوْلِهِ تَعَالَى {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} الْإِسْرَاء 23 مِنْ بَابِ التَّنْبِيهِ بِالْأَدْنَى عَلَى الأعلا والفدية عندنَا

مُتَعَلقَة بِإِزَالَة الْأَذَى فِيهِ فَمَا لَا إِطْعَامَ وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ تَجِبُ الْفِدْيَةُ كَامِلَةً بِثَلَاثِ شَعَرَاتٍ لِأَنَّ تَقْدِيرَ الْآيَةِ لَا تحلقوا شعر رؤوسكم حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ وَالشَّعْرُ جَمْعٌ وَأَقَلُّهُ ثَلَاثَةٌ وَقَالَ ح يَجِبُ فِي رُبْعِ الرَّأْسِ عَلَى أَصْلِهِ فِي الْوُضُوءِ وَجَوَابُهُمْ أَنَّ اسْمَ الْجِنْس إِذا أضيف عَم كَقَوْلِه مَا لي صَدَقَةٌ فَتَكُونُ الْفِدْيَةُ مُرَتَّبَةً عَلَى حَقِّ الْجَمِيعِ أَوْ مَا هُوَ فِي مَعْنَاهُ فِي تَحْصِيلِ الرَّفَاهِيَةِ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ تَفْرِيعٌ فِي الْكِتَابِ إِنْ حَلَقَ الْمُحْرِمُ رَأْسَ حَلَالٍ افْتَدَى قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَلْ يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ مِنْ طَعَامٍ فَإِنْ حَلَقَ مَوْضِعَ الْمَحَاجِمِ فَإِنْ تَيَقَّنَ عَدَمَ قَتْلِ الدَّوَابِّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَمَنَعَ ح حَلْقَ الْحَرَامِ شَعَرَ الْحَلَالِ وَلَوْ أَمِنَ قَتْلَ الدَّوَابِّ بِأَنْ يَحْلِقَ سَاقَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَحْلِقُوا رؤسكم} الْبَقَرَة 196 وَمَعْنَاهُ لَا يحلق بَعْضكُم رُؤُوس بَعْضٍ وَجَوَّزَهُ ش مُطْلَقًا قِيَاسًا عَلَى شَعْرِ الْبَهِيمَةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْآيَةَ خِطَابٌ للمحرمين فَلَا تتَنَاوَل مَحل النزاع وَعَن الثَّانِيَة الْفَرْقُ بِأَنَّ الْحَلْقَ فِي صُورَةِ النِّزَاعِ يُؤَدِّي إِلَى مَحْظُور وَهُوَ قتل الدَّوَابّ فَيكون وَهُوَ مَحْظُورًا قَالَ سَنَدٌ إِذَا حَلَقَ شَعْرَ حَلَالٍ أَوْ قَصَّهُ أَوْ نَتَفَ إِبِطَهُ وَلَمْ يَقْتُلْ دَوَابَّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عَلَى الْمَعْرُوفِ مِنَ الْمَذْهَبِ فَإِنْ قَتَلَ دَوَابَّ يَسِيرَةً أَطْعَمَ شَيْئًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ كُسْوَةٍ أَوْ شَكَّ افْتَدَى عِنْدَ مَالِكٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُطْعِمُ وَاخْتُلِفَ فِي تَعْلِيل الْفِدْيَة فَقَالَ بعض البغدادين هِيَ عَلَى الْحِلَاقِ وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ لِلدَّوَابِّ قَالَ وَهُوَ الْأَظْهر لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لكعب بن عجْرَة أتوذيك هَوَامُّ رَأْسِكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ احْلِقْ وَانُسُكْ بِشَاةٍ أَوْ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَطْعِمْ ... الْحَدِيثَ وَرَاعَى ابْنُ الْقَاسِمِ مَا يُقَابِلُ الْهَوَامَّ وَهُوَ غَيْرُ مُتَقَوَّمٍ فَيَجِبُ شَيْءٌ مِنْ طَعَامٍ قَالَ مَالِكٌ وَلَا يَحْلِقُ شَارِبَ حَلَالٍ وَلَا حَرَامٍ بِخِلَافِ الدَّابَّةِ إِذَا أَمِنَ الْفَوَادَ لِمَا فِيهِ مِنَ الرَّفَاهِيَةِ وَفِي الْكِتَابِ يَجُوزُ لَهُ حلق مَوضِع

محاجم محرم أخر ويحجمه إِذا أَمن قَتْلِ الدَّوَابِّ وَالْفِدْيَةُ عَلَى الْمَفْعُولِ بِهِ إِنْ دعت لذَلِك ضَرُورَة وَإِلَّا فَلَا وأصل أخر الْحجامَة مَا فِي الصِّحَاح أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - احْتجم بطرق مَكَّةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ وَسَطَ رَأْسِهِ وَأَجَازَهُ الْأَئِمَّةُ فِي غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَمَنَعَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ إِلَّا لِضَرُورَةٍ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ الله عَنْهُمَا كَانَ يَقُول لَا يحجم الْمُحْرِمُ إِلَّا أَنْ يُضْطَرَ إِلَيْهِ وَلِأَنَّ فِيهِ شدّ المحاجم وَهُوَ مَمْنُوع مِنْهُ قَالَ سَنَدٌ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ فِي الْحِجَامَةِ مَا لَمْ يُحْلَقْ لَهَا شَعْرٌ لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مَنِ احْتَجَمَ لِضَرُورَةٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهَا لَوْ وَجَبَتِ الْفِدْيَةُ مِنْ ضَرُورَةٍ لَوَجَبَتْ مَعَ عَدَمِ الضَّرُورَةِ كَالْعَصَائِبِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْعَصَائِبِ وَالْجَبَائِرِ أَنَّهَا لَا تَدُومُ بِخِلَافِ الْجَبَائِرِ وَلَا تُكْرَهُ الْفِصَادَةُ بِشَدِّ الْعِصَابَةِ وَتَجِبُ بِهَا الْفِدْيَة قَالَ مَالك وَله أَن يبطء جرحه وَيحك رَأسه حك رَفِيقًا وَإِذَا دَعَاهُ مُحْرِمٌ لِحَلْقِ رَأْسِهِ أَوْ مَوضِع المحاجم من غير ضَرُورَة فَلَا يجِيبه لِأَنَّهُ إِعَانَةٌ عَلَى مُنْكَرٍ فَإِنْ فَعَلَ وَكَانَ مُحْرِمًا وَأَمِنَ قَتْلَ الدَّوَابِّ فَفِي الْكِتَابِ الْفِدْيَةُ عَلَى الْمَفْعُولِ بِهِ وَقَالَهُ ش وَقَالَ ح عَلَى الْحَالِقِ صَدَقَةٌ كَشَعْرِ الصَّيْدِ وَالْحُكْمُ فِي الْأَصْلِ مَمْنُوعٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا إِذَا أَمَرَهُ بِقَتْلِ صَيْدٍ فَإِنَّ الْجَزَاءَ عَلَى الْقَاتِلِ دُونَ الْآمِرِ أَنَّ الشَّعْرَ تَحْتَ يَدِ صَاحِبِهِ فَهُوَ كَالْمُسْتَعِيرِ وَالْمُودَعِ إِذَا تَلِفَ فِي يَده بِأَمْر ضمنه وَفِي الصَّيْدِ لَيْسَ تَحْتَ يَدِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَتَغْلِبُ الْمُبَاشَرَةُ عَلَى التَّسَبُّبِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا خَلَّلَ لِحْيَتَهُ فِي وُضُوئِهِ أَوْ غُسْلِهِ فَسَقَطَ بَعْضُ شَعْرِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَتَكْمُلُ الْفِدْيَةُ بِحَلْقِ مَا يَتَرَفَّهُ بِهِ وَيَزُولُ مَعَهُ الْأَذَى وَإِلَّا أطْعم

شَيْء مِنْ طَعَامٍ وَإِنْ نَتَفَ مَا يُخَفِّفُ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ أَذًى وَإِنْ قَلَّ افْتَدَى قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا يُحِدُّ مَالِكٌ فِيمَا دُونَ الإماطة أقل من حفْنَة بيدا وَاحِدَةٍ وَكَذَلِكَ فِي قَمْلَةٍ أَوْ قَمَلَاتٍ وَالنِّسْيَانُ لَا يَكُونُ عُذْرًا فِي الْحَلْقِ وَإِنْ أَكْرَهَ حَلَالٌ حَرَامًا فَالْفِدْيَةُ عَلَى الْحَلَالِ وَإِنْ حَلَقَ مُحْرِمٌ رَأْسَ حَلَالٍ قَالَ مَالِكٌ يَفْتَدِي وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُجْزِئُهُ شَيْءٌ مِنَ الطَّعَامِ لِمَكَانِ الدَّوَابِّ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ نَتَفَ شَعْرَةً أَوْ شَعَرَاتٍ يَسِيرَةً أَطْعَمَ شَيْئًا مِنْ طَعَامٍ وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا فَإِنْ نَتَفَ مَا أَمَاطَ بِهِ أَذًى افْتَدَى وَلَا شَيْءَ فِيمَا أَزَالَهُ الشَّرَجُ أَوِ الْإِكَافُ مِنْ سَاقِهِ لِعُمُومِ الْبَلْوَى النَّوْعُ الْخَامِسُ الطِّيبُ وَفِي الْكِتَابِ يُكْرَهُ لَهُ شَمُّ الطِّيبِ وَالتِّجَارَةُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَمَسَّهُ وَالْمُرُورُ فِي الْعَطَّارِينَ وَمَوَاضِعِ الرَّيَاحِينِ مِنْ غير فديَة وَقَالَهُ ش وح لِقُصُورِهِ عَلَى مَحَلِّ الْإِجْمَاعِ الَّذِي هُوَ مَسُّ الطِّيبِ وَمَنْ مَسَّ الطِّيبَ بِيَدِهِ افْتَدَى لَصِقَ بِهِ أَمْ لَا لِحَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ الْمُتَقَدِّمِ وَلَا شَيْءَ فِيمَا لَصِقَ بِهِ مِنْ خَلُوقِ الْكَعْبَةِ لِعُمُومِ إِصَابَةِ النَّاسِ وَلَا تُخَلَّقُ الْكَعْبَةُ أَيَّامَ الْحَجِّ وَيُقَامُ الْعَطَّارُونَ مِنْ بَيْنِ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَيَّامَ الْحَجِّ وَيُكْرَهُ الْغُسْلُ بِالْأُشْنَانِ الْمُطَيَّبِ بِالرَّيْحَانِ مِنْ غَيْرِ فِدْيَةٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُطَيَّبًا بِالطِّيبِ فَيَفْتَدِي قَالَ سَنَدٌ الطِّيبُ مُؤَنَّثٌ كَالْمِسْكِ وَالْوَرْسِ فَفِيهِ الْفِدْيَةُ عِنْدَ الْجَمِيعِ وَمُذَكَّرٌ يَنْقَسِمُ إِلَى مَا يُوضَعُ فِي الدُّهْنِ كَالْوَرْدِ وَإِلَى مَا لَا يوضع كالريحان والمردوش وَالْكل يخْتَلف فِيهِ فَعِنْدَ مَالك وح لَا فِدْيَةَ وَعِنْدَ ش الْفِدْيَةُ لِأَنَّ جَابِرًا سُئِلَ أَيَشُمُّ الْمُحْرِمُ الرَّيْحَانَ فَقَالَ لَا لَنَا أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سُئِلَ عَنِ الْمُحْرِمِ أَيَدْخُلُ الْبُسْتَانَ قَالَ نَعَمْ وَيَشُمُّ الرَّيْحَانَ وَالْقِيَاسُ عَلَى الْعُصْفُرِ وَالتُّفَّاحِ وَالْفَوَاكِهِ وَأَمَّا الْحَشَائِشُ كَالزَّنْجَبِيلِ وَالشِّيحِ وَالْإِذْخِرِ وَنَحْوِهِ فَلَا فِدْيَةَ عِنْدَ الْجَمِيعِ وَهُوَ كَالتُّفَّاحِ وَالْأُتْرُجِّ وَلَا فَرْقَ فِي الْفِدْيَةِ بَيْنَ عُضْوٍ أَوْ دُونَهُ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح لَا بُدَّ مِنْ عُضْوٍ كَامِلٍ كَالرَّأْسِ وَالْفَخِذِ وَالشَّارِبِ لِأَنَّهُ الْمَعْدُود تطبيا عَادَةً وَهُوَ مَمْنُوعٌ وَفِي الْكِتَابِ يُكْرَهُ

لِلْمُحْرِمِ وَالْحَلَالِ شُرْبُ مَا فِيهِ كَافُورٌ لِلتَّرَفِ فَإِنْ شَرِبَ الْمُحْرِمُ دَوَاءً فِيهِ طِيبٌ وَأَكَلَ طَعَامًا فِيهِ طِيبٌ افْتَدَى وَإِنْ كَانَ طَعَامًا مَسَّتْهُ النَّارُ قَالَ سَنَدٌ أَمَّا السَّرَفُ فِي الْكَافُورِ فِي الْمَاءِ فَمَحْمُولٌ عَلَى كَوْنِهِ عَلَى الثَّمَنِ وَإِلَّا فَتَطْيِيبُ الْمَاءِ مِنْ أَغْرَاضِ الْعُقَلَاءِ وَقد كَانَ المَاء يستعذب لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِنْ بُيُوتِ السُّقْيَا وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ يَوْمَانِ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الطَّبْخَ يُبْطِلُ حُكْمَ الطِّيبِ وَإِن بقيت رائيحته وَقَالَهُ ح وَاشْترط ابْن حبيب وش ذَهَابَ الرِّيحِ وَعَدَمَ عُلُوقِهِ بِالْيَدِ وَالْفَمِ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي التَّعْلِيلِ فَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ لِأَنَّ النَّارَ غَيَّرَتْ فِعْلَ الطِّيبِ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بِالطَّبْخِ خرج من كَوْنِهِ طِيبًا وَلَحِقَ بِالطَّعَامِ فَعَلَى قَوْلِ الْأَبْهَرِيِّ يُؤَثِّرُ الطَّبْخُ بِانْفِرَادِهِ وَعَلَى قَوْلِ الْقَاضِي لَا بُد من عَلَيْهِ الِامْتِزَاج وَأَمَّا إِذَا خُلِطَ بِطَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ فَإِنِ اسْتُهْلِكَ فَلَا أَثَرَ لَهُ عِنْدَ الْجَمِيعِ وَإِنْ لَمْ يُسْتَهْلَكْ فَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ لَا شَيْء عَلَيْهِ وَقَالَ ح وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا حَمَلَ قَرُورَةَ مِسْكٍ مَشْدُودَةَ الرَّأْسِ فَلَا فِدْيَةَ وَيُوجِبُ الطِّيبُ الْفِدْيَةَ عَمْدًا وَسَهْوًا وَجَهْلًا وَاضْطِرَارًا وَمَنْ طَيَّبَ نَائِمًا فليزله إِذا انتبه فَإِن خرج افْتَدَى وَعَلَى فَاعِلِهِ بِهِ الْفِدْيَةُ بِالنُّسُكِ أَوِ الطَّعَامِ دُونَ الصِّيَامِ لِتَعَذُّرِ النِّيَابَةِ فِيهِ فَإِنْ كَانَ مُعْدِمًا افْتَدَى الْمُحْرِمُ وَرَجَعَ عَلَى الْفَاعِلِ إِذا أيسر بِالْأَقَلِّ مِنْ ثَمَنِ الطَّعَامِ أَوْ ثَمَنِ النُّسُكِ وَإِنْ صَامَ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ النَّوْعُ السَّادِسُ قَصُّ الْأَظْفَارِ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ قَلَّمَ ظُفُرُهُ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا أَوْ قَلَّمَ لَهُ بِأَمْرِهِ افْتَدَى فَإِنْ فُعِلَ بِهِ مُكْرَهًا أَوْ نَائِمًا فَالْفِدْيَةُ عَلَى الْفَاعِلِ مِنْ حَلَالٍ أَوْ مِنْ حَرَامٍ وَإِنْ قَلَّمَ ظُفُرًا وَاحِدًا لِإِمَاطَةِ الْأَذَى افْتَدَى وَإِنْ لَمْ يُمِطْ عَنْهُ بِهِ أَذًى أَطْعَمَ شَيْئًا مِنْ طَعَامٍ وَإِنِ انْكَسَرَ ظُفْرُهُ فَقَلَّمَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِغَلَبَةِ ذَلِكَ فِي الْأَسْفَارِ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ مَرْيَمَ قَالَ انْكَسَرَ ظُفُرِي وَأَنَا

محرم فَتعلق آذَانِي فَذَهَبْتُ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ اقْطَعْهُ {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} الْبَقَرَة 185 وَإِذَا تَوَقَّفَتْ مُدَوَاتُهُ عَلَى قصّ أَظْفَاره قصها وَافْتَدَى كَإِزَالَةِ الشَّعْرِ لِلْأَذَى وَإِذَا قَلَّمَ أَظْفَارَ حَلَالٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ سَنَدٌ إِنْ قَلَّمَ أَظْفَارَهُ غَيْرُهُ وَهُوَ سَاكِتٌ مِنْ غَيْرِ أَمْرٍ وَلَا إِكْرَاهٍ أَوْ حَلَقَ شَعْرَهُ فَالْفِدْيَةُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ رَاضٍ وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ الْفِدْيَةُ عَلَى الْفَاعِلِ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَلْقَى عَلَيْهِ حَجَرًا وَهُوَ سَاكِتٌ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأَوَّلَ رَاضٍ بِشَهَادَةِ الْعُرْفِ بِخِلَافِ الثَّانِي وَالَّذِي انْكَسَرَ ظُفُرُهُ إِنْ قَصَّهُ جَمِيعَهُ ضَمِنَهُ كَمَنْ أَزَالَ بَعْضَ ظُفُرِهِ افْتَدَى وَأوجب ح فِي اظفر الْهَدْيَ وَمَنَعَ التَّخَيُّرَ وَلَا خِلَافَ فِي تَكْمِيلِ الْكَفَّارَةِ فِي جَمِيعِ الْأَظْفَارِ أَوْ فِي أَصَابِعِ عُضْوٍ وَقَالَ مَالِكٌ فِي ظُفُرَيْنِ الْفِدْيَةُ وَأَوْجَبَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الظُّفُرِ الْوَاحِدِ الْفِدْيَةَ قَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الظُّفُرِ الْوَاحِدِ إِلَّا أَنْ يُمِيطَ بِهِ أَذًى وَقَالَ أَشْهَبُ يُطْعِمُ شَيْئًا وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ يُطْعِمُ مِسْكِينًا وَقَالَ ح لَا يَجِبُ كَمَالُ الْفِدْيَةِ إِلَّا فِي خَمْسَةِ أَظْفَارٍ مِنْ يَدٍ وَاحِدَةٍ وَأَوْجَبَهَا ش فِي ثَلَاثَةٍ فَمَا دُونَ ذَلِكَ يُطْعِمُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مُدًّا لَنَا أَنَّهُ أَمَاطَ الْأَذَى فَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِحَلْقِ بَعْضِ الرَّأْسِ قَالَ وَيَنْبَغِي إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنْسِكَ أَنْ يُجْزِئَهُ لِأَنَّهُ كَمَالُ الْفِدْيَةِ أَوْ صَامَ يَوْمًا أَنْ يُجْزِئَهُ وَإِنْ أَطْعَمَ مِسْكِينًا فَيَنْبَغِي أَنْ يُطْعِمَهُ مُدَّيْنِ لِأَنَّهُ الْإِطْعَامُ فِي بَابِ الْفِدْيَةِ وَإِذَا وَجَبَ الْإِطْعَامُ لِظُفُرٍ فَأَطْعَمَ ثُمَّ قَلَّمَ آخَرَ أَطْعَمَ أَيْضًا وَلَا يُكْمِلُ الْكَفَّارَةَ بِخِلَافِ قَصِّهَا فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ الْأُولَى قَدِ اسْتَقَرَّتْ قَبْلَ الثَّانِيَةِ النَّوْعُ السَّابِعُ قَتْلُ الْقُمَّلِ وَفِي الْكِتَابِ فِي الْقَمْلَةِ وَالْقَمْلَتَيْنِ حَفْنَةٌ مِنْ طَعَامٍ وَفِي الْكَثِيرِ الْفِدْيَةُ النَّوْعُ الثَّامِنُ قتل الصَّيْد ولتحريمه سببان وَالْإِحْرَام وَالْحَرَمُ السَّبَبُ الْأَوَّلُ الْإِحْرَامُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ

كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} الْمَائِدَة 95 وَالْحُرُمُ جَمْعُ مُحْرِمٍ وَالْمُحْرِمُ مَنْ دَخَلَ فِي الْحَرَمِ وَفِي الْحُرُمَاتِ كَقَوْلِنَا أَصْبَحَ وَأَمْسَى وَأَنْجَدَ وَأَتْهَمَ إِذَا دَخَلَ فِي الصَّبَاحِ أَوِ الْمسَاء أَو نجد أَو تهَامَة فتناولت الْآيَةُ السَّبَبَيْنِ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ (قَتَلُوا ابْنَ عَفَّانَ الْخَلِيفَةَ مُحْرِمًا ... فَدَعَا فَلَمْ أَرَى مِثْلَهُ مَظْلُومًا) أَيْ فِي حَرَمِ الْمَدِينَةِ وَفِي الشَّهْرِ الْحَرَام وَهُوَ ذُو الْحجَّة وَيَتَرَتَّب الْحُكْمِ عَلَى الْوَصْفِ يَدُلُّ عَلَى غَلَبَةِ ذَلِكَ الْوَصْفِ لِذَلِكَ الْحُكْمِ فَيَكُونُ الْإِحْرَامُ وَالْحَرُمُ سَبَبَيْنِ ويتمهد ويتبين الْفِقْه بَيَان حَقِيقَةِ الصَّيْدِ الْمَعْصُومِ وَالْأَفْعَالِ الْمُوجِبَةِ لِلضَّمَانِ وَجَوَازِ الْأَكْلِ مَنْ لَحْمِهِ وَالْجَزَاءِ الْمُرَتَّبِ عَلَى الضَّمَانِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ فُصُولٍ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي حَقِيقَةِ الصَّيْد الْمَعْصُوم وَفِي الْجَوَاهِر الصَّيْد إِمَّا يحري فَيُبَاحُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} الْمَائِدَة 99 وَسَيَأْتِي فِيهِ تَفْصِيلٌ وَإِمَّا بَرِّيٌّ فَيحرم إِتْلَافه جَمِيعه أما أكل لَحْمه وَمَا لم يُوكل كَانَ مُتَأَنِّسًا أَوْ مُتَوَحِّشًا مَمْلُوكًا أَوْ مُبَاحًا وَيَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لِأَجْزَائِهِ وَبَيْضِهِ وَيَلْزَمُ الْجَزَاءُ بِقَتْلِهِ وَبِتَعْرِيضِهِ لِلتَّلَفِ إِلَّا أَنْ تُعْلَمَ سَلَامَتُهُ إِلَّا مَا فِي قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الصِّحَاحِ خَمْسَةٌ مِنَ الدَّوَابِّ كُلُّهُنَّ فَوَاسِقُ يقتلن فِي الْحل وَالْحرَام الْحِدَأَةُ وَالْغُرَابُ وَالْعَقْرَبُ وَالْفَأْرَةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ فَائِدَةٌ الْفِسْقُ فِي اللُّغَةِ الْخُرُوجُ وَمِنْهُ فَسَقَتِ النَّوَاةُ عَنِ الثَّمَرَةِ أَيْ خَرَجَتْ عَنْهَا وَسُمِّيَ الْعَاصِي فَاسِقًا لِخُرُوجِهِ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَهَذِهِ الْخَمْسُ سُمِّينَ فَوَاسَقَ لِخُرُوجِهِنَّ عَنِ الْحَيَوَانَاتِ فِي الْأَذَى قَالَ وَالْمَشْهُورُ قَتْلُ الْحِدَأَةِ وَالْغُرَابِ وَإِنْ لَمْ يُبْدِيَا الْأَذَى وَرُوِيَ الْمَنْعُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ آذَتْ قُتِلَتْ وَإِلَّا فَلَا تُقْتَلُ وَإِنْ

قُتِلَتْ فَلَا شَيْءَ فِيهَا وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ قَتلهَا مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ وَدَاهَمَا وَالْمَشْهُورُ حَمْلُ الْكَلْبِ عَلَى الْمُتَوَحِّشِ فَيَنْدَرِجُ فِيهِ الْأَسَدُ وَنَحْوُهُ وَقِيلَ الْإِنْسِيُّ الْمُتَّخَذُ وَفِي الطَّرَّازِ الْحَيَوَانُ الْمُتَوَحِّشُ فِي حق الْمحرم ثَلَاث أَقْسَامٍ مُبَاحُ الْقَتْلِ وَهُوَ مَا كَانَ ضَرَرًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَالْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ وَالْكَلْبِ الْعَقُورِ وَنَحْوهَا ومحرم الْقَتْل وَهُوَ مَا ْيَبْلُغْ الضَّرَرَ كَصِغَارِ أَوْلَادِ السَّبُعِ وَقَالَ ش كل مَا لَا يَأْكُل لَحْمه يجوز للْمحرمِ قَتله إِلَّا مَا لم يبلغ الضَّرَر كصغار أَوْلَاد السبَاع وَقَالَ ش كل مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ قَتْلُهُ إِلَّا مَا تولد من نَوْعَيْنِ نَحْو السَّبع والبزاة الْمُتَوَلد بَيْنَ الْمَعْزِ الْوَحْشِيَّةِ وَالْأَهْلِيَّةِ وَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ فِيمَا يَجُوزُ لَهُ قَتْلُهُ وَقَالَ ح كُلُّ مَا عَدَا الْخَمْسِ الَّتِي فِي الْحَدِيثِ فِيهِ الْجَزَاء إِلَّا الذِّئْب فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سُئِلَ عَمَّا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ فَقَالَ خَمْسٌ فَاقْتَصَرَ عَلَيْهَا لنا على الْفَرِيقَيْنِ تنبيهه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بقوله وَالْكَلب الْعَقُور نبه بالعقر عَلَى صِفَةِ الْأَذَى الْمَوْجُودِ فِي السِّبَاعِ بَلْ هُوَ فِيهَا أَشَدُّ وَفِي أَبِي دَاوُدَ الْكَلْبُ الْعَقُور والسبع العادي وَقد دَعَا إِلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على عتيبة ابْن أَبِي لَهَبٍ اللَّهُمَّ سَلِّطْ عَلَيْهِ كَلْبًا مِنْ كِلَابِكَ فَافْتَرَسَهُ الْأَسَدُ وَلِأَنَّ الْكَلْبَ الْمَعْرُوفَ لَا تعلق لَهُ بِالْإِحْرَامِ منعا موا إِبَاحَةً وَلَوْ قَتَلَهُ الْمُحْرِمُ وَلَيْسَ بِعَقُورٍ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ قَتَلَ حِمَارَهُ فَدَلَّ ذَلِك على أَن المُرَاد التنبه عَلَى صِفَةِ الْعَقْرِ الْمَوْجُودَةِ فِي غَيْرِهِ وَلِأَنَّ ذكر هَذِه خَمْسَة كذكره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْأَنْوَاعَ السِّتَّةَ فِي حَدِيثِ الرِّبَا وَالْعُيُوبَ الْأَرْبَعَةَ فِي الضَّحَايَا فَيَطَّرِدُ الْحُكْمُ فِي مَعَانِيهَا وَيَنْعَكِسُ بِدُونِهَا كَمَا فِي ذَيْنك المواطنين تَفْرِيعَاتٌ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ لَيْسَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي قَتْلِ سِبَاعِ الْوَحْشِ

الَّتِي تَعْدُو وَتَفْتَرِسُ وَإِنْ لَمْ تَبْتَدِئْ شَيْءٌ وَلَا يَقْتُلُ صِغَارَ أَوْلَادِهَا الَّتِي لَا تَعْدُو قَالَه ح خِلَافًا لِ ش وَيُكْرَهُ لَهُ قَتْلُ الْهِرِّ الْوَحْشِيِّ وَالثَّعْلَبِ وَالضُّبُعِ فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَهَا إِلَّا أَن يفتدياه وَيُكْرَهُ قَتْلُ سِبَاعِ الطَّيْرِ وَغَيْرِ سِبَاعِهَا وَعَلَيْهِ الْجَزَاء إِلَّا أَن تعدوا وَيَجُوزُ صَيْدُ الْبَحْرِ وَالْأَنْهَارِ وَالْبِرَكِ وَعَلَيْهِ فِي طَيْرِ الْمَاءِ الْجَزَاءُ وَفِي الطَّرَّازِ قَالَ أَشْهَبُ عَلَيْهِ فِي صِغَارِ الْأُسُودِ وَنَحْوِهَا الْجَزَاءُ وَلِمَالِكٍ فِي قَتْلِ الذِّئْبِ رِوَايَتَانِ لِأَنَّهُ أَضَرُّ مِنَ الثَّعْلَبِ وَقَتْلُهُ حَسَنٌ وَهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ وَعَنْهُ فِي الْقِرْدِ وَالْخِنْزِيرِ رِوَايَتَانِ وَتَرَدَّدَ ابْنُ الْمَوَّازِ فِي خِنْزِيرِ الْمَاءِ قَالَ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ وَعِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ فِي الدُّبِّ الْجَزَاء وَمنع مَالك قتل الْمحرم الوزغ من إِبَاحَةِ قَتْلِهَا فِي الْحَرَمِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْإِحْرَامَ سَرِيعُ الزَّوَالِ وَلَوْ لَمْ تُقْتَلْ فِي الْحَرَمِ لَكَثُرَتْ فَإِنْ قَتَلَهَا تَصَدَّقَ بِمِثْلِ مَا تَصَدَّقَ فِي شَحْمَةِ الْأَرْضِ وَاتَّفَقَ مَالِكٌ وَالْأَصْحَابُ وَالْأَئِمَّةُ عَلَى قَتْلِ الْفَأْرِ وَيُلْحَقُ بِهِ ابْنُ عِرْسٍ وَمَا يَقْرِضُ الْأَثْوَابَ مِنَ الدَّوَابِّ وَيُلْحَقُ بِالْعَقْرَبِ الزُّنْبُورُ وَالرُّتَيْلَاءُ وَيُقْتُلُ صِغَارُ الْفَأْرَةِ وَالْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ وَإِن لم يوذين بِخِلَاف الأشبال وَالْفرق من جهين أَنَّهُنَّ يُؤْذِينَ بِخِلَافِ الْأَشْبَالِ وَتَصْدُقُ اسْمُ كِبَارِهَا عَلَيْهَا بِخِلَافِ الْكَلْبِ الْعَقُورِ وَالسَّبُعِ الضَّارِي الْوَارِدِ فِي لَفْظِ الْحَدِيثِ وَكَذَلِكَ صِغَارُ الْغِرْبَانِ لَا تُقْتَلُ فَإِنْ فَعَلَ وَدَاهَا عِنْدَ أَصْبَغَ وَأَوْجَبَ اصبغ الْجَزَاء فِي الضبع والثلعب وَالْهِرِّ وَإِنْ عَدَتْ وَقَالَهُ أَشْهَبُ فِي سِبَاعِ الطَّيْرِ وَالْجُمْهُورُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الصِّيَالَ يُسْقِطُ حُرْمَةَ الْإِنْسَانِ فَأَوْلَى غَيْرَهُ مِنَ الْحَيَوَان وَأما الصَّيْد فَمَا اخْتُلِفَ فِي احْتِيَاجِهِ إِلَى الذَّكَاةِ يُخْتَلَفُ فِي دِيَته الرومية الثَّانِي فِي الْكِتَابِ كَرِهَ مَالِكٌ ذَبْحَ الْمُحْرِمِ الْحمام الوحشي وَغير الوحشي وَالْحمام الرَّمْي الَّتِي لَا تَطِيرُ لِأَنَّ أَصْلَهَا يَطِيرُ وَيُصَادُ وَأَجَازَ ذَبْحَ الْإِوَزِّ وَالدَّجَاجِ لِأَنَّهَا لَا تَطِيرُ حَتَّى تُصَادَ قَالَ سَنَدٌ قَالَ مَالِكٌ لَيْسَ فِي الْحمام

الْمُتَّخَذِ فِي الْبُيُوتِ جَزَاءٌ كَالدَّجَاجِ وَقَالَ أَصْبَغُ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ كَالصَّيْدِ إِذَا تَأَنَّسَ وَأَمَّا حَمَامُ الْأَبْرِجَةِ فَحُكْمُهَا حُكْمُ الصَّيْدِ قَالَ وَلَا يَذْبَحُ فِرَاخَهَا مُحْرِمٌ وَلَا يَأْكُلُ مَا ذُبِحَ لَهُ وكل مَا صيد واستأنس مِنَ الْإِوَزِّ وَالْحَجَلِ وَالْقِطِّ وَنَحْوِهِ فَلَا يَحِلُّ لِمُحْرِمٍ ذَبْحُهُ وَمَا يَتَنَاسَلُ فِي الْبُيُوتِ وَلَيْسَ لَهُ نَهْضَةُ الطَّيَرَانِ مِنَ الْبَطِّ وَالْإِوَزِّ وَنَحْوِهِ فَلهُ ذبحه كالدجاج وَمَا نَهَضَ للطيران لم يذبح كَالْحَمَامِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ قَالَ مَالِكٌ فِي الذُّبَابِ يَكْثُرُ حَتَّى يَطَأَ عَلَيْهِ فَلْيُطْعِمْ مِسْكِينًا أَوْ مِسْكِينَيْنِ وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يُطْعِمُ لِأَنَّهُ عَرَّضَ نَفْسَهُ لِإِتْلَافِهِ وَيُمْنَعُ مِنْ لَبَنِ الصَّيْدِ كَمَا يمْنَع من بيضه فَإِن وجد مَحْلُوبًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَلَحْمِ الصَّيْدِ وَقَالَ ح إِن حلبه فتقص ضَمِنَ مَا نَقَصَ وَقَالَ ش يَضْمَنُ اللَّبَنَ بِقِيمَتِهِ كَالْبَيْضِ وَلَا يَضْمَنُ عِنْدَنَا لِأَنَّهُ لَيْسَ من أَجزَاء الصَّيْد وَلَا يكون مِنْهُ صيد وَالْأَصْل براة الذِّمَّة وَفِي الْكتاب إِذا فسد وَكْرَ طَائِرٍ فَلَا شَيْءَ فِيهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ بَيْضٌ أَوْ فِرَاخٌ فَعَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ لِتَعْرِيضِهِمَا لِلْهَلَاكِ وَإِنْ طَرَحَ جَنِينَ صَيْدٍ مَيِّتٍ وَسَلِمَتْ أُمُّهُ فَعَلَيْهِ عُشْرُ قِيمَتِهَا فَإِنْ مَاتَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهَا أَيْضًا الْفَصْلُ الثَّانِي فِي مُوجِبِ الضَّمَانِ قَاعِدَةٌ أَسْبَابُ الضَّمَان فِي الشَّرِيعَة ثَلَاث الْإِتْلَافُ أَوِ التَّسَبُّبُ لِلْإِتْلَافِ أَوْ وَضْعُ الْيَدِ الَّتِي لَيست مُؤمنَة كيد الغاضب وَالْمُشْتَرِي فِي الْخِيَارِ وَإِذَا اجْتَمَعَ التَّسَبُّبُ وَالْمُبَاشَرَةُ غَلَبَتِ الْمُبَاشَرَةُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ مَعْمُورَةً كَقَتْلِ الْمُكْرَهِ وَتَقْدِيمِ السُّمِّ لِإِنْسَانٍ فَأَكَلَهُ وَإِذَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى السَّبَبِ مُسَبَّبُهُ سَقَطَ اعْتِبَارُهُ وَعَلَى هَذ الْقَاعِدَةِ تَخْرُجُ فَرُوعُ هَذَا الْفَصْلِ وَالْجِنَايَاتُ وَالضَّمَانَاتُ تَفْرِيعَاتٌ سَبْعَةٌ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ لَا شَيْءَ فِي الصَّيْد إِذا جرح وَسلم وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ زَمِنَ وَلَمْ يَلْحَقْ بِالصَّيْدِ فَفِي الْجلاب عَلَيْهِ

جَزَاؤُهُ وَقَالَهُ ح وش فَلَوْ رَمَى عَلَى شَيْئَيْنِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الضَّمَانَ رَتَّبَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْقَتْلِ وَقَدْ سَمَّاهُ كَفَّارَةً وَالْكَفَّارَةُ لَا تَتَبَعَّضُ عَلَى أَجْزَاءِ الْمُكَفَّرِ عَنهُ قَالَ سَنَد وَقَالَ اشهب وش عَلَيْهِ مَا نَقَصَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْجِرَاحَاتِ وَالْجَوَابِرَ تَتَبَعَّضُ كَقِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ كَفَّارَةٌ لِوُجُوبِ كَفَارَّاتٍ عِدَّةٍ عَلَى قَتَلَةِ صَيْدٍ وَاحِدٍ كَالشُّرَكَاءِ فِي قَتْلِ الْمُسْلِمِ قَالَ وَعَلَى هَذَا يخرج إِذا من قطع عضوا من أَعْضَائِهِ وسلمت بَقِيَّته قَالَ ابْنُ الْجَلَّابِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقِيلَ عَلَيْهِ بِقَدْرِ النَّقْصِ وَإِذَا قُلْنَا يَضْمَنُ مَا نقص فَفِي غير الْهَدْي لتعذر تبغيض الْهَدْيِ بَلْ يَضْمَنُ طَعَامًا أَوْ صِيَامًا وَقَالَ ش إِن نقص قيمتهعشر قيمتة شَاةٍ وَهُوَ عَلَى أَصْلِهِ فِي تَقْوِيمِ الْمِثْلِ مِنَ النَّعَمِ لِمَزِيدِ الْإِطْعَامِ وَعِنْدَنَا يَقُومُ الصَّيْدُ نَفْسُهُ وَإِنْ بَرِئَ مِنْ غَيْرِ شَيْنٍ فَعَلَى رَأْيِ ابْنِ حَبِيبٍ يُطْعِمُ لِأَنَّهُ قَالَ يُطْعِمُ إِذا نتف ريش طَائِر أَو مسكه حَتَّى تنسل وَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي الطَّائِرِ إِذَا نَتَفَ ريشه بحبسه حَتَّى ينسل يحبس الصَّيْد هَا هُنَا إِذَا كَانَ الْجُرْحُ مَخُوفًا وَلَيْسَ هُوَ مِثْلَ الصَّيْدِ الْمَمْنُوعِ لِأَنَّ هَذَا إِمْسَاكُ حِفْظٍ لَا إِمْسَاكُ تَمَلُّكٍ وَإِنْ أَرْسَلَهُ وَالْجُرْحُ عَظِيمٌ قَالَ فِي الْكِتَابِ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ وَلَمْ يُحَدِّدِ الْجُرْحَ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ كَانَ يَتَيَقَّنُ مَوْتَهُ ضمن وَإِذا قُلْنَا بالجزاء فليؤخره لَيْلًا يُكَفِّرَ قَبْلَ فَوْتِ الصَّيْدِ فَإِنْ كَفَّرَ ثُمَّ عطب الصَّيْد فَعَلَيهِ جزآن قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَتَيَقَّنَ أَنَّ عَطَبَهُ مِنْ غَيْرِ الْجِرَاحَةِ فَإِنْ شَكَّ أَضَافَهُ لِلْجِرَاحَةِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ سَبَبٍ آخَرَ فَإِنْ قَتَلَهُ بَعْدَ الْجِرَاحَةِ أَخَّرَ قَالَ أَشْهَبُ الْجَزَاءُ عَلَيْهِمَا قَالَ مُحَمَّد إِن كَانَ فَوْرٍ وَاحِدٍ بِخِلَافِ الْإِنْسَانِ يُجْهِزُ عَلَيْهِ غَيْرُ مَنْ جَرَحَهُ لِأَنَّ الصَّيْدَ لَوْ لَمْ يَقْتُلْهُ الثَّانِي لَزِمَ الْأَوَّلَ الْجَزَاءُ فَلَوْ حَبَسَهُ لِيَبْرَأَ فَحَلَّ قَبْلَ بُرْئِهِ فَعَلَى رَأْيِ أَشْهَبَ لَا يَضْمَنُهُ وَلَوْ ذَبَحَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَضْمَنُهُ إِنْ خَافَ هَلَاكَهُ وَلَوْ جَرَحَهُ ثُمَّ قَتَلَهُ مِنْ فَوْرِهِ أَوْ قَبْلَ الْأَمَانِ مِنَ الْجُرْحِ الْأَوَّلِ فَجَزَاءٌ وَاحِدٌ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِن برِئ من الأول فجزآن الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِذَا تَعَلَّقَ بِأَطْنَابِ فُسْطَاطِهِ صَيْدٌ فَعَطِبَ أَوْ حَفَرَ

بِئْرًا لِلْمَاءِ فَوَقَعَ فِيهَا صَيْدٌ فَعَطِبَ فَلَا جَزَاءَ فِيهِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِ الصَّيْدِ وَفِي الْجُلَّابِ عَنِ ابْنِ قَاسِمٍ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ فِي الْفُسْطَاطِ كَمَا لَوْ جَازَ الطَّائِرُ عَلَى رُمْحِهِ الْمَرْكُوزِ فَعَطِبَ وَوَجْهُ الْمَذْهَبِ أَنَّ هَذَا لَا يَضْمَنُ دِيَةَ الْآدَمِيِّ فَلَا يَضْمَنُ الصَّيْدَ وَإِذا أَخذ الْمحرم بيضًا فحصنه حَتَّى خَرَجَ فِرَاخًا وَطَارَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَإِنْ جَعَلَهُ مَعَ بَيْضِ وَحْشٍ فَنَفَرَ الْوَحْشُ وَفَسَدَ الْجَمِيعُ ضَمِنَ الْجَمِيعَ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ إِذَا رَأَى الصَّيْدُ مُحْرِمًا فَهَرَبَ مِنْهُ وَفَزِعَ وَمَاتَ فِي هَرَبِهِ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ لِأَنَّ رُؤْيَتَهُ مُكْرِهَةٌ لَهُ عَلَى الْهَرَبِ بِخِلَافِ حَفْرِ الْبِئْرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ نَصَبَ شَرَكًا لِيَصِيدَ بِهِ مَا يَفْتَرِسُ غَنَمُهُ فَعَطِبَ فِيهِ صَيْدٌ ضِمَنَهُ كَمَنْ حَفَرَ بِئْرًا لِلسَّارِقِ فَعَطِبَ فِيهَا غَيْرُ السَّارِقِ وَدَاهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْعَطَبَ مِنْ قَتْلِ الصَّيْدِ الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَمَرَ الْمُحْرِمُ عَبْدَهُ بِإِرْسَالِ صَيْدٍ كَانَ مَعَهُ فَظَنَّ الْعَبْدُ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِذَبْحِهِ فَذَبَحَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى السَّيِّدِ جَزَاؤُهُ لِأَنَّهُ عَطِبَ تَحْتَ يَدِهِ وَلَوْ أَمَرَهُ فَأَطَاعَهُ فِي الذَّبْحِ فَعَلَيْهِمَا جَمِيعًا الْجَزَاءُ وَإِنْ دَلَّ مُحْرِمٌ مُحْرِمًا أَوْ حَلَالًا عَلَى صَيْدٍ فَقَتَلَهُ فَلْيَسْتَغْفِرِ الدَّالُّ اللَّهَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ إِنْ أَشَارَ إِلَيْهِ أَوْ أَمَرَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُورُ عَبْدَهُ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ وَعَلَى الْعَبْدِ جَزَاءٌ آخَرُ إِنْ كَانَ مُحْرِمًا وَقَالَهُ ش وَقَالَ ح عَلَى الدَّالِّ جَزَاءٌ وَعَلَى الْمَدْلُولِ آخَرُ إِنْ كَانَ مُحْرِمًا وَإِلَّا فَعَلَى الدَّالِّ فَقَطْ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ عَلَيْهِمَا جَزَاءٌ وَاحِدٌ إِنْ كَانَا محرمين أَو على الْمحرم مِنْهُمَا قَالَ ابْن يُونُس وَقَالَ أَشهب إِن كَانَا محرمين فعلى كل وَاحِد مِنْهُمَا جَزَاءٌ لِأَنَّهُ أَمَرَ أَمْرًا مُحَرَّمًا وَالْمَدْلُولُ حَلَالًا فَلَا شَيْءَ عَلَى الدَّالِّ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْمُرِ الْمُحْرِمَ قَالَ سَنَدٌ وَرُوِيَ عَنْ أَشْهَبَ الْفِدْيَةُ وَإِنْ كَانَ الْمَدْلُولُ حَلَالًا وَإِذَا قُلْنَا لَا جَزَاءَ عَلَيْهِ فَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ فَإِنْ فَعَلَ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ لِمَا فِي

الصَّحِيحَيْنِ فِي حَدِيث أبي قَتَادَة قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا مِنْكُمْ أَحَدٌ أَمَرَهُ وَأَشَارَ إِلَيْهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَوْ دَلَّ عَلَى صَيْدٍ عَصَى وَلَا جَزَاء عَلَيْهِ وَقيل عَلَيْهِ وَقِيلَ يَخْتَصُّ بِدَلَالَةِ الْمُحْرِمِ دُونَ الْحَلَالِ وَقِيلَ بِالْعَكْسِ الْخَامِسُ فِي الْكِتَابِ وَإِذَا اجْتَمَعَ محرومون عَلَى قَتْلِ صَيْدٍ أَوْ مَخْلُوقٌ عَلَى قَتْلِ صَيْدٍ فِي الْحَرَمِ أَوْ مُحِلٌّ وَحَرَامٌ فَقَتَلَا فِي الْحَرَمِ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ جَزَاءٌ كَامِلٌ وَقَالَهُ ح وَقَالَ ش عَلَى الْجَمِيعِ جَزَاءٌ وَاحِد وَالْخلاف بنبني عَلَى أَنَّهُ كَفَّارَةٌ أَوْ قِيمَةٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ وَإِذَا جَرَحَ مُحْرِمٌ صَيْدًا فَغَابَ عَنْهُ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ مَالِكٌ إِذَا جَرَحَ مُحْرِمٌ صَيْدًا فَغَابَ عَنْهُ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ قَالَ سَنَدٌ يُرِيدُ أَنَّ مَالِكًا أَوْجَبَ الْجَزَاءَ بِمُجَرَّدِ الْجُرْحِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جَارِحٌ قَالَ وَإِذَا أَمْسَكَ مُحْرِمٌ صَيْدَ الْبَرِّ لِمِثْلِهِ فَقَتَلَهُ حَرَامٌ فَعَلَى الْقَاتِلِ جَزَاؤُهُ أَوْ حَلَالٌ فَعَلَى الْمُمْسِكِ جَزَاؤُهُ وَإِنْ أَمْسَكَهُ لِمَنْ يَقْتُلُهُ فَقتله محرم فعلَيْهِمَا جزآن أَوْ حَلَالٌ فَعَلَى الْمُحْرِمِ جَزَاؤُهُ وَحْدَهُ قَالَ سَنَدٌ إِنْ أَرَادَ إِرْسَالَهُ فَقَتَلَهُ حَلَالٌ وَكَانَ مِلْكُ الْمُحْرِمِ عَلَى الصَّيْدِ مُتَقَدِّمًا فَيُخْتَلَفُ فِي ضَمَانِهِ لِرَبِّهِ بِقِيمَتِهِ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ فِيمَنْ أَحْرَمَ وَبِيَدِهِ صَيْدٌ فَأَرْسَلَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَرَوَى أَشْهَبُ يَضْمَنُهُ بِقِيمَتِهِ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ أَنَّ الْإِحْرَامَ هَلْ يُزِيلُ الْمِلْكَ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَوْ لَا يُزِيلُ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْإِرْسَالُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْأَبْهَرِيِّ وَيَتَخَرَّجُ الْقَتْلُ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ وَلَوْ أَمْسَكُهُ وَلَمْ يُرِدْ إِرْسَالَهُ وَلَا قَتْلَهُ فَقَتَلَهُ مُحْرِمٌ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ دُونَ الْمَاسِكِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ

إِتْلَافَهُ وَجَعَلَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ الْجَزَاءَ عَلَيْهِمَا وَهُوَ بَاطِلٌ كَمَنْ أَمْسَكَ إِنْسَانًا بِقَصْدِ الْقَتْلِ فَقَتَلَهُ آخَرُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُمْسِكِ إِجْمَاعًا وَأَمَّا لَوْ قَتَلَهُ حَلَالٌ فَالْجَزَاءُ عَلَى رَبِّهِ لِأَنَّهُ بِإِمْسَاكِهِ قُتِلَ وَالْآخِرُ مَأْذُونٌ لَهُ السَّادِسُ فِي الْكِتَابِ مَا صَادَهُ فِي إِحْرَامِهِ أَرْسَلَهُ فَإِنْ أَرْسَلَهُ آخَرُ مَنْ يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ وَإِنْ نَازَعَهُ مُحْرِمٌ فَقَتَلَاهُ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْجَزَاءُ وَإِنْ نَازَعَهُ حَلَالٌ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْحَلَالِ وَلَا يَضْمَنُ لَهُ هُوَ شَيْئًا قَالَ سَنَدٌ وَكَمَا يَحْرُمُ الِاصْطِيَادُ يَحْرُمُ ابْتِيَاعُهُ بِحَضْرَتِهِ وَقَبُولُ هِبَتِهِ فَفِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ رَجُلًا أَهْدَى لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حمَار وَحش وَهُوَ بِالْأَبْوَاءِ أَوْ بِوَدَّانَ فَرَدَّهُ قَالَ الرَّجُلُ فَلَمَّا رَأَى مَا فِي وَجْهِي قَالَ إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إِلَّا أَنَّا حُرُمٌ فَإِنِ ابْتَاعَهُ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عَلَيْهِ إِرْسَالُهُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فَإِنْ رَدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ وَقَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ أَيْضًا يَرُدُّهُ عَلَى الْبَائِعِ وَيَلْزَمُهُ الْقَبُولُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فَاسِدٌ لَمْ يَفُتْ جَزَاءُ الْبَيْعِ قَبْلُ حَرَامٌ فَلَوِ ابْتَاعَهُ بِالْخِيَارِ وَهُمَا حَلَالَانِ ثُمَّ أَحْرَمَا فَإِنِ اخْتَارَ الْمُبْتَاعُ الْبَيْعَ غَرِمَ الثَّمَنَ وَأَطْلَقَ الصَّيْدَ وَإِنْ رَدَّهُ فَلَا ثَمَنَ عَلَيْهِ وَيُطْلَقُ عَلَى الْبَائِعِ فَلَوْ تَأَخَّرَ الْبَيْعُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ ثُمَّ أَحْرَمَ الْبَائِعُ وَفَلِسَ الْمُبْتَاعُ فَلَهُ أَخْذُهُ وَإِرْسَالُهُ أَوْ يَتْبَعُ الْمُبْتَاعَ بِثَمَنِهِ وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ تَمَلُّكِ الصَّيْدِ وَهَذِهِ جِهَةٌ مِنْ جِهَاتِ التَّمَلُّكِ وَمَا قُلْنَاهُ أَبْيَنُ لِأَنَّهُ يَخْتَارُهُ مِنْ بَيْعِهِ الْمَاضِي وَهُوَ صَحِيحٌ وَلَوِ ابْتَاعَ بِهِ سِلْعَةً قَبْلَ الْإِحْرَامِ فَوَجَدَ بِهَا عَيْبًا بَعْدَهُ فَرَدَّهَا مَا لَمْ يَلْزَمِ الْبَائِعَ غَرِمَ الثَّمَنَ

مَعَ وُجُودِهِ وَلَهُ رَدُّهُ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْعَيْب بِالصَّيْدِ بَقِيَ عَلَى مِلْكِهِ أَوْ تَحَصَّنَ بِهِ مَلَكَهُ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِ قَالَ أَشْهَبُ وَإِذَا صَادَ الْمُحْرِمُ صَيْدًا فَقَتَلَهُ فِي يَدِهِ حَلَالٌ فِي الْحَرَمِ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَزَاءٌ وَيَغْرَمُ الْحَلَالُ قِيمَتَهُ لِلْمُحْرِمِ كَانَ الْقَاتِلُ حُرًّا أَوْ عبد اوصبيا أَوْ كَافِرًا غَيْرَ أَنَّ الْكَافِرَ لَا جَزَاءَ عَلَيْهِ قَالَ وَظَاهِرُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّهُ أَثْبَتَ مِلْكَهُ عَلَيْهِ بِالِاصْطِيَادِ وَإِنَّمَا يَجِبُ إِرْسَالُهُ عَلَيْهِ لينجو الصَّيْد بِنَفسِهِ فَإِذا قَتله فَقَدْ أَبْطَلَ مِلْكَهُ بِغَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي وَجَبَ إِرْسَالُهُ وَخَالَفَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي تَضْمِينِ الْحَلَالِ الْقِيمَةَ وَلَوْ أَرْسَلَهُ الْمُحْرِمُ فَأَخَذَهُ حَلَالٌ فَلَيْسَ لِلْمُحْرِمِ أَخْذُهُ مِنْهُ بَعْدَ إِحْلَالِهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ السَّابِعُ فِي الْكِتَابِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ طَرَدَ صَيْدًا مِنَ الْحَرَمِ إِلَى الْحِلِّ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ لِتَعْرِيضِهِ لِلِاصْطِيَادِ وَإِنْ رَمَى صَيْدًا فِي الْحَرَمِ مِنَ الْحِلِّ أَوْ مِنَ الْحِلِّ فِي الْحَرَمِ أَوْ فِي الْحِلِّ مِنَ الْحِلِّ وَأَدْرَكَتْهُ الرَّمْيَةُ فِي الْحَرَمِ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ وَقَالَهُ ش وح نظرا لبداية الْفِعْل كالعقد فِي الْعدة والوطئ بعْدهَا ونهايته وَإِنْ أَرْسَلَ بَازَهُ عَلَى صَيْدٍ فِي الْحِلِّ بِقُرْبِ الْحَرَمِ فَقَتَلَهُ فِي الْحَرَمِ أَوْ أَدْخَلَهُ الْحَرَمَ وَأَخْرَجَهُ مَعَهُ فَقَتَلَهُ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ لِتَغْرِيرِهِ فَلَوْ كَانَ يَبْعُدُ مِنَ الْحَرَمِ فَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ فِي الصُّورَتَيْنِ وَلَا يُؤْكَلُ لِأَنَّ ذَكَاتَهُ غَيْرُ مَشْرُوعَةٍ لِعِصْمَةِ الصَّيْدِ بِالْحَرَمِ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً وَلَوْ أَرْسَلَ سَهْمَهُ بِقُرْبِ الْحَرَمِ فَأَنْفَذَ مَقَاتِلَهُ فِي الْحِلِّ فَمَاتَ فِي الْحَرَمِ فَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ يُؤْكَلُ لِنُفُوذِ الْمَقَاتِلِ فِي الْحِلِّ وَإِذَا أَرْسَلَ كَلْبَهُ عَلَى صَيْدٍ فِي الْحَرَمِ فَأَنْشَلَا رجل آخر بانشلائه فعلَيْهِمَا جزاآن وَإِنْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ عَلَى ذِئْبٍ فِي الْحَرَمِ فَأَخَذَ صَيْدًا فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ لِتَفْرِيطِهِ إِذْ ذَلِكَ مِنْ طَبْعِ الْجَارِحِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا طَرَدَ الصَّيْدَ مِنَ الْحَرَمِ إِلَى الْحِلِّ إِنَّمَا يَضْمَنُهُ إِذَا كَانَ لَا يَنْجُو بِنَفْسِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا رَمَاهُ بِقُرْبِ الْحَرَمِ وَلَمْ تَنْفُذْ مَقَاتِلُهُ وَمَاتَ فِي الْحَرَمِ يُؤْكَلُ لِكَمَالِ الْفِعْلِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَالَ عَبْدُ

الْمَلِكِ لَهُ إِرْسَالُ كَلْبِهِ مِنَ الْحَرَمِ عَلَى مَا فِي الْحِلِّ وَيُؤْكَلُ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ مِنَ الصَّيْدِ غَايَتُهُ وَكَذَلِكَ قَالَ أَشْهَبُ فِي الرَّجُلِ الْمُعِينِ بِأَشْلَائِهِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ أَصْلَ الِاصْطِيَادِ الْإِرْسَالُ وَالْحُكْمُ لَهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ نَوَى بَعْدَهُ أَوْ سَمَّى لَمْ يُؤْكَلْ صَيْدُهُ قَالَ سَنَدٌ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِيمَا يَقْرُبُ مِنَ الْحَرَمِ هَلْ يُمْنَعُ الصَّيْدُ كَمَا يُمْنَعُ الْحُرُمُ احْتِيَاطًا لِأَنَّ تَحْدِيدَهُ بِاجْتِهَادِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَرِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُمْنَعُ وَلَوْ قَتَلَ طَائِرًا فِي الْحَرَمِ وَلَهُ فِرَاخٌ فَمَاتُوا بِذَلِكَ ضَمِنَهَا فَإِنْ دَنَتْ إِلَى الْحِلِّ فَمَاتَتْ فِيهِ ضَمِنَهَا عَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ لَوْ حَبَسَ الطَّائِرَ فِي الْحَرَمِ وَلَهُ فِرَاخٌ فِي الْحِلِّ فَمَاتَتْ وَلَوْ نَقَلَ فِرَاخًا من الْحِلِّ إِلَى الْحَرَمِ فَمَاتَتْ فِيهِ ضَمِنَهَا لِأَنَّهُ صَيْدٌ تَلِفَ فِي الْحَرَمِ بِسَبَبِهِ وَلَوْ كَانَ أَصْلُ شَجَرَةٍ فِي الْحَرَمِ وَلَهَا غُصْنٌ فِي الْحِلِّ جَازِ صَيْدُ مَا عَلَيْهِ مِنَ الطَّيْرِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَتَوَقَّفَ فِيهِ مَالِكٌ فَإِنْ كَانَ أَصْلُهَا فِي الْحِلِّ فَلَا يُصَادُ مَا عَلَيْهِ وَيَجُوزُ قَطْعُهُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يُصَادُ مَا عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الصَّيْدِ فِي الْحَرَمِ وَبَعْضُهُ فِي الْحِلِّ فَفِيهِ الْجَزَاءُ وَقَالَهُ ش وَقَالَ ح إِنْ كَانَتْ قَوَائِمُهُ فِي الْحَرَمِ ضَمِنَ وَإِنْ كَانَ رَأْسُهُ فِي الْحَرَمِ وَقَوَائِمُهُ فِي الْحِلِّ فَلَا وَإِنْ كَانَ قَائِمًا فِي الْحِلِّ وَرَأْسُهُ فِي الْحَرَمِ ضَمِنَ لِأَنَّ النَّائِمَ لَا يَسْتَقِرُّ عَلَى قَوَائِمِهِ بِخِلَافِ الْيَقْظَانِ الثَّامِنُ فِي الْكِتَابِ إِذَا صَادَ طَيْرًا فَنَتَفَهُ ثُمَّ حَبَسَهُ حَتَّى نَسَلَ فَطَارَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَالْجَزَاءُ عَلَى قَاتِلِ الصَّيْدِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً قَوَاعِدُ الْعَمْدُ وَالْخَطَأُ فِي ضَمَانِ الْمُتْلَفَاتِ سَوَاءٌ إِجْمَاعًا فِي الْمَفْهُومِ إِذَا خَرَجَ محرج الْغَالِبِ فَلَيْسَ بِحُجَّةٍ إِجْمَاعًا الْأَصْلُ فِي الْكَفَّارَاتِ أَنْ لَا تَكُونَ إِلَّا مَعَ الْإِثْمِ كَمَا فِي الظِّهَارِ لِأَنَّ التَّكْفِيرَ فَرْعُ التَّأْثِيمِ وَقَدْ يُوجد بِدُونِهِ كَمَا فِي قَتْلِ الْخَطَأِ لِرَفْعِ التَّأْثِيمِ عَن الْمُخطئ للْحَدِيث الْمَشْهُور وَحنث الْيمن لأَمره

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْحِنْثِ إِذَا رَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا وَحَنِثَ مَعَه وَهُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يَفْعَلُ الْإِثْمَ وَلَا يَأْمُرُ بِهِ فَإِنْ جعلنَا الصَّيْدِ مِنْ بَابِ الْكَفَّارَاتِ لِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى {أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ} الْمَائِدَة 95 وَهُوَ الْمَشْهُورُ فَنُجِيبُ عَنْ نَفْيِ الْإِثْمِ بِمَا تَقَدَّمَ وَعَنْ مَفْهُومِ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا} الْمَائِدَة 95 فَإِنَّهُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ عَلَى الصَّيْدِ إِنَّمَا يُقْتَلُ مَعَ الْقَصْدِ وَإِنْ جَعَلْنَاهُ مِنْ بَابِ قِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ وَهُوَ أَحَدُ الْأَقْوَالِ لَنَا وللعلماء سوينا بَين الْعمد وَالْخَطَأ بالقاعدة الإجمالية وَقَالَ مُجَاهِدٌ الْجَزَاءُ فِي الْخَطَأِ دُونَ الْعَمْدِ لِأَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ عِنْدَهُ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا لِقَتْلِهِ نَاسِيًا لِإِحْرَامِهِ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ} الْمَائِدَة 95 فَلَوْ كَانَ ذَاكِرًا لِلْإِحْرَامِ لَوَجَبَتِ الْعُقُوبَةُ بِدُونِ الْعَوْدِ وَمَفْهُومُهُ إِذَا قُصِدَ مَعَ ذِكْرِهِ لِلْإِحْرَامِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَوْدِ أَيْ فِي الْإِسْلَامِ بَعْدَمَا تَقَدَّمَ فِي الْكُفْرِ وَفِي الطَّرَّازِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا جَزَاءَ فِي الْخَطَأ لمَفْهُوم قَوْله تَعَالَى مُتَعَمدا التَّاسِعُ فِي الْكِتَابِ مَنْ قَتَلَ صُيُودًا فَعَلَيْهِ بعددها كَفَّارَات وَإِذا أصَاب الْمُعْتَمِر الصَّيْدِ قَبْلَ السَّعْيِ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْحِلَاقِ فَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ فَإِذَا قَتَلَ بَازًا فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ غَيْرَ مُعَلَّمٍ أَوْ قِيمَتُهُ لِصَاحِبِهِ مُعَلَّمًا وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ قَالَ سَنَدٌ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يَتَكَرَّرُ الْجَزَاءُ بِتَكَرُّرِ الصَّيْد وَقَالَهُ ابْن حَنْبَل إِن لم يُكَفِّرْ عَنِ الْأَوَّلِ لَنَا أَنَّ الْحُكْمَ يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ سَبَبِهِ الْعَاشِرُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَحْرَمَ الْعَبْدُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فَكُلُّ مَا لَزِمَهُ مِنْ جَزَاء صَيْده وَغَيْرِهِ فَعَلَى الْعَبْدِ وَلَيْسَ لَهُ إِخْرَاجُهُ مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ لِأَنَّ هَذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ بِإِذْنٍ حَتَّى يَكُونَ السَّيِّدُ أَذِنَ فِيهِ وَقَالَهُ ش فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ صَامَ وَلَا يمنعهُ الصَّوْم وَإِن أضربه إِلَّا أَن

يُهْدِيَ عَنْهُ أَوْ يُطْعِمَ أَوْ يَكُونَ تَسَبُّبُهُ فِي ذَلِكَ عَمْدًا فَلَهُ الْمَنْعُ إِنْ أَضَرَّ بِهِ وَإِنْ كَسَرَ مُحْرِمٌ أَوْ حَلَالٌ بَيْضَ طير وَحش فِي الْحرم وَلَيْسَ فِيهِ فرج أَوْ فِيهِ وَمَاتَ قَبْلَ الِاسْتِهْلَالِ فَفِيهِ عُشْرُ قِيمَته الْأُمِّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنِ اسْتَهَلَّ فَفِيهِ جَزَاء أمه كَامِلا كغرة الْآدَمِيَّة وَقَالَ ش إِنَّمَا عَلَيْهِ قِيمَةُ الْبَيْضَةِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَضَى فِي بَيْضِ النَّعَامِ بِقِيمَتِهِ وَاتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ عَلَى تَحْرِيمِ بَيْضِ الصَّيْدِ عَلَى الْمُحْرِمِ وَخَالَفَ الْمُزَنِيُّ لِأَنَّهُ فِي نَفْسِهِ لَيْسَ بِصَيْدٍ وَإِنْ أَصَابَ الْمُحْرِمُ بَيْضَةً مِنْ حَمَامٍ بِمَكَّةَ أَوْ حَلَالٌ فِي الْحَرَمِ فَعَلَيْهِ عُشْرِ دِيَةِ أُمِّهِ وَفِي أُمِّهِ شَاةٌ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح إِنَّمَا فِيهِ قِيمَةُ أُمِّهِ لِأَنَّهُ مَذْهَبُهُ فِي جَمِيعِ الصَّيْدِ لَنَا أَنَّهُ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَلَا يُعْرَفُ لَهُمْ مُخَالِفٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَلِأَنَّهُ تَكْثُرُ مُلَابَسَةُ النَّاسِ لَهُ فيغلظ فِيهِ حفظا لَهُ وَهُوَ يشبه الشَّاةِ لِأَنَّهُ يَعِفُّ كَمَا تَعِفُّ الشَّاةُ وَإِذَا كَسَرَ الْمُحْرِمُ بَيْضَ النَّعَامِ أَوْ سَوَّاهُ لَمْ يَأْكُلْهُ حَلَالٌ وَلَا حَرَامٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَمَارِيُّ مَكَّةَ وَيَمَامُهَا كَحَمَامِهَا وَقَالَهُ أَصْبَغُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ فِي الْقَمَارِيِّ وَالْيَمَامِ حُكُومَةٌ فَإِنْ لَمْ يَجِدِ الشَّاةَ فِي حَمَامِ مَكَّةَ صَامَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَلَيْسَ فِيهِ صَدَقَةٌ وَلَا يُخَيَّرُ لِأَنَّ الشَّاةَ فِيهِ تَغْلِيظٌ وَفِي الْوَاضِحَةِ هَذِهِ الشَّاةُ لَا تُذْبَحُ إِلَّا بِمَكَّةَ كَهَدْيِ الْجَزَاءِ قَالَ وَقَالَ فِي كِتَابِ الصَّيْدِ يَجُوزُ صَيْدُ حَمَامِ مَكَّةَ فِي الْحِلِّ لِلْحَلَالِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُحْرِمَ إِذَا أَصَابَهُ فِي الْحِلِّ إِنَّمَا عَلَيْهِ قِيمَته وَإِن الشَّاةَ خَاصَّةٌ بِمَكَّةَ أَوْ بِالْحَرَمِ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ إِنْ كَانَ فِي الْبَيْضَةِ فَرْخٌ فَمَا قَالَ مَالِكٌ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ طَعَامُ مِسْكِينٍ أَوْ صِيَام يَوْم لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي كُلِّ بَيْضَةٍ صِيَامُ يَوْمٍ قَالَ سَنَدٌ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ فِي الْبَيْضَةِ صِيَامُ يَوْمٍ وَلَمْ يُفَصِّلْ وَمَالِكٌ يَرَى أَنَّ

نُطْفَةَ الطَّيْرِ قَدِ انْعَقَدَتْ بَيْضَةً كَمَا يَنْعَقِدُ الْمَنِيُّ عَلَقَةً فَإِنْ كَانَتِ الْبَيْضَةُ مَذِرَةً فَيَنْبَغِي نَفْيُ الضَّمَانِ لِأَنَّهَا مَيِّتَةٌ كَالصَّيْدِ الْمَيِّتِ وَلَا قِيمَةَ إِلَّا لِبَيْضِ النَّعَامَةِ لِقِشْرِهَا وَيُوجِبُ مَالِكٌ فِي الْفَرْخِ يَسْتَهِلُّ مَا فِي الْكَبِيرِ وَفِي كُلِّ صَغِيرٍ مَا فِي كَبِيرِهِ لِأَنَّهُ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْكِتَابِ مَنْ أَحْرَمَ وَفِي بَيْتِهِ صَيْدٌ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِرْسَالُهُ فَإِنْ كَانَ فِي يَدِهِ يَقُودُهُ أَوْ فِي قَفَصٍ مَعَهُ فَلْيُرْسِلْهُ ثُمَّ لَا يَأْخُذُهُ حَتَّى يُحِلَّ وَإِنْ أَرْسَلَهُ مِنْ يَدِهِ حَلَالٌ أَوْ حَرَامٌ لَمْ يَضْمَنْ لِزَوَالِ مِلْكِ رَبِّهِ بِالْإِحْرَامِ وَلَوْ حَبَسَهُ مَعَهُ حَتَّى حَلَّ أَوْ بَعَثَ بِهِ إِلَى بَيْتِهِ بَعْدَ إِحْرَامِهِ وَهُوَ بِيَدِهِ ثُمَّ حَلَّ وَجَبَ إِرْسَالُهُ وَرَأَى بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ لَهُ إِمْسَاكَهُ وَلَا أَخْذَ بِهِ قَاعِدَةٌ الْمَوَانِعُ الشَّرْعِيَّةُ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ مِنْهَا مَا يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ الْحُكْمِ وَاسْتِمْرَارَهُ كَالرَّضَاعِ يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ النِّكَاحِ وَيَقْطَعُهُ إِذَا طَرَأَ عَلَيْهِ وَمَا يَمْنَعُ ابْتِدَاءَهُ فَقَطْ كَالِاسْتِبْرَاءِ يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ النِّكَاحِ وَلَا يَقْطَعُهُ إِذَا طَرَأَ عَلَيْهِ وَمَا هُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ هَلْ يُلْحَقُ بِالْأَوَّلِ أَوْ بِالثَّانِي كَالطَّوْلِ يمْنَع نِكَاح الْأمة ابْتِدَاء فَإِن طَرَأَ عَلَيْهِ هَلْ يَقْطَعُهُ خِلَافٌ وَوِجْدَانُ الْمَاءِ مَعَ الصَّلَاةِ بِالتَّيَمُّمِ يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ فَإِنْ طَرَأَ بَعْدَهُ خِلَافٌ وَالْإِحْرَامُ يَمْنَعُ مِنْ إِنْشَاءِ الْمِلْكِ فِي الصَّيْدِ وَهَلْ يُبْطِلُهُ إِذَا طَرَأَ عَلَيْهِ خِلَافٌ فَعِنْدَ مَالك وَابْنِ حَنْبَلٍ لَا يُبْطِلُهُ وَعِنْدَ ش يَزُولُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} الْمَائِدَة 96 وَالْحَرَامُ لَا يُمْلَكُ لِأَنَّ الْمِلْكَ إِذْنٌ فِي الْمَنْفَعَةِ وَالتَّحْرِيمُ مَنْعٌ وَلِأَنَّ الْإِحْرَامَ يَمْنَعُ ابْتِدَاءَهُ فَيَمْنَعُ دَوَامَهُ كَاللِّبَاسِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الصَّيْدَ مَصْدَرُ اسْمِ الْفِعْلِ تَقُولُ صَادَ يَصِيدُ صَيْدًا وَاصْطَادَ يَصْطَادُ اصْطِيَادًا الْمَعْنَى وَاحِدٌ فَيَكُونُ الْحَرَامُ هُوَ فِعْلَ الِاصْطِيَادِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْكَلَامِ الْحَقِيقَةُ وَنَحْنُ نَقُولُ بِمُوجِبِهِ لِأَنَّ الْمِلْكَ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ لَا تَعَاطٍ

فِعْلِيٍّ وَعَنِ الثَّانِي الْمُعَارَضَةُ بِالْقِيَاسِ عَلَى بَقَاءِ الطِّيبِ وَاللِّبَاسِ فِي مِلْكِهِ إِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَلَا فَرْقَ عِنْدَنَا بَيْنَ كَوْنِهِ فِي يَدِهِ أَو فِي قفص مَعَه لِأَن الْيَد الْحِسْبَة أَقْوَى مِنَ الْيَدِ الْحُكْمِيَّةِ فَبِقُوَّتِهَا أَشْبَهَتِ الِاصْطِيَادَ بِوُجُوب إِزَالَة الْيَد الحسية قَالَ مَالِكٌ وَالْأَئِمَّةُ قَالَ سَنَدٌ لَمْ يُفَصِّلِ الْمَذْهَبُ إِذَا كَانَ صَيْدًا فِي بَيْتِهِ إِنْ كَانَ بَيْتُهُ فِي الْحَرَمِ أَوْ فِي الْحِلِّ بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ خَلْفَهُ وَقَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ إِنْ كَانَ بَيْتُهُ مِنْ وَرَاءِ مَوْضِعِ إِحْرَامِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ مَرَّ بِبَيْتِهِ فَنَزَلَ فَعَلَيْهِ إِرْسَالُهُ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ مَنْ أَحْرَمَ وَعِنْدَهُ صَيْدٌ لَا بَأْسَ بِجَعْلِهِ عِنْدَ أَهْلِهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَجْعَلُهُ بَعْدَ إِحْرَامِهِ وَإِنْ أَحْرَمَ وَعِنْدَهُ صَيْدٌ لِغَيْرِهِ رَدَّهُ إِلَى رَبِّهِ إِنْ كَانَ حَاضِرًا فَإِنْ كَانَ رَبُّهُ مُحْرِمًا قَالَ ابْن حبيب يُرْسِلهُ ربه فَإِن كَانَ ربه غَائِبًا قَالَ مَالِكٌ إِنْ أَرْسَلَهُ ضَمِنَهُ بَلْ يُودِعُهُ حَلَالًا إِنْ وَجَدَهُ وَإِلَّا بَقِيَ فِي صُحْبَتِهِ لِلضَّرُورَةِ فَإِنْ مَاتَ فِي يَدِهِ ضَمِنَهُ لِأَنَّ الْمُحْرِمَ يَضْمَنُ الصَّيْدَ بِالْيَدِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ صَيْدًا وَدِيعَةً فَإِنْ فَعَلَ رَدَّهُ فَإِنْ غَابَ رَبُّهُ وَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يودعه عمده أَطْلَقَهُ وَضَمِنَهُ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ بِسَبَبِ وَصْفِهِ هُوَ فَهُوَ كَالْمُعْتَدِي وَلَوْ وَجَدَ رَبُّهُ حَرَامًا فَامْتَنَعَ مِنْ أَخْذِهِ أَرْسَلَهُ بِحَضْرَتِهِ وَلَا ضَمَانَ لِامْتِنَاعِ رَبِّهِ مِنْهُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الْكِتَابِ إِذَا طَرَحَ الْمُحْرِمُ عَنْ نَفْسِهِ الْحَلَمَةَ وَالْقُرَادَ وَالْحَمْنَانَ والبرغوث أَو الْعلقَة عَنْ دَابَّتِهِ أَوْ دَابَّةِ غَيْرِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِن طرح المنان أَوِ الْحَلَمَ أَوِ الْقُرَادَ عَنْ بَعِيرِهِ فَلْيُطْعِمْ لِأَنَّهَا مِنَ الدَّوَابِّ الَّتِي لَا تَعِيشُ إِلَّا فِي الدَّوَابِّ وَالْهَوَامُّ ضَرْبَانِ مَا لَا يَخْتَصُّ بِالْأَجْسَامِ كَالدُّودِ وَالنَّمْلِ فَلَا شَيْءَ فِي طَرْحِهِ لِإِمْكَانِ حَيَاتِهِ بَعْدَ الطَّرْحِ وَإِنْ قَتَلَهُ افْتَدَى وَمَا يَخْتَصُّ لَا يَجُوزُ طَرْحُهُ عَنِ الْجِسْمِ

الَّذِي شَأْنه أَن يكون فِيهِ لتعرضه لِلْهَلَاكِ وَالْحَلَمُ وَالْقُرَادُ لَا يَخْتَصُّ بِالْآدَمِيِّ وَالْبُرْغُوثُ يَنْشَأُ مِنَ التُّرَابِ وَالْحَلَمُ يُسَمَّى صَغِيرًا قَمْقَامًا فَإِن زَاد فحمنان فَإِن ولد فقراد فَإِن تناهى فحلم وَجوز ش وح تَقْرِيدَ الدَّابَّةِ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يُقَرِّدُ بَعِيرَهُ لَنَا أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَانَ يَكْرَهُ ذَلِكَ وَعُمُومُ آيَةِ الصَّيْدِ وَيُحْمَلُ فِعْلُهُ عَلَى الضَّرُورَةِ وَقِيَاسًا عَلَى الْقُمَّلِ قَالَ وَإِنْ غَسَلَ رَأْسَهُ بِالْخِطْمَيِّ افْتَدَى وَلَهُ فِعْلُ ذَلِكَ إِذَا حَلَّ لَهُ الْحِلَاقُ وَهُوَ الْأُشْنَانُ وَقَالَهُ ش وَجَوَّزَهُ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ فِدْيَةٍ قِيَاسًا عَلَى الْغَسْلِ بِالْمَاءِ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ يُزِيلُ الشَّعَثَ وَيَقْتُلُ الْهَوَامَّ وَإِذَا أَجْنَبَ صَبَّ عَلَى رَأْسِهِ الْمَاءَ وَحَرَّكَهُ بِيَدِهِ وَيَجُوزُ صَبُّ الْمَاءِ عَلَى الرَّأْسِ لِلْحَرِّ وَزَوَالِ الْعَرَقِ وَيُكْرَهُ غَمْسُ الرَّأْسِ فِي الْمَاءِ لِأَنَّهُ يَقْتُلُ الدَّوَابَّ فَإِنْ فَعَلَ أَطْعَمَ شَيْئًا وَإِنْ دَخَلَ الْحَمَّامَ وَتَدَلَّكَ افْتَدَى وَيُكْرَهُ لَهُ غَسْلُ ثَوْبِهِ وَثَوْبِ غَيْرِهِ خَشْيَةَ قَتْلِ الدَّوَابِّ إِلَّا أَنْ تُصِيبَهُ جَنَابَةٌ فَبِالْمَاءِ وَحْدَهُ قَالَ سَنَدٌ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَدْخُلُ الْحَمَّامَ لِلتَّدَفِّي وَلَا خِلَافَ فِي تَطْهِيرِ جَسَدِهِ مِنَ الْجَنَابَةِ وَيَجُوزُ إِزَالَةُ الْعَرَقِ الْمُنْتِنِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنِ اغْتَسَلَ لِلْجَنَابَةِ فَقَتَلَ قَمْلًا فِي رَأْسِهِ فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَعَلِيهِ الْفِدْيَة فِي التبريد وَلَهُ طَرْحُ ثَوْبِهِ عَنْهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ هَوَامُّ فَإِنْ كَانَ فِيهِ أَجَازَ مَالِكٌ طَرحه وَرَأى أتحنون الْإِطْعَامَ لِمَالِكٍ أَنَّ الْقُمَّلَ كَانَ فِي الثَّوْبِ وَبَقِيَ فِيهِ فَلَوْ كَانَ عَلَى جَسَدِهِ فَأَلْقَاهُ فِي الثَّوْب حِين نَزعه كَانَ هَلَاكًا لَهُ وَإِبْقَاؤُهُ فِي الثَّوْبِ كَرَحِيلِهِ مِنَ الْبَيْتِ فَيَمُوتُ بَقُّهُ الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي أَكْلِ الْمُحْرِمِ مِنَ الصَّيْدِ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ أَكَلَ مِنْ لَحْمِ صَيْدٍ صَادَهُ لَيْسَ عَلَيْهِ جَزَاءٌ آخَرُ وَلَا قِيمَةُ مَا أَكَلَ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح عَلَيْهِ جَزَاءُ مَا أَكَلَ لِأَنَّهُ فِعْلٌ مُحَرَّمٌ فِي الصَّيْدِ كَالْقَتْلِ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى صَيْدِ الْحَلَالِ وَصَيْدِ الْحُرُمِ وَمَا ذُبِحَ مِنْ أَجْلِهِ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَلَا يَأْكُلُهُ مُحْرِمٌ وَلَا حَلَالٌ ذَبَحَهُ حَلَالٌ أَوْ حَرَامٌ لِأَنَّ لِلْمُحْرِمِ مُشَارَكَةً فَأَشْبَهَ مُشَارَكَةَ الْبَازِيِّ الْمُعَلَّمِ لِغَيْرِ الْمُعَلَّمِ قَالَ سَنَدٌ وَذَكَاةُ الْمُحِلِّ مِنْ غَيْرِ إِعَانَةِ الْمُحْرِمِ وَأَمْرِهِ مُبِيحَةٌ لِلْمُحْرِمِ وَمَنَعَهُ قَوْمٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} الْمَائِدَة 96 وَفِي أبي

دَاوُد أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أُهْدِيَ إِلَيْهِ عَضُدُ صَيْدٍ فَلَمْ يَقْبَلْهُ وَقَالَ إِنَّا حُرُمٌ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الصَّيْدَ مَصْدَرٌ فَهُوَ فِعْلُ الصَّائِدِ لَا الْمَصِيدِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهَا وَاقعَة عين فَلَعَلَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَهِمَ أَنَّهُ صِيدَ مِنْ أَجْلِهِ وَيُعَضِّدُهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي أَبِي دَاوُدَ صَيْدُ الْبَرِّ لَكُمْ حَلَالٌ مَا لم تصيدوه أَو يصاد لَكُمْ زَادَ التِّرْمِذِيُّ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ قَالَ وَسَوَاءٌ فِي التَّحْرِيمِ ذَبْحُهُ لِيُهْدَى لَهُ أَوْ يُبَاعَ مِنْهُ لِوُجُودِ الْقَصْدِ فَإِنْ أَكَلَ وَعَلِمَ قَالَ مَالِكٌ عَلَيْهِ جَزَاءُ الصَّيْدِ كُلِّهِ لِأَنَّ الصَّيْدَ إِنَّمَا حَرُمَ اصْطِيَادُهُ لِأَكْلِهِ فَهُوَ مَقْصُودُ الْجِنَايَةِ فَأولى بترتب الجابر وَقَالَ أصْبع وح لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَكَلَ مَيْتَةً وَالْمَيْتَةُ لَا جَزَاءَ لَهَا وَقَالَ ش عَلَيْهِ مِنَ الْجَزَاءِ بِقَدْرِ مَا أَكَلَ مِنْهُ لَنَا أَنَّهُ كَفَّارَةٌ وَالْكَفَّارَةُ لَا تَتَبَعَّضُ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْحَلَالَ إِذَا أَكَلَ مِنْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِقَوْلِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كُلُوا إِنَّمَا صِيدَ مِنْ أَجْلِي وَإِذَا أَكَلَ مِنْهُ مُحْرِمٌ غَيْرُ الْمَقْصُودِ بِهِ عَالِمًا بِذَلِكَ فَعَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الْجَزَاءِ عَلَى الْمَقْصُودِ بِذَلِكَ بِوُجُوبِ الْجَزَاءِ عَلَى الْمُخْتَلِفِ بِوُجُوبِ الْجَزَاءِ وَاخْتُلِفَ فِي هَذَا فَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَرُوِيَ الْجَزَاءُ فَإِنْ صِيدَ مِنْ أَجْلِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ كُرِهَ لَهُ أَكْلُهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ مَرَّةً وَأَجَازَهُ أُخْرَى وَلَوْ صِيدَ مِنْ أَجْلِهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ وَلَمْ يَأْكُلْهُ حَتَّى حَلَّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَكْلُهُ مَكْرُوهٌ وَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ إِنْ فَعَلَ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ لَمْ يَذْبَحْ حَتَّى حَلَّ قَالَ سَنَدٌ وَفِي تَحْرِيمِ الْبَيْضِ عَلَى الْحَلَالِ إِذَا أَصَابَهُ الْمُحْرِمُ نَظَرٌ لِأَنَّ الْبَيْضَ لَا يَفْتَقِرُ إِلَى ذَكَاةٍ وَالظَّاهِرُ جَوَازُهُ وَيَلْزَمُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَأْكُلُ الْمُحْرِمُ بَيْضًا شُوِيَ مِنْ أَجْلِهِ وَإِن يُكَفِّرَ إِذَا أَكَلَهُ الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الْجَزَاءِ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} الْمَائِدَة 95 فَالْوَاجِبُ عِنْدَنَا وَعِنْدَ ش

الْمثل فِي النَّعَمِ كَمَا قَالَ تَعَالَى وَقَالَ ح الْقِيمَةُ لِوُجُوهٍ أَحَدُهَا قَوْله تَعَالَى {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قتل} وَلَمْ يَقُلْ جَزَاءٌ مَا قَتَلَ فَجَعَلَ الْهَدْيَ مِنَ النَّعَمِ لِمِثْلِ الْمَقْتُولِ وَهُوَ الْقِيمَةُ فَيُصْرَفُ فِي الْهَدْيِ وَثَانِيهَا اشْتِرَاطُ الْحَكَمَيْنِ وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ الْمِثْلَ مِنَ النَّعَمِ لَاكْتَفَى بِمَا حَكَمَ بِهِ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ بَلِ الْمُرَادُ الْقِيمَةُ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الرَّغَبَاتِ فِي سَائِرِ الْأَوْقَاتِ وَثَالِثُهَا أَنَّ الْآيَةَ تَسْلَمُ مِنَ التَّخْصِيصِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْمِثْلِ مِنَ النَّعَمِ يَخْرُجُ مَا لَا مِثْلَ لَهُ كَالْعَصَافِيرِ وَالنَّمْلِ وَالْقُمَّلِ وقَوْله تَعَالَى {لَا تقتلُوا الصَّيْد} عَامٌّ فِيهِ وَرَابِعُهَا أَنَّهُ مُتْلَفٌ عُدْوَانًا فَيُسَوَّى كَسَائِرِ الْمُتْلَفَاتِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْآيَةَ قُرِئت فجزاء مثل مَا قتل بتنوين الْجَزَاء وبإضافته والقراءتان منزلتان فيجيب الْعَمَلُ بِهِمَا وَالْجُمَعُ بَيْنَهُمَا مَا أَمْكَنَ فَعَلَى التَّنْوِينِ يَكُونُ الْمَعْنَى فَجَزَاءٌ مُمَاثِلٌ مِنَ النَّعَمِ وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ تَقَعُ بَيْنَ الْمَقْتُولِ وَالنَّعَمِ وَعَلَى الْإِضَافَةِ يُحْتَمَلُ مَا ذَكَرْنَاهُ وَمَا ذَكَرْتُمُوهُ فَيُرَدُّ الْمُحْتَمَلُ إِلَى الصَّرِيحِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الصَّيْدَ فِيهِ مَا هُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَمَا لَمْ يَتَقَرَّرْ فِيهِ شَيْءٌ وَمَا هُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ فَقَضَاءُ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ مُخْتَصٌّ بِتِلْكَ الْأَعْيَانِ وَالْوَقَائِعِ الَّتِي حَضَرَتْهُمْ وَلَمْ يُوجَدْ فِي النَّصِّ مَا يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ قَاعِدَةٌ كُلِّيَّةٌ فِي أَصْنَافِ تِلْكَ الصُّيُودِ وَلَا أَنْ نُقَلِّدَهُمْ بَلِ الْفِعْلُ الْمُضَارِعُ الَّذِي فِي الْآيَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ يَحْكُمُ بِهِ وَكَوْنُهُ جَزَاءَ الشَّرْطِ يَقْتَضِي وُقُوعَ ذَلِكَ فِي الزَّمَانِ الْمُسْتَقْبَلِ بَعْدَ قَتْلِ الصَّيْدِ الْمَحْكُومِ فِيهِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي فَهِمَهُ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَلِذَلِكَ لَمْ يَزَالُوا يَقْضُونَ فِي النَّعَامَةِ بِبَدَنَةٍ وَفِي حِمَارِ الْوَحْشِ بِبَقَرَةٍ وَفِي الضَّبُعِ بِشَاةٍ وَفِي الْغَزَالِ بِعَنْزٍ مَعَ اخْتِلَافِ قِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ وَتَقْدِيمُ مِثْلِ ذَلِكَ الْحُكْمِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ تَجَرُّدُ الْحُكْمِ فِي كُلِّ وَاقِعَةٍ وَعَدَمُ التَّقْلِيدِ وَأَنَّ الْقِيمَةَ مُلْغَاةٌ فَنَحْنُ نَمْنَعُ التَّقْلِيد فَمَا حُكِمَ فِيهِ بَلْ إِجْمَاعُهُمْ مُسْتَنِدٌ لِلْحَكَمَيْنِ كَسَائِرِ الْأَحْكَامِ الِاجْتِهَادِيَّةِ وَمَوَاقِعُ اخْتِلَافِهِمْ يَجْتَهِدُ فِيهِ الْحَكَمَانِ فِي تَرْجِيحِ أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَالْأَقْوَالِ وَمَا لَيْسَ فِيهِ حُكْمٌ يُنْظَرُ بِمَا وَقَعَ فِيهِ الْحُكْمُ أَو مَا تَقْتَضِيه الممائلة الْوَاقِعَةُ فِي الْآيَةِ

وَعَنِ الثَّالِثِ أَنِ الْقَاعِدَةَ الْأُصُولِيَّةَ أَنَّ الضَّمِيرَ الْخَاصَّ لَا يُوجِبُ تَخْصِيصَ عَامِّهِ فَالضَّمِيرُ فِي قَوْله تَعَالَى {وَمن قَتله مِنْكُم} خَاصٌّ بِمَا لَهُ مِثْلٌ وَلَا يَخْتَصُّ عُمُومَهُ سَلَّمْنَا التَّخْصِيصَ لَكِنَّ التَّخْصِيصَ أَوْلَى مِنْ إِلْغَاءِ قَوْله تَعَالَى {من النعم} {هَديا بَالغ الْكَعْبَة} وَمِنْ لِبَيَانِ جِنْسِ الْجَزَاءِ وَالْهَدْيُ إِنَّمَا يَكُونُ مِنَ النَّعَمِ أَيْضًا وَإِلْغَاءُ الظَّوَاهِرِ كُلِّهَا لِلتَّخْصِيصِ تَعَسُّفٌ وَعَنِ الرَّابِعِ قَوْله تَعَالَى {أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَام مَسَاكِين} وَتَسْمِيَتُهُ بِالْكَفَّارَةِ يَمْنَعُ قِيَاسَهُ عَلَى الْمُتْلَفَاتِ وَإِنَّهُ مِنْ بَابِ الْكَفَّارَاتِ وَقَالَ ش كُلُّ مَا حَكَمَ فِيهِ الصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ بِمِثْلٍ مِنَ النَّعَمِ لَا يُجْتَهَدُ فِيهِ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى تخطئتهم وَلَيْسَ مُخَالفا لِلْآيَةِ وَلِأَنَّهُ قَدْ حَكَمَ بِهِ الصَّحَابَةُ وَجَوَابُهُ لَا يَلْزَمُ تَخْطِئَتُهُمْ لِأَنَّا لَا نُخَالِفُهُمْ بَلْ لَا نَحْكُمُ إِلَّا بِمَا حَكَمُوا بِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهُمْ رَدًّا عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِأَنَّهُ قَدْ نَصَّ عَلَى أَنَّ فِي الضَّبُعِ كَبْشًا وَلَمْ يَمْنَعْهُمْ ذَلِكَ مِنَ الِاجْتِهَادِ وَالْوَاجِبُ فِي الصَّيْدِ مِثْلُهُ فِي الصُّورَةِ أَوْ مَا يُقَارِبُهُ أَوْ طَعَامٌ بِمِثْلِ قِيمَةِ الصَّيْدِ أَوْ صِيَامٌ بِقِدْرِ الطَّعَامِ لِكُلِّ مُدٍّ يَوْمٌ وَكِسْرَةٌ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّى الْجَزَاءَ كَفَّارَةً وَالْكَفَّارَاتُ الْإِطْعَامُ فِيهَا بِعَدَدِ أَيَّامِ الصِّيَامِ أَمْدَادًا أَوْ مَسَاكِينَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلٌ كَالْعَصَافِيرِ خُيِّرَ بَيْنَ قِيمَتِهِ طَعَامًا أَوْ عَدْلِهِ صِيَامًا تَفْرِيعَاتٌ خَمْسَةٌ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ يَحْكُمُ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ حَكَمَانِ عَدْلَانِ فَقِيهَانِ خِلَافًا لِ ش فِي الْفِقْهِ لِيَعْلَمَا مَوَاضِعَ الْإِجْمَاعِ وَالْخِلَافِ وأقضية السّلف وَمَاله مِثْلٌ وَمَا لَيْسَ كَذَلِكَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَا غير الإِمَام وَلَا يَكْتَفِي بالمروي وليبدآ بِالِاجْتِهَادِ وَلَا يَخْرُجَانِ عَنْ آثَارِ مَنْ مَضَى فَإِن اخْتلفَا ابتدآ الحكم حَتَّى يحصل فِيهِ اثْنَان وَإِن اخطأ خطأ بَينا كوضع الشَّاة مَوضِع الْبَدنَة نقص الْحُكْمُ وَالْخِيَرَةُ لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ فِيمَا يَحْكُمَانِ بِهِ من النعم أَو الطَّعَام أَو الصّيام

يأمرهما بِأَيَّتهَا شَاءَ فَيَحْكُمَانِ بِهِ لِأَنَّ أَوْ فِي الْآيَةِ لِلتَّخْيِيرِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَلَهُ أَنْ يَخْتَارَ بَعْدَ الْحُكْمِ غَيْرَ الْمَحْكُومِ بِهِ فَيَحْكُمَ بِهِ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ لَا بُدَّ مِنَ الْحُكْمِ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى الْجَرَادِ فَإِنْ كَفَّرَ بِغَيْرِ حُكْمٍ أَعَادَ إِلَّا حَمَامَ مَكَّةَ لَا يَحْتَاجُ إِلَى الْحُكْمِ وَأَحَبُّ إِلَيْنَا أَنْ يَكُونَا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ لَا مُتَعَاقِبَيْنِ وَتَوَقَّفَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي حَمَامِ الْحَرَمِ وَفِي الضَّبِّ اخْتِلَافٌ فَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ فِيهِ شَاةٌ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ قِيمَتَهُ طَعَامًا أَوْ عَدْلَ ذَلِكَ صِيَامًا وَكَذَلِكَ الثَّعْلَبٌ قَالَ سَنَدٌ وَلَا بُدَّ مِنْ لَفْظِ الْحُكْمِ وَالْأَمْرِ بِالْجَزَاءِ وَلَا تَكْفِي الْفَتْوَى لِظَاهِرِ الْآيَةِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْقَاتِلُ أَحَدَهُمَا لِظَاهِرِ الْآيَةِ أَنَّ الْحَكَمَيْنِ غَيْرُ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بَعْدَ الْحُكْمِ إِلَى اخْتِيَارِ غَيْرِ مَا حُكِمَ بِهِ لِأَنَّهُ حُكْمٌ بِالْعَدْلِ فَلَا يَنْتَقِضُ كَسَائِرِ صُوَرِ الْحُكْمِ وَجَوَابُهُ الْفَرْقُ بِأَنَّ التَّخْيِيرَ فِي هَذِهِ الْكَفَّارَةِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ فَلَا يَتَمَكَّنُ أَحَدٌ مِنْ إِبْطَالِهِ كَكَفَّارَةِ الْحِنْثِ وَإِفْسَادِ رَمَضَانَ وَالتَّخْيِيرُ فِي مَوَاضِعِ الْخِلَافِ بَيْنَ أَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ مُسْتَفَادٌ مِنَ الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ فَلِلْحَاكِمِ وَالْمُفْتِي رَفْعُهُ قَالَ وَالْحُكْمُ فِيمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ بِالدَّلِيلِ لَا بِالتَّقْلِيدِ فَيَكُونُ إِجْمَاعُهُمْ دَلِيلًا فَإِنِ اخْتَلَفُوا عَلَى قَوْلَيْنِ وَاسْتَوَوْا عِنْدَ الْحَكَمَيْنِ لَا يُقَلِّدَانِ وَيَطْلُبَانِ التَّرْجِيحَ الثَّانِي فِي الْجَوَاهِرِ الْوَاجِبُ فِي النَّعَامَةِ بَدَنَةٌ وَكَذَلِكَ الْفِيلُ لَكِنْ مِنَ الْهِجَانِ الْعِظَامِ الَّتِي لَهَا سَنَمَانِ خُرَاسَانِيَّةٌ فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ فَقِيمَتُهُ طَعَامًا دُونَ مَا يُشْبِعُ لَحْمُهُ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ لَيْسَ فِيهِ رِوَايَةٌ وَلَا لَهُ نَظِيرٌ لَكِنْ يُجْعَلُ فِي مَرْكِبٍ فِي الْمَاءِ وَيُنْظَرُ مَا نَزَلَتْ بِهِ فِي الْمَاءِ يُنْزَلُ بِالطَّعَامِ مِثْلُ ذَلِكَ وَلَا يَنْظُرُ إِلَى قِيمَتِهِ فَإِنَّهَا ضَرَرٌ عَظِيمٌ لِعِظَمِهَا وَفِي حِمَارِ الْوَحْشِ وَالْإِبِلِ وَبَقْرِ الْوَحْشِ بَقَرَةٌ وَفِي الضَّبُعِ شَاةٌ وَفِي الْكِتَابِ فِي الْيَرْبُوعِ وَالضَّبُعِ وَالْأَرْنَبِ وَنَحْوِهِ قِيمَتُهُ طَعَامًا وَيُخَيَّرُ بَيْنَ الطَّعَامِ وَالصِّيَامِ وَفِي حَمَامِ وَالْحرَام مَكَّة شَاةٌ وَكَذَلِكَ الدَّنَسِيُّ وَالْقُمْرِيُّ إِنْ كَانَ مِنَ

الْحَمَامِ عِنْدَ النَّاسِ وَالْيَمَامُ مِثْلُ الْحَمَامِ وَأَمَّا غَيْرُهُ مِنَ الْحَمَامِ فَحُكُومَةٌ وَفِي الذُّبَابِ وَالنَّمْلِ شَيْءٌ مِنَ الطَّعَامِ قَالَ سَنَدٌ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ فِي الْيَرْبُوعِ وَالْأَرْنَبِ عَنْزٌ وَفِي الضَّبِّ شَاةٌ وَأَجْمَعَ الصَّحَابَةُ فِي الشَّاةِ فِي حَمَامِ مَكَّةَ وَظَاهِرُ اللُّغَةِ أَنَّ كُلَّ مُطَوَّقٍ حَمَامٌ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ فِي الْقُمْرِيِّ وَنَحْوِهِ حُكُومَةٌ لِاخْتِلَافِ هَدِيرِهِ مَعَ الْحَمَامِ وَإِذَا عَدِمَتِ الشَّاةُ فِي حَمَامِ مَكَّةَ صَامَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَلَيْسَ فِيهِ صَدَقَةٌ وَلَا تَخْيِيرٌ وَالدَّبَا صِغَارُ الْجَرَادِ وَيَجِبُ فِي صِغَارِ الصَّيْدِ مِنَ النَّعَمِ مِثْلُ كِبَارِهِ وَفِي مَعِيبِهِ مِثْلُ سَلِيمِهِ وَقَالَ ش يَجِبُ فِي الْمَعِيبِ مَعِيبٌ وَفِي الْأَعْوَرِ هَدْيٌ أَوْ عَوِرٌ وَالْمَكْسُورِ وَيُرَاعَى جِنْسُ الْعَيْبِ فَلَا يُخْرَجُ الْأَعْرَجُ عَنِ الْأَعْوَرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} الْمَائِدَة 95 وأنفقوا على إِجْزَاء الصَّحِيح عَن المعييب وَاخْتَلَفُوا فِي إِجْزَاءِ الذَّكَرِ عَنِ الْأُنْثَى لَنَا قَوْله تَعَالَى {هَديا بَالغ الْكَعْبَة} وَالْهَدْيُ لَا يُجْزِئُ فِيهِ الصَّغِيرُ وَلِأَنَّهُ كَفَّارَةٌ بِالنَّصِّ وَلِدُخُولِ الصِّيَامِ فِيهِ فَلَا يَخْتَلِفُ فِي الصِّغَرِ وَالْكِبَرِ كَكَفَّارَةِ الْآدَمِيِّ إِذَا قُتِلَ وَمَا لَا مِثْلَ لَهُ يَلْحَقُ صَغِيرُهُ بِكَبِيرِهِ اعْتِبَارًا بِمَا لَهُ مِثْلٌ وَإِذَا أَوْجَبْنَا عُشْرَ قِيمَةِ الْأُمِّ فَمِنْ وَسَطِ أَقَلِّ مَا يُجْزِئُ وَفِي الْجَوَاهِر إِذا لم يستهل جَنِين الصَّيْد صراخا قَالَ أَشْهَبُ فِيهِ دِيَةٌ بِخِلَافِ الْآدَمِيَّاتِ وَفِي الْبَيْضَةِ عُشْرُ الدِّيَةِ وَقِيلَ حُكُومَةٌ الثَّالِثُ فِي الْكتاب أدنى مَا يُجزئ فِي جَزَاء الصَّيْدِ الْجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ وَالثَّنِيُّ مِمَّا سِوَاهُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّاهُ هَدْيًا فَيُشْتَرَطُ فِيهِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الْهَدْيِ وَمَا لَمْ يَبْلُغْ ذَلِك فطعام أَو صِيَام وَإِذا أَرَادَ الطَّعَام قوم للصَّيْد وَقْتَ تَلَفِهِ حَيًّا وَيُجْزِئُ التَّمْرُ وَالشَّعِيرُ إِنْ كَانَ طَعَامَ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَيُجْزِئُ فِي الْإِطْعَامِ مَا يُجزئ فِي كَفَّارَات الْيمن وَيُقَوَّمُ الصَّيْدُ وَلَا يُقَوَّمُ جَزَاؤُهُ وَقَالَ ش يُقَوَّمُ الْجَزَاءُ لَا الصَّيْدُ بِدَرَاهِمَ ثُمَّ تُقَوَّمُ الدَّرَاهِمُ بِطَعَامٍ لِأَنَّ كُلَّ مُتْلَفٌ وَجَبَ مِثْلُهُ فَإِنَّمَا يَجِبُ إِذَا سَاوَاهُ فِي الْقِيمَةِ وَجَوَابُهُ أَنَّ سَائِرَ الصُّوَرِ الْمِثْلُ فِيهَا مُسَاوٍ لِلْمُتْلَفِ فِي الرغبات وَالْقيمَة وَهَا هُنَا قِيمَةُ الْبَدَنَةِ مُخَالِفَةٌ لِقِيمَةِ النَّعَامَةِ وَالْأَصْلُ مُسَاوَاةُ الْعقُوبَة

لِلْجِنَايَةِ قَالَ وَلَوْ قَوَّمَ الصَّيْدَ بِدَرَاهِمَ فَاشْتَرَى بِهَا طَعَامًا أَجْزَأَهُ لِعَدَمِ التَّفَاوُتِ غَالِبًا وَالطَّعَامُ أَصْوَبُ فَإِنْ شَاءَ الصَّوْمَ صَامَ عَدَدَ أَمْدَادِ الطَّعَام أَيَّامًا بمده عَلَيْهِ السَّلَام وَإِن جاور شُهُورًا وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَصُومَ مَكَانَ كَسْرِ الْمُدِّ يَوْمًا وَإِذَا أَطْعَمَ فَلِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ وَلَوْ أَعْطَى الْمَسَاكِينَ ثَمَنًا أَوْ عَرَضًا لَمْ يُجْزِئْهُ وَالْفَرَاهَةُ وَالْجَمَالُ لَا تُعْتَبَرُ فِي تَقْوِيمِ الصَّيْدِ بَلِ اللَّحْمُ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ كَانَ لِلْأَكْلِ وَإِنَّمَا يُؤْكَلُ اللَّحْمُ بِخِلَافِ الْمَمْلُوكَاتِ التَّحْرِيمُ فِيهَا لِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ أَغْرَاضُ الْمَالِكِ فَيَنْدَرِجُ فِيهِ الْجَمَالُ وَغَيْرُهُ وَإِذَا حُكِمَ فِي الْجَزَاءِ بِثَلَاثِينَ مُدًّا فَأَطْعَمَ عِشْرِينَ وَعَدِمَ الْبَاقِيَ فَلَهُ ذَبْحُ النُّسُكِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَصُومَ مَكَانَ الْعَشَرَةِ وَلَا تُلَفَّقُ الْكَفَّارَةُ مِنْ نَوْعَيْنِ لِأَنَّ التَّخْيِيرَ إِنَّمَا وَقَعَ بَيْنَ الْأَنْوَاعِ لَا بَيْنَ أَجْزَائِهَا وَتَتَابَعُ الصِّيَامِ أَفْضَلُ مِنْ تَفْرِيقِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَيُقَوَّمُ بِغَالِبِ طَعَامِ الْمَوْضِعِ الَّذِي قُتِلَ فِيهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَأَقْرَبُ الْمَوَاضِعِ إِلَيْهِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ يَحْيَى يَنْظُرُ كَمْ يُشْبِعُ الصَّيْدُ مِنْ نَفْسٍ فَيُخْرِجُ قَدْرَ شِبَعِهِمْ طَعَامًا لِأَنَّ كَثِيرًا مِنَ الْحَيَوَانِ لَا قِيمَةَ لَهُ كَالضَّبُعِ فَيَتَعَيَّنُ مُرَاعَاةُ الْمِقْدَارِ وَإِذَا كَانَ رَأْيُ الْحَكَمَيْنِ رَأْيَ الْحَنَفِيَّةِ فَحَكَمَا بِالْقِيمَةِ دَرَاهِمَ أَجْزَأَ إِذَا حَكَمَا بِهَا وَإِذَا أَرَادَ الِانْتِقَالَ إِلَى خَصْلَةٍ مِنَ الثَّلَاثَةِ لِتَعَذُّرِ الَّذِي حُكِمَ بِهِ فَلَا بُدَّ مِنَ الْحُكْمِ أَيْضًا وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْحُكْمُ وَيَصْبِرُ حَتَّى يَتَيَسَّرَ لَهُ أَوْ يَيْأَسَ فَيُحْكَمُ عَلَيْهِ بِغَيْرِهِ الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ جَزَاءُ الصَّيْدِ كَالْهَدَايَا لَا يُنْحَرُ إِلَّا بِمَكَّةَ أَوْ بِمِنًى إِنْ وَقَفَهُ بِعَرَفَةَ وَإِنْ لَمْ يُوقِفْهُ بِعَرَفَةَ سِيقَ إِلَى الْحِلِّ وَنُحِرَ بِمَكَّةَ وَإِنْ أَوْقَفَهُ بِعَرَفَةَ وَفَاتَهُ أَيَّامَ مِنًى نَحَرَهُ بِمَكَّةَ وَلَا يُخْرِجُهُ إِلَى الْحِلِّ ثَانِيَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} الْمَائِدَة 95 وَإِنَّمَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالطَّعَامِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي أَصَابَ الصَّيْدَ فِيهِ وَلَا يُطْعِمُ فِي غَيْرِهِ فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يُجْزِئْهُ وَأَمَّا الصِّيَامُ فَحَيْثُ شَاءَ أَمَّا الطَّعَامُ فَلِأَنَّهُ قِيمَةُ مُتْلَفٍ فَيَتَعَيَّنُ مَوْضِعُ الْإِتْلَافِ وَقَالَ ش يُقَوِّمُهُ بِمَكَّةَ قَالَ سَنَدٌ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ مُرَاعَاةُ الزَّمَانِ أَيْضًا وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ يَحْيَى فَيُرَاعَى الشِّبَعُ خَاصَّةً وَحَمَلَ مُحَمَّدٌ قَوْلَهُ يُطْعِمُ بِمَوْضِعِ الْإِتْلَافِ عَلَى اخْتِلَافِ السِّعْرِ فَإِنْ أَصَابَهُ بِالْمَدِينَةِ وَأَطْعَمَ

بِمصْر لم يُجزئهُ إِلَّا أَن يتَّفق سعراهما فَإِنْ أَصَابَ بِمِصْرَ وَأَطْعَمَ بِالْمَدِينَةِ أَجْزَأَهُ لِغَلَاءِ سِعْرِهَا وَهَذَا الْفَرْعُ يُلَاحَظُ فِيهِ مَعْنَى نَقْلِ الزَّكَاةِ مِنْ مَوْضِعِهَا وَإِذَا قُلْنَا يُطْعِمُ بِغَيْرِ مَوْضِعِ الْإِتْلَافِ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ يُخْرِجُ بِقِيمَةِ الطَّعَام بِهِ حَيْثُ أتلف فَيَشْتَرِي بِهَا طَعَامًا غَلَا أَوْ رَخُصَ وَرَاعَى ابْن حبيب الْأَكْثَر من ملكية مَا وَجَبَ عَلَيْهِ أَوْ مَبْلَغَ قِيمَتِهِ فَلَوْ لَمْ يُحْكَمْ عَلَيْهِ بِمَوْضِعِ التَّلَفِ بِشَيْءٍ حَتَّى رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ فَأَرَادَ الْإِطْعَامَ فَلْيُحْكِمْ عَلَيْهِ اثْنَيْنِ وَيَصِفْ لَهُمَا الصَّيْدَ وَسِعْرَ الطَّعَامِ بِمَوْضِعِ الصَّيْدِ فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِمَا تَقْوِيمُهُ بِالطَّعَامِ قَوَّمَاهُ بِالدَّرَاهِمِ وَيَبْعَثُ بِالطَّعَامِ إِلَى مَوْضِعِ الصَّيْدِ كَمَا يَبْعَثُ بِالْهَدَايَا إِلَى مَكَّةَ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ يَبْتَاعُ بِتِلْكَ الْقِيمَةِ طَعَامًا فِي بَلَدِهِ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ يُخْرِجُ الْأَكْثَرَ وَإِنْ أَرَادَ الصَّوْمَ صَامَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ بِعَدَدِ مَا يَحْفَظُ الْقِيمَةَ مِنْ أَمْدَادِ الطَّعَامِ بِمَوْضِعِهِ وَعَلَى أَصْلِ ابْنِ حَبِيبٍ يَصُومُ بِعَدَدِ مَا يَحْفَظُ الْأَكْثَرَ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يَجُوزُ إِخْرَاجُ شَيْءٍ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ بِغَيْرِ الْحَرَمِ إِلَّا الصّيام وَحكى الشَّيْخ أَبُو اسحق يُطْعِمُ حَيْثُ شَاءَ وَقِيلَ يُطْعِمُ فِي مَوْضِعِ قَتْلِ الصَّيْدِ الْخَامِسُ فِي الْكِتَابِ إِذَا حَكَمَا عَلَيْهِ بِالْهَدْيِ فَلَهُ أَنْ يُهْدِيَ مَتَى شَاءَ وَلَكِنْ إِنْ قَلَّدَهُ وَهُوَ فِي الْحَجِّ لَمْ يَنْحَرْهُ إِلَّا بِمِنًى وَإِنْ قَلَّدَهُ مُعْتَمِرًا بَعَثَ بِهِ إِلَى مَكَّةَ لِأَنَّهُ دَمٌ وَجَبَ لِارْتِكَابِ مَحْظُورٍ فَهُوَ كَالْكَفَّارَةِ فِي الذِّمَّةِ وَالْهَدْيُ لَهُ تَعَلُّقٌ بِالْحَجِّ فَيَتَعَيَّنُ حِينَئِذٍ مِنْ حَيْثُ هُوَ هَدْيٌ لَا مِنْ حَيْثُ هُوَ كَفَّارَةٌ السَّبَبُ الثَّانِي لِتَحْرِيمِ الصَّيْدِ الْحَرَمُ وَهُوَ أَيْضًا يَقْتَضِي تَحْرِيمَ النَّبَاتِ وَالشَّجَرِ وَهُمَا حَرَمَانِ حَرَمُ مَكَّةَ وَحَرَمُ الْمَدِينَةِ فَالْحَرَمُ الْأَوَّلُ حَرَمُ مَكَّةَ وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ لَمَّا فَتَحَ اللَّهُ على رَسُوله مَكَّة قَامَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فيهم فَحَمدَ لله وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ إِنَّ اللَّهَ حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ الْفِيلَ وَسَلَّطَ عَلَيْهَا رَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ ثُمَّ هِيَ حَرَامٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا

يُعْضَدُ شَجَرُهَا وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا وَلَا تَحِلُّ لُقَطَتُهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ فَقَالَ الْعَبَّاسُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَّا الْإِذْخِرَ فَإِنَّهُ لِقُبُورِنَا وَبُيُوتِنَا فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا الْإِذْخِرَ فَائِدَةٌ الْقَيْنُ الْحَدَّادُ وَالْعَضْدُ الْكَسْرُ وَفِيه فصلان الْأَوَّلُ فِي الصَّيْدِ وَهُوَ كَالْإِحْرَامِ فِي جِنْسِ مَا يَحْرُمُ وَالتَّسَبُّبِ لِلْإِتْلَافِ وَالْجَزَاءِ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ قَتْلَ الصَّيْدِ فِي الْحَرَمِ لَيْسَ مِثْلَ قَتْلِ الْمُحْرِمِ الصَّيْدَ فِي التَّحْرِيمِ قَالَ وَهَذَا خِلَافُ قَوْله تَعَالَى {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} الْمَائِدَة 95 وَالْحُرُمُ مَا كَانَ فِي الْحَرَمِ مُحْرِمًا فُرُوعٌ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ ذَبْحُ الْحَلَالِ بِمَكَّةَ الْحَمَامَ الْإِنْسِيَّ وَالْوَحْشِيَّ وَالصَّيْدَ يَدْخُلُهُ مِنَ الْحِلِّ وَقَالَهُ ش وَمَنَعَهُ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ بِسَبَبِ الْحَرَمِ قِيَاسًا عَلَى مَا إِذَا كَانَ عِنْدَهُ صَيْدٌ وَهُوَ حَلَالٌ فَأَحْرَمَ وَقِيَاسًا لِلْحَرَمِ عَنِ الْإِحْرَامِ وَالْجَوَابُ عَلَى الْأَوَّلِ الْمُعَارَضَةُ بِإِجْمَاعِ الْحَرَمَيْنِ وَالْقِيَاسُ عَلَى الشَّجَرِ إِذَا عَبَرَ إِلَى الْحَرَمِ وَعَن الثَّانِي الْفرق فَإِن الْإِحْرَام غلظ فِي الشَّرْعُ لِسُرْعَةِ زَوَالِهِ وَلَهُ مَنْدُوحَةٌ عَنْ مُبَاشَرَةِ الصَّيْد حِينَئِذٍ وساكنوا الْحرم يضطرون لذَلِك وَهُوَ يطول عَلَيْهِم أبدا الدَّهْرِ وَهُوَ الْجَوَابُ عَنِ الثَّالِثِ قَالَ سَنَدٌ وَأَمَّا الْعَابِرُ بِالصَّيْدِ إِلَى الْحَرَمِ وَهُوَ عَابِرُ سَبِيلٍ لَا يَذْبَحُهُ فِيهِ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ إِرْسَالُهُ فَإِنْ أَكَلَهُ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنَ الْحَرَمِ وَدَاهُ خِلَافًا لِأَشْهَبَ فِي الذَّبْحِ بِمَكَّةَ مِنْ أَهْلِهَا وَغَيْرِهِمْ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ مَا وَقَعَ مِنَ الْجَرَادِ فِي الْحَرَمِ لَا يَصِيدُهُ حَلَالٌ وَلَا حَرَامٌ لِأَنَّهُ صَيْدُ الْبَرِّ قَالَ كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ هُوَ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ لِأَنَّهُ نَثْرَةُ

حُوتٍ وَهُوَ فِي التِّرْمِذِيِّ وَجَوَابُهُ أَنَّ ذَلِكَ أَصْلُهُ وَالْمَرْعِيُّ حَالُهُ الْحَاضِرَةُ فَإِنَّهُ يَمُوتُ فِي الْمَاءِ وَقَدْ كَانَتِ الْخَيْلُ مُتَوَحِّشَةً فَأَنَّسَهَا إِسْمَاعِيلُ وَهِيَ إِلَى الْآنَ مُتَوَحِّشَةٌ بِالْهِنْدِ وَمَعَ هَذَا فَمَا تُرَاعَى حَالُهَا الْحَاضِرَةُ الثَّالِثُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْجَرَادِ قَبْضَةٌ مِنْ طَعَامٍ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَوْجَبَ ش تَمْرَةً وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَفِي الْجَلَّابِ فِي الْكَثِيرِ مِنَ الْجَرَادِ قِيمَتُهُ مِنَ الطَّعَامِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُ فُرُوعِهِ فِي السَّبَبِ الْأَوَّلِ الْفَصْلُ الثَّانِي فِي النَّبَات وَفِي الْكِتَابِ لَا يَقْطَعُ أَحَدٌ مِنْ شَجَرِ الْحَرَمِ شَيْئًا يَبِسَ أَمْ لَا فَإِنْ فَعَلَ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ تَعَالَى وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَالَ ش فِي الشَّجَرَةِ الْكَبِيرَةِ بَقَرَةٌ وَفِي الصَّغِيرَةِ شَاةٌ لِأَنَّهُ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقِيَاسًا عَلَى الصَّيْدِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ مَالِكًا ضَعَّفَهُ وَهُوَ إِمَامُ الْحَدِيثِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الشَّجَرَةَ إِنَّمَا مُنِعَ لِيُرْتَفَقَ بِهِ الصَّيْدُ فِي الْحَرَمِ فِي الْحَرِّ وَالْمَطَرِ فَهُوَ كَالْكُهُوفِ وَالْمَغَايِرُ لَا شَيْءَ فِيهِ لَا كَالصَّيْدِ وَلِأَنَّ مَا لَا يَضْمَنُهُ فِي الْحِلِّ الْمُحْرِمُ لَا يَضْمَنُهُ حَلَالٌ فِي الْحَرَمِ وَالْإِحْرَامُ كَالزَّرْعِ قَالَ وَلَا بَأْسَ بِمَا أَنْبَتَهُ النَّاسُ فِي الْحَرَمِ مِنَ النَّخْلِ وَالشَّجَرِ وَالْبُقُولِ وَقَالَهُ ح خِلَافًا لِ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ فِي الشَّجَرِ لَنَا أَنَّ الْحَدِيثَ إِنَّمَا خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ وَالْعَضْدُ غَالِبًا إِنَّمَا يَكُونُ فِي الشَّجَرِ الْمُبَاحِ وَقِيَاسًا عَلَى الزَّرْعِ قَالَ وَيَجُوزُ الرَّعْيُ فِي الْحَرَمِ فِي الْحَشِيش وَالشَّجر وإكراه الِاحْتِشَاشَ لِلْحَرَامِ وَالْحَلَالِ خَشْيَةَ قَتْلِ الدَّوَابِّ وَكَذَلِكَ الْحَرَامُ فِي الْحِلِّ فَإِنْ سَلِمُوا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِم وَلَا بَأْس بقلع الْإِذْخر والسنامن الْحَرَمِ أَمَّا الْإِذْخِرُ فَلِلْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ وَأَمَّا السَّنَا فَلِأَنَّهُ يُحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي الْأَدْوِيَةِ وَيُحْمَلُ لِسَائِرِ الأقطار ووافقنا

ش فِي الرَّعْيِ وَمَنْعَهُ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ لِأَنَّهُ تَسَبَّبَ فِي إِتْلَافِ مَا لَا يَجُوزُ إِتْلَافُهُ فَيُمْنَعُ كَالسَّبَبِ لِقَتْلِ الصَّيْدِ لَنَا أَنَّ الْحَاجَةَ إِلَى ذَلِكَ فَوْقَ الْحَاجَةِ إِلَى الْإِذْخِرِ فَيَجُوزُ وَمَنَعَ ش الِاحْتِشَاشَ فَإِنِ احْتَشَّ ضَمِنَ مَا نَقَصَهُ الْقَلْعُ فَإِنِ اسْتَخْلَفَ وَنَبَتَ سَقَطَ الضَّمَانُ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى الرَّعْيِ قَالَ سَنَدٌ إِذَا قَطَعَ شَجَرَةً رَدَّهَا لِمَنْبَتِهَا فَإِنْ نَبَتَتْ ذَهَبَتِ الْجِنَايَةُ وَإِلَّا انْتَفَعَ بِهَا الصَّيْدُ فِي الْحَرَمِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا نَبَتَ فِي الْحَرَمِ مَا شَأْنُهُ أَنْ يُسْتَنْبَتَ أَوِ اسْتَنْبَتَ مَا عَادَتُهُ أَنْ يَنْبُتَ بِنَفْسِهِ فَالِاعْتِبَارُ بِالْجِنْسِ لَا بِحَالِهِ الْحَاضِرَةِ الْحَرَمُ الثَّانِي حَرَمُ الْمَدِينَةِ قَالَ مَالك وش وَابْنُ حَنْبَلٍ يَحْرُمُ صَيْدُهُ وَقَطْعُ شَجَرِهِ وَخَالَفَ ح لِحَدِيثِ أَنَسٍ كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يدْخل علينا وَابْن أَخ صَغِير يكنى أَبَا عمر وَكَانَ لَهُ نُغَيْرٌ يَلْعَبُ بِهِ فَمَاتَ فَدَخَلَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَاتَ يَوْمٍ فَرَآهُ حَزِينًا فَقَالَ مَا شَأْنُهُ قَالَ مَاتَ نغره فَقَالَ يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ صَيْدِ الْمَدِينَةِ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ أَنَّهُ مَنْ نُغَرِ الْحَرَمِ وَقَدْ تَكُونُ مِنَ الْحِلِّ لَنَا مَا فِي مُسلم قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَأَنَا حَرَّمْتُ الْمَدِينَةَ كَمَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَكَّةَ وَإِنِّي دَعَوْتُ فِي صَاعِهَا وَمُدِّهَا مِثْلَ مَا دَعَا بِهِ وَفِيهِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَرَّمَ مَا بَيْنَ عَيْرٍ إِلَى ثَوْرٍ الْحَدِيثَ إِلَى قَوْلِهِ لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا وَلَا تُقْطَعُ مِنْهَا شَجَرَةٌ إِلَّا أَنْ يَعْلِفَ رَجُلٌ بَعِيرَهُ وَفِي الْكِتَابِ لَيْسَ فِي صَيْدِهِ جَزَاءٌ وَالْكَلَامُ فِي شَجَرِهِ كَالْكَلَامِ فِي شَجَرِ حَرَمِ مَكَّةَ وَيُكْرَهُ لَهُ قَطْعُ شَجَرِ غَيْرِ الْحَرَمِ إِذَا دَخَلَ فِي الْحَرَمِ لِأَنَّهُ يُنَفِّرُ بِذَلِكَ الصَّيْدَ مِنْهُ وَرَخَّصَ مَالِكٌ فِي قَطْعِ الْعَصَا والعصاتين من غير

شجر الْحرم وَكره ضبط شَجَرِ الْحَرَمِ لِلنَّهْيِ الْوَارِدِ فِيهِ فَأَمَّا الْجَزَاءُ فنفاه مَالك وش وَأَثْبَتَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ وَابْنُ نَافِعٍ قِيَاسًا عَلَى حَرَمِ مَكَّةَ لَنَا إِجْمَاعُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَلَوْ كَانَ لَعُلِمَ بِالضَّرُورَةِ عِنْدَهُمْ لِتَكَرُّرِهِ وَلِأَنَّهُ مَوْضِعٌ يُدْخَلُ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ فَلَا يُضْمَنُ صَيْدُهُ كَوَجٍّ وَهُوَ وَاد بِالطَّائِف وش يَمْنَعُ مِنْ صَيْدِهِ وَأَوْجَبَ ح فِي الْقَدِيمِ ضَمَانَهُ وَسَلْبَ الصَّائِدِ فِيهِ لِمَا فِي أَبِي دَاوُد أَن سعد ابْن أَبِي وَقَّاصٍ أَخَذَ رَجُلًا يَصِيدُ فِي حَرَمِ الْمَدِينَة فسلبه ثِيَابه وَقَالَ إِن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَرَّمَ هَذَا الْحَرَمَ وَقَالَ مَنْ وَجَدَ أَحَدًا يصيد فِيهِ فليسلبه وَجَوَابه أَن العقربه كَانَتْ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ بِالْمَالِ وَلَوِ اسْتَمَرَّ ذَلِكَ بِالْمَدِينَةِ لَتَوَاتَرَ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي تَحْرِيمِ أَكْلِ هَذَا الصَّيْدِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ وَقَالَ مَرَّةً يُكْرَهُ النَّوْعُ التَّاسِعُ الْجِمَاعُ وَالْأَصْلُ فِي تَحْرِيمِهِ وَإِفْسَادِهِ الْحَجَّ قَوْله تَعَالَى {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} الْبَقَرَة 197 وَالرَّفَثُ الْجِمَاعُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} الْبَقَرَة 187 وَفِي الْمُوَطَّأ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلَا يُنْكَحُ وَلَا يَخْطِبُ وَإِن عمر رَضِي الله عَنهُ وَأَبا هُرَيْرَة رَضِي الله عَنْهُمَا كَانُوا يسْأَلُون عَنِ الرَّجُلِ يُصِيبُ أَهْلَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ بِالْحَجِّ فَيَقُولُونَ يَنْفِرَانِ إِلَى وَجْهِهِمَا حَتَّى يَقْضِيَا حَجَّهُمَا ثُمَّ عَلَيْهِمَا الْحَجُّ قَابِلًا وَالْهَدْيُ وَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِذَا أَهَلَّا بِالْحَجِّ مِنْ قَابَلٍ يفترقان إِلَى وَجْهِهِمَا حَتَّى يَقْضِيَا حَجَّهُمَا ثُمَّ عَلَيْهِمَا الْحَجُّ قَابِلًا وَالْهَدْيُ وَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِذَا أَهَلَّا بِالْحَجِّ مِنْ قَابَلٍ يَفْتَرِقَانِ حَتَّى يَقْضِيَا حَجَّهُمَا وَفِي هَذَا النَّوْعِ فَصْلَانِ الْأَوَّلُ فِي الْجِمَاعِ نَفْسِهِ وَالثَّانِي فِي مُقَدِّمَاتِهِ

الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْجِمَاعِ وَفِي الْجَوَاهِرِ يَسْتَوِي فِي الْإِفْسَادِ الْجِمَاعُ فِي الْفَرْجِ وَالْمَحَلِّ الْمَكْرُوهِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ كَانَ مَعَهُ إِنْزَالٌ أَمْ لَا وَهُوَ يُوجِبُ الْإِفْسَادَ وَالْقَضَاءَ وَالْهَدْيَ إِنْ وَقَعَ قَبْلَ الْوُقُوفِ فَإِنْ وَقَعَ بَعْدَ النَّحْرِ قَبْلَ الرَّمْيِ فَعَلَيْهِ عُمْرَةٌ وَالْهَدْيُ وَهَدْيٌ آخَرُ لِتَأْخِيرِ الرَّمْيِ وَقِيلَ يُفْسِدُهُ وَفِي يَوْمِ النَّحْرِ قَبْلَ الرَّمْيِ وَالتَّقْصِيرِ الْمَشْهُورُ الْفَسَادُ وَرُوِيَ عَدَمُهُ وَإِنْ أَفَاضَ وَلَمْ يَرْمِ ثُمَّ وَطِئَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا الْهَدْيُ وَلَا عُمْرَةَ عَلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ إِنْ وَطِئَ يَوْمَ النَّحْرِ فَسَدَ حَجُّهُ إِذَا لَمْ يَرْمِ وَإِنْ أَفَاضَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ وَطِئَ يَوْمَ النَّحْرِ بَعْدَ الرَّمْيِ قَبْلَ الْإِفَاضَةِ فَعَلَيْهِ عُمْرَةٌ وَالْهَدْيُ حَلَقَ أَمْ لَا وَتَفْسُدُ الْعُمْرَةُ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَبَعْدَ السَّعْيِ رِوَايَتَانِ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ قَوَاعِدُ هَذِهِ الْفُرُوعِ فِي الرَّمْي قَالَ وَيجب تتميم فَاسِدِهِ كَصَحِيحِهِ ثُمَّ يَقْضِي وَيُهْدِي بَدَنَةً فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَبَقَرَةٌ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَشَاةٌ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَلَوْ أَخْرَجَ الشَّاةَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْبَدَنَةِ كُرِهَ وَيَتَأَدَّى بِالْقَضَاءِ مَا يَتَأَدَّى بِالْأَدَاءِ مِنْ فَرْضِ الْإِسْلَامِ وَغَيْرِهِ وَالْقَضَاءُ وَاجِبٌ عَلَى الْفَوْرِ وَفِي جَوَازِ تَقْدِيمِ الْهَدْيِ عَلَيْهِ خِلَافٌ وَلَوْ قَدَّمَ هَدْيَ قِرَانِ الْقَضَاءِ لَمْ يُجْزِئْهُ وَفِي إِجْزَائِهِ إِذَا قَلَّدَهُ وَأَخَّرَ نَحْرَهُ إِلَى حَجِّهِ الْقَضَاءِ خِلَافٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْإِيلَاجَ بِغَيْرِ إِنْزَالٍ أَوِ الْإِنْزَالُ بِأَيِّ أَنْوَاعِ الِاسْتِمْتَاعِ كَانَ يُفْسِدُ الْحَج وَالْعمْرَة خلافًا ل ح وش فِي الْإِنْزَال لِأَنَّهُ الْمَقْصُود من الوطئ تَفْرِيعَاتٌ أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ إِذَا جَامَعَ زَوْجَتَهُ فِي الْحَجِّ فَلْيَفْتَرِقَا إِذَا أَحْرَمَا بِحَجَّةِ الْقَضَاء وَلَا يَجْتَمِعَانِ حَتَّى يحلا سدا للذريعة وخصصه الشَّافِعِي وَابْنُ حَنْبَلٍ مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي وَطِئَهَا فِيهِ لِأَنَّ مَالِكًا رَوَاهُ عَنْ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ لِأَنَّهُمَا يَتَدَارَكَانِ مَا كَانَ بَيْنَهُمَا حِينَئِذٍ وَقَالَ ح لَا يَجِبُ ذَلِكَ كَمَا لَا يَجِبُ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ وَلَا فِي بَقِيَّةِ الْإِحْرَامِ

قَالَ ابْن يُونُس الِافْتِرَاق مَرْوِيّ عَنهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلَا خلاف فِيهِ فِي الْعمد وَكَذَلِكَ النَّاسِي خِلَافًا لِ ش قَالَ سَنَدٌ وَهَذَا الِافْتِرَاقُ مُسْتَحَبٌّ خِلَافًا لِابْنِ حَنْبَلٍ وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ لِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ لَوَجَبَ بِتَرْكِهِ الدَّمُ وَلَا دَمَ فَلَا يَجِبُ قَالَ وَلَا يُشْكِلُ بِعَقْدِ النِّكَاحِ لِأَنَّ تَرْكَهُ يَجِبُ وَلَا يَجِبُ بِفِعْلِهِ دَمٌ وَكِلَاهُمَا ذَرِيعَةٌ لِأَنَّ أَثَرَ تَحْرِيمِ الْعَقْدِ فِي عدم الِانْعِقَاد وَهَا هُنَا لَا أَثَرَ إِلَّا وُجُوبُ الدَّمِ لَوْ كَانَ وَاجِبًا بَلِ اسْتِصْحَابُ الزَّوْجَةِ كَاسْتِصْحَابِ الطِّيبِ وَالْمَخِيطِ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ يُحْرِمُ فِي قَضَاءِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مِنْ حَيْثُ أَحْرَمَ أَوَّلًا إِلَّا أَنْ يكون الأول ابعد من المقياة فَيحرم من الميقاة وَوَافَقَنَا ح فِي الْحَجِّ وَقَالَ فِي الْعُمْرَةِ يُحْرِمُ بِهَا مِنْ أَدْنَى الْحِلِّ لِأَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَضَتْ عُمْرَتَهَا مِنَ التَّنْعِيمِ وَجَوَابُهُ أَنَّهَا كَانَتْ قَارِنَةً فَأَرَادَتْ إِفْرَادَ الْعُمْرَةِ وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ إِنْ أَحْرَمَ أَوَّلًا قبل الميقاة وَكَذَلِكَ ثَانِيًا أَو بعد الميقاة أَحْرَمَ ثَانِيًا مِنْهُ لِأَنَّ كُلَّ مَسَافَةٍ وَجَبَ قَطْعُهَا فِي الْأَدَاءِ وَجَبَ فِي الْقَضَاءِ أَوْ مَا أَوْجَبَهُ الْإِحْرَامُ لَنَا قِيَاسُ الْمَكَانِ عَلَى الزَّمَانِ وَقَدْ سَلَّمَهُ الْجَمِيعُ قَالَ فَإِنْ تَعَدَّى الميقاة فِي الْقَضَاءِ وَكَانَ أَحْرَمَ فِي الْقَضَاءِ قَبْلَ ذَلِك أجرأه وَعَلِيهِ دم لتجاوز الميقاة وَإِذَا طَافَ الْقَارِنُ أَوَّلَ دُخُولِهِ مَكَّةَ وَسَعَى ثُمَّ جَامَعَ قَضَى قَارِنًا لِأَنَّ طَوَافَهُ وَسَعْيَهُ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ جَمِيعًا وَقَالَ الْأَئِمَّةُ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ مُفْرِدًا لِأَنَّهُ أَتَى بِأَفْعَالِ الْعُمْرَةِ وَجَوَابُهُمْ لَو كَانَ كَذَلِك لوَجَبَ الدَّم لتأخير خلافًا قَالَ وَإِنْ أَحْرَمَ بِحَجَّةِ الْقَضَاءِ قَبْلَ تَتِمَّةِ الْأَدَاءِ فَالثَّانِي لَغْوٌ وَلَا يَقْضِي وَيُتِمُّ الْفَاسِدَ لِأَنَّ الْحَجَّ لَا يَقْبَلُ الرَّفْضَ وَلَوْ جَامَعَ فِي عُمْرَتِهِ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ لَمْ يَكُنْ قَارِنًا لِأَنَّهُ إِنِ انْعَقَدَ صَحِيحًا لَا يُمْكِنُ امتزاجه مَعَ

الْعمرَة الْفَاسِدَة أَو فَاسِدا فحال لِأَنَّهُ لَمْ يُقَارِنْهُ مُفْسِدٌ فَلَا يَنْعَقِدُ إِحْرَامُهُ بِالْحَجِّ مُطْلَقًا وَإِنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ قَبْلَ قَضَاءِ عُمْرَتِهِ لَزِمَهُ وَقَضَاهَا بَعْدَ حَجِّهِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ بَعْدَ فَسَاد الْعمرَة فَيصير قَارنا لِأَن أعلا مَرَاتِبِ الْفَاسِدِ أَنْ يَكُونَ كَالصَّحِيحِ وَالْعُمْرَةُ الصَّحِيحَةُ لَا لمنع الْحَجَّ فَالْفَاسِدَةُ أَوْلَى وَإِذَا قُلْنَا يَنْعَقِدُ فَلَا يُجْزِئُهُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ أَوِ النَّذْرِ أَوِ التَّطَوُّعِ وَعَلَيْهِ هَدْيٌ فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ لِقِرَانِهِ وَيَقْضِي قَابِلًا قَارِنًا وَيُهْدِي هَدْيَيْنِ لِقِرَانِ الْقَضَاءِ وَالْفَسَادِ وَإِنْ أَتَمَّ عُمْرَتَهُ الْفَاسِدَةَ فَلَا يُحْرِمُ بِالْحَجِّ حَتَّى يَقْضِيَهَا فَإِنْ أَخَّرَ الْقَضَاءَ وَأَحْرَمَ بِالْحَجِّ صَحَّ إِحْرَامُهُ قَالَ مُحَمَّدٌ فَإِنْ كَانَتْ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فَحَلَّ مِنْهَا وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ قَبْلَ الْقَضَاءِ فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ وَعَلَيْهِ قَضَاءُ عُمْرَتِهِ بَعْدَ حِلِّهِ مِنَ الْحَجِّ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَفْسَدَ الْمُتَمَتِّعُ حَجَّهُ فَعَلَيْهِ دَمُ الْمُتْعَةِ وَهَدْيُ الْفَسَادِ عِنْدَ حَجَّةِ الْقَضَاءِ وَمَنْ أَفْسَدَ حَجَّهُ فَأَصَابَ صَيْدًا أَوْ حَلَقَ أَوْ تَطَيَّبَ أَوْ وَطِئَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ تَعَدَّدَتِ الْفِدْيَة وَالْجَزَاء واتحد هدي الوطئ لِأَنَّهُ لِلْفَسَادِ وَإِفْسَادُ الْفَاسِدِ مُحَالٌ فَإِنْ كَانَ مُتَأَوِّلًا سَقَطَ إِحْرَامُهُ أَوْ جَاهِلًا بِوُجُوبِ إِتْمَامِهِ اتَّحَدَتِ الْفِدْيَةُ لِأَنَّهُ لَمْ تُوجَدْ مِنْهُ الْجُرْأَةُ عَلَى مُحَرَّمٍ وَعَلَيْهِ الْهَدْيُ لِمَا تَقَدَّمَ وَيَتَعَدَّدُ الْجَزَاء لِأَنَّهُ إِتْلَاف غير فتوقف عَلَى الْإِثْمِ وَيَتَّحِدُ الْجَزَاءُ عِنْدَ ح بِالتَّأْوِيلِ وَعَذَرَهُ ش فَلَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِ شَيْئًا مُطْلَقًا كالوطئ فِي رَمَضَانَ نَاسِيًا وَأَلْحَقَ النَّاسِيَ بِالْجَاهِلِ قَاعِدَةٌ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ الْعِلْمَ قِسْمَانِ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَفَرْضُ عَيْنٍ وَهُوَ عِلْمُ الْإِنْسَانِ بِحَالَتِهِ الَّتِي يلابسها وَقد تقدم تَقْرِير ذَلِكَ فِي مُقَدِّمَةِ أُصُولِ

الْفِقْهِ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ فَكُلُّ مَنْ قَدِمَ عَلَى فِعْلٍ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّوَقُّفُ حَتَّى يَعْلَمَ حُكْمَ اللَّهِ فِيهِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عَصَى مَعْصِيَتَيْنِ بِتَرْكِ التَّعَلُّمِ وَبِتَرْكِ الْعَمَلِ وَلَا يُعْذَرُ بِجَهْلِهِ وَلِذَلِكَ أَجْرَاهُ مَالِكٌ فِي الصَّلَاةِ مَجْرَى الْعَامِدِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْعِصْيَانِ وَلَمْ يُلْحِقْهُ بالناسي وَهَا هُنَا عَذَرَهُ بِالْجَهْلِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ الْجَهْلَ قِسْمَانِ مَا لَا يَشُقُّ دَفْعُهُ عَادَةً فَلَا يُعْذَرُ بِهِ وَمَا يَشُقُّ فَيُعْذَرُ بِهِ كَمَنْ وَطِئَ أَجْنَبِيَّةً يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ أَوْ شَرِبَ خَمْرًا يَظُنُّهُ خَلًّا فَيُعْذَرُ إِجْمَاعًا وَمَشَاقُّ الْحَجِّ كَثِيرَةٌ فَنَاسَبَ التَّخْفِيفَ وَالْعَجَبُ أَنَّ النِّسْيَانَ فِي الْحَجِّ لَا يَمْنَعُ الْفِدْيَةَ وَهُوَ مُسْقِطٌ لِلْإِثْمِ إِجْمَاعًا وَأَسْقَطَهَا بِالْجَهْلِ وَالتَّأْوِيلِ الْفَاسِدِ الَّذِي يَثْبُتُ الْإِثْمُ مَعَهُمَا الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ إِنْ أَكْرَهَ نِسَاءَهُ مُحْرِمَاتٍ أَحَجَهُنَّ وَكَفَّرَ عَنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ كَفَارَّةً وَإِنْ بِنَّ مِنْهُ وَتَزَوَّجْنَ لِأَنَّ الْحَجَّ تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ وَالْإِكْرَاهُ يُوجِبُ الضَّمَانَ كَوَطْئِهَا صَائِمَةً مُكْرَهَةً فَإِنْ طَاوَعْنَهُ فَذَلِكَ عَلَيْهِنَّ دُونَهُ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ وَإِذَا تَزَوَّجَتْ جُبِرَ الثَّانِي عَلَى الْإِذْنِ لَهَا وَمَنْ وَطِئَ أَمَتَهُ وَقَدْ أَذِنَ لَهَا فِي الْحَجِّ فَعَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ بِهَا وَيُهْدِيَ عَنْهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَطَوْعُهَا لَهُ كَالْإِكْرَاهِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَلَوْ بَاعَهَا كَانَ ذَلِكَ عَلَيْهِ لَهَا قَالَ مُحَمَّدٌ وَهُوَ عَيْبٌ تُرَدُّ بِهِ قَالَ عبد الْملك وَيهْدِي عَنْهَا وَلَا يَصُومُ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الزَّوْجِ مَا يُحِجُّ زَوْجَتَهُ الْمُكْرَهَةَ فَلْتَفْعَلْ هِيَ ذَلِكَ مِنْ مَالِهَا وَتَرْجِعْ عَلَيْهِ وَإِذَا أَفْلَسَ الزَّوْجُ وَقَفَ لَهَا مَا يُحَجُّ بِهِ وَيُهْدَى فَإِذَا مَاتَتْ قَبْلَ ذَلِكَ رَجَعَ إِلَى الْغُرَمَاءِ إِلَّا الْهَدْيَ فَيَبْعَثُ بِهِ إِلَى مَكَّةَ وَقَالَ سَنَدٌ الْخِلَافُ الَّذِي فِي كَفَّارَةِ الْإِكْرَاهِ عَلَى الوطئ فِي الصَّوْم لَا يَأْتِي هَا هُنَا لِأَن الوطئ فِي الْحَجِّ يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ بِخِلَافِ الصَّوْمِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ لَا يَصُومُ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي وُجُوبِ ذَلِكَ عَلَيْهَا إِذَا أَعْسَرَ الزَّوْجُ قَوْلَانِ

نظرا إِلَى أَن أصل الْوُجُوب مُتَعَلق بهَا وَإِنَّمَا هُوَ يَحْمِلُ عَنْهَا الْإِكْرَاهَ أَوْ يُقَالُ وُجُودُ مَالِهِ شَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ الْفَصْلُ الثَّانِي فِي مُقَدمَات الوطئ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا دَاوَمَ الْمُحْرِمُ التَّذَكُّرَ لِلَّذَّةٍ أَوْ عَبَثَ بِذَكَرِهِ أَوِ اسْتَدَامَ الْحَرَكَةَ عَلَى الدَّابَّةِ أَوْ أَدَامَ النَّظَرَ لِلَّذَّةِ أَوْ بَاشَرَ حَتَّى أَنْزَلَ فَسَدَ حَجُّهُ وَكَذَلِكَ الْمُحْرِمَةُ قِيَاسًا عَلَى الصَّوْمِ فَإِنْ لَمْ يُبَالِغِ النَّظَرَ وَلَا دَاوَمَهُ فَأَنْزَلَ أَوْ بَاشَرَ فَالْتَذَّ وَلَمْ تَغِبِ الْحَشَفَةُ فَحَجُّهُ تَامٌّ وَعَلَيْهِ دَمٌ قَالَ سَنَدٌ وَرَوَى أَشْهَبُ إِنْ تَذَكَّرَ أَهْلَهُ حَتَّى أَنْزَلَ لَيْسَ عَلَيْهِ حَجٌّ قَابِلًا وَلَا عُمْرَةٌ وَعَلَيْهِ هَدْيُ بَدَنَةٍ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِأَنَّهُ لَا يُوجِبُ الْحَدَّ فَلَا يُفْسِدُ الْحَجَّ وَقَالُوا ذَلِكَ إِذَا جَامَعَ دُونَ الْفَرْجِ وَإِلْحَاقُ الْحَجِّ بِالْعِبَادَاتِ مِنَ الصَّوْمِ وَالِاعْتِكَافِ وَالطَّهَارَةِ أَوْلَى مِنَ الْحُدُودِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنْ بَاشَرَ وَلَمْ يُنْزِلْ فَرَوَى مُحَمَّدٌ إِنْ قَبَّلَ فَبَدَنَةٌ أَوْ غَمَزَ امْرَأَةً بِيَدِهِ فَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَذْبَحَ وَتُكْرَهُ الْمُبَاشَرَةُ وَمَسُّ الْكَفِّ وَرُؤْيَةُ الذِّرَاعِ وَحَمْلُهَا عَلَى الْمَحْمَلِ بَلْ يتَّخذ سُلَّمًا وَلَا بَأْسَ بِرُؤْيَةِ شَعْرِهَا وَإِفْتَاءِ الْمُفْتِي فِي أُمُورِ النِّسَاءِ النَّوْعُ الْعَاشِرُ عَقْدُ النِّكَاحِ والإنكاح من الْمحرم لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْجِمَاعِ وَلَا فِدْيَةَ فِيهِ دُونَ سَائِرِ الْمَحْظُورَاتِ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ وَغَيْرُهُ مَقْصِدٌ وَالَّذِي يُجْبَرُ إِنَّمَا هُوَ الْمَقَاصِدُ وَلَهُ مُرَاجَعَةُ زَوْجَتِهِ وَهُمَا مُحْرِمَانِ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ زَوْجَةٌ لِأَنَّهُمَا يتوارثان إِنَّمَا الرّجْعَة إِزَالَة مَانع من الوطئ النَّوْعُ الْحَادِيَ عَشَرَ التَّزَيُّنُ بِإِمَاطَةِ الْأَذَى وَالتَّنْظِيفِ وَالْأَصْل فِي منع هَذَا النَّوْع قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمُحْرِمُ أَشْعَثُ أَغْبَرُ وَفِيهِ تَفْرِيعَاتٌ ثَلَاثَةٌ

الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ إِذَا خَضَّبَ رَأْسَهُ أَوْ لِحْيَتَهُ بِحِنَّاءٍ أَوْ وَسْمَةٍ أَوِ الْمُحْرِمَةُ يَدَيْهَا أَوْ رِجْلَيْهَا أَوْ رَأْسَهَا أَوْ طَرَفَتْ أَصَابِعَهَا افْتَدَيَا وَإِنْ خَضَّبَ أُصْبُعَهُ لِجُرْحٍ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ إِنْ كَانَ لِلتَّدَاوِي وَإِلَّا فَلَا وَيَفْتَدِي فِي مُدَاوَاتِهِ بِالطِّيبِ مُطْلَقًا لِكَثْرَةِ الرَّفَاهِيَةِ فِي الطِّيبِ وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ إِنَّمَا تُوجِبُ الْحِنَّاءُ الْفِدْيَةَ فِي الرَّأْسِ إِذَا سَتَرَهَا لِأَنَّ أَزْوَاجَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كُنَّ يَخْتَضِبْنَ بِالْحِنَّاءِ وَهُنَّ حُرُمٌ وَوَافَقَنَا ح إِنْ عَمَّ الْعُضْوَ وَإِلَّا فَلَا لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى الدُّهْنِ بِجَامِعِ إِزَالَةِ الشَّعَثِ وَهَذِهِ أَوْلَى لِمَا فِيهِ مِنَ الْعِطْرِيَّةِ وَيُمْنَعُ صِحَّةُ حَدِيثِهِمْ قَالَ وَلَا بَأْسَ بِالْغَسْلِ بِالْأُشْنَانِ غَيْرِ الْمُطَيِّبِ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ مَنْ دَهَنَ كَفَّيْهِ أَوْ قَدَمَيْهِ مِنَ الشِّقَاقِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ دَهَنَهُمَا لِغَيْرِ عِلَّةٍ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ يَا أَهْلَ مَكَّةَ مَا شَأْنُ النَّاسِ يأْتونَ شعثا وَأَنْتُم مدهنون أهلوا إِذا رَأَيْتُمْ الْهِلَالَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الدُّهْنَ يُمْنَعُ مِنْهُ الْمُحْرِمُ وَلَا خِلَافَ فِي الْفِدْيَةِ فِي دَهْنِ الرَّأْسِ كَانَ عَلَيْهِ شَعْرٌ أَوْ لَا وَقَالَ مَالك وح بِهَا فِي دَهْنِ الْجَسَدِ خِلَافًا لِ ش وَابْنِ حَنْبَلٍ وَقَالَ سَنَدٌ إِذَا اسْتَعْمَلَ الدُّهْنَ فِي جَسَدِهِ لِعُذْرٍ افْتَدَى لِإِزَالَتِهِ الشَّعَثَ وَأَثَرُ الضَّرُورَةِ نَفْيُ الْإِثْمِ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ لَا بَأْس بالائتدام بالسيرج وَالسَّمْنِ وَيُكْرَهُ الِائْتِدَامُ وَالِاسْتِعَاطُ بِدُهْنِ الْبَنَفْسَجِ وَشِبْهِهِ وَلَهُ كُحْلُ عَيْنٍ بِالْإِثْمِدِ لِحَرٍّ يَجِدُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُطَيَّبًا وَإِنِ اكْتَحَلَ لِلزِّينَةِ افْتَدَى وَخَالَفْنَا الْأَئِمَّةُ لَنَا أَنَّهُ يُزِيلُ الشَّعَثَ مِنَ الْعَيْنِ كَمَا يُزِيلُ الدَّهْنُ شَعَثَ الرَّأْسِ وَفِي الْجُلَّابِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ

لَيْسَ عَلَى الرَّجُلِ فِي الْكُحْلِ فِدْيَةٌ لِأَنَّ جِنْسَهُ خَاصٌّ بِالنِّسَاءِ وَالْفَرْقُ عِنْدَنَا بَيْنَ الْكُحْلِ لِلضَّرُورَةِ لَا فِدْيَةَ فِيهِ وَدَهْنُ الْجَسَدِ لِلضَّرُورَةِ فِيهِ الْفِدْيَةُ أَنَّ الْعَيْنَ فِي حُكْمِ الْبَاطِنِ فَتُشْبِهُ الشُّقُوقَ فِي الْيَدِ أَوِ الرِّجْلِ قَالَ سَنَدٌ وَأَمَّا تَشْقِيقُ الْعَيْنِ بِمَا لَا يَتَحَجَّرُ عَلَى الْجَفْنِ فَخَفِيفٌ وَإِنْ كَانَ يَسْتُرُ الْبَشَرَةَ سَتْرًا كَثِيفًا كَالْقِرْطَاسِ عَلَى الدُّمَّلِ فَفِيهِ الْفِدْيَةُ وَفِي كُحْلِ النِّسَاءِ وَلُبْسِ الْحُلِيِّ وَغَيْرِهِ مِنَ الزِّينَةِ خِلَافٌ بَيْنِ أَصْحَابِنَا بِالْكَرَاهَةِ وَالتَّحْرِيمِ وَالْمَعْرُوفُ الْفِدْيَةُ فِي الْكُحْلِ بِخِلَافِ الْحُلِيِّ لِأَنَّ الْحُلِيَّ لَا يُزِيلُ شَعَثًا وَلَيْسَ عَلَى الْمُحْرِمِ شُعُوثَةُ اللِّبَاسِ بَلْ لَهُ تَجْدِيدُ الْمَلْبُوسِ وَيُبَالِغُ فِي تَنْظِيفِهِ إِذَا أَمِنَ مِنْ قَتْلِ الْهَوَامِّ وَلَا يُزِيلُ شَعَثَ جَسَدِهِ وَكَرِهَ مَالِكٌ النَّظَرَ فِي الْمرْآة للْمحرمِ والمحرمة لَيْلًا تَبْعَثَهُ عَلَى إِزَالَةِ الشَّعَثِ فِي الْجَوَاهِرِ يُكْرَهُ لَهُ غَمْسُ رَأْسِهِ فِي الْمَاءِ خِيفَةَ قَتْلِ الدَّوَابِّ فَإِنْ فَعَلَ أَطْعَمَ شَيْئًا مِنَ الطَّعَامِ وَلَيْسَ لَهُ غَسْلُهُ بِالسِّدْرِ وَالْخِطْمِيِّ وَيَفْتَدِي إِنْ فعل

(الباب الثامن في الفدية المرتبة على الترخيص بالمخيط والطيب وإلقاء التفث وغيرها)

(الْبَاب الثَّامِن فِي الْفِدْيَة الْمُرَتَّبَةِ عَلَى التَّرْخِيصِ بِالْمَخِيطِ وَالطِّيبِ وَإِلْقَاءِ التَّفَثِ وَغَيرهَا) وَالْأَصْل فِيهَا قَول تَعَالَى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} الْبَقَرَة 196 وَفِي الْكِتَابِ: هَلْ هِيَ عَلَى التَّخْيِيرِ لِوُرُودِ الْآيَةِ بِصِيغَةِ أَوْ وَهِيَ تَقْتَضِي التَّخْيِيرَ لُغَةً وَفِي الْمُوَطَّأِ كَانَ كَعْب بن عجْرَة مَعَه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - محرما فأذاه الْقمل فِي رَأسه فَأمره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنْ يَحْلِقَ رَأْسَهُ وَقَالَ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ مُدَّيْنِ لِكُلِّ مِسْكِينٍ أَوِ انْسُكْ بِشَاةٍ أَيَّ ذَلِكَ فَعَلْتَ أَجَزَأَ عَنْكَ وَلَا يَفْتَقِرُ إِلَى الْحُكْمَيْنِ وَإِنْ كَانَتِ الْقَاعِدَةُ حَمْلَ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَقَدْ أُطْلِقَتِ الْكَفَّارَة هَا هُنَا وَقُيِّدَتْ فِي الصَّيْدِ بِالْحُكْمِ لِاخْتِلَافِ السَّبَبِ وَهُوَ قَتْلُ الصَّيْدِ وَالتَّرَفُّهِ وَالْحُكْمُ وَهُوَ لِوُجُودِ الشَّبَهِ ثمَّة وشَاة كَيفَ كَانَت هَا هُنَا وَالْحَمْلُ إِنَّمَا يَكُونُ إِذَا اتَّحَدَ السَّبَبُ كَالْوُضُوءِ وَالتَّيَمُّمِ فَإِنَّ السَّبَبَ الْحَدَثُ أَوِ اتَّحَدَ الْحُكْمُ كَالْعِتْقِ فِي الْقَتْلِ وَالظِّهَارِ عَلَى الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ قَالَ وَيَسْتَوِي فِي التَّخْيِيرِ الْمُضْطَرُّ وَالْجَاهِلُ وَالنُّسُكُ شَاةٌ يَذْبَحُهَا حَيْثُ شَاءَ وَلَا يُشْتَرَطُ خُرُوجُهَا إِلَى الْحِلِّ وَلَا دُخُولُهَا فِيهِ وَكَذَلِكَ الْإِطْعَامُ وَهُوَ سِتَّةُ مَسَاكِينَ مُدَّيْنِ لِكُلِّ مِسْكِينٍ بمده - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِنْ عَيْشِ ذَلِكَ الْبَلَدِ بُرًّا أَوْ شَعِيرًا وَلَا يُجزئ الْغذَاء وَالْعشَاء لتعيينه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُدَّيْنِ وَأَجْزَأَ فِي كَفَّارَةِ الْحِنْثِ لِكَوْنِهَا مُدًّا مُدًّا وَالْغَذَاءُ وَالْعَشَاءُ أَفْضَلُ مِنْهُ وَقَالَ ش وح دَمُ الْفِدْيَةِ كَالْهَدْيِ يُذْبَحُ بِالْحَرَمِ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَة لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَمَرَ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ لَمَّا حَلَقَ

رَأْسَهُ أَنْ يُهْدِيَ هَدْيًا بَقَرَةً وَالْجَوَابُ مَنْعُ الصِّحَّةِ أَوْ حَمْلُهُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَقَالَ ش لَا يُطْعِمُ إِلَّا بِمَكَّةَ وَقَالَ ح يَجُوزُ دَفْعُهُ لِمِسْكِينٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ سَدُّ الْخَلَّةِ عَلَى أَصْلِهِ فِي الْكَفَّارَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ شَاءَ نَحَرَ الْبَدَنَةَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا وَإِنْ شَاءَ بَعِيرًا أَوْ بَقَرَةً وَلَهُ جَعْلُهَا هَدْيًا وَتَقْلِيدُهَا وَلَا يَنْحَرُهَا إِذَا قَلَّدَهَا إِلَّا بِمِنًى أَوْ بِمَكَّةَ إِنْ أَدْخَلَهُ مِنَ الْحِلِّ فَإِنِ افْتَدَى قَبْلَ الْفِعْلِ الْمُوجِبِ لم يُجزئهُ وَأفضل الْفِدْيَةِ أَفْضَلُ الْهَدَايَا الْإِبِلُ ثُمَّ الْبَقَرُ ثُمَّ الْغَنَمُ لِأَنَّهُ يُفَرَّقُ لَحْمًا فَيُسْتَحَبُّ فِيهِ الْكَثْرَةُ ومتابعة الصَّوْم أفضل وَلَو تبين اسْتِوَاء الْغذَاء وَالْعَشَاءِ لِلْمُدَّيْنِ أَجْزَأَهُ وَلَوْ أَطْعَمَ يَوْمَيْنِ أَجْزَأَهُ فَصْلٌ فِي تَدَاخُلِ الْفِدْيَةِ وَالْأَصْلُ فِي التَّدَاخُلِ قَوْله تَعَالَى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذَى من رَأسه ففدية} الْآيَة فَجَعَلَ الْوَاجِبَ أَحَدَ الْخِصَالِ مُرَتَّبًا عَلَى الْمَرَضِ وَالْأَذَى وَلَمْ يَخُصَّ بَعْضَ الْمَرَضِ بِشَيْءٍ فَيَجِبُ فِي حَمْلِهِ مَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْمَرَضِ فِدْيَةً وَاحِدَة وَيلْحق بِهِ النِّيَّة المتحدة والمجلس المتحذ بِجَامِعِ الْعَزْمِ عَلَى مُبَاشَرَةِ الْمَحْظُورِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْقِرَانِ أَنْوَاعُ التَّدَاخُلِ فِي مَوَارِدِ الشَّرْعِ وَعَدَدِهِ وَتَفَاصِيلِهِ فَلْيُرَاجَعْ مِنْ هُنَاكَ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا لَبِسَ قَلَنْسُوَةً لِوَجَعٍ ثُمَّ نَزَعَهَا فَعَاد إِلَيْهِ الوجع فلبسها إِن نَزعهَا بَدَأَ مِنْهُ فِيهَا فَدِيَتَانِ وَإِنْ كَانَ نَاوِيًا مُرَاجَعَتَهَا عِنْدَ مُرَاجَعَةِ الْمَرَضِ فَفِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ نَظَرًا لِاتِّحَادِ النِّيَّةِ وَالسَّبَبِ كَالْحُدُودِ وَكَذَلِكَ إِذَا وَطِئَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ وَوَافَقَنَا ح إِذَا وَطِئَ وَهُوَ يَعْتَقِدُ الْخُرُوجَ مِنْ إِحْرَامِهِ وَلَمْ يَخْرُجْ أَوِ اعْتَقَدَ رَفْضَهُ أَو اعْتقد بَقَاءَهُ أَو تكَرر الوطئ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فَإِنْ كَانَ يَعْتَقِدُ الْإِحْرَامَ وَوَطِئَ فِي مَجَالِسَ عَلَيْهِ فِي الْأَوَّلِ بَدَنَةٌ وَفِي الثَّانِي شَاةٌ سَوَاءٌ كَفَّرَ عَنِ الْأَوَّلِ أَمْ لَا وَعِنْدَ ش إِذَا لَمْ يَكُنْ كَفَّرَ حَتَّى وَطِئَ قَوْلَانِ فِي التَّدَاخُلِ وَإِذَا لَمْ يَتَدَاخَلْ فَهَلْ يَجِبُ فِي الثَّانِي بَدَنَةٌ أَوْ شَاةٌ قَوْلَانِ لَنَا أَنَّ الثَّانِيَ لَمْ يفْسد الْإِحْرَام

لِتَعَذُّرِ إِفْسَادِ الْفَاسِدِ فَلَا تَجِبُ فِيهِ كَفَّارَةٌ كَمَا لَوِ اتَّحَدَ الْمَجْلِسُ وَلَوْ لَبِسَ الثِّيَابَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ نَاوِيًا لُبْسَهَا إِلَى بُرْئِهِ مِنْ مَوْضِعِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ وَهُوَ يَنْوِي لُبْسَهَا مُدَّةً جَهْلًا أَوْ نِسْيَانًا أَو جرءة فكفارة وَاحِدَة لِاتِّحَاد النِّيَّة وَكَذَلِكَ الطّيب يَنْبع اتِّحَادَ النِّيَّةَ وَتَعَدُّدَهَا فَإِنْ دَاوَى قُرْحَةً بِدَوَاءٍ فِيهِ طِيبٌ ثُمَّ قُرْحَةً أُخْرَى بَعْدَهَا فَكَفَّارَتَانِ لِتَعَدُّدِ السَّبَبِ وَالنِّيَّةِ وَإِنِ احْتَاجَ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ لِأَصْنَافٍ فَلَبِسَ خُفَّيْنِ وَقَمِيصًا وَقَلَنْسُوَةً وَسَرَاوِيلَ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَإِنِ احْتَاجَ إِلَى خُفَّيْنِ فَلَبِسَهُمَا ثُمَّ إِلَى قَمِيصٍ فَلَبِسَهُ فَكَفَّارَتَانِ لِتَعَدُّدِ السَّبَبِ وَإِنْ قَلَّمَ الْيَوْمَ أَظْفَارَ يَدِهِ وَفِي الْغَدِ أَظْفَارَ يَدِهِ الْأُخْرَى فَفِدْيَتَانِ لِتَعَدُّدِ الْمَجْلِسِ وَإِنْ لَبِسَ وَتَطَيَّبَ وَحَلَقَ وَقَلَّمَ فِي فَوْرٍ وَاحِدَةٍ فَفِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ وَإِنْ تَعَدَّدَتِ الْمَجَالِسُ تَعَدَّدَتِ الْفِدْيَةُ وَقَالَهُ ح وَقَالَ ش هَذِهِ أَجْنَاسٌ لَا تَتَدَاخَلُ كَالْحُدُودِ الْمُخْتَلِفَةِ لَنَا أَنَّ الْمُعْتَبَرَ هُوَ التَّرَفُّهُ وَهُوَ مُشْتَرِكٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ وَاجِبٍ وَمُوجِبُ الْجَمِيعِ وَاحِدٌ وَهُوَ الْفِدْيَةُ فَتَتَدَاخَلُ كَحُدُودِ الْمُسْكِرِ الْمُخْتَلِفِ الْأَنْوَاعِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنِ احْتَاجَ إِلَى قَمِيصٍ ثُمَّ اسْتَحْدَثَ السَّرَاوِيلَ مَعَ الْقَمِيصِ فَفِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ لِسُتْرَةُ الْقَمِيصِ مَوْضِعَ السَّرَاوِيلِ فَلَوِ احْتَاجَ إِلَى السَّرَاوِيلِ أَوَّلًا فَفِدْيَتَانِ فَإِنِ احْتَاجَ إِلَى قَلَنْسُوَةٍ ثُمَّ بَدَا لَهُ فَلبس عِمَامَة أَو عكس فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ وَكَذَلِكَ لَوِ احْتَاجَ إِلَى قَمِيصٍ ثُمَّ جُبَّةٍ ثُمَّ فَرْوَةٍ أَوِ احْتَاجَ إِلَى قَلَنْسُوَةٍ ثُمَّ عِمَامَةٍ ثُمَّ إِلَى التَّظَلُّلِ قَالَ سَنَدٌ إِنِ اتَّصَلَ الْفِعْلُ لَا يَضُرُّ تَقَطُّعُ النِّيَّةِ مِثْلُ اسْتِعْمَالِ دَوَاءٍ فِيهِ الْعَنْبَرُ ثُمَّ يُوصَفُ لَهُ دَوَاءٌ فِيهِ الْمِسْكُ فَيَقْصِدُهُ بِفَوْرِ اسْتِعْمَالِ الْأَوَّلِ فَفِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ وَإِنِ اتَّصَلَتِ النِّيَّةُ وَتَقَطَّعَ الْفِعْلُ كَالْعَزْمِ عَلَى التَّدَاوِي بِكُلِّ مَا فِيهِ طِيبٌ فَيَسْتَعْمِلُ الْمِسْكَ ثُمَّ الْعَنْبَرَ فَفِدْيَةٌ

وَاحِدَةٌ فَإِنْ تَقَطَّعَا مَعًا كَمَا إِذَا لَمْ يَنْجَعْ دَوَاءُ الْمِسْكِ فَيَعْزِمُ عَلَى دَوَاءِ الْعَنْبَرِ فَلَا يتداخلان لتباين مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَالْمُرَاعَى فِي ذَلِكَ الْفَوْرُ والقرب وَإِذا احْتَاجَ إِلَى خُفَّيْنِ أَوْ ثِيَابٍ لَمْ تَتَعَيَّنْ وَلَهُ لُبْسُ خَفٍّ بَعْدَ خُفٍّ بِخِلَافِ الطِّيبِ إِذَا نَوَى طِيبًا مُمَسَّكًا فَاسْتَعْمَلَ بَعْدَهُ غَيْرَهُ فَكَفَّارَةٌ ثَانِيَةٌ وَالْفَرْقُ أَنَّ الطِّيبَ يَتْلَفُ عَيْنُهُ فَيَتَعَيَّنُ وَاللِّبَاسُ إِنَّمَا تتْلف مَنَافِعه فَلَا يَتَعَيَّنْ وَفِي الْجَوَاهِرِ حَيْثُ قُلْنَا تَجِبُ الْفِدْيَةُ بِاللُّبْسِ فَكَذَلِكَ إِذَا انْتَفَعَ بِهِ لِحَرٍّ أَوْ بَرْدٍ كَالنَّوْمِ وَإِنْ لَمْ يَنْتَفِعْ حَتَّى ذَكَرَ وَنَزَعَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْخُفُّ إِذَا نَزَعَهُ عَلَى الْقُرْبِ

(الباب التاسع في دماء الحج)

(الْبَابُ التَّاسِعُ فِي دِمَاءِ الْحَجِّ) وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرٍ يَجِبُ الدَّمُ فِي الْحَجِّ فِي أَرْبَعِينَ خَصْلَةً وَالنَّظَرُ فِي أَنْوَاعِهَا وَأَحْكَامِهَا وَبِقَاعِهَا وَأَزْمَانِهَا فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ فُصُولٍ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي أَنْوَاعِهَا النَّوْعُ الْأَوَّلُ مَا وَجَبَ مِنْ غَيْرِ تَخْيِيرٍ وَفِي الْكِتَابِ كُلُّ هَدْيٍ وَجَبَ عَلَى مَنْ تَعَدَّى مِيقَاتَهُ أَوْ تَمَتَّعَ أَو أَوْ قَرَنَ أَوْ أَفْسَدَ حَجَّهُ أَوْ فَاتَهُ الْحَجُّ أَوْ تَرَكَ الرَّمْيَ أَوِ النُّزُولَ بِمُزْدَلِفَةَ أَوْ نَذَرَ مَشْيًا فَعَجَزَ عَنْهُ أَوْ تَرَكَ مِنَ الْحَجِّ مَا يُجْبَرُ بِالدَّمِ إِذَا لَمْ يَجِدْ هَدْيًا صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً إِذَا رَجَعَ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَهُ أَنْ يَصُومَ الثَّلَاثَةَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ يَوْمِ النَّحْرِ فَإِنْ لَمْ يَصُمْ قَبْلَهُ صَامَ الثَّلَاثَةَ الَّتِي بَعْدَهُ وَيَصِلُ السَّبْعَةَ بِهَا إِنْ شَاءَ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى {وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} الْبَقَرَة 196 أَي من منى سَوَاء أَقَامَ بِمَكَّةَ أَمْ لَا وَإِنْ صَامَ بَعْضَهَا قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ كَمَّلَهَا فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَإِنْ أَخَّرَهَا عَنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ صَامَ مَتَى شَاءَ وَصَلَهَا بِالسَّبْعَةِ أَمْ لَا وَإِنَّمَا يَصُومُ الثَّلَاثَةَ فِي الْحَجِّ الْمُتَمَتِّعُ وَالْقَارِنُ وَمُتَعَدِّي الْمِيقَاتِ وَمُفْسِدُ الْحَجِّ وَمَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ وَأَمَّا مَنْ لَزِمَهُ ذَلِكَ لِتَرْكِ جَمْرَةٍ أَوِ النُّزُولِ بِمُزْدَلِفَةَ فيصوم مَتى شَاءَ وَكَذَلِكَ الوطئ بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ قَبْلَ الْإِفَاضَةِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَصُومُ إِذَا اعْتَمَرَ بَعْدَ أَيَّامِ مِنًى وَالْمَاشِي فِي نَذْرِهِ بِعَجْزٍ يَصُومُ مَتَى شَاءَ

لِأَنَّهُ يَقْضِي فِي غَيْرِ حَجٍّ فَيَصُومُ فِي غير حج وَقَالَ ش يَبْتَدِئ الْمُتَمَتّع الصَّوْم مِنْ حِينِ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ كَمَا قُلْنَاهُ وَقَالَ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ مِنْ حِينِ يُحْرِمُ بِالْعُمْرَةِ قِيَاسًا عَلَى الْحَجِّ وَفِي الْجَوَاهِرِ قِيلَ يَجُوزُ تَقْدِيمُ هَدْيِ الْمُتْعَةِ عَلَى الْحَجِّ بَعْدَ الْعُمْرَةِ لِأَن التَّطَوُّع الْحَج يجزء عَنْ وَاجِبِهِ فَهَذَا أَوْلَى لَنَا أَنَّ حَقِيقَةَ التَّمَتُّعِ إِنَّمَا يَحْصُلُ بِالْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ فَلَوْ تَقَدَّمَ الصَّوْمُ لَتَقَدَّمَ عَلَى سَبَبِهِ وَلِأَنَّ الْهَدْيَ لَا يُجْزِئُ قَبْلَ الْحَجِّ فَكَذَلِكَ بَدَلُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَين التَّكْفِير قبل الْحِنْث بعد بِالْيَمِينِ أَنَّ الْيَمِينَ هُوَ السَّبَبُ وَالْحِنْثُ شَرْطٌ وَالْحُكْمُ يَجُوزُ أَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَى سَبَبِهِ وَالْعُمْرَةُ لَيْسَتْ سَبَبًا بَلِ اجْتِمَاعُ الْإِحْرَامَيْنِ وَلَمْ يَحْصُلْ وَوَافَقَ ابْنُ حَنْبَلٍ فِي صَوْمِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لِأَنَّهُ مَرْوِيٌّ عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم خَالف ش وح لنَهْيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ صَوْمِهَا وَجَوَابُهُ أَنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ خَاصٌّ وَمَا ذَكَرُوهُ عَامٌّ فَيُقَدَّمُ الْخَاصُّ عَلَى الْعَامِّ وَوَافَقَنَا ش وَابْنُ حَنْبَلٍ أَنَّهُ يَصُومُ بَعْدَ عَرَفَةَ وَقَالَ ح يَتَعَيَّنُ الْهَدْيُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} الْبَقَرَة 196 فشرطها فِي الْحَج وَجَوَابه أَن الْوَاجِب فِي الْحَج لَا يُنَافِي الْوَاجِب فِي غَيْرِهِ فَإِنِ اسْتَدَلَّ بِمَفْهُومِ الزَّمَانِ فَهُوَ لَا يَقُولُ بِالْمَفْهُومِ ثُمَّ يَنْتَقِضُ بِصِيَامِ الظِّهَارِ فَإِنَّهُ مَشْرُوطٌ بِقَبْلِ الْمَسِيسِ وَيَجِبُ بَعْدَهُ وَلَنَا الْقِيَاسُ عَلَيْهِ وَعَلَى صَوْمِ رَمَضَانَ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ إِنْ أَخَّرَ الدَّمَ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَيَصُومُ كَتَأْخِيرِ قَضَاءِ رَمَضَانَ عَنْ وَقْتِهِ وَجَوَابه أَن الصَّوْم هَا هُنَا يدل عَلَى الْهَدْيِ فَلَوْ وَجَبَ الدَّمُ لَاجْتَمَعَ الْبَدَلُ والمبدل مَعَه وَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ قَالَ مَنْ تَرَكَ الْمِيقَاتَ فِي عُمْرَتِهِ أَوْ وَطِئَ أَوْ فَعَلَ مَا يَلْزَمُهُ بِهِ هَدْيٌ فَلَمْ يَجِدْهُ فَلْيَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَسَبْعَةً بَعْدَ ذَلِكَ وَكُلُّ مَنْ لَمْ يَصُمْ مِمَّنْ ذَكَرْنَاهُ حَتَّى رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ وَلَهُ بِهَا مَالٌ بَعَثَ بِالْهَدْيِ وَلَمْ يُجْزِئْهُ الصَّوْمُ وَكَذَلِكَ مَنْ أَيْسَرَ قَبْلَ صِيَامِهِ وَمَنْ وَجَدَ مَنْ يُسْلِفُهُ فَلَا يَصُمْ وَيَتَسَلَّفُ إِنْ كَانَ مُوسِرًا بِبَلَدِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي

الْحَجِّ} الْبَقَرَة 196 وَاشْتَرَطَ عَدَمَ الْهَدْيِ كَمَا اشْتَرَطَ عَدَمَ الْمَاءِ فِي التَّيَمُّمِ فَكَمَا يَتَسَلَّفُ لِلْمَاءِ يَتَسَلَّفُ لِلْهَدْيِ قَالَ سَنَدٌ إِذَا طَرَأَ مُوجِبُ الدَّمِ بَعْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فَلِمَالِكٍ فِي تَرْخِيصِهِ بِصَوْمِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ قَوْلَانِ قِيَاسًا عَلَى التَّمَتُّعِ بِجَامِع وجوب الثَّلَاث وَالسَّبْعَةِ أَوْ نَظَرَ إِلَى تَقَدُّمِ الْوُجُوبِ فِي التَّمَتُّعِ وَمَنْ شَرَعَ فِي صِيَامِ الثَّلَاثَةِ ثُمَّ وجد الْهَدْي اسْتحبَّ لَهُ الْهَدْيِ وَكَذَلِكَ إِنْ وَجَدَ بَعْدَهُ الثَّلَاثَةَ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ كَالْمُتَيَمِّمِ يَجِدُ الْمَاءَ فِي أَثْنَاءِ تَيَمُّمِهِ وَإِذَا وَجَدَهُ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ فَقَدْ وَجَبَ الْمُبْدَلُ قَبْلَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنَ الْبَدَلِ وَهُوَ التَّحَلُّلُ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى السَّبْعَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّيَمُّمِ أَنَّ الصَّوْمَ مَقْصُودٌ فِي نَفْسِهِ وَظَاهِرُ الْمُصْلِحَةِ وَالتَّيَمُّمُ بِالتُّرَابِ مُنَافٍ لِمَقْصُودِ الطَّهَارَةِ وَإِنَّمَا شَرَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى ضَبْطًا لِعَادَةِ التَّطْهِيرِ وَيَصُومُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ مُتَّصِلَةٍ إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهله وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَتِ الشَّافِعِيَّةُ يَجِبُ التَّفْرِيقُ لِأَنَّهُ هَيْئَة لِلْعِبَادَةِ فَلم يسْقط بالفوات كهيآت الصَّلَاةِ وَجَوَابُهُمْ أَنَّ هَذِهِ الْهَيْئَةَ وَاجِبَةٌ لِلْوَقْتِ فَتَفُوتُ بِفَوَاتِهِ كَالتَّفْرِيقِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي الْأَدَاءِ وَإِذَا لَمْ يَجِدِ الْهَدْيُ وَأَخَّرَ الصَّوْمَ حَتَّى مَاتَ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْوَارِثِ فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَتَطَوَّعَ عَنْهُ فَالْهَدْيُ لِأَنَّ الصِّيَامَ لَا تدخله النِّيَابَة وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ ابْنُ الْحَارِثِ لَا بُدَّ من اتِّصَال الثَّلَاثَة بَعْضهَا بِبَعْض وَكَذَا السَّبْعَةُ وَالْمَشْهُورُ خِلَافُهُ وَلَوْ مَاتَ الْمُتَمَتِّعُ قَبْلَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَوْ بَعْدَهَا أُخْرِجَ هَدْيُ التَّمَتُّعِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَلْزَمُ الْوَرَثَةَ الْهَدْيُ إِلَّا أَن يشاءوا وَلَا بِجمع بَيْنَ بَعْضِ الْبَدَلِ وَبَعْضِ الْمُبْدَلِ فِي سَائِرِ الْإِبْدَال بل وصنف وَاحِدٌ النَّوْعُ الثَّانِي مَا وَجَبَ مَعَ التَّخْيِيرِ وَهُوَ جَزَاءُ الصَّيْدِ وَفِدْيَةُ الْأَدَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ بَسْطُ فَرُوعِهَا فِي بَابِهَا

النَّوْعُ الثَّالِثُ التَّطَوُّعُ وَلَا أَعْلَمُ فِي التَّطَوُّعِ بِالْهَدْي خلافًا وَقد بعث - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْهَدَايَا تَطَوُّعًا مَعَ نَاجِيَةَ الْأَسْلَمِيِّ وَمَعَ غَيْرِهِ وَمَا زَالَ السَّلَفُ عَلَى ذَلِكَ وَفِي الْكِتَابِ إِنِ اسْتَحَقَّ هَدْيَ التَّطَوُّعِ اسْتَحَقَّ فَعَلَيْهِ بَدَلُهُ وَيَجْعَلُ مَا يَرْجِعُ بِهِ مِنْ ثَمَنِهِ فِي هدي كَمَا يفعل بِمَا يرجع بِهِ من عيب وَإِن ظلّ هَدْيُ التَّطَوُّعِ ثُمَّ وَجَدَهُ بَعْدَ أَيَّامِ النَّحْرِ نَحَرَهُ بِمَكَّةَ بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةِ يَجِدُهَا بَعْدَ أَيَّامِ الذَّبْحِ وَالْفَرْقُ تَعَيُّنُ الْهَدْيِ بِالتَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ وَالْأُضْحِيَّةُ لَا تَتَعَيَّنُ إِلَّا بِالذَّبْحِ أَوِ النَّذْرِ أَوِ التعين الْفَصْلُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهَا وَهِيَ عَشَرَةٌ الْحُكْمُ الْأَوَّلُ الشَّرِكَةُ فِيهَا وَفِي الْكِتَابِ لَا يُشْتَرَكُ فِي هَدْيِ تَطَوُّعٍ وَلَا وَاجِبٍ وَلَا نَذْرٍ وَلَا جَزَاءِ صَيْدٍ وَلَا فِدْيَةٍ وَأَهْلُ الْبَيْتِ والأجانب سَوَاء وَقَالَ ح وَيجوز الِاشْتِرَاكُ فِي الْهَدْيِ لِمُرِيدِي التَّقَرُّبِ كَانَ أَحَدُهُمَا مُتَطَوِّعًا أَمْ لَا فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا لَا يُرِيدُ التَّقَرُّبَ لَمْ يَجُزْ وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَل يجوز مُطلقًا يَقُول جَابر نحرنا مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعٍ وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعٍ وَهُوَ فِي الْمُوَطَّأِ وَمُسْلِمٍ وَقِيَاسًا عَلَى اشْتِرَاكِ أَهْلِ الْبَيْتِ فِي الْأُضْحِيَّةِ لَنَا مَا رَوَاهُ مَالِكٌ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا كُنْتُ أَرَى دَمًا يَقْضِي عَنْ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ وَالْقِيَاسُ عَلَى الشَّاةِ وَهِيَ تُبْطِلُ قِيَاسَهُمْ عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ فَإِنَّ الشَّرِكَةَ تَجُوزُ فِيهَا فِي الْأُضْحِيَّةِ بِخِلَافِ الْهَدْيِ اتِّفَاقًا وَقِيَاسًا عَلَى الرَّقَبَةِ فِي الْعِتْقِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأُضْحِيَّةِ وَالْهَدْيِ أَنَّ الْهَدْيَ شُرِعَ فِي الْإِحْرَامِ تَبَعٌ لَهُ وَالْإِحْرَامُ لَا شَرِكَةَ فِيهِ فَلَا شَرِكَةَ فِي الْهَدْيِ تَبَعًا لِأَصْلِهِ وَالْأُضْحِيَّةُ لَمْ تَتْبَعْ غَيْرَهَا قَالَ سَنَدٌ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ لَا بَأْسَ أَنْ

يَشْتَرِكُ فِي التَّطَوُّعِ لِأَنَّ حَدِيثَ جَابِرٍ كَانُوا فِي مُتَطَوِّعِينَ مُعْتَمِرِينَ وَإِذَا مَنَعْنَا الِاشْتِرَاكَ فِي التَّطَوُّعِ فَظَاهِرُ الْفِرَقِ بَيْنَ الْأَجَانِبِ وَالْأَقَارِبِ لِمَا فِي أبي دَاوُد أَنه نَحَرَ عَنْ آلِ مُحَمَّدٍ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بَقَرَةً وَاحِدَةً وَإِنْ أَجَزْنَا الِاشْتِرَاكَ فَلَا يَخْتَصُّ بِأَهْلِ الْبَيْتِ وَلَا بِسَبْعٍ قِيَاسًا عَلَى عِتْقِ التَّطَوُّعِ وَالْخَصْمُ يَمْنَعُ ذَلِكَ كُلَّهُ اتِّبَاعًا لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَلَيْسَ فِيهِ إِلَّا مَفْهُومُ لَقَبٍ أَوْ عَدَدٍ وَهُمَا ضَعِيفَانِ فِي بَابِ الْمَفْهُومِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ الْأُصُولِ وَإِذَا اشْتَرَكَ الْأَجَانِبُ فَلَا فَرْقَ أَنْ يُوهَبَ لَهُمْ أَوْ يبتاعوه اتّفقت أجزاؤهم أم اخْتَلَفَتْ إِلَّا أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يُشَارِكُهُمْ ذِمِّيٌّ وَلَا مَنْ لَا يُرِيدُ التَّقَرُّبَ كَمُرِيدِ بَيْعِ اللَّحْمِ وَنَحْوِهِ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ هِيَ النَّحْرُ وَالْعِبَادَةُ لَا يَكُونُ بَعْضُهَا لَيْسَ بِعِبَادَةٍ وَإِذَا أَرَادُوا قِسْمَةَ اللَّحْمِ فَإِنْ قُلْنَا الْقِسْمَةُ إِقْرَارُ حَقٍّ جَازَ وَإِنْ قُلْنَا بَيْعٌ فَلَا وَإِنْ تَصَدَّقُوا بِهِ جَازَ لِلْمَسَاكِينِ قِسْمَتُهُ كَمَا لَهُمْ بَيْعُهُ وَقِسْمَةُ ثَمَنِهِ الْحُكْمُ الثَّانِي التَّقْلِيدُ وَالْإِشْعَارُ وَهُمَا مِنْ سُنَّةِ الْهَدْيِ لِمَا فِي مُسْلِمٍ أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أشعر بَدَنَة فِي الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ ثُمَّ سَلَتَ الدَّمَ عَنْهَا وَفِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَانَ إِذَا أَهْدَى هَدْيًا مِنَ الْمَدِينَة قَلّدهُ وَأَشْعرهُ بِذِي الحليفة ويقلده قَبْلَ أَنْ يُشْعِرَهُ وَذَلِكَ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ إِلَى الْقِبْلَةِ يُقَلِّدُهُ بِنَعْلَيْنِ وَيُشْعِرُهُ مِنَ الشِّقِّ الْأَيْسَرِ ثُمَّ يُسَاقُ وَكَانَ إِذَا طَعَنَ فِي سَنَامِ هَدْيِهِ وَهُوَ يُشْعِرُهُ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ وَكَانَ يُجَلِّلُ بُدْنَهُ بِالْقَبَاطِيِّ وَالْأَنْمَاطِ وَالْحُلَلِ ثُمَّ يَبْعَثُ بِهَا إِلَى مَكَّةَ فَيَكْسُوهَا أَيَّامًا وَأَمَّا التَّقْلِيدُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى

{وَلا الْهَدْيَ وَلا الْقَلائِدَ} الْمَائِدَة 2 قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَا فَتَلْتُ قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقَلَّدَهَا هُوَ بِيَدِهِ وَقَالَ ح الْإِشْعَارُ بِدْعَةٌ لنَهْيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ تَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ وَعَنِ الْمُثْلَةِ وَجَوَابُهُ أَنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ خَاصٌّ فَيُقَدَّمُ عَلَى عُمُومِ مَا ذَكَرَهُ سَلَّمْنَا لَهُ التَّسَاوِيَ فِي الْعُمُومِ لَكِنَّ حَدِيثَ مُسْلِمٍ السَّابِقَ عَامَ الْوَدَاعِ وَحَدِيثَ الْمُثْلَةِ عَامَ أُحُدٍ فَيَكُونُ مَنْسُوخًا وَيُنْتَقَضُ عَلَيْهِ بِالْكَيِّ وَالْوَسْمِ فِي أَنْعَامِ الزَّكَاةِ وَالْجِزْيَةِ لِتَمَيُّزِهَا عَنْ غَيرهَا وَالْغَرَض هَا هُنَا أَيْضا أَن لَا تختلط بَعِيرهَا وَأَنْ يَتَوَقَّاهَا اللِّصُّ وَأَنْ يَنْحَرَهَا مَنْ وَجَدَهَا فِي محلهَا فَإِن التَّقْلِيد قد يَقع فَلَا يَكْفِي ثُمَّ هَذِهِ الشَّعِيرَةُ أَظْهَرُ فِي الْإِسْلَامِ من احْتِيَاجه لسند وَفِي الْكِتَابِ مَنْ أَرَادَ الْإِحْرَامَ وَمَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُقَلِّدْهُ ثُمَّ يُشْعِرْهُ ثُمَّ يُجَلِّلْهُ إِنْ شَاءَ وَذَلِكَ وَاسِعٌ ثُمَّ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ فَيَرْكَعُ وَيُحْرِمُ وَلَا يَنْبَغِي التَّقْلِيدُ وَلَا الْإِشْعَارُ إِلَّا عِنْدَ الْإِحْرَام إِلَّا أَن لَا يُرِيدَ الْحَجَّ فَيَفْعَلُ ذَلِكَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ وَأَرَادَ الْهَدْيَ فِيمَا يَسْتَقْبِلُ فَلَهُ أَنْ يُحْرِمَ وَيُؤَخِّرَ الْهَدْيَ وَيُقَلَّدُ الْهَدْي كُله ويشعر إِلَى الْغَنَمَ لَا تُقَلَّدُ وَلَا تُشْعَرُ وَتُقَلَّدُ الْبَقَرُ وَلَا تُشْعَرُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ لَهَا أَسْنِمَةٌ فَتُشْعَرُ وَالْإِشْعَارُ فِي الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ مِنْ سَنَامِهَا عَرْضًا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا تُقَلَّدُ بِالْأَوْتَارِ وَلَا تُقَلَّدُ فِدْيَةُ الْأَذَى لِأَنَّهَا نُسُكٌ وَلَيْسَتْ هَدْيًا وَمَنْ شَاءَ جَعَلَهَا هَدَيًا وَيُجْزِئُ الْهَدْيُ كُلُّهُ بِدُونِ التَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ مَالك يسْتَحبّ القليد بِمَا تنْبت الأَرْض وتجزي النَّعْل الْوَاحِدَة

لحُصُول التَّمْيِيز قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ الْإِشْعَارُ فِي أَيِّ الشِّقَّيْنِ شَاءَ وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ فِي الْأَيْمَنِ وَاخْتَارَهُ عبد الْوَهَّاب فِي المعونة لحديثه ابْنِ عَبَّاسٍ وَاخْتَارَ مَالِكٌ فِعْلَ ابْنِ عُمَرَ فَإِنَّهُ فِعْلُ الْحَرَمَيْنِ وَيُحْمَلُ الْحَدِيثُ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْبَعِيرِ سَنَامٌ قَالَ مَالِكٌ لَا يُشْعَرُ كَالْبَقَرِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وش يُشْعَرُ الْبَقَرُ لَنَا أَنَّهُ إِنَّمَا وَرَدَ فِي السَّنَامِ فَلَا يُشْرَعُ فِي غَيْرَهِ كَالْعِتْقِ وَكَالْغَنَمِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الْإِشْعَارُ طُولًا وَرَوَاهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ مُخْتَلِفًا وَالْمَعْنَى مُتَّفِقًا هَذَا يُرِيدُ عَرْضَ السَّنَامِ وَهَذَا يُرِيدُ طُولَ الْبَعِيرِ قَالَ مَالِكٌ وَلَا تُقَلِّدُ الْمَرْأَةُ وَلَا تُشْعِرُ إِلَّا أَنْ لَا تَجِدَ مَنْ يَلِي ذَلِكَ كَالذَّبْحِ قَالَ مَالِكٌ وَالْبَيَاضُ فِي الْجِلَالِ أَحَبُّ إِلَيْنَا وشق الْجلَال أحب إِلَيْنَا على الأسنمة لتثيت إِنْ كَانَتْ قَلِيلَةَ الثَّمَنِ كَالدِّرْهَمَيْنِ وَيُنْزَعُ الْعَالِي مِنْهَا لَيْلًا يخرقه الشوك وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا لَا يُجَلِّلُ حَتَّى يَغْدُوَ مِنْ مِنًى لِأَنَّ جِلَالَهُ كَانَت غَالِيَة قَالَ ابْن حبيب وش وَابْنُ حَنْبَلٍ تُقَلَّدُ الْغَنَمُ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَهْدَى غَنَمًا مُقَلَّدَةً وَجَوَابُهُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى قَلَائِدِ أَطْوَاقٍ كَانَتْ حَلْقِيَّةً فِي أَعْنَاقِهَا لَنَا لِأَنَّهَا لَا تُجْلَبُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ فَلَا تَحْتَاجُ إِلَى ذَلِكَ وَفِي الْجَوَاهِرِ قِيلَ بِكَرَاهَةِ تَقْلِيدِ النِّعَال الْحُكْمُ الثَّالِثُ تَعْيِينُهُ بِالتَّقْلِيدِ وَعِنْدَنَا يَتَعَيَّنُ وَعِنْدَ ش وح لَا يَتَعَيَّنُ إِلَّا بِالذَّبْحِ كَالْأُضْحِيَّةِ لِأَنَّهُ لَوْ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ لَمَا أَجْزَأَهُ وَنَحَرَهُ قِيَاسًا عَلَى الزَّكَاةِ بِعَيْنِهَا فَلَهُ إِبْدَالُهَا وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْحُكْمَ الْعَهْدِيَّ يَتَعَدَّى لِلْوَلَدِ حَتَّى

يَجِبُ نَحْرُهُ كَالِاسْتِيلَادِ فِي أُمِّ الْوَلَدِ وَوَلَدُ الْأُضْحِيَّةِ لَا يُنْحَرُ مَعَهَا وَهُوَ الْجَوَابُ عَنِ الثَّالِثِ فَإِنَّهُ إِذَا عَزَلَ شَاةَ الزَّكَاةِ فَوَلَدَتْ لَا يَلْزَمُ دَفْعُ وَلَدِهَا مَعَهَا وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ النَّحْرَ تَسْلِيمٌ لِمَا عَيَّنَهُ وَلَزِمَهُ وَفِي أَبِي دَاوُدَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ أَهْدَى نَجِيبًا فَأُعْطِيَ بِهَا ثَلَاثمِائَة دِينَار فَأتى النَّبِي فَأخْبرهُ بذلك ففال أَفَأَبِيعُهَا وَأَشْتَرِي بِهَا بُدْنًا قَالَ لَا انْحَرْهَا وَقِيَاسًا عَلَى تَسْلِيمِ الزَّكَاةِ إِلَى الْإِمَامِ قَبْلَ وُصُولِهَا لِلْمَسَاكِينِ وَفِي الْكِتَابِ كُلُّ هَدْيٍ وَاجِبٍ أَوْ تَطَوُّعٌ أَوْ نَذْرٌ أَوْ جَزَاءُ صَيْدٍ دَخَلَهُ عَيْبٌ بَعْدَ التَّقْلِيدِ أَجْزَأَ خِلَافًا لِ ش وح لنا أَنه غير مُتَمَكن من تغيره وَلَو ضل ثمَّ وجده بعد نَحره غَيره نَحره وَلَو مَاتَ لم يتَمَكَّن الْوَرَثَة من تَغْيِيره قَالَ سَنَدٌ إِنْ كَانَ ذَلِكَ بِتَفْرِيطٍ أَوْ تَعِدٍّ ضَمِنَ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ ذَلِكَ فَالتَّطَوُّعُ وَالْمَنْذُورُ لَا يُضْمَنُ وَلَوْ مَاتَ وَأَمَّا غَيْرُهُمَا فَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ الْقِيَاسُ الْإِبْدَالُ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا وَجَدَ الْهَدْيَ مَعِيبًا لَا يَرُدُّهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ يَرُدُّهُ قَالَ سَنَدٌ وَإِذَا قُلْنَا بِالتَّعْيِينِ بِالتَّقْلِيدِ فَعَطِبَ الْهَدْيُ قَبْلَ مَحِلِّهِ أُبْدِلَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} الْمَائِدَة 95 وَهَذَا لَمْ يَبْلُغِ الْكَعْبَةَ بِخِلَافِ الْمَنْذُورِ وَالْمُتَطَوِّعِ فَإِنَّهُ إِنَّمَا الْتَزَمَ نَحْرَهُ مَعَ الْإِمْكَانِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا أَخْطَأَ الرُّفَقَاءُ فَنَحَرَ كُلُّ وَاحِدٍ هَدْيَ صَاحِبِهِ أَجْزَأَهُمْ بِخِلَافِ الضَّحَايَا لِتَعَيُّنِهَا بِالتَّقْلِيدِ قَالَ سَنَدٌ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ ضَلَّ هَدْيُهُ يَوْمَ النَّحْر تَأْخِير خِلَافه إِلَى زَوَالِ الشَّمْسِ لِبَقَاءِ وَقْتِ النَّحْرِ عَسَاهُ ينْحَر قبل الْخلاف فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ حَلَقَ لِأَنَّهُ لَوْ وَجَدَهُ اسْتحبَّ لَهُ تَأْخِيره إِلَى غَد وَتَقْدِيم الْخلاف أَفْضَلُ مِنْ تَأْخِيرِهِ وَلَوْ نَحَرَ الضَّالَّ وَاجِدُهُ عَن نَفسه قَالَ مُحَمَّد يجزىء عَنْ صَاحِبِهِ وَمَنْ نَحَرَ هَدْيَ غَيْرِهِ عَنْ نَفْسِهِ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ هَدْيُ نَفْسِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِم لَا يُجزئ فِي غير الْعمد لتعينه قَالَ وَهَذَا يَقْتَضِي إِجْزَاءَهُ مَعَ الْعَمْدِ وَرَوَى أَشْهَبُ فِي الرُّفَقَاءِ يَضْمَنُ كُلُّ وَاحِدٍ لِصَاحِبِهِ بِخِلَافِ الضَّحَايَا عَكْسُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهِمَا وَقَالَ مَالِكٌ أَيْضًا مَنْ

ذبح شَاة صَاحبه المقلدة وأجزأته وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا وَإِذَا قُلْنَا لَا تُجْزِئُ عَنِ الأولى فَلَهُ الْقِيمَةُ كَأُمِّ الْوَلَدِ إِذَا قُتِلَتْ وَإِذَا لَمْ يَضْمَنْهُ صَاحِبُهُ وَأَخَذَ اللَّحْمَ لَمْ تُجْزِئِ الثَّانِيَ لِأَنَّ الْإِجْزَاءَ فَرْعُ الْمِلْكِ وَالْمِلْكُ فَرْعُ التحميلة وَهَلْ لِلْأَوَّلِ بَيْعُ اللَّحْمِ يَتَخَرَّجُ عَلَى الْخِلَافِ فَمَنْ وَجَدَ بِهَدْيِهِ عَيْبًا وَإِذَا عَطِبَ الْمَنْذُورُ قَبْلَ مَحِلِّهِ لَمْ يُضْمَنْ إِلَّا أَنْ يَتَعَدَّى أَوْ يُمْكِنَهُ ذَبْحُهُ فَيَتْرُكُهُ حَتَّى يَمُوتَ لِأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ عَلَى الذَّبْحِ وَقَدْ فَرَّطَ بِخِلَافِ الْعَبْدِ الْمَنْذُورِ عِتْقُهُ حَتَّى يَمُوتَ مَعَ الْمُكْنَةِ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ لِلْعِتْقِ هُوَ الْعَبْدُ وَقَدْ هَلَكَ وَالْمُسْتَحِقُّ لِلْهَدْيِ الْمَسَاكِينُ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا مَاتَ قَبْلَ بُلُوغِ بُدْنِهِ أَوْ هَدْيِ تَطَوُّعِهِ مَحِلَّهَا بَعْدَ تقليدها لَا يرجع مِيرَاثهَا الْحُكْمُ الرَّابِعُ فِي صِفَاتِهَا مِنَ الْجِنْسِ وَالسِّنِّ وَالسَّلَامَةِ مِنَ الْعُيُوبِ وَحُكْمُهَا فِي جَمِيعِ ذَلِكَ حُكْمُ الضَّحَايَا عَلَى مَا سَيَأْتِي مُفَسَّرًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَفِي الْجَوَاهِرِ تُعْتَبَرُ السَّلَامَةُ وَقْتَ الْوُجُوبِ حِينَ التَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ دُونَ وَقْتِ الذَّبْحِ وَقِيلَ يُرَاعَى وَقْتُ الذَّبْحِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا قَلَّدَهُ وَأَشْعَرَهُ وَهُوَ لَا يُجْزِئُ لِعَيْبٍ بِهِ فَزَالَ قَبْلَ بُلُوغِهِ لِمَحِلِّهِ لَمْ يُجْزِئْهُ وَعَلَيْهِ بَدَلُهُ إِنْ كَانَ مَضْمُونًا وَلَوْ حَدَثَ بِهِ ذَلِكَ بَعْدَ التَّقْلِيدِ أَجْزَأَهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ الْقِيَاسُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ قِيَاسًا عَلَى مَوته قَالَ أَبُو طَاهِر يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ يَجِبُ بِالتَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ أَوْ وَجَبَ لَكِنْ يُشْتَرَطُ دَوَامُ كَمَالِهِ إِلَى النَّحْرِ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ يَنْحَرُ الْمَعِيبَ وَيُبْدِلُهُ وَقَالَ ش لَا يُجْزِئُهُ كَالْأُضْحِيَّةِ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى الزَّكَاةِ إِذَا دَفَعَهَا إِلَى الْأَمَامِ وَفِي الْكِتَابِ لَا بَأْسَ بِالْهَدَايَا وَالضَّحَايَا مَعَ يَسِيرِ الْقَطْعِ أَوِ الشِّقِّ فِي الْأُذُنِ مِثْلُ السِّمَةِ وَنَحْوِهَا وَيَجُوزُ الْخَصِيُّ فِي الضَّحَايَا وَالْهَدَايَا وَبِالْخِبْرَةِ لِسِمَنِهِ وَطِيبِ لَحْمِهِ وَيَجُوزُ الْكَوْكَبُ عَلَى الْعَيْنِ مَعَ الْإِبْصَارِ بِهَا وَلَا يَجُوزُ الْبَيِّنُ الْعَرَجِ وَلَا الْبَين الْمَرَض من الدبر وَلَا الْإِبِلِ وَلَا الْمَجْرُوحُ إِذَا كَانَ الْجُرْحُ أَوِ الدَّبَرُ كَثِيرًا وَالَّذِي يُجْزِئُ مِنَ الْأَسْنَانِ فِي الْهَدَايَا وَالْفِدْيَةِ الْجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ وَالثَّنِيُّ مِنْ سَائِرِ الْأَنْعَامِ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ لَا يُجْزِئُ

إِلَّا الثَّنِيُّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ قَالَ مَالِكٌ إِلَّا أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَرْخَصَ فِي الْبُدْنِ مِنَ الضَّأْنِ وَالْبُدْنُ عِنْدَ مَالِكٍ مِنَ الْإِبِلِ وَحْدَهَا وَالذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ بُدْنٌ كُلُّهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} الْحَج 36 وَلَمْ يُفَصَّلْ وَيَجُوزُ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ مِنَ الْغَنَمِ وَغَيْرِهَا وَمَنْ أَهْدَى ثَوْبًا فَلْيَبِعْهُ وَيَشْتَرِي بِثَمَنِهِ مَا يَجُوزُ مِنَ الْهَدْيِ تَوْفِيَةً بِلَفْظِ الْهَدْيِ وَإِذَا اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فِي هَدْيِ التَّطَوُّعِ بَعْدَ التَّقْلِيدِ أَمْضَاهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ بَدَلُهُ وَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِأَرْشِهِ وَيَجْعَلُهُ فِي هَدْيٍ آخَرَ إِنْ بَلَغَ وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ فَلَوْ كَانَ وَاجِبًا أَبْدَلَهُ وَيَسْتَعِينُ بِأَرْشِهِ فِي الْبَدَلِ فَإِنْ جَنَى عَلَى الْهَدْيِ صَنَعَ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ مَا يَصْنَعُ بِأَرْشِ الْعَيْبِ الْحُكْمُ الْخَامِسُ فِي ضَلَالِهِ أَوْ سَرِقَتِهِ أَوْ هَلَاكِهِ قَبْلَ نَحْرِهِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا ضَلَّ الْهَدْيُ الْوَاجِبُ أَوْ جَزَاءُ الصَّيْدِ فَنَحَرَ غَيْرَهُ يَوْمَ النَّحْرِ ثُمَّ وَجَدَهُ بَعْدَ أَيَّامِ النَّحْرِ نَحَرَهُ أَيْضا لتعيينه أَوَّلًا وَمَنْ عَطِبَ هَدْيُهُ لِلتَّطَوُّعِ أَلْقَى قَلَائِدَهُ فِي دَمِهِ إِذَا نَحَرَهُ وَرَمَى عَنْهُ جُلَّهَ وَخِطَامَهُ وَخَلَّى بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَهُ وَلَا يَأْمُرُ مَنْ يَأْكُلُ مِنْهُ فَقِيرًا وَلَا غَنِيًّا فَإِنْ أكل أَو أَمر فَعَلَيهِ الْبَدَل سَبِيل الجل والخطام وسبيل اللَّحْمِ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ الله عَنهُ أَمرنِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنْ أَقِفَ عَلَى بُدْنِهِ وَأَنْ أَتَصَدَّقَ بِلُحُومِهَا وَأَجِلَّتِهَا قَالَ سَنَدٌ فَإِنْ أَخَذَ الْجُلَّ اخْتَصَّ الضَّأْن بِهِ وَيَضْمَنُهُ بِالْقِيمَةِ وَإِنِ اسْتَعْمَلَهُ رَدَّ مَا نَقَصَهُ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ بَعَثَ بِهِ مَعَ غَيْرِهِ عَمِلَ بِهِ مِثْلَ عَمَلِهِ وَإِنْ أَكَلَ لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُلْتَزِمًا لِلتَّقَرُّبِ فَإِنْ أَمَرَهُ رَبُّهُ بِالْأَكْلِ فَفَعَلَ ضَمِنَ رَبُّهُ وَإِنْ أمره أَن يخلي بَين النَّاس وَبَينه فَيتَصَدَّق بِهِ لم يضمن وأجازأ صَاحِبَهُ كَمَا لَوْ عَطِبَ مَعَهُ فَأَتَى أَجْنَبِيٌّ فَقَسَمَهُ بَيْنَ النَّاسِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا وَكُلُّ هَدْيٍ وَاجِبٍ ضَلَّ أَوْ مَاتَ قَبْلَ نَحْرِهِ فَعَلَيْهِ بَدَلُهُ لِأَنَّهُ فِي عُهْدَتِهِ حَتَّى يُنْحَرَ لِلْمَسَاكِينِ وَلَا يَضْمَنُ

التَّطَوُّعَ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْغَلْ ذِمَّتَهُ وَإِنَّمَا الْتَزَمَ التَّقَرُّبَ بِهَذَا الْهَدْيِ الْمُعَيَّنِ وَإِنْ سُرِقَ الْوَاجِبُ بَعْدَ ذَبْحِهِ أَجْزَأَهُ لِأَنَّ عَلَيْهِ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَة وَقد فعله الْحُكْمُ السَّادِسُ فِي نِتَاجِهَا وَأَلْبَانِهَا وَرُكُوبِهَا وَفِي الْكِتَابِ يُحْمَلُ نِتَاجُ النَّاقَةِ أَوِ الْبَقَرَةِ أَوِ الشَّاةِ وَهُوَ هَدْيٌ مَعَهَا عَلَى غَيْرِهَا إِنْ وَجَدَهُ وَإِلَّا فَعَلَيْهَا فَإِنْ عَجَزَتْ كُلِّفَ حَمْلَهُ لِأَنَّ حَقَّ الْهَدْيِ يَسْرِي لِلْوَلَدِ كَالِاسْتِيلَادِ فِي الْعتْق وَالتَّدْبِير وَالْكِتَابَة قَالَه الْأَئِمَّة وَقَالَ سَنَدٌ قَالَ أَشْهَبُ وَعَلَيْهِ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ حَتَّى يَجِدَ مَحِلًّا وَلَا يَحِلَّ لَهُ دُونَ الْبَيْتِ فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْهَدْيِ إِذَا وَقَفَ فَإِنْ وَجَدَ مُسْتَعْتَبًا أَبْقَاهُ لِيَكْثُرَ وَإِلَّا نَحَرَهُ مَوْضِعَهُ وَخَلَّى بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَهُ فَإِنْ أَكَلَ مِنَ الْوَلَدِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَلَيْهِ بَدَلُهُ وَهُوَ مِثْلُ التَّطَوُّعِ مِثْلُ أُمِّهِ يَأْكُل مِنْهُ أَن أَبَد لَهُ وَفِي الْوَاجِبِ لَيْسَ مِثْلَ أُمِّهِ لَا يَضْمَنُهُ إِذَا تَرَكَهُ وَيُخَلِّي بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَهُ وَيَصِيرُ كَالتَّطَوُّعِ فَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ أَبْدَلَهُ قَالَ أَشْهَبُ إِن بَاعه عَلَيْهِ هَدْيًا كَبِيرًا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ نَحَرَهُ فِي الطَّرِيقِ أَبْدَلَهُ بِبَعِيرٍ لَا بِبَقَرَةٍ يُرِيدُ فِي نتاج الْبَدنَة هَذَا كُله من النِّتَاج بَعْدَ التَّقْلِيدِ أَمَّا قَبْلَهُ فَلَا يَجِبُ وَاسْتَحَبَّ مَالِكٌ نَحْرَهُ إِذَا نَوَى بِأُمِّهِ الْهَدْيَ قَبْلَ الْإِشْعَارِ كَقَوْلِهِ فِي الضَّحَايَا وَلَوْ وَجَدَ الْأُمَّ مَعِيبَةً لَا تُجْزِئُ لَا يَتَصَرَّفُ فِي وَلَدِهَا وَكَانَ تَبَعًا لَهَا فِي حُكْمِ الْهَدْيِ وَفِي الْكِتَابِ لَا يُشْرَبُ مِنْ لَبَنِ الْهَدْيِ وَلَوْ فَضَلَ عَنْ وَلَدِهَا لِأَنَّهُ مِنْ نِتَاجِهَا فَإِنْ فَعَلَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ بَعْضَ مَنْ مَضَى أَرْخَصَ فِيهِ وَلِأَنَّهُ مَنْفَعَةٌ كَالرُّكُوبِ لِأَجْزَاءٍ كَالْوَلَدِ وَمَنِ احْتَاجَ إِلَى ظَهْرِ هَدْيِهِ فَلْيَرْكَبْهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَنْزِلَ بَعْدَ رَاحَتِهِ وَقَالَ ش لما فِي الصِّحَاح أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رأى رجل يَسُوق بَدَنَة فَقَالَ وركبها فَقَالَ إِنَّهَا بَدَنَةٌ قَالَ ارْكَبْهَا وَذَلِكَ فِي الثَّانِيَة أوالثالثة وَقَالَ ح إِنْ رَكِبَ ضَمِنَ مَا نَقَصَ وَتَصَدَّقَ بِهِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ

اضربها تَرْكُ الْحِلَابِ حَلَبَهَا وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ لَا يَشْرَبُ مِنْ لَبَنِهَا إِلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ وَرُوِيَ الْمَنْعُ مُطْلَقًا وَلَوْ فَضَلَ عَنْ فَصِيلِهَا وَجَوَّزَهُ الشَّافِعِيَّةُ مُطْلَقًا بَعْدَ كِفَايَةِ فَصِيلِهَا لِأَنَّ بَقَاءَهُ فِيهَا يَضُرُّ وَمَحْلُوبًا يَفْسُدُ الْحُكْمُ السَّابِعُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ وَهُوَ مِنْ أَحْكَامِ الْهَدْيِ وَهُوَ مَا وَجَبَ لِتَرْكِ نُسُكٍ أَوْ فَسَادِ الْإِحْرَامِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا اشْتَرَى فِي الْحَرَمِ أَخْرَجَ إِلَى الْحِلِّ أَوِ اشْتَرَى مِنَ الْحِلِّ أَدْخَلَ الْحَرَمَ وَهُوَ الَّذِي يُوقَفُ بِعَرَفَةَ وَلَا يُجْزِئُ إِيقَافُ غَيْرِ رَبِّهِ وَالْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ وَإِنْ بَاتَ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ مَا وَقَفَ بِهِ بِعَرَفَةَ فَحَسَنٌ لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَانَ لَا يُفَارِقُ هَدْيَهُ فِي سَائِرِ الْمَوَاطِنِ وَقَالَ ح وش لَا يُشْتَرَطُ خُرُوجُهُ إِلَى الْحِلِّ لِأَنَّ الْهَدْيَ مُشْتَقٌّ مِنَ الْهَدِيَّةِ فَإِذَا نَحَرَهُ فَقَدْ أَهْدَاهُ مِنْ مِلْكِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَتَحَقَّقَ مَعْنَاهُ وَجَوَابه أَنَّهُ مَهْدِيٌّ إِلَى الْحَرَمِ فَيَلْزَمُ أَنْ يُؤْتَى بِهِ مِنْ غَيْرِهِ فَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا وَهُوَ الْمَطْلُوبُ وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِالْهَدْيِ وَلَمْ يُبَيِّنْ أَحْكَامَهُ فَبَيَّنَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَسَاقَهُ مِنَ الْحِلِّ إِلَى الْحَرَمِ فَوَجَبَ ذَلِكَ كَمَا وَجَبَ السِّنُّ وَالْجِنْسُ وَالْمَنْحَرُ وَلِأَنَّهُ قُرْبَةٌ تَتَعَلَّقُ بِالْحَرَمِ فَأَشْبَهَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ قَالَ سَنَدٌ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ إِذَا اشْتَرَاهُ فِي الْحَرَمِ ذبحه سَفِيه وَأَجْزَأَهُ وَالَّذِي لَا يُجْزِئُ مِنْ إِيقَافِ الْغَيْرِ هُوَ الْبَائِعُ وَنَحْوُهُ وَأَمَّا عَبْدُكَ أَوِ ابْنُكَ فَيُجزئ لبعثه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هَدْيَهُ مَعَ غَيْرِهِ فَوَقَفَ بِهِ وَنَحَرَهُ وَيَجُوزُ أَن يُؤْتِي بِهِ من الميقاة مَعَ الْإِحْرَامِ مُقَلَّدًا مُشْعَرًا مُجَلَّلًا وَيَجُوزُ أَنْ يُؤْتَى بِهِ بَعْدَ يَوْمِ عَرَفَةَ يَوْمَ النَّحْرِ فَمَا أَتَى بِهِ قَبْلَ الْوُقُوفِ وَقَفَ بِهِ فَهُوَ الَّذِي يُحِلُّهُ مَوْضِعَ إِحْلَالِ الْمُحْرِمِ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُوقِفَهُ الْمَوَاقِفَ التَّابِعَةَ لِعَرَفَاتٍ فَإِنْ أَرْسَلَهُ مِنْ عَرَفَةَ قَبْلَ الْغُرُوبِ لَمْ يَكُنْ مَحِلُّهُ مِنًى لِعَدَمِ الْوُقُوفِ بِاللَّيْلِ وَإِذَا فَاتَ ذَلِك فَحَمله

مَكَّةُ وَمَنِ اشْتَرَى يَوْمَ النَّحْرِ هَدْيًا وَلَمْ يُوقِفْهُ بِعَرَفَةَ وَلَمْ يُخْرِجْهُ إِلَى الْحِلِّ فَيُدْخِلُهُ الْحَرَمَ وَلَا نَوَى بِهِ الْهَدْيَ بَلْ نَوَى الْأُضْحِيَّةَ فَلْيَذْبَحْهُ وَلَيْسَ بِالْأُضْحِيَّةِ لِأَنَّ أَهْلَ مِنًى لَيْسَتْ عَلَيْهِمْ أَضَاحِيُّ وَكُلُّ شَيْءٍ فِي الْحَجِّ فَهُوَ هَدْيٌ قَالَ التُّونُسِيُّ شُبِّهَ فِعْلُهُ بِفِعْلِ الْأَضَاحِيِّ لَمَّا نَوَى التَّقَرُّبَ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ وَلَمْ يُرِدْ أَنَّهَا شَاةُ لَحْمٍ الْحُكْمُ الثَّامِنُ نَحْرُهُ فِي الْحَجِّ إِذَا حَلَّ مِنْ حَجَّهِ بِمِنًى وَفِي عُمْرَتِهِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ السَّعْيِ عِنْدَ الْمَرْوَةِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا حَاضَتِ الْمُعْتَمِرَةُ بَعْدَ دُخُولِ مَكَّةَ قَبْلَ الطَّوَافِ وَمَعَهَا هَدْيٌ لَا تَنْحَرُهُ حَتَّى تَطُوفَ وَتَسْعَى وَإِنْ كَانَتْ تُرِيدُ الْحَجَّ وَخَافَتِ الْفَوَاتَ وَلَمْ تَسْتَطِعِ الطَّوَافَ للْحيض أهلت بِالْحَجِّ أوقفت الْهَدْيَ بِعَرَفَةَ وَنَحَرَتْهُ بِمِنًى وَأَجْزَأَهَا لِقِرَانِهَا وَمَنِ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَسَاقَ مَعَهُ هَدْيًا فَطَافَ لِعُمْرَتِهِ وَسَعَى نَحَرَهُ إِذَا تَمَّ سَعْيُهُ ثُمَّ يَحْلِقُ أَوْ يُقَصِّرُ وَلَا يُؤَخِّرُهُ إِلَى يَوْمِ النَّحْرِ فَإِنْ أَخَّرَهُ لَمْ يَبْقَ مُحْرِمًا وَأحرم يَوْم التورية وَأول الْعشْر أفضل وفإن أَخّرهُ فنحره عَن متعته إقتداء لَمْ يُجْزِئْهُ لِتَعَيُّنِهِ ثُمَّ قَالَ يُجْزِئُهُ وَقَدْ فَعَلَهُ الصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ قَالَ سَنَدٌ الْهَدْيُ مَشْرُوعٌ فِي الْعُمْرَةِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَحَرَ عَمَّنِ اعْتَمَرَ مِنْ نِسَائِهِ بَقَرَةً فَالَّتِي تُرِيدُ الْقرَان يتقلب هَدْيُهَا لِقِرَانِهَا كَمَا يَنْقَلِبُ إِحْرَامُهَا وَفِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا خَرَجْنَا مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَأَهْلَلْنَا بِعُمْرَةٍ ثُمَّ قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهِلّ بِالْحَجِّ مَعَ الْعُمْرَةِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَأَنَّ هَدْيَهُمْ ذَلِكَ يُجْزِئُهُمْ عَنِ الْقِرَانِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ يُهْدِي غَيْرَهُ أَحَبُّ إِلَيَّ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْقيَاس

لِتَعَيُّنِ الْهَدْيِ قَبْلَ نِيَّةِ الْقِرَانِ وَوَافَقَنَا ش فِي تَأْخِيرِ الْمُعْتَمِرِ هَدْيَهُ وَأَنَّهُ يُحِلُّ وَقَالَ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ لَا يُحِلُّ حَتَّى يَحُجَّ وينحر لقَوْله تَعَالَى {وَلَا تحلقوا رؤوسكم حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} الْبَقَرَة 196 وَفِي الْمُوَطَّأِ قَالَتْ حَفْصَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا وَلَمْ تُحِلَّ أَنْتَ فَقَالَ إِنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي وَقَلَّدْتُ هدبي فَلَا أُحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْهَدْيَ قَدْ بَلَغَ مَحِلَّهُ عِنْدَ الْمَرْوَةِ وَعَن الثَّانِي أَن عمرته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَتْ مَعَ الْحَجِّ مَعًا وَفِي الصَّحِيحَيْنِ تَمَتَّعَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ وَسَاقَ الْهَدْيَ مَعَهُ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَبَدَأَ فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ ثُمَّ أَهَّلَ بِالْحَجِّ وَإِذَا أَهْدَى لِعُمْرَتِهِ لَا يَقْصِدُ التَّمَتُّعَ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ لَا يُجْزِئُهُ عَلَى تَمَتُّعِهِ عَنِ الْقَوْلَيْنِ قَالَ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ بَلِ الْخِلَافُ جَارٍ فِيهَا وَإِنْ قَصَدَ بِهِ التَّمَتُّعَ فَقَدْ كَرِهَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الصُّورَتَيْنِ أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِتَعَيُّنِهِ نَافِلَةً وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلِتَعَيُّنِهِ قَبْلَ سَبَبِ وُجُوبِهِ كَالصَّلَاةِ قبل الْوَقْت وَفِي الْكتاب أذا بعث يهدي تَطَوُّعٍ مَعَ رَجُلٍ حَرَامٍ ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَهُ حَاجًّا فَإِنْ أَدْرَكَ هَدْيَهُ لَمْ يَنْحَرْهُ حَتَّى يُحِلَّ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ هَذَا الْهَدْيُ قَدِ ارْتَبَطَ بِإِحْرَامِ الْأَوَّلِ فَإِنَّ ذَلِكَ الْحُكْمَ يَنْقَطِعُ كَمَا لَوْ أَحْضَرَ الرَّسُولُ وَأَمْكَنَ رَبَّهُ الْوُصُولُ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ أَقْوَى مِنَ الْفَرْعِ وَالْمُوَكِّلُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ عَزْلِ الْوَكِيلِ قَالَ سَنَدٌ فَلَوْ كَانَ الرَّسُولُ دَخَلَ بِحَجٍّ ثُمَّ دَخَلَ رَبُّهُ بِعُمْرَةٍ قَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ يُؤَخِّرُهُ حَتَّى يَنْحَرَهُ فِي الْحَجِّ لِأَنَّ النَّحْرَ فِي الْحَجِّ أَفْضَلُ مِنَ الْعُمْرَةِ لِجَعْلِ الشَّرْعِ لَهُ زَمَانًا مُعَيَّنًا وَمَا اعْتَنَى الشَّرْعُ بِهِ يَكُونُ أَفْضَلَ فَإِنْ سَبَقَ الْهَدْيَ فِي عمرته وَدخل بِهِ بِعُمْرَة

فَأَرَادَ تَأْخِير حَتَّى يَحُجَّ مِنْ عَامِهِ قَالَ مَالِكٌ لَا يُؤَخِّرهُ لقَوْله تَعَالَى {فَلَا تحلقوا رؤسكم حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} الْبَقَرَة 196 الْحُكْمُ التَّاسِعُ صفة ذَبحهَا فِي الْكِتَابِ تُنْحَرُ الْبُدْنُ قِيَامًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنِ امْتَنَعَتْ جَازَ أَنْ تُعْقَلَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا} الْحَج 36 أَيْ سَقَطت وَفِي البُخَارِيّ نحر - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِيَدِهِ سَبْعَ بُدْنٍ قِيَامًا وَتُنْحَرُ الْإِبِلُ وَلَا تُذْبَحُ بَعْدَ النَّحْرِ لِلْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ وَلِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِزُهُوقِ رُوحِهَا وَاللَّهُ تَعَالَى كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَالْبَقْرُ تُذْبَحُ وَلَا تُنْحَرُ بَعْدَ الذَّبْحِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} الْبَقَرَة 67 قَالَ سَنَدٌ وَالْعَقْلُ رَبْطُ يَدَيْهَا مَثْنِيَّةً ذِرَاعُهَا إِلَى عَضُدِهَا لِأَنَّ فِي حَدِيث جَابر كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هُوَ أَصْحَابه يَنْحَرُونَ الْبُدْنَ مَعْقُولَةَ الْيُسْرَى قَائِمَةً قَالَ مَالِكٌ وَتُصَفُّ أَيْدِيهَا بِالْقُيُودِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ} الْحَج 36 قَالَ مَالِكٌ وَلَوْ تَفَرَّقَتْ بَعْدَ النَّحْرِ إِلَّا أَنْ يَخَافَ انْقِلَابَهَا فَيَنْحَرَهَا بَارِكَةً أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ تَفَرُّقِهَا وَيُمْسِكُهَا رَجُلَانِ رَجُلٌ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ وَهِيَ قَائِمَةٌ مَصْفُوفَةٌ أَحْسَنُ مِنْ نَحْرِهَا بَارِكَةً وَفِي الْكِتَابِ تكره النِّيَابَة فِي الزَّكَاة لِأَن مُبَاشرَة الْقرب أفضل وَكَذَلِكَ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَفْعَلُ فَإِنِ اسْتَنَابَ أَجَزْأَهُ إِلَّا فِي غَيْرِ الْمُسْلِمِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْقُرَبِ وَفِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نحر - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِيَدِهِ ثَلَاثِينَ بَدَنَةً وَأَمَرَنِي فَنَحَرْتُ سَائِرَهَا وَيَقُولُ مَنْ ذَبَحَ بِسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ فُلَانٍ فَإِنْ لَمْ يَقُلْ وَسَمَّى الله تَعَالَى أَجْزَأَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ} الْحَج 34 قَالَ

سَنَدٌ رَوَى أَشْهَبُ إِنَّ ذَكَاةَ الذِّمِّيِّ صَحِيحَةٌ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الذَّكَاةِ وَيَغْسِلُ الذِّمِّيُّ الْجُنُبَ إِذَا قَصَدَ الْجُنُبُ رَفْعَ الْجَنَابَةِ وَكَاسْتِنَابَتِهِ فِي الْعِتْقِ وَمَوْضِعُ الْمَنْعِ الذَّبْحُ بِخِلَافِ السَّلْخِ وَتَقْطِيعِ اللَّحْمِ وَالْمَقْصُودُ مِنَ التَّسْمِيَةِ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى مُخَالَفَةً الْجَاهِلِيَّةِ فِي تَسْمِيَةِ الْأَصْنَامِ حَتَّى لَوْ قَالَ اللَّهُ أَجْزَأَهُ أَمَّا ذِكْرُ الرَّحْمَنِ فَلَا يُنَاسِبُ حَالَ الْإِمَاتَةِ وَلَمْ يَرَ مَالِكٌ قَوْلَهُ اللَّهُمَّ مِثْلَ الْأَوَّلِ مُسْتَحْسَنًا خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ وَفِي الْكِتَابِ لَا يُعْطَى الْجَزَّارُ أُجْرَتَهُ مِنْ لَحْمِهَا وَلَا جُلُودِهَا وَلَا خِطَامِهَا وَلَا جُلِّهَا لِمَا فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَمرنِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنْ أَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ وَأَنْ أَتَصَدَّقَ بِلُحُومِهَا وَجُلُودِهَا وَأَجِلَّتِهَا وَأَنْ لَا أُعْطِيَ الْجَزَّارَ مِنْهَا شَيْئًا وَقَالَ نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنْ ذَبَحَهَا غَيْرُ صَاحِبِهَا قَاصِدًا صَاحِبَهَا أَجْزَأَهُ وَإِنْ لَمْ يَسْتَنْبِهْ لِوُجُوبِهَا بِالتَّقْلِيدِ وَإِنْ نحرها عَن نَفسه تَعَديا أَو غَلطا فَأَقُول ثَالِثهَا يُجزئ فِي الْغَلَط لوُجُود قصر الْقُرْبَةِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ التَّعَدِّي وَلَوْ دَفَعَهَا لِلْمَسَاكِينِ بَعْدَ بُلُوغِهَا مَحِلَّهَا وَأَمَرَهُمْ بِنَحْرِهَا وَرَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ فَاسْتَحْيَوْهَا فَعَلَيْهِ بَدَلُهَا كَانَتْ وَاجِبًا أَوْ تَطَوُّعًا لِأَنَّ تَفْرِيطَ الْوَكِيلِ كَتَفْرِيطِ الْمُوكل الْحُكْمُ الْعَاشِرُ الْأَكْلُ مِنْهَا وَفِي الْكِتَابِ يُؤْكَلُ مِنَ الْهَدْيِ كُلِّهِ وَاجِبِهِ وَتَطَوُّعِهِ إِذَا بَلَغَ مَحِلَّهُ إِلَّا ثَلَاثَةً جَزَاءَ الصَّيْدِ وَفْدِيَةَ الْأَذَى وَنَذْرَ الْمَسَاكِينِ فَإِنْ أَكَلَ فَلَا يُجْزِئُهُ وَعَلَيْهِ الْبَدَلُ وَقَالَ ح يَأْكُلُ مِنَ التَّطَوُّعِ وَهَدْيِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَجِبَا بِسَبَبِ مُحْرِمٍ فَلَمْ يَحْرُمَا عَلَيْهِ كَالتَّطَوُّعِ وَقَالَ ش يَأْكُلُ مِنَ التَّطَوُّعِ دُونَ مَا وَجَبَ فِي الْإِحْرَامِ وَاخْتلف أَصْحَابه فِي النّذر لِأَنَّهُ هَدْيٌ وَاجِبٌ كَفِدْيَةِ الْأَذَى وَجَزَاءِ الصَّيْدِ لَنَا قَوْله تَعَالَى {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا} الْحَج 36 وَهُوَ عَامٌّ خُصَّ مِنْهُ جَزَاءُ الصَّيْدِ لِأَنَّ بَدَلَهُ الَّذِي هُوَ الْإِطْعَامُ مُسْتَحَقٌّ

عَلَيْهِ لِلْغَيْرِ فَيَكُونُ هُوَ مُسْتَحَقًّا عَلَيْهِ لِلْغَيْرِ فَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ كَبَدَلِهِ وَكَذَا فِدْيَةُ الْأَذَى وَنَذْرُ الْمَسَاكِينِ فَإِنْ أَكَلَ مِنَ الثَّلَاثَةِ ضَمِنَ فِي جَزَاء الصَّيْد مَا قل أَو كَثُرَ وَعَلَيْهِ الْبَدَلُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا أَدْرِي قَوْلَ مَالِكٍ فِي نَذْرِ الْمَسَاكِينِ وَأَرَى أَنْ يُطْعِمَ الْمَسَاكِينَ قَدْرَ مَا أَكَلَ وَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ الْبَدَلُ لِأَنَّهُ عِنْدَ مَالِكٍ لَيْسَ مِثْلَ الْأَوَّلِ وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ تَرْكُ الْأَكْلِ مِنْهُ قَالَ وَإِذَا هَلَكَ هَدْيُ التَّطَوُّعِ قَبْلَ مَحِلِّهِ تَصَدَّقَ بِهِ وَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَيْهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ بَدَلُهُ فَإِنْ أَكَلَ فَعَلَيْهِ الْبَدَلُ لِاتِّهَامِهِ فِي ذَبْحِهِ وَكُلُّ هَدْيٍ مَضْمُونٍ هَلَكَ قَبْلَ مَحِلِّهِ فَلَهُ الْأَكْلُ مِنْهُ وَالْإِطْعَامُ لِلْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ وَلَا يَبِعْ مِنْهُ لَحْمًا وَلَا جُلًّا وَلَا جِلْدًا وَلَا خِطَامًا وَلَا قَلَائِدَ وَلَا يَسْتَعِينُ بِذَلِكَ فِي غَيْرِ الْأَوَّلِ وَالْمَبْعُوثُ مَعَهُ بِالْهَدْيِ يَأْكُلُ مِنْ كُلِّ هَدْيٍ إِلَّا الثَّلَاثَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِسْكِينًا وَفِي مُسلم لما بعث - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْهَدْيَ مَعَ نَاجِيَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ لَهُ أَرَأَيْتَ إِن أزحف مِنْهَا شَيْءٌ عَلَى مَعْنَى ضَعُفَ عَنِ الْمَشْيِ يُقَالُ رَجَفَ الْبَعِيرُ إِذَا خَرَّ مِنْ سَنَامِهِ على الارض من الأعياء وأوجفه الْيَسِير فَقَالَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - انْحَرْهُ وَاخْضِبْ نَعْلَهَا بِدَمِهَا وَاضْرِبْ بِهَا صَفْحَتَهَا وَلَا تَأْكُلْ مِنْهَا أَنْتَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ رُفْقَتِكَ قَالَ سَنَدٌ حَكَى مُحَمَّدٌ خِلَافًا فِي الْأَكْلِ مِنْ هَدْيِ الْفَسَادِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ إِنْ أَكَلَ مِنَ الْجَزَاءِ وَالْفِدْيَةِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وكل هدي جَازَ أكل بعضه وَجَاز أَكْلُ كُلِّهِ وَلَا حَدَّ فِيمَا يُسْتَحَبُّ إِطْعَامُهُ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَحَدَّدَهُ ش بِالنِّصْفِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} الْحَج 28 وَمَرَّةً بِالثُّلُثِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} الْحَج 36 فَجَعَلَ لَهُ شَرِيكَيْنِ وَالنَّذْرُ قِسْمَانِ نَذْرٌ لِلْمَسَاكِينِ يَأْكُلُونَهُ فَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ على الْمَشْهُور وَفِيه خلاف منذور النَّحْر فَقَط قَالَ مَالك يَأْكُل مِنْهَا وَإِذَا عَيَّنَ أَفْضَلَ مِمَّا وَجَبَ

عَلَيْهِ وَقُلْنَا يُبْدِلُهُ فَهَلْ مِثْلُ مَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ أَوْ مِثْلُ مَا عَيَّنَ لِأَنَّ مَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إِلَى مَكَّةَ مُعْتَمِرًا فَمَشَى فِي حج فَركب وَأَرَادَ يَقْضِيَ سَنَةً أُخْرَى مَا رَكِبَ فَإِنَّهُ يَمْشِي إِنْ شَاءَ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ كَمَا كَانَ أَوَّلًا وَلَوْ عَطِبَ بِتَفْرِيطِهِ لَزِمَهُ مِثْلُ مَا عَيَّنَ وَلَوْ كَانَ بَدَلًا عَنْ هَدْيٍ وَاجِبٍ ضَلَّ فَعَطِبَ فَأَكَلَ مِنْهُ ثُمَّ وَجَدَ الأول نَحره وَبدل الثَّانِي لِأَنَّهُ صَارَ تَطَوُّعًا أَكَلَ مِنْهُ قَبْلَ مَحِلِّهِ وَفِي الْجُلَّابِ إِذَا أَكَلَ مِنْ هَدْيٍ لَا يَجُوزُ لَهُ الْأَكْلُ مِنْهُ رِوَايَتَانِ إِحْدَاهُمَا يُبْدِلُ الْهَدْيَ كُلَّهُ وَالْأُخْرَى مَكَانَ مَا أَكَلَ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ عُيِّنَ لِلْمَسَاكِينِ فَأَكْلُهُ وَأَكْلُ غَيْرِهِ سَوَاءٌ وَالسُّنَّةُ تَضْمِينُ الْجَمِيعِ وَلِأَنَّهُ كَمَا ضَمِنَ إِرَاقَةَ دَمِهِ فَقَدْ ضَمِنَ أَبْعَاضَهُ فَإِذَا أَكَلَ بَعْضَهَا سَقَطَتِ الزَّكَاةُ فِيهِ وَالزَّكَاةُ لَا تَتَبَعَّضُ فَيَبْطُلُ الْجَمِيعُ وَالْهَدْيُ فِي الْأَكْلِ مِنْهُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَضْرُبٍ مَا يُؤْكَلُ قَبْلَ بُلُوغِهِ وَبَعْدَهُ وَهُوَ الْوَاجِبُ مَا عَدَا الْفِدْيَةَ وَالْجَزَاءَ وَالنُّذُورَ وَمَا لَا يُؤْكَلُ مِنْهُ قبل وَلَا بَعْدُ وَهُوَ نَذْرُ الْمَسَاكِينِ الْمُعَيَّنُ وَمَا لَا يُؤْكَل مِنْهُ قبل بُلُوغه يُؤْكَل بعد وَهُوَ التَّطَوُّعُ وَالنَّذْرُ الْمُطْلَقُ لِأَنَّهُمَا غَيْرُ مَضْمُونَيْنِ قَبْلَ مَحِلِّهِمَا إِذَا لَمْ يَتَعَرَّضْ فَإِنْ تَعَرَّضَ ضمن وَمَا يُؤْكَل قبل لَا بَعْدُ وَهُوَ الْجَزَاءُ وَالْفِدْيَةُ وَالنَّذْرُ الْمَضْمُونُ لِأَنَّهَا مَضْمُونَةٌ قَبْلُ وَبَعْدُ مُسْتَحَقَّةٌ لِلْغَيْرِ وَإِنْ أَكَلَ السَّائِق للهدي وَإِذا وَقَفَ قَبْلَ مَحِلِّهِ فَإِنْ كَانَ وَاجِبًا لَمْ يُجْزِئْ رَبَّهُ وَضَمِنَ السَّائِقُ لِلتُّهْمَةِ كَالرَّاعِي يَذْبَحُ الشَّاة يَقُول خِفْتُ عَلَيْهَا الْمَوْتَ فَإِنْ شَهِدَ لَهُ أَحَدٌ مِنْ رُفْقَتِهِ مِمَّنْ أَكَلَ مِنَ الْهَدْيِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ لِأَنَّ الشَّاهِدَ يُثْبِتُ لِنَفْسِهِ أَنَّهُ أكل مُبَاحا وَضمن السَّيِّد وَلَا يَرْجِعُ السَّائِقُ عَلَى أَحَدٍ مِمَّنْ أَطْعَمَهُ لِأَن يَقُولُ إِنَّهُمْ أَكَلُوا مُبَاحًا وَيَضْمَنُ الْقِيمَةَ وَقْتَ النَّحْرِ لَا هَدْيًا مَكَانَهُ كَمَنْ تَعَدَّى عَلَى هَدْيٍ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ الْهَدْيَ بِالْهَدْيِ وَبِهِ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ بُلُوغَ الْهَدْيِ إِلَى مَحِلِّهِ

مِنْ مَالِهِ فَإِنْ كَانَ الْهَدْيُ تَطَوُّعًا فَلَيْسَ على ربه إِلَى هَدْيٌ بِقِيمَةِ مَا يَرْجِعُ بِهِ وَإِنْ كَانَ الْهَدْيُ وَاجِبًا فَعَلَيْهِ مِثْلُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ وَإِن طعم السَّائِق من الْوَاجِب فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَلَا عَلَى رَبِّهِ إِنْ أَمَرَهُ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَى رَبِّهِ وَإِنْ أَطْعَمَ مِنَ التَّطَوُّعِ غَيْرَ مُسْتَحِقٍّ فَلَا شَيْء على ربه وَإِن لَمْ يَأْمُرْهُ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ الْبَدَلُ وَإِنْ أَطْعَمَ مُسْتَحِقًّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَضَمِنَ رَبُّهُ إِنْ أَمَرَهُ أَنْ يُطْعِمَ مُعَيَّنًا وَفِي الْكِتَابِ مَنْ أَطْعَمَ غَنِيًّا مِنْ جَزَاءِ الْفِدْيَةِ فَعَلَيْهِ الْبَدَلُ جَهِلَ أَوْ عَلِمَ كَالزَّكَاةِ وَلَا يَطْعَمُ مِنْهُ وَلَا مِنْ جَمِيعِ الْهَدْيِ غَيْرُ مُسْلِمٍ فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ الْجَزَاءَ وَالْفِدْيَةَ دُونَ غَيْرِهِمَا وَهُوَ خَفِيفٌ وَقَدْ أَسَاءَ وَلَا يُطْعِمُ مِنْ جَزَاءِ الصَّيْدِ أَبَوَيْهِ وَلَا زَوْجَتَهُ وَلَا وَلَدَهُ وَلَا مُدَبَّرَهُ وَلَا مُكَاتَبَهُ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ فَلَا يصرفهَا لمن يتَعَلَّق بِهِ كَالزَّكَاةِ قَالَ سَنَدٌ وَإِذَا أَطْعَمَ غَنِيًّا عَالِمًا فَيُخْتَلَفُ هَلْ يَغْرَمُ جَمِيعَ الْهَدْيِ أَوْ قَدْرَ مَا أَعْطَى لَحْمًا أَوْ طَعَامًا وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَالِمٍ اخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا اخْتَلَفَ فِي الزَّكَاةِ وَكَذَلِكَ اخْتَلَفَ فِي غَيْرِ الْمُسْلِمِ كَالزَّكَاةِ وَإِطْعَامُ الذِّمِّيِّ مَكْرُوهٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَخَفَّفَ ابْنُ وَهْبٍ فِي إِطْعَامِ الذِّمِّيِّ مِنَ الْأُضْحِيَّةِ وَقَالَ إِنَّمَا النَّهْيُ فِي الْمَجُوسِ وَخَفَّفَ مَالِكٌ فِي إِطْعَامِ جِيرَانِهِ الْكِتَابِيِّينَ مِنَ الْأُضْحِيَّةِ وَكَرِهَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِلَّا لِمَنْ فِي عِيَالِهِ مِنْهُمْ فَإِنْ أَطْعَمَ أَبَوَيْهِ أَوْ مَنْ ذَكَرَ مَعَهُمْ فَعَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَيْهِ الْبَدَلُ وَيَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ فِي قَدْرِ مَا أَطْعَمَ لَحْمًا أَوْ طَعَامًا فَإِنْ كَانَ الْأَكْلُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ قَدْرُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ حَتَّى يُقَدِّرَ سُقُوطَ إِرَاقَةِ الدَّم فِي ذَلِك الْبَعْض إِنَّمَا وَصَلَتْ إِلَيْهِ مَنْفَعَةُ ذَلِكَ الْبَعْضِ وَلَوْ لَمْ يَكُنِ الْأَكْلُ فِي عِيَالِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَفِي الْجَوَاهِرِ قِيلَ لَا يُؤْكَلُ مِنْ هَدْيِ الْفَسَادِ وَمَنْ أَكَلَ مِنْ نَذْرِ الْمَسَاكِينِ فَفِي إِبْدَالِ بَعْضِهِ أَوْ كُلِّهِ رِوَايَتَانِ وَقِيلَ إِنْ كَانَ مُعَيَّنًا أَطْعَمَ قَدْرَ مَا أَكَلَ وَإِنْ كَانَ مَضْمُونًا وَجَبَ الْبَدَلُ عَنِ الْكُلِّ وَإِذَا أَوْجَبْنَا بَدَلَ الْمَأْكُولِ فَقِيلَ بَدَلُ اللَّحْمِ لِأَنَّهُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ قِيمَتُهُ طَعَامًا لِأَنَّ مِثْلَ لَحْمِ الْهَدْيِ لَا يُوجَدُ وَقيل يغرم الْقيمَة ثمنا

وَيَخْتَصُّ بِأَكْلِ الْهَدْيِ مَنْ جَوَّزَ لَهُ أَخْذَ الزَّكَاةِ إِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَأْكُلُ صَاحِبُهُ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا يَخْتَصُّ بَلْ يَأْكُلُ الْفَقِيرُ وَالْغَنِيُّ الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي بِقَاعِهَا وَفِي الْكِتَابِ كُلُّ هَدْيٍ فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ فَمَحِلُّهُ بِمَكَّةَ مَا وَقَفَ بِعَرَفَةَ فَنَحَرَهُ بِمِنًى فَإِنْ نَحَرَ بِمَكَّةَ جَهْلًا أَوْ عَمْدًا أَجْزَأَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} الْحَج 33 وَمَنْ ضَلَّ هَدْيُهُ الْوَاجِبُ بَعْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فَوَجَدَهُ بَعْدَ أَيَّامِ مِنًى فَلْيَنْحَرْهُ بِمَكَّةَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ مَالِكٌ مَرَّةً لَا يُجْزِئُهُ وَقَالَ مَرَّةً يُجْزِئُهُ وَبِهِ أَقُولُ وَمَنْ ضَلَّ هَدْيُهُ بَعْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فَوَجَدَهُ غَيْرُهُ فَنَحَرَهُ بِمِنًى لِأَنَّهُ رَآهُ هَدْيًا أَجْزَأَ رَبَّهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ كُلُّ مَا مَحِلُّهُ مَكَّةَ فَعَجَزَ عَنِ الدُّخُولِ بِهِ إِلَى بُيُوتِ مَكَّةَ وَنُحِرَ بِالْحَرَمِ لَمْ يُجْزِئْ وَإِنَّمَا مَحِلُّهُ مَكَّةُ أَوْ مَا يَلِي بُيُوتَهَا مِنْ مَنَازِلِ النَّاسِ وَلَا يُجْزِئُ نَحْرُهُ عِنْدَ ثَنِيَّةِ الْمَدَنِيِّينَ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَحَرَ هَدْيَهُ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ بِالْحَرَمِ وَأَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ مَحِلَّهُ بِقَوْلِهِ {وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ} الْفَتْح 25 قَالَ مَالِكٌ وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ إِلَّا مَا خَلْفَ الْعَقَبَةِ وَأَفْضَلُهَا عِنْدَ الْجَمْرَةِ الْأُولَى وَلَا ينْحَر هدي بِمَكَّة إِلَّا بَعْدَ أَيَّامِ مِنًى قَالَ سَنَدٌ يُخْتَلَفُ فِي وُجُوبِ النَّحْرِ بِمَكَّةَ إِذَا فَاتَ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ وَيُنْحَرُ بِمِنًى مَا اجْتَمَعَتْ فِيهِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ وَأَنْ يُنْحَرَ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ عَلَى سُنَّةِ الضَّحَايَا وَأَنْ يَكُونَ نَحْرُهُ فِي حَجٍّ وَإِذَا ضَلَّ هَدْيُهُ فَنَحَرَ غَيْرَهُ ثُمَّ وَجَدَهُ فِي أَيَّامِ مِنًى فَنَحَرَهُ قَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ الضَّالُّ الْوَاجِبُ يَتَقَدَّمُ تَعَيُّنُهُ عَلَى الْوَاجِبِ وَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ الِاثْنَيْنِ الْأَوَّلُ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ وَالثَّانِي لِتَعَيُّنِهُ هَدْيًا كَمَنْ أَحْرَمَ بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ حَجَّ قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنَّ الثَّانِيَ يَتَعَيَّنُ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا سَاقَ الْهَدْيَ الْوَاجِبَ فَضَلَّ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ ثُمَّ وَجَدَهُ يَوْمَ النَّحْرِ

بِمِنًى لَا يُجْزِئُهُ وَيَنْحَرُهُ بِمَكَّةَ وَيُهْدِي غَيْرَهُ وَرَوَى أَشْهَبُ يُجْزِئُهُ فَنَزَّلَ مَرَّةً نِيَّةَ الْإِيقَافِ مَنْزِلَته وَمرَّة لم ينزلها وَفِي الْجلاب إِن أضلّ الْهَدْيُ الْوَاجِبُ قَبْلَ الْوُقُوفِ ثُمَّ وُجِدَ بِمِنًى فَرِوَايَتَانِ يَنْحَرُهُ بِمِنًى ثُمَّ يُبْدِلُهُ بِهَدْيٍ آخَرَ بِمَكَّةَ بَعْدَ أَيَّامِ مِنًى وَيُؤَخِّرُهُ حَتَّى يَنْحَرَهُ بِمَكَّةَ وَيُجْزِئُهُ فَصَارَ فِي الْفَرْعِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ يَنْحَرُهُ بِمِنًى وَيُجْزِئُهُ يَنْحَرُهُ بِمِنًى وَيُبْدِلُهُ بِهَا يَنْحَرُهُ بِمَكَّةَ وَيُبْدِلُهُ بِهَا يَنْحَرُهُ بِمَكَّةَ وَيُجْزِئُهُ وَفِي الْكتاب لَا يُجزئ ذَبْحُ جَزَاءِ الصَّيْدِ وَلَا هَدْيٌ إِلَّا بِمَكَّةَ أَوْ بِمِنًى وَمَا كَانَ مِنْ هَدْيٍ فِي عُمْرَةٍ لِنَقْصٍ فِيهَا أَوْ نَذْرٍ أَوْ تَطَوُّعٍ أَوْ جَزَاءِ صَيْدٍ نَحَرَهُ إِذَا دَخَلَ مَكَّةَ أَوْ يَنْحَرُهُ بِمِنًى كَمَا يَفْعَلُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ إِلَّا هدي الْجِمَاع فِي الْعمرَة ويؤخره إِلَى قَضَائِهَا أَوْ بَعْدَ قَضَائِهَا بِمَكَّةَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي فَسَادِ الْإِحْرَامِ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَجُوزُ النَّحْرُ بِمِنًى وَإِنْ لَمْ يَقِفْ بِعَرَفَةَ وَإِذَا نَحَرَ بِمَكَّةَ مَا وَقَفَ بِعَرَفَةَ فَفِي الْإِجْزَاءِ أَقْوَالٌ ثَالِثُهَا يَخْتَصُّ الْإِجْزَاءُ بِمَا نَحَرَ بَعْدَ خُرُوجِ أَيَّامِ مِنًى الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي أَزْمَانِهَا وَفِي الْكِتَابِ لَا يُجْزِئُ ذَبْحُ الْهَدَايَا قَبْلَ الْفَجْرِ وَكَذَلِكَ نُسُكُ الْأَذَى وَإِنْ قُلِّدَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} الْحَج 28 وَالْيَوْمُ النَّهَارُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {سَخَّرَهَا عَلَيْهِم سبع ليل وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا} الحاقة 7 وَلِأَنَّهُ السُّنَّةُ وَفِي الْجَوَاهِر يراق دَمُ الْفَسَادِ وَالْفَوَاتِ فِي الْحَجَّةِ الْمَقْضِيَّةِ وَقِيلَ فِي الْفَائِتَة والمفسدة لِأَنَّهُ جبران لَهَا

فارغة

(الباب العاشر في العمرة)

(الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي الْعُمْرَةِ) وَالْعُمْرَةُ فِي اللُّغَةِ الزِّيَارَة اعْتَمر فلَانا فَلَانًا إِذَا زَارَهُ وَفِي الشَّرْعِ زِيَارَةٌ مَخْصُوصَةٌ لِلْبَيْتِ وَفِي الْمُوَطَّأِ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْعُمْرَةُ لِلْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ وَفِيهِ جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَيْهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَتْ إِنِّي تَجَهَّزْتُ لِلْحَجِّ فَاعْترضَ لي فَقَالَ لَهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اعْتَمِرِي فِي رَمَضَانَ فَإِنَّ عُمْرَةً فِيهِ كَحَجَّةٍ قَالَ سَنَد وَالْعمْرَة عِنْد مَالك وح سُنَّةٌ وَعِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ وَاجِبَةٌ وَعِنْدَ ش قَولَانِ حُجَّةُ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ فَذَكَرَ الْحَجَّ وَلَمْ يذكر الْعمرَة ويروى عَنهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْحَجُّ جِهَادٌ وَالْعُمْرَةُ تَطَوُّعٌ وَلِأَنَّهَا غَيْرُ مُؤَقَّتَةٍ فَلَا تَجِبُ كَطَوَافِ التَّطَوُّعِ وَحُجَّةِ الثَّانِي قَوْله تَعَالَى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} الْبَقَرَة 196 وَالْأَمْرُ للْوُجُوب وَرُوِيَ عَنهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ فَرِيضَتَانِ وَقِيَاسًا عَلَى

الْحَجِّ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ الْقَوْلُ بِالْمُوجِبِ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي وُجُوبَ إِتْمَامِهَا وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ إِنَّمَا النِّزَاعُ فِي الْإِنْشَاءِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ غَيْرُ مَعْرُوف وَعَن الثَّالِث الْفرق بالتوقيف وَهُوَ دَلِيلُ اعْتِنَاءِ الشَّرْعِ بِالْحَجِّ وَتَجُوزُ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ إِذَا لَمْ يُصَادِفْ أَفْعَالَ الْحَجِّ عِنْد مَالك وش وَابْن حَنْبَل وَقَالَ ح تكره فِي خمس أَيَّامٍ عَرَفَةَ وَالنَّحْرِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ لِقَوْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا السَّنَةُ كُلُّهَا وَقْتٌ لِلْعُمْرَةِ إِلَّا خَمْسَةَ أَيَّامٍ فَذَكَرَتْهَا وَجَوَابُهُ مَنْعُ الصِّحَّةِ سَلَّمْنَاهَا لَكِنْ يُحْمَلُ عَلَى الْمُتَلَبِّسِ بِالْحَجِّ وَلَا يُعْتَمَرُ عِنْدَ مَالِكٍ إِلَّا مَرَّةً وَاسْتَحَبَّ مُطَرِّفٌ وش تَكْرَارَهَا لِأَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يَعْتَمِرُ فِي كُلِّ يَوْمٍ مَرَّةً وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَعْتَمِرُ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ ابْنِ الزُّبَيْرِ لَنَا مَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اعْتَمَرَ ثَلَاثًا عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ وَعَامَ الْقَضِيَّةِ وَعَامَ الْجِعِرَّانَة إِحْدَاهُنَّ فِي شَوَّال وتنتان فِي ذِي الْقَعْدَةِ وَمَا رَوَوْهُ يَحْتَمِلُ الْقَضَاءَ فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فرطت فِي الْعمرَة سبع سِنِينَ فَقَضَتْهَا فِي عَامٍ وَاحِدٍ وَلَوْ كَانَ ذَلِك مُسْتَحبا لفعله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَالْأَئِمَّةُ بَعْدَهُ وَإِذَا قُلْنَا لَا يَعْتَمِرُ إِلَّا مَرَّةً فَهَلْ هِيَ مِنَ الْحَجِّ إِلَى الْحَجِّ أَوْ مِنَ الْمُحَرَّمِ إِلَى الْمُحَرَّمِ لِمَالِكٍ قَوْلَانِ يَنْبَنِي عَلَيْهِمَا الِاعْتِمَارُ بَعْدَ الْحَجَّةِ فِي ذِي الْحِجَّةِ ثُمَّ فِي الْمُحَرَّمِ وَفِي الْكِتَابِ تَجُوزُ الْعُمْرَةُ فِي السَّنَةِ كُلِّهَا إِلَّا لِلْحَاجِّ يُكْرَهُ لَهُ الِاعْتِمَارُ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ آخِرَ أَيَّامِ الرَّمْيِ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ أَمْ لَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ فِي أَيَّامِ الرَّمْيِ لَمْ تَلْزَمْهُ وَالْعُمْرَةُ فِي السَّنَةِ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ فَإِنِ اعْتَمَرَ بَعْدَهَا لَزِمَتْهُ كَانَتِ الْأُولَى فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ أَمْ لَا أَرَادَ الْحَجَّ مِنْ عَامِهِ أَمْ لَا قَالَ سَنَدٌ رَاعَى مَالك وزمان الرَّمْي فِي الاعتمار وش الرَّمْيَ نَفْسَهُ لِمَالِكٍ إِنَّ الِاعْتِمَارَ مَمْنُوعٌ فِي زَمَانِ الرَّمْيِ وَالزَّمَانُ وَقْتٌ لَا رَمْيَ فَيَكُونُ الزَّمَانُ مُعْتَبَرًا دُونَ الرَّمْيِ

(الباب الحادي عشر في القدوم على ضريحه عليه السلام)

(الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الْقُدُومِ عَلَى ضَرِيحِهِ عَلَيْهِ السَّلَام) وَقَدْ كَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يُقَالَ زُرْنَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَنْ يُسَمَّى زِيَارَةً قَالَ صَاحِبُ تَهْذِيبِ الطَّالِبِ لِأَن شَأْن الزائر الْفضل والتفضيل على المزور وَهُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَاحِبُ الْفَضْلِ وَالْمِنَّةِ وَكَذَلِكَ أَنْ يُقَالَ طَوَافُ الزِّيَارَةِ وَقِيلَ لِأَنَّ الزِّيَارَةَ تُشْعِرُ بِالْإِبَاحَةِ وَزِيَارَةُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِنَ السُّنَّةِ الْمُتَأَكِّدَةِ وَلَوِ اسْتُؤْجِرَ رَجُلٌ عَلَى الْحَجِّ وَالزِّيَارَةِ فَتَعَذَّرَتْ عَلَيْهِ الزِّيَارَةُ قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ يَرُدُّ مِنَ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ مَسَافَةِ الزِّيَارَةِ وَقِيلَ يَرْجِعُ ثَانِيَةً حَتَّى يَزُورَ وَقَالَ سَنَدٌ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ فَرَغَ مَنْ حَجَّهُ إِتْيَانُ مَسْجده - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَيصَلي فِيهِ وَيسلم على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَفِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إِلَّا رَدَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيَّ رُوحِي حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلَام ويروى عَنهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ مَنْ زَارَ قَبْرِي وَجَبَتْ لَهُ شَفَاعَتِي وَمَنْ زَارَ قَبْرِي وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ وَيُرْوَى عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ مَنْ زَارَنِي بَعْدَ وَفَاتِي فَكَأَنَّمَا زَارَنِي فِي حَيَاتِي وَحَكَى الْعُتْبِيُّ أَنه كَانَ

جَالِسًا عِنْدَ قَبْرِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ سَمِعْتُ اللَّهَ يَقُولُ {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤك فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} النِّسَاء 64 وَقَدْ جِئْتُكَ مُسْتَغْفِرًا مِنْ ذَنْبِي مُسْتَشْفِعًا بِكَ إِلَى رَبِّي ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ (يَا خَيْرَ مَنْ دُفِنَتْ بِالْقَاعِ أَعْظُمُهُ ... فَطَابَ مِنْ طِيبِهِنَّ الْقَاعُ وَالْأَكَمُ) (نَفْسِي الْفِدَاءُ لِقَبْرٍ أَنْتَ سَاكِنُهُ ... فِيهِ الْعَفَافُ وَفِيهِ الْجُودُ وَالْكَرَمُ) ثُمَّ انْصَرَفَ الْأَعْرَابِيُّ فَحَمَلْتِنِي عَيْنِي فَرَأَيْتُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي النَّوْمِ فَقَالَ لِي يَا عُتْبِيُّ الْحَقِ الْأَعْرَابِيَّ فَبَشِّرْهُ أَنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَهُ

(الباب الثاني عشر في فضل المدينة على مكة)

(الْبَابُ الثَّانِيَ عَشَرَ فِي فَضْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى مَكَّةَ) قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى فَضْلِهِمَا عَلَى غَيْرِهِمَا وَعِنْدَ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَبَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ الْمَدِينَةُ أَفْضَلُ مِنْ مَكَّةَ وَعِنْدَ ش وح وَغَيْرِهِمَا مَكَّةُ أَفْضَلُ قَالَ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَزْمَانَ وَالْبِقَاعَ مُسْتَوِيَةٌ مِنْ حَيْثُ هِيَ أما الْأَزْمَان فَلِأَنَّهَا عِنْد الْمُتَكَلِّمين اقترانات الحوادات بَعْضِهَا بِبَعْضٍ وَمَفْهُومُ الِاقْتِرَانِ لَا يَخْتَلِفُ فِي ذَاتِهِ وَأَمَّا الْبِقَاعُ فَلِأَنَّ الْجَوَاهِرَ مُسْتَوِيَةٌ وَإِنَّمَا اللَّهُ تَعَالَى فَضَّلَ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ بِأُمُورٍ خَارِجَةٍ عَنْهَا قَاعِدَةٌ لِلتَّفْضِيلِ بَيْنَ جُمْلَةِ الْمَعْلُومَاتِ عِشْرُونَ سَبَبًا أَحَدُهَا بِالذَّاتِ كَتَفْضِيلِ الْوَاجِبِ عَلَى الْمُمْكِنِ وَالْعِلْمِ عَلَى الْجَهْلِ وَثَانِيهَا بِالصِّفَةِ الْحَقِيقِيَّةِ كَتَفْضِيلِ الْعَالِمِ عَلَى الْجَاهِلِ وَثَالِثُهَا بِطَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى كَتَفْضِيلِ الْمُؤْمِنِ عَلَى الْكَافِرِ وَرَابِعُهَا بِكَثْرَةِ الثَّوَابِ الْوَاقِعِ فِي الْمُفَضَّلِ كَتَفْضِيلِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَخَامِسُهَا لِشَرَفِ الْمَوْصُوفِ كَالْكَلَامِ النَّفْسِيِّ الْقَدِيمِ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ كَلَامِ الْمُحْدَثِينَ وَسَادِسُهَا لِشَرَفِ الصُّدُورِ كَشَرَفِ أَلْفَاظِ الْقُرْآنِ لِكَوْنِ الرَّبِّ تَعَالَى هُوَ الْمُرَتِّبُ لِوَصْفِهِ وَنِظَامِهِ وَسَابِعُهَا لِشَرَفِ الْمَدْلُولِ كَتَفْضِيلِ الْأَذْكَارِ الدَّالَّةِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ الْعُلْيَا وَأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى وَثَامِنُهَا لِشَرَفِ الدَّلَالَةِ كَشَرَفِ الْحُرُوفِ الدَّالَّةِ عَلَى الْأَصْوَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَاسِعُهَا بِالتَّعْلِيقِ كَتَفْضِيلِ الْعِلْمِ عَلَى

الْحَيَاةِ وَإِنْ كَانَتَا صِفَتَيْ كَمَالٍ وَعَاشِرُهَا شَرَفُ التَّعَلُّقِ كَتَفْضِيلِ الْعِلْمِ الْمُتَعَلِّقِ بِذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ عَلَى غَيْرِهِ مِنَ الْعُلُومِ وَكَتَفْضِيلِ الْفِقْهِ على الطِّبّ لتَعَلُّقه بوسائله وَأَحْكَامه وحادي عشرهَا كَثْرَةُ التَّعَلُّقِ كَتَفْضِيلِ الْعِلْمِ عَلَى الْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ لِتَعَلُّقِ الْعِلْمِ بِالْوَاجِبِ وَالْجَائِزِ وَالْمُسْتَحِيلِ وَاخْتِصَاصِهَا بِالْجَائِزَاتِ وَكَتَفْضِيلِ الْإِرَادَةِ عَلَى الْقُدْرَةِ لِتَنَاوُلِهَا الْإِعْدَامَ وَالْإِيجَادَ واختصاص الْقُدْرَة بالإيجاد وتفضيل الْبَصَر على السّمع لتَعَلُّقه بِسَائِر الموجودات واختصاص السّمع بالأصوات وَالْكَلَام النفساني وَثَانِي عشرهَا بِالْمُجَاوَرَةِ كَتَفْضِيلِ جِلْدِ الْمُصْحَفِ عَلَى سَائِرِ الْجُلُودِ فَلَا يمس إِلَّا بِوضُوء وثالث عشرهَا بالحلول كتفضيل قَبره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على سَائِر الْبِقَاع ورابع عشرهَا بِالْإِضَافَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ} المجادلة 22 وخامس عشرهَا بالإنتساب كتفضيل ذُريَّته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَى سَائِرِ الذَّرَارِيِّ وَنِسَائِهِ عَلَى سَائِرِ النِّسَاءِ وسادس عشرهَا بِالثَّمَرَةِ كَتَفْضِيلِ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ لِإِثْمَارِ الْعِلْمِ صَلَاحَ الْخَلْقِ بِالتَّعْلِيمِ وَالْإِرْشَادِ وَالْعِبَادَةُ قَاصِرَةٌ عَلَى محلهَا وسابع عشرهَا بِأَكْثَرِيَّةِ الثَّمَرَةِ كَتَفْضِيلِ الْفِقْهِ عَلَى الْهَنْدَسَةِ وَثَامِنُ عشرهَا بِالتَّأْثِيرِ كَتَفْضِيلِ الْحَيَاءِ عَلَى الْقُحَّةِ لِحَثِّهِ عَلَى ترك القبائح وكتفضيل الشجَاعَة على الْجُبْن لحثه عَلَى دَرْءِ الْعَارِ وَنُصْرَةِ الْجَارِ وَنُصْرَةِ الْحَقِّ وَتَحْصِيل الْمصَالح ودرء الْمَفَاسِد وتاسع عشرهَا بِجَوْدَةِ الْبِنْيَةِ وَالتَّرْكِيبِ كَتَفْضِيلِ الْمَلَائِكَةِ وَالْجِنِّ عَلَى بَنِي آدَمَ فِي أَبْنِيَتِهِمْ وَالْعِشْرُونَ بِاخْتِيَارِ الرَّبِّ تَعَالَى كَتَفْضِيلِ أَحَدِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ عَلَى الْآخَرِ كَتَفْضِيلِ شَاةِ الزَّكَاةِ عَلَى شَاةِ التَّطَوُّعِ وَحَجِّ الْفَرْضِ عَلَى تَطَوُّعِهِ وَالْقِرَاءَةِ وَالْأَذْكَارِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى مِثْلِهَا خَارِجَ الصَّلَاةِ وَلْنَقْتَصِرْ عَلَى هَذَا الْقَدْرِ مِنَ الْأَسْبَابِ خَشْيَةَ الْإِكْثَارِ ثُمَّ هَذِهِ الْأَسْبَابُ قَدْ تَتَعَارَضُ فَيَكُونُ الْأَفْضَلُ مَنْ حَازَ أَكْثَرَهَا وَأَفْضَلَهَا وَالتَّفْضِيلُ إِنَّمَا يَقَعُ بَيْنَ الْمَجْمُوعَاتِ وَقَدْ يَخْتَصُّ الْمَفْضُولُ بِبَعْضِ الصِّفَاتِ وَلَا يقْدَح ذَلِك فِي

التَّفْضِيل كَقَوْلِه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَقْضَاكُمْ عَلِيٌّ وَأَقْرَأُكُمْ أُبَيٌّ وَأَفْرَضُكُمْ زَيْدٌ وَأَعْلَمُكُمْ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ من جَبَلٍ مَعَ فَضْلِ الصِّدِّيقِ عَلَى الْجَمِيعِ وَكَاخْتِصَاصِ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام بِِالْمُلْكِ الْعَظِيمِ وَنُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِإِنْذَارٍ نَحْوَ أَلْفِ سَنَةٍ وَآدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِكَوْنِهِ أَبَا الْبَشَرِ مَعَ تَفْضِيلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى الْجَمِيعِ فَلَوْلَا هَذِهِ الْقَاعِدَةُ لَزِمَ التَّنَاقُضُ وَاعْلَمْ أَنَّ تَفْضِيلَ الْمَلَائِكَةِ وَالْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ السَّلَامُ إِنَّمَا هُوَ بِالطَّاعَاتِ وَالْأَحْوَالِ السَّنِيَّاتِ وَشَرَفِ الرِّسَالَاتِ وَعَظِيمِ الْمُثُوبَاتِ والدرجات العليات فَمن كَانَ فِيهَا أَتَمَّ فَهُوَ فِيهَا أَفْضَلُ إِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَفِي الْمُقَدِّمَاتِ فَضْلُ الْمَدِينَةِ مِنْ وُجُوهٍ أَحَدُهَا قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمَدِينَةُ خَيْرٌ مِنْ مَكَّةَ وَهُوَ نَصٌّ فِي الْبَابِ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُطْلَقٌ فِي الْمُتَعَلِّقِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا خَيْرٌ مِنْهَا فِي سَعَةِ الرِّزْقِ وَالْمَتَاجِرِ فَمَا تَعَيَّنَ مَحَلُّ النِّزَاعِ وَثَانِيهَا دُعَاؤُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَهَا بِمِثْلِ مَا دَعَا بِهِ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِمَكَّةَ وَمِثْلِهِ مَعَهُ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُطْلَقٌ فِي الْمَدْعُوِّ بِهِ فَيُحْمَلُ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ وَهُوَ الصَّاعُ وَالْمُدُّ وَثَالِثُهَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ اللَّهُمَّ إِنَّهُمْ أَخْرَجُونِي مِنْ أَحَبِّ الْبِقَاعِ إِلَيَّ فَأَسْكِنِّي أَحَبَّ الْبِقَاعِ إِلَيْكَ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ السِّيَاقَ يَأْبَى دُخُول مَكَّة فِي الْمفضل عَلَيْهِ لإياسه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِنْهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَيَكُونُ الْمَعْنَى فَأَسْكِنِّي أَحَبَّ الْبِقَاعِ إِلَيْكَ مَا عَدَاهَا مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ

صَحَّ فَهُوَ مِنْ مَجَازِ وَصْفِ الْمَكَانِ بِصِفَةِ مَا يَقَعُ فِيهِ كَمَا يُقَالُ بَلَدٌ طَيِّبٌ أَيْ هَوَاؤُهَا مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ وَالْأَرْضُ الْمُقَدَّسَةُ أَيْ قُدِّسَ مَنْ دَخَلَهَا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ الْمُقَدَّسِينَ مِنَ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا وَكَذَلِكَ الْوَادِي الْمُقَدَّسُ أَيْ قُدِّسَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فِيهِ وَالْمَلَائِكَةُ الْحَالُّونَ فِيهِ وَكَذَلِكَ وَصْفُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ التُّرْبَةَ بِالْمَحَبَّةِ هُوَ وَصْفٌ لَهَا بِمَا جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا مِمَّا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَهُوَ إِقَامَته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِهَا وَإِرْشَادُ الْخَلْقِ إِلَى الْحَقِّ وَقَدِ انْقَضَى ذَلِك التَّبْلِيغ وَتلك القربات وَرَابِعهَا قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يَصْبِرُ عَلَى لَأْوَائِهَا وَشِدَّتِهَا أَحَدٌ إِلَّا كُنْتُ لَهُ شَفِيعًا أَوْ شَهِيدًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ سُؤَالَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الْفَضْلِ لَا الْأَفْضَلِيَّةِ وَثَانِيهِمَا أَنَّهُ مُطْلَقٌ فِي الزَّمَانِ فَيُحْمَلُ عَلَى زَمَانِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَالْكَوْنُ مَعَهُ لِنُصْرَةِ الدِّينِ وَيُعَضِّدُهُ خُرُوجُ الصَّحَابَةِ بَعْدَهُ إِلَى الشَّام وَالْعراق وخامسها قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّ الْإِيمَانَ لَيَأْرِزُ إِلَى الْمَدِينَةِ كَمَا تَأْرِزُ الْحَيَّةُ إِلَى جُحْرِهَا أَيْ يَأْوِي وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ ذَلِكَ عِبَارَةٌ عَنِ انْسِيَابِ الْمُؤْمِنِينَ لَهَا بِسَبَبِ وُجُودِهِ فِيهَا حَالَ حَيَاتِهِ فَلَا عُمُومَ لَهُ وَلَا بَقَاءَ لِهَذِهِ الْفَضِيلَةِ لِخُرُوجِ الصَّحَابَةِ مِنْهَا بعده - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وسادسها قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّ الْمَدِينَةَ تَنْفِي خَبَثَهَا كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى زَمَانه كَمَا تقدم وسابعها قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا بَيْنَ قَبْرِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجنَّة

وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى فَضْلِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ لَا الْمَدِينَةِ وَثَامِنُهَا قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ الْبُقْعَةَ الْحَاوِيَةَ لِأَعْضَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَفْضَلُ الْبِقَاعِ قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ لَمَّا اسْتَدَلَّ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَتَكُونُ الصَّلَاةُ فِي مَسْجِدِهَا أَفْضَلَ مِنَ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِد الْحَرَام وَيكون الِاسْتِثْنَاء فِي قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنَ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِأَقَلَّ مِمَّا فَضَلَ غَيْرَهُ وَعَلَيْهِ سُؤَالَانِ أَحَدُهُمَا لَا يَلْزَمُ مِنْ أَفْضَلِيَّةِ الْبَلَدِ عَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِهَا أَفْضَلِيَّةُ الصَّلَاةِ وَثَانِيهَا أَنَّ فِي التَّمْهِيدِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ أَلْفٍ وَمِائَةِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ وَاعْلَمْ أَنَّ تَفْضِيلَ الْأَزْمَان وَالْبِقَاعِ قِسْمَانِ دُنْيَوِيٌّ كَتَفْضِيلِ الرَّبِيعِ عَلَى غَيْرِهِ مِنَ الْأَزْمَانِ وَتَفْضِيلِ بَعْضِ الْبُلْدَانِ فِي الثِّمَارِ وَالْأَنْهَارِ وَطِيبِ الْهَوَاءِ وَمُوَافَقَةِ الْأَهْوَاءِ وَدِينِيٌّ كَتَفْضِيلِ رَمَضَانَ عَلَى الشُّهُورِ وَعَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ وَنَحْوِهِمَا وَمَعْنَاهُ كَثْرَةُ جُودِ اللَّهِ تَعَالَى فِيهَا عَلَى عِبَادَهِ وَكَذَلِكَ الثُّلْثُ الْأَخِيرُ مِنَ اللَّيْلِ لِجُودِ اللَّهِ تَعَالَى بِإِجَابَةِ الدَّعَوَاتِ وَمَغْفِرَةِ الزَّلَّاتِ وَإِعْطَاءِ السُّؤَالِ ونيل الآمال وَمن هَذَا تَفْضِيل مَكَّة وَالْمَدينَة وَلِوُجُوهٍ أُخْرَى وَقَدِ اخْتَصَّتْ مَكَّةُ بِوُجُوهٍ مِنَ التَّفْضِيلِ أَحَدُهَا وُجُوبُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ عَلَى الْخِلَافِ وَالْمَدِينَةُ يُنْدَبُ إِتْيَانُهَا وَلَا يَجِبُ وَثَانِيهَا فُضِّلَتِ الْمَدِينَة بإقامته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِهَا بَعْدَ النُّبُوَّةِ عَشْرَ سِنِينَ وَبِمَكَّةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً بَعْدَ النُّبُوَّةِ وَثَالِثُهَا فُضِّلَتِ الْمَدِينَةُ بِكَثْرَةِ الطَّارِئَيْنِ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ وَفُضِّلَتْ مَكَّةُ بِالطَّائِفِينَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ فَمَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا حَجَّهَا آدَمُ فَمَنْ دُونَهُ وَلَوْ كَانَ لِمَالِكٍ دَارَانِ فَأَوْجَبَ عَلَى عِبَادِهِ أَنْ يَأْتُوا إِحْدَاهمَا وَوَعدهمْ على ذَلِك بغفر سيآتهم وَرَفْعِ دَرَجَاتِهِمْ دُونَ الْأُخْرَى لَعُلِمَ أَنَّهَا عِنْدَهُ أَفْضَلُ وَرَابِعُهَا أَنَّ التَّقْبِيلَ وَالِاسْتِلَامَ نَوْعٌ مِنْ

الِاحْتِرَامِ وَهُمَا خَاصَّانِ بِالْكَعْبَةِ وَخَامِسُهَا وُجُوبُ اسْتِقْبَالِهَا وَسَادِسُهَا تَحْرِيمُ اسْتِدْبَارِهَا لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ وَسَابِعُهَا تَحْرِيمُهَا يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ تُحَرَّمِ الْمَدِينَةُ إِلَّا فِي زَمَانِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَثَامِنُهَا كَوْنُهَا مَثْوَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ وَتَاسِعُهَا كَوْنُهَا مَوْلِدُ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ وَعَاشَرُهَا لَا تُدْخَلُ إِلَّا بِإِحْرَام وحادي عشرهَا قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} التَّوْبَة 28 وَثَانِي عشرهَا الِاغْتِسَال لدخولها دون الْمَدِينَة وثالث عشرهَا ثَنَاءُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى الْبَيْتِ وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ للنَّاس للَّذي ببكة مُبَارَكًا وَهدى للْعَالمين فِيهِ آيَات بَيِّنَات} الْآيَة آل عمرَان 96

(كتاب الجهاد)

(كتاب الْجِهَاد) وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الْجُهْدِ الَّذِي هُوَ التَّعَبُ ثُمَّ اشْتُهِرَ فِي الشَّرْعِ بِنَعْتٍ خَاصٍّ كَمَا اتَّفَقَ فِي الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَغَيْرِهِمَا وَهُوَ مِنَ الْعِبَادَات الْعَظِيمَة فَفِي البُخَارِيّ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا مِنْ عَبْدٍ يَمُوتُ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ يَسُرُّهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا وَأَنَّ لَهُ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا إِلَّا الشَّهِيدَ لِمَا يَرَى مِنْ فَضْلِ الشَّهَادَةِ فَإِنَّهُ يَسُرُّهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا فَيُقْتَلَ مَرَّةً أُخْرَى وَلَرَوْحَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ غَدْوَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَلَقَاب قَوس أحدكُم أَوْ مَوْضِعُ قِيدٍ يَعْنِي سَوْطَهُ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ اطَّلَعَتْ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ لَأَضَاءَتْ مَا بَيْنَهُمَا وَلَمَلَأَتْهُ رِيحًا وَلَنَصِيفُهَا عَلَى رَأْسِهَا خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنِ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ فَلِهَذِهِ الْفَضِيلَةِ الْعَظِيمَةِ يَرْجِعُ اخْتِيَارُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِي جَعْلِهِ فِي الْمُصَنَّفَاتِ مَعَ الْعِبَادَاتِ وَالشَّافِعِيَّةُ يَجْعَلُونَهُ مَعَ الْجِنَايَاتِ لِأَنَّهُ عُقُوبَةٌ عَلَى الْكُفْرِ فَهُمْ يُلَاحِظُونَ الْمَفْعُولَ بِهِ وَنَحْنُ نُلَاحِظُ الْفَاعِلَ وَتَعَلُّقُ الْفِعْلِ بِفَاعِلِهِ أَشَدُّ مِنْ تَعَلُّقِهِ بِمَفْعُولِهِ وَفِي الْكِتَابِ اثْنَا عَشَرَ بَابا

فارغة

(الباب الأول في حكمه)

(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي حُكْمِهِ) وَفِي التَّلْقِينِ هُوَ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ لَا يَجُوزُ تَرْكُهُ إِلَّا لِعُذْرٍ وَلَا يُكَفُّ عَنْهُمْ إِلَّا أَنْ يَدْخُلُوا فِي دِينِنَا أَوْ يُؤَدُّوا الْجِزْيَةَ فِي بَلَدِنَا قَالَ الْمَازِرِيُّ قَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ وَغَيْرُهُ هُوَ فَرْضٌ عَلَى الْأَعْيَانِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} التَّوْبَة 36 وَجَوَابُهُ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً} التَّوْبَة 122 وَقَوْلِهِ {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أولي الضَّرَر وَالْمُجَاهِدُونَ} ثُمَّ قَالَ {وَكُلا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} النِّسَاء 95 وَلَوْ أَنَّهُ عَلَى الْأَعْيَانِ لَمَا وَعَدَ الْقَاعِدَ الْحسنى وَلم تزل الْأمة بعده - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَنْفِرُ بَعْضٌ دُونِ بَعْضٍ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَيْسَ بِوَاجِبٍ بَعْدَ الْفَتْحِ أَلْبَتَّةَ إِلَّا أَنْ يَأْمُرَ الإِمَام فَيجب الِامْتِثَال لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا فَعَلَّقَ الْوُجُوبَ عَلَى الِاسْتِنْفَارِ وَجَوَابُهُ أَنَّ تَعْلِيقَهُ لَا يَتَأَتَّى وُجُوبُهُ بِدُونِهِ بِدَلِيل مُنْفَصِل وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {قَاتلُوا الْمُشْركين} وَغَيْرُهُ مِنَ النُّصُوصِ وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ هُوَ فَرْضٌ عَلَى مَنْ يَلِي الْكُفَّارَ بَعْدَ الْفَتْحِ دُونَ غَيْرِهِ قَالَ وَيُمْكِنُ حَمْلُ قَوْلِ سَحْنُونٍ عَلَى مَنْ بَعُدَتْ دَارُهُ وَقَوْلِ الدَّاوُدِيِّ عَلَى أَنَّ الَّذِي يَلِيهِمْ يَقُومُ بِهِمْ وَلَا يُظُنُّ أَنَّ أَحَدًا يَقُولُ لَا يَجِبُ مَعَ إِفْضَاءِ تَرَكِهِ إِلَى اسْتِبَاحَةِ دَمِ الْمُسْلِمِينَ وَلَكِنْ مَعَ الْأَمْنِ قد يظنّ الْخلاف

وَيُؤَيّد مَا قُلْنَا أَنَّ الْكُفْرَ مِنَ الْمُنْكَرَاتِ وَأَقَلُّ الْمُنْكِرَاتِ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ فَالْكُفْرُ أَوْلَى بِذَلِكَ وَإِذَا قُلْنَا بِفَرْضِيَّتِهِ فَفِي سَائِرِ الْفِرَقِ وَاخْتُلِفَ فِي الْحَبَشَةِ وَالتُّرْكِ فَلِمَالِكٍ فِي الْحَبَشَةِ قَوْلَانِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِم يغزى التّرْك ويروى عَنهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اتْرُكُوا الْحَبَشَةَ مَا تَرَكُوكُمْ وَاتْرُكُوا التُّرْكَ مَا تَرَكُوكُمْ فَكَانَ الرَّأْيُ أَنْ لَا يُهَاجِرُوا لِتَوَقُّعِ شَرِّهِمْ آخِرَ الزَّمَانِ مِنْ خُرُوجِ التُّرْكِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَمِنْهُمُ التَّتَرُ وَذُو السَّوِيقَةِ مِنَ الْحَبَشَةِ هُوَ الَّذِي يَهْدِمُ الْكَعْبَةَ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ إِذَا حُمِيَتْ أَطْرَافُ الْبِلَادِ وَسُدَّتِ الثُّغُورُ سَقَطَ فَرْضُ الْجِهَادِ عَنْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَبَقِيَ نَافِلَةً إِلَّا أَنْ يَنْزِلَ الْعَدُوُّ بِبَعْضِ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ فَيَجِبُ عَلَى الْجَمِيعِ إِعَانَتُهُمْ بِطَاعَةِ الْإِمَامِ فِي النَّفِيرِ إِلَيْهِمْ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ الْقِيَامُ بِفَرْضِ الْجِهَادِ حِرَاسَةُ الثُّغُورِ وَعِمَارَتُهَا بِالْمَنَعَةِ وَلَا تَجُوزُ الْمُهَادَنَةُ إِلَّا لِضَرُورَةٍ تَدْعُو إِلَيْهَا وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ إِغْزَاءُ طَائِفَةٍ إِلَى الْعَدُوِّ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً تَخْرُجُ مَعَهُ أَوْ مَعَ نَائِبِهِ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ وَيَكُفُّ أَذَاهُمْ وَيُظْهِرُ دِينَ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَيُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَدْخُلُوا فِي الْإِسْلَامِ أَوْ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ وَيَعْدِلُ الْإِمَامُ بَيْنَ النَّاسِ فِي الْخُرُوجِ بالنوبة

(الباب الثاني في أسبابه)

(الْبَابُ الثَّانِي فِي أَسْبَابِهِ) وَهِيَ أَرْبَعَةٌ السَّبَبُ الْأَوَّلُ وَهُوَ مُعْتَبَرٌ فِي أَصْلِ وُجُوبِهِ وَيَتَّجِهُ أَنْ يَكُونَ إِزَالَةَ مُنْكَرِ الْكُفْرِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ الْمُنْكَرَات وَمن علم مُنْكرا وَقدر عَلَى إِزَالَتِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ إِزَالَتُهُ وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا قَوْله تَعَالَى {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فتْنَة وَيكون الدّين لله} الْبَقَرَة 193 الْفِتْنَة هِيَ الْكُفْرُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ} الْبَقَرَة 121 وَيَرُدُّ عَلَيْهِ لَوْ كَانَ سَبَبًا لَا تنقض بِالنِّسْوَانِ وَالرُّهْبَانِ وَالْفَلَّاحِينَ وَالزَّمْنَى وَنَحْوِهِمْ فَإِنَّا لَا نَقْتُلُهُمْ مَعَ تَحَقُّقِ السَّبَبِ وَيَتَّجِهُ أَنْ يَكُونَ هُوَ حِرَاسَةَ الْمُسْلِمِينَ وَصَوْنَ الدِّينِ عَنِ اسْتِيلَاءِ الْمُبْطِلِينَ وَيُعَضِّدُهُ أَنَّ مَنْ أُمِنَ شَرُّهُ مِنَ النسوان وَمن ذكر أَن لَا يُقْتَلَ وَكَذَلِكَ مَنْ أَذْعَنَ بِإِعْطَاءِ الْجِزْيَةِ وَهُوَ الَّذِي يَنْبَنِي عَلَيْهِ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ وَعبد الْوَهَّاب وَيرد عَلَيْهِ أَن ظَاهر النُّصُوصِ تَقْتَضِي تَرْتِيبَ الْقِتَالِ عَلَى الْكُفْرِ وَالشِّرْكِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} التَّوْبَة 73 و {قَاتلُوا الْمُشْركين كَافَّة} التَّوْبَة 36 وَقَوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ وَتَرْتِيبُ الْحُكْمِ عَلَى الْوَصْفِ يَدُلُّ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْوَصْفُ لِذَلِكَ الْحُكْمِ وَعَدَمُ عِلِّيَّةِ غَيْرِهِ ثُمَّ الْقِتَالُ قَدْ يَجِبُ مَعَ تَأْثِيمِ الْمُقَاتِلِ كَقِتَالِ الْحَرْبِيِّ وَمَعَ عَدَمِ تَأْثِيمِهِ بَلْ لِدَفْعِ مَفْسَدَةِ افْتِرَاقِ الْكَلِمَةِ كَقِتَالِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَنْ خَالَفَهُ

مِنَ الصَّحَابَةِ أَوْ لِدَفْعِ مَفْسَدَةٍ يَعْتَقِدُهَا الْمُقَاتِلُ بِتَأْوِيلِهِ كَقِتَالِ الصَّحَابَةِ لَهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ فَهَذَا سَبَبُ فَرْضِهِ عَلَى الْكِفَايَةِ قَاعِدَةٌ حِكْمَةُ مَا وَجَبَ عَلَى الْأَعْيَانِ أَوْ عَلَى الْكِفَايَةِ أَنَّ الْأَفْعَالَ عَلَى قِسْمَيْنِ مِنْهَا مَا تَتَكَرَّرُ مَصْلَحَتُهُ الشَّرْعِيَّةُ بِتَكَرُّرِهِ فَيَجِبُ عَلَى الْأَعْيَانِ كَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فَإِنَّ مَصْلَحَتَهَا تَعْظِيمُ الرَّبِّ تَعَالَى وَإِجْلَالُهُ وَالْخُشُوعُ لَهُ وَالْخُضُوعُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَهَذَا يَتَكَرَّرُ تَكَرُّرَ الْفِعْلِ وَمِنْهَا مَا لَا تَتَكَرَّرُ مَصْلَحَتُهُ الشَّرْعِيَّةُ بِتَكَرُّرِهِ كَإِنْقَاذِ الْغَرِيقِ فَإِنَّهُ إِذَا سُئِلَ مِنَ الْبَحْرِ حَصَلَتِ الْمَصْلَحَةُ فَالنَّازِلُ بَعْدَهُ لَا يُحَصِّلُ مُصْلَحَةً لِتَعَذُّرِ الْمَصْلَحَةِ بَعْدَ ذَلِكَ سُؤَالٌ يُشْكِلُ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ فَإِنَّ مَصْلَحَتَهَا إِعْفَاءُ الْمَيِّتِ مِنَ الْعُقُوبَةِ بِقَبُولِ الشَّفَاعَةِ وَهَذَا غَيْرُ مَعْلُومٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَكَرَّرَ وَأَنْ يَجِبَ عَلَى الْأَعْيَانِ جَوَابُهُ أَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنَ الْعِبَادِ إِنَّمَا هُوَ فِعْلُ صُورَةِ الشَّفَاعَةِ وَهَذَا عُلِمَ حُصُولُهُ وَأَمَّا الْمَغْفِرَةُ فَأَمْرٌ مُغَيَّبٌ سَقَطَ اعْتِبَارُهُ فِي حَقِّنَا وَأُقِيمَتْ مَظِنَّتُهُ مَقَامَهُ كَالرِّضَا فِي الْبَيْعِ هُوَ الْأَصْلُ وَلَمَّا كَانَ خَفِيًّا أُقِيمَتِ الصِّيَغُ وَالْأَفْعَالُ مَقَامَهُ وَأُلْغِيَ اعْتِبَارُهُ حَتَّى لَوْ رَضِيَ بِانْتِقَالِ مِلْكِهِ مِنْ غَيْرِ قَوْلٍ وَلَا فِعْلٍ لَمْ يَنْتَقِلِ الْمِلْكُ فَائِدَةٌ الْكِفَايَةُ وَالْأَعْيَانُ كَمَا يُتَصَوَّرَانِ فِي الْوَاجِبَاتِ يُتَصَوَّرَانِ فِي الْمَنْدُوبَاتِ كَالْوِتْرِ وَالْفَجْرِ وَقِيَامِ اللَّيْلِ عَلَى الْأَعْيَانِ وَالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ عَلَى الْكِفَايَةِ السَّبَبُ الثَّانِي وَهُوَ مُعْتَبَرٌ فِي تَعْيِينِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ يَتَعَيَّنُ بِتَعْيِينِ الْإِمَامِ فَمَنْ عَيَّنَهُ تَعَيَّنَ امْتِثَالًا لِلطَّاعَةِ السَّبَبُ الثَّالِثُ وَهُوَ مُعْتَبَرٌ فِي تَعْيِينِهِ مُفَاجَأَةَ الْعَدُوِّ وَمَنْ يَقْدِرُ عَلَى دَفْعِهِ فَفِي الْجَوَاهِرِ إِنْ لَمْ يَسْتَقِلُّوا بِدَفْعِهِ وَجَبَ عَلَى مَنْ يَقْرُبُ مُسَاعَدَتُهُمْ فَإِنْ لَمْ يَسْتَقِلَّ الْجَمِيعُ وَجَبَ عَلَى مَنْ عَلِمَ بِضَعْفِهِمْ وَطَمِعَ فِي إِدْرَاكِهِمْ وَمُعَاوَنَتِهِمُ الْمَصِيرُ إِلَيْهِمْ

السَّبَبُ الرَّابِعُ قَالَ اللَّخْمِيُّ اسْتِنْقَاذُ الْأَسْرَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا لكم لَا تقتلون فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا} النِّسَاء 75 يُرِيدُ تَعَالَى مَنْ فِي مَكَّةَ مِنَ الْأَسْرَى وَالْعَجْزَى فَإِنْ عَجَزُوا عَنِ الْقِتَالِ وَجَبَ عَلَيْهِمُ الْفِدَاءُ بِأَمْوَالِهِمْ إِنْ كَانَ لَهُمْ مَالٌ فَإِنِ اجْتَمَعَ الْقُدْرَةُ وَالْمَالُ وَجَبَ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ فَكُّ الْأَسْرَى مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ فَمَا نَقَصَ عَنْ بَيْتِ الْمَالِ تَعَيَّنَ فِي أَمْوَالِ جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مَقَادِيرِهَا وَيَجِبُ عَلَى الْأَسِيرِ الْغَنِيِّ فِدَاءُ نَفْسِهِ بِمَالِهِ وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ مَنْ فَدَى أَسِيرًا بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَلَهُ مَالٌ يُرْجَعُ عَلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ سِيرِين وَغَيره لَا يرجع لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فُكُّوا الْعَانِيَ وَجَوَابُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ فَكَّهُ أَعَمُّ مَنْ كَوْنِهِ مَجَّانًا وَثَانِيهِمَا أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَيْسَ لَهُ مَالٌ وَمَنْ لَهُ مَالٌ لَا يُفَكُّ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ كَالْجَائِزَةِ لَهُ وَمَنْ فَدَى فَقِيرًا فَالصَّحِيحُ عَدَمُ الْإِتْبَاعِ لِتَعَيُّنِ ذَلِكَ عَلَى الْإِمَامِ وَالْمُسْلِمِينَ وَظَاهِرُ الرِّوَايَاتِ خِلَافُهُ وَهُوَ بَعِيدٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ يَرْجِعُ عَلَى الْمُفْدَى وَإِنْ كَانَ أَضْعَافَ قِيمَتِهِ وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى دَيْنِ الْمُفْدَى كَالْقُوتِ وَفِدَاءِ مَالِهِ مِنَ اللُّصُوصِ وَدَابَّتِهِ مِنْ مُلْتَقِطِهَا وَالْكِرَاءِ عَلَى مَتَاعه فَذَلِك كُله يقدم عَلَى الْغُرَمَاءِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَهَذَا فِي مَالِهِ الَّذِي أَحْرَزَهُ الْعَدُوُّ مَعَهُ لِأَنَّهُ فَدَى ذَلِكَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنَّمَا قُدِّمَ عَلَى الْغُرَمَاءِ لِأَنَّهُ يدْخل فِي ذمَّته كرها وَهُوَ أَقْوَى وَلَوِ اشْتَرَاهُ مِنَ الْمَغْنَمِ بِسَهْمِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ عِنْدَ مَالِكٍ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُفْدَى مِنْ دَارِ الْحَرْبِ لِأَنَّهُ فَدَاهُ بِيَسِيرٍ أَوْ بِغَيْرِ شَيْءٍ مَعَ يَمِينِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا نُودِيَ عَلَى الْحُرِّ فِي الْمَغْنَمِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ مُشْتَرِيهِ وَإِنْ كَانَ سَاكِتًا عَمْدًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ إِنْ تَفَرَّقَ الْجَيْشُ لِعَدَمِ مَنْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ وَقِيلَ يَرْجِعُ عَلَى الْجَاهِلِ الظَّان أَن ذَلِك يرقه وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْحُرُّ يُمَكِّنُ نَفْسَهُ مِمَّنْ يَبِيعُهُ وَيتبع وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَتَّبِعُ وَإِنْ كَانَ عَالِمًا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا فَدَى أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ صَاحبه

فَلَا رُجُوعَ إِلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ بِأَمْرِهِ أَوْ غَيْرَ عَالِمٍ بِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ إِنْ فَدَى قَرِيبَهُ عَارِفًا بِهِ لِأَنَّهَا قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى التَّبَرُّعِ كَانَ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ أَمْ لَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ بِأَمْرِهِ كَانَ يَعْتِقُ عَلَيْهِ أَمْ لَا وَغَيْرُ عَالِمٍ بِهِ رَجَعَ إِنْ كَانَ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا قَالَ سَحْنُونٌ مَنِ اشْتَرَى ذَوِي رَحِمِهِ أَوْ فَدَاهُ رَجَعَ عَلَى مَنْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِثَوْب الْهِبَةِ إِنْ كَانَ عَالِمًا وَإِلَّا رَجَعَ مُطْلَقًا وَكَذَلِكَ فِي الْأَبَوَيْنِ وَالْوَلَدِ لِأَنَّهُ لَا يُمْلَكُ بِالْفِدَاءِ وَلَا يُفْسَحُ نِكَاحُ الزَّوْجَةِ إِذَا فَدَاهَا زَوْجُهَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَوْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا افدني وَلَك كَذَا أَو مهري فَلَيْسَ إِلَّا مَا ودي قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ وَفَتْ لَهُ الْفِدَاءَ سَقَطَ الْمَهْرُ وَقَالَ مَالِكٌ لَا شَيْءَ لَهُ مِنَ الْمَهْرِ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهَا امْرَأَتُهُ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ طَلَبَ الْعَدُوُّ الْفِدَاءَ بِالْخَيْلِ وَالسِّلَاحِ دَفَعَ بِخِلَافِ الْخَمْرِ وَمَنْ فَدَى بِخَمْرٍ وَنَحْوِهِ لَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمُفْدِي وَلَا بِقِيمَتِه وَمن فدى أُسَارَى بِأَلف رَجَعَ مَعَ الْمُوسِرِ وَالْمُعْسِرِ بِالسَّوِيَّةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَدُوُّ عَلِمَ الْمُوسِرَ وَتَشَاحَّ فِيهِ وَكَذَلِكَ يَسْتَوِي الْأَحْرَارُ وَالْعَبِيدُ وَيُخَيَّرُ السَّيِّدُ بَيْنَ الْإِسْلَامِ وَالْفِدَاءِ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَإِنِ اخْتَلَفَ الْفَادِي وَالْمَفْدِيُّ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَفْدِيِّ فِي إِنْكَارِهِ أَصْلَ الْفِدَاءِ وَمِقْدَارَهُ وَلَوِ ادَّعَى مَا لَا يُشْبِهُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ إِنْكَارِ أَصْلِهِ وَقِيلَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْفَادِي إِنْ وَافَقَهُ الْمَفْدِيُّ عَلَى أَصْلِ الْفِدَاءِ وَيُقَدَّمُ عَلَى الْغُرَمَاءِ فِيمَا مَعَهُ بِبِلَادِ الْحَرْبِ وَعِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ فِيمَا بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ وَسَوَّى بَيْنِهِمَا مُحَمَّدٌ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا قَالَ كُنْتُ قَادِرًا عَلَى التَّحَيُّلِ وَالْخُرُوجِ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَظَهَرَ صِدْقُهُ لَمْ يُتْبَعْ إِنِ افْتَدَاهُ بِغَيْرِ عِلْمِهِ وَإِنْ قَالَ كُنْتُ أفدى بِدُونِ هَذَا وَتَبَيَّنَ صِدْقُهُ سَقَطَ الزَّائِدُ وَمَتَى كَانَ عَالما بإفدائه وَلَمْ يُنْكِرِ اتَّبَعَهُ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْخُرُوجِ بِغَيْرِ شَيْءٍ أَوْ بِدُونِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِذَلِكَ فُرُوعٌ سِتَّةٌ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ إِذَا اؤْتُمِنَ الْأَسِيرُ عَلَى شَيْء فِي أَمَانَتَهُ وَلَهُ أَخْذُ مَا لَمْ يُؤْتَمَنْ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ

الْقَاسِمِ وَلَا يُخَمَّسُ مَا يَهْرُبُ بِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَفْ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ خَرَجَ إِلَى دَارِ الْحَرْبِ فَأُسِرَ خُمِّسَ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ إِلَّا بِالْإِيجَافِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ وَطْءُ الْجَارِيَةِ حَتَّى يَسْتَقِرَّ مِلْكُهُ بِدُخُولِهِ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَإِن كَانَت لَا تخمس وَلَا يعاملهم بالربا قَالَ الْأَشْهب إِذا دفعُوا إِلَيْهِ ثوبا ليخطه فَلَا يَخُونُ فِيهِ لِأَنَّهُ اؤْتُمِنَ عَلَيْهِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا خَانَ أَوْ رَابَى ثُمَّ تَخَلَّصَ تَصَدَّقَ بِقَدْرِ مَا رَابَى وَخَانَ لِتَعَذُّرِ وُصُولِهِ إِلَى رَبِّهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي السَّرِقَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ فِي الزِّنَا سَوَاءٌ زَنَى بِحُرَّةٍ أَوْ بِمَمْلُوكَةٍ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِذَا فَدَى ذِمِّيَّةً لَا يَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا وَلَهُ عَلَيْهَا فَدَاؤُهَا وَترجع ذِمِّيَّة على حَالهَا الثَّالِث فِي الْجَوَاهِر إِذَا وُلِدَتِ الْأَسِيرَةُ الْمُسْلِمَةُ عِنْدَهُمْ ثُمَّ غَنِمْنَاهَا فالصغار بمنزلتها والكبار إِذا بلغُوا وقاتلوا فَيْء وَقَالَ فِي ثَمَانِيَة ابْنِ أَبِي زَيْدٍ الْوَلَدُ تَبَعٌ فِي الْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ وَمَنِ امْتَنَعَ مِنْهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ فَهُوَ مُرْتَدٌّ وَقَالَ أَشْهَبُ حَمْلُهَا وَوَلَدُهَا الْكَبِيرُ فَيْءٌ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الدَّارِ وَلَوْ كَانَتْ أَمَةً قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ كَبِيرُ وَلَدِهَا وَصَغِيرُهُمْ لِسَيِّدِهَا وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْكَبِيرُ وَالصَّغِيرُ فَيْءٌ نَظَرًا لِلدَّارِ وشبهة ملك الْكفَّار بالجور وَقَالَ أَشْهَبُ هُمْ فَيْءٌ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تزوجت فلسيدها لوُجُود أبوة مُعْتَبرَة تستتبع أما الذِّمِّيَّةُ فَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ هِيَ مَرْدُودَةٌ إِلَى دِينِهَا وَصِغَارُ وَلَدِهَا الْمُطِيقُ لِلْقِتَالِ مِنْهُمْ فَيْءٌ الرَّابِعُ قَالَ الْمَازِرِيُّ إِذَا اشْتَرَى مِنْ بِلَادِ الْحَرْبَ سِلَعًا تُتَمَلَّكُ

فَلِصَاحِبِهَا أَخْذُهَا بِالثَّمَنِ وَالْمَوْهُوبُ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَإِنِ اشْتَرَى مِنَ الْحَرْبِيِّ بِبَلَدِنَا فَفِي الْكِتَابِ لَا يَأْخُذُهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَأْخُذُهُ بِالثَّمَنِ الْخَامِسُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا كَانَ مَعَ الْأَسِيرِ امْرَأَتُهُ أَوْ أَمَتُهُ جَازَ وَطْؤُهُمَا إِنْ تَيَقَّنَ سَلَامَتَهُمَا مِنْ وَطْءِ الْعَدُوِّ وَأَكْرَهُهُ لِبَقَاءِ ذُرِّيَّتِهِ بِأَرْضِ الْحَرْبِ وَتَرْكُ الْأَمَةِ أَحَبُّ إِلَيَّ لِأَنَّ الْحَرْبِيَّ أَن أَسْلَمَ عَلَّهَا كَانَتْ مِلْكًا لَهُ قَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ أَمَّا الْحُرَّةُ فَكَمَا قَالَ وَأَمَّا الْأَمَةُ فَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ لَهُ أَخْذُ مَالِهِ بَعْدَ الْقَسْمِ بِغَيْرِ ثَمَنٍ وَإِنَّ الْكُفَّارَ لَا شُبْهَةَ لَهُمْ يَجُوزُ وَطْؤُهَا وَيَحْرُمُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُم يملكُونَ وَأَنه لَا يَأْخُذ بَعْدَ الْقَسْمِ وَيُكْرَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ السَّادِسُ فِي الْجُلَّابِ إِذَا خَرَجَ الْأَسِيرُ إِلَيْنَا وَتَرَكَ مَالَهُ فِي أَيْدِيهِمْ ثُمَّ غَزَا مَعَ الْمُسْلِمِينَ فَغَنِمُوا مَالَهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ قَبْلَ الْقَسْمِ بِغَيْرِ ثَمَنٍ وَبَعْدَ الْقَسْمِ بِالثَّمَنِ

(الباب الثالث في شروطه)

(الْبَاب الثَّالِث فِي شُرُوطه) وَفِي الْمُقدمَات هَب سِتَّةٌ الْإِسْلَامُ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَأْتِ بِخِطَابٍ يَتَنَاوَلُ غَيْرَ الْمُسْلِمِينَ وَبِهَذَا يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَين الْجِهَاد وَالصَّوْم وَالزَّكَاة وَغَيرهمَا وَالْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ وَالْحُرِّيَّةُ لِأَنَّ حُقُوقَ السَّادَاتِ فَرْضُ عَيْنٍ فَيُقَدَّمُ عَلَى فَرْضِ الْكِفَايَةِ وَقِيَاسًا عَلَى الْحَجِّ وَالذُّكُورَةِ لِضَعْفِ أَبْنِيَةِ النِّسْوَانِ عَنْ مُكَافَحَةِ الْأَقْرَانِ وَلِاحْتِيَاجِهِنَّ إِلَى كَشْفِ الْعَوْرَاتِ وَالِاسْتِطَاعَةُ بِالْبَدَنِ وَالْمَالِ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْقُدْرَةُ بِسَلَامَةِ الْأَعْضَاءِ وَالْقُدْرَةُ عَلَى السِّلَاحِ وَوَقَعَ لِلشَّافِعِيَّةِ تَرَدُّدٌ فِي الْقِتَالِ بِالْحِجَارَةِ وَاخْتَارُوا عَدَمَ اعْتِبَارِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ نَقْلِ الْجَوَاهِرِ وَالرُّكُوبُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ وَنَفَقَاتُ الذَّهَابِ وَالْإِيَابِ فَإِنْ صَدَمَ الْعَدُوُّ الْإِسْلَامَ وَجَبَ عَلَى الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ لِتَعَيُّنِ الْمُدَافَعَةِ عَنِ النَّفْسِ وَالْبُضْعِ

فارغة

(الباب الرابع في موانعه)

(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي مَوَانِعِهِ) وَهِيَ اثْنَانِ الْأَوَّلُ فِي الْجَوَاهِرِ الدَّيْنُ الْحَالُّ دُونَ الْمُؤَجَّلِ فَإِنْ كَانَ يَحِلُّ فِي غَيْبَتِهِ وَكَّلَ مَنْ يَقْبِضُهُ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا بِالْحَالِّ فَلَهُ السَّفَرُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ الْمَانِعُ الثَّانِي فِي الْجَوَاهِرِ الْوِلَادَةُ فَلِلْوَالِدَيْنِ الْمَنْعُ دُونَ الْجَدِّ وَالْجَدَّةِ وَسَوَّى بَيْنَهُمْ ح وَالْأَبُ الْكَافِرُ كَالْمُسْلِمِ فِي مَنْعِ الْأَسْفَارِ وَالْأَخْطَارِ إِلَّا فِي الْجِهَادِ لِأَنَّ مَنْعَهُ رُبَّمَا كَانَ لِشَرْعِهِ لَا لِطَبْعِهِ وَقِيلَ يَسْتَوِيَانِ وَقَالَهُ ح لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} لُقْمَان 15 وَمِنَ الْمُرَادِ الْمُشْرِكَانِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا} لُقْمَان 15 إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ قَصْدَهُ وَهَنُ الدِّينِ وَلَيْسَ مِنَ الْمَوَانِعِ خَوْفُ اللُّصُوصِ فِي الطَّرِيقِ لِأَنَّ قِتَالَهُمْ أهم من الْكفَّار

صفحة فارغة

(الباب الخامس في القتال)

(الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْقِتَالِ) وَالنَّظَرِ فِي الْمُقَاتِلِ وَكَيْفِيَّةِ الْقِتَالِ فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْمُقَاتِلِ وَهُوَ مَنِ اجْتَمَعَتْ لَهُ الشُّرُوطُ وَالْأَسْبَابُ وَانْتَفَتْ عَنْهُ الْمَوَانِعُ فَحِينَئِذٍ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِتَالُ الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْمُقَاتَلِ وَهُمْ ثَلَاثُ فِرَقٍ الْحَرْبِيُّونَ وَالْخَوَارِجُ وَالْمُحَارِبُونَ وَتُؤَخَّرُ الثَّالِثَةُ إِلَى كتاب الْجِنَايَات الْفرْقَة الْأُولَى الْحَرْبِيُّونَ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي الْحَبَشَةِ وَالتّرْك وَهَا هُنَا تَفْرِيعَانِ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ لَا يُقْتَلُ النِّسَاءُ وَلَا الصِّبْيَانُ وَلَا الْمَشَايِخُ الْكِبَارُ وَلَا الرُّهْبَانُ فِي الصَّوَامِعِ وَالدِّيَارَاتِ وَيُتْرَكُ لَهُمْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ مَا يَعِيشُونَ بِهِ وَنَهَى عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ قَتْلِ الْعَسِيفِ وَهُوَ الْأَجِيرُ وَفِي مُسْلِمٍ نَهَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن قتال النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَفِي النَّسَائِيِّ لَا تَقْتُلُوا ذُرِّيَّةً وَلَا عَسِيفًا وَفِي الْمُوَطَّأِ قَالَ

الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِيَزِيدَ بْنِ سُفْيَانَ إِنَّكَ سَتَجِدُ قَوْمًا زَعَمُوا أَنَّهُمْ حَبَسُوا أَنْفُسَهُمْ لِلَّهِ فَذَرْهُمْ وَمَا زَعَمُوا أَنَّهُمْ حَبَسُوا أَنْفُسَهُمْ لَهُ وستجد قوما فحصوا عَن أوساط رُؤْسهمْ مِنَ الشَّعَرِ فَاضْرِبْ مَا فَحَصُوا عَنْهُ بِالسَّيْفِ وَإِن مُوصِيكَ بِعَشَرَةٍ لَا تَقْتُلَنَّ امْرَأَةً وَلَا صَبِيًّا وَلَا كَبِير هرما وَلَا تقطعن شَجرا مثمرا وَلَا تحرقن عَامِرًا وَلَا تَعْقِرَنَّ شَاةً وَلَا بَعِيرًا إِلَّا لِمَأْكَلِهِ وَلَا تُحْرِقَنَّ نَخْلًا وَلَا تُغْرِقَنَّهُ وَلَا تغلل وَلَا تخن وَقَالَ ش يُقْتَلُ الشُّيُوخُ وَالرُّهْبَانُ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اققتلوا شُيُوخ الْمُشْركين واستحيوا شرخهم يَعْنِي شبابهم ولاندارجهم فِي عُمُومَاتِ النُّصُوصِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى ذِي الرَّأْيِ وَيُخَصَّصُ مِنْهُ مَنْ لَا رَأْي لَهُ بِالْقِيَاسِ عَن النِّسَاءِ وَهُوَ الْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي وَوَافَقَنَا ح وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا شُكَّ فِي الْبُلُوغِ كُشِفَ عَن المؤتزر يعْتَبر نَبَات عانته وَقيل لَا يقبل حَتَّى يَحْتَلِمَ وَلَا يُقْتَلُ الشَّيْخُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَا رَأْيٍ وَلَا الرَّاهِبُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَا رَأْيٍ وَقِيلَ يُقْتَلُ مُطْلَقًا وَعَلَى الْمَشْهُورِ فَفِي الرَّاهِبَاتِ قَوْلَانِ تَرْكُهُنَّ قِيَاسًا عَلَى الرِّجَال ويوسرن لِاخْتِصَاصِ مَعْنَى التَّرَهُّبِ بِالرِّجَالِ وَحَكَاهُ الْمَازِرِيُّ عَنْ مَالِكٍ وَلَا يُقْتَلُ الْمَعْتُوهُ وَلَا الْأَعْمَى وَلَا الزَّمِنُ إِلَّا أَنْ يُخْشَى رَأْيُهُمَا وَقِيلَ لَا يُقْتَلَانِ مُطْلَقًا وَلَا يَقْتُلُ الْمُسْلِمُ أَبَاهُ الْمُشْرِكَ إِلَّا أَنْ يَضْطَرَّهُ إِلَى ذَلِكَ بِأَنْ يُعَاجِلَهُ على نَفسه وَقَالَهُ ش لنَهْيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حُذَيْفَةَ عَنْ قَتْلِ أَبِيهِ عُقْبَةَ وَالصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ قَتْلِ أَبِيهِ فَإِنْ قَتَلَ مَا مُنِعَ مِنْ قَتْلِهِ مِنِ امْرَأَةٍ أَوْ صَبِيٍّ أَوْ شَيْخٍ بَعْدَمَا صَارَ مَغْنَمًا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ تُجْعَلُ فِي الْمَغْنَمِ أَوْ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَلْيَسْتَغْفِرِ اللَّهَ تَعَالَى وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ

قَالَ الْمَازرِيّ ظَاهر الْمَذْهَب أَن إغزاء الْمَرْأَةِ بِالصِّيَاحِ لَا يُبِيحُ قَتْلَهَا وَلَا حِرَاسَتَهَا الْعَدُوَّ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُقْتَلُ رُهْبَانُ الْكَنَائِسِ لِخُلْطَتِهِمْ لِأَهْلِ الْحَرْبِ وَعَدَمِ أَمَانِنَا مِنْ ضَرَرِهِمْ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي المحلقين أوساط رُؤْسهمْ وَاسْمُهُمُ الشَّمَامِسَةُ وَإِذَا قَاتَلَنَا مَنْ مُنِعْنَا مِنْ قَتْلِهِ قَاتَلْنَاهُ وَقَتَلْنَاهُ فَإِنْ رَمَتِ الْمَرْأَةُ بِالْحِجَارَةِ قَالَ فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ لَا يُبِيحُ ذَلِك قِتَالهمْ إِلَّا أَنْ تَكُونَ قَتَلَتْ بِمَا رَمَتْ وَقَالَ سَحْنُونٌ تُقَاتَلُ بِمَا قَتَلَتْ بِهِ وَأَمَّا أَمْوَالُ الرُّهْبَانِ وَالْمَسَائِحُ فَمَا ظَهَرَ أَنَّهُ لِغَيْرِهِمْ أُخِذَ وَمَا تَحَقَّقَ أَنَّهُ لَهُمْ فَفِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ مَا يُشِيرُ إِلَى الْمَنْعِ مِنْ أَخْذِهِ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا قِيَاسًا عَلَى النَّفْسِ وَمَا يُشِيرُ إِلَى أَخْذِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَخْذُ الْمَالِ وَالنَّفْسِ قَالَ سَحْنُونٌ وَإِذْ مَرَّ الْجَيْشُ بِعَبِيدِ الرُّهْبَانِ وَزَرْعِهِمْ لَا يَمَسُّهُمْ قَالَ فَإِنْ أَرَادَ أَنَّ ذَلِكَ يَسِيرٌ لِلْقُوتِ فَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَأَمَّا الْعَبِيدُ فَإِنْ كَانُوا مِمَّنْ يُقَاتِلُونَ أَوْ تَقَاتَلُوا جَازَ قِتَالُهُمْ وَقَتْلُهُمْ إِلَّا أَنْ يَكُونُوا مِمَّنْ لَا يَتَشَاغَلُ الرُّهْبَانُ إِلَّا بِهِمْ وَاعْتَزَلُوا أَهْلَ مِلَّتِهِمْ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ أَمَّا إِذَا عُلِمَ أَنَّ الْأَمْوَالَ لَهُمْ فَلَا تُؤْخَذُ وَإِنْ كَثُرَتْ رَوَاهُ ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يُتْرَكُ لَهُمْ إِلَّا مَا يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ وَيَعِيشُ بِهِ الْأَيَّامَ وَكَذَلِكَ الشَّيْخُ وَهُوَ نَحْوُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ الْبَقَرَتَانِ تَكْفِيَانِ الرَّجُلَ وَقَالَ الْمَازِرِيُّ وَالْمَجْنُونُ الَّذِي يُفِيقُ أَحْيَانًا يُبَاحُ قَتْلُهُ وَلَا يُقْتَلُ الصُّنَّاعُ عِنْدَنَا لِأَنَّ اشْتِغَالَهُمْ بِصَنَائِعِهِمْ يَمْنَعُهُمْ عَنَّا كَاشْتِغَالِ الرُّهْبَانِ بِالتَّعَبُّدِ وَخَالَفَ سَحْنُونٌ فِي هَذَا الْأَصْلِ وأباح قتل الحراس وَقَالَ لَمْ يَثْبُتِ النَّهْيُ عَنْ قَتْلِ الْعَسِيفِ وَفَرَّقَ بِأَنَّ الصَّانِعَ مُعِينٌ لِأَهْلِ دِينِهِ بِصَنِيعَتِهِ بِخِلَافِ الرَّاهِبِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ عَلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ فِي قَتْلِ رُهْبَانِ الْكَنَائِسِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مَالِكٌ لَا يُقْتَلُ الصُّنَّاعُ وَلَا الْفَلَّاحُونَ وَرُوِيَ النَّهْيُ عَنْ قَتْلِ الْأَكَّارِينَ وَهُمُ الْفَلَّاحُونَ وَقَالَ سَحْنُونٌ يُقْتَلُ الْفَلَّاحُ الثَّانِي فِي

الْكِتَابِ مَنْ وُجِدَ بِسَاحِلِنَا مِنَ الْعَدُوِّ وَقَالُوا نَحْنُ تُجَّارٌ وَنَحْوُهُ فَلَا يُقْتَلُونَ وَلَيْسُوا لِمَنْ وَجَدَهُمْ وَيَرَى فِيهِمُ الْإِمَامُ رَأْيَهُ وَأَنَا أَرَاهُمْ فَيْئًا لِلْمُسْلِمِينَ وَإِذَا قَالَ تَاجِرُهُمْ ظَنَنْتُ أَنَّكُمْ لَا تَعْرِضُونَ لِلتُّجَّارِ أَوْ يُؤْخَذُ بِبِلَادِ الْعَدُوِّ مُقْبِلًا إِلَيْنَا فَيَقُولُ جِئْتُ أَطْلُبُ الْأَمَانَ فَهُوَ مُشْكِلٌ وَيُرَدُّ إِلَى مَأْمَنِهِ وَإِذَا لَفَظَهُمُ الْبَحْرُ فَزَعَمُوا أَنَّهُمْ تُجَارٌ وَلَا يُعْلَمُ صِدْقُهُمْ وَمَعَهُمُ السِّلَاحُ رَأَى فِيهِمُ الْإِمَامُ رَأْيَهُ وَلَا يُخَمَّسُونَ إِنَّمَا الْخمس فِيهَا أُوجِفَ عَلَيْهِ قَالَ يَحْيَى وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ مَنِ ادَّعَى أَنَّهُ رَسُولٌ وَقَالَ رَبِيعَةُ إِنْ كَانَ شَأْنه التِّجَارَة عندنَا فَهُوَ كأمان وَإِلَّا فَلَا عَهْدَ وَلَا ذِمَّةَ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُجْتَهَدُ فِي الْجَاسُوسِ وَرَأى أَنْ تُضْرَبَ عُنُقُهُ وَلَا نَعْلَمُ لَهُ تَوْبَةً قَالَ وَمَا قَالَهُ صَحِيحٌ وَيَتَخَيَّرُ الْإِمَامُ بَيْنَ قَتْلِهِ وَصَلْبِهِ لِسَعْيِهِ فِي الْأَرْضِ بِالْفَسَادِ دُونَ النَّفْيِ وَالْقَطْعِ لِبَقَاءِ الْفَسَادِ مَعَهُمَا وَفِي الصَّحِيحِ أَنَّ حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ كَتَبَ إِلَى مَكَّة يُخْبِرهُمْ بمقدمه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَهُ يَا رَسُول الله فَلم يُنكر - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَيْهِ ذَلِكَ بَلْ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ قَالَ الْمَازِرِيُّ إِذَا كَانَ الْجَاسُوسُ مُسْلِمًا فَقِيلَ يُقْتَلُ وَاخْتُلِفَ فِي قَبُولِ تَوْبَتِهِ وَقِيلَ إِنَّ ظُنَّ بِهِ الْجَهْلُ وَكَانَ مِنْهُ الْمَرَّةَ نُكِّلَ وَإِن كَانَ مُعْتَادا قتل وَقيل يجلد جادا مُنَكِّلًا وَيُطَالُ سَجْنُهُ بِمَكَانٍ بَعِيدٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَالَ مَالِكٌ يَجْتَهِدُ الْإِمَامُ فِيهِ كَالْمُحَارِبِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَإِذَا ادَّعَى الْحَرْبِيُّونَ أَنَّهُمْ أَتَوْا يُسَلِّمُونَ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُمْ فِي السَّلَام وَلَا التِّجَارَةِ وَلَا الْفِدَاءِ وَيَرَى فِيهِمُ الْإِمَامُ رَأْيَهُ فِي الْقَتْلِ وَالِاسْتِرْقَاقِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ عَادَتُهُمُ التَّكَرُّرَ لِبِلَادِ الْمُسْلِمِينَ أَمْ لَا أُخِذُوا فِي بِلَاد الْإِسْلَام أَو قبلهَا الْأَشْهب وَيُقْبَلُ قَوْلُهُمْ وَيُرَدُّونَ إِلَى مَأْمَنِهِمْ إِلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ كَذِبُهُمْ إِنْ أُخِذُوا إِلَى بِلَادِ الْإِسْلَامِ

أما فِي بِلَاد الْإِسْلَام فهم فَيْء ليحي بْنِ سَعِيدٍ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْكِتَابِ وَإِنْ أُخِذُوا فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ وَالثَّالِثُ إِنْ كَانَ شَأْنُهُمُ التَّكَرُّرَ إِلَيْنَا قُبِلَ قَوْلُهُمْ أَو ردو إِلَى مَأْمَنِهِمْ وَإِلَّا فَهُمْ لِلْمُسْلِمِينَ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَمَّا إِنْ أَظْهَرُوا ذَلِكَ قَبْلَ وُصُولِهِمْ إِلَيْنَا فَلَا خِلَافَ أَنَّهُمْ لَا يُسْتَرَقُّونَ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُمْ الْفِرْقَةُ الثَّانِيَةُ الْخَوَارِجُ وَالْخَارِجُونَ عَلَيْنَا مِنْ مِلَّتِنَا قِسْمَانِ لِطَلَبِ الْمُلْكِ وَهُمْ عُصَاةُ الثَّوْرَةِ وَلِنُصْرَةِ مَذَاهِبِهِمْ بِالتَّأْوِيلِ وَفِي الْكِتَابِ يُسْتَتَابُ أَهْلُ الْأَهْوَاءِ مِنَ الْقَدَرِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ فَإِنْ تَابُوا وَإِلَّا قُتِلُوا إِنْ كَانَ الْإِمَامُ عَدْلًا وَإِذَا خَرَجُوا عَلَى إِمَامٍ عَدْلٍ وَدَعَوْا لِمَذْهَبِهِمْ دَعَاهُمْ لِلسُّنَّةِ فَأن أَبَوا قَاتَلَهُمْ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَمَا كَفَّرَهُمْ وَلَا سَبَاهُمْ وَلَا أَخَذَ أَمْوَالَهُمْ قَالَ التُّونُسِيُّ ويتوارثون عَن الْفُقَهَاء لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الصَّحِيحِ يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْمٌ تَحْقِرُونَ صَلَاتَكُمْ إِلَى صَلَاتِهِمْ وَصِيَامَكُمْ إِلَى صِيَامِهِمْ ويقرأون الْقُرْآنَ وَلَا يَتَجَاوَزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُ أَحَدُهُمْ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ تَنْظُرُ فِي النَّصْلِ فَلَا تَرَى شَيْئًا وَتَنْظُرُ فِي السهْم وَلَا تَرَى شَيْئًا وَتَنْظُرُ فِي الْقِدْحِ فَلَا تَرَى شَيْئًا وَيَتَمَارَى فِي الْفُوقِ وَقَدْ سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ فَقَوْلُهُ يَتَمَارَى فِي الْفُوقِ يَقْتَضِي وُقُوعَ الْخِلَافِ فِي كُفْرِهِمْ وَأَنَّ لَهُمْ نَصِيبًا مِنَ الدّين مشكوكا فِيهِ ويكوون قَتْلُهُمْ عَلَى هَذَا حَدًّا كَالرَّجْمِ فَوَائِدُ يُرْوَى ضئضئ وضيضي هَذَا هُوَ الْأَصْلُ وَالْمَعْدِنُ وَالَّذِي يُلَفُّ عَلَى طَرَفِ السَّهْمِ وَالنَّصْلِ وَالْفُوقُ طَرَفُ السَّهْمِ الَّذِي يُجْعَلُ فِيهِ الْوَتْرُ قَالَ وَاخْتُلِفَ فِي تَكْفِيرِهِمْ وَعَلَى الْقَوْلِ بالتكفير لَا يتوارثون وَعدم التفكير ظَاهر

مَذْهَبِ الْفُقَهَاءِ وَقِيلَ يُضْرَبُونَ وَيُسْجَنُونَ وَلَا يُقْتَلُونَ إِلَّا أَنْ يَدْعُوا إِلَى بِدْعَتِهِمْ فَيُقَاتَلُونَ وَلَا تستباح نِسَائِهِم وَلَا أَمْوَالُهُمْ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا تَابَ الْخَوَارِجُ بعد إِصَابَة الدِّمَاء وَالْأَمْوَال سَقَطت ادماء وَمَا اسْتَهْلَكُوهُ مِنَ الْأَمْوَالِ لِأَنَّهُمْ مُتَأَوِّلُونَ بِخِلَافِ الْمُحَاربين وَيُؤْخَذ من وَجه بِعَيْنِه وَلَا حد على مرأة سبيت وَلَا يلاعنها زَوجهَا وَيحد قَذفهَا وَتُرَدُّ إِلَى زَوْجِهَا الْأَوَّلِ بَعْدَ عِدَّةِ الْآخَرِ قَالَ ابْن يُونُس قَالَ سَحْنُون لَهُم حكم الْمُسلمين فِي أُمَّهَات الْأَوْلَاد وَعدد الْأَوْلَاد والمدبرين والوصاية وَلَا يُتْبَعُونَ بِمَا نَالُوا مِنَ الْفُرُوجِ وَمَا لَا يعرف بِهِ مِنَ الْأَمْوَالِ وُقِفَ فَإِنْ أُيِسَ مِنْهُ تُصُدِّقَ بِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا سَبَى الْخَارِجِيُّ امْرَأَة فأولدها ألحق بِهِ وَالِده كَمُسْتَحَقَّةٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَفِيهِ الْخِلَافُ الَّذِي ثَمَّةَ وغذا كَانَ الْخَوَارِجُ يَطْلُبُونَ الْوَالِيَ الظَّالِمَ لَمْ يَجُزِ الدَّفْعُ عَنْهُ وَلَا يَجِبُ عَلَى النَّاسِ قَتْلُ الْقَدَرِيَّةِ وَالْبَاغِيَةِ إِلَّا مَعَ الْوُلَاةِ الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي صفة الْقِتَال وَفِيهِ سَبْعَةُ أَبْحَاثٍ الْبَحْثُ الْأَوَّلُ الدَّعْوَةُ قَبْلَ الْقِتَالِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} الْمَائِدَة 67 وَفِي الْكِتَابِ لَا نُقَاتِلُ وَلَا نَثْبُتْ قَبْلَ الدَّعْوَةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ إِذَا أَتَوْا إِلَى بِلَادِنَا قَالَ مَالِكٌ وَمَنْ قَرُبَتْ دَارُهُ فَلَا يدع وتطلب غِرَّتُهُ وَمِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَالدَّعْوَةُ قَطْعٌ لِلشَّكِّ قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ يَجُوزُ ابْتِغَاءُ غِرَّةِ الْعَدُوِّ لَيْلًا وَنَهَارًا لِبُلُوغِ دَعْوَةِ الْإِسْلَامِ أَقْطَارَ الأَرْض إِلَّا من تراجى إِجَابَتُهُ مِنْ أَهْلِ الْحُصُونِ فَيُدْعَى قَالَ مَالِكٌ وَأَمَّا الْقِبْطُ فَلَا بُدَّ مِنْ دَعَوْتِهِمْ بِخِلَافِ الرُّومِ وَاخْتُلِفَ فِي الْعِلَّةِ فَقِيلَ لِبُعْدِ فَهْمِهِمْ وَقيل لشرفهم و \ بِسَبَب مَارِيَة وَهَاجَر لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اسْتَوْصُوا بِالْقِبْطِ خَيْرًا فَإِنَّ لَهُمْ نَسَبًا وَصِهْرًا قَالَ المزاري ضَابِطُ الْمَذْهَبِ أَنَّ مَنْ لَا يَعْلَمُ مَا يُقَاتل عَلَيْهِ وَمَا يَدعِي إِلَيْهِ وَمن علم فَقِيه أَقْوَالٌ الدَّعْوَةُ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْهِ فِي الْكتاب

وَإِسْقَاطُهَا مُطْلَقًا رَوَاهُ ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْهُ وَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَ مَنْ يَعْلَمُ وَبَيْنَ مَنْ لَا يَعْلَمُ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْهِ فِي الْكِتَابِ وَالرَّابِعُ يَدْعُو الْجَيْش الْكَثْرَة لأمنه العائلة دُونَ غَيْرِهِ وَهُوَ عِنْدِي ظَاهِرُ كَلَامِهِ وَأَمَّا إِنْ عَاجَلَنَا الْعَدُوُّ فَلَا يُدْعَى وَلَوْ أَمْكَنَتِ الدَّعْوَةُ وَعَلِمْنَا أَنَّ الْعَدُوَّ لَا يَعْلَمُ أَيُقَاتَلُ عَن الْمُلْكِ أَوِ الدِّينِ دُعِيَ وَلَا يَحْسُنُ الْخِلَافُ فِي هَذَا الْقِسْمِ قَالَ اللَّخْمِيُّ لَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ الدَّعْوَةِ قَبْلَ الْقِتَالِ لِمَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ أَمْرُ الْإِسْلَامِ وَمَنْ بَلَغَهُ فَأَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ وَاجِبَةٌ مِنَ الْجَيْشِ الْعَظِيمِ إِذَا غَلَبَ عَلَى الظَّن الْإِجَابَة على الْجِزْيَةِ لِأَنَّهُمْ قَدْ لَا يَعْلَمُونَ قَبُولَ ذَلِكَ مِنْهُمْ وَمُسْتَحَبٌّ إِذَا كَانُوا عَالِمِينَ وَلَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ إِجَابَتُهُمْ وَمُبَاحَةٌ إِذَا لَمْ يُرْجَ قَبُولُهُمْ وَمَمْنُوعَةٌ إِنْ خُشِيَ أَحَدُهُمْ لِحَذَرِهِمْ بِسَبَبِهَا وَاخْتُلِفَ فِي التَّبْيِيتِ فَكَرِهَهُ مَالِكٌ وَأَجَازَهُ مُحَمَّدٌ لِقَضِيَّةِ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ مَنْ وَجَبَتْ دَعْوَتُهُ لَا يَجُوزُ تَبْيِيتُهُ وَمَنْ تُسْتَحَبُّ دَعْوَتُهُ يُكْرَهُ تَبْيِيتُهُ وَمَنْ أُبِيحَتْ أُبِيحَ إِلَّا أَن يخْشَى اخْتِلَاط الْمُسلمين بِاللَّيْلِ وغذ تَوَجَّهَ الْقِتَالُ لَا يَعْمَلُونَ بِالْحَرْبِ بَلِ الْمَكْرُ وَالْخَدِيعَةُ وَمُعْتَمَدُ هَذِهِ الْأَقْوَالِ اخْتِلَافُ الْآثَارِ وَظَاهِرُ الْقُرْآنِ فَفِي مُسْلِمٍ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى نَافِعٍ يَسْأَلُهُ عَنِ الدُّعَاءِ قَبْلَ الْقِتَالِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ الْإِسْلَام قد أغار عَلَيْهِ السَّلَام عَليّ بِنَبِي المصطلق وَهُوَ غَارُّونَ وَأَنْعَامُهُمْ تَسْعَى عَلَى الْمَاءِ فَقَتَلَ مُقَاتِلِيهِمْ وسبى سَبْيهمْ وَفِيه كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُغِيرُ إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ وَكَانَ إِذَا سَمِعَ أَذَانًا أَمْسَكَ وَإِلَّا أَغَارَ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ فِي وجوب الدعْوَة وَرِوَايَات ثَالِثُهَا وُجُوبُهَا لِمَنْ

بَعُدَتْ عَلَيْهِ دَارُهُ وَخِيفَ مِنْ عَدَمِ عِلْمِهِ بِالْمَقْصُودِ وَرَابِعُهَا الْجُيُوشُ الْكِبَارُ وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِيهَا عَلَى ثَلَاثِ طُرُقٍ أَحَدُهَا الْمَذْهَبُ كُلُّهُ عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ وَتَنْزِيلُهَا عَلَى الْأَحْوَالِ وَثَانِيهَا تَبْقِيَتُهَا عَلَى حَالِهَا وَثَالِثُهَا أَنَّ الْمَذْهَبَ عَلَى ثَلَاثِ رِوَايَاتٍ الْوُجُوبُ وَالسُّقُوطُ وَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَ قَرِيبِ الدَّارِ وَغَيْرِهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ صِفَةُ الدَّعْوَةِ أَنْ يَعْرِضَ عَلَيْهِمُ الْإِسْلَامَ فَإِنْ أَجَابُوا كَفَّ عَنْهُمْ وَإِلَّا عُوِّضَتْ لَهُمُ الْجِزْيَةُ فَإِنْ أَبَوْا قُوتِلُوا وَإِنْ أَجَابُوا طُولِبُوا بِالِانْتِقَالِ إِلَى حَيْثُ يَنَالُهُمْ سُلْطَانُنَا فَإِنْ أَجَابُوا كُفَّ عَنْهُمْ وَإِنْ أَبَوْا قُوتِلُوا قَالَ الْمَازِرِيُّ وَحَيْثُ قُلْنَا بِالدَّعْوَةِ فَقُتِلُوا قَبْلَهَا وَاسْتُبِيحَ مَالُهُمْ فَلَا دِيَةَ وَلَا كَفَّارَةَ وَقِتَالُهُمْ كَقَتْلِ الْمُرْتَدِّ قَبْلَ الِاسْتِتَابَةِ وَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَقَالَ ش تَجِبُ الدِّيَةُ كَالذِّمِّيِّ وَالْمُعَاهَدِ وَجَوَابُهُ الْفَرْقُ بالعهد الْمَانِع وَهَا هُنَا لَا عَهْدَ وَالدَّعْوَةُ مُخْتَلَفٌ فِيهَا وَقَالَ بَعْضُ البغداديين لَو أَن الْمَقْتُول تمسك بكتابه وآمن بنبينا وَنبيه على جنب مَا اقْتَضَاهُ كِتَابُهُ فَفِيهِ دِيَةُ مُسْلِمٍ الْبَحْثُ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ لَا بَأْسَ بِالْجِهَادِ مَعَ وُلَاةِ الْجَوْرِ لِأَنَّهُ لَوْ تُرِكَ لَأَضَرَّ بِالْمُسْلِمِينَ وَاسْتدلَّ البُخَارِيّ على ذَلِك بقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْخَيْلُ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ولأنا أإن اسْتَطَعْنَا إِزَالَةَ مُنْكَرِهِمْ أَطَعْنَا طَاعَتَيْنِ بِالْجِهَادِ وَإِزَالَةِ الْمُنْكَرَيْنِ وَإِلَّا سَقَطَ عَنَّا وُجُوبُ الْإِنْكَارِ فَنُطِيعُ بِالْجِهَادِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ لَا يجب الْخُرُوج مَعَهم لَيْلًا يعينهم عَلَى مَا يَقْصِدُونَهُ مِنَ الدِّمَاءِ قَالَ اللَّخْمِيُّ لَا أَرَى أَنْ يَغْزُوا مَعَهُمْ إِذَا لَمْ يُوَفُّوا بِالْعَهْدِ وَهُوَ أَشَدُّ مِنْ تَعَدِّيهِمْ فِي الْخمس وبشرب الْخُمُور وأنواع الْفسق وَإِنَّمَا تَكَلَّمَ مَالِكٌ فِي وَقْتٍ أَكْثَرُ مُجَاهِدِيهِ أَهْلُ الْخَيْرِ بِتَأَخُّرِهِمْ يَضْعُفُ النَّاسُ الْبَحْثُ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ لَا بَأْسَ بِإِخْرَاجِ الْأَهْلِ إِلَى السواحل وَلَا

يُدَرَّبُ بِهِنَّ إِلَى أَرْضِ الْحَرْبِ وَلَا الْعَسْكَرِ الْعَظِيمِ لِمَا فِي الْبُخَارِيِّ كُنَّا نَخْرُجُ مَعَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَنَسْقِي الْقَوْمَ وَنَخْدِمُهُمْ وَنَسْقِي الْجَرْحَى وَنُدَاوِي الْكَلْمَى قَالَ اللَّخْمِيّ وَفِي مُسلم نَهْيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن السّفر بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ مَخَافَةَ أَنْ تَنَالَهُ يَدُ الْعَدُوِّ وَقَالَهُ مَالِكٌ وَالْأَئِمَّةُ فَيُكْرَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْجَيْشُ عَظِيمًا خَوْفَ سُقُوطِهِ أَوْ نِسْيَانِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَظْهِرَ الْحَرَامِ وَقَالَ ح يَجُوزُ فِي الْجُيُوشِ الْعَظِيمَةِ قَالَ صَاحِبُ الْإِكْمَالِ وَلَمْ يُفَرِّقْ مَالِكٌ بَيْنَ الْحَالَيْنِ وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ سَحْنُونٍ وَقُدَمَاءِ أَصْحَابِهِ وَأَجَازَ الْفُقَهَاءُ الْكِتَابَةَ إِلَيْهِمْ بِالْآيَةِ وَنَحْوِهَا دَعْوَةً إِلَى الْإِسْلَامِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَتَبَ إِلَيْهِمْ {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} آل عمرَان 64 الْآيَةَ وَاخْتُلِفَ فِي تَعْلِيمِهِمْ شَيْئًا مِنْهُ فَمَنَعَهُ مَالِكٌ صَوْنًا عَنِ الِاسْتِخْفَافِ وَأَجَازَهُ ح لِتَوَقُّعِ الْإِرْشَاد وَعند ش قَولَانِ إِن طَلَبُوا مُصْحَفًا لِيَنْظُرُوا فِيهِ لَمْ يُمَكَّنُوا فَقَدْ كَرِهَ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ مُعَامَلَتَهُمْ بِالدَّنَانِيرِ عَلَيْهَا اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى وَلَمْ تَحْدُثْ سِكَّةُ الْإِسْلَامِ إِلَّا فِي زَمَنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَيُرْوَى فِي زَمَنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْبَحْثُ الرَّابِعُ فِيمَنْ يُسْتَعَانُ بِهِ وَالْأَصْلُ فِيهِ الْأَحْرَارُ الْمُسْلِمُونَ الْبَالِغُونَ وَيَجُوزُ بِالْعَبِيدِ بِإِذْنِ السَّادَةِ وَبِالْمُرَاهِقِينَ الأقوياء وَلَا يجوز بالمشركين خلافًا ل ح لنا مَا فِي مُسلم خرج - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَبْلَ بَدْرٍ فَلَمَّا كَانَ بِحَرَّةِ الْوَبَرَةِ أَدْرَكَهُ رَجُلٌ قَدْ كَانَ يُذْكَرُ مِنْهُ جَوْلَةٌ وَنَجْدَةٌ ففرح أَصْحَابه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِينَ رَأَوْهُ فَلَمَّا أَدْرَكَهُ قَالَ الرَّجُلُ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جِئْتُ لِأَتْبَعَكَ وَأُصِيبَ مَعَكَ فَقَالَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ قَالَ لَا قَالَ فَارْجِعْ فان أَسْتَعِينُ بِمُشْرِكٍ ثُمَّ مَضَى حَتَّى أَدْرَكْنَا بِالشَّجَرَةِ أدْركهُ الرجل وَقَالَ لَهُ كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَقَالَ لَهُ

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ قَالَ لَا فَقَالَ فَارْجِعْ فَلَنْ نَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ ثُمَّ رَجَعَ فَأَدْرَكَهُ بِالْبَيْدَاءِ فَقَالَ لَهُ كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ قَالَ نَعَمْ فَقَالَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَانْطَلِقْ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ هَذَا فِي الصَّفِّ وازحف أَمَّا فِي الْهَدْمِ وَالْمَنْجَنِيقِ وَنَحْوِهِ فَلَا بَأْسَ وَقَالَ أَيْضًا لَا بَأْسَ أَنْ يَقُومَ بِمَنْ سالمه على من حاربه لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اسْتَعَانَ بِأَهْلِ الْكِتَابِ عَلَى عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ وَالْجَوَابُ عَن الْحَدث السَّابِق أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تَفَرَّسَ فِيهِ الْإِسْلَامَ إِذْ مَنَعَهُ الْبَحْثُ الْخَامِسُ فِي الدَّوَاوِينِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا يُرْوَى أَنَّ من أَوَّلَ مَنْ دَوَّنَ الدَّوَاوِينَ فِي الْإِسْلَامِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَفِي الْكِتَابِ لَا بَأْسَ بِكِتَابَةِ الرَّجُلِ اسْمَهُ فِي دِيوَانِ مِصْرَ أَوِ الشَّامِ أَوْ غَيْرِهِمَا فَإِنْ تَنَازَعَ رَجُلَانِ فِي اسْمٍ مَكْتُوبٍ فِي الْعَطَاءِ فَأَعْطَى أَحَدُهُمَا الْآخَرَ مَالًا لِيَتْرُكَ لَهُ ذَلِكَ الِاسْمَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَجُوزُ لِقَوْلِ مَالِكٍ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الزِّيَادَةِ فِي الْعَطَاءِ بِعَرَضٍ وَلِأَنَّ الْمُعْطَى إِنْ كَانَ صَاحِبَ الِاسْمِ فَقَدْ أَخَذَ الْآخَرُ حَرَامًا وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ فَقَدْ بَاعَ مَا لَمْ يَعْلَمْ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا لَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ تَحَالَفَا وَاقْتَسَمَاهُ إِنْ رَآهُ الْإِمَامُ وَلَوْ كَانَ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ الْخُرُوجَ وَلَيْسَ عَطَاءٌ ثَابِتًا أَخْرَجَ الْإِمَامُ أَيَّهُمَا شَاءَ وَأَعْطَاهُ ذَلِكَ وَمُرَادُهُ فِي الْكِتَابِ الْأُعْطِيَّةُ الثَّانِيَةُ وَفِي الْكِتَابِ وَقَدْ وَقَفَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَالصَّحَابَةُ بَعْدَهُ الْفَيْءَ وَخَرَاجَ الْأَرَضِينَ لِلْمُجَاهِدِينَ وَفَرَضُوا مِنْهُ لِلْمُقَاتِلَةِ وَالْعِيَالِ وَالذَّرَارِيِّ فَهُوَ سُنَّةٌ لِمَنْ بَعْدَهُمْ فَمَنِ افْتَرَضَ فِيهِ وَنِيَّتُهُ الْجِهَادُ جَازَ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ أَصْحَابُ الْعَطَاءِ أَفْضَلُ مِنَ الْمُتَطَوِّعَةِ لما يرعون وَقَالَ مَكْحُول روعات الْبعُوث تَنْفِي رواعات يَوْمِ الْقِيَامَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْمُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَأْخُذَ أَجْرًا وَيَغْزُوَ لِلَّهِ تَعَالَى خَالِصًا فَإِنْ أَخَذَ مِنَ الدِّيوَانِ جَازَ إِذَا كَانَتْ جِهَةً تَجُوزُ وَإِذَا أَرَادَ رَجُلَانِ أَنْ يَتَطَاوَيَا وَهُمَا من مَا حوزين فَيرجع كل وَاحِد مِنْهُمَا إِلَى مَا حوز صَاحِبِهِ جَازَ إِذَا أَرَادَ ذَلِكَ عُرَفَاؤُهُمْ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ الطَّوَا بِفَتْحِ الطَّاءِ وَالْوَاوِ مَقْصُورٌ وَالْمَاحُوزُ بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالرَّاء الْمُعْجَمَةِ وَفِي النُّكَتِ الْمَاحُوزُ الْمَوْضِعُ الَّذِي يُرَابَطُ فِيهِ نَحْوُ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ وَالْمِنِسْتِيرِ وَالطَّوَا الْمُبَادَلَةُ فَإِذَا كَتَبَ الْإِمَامُ بَعْضَهُمْ لِلْخُرُوجِ إِلَى

جِهَة وَبَعْضهمْ إِلَى جِهَة اخبر فَيَجُوزُ أَنْ يَخْرُجَ هَذَا لِثَغْرِ هَذَا وَهَذَا لِثَغْرِ هَذَا وَفِي الْكِتَابِ يَجُوزُ جَعْلُ الْقَاعِدِ لِلْخَارِجِ مِنْ أَهْلِ دِيوَانِهِ لِأَنَّ عَلَيْهِمْ سَدَّ الثغور خلافًا ش وح لِأَنَّهُ قَدْ مَضَى النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ وَرُبَّمَا خَرَجَ لَهُمُ الْعَطَاءُ وَرُبَّمَا لَمْ يَخْرُجْ وَلَا يَجْعَل لغير من فِي ديوانه ليغرو عَنهُ وَقد كره إجَازَة فَرَسِهِ لِمَنْ يَغْزُو عَلَيْهِ فَإِجَارَةُ النَّفْسِ أَشَدُّ كَرَاهَة قَاعِدَة العوضان لَا يَجْتَمِعَانِ للشَّخْص وَاحِد وَلذَلِك منعنَا الْإِجَازَة عَلَى الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا لِحُصُولِهَا لِلْمُصَلِّي مَعَ عِوَضِهَا وَحِكْمَة الْمُعَارضَة انْتِفَاع كل وَاحِد من المتعارضين بِمَا يُبْذَلُ لَهُ وَالْجِهَادُ حَاصِلٌ لِلْمُجَاهِدِ وَمُقْتَضَى ذَلِك الْمَنْع مُطلقًا وَعَلِيهِ اعْتمد ش وح وَرَاعَى مَالِكٌ الْعَمَلَ قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ لَا بَأْسَ فِي الطَّوَا أَنْ يَقُولَ لِصَاحِبِهِ وآخذ بعثي وَخذ بَعثك وَأَزِيدك وَكَذَا وَكَذَا وَكَرَاهَة شُرَيْحٌ قَبْلَ الْكَتَبَةِ أَمَّا بَعْدَهَا فَهُوَ جَائِزٌ إِلَّا لِمَنِ انْتَصَبَ يَنْتَقِلُ مِنْ مَاحُوزٍ إِلَى مَاحُوزٍ يُرِيدُ الزِّيَادَةَ فِي الْجُعْلِ قَالَ ابْنُ يُونُس أما إِذا لم يتَقَدَّم كتبه قلم يجد عَلَيْهِمَا خُرُوج فَلَا فَائِدَة فِي الْإِعْطَاء قَالَ التُّونُسِيُّ إِذَا سَمَّى الْإِمَامُ رَجُلًا فَلَا يُجْعَلُ لِغَيْرِهِ الْخُرُوجُ عَنْهُ إِلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ وَإِذَا قَالَ يَخْرُجُ مِنَ الْبَعْثِ الْفُلَانِيِّ مِائَةٌ وَأَعْطَى بَعْضَهُمْ لِبَعْضٍ جَازَ وَلَوْ قَالَ يَخْرُجُ جُمْلَةُ بَعْثِ الصَّيْفِ فَجَعَلَ بَعْضَهُمْ لِمَنْ بَعْثُهُ فِي الرّبيع لم يجز إِلَّا بأذى الْإِمَامِ لِأَنَّهُ قَدْ عَيَّنَ وَهَذَا جَائِزٌ إِلَّا لِمَنْ أَوْقَفَ نَفْسَهُ يَلْتَمِسُ الرِّبْحَ مَتَى وَجَدَهُ خَرَجَ فَمَكْرُوهٌ وَأَمَّا إِذَا قَالَ خُذْ بَعْثِي وَآخُذُ بَعْثَكَ قَبْلَ وَقْتِ الْخُرُوجِ فَهُوَ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ قَالَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مَنْ أَجْمَعَ عَلَى الْغَزْوِ فَلَا بَأْسَ بِأَخْذِهِ مَا يُعْطَى وَقَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ بِالْكِرَاءِ فِي الْغَزْوِ إِلَى الْقُفُولِ مِنْ بَلَدِ الْعَدُوِّ وَتَوْسِعَةً عَلَى النَّاسِ لِأَنَّ غَزْوَهُمْ مَعْرُوفٌ الْبَحْثُ السَّادِسُ فِي وُجُوهِ الْقِتَالِ فِي الْكِتَابِ لَا بَأْسَ بِتَحْرِيقِ قُرَاهُمْ وَحُصُونِهِمْ وَتَغْرِيقِهَا بِالْمَاءِ وَإِخْرَابِهَا وَقَطْعِ شَجَرِهَا الْمُثْمِرِ وَقَالَهُ ش وَقَالَ

الْأَئِمَّةُ يُجَازُ قَطْعُ النَّخْلِ وَنَحْوِهِ لِمَا فِي مُسلم أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَرَقَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ وَيُحْمَلُ قَوْلُ الصِّدِّيقِ رَضِي الله عَنهُ مَا يُرْجَى انْتِفَاعُ الْمُسْلِمِينَ بِهِ وَإِذَا كَانَ مُسْلِمٌ فِي حِصْنٍ أَوْ مَرْكَبٍ لَا يُحْرَقُ وَلَا يُغْرَقُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} الْفَتْح 25 وَلَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ إِذَا كَانَ فِيهِمْ ذُرِّيَّةُ الْمُشْرِكِينَ وَنِسَاؤُهُمْ وَإِذ خَرَقَ الْعَدُوُّ سَفِينَةَ الْمُسْلِمِينَ جَازَ خُرُوجُهُمْ إِلَى الْبَحْرِ فِرَارًا مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْمَوْتِ وَلَمْ يَرَهُ رَبِيعَةُ إِذَا طَمِعَ فِي النَّجَاةِ أَوِ الْأَسْرِ وَقَالَ رَبِيعَةُ أَيْضًا الصَّبْرُ أَفْضَلُ وَلَا يُلْقِي الرَّجُلُ نَفْسَهُ بِسِلَاحِهِ لِيَغْرَقَ بَلْ يَثْبُتُ لِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَفِي الْجَوَاهِرِ يَجُوزُ إِرْسَالُ الْمَاءِ عَلَيْهِمْ وَقَطْعُهُ عَنْهُمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} الْأَنْفَال 60 وَفِي النَّارِ خِلَافُ مَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ أُسَارَى الْمُسْلِمِينَ فَلَا يَجُوزُ وَلَوْ تَتَرَّسُوا بِالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ تَرَكْنَاهُمْ إِلَّا أَنْ يُخَافَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ تَتَرَّسُوا بِمُسْلِمٍ تُرِكُوا وَإِنْ خفنا على أَنْفُسنَا لِأَن دم الْمُسلم لَا يُبَاحُ بِالْخَوْفِ فَإِنْ تَتَرَّسُوا فِي الصَّفِّ وَلَوْ تُرِكُوا لَانْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ وَخِيفَ اسْتِئْصَالُ قَاعِدَةِ الْإِسْلَامِ أَوْ جُمْهُورِ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الْقُوَّةِ مِنْهُمْ وَجَبَ الدَّفْعُ وَسَقَطَ مُرَاعَاةُ التُّرْسِ وَلَا يَجُوزُ حمل رُؤْس الْكُفَّارِ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ وَلَا إِلَى الْوُلَاةِ وَقَدْ كَرِهَهُ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَالَ هَذَا فِعْلُ الْعَجَمِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ تُرْمَى الْحُصُونُ بِالْمَنْجَنِيقِ وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ نِسَاءٌ وصبيان فقد رمي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَهْلَ الطَّائِفِ بِالْمَنْجَنِيقِ فَقِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ الله إِن فيهم النِّسَاء وَالصبيان قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هُمْ مِنْ آبَائِهِمْ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ بِالْحِصْنِ إِلَّا الْمُقَاتِلَةُ أَجَازَ فِي الْكِتَابِ

رَمْيَهَا بِالنَّارِ وَرُوِيَ عَنْهُ الْمَنْعُ وَإِذَا كَانَ مَعَهُمُ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ فَأَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ يَجُوزُ الْمَنْجَنِيقُ دُونَ التَّغْرِيقِ وَالتَّحْرِيقِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْكِتَابِ وَيَجُوزُ جَمِيعُ ذَلِكَ عِنْدَ أَصْبَغَ وَمَنْعُ جَمِيعِ ذَلِكَ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيَجُوزُ التَّغْرِيقُ وَالْمَنْجَنِيقُ دُونَ التَّحْرِيقِ عِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ فَإِنْ كَانَ مَعَهم أُسَارَى للْمُسلمين امْتنع التحريق والتغريق قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَجُوزُ الْمَنْجَنِيقُ وَقَطْعُ الْمَاءِ عَنْهُمْ وَرُوِيَ مَنْعُ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ الْمِصْرِيِّينَ وَالْمَدَنِيِّينَ وَأَمَّا السُّفُنُ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا أُسَارَى الْمُسْلِمِينَ جَازَ التَّحْرِيقُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْحُصُون أَنهم إِذا لَمْ يَحْرِقُوهُمْ فَعَلُوا بِهِمْ ذَلِكَ وَهُوَ مُتَعَذَّرٌ عَلَيْهِمْ فِي الْحُصُونِ فَإِنْ كَانَ فِيهِمُ الْأُسَارَى فَمَنَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَجَوَّزَ أَشْهَبُ وَإِنْ كَانَ فيهم النسوان وَالصبيان جَازَ قولا وَاحِد وَالْمُدْرِكُ فِي هَذِهِ الْأَحْكَامِ قَوْله تَعَالَى {يُخْرِبُونَ بُيُوتهم بأيدهم وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ} الْحَشْر 2 وقَوْله تَعَالَى {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فبإذن الله وليخزي الْفَاسِقين} الْحَشْر 5 وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يُعَذِّبُ بِالنَّارِ إِلَّا رَبُّ النَّارِ وَوَافَقَنَا ح فِي قَتْلِ الْحَيَوَانِ الَّذِي يُضْعِفُ قُوَاهُمْ كَالْخَيْلِ وَالْبِغَالِ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ وش لَا يَجُوزُ إِتْلَافُ الْخَيْلِ وَالْبَغْلِ لِعَدَمِ الْمَأْكَلَةِ وَيَجُوزُ إِتْلَافُ فَرَسِ الْفَارِسِ تَحْتَهُ بِلَا خِلَافٍ فَنَقِيسُ عَلَيْهِ وَعَلَى الشَّجَرِ وَيُفَرِّقُ الْخَصْمُ بِأَنَّ مَرْكُوبَهُ آلَةٌ لِلشَّرِّ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَالنَّبَاتُ لَيْسَ لَهُ حُرْمَةٌ فِي نَفْسِهِ بِخِلَافِ الْحَيَوَانِ فَنَقِيسُ عَلَى النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَعَلَى الْمَذْهَبِ اخْتَارَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ الذَّبْحَ لِبُعْدِهِ عَنِ التَّمْثِيلِ وَنَهَى بَعْضُ الْأَصْحَاب عَنهُ ليبعده عَن الْأكل وَيُمكن أَن تجوق لِبُعْدِ ذَلِكَ عَنِ الْأَمْتِعَةِ وَخُيِّرَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ بَيْنَ الذَّبْحِ وَالتَّعَرْقُبِ وَأَمَّا النَّحْلُ فَنُهِيَ عَن إِتْلَافه لَا مَكَان تَطَيُّرِهِ إِلَى بَلَدِ الْإِسْلَامِ وَغَيْرِهَا كَحَمَامِ الْأَبْرِجَةِ بِخِلَافِ الْمَوَاشِي وَالدَّوَابِّ فَإِنْ كَانَتْ كَثِيرَةً تُقَوِّيهِمْ فَرِوَايَتَانِ إِحْدَاهُمَا الْمَنْعُ لِمَا رُوِيَ فِيمَا تَقَدَّمَ وَالْجَوَازُ كَالدَّوَابِّ وَأَمَّا الْحَيَوَانُ النَّاطِقُ إِنْ عَجَزَ

عَنْ وُصُولِهِ لِبَلَدِنَا تُرِكَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ وَقُتِلَتِ الرِّجَالُ إِلَّا أَنْ يَكُونُوا أَسْقَطْنَا حُكْمَ الْقَتْلِ عَنْهُم وَإِذا تركنَا الْوَالِدَان وَالنِّسْوَانَ وَالشُّيُوخَ فِي بَلَدِ الْحَرْبِ فَهُمْ لِمَنْ أَخذهم أَو فِي حوزة الْإِسْلَام فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يُمَلَّكُونَ وَذَلِكَ كَالْعِتْقِ لَهُمْ الْبَحْثُ السَّابِعُ فِي الْمُبَارَزَةِ فِيمَا تَجُوزُ الْهَزِيمَةُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ اخْتُلِفَ فِي قَوْله تَعَالَى {الْآن الْعدَد خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا} الْأَنْفَال 66 قِيلَ التَّخْفِيفُ فِي الْعَدَدِ فَلَا يَفِرُّ الْعَدو مِنْ مَثِيلِهِ وَإِنْ كَانَ أَشَدَّ مِنْهُمْ سِلَاحًا وجلدا إِلَّا أَن يكون بِأَرْض الْحَرْب بموقع مَدَدِهِمْ فَلَهُ التَّوْلِيَةُ سَعَةً وَقِيلَ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ فِي الْقُوَّةِ دُونَ الْعَدَدِ وَهِيَ رِوَايَةُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ مَالِكٍ وَقَوْلُهُ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ قَالَ وَهَذَا الْقَوْلُ مَحْمُولٌ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ إِنَّ الِانْحِيَازَ إِلَى وَالِي جَيْشِهِ الْأَعْظَمِ وَتَنْحَازُ السَّرِيَّةُ الْمُتَقَدِّمَةُ إِلَى مَنْ خَلْفَهَا مِمَّا يَلِيهَا وَإِذَا نَشَأَ الْقِتَالُ وَكَانَ السُّلْطَانُ ضَعِيفًا فَلَهُ الِانْحِيَازُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ صُفُوفٍ وَإِنْ عَلِمُوا أَنَّهُمْ يُقْتَلُونَ فَالِانْصِرَافُ أَحَبُّ إِلَيَّ إِنْ قَدَرُوا وَإِلَّا تَلَازَمُوا حَتَّى يُقْتَلُوا وَإِذَا حُصِرَتِ الْمَدِينَة فضعفوا قَالَ ربيعَة يخرجُوا لِلْقِتَالِ أحب إِلَيّ من الْمَوْت جوعا وَإِن طَمِعُوا فِي النَّجَاةِ وَإِلَّا فَالصَّبْرُ أَحْسَنُ قَالَ التُّونُسِيُّ لَهُمُ الْخُرُوجُ إِلَى الْقِتَالِ لَعَلَّهُ أَرْوَحُ لَهُمْ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الْمَرْكِبِ تُلْقَى عَلَيْهَا النَّارُ هَلْ يُلْقِي الرَّجُلُ بِنَفْسِهِ لِيَغْرَقَ أَمْ لَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَمُحَمَّدٌ لَا تَجُوزُ الْمُبَارَزَةُ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ إِذَا صَحَّتِ النِّيَّةُ إِلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ قَالَ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُعْضَدَ إِذَا خِيفَ عَلَيْهِ وَقِيلَ لَا يُعْضَدُ لِأَنَّهُ لَمْ يَفِ بِالشَّرْطِ وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ لِأَنَّهُ إِذَا أُخِذَ وَجَبَ فَدَاؤُهُ بِالْقِتَالِ وَغَيْرِهِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا حَمَلَ الرَّجُلُ الْوَاحِدُ عَلَى الْجَيْشِ الْعَظِيم أَرَادَ السُّمْعَةَ فَحَرَامٌ إِجْمَاعًا أَوْ خَوْفَ الْأَسْرِ لِإِحَاطَةِ الْعَدو بِهِ فَجَاز إِجْمَاعًا أَوْ لِيُلْقِيَ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِ الْكُفَّارِ وَالْقُوَّةَ فِي قُلُوبِ الْمُسْلِمِينَ فَكَرِهَهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ رَضِي الله عَنهُ لِأَنَّهُ ألْقى نَفسه إِلَى التَّهْلُكَةِ وَمِنْهُمْ مَنِ اسْتَحْسَنَهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَمَا زَالَ السَّلَفُ عَلَى

ذَلِكَ وَفِي كَلَامِ مَالِكٍ إِشَارَةٌ إِلَى الْقَوْلَيْنِ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْفَارِّ مِنَ الزَّحْفِ وَإِنْ فَرَّ إِمَامُهُ وَإِن بلغ عدد الْمُسلمين اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا لَا يَجُوزُ التَّوَلِّي وَإِنْ كَانَ الْعَدو زَائِدا على الضعْف لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَنْ يُغْلَبَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا مِنْ قِلَّةٍ فَهَذَا الْحَدِيثُ مُخَصِّصٍ لِلْآيَةِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَقِيلَ إِنَّ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّم وَبئسَ الْمصير} آل عمرَان 111 خَاصٌّ بِبَدْرٍ وَالصَّحِيحُ تَعْمِيمُهُ إِلَى الْأَبَدِ فَرْعَانِ الْأَوَّلُ فِي الْجُلَّابِ تُقَامُ الْحُدُودُ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ وَقَالَهُ ش وَقَالَ ح كُلُّ مَا يُوجِبُ الْحَدَّ لَا يُوجِبُهُ إِلَّا مَعَ الْإِمَامِ نَفْسِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ يُنَفِّرُ الْقُلُوبَ وَيُفَرِّقُ الْكَلِمَةَ وَيُوجِبُ الدُّخُولَ لِدَارِ الْحَرْبِ وَالرِّدَّةِ وَجَوَابُهُ أَنَّ أَدِلَّةَ الْوُجُوبِ قَائِمَةٌ فَتَجِبُ لِأَنَّهُ مَنْ أَعْظَمِ الطَّاعَاتِ فَيَكُونُ مِنْ أَقْوَى أَسْبَابِ الْمُعَاوَنَاتِ وَفِي اللّبَاب إِن زنا الْأَسِيرُ بِحَرْبِيَّةٍ ثُمَّ خُلِّصَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَيْهِ الْحَدُّ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ الثَّانِي قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ إِذَا تَيَقَّنَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّهُمْ لَا يُؤَثِّرُونَ شَيْئًا أَلْبَتَّةَ وَأَنَّهُمْ يُقْتَلُونَ مِنْ غَيْرِ نِكَايَةِ الْعَدُوِّ وَلَا أَثَرٍ أَصْلًا وَجَبَتِ الْهَزِيمَةُ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ بَيْنِ الْعُلَمَاءِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ وَعَلَى هَذَا يُمْكِنُ انْقِسَامُ الْفِرَارِ إِلَى الْوَاجِبِ وَالْمُحَرَّمِ وَالْمَنْدُوبِ وَالْمَكْرُوهِ بِحَسَبِ الْأَمَارَاتِ الدَّالَّة على الْمصَالح وتعارضها ورجحانها

فارغة

(الباب السادس في أموال الكفار)

(الْبَابُ السَّادِسُ فِي أَمْوَالِ الْكُفَّارِ) وَفِيهِ خَمْسَةُ فُصُولٍ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي تَمْيِيزِ مَا يُخَمَّسُ مِنْ غَيْرِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ أَمْوَالُ الْكُفَّارِ خَمْسَةُ أَنْوَاعٍ أَحَدُهَا لِلَّهِ خَالِصًا وَهُوَ الْجِزْيَةُ وَالْخَرَاجُ وَعُشْرُ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَأَهْلِ الصُّلْحِ يَفْعَلُ الْإِمَامُ فِي ذَلِكَ مَا يَرَاهُ مَصْلَحَةً وَثَانِيهَا لِمَنْ أَخَذَهُ وَلَا خُمُسَ فِيهِ وَهُوَ مَا أُخِذَ مِنْ بَلَدِ الْحَرْبِ مِنْ غَيْرِ إِيجَافٍ قَالَ مُحَمَّد إِن هرب بِتِجَارَتِهِ لَمْ تُخَمَّسْ إِنْ أُسِرَ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ وَإِنْ خَرَجَ إِلَى دَارِ الْحَرْبِ فَأُسِرَ خُمِّسَتْ لِأَنَّهُ خَرَجَ لِذَلِكَ أَوِ الْجِهَادِ وَلَوْ خَرَجَ تَاجِرًا فَسَرَقَ جَارِيَةً أَوْ مَتَاعًا لِمَنْ يُخَمَّسُ قَالَ مَالِكٌ وَمَا طَرَحَهُ الْعَدُوُّ خَوْفَ الْغَرَقِ فَوُجِدَ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ وَلَا بِقُرْبِ قُرَاهُمْ وَلَا يُخَمَّسُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً فَيُجْرَى عَلَى حُكْمِ الرِّكَازِ وَإِنْ كَانَ بِقُرْبِ قُرَاهُمْ خُمِّسَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا وَإِنْ كَانَ بِقُرْبِ الْحَرْبِيِّينَ فَهُوَ كَالْحَرْبِيِّينَ أَمْرُهُ إِلَى الْإِمَامِ وَثَالِثُهَا خُمُسُهُ لِلَّهِ تَعَالَى وَبَقِيَّتُهُ لِوَاجِدِهِ وَهِيَ الْغَنِيمَةُ وَالرِّكَازُ وَرَابِعُهَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ هَلْ بِخمْس أَمْ لَا وَهُوَ مَا جَلَا عَنْهُ أَهْلُهُ وَلَهُ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ أَنْ يَنْجَلُوا بَعْدَ نُزُولِ الْجَيْشِ قِيلَ فَيْءٌ لَا شَيْءَ فِيهِ لِلْجَيْشِ لِعَدَمِ الْقِتَالِ وَقِيلَ يُخَمَّسُ لِأَنَّ الْجَلَاءَ

بِالْخَوْفِ مِنَ الْجَيْشِ وَإِنِ انْجَلَوْا قَبْلَ خُرُوجِ الْجَيْش خوفًا مِنْهُ ففيء يخْتَلف فِي خَرَاجِ أَرْضِهِمْ وَمَا صُولِحُوا عَلَيْهِ قَبْلَ خُرُوجِ الْجَيْشِ لِمُكَاتَبَةٍ أَوْ رُسُلٍ فَهُوَ فَيْءٌ وَإِن كَانَ بعد نزُول الْجَيْش لَهُم كَانَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ لِأَنَّهُ بِإِيجَافِهِمْ وَالثَّالِثُ مَا يُؤَدُّونَهُ كُلَّ عَامٍ وَهُوَ كَالْخَرَاجِ وَخَامِسُهَا مَا غنمه العبيد بإيجفاف مِنْ أَرْضِ الْإِسْلَامِ وَلَا حُرَّ مَعَهُمْ قِيلَ هُوَ لَهُمْ وَلَا يُخَمَّسُ وَقِيلَ يُخَمَّسُ كَالْأَحْرَارِ نَظَرًا إِلَى قَوْله تَعَالَى {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} الْأَنْفَال 41 هَلْ يَنْدَرِجُ الْعَبِيدُ فِي الْخِطَابِ أَمْ لَا وَكَذَلِكَ إِنْ كَانُوا مَعَ الْجَيْشِ وَبِهِمْ قُدْرَةٌ عَلَى الْغَنِيمَةِ يُخْتَلَفُ فِي أَنْصِبَائِهِمْ وَيُخْتَلَفُ فِيمَا غَنِمَهُ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ دُونَ الرِّجَالِ هَلْ يُخَمَّسُ أَمْ لَا وَالْمَأْخُوذُ مِنَ الْغَنِيمَةِ سَبْعَةُ أَقْسَامٍ الْأَمْوَالُ وَالرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ وَالْأَرَضُونَ وَالْأَطْعِمَةُ وَالْأَشْرِبَةُ فَالْأَمْوَالُ تُخَمَّسُ لِلْآيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَالرِّجَالُ يُخَيَّرُ الْإِمَامُ فِيهِمْ بَيْنَ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ الْقَتْلُ وَالْمَنُّ وَالْفِدَاءُ وَالْجِزْيَةُ وَالِاسْتِرْقَاقُ يَفْعَلُ الْأَصْلَحَ مِنْ ذَلِكَ بِالْمَنِّ وَالْفِدَاءِ وَمَنْ ضُرِبَتْ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ مِنَ الْخُمُسِ عَلَى الْقَوْلِ بِمِلْكِ الْغَنِيمَةِ بِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ وَالْقَتْلُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَالِاسْتِرْقَاقُ رَاجِعٌ إِلَى جُمْلَةِ الْغَانِمِينَ وَإِذَا أَسْقَطَ الْقَتْلَ امْتَنَعَ الْقِتَالُ وَيَتَخَيَّرُ فِي الْأَرْبَعَةِ وَإِنْ مَنَّ عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ حَبْسُهُ عَنْ بَلَدِهِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ الْبَقَاء لضرب الْجِزْيَة وَإِن أبقاه للجزية الِاسْتِرْقَاقُ دُونَ الْمُفَادَاةِ بِرِضَاهُ وَإِنِ اسْتَرَقَّهُمْ جَازَ أَنْ يَنْتَقِلَ مَعَهُ إِلَى الْجِزْيَةِ وَالْمَنِّ وَالْفِدَاءِ وَإِنْ أَبْقَاهُ لِلْفِدَاءِ امْتَنَعَتِ الْحُرِّيَّةُ وَالرِّقُّ إِلَّا بِرِضَاهُ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَهُ الْمُفَادَاةُ بِالْمَالِ وَالْأَسْرَى وَلَا فَرْقَ فِي التَّخْيِيرِ بَيْنَ أَسْرَى الْعَجم وَالْعرب والأحرار والفلاحون يُخَيِّرُ فِيهِمْ فِيمَا عَدَا الْقَتْلَ عَلَى الْخِلَافِ فِي قَتلهمْ وَفِي النِّسَاء وَالصبيان فِي ثَلَاثَة الْمَنُّ وَالْفِدَاءُ وَالِاسْتِرْقَاقُ وَوَافَقَنَا ش فِي التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْخَمْسِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ فَفِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ

حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} التَّوْبَة 5 {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} التَّوْبَة 29 {فإمَّا منا بعد وَإِمَّا فدَاء} مُحَمَّد 4 وَهُوَ خير من اعْتِقَاد النّسخ وَقَالَ ح لَا يجوز الْمَنّ وَالْفِدَاء وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ يُقْتَلُونَ عَلَى الْإِطْلَاقِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فإمَّا من بعد وَإِمَّا فدَاء} قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَحَكَى الدَّاوُدِيُّ أَنَّ أَكْثَرَ أَصْحَابِ مَالِكٍ يَكْرَهُونَ الْفِدَاءَ بِالْمَالِ وَيَقُولُونَ إِنَّمَا كَانَ ذَلِك ببدر لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلِمَ أَنَّهُ سَيَظْهَرُ عَلَيْهِمْ قَالَ وَإِذَا قُلْنَا بِالتَّخْيِيرِ فَإِنْ كَانَ الْأَسِيرُ عَظِيمَ النَّجْدَةِ قَتَلَهُ أَوْ عَظِيمَ الْقِيمَةِ اسْتَرَقَّهُ أَوْ فَدَاهُ إِنْ بَذَلَ فِيهِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ عَدِيمَ الْقِيمَةِ وَالْقُدْرَةِ عَلَى الْجِزْيَةِ كَالزَّمِنِ أَعْتَقَهُ أَوْ عَدِيمَ الْقِيمَةِ دُونَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْجِزْيَةِ ضَرَبَهَا عَلَيْهِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ إِنِ الْتَبَسَ أَمْرُهُ فَقَالَ مَرَّةً لَا يَقْتُلُهُ وَقَالَ مَرَّةً يُقْتَلُ لِقَوْلِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا تَحْمِلُوا إِلَيْنَا مِنْ هَؤُلَاءِ الْأَعْلَاجِ أَحَدًا جَرَتْ عَلَيْهِ الْمَوَاسِي فَائِدَةٌ الْعِلْجُ مِنَ الْأَعْلَاجِ وَالْمُعَالَجَةُ وَهِيَ الْمُحَاوَلَةُ لِلشَّيْءِ فَإِنَّ الْعِلْجَ هُوَ الْقَوِيُّ الْقَادِرُ عَلَى مُحَاوَلَةِ الْحَرْبِ وَفِي الْكِتَابِ يُسْتَرَقُّ الْعَرَبُ إِذَا سُبَوْا كَالْعَجَمِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يَمْنَعُ الِاسْتِرْقَاقَ كَوْنُ الْمَرْأَةِ حَامِلًا مِنْ مُسْلِمٍ لَكِنْ لَا يُرَقُّ الْوَلَدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ حَمَلَتْ بِهِ حَالَ كُفْرٍ ثُمَّ سُبِيَتْ بَعْدَ الْإِسْلَامِ وَإِذَا سُبِيَ الزَّوْجَانِ مَعًا أَوِ الزَّوْجُ أَوَّلًا انْقَطَعَ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا عِنْدَ أَشْهَبَ خِلَافًا لِابْنِ الْمَوَّازِ وَإِذَا سُبِيَتْ هِيَ أَوَّلًا انْقَطَعَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِنِ اسْتُبْرِئَتْ بِحَيْضَةٍ فَوَطْئِهَا السَّيِّدُ قَبْلَ الْإِسْلَام زَوْجِهَا انْقَطَعَ وَإِلَّا فَلَا

وَإِذَا سُبِيَتْ وَوَلَدُهَا الصَّغِيرُ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا فِي البيع وَالْقِسْمَة وَالصَّغِير لَمْ يُثْغِرْ وَرُوِيَ مَنْ لَمْ يَحْتَلِمْ وَلَوْ قطع عَن الْأُم بيع مَعَ الْجَدَّةِ لَمْ يَجُزْ وَيَجُوزُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَبِ وَالْجَدَّةِ فَرْعٌ فِي الْبَيَانِ يَجُوزُ شِرَاءُ الْحَرْبِيِّينَ مِنْ آبَائِهِمْ إِذَا لَمْ تَكُنْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ هُدْنَةٌ وَارْتِهَانُهُمْ وَبَيْعُهُمْ فِيمَا رَهَنُوا وَالْعَبْدُ الْأَسِيرُ لَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُ وَلَدِهِ لِأَنَّهُ لَا حُكْمَ لَهُ عَلَى وَلَدِهِ فَرْعٌ قَالَ الْمَازِرِيُّ إِذَا مَنَّ عَلَى بَلَدٍ فُتِحَتْ عَنْوَةً وَأَقُرِّوا فِيهَا فَهُمْ أَحْرَارٌ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ أَرْضَهَا وَقْفٌ وَأَمَّا أَمْوَالُهُمْ فَيَنْتَفِعُونَ بِهَا حَيَاتَهُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا أَوْ مَاتُوا فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ تَكُونُ لَهُمْ وَتُورَثُ عَنْهُمُ التَّالِدُ وَالطَّارِفُ لِأَنَّهُمْ مُلِكُوا وَقِيلَ لَا يَكُونُ لَهُمُ التَّالِدُ وَلَا الطَّارِفُ نظرا إِلَى انهم تُرِكَ لَهُمْ مُدَّةَ الْحَيَاةِ أَوِ الْكُفْرِ وَالْأَصْلُ اسْتِحْقَاقُ الْمُسْلِمِينَ لَهُ وَقِيلَ التَّالِدُ لَيْسَ لَهُمْ لِأَنَّهُ مِنَ الْغَنَائِمِ وَلَهُمُ الطَّارِفُ لِأَنَّهُ مِنْ كَسْبِهِمْ بَعْدَ الْمَنِّ ثُمَّ نَرْجِعُ إِلَى بَقِيَّةِ أَقْسَامِ اللَّخْمِيِّ قَالَ الْأَرَضُونَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ بعيد عَن قهرنا فنخرب بِهَدْمٍ أَوْ بِحَرْقٍ وَتَحْتَ قَهْرِنَا غَيْرَ أَنَّهُ لَا تُسْكَنُ فَيُقْطِعُهُ الْإِمَامُ لِمَنْ فِيهِ نَجْدَةٌ وَلَا حَقَّ لِلْجَيْشِ فِيهِ وَقَرِيبٌ مَرْغُوبٌ فِيهِ فَهَلْ يُوقَفُ خَرَاجُهُ لِلْمُسْلِمِينَ أَوْ تَجُوزُ الْقِسْمَةُ وَالْوَقْف قَولَانِ لمَالِك وَقد قسم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قُرَيْظَةَ وَفَدَكَ وَخَيْبَرَ وَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَوْلَا مَنْ يَأْتِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ نَدَعْ قَرْيَةً فُتِحْتَ عَنْوَةً إِلَّا قَسَمْتُهَا وَفُتِحَتْ مَكَّةُ عَنْوَةً وَلَمْ تُقْسَمْ وَاخْتُلِفَ هَلْ تُرِكَتْ منى لأَهْلهَا

وفيجوز لَهُمْ بَيْعُهَا أَوْ فَيْئًا لِلْمُسْلِمِينَ وَرُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَكَّةُ حَرَامٌ لَا تَحِلُّ إِجَارَةُ بُيُوتِهَا وَلَا بيع رباعها وَكَانَ كَذَلِك على عَهده - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَالْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ مَالِكٌ فُتِحَتْ فَدَكُ عَنْوَةً بِغَيْرِ قِتَالٍ عَلَى النِّصْفِ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَالنِّصْفِ لَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُسْلِمِينَ شَيْءٌ وَلَمْ يَكُنْ فِيهَا تَخْمِيسٌ لِعَدَمِ الْقِتَالِ وَالْإِيجَافِ وَكَذَلِكَ خَيْبَر وَلذَلِك قطع - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لأزواجة فهما وَكَانَ هَذَا عَنْوَةً لِمُجَرَّدِ الرُّعْبِ الَّذِي أُعْطِيَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَمِنْه فتح بني النَّضِير وَبني قعيقعان وَفتحت مصر سنة عشرُون عَنْوَةً وَقَالَ الْلَّيْثُ صُلْحًا وَقِيلَ صُلْحًا ثُمَّ نَقَضُوا الْعَهْدَ فَفُتِحَتْ عَنْوَةً وَفِي الْكِتَابِ أَرْضُ الْعَنْوَةِ يُجْتَهَدُ فِيهَا وَأَرْضُ الصُّلْحِ لَا تُقْسَمُ وَأَهْلُهَا عَلَى مَا صُولِحُوا عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَخَرَاجُ الْجَمَاجِمِ تَبَعٌ لِلْأَرْضِ عَنْوَةً أَوْ صُلْحًا وَقَالَ أَيْضًا هِيَ فَيْءٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ يُقَرُّ أَهْلُ الْعَنْوَةِ أَحْرَارًا وَيَكْتَفِي مِنْهُمْ بِمَا يُوجَدُ مِنْ خَرَاجِ جَمَاجِمِهِمْ قَالَ عِيسَى تَرْكُ الْأَرْضِ بِأَيْدِيهِمْ عَوْنٌ لَهُمْ كَمَا فَعَلَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ مُحَمَّدٌ وَنِسَاؤُهُمْ كَالْحَرَائِرِ فِي النَّظَرِ إِلَيْهِنَّ وَالدِّيَةُ كَدِيَةِ الذِّمِّيَّةِ وَإِذَا لَمْ يُقْدَرُ عَلَى الْأَرْضِ لِبُعْدِهَا بِيعَ أَصْلُهَا فَرْعٌ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا أَتَتِ الْإِمَامَ هَدِيَّةٌ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ قَالَ مَالِكٌ هِيَ لِجُمْلَةِ الْجَيْشِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ قَرَابَةٍ أَوْ مُكَافَأَةٍ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الطَّاغِيَةِ أَوْ مِنْ بَعْضِ الرُّومِ وَفِيهِ تَفْصِيلٌ أَمَّا مِنَ الطَّاغِيَةِ فَلَا تَكُونُ لَهُ قَالَ مَالِكٌ وَتَكُونُ غَنِيمَةً تُخَمَّسُ وَقِيلَ فَيْءُ الْمُسْلِمِينَ لَا خُمُسَ فِيهِ وَأَمَّا إِنْ كَانَتْ مِنْ بَعْضِ الرُّومِ فَرَوَى أَشْهَبُ أَنَّهَا لَهُ إِذَا كَانَ الْحَرْبِيُّ لَا يُخَافُ مِنْهُ فَإِنْ

أُهْدِيَ الْأَمِيرُ مِنَ الطَّاغِيَةِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ مِنَ الْعَدُوِّ وَقَبْلَ دُخُولِهِ بَلَدَ الْحَرْبِ فَحَكَى الدَّاوُدِيُّ أَنَّهَا لَهُ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ وَأَن الْأَمِير بِخِلَافِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِيمَا قَبِلَهُ مِنْ قَيْصَرَ وَالْمُقَوْقِسِ وَغَيْرِهِمَا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَصَّهُ بِمَا فَتَحَ عَلَيْهِ مِنْ أَمْوَالِ الْحَرْبِ بِالرُّعْبِ بِآيَةِ سُورَةِ الْحَشْرِ فَرْعٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْكَلْبُ الْمَأْذُونُ فِي اتِّخَاذِهِ يدْخل فِي المقاسم مُرَاعَاةً لِقَوْلِ مَنْ يُجِيزُ بَيْعَهُ وَلِانْدِرَاجِهِ فِي عُمُومِ آيَةِ الْغَنِيمَةِ وَقَالَ مَالِكٌ لَا يَدْخُلُ وَهُوَ الْقيَاس لنَهْيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ مِنْ غَيْرِ قَسْمٍ وَفِي الْكِتَابِ يَجُوزُ أَخْذُ الطَّعَامِ مِنَ الْغَنِيمَةِ وَالْعَلَفِ وَالْغَنَمِ وَالْبَقَرِ لِلْأَكْلِ وَالْجُلُودِ لِلنِّعَالِ وَالْخِفَافِ وَالْحَوَائِجِ بِغَيْرِ إِذن الإِمَام وَقَالَ الْأَئِمَّةُ لِمَا فِي مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْن جَعْفَرٍ قَالَ أَصَبْتُ جِرَابًا مِنْ شَحْمٍ يَوْمَ خَيْبَرَ فَالْتَزَمْتُهُ وَقُلْتُ لَا أُعْطِي الْيَوْمَ أَحَدًا مِنْ هَذَا شَيْئًا فَالْتَفَتُّ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُبْتَسِمًا وَوَصَّى الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَزِيدَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ لَا تَذْبَحَنَّ شَاةً إِلَّا لِمَأْكَلَةٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِذا ضم الإِمَام مَا كثر فَضَلَ عَنْ ذَلِكَ ثُمَّ احْتَاجَ النَّاسُ إِلَيْهِ أكلُوا من بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَفِي الْكِتَابِ يُؤْخَذُ السِّلَاحُ يُقَاتِلُ بِهِ ثُمَّ يَرُدُّهُ وَكَذَلِكَ الدَّابَّةُ وَيَرْكَبُهَا إِلَى بَلَدِهِ إِنِ احْتَاجَ إِلَيْهَا ثُمَّ يَرُدُّهَا إِلَى الْغَنِيمَةِ فَإِنْ قُسِمَتِ الْغَنِيمَةُ بَاعَهَا

وَتَصَدَّقَ بِثَمَنِهَا وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا يُحْتَاجُ إِلَى لُبْسِهِ مِنَ الثِّيَابِ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ لَا يَنْتَفِعُ بِسِلَاحٍ وَلَا دَابَّةٍ وَلَا ثَوْبٍ وَلَوْ جَازَ ذَلِكَ لَجَازَ أَخَذُ الْعَيْنِ يَشْتَرِي بِهِ وَمَا فَضَلَ مِنَ الطَّعَامِ بَعْدَ رُجُوعِهِ إِلَى بَلَدِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَالِمٌ يَأْكُلُهُ وَيُكْرَهُ بَيْعُهُ وَقَالَ مَالِكٌ يَأْكُلُ الْقَلِيلَ وَيَتَصَدَّقُ بِالْكَثِيرِ وَكُلُّ مَا أُذِنَ فِي النَّفْعِ بِهِ بِبَيْعٍ رَجَعَ ثَمَنُهُ مَغْنَمًا يُخَمَّسُ تَمْهِيدٌ الْأَصْلُ الْمَنْع من الِانْتِفَاع بِمَال الْغَنِيمَة لَا بَعْدَ الْقِسْمَةِ لِحُصُولِ الِاشْتِرَاكِ فِي السَّبَبِ لَكِنَّ الْحَاجة تَدْعُو الْمُجَاهدين لتناول الْأَطْعِمَة لعدم الْأَسْوَاق بدار الْحَرْب وَهُوَ ضَرُورَة عَامَّة وضرورة إِلَى الدَّوَابِّ خَاصَّةٌ فَتَارَةً لَاحَظَ مُطْلَقَ الضَّرُورَةِ فَعَمَّمَ وَتَارَةً رَاعَى الْحَاجَةَ الْمَاسَّةَ فَخَصَّ وَأَمَّا النقدان فهما وسيلتان للمقاصد وَلَيْسَ مَقْصُودَيْنِ فَلَا جَرَمَ امْتَنَعَا مُطْلَقًا قَالَ وَإِذَا أَخَذَ هَذَا لَحْمًا وَهَذَا عَسَلًا فَلِأَحَدِهِمَا مَنْعُ صَاحِبِهِ حَتَّى يُقَايِضَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ كَرِهَ بَعْضُهُمُ التَّفَاضُلَ بَيْنَ الْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ فِي هَذَا وَخَفَّفَهُ آخَرُونَ وَفِي الْكِتَابِ مَنْ نَحَتَ سَرْجًا أَوْ بَرَى سَهْمًا بِبَلَدِ الْعَدُوِّ فَهُوَ لَهُ وَلَا يُخَمَّسُ وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا وَمَا كَسَبَ مِنْ صَيْدِ طَيْرٍ أَوْ حِيتَانٍ أَوْ صَنَعَةُ عَبْدُهُ مِنَ الْفَخَّارِ فَهُوَ لَهُ وَإِنْ كَثُرَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قِيلَ إِنْ كَانَ لِلسَّرْجِ قَدْرٌ أَخَذَهُ أُجْرَةَ مَا عَمِلَ وَالْبَاقِي فَيْءٌ وَإِذا بَاعَ صيدا صَارَ ثَمَنُهُ فَيْئًا وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ كُلُّ مَا صَنَعَهُ بِيَدِهِ إِنَّمَا لَهُ الْأُجْرَةُ وَمَا صَادَهُ مِنَ الْبُزَاةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يَعْظُمُ خَطَرُهُ فَمَغْنَمٌ بِخِلَافِ الْحِيتَانِ لِأَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ إِنَّمَا وُصِلَ إِلَيْهَا فِي أَرْضِ الْحَرْبِ بِالْجَيْشِ وَفِي الْجَوَاهِر يجوز ذبح الْأَنْعَام للْأَكْل وَيَقُول لَا يَجُوزُ إِذَا ذُبِحَتْ لِلِانْتِفَاعِ بِجِلْدِهَا إِنِ احْتِيجَ إِلَيْهِ وَإِلَّا رَدَّهُ إِلَى الْمَغَانِمِ وَيُبَاحُ لِلْأَكْلِ لِمَنْ مَعَهُ طَعَامٌ وَلِمَنْ لَيْسَ مَعَهُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ وَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ بَعْدَ تَفَرُّقِ الْجَيْشِ تَصَدَّقَ بِهِ إِنْ كَانَ كَثِيرًا وَإِلَّا انْتَفَعَ بِهِ الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الْغُلُولِ قَالَ الْمَازِرِيُّ هُوَ مِنَ الْغَلَلِ وَهُوَ الْمَاءُ الْجَارِي بَيْنَ الشَّجَرِ وَالْغَالُّ يُدْخِلُ مَا يَأْخُذُهُ بَيْنَ مَتَاعِهِ فَقِيلَ لَهُ غَالٌّ وَيُقَالُ غَلَّ يَغُلُّ

ويغل فِي الْمُوَطَّأ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَدُّوا الْخَائِطَ وَالْمَخِيطَ فَإِنَّ الْغُلُولَ عَارٌ وَنَارٌ وشنار على أَهله يَوْم الْقِيَامَة والخائط والمخيط الْخَيط الإبرة والشنار الْعَيْب فعندنا وَعند ح وش يُؤَدَّبُ وَلَا يُحْرَقُ رَحْلُهُ خِلَافًا لِقَوْمٍ وَفِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ حَرَقُوا مَتَاعَ الْغَالِّ وَضَرَبُوهُ وَهُوَ ضَعِيفٌ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ الْإِبْرَةُ وَنَحْوُهَا عِنْد ملك لَيْسَتْ غُلُولًا إِذَا أَخَذَهَا لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ ردهَا فِي الْمَغَانِم وَقَوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَدُّوا الْخَائِطَ وَالْمَخِيطَ مُبَالَغَةٌ فِي التَّحْذِيرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِذَا جَاءَ الْغَالُّ تَائِبًا لَمْ يُؤَدب ومنعناه إِذَا تَابَ قَبْلَ الْقَسْمِ وَرَدَّ مَا غَلَّهُ لِلْمَغَانِمِ قَالَ مَالِكٌ وَلَوْ أُدِّبَ كَانَ حَسَنًا وَلَوْ تَابَ بَعْدَ افْتِرَاقِ الْجَيْشِ أُدِّبَ عِنْدَ الْجَمِيعِ قَالَ مَالِكٌ يَتَصَدَّقُ بِهِ إِنِ افْتَرَقَ الْجَيْشُ وَاخْتُلِفَ فِي مِثْلِ الدَّوَاءِ مِنَ الشَّجَرِ وَالْمِسَنِّ وَالرُّخَامِ فَقِيلَ يُمْنَعُ أَخْذُهُ إِذَا كَانَ لَهُ ثَمَنٌ وَقِيلَ يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ الْعَدُوُّ وَفَرَّقَ مَالِكٌ بَيْنَ مَا تُنْبِتُهُ الْأَرْضُ فَيَجُوزُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَمْ يُوصَلْ لِتِلْكَ الْمَوَاضِعِ إِلَّا بِالْجَيْشِ وَمَا لَا ثَمَنَ لَهُ يُؤْخَذُ قَوْلًا وَاحِدًا وَإِذَا اشْتَرَى الْجَارِيَةَ مِنَ الْغَانِمِ ثُمَّ وَجَدَ مَعَهَا حُلِيًّا إِنْ كَانَ نَحْوَ الْقُرْطَيْنِ فَلَا بَأْسَ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا مِمَّا لَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ هَيْئَتِهَا فَلَا أَرَاهُ لَهُ وَإِذَا اشْتَرَى الشَّيْءَ الْمَحْفُوظَ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ بِالثَّمَنِ الْيَسِيرِ ثُمَّ وَجَدَ فِيهِ حُلِيًّا مِنَ الذَّهَبِ أَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ لِتَعَذُّرِ رَدِّهِ لِلْجَيْشِ وَقَدْ حَصَلَ لَهُ بِوَجْهٍ جَائِزٍ لَيْسَ بِغُلُولٍ فَهُوَ كَاللُّقَطَةِ بَعْدَ التَّعْرِيفِ وَالْيَأْسِ مِنْ صَاحِبِهَا فَرْعٌ قَالَ إِذَا عَلِمَ عَدَمَ أَدَاءِ الْخُمُسِ قَالَ مَالِكٌ لَا يَشْتَرِي

وَقَالَ أَبُو مُصْعَبٍ يَشْتَرِي وَتُوطَأُ الْأَمَةُ وَالْخُمُسُ عَلَى الْمُشْتَرِي فَإِنْ شَكَّ فِيهِ فَالْوَرَعُ عَدَمُ الشِّرَاءِ وَهَذَا الِاخْتِلَافُ إِنَّمَا يَنْبَغِي إِذَا كَانَ الرَّقِيقُ لَا يَنْقَسِمُ أَجْنَاسًا لِأَنَّ الْوَاجِبَ إِنْ بَاعَ ليخمس ثمنه إِمَامًا يَنْقَسِمُ أَجْنَاسًا فَهُوَ كَمَنْ بَاعَ سِلْعَةَ غَيْرِهِ تَعَدِّيًا فَلَا يَجُوزُ لِمَنْ عَلِمَ ذَلِكَ شِرَاؤُهَا الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي النَّفَلِ وَالسَّلَبِ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ وَالنَّفْل بِفَتْحِ الْهَاءِ وَسُكُونِهَا هُوَ الزِّيَادَةُ عَنِ السَّهْمِ وَمِنْهُ نَوَافِلُ الصَّلَاةِ وَفِي الْكِتَابِ لَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّ السَّلَبَ لِلْقَاتِلِ كَانَ إِلَّا يَوْمَ حُنَيْنٍ وَهُوَ لِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ وَقَالَهُ ح وَقَالَ ش وَابْن حَنْبَل السَّلب للْقَاتِل لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي مُسْلِمٍ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَينه فَلهُ سلبه وَقضى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالسَّلَبِ فِي قَضِيَّةِ عَوْفٍ وَعُرْوَةَ وَغَيْرِهِمَا قَاعِدَةٌ تصرفه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقَعُ تَارَةً بِالْإِمَامَةِ لِأَنَّهُ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ وَبِالْقَضَاءِ لِأَنَّهُ الْقَاضِي الْأَحْكَمُ وَبِالْفُتْيَا لِأَنَّهُ الْمُفْتِي الْأَعْلَمُ فَمِنْ تَصَرُّفِهِ مَا يَتَعَيَّنُ لِأَحَدِهَا إِجْمَاعًا وَمِنْهُ مَا يتنازع النَّاس فِيهِ قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من أحيى أَرْضًا مَيِّتَةً فَهِيَ لَهُ فَقَالَ ح ذَلِكَ مِنْ تَصَرُّفِ الْإِمَامَةِ فَيَتَوَقَّفُ الْإِحْيَاءُ عَلَى إِذْنِ الْإِمَامِ وَقُلْنَا نَحْنُ بِالْفُتْيَا فَإِنَّ غَالِبَ أَمَرِهِ تَبْلِيغ الرسَالَة فَكَذَلِك هَا هُنَا وَكَذَلِكَ قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِهِنْدَ امْرَأَةِ أَبِي سُفْيَانَ لَمَّا اشْتَكَتْ إِلَيْهِ تَعَذُّرَ وُصُولِهَا إِلَى

حَقِّهَا خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ فَاخْتَلَفَ النَّاسُ هَلْ إِذَا ظَفِرَ الْإِنْسَانُ بِجِنْسِ حَقِّهِ أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِهِ الْمُتَعَذَّرِ هَلْ يَأْخُذُهُ أَمْ لَا قَالَ ش هَذَا تَصَرُّفٌ مِنْهُ بِطَرِيقِ الْفُتْيَا فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى إِذْنِ الْإِمَامِ فَطَرَدَ أَصْلَهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَخَالَفْنَا نَحْنُ أَصْلَنَا وَكَذَلِكَ ح لِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} الْأَنْفَال 41 وَهُوَ مَقْطُوعٌ بِهِ مُتَوَاتِرٌ وَالْحَدِيثُ خَبَرُ وَاحِدٍ وَلَيْسَ أَخَصَّ مِنَ الْآيَةِ حَتَّى يُخَصِّصَهَا لِتَنَاوُلِهِ الْغَنِيمَةَ وَغَيرهَا وضعا فَكِلَاهُمَا أَعَمُّ وَأَخَصُّ مِنْ وَجْهٍ وَيُؤَكِّدُ ذَلِكَ تَرْكُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ذَلِكَ فِي خِلَافَتِهِمَا وَلِأَنَّ الْحَدِيثَ يَسْتَلْزِمُ فَسَادَ نِيَّاتِ الْمُجَاهِدِينَ وَهُمْ أَحْوَجُ إِلَى الْإِخْلَاصِ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَفِي الْكِتَابِ أَكْرَهُ قَوْلَ الْإِمَامِ قَاتِلُوا وَلَكُمْ كَذَا وَمَنْ فَعَلَ كَذَا فَلَهُ كَذَا وَيُكْرَهُ لِلْأَسِيرِ أَنْ يُقَاتِلَ مَعَ الرُّومِ عَدُوَّهُمْ عَلَى أَنْ يُخْرِجُوهُ إِلَى بِلَادِ الْإِسْلَامِ وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَسْفِكَ دَمَهُ عَلَى مِثْلِ هَذَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ لَا يَجُوزُ النَّفَلُ قَبْلَ الْغَنِيمَةِ وَهُوَ مِنَ الْخُمُسِ قَالَ سَحْنُونٌ وَإِذَا قَالَ ذَلِكَ الإِمَام قبل الْقِتَال مضى وَلَو قَالَ من قتل هَذَا مِنْكُم فَلهُ سلبه فَقتله الْأَمِير لم يكن لَهُ سلبه لِإِخْرَاجِهِ نَفْسَهُ بِقَوْلِهِ مِنْكُمْ وَلَوْ قَالَ إِنْ قَتَلْتُ قَتِيلًا فَلِي سَلَبُهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ فِيمَنْ قَتَلَ وَلَوْ قَالَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلهُ سلبه فَقتل قَتِيلين فعندنا يُخَيِّرُهُ أَوْ يُعْطِيهِ سَلَبَ الْأَوَّلِ خَاصَّةً وَعِنْدَنَا لَهُ الْأَوَّلُ خَاصَّةً فَإِنَّ الشَّرْطَ اقْتَضَى الْعُمُومَ فِي الْقَاتِلِينَ وَالْمَقْتُولِينَ دُونَ الْقَتْلَاتِ فَإِنْ جَهِلَ الْأَوَّلَ فَقِيلَ نَصِفُهُمَا وَقِيلَ أَقَلُّهُمَا قَالَ مُحَمَّدٌ فَإِنْ قَتَلَهُمَا مَعًا فَقِيلَ لَهُ سَلَبُهُمَا وَقِيلَ أَكْثَرُهُمَا وَالْفَرْقُ أَنَّ الشَّرْطَ إِنَّمَا تَحَقَّقَ بِهِمَا فَلَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنَ الْآخَرِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ وَلَا يَدْخُلُ فِي الْعُمُومِ سَلَبُ مَنْ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ كَالْمَرْأَةِ وَنَحْوِهَا إِلَّا أَنْ تُقَاتِلَ وَإِذَا قَالَ الْإِمَامُ ذَلِكَ بَعْدَ الْقِتَالِ فَلَا شَيْءَ لِلذِّمِّيِّ وَلَا لِلْمَرْأَةِ إِلَّا أَنْ يُعْلِمَ بِهِ الْإِمَامُ خِلَافًا لِأَهْلِ الشَّامِ فِي الذِّمِّيِّ وَأَشْهَبُ يَرَى الْإِرْضَاخَ لِلذِّمِّيِّ وَقِيَاسُ قَوْلِهِ لَهُ السَّلَبُ وَسَوَّى بَيْنِ مَنْ سَمِعَ وَمَنْ لَمْ يَسْمَعْ فِي الشَّرْطِ

قَالَ سَحْنُونٌ حِلْيَةُ السَّيْفِ تَبَعٌ لِلسَّيْفِ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي السُّوَارِ وَالطَّوْقِ وَالْعَيْنِ كُلُّهَا خِلَافًا لِأَهْلِ الْعِرَاقِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ سَلَبًا غَالِبًا وَلَفظه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَحْمُولٌ عَلَى الْمَعْلُومِ غَالِبًا وَلَهُ التُّرْسُ وَالسَّرْجُ وَاللِّجَامُ وَالْخَاتَمُ وَالرُّمْحُ وَالسَّيْفُ وَالْبَيْضَةُ وَالْمِنْطَقَةُ بِحِلْيَتِهَا وَالسَّاعِدُ وَالسَّاقُ دُونَ الصَّلِيبِ فِي الْعُنُقِ وَإِذَا قَالَ الْإِمَامُ مَنْ أَصَابَ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً فَلهُ الرّبع بعد الْخمس أمضيناه وَإِذَا قَالَ لِلسَّرِيَّةِ مَا غَنِمْتُمْ فَلَكُمْ لَمْ يُمْضَ وَإِنْ كَانَ فِيهِ خِلَافٌ لِأَنَّهُ شَاذٌّ وَإِذَا جَعَلَ أَجْرًا لِبَعْضِ السَّرَايَا لِصُعُوبَةِ بَعْضِ الْمَوَاضِعِ فَلَا شَيْءَ لِمَنِ انْتَقَلَ إِلَى غَيْرِ سَرِيَّتِهِ إِلَّا إِنْ لَمْ يُعَيَّنِ الْإِمَامُ وَلَوْ ضَلَّ رَجُلٌ عَنْ سَرِيَّتِهِ حَتَّى رَجَعُوا لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ بِخِلَافِ الْغَنِيمَةِ وَلَوْ مَاتَ الْوَالِي أَوْ عُزِلَ قَبْلَ أَخْذِهِمُ النَّفَلَ وَوَلِيَ من يرى رَأينَا لم يكن لَهَا شَيْء لعدم الْقَبْض لم ينتقضوا أَمْضَاهُ ابْنُ سَحْنُونٍ مُطْلَقًا الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي قَسْمِ الْغَنِيمَة وَفِي الْحَدِيثِ كَانَ مَنْ قَبْلَنَا يَضَعُ الْغَنَائِمَ فَتَأْتِي نَارٌ مِنَ السَّمَاءِ تَأْكُلُهَا وَكَانَتْ حَرَامًا عَلَيْهِم لِمَا فِي مُسْلِمٍ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فُضِّلْتُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ أُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا وَأُرْسِلْتُ إِلَى الْخَلْقِ كَافَّةً وَخُتِمَ بِيَ النَّبِيُّونَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ اخْتَلَفَ أَصْحَابه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْمَ بَدْرٍ قَبْلَ نُزُولِ الْمَنْعِ إِلَّا عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَعَاتَبَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ {لَوْلَا كتاب من الله سبق} يُرِيدُ فِي تَحْلِيلِهَا {لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيم فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُم} الْأَنْفَال 68 الْآيَة ثُمَّ تَنَازَعَتْ طَائِفَةٌ غَنِمُوهَا وَطَائِفَةٌ اتَّبَعُوا الْعَدُوَّ وَطَائِفَة احدقوا بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَنَزَلَ {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} الْأَنْفَال 1 فسلموها لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

(تفاريع أربعة)

بِبَدْرٍ ثُمَّ نُسِخَ بِبَدْرٍ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} الْأَنْفَال 41 فاختص - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بالخمس بقوله مَالِي إِلَّا الْخُمُسُ وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ وَإِلَّا فَظَاهَرُ الْآيَةِ يَقْتَضِي أَنَّ لَهُ السُّدُسَ وَفِي الْكِتَابِ الشَّأْنُ قَسْمُ الْغَنَائِمِ وَبَيْعُهَا بِبَلَدِ الْحَرْبِ وَهُمْ أَوْلَى بِرُخْصِهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ مُحَمَّدٌ الْإِمَامُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ قِسْمَةِ أَعْيَانِ الْغَنَائِمِ وَأَثْمَانِهَا بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِنْ تَعَذَّرَ الْبَيْعُ قَسَّمَ الْأَعْيَانَ وَاخْتَارَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ قَسْمَ الْأَعْيَانِ دُونَ الْبَيْعِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالك أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَمْ يَقْفُلْ مِنْ غَزْوَةٍ أَصَابَ فِيهَا مَغْنَمًا حَتَّى يُقَسِّمَهَا وَلَمْ يَزَلِ النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ إِلَى زَمَنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَالَ مُحَمَّدٌ يُقَسِّمُ كُلَّ صِنْفٍ خَمْسَةَ أَجْزَاءٍ فَالْوُصَفَاءُ صِنْفٌ يُقَسَّمُ وَصِيفًا حَتَّى يَفْرُغُوا ثُمَّ النِّسَاءُ كَذَلِكَ ثُمَّ يَجْتَهِدُ أَهْلُ النّظر فِي الْقِسْمَة ثمَّ يفرغ فَحَيْثُ وَقَعَ سَهْمُ الْإِمَامِ أَخَذَهُ ثُمَّ يَبِيعُ الْإِمَامُ الْأَرْبَعَةَ أَخْمَاسٍ وَيُقَسِّمُهَا عَلَيْهِمْ وَإِنْ رَأَى بَيْعَ جُمْلَةِ الْغَنِيمَةِ فَعَلَ وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ حِينَ افْتَتَحَ الْعِرَاقَ أَنِ اقْسِمْ مَا جَلَبَ النَّاسُ إِلَيْكَ مَنْ كُرَاعٍ وَسِلَاحٍ أَوْ مَالٍ بَيْنَ مَنْ حَضَرَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَاتْرُكِ الْأَنْهَارَ وَالْأَرَضِينَ لِعُمَّالِهَا لِيَكُونَ ذَلِكَ فِي أُعْطِيَّاتِ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّكَ لَوْ قَسَمْتَهَا بَيْنَ مَنْ حَضَرَ مَا بَقِيَ لِمَنْ يَأْتِي بِعْدَهُمْ شَيْءٌ وَتَأَوَّلَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى {وَالَّذين جاؤا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ} الْحَشْر 10 (تَفَارِيعُ أَرْبَعَةٌ) الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ يُسْهَمُ لِلْفَرَسِ سَهْمَانِ وَسَهْمٌ لِلْفَارِسِ والراجل

سَهْمٌ وَقَالَهُ ش لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جَعَلَ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ وَلِصَاحِبِهِ سَهْمًا وَقَالَ ح لَهُ سَهْمَانِ فَقَطْ سَهْمٌ لَهُ وَسَهْمٌ لِفَرَسِهِ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَرَضَ لِلْفَارِسِ سَهْمَيْنِ وَلِلرَّاجِلِ سَهْمًا وَلِأَنَّ نَفْعَ الْفَرَسِ وَإِرْهَابَهُ لِلْعَدُوِّ أَكْثَرُ وَمُؤْنَتُهُ أَعْظَمُ لِاقْتِيَاتِ الْفَرَسِ بِالْحَشِيشِ وَمَا تَيَسَّرَ بِخِلَافِ الْإِنْسَانِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ مَنْعُ الصِّحَّةِ سَلَّمْنَا لَكِنْ خَبَرُنَا مُثْبِتٌ بِلَفْظِهِ وَخَبَرُكُمْ نَافٍ بِمَفْهُومِهِ وَالْمُثْبِتِ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّافِي وَالْمَنْطُوقُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَفْهُومِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ السَّهْمَيْنِ لَيْسَا لِلْفَرَسِ بَلْ لِكَوْنِ الْمُقَاتِلِ فَارِسًا وَالْفَارِسُ أَفْضَلُ مِنَ الرَّاجِلِ إِجْمَاعًا وَلِأَنَّ الْفَارِسَ يَحْتَاجُ خَادِمًا لِفَرَسِهِ غَالِبًا فَهُوَ فِي ثَلَاثَةٍ فَلَمْ يَلْزَمْ تَفْضِيلُ الْفَرَسِ عَلَى الرَّاجِلِ وَمَنْ لَهُ أَفْرَاسٌ لَا يُسْهَمُ لِغَيْرِ فَرَسٍ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لِفَرَسَيْنِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَعْطَى الزُّبَيْرَ لِفَرَسَيْنِ وَجَوَابُهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ نَفْلًا وَهُوَ جَائِزٌ وَلَنَا الْقِيَاسُ عَلَى الثَّلَاثَةِ فَإِنَّ الْإِجْمَاعَ مُنْعَقِدٌ عَلَى مَا فَوْقَ الِاثْنَيْنِ وَعَلَى السُّيُوفِ وَالرِّمَاحِ بِجَامِعِ أَنَّهَا مُعَدَّةٌ لِلْقِتَالِ قَالَ ابْن يُونُس قَالَ ابْن سَحْنُون يُسْهَمُ لِفَرَسَيْنِ وَجَوَابُهُ يُحْتَمَلُ وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ الثَّانِي فِي الْجَوَاهِرِ يُشْتَرَطُ فِيمَنْ يُسْهَمُ لَهُ أَنْ يَكُونَ حُرًّا مُسْلِمًا ذَكَرًا مُطِيقًا لِلْقِتَالِ بِالْبُلُوغِ أَوِ الْمُرَاهَقَةِ فَإِنْ فَقَدَ الْعَقْلَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ دَارِ الْحَرْبِ فَقَوْلَانِ فَإِنْ كَانَ يُفِيقُ أَحْيَانًا بِحَيْثُ يَتَأَتَّى مِنْهُ الْقِتَالُ أُسْهِمَ لَهُ وَإِلَّا فَلَا وَإِذَا حَضَرَ الْكَافِرُ الْقِتَالَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ فَأَقْوَالٌ ثَالِثُهَا يُفَرَّقُ بَيْنَ اسْتِقْلَالِ الْمُسْلِمِينَ فَلَا يُسْهَمُ لَهُ وَبَيْنَ احْتِيَاجِهِمْ لِلْمَعُونَةِ مِنْهُ فَيُسْهَمُ وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ لَمْ يَسْتَحِقَّ وَالْعَبْدُ كَالذِّمِّيِّ وَفِي الصَّبِيِّ الْمُطِيقِ أَقْوَالٌ ثَالِثُهَا التَّفْرِقَةُ بَيْنَ أَنْ يُقَاتِلَ أَمْ لَا وَإِنْ قَاتَلَتِ الْمَرْأَةُ فَقَوْلَانِ وَإِلَّا فَلَا وَمَنْ خَرَجَ لِشُهُودِ الْوَقْعَةِ فَمَنَعَهُ عُذْرٌ كَالضَّالِّ فَفِي الْإِسْهَامِ لَهُ

أَقْوَالٌ ثَالِثُهَا وَهُوَ أَشْهَرُهَا التَّفْرِقَةُ بَيْنَ ضَلَالِهِ بَعْدَ الْإِدْرَابِ فَيُسْهَمُ لَهُ وَإِلَّا فَلَا وَمَنْ بَعَثَهُ الْأَمِيرُ فِي مَصْلَحَةِ الْجَيْشِ فَشَغَلَهُ ذَلِكَ عَنِ الشُّهُودِ أُسْهِمَ لَهُ وَرُوِيَ لَا يُسْهَمُ لَهُ وَالْأَصْل فِي شُرُوطهَا الِاسْتِحْقَاقَ مَبْنِيٌّ عَلَى شُرُوطِ الْوُجُوبِ فَإِنَّ الْغَنِيمَةَ تَبَعٌ لِلْقِتَالِ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ وَالْبَرَاذِينُ إِذَا أجازها الْوَالِي كالخيل وَقَالَهُ ش وح زَاد فِي الْجُلَّابِ الْهُجْنُ لِقُرْبِ مَنْفَعَتِهَا مِنَ الْخَيْلِ وَاشْتِرَاطُ إِجَازَةِ الْوَالِي لِاخْتِلَافِ الْمَوَاضِعِ بِالسَّهْلِ وَالْعَتَاقُ خَيْلٌ لِلْعَرَبِ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَلَمْ يَشْتَرِطِ ابْنُ حَبِيبٍ إِجَازَةَ الْوَالِي وَفَسَّرَ الْبَرَاذِينَ بِأَنَّهَا الْخَيْلُ الْعِظَامُ وَفَسَّرَهَا غَيْرُهُ بِمَا كَانَ أَبُوهُ وَأُمُّهُ نبطيين فَإِن كَانَت الْأُم نبطية وَالْأَب عَرَبِيّ فهجين وَبِالْعَكْسِ مطرف وَمِنْهُم من عكس وَفِي الْكتاب قَالَ وَلَا يُسْهَمُ لِبَغْلٍ وَلَا حِمَارٍ وَلَا بَعِيرٍ لِبُعْدِ الْمَنْفَعَةِ بَلِ اتَّفَقَ النَّاسُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُسْهَمُ لِلْفِيلِ مَعَ أَنَّهُ أَرْهَبُ لِلْعَدُوِّ وَأَقْوَى جِسْمًا وَشَجَاعَةً لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِلْكَرِّ وَالْفَرِّ وَإِذَا كَانَ الْقِتَالُ فِي السُّفُنِ وَمَعَهُمُ الْخَيْلُ أَوْ فِي الْبَرِّ وَسَرَوْا رَجَّالَةً وَتَرَكُوا خَيْلَهُمْ فَلِلْفَارِسِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ لِأَنَّهَا مُعَدَّةٌ لِلْحَاجَةِ إِلَيْهَا كَمَا يُسْهَمُ لِلرَّاجِلِ وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ وَإِذَا خرجت سَرِيَّة من المعسكر فَغنِمت أورد الرِّيحُ بَعْضَ السُّفُنِ أَوْ ضَلَّ رَجُلٌ عَنْ أَصْحَابِهِ بِبَلَدِ الْعَدُوِّ فَلَمْ يَحْضُرْ قِتَالًا شَارَكَ الْعَسْكَرُ فِي الْغَنِيمَةِ السَّرِيَّةَ وَالسُّفُنِ الرَّاجِعَةِ الذَّاهِبَةِ وَالضَّالُّ أَصْحَابَهُ لِطُمُوحِ نَفْسِ الْغَانِمِ لِإِعَانَةِ غَيْرِهِ بِتَوَقُّعِ الِاجْتِمَاعِ وَإِنْ مَاتَ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ وَقَبْلَ اللِّقَاءِ وَالْمَغْنَمِ فَلَا سَهْمَ لَهُ لِعَدَمِ تَحْقِيق السَّبَبِ وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَ فَرَسُهُ وَلَوْ شَهِدَ هُوَ وَفَرَسُهُ الْقِتَالَ مَرِيضًا أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْقِتَالِ وَقَبْلَ الْغَنِيمَةِ أُسْهِمَ لَهُ قَالَ ابْن يُونُس روى أَشْهَبُ فِي الْفَرَسِ الْمَرِيضِ لَا يُسْهَمُ لَهُ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْغَنِيمَةُ تَجِبُ بِإِيجَافٍ فَيُعْطَى الْفَارِسُ وَالْفَرَسُ مَا يُعْطَى بِالْمُشَاهَدَةِ قَالَ ابْنُ

حَبِيبٍ وَبِهِ أَقُولُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ} الْحَشْر 5 فَنَفْيُهُ عَنْهُمْ لِعَدَمِ الِاسْتِحْقَاقِ يَدُلُّ عَلَى سَبَبِيَّتِهِ وَيَدُلُّ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ الْإِيجَافَ إِنَّمَا هُوَ مَقْصُودُ الْقِتَالِ فَالسَّبَبُ فِي الْحَقِيقَةِ إِنَّمَا هُوَ الْقِتَال قَالَ صَاحب الْبَيَان فِي اسْتِحْقَاقِ السَّهْمِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَسْتَحِقُّ مِنْ كُلِّ مَا غَنِمَ الْجَيْشُ إِلَى حِينِ قُفُولِهِ إِذَا مَاتَ بِالْإِدْرَابِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي حَيَاتِهِ لِقَاعِدٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَسْتَحِقُّ بِالْإِدْرَابِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي حَيَاتِهِ لِقَاعِدٍ وَشَاهَدَ الْقِتَالَ وَقَالَ أَيْضًا لَا يسْتَحق إِذا شَاهد اللقتال فَمَاتَ بَعْدَهُ إِلَّا مَا قَرُبَ مِنْ ذَلِكَ وَالرَّابِعُ لَا يَسْتَحِقُّ بِمُشَاهَدَةِ الْقِتَالِ إِلَّا مَا غنم بذلك الْقِتَال خَاصَّةً قَالَ الْمَازِرِيُّ وَهَلْ يَمْلِكُ الْغَنِيمَةَ بِالْأَخْذِ وبالقسمة قَولَانِ فِي الْمَذْهَب وبالقسمة قَالَ مَالك وح لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - انْتظر هوزان أَنْ تُسْلِمَ فَيَرُدَّ عَلَيْهَا مَا أَخَذَهُ وَلَوْ مُلِّكَتْ لَامْتَنَعَ ذَلِكَ وَقَالَ ش بِالْأَخْذِ لِأَنَّ السَّبَبَ هُوَ الْإِيجَافُ أَوِ الْقِتَالُ وَالْأَصْلُ تَرْتِيبُ الْحُكْمِ عَلَى سَبَبِهِ وَإِنَّمَا لَمْ تُقْسَمْ غَنَائِمُ مَكَّةَ وَأَرْضُهَا إِمَّا لِأَنَّهَا فُتِحَتْ صُلْحًا عِنْدَ ش أَوْ عَنْوَةً عِنْدَ مَالِكٍ وَسَائِرِ الْفُقَهَاءِ لَكِن لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمَنُّ بِالْمَغَانِمِ لِكَوْنِهَا لَا تُمَلَّكُ إِلَّا بِالْقِسْمَةِ أَوْ تُمَلَّكُ بِالْأَخْذِ لَكِنَّ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِهَا لِكَوْنِهَا إِنَّمَا أُحِلَّتْ سَاعَةً ثُمَّ عَادَتْ إِلَى الْحُرْمَةِ فَلَمْ تُبَحِ الْغَنَائِمُ وَيَدُلُّ عَلَى الْعَنْوَةِ قَوْله تَعَالَى {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} الْفَتْح 1 وتأمينه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْ أَلْقَى سِلَاحَهُ وَمَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ وَفِي الْجَوَاهِرِ يَتَفَرَّعُ عَلَى مِلْكِ الْغَنِيمَةِ بِالْأَخْذِ وَالْقِسْمَةِ لَوْ وَقَعَ فِي الْغَنِيمَةِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَى بَعْضِ الْغَانِمِينَ عَتَقَ عَلَيْهِ وَغَرِمَ نَصِيبَ أَصْحَابِهِ وَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا مِنَ الْمَغْنَمِ قُوِّمَ عَلَيْهِ قَالَهُ سَحْنُونٌ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ لَا يَنْفُذُ عِتْقُهُ وَلَوْ وَطِئَ أَمَةً حُدَّ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ وَإِنْ سَرَقَ قُطِعَ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ فِيهِمَا وَقَالَ سَحْنُونٌ إِنْ سَرَقَ مَا يَزِيدُ عَلَى حِصَّتِهِ

بِثَلَاثَة دَرَاهِمَ قُطِعَ وَإِلَّا فَلَا وَلَا حَدَّ فِي الْوَطْءِ وَيَثْبُتُ الِاسْتِيلَادُ وَإِنْ كَانَ سَهْمُهُ يَسْتَغْرِقُ الْأمة أَخذ مِنْهُ قيمتهَا يَوْم الْحمل والأكمل مِنْ مَالِهِ فَإِنْ كَانَ مُعْدَمًا فَنُصِيبُهُ مِنْهَا بِحِسَابِ أُمِّ الْوَلَدِ وَيُبَاعُ بَاقِيهَا فِيمَا لَزِمَهُ مِنَ الْقِيمَةِ وَيُتْبَعُ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ بِقَدْرِ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ يَسْتَوِي فِي أَسْهُمِ الْفَارِسِ الْمِلْكُ وَالْجِنْسُ وَالْكِرَاءُ وَالْعَارِيَةُ وَالْغَصْب وَعَلِيهِ أُجْرَة الْمثل للمغضوب مِنْهُ وَإِنْ رَمَى رَجُل مِنَ الْعَدُوِّ عَنْ فَرَسِهِ فَقَاتَلَ عَلَيْهِ فَلَا يُسْهَمُ لَهُ وَمَنْ حَضَرَ الْقِتَالَ عَلَى فَرَسٍ فَلَمْ يُفْتَحْ لَهُمْ فِي يَوْمِهِمْ فَبَاعَهُ فَقَاتَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ الْيَوْمَ الثَّانِيَ فَلَمْ يُفْتَحْ لَهُمْ فَبَاعَهُ فَقَاتَلَ عَلَيْهِ الثَّالِثُ فَفُتِحَ لَهُمْ فَالسِّهَامُ لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ قِتَالٌ وَاحِدٌ كَمَا لَوْ مَاتَ بَعْدَ أَوَّلِ يَوْمٍ وَقَاتَلَ عَلَيْهِ الْوَرَثَةُ وَمَنِ ابْتَاعَ فَرَسًا بَعْدَ الْمَغْنَمِ وَاشْتَرَطَ سَهْمَهُ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ يَجُوزُ كَمَالِ الْعَبْدِ وَمَنَعَ سَحْنُونٌ إِنْ كَانَ الثَّمَنُ ذَهَبًا لِأَنَّهُ ذَهَبٌ وَعَرَضٌ بِذَهَبٍ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْعَبْدَ يُمْلَكُ فَمَالُهُ لَيْسَ مَبِيعًا وَإِنَّمَا اشْتُرِطَ عَلَى السَّيِّدِ رَفْعُ يَدِهِ وَسَهْمُ الْفَرَسِ مَمْلُوكٌ لِلْبَائِعِ وَفِي الْجُلَّابِ إِجَارَةُ الْفَرَسِ بِبَعْضِ سَهْمِهِ فَاسِدَة وَله أُجْرَة الْمثل والسهمان للمقاتل قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا وَجَدَ فَرَسًا عَائِدًا عِنْدَ الْقِتَالِ فَقَاتَلَ عَلَيْهِ كَانَ لَهُ سُهْمَانُهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلرَّجُلِ إِلَّا فَرَسٌ وَاحِدٌ فَتَعَدَّى عَلَيْهِ رَجُلٌ وَقَاتَلَ عَلَيْهِ وَصَاحِبُهُ حَاضِرٌ وَوَجَدَهُ عَائِدًا بِهِ لَكَانَتْ سُهْمَانُهُ لِصَاحِبِهِ بِخِلَافِ الْمُتَعَدِّي إِذَا لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهُ حَاضِرًا وَهَذَا على مَذْهَب ابْن الْقَاسِم وَرِوَايَته أَن السهمين إِنَّمَا تُسْتَحَقُّ بِالْقِتَالِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنَّهَا تُسْتَحَقُّ بِالْإِيجَافِ وَلَا يَكُونُ لِلْمُقَاتِلِ شَيْءٌ فِي التَّعَدِّي وَلَا الْعَارِيَةِ وَنَحْوِهَا مِنَ الْوُجُوهِ الَّتِي يوجف عَلَيْهَا أَو يصير بِيَدِهِ بِحَدّ ثَان الْإِيجَافِ وَهَذَا تَفْصِيلٌ فِيمَا أَجْمَلَهُ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُسْهَمُ لِلْإِمَامِ كَمَا يُسْهَمُ لِغَيْرِهِ قَالَ مَالِكٌ وَلَا حَقَّ لَهُ مِنْ

رَأس الْغَنِيمَة وَالَّذِي كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَصْطَفِيهِ مِنْهَا فَرَسًا أَوْ بَعِيرًا أَوْ أَمَةً عَلَى حَسَبِ حَالِ الْغَنِيمَةِ مَخْصُوصٌ بِهِ إِجْمَاعًا قَالَ اللَّخْمِيّ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا ظُفِرَ بِالْعَدُوِّ وَفِيهِمْ أُسَارَى مُسْلِمُونَ أُسْهِمَ لَهُمْ وَإِنْ كَانُوا فِي الْحَدِيدِ الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ وَإِذَا قَاتَلَ التَّاجِرُ وَالْأَجِيرُ أسْهم لَهُ وَقَالَهُ ح وش وَلَا يُسْهَمُ لِلنِّسَاءِ وَلَا لِلْعَبِيدِ وَالصِّبْيَانِ وَإِنْ قَاتَلُوا وَلَا يُرْضَخُ لَهُمْ قَالَ ابْنُ يُونُسَ مَنْ قَاتَلَ مِنَ النِّسَاءِ قِتَالَ الرِّجَالِ أُسْهِمَ لَهَا وَلَا يُسْهَمُ لِلْعَبْدِ وَإِنْ قَاتَلَ لِأَنَّهُ مُسْتَحَقُّ الْمَنَافِعِ وَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَجْزِيَ الْعَبْدَ وَالْمَرْأَةَ وَالصَّبِيَّ مِنَ الْخُمُسِ وَإِنْ كَانَ فِي المعسكر نَصَارَى فَلَا بَأْسَ أَنْ يُعْطَوْا مِنَ الْخُمُسِ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَضَخَ لِيَهُودٍ وَنِسَاءٍ وَصِبْيَانٍ وَعَبِيدٍ فِي الْمُعَسْكَرِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَيُسْهَمُ لِغَيْرِ الْبَالِغِ الْمُطِيقِ لِلْقِتَالِ إِنْ قَاتَلَ وَإِلَّا فَلَا قَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ الْأَجِيرُ إِذَا خَرَجَ لِلْجِهَادِ وَلِلْإِجَارَةِ بِغَيْرِ خِدْمَةٍ كالخياطة أسْهم لَهُ قَاتل أم لَا قَالَ سَحْنُون يُسهم للأعمى والأقطع والأعرج والمخدوم فَارِسًا قَالَ وَالصَّوَابُ فِي الْأَعْمَى أَنْ لَا شَيْءَ لَهُ وَكَذَلِكَ الْأَقْطَعُ الْيَدَيْنِ بِخِلَافِ أَقْطَعِ الْيُسْرَى وَيُسْهَمُ لِلْأَعْرَجِ إِنْ حَضَرَ الْقِتَالَ وَلَا شَيْءَ لِلْمُقْعَدِ إِنْ كَانَ رَاجِلًا وَمَنْ كَانَ خُرُوجُهُ لِلْغَزْوِ غَيْرَ أَنَّ مَعَهُ تِجَارَةً أُسْهِمَ لَهُ قَاتَلَ أَمْ لَا وَفِي كِتَابِ ابْنِ مُزَيْنٍ يُسْهَمُ لِلْأَجِيرِ إِذَا قَاتَلَ كَانَتِ الْغَنِيمَةُ قَبْلَ الْقِتَالِ أَوْ بَعْدَهُ وَإِنْ كَانَ الْقِتَالُ مِرَارًا قُسِمَ لَهُ فِي جَمِيعِ الْغَنِيمَةِ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً قَالَ ابْنُ نَافِعٍ لَا يُسْهَمُ إِلَّا أَنْ يَحْضُرَ أَكْثَرَ ذَلِكَ فَإِنْ حَضَرَ مَرَّةً قُسِمَ لَهُ فِيهَا فَقَطْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُسْهَمُ لِلْغُلَامِ ابْنِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً قَاتَلَ أَمْ لَا لِإِجَازَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ابْنَ عُمَرَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ والبراء بن عَازِب رَضِي الله عَنْهُم أَبْنَاءَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَإِنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ إِنْ قَاتَلَ أُسْهِمَ لَهُ وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ ش وح لَا يُسْهَمُ لِلْمُرَاهِقِ لِأَنَّ الْإِسْهَامَ تَبَعٌ لِوُجُوبِ الْقِتَال والمراهق لَا يجب عَلَيْهِ شَيْء

فارغة

(الباب السابع في قسمة الخمس والفيء)

(الْبَابُ السَّابِعُ فِي قِسْمَةِ الْخُمُسِ وَالْفَيْءِ) قَالَ الْمَازِرِيُّ الْخُمُسُ عِنْدَنَا إِلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ يَأْخُذُ مِنْهُ كِفَايَتَهُ وَلَوْ كَانَتْ جَمِيعَهُ وَيَصْرِفُ الْبَاقِيَ فِي الْمصَالح لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَيْسَ لِي مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ إِلَّا الْخُمُسُ وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ فَلَمْ يُخَصِّصْ جِهَةً وَقَالَ ش يُقْسَمُ خَمْسَةَ أَسْهُمٍ سَهْمٌ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَيَصْرِفُهُ الْإِمَامُ فِي الْمَصَالِحِ وَسَهْمٌ لِذِي الْقُرْبَى غنيهم وفقرهم وَسَهْمٌ لِلْيَتَامَى وَسَهْمٌ لِلْمَسَاكِينِ وَسَهْمٌ لِابْنِ السَّبِيلِ وَجُعِلَ لِلْإِمَامِ التَّمْلِيكُ كَمَا قَالَ فِي آيَةِ الزَّكَاةِ وَجَوَابُهُ تَقَدَّمَ هُنَاكَ وَقَالَ ش لِثَلَاثَةٍ لِلْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل وَسقط سَهْمه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لمَوْته وَقَالَ غَيْرُهُمَا سِتَّةٌ وَزَادَ عِمَارَةَ الْكَعْبَةِ لَمَّا اسْتَحَالَ الصَّرْفُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى صُرِفَ لِبَيْتِهِ وَعِنْدَنَا الْإِضَافَةُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمَعْنَى التَّقَرُّبِ فِي صرف الْخمس لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَيْسَ لِي مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ إِلَّا الْخُمُسُ الْحَدِيثَ وَلَمْ يَقُلِ السُّدُسُ وَفِي الْكِتَابِ الْخُمُسُ وَالْفَيْءُ سَوَاءٌ يُعْطَى مِنْ ذَلِكَ أَقْرِبَاؤُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالِاجْتِهَادِ وَلَا يُخْرَجُ الْفَيْءُ عَنِ الْبَلَدِ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونُوا أَشَدَّ حَاجَةً

فينقل إِلَيْهِم مَا يفضل عَن أَهله ويغطي الْمَنْفُوسُ وَيُقَدَّمُ مَنْ أَبُوهُ فَقِيرٌ وَكَانَ عُمَرُ رَضِي الله عَنهُ يفْرض للمنفوس مائَة دِرْهَم قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَغَيْرُهُ ذَوُو الْقُرْبَى آلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَقِيلَ قُرَيْشٌ قَالَ سَحْنُونٌ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمَحْدُودٍ وَقَدْ سَوَّى أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَيْنَ النَّاسِ وَفَضَّلَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِسَابِقَةِ الْهِجْرَةِ وَقَدْرِ الْحَاجَةِ وَقَالَ إِنْ عِشْتُ إِلَى قَابِلٍ لَأُلْحِقَنَّ أَسْفَلَ النَّاسِ بِأَعْلَاهُمْ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْفَيْءُ هُوَ الْخُمُسُ وَالْجِزْيَةُ وَالْخَرَاجُ وَمَا صُولِحَ عَلَيْهِ الْحَرْبِيُّونَ وَمَا يُؤْخَذُ مِنْ تُجَّارِ الْحَرْبِ وَالذِّمَّةِ وَخُمُسُ الرِّكَازِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الَّذِي مَضَى عَلَيْهِ أَئِمَّةُ الْعَدْلِ الْبِدَايَةُ بِسَدِّ مَخَاوِفِ الْمُسْلِمِينَ بِإِصْلَاحِ الْحُصُونِ وَآلَةِ الْحَرْبِ فَإِنْ فَضَلَ فَلِقُضَاتِهِمْ وَعُمَّالِهِمْ وَمَنْ يَنْتَفِعُ بِهِ الْمُسلمُونَ مِمَّنْ يَبْنِي الْمَسَاجِدَ وَالْقَنَاطِرَ وَمَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ ثُمَّ الْفُقَرَاءِ فَإِنْ فَضَلَ وَرَأَى الْإِمَامُ تَفْرِقَتَهُ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ فَعَلَ أَوْ يَحْبِسُهُ لِعَوَارِضِ الْأَيَّامِ وَفَكِّ الْأُسَارَى وَقَضَاءِ دَيْنٍ أَوْ مَعُونَةٍ فِي عَقْلِ جِرَاحٍ أَوْ تَزْوِيجِ عَازِبٍ أَوْ إِعَانَةِ حَاجٍّ وَأَرْزَاقُ مَنْ يَلِي مَصَالِحَ الْمُسْلِمِينَ وَالتَّفْرِقَةُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ فَإِنَّ الْأَرْزَاقَ وُضِعَتْ فِي الْعَالَمِ لسد الخلات دون المنوبات بَلِ ادَّخَرَ اللَّهُ تَعَالَى لِكُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ أَجْرَهُ عِنْدَهُ وَعَلَيْهِ اعْتَمَدَ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَلَاحَظَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ إكرام ذَوي الْفَضَائِل تبْعَث عَلَى الِاسْتِكْثَارِ مِنْهَا وَمِنْهُمْ وَرُوِيَ اعْتِبَارُ التَّفْرِقَةِ بِالْفَضَائِلِ وَرُوِيَ أَنَّ ذَلِكَ مُوكَلٌ إِلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ وَيُوَفَّرُ سَهْمُ أَقْرِبَائِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِامْتِنَاعِهِمْ من الزَّكَاة وَيُعْطى الْعِيَال والذرية دون الأرفاء وَيُعْطَى أَهْلُ الْبَوَادِي الْقَارِّينَ وَالْمُرْتَحِلِينَ وَفِي الْكِتَابِ يبْدَأ من الْفَيْء أهل كل بلد افتتحت عَنْوَةً أَوْ صُلْحًا وَمَنْ أَوْصَى بِنَفَقَةٍ فِي السَّبِيلِ بَدَأَ بِأَهْلِ الْحَاجَةِ مِنْهُمْ وَيَجُوزُ إِعْطَاءُ الجوائز

(الباب الثامن فيما حازه المشركون من الأموال وغيرها)

(الْبَابُ الثَّامِنُ فِيمَا حَازَهُ الْمُشْرِكُونَ مِنَ الْأَمْوَالِ وَغَيرهَا) وَفِي الاستذكار فِيمَا جَاره الْمُشْركُونَ خَمْسَة أَقْوَال لَا يملكُونَ مُطلقًا وَتُؤْخَذ من الْغَنِيمَة قبل الْقِسْمَة وَبعدهَا بِغَيْرِ شَيْءٍ وَيُوقَفُ لِرَبِّهِ إِنْ جَهِلَ وَقَالَهُ ش لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ أَغَارُوا عَلَى سَرْحِ الْمَدِينَةِ فَأخذُوا مِنْهُ نَاقَته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَنَجَتْ عَلَيْهَا امْرَأَةٌ فَنَذَرَتْ نَحْرَهَا إِنْ نَجَّاهَا اللَّهُ تَعَالَى فَلَمَّا قَدِمَتِ الْمَدِينَةَ عُرِفَتِ النَّاقَةَ فَحملت لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأَخْبَرته الْمَرْأَة بنذرها فَقَالَ لَهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِئْسَ مَا جَزَيْتِهَا لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ ابْنُ آدَمَ وَقِيَاسًا لِأَمْوَالِنَا عَلَى رِقَابِنَا وَيُمَلَّكُونَ مُطْلَقًا فَإِذَا غَنِمَهُ الْجَيْشِ لَا يَأْخُذُهُ رَبُّهُ قَبْلَ الْقَسْمِ وَلَا بَعْدَهُ قَالَهُ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَجَمَاعَة لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا ترك لنا عقيل منزلا وللفرق بَيْنَ مَا غَلَبُونَا عَلَيْهِ فَيُمَلَّكُونَ وَبَيْنَ مَا أبق إِلَيْهِم قَالَ الثَّوْرِيُّ وَقَالَ ح إِنْ غَلَبُونَا عَلَيْهِ فَصَاحِبُهُ أَحَقُّ بِهِ قَبْلَ الْقَسْمِ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَبَعْدَهُ بِالْقِيمَةِ وَإِنْ أَخَذُوهُ بِغَيْرِ غَلَبَةٍ أَخَذَهُ صَاحِبُهُ مُطْلَقًا وَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ حَنْبَلٍ هُوَ أَحَقُّ بِهِ قَبْلَ الْقَسْمِ بِغَيْرِ

(تفاريغ اثنا عشر)

شَيْءٍ وَبَعْدَهُ بِالثَّمَنِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ لِمَا يُرْوَى أَنَّ رَجُلًا وَجَدَ بَعِيرًا كَانَ الْمُشْرِكُونَ أَصَابُوهُ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنْ أَصَبْتَهُ قَبْلَ الْقَسْمِ فَهُوَ لَكَ وَإِنْ أَصَبْتَهُ بَعْدَ مَا قُسِمَ أَخَذْتَهُ بِالْقِيمَةِ قَالَ وَهُوَ ضَعِيفُ السَّنَدِ (تفاريغ اثْنَا عَشَرَ) الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ مَا حَازَهُ الْمُشْرِكُونَ مِنْ مَالِ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ مِنْ عَرَضٍ أَوْ عَبْدٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ أَبَقَ إِلَيْهِم ثمَّ غنمناه لَهُم فَإِن عرفه رَبُّهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ كَانَ أَحَقَّ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفُ رَبُّهُ بِعَيْنِهِ وَعَرَفَ أَنَّهُ لِمُسْلِمٍ أَو ذمِّي قسم فَإِن جَاءَ بِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ بِالثَّمَنِ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَلَا يُخَيّر عَلَى فِدَائِهِ وَمَنْ وَقَعَ لَهُ أَمَةٌ يَعْلَمُهَا لِمُسْلِمٍ فَلَا يَطَأَهَا حَتَّى يَعْرِضَهَا عَلَيْهِ فَيَأْخُذَهَا بِمَالِهِ أَوْ يَدَعَ وَسَوَاءٌ اشْتَرَاهَا بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ أَوِ الْحَرْبِ وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ وَمَا وَجَدَهُ السَّيِّدُ قَدْ فَاتَ بِعِتْقٍ أَوِ اسْتِيلَادٍ فَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهِ وَكَانَ مِنْ مَغْنَمٍ أَوِ ابْتِيَاعٍ مِنْ حَرْبِيٍّ وَوَافَقَنَا ح وَوَافَقَ ش فِي أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبِ وَالْمُدَبَّرِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ قَبْلِ الْقَسْمِ وَبَعْدِهِ ضَرَرُ نَقْضِ الْقِسْمَةِ أَوْ ذَهَابُ آخِذِهِ بِغَيْرِ شَيْءٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا كَانَ عُرِفَ رَبُّهُ وَكَانَ غَائِبًا وَكَانَ نَقْلُهُ لَهُ مَصْلَحَةً فَعَلَ ذَلِكَ وَإِلَّا بَاعَهُ الْإِمَامُ لَهُ قَالَ أَشْهَبُ إِنْ كَانَ إِيصَالُهُ مِنْ غَيْرِ كُلْفَةٍ كَالْعَبْدِ وَالسَّيْفِ فَبَاعُوهُ بَعْدَ عِلْمِهِمْ أَخَذَهُ رَبُّهُ بِغَيْرِ ثَمَنٍ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا وَجَدَ الْفَرَسَ فِي الْمَغْنَمِ مَوْسُومًا بِالْحَبْسِ لَا يُقْسَمُ وَيُخَلَّى السَّبِيلَ وَقَالَ أَيْضًا لَا عِبْرَة بذلك لِأَنَّهُ قد يوسم لَيْلًا يُؤْخَذَ مِنْ رَبِّهِ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِذَا أَسَرَ أَهْلُ الْحَرْبِ ذِمِّيًّا ثُمَّ غَنِمْنَاهُ لَمْ يَكُنْ فَيْئًا وَرُدَّ

إِلَى ذِمَّتِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ أَسْلَمَ أَهْلُ بَلَدٍ عَلَى إِحْرَازِ ذِمَّتِنَا وَفِي أَيْدِيهِمْ رَفِيق لَهُمْ فَهُمْ أَحَقُّ بِجَمِيعِ الْأَمْتِعَةِ مِنْ أَرْبَابِهَا لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْ أَسْلَمَ عَلَى شَيْءٍ فِي يَدِهِ لِلْمُسْلِمِينَ فَهُوَ لَهُ وَإِذَا قَدِمَ تَاجِرٌ بِأَمَانٍ بِعَبِيدِ الْمُسلمين فَلَا يؤخذوا مِنْهُ وَإِنْ أَسْلَمَ عِنْدِنَا كَانُوا لَهُ وَمَنِ اشْتَرَى أُمَّ وَلَدِ رَجُلٍ مِنْ حَرْبِيٍّ فَعَلَى سَيِّدِهَا جَمِيعُ الثَّمَنِ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا وَلَا خِيَارَ لَهُ بِخِلَافِ الْعَبْدِ وَالْفَرْقُ أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ لَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهَا لغيره وَإِذَا قُسِمَتْ فِي الْمَغْنَمِ أَخَذَهَا بِالْقِيمَةِ وَلَوْ أُعْتِقَتْ لَمْ تُؤْخَذْ فِيهَا فِدْيَةٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ عَلَى سَيِّدِهَا الْأَقَلُّ مِنْ ثمنهَا أَو قمتها قَالَ سَحْنُونٌ إِنْ صَارَتْ فِي سَهْمِ رَجُلٍ بِمِائَتَيْنِ ثُمَّ غُنِمَتْ فَصَارَتْ فِي سَهْمِ رَجُلٍ آخَرَ بِخَمْسِينَ فَلَهُ أَخْذُهَا بِمِائَتَيْنِ يَأْخُذُ مِنْهَا مَنْ هِيَ بِيَدِهِ خَمْسِينَ وَالْبَاقِي لِلْأَوَّلِ وَكَذَلِكَ لَوْ تَوَالَتِ الْبِيَاعَاتُ أَوْ كَانَتْ أَمَةً وَإِلَيْهِ رَجَعَ سَحْنُونٌ وَقَالَ إِذَا أَعْتَقَ أُمَّ الْوَلَدِ مَنْ صَارَتْ فِي سَهْمِهِ عَالِمًا بِهَا فَكَأَنَّهُ وَضَعَ الْمَالَ عَنْ سَيِّدِهَا فَلَهُ أَخْذُهَا بِغَيْرِ ثَمَنٍ وَيَبْطُلُ الْعِتْقُ وَلَوْ أَوْلَدَهَا الْمُبْتَاعُ أَخَذَهَا بِالثَّمَنِ وَيُرْجَعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ وَلَدِهَا وَلَوْ مَاتَ سَيِّدهَا عتقت وَبَطل حق الميتاع وَلَوْ قَتَلَتْ ثُمَّ مَاتَ سَيِّدُهَا قَبْلَ فِدَائِهَا بِيعَتْ لِأَنَّ هَذَا فِعْلُهَا بِخِلَافِ الْأَوَّلِ وَلَوْ مَاتَتْ بِيَدِ مَنْ صَارَتْ بِيَدِهِ لَمْ يُتْبَعْ سَيِّدُهَا بِشَيْءٍ وَكَذَلِكَ إِذَا مَاتَتْ فِي الْجِنَايَةِ قَبْلَ الْفِدَاءِ وَلَوْ أَسْلَمَ عَلَيْهَا أَهْلُ الْحَرْبِ أَخَذَهَا سَيِّدُهَا بِقِيمَتِهَا الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ مَا حازه الْمُشْركُونَ من أَمْوَال الْمُسلمين ثمَّ أتوابه إِلَيْنَا كره شراوه مِنْهُمْ وَمَنِ ابْتَاعَ عَبْدًا مِنْ دَارِ الْحَرْبِ أَوْ وُهِبَ لَهُ فَكَافَأَ عَلَيْهِ فَلِسَيِّدِهِ أَخْذُهُ وَدفع مَا ودى من ثمن أَو عرض فإلم لم يكاف عَلَى الْهِبَةِ أَخَذَهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ فَإِنْ بَاعَهُ بَطَلَ أَخْذُ رَبِّهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُشْتَرِي وَضَعْفِ مِلْكِ رَبِّهِ بِشُبْهَةِ مِلْكِ الْحَرْبِيِّ وَقَالَ غَيْرُهُ يَأْخُذُهُ بِدَفْعِ الثَّمَنِ إِلَى الْمُبْتَاعِ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمَوْهُوبِ قَالَ ابْنُ

يُونُس قَالَ أَشهب الْأمة كالأمة الْمُسْتَحقَّة يَأْخُذُهَا رَبُّهَا وَقِيمَةَ وَلَدِهَا وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ ثُمَّ رَجَعَ وَالْفَرْقُ عِنْدَهُ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ يَأْخُذُ بِغَيْرِ ثَمَنٍ فَهُوَ أَقْوَى قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا وَقَعَ الْآبِقُ فِي سَهْمِ رَجُلٍ فَبَاعَهُ وَتَدَاوَلَتْهُ الْأَمْلَاكُ لِرَبِّهِ أَخْذُهُ بِأَيِّ ثَمَنٍ شَاءَ كَالشُّفْعَةِ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ بَلْ بِمَا وَقَعَ فِي الْمَقَاسِمِ وَرَوَاهُ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ سُبِيَ الْعَبْدُ ثَانِيَةً بَعْدَ تَدَاوُلِ الْأَمْلَاكِ فَلَا مَقَالَ لِلَّذِي سُبِيَ مِنْهُ أَوَّلًا وَالَّذِي سُبِيَ مِنْهُ آخِرًا أَوْلَى مِنْهُ بَعْدَ دَفْعِ مَا وَقَعَ بِهِ إِلَى مَنْ هُوَ بِيَدِهِ فَإِنْ أَخَذَهُ فَلِرَبِّهِ الْأَوَّلِ أَخْذُهُ بِمَا وَقَعَ بِهِ فِي الْمَقَاسِمِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ مِلْكٌ ثَانٍ وَمِنْ كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَمَنِ ابْتَاعَ عَبْدًا مِنَ الْمَغْنَمِ بِمِائَةٍ وَلَمْ يَعْرِفْ رَبَّهُ ثُمَّ سُبِيَ ثُمَّ اشْتَرَاهُ رَجُلٌ بِخَمْسِينَ يُقَالُ لِرَبِّهِ ادْفَعْ مِائَةً لِلْأَوَّلِ وَخَمْسِينَ لِلثَّانِي إِنْ شَاءَ وَيَأْخُذُهُ وَإِلَّا فَلَا ثُمَّ إِنْ شَاءَ الْأَوَّلُ فَدَاهُ مِنَ الثَّانِي بِخَمْسِينَ فَإِنْ أَسْلَمَهُ إِلَيْهِ فَلِرَبِّهِ الْأَوَّلِ مِنَ الثَّانِي إِعْطَاءُ خَمْسِينَ وَأَخْذُهُ الرَّابِعُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ الْعَبْدُ الْمَأْذُون يركيه الدَّيْنُ وَيَجْنِي ثُمَّ يَأْسِرُهُ الْعَدُوُّ فَيَقَعُ فِي سَهْمِ رَجُلٍ فَلِرَبِّهِ فِدَاؤُهُ بِالْأَكْثَرِ مِمَّا وَقَعَ بِهِ فِي الْمَقَاسِمِ أَوْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ فَإِنْ كَانَ الْأَرْشُ عِشْرِينَ وَثَمَنُ الْمَغَانِمِ عَشَرَةً أَخَذَ مَنْ صَارَ لَهُ عَشَرَةً وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عَشَرَةً فَإِنْ كَانَ الْأَرْشُ عَشَرَةً أَخَذَ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ الْعِشْرِينَ وَلَا شَيْءَ لِصَاحِبِ الْجِنَايَةِ كَمَا لَوْ سُبِيَ فَابْتَاعَهُ رَجُلٌ ثُمَّ سُبِيَ ثَانِيَةً وَغَنِمَهُ فَفَدَاهُ رَبُّهُ بِالْأَكْثَرِ وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا أَعْتَقِ الْمُشْتَرِي مِنَ الْمَغْنَمِ لِرَبِّهِ نُقِضَ عِتْقُهُ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ أَشْهَبَ فِي نَقْصِ الْبَيْعِ الْخَامِسُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَيُرَدُّ الْمُدَبَّرُ مِنَ الْمَغَانِمِ لِسَيِّدِهِ إِنْ عُرِفَتْ عَيْنُهُ قَالَ سَحْنُونٌ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ بِعَيْنِهِ دَخَلَتْ خِدْمَتُهُ فِي الْمَغَانِمِ قَالَ عَبْدُ الْوَهَّاب

يُرِيدُ يُؤَاجَرُ بِمِقْدَارِ قِيمَتِهِ فَيُجْعَلُ ذَلِكَ مِنَ الْمَغَانِمِ أَوْ يُتَصَدَّقُ بِهِ إِنْ تَفَرَّقَ الْجَيْشُ فَإِذَا اسْتَوْفَى الْمُسْتَأْجِرُ حَقَّهُ كَانَ بَاقِي خَرَاجِهِ مَوْقُوفًا كَاللُّقَطَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ جَهِلُوهُ اقْتَسَمُوهُ وَلِسَيِّدِهِ فِدَاؤُهُ بِالثَّمَنِ وَيَرْجِعُ مُدَبَّرًا وَلَا يُتْبَعُ الْمُدَبَّرُ بِشَيْءٍ فَإِنِ امْتَنَعَ مِنْ فِدَائِهِ أَخْدَمَهُ مَنْ صَارَ إِلَيْهِ فِي الثَّمَنِ فَإِذَا وَفَّى رَجَعَ لِسَيِّدِهِ مُدَبَّرًا فَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهُ فِي أَثْنَاءِ الْخِدْمَةِ عَتَقَ وَاتُّبِعَ بِبَاقِي الثَّمَنِ وَإِنْ لَمْ يَسَعْهُ الثُّلُثُ عَتَقَ مَا وَسِعَهُ وَاتُّبِعَ مَا عَتَقَ مِنْهُ بِمَا يَقَعُ عَلَيْهِ مِنْ بَقِيَّةِ الثَّمَنِ كَالْجِنَايَةِ وَيُحْسَبُ قِيمَةُ الْمُدَبَّرِ عَبْدًا حَتَّى يُعْلَمَ مَا يَحْمِلُهُ الثُّلُثُ وَإِنْ لَمْ يَتْرُكِ السَّيِّدُ شَيْئًا عَتَقَ ثُلُثُهُ وَرُقَّ ثُلْثَاهُ وَلَا قَوْلَ لِلْوَرَثَةِ وَفِي الْجِنَايَةِ يُخَيَّرُونَ فِيمَا رق فِي الْإِسْلَام أَوْ دَفْعُ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ مِنَ الْجِنَايَةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ مِنَ الْمَغَانِمِ إِنَّمَا اشْتَرَاهُ مِمَّا يُرَقُّ مِنْهُ وَفِي الْجِنَايَةِ أُسْلِمَتْ خِدْمَتُهُ فَإِذَا لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ فَهُوَ كَمُعْتَقٍ بَعْضُهُ فَيُخَيَّرُ الْوَرَثَةُ وَقَالَ غَيْرُ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ عَتَقَ وَلَمْ يُتْبَعْ بِشَيْءٍ وَإِنْ حَمَلَ الْبَعْضَ لَمْ يَتْبَعْ تِلْكَ الْحِصَّةَ الْمُعْتَقَةَ بِشَيْءٍ بِخِلَاف الْجِنَايَة الَّتِي هِيَ فعله وَفرق عبد الْملك بَين وُقُوعه فِي المقاسم وَبَين المُشْتَرِي فِي بلد الْحَرْب فَقَالَ فِي الثَّانِي يتبعهُ مُشْتَرِيه بِمَا بَقِي عَلَيْهِ ويحاسبه بِمَا يَخْدمه بِهِ وَإِن حمله الثُّلُث لَا يتبع بِشَيْء كالمشتري من الْمغنم وَالْمُشْتَرِي من بلد الْحَرْب لَا يُحَاسب بِشَيْء مَا أَخذ بِهِ وَيتبع بِالثّمن وَإِذَا أَسْلَمَ حَرْبِيٌّ عَلَى مُدَبَّرٍ قَالَ سَحْنُونٌ لَهُ جَمِيعُ خِدْمَتِهِ وَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهُ عَتَقَ فِي ثُلْثِهِ وَلَمْ يُتْبَعْ بِشَيْءٍ كَحُرٍّ أَسْلَمَ عَلَيْهِ وَإِنْ حَمَلَ الثُّلُثُ بَعْضَهُ رُقَّ بَاقِيهِ وَلَمْ يُتْبَعْ مَا عَتَقَ مِنْهُ بِشَيْءٍ وَإِنْ كَانَ على السَّيِّد دين مُحِيط بِجَمِيعِ مَاله وعَلى الْمُدبر الَّذِي أسلم عَلَيْهِ وَقَالَ إِذا اشتربت الْمُدَبَّرَةَ مِنَ الْعَدُوِّ أَوِ الْمَغَانِمِ أَوْ أَسْلَمَ عَلَيْهَا حَرْبِيٌّ فَوَطِئَهَا فَحَمَلَتْ كَانَتْ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ وَلَا تَرْجِعُ إِلَى سَيِّدِهَا وَإِنْ دَبَّرَهَا الثَّانِي وَلَمْ يَعْلَمْ سَيِّدُهَا فَدَفَعَ سَيِّدُهَا إِلَيْهِ مَا فَدَاهَا بِهِ بَطَلَ تَدْبِيرُهُ وَعَادَتْ عَلَى حَالِهَا وَإِنْ أَسْلَمَهَا بَقِيَتْ بِيَدِ سَيِّدِهَا تَخْدِمُهُ وَلَا يَبْطُلُ تَدْبِيرُهُ فَإِنْ مَاتَ الْأَوَّلُ وَحَمَلَهَا الثَّالِث عتقت وَلَا يتبعهَا الثَّانِي بِجَمِيعِ الْفِدَاءِ فَإِنْ مَاتَ الثَّانِي وَحَمَلَهَا الثَّالِثُ يَسْقُطُ الْفِدَاءُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَوْ أَعْتَقَ الْمُدَبِّرُ مُشْتَرِيهِ نَفَذَ الْعِتْقُ بِخِلَافِ أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُعْتَقُ إِلَى أَجَلٍ

لعدم قبُولهَا الْملك الثَّانِي وَخَالف أصْبع فِي الْمُعْتَقِ إِلَى أَجَلٍ وَسَحْنُونٌ إِنْ أَعْتَقَهُ وَهُوَ عَالِمٌ بِهِ السَّادِسُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُون وَالْمُعتق إِلَى أجل كالمدير إِنْ عُرِفَ رَبُّهُ وُقِفَ لَهُ وَإِلَّا وُقِفَتْ خدمته فِي المقاسم فَإِن جَاءَ سَيّده خر بَيْنَ فِدَاءِ خِدْمَتِهِ وَإِسْلَامِهَا لِمُشْتَرِيهَا وَلَوْ جُهِلَ بِيعَ فِي الْمَقَاسِمِ فَإِنْ فَدَاهُ سَيِّدُهُ عَادَ مُدبر وَإِن أسلمه أخدمه امشتري فِي الثَّمَنِ فَإِنِ اسْتَوْفَى قَبْلَ الْأَجَلِ عَادَ لسَيِّد والأعتق وَلَمْ يُتْبَعْ وَإِنْ فَدَاهُ أَحَدٌ مِنَ الْعَدُوِّ فدَاه السَّيِّد بذلك إِن شَاءَ وَلَا يُحَاسب بَعْدَ الْعِتْقِ وَإِلَّا صَارَتْ خِدْمَتُهُ لِلْفَادِي لِلْأَجْلِ فَإِذَا عَتَقَ اتَّبَعَهُ بِجَمِيعِ الْفِدَاءِ قَالَ مُحَمَّدٌ يُحَاسِبُهُ بِالْخِدْمَةِ وَيَتْبَعُهُ بِالْبَاقِي إِنِ اشْتَرَاهُ مِنَ الْعَدُوِّ فَإِنِ اشْتَرَاهُ مِنَ الْمَغْنَمِ لَمْ يَتْبَعْهُ وَإِذَا أَسْلَمَ الْحَرْبِيُّ عَلَى مُعْتَقَةٍ إِلَى أَجَلٍ وَأَوْلَدَهَا كَانَ عَلَيْهِ قِيمَةُ وَلَدِهَا عَلَى أَنَّهُمْ يُعْتَقُونَ عِنْدَ الْأَجَلِ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهَا مِلْكًا تَامًّا وَلَوْ قُتِلَتْ فَقِيمَتُهَا لِلَّذِي أَسَلَمَ عَلَيْهَا وَلَوْ وَلَدَتْ مِنْ غَيْرِهِ فَوَلَدُهَا مَعَهَا فِي الْخِدْمَةِ وَلَوْ فَدَاهَا رَجُلٌ مِنَ الْحَرْبِيِّينَ فَأَوْلَدَهَا فَدَفَعَ السَّيِّدُ الْفِدَاءَ خَاصَّةً بِقِيمَةِ الْوَلَدِ عَلَى أَنَّهُ وَلَدُ أُمِّ وَلَدٍ هَكَذَا فِي النَّوَادِرِ قَالَ وَالصَّوَاب ولد مُعتقة إِلَى أجل فَإِن أَسْلَمَهَا فَعَلَى الْوَاطِئِ قِيمَةُ وَلَدِهَا وَكَذَلِكَ لَوْ أَخَذَهَا مِنَ الْمَغَانِمِ فَأَوْلَدَهَا السَّابِعُ قَالَ ابْنُ يُونُس وَيرد الْمكَاتب إِلَى ربه من الْمَغَانِم غَابَ أَو حضر فَإِن لم يعرف بِعَيْنِه بِيعَتْ كِتَابَته فِي الْمَغَانِم وَتُؤَدَّى إِلَى مَنْ صَارَ إِلَيْهِ فَإِنْ عَجَزَ رق وَإِلَّا عَتَقَ وَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ فَإِنْ جَاءَ سَيِّدُهُ بَعْدَ بَيْعِ كِتَابَتِهِ فَفَدَاهُ كَانَ مُكَاتَبًا وَإِنْ أَسْلَمَهُ وَعَجَزَ رُقَّ لِمُبْتَاعِهِ وَقِيلَ إِنْ أَتَى سَيِّدُهُ وَقَدْ قَبَضَ الْمُبْتَاعُ بَعْضَ الْكِتَابَةِ وَأَرَادَ افْتِكَاكَهُ فَإِنْ كَانَ الْمَقْبُوضُ نِصْفَ الْكِتَابَةِ بِالْقِيمَةِ حَسَبَهَا عَلَيْهِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأَجْزَاءِ وَعَابَهُ عَلَيْهِ بَعْضُ الْأَصْحَابِ وَقَالَ بَلْ يَدْفَعُ مَا ودى وَيَأْخُذُ جَمِيعَ الْمَقْبُوضِ مِنَ الْكِتَابَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ بِيعَ الْمُكَاتَبُ فِي الْمَقَاسِمِ وَلَمْ يُعْلَمْ فَإِنْ رُدَّ الثَّمَنُ عَلَى مُشْتَرِيهِ عَادَ مُكَاتَبًا وَإِنْ عَجَزَ خُيِّرَ سَيِّدُهُ بَيْنَ إِسْلَامِهِ رَقِيقًا كَالْجِنَايَةِ وَإِلَى هَذَا رَجَعَ سَحْنُونٌ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنِ اشْتَرَاهُ مِنَ الْعَدُوِّ وَلَمْ يَفْدِهِ سَيِّدُهُ يُقَالُ لَهُ

وف لمشتريك الثّمن وأد كتابتك لسيدك وَيعتق وَإِنِ اشْتُرِيَ مِنَ الْغَنِيمَةِ فَأَسْلَمَهُ سَيِّدُهُ فَلَا يلْزمه إِلَّا أَدَاء كِتَابه لِسَيِّدِهِ وَيُعْتَقُ وَإِنْ عَجَزَ رُقَّ لِمُشْتَرِيهِ قَالَ سَحْنُونٌ وَإِنْ أَسْلَمَ الْحَرْبِيُّ عَلَى مُكَاتَبِ لِمُسْلِمٍ فَلَهُ كِتَابَتُهُ وَإِنْ عَجَزَ رُقَّ لَهُ وَإِنْ أَدَّى فَوَلَاؤُهُ لِلْعَاقِدِ لَهَا الثَّامِنُ قَالَ ابْنُ يُونُس قَالَ سَحْنُون الْمُوصَى بِخِدْمَتِهِ ثُمَّ هُوَ لِفُلَانٍ فَأَخَذَهُ الْعَدُوُّ فِي الْخِدْمَةِ فَابْتَاعَهُ رَجُلٌ يُقَالُ لِلْمُخْدَمِ افْدِهِ بِالثَّمَنِ فَإِذَا تَمَّتِ الْخِدْمَةُ يُقَالُ لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ ادْفَعْ إِلَيْهِ مَا فَدَاهُ بِهِ وَإِلَّا أَسْلِمْهُ إِلَيْهِ رَقِيقًا التَّاسِعُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَسَرَ الْعَدُوُّ حُرَّةً مَسْلَمَةً أَوْ ذِمِّيَّةً فَوَلِدَتْ عِنْدَهُمْ ثُمَّ غَنِمَهَا فَالصِّغَارُ بِمَنْزِلَتِهَا لَيْسَ فَيْئًا وَالْكِبَارُ إِذَا بَلَغُوا وَقَاتَلُوا فَيْءٌ وَلَوْ كَانَتْ أَمَةً فَكَبِيرُ وَلَدِهَا وَصَغِيرُهُمْ لِسَيِّدِهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ إِذَا بَلَغَ وَلَدُ الْحُرَّةِ لَمْ يَكُنْ فَيْئًا وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ وَقَالَ ابْنُ شَبْلُونٍ هُمْ فَيْءٌ قَاتَلُوا أَمْ لَا تَغْلِيبًا لِلدَّارِ وَقَالَ سَحْنُونٌ جَمِيعُ وَلَدِ الْأَمَةِ فَيْءٌ إِلَّا أَنْ تَقُولَ تَزَوَّجْتُ فَوَلَدْتُ فَلِسَيِّدِهَا قَالَ مَالِكٌ وَلَدُ الْحُرَّةِ تَبَعٌ لَهَا فِي الْإِسْلَامِ كَالْمُسْلِمَةِ يَغْصِبُهَا النَّصْرَانِيُّ فِي بَلَدِنَا وَلَوِ اغْتَصَبَهَا عَبْدٌ كَانَ الْوَلَدُ حُرًّا وَقَالَ أَشْهَبُ وَلَدُ الذِّمِّيَّةِ صِغَارُهُمْ وَكِبَارُهُمْ فَيْءٌ وَفِي وَلَدِ الْحرَّة الْمسلمَة ثَلَاثَة أَقْوَال أَحْرَار فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَفِي وَلَدِ الْأَمَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ عَبِيدٌ لِسَيِّدِهَا فَيْءٌ إِنْ كَانُوا مِنْ زَوْجٍ فَلِسَيِّدِهَا أَوْ إِنْ مَلَكَهَا بِالسَّبْيِ أَوْ غَيْرِهِ فَفَيْءٌ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الْفُرُوعِ النَّظَرُ إِلَى تَغْلِيبِ الدَّارِ أَوْ تَغْلِيبِ الْإِسْلَامِ أَوْ تَغْلِيبِ النَّسَبِ الْعَاشِرُ فِي الْكِتَابِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَسْلَمَ حَرْبِيٌّ بِبَلَدِهِ وَقَدِمَ إِلَيْنَا وَتَرَكَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ ثُمَّ غَنِمْنَا ذَلِكَ فَمَالُهُ وَامْرَأَتُهُ وَوَلَدُهُ فَيْءٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ غَيْرُهُ وَلَدُهُ الصَّغِيرُ تَبَعٌ لَهُ وَمَالُهُ لَهُ إِلَّا أَنْ يُقْسَمَ فَيَأْخُذُهُ بِالثَّمَنِ وَامْرَأَتُهُ فَيْءٌ قَالَ مَالِكٌ وَلَوْ أَسْلَمَ فَأَقَامَ بِبَلَدِهِ فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ فَمَالُهُ وَوَلَدُهُ فَيْءٌ وَقَالَ أَشْهَبُ وَلَدُهُ أَحْرَارٌ تَبَعٌ لَهُ وَمَالُهُ لَهُ إِلَّا أَنْ يُقْسَمَ وَامْرَأَتُهُ فَيْءٌ وَلَوْ دَخَلَ مُسْلِمٌ وَتَزَوَّجَ عِنْدَهُمْ وَكَسَبَ مَالًا وَوَلَدًا فَهُوَ مِثْلُ الْأَوَّلِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِذَا قَدِمَ حَرْبِيٌّ

بِأَمَانٍ فَأَسْلَمَ وَغَنِمَ مَعَنَا فَمَالُهُ وَدَوَابُّهُ وَرَقِيقُهُ وَحَرِيمُهُ لَهُ وَامْرَأَتُهُ وَوَلَدُهُ الْكَبِيرُ فَيْءٌ لَهُ وَلِلْجَيْشِ وَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ لِلشَّرِكَةِ وَوَلَدُهُ الصَّغِيرُ تَبَعٌ لَهُ وَفِي الْجَوَاهِر إِذا أَسْلَمَ الْحَرْبِيُّ وَغَزَا مَعَنَا فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ فَيْءٌ وَأَخْذَهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَبَعْدِهَا بِالثَّمَنِ وَقَالَ ابْنُ الْحَارِثِ إِنْ ضَمُّوهُ إِلَى أَمْلَاكِهِمْ مِنْ حِينِ إِسْلَامِهِ وَخَرَجَ هُوَ مِنْ عِنْدِهِمْ فَفَيْءٌ وَإِلَّا فَلَا الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الْكِتَابِ مَنِ ابْتَاعَ عَبْدًا مِنَ الْفَيْءِ فَدُلَّ سَيِّدُهُ عَلَى مَالٍ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ بِأَرْضِ الْعَدُوِّ وَالْعَبْدُ كَافِرٌ أَوْ أَسَلَمَ أَوْ عَتَقَ فَإِنْ دَلَّهُ فِي جَيْشٍ آخَرَ فَالْمَالُ لِلْجَيْشِ الْآخَرِ دُونَ السَّيِّدِ وَالْعَبْدِ لِأَنَّهُ باستيلائهم فَإِن دَلَّهُ قَبْلَ قُفُولِ الْجَيْش الْأَوَّلِ فَهُوَ لِلْجَيْشِ الأول وَإِن نزل بِأَمَان وَمَعَهُ عبيد الْمُسلمين فباعهم لم يكن لرَبهم أَخْذُهُمْ بِخِلَافِ بَيْعِهِ إِيَّاهُمْ فِي بَلَدِ الْحَرْبِ لِأَنَّ الذِّمِّيَّ لَوْ وَهَبَهُمْ فِي بَلَدِ الْحَرْبِ لمُسلم فوفر لَهُم أَخذهم بِغَيْرِ ثَمَنٍ وَالْخَارِجُ إِلَيْنَا لَوْ وَهَبَهُمْ لَمْ يَأْخُذْهُمْ رَبُّهُمْ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا نَزَلَ الْحَرْبِيُّ بِأَمَانٍ فَأَسْلَمَ عَبْدُهُ أَوْ قَدِمَ بِهِ مُسْلِمًا لَمْ يُمْنَعْ مِنَ الرُّجُوعِ إِذَا أَدَّى مَا عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ أَمَةً لَمْ يُمْنَعْ مِنْ وَطْئِهَا وَأَنْكَرَ هَذَا ابْنُ خَلَفٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ لَهُ مَالك ألم تعلم أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَالَحَ أَهْلَ مَكَّةَ عَلَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ مَنْ جَاءَهُ مِنْهُمْ فَهَرَبَ أَبُو جَنْدَلٍ مُسْلِمًا إِلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَطَلَبه أَبوهُ من مَكَّة فَرده - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقَالَ إِنَّا لَا نَخْفِرُ بِالْعَهْدِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُعْطَى فِي كُلِّ مُسْلِمٍ أَوْفَرَ قِيمَتَهُ وَينْزع مِنْهُ وَأَمَّا مَا بِأَيْدِيهِمْ مِنْ سَبَايَا الْمُسْلِمِينَ فَيُؤْخَذُ مِنْهُمْ بِالْقِيمَةِ وَإِنْ كَرِهُوا وَأَبُو جَنْدَلٍ إِنَّمَا أسلمه النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِأَبِيهِ وَشَفَقَةُ الْأُبُوَّةِ تَأْبَى الضَّرَرَ أَوْ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اطَّلَعَ عَلَى عَاقِبَةِ أَمْرِهِ وَأَمَّا مَا بِأَيْدِيهِمْ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ رَقِيقٍ كَافِرٍ أَوْ أَحْرَارِ ذِمَّتِنَا فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ وَانْفَرَدَ ابْنُ الْقَاسِمِ بِأَنَّهُ لَا يَعْرِضُ لَهُمْ فِي شَيْءٍ مِمَّا أَسْلَمَ مِنْ رَقِيقِهِمْ أَوْ مَا بِأَيْدِيهِمْ مِنْ أَسْرَى الْمُسْلِمِينَ وَسَبْيِهِمْ وَوَافَقَهُ مُحَمَّدٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَسْلَمَ فَأَحْرَارُ الذِّمَّةِ رَقِيقٌ لَهُ وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ إِذَا ارْتَدَّ لَا يَعْرِضُ

لَهُ فَإِنْ بَاعَهُ اسْتُتِيبَ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَفِي شِرَائِهِ إِشْكَالٌ وَلَوِ اعْتَرَفَ الْمُسْتَأْمَنُ أَنَّهُ عَبْدٌ أَوْ ذِمِّيٌّ أَمْ مُرْتَدٌّ قَالَ مُحَمَّدٌ حُكِمَ عَلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُقْتَلُ وَرُوِيَ عَنْهُ فِي الرَّسُولِ يَرْتَدُّ يُقْتَلُ قَالَ أَصْبَغُ الرَّسُولُ وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَوْ سَرَقَ الْمُعَاهَدُ عَبْدًا أَوْ حُرًّا ثُمَّ قَدِمَ ثَانِيَةً بِأَمَانٍ أُخِذَ مِنْهُ كَمَا لَوْ أَدَّى ثُمَّ هَرَبَ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ أَخْذِهِمَا لِأَنَّهُمَا صَارَا بِيَدِ حَرْبِيٍّ بَعْدَ الرِّحْلَةِ عَنَّا الثَّانِيَ عَشَرَ لَوْ أَسْلَمَ عبد الْحَرْبِيّ بَقِيَ عَلَى مِلْكِهِ إِلَّا أَنْ يَخْرُجَ الْعَبْدُ إِلَيْنَا أَو يغنمه وَهُوَ مُسلم وسيده مُشْرك وَلَا يُرَدُّ إِلَى سَيِّدِهِ إِنْ أَسْلَمَ بَعْدَ أَخْذِهِ وَقَدِ ابْتَاعَ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِلَالًا فَلَمَّا أَسْلَمَ أَعْتَقَهُ وَالدَّارُ دَارُ شِرْكٍ وَقَالَ أَشْهَبُ إِسْلَامُ الْعَبْدِ بِبِلَادِ الْحَرْبِ يُزِيلُ مِلْكَهُ عَنهُ خرج أم لَا وَإِن اشْترِي كَانَ فدا وَاتبع بِالثّمن قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ قَدِمَ إِلَيْنَا عَبْدٌ بِأَمَانٍ مَعَهُ مَالُ سَيِّدِهِ فَالْمَالُ لِلْعَبْدِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تَرَكَ لِلْمُغِيرَةِ الْمَالَ الَّذِي أَخَذَهُ لِأَصْحَابِهِ تَمْهِيدٌ عِنْدَنَا مَنْ أَسْلَمَ عَلَى شَيْءٍ فَهُوَ لَهُ وَقَالَ ش لِرَبِّهِ أَخْذُهُ بِغَيْرِ ثَمَنٍ لَنَا مَا رَوَاهُ ابْن وهب قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْ أَسْلَمَ عَلَى شَيْءٍ فِي يَدَيْهِ لِلْمُسْلِمِينَ فَهُوَ لَهُ وَقَوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ وَلِأَنَّ لِلْكَافِرِ شُبْهَةَ ملك فِيمَا جازه لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ} الْحَشْر 8 فَسَمَّاهُمْ فُقَرَاءَ بَعْدَ هِجْرَتِهِمْ وَلَهُمْ أَمْوَالٌ وَدِيَارٌ تَحْتَ أَيْدِي الْكُفَّارِ وَلِانْعِقَادِ الْإِجْمَاع على عدم الضَّمَان فِي الِاسْتِهْلَاك

فارغة

(الباب التاسع في التأمين)

(الْبَابُ التَّاسِعُ فِي التَّأْمِينِ) وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {وأوفوا بالعهد إِن الْعَهْد كَانَ مسؤلا} الْإِسْرَاء 24 وَقَوله عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمُسلمُونَ تَتَكَافَأ دِمَاؤُهُمْ وَيُجِير عَلَيْهِم أَدْنَاهُم وَيرد عَلَيْهِم أَقْصَاهُم وهم يَد على من سواهُم وَفِي الْمُوَطَّأِ كَتَبَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى عَامِلِهِ أَنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ رِجَالًا مِنْكُمْ يَطْلُبُونَ الْعِلْجَ حَتَّى إِذَا اشْتَدَّ فِي الْجَبَلِ وَامْتَنَعَ قَالَ رَجُلٌ مَطْرَسْ يَقُولُ لَهُ لَا تَخَفْ فَإِذَا أَدْرَكَهُ قَتَلَهُ وَإِنِّي وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا أَعْلَمُ مَكَانَ أَحَدٍ فَعَلَ ذَلِكَ إِلَّا ضَرَبْتُ عُنُقَهُ فَائِدَةٌ قَوْلُهُ مَطْرَسْ فَارِسِيَّةٌ وَفِيهِ لُغَتَانِ الطَّاءُ وَالتَّاءُ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَطْرَافٍ الطَّرَفُ الْأَوَّلُ الْعَاقِدُ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْأَمَانُ فِي الْجَيْش للأمير خَاصَّة لَيْلًا يُفْتَرَى عَلَيْهِ وَأَجَازَهُ مُحَمَّدٌ مِنْ غَيْرِ الْأَمِيرِ الأعلا أَن لَا يَغْزُوَهُمْ أَحَدٌ فَإِنْ أَمَّنَ وَاحِدٌ مِنَ الْجَيْشِ وَاحِدًا مِنَ الْحِصْنِ مَضَى عَلَى رَأْيِ مُحَمَّدٍ وَمنعه ابْن حبيب وَتقدم الْإِمَامَ إِلَى النَّاسِ فِي ذَلِكَ ثُمَّ إِنْ أَمَّنَ أَحَدٌ قَبْلَ النَّهْيِ أَوْ بَعْدَهُ يُخَيَّرُ الإِمَام فِي ذَلِك قَالَ سَحْنُونٌ وَإِذَا أَمَّنَ الْمُسْلِمُ حَرْبِيِّينَ أُمِّنُوا وَيَتَخَيَّرُ الْإِمَامُ وَاتَّفَقَ ابْنُ حَبِيبٍ وَسَحْنُونٌ أَنَّ عَقْدَهُ عَلَى الْإِمَامِ وَعَلَى النَّاسِ أَنَّهُ لَا

يَلْزَمُ بَلْ يَنْظُرُ الْإِمَامُ وَفِي الْكِتَابِ أَمَانُ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ إِذَا عَقَلَ الْأَمَانَ جَائِزٌ وَقَالَهُ ش وَقَالَ غَيْرُهُ يَتَخَيَّرُ الْإِمَامُ بَيْنَ الْإِمْضَاءِ وَالرَّدِّ إِلَى الْمَأْمَنِ لِأَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَتَبَ إِلَى سُفْيَانَ بْنِ عَامِرٍ وَهُوَ يُحَاصِرُ قَيْسَارِيَّةَ مَنْ أَمَّنَ مِنْكُمْ حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ أَحَدًا مَنْ عَدُوِّكُمْ فَهُوَ آمِنٌ إِلَى أَنْ يُرَدَّ إِلَى مَأْمَنِهِ أَوْ يُقِيمَ فَيَكُونَ عَلَى الْحُكْمِ فِي الْحُرِّيَّةِ وَإِنْ وَجَدْتُمْ فِي عَسْكَرِكُمْ أَحَدًا مِنْهُمْ لَمْ يُعْلِمْكُمْ بِنَفْسِهِ حَتَّى قَدِمْتُمْ عَلَيْهِ فَلَا أَمَانَ لَهُ وَلَا ذِمَّةَ وَاحْكُمُوا فِيهِ بِمَا هُوَ أَفْضَلُ لِلْمُسْلِمِينَ قَالَ ابْن يُونُس قَالَ سَحْنُون لَا يجوز أَمَان الذِّمِّيّ بِحَال لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ فَأَضَافَهُ إِلَيْهِمْ فَيَكُونُ مُسْلِمًا وَإِنْ أَجَازَ الْإِمَامُ الصَّبِيَّ لِلْقِتَالِ تَخَيَّرَ فِي إِمْضَاءِ أَمَانِهِ وَإِلَّا فَلَا أَمَانَ لَهُ قَالَ مُحَمَّدٌ فَإِنْ حَسِبْنَا الْمُجِيرَ مُسْلَمًا فَهَلْ يُرَدُّونَ إِلَى مَأْمَنِهِمْ أَوْ هُمْ فَيْءٌ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَوْ قَالُوا عَلِمْنَا أَنَّهُ ذِمِّيٌّ وَظَنَنَّا جَوَازَ أَمَانِهِ فَهُمْ فَيْءٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ التُّونُسِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْأَشْهَرُ رَدُّهُمْ إِلَى مَأْمَنِهِمْ فِي هَذَا كُلِّهِ قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ وَإِنْ أَمَّنَ أَمِيرُ الْجَيْش ذِمِّيًّا بِالْأَمَانِ فَأَمِنَ فَهُوَ جَائِزٌ فَإِنْ أَمَّنَ الذِّمِّيُّ عَنْ مُسْلِمٍ مِنَ الْعَسْكَرِ فَقَالَ أَمَّنَكُمْ فُلَانٌ الْمُسْلِمُ أَوْ قَالَ فُلَانٌ فَإِنْ عَلِمُوا أَنَّهُ ذِمِّيٌّ فَهُمْ فَيْءٌ وَإِلَّا فَهِيَ شُبْهَةٌ قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ وَلَوْ قَالَ الْإِمَامُ لِأَهْلِ الْحَرْبِ مَنْ دَخَلَ إِلَيْنَا بِأَمَانِ فُلَانٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَوْ بِأَمَانِ أَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ ذِمِّيٌّ لَنَا أَوْ رَقِيقٌ فَكَمَا قَالَ وَقَوْلُ عُمَرَ مَذْهَبُنَا إِلَّا قَوْلَهُ فَإِنْ شَكَكْتُمْ فَإِنَّهُ فَيْءٌ وَقَوْلُ سَحْنُونٍ خِلَافُ مَا فِي الْكِتَابِ فِي قَوْلِهِ إِذَا وَجَدْنَا الذِّمِّيَّ مُقْبِلًا إِلَيْنَا فَيَقُولُ جِئْتُ لِأَطْلُبَ الْأَمَانَ يُرَدُّ إِلَى مَأْمَنِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالْإِشَارَةُ بِالْأَمَانِ كَالْكَلَامِ وَلْيَتَقَدَّمْ إِلَى النَّاسِ فِي ذَلِكَ قَالَ سَحْنُونٌ وَأَمَانُ الْخَوَارِجِ لِأَهْلِ الْحَرْبِ جَائِزٌ وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا أُسِرَ رَجُلٌ مِنَ السَّرِيَّةِ فَلَمَّا أَحَسُّوا بِهَا طَلَبُوا الْأَمَانَ مِنَ الْأَسِيرِ فَأَمَّنَهُمْ إِنْ كَانَ آمِنًا عَلَى نَفْسِهِ جَازَ وَإِلَّا فَلَا وَهُوَ مُصَدَّقٌ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنِ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ أُخِذَ بِقَوْلِهِ الْأَوَّلِ قَالَ سَحْنُون لَا

يكون أَمَانه أَمَانًا وَلَا أُصَدِّقُهُ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَلَا يَقْدِرُ الْأَسِيرُ عَلَى مُخَالَفَتِهِمْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ أَمَّنَهُمْ بِالتَّهْدِيدِ فَلَا أَمَانَ لَهُمْ فَإِنْ قَالُوا تُؤَمِّنُنَا وَنُخَلِّيكَ فَهُوَ أَمَانٌ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ أَمَّنَ الْعَدُوُّ أَسِيرًا عَلَى أَن لَا يهرب فَلَا يهرب لِأَنَّهُ يُؤْذِي إِلَى التَّضْيِيقِ عَلَى الْأَسْرَى وَلَوْ خَلَّوْهُ عَلَى أَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ جَازَ الْهَرَبُ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ اِعْتَقْ أَوْ طَلِّقْ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ وَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ قَالَ الْمَازِرِيُّ الْمَشْهُورُ جَوَاز أَمَان العَبْد كَالْحرِّ قَالَ سَحْنُون وح إِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الْقِتَالِ جَازَ وَإِلَّا فَلَا وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ لَا تَأْمِينَ لَهُ وَالْمَشْهُورُ عَدَمُ اعْتِبَارِ الْمَرْأَةِ بِخِلَافِ الْمُرَاهِقِ وَمَنَعَهُ ش لِأَنَّ عَدَمَ التَّكْلِيفِ مُخِلٌّ بِالثِّقَةِ بِهِ فِي الْمَصْلَحَةِ وَقِيلَ إِنْ أَذِنَ لَهُ جَازَ لَهُ وَإِلَّا فَلَا وَفِي الْجَواهِرِ وَقِيلَ يَصح تَأْمِين الذِّمِّيّ لِأَنَّهُ تبع للْمُسلمين وكل من أجزتا تَأْمِينَهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَنْفِيذِ الْإِمَامِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يَلْزَمُ غَيْرُ تَأْمِينِ الْإِمَامِ وَيُشْتَرَطُ فِي الْمُؤَمِّنِ التَّمْيِيزُ وَالْعَقْلُ وَعَدَمُ الْخَوْفِ قَالَ اللَّخْمِيُّ اخْتُلِفَ فِي الْأَمَانِ بَعْدَ الْفَتْحِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا أُمِّنَ الْأَسِيرُ سَقَطَ عَنْهُ الْقَتْلُ دُونَ الِاسْتِرْقَاقِ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَحِلُّ قَتْلُهُ لِمَنْ أَمَّنَهُ وَيَتَعَقَّبُهُ الْإِمَامُ وَهُوَ مَعْنَى قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَإِذَا بَعَثَ الْأَمِيرُ سَرِيَّةً وَجَعَلَ مَا رَأَوْهُ صَوَابًا جَازَ وَإِنْ جَعَلَ لَهُمُ الْقَتْلَ وَالسَّبْيَ لَمْ يَتَعَدَّوْا ذَلِكَ فَإِنْ جَاءَتْ سَرِيَّةٌ أُخْرَى مِنْ ذَلِكَ الْجَيْشِ أَوْ مِنْ بَلَدٍ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ نَقْضُ ذَلِكَ وَإِنْ جَاءَتْ مِنْ بَلَدٍ آخَرَ وَجَيْشٍ آخَرَ وَلَا يَرْجِعُ إِلَى أَمِيرِ الْأُولَى فَلَهُمْ ذَلِكَ عَلَى رَأْيِ سَحْنُونٍ وَلَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ عَلَى رَأْيِ غَيْرِهِ وَإِذَا خَرَجَتْ سَرِيَّةٌ بِغَيْرِ إِذَنِ الْإِمَامِ لَمْ يَلْزَمْهُ مَا عَقَدَتْ الطَّرَفُ الثَّانِي فِي الْمَعْقُودِ وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ الْوَاحِدُ وَالْعَدَدُ الْمَحْصُورُ وَغَيْرُ الْمَحْصُورِ يَخْتَصُّ بِالسُّلْطَانِ الطَّرَفُ الثَّالِثُ نَفْسُ العقد وَفِي الْجَوَاهِرِ يَنْعَقِدُ بِصَرِيحِ اللَّفْظِ وَكِنَايَتِهِ

(تفريع)

وَالْإِشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ وَإِنْ رَدَّهُ الْكَافِرُ ارْتَدَّ وَلَا بُدَّ مِنَ الْقَبُولِ وَلَوْ بِالْفِعْلِ وَلَوْ ظَنَّ الْمُسْلِمُ أَنَّ الْكَافِرَ أَرَادَ الْأَمَانَ وَلَمْ يَرُدَّهُ لم يقتل وَلَو دخل إِلَى سفارة لَمْ يَفْتَقِرْ إِلَى أَمَانٍ بَلِ الْقَصْدُ يُؤَمِّنُهُ وَلَو قَالَ الْأَمِير أمنت كُلَّ مَنْ قَصَدَ التِّجَارَةَ صَحَّ مِنْهُ دُونَ الْآحَاد وَإِن ظَنَّ الْكَافِرُ صِحَّتَهُ وُفِّيَ لَهُ بِهِ بَلْ لَوْ ظَنَّ مَا لَيْسَ بِتَأْمِينٍ تَأْمِينًا أُمِّنَ فَلَوْ أَمَّنَ جَاسُوسًا أَوْ طَلِيعَةً لَمْ يَنْعَقِدْ وَلَا يُشْتَرَطْ فِيهِ الْمَصْلَحَةُ بَلْ يَكْفِي عَدَمُ الْمَضَرَّةِ وَإِذَا انْعَقَدَ كَفَفْنَا عَنِ النَّفْسِ وَالْأَهْلِ وَالْمَالِ وَإِذَا أُمِّنَتِ الْمَرْأَةُ مِنَ الِاسْتِرْقَاقِ صَحَّ وَيَجِبُ فِي الْمُبَارَزَةِ الْوَفَاءُ بِالشُّرُوطِ فَلَوْ أَثْخَنَ الْمُسْلِمَ وَقَصَدَ تَرْقِيقَهُ مَنَعْنَاهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَلَوْ خَرَجَ جَمَاعَةٌ لِإِعَانَةِ الْكَافِرِ بِاسْتِنْجَادِهِ قَتَلْنَاهُ مَعَهُمْ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ لَمْ يَعْرِضْ لَهُ وَلَو خرج جمَاعَة لجَماعَة فَفَزعَ بَعضهم من قربه جَازَ لَهُ إِعَانَةُ الْآخَرِ كَمَا فَعَلَهُ عَلِيٌّ وَحَمْزَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مَعَ عُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْحِصْنِ أَفْتَحُ لَكُمْ عَلَى حُكْمِ رَجُلٍ صَحَّ إِنْ كَانَ عَاقِلًا عَدْلًا بَصِيرًا بِمَصَالِحِ الْقِتَالِ كَمَا اتُّفِقَ لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَيَصِحُّ مِنَ الْفَاسِقِ وَيَتَعَقَّبُهُ الْإِمَامُ بِالْإِمْضَاءِ أَوِ الرَّدِّ إِلَى الْمَأْمَنِ وَلَوْ حَكَّمُوا ذِمِّيًّا أَوِ امْرَأَةً أَوْ صَبِيًّا أَوْ عَبْدًا وَهُمْ عَالِمُونَ بِهِ لَمْ يَجُزْ حُكْمُهُمْ وَلْيَحْكُمِ الْإِمَامُ بِمَا يرَاهُ لأَنهم رَضوا بِأَقَلّ الْمُسلمين وَهَذَا أعلا فَلَا حُجَّةَ لَهُمْ (تَفْرِيعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا مَاتَ عِنْدَنَا حَرْبِيٌّ مُسْتَأْمَنٌ وَتَرَكَ مَالًا أَوْ قُتِلَ فَمَالُهُ وَدِيَتُهُ لِوَرَثَتِهِ بِبَلَدِهِ وَقَالَ غَيْرُهُ يُدْفَعُ إِلَى حُكَّامِهِمْ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا ظَهَرْنَا عَلَى وَرَثَتِهِ قَبْلَ وُصُولِهِ إِلَيْهِمْ فَهُوَ فَيْءٌ لِذَلِكَ الْجَيْش وَإِنَّمَا يدْفع مَاله لوَرثَته إِذا استؤمن على أَن يرجع أَو كَانَ شَأْنه الرُّجُوع أما لَو استؤمن عَلَى الْإِقَامَةِ فَمَالُهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَإِنْ جَهِلَ الْحَالَ فَلِلْمُسْلِمِينَ وَلَوْ أَوْدَعَ الْمُسْتَأْمِنُ عِنْدَنَا مَالًا ثُمَّ رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ فَمَاتَ أَوْ قُتِلَ فِي مُحَارَبَتِنَا رُدَّ مَالُهُ لِوَرَثَتِهِ وَلَوْ أُسِرَ ثُمَّ قتل

فَمَاله فَيْء لَا يُخَمَّسُ وَإِذَا قَتَلَ الْعَبْدُ الْمُسْتَأْمَنُ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا عَمْدًا قُتِلَ بِهِ أَوْ خَطَأً فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ مَتَى قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ كَالذِّمِّيِّ فِي أَحْكَامِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِذَا دَايَنَ ثُمَّ عَادَ لِبَلَدِهِ فَغَنِمْنَاهُ وَلَهُ عِنْدَنَا وَدَائِعُ وَدُيُونٌ فَالَّذِي بِبَلَدِ الْحَرْبِ لِمَنْ غَنِمَهُ وَالَّذِي بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ لِغُرَمَائِهِ وَلَوْلَا غُرَمَاؤُهُ لَكَانَ لِمَنْ غَنِمَهُ لِقُوَّةِ السَّبْيِ وَقَالَ غَيْرُهُ يُرَدُّ مَا عِنْدَنَا لِأَهْلِهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ قَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ إِذَا سَرَقَ الْمُسْتَأْمَنُ قُطِعَ قِيَاسًا عَلَى الذِّمِّيِّ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُقْطَعُ وَلَا السَّارِقُ مِنْهُ لِضِعْفِ عَقْدِهِ بِالتَّحْدِيدِ عَنْ عَقْدِ الذِّمَّةِ وَلَا يُحَدُّ فِي الْقَذْفِ قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ خَصَى عَبْدَهُ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ أَخْصَاهُ بِبَلَدِهِ قَالَ أَشْهَبُ بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَعْتَقَ عَلَى سندر عَبده حِين أخصاه وَجَذَعَ أَنْفَهُ وَسَنْدَرٌ يَوْمَئِذٍ كَافِرٌ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا أُمِّنَ الرَّجُلُ عَلَى أَنَّهُ حَرْبِيٌّ فَظَهَرَ أَنَّهُ مُرْتَدٌّ أَوْ عَبْدٌ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُسْتَتَابُ الْمُرْتَدُّ وَلَا يُرَدُّ الْعَبْدُ إِلَى سَيِّدِهِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا أَمَانَ لَهُمَا وَقِيلَ لَا أَمَانَ لَهُمَا إِلَّا أَنْ يُشْتَرَطْ ذَلِكَ قَالَ وَالثَّانِي أَظْهَرُ لِأَنَّ الشَّرْطَ مُبْطِلٌ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فِي الرِّدَّةِ وَحَقِّ السَّيِّدِ فِي الرِّقِّ وَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ وَلَدُ مُسْلِمٍ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَثَلَاثَة أَقْوَال الإستيتاب قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ تَغْلِيبًا لِلدَّارِ وَقِيلَ يُحْكَمُ لَهُ بِحُكْمِ الْأَبِ وَقِيلَ إِنْ كَانَ الْوَلَدُ مُقِيمًا مَعَهُ بِبَلَدِ الْحَرْبِ وَهُوَ فِيهِ عَلَى وَجْهِ الْمِلْكِ لَا عَلَى وَجْهِ الْجِزْيَةِ لَا تُرَاعَى يَدُهُ عَلَيْهِ وَإِنْ وَلَدَهُ فِي بَلَدِ الْإِسْلَامِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُقْتَلُ وَلَا يُسْتَتَابُ إِنْ أَبَى الْإِسْلَامَ لِأَنَّ وِلَادَتَهُ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ شُبْهَةٌ تَمْنَعُ رِقَّهُ وَإِذَا أَسْلَمَ بَعْضُ الرُّسُلِ قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ يُرَدُّ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يُرَدُّ وَإِنِ اشْتَرَطُوا الرَّدَّ وَقِيلَ لَا يُرَدُّ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطُوا الرَّدَّ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا أَسْلَمَتِ الرَّهَائِنُ قَالَ مَالِكٌ يُرَدُّونَ قَالَ ابْن الْقَاسِم كَانُوا

أَحْرَار أَوْ عَبِيدًا وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يُرَدُّونَ وَإِنِ اشْتَرَطُوا لِأَنَّ رَدَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَبَا جَنْدَلٍ مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} الْأَنْفَال 58 وَنَحْنُ نَخَافُ على المردودين

(الباب العاشر في المهادنة والنظر في شروطها وأحكامها)

(الْبَاب الْعَاشِر فِي المهادنة وَالنَّظَرِ فِي شُرُوطِهَا وَأَحْكَامِهَا) النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي الشُّرُوطِ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ قَالَ الْمَازِرِيُّ فَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ حَاجَةِ مَصْلَحَتِهِ لَا يَجُوزُ لِوُجُوبِ الْقِتَالِ إِلَى غَايَةِ إِعْطَاءِ الْجِزْيَةِ وَإِنْ كَانَ لِمَصْلَحَةٍ نَحْو الْعَجْزِ عَنِ الْقِتَالِ مُطْلَقًا أَوْ فِي الْوَقْتِ الْحَاضِرِ فَيَجُوزُ بِعِوَضٍ أَوْ بِغَيْرِ عِوَضٍ عَلَى وَفْقِ الرَّأْيِ السَّدِيدِ لِلْمُسْلِمِينَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا} الْأَنْفَال 61 وَصَالَحَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَهْلَ مَكَّةَ الشَّرْطُ الثَّانِي أَنْ لَا يَتَوَلَّاهُ إِلَّا الْإِمَامُ الشَّرْطُ الثَّالِثُ خُلُوُّهُ عَنْ شَرْطٍ فَاسِدٍ كَتَرْكِ مُسْلِمٍ فِي أَيْدِيهِمْ أَوْ بَذْلِ مَالٍ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ الشَّرْطُ الرَّابِعُ أَنْ لَا يُزَادَ عَلَى الْمُدَّةِ الَّتِي تَدْعُو إِلَيْهَا الْحَاجَةُ فِي اجْتِهَادِ الْإِمَامِ وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ إِلَّا مَعَ الْعَجْزِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أشهر} التَّوْبَة 2 فَإِن استشعر جبانة فَلَهُ نَبْذُ الْعَهْدِ قَبْلَ الْمُدَّةِ النَّظَرُ الثَّانِي فِي حُكْمِهِ فِي الْجَوَاهِرِ يَجِبُ الْوَفَاءُ بِالشُّرُوطِ الصَّحِيحَة وَلَا يجوز أَن يشْتَرط مَنْ جَاءَنَا مِنْهُمْ مُسْلِمًا أَوْ مُسْلِمَةً رَدَدْنَاهُ إِلَيْهِمْ قَالَ الْمَازِرِيُّ عِنْدَنَا يُرَدُّ مَنْ جَاءَ مُسْلِمًا وَفَاءً بِالْعَهْدِ مِنَ الرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ لقَوْله تَعَالَى {فَلَا ترجعون إِلَى الْكفَّار} وَلِأَنَّ رِدَّتَهُنَّ أَقْرَبُ وَقِيلَ يُمْنَعُ الْجَمِيعُ لِحُرْمَةِ الْإِسْلَام

فارغة

(الباب الحادي عشر في الجزية)

(الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الْجِزْيَةِ) وَفِيهِ فَصْلَانِ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْعَقْدِ وَيَتَّجِهُ الْفِقْهُ فِيهِ فِي سَبْعَة مبَاحث الْبَحْثُ الْأَوَّلُ وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ الْتِزَامُ تَقْرِيرِهِمْ فِي دِيَارِهِمْ وَحِمَايَتُهُمْ وَالدَّرْءُ عَنْهُمْ بِشَرْطِ بَذْلِ الْجِزْيَةِ وَالِاسْتِسْلَامِ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {قَاتِلُوا الَّذين لَا يُؤمنُونَ بِاللَّه} إِلَى قَوْله تَعَالَى {مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} التَّوْبَة 29 وَيَنْبَغِي تَعْيِينُ مِقْدَارِ الْجِزْيَةِ وَقَبُولِهِمْ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يُعَّيَنْ نَزَلُوا عَلَى مِقْدَارِ جِزْيَةِ أَهْلِ الْعَنْوَةِ وَهُوَ مَا قَدَّرَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَإِذَا وَقَعَ الْعَقْدُ فَاسِدًا فَلَا نَقْتُلُهُمْ وَنُلْحِقُهُمْ بِمَأْمَنِهِمْ الْبَحْثُ الثَّانِي فِي الْعَاقِدِ وَهُوَ الْإِمَامُ وَفِي الْجَوَاهِرِ يَجِبُ عَلَيْهِ إِذَا بَذَلُوهُ وَرَآهَا مَصْلَحَةً إِلَّا أَنْ يَخَافَ غَائِلَتَهُمْ وَلَوْ عَقَدَهُ مُسْلِمٌ بِغَيْرِ إِذْنِ الْإِمَامِ لَمْ يَصِحَّ لَكِنْ يَمْنَعُ الِاغْتِيَالَ الْبَحْثُ الثَّالِثُ فِي الْمَعْقُودِ لَهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ وَهُوَ كُلُّ كَافِرٍ ذَكَرٍ بَالِغٍ حُرٍّ قَادِرٍ عَلَى أَدَاءِ الْجِزْيَةِ يَجُوزُ إِقْرَارُهُ عَلَى دِينِهِ لَيْسَ مَجْنُونًا وَلَا مَغْلُوبًا عَلَى عَقْلِهِ وَلَا مُتَرَهِّبًا مُنْقَطِعًا فِي دَيْرٍ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ اسْتِثْنَاءُ الْفَرَسِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْآيَة {من الَّذين أَتَوا الْكتاب} وَهُمْ لَا كِتَابَ لَهُمْ وَاسْتَثْنَى ابْنُ الْجَهْمِ كُفَّارَ قُرَيْشٍ إِمَّا إِكْرَامًا لَهُمْ عَنْ صَغَارِ الْجِزْيَةِ أَوْ لِأَنَّهُمْ أَسْلَمُوا يَوْمَ الْفَتْحِ وَاسْتَثْنَى ابْن وهب مجوس الْعَرَب وَعبد الْملك وش من

لَيْسَ بكتابي وح مُشْرِكِي الْعَرَبِ لِتَوَهُّمِ إِسْلَامِهِمْ وَأَمَّا الصَّبِيُّ وَالْمَرْأَةُ وَالْعَبْدُ وَالْمَجْنُونُ وَالْمُتَرَهِّبُ فَتَبَعٌ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِمْ وَالْفَقِيرُ يُقَرُّ مَجَّانًا وَقِيلَ تَجِبُ عَلَيْهِ لِصِيَانَةِ دَمِهِ وَتُؤْخَذُ مِنَ الصَّبِيِّ عِنْدَ بُلُوغِهِ وَلَا تُقْبَلُ مِنَ الْمُرْتَدِّ لِأَنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَى دِينِهِ وَفِي الْكِتَابِ قَالَ مُطَرِّفٌ وَعَبْدُ الْمَلِكِ إِنَّمَا تَسْقُطُ الْجِزْيَةُ عَنِ الرَّاهِبِ فِي مَبْدَأِ حَمْلِهَا أَمَّا مَنْ تَرَهَّبَ بَعْدَ ضَرْبِهَا فَلَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَا يُقْبَلُ مِنَ الْعَرَبِ إِلَّا الْإِسْلَامُ إِلَّا مَنْ دَخَلَ مِنْهُمْ فِي مَكَّةَ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ مَالِكٌ مَنِ انْتَقَلَ مِنَ الْعَدُوِّ إِلَى بَلَدِ الْإِسْلَامِ ضُرِبَتْ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ وَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ الْإِقَامَةِ وَالرُّجُوعِ إِلَى بَلَدِهِ وَاسْتَحْسَنَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَسْقُطُ خِيَارَهُ بَعْدَ الْتِزَامِهَا وَإِذَا أَعْتَقَ النَّصْرَانِيُّ عَبْدَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تَلْزَمُهُ الْجِزْيَةُ وَلَيْسَ لَهُ الْخُرُوجُ مِنْهَا قَالَ أَشْهَبُ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَرْوِيٌّ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَإِنْ أَعْتَقَهُ مُسْلِمٌ قَالَ مَالِكٌ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ لِئَلَّا يضْربهُ الْعتْق قَالَ ابْن الحبيب الْأَحْسَنُ أَخْذُهَا مِنْهُ وَالذِّمِّيُّ أَنْ يَنْقُلَ جِزْيَتَهُ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ مِنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ الْبَحْثُ الرَّابِعُ الْبُقْعَةُ وَفِي الْجَوَاهِرِ يُقَرُّونَ فِي سَائِرِ الْبِقَاعِ إِلَّا فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَهِيَ مَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ وَالْيَمَنُ فِي رِوَايَةِ عِيسَى وَمِنْ أَقْصَى عَدَنَ وَمَا وَالَاهَا إِلَى الْيَمَنِ كُلِّهَا إِلَى رِيفِ الْعِرَاقِ فِي الطُّولِ وَمِنْ جدَّةَ وَمَا وَالَاهَا مِنْ سَاحِلِ الْبَحْرِ إِلَى أَطْرَافِ الشَّام ومصر فِي الْمغرب والمشرق وَمَا بَين يثرب إِلَى مُنْقَطع السماوة فِي رِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ وَلَا يُمْنَعُونَ مِنَ الِاجْتِيَازِ بِهَا مُسَافِرِينَ فَائِدَةٌ الْجَزِيرَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْجَزْرِ الَّذِي هُوَ الْقَطْعُ وَمِنْهُ الْجَزَّارُ لِقَطْعِهِ أَعْضَاءَ الْحَيَوَانِ وَالْجَزِيرَةُ لِانْقِطَاعِ الْمِيَاهِ عَنْ أَوْسَاطِهَا إِلَى أَجْنَابِهَا وَجَزِيرَةُ الْعَرَبِ قَدِ احْتَفَّ بِهَا بَحْرُ الْقُلْزُومِ مِنْ جِهَةِ الْمَغْرِبِ وَبَحْرُ فَارِسَ مِنْ جِهَةِ الْمَشْرِقِ وَبَحْرُ الْهِنْدِ مِنْ جِهَةِ الْجَنُوبِ فَسُمِّيَتْ جَزِيرَةً لِذَلِكَ

قَالَ الْمَازِرِيُّ إِذَا لَمْ يَأْمَنُ الْإِمَامُ رُجُوعَهُمْ عَنِ الْعَقْدِ لِمُجَاوَرَتِهِمُ الْعَدُوَّ نَقَلَهُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ إِلَى حَيْثُ يَأْمَنُ وَإِلَّا فَلَا الْبَحْثُ الْخَامِسُ فِي تَفْصِيلِ مَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْجَوَاهِرِ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ الْجِزْيَةُ فَلَوْ أَقَرَّهُمْ مِنْ غَيْرِ جِزْيَةٍ أَخْطَأَ وَيُخَيَّرُونَ بَيْنَ الْجِزْيَةِ وَالرَّدِّ إِلَى الْمَأْمَنِ وَأَكْثَرُ الْجِزْيَةِ أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ وَأَرْبَعُونَ دِرْهَمًا عَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ وَلَا يُزَادُ عَلَى ذَلِكَ وَيُخَفَّفُ عَلَى الضَّعِيفِ بِالِاجْتِهَادِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُنْقَصُونَ مِنْ فَرْضِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِعُسْرٍ وَلَا يُزَادُ لِغَنِيٍّ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ لَا حَدًّ لِأَقَلِّهَا لِأَنَّ فِعْلَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنَّمَا كَانَ بِالِاجْتِهَادِ فَيَجْتَهِدُ غَيْرُهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ بِحَسَبِ الْحَالِ وَقِيلَ أَقَلُّهَا دِينَارٌ أَوْ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَقَالَ ش دِينَارٌ عَلَى الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خُذْ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ دِينَارًا وَقَالَ ح عَلَى الْغَنِيِّ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ دِرْهَمًا وَالْمُتَوَسِّطِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ وَالْفَقِير اثْنَا عشر درهما وَيُزَاد ولينقص عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِمْ تَنْبِيهٌ الدَّنَانِيرُ عِنْدَنَا خَمْسَةٌ ثَلَاثَةٌ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا وَهِيَ دَنَانِيرُ الدِّمَاءِ فِي الدِّيَةِ وَالسَّرِقَةِ وَالنِّكَاحِ وَاثْنَانِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ الزَّكَاةِ وَالْجِزْيَةِ تَمْهِيدٌ الْجِزْيَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْجَزَاءِ الَّذِي هُوَ الْمُقَابَلَةُ وَالْمَأْخُوذُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ مُقَابِلٌ لِلدَّمِ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ اقْتَضَى عِصْمَةَ الْأَمْوَالِ وَالذَّرَارِيِّ وَهِيَ غَيْرُ مُسْتَحِقَّةُ الْقَتْلِ فَلَيْسَ حَقْنُ الدَّمِ هُوَ كُلَّ الْمَقْصُودِ وَيُعْزَى لِلشَّافِعِيَّةِ أَنَّهَا أُجْرَةُ الدَّارِ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَنْتَفِعُ بِالدَّارِ وَلَا جِزْيَةَ عَلَيْهَا وَالْمُتَّجِهُ أَنْ يُقَالَ هِيَ قُبَالَةُ جَمِيعِ الْمَقَاصِدِ الْمُرَتَّبَةِ عَلَى الْعَقْدِ سُؤَالٌ عَادَةُ الشَّرْعِ دَفْعُ أَعْظَمِ الْمَفْسَدَتَيْنِ بِإِيقَاعِ أَدْنَاهُمَا وَتَفْوِيتُ الْمَصْلَحَةِ الدُّنْيَا لِتَوَقُّعِ الْمَصْلَحَةِ الْعُلْيَا ومفسدة الْكفْر توفّي عَلَى مَصْلَحَةِ الْمَأْخُوذِ مِنْ أَمْوَالِ الْكُفَّارِ جِزْيَةً بل على جملَة الدُّنْيَا فَلم أقرهم

الشَّرْع على الْكفْر بِهَذَا النزر الْيَسِير وَلم لاحتم الْقِتَالَ دَرْءًا لِمَفْسَدَتِهِ جَوَابُهُ أَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ الْتِزَامِ الْمَفْسَدَةِ الدُّنْيَا لِتَوَقُّعِ الْمَصْلَحَةِ الْعُلْيَا وَذَلِكَ أَنَّ الْكَافِرَ إِذَا قُتِلَ انْسَدَّ عَنْهُ بَابُ الْإِيمَانِ وَمَقَامُ السَّعَادَةِ فَشَرَعَ اللَّهُ تَعَالَى الْجِزْيَة رَجَاء أَن يسلم فِي مُسْتَقْبل الزَّمَان وَلَا سِيَّمَا مَعَ اطِّلَاعِهِ عَلَى مَحَاسِنِ الْإِسْلَامِ وَإِنْ مَاتَ عَلَى كُفْرِهِ فَيُتَوَقَّعُ ذَلِكَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ وَذُرِّيَّةِ ذُرِّيَّتِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَاعَةٌ مِنْ إِيمَانٍ تَعْدِلُ دَهْرًا مَنْ كُفْرٍ وَلِذَلِكَ خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى آدَمَ عَلَى وَفْقِ الْحِكْمَةِ وَأَكْثَرُ ذُرِّيَّتِهِ كُفَّارٌ فَعَقْدُ الْجِزْيَةِ مِنْ آثَارِ رَحْمَتِهِ تَعَالَى قَالَ فَلَوْ أَسْلَمَ أَوْ مَاتَ بَعْدَ سَنَةٍ سَقَطَتْ عَنْهُ إِذَا اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ سُنُونٌ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ إِنْ كَانَ أَقَرَّ أُخِذَتْ مِنْهُ أَوْ لِعُسْرٍ فَلَا تُؤْخَذُ وَلَا تَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ بِالْعَجْزِ لِأَنَّ الْفَقِيرَ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ وَقَالَ ش إِذَا أَسْلَمَ بَعْدَ وُجُوبِهَا أُخِذَتْ مِنْهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا أُجْرَةٌ وَعِنْدَنَا بدل مِنْ سَفْكِ الدَّمِ وَحَضًّا عَلَى الْإِسْلَامِ بِالصَّغَارِ لَنَا قَوْله تَعَالَى {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَد وهم صاغرون} التَّوْبَة 29 فَشرط فِي إِعْطَائِهَا الصَّغَارُ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ عَلَى الْمُسْلِمِ وَوَافَقَنَا ش عَلَى إِذْلَالِ الذِّمِّيِّ حَالَةَ الْأَخْذِ مِنْهُ وَالْكِرَاءُ لَا يَقْتَضِي الْهَوَانَ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ قَالَ ش وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنَ الْمَذْهَبِ وُجُوبُهَا بِآخِرِ الْحَوْلِ وَلَيْسَ عَنْ مَالِكٍ نَصًّا وَقَالَ ح بِأَوَّلِ الْحَوْلِ عِنْدَ الْعَقْدِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ عِنْدَ أَوَّلِ كُلِّ حَوْلٍ لِأَنَّهَا بَدَلُ الدَّمِ وَقَدْ سُلِّمَ لَهُمُ الْمُبْدَلُ فَيَجِبُ الْبَدَلُ وَجَوَابُهُ أَنَّهَا تُؤْخَذُ لِصِيَانَتِهِمْ سَنَةً وَلَمْ تُحَصَّلْ الثَّانِي فِي الْجَوَاهِرِ الضِّيَافَةُ وَأَرْزَاقُ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَرَضَ مَعَ الدَّنَانِيرِ مُدَّيْنِ مِنْ حِنْطَةٍ عَنْ كُلِّ نَفْسٍ فِي الشَّهْرِ وَثَلَاثَةَ أَقْسَاطٍ زَيْتًا عَلَى مَنْ كَانَ بِالشَّامِ وَالْجِزْيَةُ عَلَى مَنْ كَانَ بِمِصْرَ إِرْدَبُّ حِنْطَةٍ فِي كُلِّ شَهْرٍ وَقَالَ وَلَا أَدْرِي كَمْ مِنَ الْوَدَكِ وَالْعَسَلِ وَعَلَيْهِمْ مِنَ الْكُسْوَةِ الَّتِي كَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَكْسُوهَا النَّاسَ وعَلى أَن يضيفوا من مر بهم ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَعَلَى أَهْلِ الْعِرَاقِ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا كُلَّ شَهْرٍ عَلَى

كُلِّ رَجُلٍ مَعَ كُسْوَةٍ مَعْرُوفَةٍ قَالَ وَلَا أَدْرِي كَمْ قَدْرُهَا قَالَ مَالِكٌ وَأَرَى أَنْ يُوضَعَ عَنْهُمُ الْيَوْمَ مِنَ الضِّيَافَةِ وَالْأَرْزَاقِ لِمَا حَدَثَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْجَوْرِ الثَّالِثُ الْإِهَانَةُ فِي الْجَوَاهِرِ تُؤْخَذُ مِنْهُمْ عَلَى وَجْهِ الْإِهَانَةِ وَالصَّغَارِ امْتِثَالًا لِأَمْرِهِ تَعَالَى الرَّابِعُ الْعُشْرُ فِي التِّجَارَةِ وَالْأَصْل فِيهِ قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ عُشْرٌ إِنَّمَا الْعُشْرُ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ إِذَا اتَّجَرْتُمْ فِي بِلَادِكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ إِلَّا الْجِزْيَةُ وَإِذَا اتَّجَرْتُمْ إِلَى غَيْرِهَا أَخذ مِنْكُم الْعشْر وَفِي الْجَوَاهِر بؤخذ الْعشْر من تجار الْحَرْبِيين وَلَا بؤخذ مِنَ الذِّمِّيِّ إِلَّا أَنْ يَتَّجِرَ فِي غَيْرِ أُفُقِ عَقْدِ جِزْيَتِهِ فَتُؤْخَذُ مِنْهُ كُلَّمَا دَخَلَ وَلَوْ دَخَلَ مِرَارًا فِي السَّنَةِ وَقَالَ ح لَا تُؤْخَذُ مِنَ السَّنَةِ إِلَّا مَرَّةً كَالْجِزْيَةِ لَنَا فِعْلُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَلِتَكَرُّرِ الِانْتِفَاع وَالْحكم فيتكرر بِتَكَرُّرِ سَبَّبِهِ وَاخْتُلِفَ هَلِ الْمَأْخُوذُ عَمَّا يَعْتَاضُونَ وَهُوَ رَأْي ابْن الْقَاسِم أَو عَمَّا يدْخلُونَ بِهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَسَبَبُ الْخِلَافِ أَنَّ الْمَأْخُوذَ لِحَقِّ الِانْتِفَاعِ فِي الْقُطْرِ أَوِ الْوُصُولِ إِلَيْهِ وَتَفَرَّعَ عَلَى ذَلِكَ فَرْعَانِ الْأَوَّلُ لَوْ دَخَلُوا بِبِضَاعَةٍ أَوْ عَيْنٍ فَأَرَادُوا الرُّجُوعَ قَبْلَ الْبَيْعِ أَوِ الشِّرَاءِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَجِبُ عَلَيْهِمُ الْعُشْرُ كَالْحَرْبِيِّينَ وَابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُوجِبُهُ الثَّانِي لَوْ دَخَلُوا بِإِمَاءٍ فَإِنَّ ابْنَ حَبِيبٍ يَمْنَعُهُمُ الْوَطْءَ وَالِاسْتِخْدَامَ وَيَحُولُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُنَّ لِشَرِكَةِ الْمُسْلِمِينَ مَعَهُمْ خِلَافًا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا قُلْنَا لَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ إِلَّا بَعْدَ الشِّرَاءِ قَالَ مَالِكٌ إِنْ قَدِمَ بِعَيْنٍ فَاشْتَرَى بِهِ سِلْعَةً أُخِذَ مِنْهُ عُشْرُ السِّلْعَةِ وَقِيلَ عُشْرُ ثَمَنِهَا وَقِيلَ إِنْ كَانَتْ تَنْقَسِمُ فَعُشْرُهَا وَإِلَّا فَعُشْرُ قِيمَتِهَا وَيَدُلُّ عَلَى الْأَوَّلِ أَنْ لَوْ أَخَذْنَا عُشْرَ قِيمَتِهَا كَانَ مُشْتَرِيًا مِنَّا عُشْرَ السِّلْعَةِ فَهِيَ سِلْعَةٌ

ثَانِيَة فيتسلسل وَلَو قدم بِفِضَّة ليصرفها أَو بِثِيَاب لصبغها ترك عشرهَا بِغَيْر صبغ وَلَا صرف فَإِنْ لَمْ يَنْظُرْ فِي ذَلِكَ حَتَّى عَمِلَ الْجَمِيعَ أُخِذَ مِنْهُ قِيمَةُ الْعُشْرِ غَيْرَ مَعْمُولٍ فَإِنْ بَاعَ وَاشْتَرَى بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْبَلَدِ أَوْ فِي بَلَدٍ آخَرَ مِنْ ذَلِكَ الْأُفُقِ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ شَيْءٌ قَالَ مُحَمَّدٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الَّذِي صَبَغَهُ أَوْ ضَرَبَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُؤْخَذُ مِنَ الْحَرْبِيِّ عُشْرُ الْمَعْمُول وَإِذا أكرى الذِّمِّيّ ابله من بلد إِلَى غَيره أَخذ عشر كرائه فِي المكرى إِلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ شَيْءٌ إِلَّا مَنْ كِرَاءِ الرُّجُوعِ إِلَى بَلَدِهِ وَقَالَ أَشهب لَا شَيْء عَلَيْهِ لجلاب إِبِلِهِ وَأَوْلَادِهَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ يُؤْخَذُ مِنْهُ سَوَاءٌ أكرى من بَلَده أَو من غَيره وَقيل يسْقط الْكِرَاء على قدر مسيره فِيمَا سَارَ فِي بِلَادِهِ سَقَطَ وَيُخْتَلَفُ إِذَا أَسْلَمَ فِي سِلْعَةٍ لِيَقْبِضَهَا بِغَيْرِ بَلَدِهِ هَلْ يُرَاعَى مَوضِع العقد أَو مَوضِع الْقَبْض وَإِذا تجر عبيد أهل الذِّمَّة أَخذ مِنْهُم إِلَّا عشر وَاحِد كالأحرار لحُصُول الْمَنْفَعَة وَفِي الْجَوَاهِر لَوْ بَاعُوا فِي بَلَدٍ وَاشْتَرَوْا فِيهِ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُمْ إِلَّا عُشْرٌ وَاحِدٌ وَلَوْ بَاعُوا فِي أُفُقٍ ثُمَّ اشْتَرَوْا فِي آخَرَ بِالثَّمَنِ فعشران لتَعَدد النتفع فِيهِ وَهُوَ سَبَبُ الْعُشْرُ وَيُخَفَّفُ عَنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ فِيمَا حَمَلُوهُ إِلَى مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ مِنَ الزَّيْتِ وَالْحِنْطَةِ خَاصَّةً فَيُؤْخَذُ مِنْهُمْ نِصْفُ الْعُشْرِ لِأَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يَأْخُذُ الْعُشْرَ مِنَ الْقُطْنِيَّةِ وَنِصْفَ الْعُشْرِ مِنَ الْحِنْطَةِ وَالزَّيْتِ وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ الْعُشْرَ قِيَاسًا عَلَى غَيْرِهِمَا وَلِأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا كَانَ لِتَكْثِيرِ الْحَمْلِ إِلَيْهِمَا وَقَدِ اتَّسَعَ الْإِسْلَامُ وَإِذَا دَخَلَ الْحَرْبِيُّ بِأَمَانٍ مُطْلَقٍ أُخِذَ مِنْهُ الْعُشْرُ لَا يُزَادُ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ عِنْدَ الْعَقْدِ فَلَوْ نَزَلَ الذِّمِّيُّ بِالْخَمْرِ وَمَا يَحْرُمُ عَلَيْنَا قَالَ مَالِكٌ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْعُشْرُ بَعْدَ الْبَيْعِ فَإِنْ خِيفَ خِيَانَتُهُمْ جُعِلَ عَلَيْهِمْ أَمِينٌ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ ذَلِكَ إِذَا جَلَبُوهُ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ لَا لِأَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ الَّتِي لَا ذِمَّةَ فِيهَا

وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُرِيقُ الْوَالِي الْخَمْرَ وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ وَلَا يَجُوزُ إِنْزَالُهُمْ عَلَى بَقَاءِ ذَلِكَ تَنْبِيهٌ مَشْهُورُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِالْفُرُوعِ فَتَكُونُ مباشرتهم لذَلِك مُنْكرا تحب إِزَالَتُهُ وَتَفْسُدُ الْمُعَاوَضَةُ فِيهِ وَلَا يُنْقَلُ الثَّمَنُ عَنْ مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَيَتَّضِحُ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَيشكل قَول مَالك وَقَالَ إِذا انْتَقَلَ الذِّمِّيُّ مِنْ قُطْرٍ إِلَى قُطْرٍ كَمِصْرَ وَالشَّامِ فَأَوْطَنَ الثَّانِي ثُمَّ قَدِمَ بِتِجَارَةٍ لِلْأَوَّلِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ بِبَلَدِ عَقْدِ ذِمَّتِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ إِذَا رَجَعَ إِلَى الثَّانِي قَالَ أصْبع ذَلِكَ إِذَا لَمْ تُحَوَّلْ جِزْيَتُهُ فَلَوِ اشْتَرَى الذِّمِّيُّ وَأُخِذَ مِنْهُ الْعُشْرُ ثُمَّ اسْتُحِقَّ مَا بِيَدِهِ أورد بِالْعَيْبِ رَجَعَ بِالْعُشْرِ قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ وَإِذَا غَلَبَ عَلَى الذِّمِّيِّ دَيْنُ الْمُسْلِمِ قَالَ أَشْهَبُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الْعُشْرُ وَلَكِنْ لَا يُصَدَّقُ فِيهِ وَلَا يُسْقِطُ الْعُشْرُ دَيْنَ الذِّمِّيِّ قَالَ صَاحب الْبَيَان إِذا نزل الرّوم برقيق فصلحناهم عَلَى عُشْرِ مَا مَعَهُمْ مِنْهُ فَأَسْلَمَ الرَّقِيقُ أُخِذَ مِنْهُمْ مَا صُولِحُوا عَلَيْهِ وَلَهُمُ الرُّجُوعُ بِهِمْ وَفِي الْكِتَابِ لَيْسَ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ بِمَعْلُومٍ إِنَّمَا هُوَ مَا يُصَالَحُ عَلَيْهِ وَقَالَ فَضْلُ بْنُ مَسْلَمَةَ إِنْ كَانَتْ لَهُمْ عَادَةً حُمِلُوا عَلَيْهَا وَإِذَا نَزَلُوا وَلَمْ يَبِيعُوا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ مَا صُولِحُوا عَلَيْهِ بَاعُوا أَمْ لَا بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ لِانْتِفَاعِهِمْ بِالنُّزُولِ الَّذِي لَا يَسْتَحِقُّونَهُ وَالذِّمِّيُّ يَسْتَحِقُّ الْمَسْعَى فِي آفَاقِ الْإِسْلَامِ إِنَّمَا الْعُشْرُ عَلَيْهِ لِلِانْتِفَاعِ بِتَنْمِيَةِ الْمَالِ وَسوى ابْنُ نَافِعٍ الْبَحْثُ السَّادِسُ فِيمَا يَجِبُ عَلَيْنَا بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ فِي الْجَوَاهِرِ هُوَ وُجُوبُ الذَّبِّ عَنْهُمْ وَصِيَانَةُ أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَتَرْكُ كَنَائِسِهِمْ وَخُمُورِهِمْ وَخَنَازِيرِهِمْ فَإِنْ أَظْهَرُوا خمرًا أهرقناها وَإِلَّا فَيَضْمَنُهَا الْمُسْلِمُ وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ وَلَوْ غَصَبَهَا وَجَبَ رَدُّهَا وَيُؤَدَّبُ مَنْ أَظْهَرَ الْخِنْزِيرَ وَلَوْ بَاعَ الْأَسْقُفُ عَرْصَةً أَوْ حَانُوتًا مِنْ كَسبه جَازَ إِنْ كَانَ الْبَلَدُ صُلْحًا وَلَمْ يَجُزْ إِنْ كَانَ عَنْوَةً وَلَا يَجُوزُ فِي أَحْبَاسِهِمْ إِلَّا مَا يَجُوزُ فِي أَحْبَاسِنَا وَلَا يَحْكُمُ حَاكِمُ الْمُسْلِمِينَ فِي مَنْعِ بَيْعِ الْكَنَائِسِ وَلَا برده وَلَا يُعَاد

جِنْسهَا لِأَنَّ التَّصْحِيحَ خِلَافُ الشَّرْعِ وَالْإِبْطَالَ خِلَافُ الْعَقْدِ وَإِنِ اتَّفَقُوا فِي التَّحَاكُمِ إِلَيْنَا فَالْحَاكِمُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْحُكْمِ وَالتَّرْكِ وَقِيلَ لَا يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ إِلَّا بِرِضَا أَسَاقِفَتِهِمْ لِأَنَّهُ فَسَادٌ عَلَيْهِمْ وَمُسْتَنَدُ الْمَذْهَب قَوْله تَعَالَى {فَإِن جاؤك فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} الْمَائِدَة 42 وَمَتَى تَعَلَّقَتِ الْحُكُومَةُ بِمُسْلِمٍ وَجَبَ الْحُكْمُ تَغْلِيبًا لِلْإِسْلَامِ قَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ وَكَذَلِكَ مُخْتَلِفَا الْمِلَّةِ لِعَدَمِ اتِّحَادِ الْأَسَاقِفَةِ فَلَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنَ الآخر فيسقطون فَإِن ترافعوا إِلَيْنَا فِي التظالم حَكَمْنَا بَيْنَهُمْ عَلَى كُلِّ حَالٍ لِلُزُومٍ ذَلِكَ إِلَيْنَا بِالْإِسْلَامِ وَلَهُمْ بِالْعَقْدِ لِأَنَّهُ مِنَ الذَّبِّ عَنْهُمْ الْبَحْثُ السَّابِعُ فِيمَا يَلْزَمُهُمْ بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ النَّوْعُ الْأَوَّلُ الْكَنَائِسُ لَا يُمَكَّنُونَ مِنْ بِنَائِهَا فِي بَلَدٍ بَنَاهَا الْمُسْلِمُونَ أَوْ مَلَكُوهَا عَنْوَةً وَيَجِبُ نَقْضُ كَنَائِسِهَا فَإِنْ فُتِحَتْ صُلْحًا عَلَى أَنْ يَسْكُنُوهَا بِالْخَرَاجِ وَرِقَابُ الْأَبْنِيَةِ لِلْمُسْلِمِينَ وَشَرَطُوا إِبْقَاءَ كَنِيسَةٍ جَازَ وَإِنْ شَرَطُوا الدَّارَ لَهُمْ وَعَلَيْهِمْ خَرَاجٌ وَلَا تُنْقَضُ الْكَنَائِسُ فَذَلِكَ لَهُمْ ثُمَّ يُمْنَعُونَ مِنْ رَمِّهَا خِلَافًا لِ ش قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ شَرْطًا وَالْمُدْرَكُ أَنَّهَا مِنَ الْمُنْكَرَاتِ وَالْعَيْنُ الَّتِي تَنَاوَلَهَا الْعَقْدُ قَدِ انْهَدَمَتْ وَالْعَوْدُ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ الْعَقْدُ فَهُوَ مُنْكَرٌ تَجِبُ إِزَالَتُهُ وَيُمْنَعُونَ مِنَ الزِّيَادَةِ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ وَقِيلَ لَهُمُ الترميم لِأَنَّهُ من جملَة أغراضهم الملزمة كعصير الْخَمْرِ وَإِنِ اشْتَرَطَ أَهْلُ الصُّلْحِ إِحْدَاثَ كَنِيسَةٍ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ هَذَا الشَّرْطُ بَاطِلٌ إِلَّا فِي بَلَدِهِمُ الَّذِي لَا يَسْكُنُهُ الْمُسْلِمُونَ مَعَهُمْ فَهُوَ لَهُمْ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطُوهُ وَأَمَّا أَهْلُ الْعَنْوَةِ فَلَا يُمَكَّنُونَ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ كَانُوا مُعْتَزِلِينَ عَنْ بِلَادِنَا لِأَنَّ قَهْرَنَا لَهُمْ أَزَالَ ذَلِكَ وَالتَّمَكُّنَ مِنْهُ فَلَا نُعِيدُهُ وَلَا يُمْنَعُ أَهْلُ الصُّلْحِ مِنْ إِظْهَارِ الْخَمْرِ وَالنَّاقُوسِ وَنَحْوِهِ دَاخِلَ كَنَائِسِهِمْ وَيُمْنَعُونَ خَارِجَهَا وَمَنْ حَمَلَ الْخَمْرَ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَى قَرْيَتِهِمُ الَّتِي يَسْكُنُونَهَا مَعَ الْمُسْلِمِينَ مُنِعَ وَتُكْسَرُ الْخَمْرُ إِنْ ظَهَرْنَا عَلَيْهَا

وَإِنْ قَالُوا لَا نَبِيعُهَا مِنْ مُسْلِمٍ وَإِنْ أَظْهَرُوا نَاقُوسًا كَسَرْنَاهُ وَإِنْ وَجَدْنَا سَكْرَانًا أَدَّبْنَاهُ وَإِنْ أَظْهَرُوا صُلُبَهُمْ فِي عِيدٍ أَوِ اسْتِسْقَاءٍ كَسَرْنَاهَا وَأَدَّبْنَاهُمْ وَيُخْفُونَ أَصْوَاتَ نَوَاقِيسِهِمْ وَقِرَاءَتَهُمْ فِي كنائسهم النَّوْع الثَّانِي يمْنَعُونَ من ركون الْبِغَالِ وَالْخَيْلِ النَّفِيسَةِ دُونَ الْحَمِيرِ بِالْأُكُفِ عَرْضًا دُونَ السُّرُوجِ إِمَّا لِأَنَّهُ شَرْطٌ فِي الْعَقْدِ أَوْ لِأَنَّ الصَّغَارَ يَأْبَى ذَلِكَ النَّوْعُ الثَّالِثُ يُمْنَعُونَ مِنْ جَادَّةِ الطَّرِيقِ وَيُضْطَرُّونَ إِلَى الْمَضِيقِ إِذَا لَمْ يَكُنِ الطَّرِيقُ خَالِيًا لِمَا يُرْوَى عَنهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا تبدؤهم بِالسَّلَامِ والجؤهم إِلَى أَضْيَقِ الطَّرِيقِ وَلَا يَتَشَبَّهُونَ بِالْمُسْلِمِينَ فِي الزِّيِّ وَيُؤَدَّبُونَ عَلَى تَرْكِ الزَّنَانِيرِ لِأَنَّ اللُّبْسَ يُؤَدِّي إِلَى تَعْظِيمِهِمْ دُونَ تَعْظِيمِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يَدْخُلُونَ الْمَسَاجِدَ وَأَمَرَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَن يخْتم فِي رِقَاب رجال أهل الذِّمَّة بالرصاص ويظهرون مَنَاطِقَهُمْ وَيَجُزُّوا نَوَاصِيَهُمْ وَيَرْكَبُوا عَلَى الْأُكُفِ عَرْضًا وَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَمُّوهُمْ وَلَا تُكَنُّوهُمْ وَأَذِلُّوهُمْ وَلَا تَظْلِمُوهُمْ وَنَهَى أَنْ يُتَّخَذَ مِنْهُم كَاتبا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ} آل عمرَان 118 وَنَهَى عَنْهُ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَتَبَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ يُقَامُوا مِنَ الْأَسْوَاقِ وَقَالَهُ مَالِكٌ الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَا يُوجب نقض الْعَهْد وَمَا لَا يُوجب وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا أَظْهَرُوا مُعْتَقَدَهُمْ فِي الْمَسِيحِ أَو غَيره أدبناهم وَلَا ينْتَقض بِهِ الْعَهْد وَإِنَّمَا يَنْتَقِضُ بِالْقِتَالِ وَمَنْعِ الْجِزْيَةِ وَالتَّمَرُّدِ عَلَى الْأَحْكَامِ وإكراه الْمسلمَة على الزِّنَا فَإِنْ أَسْلَمَ لَمْ يُقْتَلْ لِأَنَّ قَتْلَهُ لِنَقْضِ الْعَهْدِ لَا لِلْحَدِّ وَكَذَلِكَ التَّطَلُّعُ إِلَى عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَّا قَطْعُ الطَّرِيقِ وَالْقَتْلُ الْمُوجِبُ لِلْقِصَاصِ فكحكم الْمُسلمين وتعرضهم لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَوْ لِغَيْرِهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ يُوجِبُ الْقَتْلَ إِلَّا أَنْ يُسْلِمَ وَرُوِيَ

يُوجَعُ أَدَبًا وَلَا يُتْرَكُ فَإِنْ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ قُبِلَ مِنْهُ وَأَمَّا الْمُسْلِمُ إِنْ كَذَبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عُزِّرَ أَوْ كَذَّبَهُ فَمُرْتَدٌّ وَإِنْ سَبَّ اللَّهَ تَعَالَى أَو رَسُوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَوْ غَيْرَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ السَّلَامُ قُتِلَ حَدًّا وَلَا تُسْقِطُهُ التَّوْبَةُ فَإِنَّ إِظْهَارَ ذَلِكَ مِنْهُ يَدُلُّ عَلَى سُوءِ بَاطِنِهِ فَيَكُونُ كَالزِّنْدِيقِ لَا تُعْلَمُ تَوْبَتُهُ وَقِيلَ هُوَ كَالْمُرْتَدِّ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ زَنَى بِالْمُسْلِمَةِ تَطَوُّعًا لَمْ يَنْتَقِضْ عَهْدُهُ عِنْدَ مَالِكٍ وَانْتَقَضَ عَهْدُهُ عِنْدَ رَبِيعَةَ وَابْنِ وَهْبٍ وَإِنْ غَرَّهَا بِأَنَّهُ مُسْلِمٌ فَتَزَوَّجَهَا فَهُوَ نَقْضٌ عِنْدَ ابْنِ نَافِعٍ وَإِنْ عَلِمَتْ بِهِ لَمْ يَكُنْ نَقْضًا وَإِنْ طَاوَعَتْهُ الْأَمَةُ لَمْ يَكُنْ نَقْضًا وَإِنِ اغْتَصَبَهَا قَالَ مُحَمَّدٌ لَيْسَ بِنَقْضٍ وَفِيهِ خِلَافٌ قَالَ فَإِنْ عُوهِدَ على انه مَتى بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ نَقْضٌ انْتَقَضَ عَهْدُهُ بِذَلِكَ وَإِنْ عُوهِدَ عَلَى أَنَّهُ يُضْرَبُ وَيُتْرَكُ فَهُوَ كَذَلِكَ وَفَاءً بِالْعَهْدِ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ فِي مَرَاتِبِ الْإِجْمَاعِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي نَقْضِ عَهْدِ الذِّمِّيِّ وَقَتْلِهِ وَسَبْيِ أَهْلِهِ وَمَالِهِ إِذَا أَخَلَّ بِوَاحِدٍ مِمَّا نَذْكُرُهُ وَهُوَ إِعْطَاءُ أَرْبَعَةِ مَثَاقِيلَ ذَهَبًا فِي انْقِضَاءِ كُلِّ عَامٍ قَمَرِيٍّ صرف كل دِينَار أثنا عشر درهما وَإِن لَا يُحْدِثُوا كَنِيسَةً وَلَا بِيعَةً وَلَا دَيْرًا وَلَا صَوْمَعَةً وَلَا يُجَدِّدُوا مَا خَرِبَ مِنْهَا وَلَا يَمْنَعُوا الْمُسْلِمِينَ مِنَ النُّزُولِ فِي كَنَائِسِهِمْ وَبِيَعِهِمْ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا وَيُوَسِّعُوا أَبْوَابَهَا لِلنَّازِلِينَ وَيُضَيِّفُوا من مر بهم من الْمُسلمين ثَلَاثًا وَإِن لَا يأووا جَاسُوسًا وَلَا يَكْتُمُوا غِشًّا لِلْمُسْلِمِينَ وَلَا يُعَلِّمُوا أَوْلَادهم الْقُرْآن وَلَا يمْنَعُونَ الدُّخُول فِي الْإِسْلَام ويوتروا الْمُسلمين ويقوموا لَهُم من الْمَجَالِسِ وَلَا يَتَشَبَّهُوا بِهِمْ فِي شَيْءٍ مِنْ لِبَاسِهِمْ وَلَا فَرْقِ شَعَرِهِمْ وَلَا يَتَكَلَّمُوا بِكَلَامِهِمْ وَلَا يَتَكَنَّوْا بِكُنَاهُمْ وَلَا يَرْكَبُوا السُّرُوجَ وَلَا يَتَقَلَّدُوا شَيْئًا مِنَ السِّلَاحِ وَلَا يَحْمِلُوهُ مَعَ أنفسهم وَلَا يتخذوه وَلَا ينقشوا فِي خواتمهم بِالْعَرَبِيَّةِ وَلَا يبيعون الْخمر ويجزون مقادم

رُؤْسهمْ ويشدون الزنانير وَلَا يظهرون الصَّلِيب وَلَا يجاورون الْمُسلمين بموتاهم وَلَا يظهرون فِي طَرِيق الْمُسلمين نَجَاسَة ويخفون النواقيس وأصواتهم وَلَا يظهرون شَيْئا من شعائرهم وَلَا يتخذون مِنَ الرَّقِيقِ مَا جَرَتْ عَلَيْهِ سِهَامُ الْمُسْلِمِينَ ويرشدون الْمُسلمين وَلَا يطلعون عَلَيْهِم عدوا وَلَا يعْرفُونَ مُسلما شَيْئا من كفرهم وَلَا يَسُبُّوا أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَأَحْرَى الْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِم السَّلَام وَلَا يظهرون خَمْرًا وَلَا نِكَاحَ ذَاتِ مَحْرَمٍ وَأَنْ يُسَكِّنُوا الْمُسْلِمِينَ بَيْنَهُمْ فَمَتَى أَخَلُّوا بِوَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ اخْتُلِفَ فِي نَقْضِ عَهْدِهِمْ وَقَتْلِهِمْ وَسَبْيِهِمْ تَمْهِيدٌ هَذِهِ الْقُيُودُ إِمَّا أَنْ تَكُونَ اشْتُرِطَتْ عِنْدَ الْعَقْدِ أَوِ اسْتُفِيدَتْ مِنْ قَوْله تَعَالَى {وَهُمْ صاغرون} وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَقَدْ يَسْبِقُ إِلَى خَاطِرِ الْفَقِيهِ أَنَّ نَقْضَ الْعَهْدِ بِوَاحِدٍ مِنْهَا مُتَّجِهٌ وَأَنَّ مَذْهَبَ الْجُمْهُورِ عَلَى خِلَافِ الدَّلِيلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَكَشْفُ الْحِجَابِ عَنِ الْحَقِّ فِي الْمَسْأَلَةِ أَنْ نَقُولَ عَقْدُ الْجِزْيَةِ عَاصِمٌ لِلدِّمَاءِ كَالْإِسْلَامِ وَقَدْ أَلْزَمَ اللَّهُ تَعَالَى الْمُسْلِمَ سَائِرَ التَّكَالِيفِ فِي عَقْدِ إِسْلَامِهِ كَمَا أَلْزَمْنَا الذِّمِّيَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ فِي عَقْدِ أَمَانِهِ فَكَمَا انْقَسَمَ رَفْضُ التَّكْلِيفِ فِي الْإِسْلَامِ إِلَى مَا يُنَافِي الْإِسْلَامَ وَيُبِيحُ الدِّمَاءَ وَالْأَمْوَالَ كَرَمْيِ الْمُصْحَفِ فِي الْقَاذُورَاتِ وَانْتِهَاكِ حُرْمَةِ النُّبُوَّاتِ وَإِلَى مَا لَيْسَ بِمُنَافٍ لِلْإِسْلَامِ وَهُوَ ضَرْبَانِ كَبَائِرُ تُوجِبُ التَّغْلِيظَ بِالْعُقُوبَةِ وَرَدِّ الشَّهَادَةِ وَسَلْبِ أَهْلِيَّةِ الْوِلَايَةِ وَصَغَائِرُ تُوجِبُ التَّأْدِيبَ دُونَ التَّغْلِيظِ فَكَذَلِكَ عَقْدُ الْجِزْيَةِ تَنْقَسِمُ شُرُوطُهُ إِلَى مَا يُنَافِيهِ كَالْقِتَالِ وَالْخُرُوجِ عَنْ أَحْكَامِ السُّلْطَانِ فَإِنَّ ذَلِكَ مُنَافٍ لِلْأَمَانِ وَالتَّأْمِينِ وَهُمَا مَقْصُودُ الْعَقْدِ وَإِلَى مَا لَيْسَ بِمُنَافٍ لِلْأَمَانِ وَالتَّأْمِينِ وَهُوَ عَظِيمُ الْمَفْسَدَةِ فَهُوَ كَالْكَبِيرَةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْإِسْلَامِ كَالْحِرَابَةِ وَالسَّرِقَةِ وَإِلَى مَا هُوَ كَالصَّغِيرَةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْإِسْلَامِ كَسَبِّ الْمُسْلِمِ وَإِظْهَارِ التَّرَفُّعِ عَلَيْهِ فَكَمَا أَنَّ هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ لَا يَنْفِيَانِ الْإِسْلَامَ وَلَا يُبْطِلَانِ

عصمته للدماء وَالْأَمْوَال فَكَذَلِك لَا يبطلان عصمَة عقد الْجِزْيَة وَلَا يبطلانه لعدم منافاتها لَهُ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّهُ لَا يُبْطِلُ عَقْدًا مِنَ الْعُقُود إِلَّا مَا يُنَافِي مَقْصُوده فَكَذَلِك هَا هُنَا فَبِهَذَا التَّقْدِيرِ يَظْهَرُ إِشْكَالٌ فِي إِكْرَاهِ الْمُسْلِمَةِ على الزِّنَا وَجعله نَاقِصا بَلْ إِلْحَاقُهُ بِالْحِرَابَةِ مُتَّجِهٌ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِعُمُومِ مَفْسَدَةِ الْحِرَابَةِ فِي النُّفُوسِ وَالْأَبْضَاعِ وَالْأَمْوَالِ وَعَدَمِ اخْتِصَاصِ ذَلِكَ بِوَاحِدٍ مِنَ النَّاسِ فَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ تَخْرُجُ مَسَائِلُ هَذَا الْبَابِ وَفِي الْكِتَابِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِذَا تَلَصَّصَ الذِّمِّيُّ فَقَتَلَ وَأَخَافَ السَّبِيلَ فَهُوَ كَالْمُحَارِبِ الْمُسْلِمِ فِي حُكْمِهِ فَإِنْ خَرَجُوا نَقْضًا لِلْعَهْدِ وَامْتَنَعُوا فِي غَيْرِ ظلم وَالْإِمَام عَادل فهم فَيْء كَمَا فعل عَمْرو بن الْعَاصِ بالإسكندرية لما عصب عَلَيْهِ بعد الْفَتْح قَالَ التّونسِيّ لم يَجْعَل الْقَتْلُ فِي الْحِرَابَةِ نَقْضًا وَهُوَ يَقُولُ غَصْبُ الْمسلمَة على الوطئ نَقْضٌ وَهُوَ مُشْكِلٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَهْدُ اقْتَضَاهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ كَانَ لِظُلْمٍ رُدُّوا إِلَى ذِمَّتِهِمْ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ حِرَابَةُ الذِّمِّيِّ نَقْضٌ لِلْعَهْدِ وَلَا يُؤْخَذُ وَلَدُهُ لِبَقَاءِ الْعَهْدِ فِي حَقِّهِ بِخِلَافِ مَالِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِنَ الْحِرَابَةِ لِأَنَّهُ فِي ذِمَّتِهِ وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ إِنْ كَانَ مَنْ ظلم فَهُوَ نقض لأَنهم لم يعاهدوا أَنْ يَظْلِمُوا مَنْ ظَلَمَهُمْ وَرُوِيَ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أُخْبِرَ أَنَّ ذِمِّيًّا نَخَسَ بَغْلًا عَلَيْهِ مُسْلِمَة فَوَقَعَتْ فَانْكَشَفَتْ عَوْرَتُهَا فَأَمَرَ بِصَلْبِهِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَقَالَ إِنَّمَا عَاهَدْنَاهُمْ عَلَى إِعْطَاءِ الْجِزْيَةِ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ وَأَن يَهُودِيًّا دَهَنَ نَاقَتَهُ وَعَلَيْهَا امْرَأَةٌ فَوَقَعَتْ فَانْكَشَفَتْ فَقَتَلَهُ ابْنُهَا فَأَهْدَرَ دَمَهُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا غَصَبَ مُسْلَمَةً فَلَهَا الصَّدَاقُ مِنْ مَالِهِ وَالْوَلَدُ عَلَى دِينِ أُمِّهِ وَلَوْ أَسْلَمَ لَمْ يُقْتَلْ وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نَقْضُ عَهْدِهِ بِذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا حَارَبت الذِّمَّةُ وَظُفِرَ بِهِمْ وَالْإِمَامُ عَدْلٌ قُتِلُوا وَسُبِيَ نِسَاؤُهُم وَلَا يعرض لِمَنْ يُظَنُّ أَنَّهُ مَغْلُوبٌ مَعَهُمْ كَالشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَالضَّعِيفِ وَلَوْ ذَهَبُوا لِبَلَدِ الْحَرْبِ نَقْضًا لِلْعَهْدِ وَتركُوا أَوْلَادهم لم يسبوا بِخِلَاف إِذَا ذَهَبُوا بِهِمْ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِظُلْمٍ أَصَابَهُمْ إِلَّا أَنْ يُعِينُوا عَلَيْنَا الْمُشْرِكِينَ فَهُمْ كَالْمُحَارِبِينَ وَقَالَ أَيْضًا

إِذَا حَارَبُوا وَالْإِمَامُ عَدْلٌ اسْتَحَلَّ سَبْيَهُمْ وَذَرَارِيَّهُمْ إِلَّا مَنْ يُظَنُّ أَنَّهُ مَغْلُوبٌ كَالضُّعَفَاءِ، وَلَمْ يَسْتَثْنِ أَصْبَغُ وَأَلْحَقَ الضُّعَفَاءَ بِالْأَقْوِيَاءِ فِي النَّقْصِ كَمَا اندرجوا مَعَه فِي الْعَقْدِ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَبَى ذَرَارِيَّ قُرَيْظَةَ وَنِسَاءَهُمْ بَعْدَ النَّقْصِ كَمَا انْدَرَجُوا بِالْعَهْدِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا اسْتَوْلَى الْعَدو على مَدِينَة للْمُسلمين فِيهَا ذمَّة فغزونا مَعَهُمْ وَاعْتَذَرُوا بِالْقَهْرِ الَّذِي لَا يُعْلَمُ إِلَّا بِقَوْلِهِمْ فَمَنْ قَتَلَ مِنْهُمْ مُسْلِمًا قُتِلَ وَإِلَّا أطيل سجنه وَإِذَا نَقَضُوا الْعَهْدَ وَقَدْ سَرَقُوا أَمْوَالًا وَعَبِيدًا ثُمَّ صَالَحُونَا عَلَى الْعَوْدِ لِلذِّمَّةِ فَإِنْ لَمْ يُطَّلَعْ عَلَى السَّرِقَةِ إِلَّا بَعْدَ الصُّلْحِ خَيَّرَهُمُ الإِمَام بَين ردهَا وَبَين عودهم إِلَى الْجِزْيَةِ وَإِنِ اشْتَرَطُوهَا فَلَا كَلَامَ لَهُ وَكَذَلِكَ مَا أَخَذُوهُ فِي الْحِرَابَةِ بَعْدَ النَّقْصِ قَالَ الْمَازرِيّ وينتقض الْعَهْد إِذا صَار علينا للحربيين

(الباب الثاني عشر في المسابقة والرمي)

(الْبَاب الثَّانِي عشر فِي الْمُسَابقَة وَالرَّمْي) وَفِيهِ فَصْلَانِ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْمُسَابَقَةِ وَفِي التِّرْمِذِيِّ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا سَبَقَ إِلَّا فِي نَصْلٍ أَوْ خُفٍّ أَو حافر وَقَالَ الله تَعَالَى {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} الْأَنْفَال 60 وَالسَّبْقُ بِسُكُونِ الْبَاءِ الْفِعْلُ وَبِفَتْحِهَا مَا يَجْعَل للسابق وَفِي مُسلم سَابق - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْخَيْلِ الَّتِي قَدْ أُضْمِرَتْ مِنَ الْحَفْيَاءِ وَكَانَ آخِرُهَا ثَنِيَّةَ الْوَدَاعِ وَسَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِي لَمْ تُضْمَرُ مِنَ الثَّنِيَّةِ إِلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْق وَفِي الْبُخَارِيِّ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْ أَدْخَلَ فَرَسًا بَيْنَ فَرَسَيْنِ وَهُوَ لَا يَأْمَنُ مِنْ أَنْ يُسْبَقَ فَلَيْسَ قِمَارًا وَمَنْ أَدْخَلَ فَرَسًا بَيْنَ فَرَسَيْنِ وَقَدْ أَمِنَ أَنْ يُسْبَقَ فَهُوَ قِمَارٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ لَا بَأْسَ بِرِهَانِ الْخَيْلِ إِذَا كَانَ فِيهَا مُحَلِّلٌ يُخْرِجُ هَذَا سَبَقًا وَهَذَا سبقا

وَيَدْخُلُ بَيْنَهُمَا ثَالِثٌ لَا يُخْرِجُ شَيْئًا فَإِنْ سَبَقَ الْمُحَلِّلُ أَخَذَ وَإِنْ سُبِقَ لَمْ يَأْخُذْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِذَا سَبَقَ أَخَذَ سبق الرجلَيْن وَإِن لَمْ يَسْبِقْ هُوَ وَسَبَقَ أَحَدُهُمَا أَخَذَ سَبَقَ صَاحِبِهِ وَلَا شَيْءَ لِلْمُحَلِّلِ وَهَذَا لَا يَقُولُهُ مَالك وَإِنَّمَا يجوز عِنْدَهُ أَنْ يَجْعَلَ الرَّجُلُ سَبَقَهُ خَارِجًا بِكُلِّ حَالٍ فَإِنْ تَسَابَقَ رَجُلَانِ وَجَعَلَ ثَالِثٌ سَبَقًا لِلْخَارِجِ مِنْهُمَا فَإِنْ سَبَقَ هُوَ كَانَ السَّبَقُ لِلْمُصَلِّي وَإِنْ كَانَتْ خَيْلًا كَثِيرَةً وَكَذَلِكَ الرَّمْيُ وَيَجُوزُ عَمَلُ سُرَادِقَ مَنْ دَخَلَهُ أَوَّلًا سَبَقَ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْمُسَابَقَةُ عَقْدٌ لَازِمٌ يُشْتَرَطُ فِي عِوَضِهِ مَا يُشْتَرَطُ فِي عِوَضِهِ وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِهِ اسْتِوَاؤُهُ مِنَ الْجَانِبَيْنِ وَلَهُ ثَلَاثُ صُوَرٍ الْأُولَى أَنْ يَجْعَلَ الْوَالِي أَوْ غَيْرُهُ مُحَلِّلًا للسابق وَالثَّانيَِة أَن يُخرجهُ أحد المسابقين وَالثَّالِث أَنْ يُخْرِجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَيْئًا مَنْ سَبَقَ أَخْذَهُمَا فَلَا يُخْتَلَفُ فِي إِبَاحَةِ الْأُولَى وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَإِنْ كَانَ الْمُخْرِجُ لَا يَعُودُ إِلَيْهِ الْمُخْرَجُ بَلْ إِنْ سَبَقَ أَخَذَهُ السَّابِقُ أَوْ سَبَقَ كَانَ لِمَنْ يَلِيهِ أَوْ لِمَنْ حَضَرَ إِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمَا غَيْرُهُمَا فَجَائِزٌ قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرٍ هَذَا عَلَى قَوْلِهِ الْمَشْهُورِ إِنَّ السَّبَقَ لَا يَعُودُ وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ إِنَّ السَّبَقَ لِمَنْ سَبَقَ مِنْ مُخْرِجِهِ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْهُ لَا يَكُونُ طُعْمَةً لِمَنْ حَضَرَ بَلْ لِلسَّابِقِ وَلَوْ شَرَطَهُ طُعْمَةً لِمَنْ حَضَرَ لَمْ يَجُزْ عِنْدَ مُعْظَمِ الْعُلَمَاءِ وَإِنْ شَرَطَ رُجُوعَهُ إِلَى مُخْرِجِهِ إِنْ سَبَقَ فَرُوِيَتِ الْكَرَاهَةُ وَأَخَذَ بِهَا ابْنُ الْقَاسِمِ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ الْجَوَازَ وَأَمَّا الثَّالِثَةُ إِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمَا غَيْرُهُمَا فَلَا يَجُوزُ قَوْلًا وَاحِدًا فَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا مَنْ لَا يأمنان أَن يسبقهما يغرم إِن سبق وَلَا يغرم إِن سبق وَالْمَشْهُور عَنْ مَالِكٍ الْمَنْعُ وَرُوِيَ الْجَوَازُ وَيُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْغَايَةِ وَالْمَوْقِفُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ عَادَةً فتتعين وَيتَعَيَّن الْخَيْلُ دُونَ مَعْرِفَةِ جَرْيِهَا وَرَاكِبِهَا وَكَرِهَ مَالِكٌ حَمْلَ الصِّبْيَانِ عَلَيْهَا خَشْيَةَ الْعَطَبِ قَالَ صَاحِبُ الْإِكْمَال يشْتَرط أَنْ تَكُونَ الْخَيْلُ مُتَقَارِبَةَ الْحَالِ وَفِي الْجَوَاهِرِ وَلَا تجوز السَّابِقَة بِالْعِوَضِ إِلَّا فِي الْخَيل أَو الركاب أَو فِي الْخَيْلِ وَالرِّكَابِ وَتَجُوزُ بِالْعَرَضِ بِغَيْرِ عِوَضٍ فِي غير

ذَلِكَ مِمَّا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي نِكَايَةِ الْعَدُوِّ وَنَفْعِ الْمُسْلِمِينَ كَالسُّفُنِ وَالطَّيْرِ لِتَوْصِيلِ الْأَخْبَارِ وَأَمَّا طَلَبُ الْمُغَالَبَةِ فَلَا يَجُوزُ وَتَجُوزُ الْمُسَابَقَةُ عَلَى الْأَقْدَامِ وَفِي رَمْيِ الْحِجَارَةِ وَيَجُوزُ الصِّرَاعُ لِقَصْدِ الرِّيَاضَةِ لِلْحَرْبِ بِغَيْرِ عِوَضٍ قَاعِدَةٌ لَا يَجْتَمِعُ فِي الشَّرْع العوضا فِي بَابِ الْمُعَاوَضَةِ لِشَخْصٍ وَاحِدٍ وَلِذَلِكَ مَنَعْنَا الْإِجَارَةَ عَلَى الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا لِحُصُولِهَا مَعَ عِوَضِهَا لِفَاعِلِهَا وَحِكْمَةُ الْمُعَاوَضَةِ انْتِفَاعُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ المتعارضين بِمَا بُذِلَ لَهُ وَالسَّابِقُ لَهُ أَجْرُ التَّسَبُّبِ إِلَى الْجِهَادِ فَلَا يَأْخُذُ السَّبَقَ تَنْبِيهٌ الْمُسَابَقَةُ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ ثَلَاثِ قَوَاعِدَ الْقِمَارُ وَتَعْذِيبُ الْحَيَوَانِ لِغَيْرِ مَأْكَلَةٍ وَحُصُولُ الْعِوَضِ وَالْمُعَوَّضُ لِشَخْصٍ وَاحِدٍ عَلَى الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ وَاسْتُثْنِيَت مِنْ هَذِهِ الْقَوَاعِدِ لِمَصْلَحَةِ الْجِهَادِ فَائِدَةٌ أَسْمَاءُ الْخَيْلِ فِي حَلَبَةِ السِّبَاقِ عَشَرَةٌ يَجْمَعُهَا قَوْلُ الشَّاعِرِ (أَتَانِي الْمُجَلِّي وَالْمُصَلِّي وَبَعْدَهُ ... الْمُسَلِّي وَقَالَ بَعْدَهُ عَاطِفٌ يَسْرِي) (ومرتاحها ثمَّ الحضي ومتوسل ... وَجَاء اللطيم والسكيت لَهُ يبري) فالمجلي أَولهَا وَالْمُصَلي الثَّانِي لكَونه عِنْد صلى فرس الأول ثمَّ هِيَ مرتبَة كَذَلِك إِلَى آخرهَا الْفَصْل الثَّانِي فِي الرَّمْي وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ كَالسَّبَقِ فِيمَا يَجُوزُ وَيَمْتَنِعُ وَيُشْتَرَطُ فِيهِ رَشْقٌ مَعْلُومٌ وَإِصَابَةٌ مُعَيَّنَةٌ وَسَبَقٌ إِلَى عَدَدٍ مَخْصُوصٍ أَوْ لَا يُحْسَبُ لِأَحَدِهِمَا إِلَّا مَا أَصَابَ فِي الدَّائِرَةِ وَيُحْسَبُ لِلْآخَرِ مَا أَصَابَ فِي الْجِلْدِ كُلِّهِ فَجَمِيعُ ذَلِكَ صَحِيحٌ لَازِمٌ وَيَخْتَصُّ بِالرَّمْيِ عَنِ الْقَوْسِ دُونَ غَيْرِهِ وَلَوْ عَرَضَ لِلسَّهْمِ نَكْبَةٌ مِنْ بَهِيمَةٍ عَرَضَتْ أَوِ انْكَسَرَ السَّهْمُ أَوِ الْقَوْسُ لَا يَكُونُ بِذَلِكَ مَسْبُوقًا بِخِلَافِ الْفَارِسِ يَسْقُطُ عَنْ فَرَسِهِ أَوْ يَسْقُطُ الْفَرَسُ فَيَنْكَسِرُ فَإِنْ كَانَ السَّبَقُ بَيْنَ جَمَاعَةٍ خَرَجَ هَذَا وَخَرَجَ هَذَا وَإِنْ كَانَ بَيْنَ اثْنَيْنِ قَالَ مُحَمَّدٌ الَّذِي رَأَى أَهْلُ الْخَيْلِ أَنَّ الْوَاصِلَ إِلَى الْغَايَةِ سَابِقٌ وَأَنْكَرَهُ وَاخْتَارُ أَنَّ مَا كَانَ مِنْ قبل الْفَارِس من تَضْييع

الشوط وَانْقِطَاع اللجام وخرق الْفَرَسِ فَلَا يُعْذَرُ بِهِ وَكَذَلِكَ إِنْ نَفَرَ مِنَ السُّرَادِقِ فَلَمْ يَدْخُلْهُ وَدَخَلَ الْآخَرُ سَبَقَ الْمُمْتَنِعُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا لَو نزع شوطه أَوْ ضَرَبَ وَجْهَ فَرَسِهِ لَمْ يَكُنْ مَسْبُوقًا وَعُذِرَ بِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَلَا بَأْسَ بِالرَّمْيِ عَلَى أَنْ يُعْتِقَ عَنْهُ عَبْدًا أَوْ يُعْتِقَ هُوَ عَنْ نَفْسِهِ وَعَلَى أَنْ يَعْمَلَ لَهُ عملا مَعْرُوفا وَالله أعلم تمّ كتاب الْجِهَاد وَبِه تمّ الْجُزْء الثَّالِث من الذَّخِيرَة يَلِيهِ الْجُزْء الرَّابِع أَوله كتاب الْإِيمَان

- كتاب الإيمان

1 - بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم 2 - كتاب الْإِيمَان وَالْيَمِينُ فِي اللُّغَةِ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْيَمِينِ الَّذِي هُوَ الْعُضْوُ لِأَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا حَلَفُوا وَضَعَ أَحَدُهُمْ يَمِينَهُ فِي يَمِينِ صَاحِبِهِ فَسُمِّيَ الْحَلِفُ يَمِينًا لِذَلِكَ وَقِيلَ الْيَمِينُ الْقُوَّةُ وَسُمِّيَ الْعُضْوُ يميتا لِوُفُورِ قُوَّتِهِ عَلَى الْيَسَارِ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ} الحاقة 45 أَيْ بِالْقُوَّةِ وَلَمَّا كَانَ الْحَلِفُ يُقَوِّي الْخَبَرَ عَنِ الْوُجُودِ أَوِ الْعَدَمِ سُمِّيَ يَمِينًا فَعَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ يَكُونُ الْتِزَامُ الطَّلَاقِ أَوِ الْعَتَاقِ وَغَيْرِهِمَا عَلَى تَقْدِيرِ الْمُخَالَفَةِ يَمِينًا بِخِلَافِ التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ هُوَ رَبْطُ الْعَقْدِ بِالِامْتِنَاعِ أَوِ التَّرْكِ أَوْ بِالْإِقْدَامِ عَلَى فِعْلٍ بِمَعْنًى مُعْظَّمٍ حَقِيقَةً أَوِ اعْتِقَادًا وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَسْئِلَةٌ أَحَدُهَا أَنَّ جَمِيعَ مَا ذَكَرَهُ يُتَصَوَّرُ بِغَيْرِ لَفْظٍ وَالْعَرَبُ لَا تُسَمِّي السَّاكِتَ حَالِفًا وَثَانِيهَا أَنَّ الْيَمِينَ قَدْ تَكُونُ عَلَى خِلَافِ الْمُعْتَقَدِ كَمَا فِي الْغَمُوسِ وَثَالِثُهَا أَنَّ الْيَمِينَ قَدْ تَكُونُ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ أَوْ تَرْكِهِ فَلَا يَكُونُ فِيهَا إِقْدَامٌ وَلَا إِحْجَامٌ وَالْحَقُّ أَنْ يُقَالَ هُوَ جُمْلَةٌ خَبَرِيَّةٌ وَضْعًا إِنْشَائِيَّةٌ بِمَعْنى مُتَعَلقَة بمنى مُعْظَّمٍ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِ مُؤَكَّدَةً بِجُمْلَةٍ أُخْرَى مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا فَقَوْلُنَا خَبَرِيَّةٌ لِأَنَّ ذَلِكَ صِيغَتُهَا وَقَوْلنَا إنشائية لِأَنَّهَا لَا تجمل التَّصْدِيقَ وَالتَّكْذِيبَ فَهِيَ نَحْوُ بِعْتُ وَاشْتَرَيْتُ وَأَنْتَ حُرٌّ وَأَنْتِ طَالِقٌ وَقَوْلُنَا مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا احْتِرَازًا مِنْ تَكْرِيرِ الْقَسَمِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يُسَمَّى حَالِفًا إِلَّا إِذَا ذَكَرَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ وَبَقِيَّةُ الْقُيُودِ ظَاهِرَةٌ وَقَدْ خَصَّصَ الشَّرْعُ هَذَا الْمَعْنَى فِي بَعْضِ مَوَارِدِهِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمُعَظَّمُ ذَاتَ اللَّهِ أَوْ صِفَاتِهِ الْعُلَى كَمَا صَنَعَ فِي الصَّلَاةِ وَالصَّوْم وَغَيرهمَا وَفِي الْكتاب سِتَّة أَبْوَاب

- الباب الأول في حكمه

1 - الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي حُكْمِهِ وَفِي الْمُقْدِّمَاتِ هُوَ مُبَاحٌ فِي الْحَلِفِ بِاللَّهِ تَعَالَى وَبِأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى وَصِفَاتِهِ الْعُلَى وَمُحَرَّمٌ وَهُوَ الْحَلِفُ بِاللَّاةِ وَالْعُزَّى وَمَا يعبد من دون الله تَعَالَى لِأَن الْحَلِفَ تَعْظِيمٌ وَتَعْظِيمُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ كُفْرٌ وَمَكْرُوهٌ وَهُوَ الْحَلِفُ بِمَا عَدَا ذَلِكَ وَقَالَهُ ش لِمَا فِي مُسْلِمٍ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّ الله تَعَالَى يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ فَمَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ وَهُوَ يَنْقَسِمُ إِلَى مَا يَلْزَمُ كَالْعَتَاقِ وَالطَّلَاقِ وَإِلَى مَا لَا يَلْزَمُ كَالْتِزَامِ شُرْبِ الْخَمْرِ وَنَحْوِهِ وَالْحَلِفُ بِالرَّسُولِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوِ الْكَعْبَةِ أَوِ الْمَشْيِ إِلَى السُّوقِ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْحَلِفُ بِالْمَخْلُوقَاتِ كَالنَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَالْكَعْبَةِ مَمْنُوعٌ فَمَنْ فَعَلَ فَلْيَسْتَغْفِرِ اللَّهَ تَعَالَى وَاخْتُلِفَ فِي جَوَازِ الْحَلِفِ بِصِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى كَالْقُدْرَةِ فَالْمَشْهُورُ الْجَوَازُ وَلُزُومُ الْكَفَّارَةِ، وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ، وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ: الْكَرَاهَةُ فِي: لَعَمْرُ الله وَأَمَانَة الله وان احْلِف بالقران والمصحف لَيْسَ بِيَمِين والاكفارة فِيهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ: لَا يَجُوزُ الْحَلِفُ بِصِفَاتِهِ الْفِعْلِيَّةِ كَالرِّزْقِ وَالْخَلْقِ وَلَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلَّخْمِيِّ دُونَ الْمُقَدِّمَاتِ وَيَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْحَلِفِ بِالصِّفَاتِ الْقَدِيمَةِ مَا فِي الْبُخَارِيِّ أَنَّ أَيُّوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ بَلَى وَعِزَّتِكَ وَلَكِنْ لَا غِنَى لِي عَنْ بَرَكَتِكَ

سُؤَالٌ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي حَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ السَّائِلِ عَمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ أَفْلَحَ وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ فَقَدْ حَلَفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِمَخْلُوقٍ وَجَوَابُهُ إِمَّا مَنْعُ الصِّحَّةِ فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ فِي الْمُوَطَّأِ أَوْ بِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ بِالْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ وَإِمَّا بِأَنَّ هَذَا خَرَجَ مَخْرَجَ تَوْطِئَةِ الْكَلَامِ لَا الْحَلِفَ نَحْوَ قَوْلهم قَاتله الله مَا أكْرمه وَقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِعَائِشَةَ تَرِبَتْ يَدَاكِ وَمِنْ أَيْنَ يَكُونُ الشَّبَهُ خَرَجَ عَنِ الدُّعَاءِ إِلَى تَوْطِئَةِ الْكَلَامِ قَاعِدَةٌ تَوْحِيدُ اللَّهِ تَعَالَى بِالتَّعْظِيمِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ وَاجِبٌ إِجْمَاعًا كَتَوْحِيدِهِ بِالْعِبَادَةِ وَالْخَلْقِ وَالْإِرْزَاقِ فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ أَنْ لَا يُشْرِكَ مَعَهُ تَعَالَى غَيْرَهُ فِي ذَلِكَ وَمَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ إِجْمَاعًا كَتَوْحِيدِهِ بِالْوُجُودِ وَالْعِلْمِ وَنَحْوِهِمَا فَيجوز أَن يُوصف غَيره بِذَلِكَ إِجْمَاعًا وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ كَالْحَلِفِ بِاللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّهُ تَعْظِيمٌ لَهُ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُشْرَكَ مَعَهُ غَيْرُهُ فِيهِ أَمْ لَا وَإِذَا قُلْنَا بِالْمَنْعِ فَهَلْ يَمْتَنِعُ أَنْ يُقْسَمَ على الله تَعَالَى بِبَعْض مخلوقاته فَإِن لقسم بِهَا تَعْظِيمٌ لَهَا نَحْوَ قَوْلِنَا بِحَقِّ مُحَمَّدٍ اغْفِرْ لَنَا وَنَحْوِهِ وَقَدْ حَصَلَ فِيهِ تَوَقُّفٌ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ وَرُجِّحَ عِنْدَهُ التَّسْوِيَةُ وَلَا يُشْكِلُ عَلَى الْقَوْلِ بِالْمَنْعِ حَلِفُهُ تَعَالَى بِالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَالسَّمَاءِ وَالشَّمْسِ وَغَيْرِ ذَلِكَ لِأَنَّ مِنَ الْعلمَاء من قَالَ تَقْدِيره أقسم بهَا لينَة عِبَادَهُ عَلَى عَظَمَتِهَا عِنْدَهُ فَيُعَظِّمُونَهَا وَلَا يَلْزَمُ مِنَ الْحَجْرِ عَلَيْنَا الْحَجْرُ عَلَيْهِ بَلْ هُوَ الْمَالِكُ عَلَى الْإِطْلَاقِ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَيَحْكُمُ مَا يُرِيد

- الباب الثاني في الموجب لكفارة

1 - الْبَاب الثَّانِي فِي الْمُوجب لكفارة وَفِيهِ فَصْلَانِ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ أَمَّا الصَّرِيحُ الَّذِي يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ بِنُطْقِهِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إِلَى نِيَّةٍ فَفِي الْكِتَابِ الْحَلِفُ بِجَمِيعِ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ نَحْو الْعَزِيز اللَّطِيف أَو عزة اللَّهِ وَأَمَانَتِهِ وَلَعَمْرُ اللَّهِ وَعَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ أَوْ ذِمَّتُهُ أَوْ كَفَالَتُهُ أَوْ مِيثَاقُهُ وَقَالَهُ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ش الْعَهْدُ وَالْكَفَالَةُ وَالْمِيثَاقُ وَقَوْلُنَا وَحَقِّ اللَّهِ وَالرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَالْعَلِيمِ وَالْجَبَّارِ كِنَايَاتٌ لِتَرَدُّدِهَا بَيْنَ الْقَدِيمِ وَالْمُحْدَثِ إِنْ نَوَى الْقَدِيمَ وَجَبَتِ الْكَفَّارَةُ وَإِلَّا فَلَا قَالَ اللَّخْمِيُّ: الْعَهْد أَرْبَعَة: تَلْزَمُ الْكَفَّارَةُ فِي وَجْهٍ، وَتَسْقُطُ فِي اثْنَيْنِ، ومختلف فِي الرَّابِعِ، فَالْأَوَّلُ: عَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ، وَالِاثْنَانِ: لَكَ عَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ وَأُعْطِيكَ عَهْدَ اللَّهِ، وَالرَّابِع: أعَاهد الله، اعْتَبرهُ ابْن حبيب وأسقطه ابْنُ شَعْبَانَ، قَالَ: وَهُوَ أَحْسَنُ، وَقَالَ ابْنُ عبد الحكم: لآها اللَّهِ، يَمِينٌ، نَحْوُ بِاللَّهِ وَفِي الْبَيَانِ: إِذَا قَالَ: يعلم 1 الله لافعلت، اسْتَحَبَّ لَهُ مَالِكٌ الْكَفَّارَةَ احْتِيَاطًا، تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَةَ أَيْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَالَ سَحْنُونٌ: إِنْ أَرَادَ الْحَلِفَ وَجَبَتِ الْكَفَّارَةُ، وَإِلَّا فَلَا، لِأَنَّ حُرُوفَ الْقَسَمِ قَدْ تُحْذَفُ، وَإِذَا حَلَفَ بِالْقُرْآنِ: فَرِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ الْكَفَّارَةُ حَمْلًا لَهُ عَلَى الْقَدِيمِ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ عَدَمُ الْكَفَّارَةِ حَمْلًا لَهُ عَلَى الْحُرُوفِ لِأَن الْمُتَبَادِرُ فِي الْعُرْفِ إِلَى الذِّهْنِ وَالْفَهْمِ وَفِي الْجَوَاهِرِ أَيْمُ اللَّهِ يَمِينٌ وَفِي الْكِتَابِ وَعِزَّةِ اللَّهِ لِمَالِكٍ فِي إِيجَابِهِ الْكَفَّارَةَ رِوَايَتَانِ

فرع في الجواهر إذا قال الأيمان تلزمني قال الأستاذ أبو بكر ليس لمالك ولا لأصحابه فيها نص وإنما تكلم فيها المتأخرون فأجمعوا على لزوم الطلاق في جميع النساء والعتاق في جميع العبيد فإن لم يكن له عبيد فعليه عتق رقبة والمشي إلى مكة في الحج والتصدق بجميع

فَوَائِدُ أَمَانَةُ اللَّهِ تَعَالَى تَكْلِيفُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} الْأَحْزَاب 72 الْآيَة إِلَى قَوْله {وَحملهَا الْإِنْسَان} وَتَكْلِيفُهُ كَلَامُهُ الْقَدِيمُ فَهِيَ صِفَتُهُ تَعَالَى وَعَمْرُ اللَّهِ تَعَالَى بَقَاؤُهُ وَهُوَ اسْتِمْرَارُ وَجُودِهِ مَعَ الْأَزْمَانِ وَوُجُودُهُ ذَاتُهُ وَعَهْدُ اللَّهِ تَعَالَى إِلْزَامُهُ لقَوْله تَعَالَى {وأوفوا بعهدي} الْبَقَرَة 40 أَيْ تَكْلِيفِي فَهُوَ صِفَةُ ذَاتِهِ تَعَالَى وَذِمَّتُهُ إِلْزَامه فَيَرْجِعُ إِلَى خَبَرِهِ وَخَبَرُهُ كَلَامُهُ وَكَذَلِكَ كَفَالَتُهُ وَالْمِيثَاقُ هُوَ الْعَهْدُ الْمُؤَكَّدُ بِالْحَلِفِ فَيَرْجِعُ إِلَى كَلَامه تَعَالَى وأيمن الله تَعَالَى قَالَ سسيبويه هُوَ مِنَ الْيُمْنِ وَالْبَرَكَةِ وَلِذَلِكَ قَالَ ش هُوَ كِنَايَةٌ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ الْمُحْدَثِ مِنْ تَنْمِيَةِ الْأَخْلَاقِ وَالْأَرْزَاقِ وَبَيْنَ الْقَدِيمِ الَّذِي هُوَ جَلَالُ اللَّهِ وَعَظَمَتُهُ تَعَالَى وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك} الْملك 1 أَي عظم شَأْنه وَكبر عَلَاؤُهُ وَقَالَ الْفَرَّاءُ هُوَ جَمْعُ يَمِينٍ فَيَكُونُ الْكَلَام فِيهِ كَالْكَلَامِ فِي أَيمن الْمُسْلِمِينَ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ هُوَ صَرِيحٌ أَوْ كِنَايَةٌ وَيُقَالُ أَيْمَنُ اللَّهِ وَأَيْمُ اللَّهِ وَمِنَ اللَّهِ وَمُ اللَّهِ فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا قَالَ الْأَيْمَانُ تَلْزَمُنِي قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرٍ لَيْسَ لِمَالِكٍ وَلَا لِأَصْحَابِهِ فِيهَا نَصٌّ وَإِنَّمَا تَكَلَّمَ فِيهَا الْمُتَأَخِّرُونَ فَأَجْمَعُوا عَلَى لُزُومِ الطَّلَاقِ فِي جَمِيعِ النِّسَاءِ وَالْعَتَاقِ فِي جَمِيعِ الْعَبِيدِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَبِيدٌ فَعَلَيْهِ عِتْقُ رَقَبَةٍ وَالْمَشْيُ إِلَى مَكَّةَ فِي الْحَجِّ وَالتَّصَدُّقُ بِجَمِيعِ أَمْوَالِهِ وَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ وَقَالَ أَبُو بكر بن عبد الرحمان وَأَكْثَرُ الْأَنْدَلُسِيِّينَ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ وَقَالَ أَبُو عمرَان والعراقيون وَاحِدَة وَاخْتَارَ الْأُسْتَاذ أَن لَا تَلْزَمَهُ إِلَّا ثَلَاثُ كَفَّارَاتٍ حَمْلًا لِلْيَمِينِ عَلَى الْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى الَّذِي هُوَ الْمَشْرُوعُ قَالَ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ غَيْرَ ذَلِكَ أَوْ يَكُونَ عُرْفًا وَحَمْلًا لِلصِّيغَةِ عَلَى أَقَلِّ الْجَمْعِ قَالَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَيْمَانُ تَلْزَمُنِي أَوْ لَازِمَة لي أَوْ جَمِيعُ الْأَيْمَانِ أَوِ الْأَيْمَانُ كُلُّهَا تَلْزَمُنِي وَقَالَ أَبُو الطَّاهِرِ لَمْ يَخْتَلِفِ الْمَذْهَبُ أَنَّ جَمِيعَ الْأَيْمَانِ تَلْزَمُهُ عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ وَيَلْزَمُهُ التَّصَدُّقُ بِثُلُثِ مَالِهِ وَكَفَّارَةُ يَمِينٍ وَمَنِ

اعْتَادَ الْحلف بِصَوْم سنة لزمَه وَهَكَذَا يَجْرِي فِي حُكْمِ أَيْمَانِ الْبَيْعَةِ وَهِيَ أَيْمَانٌ رتبها الْحجَّاج فِيهَا الْيَمين بِاللَّه تَعَالَى وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْحَجِّ وَصَدَقَةِ الْمَالِ يَحْلِفُ بِهَا النَّاس عِنْد الْبيعَة قَالَ صَاحب التخليص وَاخْتُلِفَ هَلِ الطَّلْقَةُ بَائِنَةٌ أَوْ رَجْعِيَّةٌ قَالَ ومنشأ الْخلاف اخْتِلَافُ الرِّوَايَةِ عَنْ مَالِكٍ فِي أَشَدِّ مَا أَخَذَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ هَلْ تَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ أَوْ ثَلَاثٌ قَوَاعِدُ الْيَمِينُ حَقِيقَتُهُ لُغَةً الْحَلِفُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْخِلَافِ وَإِطْلَاقُهُ عَلَى الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالنَّذْرِ مَجَازٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحَلِفٍ فَلَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَوِ الْعَتَاقِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ حَلِفٌ مُحْدَثٌ وَالْعَلَاقَةُ فِي هَذَا الْمَجَازِ أَنَّ الْحَالِفَ مُلْتَزِمٌ لِحُكْمٍ عَلَى تَقْدِيرٍ وَهُوَ الْكَفَّارَةُ عَلَى تَقْدِيرِ الْحِنْثِ وَالْمُعَلَّقُ مِنَ الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ قِيَاسًا عَلَى تَقْدِيرِ وُجُوبِ الشَّرْطِ ثُمَّ هَذَا الْمَجَازُ مِنْهُ خَفِيٌّ لَمْ يَتَرَجَّحْ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَلَا سِوَاهَا نَحْوَ لِلَّهِ عَلَيَّ هدي أَو بِنَاء مَسْجِد أَو الْغَزْو وَمِنْهُ رَاجِحٌ عَلَى الْحَقِيقَةِ أَوْ مُسَاوٍ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ وَيَدُلُّ عَلَى الشُّهْرَةِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ يَمِينُ الْفُسَّاقِ فَسَمَّاهُمَا أَيْمَانًا وَمِنْ قَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ فِي جَمِيعِ مُسَمَّيَاتِهِ وَغَيْرِ الْمُشْتَرَكِ فِي مجازاته المستوية ومجازه وَحَقِيقَته فَلذَلِك حَمَلَ الْمُتَأَخِّرُونَ اللَّفْظَ عَلَى مَا ذَكَرُوهُ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ التَّعَالِيقِ وَأَمَّا إِذَا قُلْنَا الْيَمِينُ أَصْلُهُ مِنَ الْقُوَّةِ لِأَنَّهُ يُقَوِّي الْمُخْبَرَ عَنْهُ فَالتَّعَالِيقُ أَيْضًا مُقَوِّيَاتٌ لِلْإِقْدَامِ وَالْإِحْجَامِ فَيَكُونُ اللَّفْظُ مُتَوَاطِئًا فِي الْجَمِيعِ وَقَدْ دَخَلَتْ عَلَيْهِ أَدَاةُ الْعُمُومِ فَيَعُمُّ الْجَمِيعَ إِلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ بِالْإِجْمَاع وَقد تقدم تَقْرِيره أول الْكتاب

وَقَاعِدَةُ ش حَمْلُ اللَّفْظِ عَلَى حَقَائِقِهِ وَمَجَازَاتِهِ وَمَجَازِهِ وَحَقِيقَتِهِ وَقَدْ خَالَفَ فِي هَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَصله فَقَالَ إِن نوى شَيْئا لزمَه وَإِلَّا فَلَا مُحْتَجًّا بِأَنَّ هَذَا كِنَايَةٌ فَيَتْبَعُ النِّيَّةَ وَالصَّرِيحُ هُوَ النُّطْقُ بِالِاسْمِ الْمُعْظَّمِ وَلَمْ يَنْطِقْ بِهِ وَجَوَابُهُ أَنَّ كُلَّ مَا يُعْتَقَدُ صَرِيحًا فَلَفْظُ الْيَمِينِ صَادِقٌ عَلَيْهِ حَقِيقَةً فِي اللُّغَةِ فَلَفْظُ الْأَيْمَانِ تَتَنَاوَلُ الصَّرِيحَ بِالْوَضْعِ وَالْكِنَايَةُ لَا تَتَنَاوَلُ بِالْوَضْعِ بَلْ تَصْلُحُ لِلتَّنَاوُلِ فَلَيْسَتْ بِكِنَايَةٍ فَإِنْ قِيلَ لَفْظُ الْيَمِينِ يَتَنَاوَلُ قَوْلَنَا وَاللَّهِ مِنْ جِهَةِ عُمُومِ كَوْنِهِ حَلِفًا لَا مِنْ جِهَةِ خُصُوصِ قَوْلِنَا وَاللَّهِ بَلْ لَفْظُ الْيَمِينِ صَادِقٌ عَلَيْهِ وَعَلَى قَوْلِنَا وَالْكَعْبَةِ وَحَيَاتِي وَلَعَمْرِي وَالدَّالُّ عَلَى الْأَعَمِّ غَيْرُ الدَّالِّ عَلَى الْأَخَصِّ وَغَيْرُ مُسْتَلْزِمٍ لَهُ فَيَكُونُ كِنَايَةً قُلْنَا الْقَائِلُ أَيْمَانُ الْمُسلمين والأيمان نَطَقَ بِصِيغَةِ الْعُمُومِ الشَّامِلَةِ لِكُلِّ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ يَمِينٌ لِأَنَّ اللَّامَ لِلْعُمُومِ وَاسْمُ الْجِنْسِ إِذَا أُضِيفَ عَمَّ فَكَانَتِ الصِّيغَةُ مُتَنَاوِلَةً لِكُلِّ يَمِينٍ مَخْصُوصَةٍ فَيَكُونُ صَرِيحًا أَجْمَعْنَا عَلَى سُقُوطِ مَا لَمْ يُشْرَعْ وَمَا لَمْ يَشْتَهِرْ عُرْفًا بَقينَا فِي صِفَةِ الْعُمُومِ عَلَى مُقْتَضَى الْأَصْلِ قَالَ ابْن يُونُس إِذا قَالَ أَشد مَا أَخذ أحد على أحد وَلَا نِيَّة لَهُ وَحنث طلق نساؤه وَعَتَقَ عَبِيدَهُ وَمَشَى إِلَى الْبَيْتِ وَتَصَدَّقَ بِثُلُثِ مَالِهِ فَائِدَةٌ قَالَ صَاحِبُ كِتَابِ الْخِصَالِ الْمُوجِبُ لِلْكَفَّارَةِ سَبْعٌ وَعِشْرُونَ صِيغَةً اللَّهُ وَبِاللَّهِ وَتَاللَّهِ ولعمر الله وَوَاللَّه وَيعلم الله ووحق الله وأيم الله وباسم اللَّهِ وَبِعِزَّةِ اللَّهِ وَبِكِبْرِيَاءِ اللَّهِ وَقُدْرَةِ اللَّهِ وعظمة الله وَأَمَانَة الله وَعَهْدِ اللَّهِ وَذِمَّةِ اللَّهِ وَكَفَالَةِ اللَّهِ وَمِيثَاقِ اللَّهِ وَأَشْهَدُ بِاللَّهِ وَأَعْزِمُ بِاللَّهِ وَأَحْلِفُ بِاللَّهِ وَعَلَيَّ نَذْرٌ لِلَّهِ وَبِالْقُرْآنِ وَبِالْمُصْحَفِ وَبِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَبِالتَّوْرَاةِ وَبِالْإِنْجِيلِ وَالْكِنَايَةُ مَا هُوَ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْمُوجِبِ وَغَيْرِهِ عَلَى السَّوَاءِ فَفِي الْكِتَابِ إِذا قَالَ أشهد أَو أقسم أَو أَحْلف أَو أعز إِن أَرَادَ بِاللَّه فَهُوَ يَمِين إِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَصْحَابُنَا مَعَاذَ اللَّهِ لَيْسَتْ يَمِينًا إِلَّا أَنْ يُرِيد الْيَمين

وَقيل معَاذ الله وحاشا لله لَيست يَمِينًا مُطْلَقًا لِأَنَّ الْمَعَاذَ مِنَ الْعَوْذِ وَمُحَاشَاةَ اللَّهِ مِنَ التَّبْرِئَةِ إِلَيْهِ فَهُمَا فِعْلَانِ مُحْدَثَانِ تمهيد لما تقدم أَن أَسمَاء الله تَعَالَى كُلَّهَا يَجُوزُ الْحَلِفُ بِهَا وَتُوجِبُ الْكَفَّارَةَ عَلَى تَفْصِيلٍ يَأْتِي إِمَّا لِدَلَالَتِهَا كُلِّهَا عَلَى الذَّاتِ إِمَّا مِنْ حَيْثُ هِيَ هِيَ وَهُوَ قَوْلُنَا وَاللَّهِ لِأَنَّهُ عَلَى الصَّحِيحِ مَوْضُوعٌ لِلذَّاتِ مِنْ حَيْثُ هِيَ هِيَ عَلَمًا عَلَيْهَا لِجَرَيَانِ النعوت عَلَيْهِ فَنَقُول الله الرحمان الرَّحِيمُ وَقِيلَ لِلذَّاتِ مَعَ جُمْلَةِ الصِّفَاتِ وَإِمَّا لدلالتها على الذَّاتِ مَعَ مَفْهُومٍ زَائِدٍ وُجُودِيٍّ قَائِمٍ بِذَاتِهِ تَعَالَى نَحْوَ قَوْلِنَا عَلِيمٌ أَوْ وُجُودِيٌّ مُنْفَصِلٌ عَنِ الذَّاتِ نَحْوَ خَالِقٍ أَوْ عَدَمِيٍّ نَحْوَ قُدُّوسٍ ثُمَّ هُوَ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ مَا وَرَدَ السَّمْعُ بِهِ وَلَا يُوهِمُ نَقْصًا نَحْوَ الْعَلِيمِ فَيَجُوزُ إِطْلَاقُهُ إِجْمَاعًا وَمَا لَمْ يَرِدِ السَّمْعُ بِهِ وَهُوَ مُوهِمٌ فَيَمْتَنِعُ إِطْلَاقُهُ إِجْمَاعًا نَحْوَ متواضع وَمَا ورد السّمع وَهُوَ مُوهِمٌ فَيُقْتَصَرُ بِهِ عَلَى مَحَلِّهِ نَحْوَ مَاكِرٌ وَمَا لَمْ يَرِدِ السَّمْعُ بِهِ وَهُوَ غَيْرُ مُوهِمٍ فَلَا يَجُوزُ إِطْلَاقُهُ عِنْدَ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ وَيَجُوزُ عِنْدَ الْقَاضِي وَقِيلَ بِالْوَقْفِ نَحْوَ السَّيِّدِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ فَكُلُّ مَا جَازَ إِطْلَاقُهُ جَازَ الْحَلِفُ بِهِ وَأَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ وَإِلَّا فَلَا فَتُنَزَّلُ الْأَقْسَامُ الْمُتَقَدِّمَةُ عَلَى هَذِهِ الْفُتْيَا وَمَا يُسَمَّى صِفَةً لِلَّهِ تَعَالَى ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ قَدِيمٌ وَمُحْدَثٌ وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ هَلْ هُوَ قَدِيمٌ أَوْ مُحْدَثٌ وَالْمُحْدَثُ قِسْمَانِ وُجُودِيٌّ نَحْوَ الْخَلْقِ وَالرِّزْقِ فَلَا يُحْلَفُ بِهِ وَلَا يُوجِبُ كَفَّارَةً وَسَلْبِيٌّ نَحْوَ الْحِلْمِ وَالْإِمْهَالِ وَالْعَفْوِ لِأَنَّ الْأَوَّلَيْنِ تَأَخُّرُ الْعُقُوبَةِ وَالثَّالِثَ إِسْقَاطُهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالْوُجُودِيِّ وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا بِخُصُوصِهِ وَالْقَدِيمُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ مَا هُوَ عَائِدٌ إِلَى نَفْسِ الذَّاتِ كَالْوُجُودِ وَالْقِدَمِ وَالْبَقَاءِ فَيَجُوزُ الْحَلِفُ بِهِ وَيُوجِبُ الْكَفَّارَةَ وَمَا هُوَ زَائِدٌ عَلَى الذَّاتِ وُجُودِيٌّ وَهُوَ سَبْعَةٌ الْعِلْمُ

وَالْكَلَامُ وَالْقُدْرَةُ وَالْإِرَادَةُ وَالْحَيَاةُ وَالسَّمْعُ وَالْبَصَرُ وَمَا لَحِقَ بِهَا مِمَّا فِي مَعْنَاهَا وَإِنِ اخْتَلَفَ اللَّفْظُ كَالْأَمَانَةِ وَالْعَهْدِ وَاخْتُلِفَ فِي الْقِدَمِ وَالْبَقَاءِ هَلْ هُمَا وُجُودِيَّانِ أَمْ لَا وَفِي الْوَجْهِ والعينيين وَالْيَدَيْنِ هَلْ تَرْجِعُ إِلَى السَّبْعَةِ عَلَى حَسْبِ مَا تَقْتَضِيهِ قَاعِدَةُ التَّعْبِيرِ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ أَوْ هِيَ صِفَاتٌ وُجُودِيَّةٌ لَا نَعْلَمُهَا وَالْأَوَّلُ الصَّحِيحُ وَمَا هُوَ سَلْبِيٌّ قِسْمَانِ سَلْبُ نَقْصٍ كَسَلْبِ الْجَوْهَرِ وَالْعَرَضِ عَنْ ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ تَعَالَى وَسَلْبِ الْمُشَارِكِ فِي الْكَمَالِ وَهُوَ الْوَحْدَانِيَّةُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا كَالْوُجُودِيِّ وَلَمْ أَرَ فِيهَا نَقْلًا بِخُصُوصِهَا مفصلة وَالثَّالِث الَّذِي اخْتلف فِيهِ هـ هُوَ قَدِيمٌ أَوْ مُحْدَثٌ كَالْغَضَبِ وَالسَّخَطِ وَالرِّضَا وَالرَّحْمَةِ فَإِنَّ حَقَائِقَهَا اللُّغَوِيَّةَ مُسْتَحِيلَةٌ عَلَيْهِ تَعَالَى لِكَوْنِهَا تَغَيُّرَاتٍ فِي الْأَمْزِجَةِ وَهُوَ تَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنِ الْمِزَاجِ وَتَغَيُّرَاتِهِ فَحَمَلَهَا الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ عَلَى إِرَادَةِ آثَارِ هَذِهِ الْأُمُورِ لِكَوْنِ الْمُتَّصِفِ بِهَا مِنَ الْمُحْدَثِينَ يُرِيدُ هَذِهِ الْآثَارَ عِنْدَ قِيَامِ هَذِهِ الْمَعَانِي بِهِ فَتَكُونُ هَذِهِ الْأُمُورُ قَدِيمَةً فِي حَقِّهِ تَعَالَى وَحَمَلَهَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ عَلَى آثَارِهَا لِكَوْنِهَا مُلَازِمَةً لَهَا غَالِبًا فَعَبَّرَ عَنْهَا فَالْمُرَادُ بِالرَّحْمَةِ الْإِحْسَانُ وَالْغَضَبِ الْعُقُوبَةُ فَعَلَى هَذَا تَكُونُ مُحْدَثَةً فَلَا تُوجِبُ كَفَّارَةً قَالَ ابْنُ يُونُسَ الْحَالِفُ بِرِضَا اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ وَسَخَطِهِ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْفُتْيَا عَلَى مَذْهَبِ الشَّيْخِ دُونَ الْقَاضِي وَبُسِطَ هَذَا كُلُّهُ فِي أُصُولِ الدِّينِ وَإِنَّمَا الْفَقِيه يحْتَاج هَا هُنَا إِلَى مَا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ وَمَا لَا يُوجِبُ وَقَدْ تَلَخَّصَ ذَلِكَ مُسْتَوْعَبًا بِفَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى تَنْبِيهٌ الْأَلِفُ وَاللَّامُ فِي اللُّغَةِ تَكُونُ لِلْعَهْدِ فَالْقَائِلُ الْعِلْمُ وَالْقُدْرَةُ تَنْصَرِفُ إِلَى مَا عُهِدَ الْحَلِفُ بِهِ وَهُوَ الْقَدِيمُ وَأَنَّ اللَّفْظَ بِعُمُومِهِ يَتَنَاوَلُ الْمُحْدَثَ وَالْقَدِيمَ وَأَمَّا الْإِضَافَةُ فَلَمْ تُوضَعْ للْعهد وعَلى هَذَا قَالَ وَعِلْمِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ وَعِزَّتِهِ انْدَرَجَ فِيهِ الْقَدِيمُ وَالْمُحْدَثُ لِأَنَّ اسْمَ الْجِنْسِ إِذَا أُضِيفَ عَمَّ وَالْإِضَافَةُ تَكْفِي فِيهَا أَدْنَى نِسْبَةٍ كَقَوْلِ أَحَدِ حَامِلَيِ الْخَشَبَةِ مِثْلَ طَرَفِكَ وَالْمُحْدَثَاتُ تُضَافُ إِلَى الله

تَعَالَى لِأَنَّهُ خَلَقَهَا وَلِذَلِكَ قَالَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ فِي قَوْله تَعَالَى {فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا} التَّحْرِيم 12 قَالَ نَفَخَ فِيهِ رُوحًا مِنْ أَرْوَاحِهِ إِشَارَةً إِلَى أَرْوَاحِ الْخَلَائِقِ كُلِّهَا وَإِنَّ رُوحَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ جُمْلَتِهَا قَالَ صَاحِبُ تَهْذِيبِ الطَّالِبِ الْحَالِفُ بِعِزَّةِ اللَّهِ وَعَظَمَتِهِ وَجَلَالِ اللَّهِ يُكَفِّرُ كَفَّارَةً وَاحِدَةً وَهُوَ مُتَّجِهٌ فِي إِيجَابِ الْكَفَّارَةِ لَا فِي الْجَوَازِ أَمَّا الْكَفَّارَةُ فَلِأَنَّ الصِّيغَةَ لِلْعُمُومِ فَيَنْدَرِجُ فِيهَا الْقَدِيمُ وَالْمُحْدَثُ وَإِذَا اجْتَمَعَ الْمُوجِبُ وَغَيْرُ الْمُوجِبِ وَجَبَ الْحُكْمُ وَأَمَّا الْجَوَازُ فَلِانْدِرَاجِ مَا لَا يُبَاحُ مَعَ مَا يُبَاحُ إِلَّا أَنْ يُقَالَ غَلَبَ اسْتِعْمَالُ هَذَا اللَّفْظِ بِخُصُوصِهِ فِي الْقَدِيمِ حَتَّى صَارَ مَنْقُولًا لَهُ وَمَا هُوَ أَيْضًا مُتَّجِهٌ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ أَرَادَ بِعِزَّةِ اللَّهِ وَأَمَانَتِهِ الْقَدِيمَةَ وَجَبَتِ الْكَفَّارَةُ أَوِ الْمُحْدَثَةَ لَمْ تَجِبْ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يصفونَ} الصافات 185 {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} النِّسَاء 85 وَالْقَدِيمُ لَا يَكُونُ مَرْبُوبًا وَلَا مَأْمُورًا بِهِ وَلِهَذِهِ الْمَدَارِكِ قَالَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَسْمَاءُ اللَّهِ تَعَالَى قِسْمَانِ مِنْهُمَا مَا هُوَ مُخْتَصّ بِهِ فَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي الْحَلِفِ كَقَوْلِنَا وَاللَّهِ وَالرَّحِيمِ وَمِنْهَا مَا لَا يخْتَص بِهِ كَالْحَكِيمِ وَالرَّشِيدِ وَالْعَزِيزِ وَالْقَادِرِ وَالْمُرِيدِ وَالْعَالِمِ فَهِيَ كِنَايَاتٌ لَا تَكُونُ يَمِينًا إِلَّا بِالنِّيَّةِ لِأَجْلِ التَّرَدُّدِ بَيْنَ الْمُوجِبِ وَغَيْرِ الْمُوجِبِ كَمَا انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ فِي الطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَبْوَابِ الْفِقْهِ وَجَوَابُهُمْ أَنَّ ذِكْرَ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ فِي سِيَاق الْحلف اشْتهر عَادَة يَخْتَصُّ بِاللَّهِ تَعَالَى فَأَذْهَبَ الِاحْتِمَالُ اللُّغَوِيُّ النَّقْلَ الْعُرْفِيَّ وَأَمَّا فِي غَيْرِ سِيَاقِ الْحَلِفِ فَاللَّفْظُ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْقَدِيمِ وَالْمُحْدَثِ وَهَذَا الْجَوَابُ يَسْتَقِيمُ فِي الْأَسْمَاءِ الَّتِي جَرَتِ الْعَادَةُ بِالْحَلِفِ بِهَا أَمَّا الْحَكِيمُ وَالرَّشِيدُ وَنَحْوُهُمَا فَلَعَلَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاس لَا يعلمهَا أَسمَاء الله وَلَمْ يَشْتَهِرِ الْحَلِفُ بِهَا وَأَصْحَابُنَا عَمَّمُوا الْحُكْمَ فِي الْجَمِيعِ وَلَمْ يُفَصِّلُوا وَهُوَ مُشْكِلٌ وَوَافَقَنَا جُمْهُورُ الْحَنَفِيَّةِ لَكِنَّهُمْ خَالَفُونَا فِي الصِّفَاتِ فَقَالُوا إِنْ تَعَارَفَ النَّاسُ بِالْحَلِفِ بِهَا كَانَتْ يَمِينًا وَإِلَّا فَلَا سَوَاءٌ كَانَتْ صِفَاتِ الذَّاتِ أَوْ صِفَاتِ الْفِعْلِ فَاشْتَرَطُوا الشُّهْرَةَ دُونَنَا وَسَوَّوْا بَيْنَ الْفِعْل وَغَيره

- فرع في الكتاب القائل إن فعلت كذا فهو يهودي أو نصراني أو بريء من الله ونحو ذلك ليس بيمين وليستغفر الله تعالى لأنه التزم انتهاك حرمة الله تعالى على تقدير ممكن واللائق بالعبد الامتناع من ذلك مطلقا ووافقنا ابن حنبل في الإثم وأوجب عليه الكفارة لما يروى

2 - فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ الْقَائِلُ إِنْ فَعَلْتُ كَذَا فَهُوَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ أَوْ بَرِيءٌ مِنَ اللَّهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ لَيْسَ بِيَمِينٍ وَلْيَسْتَغْفِرِ اللَّهَ تَعَالَى لِأَنَّهُ الْتَزَمَ انْتِهَاكَ حُرْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى تَقْدِيرٍ مُمْكِنٍ وَاللَّائِقُ بِالْعَبْدِ الِامْتِنَاعُ مِنْ ذَلِكَ مُطْلَقًا وَوَافَقَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ فِي الْإِثْمِ وَأَوْجَبَ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةَ لِمَا يُرْوَى عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ يَقُولُ هُوَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ أَوْ مَجُوسِيٌّ أَوْ بَرِيءٌ مِنَ اللَّهِ أَوْ مِنَ الْإِسْلَامِ فِي الْيَمِينِ يَحْلِفُ بِهَا فَيَحْنَثُ قَالَ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ لَيْسَ بِإِثْمٍ وَتَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ لِأَنَّهُ مُعْظِّمٌ لِلَّهِ تَعَالَى لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مَنْ ذِكْرِ هَذِهِ الْأُمُورِ فِي هَذَا السِّيَاقِ شِدَّةُ قُبْحِهَا عِنْدَ الْحَالِفِ وَلِذَلِكَ جَعَلَ مُلَابَسَتَهَا مَانِعَةً لَهُ مِنَ الْفِعْلِ لِأَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَى الْمُمْتَنِعِ مُمْتَنِعٌ وَإِذَا كَانَ مُعَظِّمًا لِلَّهِ تَعَالَى وَجَبَتِ الْكَفَّارَةُ لِتَعْظِيمِهِ بِذِكْرِ أَسْمَائِهِ وَجَوَابُهُمْ أَنَّ الْعَبْدَ لَوْ قَالَ لِسَيِّدِهِ إِنْ لَمْ أُسْرِجِ الدَّابَّةَ فَأَنا أصفعك أَو فسق بِامْرَأَتِكِ لَاسْتَحَقَّ الْأَدَبَ فِي الْعُرْفِ لِذِكْرِ هَذِهِ الْقَبَائِحِ لِسَيِّدِهِ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ لَوْ عرضت عَليّ هَذِه الْأُمُور لَا أَفْعَلُهَا وَلَوْ قُطِّعْتُ أَوِ انْطَبَقَتِ السَّمَاءُ عَلَى الْأَرْضِ فَإِذَا قَبُحَ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْمَخْلُوقِينَ فَأَوْلَى فِي حَقِّ رَبِّ الْعَالَمِينَ سَلَّمْنَا أَنَّهُ تَعْظِيمٌ لَكِنْ لَا نُسَلِّمُ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ فَإِنَّ التَّسْبِيحَ وَالتَّهْلِيلَ تَعْظِيمٌ اتِّفَاقًا وَلَا يُوجِبُ الْكَفَّارَة فرع فِي الْكتاب إِذا قَالَ لرجل أَعْزِمُ عَلَيْكَ بِاللَّهِ إِلَّا مَا فَعَلْتَ وَأَسْأَلُكَ بِاللَّه لتفعلن فَامْتنعَ فَلَا شَيْء عَلَيْهِمَا وَقَالَ الشَّافِعِي وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا أَقْسَمَ عَلَيْهِ لَيَفْعَلَنَّ فَيَحْنَثُ إِذَا لَمْ يُجِبْهُ الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَا ينْعَقد وَالْأَيْمَانُ ثَلَاثَةٌ لَغْوٌ وَغَمُوسٌ وَمُنْعَقِدَةٌ وَفِي الِاسْتِذْكَارِ فِي اللَّغْوِ خَمْسَةُ مَذَاهِبَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى شَيْءٍ يَعْتَقِدُهُ ثُمَّ يَتَبَيَّنُ لَهُ خِلَافُهُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْكِتَابِ وَوَاللَّهِ وَبَلَى وَاللَّهِ مِمَّا يَغْلِبُ عَلَى الْأَلْسِنَةِ مِنْ غَيْرِ

قَصْدٍ إِلَى الْيَمِينِ وَبِهِ قَالَ ش وَالْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ مِنَّا وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ بِالْمَذْهَبَيْنِ وَيَمِينُ الْغَضَبِ لِابْنِ عَبَّاسٍ وَفِي الدَّارَقُطْنِيِّ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يَمِينَ فِي غَضَبٍ وَلَا طَلَاقَ وَلَا عَتَاقَ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْحَلِفُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ فَيَتْرُكُهَا لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَتَحْرِيمُ الْمُبَاحِ لِابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا وَالْغَمُوسُ فِي الْكِتَابِ الْحَلِفُ عَلَى تَعَمُّدِ الْكَذِبِ قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِي الرِّسَالَةِ أَوْ عَلَى الشَّكِّ وَهِيَ أَعْظَمُ مِنْ أَن تكفر وَقَالَهُ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ش تُكَفَّرُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِأَنَّهَا مَعْصِيَةٌ وَالتَّكْفِيرُ شَأْنُ الْمَعَاصِي وَجَوَابُهُ أَنَّ كَفَّارَةَ الْأَيْمَانِ لَيْسَتْ لِزَوَالِ الْإِثْمِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ {فَلْيُكَفِّرْ وَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَالْمَأْمُورُ بِهِ لَا يكون مَعْصِيّة بل هِيَ تشريف بِالتَّكْلِيفِ وَالْمَعْصِيَةُ تُنَافِي شَرَفَ الْمُخَاطَبَةِ وَفَتْحَ بَابِ الْقرْبَة وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ} الْمَائِدَة 89 وَالْغَمُوسُ لَا تَقْبَلُ الْحَلَّ فَلَا تَقْبَلُ الْعَقْدَ كَمَا لَا يُقَالُ لِلْحَائِطِ أَعْمَى لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ بَصِيرٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَهِيَ مِنَ الْكَبَائِرِ لِأَنَّهَا فِي الْحَدِيثِ مَعْدُودَةٌ مِنْهَا وَالْمُنْعَقِدَةُ فِي الْكِتَابِ هِيَ الْحَلِفُ عَلَى إِيجَادِ الْفِعْلِ الْمُسْتَقْبَلِ أَوْ عَدَمِهِ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ الْعُلَى فَهَذِهِ هِيَ الَّتِي تُوجِبُ الْكَفَّارَةَ

- الباب الثالث فيما يوجب تعدد الكفارة واتحادها

1 - الْبَابُ الثَّالِثُ فِيمَا يُوجِبُ تَعَدُّدَ الْكَفَّارَةِ وَاتِّحَادَهَا قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ إِذَا قَصَدَ الْحَالِفُ بِتَكْرَارِ يَمِينِهِ تَعَدُّدَ الْكَفَّارَاتِ تَعَدَدَتْ أَوِ اتِّحَادَهَا اتَّحَدَتْ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ وَاللَّفْظُ وَاحِدٌ أَو مُتَعَدد اتّحدت كَالْحَلِفِ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ تَعَدَدَ الْمَعْنَى تَعَدَّدَتْ كَالْحَلِفِ بِالصِّفَاتِ وَإِنْ حَلَفَ عَلَى أَشْيَاءَ بِالْعَطْفِ وَقَصَدَ اتِّحَادَ الْيَمِينِ اتَّحَدَتْ وَهَلْ يَقَعُ الْحِنْثُ بِبَعْضِهَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَوْ بِالْجَمِيعِ قَوْلَانِ وَإِذا أَتَى بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى التَّكْرَارِ تَكَرَّرَتِ الْكَفَّارَةُ نَحْوَ كُلَّمَا أَوْ مَتَى وَإِلَّا فَلَا تَتَكَرَّرُ إِلَّا أَنْ يَظْهَرَ ذَلِكَ مِنْ قَصْدِ الْحَالِفِ كَالْحَالِفِ لَا يَتْرُكُ الْوِتْرَ أَوْ لَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ اجْتِنَابُ ذَلِكَ فِي سَائِرِ الْأَوْقَاتِ لِشَرَفِ الْوِتْرِ وَالْمَدِينَةِ بِخِلَافِ لَا كَلَّمْتُ زَيْدًا وَقَالَتِ الْحَنَفِيَّةُ إِذَا كَرَّرَ الْأَسْمَاءَ أَوْ الِاسْمَ الْوَاحِدَ بِغَيْرِ عَطْفٍ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّ الثَّانِيَ يَجْرِي مَجْرَى الصِّفَةِ لِلْأَوَّلِ وَبِالْعَطْفِ كَفَّارَتَانِ لِأَنَّ الْعَطْفَ يُوجِبُ التَّعَدُّدَ وَلِذَلِكَ يَجُوزُ للْحَاكِم تَأْكِيدُ الْيَمِينِ بِغَيْرِ عَطْفٍ وَلَا يَجُوزُ بِالْعَطْفِ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ عَلَى الْخَصْمِ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ وَجَوَابُهُمْ أَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي قَوْله تَعَالَى {وَاللَّيْلِ إِذا يغشى وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى} اللَّيْل 1 وَنَحْوِهِ هَلِ الْوَاوُ الثَّانِيَةُ لِلْعَطْفِ أَوْ لِلْقَسَمِ وَالصَّحِيحُ عِنْدَهُمْ أَنَّهَا حُفِظَتْ بِالْعَطْفِ لَا بِالْقَسَمِ لِأَنَّ الْقَسَمَ بِالشَّيْءِ تَعْظِيمٌ لَهُ وَالِانْتِقَالُ عَنْهُ إِلَى الْقَسَمِ بِغَيْرِهِ إِعْرَاضٌ عَنْهُ وَالْإِعْرَاضُ يَأْبَى التَّعْظِيمَ وَأَمَّا الْعَطْفُ عَلَيْهِ فَتَقْدِيرٌ لَهُ يَجْعَلُ غَيْرَهُ تَابِعًا لَهُ فِي مَعْنَاهُ فَيَكُونُ الْقَسَمُ وَاحِدًا وَقَعَتْ فِيهِ الشَّرِكَةُ فَالْمُتَعَدِّدُ مُتَعَلَّقُهُ لِأَنَّهَا أَقْسَامٌ مُتَعَدِّدَةٌ وَإِذَا اتَّحَدَ الْقَسَمُ اتَّحَدَتِ

الْكَفَّارَةُ وَوَافَقَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا قَالَ عَلَيَّ عَشْرُ كَفَّارَاتٍ أَوْ مَوَاثِيقَ أَوْ نُذُورٍ لَزِمَهُ عَدَدُ ذَلِكَ كَفَّارَاتٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ لِأَنَّ النُّطْق بِالْعدَدِ يَقْتَضِي إِرَادَته بِخِلَاف التكرير فَحمل على التَّأْكِيد وَإِن قَالَ وَالْعَزِيزِ وَعِزَّةِ اللَّهِ فَكَفَّارَتَانِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا حَلَفَ بِعِدَّةِ أَسْمَاءٍ أَوْ كَرَّرَ اسْمًا وَاحِدًا فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَكَذَلِكَ تَعَدُّدُ الصِّفَاتِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ غَيْرَ الذَّاتِ وَقِيلَ بِتَعَدُّدِ الْكَفَّارَةِ لِأَنَّ مَفْهُومَ الْقُدْرَةِ غَيْرُ مَفْهُومِ الْعِلْمِ وَالْأَسْمَاءُ يُعَبَّرُ بِهَا عَنْ مُسَمًّى وَاحِدٍ وَمَا امْتَنَعَ إِطْلَاقُ لَفْظِ الْغَيْرِ إِلَّا لِأَنَّ الْغَيْرَ فِي اللُّغَةِ هُوَ الَّذِي شَأْنُهُ الْمُفَارَقَةُ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ فَإِطْلَاقُ لَفْظِ الْغَيْرِ عَلَيْهَا يُوهِمُ ذَلِكَ وَإِطْلَاقُ الْمُوهِمِ مَمْنُوعٌ قَالَ وَيَنْبَغِي التَّفْصِيل فَمَا يرجع لِمَعْنى وَاحِدٍ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ كَالْعِزَّةِ وَالْجَلَالِ وَالْعَظَمَةِ وَكَالْمِيثَاقِ وَالْعَهْدِ وَكَالْقُرْآنِ وَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ إِلَى صِفَةِ الْكَمَالِ وَإِلَّا تَعَدَّدَتِ الْكَفَّارَةُ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَلَو قَالَ وَاللَّهِ ثُمَّ وَاللَّهِ ثُمَّ وَاللَّهِ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَأَرَى أَنَّهَا ثَلَاثٌ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ بِالتَّعَدُّدِ فِي الْوَاوِ مَعَ وَاوِ الْقَسَمِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا حَلَفَ لَا أُجَامِعُكُنَّ فَجَامَعَ وَاحِدَةً أَوِ الْجَمِيعَ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ لِمُخَالَفَةِ الْيَمِينِ وَهِيَ وَاحِدَةٌ وَالْقَائِلُ وَاللَّهِ لَا دَخَلْتُ هَذَا الدَّارَ وَاللَّهِ لَا كَلَّمْتُ فُلَانًا تَعَدَّدَتِ الْكَفَّارَةُ لِتَعَدُّدِ الْيَمِينِ وَلَوْ كَرَّرَ الْيَمِينَ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ أَوْ مَجَالِسَ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ حَتَّى يَنْوِيَ التَّأْسِيسَ وَلَوْ كَرَّرَ لَفْظَ النَذْرِ تَعَدَّدَتِ الْكَفَّارَةُ نَوَى أَمْ لَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا قَالَ عَليّ ثَلَاث نذور فَثَلَاث كَفَّارَات ولفرق بَيْنَ تَكْرَارِ الطَّلَاقِ يُحْمَلُ عَلَى الْإِنْشَاءِ دُونَ التَّأْكِيدِ وَالْيَمِينُ عَلَى التَّأْكِيدِ أَنَّ الطَّلَاقَ مُخْتَلِفٌ فَأولى بِوُجُوب التَّحْرِيم وَالثَّانِيَةُ تَقَرُبُ مِنَ الثَّلَاثِ وَالثَّالِثَةُ تَحْرِيمٌ إِلَّا بَعْدَ زَوْجٍ آخَرَ وَمَعْنَى الْأَيْمَانِ وَاحِدٌ وَهُوَ إِيجَاب الْكَفَّارَة وَبَين النّذر وَالْيَمِين أَنَّ أَصْلَ وَضْعِ الْيَمِينِ لِتَأْكِيدِ الْمُخْبَرِ عَنْهُ فَلَمَّا كَانَ أَصْلُهَا لِلتَّأْكِيدِ حُمِلَتْ عَلَيْهِ عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ وَمَوْضُوعُ النَذْرِ اللُّزُومُ فَحُمِلَ عَلَى الْإِنْشَاءِ وَمَنْ حَلَفَ فَقِيلَ لَهُ يُحْنِثُكَ فَحَلِفَ لَا يَحْنَث

فكفارتان وَإِنْ حَلَفَ لَا بَاعَ مِنْ فُلَانٍ فَقَالَ لَهُ آخَرُ وَأَنَا فَقَالَ وَاللَّهِ وَلَا أَنْتَ فَكَفَّارَتَانِ إِنْ بَاعَ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا فَرَدَّهَاَ عَلَيْهِ فَبَاعَهَا مِنَ الثَّانِي عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِم وَلَو حَلَفَ لَا بَاعَهَا مِنْ فُلَانٍ وَلَا مِنْ فُلَانٍ فَبَاعَهَا مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَفِي الْكِتَابِ وَالْحَالِفُ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا ثُمَّ قَالَ عَلَيَّ حَجَّةٌ أَوْ عُمْرَةٌ إِنْ كَلَّمْتُهُ فَهُمَا يَمِينَانِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ قَالَ وَاللَّهِ لَا أُكَلِّمُهُ غَدًا وَاللَّهِ لَا أُكَلِّمُهُ بَعْدَ غَدٍ وَاللَّهِ لَا أُكَلِّمُهُ غَدًا فَكَفَّارَتَانِ إِنْ كَلَّمَهُ فِي الْيَوْمَيْنِ وَإِنْ قَالَ وَاللَّهِ لَا أُكَلِّمُهُ غَدًا وَلَا أُكَلِّمُهُ غَدًا وَلَا بَعْدَ غَدٍ فَكَلَّمَهُ غَدا فكفارتان لِأَنَّهُمَا يمينان على متابينين وَقَدْ تَنَاوَلَا غَدًا فَإِنْ كَلَّمَهُ بَعْدَ غَدٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْيَمِينَ انْحَلَّتْ بِالْغَدِ لِأَنَّهُ جُزْءُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ فِي الْيَمِينِ الثَّانِي وَإِنْ كَلَّمَهُ بَعْدَ غَدٍ فَقَطْ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَا يَنْوِي أَنَّهُ أَرَادَ بِالْيَمِينِ الثَّانِيَةِ الْأُولَى كَمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ إِنْ كَلَّمْتِ زَيْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ لَا يَنْوِي أَنَّهُ أَرَادَ بِالثَّانِيَةِ الْأُولَى وَلَوْ قَالَ وَاللَّهِ لَا كَلَّمْتُكَ غَدًا أَوْ بَعْدَ غَدٍ ثُمَّ قَالَ وَاللَّهِ لَا كَلَّمْتُكَ غَدًا فَكَلَّمَهُ غَدًا فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّ الْيَمِينَ الْأُولَى اقْتَضَتْ مُطْلَقَ أَحَدِهِمَا وَالثَّانِيَةَ خُصُوصُ الثَّانِي وَقَيَّدَتْ ذَلِكَ الْمُطْلَقَ وَالْمُطْلَقُ فِي ضِمْنِ الْمُقَيَّدِ فَاجْتَمَعَا عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ بِخِلَافِ لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ غَدًا ثُمَّ حَلَفَ أَوْ بَعْدَ غَدٍ لَأَنَّ الْمُطْلَقَ فِي الْيَمِينِ الْأُولَى لَيْسَ مَحْلُوفًا عَلَيْهِ وَالثَّانِيَةَ مُنْشِئَةٌ لِلْحَلِفِ فِيهِ فَلَمْ يَتَرَادَفَا وَفِي الْكِتَابِ لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ زَيْدًا عَشَرَةَ أَيَّامٍ فَكَلَّمَهُ فِيهَا مِرَارًا فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَفِي الْبَيَان إِذا قُلْنَا بِالْكَفَّارَةِ فِي الْحلف بِالْقُرْآنِ فَقَالَ وَالْقُرْآنِ وَالْمُصْحَفِ وَالْكِتَابِ فَثَلَاثُ كَفَّارَاتٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِاخْتِلَافِ الْمُسَمَّيَاتِ وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى وَاحِدًا وَهُوَ الْكَلَامُ الْقَدِيمُ تَمْهِيدٌ يَقَعُ التَّدَاخُلُ فِي الشَّرِيعَةِ فِي سِتَّةِ مَوَاضِعَ فِي الطَّهَارَاتُ كَالْوُضُوءِ إِذَا تَعَدَّدَتْ أَسْبَابُهُ أَوْ تَكَرَّرَ السَّبَبُ الْوَاحِدُ وَالْغُسْلُ إِذَا اخْتَلَفَتْ أَسْبَابُهُ أَوْ تَكَرَّرَ السَّبَبُ الْوَاحِدُ وَالْوُضُوءُ مَعَ الْجَنَابَةِ وَفِي تَدَاخُلِ طَهَارَةِ الْحَدث

وَالْخَبَثِ خِلَافٌ وَفِي الْعِبَادَاتُ كَسُجُودِ السَّهْوِ إِذَا تَعَدَّدَتْ أَسْبَابُهُ وَتَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ مَعَ الْفَرْضِ وَالْعُمْرَةِ مَعَ الْحَجِّ وَفِي الْكَفَّارَاتِ فِي الْأَيْمَانِ وَكَمَا لَوْ أَفْطَرَ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ مِنْ رَمَضَانَ مِرَارًا بِخِلَافِ الْيَوْمَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ خِلَافًا لِ ح فِي إِيجَابِهِ كَفَارَّةً وَاحِدَةً فِي جُمْلَةِ رَمَضَانَ وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي الرَّمَضَانَيْنِ وَفِي الْحُدُودِ إِذَا تَمَاثَلَتْ وَهِيَ أَوْلَى بِالتَّدَاخُلِ لِكَوْنِهَا مُهْلِكَةً وَفِي لعدد عَلَى تَفْصِيلٍ يَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَفِي الْأَمْوَالِ كَدِيَةِ الْأَطْرَافِ مَعَ النَّفْسِ وَالصَّدَقَاتِ فِي وَطْء الشُّبُهَات إِذا تكَرر الْوَطْء فيالشبهة الْوَاحِدَةِ وَيَدْخُلُ الْمُتَقَدِّمُ فِي الْمُتَأَخِّرِ كَالْأَطْرَافِ مَعَ النَّفْسِ وَالْمُتَأَخِّرُ فِي الْمُتَقَدِّمِ كَوَطْءِ الشُّبْهَةِ وَالْكَثِيرُ فِي الْقَلِيلِ كَالْأَطْرَافِ مَعَ النَّفْسِ وَالْقَلِيلُ فِي الْكَثِيرِ كَالْأُصْبُعِ مَعَ النَّفْسِ وَالْوُضُوءِ مَعَ الْغُسْلِ وَالْعُمْرَةِ مَعَ الْحَجِّ

- الباب الرابع في الاستثناء

1 - الْبَاب الرَّابِع فِي الِاسْتِثْنَاء وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الثَّنْيِ لِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ رَجَعَ إِلَى كَلَامِهِ بَعْدَ مُفَارَقَتِهِ فَأَخْرَجَ بَعْضَهُ كَمَا يَرْجِعُ نِصْفُ الثَّوْبِ عَلَى نِصْفِهِ وَهُوَ حَقِيقَةٌ فِي الْإِخْرَاجِ بِإِلَا وَأَخَوَاتِهَا ثُمَّ يُطْلَقُ عَلَى قَوْلِنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مَجَازًا لِأَنَّهُ شَرْطٌ مَشْرُوطٌ وَالشَّرْطُ لَيْسَ بِاسْتِثْنَاءٍ وَالْعَلَاقَةُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الشَّرْطَ مُخْرِجٌ مِنَ الْمَشْرُوطِ أَحْوَالَ عَدَمِ الشَّرْطِ فَالشَّرْطُ مُخْرِجٌ لِبَعْضِ الْأَحْوَالِ وَالِاسْتِثْنَاءُ لِبَعْضِ الْأَشْخَاصِ وَيَدُلُّ عَلَى تَسْمِيَةِ هَذَا الشَّرْطِ اسْتِثْنَاءً قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ حَلَفَ وَاسْتَثْنَى عَادَ كَمَنْ لم يحلف وَمرَاده ذَلِك فَإِن الِاسْتِثْنَاءَ بِإِلَّا لَا يُبْطِلُ حُكْمَ الْيَمِينِ إِجْمَاعًا وَهَاهُنَا بحثان الْبَحْث الْأَوَّلُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ الْحَقِيقِيِّ وَهُوَ الِاسْتِثْنَاءُ بِإِلَّا وَغَيْرِ وَسِوَى وَحَاشَا وَخَلَا وَلَيْسَ وَلَا يَكُونُ وَنَحْوِهَا وَلَا بُدَّ مِنِ اتِّصَالِهِ بِالْكَلَامِ وَالنُّطْقِ بِهِ على الْفَوْر عَادَة احْتِرَازًا مِنَ الْعُطَاسِ أَوِ السُّعَالِ قَبْلَهُ بَعْدَ الْكَلَامِ وَفِي الْمُقَدَّمَاتِ لَا يَقَعُ الِاسْتِثْنَاءُ بِإِلَّا مِنَ الْأَعْدَادِ وَإِنِ اتَّصَلَ مَا لَمْ يَبْنِ كَلَامَهُ عَلَيْهِ نَحْوَ وَاللَّهِ لَأُعْطِيَنَّكَ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ إِلَّا درهما وَكَذَلِكَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إِلَّا وَاحِدَةً بِخِلَافِ الْعُمُومِ وَبِخِلَافِ الِاسْتِثْنَاءِ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّهُ يَكْفِي فِيهَا الِاتِّصَالُ وَإِنْ لَمْ يَبْنِ الْكَلَامَ عَلَيْهِ وَلَا يدْخل الِاسْتِثْنَاء أَيْضًا فِيمَا نَصَّ عَلَيْهِ بِالْعَطْفِ نَحْوَ

وَاللَّهِ لَأُعْطِيَنَّ زَيْدًا أَوْ عَمْرًا أَوْ خَالِدًا إِلَّا زَيْدًا فَإِنَّ فِيهِ إِبْطَالَ حُكْمِ زَيْدٍ وَهُوَ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ وَبِخِلَافِ مَا انْدَرَجَ مَعَ الْمَخْصُوصِ ضِمْنًا وَقَالَ الْقَاضِي يَجُوزُ عِنْدَنَا اسْتِثْنَاءُ شَطْرِ الشَّيْءِ وَأَكْثَرِهِ وَالِاسْتِثْنَاءُ عِنْدَنَا مِنَ النَّفْيِ إِثْبَاتٌ وَمِنَ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ خِلَافًا لِ ح الْبَحْث الثَّانِي فِي الِاسْتِثْنَاءِ الْمَجَازِيِّ وَفِي الْكِتَابِ مَنْ حَلَفَ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ بِصِفَاتِهِ الْعُلَى أَوْ نَذَرَ نَذْرًا لَا مَخْرَجَ لَهُ وَقَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَإِنْ أَرَادَ الِاسْتِثْنَاءَ انْحَلَّتْ يَمِينه أَو التَّبَرُّك لقَوْله تَعَالَى {وَلَا قولن لشَيْء إِنِّي فَاعل ذَلِك غَدا إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} الْكَهْف 23 فَيَمِينُهُ مُنْعَقِدَةٌ وَيَكْفِي حُدُوثُ الْقَصْدِ إِلَيْهِ بَعْدَ اللَّفْظِ إِذَا وَصَلَهُ بِالْيَمِينِ وَإِلَّا فَلَا وَلَا تَكْفِي فِيهِ النِّيَّةُ بَلْ لَا بُدَّ مِنَ التَّلَفُّظِ وَفِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ حَلَفَ فَقَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَحْنَثْ وَفِي الْجَلَّابِ إِنْ قَطْعَهُ بِسُعَالٍ أَوْ عُطَاسٍ أَوْ تثاؤب لم يضرّهُ ووافقنا الْأمة عَلَى وُجُوبِ الِاتِّصَالِ وَعَنِ ابْنِ حَنْبَلٍ أَيْضًا يَجُوزُ الِانْفِصَالُ مَا لَمْ يَطُلْ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ مَا دَامَ فِي الْمَجْلِسِ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَاللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا ثُمَّ سَكَتَ ثُمَّ قَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ أَدَبٌ لِأَجْلِ الْيَمِينِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} الْكَهْف 24 قَوَاعِدُ كل مُتَكَلم لَهُ عرف يحمل لَفظه على عُرْفِهِ فِي الشَّرْعِيَّاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ وَالْإِقْرَارَاتِ وَسَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ وَالشَّرْع لَهُ فِي الْحلف نوعى شُرِّعَ لَهُ وَاخْتُصَّ بِهِ فَهُوَ عُرْفُهُ وَهُوَ الْحَلِفُ بِاللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ الْعُلَى فَيُخْتَصُّ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ حَلَفَ وَاسْتَثْنَى بِهِ وَلَا يتَعَدَّى إِلَى الطَّلَاق وَالْعتاق وَالنُّذُور خلافًا

ل ش فَالِاسْتِثْنَاءُ جَعَلَهُ الشَّرْعُ سَبَبًا حَالًّا لِلْيَمِينِ وَالْأَصْلُ عدم نَصبه سَبَبًا لِحَلِّ غَيْرِهِ وَسَلَامَةِ غَيْرِهِ عَنِ الْحَلِّ وَالنَّقْضِ وَالنَّذْرُ الَّذِي لَا مَخْرَجَ لَهُ كَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فَلِذَلِكَ سُوِّيَ بِالْيَمِينِ وَلَمْ تَكْفِ النِّيَّةُ لِأَنَّ الْمَنْصُوبَ سَبَبًا لِلْحَلِّ إِنَّمَا هُوَ هَذَا اللَّفْظُ وَلَمْ يُوجَدْ وَالْقَصْدُ إِلَى الْأَسْبَابِ الشَّرْعِيَّةِ لَا يَقُومُ مَقَامَهَا وَالنِّيَّةُ إِنَّمَا نُصِبَتْ سَببا فِي التَّخْصِيص وَالتَّقْيِيد فِيمَا لم يبْق الْكَلَامُ عَلَيْهِ فَلَا جَرَمَ يَسْتَقِلُّ بِهِمَا قَالَ اللَّخْمِيُّ الِاسْتِثْنَاءُ يَصِحُّ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ آدَمِيٍّ حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ وَالْمُجْمَعُ عَلَيْهِ مَا فِيهِ النُّطْقُ وَالنَّسَقُ وَالنِّيَّةُ قَبْلَ الْيَمِينِ أَوْ فِي مَوْضِعٍ لَوْ سَكَتَ لَمْ تَنْعَقِدِ الْيَمِينُ وَعَلَى الْقَوْلِ بِانْعِقَادِ الْيَمِينِ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ بِالنِّيَّةِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ كُلُّ مَا فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَوْ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَإِلَّا نَحْوَ لَقِيتُ الْقَوْمَ وَيَنْوِي فِي نَفْسِهِ إِلَّا فُلَانًا فَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ لَا يُجْزِئُ فِيهَا إِلَّا تَحْرِيكُ اللِّسَانِ وَقِيلَ يَكْفِي قي (إِلَّا) النِّيَّة بِخِلَاف الآخرين وَلم تخْتَلف أَن المحاشاة تَكْفِي فِيهَا النِّيَّة وَهِي الْإِخْرَاج قَبْلَ الْيَمِينِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ قَبْلَ حَرْفٍ مِنَ الْيَمِينِ لِأَنَّهُ لَوْ سَكَتَ حِينَئِذٍ لَمْ تَنْعَقِدْ أَمَّا بَعْدَ الْإِتْمَامِ لَا يُمْكِنُ رَفْعُ الْمُنْعَقِدِ وَالْبَحْثُ مَعَهُ هَلْ الِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ لِلسَّبَبِ الْمُنْعَقِدِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَإِنَّمَا نَصَبَهُ الشَّرْعُ مَانِعًا مِنْ الِانْعِقَادِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّرْعِ فِي قَوْلِهِ {مَنْ حَلَفَ} كَمَالُ الْحَلِفِ فَظَاهِرُ الْحَدِيثِ مَعَ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَوْلُهُ إِلَّا أَنْ يَقْضِيَ اللَّهُ أَوْ يُرِيدَ اللَّهُ كَقَوْلِهِ يَشَاءُ اللَّهُ وَفِي الْبَيَان قَالَ ابْن الْقَاسِم إِذا قَالَ إِلَّا أَنْ يَقْضِيَ اللَّهُ تَعَالَى غَيْرَ ذَلِكَ لَيْسَ اسْتِثْنَاءً لِأَنَّ هَذَا مَعْلُومٌ مِنَ الْيَمِينِ قبل قَوْله خرج لَفْظُ الْمَشِيئَةِ فَالدَّلِيلُ نَفَى بَقِيَّةَ أَلْفَاظِ الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ عَلَى الْأَصْلِ وَقَالَ عِيسَى هُوَ ثُنْيَا لِلْمُسَاوَاةِ فِي الْمَعْنَى وَكَذَلِكَ إِلَّا أَنْ يُرِنِي اللَّهُ غَيْرَ ذَلِكَ وَفَرَّقَ أَصْبَغُ بَيْنَهُمَا فَمَنَعَ الْأَخِيرَ وَهَذَا يَجِبُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الْخِلَافِ فِي الْأَسْبَاب الشَّرْعِيَّة هَل الْقيَاس عَلَيْهِمَا إِذَا عُقِلَ مَعْنَاهَا أَمْ لَا كَمَا قِيلَ فِي قِيَاسِ النَّبْشِ عَلَى السَّرِقَةِ وَاللِّوَاطِ عَلَى الزِّنَا وَفِي الْجَوَاهِرِ اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ هَلْ الِاسْتِثْنَاءُ حَلٌّ لِلْيَمِينِ وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي

- الباب الخامس في مدارك البر والحنث

وَفُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ أَوْ بَدَلٌ مِنَ الْكَفَّارَةِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيُعَضِّدُ الْأَوَّلَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ وَأَنَّ انْتِفَاءَ الْحُكْمِ الَّذِي هُوَ الْكَفَّارَةُ لانْتِفَاءِ سَببه أولى من انتفاءه لِقِيَامِ مَانِعِهِ وَيُعَضِّدُ الثَّانِيَ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ إِيجَابِ الْيَمِينِ لِلْكَفَّارَةِ وَحَيْثُ اشْتَرَطْنَا النُّطْقَ فَيَكْفِي فِيهِ تَحْرِيكُ شَفَتَيْهِ مِنْ غَيْرِ جَهْرٍ إِلَّا الْمُسْتَحْلَفَ لَا بُدَّ مِنْ جَهْرِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَصْدِ حَالِ الْيَمِينِ أَوِ التَّفْوِيضِ إِلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى 1 - الْبَابُ الْخَامِسُ فِي مدارك الْبر والحنث وَهِي أَرْبَعَة عشر مدْركا الْمدْرك الأول النِّيَّةُ وَاعْلَمْ أَنَّ الْحِنْثَ فِي اللُّغَةِ لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْإِثْمِ وَمِنْهُ بَلَغَ الصَّبِيُّ الْحِنْثَ أَيْ زَمَانًا يُكْتَبُ عَلَيْهِ الْإِثْمُ وَبَيْنَ الْمُخَالَفَةِ لِلْيَمِينِ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَالْبِرُّ فِي اللُّغَةِ ضِدُّ الْعُقُوقِ وَمِنْهُ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ أَيْ مُوَافَقَتُهُمَا فَالْمُوَافِقُ لِمُقْتَضَى الْيَمِينِ بَارٌّ وَالْمُخَالِفُ حَانِثٌ سَوَاءٌ كَانَ آثِمًا أَمْ لَا قَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَلِلْبِرِّ لَفْظَانِ لَا فَعَلْتُ وَإِنْ فَعَلْتُ وَيَجْمَعُهُمَا الْتِزَامُ عَدَمِ الْفِعْلِ وَلِلْحِنْثِ لَفْظَانِ إِنْ لَمْ أَفْعَلْ وَلَأَفْعَلَنَّ وَيَجْمَعُهُمَا الْتِزَامُ وُجُودِ الْفِعْلِ فَهُوَ الْآنَ عَلَى خِلَافِ مُقْتَضَى الْيَمِينِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَلِذَلِكَ قِيلَ لَهُ هُوَ عَلَى حِنْثٍ إِلَّا أَنْ يَضْرِبَ أَجَلًا فَهُوَ عَلَى بِرٍّ لِأَنَّهُ إِنَّمَا الْتَزَمَ أَنْ لَا يُخَلِّيَ ذَلِكَ الزَّمَانَ مِنَ الْفِعْلِ وَلَمْ يَتَعَيَّنْ خُلُوُّهُ إِلَّا بِمُضِيِّ الزَّمَانِ وَفِي الْجَوَاهِرِ النِّيَّةُ تُقَيِّدُ الْمُطْلَقَاتِ وَتُخَصِّصُ الْعُمُومَاتِ إِذَا صَلَحَ لَهَا اللَّفْظُ كَانَتْ مُطَابِقَةً لَهُ أَوْ زَائِدَة فِيهِ أَو نَاقِصَة مِنْهُ قَالَ الخمي هِيَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ إِنْ كَانَتْ فِي الطَّلَاقِ أَوِ الْعَتَاقِ وَأَحْلَفَهُ الطَّالِبُ لَمْ يُصَدَّقْ فِي بَيِّنَةٍ وَقُضِيَ بِالظَّاهِرِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ أَوْ يَمِينُهُ مِمَّا لَا يُقْضَى بِهَا فَهَلْ هِيَ عَلَى نِيَّةِ الطَّالِبِ أَوِ الْحَالِفِ قَوْلَانِ وَإِنْ تَطَوَّعَ بِالْيَمِينِ وَكَانَ لَهُ التَّخَلُّصُ بِغَيْرِهَا فَلَهُ نِيَّتُهُ وَقِيلَ عَلَى نِيَّةِ الطَّالِبِ وَإِنْ دَفَعَ بِهَا ظُلْمًا فَلَهُ نِيَّتُهُ وَإِنْ حَلَفَ بِالْحَرَامِ عَلَى قَضَاءِ حَقٍّ قَالَ مَالِكٌ لَا تَنْفَعُهُ مُحَاشَاةُ زَوْجَتِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَوَاءٌ اسْتَحْلَفَهُ الطَّالِبُ وَضَيَّقَ عَلَيْهِ حَتَّى بَدَرَ بِالْيَمِينِ وَإِنْ حَلَفَ بِهَا ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ وَلَا إِلْجَاءٍ فَلَهُ نِيَّتُهُ وَرُوِيَ عَنْ مَالك تَنْفَعهُ المحاشاة فِي الْحرم وَإِنْ كَانَ مُسْتَحْلَفًا لِلْخِلَافِ فِي الْحَرَامِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ إِذَا

لَمْ تَحْضُرْهُ بَيِّنَةٌ فَفِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ قَوْلَانِ وَالصَّحِيح قبُولهَا إِذَا ظَهَرَ لَهَا مَحْمَلٌ وَإِنِ احْتَمَلَهَا اللَّفْظُ عَلَى قُرْبٍ قُبِلَتْ إِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ قَوْلًا وَاحِدًا وَإِلَّا قُضِيَ بِمُقْتَضَى اللَّفْظِ حَيْثُ وُجِدَ قَالَ صَاحِبُ الْإِكْمَالِ لَا خِلَافَ أَنَّ الْمُسْتَحْلَفَ فِي حَقٍّ يُقْضَى عَلَيْهِ بِظَاهِرِ يَمِينِهِ فَأَمَّا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فَفِي حِنْثِهِ أَقْوَالٌ قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ الْحَلِفُ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ وَقِيلَ عَلَى نِيَّةِ الْمَحْلُوفِ لَهُ مُطْلَقًا اسْتُحْلِفَ أَمْ لَا وَقِيلَ عَلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ وَقِيلَ عَكْسُ قَوْلِ مَالِكٍ لِلْمُسْتَحْلِفِ نِيَّتُهُ والمتطوع على نِيَّة الْمَحْلُوف لَهُ وَقِيلَ يَنْفَعُهُ فِيمَا لَا يُقْضَى عَلَيْهِ وَيَفْتَرِقُ الْمُتَطَوِّعُ وَغَيْرُهُ فِيمَا يُقْضَى بِهِ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَيْضًا قَاعِدَةٌ يَجُوزُ عِنْدَنَا التَّقْيِيدُ وَالتَّخْصِيصُ فِي مَدْلُولِ اللَّفْظِ الْمُطَابِقِيِّ والتضميني والإلتزامي وَقَالَهُ ش وَقَالَ ح لَا يَجُوزُ فِي الِالْتِزَامِيِّ وَيَتَخَرَّجُ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْحَالِفِ لَا آكُلُ فَيَجُوزُ لَهُ عِنْدَنَا تَخْصِيصُهُ أَوْ تَقْيِيدُهُ إِنْ قِيلَ بِعَدَمِ الْعُمُومِ بِبَعْضِ الْمَأْكُولَاتِ فَلَا يَحْنَثُ بِمَا سِوَاهُ وَعِنْدَهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْفِعْلَ إِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى الْمَأْكُولَاتِ الْتِزَامًا فَيَحْنَثُ عِنْدَهُ بِجُمْلَةِ الْمَأْكُولَاتِ وَلَا تَنْفَعُهُ النِّيَّةُ لَنَا مَدْرَكَانِ أَحَدُهُمَا قَوْله تَعَالَى {لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ} يُوسُف 66 فأَخْرَجَ حَالَةَ الْإِحَاطَةِ مِنَ الْحَالَاتِ الَّتِي لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهَا اللَّفْظُ إِلَّا الْتِزَامًا فَكَذَلِكَ يَصِحُّ الْإِخْرَاجُ بِالنِّيَّةِ لِبَعْضِ الْمَفَاعِيلِ وَالْأَزْمِنَةِ وَالْبِقَاعِ بِجَامِعِ احْتِيَاجِ الْمُكَلَّفِ إِلَى تَمْيِيزِ مَوْضِعِ الْمَصْلَحَةِ وَكِلَاهُمَا إِخْرَاجُ الثَّانِي وَوَافَقَنَا عَلَى مَا إِذَا قَالَ لَا آكُلُ أَكْلًا أَنَّ النِّيَّةَ تَنْفَعُهُ وَالْأَكْلُ إِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى الْمَأْكُولَاتِ الْتِزَامًا وَهُوَ بِعَيْنِهِ الْمُرَادُ بِالْفِعْلِ تَنْبِيهٌ يُسْأَلُ الْحَالِفُ بِاللَّفْظِ الْعَامِّ فَإِنْ قَالَ أَرَدْتُ بَعْضَ أَنْوَاعِهِ لَا يُلْتَفَتُ لِنِيَّتِهِ وَيُعْتَبَرُ عُمُومُ لَفْظِهِ لِأَنَّ هَذِهِ النِّيَّةَ مُؤَكِّدَةٌ لِلَّفْظِ فِي ذَلِكَ النَّوْعِ غَيْرُ صَارِفَةٍ لَهُ على بَقِيَّةِ الْأَنْوَاعِ وَمِنْ شَرْطِ النِّيَّةِ الْمُخَصَّصَةِ أَنْ تَكُونَ صَارِفَةً فَإِنْ قَالَ أَرَدْتُ إِخْرَاجَ مَا عَدَا هَذَا النَّوْعَ حُمِلَتْ يَمِينُهُ عَلَى مَا بَقِيَ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ وَمِنْ شَرْطِ النِّيَّةِ الْمُخَصِّصَةِ أَنْ تَكُونَ مُنَافِيَةً لِمُقْتَضَى اللَّفْظِ بِخِلَافِ الْمُقَيَّدَةِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَهَذَا مَقَامٌ لَا يُحَقِّقُهُ أَكْثَرُ مفتي الْعَصْر

الْمدْرك الثَّانِي السَّبَب الْمُنِير للْيَمِين وَيُسمى الْبسَاط وَفِي الْجَوَاهِر هُوَ عندن مُعْتَبَرٌ فِي تَخْصِيصِ اللَّفْظِ لِبَعْضِ مَعَانِيهِ وَتَعْمِيمِهِ فِيمَا هُوَ أَهَمُّ مِنْ مُسَمَّى اللَّفْظِ نَحْوَ قَوْلِ الْحَالِفِ لَا شَرِبْتُ لَكَ مَاءً مِنْ عَطَشٍ عَقِيبَ كَلَامٍ يَقْتَضِي الْمِنَّةَ فَإِنَّا نَحْمِلُهُ عَلَى عُمُومِ مَا فِيهِ مِنَّةٌ لِأَجْلِ السَّبَبِ الْمُؤثر للْيَمِين وَقَالَهُ ابْن حَنْبَل خلافًا ل ش وح لَنَا إِنَّ اللَّفْظَ بَعْدَ انْضِمَامِهِ لِلسَّبَبِ يَصِيرُ ظَاهِرًا فِيمَا ذَكَرْنَاهُ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ كَالْعُرْفِ مَعَ اللَّفْظ بِجَامِع مُوجب الظُّهُور وَلقَوْله تَعَالَى {وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلا} النِّسَاء 77 {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذرة خيرا يره وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} الزلزلة 7 وَالْمُرَادُ الْعُمُومُ فَالتَّنْبِيهُ بِبَعْضِ أَنْوَاعِ الشَّيْءِ أَوْ إِفْرَاده عَلَيْهِ كَلَامٌ عُرْفِيٌّ مَعْلُومٌ وَقَرِينَةُ تَقْدِيمِ السَّبَبِ تُصَيِّرُهُ نَصًّا أَوْ ظَاهِرًا فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى يُسْتَغْنَى بِظُهُورِهِ عَنِ النِّيَّةِ كَسَائِرِ الظَّوَاهِرِ وَتَمَسَّكَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ بِتَخْرِيجِهِ عَلَى خِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي وُرُودِ الْخِطَابِ عَقِيبَ السَّبَبِ هَلْ يُحْمَلُ عَلَيْهِ أَمْ لَا وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِأَنَّ الْخِلَافَ ثَمَّةَ إِنَّمَا هُوَ هَلْ يُخْتَصُّ بِالسَّبَبِ أَوْ يُنْظَرُ إِلَى عُمُومِ اللَّفْظِ أَمَّا تَعْمِيمُ الْحُكْمِ فِيمَا هُوَ أَعَمُّ مِنَ اللَّفْظِ فَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ ثَمَّةَ فَلَا يَسْتَقِيمُ التَّخْرِيجُ تَفْرِيعٌ فِي الْكِتَابِ لَوْ مَنَّ عَلَيْهِ بِهِبَةٍ فَحَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ لَبَنِهَا وَلَا لَحْمِهَا حَنِثَ بِمَا اشْتَرَى مِنْ ثَمَنِهَا أَكْلًا أَوْ لِبَاسًا بِخِلَافِ غَيْرِ ثَمَنِهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ نَوَى أَنْ لَا يَنْتَفِعَ مِنْهُ بِشَيْءٍ الْمَدْرَكُ الثَّالِثُ الْعُرْفُ وَهُوَ قِسْمَانِ فِعْلِيٌّ وَقَوْلِيٌّ وَالْقَوْلِيُّ قِسْمَانِ فِي الْمُفْرَدَاتِ وَالْمُرَكَّبَاتِ وَعُرْفُ الْمُفْرَدَاتِ قِسْمَانِ فِي بَعْضِ أَفْرَادِ الْحَقِيقَةِ اللُّغَوِيَّةِ وَأَجْنَبِيٌّ مِنْهَا فَالْفِعْلِيُّ هُوَ غَلَبَةُ مُلَابَسَةِ بَعْضِ أَنْوَاعِ مُسَمَّى اللَّفْظِ وَهُوَ غَيْرُ مُقَدَّمٍ عَلَى اللُّغَةِ وَلَا مُعَارِضٌ لِلْوَضْعِ كَمَا لَوْ حَلَفَ الْمَلِكُ لَا يَأْكُلُ خُبْزًا وَعَادَتُهُ أَكْلُ الْحُوَّارَى وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِالْجَرِيشِ لِأَنَّ اللَّفْظَ لَمْ يُخْتَصَّ بِالْحُوَّارَى وَالْأَصْل

اعْتِبَارُ اللُّغَةِ وَالْقَوْلِيُّ فِي بَعْضِ أَفْرَادِ الْحَقِيقَةِ كَلَفْظِ الدَّابَّةِ غَلَبَ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْحِمَارِ حَتَّى صَارَ لَا يُفْهَمُ مِنَ اللَّفْظِ غَيْرُهُ وَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ وَسَائِرُ الْعِبَادَاتِ وَاصْطِلَاحَاتُ أَرْبَابِ الْعُلُومِ وَالصِّنَاعَاتِ وَالْأَجْنَبِيُّ مِنَ الْحَقِيقَةِ نَحْوَ لَفْظِ الْغَائِطِ فَإِنَّهُ الْمَكَانُ الْمُطَمْئِنُّ وَغَلَبَ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْفَضْلَةِ الْخَارِجَةِ من الْإِنْسَان وَهِي لَيْسَتْ بَعْضَ الْمَوَاضِعِ الْمُطَمْئِنَّةِ وَعُرْفُ الْمُرَكَّبَاتِ كَغَلَبَةِ اسْتِعْمَالِ مُرَكَّبٍ مَخْصُوصٍ وَمَعْنًى مَخْصُوصٍ فِي سِيَاقٍ مَخْصُوصٍ حَتَّى يَصِيرَ أَشْهَرَ فِيهِ مِمَّا لَا تَقْتَضِيهِ لُغَةُ كَقَوْلِ الْقَائِلِ لِغَرِيمِهِ لَأَقْضِيَنَّكَ فِي رَأْسِ الشَّهْرِ فِي قَصْدِ عَدَمِ التَّأْخِيرِ عَنْ هَذِهِ الْغَايَةِ دُونَ التَّأْخِيرِ إِلَى رَأْسِ الشَّهْرِ وَقَوْلِ الْقَائِلِ لِامْرَأَتِهِ وَاللَّهِ لَا كَسَوْتُكِ فِي إِرَادَةِ التَّضْيِيقِ دُونَ خُصُوصِ الْكِسْوَةِ حَتَّى يَحْنَثَ بِدفع الدَّرَاهِم إِلَيْهَا وَهَذَا الْقسم من الْعُرْفِ غَيْرُ بِسَاطِ الْيَمِينِ فَإِنَّ الْبِسَاطَ حَالَةٌ تَتَقَدَّمُ الْحَلِفَ تَخْتَلِفُ فِي صُوَرِهِ وَهَذَا الْعُرْفُ يُعلمهُ مِنْ نَفْسِ اللَّفْظِ الْمُرَكَّبِ مَعَ الْجَهْلِ بِالْحَالَةِ كَيْفَ كَانَتْ فَالْعُرْفُ الْقَوْلِيُّ كُلُّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى اللُّغَةِ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي غَيْرِ الْمُسَمّى اللّغَوِيّ فَهُوَ نَاسخ اللُّغَة وَالنَّاسِخُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَنْسُوخِ بِخِلَافِ الْفِعْلِيِّ لَيْسَ مُعَارضا للفظ النِّيَّة فَفَرْقٌ بَيْنَ غَلَبَةِ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي غَيْرِ مُسَمَّاهُ وَبَيْنَ غَلَبَةِ مُلَابَسَةِ بَعْضِ أَنْوَاعِ مُسَمَّاهُ فَتَفَطَّنْ لِهَذِهِ الْمَدَارِكِ فَهِيَ حَسَنَةٌ تَفْرِيعٌ فِي الْكِتَابِ الْحَالِفُ لَيَقْضِينَّهُ حَقَّهُ غَدًا فَقَضَاهُ الْيَوْمَ بر خلافًا ل ش قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ لَوْ سَأَلَهُ قَرْضَ خَمْسَةَ عَشَرَ فَحَلَفَ لَيْسَ مَعَهُ إِلَّا عَشْرَةٌ فَوَجَدَهَا تِسْعَةً لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِي الْعَادة لَيْسَ مَعنا إِلَّا عشرَة فَمَا دون وَلَو وجدهَا أحد عَشَرَ حَنِثَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْحَالِفُ لَا يَبِيعُ بِمِائَةِ دِينَارٍ يُزَادُ لِلْمِائَةِ دِينَارٌ وَلِلْخَمْسِينَ نِصْفُ دِينَارٍ إِلَّا أَنْ تَكُونَ لَهُ نِيَّةٌ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَبَرُّ بِأَقَلَّ مِنْ رُبُعِ دِينَارٍ وَفِي الْكِتَابِ الْحَالِفُ لَا يَكْسُو زيدا أَو

امْرَأَتَهُ فَأَعْطَاهُ أَوْ إِيَّاهَا مَا اشْتَرَى بِهِ ثَوْبًا حَنِثَ وَإِنِ افْتَكَّ ثِيَابَهَا مِنَ الرَّهْنِ حَنِثَ ثُمَّ عَرَضْتُهَا عَلَيْهِ فَقَالَ امْحُهَا وَأَرَى أَن لَا يَحْنَث إِن واشرا ثوب أوهبه وَلَا حنث نَظَائِرُ الْمَمْحُوَّاتُ فِي الْكِتَابِ أَرْبَعَةٌ هَذِهِ وَإِذَا وَلَدَتِ الْأُضْحِيَّةُ فَحَسُنَ أَنْ يَذْبَحَ مَعَهَا وَلَدَهَا وَإِنْ أَبَى لَمْ أَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ امْحُهَا وَاتْرُكْ إِنْ ذَبَحَ فَحَسَنٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا أَرَى ذَلِكَ عَلَيْهِ وَاجِبًا وَلَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْمَرِيضِ وَالْمَرِيضَةِ وَيُفْسَخُ وَإِنْ دَخَلَا وَكَانَ يَقُولُ لَا يَثْبُتُ وَإِنْ صَحَّا فَمَحَاهُ وَقَالَ يَثْبُتُ وَإِذَا سَرَقَ وَلَا يَمِينَ لَهُ أَوْ لَهُ يَمِينٌ شلاء قَالَ تُقْطَعُ رِجْلُهُ الْيُسْرَى ثُمَّ قَالَ امْحُهَا بَلْ يَدُهُ الْيُسْرَى وَبِالْأَوَّلِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ وَالْحَالِفُ لَا يَهَبُ لِأَجْنَبِيٍّ أَوِ امْرَأَتِهِ دَنَانِيرَ فَيَكْسُوهُمَا أَوْ يُعْطِي الرَّجُلَ فَرَسًا أَوْ عَرَضًا يَحْنَثُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِهَذَا فِي الْعَادَةِ تَجَنُّبُ النَّفْعِ فَإِنْ نَوَى الدَّنَانِيرَ دُونَ غَيْرِهَا نُوِيَ فِي الزَّوْجَةِ دُونَ الرَّجُلِ لِأَنَّ الْعَادَةَ كَرَاهَةُ دَفْعِ الذَّهَبِ لِلنِّسَاءِ لِسُوءِ نَظَرِهِنَّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يَنْوِي عِنْدِي فِي الرَّجُلِ كَالْمَرْأَةِ إِذَا عُلِمَ مِنْ حَالِهِ سُوءُ نَظَرِهِ فِي الذَّهَبِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ إِنَّمَا يَعْنِي فِي الزَّوْجَةِ غَيْرَ الثِّيَابِ اللَّازِمَةِ أَمَّا اللَّازِمَةُ فَلَا يَحْنَثُ وَفِي الْبَيَانِ الْحَالِفُ لَيُوَفِّيَنَّهُ حَقَّهُ بِمَوْضِعِ كَذَا فَلَمْ يَجِدْهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ الْمدْرك الرَّابِع مُقْتَضى اللَّفْظَة لُغَة فِي الْجَوَاهِرِ الْمَشْهُورُ تَرْتِيبُ هَذِهِ الْمَدَارِكِ فِي الِاعْتِبَارِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ إِنْ فُقِدَتِ النِّيَّةُ فَالْبِسَاطِ فَإِن فقد فالعرف فَإِن فقد فاللغة وَقَالَ ش وح وَقَالَ أَبُو الطَّاهِرِ إِنْ فُقِدَتِ النِّيَّةُ وَالْبِسَاطُ فَهَلْ يُحْمَلُ اللَّفْظُ عَلَى اللُّغَةِ أَوِ الْعُرْفِ أَوْ مُقْتَضَاهُ شَرْعًا إِنْ وُجِدَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ هَذَا فِي الْمَظْنُونِ أَمَّا الْمَعْلُومُ كَقَوْلِهِ وَاللَّهِ لَأُرِيَنَّهُ النُّجُومَ بِالنَّهَارِ وَنَحْوِهِ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى مَا عُلِمَ مِنْ ذَلِكَ مِنَ الْمُبَالَغَةِ دُونَ الْحَقِيقَةِ قَالَ اللَّخْمِيّ إِذا

اجْتَمَعَ الْبِسَاطُ وَالْعَادَةُ وَاللُّغَةُ قِيلَ يُحْمَلُ عَلَى اللُّغَةِ دُونَ الْبِسَاطِ وَالْعَادَةِ وَقِيلَ عَلَى الْبِسَاطِ دُونَ الْعَادَةِ وَقِيلَ عَلَيْهِمَا تَفْرِيعٌ عَلَى هَذَا الْمَدْرَكِ فِي الْكِتَابِ الْحَالِفُ لَا يَلْبَسُ ثِيَابَ فُلَانٍ وَلَا يَسْكُنُ دَارَهُ وَلَا يَأْكُلُ طَعَامَهُ فَاشْتَرَى ذَلِكَ مِنْهُ وَفَعَلَ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ لَا يَحْنَثُ إِلَّا أَنْ يَكْرَهَ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ لِمَعَانٍ فِيهَا وَإِنِ انْتَقَلَتْ إِلَيْهِ بِالْهِبَةِ دُونَ الصَّدَقَةِ فَفَعَلَ فِيهَا ذَلِكَ حَنِثَ إِنْ كَانَ الْحلف لدفع الْمِنَّة وَلَو أطْعم الْمَحْلُوف وَلَدَ الْحَالِفِ خُبْزًا فَأَكَلَ مِنْهُ الْأَبُ غَيْرُ عَالِمٍ حَنِثَ وَفِي النُّكَتِ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ إِنْ كَانَ الْأَبُ مُوسِرًا لَهُ رَدُّ مَا وهب للصَّبِيّ حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ وَالْعَبْدُ وَالْوَلَدُ سَوَاءٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّ مَا وُهبَ لَهُ قَالَ التُّونِسِيُّ وَلَمْ يُفَرِّقْ مَالِكٌ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ أَنَّ ذَلِكَ يَسِيرٌ لِلْأَبِ رَدُّهُ أَمَّا مَاله بَال لَا يَقْدِرُ عَلَى رَدِّهِ فَلَا يَنْبَغِي الْحِنْثُ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَنْتَفِعُ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِ فُلَانٍ فَأَطْعَمَ فُلَانٌ وَلَدَ الْحَالِفِ فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا لَا يَدْفَعُ عَنْهُ مُؤْنَةَ ابْنِهِ لَمْ يَحْنَثْ وَإِلَّا حَنِثَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ يَحْنَثُ بِالْوَلَدِ دُونَ الْأَبِ وَلَمْ يُفَصِّلْ قَالَ مَالِكٌ وَالْحَالِفُ بِالطَّلَاقِ لَا يَأْكُلُ طَعَامَ فُلَانٍ فَاشْتَرَيَا طَعَامًا فَأَكَلَاهُ يَحْلِفُ مَا أَرَادَ إِلَّا طَعَامًا خَالِصًا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ أَصْبَغُ لَا يَحْنَثُ إِذَا أَكَلَ مِثْلَ طَعَامِهِ فَأَقَلَّ وَفِي الْكِتَابِ الْحَالِفُ لِزَوْجَتِهِ لَا تَخْرُجُ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَأَذِنَ لَهَا فِي سَفَرٍ أَوْ حَيْثُ لَا تَسْمَعُهُ وَأَشْهَدَ فَخَرَجَتْ بَعْدَ إِذْنِهِ وَقيل علمهَا بِإِذْنِهِ فَإِنَّهُ حانث خلافًا ل ش لِأَنَّهَا خرجت بداعيتها لَا بِإِذْنِهِ وَالْحَالِفُ لَا يَأْذَنُ لَهَا إِلَّا فِي عِيَادَةِ مَرِيضٍ فَخَرَجَتْ بِإِذْنِهِ ثُمَّ مَضَتْ إِلَى حَاجَةٍ أُخْرَى لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ ذَلِكَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ إِلَّا أَنْ يَتْرُكَهَا بَعْدَ عِلْمِهِ وَقَالَ ش إِذَا قَالَ لَهَا إِنْ خَرَجْتِ بِغَيْرِ إِذْنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَخَرَجَتْ مَرَّةً

بِإِذْنِهِ انْحَلَّتِ الْيَمِينُ فَإِنْ خَرَجَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بِغَيْر إِذْنه لم يَحْنَث خلافًا ل ش ول ح لنا أَن الْيَمين لَا تحل إِلَّا بِالْحِنْثِ وَلَمْ يَحْنَثْ قَاعِدَةٌ الِاسْتِثْنَاءُ مِنَ النَّفْيِ إِثْبَاتٌ وَمِنَ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ لُغَةً وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ الْحَالِفَ حَلَفَ عَلَى أَمْرَيْنِ الْإِثْبَاتِ وَالنَّفْيِ فَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ لَا آذَنُ لَكِ إِلَّا فِي عِيَادَةِ مَرِيضٍ وَاللَّهِ لَا تَخْرُجِينَ لِلْمَرِيضِ إِلَّا بِإِذْنِي وَاللَّهِ لَا آذَنُ لَكِ فِي غَيرهَا فَإِن خرجت لمريض بِغَيْرِ إِذْنِهِ حَنِثَ وَكَذَلِكَ إِذَا قَالَ وَاللَّهِ لَا لَبِسْتُ ثَوْبًا إِلَّا الْكَتَّانَ يَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ إِذَا لَمْ يَلْبَسِ الْكَتَّانَ وَقَعَدَ عُرْيَانًا وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيَّةُ خِلَافًا لَنَا قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ مِنْهُ حَلَفَ شَخْصٌ بِالْبَيْتِ الْمُقَدَّسِ لَا لَعِبْتُ مَعَكَ شَطْرَنْجًا إِلَّا هَذَا الدَّسْتَ فَجَاءَ رَجُلٌ فَخَبَطَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ الدَّسْتَ قَالَ اخْتَلَفَتْ فَتَاوَى الْفُقَهَاءِ فِيهِ حِينَئِذٍ فَأَفْتَى بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ بِعَدَمِ حِنْثِهِ وَأَفْتَى غَيْرُهُمْ بِحِنْثِهِ وَاجْتَمَعْتُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالطُّرْطُوشِيِّ فَأَفْتَى بِعَدَمِ الْحِنْثِ حُجَّتُنَا مِنْ وُجُوهٍ الْأَوَّلُ إِنَّ هَذَا اسْتِثْنَاءُ إِثْبَاتٍ مِنَ الْحَلِفِ لَا مِنَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَيَكُونُ الْكَتَّانُ غَيْرَ مَحْلُوفٍ عَلَيْهِ فَلَا يَحْنَثُ وَيُؤَكِّدُهُ أَنَّ قَبْلَ النُّطْقِ بإِلَّا كَانَ حُكْمُ الْيَمِينِ مُتَقَرِّرًا فَقَدْ تَقَدَّمَ قَبْلَهَا أَمْرَانِ حُكْمُ الْيَمِينِ وَكَوْنُهُ مَحْلُوفًا عَلَيْهِ فَلَيْسَ صَرْفُ الِاسْتِثْنَاءِ إِلَى عَدَمِ اللُّبْسِ بِأَوْلَى مِنْ صَرْفِهِ إِلَى الْحَلِفِ بَلِ الْحَلِفُ أَوْلَى لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنَ الْكَفَّارَةِ الثَّانِي سَلَّمْنَا أَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ نَفْيٍ وَهُوَ عَدَمُ اللُّبْسِ فَيَكُونُ مُخْبِرًا عَنِ اللُّبْسِ فِيمَا بَعْدَ إِلَّا لَكِنْ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مَحْلُوفًا عَلَيْهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ تَعَلُّقِ الْيَمِينِ بِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ الثَّالِثُ قَدَّمْنَا أَنَّهُ يَقْتَضِي فِي اللُّغَةِ أَنَّ مَا بعد إِلَّا محلوف عَلَيْهِ لكا إِذا لم لَكِن إِلَّا بِمَعْنى غير وَسَوَاء فَإِنَّهَا تُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَاهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} الْأَنْبِيَاء 22 أَيْ غَيْرُ اللَّهِ وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَكُونُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ هُوَ اللُّبْسُ الْمَوْصُوفُ بِكَوْنِهِ مُغَايِرًا لِلْكَتَّانِ وَالْكَتَّانُ لَيْسَ دَاخِلًا فِيهِ الرَّابِعُ سَلَّمْنَا أَنَّهَا لَيست لصفة لَكِن الْعرف

(تفاريع اثنا عشر)

اقْتَضَى أَنَّ مَا بَعْدَهَا لَيْسَ مَحْلُوفًا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يُفْهَمُ عُرْفًا إِلَّا ذَلِكَ وَالْعُرْفُ مُقَدَّمٌ عَلَى اللُّغَةِ تَفْرِيعٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مُحَمَّدٌ الْحَالِفُ لَا خَرَجْتِ بِإِذْنِي ثُمَّ قَالَ اخْرُجِي حَيْثُ شِئْتِ فَخَرَجَتْ لَمْ يَحْنَثْ وَإِنْ قَالَ لَا خَرَجْتِ لِمَوْضِعٍ إِلَّا بِإِذْنِي ثُمَّ قَالَ اخْرُجِي حَيْثُ شِئْتِ فَخَرَجَتْ حَنِثَ وَقِيلَ هُوَ كَالْأَوَّلِ وَإِنْ أَذِنَ لَهَا وَلَمْ تَخْرُجْ حَتَّى مَنَعَهَا حَنِثَ قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ خَرَجَتْ ثُمَّ رَجَعَتْ لِحَاجَتِهَا ثُمَّ خَرَجَتْ لَمْ يَحْنَثْ وَإِنْ رَجَعَتْ رَفْضًا لِخُرُوجِهَا حَنِثَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ حَانِثٌ وَلَمْ يُفَرِّقْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ لَمْ تَبْلُغِ الْمَوْضِعَ الَّذِي خَرَجَتْ إِلَيْهِ لم يَحْنَث والأحنث وَإِنْ حَلَفَ لَا خَرَجْتِ إِلَّا بِإِذْنِي فَرَآهَا تَخْرُجُ وَلَمْ يَمْنَعْهَا حَنِثَ وَإِنْ حَلَفَ لَا أَذِنت لَك فرآها وَلم يمْنَعهَا فَإِن أَرَادَ منعهَا مِنَ الْخُرُوجِ حَنِثَ وَإِنْ حَلَفَ لَا خَرَجَتْ إِلَّا لِعِيَادَةِ مَرِيضٍ بِإِذْنِهِ فَخَرَجَتْ لِغَيْرِ مَرِيضٍ أَوْ لِمَرِيضٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِ حَنِثَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْقَائِلُ أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ خَرَجْتِ إِلَى أَهْلِكِ فَخَرَجَتْ وَلَمْ تَبْلُغْ أَهْلَهَا حَتَّى رَدَّهَا حَنِثَ لِأَنَّهَا قَدْ خَرَجَتْ لِهَذَا الْغَرَضِ (تَفَارِيعُ اثْنَا عَشَرَ) الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ الْحَالِفُ لَا يَلْبَسُ هَذَا الثَّوْبَ فَيَقْطَعُهُ قِبَاءً أَوْ قَمِيصًا أَوْ غَيْرَهُ يَحْنَثُ بِلُبْسِهِ إِلَّا أَنْ يَكْرَهَهُ لِضِيقِهِ وَإِنِ اتَّزَرَ بِهِ أَوْ لَفَّ بِهِ رَأْسَهُ أَوْ جَعَلَهُ عَلَى مِنْكَبِهِ حَنِثَ وَلَوْ جَعَلَهُ فِي اللَّيْلِ عَلَى فَرْجِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ لُبْسًا قَالَ ابْن يُونُس من سما أَشهب إِن حلف أَن لَا يضطجع عَلَى فِرَاشٍ فَفَتَقَهُ وَالْتَحَفَ وَالْتَفَّ بِهِ حَنِثَ إِلَّا أَنْ يَكْرَهَهُ لِحَشْوِهِ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ الْحَالِفُ لَا يَرْكَبُ دَابَّةَ فُلَانٍ فَرَكِبَ دَابَّةَ عَبْدِهِ يَحْنَث إِذا لَوِ اشْتَرَى الْعَبْدَ مَنْ يُعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ عُتِقَ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَحْنَثُ

الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ إنَّ الْحَالِفَ لَا ثَوْبَ لَهُ وَله ثوب مَرْهُون فَحنث كَانَ فِيهِ فَضْلٌ أَمْ لَا وَإِنْ حَلَفَ لَيُعْلِمَنَّهُ أَوْ لَيُخْبِرَنَّهُ بِكَذَا فَعَلِمَاهُ جَمِيعًا لَمْ يبر حَتَّى أَسَرَّهُ الْمُسِرُّ لِآخَرَ ثُمَّ ذَكَرَهُ الْآخَرُ لِلْحَالِفِ فَقَالَ لَهُ مَا حسبت أَنه أسره إِلَى غَيْرِي حَنِثَ وَالْحَالِفُ لَا يَتَكَفَّلُ بِالْمَالِ يَحْنَثُ بِالْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ لِأَنَّهَا كَفَالَةٌ بِالْمَالِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ عدم المَال لَا يَحْنَثُ وَالْحَالِفُ لَا يَتَكَفَّلُ لِفُلَانٍ فَتَكَفَّلَ لِوَكِيلِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ وَكِيلُهُ لَمْ يَحْنَثْ وَالْحَالِفُ لَيَضْرِبَنَّ عَبْدَهُ مِائَةَ سَوْطٍ فَيَجْمَعُهَا وَيَضْرِبُهُ بِهَا ضَرْبَةً وَاحِدَةً لَمْ يَبَرَّ وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ خلافًا ل ش وح لِأَنَّهُ ضَرْبٌ بِمِائَةِ سَوْطٍ وَلَمْ يَضْرِبْهُ مِائَةَ سَوْطٍ وَكَذَلِكَ لَوْ ضَرَبَهُ بِسَوْطٍ لَهُ رَأْسَانِ خَمْسِينَ أَوْ ضَرَبَهُ ضَرْبًا غَيْرَ مُؤْلِمٍ لَأَنَّ الْعُرْفَ يُفَرِّقُ بَيْنَ الضَّرْبِ وَالْمَسِّ بِالْإِيلَامِ الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ الْحَالِفُ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ إِلَى أَجَلٍ فَقَضَاهُ فَوَجَدَ فِيهِ نَقْصًا بَيِّنًا أَوْ دَانَقًا لَا يجوز وَاسْتحق مِنْ يَدِهِ فَطَالَبَهُ بَعْدَ الْأَجَلِ حَنِثَ وَالْحَالِفُ لَا يُفَارِقُهُ إِلَّا بِحَقِّهِ فَأَحَالَهُ ثُمَّ وَجَدَ فِيهِ مَا ذَكَرْنَاهُ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ يَحْنَثُ وَلَوْ أَعْطَاهُ عَرَضًا يُسَاوِيهِ بَرَّ ثُمَّ اسْتَثْقَلَهُ مَالِكٌ وَبِالْأَوَّلِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْحَالِفُ لَا يُفَارِقُهُ إِلَّا بِحَقِّهِ فَفَرَّ مِنْهُ أَوْ أَفْلَتَ حَنِثَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ لَا أَتْرُكُهُ إِلَّا أَن يفر أَو أغلب عَلَيْهِ الْخَامِسُ فِي الْجَوَاهِرِ الْحَالِفُ لَا يُفَارِقُ غَرِيمَهُ إِلَّا بِحَقِّهِ لَا يَبَرُّ بِالْكَفِيلِ وَالرَّهْنِ وَالْحِوَالَةِ وَالْحَالِفُ لَا يُفَارِقُهُ إِلَّا بِنَفَقَةٍ يَبَرُّ بِالثَّلَاثَةِ وَالْحَالِفُ لَا يُفَارِقُهُ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مُعَامَلَةٌ يَبَرُّ بِالْحَوَالَةِ دُونَ الْكَفِيلِ وَالرَّهْنِ السَّادِسُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ الْحَالِفُ لَيَبِيعَنَّ عَبْدَهُ إِلَى أَجَلٍ فَبَاعَهُ قَبْلَ الْأَجَلِ فَرُدَّ بِعَيْبٍ فَفِي تَحْنِيثِهِ أَقْوَالٌ ثَالِثُهَا التَّفْرِقَةُ بَيْنَ عِلْمِهِ بِالْعَيْبِ فَيَحْنَثُ أَوْ عَدَمِ عِلْمِهِ فَلَا يَحْنَثُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْحَالِفُ لَا يَنْفَعُهُ مَا عَاشَ فَمَاتَ فَكَفَّنَهُ حَنِثَ لِأَنَّ الْكَفَنَ مِنْ تَوَابِعِ الْحَيَاةِ وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ مَا عَاشَ

خلافًا لسَحْنُون وَلَو حلف لَا يَنْفَعهُ فنفع بنهي عَنْ شَتْمِهِ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ دَفْعُ ضَرَرٍ لَا تَحْصِيلُ نَفْعٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ خَلَّصَهُ مِنْ يَدِ خَصْمِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَوْ أَوْصَى بِهِ بِوَصِيَّةٍ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهَا حَنِثَ السَّابِعُ فِي الْكِتَابِ الْحَالِفُ لِامْرَأَتِهِ لَا قَبَّلْتُكِ أَوْ ضَاجَعْتُكِ فَقَبَّلَتْهُ مِنْ وَرَائِهِ أَوْ ضَاجَعَتْهُ نَائِمًا لَا يَحْنَثُ إِلَّا أَنْ يَسْتَرْخِيَ لِلْقُبْلَةِ وَالْحَالِفُ لَا قبلتني أَو ضاجعتني يحننث مُطلقًا الثَّامِن فِي الْحَالِفِ لَيَقْضِينَّهُ رَأْسَ الشَّهْرِ أَوْ عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ أَوْ إِذَا اسْتَهَلَّ فَلَهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ أَوَّلَ الشَّهْرِ وَإِنْ قَالَ إِلَى رَمَضَانَ أَوْ إِلَى اسْتِهْلَالِهِ حَنِثَ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِهْلَالِ وَلَمْ يَبَرَّ بِهِبَة الْحق أَو إِسْقَاطه صَدَقَة أَو صلَة لِأَنَّهُ لَيْسَ نقصا وَإِنْ مَاتَ رَبُّ الْحَقِّ قَبْلَ الْأَجَلِ دَفَعَهُ لوَرثَته أَو وَصِيَّة أَو رق لِلسُّلْطَانِ قَبْلَ الْأَجَلِ وَالْحَالِفُ لَا يَهَبُهُ يَحْنَثُ بِالصَّدَقَةِ وَالْعَارِيَةِ وَنَحْوِهِمَا إِلَّا أَنْ تَكُونَ لَهُ نِيَّةٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ التُّونُسِيُّ حِنْثُهُ بِالِاسْتِهْلَالِ وَلَمْ يَرَ ذَلِكَ فِي الْمُسَاكَنَةِ وَكَانَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْقَضَاءُ مُوَسَّعًا مَا دَامَ يُسَمَّى هِلَالًا وَهُوَ لَيْلَتَانِ وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ لأقضينك فِي آخر الشَّهْر أَنه فِي عشر أَيَّامٍ مِنْهُ وَالْحَالِفُ لَيَقْضِيَنَّهُ بُكْرَةً أَوْ غُدْوَةً فَفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ نِصْفِ النَّهَارِ وَقِيلَ فِي بُكْرَةٍ يُعَجِّلُ قَبْلَ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِذَا لَمْ يَقُلْ إِلَى شَعْبَانَ بَلْ ذَكَرَ اللَّامَ أَوْ عِنْدَ أَوْ لَدَى فَلَهُ لَيْلَةُ يَهِلُّ الْهِلَالُ أَوْ يَوْمُهُ وَإِنْ قَالَ إِلَى انْسِلَاخِهِ فَبِالْغُرُوبِ أَوْ عِنْدَ انْسِلَاخِهِ أَوْ فِي انْسِلَاخِهِ وَإِذَا انْسَلَخَ فَلَيْلَةٌ وَيَوْمٌ وَفِي انْقِضَائِهِ أَوْ فِي آخِرِهِ هُوَ كَانْسِلَاخِهِ وَرُوِيَ عَنْ مَالك أَن الانسلاخ والاستهلال أَوْ رُؤْيَتَهُ كُلُّ ذَلِكَ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَأَقْضِيَنَّكَ فِي رَمَضَانَ لَا يَحْنَثُ إِلَّا بِغُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِهِ قَالَ أَشْهَبُ فَإِنْ قَالَ نِصْفُهُ فَأَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْمًا لِاحْتِمَالِ نَقْصِهِ فَإِنْ قَضَى يَوْمَ خَمْسَةَ عَشَرَ حَنِثَ وَقِيلَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ النِّصْفُ الْمُعْتَادُ وَقَالَهُ أَشهب

أَيْضًا قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْحَالِفُ لَيَقْضِيَنَّهُ فِي انْسِلَاخِ الْهِلَالِ أَوْ إِلَى اسْتِهْلَالِ الْهِلَالِ أَوْ إِلَى رُؤْيَةِ الْهِلَالِ أَوْ إِلَى رَمَضَانَ أَوْ فِي آخِرِهِ أَوْ فِي انْقِضَائِهِ أَوْ إِلَى دُخُولِ الْهِلَالِ أَوْ عِنْدَ آخِرِ الْهِلَالِ أَوْ إِلَى ذَهَابِ الْهِلَالِ أَوْ إِلَى رَأْسِ الْهِلَالِ أَوْ فِي رَمَضَانَ وَهُوَ فِيهِ أَوْ إِلَى حُلُولِ رَمَضَانَ حَنِثَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ إِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَلَوْ قَالَ حِينَ مَحَلِّهِ أَوْ مَجِيئِهِ أَوْ لِمَجِيئِهِ أَوْ إِلَى مَجِيئِهِ فَكَذَلِكَ وَلَوْ قَالَ حِينَ يَنْقَضِي أَوْ حِينَ يَسْتَهِلُّ أَوْ حِينَ يَذْهَبُ أَوْ إِذَا اسْتَهَلَّ أَوْ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ أَوْ إِذَا رِيءَ الْهِلَالُ أَوْ فِي رُؤْيَةِ الْهِلَالِ أَوْ عِنْدَ قَضَاءِ رَمَضَانَ أَوْ إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فَلَهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ فَهِيَ نَحْوُ خَمْسِينَ صِيغَةً تَخْتَلِفُ بِحَسَبِ اللُّغَةِ يَحْنَثُ فِيهَا بِغُرُوبِ الشَّمْسِ سَوَاءٌ سَمَّى مَعَهَا آخِرَ شَعْبَانَ أَوْ أَوَّلَ رَمَضَانَ وَإِذَا لَمْ يَذْكُرْ إِلَى فَمَا اقْتَضَى الْفِعْلُ قَبْلَ تَمَامِ شَعْبَانَ فَكَذَلِكَ أَوْ بَعْدَ تَمَامِهِ فَلَهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ مِنْ أَوَّلِ رَمَضَانَ وَمِنْهَا مَا هُوَ بَيِّنٌ وَمِنْهَا مَا هُوَ مُشْكِلٌ نَحْوَ قَوْلِكَ لِحُلُولِ رَمَضَانَ فَحَنِثَ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ بِخِلَافِ لِمَجِيئِهِ وَلِرُؤْيَتِهِ لَهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ قَالَ وَمَا بَيْنَهُمَا فَرْقٌ وَنَحْوُ قَوْلِهِ عِنْدَ آخِرِ الْهِلَالِ يَحْنَثُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ وَعِنْدَ انْسِلَاخِ الْهِلَالِ لَهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَجَعَلَ ابْنُ كِنَانَةَ فِيمَا جَعَلَ فِيهِ ابْنُ الْقَاسِمِ يَوْمًا وَلَيْلَةً مِنَ الْغُرُوبِ إِلَى الضُّحَى حَتَّى تَقُومَ الْأَسْوَاقُ وَيَشْهَدَ النَّاسُ عَلَى حُقُوقِهِمْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْحَالِفُ ضُحًى لَا يُكَلِّمُهُ يَوْمًا يَكُفُّ عَنْ كَلَامِهِ إِلَى مِثْلِ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَلَوْ قَالَ أَيَّامًا أَمْسَكَ ذَلِكَ الْعَدَدَ إِلَى ذَلِكَ الْحِينِ وَقِيلَ يَكْفِي بَقِيَّةَ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَالْحَالِفُ بِالنَّهَارِ لَا يُكَلِّمُهُ لَيْلًا أَوْ بِاللَّيْلِ لَا يكلمهُ نَهَارا لم يكن عَلَيْهِ الْإِمْسَاك بَقِيَّة يَوْمِهِ أَوْ لَيْلَتِهِ وَلِسَحْنُونٍ فِي الْحَالِفِ لَا يُكَلِّمُهُ لَيْلَةً يُكْمِلُ عَلَى بَقِيَّةِ لَيْلَتِهِ وَأَوَّلُهُ بِهَذِهِ اللَّيْلَة وَيلْزمهُ ذَلِك فِي الْيَوْم وَال فِيهِ لَا بُدَّ مِنَ النَّهَارِ وَاللَّيْلَةِ جُنُوحًا إِلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ اللَّيْلَ مِنَ الطُّلُوعِ إِلَى الطُّلُوعِ وَمِنَ الْغُرُوبِ إِلَى الْغُرُوبِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لقَوْله تَعَالَى {سخرنا عَلَيْهِم سبع لَيَال وَثَمَانِية أَيَّام} الحافة 7 بَلْ مَتَى حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ لَيْلًا اجْتَنَبَ اللَّيْلَ أَبَدًا أَوْ نَهَارًا اجْتَنَبَ النَّهَارَ أَبَدًا إِلَّا أَن

يَنْوِيَ التَّخْصِيصَ وَإِذَا حَلَفَ لَيَفْعَلَنَّ قَبْلَ الْبَيَاتِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ عَادَةً وَقَالَ أَصْبَغُ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ نَظَرًا إِلَى اللُّغَةِ وَإِنْ حَلَفَ نَهَارا فَإلَى هدو النَّاس إِن حلف عشَاء قَالَ وَالصَّوَابُ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ لِأَنَّ الرَّجُلَ لَا يَكُونُ بَائِتًا فِي الْمَكَانِ إِلَّا إِذَا أَقَامَ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ اللَّيْلِ وَلِذَلِكَ يُسْأَلُ أَيْنَ تَبِيتُ إِذَا لُقِيَ قَبْلَ نِصْفِ اللَّيْلِ وَيُقَالُ لَهُ بَعْدُ أَيْنَ بِتَّ التَّاسِعُ فِي الْبَيَانِ المحالف لَا يَشْتَرِي أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةٍ فَاشْتَرَى هُوَ وَشُرَكَاؤُهُ ثَلَاثِينَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَحْنَثُ إِذا قاسمهم فَحصل لَهُ عشر فَأَقَلَّ وَإِلَّا حَنِثَ وَالْحَالِفُ لَا يَأْكُلُ دِيكًا لَا يَحْنَثُ بِالدَّجَاجِ وَبِالْعَكْسِ يَحْنَثُ لِأَنَّ الدِّيكَ أخص من الدَّجَاج أَو لَا يَرْكَبُ فَرَسًا حَنِثَ بِالْبِرْذَوْنِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ وَالْحَالِفُ لَا يَأْخُذُ مِنْهُ دِرْهَمًا فَأَخَذَ ثَوْبًا فِيهِ دَرَاهِمُ لَا يَعْلَمُ بِهَا حَنِثَ عِنْدَ ابْن الْقَاسِم لوُجُود الْأَخْذ خلافًا لأصبع وَيَأْتِي فِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ مِنَ السَّرِقَةِ إِنْ كَانَ شَأْنُهُ وَضْعَ الدَّرَاهِمِ فِيهِ حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا وَالْحَالِفُ لَا يَدْخُلُ بَيْتَ فُلَانٍ أَبَدًا فَمَاتَ فَلَا يَدْخُلُهُ حَتَّى يُدْفَنَ لِبَقَاءِ صِدْقِ الْإِضَافَةِ وَالْحَالِفُ لَيَقْضِيَنَّهُ فِي الرَّبِيعِ أَوْ فِي الصَّيْفِ أَوِ الْخَرِيفِ أَوِ الشِّتَاءِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الرَّبِيعُ قَبْلَ نُزُولِ الشَّمْسِ الْحَمَلَ بِنِصْفِ شَهْرٍ وَتُكْمَلُ لَهُ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ ثُمَّ يَبْتَدِئُ الصَّيْفُ ثُمَّ بَقِيَّةُ الْفُصُولِ كَذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الرَّبِيعُ قَبْلَ نُزُولِ الشَّمْسِ الْحَمَلَ بِشَهْرٍ ثمَّ تترتب الْفُصُولُ عَلَى ذَلِكَ لِكُلِّ فَصْلٍ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ شَمْسِيَّةٍ قَالَ وَهُوَ أَعْدَلُ مِنَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الرَّبِيعَ يَرْجِعُ إِلَى اعْتِدَالِ الْهَوَاءِ وَآخِرُ كُلِّ فَصْلٍ شَبِيهٌ بِمَا يَلِيهِ فِي الْحَرِّ وَالْبَرْدِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ حَلَفَ إِلَى الْحَصَادِ لَا يَحْنَثُ بِآخِرِهِ لِأَنَّ الْغَايَةَ تَدْخُلُ فِي الْمُغَيَّا وَالْحَالِفُ لَا يَدْخُلُ حَتَّى يَأْكُلَ زَيْدٌ أَوْ لَا يَبِيعُ حَتَّى يَبِيعَ فَفَعَلَا ذَلِكَ مَعًا حَنِثَ لِأَنَّ الْغَايَةَ شَأْنُهَا التَّأْخِيرُ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ الْحَالِفُ لَيَفْعَلَنَّ فِي الْعِيدِ أَوْ إِلَى الْعِيدِ قِيلَ تَدْخُلُ لَيْلَةُ الْعِيدِ لِأَنَّ اللَّيْلَ سَابِقُ النَّهَارِ وَقِيلَ لَهُ

صَلَاةُ الْعِيدِ وَالِانْصِرَافُ مِنْهُ وَفِي انْتِهَاءِ الْعِيدِ ثَلَاثَة أَقْوَال بِانْقِضَاء يَوْمه بِانْقِضَاء ثَلَاثَة أَيَّام التَّفْرِقَة بَيْنَ الْأَضْحَى فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَبَيْنَ الْفِطْرِ فَيَنْقَضِي بِانْقِضَاءِ يَوْمِهِ الْعَاشِرُ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا حَلَفَ عَبْدٌ لَيَقْضِيَنَّ غَرِيمَهُ إِلَى أَجَلٍ فقضاه قبله من عين سَيّده أَو سَرقَة مِنْ مَالِهِ إِنْ عَلِمَ السَّيِّدُ قَبْلَ الْأَجَلِ فَأَنْكَرَ لَمْ يَبَرَّ بِهَذَا الْقَضَاءِ وَإِلَّا بَرَّ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ إِلَّا بَعْدَ الْأَجَلِ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْحِنْثُ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَجَازَ السَّيِّدُ أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهر الْكتاب فِيمَا إِذا اسْتحق مَا قضى لِأَنَّهُ وَإِن أجَاز فَهُوَ بعد الْأَجَل وَعَكْسُهُ لِأَشْهَبَ لِحُصُولِ الْقَضَاءِ فِي الْأَجَلِ وَالتَّفْرِقَةُ لِابْنِ كنَانَة بَين إجَازَة السَّيِّد فَيبرأ وَإِلَّا فَلَا وَهَذَا إِنَّمَا هُوَ إِذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى عَيْنِ النَّقْدِ أَمَّا إِذَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ أَوْ قَامَتْ وَقُلْنَا النَّقْدَانِ لَا يتعينان بر الْعَبْدُ وَرَجَعَ السَّيِّدُ عَلَى عَبْدِهِ أَوْ غَرِيمِهِ الْحَادِي عَشَرَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْحَالِفُ لَأَقْضِيَنَّكَ غَدًا يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ يَوْم الْجُمُعَة غَدا أَو ذَلِك ظَنّه وَظهر يَوْم الْخَمِيس إِن لم يقص فِيهِ حَنِثَ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ الْمُشَارَ إِلَيْهِ وَإِنْ قَالَ عِنْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ فَإِلَى آخِرِ الْقَامَةِ فَإِنْ قَالَ قَبْلَ أَنْ أُصَلِّيَ فَإِلَى انْصِرَافِ النَّاسِ مِنَ الْجَامِعِ وَإِنْ لَمْ يُصَلِّ هُوَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَسْجِدُ جَمَاعَةٍ فَإِلَى آخِرِ الْوَقْتِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا وَهَبَ لَهُ لحق قَبْلَ الْأَجَلِ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ فَقَبِلَهُ حَنِثَ وَلَا يَنْفَعُهُ الْقَضَاءُ قَبْلَ الْأَجَلِ فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهُ وَقَضَاهُ بَرَّ وَلَا قِيَامَ لَهُ بِالْهبةِ أَو الصَّدَقَة إِلَّا أَن لَا يَظْهَرَ مِنْهُ رَدٌّ وَلَا قَبُولٌ وَإِنْ وَرِثَهُ الْحَالِفُ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَاسْتَحْسَنَ فِي الْعُتْبِيَّةِ أَنْ يَقْضِيَهُ الْإِمَامُ ثُمَّ يَرُدَّهُ عَلَيْهِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ أَوْ لَيَرْهَنَنَّهُ فَقَضَاهُ النِّصْفَ وَرَهَنَ النِّصْفَ بَرَّ وَلَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ أَوْ يَرْهَنَنَّهُ دَارَهُ فَقَضَاهُ النِّصْفَ وَرَهَنَ نِصْفَ دَارِهِ حَنِثَ لِأَنَّهُ أَوَّلًا حَلَفَ عَلَى مُسَمَّى الْقَضَاءِ أَوِ الرَّهْنِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيد وَقد

فَعَلَ وَثَانِيًا الْتَزَمَ الرَّهْنَ فِي جُمْلَةِ الدَّارِ بَدَلًا عَنِ الْقَضَاءِ وَلَمْ يَقْضِ جُمْلَةَ الْحَقِّ وَلَا فَعَلَ بَدَلَهُ وَإِذَا غَابَ الطَّالِبُ وَاحْتَجَبَ عَنْهُ السُّلْطَانُ أَوْ خَشِيَ مِنْ طَلَبِهِ فَوَاتَ الْأَجَلِ أَوْ كَانَ بِقَرْيَةٍ لَيْسَ فِيهَا سُلْطَانٌ دَفعه إِلَى عدُول وَأشْهد عَلَى ذَلِكَ قَالَهُ فِي الْكِتَابِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ وَقَالَهُ مَالِكٌ أَيْضًا إِنْ لَمْ يَجِدْ سُلْطَانًا مَأْمُونًا وَدَفَعَ إِلَى ثِقَةٍ مِنْ أَهْلِ الطَّالِبِ أَوْ وَكِيلِ ضَيْعَتِهِ أَوْ إِلَى أَخِيهِ بَرَّ وَلَكِنَّهُ يَضْمَنُهُ إِلَى وُصُولِهِ إِلَى رَبِّهِ وَقِيلَ إِنْ دَفَعَ لِبَعْضِ النَّاسِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ بَرَّ قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ دَفَعَهَا إِلَى الْإِمَامِ يأكلها عَالِمًا بِذَلِكَ ضَمِنَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلَا وَلَا يحلف فال ابْنُ حَبِيبٍ فَإِنْ غَابَ الْحَالِفُ وَأَرَادَ بَعْضُ أَهْلِهِ تَخْلِيصَهُ مِنَ الْحِنْثِ بِالدَّفْعِ مِنْ مَالِهِ أَوْ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لَمْ يَبَرَّ إِلَّا أَنْ يُوصِيَ بِذَلِكَ قَبْلَ الْأَجَلِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ وَكِيلُهُ عَلَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لَا يَبْرَأُ بِدَفْعِهِ إِلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ قَالَ ابْن حبيب وَإِن جُنَّ الْحَالِفُ قَبْلَ الْأَجَلِ قَضَى عَنْهُ الْإِمَامُ وبريء لِأَنَّهُ وَكِيلُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِمْ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى مَضَى الْأَجَلُ لَمْ يَحْنَثْ قِيَاسًا عَلَى عَدَمِ انْعِقَادِ يَمِينِهِ وَحَنَّثَهُ أَصْبَغُ نَظَرًا إِلَى انْعِقَادِ السَّبَبِ حَالَةَ التَّكْلِيفِ وَهُوَ الْيَمِينُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَلَوْ كَانَ الْحَقُّ عَبْدًا فَاسْتُحِقَّ أَو ظهر البيع حَرَامًا أورد بِالْعَيْبِ لَا يَبَرُّ حَتَّى يُوَفِّيَهُ ثُمَّ يَرُدَّهُ إِلَيْهِ وَالْحَالِفُ لَا يَضَعُ فَيُنْظِرُ حَنَّثَهُ مَالِكٌ لِأَن النظرة إِسْقَاطٌ فِي الْمَعْنَى وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ لِاسْتِيفَاءِ جملَة حَقه قَالَ وَفِي الْكتاب لأقضين لَك حَقك يَوْمَ كَذَا إِلَّا أَنْ تَشَاءَ فَمَاتَ الطَّالِبُ صَحَّ تَأْخِيرُ الْوَارِثِ الْكَبِيرِ وَوَصِيُّ الصَّغِيرِ إِنْ كَانَ لَا دِينَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ حَقٌّ يَنْتَقِلُ لِلْوَارِثِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُجْزِئُهُ تَأْخِيرُ الْغُرَمَاءِ إِنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ وَلَوْ مَاتَ الْحَالِفُ قَبْلَ الْأَجَلِ لَمْ يَحْنَثْ وَلَيْسَ عَلَى الْوَرَثَةِ يَمِينٌ وَلَا حِنْثٌ وَالْحَالِفُ لَا يَفْعَلُ كَذَا إِلَّا بِإِذْنِ زَيْدٍ فَمَاتَ زَيْدٌ لَمْ يُجُزِهِ إِذْنُ وَرَثَتِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ حَقًّا لِلْمَيِّتِ حَتَّى يَنْتَقِلَ إِلَى الْوَرَثَةِ وَلَوْ عَلَّقَ عَلَى إِذْنِ الْأَمِيرِ فَمَاتَ الْأَمِيرُ أَوْ عُزِلَ نَابَ إِذْنُ الَّذِي يَلِي بَعْدَهُ وَلَا يَفْعَلُ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنْ كَانَ تَحْلِيفُ الْوَالِيِ لَهُ نَظَرًا وَعَدْلًا

الثَّانِي عَشَرَ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ الْحَالِفُ لَيَقْضِيَنَّهُ صَدْرًا مِنْ حَقِّهِ قَالَ مَالِكٌ الصَّدْرُ الثُّلُثَانِ قَالَ وَلَو قيل النّصْف لَكَانَ وَجها وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ الثُّلُثُ وَالْحَالِفُ لَا يَبِيعُ عَبْدًا رَهَنَهُ فَبَاعَهُ عَلَيْهِ السُّلْطَانُ يَجْرِي عَلَى الْخلاف فِي حنث الْحَالِف لأَفْعَل فِعْلًا فَقَضَى عَلَيْهِ السُّلْطَانُ بِهِ وَإِذَا قُلْنَا بِحِنْثِهِ لَمْ تَرْجِعِ الْيَمِينُ عَلَيْهِ إِلَّا عَلَى القَوْل بِأَن الْمَالِك الثَّانِي عبد ثَان الْمَدْرَكُ الْخَامِسُ كَوْنُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ مُخَالِفًا لِلشَّرْعِ وَفِي الْكِتَابِ الْحَالِفُ لَيَقْتُلَنَّ فُلَانًا فَلَا يَفْعَلُ وَيُكَفِّرُ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يُطَلِّقُ أَوْ يُعْتِقُ إِنْ حَلَفَ بِذَلِكَ وَرُفِعَ إِلَى الْحَاكِمِ فَإِنِ أجترأ وَفعل قبل النّظر فِي أمره بر لِأَنَّ حِنْثَهُ كَانَ تَقْدِيرًا شَرْعِيًّا وَالْمَحْسُوسُ الْمُنَاقِضُ لِلْمُقَدَّرِ يُبْطِلُهُ لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْهُ وَإِلَّا فَالْحَانِثُ مُحَقَّقًا لَا يَنْقَلِبُ بَارًّا فَإِنْ ضَرَبَ أَجَلًا فَهُوَ على بر وَطَلَاق حَتَّى يَحُلَّ الْأَجَلُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ الْمَشْهُورُ أَنَّ الْحَاكِمَ إِنَّمَا يُطَلِّقُ عَلَيْهِ أَوْ يُعْتِقُ إِذَا كَانَ الطَّلَاقُ الْمَحْلُوفُ بِهِ ثَلَاثًا أَوْ تَتِمَّتَهَا وَالْعِتْقُ مُعَيَّنٌ أَمَّا الْوَاحِدَةُ وَغَيْرُ الْمُعَيَّنِ فَلَا فَائِدَة فِي تَعْجِيل ذَلِك لِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ الْحِنْثُ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ التَّسْوِيَةُ فِي الْعِتْقِ الْمَدْرَكُ السَّادِسُ الْعَزْمُ عَلَى عَدَمِ الْفِعْلِ وَهُوَ على حنثه وَفِي الْكِتَابِ إِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً إِنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ عَلَيْكِ فَعَزَمَ عَلَى عَدَمِ التَّزَوُّجِ طَلَّقَهَا وَارْتَجَعَ وَبَرَّ وَقَالَ ش لَا يَحْنَثُ بِالْعَزْمِ لِأَنَّ حِنْثَهُ مُغَيًّا بِانْقِضَاءِ الْعُمْرِ فَلَا يَحْنَثُ قَبْلَ ذَلِكَ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ الْآنَ فِي عُهْدَةِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ فَلَا بُدَّ فِي بِرِّهِ مِنْ فِعْلِهِ أَوِ الْعَزْمِ عَلَى الْفِعْلِ كَمَا قُلْنَا فِي الْعِبَادَاتِ الْمُوَسَّعَةِ لَا بُدَّ مِنْ بَدَلٍ وَهُوَ الْعَزْمُ وَكَمَا أَنَّهُ فِي بَابِ الْعِبَادَاتِ إِذَا عَزَمَ عَلَى عَدَمِ الْفِعْلِ فِي جُمْلَةِ الْوَقْتِ تَتَحَقَّقُ مُخَالَفَتُهُ لِلْأَمْرِ فَكَذَلِك تتَحَقَّق مُخَالفَته هَا هُنَا للْيَمِين ومخالفته الْيَمِينَ هُوَ الْحِنْثُ فَيَحْنَثُ إِلَّا أَنْ

يَضْرِبَ أَجَلًا فَلَيْسَ لَهُ تَعْجِيلُ الْحِنْثِ لِأَنَّهُ الْآنَ لَيْسَ فِي عُهْدَةِ الْيَمِينِ حَتَّى يَنْقَضِيَ الْأَجَلُ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ الْمَشْهُورُ فِي الْحَالِفِ ليفعلن أَنه مغيابا لعمر وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ عَلَى التَّعْجِيلِ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ التَّأْخِيرَ فَإِنْ أَخَّرَ وَلَمْ يَنْوِ حَنِثَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ كِنَانَةَ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ الْحَالِفُ إِذَا كَانَ عَلَى حِنْثٍ حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ لِأَنَّ سَبَبَ تَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ وَهُوَ الْحِنْثُ مُتَحَقِّقٌ فِي الْحَالِ وَإِنَّمَا الشَّرْعُ جَعَلَ لَهُ رَفْعَ هَذَا السَّبَبِ بِالْبِرِّ وَلَمْ يَرْفَعْهُ وَإِذَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى السَّبَبِ زَوَالُ الْعِصْمَة فَلَا أقل من منع الوطئ الْمدْرك السَّابِع تزيل بعض الْمَحْلُوف عَلَيْهِ مَنْزِلَةَ كُلِّهِ فِي سِيَاقِ الْبِرِّ دُونَ الْحِنْثِ وَله ثَلَاث صور إِحْدَاهَا أَن يكون الْمُسَمّى وَاحِدًا وَنَحْو وَاللَّهِ لَا أَكَلْتُ هَذَا الرَّغِيفَ وَمَعَ الْعَطْفِ نَحْوَ لَا كَلَّمْتُ زَيْدًا وَلَا عَمْرًا أَوِ التَّثْنِيَةُ وَالْجَمْعُ نَحْوَ لَا كَلَّمْتُ الرَّجُلَيْنِ أَوِ الرِّجَالَ وَخَالَفَنَا الْأَئِمَّةَ فِي الْجَمِيعِ لِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى اجْتِنَابِ مَدْلُولِ اللَّفْظِ فَإِذَا تَرَكَ بَعْضَهُ فَقَدْ وَافَقَ مُقْتَضَاهُ لِأَنَّهُ يَكْفِي فِي نَفْيِ كُلِّ مُرَكَّبٍ نَفْيُ أَحَدِ أَجْزَائِهِ وَإِذَا كَانَ مُوَافِقًا كَانَ بَارًّا فَلَا يَحْنَثُ وَهُوَ مُتَّجِهٌ للأصحاب مَالك الأول طَرِيقَةُ الْفَرْضِ وَالْبِنَاءِ وَهِيَ أَنْ تَقُولَ فِي صُورَةِ الْعَطْفِ لَوْ قَالَ لَا كَلَّمْتُ زَيْدًا وَلَا عَمْرًا حَنِثَ بِأَحَدِهِمَا اتِّفَاقًا وَاتَّفَقَ أَئِمَّةُ اللُّغَة على أَن لَا فِي الْعَطف للأكيد وَالتَّأْكِيدُ لَا يَزِيدُ عَلَى حُكْمِ الْأَصْلِ شَيْئًا فَكَمَا يَحْنَثُ مَعَ لَا يَحْنَثُ مَعَ عَدَمِهَا وَإِذَا ثَبَتَ الْحُكْمُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عَمَّ جَمِيعَ الصُّوَرِ لِأَنَّهُ لَا قَائِلَ بِالْفَرْقِ وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْخَصْمَ يُمْكِنُهُ فَرْضُ الْكَلَامِ فِي الْحَقِيقَة الْوَاحِدَة بالرغيف مَثَلًا وَبَيَّنَ حُصُولَ مُوَافَقَةِ الْيَمِينِ بِتَرْكِهِ لِجُزْئِهِ كَمَا تَقَدَّمَ ثُمَّ نَقُولُ لَا قَائِلَ بِالْفَرْقِ فينعكس المسلك بِعَيْنِه للخصم الثَّانِي أَنَّ الْقَاعِدَةَ الشَّرْعِيَّةَ أَنَّ الِانْتِقَالَ مِنَ الْحِلِّ إِلَى الْحُرْمَةِ يَكْفِي فِيهِ أَدْنَى سَبَبٍ وَمِنَ الْحُرْمَةِ إِلَى الْحِلِّ بِالْعَكْسِ لِأَنَّ الْعَقْدَ عَلَى الْأَجْنَبِيَّةِ مُبَاحٌ فَتَذْهَبُ هَذِهِ الْإِبَاحَةُ بِعَقْدِ الْأَبِ عَلَيْهَا من غير وطئ والمبتوتة لَا

تذْهب حرمتهَا إِلَّا بِعقد الْمُحَلّل ووطئه وَعقد الأول عَلَيْهِ وَالْمُسْلِمُ مُحَرَّمُ الدَّمِ لَا تَذْهَبُ هَذِهِ الْحُرْمَةُ إِلَّا بِالرِّدَّةِ وَنَحْوِهَا فَإِذَا أُبِيحَ دَمُهُ يَحْرُمُ بِالتَّوْبَةِ وَهِيَ أَيْسَرُ مِنَ الرِّدَّةِ وَالْقَتْلِ وَالزِّنَا وَالْحَرَابَةِ وَالْأَجْنَبِيَّةُ لَا يَزُولُ تَحْرِيمُ وَطْئِهَا إِلَّا بِالْعقدِ المتوقف عَلَيْهَا وعَلى الْوَالِي وَالزَّوْجِ وَإِبَاحَتُهَا بَعْدَ الْعَقْدِ يَكْفِي فِيهِ الطَّلَاقُ الَّذِي يَسْتَقِلُّ الزَّوْجُ بِهِ وَذَلِكَ كَثِيرٌ فِي الشَّرْع وَكَذَلِكَ الْخُرُوجُ إِلَى الْحِنْثِ يَكْفِي فِيهِ أَدْنَى سَبَبٍ وَالْخُرُوجُ مِنْهُ إِلَى الْبِرِّ يُشْتَرَطُ فِيهِ سَبَبٌ أَقْوَى وَهُوَ فِعْلُ الْجَمِيعِ وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّكُمْ إِنِ ادَّعَيْتُمُوهَا كُلِّيَّةً فَمَعْنَاهَا لِانْدِرَاجِ صُورَةِ النِّزَاعِ فِيهَا وَلِأَنَّ الدَّعْوَى الْكُلِّيَّةَ لَا تَثْبُتُ بِالْمُثُلِ الْجُزْئِيَّةِ وَإِنِ ادَّعَيْتُمُوهَا جُزْئِيَّةً فَتَحْتَاجُونَ إِلَى دَلِيلٍ آخَرَ يُوجِبُ كَوْنَ صُورَةِ النِّزَاعِ كَذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الْقِيَاسُ فَأَيْنَ الْجَامِعُ الْمُنَاسِبُ لِخُصُوصِ الْحُكْمِ السَّالِم عَن الْفَارِق أَو غير الْقيَاس فبينوه الثَّالِث إِذا حلف ليفعلن فَهُوَ كالإبراء أَولا يَفْعَلُ فَهُوَ كَالنَّهْيِ وَالنَّهْيُ عَنِ الشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ أَجْزَائِهِ فَيَكُونُ فَاعِلُ الْجُزْءِ مُخَالِفًا وَالْمُخَالِفُ حانث وَيَرِدُ عَلَيْهِ إنَّ هَذِهِ الْقَضِيَّةَ بِالْعَكْسِ بَلِ الْأَمْرُ بِالشَّيْءِ أَمْرٌ بِأَجْزَائِهِ كَإِيجَابِ أَرْبَعِ رَكَعَاتِ وَالنَّهْي عَن الشَّيْء لَيْسَ نهيا عَن أجزاءه كالنهي عَن خمس رَكْعَات فَعم النَّهْي عَن الشَّيْء نهي عَن جُزْء فَإِنَّهُ كالنهي عَن مَفْهُوم الْخِنْزِير وَهُوَ نهي عَن الْخِنْزِير الطَّوِيل والقصير وَهَذَا وَذَلِكَ وَالْأَمر بالشَّيْء لَيْسَ أمرا بجزئياته كَالْأَمْرِ بِإِعْتَاقِ رَقَبَةٍ لَيْسَ أَمْرًا بِإِعْتَاقِ هَذِهِ وَتلك فَيثبت مَا بَيْنَ حُكْمِ الْأَجْزَاءِ وَالْجُزْئِيَّاتِ فَلَا يَغْتَرُّ بِذَلِكَ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ عِنْدَنَا بَيْنَ جُزْءِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَجُزْءِ الشَّرْطِ فِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَقُومُ مَقَامَ كُلِّهِ مَعَ أَنَّهُ قَدْ وَقَعَ فِي الْكِتَابِ مَسْأَلَتَانِ مُتَنَاقِضَتَانِ فِي كتاب الْعتْق إِحْدَاهمَا قَوْله لأمته لَئِن دَخَلْتِ هَاتَيْنِ الدَّارَيْنِ فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَدَخَلَتْ إِحْدَاهُمَا عُتِقَتْ وَالْأُخْرَى قَوْلُهُ لِأَمَتَيْهِ أَوْ زَوْجَتَيْهِ إِنْ دَخَلْتُمَا فَأَنْتُمَا حُرَّتَانِ أَوْ طَالِقَتَانِ

تفريع

فَدخلت إِحْدَاهمَا لم تعْتق وَاحِدَة مِنْهُمَا وَفِي الصُّورَتَيْنِ وجد جُزْء الشَّرْط مَعَ أَنَّ أَبَا الطَّاهِرِ نَقَلَ فِي الْأَخِيرَةِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ يُعْتَقَانِ لَا يُعْتَقَانِ تُعْتَقُ الدَّاخِلَةُ فَقَط وَفِي الْجلاب قَول بِعَدَمِ التحنيث تَحْرِير الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ كَقَوْلِ الْأَئِمَّةِ وَإِنَّمَا الْإِشْكَالُ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ الْقَائِلُ إِنْ رُزِقْتُ ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ صُمْتُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَرُزِقَ اثْنَيْنِ فَصَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ رُزِقَ الثَّالِثُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَسْتَأْنِفُ الصِّيَامَ لِأَنَّ الشَّرْطَ الْآنَ تَحَقَّقَ وَقَوْلُ الْقَائِلِ إِنْ قَضَى اللَّهُ عَنِّي ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ صُمْتُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَقَضَى الله عَنهُ نِصْفَهَا وَصَامَ مَا ذَكَرَ ثُمَّ قَضَى الْبَاقِيَ أَجْزَأَهُ مَا تَقَدَّمَ وَكَانَ يُضَعِّفُهُ قَالَ وَالْقِيَاسُ الْأَوَّلُ إِلَّا أَنَّهُ لَاحَظَ خِفَّةَ ثِقَلِ الدَّيْنِ وَهُوَ الْمَقْصُودُ وَقِيلَ يَصُومُ بِقَدْرِ مَا قَضَى عَلَيْهِ فَتَحْصُلُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ وَهَذَا أَيْضًا عَلَى خِلَافِ الْقَاعِدَةِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ الْحَالِفُ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ إِنْ وَضَعَتْ مَا فِي بَطْنِهَا فَوَضَعَتْ وَلَدًا وَبَقِيَ آخَرُ يَحْنَثُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى الْوَطْءِ حنث بمغيب الْحَشَفَة وَقيل على الْإِنْزَال وَإِنْ أَلْحَقَ بِالْيَمِينِ غَيْرَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ قَصْدًا للإلحاق لزم فِي الْيَمِينِ وَإِلَّا فَلَا وَهَذَا يَمْشِي عَلَى أَنَّ الْقَاعِدَةَ بِخِلَافِ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِخُصُوصِ عَدَدِ الثَّلَاثِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَفِي الْبَيَانِ إِنْ حَلَفَ لَا يَشْهَدُ حَيَاتَهُ وَلَا مَمَاتَهُ فَشَهِدَ جِنَازَةَ ابْنه حنث قَالَ لِأَنَّ الْحِنْثَ يَقَعُ بِأَدْنَى الرُّجُوعِ تَفْرِيعٌ قَالَ اللَّخْمِيّ قَالَ مُحَمَّد إِذا قَالَ لَا أَكَلْتُ هَذَا الرَّغِيفَ كُلَّهُ حَنِثَ بِبَعْضِهِ وَلَا يَنْفَعُهُ قَوْلُهُ كُلَّهُ لِأَنَّهُ تَأْكِيدٌ فَلَا يَزِيدُ عَلَى حُكْمِ الْأَصْلِ وَخَالَفَ

ابْنُ سَحْنُونٍ وَقَالَ أَبُو الطَّاهِرِ بَلِ التَّصْرِيحُ بِالْكُلِّ يَرْفَعُ الْخِلَافَ كَمَا أَنَّ التَّصْرِيحَ بِالْبَعْضِ يَرْفَعُ الْخِلَافَ وَفِي الْكِتَابِ الْحَالِفُ لَا أُجَامِعُكُنَّ حنث بوطئ وَاحِدَةٍ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ الْحَالِفُ لَا يَتَزَوَّجُ يَحْنَثُ بِالْعَقْدِ دُونَ الدُّخُولِ وَإِذَا حَلَفَ لَا يَرْكَبُ دَابَّةَ فُلَانٍ إِنِ اسْتَوَى بِجَسَدِهِ عَلَيْهَا يَحْنَث اتِّفَاقًا وَإِن لم يعْقد عَلَى السَّرْجِ وَإِنْ عَمِلَ رِجْلَهُ فِي الرِّكَابِ وَاسْتَقَلَّ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ وَلَمْ يَضَعْ رِجْلَهُ مِنَ الْجِهَةِ الْأُخْرَى لَا يَحْنَثُ اتِّفَاقًا وَإِنْ وَضَعَ رِجْلَهُ مِنَ الْجِهَةِ الْأُخْرَى وَلَمْ يَسْتَوِ بِجَسَدِهِ فَقَوْلَانِ الْحِنْث ونفيه كالقولين فِيمَا إِذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ الدَّارَ فَدَخَلَ بِرِجْلِهِ فَرْعٌ قَالَ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ أَعْطَيْتِنِي الْوَدِيعَةَ فَأَعْطَتْهُ عَشَرَةً فَادَّعَى أَنَّ الْوَدِيعَةَ عشرُون طلقت فِي الْقَضَاء دون الفتياء لِأَنَّ غَرَضَهُ الَّذِي طَلَّقَ لِأَجْلِهِ لَمْ يَتِمَّ كَمَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ أَعْطَيْتِنِي عَشَرَةً فَأَعْطَتْهُ خَمْسَة الْمدْرك الثَّامِن تعَارض الْمَقَاصِد والوضع اللّغَوِيّ والشرعي وَإِنَّهَا تَغْلِبُ فَفِي الْكِتَابِ مَنْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُ شَيْئا أَو زَمَانًا أَوْ دَهْرًا فَذَلِكَ كُلُّهُ سَنَةٌ وَقَالَ ش يُحْمَلُ عَلَى الْعُرْفِ فَإِنْ فُقِدَ فاللغة وَقَالَ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ الْحِينُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ} إِبْرَاهِيم 45 أَيْ فِي كل سِتَّة أشهر وَلَيْسَ كَمَا قَالَاهُ بَلِ النَّخْلَةُ تَحْمِلُ وَيَكْمُلُ حَمْلُهَا فِي سَبْعَةِ أَشْهُرٍ وَهُوَ أَحَدُ الْوُجُوهِ الَّتِي شبهت فِيهَا الْإِنْسَان فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَكْرِمُوا عَمَّتَكُمُ النَّخْلَةَ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ تَرَدُّدَهُ فِي الدَّهْرِ هَلْ هُوَ سَنَةٌ أَمْ لَا وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه سنة

لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ الْحِنْطَةِ أَوْ هَذِهِ الْحِنْطَةَ حَنِثَ بِالْخُبْزِ وَالسَّوِيقِ لِأَنَّهَا كَذَلِكَ تُؤْكَلُ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذَا الطَّلْعِ حنث ببسره وربطه وَتَمْرِةِ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ الطَّلْعَ نَفْسَهُ أَوْ من هَذَا اللَّبن حنث بزيده إِلَّا أَنْ تَكُونَ لَهُ نِيَّةٌ وَقَالَ ح لَا يَحْنَثُ فِي الْجَمِيعِ لِانْتِقَالِ الْأَسْمَاءِ لَنَا أَنَّ صِيغَةَ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ لُغَةً وَالزُّبْدُ بَعْضُ اللَّبَنِ وَالتَّمْرُ فِيهِ أَجْزَاءُ الطَّلْعِ وَلِذَلِكَ أَجْمَعْنَا عَلَى الْحَالِفِ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذَا الرَّغِيفِ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِلُبَابِة مِنْهُ وَالْحَالِفُ لَا يَأْكُلُ بُسْرَ هَذِهِ النَّخْلَةِ أَوْ مِنْ بُسْرِهَا لَا يَحْنَثُ بِالْبَلَحِ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ بَلَحًا أَوْ مِنْ هَذِهِ الْحِنْطَةِ أَوْ مِنْ هَذَا الطَّعَامِ يَحْنَثُ بِمَا اشْتَرَى بِثَمَنِهَا مِنْ طَعَامٍ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مِنْهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ فِيهِمَا مِنَ الرَّدَاءَةِ وَالْحَالِفُ لَا يَشْرَبُ هَذَا السَّوِيقَ فَأَكَلَهُ يَحْنَثُ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ الشُّرْبَ وَالْحَالِفُ لَا يَأْكُلُ سَمْنًا فَيَأْكُلُ سَوِيقًا لُتَّ بِسَمْنٍ يَحْنَثُ وَجَدَ طَعْمَهُ أَوْ رِيحَهُ أَمْ لَا لِأَنَّهُ لَوْ أُرِيدَ اسْتِخْرَاجُهُ بِالْمَاءِ الْحَارِّ لَخَرَجَ وَالْحَالِفُ لَا يَأْكُلُ خَلًّا فَأَكَلَ مَرَقًا طُبِخَ بِخَلٍّ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ اسْتِخْرَاجُهُ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ مَا طُبِخَ بِهِ وَقَالَهُ ش فِيهِمَا قَالَ صَاحِبُ تَهْذِيبِ الطَّالِبِ الْحَالِفُ لَا يَأْكُلُ عَسَلًا يَحْنَثُ بِعَسَلِ الْقَصَبِ وَبِالْعَسَلِ مَطْبُوخًا وَبِالْفَالَوْذَجِ وَبِالْخَبِيصِ وَطَعَامٍ فِيهِ عَسَلٌ وَيُحْتَمَلُ على قَول أَشهب أَن لَا يَحْنَثَ بِعَسَلِ الْقَصَبِ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْعَادَةَ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ تُشْكِلُ عَلَى مَسْأَلَةِ الْخَلِّ فِي الْكتاب قَالَ وَلَمْ يُفَرِّقِ ابْنُ الْقَاسِمِ بَيْنَ وُجُودِ طَعْمِ السَّمْنِ وَعَدَمِهِ وَفَرَّقَ ابْنُ مَيْسِرٍ قَالَ وَلَوْ أَنَّ الدَّقِيقَ وَالْخُبْزَ لُتَّ بِخَلٍّ حَنِثَ عِنْدِي لِأَنَّ اللَّتَّ غَيْرُ مُسْتَهْلَكٍ وَوَافَقَ أَشْهَبُ ابْنَ الْقَاسِمِ فِي الْخَلِّ وَاخْتَلَفَا فِي السَّمْنِ وَحَنَّثَهُ سَحْنُونٌ فِي الْخَلِّ وَفِي الْكِتَابِ الْحَالِفُ لَا يَأْكُل لَحْمًا يَحْنَث بالشحم خلافًا ل ش وَلَوْ عَكَسَ لَا يَحْنَثُ بِاللَّحْمِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ فَحَرَّمَ شَحْمَهُ وَحَرَّمَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ الشَّحْمَ وَلَمْ يُحَرِّمِ اللَّحْمَ وَيحنث

بِلَحْم الْحُوت أَو لَا يَأْكُل رؤسا أَو بيضًا حنث برؤس السّمك وبيضها خلافًا ل ش لِأَن لفظ الرؤس وَالْبَيْضِ لَمْ يَخْتَصَّ فِي الْعُرْفِ بِبَعْضِ أَنْوَاعِهَا بَلْ مَنْ قَالَ رَأَيْتُ رَأْسًا يُقَالُ لَهُ رَأَسُ أَيِّ شَيْءٍ وَيَحْسُنُ جَوَابُهُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ وَإِنَّمَا اخْتُصَّ الْأَكْلُ بِبَعْضِهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْعُرْفَ الْفِعْلِيَّ لَا عِبْرَةَ بِهِ وَإِنَّمَا الْمُعْتَبَرُ الْقَوْلِيُّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَحْنَث فِي ثمن الْحِنْطَة وَلَا فِيهَا أَشْبَهَهُ وَاسْتَحْسَنَ أَشْهَبُ فِي الطَّلْعِ عَدَمَ الْحِنْثِ بالبسر أَو الرطب لبعد مَا بَينهَا فِي الطَّعْمِ وَالِاسْمِ وَالْمَنْفَعَةِ كَالْخَلِّ مَعَ الْعِنَبِ وَلَمْ يَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْحِنْثَ بِمَا يَخْرُجُ مِنَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ إِلَّا فِي خَمْسَةِ أَشْيَاءَ فِي الشَّحْمِ مِنَ اللَّحْمِ وَالنَّبِيذِ مِنَ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَالْعَصِيرِ مِنَ الْعِنَبِ وَالْمَرَقِ مِنَ اللَّحْمِ وَالْخُبْزِ مِنَ الْقَمْحِ وَقَدْ جَمَعَهَا الشَّاعِرُ بِقَوْلِهِ (أمراق لحم وخبز قَمح ... نَبِيذ تَمْرٍ مَعَ الزَّبِيبِ) (وَشَحْمُ لَحْمٍ وَعَصْرُ كَرْمٍ ... يَكُونُ حِنْثًا عَلَى الْمُصِيبِ) وَالِاقْتِصَارُ عَلَى هَذِهِ الْخَمْسَةِ يَعْسُرُ تَقْرِيرُهُ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ بِالْخُبْزِ مِنَ الْقَمْحِ لِبُعْدِهِ إِلَّا أَنْ يَقُولَ مِنْ هَذَا الْقَمْحِ أَوْ مِنْ هَذَا الدَّقِيقِ وَاسْتَحْسَنَهُ مُحَمَّدٌ وَلَا يُحَنِّثُ ابْنُ الْقَاسِمِ الْحَالِفَ لَا يَأْكُلُ لَبَنًا أَوِ اللَّبَنَ بِالزُّبْدِ أَوِ السَّمْنِ وَلَا يَأْكُلُ رُطَبًا بِالتَّمْرِ أَوْ لَا يَأْكُلُ عَسَلًا بِالرَّبِّ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِصِيغَةِ مِنْ وَعَمَّمَ ابْنُ وَهْبٍ الْحِنْثَ فِي ذَلِكَ قِيَاسًا وَفَرَّقَ ابْنُ حَبِيبٍ بَيْنَ أَنْ يُشَارَ إِلَيْهِ بِ هَذَا فَيَحْنَثَ أَوْ يُنَكَّرَ فَلَا يَحْنَثُ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ تَتَنَاوَلُ الْخُصُوصَ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ وَالْمُتَوَلِّدُ بَعْدَ ذَلِكَ فِيهِ مِنْ هَذِهِ الْأَجْزَاءِ قَالَ سَحْنُونٌ الْحَالِفُ لَا يَأْكُلُ زَعْفَرَانًا يَحْنَثُ بِالطَّعَامِ الْمُزَعْفَرِ لِأَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ إِلَّا كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْحَالِفُ عَلَى اللَّحْم يَحْنَث بالكرش وَالرَّأْس والمعاء والدماغ وَغَيرهَا خلافًا ل ش وَابْنِ حَنْبَلٍ فَهُمَا يُلَاحِظَانِ الْعُرْفَ وَهُوَ يُلَاحِظُ اللُّغَةَ وَالْحَالِفُ بِأَحَدِهِمَا لَا يَحْنَثُ بِالشَّحْمِ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ شَحْمًا وَالْحَالِفُ عَلَى اللَّحْمِ يَحْنَثُ بالقديد دون

الْعَكْس وَقَالَ أَشهب الْحَالِف على اللَّحْم والرؤس لَا يَحْنَث إِلَّا بِلَحْم الْأَنْعَام ورؤسها كَقَوْلِ ش لِأَنَّهَا الْمَقْصُودَةُ بِالْأَثْمَانِ عَادَةً فَهُوَ عُرْفٌ قَوْلِيٌّ فِي خُصُوصِ أَلْفَاظِ الْأَيْمَانِ وَالْعُرْفُ قَدْ يَكُونُ فِي الْمُرَكَّبَاتِ كَمَا يَكُونُ فِي الْأَلْفَاظِ الْمُفْرَدَاتِ كَمَا تَقَدَّمَ وَوَافَقَ ابْنَ الْقَاسِمِ فِي الْبيض وَالْفرق بَعْدَمَا بَيْنَ الْأَنْعَامِ وَالطَّيْرِ وَغَيْرِهِ وَتَقَارُبُ بَيْضِ الدَّجَاجِ وَالطَّيْرِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ بَيْضُ الطَّيْرِ دُونَ الْحُوتِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ وَالْحَالِفُ لَا يَأْكُلُ إِدَامًا يَحْنَثُ بِالْإِدَامِ عُرْفًا وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ وَلَيْسَ الْمِلْحُ مِنْهُ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَحَنَّثَهُ أَشْهَبُ بِالْمِلْحِ لِأَنَّهُ عَادَةُ الضُّعَفَاءِ بِمِصْرَ وَالْمُعَوَّلُ فِي ذَلِكَ عَلَى الْعَادَةِ كَالتَّمْرِ وَالزَّيْتُونِ وَنَحْوِهِ وَوَافَقَنَا ش وَخَصَّصَهُ ح بِمَا يُصْنَعُ فِيهِ دُونَ اللَّحْمِ وَالشِّوَاءِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ نِعْمَ الإدام الْخلّ وائتدموا بِالزَّيْتِ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنه مَفْهُوم لقب لَا حجَّة فِيهِ سلمناه وَلكنه معَارض بقوله عَلَيْهِ السَّلَام الحم سَيِّدُ إِدَامِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلِأَنَّ الْإِدَامَ مَعْنَاهُ الِائْتِلَافُ لِأَنَّهُ يُؤَلِّفُ الْخُبْزَ مَعَ النَّفْسِ وَمِنْهُ سُمِّيَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِأَنَّهُ أُلِّفَ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ هَلَّا نَظَرْتَ إِلَيْهَا فَإِنَّهُ أَوْلَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا أَيْ تأتلفان

فَرْعٌ وَقَالَ وَالْحَالِفُ لَا يَأْكُلُ خُبْزًا وَإِدَامًا لَا يَحْنَثُ بِأَحَدِهِمَا عِنْدَ أَشْهَبَ لِأَنَّ الْعَادَةَ الْجَمْعُ خِلَافُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ الْحَالِفُ لَا يَأْكُلُ فَاكِهَةً يَحْنَثُ بِرُطَبِهَا وَيَابِسِهَا مِنَ التَّمْرِ وَالْعِنَبِ وَالرُّمَّانِ والفتاء والبطيخ والقصب والفول والحمض وَالْجُلُبَّانِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَالْحَالِفُ عَلَى الْخُبْزِ يَحْنَثُ بِالْكَعْكِ دُونَ الْعَكْسِ لِأَنَّ الْكَعْكَ خُبْزٌ وَزِيَادَةٌ وَمِنْ كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَالْحَالِفُ لَا يَأْكُلُ غَنَمًا يَحْنَثُ بِالضَّأْنِ وَالْمَعِزِ وَالْحَالِفُ عَلَى أَحَدِهِمَا لَا يَحْنَثُ بِالْآخَرِ وَالْحَالِفُ عَلَى الدَّجَاجِ يَحْنَثُ بِالدِّيكِ وَعَلَى أَحَدِهِمَا لَا يَحْنَثُ بِالْآخَرِ وَالْحَالِفُ لَا يَأْكُلُ كِبَاشًا يَحْنَثُ بِكِبَارِ النِّعَاجِ وَصِغَارِهَا لِدُخُولِهَا فِي الِاسْمِ وَلَوْ قَالَ كَبْشًا وَلَمْ يَقُلْ كِبَاشًا لَمْ يَحْنَثْ بِصِغَارِ الذُّكُورِ وَلَا الْإِنَاثِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَكَذَلِكَ الْكِبَاشُ لَا يَحْنَثُ بِهَا عِنْدَنَا فِي الصِّغَارِ وَلَا الْإِنَاثِ الْكِبَارِ لِأَنَّهُ الْعُرْفُ وَلَاحَظَ مُحَمَّدٌ اللُّغَةَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَالْحَالِفُ لَا يَأْكُلُ نَعْجَةً أَوْ نِعَاجًا لَا يَحْنَثُ بِصِغَارِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَكِبَارِ الذُّكُورِ وَالْحَالِفُ لَا يَأْكُلُ خَرُوفًا لَا يَحْنَثُ بِالْكَبْشِ وَالْحَالِفُ لَا يَأْكُلُ تَيْسًا أَوْ تُيُوسًا يَحْنَثُ بِالْعَتُودِ دُونَ الْعَكْسِ قَالَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ الْحَالِفُ لَا يَأْكُلُ مِنْ مَالِ فُلَانٍ أَوْ مِنْ طَعَامِهِ أَوْ لَا يَنْتَفِعُ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ فَانْتَفَعَ بَعْدَ مَوْتِهِ قَبْلَ جَمْعِ مَالِهِ وَدَفْنِهِ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لَا يَحْنَثُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ وَصَايَا وَلَا يَحْنَثُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دِينٌ دُونَ الْوَصَايَا لِأَنَّ الدّين يقْضِي على ملكه والوصايا أَرْبَابهَا وَلَا يَحْنَثُ وَإِنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ لِانْقِطَاعِ مِلْكِهِ بِمَوْتِهِ وَالْحَالِفُ لَا يَنْفَعُهُ مَا عَاشَ أَوْ لَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ مَا عَاشَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ مَيِّتًا أَوْ كَفَّنَهُ فَقَوْلَانِ فِي الْكِتَابِ والحالف لَا يكلمهُ فيؤم قوما فِيهِمْ فَسَلَّمَ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ أَوْ صَلَّى خَلْفَهُ عَالِمًا بِهِ فَرَدَّ عَلَيْهِ سَلَامَهُ مِنَ الصَّلَاةِ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهُ لَيْسَ كَلَامًا عَادَةً وَلَوْ سَلَّمَ عَلَى جَمَاعَةٍ هُوَ فِيهِمْ حَنِثَ عَلِمَ بِهِ أَمْ لَا إِلَّا أَنْ يُحَاشِيَهُ وَلَوْ سَلَّمَ عَلَيْهِ وَهُوَ لَا يَعْرِفُهُ لَيْلًا حَنِثَ لِأَنَّ الْجَهْلَ لَيْسَ عُذْرًا فِي الْحِنْثِ وَلَوْ كَتَبَ إِلَيْهِ أَوْ أَرْسَلَ إِلَيْهِ حَنِثَ خلافًا ل ش وَابْنِ حَنْبَلٍ إِلَّا

أَنْ يَنْوِيَ الْمُشَافَهَةَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْكَلَامِ إِنَّمَا مَا هُوَ يَدُلُّ عَلَى الْمَقَاصِدِ وَالْحُرُوفُ الْكِتَابِيَّةِ فِي ذَلِكَ كَالنُّطْقِيَّةِ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لَا يَنْوِي فِي الْكِتَابِ وَيَحْنَثُ إِلَّا أَنْ يَرْجِعَ الْكِتَابُ قَبْلَ وُصُولِهِ إِلَيْهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ سَلَّمَ اثْنَتَيْنِ فَأَسْمَعَهُ الثَّانِيَة حنث قَالَ ابْن ميسر لَا يَحْنَث وَإِن أرتج عَلَى الْحَالِفِ فَلَقَّنَهُ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ لَمْ يَحْنَثْ بِخِلَاف الْعَكْس وَأما إِذا أم الْحَالِف فَرد عَلَيْهِ الْمَحْلُوف قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ إِنْ سَمِعَ رَدَّهُ وَحنث قَالَ ابْن الْقَاسِم وَلَو مر الْمَحْلُوف نَائِمًا فَقَالَ لَهُ الصَّلَاةُ يَا نَائِمُ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَعَرَفَهُ حَنِثَ وَكَذَلِكَ إِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ لِشِدَّةِ النَّوْمِ كَالْأَصَمِّ وَكَذَلِكَ لَوْ كَلَّمَهُ وَهُوَ مَشْغُولٌ بِكَلَامِ رَجُلٍ وَلَمْ يَسْمَعْهُ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ أَنَّهُ كَلَّمَهُ وَقَالَ أَصْبَغُ إِنْ تَيَقَّنَ نَوْمَهُ وَلَمْ يَنْتَبِهْ لِكَلَامِهِ لَا يَحْنَثُ كَالْمَيِّتِ وَالْبَعِيدِ وَلَوْ كَلَّمَ غَيْرَهُ يَظُنُّهُ إِيَّاهُ قَاصِدًا لِلْحِنْثِ لم يَحْنَث لِأَن الْقَصْد إِنَّمَا يوثر فِي الْحِنْثِ إِذَا كَانَ عَلَى حِنْثٍ وَهُوَ هَا هُنَا عَلَى بِرٍّ وَلَوْ كَلَّمَهُ يَظُنُّهُ غَيْرَهُ حَنِثَ لِأَنَّ الْجَهْلَ لَيْسَ عُذْرًا قَالَ مَالِكٌ وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ إِلَّا نَاسِيًا قُبِلَ قَوْلُهُ فِي النِّسْيَانِ وَلَوْ قَامَتِ الْبَيِّنَةُ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعْلَمُ إِلَّا مِنْ جِهَتِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْحَالِفُ لَا يُكَلِّمُهُ إِلَّا بِالْإِشَارَةِ إِلَيْهِ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ فِي الصَّلَاةِ لَيْسَتْ كَلَامًا بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ لِأَنَّهَا حُرُوفٌ كَالْكَلَامِ وَحُرُوفُهَا دَالَّةٌ عَلَى حُرُوفِ الْقَوْلِ فَيَتَنَزَّلُ أَحَدُهُمَا مَنْزِلَةَ الْآخَرِ وَقَالَ غَيْرُهُ يَحْنَثُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَلا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلا رَمْزًا} آل عمرَان 41 والْأَصْلُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ الِاتِّصَالُ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الرَّسُولِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَحْنَثُ فِيهِ وَلَا فِي الْكِتَابَةِ إِلَّا أَنْ يُسْمِعَهُ الْكَلَامَ الَّذِي أَرْسَلَ بِهِ الرَّسُولَ لِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَيُكَلِّمَنَّهُ لَمْ يَبَرَّ بِالْكِتَابَةِ قَالَ أَشْهَبُ وَلَو رَجَعَ الْكتاب بعد قِرَاءَته بِقَلْبِهِ دُونَ لِسَانِهِ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ الْحَالِفَ لَا يقْرَأ جَهرا لَا يَحْنَث بقراة قلبه وَلَو كتب الْمَحْلُوف إِلَى الْحَالِفِ فَقَرَأَ كِتَابَهُ لَمْ يَحْنَثْ عِنْدَ أَشْهَبَ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهِ وَمِنْ كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ لَوْ أَمَرَ الْحَالِفُ مَنْ يَكْتُبُ فَكَتَبَ وَلَمْ يَقْرَأْهُ عَلَى الْحَالِفِ وَلَا قَرَأَهُ الْحَالِفُ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ قَرَأَهُ الْحَالِفُ أَوْ قُرِئَ عَلَيْهِ حَنِثَ إِذَا قَرَأَهُ

الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ أَوْ عُنْوَانُهُ وَإِلَّا فَلَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَو يُرْسل رَسُولا} الشورى 51 فَجعل ذَلِكَ كَلَامًا وَفِي الْجَوَاهِرِ فِي قَبُولِ النِّيَّةِ فِي الْكِتَابِ وَالرَّسُولِ أَقْوَالٌ ثَالِثُهَا تُقْبَلُ فِي الرَّسُولِ دُونَ الْكِتَابِ وَإِنْ لَمْ يَقْرَأِ الْمَحْلُوفُ الْكِتَابَ فَفِي الْحِنْثِ قَوْلَانِ فَرْعٌ قَالَ لَوِ انْتَقَلَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ إِلَى مَا لَيْسَ مُعَدًّا لَهُ كَالْحَالِفِ لَا يَأْكُلُ طَعَامًا فَيَفْسَدُ بِأَكْلِهِ فَقِيلَ يَحْنَثُ لِأَنَّهُ أَكَلَهُ وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْكُلِ الطَّعَامَ الْمُعْتَادَ وَإِنَّمَا انْتَقَلَ إِلَّا مَا هُوَ مُعَدٌّ لَهُ فَإِنَّ نَطَقَ بِ مِنْ نَحْوَ لَا أَكَلْتُ مِنْ هَذَا فَإِنْ قَرُبَ تَغَيُّرُهُ فَالْمَذْهَبُ كُلُّهُ عَلَى الْحِنْثِ وَإِنْ بَعُدَ كَانْتِقَالِ الطَّلْعِ إِلَى الْبُسْرِ وَالرُّطَبِ فَالْمَشْهُورُ الْحِنْث وَلَا يَحْنَث بالمتولد الَّذِي لَيْسَ جزأ كالحلف عَلَى الشَّاةِ فَيَأْكُلُ مِنْ لَبَنِهَا إِلَّا أَنْ يُرِيدَ تَرْكَ الِانْتِفَاعِ مُطْلَقًا وَفِي تَحْنِيثِهِ بِوَلَدِهَا خِلَافٌ فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ لَفْظَةَ مِنْ وَنَكَّرَ فَالْمَذْهَب عَدَمُ الْحِنْثِ وَإِلَّا حَنِثَ وَإِنْ قَرُبَ التَّغَيُّرُ جِدًّا وَالْغَالِبُ أَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ إِلَّا كَذَلِكَ فَلَمْ يَرَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ إِلَّا فِي الْخَمْسَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَالْحَالِفُ لَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ بَيْتًا فَدَخَلَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ عَلَى الْحَالِفِ بَيْتًا أَشَارَ فِي الْكِتَابِ إِلَى عَدَمِ الْحِنْثِ وَقِيلَ يَحْنَثُ وَلَا يَحْنَثُ بِدُخُولِهِ عَلَيْهِ الْمَسْجِدَ اتِّفَاقًا لِبُعْدِ لَفْظِ الْبَيْتِ عَنِ الْمَسْجِدِ إِلَّا بِإِضَافَتِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَأَحْنَثُوهُ بِالْحَمَّامِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحَمَّامَ لَا يَلْزَمُ دُخُولُهُ بِخِلَافِ الْمَسْجِدِ وَخَالَفَ اللَّخْمِيُّ فِي الْحَمَّامِ وَالْحَالِفُ لَيَنْتَقِلَنَّ مِنْ دَارٍ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ لَا يَعُودُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إِلَّا بَعْدَ شَهْرٍ وَلَمْ يَرَ عَلَيْهِ حِنْثًا إِنْ رَجَعَ بَعْدَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ لَا يَعُودُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إِلَّا بَعْدَ شَهْرٍ لِأَنَّ الشَّهْرَ مُعْتَبَرٌ فِي تَقْدِيمِ الزَّكَاةِ وَانْتِزَاعِ مَالِ الْمُعْتَقِ إِلَى أَجَلٍ قَبْلَ أَجَلِهِ بِشَهْرٍ وَالْحَالِفُ لَيُطِيلَنَّ الْهِجْرَانَ بَرَّ بِشَهْرٍ وَلَمْ يَرَ عَلَيْهِ حِنْثًا إِنْ رَجَعَ بَعْدَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا أُحِبُّ لَهُ الِانْتِقَالَ بِنِيَّةٍ مُؤَقَّتَة قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَالْحَالِفُ لَيُخْرِجَنَّ فُلَانًا مِنْ دَارِهِ لَهُ رَدُّهُ بَعْدَ

شَهْرٍ وَإِنْ مَنَّ عَلَيْهِ بِالدَّارِ فَحَلَفَ لَيَنْتَقِلَنَّ فَتَأَخَّرَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الطَّلَبِ وَلَمْ يَجِدْ قَالَ مُحَمَّدٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَالْحَالِفُ لَيَخْرُجَنَّ من الْمَدِينَة وَلم ينْو إِلَى بلد معِين خَرَجَ إِلَى مَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ فَيُقِيمُ فِيهِ شهرا قَالَ مَالِكٌ وَقِيلَ إِلَى مَوْضِعٍ لَا يَجِبُ فِيهِ إِتْيَانُ الْجُمُعَةِ فَيُقِيمُ فِيهِ مَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَيَرْجِعُ وَفِي الْكِتَابِ الْحَالِفُ لَا يَسْكُنُ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ دَارَ فُلَانٍ هَذِهِ فَبَاعَهَا فَسَكَنَهَا فِي غَيْرِ مِلْكِهِ حَنِثَ لِأَجْلِ الْإِشَارَةِ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ مَا دَامَتْ فِي مِلْكِهِ وَلَوْ قَالَ دَارَ فُلَانٍ لَمْ يَحْنَثْ لِزَوَالِ الْإِضَافَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْحَالِفُ لَا يَسْكُنُ دَارَ فُلَانٍ حَنِثَ بِدَارٍ لَهُ فِيهَا شِرْكٌ لِصِدْقِ الْإِضَافَةِ وَهُوَ يَصْدُقُ بِأَدْنَى سَبَبٍ كَقَوْلِ أَحَدِ حَامِلَيِ الْخَشَبَةِ شُلَّ طَرَفُكَ قَالَ أَشْهَبُ الْحَالِفُ لَا يَدْخُلُ مَنْزِلَ فُلَانٍ فَدَخَلَ الدَّارَ دُونَ الْبَيْتِ إِنْ كَانَتِ الدَّارُ لَا تُدْخَلُ إِلَّا بِإِذْنٍ وَمَنْ سَرَقَ مِنْهَا قُطِعَ حَنِثَ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَحْنَثُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ دَارَ فُلَانٍ حَنِثَ بِحَانُوتِهِ وَقَرْيَتِهِ وَخِبَائِهِ وكل مَوضِع لَهُ فِيهِ أهل أَو متا وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْهُ لِأَنَّ الدَّارَ مِنَ الدَّائِرَةِ تُعْمَلُ حَوْلَ الْبَيْتِ خَشْيَةَ السَّيْلِ فَسُمِّيَتِ الدَّارُ دَارًا لِذَلِكَ وَخَالَفَ أَصْبَغُ فِي الْحَانُوتِ وَالْخِبَاءِ وَفِي الْكِتَابِ الْحَالِفُ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا غَزَلَتْهُ فُلَانَةٌ حَنِثَ بِمَا غَزَلَتْهُ مَعَ غَيْرِهَا أَوْ حَلَفَ لَا يَسْكُنُ بَيْتًا فَسَكَنَ بَيْتَ شَعْرٍ وَهُوَ بَدَوِيٌّ أَوْ حَضَرِيٌّ حَنِثَ لِصِدْقِ الِاسْمِ عَلَيْهِ أَولا يَكْسُوهَا هذَيْن الثَّوْبَيْنِ وَنِيَّته مُجْتَمعين فكساهما أَحدهَا حنث لِأَنَّهُ جُزْء الْمَحْلُوف عَلَيْهِ أَو لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَصَارَتْ طَرِيقًا وَدَخَلَهَا لَمْ يَحْنَثْ فَإِنْ بُنِيَتْ وَدَخَلَهَا حَنِثَ لِأَنَّهُ يُقَالُ هَذِهِ دَارُ فُلَانٍ عُمِّرَتْ فَالْمُشَارُ إِلَيْهِ عَادَ أَوْ لَا يَدْخُلُ مِنْ بَابِ هَذِهِ الدَّارِ أَوْ مِنْ هَذَا الْبَابِ فَغُيِّرَ أَوْ نُقِلَ حَنِثَ بِالدُّخُولِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَابُ دُونَ الدَّارِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا بُنِيَتِ الدَّار بعد هدمها مَسْجِدا لم يَحْنَث وَقَالَ مَالِكٌ الْحَالِفُ لَا خَرَجَتِ امْرَأَتُهُ مِنَ الدَّارِ فَهَدمهَا سيل أَو أخرجهَا ملك الدَّارِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِلَّا فِي الدَّارِ الثَّانِيَةِ أَوْ يَرْجِعُ إِلَى الْأُولَى قَالَ سَحْنُونٌ وَكَذَلِكَ لَوْ أَخْرَجَهَا السُّلْطَانُ لِيُحْلِفَهَا

فِي حَقٍّ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوِ انْتَقَلَ الزَّوْجُ بِاخْتِيَارِهِ فَالْيَمِينُ بَاقِيَةٌ حَيْثُ انْتَقَلَ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ صَوْنُهَا وَقَالَ مَالِكٌ أَيْضًا الْحَالِفُ لَا تَخْرُجُ مِنْ بَابِ بَيْتِهَا حَتَّى يَقْدُمَ فَنَزَلَتْ بِمَوْضِعِهَا فتْنَة فخافت فَخرجت من دبر بَيتهَا يَحْنَثْ وَفِي الْكِتَابِ الْحَالِفُ لَا يَأْكُلُ طَعَامًا أَوْ شَرَابًا فَذَاقَهُ وَلَمْ يَصِلْ إِلَى جَوْفِهِ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ التَّغَذِّي وَلَمْ يَحْصُلْ وَالْحَالِفُ لَا يُسَاكِنُهُ فِي دَارٍ فَسَكَنَا فِي مَقْصُورَتَيْنِ فِي دَارٍ أَوْ كَانَا قَبْلَ الْحَلِفِ كَذَلِكَ حَنِثَ وَإِنْ كَانَا فِي مَنْزِلٍ فَلَا وَالْحَالِفُ لَا يُسَاكِنُهُ فِي دَارٍ فَقُسِّمَتْ وَاسْتَقَلَّ كُلُّ وَاحِدٍ بِنِصْفِهَا كَرِهَهُ مَالِكٌ دُونَ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَلَوْ كَانَا مِنْ أَهْلِ الْعَمُودِ فَحَلَفَ لَا يُجَاوِرُهُ أَوْ لَيَنْتَقِلَنَّ عَنْهُ فَانْتَقَلَ إِلَى قَرْيَةٍ وَالْمَضْرِبُ وَاحِدٌ حَنِثَ إِلَّا أَنْ يَنْتَقِلَ بَيْتُهُ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ لَا بُدَّ مِنِ انْقِطَاعِ خُلْطَةِ الصِّبْيَانِ وَالْعِيَالِ وَتَكُونُ رِحْلَتُهُ كَرِحْلَةِ أَهْلِ الْعَمُودِ قَالَ مَالِكٌ حَيْثُ لَا تلتقي أَغْنَامُهُمْ فِي الرَّعْيِ قَالَ التُّونُسِيُّ لَا يَحْنَثُ بِالزِّيَادَةِ وَلَوْ أَقَامَ أَيَّامًا أَوْ مَرَضَهُ قَالَ مَالِكٌ وَالزِّيَارَةُ تَخْتَلِفُ كَمَا فِي الْحَضَرِيِّ وَالْقَرَوِيِّ وَقَالَ أَشْهَبُ لَيْسَتِ الزِّيَارَةُ مُسَاكَنَةً وَإِنْ طَالَتْ إِذَا لَمْ يَكُنِ الْقَصْدُ السُّكْنَى وَقَالَ أَيْضًا إِذَا أَكثر الْمبيت والمنام فِي غير الْحَضَر حَنِثَ وَمِنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ الْحَالِفُ لَا يجاوره فِي أُمَّهَات الْقرى يَحْنَث بِالطَّرِيقِ الَّتِي تَجْمَعُهُمَا فِي الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ وَالْمُجْتَمَعِ وَلَا يَحْنَث قَالَ أَبُو الطَّاهِر وَلَو رفع مَالًا فَنَسِيَهُ فَحَلَفَ لِزَوْجَتِهِ لَقَدْ أَخَذْتِهِ ثُمَّ وَجَدَهُ حَيْثُ دَفَنَهُ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إِن كَانَ تلف فَأَنت أَخَذته وَالْحَالِفُ لَيْسَ مَعِي أَوْزَنُ مِنْ هَذَا الدِّرْهَمِ فَوَجَدَ مَعَهُ وَزْنَهُ لَا يَحْنَثُ فَرْعٌ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا حَلَفَ لَا يَتَسَرَّى عَلَى امْرَأَته فَذهب

مَالِكٍ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ أَنَّ التَّسَرِّيَ الْوَطْءُ وَقِيلَ الْإِيلَادُ وَقِيلَ الِاتِّخَاذُ لِلْوَطْءِ فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ الْوَطْءُ لَا تَجُوزُ لَهُ إِلَّا الْمُبَاشَرَةُ مِنَ التَّقْبِيلِ وَنَحْوِهِ وَقِيلَ يَجُوزُ لَهُ الْوَطْءُ وَلَا يُنْزِلُ وَقِيلَ وَطْأَةٌ كَامِلَةٌ وَلَا يَحْنَثُ إِلَّا بِتَمَامِهَا الْمَدْرَكُ الْعَاشِرُ النَّظَرُ إِلَى التَّمَادِي عَلَى الْفِعْل هَلْ يُجْعَلُ كَابْتِدَائِهِ فَفِي الْكِتَابِ الْحَالِفُ لَا يَسْكُنُ هَذَهِ الدَّارَ وَهُوَ فِيهَا يَخْرُجُ مَكَانَهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ فَإِنْ أَقَامَ إِلَى الصَّبَاحِ حَنِثَ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ فَإِنْ وَجَدَ مَنْزِلًا لَا يُوَافِقُهُ أَوْ غَالِيًا انْتَقَلَ إِلَيْهِ حَتَّى يَجِدَ سِوَاهُ وَإِلَّا حَنِثَ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ يَنْتَقِلُ بِحَسَبَ الْعَادَةِ وَيَرْتَحِلُ بِوَلَدِهِ وَأَهْلِهِ وَجَمِيعِ مَتَاعِهِ إِلَّا الْوَتَدَ وَمَا لَا يُعْبَأُ بِهِ فَإِن بَقِي مَتَاعه حنث وَقَالَهُ ابْن حَنْبَل خلافًا ل ش فِي قَوْلِهِ يَكْفِي نَقْلُهُ بِنَفْسِهِ لَنَا أَنَّهُ كُلُّ يَوْمٍ يَنْتَقِلُ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ فَلَا بُدَّ لِلْيَمِينِ مِنْ غَرَضٍ زَائِدٍ عَلَى الْمُعْتَاد وَقَالَ أَبُو يُونُس قَالَ أَشهب لَا يَحْنَث بإقامته يَوْم وَلَيْلَةً وَلَا يَتْرُكُ قَشَّهً فَإِنَّهُ لَا يُسَمَّى مُسَاكَنَةً وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْحَالِفِ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ فِي الْهِلَالِ لَهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَلَو ابْتَدَأَ فِي النقلَة وَأقَام أَيَّامًا لِكَثْرَةِ عِيَالِهِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ تَرَكَ مَتَاعَهُ إِعْرَاضًا عَنْهُ لِصَاحِبِ الدَّارِ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَحْنَثْ وَرُوِيَ عَنْهُ إِنْ تَرْكَ الْوَتَدَ وَنَحْوَهُ إِعْرَاضًا عَنْهُ لَمْ يَحْنَثْ أَوْ نِسْيَانًا حَنِثَ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْحَالِفُ عَلَى رُكُوبِ دَابَّةٍ أَوْ لِبَاسِ ثَوْبٍ وَهُوَ رَاكِبٌ أَوْ لَابِسٌ يَنْزِعُ وَيَنْزِلُ فَإِنْ تَمَادَى كَانَ كَابْتِدَاءِ الْفِعْلِ قَالَهُ فِي الْكِتَابِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا وَهُوَ فِيهَا قَالَ ابْن الْقَاسِم وش لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِنْ لَمْ يَخْرُجْ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ يَغْدُو رَاكِبًا وَلَابِسًا وَلَا يَغْدُو رَاجِلًا وَلَوْ قَالَ لِلْحَائِضِ إِذَا حِضْتِ أَوِ الطَّاهِرِ إِذَا طَهُرْتِ أَوِ الْحَامِلِ إِذَا حَمَلْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ قَالَ سَحْنُونٌ هُوَ عَلَى

وُجُودِ هَذِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ حَاضَتْ أَوْ طَهُرَتْ أَوْ حَمَلَتِ الْيَوْمَ بَلْ مُنْذُ مُدَّةٍ الْمَدْرَكُ الْحَادِي عَشَرَ مَا يُعَدُّ عذرا وَهُوَ الْإِكْرَاه والسيان وَالْجَهْلُ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْحَالِفُ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا يَحْنَثُ بِوُجُودِ الْفِعْلِ مِنْهُ سَهْوًا أَوْ عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ نِسْيَانًا أَوْ جَهْلًا وَلَا يَحْنَثُ مُكْرَهًا وَوَافَقَنَا الْأَئِمَّةُ عَلَى الْإِكْرَاهِ عَلَى الْيَمين وَخَالَفنَا ح فِي الْإِكْرَاهِ عَلَى الْفِعْلِ وَوَافَقَنَا فِي النِّسْيَانِ وَالْجَهْلِ وَخَالَفَنَا ش فِي النِّسْيَانِ وَالْجَهْلِ تَمْهِيدٌ اللَّفْظ لُغَة لَا يخْتَص بِحَالَة فقد دلّت الْعَادة على أَن النَّاس يستنون هَذِهِ الْحَالَةَ حَتَّى يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ لَا فَعَلْتُ كَذَا مَا لَمْ أَنْسَ أَوْ أُكْرَهْ أَوْ أَجْهَلْ وَلَا يَقْصِدُونَ ذَلِكَ فَنَحْنُ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَنَا قَصْدُهُمْ فَاعْتَبَرْنَا اللَّفْظَ وَاسْتَثْنَيْنَا الْإِكْرَاهَ لِلْحَدِيثِ وَهُوَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا طَلَاقَ فِي إِغْلَاقٍ أَيْ فِي إِكْرَاهٍ وَإِذَا تَمَهَّدَ عذرا فِي الطَّلَاقِ تَمَهَّدَ فِي غَيْرِهِ بِجَامِعِ عَدَمِ الإيثار للْفِعْل وش يَرَى أَنَّ هَذِهِ الْحَالَاتِ مُسْتَثْنَيَاتٌ فِي عُرْفِ النَّاسِ وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَفِي الْكِتَابِ الْحَالِفُ لَا مَالَ عِنْدَهُ وَوَرِثَ مَالًا لَا يَعْلَمُ بِهِ حَانِثٌ وَالْحَالِفُ لَا يَدْخُلُ دَارًا لَا يَحْنَثُ بِدُخُولِهَا مُكْرَهًا وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ وَلَوْ هَجَمَتْ بِهِ دَابَّتُهُ كُرْهًا لَمْ يَحْنَثْ وَإِنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إِنْ دَخَلْتِ هَذِهِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَكْرَهَهَا غَيْرُهُ عَلَى الدُّخُولِ لَمْ يَحْنَثْ وَأَمَّا بِإِكْرَاهِهِ هُوَ فَقَالَ سَحْنُونٌ أَخَافُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ رِضًا بِالْحِنْثِ فَيَحْنَثَ قَالَ مَالِكٌ وَالْمُكْرَهُ عَلَى الْيَمِينِ لَا يُعْتَبَرُ يَمِينُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي حَقٍّ عَلَيْهِ وَهُوَ يَعْلَمُ ذَلِك وَقَالَ الْأَئِمَّةُ وَالْحَالِفُ بِالطَّلَاقِ لِنَجَاةِ غَيْرِهِ مِنَ الْقَتْلِ بِغَيْرِ حَقٍّ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ قَالَهُ مُحَمَّدٌ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَالْحَالِفُ لَيْسَ لَهُ مَالٌ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ تُصُدِّقْ عَلَيْهِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَلَمْ يَقْبَلْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَإِنْ قَبِلَ حَنِثَ وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ نَظَرًا لِتَأْخِيرِ

كَمَالِ الْمِلْكِ بَعْدَ الْيَمِينِ قَالَ صَاحِبُ تَهْذِيبِ الطَّالِبِ الْحَالِفُ لَيَرْكَبَنَّ الدَّابَّةَ فَتُسْرَقُ يَحْنَثُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ لِأَنَّ الْفِعْلَ مُمْكِنٌ وَإِنَّمَا مَنَعَهُ السَّارِقُ فَإِنْ مَاتَتْ بَرَّ لِتَعَذُّرِ الْفِعْل وَمنع الغاضب وَالْمُسْتَحِقِّ كَالسَّارِقِ وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّ عَبْدَهُ فَكَاتَبَهُ أَوْ لَيَبِيعَهَا فَوَجَدَهَا حَامِلًا لِأَنَّ الْمَانِعَ شَرْعِيٌّ وَالْفِعْلَ مُمْكِنٌ وَخَالَفَهُ سَحْنُونٌ وَالْحَالِفُ لَيَطَأَنَّهَا فَوَجَدَهَا حَائِضًا قِيلَ يَحْنَثُ وَقِيلَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقيل إِن وطىء بَرَّ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَبَرُّ وَكَذَلِكَ لَوْ وَجَدَهَا صَائِمَةً فِي رَمَضَانَ وَقَالَ أَصْبَغُ إِذَا نَذَرَتْ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ فَصَادَفَ يَوْمَ الصِّيَامِ مَرَضٌ أَفْطَرَتْ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا وَقَالَ أَشْهَبُ الْحَالِفُ لَيَصُومَنَّ رَمَضَانَ وَشَوَّالَ إِنْ صَامَ يَوْمَ الْفِطْرِ بَرَّ وَإِلَّا فَلَا قَاعِدَةٌ الْمَانِعُ مَتَى كَانَ عَقْلِيًّا اعْتُبِرَ قَوْلًا وَاحِدًا أَوْ عَادِيًّا أَوْ شَرْعِيًّا فَقَوْلَانِ وَالْمَدْرَكُ أَنَّ قَوْلَ الْحَالِفِ لَأَفْعَلَنَّ هَلْ يَعُمُّ الْأَحْوَالَ أَوْ يُخَصَّصُ بِحَالَةِ التَّمَكُّنِ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ لِلْعُقَلَاءِ فَلَا يَحْنَثُ أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْمُتَعَذِّرِ عَقْلًا وَغَيْرِهِ مُحَافَظَةً عَلَى ظَاهِرِ اللَّفْظِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ الْمَشْهُورُ أَنَّ الْخَوْفَ عَلَى الْغَيْرِ كَالْخَوْفِ عَلَى النَّفْسِ وَفِي الْإِكْرَاهِ قَوْلَانِ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ تَحْنِيثُ النَّاسِي وَالْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ مُحَقِّقِي الْأَشْيَاخِ عَدَمُ تَحْنِيثِهِ وَرَامُوا تَخْرِيجَهُ مِمَّا فِي الْمُسْتَخْرَجَةِ فِي الْحَالِفِ بِالطَّلَاقِ لَيَصُومَنَّ يَوْمًا سَمَّاهُ فَأَفْطَرَهُ نَاسِيًا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى نَفْيِ الْقَضَاءِ دُونَ الْحِنْثِ وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي الْمُفطر فِي النذور وفيمن حَلَفَ لَا يُبَايِعُ إِنْسَانًا فَبَايَعَ مَنْ هُوَ مِنْ سَبَبِهِ أَوْ مِمَّنِ اشْتَرَاهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَلم يعلم وَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مُرَاعَاةِ ظَاهِرِ اللَّفْظِ فَلَا يَحْنَثُ بِمُبَايَعَةِ غَيْرِهِ لِأَنَّ النِّسْيَانَ عُذْرٌ الْمَدْرَكُ الثَّانِي عَشَرَ تَنْزِيلُ الْوَكِيلِ مَنْزِلَةَ الْمُوكل تَحْقِيقًا لِلنِّيَابَةِ وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ خِلَافًا لِ ش وَقَالَ صَاحِبُ الْخِصَالِ كُلُّ مَنْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُ شَيْئا فَأمره

غَيْرُهُ فَفَعَلَهُ حَنِثَ إِلَّا فِي مِثْلِ الْحَالِفِ لَيَضْرِبَنَّ عَبْدَهُ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ النِّيَابَةَ فِي ضَرْبِهِ وَفِي الْكِتَابِ الْحَالِفُ لَا يَشْتَرِي عَبْدًا فَيَأْمُرُ غَيْرَهُ فَيَشْتَرِيهِ لَهُ يَحْنَثُ وَالْحَالِفُ لَا يَضْرِبُ عَبْدَهُ فَيَأْمُرُ غَيْرَهُ فَيَضْرِبُهُ يَحْنَثُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ عَدَمُ إِيلَامِهِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ لَهُ نِيَّةٌ وَالْحَالِفُ لَا يَبِيعُ لِفُلَانٍ شَيْئًا فَيَدْفَعُ فُلَانٌ ثَوْبًا لِرَجُلٍ فَيَدْفَعُهُ الرَّجُلُ لِلْحَالِفِ فَيَبِيعُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ فَإِنْ لَمْ يَكُنِ الرَّجُلُ صَدِيقًا ملاطفا أَو من عماله أَو نَاحِيَتِهِ وَإِلَّا حَنِثَ وَكَذَلِكَ الْحَالِفُ لَا يَبِيعُ مِنْهُ فَيَبِيعُ مِمَّنْ يَشْتَرِي لَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ فَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمُشْتَرِي مِنْ نَاحِيَتِهِ وَلَا مِنْ سَبَبِهِ لَمْ يَحْنَثْ وَإِلَّا حَنِثَ وَلَوْ أَخْبَرَهُ عِنْدَ الْبَيْعِ فَحَلَّفَهُ فَقَالَ لَهُ أَنَا أَبْتَاعُ لِنَفْسِي ثُمَّ تَبَيَّنَ بَعْدَ الْبَيْعِ أَنَّ ابْتِيَاعَهُ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ حَنِثَ إِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي مِنْ نَاحِيَةِ فُلَانٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ التُّونِسِيُّ لَوْ قَالَ أَبِيعُكَ بِشَرْطِ أَنَّكَ إِنِ ابْتَعْتَ لِفُلَانٍ فَلَا بَيْعَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ فَتَبَيَّنَ الشَّرْطُ بَطَلَ الْبَيْعُ وَلَا يَحْنَثُ وَلَوِ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ ثُمَّ وَلَّى لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَيَحْتَمِلُ الْحِنْثَ وَنَفْيَهُ فَقَدْ قِيلَ فِي الْحَالِفِ لَا يَشْتَرِي لِامْرَأَتِهِ ثَوْبًا فَاشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ ثُمَّ وَلَّاهُ لَهَا اسْتَثْقَلَهُ مَالِكٌ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَحْنَثُ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ الْحَالِفُ بِعِتْقِ عَبْدِهِ لَا يَبِيعُهُ فَرَهَنَهُ فَبَاعَهُ عَلَيْهِ السُّلْطَانُ فِي الرَّهْنِ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ زَمَانُ وُقُوعِ الْعِتْقِ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ وَالدَّيْنُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعِتْقِ قَالَ وَالْمَعْلُومُ لِمَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وُقُوعُ الْعِتْقِ عَلَيْهِ بِبَيْعِ السُّلْطَانِ فَإِنِ اشْتَرَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ رَجَعَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ وَلَوْ كَانَ حَلِفُهُ بِغَيْرِ عِتْقِ الْعَبْدِ لَجَرَى فِي حِنْثِهِ خِلَافٌ الْمَدْرَكُ الثَّالِث عشر تعذر الْمَحْلُوف عَلَيْهِ قَبْلَ الْأَجَلِ إِمَّا عَقْلًا أَوْ شَرْعًا أَوْ بِآدَمِيٍّ وَفِي الْكِتَابِ الْحَالِفُ لَيَأْكُلَنَّ هَذَا الطَّعَامَ أَوْ لَيَرْكَبَنَّ هَذِهِ الدَّابَّةَ أَوْ لَيَضْرِبَنَّ عَبْدَهُ هَذَا إِلَى أَجَلٍ فَتَعَذَّرَ ذَلِكَ بِمَوْتٍ بَرَّ بِخِلَاف السّرقَة إِلَّا أَن

يَنْوِيَ أَنْ لَا يَسْرِقَ لِأَنَّ الْفِعْلَ مُمْكِنٌ فِي السَّرِقَةِ بِخِلَافِ الْمَوْتِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَحْنَثُ فِي مَوْتٍ وَلَا سَرِقَةٍ لِضَرْبِهِ أَجَلًا فَهُوَ عَلَى بِرٍّ وَلَوْ لَمْ يَضْرِبْ أَجَلًا لَحَنِثَ فِي الْمَوْتِ وَالسَّرِقَة أَن مكنه الْفِعْلُ قَبْلَ ذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنْ حَلَفَ لَيَقْطَعَنَّ خَشَبَةً غَدًا فَوَجَدَهَا مَقْطُوعَةً مِنْ سَاعَتِهِ لَا يَحْنَثُ وَلَوْ أَمْكَنَهُ الْقَطْعُ فَتَرَكَهُ حَنِثَ وَفِي الْكِتَابِ الْحَالِفُ لَيَذْبَحَنَّ حَمَامَةً ثُمَّ قَامَ مَكَانَهُ فَوَجَدَهَا مَيِّتَةً لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَالَهُ ش لِأَنَّ الْعَاقِلَ إِنَّمَا يَلْتَزِمُ الْفِعْلَ الْمُمْكِنَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَهَذَا بِخِلَافِ الْحَالِفِ لَيَبِيعَنَّ أَمَتَهُ فَيَجِدُهَا حَامِلًا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَوَّى بَيْنَهُمَا سَحْنُونٌ فِي عَدَمِ الْحِنْثِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْبَيْعَ مُمْكِنٌ وَإِنَّمَا الشَّرْعُ مَنَعَهُ مِنْهُ بِخِلَافِ الْمَوْتِ وَأَصْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْحَالِفَ لَيَفْعَلَنَّ لَا يُعْذَرُ بِالْإِكْرَاهِ وَالْغَلَبَةِ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ ذَلِكَ وَفِي الْكِتَابِ الْحَالِفُ بِعِتْقِ عَبْدِهِ لَيَضْرِبَنَّ امْرَأَتَهُ إِلَى سَنَةٍ فَمَاتَتْ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَحْنَثْ لِمَوْتِهَا وَهُوَ عَلَى بِرٍّ فَإِنْ لَمْ يَضْرِبْ أَجَلًا مُنِعَ مِنْ بَيْعِ الْعَبْدِ حَتَّى يَبَرَّ فَإِنْ مَاتَتْ بَعْدَ الْيَمِينِ وَالْحَالِفُ صَحِيحٌ عَتَقَ الْعَبْدُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ أَوْ مَرِيضٌ فَمِنْ ثُلُثِهِ نَظَرًا إِلَى حَالَةِ الْحِنْثِ دُونَ الْيَمِينِ لِأَنَّ الْحِنْثَ إِنْ كَانَ السَّبَبَ فَقَدْ وُجِدَ فِي حَالَةِ الْمَرَضِ أَوِ الشَّرْطَ فِي اعْتِبَارِ الْيَمِينِ وَالْيَمِينُ هُوَ السَّبَبُ فَالْآنَ حَالَةُ الِاعْتِبَارِ وَقِيلَ ذَلِكَ لَغْوٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُصَدَّقُ الْحَالِفُ أَنَّهُ ضَرَبَ عَبْدَهُ أَوِ امْرَأَتَهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى قَضَاءِ الْحَقِّ طُلِّقَ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ الَّتِي عَلَى أَصْلِ الْحَقِّ لِأَنَّ الْعَادَةَ الْإِشْهَادُ عَلَى قَضَاءِ الْحَقِّ دُونَ الضَّرْبِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ صدقه الطَّالِب وَهُوَ من أصل الصِّدْقِ حَلَفَ مَعَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنِ اتُّهِمَ فَلَا بُدَّ مِنَ الْبَيِّنَةِ وَقَالَ سَحْنُونٌ الْعَدْلُ وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ يُقْبَلُ قَالَ مَالِكٌ إِذَا لم تعلم يَمِينه إِلَّا بالإقراء قبل قَوْله بِغَيْر بَيِّنَة لعدم التُّهْمَة قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الطَّالِبِ لَهُ وَلَا عَلَيْهِ مُطْلَقًا لِلتُّهْمَةِ وَفِي الْكِتَابِ مَنْ لَزِمَهُ دَيْنٌ لِرَجُلٍ أَوْ ضَمَانُ عَارِيَةٍ يُغَابُ عَلَيْهَا فَحلف بِالطَّلَاق ثَلَاثًا ليودين ذك وَحَلَفَ الطَّالِبُ بِالطَّلَاقِ

ثَلَاثًا لَا يَقْبَلُهُ فَيُجْبَرُ عَلَى أَخْذِ الدَّيْنِ لِتَعَيُّنِ الْمِنَّةِ فِي تَرْكِهِ فَلَا يَلْزَمُ الْمَدْيُونَ إِيَّاهَا وَيَحْنَثُ الطَّالِبُ بِالطَّلَاقِ ثَلَاثًا لَا يَقْبَلُهُ وَلَا يُجْبَرُ فِي أَخْذِ قِيمَةِ الْعَارِيَةِ وَيَحْنَثُ الْمُسْتَعِير لعدم تعْيين الْمِنَّةِ بِتَرْكِ شَيْءٍ مُحَقَّقٍ قَبْلَهُ فَإِنَّ ضَمَانَهَا ضَمَانُ التُّهَمِ فَإِنْ أَرَادَ الْمُسْتَعِيرُ أَنَّهُ يُعْطِيهِ قبله أَولا لَمْ يَحْنَثْ كِلَاهُمَا الْمَدْرَكُ الرَّابِعَ عَشَرَ النِّيَّةُ الْعرية عَن اللَّفْظ هَلْ يَنْعَقِدُ بِهَا يَمِينٌ حَتَّى يَتَرَتَّبَ عَلَى الْفِعْل حنث أَو بر حَكَى أَبُو الطَّاهِرِ قَوْلَيْنِ وَإِطْلَاقُ لَفْظِ النِّيَّةِ على أَلْسِنَة الْأَصْحَاب من مشكلات الْمَذْهَب فَقَط غَلِطَ فِيهِ كَثِيرٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ الَّذِينَ لَا تَحْصِيلَ لَهُمْ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ صَرِيحَ الطَّلَاقِ لَا يَفْتَقِرُ إِلَى نِيَّةٍ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ فِي بَابِ الْإِكْرَاهِ عَلَى الطَّلَاقِ وَأَبُو الْوَلِيد فِي صَرِيحه وكناياته فِي الْمُقَدَّمَاتِ الصَّحِيحُ مِنَ الْمَذْهَبِ أَنَّ الصَّرِيحَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنَ النِّيَّةِ فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالنِّيَّةِ وَاحِدًا فَقَدْ تَنَاقَضَ قَوْلُهُمْ وَلَزِمَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ حَتَّى حَكَوْا فِي الطَّلَاقِ بِالنِّيَّةِ قَوْلَيْنِ وَالْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ الْعَازِمَ عَلَى طَلَاقِ زَوْجَتِهِ لَا يلْزمه بعزمه الطَّلَاق فَأَيْنَ مَحَلُّ الْخِلَافِ وَأَيْنَ مَحَلُّ الْإِجْمَاعِ ثُمَّ النِّيَّةَ هِيَ مِنْ بَابِ الْقُصُودِ وَالْإِرَادَاتِ لَا مِنْ بَابِ الْعُلُومِ وَالِاعْتِقَادَاتِ وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْجَلَّابِ مَنِ اعْتَقَدَ الطَّلَاقَ بِقَلْبِهِ وَلَمْ يَلْفِظْ بِهِ فَفِي لُزُومِ الطَّلَاقِ لَهُ قَوْلَانِ فَقَدْ عَبَّرَ عَنِ النِّيَّةِ بِالِاعْتِقَادِ وَهُوَ غَيْرُ النِّيَّةِ وَهَذِهِ مُعَمَّيَاتٌ تَحْتَاجُ إِلَى الْكَشْفِ وَالَّذِي يَكْشِفُ الْغِطَاءَ عَنْ ذَلِكَ أَنَّ لَفْظَ النِّيَّةِ عِنْدَ الْأَصْحَاب مُشْتَرك بَين الْإِرَادَة المخصصة والحقائق الْمُتَرَدِّدَةِ وَهِيَ الْمُشْتَرَطَةُ فِي الْعِبَادَاتِ وَبَيْنَ الْكَلَامِ النَّفْسَانِيِّ فَإِذَا قَالُوا الصَّرِيحُ لَا يَفْتَقِرُ إِلَى نِيَّة فَهُوَ

الْمَعْنَى الْأَوَّلُ وَإِذَا قَالُوا لَا بُدَّ مَعَ الصَّرِيحِ مِنَ النِّيَّةِ الْمُرَادُ الثَّانِي بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُطْلِّقَ بِكَلَامِهِ النَّفْسَانِيِّ كَمَا يُطلق بِاللِّسَانِ فَإِن اللساني دَلِيلٌ عَلَيْهِ وَالدَّلِيلُ مَعَ عَدَمِ الْمَدْلُولِ بَاطِلٌ وَإِذَا قَالُوا فِي الطَّلَاقِ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ قَوْلَانِ مُرَادهم بالْكلَام النفساني وَيدل عَلَيْهِ استدلاهم بِأَنَّهُ يَكُونُ مُؤْمِنًا وَكَافِرًا بِقَلْبِهِ وَالْإِيمَانُ وَالْكُفْرُ خَبَرَانِ نَفْسَانِيَّانِ فَالتَّشْبِيهُ يَدُلُّ عَلَى التَّسَاوِي وَسَمَّاهُ ابْنُ الْجَلَّابِ اعْتِقَادًا لِأَنَّ كُلَّ مُعْتَقِدٍ مُخْبِرٌ عَنْ مُعْتَقَدِهِ فَالْكَلَامُ النَّفْسَانِيُّ لَازِمٌ لِلْعِلْمِ وَالِاعْتِقَادِ فَعُبِّرَ عَنْهُ بِهِ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْمُلَازَمَةِ وَالْمرَاد هَا هُنَا الْكَلَامُ النَّفْسَانِيُّ وَهُوَ الْحَلِفُ بِالْقَلْبِ دُونَ اللِّسَانِ فَهَل يلغوا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا نَصَبَ سَبَبَ اللَّفْظِ وَلَمْ يُؤَجِّلْ أَوْ يُعَبِّرْ نَظَرًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَكِن يؤاخذهم بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ} الْمَائِدَة 89 وَالْعَقْدُ إِنَّمَا هُوَ بِالْقَلْبِ فَإِذَا تَمَهَّدَ هَذَا تُنَزَّلُ أَقْوَالُ الْأَصْحَابِ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ وَالله أعلم

صفحة فارغة

(الباب السادس في الكفارة)

(الْبَابُ السَّادِسُ فِي الْكَفَّارَةِ) 2 - وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْكفْر بِفَتْح الْكَاف وَهُوَ التستر وَمِنْهُ سُمِّيَ الزَّارِعُ كَافِرًا لِسَتْرِهِ الْحَبَّ بِالتُّرَابِ وَالْبَحْرُ كَافِرًا لِسَتْرِهِ مَا فِيهِ وَالْمُشْرِكُ كَافِرًا لِسَتْرِهِ الْحَقَّ مِنَ الْوَحْدَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَكُفْرُ النِّعْمَةِ عدم شكرها لما لم يظْهر لَهَا أَثَرٍ عَادَتْ كَالْمَسْتُورَةِ وَالْمَشْكُورَةِ كَالْمَشْهُورَةِ وَلَمَّا كَانَ أَصْلُ الْكَفَّارَةِ لِزَوَالِ الْإِثْمِ وَسَتْرِهِ كَمَا فِي الظِّهَارِ سُمِّيَتْ كَفَّارَةً وَهِيَ فِي الْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى لَا تُزِيلُ إِثْمًا لِأَنَّ الْحِنْثَ قَدْ لَا يَكُونُ حَرَامًا وَهُوَ أَكْبَرُ مَوَارِدِهَا وَقَدْ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَالشَّافِعِيَّةُ الْحِنْثُ أَرْبَعَةٌ وَاجِبٌ إِنْ كَانَتِ الْيَمِينُ عَلَى مَعْصِيَةٍ وَمُسْتَحَبٌّ إِنْ كَانَتْ عَلَى تَرْكِ مَنْدُوبٍ وَمُبَاحٌ إِنْ كَانَتْ عَلَى مُبَاحٍ وَيَضُرُّهُ الْبَقَاءُ عَلَيْهِ وَمَكْرُوهٌ إِنْ كَانَ الْمُبَاحُ لَا يَضُرُّهُ الْبَقَاءُ عَلَيْهِ وَفِي مُسْلِمٍ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا حَلَفَ أَحَدُكُمْ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ وَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَالْمَأْمُورُ بِهِ لَا يَكُونُ مَعْصِيَةً فَلَا تَكُونُ الْكَفَّارَةُ عَلَى وَضْعِهَا وَقَالَتِ الْحَنَفِيَّةُ الْحِنْثُ حَرَامٌ وَهِيَ تُزِيلُ الْإِثْمَ الَّذِي بِسَبَبِ مُخَالَفَةِ الْيَمِينِ لِانْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَلَى تَسْمِيَتِهِ حِنْثًا وَالْحِنْثُ الْإِثْمُ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ} الْمَائِدَة 89 وَالْمُؤَاخَذَةُ لَا تَكُونُ إِلَّا مَعَ الْإِثْمِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْحِنْثَ لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْإِثْمِ وَمُخَالفَة

الْيَمين نَقله الْجَوْهَرِي وَعَن الثَّانِي أَنَّ عَقْدَ الْيَمِينِ لَا إِثْمَ فِيهِ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْحِنْثِ فَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْآيَةُ لَا تَقُولُونَ بِهِ وَمَا تَقُولُونَ بِهِ لَا تَدُلُّ عَلَيْهِ الْآيَةُ ثُمَّ النَّظَرُ فِي أَنْوَاعِهَا وَأَحْكَامِهَا وَالْمُخَاطَبِ بِهَا فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ فُصُول الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي أَنْوَاعِهَا وَهِيَ أَرْبَعَةٌ مِنْهَا ثَلَاثَةٌ عَلَى التَّخْيِيرِ وَهِيَ الْعِتْقُ وَالْإِطْعَامُ وَالْكِسْوَةُ وَالرَّابِع مُرَتّب بعد الْعَجز عَن اثلاثة وَهُوَ الصِّيَامُ وَأَصْلُ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} الْمَائِدَة 89 النَّوْعُ الْأَوَّلُ الْإِطْعَامُ وَفِي الْكِتَابِ يُطْعِمُ مُدَّ قَمْحٍ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مِنْ أَوْسَطِ عَيْشِ ذَلِكَ الْبَلَدِ وَلَا تُغَرْبَلُ الْحِنْطَةُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ مَغْلُوثَةً قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا يُجْزِئُ الْعِوَضُ وَإِنْ غُذِّيَ أَوْ عُشِّيَ بِالْخُبْزِ وَالْإِدَامِ أما الزَّيْت وَاللَّحم وَهُوَ أَجْوَدُهُ أَجْزَأَهُ لِأَنَّهُ إِطْعَامٌ مُعْتَادٌ وَيُعْطَى الْفَطِيمُ مِنَ الطَّعَامِ كَمَا يُعْطَى الْكَبِيرُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَصَفَهُ بِالْوَسَطِ فَحُمِلَ عَلَى الْوَسَطِ جِنْسًا وَمِقْدَارًا فَائِدَةٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ الْمَغْلُوثَةُ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُهْمَلَةِ مَعًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ أَفْتَى ابْنُ وَهْبٍ بِمِصْرَ بِمُدٍّ وَنِصْفٍ وَأَشْهَبُ بِمُدٍّ وَثُلُثٍ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَا يُعْطِي الذُّرَةَ وَهُوَ يَأْكُلُ الشَّعِيرَ وَلَا الشَّعِيرَ وَهُوَ يَأْكُلُ الْبُرَّ وَيُجْزِئُ الشَّعِيرُ وَهُوَ يَأْكُلُ الذُّرَةَ فَإِنْ أَطْعَمَ خَمْسَةً الْبُرَّ ثُمَّ غَلَا السِّعْرُ ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى بَلَدٍ عَيْشُهُمُ الشَّعِيرُ أَجْزَأَهُ الشّعير قَالَ اللَّخْمِيّ وَقيل يُجزئهُ الْخبز قفازا وَالْقِفَارُ بِتَقْدِيمِ الْقَافِ وَفَتْحِهَا وَتَخْفِيفِ الْفَاءِ الَّذِي لَا إِدَامَ مَعَهُ وَقَالَ مَالِكٌ أَيْضًا يُعْتَبَرُ وسط

عَيْشِ الْمُكَفِّرِ دُونَ الْبَلَدِ وَحَمَلَ الْأَهْلَ عَلَى الْأَخَصِّ وَهُوَ ظَاهِرُ الْآيَةِ فَإِنَّ أَهْلَ الْبَلَدِ لَا يُقَالُ لَهُمْ أَهْلُ زَيْدٍ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بَخِيلًا يُضَيِّقُ عَلَى أَهْلِهِ وَاخْتُلِفَ فِي الرَّضِيعِ وَالْقِيَاسُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الطَّعَامِ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُعْطَى مُسْلِمًا حُرًّا فَقِيرًا لَا تَلْزَمُ الْمُكَفِّرَ نَفَقَتُهُ فَإِنْ أَعْطَى عَبْدًا أَوْ كَافِرًا أَو غَنِيا لم يُجزئهُ إِنْ عَلِمَ وَاخْتُلِفَ إِذَا لَمْ يَعْلَمُ وَهَذَا ذَا فَاتَتْ فَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً انْتُزِعَتْ وَصُرِفَتْ لِمُسْتَحِقِّهَا وَإِنْ ضَاعَتْ لَمْ يَضْمَنُوهَا إِلَّا أَنْ يَعْلَمُوا أَنَّهَا كَفَّارَةٌ وَغَرُّوا مِنْ أَنْفُسِهِمْ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمُوا وَأَكَلُوهَا وَصَانُوا بِهَا أَمْوَالَهُمْ فَخِلَافٌ وَالْغُرْمُ أَحْسَنُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِإِجْزَائِهَا فَيَغْرَمُونَهَا لِلْمَسَاكِينِ لِأَنَّ الْمُسَلَّطَ غَيْرُ الْمُسْتَحِقِّ وَعَدَمُ الْإِجْزَاءِ فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ أَحْسَنُ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ لِأَنَّهَا فِي الذِّمَّةِ وَالزَّكَاةُ فِي الْمَالِ وَتَسْقُطُ بِالضَّيَاعِ بَعْدَ الْعَزْلِ بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ وَفِي الْكِتَابِ مَنْ عَلَيْهِ يَمِينَانِ فَأَطْعَمَ عَنْ أَحَدِهِمَا مَسَاكِينَ أَكْرَهُ أَنْ يُطْعِمَهُمْ لِلْيَمِينِ الْأُخْرَى وَلَا يُطْعِمُ عَبْدًا وَلَا ذِمِّيًّا وَلَا أُمَّ وَلَدٍ وَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ مُحْتَاجًا وَإِنْ أَعْطَى غَنِيًّا لَمْ يَجُزِهِ وَكَذَلِكَ الْكِسْوَةُ وَيُعْطَى صَاحِبُ دَارٍ وَخَادِمٌ لَا فَضْلَ فِي ثَمَنِهَا عَنْ سِوَاهُمَا كَالزَّكَاةِ وَلَا يُعْجِبُنِي الْإِعْطَاء لقريب الَّذِي لَا تلْزم نَفَقَته وَيجْزِي قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنَّمَا كُرِهَ إطعامهم من الْيَمين الثَّانِيَة لَيْلًا تَخْتَلِطَ النِّيَّةُ أَمَّا إِذَا تَمَيَّزَتْ تَصِحُّ وَوَافَقَهُ أَبُو عِمْرَانَ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى فَإِذَا قُلْنَا يُخْرِجُ الشَّعِيرَ قَالَ مُحَمَّدٌ يُطْعِمُ مِنْهُ قَدْرَ مَا يُشْبِعُ الْقَمْحُ وَلَا يُخْرِجُ السَّوِيقَ لِأَنَّهُ لَا يقوت غَالِبًا قَالَهُ أَصْبَغُ وَيُجْزِئُ الدَّقِيقُ إِذَا أَعْطَى قدر ربعه وَلَا يُجزئهُ الْقُطْنِيَّةُ وَلَا التِّينُ وَإِنْ كَانَ عَيْشَ قَوْمٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِقُوتٍ النَّوْعُ الثَّانِي الْكِسْوَةُ فَفِي الْكِتَابِ لَا يُجْزِئُ إِلَّا مَا تَحِلُّ الصَّلَاةُ فِيهِ

ثَوْبٌ لِلرَّجُلِ وَلَا تُجْزِئُ الْعِمَامَةُ وَلِلْمَرْأَةِ دِرْعٌ وخمار وَقَالَ ش وح أَقَلُّ مَا يُسَمَّى كِسْوَةً مِنْدِيلٌ أَوْ عِمَامَةٌ أَوْ غَيْرُهُمَا لِأَنَّ الْكِسْوَةَ أُطْلِقَتْ فِي الْآيَةِ وَيَجُوزُ إِعْطَاءُ كِسْوَةِ الْكَبِيرِ لِلطِّفْلِ وَوَافَقَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ لَنَا أَنَّ الْكِسْوَةَ أُطْلِقَتْ فِي الْآيَةِ عَلَى الْكِسْوَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَهِيَ مَا يُجْزِئُ فِيهِ الصَّلَاةُ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ حَمْلُ كَلَامِ كُلِّ مُتَكَلِّمٍ عَلَى عُرْفِهِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ كِسْوَتُهُمْ} الْمَائِدَة 90 فَأَضَافَ الْكِسْوَةَ إِلَيْهِمْ فَيُعْتَبَرُ حَالُهُمْ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَلَيْسَ عَلَيْهِ مِثْلُ كِسْوَةِ نَفْسِهِ أَوْ أَهْلِ الْبَلَدِ لِأَنَّهَا أُطْلِقَتْ فِي الْآيَةِ بِخِلَافِ الْإِطْعَامِ وَإِن كسا صَبيا أَو صبية كسْوَة مثلهمَا أجزاه وَإِن لم تومر بِالصَّلَاةِ لَمْ تُعْطَ خِمَارًا أَوْ يُسْتَحَبُّ كِسْوَةُ من أَمر بِالصَّلَاةِ كَمَا يسْتَحبّ عتقه قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُكْسَى الْمَأْمُورُ بِالصَّلَاةِ كِسْوَةَ رَجُلٍ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ تُكْسَى الصَّبِيَّةُ كِسْوَةَ رَجُلٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا يُعْطَى الصَّغِيرُ مِثْلَ الْكَبِيرِ وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ النَّوْعُ الثَّالِثُ الْعِتْقُ وَفِي الْكِتَابِ يُسْتَحَبُّ عِتْقُ مَنْ صَلَّى وَصَامَ ليستخلص للوظائف الْوَاجِبَات وَيُجْزِئُ الرَّضِيعُ لِأَنَّهُ رَقَبَةٌ وَالْأَعْجَمِيُّ وَلَا يُجْزِئُ إِلَّا سَلِيمٌ مُؤْمِنٌ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي السَّوْدَاءِ أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ وَلَا يُجْزِئُ الْمُدَبَّرُ وَالْمَكَاتَبُ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُعْتَقُ إِلَى أَجَلٍ وَأَجَازَ الْأَعْرَجَ وَرَجَعَ لِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَرَجًا خَفِيفًا وَلَا يُعْجِبُنِي الْخَصِيُّ وَلَا يُجْزِئُ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَلَا مَنْ عُلِّقَ عِتْقُهُ عَلَى شَرْطٍ وَمَنِ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ فَأَعْتَقَهَا لَمْ تُجْزِئْهُ لِأَنَّهَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ بِالْحَمْلِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَعْتَقَ أَعْجَمِيًّا لَمْ يُجْبَرْ عَلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ إِسْلَامِهِ وأجزأه خلافًا لأَشْهَب لِأَن الأعجمي لَيْسَ مضيها عَلَى دِينٍ سَابِقٍ وَإِنَّمَا تَبَعٌ لِسَيِّدِهِ وَأَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ عِتْقَ الصَّغِيرِ أَبَوَاهُ

كَافِرَانِ إِذَا أَرَادَ إِدْخَالَهُمَا فِي الْإِسْلَامِ وَلَا يُجْزِئُ أَقْطَعُ أُصْبُعٍ أَوِ الْأُذُنَيْنِ أَوْ أَجْذَمُ أَوْ أَبْرَصُ أَوْ أَصَمُّ وَأَجَازَ مَالِكٌ عِتْقَ الْأَعْوَرِ فِي الظِّهَارِ وَاخْتُلِفَ فِي الْخَصِيِّ بِالْإِجْزَاءِ أَوْ عَدَمِهِ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى قَالَ الْقَرَوِيُّونَ إِذَا كَانَ النَّقْصُ يُمْكِنُ مَعَهُ التَّصَرُّفُ الْكَامِلُ والتسبب غَالِبًا أَجْزَأَهُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ تَخْلِيصُ الرَّقِيقِ لِاكْتِسَابِهِ وَوَظَائِفِهِ الشَّرْعِيَّةِ فَلَا بَأْسَ بِقَطْعِ الْأُنْمُلَةِ قَالَ ابْن حبيب والجدع وَالصَّمَمُ الْخَفِيفُ وَذَهَابُ الضِّرْسِ وَلَا يُجْزِئُ أَقْطَعُ الْيَد أَو الرجل والأشل أَوِ الْأَعْمَى أَوِ الْمُقْعَدِ أَوِ الْأَخْرَسِ أَوِ الْمَجْنُونِ الْمُطْبِقِ أَوِ الْمَفْلُوجِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُجزئ البرص الْخَفِيف وَلَا يُجزئ الْمَرِيض النازع وَلَا الْمَقْطُوعُ الْإِبْهَامَيْنِ مِنَ الْيَدَيْنِ أَوِ الرِّجْلَيْنِ وَيُجْزِئُ الْمَحْمُومُ وَالرَّمِدُ وَلِمَالِكٍ فِي الْأَعْرَجِ قَوْلَانِ وَجَوَّزَ ح أَقْطَعَ الْيَدِ وَالرِّجْلِ خِلَافًا لَنَا وش لَنَا أَنَّ إِطْلَاقَ الرَّقَبَةِ يَقْتَضِي السَّلَامَةَ عُرْفًا وَمَنَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْخَصِيَّ لِنَقْصِ خِلْقَتِهِ كَالْأَعْوَرِ وَجَعَلَهُ أَشْهَبُ كَالْقَبِيحِ الْمَنْظَرِ لِأَنَّهُ لَا يَتَضَرَّرُ بِهِ وَإِذَا أَعْتَقَ رَقَبَةً عَنْ وَاجِبٍ ثُمَّ ظَهَرَ بِهَا عَيْبٌ رَجَعَ بِأَرْشِ الْعَيْبِ قَالَهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَلَا يُجْزِئُ الْآبِقُ إِلَّا إِنْ وُجِدَ بَعْدَ الْعِتْقِ سَلِيمًا وَتُعْلَمُ سَلَامَتُهُ عَنِ الْعُيُوبِ يَوْمَ الْعِتْقِ وَلَا يُجْزِئُ الْأَصَمُّ عِنْدَ مَالِكٍ لِخَلَلِهِ بِالْعَمَلِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَجَوَّزَ الشَّافِعِيَّةُ أَقْطَعَ الْأُذُنَيْنِ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَجَوَّزَ ش الْأَخْرَس " النَّوْع الرَّابِع الصّيام ويسترط فِيهِ الْعَجْزُ عَنِ الْخِصَالِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ تَعَذَّرَتِ الْخِصَالُ الثَّلَاثَةُ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَتَتَابُعُهَا أَفْضَلُ وَقَدْ قَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ مُتَتَابِعَاتٍ وَقَالَهُ ش وَأَوْجَبَهُ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ وَإِذَا أَفْطَرَ فِيهَا قَضَاهُ وَلَا يُجْزِئُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ إِلَّا الرَّابِعُ فعساه

يُجْزِئُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ هَذِهِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَلَا يُجْزِئُ الصَّوْمُ وَلَهُ مَالٌ غَائِبٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مِثْلُهُ وَلَا لَهُ دَارٌ أَوْ خَادِمٌ وَإِنْ قَلَّ ثَمَنُهَا لِظَاهِرِ الْآيَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قِيلَ إِنْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ فَصَامَ وَلَمْ يَنْتَظِرْ أَجْزَأَهُ وَقَالَ صَاحب الْبَيَان الإعتبار بِحَال التفكير دُونَ حَالِ الْيَمِينِ وَحَالِ الْحِنْثِ فِي الْإِعْسَارِ وَالْيَسَارِ فَإِنْ أَيْسَرَ فِي أَثْنَاءِ الصَّوْمِ أَجْزَأَهُ التَّمَادِي عَلَيْهِ فَإِنْ أَيْسَرَ عِنْدَ الْحِنْثِ ثُمَّ أَعْسَرَ فَصَامَ ثُمَّ أَيْسَرَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يعْتق وَالْأول الْمَشْهُور الْفَصْلُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهَا وَهِيَ أَرْبَعَةٌ الْحُكْمُ الأول تَقْدِيمُهَا قَبْلَ الْحِنْثِ قَالَ فِي الْكِتَابِ اسْتَحَبَّ مَالك تَأْخِيرهَا بعد الْحِنْث فَإِن تقدمها أَجزَأَهُ قَاعِدَة الْيَمين عندنَا وَعند الشَّافِعِي وَابْنِ حَنْبَلٍ لَا يُغَيِّرُ حُكْمَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فِي إِبَاحَةٍ وَلَا مَنْعٍ قَالَ ح يُغَيِّرُ حَنى قَالَ مَنْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي حُرِّمَتِ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ أَوْ لَيَفْسُقَنَّ وَجَبَ الْفُسُوقُ عَلَيْهِ وَيَصِيرُ ذَلِكَ كَالصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ وَاجِبًا مِنْ وَجْهٍ حَرَامًا مِنْ وَجْهٍ لِأَنَّ مُخَالَفَةَ الْيَمِينِ عِنْدَهُ حَرَامٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَدْرَكُهُ وَجَوَابُهُ وَبَنَى على ذَلِك منع التفكير قَبْلَ الْحِنْثِ وَأَنَّ مَنْ حَرَّمَ طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ تَحْرِيمَهُ بِالْيَمِينِ وَلِأَنَّ غَيْرَ الْوَاجِبِ لَا يُجْزِئُ عَنِ الْوَاجِبِ وَقَبْلَ الْحِنْثِ لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ إِجْمَاعًا وَقِيَاسًا عَلَى كَفَّارَةِ فِطْرِ رَمَضَانَ وَقَتْلِ الصَّيْدِ وَالظِّهَارِ لَنَا أَنَّ مَوْضُوعَ الْحَلِفِ لُغَةً تَأْكِيدُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَالتَّأْكِيدُ لَا يُغَيِّرُ الْأَصْلَ وَقَالَ ش يَجُوزُ تَقْدِيمُ التَّكْفِيرِ بِالْمَالِ لِتَقْدِيمِ الزَّكَاةِ عَلَى الْحَوْلِ دُونَ الصَّوْمِ كَامْتِنَاعِ تَقْدِيمِ رَمَضَانَ عَلَى رُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَوَافَقَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ لَنَا مَا فِي مُسْلِمٍ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا حَلَفَ أَحَدُكُمْ عَلَى الْيَمِينِ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيُكَفِّرْ وَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَيُرْوَى فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرْ وَيُرْوَى ثُمَّ يُكَفِّرْ قَوَاعِدُ إِذَا تَقَدَّمَ سَبَبُ الْحُكْمِ دُونَ شَرْطِهِ جَازَ تَقْدِيمُهُ عَلَيْهِ كَالْعَفْوِ عَنْ

الْقِصَاصِ قَبْلَ زُهُوقِ الرُّوحِ لِتَقَدُّمِ السَّبَبِ الَّذِي هُوَ الْجِرَاحَةُ وَتَقْدِيمُ الزَّكَاةِ عَلَى الْحَوْلِ لِتَقَدُّمِ ملك النّصاب على الْخلاف وَالْيَمِين هَا هُنَا هُوَ السَّبَبُ وَالْحِنْثُ شَرْطٌ فَجَازَ تَقْدِيمُ الْكَفَّارَةِ قَبْلَ الشَّرْطِ بَعْدَ السَّبَبِ وَلَا يُجْزِئُ قَبْلَ السَّبَب اتِّفَاقًا حَكَاهُ فِي الْإِكْمَال بتقدم الْعَفْوِ عَلَى الْجِرَاحَةِ وَإِسْقَاطِ الشُّفْعَةِ قَبْلَ الْبَيْعِ وَفِي الْجَوَاهِرِ هَلِ الْحِنْثُ شَرْطٌ أَوْ رُكْنٌ قَوْلَانِ وَخَرَّجَ الْخِلَافَ عَلَيْهِ وَبِهَذَا يَظْهَرُ الْجَوَابُ عَن قَول الشَّافِعِي فِي الصَّوْمِ فَإِنَّ الصَّوْمَ قَبْلَ الْهِلَالِ تَقْدِيمٌ على السَّبَب وعَلى قَول ح فِي الْقيَاس فِي تِلْكَ الصُّورَةِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ التَّقْدِيمُ عَلَى السَّبَبِ بِخِلَافِ صُورَةِ النِّزَاعِ وَعَنْ قَوْلِهِ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ لَا يُجْزِئُ عَنِ الْوَاجِبِ بِتَقْدِيمِ الزَّكَاةِ الثَّانِيَةُ الْوَاوُ لَا تَقْتَضِي التَّرْتِيبَ عَلَى الصَّحِيحِ وَالْفَاءُ تَقْتَضِيهِ فَمُلَاحَظَةُ الْوَاوِ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلِيُكَفِّرْ لَا تَقْتَضِي تَأْخِيرَ الْكَفَّارَةِ عَنِ الْحِنْثِ أَوْ تَقْتَضِيهِ لِأَنَّهَا لِلتَّرْتِيبِ عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ وَبَعْضِ الْفُقَهَاءِ وَبِتَقْدِيرِ تَسْلِيمه فَالْجَوَاب عَنْهُ أَنَّ الْفَاءَ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلْيُكَفِّرْ تَقْتَضِي التَّعْقِيبَ لِرُؤْيَةِ مَا هُوَ خَيْرٌ مِنَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَلَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ الْحِنْثُ فَيَكُونُ تَعْقِيبُهَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ مُعَارِضًا لِتَرْتِيبِ الْوَاوِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَيَنْعَكِسُ هَذَا التَّقْدِيرُ بِعَيْنِهِ فَيُقَالُ الْفَاءُ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فليأت يَقْتَضِي تَعَقُّبَ الْحِنْثِ لِرُؤْيَةِ مَا هُوَ خَيْرٌ الثَّالِثَةُ تَرْتِيبُ الْحُكْمِ عَلَى الْوَصْفِ يَدُلُّ عَلَى سَبَبِيَّةِ ذَلِكَ الْوَصْفِ لِذَلِكَ الْحُكْمِ نَحْوَ اقْتُلُوا الْكَافِرَ وَاقْطَعُوا السَّارِقَ وقَوْله تَعَالَى {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ

إِذَا حَلَفْتُمْ} الْمَائِدَة 89 وَلَمْ يَقُلْ إِذَا حَنِثْتُمْ يَقْتَضِي أَنَّ السَّبَبَ إِنَّمَا هُوَ الْحَلِفُ فَهَذِهِ الْقَوَاعِدُ هِيَ مَدَارِكُ الْعُلَمَاءِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تَفْرِيعٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْحَالِفُ إِنْ كَانَ عَلَى بِرٍّ فَأَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ كَرَاهِيَةُ التَّكْفِيرِ لِمَالِكٍ وَالْإِجْزَاءُ لَهُ وَالْمَنْع أَيْضا لَهُ ويخصص الْجَوَازُ بِكَفَّارَةِ الْيَمِينِ دُونَ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالصَّدَقَةِ وَالْمَشْيِ مَا لَمْ تَكُنْ آخِرَ طَلْقَةٍ أَوْ عَبْدٌ مُعَيَّنًا وَإِنْ كَانَ عَلَى حِنْثٍ فَالْإِجْزَاءُ لِمَالِكٍ وَإِنْ ضَرَبَ أَجَلًا فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ فِي الْكِتَابِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالْإِجْزَاءُ لَهُ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْيَمِينِ بِاللَّهِ فيجزي وَغَيْرِهِ فَلَا يُجْزِئُ الْحُكْمُ الثَّانِي لَا يَجُوزُ أَنْ يُطْعِمَ جُمْلَةَ الطَّعَامِ لِمِسْكِينٍ وَاحِدٍ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح يَجُوزُ مُحْتَجًّا بِأَنَّهُ سَدَّ عَشْرَ خَلَّاتٍ فِي مَحَلٍّ فَهُوَ كَسَدِّ عَشْرِ خَلَّاتٍ فِي مَحَالٍّ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ سَدُّ الْخَلَّةِ لَا مَحَلُّهَا وَجَوَابُهُ أَنَّ النَّصَّ صَرَّحَ بِالْعَدَدِ فَيَجِبُ امْتِثَالُهُ وَلِأَنَّ الْوَصِيَّ لَوْ صَرَّحَ بِالْعَدَدِ لَمْ تَجُزْ مُخَالَفَتُهُ اتِّفَاقًا فَاللَّهُ تَعَالَى أَوْلَى بِذَلِكَ وَلِأَنَّهُ يُتَوَقَّعُ فِي الْعَدَدِ وَلِيٌّ تُسْتَجَابُ دَعْوَتُهُ وَيَتَعَيَّنُ أَنْ تُحْفَظَ بِنْيَتُهُ مَا لَا يُتَوَقَّعُ فِي الشَّخْصِ الْوَاحِدِ فَهَذِهِ الْمَصَالِحُ هِيَ الْمُوجِبَةُ لِتَصْرِيحِ الشَّرْعِ بِالْعَدَدِ فَلَا تهمل تصريحه الحكم الثَّالِث تلفيفها قَالَ اللَّخْمِيّ اخْتلف قَول ابْن الْقَاسِم لَوْ أَطْعَمَ خَمْسَةً وَكَسَا خَمْسَةً فَفِي الْكِتَابِ الْمَنْعُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَيَّرَ بَيْنَ الْأَنْوَاعِ دون أَجْزَائِهَا وَقَالَهُ ابْن حَنْبَل وح وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ الْإِجْزَاءُ قَالَ وَهُوَ أَحْسَنُ وَقَالَهُ الْحَنَفِيُّ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ النَّوْعَيْنِ سَدَّ مَسَدَّ الْآخَرِ قَالَ مُحَمَّدٌ مَنْ عَلَيْهِ ثَلَاثُ كَفَّارَاتٍ فَأَعْتَقَ وَكَسَا وَأَطْعَمَ وَأَشْرَكَ فِي الْجَمِيعِ بَطَلَ الْعِتْقُ وَيُعْتَدُّ مِنَ الْإِطْعَامِ بِثَلَاثَةٍ وَيُكْمِلُ عَلَيْهَا سَبْعَةً وَكَذَلِكَ الْكِسْوَةُ وَيُكَفِّرُ عَنْ يَمِينٍ بِمَا أَحَبَّ

فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَكْسُوَ عَمَّا بَقِيَ عَلَيْهِ أَوْ يُطْعِمَ سَبْعَةَ عَشَرَ لِأَنَّ الَّذِي يَحْصُلُ لَهُ ثَلَاثَةٌ قَالَ وَهَذَا غَلَطٌ بَلْ يُحْتَسَبُ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ التَّلْفِيقِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ يُحْتَسَبُ بِتِسْعَةٍ لِأَنَّهُ أَطْعَمَ عَشَرَةً عَنْ ثَلَاثَةِ أَيْمَان يجْزِيه مِنْهَا ثَلَاثَةٌ عَنْ كُلِّ يَمِينٍ وَيَبْطُلُ مِسْكِينٌ وَاحِدٌ لِلشَّرِكَةِ فِيهِ وَكَذَلِكَ الْكِسْوَةُ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَجْزِيهِ اثْنَا عَشَرَ وَعَنِ الثَّانِي يُخَيَّرُ بَيْنَ إِطْعَامِ أَحَدٍ وَعِشْرِينَ أَوْ كِسْوَتِهِمْ وَفِي الْكِتَابِ مَنْ كَسَا وَأَطْعَمَ وَأَعْتَقَ عَنْ ثَلَاثَةِ أَيْمَانٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ أَحَدَهُمَا لِأَحَدِهِمَا أَجْزَأَهُ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَا تُحْتَاجُ إِلَّا عِنْدَ الِاخْتِلَافِ لِأَنَّهَا شُرِعَتْ لِتَمْيِيزِ مَرَاتِبِ الْعِبَادَاتِ عَنِ الْعَادَاتِ أَوْ مَرَاتِبِ الْعِبَادَاتِ فِي أَنْفُسِهَا وَأَسْبَابُ الْكَفَّارَاتِ مُسْتَوِيَةٌ وَلَا يَجُوزُ إِخْرَاجُ قِيمَةِ الْكِسْوَةِ لِدَلَالَةِ النَّصِّ عَلَيْهَا كَمَا فِي الزَّكَاة الحكم الرَّابِع إِجْزَاءُ التَّكْفِيرِ عَنِ الْغَيْرِ فَفِي الْكِتَابِ الْمُكَفِّرُ عَن غَيره بعير إِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ أَجْزَأَهُ كَالتَّكْفِيرِ عَلَى الْمَيِّتِ وَقَالَ ش يُجْزِئُهُ بِإِذْنِهِ دُونَ عَدَمِ إِذْنِهِ لِأَنَّ إِذْنَهُ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْوَكَالَةِ فِي التَّمْلِيكِ وَالتَّكْفِيرِ وَقَالَ ح إِنْ لَمْ يَذْكُرِ الْبَدَل لم يُجزئهُ ووافقنا فِي الْإِطْعَامِ وَالْكِسْوَةِ لَنَا عَلَى الْفَرِيقَيْنِ أَنَّهُ قَامَ عَنْهُ بِوَاجِبٍ فَوَجَبَ خُرُوجُهُ عَنِ الْعُهْدَةِ كرد الْوَدِيعَة والمغضوب عَنْهُ وَلِأَنَّهُ إِحْسَانٌ فَيَكُونُ مَأْمُورًا بِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِن اله يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ} النَّحْل 90 وَإِذَا كَانَ مَأْمُورًا بِهِ يُجزئ وَلَا لَعَرِيَ الْأَمْرُ عَنِ الْمَصْلَحَةِ وَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ الْفَصْل الثَّالِث فِي الْمُخَاطب بِالْكَفَّارَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ الْمُسْلِمُ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْعِبَادَةِ مِنَ الْكَافِرِ الْمُكَلَّف لِأَنَّهَا مِنَ الْوَاجِبَاتِ عَلَى الحانث لتحَقّق السَّبَب شَرطه وَفِي التَّنْبِيهَاتِ فِي يَمِينِ الصَّبِيِّ يَحْنَثُ بَعْدَ الْبُلُوغِ تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَخَرَّجَ هَذَا على أَن الْحِنْث سَبَبٌ أَوْ شَرْطٌ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَنْعَقِدُ

يَمِينُ الْكَافِرِ وَتَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ حَنِثَ فِي الْكُفْرِ أَوْ فِي الْإِسْلَامِ لِقَوْلِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ يَا رَسُول الله إِنِّي نَذَرْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ يَوْمًا فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوْفِ بِنَذْرِكَ وَلِأَنَّهُ يُسْتَحْلَفُ عِنْدَ الْحَاكِمِ فَيَنْعَقِدُ يَمِينُهُ كَالْمُسْلِمِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ مُرَادَهُ أَيَّامُ الْجَاهِلِيَّةِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ وَلَمْ يَقُلْ وَأَنَا كَافِرٌ وَعَنِ الثَّانِي الْكَفَّارَةُ عِبَادَةٌ تَفْتَقِرُ إِلَى نِيَّةٍ فَلَا تَلْزَمُهُ كَالطَّلَاقِ وَفِي الْكِتَابِ الْكَافِرُ يَحْلِفُ فَيَحْنَثُ بَعْدَ إِسْلَامِهِ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَإِذَا أَطْعَمَ الْعَبْدُ أَو كسا بِإِذن سَيّده رَجَوْت أَن تُجزئه وَلَيْسَ بِالْبَيِّنِ لِضَعْفِ مِلْكِهِ وَالصَّوْمُ أَحَبُّ إِلَيَّ وَلَا يُجْزِئُهُ الْعِتْقُ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لِسَيِّدِهِ وَلَوْ حَنِثَ وَهُوَ رَقِيقٌ وَكَفَّرَ بَعْدَ عِتْقِهِ أَجْزَأَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا أَذِنَ السَّيِّدُ فِي الْإِطْعَامِ وَالْكِسْوَةِ لَمْ يُجْزِئْهُ الصَّوْمُ وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ يُجْزِئُهُ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ لِضَعْفِ إِذْنِ السَّيِّدِ قَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ إِذَا أَذِنَ السَّيِّدُ ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ التَّكْفِيرِ فَلَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْإِطْعَامَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ حَتَّى يُخْرِجَهُ وَقِيلَ إِنْ كَانَ الْعَبْدُ حَنِثَ لَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوع وَإِلَّا فَلهُ

(كتاب النذر)

(كِتَابُ النَذْرِ) وَفِي الْإِكْمَالِ نَذِرَ بِكَسْرِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ نِذَارَةً عَلِمَ بِالشَّيْءِ وَنَذَرْتُ لِلَّهِ تَعَالَى نذرا يفتحها وَمَعْنَاهُ وعدت وَقَالَ عَرَفَةُ النَذْرُ مَا كَانَ وَعْدًا عَلَى شَرْطٍ فَمَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ دِينَارٌ صَدَقَةً فَلَيْسَ بِنَذْرٍ فَإِنْ قَالَ إِنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَهُوَ نذر وَبِه قَالَ ش وَلم يَجِبِ الْوَفَاءُ بِغَيْرِ الْمُعَلَّقِ وَإِنِ اسْتَحَبَّهُ لِعَدَمِ تَنَاوُلِ النُّصُوصِ إِيَّاهُ قَالَ وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ الْوَعْدُ الْمُجَرَّدُ يُسَمَّى نَذْرًا لِقَوْلِ جَمِيلٍ (فَلَيْتَ رِجَالًا فِيكِ قَدْ نَذَرُوا دَمِي ... وَهَمُّوا بِقَتْلِي يَا بُثَيْنُ لَقُونِي) وَقَالَ عَنْتَرَةُ (الشَّاتِمِي عِرْضِي وَلَمْ أَشْتُمْهُمَا ... وَالنَّاذِرِينَ دَمِي وَلَمَ أَلْقَاهُمَا) وَيَتَمَهَّدُ فِقْهُ الْكِتَابِ بِبَيَانِ الْمُلْتَزِمِ وَالْمُلْتَزَمِ وَصِيغَةِ الِالْتِزَامِ فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ

(الباب الأول في الملتزم)

(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي الْمُلْتَزِمِ) 2 - وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ الْمُكَلَّفُ الْمُسْلِمُ لِأَنَّ الصَّبِيَّ لَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْوُجُوبُ وَالْكَافِرُ لَا تَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْعِبَادَاتُ أَعْنِي فعلهَا (الْبَابُ الثَّانِي (فِي الْمُلْتَزَمِ) 2 - وَهُوَ إِمَّا فِعْلٌ أَوْ تَرْكٌ وَكِلَاهُمَا إِمَّا مَنْدُوبٌ فَيَلْزَمُ أَوْ وَاجِبٌ فَهُوَ عَلَى أَصْلِهِ لَمْ يَتَغَيَّرْ بِالنَّذْرِ أَو مَكْرُوه أومحرم فَهُوَ على أَصله لقَوْله عَلَيْهِ السَّلَام فِي البُخَارِيّ من نذر أَن يطع اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ فَخَصَّصَ الْوُجُوبَ بِالطَّاعَةِ فَتَأْثِيرُهُ عِنْدَنَا خَاصٌّ بِالْمَنْدُوبِ كَيْفَ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ وَاجِبًا أَمْ لَا وَأَوْجَبَ ابْنُ حَنْبَلٍ فِي نَذْرِ الْمُبَاحِ كَفَّارَةَ يَمِينٍ لِأَنَّهَا عِنْدَهُ وَاجِبَةٌ فِي نَذْرِ الْمَعْصِيَةِ فَقَاسَ الْمُبَاحَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَلِأَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَضْرِبَ عَلَى رَأْسِكِ بِالدُّفِّ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوْفِ بِنَذْرِكِ إِلَّا أَنَّهُ خَيَّرَ بَيْنَ فِعْلِ الْمُبَاحِ وَبَيْنَ الْكَفَّارَةِ وَكَذَلِكَ خَيَّرَ فِي نذر اللجاج

وَلم بشترط كَوْنَ الْمَنْذُورِ قُرْبَةً وَلَا مِنْ جِنْسِهِ وَاجِبٌ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ مَنْعُ الْحُكْمِ فِي الْأَصْلِ وَمَا ورد فِي قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ وَلْيُكَفِّرْ كَفَّارَةَ يَمِينٍ فَالْمُرَادُ الْإِتْيَانُ بِمَا يُزِيلُ الْإِثْمَ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ لِأَنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ قَالَ وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى فَلْيَقُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَمَنْ قَالَ تَعَالَى أقامرك فَيصدق وَعَن الثَّانِي إِظْهَارُ الْمَسَرَّةِ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِهِ مَنْدُوبٌ وَقَالَ الْمُتَقَدِّمُونَ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ لَا يَلْزَمُ بِالنَّذْرِ إِلَّا مَنْدُوبٌ مِنْ جِنْسِهِ وَاجِبٌ احْتِرَازًا مِنْ تَجْدِيدِ الْوُضُوءِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الشَّرْعِ وُضُوءٌ وَاجِبٌ مِنْ غَيْرِ حَدَثٍ وَنَحْوَ عِيَادَةِ المرضى وزيارة القادم وإفضاء السَّلَامِ وَقَالَ مُتَأَخِّرُوهُمْ الْمَنْدُوبَاتُ كُلُّهَا تَلْزَمُ بِالنَّذْرِ إِلَّا مَا يُفْضِي إِلَى تَرْكِ رُخْصَةٍ احْتِرَازًا مِنْ نَذْرِ الصَّوْمِ وَالْإِتْمَامِ فِي السَّفَرِ أَوِ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ لِلْمَرِيضِ وَالْمُبَاحَاتِ الَّتِي يُتَصَوَّرُ وُقُوعهَا قربات كَالْأَكْلِ ليقوى على الْعِبَادَة وَكَذَلِكَ النّوم لنا الْحَدِيثُ السَّابِقُ وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مِنْ جِنْسِهِ قُرْبَةٌ وَاجِبَةٌ كَمُتَقَدِّمِي الشَّافِعِيَّةِ وَلم يشترطوا التَّعْلِيق على الشَّرْط خلافًا ل ش وَقَالُوا الْمُعَلَّقُ إِنْ كَانَ شَرْطُهُ قُرْبَةً وَجَبَ الْوَفَاءُ بِهِ أَوْ مُبَاحًا أَوْ مَعْصِيَةً خُيِّرَ بَينه وَبَين كَفَّارَة يَمِين لنا الْحَدِيثُ السَّابِقُ وَهُوَ يَقْتَضِي وُجُوبَ الطَّاعَةِ عَلَى الْإِطْلَاق وَصفَة الْعِبَادَات كإطاعة الرُّكُوعِ وَالْمُبَاحُ الَّذِي يُمْكِنُ التَّقَرُّبُ بِهِ كَالنَّوْمِ لِقِيَامِ اللَّيْلِ فَرْعٌ فَإِنِ الْتَزَمَ تَحْرِيمَ مَا ليْسَ بِحَرَامٍ كَالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ قَالَ فِي

الْجَلَّابِ هُوَ حَلَالٌ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي أَمَةٍ وَيَنْوِيَ بِهِ عُنُقهَا فَتُعْتَقَ وَقَالَ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فِي الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ دُونَ الْمَلْبُوسِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {ياأيها النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ إِلَى قَوْله قد فرض الله لكم تَحِلَّة أَيْمَانكُم} التَّحْرِيم 1 وَقد حرم عسلا فَأمره لله تَعَالَى بِالْكَفَّارَةِ وَجَوَابُهُ مَا رَوَى ابْنُ وَهْبٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّمَا حَرَّمَ أُمَّ وَلَدِهِ وَقِيَاسًا عَلَى الْمَلْبُوسِ تَفْرِيعٌ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنِ الْتَزَمَ مُطْلَقَ الصَّوْمِ فَيَوْمٌ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَكْثَرَ أَوْ مُطْلَقَ الصَّلَاةِ فَرَكْعَتَانِ أَوْ مُطْلَقَ الصَّدَقَةِ فَأَقَلُّ مَا يُتَصَدَّقُ بِهِ أَوْ الِاعْتِكَافَ فَلَيْلَةٌ وَيَوْمٌ أَوِ الصَّلَاةَ قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ قَعَدَ وَفِيهِ إِشْكَالٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْقُعُودَ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ أَوِ اعْتِكَافَ لَيْلَةٍ قَالَ مَالِكٌ يَلْزَمُهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ لِأَنَّ الْعَرَبَ تُعَبِّرُ عَنِ الْيَوْمِ بِاللَّيْلَةِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَأَتْبَعَهُ بِسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ وَلَمْ يَقُلْ بِسِتَّةٍ وَنَاذِرُ صَوْمِ نِصْفِ يَوْمٍ أَوْ بَعْضِ رَكْعَةٍ يُتِمُّهُمَا كَالْمُطَلِّقِ نِصْفَ طَلْقَةٍ وَالْمُعْتَبَرُ فِي النُّذُورِ النِّيَّةُ فَإِنْ عُدِمَتْ فَالْعُرْفُ فَإِنْ كَانَ لِلَّفْظِ مُقْتَضَيَانِ فَفِي حَمْلِهِ عَلَى الْأَوَّلِ أَوْ عَلَى الْأَكْثَرِ قَوْلَانِ نَظَرًا إِلَى أَن الأَصْل براة الذِّمَّةِ أَوْ إِلَى الْأَحْوَطِ وَمَتَى الْتَزَمَ مَا لَيْسَ فِي مِلْكِهِ فَالْمَشْهُورُ لُزُومُهُ إِذَا مَلَكَهُ وَفِي الْمُنْتَقَى إِذَا لَمْ يُعَيِّنْ لِنَذْرِهِ مَخْرَجًا فَكَفَّارَةُ يَمِينٍ فَإِنْ قَالَ عَلَيَّ نَذْرَانِ فَكَفَّارَتَانِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْيَمِينِ أَنَّ مَوْضُوعَ الْيَمِينِ لِلتَّأْكِيدِ وَالنَذْرَ لِلِالْتِزَامِ فَلِذَلِكَ اتَّحَدَتِ الْأَيْمَانُ وَتَعَدَّدَتِ النذور وَسَتَأْتِي زِيَادَة تَقْرِير وَفِي الْبَيَان اقائل عَلَيَّ نَذْرٌ لَا كَفَّارَةَ لَهُ إِلَّا الْوَفَاءُ بِهِ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ لِأَنَّ الْوَفَاءُ بِهَذَا النّذر الْمُطلق

ثُمَّ أَنْوَاعُ الْقُرُبَاتِ الَّتِي يَتَّسِعُ الْكَلَامُ فِيهَا سَبْعَةٌ النَّوْعُ الْأَوَّلُ النُّسُكُ فَفِي الْكِتَابِ إِنْ كَلَّمْتُ فُلَانًا فَعَلَيَّ الْمَشْيُ فَكَلَّمَهُ لَزِمَهُ الْمَشْيُ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَالْمَدْرَكُ إِمَّا لِأَنَّ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ الْعَادَةُ تُلْزِمُ أَحَدَهُمَا وَإِمَّا لِأَنَّ دُخُولَ مَكَّةَ لَا يَتَأَتَّى إِلَّا بِالْإِحْرَامِ بِأَحَدِهِمَا فَكَانَ الْفظ دَالًّا عَلَيْهِمَا بِالِالْتِزَامِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَإِحْرَامُهُ من الميقاة لَا مِنْ مَوْضِعِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ النَّاذِرُ الْمَشْيَ إِنْ نَوَى حَجًّا أَوْ عُمْرَةً أَوْ طَوَافًا أَوْ صَلَاةً لَزِمَهُ وَيَدْخُلُ مُحْرِمًا إِذَا نَوَى حَجًّا أَوْ عُمْرَةً وَإِنْ نَوَى طَوَافًا يُخَرَّجُ دُخُولُهُ مُحْرِمًا عَلَى الْخِلَافِ فِي جَوَازِ دُخُولِهِ مَكَّةَ حَلَالًا وَنَاذِرُ السَّعْيَ وَحْدَهُ يُخْتَلَفُ فِيهِ هَلْ يَسْقُطُ نَذْرُهُ أَوْ يَأْتِي بِعُمْرَةٍ لِأَنَّ السَّعْيَ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ بِانْفِرَادِهِ فَيُصَحَّحُ نَذْرُهُ بِحَسَبَ الْإِمْكَانِ وَإِنْ نَوَى الْوُصُولَ خَاصَّةً مُعْتَقِدًا أَنَّ ذَلِكَ قُرْبَةٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَوْ مُعْتَقِدًا عَدَمَ الْقُرْبَةِ فَتَكُونُ مَعْصِيَةً فَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِذَلِكَ الْمَشْيِ فِي عُمْرَةٍ أَوْ طَوَافٍ لِيُكَفِّرَ عَنْهُ فَإِنَّ التَّقَرُّبَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمَا لَيْسَ بِقُرْبَةٍ أَوْ بِقُرْبَةٍ بِدُونِ شَرْطِهَا كَصَلَاة الْحَائِض أَو جزئها كَصِيَامِ نِصْفِ يَوْمٍ مَعْصِيَةٌ لِأَنَّهُ سُوءُ أَدَبٍ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنَّمَا صَحَّحْنَا نَذْرَهُ بِالتَّكْمِيلِ لِأَن الْقَاعِدَة أَن يصرف الْعَاقِل مَتَى دَارَ بَيْنَ الْإِلْغَاءِ وَالِاعْتِبَارِ وَكَانَ حَمْلُهُ عَلَى الِاعْتِبَارِ أَوْلَى صَوْنًا لِلْإِنْسَانِ عَنْ خُطَطِ الْفَسَادِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَشَى فِي حَجٍّ أَوْ عمْرَة لِأَنَّهَا عاداتهم فَقَامَ مَقَامَ الصَّرِيحِ أَوْ مِنْ أَهْلِ الْمَغْرِبِ مَشَى فِي حَجٍّ لِأَنَّهُ عَادَتُهُمْ وَعَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ مَالِكٍ فِي أَنَّ اللَّفْظَ يُحْمَلُ عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ عَلَى اللُّغَةِ دُونَ الْعُرْفِ يَسْقُطُ نَذْرُهُ لِأَنَّ الْمَشْيَ وَحْدَهُ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ فَرْعٌ فِي الْبَيَانِ إِذَا نَذَرَتِ الْمَرْأَةُ الْمَشْيَ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ تَعَالَى لِزَوْجِهَا مَنْعُهَا كَمَا يَمْنَعُهَا التَّطَوُّعَ لِأَنَّهَا مُتَعَدِّيَةٌ عَلَيْهِ وَفِي الْكِتَابِ الْقَائِلُ عَلَيَّ الْمَشْيُ وَلَمْ يَقُلْ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ إِنْ نَوَى مَكَّةَ مَشَى وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ مُتَرَدِّدٌ فَلَا تتَعَيَّن الْقرْبَة إِلَّا بِالنِّيَّةِ وَكَذَلِكَ السّفر أَوْ الِانْطِلَاقُ قَالَ اللَّخْمِيُّ اخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ

الْقَاسِمِ فِي الْإِيجَابِ بِالرُّكُوبِ وَأَوْجَبَ أَشْهَبُ بِهَذِهِ كُلِّهَا الْحَجَّ أَوِ الْعُمْرَةَ وَالْقَائِلُ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ هُوَ الْكَعْبَةُ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ غَيْرَهُ لِاشْتِهَارِهِ وَلَا يَلْزَمُ الْمَشْيُ إِلَّا مَنْ قَالَ عَلَيَّ الْمَشْيُ إِلَى مَكَّةَ أَوِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوِ الْكَعْبَةِ أَوِ الْحَجَرِ أَوِ الرُّكْنِ بِخِلَافِ الصَّفَا والمروة وَمنى وَذي طوى وَالْحرَام وَعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ وَغَيْرِهَا مِنْ جِبَالِ الْحَرَمِ فَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إِلَى بُقْعَةٍ مِنَ الْحَرَمِ لَزِمَهُ وَإِلَّا فَلَا قَالَ اللَّخْمِيُّ وَإِنْ قَالَ عَلَيَّ رُكُوبٌ إِلَى مَكَّةَ فَأَلْزَمَهُ مَالِكٌ مَرَّةً وَلَمْ يُلْزِمْهُ أُخْرَى وَإِنْ قَالَ عَلَيَّ الذَّهَابُ أَوِ السَّيْرُ أَو الانطلاق إِلَى مَكَّةَ لَمْ يَلْزَمْهُ وَأَلْزَمَهُ أَشْهَبُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ الْحَجَّ أَوِ الْعُمْرَةَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا فِي الْمَشْيِ إِلَى مَكَّةَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ لِدَلَالَةِ جَمِيعِهَا عَلَى الْوُصُولِ إِلَى مَكَّةَ فَإِنْ حُمِلَ قَوْلُهُ عَلَى الْعَادَةِ وَتَأَخُّرِ الْوُصُولِ وَهُوَ فِي الْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ لَزِمَهُ ذَلِكَ فِي جَمِيعِهَا وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَقَالَ أَصْبَغُ يَلْزَمُهُ فِي ذَلِكَ كُلُّ مَا هُوَ فِي دَاخِلِ الْقَرْيَةِ كَالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَالْأَبْطُحِ وَالْحُجُونِ وَقُعَيْقِعَانَ وَأَبِي قُبَيْسٍ فَإِنَّهُ لَا وُصُولَ لِلْبَلَدِ إِلَّا بِالْإِحْرَامِ فَاعْتَبَرَ الدَّلَالَةَ الْمَعْنَوِيَّةَ دُونَ الْعَادِيَّةِ وَقَالَ ابْن حبيب تلْزمهُ إِذَا سَمَّى الْحَرَمَ أَوْ مَا هُوَ فِيهِ لِدَلَالَتِهِ عَلَى الْقَرْيَةِ دُونَ مَا خَرَجَ عَنْهَا إِلَّا عَرَفَاتٍ لِأَنَّهُ مِنْ مَشَاعِرِ الْحَجِّ وَأَلْزَمَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ بِالْقَرْيَةِ دُونَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ وَهُمَا دَاخِلَانِ فِيهَا وَمِنَ الْمَشَاعِرِ وَأَلْزَمَهُ بِالْمَسْجِدِ دُونَ الْمقَام وَهُوَ دَاخل الْمَسْجِد قَالَ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّ اللُّغَةَ لَا تَقْتَضِي ذَلِكَ وَاسْتِلْزَامُ الْقَرْيَةِ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا وَاعْلَمْ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ وَجَدَ فِي هَذِهِ الْأَلْفَاظِ عُرْفًا فِي زَمَانِهِ فَاعْتَبَرَهُ ثُمَّ زَالَ وَبَقِيَتِ الْفَتْوَى قَالَ اللَّخْمِيُّ وَنَاذِرُ الْمَشْيِ لَا يُجْزِئُهُ الرُّكُوبُ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ وَنَاذِرُ الرُّكُوبِ لَا يُجْزِئُهُ الْمَشْيُ إِنْ قَصَدَ نَفَقَةَ مَالِهِ فِي الرُّكُوبِ وَإِلَّا

أَجْزَأَ وَإِنْ قَالَ عَلَيَّ الْمَشْيُ أَوِ الذَّهَابُ أَوْ الِانْطِلَاقُ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْمَشْيِ وَالرُّكُوبِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ الْقَائِلُ عَلَيَّ الْمَشْيُ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ إِلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي أَوْ أَرَى خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ وَإِنْ قَالَ إِنْ شَاءَ فُلَانٌ فَلَا يَلْزَمُهُ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ فُلَانٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِلَّا أَنْ يَتَضَمَّنَ نَذْرُهُ فِعْلًا نَحْوَ إِنْ كَلَّمْتُ زَيْدًا فَيَنْفَعُهُ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ قَالَ الْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ لَا يَنْبَغِي الْخِلَافُ فِي عَدَمِ اللُّزُومِ لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ عَلَى مَشِيئَةِ آدَمِيٍّ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ فِي الْمَبْسُوطِ وَكَذَلِكَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي تَهْذِيبِ الطَّالِبِ تَمْهِيدٌ اعْلَمْ أَنَّ كَلَامَ الْكِتَابِ وَابْنِ يُونُسَ فِي غَايَةِ الْخَفَاءِ عَلَى الْمُحَصِّلِينَ فَضْلًا عَلَى المبتئدين وَمثل هَذِه الْحجَّة العمياء والداهية والدهياء قَوْلُ صَاحِبِ الْجَلَّابِ الْقَائِلُ إِنْ كَلَّمْتُ فُلَانًا فَعَلَيَّ الْحَجُّ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَكَلَّمَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ إِنْ أَعَادَ الِاسْتِثْنَاءَ عَلَى كَلَامِ زِيدٍ وَإِنْ أَعَادَهُ عَلَى النَذْرِ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ شَيْءٌ فَإِعَادَتُهُ عَلَى كَلَامِ زَيدٍ إِمَّا بِاعْتِبَارِ وَجُودِهِ أَوْ بِاعْتِبَارِ عَدَمِهِ وَالْأَوَّلُ لَا يُسْقِطُ النَذْرَ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْطِقْ بِالْمَشِيئَةِ لَكَانَتْ مَعْلُومَةً فَإِنَّهُ مِنَ الْمحَال أَن يكلم زيدا إِلَّا بِالْمَشِيئَةِ وَالْمَعْلُومُ فِي حُكْمٍ إِذَا صُرِّحَ بِهِ لَا يُغَيِّرُ ذَلِكَ الْحُكْمَ وَالثَّانِي مَعْنَاهُ يَلْزَمُنِي الْحَجُّ عَلَى تَقْدِيرِ الْكَلَامِ إِنْ أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى عَدَمَهُ وَإِنْ أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى عَدَمَهُ لَا يَقَعُ بِسَبَبِ عَدَمِ اللُّزُومِ وَالتَّقْدِيرُ وُقُوعُهُ فَيَتَنَاقَضُ قَوْلُهُ وَالتَّقْدِيرُ أَنَّ كَلَامَهُ لَا تَنَاقُضَ فِيهِ وَكَشْفُ الْغِطَاءِ عَنِ الْحَقِّ أَنْ يُقَالَ الْأَسْبَابُ الشَّرْعِيَّةُ قِسْمَانِ مِنْهَا مَا وَضَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي أصل شَرعه وام يَكِلْهُ إِلَى خِيرَةِ خَلْقِهِ كَالزَّوَالِ لِلظُّهْرِ وَرُؤْيَةِ الْهِلَالِ لِلصَّوْمِ وَمِنْهَا مَا فَوَّضَهُ لِخِيرَةِ عِبَادِهِ فَإِن شاؤا جَعَلُوهُ سَبَبًا وَإِلَّا فَلَا وَهُوَ شُرُوطُ التَّعْلِيقِ فَمَنْ شَاءَ جَعَلَ دُخُولَ الدَّارِ سَبَبًا

لِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ بِتَعْلِيقِهِ عَلَيْهِ وَمَنْ لَمْ يَشَأْ يَكُنْ سَبَبًا فِي حَقِّهِ وَكَذَلِكَ سَائِرُ النُّذُورِ وَغَيْرُهَا وَكُلُّ سَبَبٍ مُفَوَّضٍ إِلَى الْعَبْدِ لَا يَصِيرُ سَبَبًا إِلَّا إِذَا جَزَمَ بِسَبَبِيَّتِهِ فَمَعْنَى عود الْمَشِيئَة على كَلَام زيد أَي لَا أَجْزم يجَعْلِهِ سَبَبًا إِلَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى جَعْلَهُ سَبَبًا وَإِلَّا فَلَا وَاللَّهُ تَعَالَى لَمْ يَشَأْ لِأَنَّهُ لم شَاءَ لَجَزَمَ الْعَبْدُ فَجَعَلَهُ سَبَبًا لِأَنَّهُ لَا طَرِيقَ لِسَبَبِيَّتِهِ إِلَّا ذَلِكَ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ كَلَامُ زَيْدٍ سَبَبًا لَا يَلْزَمُ الْحَجُّ بِهِ أَمَّا إِذَا أَعَادَهُ عَلَى الْحَجِّ فَمَعْنَاهُ أَنِّي جَزَمْتُ بِجَعْلِهِ سَبَبًا فَإِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لَزِمَنِي الْحَجُّ بِهِ عَلَى تَقْدِيرِ الْكَلَامِ قُلْنَا لَهُ قد شَاءَ الله بِالضَّرُورَةِ أَنا نعلم أَن من أَرَادَهُ الله تَعَالَى لسَبَب حُكْمٍ فَقَدْ أَرَادَهُ بِذَلِكَ الْحُكْمِ فَمَنْ أَرَادَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِإِصْدَارِ الصِّيغَةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الْبَيْعِ فَقَدْ أَرَادَهُ بَيْنَ نَقْلِ الْمِلْكِ بِالضَّرُورَةِ وَمَنْ أَرَادَهُ بِالسَّرِقَةِ الْمُعْتَبَرَةِ فَقَدْ أَرَادَهُ بِاسْتِحْقَاقِ الْقَطْعِ وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأَسْبَابِ وَالْأَحْكَامِ وَقَدْ صَحَّتْ فَجُعِلَ الْكَلَامُ سَبَبًا لِلْحَجِّ فَنَجْزِمُ نَحْنُ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَرَادَكَ بِحُكْمِ هَذَا السَّبَبِ فَيَلْزَمُكَ الْحَجُّ وَمَعْنَى قَوْلِهِ فِي الْكِتَابِ إِلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي أَيْ جَزَمْتُ بِالِالْتِزَامِ وَإِنْ بَدَا لِي نقصته وَهُوَ إِذَا جَزَمَ فَلَا خِيرَةَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّ الِالْتِزَامَ سَبَبٌ وَلَيْسَ لِلْمُكَلَّفِ خِيرَةٌ فِي إِبْطَالِ الْأَسْبَابِ الشَّرْعِيَّةِ وَلَا فِي اقْتِطَاعِ مسبباتها ويهذا يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ عَلَيَّ الْحَجُّ إِنْ شَاءَ فُلَانٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْزِمْ بِالسَّبَبِ الَّذِي هُوَ الِالْتِزَامُ بَلْ عَلَّقَ ذَلِكَ على شَرط وَلم يُعْلَمْ وُجُودُهُ إِلَى الْآنِ فَإِذَا وُجِدَ انْعَقَدَ السَّبَبُ فَلَوْ فَرَضْنَاهُ جَزَمَ بِاللُّزُومِ وَقَالَ إِنْ شَاءَ فُلَانٌ لَمْ يَلْزَمْنِي شَيْءٌ لَمْ يَنْفَعْهُ وَإِلَى هَذَا الْمِنْهَاجِ أَشَارَ ابْنُ يُونُسَ فَهَذِهِ قَوَاعِد مجمع عَلَيْهَا عقلا ونقلا يخرج عَلَيْهَا كَلَامُهُمْ رَحِمَهُمُ اللَّهُ فَعَلَى هَذَا إِذَا قَالَ إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ عَبْدِي حُرٌّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَإِنْ شَاءَ زَيْدٌ أَمْكَنَ انْتِفَاعُهُ بِهَذَا الِاسْتِثْنَاءِ وَعَدَمُ انْتِفَاعِهِ وَمَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أنَّ الْمَشِيئَةَ لَا تَنْفَعُ فِي الطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ أَيْ فِي

حَلِّ السَّبَبِ الْمُلْزَمِ كَمَا يُحِلُّ الْيَمِينُ فَلَا تَلْزَمُ الْكَفَّارَةُ أَمَّا إِذَا عَلَّقَ عَلَيْهَا سَبَبَيْةَ الْمُسَبّب فَيتَعَيَّن الْجَزْم بنفعها وان لَا يُخْتَلَفَ فِيهِ غَيْرَ أَنَّ أَبَا الطَّاهِرِ قَالَ إِنَّ الْمَشِيئَةَ إِنْ عَادَتْ إِلَى الْفِعْلِ دُونَ الْيَمِينِ فَقَوْلَانِ الْمَشْهُورُ أَنَّهَا لَا تَنْفَعُ وَهُوَ يَتَّجِهُ إِذَا أَعَادَهَا عَلَى الْفِعْلِ بِاعْتِبَارِ عَدَمِهِ حَتَّى يَكُونَ عُلِّقَ عَلَى كَلَامِ زَيْدٍ عَلَى تَقْدِيرِ إِرَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى لِعَدَمِهِ فَيَكُونُ مُحَالًا فيجزي فِيهِ الْخِلَافُ فِي التَّعْلِيقِ عَلَى الْمُسْتَحِيلِ أَمَّا عَلَى مَا قَرَّرْتُهُ فَلَا يَتَأَتَّى الْخِلَافُ وَلِهَذَا قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدَّمَاتِ وَعَلَى ابْنِ الْقَاسِمِ فِي قَوْلِهِ إِنَّ صَرْفَ الِاسْتِثْنَاءِ إِلَى الْفِعْلِ لَا يَنْفَعُ دَرْكٌ عَظِيمٌ لِأَنَّهُ عُلِّقَ عَلَى صِفَةٍ مستحيلة وَهُوَ فعل مَا لَا يشاءه اللَّهُ تَعَالَى قَالَ وَالْأَصَحُّ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ خِلَافُهُ وَإِذَا أَحَطْتَ بِهَذِهِ الْمَدَارِكِ أَمْكَنَكَ صَرْفُ كُلِّ فُتْيَا إِلَى مَدْرَكٍ يَلِيقُ بِهَا وَلَا يَشْكُلُ عَلَيْكَ بَعْدَ ذَلِكَ شَيْءٌ تَنْبِيهٌ قَوْلُ الْأَصْحَابِ التَّعْلِيقُ عَلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى تَعْلِيقٌ على مَشِيئَة من لَا نعلم مشئيته بِخِلَافِ التَّعْلِيقِ عَلَى مَشِيئَةِ آدَمِيٍّ هُوَ عَلَى الْعَكْسِ لِأَنَّ مُتَعَلِّقَ مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى إِمَّا الْوُجُودُ وَإِمَّا الْعَدَمُ وَالْوَاقِعُ أَحَدُهُمَا بِالضَّرُورَةِ وَهُوَ مُرَادُ اللَّهِ تَعَالَى بِالضَّرُورَةِ فَمَشِيئَةُ اللَّهِ تَعَالَى مَعْلُومَةٌ بِالضَّرُورَةِ أَمَّا مَشِيئَةُ غَيْرِهِ فَإِنَّهَا تُعْلَمُ بِإِخْبَارِهِ وَهِيَ لَا تُفِيدُ الْعِلْمَ بَلِ الظَّنَّ فَعُلِمَ أَنَّ مَشِيئَةَ اللَّهِ تَعَالَى مَعْلُومَةٌ وَمَشِيئَةَ غَيْرِهِ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ نَاذِرُ الْمَشْيِ حَافِيًا يَنْتَعِلُ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ الْهَدْيُ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَأَى امْرَأَةً تَمْشِي حَافِيَةً نَاشِرَةً رَأسهَا فاستر مِنْهَا بِيَدِهِ وَقَالَ مَا شَأْنُهَا فَقَالُوا نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ حَافِيَةً نَاشِرَةً رَأْسَهَا فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام فلتتخمر

وَلْتَنْتَعِلْ وَلْتَمْشِ وَنَظَرَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى رَجُلٍ يمشي إِلَى الْكَعْبَة الْقَهْقَرِي فَقَالَ مرّة فَلْيَمْشِ لِوَجْهِهِ وَإِنْ قَالَ إِنْ فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا حَمَلْتُ فُلَانًا إِلَى الْبَيْتِ وَأَرَادَ التَّعَبَ بِحَمْلِهِ حَجَّ مَاشِيًا وَأَهْدَى وَلَيْسَ عَلَيْهِ إِحْجَاجُ الرَّجُلِ وَإِلَّا حَجَّ رَاكِبًا وَأَحَجَّ الرَّجُلَ مَعَهُ وَلَا هَدْيَ فَإِنِ امْتَنَعَ الرَّجُلُ تَرَكَهُ وَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَأَنه نوى احجاج الرجل من مَاله فَلَيْسَ عليبه إِلَّا إِحْجَاجُهُ فَإِنِ امْتَنَعَ سَقَطَ النَذْرُ وَالنَّاذِرُ حمل عَمُود أَو غَيره إِلَى مَكَّة طلب الْمَشَقَّة يحجّ مَا شَاءَ غير حَامِل شَيْئا وَيهْدِي قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا أَرَادَ التَّعَبَ بِحَمْلِ الرَّجُلِ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا يُسْتَحَبُّ الْهَدْيُ كَهَدْيِ نَاذِرِ الحفا وَإِذَا لَمْ يُرِدْ حَمْلَهُ قَالَ بَعْضُ فُقَهَائِنَا إِنَّمَا يَلْزَمُهُ الْحَجُّ بِنَفْسِهِ إِذَا نَوَى ذَلِكَ ثمَّ إِذا تعين الْمَشْي فَالْكَلَام فِي مبدأه وَمُنْتَهَاهُ وَالْعَجْزُ عَنْهُ فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَطْرَافٍ الطَّرَفُ الْأَوَّلُ الْمَبْدَأُ وَفِي الْكِتَابِ يَمْشِي الْحَالِفُ مِنْ مَكَانَهُ حَلِفِهِ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ السَّبَبِ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ غَيْرَهُ وَإِنْ قَالَ إِنْ كَلَّمْتُ فُلَانًا فَأَنَا مُحْرِمٌ بِحَجَّةٍ أَوْ عُمْرَةٍ فَكَلَّمَهُ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ لَمْ يَلْزَمْهُ الْحَجُّ إِلَّا إِلَى أَشْهُرِ الْحَجِّ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ مِنْ حَيْثُ حِنْثِهِ وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ وَيُحْرِمُ بِالْعُمْرَةِ وَقْتَ حِنْثِهِ إِلَّا أَنْ تَبْعُدَ ارفقة وَيَخَافَ فَيُؤَخِّرَهَا حَتَّى يَجِدَ فَيُحْرِمَ وَيُحْرِمَ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مِنْ مَوْضِعِهِ لَا مِنْ مِيقَاتِهِ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْحَجِّ أَنَّ الميقاة الْمَكَانِيَّ أَخَفُّ مِنَ الزَّمَانِيِّ وَتَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ فَلِذَلِكَ قَالَ يُؤَخر إِلَى الْأَشْهر دون الميقاة الْمَكَانِيِّ وَالْقَائِلُ أَنَا مُحْرِمٌ يَوْمَ أَفْعَلُ كَذَا فَفَعَلَ فَهُوَ مُحْرِمٌ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ تَوْفِيَةً بِمُقْتَضَى الصِّيغَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ لَوْ حَلَفَ بِمِصْرَ وَحَنِثَ بِالْمَدِينَةِ فَلْيَرْجِعْ إِلَى مِصْرَ حَتَّى يَمْشِيَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا حَنِثَ بِبَلَدِ الْحَلِفِ فَلْيَمْشِ مِنْ تِلْكَ الْمَدِينَةِ مِنْ حَيْثُ شَاءَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنْ حَنِثَ بِغَيْرِ الْبَلَدِ الَّذِي حَلَفَ فِيهِ وَهُوَ مِمَّنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْمَشْيِ فَلْيَرْجِعْ إِلَى ذَلِكَ الْبَلَد ثمَّ يمشي فِيهِ مَا قدر ثمَّ

يركب وَيهْدِي قَالَ أَصْبَغُ إِنْ كَانَ قَرِيبًا وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيهِ مَضَرَّةٌ رَجَعَ وَإِلَّا مَشَى مِنْ حَيْثُ حَنِثَ وَأَهْدَى قَالَ مُحَمَّدٌ قَالَ مَالِكٌ وَلَهُ أَنْ يَمْشِيَ فِي طَرِيقٍ أَخْصَرَ مِنْ طَرِيقٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنِ انْتَقَلَ إِلَى بَلَدٍ آخَرَ مِثْلَهُ فِي الْمَسَافَةِ مَشَى مِنْهُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ عَدَدُ الْخُطَى فِي الْقُرْبَةِ فَإِنِ انْتَقَلَ إِلَى أَقْرَبَ مِنْهُ بِالْيَسِيرِ فَقِيلَ يُجْزِئُهُ وَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ يُهْدِي هَدْيًا وَيُجْزِئُهُ وَإِنْ كَثُرَ الْبُعْدُ لَمْ يُجْزِهِ وَإِذَا قَالَ عَلَيَّ الْمَشْيُ إِلَى مَكَّةَ وَهُوَ بِهَا خَرَجَ إِلَى الْحِلِّ وَأَتَى بِعُمْرَةٍ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ قَوْلِهِ أَنْ يَأْتِيَ إِلَيْهَا مِنْ غَيْرِهَا وَأَقَلُّ ذَلِكَ أَوَائِلُ الْحِلِّ وَالْقَائِلُ عَلَيَّ الْمَشْيُ إِلَى الْمَسْجِدِ وَهُوَ بِمَكَّةَ مَشَى إِلَى الْمَسْجِدِ مِنْ مَوْضِعِهِ وَقَالَ مَرَّةً يَخْرُجُ إِلَى الْحِلِّ وَإِنْ قَالَ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ عَلَيَّ الْمَشْيُ إِلَى مَكَّةَ خَرَجَ إِلَى الْحِلِّ وَدَخَلَ بِعُمْرَةٍ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِذَا قَالَ فَأَنَا مُحْرِمٌ فَهُوَ مُحْرِمٌ بِنَفْسِ الْحِنْثِ وَهُوَ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ وَإِنْ قَالَ أَنَا أُحْرِمُ لَمْ يَنْعَقِدْ عَلَيْهِ بِنَفْسِ الْحِنْثِ حَتَّى يُحْرِمَ وَقَالَ عَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ صُحْبَةً وَالْقَائِل أَنا محرم يَوْم ُأكَلِّمهُ وَلَا يكون محرما بِمُضِيِّ ذَلِك الْيَوْم وَيجْرِي فِيهِ الْخلاف بَين مَالك وَسَحْنُون وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ الْحَالِفُ بِصِقِلِّيَةَ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ مِنْ أَقْرَبِ الْبَرِّ الَّذِي يَلِيهِ مِنْ إفْرِيقِيَّةَ وَهُوَ بَيِّنٌ لِأَنَّهُ الْعَادَةُ فِي حَلِفِهِمْ وَقِيلَ مِنَ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا يأْتونَ افريقية للتجر وَقَوْلُهُ لَا يُحْرِمُ حَتَّى تَدْخُلَ أَشْهُرُ الْحَجِّ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا كَانَ يَصِلُ أَمَّا الْبَلَدُ الْبَعِيدُ فَيُحْرِمُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَصِلُ فِيهِ وَقَالَ ابْنُ الْقَابِسِيِّ يَخْرُجُ مِنْ بَلَدِهِ غَيْرَ مُحْرِمٍ وَيُحْرِمُ حَيْثُ أَدْرَكَتْهُ أَشْهُرُ الْحَجِّ وَالْأَوَّلُ لِأَبِي مُحَمَّدٍ وَهُوَ أَوْلَى لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِ إِنْ كَلَّمْتُ فُلَانًا فَأَنَا مُحْرِمٌ بِحَجَّةٍ الطَّرَفُ الثَّانِي نِهَايَةُ الْمَشْيِ فَفِي الْكِتَابِ يَمْشِي فِي الْعُمْرَةِ حَتَّى يَسْعَى وَإِنْ رَكَبَ بَعْدَ السَّعْيِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَفِي الْحَجِّ إِلَى طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَقَالَهُ ش لِفَرَاغِ أَرْكَانِ النُّسُكَيْنِ وَلَهُ الرُّكُوبُ فِي رُجُوعِهِ مِنْ مَكَّةَ إِلَى مِنًى وَفِي رَمْيِ الْجِمَارِ بِمِنًى وَإِنْ أَخَّرَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ فَلَا يَرْكَبُ فِي الرَّمْيِ لِبَقَاءِ رُكْنِ الْحَجِّ

وَلَهُ الرُّكُوبُ فِي حَوَائِجِهِ كَمَا يَرْكَبُ فِي الْمَدِينَةِ فَإِنَّ الْمَشْيَ إِنَّمَا هُوَ قُرْبَةٌ فِي آخِرِ الْعِبَادَةِ وَإِذَا ذَكَرَ حَاجَةً نَسِيَهَا رَكِبَ فِي رُجُوعه لَهَا وَيَرْكَبُ فِي الْمَنَاهِلِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قِيلَ لِابْنِ الْقَاسِمِ لِمَ لَا يَنْتَهِي مَشْيُهُ إِذَا انْتَهَى إِلَى الْبَيْتِ وَهُوَ إِنَّمَا أَلْزَمَ نَفْسَهُ الْمَشْيَ إِلَى الْبَيْتِ قَالَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي الْهَدْيِ {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} الْحَج 33 وَمَحِلُّهَا فِي الْحَجِّ مِنًى الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي الْعَجْزِ عَنِ الْمَشْيِ فَفِي الْكِتَابِ يَرْكَبُ فِيمَا عَجَزَ فَإِذَا اسْتَرَاحَ نَزَلَ ثُمَّ يَمْشِي ثَانِيًا فِيمَا رَكِبَ فَقَطْ وَيُهْدِي لِتَفْرِيقِ الْمَشْيِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَنْحَرُ بَدَنَةً فَإِنْ عَجَزَ عَمَّا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنَ الْمَشْيِ ثَانِيًا لم يعد ثَالِثَة وَأهْدى وَلم عَلِمَ فِي الثَّانِيَةِ عَجْزَهُ عَنِ الْمَشْيِ قَعَدَ وَأَجْزَأَهُ الْهَدْيُ فَإِنْ عَلِمَ عَجْزَهُ ابْتِدَاءً فَإِنْ كَانَ شَيخا وَمنا أَوِ امْرَأَةً ضَعِيفَةً أَوْ مَرِيضًا أَيِسَ مِنَ الْبُرْءِ خَرَجَ رَاكِبًا وَمَشَى وَلَوْ نِصْفَ مِيلٍ وأجزأه مَعَ الْهَدْيِ بَعْدَ ذَلِكَ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَإِذَا رَجَا الْمَرِيضُ قُدْرَةً عَلَى الْمَشْيِ انْتَظَرَهَا وَإِذَا مَشَى حَجَّهُ كُلَّهُ وَرَكِبَ فِي الْإِفَاضَةِ أَوْ رَكِبَ الْأَمْيَالَ لِمَرَضٍ لَمْ يُعِدْ ثَانِيَةً وَأَهْدَى وَلَوْ مَشَى السَّعْيَ فَقَطْ قَضَى مَشْيَهُ قَابِلًا فِيمَا رَكِبَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ لِأَنَّهُ رُكُوبٌ كَثِيرٌ وَلِأَنَّ رُكُوبَهُ فِي مَوَاضِعِ الْحَجِّ أَسْهَلُ مِمَّنْ رَكِبَ فِي الطَّرِيقِ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ قَالَ مَالك وَيهْدِي أحب لي مِنْ غَيْرِ إِيجَابٍ وَلَمْ يَرَ عَلَيْهِ الْهَدْيَ مِثْلَ مَنْ عَجَزَ فِي الطَّرِيقِ عَجْزًا يُوجِبُ الرُّجُوعَ لِأَنَّهُ بَلَغَ مَكَّةَ وَطَافَ وَتَمَّ مَشْيُهُ عِنْدَ بَعْضِ النَّاسِ وَفِي الْكِتَابِ يَرَى عَلَيْهِ الْهَدْيَ وَالرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ سَوَاءٌ وَلَهُ جَعْلُ مَشْيِهِ الثَّانِي

فِي عير مَا مَشَى فِيهِ أَوَّلًا إِنْ أَبْهَمَ نَذْرَهُ وَإِلَّا فَفِي مِثْلِ الْأَوَّلِ لِتَعْيِينِهِ وَلَا يَجْعَلُ الْأَوَّلَ وَلَا الثَّانِيَ فِي فَرِيضَةٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا مَشَى الطَّرِيقَ كُلَّهُ فِي عَوْدِهِ فَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَرِّقْ مَشْيَهُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ مَنْ رَكِبَ ليقص الطَّرِيقَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ أَهْدَى بِخِلَافِ الْعُذْرِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعُذْرِ وَغَيْرِهِ وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَلَيْسَ هَذَا مِثْلَ صِيَامِ التَّتَابُعِ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَصِلِ الْمَشْيَ الْمُتَتَابِعَ أَجْزَأَهُ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ الْعِبَادَةَ تَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ كَمَا تَلْزَمُ بِالنَّذْرِ وَإِنَّمَا جَعَلَهُ يَمْشِي ثَانِيًا فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ إِذَا كَانَتْ يَمِينُهُ مُطْلَقَةً لِأَنَّ رُجُوعَهُ لِنَذْرِهِ لَا لِمَا شَرَعَ فِيهِ قَالَ ابْن حبيب وَالْهَدْي هَا هُنَا بَدَنَة فَإِن لم يجد فبقرة فَإِن لم يَجِدْ فَشَاةٌ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ مَتَى شَاءَ وَتُجْزِئُ شَاةٌ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الثَّلَاثَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ أَمَّا إِذَا كَانَ الْمَشْيُ نِصْفَ الطَّرِيقِ فَأَكْثَرَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَمْشِي الطَّرِيقَ كُلَّهُ وَنَحْوُهُ لِمَالِكٍ وَإِنْ كَانَ نَذْرُهُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ نَحْوَ مِصْرَ فَلِمَالِكٍ فِي رُجُوعه قَولَانِ قَالَ وَعدم الْعَوْدِ أَحْسَنُ لِعَدَمِ الْمَشَقَّةِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ مِنَ الْمَغْرِبِ لَمْ يَعُدْ بِحَالٍ وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْمَضْمُونِ أَمَّا عَامُ تَعَيُّنِهِ فَلَا يَقْضِي وَلَوْ مَرِضَهُ كُلَّهُ وَإِنْ حَضَرَ خُرُوجَ الْحَاجِّ وَهُوَ فِي الْقُرْبِ مِثْلَ الْمَدِينَةِ وَهُوَ مَرِيضٌ خَرَجَ رَاكِبًا وَإِنْ كَانَ مَضْمُونًا أَخَّرَ لِعَامٍ آخَرَ وَلَوْ نَوَى الْمَرِيضُ أَنْ يَمْشِيَ قُدْرَتَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ هَدْيٌ وَكَذَلِكَ الشَّابُّ الضَّعِيفُ الْقُوَّةِ وَالْمَرْأَةُ الشَّابَّةُ الَّتِي مَشْيُهَا عَوْرَةٌ تَمْشِي الْأَمْيَالَ عُزْلَةً عَنِ النَّاسِ ثُمَّ تَرْكَبُ وَتُهْدِي وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَهُ جَعْلُ الْمَشْيِ الثَّانِي فِي حَجٍّ إِذَا نَوَى الْأَوَّلَ فِي عُمْرَةٍ لِانْدِرَاجِ الْعُمْرَةِ فِي الْحَجِّ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ النَّاذِرُ مِنَ الْمَشْيِ مَا لَا يَبْلُغُهُ عُمُرُهُ يَمْشِي مَا قَدَرَ عَلَيْهِ وَيَتَقَرَّبُ إِلَى اللَّهِ بِمَا قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْ خَيْرٍ لَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} التغابن 16 قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ بَعْضُ فُقَهَائِنَا إِنْ عَجَزَ هَذَا وَرَكَبَ لَا يَرْجِعُ ثَانِيَةً لِأَجْلِ ركُوبه وَعَلِيهِ الْهَدْي لذَلِك لِأَنَّهُ يَرْجِعُ فِيمَا عَلَيْهِ مِنَ النَذْرِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ فَلَهُ أَنْ يَجْعَلَ الثَّانِيَ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ لَعَلَّهُ يُرِيدُ إِنْ لَمْ يَرْكَبْ أَوَّلًا فِي حَجَّتِهِ

فِي الْمَنَاسِكِ وَلَوْ رَكِبَ بِمِنًى وَعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ فِي حجه الأول كَيفَ يَنْبَغِي أَنْ يَجْعَلَ الثَّانِيَةَ فِي عُمْرَةٍ وَهُوَ لَا يَصِلُ أَنْ يَمْشِيَ مَا رَكِبَ وَعَنْ سَحْنُونٍ لَا يَجْعَلُ الثَّانِيَةَ فِي عُمْرَةٍ لِأَنَّهَا أقصر من عمل الْحَج يُرِيد إِن كَانَ مَشْيه فِي غير الْمَنَاسِك فرع فِي الْكِتَابِ إِذَا نَوَى بِحَجِّهِ فَرْضَهُ وَنَذْرَهُ أَجْزَأَهُ لِنَذْرِهِ وَقَضَى فَرْضَهُ أَوْ قَارِنًا الْعُمْرَةَ لِنَذْرِهِ وَالْحَجَّ لِفَرْضِهِ لَمْ يُجْزِهِ مِنَ الْفَرْضِ وَعَلَيْهِ دَمُ الْقِرَانِ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ وَلِمَالِكٍ فِي الْقَارِن يجزيء فِي النَذْرِ وَيَقْضِي الْفَرْضَ لِقُوَّتِهِ وَلَهُ أَيْضًا لَا يجزيء عَنْهُمَا للتشريك قَالَ وَأرى أَن يجزيء عَنْهُمَا لِأَن الْقرَان لَا يحل بفريضة الْإِسْلَام وكل مَا جَازَ تَطَوّعا حَاز وَفَاءُ النَذْرِ بِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْمُفْرِدِ هَذَا إِذَا لَمْ يَكُنْ يَنْوِي بِنَذْرِهِ حَجًّا وَلَا عُمْرَةً وَأَمَّا إِذَا نوى فَلَا يجزيء عَنْهُمَا لِأَنَّهُ لَوْ مَشَى بِحَجٍّ لِنَذْرِهِ فَفَاتَهُ لَمْ تُجْزِئْهُ عُمْرَةُ التَّحَلُّلِ عَنْ مَشْيِهِ فَكَذَلِكَ هَا هُنَا لِأَنَّهُ يَصِيرُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ حَجَّةٍ وَهُمَا حَجَّتَانِ أَمَّا إِذَا لَمْ يَنْوِ فَهُوَ الَّذِي قَالَ فِيهِ يُجْزِئُهُ لِنَذْرِهِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُعِيدُهُمَا جَمِيعًا اسْتِحْسَانًا وَقَالَ الْمُغِيرَةُ يُجْزِئُهُ عَنِ الْفَرِيضَةِ لِأَنَّهَا أَوْلَى بِاسْتِحْقَاقِ الْعَمَلِ وَيُعِيدُ النَّذْرَ قَالَ مُحَمَّدٌ فَلَوْ أَحْرَمَ بِفَرِيضَةِ الْحَجِّ وَنَوَى مَشْيَهَا لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ إِلَّا بِنَذْرٍ قَالَ وَيَلْزَمُ ذَلِكَ فِي الْمُحْرِمِ بِنَافِلَةٍ يَنْوِي قِيَامَهَا فَلَهُ صَلَاتُهَا جَالِسًا وَكَذَلِكَ لَوْ نَوَى قراة سُورَة طَوِيلَة النَّوْع الثَّانِي اتيان الْمَسَاجِد فَفِي الْكِتَابِ الْقَائِلُ عَلَيَّ إِتْيَانُ الْمَدِينَةِ أَوْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ أَوِ الْمَشْيُ إِلَيْهِمَا فَلَا يَأْتِيهِمَا حَتَّى يَنْوِيَ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدَيْهِمَا أَوْ يَنْوِيَ فِيهِمَا أَوْ يُسَمِّيهِمَا لِتَعْيِينِ الْقُرْبَةِ أَوْ مَا يُلَازِمهَا وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الصَّلَاةَ فِيهِمَا أَتَاهُمَا رَاكِبًا وَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ وَلَوْ نَذَرَ الصَّلَاةَ فِي غَيْرِهِمَا مِنَ الْمَسَاجِدِ صَلَّى بِمَوْضِعِهِ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ ابْنُ وهب عَلَيْهِ أَن يَأْتِي مَسْجِد الْمُقَدّس وَالْمَدِينَةِ مَاشِيًا وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ قَرُبَ مَشَى وَقَالَ الْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ نَاذِرُ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَام لَا يلْزمه الشي قَالَ وَالْمَشْيُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ أَحْسَنُ لِأَنَّ الْمَشْيَ فِي الْقُرَبِ قُرْبَةٌ وَمُقْتَضَى أَصْلِ مَالِكٍ يَأْتِي الْمَكِّيّ الْمَدِينَة لِأَنَّهَا أفضل فإتيانها مِنْ مَكَّةَ قُرْبَةٌ بِخِلَافِ الْإِتْيَانِ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَيْهَا وَقدم ش وَابْن حَنْبَل الْمَسْجِد الْحَرَام

عَلَيْهَا فَإِنْ قَالَ عَلَيَّ الْمَشْيُ وَلَمْ يَذْكُرْ مَسْجِدًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعِنْدَ أَشْهَبَ عَلَيْهِ الْمَشْيُ إِلَى مَكَّةَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يَمْشِي إِلَى غَيْرِ الثَّلَاثَةِ إِنْ كَانَ قَرِيبًا كَالْأَمْيَالِ الثَّلَاثَةِ الْيَسِيرَةِ مَاشِيًا وَيُصَلِّي فِيهِ قَالَ ابْن حبيب إِن كَانَ بِمَوْضِعِهِ مَسْجِدُ جُمُعَةٍ لَزِمَهُ الْمَشْيُ إِلَيْهِ وَقَالَهُ مَالِكٌ وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ عَبَّاسٍ فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ وَهُوَ مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ وَفِي الْجَوَاهِرِ النَّاذِرُ الْمَكِّيُّ أَوِ الْمَدَنِيُّ الصَّلَاةَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ يُصَلِّي فِي مَسْجِدِ مَوْضِعِهِ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ وَالْمَقْدِسِيُّ يَمْشِي إِلَيْهِمَا وَالْمَدَنِيُّ إِلَى مَكَّةَ وَالْمَكِّيُّ إِلَى الْمَدِينَةِ لِلْخُرُوجِ مِنَ الْخِلَافِ وَأَصْلُ هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا تُعْمَلُ الْمَطِيُّ إِلَّا لِثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ فَذَكَرَ مَسْجده عَلَيْهِ السَّلَام وَمَسْجِدَ إِيلِيَا وَالْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فَاقْتَضَى ذَلِكَ عَدَمَ لُزُومِ الْمَشْيِ إِلَى غَيْرِهَا فَإِنَّ كُلَّ مَا وَجَبَ الْمَشْيُ إِلَيْهِ وَجَبَ إِعْمَالُ الرِّكَابِ إِلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا قَاعِدَةٌ النَذْرُ عِنْدَنَا لَا يُؤَثِّرُ إِلَّا فِي مَنْدُوبٍ فَمَا لَا رُجْحَانَ فِي فِعْلِهِ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ وَسَائِرُ الْمَسَاجِدِ مُسْتَوِيَةٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا بُيُوتُ التَّقَرُّب إِلَى الله تَعَالَى بِالصَّلَاةِ فَلَا يَجِبُ الْإِتْيَانُ إِلَى شَيْءٍ مِنْهَا لِعَدَمِ الرُّجْحَانِ وَيَخْتَلِجُ فِي نَفْسِ الْفَقِيهِ أَنَّ الْمَسَاجِدَ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهَا إِجْمَاعًا وَبَعْضُهَا أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ بِاعْتِبَارِ كَثْرَةِ طَاعَةِ اللَّهِ فِيهَا إِمَّا لِقِدَمِ هِجْرَتِهِ أَوْ لِكَثْرَةِ جَمَاعَتِهِ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَسْبَابِ التَّفْضِيلِ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ وُجُوبُ الصَّلَاةِ فِيهَا بِالنَّذْرِ لِأَجْلِ الرُّجْحَانِ فِي نَظَرِ الشَّرْع ويندفع هَذَا الْإِشْكَالُ بِأَنَّ الْقَاعِدَةَ الشَّرْعِيَّةَ أَنَّ الْفِعْلَ قَدْ يَكُونُ رَاجِحًا فِي نَفْسِهِ وَلَا يَكُونُ ضَمُّهُ لِغَيْرِهِ أَوْ ضَمُّ غَيْرِهِ لَهُ رَاجِحًا وَقد يكون فَمِنَ الْأَوَّلِ الصَّلَاةُ وَالْحَجُّ رَاجِحَانِ وَلَيْسَ ضَمُّهُمَا رَاجِحًا فِي نَظَرِ الشَّرْعِ وَكَذَلِكَ الصَّوْمُ وَالزَّكَاةُ بل قد يكون الْفِعْلَيْنِ راحجين وضمهما مَرْجُوح كَالصَّوْمِ ووقوف عَرَفَة والتنقل وَصَلَاة الْعِيد فِي الْمصلى وَالرُّكُوع وقراة الْقُرْآنِ وَالدُّعَاءِ وَبَعْضِ أَجْزَاءِ الصَّلَاةِ وَمِمَّا

رُجِّحَ مُنْفَرِدًا وَمَضْمُومًا الصَّوْمُ وَالِاعْتِكَافُ وَالتَّسْبِيحُ وَالرُّكُوعُ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَاعْتِقَادُ رُجْحَانِ الْمَسَاجِدِ عَلَى غَيْرِهَا أَوْ رُجْحَانُ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ لَا يُوجِبُ اعْتِقَادَ رُجْحَانِ ضَمِّ الصَّلَاةِ إِلَيْهَا لِأَنَّ اعْتِقَادَ الرجحان الشَّرْعِيّ يُوقف على مدرك شَرْعِي بتوقيف عَلَى مَدْرَكٍ شَرْعِيٍّ وَلَمْ يَرِدْ بَلْ وَرَدَ الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ بَعْدَ ذَلِكَ النَّوْعُ الثَّالِثُ الْهَدَايَا وَفِي الْكِتَابِ الْقَائِلُ عَلَيَّ هَدْيٌ فَمَا نَوَى وَإِلَّا فَبَدَنَةٌ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَبَقَرَةٌ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَشَاةٌ وَلَوْ قَالَ بَدَنَةٌ فَلَمْ يَجِدْهَا فَبَقَرَةٌ فَإِنْ لَمْ يَجِدْهَا فَسَبْعٌ مِنَ الْغنم فَإِن لم يجد فَلَا يحب صَوْمٌ فَإِنْ أَحَبَّ فَعَشَرَةُ أَيَّامٍ لِأَنَّهَا بَدَلٌ فِي دِمَاءِ الْحَجِّ فَإِنْ أَيْسَرَ فَعَلَ مَا نَذَرَ وَإِنْ قَالَ لِحُرٍّ إِنْ فَعَلْتَ هَذَا أَهْدَيْتُكَ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ فَيَحْنَثُ فَعَلَيْهِ هَدْيٌ قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ شَاةٌ تَصْحِيحًا لِتَصَرُّفِ الْمُكَلَّفِ بِأَقْرَبِ وُجُوهِ الْإِمْكَانِ فَإِنْ قَالَ عَبْدُ فُلَانٍ أَوْ دَارُهُ أَوْ شَيْءٌ مِنْ مَالِهِ هَدْيٌ فَحَنِثَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مَالِكٌ فِي الْحَجِّ الْقَائِلُ عَلَيَّ هَدْيٌ يُجْزِئُهُ شَاةٌ وَالْمَدْرَكُ هَلْ يُنْظَرُ إِلَى أعلا مَرَاتِبِ الْهَدْيِ احْتِيَاطًا أَوْ لِأَقَلِّهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ كَمَنْ نَذَرَ شَهْرًا فَقِيلَ يَصُومُ ثَلَاثِينَ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ وَهِيَ قَاعِدَةٌ أُصُولِيَّةٌ إِذَا عَلَّقَ الْحُكْمَ عَلَى اسْم هَل يقْتَصر على أدناه أَو يَرْتَفِعُ لِأَعْلَاهُ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ لَا تُجْزِئُهُ الْبَقَرَةُ عِنْدَ الْعَجْزِ لِأَنَّ النَّاسَ لَا يَعْرِفُونَ الْبُدْنَ إِلَّا مِنَ الْإِبِلِ وَإِنْ صَدَقَتْ عَلَى الْبَقَرِ لُغَةً قَالَهُ الْخَلِيلُ وَدَلِيلُ الْغَنَمِ حَدِيثُ جَابِرٍ نَحَرْنَا مَعَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعٍ وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعٍ وَقَالَ مَالِكٌ أَيْضًا إِذَا أَعْسَرَ صَامَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ إِنْ قَالَ عَليّ هدي وَإِن قَالَ عَليّ بَدَنَة صَاح سبعين يَوْمًا وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ أَحَبَّ صَامَ تسعين يَوْمًا وَقَالَ أَشْهَبُ

إِنْ أَحَبَّ صَامَ سَبْعِينَ أَوْ أَطْعَمَ سَبْعِينَ مِسْكِينًا لِأَنَّ الْكَفَّارَاتِ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينٌ وَفِي الْكِتَابِ الْقَائِلُ لِلَّهِ عَلَيَّ نَحْرُ جَزُورٍ يَنْحَرُهَا مَكَانَهُ وَكَذَلِكَ إِذَا قَالَ بِالْبَصْرَةِ وَسَوْقُ الْبُدْنِ إِلَى غَيْرِ مَكَّةَ مِنَ الضَّلَالِ وَقَالَ أَيْضًا يَنْحَرُهُ حَيْثُ نَوَى لِتَعَلُّقِ حَقِّ تِلْكَ الْمَسَاكِينِ بِهَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَالْحَالِفُ بِصَدَقَةِ مَالِهِ عَلَى بَلَدٍ يَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَى مَسَاكِينِ تِلْكَ الْبَلَد والبحث هَا هُنَا كَالْبَحْثِ فِي إِتْيَانِ غَيْرِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثِ وَقَدْ تَقَدَّمَ وَالنَّاذِرُ هَدْيًا مُعَيَّنًا يُوَفِّي بِهِ إِنْ كَانَ يَبْلُغُ سَالِمًا مِنَ الْعُيُوبِ وَفِي سُنَنِ الْهَدْيِ وَيَبْعَثُ الْإِبِلَ وَإِنْ بَعُدَ الْمَوْضِعُ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ بِيعَ وَاشْتُرِيَ بِثَمَنِهِ مِنَ الْإِبِلِ إِنْ بَلَغَ أَوْ مِنَ الْبَقَرِ وَإِلَّا فَمِنَ الْغَنَمِ وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِالثَّمَنِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ حَيْثُ شَاءَ وَقَالَ مَالِكٌ يَجْعَلُهُ فِيمَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْكَعْبَةُ قَالَ وَالرَّأْيُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ بِمَكَّةَ وَلَوْ شَرَكَ بِهِ فِي هَدْيٍ لَكَانَ لَهُ وَجه وَيَشْتَرِي بِمَوْضِعٍ يَرَى أَنَّهُ يَبْلُغُ أَصْلَحُ وَلَا يُؤَخر إِلَى مَوضِع أعلا إِلَّا أَنْ يَتَعَذَّرَ سَائِقُهُ فَيُؤَخِّرُ الشِّرَاءَ إِلَى مَكَّةَ ثُمَّ يَخْرُجُ بِهِ إِلَى الْحِلِّ لِأَنَّهُ شَرْطُ الْهَدْيِ وَإِنْ وَجَدَ شِرَاءَ الْأَقَلِّ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ وَشِرَاؤُهُ بِمَكَّةَ يُوجَدُ أَفْضَلُ اشْتُرِيَ الْآنَ وَسِيقَ إِلَى مَكَّةَ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ خَمْسًا أَوْ سِتًّا مِنَ الْغَنَمِ وَوَجَدَ بِثَمَنِهَا بَقَرَةً اشْتَرَاهَا وَإِنْ كَانَتْ ثَمَانِيَ فَأَكْثَرَ فَشِرَاؤُهَا أَفْضَلُ من شِرَاء الْبدن إِن كفاها الثّمن لِأَن ابدنة جُعِلَتْ عَنْ سَبْعٍ فَالسَّبْعَةُ أَفْضَلُ وَإِنْ نَذَرَ عَبْدًا أَوْ دَارًا بِيعَتْ وَاشْتَرَى مِنْ مَوْضِعٍ هُوَ أَصْلَحُ قَالَ أَشْهَبُ إِنْ نَذَرَ بَدَنَةً عَوْرَاءَ أَوْ عَرْجَاءَ مُعَيَّنَةً أَهْدَاهَا أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ أَهْدَى سَلِيمَةً قَالَ وَأَرَى الْمُعَيَّنَ وَغَيْرَهُ سَوَاءً إِذَا قَصَدَ الْقُرْبَةَ وَإِلَّا فَهُوَ نَذْرُ مَعْصِيَةٍ وَفِي الْكِتَابِ الْقَائِلُ لِلَّهِ عَلَيَّ نَحْرُ بَدَنَةٍ أَوْ هَدْيٌ يُنْحَرُ بِمَكَّةَ وَإِنْ قَالَ جَزُورٌ نُحِرَ بِمَوْضِعِهِ لِأَنَّهُ لَفْظٌ لَا يَخْتَصُّ بِمَكَّةَ وَإِنْ نَوَى مَوْضِعًا أَوْ سَمَّاهُ لَا يُخْرِجُهَا إِلَيْهِ كَانَتْ مُعَيَّنَةً أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ وَنَاذِرُ مَالِ غَيْرِهِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَوْ مَالِهِ يَشْتَرِي بِثَمَنِهِ هَدْيًا فَإِنْ بَعَثَ بِهِ اشْتَرَى بِثَمَنِهِ هُنَاكَ فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ هَدْيًا فأقله شَاة أَو فضل عَنهُ مَالا يَبْلُغُ هَدْيًا دُفِعَ

لِخَزَنَةِ الْكَعْبَةِ يُنْفَقُ عَلَيْهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ أَحَبَّ تَصَدَّقَ بِهِ حَيْثُ شَاءَ وَأَعْظَمَ مَالك أَن يُشْرك مَعَ الحجبة غَيْرَهُمْ لِأَنَّهَا وَلَايَةٌ مِنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِدَفْعِهِ المفاتح إِلَى عُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ وَإِنْ خَافَ عَلَى الْمَنْذُورِ هَدْيًا عَدَمَ الْوُصُولِ لِلْبُعْدِ بَاعَهُ وَاشْتَرَى بِثَمَنِ الْغَنَمِ غَنَمًا وَبِثَمَنِ الْإِبِلِ إِبِلًا وَبِثَمَنِ الْبَقَرِ بَقَرًا وَيَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِثَمَنِ الْبَقَرِ إِبِلًا لِأَنَّهَا لَمَّا بِيعَتْ صَارَتْ كَالْعَيْنِ وَأَكْرَهُ شِرَاءَ الْغَنَمِ بِثَمَنِهَا حَتَّى يَعْجِزَ عَنِ الْبُدْنِ وَالْبَقر من مَكَّة أوومن مَوْضِعٍ تَصِلُ وَإِنِ ابْتَاعَهَا مِنْ مَكَّةَ أَخْرَجَهَا لِلْحِلِّ ثُمَّ أَدْخَلَهَا الْحَرَمَ لِأَنَّهُ شَرْطُ الْهَدْيِ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْقَائِلُ عَلَيَّ هَدْيٌ إِنْ نَوَى شَيْئًا فَعَلَهُ وَإِلَّا فَبَدَنَةٌ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَبَقَرَةٌ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَشَاةٌ وَقَالَ أَشْهَبُ أَدْنَى مَا يُجْزِئُهُ شَاةٌ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَفْضَلَ مِنْهَا فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ الْقَائِلُ إِنْ فَعَلْتُ كَذَا فَإِنِّي أَنْحَرُ وَلَدِي فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ نَظَرًا لِفِدَاءِ إِسْحَاقَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوْ لِأَنَّهُ نَذْرٌ لَا مَخْرَجَ لَهُ لتعذر هَذَا الْمخْرج شرعا ثمَّ رَجَعَ مَالك فَقَالَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ التَّقَرُّبَ بِالْهَدْيِ فَيُهْدِيَ وَالْقَائِلُ أَنْحَرُ وَلَدِي بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَوْ بِمِنًى فَعَلَيْهِ الْهَدْيُ لِأَنَّ طُرُقَ مَكَّةَ وَفِجَاجَهَا كُلَّهَا مَنْحَرٌ فَصَارَ لِلَّفْظِ دَلَالَةٌ عَلَى التَّقَرُّبِ بِالْهَدْيِ لَكِنْ بِمَا لَا يَجُوزُ التَّقَرُّبُ بِهِ فَيَسْقُطُ الْخُصُوصُ لِتَعَذُّرِهِ شَرْعًا وَيَبْقَى الْعُمُومُ سَالِمًا عَنِ الْمُعَارِضِ وَهُوَ مَفْهُومُ الْهَدْيِ فَيُوفِي بِهِ وَيَلْزَمُهُ فِي أَبَوَيْهِ مَا يَلْزَمُهُ بِالْوَلَدِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ وَقَالَ بَعْضُ فُقَهَائِنَا إِنَّمَا يُهْدِي فِي الْوَلَدِ إِذَا ذَكَرَ فِعْلًا نَحْوَ قَوْلِهِ إِنْ فَعَلْتُ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَلَيَّ نَحْرُ وَلَدِي لِلَّهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ نَذَرَ مَعْصِيَةً قَالَ وَالْكُلُّ عِنْدِي سَوَاءٌ وَالصَّوَابُ أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ وَجْهَ الْهَدْيِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَوْ كَانَ لِلْحَالِفِ عِدَّةُ أَوْلَادٍ أَهْدَى عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ هَدْيًا وَقِيلَ يَكْفِي هدي

النَّوْعُ الرَّابِعُ الضَّحَايَا فِي الْجَوَاهِرِ الْقَائِلُ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِبَدَنَةٍ لَمْ تَقُمْ مَقَامَهَا بَقَرَةٌ مَعَ الْقُدْرَةِ وَفِي إِخْرَاجِهَا مَعَ الْعَجْزِ خِلَافٌ وَفِي إِخْرَاجِ سَبْعٍ مِنَ الْغَنَمِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ بَقَرَةٍ خِلَافٌ وَفِي الْكِتَابِ الْإِجْزَاءُ فيهمَا تنيه الْأَصْلُ فِي النَذْرِ أَنْ لَا يُجْزِئَ عَنْهُ غَيْرُهُ وَإِنْ كَانَ أَفْضَلَ مِنْهُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى فَنَاذِرُ التَّصَدُّقِ بِدِرْهَمٍ لَا يُجْزِئُ عَنْهُ أَلْفٌ وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْمَنْدُوبَاتِ لِأَنَّ النَذْرَ وَاجِبٌ وَفِعْلَ غَيْرِهِ غَيْرُ وَاجِبٍ وَغَيْرُ الْوَاجِبِ لَا يُجْزِئُ عَنِ الْوَاجِبِ خُولِفَتْ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى الْخِلَافِ وَفِي نَاذِرِ الرُّكُوبِ يُجْزِئُهُ الْمَشْيُ وَلَيْسَ مِنْهُ نَاذِرُ الصَّلَاةِ فِي الْمَقْدِسِ وَهُوَ بِالْحَرَمَيْنِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي مَكَانَهُ لِأَنَّ الْخُرُوجَ مِنَ الْحَرَمَيْنِ لِلصَّلَاةِ فِي غَيْرِهِمَا لَيْسَ قُرْبَةً فَلَمْ يَنْعَقِدِ النَذْرُ فِي أَصْلِهِ لِأَنَّهُ عِوَضٌ عَمَّا وَجَبَ بِالنَّذْرِ النَّوْعُ الْخَامِسُ الرِّبَاط فَفِي الْكِتَابِ نَاذِرُ الرِّبَاطِ أَوِ الصَّوْمِ بِمَوْضِعِ إِتْيَانِهِ قُرْبَةً كَعَسْقَلَانَ وَالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ لِأَنَّ الرِّبَاطَ فِيهِمَا لِلْعَدُوِّ وَلَيْسَ فَضِيلَةً فِي غَيْرِهِمَا قَالَ اللَّخْمِيُّ وَلَوْ نَذَرَ الْمَكِّيُّ إِتْيَانَ هَذِهِ لِلصَّلَاةِ فَقَطْ وَيَعُودُ صَلَّى مَوْضِعَهُ وَلَمْ يَأْتِهَا وَفِي الْجَوَاهِر وَلَا يلْزمه الْمَشْي هَا هُنَا وَإِنْ سَمَّاهُ لِعَدَمِ الدَّلِيلِ عَلَى كَوْنِهِ قُرْبَةً فِي الرِّبَاط النَّوْع السَّادِس الصَّدَقَة فَفِي الْكِتَابِ الْقَائِلُ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُهْدِيَ مَالِي أَوْ مَالِي صَدَقَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ أُهْدِي أَوْ حَلَفَ فَحَنِثَ أَجْزَأَهُ الثُّلُثُ وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ وَإِنْ سَمَّى دَارًا أَوْ دَابَّةً أَوْ غَيْرَهُمَا أَخْرَجَهُ وَإِنْ أَحَاطَ بِمَالِهِ فَكَذَلِكَ إِنْ سَمَّى حُرًّا وَلَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهِ مَا لَمْ يَقُلِ الْكُلَّ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ أَبَا لُبَابَةَ حِينَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَهْجُرُ دَارَ قَوْمِي الَّتِي أَصَبْتُ فِيهَا الذَّنْبَ وأجاروك وَأَنْخَلِعُ مِنْ مَالِي صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ وَإِلَى الرَّسُول فَقَالَ

لَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُجْزَئُكَ مِنْ ذَلِكَ الثُّلُثُ فَقَوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ الْتَزَمَ الصَّدَقَةَ بِجُمْلَةِ الْمَالِ لِأَنَّ الْإِجْزَاءَ فَرْعُ شُغْلِ الذِّمَّةِ فَإِذَا عَيَّنَ شَيْئًا أَخْرَجَهُ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَدْخُلَ فِي مِلْكِهِ مَا لَا يَعْلَمُهُ بِالْمِيرَاثِ وَالْأَصْلُ الْوَفَاءُ بالصيغة وَفِي الصَّحِيحَيْنِ لَا صَدَقَةَ إِلَّا عَنْ ظَهْرِ غِنًى وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ فَتَكُونُ الصَّدَقَةُ بِكُلِّ الْمَالِ غَيْرَ مَطْلُوبَةٍ لِلشَّرْعِ فَلَا تَلْزَمُ بِالنَّذْرِ فَرْعٌ قَالَ صَاحِبُ تَهْذِيبِ الطَّالِبِ إِذَا أَخْرَجَ الثُّلُثَ أَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْ عِنْدِهِ كَالزَّكَاةِ وَقِيلَ مِنَ الثُّلُثِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ هُوَ كَذَلِكَ إِنْ قَالَ هَدْيٌ وَإِنْ قَالَ صَدَقَةٌ وَلَيْسَ بِالْمَوْضِعِ مَسَاكِينٌ قَالَ مَالِكٌ النَّفَقَةُ مِنَ الثُّلُثِ أَيْضًا وَلَوْ قَالَ الثُّلُثَانِ فَلَا خِلَافَ أَنَّ النَّفَقَةَ مِنْ عِنْدِهِ قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا فَرْقَ لِأَنَّ مَنْ أَوْجَبَ هَدْيًا فَقَدْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ إِيصَالَهُ وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَلْزَمُهُ فِي صَدَقَةِ مَالِهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَعَنِ ابْنِ مَسْلَمَةَ زَكَاةُ مَالِهِ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ مَنْ تَصَدَّقَ بِمُعَيَّنٍ وَهُوَ مَالُهُ كُلُّهُ أَخْرَجَ الثُّلُثَ وَرُوِيَ عَنْ مَالك إِذا سمى أَكثر من الثُّلُث اقتصرعلى الثُّلُثِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ إِنْ كَانَ مُوسِرًا فَالثُّلُثُ وَإِلَّا فَرُبُعُ عُشْرِهِ أَوْ مُعْدِمًا فَكَفَّارَةُ يَمِينٍ وَالْحَالِفُ بِصَدَقَةِ مَا يَكْتَسِبُهُ أَبَدًا فَيَحْنَثُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا فَإِنْ قَيَّدَهُ بِمُدَّةٍ أَوْ بَلْدَةٍ فَكَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَيْضًا يَتَصَدَّقُ بِالثُّلُثِ وَإِذَا قَالَ كُلُّ مَالٍ أَمْلِكُهُ إِلَى كَذَا مِنَ الْأَجَلِّ صَدَقَةٌ فَخَمْسَةُ أَقْوَالٍ ثُلُثُ مَا يَمْلِكُهُ الْآنَ وَمَا يَمْلِكُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لِابْنِ عَبْدِ الحكم وَثلث مَا لَهُ الْآنَ وَجَمِيعُ مَا يَمْلِكُهُ إِلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَثُلُثُ مَا يَمْلِكُ الْآنَ فَقَطْ وَجَمِيعُ مَا سَيَمْلِكُهُ فَقَطْ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ لَفْظُ أَمْلِكُهُ

هَلْ هُوَ مَوْضُوعٌ لِلْحَالِ أَوْ الِاسْتِقْبَالِ أَوْ لَهُمَا وَكُلُّهُ نَقَلَهُ النُّحَاةُ وَأَمَّا إِذَا نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِجَمِيعِ مَا يُفِيدُهُ إِلَى مُدَّةٍ أَوْ فِي بَلَدِة أَخْرَجَ ذَلِكَ قَوْلًا وَاحِدًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} الْمَائِدَة 1 وقَوْله تَعَالَى {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لنصدقن ولنكونن من الصَّالِحين فَلَمَّا أَتَاهُم من فَضله يخلوا بِهِ وتولوا وَهُوَ معرضون} التَّوْبَة 75 الْآيَة قَالَ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَنُصَّ فِي كِتَابِهِ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ النَّذْرِ وَالْيَمِينِ وَالْوَجْهُ الْفَرْقُ بَينهمَا وَفِي الْجَوَاهِر قَالَ سَحْنُون عين مَا لَا أَن لَا يخرج مَا لَا يضر بِهِ وَفِي الْكِتَابِ الْحَالِفُ يُهْدِي عَبْدَهُ الْمُعَيَّنَ وَجَمِيعَ مَالِهِ يُهْدِي الْمُعَيَّنَ وَثُلُثَ بَاقِي الْمَالِ وَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ وَغَيْرُهَا وَلَوْ قَالَ فَرَسِي وَمَالِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلْيَتَصَدَّقْ بِثَمَنِ الْعَبْدِ فِي قَوْلِهِ صَدَقَةٌ وَفِي السَّبِيلِ يَدْفَعُ الثَّمَنَ لِمَنْ يَغْزُو بِهِ مِنْ مَوْضِعِهِ إِنْ وَجَدَ وَإِلَّا يَبْعَثُ بِهِ وَالْفَرَسُ وَآلَةُ الْحَرْبِ يَبْعَثُهُ بِعَيْنِهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ بَعَثَ بِثَمَنِهِ يُجْعَلُ فِي مِثْلِ الْمَبِيعِ بِخِلَافِ ثَمَنِ الْهَدْيِ يُبَاعُ إِذَا لَمْ يَبْلُغْ وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهَا إِبِلٌ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْجَمِيعِ الْأَكْلُ وَأَمَّا فِي قَوْلِهِ صَدَقَةٌ فَيَبِيعُ الْجَمِيعَ وَالسَّبِيلُ هُوَ الْجِهَادُ وَالرِّبَاطُ تَفْرِيعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا حَنِثَ مَرَّةً أُخْرَى قَبْلَ إِخْرَاجِ الثُّلُثِ أَخْرَجَ الثُّلُثَ وَثُلُثَ الْبَاقِي ثمَّ قَالَ بكفيه الثُّلُث وبالأول أَخذ مُحَمَّد وَأَشْهَب قَالَ مَالِكٌ إِذَا حَلَفَ بِصَدَقَةِ مَالِهِ ثُمَّ زَادَ مَالُهُ فَعَلَيْهِ ثُلُثُ مَالِهِ يَوْمَ الْحَلِفِ لِأَنَّهُ الَّذِي يَتَنَاوَلُهُ السَّبَبُ وَإِنْ نَقَصَ فَثُلُثُهُ يَوْمَ حَنِثَ لِأَنَّهُ الْمُمْكِنُ وَإِذَا حَنِثَ ثُمَّ نَمَا مَالُهُ ثُمَّ حَنِثَ فَنَمَا مَالُهُ فَعَلَيْهِ ثُلُثُ مَاله ثمَّ حنث فنما مَاله أَخْرَجَ ثُلُثَ مَا مَعَهُ الْآنَ لِأَنَّهُ ثُلُثُ الْأَوَّلِ وَثُلُثُ الزِّيَادَاتِ وَإِنْ لَمْ يَزِدْ لَمْ يُخْرِجْ إِلَّا ثُلُثًا وَاحِدًا وَلَوْ حَنِثَ وَمَالُهُ مِائَةٌ ثُمَّ حَنِثَ وَهُوَ سَبْعُونَ ثُمَّ حَنِثَ وَهُوَ أَرْبَعُونَ فَعَلَيْهِ ثُلُثُ الْمِائَةِ إِلَّا أَنْ يَنْقُصَ مَا بِيَدِهِ عَنْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ غَيْرُ مَا بِيَدِهِ إِلَّا أَنْ يَذْهَبَ بِإِتْلَافِهِ أَوْ أَكْلِهِ فَيَلْزَمُهُ دَيْنًا عَلَيْهِ وَلَا يَضْمَنُ بِالتَّفْرِيطِ فِي إِخْرَاجِهِ قَالَهُ مَالِكٌ لِأَنَّهُ كَالشَّرِيكِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ كَانَ عَلَى حِنْثٍ ضَمِنَ مَا ذَهَبَ بِسَبَبِهِ

وَإِلَّا فَلَا وَإِذَا أَخْرَجَ الثُّلُثُ فَمِنَ الْعَيْنِ وَالدّين وَقِيمَة الْكِتَابَةِ وَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتِبُ يَوْمًا وَفِي قِيمَةِ رِقَابِهِمْ فَضْلٌ أَخْرَجَ ثُلُثَهُ وَلَا شَيْءَ فِي أُمِّ الْوَلَدِ وَلَا الْمُدَبَّرِ لِتَعَذُّرِ بَيْعِهَا وَقَالَ سَحْنُونٌ يُخْرِجُ ثُلُثَ قِيمَةِ خِدْمَتِهِمْ فَإِنْ لَمْ يُخْرِجْ ثُلُثَهُ حَتَّى ضَاعَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَرَّطَ أَمْ لَا وَقَالَ سَحْنُونٌ يَضْمَنُ الْمُفَرِّطُ كَالزَّكَاةِ وَالْفرق للْمَذْهَب أَنَّ الْحَالِفَ بِالصَّدَقَةِ قِيلَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقِيلَ كَفَّارَةُ يَمِينٍ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ يَوْمَ حَلِفَ مَالٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَا يَتَجَدَّدُ لِعَدَمِ تَنَاوُلِ السَّبَبِ إِيَّاهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ فِي الْوَاضِحَةِ إِنْ حَلَفَ فَحَنِثَ وَقَدْ زَادَ مَالُهُ إِنْ كَانَتِ الزِّيَادَةُ بِمَتْجَرٍ فَلَا يَلْزَمُهُ إِخْرَاجُ ثُلُثِهَا أَوْ بِوِلَادَةٍ أَخْرَجَ ثُلُثَهَا وَثُلُثَ الْأَصْلِ وَالْقَائِلُ كُلُّ مَا أَرْبَحُهُ فِي هَذِهِ السِّلْعَةِ صَدَقَةٌ يَجْرِي عَلَى الْخِلَافِ فِي قَوْلِهِ كُلُّ مَا أَكْتَسِبُهُ صَدَقَةٌ فِي مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ بَلْدَةٍ وَفِي الْكِتَابِ الْقَائِلُ مَا لي فِي الْكَعْبَةِ أَوْ رِتَاجِهَا أَوْ حَطِيمِهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا لَا تُنْقَضُ فَتُبْنَى وَالرِّتَاجُ الْبَاب وَمِنْه أرتج على الْخَطِيب والقارئ بتَخْفِيف الْجِيم إِذَا انْغَلَقَ دُونَهُ بَابُ الْكَلَامِ فَإِنْ قَالَ فِي كِسْوَةِ الْكَعْبَةِ أَوْ طِيبِهَا دَفَعَ ثُلُثَ مَاله للحجية وَإِنْ قَالَ أَضْرِبُ بِمَالِي أَوْ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ حَطِيمَ الْكَعْبَةِ أَوِ الرُّكْنَ فَعَلَيْهِ حِجَّةٌ أَوْ عُمْرَةٌ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ لِأَنَّ الضَّرْبَ لَيْسَ بِطَاعَةٍ وَيُصَحَّحُ لَفْظُهُ بِحَسْبَ الْإِمْكَانِ فَيُحْمَلُ عَلَى الْوُصُولِ إِلَيْهَا لِلْقُرْبَةِ الْمُعْتَادَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جنَاح} النِّسَاء 101 الْآيَة قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَتَصَدَّقُ بِمَالِهِ النَّوْع السَّابِع الصَّوْم وَفِي الْجَوَاهِرِ النَّاذِرُ الصَّوْمَ يَلْزَمُهُ يَوْمٌ وَفِي لُزُومِ التَّتَابُعِ فِي الصَّوْمِ الْمُتَعَدِّدِ أَقْوَالٌ ثَالِثُهَا إِنْ ذَكَرَ أَعْوَامًا أَوْ شُهُورًا جُمْلَةً أَوْ آحَاد لَزِمَهُ أَوْ أَيَّامًا فَلَا وَمَذْهَبُ الْكِتَابِ عَدَمُ اللُّزُومِ مُطْلَقًا وَقَالَ فِي الْكِتَابِ وَنَاذِرُ الشُّهُورِ الْمُتَتَابِعَةِ وَغَيْرِ الْمُتَتَابِعَةِ لَهُ صَوْمُهَا بِالْأَهِلَّةِ وَبِغَيْرِ الْأَهِلَّةِ فَإِنْ صَامَهَا بِالْأَهِلَّةِ وَكَانَ الشَّهْرُ تِسْعَةً وَعشْرين أَجزَأَهُ أَو بِغَيْر الْأَهِلَّةِ أَكْمَلَهُ ثَلَاثِينَ وَإِنْ صَامَ بَعْضَ شَهْرٍ فَلَهُ أَنْ يَصُومَ بِالْأَهِلَّةِ ثُمَّ يُكْمِلُ الْأَوَّلَ وَنَاذِرُ سَنَةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ يَصُومُ

اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا لَيْسَ فِيهَا رَمَضَانُ وَلَا يَوْمُ الْفِطْرِ وَلَا أَيَّامُ الذَّبْحِ وَمَا صَامَ مِنَ الْأَشْهُرِ فَعَلَى الْأَهِلَّةِ وَمَا أَفْطَرَ فِيهِ لِعُذْرٍ أَتَمَّهُ ثَلَاثِينَ وَلَوْ عَيَّنَ يَوْمًا بِصَوْمٍ تَعَيَّنَ وَلَوْ شَرَطَ التَّتَابُعَ لَزِمَهُ قَالَهُ فِي الْكِتَابِ وَالْقَائِلُ أَصُومُ هَذِهِ السَّنَةَ لَمْ يَلْزَمْهُ قَضَاءُ أَيَّامِ الْعِيدِ وَالتَّشْرِيقِ وَرَمَضَانَ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ وَرُوِيَ أَنَّ نَاذِرَ ذِي الْحِجَّةِ يَقْضِي أَيَّامَ النَّحْرِ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ عَدَمَ الْقَضَاءِ وَالْقَوْلَانِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَبِالْأَوَّلِ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَفِي الْكتاب يَصُوم فِي السَّنَةَ الْمُعَيَّنَةَ آخِرَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَمَا أَفْطَرَهُ فِيهَا لِعُذْرٍ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَإِلَّا قَضَاهُ وَإِن أَفْطَرَ شَهْرًا لِغَيْرِ عُذْرٍ وَكَانَ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ قَضَى عَدَدَ أَيَّامِهِ مُتَتَابِعًا أَحَبُّ إِلَيَّ وَيَجِبُ قَضَاءُ مَا أَفْطَرَ فِي السَّفَرِ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَا أَدْرِي مَا السَّفَرُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِم وَكَأَنَّهُ أحب أَنْ يَقْضِيَ وَهُوَ خِلَافُ نَقْلِ الْجَوَاهِرِ وَنَاذِرُ سَنَةٍ لَا يَكْفِيهِ إِلَّا اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا وَلَا يسْقط رَمَضَان وَلَا العيدان وَالْحَيْضُ وَنَاذِرُ صَوْمِ يَوْمِ يَقْدُمُ فُلَانٌ فَقَدِمَ لَيْلًا يَصُومُ صَبِيحَةَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ قَالَهُ فِي الْكِتَابِ وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ لَا يَصُومُ لِفَوَاتِ شَرْطِ الْقُدُومِ فِي الْيَوْمِ وَهُوَ النَّهَارُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} الْبَقَرَة 184 وَجَوَابُهُ أَنَّ اللَّيْلَةَ تَبَعٌ لِلنَّهَارِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَام من صَامَ رَمَضَان وَأتبعهُ بِسِتَّة مِنْ شَوَّالٍ وَلَمْ يَقُلْ بِسِتَّةٍ فَإِنْ قَدِمَ نَهَارا فَقَالَ ابْن الْقَاسِم فِي الْكتاب وش وح لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِتَعَذُّرِهِ عَلَيْهِ شَرْعًا وَقَالَ أَشْهَبُ يَصُومُ غَيْرَهُ لِأَنَّ الشَّرْطَ يَقْتَضِي مَشْرُوطَهُ بعده والقدوم فِي الْيَوْم مشترط وَلَوْ قَدِمَ فِي الْأَيَّامِ الْمُحَرَّمِ صَوْمُهَا فَالْمَنْصُوصُ نَفْيُ الْقَضَاءِ لِتَعَذُّرِهِ شَرْعًا وَالْقَضَاءُ فَرْعُ سَبَبِ وجود الْأَدَاءِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَلَوْ عَلِمَ بِقُدُومِهِ أَوَّلَ النَّهَارِ فَبَيَّتَ الصِّيَامَ لَمْ يُجْزِئْهُ لِتَقَدُّمِهِ عَلَى سَبَبِ الْوُجُوبِ كَالصَّلَاةِ قَبْلَ الزَّوَالِ وَلْيَصُمِ الْيَوْمَ الَّذِي يَلِيهِ

وَلَوْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ قُدُومِهِ أَبَدًا لَزِمَهُ إِلَّا أَنْ يُوَافِقَ يَوْمًا مُحَرَّمًا فَلَا يَقْضِي وَكَذَلِكَ إِن مَرضه وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَقْضِي فِي الْمَرَضِ أَوَّلَ مَا يَصِحُّ وَلَوْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ سَمَّاهُ فَوَافَقَ يَوْم حيض أَو مرض لَمْ يَقْضِهِ قَالَهُ فِي الْكِتَابِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ شَهْرًا وَقِيلَ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ وَفِي الْكِتَابِ نَاذِرُ الشَّهْرِ الْمُعَيَّنِ يُفْطِرُهُ مُتَعَمِّدًا يَقْضِي عَدَدَ أَيَّامِهِ مُتَتَابِعَاتٍ أَفْضَلُ فَإِنْ نَذَرَهُ مُتَتَابِعًا بِغَيْرِ عِلَّةٍ فَأَفْطَرَ مِنْهُ ابْتَدَأَهُ وَنَاذِرُ صَوْمِ يَوْمٍ بِعَيْنِه يقطره مُتَعَمِّدًا يَقْضِيهِ وَكَرِهَ مَالِكٌ نَذْرَ صَوْمِ يَوْمٍ لِوَقْتِهِ وَنَاذِرُ صَوْمِ الدَّهْرِ يَلْزَمُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لأيام الْعِيدِ وَالْحَيْضِ وَرَمَضَانَ وَلَهُ الْفِطْرُ بِالْمَرَضِ وَالسِّفْرِ وَلَا قَضَاءَ لِتَعَذُّرِهِ وَقَالَهُ ش وَنَذْرُ صَوْمِ يَوْمِ الْعِيدِ أَوِ الشَّكِّ مُلْغًى كَنَذْرِ الصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ وَقَالَهُ ش وَهُوَ مَذْهَبُ الْكتاب

(الباب الثالث في صيغ الالتزام)

(الْبَاب الثَّالِث فِي صِيغ الِالْتِزَام) 2 - وَفِي الْجَوَاهِرِ فَهِيَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمٌ أَوْ نَحْوُهُ مُطْلِقًا أَوْ مُعَلِّقًا الشَّرْطَ نَحْوَ إِنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي وَقَدْ تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْكِتَابِ أَنَّ النَذْرَ الْوَعْدُ كَيْفَ كَانَ وَمَدْرَكُهُ فَإِنْ قَالَ إِنْ كَلَّمْتُ زَيْدًا فَعَلَيَّ كَذَا وَنَحْوُهُ مِنَ الشُّرُوطِ الْمَقْصُودَةِ الْإِعْدَامِ لَا الْإِيجَادِ لَزِمَ عَلَى الْمَعْرُوفِ مِنَ الْمَذْهَبِ وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ تَكْفِيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ تَمْهِيدٌ فِي مُسْلِمٍ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَفَّارَةُ النَذْرِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ حَمَلَهُ ش وَابْنُ حَنْبَل على نذر الْحَاج وَهُوَ مَا قُصِدَ بِهِ حَثٌّ عَلَى الْإِقْدَامِ وَالْإِحْجَامِ نَحْوَ إِنْ عَصَيْتُ اللَّهَ تَعَالَى فَعَلَيَّ صَوْمٌ جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِجْمَاعِ عَلَى الْوَفَاءِ بِالنذرِ فِي الدراقطني قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ جَعَلَ الْمَشْيَ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ فِي أَمْرٍ لَا يُرِيدُ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَهُوَ ضَعِيفُ السَّنَدِ وَحَمَلَهُ مَالِكٌ عَلَى النَّذْرِ الَّذِي لَا مَخْرَجَ لَهُ وَهُوَ أَوْلَى لِوُجُوهٍ أَحَدُهَا أَن لفظ الحَدِيث مُطلق فيجمل عَلَى الْمُطْلَقِ الَّذِي لَا تَعَلُّقَ لَهُ وَثَانِيهَا أَنَّ النُّصُوصَ دَالَّةٌ عَلَى الْوَفَاءِ بِالْمُلْتَزَمَاتِ

(كتاب الأطعمة)

وَهَذَا لَمْ يَلْتَزِمْ شَيْئًا مُعَيَّنًا فَتُسَلَّمُ النُّصُوصُ على التَّخْصِيص بِخِلَاف مَا قَالَه وثالثهما مَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ نَذَرَ نَذْرًا لَمْ يُسَمِّهِ فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَهُوَ مُقَيَّدٌ فَيُحْمَلُ ذَلِكَ الْمُطْلَقُ عَلَيْهِ قَاعِدَة الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة قِسْمَانِ مَا قَرَّرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي أَصْلِ شَرْعِهِ وَلَمْ يكله إِلَى اخْتِيَار عبيده كَالصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا وَمِنْهَا مَا وَكَلَهُ لِاخْتِيَارِهِمْ وَحَصَرَ ذَلِكَ فِي بَابٍ وَاحِدٍ وَهُوَ نَقْلُ مَا شَاءُوا مِنَ الْمَنْدُوبَاتِ إِلَى حَيِّزِ الْوُجُوبِ بِطَرِيقٍ وَاحِدٍ وَهُوَ نَقْلُ النَذْرِ بِأَيِّ شَيْءٍ أَرَادُوا إِيجَابَهُ بِذَلِكَ وَجَبَ وَإِلَّا فَلَا وَلَمَّا شَرَعَ اللَّهُ تَعَالَى الْأَحْكَامَ شَرَعَ لِكُلِّ حُكْمٍ سَبَبًا وَجَعَلَ الْأَسْبَابَ قِسْمَيْنِ مِنْهَا مَا قَرَّرَ سَبَبِيَّتَهُ فِي أَصْلِ شَرْعِهِ وَلَمْ يَكِلْهُ لِاخْتِيَارِ عِبَادِهِ كَأَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ وَأَسْبَابِ الْعَقُوقَاتِ وَمِنْهَا مَا وَكَلَهُ لِاخْتِيَارِهِمْ فَإِنْ شَاءُوا كَانَ سَبَبًا وَإِلَّا فَلَا وَهُوَ شَرْطُ النَّذْرِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّهَا أَسبَاب يلْزم من وجودهَا الْوُجُود من عَدَمِهَا الْعَدَمُ وَلَمْ يَحْصُرْ ذَلِكَ فِي الْمَنْدُوبَاتِ كَمَا عَمِلَ فِي الْأَحْكَامِ بَلْ عَمَّمَ ذَلِكَ فِي سَائِرِ الْمُمْكِنَاتِ الْمُسْتَقْبَلَاتِ مِنَ الْوَاجِبَاتِ وَالْمُحَرَّمَاتِ وَمَا لَيْسَ مِنَ الْمُكْتَسَبَاتِ كَهُبُوبِ الرِّيَاحِ وَنُزُولِ الْأَمْطَارِ مِمَّا لَيْسَ فِيهِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ وَلَا اكْتِسَابٌ اخْتِيَارِيٌّ فَرْعٌ فِي الْبَيَانِ النَذْرُ إِمَّا مَنْدُوبٌ وَهُوَ الْمُطْلَقُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى مَا قَضَى أَوْ مَكْرُوهٌ وَهُوَ الْمُفَكَّرُ مَعَ الْأَيَّامِ مَخَافَةَ التَّفْرِيطِ أَوْ مُبَاحٌ وَهُوَ الْمُعَلَّقُ عَلَى شَرْطٍ مُسْتَقْبَلٍ وَفِي الْجَوَاهِر والمقدمات هَذَا هُوَ الْمَكْرُوهُ عِنْدَ مَالِكٍ لِمَا فِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَهَى عَنِ النَذْرِ وَقَالَ إِنَّهُ لَا يَأْتِي بِخَيْرٍ وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ قَالَ وَالْكُلُّ لَازِمٌ وَكَيْفَمَا تَصَرَّفَ لَا يَقْضِي بِهِ لِاشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِيهِ وَهِي متعذرة مَعَ الْإِكْرَاه (كِتَابُ الْأَطْعِمَةِ) 1 - وَفِيهِ بَابَانِ (الْبَابُ الْأَوَّلُ فِيمَا يُبَاحُ لِلْمُخْتَارِ) 2 - وَالْمَأْكُولُ إِمَّا جَمَادٌ وَإِمَّا حَيَوَانٌ أَوْ نَبَاتٌ وَالْحَيَوَانُ ضَرْبَانِ بَحْرِيٌّ وَبَرِّيٌّ فَالْبَحْرِيُّ قَالَ مَالِكٌ فِي الْكِتَابِ يُؤْكَلُ جَمِيعُهُ بِغَيْرِ ذَكَاةٍ وَلَا تَسْمِيَةٍ سَوَاءٌ صِيدَ أَوْ وُجِدَ طَافِيًا أَوْ فِي بَطْنِ طَيْرِ الْمَاءِ وَبَطْنِ حُوتٍ صَادَهُ مُسْلِمٌ أَوْ مَجُوسِيٌّ كَانَ لَهُ شَبَهٌ فِي الْبَرِّ أَمْ لَا وَقَالَ ش السَّمَكُ حَلَالٌ وَأَمَّا غَيْرُهُ مِنَ الدَّوَابِّ مِمَّا لَيْسَ لَهُ شيبَة فِي الْبر أَوله شيبَة حَلَالٌ فَهُوَ حَلَالٌ وَفِي افْتِقَارِهِ إِلَى الذَّكَاةِ قَولَانِ نظرا إِلَّا كَوْنِهِ سَمَكًا أَمْ لَا وَمَا لَهُ شَبَهٌ حَرَامٌ كَالْخِنْزِيرِ وَالْكَلْبِ وَهُوَ يَعِيشُ فِي الْبَرِّ كَالضُّفْدَعِ فَهُوَ حَرَامٌ لِأَنَّهُ مِنَ الْخَبَائِثِ أَوِ السِّبَاعِ كَالتِّمْسَاحِ وَقَالَ ح يَحْرَمُ غَيْرُ السَّمَكِ الَّذِي يمون بِنَفْسِهِ لِانْدِرَاجِهِ فِي الْمَيْتَةِ الْمُحَرَّمَةِ وَوَافَقَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ فِي الضُّفْدَعِ وَالتِّمْسَاحِ وَتَوَقَّفَ مَالِكٌ فِي خِنْزِيرِ الْمَاءِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَمْقُتُهُ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيمٍ وَنَقَلَ أَبُو الطَّاهِرِ قَوْلًا بِالتَّحْرِيمِ لعُمُوم قَوْله تَعَالَى {وَلحم الْخِنْزِير} وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ مَا تَطُولُ حَيَاتُهُ فِي الْبَرِّ يَفْتَقِرُ إِلَى الذَّكَاةِ

(فرع)

وَاخْتُلِفَ فِي كَرَاهَةِ كَلْبِ الْمَاءِ وَخِنْزِيرِهِ احْتَجَّ ح بِنَهْيِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ أَكْلِ الطَّافِي وَقَالَ مَا جَزَرَ عَنْهُ الْبَحْرُ فَكُلُوهُ وَمَا مَاتَ فِيهِ وَطَفَا فَلَا تَأْكُلُوهُ وَلِأَنَّهُ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ فَلَا يُؤْكَلُ كَالشَّاةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ ضَعِيفٌ وَعَنِ الثَّانِي الْعُرْفُ بِأَنَّ الْبَرِّيَّ حَرَّمَهُ الشَّرْعُ إِذَا لَمْ تُسْتَخْرَجْ مِنْهُ الْفَضَلَاتُ الْمُسْتَخْبَثَةُ بِأَيْسَرِ الطُّرُقِ عَلَيْهِ وَهُوَ الذَّكَاةُ إِلَّا لِضَرُورَةٍ كَالصَّيْدِ وَقَدْ سَقَطَ اعْتِبَارُ الْفَضَلَاتِ فِي الْبَحْرِيِّ بِدَلِيلِ الْمَصِيدِ فَيَحِلُّ مُطْلَقًا وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لكم} وَلَا طَعَام بعد المصيد إِلَّا الطافي واما فِي الصِّحَاحِ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَعَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَجَدُوا عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ دَابَّةً تُدْعَى الْعَنْبَرَ فَأَكَلُوا مِنْهَا وَادَّهَنُوا وَأَتَوْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَسَأَلُوهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ هَلْ مَعَكُمْ مِنْهُ شَيْءٌ فَأَطْعِمُونِي (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ قِيلَ إِذَا مَاتَ الطَّيْرُ وَالْحُوتُ فِي بَطْنِهِ لَا يُؤْكَلُ لِأَنَّهُ نَجِسٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُغْسَلُ وَيُؤْكَلُ كَمَا لَوْ وَقَعَ فِي نَجَاسَةٍ وَكَالْجَدْيِ يُرْضِعُ خِنْزِيرَةً وَالطَّيْرِ الَّذِي يَأْكُلُ النَّجَاسَةَ فَإِنَّهُ يُغْسَلُ بَعْدَ الذَّبْحِ وَيُؤْكَلُ

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ تَهْذِيبِ الطَّالِبِ قَالَ شُيُوخُنَا إِذَا اشْتَرَى حُوتًا فَوَجَدَ فِيهِ جَوْهَرَةً غَيْرَ مَعْمُولَةٍ فَهِيَ لِلْبَائِعِ لِأَنَّهُ لَمْ يَبِعْهَا إِنْ كَانَ صَيَّادًا وَإِنْ عَلِمَ تَدَاوُلَ الْأَمْلَاكِ عَلَيْهَا فَهِيَ لُقَطَةٌ وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَشْبَانِيُّ إِنْ كَانَتْ مَثْقُوبَةً فَلُقَطَةٌ وَكَذَلِكَ إِنْ تَدَاوَلَهَا الْأَمْلَاكُ وَأَمَّا الْبَرِّيُّ فَحَلَالٌ إِجْمَاعًا كَالْأَنْعَامِ وَالْوَحْشِ وَالطَّيْرِ السَّالِمِ عَنِ السَّبُعِيَّةِ وَالْمِخْلَبِ وَالِاسْتِخْبَاثِ وَحَرَامٌ إِجْمَاعًا وَهُوَ الْخِنْزِير قَالَ اللَّخْمِيّ لَحْمه وسحمه وَجِلْدُهُ وَلَبَنُهُ وَخَصَّصَتِ الْآيَةُ اللَّحْمَ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ غَالِبًا وَقَدْ يُؤْكَلُ الْحَيَوَانُ مَسْمُوطًا وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ وَهُوَ فِي الْكتاب تُؤْكَل الضرايب وَفِي التَّنْبِيهَات جَمِيع ضرب مثل ثَمَر وَهُوَ حَيَوَان لَهُ شوك (فرو خَمْسَةٌ) الْأَوَّلُ السِّبَاعُ وَفِي الْجَوَاهِرِ هِيَ مَكْرُوهَةٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ فِي رِوَايَةِ الْعِرَاقِيِّينَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْكِتَابِ وَظَاهِرُ الْمُوَطَّأِ التَّحْرِيمُ

وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَمْ يَخْتَلِفِ الْمَدَنِيُّونَ فِي تَحْرِيمِ الْعَادِيِ كَالْأَسَدِ وَالنَّمِرِ وَالذِّئْبِ وَالْكَلْبِ وَأَمَّا غَيْرُ الْعَادِيِ كَالضَّبِّ وَالثَّعْلَبِ وَالضَّبْعِ وَالْهِرِّ الْوَحْشِيِّ وَالْإِنْسِيِّ فَمَكْرُوهٌ وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ كُلُّ مَا يَفْتَرِسُ وَيَأْكُلُ اللَّحْمَ فَلَا يُؤْكَلُ وَغَيْرُهُ يُؤْكَلُ لَنَا قَوْله تَعَالَى {قُلْ لَا أجد فِيمَا أُوحِي إِلَيّ محرما على طَعَام يَطْعَمُهُ إِلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فسقا أهل لغير الله} فَخَرَجَتِ السِّبَاعُ عَنِ التَّحْرِيمِ وَوَرَدَ عَلَيْهِ أَسْئِلَةٌ الأول إِن هَذَا أجَاز عَنِ الْمَاضِي مِنَ الْوَحْيِ فَيَبْقَى الْمُسْتَقْبَلُ فَيَبْطُلُ الْحصْر وَثَانِيهمَا يَنْتَقِضُ بِذَبَائِحِ الْمَجُوسِ وَثَالِثُهَا أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ وَوُجُودُ الْوَحْيِ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْمَدِينَةِ مَعْلُومٌ وَرَابِعُهَا فِي الْمُوَطَّأ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام اكا كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ حَرَامٌ زَادَ فِي مُسْلِمٍ وَذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ لَا لِنَفْيِ الْمُسْتَقْبَلِ دُونَ الْمَاضِي فَلَيْسَ صَرْفُهَا لِلْمَاضِي بِأَوْلَى مِنْ صَرْفِ الْمَاضِي الَّذِي هُوَ أَرْجَى إِلَى الْحَالَةِ الْمُسْتَمِرَّةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْمَاضِي وَالْحَالِ وَالِاسْتِقْبَالِ بَلْ هَذَا أَوْلَى لِأَنَّ التَّصَرُّفَ فِي الْفِعْلِ أَوْلَى مِنَ الْحَرْف لِأَنَّهُ مَحل التصريف وَالتَّصَرُّف عَن الثَّانِي أَنَّ قِيَامَ الدَّلِيلِ عَلَى التَّخْصِيصِ لَا يَمْنَعُ مِنَ التَّمَسُّكِ بِالنَّصِّ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ قَوْله لَا أحد عَامٌّ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَخَبَرُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَقٌّ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْكَرَاهَةِ جَمْعًا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ سَلَّمْنَا أَنَّهُ لِلتَّحْرِيمِ لَكِنَّهُ يَنْتَقِضُ بالثعلب والضبع مَعَ قَول الْخصم بإباحتمهما سلمنَا

(فرع)

عدم المنتقض لَكِن أصابة الْمَصْدَرِ إِلَى الْفَاعِلِ أَوْلَى مِنَ الْمَفْعُولِ فَيَكُونُ ذَوا النَّابِ هُوَ الْآكِلَ فَيَحْرُمُ عَلَيْنَا مَا افْتَرَسَهُ وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ تَمْهِيدٌ أَجْرَى اللَّهُ تَعَالَى عَادَته بتغيير الأغذية للأخلاق حت وَصَفَ الْأَطِبَّاءُ قُلُوبَ الْأُسُودِ مِنَ الْوَحْشِ وَالطَّيْرِ لِلشَّجَاعَةِ وَقُوَّةِ الْقَلْبِ فَمَنْ أَكَلَ مِنْهَا شَيْئًا اسْتَحَالَ طَبْعُهُ إِلَيْهِ وَالسِّبَاعُ ظَالِمَةٌ غَاشِمَةٌ قَاسِيَةٌ بَعِيدَةٌ مِنَ الرَّحْمَةِ فَمَنَعَ اللَّهُ تَعَالَى بَنِي آدم من أكلهَا لَيْلًا يصير كَذَلِك فتعبد مِنْ رَحْمَتِهِ بِكَثْرَةِ الْفَسَادِ وَالْعِنَادِ فَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ نَهَضَتْ عِنْدَهُ هَذِهِ الْمَفْسَدَةُ لِلتَّحْرِيمِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ تَنْهَضْ عِنْدَهُ إِلَّا لِلْكَرَاهَةِ الثَّانِي ذَوَات الْحَافِر المقانسة وَفِي الْجَوَاهِرِ الْخَيْلُ مَكْرُوهَةٌ وَقَالَ ح دُونَ كَرَاهَةِ السِّبَاعِ وَقِيلَ مُبَاحَةٌ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَل وَقيل مُحرمَة {وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا} النَّحْل 8 فَلَوْ كَانَتْ يَجُوزُ أَكْلُهَا لَكَانَ الِامْتِنَانُ بِهِ أَوْلَى وَمَذْكُورًا مَعَ الرُّكُوبِ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْخَيْلُ أَخَفُّ مِنَ الْحَمِيرِ وَالْبِغَالُ بَيْنَهُمَا وَفِي الصَّحِيحَيْنِ نَهَى عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَأَذِنَ فِي لُحُومِ الْخَيْلِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا دَجَنَ حمَار وَحش وَصَارَ يُحْمَلُ عَلَيْهِ لَمْ يُؤْكَلْ عِنْدَ مَالِكٍ نَظَرًا لِحَالِهِ الْآنَ وَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ نَظَرًا لِأَصْلِهِ الثَّالِثُ مَا اخْتُلِفَ فِي أَنَّهُ مَمْسُوخٌ كالفيل والدب والقنفذ والقرد

وَالضَّبِّ وَفِي الْجَوَاهِرِ اخْتُلِفَ فِي إِبَاحَتِهِ وَتَحْرِيمِهِ لِنَهْيِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ ثَمَنِ الْقِرْدِ وَلَوْ أُبِيحَ أَكْلُهُ لَمْ يَحْرُمْ ثَمَنُهُ وَقِيلَ يَجُوزُ القرد إِن كَانَ يرْعَى كل الْحَشِيشِ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ عَدَمُ التَّحْرِيمِ تَنْبِيهٌ فِي مُسْلِمٍ سُئِلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ أَكْلِ الضِّبَابِ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّ أُمَّةً مُسِخَتْ وَأَخْشَى أَنْ يَكُونَ مِنْهَا ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الْمَمْسُوخَ لَا يُعَقِّبُ فِي حَدِيثٍ آخَرَ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فَإِنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يُخْبَرُ بِالْأَشْيَاءِ مُجْمَلَةً ثُمَّ يُفَصَّلُ لَهُ فَيُقَدَّمُ التَّفْصِيلُ عَلَى الْإِجْمَالِ وَكَذَلِكَ أَخْبَرَ بِالدَّجَّالِ مُجْمَلًا فَقَالَ حِينَئِذٍ إِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ فَأَنَا حَجِيجُهُ دُونَكُمْ وَإِنْ لَمْ أكن فِيكُم فامرء حَجِيجُ نَفْسِهِ وَاللَّهُ خَلِيفَتِي عَلَيْكُمْ ثُمَّ أُخْبِرَ أَنَّهُ إِنَّمَا يَنْزِلُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ فَتَعْلِيلُ هَذِهِ بِالسَّبُعِيَّةِ وَالِاسْتِخْبَاثِ أَوْلَى الرَّابِعُ الْحَيَوَانَاتُ الْمُسْتَقْذَرَةُ فَفِي الْجَوَاهِرِ يَحْكِي الْمُخَالِفُونَ لَنَا عَنَّا جَوَازَهَا وَهُوَ خِلَافُ الْمَذْهَبِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِث} الْأَعْرَاف 157 وَقَالَهُ الْأَئِمَّة وأباح ابْنُ حَنْبَلٍ الضَّبَّ لِأَنَّهُ أُكِلَ عَلَى

مائدته علبه السَّلَامُ وَلَمْ يُنْكِرْهُ خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ وَاتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ عَلَى إِبَاحَةِ الْجَرَادِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْبُخَارِيِّ إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ كُلَّهُ فَإِنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ شِفَاءً وَفِي الْآخَرِ دَاءً وَالْغَالِبُ مَوْتُهُ فَلَوْ كَانَ يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ لَمَا أَمَرَ بِذَلِكَ صَوْنًا لِلطَّعَامِ عَنِ النَّجَاسَةِ فَيَكُونُ أَصْلًا لَا نَفْسَ لَهُ وَقَوله عَلَيْهِ السَّلَام أحلّت لي مييتان الْحُوتُ وَالْجَرَادُ وَالْعَجَبُ مِنْ نَقْلِ الْجَوَاهِرِ مَعَ قَوْلِهِ فِي الْكِتَابِ لَا بَأْسَ بِأَكْلِ الْجِلْدِ وَالْوَبَرِ وَإِذَا ذُكِّيَتِ الْحَيَّاتُ مَوْضِعَ ذَكَاتِهَا جَازَ أَكْلُهَا لِمَنِ احْتَاجَ إِلَيْهَا وَلَا بَأْسَ بِأَكْلِ خشَاش الأَرْض وَهُوَ مِمَّا إِذَا ذُكِّيَتْ ذَكَاةَ الْجَرَادِ وَتُؤْكَلُ الضَّفَادِعُ وَإِنْ مَاتَتْ لِأَنَّهَا مِنْ صَيْدِ الْمَاءِ وَالْحِلَزُونُ كَالْجَرَادِ فَيُؤْكَلُ مِنْهُ مَا سُلِقَ أَوْ شُوِيَ وَمَا مَاتَ فَلَا فَأَيُّ شَيْءٍ بَقِيَ مِنَ الْخَبَائِثِ بَعْدَ الْحَشَرَاتِ وَالْهَوَامِّ وَالْحَيَّاتِ فَائِدَةٌ ذَكَاةُ الْحَيَّاتِ لَا يُحْكِمُهَا إِلَّا طَبِيبٌ مَاهِرٌ وَصِفَتُهَا أَنْ يمسك برأسها وذنبها من غير عنق وَهِي على مِسْمَار مَضْرُوب فِي لوح يَضْرِبُ بِآلَةٍ حَادَّةٍ رَزِينَةٍ عَلَيْهَا وَهِيَ مَمْدُودَةٌ عَلَى الْخَشَبَةِ فِي حَدِّ الرَّقِيقِ مِنْ رَقَبَتِهَا وَذَنَبِهَا مِنَ الْغَلِيظِ الَّذِي هُوَ وَسَطُهَا وَيَقْطَعُ جَمِيعَ ذَلِكَ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ فَمَتَى بَقِيَتْ جِلْدَةٌ يَسِيرَةٌ فَسَدَتْ وَقَتَلَتْ بِوَاسِطَةِ جَرَيَان السم

(فرع)

مِنْ رَأْسِهَا فِي جِسْمِهَا بِسَبَبِ عَصَبِهَا أَوْ مَا هُوَ قَرِيبٌ مِنَ السُّمِّ مِنْ ذَنَبِهَا فِي جِسْمِهَا وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ مَوْضِعُ ذَكَاتِهَا (فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مَالِكٌ فِي الْكِتَابِ لَا أَكْرَهُ الْجَلَّالَةَ مِنَ الْأَنْعَامِ وَلَوْ كَرِهْتُ ذَلِكَ لَكَرِهْتُ الطَّيْرَ الْآكِلَ لِلنَّجَاسَةِ وَكَرِهَهَا ابْنُ حَبِيبٍ وَحَرَّمَهَا ش إِنْ تَغَيَّرَتْ رَائِحَةُ لَحْمِهَا وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ إِنْ كَانَ أَكْثَرُ عَلَفِهَا النَّجَاسَةَ حَرُمَ لَبَنُهَا وَلَحْمُهَا وَفِي بَيْضِهَا قَوْلَانِ لَهُ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ نَهَى عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ أَكْلِ الْجَلَّالَةِ وَأَلْبَانِهَا وَأَمَّا النَّبَاتُ الْمَسْقِيُّ بِالنَّجَاسَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ كَرِهَهُ مَالِكٌ وَأَبَاحَهُ ش وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَيَوَانِ فَإِنَّ نَفْسَ النَّجَاسَةِ الْمُسْتَقْذَرَةِ يُشَاهَدُ دُخُولُهَا فِي الْحَيَوَان فتعافه النُّفُوس فيصان اإنسان عَنْهُ بِخِلَافِ النَّبَاتِ فَائِدَةٌ الْجَلَّالَةُ مُشْتَقَّةٌ مِنَ الْجِلَّةِ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَشَدَّ اللَّامِ وَهِيَ الْعَذِرَةُ تَمْهِيدٌ قَدْ يَتَخَيَّلُ الْفَقِيهُ أَنَّ الْجَوَابَ عَنْ قَوْله تَعَالَى {وَيحرم عَلَيْهِم الْخَبَائِث} عَسِيرٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِقَوْلِهِ {وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلا نَكِدًا} الْأَعْرَاف 58 وَالْمُرَادُ ضَعْفُ الْإِنْبَاتِ وقَوْله تَعَالَى {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ} النُّور 26 وَالْمُرَادُ الْعُصَاةُ وقَوْله تَعَالَى {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} الْبَقَرَة 167 وَالْمُرَادُ بِهِ الدَّنِيَّةُ وقَوْله تَعَالَى {وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ} إِبْرَاهِيم 26 الْمُرَادُ بِهِ الْمُؤْلِمَةُ وَإِذَا كَانَ الْخَبِيثُ يُطْلَقُ عَلَى مَعَانٍ مُخْتَلِفَةٍ بَقِيَ مُحْتَمِلًا فَسَقَطَ

الِاسْتِدْلَال بِهِ أَو يحمل على المستعبد فِي نَظَرِ الشَّرْعِ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ حَمْلُ كَلَامِ كُلِّ مُتَكَلِّمٍ عَلَى عُرْفِهِ وَالْبُعْدُ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ إِنَّمَا يُعْلَمُ بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ وَالنِّزَاعُ فِيهِ الْخَامِسُ الطَّيْرُ فَفِي الْجَوَاهِرِ كُلُّهُ مُبَاحٌ ذُو الْمِخْلَبِ وَغَيْرُهُ وَقَالَهُ فِي الْكِتَابِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ لَا يُؤْكَلُ ذُو الْمِخْلَبِ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ لِنَهْيِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ عَنْهُ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّهَا زِيَادَةٌ لَمْ يَرْوِهَا الزُّهْرِيُّ وَلَا مَالِكٌ وَلَا غَيْرُهُمَا وَالْمُنْفَرِدُ بِهَا قَلِيلُ الرِّوَايَةِ وَالْفَرْقُ الْمَشْهُورُ بِأَنَّ الِاسْتِخْبَاثَ فِي الظُّلم والسبيعة فِي السِّبَاعِ وَالْوَحْشِ أَعْظَمُ وَهُوَ عِلَّةُ التَّحْرِيمِ وَالْقُصُورُ فِي الْعِلَّةِ يَمْنَعُ مِنْ الِاسْتِوَاءِ فِي الْحُكْمِ وَفِي الْكِتَابِ كَرَاهَةُ الْخُطَّافِ وَنَحْوِهَا قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ وَلَعَلَّهُ لِقِلَّةِ لَحْمِهَا فَيَكُونُ تَعْذِيبًا مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرٍ يُؤْكَلُ جَمِيعُ الْحَيَوَانِ مِنَ الْفِيلِ إِلَى النَّمْلِ وَالدُّودِ وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ إِلَّا الْآدَمِيَّ وَالْخِنْزِيرَ وَهُوَ عَقْدُ الْمَذْهَبِ فِي رِوَايَةِ الْعِرَاقِيِّينَ إِلَّا أَن مِنْهُ مُبَاح وَمِنْه مَكْرُوه وَأَمَّا النَّبَاتُ وَالْجَمَادُ فَفِي الْجَوَاهِرِ تَحْرِيمُ مَا كَانَ نَجِسًا فَإِنْ خَالَطَ الطَّاهِرَ نَجِسٌ فَالْمَائِعُ يُطْرَحُ جَمِيعُهُ وَالْجَامِدُ تُطْرَحُ النَّجَاسَةُ وَمَا حَوْلَهَا وَيُؤْكَلُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ دَلِيلُهُ وتفصيله وَلَا يُؤْكَل المغير بِالْأَجْسَامِ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَيُكْرَهُ آكِلُ الطِّينِ وَحَرَّمَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ لِإِفْسَادِهِ الْأَجْسَامَ وَمَا كَانَ طَاهِرًا وَلَا ضَرَرَ فِيهِ أُبِيحَ وَحَرَّمَ ش الْمُخَاطَ وَالْمَنِيَّ وَإِنْ كَانَ طَاهِرًا عِنْدَهُ وَنَحْوَهُمَا مِنَ الْمُسْتَقْذَرَاتِ

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ وَغَيْرِهَا جَوَازُ أَكْلِ لَبَنِ الْآدَمِيَّاتِ إِذَا جُمِعَ فِي إِنَاءٍ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَحَرَّمَهُ ح لِأَنَّهُ جُزْءٌ آدَمِيٌّ فَيَحْرُمُ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى الْأَلْبَانِ (فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنَّمَا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى الدَّمَ بِقَيْدِ كَوْنِهِ مَسْفُوحًا وَسَوَّى مَالِكٌ بَيْنَ جُمْلَةِ الدِّمَاءِ فِي السَّمَكِ وَالْبَرَاغِيثِ وَغَيْرِهِمَا فِي النَّجَاسَةِ وَكُلُّ نَجِسٍ حَرَامٌ وَقَالَ أَيْضًا لَا تُعَادُ الصَّلَاةُ مِنَ الدَّمِ الْيَسِيرِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي غَيْرِ الْمَسْفُوحِ وَقَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ إِنَّمَا يَحْرُمُ الْمَسْفُوحُ لِقَوْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لَوْلَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى {أَوْ دَمًا مسفوحا} لَاتَّبَعَ الْمُسْلِمُونَ مَا فِي الْعُرُوقِ كَمَا اتَّبَعَهُ الْيَهُودُ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ وَدَمُ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ يَحْرُمُ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ وَلَيْسَ عَلَى رُتْبَةٍ مِنْ لَحْمِهِ وَدَمُ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ قَبْلَ الذَّكَاةِ كَذَلِكَ وَبَعْدَهَا يَحْرُمُ الْمَسْفُوحُ وَهُوَ الَّذِي يَخْرُجُ عِنْدَ الذَّبْحِ وَمِنْهُ سَفْحُ الْجَبَلِ لِأَنَّهُ يَسِيلُ عَلَيْهِ السَّيْلُ وَالسِّفَاحُ الَّذِي يُقَابَلُ بِهِ النِّكَاحُ لِأَنَّهُ إِرَاقَةُ الْمَنِيِّ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ زَائِدَةٍ فَإِذَا اسْتُعْمِلَتِ الشَّاةُ قَبْلَ تَقْطِيعِهَا وَظُهُورِ دَمِهَا كَالْمَشْوِيَّةِ جَازَ أَكْلُهَا اتِّفَاقًا وَإِنْ قُطِّعَتْ فَظَهَرَ الدَّمُ فَقَالَ مَرَّةً حَرَامٌ وَحَمَلَ الْإِبَاحَةَ عَلَى مَا لَمْ يَظْهَرْ نَفْيًا لِحَرَجِ التَّتَبُّعِ وَمَرَّةً قَالَ حَلَالٌ لِظَاهِرِ الْآيَةِ فَلَوْ خَرَجَ الدَّمُ بَعْدَ ذَلِكَ جَازَ أَكْلُهُ مُنْفَرِدًا وَدَمُ مَا لَا يُحْتَاجُ إِلَى ذَكَاتِهِ وَهُوَ الْحُوتُ فَعَلَى الْقَوْلِ بِطَهَارَتِهِ

(فرع)

إِذَا صُلِيَ بِهِ حَلَالٌ وَالْقَوْلُ بِنَجَاسَتِهِ وَعَدَمِ حِلِّهِ أَوْلَى وَمَا لَيْسَ لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ على القَوْل بذكاته يحرم رُطُوبَتُهُ قَبْلَ الذَّكَاةِ وَيُخْتَلَفُ فِيمَا ظَهَرَ بَعْدَهَا وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِهَا فَقَبْلَهَا وَبَعْدَهَا سَوَاءٌ يُخْتَلَفُ فِيهِ إِذَا فَارَقَ (فَرْعٌ) يُوجَدُ فِي وَسَطِ صفار الْبيض أَحْيَانًا نقطة دم يتَوَلَّد مِنْهُ فَمُقْتَضَى مُرَاعَاةِ السَّفْحِ فِي نَجَاسَةِ الدَّمِ لَا تَكُونُ نَجِسَةً وَقَدْ وَقَعَ فِيهَا الْبَحْثُ مَعَ جَمَاعَةٍ وَلَمْ يَظْهَرْ غَيْرُهُ (فَرْعٌ) فِي الْبَيَانِ إِذا سلق بيض فَوجدَ فِي بَعْضهَا فرخ ميتَة لَا يُؤْكَلُ الْبَيْضُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ وَيَنْتَقِضُ بِقَوْلِهِ إِنَّ اللَّحْمَ إِذَا طُبِخَ بِالْمَاءِ النَّجِسِ يُغْسَلُ وَيُؤْكَلُ وَالْبَيْضُ يَخْرُجُ مِنَ الدَّجَاجَةِ الْمَيِّتَةِ لَا يُؤْكَلُ لِشُرْبِهَا رُطُوبَةَ الْمَيِّتَةِ قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ يُؤْكَلُ إِذَا اشْتَدَّ كَمَا لَوْ أُلْقِيَ فِي نَجَاسَةٍ (فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ الْإِكْمَالِ أَوَانِي أَهْلِ الْكِتَابِ الَّتِي تُطْبَخُ فِيهَا الْمَيْتَاتُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ تُغْسَلُ وَتُسْتَعْمَلُ لِمَا فِي مُسْلِمٍ قَالَ أَبُو ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيُّ إِنَّا

بِأَرْضِ قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ نَأْكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنْ وَجَدْتُمْ غَيْرَ آنِيَتِهِمْ فَلَا تَأْكُلُوا فِيهَا فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَاغْسِلُوهَا ثُمَّ كُلُوا فِيهَا وَلِأَنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ لِكُلِّ شَيْءٍ قَاعِدَةٌ كُلُّ مَا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى أَكْلَهُ أَوْ حَلَّلَهُ إِمَّا لِوَصْفِهِ أَوْ سَببه فَكُلُّ مَا حُرِّمَ لِوَصْفِهِ لَا يَحِلُّ إِلَّا بِسَبَبِهِ وَكُلُّ مَا حَلَّ لِوَصْفِهِ لَا يَحْرُمُ إِلَّا بِسَبَبِهِ فَالسِّبَاعُ وَالْمَيْتَةُ وَالْخَبَائِثُ مَمْنُوعَةٌ لِوَصْفِهَا فَلَا تَحِلُّ إِلَّا بِسَبَبِهَا كَالِاضْطِرَارِ وَالْبَرِّ وَالْأَطْعِمَةُ الْمُحْسِبَةُ وَالْمَلَابِسُ الشَّرْعِيَّةُ وَالْأَنْعَامُ حَلَالٌ لِوَصْفِهَا فَلَا تَحْرُمُ إِلَّا بِسَبَبِهَا كَالْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ وَذَكَاةِ الْمَجُوسِ وَالْمُرْتَدِّ وَلْنَقْتَصِرْ عَلَى هَذِهِ الْفُرُوعِ وَطَعَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي الذَّبَائِحِ

(الباب الثاني في الاضطرار)

(الْبَاب الثَّانِي فِي الِاضْطِرَار) 2 - وَفِيه ثَلَاثَة مياحث الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ فِي حَدِّ الضَّرُورَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ هِيَ خَوْفُ الْمَوْتِ أَوِ الْجُوعِ لِأَنَّهُ يُوجِبُ الْمُوَاسَاةَ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَطْعِمُوا الْجَائِعَ وَإِذَا وَجَبَتِ الْمُوَاسَاةُ جَازَ أَخْذُ مَالِ الْغَيْرِ وَإِذَا جَازَ مَالُهُ جَازَتِ الْمَيْتَةُ بِالْقِيَاسِ فَعَلَى هَذَا يَأْكُلُ شِبَعَهُ وَيَتَزَوَّدُ وَعَلَى الثَّانِي لَا يَزِيدُ عَلَى سَدِّ الرَّمَقِ قَالَهُ ش وَإِذَا أَكَلَ مَالَ مُسْلِمٍ اقْتَصَرَ عَلَى سَدِّ الرَّمَقِ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ طُولَ طَرِيقِهِ فَيَتَزَوَّدَ لِأَنَّ مُوَاسَاتَهُ تَجِبُ إِذَا جَاعَ قَالَ صَاحِبُ الْإِكْمَالِ يَأْكُلُ مِنَ الْمَيْتَةِ وَيَتَزَوَّدُ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَقَالَ غَيْرُهُ مَا يَسُدُّ رَمَقَهُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ أَن تغذى حرمت عَلَيْهِ يَوْمه أَو تغشى حُرِّمَتْ عَلَيْهِ لَيْلَتَهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ الضَّرُورَةُ ظَنُّ خَوْفِ الْهَلَاكِ عَلَى النَّفْسِ وَلَا يُشْتَرَطُ الْإِشْرَافُ عَلَى الْمَوْتِ لِأَنَّ الْأَكْلَ حِينَئِذٍ لَا يُفِيدُ

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا كَانَ سَبَبُ الِاضْطِرَارِ مَعْصِيَةً كَسَفَرِ الْمَعْصِيَةِ الْمَشْهُورُ جَوَازُ الْأَكْلِ وَقَالَهُ ح وَلَا نَقَلَ فِيهَا عَنْ مَالِكٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَصْرِ وَالْفِطْرِ أَنَّ مَنْعَهُ يُفْضِي إِلَى الْقَتْلِ وَهُوَ لَيْسَ عُقُوبَةَ جِنَايَتِهِ بِخِلَافِهِمَا وَقَالَ ابْن الْجلاب وش لَا يَأْكُلُ حَتَّى يُفَارِقَ الْمَعْصِيَةَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {غير بَاغ وَلَا عَاد} الْبَقَرَة 173 أَي وَلَا بَاغ بالمعصية وَلَا مُتَعَدٍّ مَا يَجُوزُ لَهُ مِنْهَا وَلِأَنَّ التَّوْبَةَ مُمْكِنَةٌ فَمَوْتُهُ مِنْ جِهَتِهِ لَا مِنْ منع الشَّرْعِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ مَا أَظُنُّ أَحَدًا يُخَالِفُهُ وَالْقَائِلُ بِذَلِكَ مُخْطِئٌ قَطْعًا وَتَوَقَّفَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ كَانَ الْعَاصِي بِالسَّفَرِ يَتَعَيَّنُ قَتْلُهُ كَالْمُسَافِرِ إِلَى الْقَتْلِ أَوِ الزِّنَا لَا يُبَاحُ لَهُ الْأَكْلُ وَإِلَّا فَعَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الْأَكْلِ مِنَ الْمَيْتَةِ لِغَيْرِ الْعَاصِي وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَصَّارِ وَغَيْرِهِ حفظا للنَّفس يجب هَا هُنَا وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْإِبَاحَةِ قِيَاسًا عَلَى الِاسْتِسْلَامِ لِلصَّيَّالِ وَهُوَ قَول سَحْنُون يمْنَع هَا هُنَا فَإِنِ اضْطُرَّ بَعْدَ رُجُوعِهِ مِنَ الْمَعْصِيَةِ فَكَغَيْرِ العَاصِي الميحث الثَّانِي فِي جنس المستباح وَفِي الْجَوَاهِرِ كُلُّ مَا يَرُدُّ عَنْهُ جُوعًا أَو عطشا دفع الضَّرُورَة أَو خففها كالأشرية النَّجِسَة وَالْميتَة من كل حَيَوَانٍ غَيْرِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِ الْخَمْرِ لِأَنَّهَا لَا تحل إِلَّا إساغة الْغُصَّةِ عَلَى الْخِلَافِ لِأَنَّ دَفْعَ الضَّرُورَةِ بِهَا مَعْلُوم وَأما الْعَطش فتزيده تَحْرِيمًا وَقيل وَقِيلَ يَجُوزُ لِتَخْفِيفِهَا الْعَطَشَ وَالْجُوعَ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَة وَاخْتَارَهُ القَاضِي أَبُو بكر وش لِأَنَّ مُدْمِنَ الْخَمْرِ يَكْتَفِي بِهَا عَنْ شُرْبِ الْمَاءِ وَقَالَ ش يَجُوزُ لَهُ أَكْلُ مَيْتَةِ الْآدَمِيِّ حِفْظًا لِلْحَيِّ وَقِيلَ الْحَيُّ الْحَرْبِيُّ وَالْمُرْتَدُّ وَالزَّانِي

(فروع خمسة)

الْمُحْصَنُ لَهُ أَكْلُهُ لِأَنَّهُ مُبَاحُ الدَّمِ وَإِنَّمَا فِيهِ الِافْتِيَاتُ عَلَى الْإِمَامِ وَإِتْلَافُ مَا لَا حُرْمَة لَهُ لما لَهُ حُرْمَة متعينة بِخِلَاف الذِّمِّيّ الْمعَاهد (فُرُوعٌ خَمْسَةٌ) الْأَوَّلُ فِي الْجَوَاهِرِ الْوَاجِدُ لِطَعَامِ غَيْرِ مُضْطَرٍّ يَطْلُبُهُ مِنْهُ بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ وَيُظْهِرُ لَهُ الْحَاجَةَ فَإِنْ أَبَى اسْتَطْعَمَهُ فَإِنْ أَبى أعلمهُ أَنه يقاتله فَإِن امْتنع غَضَبه لِأَنَّ إِحْيَاءَهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ فَإِنْ دَفَعَهُ جَازَتْ مُدَافَعَتُهُ لَهُ وَإِنْ أَدَّتْ إِلَى الْقَتْلِ كَدَمِ الْمُحَارِبِ وَلَوْ قَتَلَهُ الْمَالِكُ وَجَبَ الْقِصَاصُ لِكَوْنِهِ مُتَعَدِّيًا وَإِنْ بَذَلَ لَهُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَجَبَ الشِّرَاءُ أَوْ بِأَكْثَرَ فَهُوَ مَكْرُوهٌ الثَّانِي قَالَ إِذَا وَجَدَ الْمَيْتَةَ وَطَعَامَ الْغَيْرِ أَكَلَ الطَّعَامَ إِنْ أَمِنَ أَنْ يُعَدَّ سَارِقًا وَحَيْثُ قُلْنَا يَأْكُلُ ضَمِنَ الْقِيمَةَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عِصْمَةُ الْأَمْوَالِ أدَّت الضَّرُورَةُ إِلَى بَذْلِ الطَّعَامِ أَمَّا مَجَّانًا فَلَا وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّ الدَّفْعَ وَاجِبٌ وَالْوَاجِبُ لَا يَسْتَحِقُّ عِوَضًا قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ خَافَ الْقَطْعَ بِنِسْبَتِهِ إِلَى السَّرِقَةِ فَإِنْ خَافَ الْمَوْتَ أَكَلَ تَقْدِيمًا لِلنَّفْسِ عَلَى الطَّرَفِ وَإِلَّا فَلَا يَأْكُلُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَلِيلُ الِاضْطِرَارِ وَقَدْ قِيلَ لَا يُقْطَعُ السَّارِقُ فِي سَنَةِ الْحَرْبِ لِأَنَّهَا حَالَةٌ يُقْبَلُ فِيهَا عُذْرُ الضَّرُورَةِ الثَّالِثُ قَالَ يُقَدِّمُ الْمُحْرِمُ الْمَيْتَةَ عَلَى الصَّيْدِ لِأَن الِاضْطِرَار يُبِيح الْميتَة وَقد وجد مُبِيح الصَّيْدِ الْإِحْلَالُ وَلَمْ يُوجَدْ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُقَدِّمُ الصَّيْدَ لِأَنَّ تَحْرِيمَهُ خَاصٌّ وَلِأَنَّ تَحْرِيمَهُ لَا لِوَصْفِهِ بِخِلَافِ الْمَيِّتَةِ فِيهِمَا

فَلِذَلِكَ يُقَدِّمُ لَحْمَ الصَّيْدِ الرَّابِعُ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ يُقَدِّمُ الْمَيْتَةَ عَلَى الْخِنْزِيرِ لِأَنَّ تَحْرِيمَهَا عَارِضٌ بِسَبَبِ عَدَمِ الذَّكَاةِ وَتَحْرِيمَهُ مُتَأَصِّلٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَحَيْثُ يَأْكُلُ الْخِنْزِيرَ يُسْتَحَبُّ لَهُ تَذْكِيَتُهُ الْخَامِسُ فِي الْجَلَّابِ لَا يَتَدَاوَى بِخَمْرٍ وَلَا بِنَجَاسَة خلافًا ل ش عِنْدَ الضَّرُورَةِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَ أُمَّتِي فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْهَا وَالْجَعْلُ بِمَعْنَى الْخَلْقِ وَاقِعٌ فَيَتَعَيَّنُ صَرْفُ النَّفْيِ إِلَى الْمَشْرُوعِيَّةِ صَوْنًا لِلْخَبَرِ عَنِ الْمُخَالَفَةِ وَمِثْلُهُ {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ} الْمَائِدَة 103 أَيْ شَرَعَ وَمَنْعُ الشَّرِيعَةِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ يَدُلُّ عَلَى عِظَمِ الْمَفْسَدَةِ فَيَكُونُ حَرَامًا

(كتاب الأشربة)

(كتاب الْأَشْرِبَة) فِي الْكِتَابِ مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ مِنْ خَمْرٍ أَوْ نَبِيذٍ أَوْ زَبِيبٍ أَوْ تَمْرٍ أَوْ تِينٍ أَوْ حِنْطَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح يحرم أَرْبَعَةُ أَشْرِبَةٍ عَصِيرُ الْعِنَبِ إِذَا غَلَى وَاشْتَدَّ وَالْعَصِيرُ إِذَا طُبِخَ فَذَهَبَ أَقَلُّ مِنْ ثُلُثِهِ وَهِيَ الطِّلَاءُ وَكَذَلِكَ لَوْ ذَهَبَ نِصْفُهُ وَدَخَلَتْهُ الشِّدَّةُ وَيُسَمَّى الْمُنَصَّفَ وَالثَّالِثُ نَقِيعُ الرُّطَبِ الْمُشْتَدُّ وَالرَّابِعُ نَقِيعُ الزَّبِيبِ الْمُشْتَدُّ إِذَا غَلَى وَأَبَاحَ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ غَيْرُهُ وَيَخْتَصُّ عِنْدَهُ دُونَ الْخَمْرِ بِعَدَمِ الْحَدِّ فِي قَلِيلِهَا وَخِفَّةِ نَجَاسَتِهَا وَجَوَازِ بَيْعِهَا وَتَضْمِينِهَا بِالْقِيمَةِ دُونَ الْمِثْلِ وَيُبَاحُ عِنْدَهُ مَا يُتَّخَذُ مِنَ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالْعَسَلِ وَالذُّرَةِ وَلَا يُحَدُّ شَارِبُهُ وَإِنْ سَكِرَ وَقَالَ أَيْضًا نَبِيذُ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ إِذَا طُبِخَ حَلَالٌ وَإِنِ اشْتَدَّ إِذَا شَرِبَ مَا يَغْلُبُ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُ السُّكْرِ وَخُصِّصَ اسْمُ الْخَمْرِ بِمَا يُعْتَصَرُ مِنَ الْعِنَبِ وَلَا يَنْدَرِجُ غَيْرُهُ فِي قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا الْخمر إِلَى قَوْلِهِ فَاجْتَنِبُوهُ} الْمَائِدَة 90 وَنَحْنُ عِنْدَنَا اسْمُ الْخَمْرِ لِمَا خَامَرَ الْعَقْلَ أَيْ غَطَّاهُ وَمِنْهُ تَخْمِيرُ الْآنِيَةِ وَخِمَارُ الْمَرْأَةِ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ وَالْعَجَبُ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ فِي ذَلِكَ وَالصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ لَمَّا

حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الْخَمْرُ أَرَاقُوهَا وَكَسَرُوا دِنَانَهَا وَبَادَرُوا إِلَى امْتِثَالِ الْأَمْرِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُمْ بِالْمَدِينَةِ عَصِيرُ عِنَبٍ بَلْ نَبِيذُ التَّمْرِ وَقَالَ ح لَوْ جُعِلَ السَّيْفُ عَلَى رَأْسِي أَنْ أَشْرَبَ النَّبِيذَ مَا شَرِبْتُهُ وَلَوْ وُضِعَ السَّيْفُ عَلَى رَأْسِي أَنْ أُحَرِّمَهُ مَا حَرَّمْتُهُ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ كَانُوا يَشْرَبُونَهُ قَالَ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ مَا شَرِبَهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِنَّمَا النَّابِت أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يُنْتَبَذُ لَهُ فَيَشْرَبُ وَلَعَنَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْخَمْرِ عَشَرَةً عَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَالْمُبْتَاعَ لَهَا وَشَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ وَشَاهِدَهَا قَالَ وَيَنْدَرِجُ فِي بَائِعِ الْخَمْرِ بَائِعُ الْعِنَبِ لِمَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَعْصِرُهُ خَمْرًا إِلَّا الذِّمِّيَّ فَمُخْتَلَفٌ فِيهِ لِاخْتِلَافِهِمْ فِي خِطَابِهِمْ بِالْفُرُوعِ قَالَ وَمَا تَعَلَّقَ بِهِ أَصْحَابُنَا مِنْ حَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ مِنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ فَلَيْسَ بِصَحِيح احْتَجَّ ح بِقَوْلِهِ تَعَالَى {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا} النَّحْل 67 وَالِامْتِنَانُ إِنَّمَا يَكُونُ بِالْمُبَاحِ لِلْمِقْدَارِ الْمُسْكِرِ مِنْ غَيْرِهَا وَبَقِيَ مَا عَدَاهُ عَلَى الْأَصْلِ وَقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ اشْرَبُوا وَلَا تسكروا

وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ السَّكَرَ بِفَتْحِ الْكَافِ وَالتَّسْكِيرَ فِي اللُّغَةِ الْمَنْعُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّمَا سكرت أبصارنا} الْحجر 15 أَي منعت وغلقت وَمنع تَسْكِيرُ الْبَابِ أَيْ غَلْقُهُ فَالْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا يُتَّخَذُ مِنْهَا مَا يَمْنَعُ الْجُوعَ وَالْعَطَشَ وَالْأَمْرَاضَ وَذَلِكَ يَتَحَقَّقُ بِالتَّمْرِ وَالرُّطَبِ وَالْخَلِّ وَالْأَنْبِذَةِ قَبْلَ الشِّدَّةِ وَهِيَ حَلَالٌ إِجْمَاعًا فَمَا تَعَيَّنَ مَا ذَكَرْتُمُوهُ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ مَعْنَاهُ اشْرَبُوا مِنْهُ غَيْرَ الَّذِي يُسْكِرُ كَثِيرُهُ لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ فِي مُسْلِمٍ كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَان فَاجْتَنبُوهُ} الْمَائِدَة 90 وَوَجْهُ الدَّلِيلِ وَالتَّمَسُّكِ بِهِ مِنْ وُجُوهٍ أَحَدُهَا عَطْفُ الْمَيْسِرِ عَلَيْهِ وَهُوَ حَرَامٌ وَالْعَطْفُ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ وَالْمُسَاوَى بِالْحَرَامِ حَرَامٌ الثَّانِي عَطْفُ الأنصاب عَلَيْهِ لما سبق الثَّالِث عطف الأزلام عَلَيْهِ لِمَا تَقَدَّمَ الرَّابِعُ قَوْلُهُ رِجْسٌ وَالرِّجْسُ النَّجَسُ لُغَةً وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى نَجَاسَةِ الْجَمِيعِ خَرَجَتِ الثَّلَاثَةُ عَنِ النَّجَاسَةِ إِجْمَاعًا بَقِيَ الْحُكْمُ مُسْتَصْحَبًا فِي الْخَمْرِ فَتَكُونُ نَجِسَةً فَتَحْرُمُ وَهِيَ كُلُّ مَا خَامَرَ كَثِيرُهُ كَمَا تَقَدَّمَ أَوْ يَقُولُ الرِّجْسُ اسْتُعْمِلَ مَجَازًا فِي الْبُعْدِ الشَّرْعِيِّ وَالْبُعْدُ شَرْعًا مُحَرَّمٌ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِدَوَرَانِ هَذَا الْبَحْثِ بَيْنَ الْمَجَازِ وَالتَّخْصِيصِ وَالتَّخْصِيصُ أَوْلَى لِمَا عُلِمَ فِي الْأُصُولِ

الْخَامِس قَوْله تَعَالَى {من عمل الشَّيْطَان} فَإِضَافَتُهُ إِلَى الشَّيْطَانِ تُفِيدُ التَّحْرِيمَ فِي عُرْفِ الشَّرْع السَّادِس قَوْله فَاجْتَنبُوهُ وَالْأَمْرُ مَحْمُولٌ عَلَى الْوُجُوبِ وَلِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْرِبَةَ يُسْكِرُ كَثِيرُهَا فَيَحْرُمُ قَلِيلُهَا قِيَاسًا عَلَى مَحْمَلِ الْإِجْمَاعِ وَهُوَ مِنْ أَجَلِّ الْأَقْيِسَةِ فَقَدِ اجْتَمَعَتِ الْآثَارُ وَوُجُوبُ الِاعْتِبَارِ وَالْعَجَبُ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُمْ يقدمُونَ الْقيَاس على النُّصُوص وَهَا هُنَا رَفَضُوا الْقِيَاسَ الْمَعْضُودَ بِالنُّصُوصِ الْمُتَضَافِرَةِ فِي الْكِتَابِ وَالسّنة الصَّحِيحَة فِي عدَّة مَوَاضِع وَلَا جرم قَالَ ش أَحُدُّ الْحَنَفِيَّ فِي النَّبِيذِ وَأَقْبَلُ شَهَادَتَهُ وَقَالَ مَالِكٌ أَحُدُّهُ وَلَا أَقْبَلُ شَهَادَتَهُ قَاعِدَةٌ الْمُرَقِّدَاتُ تُغَيِّبُ الْعَقْلَ وَلَا يُحَدُّ شَارِبُهَا وَيَحِلُّ قَلِيلُهَا إِجْمَاعًا وَلَا يُنَجِّسُ قَلِيلُهَا وَلَا كَثِيرُهَا فَفَارَقَتِ الْمُسْكِرَاتِ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ الْأَحْكَامِ مَعَ اشْتِرَاكِهَا فِي إِفْسَادِ الْعَقْلِ الَّذِي هُوَ سَبَبُ التَّحْرِيمِ فَمَا الْفَرْقُ وَبِمَاذَا يَنْضَبِطُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَتَّى يَمْتَازَ عَنْ صَاحِبِهِ فَالضَّابِطُ أَنَّ مُغَيِّبَ الْعَقْلِ إِنْ كَانَ يُحْدِثُ سُرُورًا لِلنَّفْسِ فَهُوَ الْمُسْكِرُ وَإِلَّا فَهُوَ الْمُرَقِّدُ لِقَوْلِ الشَّاعِرِ (وَنَشْرَبُهَا فَتَتْرُكُنَا مُلُوكًا ... وَأُسْدًا مَا يُنَهْنِهُنَا اللِّقَاءُ) وَأَمَّا الْمُرَقِّدُ فَإِمَّا غَيْبَتُهُ كُلِّيَّةٌ كَالْأَفْيُونِ أَوْ يُهَيِّجُ مِنْ مِزَاجِ مُسْتَعْمِلِهِ مَا هُوَ غَالب عَلَيْهِ من الخلاط فَتَارَةً خَوْفًا وَتَارَةً بُكَاءً وَغَيْرَ ذَلِكَ وَأَمَّا الْفرق فَلِأَن الْمُسكر لما أسر النَّفْسَ تَوَفَّرَتِ الدَّوَاعِي عَلَى تَنَاوُلِهِ تَحْصِيلًا لِلْمَسَرَّةِ فَزَجَرَ الشَّرْعُ عَنْهُ بِالْحَدِّ وَالتَّنْجِيسِ وَالْمُرَقِّدُ خَسَارَةٌ مَحْضَةٌ وَمَوْتٌ صِرْفٌ فَالدَّوَاعِي مُنْصَرِفَةٌ عَنْهُ فَاكْتُفِيَ فِي ذَلِكَ بِالتَّعْزِيرِ

(فروع سبعة)

(فُرُوعٌ سَبْعَةٌ) الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ عَصِيرُ الْعِنَبِ وَنَقِيعُ الزَّبِيبِ وَجَمِيعُ الْأَنْبِذَةِ حَلَالٌ مَا لَمْ تُسْكِرْ مِنْ غَيْرِ تَوْقِيتٍ بِزَمَانٍ وَلَا هَيْئَةٍ وَلَا يُحَدُّ الطَّبْخُ بِثُلُثَيْنِ وَلَا غَيْرِهِمَا بَلْ مَا منع إسكاره كَثِيرِهِ لِأَنَّ الْعِنَبَ إِذَا كَثُرَتْ مَائِيَّتُهُ احْتَاجَ إِلَى طَبْخٍ كَثِيرٍ أَوْ قَلَّ فَطَبْخٌ قَلِيلٌ وَذَلِكَ مُخْتَلِفٌ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ وَلَا يُنْبَذُ تَمْرٌ مَعَ زَبِيبٍ وَلَا بُسْرٌ وَلَا زَهْوٌ مَعَ رُطَبٍ وَلَا حِنْطَةٌ مَعَ شَعِيرٍ وَلَا أَحَدُهُمَا مَعَ تِينٍ أَوْ عَسَلٍ لِأَنَّ خَلْطَهَا يُسْرِعُ بِشِدَّتِهَا وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ خِلَافًا لِ ح وَفِي مُسْلِمٍ نَهْيُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ شُرْبِ الْخَلِيطَيْنِ وَإِذَا نُبِذَ كُلُّ وَاحِدٍ وَحْدَهُ لَا يَنْبَغِي خَلْطُهُمَا عِنْدَ الشُّرْبِ وَلَا يُجْعَلُ دُرْدِيُّ الْمُسْكِرِ وَلَا عَكَرُهُ فِي شَرَابٍ وَلَا طَعَامٍ وَأَرْخَصَ مَالِكٌ فِي جَعْلِ الْعَجِينِ والسويق والدقيق فِي النَّبِيذ قَلِيلًا ثُمَّ نَهَى عَنْهُ قَالَ وَفِي الْمَغْرِبِ تُرَابٌ يُجْعَلُ فِي الْعَسَلِ لِيُعَجِّلَهُ أَكْرَهُهُ وَخَالَفَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ وَلَا يُعْجِبُنِي انْتِبَاذُ الْبُسْرِ الْمَدَنِيِّ لِأَنَّهُ رُطَبٌ وَبُسْرٌ وَلَا بَأْسَ بِأَكْلِ الْخُبْزِ بِالنَّبِيذِ لِأَنَّهُ لَيْسَ شَرَابًا وَكَرِهَ نَبْذَ الْخبز فِيهِ يَوْمًا أَو يَوْمَيْنِ لَيْلًا تَتَعَجَّلَ شِدَّتُهُ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ طَرَّدَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ النَّهْيَ عَنِ الْخَلِيطَيْنِ عَلَى عُمُومِهِ حَتَّى فِي أَشْرِبَةِ الْأَطِبَّاءِ

الثَّانِي فِي الْكِتَابِ كُرِهَ الِانْتِبَاذُ فِي الدُّبَّاءِ وَالْمُزْفَتِ زَادَ فِي الْجَلَّابِ الْحُنْتُمَ وَالنَّقِيرَ لِوُرُودِ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ فِيهِمَا وَلِأَنَّهَا تُعَجِّلُ الشِّدَّةَ فِي الْخَلِيطَيْنِ فَائِدَةٌ الدُّبَّاءُ الْيَقْطِينُ وَالْمُزْفَتُ فِي التَّنْبِيهَاتِ بِسُكُون الزَّاي ماطلي بِالزِّفْتِ وَهُوَ الْقَارُ الَّذِي تُطْلَى بِهِ السُّفُنُ وَالْحُنْتُمُ الْجِرَارُ الْخُضْرُ وَقِيلَ الْحُمْرُ وَقِيلَ الْفَخَّارُ كَيْفَ كَانَ وَهُوَ جَمْعُ حَنْتَمَةٍ وَهِيَ الْجَرَّةُ الثَّالِث فِي الْجلاب تُبَاح السوبية وَالْفُقَّاعُ الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ إِذَا مَلَكَ الْمُسْلِمُ خَمْرًا فَلْيُرِقْهَا فَإِنِ اجْتَرَأَ فَخَلَّلَهَا أَكَلَهَا وَبِئْسَ مَا صَنَعَ وَكَرِهَ أَكْلَ الْخَمْرِ يُجْعَلُ فِيهَا الْحيتَان فَتَصِير مريا وَفِي الْجَوَاهِر تَحْلِيل الْخَمْرِ مَكْرُوهٌ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ إِبَاحَةُ كُلِّ مَا تَخَلَّلَ مِنْهَا وَكَرِهَهُ سَحْنُونٌ وَعَبْدُ الْمَلِكِ وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرٍ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ إِذَا خُلِّلَتْ بِشَيْءٍ طُرِحَ فِيهَا كَالْمِلْحِ وَالْخَلِّ وَالْمَاءِ الْحَارِّ فَأَمَّا لَوْ خُلِّلَتْ بِنَفْسِهَا مَعَ الْعِلْمِ بِتَحْرِيمِهَا فَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ أَكْلِهَا وَقَالَ صَاحِبُ الْمُقَدَّمَاتِ فِي تَخْلِيلِهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْمَنْعُ مُطْلَقًا وَقَالَهُ ش وَالْكَرَاهَةُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ اقْتِنَائِهَا لِتَصِيرَ خمرًا وَبَيْنَ مَا يَصِيرُ خَلًّا مِنْ عَصِيرِهِ لَمْ يردهُ خمرًا وبسبب الْخِلَافِ هَلِ الْمَنْعُ تَعَبُّدٌ فَيَمْتَنِعُ مُطْلَقًا أَوْ مُعَلَّلٌ بِالتَّعَدِّي فِي الِاقْتِنَاءِ فَيَجُوزُ لِمَنْ صَارَ عصيره خمرًا أَو بالتهمة لقنيتها فَيَجُوزُ لِلرَّجُلِ فِي نَفْسِهِ التَّخْلِيلُ لِمَا عِنْدَهُ عَلَى نَوْعٍ مِنَ الْكَرَاهَةِ وَإِذَا مَنَعْنَا التَّخْلِيلَ فَفِي جَوَاز

الْأَكْلِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْجَوَازُ لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ الْمَنْعِ وَهُوَ الْإِسْكَار وَالْمَنْع مُؤَاخذَة لَهُ ينقيض قَصْدِهِ وَلِأَنَّ النَّهْيَ يَدُلُّ عَلَى الْفَسَادِ فِي الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَقَالَهُ ش وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ مَا يلقى الْخَمْرَ يَصِيرُ نَجِسًا بِالْخَمْرِ فَيَصِيرُ خَلًّا مُخْتَلِطًا بِنَجَاسَةٍ فَيَحْرُمُ وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُقْتَضِيَ لِتَنْجِيسِ الْخَمْرِ وَمَا لَابَسَهَا هُوَ وَصْفُ الْإِسْكَارِ وَقَدْ ذَهَبَ فَيَطْهُرُ مَا فِي أَجْزَاءِ الدَّوَاءِ الْمُعَالَجِ بِهِ فَلَا يَنْجُسُ الْخَلُّ وَجَوَّزَ ح التَّخْلِيلَ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُحِلُّ الْخَلُّ الْخَمْرَ كَمَا يُحِلُّ الدِّبَاغُ الْجِلْدَ وَهُوَ مُعَارَضٌ بِأَمْرِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي مُسْلِمٍ بِإِرَاقَةِ الْخَمْرِ الَّتِي أُهْدِيَتْ لَهُ فَلَوْ كَانَ التَّخْلِيلُ مَشْرُوعًا لَأَمَرَ بِهِ حِفْظًا لِلْمَالِيَّةِ وَالثَّالِثُ الْفَرْقُ بَيْنَ تَخْلِيلِ مَا اقْتَنَاهُ مِنَ الْخَمْرِ فَيُمْنَعُ أَوْ مَا تَخَمَّرَ عِنْدَهُ مَا لَمْ يُرِدْ بِهِ الْخَمْرَ قَالَهُ سَحْنُونٌ قَاعِدَةٌ أَسْبَابُ الطَّهَارَةِ ثَلَاثَةٌ إِزَالَةٌ كَالْغَسْلِ بِالْمَاءِ أَوْ إِحَالَةٌ كَانْقِلَابِ الْخَمْرِ خَلًّا وَالدَّمِ مَنِيًّا ثُمَّ آدَمِيًّا وَبِهِمَا كَالدِّبَاغِ الْخَامِسُ فِي الْجَلَّابِ مَنْ وُجِدَتْ عِنْدَهُ خَمْرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أُرِيقَتْ عَلَيْهِ وَكُسِرَتْ ظُرُوفُهَا تَأْدِيبًا لَهُ لِأَنَّ الشَّرْعَ أَدَّبَ بِالْمَالِيَّةِ فِي الْكَفَّارَاتِ

وَقَالَ غَيره يشق مِنْهَا مَا أَفْسَدَتْهُ الْخَمْرُ وَلَا يُنْتَفَعُ بِهِ إِلَّا فِيهَا وَمَا لَا فَلَا صَوْنًا لِلْمَالِيَّةِ عَنِ الْفَسَادِ وَإِذَا قُلْنَا لَا تَفْسَدُ فَفِي النَّوَادِرِ تُغْسَلُ وَيُنْتَفَعْ بِهَا وَلَا يَضُرُّ بَقَاءُ الرَّائِحَةِ وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَمَّا الزِّقَاقُ فَلَا يُنْتَفَعُ بِهَا وَأَمَّا الْقِلَالُ فَيُطْبَخُ فِيهَا الْمَاءُ مَرَّتَيْنِ وَتُغْسَلُ وَيُنْتَفَعُ بِهَا وَفِي الْجَلَّابِ لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ بَيْعُهَا مِنْ كَافِرٍ وَلَا مُسْلِمٍ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي مُسْلِمٍ إِنَّ الَّذِي حرم سربها حَرَّمَ ثَمَنَهَا وَمَنْ أَسْلَمَ وَعِنْدَهُ خَمْرٌ أُرِيقَتْ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَا يَثْبُتُ عَلَيْهَا وَإِنْ أَسْلَمَ وَعِنْدَهُ ثَمَنُ خَمْرٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ لِأَنَّ الاسلام يجب مَا قبله وَإِذا تبَايع نصرانيان خَمْرًا فَقُبِضَتْ ثُمَّ أَسْلَمَ الْبَائِعُ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ فَلَهُ أَخْذُهُ لِأَنَّهُ دَيْنٌ مِنْ جُمْلَةِ دُيُونِهِ وَإِنْ أَسْلَمَ مُشْتَرِيهَا فَعَلَيْهِ دَفْعُ الثَّمَنِ لِلْبَائِعِ لِأَنَّهُ دِينٌ عَلَيْهِ وَإِنْ أَسْلَمَ الْبَائِعُ قبل قبض الْخمر فسح الْبَيْعُ وَرُدَّ الثَّمَنُ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنَ التَّسْلِيمِ وَالْمَنْع الشَّرْعِيّ كالحسي فَيصير كَالْبيع الْمُسْتَحق قيل الْقَبْضِ وَإِنْ أَسْلَمَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ قَبْضِ الْخَمْرِ فُسِخَ الْبَيْعُ وَرَجَعَ الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ لِتَعَذُّرِ الْقَبْضِ شرعا وَقد توقف فِيهَا مَالك مرّة وَقَالَ أَخَافُ أَنْ يُظْلَمَ الذِّمِّيُّ لِأَنَّ الْمَانِعَ لَيْسَ مِنْ قِبَلِهِ قَالَ غَيْرُهُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِذَا أَسْلَمَا بَعْدَ قَبْضِ الثَّمَنِ دُونَ الْمَثْمُونِ عَلَيْهِ قِيمَةُ الْخَمْرِ خِلَافًا لِمَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَإِنْ أَسْلَمَا بَعْدَ قَبْضِ الْخَمْرِ دُونَ ثَمَنِهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ عَلَى قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ يَأْخُذُ الثَّمَنَ وَفِي الْجَلَّابِ وَإِذَا اشْتَرَى مُسْلِمٌ مَنْ نَصَرَانِيٍّ خَمْرًا وَفَاتَتْ لَمْ يَدْفَعْ للْبَائِع شَيْئا لِأَنَّهُ مَمْنُوع من البيع الْمُسلم فَإِن قبض الثّمن تصدق بِهِ تأديبا لَهُ السَّادِسُ فِي الْكِتَابِ أَكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَتَسَلَّفَ مِنْ ذَمِّيٍّ ثَمَنَ خَمْرٍ أَوْ

يَبِيعَهُ بِهِ أَوْ يَأْخُذَهُ بِوَجْهٍ أَوْ يَأْكُلَ مَا اشْتُرِيَ بِهِ وَيَجُوزُ أَخْذُهُ فِي دَيْنِهِ كَمَا يَأْخُذ فِي الْجِزْيَةِ السَّابِعُ فِي الْجَلَّابِ لَا يُؤَاجِرُ الرَّجُلُ نَفْسَهُ وَلَا شَيْئًا مِنْ أَمْلَاكِهِ فِي عَمَلِ الْخَمْرِ لِمُسْلِمٍ وَلَا نَصْرَانِيٍّ فَإِنْ أَخَذَ أجره تصدق بهَا وَلم يتملكها لتَحْرِيم الْمَنْفَعَة المعاوض عَلَيْهَا

(كتاب الذبائح)

(كِتَابُ الذَّبَائِحِ) وَالنَّظَرُ فِي الْمُذَكِّي وَالْمُذَكَّى وَالْمُذَكَّى بِهِ وَصِفَةِ الذَّكَاةِ النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي الْمُذَكِّي قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ سِتَّةٌ لَا تَجُوزُ ذَبَائِحُهُمْ وَسِتَّةٌ تُكْرَهُ وَسِتَّةٌ مُخْتَلَفٌ فِي جَوَازِ ذَبَائِحِهِمْ فَالْأول الصَّغِيرُ الَّذِي لَا يَعْقِلُ وَالْمَجْنُونُ حَالَةَ جُنُونِهِ وَالسَّكْرَانُ الَّذِي لَا يَعْقِلُ وَالْمَجُوسِيُّ وَالْمُرْتَدُّ وَالزِّنْدِيقُ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ وَالثَّانِيَةُ الصَّغِيرُ الْمُمَيِّزُ وَالْمَرْأَةُ وَالْخُنْثَى وَالْخَصِيُّ وَالْأَغْلَفُ وَالْفَاسِقُ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلِ النَّظَرُ إِلَى أَنَّ ضَعْفَ طَبْعِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ يَمْنَعُ مِنْ وُقُوعِ الذَّكَاةِ عَلَى وَجْهِهَا وَمُشَابَهَةَ الْخَصِيِّ بِهِمْ وَنَقْصَ الْآخَرِينَ مِنْ جِهَةِ الدِّينِ أَوْ أَنَّ الْقَصْدَ وَالْفِعْلَ مِنَ الْجَمِيعِ مُمْكِنٌ فَتَصِحُّ وَالثَّالِثَةُ تَارِكُ الصَّلَاةِ وَالسَّكْرَانُ الَّذِي يُخْطِئُ وَيُصِيبُ وَالْمُبْتَدِعُ الْمُخْتَلَفُ فِي كُفْرِهِ وَالنَّصْرَانِيُّ الْعَرَبِيُّ وَالنَّصْرَانِيُّ الذَّابِحُ لِمُسْلِمٍ بِأَمْرِهِ وَالْعَجَمِيُّ يُجِيبُ إِلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ الْبُلُوغِ هَذَا كُلُّهُ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَفِي الْكِتَابِ تَصِحُّ ذَكَاةُ الْمَرْأَةِ وَالْكِتَابِيِّينَ رِجَالهمْ وَنِسَائِهِمْ وصبيانهم وَالْمَرْأَة أولى مِنْهُم يكره أَكْلُ مَا ذَبَحَهُ الْكِتَابِيُّ لِكَنِيسَةٍ أَوْ عِيدٍ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيمٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ فِسْقًا أهل لغير الله لَهُ} الْأَنْعَام 145 قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ مَا سَمَّوْا عَلَيْهِ الْمَسِيحَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَمَا ذَبَحُوهُ فَوَجَدُوهُ

حَرَامًا عَلَى أَصْلِهِمْ كَرِهَهُ مَالِكٌ ثُمَّ أَجَازَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَا لَا يَسْتَحِلُّونَهُ لَا يُؤْكَلُ كَذِي الظُّفْرِ وَهُوَ الْإِبِلُ وَالنَّعَامُ وَالْبَطُّ مَا لَيْسَ مَشْقُوقَ الْأَصَابِعِ خِلَافًا لِابْنِ حَنْبَلٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ طَعَامِهِمْ وَكَرِهَ مَالِكٌ ذَبَائِحَهُمْ وَالشِّرَاءَ مِنْهُمْ وَأَمَرَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ان يقاموا مِنْ أَسْوَاقِنَا كُلِّهَا الْجَزَّارُونَ وَغَيْرِهِمْ وَتُؤْكَلُ ذَبِيحَةُ الْأَخْرَسِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَاخْتُلِفَ فِي شُحُومِ ذَبَائِحِ الْكِتَابِيِّ فَحَرَّمَهُ مَرَّةً لِأَنَّهُ حَرَامٌ عَلَيْهِمْ وَجَعَلَ الذَّكَاة تتبعض بِاعْتِبَارِهِ قِيَاسا على الدَّم وَأَجَازَهُ مرّة لِأَن الذَّكَاة لَا تتبعض فِيمَا هُوَ قَابل وَاخْتُلِفَ فِي ذِي الظُّفْرِ كَالشَّحْمِ وَأَبَاحَهُ ابْنُ حَنْبَل وَقيل يجوز الشَّحْم بخلافة لِأَن الزَّكَاة لَا تَتَبَعَّضُ وَقَالَ أَشْهَبُ كُلُّ مَا نَصَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى تَحْرِيمِهِ كَذِي الظُّفْرِ وَالشُّحُومِ حُرِّمَ عَلَى الْمُسْلِمِ بِخِلَافِ مَا حَرَّمُوهُ هُمْ وَمَنَعَهَا ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَبَاحَهَا ابْنُ وَهْبٍ نَظَرًا إِلَى نسخ ذَلِك ويؤكل جلّ السحوم لما فِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ معقل أصبت جرة شَحْمٍ يَوْمَ خَيْبَرَ فَالْتَزَمْتُهُ وَقُلْتُ وَاللَّهِ لَا أُعْطِي الْيَوْمَ مِنْ هَذَا أَحَدًا شَيْئًا فَالْتَفَتُّ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فتبسما وَفِي الْجَوَاهِر يجوز ذَبِيحَة السامرية وهم صنف من الْيَهُود وَالْمَشْهُور من مَذْهَب ملك كَرَاهَته الشحوم والصابئة يُنْكِرُونَ بَعْثَ الْأَجْسَامِ

(فرع)

وَلَا تَجُوزُ ذَبِيحَةُ مَنْ لَيْسَ بِكِتَابِيٍّ وَلَا الصَّابِئَةِ الْمُعْتَقِدَةِ تَأْثِيرَ النُّجُومِ لِأَنَّهُمْ كَالْمَجُوسِ وَهَذَا كُلُّهُ إِذَا بَاشَرْنَا الذَّكَاةَ أَمَّا إِذَا غَابَ الْكِتَابِيُّ عَلَى ذَبِيحَتِهِ فَإِنْ عَلِمْنَا اسْتِحْلَالَهُمْ لِلْمَيْتَةِ كَبَعْضِ النَّصَارَى أَوْ شَكَكْنَا لَمْ نَأْكُلْ وَإِنْ علمنَا تذكينهم أَكَلْنَا قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ أَكْرَهُ قَدِيدَ الرُّومِ وَجُبْنَهُمْ وَجُبْنَ الْمَجُوسِ لِأَجْلِ مَا فِيهِ مِنْ إنفحة الْميتَة تَنْبِيه كراهيته يَنْبَغِي أَن تحمل عَلَى التَّحْرِيمِ بِدَلِيلِ كَرَاهِيَتِهِ لِجُبْنِ الْمَجُوسِ وَهِيَ مُحرمَة وَلَا يخْتَلف اثْنَان مِمَّن يُسَافر أَن الافرنج لَا تَتَوَقَّى الْمَيْتَةَ وَلَا تُفَرِّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الذَّكِيَّةِ وَأَنَّهُمْ يَضْرِبُونَ الشَّاةَ حَتَّى تَمُوتَ وَقِيذَةً بالعصا وَغَيرهَا ويسلون رُؤْس الدَّجَاجِ مِنْ غَيْرِ ذَبْحٍ وَهَذِهِ سِيرَتُهُمْ وَقَدْ صَنَّفَ الطَّرْطُوشِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي تَحْرِيمِ جُبْنِ الرُّومِ كِتَابًا وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ فَلَا يَنْبَغِي لِمُسْلِمٍ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ حَانُوتٍ فِيهَا شَيْء مِنْهُ لِأَنَّهُ ينجس الْمِيزَان وَالْبَائِع والآنية (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَةُ الْغُلَام إِذَا ارْتَدَّ إِلَى أَيِّ دِينٍ كَانَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَتُؤْكَلُ ذَبِيحَةُ النَّصْرَانِيِّ الْعَرَبِيِّ وَالْمَجُوسِيِّ إِذَا تنصر

فرع

(فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ تُؤْكَلُ ذَبِيحَةُ مَنْ أَبُوهُ كِتَابِيٌّ وَأُمُّهُ مَجُوسِيَّةٌ لِأَنَّ الْوَلَدَ تَابِعٌ فِي الدِّينِ لِأَبِيهِ وَقَالَ أَبُو تَمَّامٍ فِي تَعْلِيقِهِ قَالَ مَالِكٌ لَا تُؤْكَل ذَبِيحَة من أَبوهُ محوسي أَوْ وَثَنِيٌّ وَقَالَ ح يَجُوزُ إِذَا كَانَتْ أمة كِتَابِيَّةً لِأَنَّ الْعِبْرَةَ عِنْدَهُ فِي الدِّينِ بِالْأُمِّ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ مَنْ أَحَدُ أَبَوَيْهِ لَا تَصِحُّ ذَكَاتُهُ تَغْلِيبًا لِلْحُرْمَةِ النَّظَرُ الثَّانِي فِي الْمُذَكَّى وَفِي الْجَوَاهِرِ الْحَيَوَانُ كُلُّهُ يَقْبَلُ الذَّكَاةَ وَتَطْهُرُ بِهَا جَمِيعُ أَجْزَائِهِ لَحْمِهِ وَعَظْمِهِ وَجِلْدِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ كَالسِّبَاعِ وَالْكِلَابِ وَالْحُمُرِ وَالْبِغَالِ إِلَّا الْخِنْزِيرَ فَإِنَّ تَذْكِيَتَهُ ميتَة لغلط تَحْرِيمِهِ وَقَالَهُ ح وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ كَذَلِكَ تَنْبِيهٌ أَلْحَقَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ الْحُمُرَ بِالسِّبَاعِ وَفِي الْكِتَابِ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ يُصَلَّى عَلَى جِلْدِ السِّبَاعِ إِذَا ذُكِّيَ وَلَا يُصَلَّى عَلَى جِلْدِ حِمَارٍ وَإِنْ ذُكِّيَ وَتَوَقَّفَ فِي الْكَيْمَخْتِ وَتَرْكُهَا أَحَبُّ إِلَيْهِ وَكَذَلِكَ فِي آخِرِ كِتَابِ الْأَضَاحِيِّ نَصَّ عَلَى طَهَارَةِ جُلُودِ السِّبَاعِ وَلَمْ يَذْكُرِ الْكِلَابَ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْحَيَوَانُ ثَلَاثَةٌ بَرِّيٌّ لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ لَا تَحِلُّ إِلَّا بِالذَّكَاةِ وَبَحْرِيٌّ لَا حَيَاةَ لَهُ فِي الْبَرِّ يَحِلُّ مِنْ غَيْرِ ذَكَاةٍ وَبَرِّيٌّ لَيْسَ لَهُ نفس سَائِلَة وبحري يعيس فِي الْبَرِّ اخْتُلِفَ فِيهِمَا قَالَ مَالِكٌ مَا لَا دَمَ لَهُ كَالْعَقْرَبِ وَالْخُنْفُسَاءِ وَالزُّنْبُورِ وَالسُّوسِ والدود

وَالذُّبَابِ وَسَائِرِ الْحَشَرَاتِ ذَكَاتُهُ ذَكَاةُ الْجَرَادِ إِذَا احْتِيجَ إِلَى دَوَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ هِيَ كَدَوَابِّ الْبَحْرِ لَا تَنْجُسُ فِي نَفْسِهَا وَلَا تُنَجِّسُ وَقَالَ مُطَرِّفٌ لَا يَحْتَاجُ الْجَرَادُ إِلَى ذَكَاةٍ لِأَنَّ عَامَّةَ السَّلَفِ أَجَازُوا أَكْلَ مَيْتَةِ الْجَرَادِ وَفِي الْكِتَابِ لَا يَحْتَاجُ فَرَسُ الْبَحْرِ إِلَى ذَكَاةٍ وَإِنْ كَانَ لَهُ رَعْيٌ فِي الْبَرِّ وَلَا بُدَّ مِنْ تَذْكِيَةِ طَيْرِ الْمَاءِ خِلَافًا لِعَطَاءٍ وَفِي الْجَوَاهِرِ وَهَلْ يَجْرِي فِي ذَكَاةِ مَا لَيْسَ لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ مَا عَدَا الْجَرَادَ الْخِلَافُ الَّذِي فِي ذَكَاةِ الْجَرَادِ أَوْ يَفْتَقِرُ إِلَى الذَّكَاةِ قَوْلًا وَاحِدًا طَرِيقَانِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ قَاعِدَةٌ الذَّكَاةُ شُرِعَتْ لِاسْتِخْرَاجِ الْفَضَلَاتِ الْمُحَرَّمَاتِ مِنَ الْأَجْسَادِ الْحَلَالِ بِأَسْهَلِ الطُّرُقِ عَلَى الْحَيَوَانِ فَمَنْ لَاحَظَ عَدَمَ الْفَضَلَاتِ مِمَّا لَيْسَ لَهُ نَفْسٌ وَجَعَلَهَا أَصْلًا وَإِرَاحَةَ الْحَيَوَانِ تِبَعًا أَجَازَ مَيْتَتَهُ وَمَنْ لَاحَظَ شَرْعِيَّةَ زُهُوقِ الرُّوحِ وَجَعَلَهُ أَصْلًا فِي نَفْسِهَا لَمْ يُجِزْهَا قَاعِدَةٌ النَّادِرُ مُلْحَقٌ بِالْغَالِبِ فِي الشَّرْعِ فَمَنْ لَاحَظَ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ أَسْقَطَ ذَكَاةَ مَا يَعِيشُ فِي الْبَرِّ مِنْ دَوَابِّ الْبَحْرِ نَظَرًا لِغَالِبِهِ وَمَنْ لَاحَظَ الْقَاعِدَةَ الْأُولَى وَأَنَّ مَيْتَةَ الْبَحْرِ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ لَمْ يُسْقِطْهَا وَيُؤَيِّدُهُ قَوْله تَعَالَى {حرمت عَلَيْكُم الْميتَة} أَوْ يَحْمِلُهُ عَلَى سَبَبِ وُرُودِهِ وَهُوَ الْمَيْتَةُ الَّتِي كَانُوا يَأْكُلُونَهَا مِنَ الْبَرِّ وَيَقُولُونَ تَأْكُلُونَ مَا قَتَلْتُمْ وَلَا تَأْكُلُونَ مَا قَتَلَ اللَّهُ فَائِدَةٌ النَّفْسُ لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ لِأُمُورٍ أَحَدُهَا الدَّمُ لِقَوْلِهِ (تَسِيلُ عَلَى حَدِّ الظِّبَاتِ نُفُوسُنَا ... وَلَيْسَ عَلَى غَيْرِ الظِّبَاتِ تَسِيلُ)

(فرع)

وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُهُ فِي بَابِ النِّفَاسِ وَالْحَيْضِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ لَا يُصَلَّى عَلَى جِلْدِ حِمَارٍ وَإِنْ ذُكِّيَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ لِأَنَّ الذَّكَاةَ لَا تَعْمَلُ فِيهِ لِنَهْيِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْهُ وَهُوَ خِلَافُ نَقْلِ الْجَوَاهِرِ (فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ تَصِحُّ ذَكَاةُ الْمَرِيضَةِ إِذَا لَمْ تُشَارِفِ الْمَوْتَ فَإِنْ شَارَفَتْ صَحَّتْ ذَكَاتُهَا عِنْدَ مَالِكٍ وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَقَارِ لَا تَصِحُّ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ لما فِي الصَّحِيحَيْنِ أَن امة لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ كَانَتْ تَرْعَى غَنَمًا بِسَلْعٍ فَأَبْصَرَتْ بِشَاةٍ تَمُوتُ فَأَدْرَكَتْهَا فَذَكَّتْهَا بِحَجَرٍ فَسُئِلَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ كُلُوهَا وَفِيهِ أَرْبَعُ فَوَائِدَ ذَكَاةُ النِّسَاءِ وَبِالْحَجَرِ وَمَا أَشْرَفَ عَلَى الْمَوْتِ وَذَكَاةُ غَيْرِ الْمَالِكِ بِغَيْرِ وَكَالَةٍ وَإِذَا لَمْ يَتَحَرَّكْ مِنَ الذَّبِيحَةِ شَيْءٌ بَعْدَ الذَّبْحِ أُكِلَتْ إِنْ كَانَتْ صَحِيحَةً قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا سفح دَمُهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ وَكَذَلِكَ أَرَى فِي الْمَرِيضَةِ الظَّاهِرَةِ الْحَيَاةِ فَإِنْ قَرُبَتْ مِنَ الْمَوْتِ لَمْ تُؤْكَلْ إِلَّا بِدَلِيلٍ عَلَى الْحَيَاةِ عِنْدَ الذَّبْحِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَذَلِكَ اضْطِرَابُ عَيْنِهَا أَوْ ضَرْبُ يَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا أَوِ اسْتِمَاعُ نَفَسِهَا فِي جوفها وَنَحْوهَا وَإِذَا أُشْكِلَ الْأَمْرُ لَمْ تُؤْكَلْ

(فرع)

وَالِاخْتِلَاجُ الْخَفِيفُ تَرْكُ الْأَكْلِ مَعَهُ أَحْسَنُ لِأَنَّ اللَّحْمَ يَخْتَلِجُ بَعْدَ السَّلْخِ وَخُرُوجُ الدَّمِ لَيْسَ دَلِيلًا وَحْدَهُ لِخُرُوجِهِ مِنَ الْمَيْتَةِ إِلَّا أَنْ يَخْرُجَ بِقُوَّةٍ لَا تَلِيقُ إِلَّا بِالْحَيَاةِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدَّمَاتِ فِي وَقْتِ اعْتِبَارِ عَلَامَاتِ الْحَيَاةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ بَعْدَ الذَّبْحِ مَعَهُ يَكْفِي وُجُودُهَا قَبْلَهُ (فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ الْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَهِيَ الَّتِي تُضْرَبُ حَتَّى تَمُوتَ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ مَا مَاتَ مِنْهَا فَحَرَامٌ وَمَا لَوْ تُرِكَ لَعَاشَ يُذَكَّى وَغَيْرُ الْمَرْجُوِّ وَالَّذِي حَدَثَ بِهِ فِي مَوْضِعِ الذَّكَاةِ لم تُؤْكَل وَفِي غَيْرِهِ يُذَكَّى وَيُؤْكَلُ عِنْدَ مَالِكٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوِ انْتَثَرَتِ الْحَشْوَةُ لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى {إِلَّا مَا ذكيتم} بَعْدَ ذِكْرِ هَذِهِ الْأَقْسَامِ اسْتِثْنَاءٌ مُتَّصِلٌ لِأَنَّهُ الأَصْل وَقيل لَا يُؤْكَل لِأَنَّهُ متقطع أَيْ مِنْ غَيْرِهِنَّ لِأَنَّهُ لَوْلَا ذَلِكَ لَكَانَ قَوْله تَعَالَى {حرمت عليمن الْميتَة} يَعْنِي عَنْهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ مَنَعَ أَبُو الْوَلِيدِ جَرَيَانَ الْخلاف الَّذِي ذكره اللَّخْمِيّ إِذا كَانَ المقتل فِي غَيْرِ مَحَلِّ الذَّكَاةِ وَقَالَ الْمَذْهَبُ كُلُّهُ على الْمَنْع وَإِنَّمَا الْخلاف إِذا بلغت النَّاس بِغَيْرِ إِصَابَةِ مَقْتَلٍ وَالْمَقَاتِلُ خَمْسَةٌ انْقِطَاعُ النُّخَاعِ ونثر الدِّمَاغ وفري الأدواج وَانْثِقَابُ الْمُصْرَانِ وَنَثْرُ الْحَشْوَةِ وَفِي الْبَيَانِ اخْتُلِفَ فِي دق الْعُنُق مِنْ غَيْرِ قِطْعِ الْأَوْدَاجِ فَلَمْ يَرَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ مَقْتَلًا وَفِي خَرْقِ الْأَوْدَاجِ مِنْ غَيْرِ قِطْعِ الْأَوْدَاجِ فَلَمْ يَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَقِيلَ مَقْتَلٌ وَمَعْنَى قَوْلِهِ أَنَّ خَرْقَ الْمُصْرَانِ مَقْتَلٌ إِذَا كَانَ فِي مَجْرَى الطَّعَامِ قَبْلَ كَوْنِهِ رَجِيعًا أَمَّا حَيْثُ يَكُونُ رَجِيعًا فَلَيْسَ مَقْتَلًا لِأَنَّ الْغِذَاءَ مَحْفُوظٌ عَنِ الْجَسَدِ وَقَدْ وَجَدْنَا مَنْ يَعِيشُ مِنْ بَنِي آدَمَ وَالدَّوَابِّ من هُوَ

(فرع)

كَذَلِكَ وَلِذَلِكَ سُقِيَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اللَّبَنَ فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ مَجْرَى الطَّعَامِ قِيلَ لَهُ أَوْصِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِذَلِكَ تُؤْكَلُ الْبَهِيمَةُ إِذَا ذُكِّيَتْ فَوُجِدَتْ مَثْقُوبَةَ الْكَرِشِ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْفَرْثِ وَأَمَّا إِذَا شَقَّ الْجَوْفَ فَلَا تُذَكَّى وَلَا تُؤْكَلُ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ إِلَّا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الَّذِي يُنْفِذُ مَقَاتِلَ رَجُلٍ ثُمَّ يُجْهِزُ عَلَيْهِ آخَرُ يُقْتَلُ بِهِ الثَّانِي وَيُعَاقَبُ الْأَوَّلُ قَالَ فِي الْمُقَدَّمَاتِ وَالصَّوَابُ رِوَايَةُ سَحْنُونٍ عَنْهُ أَنَّ الْأَوَّلَ يُقْتَلُ بِهِ وَيُعَاقَبُ الثَّانِي قَالَ فِي الْبَيَانِ وَفِي الْمُنْخَنِقَةِ وَأَخَوَاتِهَا إِذَا سَلِمَتْ مَقَاتِلُهَا أَقْوَالٌ ثَالِثُهَا التَّفْرِقَةُ بَين الميؤس مِنْهُ فَيَمْتَنِعُ وَبَيْنَ الْمَرْجُوِّ فَيَجُوزُ وَجَعَلَهَا ابْنُ الْقَاسِم بِخِلَاف الْمَرِيضَة الميؤسة وَالْجَوَازُ مُطْلَقًا لِمَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَالْمَنْعُ مُطْلَقًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ (فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ الْجَنِينُ إِذَا لَمْ تَجْرِ فِيهِ حَيَاةٌ لَمْ تَنْفَعْ فِيهِ ذَكَاةُ أُمِّهِ وَلَا يُؤْكَلُ وَإِذَا جَرَتْ فِيهِ الْحَيَاةُ وَعَلَامَتُهُ عِنْدَنَا كَمَالُ الْخَلْقِ وَنَبَاتُ الشَّعَرِ فَإِنْ ذُكِّيَتِ الْأُمُّ وَخَرَجَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ عَلَى الْفَوْرِ كَرِهَهُ مُحَمَّدٌ وَحَرَّمَهُ ابْنُ الْجَلَّابِ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَإِنِ اسْتَهَلَّ صَارِخًا انْفَرَدَ بِحُكْمِ نَفْسِهِ وَإِنْ لَمْ تُذَكَّ الْأُمُّ وَأَلْقَتْهُ مَيِّتًا لَمْ يُؤْكَلْ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ حَيًّا حَيَاةً لَا يَعِيشُ مَعَهَا عُلِمَ ذَلِكَ أَوْ شُكَّ فِيهِ وَإِنْ ذُكِّيَتِ الْأُمُّ فَخَرَجَ مَيِّتًا فَذَكَاتُهَا ذَكَاتُهُ وَقَالَهُ ش خِلَافًا لِ ح وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي أَبِي دَاوُدَ ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ يُرْوَى بِرَفْعِ الذَّكَاتَيْنِ وَهُوَ الْأَصَحُّ الْكَثِيرُ وَبِنَصْبِ الثَّانِيَةِ وَرَفْعِ الأولى فعلى الرَّفْعِ يَحِلُّ بِذَكَاةِ أُمِّهِ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الْمُبْتَدَأ يجب انحصاره فِي الْخَبَر وَمِنْه تَحْرِيمهَا التَّكْبِير

(فرع)

وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ أَيْ ذَكَاتُهُ مَحْصُورَةٌ فِي ذَكَاةِ أُمِّهِ فَلَا يُحْتَاجُ لِغَيْرِهَا وَعَلَى النَّصْبِ مَعْنَاهُ ذَكَاةُ الْجَنِينِ أَنْ يُذَكَّى ذَكَاةً مِثْلَ ذَكَاةِ أمه ثمَّ حدف مِثْلُ وَمَا قَبْلَهُ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إِلَيْهِ مَقَامَ الْمُضَافِ فَيَفْتَقِرُ الْجَنِينُ إِلَى الذَّكَاةِ وَعَلَيْهِ أَسْئِلَةٌ أَحَدُهَا أَنَّهُ شَاذٌّ الثَّانِي أَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى إِضْمَارٍ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ الثَّالِثُ أَنَّ مَعْنَاهُ ذَكَاةُ الْجَنِينِ فِي ذَكَاةِ أُمِّهِ ثُمَّ حُذِفَ حَرْفُ الْجَرِّ فَنُصِبَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلا} الْأَعْرَاف 155 أَيْ مِنْ قَوْمِهِ وَهَذَا أَوْلَى لِقِلَّةِ الْإِضْمَارِ وَاتِّفَاقِهِ مَعَ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَإِلَّا نَقَضَ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا الْأُخْرَى وَالْحَدِيثُ مُخَالِفٌ لِلْأُصُولِ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ بِمَوْتِ الْأُمِّ فَإِنَّمَا مَاتَ خَنْقًا (فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الدَّابَّةُ الَّتِي لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهَا بِطُولِ مَرَضِهَا أَوْ تَتْعَبُ عَنِ السَّيْرِ فِي أَرْضٍ لَا عَلَفَ فِيهَا ذَبْحُهَا أَوْلَى مِنْ بَقَائِهَا تَتَعَذَّبُ وَقِيلَ تعقر لَيْلًا يُغَرَّ النَّاسُ بِذَبْحِهَا عَلَى أَكْلِهَا وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ لَا تُذْبَحُ وَلَا تُعْقَرُ لِنَهْيِهِ عَلَيْهِ السَّلَام عَن تَعْذِيب الْحَيَوَان لعير مأكله

(تفريع)

(تَفْرِيعٌ) قَالَ لَوْ تَرَكَهَا فَأَعْلَفَهَا غَيْرُهُ ثُمَّ وَجَدَهَا قَالَ مَالِكٌ هُوَ أَحَقُّ بِهَا لِأَنَّهُ تَرَكَهَا مُضْطَرًّا كَالْمُكْرَهِ وَيُعْطِيهِ مَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا وَقيل هِيَ لعالفها إِعْرَاض الْمَالِكِ عَنْهَا النَّظَرُ الثَّالِثُ فِي الْمُذَكَّى بِهِ وَفِي الْكِتَابِ يَجُوزُ بِالْحَجَرِ وَالْعُودِ وَالْعَظْمِ قَالَ اللَّخْمِيُّ الذَّكَاةُ جَائِزَةٌ بِكُلِّ مُجْهِزٍ مِنْ حَدِيدٍ أَو قصب أَو زجاج لما فِي الصحيحن عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفْرَ وَسَأُخْبِرُكَ عَنْهُمَا أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ وَأَمَّا الظُّفْرُ فمدى الْحَبَشَة مَعْنَاهُ عظم يرض وَلَا بفري وَالظُّفْرُ يَخْنُقُ وَلَا يَذْبَحُ أَوْ يَكُونُ ذِكْرُ الْحَبَشَةِ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهُ مِنْ شِعَارِ الْكُفَّارِ فَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ بَابِ النَّهْيِ عَنْ زِيِّ الْأَعَاجِمِ قَالَ وَفِي الْعَظْمِ وَالسِّنِّ وَالظُّفْرِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ أَجَازَ مَالِكٌ وَابْنُ حَنْبَلٍ الْعَظْمَ وَالظُّفْرَ ومنعهما ابْن حبيب وح إِذَا كَانَا مُرَكَّبَيْنِ وَجَوَّزَا الْمَنْزُوعَيْنِ إِنْ أَمْكَنَ الذَّبْحُ بِهِمَا لِكِبَرِهِمَا وَكُرِهَ السِّنُّ وَأُبِيحَ الْعَظْمُ وَمَنَعَ ش الثَّلَاثَةَ حَتَّى لَوْ عُمِلَ الْعَظْمُ نِشَابًا لَأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِي الْحَدِيثِ وَرَدَ مُطْلَقًا وَجَوَابُهُ أَنَّهُ مُعَلَّلٌ بِمَا سَبَقَ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُذَكَّى بِغَيْرِ الْحَدِيدِ إِلَّا عِنْد عَدمه لقَوْله عَلَيْهِ

فِي مُسْلِمٍ إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَ وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ مُدْيَتَهُ وَلْيُرِحْ ذَبِيحَته النّظر الرَّابِع فِي صفة الذَّكَاة وَهِيَ خَمْسَةُ أَنْوَاعٍ عَقْرٌ فِي الصَّيْدِ الْبَرِّيِّ ذِي الدَّمِ وَتَأْثِيرٌ مِنَ الْإِنْسَانِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ بِالرَّمْيِ فِي الْمَاءِ الْحَارِّ أَوْ قَطْعُ الرؤس أَو أرجل أَو أَجْنِحَة فِي الْجَرَادِ وَنَحْوِهِ مِنْ غَيْرِ ذِي الدَّمِ عِنْدَ ابْن الْقَاسِم فِي الْكتاب وَقَالَ أَشْهَبُ فِي مُدَوَّنَتِهِ لَا يُؤْكَلُ إِذَا قُطِعَتْ أَجْنِحَتُهُ أَوْ أَرْجُلُهُ قَبْلَ السَّلْقِ وَلَا من قطع الرؤس قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ أَجْنِحَتُهَا كَصُوفِ الْمَيْتَةِ وَتُؤْكَلُ وَلَوْ سُلِقَتْ أَفْخَاذُهَا بَعْدَ قَطْعِهَا مِنْهَا لَمْ يُؤْكَلِ الْجَمِيعُ لِأَنَّ الْمُبَانَ عَنِ الْحَيِّ مَيْتَةٌ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ وَهَذَا غَلَطٌ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا بُدَّ مِنَ التَّسْمِيَةِ عِنْدَ فِعْلِ الذَّكَاةِ مِنْ سَلْقٍ أَوْ غَيْرِهِ الثَّالِثُ الذَّبْحُ فِي نُحُورِ الْغَنَمِ الرَّابِعُ النَّحْرُ فِي الْإِبِلِ الْخَامِسُ التَّخْيِيرُ بَيْنَهُمَا مَعَ أَفْضَلِيَّةِ الذَّبْحِ فِي الْبَقَرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} الْبَقَرَة 67 وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ نَحَرَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ أَزْوَاجِهِ الْبَقَرَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَأَصْلُ ذَلِكَ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالذَّكَاةِ الْفَصْلُ بَيْنَ الْحَرَامِ الَّذِي هُوَ الْفَضَلَاتُ الْمُسْتَقْذَرَةُ وَبَيْنَ اللَّحْمِ الْحَلَالِ بِأَسْهَلِ الطُّرُقِ على الْحَيَوَان فَمَا طَالَتْ عُنُقه كَالْإِبِلِ فتحره أَسْهَلُ لِزُهُوقِ رُوحِهِ لِقُرْبِهِ مِنَ الْجَسَدِ وَبْعْدِ الذَّبْحِ مِنْهُ وَالذَّبْحُ فِي الْغَنَمِ أَسْهَلُ عَلَيْهَا لِقُرْبِهِ مِنَ الْجَسَدِ وَالرَّأْسِ مَعًا وَلَمَّا تَوَسَّطَتِ الْبَقَرُ بَيْنَ النَّوْعَيْنِ جَازَ الْأَمْرَانِ وَأُشْكِلَ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ النَّعَامَةُ فَفِي الْجَوَاهِرِ أَنَّهَا تُذْبَحُ وَلَمْ يَحْكِ خِلَافًا مَعَ طُولِ عُنُقِهَا وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْإِبِلِ أَنَّ نَحْرَهَا مُمْكِنٌ من جوفها فنحرها شقّ لجوفها وَلذَلِك حُرِّمَ نَحْرُ الْغَنَمِ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ إِذَا نُحِرَ الْفِيلُ انْتُفِعَ بِعَظْمِهِ وَجلده

قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ وَخَصَّهُ بِالنَّحْرِ مَعَ قِصَرِ عُنُقِهِ لِأَنَّهُ لَا عُنُقَ لَهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ النَّحْرُ فِي الْبَقَرَةِ وَيُجْزِئُ مِنْهَا مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَلَمْ يَشْتَرِطُوا فِيهِ الْوَدَجَيْنِ وَالْحُلْقُومَ كَالذَّبْحِ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ إِجْزَاءُ الطَّعْنِ مَا بَيْنَ اللَّبَّةِ وَالْمَنْحَرِ إِذَا كَانَ فِي الْوَدَجِ لِأَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَعَثَ مُنَادِيًا النَّحْرُ فِي الْحَلْقِ وَاللَّبَّةِ وَلَا يَكْفِي الطَّعْنُ فِي الْحُلْقُومِ لِبَقَاءِ الْحَيَاةِ بَعْدَ شَقِّهِ وَإِذَا وَقَعَ النَّحْرُ فِي الْمَنْحَرِ قَطَعَ الْوَدَجَيْنِ لِأَنَّهُ مَجْمَعُهُمَا وَيُجْزِئُ قَطْعُ وَدَجٍ فَائِدَةٌ اللَّبَّةُ وَاللَّبَبُ وَسَطُ الصَّدْرِ وَفِي الْكتاب الذّبْح فِي الْأَوْدَاج والحلقوم لَا يُجْزِئُ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يَعْتَبِرِ الْمَرِّيءَ وَاعْتَبَرَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ مَعَ الْحُلْقُومِ لِأَنَّهُ مَجْرَى الطَّعَامِ وَاعْتَبَرَ ح ثَلَاثَةً مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ لِأَنَّ الْأَقَلَّ تَبَعٌ لِلْأَكْثَرِ لَنَا أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالذَّكَاةِ إِخْرَاجُ الْفَضَلَاتِ بِأَسْهَلِ الطُّرُقِ وَالْمَرِّيءُ مَجْرَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فَقَطْعُهُ لَا يُرْجِئُ الْمَوْتَ وَبَقَاء الوريد مَجْرَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فَقَطْعُهُ لَا يُرْجِئُ الْمَوْتَ وَبَقَاءُ الْوَرِيدِ يَمْنَعُ الْمَوْتَ فَانْحَصَرَ الْمَقْصُودُ فِي الْحُلْقُومِ لِأَنَّهُ مَجْرَى النَّفَسِ وَلَا حَيَاةَ بَعْدَهُ وَفِي الوريدين بتعذر الْحَيَاةِ بَعْدَ الدِّمَاءِ وَسَقْطِ الْمَرِيءِ وَيُؤَكِّدُهُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ فَكُلْ وَإِنْهَارُ الدَّمِ إِنَّمَا يَكُونُ مِنَ الْأَوْدَاجِ وَأَصْلُ الْإِنْهَارِ السَّعَةُ وَمِنْهُ النَّهْرُ لِاتِّسَاعِهِ لِلْمَاءِ وَالنَّهَارُ لِاتِّسَاعِ الضَّوْءِ فِيهِ وَمِنْ ضَرُورَةِ قَطْعِ الْوَدَجَيْنِ قَطْعُ الْحُلْقُومِ غَالِبًا قَالَ لِأَنَّهُ قبلهمَا فَيدل اللَّفْظ على الودجين مُطَابقَة وعَلى الْحُلْقُوم التزاما وَأما المرئ فَوَرَاءَهُمَا مُلْتَصِقٌ بِعَظْمِ الْقَفَا فَلَا يَدُلُّ اللَّفْظُ عَلَيْهِ أَلْبَتَّةَ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ لَا بُدَّ مِنَ الْأَرْبَعَةِ وَالِاكْتِفَاءُ بِالْوَدَجَيْنِ لِخُرُوجِ الدَّمِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ قَطَعَ الْأَوْدَاجَ وَنصف الْحُلْقُوم اجزأ

قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدَّمَاتِ وَفَرَائِضُ الذَّكَاةِ خَمْسٌ النِّيَّةُ إِجْمَاعًا وَقَطْعُ الْوَدَجَيْنِ وَالْحُلْقُومِ وَالْفَوْرُ وَالتَّسْمِيَةُ سُنَّةٌ وَقَالَهُ ش وَصَاحب النكت وَقَالَ صَاحِبُ الْإِكْمَالِ الْمَشْهُورُ وُجُوبُهَا مَعَ الذِّكْرِ دُونَ النسان وَمَتْرُوكُ التَّسْمِيَةِ عَمْدًا لَا يُؤْكَلُ وَقَالَهُ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} الْأَنْعَام 121 وَفِي الْبُخَارِيِّ أَنَّ قَوْمًا قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ قَوْمًا مِنَ الْأَعْرَابِ يَأْتُونَنَا بِاللَّحْمِ لَا نَدْرِي أَذَكَرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ أَمْ لَا قَالَ سَمُّوا اللَّهَ وَكُلُوا وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِهَا وَقَدْ قَالَ الْمُفَسِّرُونَ فِي الْآيَةِ مَعْنَاهَا مَا ذُبِحَ عَلَى مِلَّتِكُمْ فَكُلُوا وَمَا لَا فَلَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ حبيب باسم اللَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا تُجْزِئُ لِأَنَّهُ ذِكْرُ اللَّهِ لَكِنَّ الْعَمَلَ عَلَى باسم اللَّهِ وَالتَّكْبِيرِ وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ وَفَرَّقَ بَيْنَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَاللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي لِأَنَّهُ دُعَاءٌ قَالَ مُحَمَّدٌ وَالْأَفْضَلُ فِي الْأُضْحِيَّةِ رَبَّنَا تَقَبَّلْ منا إِنَّك أَنْت السَّمِيع الْعَلِيم وَفِي الْكِتَابِ لَا يَعْرِفُ مَالِكٌ اللَّهُمَّ مِنْكَ وَلَك خلافًا ل ش وَمَنْ أَمَرَ عَبْدَهُ بِالتَّسْمِيَةِ مَرَّتَيْنِ وَثَلَاثًا وَهُوَ يَقُول سميت لم يَسْمَعْهُ صَدَّقَهُ وَأَكَلَ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ إِنْ ترك التَّسْمِيَة نَاسِيا لَا يضرّهُ 1 لَك قَوْلًا وَاحِدًا أَوْ مُتَهَاوِنًا لَمْ تُؤْكَلْ عَلَى اخْتِلَافٍ أَوْ عَامِدًا فَقَوْلَانِ نَظَائِرُ أَرْبَعٌ مَسَائِلُ أَسْقَطَ مَالِكٌ فِيهَا الْوُجُوبَ مَعَ النِّسْيَانِ التَّسْمِيَةُ وَمُوَالَاةُ الطَّهَارَةِ وَإِزَالَةُ النَّجَاسَةِ وَتَرْتِيبُ الصَّلَاةِ الْفَائِتَةِ مَعَ الْحَاضِرَةِ لِضَعْفِ مَدْرَكِ الْوُجُوبِ بِسَبَبِ تَعَارُضِ الْأَدِلَّةِ فَقَوِيَ السُّقُوطُ بِعُذْرِ النِّسْيَانِ

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ تَهْذِيبِ الطَّالِبِ لَوِ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا عَلَى الذَّبْحِ وَإِسْمَاعِ التَّسْمِيَةِ فَذَبَحَ وَلَمْ يَسْمَعْهُ وَقَالَ سَمَّيْتُ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا لَا شَيْءَ لَهُ مِنَ الْأُجْرَةِ لِفَوَاتِ الشَّرْطِ وَلَا يُغَرَّمُ الذَّبِيحَةَ وَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا لَهُ تَغْرِيمُهُ وَقَالَ أَبُو عمرَان وَهِي مجزئة لِأَنَّهُ إِن أَسَرَّهَا فَالسِّرُّ كَالْعَلَانِيَةِ فِيهَا وَإِنْ نَسِيَ فَنِسْيَانُهَا لَا يَقْدَحُ وَلَا يُظَنُّ بِالْمُسْلِمِ غَيْرُ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الشَّاةُ لِلْبَيْعِ فَيَنْقُصُهَا ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ تَوَرُّعِ النَّاسِ فَلَهُ مَا نَقُصَ وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ أَيْضًا إِنْ كَانَتْ أُجْرَةُ الْإِسْمَاعِ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ السِّرِّ فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَفِي الْكِتَابِ الذَّابِحُ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ وَبِئْسَ مَا صَنَعَ وَيُسَمِّي اللَّهَ عِنْدَ الذّبْح وَليقل باسم اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ذَلِكَ وَلَيْسَ مَوْضِعَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ اللَّخْمِيُّ يُكْرَهُ الذَّبْحُ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ فَإِنْ فَعَلَ أُكِلَتْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ تُؤْكَلُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُتَعَمِّدًا فَتُكْرَهُ وَقَالَ ابْن حبيب إِن الْعمد حُرِّمَتْ وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ قِيَاسًا عَلَى التَّسْمِيَةِ وَالْفَرْقُ لِلْمَذْهَبِ أَنَّ الِاسْتِقْبَالَ أَخَفُّ مِنَ التَّسْمِيَةِ لِعَدَمِ دَلَالَةِ النُّصُوصِ عَلَيْهِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بِخِلَاف التَّسْمِيَة تظافرت النُّصُوصُ عَلَى الْأَمْرِ بِهَا وَإِنَّمَا الذَّبِيحَةُ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ جِهَةٍ فَاخْتِيرَ أَفْضَلُ الْجِهَاتِ وَهِيَ جِهَةُ الْكَعْبَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الِاسْتِقْبَالِ لِلْبَوْلِ وَإِنْ كَانَ الدَّمُ نَجَاسَةً كَالْبَوْلِ وَجْهَانِ أَنَّ الدَّمَ أَخَفُّ

(تفريع)

تَنْجِيسًا لِأَكْلِ قَلِيلِهِ وَالْعَفْوِ عَنْ يَسِيرِهِ وَإنَّ الذَّبَائِح فِي حَبسهَا قُرُبَاتٌ بِخِلَافِ الْبَوْلِ وَأَيْضًا الْبَوْلُ تَنْضَافُ إِلَيْهِ الْعَوْرَة (تَفْرِيع) فِي الْكتاب إِذا نحرت الْغنم إو ذبحت الْإِبِل مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ لَمْ تُؤْكَلْ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ يَسُدُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ النَّحْرِ وَالذَّبْحِ مَسَدَّ الْآخَرِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ لِلْفَصْلِ بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ الَّذِي هُوَ الدَّمُ وَالْوَاقِعُ مِنَ الْغَنَمِ فِي بِئْرٍ لَا يُوصَلُ لِذَكَاتِهِ إِلَّا بَيْنَ اللَّبَّةِ وَالْمَذْبَحِ فَيُذْبَحُ أَوْ يُنْحَرُ وَلَا يَجُوزُ فِي مَوْضِعٍ غَيْرِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَشْرُوعٍ إِلَّا فِي الصَّيْدِ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ وَلَيْسَ هَذَا صَيْدًا قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا عَادَ الْوَحْشِيُّ إِلَى التَّوَحُّشِ بَعْدَ التَّأَنُّسِ فَذَكَاتُهُ بِالِاصْطِيَادِ وَاخْتُلِفَ فِي الْإِنْسِيِّ يَتَوَحَّشُ أَوْ يَسْقُطُ فِي بِئْرٍ فَلَا يُؤْكَل بِمَا يُؤْكَل بِهِ الصَّيْد عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُؤْكَلُ الْبَقَرُ الْمُتَوَحِّشُ بِالْعَقْرِ لِأَنَّ مِنْ جِنْسِهَا مُتَوَحِّشًا وَكَذَلِكَ الْأَنْعَامُ تَقَعُ فِي الْبِئْرِ وَيُعْجَزُ عَن ذكاتها وَقَالَهُ ش إِذا تدفق الدَّمُ لِمَا يُرْوَى أَنَّ رَجُلًا يُقَالُ لَهُ أَبُو العشراء تردى لَهُ بِغَيْر فِي بِئْرٍ فَهَلَكَ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَهُ وَأَبِيك لَو طعنت فِي حاضرتها لَحَلَّتْ لَكَ وَجَوَّزَ أَشْهَبُ النَّحْرَ مَكَانَ الذَّبْحِ وَبِالْعَكْسِ وَقَالَ ابْنُ بَكِيرٍ يُؤْكَلُ الْبَعِيرُ بِالذَّبْحِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَلَا تُؤْكَلُ الشَّاةُ بِالنَّحْرِ لِأَنَّهُ بَعْضُ أَعْضَاءِ الذّبْح

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ الْجَوْزَةُ الَّتِي فِي رَأْسِ الْحُلْقُومِ وَتُسَمَّى الْغَلْصَمَةُ إِنْ وَقَعَ الذَّبْحُ فِيهَا أَجْزَأَ إِذَا اسْتَكْمَلَ دَائِرَهَا فَإِنْ قَطَعَ نِصْفَهَا أُكِلَتْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ وَهُمَا عَلَى أَصْلَيْهِمَا فَإِنْ صَارَ جَمِيعُهَا إِلَى الْبَدَنِ دُونَ الرَّأْسِ لَمْ تُؤْكَلْ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ لِدَلَالَةِ الْحَدِيثِ عَلَيْهَا الْتِزَامًا وَأَشْهَبُ يَرَى انْقِطَاعَ النَّفَسِ حَاصِلًا وَهُوَ كَافٍ فِي زُهُوقِ الرُّوحِ (فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ مِنْ شَرط الذَّكَاة الْفَوْر فَإِن رفع يَده فَبل كَمَالِ الذَّكَاةِ ثُمَّ أَعَادَهَا بَعْدَ طُولٍ لَمْ تُؤْكَلْ أَوْ بِفَوْرِ ذَلِكَ أُكِلَتْ عِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا تُؤْكَلُ وَقَالَ أَيْضًا تُكْرَهُ وَتَأَوَّلَ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ بِمَا إِذَا رَفَعَ يَده مختبرا فَأَتمَّ على الْفَوْر فتؤكل وَإِن رَفَعَ جَازِمًا لَمْ تُؤْكَلْ قَالَ وَلَوْ عُكِسَ لَكَانَ أَبْيَنَ لِأَنَّهُ أَعْذَرُ مِنَ الشَّكِّ قَالَ وَرَأى أَن تُؤْكَل فِي الْحَالين لِأَن الْفَوْر كالمتحد وَفِي تَهْذِيبِ الطَّالِبِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ إِنْ كَانَتْ حِينَ الرَّفْعِ لَوْ تُرِكَتْ لَعَاشَتْ أُكِلَتْ لَأَنَّ الثَّانِيَةَ ذَكَاةٌ مُسْتَقِلَّةٌ وَإِلَّا لَمْ تُؤْكَلْ كَالْمُتَرَدِّيَةِ وَأَخَوَاتِهَا

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا تَمَادَى حَتَّى قَطَعَ الرَّأْس أكلت وَأَن لَمْ يَتَعَمَّدْ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تُؤْكَلُ وَإِنْ تَعَمَّدَ لِحُصُولِ الذَّكَاةِ الْمَشْرُوعَةِ وَزِيَادَةُ الْأَلَمِ بَعْدَ ذَلِكَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ تَعَمَّدَ لَمْ تُؤْكَلْ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ إِلَّا أَنْ يَقْصِدَ ذَلِكَ أَوَّلًا وَلَمْ يَنْوِ مَوْضِعَ الذَّكَاةِ فَلَا تُؤْكَلُ فَإِنْ ذَبَحَ مِنَ الْقَفَا لَمْ تُؤْكَلْ لِنُفُوذِ مَقْتَلِهَا الَّذِي هُوَ النُّخَاعُ قَبْلَ الذَّكَاةِ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ تُؤْكَلُ إِنِ اسْتَمَرَّتِ الْحَيَاةُ عِنْدَ أَعْضَاءِ الذَّبْحِ لِحُصُولِ الذَّكَاةِ فِي الْحَيِّ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يُؤْكَلُ مَا ذُبِحَ مِنْ صَفْحَةِ الْعُنُقِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ لَا تُسْلَخُ الشَّاةُ وَلَا تُنْخَعُ وَلَا يُقْطَعُ شَيْءٌ مِنْهَا حَتَّى تَمُوتَ فَإِنْ فَعَلَ أُكِلَتْ مَعَ الْمَقْطُوعِ وَالنَّخْعُ قَطْعُ مُخِّ عَظْمِ الْعُنُقِ وَمِنْ ذَلِكَ كَسْرُهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ يُكْرَهُ سَنُّ الْمُدْيَةِ بِحَضْرَةِ الشَّاةِ وَالذَّبْحُ بِحَضْرَتِهَا فَقَدْ أَمَرَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ تُحَدَّ الشِّفَارُ وَتُوَارَى عَنِ الْبَهَائِمِ وَرَأَى عُمَرُ رَضِيَ الله عَنهُ رجلا يحد شفرة وَقَدْ أَخَذَ شَاةً لِيَذْبَحَهَا فَضَرَبَهُ بِالدِّرَّةِ وَقَالَ أَتُعَذِّبُ الرُّوحَ أَلَا فَعَلْتَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تَأْخُذَهَا وَتُؤْخَذُ الْبَهِيمَةُ

أَخْذًا رَفِيقًا وَتُضْجَعُ عَلَى شِقِّهَا الْأَيْسَرِ لِيَتَمَكَّنَ بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَلِأَنَّهُ أهيأ لِلْحَيَوَانِ وَلِذَلِكَ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَنَامُ عَلَى الْأَيْمَنِ حَتَّى لَا يَقْوَى نَوْمُهُ فَيَنَامَ عَنْ ورده بِسَبَب ميل الْقلب إِلَيْهِ فِي مَوْضِعِهِ دَاخِلَ الصَّدْرِ وَيُعْلِي رَأْسَهَا وَيَأْخُذُ بِيَدِهِ الْيُسْرَى الْجِلْدَةَ الَّتِي عَلَى حَلْقِهَا مِنَ اللحي الْأَسْفَل فيجد لَحْمَهَا حَتَّى يَتَبَيَّنَ مَوْضِعَ السِّكِّينِ ثُمَّ يُمِرُّ السِّكِّينَ مَرًّا مُجْهِزًا فَإِنْ كَانَ أَعْسَرَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا بَأْسَ بِوَضْعِهَا عَلَى الْأَيْمَنِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُكْرَهُ لِلْأَعْسَرِ الذَّبْحُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ كَرِهَ مَالِكٌ ذَبْحَ الدَّجَاجِ وَالطَّيْرِ قَائِمًا فَإِنْ فُعِلَ أُكِلَتْ وَفِي الْجَوَاهِرِ تُنْحَرُ الْإِبِلُ قَائِمَةً مَعْقُولَةً وَيَجُوزُ غَيْرُ ذَلِكَ وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا} الْحَج 36 أَيْ سَقَطَتْ وَهُوَ يَدُلُّ على نحرها قَائِمَة

(كتاب الأضحية)

(كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ فِيهَا أَرْبَعُ لُغَاتٍ أُضْحِيَّةٌ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَتَسْكِينِ الضَّادِ وَكَسْرِ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَتُكْسَرُ الْهَمْزَةُ وَالْبَاقِي عَلَى حَالِهِ وَالْجَمْعُ أَضَاحِيُّ وَفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَضَحِيَّةٌ عَلَى وَزْنِ فَعْلِيَّةٍ وَالْجَمْعُ ضَحَايَا وَأَضْحَاتٌ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَتَسْكِينِ الضَّادِ وَالْجَمْعُ أَضْحَا مثل أَرْطَأَة وأرطأة وَبَهْمَاةٌ وَبهمَا سُمِّيَ يَوْمُ الْأَضْحَى وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الضُّحَى بِالْقَصْرِ وَهُوَ وَقْتُ طُلُوعِ الشَّمْس أَو من الضحاء المدود مَعَ فَتْحِ الضَّادِ وَهُوَ حِينَ ارْتِفَاعِ النَّهَارِ لِأَنَّهَا تُذْبَحُ فِيهِمَا وَيَتَمَهَّدُ الْفِقْهُ بِالنَّظَرِ فِي مَشْرُوعِيَّتِهَا وَمَا يُجْزِئُ فِيهَا وَزَمَانِهَا وَأَحْكَامِهَا فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَنْظَارٍ النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي مَشْرُوعِيَّتِهَا وَفِي الْكِتَابِ الْأُضْحِيَّةُ وَاجِبَةٌ عَلَى الْمُسْتَطِيعِ مُسَافِرًا أَوْ حَاضرا إِلَّا الْحَاج فَإِن سنتهمْ بِالْهَدْي وساكني منى والمكي الَّذِي يَشْهَدُ الْمَوْسِمَ كَالْآفَاقِيِّ وَقَالَ ح لَا يُؤْمَرُ الْمُسَافِرُ بِالْأُضْحِيَّةِ لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَانَا إِذَا سَافَرَا لَا يُضَحِّيَانِ وَفِي تَهْذِيبِ الطَّالِبِ قَالَ رَبِيعَةُ هِيَ أَفْضَلُ من صَدَقَة

فرع

سَبْعِينَ دِينَارًا وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ أَفْضَلُ مِنَ الْعِتْقِ وَعَظِيمِ الصَّدَقَةِ لِأَنَّ إِقَامَةَ السُّنَّةِ أَفْضَلُ من النطوع وَقَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ يُسْتَحَبُّ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يُضَحِّيَ عَنْ وَلِيِّهِ كَمَا يُسْتَحَبُّ لَهُ الْحَجُّ عَنْهُ وَالصَّدَقَةُ وَفِي التِّرْمِذِيِّ قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَوْصَانِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنْ أُضَحِّيَ عَنْهُ قَالَ وَعِنْدِي أَنَّ الْمَيِّتَ يصل إِلَيْهِ كَمَا عمل يُعلمهُ الْحَيُّ وَفِي الْكِتَابِ لَا تَجِبُ عَلَى مَنْ فِيهِ رِقٌّ لِلْحَجْرِ عَلَيْهِ فِي الْمَالِ قَالَ اللَّخْمِيّ المُرَاد بِالْوُجُوب السّنة المؤكذة وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ لِمَا فِي مُسْلِمٍ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَلَا بَشَرِهِ شَيْئًا فَوَكَلَ ذَلِكَ لِإِرَادَتِهِ وَقَالَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ بِالْوُجُوبِ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ لِتَصْرِيحِهِ بِتَأْثِيمِ مَنْ أَخَّرَ أُضْحِيَّتَهُ عَنْ أَيَّامِ النَّحْرِ وَوَافَقَهُ ح لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَام لأبي بردة فِي جَذَعَة الماعز تجزئك وَلَا تُجزئ أحدا بعْدك والإجزاء فرع شَغْلِ الذِّمَّةِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ بِالتَّأْثِيمِ فِي الْكِتَابِ مَحْمُولٌ عَلَى الْوُجُوبِ وَقِيلَ إِنَّمَا يَثْبُتُ الْوُجُوبُ إِذَا اشْتَرَاهَا (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ أَرَادَ التَّضْحِيَةَ أَلَّا يَقُصَّ شَعَرَهُ وَلَا ظُفُرَهُ إِذَاَ أَهَّلَ ذُو الْحِجَّةِ حَتَّى يُضَحِّيَ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ

فرع

وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلَا يَأْخُذْ مَنْ شَعَرِهِ وَلَا بَشَرِهِ شَيْئًا فَإِذَا ضَحَّى أَخَذَ مِنْ كُلِّ مَا مُنِعَ مِنْ أَخْذِهِ وَقَالَهُ ش وَاخْتُلِفَ فِي تَعْلِيلِهِ فَقِيلَ تَشَبُّهًا بِالْمُحْرِمِينَ وَيُشْكِلُ بِالطِّيبِ وَالْمَخِيطِ وَغَيْرِهِمَا وَقِيلَ لِمَا يُرْوَى عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ كَبِّرْ أُضْحِيَّتَكَ يُعْتِقِ الله بِكُل جُزْء مِنْهَا جزأ مِنْكَ مِنَ النَّارِ وَالشَّعَرُ وَالظُّفُرُ أَجْزَاءٌ فَيُتْرَكُ حَتَّى يَدْخُلَ فِي الْعِتْقِ (فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ مَنْ وُلِدَ يَوْمَ النَّحْرِ أَوْ آخِرَ أَيَّامِهِ يُضَحَّى عَنْهُ وَكَذَلِكَ مَنْ أَسْلَمَ لِبَقَاءِ وَقْتِ الْخِطَابِ بِالْأُضْحِيَّةِ بِخِلَافِ زَكَاةِ الْفطر (فَرْعٌ) وَلَا يُؤمر بهَا من تجعف بِمَالِهِ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ وَيُضَحَّى عَنِ الصَّبِيِّ لِوُجُودِ السَّبَبِ فِي حَقِّهِ وَهُوَ أَيَّامُ النَّحْرِ كَمِلْكِ النِّصَابِ (فَرْعٌ) وَفِي الْبَيَانِ لِلْغُزَاةِ أَنْ يُضَحُّوا مِنْ غَنَمِ الرُّومِ لِأَنَّ لَهُمْ أَكْلَهَا وَلَا يَرُدُّوهَا لِلْمُقَاسِمِ النَّظَرُ الثَّانِي فِيمَا يُجْزِئُ مِنْهَا وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي جِنْسهَا قَالَ اللَّخْمِيّ يخْتَص بالغنم الابل وَالْبَقر وَالْغنم وَالْإِبِلُ دُونَ الْوَحْشِ كَانَ لَهُ نَظِيرٌ مِنَ النَّعَمِ أَمْ لَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى

{عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ الْحَج 28 وَأَفْضَلُهَا الْغَنَمُ ثُمَّ الْبَقَرُ ثُمَّ الْإِبِلُ وَقَالَ ش وح أَفْضَلُهَا الْإِبِلُ ثُمَّ الْبَقَرُ ثُمَّ الْغَنَمُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا الْحَدِيثَ وَلِأَنَّ سَدَّ الْخَلَّاتِ مَطْلُوبٌ لِلشَّرْعِ وَهُوَ مِنَ الْإِبِلِ أَكْثَرُ فَيَكُونُ أَفْضَلَ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ الْقَوْلُ بِالْمُوجِبِ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً وَلَمْ يَقُلْ فِي أَيِّ بَابٍ فَيُحْمَلُ عَلَى الْهَدَايَا وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَعَنِ الثَّانِي أَن الْمَطْلُوب من الضَّحَايَا لَيْسَ كَثْرَةَ اللَّحْمِ وَسَدَّ الْخَلَّاتِ بِخِلَافِ الْهَدَايَا لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ خَيْرُ الْأُضْحِيَّةِ الْكَبْشُ وَلِأَنَّ الْمَطْلُوبَ إِحْيَاءُ قِصَّةِ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وفديناه بِذبح عَظِيم وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ} الصافات 107 قِيلَ جَعَلْنَاهُ سُنَّةً لِلْآخِرِينَ وَلِأَنَّ اللَّهَ وَصَفَهُ بِالْعَظِيمِ وَلَمْ يَحْصُلْ هَذَا الْوَصْفُ لِغَيْرِهِ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى إِن الْمُفَدَّى لَمْ تَكُنْ نَفَاسَتُهُ لِعِظَمِ جِسْمِهِ بَلْ لِعِظَمِ مَعْنَاهُ فَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِدَاؤُهُ تَحْصِيلًا لِلْمُنَاسَبَةِ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا ضَحَّى عَنْ نَفْسِهِ ضَحَّى بِالْكَبْشِ وَفِي مُسْلِمٍ أَمَرَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِكَبْشٍ أَقْرَنَ يَطَأُ فِي سَوَادٍ وَيَنْظُرُ فِي سَوَادٍ فَأُتِيَ بِهِ لِيُضَحى بِهِ قَالَ يَا عَائِشَةُ هَلُمِّي الْمُدْيَةَ ثُمَّ قَالَ اشحذيها بِحجر

(فرع)

فَفَعَلَتْ ثُمَّ أَخَذَهَا وَأَخَذَ الْكَبْشَ فَأَضْجَعَهُ ثُمَّ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ثُمَّ ضَحَّى بِهِ وَحَيْثُ ضَحَّى بِالْبَقَرِ إِنَّمَا كَانَ عَنْ أَزْوَاجِهِ وَقَالَ ابْنُ شعْبَان أفضلهما الْغَنَمُ ثُمَّ الْإِبِلُ ثُمَّ الْبَقَرُ وَقَالَ أَشْهَبُ الْإِبِلُ ثُمَّ الْبَقَرُ وَقَالَ أَيْضًا الْإِبِلُ ثُمَّ الْبَقَرُ ثُمَّ الْغَنَمُ لِمَنْ هُوَ بِمِنًى لِأَنَّهُ لَا أُضْحِيَّةَ عَلَيْهِ بَلْ يَغْلِبُ عَلَيْهِ حُكْمُ الْهَدْيِ وَذُكُورُ كُلِّ جِنْسٍ أَفْضَلُ مِنْ إِنَاثِهِ وَإِنَاثُهُ أَفْضَلُ مِنَ الْجِنْسِ الْآخَرِ وَقَالَ أَيْضًا الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ سَوَاءٌ وَالْفَحْلُ عِنْدَهُ أَفْضَلُ مِنَ الْخَصِيِّ لِشَبَهِهِ بِالْأُنْثَى وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الْخَصِيُّ السَّمِينُ أَفْضَلُ مِنَ الْفَحْلِ الْهَزِيلِ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَام ضحى بكبشين أملحين موجوئين أَي خصيبين لِأَنَّ الْوِجَاءَ الْقَطْعُ فَائِدَةٌ مِنَ الْإِكْمَالِ الْأَمْلَحُ الْأَبْيَضُ كَلَوْنِ الْمِلْحِ يَشُوبُهُ سَوَادٌ مُمَازِجٌ وَالَّذِي يُخَالِطُ بَيَاضَهُ حُمْرَةٌ أَوْ سَوَادٌ تَعْلُوهُ حُمْرَةٌ أَوْ بَيَاضُهُ أَكْثَرُ مِنْ سَوَادِهِ أَوْ فِي خِلَالِ بَيَاضِهِ طَبَقَاتُ سَوَادٍ أَوِ النَّقِيُّ الْبَيَاضِ سِتَّةُ أَقْوَالٍ (فَرْعٌ) قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ الْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ الْأَنْعَامِ وَغَيْرِهَا إِنْ كَانَتِ الْإِنَاثُ مِنْ غَيْرِ الْأَنْعَامِ لَا تُجْزِي اتِّفَاقًا لِأَنَّ الْحَيَوَانَ غَيْرَ النَّاطِقِ إِنَّمَا يَلْحَقُ بِأُمِّهِ وَلِذَلِكَ إِنَّمَا يُسَمَّى يَتِيمًا إِذَا مَاتَتْ أُمُّهُ فَإِنْ كَانَتْ مِنَ الْأَنْعَامِ فَالْإِجْزَاءُ لِأَنَّهَا هِيَ

الْأَصْلُ وَعَدَمُ الْإِجْزَاءِ لِأَنَّ مَوْرِدَ الشَّرْعِ مَا خَلُصَ مِنَ الْأَنْعَامِ وَهَذَا لَمْ يَخْلُصْ فَائِدَةٌ الْأَنْعَام وَالنعْمَة وَالنعَم والنعماء وَالنَّعِيم قَالَ صَاحِبُ كِتَابِ الزِّينَةِ هِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ لَفْظَةِ نَعَمْ فِي الْجَوَابِ لِأَنَّهَا تَسُرُّ النُّفُوسَ غَالِبًا فَاشْتُقَّ اسْمُ مَا يَسُرُّ مِنْهَا وَقِيلَ النَّعَمُ مِنْ نَعَامَةِ الرِّجْلِ وَهِيَ صَدْرُهَا وَهِيَ تَمْشِي عَلَى صُدُورِ أَرْجُلِهَا فَسُمِّيَتْ نَعَمًا الْفَصْلُ الثَّانِي فِي سَنِّهَا وَفِي الْكِتَابِ لَا يُجْزِئُ مَا دُونَ الثَّنِيِّ مِنَ الْأَنْعَامِ كُلِّهَا فِي الضَّحَايَا وَالْهَدَايَا إِلَّا فِي الضَّأْنِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِمَا فِي مُسْلِمٍ قَالَ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ عِنْدِي جَذَعَةٌ مِنَ الْمَعِزِ هِيَ خَيْرٌ مِنْ مُسِنَّةٍ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ اذْبَحْهَا وَلَنْ تُجْزِئَ أَحَدًا بَعْدَكَ وَفِيهِ لَا تَذْبَحُوا إِلَّا مُسِنَّة فَإِنْ عَسُرَ عَلَيْكُمْ فَاذْبَحُوا الْجَذَعَ مِنَ الضَّأْنِ وَالْمُسِنَّةُ هِيَ الثَّنْيَّةُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَسِنُّ الْجَذَعِ مِنَ الضَّأْنِ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَقِيلَ ثَمَانِيَةُ أَشْهُرٍ وَقِيلَ سَنَةٌ وَقَالَهُ ح قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَالثَّنِيُّ مِنَ الْمَعِزِ ابْنُ سَنَتَيْنِ وَقَالَهُ ش وَمِنَ الْبَقَرِ ابْنُ أَرْبَعٍ وَمِنَ الْإِبِلِ ابْنُ سِتٍّ وَقَالَهُ ش وَابْن حَنْبَل قَالَ عبد الْوَهَّاب وح الثَّنِيُّ مِنَ الْمَعِزِ مَا دَخَلَ فِي الثَّانِيَةِ وَمِنَ الْبَقَرِ مَا دَخَلَ فِي الثَّالِثَةِ وَقَالَهُ ش وح وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ أَشْهَبُ وَابْنُ نَافِعٍ وَعَلِيُّ بن زِيَاد وَابْن حبيب الْجذع مَاله سَنَةٌ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَشَرَةُ أَشْهُرٍ وَقِيلَ ثَمَانِيَةٌ وَرُوِيَ عَنْ سَحْنُونٍ وَعَنْ عَلَيٍّ سَنَةٌ قَالَ وَالتَّحَاكُمُ فِي ذَلِكَ إِلَى أَهْلِ اللُّغَةِ وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ عِنْدَهُمْ قَالَهُ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ

تَنْبِيه إِنَّمَا اخْتلف أَسْنَانُ الثَّنَايَا لِاخْتِلَافِهَا فِي قَبُولِ الْحَمْلِ وَالنَّزَوَانِ فَإِنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يَحْصُلُ غَالِبًا فِي الْأَسْنَانِ الْمَذْكُورَةِ وَيَحْصُلُ فِي الْجَذَعِ مِنَ الضَّأْنِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَلَمَّا كَانَ مَا دُونَ الْحَمْلِ مِنَ الْآدَمِيِّ نَاقِصًا فِي حِينِ الصِّغَرِ كَانَ مِنَ الْأَنْعَامِ كَذَلِكَ لَا يَصْلُحُ لِلتَّقَرُّبِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ اسْتِيعَابُ هَذَا الْمَعْنَى الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي صِفَتِهَا وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ أَفْضَلَ نَوْعِهَا وَيُقْتَدَى فِيهَا بِالصِّفَاتِ الْوَارِدَةِ فِي السُّنَّةِ وَلَا يُقْصَدُ بِهَا الْمُبَاهَاةُ وَالْمُفَاخَرَةُ فَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَّا الْخَالِصَ لَهُ فَإِنَّهُ أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ وَفِي الصَّحِيحِ سُئِلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَيُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ فَقَالَ أَغْلَاهَا ثَمَنًا وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا قَالَ صَاحِبُ الْإِكْمَالِ وَالْمَشْهُورُ تَسْمِينُ الْأُضْحِيَّةِ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ كُنَّا نُسَمِّنُ الْأُضْحِيَّةَ بِالْمَدِينَةِ وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يُسَمِّنُونَ وَقَالَ ابْنُ الْقُوطِيِّ يُكْرَهُ لِأَنَّهُ سُنَّةُ الْيَهُودِ وَالْعُيُوبُ الْمُخِلَّةُ بِهَا ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ مَا يُخِلُّ بِاللَّحْمِ كَقَطْعِ الْأُذُنِ وَمَا يُفْسِدُ اللَّحْمَ كَالْمَرَضِ وَالْجَرَبِ وَمَا يُخِلُّ بِالْجَمَالِ فَقَطْ كَشَقِّ الْأُذُنِ وَقَطْعِ الذَّنَبِ الَّذِي لَا لَحْمَ فِيهِ وَعَطَبِ الضَّرع عَن الحلاب فتطرد النُّصُوص فِي ذَلِك ووفي الْكِتَابِ تُجْزِئُ الْمَكْسُورَةُ الْقَرْنِ إِلَّا أَنْ يُدْمِيَ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مَرَضٌ وَلَا تُجْزِئُ الْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا وَلَا الْبَشِمَةُ وَلَا الْجَرِبَةُ لِأَنَّهُمَا مَرَضٌ وَلَا بَأْسَ بِالْبَيَاضِ الْيَسِيرِ فِي الْعَيْنِ عَلَى غَيْرِ النَّاظِرِ وَالشَّقُّ الْوَسْمُ وَيَسِيرُ الْقَطْعِ بِخِلَافِ جُلِّهَا وَلَا يُجْزِئُ الْعَرَجُ الْبَيِّنُ بِخِلَافِ مَا لَا يَمْنَعُ لُحُوقَ

الْغَنَمِ وَلَا تُجْزِئُ الْعَمْيَاءُ وَلَا الْعَوْرَاءُ وَلَا الْعَجْفَاءُ وَلَوْ حَدَثَ ذَلِكَ بَعْدَ الشِّرَاءِ بِخِلَافِ حُدُوثه بالهدايا بعد التقلييد لِأَنَّ الْأُضْحِيَّةَ لَا تَتَعَيَّنُ إِلَّا بِالذَّبْحِ وَلَا تُجْزِئُ النَّاقِصَةُ الْخَلْقِ وَلَا بَأْسَ بِالْجَلْحَاءِ وَهِيَ الْجَمَّاءُ وَالسَّكَّاءُ وَهِيَ الصَّغِيرَةُ الْأُذُنِ وَهِيَ الصَّمْعَاءُ وَمِنْهُ صَوْمَعَةُ الْأَذَانِ لِأَنَّهَا لَا يَبْرُزُ مِنْهَا شَيْءٌ وَلَا تُجْزِئُ الْمَخْلُوقَةُ بِغَيْرِ الْأُذُنَيْنِ وَفِي النَّسَائِيِّ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَرْبَعٌ لَا تَجُوزُ فِي الْأَضَاحِيِّ الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ ضَلْعُهَا وَالْعَجْفَاءُ الَّتِي لَا تنقى قَالَ اللَّخْمِيّ تسحب الْمُنَافَسَةُ فِي الْأُضْحِيَّةِ قِيَاسًا عَلَى الْعِتْقِ بِجَامِعِ الْقُرْبَةِ وَإِذَا كَثُرَ عَيْبٌ مِنْ غَيْرِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي فِي الحَدِيث فَالْمَذْهَب قِيَاسا عَلَيْهَا وَقَصَرَ الْبَغْدَادِيُّونَ ذَلِكَ عَلَى الْأَرْبَعَةِ وَقَالَ ابْن حَنْبَل لَا يجزيء مَا لَا نَقْيَ لَهَا وَهُوَ الشَّحْمُ وَقِيلَ الَّتِي لَا مُخَّ لَهَا فَعَلَى هَذَا تُجْزِئُ أَوَّلَ ذَهَابِ شَحْمِهَا وَلَا يُجْزِئُ الْجَرَبُ الْبَيِّنُ لِأَنَّهُ يفْسد اللَّحْم وَقَالَ ملك تجزيء الْهَرِمَةُ مَا لَمْ يَكُنْ بَيِّنًا وَلَا يُجْزِئُ الْجُنُونُ اللَّازِمُ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الرَّعْيَ فَيَنْتَقِضُ اللَّحْمُ وَيَمْنَعُ الْجِمَالَ بِخِلَافِ مَا يَحْدُثُ فِي الْأَحَايِينِ وَإِذَا ذَهَبَ الْأَكْثَرُ مِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَمْ تُجْزِئْ بِخِلَافِ الْيَسِيرِ مِنْهَا وَالشَّرْقَاءُ الْمَشْقُوقَةُ الْأُذُنِ وَالْخَرْقَاءُ الْمَثْقُوبَتُهَا وَالْمُقَابَلَةُ الْمَقْطُوعُ أُذُنُهَا مِنْ قِبَلِ وَجْهِهَا وَالْمُدَابَرَةُ مِنْ جِهَةِ دُبُرِهَا وَوَافَقَنَا الْأَئِمَّةُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ غَيْرَ أَنَّ ح قَالَ إِذَا حَدَثَ الْعَيْبُ عِنْدَ الذَّبْحِ أَجْزَأَتْ خِلَافًا لِ ش كَأَنَّهُ يَرَى أَنَّ الْعَيْبَ لَمْ يَبْقَ لَهُ زَمَانٌ يَظْهَرُ فِيهِ أَثَرُهُ وَلَمْ ير مَالك وش الْخِصَاءَ عَيْبًا لِأَنَّ الْخُصْيَةَ لَا تُجَمِّلُ

الْحَيَوَانَ وَلَا تُقْصَدُ بِالْأَكْلِ غَالِبًا وَعَدَمُهَا يُطَيِّبُ اللَّحْمَ وَلَا خِلَافَ فِي الْأُنْثَى الْكَثِيرَةِ الْوِلَادَةِ وَالذَّكَرِ الْكَثِيرِ النَّزْوِ إِنْ فَسَدَ لَحْمُهُمَا بِذَلِكَ قَالَ اللَّخْمِيُّ لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ عِنْدَ الْبَغْدَادِيِّينَ ذَهَابُ أَكْثَرِ الْأُذُنِ وَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا يُجْزِئُ مَاله بَالٌ لِنَقْصِ الثَّمَنِ فَمَا كَانَ دُونَ الثُّلُثِ فَيَسِيرٌ أَوْ فَوْقَهُ فَكَثِيرٌ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وح الثُّلُثُ كَمَا هُوَ فِي الدِّيَةِ وَمَنَعَ ش الْإِجْزَاءَ بِذَهَابِ قِطْعَةٍ مِنَ الْأُذُنِ بِخِلَافِ الشَّقِّ وَقَالَ مُحَمَّدٌ النِّصْفُ كَثِيرٌ وَلَا أَحُدُّ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَالشَّقُّ أَيْسَرُ مِنَ الذَّهَابِ فَيُجْزِئُ النِّصْفُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ تَجُوزُ إِذَا ذَهَبَتْ جُمْلَةُ قُرُونِهَا وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا تَجُوزُ الْعَضْبَاءُ وَهِيَ الْمَكْسُورَةُ الْقَرْنِ وَإِنْ لَمْ يُدْمِ بِخِلَافِ ذَهَابِ جارحة فَقَط قَالَ اللَّخْمِيّ وَلَا أرى تُجزئ من ذَلِك مَا يكثر لَهُ شَبِيها وَقَالَ أَشْهَبُ تُجْزِئُ وَإِنْ كَانَتْ تُدْمِي إِذَا كَانَ الْمَرَضُ خَفِيفًا لِسَلَامَةِ اللَّحْمِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ الْمَكْسُورَةُ الْخَارِجِ تُسَمَّى قَصْمَاءَ وَالذَّكَرُ أَقْصَمَ وَالْمَكْسُورَةُ الدَّاخِلِ تُسَمَّى عَضْبَاءَ وَالذَّكَرُ أَعْضَبَ وَقَالَ مَالك فِي الْكَبْش يطول ذَنبه فتنقطع مِنْهُ قَبْضَةٌ يُجْتَنَبُ قَالَ مُحَمَّدٌ الْكَثِيرُ مَكْرُوهٌ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ وَلَا خَيْرَ فِي مَشْطُورِ الضَّرْعِ كُلِّهِ قَالَ صَاحِبُ تَهْذِيبِ الطَّالِبِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا يَبُسَ ضَرْعُهَا كُلُّهُ لَا يُضَحَّى بِهَا وَإِنْ كَانَتْ تُرْضِعُ بِبَعْضِهِ جَازَ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ وَالْمَخْلُوقَةُ بِغَيْرِ ذَنَبٍ لَا تُجْزِئُ لِنُقْصَانِ اللَّحْمِ إِلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِقَصْرِ الْعُيُوبِ عَلَى الْأَرْبَعَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَلَا تُجْزِئُ الذَّاهِبَةُ الْأَسْنَانِ بِكَسْرٍ وَنَحْوِهِ وَقَالَهُ ش وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ تُجْزِئُ إِذَا كَانَ بِإِثْغَارٍ قَالَ مَالِكٌ وَكَذَلِكَ الْكِبَرُ وَمَنَعَهُ مَرَّةً وَالنَّتَنُ فِي الْفَمِ مِمَّا يُتَّقَى لِنُقْصَانِ الْجَمَالِ وَاسْتِلْزَامُهُ يُغَيِّرُ اللَّحْمَ أَوْ بعضه

النَّظَرُ الثَّالِثُ فِي زَمَانِهَا وَفِي الْكِتَابِ يُضَحِّي الْإِمَامُ بِالْمُصَلَّى بَعْدَ الصَّلَاةِ ثُمَّ يَذْبَحُ النَّاسُ بَعْدَهُ وَالذَّبْحُ قَبْلَ صَلَاةِ الْإِمَامِ أَوْ بَعْدَهَا وَقبل ذبحه غير مجزيء ويجزيء أَهْلَ الْبَوَادِي وَمَنْ لَا إِمَامَ لَهُمْ أَقْرَبُ الْأَئِمَّةِ إِلَيْهِمْ فَإِنْ صَادَفُوا قبْلَة أَجْزَأَهُمْ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِمْ الِاجْتِهَادُ كَالْقِبْلَةِ فِي الصَّلَاةِ وَقَدْ فَعَلُوا وَقَالَ ح الْمُعْتَبَرُ الصَّلَاةُ دُونَ الذَّبْحِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي مُسْلِمٍ مَنْ ذَبَحَ أُضْحِيَّتَهُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيَذْبَحْ مَكَانَهَا أُخْرَى وَقَالَ ش الْمُعْتَبَرُ وَقْتُ انْقِضَاءِ الصَّلَاةِ دُونَ الصَّلَاةِ وَالذَّبْحِ وَابْنُ حَنْبَلٍ الْفَرَاغُ مِنَ الصَّلَاةِ وَالْخُطْبَةِ لَنَا مَا فِي مُسْلِمٍ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوَّلُ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ قَدَّمَهُ لِأَهْلِهِ لَيْسَ مِنَ النُّسُكِ فِي شَيْءٍ وَفِي الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَذْبَحُ وَيَنْحَرُ بِالْمُصَلَّى وَفِي الْكِتَابِ أَيَّامُ النَّحْرِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَلَا تُجْزِئُ التَّضْحِيَةُ بِلَيْلٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ} الْحَج 28 فَذَكَرَ الْأَيَّامَ دُونَ اللَّيَالِي وَأَقَلُّ الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ من ضحى

بِلَيْلٍ فَلْيُعِدْ وَسُمِّيَتْ مَعْلُومَاتٍ أَيْ عُلِمَ الذَّبْحُ فِيهَا وَالْأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ ثَلَاثَةٌ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ أَيْ تُعَدُّ فِيهَا الْجِمَارُ فَيَوْمُ النَّحْرِ مَعْلُومٌ غَيْرُ مَعْدُودٍ وَالرَّابِعُ مِنْهُ مَعْدُودٌ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَالْمُتَوَسِّطَانِ مَعْلُومَانِ مَعْدُودَانِ وَفِي الْإِكْمَالِ رُوِيَ عَنْ مَالك الْإِجْزَاء بِاللَّيْلِ وَقَالَهُ ش وح خِلَافًا لِابْنِ حَنْبَلٍ لِانْدِرَاجِ اللَّيَالِي فِي الْأَيَّامِ لُغَةً وَقَالَا الذَّبْحُ ثَلَاثَةٌ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ فَتَكُونُ أَيَّامُ الذَّبْحِ عِنْدَهُمَا أَرْبَعَةً سُؤَالٌ إِذَا فَاتَهُ الذَّبْحُ نَهَارًا لَا يَذْبَحُ لَيْلًا وَإِذَا فَاتَهُ الرَّمْيُ نَهَارًا رَمَى لَيْلًا مَعَ تَنَاوُلِ النَّصِّ الْأَيَّامَ فِيهِمَا فَإِنْ كَانَ اللَّيْلُ يَنْدَرِجُ فَفِيهِمَا وَإِلَّا فَلَا يَنْدَرِجُ جَوَابُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ كُلَّ يَوْمٍ لَهُ رَمْيٌ يَخُصُّهُ فَتَعَيَّنَ الْقَضَاءُ لِلَّيْلِ وَالذَّبْحُ وَاحِدٌ فَلَا ضَرُورَةَ لِليْل وَثَانِيها أَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنَ الْأُضْحِيَّةِ إِظْهَارُ الشَّعَائِرِ وَلِذَلِكَ شُرِعَتْ فِي الْآفَاقِ وَاللَّيْلُ يَأْبَى الظُّهُورَ بِخِلَافِ الرَّمْيِ وَفِي الْجَوَاهِرِ يَنْحَرُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ وَقْتَ ذَبْحِ الْإِمَامِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ قِيَاسًا عَلَى الْيَوْمِ الْأَوَّلِ فَلَوْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ أَجْزَأَهُ قَالَهُ أَصْبَغُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ الذَّبْحُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ أَفْضَلُ لِلسُّنَّةِ وَالْمُبَادَرَةِ إِلَى الطَّاعَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَا يُرَاعَى فِي الْيَوْمَيْنِ ذَبْحُ الْإِمَامِ بَلْ يَجُوزُ بَعْدَ الْفَجْرِ قَالَ مَالِكٌ وَكُرِهَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ بَعْدَ الزَّوَالِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ وَكَذَلِكَ الثَّانِي فَإِنْ زَالَتِ الشَّمْس أخر إِلَى الثَّالِث لشبه الْأُضْحِية بِالصَّلَاةِ مِنْ جِهَةِ ارْتِبَاطِهَا بِهَا وَالصَّلَاةُ لَا تُفْعَلُ بَعْدَ الزَّوَالِ وَقِيلَ الْأَوَّلُ كُلُّهُ أَفْضَلُ مِنَ الثَّانِي وَالثَّانِي كُلُّهُ أَفْضَلُ مِنَ الثَّالِثِ تَعْجِيلًا لِلْقُرْبَةِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَعْرُوفُ قَالَ قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ إِذَا لَمْ يُخْرِجِ الْإِمَامُ أُضْحِيَّتَهُ تَحَرَّوْا ذَبْحَهُ فَإِنْ تَبَيَّنَ خَطَؤُهُمْ أَجْزَأَهُمْ كَالْقِبْلَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَوْ ذَبَحَ رَجُلٌ قَبْلَ ذَبْحِ الْإِمَامِ فِي

مَنْزِلِهِ فِي وَقْتٍ لَوْ ذَبَحَ الْإِمَامُ فِي الْمُصَلَّى لَكَانَ قَبْلَهُ أَجْزَأَهُ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ لَا إِمَامَ لَهُمْ يَتَحَرَّوْنَ أَقْرَبَ الْأَئِمَّةِ إِلَيْهِمْ فَيُخْطِئُونَ لَا يُجْزِئُهُمْ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا ذَبَحَ أَهْلُ الْمُسَافِرِ عَنْهُ رَاعَوْا إِمَامَهُمْ دُونَ إِمَامِ بَلَدِ السَّفَرِ وَلَا يُرَاعَى الْإِمَامُ فِي الْهَدْيِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا لَمْ يُبْرِزِ الْإِمَامُ أُضْحِيَّتَهُ فَذَبَحَ رَجُلٌ قَبْلَهُ لَمْ يُجْزِهِ إِلَّا أَنْ يَتَوَانَى الْإِمَامُ وَكَذَلِكَ إِذَا لَمْ يَذْبَحِ الْإِمَامُ بِالْمُصَلَّى قَالَهُ أَبُو مُصْعَبٍ وَهُوَ أَحْسَنُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يُجْزِئُ لِفَوَاتِ الشَّرْطِ وَالْإِمَامُ الْمُعْتَبَرُ هُوَ الْخَلِيفَةُ الْمُعْتَبَرُ شَرْعًا وَمَنْ أَقَامَهُ وَأَمَّا السُّلْطَانُ يَمْلِكُ بِالْقَهْرِ فَلَا يُعْتَبَرُ هُوَ وَلَا نُوَّابُهُ وَالنَّاسُ مَعَهُ كَأَهْلِ الْبَوَادِي الَّذِينَ لَا إِمَامَ لَهُمْ وَالْخِلَافُ فِي الذَّبْحِ لَيْلًا إِنَّمَا هُوَ فِيمَا عَدَا لَيْلَةَ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ النَّظَرُ الرَّابِعُ فِي أَحْكَامِهَا وَهِيَ قِسْمَانِ قَبْلَ الذَّبْحِ وَبَعْدَهُ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ قَبْلَ الذَّبْحِ وَهُوَ سَبْعَةُ أَحْكَامٍ الْحُكْمُ الْأَوَّلُ تَعْيِينُهَا فَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا قَالَ جَعَلْتُ هَذِهِ أُضْحِيَّتِي تَعَيَّنَتْ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ قِيَاسًا عَلَى تَعْيِينِ الْعَبْدِ لِلْعِتْقِ وَالدَّارِ لِلْحَبْسِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ إِذَا سَمَّى أُضْحِيَّتَهُ فَلَا يَجُزَّهَا لِأَنَّهُ يَنْقُصُهَا قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ لَا تَجِبُ عِنْدَ مَالِكٍ بِالتَّسْمِيَةِ وَقَالَ الْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ إِذَا قَالَ أَوْجَبْتُهَا أُضْحِيَّةً تَعَيَّنَتْ قَالَ وَهُوَ بَعِيدٌ وَلَا تَتَعَيَّنُ عِنْدَ مَالِكٍ إِلَّا بِالذَّبْحِ ثُمَّ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَقَدْ وَقَعَ فِي الْعُتْبِيَّةِ أَنَّهَا تَجِبُ بِالتَّسْمِيَةِ إِذَا قَالَ هَذِهِ أُضْحِيَّتِي بَعْدَ أَنْ حَمَلَهُ فِي الْبَيَانِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ وَحَمَلَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ بِالتَّأْثِيمِ إِذَا أَخَّرَ الْأُضْحِيَّةَ بَعْدَ أَيَّامِ النَّحْرِ عَلَى أَنَّهَا تَجِبُ بِالشِّرَاءِ بِالْأَصَالَةِ وَإِنَّمَا تَجِبُ بِالشِّرَاءِ إِذَا قَصَدَ شِرَاءَهَا لِذَلِكَ وَقَالَ بَعْضُ الْبَغْدَادِيِّينَ إِذَا قَالَ هَذِهِ

أضحيتي وَجَبت وَلَا يجوز أبدا لَهَا فَيَتَلَخَّصُ لِتَعْيِينِ الْأُضْحِيَّةِ خَمْسَةُ أَسْبَابٍ النَذْرُ وَالذَّبْحُ وَالْإِيجَابُ وَالتَّسْمِيَةُ وَالشِّرَاءُ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ إِلَّا بِالْأَوَّلَيْنِ وَفِي الْكِتَابِ لَهُ إِبْدَالُ أُضْحِيَّتِهِ وَلَا بدلهَا إِلَّا بِخَيْرٍ مِنْهَا وَلَا يَسْتَفْضِلُ مِنْ ثَمَنِهَا شَيْئًا وَإِنْ ضَلَّتْ ثُمَّ وَجَدَهَا بَعْدَ أَيَّامِ النَّحْرِ ذَبْحَهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ ضَحَّى بِبَدَلِهَا وَيَصْنَعُ بِهَا مَا شَاءَ وَكَذَلِكَ إِنْ وَجَدَهَا بَعْدَ أَيَّامِ النَّحْرِ وَإِنْ لَمْ يُضَحِّ وَلَوْ حَبَسَهَا حَتَّى خَرَجَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ الْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ إِنَّمَا تَعَيَّنَتِ الْهَدَايَا لِأَنَّ التَّقْلِيدَ وَالْإِشْعَارَ فِعْلُ قُرْبَةٍ فَلَا يَجُوزُ إِبْطَالُهُ وَالضَّحَايَا لَمْ يُوجَدْ فِيهَا إِلَّا مُجَرَّدُ النِّيَّةِ الْحُكْمُ الثَّانِي الِاشْتِرَاكُ فِيهَا وَفِي الْكِتَابِ لَا يَشْتَرِكُ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَذْبَحَهَا عَنْ نَفْسِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ وَإِنْ زَادُوا عَلَى السَّبْعَةِ لِأَنَّهَا شَرِكَةٌ فِي الثَّوَابِ دُونَ اللَّحْمِ وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى كُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ أُضْحِيَّةٌ أَوْ عَتِيرَةٌ وَالْعَتِيرَةُ شَاةٌ كَانَتْ تُذْبَحُ فِي رَجَبٍ ثُمَّ نُسِخَتْ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُضَحِّيَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ شَاةً وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُضَحِّيَ عَنْ زَوْجَتِهِ بِخِلَافِ النَّفَقَةِ لِأَنَّهَا قُرْبَةٌ وَهُوَ لَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ التَّقَرُّبُ عَنْ زَوْجَتِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَكَاةِ الْفِطْرِ أَنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْأَبْدَانِ فَأَشْبَهَتِ النَّفَقَةَ وَأَجَازَ الْأَئِمَّةُ الْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعٍ وَالْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعٍ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ الِاشْتِرَاكَ فِي هذي التَّطَوُّعِ وَيَلْزَمُ ذَلِكَ فِي الْأَضَاحِيِّ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ وُجُوبِهَا وَتَحْصِيلُ الْخِلَافِ فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّ فِي جَوَازِ الِاشْتِرَاكِ قَوْلَيْنِ وَإِذَا قُلْنَا بِهِ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ يَجُوزُ فِي الشَّاةِ وَالْبَدَنَةِ وَالْبَقَرَةِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَبْعَةٍ يَشْتَرِكُ سَبْعَةٌ فَأَكْثَرُ فِي الْبَدَنَةِ وَالْبَقَرَةِ فَقَطْ يَشْتَرِكُ عَشَرَةٌ فِي الْبَدَنَةِ وَسَبْعَةٌ فِي الْبَقَرَةِ وَإِذَا قُلْنَا لَا يَجُوزُ الِاشْتِرَاكُ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْمَنْعُ

مُطْلَقًا الْمَنْعُ فِيمَنْ عَدَا أَهْلَ بَيْتِهِ الثَّالِثُ لَهُ ذَبْحُهَا عَنْهُ وَعَمَّنْ سِوَاهُ وَإِنْ كَانُوا أَهْلَ بَيْتٍ شَتَّى الْمَشْهُورُ الْقِيَاسُ عَلَى الرَّقَبَةِ فِي الْعِتْقِ وَعَلَى الشَّاةِ وَلِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَأْمُور بِمَا يُسمى أضْحِية وجزؤها لَا يُسَمَّى كَذَلِكَ فَلَمْ يَأْتِ بِالْمَأْمُورِ بِهِ فَلَا تُجْزِئُهُ وَأَمَّا قَوْلُ جَابِرٍ نَحَرْنَا عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعٍ وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعٍ فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الذَّبَائِحَ كَانَتْ مِنْ عِنْدِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأُمَّتُهُ عِيَالُهُ فَلِذَلِكَ جَازَ ذَلِكَ وَقَدْ قَالَ رَجُلٌ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اشْتَرَيْتُ بَقَرَةً لِأُضَحِّيَ بِهَا فَوَلَدَتْ فَمَا تَرَى فِيهَا وَفِي وَلَدِهَا فَقَالَ لَا تَحْلِبْهَا إِلَّا فَضْلًا عَنْ وَلَدِهَا وَاذْبَحْهَا وَوَلَدَهَا يَوْمَ النَّحْرِ عَنْ سَبْعٍ مِنْ أَهْلِكَ فَكَذَلِكَ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْأَهْلِ وَمَا يُشْبِهُ الْأَهْلَ وَلَيْسَ فِي تَصْرِيحٍ بِالْأَجَانِبِ بَلْ ذِكْرُ الْعَدَدِ وَالسُّكُوتُ عَنِ الْمَعْدُودِ فَلَا حُجَّةَ فِيهَا عَلَيْنَا وَنَحْنُ مُتَمَسِّكُونَ بِالْقَوَاعِدِ وَالْقِيَاسِ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْأُضْحِيَّةُ عَنِ الْغَيْرِ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ الْقَرِيبُ اللَّازِمُ النَّفَقَةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُضَحِّيَ عَنْهُ إِمَّا بِشَاةٍ شَاةٍ أَوْ عَنِ الْجَمِيعِ بِشَاةٍ أَوْ يُدْخِلُ الْبَعْضُ فِي أُضْحِيَّتِهِ وَعَن الْبَاقِي بِشَاة الثَّانِي الْقَرِيبُ الْمُتَطَوَّعُ بِنَفَقَتِهِ كَالْأَبَوَيْنِ مَعَ الْيَسَارِ وَالْإِخْوَةِ وَابْنِ الْأَخِ وَابْنِ الْعَمِّ فَلَيْسَ عَلَيْهِ التَّضْحِيَةُ عَنْهُمْ وَلَهُ ذَلِكَ عَنِ الْأَقْسَامِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَإِذَا فَعَلَ أَسْقَطَ الْأُضْحِيَّةَ عَنِ الْمُنْفَقِ عَلَيْهِمْ وَإِنْ كَانَ مُخَاطَبًا بِهَا لِلْيَسَارَةِ وَالثَّالِثُ الْأَجْنَبِيُّ الْمُتَطَوَّعُ بِنَفَقَتِهِ إِنْ كَانَ أَشْرَكَهُ فِيهَا لَمْ تُجْزِ وَاحِدًا مِنْهَا الرَّابِع الْأَجْنَبِيُّ الْوَاجِبُ النَّفَقَةَ كَالْأَجِيرِ بِطَعَامِهِ هُوَ كَالثَّالِثِ إِلَّا الزَّوْجَةَ فَلَهُ إِدْخَالُهَا لَمَّا شَمِلَهَا اسْمُ الْأَهْلِ وَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ اللَّهُمَّ هَذَا عَنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَالْآلُ الْأَهْلُ

الْخَامِسُ الْأَجْنَبِيُّ لَا يُنْفِقُ عَلَيْهِ وَلَا يُشْرِكُهُ وَفِي الْكِتَابِ اسْتَحَبَّ مَالِكٌ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ لِمَنْ قَدَرَ دُونَ حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ وَفِي النُّكَتِ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ لَا يُضَحِّي عَمَّنْ فِي الْبَطْنِ يُرِيدُ وَأَمَّا مَنْ كَانَ فِي غَيْرِ الْبَطْنِ فَيُضَحِّي عَنْ كُلِّ نَفْسٍ بِشَاةٍ وَحَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ ذَكَرَ فِيهِ كُنَّا نُضَحِّي بِالشَّاةِ الْوَاحِدَةِ يَذْبَحُهَا الرَّجُلُ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ ثُمَّ تَبَاهَى النَّاسُ فَصَارَتْ مُبَاهَاةً الْحُكْمُ الثَّالِثُ نَسْلُهَا وَغَلَّتُهَا وَفِي الْكِتَابِ إِذَا وَلَدَتْ فَحَسُنَ ذَبْحُ وَلَدِهَا مَعَهَا مِنْ غَيْرِ وُجُوبٍ وَقَالَهُ ش قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ ثُمَّ أَمَرَنِي أَنْ أَمْحُوَ مِنْ غَيْرِ وُجُوبٍ وَأَنَا أَرَى ذَلِكَ غَيْرَ وَاجِبٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ خَرَجَ بَعْدَ الذَّبْحِ حَيًّا فَهُوَ كَأُمِّهِ فَإِنْ وَلَدَتْهُ قَبْلَ الذَّبْحِ قَالَ أَشْهَبُ لَا تَجُوزُ التَّضْحِيَةُ بِهِ لِأَنَّهُ دُونَ السِّنِّ وَهِيَ لَا تَتَعَيَّنُ إِلَّا بِالذَّبْحِ بِخِلَافِ الْمُدَبَّرَةِ وَغَيْرِهَا مِنَ الرَّقِيقِ وَبِخِلَافِ الْهَدْيِ وَإِنْ بَعُدَ زَمَانُ الْوِلَادَةِ عَنِ الذَّبْحِ لَمْ يُذْبَحْ وَاخْتَلَفُوا فِي لَبَنِهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ إِنْ لَمْ يَشْرَبْهُ وَلَدُهَا وَأَضَرَّ بِهَا تَصَدَّقُ بِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ يَصْنَعُ بِهِ مَا شَاءَ وَالصُّوفُ بَعْدَ الذَّبْحِ كَاللَّحْمِ وَفِي الْكِتَابِ لَيْسَ لَهُ جَزُّهُ قَبْلَ الذَّبْحِ لِأَنَّهُ جَمَالٌ لَهَا فَإِنْ جَزَّهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَبِيعُهُ خِلَافًا لِأَشْهَبَ الْحُكْمُ الرَّابِعُ التَّعَدِّي عَلَيْهَا وَفِي الْجَوَاهِر إِن عصبت فَلْيَشْتَرِ بِقِيمَتِهَا أُخْرَى تَوفِيَةً بِالْقُرْبَةِ وَقِيلَ يَصْنَعُ بِالْقِيمَةِ مَا شَاءَ وَلِذَلِكَ لَوْ لَمْ تَفِ الْقيمَة بِشَاة تصدق بهَا بِهِ أَوْ صَرَفَهُ فِيمَا شَاءَ عَلَى الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ

الْحُكْمُ الْخَامِسُ مَوْتُهُ قَبْلَهَا فَفِي الْجَوَاهِرِ وُرِثَتْ عَنْهُ وَاسْتَحَبَّ ابْنُ الْقَاسِمِ ذَبْحَ الْوَرَثَةِ لَهَا عَنْهُ تَنْفِيذًا لِمَا قَصَدَ مِنَ الْقُرْبَةِ وَلَمْ يَرَهُ أَشْهَبُ لِانْتِفَاءِ مِلْكِهِ وَانْقِضَاءِ تَقَرُّبِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ الْحُكْمُ السَّادِسُ مُبَاشَرَةُ ذَبْحِهَا وَفِي الْكِتَابِ إِذَا ذَبَحَهَا وَلَدُكَ أَوْ بَعْضُ عِيَالِكَ مِمَّنْ فَعَلَهُ لِيَكْفِيَكَ مُؤْنَتَهَا بِغَيْرِ أَمْرِكَ أَجْزَأَ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا وَيَضْمَنُ الْقِيمَةَ قَالَ اللَّخْمِيُّ تُسْتَحَبُّ مُبَاشَرَةُ الْأُضْحِيَّةِ اقْتِدَاءً بِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَإِلَّا وَكَّلَ مَنْ لَهُ دِينٌ فَقَدْ كَانَ النَّاسُ يَتَخَيَّرُونَ لِضَحَايَاهُمْ أَهْلَ الدِّينِ لِأَنَّهُمْ أَوْلَى بِالتَّقَرُّبِ فَإِنْ وَكَّلَ تَارِكَ الصَّلَاةِ اسْتُحِبَّ لَهُ الْإِعَادَةُ للْخلاف فِي حل زَكَاته أَوْ كِتَابِيًّا فَفِي الْكِتَابِ لَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْقُرْبَةِ وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لن أستعين بمشرك وَجوزهُ أَشهب وح وَابْنُ حَنْبَلٍ عَلَى كَرَاهَةٍ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الذَّكَاةِ وَالْقُرْبَةُ لَا تَفْتَقِرُ إِلَى نِيَّةِ التَّقَرُّبِ مِنَ الذَّابِحِ بَلْ نِيَّةُ الذَّبْحِ وَنِيَّةُ التَّقَرُّبِ مِنَ الْمَالِكِ وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ مُسْلِمًا فَفَعَلَ وَنَوَى الذَّابِحُ الْقُرْبَةَ أَجْزَأَهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا صَحَّتِ اسْتِنَابَةُ الْكِتَابِيِّ فَلْيَنْوِ الْمُضَحِّي عَنْ نَفْسِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَاذَا ذَبَحَ بِغَيْرِ وَكَالَةٍ مَنْ لَا شَأْنُهُ الْقِيَامُ بِأَمْرِ الذَّابِحِ خُيِّرَ بَيْنَ تَضْمِينِهِ الْقِيمَةَ وَأَخْذِهَا وَمَا نَقَصَهَا الذَّبْحُ وَقَالَ أَشهب لَا يجزيء الذَّبْحُ بِغَيْرِ وَكَالَةٍ وَلَوْ كَانَ وَلَدًا فَقَاسَهَا ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى الْعِتْقِ عَنِ الْغَيْرِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِأَنَّ الْمُعْتَقَ عَنْهُ لَمْ يَنْوِ التَّقَرُّبَ وَلِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَحَرَ عَنْ أَهْلِهِ الْبَقَرَ مِنْ غَيْرِ وَكَالَةٍ

(فرع)

وَقَاسَهَا أَشْهَبُ عَلَى أَصْلِهِ فِي الْعِتْقِ عَنِ الْغَيْرِ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنْ وَكَّلَ بِالتَّضْحِيَةِ وَالنِّيَّةِ جَازَ (فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ لَوْ ذَبَحَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أُضْحِيَّةَ صَاحِبِهِ خَطَأً فَفِي الْكِتَابِ لَا تُجْزِئُ صَاحِبَهَا وَلَا الذَّابِحَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ تُجْزِئُ الذَّابِحَ إِذَا ضَمِنَ تَنْزِيلًا لِلْقِيمَةِ مَنْزِلَةَ الثَّمَنِ فِي الشِّرَاءِ وَقَالَ ح تُجْزِئُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَالْوَكِيلِ وَلَا ضَمَانَ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَالْوَكِيلِ (فَرْعٌ) لَوْ نَوَى الْوَكِيلُ عَنْ نَفْسِهِ أَجْزَأَتْ صَاحِبَهَا وَقَدِ اشْتَرَى ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا شَاةً مِنْ رَاعٍ فَأَنْزَلَهَا مِنَ الْجَبَلِ وَأَمَرَهُ بِذَبْحِهَا فَذَبَحَهَا الرَّاعِي وَقَالَ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنِّي فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ رَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ أَنْزَلَهَا مِنَ الْجَبَلِ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا تُجزئه لِأَن النِّيَّة الْمُعْتَبرَة مَا قاربت الْفِعْلَ الْحُكْمُ السَّابِعُ اخْتِلَاطُهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِذَا اخْتَلَطَتْ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أُضْحِيَّتَهُ ضَحَّى بِهَا وَأَجْزَأَهُ الْقِسْمُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهَا بَعْدَ الذَّبْحِ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ الْحُكْمُ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ لَا تَبِعْ مِنَ الْأُضْحِيَّةِ لَحْمًا وَلَا جِلْدًا وَلَا شَعَرًا وَلَا غَيره وَقَالَهُ

(فرع)

الْأَئِمَّةُ لِأَنَّهَا صَارَتْ قُرْبَةً لِلَّهِ تَعَالَى وَالْقُرُبَاتُ لَا تَقْبَلُ الْمُعَاوَضَةَ وَإِنَّمَا اللَّهُ تَعَالَى أَذِنَ فِي الِانْتِفَاعِ بِهَا وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ مِلْكِ الِانْتِفَاعِ وَمَنْعِ الْبَيْعِ كَأَعْضَاءِ الْإِنْسَانِ لَهُ مَنْفَعَتُهَا دُونَ الْمُعَاوَضَةِ عَلَى أَعْيَانِهَا وَجَوَّزَ ح إِبْدَالَ الْجِلْدِ بِمَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي الْبَيْتِ بَعْدَ بَقَاءِ عَيْنِهِ دُونَ مَا يُسْتَهْلَكُ لِأَنَّ الْبَدَلَ يقوم مقَام الميدل فَإِنْ عَاوَضَ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يتَصَدَّقُ بِهِ وَقَالَ سَحْنُونٌ يَجْعَلُ ذَلِكَ فِي ثَمَنِ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ وَثَمَنَ الْجِلْدِ فِي مَاعُونٍ أَوْ طَعَامٍ تَنْزِيلًا لِلْبَدَلِ مَنْزِلَةَ الْمُبْدَلِ وَقَالَ أَصْبَغُ يَصْنَعُ بِهِ مَا شَاءَ لِأَنَّ هَذِهِ الْعَيْنَ لَمْ تَتَعَلَّقْ بِهَا قُرْبَةٌ (فَرْعٌ) قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ الْمَشْهُورُ مَنْعُ إِجَارَةِ جِلْدِهَا لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ فِي قُرْبَةٍ وَأَجَازَهُ سَحْنُونٌ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي الْمَنْفَعَةِ بَعْدَ بَقَاءِ الْأَصْلِ كَالِاسْتِعْمَالِ (فَرْعٌ) قَالَ التُّونِسِيُّ إِنْ وَهَبَ جِلْدَهَا أَوْ لَحْمَهَا مُنِعَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ الْمَوْهُوبُ لَهُ مِنَ الْبَيْعِ لِتَنْزِيلِهِ مَنْزِلَةَ الْوَاهِبِ وَقِيلَ لَهُ الْبَيْعُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُتَقَرِّبٍ وَإِنَّمَا يمْنَع المتقرب لَيْلًا يَجْتَمِعَ لَهُ الْعِوَضُ الَّذِي هُوَ الثَّمَنُ وَالْمُعَوَّضُ الَّذِي هُوَ مَنْفَعَةُ الْقُرْبَةِ مِنَ الثَّوَابِ وَلِذَلِكَ مُنِعَ بَيْعُ سَائِرِ الْعِبَادَاتِ

فرع

(فَرْعٌ) قَالَ صَاحب الْبَيَان الضَّأْن يَوْم التَّرويَة يَوْم النَّحْر فينحر قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَبِيعُ لَحْمَهَا كَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الْإِمَامِ قَالَ وَلَيْسَ هُمَا سَوَاءً لِأَنَّ الثَّانِيَةَ تُجْزِئُهُ عِنْدَ جَمَاعِةٍ وَالْأُولَى لَيْسَ مَنْعُهَا بِالْبَيِّنِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِقُرْبَةٍ وَإِذَا بَاعَتِ امْرَأَته جِلْدَ أُضْحِيَّةٍ أَوْ لَحْمَهَا تَصَدَّقَ بِالثَّمَنِ إِلَّا أَنْ يُنْفِقُوهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِذَا لَمْ يُرَخِّصْ لَهُمْ فِيهِ أَمَّا إِذَا أَرْخَصَ تَصَدَّقَ بِالثّمن أَو بدله إِن أنْفق وَكَذَلِكَ إِنْ أَنْفَقُوهُ فِيمَا يَلْزَمُهُ الْحُكْمُ الثَّانِي اخْتِلَاطُهَا بَعْدَ الذَّبْحِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ يُجْزِئُ وَيَتَصَدَّقُونَ بِهَا وَلَا يَأْكُلُونَهَا وَقَالَ مُحَمَّد إِذا اخْتلطت رؤسها عِنْدَ الشِّوَاءِ كُرِهَ أَكْلُهَا لَعَلَّكَ تَأْكُلُ مَتَاعَ من لم يَأْكُل متاعك وَلَو اخْتلطت برؤس الشِّوَاءِ لَكَانَ خَفِيفًا لِأَنَّهُ ضَامِنٌ ضَمَانَ لَحْمِ الْأَضَاحِيِّ وَقِيلَ لَيْسَ لَهُ طَلَبُ الْقِيمَةِ فَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ تُؤْكَلُ الشَّاةُ لِأَنَّهُ إِنَّمَا كُرِهَ لاحْتِمَال كَون لاخر لَمْ يَأْكُلْ قَالَ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَعَدَمُ أَكْلِهِ لَا يَمْنَعُ لِأَنَّهُ كَلُقَطَةِ طَعَامٍ لَا يَتَعَيَّنُ وَفِي الشِّوَاءِ أَشَدُّ كَرَاهَةً لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ وَيُمْكِنُ الرَّدُّ عَلَيْهِ الْحُكْمُ الثَّالِثُ مَا يُصْنَعُ بِهَا بَعْدَ الذَّبْحِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ لَيْسَ لِلتَّصَدُّقِ وَالْأَكْلِ حَدٌّ مَعْلُومٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} الْحَج 36 وَلَمْ يُحَدِّدْ وَالْقَانِعُ الْفَقِيرُ وَالْمُعْتَرُّ الزَّائِدُ وَقَالَ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ يَأْكُلُ الثُّلُثَ وَيَتَصَدَّقُ بِالثُّلُثِ

وَيَدَّخِرُ الثُّلُثَ لِمَا فِي مُسْلِمٍ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّمَا كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ لِأَجَلِ الدَّافَّةِ فَكُلُوا وَتَصَدَّقُوا وَادَّخِرُوا وَفِي الْجَلَّابِ يَأْكُلُ الْأَقَلَّ وَيُطْعِمُ الْأَكْثَرَ وَلَوْ قِيلَ يَأْكُلُ الثُّلُثَ وَيُقَسِّمُ الثُّلُثَيْنِ كَانَ حَسَنًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَيَجُوزُ عَدَمُ الْأَكْلِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الْقُرَبِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَنْبَغِي الْأَكْلُ وَالْإِطْعَامُ كَمَا وَرَدَ فِي الْآيَةِ وَأَوْجَبَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ أَكْلُ شَيْءٍ مَا لِظَاهِرِ الْأَمْرِ وَهُوَ عِنْدَنَا مَحْمُولٌ عَلَى الْإِذْن لقرينته الْقُرْبَةِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ الصَّدَقَةُ بِهَا كُلِّهَا أَفْضَلُ لِمَا فِي مُسْلِمٍ أَمَرَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ثَوْبَانَ أَنْ يَصْنَعَ لَهُ أُضْحِيَّتَهُ زَادًا إِلَى الْمَدِينَةِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ أَوَّلُ أَكْلِهِ يَوْمَ النَّحْرِ مِنَ الْأُضْحِيَّةِ وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ مِنْ كَبِدِهَا لِقَوْلِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي خُطْبَتِهِ إِنَّ أَمِيرَكُمْ قَدْ رَضِيَ فِي سَنَتِهِ بِقِطْعَةِ كَبِدٍ مِنْ أُضْحِيَّتِهِ وَكَرِهَ مَالِكٌ إِطْعَامَ الْكَافِرِ مِنْهَا وَإِنْ كَانَ جَارًا أَوْ مُرْضِعَةً لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْقُرَبِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِنَ الْعِيَالِ وَكَانَ مَالِكٌ قَبْلَ ذَلِكَ يُخَفِّفُهُ وَفِي الْحَدِيثِ لَا تُطْعِمُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ لُحُومِ ضَحَايَاكُمْ الْحُكْمُ الرَّابِعُ مَوْتُهُ بَعْدَ ذَبْحِهَا قَالَ التُّونِسِيُّ لَا تُبَاعُ فِي دَيْنِهِ

(فرع)

وَيَأْكُلُهَا الْوَرَثَةُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ غَيْرِ قِسْمَةٍ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ قُرْبَةً بِالذَّبْحِ فَصَارَتْ كَالْحُبْسِ وَلِلزَّوْجَةِ وَجَمِيعِ الْوَرَثَةِ فِيهَا حَقٌّ لِأَنَّ الْمَيِّتَ كَذَلِكَ قَصَدَ وَيَسْتَوِي الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى إِذَا اسْتَوَى الْأَكْلُ وَقَالَ أَشْهَبُ تُقَسَّمُ عَلَى الْمَوَارِيثِ وَلَا يُقْضَى مِنْهَا دَيْنٌ وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْمِيرَاثَ لَا يُقَدَّمُ عَلَى الدَّيْنِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلِلْغَرِيمِ بَيْعُهَا عَلَيْهِ قَبْلَ الذَّبْحِ بِخِلَافِ بَعْدَهُ قَالَ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِالذَّبْحِ فَأَشْبَهَ الْعِتْقَ (فَرْعٌ) قَالَ مَالِكٌ الذَّبِيحُ إِسْحَاقُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَأَهْلُ الْعِرَاقِ وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ إِسْمَاعِيلُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَا ابْنُ الذَّبِيحَيْنِ يَعْنِي عَلَيْهِ السَّلَامُ أَبَاهُ إِسْمَاعِيلَ وَأَبَاهُ عَبْدَ اللَّهِ لِأَنَّ جَدَّهُ عَبَدَ الْمُطَّلِبِ نَذَرَ إِذَا بَلَغَ وَلَدُهُ عَشَرَةً أَنْ يَنْحَرَ مِنْهُمْ وَاحِدًا فَلَمَّا أَكْمَلُوا عَشَرَةً أَتَى بِهِمُ الْبَيْتَ وَضَرَبَ عَلَيْهِمْ بِالْقِدَاحِ لِيَذْبَحَ مَنْ خَرَجَ قَدَحُهُ وَكَتَبَ اسْمَ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى قَدَحٍ فَخَرَجَ قَدَحُ عَبْدِ اللَّهِ فَفَدَاهُ بِعَشَرَةٍ مِنَ الْإِبِلِ ثُمَّ ضَرَبَ عَلَيْهِ وَعَلَى الْإِبِلِ فَخَرَجَ قَدَحُهُ فَفَدَاهُ بِعِشْرِينَ إِلَى أَنْ تَمَّتْ مِائَةً فَخَرَجَ الْقَدَحُ عَلَى

الْجَزُورِ فَنَحَرَهَا وَسَنَّ الدِّيَةَ مِائَةً وَلِأَنَّ الذَّبْحَ كَانَ بِمِنًى وَإِسْحَاقُ كَانَ بِالشَّامِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى بَعْدَ قِصَّةِ الذَّبِيحِ {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ} الصافات 112 فَدَلَّ عَلَى أَنَّ صَاحِبَ الْقِصَّةِ غَيْرُ الْمُبَشَّرِ بِهِ وَلِقَوْلِهِ {وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} هود 71 قَالَ أَئِمَّةُ اللُّغَةِ وَالْوَرَاءُ وَلَدُ الْوَلَدِ وَمِنَ الْمُحَالِ أَنْ يُبَشِّرَهُ بِأَنَّهُ يُعَقِّبُ ثُمَّ يَأْمُرُهُ بِذَبْحِهِ فَيَعْتَقِدُ الْخَلِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ الذَّبْحَ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْعَمَّ يُسَمَّى أَبًا وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَجَازِ مَا رُوِيَ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا بَشَّرَتْهُ الْمَلَائِكَةُ باسحق عَلَيْهِ السَّلَامُ نَذَرَ ذَبْحَهُ إِذَا وُلِدَ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ أَيِ الْعَمَلَ وَالْقُوَّةَ قِيلَ لَهُ أَوْفِ بِنَذْرِكَ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ لاسحق عَلَيْهِ السَّلَامُ يَا بُنَيَّ اذْهَبْ بِنَا نَتَقَرَّبُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى قُرْبَانًا فَذَهَبَا فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ هُوَ الْقُرْبَانُ وَالْقِصَّةُ طَوِيلَةٌ فِي الْمُقَدِّمَاتِ فِي الْأَضَاحِيِّ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ قَدْ قِيلَ كَانَ الذَّبْحُ بِالْمَقْدِسِ أَوْ لِأَنَّ الْخَلِيلَ كَانَ يَرْكَبُ الْبُرَاقَ إِلَى الْحِجَازِ كَمَا وَرَدَ فَلَعَلَّهُ جَاءَ مَعَهُ فِي يَوْمِهِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الْمُرَادَ وبشرناه بنبوة إِسْحَق لِصَبْرِهِ عَلَى الْمِحْنَةِ كَمَا تَقُولُ بَشَّرْتُكَ بِوَلَدِكَ قَادِمًا أَيْ بِقُدُومِهِ لِأَنَّ الْبِشَارَةَ بِالْوُجُودِ فَالْقِصَّةُ وَاحِدَةٌ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا بَعْدُ وَعَنِ الرَّابِعِ أَن لفظ الْوَلَد مُشْتَرَكٌ بَيْنَ وَلَدِ الْوَلَدِ وَالْجِهَةِ الْمُضَادَّةِ لِلْأَمَامِ فَاللَّفْظُ يَصْلُحُ لِلْأَمْرَيْنِ عَلَى حَدِّ السَّوَاءِ فَلَا يدل على احدهما

(كتاب العقيقة)

(كتاب الْعَقِيقَة) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ الْعَقِيقَةُ الشَّعَرُ الَّذِي يَكُونُ عَلَى رَأْسِ الْمَوْلُودِ كَأَنَّ بَقَاءَهُ عُقُوقٌ فِي حَقِّ الْجَنِينِ وَكَذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ أَمِيطُوا عَنْهُ الْأَذَى فَسُمِّيَتِ الشَّاةُ عَقِيقَةً لِأَنَّهَا تُذْبَحُ عِنْدَ حَلْقِهِ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ الْعَقِيقَةُ الذَّبْحُ نَفْسُهُ لِأَنَّهُ قَطْعُ الْأَوْدَاجِ وَغَيْرِهَا وَلِذَلِكَ سُمِّيَ قَطْعُ الرَّحِم عقوقا فالذبيحة عقيقة فَعَلَيهِ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ أَيْ مَقْطُوعَةٍ كَرَهِينَةٍ بِمَعْنَى مَرْهُونَةٍ وَالْعَقِيقَةُ فِي الْإِسْلَامِ لِلْمَوْلُودِ قَالَ مَالِكٌ كَمَا يَعْمَلُهُ أَهْلُ الْكِتَابِ لِدُخُولِ صِبْيَانِهِمْ فِي أَدْيَانِهِمْ كَمَاءِ الْمَعْمُودِيَّةِ وَغَيْرِهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَهِيَ سُنَّةٌ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح بِدْعَةٌ وَفِي النَّسَائِيِّ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كُلُّ غُلَامٍ رَهِينٌ بِعَقِيقَتِهِ تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ وَيُحْلَقُ رَأْسُهُ وَيُسَمَّى وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ وُلِدَ لَهُ مَوْلُودٌ

فَأَحَبَّ أَنْ يُنْسِكَ عَنْهُ فَلْيَفْعَلْ فَالْأَوَّلُ يَدُلُّ عَلَى الطَّلَبِ وَتَعْلِيقُهَا عَلَى الِاخْتِيَارِ فِي الثَّانِي يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ فَيَتَعَيَّنُ النَّدْبُ وَمَنْ وُلِدَ لَهُ وَلَدَانِ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ فَشَاتَانِ وَلَا يُشْتَرَكُ فِيهَا كَالْأُضْحِيَّةِ وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى سَوَاءٌ شَاة وَقَالَ ش وح لِلْغُلَامِ شَاتَانِ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنِ الْغُلَامِ شَاتَانِ مُتَكَافِئَتَانِ وَعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةٌ وَلِأَنَّ النِّعْمَةَ فِي الْغُلَامِ أَتَمُّ فَيكون الشُّكْر أعلا وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ الْمُعَارَضَةُ بِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَقَّ عَنِ الْحَسَنِ كَبْشًا وَعَنِ الْحُسَيْنِ كَبْشًا قَالَ وَهُوَ صَحِيحٌ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهَا قُرْبَةٌ فَيَسْتَوِيَانِ فِيهَا كَالْأُضْحِيَّةِ قَالَ مَالِكٌ وَهِيَ جِنْسُهَا جِنْسُ الْأَضَاحِيِّ الْغَنَمُ وَالْبَقَرُ وَالْإِبِلُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يُعَقُّ إِلَّا بِجَذَعِ الضَّأْنِ وَثَنِيِّ الْمَعِزِ لِأَنَّهُ السُّنَّةُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَهِيَ كَالْأُضْحِيَّةِ فِي سَلَامَتِهَا مِنَ الْعُيُوبِ وَسِنِّهَا وَمَنَعَ بَيْعَ شَيْءٍ مِنْهَا وَتُكَسَّرُ عِظَامُ الْعَقِيقَةِ خِلَافًا لِابْنِ حَنْبَلٍ مُخَالَفَةً لِلْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَفْصِلُونَهَا مِنَ الْمَفَاصِلِ تَفَاؤُلًا بِسَلَامَةِ الْمَوْلُودِ مِنَ الْكَسْرِ وَالِاسْتِعَاذَةُ بِمَا لَمْ يَجْعَلْهُ الشَّرْعُ عَوْذَةً مَمْنُوعٌ وَلِذَلِكَ نَهَى الشَّرْعُ عَنْ شَدِّ الْأَوْتَارِ عَلَى الْخَيْلِ وَالرِّكَابِ قَالَ مَالِكٌ أرَاهُ من الْعين قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ الْكَسْرُ مُبَاحٌ لَيْسَ بِمُسْتَحَبٍّ قَالَ مَالِكٌ وَلَيْسَ عَلَى النَّاسِ حَلْقُ رَأْسِ المولو وَالتَّصَدُّقُ بِوَزْنِ شَعْرِهِ وَرِقًا أَوْ ذَهَبًا وَيَجُوزُ فِعْلُهُ وَاسْتَحْسَنَهُ ش وَفِي الْجَوَاهِرِ كَرِهَهُ مَالِكٌ مَرَّةً وَأَجَازَهُ أُخْرَى وَفِي التِّرْمِذِيِّ عَقَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِشَاةٍ عَنِ الْحَسَنِ وَقَالَ يَا فَاطِمَةُ

احْلِقِي رَأْسَهُ وَتَصَدَّقِي بِزِنَةِ شَعْرِهِ فِضَّةً قَالَ فَوَزَنَّاهُ فَكَانَ وَزْنُهُ دِرْهَمًا أَوْ بَعْضَ الدِّرْهَمِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُلَطَّخَ رَأْسُ الْمَوْلُودِ بِزَعْفَرَانٍ عِوَضًا مِنَ الدَّمِ الَّذِي كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ تَفْعَلُهُ عَلَى رَأْسِهِ مِنَ الْعَقِيقَةِ وَفِي أَبِي دَاوُدَ كُنَّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا وُلِدَ لِأَحَدِنَا غُلَامٌ ذَبَحَ شَاةً وَلَطَّخَ رَأْسَهُ بِدَمِهَا فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ كُنَّا نَذْبَحُ شَاةً وَنَحْلِقُ رَأْسَهُ وَنُلَطِّخُهُ بِزَعْفَرَانٍ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ قَالَ مَالِكٌ وَلَا يُسَمَّى إِلَّا فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ لِلْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ وَمَنْ فَاتَهُ أَنْ يَعُقَّ عَنْهُ فِي الْأُسْبُوعِ الْأَوَّلِ فَلَا يَعُقَّ بَعْدَهُ وَقِيلَ يَعُقُّ فِي الْأُسْبُوع الثَّانِي فَإِن فَاتَهُ فَفِي الثَّالِث وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ فَإِنْ فَاتَهُ فَفِي الرَّابِعِ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ مَالِكٍ وَأَهْلُ الْعِرَاقِ يَعُقُّونَ عَنِ الْكَبِيرِ فَفِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عق نَفْسِهِ بَعْدَ النُّبُوَّةِ وَلِظَاهِرِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ كُلُّ غُلَامٍ رَهِينٌ بِعَقِيقَتِهِ الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَزَالُ مُرْتَهِنًا حَتَّى يُعَقَّ عَنْهُ وَهُوَ مُعَارَضٌ بِالْقِيَاسِ عَلَى فَوَاتِ زَمَانِ الْأُضْحِيَّةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ الْأَسَابِيعَ الثَّلَاثَةَ كَالْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ لِلْأُضْحِيَّةِ يُعَقُّ فِيهَا وَلَا تَتَعَدَّى وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَقَارِ إِنْ فَاتَ الْأَوَّلُ

فَفِي الثَّانِي وَلَا يُتَعَدَّى قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَى السَّابِعِ كتقدم الْكَفَّارَةِ عَلَى الْحِنْثِ وَالزَّكَاةِ عَلَى الْحَوْلِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْيَمِينَ وَالنِّصَابَ سَبَبَانِ وَالْحِنْثَ وَالْحَوْلَ شَرْطَانِ وَتَقْدِيمُ الْحُكْمِ عَلَى شَرْطِهِ إِذَا تَقَدَّمَ سَبَبُهُ يجوز وَالسَّابِع هَا هُنَا سَبَبٌ كَيَوْمِ النَّحْرِ لِلْأُضْحِيَّةِ وَالتَّقْدِيمُ عَلَيْهِ كَالتَّقْدِيمِ عَلَى الْيَمِينِ وَمِلْكِ النِّصَابِ وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ وَفِي الْجَوَاهِرِ تُذْبَحُ ضُحًى كَالضَّحَايَا وَرَوَاهُ مُحَمَّدٌ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا تُذْبَحُ سَحَرًا وَلَا عِشَاءً بَلْ مِنَ الضُّحَى إِلَى الزَّوَالِ قَالَ صَاحب الْبَيَان قَالَ عبد الْملك تُجزئ بَعْدَ الْفَجْرِ قَالَ وَهُوَ الْأَظْهَرُ لِعَدَمِ ارْتِبَاطِهَا بِالصَّلَاةِ فَقِيَاسُهَا عَلَى الْهَدَايَا أَوْلَى مِنَ الضَّحَايَا وَفِي وَقْتِ حِسَابِ السَّابِعِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ سَبْعَةُ أَيَّام بليالها يبتدأ من غرُوب الشَّمْس ويلغى مَا قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ وَقَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَرَوَاهُ فِي الْكِتَابِ إِنْ وُلِدَ بَعْدَ الْفَجْرِ أُلْغِيَ ذَلِكَ الْيَوْمُ أَوْ قَبْلَهُ حُسِبَ وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ إِنْ وُلِدَ قَبْلَ الزَّوَالِ حُسِبَ أَوْ بَعْدَهُ أُلْغِيَ وَقَالَ ابْنُ أَبِي سَلَمَةَ يُحْسَبُ وَلَوْ كَانَ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَيُكَمَّلُ السَّابِعُ إِلَى مِثْلِ تِلْكَ السَّاعَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ وَيَعْمَلُ طَعَامًا وَيَدْعُو إِلَيْهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُعْجِبُنِي جَعْلُهَا صَنِيعًا يَدْعُو إِلَيْهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْإِطْعَامُ كَالْأُضْحِيَّةِ أَفْضَلُ مِنَ الدَّعْوَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ مَنْ مَاتَ وَلَدُهُ قَبْلَ السَّابِعِ فَلَا عَقِيقَةَ عَلَيْهِ وَلَا تَسْمِيَةَ لِفَوَاتِ السَّبَبِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُسَمَّى وَكَذَلِكَ السِّقْطُ وَفِي الْحَدِيثِ يَقُولُ السِّقْطُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَكْتَنِي بِلَا اسْمٍ فَلَمْ يَعْرِفْهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ مَنْ لَا يُعَقُّ عَنْهُ لَا بَأْسَ أَنْ يُسَمَّى

(فرع)

يَوْمَ يُولَدُ وَقَدْ أُتِيَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ يَوْمَ وُلِدَ فَحَنَّكَهُ بِتَمْرَةٍ وَسَمَّاهُ عَبْدَ اللَّهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ كَانَ سَابِعُهُ يَوْمَ الْأَضْحَى قَالَ مَالِكٌ يَعُقُّ بِهَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِلَّا أَنْ يكون آخر أَيَّام منى فَلْيُضَحِّ لِأَنَّ الضَّحِيَّةَ إِمَّا وَاجِبَةٌ وَإِمَّا سُنَّةٌ عَلَى الْخِلَافِ وَالْعَقِيقَةُ إِمَّا سُنَّةٌ مُسْتَحَبَّةٌ أَوْ بِدْعَةٌ عَلَى الْخِلَافِ (فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ قَالَ شَيْخُنَا أَبُو بَكْرٍ الْفِهْرِيُّ إِذَا ذَبَحَ أُضْحِيَّتَهُ لِلْأُضْحِيَّةِ وَالْعَقِيقَةِ لَا تُجْزِئُهُ فَلَوْ طَعَّمَهَا وَلِيمَةً لِلْعُرْسِ أَجْزَأَهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَقْصُودَ فِي الْأَوَّلَيْنِ إِرَاقَةُ الدَّمِ وَإِرَاقَةٌ لَا تُجْزِئُ عَنْ إِرَاقَتَيْنِ وَالْمَقْصُودُ مِنَ الْوَلِيمَةِ الْإِطْعَامُ وَهُوَ غَيْرُ مُنَافٍ لِلْإِرَاقَةِ فَأَمْكَنَ الْجَمْعُ (فَصْلٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ الْخِتَانُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ فِي الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَقَالَ ش فَرْضٌ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى قَصِّ الظُّفْرِ وَسَائِرِ تَحْسِينَاتِ الْبَدَنِ وَيَدُلُّ عَلَى

طَلَبِهِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ فَذَكَرَ الْخِتَانَ وَالْفِطْرَةُ هِيَ السُّنَّةُ وَأَوَّلُ مَنِ اخْتَتَنَ الْخَلِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ من مِائَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً وَعَاشَ بَعْدَهَا عِشْرِينَ سَنَةً وَاخْتُتِنَ إِسْمَاعِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ابْنَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً وَاخْتُتِنَ إِسْحَاقُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ابْنَ سَبْعَةِ أَيَّامٍ وَكَرِهَهُ مَالِكٌ يَوْمَ الْوِلَادَةِ وَيَوْمَ السَّابِعِ لِأَنَّهُ مِنْ فِعْلِ الْيَهُودِ قَالَ وَحَدُّ الْخِتَانِ الْأَمْرُ بِالصَّلَاةِ مِنْ سَبْعِ سِنِينَ إِلَى عَشْرٍ قَالَ ابْنُ حبيب الْخِتَان سنة للرِّجَال مكرمَة لِلنِّسَاءِ وَأَصْلُهُ فِي النِّسَاءِ أَنَّ هَاجَرَ كَانْتْ أَمَةً لِسَارَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَوَهَبَتْهَا لِلْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ثُمَّ غَارَتْ مِنْهَا فَحَلَفَتْ لَتَقْطَعَنَّ مِنْهَا ثَلَاث أشراق فَأَمَرَهَا أَنْ تَثْقُبَ أُذُنَيْهَا وَتُخْفِضَهَا وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِأُمِّ عَطِيَّةَ وَكَانَتْ تَخْفِضُ النِّسَاءَ يَا أُمَّ عَطِيَّةَ أَشِمِّي وَلَا تَنْهَكِي فَإِنَّ ذَلِكَ أَسر لِلْوَجْهِ وَأَحْظَى عِنْدَ الزَّوْجِ يَعْنِي لَا تُبَالِغِي فِي الْقَطْعِ فَإِنَّهُ أَحْسَنُ لِلْوَجْهِ وَلِلْجِمَاعِ وَالشَّأْنُ عَدَمُ الطَّعَامِ فِي ذَلِكَ وَالسَّتْرُ وَأَمَّا خَتْنُ الرَّجُلِ فَكَانُوا يَدْعُونَ إِلَيْهِ وَأَمَرَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالدُّعَاءِ إِلَيْهِ فَقَالَ لَا وَلِيمَةَ إِلَّا فِي خُرْسٍ أَوْ عُرْسٍ أَوْ إِعْذَارٍ فَالْعُرْسُ الْبِنَاءُ بِالزَّوْجَةِ وَالْخُرْسُ نِفَاسُهَا

وَالْإِعْذَارُ الْخِتَانُ كَمَا أَنَّ الْعَتِيرَةَ طَعَامٌ يُبْعَثُ بِهِ لأهل الْمَيِّت والنقيعة طَعَام يعْمل ليصلح بَيْنَ النَّاسِ وَالْقُدُومِ مِنَ السَّفَرِ وَالْوَكِيرَةَ مَا عُمِلَ لِبِنَاءِ الدَّارِ وَنَحْوِهَا وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَدْعُو إِلَيْهِ

(كتاب الصيد)

(كِتَابُ الصَّيْدِ) قَالَ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ مُبَاح للمعاش حَالَة الإختبار وَمَنْدُوبٌ لِسَدِّ الْخَلَّةِ وَالتَّوْسِعَةِ عَلَى الْعِيَالِ وَوَاجِبٌ لِإِحْيَاءِ النَّفْسِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ نَفْسُ الصَّائِدِ أَوْ غَيْرِهِ وَمَكْرُوهٌ لِلَّهْوِ عِنْدَ مَالِكٍ مُبَاحٌ عِنْدَ ابْن عبد الحكم ومحرم بِغَيْرِ نِيَّةِ الذَّكَاةِ عَبَثًا لِنَهْيِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَن تَعْذِيب الْحَيَوَان لغير مأكلة أوما أُدي لترك الصَّلَاةِ وَنَحْوِهِ وَيَتَهَذَّبُ فِقَهُ الْبَابِ بِالنَّظَرِ فِي الصَّائِدِ وَالْمَصِيدِ بِهِ وَالصَّيْدِ وَفِعْلِ الصَّائِدِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ فُصُولٍ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الصَّائِدِ وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ الْمُسْلِمُ الذَّكَرُ الْبَالِغُ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْمَرْأَةَ وَالْمُمَيِّزَ كَالْبَالِغِ وَكَرِهَهُ أَبُو مُصْعَبٍ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الذَّبَائِحِ وَفِي الْكِتَابِ أَقْوَالٌ ثَالِثُهَا الْكَرَاهَةُ وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْمَنْعِ الَّذِي فِي الْكِتَابِ عَلَيْهِ وَبِالْإِبَاحَةِ قَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ لِأَنَّهُ مِنْ أهل الذَّكَاة حجَّة الْمَنْع قَوْله تَعَالَى {وليبلونكم اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ} الْمَائِدَة 94 فَظَاهِرُ الْإِضَافَةِ يَقْتَضِي الِاخْتِصَاصَ وَيَرِدُ عَلَيْهِ مَنْعُ اخْتِصَاصِ الْخِطَابِ بِالْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ أَصْلَ خِطَابِ اللَّهِ تَعَالَى لِلْعُمُومِ

فِي الْكُفَّارِ وَغَيْرِهِمْ سَلَّمْنَاهُ لَكِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ قد قيل إِنَّهَا تَقْتَضِي الْمَنْع لِأَنَّهَا حطاب مَعَ الْمُحْرِمِينَ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِمْ سَلَّمْنَا عَدَمَ ذَلِكَ لَكِنَّ قَوْله تَعَالَى {قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} الْمَائِدَة 4 عَامٌّ فِي الْخَلْقِ وَلَا يُؤْكَلُ صَيْدُ الْمَجُوسِيِّ وَالْمرَاد فِي ذَلِك مامات بِالِاصْطِيَادِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} الْمَائِدَة 5 مَفْهُومُهُ تَحْرِيمُ طَعَامِ مَنْ لَا كتاب لَهُ وهم الجوس وَفِي الْكِتَابِ إِذَا أَرْسَلَ مُسْلِمٌ وَمَجُوسِيٌّ كَلْبًا لمُسلم لم يُؤْكَل الصَّيْد أَو مُسْلِمٌ كَلْبَ مَجُوسِيٍّ أُكِلَ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ الصَّائِدُ دُونَ الْآلَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَإِذَا رَمَى مُسْلِمٌ وَمَجُوسِيٌّ سَهْمَيْهِمَا لَمْ يُؤْكَلْ إِلَّا أَنْ يُوقِنَ إِنْفَاذَ سَهْمِ الْمُسْلِمِ مَقَاتِلَهُ دُونَ سَهْمِ الْمَجُوسِيّ وَقَالَ ش وَقَالَ ابْن حبيب إِن انفذ سَهْمُ الْمُسْلِمِ الْمَقْتَلَ وَوَقَعَ سَهْمُ الْمَجُوسِيِّ فِي أَطْرَافِهِ قُسِّمَ بَيْنَهُمَا قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ فَإِنْ قَالَ الْمَجُوسِيُّ أَنَا لَا آكُلُ ذَبِيحَةَ الْمُسْلِمِ بِيعَ وَقُسِّمَ ثَمَنُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بِمَوْضِعٍ لَا ثمن لَهُ فختص بِهِ الْمُسْلِمُ نَفْيًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ وَالْإِسْلَامُ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَا يُؤْكَلُ صَيْدُ السَّكْرَانِ وَلَا الْمَجْنُونِ لِعَدَمِ النِّيَّةِ وَلَا ذَبِيحَةُ الْأَعْجَمِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ الصَّلَاةَ كَالْمَجُوسِيِّ وَفِي الْكِتَابِ لَا يُؤْكَلُ صَيْدُ الْمُرْتَدِّ لِأَنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَى دِينِهِ فَهُوَ أَسْوَأُ حَالًا مِنَ الْمَجُوسِيِّ الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْمَصِيدِ بِهِ وَهُوَ كل حَيَوَان معلم وَقَالَهُ ش وح لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ الْمُعَلَّمَ وَذكرت اسْم

اللَّهِ عَلَيْهَا فَكُلْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكَ وَإِنْ قَتَلْنَ وَإِنْ أَكَلْنَ فَلَا تَأْكُلْ فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ فَاشْترط التَّعْلِيم ليَكُون كالآلة للصائد لَيْلًا يُمْسِكَ عَلَى نَفْسِهِ فَيَصِيرَ مَيْتَةً أَوْ سِلَاحٌ مَحْدُود رِفْقًا بِالْحَيَوَانِ لِمَا فِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ سَأَلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ عَنِ الْمِعْرَاضِ فَقَالَ إِنْ أَصَابَهُ بِحَدِّهِ فَكُلْ وَإِنْ أَصَابَهُ بِعَرْضِهِ فَلَا تَأْكُلْ فَإِنَّهُ وَقِيذٌ وَقَالَ لِأَبِي ثَعْلَبَةَ مَا أَصَبْتَ بِقَوْسِكَ فَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ وَكُلْ وَفِي الْكِتَابِ الْمُعَلَّمُ مِنَ الْحَيَوَانِ هُوَ الَّذِي إِذَا زُجِرَ انْزَجَرَ وَإِذَا أُرْسِلَ أَطَاعَ وَالسَّلَالِقَةُ وَغَيْرُهَا سَوَاءٌ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ فِي صِفَةِ التَّعْلِيمِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ مَا فِي الْكِتَابِ وَالثَّانِي إِذَا دُعِيَ أَجَابَ مِنَ الْكِلَابِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الطَّيْرِ الِانْزِجَارُ الثَّالِثُ التَّسْوِيَةُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ فِي اشْتِرَاطِ الثَّلَاثَةِ الْأَوْصَافِ الرَّابِعُ الِانْزِجَارُ لَيْسَ شَرْطًا لِقَوْلِهِ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَدْرَكَ الصَّيْدَ يَنْهَشُ وَفَاتَ قَبْلَ ذَكَاتِهِ أَكَلَ قَالَ هَذِهِ حِكَايَةُ اللَّخْمِيِّ وَهُوَ لَيْسَ بِخِلَافٍ وَإِنَّمَا يُقَال كَا مَا يُمْكِنُ مِنَ التَّعْلِيمِ فَهُوَ مُشْتَرَطٌ وَالْمَقْصُودُ انْتِقَالُ الْجَارِحِ عَنْ طَبْعِهِ حَتَّى يَصِيرَ لِلصَّائِدِ كَالْآلَةِ الْمُسْتَعْمَلَةِ قَالَ صَاحِبُ الْإِكْمَالِ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحَدُ قَوْلَيْ ش إِذَا أَكَلَ الْكَلْبُ مِنَ الصَّيْدِ يُؤْكَلُ وَمَذْهَبُ ح وَابْنِ حَنْبَلٍ وَأَحَدُ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَنَا لَا يُؤْكَلُ بِخِلَافِ الْبَازِيِّ عِنْدَنَا وَعِنْدَهُمْ لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} الْمَائِدَة 4 وَهُوَ إِنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ وَالْجَوَاب

عَنِ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي أَبِي دَاوُدَ إِنْ أَكَلَ فَكُلْ فَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِجَعْلِ النَّهْيِ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْآيَةَ إِنَّمَا أَشَارَتْ إِلَى مَنْعِ الْأَكْلِ بِغَيْرِ إِرْسَالٍ قَالَ الْمَازِرِيُّ قَدْ أُنْكِرَ عَلَى الْفُقَهَاءِ إِطْلَاقَهُمُ الْإِشْلَاءَ عَلَى الْإِرْسَالِ وَإِنَّمَا هُوَ الدُّعَاءُ وَلَعَلَّ الْفُقَهَاءَ اسْتَعْمَلُوهُ مَجَازًا لِأَنَّ الدُّعَاءَ قَبْلَ الْإِرْسَالِ وَسَبَبُهُ فَيَكُونُ مِنْ مَجَازِ إِطْلَاقِ التَّسَبُّبِ عَلَى السَّبَب وَلَا يكون الْحَيَوَان معلما بمطاوعته مَرَّةً وَلَا غَيْرَ مُعْلَّمٍ بِمَعْصِيَتِهِ مَرَّةً بَلْ ذَلِكَ رَاجِعٌ إِلَى شَهَادَةِ الْعَادَةِ دُونَ تَحْدِيدٍ عِنْدَ مَالِكٍ وَحَدَّدَ ح بِتَرْكِ الْكَلْبِ لِلْأَكْلِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لِأَنَّهُ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَلِأَنَّ الثَّلَاثَةَ مُعْتَبَرَةٌ فِي مَوَارِدَ عِدَّةٍ مِنَ الشَّرِيعَةِ فِي الْخِيَارِ وَالْهِجْرَانِ والإحراد وَجَوَابُهُ أَنَّ هَذَا قَدْ لَا يُوجِبُ الْوُثُوقَ بِتَعْلِيمِ الْحَيَوَانِ وَاسْتَثْنَى ابْنُ حَنْبَلٍ الْكَلْبَ الْأَسْوَدَ وَخَصَّصَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا الْحَيَوَانَ الْمَصِيدَ بِهِ بِالْكِلَابِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مُكَلِّبِينَ} وَرَآهُ مأخوذا من الْكَلْب وَجَوَابه أَنه مَأْخُوذٌ مِنَ الْكَلَبِ بِتَحْرِيكِ اللَّامِ الَّذِي هُوَ الْحِرْصُ لِأَنَّ الْمُعَلَّمَ يَزْدَادُ حِرْصُهُ بِالزَّجْرِ وَقِيلَ التَّكْلِيبُ التَّسْلِيطُ وَقِيلَ التَّعْلِيمُ سَلَّمْنَا أَنَّهُ مِنَ الْكَلْبِ لَكِنَّ السِّبَاعَ كِلَابٌ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي عُتْبَةَ بْنِ أَبِي لَهَبٍ اللَّهُمَّ سَلِّطْ عَلَيْهِ كَلْبًا مِنْ كِلَابِكَ فَافْتَرَسَهُ الْأَسَدُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ الْفَهْدُ وَجَمِيعُ السِّبَاعِ إِذَا عُلِّمَتْ كَالْكَلْبِ إِلَّا النِّمْسَ لِأَنَّهُ لَا يَفْقَهُ التَّعْلِيمَ قَالَ اللَّخْمِيُّ الصَّيْدُ ذَكَاتُهُ بِتِسْعَةِ شُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ فِي الْجَارِحِ التَّعْلِيمُ

وَالْإِرْسَالُ وَعَدَمُ الرُّجُوعِ وَثَلَاثَةٍ فِي الْمَصِيدِ الْعَجْزُ عَنهُ ورؤية الْجَوَارِح لَهُ احْتِرَازًا من الغيضة أَو يَمُوت من الْجزع لَا من الصدوم وَثَلَاثَةٍ فِي الْمُرْسِلِ صِحَّةُ ذَكَاتِهِ وَإِسْلَامُهُ وَعَدَمُ رُجُوعِهِ عَنِ الطَّلَبِ فَائِدَةٌ الْجَوَارِحُ جَمْعُ جَارِحَةٍ وَقِيلَ مَأْخُوذٌ مِنَ الْجُرْحِ بِضَمِّ الْجِيمِ وَقِيلَ مِنَ الْجَرْحِ بِفَتْحِهَا وَهُوَ الْكَسْبُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ} الْأَنْعَام 60 تَمْهِيدٌ الْمَطْلُوبُ فِي الْحَيَوَانِ الْقَصْدُ إِلَى اسْتِخْرَاجِ الدَّمِ الْحَرَامِ من اللَّحْم الْحَلَال بأسهل الطّرق عَلَيْهِ إِن أَمْكَنَ بِآلَةٍ تَصْلُحُ لِذَلِكَ وَهَذَا كُلُّهُ مُتَيَسِّرٌ فِي الْإِنْسِي ويتعذر فِي الْوَحْشِيِّ اسْتِخْرَاجُ الدَّمِ وَسُهُولَةُ الطَّرِيقِ وَبَقِيَ الْقَصْدُ وَالْآلَةُ وَنُزِّلَ السَّهْمُ مَنْزِلَةَ الْمُدْيَةِ لِضَرُورَةِ النِّفَارِ وَالتَّوَحُّشِ فَهُوَ فِي الْمَرْتَبَةِ الثَّانِيَةِ وَيَلِيهِ فِي الْمَرْتَبَةِ الثَّالِثَةِ الْجَارِحُ لِأَنَّ لَهُ اخْتِيَارًا يبعد بِهِ عَن كَوْنه آلَةً لَكِنَّ عَدَمَ الْعَقْلِ فِيهِ مُخِلٌّ بِاخْتِيَارِهِ فَسقط اعْتِبَاره وَلذَلِك لَا يَصح أَنْ يَكُونَ الْمَجُوسِيُّ آلَةً لِعَقْلِهِ وَكَمَالِ اخْتِيَارِهِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا شَارَكَ الْمُعَلَّمَ غَيْرُ الْمُعَلَّمِ أَوْ كَلْبٌ غَيْرُ مُرْسَلٍ لَا يُؤْكَلُ إِلَّا أَنْ تُعْلَمَ ذَكَاةُ الْمُعَلَّمِ أَوِ الْمُرْسَلِ دُونَ غَيْرِهِ لِعَدَمِ تَيَقُّنِ السَّبَبِ الْمُبِيحِ فَإِنْ أَرْسَلَ جَمَاعَةٌ كِلَابًا وَتَوَافَقَتْ جَمِيعًا أُكِلَ وَهُوَ لَهُمْ وَإِنِ اخْتُصَّ كَلْبُ أَحَدِهِمْ بِقَتْلِهِ اخْتُصَّ بِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَوْ أَرْسَلَ كَلْبًا بَعْدَ كَلْبٍ فَقَتَلَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا أُكِلَ قَالَ أَصْبَغُ مَا لَمْ يَكُنْ إِرْسَالُ الثَّانِي بَعْدَ أَخْذِ الْأَوَّلِ لَهُ فَقَتَلَهُ الثَّانِي أَوْ شَارَكَهُ لِأَنَّهُ صَارَ مَقْدُورًا عَلَيْهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ لَو كَانَ لوَاحِد جارح وَللْآخر اثْنَان افتسما الصَّيْدَ نِصْفَيْنِ أَوْ جَارِحٌ وَاحِدٌ مِلْكُهُمَا فِيهِ مُخْتَلِفُ الْأَجْزَاءِ فَكَذَلِكَ وَالْمَعْرُوفُ مِنَ الْمَذْهَبِ لِمَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّهُ عَلَى قَدْرِ الْأَجْزَاءِ فَكَذَلِكَ الْعَبْدُ وَالْبَازِيُّ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَأَنْكَرَ الْمَازِرِيُّ

(فرع)

عَلَى اللَّخْمِيِّ أَنَّ أَصْلَ الْمَذْهَبِ الْقِسْمَةُ عَلَى عَدَدِ الْكِلَابِ بَلْ قَالَ الْمَذْهَبُ إِلْغَاءُ تَفَاوُتِ الْعَدَدِ وَالْأَجْزَاءِ نَظَائِرُ قَالَ الْعَبْدِيُّ سِتَّةُ مَسَائِلَ تخْتَص بالرؤس دُونَ الْأَنْصِبَاءِ الصَّيْدُ لَا تُعْتَبَرُ فِيهِ كَثْرَةُ الْكلاب وَأُجْرَة الْقَاسِم وكنس المراحض وَحِرَاسَةُ أَعْدَالِ الْمَتَاعِ وَبُيُوتُ الْغَلَّاتِ وَأُجْرَةُ السَّقْيِ عَلَى الْمَشْهُور وحراسة الدَّابَّة وَأَرْبَعَة مَسَائِلَ تُعْتَبَرُ فِيهَا الْأَنْصِبَاءُ الشُّفْعَةُ وَزَكَاةُ الْفِطْرِ عَنِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ وَالتَّقْوِيمُ فِي الْعِتْقِ وَكَنْسُ السَّوَاقِي (فَرْعٌ) قَالَ الْمَازِرِيُّ فَلَوْ غَصَبَ كَلْبًا أَوْ بَازِيًّا فَصَادَ بِهِمَا فَقِيلَ الصَّيْدُ لِلْغَاصِبِ لِأَنَّ الْكَلْبَ لَوِ انْفَرَدَ بِهِ لَكَانَ مَيْتَةً فَالْمُعْتَبَرُ إِنَّمَا هُوَ الصَّائِدُ لِقَصْدِهِ وَتَسْمِيَتِهِ فَيَكُونُ لَهُ وَقيل لصَاحب الْجَارِح لِأَنَّهُ الْمُبَاشر لِلْمُمْسِكِ بِقَصْدِهِ وَقُوَّتِهِ وَالصَّائِدُ مُتَسَبِّبٌ فَيُقَدَّمُ الْمُبَاشِرُ عَلَى الْمُتَسَبِّبِ كَمَا فِي الْقِصَاصِ وَهُوَ لَا يَقْبَلُ الْمِلْكَ فَيَكُونُ لِرَبِّهِ وَلَوْ غَصَبَ سِلَاحًا فَلِلْغَاصِبِ لِأَنَّ السِّلَاحَ لَا قَصْدَ لَهُ وَفِي الْكِتَابِ الْمَصِيدُ بِحَجَرٍ أَوْ بُنْدُقٍ لَا يُؤْكَلُ وَلَوْ بَلَغَ مَقَاتِلَهُ لِأَنَّهُ رَضٌّ وَكَذَلِكَ الْمِعْرَاضُ إِذا أصَاب بعرضه وَقَالَهُ ح وش وَكُلُّ مَا جَرَحَ بِحَدِّهِ أُكِلَ كَانَ عُودًا أَوْ عَصًا أَوْ رُمْحًا وَالْمِعْرَاضُ خَشَبَةٌ فِي رَأْسِهَا زَجٌّ قَالَ صَاحِبُ الْإِكْمَالِ وَقِيلَ سَهْمٌ طَوِيلٌ لَهُ أَرْبَعُ قُذَذٍ رِقَاقٍ إِذَا رُمِيَ بِهِ اعْتَرَضَ وَقَالَ الْخَلِيلُ هُوَ سَهْمٌ دُونَ رِيشٍ وَقِيلَ عُودٌ رَقِيقُ الطَّرَفَيْنِ غَلِيظُ الْوَسَطِ وَالْخَذَفُ لَا يُبَاحُ الرَّمْيُ بِهِ لِأَنَّ مَصِيدَهُ وَقِيذٌ كَالْبُنْدُقِيَّةِ وَعِنْدَ الْجُمْهُورِ لَا يُؤْكَلُ مَا أصَاب

(فرع)

الْمِعْرَاضُ بِعَرَضِهِ خِلَافًا لِأَهْلِ الشَّامِ وَلَا مَصْيَدُ الْبُنْدُقِيَّةِ خِلَافًا لِ ش وَجَمَاعَةٍ فَظَاهِرُ كَلَامِهِ تَحْرِيمُ الرَّمْيِ بِالْبُنْدُقِ ابْتِدَاءً وَإِنْ ذُكِّيَ مَرْمِيُّهِ وَبِهِ قَالَ ش خِلَافًا لِابْنِ حَنْبَلٍ وَلَا يَنْبَغِي خِلَافٌ فِي إِبَاحَةِ الرَّمْيِ بِهِ السِّبَاعَ الصَّوَائِلَ وَالْعَدُوَّ الْمُحَارِبَ وَفِي الْكِتَابِ مَا قَتَلَتِ الْحِبَالَةُ وَهِيَ الشَّرَكُ لَا يُؤْكَلُ إِلَّا مَا ذكي وَلَو كَانَت فِيهِ جَدِيدَة أَنْفَذَتْ مَقَاتِلَهُ لِعَدَمِ التَّسْمِيَةِ عِنْدَ الْقَتْلِ وَقَالَهُ ش خِلَافًا لِابْنِ حَنْبَلٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَلَا يُؤْكَلُ مَصِيدُ السَّهْمِ الْمَسْمُومِ لِأَنَّ مَوْتَهُ قَدْ يَكُونُ بِالسُّمِّ دُونَ السَّهْمِ وَلِأَنَّ آكلَهُ قَدْ يهْلِكُ (فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ مَوْضِعُ نَابِ الْكَلْبِ يُؤْكَلُ عِنْدَنَا لِأَنَّهُ طَاهِرٌ وَقَالَ ش فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ وَابْنُ حَنْبَلٍ يُغْسَلُ سَبْعًا لنجاسة وَيقطع مَوضِع اللعاب (فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مَالِكٌ مِنْ عَمَلِ النَّاسِ اتِّخَاذُ أَبْرِجَةِ الْحَمَامِ وَإِنْ عُمِّرَتْ مِنْ حَمَامِ النَّاسِ قَالَ وَهَذَا إِذَا لَمْ يُحَدَثِ الثَّانِي بِقُرْبِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ قَالَ وَإِذَا دَخَلَ حَمَامُ بُرْجٍ عَلَى آخَرَ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ إِنْ عُرِفَ وَقُدِرَ عَلَى رَدِّهِ رُدَّ وَإِنْ عُرِفَ وَلَمْ يُقْدَرْ عَلَى رَدِّهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِم هُوَ للثَّانِي قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ بَلْ تُرَدُّ فِرَاخُهُ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ أَوْ عُرِفَ وَلَمْ يُعْرَفْ عَيْنُهُ فَلِلثَّانِي لِأَن الْأَوَّلَ إِنَّمَا مَلَكَهُ بِسَبَبِ الْحِيَازَةِ وَقَدْ ذَهَبَتْ لَا أَنه ملك مُحَقّق فَإِن أَوَى إِلَّا دَارِ رَجُلٍ وَلَمْ يُعْلَمْ صَاحِبُهُ وَعُلِمَ أَنَّهُ بَرِيء فَلهُ ملكه

(فرع)

وان عرف بِوَجْه رَدَّهُ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ حمام الْبيُوت رده وَلم يتَعَرَّض لحبسه فَهُوَ لُقَطَةٌ وَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ بَيْعِهِ لِلصَّدَقَةِ بِثَمَنِهِ وَبَيْنَ حَبْسِهِ وَالصَّدَقَةِ بِثَمَنِهِ فَإِنْ حَبَسَهُ وَلم يتَصَدَّق بِشَيْء فواسع لسيارته وَالْأَجْبَاحُ يَجْرِي نَصْبُهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْأَبْرَاجِ فَلَا تُنْصَبُ فِي الْقُرْبِ فَإِنْ فُعِلَ وَلَيْسَ ثمَّ الأنحل مَرْبُوبٌ فَهُوَ فِيمَا دَخَلَ إِلَيْهِ أُسْوَةٌ فَإِنْ كَانَ ثَمَّ نَحْلٌ كَثُرَ غَيْرُ مَرْبُوبٍ فِيمَا دخل إِلَيْهِ فلينصب وَمَا دخل إبيه فَهُوَ لَهُ فَإِن دخل فرخ جبج آخَرَ قَالَ سَحْنُونٌ هُوَ لِمَنْ دَخَلَ إِلَيْهِ كَالْحَمَامِ إِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَدِّهِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَرُدُّهُ إِنْ عَرِفَ مَوْضِعَهُ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ رَدَّ فِرَاخَهُ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَقُولَ بِرَدِّ ذَلِكَ الْعَسَلِ وَانْتِقَالُ الْمِلْكِ فِي النَّحْلِ أَقْوَى مِنَ الْحَمَامِ لِأَنَّهُ يُصَادُ وَالنَّحْلُ لَا يُصَادُ بَلْ يَأْوِي بِنَفْسِهِ وَفِي الْكِتَابِ مَنْ صَادَ حَمَامَ بُرْجٍ رَدَّهُ إِنْ قَدِرَ وَإِلَّا فَلَا وَمَنْ وَضَعَ جَبَحًا فَلَهُ مَا دَخَلَ مِنَ النَّحْلِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ التُّونِسِيُّ إِذا تزوجت جمَاعَة مِنَ الْبُيُوتِ مَعَ ذَكَرٍ لَهُ رَدَّهَا لَهُ مَعَ نصف الْفِرَاخ فَإِن الْأَب وَالأُم يستركان فِي الْفَرْخِ وَقَالَ مُطَرِّفٌ لَا يُتَّخَذُ النَّحْلُ وَالْحَمَامُ حَيْثُ يُؤْذِيَانِ فِي الثِّمَارِ وَالزُّرُوعِ وَجَوَّزَهُ أَصْبَغُ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ مِنْ قَتَلَ كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ زَرْعٍ أَوْ ضَرْعٍ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ أَوْ مِنْ كِلَابِ الدُّورِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا تُقْتَلُ وَلَا تُتْرَكُ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ كَلْبٍ سُوقِيٍّ وَلَا غَيْرِهِ لِنَهْيِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ قَالَ صَاحِبُ الْإِكْمَالِ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ قَتْلُ الْكِلَابِ إِلَّا مَا اسْتُثْنِيَ لِلصَّيْدِ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ وَعِنْدِي أَنَّ الْجَمْعَ بَين الْأَحَادِيث الِاقْتِصَار بالفتل عَلَى الْأَسْوَدِ الْبَهِيمِ

الْفَصْل الثَّالِث فِي المصيد وَفِي الْجَوَاهِرِ كُلُّ حَيَوَانٍ مَأْكُولِ اللَّحْمِ مَعْجُوزٍ عَنْهُ فِي أَصْلِ خِلْقَتِهِ احْتِرَازًا مِنَ النَّادِّ مِنَ الْأَنْعَامِ قَالَهُ فِي الْكِتَابِ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ مُرَاعَاةً لِلْأَصْلِ وَلِأَنَّ الذَّكَاةَ بِالْعَقْرِ عَلَى خِلَافِ الأَصْل أَيْضا وحجتهم أَن الْمُوجب لزكاة الْعقر هُوَ الْعَجز وَهُوَ مَوْجُود فَنحْن نقصنا هَذِهِ الْعِلَّةَ وَهُمْ طَرَدُوهَا وَأَجَازَ ابْنُ حَبِيبٍ ذَلِكَ فِي الْبَقَرِ خَاصَّةً لِأَنَّ لَهَا أَصْلًا فِي التَّوَحُّشِ وَفِي الْكِتَابِ مَا دَجَنَ مِنَ الْوَحْش ثمَّ تَوَّحَشَ أُكِلَ بِالْعَقْرِ لِاجْتِمَاعِ الْأَصْلِ فِي الْعِلَّةِ وَفِي مُسلم أصبْنَا نهب إبل وغنم فندمنها بِغَيْر فَرَمَاهُ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فَحَبَسَهُ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِن لهَذِهِ الْإِبِل أَو ابد كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ فَإِذَا غَلَبَكُمْ مِنْهَا شَيْءٌ فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا وَجَوَابُهُ لَيْسَ فِيهِ أَنَّ السَّهْمَ قَتَلَهُ بَلْ حَبَسَهُ وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ وَيُسْتَدَلُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى تَذْكِيَةِ الْمُتَرَدِّي فِي مَهْوَاةٍ مِنَ الْأَنْعَامِ فَائِدَةٌ أَبَدَتِ الدِّيَارُ وَالْحَيَوَانَاتُ تَأَبُّدًا إِذَا تَوَحَّشَتْ وَأَتَى بِآبِدَةٍ أَيْ بِكَلِمَةٍ مُتَوَحِّشَةٍ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْحَيَّةُ وَغَيْرُهَا مِنَ الْمَعْجُوزِ عَنْهُ تُؤْكَلُ بِالْعَقْرِ كَالصَّيْدِ فَإِنْ قُدِرَ عَلَيْهَا فَكَالْأَنْعَامِ تَنْبِيه الْحَيَّة مَتى أكلت بالعقر قتل آكلهَا بَلْ لَا يُمْكِنُ أَكْلُهَا إِلَّا بِذَكَاةٍ مَخْصُوصَةٍ تَقَدَّمَتْ فِي الْأَطْعِمَةِ الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي فعل الصَّائِد وَالصَّيْدُ ابْتِدَاءً إِرْسَالُ الْجَارِحِ أَوِ

السِّلَاحِ الْمُحَدَّدِ نَاوِيًا بِذَلِكَ الصَّيْدَ وَالذَّكَاةَ مُسَمِّيًا لِلَّهِ تَعَالَى وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَاشْتَرَطَ ش رُؤْيَةَ الْمَنَوِيِّ وَفِي الْكِتَابِ لَا بُدَّ مِنَ التَّسْمِيَةِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ الْمُعَلَّمَ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ فَكُلْ فَإِنْ تَرَكَهَا عَمْدًا لَو تُؤْكَل وَقَالَهُ ح وَابْن خنبل خِلَافًا لِ ش أَوْ غَيْرَ عَمْدٍ أُكِلَ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ إِنْ تَرَكَهَا نَاسِيًا لَا يَضُرُّ قَوْلًا وَاحِدًا وَمُتَهَاوِنًا لَمْ تُؤْكَلْ أَوْ عَامِدًا فَقَوْلَانِ نَظَائِر أَربع مسَائِل أسقط مَالك فِيهَا الْوُجُوبَ مَعَ النِّسْيَانِ التَّسْمِيَةُ وَالْمُوَالَاةُ فِي الطَّهَارَةِ وَإِزَالَةُ النَّجَاسَةِ وَتَرْتِيبُ الْفَوَائِتِ مِنَ الصَّلَوَاتِ لضعف دَلِيل الْوُجُوب بِسَبَب تعَارض المدارك فتقوي الْإِسْقَاطُ بِعُذْرِ النِّسْيَانِ وَأَمَّا النِّيَّةُ فَقَالَ اللَّخْمِيُّ الْمَصِيدُ أَرْبَعَةٌ حَلَالٌ كَالْغِزْلَانِ وَنَحْوِهَا مِنَ الْوَحْشِ وَالطير غير ذِي الْمِخْلَبِ فَلَا يَحِلُّ صَيْدُهُ إِلَّا بِالنِّيَّةِ أَوْ بِتَذْكِيَةٍ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَحَرَامٌ كَالْخِنْزِيرِ يَجُوزُ قَتْلُهُ بِغَيْرِ نِيَّةٍ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَام لينزلن فِيكُم عِيسَى بن مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا فَيَكْسِرُ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ إِلَّا أَن يضْطَر أحد إِلَى أكله فَيُسْتَحَب لَهُ تَذْكِيَتُهُ وَمَكْرُوهٌ كَسِبَاعِ الْوَحْشِ يُخَيَّرُ بَيْنَ نِيَّةِ الذَّكَاةِ عَلَى الْكَرَاهَةِ أَوْ نِيَّةِ الْقَتْلِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالتَّحْرِيمِ فَكَالْخِنْزِيرِ وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ كَالثَّعْلَبِ وَالضَّبْعِ إِنْ أَرَادَ الْأَكْلَ نَوَى وَمَا كَانَ ذَا مخلب مؤذ كالغراب خير بَين ميه بِنِيَّةِ الذَّكَاةِ أَوِ الْقَتْلِ وَاخْتُلِفَ فِي جَوَازِ قَتْلِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُؤْذِيَ

(تفريع)

(تَفْرِيعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا تَوَارَى الْكَلْبُ وَالصَّيْدُ ثمَّ وجد مَيِّتًا فِيهِ أَثَرُ كَلْبِهِ أَوْ بَازِيِّهِ أَوْ سَهْمه أكله فَإِن بَات لم يَأْكُلهُ وَإِن نفذت مقاتله أَوْ وَجَدَ فِيهِ سَهْمَهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَنْقَلِبُ عَلَى السَّهْمِ فَيُنَفِذُ مَقَاتِلَهُ بِغَيْرِ فِعْلِ الصَّائِدِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا غَابَ الصَّيْدُ مِنْ غَيْرِ بَيَاتٍ فَلَهُ أَرْبَعُ حَالَاتٍ يُؤْكَلُ فِي حَالَتَيْنِ إِذَا عَرَفَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ بَازِيُّهُ وَلَا فِيهِ سَهْمُهُ أَوْ فِيهِ سَهْمُهُ وَمَعَهُ بازيه أَو كَلْبه وَلَا يُؤْكَل فِي حَالين إِذَا لَمْ يَعْرِفُهُ وَلَا فِيهِ سَهْمٌ وَلَا مَعَه جارح وبقربه صَيْدٌ يُشَكِّكُهُ فِيهِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ فِي إِبَاحَتِهِ إِذَا فَاتَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا مَا تَقَدَّمَ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كُلْ مَا أَصْمَيْتَ وَدَعْ مَا أَنْمَيْتَ وَالْإِصْمَاءُ مَا حَضَرَ مَوْتُهُ وَالْإِنْمَاءُ مَا غَابَ عَنْهُ مَوْتُهُ وَثَانِيهَا الْإِبَاحَةُ وَقَالَهُ ح عَمَلًا بِالْغَالِبِ وَثَالِثُهَا التَّفْرِقَةُ بَيْنَ السَّهْمِ فَيَحِلُّ لِأَنَّ أَثَرَهُ لَا يَخْتَلِطُ بِغَيْرِهِ بِخِلَافِ الْجَارِحِ وَحَكَى اللَّخْمِيُّ قَوْلًا بِالْكَرَاهَةِ وَفِي الْكِتَابِ وَلَوْ تَوَارَى فَرَجَعَ فَوَجَدَهُ مَيتا من يَوْمه لم يَأْكُلهُ إِذا لَعَلَّهُ لَوْ بَقِيَ أَدْرَكَ ذَكَاتُهُ وَهُوَ مُفَرِّطٌ بِالرُّجُوعِ عَنْهُ وَمَتَى أَدْرَكَ الصَّيْدَ لَمْ تُنْفَذْ مَقَاتِلُهُ وَتَرَكَهُ حَتَّى قَتَلَهُ الْجَارِحُ لَمْ يُؤْكَلْ لِأَنَّهُ صَارَ مَقْدُورًا عَلَيْهِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَكَذَلِكَ لَوِ اشْتَغَلَ بِإِخْرَاجِ السِّكِّينِ أَوِ انْتِظَارِ عَبْدِهِ حَتَّى قَتَلَهُ الْجَارِحُ وَقَالَهُ ش فَإِنْ أَدْرَكَهُ مَنْفُوذَ الْمَقَاتِلِ يَضْطَرِبُ فَحَسَنٌ أَنْ يَفْرِيَ أَوْدَاجَهُ إيحاء لِلْمَوْتِ فَإِنْ تَرَكَهُ أُكِلَ لِأَنَّهُ مَنْفُوذُ الْمَقَاتِلِ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى خَلَاصِهِ مِنَ الْجَارِحِ لَمْ يُؤْكَلْ إِلَّا بِالذَّكَاةِ وَإِنْ غَلَبَ أُكِلَ إِلَّا أَنْ يَقْدِرَ عَلَى تَذْكِيَتِهِ فِي أَفْوَاهِهَا وَلَوْ ذَكَّاهُ فِي أَفْوَاهِهَا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى خَلَاصِهِ لم يُؤْكَل إِذا شكّ أذكاته قتلته أَو نَهْشًا فَإِنْ تَيَقَّنَ ذَكَاتَهُ أَكَلَ

(فرع)

وَإِنْ أَدْرَكَهُ غَيْرَ مَنْفُوذِ الْمَقَاتِلِ وَلَيْسَ مَعَهُ مَا يُذَكِّيهِ بِهِ حَتَّى أُنْفِذَتْ مَقَاتِلُهُ لَمْ يُؤْكَلْ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَصْبَغُ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الصَّيْدِ الْبَائِتِ عَنْهُ خَطَأٌ عَنْ بَلَاغٍ ضَعِيفٍ وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ إِذَا انفذالهم مَقَاتِلَهُ ثُمَّ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ أُكِلَ قَالَ ابْن الْقَاسِم فِي العتيبة إِذَا اشْتَغَلَ بِإِخْرَاجِ الْمُدْيَةِ مِنْ حِزَامِهِ حَتَّى مَاتَ أُكِلَ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُفَرِّطٍ بِخِلَافِ إِخْرَاجِهَا مِنْ جُرْحِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَوْضِعَهَا (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَوْ مَرَّ بِهِ غَيْرُ صَاحِبِهِ فَلَمْ يُخَلِّصْهُ مِنَ الْجَارِحِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ لَمْ يُؤْكَلْ وَعَلَيْهِ قِيمَةٌ مَجْرُوحًا قَالَ اللَّخْمِيُّ يُرِيدُ إِذَا كَانَ مَعَهُ مَا يُذَكِّيهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أُكِلَ وَاخْتُلِفَ فِي تَغْرِيمِهِ الْقِيمَةَ قَالَ وَعَدَمُ الْغُرْمِ أَحْسَنُ لَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ يَجْهَلُ أَنَّ لَهُ ذَكَاتَهُ وَلَوْ مَرَّ بِشَاةٍ فَخَشِيَ عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَلَمْ يُذَكِّهَا لَمْ يَضْمَنْهَا لِأَنَّهُ يَخَافُ عَدَمَ التَّصْدِيقِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ لَا يُغَرَّمُ الْمَارُّ مُطْلَقًا وَخَرَّجَ ابْنُ مُحْرِزٍ الْقَوْلَيْنِ عَلَى الْخِلَافِ فِي التَّرْكِ هَلْ هُوَ فِعْلٌ فَيَضْمَنُ أَمْ لَا وَيَخْرُجُ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مَنْ رَأَى إِنْسَانًا يَسْتَهْلِكُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِمَالِهِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى خَلَاصِهِ وَلَمْ يَفْعَلْ وَالَّذِي لَا يُؤَدِّي الشَّهَادَةَ حَتَّى يُتْلِفَ الْحَقَّ أَوْ يَحْبِسُ الْوَثِيقَةَ عِنْدَهُ حَتَّى يُتْلِفَ الْحَقَّ وَالتَّارِكُ لِلْمُوَاسَاةِ الْقَادِرُ عَلَيْهَا حَتَّى يَهْلَكَ الْمُحْتَاجُ وَالْمَانِعُ مَا يخاط بِهِ الجرج حَتَّى يَهْلَكَ وَالْمَانِعُ فَضْلَ الْمَاءِ حَتَّى يَهْلَكَ الزَّرْع وَالْمَانِع

(فرع)

مَا يُقَامُ بِهِ حَائِطٌ حَتَّى يَقَعَ وَالْمُقَطِّعُ لِوَثِيقَةٍ فَيَضِيعُ مَا فِيهَا أَوْ يَقْتُلُ شُهُودَهُ وَلَوْ أَضْعَفُ مِنَ التَّقْطِيعِ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ عَلَى سَبَبِ الشَّهَادَةِ وَالْأَوَّلُ مُتَعَدٍّ عَلَى نَفْسِهَا (فَرْعٌ) فِي الْكتاب قَالَ وَالرسل كَلْبَهُ عَلَى صَيْدٍ فَيَأْخُذُ غَيْرُهُ لَا يُؤْكَلُ لِعَدَمِ النِّيَّةِ خِلَافًا لِ ش وَابْنِ حَنْبَلٍ أَوْ عَلَى جَمَاعَةٍ وَيَنْوِي أَيَّ شَيْءٍ أَخَذَ مِنْهَا أَوْ عَلَى جَمَاعَتَيْنِ أَكَلَ لِحُصُولِ النِّيَّةِ وَكَذَلِكَ الرَّمْيُ وَإِنْ عَيَّنَ وَاحِدًا فَأَصَابَ غَيْرُهُ لَمْ يُؤْكَلْ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ يُؤْكَلُ نَظَرًا لِأَصْلِ النِّيَّةِ وَإِنْ رَأَى جَمَاعَةً فَنَوَاهَا وَنَوَى أَنْ يُجَاوِزَهَا لِغَيْرِهَا فَكَذَلِكَ أَيْضًا يُؤْكَلُ مَا صِيدَ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ لَا يَأْكُلُ مَا صَادَهُ مِنْ غَيرهَا وَلَا مَا أرسل عَلَيْهِ فِي غَيْضَةٍ لَا يَعْلَمُ مَا فِيهَا إِذَا كَانَ الْمَكَانُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ صَيْدٌ بَعْدَ الْإِرْسَالِ وَأَجَازَهُ أَصْبَغُ لِنَدُورِ الزِّيَادَةِ عَلَى الْحَاصِلِ عِنْدَ الْإِرْسَالِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يُبِيحُ ابْنُ الْقَاسِمِ الْإِرْسَالَ إِلَّا عَلَى الْمَوْضِعِ الْمَحْصُورِ وَأَشْهَبُ لَا يُجِيزُهُ إِلَّا عَلَى الْمَرْئِيِّ كالذبيحة لَا يَنْوِي إِلَّا معينا وأصيغ يُبِيحُ الْمُعَيَّنَ بِالْجِهَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَلَوْ نَوَى وَاحِدًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَأَصَابَ اثْنَيْنِ أَكَلَ الْأَوَّلَ فَقَطْ لِأَنَّ الثَّانِيَ غَيْرُ ذَكِيٍّ فَإِنْ شَكَّ فِيهِ لَمْ يُؤْكَلْ وَإِنْ نَوَى اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ أُكِلَ الْجَمِيعُ فِي السَّهْمِ وَالْجَوَارِحِ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَخَالَفَ ابْنُ الْمَوَّازِ فِي الْجَوَارِحِ دُونَ السَّهْمِ وَالْفَرْقُ أَنَّ السَّهْمَ يَقْتُلُ الْجَمِيعَ عَلَى الْفَوْرِ بِخِلَافِ الْجَوَارِحِ

فرع

(فَرْعٌ) فِي الْكتاب إِذا أثار صيدا واشللى كَلْبه وَهُوَ مُطلق من غير إرْسَال من يَده أكل لِوُجُودِ الْإِشْلَاءِ ثُمَّ قَالَ لَا يُؤْكَلُ حَتَّى يُرْسِلَهُ مِنْ يَدِهِ لِتَكُونَ حَرَكَةُ الْجَارِحِ مِنْ يَدِهِ كَالْمُدْيَةِ وَبِالْأَوَّلِ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَمَّا لَو ابْتَدَأَ الْكَلْب طلبه وأفلت مِنْ يَدِهِ ثُمَّ أَشْلَاهُ بَعْدُ لَمْ يُؤْكَلْ لِقُوَّةِ إِضَافَتِهِ لِلْجَارِحِ لَا لَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ أَجَازَ أَصْبَغُ أَكْلَ مَا يَبْتَدِئُ الْكَلْبُ طلبه إِذا أتبعه الانشلاء وَالتَّسْمِيَة لِأَن الْجَارِح لابد من مشاركته للصائد يطبعه قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِذَا رَأَى جَارِحَهُ يَحُدُّ النَّظَرَ وَيَنْقَلِبُ فَأَرْسَلَهُ عَلَى شَيْءٍ لَمْ يَرَهُ الصَّائِدُ أَكَلَ مَا أَخَذَهُ كَالْإِرْسَالِ فِي الْغِيَاضِ وَقَالَهُ وَقَالَ مَالِكٌ لَا أُحِبُّ أَكْلَهُ لِأَنَّهُ وَإِنْ أُرْسِلَ عَلَى مَظْنُونِ الْوُجُودِ فَلَعَلَّ الْمُمْسَكَ غَيْرُ المرئي أَو لَا لِلْجَارِحِ إِلَّا أَنْ يَتَيَقَّنَهُ وَلَوِ اضْطَرَبَ الْجَارِحُ فَوَقَعَ الصَّيْدُ فِي حُفْرَةٍ لَا مَخْرَجَ لَهُ مِنْهَا أَوِ انْكَسَرَتْ رِجْلُهُ فَتَمَادَى عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ لَمْ يُؤْكَلْ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ الْمُرْسِلُ كَلْبَهُ عَلَى صَيْدٍ ثُمَّ يَرْجِعُ ثُمَّ يَعُودُ إِنْ كَانَ رُجُوعُهُ مُرَاوَغَةً أُكِلَ وَإِنْ كَانَ إِعْرَاضًا لِجِيفَةٍ أَوْ غَيْرِهَا لَمْ يُؤْكَلْ لِبُطْلَانِ الْإِرْسَالِ وَهُوَ شَرط

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا قُطِعَ رَأْسُ صَيْدٍ أُكِلَ إِنْ نَوَى اصْطِيَادَهُ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ قُطِعَ يَدُهُ أَوْ رِجْلُهُ أَوْ مَا يَعِيشُ بَعْدَهُ أُكِلَ بَقِيَّتُهُ دُونَ الْمُبَايِنِ لِمَا يُرْوَى أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَوَجَدَهُمْ يَجُزُّونَ أَسْنِمَةَ الْإِبِلِ وَأَلْيَاتِ الْغَنَمِ فَقَالَ مَا أُبِينَ مِنَ الْحَيِّ فَهُوَ مَيْتَةٌ فَإِنْ كَانَ يَعُودُ الْتِحَامُ مَا قُطِعَ أُكِلَ جَمِيعُهُ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَوَافَقَنَا ش فِي أَكْلِ النِّصْفَيْنِ وَمَنَعَ ح إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَا يَلِي الرَّأْسَ أَقَلَّ فَإِنَّهُ مِنْ مَعْنَى التَّذْكِيَةِ وَأَجَازَ ش أَكْلَ الْعُضْوِ الْمُبَانِ مُطْلَقًا إِذَا مَاتَ الصَّيْدُ مِنْ تِلْكَ الضَّرْبَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يُبَنْ عَنْ حَيٍّ إِلَّا إِذَا تَعَدَّدَ الضَّرْبُ فَقَدْ أُبِينَ عَنْ حَيٍّ وَالتَّذْكِيَةُ إِنَّمَا حَصَلَتْ بِالثَّانِيَةِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَان لَا خلاف أَنه لَا يُؤْكَل المبان إِذَا كَانَ الْفَخْذَيْنِ وَنَحْوَهُمَا وَأَنَّهُ يُؤْكَلُ الْجَمِيعُ إِذَا قَسَمَهُ نِصْفَيْنِ فَإِنْ أَبَانَ وِرْكَيْهِ مَعَ فَخْذَيْهِ وَلَمْ تَبْلُغِ الضَّرْبَةُ إِلَى الْجَوْفِ قَالَ مَالِكٌ لَا يُؤْكَلُ الْمُبَانُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ كَذَلِكَ إِنْ أُبِينَ الْعَجُزُ مَعَ ذَلِكَ وَالصَّوَابُ أَكْلُ الْجَمِيعِ وَإِنْ بَقِيَ الْعَجُزُ لِأَنَّهُ لَا يعِيش بعد الفخذين فَلَو قُطِعَ خَطْمُهُ لَمْ يُؤْكَلِ الْخَطْمُ وَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الرَّعْيُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَقْتَلٍ فَقَدْ يُصَبُّ المَاء فِي حلقه

فرع

(فَرْعٌ) فِي الْكتاب إِذا شَحَّتِ الصَّيْدُ فَمَاتَ مِنْ الِانْبِهَارِ دُونَ جُرْحٍ يُؤْكَل وَقَالَهُ ش وح خِلَافًا لِابْنِ حَنْبَلٍ وَأَشْهَبَ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ أَنَّ أصل الذَّكَاة إِخْرَاج الدِّمَاء بجملتها اقْتُصِرَ عَلَى الْجُرْحِ فِي الْوَحْشِ لِلضَّرُورَةِ وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ فَهُوَ مَيْتَةٌ أَوْ يُنْظَرُ إِلَى ظَاهر قَوْله {مِمَّا أمسكن عَلَيْكُم} وَهَذَا مُمْسِكٌ عَلَيْنَا (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَوْ رَمَى صَيْدًا فِي الْهَوَاءِ فَسَقَطَ فِي الْمَاءِ أَوْ فِي جَبَلٍ فَتَرَدَّى فَمَاتَ لَمْ يُؤْكَل إِذْ لَعَلَّ سَبَبَ مَوْتِهِ الْغَرَقُ أَوِ التَّرَدِّي دُونَ الرَّمْيِ إِلَّا أَنْ يُنْفِذَ مَقَاتِلَهُ وَقَالَهُ ش وح (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا رَمَى غَزَالًا يَظُنُّهُ بَقَرَ وَحْشٍ فَالصَّوَابُ أَنَّهُ يُؤْكَلُ لِأَنَّهُ نوى الصَّيْد وَقَالَ أصيغ لَا يُؤْكَلُ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِ خُصُوصَهُ وَيَلْزَمُ عَلَى هَذَا إِذَا نَوَى ذَكَاةَ كَبْشٍ فَظَهَرَ أَنه نعجة

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ الْمَازِرِيُّ إِذَا أَرْسَلَ مُسْلِمٌ وَمَجُوسِيٌّ كَلْبَيْهِمَا وَلَمْ يُعْلَمِ اسْتِقْلَالُ كَلْبِ الْمُسْلِمِ لَمْ يُؤْكَلْ وَإِنْ أَرْسَلَ الْمُسْلِمُ وَحْدَهُ كَلْبَهُ فَرَدَّ كلب الْمَجُوسِيّ على كلب مُسلم الصَّيْدَ أَجَازَهُ ش وَمَنَعَهُ ح قَالَ وَهُوَ مُقْتَضَى أُصُولِنَا لِأَنَّا نَقْتُلُ الْمُمْسِكَ لِلْقَتْلِ وَإِنْ لم يقتل مَعَ أَن ش وح لَا يقتلاه فَبَقِيَ ش عَلَى أَصْلِهِ وَغَلَّبَ ح حُكْمَ التَّحْرِيم هَا هُنَا وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى ح أَنَّ كَلْبَ الْمَجُوسِيِّ لَو قرب الصَّيْد سهم الْمُسْلِمِ أُكِلَ اتِّفَاقًا وَإِذَا أَمْسَكَ مَجُوسِيٌّ كَبْشًا لِمُسْلِمٍ حَتَّى ذَكَّاهُ أُكِلَ اتِّفَاقًا مَعَ وُجُودِ الْإِعَانَةِ قَالَ وَعِنْدِي فِي السَّهْمِ نَظَرٌ وَلَوْ أثار كَلْبَهُ فَأَغْرَاهُ مَجُوسِيٌّ أُكِلَ بِخِلَافِ الْعَكْسِ وَقَالَهُ ح لِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِرْسَالُ وَإِذَا شَارَكَ الْمُعَلَّمُ غَيْرَ معلم إِنْ تَيقَّنَ الْمُعَلَّمَ أُكِلَ أَوْ غَيْرَ الْمُعَلَّمِ لم يُؤْكَل أوشك لَمْ يُؤْكَلْ أَوْ ظَنَّ فَقَوْلَانِ (فُرُوعٌ) فِي الْكِتَابِ مَنْ طَرَدَ صَيْدًا فَدَخَلَ دَارَ إِنْسَانٍ لِأَنَّهُ اضْطَرَّهُ فَهُوَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَضْطَرُّهُ فَهُوَ لِصَاحِبِ الدَّارِ وَمَا وَقَعَ فِي الْحِبَالَةِ فَأَخَذَهُ أَجْنَبِي هُوَ لِرَبِّهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَمَنِ اضْطَرَّ صَيْدًا إِلَى حِبَالَةٍ بِإِلْجَائِهِ فَهُوَ لَهُ وَإِلَّا فَلِرَبِّهَا وَإِنْ تَعَمَّدَ وُقُوعَهُ فِيهَا فَلَهُمَا بِقَدْرِ مَا يَرَى ذَلِكَ قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ أَصْبَغُ هُوَ لِلطَّارِدِ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الِانْتِفَاعِ بِالْحِبَالَةِ كَمَنْ صَادَ بِكَلْبِ رَجُلٍ أَوْ سَهْمِهِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ هُوَ لِطَالِبِهِ سَوَاءٌ تَعَمَّدَ أَوْ أَلْجَأَ وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ وَلَو

(فرع)

كَانَ الصَّيْدُ غَيْرَ مُلْجِئٍ فَلِصَاحِبِ الْحِبَالَةِ لِأَنَّهَا كَيْدُهُ بِسَبَبِ نَصْبِهَا لِذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الصَّيْدُ بِكَلْبِ رَجُلٍ لَهُ الْأُجْرَةُ وَالصَّيْدُ لِرَبِّ الْكَلْبِ كَمَا لَوْ تَعَدَّى عَلَى عَبْدِ رَجُلٍ فَبَعَثَهُ يَصِيدُ لَهُ بِخِلَافِ الْمُتَعَدِّي عَلَى الْفَرَسِ الصَّيْدُ لَهُ وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ لِأَنَّ الْفَرَسَ لَيْسَ مُمْسِكًا (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا نَدَّ الصَّيْدُ الْمَمْلُوكُ بِصَيْدٍ أَوْ بِشِرَاءٍ ثُمَّ صِيدَ بِقُرْبٍ وَلَمْ يَتَوَحَّشْ فَهُوَ لِلْأَوَّلِ وَإِلَّا فَلِمَنْ صَادَهُ قَالَ الْمَازِرِيُّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَالْأَئِمَّةُ هُوَ لِلْأَوَّلِ وَإِنْ طَالَ تَوَحُّشُهُ كَسَائِرِ الْأَمْلَاكِ لَا تَبْطُلُ بِالْغَيْبَةِ عَنِ الْمَالِكِ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ إِذَا وَقَعَ فِي شَبَكَتِهِ دُونَ يَدِهِ مَلَكَهُ وَإِنِ انْفَلَتَ فَلِمَنْ أَخَذَهُ بِخِلَافِ يَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَتَأَنَّسْ عِنْدَ الأول قَالَ ابْن عَبْدِ الْحَكَمِ أَيْضًا هُوَ لِلْأَوَّلِ وَقِيلَ لِلثَّانِي بِخِلَافِ نُدُودِهِ بَعْدَ تَأَنُّسِهِ وَاتَّفَقُوا عَلَى الْحَرْبِيِّ يُؤْسَرُ ثُمَّ يُبْقَ إِلَى بَلَدِ الْحَرْبَ ثُمَّ يُؤْسَرُ فَإِنَّهُ لِلْأَوَّلِ وَهُوَ شَدِيدُ الشَّبَهِ بِالْمَصِيدِ وَقَدْ فَرَّقَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا بِأَنَّ الْحَرْبِيَّ لَهُ مَنْ يَمْنَعُهُ وَالصَّيْدُ بَقِيَ دُونَ مَانِعٍ كَمَوَاتِ الْأَرْضِ إِذَا أُحْيِيَ ثُمَّ خُرِّبَ وَالرِّوَايَاتُ عَلَى التَّسْوِيَة بَين مَالك الْأَوَّلِ بِصَيْدٍ أَوْ شِرَاءٍ وَقَالَ فِي الْكِتَابِ إِنْ كَانَتْ بِشِرَاءٍ فَلِلْأَوَّلِ أَوْ بِصَيْدٍ فَلِلثَّانِي كَمَا قُلْنَا فِي إِحْيَاءِ الْأَرْضِ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمَاءَ إِذَا حِيزَ مِنْ نَهْرٍ ثُمَّ انصب فِيهِ إِن الْملك يسْقط وَنقل عَن الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْمِلْكَ بَاقٍ فِي الْمَاءِ

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ مَنْ صَادَ ظَبْيًا فِي أُذُنه قرطان عرفهما وَإِن كَانَ هُرُوبُهُ هُرُوبَ انْقِطَاعٍ فَالصَّيْدُ لِلصَّائِدِ وَمَا عَلَيْهِ فَلِرَبِّهِ فَإِنْ قَالَ رَبُّهُ نَدَّ مِنْ يَوْمَيْنِ وَقَالَ الصَّائِدُ لَا عِلْمَ لِي فعلى ربه البنية لِأَنَّهُ مُدَّعٍ إِلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَرْبُوطًا بِخَيْطٍ أَوْ فِي شَجَرَةٍ فَلِلْأَوَّلِ وَقَالَ سَحْنُونٌ الْبَيِّنَةُ على الصَّائِد أَنه مُدع زَوَال مِلْكِ الْأَوَّلِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَش وح هُوَ لِلْأَوَّلِ طَالَ زَمَانُهُ أَوْ قَصُرَ اسْتِصْحَابًا لِلْمِلْكِ السَّابِقِ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى صَيْدِ الْمَاءِ وَهَذِهِ الْفُرُوعُ تَنْزِعُ إِلَى قَاعِدَةِ إِحْيَاءِ الْمَوَاتِ وَأَنَّهُ إِذَا ذَهَبَ إِحْيَاؤُهُ عَادَ مَوَاتًا وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الشَّرْعَ أَصْدَرَ ذَلِكَ بِصِيغَةِ الشَّرْطِ فَقَالَ من أحيى أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ وَيَلْزَمُ مِنِ انْتِفَاءِ الشَّرْط انْتِفَاء الْمَشْرُوط وَهَا هُنَا بِصِيغَةِ الْإِذْنِ وَالتَّمْلِيكِ كَالْمَعَادِنِ وَغَيْرِهَا وَقَالَ تَعَالَى {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا الْمَائِدَة 2 وَلِأَنَّ الْمَوَاتَ إِذَا خرب بترك مَجِيئه لَهُ كَانَ ذَلِكَ إِعْرَاضًا عَنْ مِلْكِهِ وَإِسْقَاطًا لَهُ وَالصَّيْدُ فَرَّ بِنَفْسِهِ نَظِيرُهُ غَصْبُ الْمَوَاتِ المحيى فَإِنَّهُ لَا يُسْقِطُ الْمِلْكَ فِيهِ

كتاب النكاح

كِتَابُ النِّكَاحِ وَهُوَ فِي اللُّغَةِ التَّدَاخُلُ تَقُولُ أنكحت الأَرْض الْبذر وَنكَحَتِ الْحَصَاةُ خُفَّ الْبَعِيرِ وَالْوَطْءُ تَدَاخُلٌ فَسُمِّيَ نِكَاحًا وَيُطْلَقُ عَلَى الْعَقْدِ مَجَازًا مِنْ بَابِ إِطْلَاقِ الْمُسَبَّبِ عَلَى السَّبَبِ وَيُقَالُ كُلُّ نِكَاحٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَالْمُرَادُ بِهِ الْعَقْدُ إِلَّا قَوْله تَعَالَى {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} الْبَقَرَة 330 وَيُطْلَقُ عَلَى الصَّدَاقِ لِأَنَّهُ سَبَبٌ كَالْعَقْدِ نَحْوَ قَوْله تَعَالَى {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا} النُّور 32 أَيْ صَدَاقًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ الْإِضْمَارِ أَيْ سَبَبَ نِكَاحٍ لَكِنَّ الْمَجَازَ أَوْلَى مِنَ الْإِضْمَارِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ فِي الشَّرْعِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ وَاجِبٌ غَيْرُ مُوَسَّعٍ لِمَنْ

خشِي الزِّنَا وَعجز عَن التَّسَرِّي ول يَذْهَبُ عَنْهُ بِالصَّوْمِ وَوَاجِبٌ مُوَسَّعٌ إِنْ كَانَ كَذَلِك وَيقدر عَن التَّسَرِّي وَيَذْهَبُ بِالصَّوْمِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النِّكَاحِ فَإِنْ كَانَ يُذْهِبُهُ الصَّوْمُ وَجَبَ أَحَدُ الثَّلَاثَة عَلَى التَّخْيِيرِ وَالزَّوَاجُ أَوْلَى لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ فَقَدَّمَ النِّكَاحَ عَلَى الصَّوْمِ وَالسِّرَارِي تَنْتَقِلُ طِبَاعُهُنَّ لِلْوَلَدِ وَمَنْدُوبٌ لِآمِنٍ مِنَ الزِّنَا الرَّاغِبِ فِي النِّسَاءِ وَهُوَ يُولَدُ لَهُ وَمُبَاحٌ لِلْمُعْرِضِ عَنِ النِّسَاءِ وَهُوَ لَا نَسْلَ لَهُ وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ إِلَّا فِي التَّسَرِّي قَالَ صَاحِبُ الْمُعْلِمِ وَمَكْرُوهٌ لِمَنْ لَا يَشْتَهِيهِ وَيَنْقَطِعُ بِهِ عَنِ الْعِبَادَةِ وَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ بِوُجُوبِهِ لِظَاهِرِ صِيغَةِ الْأَمْرِ فِي الْحَدِيثِ وَفِي قَوْله تَعَالَى {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} النِّسَاء 3 وَغَيْرِهَا وَيَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} النِّسَاء 4 فَخير بَين النِّكَاح وَملك الْيَمين لوملك الْيَمين ايجب إِجْمَاعًا فَكَذَلِكَ النِّكَاحُ لِتَعَذُّرِ التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْوَاجِبِ وَمَا لَيْسَ وَاجِبًا وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ هم لفروجهم حافظون إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا

(فرع)

مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} الْمُؤْمِنُونَ 5 فَوَائِدُ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ الْبَاءَةُ الْمَنْزِلُ وَيُقَالُ لَهُ مَبَاءَةٌ وَمُبَوَّأٌ وَلَمَّا كَانَ الْمُتَزَوِّجُ يَتَبَوَّأُ بِامْرَأَتِهِ بَيْتًا سُمِّيَ النِّكَاحُ بَاءَةً وَفِيهِ أَرْبَعُ لُغَاتٍ الْمَدُّ مَعَ التَّاءِ وَمَعَ حَذْفِهَا وَبَاهَةٌ بِإِبْدَالِ الْهَاءِ مِنَ الْهَمْزَةِ وَالْقَصْرُ مَعَ الْهَاءِ وَقَوْلُهُ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ يُرِيد المَال الْموصل إِلَى الوطئ وَلَيْسَ المُرَاد الوطئ وَإِلَّا لَفَسَدَ قَوْلُهُ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ وَاعْلَمْ أَنَّ الصَّوْمَ يَقْطَعُ النِّكَاحَ غَالِبًا لِإِضْعَافِهِ الْقُوَّةَ وَتَجْفِيفِهِ الرُّطُوبَةَ الَّتِي تُوَلِّدُ الْمَنِيَّ وَقَدْ يَزِيدُ فِي النِّكَاحِ فِي حَقِّ الْمَرْطُوبِينَ فَيَقْرُبُونَ بِهِ مِنَ الِاعْتِدَالِ فَيَقْوَى عِنْدَهُمْ بِالصَّوْمِ لَكِنَّهُ قَلِيلٌ فِي النَّاسِ (فَرْعٌ) النِّكَاحُ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَلَى أَحْوَالِ النَّاكِحِينَ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ وَتَركه لنوافل الْعِبَادَة عندنَا وَعَن ش أَفْضَلُ لِمَنْ لَمْ تَمِلْ إِلَيْهِ نَفْسُهُ وَعِنْدَ ح وَابْنِ حَنْبَلٍ هُوَ أَفْضَلُ لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِهِ فَأَقَلُّ أَحْوَالِهِ تَقْدِيمُهُ وَلِأَنَّهُ يُوجِبُ إِعْفَافَ الزَّوْجَيْنِ وَوُجُودَ مَنْ يُوَحِّدُ اللَّهَ تَعَالَى وَيُكَاثِرُ بِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَهُوَ مُتَعَدٍّ لِهَذِهِ الْمَصَالِحِ الْعَظِيمَةِ وَالْمُتَعَدِّي أَفْضَلُ مِنَ الْقَاصِرِ وَلِتَقْدِيمِهِ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى الصَّوْمِ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ الْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ ذَلِكَ الْخِلَافَ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ لِضَعْفِ مَدْرَكِهِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ أَصْلَ النِّكَاحِ شَهْوَةُ النَّفْسِ وَشَهْوَةُ النَّفْسِ مُقْتَطَعٌ عَنِ الرَّبِّ تَعَالَى وَإِنَّمَا هُوَ وَسِيلَةٌ لِمَا ذَكَرُوهُ وَالنَّوَافِلُ قُرُبَاتٌ فِي أَنْفُسِهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِالرَّبِّ تَعَالَى بِمَعْزِلٍ عَنِ النَّفْسِ وَالْمَقَاصِدُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْوَسَائِلِ وَعَنِ الثَّالِثِ إِنَّ تَقْدِيمَ الصَّوْمِ عَلَيْهِ إِنَّمَا كَانَ فِي حَقِّ الشَّبَابِ الَّذِينَ شَأْنُهُمْ فَرْطُ الْمَيْلِ وَخَشْيَةُ الْفَسَادِ والنزاع إِنَّمَا هُوَ فِي غَيرهم

وَتَنْحَصِرُ مَقَاصِدُ الْكِتَابِ فِي ثَلَاثِ مُقَدَّمَاتٍ وَثَلَاثَةِ أَبْوَابٍ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى أَقْطَابِ الْعَقْدِ ثُمَّ أَسْبَابِ الْخِيَارِ فِيهِ ثُمَّ تَوَابِعِهِ وَيَتَمَهَّدُ الْجَمِيعُ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى الْمُقَدِّمَةُ الْأُولَى فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ يَنْظُرُ إِلَى الْمَخْطُوبَةِ قَبْلُ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا خَطَبَ أَحَدُكُمُ الْمَرْأَةَ فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَا يَدْعُوهُ إِلَى نِكَاحِهَا فَلْيَفْعَلْ قَالَ وَلَا يَنْظُرُ إِلَّا إِلَى وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا وَيَحْتَاجُ إِلَى أذنها عِنْد ابْن الْقَاسِم لِأَن البغتة قَدْ تُوقِعُ فِي رُؤْيَةِ الْعَوْرَةِ وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ يَكْفِي إِذْنُ الشَّرْعِ تَمْهِيدٌ أُبِيحَ هَذَا النَّظَرُ الْمُحَرَّمُ لِضَرُورَةِ دَوَامِ الصُّحْبَةِ إِذَا دَخَلَ عَلَى مَعْلُومٍ كَمَا أُبِيحَ لِتَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ فِي الْوَجْهِ وَالْفَرْجِ فِي غَيْرِ الزِّنَا وَفِي الزِّنَا عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَيُبَاحُ ذَلِكَ مِنَ الْأمة الْمُبَاحَة الوطئ أَعْنِي الْفَرْجَ وَمِنَ الزَّوْجَةِ إِبَاحَةً مِنَ الْجَانِبَيْنِ وَقِيلَ يُكْرَهُ نَظَرُ الْفَرْجِ لِأَنَّهُ يُضْعِفُ الْبَصَرَ الْمُقَدَّمَةُ الثَّانِيَةُ فِي الْجَوَاهِرِ الْخِطْبَةُ مُسْتَحَبَّةٌ وَالتَّصْرِيحُ بِخِطْبَةِ الْمُعْتَدَّةِ حَرَامٌ وَالتَّعْرِيضُ جَائِزٌ وَهُوَ الْقَوْلُ الْمُفْهِمُ لِمَقْصُودِ الشَّيْءِ مِنْ غَيْرِ تَنْصِيصٍ مَأْخُوذٌ مِنْ عَرْضِ الشَّيْءِ وَهُوَ نَاحِيَتُهُ لِأَنَّهُ تَحْرِيمٌ عَلَى النِّكَاحِ مِنْ غَيْرِ هُجُومٍ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلا أَنْ تَقُولُوا قَوْلا مَعْرُوفًا وَلا

(فرع)

تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} الْبَقَرَة 135 فَدَلَّ عَلَى إِبَاحَةِ الْإِكْنَانِ وَالتَّعْرِيضِ وَتَحْرِيمِ الْمُوَاعَدَةِ وَبِهَذَا قَالَ الْأَئِمَّةُ غَيْرَ أَنَّ ش وَابْن حَنْبَل منعا من التَّعْرِيض للرجعية لِأَنَّهَا زَوْجَة وَلَسْتُ أَنْقُلُ فِيهِ عِنْدَنَا شَيْئًا غَيْرَ أَنَّ الْأَصْحَابَ أَطْلَقُوا الْإِبَاحَةَ مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصٍ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَالَّذِي مَالَ إِلَيْهِ مَالِكٌ فِي التَّعْرِيضِ أَنْ يَقُولَ إِنِّي بِكِ لَمُعْجَبٌ وَلَكِ مُحِبٌّ وَفِيكِ رَاغِبٌ قَالَ وَهَذَا عِنْدِي أَقْوَى التَّعْرِيضِ وَأَقْرَبُ إِلَى التَّصْرِيحِ قَالَ وَالَّذِي أرى أَن يَقُول إِن شَاءَ اللَّهَ تَعَالَى سَائِقٌ إِلَيْكِ خَيْرًا فَأَنْتِ نَافِعَةٌ فَإِنْ زَادَ فَهُوَ تَصْرِيحٌ (فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ بِالْهَدِيَّةِ لِأَنَّهَا تَعْرِيضٌ قَاعِدَةٌ الْأَحْكَامُ كُلُّهَا قِسْمَانِ مَقَاصِدُ وَهِيَ الْمُتَضَمِّنَةُ للْحكم فِي أَنْفُسِهَا وَوَسَائِلُ تَابِعَةٌ لِلْمَقَاصِدِ فِي أَحْكَامِهَا مِنَ الْوُجُوبِ وَالتَّحْرِيمِ وَغَيْرِهِمَا وَهِيَ الْمُفْضِيَةُ إِلَى تِلْكَ الْمَقَاصِدِ خَالِيَةٌ عَنِ الْحُكْمِ فِي أَنْفُسِهَا مِنْ حَيْثُ هِيَ وَسَائِلُ وَهِيَ أَخْفَضُ رُتْبَةً مِنَ الْمَقَاصِدِ فَالْجُمُعَةُ وَاجِبَةٌ مَقْصِدًا وَالسَّعْيُ وَاجِبٌ وَسِيلَةً وَالزِّنَا مُحَرَّمٌ مَقْصِدًا وَالْخَلْوَةُ مُحَرَّمَةٌ وَسِيلَةً وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأَحْكَامِ وَالْوَسَائِلُ أَقْسَامٌ مِنْهَا مَا يَبْعُدُ جِدًّا فَلَا يُعْطَى حُكْمَ الْمَقْصِدِ كَزِرَاعَةِ

(فرع)

الْعِنَبِ الْمُفْضِيَةِ إِلَى الْخَمْرِ وَمَا قَرُبَ جِدًّا فَيُعْطَى حُكْمَ الْمَقْصِدِ كَعَصْرِ الْخَمْرِ وَمَا هُوَ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ فَيَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ فِيهِ كاقتناء الْخمر للتخليل وَالْمحرم مقصدا هَا هُنَا اخْتِلَاطُ الْأَنْسَابِ بِاجْتِمَاعِ الْمَائَيْنِ فِي الرَّحِمِ مِنَ الزَّوْجِ السَّابِقِ وَاللَّاحِقِ وَالْعَقْدُ حَرَامٌ تَحْرِيمَ الْوَسَائِلِ لِإِفْضَائِهِ إِلَى الْوَطْءِ وَالتَّصْرِيحُ كَذَلِكَ لِإِفْضَائِهِ لِلْعَقْدِ فَهُوَ وَسِيلَةُ الْوَسِيلَةِ وَلَمَّا بَعُدَ التَّعْرِيضُ عَنِ الْمَقْصِدِ لَمْ يَحْرُمْ وَالْإِكْنَانُ أَبْعَدُ مِنْهُ (فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ فَإِنْ تَزَوَّجَهَا فِي الْعِدَّةِ فَأَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ قَالَ مَالِكٌ تَحْرُمُ دَخَلَ فِي الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا مُنَاقَضَةً لَهُ بِنَقِيضِ مَقْصُودِهِ كَالْقَاتِلِ عَمْدًا وَلَا تَحْرُمُ إِنْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ الدُّخُولِ لِانْتِفَاءِ الْمَقْصُودِ مِنَ الْعَقْدِ وَقَالَ أَيْضًا إِنْ دَخَلَ بَعْدَ الْعِدَّةِ فُسِخَ وَمَا هُوَ بالحرام الْبَين لحُصُول بَرَاءَة الرَّحِم قَبْلَ الْوَطْءِ الثَّانِي وَقَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَقَالَ أَيْضا تحرم بِالْعَقْدِ تَنْزِيلًا لِلْوَسِيلَةِ مَنْزِلَةَ الْمَقْصِدِ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ لَا تَحْرُمُ وَإِنْ دَخَلَ فِي الْعِدَّةِ قِيَاسا على الزِّنَا بهَا وَقَالَهُ ش وح فَإِنْ قَبَّلَ أَوْ بَاشَرَ فِي الْعِدَّةِ حُرِّمَتْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا تَحْرُمُ أَمَةُ الْأَبِ بِالْمُبَاشَرَةِ عَلَى الِابْنِ وَلِمَالِكٍ قَوْلَانِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَان والقبلة والمباشرة بعد الْعدة لَا تُحَرِّمُ اتِّفَاقًا وَفِي الْجَلَّابِ الْفَسْخُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ لِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَى فَسَادِهِ وَيَجِبُ الْمُسَمَّى

فرع

بِالدُّخُولِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ نَفْسَهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ وَإِنْ مَسَّهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتحلَّ من فرجهَا وَهَا هُنَا كَذَلِكَ وَلَا يَتَوَارَثَانِ قَبْلَ الْفَسْخِ لِفَسَادِ الْعَقْدِ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ دَخَلَ بِهَا عُوقِبَ الزَّوْجُ وَالْمَرْأَة وَالشُّهُود إِن علمُوا (فَرْعٌ) قَالَ فَإِنْ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ وَلَدَتْ مِنْ زِنًا لِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ حُرِّمَتْ أَبَدًا كَالنِّكَاحِ فِي الْعِدَّةِ وَكُرِهَتْ عِنْدَ أَصْبَغَ وَفِي الْجَوَاهِرِ دُخُولُ وَطْءٍ عَلَى وَطْءٍ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَوْجُهٍ وَطْءُ نِكَاحٍ فِي عِدَّةِ نِكَاحٍ وَوَطْءُ نِكَاحٍ فِي عِدَّةِ شُبْهَةِ نِكَاحٍ وَوَطْءُ نِكَاحٍ فِي اسْتِبْرَاءِ غَصْبٍ وَوَطْءُ نِكَاحٍ فِي اسْتِبْرَاءِ زِنًا وَوَطْءُ نِكَاحٍ فِي اسْتِبْرَاءِ مِلْكٍ وَوَطْءُ نِكَاحٍ فِي اسْتِبْرَاءِ مِلْكٍ بَعْدَ الْعِتْقِ وَوَطْءُ مِلْكٍ فِي اسْتِبْرَاءِ مِلْكٍ وَوَطْءٌ بِغَيْرِ شُبْهَةٍ فِي عِدَّةٍ أَوِ اسْتِبْرَاءٍ بِغَصْبٍ أَوْ زِنًا فَيَحْرُمُ فِي الْأَوَّلِ وَالثَّانِي عَلَى الْوَاطِئِ أَبَدًا اتِّفَاقًا مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَفِي الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ عِنْدَ مَالِكٍ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ وَفِي الْخَامِسِ قَوْلَانِ نَظَرًا إِلَى الْمِلْكِ السَّابِقِ فَلَا يَحْرُمُ أَوْ قُصِدَ تَعْجِيلُ شَيْءٍ بِالنِّكَاحِ فَيَحْرُمُ وَلَا يَحْرُمُ فِي السَّادِسِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَهُوَ عِنْدَهُمْ أَخَفُّ مِنِ اسْتِبْرَاءِ أُمِّ الْوَلَدِ لِوُقُوعِ الْوَطْءِ فِي مِلْكِ أُمِّ الْوَلَدِ وَلَا يَحْرُمُ فِي السَّابِعِ اتِّفَاقًا لِأَن الْملك مَقْصُوده الِاسْتِخْدَامُ دُونَ الْوَطْءِ فَضَعُفَتْ آثَارُ الْوَطْءِ

(فرع)

فِيهِ وَلِذَلِكَ لَا يَجِبُ الْقَسْمُ لِلسَّرَارِي وَيَكُونُ مُضَيِّقًا عَلَى نَفْسِهِ إِذَا قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ وَإِنْ أُبْقِيَ السِّرَارِي وَشُبْهَةُ الْمِلْكِ كَالْمِلْكِ كَمَا أَنَّ شُبْهَةَ النِّكَاحِ كَالنِّكَاحِ وَلَا يَحْرُمُ فِي الثَّامِنِ لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ تَعْجِيلَ شَيْءٍ بَلْ أَقْدَمَ عَلَى الْحَرَامِ مَعَ قَطْعِ النّظر على شَيْء يتعجل أَو يتأجل وَالْأَصْلُ فِي هَذَا التَّحْرِيمِ قَوْلُ عُمَرَ وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مِنْ غَيْرِ مُخَالِفٍ فَكَانَ إِجْمَاعًا وَالْقِيَاسُ عَلَى قَاتِلِ الْمَوْرُوثِ عَمْدًا وَعَلَى الْمُلَاعِنِ بِجَامِعِ إِدْخَالِ الشُّبْهَةِ فِي النَّسَبِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا تَزَوَّجَتْ فِي اسْتِبْرَاءٍ مِنْ زِنًا وَدَخَلَ بِهَا فَالَّذِي رَجَعَ إِلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهَا إِنْ كَانَتْ حَامِلًا حُرِّمَتْ وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ أَشهب إِذا اغتصبت امْرَأَة حَامِلًا لَهُ وَطْؤُهَا لِأَنَّ الْحَمْلَ لَا يَطْرَأُ عَلَى الْحَمْلِ إِلَّا فِي غَايَةِ النُّدْرَةِ وَكَرِهَهُ أَصْبَغُ (فَرْعٌ) إِنْ وَاعَدَ فِي الْعِدَّةِ أَوْ عَقَدَ بَعْدَهَا قَالَ فِي الْكِتَابِ يُفْسَخُ بِطَلْقَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ دَخَلَ أَمْ لَا لِلنَّهْيِ ثُمَّ يَخْطِبُ بَعْدَ ذَلِكَ لِانْتِفَاءِ الْعَقْدِ وَمَقْصُودِهِ مِنَ الْعِدَّةِ وَقَالَ أَشْهَبُ يُفْسَخُ وَتَحْرُمُ أَبَدًا وَطِئَ أَمْ لَا لِأَنَّ مَا وَقَعَ بَعْدَ الْعِدَّةِ سَبَبُهُ الْمُوَاعَدَةُ فِي الْعِدَّةِ وَهِيَ حَرَامٌ وَالْمَبْنِيُّ عَلَى الْحَرَامِ حَرَامٌ

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ الرَّجْعِيَّةُ تَتَزَوَّجُ فِي الْعِدَّةِ فَيَرْتَجِعُهَا زَوْجُهَا فِي الْعِدَّةِ وَقَبْلَ التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا قَالَ مَالِكٌ تَصِحُّ الرَّجْعَةُ وَلَا يَطَؤُهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا مِنَ الْمَاءِ الْفَاسِدِ بِثَلَاثِ حِيَضٍ إِنْ دَخَلَ بِهَا الثَّانِي وَإِنْ أَصَابَهَا فِي عِدَّتِهَا مِنَ الثَّانِي لَمْ تَحْرُمْ لِأَنَّهُ أَصَابَ امْرَأَتَهُ وَكَذَلِكَ الْمَنْعِيُّ لَهَا زَوْجُهَا فَيَقْدُمُ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الثَّانِي فَيُصِيبُهَا الْأَوَّلُ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الثَّانِي وَكَذَلِكَ الَّتِي تَزْنِي فَيُصِيبُهَا زَوْجُهَا قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ بِخِلَافِ الْبَائِنِ تَتَزَوَّجُ فِي الْعِدَّةِ لَا يَجُوزُ لِلْأَوَّلِ الْعَقْدُ عَلَيْهَا وَهِيَ فِي عِدَّةٍ مِنْهُمَا فَإِنْ فَعَلَ فُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ لِأَنَّ الْبَائِنَ أَجْنَبِيَّةٌ وَالرَّجْعِيَّةَ زَوْجَةٌ وَتَحْرُمُ عَلَيْهِ إِنْ دَخَلَ بِهَا فِي الْعِدَّةِ مِنْهُ أَوْ مِنَ الثَّانِي (فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى إِذَا طَلَّقَهَا أَلْبَتَّةَ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فِي عِدَّتِهَا قَالَ ابْنُ نَافِعٍ تَحْرُمُ أَبَدًا قِيَاسًا عَلَى الْأَجْنَبِيِّ وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا خَالَعَهَا عَلَى أَنَّهَا إِنْ طَلَبَتْ مَا أَعْطَتْ فَهِيَ امْرَأَتُهُ فَطَلَبَتْهُ فَرَدَّهُ وَرَاجَعَهَا وَأَصَابَهَا فِي عِدَّتِهَا حَرُمَتْ عَلَيْهِ أَبَدًا وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ حِلُّهَا لِأَن الماءين لوَاحِد وَمُبَاشَرَةُ الْأَجْنَبِيِّ الْمُتَزَوِّجِ فِي الْعِدَّةِ دُونَ الْوَطْءِ فِيهَا قَوْلَانِ لِابْنِ

(فرع)

الْقَاسِمِ وَلَوْ تَصَادَقَا بَعْدَ الْخَلْوَةِ عَلَى عَدَمِ الْوَطْء حرمت أبدا وَلَا تصدق عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَلَوْ صُدِّقَتْ فِي هَذَا لَأُسْقِطَتِ الْعِدَّةُ (فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ لَو تزَوجهَا فِي عدتهَا مَجُوسِيَّانِ أَوْ نَصْرَانِيَّانِ ثُمَّ أَسْلَمَا بَعْدَ انْقِضَائِهَا لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَطِئَ فِيهَا أَمْ لَا وَإِنْ أَسْلَمَا فِي الْعِدَّةِ فُسِخَ إِنْ كَانَ العقد قبل حَيْضَة وَقيل قبل ثَلَاث وَإِنْ وَطِئَ بَعْدَ الْإِسْلَامِ فِي الْعِدَّةِ حَرُمَتْ أَبَدًا عِنْدَ مَالِكٍ وَجَمِيعِ أَصْحَابِهِ (فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى تُسْتَحَبُّ الْخُطْبَةُ بِالضَّمِّ عِنْدَ الْخِطْبَةِ بِالْكَسْرِ وَصِفَتُهَا أَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ تَعَالَى وَيُثْنِيَ عَلَيْهِ وَيُصَلِّيَ عَلَى نَبِيِّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ثُمَّ يَقُولُ مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُم مُسلمُونَ} آل عمرَان 102 {وَاتَّقوا الله الَّذِي تسْأَلُون بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} النِّسَاء 1 {اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا} الْأَحْزَاب 70 الْآيَة ثُمَّ يَقُولُ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ فُلَانًا رَغِبَ فِيكُمْ وَانْضَوَى إِلَيْكُمْ وَفَرَضَ لَكُمْ مِنَ الصَّدَاقِ كَذَا وَكَذَا فأنكحوه هَذِه السّنة وَفِي الْجَوَاهِرِ تُسْتَحَبُّ أَيْضًا عِنْدَ الْعَقْدِ

(فرع)

(فَرْعٌ) وَفِي الْجَوَاهِرِ يَجُوزُ الْغِيبَةُ فِي ذِكْرِ مَسَاوِئِ الْخُطَّابِ لِلْحَذَرِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِزَيْنَبَ بِنْتِ قَيْسٍ أَمَّا مُعَاوِيَةُ فَرَجُلٌ صُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ وَأَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلَا يَضَعُ الْعَصَا عَنْ عَاتِقِهِ (فَرْعٌ) قَالَ الْأَبْهَرِيُّ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ إِذَا تَزَوَّجَهَا فِي عِدَّتِهَا جَاهِلًا ثُمَّ عَلِمَ بِذَلِكَ وَأَصَابَ فِي الْعِدَّةِ حَرُمَتْ عَلَيْهِ أَبَدًا فَإِنْ لَمْ يُصِبْ فَلَهُ تَزَوُّجُهَا بعد الْعدة بِعقد جَدِيد الْمُقَدَّمَةُ الثَّالِثَةُ فِي الْجَوَاهِرِ تَحْرُمُ الْخِطْبَةُ عَلَى خِطْبَةِ الْغَيْرِ بَعْدَ الْكَفَّارَةِ وَالتَّرَاكُنِ وَبِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْمُوَطَّأِ لَا يَخْطِبُ أَحَدُكُمْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا يَقِفُ التَّحْرِيمُ عَلَى تَقْدِيرِ الصَّدَاقِ لِتَحَقُّقِ الْخِطْبَةِ بِدُونِهِ بِدَلِيلِ التَّفْوِيضِ وَوَافَقَهُ ابْنُ نَافِعٍ لِأَنَّ السُّكُوتَ عَنْهُ نَادِرٌ قَالَ الْأَصْحَابُ وَهَذَا فِي الْمُتَمَاثِلَيْنِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ مَوْرِدُ الْحَدِيثِ أَمَّا فَاسِقٌ وَصَالِحٌ فَلَا لِتَحْصِيلِ الْمصلحَة للْمولى عَلَيْهَا

فرع

(فَرْعٌ) قَالَ فَلَو اقْتَحَمَ النَّهْيَ أُدِّبَ وَلَا يُفْسَخُ عَقْدُهُ عِنْدَ ابْن الْقَاسِم وش وح لِأَنَّ النَّهْيَ حَقٌّ لِلْغَيْرِ لَا لِمَفْسَدَةٍ فِي الْعَقْدِ وَيُفْسَخُ عِنْدَ ابْنِ نَافِعٍ قَبْلَ الدُّخُولِ نَظَرًا لِلنَّهْيِ وَرُوِيَ عَنْهُ يُفْسَخُ مُطْلَقًا قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ الْفَسْخُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو بكر الصَّحِيح عَدمه (فرع مُرَتّب) قَالَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا لَمْ يُفْسَخْ للعاقد النّوبَة وَعَرَضَهَا عَلَى الْخَاطِبِ الْأَوَّلِ فَإِنْ حَلَّلَهُ مَضَى وَإِنْ أَبَى فَارَقَهَا فَإِنْ نَكَحَهَا الْأَوَّلُ وَإِلَّا اسْتَأْنَفَ عَقْدَهُ عَلَيْهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ لَمْ يُحَلِّلْهُ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ

فارغة

(الباب الأول في أقطاب العقد)

(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي أَقْطَابِ الْعَقْدِ) وَهِيَ خَمْسَةٌ الْقُطْبُ الْأَوَّلُ الْعَاقِدُ وَهُوَ الزَّوْجُ أَوِ الْوَلِيُّ وَلَا يَجُوزُ عَقْدُ الْمَرْأَةِ عَلَى نَفْسِهَا وَلَا عَلَى غَيْرِهَا بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا رَشِيدَةً أَوْ سَفِيهَةً أَذِنَ الْوَلِيُّ أَمْ لَا وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَجَوَّزَهُ ح فِي الرَّشِيدَةِ لقَوْله تَعَالَى {أَن ينكحن أَزوَاجهنَّ} الْبَقَرَة 232 {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} الْبَقَرَة 230 فَأَضَافَ الْعَقْدَ إِلَيْهَا وَلِأَنَّهَا مُتَصَرِّفَةٌ فِي مَالِهَا فَفِي نَفْسِهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَى الْبَالِغِ الْعَاقِلِ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ وَالْأَصْلُ مِلْكُ الْإِنْسَانِ لِمَصَالِحِ نَفْسِهِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ النِّكَاحَ حَقِيقَةٌ فِي الْوَطْءِ وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ مِنَ الْمَرْأَةِ وَإِذَا تَعَذَّرَتِ الْحَقِيقَةُ فَحَمْلُهُ عَلَى التَّمْكِينِ مِنْهُ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَقْرَبُ الْمَجَازَاتِ إِلَى الْحَقِيقَةِ وَيُوَضِّحُهُ قَوْله تَعَالَى {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ} النُّور 32 فَخَاطَبَ الْأَوْلِيَاءَ دُونَ النِّسَاءِ وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ لَا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ وَلَا الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا فَإِنَّ الزَّانِيَةَ هِيَ الَّتِي تُزَوِّجُ نَفْسَهَا وَقَالَ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَعَنِ الثَّانِي الْفَرْقُ بِأَنَّ تَصَرُّفَهَا فِي نَفْسِهَا مَعَ غَلَبَةِ شَهْوَتِهَا يُخْشَى مِنْهُ الْعَار عَلَيْهَا وعَلى أولياءها يَأْخُذهَا غير

(تفريع)

كفؤ وَهِيَ مَفْسَدَةٌ تَدُومُ عَلَى الْأَيَّامِ بِخِلَافِ الْمَالِ فَيَكُونُ الْحَجْرُ عَلَيْهَا أَوْلَى مِنَ الْحَجْرِ عَلَى السَّفِيهِ فِي مَالِهِ (تَفْرِيعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ لَا خلاف عندنَا أَنَّهَا لَا تكون وليا على الْمَرْأَة وَرَوِيَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ وِلَايَتُهَا عَلَى عَبِيدِهَا وَمَنْ وُصِّيَتْ عَلَيْهِ مِنْ أَصَاغِرِ الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ وَالْفَرْقُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَنَّ لِلصَّبِيِّ أَهْلِيَّةَ الْعَقْدِ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَالْعَبْدِ بَعْدَ الْعِتْقِ وَلِأَنَّهُمَا قَادِرَانِ عَلَى رَفْعِ الْعَقْدِ بِالطَّلَاقِ وَلِأَنَّ الْولَايَة عَلَيْهِمَا لَيْسَ لطلب الكفات الْمُحْتَاجَةِ لِدَقِيقِ النَّظَرِ بِخِلَافِ الْأُنْثَى فِي ذَلِكَ كُلِّهِ قَالَ سَحْنُونٌ لِلْمَرْأَةِ مُبَاشَرَةُ الْعَقْدِ عَلَى مَنْ يَعْقِدُ عَلَى نَفْسِهِ بِوِكَالَتِهِ لَهَا وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوِكَالَةَ لَا تَقَعُ إِلَّا بَعْدَ النَّظَرِ فِي تَحْصِيلِ الْمَصْلَحَةِ مِنَ الْعَقْدِ فَلَا خَوْفَ وَتَجِبُ لِلدُّخُولِ بِهَا فِي النِّكَاحِ بِغَيْرِ وَلِيِّ الْمُسَمَّى وَيَسْقُطُ الْحَدُّ لِشُبْهَةِ الْخِلَافِ وَيُفْسَخُ وَلَوْ طَال بعد الدُّخُول بالأولاد فطلاق عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَبِغَيْرِهِ عِنْدَ ابْنِ نَافِعٍ نَظَرًا إِلَى الْخِلَافِ أَوْ تَمَكُّنِ الْفَسَادِ لِقَوْلِهِ

عَلَيْهِ السَّلَامُ أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إِذن وَليهَا فنكاحها بَاطِل بَاطِلٌ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَإِنْ أَصَابَهَا فَلَهَا مَهْرُهَا بِمَا أَصَابَ مِنْهَا فَإِنِ اشْتَجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ من لَا ولي لَهُ وَأَمَّا مَنْ لَهُ أَهْلِيَّةُ الْعَقْدِ فَفِيهِ فَصْلَانِ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ الزَّوْجُ وَيُشْتَرَطُ فِيهِ شُرُوطٌ لِلصِّحَّةِ وَشُرُوطٌ لِلِاسْتِقْرَارِ أَمَّا شُرُوطُ الصِّحَّةِ فَأَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ الْإِسْلَامُ لِأَنَّ الْكُفْرَ مَانِعٌ مِنَ الِاسْتِيلَاءِ عَنْ فُرُوجِ الْمُسْلِمَاتِ وَالتَّمْيِيزُ وَالْعَقْلُ حَتَّى يَتَأَتَّى مِنْهُ الْإِنْشَاءُ لِلْعَقْدِ فَيَخْرُجُ الصَّبِيُّ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ وَالْمَجْنُونُ وَأَمَّا السَّكْرَانُ فَقَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ أَمَّا الَّذِي لَا يَعْرِفُ الرَّجُلَ مِنَ الْمَرْأَةِ وَلَا السَّمَاءَ مِنَ الْأَرْضِ فَكَالْمَجْنُونِ فِي جَمِيعِ أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ اتِّفَاقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ النَّاسِ إِلَّا فِي قَضَاءِ الصَّلَوَاتِ فَقِيلَ يَجِبُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمَعْصِيَةَ لَا تَكُونُ سَبَبَ الرُّخْصَةِ وَالتَّوَسُّعِ وَأَمَّا من فِيهِ بَقِيَّة من عقله وَهُوَ مختلط فَأَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ كَالْمَجْنُونِ لِقَوْلِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَيْسَ لِلْمَجْنُونِ وَلَا السَّكْرَان طَلَاق وَقَالَ ابْن نَافِع فِي الْكتاب وش وح هُوَ كَالصَّاحِي فِي جُمْلَةِ أَحْوَالِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى خِطَابًا لِلسُّكَارَى {لَا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} النِّسَاء 43 وَقَالَ اللَّيْثُ تَلْزَمُهُ الْأَفْعَالُ دُونَ الْأَقْوَالِ فَيُقْتَصُّ مِنْهُ وَيُحَدُّ فِي الزِّنَا دُونَ الْقَذْفِ وَالطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ لِاحْتِيَاجِ الْفِعْلِ إِلَى مُقَدِّمَاتٍ أَكْثَرَ من القَوْل قَالَ وَمذهب مَالك وَعَامة أَصْحَابه تَلْزَمُهُ الْجِنَايَاتُ كَالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ وَالْحُدُودِ دُونَ الْإِقْرَارَاتِ وَالْعُقُودِ وَهُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ لِأَنَّ مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى مِنَ الْإِقْرَارَاتِ وَالْعُقُوبَاتِ إِذَا لَمْ تَلْزَمِ الصَّبِيَّ فَهُوَ أَوْلَى وَتَلْزَمُهُ حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى مِنَ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَنَحْوِهِمَا وَيَلْزَمُهُ النِّكَاحُ فَإِنْ شَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ بِالِاخْتِلَاطِ دُونَ السُّكْرِ حَلَفَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَا يَلْزَمُهُ النِّكَاحُ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ وَإِذَا لَمْ يَرْجِعْ فِي وَصِيَّة حَتَّى

مَاتَ نفذت الرَّابِع تَحَقُّقُ الذُّكُورِيَّةِ فَالْخُنْثَى قَالَ اللَّخْمِيُّ لَا يَنْكِحُ وَلَا يُنْكَحُ وَيُحْمَلُ فِي صِلَاتِهِ وَشَهَادَتِهِ وَجُمْلَةِ أَحْكَامِهِ عَلَى الْأَحْوَطِ وَيَتَأَخَّرُ عَنْ صُفُوفِ الرِّجَالِ وَيَتَقَدَّمُ عَنْ صُفُوفِ النِّسَاءِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ وَله وَطْء جَارِيَته بِملك الْيَمين وَأَمَّا شُرُوطُ الِاسْتِقْرَارِ فَخَمْسَةٌ الشَّرْطُ الْأَوَّلِ الْحُرِّيَّةُ فَلَا يَسْتَقِرُّ نِكَاحُ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ وَوَافَقَنَا ح وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ لَا يَجُوزُ بِإِجَازَةِ سَيِّدِهِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي أَبِي دَاوُدَ أَيُّمَا عَبْدٍ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ فَهُوَ عَاهِرٌ وَاتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ عَلَى مَنْعِهِ ابْتِدَاءً وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا هَلِ الرِّقُّ مَانِعٌ مِنَ الصِّحَّةِ وَالِاسْتِقْرَارِ وَوَجْهُ تَعَلُّقِ حَقِّ السَّيِّدِ أَنَّ زَوَاجَ الْعَبْدِ يُنْقِصُ الرَّغَبَاتِ فِيهِ لِتَعَذُّرِ نَقْلَتِهِ مِنْ بَلَدِهِ لِتَعَلُّقِهِ بِامْرَأَتِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَصَرْفِ كَسْبِهِ لَهُم سرا وَعَلَانِيَة وَلَيْسَ لَهُ أَن ينقص مَالَ سَيِّدِهِ بِتَنْقِيصِ مَالِيَّتِهِ قَالَ وَفِي الْكِتَابِ وَفَسْخُهُ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ أَوْ تَطْلِيقَتَيْنِ جَمِيعَ طَلَاقِ الْعَبْدِ وَعَلَى الْأَوَّلِ أَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ وَإِنْ أَجَازَهُ جَازَ فَإِنِ امْتَنَعَ مِنَ الْإِجَازَةِ ثُمَّ أَجَازَ فَإِنْ أَرَادَ بِالْأَوَّلِ الْفَسْخَ انْفَسَخَ وَإِلَّا صَحَّتِ الْإِجَازَةُ مِنْ قُرْبٍ وَإِنْ أَعْتَقَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ نَفَذَ وَإِنْ بَاعَهُ قَبْلَ عِلْمِهِ لَمْ يَكُنْ لِلثَّانِي فَسْخُهُ لِأَنَّهُ إِنَّمَا انْتَقَلَ إِلَيْهِ مِلْكٌ مَعِيبٌ وَلَهُ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ إِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَيَفْسَخُهُ الْبَائِعُ إِنْ أَرَادَ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ عِلْمِهِ فَلِوَرَثَتِهِ مَا كَانَ لِمُوَرِّثِهِمْ قَالَ اللَّخْمِيُّ مُقْتَضَى مَذْهَبِ الْأَبْهَرِيِّ فَسْخُهُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ قَالَ وَأَرَى لِلْبَائِعِ فَسْخَهُ قَبْلَ رَدِّهِ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ وَلِلْمُشْتَرِي رَدَّهُ بَعْدَ الْفَسْخِ لِأَنَّهُ عَيْبٌ لَا يَرْتَفِعُ بِالْفَسْخِ بِسَبَبِ

(فرع)

عَادَةِ الْعَبْدِ لِذَلِكَ وَإِذَا رَضِيَ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ ثُمَّ رَدَّهُ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ رَدَّ مَا نَقَصَ النِّكَاحَ لِأَنَّ رِضَاهُ بِهِ كَالْحُدُوثِ عِنْدَهُ (فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ لِلْعَبْدِ زَوَاجُ أَرْبَعٍ وَرُوِيَ عَنْهُ لَا يَتَعَدَّى اثْنَتَيْنِ وَبِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ لِقَوْلِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَنْكِحُ الْعَبْدُ اثْنَتَيْنِ وَيُطَلِّقُ تَطْلِيقَتَيْنِ وَلِأَنَّهُ مَعْنًى يَقْبَلُ التَّفَاضُلَ فَيَتَشَطَّرُ قِيَاسًا عَلَى الْحُدُودِ وَالْعِدَدِ وَالطَّلَاقِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ خِلَافُهُ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْعِلَّةَ ثَمَّةَ إِنَّمَا هِيَ كَوْنُهَا عَذَابًا فَانْدَرَجَ فِي قَوْله تَعَالَى {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} النِّسَاء 24 وَهَا هُنَا نُعَيْمٌ فَلَا يَلْحَقُ بِهِ بَلْ يَمْنَعُهُ قَوْله تَعَالَى {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} النِّسَاء 3 وَهُوَ مُنْدَرِجٌ فِي الضَّمِيرِ الْمَذْكُورِ تَنْبِيهٌ آيَةُ التَّشْطِيرِ إِنَّمَا تَنَاوَلَتِ الْإِنَاث لقَوْله تَعَالَى {فعليهن} وَإِنَّمَا أُلْحِقَ الذُّكُورُ بِالْإِجْمَاعِ تَمْهِيدٌ لِلْعَبْدِ مَعَ الْحَرَائِر أَرْبَعُ حَالَاتٍ التَّشْطِيرُ كَالْحُدُودِ وَالْمُسَاوَاةُ كَالْعِبَادَاتِ وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ كَعِدَدِ الزَّوْجَاتِ وَأَجَلِ الْإِيلَاءِ وَالْعُنَّةِ وَحَدِّ الْقَذْفِ فَعَلَى النِّصْفِ عِنْدَ مَالِكٍ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ وَقِيلَ بِالْمُسَاوَاةِ وَسَاقِطٌ عَنْهُ وَاجِبٌ عَلَى الْحُرِّ كَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ وَاسْتَحْسَنَ مَالِكٌ أَنْ تَكُونَ الرَّجْعَةُ لِلْعَبْدِ إِذَا رَدَّ السَّيِّدُ نِكَاحَهُ ثُمَّ عَتَقَ فِي الْعِدَّةِ الشَّرْطُ الثَّانِي الْبُلُوغُ فَفِي الْكِتَابِ إِذَا تَزَوَّجَ صَبِيٌّ يَقْوَى عَلَى الْجِمَاعِ بِغَيْرِ إِذْنِ أَبِيهِ أَوْ وَصِيِّهِ إِنْ أَجَازَهُ وَلِيُّهُ جَازَ كَبَيْعِهِ وَشِرَائِهِ وَإِنْ فَسَخَهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا صَدَاقَ لِأَنَّ إِصَابَتَهُ كَلَا شَيْءٍ (فَرْعٌ) وَفِي الْجَوَاهِرِ مَنَعَ سَحْنُونٌ إِجَازَةَ عَقْدِ الصَّبِيِّ مُطْلَقًا وَجَعْلَ الْبُلُوغَ شَرْطًا فِي الصِّحَّةِ لِأَنَّ الصَّبِيَّ مَسْلُوبُ الْأَهْلِيَّةِ وَالْعَقْدُ بِغَيْرِ عَاقِدٍ مُعْتَبَرٍ لَا يَصِحُّ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْعِ لِلضَّرُورَةِ الْعَامَّةِ قَوَاعِدُ الصَّبِيُّ يَنْعَقِدُ نِكَاحُهُ دُونَ طَلَاقِهِ لِأَنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ سَبَبُ إِبَاحَةِ الْوَطْءِ وَهُوَ أَهْلٌ لِلْخِطَابِ بِالْإِبَاحَةِ وَالنَّدْبِ وَالْكَرَاهَةِ دُونَ الْوُجُوبِ وَالتَّحْرِيمِ لِأَنَّهَا التَّكْلِيفُ وَالطَّلَاقُ سَبَبُ التَّحْرِيمِ بِإِسْقَاطِ عِصْمَةِ الزَّوْجِ وَهُوَ لَيْسَ أَهْلًا لِلتَّحْرِيمِ فَلَمْ يَنْعَقِدْ سَبَبُهُ فِي حَقِّهِ وَاشْتَرَكَ السَّبَبَانِ فِي أَنَّهُمَا خِطَابُ وَضْعٍ وَانْضَافَ إِلَى أَحَدِهِمَا كَوْنُهُ خِطَابَ تَكْلِيفٍ فَلَا جَرَمَ انْتَفَى عَنْهُ الشَّرْطُ الثَّالِثُ الرُّشْدُ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا تَزَوَّجَ السَّفِيهُ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهِ أَمْضَاهُ إِنْ كَانَ سَدَادًا وَإِلَّا رَدَّهُ فَإِنْ رَدَّهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَفِيمَا تَسْتَحِقُّهُ الزَّوْجَةُ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ رُبُعُ دِينَارٍ لِمَالِكٍ لِأَنَّهُ الْوَاجِبُ لِلَّهِ تَعَالَى لَا يَتْرُكُ لَهَا شَيْئًا لِعَبْدِ الْمِلْكِ نَظَرًا لِإِبْطَالِ الْعَقْدِ الْمُوجَبِ بِالْفَسْخِ وَيَجْتَهِدُ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى رُبُعِ دِينَارٍ لِذَاتِ الْقَدْرِ لِابْنِ الْقَاسِمِ نَفْيًا لِلضَّرُورَةِ وَيُزَادُ مَا لَا يَبْلُغُ صَدَاقَ الْمِثْلِ لِأَصْبَغَ لِأَنَّهَا إِصَابَةٌ خَالَطَهَا إِذْنٌ فَإِنْ عَلِمَتْ بِهِ فَرُبُعُ دِينَارٍ فَقَطْ

فَإِنْ لَمْ يَعْلَمِ الْوَلِيُّ حَتَّى مَاتَ السَّفِيهُ وَالزَّوْجَةُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِلْوَلِيِّ النَّظَرُ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنْ رَدَّ سَقَطَ الْمِيرَاثُ وَإِلَّا أَخَذَهُ وَلَا مِيرَاثَ لَهَا بِمَوْتِ الزَّوْجِ وَلَا نَظَرَ للْوَصِيّ بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَالَ أَصْبَغُ إِنْ مَاتَتْ وَتَزْوِيجُهُ غِبْطَةٌ فَلَهَا الصَّدَاقُ وَالْمِيرَاثُ لِأَنَّهُ تَصَرُّفُ أَهْلِ الرُّشْدِ وَإِلَّا فَلَا صَدَاقَ وَلَا مِيرَاثَ وَإِنْ مَاتَ الزَّوْجُ فَلَهَا الْمِيرَاثُ لِتَحَقُّقِ سَبَبِهِ وَهِيَ الزَّوْجِيَّةُ وَيُنْظَرُ فِي الصَّدَاقِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ فِي السَّفِيهِ إِذَا اتَّصَلَ بِهِ الْمَوْتُ ثَمَانِيَةُ أَقْوَالٍ لِابْنِ الْقَاسِمِ يَتَوَارَثَانِ وَيَمْضِي الصَّدَاقُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِمْضَاءِ حَتَّى يَرُدَّ وَأَنَّ النَّظَرَ يَرْتَفِعُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَلَا يَبْطُلُ النَّظَرُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَلَا يَتَوَارَثَانِ وَيَبْطُلُ الصَّدَاقُ إِلَّا أَنْ يَدْخُلَ بِهَا فَلَهَا رُبُعُ دِينَارٍ بِنَاءً عَلَى حَمْلِهِ عَلَى الرَّدِّ حَتَّى يَمْضِيَ وَإِنَّ النَّظَرَ يَرْتَفِعُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا وَيَتَوَارَثَانِ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ وَإِنْ كَانَ الْعَقْدُ غِبْطَةً فَلَهَا الصَّدَاقُ دَخَلَ أَمْ لَا وَإِلَّا بَطَلَ الصَّدَاقُ إِلَّا أَنْ يَدْخُلَ فَرُبُعُ دِينَارٍ قَالَهُ أَصْبَغُ وَيَتَوَارَثَانِ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ وَيَبْطُلُ الصَّدَاقُ إِنْ كَانَ الْمَيِّتُ الزَّوْجَ وَيُنْظَرُ فِيهِ إِنْ كَانَ الْمَيِّتُ الْمَرْأَةَ فَإِنْ كَانَ غِبْطَةً فَلَهَا الصَّدَاقُ دَخَلَ بِهَا أَمْ لَمْ يَدْخُلْ وَإِلَّا بَطَلَ الصَّدَاقُ إِلَّا أَنْ يَدْخُلَ فَرُبُعُ دِينَارٍ بِنَاءً عَلَى بُطْلَانِهِ بِمَوْتِ الزَّوْجِ دُونَ الْمَرْأَةِ وَيَتَوَارَثَانِ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ وَيَثْبُتُ الصَّدَاقُ إِنْ كَانَ الْمَيِّتُ الزَّوْجَ دُونَ الْمَرْأَةِ وَيَتَوَارَثَانِ وَيُنْظَرُ فِيهِ إِن كَانَ الْمَرْأَةَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ بِنَاءً عَلَى الرَّدِّ وَارْتِفَاعِهِ بِمَوْتِ الْمَرْأَةِ وَالثَّامِنُ إِنْ كَانَ غِبْطَةً ثَبَتَ الْمِيرَاثُ وَالصَّدَاقُ وَإِلَّا انْتَفَيَا إِلَّا أَنْ يدْخل فربع دِينَار قَاعِدَة السَّفِيه لَا تنفذ تَصَرُّفَاتِهِ صَوْنًا لِمَالِهِ عَلَى مَصَالِحِهِ وَتُنَفَّذُ

وَصَايَاهُ صونا لمَاله على مَصَالِحه فَلَو ردَّتْ الْوَصِيَّةُ لَمْ يُنْتَفَعْ بِالْمَالِ بَعْدَ الْمَوْتِ فَالسَّفَهُ مَعْنًى وَاحِدٌ اقْتَضَى الرَّدَّ وَالتَّنْفِيذَ وَيُسَمَّى جَمْعَ الْفَرْقِ الشَّرْطُ الرَّابِعِ الصِّحَّةُ وَأَصْلُهُ نَهْيُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ إِدْخَالِ وَارِثٍ وَإِخْرَاجِ وَارِثٍ وَهُوَ جَائِزٌ فِي الصِّحَّةِ اتِّفَاقًا فَتَعَيَّنَ الْمَرَضُ وَالْمُتَزَوِّجُ يدْخل فَوَجَبَ الْمَنْع لِحَقِّ الْوَرَثَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ نِكَاحُ الْمَرِيضِ ثَلَاثَةٌ جَائِزٌ وَمَمْنُوعٌ وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ لِأَنَّ الْمَرَضَ أَرْبَعَةٌ غَيْرُ مَخُوفٍ فَيَجُوزُ النِّكَاحُ وَكَذَلِكَ الْمَخُوفُ الْمُتَطَاوِلُ كَالسُّلِّ وَالْجُذَامِ إِذَا تَزَوَّجَ فِي أَوَّلِهِ وَمَخُوفٌ أَشْرَفَ عَلَى الْمَوْتِ فَيَمْتَنِعُ وَمَخُوفٌ غَيْرُ متطاول وَلم يشرف فَثَلَاثَة أَقْوَال فَاسد ول مِيرَاثَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَهُ مَالِكٌ أَيْضًا يَجُوزُ إِنْ كَانَ مُحْتَاجًا إِلَيْهِ لِلْإِصَابَةِ وَالْقِيَامِ بِهِ وَإِلَّا فَلَا وَإِجَازَتُهُ مُطْلَقًا وَفِي الْجَوَاهِرِ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ صِحَّةُ نِكَاحِ الْمَرْضَى كَيْفَ كَانَ الْمَرَضُ وَحَيْثُ قُلْنَا بِالْمَنْعِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ عُثِرَ عَلَيْهِ فِي الْمَرَضِ قَالَ مُحَمَّدٌ يُفْسَخُ وَإِن دخل وَقَالَ ابْن كنَانَة يفْسخ فَقَطْ وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ الْفُرْقَةُ اسْتِحْبَابًا لِصِحَّتِهِ بَعْدَ زَوَالِ الْمَرَضِ وَفِي الْكِتَابِ لَا يَجُوزُ نِكَاحُ مَرِيضٍ وَلَا مَرِيضَةٍ وَيُفْسَخُ وَلَوْ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَإِنْ مَاتَتِ الْمَرِيضَةُ فَلَهَا الصَّدَاقُ وَلَا يَتَوَارَثَانِ وَإِنْ دَخَلَ الْمَرِيضُ فَصَدَاقُهُ فِي

ثُلُثِهِ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي الْمَرَضِ وَيُقَدَّمُ عَلَى الْوَصَايَا وَالْعِتْقِ لِأَنَّهُ كَالْمُعَاوَضَةِ وَلَا تَرِثُهُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْوَرَثَةِ بِالتَّرِكَةِ قَبْلَهَا وَإِنْ صَحَّ ثَبَتَ النِّكَاحُ لِزَوَالِ الْمَانِعِ دَخَلَ أَمْ لَا وَلَهَا الْمُسَمَّى وَقَدْ كَانَ يَقُولُ يُفْسَخُ ثُمَّ أَمَرَنِي بِمَحْوِهِ وَإِنْ فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا صَدَاقَ لِأَنَّ فَرْضَهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ شَرْعًا وَاللَّهُ تَعَالَى لَمْ يُوجِبْ إِلَّا نِصْفَ الصَّدَاقِ الْمَفْرُوضِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَلَا مِيرَاثَ لِمَا تَقَدَّمَ نَظَائِرُ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ إِنَّ الْمَمْحُوَّاتِ فِي الْكِتَابِ أَرْبَعَةٌ لَا يَثْبُتُ نِكَاحُ الْمَرِيضِ وَالْمَرِيضَةِ بَعْدَ الصِّحَّةِ وَوَلَدُ الْأُضْحِيَةِ قَالَ حَسَنٌ أَنْ يُذْبَحَ مَعَهَا قَالَ أُبَيٌّ لَمْ أَرَهُ وَاجِبًا ثُمَّ قَالَ امْحُهَا وَاتْرُكْ ذَبْحَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَرَى عَدَمَ الْوُجُوبِ وَالْحَالِفُ لَا يَكْسُو امْرَأَتَهُ ثُمَّ افتك لَهَا ثِيَابهَا مِنَ الرَّهْنِ قَالَ لَا يَحْنَثُ وَمَنْ سَرَقَ وَلَا يَمِين لَهُ أَو يَمِين شلاء قَالَ يقطع رِجْلُهُ الْيُسْرَى ثُمَّ أَمَرَ بِمَحْوِهَا وَقَالَ بَلْ يَدُهُ الْيُسْرَى وَبِالْأَوَّلِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ فِي الْكِتَابِ أَيْضًا إِذَا بَنَى بِهَا فَلَهَا الْمُسَمَّى وَإِنْ زَادَ عَلَى صَدَاقِ الْمِثْلِ وَلَا يُقَدَّمُ عَلَيْهِ فِي الثُّلُثِ إِلَّا الْمُدَبَّرُ فِي الصِّحَّةِ وَقَالَ أَيْضًا يُقَدَّمُ عَلَى الْمُدَبَّرِ فِي الصِّحَّةِ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي أَنَّ مَخْرَجَهُمَا الثُّلُثُ وَهَذَا مَعَ الْمَانِعِ بِخِلَاف ذَلِك وَقَالَ سَحْنُونٌ إِنْ زَادَ صَدَاقُهَا عَلَى الْمِثْلِ رُدَّ إِلَيْهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيُقَدَّمُ عَلَى الْوَصَايَا وَالْمُدَبَّرِ فِي الصِّحَّةِ وَيَسْقُطُ الزَّائِدُ عِنْدَهُ وَقِيلَ يُحَاصُّ بِهِ فِي الْوَصَايَا وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلْ تُوَرَّثُ فَلَا يَكُونَ لَهَا الزَّائِدُ لِأَنَّهَا وَصِيَّة لوَارث أَولا فَيَكُونَ لَهَا لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ لِغَيْرِ وَارِثٍ

(فرع)

وَاخْتُلِفَ فِي نِكَاحِ الْأَمَةِ وَالْكَافِرَةِ فَجَوَّزَهُ أَبُو مُصْعَبٍ لِعَدَمِ الْمِيرَاثِ وَمَنَعَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ لِاحْتِمَالِ الْعِتْقِ وَالْإِسْلَامِ قَبْلَ الْمَوْتِ (فَرْعٌ) قَالَ فَلَوْ نَكَحَ تَفْوِيضًا ثُمَّ سَمَّى ثُمَّ مَاتَ فَلَا شَيْءَ لَهَا إِلَّا أَنْ يَدْخُلَ فَيَكُونَ فِي ثُلُثِهِ وَلَوْ كَانَ أَضْعَافُ صَدَاقِ الْمِثْلِ مُقَدَّمًا عَلَى الْوَصَايَا وَقَالَ أَصْبَغُ يُقَدَّمُ صَدَاقُ الْمِثْلِ وَيَبْطُلُ الزَّائِدُ لِأَنَّهُ الْوَاجِبُ بِالْوَطْءِ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ صَدَاقُ الْمَرِيضِ مُطْلَقًا فِي رَأْسِ الْمَالِ قِيَاسًا عَلَى جِنَايَتِهِ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ رُبُعُ دِينَارٍ فِي رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَيُحَاصُّ بِهِ أَرْبَابُ الدُّيُونِ وَنَظِيرُهُ تَرْكُ السَّيِّد لزوجة العَبْد الْمَدْخُول بِهَا رُبُعَ دِينَارٍ (فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا تَزَوَّجَ بِإِذْنِ وَرَثَتِهِ لَا يَجُوزُ لِإِمْكَانِ فَوَاتِ الْإِذْنِ وَانْتِقَالِ الْمِيرَاثِ لِغَيْرِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَهَذَا نَادِرٌ وَأَرَى جَوَازَهُ سُؤَالٌ يَنْبَغِي أَنْ يُمْنَعَ الْمَرِيضُ مِنَ الْوَطْءِ خَشْيَةَ إِدْخَالِ وَارِثٍ لِظَاهِرِ النَّهْيِ كَالتَّزْوِيجِ وَلَمْ يُمْنَعْ جَوَابُهُ الْمَرْأَةُ وَارِثٌ مُحَقَّقٌ وَقَدْ يَكُونُ مِنَ الْوَطْءِ حَمْلٌ وَقَدْ لَا يكون

فرع

(فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا غَصَبَ الْمَرِيضُ امْرَأَةً فَصَدَاقُهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ قَوْلًا وَاحِدًا لِأَنَّهَا لَمْ تَدْخُلْ عَلَى الْحَجْرِ بِخِلَافِ الْمُخْتَارَةِ (فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ وَيَلْحَقُ بِالْمَرِيضِ وَالْمَرِيضَةِ الزَّاحِفُ فِي الصَّفِّ وَرَاكِبُ الْبَحْرِ وَالْمُقَرَّبُ لِلْقَتْلِ وَالْمَحْبُوسُ لَهُ قَالَ أَبُو الطَّاهِر والمحبوس فِي هَؤُلَاءِ قَولَانِ وَالْحَامِل تمْتَنع أَيْضًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَمْلُ مِنَ الْعَاقِدِ (فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيّ الْإِقْرَار بِالنِّكَاحِ فِي الْمَرَض فِي الصِّحَّة أَو فِي الْمَرَض لَا يَجُوزُ وَلَا مَهْرَ وَلَا مِيرَاثَ وَإِنْ أَقَرَّتْ بِمَرَضِهَا بِزَوْجٍ فِي الصِّحَّةِ فَصَدَّقَهَا الْوَلِيُّ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهَا لِأَنَّهُ إِقْرَارٌ عَلَى غَيْرِ الْوَلِيِّ وَإِنْ أَقَرَّتْ فِي الصِّحَّةِ ثُمَّ مَرِضَتْ وَمَاتَتْ وَقَالَ الْوَلِيُّ زَوَّجْتُهَا مِنْهُ فِي صِحَّتِهَا وَادَّعَى ذَلِكَ الزَّوْجُ بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَهُ الْمِيرَاثُ وَعَلِيهِ الصَدَاق الشَّرْط الْخَامِس الْكَفَاءَة والكفوء لُغَةً الْمِثْلُ وَأَصْلُ اعْتِبَارِهَا أَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنَ النِّكَاحِ السُّكُونُ وَالْوُدُّ وَالْمَحَبَّةُ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} الرّوم 21 وَنَفْسُ الشَّرِيفَةِ ذَاتِ الْمَنْصِبِ لَا تَسْكُنُ لِلْخَسِيسِ بَلْ ذَلِكَ سَبَبُ الْعَدَاوَةِ وَالْفِتَنِ وَالْبَغْضَاءِ وَالْعَارِ عَلَى مَرِّ الْأَعْصَارِ

فِي الأخلاف والأسلاف فَإِن مقاربة الدنيء تضع ومقاربة الْعَلِيِّ تَرْفَعُ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ كُلَّ عَقْدٍ لَا يُحَصِّلُ الْحِكْمَةَ الَّتِي شُرِعَ لِأَجْلِهَا لَا يُشْرَعُ وَالْكَفَاءَةُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ بِأَيِّ شَيْءٍ تَحْصُلُ فَعِنْدَ ش تَحْصُلُ بِخَمْسَةِ أَوْصَافٍ الصَّلَاحِ فِي الدِّينِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالنَّسَبِ إِلَيْهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوْ لِلْعُلَمَاءِ لِأَنَّهُمْ وَرَثَتُهُ أَوْ لِلصَّحَابَةِ لِأَنَّهُمْ أَتْبَاعُهُ دُونَ الْمُلُوكِ وَشِيَعِهُمْ فَإِنَّهُمْ لَا قَدْرَ لَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى لِظُلْمِهِمْ وَالسَّلَام مِنَ الْعُيُوبِ الْمُوجِبَةِ لِلْفَسْخِ كَالْجُذَامِ وَنَحْوِهِ وَعَدَمِ خَوْفِ الدَّنِيَّةِ وَلَا عِبْرَةَ بِالْجَمَالِ وَلَا الْيَسَارِ لِحُصُولِ الْمَصَالِحِ الشَّرْعِيَّةِ فِي النِّكَاحِ بِدُونِ التَّسَاوِي فِيهِمَا وَعِنْدَ ح خَمْسَةُ أَوْصَافٍ الدِّينُ وَالْحُرِّيَّةُ والحرفة والغنا لِمَا يُقَالُ مَالُ الرَّجُلِ جَيْبُهُ وَفِي الْحَدِيثِ تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ فَذَكَرَ الْمَالَ وَالْخَامِسُ النَّسَبُ وشدد فِيهِ فَقَالَ لَا تكافئ قُريْشًا غَيرهَا من الْعَرَب وَلَا تكافئ الْعَرَب غَيْرهَا وَاعْتَبَرَ الْكَفَاءَةَ فِي بُيُوتِ الْعَرَبِ وَقَالَ إِذا زوجت نَفسهَا من غير كفؤ فَلِلْأَوْلِيَاءِ التَّفْرِيقُ لِدَفْعِ الْعَارِ عَنْهُمْ وَإِذَا زَوَّجَ الْأَب الصَّغِير أَو الصَّغِيرَة من غير كفؤ نفذ وَوَافَقَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ فِي الدِّينِ وَالنَّسَبِ عَلَى مَا فَصله والغنا وَالْحِرْفَةِ وَلَمْ يَعْتَبِرِ الْحُرِّيَّةَ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِبَرِيرَةَ حِينَ عَتَقَتْ تَحْتَ عَبْدٍ لَوْ رَاجَعْتِيهِ وَأَمَّا نَحْنُ فَنَعْتَبِرُ فِيهِ خَمْسَةَ أَوْصَافٍ

الْوَصْف الأول الدّين فَفِي الْجَوَاهِر مُتَّفق علبه فَإِنْ زَوَّجَهَا لِفَاسِقٍ بِجَوَارِحِهِ فَلَا خِلَافَ مَنْصُوصٌ أَنَّ الْعَقْدَ لَا يَصِحُّ كَانَ الْوَلِيُّ أَبًا أَوْ غَيْرَهُ وَلِلزَّوْجَةِ وَمَنْ قَامَ لَهَا فَسْخُهُ قَالَ وَكَانَ بعض الْأَشْيَاخ يهرب من الْفتيا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِمَا يُؤَدِّي إِلَيْهِ مِنْ نَقْضِ أَكْثَرِ الْأَنْكِحَةِ وَأَمَّا الْفَاسِقُ بِاعْتِقَادِهِ فَقَالَ مَالك لَا يُزَوّج الْقَدَرِيَّةَ وَلَا يُزَوَّجُ إِلَيْهِمْ الْوَصْفُ الثَّانِي الْحُرِّيَّةُ قَالَ وَظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ كَفَاءَةُ الرَّقِيقِ يُشِيرُ لِقَوْلِهِ فِي الْكِتَابِ ذَاتُ الْقدر إِذا رضيت بِعَبْد أَو مولى الْمُسلمين بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَكْفَاءٌ وَلِلْعَبْدِ وَالْمُكَاتَبِ أَنْ يَتَزَوَّجَ ابْنَةَ سَيِّدِهِ وَاسْتَثْقَلَهُ مَالِكٌ قَالَ سَحْنُونٌ الصَّحِيحُ عدم كِفَايَته وَقَالَ الْمُغِيرَةُ يُفْسَخُ لِأَنَّ لِلنَّاسِ مَنَاكِحَ عُرِفَتْ بِهِمْ وَعُرِفُوا بِهَا وَنَفْيًا لِلْمَعَرَّةِ وَالضَّرَرِ وَفِي الْكتاب قَالَ غَيره وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ وَمِثْلِهِ إِذَا دَعَتْ إِلَيْهِ وَهِيَ ذَاتُ قَدْرٍ يَكُونُ الْوَلِيُّ عَاضِلًا بِرَدِّهِ وَاسْتَثْقَلَ مَالِكٌ زَوَاجَ الْعَبْدِ وَالْمُكَاتَبِ ابْنَةَ سَيِّدِهِ قَالَ صَاحِبُ النكت إِنَّمَا استثقله لِأَنَّهُمَا قد يرثهما فَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَزَوُّجِ أَمَةِ الْوَلَدِ مَعَ تَوَقُّعِ الْإِرْثِ أَنَّ الْوَطْءَ يَبْقَى لَهُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا تَزَوَّجَ مُكَاتَبٌ حُرَّةً فَعَرَفَتْ بِهِ بَعْدَ سِنِينَ وَعَرَّفَهَا بِنَفْسِهِ حَلَفَتْ وَخُيِّرَتْ فِي الْبَقَاءِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعِلْمِ وَهُوَ لَيْسَ بكفؤ وَيَكُونُ لَهَا الْمُسَمَّى بِالْمَسِيسِ وَلَوْ كَانَتْ مُكَاتَبَةً أَوْ أَمَةً فَلَيْسَ لَهَا مَقَالٌ لِأَنَّهُ كُفْءٌ إِلَّا أَنْ تَدَّعِيَ أَنَّهُ غَرَّهَا وَأَخْبَرَهَا بِالْحُرِّيَّةِ فَتَزَوَّجَتْهُ عَلَى ذَلِكَ فَيَحْلِفُ هُوَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عدم

الِاشْتِرَاطِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَخُيِّرَتْ وَهَذَا الْبَحْثُ مِنْهُ والتنقل يَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِ الْحُرِّيَّةِ فِي الْكَفَاءَةِ الْوَصْفُ الثَّالِث النّسَب فَفِي الْكتاب الْمولى كفؤ الْعَرَبيَّة لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} الحجرات 13 فَإِنْ رَضِيَتْ بِدُونِهَا فِي الْحَسَبِ وَامْتَنَعَ الْأَبُ أَوْ غَيْرُهُ زَوَّجَهَا السُّلْطَانُ وَفِي الْجَوَاهِرِ وَقيل لَيْسَ بكفؤ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ مَعْنَى نِكَاحِ الْمَوْلَى الْعَرَبِيَّةَ إِذَا كَانَ رَغْبَةً فِي دِينِهِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَهَدْيَهُ فَزَوِّجُوهُ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا أَسْوَدَ أَجْدَعَ أَجْذَمَ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَالنِّكَاحُ مَرْدُودٌ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ وَيُعَاقَبُ النَّاكِحُ وَالْمُنْكِحُ وَالشُّهُودُ فَائِدَةٌ الْفرق بَين النّسَب والحسب أَنَّ النَّسَبَ يَرْجِعُ إِلَى الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ وَالْحَسَبَ إِلَى الْمُرَتّب وَالصِّفَاتِ الْكَرِيمَةِ مَأْخُوذٌ مِنَ الْحِسَابِ لِأَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ إِذَا تَفَاخَرَتْ حَسَبَتْ مَآثِرَهَا فَتَقُولُ أَضَفْنَا بني فلَان وأجرنا بني فلَان وحملنا وَفعلنَا فَسُمي ذَلِكَ حَسَبًا الْوَصْفُ الرَّابِعُ كَمَالُ الْخِلْقَةِ وَفِي الْجَوَاهِر يُؤمر الْوَلِيّ بِاخْتِيَار كَامِل الْخلق لِقَوْلِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا يُزَوِّجُ الرَّجُلُ وَلِيَّتَهُ لِلْقَبِيحِ الذَّمِيمِ وَلَا الشَّيْخِ الْكَبِيرِ فَإِنْ كَانَ النَّقْصُ يَضُرُّ كَالْجُنُونِ وَالْجُذَامِ أَوْ يُؤَدِّي إِلَى نقص الْوَطْء كالعيوب المثبتة للخيار أبطل الله الْكَفَاءَةَ وَكَانَ لَهَا رَدُّ النِّكَاحِ وَإِلَّا فَلَا

(فرع)

الْوَصْفُ الْخَامِسُ الْمَالُ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْعَجْزُ عَنْ حُقُوقِهَا يُوجِبُ مَقَالَهَا وَكَذَلِكَ الْقُدْرَةُ عَلَى الْحُقُوقِ لَكِنَّهُ يُؤَدِّيهَا فِي مَالِهَا وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ فَظَاهر الْكتاب لَيْسَ لَهَا مَقَالٌ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَالُ الرَّجُلِ حَسَبُهُ وَقِيلَ لَا لِعَدَمِ الْمَعَرَّةِ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا خَالَفَ الْوَلِيُّ الْمَرْأَةَ فِي خَاطِبٍ أَمَرَهُ السُّلْطَانُ بِتَزْوِيجِهَا مِنْهُ إِنْ كَافَأَهَا فِي الْقَدْرِ وَالْحَالِ وَالْمَالِ إِنْ رَأَى مَنْعَهُ عَضْلًا فَإِنْ أَبَى زَوَّجَهَا مِنْهُ السُّلْطَانُ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَجْمَعَ أَصْحَابُ مَالِكٍ تَنْبِيهٌ قَالَ الْكَفَاءَةُ حَقُّهَا وَحَقُّ الْأَوْلِيَاءِ فَإِذَا اتَّفَقَتْ مَعَهُمْ عَلَى تَرْكِهَا جَازَ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِتَزْوِيجِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ابْنَتَهُ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ أَبِيهَا وَأَبِيهِ مَعْلُومٌ وَلَا مُكَافِئَ لَهُ فِي الثَّقَلَيْنِ وَتَزَوَّجَ سَلْمَانُ وَبِلَالٌ وَصُهَيْبٌ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْمَوَالِي وَالْعَجَمِ الْعَرَبِيَّاتِ الْعَلِيَّاتِ وَلَمْ يُنْكَرْ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَكَانَ إِجْمَاعًا وَلَمْ يُخَالِفْ فِي ذَلِكَ إِلَّا الْإِمَامِيَّةُ (فَرْعٌ) قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا رَضِيَ الْوَلِيُّ بِعَبْدٍ وَمن لَيْسَ بكفؤ فَزَوَّجَهُ ثُمَّ طَلَّقَ فَامْتَنَعَ الْوَلِيُّ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ وَيُؤَاخَذُ بِاعْتِرَافِهِ أَوَّلًا أَنَّ زَوَاجَهُ مَصْلَحَةٌ إِلَّا أَنْ يَظْهَرَ عَلَى خِلَافِ مَا عَلِمَهُ مِنْهُ أَوَّلًا

(تفريع)

(تَفْرِيع) قَالَ اللَّخْمِيّ الْعَرَبِيّ كفوء لِلشَّرِيفَةِ فَإِنَّهُ لَا يَشِينُهَا أَمَّا الْبَرْبَرِيُّ وَالْمَوْلَى فكفوء إِنْ كَانَتْ فَقِيرَةً لِأَنَّ النَّسَبَ سَاقِطٌ مَعَ الْفَقْرِ عَادَةً وَأَمَّا الْغَنِيَّةُ فَإِنْ كَانَتْ عَادَةُ بَلَدِهَا عَدَمَ الْمَعَرَّةِ بِذَلِكَ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ الْأَوْلَى زُوِّجَتْ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُمْتَنِعِ مِنَ الْأَبِ أَوِ ابْنَتِهِ وَأَمَّا الْعَبْدُ فَمَعَرَّةٌ لِلْغَنِيَّةِ وَالْفَقِيرَةِ فَإِنِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ الْأَبُ وَالِابْنَةُ وَلَا عُصْبَةَ لَهَا زُوِّجَتْ إِنْ كَانَتْ رَشِيدَةً بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا فَإِنْ كَانَتْ سَفِيهَةً وَلَهَا عُصْبَةٌ قَرِيبَةٌ فَلَهُمْ مَنْعُهَا دَفْعًا لِلْمَعَرَّةِ وَيُنْظَرُ فِي هَذَا الْبَابِ إِلَى عَادَةِ أَهْلِ كُلِّ بَلَدٍ فَيُحْمَلُونَ عَلَيْهَا الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْوِلَايَةِ وَهِيَ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ شَرْطٌ إِلَّا ح فِي الرَّشِيدَةِ مُحْتَجًّا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} الْبَقَرَة 232 وَقَوْلِهِ {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} الْبَقَرَة 230 فَأَضَافَهُ سُبْحَانَهُ إِلَيْهَا دُونَ الْوَلِيِّ وَقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا قِيَاسًا لِبُضْعِهَا عَلَى مَالِهَا وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي قَدْ تَقَدَّمَ فِي عَقْدِ الْمَرْأَةِ عَلَى نَفْسِهَا وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ الثَّيِّبُ فَتَكُونُ هِيَ الْمُرَادَةَ جَمْعًا بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ وَهِيَ عِنْدَنَا لَا تُجْبَرُ بَلْ لَفْظَةُ أَحَقُّ بِصِيغَةِ تَفْضِيلٍ تَقْتَضِي الْمُشَارَكَةَ فِي أَصْلِ الْحَقِّ فَمِنْهَا الْإِذْنُ فِي نَفْسِهَا وَمِنْهَا الْعَقْدُ وَفِعْلُهُ مَوْقُوفٌ عَلَى فِعْلِهَا وَهِيَ أَتَمُّ وَعَنِ الرَّابِعِ الْفَرْقُ بِلُزُومِ الْمَعَرَّةِ عَلَى الْأَبَدِ لِلْوَلِيِّ وَلَهَا بِوَضْعِهَا نَفْسَهَا فِي غير كفوء بِسَبَبِ غَلَبَةِ شَهْوَتِهَا عَلَى عَقْلِهَا

بِخِلَافِ الْمَالِ وَإِذَا قُلْنَا بِاشْتِرَاطِهَا فَهَلْ يَكْفِي أَيُّ وَلِيٍّ كَانَ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيمِ الْوِلَايَةِ الْخَاصَّةِ عَلَى مَرَاتِبِهَا عَلَى الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ قَالَ صَاحِبُ الْمُفْهِمِ قَوْلَانِ لِمَالِكٍ ثُمَّ هِيَ على الْمَذْهَب قِسْمَانِ خَاصَّة لِلْقَرَابَةِ الْوَلَاء وَالْمِلْكِ وَعَامَّةٌ لِلْإِسْلَامِ وَفِيهَا ثَمَانِيَةُ أَبْحَاثٍ الْبَحْثُ الْأَوَّلُ فِي الْأَسْبَابِ الْمُفِيدَةِ لَهَا وَهِيَ تِسْعَةٌ السَّبَبُ الْأَوَّلُ الْأُبُوَّةُ وَهِيَ أَعْظَمُهَا لِأَنَّ مَزِيدَ شَفَقَةِ الْأَبِ عَلَى الْقَرَابَاتِ يُوجِبُ مِنْ سَدَادِ النَّظَرِ مَا لَا يَهْتَدِي إِلَيْهِ غَيْرُهُ غَالِبًا لَا جرم اخْتصَّ الْإِجْبَار بِهِ بِأحد علتين الصغر أَو الْبكارَة فيجير الصَّغِيرَةَ وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا وَالْبِكْرَ وَإِنْ كَانَتْ بَالِغًا وَبِالْإِجْبَارِ قَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ خِلَافًا لِ ح وَجَوَّزَ لِلْوَلِيِّ تَزْوِيجَ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ كَانَ أَبًا أَوْ غَيْرَهُ وَلَا خِيَارَ لَهُمَا بَعْدَ الْبُلُوغِ إِنْ كَانَ الْعَاقِدُ أَبًا أَوْ جَدًّا لِمَزِيدِ شَفَقَتِهِمَا وَلَهُمَا الْخِيَارُ بَعْدَ الْبُلُوغِ مَعَ غَيْرِهِمَا وَلَا تُجْبَرَ الثَّيِّبُ الْبَالِغُ عِنْدَنَا لِعَدَمِ الْعِلَّتَيْنِ وَفِي الْبِكْرِ الْمُعَنَّسَةِ رِوَايَتَانِ نَظَرًا لِلْبَكَارَةِ وَعَدَمِ مُبَاشَرَةِ الْوَطْءِ أَوْ يُقَالُ طُولُ عمرها يفيدها بِالسَّمَاعِ مَا يحصل من الِاسْتِمْتَاع وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ سِنُّهَا أَرْبَعُونَ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ ثَلَاثُونَ وَفِي الْمُنْتَقَى خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَنَقَلَ غَيْرُهُ خَمْسُونَ وَحَيْثُ قُلْنَا بِالْإِجْبَارِ فَيُسْتَحَبُّ الِاسْتِئْذَانُ جَمْعًا بَيْنَ الْمَصَالِحِ وَفِي الْمُنْتَقى ل يَلْحَقُ الْجَدُّ بِالْأَبِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِ ش لِأَنَّ الْأَبَ يَحْجُبُهُ فِي الْمِيرَاثِ فَلَا يَجْبُرُ قِيَاسًا عَلَى الْأَخِ

(تفريع)

(تَفْرِيعٌ) فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ تَزْوِيجُهُ الصَّغِيرَةَ بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ وَإِذَا طُلِّقَتِ الْبِكْرُ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ مَاتَ عَنْهَا فَوِلَايَتُهُ عَلَى حَالِهَا فَإِنْ بَنَى بِهَا انْتَفَى الْإِجْبَارُ وَتَسْكُنُ حَيْثُ شَاءَتْ إِلَّا أَنْ يَخْشَى سُوءَ حَالِهَا فَيَمْنَعَهَا الْأَبُ وَغَيْرُهُ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ وَالزِّنَا لَا يُسْقِطُ الْإِجْبَارَ خِلَافًا لِ ش لِأَنَّهُ يُوجِبُ مَزِيدَ الْحَيَاءِ الْمَانِعِ مِنَ التَّصْرِيحِ بِمَصَالِحِ النِّكَاحِ وَبِخِلَافِ التَّزْوِيجِ الْحَرَامِ لِلُحُوقِ الْوَلَدِ وَسُقُوطِ الْحَدِّ فَآثَارُ التَّزْوِيجِ مَوْجُودَةٌ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ إِذَا زَنَتْ أَوْ غُصِبَتْ قِيلَ كَالْبِكْرِ مُطْلَقًا وَقِيلَ كَالثَّيِّبِ مُطْلَقًا وَقِيلَ كَالْبِكْرِ فِي الِاكْتِفَاءِ بِالصَّمْتِ وَكَالثَّيِّبِ فِي اشْتِرَاطِ الرِّضَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ أُلْزِمَتْ فِي الْمُنَاظَرَةِ إِذَا تَكَرَّرَ مِنْهَا الزِّنَا حَتَّى تُجَاهِرَ بِهِ فَالْتَزَمَتِ التَّسْوِيَةَ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ دَخَلَ بِهَا ثُمَّ فَارَقَهَا قَبْلَ الْمَسِيسِ سَقَطَ الْإِجْبَارُ لِمَعْرِفَتِهَا بِمَصَالِحِ النِّكَاحِ بِسَبَبِ الْخُلْطَةِ إِنْ كَانَ ذَلِكَ سُنَّةً وَنَحْوَهَا وَالْقُرْبُ مُلْغًى وَإِنْ تَنَازَعَا فِي الْوَطْء نظر إِلَى قريب الْمُدَّةِ وَبِعِيدِهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لِلْأَبِ تَزْوِيجُهَا بِرُبُعِ دِينَارٍ وَصَدَاقُ مِثْلِهَا أَلْفُ دِينَارٍ مِنْ فَقِيرٍ وَضَرِيرٍ وَعَلَى ضَرَّةٍ وَغير الكفوء إِلَّا مَجْنُونًا مَخُوفًا أَوْ أَبْرَصَ قَبِيحًا أَوْ مجذوما مقطعا فَفِي هَذِه الثَّلَاثَة لَهَا الْمقَال وَتسقط ولَايَته عَنْهَا قَالَ مَالِكٌ وَلَوْ رَجَعَتْ ثَيِّبًا بِالنِّكَاحِ قَبْلَ الْبُلُوغِ ثَبَتَ الْجَبْرُ لِعِلَّةِ الصِّغَرِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِ ش وَقَالَ سَحْنُونٌ يُجْبِرُهَا وَإِنْ حَاضَتْ لِأَنَّ الْبُلُوغَ لَا يُسْقِطُ الْإِجْبَارَ بِدَلِيلِ الْبكر

(فرع)

وَرُوِيَ فِي الطَّوِيل الْمُزِيلِ لِلْإِجْبَارِ لَا يُحَدُّ بِسَنَةٍ بَلْ بِالْعَادَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا أَثَرَ لِلتَّسْوِيَةِ بِزَوَالِ الْبَكَارَةِ بِالسَّقْطَةِ وَنَحْوِهَا (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا الْتَمَسَتِ الثَّيِّبُ الْبَالِغ التَّزْوِيج وَجَبت الْإِجَابَة وَإِن ثَبت الْإِجْبَارُ وَلَا يَكُونُ الْأَبُ عَاضِلًا بِرَدِّ خَاطِبِينَ فِي ابْنَته الْبكر وَغَيره عاضلا برد كفوء والكفوء الَّذِي تُعَيِّنُهُ الْمَالِكَةُ لِأَمْرِهَا أَوْلَى مِمَّا عَيَّنَهُ الْوَلِيُّ (تَفْرِيعٌ) فِي التَّلْقِينِ لِلْأَبِ إِنْكَاحُ صَغِيرِ الذُّكُورِ وَكَذَلِكَ الْوَصِيُّ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ وَأَمَّا الذُّكْرَانُ فَلِلْأَبِ إِجْبَارُ الصَّغِيرِ وَقَالَهُ ح خِلَافًا لِ ش عَمَلًا بِمَا يُظَنُّ مِنْ شَفَقَةِ الْأُبُوَّة من تَحْصِيل الْمصَالح وأختار فِي الْكِتَابِ تَزْوِيجَ الْكَبِيرِ اسْتِقْلَالًا وَمَنَعَهُ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهِ الرُّشْدُ إِذَا بَلَغَ فَتَصَرُّفُهُ لِنَفْسِهِ أَوْلَى وَقَالَ أَيْضًا لَهُ ذَلِك إِذا زوجه من ذَات شرف أَو ابْنة عَمٍّ وَأَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِجْبَارَ الْبَالِغِ السَّفِيهِ قَالَ وَمنعه عبد الْملك وَاسْتحبَّ مَالِكٌ عَدَمَ تَزْوِيجِ الْمَغْلُوبِ عَلَى عَقْلِهِ لِعَدَمِ انْتِفَاعِهِ بِهِ وَلِلسَّفِيهِ أَرْبَعُ حَالَاتٍ إِنْ خُشِيَ الْفَسَادُ وَأُمِنَ الطَّلَاقُ وَجَبَ الْإِنْكَاحُ وَإِنْ أُمِنَ الْفَسَادُ وَالطَّلَاقُ أُبِيحَ إِلَّا أَنْ يَدْعُوَ إِلَيْهِ فَيَجِبُ وَإِنْ خُشِيَ

(فرع)

الطَّلَاقُ وَأُمِنَ الْفَسَادُ حُرِّمَ لِمَا فِيهِ مِنْ تَضْيِيعِ الْمَالِ دُعِيَ إِلَى ذَلِكَ أَمْ لَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الصَّدَاقُ يَسِيرًا وَإِنْ خَشِيَ الْفَسَادَ وَقَدَرَ عَلَى حِفْظِهِ فَعَلَ وَلَمْ يُزَوَّجْ وَإِنْ عَجَزَ زَوَّجَهُ بَعْدَ التَّرَبُّصِ وَأَمَّا الْمَجْنُونُ إِنْ لَمْ يُفِقْ لَمْ يَنْفُذْ طَلَاقُهُ وَإِنْ خُشِيَ فَسَادُهُ زُوِّجَ وَإِلَّا فَلَا (فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا زَوَّجَ ابْنَهُ الْكَبِيرَ غَائِبًا عَنْهُ ذَاكِرًا أَنَّهُ بِأَمْرِهِ فَقَدِمَ فَأَنْكَرَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَحْلِفُ وَلَا صَدَاقَ عَلَى الْأَبِ فَإِن مَاتَ قبل الْقدوم وَعلم رِضَاء وَرَثَتِهِ وَلَمْ يَذْكُرِ الْيَمِينَ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ وَهُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّ النُّكُولَ لَا يُوجِبُ حُكْمًا وَقَالَ رَبِيعَةُ يَلْزَمُهُ نِصْفُ الصَّدَاقِ وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَلْزَمُهُ إِلَّا أَنْ يَضْمَنَهُ وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ يُفْسَخُ بِطَلَاقٍ أَمْ لَا (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا زَوَّجَهَا غَيْرُ أَبِيهَا فَيَقْدُمُ فَيَعْتَرِفُ بِالْوِكَالَةِ قَالَ أَشْهَبُ لَا يُصَدَّقُ إِلَّا فِيمَنْ لَا يُزَوِّجُهَا غَيْرُ الْأَبِ لِفَسَادِ الْعَقْدِ فِي الْبِكْرِ لِعَدَمِ الْأَبِ

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ إِذَا مَاتَ الْأَبُ فَادَّعَتْ أَنَّهَا يَتِيمَةٌ عِنْدَهُ لَيْسَتِ ابْنَتَهُ وَلَا بَيِّنَةَ لِلزَّوْجِ بِتَعْيِينِهَا وَإِنَّمَا سَمِعَ مِنَ الْأَبِ أَنَّ لَهُ ابْنَةً قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُلْتَفَتُ إِلَى قَوْلِهَا وَقَالَ سَحْنُونٌ بَلِ الْبَيِّنَةُ عَلَى مَنِ ادَّعَى وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُنْكِرِ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا اشْتَرَطَ عَلَى الصَّغِيرِ شُرُوط فَأَجَازَهَا وَلِيُّهُ أَوْ زَوَّجَهُ وَلِيُّهُ بِهَا سَقَطَتْ لِأَنَّ ذِمَّتَهُ لَا تُقْبَلُ إِلَّا أَنْ يَلْتَزِمَهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ عَلِمَ بِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ خُيِّرَ فِي الدُّخُولِ وَالْفَسْخِ وَدَخَلَ لَزِمَتْهُ لِأَنَّ ذَلِكَ رِضًا وَإِنْ عَلِمَ وَكَرِهَ خُيِّرَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الطَّلَاقِ مَعَ نِصْفِ الصَّدَاقِ وَقَالَ إِنْ عَلِمَ قَبْلَ الدُّخُولِ خُيِّرَ فِي الدُّخُول أَو الْفَسْخ وَيَسْقُطُ الصَّدَاقُ عَنْهُ وَعَنْ أَبِيهِ إِنِ اخْتَارَ الْفَسْخَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ يَوْمَ زَوَّجَهُ لَا مَالَ لَهُ قَالَ مُحَمَّدٌ وَهَذَا أَحَبُّ إِلَيْنَا إِلَّا أَنْ تَرْضَى الْمَرْأَةُ بِإِسْقَاطِ الشَّرْطِ فَيَثْبُتَ النِّكَاحُ عَلَى مَا أَحَبَّ الزَّوْجُ أَوْ كَرِهَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنْ لَمْ يَرُدُّهُ الْوَلِيُّ حَتَّى كَبُرَ مَضَى (فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا صَرَّحَ بِعَدَمِ النَّفَقَةِ مِنْ مَالِ السَّفِيهِ أَوِ الْيَتِيمِ حَتَّى الْبُلُوغِ أَوِ الرُّشْدِ فَسَدَ الْعَقْدُ اتِّفَاقًا وَلَوْ صَرَّحَ بِثُبُوتِهَا فِي مَالِهَا لِجَازَ اتِّفَاقًا فَإِنْ أَهْمَلَ فَقَوْلَانِ لِمَالِكٍ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ نَظَرًا إِلَى حَمْلِ تَصَرُّفِ

(فرع)

الْعَاقِلِ عَلَى الصِّحَّةِ حَتَّى يَدُلَّ الدَّلِيلُ عَلَى الْبُطْلَانِ وَهُوَ الْقَاعِدَةُ الْمَشْهُورَةُ أَوِ الْبَيَانُ شَرْطٌ وَلَمْ يُوجَدْ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْفَسَادِ إِذَا دَخَلَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ صَحَّ وَالنَّفَقَةُ عَلَى الزَّوْجَةِ وَلَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ كَبِيرًا وَاشْترط النَّفَقَة على الزَّوْجَة وَلها صدَاق مثلهَا وَإِن كَانَ الزَّوْجُ كَبِيرًا وَاشْتَرَطَ النَّفَقَةَ عَلَى غَيْرِهِ قَالَ مَالِكٌ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ إِلَّا أَنْ تَرْضَى الْمَرْأَةُ بِالنَّفَقَةِ عَلَى الزَّوْجِ وَيَثْبُتُ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَالنَّفَقَةُ عَلَى الزَّوْجِ (فَرْعٌ) فِي الْجُلَّابِ إِذا زوجه أَبوهُ وَلَا مَال لَهُ فَإِن الصَدَاق عَلَى الْأَبِ وَلَا يَنْتَقِلُ إِلَى الِابْنِ بِيُسْرِهِ لِأَنَّ قَرِينَةَ الْإِعْسَارِ مَعَ مَزِيدِ شَفَقَةِ الْأُبُوَّةِ لتقتضي الْتِزَام ذَلِك فِي ذمَّة الْأَب وَله مَالٌ فَالصَّدَاقُ عَلَيْهِ وَلَا يَنْتَقِلُ إِلَى الْأَبِ بعسره لِأَنَّ الْأَصْلَ وُجُوبُ الْعِوَضِ عَلَى مُسْتَوْفِي الْمُعَوَّضِ فَإِنْ أَيْسَرَ الِابْنُ عِنْدَ الْعَقْدِ وَأَعْسَرَ عِنْدَ الدُّخُولِ فَهُوَ دَيْنٌ عَلَيْهِ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ فَإِنِ امْتَنَعَتِ الْمَرْأَةُ مِنَ التَّسْلِيمِ حِينَئِذٍ لَا يَلْزَمُهَا إِلَّا بَعْدَ أَخْذِ الصَّدَاقِ فَإِنْ شَرَطَهُ الْأَبُ عَلَى نَفْسِهِ فِي الصَّغِيرِ أَوِ السَّفِيهِ لَزِمَهُ مُطْلَقًا (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا بَلَغَ الْغُلَامُ ذَهَبَ حَيْثُ شَاءَ لَا يَمْنَعُهُ أَبُوهُ إِلَّا أَنْ يَخَافَ سَفَهًا فَإِنْ زَوَّجَهُ وَهُوَ غَائِبٌ أَوِ ابْنَتَهُ الثَّيِّبَ فَرَضِيَا بِفِعْلِهِ لَمْ يَجُزْ

لِأَنَّهُمَا لَوْ مَاتَا لَمْ يَتَوَارَثَا فَإِنْ زَوَّجَهُ وَهُوَ حَاضِرٌ سَاكِتٌ فَلَمَّا فَرَغَ الْأَبُ قَالَ لَمْ أَرْضَ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرِّضَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ النِّكَاحُ وَحُكِيَ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ إِنَّ الْيَمِينَ اسْتِظْهَارٌ وَلَا يَلْزَمُهُ بِالنُّكُولِ شَيْءٌ وَقَالَ غَيْرُهُ إِنْ نَكَلَ طَلَّقَ عَلَيْهِ وَلَزِمَهُ نِصْفُ الصَّدَاقِ قَالَ مَالِكٌ فَإِنْ رَضِيَ بِالنِّكَاحِ وَهُوَ كَبِيرٌ فِي عِيَالِهِ وَقَالَ لَا أَغْرَمُ مِنَ الْمَهْرِ شَيْئًا أَرَدْتُهُ عَلَيْكَ لَا يَكُونُ عَلَى وَاحِد مِنْهُمَا وَيفرق بَينهمَا بعد أيمانهما قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ دَخَلَ فَيَبْرَأَ الْأَبُ بِحَلِفِهِ وَيَغْرَمُ الِابْنُ وَإِنْ كَانَ عَدِيمًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الِابْنُ مِمَّنْ يَلِي عَلَيْهِ فَيَكُونَ عَلَى الْأَبِ إِلَّا أَنْ يكون مِمَّنْ يَلِي عَلَيْهِ فَيَكُونَ عَلَى الْأَبِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ السَّبَبُ الثَّانِي فِي خلَافَة الْأُبُوَّة وَهُوَ الْوَصِيُّ وَهُوَ عِنْدَنَا كَالْأَبِ وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَل إِن عين الزَّوْج وَمنع ش وح وِلَايَتَهُ فِي الْبُضْعِ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي أَثْبَتَ الشَّرْعُ وِلَايَةَ الْقَرَابَةِ مَنْفِيٌّ عَنْهُ وَهُوَ الشَّفَقَة الجلية والغيرة الطبيعية وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِلْأَبِ أَنْ يَسْتَخْلِفَ فِيمَا لَهُ مِنِ الْوِلَايَةِ حَالَ حَيَاتِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ لَكَانَ لَهُ ذَلِكَ فِي الثَّيِّبِ وَلَيْسَ فَلَيْسَ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ شَفَقَةَ الْأَبِ تَمْنَعُ مِنِ اسْتِخْلَافِ مَنْ لَا يُوفِّي بِمَقَاصِدِ إِشْفَاقِهِ وَإِذا حصلت مَقَاصِد الإشقاق فَهُوَ كَمُبَاشَرَةِ الْمُشْفِقِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْأَبَ فِي الثَّيِّبِ كَسَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ فِي عَدَمِ الْجَبْرِ وَالتَّحَكُّمَ عَلَيْهَا فِي مَصَالِحِهَا غَايَتُهُ أَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ كَتَقْدِمَةِ الْأَخِ عَلَى الْعَمِّ فَكَمَا أَنَّ تَقْدِمَةِ الْأَخِ لَا تُوجِبُ لَهُ نُفُوذَ وَصِيَّتِهِ فَكَذَلِكَ الْأَبُ فِي الثَّيِّبِ بِخِلَافِ الصَّغِيرَةِ حَقُّهُ فِيهَا مُتَمَكِّنٌ بِدَلِيلِ الْخَبَرِ فَكَانَ الِاسْتِخْلَافُ فِيهِ فَظهر

الْفَرْقُ وَيُؤَكِّدُهُ أَنَّهُ حَقٌّ لِلْأَبِ فِي حَيَاتِهِ فَيَكُونُ لَهُ الِاسْتِخْلَافُ فِيهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ كَالْمَالِ وَفِي الْكِتَابِ لِلْوَصِيِّ تَزْوِيجُ الْبِكْرِ الْبَالِغِ بِرِضَاهَا وَإِنْ كَرِهَ الْوَلِيُّ فَإِنْ عَقَدَ وَلِيُّهَا بِرِضَاهَا لَمْ يَجُزْ إِلَّا أَنْ يَرْضَى الْوَصِيُّ فَإِنِ اخْتَلَفُوا نَظَرَ السُّلْطَانُ وَوَصِيُّ الْوَصِيِّ كَالْوَصِيِّ وَإِنْ بَعُدَ فِي الْبِكْرِ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْوَصِيُّ أَوْلَى مِنَ الْوَلِيِّ وَيُشَاوِرُ الْوَلِيَّ قَالَ مَالِكٌ وَالْوَصِيُّ فِي الثَّيِّبِ كَالْوَلِيِّ لِاسْتِقْلَالِهَا بِنَفْسِهَا وَلَيْسَ لِأَحَدٍ تَزْوِيجُهَا قَبْلَ الْبُلُوغِ إِلَّا الْأَبُ دُونَ الْوَصِيِّ وَغَيْرِهِ وَلِلْأَبِ وَالْوَصِيِّ تَزْوِيجُ الصَّغِيرِ ويوكلا فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا وَالْمَرْأَةُ الْوَصِيُّ لَا تَلِي الْعَقْدَ لِنَقْصِهَا عَنْ مَرْتَبَةِ ذَلِكَ لَكِنْ تُوَكِّلُ رَجُلًا بَعْدَ بُلُوغِ الصَّبِيَّةِ وَرِضَاهَا وَقَبْلَ ذَلِكَ فَلَا قَالَ اللَّخْمِيُّ الْإِجْبَارُ لِلْآبَاءِ وَلِمَنْ أَقَامُوهُ فِي حَيَاتِهِمْ أَوْ بَعْدَ وَفَاتِهِمْ إِذَا عَيَّنَ الْأَبُ الزَّوْجَ فَإِنْ فَوَّضَهُ إِلَيْهِ فَلَهُ الْإِجْبَارُ مِمَّنْ يَرَاهُ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَبَعْدَهُ عَلَى الْمَعْرُوفِ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَمَنَعَ عَبْدُ الْوَهَّابِ إِجْبَارَهُ لِاخْتِصَاصِ الْأَبِ بِمَعْنًى لَا يُوجَدُ فِي غَيْرِهِ مِنْ مَزِيدِ الشَّفَقَةِ وَإِذَا زَوَّجَ الْوَصِيُّ صَغِيرَةً مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ فُسِخَ فَإِنْ بَلَغَتْ قَبْلَ النَّظَرِ قِيلَ فَاسِدٌ وَإِنْ رَضِيَتْ بِهِ لِوُقُوعِهِ عَلَى خِلَافِ الْمَشْرُوعِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا إِلَّا أَنْ يَطُولَ بَعْدَ الدُّخُولِ وَقِيلَ جَائِزٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّهَا إِنْ أَسْقَطَتْهُ سَقَطَ وَإِنْ رَدَّتْهُ بَطَلَ إِلَّا أَنْ يَطُولَ بَعْدَ الدُّخُولِ أَوْ يَدْخُلَ بِهَا عَالِمَةً بِالْخِيَارِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَمْ يَبْلُغْ مَالِكٌ بِهِمَا قَطْعَ الْمِيرَاثِ وَأَرَى أَنْ يَتَوَارَثَا لِإِجَازَةِ أَكْثَرِ النَّاسِ لَهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يُزَوِّجُ وَصِيٌّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ وَلِيًّا إِنَّمَا هُوَ وَكِيلٌ فِي الْمَالِ لِأَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ أَثْبَتَ الشَّرْعُ وِلَايَةَ الْقَرَابَةِ مَفْقُودٌ فِيهِ وَهِيَ الشَّفَقَةُ الجلية قَالَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ إِنْ أُوصِيَ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ فَلَا يُزَوِّجُ الْإِنَاثَ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَلَا بعده

(فرع)

دُونَ اسْتِئْمَارٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَهُ تَزْوِيجُ الذُّكُورِ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَبَعْدَهُ دُونَ إِذْنٍ كَانَتِ الْوَصِيَّةُ مُطلقَة أَو مفسرة قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ مَالِكٌ إِذَا قَالَ فُلَانٌ وَصِيٌّ فَقَطْ أَوْ وَصِيٌّ عَلَى بُضْعِ بَنَاتِي أَبْكَارًا كُنَّ أَوْ ثُيَّبًا فَهُوَ بِمَنْزِلَتِهِ فِي تَزْوِيجِهِنَّ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَبَعْدَهُ وَإِنْ قَالَ على مَالِي فَالْقِيَاس أَنه مَعْزُول على الْأَبْضَاعِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا قَالَ الْأَبُ لِلْوَصِيِّ زَوِّجْهَا مِنْ فُلَانٍ أَوْ مِمَّنْ تَرْضَاهُ أَوْ زَوِّجْهَا فَلَهُ ذَلِكَ قَبْلَ الْبُلُوغِ كَالْأَبِ فَإِنْ قَالَ فُلَانٌ وَصِيٌّ فَقَطْ أَوْ عَلَى بُضْعِ بَنَاتِي أَوْ عَلَى تَزْوِيجِهِنَّ امْتَنَعَ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَقَبْلَ رِضَاهُنَّ قَالَ أَصْبَغُ وَلَوْ وَصَّاهُ بِزَوَاجِ فَاسِقٍ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْأَبِ حَتَّى يَنْتَقِلَ لِلْوَصِيِّ وَلَوْ قَالَ زَوِّجْهَا مِنْ فُلَانٍ بَعْدَ مُدَّةٍ وَفَرْضِ صَدَاقِ مِثْلِهَا فَذَلِكَ لَازِمٌ إِذَا طَلَبَهُ الْمُعَيَّنُ وَيُحْكَمُ بِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْوَصِيُّ إِلَّا أَنْ يَتَغَيَّرَ حَالُهُ مِنَ الْجَوْدَةِ إِلَى الدَّنَاءَةِ فَلَهُ مَقَالٌ وَلَيْسَ لَهَا مَقَالٌ بِسَبَبِ أَنَّهُ صَارَ لَهُ زَوْجَاتٌ أَوْ سِرَارِي (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ لِلْوَصِيِّ إِنْكَاحُ إِمَاءِ الْيَتَامَى وَعَبِيدِهِمْ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا قَالَ إِنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي فَقَدْ زَوَّجْتُ ابْنَتِي مِنِ ابْن أخي قَالَ سَحْنُون إِن قيل ابْنُ الْأَخِ بِالْقُرْبِ جَازَ وَمَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ إِلَى أَجَلٍ كَمَا لَوْ قَالَ إِذَا مَضَتْ سَنَةٌ فَقَدْ زَوَّجْتُكَ

(فرع)

ابْنَتِي فُلَانَةً وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَلَا يَجْرِي هَذَا الْخِلَافُ فِي قَوْلِ الرَّجُلِ فِي جَارِيَتِهِ الْمُعْتَقَةِ أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ تَزَوَّجْتُهَا عَلَى صَدَاقِ كَذَا وَهِيَ غَائِبَةٌ وَلَا يُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَ الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ انْعَقَدَ عَلَى خِيَارٍ مِنْ أَصْلِهِ لِاتِّحَادِ الْوَلِيِّ وَالزَّوْجِ كَمَا لَوْ زَوَّجَ ابْنَتَهُ الثَّيِّبَ الْغَائِبَةَ وَأَعْلَمَ الزَّوْجَ بِعَدَمِ الْإِذْنِ بَلْ لَا يَجُوزُ هَذَا وَإِنْ رَضِيَتْ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ تَطَاوَلَ لَا يُفْسَخُ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ وِلَادَةِ الْأَوْلَادِ وَرِثَتْهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَ بَعْدَ الْأَيَّامِ بَعْدَ يَمِينِهَا أَنَّهَا رَضِيَتْ قَبْلَ الْمَوْتِ (فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الَّذِي يَكُونُ فِي حِجْرِهِ الْيَتِيمُ لَهُ مَالٌ يُزَوِّجُهُ لِابْنَتِهِ إِنْ كَانَ سَدَادًا لِلْيَتِيمِ جَازَ وَإِلَّا فَلَا وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ السَّدَادِ حَتَّى يَعْلَمَ السَّدَادَ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ قَالَ مَالِكٌ لَا أُحِبُّ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُزَوِّجَ يَتِيمَتَهُ مِنْ نَفْسِهِ وَلَا من ابْنه السَّبَب الثَّالِث الْعُصُوبَة كَالْبُنُوَّةِ وَالْجُدُودَةِ وَالْعُمُومَةِ وَأُخُوَّةِ الشِّقَاقَةِ وَأُخُوَّةِ الْأَبِ وَلَا وِلَايَةَ لِذَوِي الْأَرْحَامِ وَهُمْ أَخُ الْأُمِّ وَعَمُّ الْأُمِّ وَجَدُّ الْأُمِّ وَأَبْنَاءُ الْأَخَوَاتِ وَالْبَنَاتُ والعمات وَنَحْوهم مِمَّن يُدْلِي بأنثى لِأَن الْوَلِيّ شُرِعَ لِحِفْظِ النَّسَبِ فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ إِلَّا مَنْ يَكُونُ مِنْ أَهْلِهِ وَخَالَفَ ش فِي الْبُنُوَّةِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ

(تفريع)

نَفْسَهَا بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ وَابْنُهَا لَيْسَ مِنْ مَوَالِيهَا وَلِأَنَّهُ يُدْلِي بِهَا فَلَا يُزَوِّجُهَا كَتَزْوِيجِهَا لِنَفْسِهَا وَلِأَنَّ أَبَاهُ لَا يَلِي فَلَا يَلِي كَالْخَالِ وَابْنِهِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ رُوِيَ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلَيِّهَا وَهُوَ وَلِيُّهَا لِأَنَّ الْوِلَايَةَ مِنَ الْوَلَاءِ مِنْ قَوْلِنَا هَذَا يَلِي هَذَا وَابْنُهَا يَلِيهَا أَكْثَرُ مِنْ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ جُزْؤُهَا فَيَكُونَ وَلِيَّهَا وَهُوَ الْمُرَادُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ وَعَنِ الثَّانِي الْفَرْقُ بَيْنَ قُوَّةِ عَقْلِهِ وَنَقْصِ عَقْلِهَا وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهَا فَيَتَعَلَّقُ بِهِ عَارُهَا بِخِلَافِ أَبِيهِ وَابْنِ الْخَالِ وَيُؤَيِّدُ قَوْلَنَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِعُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ قُمْ فَزَوِّجْ أُمَّكَ وَزَوَّجَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أُمَّهُ بِمَحْضَرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ وَلِأَنَّهُ مُتَقَدِّمٌ عَلَى الْعَصَبَاتِ فِي الْمِيرَاثِ فَيُقَدَّمُ فِي النِّكَاحِ (تَفْرِيعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ لَا تُعْتَبَرُ وِلَايَةُ الْعَصَبَةِ إِلَّا فِي الْبَالِغَةِ الْعَاقِلَةِ الرَّاضِيَةِ الْآذِنَةِ بِالتَّصْرِيحِ إِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا أَوْ بِالسُّكُوتِ إِنْ كَانَتْ بِكْرًا وَاسْتَحَبَّ مَالِكٌ أَنْ يُعْرَفَ أَنَّ إِذْنَهَا صِمَاتُهَا احْتِيَاطًا فِي أَمْرِهَا قَالَ التُّونِسِيُّ يُقَالُ لَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ إِنْ رَضِيتِ فَاصْمُتِي وَإِنْ كَرِهْتِ فَانْطِقِي لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي مُسْلِمٍ الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ وَإِذْنُهَا صِمَاتُهَا وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الثَّيِّبَ إِذْنُهَا نُطْقُهَا بِمَفْهُومِهِ

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ إِذَا تَقَدَّمَ الْعَقْدُ عَلَى الْإِذْنِ فَأَقْوَالٌ ثَالِثُهَا فِي الْكِتَابِ أَنْ يَعْقُبَهُ الْإِذْنُ عَلَى قُرْبٍ جَازَ وَإِلَّا فَلَا قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَالصَّحِيحُ الْبُطْلَانُ مُطْلَقًا لِفَقْدِ الْإِذْنِ وَهُوَ شَرط قَالَ صَاحب الْبَيَان ويكوف الْفَسْخ بِطَلَاق وَهل يتوارتان إِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْفَسْخِ قَوْلَانِ لِمَالِكٍ وَالْمَشْهُورُ فِي رِضَاهَا بِالْقُرْبِ الْجَوَازُ وَإِنَّمَا جَازَ هَذَا الْخِيَارُ لِأَنَّهُ أَدَّى إِلَيْهِ الْحُكْمُ دُونَ الْعَقْدِ فَلَوْ أَعْلَمَ الْوَلِيُّ الزَّوْجَ بِعَدَمِ الْإِذْنِ قَالَ مَالِكٌ يَبْطُلُ الْعَقْدُ لِدُخُولِهِمَا عَلَى الْخِيَارِ وَقِيلَ يَجُوزُ لِأَنَّ الْحَاضِرَ لَهُ مَنْدُوحَةٌ عَنِ الْخِيَارِ بِخِلَافِ الْغَائِبِ وَهُوَ أَعْذَرُ (فَرْعٌ) فِي الْبَيَانِ وَلَا يَجُوزُ تَزْوِيجُ الْيَتِيمَةِ الْمُمَيِّزَةِ لِمَصَالِحِهَا كَارِهَةً اتِّفَاقًا فَإِنْ زُوِّجَتْ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ فَسِتَّةُ أَقْوَالٍ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُفْسَخُ وَلَوْ وَلَدَتِ الْأَوْلَادَ وَرَضِيَتْ لِعَدَمِ الشَّرْطِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُفْسَخُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} النِّسَاء 3 مَعْنَاهُ أَلَّا تَعْدِلُوا فِي تَزْوِيجِهِنَّ وَهُوَ دَلِيلُ جَوَازِ الْعَقْدِ عَلَيْهِم قَبْلَ الْبُلُوغِ لِأَنَّ مَنْ بَلَغَ لَا يُقَالُ لَهُ يَتِيمٌ وَقَالَ أَصْبَغُ يُفْسَخُ بَعْدَ الدُّخُولِ إِلَّا أَنْ يَطُولَ وَتَلِدَ الْأَوْلَادَ بِخِلَافِ الْوَلَدِ الْوَاحِدِ وَالسَّنَتَيْنِ وَهَلْ تُخَيَّرُ إِذَا بَلَغَتْ مَا لَمْ يَطُلِ الْأَمْرُ بَعْدَ الدُّخُولِ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهَا وَقَالَ مَالِكٌ يُكْرَهُ فَإِذَا وَقَعَ لَمْ يُفْسَخْ وَقَالَ أصبغ

(فرع)

إِنْ شَارَفَتِ الْحَيْضَ لَا يُفْسَخُ وَإِذَا قُلْنَا بِالْفَسْخِ فَطَلَّقَ الزَّوْجُ قَبْلَهُ لَزِمَهُ جَمِيعُ الصَّدَاقِ بِالدُّخُولِ وَالْمِيرَاثُ بِالْمَوْتِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا أَذِنَتْ لِوَلِيٍّ فَزَوَّجَهَا مِنْ رَجُلٍ فَفَعَلَ فَأَقَرَّتْ بِالْإِذْنِ وَأَنْكَرَتْ أَنَّهُ زَوْجُهَا ثَبَتَ النِّكَاحُ إِنِ ادَّعَاهُ الزَّوْجُ وَكَذَلِكَ الْوَكِيلُ فِي بَيْعِ سِلْعَةٍ وَلَوْ أَذِنَتْ لَهُ فِي قَبْضِ الصَّدَاقِ وَالْعَقْدِ وَقَبَضَهُ فَتَلِفَ فَهُوَ كَالْوَكَالَةِ عَلَى قَبْضِ الدَّيْنِ ثُمَّ يُتَنَازَعُ فِي الْقَبْضِ فَإِذَا أَقَامَ الزَّوْجُ أَوِ الْغَرِيمُ الْبَيِّنَةَ صُدِّقَ الْوَكِيلُ فِي التَّلَفِ وَإِلَّا ضَمِنَا وَلَا شَيْءَ عَلَى الْوَكِيلِ لِتَصْدِيقِهِ فِي الْوَكَالَةِ وَأَمَّا الْوَكِيلُ عَلَى الْبَيْعِ يَدَّعِي قَبْضَ الثَّمَنِ وَالضَّيَاعَ يُصَدَّقُ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ عَلَى الْبَيْعِ وَكَالَةٌ فِي قَبْضِ ثَمَنِهِ بِخِلَافِ الْوَكَالَةِ عَلَى عَقْدِ النِّكَاحِ وَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ الدَّفْعُ إِلَيْهِ فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ (فَرْعٌ) فِي الْبَيَانِ إِذَا أَنْكَرَتِ الرِّضَا وَالْعِلْمَ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ كَانَتْ أَسْبَابًا ظَاهِرَةً كَالْوَلِيمَةِ وَنَحْوِهَا حَلَفَتْ أَنَّهَا مَا عَلِمَتْ أَنَّ تِلْكَ الْأُمُورَ لَهَا وَيَبْطُلُ النِّكَاحُ وَإِنْ نَكَلَتْ لَزِمَهَا النِّكَاحُ وَإِلَّا فَلَا تَحْلِفُ وَقِيلَ لَا تَحْلِفُ مُطلقًا لِأَنَّهَا إِذا نكلت لايلزمها النِّكَاحُ وَقِيلَ تَحْلِفُ رَجَاءَ الْإِقْرَارِ فَإِنْ حَلَفَتْ بَطَلَ النِّكَاحُ وَإِنْ نَكَلَتْ لَمْ يَلْزَمْهَا شَيْءٌ

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ فَإِنْ أَذِنَتْ لِوَلِيِّهَا بِشُرُوطٍ وَأَشْهَدَتْ عَلَيْهِ فَزَوَّجَهَا بِدُونِهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تُخَيَّرُ فِي الْفَسْخِ قَبْلَ الْبِنَاءِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا قَالَتْ لِوَلِيِّهَا زَوِّجْنِي مِمَّنْ أَحْبَبْتَ فَزَوَّجَهَا مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ لَمْ يَجُزْ حَتَّى يعين لَهُ الزَّوْجُ وَلَهَا الْإِجَازَةُ وَالرَّدُّ لِأَنَّ رِضَاهَا شَرط وَهُوَ بِالْمَجْهُولِ مُتَعَدٍّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ زَوَّجَهَا مَنْ غَيْرِهِ صَحَّ نَظَرًا لِعُمُومِ اللَّفْظِ أَوْ مِنْ نَفْسِهِ فَرَضِيَتْ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ فَزَوَّجَهَا الْقَاضِي مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مِنِ ابْنِهِ جَازَ وَإِنْ كَانَ لَهَا وَلِيٌّ وَلَمْ يَكُنْ فِعْلُ الْقَاضِي ضَرَرًا فَلَا مَقَالَ لَهَا (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ الْبُلُوغُ الْمُعْتَبَرُ فِي تَزْوِيجِ الْعَصَبَةِ الْحَيْضُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ أَوْ بُلُوغُ ثَمَانِي عَشْرَةَ سَنَةً وَفِي الْإِنْبَاتِ قَوْلَانِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فَإِنْ زُوِّجَتْ بِهِ فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبعده وَاخْتَارَهُ مُحَمَّد السَّبَب الرَّابِع الْوَلَاء لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ

(فرع)

النَّسَبِ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْمَوْلَى الْأَعْلَى كَالْعَصَبَاتِ عِنْدَ عَدَمِهَا فَإِنْ كَانَ الْمُعْتَقُ امْرَأَةً اسْتَحْلَفَتْ رَجُلًا وَلَا وَلَاءَ لِلْأَسْفَلِ عَلَى الْأَعْلَى لِأَنَّ الْوِلَايَةَ سَبَبُ تَصَرُّفٍ وَاسْتِيلَاءٍ عَلَى الْمُوَلَّى عَلَيْهِ وَلَا يُنَاسِبُ الِاسْتِيلَاءُ الْمُنْعَمَ عَلَيْهِ وَقِيلَ لَهُ الْوِلَايَةُ تَسْوِيَةً بَيْنَ النَّسَبِ وَالْوَلَاءِ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ مَنْ أَعْتَقَ صَغِيرًا أَوْ صَغِيرَةً لَمْ يَجُزْ عَقْدُهُ عَلَيْهِمَا حَتَّى يَبْلُغَا لِأَنَّ وِلَايَةَ الْإِجْبَارِ خَاصَّةٌ بِالْآبَاءِ والملاك السَّبَب الْخَامِس التَّوْلِيَة لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَإِنِ اشْتَجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنَّمَا يُزَوِّجُ السُّلْطَانُ الْبَالِغَةَ عِنْدَ عَدَمِ الْوَلِيِّ أَوْ غَيْبَتِهِ أَوْ عَضْلِهِ وَلَا يُزَوِّجُ الْيَتِيمَةَ حَتَّى تَبْلُغَ قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرٍ هُوَ الصَّحِيحُ مِنَ الْمَذْهَبِ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ هُوَ أَظْهَرُ الرِّوَايَاتِ وَالَّذِي عَلَيْهِ الْفُتْيَا عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَتْ وَإِلَيْهِ رَجَعَ مَالِكٌ لِمَا يُرْوَى عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا تُزَوَّجُ الْيَتِيمَةُ حَتَّى تَبْلُغَ وَرُوِيَ أَنَّ جُمْلَةَ الْأَوْلِيَاءِ يُزَوِّجُونَهَا وَلَهَا الْخِيَارُ إِذَا بَلَغَتْ وَرُوِيَ إِنْ دَعَتْهَا حَاجَةٌ وَضَرُورَةٌ وَمِثْلُهَا يُوطَأُ وَلَهَا فِي النِّكَاحِ مَصْلَحَةٌ جَازَ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ إِنَّمَا هُوَ حَقٌّ لَهَا قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي الَّتِي يُخْشَى عَلَيْهَا الْفَسَادُ أَنَّهَا تُزَوَّجُ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْمَنْعِ فَرُوِيَ يُفْسَخُ وَإِنْ بَلَغَتْ مَا لَمْ يَدْخُلْ وَقِيلَ يَنْظُرُ فِيهِ الْحَاكِمُ وَقِيلَ الْخِيَارُ لَهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ تَرَدُّدُ الْفَائِتِ بَيْنَ حَقِّ اللَّهِ وحقها

(فرع)

السَّبَب السَّادِس الْملك لِأَنَّ الرَّقِيقَ مَالٌ وَلِلسَّيِّدِ إِصْلَاحُ مَالِهِ بِمَا يَرَاهُ مِنْ تَزْوِيجٍ وَغَيْرِهِ رَضِيَ الرَّقِيقُ أَوْ كَرِهَ كَسَائِرِ وُجُوهِ التَّصَرُّفِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لِلسَّيِّدِ إِجْبَارُ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ وَلَا تُخَيُّرَ لَهُمَا وَقَالَهُ ح خِلَافًا لِ ش فِي الْعَبْدِ لَنَا قَوْله تَعَالَى {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ} النُّور 32 وَقِيَاسًا عَلَى الْأَمَةِ بِجَامِعِ الْمَالِيَّةِ وَقِيَاسًا عَلَى الْإِجَارةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ وَلَيْسَ لَهُ إِضْرَارُهَا بِتَزْوِيجِهَا مِمَّنْ يَضُرُّ بِهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ يُزَوِّجُ أَمَتَهُ الْكَافِرَةَ وَرَقِيقَ الطِّفْلِ الَّذِي تَحْتَ نَظَرِهِ بِالْمَصْلَحَةِ وَأَمَةُ الْمَرْأَةِ يُزَوِّجُهَا وَلِيُّهَا (فَرْعٌ) فِي الْبَيَانِ إِنْ زَوَّجَهَا أَجْنَبِيٌّ وَطَلَّقَهَا الزَّوْجُ قَبْلَ الْعِلْمِ فَإِنَّهُ مَفْسُوخٌ قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ كَانَ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا لَا تَحِلُّ لَهُ إِلَّا بَعْدَ زَوْجٍ وَمِثْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يُجْبَرُ مَنْ بَعْضُهُ رَقِيقٌ لِتَعَدِّي التَّصَرُّفِ إِلَى غَيْرِ الْمِلْكِ وَلَا يَجْبُرُ مَالِكٌ بَعْضَهُ عَلَى تَزْوِيجِهِ وَإِنْ مَنَعَهُ ضِرَارًا تَغْلِيبًا لِمَصْلَحَةِ الْمَالِ وَمَنْ فِيهِ عَقْدٌ مِنْ عُقُودِ الْحُرِّيَّةِ فِي إِجْبَارِهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ ثَالِثُهَا التَّفْرِقَة بَين الذُّكُور فيجبروا لقدرتهم عَلَى الْحَلِّ بِالطَّلَاقِ دُونَ الْإِنَاثِ وَرَابِعُهَا التَّفْرِقَةُ بَيْنَ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى انْتِزَاعِ مَالِهِ فَيُجْبَرُ لِقُوَّةِ التَّصَرُّفِ وَمَنْ لَا فَلَا وَالْمَنْعُ لِمَالِكٍ وَابْن الْقَاسِم

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ كَرِهَ مَالِكٌ لَهُ تَزْوِيجَ أُمِّ وَلَدِهِ فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يُفْسَخْ لِأَنَّهُ إِنَّمَا كره لدناءة المرؤة وَهُوَ خَارِجٌ عَنِ الْعَقْدِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ كَانَ مَالِكٌ يَقُولُ لَهُ إِجْبَارُ أُمِّ وَلَدِهِ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ لِقُوَّةِ الْحُرِّيَّةِ وَعَدَمِ الْمَالِيَّةِ (فَرْعٌ) فِي الْبَيَانِ إِذَا تَزَوَّجَ أَمَةَ أُمِّ وَلَدِهِ لَا يَكُونُ ذَلِكَ انْتِزَاعًا مِنْ أُمِّ الْوَلَد بل إصلاحا لما لَهَا (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا بَاشَرَتِ الْأَمَةُ الْعَقْدَ بِنَفْسِهَا لَمْ يَجُزْ بِإِجَازَةِ السَّيِّدِ لِفَسَادِهِ بِعَدَمِ الْوَلِيِّ فَإِنْ وَكَّلَتْ غَيْرَهَا فَرِوَايَتَانِ الْبُطْلَانُ لِأَنَّ السَّيِّدَ يُزَوِّجُ بِالْمِلْكِ وَهَذَا إِنَّمَا زَوَّجَ بِالتَّوْكِيلِ فَلَا يَقُومُ أَحَدُهُمَا مَقَامَ الْآخَرِ وَفِي الْكِتَابِ الْجَوَازُ إِنْ أَجَازَهُ السَّيِّدُ كَنِكَاحِ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ الْأَمَةُ وَالْعَبْدُ سَوَاءٌ فِي إِجَازَةِ السَّيِّدِ إِذَا بَاشَرَ الْعَقْدَ كَقَوْلِ ح

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ فَلَوِ اشْتَرَى أَمَةً مِمَّنْ يَعْلَمُ أَنَّهَا لَيْسَتْ لَهُ فَوَطِئَهَا حُدَّ وَرَقَّ وَلَدُهُ لِسَيِّدِهَا بِخِلَافِ عَقْدِ الْأَمَةِ عَلَى نَفْسِهَا وَأَخْبَرَتْهُ بِحُرِّيَّتِهَا وَهُوَ يَعْلَمُ كَذِبَهَا فَلَا يَرِقُّ الْوَلَدُ وَيُفْسَخُ الْعَقْدُ وَهَذَا إِذَا أَشْهَدَ عَلَى إِقْرَارِهِ بزواجها وَأما بعد الاخال فَلَا لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ فِي إِرْقَاقِ الْوَلَدِ لِتَسْقُطَ الْقِيمَةُ عَنْهُ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ كَانَ عَدِيمًا أُتْبِعَ وَلَا قِيمَةَ فِيمَنْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَا عَلَى الْوَلَدِ الْمُوسِرِ قِيمَةُ نَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ الْأَبُ عَدِيمًا (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا زَوَّجَ عَبْدَهُ فَالْمَهْرُ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ لَا فِي رَقَبَتِهِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى السَّيِّدِ لِأَنَّهُ لَيْسَ جِنَايَةً وَقَالَ رَبِيعَةُ إِنْ خَطَبَ لَهُ وَسمي بعد فَعَلَى السَّيِّدِ لِقَرِينَةِ الْمُبَاشَرَةِ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فَقَطْ فَعَلَى الْعَبْدِ وَقَالَ ش الْمَهْرُ وَالنَّفَقَةُ فِي كَسْبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَإِذَا تَزَوَّجَ عَبْدٌ أَوْ مُكَاتَبٌ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ وَنَفَّذَ الْمَهْرَ وَبَنَى فَلِلسَّيِّدِ انْتِزَاعُهُ وَيَتْرُكُ لَهَا رُبُعَ دِينَارٍ فَإِنْ أَعْدَمَتْ أُتْبِعَتْ بِهِ فَإِنْ أُعْتِقَ الْعَبْدُ أَوْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ اتَّبَعَهُمَا إِنْ عَرَّاهَا وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ أَبْطَلَهُ السَّيِّدُ أَوِ السُّلْطَانُ قَبْلَ الْعِتْقِ بَطَلَ وَلَمْ يَلْزَمْهُ إِذَا أُعْتِقَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمِ السَّيِّدُ حَتَّى أُعْتِقَ ثَبَتَ النِّكَاحُ وَكُلُّ مَا لَزِمَ ذِمَّةَ الْعَبْدِ مِنْ صَدَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ لَا يُؤْخَذُ مِنْ خَرَاجِهِ وَلَا من عَمَلِ يَدِهِ وَلَا مِمَّا فَضَلَ فِي يَدِهِ مِنْ ذَلِكَ لِتَعَلُّقِ حَقِّ السَّيِّدِ بِهِ بَلْ فِيمَا أَفَادَهُ مِنْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ وَصِيَّة وديون الْمَأْذُون لَهُ فِيمَا فِي يَده مِنْ كَسْبِهِ مِنَ التِّجَارَةِ لِأَنَّ

فرع

السَّيِّدَ سُلِّطَ عَلَيْهِ بِإِذْنِهِ دُونَ خَرَاجِهِ وَعَمَلِ يَدَيْهِ وَتَصَرَّفَ فِيهِ السَّيِّدُ بِدَيْنِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ النَّفَقَةُ لَازِمَةٌ لِلْعَبْدِ فِي ذِمَّتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَهْرِ حَرْفًا بِحَرْفٍ وَاسْتَحَبَّ مَالِكٌ فِي الْكِتَابِ اشْتِرَاطَهَا عَلَيْهِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا اشْتَرَتِ الْحُرَّةُ زَوْجَهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ اتَّبَعَتْهُ بِالْمَهْرِ أَوْ قَبْلَهُ سَقَطَ لِلْفَسْخِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنِ اشْتَرَتْهُ بِالْمَهْرِ الَّذِي ضَمِنَهُ السَّيِّدُ وَظَهَرَ مِنْ قَصْدِ السَّيِّدِ إِفْسَادُ النِّكَاحِ لَمْ يَصِحَّ هَذَا الْقَصْدُ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ صَحَّ وَانْفَسَحَ النِّكَاحُ وَبَقِيَ مِلْكًا لَهَا إِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا وَإِلَّا عَادَ لِسَيِّدِهِ قَالَهُ فِي الْكِتَابِ (فَرْعٌ) فِي الْبَيَان إِذا أعتق سيد الْأَمَةِ وَلَدَ الزَّوْجِ رَجَعَتْ نَفَقَتُهُ عَلَى أَبِيهِ لِأَنَّهُ صَارَ حُرًّا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الِابْنُ مُعْدِمًا أَوْ لَا أَبَ لَهُ لِأَنَّ عِتْقَ الصَّغِيرِ لَا يُسْقِطُ النَّفَقَةَ إِلَّا الْأَبُ الْمُوسِرُ قَالَ وَكَذَلِكَ إِذَا طَلَّقَهَا لَيْسَ لَهُ طَرْحُ وَلَدِهَا مِنْ حِينِهِ حَتَّى يَجِدَ لَهُ مَوْضِعًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلا مولودة لَهُ بِوَلَدِهِ} الْبَقَرَة 233

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى لِلسَّيِّدِ تَزْوِيجُ أَمَةِ الْعَبْدِ مِنَ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ انْتِزَاعٌ وَلَا يَجُوزُ لأحد أَن يتَزَوَّج أمته إِلَّا هَذِه (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا اشْتَرَتِ الْأَمَةُ الْمَأْذُونُ لَهَا زَوْجَهَا فَرَدَّهُ سَيِّدُهَا فَهُمَا عَلَى الزَّوْجِيَّةِ وَإِذَا زَوَّجَ أَمَتَهُ مِنْ عَبْدِهِ ثُمَّ وَهَبَهَا لَهُ لِقَصْدِ فَسْخِ النِّكَاحِ وَأَنْ يُحَلِّلَهَا لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ لَمْ يَجُزْ وَلَا يَحْرُمْ وَفِي النُّكَتِ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا إِذَا قَبِلَ الْعَبْدُ الْهِبَةَ انْفَسَخَ النِّكَاحُ قَصَدَ السَّيِّدُ الْفَسْخَ أَمْ لَا وَلَا حُجَّةَ إِنْ قَالَ لَمْ أَعْلَمْ قَصْدَهُ لِلْفَسْخِ وَإِنَّمَا يَفْتَرِقُ الْقَصْدُ مِنْ غَيْرِهِ إِذَا لَمْ يَقْبَلْ (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ مَنْ تَزَوَّجَ أَمَةَ رَجُلٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ أَجَازَهُ السَّيِّدُ وَيُفْسَخُ وَإِنْ وَلَدَتِ الْأَوْلَادَ لِأَنَّهَا جِنَايَةٌ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ وَوِلَايَتِهِ فَهُوَ أَعْظَمُ مِنَ التَّزْوِيجِ بِغَيْرِ إِذْنِ الْقَرِيبِ وَلَوْ عَتَقَتْ قَبْلَ الْعِلْمِ فُسِخَ لِتَمَكُّنِ الْفَسَادِ وَلَا يَنْكِحُهَا الزَّوْجُ إِلَّا بَعْدَ الْعِدَّةِ مِنْ مَائِهِ الْفَاسِدِ وَإِنْ لَحِقَ بِهِ نَسَبُ وَلَدِهَا وَكَذَلِكَ إِنِ اشْتَرَاهَا فِي تِلْكَ الْعِدَّةِ تَمْيِيزًا بَيْنَ الْمَاءِ الْفَاسِدِ وَالصَّحِيحِ وَكَذَلِكَ كُلُّ وَطْءٍ فَاسِدٍ

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ وَلَا تُزَوَّجُ أَمَةٌ أَوْ عَبْدٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ إِلَّا بِإِذْنِهِمَا نَفْيًا لِلْجِنَايَةِ عَلَى حَقِّ أَحَدِهِمَا فَإِنْ عَقَدَهُ أَحَدُهُمَا لِلْأَمَةِ لَمْ يَجُزْ بِإِجَازَةِ الْآخَرِ وَإِنْ دَخَلَ بِهَا وَيَكُونُ الْمُسَمَّى بَيْنَهُمَا إِنْ دَخَلَ بِهَا وَإِنْ نَقَصَ عَنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ أَتَمَّ لِلْغَائِبِ نِصْفَ صَدَاقِ الْمِثْلِ أَتَمَّ لِلْغَائِبِ نِصْفَ صَدَاقِ الْمِثْلِ إِنْ طَلَبَهُ فَإِنْ غَرَّ الْعَاقِدُ الزَّوْجَ بِقَوْلِهِ هِيَ مِلْكِي أَوْ هِيَ حُرَّةٌ رَجَعَ الزَّوْجُ عَلَيْهِ بِمَا دَفَعَهُ لِشَرِيكِهِ وَيَرْجِعُ أَيْضًا عَلَيْهِ بِمَا دَفَعَهُ إِلَيْهِ إِلَّا نِصْفَ رُبُعِ دِينَارٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا تَزَوَّجَ بِإِذْنِ أَحَدِهِمَا فَلِلْآخَرِ فَسْخُ نِكَاحِهِ وَيَأْخُذُ مِنَ الْمَرْأَةِ جَمِيعَ الصَّدَاقِ وَيَكُونُ بِيَدِ الْعَبْدِ مَعَ مَاله إِلَّا أَن يتَّفقَا على تَسْمِيَته وَلَا يَتْرُكُ لَهَا مِنْهُ رُبُعَ دِينَارٍ إِنْ كَانَتْ عَالِمَةً فَإِذَا اقْتَسَمَا أَخَذَتْ مِنَ الْآخَرِ حِصَّتَهُ مِنَ الصَّدَاقِ وَلَوْ غَرَّهَا الْآخَرُ وَلَمْ يُعْلِمْهَا رَجَعَتْ بِمِثْلِ الصَّدَاقِ عَلَيْهِ وَلَوِ اسْتَهْلَكَتْهُ اتَّبَعَهَا غَيْرُ الْآذِنِ بِجَمِيعِهِ وَاتَّبَعَتْ هِيَ الْآذِنَ بِمِثْلِهِ وَلَهَا اتِّبَاعُ الْعَبْدِ بِجَمِيعِ مَا أُخِذَ مِنْهُ إِلَّا أَنْ يُسْقِطَهُ غَيْرُ الْآذِنِ قَالَ وَقَوْلُهُ كُلُّهُ كَقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِلَّا قَوْلَهُ لَا يَتْرُكُ لَهَا رُبُعَ دِينَارٍ فَفِي الْكِتَابِ يَتْرُكُ لَهَا ذَلِكَ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِذَا زَوَّجَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْأَمَةَ بِغَيْرِ إِذْنِ الْآخَرِ فَأَجَازَ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَلَهُ نِصْفُ التَّسْمِيَةِ نَقَصَ عَلَى صَدَاقِ الْمِثْلِ أَوْ زَادَ لِأَنَّ إِجَازَتَهُ رِضًا بِهِ وَلَا بُدَّ مِنَ الْفَسْخِ وَإِنْ لَمْ يُجِزْ فَلَا يَنْقُصُ عَنْ نِصْفِ صَدَاقِ الْمِثْلِ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ وَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ أَخْذِ نِصْفِ الصَّدَاقِ مِنَ الشَّرِيكِ الْقَابِضِ بِجُمْلَةِ الصَّدَاقِ أَوِ الزَّوْجِ وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى الشَّرِيكِ الْمُزَوِّجِ وَلَا يَتْرُكُ لَهُ رُبُعَ دِينَارٍ لِأَنَّ مَا أَخَذَ الشَّرِيكُ الْآخَرُ فِيهِ رُبُعُ دِينَارٍ وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَغَيْرُهُ يَتْرُكُ لِلْعَاقِدِ نِصْفَ رُبُعِ دِينَارٍ وَهَذَا كُلُّهُ إِذَا غَرَّهُ وَقَالَ هِيَ مِلْكِي وَحْدِي أَوْ هِيَ حُرَّةٌ أَمَّا إِنْ أَعْلَمَهُ فَلَا يَرْجِعُ

(فرع)

عَلَيْهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ أَجَازَ غَيْرُ الْآذِنِ على الْقرب فَإِنْ عَلِمَتِ الْمَرْأَةُ بِالشَّرِيكِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الزَّوْجِ بِشَيْءٍ وَيُتْرَكُ الصَّدَاقُ بِيَدِ الْعَبْدِ وَإِنِ اقْتَسَمَاهُ رَجَعَتْ عَلَى الْحَاضِرِ بِنَصِيبِهِ وَإِنْ غَرَّهَا وَلَمْ يُعْلِمْهَا رَجَعَتْ عَلَيْهِ فَإِنْ أَعْدَمَ بِيعَ لَهَا بِنَصِيبِهِ مِنَ الْعَبْدِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ إِذَا رَضِيَ الثَّانِي جَرَى الْفَسْخُ عَلَى الْخِلَافِ فِي تَزْوِيجِ الْأَجْنَبِيِّ الْأَمَةَ وَهَذَا أَوْلَى لِأَنَّ لَهُ مَدْخَلًا فِي الْعَقْدِ وَإِنْ فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا صَدَاقَ أَوْ بَعْدَهُ لِلْعَاقِدِ الْمُسَمَّى وَفِي الآخر ثَلَاثَة أَقْوَاله الْمِثْلُ لِأَنَّهُ تَفْوِيتٌ فَتَتَعَيَّنُ الْقِيِمَةُ وَالْمُسَمَّى لِتَقْدِيمِ قَوْلِ الزَّوْجِ عَلَيْهِ وَالْأَكْثَرُ لِأَنَّهُ يُطَالِبُهُ بِالْقِيمَةِ وَالْفَرْضِ وَإِذَا غَرَّ الْأَوَّلُ الزَّوْجَ فَفِي رُجُوعِهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ بِمَا وَزَنَ أَوْ بِهِ إِلَّا رُبُعَ دِينَارٍ أَوْ بِالزَّائِدِ عَلَى الْمُسَمَّى (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ لَا يُطْلِقُ السَّيِّدُ عَلَى عَبْدِهِ إِذَا عَقَدَ بِإِذْنِهِ وَفِي الْجُلَّابِ لَا يَمْنَعُهُ الرَّجْعَةَ لِاسْتِلْزَامِ الْإِذْنِ الْأَوَّلِ تَمْكِينَ الْعَبْدِ مِنْ أَحْكَامِ النِّكَاحِ (تَفْرِيعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ لَا يَبْطُلُ اسْتِخْدَامُ الرَّقِيقِ بِالزَّوَاجِ اسْتِبْقَاءً لِحَقِّ الْمِلْكِ وَعَقْدُ النِّكَاحِ إِنَّمَا يَتَنَاوَلُ إِبَاحَةَ الْوَطْءِ بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَيحرم الِاسْتِمْتَاع على السَّيِّد لَيْلًا تَخْتَلِطَ الْأَنْسَابُ وَلَيْسَ عَلَى السَّيِّدِ أَنْ يُنْزِلَهَا مَعَهُ بَيْتًا إِلَّا

فرع

أَنْ يَشْتَرِطَهُ أَوْ يَكُونَ عُرْفًا قَالَهُ فِي الْكِتَابِ وَحَقُّ السَّيِّدِ آكَدُ بِدَلِيلِ رِقِّ الْوَلَدِ وَقَالَهُ ح وَأَوْجَبَهُ ش لَيْلًا وَرَوَى عَبْدُ الْمَلِكِ تُرْسَلُ إِلَيْهِ لَيْلَةً بَعْدَ ثَلَاثٍ لِأَنَّهُ وَقْتُ الضَّرُورَةِ غَالِبًا وَيَأْتِيهَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَلِلسَّيِّدِ الْمُسَافَرَةُ بِهَا وَلَا يُمْنَعُ الزَّوْجُ مِنَ الْخُرُوجَ مَعَهَا وَإِنْ بِيعَتْ بِمَوْضِعٍ لَا يَصِلُ إِلَيْهَا فَلَهُ طَلَبُهَا وَفِي لُزُومِ النَّفَقَةِ رِوَايَاتٌ ثَالِثُهَا إِنْ بُوِّئَتْ مَعَهُ بَيْتًا لَزِمَتْهُ وَإِلَّا فَلَا وَقَالَهُ ح وَرَابِعُهَا إِنْ بَاتَتْ عِنْدَهُ وَكَانَتْ عِنْدَ أَهْلِهَا نَهَارًا لَزِمَهُ وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُنْفِقُ عَلَيْهَا زَمَنَ تَأْتِيهِ دُونَ غَيْرِهِ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ تَغْلِيبُ الْمِلْكِ فَيَسْقُطُ أَوْ يُلَاحَظُ الِاسْتِمْتَاعُ وَهُوَ سَبَبُ النَّفَقَةِ فِي الْحَرَائِرِ وَحَيْثُ قُلْنَا فِي النَّفَقَةِ يُسَافِرُ بِهَا السَّيِّدُ سَقَطَ كَنُشُوزِ الْحُرَّةِ (فَرْعٌ) قَالَ وَمَهْرُ الْأَمَةِ مِنْ جُمْلَةِ مَالِهَا مَا لَمْ يَنْتَزِعْهُ وَلَو قَتلهَا أَجْنَبِي أالسيد أَو مَاتَت لم يسْقط لوُجُود سَببه (فَرْعٌ) قَالَ وَإِذَا بَاعَهَا لَمْ يَنْفَسِخِ النِّكَاحُ لِأَنَّ الْبَيْعَ يَنْقُلُ الْأَعْيَانَ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ مِنْ نَقْصٍ وَكَمَالٍ وَيُسَلِّمُ الْمَهْرَ لِلْبَائِعِ كَمَالِهَا إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ وَحَيْثُ لَمْ يَشْتَرِطْ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ حَبْسُهَا لِتَسْلِيمِ الصَّدَاقِ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ فِيهَا تَصَرُّفٌ وَلَا لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْمَهْرَ لَيْسَ لَهُ فَيَسْتَفِيدَ الزَّوْجُ بِالْبَيْعِ سُقُوطَ الْمَنْعِ لِأَجْلِ الصَّدَاقِ

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ فَلَوْ زَوَّجَ عَبْدَهُ مِنْ أَمَتِهِ فَلَا بُد من الصَدَاق لِأَنَّهُ حق لله تَعَالَى فَقَطْ (فَرْعٌ) قَالَ فَلَوْ أَعْتَقَ أَمَتَهُ عَلَى أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَا لَمْ يَلْزَمْهَا الْوَفَاءُ أَوْ أُعْتِقَتْ بَعْدَهَا عَلَى ذَلِكَ عَتَقَ وَلَمْ يَلْزَمْهُ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ لَوْ زَوَّجَهَا السَّيِّدُ تَفْوِيضًا فَعَرَضَ لَهَا الزَّوْجُ بَعْدَ الْعِتْقِ فَهُوَ لَهَا وَلِلسَّيِّدِ أَخْذُ صَدَاقِ الْأَمَةِ إِلَّا رُبُعَ دِينَارٍ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى السَّبَبُ السَّابِعُ وَالثَّامِن الْكفَالَة والالتقاط قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ قِيلَ لَا وِلَايَةَ لَهُمَا لِعَدَمِ الْقَرَابَةِ وَقِيلَ لَهُمَا لِأَنَّ الْكَفَالَةَ وَالِالْتِقَاطَ يَتَضَمَّنَانِ حُسْنَ النَّظَرِ وَالْخِلَافُ جَارٍ فِي سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ هَلْ تَقُومَانِ مَقَامَ الْوَصِيِّ أَمْ لَا السَّبَب التَّاسِع الْإِسْلَام وَهِيَ الْوِلَايَةُ الْعَامَّةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} التَّوْبَة 71 وَفِي الْكِتَابِ إِذَا وَكَّلَتِ الدَّنِيَّةُ كَالْمُعْتَقَةِ وَالْمِسْكِينَةِ أَجْنَبِيًّا فِي بَلَدٍ لَيْسَ فِيهِ سُلْطَانٌ أَوْ فِيهِ لَكِنْ يَعْسُرُ وُصُولُهَا إِلَيْهِ وَلَا وَلِيَّ لَهَا جَازَ وَمَنْ أَسْلَمَتْ عَلَى يَدَيْهِ أَوْ أَبُوهَا لَا يَصِيرُ بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ وَكَذَلِكَ الْكَافِلُ فِي الدَّنِيَّةِ وَلَوْ وَكَّلَتْ ذَاتُ الْقَدْرِ غَيْرَ وَلِيِّهَا فَزَوَّجَهَا فَرَضِيَ الْوَلِيُّ تَوَقَّفَ فِيهِ مَالِكٌ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِطَلْقَةٍ وَإِنْ دَخَلَ بِهَا إِلَّا أَنْ يُجِيزَ الْوَلِيُّ أَوِ السُّلْطَانُ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ أَجَازَ الْوَلِيُّ بِالْقُرْبِ جَازَ وَإِنْ فَسَخَهُ بِالْقُرْبِ انْفَسَخَ أَمَّا بَعْدَ الطَّوْلِ وَالْأَوْلَادِ فَلَا إِن

(فرع)

كَانَ صَوَابًا قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يجوز وَإِن أجَازه الْوَلِيّ قَالَ اللَّخْمِيّ فِيهَا خَمْسَةُ أَقْوَالٍ الثَّلَاثَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ وَرُوِيَ إِمْضَاؤُهُ بِالْعَقْدِ وَقَالَ الْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ الَّذِي يَأْتِي عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّ الدُّخُولَ فَوْتٌ وَفِي السَّلْمَانِيَّةِ يُفْسَخُ وَلَوْ وَلَدَتِ الْأَوْلَادَ وَلَمْ يَخْتَلِفِ الْمَذْهَبُ أَنَّ ولَايَة الْإِسْلَام صَحِيحَة وَأَن للْوَلِيّ منع وليته مِنَ الْوُقُوعِ فِي الْمَعَرَّةِ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلْ تَقْدِيمُ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا تفِيد الْإِجَازَة أَوله فَتُفِيدَ إِجَازَتُهُ وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَهَلْ ذَلِكَ وَاجِبٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ (فَرْعٌ) فَلَوْ وَكَّلَتْ أَجْنَبِيًّا فَزَوَّجَهَا وَلَهَا وَلِيَّانِ أَقْرَبُ وَأَبْعَدُ فَأَجَازَهُ الْأَبْعَدُ وَرَدَّهُ الْأَقْرَبُ رُدَّ بِخِلَافِ عَقْدِ الْأَبْعَدِ مَعَ وُجُودِ الْأَقْرَبِ أَنَّهُ لَا يُرَدُّ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ عَقَدَهُ ولي وَهَا هُنَا أَجْنَبِيٌّ فَإِنْ غَابَ الْأَقْرَبُ وَأَرَادَ الْأَبْعَدُ فَسْخَهُ بعث إِلَيْهِ السُّلْطَان وانتظره إِن كَانَ الْغَيْبَةُ قَرِيبَةً وَإِلَّا فَالسُّلْطَانُ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي الرَّدِّ وَالْإِجَازَةِ وَهُوَ أَوْلَى مِنَ الْبَعِيدِ لِأَنَّهُ وَكِيلُ الْغَائِبِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا زَوَّجَ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ مَعَ الْخَاصَّةِ الْإِجْبَارِيَّةِ كَالْأَبِ وَالسَّيِّدِ فُسِخَ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَيْسَ لِلْأَبِ وَالسَّيِّدِ إِجَازَتُهُ لِقُوَّةِ حَقِّ وِلَايَةِ الْإِجْبَارِ لِلَّهِ تَعَالَى نَظَرًا لمولى عَلَيْهِ وَرُوِيَ فِي السَّيِّدِ الْإِجَازَةُ تَغْلِيبًا لِحَقِّهِ بِسَبَبِ الْمَالِيَّةِ وَعَنْهُ رِوَايَةٌ فِي الدَّنِيَّةِ لَا تَجُوزُ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ مَعَ الْخَاصَّةِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ وِلَايَةٌ خَاصَّةٌ إِلَّا وِلَايَةُ الْحَكَمِ مُنِعَ الْولَايَة الْعَامَّة وَلَو فِي الدنية لَيْلًا تضيع الْفروج وَجوزهُ مرّة فِي الْبَادِيَةِ إِذَا كَانَ صَوَابًا لِأَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ امْرَأَةٍ تَصِلُ إِلَى السُّلْطَانِ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ جَوَازَهُ فِي الدَّنِيَّةِ وَأَنْكَرَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ

(فرع)

إِلَّا فِي الْعَجَمِيَّةِ الْوَغْدَةِ تَسْتَنِدُ إِلَى الرَّجُلِ فَيَصِيرُ لَهَا نَاظِرًا فِي مَصَالِحِهَا كَمَوْلَاتِهِ ثُمَّ حَيْثُ قُلْنَا بِالْفَسْخِ فَلَا عُقُوبَةَ عَلَيْهِمَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْفَسْخُ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ (فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا طَلَّقَ الزَّوْجُ قَبْلَ الْإِجَازَةِ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَيَتَوَارَثَانِ وَيَنْفُذُ الْخُلْعُ بِالْمَالِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ مَاتَ ورثته أَو مَاتَت كَانَ للْوَلِيّ مَنعه الْمِيرَاثَ وَهُوَ يُفْسَخُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ لَهُ الرَّدَّ وَإِنْ كَانَ صَوَابًا الْبَحْثُ الثَّانِي فِي مَوَانِعِهَا وَهِيَ سَبْعَةٌ الْمَانِعُ الْأَوَّلُ اخْتِلَافُ الدِّينِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} الْأَنْفَال 72 وقَوْله تَعَالَى {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بعض} وَقَوْلِهِ {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} الْأَنْفَال 73 مَفْهُومُهُ لَا يَلِي أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ عَلَى الْآخَرِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَفِي الْكِتَابِ لَا يَعْقِدُ النَّصْرَانِيُّ لِمُسْلِمَةٍ وَيَعْقِدُ لِوَلِيَّتِهِ النَّصْرَانِيَّةِ مِنْ مُسْلِمٍ إِنْ شَاءَ يَعْقِدُهُ وَلِيُّهَا الْمُسْلِمُ إِلَّا الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ نسَاء الْجِزْيَةِ قَدْ أَعْتَقَهَا مُسْلِمٌ وَلَا يَعْقِدُ الْمُرْتَدُّ فَإِنْ عَقَدَ هُوَ أَوْ نَصَرَانِيٌّ فُسِخَ بَعْدَ الدُّخُولِ وَلَهَا الْمَهْرُ بِالْمَسِيسِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ كَانَتِ الْمُعْتَقَةُ مِنْ نِسَاءِ الْجِزْيَةِ لَا يُزَوِّجْهَا مُسْلِمٌ مِنْ مُسْلِمٍ وَلَا غَيْرِهِ فَإِنْ زَوَّجَهَا مِنْ مُسْلِمٍ فُسِخَ نِكَاحُهُ لِعَدَمِ الْوَلِيِّ أَوْ مِنْ نَصْرَانِيٍّ لَمْ يُفْسَخْ لِكَوْنِهِ بَيْنَ نَصْرَانِيَّيْنِ فَلَا يَتَعَرَّضُ لَهُمَا قَالَ أَصْبَغُ إِذَا زَوَّجَ الْمُسْلِمُ النَّصْرَانِيَّةَ مِنْ مُسْلِمٍ لَمْ أَفْسَخْهُ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ مِنَ النَّصْرَانِيِّ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِنْ كَانَتْ مِنْ أَهْلِ الصُّلْحِ لَمْ يَجُزْ لِوَلِيِّهَا الْمُسْلِمِ تَزْوِيجُهَا وَإِلَّا فَلَهُ ذَلِكَ كَانَ عَلَيْهَا جِزْيَةٌ أَوْ لَمْ تَكُنْ قَالَهُ مَالِكٌ وَالْمَنْعُ مُطْلَقًا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالْجَوَازُ مُطْلَقًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا وَلِيٌّ مِنْ

(فرع)

أَهْلِ الصُّلْحِ فَلَهُمْ مَنْعُهُ لِأَنَّهُ حَقٌّ عِنْدَهُمْ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ لَا خِلَافَ فِي الْمَسْأَلَةِ بَلْ إِنْ كَانَتِ الْكَافِرَةُ ذَاتَ جِزْيَةٍ مُنِعَ كَانَتْ مِنْ أَهْلِ الصُّلْحِ أَمْ لَا وَإِلَّا زَوَّجَهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالنَّصْرَانِيَّةُ لَا وَلِيَّ لَهَا تُوَلِّي مُسْلِمًا لَا يَعْقِدُ وَلِلْمُسْلِمِ تَزْوِيجُ أَمَتِهِ النَّصْرَانِيَّةِ مَنْ نَصْرَانِيٍّ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ تَنْمِيَةِ الْمَالِ لَا مِنْ بَابِ مُعَاقَدَةِ الْأَدْيَانِ قَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَلَا يَسْتَخْلِفُ النَّصْرَانِيُّ مَنْ يُزَوِّجُ وَلَا يَطْلُبُ رِضَاهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ وَصِيًّا لِمُسْلِمٍ وَأَجَازَهُ الْإِمَامُ فَلَهُ اسْتِخْلَافُ مُسْلِمٍ وَفِي الْجَوَاهِرِ قِيلَ لَا يَجُوزُ الْعَقْدُ لِمُسْلِمٍ عَلَى نَصْرَانِيَّةٍ إِلَّا مِنْ مُسْلِمٍ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا تَزَوَّجَ الْحَرْبِيُّ ذِمِّيَّةً أَوِ الذِّمِّيُّ حَرْبِيَّةً فَالْوَلَدُ تَبَعٌ لِلْأَبِ فِي الْعَقْدِ وَعَدَمِهِ لِأَنَّهُمَا مِنْ آثَارِ الدِّينِ وَالْوَلَدُ تَابِعٌ لِأَبِيهِ فِي الدِّينِ وَفِي الْكِتَابِ تَبَعٌ لِلْأُمِّ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ وَقَالَ ابْنُ دِينَارٍ تَبَعٌ لِذِي الْعَقْدِ مِنْهُمَا وَلَا خِلَافَ أَنَّ وَلَدَ الْحُرِّ مِنَ الْأَمَةِ رَقِيقٌ لِسَيِّدِ الْأَمَةِ الْمَانِعُ الثَّانِي الرِّقُّ لِأَنَّهُ فَرْعُ الْكُفْرِ وَلِأَنَّ الْوِلَايَةَ مَنْصِبٌ وَاسْتِيلَاءٌ فَلَا تَثْبُتُ مَعَ الرِّقِّ كَالشَّهَادَةِ وَالْمَنَاصِبِ الْعَلِيَّةِ وَقَالَهُ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يُعْتَبَرُ فِي الْقبُول لنَفسِهِ لِأَنَّهُ لَا يتَضَرَّر بِنَفسِهِ وَلَا فِي الْوَكَالَةِ لِغَيْرِهِ لِأَنَّ سلْطَنَة الْمُوَكَّلَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْوِلَايَةِ الْأَصْلِيَّةِ وَفِي الْكِتَابِ الْعَبْدُ وَالْمُكَاتَبُ وَالْمُدَبَّرُ وَالْمُعْتَقُ بَعْضُهُ يُفْسَخُ مَا عَقَدُوهُ وَلَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ وَلَهَا الْمَهْرُ بِالْمَسِيسِ فَلَوْ كَانَتْ الِابْنَةُ حُرَّةً فَأَرَادَ الْأَوْلِيَاءُ الْإِجَازَةَ

(تفريع)

لَمْ يَجُزْ لِعَدَمِ الْوَلِيِّ وَالْعَبْدُ إِذَا اسْتَخْلَفَهُ حُرٌّ فَلْيُوَكِّلْ غَيْرَهُ عَلَى الْعَقْدِ وَلِلْمُكَاتَبِ إِنْكَاحُ إِمَائِهِ ابْتِغَاءَ الْفَضْلِ وَإِنْ كَرِهَ السَّيِّدُ لِأَنَّهُ يُنَمِّي مَالَهُ وَلِغَيْرِ ابْتِغَاءِ الْفَضْلِ بِغَيْرِ إِذْنِ السَّيِّدِ وَلَهُ رَدُّهُ وَلَا يَتَزَوَّجُ إِلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَلَا مِيرَاثَ فِيمَا عَقَدَهُ الْعَبْدُ وَالْمَرْأَةُ وَإِنْ فُسِخَ بِطَلَاقٍ لِضَعْفِ الِاخْتِلَافِ فِيهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ جَهِلَ الْعَبْدُ فَاسْتَخْلَفَ عَلَى عَقْدِ ابْنَتِهِ الْحُرَّةِ فُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ الْمَانِعُ الثَّالِثُ مَا يَقْدَحُ فِي النَّظَرِ كَالصِّبَا وَالْجُنُونِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَفِي الْجَوَاهِرِ تَنْتَقِلُ الْوِلَايَةُ لِلْأَبْعَدِ لِأَنَّ الشَّرْعَ إِنَّمَا يُقِرُّ فِي كُلِّ وِلَايَةٍ مَنْ يَقُومُ لِمَصَالِحِهَا الْمَانِعُ الرَّابِعُ السَّفَهُ فَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُمْنَعُ بَلْ يَعْقِدُ عَلَى ابْنَتِهِ بِإِذْنِ وَلَيِّهِ لِأَنَّ شَفَقَةَ طَبْعِهِ لَا تُحْتَرَمُ بِتَبْذِيرِهِ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ يُمْنَعُ وَتُنْقَلُ الْوِلَايَةُ لِوَلِيِّهِ وَقَالَ ش لِأَنَّ مَنْ لَا يُؤْتَمَنُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْلَى أَنْ لَا يُؤْتَمَنَ عَلَى غَيْرِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا لَمْ يُوَلَّ عَلَيْهِ وَهُوَ ذُو رَأْيٍ عَقَدَ (تَفْرِيعٌ) قَالَ إِنْ عَقَدَ لِابْنَتِهِ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ لِوَلِيِّهِ إِجَازَتُهُ وَرَدُّهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مَضَى عَقْدُهُ إِنْ كَانَ صَوَابًا وَكَذَلِكَ أُخْتُهُ قَالَ مُحَمَّدٌ قَوْلُهُ صَحِيحٌ إِلَّا قَوْلَهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ وَلِيٌّ فَيَجُوزُ بَلْ يَبْطُلُ مِنَ الْجَمِيعِ غَيْرُ الصَّوَابِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ كَانَ ذَا عَقْلٍ وَدِينٍ غَيْرَ أَنَّهُ غَيْرُ مُمْسِكٍ لِمَالِهِ جَبَرَ ابْنَتَهُ قَبْلَ الْبُلُوغِ لِأَنَّ الْوَجْهَ الَّذِي عجز عَنهُ غير الَّذِي طلب مِنْهُ

وتستحب مُطَالَعَةُ الْوَصِيِّ وَإِنْ نَقَصَ تَمْيِيزُهُ نَظَرَ الْوَلِيُّ وَلَا يُزَوّج إِلَّا بعد الْبلُوغ والاستيذان كَالْيَتِيمَةِ وَيَعْقِدُ الْأَبُ إِلَّا أَنْ يَعْدِمَ الْعَقْلَ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا زَوَّجَ السَّفِيهُ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ الَّذِي لَا رَأْيَ لَهُ ابْنَتَهُ الْبِكْرَ أَوْ أُخْتَهُ أَوْ مَوْلَاتَهُ أَوْ أَمَتَهُ فُسِخَ وَقِيلَ يُنْظَرُ فِيهِ فَإِنْ كَانَ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ ذَا رَأْيٍ فَعَلَيْهِ الْقَوْلُ بِقَوْلِهِ أَوْ زَوَّجَ غَيْرُ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ الَّذِي لَا رَأْيَ لَهُ ابْنَتَهُ الْبِكْرَ نُظِرَ فِيهِ أَوْ أُخْتَهُ مَضَى إِلَّا أَنْ يَكُونَ غَيْرَ صَوَابٍ أَوْ أَمَتَهُ جَرَى عَلَى الْخِلَافِ فِي تَصَرُّفِهِ فِي مَالِهِ وَلَا يَجُوزُ لِلْمُوَلَّى عَلَيْهِ الَّذِي لَا رَأْيَ لَهُ نِكَاحٌ وَلَا خِلَافَ أَنَّ السَّفِيهَ لَا يُزَوِّجُ ابْنَتَهُ الْبِكْرَ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَاخْتُلِفَ هَلْ لِوَصِيِّهِ تَزْوِيجُ بَنَاتِهِ الْأَبْكَارِ بَعْدَ بُلُوغِهِنَّ وَأَمَّا أَخَوَاتُهُ وَعَمَّاتُهُ وَمَوْلَاتُهُ فَلَا يُزَوِّجُهُنَّ فَإِنْ فَعَلَ مَضَى وَقَالَ أَصْبَغُ الْأَوْلِيَاءُ أَحَقُّ مِنْهُ وَلَهُ ذَلِكَ وَمَنَعَهُ سَحْنُونٌ الْمَانِعُ الْخَامِسُ الْفِسْقُ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْمَشْهُورُ عَدَمُ مَنْعِهِ وَقَالَهُ ش لِأَنَّ حَمِيَّتَهُ تَمْنَعُ إِيقَاعَ وَلِيَّتِهُ فِي الدَّنِيَّاتِ وَقِيلَ يُمْنَعُ وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْمُونٍ عَلَى نَفْسِهِ فَأَوْلَى عَلَى غَيْرِهِ الْمَانِعُ السَّادِسُ غَيْبَةُ الْوَلِيِّ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا كَانَ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ نَظَرَ السُّلْطَانُ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ تَحْصِيلًا لِمَصْلَحَةِ النِّكَاحِ وَقِيلَ لَا يَنْظُرُ حَتَّى يُقَدِّمَ الْوَلِيُّ حِفْظًا لِحَقِّ الْوِلَايَةِ فَإِنْ غَابَ الْأَقْرَبُ وَحَضَرَ الْأَبْعَدُ قِيلَ حَقُّ الْغَائِبِ قَائِمٌ وَالسُّلْطَانُ وَكِيلُهُ بِخِلَافِ الْمَيِّتِ لِعَدَمِ قَبُولِهِ لِلْوِكَالَةِ وَقِيلَ يَنْتَقِلُ لِلْحَاضِرِ صَوْنًا لِمَصْلَحَةِ الْوَلِيَّةِ وَإِذَا غَابَ الْأَبُ عَنِ الْبِكْرِ وَلَمْ تَدْعُ لِلزَّوَاجِ لَا تُزَوَّجُ إِنْ كَانَتْ فِي صِيَانَةٍ وَإِنْ دَعَتْ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ نَفَقَةٌ وَهِيَ مُحْتَاجَةٌ زُوِّجَتْ وَإِنْ كَانَتْ نَفَقَتُهُ جَارِيَةً عَلَيْهَا وَهُوَ أَسِيرٌ أَوْ فَقِيرٌ زُوِّجَتْ لِتَعَذُّرِ قُدُومِهِ فَإِنْ عَلِمَتْ حَيَاتَهُ وَلَيْسَ أَسِيرًا

فَظَاهِرُ الْكِتَابِ تُزَوَّجُ وَقَالَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ لَا تُزَوَّجُ خَشْيَةً مِنَ النِّكَاحِ بِغَيْرِ وَلِيٍّ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا كَانَتْ غَيْبَةُ الْأَبِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَنَحْوَهَا فَلَا خِلَافَ فِي الْمَنْعِ فَإِنْ زُوِّجَتْ فُسِخَ أَوْ بَعِيدَةً نَحْوَ إِفْرِيقِيَا مِنْ مِصْرَ فَأَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ الْإِمَامُ يُزَوِّجُهَا إِذَا دَعَتْ لِذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ نَفَقَتُهُ جَارِيَةً وَلَمْ يَخَفْ عَلَيْهَا وَلَا اسْتَوْطَنَ الْبَلَدَ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأُخِذَ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ لَا يُرِيدُ الْمَقَامَ بِتِلْكَ الْبَلْدَةِ الَّتِي ذَهَبَ إِلَيْهَا لَا يُزَوِّجُ السُّلْطَانُ ابْنَتَهُ الْقَوْلُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ لَا تُزَوَّجُ إِلَّا أَنْ يَسْتَوْطِنَ الْعِشْرِينَ سَنَةً وَيُيْأَسَ مِنْ رَجْعَتِهِ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَقَالَ مَالِكٌ أَيْضًا يُمْنَعُ أَبَدًا إِلَّا إِنْ كَانَ أَسِيرًا أَوْ فَقِيرا فَلَا خِلَافَ أَنَّ الْإِمَامَ يُزَوِّجُهَا إِذَا دَعَتْ لِذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ فِي نَفَقَتِهِ وَأُمِنَ عَلَيْهَا الْمَانِعُ السَّابِعُ الْإِحْرَامُ وَهُوَ يَسْلُبُ عِبَادَةَ الْمُحَرِمِ فِي النِّكَاحِ وَالْإِنْكَاحِ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ فِي الْحَج الْبَحْث الثَّالِث فِي تَرْتِيب الْأَوْلِيَاء قَاعِدَةٌ إِنَّمَا يُقَدِّمُ الشَّرْعُ فِي كُلِّ وِلَايَةٍ مَنْ هُوَ أَقْوَمُ بِمَصَالِحِهَا فَلِلْقَضَاءِ الْعَارِفُ بِالْفِقْهِ وَأَحْوَالِ الْخُصُومِ وَالْبَيِّنَاتِ وَلِلْحُرُوبِ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَكَائِدِهَا وَسِيَاسَةِ جُيُوشِهَا وَلَا يُقَدِّمُ هَذَا لِلْقَضَاءِ وَلَا الأول للحروب وَكَذَلِكَ سَائِر الولايات وَرُبَّ كَامِلٍ فِي وِلَايَةٍ نَاقِصٌ فِي أُخْرَى كَالنِّسَاءِ نَاقِصَاتٌ فِي الْحُرُوبِ كَامِلَاتٌ فِي الْحَضَانَةِ لِمَزِيدِ شَفَقَتِهِنَّ وَصَبْرِهِنَّ فَيُقَدَّمْنَ عَلَى الرِّجَالِ فَكَذَلِك هَا هُنَا إِذَا اجْتَمَعَ الْأَوْلِيَاءُ يُقَدَّمُ مَنْ وَصْفُهُ أَقْرَبُ لحسن النَّظَرِ فِي الْوَلِيَّةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ النَّسَبُ مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ وَأَوْلَى النَّسَبِ الِابْنُ ثُمَّ ابْنُ الِابْنِ ثُمَّ الْأَبُ ثُمَّ الْأَخُ ثُمَّ ابْنُ الْأَخِ وَإِنْ سَفَلَ ثُمَّ الْجَدُّ ثُمَّ الْعَمُّ ثمَّ ابْن الْعم وَإِن سفل وَأَسْبَاب التَّقَدُّم هَا هُنَا هِيَ أَسْبَابُ التَّقَدُّمِ فِي الْمَوَارِيثِ وَسَوَّى فِي الْكتاب بَين الْأَخ الشَّقِيق لِلْأَبِ نَظَرًا إِلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ إِنَّمَا هُوَ جِهَةُ الْأَبِ وَالْأُمُومَةُ وَالْإِدْلَاءُ بِهَا سَاقِطٌ فِي وِلَايَةِ النِّكَاحِ وَقَدْ قُدِّمَ الشَّقِيقُ فِي كِتَابِ ابْن حبيب وَجعل

الأمومة مرجحة كالميراث وَالْجَوَاب فِي أَبْنَائِهِمَا وَفِي الْعَمَّيْنِ أَحَدُهُمَا شَقِيقٌ وَالْآخَرُ لِلْأَبِ وَفِي أَبْنَائِهِمَا كَمَا تَقَدَّمَ وَإِذَا لَمْ تَكُنْ عُمُومَةٌ فَالرَّجُلُ مِنَ الْعَصَبَةِ ثُمَّ مِنَ الْبَطْنِ ثُمَّ مِنَ الْعَشِيرَةِ ثُمَّ الْمَوْلَى الْأَعْلَى ثُمَّ الْأَسْفَلُ ثُمَّ وِلَايَةُ الْإِسْلَامِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ الْمَشْهُورُ تَقْدِيمُ الِابْنِ فِي الثَّيِّبِ عَلَى غَيره وَقيل يقدم الْوَلِيّ عَلَيْهِ وَفِي الْجَوَاهِر رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ الْأَبُ ثُمَّ الِابْنُ نَظَرًا إِلَى مَزِيدِ الشَّفَقَةِ وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ وَوَافَقَنَا فِي بَقِيَّةِ التَّرْتِيبِ وَقَدَّمَ الْمُغِيرَةُ الْجَدَّ وَأَبَاهُ عَلَى الْأَخِ وَابْنِهِ كَالْمِيرَاثِ وَقَالَهُ ش وَبَقِيَّةُ التَّرْتِيبِ عِنْده كَمَذْهَبِنَا إِلَّا الِابْنَ فَإِنَّهُ عِنْدَهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ أَلْبَتَّةَ تَمْهِيدٌ قُدِّمَ الْأَخُ عَلَى الْجَدِّ فِي ثَلَاثَة أَبْوَاب النِّكَاح وَالصَّلَاة على الْجِنَازَة وَمِيرَاثِ الْوَلَاءِ بِخِلَافِ مِيرَاثِ النَّسَبِ وَسَبَبُهُ أَنَّ الْجَدَّ يُدْلِي بِالْأُبُوَّةِ فَيَقُولُ أَنَا أَبُو أَبِيهِ وَالْأَخ يُدْلِي بالبنوة فَيَقُول أَنَا ابْنُ أَبِيهِ وَالْبُنُوَّةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْأُبُوَّةِ يحجب الِابْنُ الْأَبَ عَنْ جُمْلَةِ الْمَالِ إِلَى السُّدُسِ فَهَذِهِ الْعُمْدَةُ فِي الْأَبْوَابِ الثَّلَاثَةِ وَأَمَّا الْمِيرَاثُ فَلِأَن الْجد يسْقط فِيهِ الْإِخْوَة للْأُم وَلَا يَقْدِرُ الْأَخُ عَلَى ذَلِكَ وَيَرِثُ مَعَ الِابْنِ بِخِلَافِهِ فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ لِذَلِكَ وَهَذَانِ مَنْفِيَّانِ فِي الْوَلَاءِ لِأَنَّهُ تَعْصِيبٌ مَحْضٌ فَلَا مَدْخَلَ فِيهِ لِإِخْوَةِ الْأُمِّ حَتَّى يَثْبُتَ التَّرْجِيحُ بِحُجَّتِهِمْ وَلَا مَدْخَلَ فِيهِ لِلْفُرُوضِ فَيَسْقُطَ السُّدُسُ الَّذِي يَرِثهُ مَعَ الابْن فَيبقى نصف الْبُنُوَّةِ سَالِمًا عَنِ الْمُعَارِضِ فَيُقَدَّمُ الْأَخُ قَالَ الْعَبْدِيُّ وَالْجَدُّ أَقْوَى مِنَ الْأَخِ فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ لَا يُقْطَعُ فِي السَّرِقَةِ كَالْأَبِ وَلَا يُحَدُّ فِي الزِّنَا بِجَارِيَةِ وَلَدِ وَلَدِهِ وَتُغَلَّظُ الدِّيَة عَلَيْهِ فِي قتل الْعَمْدِ بِخِلَافِ الْأَخِ فِي الثَّلَاثَةِ وَاخْتُلِفَ هَلْ يَكُونُ الْجَدُّ كَالْأَبِ فِي الِاعْتِصَارِ مَنَعَهُ فِي الْكِتَابِ وَيُحْبَسُ فِي الدَّيْنِ بِخِلَافِ الْأَبِ وَلَا تجب

النَّفَقَةُ لَهُ وَهُوَ مِثْلُ الْأَخِ فِي الْعَفْوِ عَنِ الْقَصَاصِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا مَاتَ الْمُعْتِقُ فعصابته ثمَّ مُعْتقه ثمَّ عِصَابَة مُعْتقه يترتبون كعصبة لقرابة قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا كَانَ وَلِيُّ النَّسَبِ بَعِيدًا جِدًّا فَالْمَذْهَبُ تَقْدِيمُهُ عَلَى السُّلْطَانِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ السُّلْطَانُ أَوْلَى مِنَ الرَّجُلِ مِنَ الْبَطْنِ وَيُسْتَحَبُّ لِلْمَرْأَةِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ أَنْ تُوَكِّلَ عَدْلًا فَإِنِ اسْتَوَى أَوْلِيَاؤُهَا فِي الدَّرَجَةِ فَفِي الْكِتَابِ يَنْظُرُ السُّلْطَانُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ بَلْ أَفْضَلُهُمْ فَإِنْ اسْتَوُوا فَأَسْبَقُهُمْ فَإِنْ اسْتَوُوا عَقَدَ الْجَمِيعُ الْعَقْدَ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَلَوْ لِجَمِيعِهِمْ وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ أَفْضَلُ كَانَ حَسَنًا لِأَنَّ نَظَرَ الْمَفْضُولِ إِلَى الْفَاضِلِ لَا يَضُرُّ الْبَحْثُ الرَّابِعُ تَزْوِيجُ الْأَبْعَدِ مَعَ وُجُودِ الْأَقْرَبِ قَالَ فِي الْكِتَابِ يَنْفُذُ فِي الثَّيِّبِ الرَّاضِيَةِ بِذَلِكَ وَإِنْ أَنْكَرَ وَالِدُهَا وَالْبِكْرِ الْبَالِغِ غَيْرِ ذَاتِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ وَلَوْ أَنْكَرَ الْأَقْرَبُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَبُ أَوْصَى بِهَا إِلَى الشَّقِيقِ وَلَا يَنْبَغِي أَن يتَقَدَّم عَلَى الْأَقْرَبِ وَيَمْضِي نِكَاحُ ذِي الرَّأْيِ مِنْ أَهْلِهَا مَعَ وُجُودِ الْأَخِ وَالْجَدِّ وَيُزَوِّجُ مَوْلَاتَهُ مِنْ نَفْسِهِ وَمِنْ غَيْرِهِ بِرِضَاهَا وَإِنْ كَرِهَ الْأَبْعَدُ لِقَوْلِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ إِلَّا بِإِذْنِ وَلِيِّهَا أَوْ ذِي الرَّأْي من أَهلهَا أَو السُّلْطَان وَذُو الرَّأْي من أَهلهَا الرَّجُلُ مِنَ الْعَشِيرَةِ كَابْنِ الْعَمِّ أَوِ الْمَوْلَى وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ هُوَ الرَّجُلُ مِنَ الْعَصَبَةِ وَقَالَ أَكثر الروَاة لَا يُزَوّج الْأَبْعَد مَعَ وجود الْأَقْرَب فَإِنْ فَعَلَ نَظَرَ

(فرع)

السُّلْطَانُ وَقَالَ آخَرُونَ لِلْأَقْرَبِ الرَّدُّ وَالْإِجَازَةُ إِلَّا أَن يطول وَبِذَلِك قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لِلْأَقْرَبِ النَّظَرُ مَا لَمْ يَبْنِ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلْ تَقْدِمَةُ الْأَقْرَبِ مِنْ بَابِ الْأَوْلَى أَوْ مُتَعَيِّنٌ كَقِيَامِةِ بِالدَّمِ وَلَا خِلَافَ أَنَّ النِّكَاحَ صَحِيحٌ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي تَعَلُّقِ الْحَقِّ وَهَلْ يَسْقُطُ ذَلِكَ الْحَقُّ بِمُعَارَضَةِ اطِّلَاعِ الزَّوْجِ عَلَى عَوْرَتِهَا أَمْ لَا وَإِنْ كَانَتْ لَا قَدْرَ لَهَا مَضَى الْعَقْدُ قَوْلًا وَاحِدًا وَفِي الْكِتَابِ إِذَا زَوَّجَ الْأَخُ بِغَيْرِ إِذْنِ الْأَبِ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ أَجَازَهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَرُوِيَ عَنْهُ إِجَازَتُهُ مُطْلَقًا وَهُوَ مَرْغُوبٌ عَنْهُ لِتَمَكُّنِ وِلَايَةِ الْأَبِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهُ وَزَوَّجَهَا مِنْ نَفْسِهِ جَازَ وَإِنْ كَرِهَ وَلَدُهَا الْبَحْثُ الْخَامِس فِي تولي طرفِي العقد وَفِي الْجَوَاهِر ابْن الْعَمِّ وَالْمُعْتِقُ وَوَكِيلُ الْمَوْلَى وَالْحَاكِمُ يَعْقِدُ لِنَفْسِهِ بِإِذْنِهَا وَيَتَّحِدُ الزَّوْجُ وَالْوَلِيُّ كَالْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي اشْتِرَاءِ الْأَبِ مَالَ وَلَدِهِ وَالْوَكِيلِ مَالَ مُوَكِّلِهِ وَقَالَ ح قَالَ أَبُو الطَّاهِر وَقيل لَا يَجُوزُ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ لِأَنَّ الْإِيجَابَ وَالْقَبُولَ مُخَاطَبَةٌ بِالْقَوْلِ وَيَتَعَذَّرُ مُخَاطَبَةُ الْإِنْسَانِ لِنَفْسِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْعِ تَعَذُّرُ مُرَاجَعَةِ الْوَلِيِّ لِلْإِمَامِ فِي الْمُحَقَّرَاتِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ هَذَا عَلَى أَصْلِكُمْ فِي اشْتِرَاطِ أَعْيَانِ الصِّيَغِ وَنَحْنُ نَكْتَفِي بِكُلِّ صِيغَةٍ تَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بدوام الْإِبَاحَة وَلَا تشْتَرط مُخَاطبَة من الْجَانِبَيْنِ

(تفريع)

وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ بَيْعَ الْوَلِيِّ مِنْ نَفْسِهِ نَادِر فَإِن كَانَت الْمُشَاورَة متعذرة ففهما وَفِي الْجَوَاهِرِ يُشْهِدُ عَلَى رِضَاهَا وَإِذْنِهَا خَوْفًا من منازعتها قَالَ أَبُو عَمْرو صِيغَةُ الْعَقْدِ قَدْ تَزَوَّجْتُكِ عَلَى صَدَاقِ كَذَا فَتَقُولُ رَضِيتُ أَوْ تَسْكُتُ إِنْ كَانَتْ بِكْرًا الْبَحْث السَّادِس فِي تَوْكِيل الْوَلِيّ وَالزَّوْج وَفِي الْجَوَاهِرِ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُوَكِّلَ فِي الْعَقْدِ على وليته بَعْدَ تَعْيِينِ الزَّوْجِ وَلِلزَّوْجِ التَّوْكِيلُ فِي الْعَقْدِ عَنْهُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْوَكِيلِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الْأَوْلِيَاءِ بَلْ يَصِحُّ بِالصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ وَالنَّصْرَانِيِّ لِأَن الْوَكِيل كالخادم للْمُوكل فَلَا تنَافِي منصبه الصِّفَات الدنية وَلِأَنَّهُ إِنَّمَا يُوَكِّلُهُ بَعْدَ الْخِبْرَةِ بِحَالِهِ وَسَدَادِ تَصَرُّفِهِ بِخِلَافِ لَوْ جُعِلَ وَلِيًّا أَصْلِيًّا وَقِيلَ يُشْتَرَطُ فِيهِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الْأَوْلِيَاءِ صَوْنًا لِلْعَقْدِ عَنْ غَيْرِ أَهْلِهِ وَيَقُولُ الْوَكِيلُ زَوَّجْتُ مِنْ فُلَانٍ وَلَا يَقُولُ مِنْهُ وَيَقُولُ الْوَكِيلُ قَبِلْتُ لِفُلَانٍ وَلَوْ قَالَ قَبِلْتُ كَفَى إِذَا نَوَى مُوَكِّلُهُ (تَفْرِيعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا زَوَّجَهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَضَمِنَ الصَّدَاقَ فَرَدَّهُ بَطَلَ وَسَقَطَ الصَّدَاقُ عَنْهُمَا فَإِنْ وَكَّلَهُ فِي الْعَقْدِ بِأَلْفٍ فعقده بِأَلْفَيْنِ وَعَلِمَ بِذَلِكَ قَبْلَ الْبِنَاءِ إِنْ رَضِيَ بِهِمَا وَإِلَّا فُرِّقَ بِطَلْقَةٍ إِلَّا أَنْ تَرْضَى الْمَرْأَةُ بِأَلْفٍ فَإِنِ الْتَزَمَ الْوَكِيلُ الزَّائِدُ وَامْتَنَعَ الزَّوْجُ لَمْ يَلْزَمِ الْعَقْدُ دَفْعًا لِلْمِنَّةِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى دَخَلَ بِهَا لَمْ يَلْزَمِ الزَّوْجَ غَيْرُ الْأَلْفِ وَلَا يَلْزَمُ الْوَكِيلَ شَيْءٌ لِأَنَّهَا

صَدَقَتُهُ وَإِنْ أَقَرَّ الْمَأْمُورُ بِالتَّعَدِّي بَعْدَ الْبِنَاءِ غَرِمَ الزَّائِدَ وَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ وَإِنْ دَخَلَ الزَّوْجُ بعد علمه بِالتَّعَدِّي لزمَه الْجَمِيع علمت الْمَرْأَة أَمْ لَا لِأَنَّهُ رَضِيَ بِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ تعدى فِي شِرَاء الْأمة فَوَطِئَهَا عَالِمًا بِالزَّائِدِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْن زِيَاد يضمن الْوَكِيلُ نِصْفَ الصَّدَاقِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأَوْلَى لِأَنَّهُ فسخ بِطَلَاق وَإِن طَلَّقَ الزَّوْجُ لَزِمَهُ نِصْفُ الصَّدَاقِ وَإِذَا لَمْ تكن على عقد الْوَكِيل بالألفين بَيِّنَةٌ تَحْلِفُ الْمَرْأَةُ أَنَّ الْعَقْدَ بِأَلْفَيْنِ ثُمَّ يَحْلِفُ الزَّوْجُ أَنَّهُ إِنَّمَا أَمَرَهُ بِأَلْفٍ وَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ إِلَّا أَنْ تَرْضَى الْمَرْأَةُ بِأَلْفٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَيَكُونُ الْفَسْخُ بِطَلَاقٍ لِأَنَّهُ حُلِّلَ فِي الصَّدَاقِ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَقَوْلُ مَالِكٍ مَحْمُولٌ عَلَى قِيَامِ الْبَيِّنَةِ وَإِنْ بَنَى الزَّوْجُ قَبْلَ عِلْمِهِ حَلَفَ عَلَى الْأَلْفِ وَعَدَمِ عِلْمِهِ حَتَّى بَنَى فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ وَإِنْ لم تكن لَهُ على الْأَلفَيْنِ بَيِّنَة حلف الزَّوْج أَيْضا وَإِن نَكَلَ لَمْ يَغْرَمْ حَتَّى تَحْلِفَ الْمَرْأَةُ عَلَى الْأَلْفَيْنِ فِي الْعَقْدِ لِأَنَّ الزَّوْجَ أَمَرَ بِهِمَا وَلَهَا تَحْلِيفُ الرَّسُولِ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِأَلْفَيْنِ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ قَالَ أَصْبَغُ وَلَهُ تَحْلِيفُ الرَّسُولِ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ قَالَ مُحَمَّدٌ تَحْلِيفُ الرَّسُولِ غَلَطٌ وَلَوْ أَقَرَّ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ يَمِينِ الزَّوْجِ فَلَمَّا تَرَكَ الْيَمِيَنَ فَقَدْ أَلْزَمَ ذَلِكَ نَفْسَهُ قَالَ أَصْبَغُ وَهَذَا فِيمَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ صَدَاقًا فَإِنْ كَانَ دُونَ صَدَاقِ الْمِثْلِ وَقَدْ بَنَى حَلَفَ وَبَلَغَ بِهَا الْمِثْلَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ النَّقْصُ يَسِيرًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ أَنْكَرَ مَا أُمِرَ بِهِ ثُمَّ أَقَرَّ فَإِنْ كَانَ إِنْكَارُهُ رَدًّا وَفَسْخًا لَمْ يُجِزْهُ بَعْدُ قَرُبَ أَوْ بَعُدَ وَإِلَّا فَلَهُ إِجَازَته وَإِن طَال وَإِن جهل الْحل بَطَلَ الْعَقْدُ وَإِنْ قَرُبَ الزَّمَانُ تَوَارَثَا اسْتِحْبَابًا وَثَبت حُرْمَة الطَّهَارَة رَدَّهُ أَوْ قَبِلَهُ قَالَ أَصْبَغُ وَذَلِكَ كُلُّهُ مَا لَمْ يَدْخُلْ

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِذَا وَكَّلَ رَجُلٌ رَجُلًا عَلَى تَزْوِيجِهِ مِمَّنْ أَحَبَّ فَيُزَوِّجُهُ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانِهِ لَا يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ حَيْثُ قَالَتِ الْمَرْأَةُ لِوَلِيِّهَا ذَلِكَ وَالْفَرْقُ قُدْرَةُ الرَّجُلِ عَلَى الطَّلَاقِ (فَرْعٌ) فِي الْبَيَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ الْوَكِيلُ جُعْلًا لِلْوَلِيِّ لِأَنَّهُ غَرَرٌ لِاحْتِمَالِ الْعَزْلِ وَلِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعَ حُصُولِ غَرَضِ الْوَكِيلِ الْبَحْثُ السَّابِعُ فِيمَا يجب على الْوَلِيّ فِي الْجَوَاهِرِ يَجِبُ عَلَى الْأَخِ الْإِجَابَةُ إِذَا طلبت كُفؤًا فَإِن كَانَا أَخَوَيْنِ وَجب عَلَيْهِمَا وَيسْقط ببعد لأَحَدهمَا فَإِنِ امْتَنَعَا زَوَّجَ السُّلْطَانُ بَعْدَ أَنْ يَأْمُرَهُمَا فيمتنعا نفيا للضَّرَر عَن وليته وَعَلَى الْمُجْبِرِ تَزْوِيجُ الْمُجْبَرَةِ إِذَا خَشِيَ فَسَادَهَا وَكَانَ مَصْلَحَةً وَلَا تَجِبُ إِجَابَةُ الصَّغِيرِ إِلَى النِّكَاحِ (فَرْعٌ) قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِذَا خُطِبَ من الْوَلِيّ الْمُجبر إِحْدَى أبنيته إِذَا اسْتَوَيَا فِي الصَّلَاحِ وَالْمَيْلِ لِلنِّكَاحِ يُجْبَرَا وَفِي الصَّلَاحِ دُونَ الْمَيْلِ قُدِّمَ أَمْيَلُهُمَا فَإِنْ زَادَ مَيْلُ الصَّالِحَةِ وَخِيفَ مِنْ مَيْلِ الطَّالِحَةِ قَالَ فِيهِ نَظَرٌ وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ الطَّالِحَةِ

لِمَا يُتَوَقَّعُ مِنْ فُجُورِهَا وَالصَّالِحَةُ يَزَعُهَا صَلَاحُهَا وَفِي مُسْلِمٍ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنِّي لِأُعْطِي الرَّجُلَ وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ خَشْيَةَ أَنْ يُكِبَّهُ اللَّهُ فِي النَّارِ عَلَى وَجْهِهِ وَأَصْلُ هَذَا الْبَحْثِ أَنَّ مَنْ وَلِيَ وِلَايَةَ النِّكَاحِ أَوْ غَيْرِهِ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ بِالتَّشَهِّي إِجْمَاعًا بل تجب مُرَاعَاة مصلحَة الْمولى عَلَيْهِ حَيْثُ كَانَتْ الْبَحْثُ الثَّامِنُ فِي تَزْوِيجِ الْوَلِيَّيْنِ من رجلَيْنِ وَفِي الْكتاب إِذا زَوجهَا هَذَا من كفوء وَهَذَا من كفوء بعد توكيلهما فَالْمُعْتَبَرُ أَوَّلُهُمَا إِنْ عُرِفَ إِلَّا أَنْ يَدْخُلَ بِهَا الْآخَرُ فَهُوَ أَحَقُّ لِقَضَاءِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِذَلِكَ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ الْأَوَّلُ أَحَقُّ بِهَا مُطْلَقًا لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَيُّمَا امْرَأَةٍ زَوَّجَهَا وَلِيَّانِ فَهِيَ لِلْأَوَّلِ مِنْهُمَا وَجَوَابُهُ حَمْلُهُ عَلَى عَدَمِ دُخُولِ الثَّانِي وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الْحَدِيثُ جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَين مَا ذَكرْنَاهُ وَقد رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ مِنْ غَيْرِ مُخَالِفٍ فَكَانَ إِجْمَاعًا فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَجَهِلَ الْأَوَّلُ فُسِخَا جَمِيعًا لِتَعَذُّرِ الْجَمْعِ وَإِنْ قَالَتْ هَذَا هُوَ الْأَوَّلُ لِأَنَّ شَهَادَتَهَا غَيْرُ مَقْبُولَةٍ فِي النِّكَاحِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَيْسَتْ لِلثَّانِي وَإِنْ دَخَلَ لِعَدَمِ قَبُولِ الْمَحَلِّ لَهُ وَلَوْ عَقَدَا مَعًا مِنْ غَيْرِ تَقْدِيم فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فُسِخَا جَمِيعًا وَلَا يُعْتَبَرُ الدُّخُول لعلمهما بِالْفَسَادِ وَفِي الْجَوَاهِر إِن اتَّحد زَمَانُ الْعَقْدِ تَرَافَعَا وَلَمْ يُشْتَرَطِ الْعِلْمُ وَلَا اتِّحَادُ الْمَجْلِسِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مُحَمَّدٌ

(فرع)

إِذَا عَلِمَ الْأَوَّلُ فَطَلَّقَ أَوْ مَاتَ قَبْلَ دُخُولِ الثَّانِي ثُمَّ دَخَلَ الثَّانِي وَكَانَ عَقْدُهُ قَبْلَ الْمَوْتِ أَوِ الطَّلَاقِ وَلَمْ يَعْلَمْ حَتَّى دَخَلَ ثَبَتَ وَفَاتَ النَّظَرُ كَمَا لَوْ دَخَلَ حَالَة الْحَيَاةِ وَلَا مِيرَاثَ لَهَا مِنَ الْأَوَّلِ وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَإِنْ عَلِمَ قَبْلَ الدُّخُولِ ثُمَّ دَخَلَ فُسِخَ وَاعْتَدَّتْ مِنَ الْأَوَّلِ لِيَتَيَقَّنَ صِحَّتَهُ وَكَذَلِكَ إِذَا طَلَّقَ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ وَتُرَدُّ لِلْأَوَّلِ وَإِنْ عَقَدَ الثَّانِي بَعْدَ مَوْتِ الْأَوَّلِ أَوْ طَلَاقِهِ فَيُفْسَخُ فِي الْمَوْتِ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ فِي عِدَّةٍ دُونَ الطَّلَاقِ لِأَنَّهَا فِي غَيْرِ عِدَّةٍ قَالَ مُحَمَّد وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ فِيمَا أَظُنُّهُ إِنْ عَقَدَ الثَّانِي بَعْدَ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ ثَبَتَ نِكَاحُهُ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ فَيُفْسَخُ مَا لَمْ يَدْخُلْ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنْ دَخَلَ الْأَخِيرُ وَالْأَوَّلُ لَمْ يُثْبِتْ وَلَمْ يُطَلِّقْ فَأَقَرَّ الْقَاضِي أَوِ الْأَبُ أَوِ الْوَكِيلُ أَنَّهُ كَانَ عَالِمًا بِتَزْوِيجِ الْأَوَّلِ لَمْ يُصَدَّقْ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى إِقْرَارِهِ قَبْلَ الْعَقْدِ الثَّانِي فَيُفْسَخَ بِغَيْرِ طَلَاقٍ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ عَلَى الْغَيْرِ لَا يُسْمَعُ وَلَوْ أَقَرَّ الثَّانِي بِعِلْمِهِ بِتَقْدِيمِ الْأَوَّلِ قبل إِقْرَاره عَلَى نَفْسِهِ وَفُسِخَ وَكَانَ لَهَا الصَّدَاقُ كَامِلًا مِنْ غَيْرِ طَلَاقٍ وَقَالَ مُحَمَّدٌ بَلْ بِطَلَاقٍ وَاعْتِرَافُ الزَّوْجَةِ إِذَا لَمْ يَدْخُلْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فِيهِ خِلَافٌ وَفِي الْجَوَاهِرِ حَيْثُ قُلْنَا بِالْفَسْخِ بِطَلَاقٍ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ بَلْ مَوْقُوف إِن تَزَوَّجَهَا أَحَدُهُمَا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَلَزِمَ الْآخَرَ لِتَحِلَّ لِلزَّوْجِ وَإِنْ تَزَوَّجَهَا غَيْرُهُمَا وَقَعَ عَلَيْهِمَا (فَرْعٌ) قَالَ لَوْ مَاتَتِ الْمَرْأَةُ بَعْدَ تَعْيِينِ الْمُسْتَحِقِّ لَهَا مِنْهُمَا بِدُخُولٍ أَوْ سَبْقٍ وَرِثَهَا وَوَجَبَ الصَّدَاقُ عَلَيْهِ وَإِنْ جُهِلَ فَفِي ثُبُوتِ الْمِيرَاث قَولَانِ

(فرع)

لِلْمُتَأَخِّرِينَ نَظَرًا لِلشَّكِّ أَوْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا زَوْجًا وَيَثْبُتُ الصَّدَاقُ حَيْثُ يَثْبُتُ الْمِيرَاث لِأَنَّهُمَا أثران للْعقد فيتلازمان وَحَيْثُ يَنْبَغِي يَكُونُ عَلَيْهِ مَا زَادَ عَلَى قَدْرِ الْمِيرَاثِ فَإِنْ مَاتَ الزَّوْجَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا فَلَا مِيرَاثَ وَلَا صَدَاقَ وَالْفَرْقُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ وَرَثَةِ الزَّوْجَيْنِ يَقُولُ لَهَا لَمْ يَتَعَيَّنْ لَكِ عِنْدَنَا حَقٌّ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ هُوَ الآخر وَلَا يقوم لَهَا على وَاحِد مِنْهَا حجَّة وَتقوم الْحجَّة عَلَى وَرَثَتِهَا فَإِنَّهَا مَوْرُوثَةٌ قَطْعًا وَإِنَّمَا التَّدَاعِي بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ الْأَوَّلُ فَصَدَّقَتْ أَحَدَهُمَا ثَبَتَ لَهَا الصَّدَاقُ بِإِقْرَارِهِ وَلَمْ يَثْبُتْ لَهَا الْمِيرَاثُ لِأَنَّهُ إِقْرَارٌ عَلَى الْغَيْرِ بِاعْتِبَارِ الْمِيرَاثِ وَلَوْ شَهِدَتْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ أَنَّهُ الْأَوَّلُ تساقطتا وَالْمَشْهُور لَا يرجح هَا هُنَا بمزيد الْعَدَالَةِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَقَالَ سَحْنُونٌ يُقْضَى بِالْأَعْدَلِ وَاخْتَارَهُ عَبْدُ الْحَقِّ عَمَلًا بِالرُّجْحَانِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ تَحْرُمُ عَلَى آبَائِهِ وَأَبْنَائِهِ لِأَنَّهُ وَطْءُ شُبْهَةٍ نَظَائِرُ قَالَ أَبُو عُمَرَ سِتُّ مَسَائِلَ يُفِيتُهُنَّ الدُّخُولُ مَسْأَلَةُ الْوَلِيَّيْنِ وَامْرَأَةُ الْمَفْقُودِ تَتَزَوَّجُ بَعْدَ الْأَجَلِ الْمَضْرُوبِ وَقِيلَ لَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهَا مُطْلَقًا وَالْعَالِمَةُ بِالطَّلَاقِ دُونَ الرَّجْعَةِ وَامْرَأَةُ الْمُرْتَدِّ وَشُكَّ فِي كُفْرِهِ هَلْ هُوَ

(فرع)

إِكْرَاهٌ أَوِ اخْتِيَارٌ ثُمَّ يَتَبَيَّنُ الْإِكْرَاهُ وَمَنْ أَسْلَمَ عَلَى عَشَرَةٍ ثُمَّ اخْتَارَ أَرْبَعًا فَوَجَدَهُنَّ مِنْ ذَوَاتِ مَحَارِمَ يَخْتَارُ مِنَ الْبَوَاقِي مَا لَمْ يَدْخُلْ بِهِنَّ أَزْوَاجُهُنَّ وَقِيلَ لَا يُفِيتُهُنَّ الدُّخُولُ وَالْمُطَلَّقَةُ لِلْغَيْبَةِ ثُمَّ يَقْدُمُ بِحُجَّتِهِ وَأَرْبَعٌ لَا يُفِيتُهُنَّ الدُّخُولُ الْمَنْعِيُّ لَهَا زَوْجُهَا ثُمَّ تتبين حَيَاته وَقَالَ إِسْمَاعِيل هُوَ كالمفقود يفيتها الدُّخُولُ وَالْمُطَلَّقَةُ لِلنَّفَقَةِ ثُمَّ تَبَيَّنَ إِسْقَاطُهَا لَهَا وَالْقَائِلُ عَائِشَةُ طَالِقٌ وَلَهُ امْرَأَةٌ حَاضِرَةٌ تُسَمَّى عَائِشَةَ فَقَالَ لَمْ أُرِدْهَا وَلِي أُخْرَى تُسَمَّى عَائِشَةَ بِغَيْرِ هَذَا الْبَلَدِ فَطُلِّقَتْ هَذِهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ صِدْقُهُ وَالْأَمَةُ تَخْتَارُ نَفْسَهَا ثُمَّ يَتَبَيَّنُ عِتْقُ زَوْجِهَا قَبْلَهَا وَقِيلَ يُفِيتُهَا زَادَ الْعَبْدِيُّ فِي السِّتِّ الْأُوَلِ الَّتِي تُسْلِمُ وَزَوْجُهَا كَافِرٌ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا ثُمَّ تَبَيَّنَ تَقَدُّمُ إِسْلَامِهِ عَلَيْهَا (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ الْأَمَةَ فَرَاجعهَا فِي سَفَره فَوَطِئَهَا السَّيِّد قبل علمه بالرجعة فَلَا رَجْعَة لَهُ لِأَن وَطئهَا بِالْمِلْكِ كَوَطْئِهَا بِالنِّكَاحِ الْقُطْبُ الثَّانِي الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا وَهِيَ الْمَرْأَةُ الْخَالِيَةُ مِنَ الْمَوَانِعِ الشَّرْعِيَّةِ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ الْمُحَرَّمَاتُ أَرْبَعُونَ امْرَأَةً أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ مُؤَبَّدَاتٌ سَبْعٌ مِنَ النَّسَبِ الْأُمُّ وَالْبِنْتُ وَالْأُخْتُ والعمة وَالْخَالَة وبنتا الْأَخِ وَالْأُخْتِ وَمِثْلُهُنَّ مِنَ الرَّضَاعِ وَأَرْبَعٌ بِالصِّهْرِ أم الزَّوْجَة

وَبِنْتُهَا وَزَوْجَةُ الْأَبِ وَزَوْجَةُ الِابْنِ وَثَلَاثَةٌ مِنَ الْجَمِيع الْمَرْأَةُ مَعَ أُخْتِهَا أَوْ عَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا فَهَذِهِ إِحْدَى وَعِشْرُونَ وَالْمُلَاعَنَةُ وَالْمَنْكُوحَةُ فِي الْعِدَّةِ وَنِسَاؤُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَسِتَّ عَشْرَةَ لِعَوَارِضَ الْخَامِسَةُ والمزوجة والمعتدة وَالْمُسْتَبْرَأَةُ وَالْحَامِلُ وَالْمَبْتُوتَةُ وَالْمُشْرِكَةُ وَالْأَمَةُ الْكَافِرَةُ وَالْأَمَةُ الْمُسَلِمَةُ لِوَاجِدِ الطَّوْلِ وَأَمَةُ الِابْنِ وَالْمُحْرِمَةُ وَالْمَرِيضَةُ وَذَاتُ مَحْرَمٍ مِنْ زَوْجِهَا لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا وَالْيَتِيمَةُ وَالْمَنْكُوحَةُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عِنْدَ الزَّوَالِ وَالْمَنْكُوحَةُ بَعْدَ الرُّكُونِ لِلْغَيْرِ زَادَ فِي الْجَوَاهِرِ الْمُرْتَدَّةَ وَغَيْرَ الْكِتَابِيَّةِ وَأَمَةَ نَفْسِهِ أَوْ تَكُونَ سَيِّدَتَهُ أَوْ أُمَّ سَيِّدِهِ وَوَافَقْنَا الْأَئِمَّةَ فِيمَا ذُكِرَ مِنَ النَّسَبِ وَالرَّضَاعِ وَالصِّهْرِ وَزَادَ ابْنُ حَنْبَل الزَّانِيَة حَتَّى تتوب لظَاهِر الْآيَة فأذكر هَذِهِ الْمَوَانِعَ مُفَصَّلَةً إِنْ شَاءَ اللَّهُ الْمَانِعُ الْأَوَّلُ النَّسَبُ وَفِي الْجَوَاهِرِ ضَابِطُهُ الْأُصُولُ وَالْفُصُولُ أَوْ فُصُولُ أَوَّلِ الْأُصُولِ وَأَوَّلُ فَصْلٍ مِنْ كُلِّ أَصْلٍ وَإِنْ عَلَا فَالْأُصُولُ الْآبَاءُ وَالْأُمَّهَاتُ وَإِنْ عَلَوْا وَالْفُصُولُ الْأَبْنَاءُ وَالْبَنَاتُ وَإِنْ سَفَلُوا وَفُصُولُ أَوَّلِ الْأُصُولِ الْأَخَوَاتُ وَالْإِخْوَةُ وَأَوْلَادُهُمْ وَإِنْ سَفَلُوا احْتِرَازًا مِنْ فُصُولِ ثَانِي الْأُصُولِ وَثَالِثُهَا وَإِنْ عَلَا ذَلِكَ فَإِنَّ فِيهِمْ أَوْلَادَ الْأَعْمَامِ وَالْعَمَّاتِ وَالْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ وَهُنَّ مُبَاحَاتٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى لنَبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - {وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاتِكَ} الْأَحْزَاب 50 وَأَوَّلُ فَصْلٍ مِنْ كُلِّ أَصْلٍ يَنْدَرِجُ فِيهِ أَوْلَادُ الْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ وَهُمُ الْأَعْمَامُ وَالْعَمَّاتُ وَالْأَخْوَالُ وَالْخَالَاتُ فَيَنْضَبِطُ الْمُحَرَّمُ عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَدَلِيلُهُ قَوْله تَعَالَى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ} النِّسَاء 23 وَاتَّفَقَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا اللَّفْظ الْقَرِيب والبعد مِنْ كُلِّ نَوْعٍ وَاللَّفْظُ صَالِحٌ لَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا بَنِي آدَمَ} {يَا بَنِي

(فرع)

إِسْرَائِيل} {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} الْحَج 38 ثُمَّ قَالَ تَعَالَى {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُم وربائيكم اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَن تجمعُوا بَين الْأُخْتَيْنِ إِلَّا تنْكِحُوا إِلَّا مَا قد سلف} النِّسَاء 23 وَقَالَ قبل ذَلِك {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قد سلف} يُرِيد فِي الْجَاهِلِيَّة فَإِنَّهُ مغْفُور والحلية لُغَة الزَّوْجَة وَقَوله تَعَالَى {من أصلابكم} احتزازا من الَّتِي دُونَ الرَّضَاعِ فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ النُّصُوصِ وَحَرَّمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ تَنْبِيهٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ كُلُّ أُمٍّ حُرِّمَتْ بِالنَّسَبِ حُرِّمَتْ أُخْتُهَا وَكُلُّ أُخْتٍ حُرِّمَتْ لَا تُحَرَّمُ أُخْتُهَا إِذَا لَمْ تَكُنْ خَالَةً فَقَدْ يَتَزَوَّجُ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَدٌ فَالْوَلَدُ مِنْهُمَا تَحِلُّ لَهُ ابْنَةُ الْمَرْأَةِ مِنْ غَيْرِ أَبِيهِ وَكُلُّ عَمَّةٍ حُرِّمَتْ قَدْ لَا تُحَرَّمُ أُخْتُهَا لِأَنَّهَا قَدْ لَا تَكُونُ أُخْتَ أَبِيهِ وَلَا أُخْتَ جَدِّهِ (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ وَلَدُ الزِّنَا مُحَرَّمٌ عَلَى أُمِّهِ وَابْنَةُ الزِّنَا حَلَال لأَبِيهَا عِنْد عبد الْملك وش لِأَنَّهَا لَا تَرِثُهُ فَلَا تُحَرَّمُ كَالْأَجْنَبِيَّةِ وَالْمَشْهُورُ التَّحْرِيمُ قَالَ سَحْنُونٌ الْجَوَازُ خَطَأٌ صُرَاحٌ وَمَا عَلِمْتُ مَنْ قَالَهُ غَيْرَ عَبْدِ الْمَلِكِ لِأَنَّهَا مخلوقة من مائَة فَتحرم عَلَيْهِ لظَاهِر النَّص وَقَالَهُ ح

فرع

(فَرْعٌ) قَالَ المنفية بِاللّعانِ لَا تحل لِأَنَّهُ لَو استحلقها للحقته بِخِلَافِ ابْنَةِ الزِّنَا (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يَجُوزُ نِكَاحُ الزَّانِيَةِ الْمُجَاهِرَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} النُّور 3 وَيُسْتَحَبُّ مُفَارَقَتُهَا إِنْ كَانَتْ زَوْجَةً إِلَّا أَنْ يُبْتَلَى بِحُبِّهَا لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا قَالَ لَهُ الرجل إِن امْرَأَتي لَا ترد يَد لَا مس قَالَ فَارِقْهَا قَالَ إِنِّي أُحِبُّهَا قَالَ أَمْسِكْهَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ خَشْيَةَ أَنْ يَزْنِيَ بِهَا خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ قَالَ وَمَا عَلِمَ مِنْ ذَلِكَ اسْتَبْرَأَهُ بِثَلَاثِ حِيَضٍ فِي الْحُرَّةِ وَحَيْضَةٍ فِي الْأَمَةِ وَكَرِهَ مَالِكٌ نِكَاحَ الزَّانِيَةِ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيمٍ إِمَّا لِأَنَّ النِّكَاحَ فِي الْآيَةِ الْمُرَادُ بِهِ الْوَطْءُ عَلَى وَجْهِ الزِّنَا لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الِاسْتِعْمَالِ الْحَقِيقَةُ كَمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَوْ لِأَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بقوله تَعَالَى {وَأنْكحُوا الْأَيَامَى مِنْكُم} قَالَه ابْن الْمسيب الْمَانِعُ الثَّانِي الظِّهَارَةُ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ نُصُوصُ تَحْرِيمِهَا فِي النّسَب

قَاعِدَةٌ عُقُوقُ ذَوِي الْمَحَارِمِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ حَرَامٌ إِجْمَاعًا من حث الْجُمْلَةِ قَاعِدَةٌ الْوَسَائِلُ تَتْبَعُ الْمَقَاصِدَ فِي أَحْكَامِهَا فَوَسِيلَةُ الْمُحَرَّمِ مُحَرَّمَةٌ وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأَحْكَامِ وَوَسِيلَةُ أقبح من الْمُحرمَات أقبح الْوَسَائِل ووسيلة أفضل الْوَاجِبَات أفضل الْوَسَائِلِ وَمُضَارَّةُ الْمَرْأَةِ بِأُخْرَى بِجَمْعِهَا مَعَهَا فِي حَالِ الْوَطْءِ وَسِيلَةُ الشَّحْنَاءِ فِي الْعَادَةِ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ التَّحْرِيمُ مُطْلَقًا وَقَدْ فُعِلَ ذَلِكَ فِي شَرِيعَةِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَلَا يَتَزَوَّجُ الرَّجُلُ إِلَّا الْمَرْأَةَ الْوَاحِدَةَ تَقْدِيمًا لِمَصْلَحَةِ النِّسَاءِ وَدَفْعًا للشحناء وَعكس ذَلِك فِي التَّوْرَاة فجوز الْجَمْعُ غَيْرَ مَحْصُورٍ فِي عَدَدٍ تَغْلِيبًا لِمَصْلَحَةِ الرِّجَالِ عَلَى مَصْلَحَةِ النِّسَاءِ وَجُمِعَ بَيْنَ الْمَصْلَحَتَيْنِ فِي شَرِيعَتِنَا الْمُفَضَّلَةِ عَلَى سَائِرِ الشَّرَائِعِ بَيْنَ مَصْلَحَةِ الرِّجَالِ فَشُرِعَ لَهُمْ أَرْبَعُ حَرَائِرَ مَعَ التَّسَرِّي وَمَصَالِحِ النِّسَاءِ فَلَا تُضَارُّ زَوْجَةٌ مِنْهُنَّ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ لَمَّا كَانَتِ الثَّلَاثُ مُغْتَفَرَاتٍ فِي مَوَاطِن كَثِيرَة اغتفرت هَا هُنَا فَتَجُوزُ هِجْرَةُ الْمُسْلِمِ ثَلَاثًا وَالْإِحْدَادُ عَلَى غَيْرِ الزَّوْجِ ثَلَاثٌ وَالْخِيَارُ ثَلَاثٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ هَذَا فِي الْأَجْنَبِيَّاتِ وَالْبَعِيدِ مِنَ الْقَرَابَاتِ وَحَافَظَ الشَّرْعُ عَلَى الْقَرَابَةِ الْقَرِيبَةِ وَصَوْنِهَا عَنِ الْعُقُوقِ وَالشَّحْنَاءِ فَلَا يجمع بَين الْأُم وأبيها وَهُمَا أَعْظَمُ الْقَرَابَاتِ حِفْظًا لِبِرِّ الْأُمَّهَاتِ وَالْبَنَاتِ وَيَلِي ذَلِكَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ وَيَلِي ذَلِكَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا لِكَوْنِهَا مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ وَبِرُّهُا آكَدُ مِنَ الْأَبِ وَيَلِيهِ الْمَرْأَةُ وَعَمَّتُهَا ثُمَّ خَالَةُ أُمِّهَا ثُمَّ خَالَةُ أَبِيهَا ثُمَّ عَمَّةُ أُمِّهَا ثُمَّ عَمَّةُ أَبِيهَا فَهَذَا من بَاب تَحْرِيم الْوَسَائِل لَا مِنْ بَابِ تَحْرِيمِ الْمَقَاصِدِ وَلَمَّا كَانَتِ الْأُمُّ أَشد برا

بِابْنَتِهَا مِنَ الِابْنَةِ بِأُمِّهَا لَمْ يَكُنِ الْعَقْدُ عَلَيْهَا كَافِيا فِي بغضتها لِابْنَتِهَا إِذَا عُقِدَ عَلَيْهَا لِضَعْفِ مَيْلِهَا لِلزَّوْجِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَعَدَمِ مُخَالَطَتِهِ فَاشْتُرِطَ فِي التَّحْرِيمِ إِضَافَةُ الدُّخُولِ وَكَانَ ذَلِكَ كَافِيًا فِي بِغْضَةِ الْبِنْت لضعف ودها فَيحرم العقد لَيْلًا تَعُقَّ أُمَّهَا وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ يشْتَرط الدُّخُول فيهمَا لقَوْله تَعَالَى {وَأُمَّهَات نِسَائِكُم} ثمَّ قَالَ تَعَالَى {وربائيكم اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهن} فَقَوله تَعَالَى {اللَّاتِي دَخَلْتُم بِهن} صِفَةُ تَعْقِيبِ الْجُمْلَتَيْنِ فَتَعُمُّهُمَا كَالِاسْتِثْنَاءِ وَالشَّرْطِ وَجَوَابِهِ إِمَّا بِمَنْع عَوْدَ الِاسْتِثْنَاءِ عَلَى الْجُمَلِ أَوْ تَسْلِيمِهِ وَنَقُولُ هُوَ هَا هُنَا مُتَعَذِّرٌ لِأَنَّ النِّسَاءَ فِي الْجُمْلَةِ الْأُولَى مَخْفُوضٌ بِالْإِضَافَةِ وَفِي الثَّانِيَةِ مَخْفُوضٌ بِحَرْفِ الْجَرِّ وَالْعَامِلُ فِي الصِّفَةِ هُوَ الْعَامِلُ فِي الْمَوْصُوفِ عَلَى الْأَصَحِّ فَلَوْ كَانَ صِفَةً لِلْجُمْلَتَيْنِ لَعَمِلَ فِي الصِّفَةِ الْوَاحِدَةِ عَامِلَانِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ كَمَا تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ النَّحْوِ قَاعِدَةٌ لَمَّا دَلَّتِ النُّصُوصُ عَلَى تَحْرِيمِ أُمَّهَاتِ النِّسَاءِ وَالرَّبَائِبِ حُمِلَ عَلَى الْعَقْدِ إِذْ لَا يُفْهَمُ مِنْ نِسَائِنَا عُرْفًا إِلَّا الْحَرَائِرُ اللَّاتِي لَا يُسْتَبَحْنَ إِلَّا بِالْعَقْدِ وَأُلْحِقَ الْمِلْكُ بِالْعَقْدِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ وَأُلْحِقَتْ شُبْهَتُهُمَا بِهِمَا فِي التَّحْرِيمِ لِأَنَّهَا أُلْحِقَتْ بِهِمَا فِي لُحُوقِ الْوَلَدِ وَسُقُوطِ الْحَدِّ وَغَيْرِهِمَا وَأَمَّا الزِّنَا الْمَحْضُ فَمَطْلُوبُ الْإِعْدَامِ فَلَوْ رُتِّبَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنَ الْمَقَاصِدِ لَكَانَ مَطْلُوبَ الْإِيجَادِ فَلَا يَثْبُتُ لَهُ أَثَرٌ فِي تَحْرِيمِ الْمُصَاهَرَةِ عَلَى غَيْرِ الْمَشْهُورِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُوَطَّأِ وَلَاحَظَ فِي الْكِتَابِ كَوْنَهُ يُوجِبُ نِسْبَةً وَاخْتِصَاصًا وَرُبَّمَا أَوْجَبَ مَيْلًا شَدِيدًا فَأَفْتَى بِالتَّحْرِيمِ وَبَالَغَ حَتَّى قَالَ

(فرع)

إِذَا الْتَذَّ بِهَا حَرَامًا كَانَ كَالْوَطْءِ قَالَهُ فِي الْكِتَابِ وَقَالَهُ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ وَوَافَقَ الْأَئِمَّةَ فِي الْعَقْدِ وَالْمِلْكِ وَالشُّبْهَةِ وَوَافَقَ ح فِي الْمُلَامسَة بلذة وَالنَّظَر إِلَى الْفَرْجِ إِلَّا أَنْ يُنْزِلَ لِعَدَمِ إِفْضَائِهِ إِلَى الْوَطْءِ وَهُوَ إِنَّمَا حُرِّمَ تَحْرِيمَ الْوَسَائِلِ وَالْوَسِيلَةُ إِذَا لَمْ تُفِضْ إِلَى الْمَقْصِدِ سَقَطَ اعْتِبَارُهَا وَمَنَعَ ش التَّحْرِيمَ بِالْمُلَامَسَةِ لِلَذَّةٍ وَالنَّظَرَ مُطْلَقًا وَأَثْبَتْنَاهُ بهما مُطلقًا وَقَالَ أَبُو الطَّاهِر اللَّمْس للذة من الْبَالِغ ينشر حُرْمَة الطَّهَارَة وَمِنْ غَيْرِ الْبَالِغِ قَوْلَانِ وَبِغَيْرِ لَذَّةٍ لَا يَنْشُرُ مُطْلَقًا وَنَظَرُ الْبَالِغِ لِلَذَّةٍ الْمَشْهُورُ نَشْرُهُ لِأَنَّهُ أَحَدُ الْحَوَاسِّ وَالشَّاذُّ لَا يَنْشُرُ لِأَنَّ النَّظَرَ إِلَى الْوَجْهِ لَا يَحْرُمُ اتِّفَاقًا وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي بَاطِنِ الْجَسَدِ وَاكْتُفِيَ فِي تَحْرِيمِ زَوْجَات الْآبَاء وَالْأَبْنَاء بِالْعَقْدِ لِأَنَّ أَنَفَاتِ الرِّجَالِ وَحَمِيَّاتِهِمْ تَنْهَضُ بِالْغَضَبِ والبغض بِمُجَرَّد نِسْبَةِ الْمَرْأَةِ إِلَيْهِمْ بِذَلِكَ فَيَخْتَلُّ نِظَامُ وُدِّ الْآبَاء للأبناء وَالْأَبْنَاء للآباء وَهُوَ سياج عَظِيم عِنْدَ الشَّرْعِ جُعِلَ خَرْقُهُ مِنَ الْكَبَائِرِ (فَرْعٌ) قَالَ ابْن الْقَاسِم إِذا نزوج امْرَأَةً فَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَمَاتَتْ فَقَبَّلَهَا وَهِيَ مَيِّتَةٌ حُرِّمَتِ ابْنَتُهَا لِأَنَّهُ الْتَذَّ بِهَا وَهِيَ زَوْجُهُ يَجُوزُ لَهُ غُسْلُهَا وَعَلَى الْقَوْلِ بِمَنْعِ غسلهَا لَا تحرم قَالَ وَالْقِيَاس عدم الْحُرْمَة لِأَن وَطئهَا لَا يُوجِبُ إِحْصَانًا وَيَجُوزُ لَهُ الْجَمْعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أُخْتِهَا حِينَئِذٍ وَالْخَامِسَةِ سُؤَالٌ الْمَشْهُورُ فِي تَحْلِيلِ الزَّوْجَةِ بَعْدَ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ اشْتِرَاطُ الْوَطْءِ

فِي الْحَلَالِ وَحُمِلَ آيَةُ التَّحْلِيلِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ كُلَّ مُتَكَلِّمٍ لَهُ عُرْفٌ يُحْمَلُ لَفْظُهُ عَلَى عُرْفِهِ فَحُمِلَ النِّكَاحُ فِيهَا عَلَى النِّكَاحِ الشَّرْعِيِّ وَخُولِفَتْ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ فِي قَوْله تَعَالَى فِي أُمَّهَات الربائب إِن كُنْتُم دَخَلْتُم بِهن فَاعْتَبَرَ مَالِكٌ مُطْلَقَ الْوَطْءِ حَلَالًا أَوْ حَرَامًا وَهُوَ خلاف الْقَاعِدَة جَوَابه أَنه احْتِيَاطٌ فِي الْمَوْضِعَيْنِ فَخُولِفَتِ الْقَاعِدَةُ لِمُعَارَضَةِ الِاحْتِيَاطِ تَفْرِيع فِي الْجَوَاهِر تحرم بِالْعَقْدِ الصَّحِيحِ أُمَّهَاتُ الزَّوْجَةِ مِنَ النَّسَبِ وَالرَّضَاعِ وَامْرَأَةُ الِابْنِ وَالْحَفَدَةِ وَالْأَبِ وَالْجَدِّ مِنَ النَّسَبِ وَالرَّضَاعِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ كُلُّ نِكَاحٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ لَمْ يَنُصَّ الْكِتَابُ وَلَا السُّنَّةُ عَلَى تَحْرِيمِهِ فَهُوَ كَالصَّحِيحِ وَقَالَ أَيْضًا إِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً فِي عِدَّتِهَا فَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ الْبِنَاءِ جَازَ لِابْنِهِ تَزْوِيجُهَا قَالَ مَالِكٌ الْعَقْدُ الْفَاسِدُ إِنْ كَانَ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيثبت بعده كالشغار الَّذِي يُسمى مَهْرُهُ وَالْعَقْدِ بِالصَّدَاقِ الْمَجْهُولِ أَوْ إِلَى أَجَلٍ غَيْرِ مُسَمًّى أَوْ إِلَى مَوْتٍ أَوْ فِرَاقِ وَالْعَقْدُ بِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ يُحَرِّمُهَا عَلَى ابْنِهِ وَأَبِيهِ وَإِنْ كَانَ مُحَرَّمًا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ كَالْخَامِسَةِ وَالنِّكَاحِ فِي الْعِدَّةِ وَالْأُخْتِ عَلَى الْأُخْتِ وَعَلَى الْعَمَّةِ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ لِلتَّحْلِيلِ أَوْ غير مهر فَلَا يحرم وَلَا تحرم بَنَات الزَّوْجَة إِلَّا بِالْوَطْءِ مُقَدِّمَاتِهِ كَالْقُبْلَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ لِلَذَّةٍ وَالنَّظَرِ لِبَاطِنِ الْجَسَدِ بِشَهْوَةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ لَا يَحْرُمُ ذَلِكَ وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُنَّ فِي حِجْرِهِ لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى {وربائبكم اللَّاتِي فِي حجوركم} خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَلَا يَكُونُ لَهُ مَفْهُومٌ إِجْمَاعًا حِينَئِذٍ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا زَنَا بِأُمِّ امْرَأَته

فرع

يُفَارِقُهَا وَفِي الْمُوَطَّأِ لَا يُفَارِقُهَا وَعَلَيْهِ جَمِيعُ أَصْحَابِهِ وَفِي حَمْلِ الْمُفَارَقَةِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى الْوُجُوبِ أَوِ النَّدْبِ قَوْلَانِ فَإِنِ انْفَرَدَتِ الشُّبْهَةُ عَنِ الْعَقْدِ وَالْمِلْكِ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ لَا يَخْتَلِفُ أَصْحَابُنَا فِي التَّحْرِيمِ إِلَّا قَوْلَ سَحْنُونٍ إِذَا مَدَّ يَدَهُ إِلَى امْرَأَتِهِ لَيْلًا فَوَقَعَتْ عَلَى ابْنَتِهِ مِنْهَا فَوَطِئَهَا غَلَطًا أَنَّ ذَلِكَ لَا يُحَرِّمُ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى قَوْلِ الْأَصْحَابِ فَاخْتَلَفُوا إِذَا حَاوَلَ وَطْءَ امْرَأَتِهِ فَوَقَعَتْ يَدُهُ عَلَى ابْنَتِهِ فَالْتَذَّ بِهَا هَلْ تَحْرُمُ الْأُمُّ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ أَمْ لَا تَحْرُمُ لِأَنَّ الْمَلْمُوسَةَ لَيْسَتْ رَبِيبَةً فَيَتَنَاوَلَهَا تَحْرِيمُ الرَّبَائِبِ وَلَا مِنْ أُمَّهَاتِ نِسَائِهِ لِأَنَّ ابْنَتَهُ لَا تَكُونُ مِنْ نِسَائِهِ وَقَالَهُ سَحْنُونٌ فِي الْوَطْءِ نَفْسِهِ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْأَوَّلِ فَجُمْهُورُ قَائِلِيهِ إِنَّ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ التَّحْرِيمُ قَوْلًا وَاحِدًا وَلَا يَتَخَرَّجُ عَلَى رِوَايَتَيِ التَّحْرِيمِ بِالزِّنَا قَالَ ضُعَفَاؤُهُمْ بَلْ يَتَخَرَّجُ وَجُمْهُورُهُمْ عَلَى مُفَارَقَةِ الْأُمِّ وُجُوبًا وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ وَأَبُو الْحَسَنِ اسْتِحْبَابًا قَالَ اللَّخْمِيُّ عَلَى الْقَوْلِ بِتَحْرِيمِ الْأُمِّ إِذَا غَلِطَ بِابْنَتِهِ مِنْهَا تَحْرُمُ بِنْتُ الْخَالَةِ إِذَا غَلِطَ بِجَدَّتِهِ لِأَنَّهَا مِنْ أُمَّهَاتِ نِسَائِهِ وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ لَا تَحْرُمُ (فَرْعٌ) فَلَو وطئ امْرَأَة مكْرها قَالَ اللَّخْمِيّ يتَخَرَّج ايجابه للْحُرْمَة على الْخلاف فِي الْحَد فَإِنْ قُلْنَا يَخْرُجُ عَلَى رِوَايَتَيِ الزِّنَا وَإِلَّا فَهُوَ كَوَطْءِ الْغَلَطِ (تَفْرِيعٌ) فِي الْكِتَابِ الْجَدَّاتُ كَالْأُمَّهَاتِ وَبَنَاتُ الْأَبْنَاءِ كَالْبَنَاتِ كَمَا انْدَرَجْنَ فِي تَحْرِيمِ النَّسَبِ وَإِذَا تَزَوَّجَهَا فِي عِدَّتِهَا فَلَمْ يَبْنِ بِهَا حَتَّى تَزَوَّجَ أُمَّهَا أَوْ

أُخْتَهَا أَقَامَ مَعَ الثَّانِيَةِ لِأَنَّ عَقْدَ الْأُولَى غَيْرُ مُنْعَقِدٍ وَهِيَ تَحِلُّ لِآبَائِهِ وَأَبْنَائِهِ مَا لَمْ يَلْتَذَّ بِهَا وَكَذَلِكَ لَوْ عَقَدَ عَلَى ذَات محرم أَو رضَاع وزنى بِامْرَأَةٍ أَوِ الْتَذَّ مِنْهَا حَرُمَتْ عَلَيْهِ أُمُّهَا وَابْنَتُهَا وَتَحْرُمُ عَلَى آبَائِهِ وَأَبْنَائِهِ وَإِنْ كَانَتْ فِي عِصْمَةِ أَحَدِهِمَا وَإِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَابْنَتَهَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ لَا يَثْبُتُ نِكَاحُ الْبِنْتِ كَصَفْقَةٍ جَمَعَتْ حَلَالًا وَحَرَامًا وَلَيْسَ لَهُ حَبْسُ إِحْدَاهمَا وَيفْسخ العقد وَله تزوج أَيَّتهمَا شَاءَ إِنْ كَانَ لَمْ يَبْنِ بِهِمَا وَقِيلَ تَحْرُمُ الْأُمُّ لِلشُّبْهَةِ فِي الْبِنْتِ وَإِنْ بَنَى بهَا حرمت عَلَيْهِ لِلْأَبَد وَإِن بنى بِأَحَدِهِمَا فُسِخَ الْعَقْدُ وَخَطَبَ الَّتِي بَنَى بِهَا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ أُمًّا كَانَتْ أَوْ بِنْتًا وَحُرِّمَتِ الْأُخْرَى أَبَدًا وَإِنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَلَمْ يَبْنِ بِهَا حَتَّى تَزَوَّجَ ابْنَتَهَا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ حَتَّى دَخَلَ بِالِابْنَةِ فَارَقَهُمَا جَمِيعًا وَلَا صَدَاقَ لِلْأُمِّ لِأَنَّهُ فَسْخٌ مَجْبُورٌ عَلَيْهِ قَبْلَ الدُّخُولِ كَالرَّضَاعِ ويتزوج الِابْنَة بعد ذَلِك واستبراء ثَلَاث حيض أَوْ وَضْعِ حَمْلٍ تَفْرِيقًا بَيْنَ الْمَاءِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ لِأَنَّ الْعَقْدَ عَلَيْهَا مَعَ وُجُودِ الْأُمِّ فِي الْعِصْمَة لَا يحل وَتحرم الْأُم لِلْأَبَد لِأَنَّهَا مِنْ أُمَّهَاتِ نِسَائِهِ وَإِنْ عَقَدَ عَلَى الْأُمِّ أَخِيرًا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَبَنَى بِهَا أَوْ بِالْأُمِّ حُرِّمَتْ لِلْأَبَدِ أَمَّا الْأُمُّ فَلِلْعَقْدِ على الْبِنْت وَأما الْبِنْت فللدخول مَعَ العقد فِي الْأُم وَلَا صَدَاقَ لِلِابْنَةِ إِنْ لَمْ يَبْنِ بِهَا لِمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ كَانَ الْفَسْخُ مِنْ قِبَلِهِ لكنه لم يتعمده وَإِن لم يبن بِالآخِرَة ثَبَتَتِ الْأُولَى أُمًّا كَانَتْ أَوْ بِنْتًا بَنَى بِهَا أَمْ لَا وَتُفْسَخُ الثَّانِيَةُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا تَزَوَّجَ الْأُمَّ بَعْدَ الْبِنْتِ أَوِ الْبِنْتَ بَعْدَهَا فَوَطِئَ الثَّانِيَةَ وَحْدَهَا فُسِخَ نِكَاحُهُمَا بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَلِلْأُولَى نِصْفُ الصَّدَاقِ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ وَلَوْ تَزَوَّجَ الْأُمَّ بَعْدَ الْبِنْتِ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ وَدَخَلَ بِهَا فَعَلَيْهِ نِصْفُ صَدَاقِ الْبِنْتِ لِأَنَّهُ قَصَدَ إِبْطَالَ عِصْمَتِهَا

(فرع)

قَالَ صَاحب الْمُقدمَات إِذا نزوج الْأُمَّ وَالْبِنْتَ وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ فَلَهُ سِتُّ حالات الْحَالة الأولى أَن يعْقد عَلَيْهِمَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَيُفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الثَّانِيَةِ وَيَبْقَى مَعَ الْأُولَى إِنْ كَانَتِ الْبِنْتَ بِلَا خِلَافٍ أَوِ الْأُمَّ بِخِلَافٍ وَإِنْ جَهِلَ السَّبْقَ فَارَقَهُمَا وَله زواج الْبِنْتِ وَتَكُونُ عِنْدَهُ عَلَى تَطْلِيقَتَيْنِ وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفُ صَدَاقِهَا وَقِيلَ رُبُعُهُ قَالَ وَالْقِيَاسُ رُبُعُ أول الصداقين وَذَلِكَ إِن لم تدع كل وَاحِدَة مِنْهُمَا أَنَّهَا الْأُولَى وَلَا ادَّعَتْ عَلَيْهِ مَعْرِفَةَ ذَلِكَ فَإِن جرى ذَلِك وَحلفت كل وَاحِدَة مِنْهُمَا كَانَ لَهَا نِصْفُ الْأَكْثَرِ مِنَ الصَّدَاقَيْنِ يَقْتَسِمَانِهِ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ صَدَاقَيْهِمَا وَإِنْ نَكَلَتَا بَعْدَ حَلِفِهِ كَانَ لَهُمَا نِصْفُ أَقَلِّ الصَّدَاقَيْنِ يَقْتَسِمَانِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَإِنْ نَكَلَتْ إِحْدَاهُمَا فَلِلْحَالِفَةِ نِصْفُ صَدَاقِهَا فَإِنْ نَكَلَ هُوَ وَحَلَفَتَا فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفُ صَدَاقِهَا فَإِنْ نَكَلَتْ إِحْدَاهُمَا بَعْدَ نُكُولِهِ فَلَا شَيْءَ لَهَا وَلِلْحَالِفَةِ نِصْفُ صَدَاقِهَا وَإِنْ نَكَلَتْ بَعْدَ نُكُولِهِ فَلَهُمَا أَقَلُّ الصَّدَاقَيْنِ لَا بِقَدْرِ صَدَاقَيْهِمَا وَإِنْ أَقَرَّ لِإِحْدَاهُمَا أَنَّهَا الْأُولَى حَلَفَتْ عَلَى ذَلِكَ وَلَهَا نِصْفُ صَدَاقِهَا وَلَيْسَ لِلثَّانِيَةِ شَيْءٌ فَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفَتْ غَرِمَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفَ صَدَاقِهَا (فَرْعٌ) قَالَ إِنْ مَاتَ وَلَمْ تَعْلَمِ الْأُولَى فَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا وَتعْتَد كل وَاحِدَة مِنْهُمَا عدَّة الْوَفَاة الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ الدُّخُولُ بِهِمَا فَيُفَارِقُهُمَا وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ نصف صَدَاقهَا

(فرع)

بالمسيس وَعَلَيْهِمَا الِاسْتِبْرَاء بِثَلَاث حيض وحرمتا لِلْأَبَد وَلَا مِيرَاث وَالْحَالة الثَّالِثَة أَن يدْخل بِالْأولَى فتقر مَعهَا إِن كَانَت الْبِنْت اتِّفَاقًا أَو الْأُم عَلَى الْخِلَافِ وَتَحْرُمُ الثَّانِيَةُ أَبَدًا الْحَالَةُ الرَّابِعَةُ الدُّخُولُ بِالثَّانِيَةِ يُفَارِقُهُمَا وَلِلْمَدْخُولِ بِهَا صَدَاقُهَا وَتَحِلُّ لَهُ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ بِثَلَاثِ حِيَضٍ إِنْ كَانَتِ الْبِنْتَ أَوِ الْأُمَّ حُرِّمَتَا أَبَدًا وَلَا يَرِثَانِهِ إِنْ مَاتَ الْحَالة الْخَامِسَة دُخُوله بِوَاحِدَة لَا يَعْلَمُ سَبْقَهَا فَإِنْ كَانَتِ الْأُمَّ حُرِّمَتَا أَبَدًا وَإِن كَانَت الِابْنَة فراقها وَلَهُ زَوَاجُهَا وَعَلَيْهَا فِي الْعِدَّةِ أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ وَلَهَا جَمِيعُ صَدَاقِهَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَنِصْفُ الْمِيرَاث وَقَالَ مُحَمَّد لَا شَيْءَ لَهَا قَالَ وَهُوَ الصَّوَابُ وَلَا عِدَّةَ عَلَى غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَلَا صَدَاقَ وَلَا مِيرَاثَ الْحَالَةُ السَّادِسَةُ دُخُولُهُ بِوَاحِدَةٍ غَيْرِ مَعْلُومَةٍ حُرِّمَتَا أَبَدًا وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي تَعْيِينِهَا فَيُعْطِيهَا صَدَاقَهَا وَلَا شَيْءَ لِلْأُخْرَى فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَنَّهَا هِيَ الْمَدْخُولُ بِهَا واستحقت جملَة صادقها فَإِنْ نَكَلَتْ إِحْدَاهُمَا فَلَا شَيْءَ لَهَا (فَرْعٌ) قَالَ إِنْ مَاتَ فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفُ صَدَاقِهَا عِنْدَ سَحْنُونٍ قَالَ وَالْقِيَاسُ أَقَلُّ الصَّدَاقَيْنِ عَلَى قَدْرِ صَدَاقِهِمَا بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا وَتَعْتَدُّ أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ وَبَيْنَهُمَا نِصْفُ الْمِيرَاثِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ حَبِيبٍ وَلَا مِيرَاثَ لَهُمَا

(فرع)

عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ الْمَدْخُولَ بِهَا إِنْ كَانَتِ الْآخِرَةَ لَمْ يَرِثَا وَلَا مِيرَاثَ مَعَ الشَّكِّ (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ يَجُوزُ جَمْعُهُمَا فِي الْمِلْكِ لِلْخِدْمَةِ أَوْ إِحْدَاهُمَا لِلْخِدْمَةِ وَالْأُخْرَى لِلْوَطْءِ وَأَيُّهُمَا وَطِئَ حُرِّمَتِ الْأُخْرَى أَبَدًا وَإِنْ جَمعهمَا فِي الْوَطْء بِالْملكِ فِي أحديهما وَالْعقد فِي الْأُخْرَى فَإِن وطئهما أَو أحديهما فَكَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَمْلُوكَتَيْنِ وَإِلَّا فَالْمَمْلُوكَةُ مُحَرَّمَةُ الْجَمْعِ خَاصَّةً مَا لَمْ يَدْخُلْ بِالزَّوْجَةِ أَوْ تَكُونُ الْبِنْتَ فَيَتَأَبَّدَ التَّحْرِيمُ (فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ وَتَحْرُمُ امْرَأَةُ الْجَدِّ لِلْأُمِّ وَالْجَدِّ لِلْأَبِ لِانْدِرَاجِهِمَا فِي لَفْظِ الْآبَاءِ كَمَا تَنْدَرِجُ جَدَّاتُ امْرَأَتِهِ وَجَدَّاتُ أُمِّهَا مِنْ قِبَلِ أُمِّهَا وَأَبِيهَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَأُمَّهَات نِسَائِكُم} وَبِنْتُ بِنْتِ الزَّوْجَةِ وَبِنْتُ ابْنِهَا وَكُلُّ مَنْ نُسِبَ إِلَيْهَا بِالْبُنُوَّةِ وَإِنْ سَفَلَ فِي قَوْله تَعَالَى {وربائبكم} تَنْبِيهٌ اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الِانْدِرَاجَاتِ لَيْسَتْ بِمُقْتَضَى الْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ وَلِذَلِكَ صَرَّحَ الْكِتَابُ الْعَزِيزُ بِالثُّلُثِ لِلْأُمِّ وَلَمْ يُعْطِهِ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ لِلْجَدَّةِ بَلْ حَرَمُوهَا حَتَّى رُوِيَ لَهُمُ الْحَدِيثُ فِي السُّدُسِ وَصُرِّحَ بِالنِّصْفِ لِلْبِنْتِ وَلِلْبِنْتَيْنِ بِالثُّلُثَيْنِ على التَّسْوِيَة وَوَرِثَتْ بِنْتُ الِابْنِ مَعَ الْبِنْتِ السُّدُسَ بِالسُّنَّةِ وَابْنُ الِابْنِ كَالِابْنِ فِي الْحَجْبِ وَالْجَدُّ لَيْسَ كَالْأَبِ وَالْإِخْوَةُ تَحْجُبُ الْأُمَّ

(فرع)

وَبَنُوهُمْ لَا يَحْجُبُونَ فَعَلِمْنَا أَنَّ لَفْظَ الْأَبِ حَقِيقَةٌ فِي الْأَبِ الْقَرِيبِ مَجَازٌ فِي آبَائِهِ وَلَفْظَ الِابْنِ حَقِيقَةٌ فِي الْقَرِيبِ مَجَازٌ فِي أَبْنَائِهِ إِنْ دَلَّ إِجْمَاعٌ عَلَى اعْتِبَارِ الْمَجَازِ وَإِلَّا أُلْغِيَ وَإِنَّ هَذِهِ الِانْدِرَاجَاتِ فِي تَحْرِيمِ الْمُصَاهَرَةِ بِالْإِجْمَاعِ لَا بِالنَّصِّ وَإِنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِنَفْسِ اللَّفْظِ مُتَعَذِّرٌ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمَجَازِ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى الْحَقِيقَةِ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا تَزَوَّجَ الِابْنُ امْرَأَةً فَقَالَ الْأَبُ كُنْتُ تَزَوَّجْتُهَا فَإِنْ فَارَقَهَا لَزِمَهُ نِصْفُ الصَّدَاقِ وَتَحْلِفُ الْمَرْأَةُ إِنْ كَانَ الْأَبُ ثِقَةً وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ شَهِدَ عَدْلٌ مَعَ الْأَبِ وَهُوَ عَدْلٌ حُكِمَ بِالْفِرَاقِ قَالَ وَفِي الصَّدَاقِ نَظَرٌ لِأَجْلِ شَهَادَةِ الْأَبِ (فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا زَوَّجَ امْرَأَتَهُ مِنْ غُلَامِهِ فَوَلَدَتْ جَارِيَةً لَا تَحِلُّ الْجَارِيَةُ لِابْنِهِ وَرَوَى ابْنُ دِينَارٍ الْجَوَازَ قَالَ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِعَدَمِ الْحُرْمَةِ بَيْنَهُمَا وَاتَّفَقُوا عَلَى حِلِّ مَا وَلَدَتِ امْرَأَةُ ابْنِهِ قَبْلَ أَبِيه وَفِيمَا وَلَدَتْهُ بَعْدَهُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْجَوَازُ لِمَالِكٍ وَالْجُمْهُورِ وَالْمَنْعُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالْكَرَاهَةُ لِابْنِ حَبِيبٍ قَالَ وَالَّذِي تخيل فِي الْمَنْع بَقَاء ابْن من

(المانع الثاني الرضاع)

الأول بعد وَطْء الثَّانِي وَإِن ولد مِنَ الْأَوَّلِ حَاضَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ انْتَعَشَ بِمَاءِ الثَّانِي (الْمَانِع الثَّانِي الرَّضَاعُ) وَيُقَالُ الرَّضَاعُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَبِكَسْرِهَا وَالرَّضَاعَةُ وَقَدْ تَقَدَّمَ مُسْتَنَدُهُ وَيَتَعَلَّقُ الْفِقْهُ فِيهِ بِالْمُرْضِعَةِ وَالْمُرْضِعِ وَاللَّبَنِ الْمُرْضَعِ وَإِثْبَاتِهِ وَمَنْ يَحْرُمُ بِهِ فَهَذِهِ خَمْسَةُ فُصُولٍ (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْمُرْضِعَةِ) وَفِي الْجَوَاهِرِ هِيَ الْمَرْأَةُ دُونَ الرَّجُلِ وَالْبَهِيمَةِ وَقَالَهُ ش وح وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ كَرَاهَةُ نِكَاحِ مَنْ أَرْضَعَهُ الرِّجَال قَالَ اللَّخْمِيّ قَالَ ابْن اللبان تقع الْحُرْمَةُ بِهِ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ إِذَا وَقَعَتْ بِاللَّبَنِ عَنْ وَطْئِهِ فَبِلَبَنِهِ أَوْلَى وَيُحْمَلُ قَوْله تَعَالَى {وأمهاتكم اللَّاتِي أرضعنكم عَلَى الْغَالِبِ وَفِي الْجَوَاهِرِ وَيَحْرُمُ ارْتِضَاعُ الْمَيْتَةِ وَفَحْلُهُ أَبٌ لِأَنَّهُ يُغَذِّي وَفِي مُسْلِمٍ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجَاعَةِ وَقِيلَ لَا يَحْرُمُ وَلَا تَحِلُّ لَهُ لِشَبَهِهَا بِالْبَهِيمَةِ بَلْ بالجماد وَيحرم لبن الْبكر والآيسة وَغير الموطؤة وَالصَّبِيَّةِ وَقَالَهُ ح خِلَافًا لِ ش لِأَنَّ لَبَنَهَا يُغَذِّي وَقَالَهُ فِي الْكِتَابِ وَقِيلَ مَا لَمْ تَنْقُصْ الصَّبِيَّةُ عَنْ سِنِّ مَنْ تُوطَأُ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ تُجْبَرُ ذَاتُ الزَّوْجِ عَلَى رضَاع وَلَدِهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَا يُرْضِعُ مِثْلُهَا لِشَرَفِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ

كَامِلَيْنِ} الْبَقَرَة 133 وَلِأَنَّهَا دَخَلَتْ عَلَى ذَلِكَ عُرْفًا فيلزمها شرعا فَإِن مَاتَ الْأَب وَالصَّبِيّ قَالَ فلهَا الِاسْتِئْجَار من مَاله عل إرضاعه إِلَّا أَن لَا يَقْبَلَ غَيْرُهَا فَتُجْبَرَ بِالْأُجْرَةِ مِنْ مَالِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ لَزِمَهَا إِرْضَاعُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ وَإِنْ قَبِلَ غَيْرُهَا بِخِلَافِ النَّفَقَةِ لِأَنَّ أَصْلَ الْإِرْضَاعِ وَاجِبٌ عَلَيْهَا وَقَالَ عبد الْوَهَّاب لَا يلْزمهَا إِلَّا أَن لَا يقبل غَيرهَا لِأَن الأَصْل عدم تعلق حَقه بِهَا قَالَ مَالِكٌ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْأُمِّ لَبَنٌ أَوْ لَهَا وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ فَعَلَيْهَا إِرْضَاعُهُ لِلْآيَةِ وَتَأْخِيرِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْغَامِدِيَّةَ حَتَّى إِذا أرضعت وَلَدهَا حِينَئِذٍ رَجَمَهَا فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى تَعَيُّنِهَا لَهُ وَفِي الْكتاب على الرَّجْعِيَّة الْإِرْضَاع كَالزَّوْجَةِ فَإِذَا انْقَضَتِ الْعِدَّةُ أَوْ كَانَتْ بَائِنًا فعلى الْأَب أجر الرَّضَاع فَإِنِ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الْأُجْرَةِ فَالْأُمُّ أَحَقُّ بِمَا يَرْضَى بِهِ غَيْرُهَا وَلَيْسَ لِلْأَبِ التَّفْرِقَةُ بَيْنَهُمَا فَإِنْ أَبَتْ فَلَا حَقَّ لَهَا إِلَّا أَن لَا يَقْبَلَ الْوَلَدُ غَيْرَهَا فَتُجْبَرَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ الْأُمُّ أَحَقُّ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لَا بِمَا زَادَ سَوَاءٌ وُجِدَ مَنْ يُرْضِعُ غَيْرُ الْأُمِّ أَمْ لَا وَلَوْ كَانَ الْأَبُ مُعْدِمًا فَوَجَدَ مَنْ يُرْضِعُهُ بَاطِلًا قِيلَ لِلْأُمِّ إِمَّا أَنْ تُرْضِعَهُ بَاطِلًا أَوْ تُسَلِّمَهُ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ الْأَبُ لَا يَقْدِرُ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَوَجَدَ مَنْ يُرْضِعُهُ بِدُونِهَا وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا أَو وجد مَنْ يُرْضِعُهُ بَاطِلًا فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهَا لَا تَأْخُذُهُ إِلَّا بِمَا وَجَدَ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} الطَّلَاق 6

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا طَلَّقَهَا لَيْسَ لَهَا طَرْحُ وَلَدِهَا مِنْ حِينِهِ حَتَّى يَجِدَ مُرْضِعًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ} الْبَقَرَة 135 (فَرْعٌ) قَالَ إِذا أقدم الْأَبُ أُجْرَةَ رَضَاعِ سَنَةٍ ثُمَّ مَاتَ رَجَعَ مَا بَقِيَ لِلْوَرَثَةِ وَقَالَ مَالِكٌ ذَاكَ عَطِيَّةُ الابْن اسْتحقَّهَا بالحوز الْفَصْل الثَّانِي الْمُرْضع فِي الْكِتَابِ لَا يُحَرَّمُ الرَّضَاعُ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ إِلَّا بِنَحْوِ الشَّهْرَيْنِ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْحَوْلَيْنِ وَقَالَهُ ش وَقَالَ ح ثَلَاثُونَ شَهْرًا لَنَا ظَاهِرُ الْآيَة الْمُتَقَدّمَة وَلِأَنَّهُ من الْحَاجَةِ غَالِبًا وَفِي التِّرْمِذِيِّ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يُحَرِّمُ مِنَ الرَّضَاعِ إِلَّا مَا فَتَقَ الْأَمْعَاءَ وَكَانَ قَبْلَ الْفِطَامِ قَالَ وَهُوَ صَحِيحٌ فَإِنِ انْفَصَلَ قَبْلَ ذَلِكَ وَاسْتَغْنَى بِالطَّعَامِ لَمْ يُحَرِّمْ رَضَاعُهُ إِلَّا بَعْدَ ذَلِكَ بِالْيَسِيرِ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ مَالِكٌ يُحَرِّمُ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ بِالْأَيَّامِ الْيَسِيرَةِ وَقَالَ أَيْضًا مِثْلَ نُقْصَانِ الشُّهُورِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ سَحْنُونٌ وَرُوِيَ عَنْهُ بَعْدَهَا بِشَهْرٍ وَرُوِيَ بِثَلَاثَة أشهر الْفَصْل الثَّالِث اللَّبن الْمُرْضع قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ لَا يُقَالُ لِبَنَاتِ آدَمَ لَبَنٌ بَلْ لِبَانٌ قَالَ وَالْأَحَادِيثُ خِلَافُ قَوْلِهِمْ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مِنْ وَطْءٍ حَلَالٍ عَلَى مَشْهُور الرِّوَايَتَيْنِ

(فرع)

وَضَابِطُهُ أَنَّ كُلَّ وَطْءٍ يُلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ وَيُدْرَأُ الْحَدُّ يَنْشُرُ لَبَنُهُ الْحُرْمَةَ وَإِنْ وَجَبَ الْحَدُّ وَانْتَفَى الْوَلَدُ لَا يَنْشُرُ وَإِنِ انْتَفَى الْوَلَدُ وَسَقَطَ الْحَدُّ فَالرِّوَايَةُ الْأَخِيرَةُ نَشَرَهُ لِظُهُورِ شِبْهِ النِّكَاحِ الْمَشْرُوعِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ هَذَا كُلُّهُ فِي حَقِّ الرَّاضِعِ وَأَمَّا الْمُرْضِعَةُ فَالْأُمُّ مُطْلَقًا لِأَنَّ الزِّنَا لَا يُنَافِي الْأُمُومَةَ وَلَوْ وُطِئَتِ الْمُتَزَوِّجَةُ بِشُبْهَةٍ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمَا فَأَرْضَعَتْ صَغِيرَةً فَهِيَ ابْنَةُ مَنْ يثبت لَهُ نَسَبُ الْوَلَدِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَحْرُمُ عَلَيْهَا وَإِذَا دَامَ لَبَنُ الْمُطَلَّقَةِ سِنِينَ فَهُوَ مَنْسُوبٌ لِلزَّوْجِ وَقِيلَ يَنْقَطِعُ بِوَطْءِ زَوْجٍ ثَانٍ وَإِنْ دَامَ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْأَوَّلِ فَوَلَدَتْ أَوْ حَمَلَتْ فَقِيلَ يَنْقَطِعُ بِالْحَمْلِ وَقِيلَ بِالْوِلَادَةِ وَقِيلَ لَا يَنْقَطِعُ إِلَّا بِانْقِطَاعِهِ وَحَيْثُ لَمْ يُحْكَمْ بِانْقِطَاعِهِ فَالْوَلَدُ لَهُمَا وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلْ يَكُونُ طرؤ الزَّوْجِ أَوِ الْحَمْلِ مُغَيِّرًا لِلَّبَنِ حَتَّى تَكُونَ نسبته إِلَى الطَّارِئ أولى أَمْ لَا (فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا تَزَوَّجَتْ فَولدت ثمَّ تزوجت وَطَلقهَا ثُمَّ ثَالِثًا وَلَبَنُ الْأَوَّلِ بَاقٍ وَطَالَتِ الْمُدَّةُ عَنْ إِصَابَةِ الْوَسَطِ سَقَطَ حُكْمُهُ لِأَنَّهُ كَانَ سَبَبَ التَّكْثِيرِ وَالطُّولُ يُبْطِلُهُ وَالْحُرْمَةُ تَقَعُ بِالْإِنْزَالِ بِالْوَطْءِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يَسْقِ أَحَدُكُمْ مَاءَهُ زَرْعَ غَيْرِهِ وَلَوْ قَبَّلَ أَوْ بَاشَرَ فَدَرَّتِ اللَّبَنَ لَمْ يَكُنْ أَبًا إِجْمَاعًا وَإِنْ كَانَ وجود سَبَبَهُ لِبُعْدِ السَّبَبِ

(فرع)

(فَرْعٌ) لَيْسَ مِنْ شَرْطِهِ عَدَدُ رَضَعَاتٍ بَلْ مُطْلَقُ الرَّضَاعِ يُحَرِّمُ وَقَالَهُ ح وَاشْتَرَطَ ش خَمْسَ رَضَعَاتٍ لِقَوْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِي مُسْلِمٍ كَانَ فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ ثُمَّ نسخن بِخمْس مَعْلُومَات فَتوفي عَلَيْهِ السَّلَام وَهُوَ فِيمَا يُقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ وَلَا الرَّضْعَتَانِ وَلَا الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ وَلِأَنَّهُ سَبَبُ تَحْرِيمٍ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَدُ كَاللِّعَانِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ إِحَالَتَهُ عَلَى الْقُرْآنِ الْبَاقِي بَعْدَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقْتَضِي عَدَمَ اعْتِبَارِهِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ قُرْآنًا لَتُلِيَ الْآن لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) الْحجر 9 وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ فِي سَنَدِهِ طَعْنًا سَلَّمْنَاهُ لَكِنَّهُ مَرْوِيٌّ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَهُوَ مُسْتَنْبَطٌ مِنَ الْأَوَّلِ وَقد ظهر بُطْلَانه وَعَن الثَّالِث أَنه مغلوب بِأَنَّهُ سَبَبُ تَحْرِيمٍ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْخَمْسِ كَاللِّعَانِ وَمُعَارَضٌ بِأَنَّهُ سَبَبُ تَحْرِيمٍ فَلَا يَتَوَقَّفُ على الْعدَد كَالنِّكَاحِ على غير الزَّوْج كَالطَّلَاقِ على الزَّوْجِ إِذَا ظَهَرَ ذَلِكَ بَطَلَ قَوْلُ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الْقُرْآنَ مُطْلَقٌ وَالسُّنَّةَ مُقَيَّدَةٌ فَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ تَفْرِيعٌ فِي الْكِتَابِ الْوَجُورُ يُحَرِّمُ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ وَكَذَلِكَ السَّعُوطُ وَالْحُقْنَةُ الْوَاصِلَةُ إِلَى مَحَلِّ الْغِذَاءِ فَائِدَةٌ الْوَجُورُ بِفَتْحِ الْوَاوِ الصَّبُّ فِي وَسَطِ الْفَمِ وَاللَّدُودُ الصَّبُّ فِي أحد جانبيه من لديدي الْوَادِي وَهُمَا جَانِبَاهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ فِي السَّعُوطِ

فرع

وَالْحُقْنَةِ خِلَافٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَمْ يَشْتَرِطِ ابْنُ حَبِيبٍ الْوُصُولَ إِلَى الْجَوْفِ فِي السَّعُوطِ والحقنة وَقَالَ إِذا خلط اللَّبن بكحل نَفاذ كَالْمُرِّ وَالصَّبْرِ وَالْعَنْزَرُوتِ حُرِّمَ وَإِلَّا فَلَا وَلَمْ يَعْتَبِرِ ابْنُ الْقَاسِمِ الْقَسَمَيْنِ لِأَنَّ مُرُورَ اللَّبَنِ فِي الدِّمَاغِ كَمُرُورِهِ عَلَى سَطْحِ الْجِسْمِ لَا يَحْصُلُ غِذَاءٌ وَلَوْ وَصَلَ لِلْجَوْفِ وَكَانَ مُسْتَهْلَكًا (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ لَا يُنْهَى عَنِ الْغِيلَةِ وَهِيَ وَطْءُ الْمَرْأَةِ الْمُرْضِعَةِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الصَّحِيحِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَنْهَى عَنِ الْغِيلَةِ حَتَّى ذَكَرْتُ أَنَّ الرُّومَ وَفَارِسَ يَصْنَعُونَ ذَلِكَ فَلَا يَضُرُّ أَوْلَادَهُمْ وَقِيلَ هِيَ إِرْضَاعُ لَبَنِ الْحَامِلِ عَلَى الصَّبِيِّ وَالْمُتَوَقَّعُ مِنَ الْفَسَادِ إِضْعَافُ الْمَنِيِّ اللَّبَنَ لِمُشَارَكَةِ الرَّحِمِ الثَّدْيَ فِي الْمَجَارِي وَلِذَلِكَ تَتَحَرَّكُ شَهْوَةُ النِّسَاءِ بِمَسْكِ الثَّدْيِ وَإِنَّ الْحَمْلَ يَمْنَعُ الْحَيْضَ فَيَنْحَصِرُ فِي الْجَسَدِ فَيَفْسُدُ اللَّبَنُ وَلَمْ يَشْتَرِطْ عَبْدُ الْمَلِكِ الْإِنْزَالَ وَلَعَلَّهُ اكْتَفَى بِمَنِيِّ الْمَرْأَةِ (فَرْعٌ) قَالَ إِذا درت مَا لَا يُحَرَّمُ وَإِنَّمَا يُحَرَّمُ اللَّبَنُ الْمُغَذِّي

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا اسْتُهْلِكَ اللَّبَنُ أَوْ صَارَ مَغْلُوبًا بِطَعَامٍ أَوْ دَوَاءٍ لَمْ يُحَرَّمْ وَقَالَهُ ش لِأَنَّ الْحُكْمَ فِي الْحُكْمِ لِلْغَالِبِ وَقَالَهُ ح فِي الْمَغْلُوبِ بِالْمَاءِ وَالْمُخْتَلِطِ بِالطَّعَامِ إِنْ كَانَ اللَّبَنُ غَالِبًا لِأَنَّ الطَّعَامَ أَصْلُ اللَّبن وَاللَّبن تَابع والهواء كَالْمَاءِ عِنْدَهُ وَإِذَا اخْتَلَطَ عِنْدَهُ لَبَنُ الْمَرْأَتَيْنِ تَعَلَّقَ التَّحْرِيمُ بِأَغْلَبِهِمَا وَيَشْهَدُ لَنَا أَنَّ النُّقْطَةَ مِنَ الْخَمْرِ لَا يُحَدُّ عَلَيْهَا إِذَا اسْتُهْلِكَتْ مُطلقًا قَالَ ابْن يُونُس وَقَالَ مطرف تحرم لحُصُول الإغتداء بِتِلْكَ الْأَجْزَاءِ وَإِنِ اخْتَلَطَتْ بِغَيْرِهَا وَالنُّقْطَةُ مِنَ الْخَمْرِ إِذَا اخْتَلَطَتْ لَا تُسْكِرُ وَلَا تَصْلُحُ لِلْإِسْكَارِ مَعَ أَمْثَالِهَا فَظَهَرَ الْفَرْقُ قَاعِدَةٌ إِذَا نَصَبَ الشَّرْعُ سَبَبًا لِاشْتِمَالِهِ عَلَى حِكْمَةٍ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَى عَيْنِ السَّبَبِ لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَنْصِبْ غَيْرَهُ وَيَجُوزُ اعْتِبَارُ الْحِكْمَةِ لِأَنَّهَا أَصْلُ وَضْعِ السَّبَبِ وَالْأَصْلُ أَقْوَى مِنَ الْفَرْع كَمَا شرع السّرقَة سَببا فِي الْقطع لحكمة صون الْأَمْوَال وَالزِّنَا سَببا للحد لحكمة صون الْأَنْسَاب وَهَا هُنَا شَرَعَ الرَّضَاعَ سَبَبًا لِلتَّحْرِيمِ لِحِكْمَةِ كَوْنِهِ يُغَذِّي حَتَّى يَصِيرَ جُزْءُ الْمَرْأَةِ الَّذِي هُوَ لَبَنُهَا جُزْءَ الْمُرْضَعِ كَمَا يَصِيرُ مَنِيُّهَا وَطَمْثُهَا جُزْءًا مِنَ الْوَلَدِ فِي النَّسَبِ فَإِذَا حَصَلَتِ الْمُشَارَكَةُ حَصَلَتِ الْبُنُوَّةُ فَإِذَا اسْتُهْلِكَ اللَّبَنُ عُدِمَ مَا يُسَمَّى رَضَاعًا وَلَبَنًا وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا الْحِكْمَةُ فَهَلْ تُعْتَبَرُ أَمْ لَا هَذَا مَنْشَأُ الْخِلَافِ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُ مِنَ الْأَصْحَابِ اللَّبَنُ الْمُسْتَهْلك لَا يغذي وَلَيْسَ كَذَلِك لِأَن لبن الْحَيَوَان يحصل آخر

(فرع)

الْغذَاء مِمَّا خالطهما فِي جَوْفِهِ وَإِنْ قَلَّتْ وَكَثُرَ الْمُخَالِطُ وَذَلِكَ مَعْلُوم عِنْد الْأَطِبَّاء وَيدل على عدم اعْتِبَاره هَذِهِ الْحِكْمَةَ إِذَا انْفَرَدَتْ أَنَّ الْحُرْمَةَ لَا تقع بدمها وَلَا لَحمهَا وَإِن أغذيا الْوَلَد إِجْمَاعًا وَإِن الْكَبِير يغذى بِاللَّبَنِ وَلَا يُحَرِّمُهُ وَعَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ يَتَخَرَّجُ إِرْضَاع الذُّكُور ورضاع الْكَبِيرِ وَالْحُقْنَةُ وَالسَّعُوطُ وَالْكُحْلُ وَكَثِيرٌ مِنَ الْفُرُوعِ فَتَأَمَّلْهَا بِفِكْرٍ حَسَنٍ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ كَرِهَ لَبَنَ الْمَجُوسِيَّةِ وَالْكِتَابِيَّةِ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيمٍ لِتَوَلُّدِهُ عَلَى الْخِنْزِيرِ وَالْخَمْرِ وَقَدْ تُطْعِمُهُ ذَلِكَ خُفْيَةً وَنَهَى عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنِ اسْتِرْضَاعِ الْفَاجِرَةِ وَقَالَ اتَّقوا إِرْضَاع الحمقاء فَإِنَّهُ يغذي الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي إِثْبَاتِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا اتَّفَقَ الزَّوْجَانِ عَلَيْهِ انْدَفَعَ النِّكَاحُ وَسَقَطَ الْمَهْرُ إِلَّا أَنْ يَدْخُلَ وَإِنِ ادَّعَاهُ الزَّوْجُ وَأَنْكَرَتِ انْدَفَعَ النِّكَاحُ وَلَا صَدَاقَ إِنْ سُمِعَ مِنْهُ قبل العقد وَإِلَّا فَعَلَيهِ جَمِيع الصَّدَاقِ لِأَنَّ اعْتِرَافَ الْإِنْسَانِ لَا يُسْمَعُ عَلَى غَيْرِهِ وَإِنِ ادَّعَتْ هِيَ وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ لَمْ يَنْدَفِعْ إِلَّا أَنْ يَشْهَدَ بِسَمَاعِ ذَلِكَ مِنْهَا قبل العقد وَلَا يقدر على

طَلَبِ الْمَهْرِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ دَخَلَ بِهَا مُؤَاخَذَةً لَهَا بِإِقْرَارِهَا وَإِقْرَارُ أَبَوَيِ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ النِّكَاحِ كَإِقْرَارِهِمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ لِأَنَّ لَهُمَا مَدْخَلًا فِي الْعَقْدِ فَيُؤَاخَذَانِ بِإِقْرَارِهِمَا وَأَمَّا بعد النِّكَاح فَلَا إِلَّا أَن يتنزه عَنْهَا لِأَنَّهُ إِقْرَارٌ عَلَى الْغَيْرِ حِينَئِذٍ وَيُتَّهَمَانِ فِي إِسْقَاطِ الْمَهْرِ بِالْفَسْخِ وَأَمَّا الشَّهَادَةُ فَتَثْبُتُ بِشَاهِدَيْنِ وَقَالَ ش لَا بُدَّ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ وَقَالَ ح لَا بُدَّ مِنْ رَجُلَيْنِ أَو رجل وَامْرَأَتَيْنِ وَلَا تستقل بِهِ النِّسَاءُ وَيَثْبُتُ عِنْدَنَا بِامْرَأَتَيْنِ إِنْ فَشَا ذَلِك من قَوْلهمَا حَتَّى يكون بِشَهَادَة سَمَاعٍ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ مِنْ أَحْكَامِ الْأَبْدَانِ لَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ وَقَالَهُ مُطَرِّفٌ فِي الرجل وَالْمَرْأَة وَاحِدَةٌ وَإِنْ قَامَا حِينَ الْعِلْمِ بِالنِّكَاحِ إِذْ لَا يُتَّهَمَانِ جَعَلَهُ مِنْ بَابِ الرِّوَايَةِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَعَلَيْهِ جَمَاعَةُ النَّاسِ وَأُمُّ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ قِيلَ كَالْأَجْنَبِيَّةِ وَقِيلَ أَرْفَعُ مِنْهَا لِاخْتِصَاصِهَا بالاطلاع ولنفي التُّهْمَة وَكَذَلِكَ أَبُو الزَّوْج أَو الزَّوْجَة هَل هُوَ كَالْأَجْنَبِيِّ إِذَا لَمْ يَتَوَلَّ الْعَقْدَ أَمْ لَا فَإِنْ تَوَلَّاهُ فَهُوَ كَأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ فَإِنْ أُجْبِرَ ثُمَّ تَوَلَّاهُ فُسِخَ فَإِنْ أُخِّرَ حَتَّى كَبُرَ الْوَلَدُ وَصَارَتِ الْوِلَايَةُ إِلَيْهِ فَهَلْ يُفْسَخُ نَظَرًا لتوليه أم لَا يفْسخ وَيكون شَاهِدًا نَظَرًا لِفَسْخِ وِلَايَتِهِ خِلَافٌ وَابْنُ حَنْبَلٍ لم يفرق فَيُسْتَحَب وَفِي الْكِتَابِ اعْتِرَافُ الْأَبِ يُؤَاخَذُ بِهِ فَيُفْسَخُ الْعَقْدُ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَلَوِ اشْتَرَى جَارِيَةً أَوْ أَرَادَ شِرَاءَهَا أَوْ خَطَبَ امْرَأَةً فَقَالَ الْأَبُ قَدْ تَزَوَّجَتِ الْحُرَّةُ أَوْ وطِئت الْأمة لَا يقبل قَوْله لِأَنَّهُ لَيْسَ مُقِرًّا عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَكَذَلِكَ الْأُمُّ وَإِنْ فَشَا مِنْ قَوْلِهَا قَبْلَ الْعَقْدِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ عَاقِدَةً قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْكَاتِبِ إِذَا أَقَرَّتِ الْمَرْأَةُ بِالرَّضَاعِ وَصَدَّقَهَا

رَجَعَ عَلَيْهَا بِالصَّدَاقِ إِلَّا رُبُعَ دِينَارٍ كَالْغَارَةِ فِي الْعدة وَإِن لَمْ يُصَدِّقْهَا لَمْ يُسْمَعْ مِنْهَا لِأَنَّهَا تُتَّهَمُ عَلَى فِرَاقِهِ وَإِنْ صَدَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ لَمْ يتْرك لَهَا شَيْئا نَظَائِرُ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ يَشْهَدُ بِالسَّمَاعِ فِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ مَوْضِعًا الرَّضَاعُ وَالْحَمْلُ وَالْحَبْسُ وَالنَّسَبُ وَالْوَلَاءُ وَهَلْ يُقْضَى بِالْمَالِ فَقَطْ أَوْ بِالنَّسَبِ قَوْلَانِ وَالْمَوْتُ وَالنِّكَاحُ وَتَوْلِيَةُ الْقَاضِي وَعَزْلُهُ وَالْوَصِيَّةُ وترشيد السَّفِيه واليتيم والولادة وَالضَّرَر زَادَ الْعَبْدِيُّ مَا تَقَادَمَ عَهْدُهُ مِنَ الْأَشْرِيَةِ وَالْعَدَالَة والجرحة وَالْإِسْلَامِ وَالْكُفْرِ وَأَنَّ فُلَانًا وَصِيٌّ زَادَ ابْنُ بَشِيرٍ الصَّدَقَاتُ الْمُتَقَادِمَةُ وَالْحِيَازَاتُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالْقِسْمَةُ وَقَالَ هِيَ ثَلَاث وَعِشْرُونَ وَعَدَّ جَمِيعَ مَا تَقَدَّمَ الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِيمَن يحرم مِنْهُ وَفِي الْجَوَاهِر تحرم مِنْهُ أُصُولٌ ثَلَاثَةٌ الْمُرْضِعَةُ فَتَصِيرُ أُمًّا وَزَوْجُهَا فَيَصِيرُ أَبًا وَالصَّبِيُّ فَيَصِيرُ ابْنًا وَالْفُرُوعُ الْمُرَتَّبَةُ عَلَى هَذِهِ الْأُصُولِ كَحُرْمَةِ النَّسَبِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النّسَب مُتَّفق على صِحَّته فَيحرم الرَّاضِعِ أُمَّهَاتُ الْمُرْضِعَةِ بِالنَّسَبِ وَالرَّضَاعِ لِأَنَّهُنَّ جَدَّاتٌ وَأَخَوَاتِهَا نَسَبًا وَرَضَاعًا لِأَنَّهُنَّ خَالَاتٌ وَأَوْلَادَهَا نَسَبًا وَرَضَاعًا لِأَنَّهُنَّ أَخَوَاتٌ وَكَذَلِكَ فُرُوعُ هَذِهِ الْمُحَرَّمَاتِ عَلَى قَانُونِ النَّسَبِ فَلَا يُسْتَثْنَى إِلَّا أَوْلَادُ الْأَعْمَام

(تفريع)

وَالْعَمَّاتُ كَالْقَرَابَاتِ وَلَا تُحَرَّمُ الْمُرْضِعَةُ عَلَى أَبِي الرَّضِيعِ وَلَا أَخِيهِ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ مِنْهَا وَقَالَ غَيره كل مَا حرم من النّسَب حرم مِنَ الرَّضَاعِ إِلَّا أُمَّ ابْنِهِ مِنَ الرَّضَاعِ وَأُخْتَ أَبِيهِ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ مِنْهُمَا وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (تَفْرِيعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا أَرْضَعَتْ صَبِيًّا بَعْدَ فِطَامِ وَلَدِهَا فَهُوَ مَنْ زَوْجِهَا وَكَذَلِكَ لَوْ أَرْضَعَتْهُ وَهِيَ حَامِلٌ أَوْ دَرَّتْ مِنْ غَيْرِ حَمْلٍ وَهِيَ مُتَزَوِّجَةٌ لِأَنَّ اللَّبَنَ بِسَبَبِ وَطْءِ الزَّوْجِ وَلَوِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَهِيَ تُرْضِعُ فَحَمَلَتْ مِنَ الثَّانِي فَأَرْضَعَتْ صَبِيًّا فَهُوَ ابْنٌ لَهُمَا قَالَ اللَّخْمِيُّ اللَّبَنُ يَكُونُ لِلْفَحْلِ بِثَلَاثَةِ أَسْبَابٍ أَنْ يُوجِدَهُ أَوْ يُكَثِّرَهُ أَوْ يُبَاشِرَ مَنِيُّهُ الْوَلَدَ فِي الْبَطْنِ وَإِذَا أَصَابَهَا وَهِيَ ذَاتُ لَبَنٍ مِنْ غَيْرِهِ ثُمَّ أَمْسَكَ عَنْهَا حَتَّى عَاد البن إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ سَقَطَ حُكْمُ الْوَطْءِ قَالَ مَالِكٌ وَإِذَا وَطِئَ أَمَةً حَامِلًا مِنْ غَيْرِهِ وَقَعَتِ الْحُرْمَةُ بِالْوَطْءِ وَيُعْتَقُ ذَلِكَ الْوَلَدُ عَلَى الْوَاطِئِ بِالسِّرَايَةِ لِأَنَّهُ ابْنُهُ وَلَمْ يُوجِبْ سَحْنُونٌ الْعِتْقَ وَإِنْ وَلَدَتْ جَارِيَةً لَمْ تَحِلَّ لَهُ لِأَنَّهَا ابْنَتُهُ وَإِذَا أَصَابَ أَمَةً رَجُلَانِ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَأَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ بِأَحَدِهِمَا وَقَعَتِ الْحُرْمَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْآخَرِ قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَإِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً فِي الْعِدَّةِ فَأَصَابَهَا قَبْلَ حَيْضَةٍ أَوْ أَصَابَ أَمَةً قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ فَحَدَثَ لَهَا لَبَنٌ صَارَتِ الْحُرْمَةُ لِلْوَاطِئِ الثَّانِي وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ فِي هَذَيْنِ لَا حُكْمَ لِلثَّانِي تَغْلِيبًا لِلْأَصْلِ وَفِي الْأَمَةِ تُلْحِقُ الْقَافَةُ الْوَلَدَ بِأَحَدِهِمَا تَسْقُطُ أُبُوَّةُ الْآخَرِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَبَنُ الْمُرْضِعَةِ بِلَبَنِ الزِّنَا يُعْتَبَرُ فِي حَقِّهَا دُونَ الزَّانِي لِسُقُوطِ نَسَبِهِ الَّذِي هُوَ أَصْلُ الرَّضَاعِ وَلَبَنُ الْمُلَاعَنَةِ يُحَرِّمُ الرَّجُلَ وَالْمَرْأَةَ

(فرع)

لِقَبُولِهِ الِاسْتِلْحَاقَ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ اللَّبَنُ فِي الْوَطْءِ بِالْعَقْدِ الْفَاسِدِ وَبِالزِّنَا يُحَرِّمُ مِنَ الطَّرَفَيْنِ لِأَنَّهُ لَبَنُ الرَّجُلِ وَقَدْ كَانَ مَالِكٌ يَرَى أَنَّ كُلَّ وَطْءٍ لَا يَلْحَقُ فِيهِ الْوَلَدُ لَا يحرم لبنه للفحل إِلْحَاقًا لِلرَّضَاعِ بِالنَّسَبِ ثُمَّ قَالَ يَحْرُمُ نَظَرًا لِوُجُودِ اللَّبَنِ وَالْعَمُّ مِنَ الرَّضَاعِ لَا يُحَرِّمُ أَخُوهُ مِنَ النَّسَبِ وَلَا الرَّضَاعِ كَمَا لَا يحرم أُخْتَ مَنْ أَرْضَعَتْهُ الْأُمُّ لِانْقِطَاعِ النَّسَبِ بَيْنَ الْجَنِينَيْنِ وَكَذَلِكَ أُخْتُ أَخِ النَّسَبِ مِنَ الرَّضَاعِ وَيُحَرِّمُ الْجَمْعَ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا مِنَ الرَّضَاعِ كَالنَّسَبِ وَلَوْ تَزَوَّجَ صَغِيرَتَيْنِ فَأَرْضَعَتْهُمَا كَبِيرَةٌ اخْتَارَ وَاحِدَةً وَفَارَقَ الْأُخْرَى وَلَا يَفْسَدُ الْعَقْدُ كَمَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ لِانْعِقَادِهِ صَحِيحًا فَإِنْ كُنَّ أَرْبَعًا فَأَرْضَعَتْ وَاحِدَةً ثُمَّ أُخْرَى فَاخْتَارَ الثَّانِيَة ثمَّ أرضعت ثَالِثَة اخْتَار أَيْضًا فَإِنْ فَارَقَ الثَّالِثَةَ فَأَرْضَعَتْ رَابِعَةً حَبَسَ الثَّالِثَةَ إِنْ شَاءَ أَوِ الرَّابِعَةَ وَفَارَقَ الْأُخْرَى فَإِنْ أَرْضَعَتْهُنَّ كُلَّهُنَّ فَلَهُ اخْتِيَارُ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ وَلَا يرى ابْن الْقَاسِم الْمُفَارَقَةِ صَدَاقًا لِأَنَّهُ فَسْخٌ قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَهَا ثَمَنُ صَدَاقِهَا لِأَنَّهُ لَوْ فَارَقَهُنَّ كَانَ لَهُ نِصْفُ الصَّدَاقِ بَيْنَهُنَّ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُعْطِي كُلَّ مُفَارَقَةٍ نِصْفَ صَدَاقِهَا لِأَنَّهُ مُخْتَارٌ وَلَيْسَ كَالْفَسْخِ وَاخْتِيَارُهُ فَسْخٌ بِغَيْرِ طَلَاقٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِم لعدم الصَدَاق عِنْده وبطلاق عِنْدَ غَيْرِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُرْضِعَةِ لَهُنَّ وَإِنْ تَعَدَّتْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِعَدَمِ وُجُوبِ شَيْءٍ عَلَى الزَّوْجِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُطَلِّقٍ وَعَلَيْهَا لِلزَّوْجِ مَا غَرِمَ كَالرُّجُوعِ عَلَى الشَّاهِدِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ لِلْمُفَارَقَةِ صَدَاقٌ (فَرْعٌ) قَالَ لَوْ مَاتَ الزَّوْجُ قَبْلَ اخْتِيَارِهِ فَصَدَاقٌ وَاحِدٌ لِلْجَمِيعِ وَتَتَّفِقُ الْأَقْوَالُ كُلُّهَا لِثُبُوتِ نِكَاحِ وَاحِدَةٍ فَيَقَعُ التَّدَاعِي فِي صَدَاقِهَا قَالَ ابْنُ

(فرع)

حبيب وَكَذَلِكَ الْمَجُوسِيّ يسلم عَن عَشْرِ نِسْوَةٍ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَيَخْتَارُ أَرْبَعًا فَيُعْطِي كُلَّ مُفَارَقَةٍ نِصْفَ صَدَاقِهَا (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا تَزَوَّجَ كَبِيرَةً وَرَضِيعَتَيْنِ فِي عَقْدٍ وَسَمَّى لكل وَاحِدَة صَدَاقهَا فأرضعت الْكَبِيرَة أحديهما قَبْلَ الْبِنَاءِ فَالْكَبِيرَةُ فِي عِصْمَتِهِ أَوْ بَعْدَ فِرَاقِهَا حُرِّمَتْ لِلْأَبَدِ لِأَنَّهَا أُمُّ نِسَائِهِ دُونَهُنَّ لعدم الدُّخُول وَالصَّغِيرَة وَهن ربائب بعد بنائِهِ بهَا فلهَا الصَّدَاقُ وَحُرِّمَتِ الصَّغِيرَةُ مَعَهَا بِغَيْرِ صَدَاقٍ فَإِنْ فَارَقَ الْكَبِيرَةَ بَعْدَ أَنْ مَسَّهَا أَوِ الْتَذَّ بهَا فَتَزَوَّجَ صَغِيرَةً بَعْدَ عِشْرِينَ سَنَةً فَأَرْضَعَتْهَا حُرِّمَتِ الصَّغِيرَة وَلَو أَرْضعهَا أهل الأَرْض حر من عَلَيْهِ لِأَنَّهُنَّ أُمَّهَاتُ نِسَائِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا غُرْمَ عَلَى الْمُرْضِعَةِ عَلَى الْمَنْصُوصِ وَاسْتَقَرَّ اللَّخْمِيُّ الْغرم على المتعدية فَلَو ارتضعت نَائِمَة لأغرم عَلَيْهَا قَوْلًا وَاحِدًا (فَرْعٌ) قَالَ لَوْ تَزَوَّجَتِ الْمُطَلَّقَةُ صَغِيرًا فَأَرْضَعَتْهُ حُرِّمَتْ عَلَى المُطلِّقِ لِأَنَّهَا صَارَتِ امْرَأَةَ ابْنِهِ وَكَذَلِكَ الْمُسْتَوْلِدَةُ

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ إِذَا تَزَوَّجَ رَجُلَانِ كَبِيرَةً وَأُخْرَى رَضِيعَةً ثُمَّ تَزَوَّجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا امْرَأَةَ الْآخَرِ فَأَرْضَعَتِ الْكَبِيرَةُ الصَّغِيرَةَ حُرِّمَتِ الْكَبِيرَةُ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهَا أُمُّ الصَّغِيرَةِ الَّتِي كَانَتِ امْرَأَتَهُمَا وَالصَّغِيرَةُ ربيبته فَينْظر أَدخل بِالْكَبِيرَةِ أَمْ لَا (فَرْعٌ) قَالَ تَحْتَهُ امْرَأَتَانِ أَرْضَعَتِ الْكَبِيرَةُ بِلَبَنِهَا الصَّغِيرَةَ حُرِّمَتَا لِأَنَّ الْكَبِيرَةَ أُمُّ امْرَأَتِهِ وَالصَّغِيرَةَ ابْنَتُهُ فَإِنْ كَانَ اللَّبَنُ لِغَيْرِهِ فَالصَّغِيرَةُ رَبِيبَتُهُ إِنْ دَخَلَ بِالْكَبِيرَةِ حُرِّمَتَا وَإِلَّا فَالْكَبِيرَةُ وَحْدَهَا فَلَوْ كَانَ مَعَ الْكَبِيرَةِ ثَلَاثُ صَغَائِرَ فَأَوْجَرْنَ لَبَنَهَا مِنْ غَيْرِهِ دُفْعَةً وَاحِدَةً وَهِيَ مَدْخُولٌ بِهَا حُرِّمْنَ مَعَ الْكَبِيرَةِ أَوْ غَيْرُ مَدْخُولٍ بِهَا حُرِّمَتْ وَحُرِّمَ الْجَمِيعُ بَيْنَهُنَّ وَإِنْ كَانَ اللَّبَنُ لَهُ حُرِّمَ الْجَمِيعُ دَخَلَ أَمْ لَا لِأَنَّهُنَّ بَنَاتٌ لَا رَبَائِبُ فَلَوْ كَانَ لِلْكَبِيرَةِ ثَلَاثُ بَنَاتٍ أَرْضَعَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ صَغِيرَةً فَالْكَبِيرَةُ جَدَّةُ الصِّغَارِ وَحُرِّمَتْ وَالصِّغَارُ ربائب (الْمَانِعُ الرَّابِعُ اللِّعَانُ) وَاللِّعَانُ فِي اللُّغَةِ الْبُعْدُ سميت هَذِه الْأَيْمَان لعانا إِمَّا لِذِكْرِ اللَّعْنَةِ مَعَهَا وَإِمَّا لِبُعْدِ الزَّوْجَيْنِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مِنَ الِائْتِلَافِ بِالزَّوْجِيَّةِ وَوُدِّهَا وَإِمَّا لِأَنَّهَا مُحرمَة عَلَيْهِ لِلْأَبَد وَهُوَ بعد

وَيَتَمَهَّدُ هَذَا الْمَانِعُ بِالْبَحْثِ عَنِ السَّبَبِ الْمُبِيحِ لِلْقَذْفِ ثُمَّ عَنْ حَقِيقَةِ مَا يُوجِبُ اللِّعَانَ مِنْهُ ثُمَّ بَيَانِ الْمُلَاعَنِ وَالْمُلَاعَنَةِ وَصِفَةِ اللِّعَانِ وثمرته فَهَذِهِ سِتَّةُ أَبْحَاثٍ الْبَحْثُ الْأَوَّلُ فِي الْأَسْبَابِ الْمُبِيحَةِ لِلْقَذْفِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ السَّبَبُ الْأَوَّلُ الدَّفْعُ عَنِ النّسَب لَيْلًا يخْتَلط بِهِ غَيره فيزوج غَيْرُ الْوَلِيِّ وَيَحْجُبَ غَيْرُ الْوَارِثِ وَيُخَالِطَ غَيْرُ الْقَرِيبِ وَتَنْتَشِرَ هَذِهِ الْمَفَاسِدُ فِي الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ وَفِي الْجَوَاهِرِ اللِّعَانُ لِذَلِكَ وَاجِبٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ سَبْعَةُ أَقْسَامٍ أَرْبَعَةٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا إِذَا اجْتَمَعَ الِاسْتِبْرَاءُ وَالرُّؤْيَةُ وَأَتَى بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنَ الرُّؤْيَةِ وَبَعِيدٌ بِالْأَمَدِ دُونَ رُؤْيَةٍ وَلَا اسْتِبْرَاءٍ فَيَقُولُ لَمْ أُصِبْهَا مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ أَوْ خَمْسٍ أَوْ سَبْعٍ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَكْثَرِ مُدَّةِ الْحَمْلِ الَّذِي يَلْحَقُ فِيهِ الْوَلَدُ أَوْ يَقُولُ لَمْ أُصِبْهَا بَعْدَ الْوَضْعِ أَوْ يَقُول لم تَلد بِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا قَالَ لَمْ تَلِدْ بِهِ وَلَمْ يَكُنْ رَأَى مِنْهَا حَمْلًا حَتَّى وَضَعَتْهُ إِنْ لَمْ يَنْتَفِ مِنْهَا لَاعَنَ وَإِنْ قَالَ هُوَ وَلَدِي وَلَمْ تَلِدْ بِهِ لَحِقَ بِهِ مِنْ غَيْرِ لِعَانٍ وَبَقِيَتْ زَوْجَةً لِأَنَّهُ لَمْ يَقْذِفْهَا فالمختلف فِيهَا الِاسْتِبْرَاءُ بِانْفِرَادِهِ وَالرُّؤْيَةُ بِانْفِرَادِهَا وَإِذَا كَانَتْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ عِنْدَ الرُّؤْيَةِ أَوْ لَمْ تَكُنْ ظَاهِرَةً وَأَتَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَإِذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ نَفْيِهِ بِالرُّؤْيَةِ بِانْفِرَادِهَا أَوِ الِاسْتِبْرَاءِ بِانْفِرَادِهِ لَمْ يُحَدَّ لِأَنَّهُ يَقُولُ ظَنَنْتُهُ دَلِيلًا عَلَى النَّفْيِ مِنِّي وَالْحَدُّ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ

فرع

(فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيّ قَالَ ابْن الْقَاسِم وش الْقيام بِالْوَلَدِ عَلَى الْفَوْرِ عِنْدَ الْعِلْمِ بِهِ فَإِنْ سَكَتَ بَطَلَ قِيَامُهُ لِأَنَّ سُكُوتَهُ إِقْرَارٌ وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ إِذَا قَالَ رَجَوْتُ أَنْ يَكُونَ رِبْحًا لَهُ الْمُلَاعنَة إِذا لم تجاور ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بَعْدَ الْوَضْعِ أَوْ يَظْهَرْ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا مِثْلَ قَبُولِ التَّهْنِئَةِ قَبْلَ الثَّلَاثِ وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ حَدِيثُ الْمُصَرَّاةِ وَإِذَا لَاعَنَ لِلرُّؤْيَةِ ثُمَّ ظَهَرَ حَمْلٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَكْفِي اللِّعَانُ الْأَوَّلُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُلَاعِنُ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يَكُنْ لِلْوَلَدِ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَسْأَلَ عَنِ الِاسْتِبْرَاءِ وَهُوَ يَرْجِعُ إِلَى الْخِلَافِ فِي جَوَازِ الِاقْتِصَارِ عَلَى قَوْلِهِ فِي النَّفْيِ زَنَتْ فَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ فِي اللِّعَانِ الثَّانِي لَحِقَ بِهِ وَلَمْ يُحَدَّ لِإِسْقَاطِ اللِّعَانِ الْأَوَّلِ الْحَدَّ إِلَّا عَلَى قَوْلِ عَبْدِ الْوَهَّابِ إِنَّ أَصْلَ اللِّعَانِ لِنَفْيِ النَّسَبِ وَسُقُوطُ الْحَدِّ تَبَعٌ وَفِي الْإِكْمَالِ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ لَا يَنْفِي الْحَمْلَ إِلَّا بَعْدَ الْوَضْعِ وَقَالَ ش يُلَاعِنُ بِالْقَذْفِ الْمُجَرَّدِ عَنْ رُؤْيَا الزِّنَا وَفِي نَفْيِ الْحَمْلِ لِمَالِكٍ قَوْلَانِ فِي ذَلِكَ (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ إِنَّمَا يَحْتَاجُ إِلَى اللِّعَانِ إِذَا أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ مِنَ الزَّوْجِ أَمَّا إِذَا لَمْ يُمْكِنْ إِمَّا لِقِصَرِ الْمُدَّةِ عَنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ لِطُولِ الْمسَافَة بَين الزَّوْجَيْنِ أَو لصباء الزَّوْجَيْنِ أَو لصباء الزَّوْج أَوْ لَا يُولَدُ لَهُ فَلَا يُلَاعِنُ وَيَلْحَقُ الْوَلَدُ لِبَاقِي الْأُنْثَيَيْنِ إِنْ كَانَ يُولَدُ لِمِثْلِهِ فِي الْعَادة بِخِلَاف

(فرع)

مَا فِي الذَّكَرِ إِلَّا أَنْ يُولَدَ لِمِثْلِهِ عَادَةً وَالْإِقْرَارُ بِالْوَطْءِ بَيْنَ الْفَخْذَيْنِ مَعَ الْإِنْزَالِ يُلْحِقُ الْوَلَدَ وَلَا يُلَاعِنُ لَهُ وَلَوْ وَطِئَ أَمَتَهُ ثُمَّ امْرَأَته قبل قَوْله واستل عَنْهَا لَحِقَ الْوَلَدُ وَلَا لِعَانَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ فِي إِحْلِيلِهِ مِنَ الْأَوَّلِ مَاءٌ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ إِذَا كَانَ الْخَصِيُّ وَالْمَجْبُوبُ يُنْزِلَانِ لَاعَنَا وَيُلَاعِنُ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْعِنِّينُ فِي الرُّؤْيَةِ وَنَفْيِ الْحَمْلِ لِوُجُودِ الْإِمْكَانِ (فَرْعٌ) فِي الْجُلَّابِ إِذَا أَقَرَّ بِحَمْلِهَا ثُمَّ ادَّعَى رُؤْيَةَ الزِّنَا فَثَلَاثُ رِوَايَاتٍ يُحَدُّ وَيَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ وَلَا يُلَاعِنُ لإِقْرَاره بِالْحَمْلِ وَهُوَ سَبَبُ أَصْلِ مَشْرُوعِيَّةِ اللِّعَانِ وَيُلَاعِنُ وَيَنْتَفِي عَنْهُ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ قَدْ يَكُونُ عَنْ ظَنٍّ كَاذِبٍ وَيَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ لِإِقْرَارِهِ وَيُلَاعِنُ لدرء الْحَد كَمَا يُلَاعن لَوْ رَمَى مَنْ لَا تَلِدُ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا مَاتَتْ فِي غَيْبَتِهِ بَعْدَ الْوِلَادَةِ فَلَهُ نَفْيُهُ بَعْدَ مَوْتِهَا حِفْظًا لِلنَّسَبِ وَيَرِثُهَا السَّبَبُ الثَّانِي التَّشَفِّي بِانْفِرَادِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهَا حَمْلٌ إِذَا تَيَقَّنَ الزِّنَا وَفِي الْجَوَاهِرِ يُبَاحُ لَهُ عِنْدَ ذَلِكَ وَلَا يَجُوزُ اعْتِمَادُهُ عَلَى الْعَزْل

السَّبَبُ الثَّالِثُ فِي الْجَوَاهِرِ دَفْعُ الْعُقُوبَةِ عَنْ نَفسه سَوَاء كَانَت حَدًّا أَوْ تَعْزِيرًا الْبَحْثُ الثَّانِي فِي الْقَذْفِ الْمُوجب للعان وَالْأَصْلُ فِي الْقَذْفِ التَّحْرِيمُ وَإِيجَابُ الْحَدِّ كَمَا هُوَ فِي الْأَجْنَبِيِّ وَإِنَّمَا أُبِيحَ لِلزَّوْجِ لِضَرُورَةِ حفظ النّسَب وشفاء الصُّدُورِ وَلَمَّا خَرَجَ مِنْ حَيِّزِ التَّحْرِيمِ لَمْ يُنَاسِبِ الْعُقُوبَةَ بِالْجَلْدِ مُطْلَقًا بَلْ عِنْدَ عَدَمِ ظُهُورِ الْغَرَضِ الصَّحِيحِ وَجُعِلَ لَهُ مَخْلَصٌ بِالْأَيْمَانِ الْمُبَاحَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَربع شَهَادَات بِاللَّه إِنَّه لمن الصَّادِقين وَالْخَامِسَة أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّه إِنَّه لمن الْكَاذِبين وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} النُّور 6 تَفْرِيعٌ فِي الْكِتَابِ يَجِبُ اللِّعَانُ بِاثْنَيْنِ مُتَّفَقٍ عَلَيْهِمَا رُؤْيَةِ الزِّنَا كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ وَنَفْيِ حَمْلٍ يُدَّعَى قَبْلَهُ الِاسْتِبْرَاءُ أَو وَاحِد مُخْتَلَفٍ فِيهِ وَهُوَ قَذْفُهَا مِنْ غَيْرِ دَعْوَى رُؤْيَةٍ وَلَا نَفْيِ حَمْلٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَكثر الرِّوَايَات عَلَى أَنَّهُ يُحَدُّ وَلَا يُلَاعِنُ لِأَنَّ الْأَيْمَانَ إِنَّمَا تَنَزَّلَتْ مَنْزِلَةَ الْبَيِّنَةِ فِي دَرْءِ الْحَدِّ عَنْهُ وَتَوَجُّهِهِ عَلَيْهَا وَالسَّنَدُ لَا بُدَّ أَنْ يَصِفَ وَلَا يَقْتَصِرَ عَلَى مُجَرَّدِ الْقَذْفِ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ قَوْلَانِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يَكْفِي فِي دَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ حَيْضَةٌ لِحُصُولِ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ بِهَا قَالَه مَالك وَأَصْحَابه إِلَّا عبد الْملك اشْترط ثَلَاثًا وَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ وَقِيلَ لَا يَحْتَاجُ إِلَى صِفَةِ الرُّؤْيَةِ لِأَنَّ الْآيَةَ لَمْ تَشْتَرِطْهَا وَالْفَرْقُ أَنَّهُ مُحْتَاجٌ لِحِفْظِ نَسَبِهِ وَلَا حَاجَةَ لِلشُّهُودِ فَغَلَّظَ عَلَيْهِمْ

طَلَبًا لِلسَّتْرِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا وَلَدَتْ مَيِّتًا أَوْ مَاتَ بَعْدَ الْوِلَادَةِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ لِغَيْبَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَنَفَاهُ لَاعَنَ لِأَنَّهُ قَاذِفٌ وَإِذَا زَنَتْ فَحُدَّتْ ثُمَّ قَالَ رَأَيْتُهَا تَزْنِي وَلَمْ يَقْذِفْهَا بِالزِّنَا الْأَوَّلِ الْتَعَنَ لِلتَّشَفِّي أَوْ لِنَفْيِ الْحَمْلِ فَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ لَمْ يُحَدَّ لِأَنَّهُ قَاذِفُ زَانِيَةٍ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَوْ لَاعَنَهَا فَأَبَانَهَا ثُمَّ قَذَفَهَا بِتِلْكَ الزَّنْيَةِ فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ لِاسْتِيفَاءِ مُوجِبِهِ قَبْلَ ذَلِكَ وَقَالَ رَبِيعَةُ يُحَدُّ وَإِنْ قَذَفَهَا بِزَنْيَةٍ أُخْرَى فَإِنْ كَانَتْ لَمْ تُلَاعَنْ وَحُدَّتْ لَمْ يَجِبِ الْحَدُّ لِسُقُوطِ حَصَانَتِهَا بِتِلْكَ الزَّنْيَةِ بِمُوجِبِ لِعَانِهِ وَإِنْ لَاعَنَتْ وَجَبَ الْحَدُّ وَإِنْ قَذَفَهَا أَجْنَبِيٌّ فَأَوْلَى بِالْحَدِّ لِأَنَّ أَثَرَ لِعَانِ الزَّوْجِ لَا يَتَعَدَّى لِغَيْرِهِ قَاعِدَةٌ الْحَصَانَةُ لَا تَعُودُ بِالْعَدَالَةِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا أَوْجَبَ الْحَدَّ فِي الْمُحْصَنَاتِ فَمن ثَبت جِنَايَته بِالزِّنَا ذهبت حصانته وَهَذَا مقَام تزلزل فِيهِ الْفِكر وتضطرب العبر وَكَيف يَصِيرُ الْمَقْذُوفُ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَةِ وَالْعَدَالَةِ وَجَانِبُهُ مَهْضُومٌ وَالزَّنْيَةُ الثَّانِيَةِ الَّتِي رَمَاهُ بِهَا أَوْ رَمَى الْمَرْأَةَ لَمْ يَقُمْ عَلَيْهَا مُصَدِّقٌ لِلرَّامِي وَأي فرق بَين هَذِه الأذية هَا هُنَا وَبَيْنَ أَذِيَّةِ مَنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ زِنًا وَهُمَا مُولِمَانِ مُؤْذِيَانِ لِلرَّمْيِ أَذِيَّةً ظَاهِرُهَا الْكَذِبُ أَمَّا إِذَا رُمِيَ بِالْفِرْيَةِ الْأُولَى فَهُوَ صَادِقٌ فَلَا يَلْحَقُ بِمَحَلِّ الْإِجْمَاعِ بِالْحَدِّ بَلْ فِي التَّعْزِيرِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ يَتَخَرَّجُ عَلَى قَاعِدَةٍ وَهِيَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا نَصَبَ سَبَبًا لِحِكْمَةٍ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ يَجُوزُ تَرْتِيبُ الْحُكْمِ عَلَى تِلْكَ الْحِكْمَةِ حَيْثُ وُجِدَتْ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ فِي اعْتِبَارِ ذَلِكَ السَّبَبِ أَوْ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَنْصِبْهَا وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَهُمْ كَمَا نَصَبَ السَّرِقَةَ سَبَبًا لِلْقَطْعِ لِحِكْمَةِ حِفْظِ الْأَمْوَالِ فَمَنْ أَخَذَ مَالًا بِغَيْرِ السَّرِقَةِ لَا يَجُوزُ قَطْعُهُ وَنَصَبَ الزِّنَا سَبَبًا لِلرَّجْمِ لِحِكْمَةِ حِفْظِ الْأَنْسَابِ فَمَنْ سَعَى فِي لَبْسِهَا بِغَيْر الزِّنَا لَا يجوز

(فرع)

رجمه وَكَذَلِكَ هَا هُنَا شَرَعَ الْقَذْفَ سَبَبًا لِلْحَدِّ لِحِكْمَةِ حِفْظِ الْأَعْرَاضِ وصونا للقلوب عَن الأذيات لَكِن اشْترط فِيهِ الْإِحْصَان من جُمْلَةِ عَدَمِ مُبَاشَرَةِ الزِّنَا فَمَنْ بَاشَرَ فَقَدِ انْتَفَى فِي حَقِّهِ عَدَمُ الْمُبَاشَرَةِ فَإِنَّ النَّقِيضَيْنِ لَا يَصْدُقَانِ وَالْعَدَالَةُ بَعْدَ ذَلِكَ لَا تُنَافِي كَوْنَهُ بَاشَرَ فَإِنْ لَاحَظْنَا الْحِكْمَةَ دُونَ السَّبَبِ كَانَ ذَلِكَ لِحُسْنِ إِيجَابِ الْحَدِّ فَإِنِ اقْتَصَرْنَا عَلَى خُصُوصِ السَّبَبِ لَا يُوجَبُ الْحَدُّ وَيُؤَكِّدُ ذَلِكَ أَنَّ الْحُدُودَ تَعَبُّدِيَّةٌ مِنْ جِهَةِ مَقَادِيرِهَا وَإِنْ كَانَتْ مَعْقُولَةَ الْحِكْمَةِ مِنْ جِهَةِ أُصُولِهَا وَالتَّعَبُّدُ لَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ فَظَهَرَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْأَذِيَّةِ الِاسْتِوَاءُ فِي الْحَدِّ (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ إِنْ قَذَفَهَا أَجْنَبِيَّةً ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَقَذَفَ فَلَاعَنَ انْدَفَعَ الْحَدُّ الثَّانِي وَاسْتَوْفَى الْأَوَّلَ لِأَنَّ اللِّعَانَ لَا يَدْفَعُ قَذْفًا قَبْلَ الزَّوْجِيَّةِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا قَذَفَهَا وَقَدْ كَانَتْ غُصِبَتِ الْتَعَنَ وَقَالَ غَيْرُهُ إِنْ قَذَفَهَا بِغَيْرِ الْغَصْبِ تَلَاعَنَا جَمِيعًا وَإِنْ غُصِبَتْ وَاسْتَمَرَّتْ حَامِلًا لَا يَنْتَفِي إِلَّا بِلِعَانٍ وَلَا تَلْتَعِنُ هِيَ لِأَنَّهَا تَقُولُ إِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْكَ فَمِنَ الْغَاصِبِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ هَذَا إِنْ عُلِمَ الْغَصْبُ بِرُؤْيَتِهَا مُتَعَلِّقَةً تَدْمِي أَوْ غَابَ عَلَيْهَا وَإِنِ انْفَرَدَتْ دَعْوَاهَا فَلَا بُدَّ مِنَ اللِّعَانِ قَالَ مَالِكٌ وَتَقُولُ أَشْهَدُ بِاللَّهِ مَا زَنَيْتُ وَلَقَدْ غُلِبْتُ على نَفسِي

(فرع)

قَالَ مُحَمَّدٌ وَتَقُولُ فِي الْخَامِسَةِ أَنَّ غَضَبَ الله عَلَيْهَا إِن كَانَ من الصَّادِقين وَلَا يسْقط الْحَد عَنْهَا مُوَافَقَةُ الزَّوْجِ لَهَا عَلَى الْغَصْبِ وَإِنْ كَانَ الْحَمْلُ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ تَصْدِيقُ الزَّوْجِ عَلَى الْغَصْبِ لَا يَنْفِي الْوَلَدَ مِنْهُ بِاللِّعَانِ بِخِلَافِ تَصْدِيقِهِ عَلَى الزِّنَا عِنْد ابْن الْقَاسِم لانْتِفَاء التُّهْمَة بتزوجه الْحَدَّ عَلَيْهَا فَصُدِّقَتْ عَلَى قَطْعِ النَّسَبِ وَلَوْ رَجَعَتْ عَنْ إِقْرَارِهَا قَبْلَ الْحَدِّ اسْتَوَى الْمَسْأَلَتَانِ وَتقبل دَعْوَى الْغَصْبِ مِنْ ذَاتِ الزَّوْجِ مِنْ غَيْرِ حَدٍّ فِيمَا ظَهَرَ مَنْ حَمَلٍ لِقُدْرَتِهَا عَلَى الْإِلْحَاق بِالزَّوْجِ بِخِلَاف الغرية إِلَّا أَن تصح وَتَفْضَحَ نَفْسَهَا (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا أَنْكَرَ حَمْلَ امْرَأَتِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ ثُمَّ مَاتَ لَحِقَهُ لِعَدَمِ لِعَانِهِ وَلَهَا الصَّدَاقُ لِأَنَّ الْمَوْتَ يكمله وَلَا يُلَاعن لِأَنَّ سَبَبَ لِعَانِهَا لِعَانُهُ وَلَمْ يُوجَدْ وَتَرِثُ فِي الْكِتَابِ الْقَائِلُ وَجَدْتُهَا مَعَهُ فِي لِحَافٍ أَوْ تَجَرَّدَتْ لَهُ أَوْ ضَاجَعَتْهُ لَمْ يَلْتَعِنْ وَيُؤَدَّبُ إِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ حَتَّى يَصِفَ الْوَطْءَ وَلَمْ يُجْعَلْ هَذَا تَعْرِيضًا بِالْقَذْفِ كَمَا فِي الْأَجْنَبِيِّ لِعُذْرِ الزَّوْجِيَّةِ وَقَالَ ابْنُ الْمُلَاعَنَةِ أَوْ أُمُّهُ يُوجِبُ الْحَدَّ لِقَبُولِ اللِّعَانِ لِلِاسْتِلْحَاقِ وَلَوْ قَذَفَهَا زَوْجُهَا بَعْدَ اللِّعَانِ

(فرع)

حُدَّ قَالَهُ رَبِيعَةٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قِيلَ يحد بِذكر المضاجعة كَمَا لَو قَالَه لأَجْنَبِيّ وَلَو طالبته بذلك فَقَالَ أَجْنَبِي رَأَيْتُهَا تَزْنِي فَلَهُ الْمُلَاعَنَةُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَو قَذفهَا بعد لعان الزَّوْج أخر حَتَّى يلتعن فَيحد أَوَّلًا وَإِلَّا فَلَا لِثُبُوتِ زِنَاهَا وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُؤَخِّرُهُ وَلَوْ قَذَفَهَا قَبْلَ تَمَامِ لِعَانِ الزَّوْج لم يُؤَخر وَإِن أخر لَا يَسْقُطِ الْحَدُّ إِذَا الْتَعَنَتْ وَخَالَفَ مُحَمَّدٌ رَبِيعَةَ فِي حد الزَّوْج لقذفه بَعْدَ اللِّعَانِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا لَاعَنَ لِقَذْفِهِ قَالَ سَحْنُونٌ وَإِذَا قَذَفَهَا بِمُعَيَّنٍ فَحُدَّ لَهُ سَقَطَ اللِّعَانُ وَحَقُّ الزَّوْجَةِ كَقَاذِفِ رَجُلَيْنِ يُحَدُّ لِأَحَدِهِمَا وَإِن طُولِبَ بِاللّعانِ فنكل فتحد سَقَطَ حَدُّ الرَّجُلِ وَفِي الْكِتَابِ الْقَائِلُ رَأَيْتُهَا تَزْنِي بِفُلَانٍ فَيُلَاعِنُ فَتُحَدُّ لِفُلَانٍ لِبَقَاءِ حَقِّهِ وَالْمُنْكِرُ لِلَوْنِ وَلَدِهِ لَا يُلَاعِنُ لِمَا فِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَتَاهُ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ وَإِنِّي أَنْكَرْتُهُ فَقَالَ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ قَالَ نَعَمْ قَالَ مَا لَوْنُهَا قَالَ حُمْرٌ قَالَ هَلْ فِيهَا من أوراق قَالَ نَعَمْ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَأَنَّى هُوَ فَقَالَ لَعَلَّه يَا رَسُول الله يكون نَزعه عرق لَهُ فَقَالَ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهَذَا لَعَلَّهُ يَكُونُ نَزَعَهُ عِرْقٌ لَهُ زَادَ الْبُخَارِيُّ وَلَمْ يُرَخِّصْ لَهُ فِي الِانْتِفَاءِ مِنْهُ وَإِذَا لَمْ يَرْفَعِ الْقَذْف إِلَى الإِمَام فَلَا شَيْءَ فِيهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا قَالَ أَقَرَّتْ عِنْدِي بِالزِّنَا حُدَّ وَلَمْ يُلَاعِنْ لِجَوَازِ حَمْلِ الْإِقْرَارِ عَلَى قَبْلِ الزَّوْجِيَّةِ وَالْأَصْلُ فِي الْقَذْفِ الْحَدُّ وَاللِّعَانُ (فَرْعٌ) وَإِذَا قَالَ لَمْ أَجِدْكِ عَذْرَاءَ لَا يُحَدُّ وَلَا يُلَاعَنُ لِأَنَّ الْعُذْرَةَ تذْهب بالوثبة وَالْحيض والتغييس

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ لَا يَمْنَعُ إِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْقَذْفِ مِنَ اللِّعَانِ وقَوْله تَعَالَى {وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أنفسهم} خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَسَقَطَ مَفْهُومُهُ إِجْمَاعًا وَبِهِ قَالَ ش خِلَافًا لِ ح وَفِي الْكِتَابِ إِذا شهد عَلَيْهِمَا أَرْبَعَة أَحدهمَا زَوْجُهَا لَاعَنَ الزَّوْجُ وَحُدَّ الثَّلَاثَةُ لِرَدِّ شَهَادَتِهِ بِالتُّهْمَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ فَإِنْ رَجَمَهَا الْإِمَامُ ثُمَّ عَلِمَ بِذَلِكَ لَمْ يَحُدَّ الثَّلَاثَةَ لِلْقَضَاءِ بِشَهَادَتِهِمْ وَيُلَاعَنُ الزَّوْجُ لِأَنَّهُ قَذَفَ فَإِنْ نَكَلَ حُدَّ ثُمَّ لَا قِصَاصَ عَلَى الْإِمَامِ لِلْخِلَافِ فِيهِ كَشَهَادَةِ الْعَبْدِ وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ إِذَا عَلِمَ ذَلِكَ قَبْلَ الرَّجْمِ فَعَرَضَ اللِّعَانَ عَلَى الزَّوْجِ فَإِنْ فَعَلَ قِيلَ لَهَا الْتَعِنِي فَإِنْ فَعَلَتْ حُدَّ الثَّلَاثَةُ وَإِلَّا حُدَّتْ دُونَهُمْ لِأَنَّهُ حَقَّ عَلَيْهَا مَا شَهِدُوا بِهِ (فَرْعٌ) قَالَ وَيَكْفِي نِسْبَتُهَا لِوَطْءٍ حَرَامٍ فِي الْقُبُلِ وَالدُّبُرِ فَإِنْ قَذَفَهَا بِأَجْنَبِيٍّ وَذَكَرَهُ فِي اللِّعَانِ لَيْسَ عَلَى الْإِمَامِ إِعْلَامُهُ لِأَنَّهُ يبلغهُ ذَلِك غَالِبا وَرُوِيَ ذَلِك عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي مُسْلِمٍ وَاغْدُ يَا أنيس على مرأة هَذَا فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا وَلَيْسَ السَّتْرُ الْإِعْلَامَ فَإِن الْحُدُود يُؤمر بالستر فِيهَا فَإِنْ قَامَ الْمَقْذُوفُ بِالْحُدُودِ وَحُدَّ لَهُ قَالَ سَحْنُون يسْقط اللّعان لتداخل حُدُود الْقَذْف فَإِن لَمْ يُعَيِّنْ لَمْ يُحَدَّ لِعَدَمِ أَذِيَّةِ غَيْرِ الْمعِين

(فرع)

فَلَوْ قَذَفَ امْرَأَتَيْنِ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَامَتْ إِحْدَاهُمَا فَقَالَ كَذَبْتُ عَلَيْكِ فَجُلِدَ ثُمَّ قَامَتِ الْأُخْرَى فَلَا حَدَّ لِتَدَاخُلِ الْحُدُودِ فَلَوْ قَالَ بَعْدَ الْحَد كذبت عَلَيْكُمَا أَو للَّتِي قَامَتْ أَخِيرًا صَدَقْتُ عَلَيْكِ حُدَّ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ بَعْدَ الْحَدِّ وَلَوْ قَالَ لِلَّتِي حُدَّ لَهَا صَدَقْتُ عَلَيْكِ حُدَّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَهَا ثَانِيًا خِلَافًا لِابْنِ الْمَوَّازِ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا ادَّعَتِ الْقَذْفَ فَأَنْكَرَ فَأَثْبَتَتْهُ حُدَّ إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَ رُؤْيَةً فَيَلْتَعِنَ وَيُقْبَلَ مِنْهُ بَعْدَ جُحُودِهِ بِخِلَاف الْأَجْنَبِيّ لِأَنَّهُ مَأْمُور بالستر وَلَو أنشأ قذفا آخر فَلهُ اللّعان وَلَو أَقَامَت بَيِّنَة على إِقْرَاره بذلك لَاعَنَ مِنْهُ وَهُوَ مُنْكِرٌ لَحِقَ بِهِ وَحُدَّ قَالَ مُحَمَّدٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ اللِّعَانُ عَنِ الرُّؤْيَةِ مَعَ نَفْيِ الْحَمْلِ فَلَا حَدَّ لِبَقَاءِ لِعَانِ الرُّؤْيَةِ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ إِذَا لَاعَنَ الْكِتَابِيَّةَ بِنَفْيِ الْحَمْلِ ثُمَّ اسْتَلْحَقَ الْوَلَدَ ثُمَّ طَلَبَ الْوَلَدُ الْحَدَّ لِقَطْعِ نِسْبَةٍ لَمْ يُحَدَّ الْأَبُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْقَذْفِ أُمُّهُ دُونَهُ وَهُوَ كَمَنْ عَرَّضَ بِقَذْفِ وَلَدِهِ لَا يحد لبعده من التُّهْمَةِ فِي وَلَدِهِ فَلَا يُؤَاخَذُ إِلَّا بِغَيْرِ الْمُحْتَمل كقتله

فرع

(فَرْعٌ) قَالَ وَلَو امْتنع من اللّعان فَعرض لِلْحَدِّ فَلَهُ الِالْتِعَانُ حِينَئِذٍ وَهَلْ ذَلِكَ لِلْمَرْأَةِ أم لَا قَالَ بِالْأولِ أَبُو بكر ابْن عبد الرحمان قِيَاسًا عَلَى النُّكُولِ فِي الزِّنَا وَبِالثَّانِي قَالَ أَبُو عِمْرَانَ وَالْفَرْقُ تَعَلُّقُ حَقِّ الزَّوْجِ بِالنُّكُولِ فِي اللِّعَانِ بِخِلَافِ الزِّنَا (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا قَالَ زَنَيْتِ وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ أَوْ أَمَةٌ أَوْ نَصْرَانِيَّة حد عِنْد ابْن الْقَاسِم فَإِن أَقَامَ بَيِّنَةً وَرَآهُ تَعْرِيضًا قَالَ أَشْهَبُ لَا يُحَدُّ فِي غَيْرِ الْمُشَاتَمَةِ وَيُحَدُّ فِي الْمُشَاتَمَةِ إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا مَاتَ الْوَلَدُ فَلَهُ اللِّعَانُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ للوالد ولد حسي وَلَوْ نَفَاهُ فَلَمَّا مَاتَ اسْتَلْحَقَهُ قِيلَ إِنْ كَانَ لِلْمَيِّتِ وَلَدٌ وَإِلَّا فَلَا لِتُهْمَةِ الْمِيرَاثِ (الْبَحْثُ الثَّالِثُ فِي الْمُلَاعِنِ) وَفِي الْجَوَاهِرِ لَهُ شَرْطَانِ أَهْلِيَّةُ الْيَمِينِ إِلَّا الْكَافِرَ وَقَالَهُ ش غَيْرَ أَنَّ الذِّمِّيَّةَ تُلَاعَنُ لِدَفْعِ الْعَارِ عَنْهَا وَيَنْقَطِعُ النِّكَاحُ بِلِعَانِهَا فَإِنْ أَبَتْ فَهُمَا

(تفريع)

على الزَّوْجِيَّة وَترد إِلَى أهل دينهَا بعد الْعُقُوبَةُ لِأَجْلِ خِيَانَةِ زَوْجِهَا الشَّرْطُ الثَّانِي الزَّوْجِيَّةُ وَقَالَهُ ش فَكُلُّ نِكَاحٍ يَلْحَقُ فِيهِ الْوَلَدُ إِن فسخ لاندراجه فِي الْآيَة فَيخرج الْأَجْنَبِيّ ويندرج الْمُطَلِّقُ الرَّجْعِيُّ لِأَنَّهُ زَوْجٌ فَإِنْ قَذَفَهَا ثُمَّ أَبَانهَا لَاعن لدفع النّسَب أَو لدفع الْحَدِّ لِتَقَدُّمِ اللِّعَانِ حِينَ الزَّوْجِيَّةِ وَإِنْ قَذَفَ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ لَاعَنَ لِلْحَمْلِ فَقَطْ وَيُحَدُّ لِغَيْرِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ زَوْجًا وَإِنْ قَذَفَهَا فِي عِدَّتِهَا مِنَ الطَّلَاقِ الْبَائِنِ بِالرُّؤْيَةِ لَاعَنَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهَا حَمْلٌ لِأَنَّهَا مِنْ آثَارِ الزَّوْجِيَّةِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يُحَدُّ لِعَدَمِ الزَّوْجِيَّةِ وَإِنْ قَذَفَهَا فِي النِّكَاح فزنى قَبْلَ النِّكَاحِ لَمْ يُلَاعِنْ وَيُحَدُّ لِانْتِفَاءِ ضَرَرِ الزَّوْجِيَّةِ حِينَ الْفَاحِشَةِ خِلَافًا لِ ح (تَفْرِيعٌ) فِي الْكِتَابِ يُلَاعِنُ الْأَعْمَى فِي الْحَمْلِ يَدَّعِي الِاسْتِبْرَاءَ وَفِي الْقَذْفِ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْلَمُ الزِّنَا باللمس وَالْآخر بِالْإِشَارَةِ وبالكناية وَقَالَهُ ش خِلَافًا لِ ح لِحُصُولِ فَهْمِ الْمَقْصُود وَإِذا رَأَى الزَّوْجُ الْحَمْلَ ظَاهِرًا فَسَكَتَ حَتَّى وَضَعَتْهُ أَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ رَآهُ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ لم يُنْكِرْهُ أَوْ أَقَرَّ بِهِ ثُمَّ نَفَاهُ لَمْ يَنْفَعْهُ النَّفْيُ وَيُحَدُّ لِلْمُسْلِمَةِ دُونَ الْأَمَةِ وَالْقَائِلُ رَأَيْتُهَا تَزْنِي الْيَوْمَ وَلَمْ أُجَامِعْهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَوَطئهَا قَبْلَ الرُّؤْيَةِ وَلَمْ أَسْتَبْرِئْ يُلَاعَنُ وَلَا يَلْحَقُ بِهِ مَا تَأْتِي بِهِ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الرُّؤْيَةِ وَلِمَالِكٍ أَيْضًا لَا يَلْحَقُ بِهِ وَقَالَ أَيْضًا يَنْفِيهِ وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا لِأَنَّ مِثْلَهَا لَا يُؤْمَنُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَلْحَقَهُ الْحَمْلُ الظَّاهِرُ يَوْمَ الرُّؤْيَةِ

(فرع)

لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الزِّنَا قَبْلَ ذَلِكَ وَقَالَ الْمَخْزُومِيُّ إِنْ أَقَرَّ بِالْحَمْلِ وَادَّعَى رُؤْيَةً لَاعَنَ وَإِنْ أَتَى لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الرُّؤْيَةِ لَحِقَ وَإِلَّا فَلَا إِلَّا أَنْ يَسْتَلْحِقَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ قَذَفَهَا فَبَانَتْ وَتَزَوَّجَتْ فَقَامَتْ بِالْقَذْفِ تَلَاعَنَا لِتَقَدُّمِ حَالِ الزَّوْجِيَّةِ وَيُحَدُّ الْمُمْتَنِعُ مِنْهُمَا وَمَنْ لَمْ تُعْلَمْ خَلْوَتُهُ بِامْرَأَتِهِ وَأَنْكَرَ وَلَدَهَا وَمَسِيسَهَا وَادَّعَتْهُمَا هِيَ وَهُمَا مُمْكِنَانِ لَا يَنْتَفِيَانِ إِلَّا بِلِعَانِ طَلَّقَ أَمْ لَا لِأَنَّ الْوَلَدَ لِلْفِرَاشِ مَعَ الْإِمْكَانِ وَإِذَا لَاعَنَ فَلَيْسَ لَهَا إِلَّا نِصْفُ الصَّدَاقِ وَلَا سُكْنَى لَهَا وَلَا مُتْعَةَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنِ اخْتَلَفَا فِي تَارِيخِ الْعَقْدِ حَتَّى يَكُونَ الْوَلَدُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ عَلَى رَأْيِ الزَّوْجِ فَلَا بُدَّ مِنَ اللِّعَانِ لِتَسَاوِي التَّدَاعِي قَالَ اللَّخْمِيُّ وَيَقُولُ فِي اللِّعَانِ أَشْهَدُ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ وَمَا تَزَوَّجْتُهَا إِلَّا مِنْ خَمْسَةِ أَشْهُرٍ وَتَقُولُ هِيَ أَشْهَدُ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ وَمَا تَزَوَّجَنِي إِلَّا مِنْ سَبْعَةِ أَشْهُرٍ وَإِنَّهُ مِنْهُ (فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ الْإِكْمَالِ إِذَا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا فَقَتَلَهُ قَالَ ش يُقْتَلُ بِهِ إِلَّا أَنْ يَأْتِي بأَرْبعَة شُهَدَاء وَاكْتفى أَحْمد بِشَاهِدين وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُهْدَرُ دَمُهُ كَانَ مُحْصَنًا أَمْ لَا إِلْحَاقًا لَهُ بِالْمُحَارِبِ وَتُسْتَحَبُّ الدِّيَةُ فِي غير الْمُحصن

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْجُلَّابِ إِذَا رَمَاهَا بِالزِّنَا فَأَقَرَّتْ بِهِ ثُمَّ أَتَتْ بِحَمْلٍ فَرُوِيَ يَنْتَفِي بِغَيْرِ لِعَانٍ لِاعْتِرَافِهَا وَرُوِيَ لَا يَنْتَفِي إِلَّا بِاللِّعَانِ لِحَقِّ الْوَلَدِ الْبَحْثُ الرَّابِعُ فِي الْمُلَاعَنَةِ وَفِي الْكِتَابِ اللِّعَانُ بَيْنَ كُلِّ زَوْجَيْنِ كَانَا حُرَّيْنِ أَوْ مَمْلُوكَيْنَ أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ مَحْدُودَيْنِ أَوْ كِتَابِيَّةً تَحْتَ مُسْلِمٍ بِخِلَافِ الْكَافِرِ لِعُمُومِ الْآيَةِ وَعَدَمِ انْدِرَاجِ الْكَافِرِ لِبُطْلَانِ عَقْدِهِمَا وَلِعَدَمِ تَوَجُّهِ الْحَدِّ عَلَيْهِمَا فِي الْقَذْفِ وَأَمَّا الْأَمَةُ وَالْكِتَابِيَّةُ فَلَا يُلَاعَنُ الزَّوْجُ فِيهِمَا إِلَّا لِنَفْيِ الْحَمْلِ إِذا ادّعى الِاسْتِبْرَاء ورؤية لم يتَبَيَّن بَعْدَهَا وَلَا يُلَاعَنْ لِرُؤْيَةٍ لِأَنَّهُ لَا يُحَدُّ قَاذِفُهُا فَإِنْ أَحَبَّ ذَلِكَ لِتَحَقُّقِهِ عَلَيْهِمَا لَمْ يُمْنَعْ وَقَالَ ح إِذَا كَانَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ مَمْلُوكًا أَوْ ذِمِّيًّا أَوْ مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ أَوْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ مِمَّنْ لَا يُحَدُّ قَاذِفُهُا فَلَا لعان بَينهمَا لِأَن اللّعان شَهَادَات لَا تكون إِلَّا لمن لَهُ أَهْلِيَّة الشَّهَادَات وَجَوَابُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ شَهَادَاتٍ لَمَا قُبِلَ مِنَ الْمُدَّعِي وَلَمَا شُرِعَ فِيهِ اللِّعَانُ وَالْغَصْبُ بل الْحق أَنه فِيهِ شَائِبَةَ الشَّهَادَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ فِي حُرٍّ تَحْتَهُ أَمَةٌ فَابْتَاعَهَا ثُمَّ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ إِنْ وَضَعَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الشِّرَاءِ أَوْ قَدْ أَصَابَهَا بَعْدَ الشِّرَاءِ لَاعَنَهَا لِأَنَّهُ زَوْجٌ أَوْ لسِتَّة أشهر فَأكْثر بعد الشِّرَاء وَالْوَطْء لَحِقَ بِهِ لِاحْتِمَالِهِ مِنْ مَسِيسِ الْمِلْكِ وَإِنْ لَمْ يَمَسَّهَا بَعْدَ الشِّرَاءِ وَوَضَعَتْهُ لِمَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ وَطْئِهِ لَمَّا كَانَ زَوْجًا بِخمْس سِنِين فأدنى فَاللِّعَانُ بَيْنَهُمَا وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا اشْتَرَى أَمَةً وَظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ فَإِنْ عَلِمَهُ يَوْمَ الشِّرَاءِ أَو أَتَت

(فرع)

بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَالْوَلَدُ لِلنِّكَاحِ مَا لَمْ يَطَأْهَا بَعْدَ الشِّرَاءِ وَتَأْتِي بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَرَوَى سَحْنُونٌ إِذَا لَمْ يَطَأْهَا بَعْدَ الشِّرَاءِ بِحَيْضَتَيْنِ فَهُوَ لِلْوَاطِئِ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَلَا يَنْفِيهِ اسْتَبْرَأَهَا بَعْدَ الْوَطْءِ أَمْ لَا إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَ اسْتِبْرَاءَهَا بَعْدَ الْوَطْءِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَإِذَا كَانَتْ مُسْلِمَةً وَالزَّوْجُ نَصْرَانِيًّا إِمَّا لِأَنَّهَا أَسْلَمَتْ قَبْلَهُ أَوْ تَعَدَّتْ فِي تَزْوِيجِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا لَا تَكُونُ بِتَزْوِيجِهِ زَانِيَةً لَاعَنَ بِقَذْفِهَا فَإِنْ نَكَلَ حُدَّ وَإِنْ لَاعَنَ وَنَكَلَتْ لَمْ تُحَدَّ بِأَيْمَانِهِ لِأَنَّهَا أُقِيمَت مقَام الشَّهَادَة وَفِي الْكتاب يُلَاعن من لَا يدْرِي لِصِغَرٍ أَوْ كِبَرٍ إِنْ كَانَتِ الصَّغِيرَةِ قَدْ جُومِعَتْ وَإِنْ لَمْ تَحِضْ وَتَلْتَعِنُ الْكَبِيرَةُ دُونَ الصَّغِيرَةِ لِعَدَمِ أَهْلِيَّةِ الْيَمِينِ وَعَدَمِ تَوَجُّهِ الْحَدِّ عَلَيْهَا وَتَبْقَى زَوْجَهُ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِذَا لَاعَنَ النَّصْرَانِيَّةَ فَامْتَنَعَتْ فَلَهَا النَّفَقَةُ حَتَّى تَلِدَ وَإِن امْتنع وَطْئِهَا لِكَوْنِ الْوَلَدِ مِنْ غَيْرِهِ لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ وَيَجُوزُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا كَمَا يُسْتَمْتَعُ بِالْحَائِضِ عَلَى الْخلاف فِي المستبرأة حَامِلا وتلاعن النَّصْرَانِيَّةُ دُونَ الصَّغِيرَةِ وَكِلَاهُمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِنُكُولِهِ حَدٌّ وَالْفَرْقُ أَنَّهَا قَدْ تَتَوَجَّهُ عَلَيْهَا عِنْدَ أَهْلِ دِينِهَا عُقُوبَةٌ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا تَوَافَقَ الْكِتَابِيُّونَ بِحُكْمِنَا فِي اللِّعَانِ فَنَكَلَتِ الزَّوْجَة رجمت على رَأْي عِيسَى ابْن دِينَارٍ وَلَا تُرْجَمُ عَلَى رَأْيِ الْبَغْدَادِيِّينَ لِفَسَادِ أَنْكِحَتِهِمْ وَيَجِبُ الْحَدُّ كَالْمُتَلَاعِنَيْنَ قَبْلَ الْبِنَاءِ

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْجُلَّابِ إِذَا أَتَتِ الْمَنْكُوحَةُ فِي الْعِدَّةِ بِوَلَدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنَ النِّكَاحِ الثَّانِي أَوْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَقَبْلَ حَيْضَةٍ لَحِقَ بِالْأَوَّلِ لِعَدَمِ الْحَيْضِ الدَّالِّ عَلَى الْبَرَاءَةِ أَوْ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَحَيْضَةٍ لَحِقَ بِالثَّانِي لِوُجُودِ الْأَجَلِ الصَّالِحِ وَالدَّالِّ عَلَى الْبَرَاءَةِ إِلَّا أَن يَنْفِيه بِاللّعانِ بيلحق بِالْأَوَّلِ إِلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ بِاللِّعَانِ فَيَنْتَفِيَ فِيهِمَا جَمِيعًا وَإِن اسْتَلْحقهُ أَحدهمَا لحق بِهِ وَقَالَ مُحَمَّد وَالْمُرَادُ دُخُولُ الثَّانِي دُونَ عَقْدِهِ وَإِنْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ تَصِيرُ فِرَاشًا بِالْعَقْدِ لِقُوَّةِ فِرَاشِ الْأَوَّلِ وَضَعْفِ الثَّانِي وَإِنِ اسْتَلْحَقَاهُ مَعًا كَانَ لِلثَّانِي وَلَا تُلَاعَنُ إِلَّا مَعَ الثَّانِي إِذَا نَفَاهُ إِلَى الْفِرَاشِ الْأَوَّلِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أصبغ من اسْتَلْحقهُ مِنْهُمَا حد وَلحق بِهِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِنِ اسْتَلْحَقَهُ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ لحقه وحد لِأَنَّهُ نَفَاهُ إِلَى غَيْرِ أَبٍ وَمَنِ اسْتَلْحَقَهُ أَوَّلًا لَحِقَ بِهِ وَلَا دَعْوَى لِلثَّانِي فِيهِ وَلَوِ ادَّعَاهُ الْأَوَّلُ بَعْدَ لِعَانِهِ وَقَبْلَ لِعَانِ الثَّانِي لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ لِأَنَّهُ لِلثَّانِي حَتَّى يَنْفِيَهُ وَلَوِ اسْتَلْحَقَاهُ بَعْدَ لِعَانِهِمَا اخْتُصَّ بِالْأَوَّلِ وَيُحَرَّمُ عَلَى الثَّانِي أَبَدًا وَإِنْ لَمْ يَلْتَعِنْ لِأَنَّهُ نَاكِحٌ فِي الْعِدَّةِ وَلَا تَحْرُمُ عَلَى الأول وَإِن التعن لِأَنَّهَا لم تلاعنه كالمغتصبة وَقَالَ أصبغ وَإِذا تَلَاعَنَا جَمِيعًا حُرِّمَتْ عَلَيْهِمَا لِبُطْلَانِ النِّسْبَةِ لِلثَّانِي بلعانه وَلَو عقد عَلَيْهَا حَامِلا فَأتى للستة أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ فَهُوَ لِلْآخَرِ إِلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ بِلِعَانِهِ وَلَا تَلْتَعِنُ هِيَ وَلَحِقَ بِالْأَوَّلِ إِلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ وَتَلْتَعِنُ فَيَلْتَعِنُ فَإِنْ نَكَلَتْ حُدَّتْ

تَنْبِيهٌ مُرَادُ الْعُلَمَاءِ بِعَدَمِ لُحُوقِ الْوَلَدِ لِأَقَلَّ من سِتَّة أشهر إِذا كَانَ تَامًّا أَمَّا لَوْ وَضَعَتْهُ نَاقِصًا لِأَجْلِ ذَلِكَ النَّقْصِ لَحِقَ بِهِ لَأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ قَاعِدَةٌ الْوَلَدُ يَتَحَرَّكُ لِمِثْلِ مَا يُخْلَقُ فِيهِ وَيُوضَعُ لِمِثْلِ مَا تَحَرَّكَ فِيهِ وَهُوَ يَتَخَلَّقُ فِي الْعَادَةِ تَارَةً لِشَهْرٍ وَتَارَةً لِشَهْرٍ وَخَمْسَةِ أَيَّام وَتارَة لشهر وَنصف فيتحرك فِي الْأَوَّلِ لِشَهْرَيْنِ وَيُوضَعُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَفِي الثَّانِي شَهْرَيْن وَثُلُثٍ وَيُوضَعُ لِسَبْعَةِ أَشْهُرٍ وَالثَّالِثِ لِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَيُوضَعُ لِتِسْعَةِ أَشْهُرٍ مَنْ عَجَزَ أَوْ تَأَخَّرَ عَنِ الْأَوَّلِينَ لِآفَةٍ مُؤَخَّرَةٍ فَلِذَلِكَ لَا يَعِيشُ ولد الثَّمَانِية أشهر لِكَوْنِهِ إِمَّا مُتَقَدِّمًا عَلَى التِّسْعَةِ لِآفَةٍ مِنْ عجز أَو تَأَخّر عَن الْأَوَّلين لآفة مؤخرة والموصوف لَا يعِيش فَلَا يعِيش فلهذه القوانين يعْتَبر النَّقْص مَعَ الْآجَالِ فَكُلُّ حَمْلٍ قَبْلَ أَجَلِهِ يَمْتَنِعُ لُحُوقه أَو مَعَ أَجَلِهِ لَحِقَ فَائِدَةٌ فَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَكُونُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُجْمَعُ خَلْقُ أَحَدِكُمْ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَأَرْبَعِينَ صَبَاحًا إِشَارَةً إِلَى الْأَطْوَارِ الثَّلَاثَةِ تَقْرِيبًا فَإِنَّ الْأَرْبَعِينَ تَقْرُبُ مِنَ الثَّلَاثِينَ وَمِنَ الْخَمْسَةِ وَالثَّلَاثِينَ

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ لَا تُلَاعَنُ الْحَائِضُ وَالنَّفْسَاءُ إِذَا قُذِفَتْ حَتَّى تَطْهُرَ حَتَّى تَقَعَ الْعِدَّةُ فِي طُهْرٍ كَالطَّلَاقِ وَكَذَلِكَ لَا يُطَلَّقُ عَلَى الْمُعْسِرِ بِالنَّفَقَةِ وَالْعِنِّينِ حَتَّى تَطْهُرَ بِخِلَافِ الْمُوَلِّي وَرَوَى أَشْهَبُ التَّسْوِيَةَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ يُلَاعِنُ الزَّوْجُ وَتُؤَخَّرُ هِيَ (فَرْعٌ) فِي الْجُلَّابِ إِذَا أَقَرَّ بِوَطْءِ أَمَتِهِ لَحِقَ بِهِ وَلَدُهَا لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ وَلِقَوْلِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا بَال رجال يطأون وَلَائِدَهُمْ ثُمَّ يَدَعُونَهُنَّ يَخْرُجْنَ لَا تَأْتِنِي وَلِيدَةٌ يَعْتَرِفُ سَيِّدُهَا بِوَطْئِهَا إِلَّا لَحِقَ بِهِ وَلَدُهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ وَلَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِي قَبُولِ قَوْله كَانَت من الْعلي أم لَا قتال وَأَرَى أَنْ يُخْتَلَفَ فِي الْعَلِيِّ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا أَقَرَّ بِوَطْئِهَا لَا يَنْتَفِي وَلَدُهَا حَتَّى يَدَّعِيَ الِاسْتِبْرَاءَ بِغَيْرِ يَمِينٍ لِأَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ فِي الْإِمَاءِ كَاللِّعَانِ فِي الْحَرَائِرِ وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنَ الْيَمِينِ لِأَنَّهُ عِوَضُ اللِّعَانِ وَلَوْ أَنْكَرَ وِلَادَتهَا لم يلْحق بِهِ إِلَّا أَنْ تَشْهَدَ امْرَأَتَانِ ثِقَتَانِ بِوِلَادَتِهِ لِاحْتِمَالِ الْتِقَاطِهِ تَوَسُّلًا لِلْعِتْقِ وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْحُرَّةِ فِي الْوِلَادَةِ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ إِذَا وَطِئَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ وَأَشْبَهَ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ مِنْهُمَا لَحِقَ بِمَنِ أَلْحَقَتْهُ بِهِ الْقَافَةُ لِمَا فِي مُسْلِمٍ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا دَخَلَ عَلَيَّ

رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَاتَ يَوْمٍ مَسْرُورًا فَقَالَ يَا عَائِشَةُ أَلَمْ تَرَيْ إِلَى مُجَزِّزٍ الْمُدْلِجِيِّ دَخَلَ فَرَأَى أُسَامَةَ وزيدا وَعَلَيْهِمَا قطيفة قد غطيا رؤسهما وَبَدَتْ أَقْدَامُهُمَا فَقَالَ إِنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَكَانَ أُسَامَةُ شَدِيدَ السَّوَادِ وَأَبُوهُ شَدِيدَ الْبَيَاضِ وَطَعَنَتِ الْجَاهِلِيَّةُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ فَسُرَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِتَرْكِ الطَّعْنِ عِنْدَ ذَلِكَ وَهُوَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يُسَرُّ إِلَّا بِسَبَبٍ حَقٍّ وَبِالْقَافَةِ قَالَ ش خِلَافًا لِ ح وَنَفَاهُ مَالِكٌ فِي الْمَشْهُورِ مِنَ الْحَرَائِرِ دُونَ الْإِمَاءِ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ وَرُوِيَ عَنْهُ التَّسْوِيَةُ وَيَكْفِي وَاحِدٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْخَبَرِ وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنِ اثْنَيْنِ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحَرَائِرِ وَالْإِمَاءِ أَنَّ فِرَاشَ الْأَوَّلِ صَحِيحٌ بِالْعَقْدِ وَالثَّانِي فَاسد فَاعْتبر العقد الْأَوَّلُ دُونَ الْعَقْدِ الثَّانِي وَأُلْحِقَ بِهِ تَارَةً وَلَا مُرَجِّحَ فِي وَطْءِ السَّيِّدَيْنِ نَظَائِرُ قَالَ الْعَبْدِيُّ الْمُتَرَدِّدُ بَيْنَ الشَّهَادَةِ وَالْخَبَرِ سَبْعٌ الْقَائِفُ والترجمان وَقيل يَكْفِي الْوَاحِدُ وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنِ اثْنَيْنِ وَأَمَّا الْكَاشِفُ عَنِ الْبَيِّنَاتِ وَقَائِسُ الْخَرَاجِ وَالنَّاظِرُ فِي الْعُيُوبِ كَالطَّبِيبِ وَالْبَيْطَارِ فَوَاحِدٌ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَوْ كَانَ الْبَيْطَارُ فَاسِقًا وَكَذَلِكَ الْمُسْتَنْكِهُ لِلسَّكْرَانِ إِذَا أمره الْحَاكِم وَاخْتلف فِي الْحكمَيْنِ فَقيل اثْنَان وَقيل وَاحِد وَلَا بُد فِي تَقْوِيمِ السِّلَعِ وَالْعُيُوبِ مِنِ اثْنَيْنِ تَمْهِيدٌ الْحُكْمُ بتردد بَيْنَ الْخَبَرِ وَالشَّهَادَةِ فَرْعُ تَصَوُّرِهِمَا وَلَا يُمْكِنُ تَمَيُّزُهُمَا بِاشْتِرَاطِ الْعَدَدِ فِي الشَّهَادَةِ وَقَبُولِ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَة فِي الْخَبَر لِأَن ذَلِك فرع تميزهما فَيلْزم الدّور فَهَذَا مقَام عَزِيز يحْتَاج الْفَقِيه الْمُحَصِّلُ إِلَى كَشْفِهِ وَهُوَ عَزِيزٌ فِي صُدُورِ الْأَئِمَّةِ النُّبَلَاءِ وَمَعْدُومٌ عِنْدَ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ

وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّهَادَةَ أَيْضًا خَبَرٌ وَالرِّوَايَةَ أَيْضًا خَبَرٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ جِهَةِ الْمُخْبِرِ وَالْمُخْبَرِ عَنْهُ قَالَ الْمَازِرِيُّ فِي شَرْحِ الْبُرْهَانِ فَمَتَى كَانَ الْمُخْبَرُ عَنْهُ حُكْمًا عَامًّا فِي الْأَزْمَانِ والأشخاص بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ فَيَتَعَيَّنُ قَبُولُ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ لِعَدَمِ اتِّهَامِهِ بِقَصْدِ أَذِيَّةِ الْخَلْقِ لِتَرْتِيبِ الْحُكْمِ عَلَيْهِمْ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ وَمَتَى كَانَ خَاصًّا فِيهِمَا فَهُوَ الشَّهَادَةُ كَالْإِخْبَارِ عَنْ ثُبُوتِ دِرْهَمٍ عِنْدَ زيد فَيشْتَرط فِيهِ الْعدَد للتُّهمَةِ وَيرد الصَدَاق وَالْمَرْأَةُ لِتَضَرُّرِ الْمُعَيَّنِ بِالنَّقِيصَةِ مَعَ الِاخْتِصَاصِ فَمَتَى اجْتَمَعَ الْعُمُومُ وَالْخُصُوصُ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ لِتَرَدُّدِ الْحُكْمِ بَيْنَهُمَا كَالْخَبَرِ عَنْ رُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ عَامٌّ فِي أَهْلِ الْبِلَادِ خَاصٌّ فِي الْأَزْمَانِ فَجَرَى الْخِلَافُ فِيهِ لِذَلِكَ وَالْقَائِفُ وَالتَّرْجُمَانُ إِنْ لَاحَظْنَا فيهمَا نصيبهما لِلْخلقِ عَلَى الْعُمُومِ مِنْ غَيْرِ اخْتِصَاصٍ بِمُعَيَّنٍ وَلَا هُمَا تَابِعَانِ لِادِّعَاءِ خَصْمٍ بَلِ الْحَاكِمُ هُوَ الْمُصَرِّفُ لَهُمَا كَانَا مِنْ بَابِ الْمُخْبِرِينَ دُونَ الشُّهُودِ وَإِنْ لَاحَظْنَا اسْتِئْنَافَ أَخْبَارِهِمَا عِنْدَ كُلِّ وَاقِعَةٍ مُعَيَّنَةٍ كَانَا مِنْ بَابِ الشُّهُودِ فَقَدِ اجْتَمَعَ فِيهِمَا الْعُمُومُ مِنْ وَجْهٍ وَالْخُصُوصُ مِنْ وَجْهٍ وَكَذَلِكَ مَنْ ذُكِرَ مَعَهُمَا وَكَذَلِكَ اخْتَلَفَ الْعلمَاء فِي التَّزْكِيَة هَل يَكْفِي فِيهِ وَاحِدٌ أَمْ لَا إِنْ لَاحَظْنَا أَنَّ الْمُزَكِّيَ يحصل مصلحَة وَاحِدَةً لِشَخْصٍ خَاصٍّ كَانَ شَاهِدًا أَوْ أَنَّهُ يُوجِبُ قَبُولَ الْمُزَكِّي عَلَى الْخَلْقِ كَافَّةً مَعَ الْأَزْمَانِ كَانَ مُخْبِرًا وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ إِنْ زَكَّى شَاهِدًا مُلَاحَظَةً لِخُصُوصِ الشَّهَادَة وَمن بَاب الْخَبَر أَن يُزكي رَاوِيًا نَظَرًا لِلْعُمُومِ وَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ قَالَ التَّرَدُّدُ وَاقِعٌ بَيْنِ الْحُكْمِ وَالشَّهَادَةِ لَا بَيْنَ الشَّهَادَةِ وَالْخَبَرِ وَالْحُكْمُ هُوَ الْخَبَرُ الْمُلْزِمُ وَالشَّهَادَةُ الْخَبَرُ عَنْ أَمْرٍ خَاصٍّ وَالرِّوَايَةُ خَبَرٌ عَنْ

أَمْرٍ عَامٍّ كَمَا تَقَدَّمَ وَهُوَ يَظْهَرُ فِي بَعْضِ هَذِهِ الْفُرُوعِ أَكْثَرَ مِنْ قَوْلِنَا فَإِنَّكَ إِذَا اعْتَبَرْتَ الْقَائِفَ وَالتَّرْجُمَانِ وَالْمُقَوِّمَ وَالطَّبِيبَ وَالْبَيْطَارَ وَجَدْتَ أَقْوَالَهُمْ مُلْزِمَةً فَتَنْدَرِجُ فِي حَقِيقَةِ الْحُكْمِ وَالْحَاكِمُ وَاحِدٌ إِجْمَاعًا فَيَظْهَرُ التَّخْرِيجُ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِنَ الرِّوَايَةِ لِوُجُودِ الْإِلْزَامِ وَإِذَا اعْتَبَرْتَ الْمُزَكِّيَ وَالْإِخْبَارَ عَنْ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَنَحْوَهُمَا تَجِدْهُ عَرِيًّا عَنِ الْإِلْزَامِ فَيَتَعَذَّرُ تَخْرِيجُهُ عَلَى التَّرَدُّدِ بَيْنَ الْحُكْمِ وَالشَّهَادَةِ وَيَتَعَيَّنُ مَقَالُ الْأَصْحَابِ الْبَحْثُ الْخَامِسُ فِي صِفَات اللّعان وَالنَّظَرِ فِي لَفْظِهِ وَتَغْلِيظِهِ وَسُنَّتِهِ فَلَفْظُهُ فِي الْجَوَاهِرِ يَتَعَيَّنُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ وَلَا يُبَدَّلُ بِالْحَلِفِ وَلَا لَفْظِ الْغَضَبِ بِاللَّعْنِ اتِّبَاعًا لِلْآيَةِ وَيَجِبُ تَأْخِير اللَّعْن وَتقوم مَقَامَ اللَّفْظِ الْإِشَارَةُ وَالْكِتَابَةُ مِنَ الْأَخْرَسِ وَلَوْ قَالَ بَعْدَ انْطِلَاقِ لِسَانِهِ لَمْ أُرِدْ ذَلِكَ لم يقبل مِنْهُ وَلَو اعْتقد لِسَانُ النَّاطِقِ وَهُوَ مَرْجُوُّ الْبُرْءِ انْتُظِرَ التَّغْلِيظُ بِالزَّمَانِ فِي الْجَوَاهِرِ يَلْتَعِنَانِ دُبُرَ الصَّلَوَاتِ وَقَالَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ أَيَّ سَاعَةٍ يَرَى الْإِمَامُ وَأثر الْمَكْتُوبَة أحب إِلَيّ وَرُوِيَ عَن ابْن وَهْبٍ كَانَ اللِّعَانُ عِنْدَنَا بَعْدَ الْعَصْرِ وَلَمْ يَكُنْ سُنَّةً بَلْ أَيَّ سَاعَةٍ شَاءَ الْإِمَامُ وَبَعْدَ الْعَصْرِ أَحَبُّ إِلَيَّ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يَكُونُ مَقْطَعُ حَقٍّ إِلَّا بِإِثْرِ صَلَاةٍ فَجَعَلَهُ شَرْطًا كَالْمَكَانِ وَأَمَّا الْمَكَانُ فَفِي الْكِتَابِ يَلْتَعِنُ الْمُسْلِمُ فِي الْمَسْجِدِ عِنْدَ الْإِمَامِ دُبُرَ الصَّلَاةِ وَالنَّصْرَانِيَّةُ فِي كَنِيسَتِهَا حَيْثُ تُعَظِّمُ وَتَحْلِفُ بِاللَّهِ وَالزَّوْجُ مُخَيَّرٌ فِي

الْحُضُورِ مَعَهَا وَلَا تَدْخُلُ هِيَ مَعَهُ فِي الْمَسْجِدِ لِجَنَابَتِهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ يَبْعَثُ الْإِمَامُ لِلْمَرِيضِ عُدُولًا وَلَا يَصِحُّ اللِّعَانُ إِلَّا فِي مَجْلِسِ الْحَاكِمِ وَالتَّغْلِيظُ بِالْمَكَانِ وَاجِبٌ وَبِالزَّمَانِ مُسْتَحَبٌّ وَظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ الْوُجُوبُ وَأَمَّا الْجَمْعُ فَفِي الْجَوَاهِرِ يَحْضُرُ أَرْبَعَةٌ فَأَكْثَرُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي الزِّنَا {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} النُّور 2 فَيَحْضُرُونَ هَا هُنَا بِجَامِعِ التَّغْلِيظِ وَلِأَنَّ قَطْعَ الْأَنْسَابِ وَفَسَادَ الْأَعْرَاضِ أَمر عَظِيم فيغلظ فِي سَببه وَأما سنته فتخويفهما فِي الْجَوَاهِرِ يُقَالُ لِلرَّجُلِ تُبْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ تُحَدَّ وَيَسْقُطْ عَنْكَ الْمَأْثَمُ وَلِلْمَرْأَةِ نَحْوَ ذَلِكَ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَبْلَ الْخَامِسَةِ اتَّقِ اللَّهَ فَعَذَابُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ وَإِنَّ هَذِهِ هِيَ الْمُوجِبَةُ لِلْعَذَابِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي مُسْلِمٍ عِنْدَ الْخَامِسَةِ أَقِيمُوهَا فَقَالَ لِلْمَرْأَةِ إِنَّهَا الْمُوجِبَةُ وَفِي الِاسْتِذْكَارِ لَيْسَ لِلزَّوْجِ إِيقَاعُ اللِّعَانِ بِنَفْسِهِ دُونَ السُّلْطَانِ إِجْمَاعًا تَفْرِيعٌ فِي الْكِتَابِ يُبْدَأُ بِالزَّوْجِ لِأَنَّ لِعَانَهُ سَبَبٌ عَنْ قَذْفِهِ فَيَدْرَأُ عَنْ نَفْسِهِ الْحَدَّ وَسَبَبٌ لِلِعَانِهَا لِأَنَّهُ الْمُوجِبُ لِلْحَدِّ عَلَيْهَا لِكَوْنِهِ مِثْلَ الْبَيِّنَةِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى بَعْدَ ذِكْرِ لِعَانِهُ {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ} النُّور 8 فَدَلَّ عَلَى تَوَجُّهِ الْعَذَابِ عَلَيْهَا وَهُوَ الْحَد فَتشهد أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ فَيَقُولُ فِي الرُّؤْيَةِ أَشْهَدُ بِاللَّهِ لَرَأَيْتُهَا تَزْنِي وَفِي نَفْيِ الْحَمْلِ أَشْهَدُ بِاللَّهِ

(فرع)

لَزَنَتْ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ مُطَابَقَةُ الْبَيِّنَةِ وَالْيَمِينِ لِلدَّعْوَى وَفِي الْخَامِسَةِ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَتَقُولُ الْمَرْأَةُ فِي الرُّؤْيَةِ أَشْهَدُ بِاللَّهِ مَا رَآنِي أَزْنِي لِأَنَّهَا مُكَذِّبَةٌ لَهُ فَتُعَيِّنُ دَعْوَاهُ فِي لَفْظِهَا وَفِي الْحَمْلِ أشهد بِاللَّه مَا زَنَيْت أَربع مَرَّات وَفِي الْخَامِسَةِ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ زَادَ أَصْبَغُ فِي حَلِفِ الرُّؤْيَةِ تَزْنِي كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ وَفِي حَلِفِ الْمَرْأَةِ فِي نَفْيِ الْحَمْلِ وَإِنَّهُ لَمِنْهُ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي نَفْيِ الْحَمْلِ أَشْهَدُ بِاللَّهِ إِنِّي لَمِنَ الصَّادِقِينَ مَا هَذَا الْحَمْلُ مِنِّي وَلَزَنَتْ لِنَفْيِ احْتِمَالِ الْغَصْبِ قَالَ أَصْبَغُ وَإِنْ بَدَّلَ مَكَانَ إِنْ كنت من الْكَاذِبين إِن كنت كذبتها اجزأ وَالْمَرْأَةُ فِي الْخَامِسَةِ مَكَانَ إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقين إِنَّه من الْكَاذِبين اجزأها لِاتِّحَاد الْمَعْنَى لَكِنَّ لَفْظَ الْقُرْآنِ أَوْلَى وَقَالَ ح يُخَاطِبُهَا فَيَقُولُ فِيمَا رَمَيْتُكِ بِهِ وَتَقُولُ هِيَ فِيمَا رَمَيْتَنِي بِهِ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذا بدئت الْمَرْأَةُ لَا يُعَادُ اللِّعَانُ لِأَنَّ دَلَالَةَ الْأَيْمَانِ عَلَى الصِّدْقِ لَا تَخْتَلِفُ وَقَالَ أَشْهَبُ يُعَادُ حَتَّى يَكُونَ بَعْدَ سَبَبِهِ الَّذِي هُوَ لِعَانُ الزَّوْجِ وَتَقَدُّمُ الْحُكْمِ عَلَى سَبَبِهِ يُبْطِلُهُ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ يُوجِبُ النُّكُولُ حَدَّ الْقَذْفِ عَلَيْهِ وَالرَّجْمِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا وَلَا تُؤَخَّرُ إِلَّا فِي الْحَمْلِ لِحَقِّ الْوَلَدِ وَقَالَهُ ش وَقَالَ ح يحبس النَّاكِلِ مِنْهُمَا أَبَدًا حَتَّى يَحْلِفَ لِأَنَّ ضَعْفَ اللِّعَانِ سَبَبٌ يَدْرَأُ الْحَدَّ لَنَا

(فرع)

أَنَّ قَذْفَ الزَّوْجَةِ لَا يُوجِبُ غَيْرَ اللِّعَانِ وَجَوَابُهُ أَنَّ أَصْلَ الْقَذْفِ الْحَدُّ حَتَّى يُخْلَصَ مِنْهُ بِالْيَمِينِ (فَرْعٌ) إِذَا مَاتَتْ قَبْلَ كَمَالِ لِعَانِهَا فَفِي الْكِتَابِ وَرِثَهَا وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ الْتِعَانِهِ فَإِنِ امْتَنَعَتْ مِنَ اللِّعَانِ وَرِثَتْهُ وَرُجِمَتْ وَإِلَّا فَلَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا وَجَبَ اللِّعَانُ فَمَاتَتْ قَبْلَ لِعَانِهِ لَا لِعَانَ عَلَيْهِ وَإِذَا مَاتَ قَبْلَ تَمَامِ لِعَانِهُ فَلَا لِعَانَ عَلَيْهَا لِعَدَمِ السَّبَبِ وَإِذَا الْتَعَنَتْ بعد مَوته فَلَا عدَّة عَلَيْهَا لوفاته وَقَالَ أَشْهَبُ تَرِثُهُ وَإِنِ الْتَعَنَتْ لِتَأْخِيرِ الْبَيْنُونَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنِ الْتَعَنَتْ قَبْلَهُ ثُمَّ مَاتَتْ فَعُرِضَ اللِّعَانُ عَلَيْهِ فَإِنْ فَعَلَ فَلَا مِيرَاثَ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَإِلَّا وَرِثَهَا وَحُدَّ وَإِنْ كَانَتِ الْتَعَنَتْ لَمْ أُعِدْ لعانها لحُصُول الْمَقْصُود وَقَالَ أَشهب أُعِيدهُ لتقديم يَمِينُ الطَّالِبِ فِي الْحُقُوقِ الْبَحْثُ السَّادِسُ فِي ثَمَرَته فِي الْكِتَابِ تَقَعُ الْفُرْقَةُ وَإِنْ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا الْحَاكِم لتَمام لعانهما وَتحرم عَلَيْهِ لِلْأَبَد وَإِن أكذب نَفسه لم يحد وَلحق بِهِ الْوَلَد إِلَّا أَن يَنْفِي مِنْ لِعَانِ الزَّوْجَةِ وَلَوْ مَرَّةً فَتُحَدُّ وَتَبْقَى لَهُ زَوْجَةً وَقَالَ ح لَا يَقَعُ الْفِرَاقُ إِلَّا بِقَضَاء الْحَاكِم وَإِذا أكذب نَفسه حَلَّتْ لَهُ وَلَهُ تَزَوُّجُهَا بَعْدَ اللِّعَانِ وَقَالَ ش يَقَعُ الْفِرَاقُ بِلِعَانِ الزَّوْجِ قِيَاسًا عَلَى سُقُوطِ الْحَدِّ وَالنَّسَبِ عَنْهُ وَتَحْرُمُ عَلَيْهِ أَبَدًا لنا مَا فِي أَبِي دَاوُدَ مَضَتِ السُّنَّةُ فِي الْمُتَلَاعِنَيْنِ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ لَا يَجْتَمِعَانِ

(فرع)

أَبَدًا وَتَرْتِيبُ الْحُكْمِ عَلَى الْوَصْفِ يَدُلُّ عَلَى سَبَبِيَّتِهِ لَهُ وَالْمُسَبَّبُ مُتَأَخِّرٌ عَنِ السَّبَبِ وَمُرَتَّبٌ عَلَيْهِ وَيَنْتَفِي عِنْدَ انْتِفَائِهِ وَلَوْ لَاعَنَ مِنْ نَفْيِ الْحَمْلِ لَمْ تَحِلَّ لَهُ لِاحْتِمَالِ السَّقْطِ وَالْكِتْمَانِ وَفِي الْجَوَاهِرِ يَتَعَلَّقُ بِلِعَانِهِ ثَلَاثَةُ أَحْكَامٍ سُقُوطُ الْحَدِّ وَانْتِفَاءُ النَّسَبِ وَتَوَجُّهُ الْحَدِّ عَلَيْهَا وبلعانها ثَلَاثَة سُقُوطُ حَدِّهَا وَالْفِرَاقُ وَتَأْبِيدُ التَّحْرِيمِ وَقِيلَ فِي هَذَيْنِ يَتَعَلَّقَانِ بِلِعَانِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَفُرْقَتُهُمَا فَسْخٌ وَقَالَهُ ش وَقَالَ ح طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ لَنَا أَنَّهُمَا مَجْبُورَانِ عَلَى الْفَسْخِ فَيَكُونُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ كَالرَّضَاعِ وَقَبْلَ الْبِنَاءِ لَا صَدَاقَ لَهَا لِأَنَّهُ فَسْخٌ قَالَهُ ابْنُ الْجَلَّابِ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْكِتَابِ نِصْفُ الصَّدَاقِ لِمَا لِلزَّوْجِ فِيهِ من السَّبَب بِالْقَذْفِ وَلَهَا مِنَ الضَّرُورَةِ فِي دَرْءِ الْحَدِّ (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ إِذَا تَزَوَّجَ أَمَةً ثُمَّ لَاعَنَهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا لَا تَحِلُّ لَهُ أَبَدًا كَمَا إِذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ اشْتَرَاهَا لَا تَحِلُّ لَهُ أَبَدًا إِلَّا بعد زوج لِأَن حل الْوَطْء أَصله العقد لَا الْملك (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا لَاعَنَ لِانْتِفَاءِ الْحَمْلِ فَأَتَتْ بِتَوْأَمَيْنِ انْتَفَيَا وَلَهُ نَفْيُ أَوْلَادٍ عِدَّةٍ بِلِعَانٍ وَاحِد وَتثبت للتوأمين اخوة للْأُم مَعَ أُخُوَّةِ الْأَبِ لِأَنَّ التَّوْأَمَيْنِ لَا يُكُونَانِ إِلَّا من مَاء وَاحِد وَقَالَهُ ش وَفِي الْكِتَابِ إِذَا وَلَدَتِ الثَّانِيَ مَعَ الْأَوَّلِ أَوْ بَعْدَهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَهُوَ حَمْلٌ وَاحِد إِن أقرّ بِأَحَدِهِمَا لَحقا بِهِ وحدا وَإِلَّا فهما حملان وَإِن أقرّ بِالْأولِ وَنفي الثَّانِي وَقَالَ لم أَطَأ بَعْدَ وِلَادَةِ الْأَوَّلِ لَاعَنَ وَانْتَفَى الثَّانِي وَإِنِ اعْتَرَفَ بِهِ وَقَالَ لَمْ أَطَأْهَا

(فرع)

بَعْدَ الْوِلَادَةِ لَزِمَهُ لِأَنَّ الْوَلَدَ لِلْفِرَاشِ وَإِنْ قَالَ النِّسَاءُ الْحَمْلُ هَكَذَا لَمْ يُحَدَّ وَإِلَّا حد وَلحق بِهِ بِخِلَاف الَّتِي تَأتي بِولد لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ قَبْلَ الْبِنَاءِ مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ فَيُقِرُّ بِهِ وَيَنْفِي الْوَطْءَ يُحَدُّ وَيَلْحَقُ بِهِ كَأَنَّهُ قَالَ وَلَدَتْ مِنْ غَيْرِي ثُمَّ أَكْذَبَ نَفْسَهُ بِاسْتِلْحَاقِهِ وَإِنْ قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ فَوَلَدَتْ وَلَدًا فَالْتَعَنَ مِنْهُ ثُمَّ وَلَدَتْ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَاللِّعَانُ الْأَوَّلُ يَنْفِي كُلَّ وَلَدٍ بَعْدَهُ فَإِنِ ادَّعَى الثَّانِيَ حُدَّ وَلَحِقَا بِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ مُتَّفِقَيْنِ عَلَى عَدَمِ الْمَسِيسِ ثُمَّ يظْهر حَمْلٌ فَتَقُولُ هُوَ مِنْهُ لَحِقَهُ لِأَنَّ اتِّفَاقَهُمَا لَا يُسْقِطُ حَقَّ الْوَلَدِ وَلَا يُكْمِلُ لَهَا صَدَاقَهَا لِإِقْرَارِهَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ يُكْمِلُ لِلُحُوقِ الْوَلَدِ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَرِثَتْهُ إِذَا كَانَ الطَّلَاقُ وَاحِدَةً وَلَا حَدَّ عَلَيْهَا وَلَوِ اسْتَلْحَقَهُ لَحِقَ وَلَمْ يُحَدَّ وَكَمُلَ الصَّدَاقُ وَلَهُ الرَّجْعَةُ وَإِنْ تَمَادَى عَلَى إِنْكَارِهِ لَاعَنَ وَزَالَ عَنْهُ وَلَا رَجْعَةَ لَهُ وَلَا يُكْمِلُ الصَّدَاقَ وَيُحَدُّ إِنْ لَمْ يُلَاعِنْ وَإِنْ نَكَلَ لَحِقَهُ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا تَصَادَقَا عَلَى نَفْيِ الْوَلَدِ بِغَيْرِ لِعَانٍ انْتَفَى وَحُدَّتْ وَقَالَ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ لَا يَنْتَفِي إِلَّا بِلِعَانٍ لِحَقِّ الْوَلَدِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ مَعْنَاهُ يَلْتَعِنُ الزَّوْجُ دُونَهَا لِإِقْرَارِهَا بِالزِّنَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهَذَا إِذَا ثَبَتَتْ عَلَى قَوْلِهَا وَإِنْ رَجَعَتْ قَبْلَ اللِّعَانِ عَادَ اللِّعَانُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ نَكَلَ لَحِقَ بِهِ وَلَا يحد لِأَنَّهَا مقرة وَفِي الْكتاب إِذا لَاعن لنفي الْوَلَدَ ثُمَّ زَنَتْ ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ لَحِقَهُ وَلَا يُحَدُّ لَهَا لِأَنَّهَا صَارَتْ زَانِيَةً (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا جَنَى عَلَى الْجَنِينِ بَعْدَ نَفْيِهِ بِاللّعانِ أَو قَتله بالغيرة للْأُم وَلمن يَرث الْجَنِين من عصبتها وترثه إِذَا مَاتَ أُمُّهُ وَعَصَبَتُهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذا

(فرع)

أَقَرَّ بِهِ بَعْدَ الْوِلَادَةِ إِنْ كَانَ مُوسِرًا فِي مُدَّةِ الْحَمْلِ أَوْ بَعْضِهَا رَجَعَتْ عَلَيْهِ بِالنَّفَقَةِ مُدَّةَ يَسَارِهِ وَإِلَّا فَلَا (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا لَاعَنَ بِالرُّؤْيَةِ وَلَمْ يَدَّعِ اسْتِبْرَاءً فَوَضَعَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنَ الرُّؤْيَةِ لَحِقَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِنَفْيِهِ وَلَا يَنْفَعُهُ نَفْيُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا يُحَدُّ لِتَقَدُّمِ لِعَانِهُ وَلَوْ قَالَ كُنْتُ اسْتَبْرَأْتُهَا وَنَفَاهُ كَانَ اللِّعَانُ الْأَوَّلَ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ لِلْمُلَاعَنَةِ السُّكْنَى دُونَ الْمُتْعَةِ لِأَنَّهَا آثَرَتِ الْفِرَاقَ فَلَا تُجْبَرُ بِالْمُتْعَةِ وَلَا تُنْكَحُ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا الْمَانِعُ الْخَامِسُ وَطْءُ مَنْ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غير الْمَوْطُوءَة لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ} النِّسَاء 23 يَعْنِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّهُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ وَفِي الْمُوَطَّأِ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا وَلَا بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا وَضَابِطُهُ كُلُّ امْرَأَتَيْنِ بَيْنَهُمَا من النّسَب أَو الرَّضَاع مَا يمْنَع تناكحها لَوْ قُدِّرَ أَحَدُهُمَا رَجُلًا لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي الْوَطْءِ بِعَقْدٍ وَلَا مِلْكٍ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَقَدْ خَرَجَ بِقَيْدَيِ النَّسَبِ وَالرَّضَاعِ الْمَرْأَةُ وَابْنَةُ زَوْجِهَا وَأُمُّهُ

(تفريع)

(تَفْرِيع) فِي الْكتاب إِذا تزوج امْرَأتَيْنِ من لَا يَجُوزُ اجْتِمَاعُهُمَا فُسِخَ الثَّانِي بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَلَهَا الْمُسَمَّى إِنْ دَخَلَ وَالْمِثْلُ إِنْ لَمْ يُسَمِّ أَوْ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ فُسِخَ وَتَزَوَّجَ أَيَّتهمَا شَاءَ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ وَلَا يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا لِفَسَادِ الْعَقْدِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ فِي الْأَوَّلِ إِنْ بَنَى بِهَا وَلَمْ تَعْلَمِ الْأُولَى وَادَّعَيَا ذَلِكَ حَلَفَتَا وَأَخَذَتَا صَدَاقَيْهِمَا وَاقْتَسَمَتَا بَيْنَهُمَا الْمِيرَاثَ وَاعْتَدَّتَا عِدَّةَ الْوَفَاةِ مَعَ الْإِحْدَادِ فِي الْمَوْتِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَمَعَ ثَلَاثِ حِيَضٍ قَالَ ابْن يُونُس فَإِن كَانَت فِي الْعِدَّةِ أَجْزَأَهَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فَإِنْ لم يبن فَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفُ صَدَاقِهَا وَإِنْ بَنَى بِوَاحِدَةٍ مَعْلُومَةٍ فَلَهَا الصَّدَاقُ وَنِصْفُ الْمِيرَاثِ وَلِلْأُخْرَى نِصْفُ الصَّدَاقِ وَنِصْفُ الْمِيرَاثِ وَفِي الْعَقْدِ الْوَاحِدِ الْمِيرَاثُ وَالصَّدَاقُ لِلْمَبْنِيِّ بِهَا دُونَ الْأُخْرَى قَالَ أَشْهَبُ إِذَا نَسِيَتِ الْبَيِّنَةُ تَارِيخَ الْعَقْدَيْنِ فَالزَّوْجُ مُصَدَّقٌ فِي تَعْيِينِ الْأُولَى وَيُفَارِقُ الْأُخْرَى بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَلَا صَدَاقٍ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرِ الزَّوْجُ فَارَقَهُمَا وَفِي الْكِتَابِ إِذَا وَطِئَهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ ثُمَّ تَزَوَّجَ أُخْتَهَا تَوَقَّفَ حَتَّى يَخْتَارَ أَيَّتُهُمَا شَاءَ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ لِتَقَدُّمِ مَانِعِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ عَقْدُ النِّكَاحِ تَحْرِيمٌ لِلْأَمَةِ لِأَنَّ الْعَقْدَ انْعَقَدَ بِالْوَطْءِ مِنَ الْمِلْكِ فَيَنْدَفِعُ الْمِلْكُ لِلتَّضَادِّ وَلَوْ بَاعَهَا بَعْدَ وَطْئِهَا ثُمَّ تَزَوَّجَ أُخْتَهَا فَلَمْ يَطَأْهَا حَتَّى اشْتَرَى الْمَبِيعَةَ لَمْ يَطَأْ إِلَّا الزَّوْجَةَ لِوُرُودِ الْمِلْكِ بَعْدَ الْمَانِعِ وَإِذَا وَطِئَ إِحْدَى الْأُخْتَيْنِ بِالْمِلْكِ لَا يَطَأُ الْأُخْرَى حَتَّى تَحْرُمَ الْأُولَى بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ بَاعَهَا ثُمَّ وَطِئَ

الثَّانِيَة ثمَّ اشْترى الْمَبِيعَة تَمَادى على الأولى وَلَوْ لَمْ يَطَأِ الثَّانِيَةَ حَتَّى اشْتَرَى الْمَبِيعَةَ تخير فِيهِمَا وَلَوْ جَمَعَهُمَا فِي الْوَطْءِ قَبْلَ تَحْرِيِمِ إحديهما خُيِّرَ بَيْنَهُمَا فَإِنِ اخْتَارَ الْمَوْطُوءَةَ الثَّانِيَةَ اسْتَبْرَأَهَا من المَاء الْفَاسِد وَتَحْرِيم إحديهما بِالظِّهَارِ لَا يَكْفِي إِذْ لَهُ الْكَفَّارَةُ وَكَذَلِكَ بَيْعُهَا مِنْ غَيْرِهِ أَوِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ أَوْ يَتِيمٍ فِي حِجْرِهِ لِتَمَكُّنِهِ مِنَ النَّزْعِ بِالِاعْتِصَارِ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ زَوَاجٍ فَاسِدٍ أَوْ بَيْعٍ فَاسِدٍ إِلَّا أَنْ يَفُوتَ بِخِلَافِ بَيْعِهَا بِعَيْبٍ فَإِنَّهُ مَاضٍ حَتَّى يُرَدَّ أَوْ إِبَاقِهَا أَوْ أسرها من الاياسر وَزَادَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِي الْمُخْتَصَرِ إِذَا دَلَّسَ بِعَيْبٍ فِي الْبَيْعِ لَا يُفْسِدُهُ التَّحْرِيمُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ أَخَذَهُمَا سَنَةً لَا يحل أُخْتُهَا أَوْ سِنِينَ كَثِيرَةً أَوْ حَيَاةَ الْمَخْدَمِ حَلَّتْ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ اشْتَرَى أُخْتَهَا فَوَطِئَهَا كُفَّ عَنِ الزَّوْجَةِ حَتَّى يُحَرِّمَ الْأَمَةَ وَلَا يَفْسُدُ النِّكَاحُ وَلِأَنَّهُ أَقْعَدَ بِحَلِّ الْوَطْءِ وَقَدْ تَقَدَّمَ وَإِنْ زُوِّجَ أُمَّ وَلَدِهِ ثُمَّ اشْتَرَى أُخْتَهَا فَوَطِئَهَا ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَيْهِ أَقَامَ عَلَى وَطْءِ الْأَمَةِ لِسَبْقِهِ وَلَوْ وَلَدَتِ الْأَمَةُ فَزَوَّجَهَا ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَيْهِ تُخُيِّرَ بَيْنَهُمَا لِتَسَاوِي أَمْرِهِمَا إِلَّا أَنْ يَطَأَ أُولَاهُمَا رُجُوعًا وَمَنْ أَبَانَ امْرَأَتَهُ حَلَّتْ أُخْتُهَا فِي عِدَّتِهَا وَالْخَامِسَةُ وَقَالَهُ ش لِانْقِطَاعِ الْمُوَارَثَةِ وَالْعِصْمَةِ وَإِنَّمَا الْعدة حفظا للأنساب وَقَالَ ح وَابْن حَنْبَل يحرمان لِأَنَّ الْعِدَّةَ مِنْ آثَارِ النِّكَاحِ وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَجْمَعْ مَاءَهُ فِي

(فرع)

رَحِمِ أُخْتَيْنِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ لُحُوقَ الْوَلَدِ بَعْدَ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ آثَارِ النِّكَاحِ وَلَا قَائِلَ بِالْحُرْمَةِ وَإِنَّمَا الْمُعْتَبَرُ الِاخْتِصَاصُ بِالزَّوْجِ حَتَّى تَحْصُلَ الْقَطِيعَةُ بَيْنَ الْأَقَارِبِ بِالْجَمْعِ وَعَنِ الثَّانِي أَنه مُطلق فِي الْأَزْمَان فيحمله عَلَى زَمَانِ الِاخْتِصَاصِ قَبْلَ الْبَيْنُونَةِ وَتُحَرَّمُ فِي عدَّة الرّجْعَة اتِّفَاق (فَرْعٌ) قَالَ فَإِنِ ادَّعَى اعْتِرَافَهَا بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فِي مُدَّةِ مِثْلِهَا فَأَكْذَبَتْهُ مُنِعَ مِنَ الْأُخْتِ وَالْخَامِسَةِ لِأَنَّ الْمُعَوَّلَ فِي الْعِدَّةِ عَلَى قَوْلِهَا فَإِنْ عَقَدَ فُسِخَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِمَا يُعْرَفُ بِهِ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ تُحَرَّمُ الْأُخْتُ بِالْعِتْقِ وَالْكِتَابَةِ وَالتَّزْوِيجِ دُونَ الْحَيْضِ وَالْعِدَّةِ وَالرِّدَّةِ وَالْإِحْرَامِ وَبَيْعٍ فِيهِ اسْتِبْرَاءٌ أَوْ بِعُهْدَةٍ أَوْ خِيَارٍ حَتَّى يَنْقَضِيَ ذَلِكَ تَمْهِيدٌ الْأُخْتَانِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ حَرَّمَهُمَا قَوْله تَعَالَى {وَأَن تجمعُوا بَين الْأُخْتَيْنِ} وأحلهما قَوْله تَعَالَى {أَو مَا ملكت أَيْمَانكُم} وَلَيْسَتْ إِحْدَاهُمَا أَخَصَّ مِنَ الْأُخْرَى حَتَّى تُقَدَّمَ عَلَيْهَا لِأَنَّ الْأُولَى تَتَنَاوَلُ الْمَمْلُوكَتَيْنِ وَالْحُرَّتَيْنِ فَهِيَ أَعَمُّ مِنَ الثَّانِيَةِ وَالثَّانِيَةُ تَتَنَاوَلُ الْأُخْتَيْنِ وَغَيْرَهُمَا فَهِيَ أَعم من الأولى يكون كُلٌّ مِنْهُمَا أَعَمُّ وَأَخَصُّ مِنْ وَجْهٍ فَيَسْتَوِيَانِ وَلِذَلِكَ قَالَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَحَلَّتْهُمَا آيَةٌ وَحَرَّمَتْهُمَا آيَةٌ وَالتَّرْجِيحُ لِلْجَمَاعَةِ مِنْ ثَلَاثَةِ أوجه أَحدهمَا أَنَّ الْأُولَى سِيقَتْ لِلتَّحْرِيمِ وَالثَّانِيَةَ سِيقَتْ لِلْمَدْحِ لحفظ الْفروج وَالْقَاعِدَة أَن الْكَلَام إِذا سبق لِمَعْنَى لَا يُسْتَدَلُّ بِهِ فِي غَيْرِهِ فَلَا تُعَارِضُ الْأُولَى وَثَانِيهَا أَنَّ الْأُولَى لَمْ يُجْمَعْ عَلَى تَخْصِيصِهَا وَالثَّانِيَةَ أُجْمِعَ عَلَى تَخْصِيصِهَا بِمَا لَا يَقْبَلُ الْوَطْءَ مِنَ الْمَمْلُوكَاتِ وَبِمَا يَقْبَلُ

فرع

لكنه محرم وَغير الْمَخْصُوص أرجح ثَالِثهَا أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْفُرُوجِ التَّحْرِيمُ حَتَّى يَتَيَقَّنَ الْحل فتترجح الأولى (فَرْعٌ) قَالَ صَاحب الْمُنْتَقى وكما يَحْرُمُ الْجَمْعُ فِي الْوَطْءِ فَكَذَلِكَ النَّظَرُ بِلَذَّةٍ لِلْمِعْصَمِ وَالصَّدْرِ قِيَاسًا عَلَى مَا سَوَّى الشَّرْعُ فِيهِ بَين الْوَطْء وَالنَّظَر للذة (فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا إِذَا تَزَوَّجَ أُخْتًا عَلَى أُخْتٍ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ وَوَطِئَ حُدَّ إِلَّا أَنْ تَكُونَا أُخْتَيْنِ مِنَ الرَّضَاعِ لِأَنَّهُ بِالسُّنَّةِ وَهُوَ أَصْلُ كُلِّ مُحَرَّمٍ بِالسنةِ (فَرْعٌ) قَالَ وَإِذا قَالَتْ فِي عِدَّةِ الرَّجْعَةِ انْحَبَسَ الدَّمُ عَنِّي حُرِّمَتِ الْأُخْتُ وَالْخَامِسَةُ وَصُدِّقَتْ إِلَى سَنَةٍ لِظُهُورِ الْحَمْلِ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَنْظُرُ إِلَيْهِ النِّسَاءُ الْمَانِعُ السَّادِس حُصُول أَربع فِي الْعِصْمَة فَفِي الْجَوَاهِر تمْتَنع الزِّيَادَةُ عَلَى الْأَرْبَعِ لِلْحُرِّ وَالْعَبْدِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} النِّسَاء 3 وَمَعْنَى مَثْنَى عِنْدَ الْعَرَبِ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ غير منحصر وَمعنى ثَلَاثَ غَيْرَ مُنْحَصِرٍ وَكَذَلِكَ رُبَاعَ إِلَى عُشَارَ جعلت هَذِه الصِّيغَة عوض التّكْرَار فَيكون معنى الْآيَة

(فرع)

إِمَّا اثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثٌ أَوْ أَرْبَعٌ فَظَهَرَ غَلَطُ مَنْ أَبَاحَ التِّسْعَ بِنَاءً عَلَى ضَمِّ الِاثْنَيْنِ إِلَى مَا بَعْدَهَا تَمْهِيدٌ أَبَاحَ اللَّهُ تَعَالَى الزَّوَاجَ فِي التَّوْرَاة غير منحصر حِفْظًا لِمَصَالِحِ الرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ وَحَرَّمَ فِي الْإِنْجِيلِ الزِّيَادَةَ عَلَى الْوَاحِدَةِ حِفْظًا لِمَصَالِحِ النِّسَاءِ دُونَ الرِّجَالِ وَجَمَعَ فِي هَذِهِ الشَّرِيعَةِ الْمُعَظَّمَةِ بَيْنَ مَصَالِحِ الْفَرِيقَيْنِ وَأَمَّا مُضَارَّةُ الْمَرْأَةِ بِثَلَاثٍ فَلِأَن الثَّالِثَة مِنْ مُسْتَثْنَيَاتِ الْقَوَاعِدِ تُبَاحُ مِنَ الْإِحْدَادِ ثَلَاثٌ وَمِنَ الْهِجْرَةِ ثَلَاثٌ وَمِنَ الْخِيَارِ ثَلَاثٌ وَمِنَ الْعُهْدَةِ ثَلَاثٌ وَهُوَ كَثِيرٌ قَالَ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ تَحْرُمُ الثَّالِثَةُ عَلَى الْعَبْدِ وَقَالَهُ ش قِيَاسا على طَلَاقه وحدوده وَجَوَابه أَنَّ التَّشْطِيرَ خَاصٌّ بِالْعَذَابِ لِلْآيَةِ وَهُمَا عَذَابٌ وَهَذَا تَعْمِيم فَافْتَرَقَا وَتَحِلُّ الْخَامِسَةُ بِطَلَاقِ إِحْدَى الْأَرْبَعِ طَلَاقًا بَائِنًا خِلَافًا لِ ح وَابْنِ حَنْبَلٍ وَتَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ فِي تَحْرِيمِ الْجَمْعِ دُونَ الرَّجْعِيِّ لِبَقَاءِ الْعِصْمَةِ وَإِنْ عَقَدَ عَلَى خَمْسٍ بَطَلَ الْعَقْدُ (فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِذَا كَانَتْ إِحْدَى الْأَرْبَعِ بِدَارِ الْحَرْبِ فَطَلَّقَهَا لَا تَحِلُّ لَهُ الْخَامِسَةُ إِلَّا بَعْدَ خَمْسِ سِنِينَ مِنْ يَوْمِ خَرَجَ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ حَامِلًا وَتَأَخَّرَ حَمْلُهَا خمس سِنِين فَإِن طَلقهَا بعد خُرُوجه بِسنة انْتَظَرَ أَرْبَعًا أَوْ بَعْدَهَا بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَثَلَاثٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ عِدَّتُهَا بِالْحَيْضِ وَيُفَرَّقُ الْحيض فِي ثَلَاثِ سِنِينَ فَلَا بُدَّ مِنْ كَمَالِ سَنَةٍ لَا حَيْضَ فِيهَا أَوْ تَكْمُلُ ثَلَاثُ حيض

الْمَانِعُ السَّابِعُ اسْتِيفَاءُ عَدَدِ الطَّلَاقِ ثَلَاثًا لِلْحُرِّ وَاثْنَتَانِ لِلْعَبْدِ لِتَعَذُّرِ تَشْطِيرِ طَلْقَةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {الطَّلَاق مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} الْبَقَرَة 229 أَيِ الطَّلَاقُ الرَّجْعِيُّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} الْبَقَرَة 230 وَهَذِهِ ثَالِثَةٌ لِذِكْرِهَا بَعْدَ اثْنَتَيْنِ وَالطَّلَاقُ عِنْدَنَا مُعْتَبَرٌ بِالرِّجَالِ لِأَنَّ تَعَلُّقَ الْفِعْلِ بِفَاعِلِهِ آكَدُ مِنْ تَعَلُّقِهِ بِغَيْرِهِ فَطَلَاقُ الْعَبْدِ اثْنَتَانِ وَلَو كَانَت امْرَأَته حرَّة وَالْحر ثَلَاث وَإِن كَانَت امْرَأَته أَمَةً وَقَالَ ح مُعْتَبَرٌ بِالنِّسَاءِ فَلِلْحُرَّةِ ثَلَاثُ تَطْلِيقَاتٍ كَيْفَ كَانَ زَوْجُهَا وَالْأَمَةِ اثْنَتَانِ كَيْفَ كَانَ زَوْجُهَا لِمَا يُرْوَى عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ طَلَاقُ الْأَمَةِ طَلْقَتَانِ وَعِدَّتُهَا حَيْضَتَانِ تَنْبِيهٌ لَمَّا كَانَ مَطْلُوبُ الزَّوَاجِ الْإِعْفَافَ وَتَكْثِيرَ النَّسْلِ عَاقَبَ اللَّهُ تَعَالَى الْمُطَلِّقَ ثَلَاثًا بِاحْتِيَاجِهِ إِلَى وَطْءِ غَيْرِهِ لِامْرَأَتِهِ لِصُعُوبَةِ ذَلِكَ عَلَى الْمَرْأَةِ فَائِدَةٌ يُقَالُ كُلُّ نِكَاحٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَالْمُرَادُ بِهِ الْعَقْدُ إِلَّا هَذِهِ الْآيَةَ الْمُرَادُ مِنْهَا الْوَطْءُ مَعَ الْعَقْدِ قَوَاعِدُ حَتَّى لِلْغَايَةِ فَيَثْبُتُ بَعْدَهَا نَقِيضُ مَا قَبْلَهَا وَالْمَرْأَةُ لَا تَحِلُّ بِوَطْءِ الثَّانِي بَلْ حَتَّى تُطَلَّقَ وَتَعْتَدَّ ويعقد الأول فَهَل ترك مُقْتَضى الْآيَة أَوْ هُوَ بَاقٍ فَنَقُولُ التَّحْرِيمُ يَتَضَاعَفُ بِسَبَبِ اجْتِمَاع الْأَسْبَاب كَالزِّنَا

بِمحرم وبالأم أَشد وَبهَا فِي الصَّوْم أَشد وَمَعَ الْإِحْرَام أَشد وَفِي الْكَعْبَة كَذَلِك هَذِه مُحَرَّمَةٌ لِكَوْنِهَا أَجْنَبِيَّةً وَمُطَلَّقَةً ثَلَاثًا وَالْمَعْنَى إِنَّمَا هُوَ تَحْرِيمُ الثَّلَاثِ وَهُوَ يَرْتَفِعُ بِوَطْءِ الثَّانِي وَيَبْقَى تَحْرِيمُ الْأَجْنَبِيَّةِ وَكَوْنُهَا زَوْجَةً لِلْغَيْرِ فَإِذَا طَلقهَا ارْتَفع كَونهَا زَوْجَة للْغَيْر وَبَقِيَ كَوْنُهَا أَجْنَبِيَّةً فَإِذَا عَقَدَ حَلَّتْ مُطْلَقًا تَفْرِيعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا لَمْ يَحْتَلِمْ وَهُوَ يَقْوَى عَلَى الْوَطْءِ لَا يَحِلُّ وَطْؤُهُ الْمَرْأَةَ وَلَا يُحَصَّنُ وَلَا مَهْرَ وَلَا عِدَّةَ وَتُحَرَّمُ على آبَائِهِ وعَلى أبنائه لِأَنَّ الْخُرُوجَ مِنَ الْحُرْمَةِ إِلَى الْحِلِّ يَتَوَقَّفُ على أعلا الْمَرَاتِبِ وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَالْخَصِيُّ الْقَائِمُ الذَّكَرِ وَالْمَجْنُونُ وَالْمَجْبُوبُ إِذَا لَمْ يُعْلَمْ بِهِمْ لِأَنَّ لَهَا الْخِيَارَ وَإِنْ عَلِمَتْ أَحَلُّوهَا وَحَصَّنُوهَا لِسُقُوطِ خِيَارِهَا وَلَا يَحِلُّ الْمَجْبُوبُ وَلَا يُحَصَّنُ لِعَدَمِ الْوَطْءِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا وَطِئَهَا الْمَجْنُونُ فِي جِنِّهِ بَعْدَ عِلْمِهَا لَا يُحِلُّهَا وَلَا يُحَصِّنُهَا لِنُقْصَانِهِ عَنِ الْكَمَالِ وَالصَّحِيح يحل الْمَجْنُون وَيُحَصِّنُهَا لِأَنَّ الْوَطْءَ لِلرَّجُلِ وَإِنَّمَا الْمَرْأَةُ مُمَكِّنَةٌ قَالَ ابْن يُونُس قَالَ بعض شُيُوخنَا وَسَوَاء كَانَ مَقْطُوعَ الْحَشَفَةِ أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرُ الْكتاب وَقَالَ أَشهب إِذا اخْتَار السَّيِّدُ أَحَلَّ وَطْءُ الْعَبْدِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا أَدْخَلَتْ حَشَفَةَ الشَّيْخِ بِيَدِهَا وَانْتَعَشَ بَعْدَ الإدخال أحلهَا وَإِلَّا فَلَا وَإِن أَنْزَلَ خَارِجَ الْفَرْجِ فَدَخَلَ الْمَاءُ إِلَيْهِ فَأَنْزَلَتْ لَا يُحِلُّهَا لِعَدَمِ النِّكَاحِ وَفِي الْجَوَاهِرِ قِيلَ لَا يُشْتَرَطُ الِانْتِشَارُ وَيَكْفِي مِنْ مَقْطُوعِ الْحَشَفَةِ مِقْدَارُهَا وَيُشْتَرَطُ عِلْمُ الزَّوْجَةِ بِالْوَطْءِ دُونَ عِلْمِ الزَّوْجِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {حَتَّى تنْكح زوجا غَيره} وَلَمْ يَقُلْ حَتَّى يَنْكِحَهَا زَوْجٌ غَيْرُهُ وَلِأَنَّهُ أَوْقَعُ فِي أَدَبِ الْمُطَلِّقِ وَعَكَسَ أَشْهَبُ لِأَنَّ الْإِحْلَالَ مِنْ فِعْلِ الزَّوْجِ فَوَطْءُ الْمَجْنُونِ يُحِلُّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ دُونَ أَشْهَبَ فَلَوْ كَانَتْ

(فرع)

هِيَ الْمَجْنُونَةَ حَلَّتْ عِنْدَ أَشْهَبَ دُونَ ابْنِ الْقَاسِم وَقَالَ عبد الْملك تحل فِي الْحَالين نَظَرًا لِحُصُولِ الْوَطْءِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا ادَّعَتِ الْوَطْءَ وَأَنْكَرَهُ لَا يُحَدُّ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا أَمْنَعُ الْمُطَلِّقَ مِنْهَا خَشْيَةَ أَنْ يَكُونَ إِنْكَارُهُ إِضْرَارًا قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ لَمْ يُعْلَمِ التَّحْلِيلُ إِلَّا مِنْ قَوْلِهَا لَا يُقْبَلْ فِي الْأَمَدِ الْقَرِيبِ وَيُقْبَلُ فِي الْأَمَدِ الْبَعِيدِ إِنْ كَانَتْ مَأْمُونَةً قَالَ مُحَمَّدٌ لَا يُقْبَلُ فِي غَيْرِ الْمَأْمُونَةِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُقْبَلُ إِذَا طَالَ بِحَيْثُ يُمْكِنُ مَوْتُ شُهُودِهَا وَهِيَ كَالْغَرِيبَةِ وَأَمَّا الطَّارِئَةُ فَتَدِينُ لِتَعَذُّرِ ذَلِكَ عَلَيْهَا إِلَّا أَن يقرب الْموضع ولملك قَوْلٌ ثَالِثٌ إِنْ قَالَتْ ذَلِكَ بِقُرْبِ طَلَاقِهَا لَمْ تَحِلَّ أَوْ بَعْدَ الطَّوْلِ عِنْدَ إِرَادَةِ الرُّجُوعِ لَمْ تُصَدَّقْ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ كُلُّ مَوْضِعٍ تُصَدَّقُ فِيهِ عَلَى الزَّوْجِ فِي دَعْوَى الْوَطْء صدقت فِي الْإِحْلَال ومالا فَلَا وَقَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى قَالَ ابْنُ وَهْبٍ إِنْ ذُكِرَ ذَلِكَ عِنْدَ الْفِرَاقِ لَمْ يُحِلَّهَا ذَلِكَ وَفِي الْكِتَابِ لَوْ مَاتَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَتُوُهِّمَ الدُّخُولُ لم تحل حَتَّى يُعْلَمَ الدُّخُولُ لِأَنَّهُ السَّبَبُ وَرِدَّتُهُ لَا تُبْطِلُ الْإِحْلَالَ الْمُتَقَدِّمَ عَلَيْهَا وَلَا الْحَاجَةَ إِلَى الْإِحْلَالِ بِخِلَافِ الْإِحْصَانِ وَالظِّهَارِ وَالْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى وَالْعِتْق وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَسْقُطُ ذَلِكَ وَالْفَرْقُ لِلْمَذْهَبِ أَنَّ هَذِهِ كَفَّارَاتٌ وَأُمُورٌ فِي الذِّمَّةِ فَتَسْقُطُ كالكافر الْأَصْلِيّ لَا تقبل ذمَّته بعد توبتها بَعْدَ الْإِسْلَامِ وَالْإِحْلَالُ وَتَحْرِيمُ الْمَبْتُوتَةِ سَبَبَانِ شَرْعِيَّانِ لَا يُوجِبَانِ شَيْئًا فِي الذِّمَّةِ بَلْ

إِذَا أَسْلَمَ قُلْنَا لَهُ تَحْرُمُ عَلَيْكَ هَذِهِ حَتَّى تَتَزَوَّجَ لَا أَنْ نُلْزِمَهُ شَيْئًا وَتَحِلُّ لِلْمُطَلِّقِ هَذِهِ بِوَطْئِكَ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مُحَمَّدٌ يَسْقُطُ الْإِحْلَالُ وَالْإِحْصَانُ بِرِدَّتِهَا بِخِلَافِ رِدَّتِهِ لِأَنَّهُ فَعَلَ فِعْلَهُ فِي غَيْرِهِ فَلَا يَبْطُلُ بِرِدَّتِهِ كَالْعِتْقِ قَالَ اللَّخْمِيُّ لَوِ ارْتَدَّا ثُمَّ رَجَعَا جَازَ أَنْ يَتَنَاكَحَا قَبْلَ زَوْجٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُمَا عِنْدَهُ كَالْحَرْبِيَّيْنِ وَعِنْدَ غَيْرِهِ لَا يجوز لِأَنَّهُمَا يعودان على مَا كَانَا عَلَيْهِ وَإِنِ ارْتَدَّ الْمُحِلُّ خَاصَّةً قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُحِلُّ وَقَالَ غَيْرُهُ يُحِلُّ وَفِي الْكِتَابِ لَا يُحِلُّ إِلَّا الْعَقْدُ الصَّحِيحُ الَّذِي لَا اخْتِيَار لِأَحَدٍ فِيهِ مَعَ مَغِيبِ الْحَشَفَةِ وَمَا فِيهِ خِيَارٌ فَالْوَطْءُ بَعْدَ الْخِيَارِ لِاسْتِقْرَارِهِ حِينَئِذٍ وَبِاشْتِرَاطِ الْوَطْءِ قَالَ الْأَئِمَّةُ خِلَافًا لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ لِمَا فِي مُسْلِمٍ أَنَّ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيَّ تَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ طَلَّقَهَا فَتَزَوَّجَتْ آخَرَ فَأَتَتِ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَذَكَرَتْ أَنَّهُ لَا يَأْتِيهَا وَأَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ إِلَّا مَثَلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ فَتَبَسَّمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَالَ أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ لَا حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ يُرِيد بعسيلته إيلاج الْحَشَفَة وَاشْترط بعض الْعلمَاء الْإِنْزَال وَلم يشْتَرط الشَّافِعِي الانتشار وبعسيلتها مُبَاشَرَةَ فَرْجِهَا بِالْحَشَفَةِ وَمُقْتَضَى هَذَا الْحَدِيثِ اشْتِرَاطُ عِلْمِهَا وَبُلُوغِهَا وَجَوَّزَ ش الْمُرَاهِقَ وَالصَّغِيرَ لِمَا جُبِلَتْ عَلَيْهِ الطِّبَاعُ مِنْ لَذَّةِ الْمُبَاشَرَةِ وَلَوْ صَغُرَ السِّنُّ وَقِيَاسًا لِإِحْلَالِ الصَّغِيرِ عَلَى إِحْلَالِ الصَّغِيرَة المبتوتة وَجَوَّزَ ح الْمُرَاهِقَ وَمَنَعَهُ مَالِكٌ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمَفْهُومِ مِنَ الْحَدِيثِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَعَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ مَالِكٍ فِي الْمُرَاهِقِ يُحَدُّ فِي الزِّنَا يحل وَفِي الْكتاب وَطْء الْحَائِض أَو أَحدهمَا مُعْتَكِفٌ أَوْ صَائِمٌ رَمَضَانَ أَوْ مُحْرِمٌ لَا يحل وَلَا

(فرع)

يحصن وَاشْترط ش حِلَّ الْوَطْءِ وَلَا يُحِلُّ وَطْءُ النَّصْرَانِيِّ النَّصْرَانِيَّة إِلَّا أَنْ يَطَأَهَا بَعْدَ إِسْلَامِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَقَالَ أَيْضًا يُحَلِّلُهَا النَّصْرَانِيُّ وَهُوَ أَصْوَبُ لِانْدِرَاجِهِ فِي عُمُومِ الْأَزْوَاجِ (فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا تَزَوَّجَهَا مَنْ حَلَفَ لَيَتَزَوَّجَنَّ عَلَى امْرَأَتِهِ لتبر يَمِينه فَثَلَاثَة أَقْوَال قَالَ ايْنَ الْقَاسِم يحلهَا لِأَنَّهُ لم يعزم عَلَى التَّحْلِيلِ وَقَالَ أَيْضًا لَا يُحِلُّهَا كَانَتْ تُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ مِنْ نِسَائِهِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِ الْإِقَامَةَ بَلِ الْخُرُوجَ مِنْ يَمِينه فَأشبه الْمُحَلِّلَ وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ إِنْ كَانَتْ تُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ مِنْ نِسَائِهِ حَلَّتْ وَإِلَّا فَلَا قَاعِدَةٌ كُلُّ مُتَكَلِّمٍ لَهُ عُرْفٌ فِي لَفْظِهِ إِنَّمَا يُحْمَلُ لَفْظُهُ عَلَى عُرْفِهِ وَلِذَلِكَ تُحْمَلُ عُقُودُ كُلِّ بَلَدٍ عَلَى نَقْدِهِ وَوَصَايَاهُمْ وَأَوْقَافُهُمْ وَنُذُورُهُمْ عَلَى عَوَائِدِهِمْ وَالشَّرْعُ لَهُ عُرْفٌ فِي النِّكَاح وَهُوَ الْمُجْتَمع للأسباب وَالشَّرَائِطَ وَالِانْتِفَاءِ لِلْمَوَانِعِ فَحَمَلْنَا قَوْله تَعَالَى {حَتَّى تنْكح زوجا غَيره} عَلَيْهِ فَخَرَجَ الْعَقْدُ الْفَاسِدُ وَالْوَطْءُ الْمُحَرَّمُ وَإِنْ صَحَّ الْعَقْدُ وَوَطْءُ النَّصْرَانِيِّ لِفَسَادِ عَقْدِهِ وَفِي الْكتاب لَا يحلل إِلَّا نِكَاح الغبة غَيْرِ الْمُدَلَّسَةِ قِيلَ لِمَالِكٍ أَنَّهُ يَحْتَسِبُ ذَلِكَ قَالَ يَحْتَسِبُ فِي غَيْرِ هَذَا لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي التِّرْمِذِيِّ لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ وَاللَّعْنَةُ دَلِيلُ التَّحْرِيمِ وَسَبَبُهُ فِي الْمُحَلِّلِ مَا فِيهِ مِنْ دَنَاءَةِ الْمُرُوءَةِ مِنْ عَزْمِ الْإِنْسَانِ عَلَى وَطْءِ امْرَأَةٍ لِتَمْكِينِ غَيْرِهِ مِنْ وَطْئِهَا بَعْدَ صَيْرُورَتِهَا فِرَاشًا لَهُ وَمَنْسُوبَةً

إِلَيْهِ وَفِي الْمُحَلَّلِ لَهُ مَعَ أَنَّ الْقَاعِدَةَ امْتِنَاعُ مُؤَاخَذَةِ الْإِنْسَانِ بِفِعْلِ غَيْرِهِ إِمَّا لِاسْتِبَاحَتِهِ بِهَذَا التَّحْلِيلِ الْفَاسِدِ إِنْ فَعَلَ وَإِمَّا لِأَنَّ طَلَاقه ثَلَاثًا محرم وَهُوَ الْمخْرج إِلَى هَذَا وَإِمَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إِذَا اشْتَرَطَ التَّحْلِيلَ وَاللَّعْنُ يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ الْعَقْدِ فَيُفْسَخُ أَبَدًا وَلَا يُحَلَّلُ مَعَ أَنَّ صَاحِبَ الْقَبَسِ قَالَ لَمْ يَصِحَّ هَذَا الْحَدِيثُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْوَطْءُ الْحَرَامُ يُحَلِّلُ وَيُحَصِّنُ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ يُحَصِّنُ لِأَنَّ الْإِحْصَانَ يَرْجِعُ إِلَى وُجُوبِ الرَّجْمِ وَالْمَعْصِيَةُ تُنَاسِبُ الْعقُوبَة وَلَا يحلل لِأَنَّ الْإِحْلَالَ نِعْمَةٌ تُنَافِيهَا الْمَعْصِيَةُ وَالْوَطْءُ فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ وَقَضَاءِ رَمَضَانَ وَنَذْرِ أَيَّامٍ مُعَيَّنَةٍ يُحِلُّ وَيُحَصِّنُ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ لِحُصُولِ الْعُسَيْلَتَيْنِ وَتَوَقَّفَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ قَالَ مَالِكٌ إِنْ نَوَى إِمْسَاكَهَا إِنْ أَعْجَبَتْهُ وَإِلَّا حلهَا لَا يحل لِمُشَارَكَةِ نِيَّةِ التَّحْلِيلِ وَوَافَقْنَا ابْنَ حَنْبَلٍ عَلَى فَسَادِ الْعَقْدِ إِذَا اشْتَرَطَ عَلَيْهِ التَّحْلِيلَ مَعَ الْعَقْدِ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ نَوَاهُ وَقَالَ ش وح يَحِلُّ إِذَا نَوَاهُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ وَجَوَّزَ ح نِكَاحَ الْمُحَلِّلِ وَالْإِقَامَةَ عَلَيْهِ بَلْ قَالَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ ذَلِكَ قُرْبَةٌ بِالْإِحْسَانِ لِلْمُطَلِّقِ لَنَا عَلَيْهِمْ مَا تَقَدَّمَ قَالَ مَالِكٌ وَلَا يَضُرُّ إِرَادَةُ الزَّوْجَيْنِ التَّحْلِيلَ إِذَا لَمْ يَعْلَمِ الْمُحَلِّلُ لِأَنَّ الْإِحْلَالَ بِالْوَطْءِ وَالطَّلَاقِ مِنْ جِهَتِهِ دُونَهُمَا قَالَ مَالِكٌ يُفْسَخُ نِكَاحُ الْمُحَلِّلِ بِطَلْقَةٍ أَبَدًا وَلَهُ نِكَاحُهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَتَرْكُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ وَلَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا بِالْمَسِيسِ وَقَالَ أَيْضًا الْمُسَمَّى وَإِن ردهَا زَوجهَا بِدَلِيل النِّكَاح الْفَاسِد فسخ بِغَيْرِ طَلَاقٍ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى إِذَا عَقَدَ الْمُحَلِّلُ لِلتَّحْلِيلِ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ عِنْدَ مُحَمَّدٍ إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ بِإِقْرَارِهِ وَلَوْ ثَبَتَ بَعْدَ الْبِنَاءِ إِقْرَارُهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَيْسَ بِنِكَاحٍ قَالَ وَعِنْدِي يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ فِي فَسَادِ الْعَقْدِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ

(المانع الثامن الكفر)

أَنْ يُعْلِمَ الْأَوَّلَ بِقَصْدِهِ لِلتَّحْلِيلِ حَتَّى يَمْتَنِعَ وَإِذَا اشْتَرَى الْمَبْتُوتَةَ لَا تَحِلُّ لَهُ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ لِأَنَّ الْآيَةَ اشْتَرَطَتِ النِّكَاحَ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي التَّزْوِيجِ دُونَ الْمِلْكِ (الْمَانِعُ الثَّامِنُ الْكُفْرُ) (وَفِيهِ خَمْسَةُ فُصُولٍ) الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِيمَا يَحِلُّ وَفِي الْجَوَاهِر الْكفَّار ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ الْكِتَابِيُّونَ يَحِلُّ نِكَاحُ نِسَائِهِمْ وَضَرْبُ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِمْ وَإِنْ كَرِهَهُ فِي الْكِتَابِ لِسُوءِ تَرْبِيَةِ الْوَلَدِ وَلِأَمْرِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الصَّحَابَةَ بِمُفَارَقَةِ الْكِتَابِيَّاتِ فَفَعَلُوا إِلَّا حُذَيْفَةَ وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ وَأَجَازَهُ ش مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} الْمَائِدَة 5 وَالْمُرَادُ بالمحصنات هَا هُنَا الْحَرَائِر والزنادقة والمعطلة لَا يناكحوا وَلَا تُؤْخَذ مِنْهُم الْجِزْيَة وَالْمَجُوس لَا يناكحوا وَتُؤْخَذُ مِنْهُمُ الْجِزْيَةُ لِمَفْهُومِ الْآيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ غَيْرَ آكِلِي أَطْعِمَتِهِمْ وَلَا نَاكِحِي نِسَائِهِمْ وَبِهَذِهِ الْجُمْلَةِ قَالَ الْأَئِمَّةُ وَقِيلَ يَحِلُّ نِكَاحُ حَرَائِرِ الْمَجُوس نظرا لأَنهم لَهُم كتاب وَعقد وَهَذَا لَا عِبْرَةَ بِهِ فَإِنَّ الْوَثَنِيِّينَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ وَالْمُعْتَبَرُ إِنَّمَا هُوَ حَالَتُهُمُ الْحَاضِرَةُ قَالَ اللَّخْمِيُّ لَا يَجُوزُ وَطْءُ الْوَثَنِيَّاتِ بِنِكَاحٍ وَلَا مِلْكٍ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} الْبَقَرَة 221 وَقِيلَ الصَّابِئُونَ مِنَ النَّصَارَى والسامرية من الْيَهُود وَقيل لَيْسُوا مِنْهُمَا فَيَجُوزَ نِكَاحُهُمْ عَلَى الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي

(فرع)

تَمْهِيدٌ قَوْله تَعَالَى {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكتاب من قبلكُمْ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورهنَّ} الْآيَةُ مُتَأَخِّرَةُ النُّزُولِ عَنْ قَوْله تَعَالَى {وَلا تنْكِحُوا المشركات حَتَّى يُؤمن} فأبيحت الْأَمَةُ الْكِتَابِيَّةُ قِيَاسًا عَلَى الْحَرَائِرِ بِجَامِعِ الشَّرَفِ بِالْكتاب وتسوية بَيْنَ الْمَنَاكِحِ وَالْأَطْعِمَةِ وَقِيلَ الْمُشْرِكَاتُ خَاصٌّ بِالْوَثَنِيَّاتِ وَإِنْ أَشْرَكَ الْيَهُودُ بِعُزَيْرٍ وَالنَّصَارَى بِعِيسَى عَلَيْهِمَا السَّلَامُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ} الْبَيِّنَة 1 فَبَايَنَ بَيْنَهُمْ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ مِنَ الْكِتَابِ تَنْبِيهٌ لَمَّا تَشَرَّفَ أَهْلُ الْكِتَابِ بِالْكِتَابِ وَنِسْبَتِهِمْ إِلَى الْمُخَاطَبَةِ مِنْ رَبِّ الْأَرْبَابِ أُبِيحَ نِسَاؤُهُمْ وَطَعَامُهُمْ وَفَاتَ غَيرهم هَذَا الشّرف بحرمانهم وَأَمَّا الْأَمَةُ الْكِتَابِيَّةُ فَلَا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ الْأَمَةَ الْمُؤْمِنَةَ إِلَّا بِشَرْطَيْنِ صِيَانَةٌ لِلْوَلَدِ عَنِ الرِّقِّ وَالْأَمَةُ الْكَافِرَةُ تَجْمَعُ بَيْنَ الْإِرْقَاقِ وَتَلْقِينِ الْكُفْرِ وَتَغْذِيَةِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ فَحُرِّمَتْ مُطْلَقًا وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَأَجَازَهَا ح تَسْوِيَةً بَيْنَ الْحَرَائِرِ وَالْإِمَاءِ عَكْسُهُ الْمَجُوسُ وَالْفَرْقُ عِنْدَنَا اجْتِمَاعُ الْمَفْسَدَتَيْنِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ تُوطَأُ الْأَمَةُ الْمَجُوسِيَّةُ الصَّغِيرَةُ إِذَا أُجْبِرَتْ عَلَى الْإِسْلَامِ وَعَقِلَتْ مَا يُقَالُ لَهَا وَفِي اللُّبَابِ تُوطَأُ الْأَمَةُ الْكِتَابِيَّةُ بِالْمِلْكِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَلَا يُمْنَعُ نَصْرَانِيٌّ مِنْ نِكَاحِ مَجُوسِيَّةٍ وَلَا مَجُوسِيٌّ مِنْ نَصْرَانِيَّةٍ لِأَن لَا نَتَعَرَّضَ لَهُمْ

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ الْوَلَدُ تَبَعٌ لِلْوَالِدِ فِي الدِّينِ وَالْحُرِّيَّةِ وَلِأُمِّهِ فِي الْمِلْكِ وَالْجِزْيَةِ لِأَنَّ الْأَدْيَانَ إِنَّمَا تقوم بالنصرة وَهِي بِالرِّجَالِ أليق وَالرّق مَهَانَةٌ وَاسْتِيلَاءٌ وَهُمَا بِالنِّسَاءِ أَنْسَبُ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ وَقِيلَ يَتْبَعُ الْأُمَّ كَيْفَ كَانَتْ قِيَاسًا عَلَى الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ وَقِيلَ أَحْسَنَهُمَا دِينًا تَغْلِيبًا للأسلام وَقَالَهُ ش وَمَا ولد لِلْمُرْتَدِّ بَعْدَ رِدَّتِهِ هَلْ يَكُونُ كَوَلَدِ الْكَافِرِ فِي السَّبْيِ وَالرِّقِّ وَالْجَبْرِ عَلَى الْإِسْلَامِ أَوْ يُجْبَرُ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَوْلَانِ وَإِذَا قُلْنَا بِبَقَائِهِمْ فَهَلْ نَفَقَتُهُمْ عَلَى آبَائِهِمْ قَوْلَانِ كَالْقَوْلَيْنِ فِي نَفَقَاتِ الزَّوْجَاتِ إِذَا أَسْلَمْنَ وَرَجَّحَ ابْنُ مُحْرِزٍ النَّفَقَةَ عَلَى الْأَبِ لِوُجُوبِ سَبَبِهَا وَهُوَ الْقَرَابَةُ وَفِي الْكِتَابِ إِسْلَامُ الْأَبِ إِسْلَامٌ لِصِغَارِ بَنِيهِ وَإِذَا زَوَّجَ النَّصْرَانِيُّ ابْنَتَهُ الطِّفْلَةَ مِنْ كِتَابِيٍّ ثُمَّ أَسْلَمَ الْأَبُ وَهِيَ صَغِيرَةٌ فُسِخَ نِكَاحُهَا وَكَذَلِكَ الطِّفْلُ لَوْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ مَجُوسِيَّةً يُعْرَضُ عَلَيْهَا الْإِسْلَامُ فَإِنْ أَبَتْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا مَا لَمْ يَتَطَاوَلْ وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ مُرَاهِقًا ابْنَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً حَالَةَ الْإِسْلَامِ فَلَا يُجْبَرْ عَلَيْهِ إِلَى الْبُلُوغِ فَإِنْ أَقَامَ عَلَى دِينِهِ لَمْ يُعْرَضْ لَهُ لِاسْتِقْلَالِهِ عَلَى التَّمْيِيزِ وَإِنْ تُرِكَ الْأَطْفَالُ حَتَّى رَاهَقُوا فَإِنْ أَبَوُا الْإِسْلَامَ لَمْ يُجْبَرُوا لِأَنَّهَا حَالَةٌ تَأْبَى التَّبَعِيَّةَ وَقَالَ بَعْضُ الرُّوَاةِ يُجْبَرُونَ نَظَرًا لِحَالَةِ الْإِسْلَامِ وَهُوَ أَكْثَرُ مَذَاهِبِ الْمَدَنِيِّينَ (فَرْعٌ) قَالَ لَوْ مَاتَ أَبُو الْمُرَاهِقِ وُقِفَ الْمَالُ إِلَى أَنْ بَلَغَ وَأَسْلَمَ وَرِثَ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ أَسْلَمَ قَبْلَ احْتِلَامِهِ لَمْ يَتَعَجَّلْ ذَلِكَ حَتَّى يَحْتَلِمَ لِأَنَّهُ لَو رَجَعَ لم

يقتل وَقيل يُقْتَلْ وَلَهُ الْمِيرَاثُ وَلَوْ رَجَعَ ضُرِبَ حَتَّى يُسْلِمَ أَوْ يَمُوتَ قَالَ مَالِكٌ وَلَوْ قَالَ الْوَلَدُ إِنِّي لَا أُسْلِمُ إِذَا بَلَغْتُ لَا يعْتَبر ذَلِك الْفَصْلُ الثَّانِيُ فِي أَنْكِحَتِهِمْ وَهِيَ عِنْدَنَا فَاسِدَةٌ وَإِنَّمَا الْإِسْلَامُ يُصَحِّحُهَا خِلَافًا لِابْنِ حَنْبَلٍ وَفِي الْكِتَابِ لَا يَطَأُ الذِّمِّيُّ مُسْلِمَةً بِنِكَاحٍ وَلَا ملك وليقدم فِي ذَلِكَ إِلَى الذِّمَّةِ وَيُعَاقَبُونَ بَعْدَ التَّقَدُّمِ وَلَا يُحَدُّونَ وَيُعْفَى عَنِ الْجَاهِلِ وَتُبَاعُ الْأَمَةُ عَلَيْهِ نَفْيًا لِاسْتِيلَاءِ الْكُفْرِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَيُفْسَخُ النِّكَاحُ وَإِنْ أَسْلَمَ الزَّوْجُ لِفَسَادِ الْعَقْدِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَتُحَدُّ الْمُسْلِمَةُ إِنْ لَمْ تُعْذَرْ بِجَهْلٍ كَمَا قَالَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ إِذَا تَزَوَّجَ مَجُوسِيَّةً عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ حُدَّ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَطَلَاقُهُمْ غَيْرُ لَازِمٍ لِأَنَّ فِيهِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى وَهُوَ سَاقِط مَعَ الْكفْر وَحقّ للْمَرْأَة وَهُوَ فِي مَعْنَى هِبَتِهَا نَفْسَهَا وَنَحْنُ لَا نُجْبِرُهُمْ عَلَى الْوَفَاءِ بِالْهِبَاتِ وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي الْعِتْقِ فَإِنْ جَارَتِ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا وَالْعَبْدُ نَفْسَهُ لم يمكنا من الرُّجُوع وَإِن امْتَنَعَا مَا لَمْ يُضْرَبْ عَلَى الْعَبْدِ الْجِزْيَةُ فَلَا يُمَكَّنْ مِنَ الرِّضَا بِالرِّقِّ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ أَبَانَهَا عَنْهُ مُدَّةً لَمْ يَحْتَجْ بَعْدَ الْإِسْلَامِ لِمُحَلِّلٍ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا إِذَا رَضِيا بِحكم الْإِسْلَام فحكمنا الثَّلَاث لَيْسَ لَهُ رَدُّهَا لِلزَّوْجِيَّةِ قَهْرًا لِأَجْلِ حُكْمِنَا وَلَهُ ذَلِكَ بِرِضَاهَا لِأَنَّ طَلَاقَ الْكُفْرِ غَيْرُ لَازِمٍ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ وَإِذَا أَسْلَمَا لَهُ رَدَّهَا قَبْلَ زَوْجٍ وَفِي الْكِتَابِ طَلَاقُهُمْ غير لَازم وَإِن رفع إِلَيْنَا لَا يحكم بِهِ إِلَّا بِرِضا الزَّوْجَيْنِ بِحُكْمِنَا قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ إِذَا رَضِيَا بِحُكْمِنَا فَفِي اعْتِبَار رضَا أَسَاقِفَتِهِمْ قَوْلَانِ نَظَرًا لِدُخُولِ ذَلِكَ فِي عَهْدِهِمْ أم لَا وَإِذا حكمنَا فِي الطَّلَاق فلمتأخرين أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ يُحْكَمُ بِالثَّلَاثِ إِنْ أَوْقَعَهَا أَوْ

بِتَطْلِيقَةٍ أَوْ بِالْفُرْقَةِ فِي الْجُمْلَةِ أَوْ تُعْتَبَرُ أَنْكِحَتُهُمْ إِنْ كَانَتْ عَلَى الْوَضْعِ الشَّرْعِيِّ حَكَمْنَا بِالطَّلَاق وَإِلَّا فبالفراق مُجْمَلًا وَفِي الْكِتَابِ الْأَفْضَلُ عَدَمُ الْحُكْمِ بَيْنَهُمْ لقَوْله تَعَالَى {فَإِن جاؤوك فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} الْمَائِدَة 42 وَلَوْ تَزَوَّجَ ذِمِّيٌّ امْرَأَةَ غَيْرِهِ مُنِعَ لِأَنَّهُ مِنْ بَاب التظالم الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي إِسْلَامِهِمْ وَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَبْحَاثٍ الْبَحْثُ الْأَوَّلُ فِيمَا يَثْبُتُ مِنْ عُقُودِهِمْ بَعْدَ الْإِسْلَامِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَهِيَ عِنْدَنَا فَاسِدَةٌ وَإِنَّمَا الْإِسْلَامُ يُصَحِّحُهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا نُقِرُّهُمْ عَلَى مَا هُوَ فَاسِدٌ عِنْدَهُمْ إِلَّا أَنْ يكون صَحِيحا عندنَا وَلَو اعتقدوا غضب امْرَأَة أَوْ رِضَاهَا بِالْإِقَامَةِ مَعَ الرَّجُلِ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ أَقْرَرْنَاهُمْ عَلَيْهِ وَقَالَهُ ش وَالضَّابِطُ أَنَّ كُلَّ مُفْسِدٍ يَدُومُ كَجَمْعِ الْأُخْتَيْنِ أَوْ لَا يَدُومُ لَكِنْ أَدْرَكَهُ الْإِسْلَامُ كَالزَّوَاجِ فِي الْعِدَّةِ فَيسلم فِيهَا فَهُوَ مُبْطل وَمَا لَا فَلَا وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ عُقُودُهُمْ صَحِيحَةٌ تَنْبِيهٌ وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَنَا أَنْكِحَةُ الْكُفَّارِ فَاسِدَةٌ مُشْكِلٌ فَإِنَّ وِلَايَةَ الْكَافِرِ لِلْكَافِرِ صَحِيحَةٌ وَالشَّهَادَةُ عِنْدَنَا لَيْسَتْ شَرْطًا فِي الْعَقْدِ حَتَّى نَقُولَ لَا تَصِحُّ شَهَادَتُهُمْ لِكُفْرِهِمْ وَلَوْ قُلْنَا إِنَّهَا شَرْطٌ وَأَشْهَدَ أَهْلُ الذِّمَّةِ الْمُسْلِمِينَ فَيَنْبَغِي التَّفْصِيلُ أَمَّا الْقَضَاءُ بِالْبُطْلَانِ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَلَا وَغَايَةُ مَا فِي الْبَابِ أَنَّ صَدَاقَهُمْ قَدْ يَقَعُ بِمَا لَا يَحِلُّ وَكَذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ وَتَخْتَلُّ بَعْضُ الشُّرُوطِ أَوْ كُلُّهَا أَحْيَانًا وَكَذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ فَكَمَا لَا يُقْضَى بِفَسَادِ أَنْكِحَةِ عَوَامِّ الْمُسْلِمِينَ وَجُهَّالِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ وَغَيْرِهِمْ بَلْ نُفَصِّلُ وَنَقُولُ مَا صَادَفَ الشُّرُوطَ فَهُوَ صَحِيحٌ سَوَاءٌ أَسْلَمُوا أَمْ لَا وَمَا لَمْ يُصَادِفْ فَبَاطِل

أَسْلَمُوا أَمْ لَا وَعَلَى هَذَا كَانَ يَنْبَغِي أَلَّا يُخَيَّرَ بَيْنَ الْأُمِّ وَابْنَتِهَا إِذَا أَسْلَمَ عَلَيْهِمَا بَلْ نَقُولُ إِنْ تَقَدَّمَ عَقْدُ الْبِنْتِ صَحِيحًا تَعَيَّنَتْ وَكَذَلِكَ لَا نُخَيِّرُهُ إِذَا أَسْلَمَ عَلَى عَشْرِ نِسْوَةٍ بَلْ نَقُولُ إِنْ وَقَعَ أَربع مِنْهَا أَولا عَلَى الصِّحَّةِ تَعَيَّنَ وَكَذَلِكَ يَلِيقُ إِذَا حَكَمْنَا بفسادها جملَة أَن لَا نُفَرِّقَ بَيْنَ الْمَوَانِعِ الْمَاضِيَةِ وَمَا بَقِيَ مُقَارِنًا لِلْإِسْلَامِ إِذِ الْكُلُّ فَاسِدٌ وَقَدْ أَقَرَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى نِكَاحِهِ فَفِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَدَّ ابْنَتَهُ زَيْنَبَ على أبي العَاصِي بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يُحْدِثْ شَيْئًا وَفِي الْكِتَابِ لَا يَثْبُتُ مِنْ شُرُوطِهِمْ بَعْدَ الْإِسْلَامِ إِلَّا مَا يَثْبُتُ لِلْمُسْلِمِ وَتُرَدُّ إِلَى مَا يَجِبُ فِي الْإِسْلَامِ وَلَا يُفْسَخُ النِّكَاحُ بِمَا لَا يُجِيزُونَهُ وَإِنْ كَانَ يُفْسَخُ لِلْمُسْلِمِ قَبْلَ الْبِنَاءِ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يُقَرِّرُ عُقُودَهُمْ وَإِذَا تَزَوَّجَهَا بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ بِغَيْرِ مَهْرٍ لِاسْتِحْلَالِهِمْ ذَلِكَ ثُمَّ أَسْلَمَا بَعْدَ الْبِنَاءِ ثَبَتَ النِّكَاحُ فَإِنْ كَانَتْ قَبَضَتْ ذَلِكَ الْخَمْرَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا شَيْءَ لَهَا غَيْرُهُ لِأَنَّهُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ حِينَئِذٍ وَإِلَّا فَلَهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ لَهَا حَتَّى أَسْلَمَا قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ قَبَضَتْ خُيِّرَ بَيْنَ صَدَاقِ الْمِثْلِ أَوِ الْفِرَاقِ لِأَنَّا لَا نُبيح وَطئهَا بِغَيْرِ صَدَاقٍ وَالْفِرَاقُ بِطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ كَنِكَاحِ التَّفْوِيضِ فِي الْإِسْلَامِ وَقَالَ غَيْرُهُ إِذَا قَبَضَتْ لَا شَيْءَ لَهَا لِأَنَّهُ مِنْ أَمْوَالِهَا حِينَئِذٍ كَمَا لَو باعت خمرًا حِينَئِذٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا قَبَضَتْ نِصْفَهُ كَانَ لَهَا نصف صَدَاقُ الْمِثْلِ وَعَلَى هَذَا الْحِسَابِ إِذَا بَنَى وَإِلَّا فَلَهَا الِامْتِنَاعُ حَتَّى تَأْخُذَ صَدَاقَ الْمِثْلِ وَهَذَا كُلُّهُ إِذَا أَسْلَمَا أَمَّا إِذَا أَسْلَمَتْ دُونَهُ فُسِخَ النِّكَاحُ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهَا فِيمَا قبضت

(فرع)

مِنْ خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ تَغْلِيبًا لِمِلْكِهَا وَقِيلَ عَلَيْهَا قيمَة الْمَقْبُوض وَإِن كَانَ قَائِما وتراق الْخَمْرُ وَيُقْتَلُ الْخِنْزِيرُ لِأَنَّهَا مَنَعَتْهُ مِنْهُ بِإِسْلَامِهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ أَصْدَقَهَا ثَمَنَ خَمْرٍ فَلَهَا قَبْضُهُ بَعْدَ إِسْلَامِهَا وَلَوْ أَصْدَقَهَا دَيْنًا لَهُ رِبًا فَأَسْلَمَا قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَا شَيْءَ لَهُ إِلَّا رَأس المَال لِأَنَّهُ الَّذِي يسْتَحقّهُ وَلَوْ كَانَ دِرْهَمَيْنِ وَأَصْلُهَا بِرِبَاهَا ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ نَظَرًا لِأَصْلِهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا أَسْلَمَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَالصَّدَاقُ خَمْرٌ فَأَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ مَا تَقَدَّمَ وَقَالَ أَشْهَبُ يُعْطِيهَا رُبُعَ دِينَارٍ وَإِلَّا فُسِخَ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ قِيمَةُ الْخَمْرِ وَإِنْ أَسْلَمَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ بَعْدَ قَبْضِ الْخَمْرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تَرُدُّ قِيمَةَ الْخَمْرِ فَاتَتْ أَمْ لَا وَتُكْسَرُ عَلَيْهَا وَقَالَ أَيْضًا لَا شَيْءَ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا مُسْتَهْلَكَةٌ شَرْعًا قَالَ وَأَرَى رَدَّهُ خَمْرًا لِأَنَّ بِانْفِسَاخِ النِّكَاحِ يَصِيرُ مِلْكًا لِلزَّوْجِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا أَسْلَمَ مَجُوسِيٌّ أَوْ ذِمِّيٌّ وَتَحْتَهُ مَجُوسِيَّةٌ عُرِضَ عَلَيْهَا الْإِسْلَامُ فَإِنْ أَبَتْ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ وَإِلَّا بَقِيَتْ زَوْجَةً مَا لَمْ يَبْعُدْ بَيْنَ إِسْلَامِهِمَا مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ وَالشَّهْرُ وَنَحْوُهُ قَلِيلٌ فَإِنْ أَسْلَمَتِ الْمَرْأَةُ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَلَا يُعْرَضْ عَلَيْهَا الْإِسْلَامُ وَلَكِنَّهُ إِنْ أَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا كَانَتْ لَهُ وَإِلَّا فَلَا قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ تقع الْفرْقَة إِذا امْتنعت الوثنية أَو الْمَجُوسِيَّة فِي الْحَالِ وَقَالَ ش يُنْتَظَرُ إِسْلَامُهَا فِي الْعِدَّةِ لِأَنَّ أَبَا سُفْيَانَ أَسْلَمَ وَأَسْلَمَتِ امْرَأَتُهُ بَعْدَهُ بِأَيَّامٍ وَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ ابْنَتَهُ زَيْنَبَ على أبي العَاصِي بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يُحْدِثْ شَيْئًا بَعْدَ سِتِّ سِنِينَ وَقِيلَ بَعْدَ سَنَتَيْنِ وَعُلِّلَ ذَلِكَ بِاحْتِمَالِ تَأَخّر الْحيض بقوله تَعَالَى {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} الْبَقَرَة 228 أَيْ فِي الْعِدَّةِ إِجْمَاعًا وَجَوَابُهُ أَنَّ

(فرع)

قِصَّةَ زَيْنَبَ قَبْلَ نُزُولِ الْفَرَائِضِ مَعَ أَنَّهُ رَدَّهَا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَوَّلِ لِكَوْنِهِ زِيَادَةً عَلَى النَّفْيِ وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ وَلَمْ يُحْدِثْ شَيْئًا عَلَى مِثْلِ الصَّدَاقِ الْأَوَّلِ وَالْأَخْبَارُ الْكَثِيرَةُ الْوَارِدَةُ فِي إِسْلَامِ الْوَثَنِيِّينَ مُعَارِضَةٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} الممتحنة 15 وَقَالَ ح إِنْ لَمْ يُسْلِمْ زَوْجُهَا بَعْدَهَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا فِي الْحَالِ إِنْ كَانَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَإِنْ كَانَا فِي دَارِ الْحَرْبِ بَقِيَتِ الزَّوْجَةُ حَتَّى تَقْضِيَ الْعِدَّةَ وَحَمَلَ الْقِصَصَ الْمَذْكُورَةَ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ أَسْلَمَتِ الْمَجُوسِيَّةُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَهُمَا زَوْجَانِ وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ تَقَعُ الْفُرْقَةُ فِي الْحَالِ مُطْلَقًا وَالصَّوَابُ أَن الْمُعْتَبر اخْتِلَاف الدّين لَا اخْتِلَافُ الدَّارِ وَقَبُولُ الْإِسْلَامِ عَلَى الْقُرْبِ كَمَا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَفِيهِ جَمْعٌ بَيْنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الْوَارِدَةِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا إِذَا أَسْلَمَ مَجُوسِيٌّ قَبْلَ الْبِنَاءِ لَا تَبْقَى زَوْجَتَهُ إِلَّا أَنْ يُسْلِمَ بِالْقُرْبِ جِدًّا وَيُعْرَضُ الْإِسْلَامُ عَلَى أَبَوَيِ الصَّغِيرَةِ كَعَرْضِهِ عَلَى الْكَبِيرَةِ لِأَنَّهَا تُسْلِمُ تَبَعًا لَهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَبَوَانِ بَقِيَ الْأَمْرُ مَوْقُوفًا حَتَّى تَعْقِلَ وَإِنْ كَانَا لَا يَتَوَارَثَانِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ سَبَبِ الْفَسْخِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ إِذَا أَسْلَمَ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ فَإِنْ أَبَتِ اسْتَبْرَأَتْ نَفْسَهَا بِحَيْضَةٍ وَقَالَ أَشْهَبُ إِسْلَامُهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ يَقْطَعُ الْعِصْمَةَ وَبِهِ أَخَذَ مُحَمَّدٌ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا أَسْلَمَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ تَحْتَ مَجُوسِيٍّ أَوْ كِتَابِيٍّ بَانَتْ مِنْهُ وَلَا رَجْعَةَ إِنْ أَسْلَمَ لِعَدَمِ الْعِدَّةِ وَإِسْلَامُ الزَّوْجِ كَالرَّجْعَةِ وَلَا يَمْلِكُ عِصْمَتَهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَالْفِرَاقُ فِي هَذَا بِغَيْرِ طَلَاقٍ لكَونه

مُتَّفقا عَلَيْهِ وَقَالَهُ ابْن حَنْبَل وش وَقَالَ ح يُعْرَضُ الْإِسْلَامُ عَلَى الْآخَرِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَإِنِ امْتَنَعَ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ وَأَصْلُهُ قَوْله تَعَالَى فِي اللائي أَسْلَمْنَ دُونَ أَزْوَاجِهِنَّ {فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} الممتحنة 15 وَأَسْلَمَ صَفْوَانُ فِي الْعِدَّةِ بَعْدَ شَهْرٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَإِذَا أَرَادَ الْإِسْلَامَ فافتدت لَهُ على أَن لَا يسلم حَتَّى تَنْقَضِي عدتهَا أَو على إِسْقَاطِ الرَّجْعَةِ لَا يَصِحُّ وَيَرُدُّ مَا أَخَذَهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرِّدَّةِ فِي لُزُومِ الطَّلَاقِ أَنَّ الرِّدَّةَ صَادِرَةٌ مِنْ مُسْلِمٍ وَالْمُسْلِمُ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ لَمْ يُسْلِمْ فَهِيَ طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ وَقَوْلُ مَالِكٍ أَحْسَنُ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ وَاخْتُلِفَ فِي الْعِدَّةِ فَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَسْلَمَتْ دُونَهُ فَثَلَاثُ حِيَضٍ وَقَالَ مَالِكٌ تَكْفِي النَّصْرَانِيَّةَ يُطَلِّقُهَا النَّصْرَانِيُّ حَيْضَةٌ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَجُوسِيَّة تأبى الْإِسْلَام تكفيها حَيْضَة لِأَن الزَّائِد تَعَبُّدٌ وَفِي الْبُخَارِيِّ كَانَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا هَاجَرَتْ حَتَّى تَحِيضَ وَتَطْهُرَ فَإِذَا طَهُرَتْ حَلَّ لَهَا النِّكَاحُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِذَا قَالَتْ حِضْتُ بَعْدَ إِسْلَامِي ثَلَاثَ حِيَضٍ وَقَالَ الزَّوْجُ إِنَّمَا أَسْلَمَتْ مِنْ عِشْرِينَ لَيْلَةً صُدِّقَ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهَا عَلَى الْكُفْرِ وَلَوْ وَافَقَ عَلَى أَمَدِ الْعِدَّةِ وَقَالَ أَسْلَمْتُ قَبْلَكِ أَوْ فِي الْعِدَّةِ وأكذبته لم تصدق لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ عَلَى حَالِهِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ الْمَعْرُوفُ مِنَ الْمَذْهَبِ إِذَا أَسْلَمَتْ لَا يَثْبُتُ نِكَاحُهُ إِلَّا أَنْ يُسْلِمَا مَعًا لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يَكُونُ زَوْجَ مَسْلِمَةٍ وَالْمَعْرُوفُ أَنَّ الْفُرْقَةَ فَسْخٌ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ وَإِذَا لَمْ يَعْلَمْ بِإِسْلَامِهَا فِي الْعِدَّةِ حَتَّى تزوجت فَروِيَ عَن

(فرع)

مَالك اسْتِقْلَالُهَا بِالْعَقْدِ فَإِنْ أَسْلَمَ قَبْلَهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا وَفِي الْمُدَوَّنَةِ هُوَ أَحَقُّ بِهَا مَا لَمْ تَدْخُلْ وَرُوِيَ عَنْهُ اسْتِقْلَالُهَا أَبَدًا لِأَنَّهَا نَصْرَانِيَّةٌ تَحْتَ مُسْلِمٍ فَلَا عِدَّةَ سَوَاءٌ دَخَلَ الْأَوَّلُ أَمْ لَا وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ الدُّخُولُ يُفِيتُهَا (فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِذَا قَدِمَا بِأَمَانٍ فَأَسْلَمَ لَمْ يَكُنْ لِامْرَأَتِهِ الرُّجُوعُ لِبَلَدِ الْحَرْبِ مُحْتَجَّةً بِالْأَمَانِ لِأَنَّهَا أَلْزَمَتْ نَفْسَهَا اسْتِيلَاءَ زَوْجِهَا عَلَيْهَا وَفِي الْكِتَابِ إِسْلَامُ الْحَرْبِيِّ الْكِتَابِيِّ لَا يُزِيلُ عِصْمَتَهُ وَيُكْرَهُ وَطْؤُهُ بِدَارِ الْحَرْبِ كَمَا يُكْرَهُ الزَّوَاجُ بِهَا خَشْيَةً عَلَى الْوَلَدِ مِنِ اتِّبَاعِ الْأُمِّ وَالْمُؤْمِنَانِ كَالذِّمِّيَّيْنِ فِي إِسْلَامِهِمَا وَإِذَا أَسْلَمَ الذِّمِّيُّ صَبِيًّا وَتَحْتَهُ مَجُوسِيَّةٌ لَمْ يفْسخ نِكَاحه حَتَّى يثبت على إِسْلَامُهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَتَقَعَ الْفُرْقَةُ إِلَّا أَنْ تُسْلِمَ هِيَ لِأَنَّهُ لَوِ ارْتَدَّ حِينَئِذٍ لَمْ يُقْتَلْ وَإِذَا وَجَبَتِ الْفُرْقَةُ بَيْنَ الْمَجُوسِيَّيْنِ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا صَدَاقَ وَلَا مُتْعَةَ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ مِنْ قِبَلِهَا وَإِذَا تَزَوَّجَ صَغِيرٌ بِغَيْرِ إِذْنِ أَبِيهِ ثُمَّ أَسْلَمَ بَعْدَ الْبُلُوغِ ثَبَتَ عَقْدُهُ لِأَنَّهُ شَيْءٌ مَضَى وَكَذَلِكَ لَوْ تَزَوَّجَ الْمَبْتُوتَةَ قبل زوج وَإِذا أسلم العَبْد وَتَحْته أَمَةٌ نَصْرَانِيَّةٌ فُسِخَ كَالْمَجُوسِيَّةِ إِلَّا أَنْ تُسْلِمَ فِي الْعِدَّةِ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَتَزَوَّجُ الْكِتَابِيَّةَ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ أَشْهَبُ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا لعدم الْخطاب حَالَة العقدلطريان الطَّوْلِ عَلَى الْأَمَةِ الْمُؤْمِنَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَإِسْلَامُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ فِي سِنِّ عَدَمِ التَّمْيِيزِ لَا يُؤَثِّرُ فِرَاقًا وَفِي الْإِثْغَارِ فَمَا فَوْقَهُ قِيلَ يَلْحَقُ بِالْبَالِغِ وَقِيلَ لَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا عَقَدَ عَلَى أَرْبَعٍ فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ أَسْلَمَ عَلَيْهِنَّ بَعْدَ الْعِدَّةِ ثَبَتْنَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ بَنَى بِهِنَّ أَمْ لَا وَقَبْلَ الْعِدَّةِ فَارَقَهُنَّ لِقِيَامِ الْمَانِعِ وَعَلَيْهِنَّ ثَلَاثُ

حِيَضٍ إِنْ مَسَّهُنَّ أَوْ بَعْدَ عِدَّةِ بَعْضِهِنَّ فَارق مَا فِيهِ الْعَدَّةِ كُنَّ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ أَمْ لَا بنى بِهن أَمْ لَا وَلَا يَثْبُتُ نِكَاحُ الْمُتْعَةِ إِذَا أَسْلَمَ بَعْدَ الْأَجَلِ وَإِلَّا فَلَا قَالَ اللَّخْمِيُّ وَلَا يُخْتَلَفُ أَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِالْإِصَابَةِ حَالَ الْكُفْرِ فِي حُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ الْبَحْثُ الثَّانِي فِي النَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا أَسْلَمَ قَبْلَهَا ثُمَّ تَخَلَّفَتْ لَمْ تَسْتَحِقَّ نَفَقَةً لِمُدَّةِ التَّخَلُّفِ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ مِنْهَا وَإِنْ أَسْلَمَتْ وَتَأَخَّرَ ثُمَّ أَسْلَمَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَهَا النَّفَقَةُ فِي الْعِدَّةِ حَامِلًا أَوْ حَائِلًا لِأَنَّ لَهُ الرَّجْعَةَ وَقَالَ أَيْضًا لَا نَفَقَةَ لَهَا لِامْتِنَاعِهَا بِإِسْلَامِهَا قَالَ وَهُوَ أَحْسَنُ عِنْدَ أَهْلِ النَّظَرِ وَفِي الْكِتَابِ لَوْ بَنَى بِهَا وَهُمَا مَجُوسِيَّانِ أَوْ ذِمِّيَّانِ فَافْتَرَقَا لِإِسْلَامِ أَحَدِهِمَا وَتَأَخَّرَ حَيْضُهَا فَلَهَا السُّكْنَى لِأَنَّهَا مُعْتَدَّةٌ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ فَسْخًا الْبَحْثُ الثَّالِثُ فِي اخْتِيَارِهِ مِنَ الْعَدَدِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ اخْتَارَ أَرْبَعًا كُنَّ أَوَائِلَ الْعُقُودِ أَوْ أَوَاخِرَهَا وَيُفَارِقُ الْبَاقِيَ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ قَيْسُ بْنُ الْحَارِثِ أَسْلَمْتُ وَتَحْتِي ثَمَانِي نِسْوَةٍ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقُلْتُ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ اختر أَرْبعا مِنْهُنَّ وَوَافَقَنَا ش وَقَالَ ح إِنَّمَا يَخْتَارُ من تقدم عقدهن لِفَسَادِ مَا بَعْدَهُ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمُفْسِدَاتِ الَّتِي لَا تُقَارِنُ الْإِسْلَامَ لَا نَعْتَبِرُهَا وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَمَرَ بِالِاخْتِيَارِ فِي إِنْشَاءِ حُكْمٍ وَتَأْسِيسِ قَاعِدَةٍ

فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مُعْتَبَرًا لَذَكَرَهُ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ لَا يَجُوزُ قَالَ مَالِكٌ وَكَذَلِكَ الْأُخْتَانِ يُفَارِقُ إِحْدَاهُمَا لِمَا فِي التِّرْمِذِيِّ أَنَّ فَيْرُوزَ الدَّيْلَمِيَّ قَالَ أَسْلَمْتُ وَتَحْتِي أُخْتَانِ فَقَالَ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَارِقْ أَيَّتَهُمَا شِئْتَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَالْمَجُوسِيُّ يَخْتَارُ كَالْكِتَابِيِّ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَيُعْطِي لِمَنْ فَارَقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ نِصْفَ صَدَاقِهَا لِأَنَّ الْفِرَاقَ بِاخْتِيَارِهِ وَابْنُ الْقَاسِمِ يَمْنَعُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ عِنْدَهُ فَسْخٌ قَالَ مُحَمَّدٌ فَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ حَتَّى مَاتَ جَمِيعهنَّ فللمدخول صَدَاقُهَا وَلِغَيْرِ الْمَدْخُولِ خُمُسُ صَدَاقِهَا إِنْ كُنَّ عَشَرَةً لِأَنَّ عَلَيْهِ أَرْبَعَ صَدَاقَاتٍ تَنْقَسِمُ عَلَى عَشَرَةٍ وَيَسْقُطُ نِصْفُ ذَلِكَ لِعَدَمِ الدُّخُولِ وَكَذَلِكَ لَوْ طَلَّقَهُنَّ أَوْ بَعْضَهُنَّ غَيْرَ مُعَيِّنٍ فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ خُمُسُ صَدَاقِهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَإِنْ طَلَّقَ مَعْلُومَةً لَمْ يَخْتَرْ مِنَ الْبَوَاقِي إِلَّا ثَلَاثًا لِأَنَّ الطَّلَاقَ اخْتِيَارٌ أَوْ مَجْهُولَةً ثَلَاثًا بَطَلَ اخْتِيَاره لاختلاط الْحَرَام بالحلال وَفِي الْجَوَاهِر لَا مَهْرَ لِلْمُفَارَقَاتِ قَبْلَ الدُّخُولِ لِأَنَّهُ مَغْلُوبٌ عَلَى الْفِرَاقِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفُ صَدَاقِهَا لِأَنَّهُ كَالْمُتَنَقِّلِ وَفِي الِاخْتِيَارِ كَالْمُطْلَقِ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ قِيلَ يَرِثُهُ جَمِيعُهُنَّ الرُّبُعَ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَلِكُلِّ مَبْنِيٍّ بهَا صَدَاقهَا قَالَ أَبُو الطَّاهِر الْمَشْهُور ربع صَدَقَاتٍ لِجَمِيعِهِنَّ بِالْمَوْتِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لِجَمِيعِهِنَّ سبع صدقَات أَربع لأَرْبَع وَثَلَاث لِسِتَّةٍ يُقَسَّمُ الْجَمِيعُ أَعْشَارًا

فرع

(فَرْعٌ) قَالَ فَلَو كن ثَمَان كتابيات فَأسلم أَربع وَمَات قبل التبين لم يُؤثر لِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ يُفَارِقُ الْمُسْلِمَاتِ كَمَا لَوْ كَانَتْ كِتَابِيَّةً وَمُسْلِمَةً وَقَالَ إِحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَمَاتَ قبل التبين (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا أَسْلَمَ عَنْ أُمٍّ وَابْنَتِهَا اخْتَارَ إِحْدَاهُمَا قَبْلَ الْبِنَاءِ كَانَا بِعَقْدٍ وَاحِدٍ أَوْ عَقْدَيْنِ وَلَا تَحْرُمُ الْأُمُّ بِالْعَقْدِ لِفَسَادِهِ وَالْإِسْلَامُ لَا يُصَحِّحُهُ مَعَ الِابْنَةِ وَقَالَ غَيره يفارقها لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يُصَحِّحُهُ فَهُوَ كَالْعَقْدِ الْوَاحِدِ عَلَيْهِمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ حَبَسَ الْأُمَّ لَا يُعْجِبُنِي نِكَاحُ الْبِنْتِ لِأَنَّهُ نِكَاحُ شُبْهَةٍ وَإِنْ بَنَى بِهِمَا حُرِّمَتَا أَبَدًا أَوْ بِوَاحِدَةٍ أَقَامَ عَلَيْهَا لِتَحْرِيمِ الْأُخْرَى لَهَا بِالْعَقْدِ أَوْ بِالدُّخُولِ وَإِذَا مَاتَتِ امْرَأَةُ الذِّمِّيِّ فَتَزَوَّجَ أُمَّهَا ثُمَّ أَسْلَمَ هُوَ كَالْمَجُوسِيِّ يُسْلِمُ عَلَى أُمٍّ وَابْنَتِهَا وَيُسْلِمَانِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ تَحْرُمُ الْأُم إِذا أسلم عَلَيْهِمَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَتَثْبُتُ الْبِنْتُ لِأَنَّهُ عَقْدُ شُبْهَةٍ (فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا أَمْسَكَ أَرْبَعًا فَوَجَدَهُنَّ أَخَوَاتٍ قَالَ الْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ إِنْ طَلَّقَ عَلَيْهِ السُّلْطَانُ مَنْ بَقِيَ كَانَ لَهُ عَنْهُنَّ تَمَامُ الْأَرْبَعِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ تَزَوَّجْنَ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهِنَّ سَبِيلٌ لِأَنَّهُ أَحَلَّهُنَّ بِالْفَسْخِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُفْسَخُ لَهُ نِكَاحُ مَنْ دَخَلَ بِهَا إِنِ اخْتَارَهَا أَوْ وَقَعَ الْفِرَاقُ بِاخْتِيَارِهِ مِنْ غَيْرِ طَلَاقٍ الْبَحْثُ الرَّابِعُ فِي صِفَةِ الِاخْتِيَارِ وَفِي الْجَوَاهِرِ يَلْحَقُ بِالصَّرِيحِ مَا

أَفَادَ مَعْنَاهُ كَطَلَاقِ وَاحِدَةٍ أَوْ ظِهَارِهَا وَالْإِيلَاءِ مِنْهَا أَوْ وَطْئِهَا أَوْ لَوْ قَالَ فَسَخْتُ نِكَاحهَا انْفَسَخ الْفَصْل الرَّابِع فِي الرِّدَّة نسْأَل الله الْعَفو والعافية وَهِيَ مُبْطِلَةٌ لِلنِّكَاحِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} الزمر 65 وَالْمُرَادُ آثَارُ الْعَمَلِ لِاسْتِحْلَالِهِ رَفْعَ الْمَانِعِ فَيَبْطُلُ آثَارُ الْعَقْدِ مِنْهَا الْحَلُّ فَإِنِ ارْتَدَّتِ الْمَرْأَةُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُمْسِكُوا بعصم الكوافر} أَيْ مَنْ كَفَرَ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ من قبلكُمْ} وَوَافَقَنَا ش وَابْنُ حَنْبَلٍ عَلَى الْبُطْلَانِ مُطْلَقًا ارْتَدَّا مَعًا أَوْ مُفْتَرِقَيْنَ وَقَالَ ح هِيَ مُبْطَلَةٌ إِلَّا أَنْ يَرْتَدَّا مَعًا فَيَثْبُتَ لِتَسَاوِيهِمَا أَوْ يَرْتَدَّ الزَّوْجُ وَحْدَهُ فَيَنْتَظِرَ فِي الْعِدَّةِ كَالْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ وَجَوَابُهُ أَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي مُوجِبِ الْإِبْطَالِ فَهُمَا كَكَافِرَيْنِ لَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا وَهُوَ الْجَوَابُ عَنِ الزَّوْجِ وَحْدَهُ تَفْرِيعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا ارْتَدَّ أَحَدُهُمَا بَطَلَتِ الْعِصْمَةُ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ لِوُجُودِ الْخِلَافِ فِي إِبْطَالِ الْعَمَلِ بِالرِّدَّةِ وَفِي انْقِطَاعِ النِّكَاحِ وَإِنْ أَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا فَلَا رَجْعَةَ لَهُ لِلْبَيْنُونَةِ وَإِنْ أَسْلَمَتْ فَلَا رَجْعَةَ لِبُطْلَانِ أَصْلِ الْعَقْدِ وَإِنْ كَانَ أَسِيرًا وَجَهِلَ طَوْعًا كَفَرَ أَمْ كُرْهًا اعْتَدَتِ امْرَأَتُهُ وَوَقَفَ مَالُهُ وَسُرِّيَّتُهُ فَإِنْ مَاتَ حَكَمْنَا بِرِدَّتِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِكْرَاهِ وَإِنْ ثَبَتَ الْإِكْرَاهُ فَهُوَ عَلَى حَالِ الْإِسْلَامِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَرُوِيَ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّ إِسْلَامَ الْمَرْأَةِ يُعِيدُهَا لِلْعِصْمَةِ لِأَنَّ الْعَقْدَ لِلزَّوْجِ لَا لَهَا فَرِدَّتُهَا ضَعِيفَةٌ فِي الْإِبْطَالِ وَقَالَ الْمَخْزُومِيُّ لِلزَّوْجِ الرَّجْعَةُ إِذَا رَجَعَ إِلَى الْإِسْلَامِ فِي الْعِدَّةِ كَالْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ الرِّدَّةُ فَسْخٌ بِغَيْرِ طَلَاقٍ كَالرَّضَاعِ وَقِيلَ طَلْقَةٌ رَجْعِيَّةٌ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ أَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا فَلَا طَلَاقَ وَإِلَّا فَطَلْقَةٌ وَقَالَ أَصْبَغُ إِذَا ارْتَدَّ وَامْرَأَتُهُ نَصْرَانِيَّةٌ أَوْ يَهُودِيَّةٌ لَا

(فرع)

تَحْرُمُ عَلَيْهِ إِنْ عَاوَدَ الْإِسْلَامَ تَسْوِيَةً بَيْنَ رِدَّتِهِ وَالْكُفْرِ الْأَصْلِيِّ وَلَا خِلَافَ أَنَّ الرِّدَّةَ لَا تُبْطِلُ عُقُودَ الْبِيَاعَاتِ (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا ادَّعَى رِدَّتَهَا فَأَنْكَرَتْ فَرَّقَ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا لِإِقْرَارِهِ وَلَوْ كَانَتْ كِتَابِيَّةً (فَرْعٌ) قَالَ لَوْ تَنَصَّرَ يَهُودِيٌّ أَوْ تَهَوَّدَ نَصْرَانِيٌّ أُقِرَّ لِأَنَّ الْكُفْرَ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يُقْتَلُ لِخُرُوجِهِ عَنِ الَّذِي عُوهِدَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يُسْلِمَ وَلَوْ تَزَنْدُقَ أَحَدُهُمَا قَالَ مَالِكٌ لَا يُقْتَلُ لِخُرُوجِهِ مِنْ كُفْرٍ إِلَى كُفْرٍ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُقْتَلُ لِأَنَّهُ كُفْرٌ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ يُقْتَلُ كَالْمُسْلِمِ يَتَزَنْدَقُ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا تَزَوَّجَ الْمُرْتَدُّ فِي رِدَّتِهِ فَلَا صَدَاقَ وَإِنْ دَخَلَ بهَا لِأَن مَاله للْمُسلمين إِذا قل وَلِلْحَجْرِ بَعْدَ الرِّدَّةِ بِحَيْثُ لَا يُنْفَقُ عَلَى وَلَدِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنِ ارْتَدَّ وَتَحْتَهُ ذِمِّيَّةٌ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ لِبُطْلَانِ الْعَقْدِ وَإِنِ ارْتَدَّ إِلَى دِينِهَا وَلَوْ تَزَوَّجَ حَالَ رِدَّتِهِ ذِمِّيَّةً لَمْ يَجُزْ رَجَعَ إِلَى الْإِسْلَامِ أَمْ لَا لِلْحَجْرِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ تَزَوَّجَ بَعْدَ حَبْسِهِ لِلِاسْتِتَابَةِ فُسِخَ وَإِنْ قُتِلَ فَلَا صَدَاقَ كَانَتْ مُسْلِمَةً أَوْ كَافِرَةً وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَثْبُتُ نِكَاحُهُ إِذَا

(فرع)

رَجَعَ إِلَى الْإِسْلَامِ لِزَوَالِ الْحَجْرِ وَحَمَلَ أَبُو الْحَسَنِ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي عَدَمِ الصَّدَاقِ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ عَالِمَةً وَقَالَ لَوْ لَمْ تَعْلَمْ لَمْ يَسْقُطْ رُبُعُ دِينَارٍ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَلَوْ رَجَعَ إِلَى الْإِسْلَامِ لَكَانَ لَهَا جَمِيعُ الصَّدَاقِ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ الْحَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا رَجَعَ إِلَى الْإِسْلَام سَقَطت عِنْد حُقُوق اللَّهِ تَعَالَى فِيمَا تَرَكَهُ قَبْلَ الرِّدَّةِ مِنْ صَلَاة وَصَوْم وَزَكَاة وحد وَنذر وَيَمِين بِعِتْقٍ وَظِهَارٍ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ وَتَثْبُتُ حُقُوقُ الْعِبَادِ مِنَ الْقَذْفِ وَالسَّرِقَةِ وَالْقَتْلِ كَمَا يُؤْخَذُ بِهِ الذِّمِّيُّ وَيَأْتِي قَتْلُهُ عَلَى الرِّدَّةِ عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ إِلَّا الْقَذْفَ فَيُحَدُّ ثُمَّ يُقْتَلُ لِيَرْتَفِعَ عَارُ الْقَذْفِ عَلَى الْمَقْذُوفِ وَإِذَا رَجَعَ ابْتَدَأَ الْحَجَّ وَالْإِحْصَانَ لِحُبُوطِهِمَا قَالَ اللَّخْمِيُّ وَقَالَ غَيْرُهُ إِذَا تَابَ هُوَ كَمَنْ لَمْ يَرْتَدَّ لَهُ وَعَلَيْهِ فَيَقْضِي الصَّلَاةَ الْمَنْسِيَّةَ وَلَا يَقْضِي الْحَجَّ الْمَفْعُولَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمن يرْتَد مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} الْبَقَرَة 217 وَهَذِهِ الْآيَةُ مُقَيَّدَةٌ وَتِلْكَ الْآيَةُ مُطْلَقَةٌ وَالْمُطْلَقُ يُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ش وَجَوَابُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْقَائِلَ لِعَبْدِهِ إِنْ دَخَلْتَ الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ ثُمَّ قَالَ لَهُ فِي وَقْتٍ آخَرَ إِنْ دَخَلْتَ الدَّارَ وَكَلَّمْتَ زَيْدًا فَأَنْتَ حُرٌّ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ بِالدُّخُولِ وَحْدَهُ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ جعل لعقته سبيلين لِأَنَّ الشُّرُوطَ اللُّغَوِيَّةَ أَسْبَابٌ وَقَدْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا فَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْحُكْمُ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ الْإِطْلَاق وَالتَّقْيِيد

(فرع)

وَثَانِيهمَا سلمناه وَلَكِن الْمُرَتَّبَ عَلَى الرِّدَّةِ الْمُوَافَاةِ عَلَيْهَا أَمْرَانِ الْحُبُوطُ وَالْخُلُودُ وَتَرْتِيبُ شَيْئَيْنِ عَلَى شَيْئَيْنِ يَجُوزُ أَنْ يُفْرَدَ أَحَدُهُمَا بِأَحَدِهِمَا وَالْآخَرُ بِالْآخَرِ وَيَجُوزُ عَدَمُ الِاسْتِقْلَالِ وَلَيْسَ أَحَدُ الِاحْتِمَالَيْنِ أَوْلَى مِنَ الْآخَرِ فَيَسْقُطَ الِاسْتِدْلَالُ بَلِ الرَّاجِحُ الِاسْتِقْلَالُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّرْكِيبِ وَفِي الْكِتَابِ مِيرَاثُهُ لِلْمُسْلِمِينَ دُونَ وَرَثَتِهِ إِنْ قُتِلَ وَلَا يَرِثُ هُوَ لِأَنَّهُ دِينٌ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ فَهُوَ مُبَايِنٌ لِجُمْلَةِ الْمِلَلِ وَلَا يَأْخُذُ مِيرَاثًا بِإِسْلَامِهِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ لِقِيَامِ الْمَانِعِ حَالَةَ الِاسْتِحْقَاقِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْكَاتِبِ إِنَّمَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْعِتْقُ غَيْرُ الْمُعَيَّنِ أَمَّا الْمُعَيَّنُ فَلَا كَالدِّينِ وَقَالَ سَحْنُون لَا يسْقط حد الزِّنَا لَيْلًا يَتَذَرَّعَ النَّاسُ بِالرِّدَّةِ لِإِسْقَاطِ الْحَدِّ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِذَا حَنِثَ فِي ظِهَارِهِ ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ سَقَطَتْ عَنْهُ الْكَفَّارَةُ كَنَذْرِ الْمَسَاكِينِ بِخِلَافِ الظِّهَارِ نَفْسِهِ وَسَوَّى بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ بَيْنَهُمَا فِي السُّقُوط وَفِي التَّنْبِيهَات قَالَ اللَّخْمِيّ قَالَ الْقَابِسِيُّ إِذَا تَابَ رَجَعَ كَأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُسْلِمًا (فَرْعٌ) إِذَا ارْتَابَ فِي امْرَأَةٍ هَلْ تَزَوَّجَهَا فِي الْعِدَّةِ أَمْ بَعْدَ الرُّجُوعِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْحِلِّ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي تَصَرُّفَات الْعُقَلَاء

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ وَاخْتُلِفَ فِي وَلَدِ الْمُرْتَدِّ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا ارْتَدَّ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فالمولود بعد الرِّدَّة وَلَده الصَّغِيرُ وَامْرَأَتُهُ فَيْءٌ وَقَالَ مُحَمَّدٌ الْحَمْلُ قَبْلَ الرِّدَّةِ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ مَا لَمْ يَحْتَلِمْ فَيُجْبَرُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ يُجْبَرُ بِالضَّرْبِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْمَوْلُودُ حَالَ الرِّدَّةِ يُجْبَرُ قَبْلَ الْحُلُمِ لِأَنَّ الرِّدَّةَ لَا يُقَرُّ عَلَيْهَا فَيَتْبَعَهَا الْوَلَدُ فَإِذَا بَلَغَ تُرِكَ لِاسْتِقْلَالِهِ وَقَالَ أَيْضًا فِي أَهْلِ حِصْنٍ ارْتَدُّوا يُقْتَلُونَ وَلَا تُسْبَى ذَرَارِيهِمْ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِذَا ارْتَدَّ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَوُلِدَ لَهُ ثُمَّ تَابَ هُوَ وَولده وَإِلَى ولد وَلَده فَحكمه كحاكم جده وَلَا يسبى وَيقتل من لم يسب مِنَ الْكِبَارِ تَغْلِيبًا لِإِسْلَامِ جَدِّهِمُ السَّابِقِ وَيُكْرَهُ الصِّغَارُ عَلَى الْإِسْلَامِ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ مَنْ بَلَغَ تُرِكَ قَالَ فَإِنْ قُتِلَ الْأَبُ وَالْوَلَدُ صَغِير أرى أَنْ يُحْكَمَ لَهُ بِالْإِسْلَامِ بِخِلَافِ وَلَدِ الذِّمِّيِّ وَالْفَرْقُ عَدَمُ اعْتِبَارِ دِينِ الرِّدَّةِ الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي السَّبي وَفِي الْكتاب السَّبي يَهْدِمُ النِّكَاحَ سُبِيَا جَمِيعًا أَمْ لَا وَعَلَى الْمَسْبِيَّةِ الِاسْتِبْرَاءَ بِحَيْضَةٍ وَلَا عِدَّةَ لِأَنَّهَا صَارَتْ أمة وَأَصله مَا روى ابْنِ وَهْبٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ أصبْنَا سبابا يَوْم أَوْطَاس ولهن أَزوَاج فكرهنا أَن نقع عَلَيْهِنَّ فسألنا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ ذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُم} النِّسَاء 24 فاستحللناهن قَالَ ابْنُ قُسَيْطٍ وَإِذَا ابْتَعْتَ عَبْدًا وَامْرَأَتَهُ مِنَ السَّبْيِ قَبْلَ تَفْرِيقِ الْقَسْمِ بَيْنَهُمَا فَلَكَ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا وَوَطْءُ الْأَمَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ اخْتُلِفَ فِي مَعْنَاهُ قِيلَ إِذَا لَمْ يُقِرُّهُمَا السُّلْطَانُ عَلَى النِّكَاحِ وَقِيلَ قَوْلُهُ خِلَافٌ وَبَيْعُهُمَا جَمِيعًا إِقْرَارٌ عَلَى النِّكَاحِ سُبِيَا جَمِيعًا أَوِ

(فرع)

الزَّوْج ثمَّ دخلت الْمَرْأَةُ بِأَمَانٍ فِي الْعِدَّةِ وَرُوِيَ لَا سَبِيلَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ قَالَ وَلَا خِلَافَ أَنَّ السَّبْيَ يُسْقِطُ عُقُودَ الْأَجَانِبِ وَغَيْرِهِمَا وَفِي التَّنْبِيهَاتِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنَّمَا يَهْدِمُ السَّبْيُ النِّكَاحَ إِذَا وطئ السَّيِّد بعد الِاسْتِبْرَاء وَلم يعلم بعد بِالزَّوْجِيَّةِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا بَاعَ بِدَارِ الْحَرْبِ رَقِيقًا وَذَكَرَ الرَّقِيقُ أَنَّ بَيْنَهُمْ نِكَاحًا إِنْ عُلِمَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ ثَبَتَ النِّكَاحُ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِسَبْيٍ وَإِلَّا فَلَا لِاتِّهَامِهِمْ فِي إِبَاحَةِ الْوَطْءِ (فَرْعٌ) قَالَ وَلَوْ أَسْلَمَ الزَّوْجُ بِدَارِ الْحَرْبِ وَأَتَى إِلَيْنَا وَقَدِمَ بِأَمَانٍ فَأَسْلَمَ وَسُبِيَتِ امْرَأَتُهُ فَهِيَ فِي عِصْمَتِهِ إِنْ أَسْلَمَتْ وَإِلَّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا إِذْ لَا يَنْكِحُ الْمُسْلِمُ أَمَةً كِتَابِيَّةً وَهِيَ وَوَلَدُهَا وَمَهْرُهَا الَّذِي عَلَيْهِ فَيْءٌ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا إِذَا قَدِمَتْ بِأَمَانٍ فَأَسْلَمَتْ أَمْ لَا ثُمَّ سُبِيَ الزَّوْجُ بِقُرْبِ ذَلِكَ فَأَسْلَمَ فَهُمَا عَلَى النِّكَاحِ إِلَّا أَنَّهَا لَا تُجْبَرُ لِأَجْلِ رِقِّهِ بِالسَّبْيِ وَيُصَدَّقُ التُّجَّارُ الْكُفَّارُ فِي الزَّوْجِيَّةِ بَيْنَ الْمَمْلُوكَيْنِ لِأَنَّهَا عَيْبٌ يُنْقِصُ الثَّمَنَ فَهُوَ إِقْرَارٌ عَلَيْهِمْ وَلَيْسَ شَهَادَةً الْمَانِعُ التَّاسِعُ الرِّقُّ عَلَى أحد الشخصين للْآخر وَهُوَ يمْنَع فِي جَمِيع

الْحَالَاتِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ فَلَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ نِكَاحُ أَمَتِهِ وَلَا لِلْمَرْأَةِ نِكَاحُ عَبْدِهَا وَمَتَى مَلَكَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ صَاحِبَهُ انْفَسَخَ النِّكَاحُ قَاعِدَةٌ كُلُّ تَصَرُّفٍ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَقْصُودُهُ لَا يُشْرَعُ فَلِذَلِكَ لَا يُحَدُّ الْمَجْنُونُ بِسَبَبٍ فِي الصِّحَّةِ وَلَا السَّكْرَانُ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْحَدِّ الزَّجْرُ بِمَا يُشَاهِدهُ الْمُكَلف من المؤلمات والملذات فِي نَفْسِهِ وَذَلِكَ إِنَّمَا يَحْصُلُ بِمِرْآةِ الْعَقْلِ وَكَذَلِكَ لَا يشرع اللّعان فِي الْمَجْنُون وَمَنْ لَا يُولَدُ لَهُ لِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ وَكَذَلِكَ لَا يُشْرَعُ عَقْدُ الْبَيْعِ مَعَ الْجَهَالَةِ وَالْغَرَرِ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ تَنْمِيَةُ الْمَالِ وَتَحْصِيلُ مَقَاصِدِ الْعِوَضَيْنِ وَذَلِكَ غَيْرُ مَعْلُومٍ حِينَئِذٍ وَنَظَائِرُهَا كَثِيرَةٌ فَلِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ لَا يُشْرَعُ نِكَاحُ الرَّجُلِ أَمَتَهُ لِأَنَّ مَقَاصِدَ النِّكَاحِ حَاصِلَةٌ قَبْلَ الْعَقْدِ بِالْمِلْكِ فَلَمْ يُحَصِّلِ الْعَقْدُ شَيْئًا فَلَا يشرع قَاعِدَة مَقْصُود الزَّوْجِيَّة التراكن والود وَالْإِحْسَان مِنَ الطَّرَفَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} الرّوم 21 وَمَقْصُودُ الرِّقِّ الِامْتِهَانُ وَالِاسْتِخْدَامُ وَالْقَهْرُ بِسَبَبِ سَابِقَةِ الْكُفْرِ أَوْ مُقَارَنَتِهِ زَجْرًا عَنْهُ وَهَذِهِ الْمَقَاصِدُ مُضَادَّةٌ لِمَقَاصِدِ الزَّوْجِيَّةِ فَلَا يَجْتَمِعَانِ قَاعِدَةٌ مِنْ مُقْتَضَى الزَّوْجِيَّةِ قِيَامُ الرَّجُلِ عَلَى الْمَرْأَةِ بِالْحِفْظِ وَالصَّوْنِ وَالتَّأْدِيبِ لِإِصْلَاحِ الْأَخْلَاقِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء} النِّسَاء 34 والسترقاق يَقْتَضِي قَهْرَ السَّادَاتِ وَالْقِيَامَ عَلَى الرَّقِيقِ بِالْإِصْلَاحِ وَالِاسْتِيلَاءِ وَالِاسْتِهَانَةِ فَيَتَعَذَّرُ أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ زَوْجَةً وَسَيِّدَةً لِتَنَافِي الْبَابَيْنِ قَاعِدَةٌ كُلُّ أَمْرَيْنِ لَا يَجْتَمِعَانِ يقدم الشَّرْع وَالْعرْف وَالْعقل أَقْوَاهُمَا وَالرِّقُّ أَقْوَى مِنَ النِّكَاحِ لِكَوْنِهِ يُوجِبُ التَّمَكُّنَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَنَافِعِ

(تفريع)

وَالرَّقَبَةِ وَبَعْضُ الْمَنَافِعِ إِبَاحَةُ الْوَطْءِ الَّذِي لَا يَقْتَضِي النِّكَاحُ غَيْرَهُ فَيَكُونُ الْمِلْكُ أَقْوَى فَيُقَدَّمُ إِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَلَا يَتَزَوَّجُ الرَّجُلُ أَمَتَهُ لِلْقَاعِدَةِ الْأُولَى وَلَا الْمَرْأَةُ عَبْدَهَا لِلْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَمَتَى دَخَلَتِ الزَّوْجِيَّةُ عَلَى الرِّقِّ وَالرِّقُّ عَلَى الزَّوْجِيَّةِ كَمُشْتَرِي امْرَأَتِهِ لَا يَثْبُتُ إِلَّا الرِّقُّ فِي سَائِرِ الْأَحْوَالِ لِلْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ (تَفْرِيعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا اشْتَرَتِ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ فُسِخَ النِّكَاحُ وَاتَّبَعَتْهُ بِالْمَهْرِ كَمَنْ دَايَنَ عَبْدًا ثُمَّ اشْتَرَاهُ أَوْ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا مهر إِلَّا أَن سرى هِيَ وَسَيِّدُهُ فَسْخَ النِّكَاحِ أَيْ يَقْصِدَانِ فَلَا يجوز وَتبقى زَوْجَة لِأَنَّ الْعِصْمَةَ بِيَدِ الْعَبْدِ فَلَا تَخْرُجُ مِنْ يَدِهِ بِالضَّرَرِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا اشْتَرَتْهُ مُكَاتَبًا أَوِ اشْتَرَاهَا مُكَاتَبَةً قِيلَ يُفْسَخُ النِّكَاحُ لِمِلْكِ الرَّقَبَةِ وَقِيلَ لَا يُفْسَخُ لِأَنَّ الْعَقْدَ الْآنَ إِنَّمَا وَقَعَ عَلَى الْكِتَابَةِ فَإِنْ حَصَلَ الْعَجْزُ فَحِينَئِذٍ يفْسخ وَفِي الْجَوَاهِر إِذا وَهبهَا انْفَسَخ نِكَاحه وَفِي الْكِتَابِ لَا يَجُوزُ وَلَا يَنْفَسِخُ لِأَنَّهُ عَرَضٌ فَاسد وَقَالَ أَصْبَغُ يُكْرَهُ وَيَجُوزُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ كَانَ مِثْلُهُ يَمْلِكُ مِثْلَهَا جَازَ وَيُفْسَخُ النِّكَاحُ وَإِلَّا بَطَلَتِ الْهِبَةُ وَلَا يُفْسَخُ قَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ هَذَا يَدُلُّ مَنْ مَلَكَ عَلَى إِجْبَارِ السَّيِّدِ عَبْدَهُ عَلَى قَبُولِ الْهِبَةِ إِذْ لَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِمَقْصِدِ السَّيِّدِ تَأْثِيرٌ لِأَنَّ لِلْعَبْدِ عَدَمَ الْقَبُولِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا اشْتَرَى أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بِالْخِيَارِ لَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ إِلَّا بِقَبُولِ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُعَارِضِ أَوْ بِالْعُهْدَةِ انْفَسَخَ حِينَئِذٍ لِتَحَقُّقِ نَقْلِ الْمِلْكِ وَلِذَلِكَ شُرِطَ الِاسْتِبْرَاءُ وَإِنْ كَانَ المَاء مَاء قَالَ وَالْقِيَاسُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ عَدَمُ الْفَسْخِ الْآنَ وَفِي الْكِتَابِ لَا يَتَزَوَّجُ الرَّجُلُ

(فرع)

مُكَاتَبَتَهُ وَلَا أَمَتَهُ وَلَا الْمَرْأَةُ عَبْدَهَا وَلَا مُكَاتَبَهَا وَلَا يَتَزَوَّجُ أَمَةَ وَلَدِهِ لِأَنَّهُ لَوْ زَنَا بِهَا لَمْ يُحَدَّ كَأَمَتِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنْ فَعَلَ سَقَطَ الْحَدُّ وَتَحْرُمُ عَلَى الِابْنِ بِالْمُصَاهَرَةِ وَيَلْحَقُ النَّسَبُ وَيَنْعَقِدَ الْوَلَدُ عَلَى الْحُرِّيَّةِ وَتصير أم وَلَده وَيُنْقَلُ الْمِلْكُ إِلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الْوَطْءِ وَتَثْبُتُ قِيمَةُ الْوَلَد من غير خِيَاره وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكَ لَهُ الْتَمَسُّكُ فِي عُسْرِ الْأَبِ وَيُسْرِهِ مَا لَمْ تَحْمِلْ إِذَا كَانَ الِابْنُ مَأْمُونًا عَلَى غَيْبَتِهِ عَلَيْهَا فَإِنْ كَانَتْ مَوْطُوءَةً لِلِابْنِ مَلَكَهَا الْأَبُ بِالِاسْتِيلَادِ وَحُرِّمَ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا بِوَطْءِ الِابْنِ فَتُعْتَقُ عَلَيْهِ لِتَحْرِيمِ الْوَطْءِ وَفِي الْكتاب نِكَاحُ الْحُرَّةِ عَلَى الْأَمَةِ وَلِلْحُرَّةِ الْخِيَارُ إِنْ لَمْ تَكُنْ عَلِمَتْ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَعَلِمَتْ إِحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى فَلَهَا الْخِيَارُ بَعْدَ عِلْمِهَا بِالْأُخْرَى وَأَمَّا إِذَا تَزَوَّجَ الْعَبْدُ الْحُرَّةَ عَلَى الْأَمَةِ أَوْ بِالْعَكْسِ فَلَا خِيَارَ لِأَنَّ الْأَمَةَ مِنْ نِسَائِهِ وَلِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِمُقَارَنَةِ الْعَبْدِ مَعَ وصف الإستيلاد قَالَ اللَّخْمِيّ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَهَا الْخِيَارُ لِمَزِيدِ الضَّرَرِ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا اشْتَرَى أَمَةً مِنْ أَبِيهِ لَمْ تكن لَهُ أم ولد يحملهَا وَلَا وَلَدهَا وَلَا قبل الشِّرَاء الْمُعتقَة على هَذِه بِخِلَافِ أَمَةِ الْأَجْنَبِيِّ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ لَهَا لعتق حملهَا على الْحَد (فَرْعٌ) قَالَ الْأَحْسَنُ أَنْ لَا يَطَأَ أَمَةَ عَبْدِهِ وَلَا يُزَوَّجَهَا مِنْهُ إِلَّا بَعْدَ الِانْتِزَاعِ فَإِنْ فَعَلَ صَحَّ لِأَنَّ التَّزْوِيجَ انْتِزَاعٌ وَلَا يَصِحُّ زَوَاجُ أَحَدٍ لِأَمَتِهِ إِلَّا فِي هَذِهِ الصُّورَة

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا أَخْدَمَ السَّيِّد عَبده لامْرَأَته لعبد وَالْأَمَةَ لِزَوْجِهَا إِنْ كَانَ مَرْجِعُ الْعَبْدِ لِلْحُرِّيَّةِ انْفَسَخَ النِّكَاحُ إِنْ قَبِلَ الْمُخْدَمُ لِلْخِدْمَةِ أَوْ إِلَى سَيّده أَو غير بِالْمِلْكِ لَمْ يَنْفَسِخْ لِتَعَذُّرِ مِلْكِ غَيْرِهِ الْمَرْأَةَ عَلَيْهِ الْمَانِعُ الْعَاشِرُ الرِّقُّ فِي بَعْضِ الْحَالَاتِ وَهُوَ الرِّقُّ الثَّابِتُ عَلَى الْمَرْأَةِ لِغَيْرِ الزَّوْجِ وَقَالَ اللَّخْمِيّ تَزْوِيج الْأمة جَائِز وَيخْتَلف فِيهِ فَالْجَائِزُ كُلُّ أَمَةٍ يَكُونُ وَلَدُهَا حُرًّا مِنْ ذَلِكَ النِّكَاحِ كَأَمَةِ الْأَبِ وَالْأُمِّ وَالْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ وَقِيلَ الْأَبُ وَالْأُمُّ خَاصَّةً وَأَجَازَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ أَمَةَ الِابْنِ وَكُلُّ هَذَا إِذَا كَانَ السَّيِّدُ حُرًّا أَمَّا لَوْ كَانَ عَبْدًا يكون الْوَلَد رَقِيقا للسَّيِّد إِلَّا بعد نِكَاح لَا يُرْجَى نَسْلُهُ كَالْخَصِيِّ وَالشَّيْخِ الْفَانِي فَإِنَّ الشَّرْعَ إِنَّمَا مَنَعَ الْأَمَةَ صَوْنًا لِلْوَلَدِ عَنِ الرّقّ وَنِكَاح العَبْد إِذا لَا عَارَ عَلَيْهِ فِي رِقِّ وَلَدِهُ وَالْمُخْتَلَفُ فِيهِ حَيْثُ يَكُونُ وَلَدُ الْحُرِّ رَقِيقًا مِنْ ذَلِكَ النِّكَاحِ فَالْمَشْهُورُ الْمَنْعُ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يَجُوزُ إِلَّا بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ عَدَمِ الطَّوْلِ وَخَشْيِ الْعَنَتِ وَكَوْنِهَا مَسْلِمَةً وَقَالَهُ ش لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصنَات الْمُؤْمِنَات إِلَى قَوْلِهِ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} النِّسَاء 25 وَرُوِيَ عَن مَالك الْجَوَاز مُطلقًا ومنشأ الْخِلَافِ مَفْهُومُ الشَّرْطِ الَّذِي فِي الْآيَةِ هَلْ هُوَ لَيْسَ بِحُجَّةٍ فَيَتَأَتَّى قَوْلُ مَالِكٍ لِأَنَّ الْآيَةَ لَمْ تَدُلَّ عَلَى الْمَنْعِ بِمَنْطُوقِهَا بَلْ بِالْمَفْهُومِ أَوْ حُجَّةً فَيَأْتِي قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْمَشْهُورِ فَفِي الْكِتَابِ الطَّوْلُ صدَاق الْحرَّة لقَوْله تَعَالَى {استأذنك أولُوا الطَّوْلِ مِنْهُمْ} التَّوْبَة 86 {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طولا أَن ينْكح الْمُحْصنَات} فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الطَّوْلَ الْمَالُ وَالْقُدْرَةُ وَقَالَهُ ش وَلَا يرْعَى الْقُدْرَةَ عَلَى النَّفَقَةِ لِأَنَّهَا شَرْطٌ فِي التَّمَكُّنِ مِنَ الْبَقَاءِ إِلَّا فِي الْعَقْدِ وَاشْتَرَطَهَا أَصْبَغُ

(فرع)

لِأَنَّهُ لَا يُزَوَّجُ إِنْ عُلِمَ عَجْزُهُ عَنْهَا وَرُوِيَ أَنَّ الطَّوْلَ وُجُودُ الْحُرَّةِ فِي عِصْمَتِهِ لِأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَيْهَا إِذَا امْتَنَعَتْ فَهُوَ أَوْلَى وَعَلَى الْمَشْهُورِ لَوْ عَدِمَ الْمَالَ وَخَشِيَ الْعَنَتَ أُبِيحَتْ لَهُ الْأَمَةُ وَإِنْ كَانَ تَحْتَهُ ثَلَاثُ حَرَائِرَ قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَلَوْ قَدَرَ على صدَاق كِتَابَته للزَّوْج الْأَمَةَ وَلَوْ عَالَتْهُ الْحُرَّةُ فِي الْمَهْرِ فَسُرِقَ فَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا تَزَوَّجَ الْأَمَةَ وَلَوْ قَنِعَتْ بِدُونِ صَدَاقِ الْمِثْلِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَيْهِ حُرِّمَتِ الْأَمَةُ وَأَمَّا الْعَنَتُ فَهُوَ الزِّنَا سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَن أَصله التَّضْيِيق وَالْمَشَقَّة لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأَعْنَتَكُمْ} الْبَقَرَة 220 أَي لضيق عَلَيْكُمْ وَمِنْهُ التَّعَنُّتُ فِي الصُّحْبَةِ وَلَمَّا كَانَ الزِّنَا يُؤَدِّي إِلَى عَذَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَكَفَى بِهِ جرحا سُمِّيَ عَنَتًا مِنْ تَسْمِيَةِ السَّبَبِ بِاسْمِ الْمُسَبَّبِ وَإِنَّمَا يَتِمُّ بِغَلَبَةِ الشَّهْوَةِ وَضَعْفِ الْخَوْفِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى فَإِذَا اشْتَدَّ الْخَوْفُ وَأَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ حُرِّمَتِ الْأَمَةُ (فَرْعٌ) لَوْ هَوِيَ أَمَةً بِعَيْنِهَا وَخَشِيَ مِنَ الزِّنَا مَعَهَا دُونَ غَيْرِهَا وَلَمْ يُمْكِنْهُ الصَّبْرُ فَرُوِيَتْ إِبَاحَتُهَا دَفْعًا لِلزِّنَا وَخَرَّجَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ هَذِهِ الرِّوَايَةَ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ الشَّرْطَيْنِ وَالْقُدْرَةُ عَلَى صَرْفِ الْعَنَتِ بِالتَّسَرِّي يَمْنَعُ الْأَمَةَ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا تَزَوَّجَهَا لِحُصُولِ الشَّرَائِطِ ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْحُرَّةِ لَمْ يُفْسَخْ نِكَاحُ الْأَمَةِ وَإِنْ قُلْنَا الْحُرَّةُ طَوْلٌ لِوُقُوعِ الْعَقْدِ صَحِيحًا وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَجُوزُ لَهُ الْبَقَاءُ إِذَا أَفَادَ طَوْلًا أَمَّا إِنْ تَزَوَّجَ حُرَّةً حُرِّمَتْ عَلَيْهِ الْأَمَةُ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ وَاسْتَقْرَأَ اللَّخْمِيُّ وُجُوبَ الْمُفَارَقَةِ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ وَأَمَّا إِنْ أُمِنَ الْعَنَتُ لَا يُؤْمَرْ مَعَهُ بِالْمُفَارَقَةِ قَوْلًا

(فرع)

وَاحِدًا وَالْفَرْقُ أَنَّ مَيْلَ الشَّهَوَاتِ غَيْرُ مُنْضَبِطٍ وَلَا مَأْمُونٍ بِخِلَافِ وُجُودِ الْمَالِ قَاعِدَةٌ الْمَوَانِعُ الشَّرْعِيَّةُ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ مِنْهَا مَا يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ الْحُكْمِ وَاسْتِمْرَارَهُ كَالرَّضَاعِ يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ الْحُكْمِ وَيَقْطَعُهُ إِذَا طَرَأَ عَلَيْهِ وَالرِّقِّ فِي أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ وَمِنْهَا مَا يَمْنَعُ ابْتِدَاءً فَقَطْ كَالِاسْتِبْرَاءِ يَمْنَعُ الْعَقْدَ وَإِذَا طَرَأَ لَا يَمْنَعُ وَمِنْهَا مَا اخْتُلِفَ فِيهِ هَلْ يَلْحَقُ بِالْأَوَّلِ أَوْ بِالثَّانِي كَوُجُودِ الطَّوْلِ وَالْمَاءُ فِي التَّيَمُّمِ يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ التَّيَمُّمِ وَهَلْ يُبْطِلُهُ إِذَا طَرَأَ عَلَيْهِ خِلَافٌ وَالْإِحْرَامُ يَمْنَعُ وَضْعَ الْيَدِ عَلَى الصَّيْدِ وَهَلْ يحرم الْإِمْسَاك خلاف وينعطف الْبَحْث هَا هُنَا عَلَى قَاعِدَةٍ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ الشَّرْعَ إِذا نصب سَببا أَو شرطا بِحكمِهِ هَلْ يَجُوزُ اعْتِبَارُ تِلْكَ الْحِكْمَةِ إِنْ وُجِدَتْ مُنْفَرِدَةً الْأَصَحُّ مَنْعُهُ كَنَصْبِ السَّرِقَةِ سَبَبًا لِلْقَطْعِ لِحِكْمَةِ صِيَانَةِ الْمَالِ وَقَدْ وُجِدَتِ الْحِكْمَةُ فِي حَقِّ الْغَاصِبِ وَغَيْرِهِ وَلَا يُقْطَعُ وَالزِّنَا سَبَبُ الرَّجْمِ لِحِكْمَةِ صِيَانَةِ الْأَنْسَابِ فَلَوْ خَلَطَ الْأَنْسَابَ بِغَيْر الزِّنَا لَا يرْجم وَكَذَلِكَ هَا هُنَا نَصْبُ الطَّوْلِ سَبَبًا لِلْمَنْعِ مِنَ الْعَقْدِ عَلَى الْأَمَةِ لِحِكْمَةِ إِرْقَاقِ الْوَلَدِ فَهَلْ تُرَاعَى هَذِهِ الْحِكْمَة حَيْثُ وجدنَا أَوْ بَعْدَ الْعَقْدِ فَتُحَرَّمَ الْأَمَةُ أَمْ لَا خِلَافٌ وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُهُ فِي الرَّضَاعِ وَغَيْرِهِ (فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا تَزَوَّجَ أَمَتَهُ عَلَى أَنَّ مَا تَلِدُهُ حُرٌّ فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ لِأَنَّهُ شَرْطٌ عَلَى خِلَافِ مُقْتَضَى الْعَقْدِ قَالَ وَلَهَا الْمُسَمَّى وَالْوَلَدُ حُرٌّ وَالْوَلَاء لسَيِّده تَنْزِيلا لاشتراطه منزلَة عقده قَالَ مُحَمَّدٌ فَإِنْ بَاعَهَا فَوَلَدُهَا عَبْدُ الْمُشْتَرِي قَالَ وَكَذَلِكَ أَرَى إِنْ لَمْ يَبِعْ وَفُسِخَ الشَّرْطُ أَوْ رَجَعَ السَّيِّدُ فِيهِ قَبْلَ تَحَمُّلٍ لِأَنَّ الرِّضَا بِالْفَاسِدِ لَا يَلْزَمُ فَإِنِ اسْتَحَقَّتْ أَخذ الْمُسْتَحق وَلَدهَا وَبَطل مَنْ عَتَقَ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَوْ غَرَّهُ السَّيِّدُ بِأَنَّهَا

(فرع)

ابْنَتُهُ عَتَقَ الْوَلَدُ لِنَشْأَتِهِ عَلَى الْحُرِّيَّةِ وَلِلسَّيِّدِ عَلَى الْأَبِ الْقِيمَةُ عِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ خِلَافًا لِمُطَرِّفٍ (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا تَزَوَّجَ أَمَةً بِشُرُوطِهَا فَلَمْ تُغْنِهِ فَلَهُ الزِّيَادَةُ إِلَى الْأَرْبَعِ وَلَوِ اسْتَغْنَى بِالْأُولَى فَفِي إِبَاحَةِ مَا زَادَ خلاف لتعين الرّقّ هَل ووافقنا ح وَقَالَ ابْن حَنْبَل وش لَا يَجُوزُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى الْوَاحِدَةِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَغْنِ بِهَا وَأَبَاحَ حَمَّادٌ اثْنَتَيْنِ لَنَا أَنَّ الْحَاجَةَ مُتَحَقِّقَةٌ فِي غَيْرِ الْوَاحِدَةِ وَهِيَ المبيحة للواحدة فَوَجَبَ أَن تبيح مَا عَدَاهَا (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ لَا تُتَزَوَّجُ حُرَّةٌ عَلَى أَمَةٍ لِمَا فِيهِ مِنْ أَذِيَّةِ الْحُرَّةِ بِسُوءِ الْمُقَارَنَةِ فَإِنْ فُعِلَ جَازَ وَخُيِّرَتِ الْحُرَّةُ فِي نَفْسِهَا بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ كَعَيْبٍ حَدَثَ فِي الزَّوْجِ يُوجِبُ الْفِرَاقَ بِخِلَافِ اخْتِيَارِ الْمُعْتَقَةِ لِتَوَقُّعِ عِتْقِ الزَّوْجِ وَكَذَلِكَ تُخَيَّرُ إِذَا تَزَوَّجَ أُخْرَى قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ إِنْ طُلِّقَتْ ثَلَاثًا نَفَذَ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ إِذَا تَزَوَّجَ الْحُرُّ أَمَةً عَلَى الْحُرَّةِ فَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الطَّوْلِ وَالْعَنَتِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْد ابْن الْقَاسِم خلاف الْمَشْهُور عَن مَالِكٍ فَلَا كَلَامَ لِلْحُرَّةِ إِلَّا عِنْدَ التُّونِسِيِّ لِأَنَّهَا من نِسَائِهِ ابْتِدَاء كَالْحرَّةِ الدنية وَعَلَى الْقَوْلِ بِالِاشْتِرَاطِ فَخَمْسَةُ أَقْوَالٍ الْخِيَارُ لِلْحُرَّةِ فِي نَفسهَا كَانَت دَاخِلَة عَلَى الْأَمَةِ أَوْ بِالْعَكْسِ وَالثَّانِي إِنْ كَانَتْ دَاخِلَةً تُخَيَّرُ فِي نَفْسِهَا لِأَنَّهَا فَرَّطَتْ فِي التَّعَرُّفِ وَالْأَمَةُ الدَّاخِلَةُ فَلَهَا الْخِيَارُ فِي الْأَمَةِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ وَالثَّالِثُ إِنْ دَخَلَتِ الْأَمَةُ عَلَيْهَا فَلَهَا الْخِيَارُ فِي

(فرع)

نَفْسِهَا أَوْ بِالْعَكْسِ فَلَا خِيَارَ لَهَا وَالرَّابِعُ إِنْ دَخَلَتِ الْأَمَةُ عَلَيْهَا فُسِخَ نِكَاحُ الْأَمَةِ لِأَنَّ الْحُرَّةَ طَوْلٌ وَالْخَامِسُ إِنْ دَخَلَتِ الْأَمَةُ فُسِخَ نِكَاحُ الْأَمَةِ وَإِنْ دَخَلَتِ الْحُرَّةُ لَمْ يُفْسَخْ نِكَاحُ الْأَمَةِ لِأَنَّ الْعَقْدَ جَائِزٌ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا مَقَالَ لِلْحُرَّةِ وَهُوَ الَّذِي تَدُلُّ عَلَيْهِ أَلْفَاظُ الْمُدَوَّنَةِ وَتَأَوَّلَ التُّونِسِيُّ أَنَّ الْقَوْلَ لَهَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَهُوَ يَصِحُّ عَلَى قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ الَّذِي يَرَى الْخِيَارَ لَهَا وَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا عبدا وَقَالَ ح وش لَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْأَمَةِ عَلَى الْحُرَّةِ وَلَوْ أَذِنَتْ لِأَنَّهَا طَوْلٌ عِنْدَهُمَا وَيَجُوزُ نِكَاحُ الْحُرَّةِ عَلَى الْأَمَةِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ نِكَاحُ الْحُرَّةِ طَلَاق الْأمة قَالَ الخمي وَلَا أَرَى الْخِيَارَيْنِ بَلْ تُخَيَّرُ هَلْ تَرْضَى الْمَقَامَ أَمْ لَا فَإِنْ لَمْ تَرْضَ كَانَ الْخِيَارُ لِلزَّوْجِ يُطَلِّقُ أَيُّهُمَا أَحَبَّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْلِمَهَا إِنْ كَانَ يُؤْثِرُ الْأَمَةَ فَعَلَّهَا تَخْتَارُ الْبَقَاءَ وَفِي الْكِتَابِ يَجُوزُ نِكَاحُ الْحُرَّةِ عَلَى الْأَمَةِ وَلِلْحُرَّةِ الْخِيَارُ إِنْ لَمْ تَكُنْ عَلِمَتْ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَعَلِمَتْ إِحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى فَلَهَا الْخِيَارُ بَعْدَ عِلْمِهَا بِالْأُخْرَى وَأَمَّا إِذَا تَزَوَّجَ الْعَبْدُ الْحُرَّةَ عَلَى الْأَمَةِ أَوْ بِالْعَكْسِ فَلَا خِيَارَ لِأَنَّ الْأَمَةَ مِنْ نِسَائِهِ وَلِأَنَّهَا رضيت بمقارنة العَبْد مَعَ وصف الِاسْتِيلَاء وَقَالَ اللَّخْمِيّ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَهَا الْخِيَارُ لِمَزِيدِ الضَّرَرِ (فَرْعٌ) إِذَا تَزَوَّجَ الْأَمَةَ وَالْحُرَّةَ فِي عَقْدٍ وَسَمَّى لِكُلِّ وَاحِدَةٍ صَدَاقَهَا فُسِخَ فِي حَقِّ الْأَمَةِ وَبَقِيَتِ الْحُرَّةُ ثُمَّ قَالَ إِنْ عَلِمَتِ الْحُرَّةُ جَازَ وَلَا خِيَارَ لَهَا وَإِلَّا خُيِّرَتْ فِي نَفْسِهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا عَلِمَتْ بِالْأَمَةِ وَأَنَّ الرَّجُلَ لَا تَكْفِيهِ حُرَّةٌ وَلَا يَجِدُ طَوْلَ الْأُخْرَى فنكاح الْأمة جَائِز إِلَّا أَن نقُول الْحُرَّةُ طَوْلٌ وَإِنْ تَكْفِهِ الْحُرَّةُ أَوْ يَجِدْ طَوْلًا فُسِخَ نِكَاحُ الْأَمَةِ وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ بِأَنَّ الَّتِي مَعَهَا أَمَةٌ وَالزَّوْجُ يَجُوزُ لَهُ نِكَاح

الْأَمَةِ كَانَ الْحَقُّ لِلْأَمَةِ وَيَجْرِي عَلَى الْخِلَافِ وَإِذا أفسد نِكَاح الْأمة فسخ نِكَاحُ الْحُرَّةِ وَإِنِ اتَّحَدَ الْعَقْدُ لِافْتِرَاقِ الْمِلْكِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَفْسُدُ لِجَمْعِهِ حَلَالًا وَحَرَامًا كَالْأُمِّ وَابْنَتِهَا فِي عَقْدٍ فَإِنْ كَانَتِ الْأَمَةُ مِلْكًا لِلْحُرَّةِ فُسِخَ عَلَى الْمَشْهُورِ لِجَمْعِ الْعَقْدِ بَين حَلَال وَحرَام لملك وَاحِد الْمَانِعُ الْحَادِي عَشَرَ كَوْنُهَا أَمَةً لِلِابْنِ لِأَنَّهَا كَأَمَتِهِ لِعَدَمِ إِقَامَةِ الْحُدُودِ عَلَيْهِ فِي الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ مِنْ مَالِ ابْنِهِ وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ خِلَافًا لِ ح الْمَانِعُ الثَّانِي عَشَرَ كَوْنُهَا أُمَّ السَّيِّدِ لِأَنَّ مِلْكَ ابْنِهَا كَمِلْكِهَا فَكَمَا لَا تَتَزَوَّجُ بِعَبْدِهَا فَكَذَلِكَ عَبَدُ ابْنِهَا الْمَانِعُ الثَّالِثَ عَشَرَ الْإِحْرَامُ فَلَا يَجُوزُ تَزْوِيجُ الْمُحْرِمَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُهُ فِي الْحَجِّ الْمَانِعُ الرَّابِعَ عَشَرَ الْمَرَضُ فَلَا تَجُوزُ الْمَرِيضَةُ وَكَذَلِكَ الْمَرِيضُ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُهُ فِي أَحْوَالِ الزَّوْجِ الْقُطْبُ الثَّالِثُ الْمَعْقُودُ بِهِ وَهُوَ الصَّدَاقُ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ يُقَالُ بِفَتْحِ الصَّادِ وَكَسْرِهَا وَأَصْدَقَهُ وَصَدَقَةُ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يَجُوزُ التَّرَاضِي بِإِسْقَاطِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ( {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ} الْأَحْزَاب 50 أَيْ مِنَ الصَّدَاقِ وقَوْله تَعَالَى ( {وهبت نَفسهَا} يَقْضِي اخْتِصَاصَ الْمَرْأَةِ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دون الْمُؤمنِينَ وَقَوله تَعَالَى {خَالِصَة} لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ فَائِدَةٍ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّكْرَارِ وَهِيَ اخْتِصَاصُ الْهِبَةِ بِهِ دون الْمُؤمنِينَ فَلَا يجوز لِغَيْرِهِ فَيَتَعَيَّنُ اشْتِرَاطُ الصَّدَاقِ وَلَا يَلْزَمُ التَّصْرِيحُ بِهِ

لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} الْبَقَرَة 236 فَنَصَّ تَعَالَى عَلَى شَرْعِيَّةِ الطَّلَاقِ فِي صُورَةِ عَدَمِ الْفَرْضِ وَمَشْرُوعِيَّتُهُ دَلِيلُ صِحَّةِ النِّكَاحِ وَالْوَاجِبُ لَا بُدَّ أَنْ يُقَدَّرَ حَتَّى يَخْرُجَ الْمُكَلَّفُ عَنْ عُهْدَتِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَقَدْرُهُ رُبُعُ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ أَوْ مَا يُسَاوِي أَحَدَهُمَا وَقِيلَ مَا يُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ كَقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي السَّرِقَةِ وَفِي الْقَبَسِ قَالَ ابْن وهب أَقَله دِرْهَم وَنَحْوه لِطَلَبِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ وَعِنْدَ ح عَشَرَةُ دَرَاهِمَ لِأَنَّهُ نِصَابُ السَّرِقَةِ عِنْدَهُ فَإِنْ تَزَوَّجَهَا بِخَمْسَةٍ وَطَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ أَخَذَتْهَا لِأَنَّ الصَّدَاقَ الْوَاجِبَ عِنْدَهُ لَا يَتَشَطَّرُ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا صَدَاقَ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ وَلَمْ يُثْبِتْهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَعِنْدَ ش هُوَ غير مُقَدّر بل مَا ينْطَلق عَلَيْهِ اسْمُ مَالٍ وَعِنْدَ ابْنِ حَنْبَلٍ مَا ينْطَلق عَلَى نِصْفِهِ اسْمُ مَالٍ لِيَبْقَى لَهَا الْمُسَمَّى بَعْدَ التَّشْطِيرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} النِّسَاء 24 فَيَقْتَصِرَ عَلَى الْمُسَمَّى قِيَاسًا كَسَائِرِ الصُّوَرِ الَّتِي أُطْلِقَتْ فِيهَا النُّصُوصُ وَجَوَابُهُمَا أَنَّ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ صَحِيحَةٌ لَكِنَّ السُّنَّةَ أَبْطَلَتْ الِاقْتِصَارَ عَلَى الْمُسَمّى هَا هُنَا وَهِيَ مَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ وَهَبْتُ نَفْسِي لَكَ فَقَامَتْ قِيَامًا طَوِيلًا فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ زَوِّجْنِيهَا إِنْ لَمْ تَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ تُصْدِقُهَا إِيَّاهُ فَقَالَ مَا عِنْدِي إِلَّا إِزَارِي هَذَا فَقَالَ

(فرع)

عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنْ أَعْطَيْتَهَا إِيَّاهُ جَلَسْتَ لَا إِزَارَ لَكَ فَالْتَمِسْ شَيْئًا فَقَالَ لَا أَجِدُ شَيْئًا فَقَالَ الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ فَالْتَمَسَ فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا فَقَالَ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ هَلْ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْءٌ فَقَالَ نَعَمْ سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا لِسُوَرٍ سَمَّاهَا فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَدْ أَنْكَحْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ يَدُلُّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا قَوْلُهُ مَا عِنْدِي إِلَّا إِزَارِي وَمَعْلُومٌ بِالْعَادَةِ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَعْجِزُ عَنْ حَجَرٍ أَوْ حَطَبٍ أَوْ مَا يُسَاوِي فَلْسًا فَدَلَّ ذَلِكَ على أَن المُرَاد مَاله بَالٌ وَإِلَّا فَالْعَادَةُ تُكَذِّبُهُ وَكَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يكذبهُ حِينَئِذٍ وَثَانِيهمَا قَوْلُهُ مَا أَجِدُ شَيْئًا بَعْدَ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْتَمِسْ شَيْئًا وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَوِ الْتَمَسَ مَا ذَكَرْنَاهُ لَوَجَدَهُ وَثَالِثُهَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ فِي مَعْرِضِ الْمُبَالَغَةِ يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ أَقَلُّ مَا يُجَزِئُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْخَاتَمَ أَعْظَمُ مِنْ أَقَلِّ مَا يتمول وَرَابِعهَا قَوْله فالتمس فَلم يجد شَيْئا وَمَعْلُوم أَنه يَجِد مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْآيَةِ مَا لَهُ قَدْرٌ مِنَ الْمَالِ فَيَتَعَيَّنُ مَا ذَكَرْنَاهُ لِأَنَّهُ عُضْوٌ فَيُسْتَبَاحُ بِالْمَالِ فَوَجَبَ أَنْ يُقَدَّرَ مَا ذَكَرْنَاهُ كَقَطْعِ الْيَدِ فِي السَّرِقَةِ وَأَمَّا ح فَوَافَقَنَا فِي الْمُدْرَكِ غَيْرَ أَنَّهُ خَالَفَ فِي نِصَابِ السَّرِقَةَ فَنُجِيبُهُ فِي بَابِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا تَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ صَدَاقٍ قَالَ سحْنُونٌ يُفْسَخُ بَعْدَ الدُّخُولِ قَالَ أَشْهَبُ وَلَهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ وَالْفَسْخِ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ صَدَاقُ الْمِثْلِ لِبُطْلَانِ مَا حَصَلَ الرِّضَا بِهِ وَفِي الْكِتَابِ لَا يُفْسَخُ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَلَهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ

فرع

(فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ اسْتَحَبَّ الْعُلَمَاءُ عَدَمَ الْمُغَالَاةِ فِي الصَّدَاقِ لِأَنَّ صَدَاقَ أَزْوَاجِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ خَمْسَمِائَةَ دِرْهَمٍ لِغَالِبِهِنَّ مَعَ فَرْطِ شرفه وشرفهن (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا تَزَوَّجَ بِدِرْهَمَيْنِ أَوْ مَا يُسَاوِيهِمَا فُسِخَ إِلَّا أَنْ يَدْخُلَ فَيُجْبَرَ عَلَى الْإِتْمَامِ وَلَا يُفْسَخَ لِلْخِلَافِ فِي هَذَا الصَّدَاقِ وَقَالَ غَيْرُهُ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ وَإِنْ أَتَمَّ وَلَهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ بَعْدَ الْبِنَاءِ كَمَنْ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ صَدَاقٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَهَا دِرْهَمٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} الْبَقَرَة 237 قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْكَاتِبِ إِذَا لَمْ يُتِمَّ فُسِخَ بِطَلْقَةٍ وَلَا شَيْءَ لَهَا إِلَّا نِصْفُ الدِّرْهَمَيْنِ وَلَا غَيْرُهُ لِأَنَّ التَّشْطِيرَ فَرْعُ الصِّحَّةِ وَنَحْنُ لَا نصححه قَالَ وَالصَّوَاب لَهَا إِلَّا نصف الدرهمين وَالْفَسْخ عندنَا اسْتِحْبَابا وَفِي الصَّدَاقِ نَظَرَانِ النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي الصَّحِيحِ وَفِيهِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَصْلًا الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِيمَا يَجُوزُ فِيهِ مِنَ الْغَرَرِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ وَالْغَرَرُ الْفَاحِشُ مَمْنُوعٌ فِيهِ ابْتِدَاءً اتِّفَاقًا فَإِذَا وَقَعَ فَفِي مُضِيِّهِ بِالْعَقْدِ لِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

مِنْ تَحْرِيمِ الْمُصَاهَرَةِ أَوْ بِالدُّخُولِ لِأَنَّهُ فَوْتٌ لَهُ وَيُفْسَخُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ لَيْسَ مَالًا وَالصَّدَاقُ رُكْنُ الْعَقْدِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ وَفِي الْفَسْخِ قَبْلَ الدُّخُولِ عَلَى الْوُجُوبِ أَوِ النَّدْبِ قَوْلَانِ وَأَمَّا غَيْرُ الْفَاحِشِ فَفِي الْكِتَابِ يَجُوزُ عَلَى بَيْتٍ أَوْ خَادِمٍ غَيْرِ مَوْصُوفٍ وَلَهَا الْوَسَطُ وَالْبَيْتُ اللَّائِقُ بِهَا وَعَلَى شَوْرَةٍ إِنْ كَانَتْ مُعْتَادَةً وَفِي التَّنْبِيهَاتِ الشَّوَارُ بِفَتْحِ الشِّينِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْبَيْت من الْمَتَاع الْحسن والشارة والهيئة وَحسن الملبس والشورة بِالضَّمِّ الْحَال وَعَلَى مِائَةِ بَعِيرٍ غَيْرِ مَوْصُوفَةٍ وَلَهَا الْوَسَطُ مِنَ الْأَسْنَانِ وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ دَفْعُ الْقِيمَةِ إِلَّا أَنْ تَرْضَى وَوَافَقَنَا ح وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ لَا يَجُوزُ إِلَّا بِمَعْلُومٍ مَوْصُوفٍ كَالْبَيْعِ وَمَتَى أُطْلِقَ النَّقْدُ أَوْ غَيْرُهُ فَهُوَ حَالٌ لِأَنَّهُ أصل الْمُعَامَلَات وَإِنْ أَظْهَرُوا مَهْرًا وَأَسَرُّوا دُونَهُ فَالْمُعْتَبَرُ السِّرُّ إِنْ شَهِدُوا بِهِ لِأَنَّ اللُّزُومَ يَتْبَعُ الرِّضَا بِالْبَدَلِ وَقَالَ ابْن حَنْبَل لَا تعْتَبر الْعَلَانِيَة وَلَو أظهرو تَجَمُّلًا لِأَنَّهَا تَسْمِيَةٌ فِي عَقْدٍ صَحِيحٍ فَتَجِبُ وَقَالَ ح إِنْ خَالَفَتِ الْعَلَانِيَةُ مَا عُقِدَ عَلَيْهِ سِرًّا فَالْعَلَانِيَةُ إِلَّا أَنْ يُشْهِدَا عَلَى السِّرِّ فَتَدُلَّ الشَّهَادَةُ عَلَى أَنَّ زِيَادَةَ الْعَلَانِيَةِ هَزْلٌ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا كَانَ الصَّدَاقُ عَبْدًا وَلَمْ يُبَيِّنْ أَهُوَ مِنَ الْحُمْرِ أَوْ مِنَ السُّودَانِ فَلَهَا وَسَطُ الْأَمْرَيْنِ وَلَهَا فِي الثَّلَاثَةِ رَأْسٌ مِنْ وَسَطِ الْجِنْسِ وَنِصْفُ قِيمَةِ الْآخَرِ يَوْمَ وَقَعَ الْعَقْدُ نَفْيًا لِلشَّرِكَةِ فِي الرَّقِيقِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْأَشْبَهُ الشَّرِكَةُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ إِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ يَبْنِيَ لَهَا بَيْتًا وَهِيَ بُقْعَةٌ مُعَيَّنَةٌ فِي مِلْكِهِ وَوَصَفَ الطُّولَ وَالْعَرْضَ وَالْبِنَاءَ جَازَ وَإِنْ كَانَتْ مَضْمُونَةً فَلَا لِفَرْطِ الْغَرَرِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَهَا الْأَغْلَبُ مِنْ رَقِيقِ الْبَلَدِ فَإِنِ اسْتَوَى أُعْطِيَتِ النِّصْفَ مِنَ السُّودَانِ وَالنِّصْفَ مِنَ الحمران على قدر قيمَة ذَلِك يَوْمَ الْعَقْدِ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَجُوزُ عَلَى خَادِمٍ حَتَّى يُسَمَّى جِنْسُهَا فَيَتَعَيَّنَ

وَسَطَ ذَلِكَ الْجِنْسِ وَإِلَّا فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَثَبَتَ بَعْدَهُ وَلَهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ وَقَالَ ابْنُ عبد الْحَكَمِ لَا يَجُوزُ إِلَّا عَلَى مَعْلُومٍ مُقَدَّرٍ كَقَوْلِ ش لَنَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ الصَّدَاقُ مَا تَرَاضَى عَلَيْهِ الْأَهْلُونَ قَاعِدَةٌ الْغَرَرُ وَالْجَهَالَةُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ جَائِزٌ إِجْمَاعًا فِي جُمْلَةِ الْعُقُودِ كَجَهَالَةِ أَسَاسِ الدَّارِ وَبَطْنِ الْأَجِنَّةِ وَغَرَرِ كَوْنِ الْمَبِيع لَا يبْقى حَتَّى يقبض وممنوع إِجْمَاعًا فِي عُقُود الْمُعَاوَضَات كالطير فِي الْهَوَاء أَو مُخْتَلف فِيهِ كَبيع الْغَائِب وَالسّلم فِي الْحَيَوَان أَو النِّكَاح على مَا بَين جِنْسُهُ لَا نَوْعُهُ فَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ يُلْحِقُهُ بِالْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَمِنْهُمْ مَنْ يُلْحِقُهُ بِالثَّانِي قَاعِدَةٌ الْعُقُودُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ مِنْهَا مَا يُنَافِي مَقْصُودُهُ الْجَهَالَةَ وَالْغَرَرَ كَالْبَيْعِ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ تَنْمِيَةُ الْمَالِ وَهِيَ غَيْرُ مُنْضَبِطَةٍ مَعَهُمَا فَلِذَلِكَ امْتَنَعَا فِيهِ إِجْمَاعًا وَمِنْهَا مَا لَا يُنَافِيَانِ مَقْصُودَهُ كَالْهِبَةِ فَإِن مقصودها الرَّد وَهُوَ حَاصِلٌ مَعَهُمَا وَكَالصُّلْحِ الْمَقْصُودِ بِهِ دَفْعُ الْخُصُومَةِ وَهِيَ مُنْدَفِعَةٌ بِالرِّضَا بِمَا هُمَا فِيهِ وَكَالْخُلْعِ مَقْصُودُهُ خَلَاصُ الْمَرْأَةِ مِنْ رِقِّ النِّكَاحِ وَهُوَ حَاصِلٌ بِالرِّضَا بِمَا هُمَا فِيهِ فَلَا جَرَمَ قُلْنَا بِجَوَازِهِمَا فِي هَذِهِ الْأُمُورِ وَمِنْهَا مَا يُنَافِيَانِهِ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ كَالنِّكَاحِ فَمِنْ جِهَةِ أَنَّ مَقْصُودَهُ الْمُوَاصَلَةُ لَا يُنَافِيَانِهِ وَمِنْ جِهَةِ أَنَّ الْمَالِيَّةَ شَرْطٌ يُنَافِيَانِهِ فَإِذَا قَاسَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ عَلَى الْبَيْعِ بَطَلَ قِيَاسه بِالْفرقِ أَو رام الِاسْتِدْلَالَ بِالنَّصِّ فَلَمْ يَرِدْ إِلَّا فِي الْبَيْعِ فَلَا يتَنَاوَل صُورَة النزاع وَلَو تنَاولهَا حَتَّى خصصناها بِالْفرقِ

الْمَذْكُور وَلِهَذَا التَّقْدِير جَوَّزْنَا مِنْهُمَا فِي الْخُلْعِ مَا لَا يَجُوزُ فِي النِّكَاحِ فَائِدَةٌ الْغَرَرُ هُوَ الْقَابِلُ لِلْحُصُولِ وَعَدَمِهِ قَبُولًا مُتَقَارِبًا وَإِنْ كَانَ مَعْلُومًا كَالْآبِقِ إِذَا كَانَا يَعْرِفَانِهِ وَالْمَجْهُولُ هُوَ الَّذِي لَا تُعْلَمُ صِفَتُهُ وَإِنْ كَانَ مَقْطُوعًا بِحُصُولِهِ كَالْمُعَاقَدَةِ عَلَى مَا فِي الْكُمِّ وَقَدْ يَجْتَمِعَانِ كَالْآبِقِ الْمَجْهُول فَلَا يعْتَقد أَنَّ الْمَجْهُولَ وَالْغَرَرَ مُتَسَاوِيَانِ بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَعَمُّ وَأَخَصُّ مِنْ وَجْهٍ تَنْبِيهٌ الْغَرَرُ سَبْعَة أَقسَام فِي الْمَوْجُود كَالْآبِقِ وَالْحُصُولِ كَالطَّائِرِ فِي الْهَوَاءِ وَالْجِنْسِ كَسِلْعَةٍ لَمْ يُسَمِّهَا وَالنَّوْعِ كَعَبْدٍ لَمْ يُعَيَّنْ نَوْعُهُ وَالْمِقْدَارِ مَا تَصِلُ إِلَيْهِ رَمْيَةُ الْحَجَرِ وَالتَّعْيِينِ كَثَوْبٍ مِنْ ثَوْبَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَالْبَقَاءِ كَالثَّمَرَةِ قَبْلَ بَدو صَلَاحهَا الْفَصْلُ الثَّانِي فِي ضَمَانِهِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا زَوَّجَ ابْنَتَهُ وَضَمِنَ الصَّدَاقَ لَزِمَهُ وَلَا يَرْجِعُ بِهِ الْأَبُ عَلَى الزَّوْجِ وَإِنْ مَاتَ أَخَذَتْهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا فَلَا شَيْءَ عَلَى الزَّوْجِ وَفَاءً بِالشَّرْطِ فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا مَنَعَتْ نَفْسَهَا حَتَّى يَدْفَعَ الصَّدَاقَ لِأَنَّ بُضْعَهَا بِيَدِهَا وَكَذَلِكَ لَوْ ضَمِنَهُ أَجْنَبِيٌّ عَنِ الزَّوْجِ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ وَعَدَ بِشَيْءٍ وَأَدْخَلَ الْمَوْعُودَ لَهُ فِي أَمْرٍ بِسَبَبِ وَعْدِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا طَلَّقَ الِابْنُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَقَدْ ضَمِنَ عَنْهُ الْأَبُ رَجَعَ النِّصْفُ لِلْأَبِ وَلَا يَأْخُذُهُ الِابْنُ لِأَنَّهُ إِنَّمَا الْتَزَمَ مَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ وَهَبَهُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَإِنْ ظَهَرَ فَسَادُ النِّكَاحِ رَجَعَتْ جُمْلَتُهُ لِلْأَبِ وَلَوْ تَفَادَى الزَّوْجَانِ قَبْلَ الْبِنَاءِ عَلَى الْمُتَارَكَةِ وَالْعَقْدُ صَحِيحٌ رَجَعَ الْأَبُ

(فرع)

بِمَا ودى وَسَقَطَ عَنْهُ إِنْ لَمْ يُؤَدِّ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَرْجِعُ الزَّوْجُ بِنِصْفِ مَا وَجَبَ لَهُ بِالطَّلَاقِ كَمَا لَوْ بَارَاهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ عَلَى رَدِّ الْجَمِيعِ وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ الْعَطَايَا فِي عَقْدِ النِّكَاحِ لَا تَفْتَقِرُ إِلَى الْقَبْضِ وَلَا تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمُعْطِي لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ وَإِنْ طَلَّقَ الزَّوْجُ بَعْدَ الْبِنَاءِ أَوْ مَاتَ لَا تَرْجِعُ إِلَى الْمُعْطِي وَقِيلَ تَرْجِعُ الْعَطَايَا لِلْأَبِ إِذَا فُسِخَ النِّكَاحُ قَبْلَ الْبِنَاءِ كَتَحَمُّلِ الصَّدَاقِ وَصُورَةُ الْعَطَايَا قَوْلُهُ تَزَوَّجِ ابْنَتِي وَأَنَا أُعْطِيهَا كَذَا أَوِ ابْنِي وَأَنَا أُعْطِيهِ كَذَا وَفِي الْجَوَاهِرِ الصَّدَاقُ مَضْمُونٌ عَلَى الزَّوْجِ إِنْ كَانَ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَتِهِ وَإِلَّا فَلَا كَالْبَيْعِ وَحُكْمُهُ فِي التَّلَفِ وَالتَّعْيِيبِ وفوات الْمَنَافِع وتوفيتها بِالشُّفْعَةِ حُكْمُ الْبَيْعِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا زَوَّجَ الْيَتِيمَةَ الْبِكْرَ وَلِيُّهَا بِأَمْرِهَا وَقَبَضَ صَدَاقَهَا لَمْ يَجُزْ قَبْضُهُ عَلَيْهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ وَصِيًّا فَإِنَّ الْوَلِيَّ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ الشَّرْعُ أَمْرَ الْمَالِ وَإِذَا قَبَضَهُ الْأَبُ لِلثَّيِّبِ بِغَيْرِ إِذْنِهَا ضَمِنَهُ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِي الْقَبْضِ بِغَيْرِ وكَالَة كَمَا لَو قبض ديونها فَلَهَا الرُّجُوعُ عَلَى الْغَرِيمِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا قَبَضَهُ الْأَبُ بِاقْتِضَاءٍ مِنَ الزَّوْجِ ضَمِنَ وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ أَرْسَلَ الْأَبَ بِهِ لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ لِلزَّوْجِ وَأَمَّا قَبْضُهُ لِلْبِكْرِ بِالْبَيِّنَةِ وَتُضَيِّعَهُ الِابْنَةُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى الزَّوْجِ أَوْ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ فَعَلَى الزَّوْجِ دَفْعُ الصَّدَاقِ ثَانِيَةً سَدًّا للذريعة فِي النِّكَاحِ بِغَيْرِ صَدَاقٍ وَلَا شَيْءَ لِلزَّوْجِ عَلَى الْأَبِ لِتَفْرِيطِهِ قَالَهُ أَشْهَبُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَقَرَّ الْأَبُ بِقَبْضِهِ وَضَاعَ وَلَا بَيِّنَةَ عَلَى الزَّوْجِ صُدِّقَ الْأَبُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الزَّوْجِ لِأَنَّ الْأَبَ لَهُ قَبْضُهُ بِغَيْرِ وَكَالَةٍ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِنْ قَالَ الْأَبُ جهزتها بِهِ

(فرع)

وَأَنْكَرَتْ حَلَفَ وَبَرِئَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ قَرِيبَةَ الدُّخُولِ وَتُكَذِّبُهُ قَرِينَةُ الْعُرْفِ وَلَوِ ادَّعَى تَجْهِيزَهَا بِإِرْثِ أُمِّهَا أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَأَنْكَرَتْ لَمَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ لِأَنَّ فِي التَّجْهِيزِ بِالْمَهْرِ عَادَةً بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ فِي ذِمَّتِهِ وَلَو ادّعى أَن بعض مَا جَهَّزَهَا بِهِ عَارِيَّةٌ صُدِّقَ بِشَرْطَيْنِ حِدْثَانِ الْبِنَاءِ وَبَقَاءِ مَا يُجَهَّزُ بِهِ مِثْلُهَا مَعَ يَمِينِهِ وَهَذَا فِي الْأَبِ خَاصَّةً فِي الْبِكْرِ وَهُو فِيَ الثَّيِّبِ كَالْأَجْنَبِيِّ إِلَّا أَنْ تَكُونَ فِي وِلَايَتِهِ وَالْوَصِيُّ كَالْأَبِ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْأَبِ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ وَالْأَوَّلُ الْمَشْهُورُ (فَرْعٌ) قَالَ أَشْهَبُ إِذَا أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ بِقَبْضِ صَدَاقِ ابْنَتِهِ أُخِذَ مِنْ مَالِهِ إِنْ كَانَ الزَّوْجُ مُوسِرًا وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ بِالْوَصِيَّةِ لَهَا (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا قَبَضَ السَّيِّدُ الصَّدَاقَ ثُمَّ فَلَّسَ فَبَاعَهَا السُّلْطَانُ عَلَيْهِ فَاشْتَرَاهَا الزَّوْجُ قَبْلَ الْبِنَاءِ رَجَعَ عَلَى السَّيِّدِ بِنِصْفِ الصَّدَاقِ لِأَنَّهُ اشْتَرَاهَا عَالِمًا بِتَحْرِيمِهَا بِالشِّرَاءِ فَهُوَ كَالْمُطَلِّقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَلَوِ اشْتَرَاهَا من السُّلْطَان غير عَالم بِأَنَّهَا امْرَأَتُهُ رَجَعَ بِجَمِيعِهِ عَلَى السَّيِّدِ بِخِلَافِ إِذَا بَاعَهَا السَّيِّدُ مِنْهُ لَا شَيْءَ لَهُ إِذَا كَانَ عَالِمًا لِأَنَّ السَّيِّدَ لَمَّا كَانَ أَمْلَكَ بِالْبَيْعِ غَلَبَ أَمْرُهُ عَلَى أَمْرِ الزَّوْجِ فَكَأَنَّ الْفَسْخَ جَاءَ مِنْ قِبَلِهِ وَلَوْ بَاعَهَا لِمَنِ اشْتَرَاهَا لِلزَّوْجِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَهُوَ كَبَيْعِ السُّلْطَانِ لَهُ نِصْفُ الصَّدَاقِ وَقَالَ عِيسَى بَيْعُ السُّلْطَانِ كَبَيْعِ السَّيِّدِ يَرْجِعُ بِجَمِيعِ الصَّدَاقِ قَالَ وَهُوَ بعيد

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِذَا قَبَضَتْهُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ فِي عَقْدِهِ وَفُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبعد تلفه لم تضمنه كَالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ بِخِلَافِ الْفَاسِدِ فِي الصَّدَاقِ فَإِنَّهَا تَضْمَنُ لِأَنَّهُ لَوْ دَخَلَ بِهَا كَانَ لَهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ وَالْفَاسِدُ فِي عَقْدِهِ لَهَا عَيْنُ ذَلِكَ الصَّدَاقِ فَأَشْبَهَ الصَّحِيحَ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ الْمَرْأَة ضامنة الْمعِين وَمَا يغلب عَلَيْهِ مِنَ الْعُرُوضِ إِلَّا أَنْ تَقُومَ الْبَيِّنَةُ عَلَى تَلَفِهِ كَالْعَارِيَّةِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْغَلَّاتِ تخْتَص بهَا تضمن وَإِن قَامَت الْبَيِّنَة وَمَا يُغَاب عَلَيْهِ وَمَا لَا يُغَاب عَلَيْهِ وَرُوِيَ عَن مَالك الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي هِبَتِهِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا وَهَبَتْهُ لِلزَّوْجِ بَعْدَ الْقَبْضِ أَوْ قَبْلَهُ وَهِيَ نَافِذَةُ التَّصَرُّفِ فَلَا رُجُوعَ لَهَا أَوْ بَعْضَهُ فَلَهَا نِصْفُ مَا بَقِيَ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ قَبْلَ الْقَبْضِ نَفَذَتِ الْهِبَةُ إِنْ حَمَلَهَا ثُلُثَهَا وَإِنْ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ بَطَلَ الْجَمِيعُ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ مَحْجُورٌ عَلَيْهَا بِسَبَبِ الزَّوْجِ فِي مَالِهَا إِلَّا فِي الثُّلُثِ فَيَكُونُ هَذَا التَّصَرُّفُ بَاطِلًا إِلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الزَّوْجُ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ حَتَّى طُلِّقَتْ مُوسِرَةً قَبْلَ الْبِنَاءِ أَخَذَهُ مِنَ الزَّوْجِ لِذَهَابِ الْحَجْرِ وَرَجَعَ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِنِصْفِهِ أَوْ مُعْسِرَةً حَبَسَ الزَّوْجُ نِصْفَهُ وَدَفَعَ نِصْفَهُ وَلَوْ قَبَضَهُ كُلَّهُ قَبْلَ الطَّلَاقِ لَمْ يَرْجِعِ الزَّوْجُ بِشَيْءٍ كَانَتْ مُوسِرَةً يَوْمَ الْهِبَةِ أَوْ مُعْسِرَةً أَوِ الْآنَ وَيُتْبِعُهَا الزَّوْجُ بِنِصْفِهِ كَمَا لَوْ هَلَكَ بِسَبَبِهَا عِنْدَهَا وَقَالَ غَيْرُهُ إِن كَانَت موسرة يَوْم الْهِبَة وَلم تقبضه حَتَّى طُلِّقَتْ لَمْ يُنْظَرْ لِعُسْرِهَا يَوْمَ الطَّلَاقِ ويدفعه الزَّوْج للْمَوْهُوب وَيُتْبِعُهَا بِنِصْفِهِ نَظَرًا إِلَى حَالَةِ

التَّصَرُّفِ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ إِذَا وَهَبَتْهُ لِزَوْجِهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ لَا يَدْخُلُ بهَا حَتَّى يُعْطِيهَا ربع دِينَار لَيْلًا يُعَرَّى الْبُضْعُ مِنَ الصَّدَاقِ أَوْ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَلَا شَيْءَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِذَا لَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى طَلَّقَ الزَّوْجُ وروعي عسرها ويسرها يَوْم الطَّلَاق وَلَا يُنْظَرُ إِلَى ثُلُثِهَا إِنْ كَانَتْ حَامِلًا وَإِنَّمَا يُرَاعَى عُسْرُهَا بِذَلِكَ الْقَدْرِ فَقَطْ لِزَوَالِهَا عَنْ عِصْمَةِ الزَّوْجِ وَعَلَى قَوْلِ الْغَيْرِ فِي اعْتِبَارِ يُسْرِهَا يَوْمَ الْهِبَةِ يُنْظَرُ إِلَى الثُّلُثِ لِأَنَّهُ وَقت للتزويج وَفِي الْجَوَاهِر إِذا وهبته جملَته ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ كَأَنَّهَا عَجَّلَتْ إِلَيْهِ مَا تَسْتَحِقُّهُ بِالطَّلَاقِ وَإِذَا وَهَبَتْهُ لِأَجْنَبِيٍّ وَقَبَضَهُ وَرَجَعَ الزَّوْجُ عَلَيْهَا فَهَل يرجع عَلَى الْمَوْهُوبِ كَوَاهِبِ الْمُسْتَحَقِّ أَمْ لَا لِأَنَّهَا وَهَبَتْ وَهِيَ عَالِمَةٌ بِتَوَقُّعِ الِارْتِجَاعِ وَكَمَا أَنَّهَا لَا تنقض البيع فَكَذَلِك هَا هُنَا وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ حَتَّى طُلِّقَتْ أُجْبِرَتْ عَلَى الْإِقْبَاضِ إِنْ كَانَتْ مُوسِرَةً يَوْمَ الطَّلَاقِ لِأَنَّهَا قَادِرَةٌ عَلَى تَعْوِيضِ الزَّوْجِ وَلَا تُجْبَرُ إِنْ كَانَتْ مُعْسِرَةً يَوْمَ الْهِبَةِ وَالطَّلَاقِ فَإِنْ كَانَتْ مُوسِرَةً يَوْمَ الْهِبَةِ مُعْسِرَةً يَوْمَ الطَّلَاقِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تُجْبَرُ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا تُجْبَرُ وَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ فِي اسْتِقْرَارِ ملكهَا وَلَو خالفته قبل الْبناء بِنصفِهِ كَانَ لَهَا نضف مَا بَقِيَ أَوْ جُمْلَتُهُ فَلَا شَيْءَ لَهَا وَكَذَلِكَ عين غَيره لِأَن المخالعة بِغَيْرِهِ دَلِيلٌ عَلَى إِسْقَاطِهِ وَتَرُدُّهُ إِنْ كَانَتْ قَبَضَتْهُ وَقَالَ أَصْبَغُ إِنْ قَبَضَتْهُ فَلَا لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ أَمْوَالِهَا إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ رَدَّهُ أَوْ بِمَا أَقَلَّ مِنَ الصَّدَاقِ رَجَعَتْ بِنِصْفِ الصَدَاق

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ تَزَوَّجَتْهُ عَلَى أَنْ يَهَبَ عَبْدَهُ لِفُلَانٍ فَطَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ رَجَعَ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ بِنِصْفِهِ إِنْ كَانَ قَائِمًا وَإِنْ هَلَكَ فَنِصْفُ قِيمَتِهِ عِنْدَ أَشْهَبَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ لِأَنَّهُ لَوْ هَلَكَ بِيَدِ الْمَرْأَةِ سَقَطَ وَإِنْ حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ أَخَذَ نِصْفَهُ مَعِيبًا وَإِنْ بَاعَهُ الْمَوْهُوبُ بِنِصْفِ الثَّمَنِ أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ وَهَبَهُ عَالِمًا بِأَنَّهُ صَدَاقٌ فَنِصْفُ قِيمَتِهِ يَوْمَ التَّصَرُّفِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا يُرَدُّ الْعِتْقُ لِأَنَّهُ مُكِّنَ من ذَلِك وَاسْتحْسن رد الْهِبَة وَإِن كَانَ طَعَامًا أَكَلَهُ أَوْ ثَوْبًا لَبِسَهُ لِلتُّهْمَةِ فِي الْعَادَةِ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمُ من تزوج بكرا بِمِائَة فأعطتها مَنْ عِنْدَهَا فَعَلِمَ الْأَبُ ثَبَتَ النِّكَاحُ لِوُجُودِ التَّسْمِيَةِ وَيَرُدُّهَا وَمَنْ أَعْطَتْهُ امْرَأَةٌ مَالًا عَلَى أَنْ يَتَزَوَّجَهَا إِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا وَزَادَهَا رُبُعَ دِينَارٍ عَلَى عَطِيَّتِهَا جَازَ أَوْ بِكْرًا وَلَمْ يَبْنِ بِهَا فَإِنْ أَتَمَّ الصَّدَاقَ وَإِلَّا فُسِخَ أَوْ بَنَى فَصَدَاقُ الْمِثْلِ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لَا يُفْسَخُ بَنَى أَمْ لَا وَيُعْطِي الْبِكْرَ مِنْ مَالِهِ مِثْلَ عَطِيَّتِهَا وَيَزِيدُ الثَّيِّبَ رُبُعُ دِينَارٍ وَأَمَّا رَدُّ الْمَهْرِ إِلَى الزَّوْجِ فَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ هُوَ نِكَاحٌ وَسَلَفٌ لَا يَجُوزُ إِن وَقعت العيبة على النَّقْد وَإِن لم يعب وَاشْتَرَطَ ذَلِكَ كَانَ الْعَقْدُ صَحِيحًا وَإِذَا فَسَدَ ثَبَتَ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَفُسِخَ قَبْلَهُ لِأَنَّ فَسَادَهُ فِي صَدَاقِهِ وَلَهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي التَّغَيُّرَاتِ الْوَارِدَةِ عَلَيْهِ فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا تَغَيَّرَ قَبْلَ الطَّلَاقِ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ أَوْ بِزِيَادَةٍ مِنْ وَجْهٍ وَنُقْصَانٍ مِنْ وَجْهٍ فَالزِّيَادَةُ

عَلَيْهِمَا وَالنُّقْصَانُ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُمَا شَرِيكَانِ وَقِيلَ لِلْمَرْأَةِ وَعَلَيْهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الطَّلَاقِ الْمُشَطَّرِ وَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ فِي اسْتِقْرَارِ مِلْكِهَا عَلَى الْكُلِّ وَعَدَمِ اسْتِقْرَارِهِ وَفِي الْكِتَابِ كُلُّ مَا هُوَ مُعَيَّنٌ فَقَبَضَتْهُ أَمْ لَا فَحَالَ سُوقُهُ أَوْ نَقَصَ بَدَنُهُ أَوْ نَمَى أَوْ تَوَالَدَ ثُمَّ طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَهُ نِصْفُ مَا وُجِدَ عِنْدَ الطَّلَاقِ وَلَوْ هَلَكَ بِيَدِهَا لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ أَوْ بِيَدِهِ بَنَى مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ وَمَا يُغَابُ عَلَيْهِ إِذَا هَلَكَ ضَمِنَهُ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ ذَلِكَ فَيَكُونَ مِنْهَا وَمَنْ أَهْلَكَ شَيْئًا ضَمِنَهُ لِصَاحِبِهِ وَمَنْ أَنْفَقَ شَيْئًا حُوسِبَ بِهِ وَإِنْ جَنَى عَلَى الْعَبْدِ فَالْجِنَايَةُ بَيْنَهُمَا وَلَوْ جَنَى بِيَدِهَا خُيِّرَتْ فِي افْتِدَائِهِ فَإِنْ فَدَتْهُ لَا يَأْخُذِ الزَّوْجُ نِصْفَهُ إِلَّا بِدَفْعِ نِصْفِ الْفِدْيَةِ أَوْ أَسْلَمَتْهُ فَلَا شَيْءَ لِلزَّوْجِ إِلَّا أَنْ يُحَابِيَ فَتَبْطُلَ مُحَابَاتُهَا فِي نِصْفِ الزَّوْجِ وَلَوْ جَنَى بِيَدِهِ فَلَيْسَ لَهُ دَفْعُهُ بَلْ لِلْمَرْأَةِ فَإِنَّ مِلْكَهَا هُوَ الْأَصْلُ بَعْدَ الْعَقْدِ فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ تَسْلِيمِهِ كَانَ مِثْلَهَا فِي نصفه فَقَالَ ابْنُ يُونُسَ وَإِذَا ادَّعَتْ تَلَفَهُ صُدِّقَتْ فِيمَا يُصَدَّقُ فِيهِ الْمُسْتَعِيرُ مَعَ يَمِينِهَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَصْبَغُ تَضْمَنُ الْعَيْنَ وَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِهَلَاكِهَا بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ لِأَنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ وَإِذَا ادَّعَتِ التَّلَفَ فَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَتُهَا بِالشَّوَارِ مِنْ مَالِهَا لِأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يَلْزَمُ فِي الصَّدَاقِ بِالْعَادَةِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَلْزَمُهَا ذَلِكَ إِلَّا أَنْ تَقُومَ الْبَيِّنَةُ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا اسْتَحَقَّ بَعْضَهُ وَفِي إِلْزَامِ بَاقِيهِ ضَرَرٌ كَالرَّقِيقِ يَمْنَعُ الشَّرِكَةَ مِنَ الْوَطْءِ وَالسَّفَرِ فَلَهَا رَدُّهُ وَأَخْذُ قِيمَتِهُ أَوْ تَحْبِسَ الْبَقِيَّةَ وَتَأْخُذَ قِيمَةَ الْمُسْتَحق فَإِن كَانَ تَافِهًا وَمَا لَا يَضُرُّ رَجَعَتْ بِقِيمَتِهِ فَقَطْ إِلَّا فِي الرَّقِيقِ فَلَهَا الرَّدُّ وَإِنْ قَلَّ فَإِنِ اسْتَحَقَّ الْبَعْضَ فَكَالْبُيُوعِ فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْجُزْءِ الشَّائِعِ وَبَيْنَ الْمُعَيَّنِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا اسْتَحَقَّتْ جُمْلَتَهُ فَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ وَأَتْبَعَتْهُ بِمِثْلِهِ إِنْ كَانَ مِثْلِيًّا أَو بقمته إِنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا وَإِنْ كَانَ لَمْ يَدْخُلْ تلوم السُّلْطَان

(فرع)

لَهُ فَإِنْ جَاءَ بِهِ وَإِلَّا فُرَّقَ بَيْنَهُمَا قَالَ أَصْبَغُ إِنْ دَخَلَ مُنِعَ حَتَّى يَدْفَعَ وَلَوْ رُبُعَ دِينَارٍ أَوْ بَقِيَ دُونَ الِاسْتِحْقَاقِ رُبُعُ دِينَارٍ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ كَانَ اسْتِعَارَةً أَوْ سَرِقَةً حِيلَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ دَخَلَ حَتَّى يَدْفَعَ جُمْلَةَ الْمَهْرِ وَإِنْ تَقَدَّمَتْ لَهُ فِيهِ شُبْهَةُ مِلْكٍ اتَّبَعَتْهُ بِهِ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ عَلَى عَدَمِ الصَّدَاقِ وَلَوْ تَزَوَّجَ بِعَبْدِ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ فَهُوَ لِلْمَرْأَةِ إِنْ كَانَ الْأَبُ مُعْدِمًا اتُّبِعَ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ قَالَه ملك كَشِرَائِهِ لِنَفْسِهِ وَكَعِتْقِهِ عَنْ نَفْسِهِ (فَرْعٌ) فِي الْجُلَّابِ إِذَا تَزَوَّجَهَا بِعَبْدٍ مُعَيَّنٍ فَكَانَ حُرًّا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ وَصَدَاقُ مِثْلِهَا عِنْدَ عَبْدِ الْمِلْكِ لِخُلُوِّ الْعَقْدِ عَنِ الصَّدَاقِ لِأَنَّ الْحُرَّ لَيْسَ بِمَالٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ زَادَتِ الْقِيمَةُ عَنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ أَوْ أَقَلَّ وَلَا يفْسخ النِّكَاح تعمد أَمْ لَا وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُفْسَخُ النِّكَاحُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمَا جَمِيعًا لَمْ يُفْسَخْ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَلَوْ قِيلَ لَهَا الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ صَدَاقُ الْمِثْلِ لَكَانَ وَجْهًا لِرِضَاهَا بِالْعَبْدِ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهَا لَوْ تَزَوَّجَتْ بِدَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ لَمْ تَرْضَ إِلَّا بِمَا يَكُونُ قِيمَةَ الْعَبْدِ (فَرْعٌ) قَالَ فَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهَا عَتَقَ بِالْعَقْدِ فَإِنْ طَلَّقَ رَجَعَ بِقِيمَتِهِ كَانَتْ مُوسِرَةً أَوْ مُعْسِرَةً لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يَتْبَعُ الْعَبْدَ بِشَيْءٍ لِأَنَّ الشَّرْعَ أَعْتَقَهُ وَلَا يُرَدُّ عِتْقُهُ كَمُعْسِرٍ أَعْتَقَ بِعِلْمِ غَرِيمِهِ وَالزَّوْجُ كَانَ عَالِمًا وَقَدِ اسْتَحْسَنَ بَعْضَهُ أَيْضًا مَالِكٌ أَنْ لَا يَرْجِعَ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ لِأَنَّهَا لم

تَنْتَفِعْ بِمَالٍ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ لِأَنَّهَا أَحْسَنَتْ بِصَدَاقِهَا لِقَرَابَتِهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ لَمْ يَعْلَمِ الزَّوْجُ أَنَّهُ يُعْتِقُ عَلَيْهَا إِلَّا عِنْدَ الطَّلَاقِ أَخَذَ نِصْفَهُ وَعَتَقَ نِصْفُهُ إِنْ كَانَتْ مُعْسِرَةً إِلَّا أَنْ يَرْضَى بِاتِّبَاعِهَا فَيُعْتِقَ كُلَّهُ وَلَوْ كَانَ عَالِمًا وَهِيَ غَيْرُ عَالِمَةٍ عَتَقَ عَلَيْهِ وَغَرِمَ قِيمَتَهُ كَالْمُقَارِضِ يَشْتَرِي مَنْ يُعْتِقُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ عَالِمًا وَقَالَ أَيْضًا يُعْتِقُ عَلَيْهَا عَلِمَتْ أَمْ لَا لِوُجُودِ سَبَبِ عِتْقِهِ وَهُوَ مِلْكُهَا بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ يَوْمَ أَصْدَقَهَا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ لَهَا غَيْرَهُ وَكَانَ عَلِمَ فَلَيْسَ لَهُ رد الْعتْق لِأَنَّهُ دخل عَلَيْهِ وأتبَعَهَا وَإِلَّا فَلَهُ أَخْذُ نِصْفِهِ وإتبَاعها وَقِيلَ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ إِنَّمَا يَصِحُّ ذَلِكَ فِي الثَّيِّبِ أَمَّا فِي الْبِكْرِ فَلَا يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ ذَلِك لِأَنَّهُ ضَرَر قَالَ عبد الْملك فَإِن تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ يُعْتِقَ لَهَا أَبَاهَا فَالنِّكَاحُ مَفْسُوخٌ لِعَدَمِ الصَّدَاقِ أَوْ عَلَى أَنْ يُعْتِقَهُ عَنْهَا فَالْوَلَاءُ لَهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا لَمْ تَمْلِكْهُ وَإِنْ كَانَ عَلَى أَنْ يُعْتِقَهُ عَنْ نَفْسِهِ فَالْوَلَاءُ لَهُ وَيُفْسَخُ فِي الْوَجْهَيْنِ قَبْلَ الْبِنَاءِ لِعَدَمِ الصَّدَاقِ الْمُعْتَبَرِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ وَلَهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى عِتْقِ أَبِيهَا عَلَى نَفْسِهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ جَوَازُهُ إِنْ قَالَ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ عَنْهَا لِمَالِكٍ وَلَا يَجُوزُ لَا عَنْ نَفْسِهِ وَلَا عَنْهَا لِعَبْدِ الْمَلِكِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ نَفْسِهِ لَا يَجُوزُ النِّكَاحُ وَعَنْهَا يَجُوزُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهِ فَالْمَعْرُوفُ لِمَالِكٍ عَدَمُ الْجَوَازِ لِلْغَرَرِ وَرُوِيَ الْجَوَازُ وَجَوَازُ النِّكَاحِ إِنْ لَمْ يَمْلِكْهُ وَلَا لَهَا وَلَاؤُهُ حَيْثُ لَا يَكُونُ لَهَا الْوَلَاءُ لِأَنَّهُ مَالٌ مِنْ مَاله بعد الشِّرَاء وَلَو قَالَت أَعطيتك مَالًا وَتُعْتِقُهُ جَازَ الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي التَّصَرُّفَاتِ فِيهِ فِي الْكِتَابِ لَوْ وَهَبَتْهُ بَعْدَ الْقَبْضِ وَهِيَ جَائِزَةُ الْأَمْرِ فَطَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ رَجَعَ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْهِبَةِ لِأَنَّهُ يَوْمُ

(فرع)

الْإِتْلَافِ وَقَالَ غَيْرُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ يَوْمُ الضَّمَانُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ أَعْتَقَتِ الْعَبْدَ غَرِمَتْ نِصْفَ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْعِتْقِ مُوسِرَةً أَوْ معسرة وَينفذ الْعتْق إِذا علم الزَّوْج أَنه رَضِيَ وَإِلَّا فَلَوْ قَامَ فَلَهُ رَدُّهُ إِنْ زَادَ عَلَى ثُلُثِهَا وَلَمْ يُعْتَقْ مِنْهُ شَيْءٌ كَهِبَةِ أَكْثَرِ مِنَ الثُّلُثِ فَإِنْ طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَهُ نِصْفُهُ وَيُعْتَقُ عَلَيْهَا نِصْفُهُ لِأَنَّ كُلَّ عِتْقٍ رُدَّ لِلْحَجْرِ يُنَفَّذُ عِنْدَ زَوَالِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَلَيْهَا إِذَا أَعْتَقَتْهُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُعْتَقُ مِنْهُ شَيْءٌ إِذَا طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ لِرَدِّ الزَّوْجِ الْعِتْقَ أَوَّلًا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُعْتَقُ ثُلُثُهُ وَإِنْ كَرِهَ الزَّوْجُ (فَرْعٌ) قَالَ أَصْبَغُ لَوِ اشْتَرَتْ بِالْعَيْنِ الْجِهَازَ الْمَعْرُوفَ فَتَلَفَ لَمْ تَضْمَنْ لِإِذْنِ الْعُرْفِ فِي ذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ وَلَهَا أَنْ تَأْكُلَ مِنْ صَدَاقِهَا بِالْمَعْرُوفِ وتكتسي وَفِي الْكتاب إِذا اشترت بِهِ مَالا يَصْلُحُ لِلْجِهَازِ فَطَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَهُ نِصْفُ الْمُشْتَرَى لِأَنَّهُ إِذن فِي الشِّرَاءِ عُرْفًا وَإِنِ اشْتَرَتْ بِغَيْرِهِ رَجَعَ بِنِصْفِ الصَّدَاقِ دُونَ الْمُشْتَرَى إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْعَادَةُ شِرَاءَهُ لِلْجِهَازِ فَلَهُ نِصْفُهُ لِلْعَادَةِ فِي طَلَبِ ذَلِكَ مِنَ الزَّوْجَاتِ فَهِيَ مُتَصَرِّفَةٌ بِوَكَالَتِهِ وَلَيْسَ لِلْمَرْأَةِ إِمْسَاكُهُ وَدَفْعُ نِصْفِ الصَّدَاقِ قَالَ اللَّخْمِيُّ هَلْ تؤْمَرُ بِأَنْ تَتَشَوَّرَ بِصَدَاقِ الْعَيْنِ أَوْ تَصْنَعَ بِهِ مَا شَاءَتْ كَثَمَنِ الْمَبِيعِ قَوْلَانِ لِمَالِكٍ أَمَّا إِنْ كَانَ دَارًا أَوْ عَبْدًا أَوْ مَا يُؤْكَلُ أَوْ يُوزَنُ فَلَيْسَ عَلَيْهَا بَيْعُهُ حَتَّى تَتَشَوَّرَ بِهِ وَيَأْتِي الزَّوْج بِمَا تحْتَاج إِلَيْهِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ ثَمَّ عَادَةٌ فَيَجْرِيَ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ فَإِنْ كَانَ يُزَادُ فِي الصَّدَاقِ لِذَلِكَ أُجْبِرَ الْأَبُ عَلَيْهِ

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَوْ أَنْفَقَتْ عَلَى عَبْدٍ فِي صِنَاعَةٍ نَفَقَةً عَظِيمَةً أَوْ تَأْدِيبِ الْجَارِيَةِ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ بِخِلَافِ مَا فِيهِ حَيَاةُ الْعَبْدِ مِنْ طَعَامٍ وَشَرَابٍ لِأَنَّهَا أَنْفَقَتْ لِغَرَضِهَا وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ تَرْجِعُ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ مَأْذُون فِيهِ وَلَو باعته بمحاباة رَجَعَ بِنِصْفِ الْمُحَابَاةِ الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي زِيَادَةِ الزَّوْج بعد التَّقْدِير وَفِي الْكِتَابِ إِذَا زَادَهَا وَلَمْ تَقْبِضْهُ حَتَّى مَاتَ أَوْ طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَهَا نِصْفُ الزِّيَادَةِ فِي الطَّلَاقِ دُونَ الْمَوْتِ لِفَوَاتِ الْقَبْضِ فِي الْحَيَاةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ الْقِيَاسُ وُجُوبُهَا فِي الْمَوْتِ لِأَنَّهَا مَهْرٌ لَا هِبَةٌ وَإِلَّا لَمَا اسْتَحَقَّ نِصْفَهَا بِالطَّلَاقِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَلَوْ زَادَهَا وَلَمْ يُلْحِقْهَا بِالصَّدَاقِ وَطَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ لَمْ يَكُنْ لَهَا شَيْءٌ لِأَنَّهَا هِبَةٌ لَهَا حُكْمُ الْهِبَاتِ وَقَالَ ح وَابْنُ حَنْبَل الزِّيَادَة بعد العقد لَازِمَة أَنه زمن يعوض فِيهِ للمعوضة وَمَنَعَ ش قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ وَأَسْقَطَ ح الزِّيَادَةَ بِالطَّلَاقِ وَفِي الْجُلَّابِ إِذَا اشْتَرَطَ وَلِيُّهَا مَعَ الصَّدَاقِ كُسْوَةً أَوْ غَيْرَهَا فَحُكْمُهُ حُكْمُ الصَدَاق قبل الدُّخُول أَو بعده فِي التشطير لِمَا فِي مُسْلِمٍ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوَفَّى مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ فَإِنْ أَهْدَى إِلَيْهَا أَوْ لِأَهْلِهَا هَدِيَّةً أَوْ صَنَعَ مَعْرُوفًا فَلَا رَجْعَةَ لَهُ فِيهِ إِنْ طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِنْ كَانَتِ الْهَدِيَّةُ لِوَلِيِّ الْمَرْأَةِ عِنْدَ الْخطْبَة قبل العقد إِنْ تَمَّ الْعَقْدُ فَهِيَ لِلْمَرْأَةِ وَإِلَّا رَجَعَ بِهَا الزَّوْجُ عَلَى الْوَلِيِّ أَوْ عِنْدَ الْعَقْدِ وَشُرِطَتْ فَكَالصَّدَاقِ وَيَتَشَطَّرُ بِالطَّلَاقِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَوْ تَرَكَ ذَلِكَ لِوَلِيِّهَا ثُمَّ طُلِّقَتْ رَجَعَ الزَّوْجُ بِالنِّصْفِ عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ كَهِبَةِ الصَّدَاقِ لِأَنَّهُ كَالْعَقْدِ عَلَى هِبَةِ عَبْدٍ

لِفُلَانٍ وَمَا كَانَ بَعْدَ الْعَقْدِ بِغَيْرِ شَرْطٍ فَلِلْوَلِيِّ الْمُهْدَى لَهُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَيُّمَا امْرَأَةٍ نُكِحَتْ عَلَى صَدَاقٍ أَوْ حِبَاءٍ أَوْ عِدَةٍ قَبْلَ عِصْمَةِ النِّكَاحِ فَهُوَ لَهَا وَمَا كَانَ بَعْدَ عِصْمَةِ النِّكَاحِ فَهُوَ لِمَنْ أُعْطِيَ لَهُ وَأَحَقُّ مَا أُكْرِمَ عَلَيْهِ الرَّجُلُ ابْنَتُهُ أَو أُخْته أخرجه أَبُو دَاوُدَ فَلَوْ دَفَعَ لَهُمْ عَيْنًا وَأَشْهَدَ أَنَّهَا عَارِيَّةٌ نَفَعَهُ الْإِشْهَادُ إِنْ لَمْ يَقُلْ هُوَ هَدِيَّةٌ وَيَأْخُذُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ فِي امتهانه وَإِن زَاد على امتهان العواري إِذا لَمْ يَعْلَمُوا وَإِنْ ضَاعَ لَزِمَهُمْ إِلَّا أَنْ تَكُونَ بَيِّنَةٌ عَلَى الذَّهَابِ كَالْعَوَارِيِّ قَالَهُ سَحْنُونٌ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَضْمَنُونَهُ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَلْتَزِمُوا ضَمَانَهُ قَالَ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ الْقِيَاسُ فَلَوْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ هَدِيَّةٌ لَمْ يَنْفَعِ الْإِشْهَادُ فَإِنْ كَانَ الْعُرْفُ الْهَدِيَّةَ لَمْ يَنْفَعْهُ الْإِشْهَادُ فِي السِّرِّ لِأَنَّ الْإِشْهَادَ لَا يُبْطِلُ الْحَقَّ على القَوْل بِالْقضَاءِ بِالْعرْفِ ولمالك فِيهِ قَولَانِ وَإِذَا أَهْدَى لِلَّتِي مَلَكَ عَلَيْهَا هَدِيَّةً فَلَا رُجُوعَ وَإِنْ طَلَّقَ فَإِنْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا لِعَدَمِ النَّفَقَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا رُجُوعَ عَلَى أَصْلِهِ أَنَّهُ طَلَاقٌ يُوجِبُ نِصْفَ الصَّدَاقِ وَعَلَى رَأْيِ ابْنِ نَافِعٍ فِي كَوْنِهِ فَسْخًا كَالْعُيُوبِ يَكُونُ لَهَا الرُّجُوعُ إِنْ كَانَتْ قَائِمَةً فَإِنْ ظَهَرَ فَسَادُ النِّكَاحِ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ الْبِنَاءِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تَرْجِعُ إِنْ كَانَتْ قَائِمَةً لِأَنَّ سَبَبَ إِهْدَائِهَا بَطَلَ وَلَوْ رَدَّهَا بِالْعَيْبِ قَبْلَ الْبِنَاءِ رَجَعَ وَلَا رُجُوعَ بَعْدَ الدُّخُولِ اتِّفَاقًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الدُّخُولِ وَالْفَسْخُ بِحِدْثَانِ ذَلِكَ وَهَذَا كُلُّهُ فِي هَدِيَّةِ التَّطَوُّعِ مِنْ غَيْرِ عُرْفٍ وَأَمَّا الْمُشْتَرَطَةُ فَكَالصَّدَاقِ وَذَاتُ الْعُرْفِ كَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ عَلَى الْقَوْلِ بِالْقَضَاءِ بِالْعُرْفِ وَيَرْجِعُ بِنِصْفِهَا فِي الطَّلَاقِ وَأَبْطَلَهَا مَالِكٌ عَنِ الزَّوْجِ بِالْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ

الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي التَّفْوِيضِ وَهُوَ الصَّدَاقُ الْمَسْكُوتُ عَنْهُ وَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} الْبَقَرَة 236 فَشَرَعَ الطَّلَاقَ حَالَةَ عَدَمِ الْفَرْضِ وَهُوَ دَلِيلُ صِحَّةِ النِّكَاحِ قَالَ اللَّخْمِيُّ نِكَاحُ التَّفْوِيضِ ثَلَاثَةٌ جَائِزٌ وَهُوَ التَّفْوِيضُ إِلَى الزَّوْجِ أَوْ عَقْدٌ عَلَى غَيْرِ صَدَاقٍ وَفَاسِدٌ وَهُوَ دُخُولُهَا على دفع الْخِيَار بِأَيّ شَيْء فرض ومختلف فِيهِ وَهُوَ التَّفْوِيضُ إِلَى الزَّوْجَةِ أَوْ وَلِيِّهَا أَو أَجْنَبِيٍّ أَوْ يَقُولَ تَزَوَّجْتُكِ عَلَى حُكْمِي أَوْ حُكْمِكِ أَوْ حُكْمِ وَلِيِّكِ أَوْ حُكْمِ فُلَانٍ فَيَمْتَنِعُ ابْتِدَاءً فَإِنْ نَزَلَ مَضَى وَقِيلَ يُفْسَخُ إِلَّا أَنْ يَدْخُلَ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَجُوزُ عَلَى حُكْمِهِ لِأَنَّهُ أَصْلُ التَّفْوِيضِ دُونَ حُكْمِهَا وَإِذَا قُلْنَا بِإِمْضَائِهِ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْفَرْضُ يَرْجِعُ إِلَى الزَّوْجِ سَوَاءٌ جُعِلَ الحكم لَهُ أَو لغيره ورافقه أَشْهَبُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ بِيَدِهَا فَلَا يَلْزَمُهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا بُدَّ مِنَ الرِّضَا مِنِ الْجِهَتَيْنِ وَإِلَّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَاتَّفَقَتِ الْأَقْوَالُ إِذَا كَانَ الْأَمْرُ إِلَى الْأَجْنَبِيّ أَن لَا يَلْزَمَ الزَّوْجَ فَرْضُهَا وَلَا فَرْضُهُ تَفْرِيعٌ فِي الْكِتَابِ نِكَاحُ التَّفْوِيضِ جَائِزٌ وَإِنْ بَنَى بِهَا فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا فِي الْمَالِ وَالْجَمَالِ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْمُعْتَبَرُ فِيهِ الدِّينُ وَالْجَمَالُ وَالْحَسَبُ وَالْمَالُ والأزمنة والبلدان فيهمَا اخْتِلَافُ الرَّغَبَاتِ وَعِنْدَ ش وَابْنِ حَنْبَلٍ يُعْتَبَرُ نسَاء عصبتها وَعند ح نِسَاءُ الْعَشِيرَةِ الْعَصَبَةِ وَغَيْرِهَا وَهُوَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ عِنْدَنَا بَلْ نَعْتَبِرُ هَذِهِ الصِّفَاتِ وَإِنْ خَرَجَتْ بِهَا عَمَّنْ ذَكَرُوهُ وَعِنْدَهُمْ لَا يَخْرُجُ عَنْهُنَّ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ يُعْتَبَرُ مَعَ الصِّفَاتِ الْأَرْبَعِ

نِسَاءُ قَوْمِهَا مِنْ جِهَةِ أَبِيهَا دُونَ أُمِّهَا غَيْرَ مُقْتَصَرٍ عَلَيْهِنَّ لَنَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَلِجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ فَذَكَرَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مُتَعَلِّقَ الرَّغَبَاتِ وَهِيَ مَنَاطُ صَدَاقِ الْمِثْلِ كَقِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ وَفِي الْكِتَابِ يُعْتَبَرُ حَالُ الرَّجُلِ أَيْضا فِي ذَلِك لِأَن الْعَادة التَّخْفِيف عَن الصَّالِحِ وَالتَّثْقِيلُ عَلَى الطَّالِحِ وَلَيْسَ لَهُ الْبِنَاءُ حَتَّى يَفْرِضَ صَدَاقَ الْمِثْلِ إِلَّا أَنْ تَرْضَى بِدُونِهِ أَو يُطلق لِأَنَّهَا كَالْبَائِعِ فِي السِّلْعَةِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَسْلِيمهَا حَتَّى يقبض الثّمن وَإِن طلق بعد الرِّضَا قبل الْبِنَاءِ فَنِصْفُ مَا رَضِيَا بِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} الْبَقَرَة 237 وَلِأَنَّ الْفَرْضَ بَعْدَ الْعَقْدِ يَلْحَقُ بِالْعَقْدِ فَوَجَبَ أَنْ يُنَصَّفَ بِالطَّلَاقِ كَالْمُقْتَرِنِ بِالْعَقْدِ وَقَالَ لَا يُنَصَّفُ بِالطَّلَاقِ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِبْ بِالْعَقْدِ وَإِنْ فُرِضَ فِي مَرَضِهِ لَا يجوز لِأَنَّهُ إِخْرَاجُ الْمَالِ لَا يَجِبُ إِلَّا أَنْ يَطَأَهَا فِي مَرَضِهِ فَيَكُونَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ صَدَاقُ الْمِثْلِ وَالزَّائِدُ عَلَيْهِ يَبْطُلُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالك إِلَّا أَنْ تَكُونَ ذِمِّيَّةً فَلَهَا الزَّائِدُ فِي ثُلُثِهِ لِأَنَّهَا غَيْرُ وَارِثَةٍ قَالَ مُحَمَّدٌ وَالْأَمَةُ كَذَلِكَ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا شَيْءَ لَهَا إِذَا سَمَّى وَلَمْ يَدْخُلْ ثُمَّ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَمِّ إِلَّا لِلْمُصَابِ وَلَمْ تُصَبْ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ سَمَّى لِلْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ فَمَاتَتْ وَصَحَّ هُوَ لَزِمَتْهُ التَّسْمِيَةُ وَكَرِهَهُ أَصْبَغُ لِأَنَّهُ كَانَ بَاطِلًا فِي أَصْلِهِ وَلَوْ مَاتَ الزَّوْجُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَالْفَرْضِ فَلَهَا الْمِيرَاثُ لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ وَالْمُتْعَةُ لِعَدَمِ الصَّدَاقِ دُونَ الإصداق لِأَن الأَصْل أَن لَا تَسْتَحِقَّ الْمَرْأَةُ شَيْئًا حَتَّى تُسَلِّمَ بُضْعَهَا وَلَمْ تُسَلِّمْ وَرَدُّ النَّصِّ فِي الْمَفْرُوضِ بَقِيَ مَا عداهُ على الأَصْل وَقَالَهُ ابْن عُمَرَ خِلَافًا لِابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَا يَخْلُو بِهَا حَتَّى يُعْطِيَ رُبُعَ دِينَارٍ فَإِن

(فرع)

مَسَّهَا ثُمَّ طَلَّقَ لَزِمَهُ الصَّدَاقُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِم وَلَو قَالَ لَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا ثُمَّ طَلَّقَ فَلَهَا نِصْفُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ فَرْضٌ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنْ عَقَدَ عَلَى عِشْرِينَ نَقْدًا وَبَقِيَّةِ الْمَهْرِ تَفْوِيضًا فَفُرِضَ وَلَمْ يَرْضَ بِهِ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ فَفَارَقَ فَلَهُ أَخْذُ الْعِشْرِينَ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِهَا مَهْرًا (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا رَضِيَتِ الثَّيِّبُ بِأَقَلَّ مِنْ صَدَاقِ مِثْلِهَا فَلَا قَوْلَ لِوَلِيِّهَا وَلَا يُعْتَبَرُ رِضَا الْبِكْرِ وَلَوْ وَافَقَهَا الْوَلِيُّ إِلَّا الْأَبَ لِلْحَجْرِ عَلَيْهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ نَظَرًا فَيُعْتَبَرُ رِضَاهَا وَمَهْمَا فُرِضَ صَدَاقُ الْمِثْلِ لَزِمَ قَبُولُهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ وَقَالَ غَيْرُهُ لَيْسَ لأَب وَلَا وَصِيّ التَّنْقِيصُ مِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ بَعْدَ الْبِنَاءِ لِتَعَيُّنِهِ لَهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا يَجُوزُ وَضْعُهَا عَنِ الزَّوْجِ بَعْدَ الطَّلَاقِ وَقَبْلَ الْبِنَاءِ وَإِنَّمَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِلْأَبِ وَحْدَهُ وَقِيلَ يَجُوزُ وَضْعُهَا إِذْ لَا وِلَايَةَ عَلَيْهَا حِينَئِذٍ (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا رَضِيَتِ السَّفِيهَةُ بِدُونِ صَدَاقِ الْمِثْلِ وَهِيَ غَيْرُ مُوَلًّى عَلَيْهَا فَفِي جَوَازِهِ قَوْلَانِ أَوْ مُوَلًّى عَلَيْهَا وَهُوَ نَظَرٌ صَحَّ رِضَا الْوَلِيِّ بِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ فَفِي صِحَّةِ رِضَا الْوَلِيِّ بِهِ أَقْوَالٌ ثَالِثُهَا التَّفْرِقَة فَتَصِح فِي حق ذَات الْأَبِ لِشَفَقَتِهِ دُونَ غَيْرِهِ وَلِلْمَرْأَةِ طَلَبُ الْفَرْضِ لتقدير التشطير وَفِي الْوَاضِحَة إِن طَلَبَتِ النَّقْدَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَأَبَى الزَّوْجُ إِلَّا عِنْد الْبناء فَذَلِك لَهُ إِلَّا أَن تُرِيدُ تَعْجِيلَ الْبِنَاءِ وَيَجُوزُ إِثْبَاتُ الْأَجَلِ فِي الْمَفْرُوضِ وَلَو أبرأت قبل الْفَرْض يخرج عَلَى الْفَرْضِ عَمَّا لَمْ يَجِبْ وَجَرَى بِسَبَبِ وُجُوبه وَلَو فرض لَهَا خمر أُلْغِيَ وَلَمْ يُؤَثِّرْ فِي التَّشْطِيرِ

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى حُكْمِهِ أَوْ حُكْمِهَا أَوْ حُكْمِ فُلَانٍ جَازَ لِأَنَّهُ تَفْوِيضٌ وَقَالَ ح لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ جَهَالَةٌ وَقَدْ كَانَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَكْرَهُهُ ثُمَّ رَجَعَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَلْزَمُهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ إِذَا لَمْ يَبْنِ بِهَا إِذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى حُكْمِهَا وَرُوِيَ فِي الْكِتَابِ يَلْزَمُهَا قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ وَلَوْ فَرَضَتْ صَدَاقَ الْمِثْلِ لَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ إِلَّا أَنْ يَرْضَى بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ يَفْرِضُ لَهَا الزَّوْجُ صَدَاقَ الْمِثْلِ كَوَاهِبِ السِّلْعَةِ إِذَا أُعْطِيَ قِيمَتَهَا وَلَا يَلْزَمُ الْمَوْهُوب الْقيمَة وَأما تحكيم فلَان يفْرض صَدَاقَ الْمِثْلِ لَازِمٌ لَهُمَا لِأَنَّهُ كَالْحَاكِمِ وَقَالَ اللَّخْمِيّ إِذا فَرَضَ الزَّوْجُ أَقَلَّ فَرْضٍ وَالْوَصِيُّ وَالزَّوْجَةُ جَازَ أَو أَحدهمَا لَا يلْزم لقُصُور الْوَصِيّ عَن الْأَبِ قَالَ وَأَرَى اعْتِبَارَ رِضَا الْوَصِيِّ لِأَنَّهُ نَاظِرٌ فِي الْمَالِ وَمَتَى كَانَ الْفَرْضُ فِي الْمَرَضِ كَانَ لَهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ الْأَقَلُّ مِنَ الْمُسَمَّى وَصَدَاقُ الْمِثْلِ فِي رَأْسِ الْمَالِ (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ الْوَطْءُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ يُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ بِاعْتِبَارِ يَوْمِ الْوَطْءِ لِأَنَّهُ يَوْمُ الِاسْتِيفَاءِ لَا يَوْمُ الْعَقْدِ وَكَذَلِكَ الْوَطْءُ بِالشُّبْهَةِ وَإِذَا اتَّحَدَتِ الشُّبْهَةُ اتَّحَدَ الْمَهْرُ وَإِنْ وَطِئَ مرَارًا وَإِذا لم تكن شُبْهَة كوطأة الزَّانِي الْمُكْرَهِ وَجَبَ بِكُلِّ وَطْءٍ مَهْرٌ لِأَنَّ كُلَّ وَطْأَةٍ لَوْ كَانَتْ بَعْدَ عَقْدٍ أَوْجَبَتْ مهر الْمثل أَو الْمُسَمّى وَلما نزلت الشُّبْهَة منزلَة العقد وَلَا

العقد لَا يَتَكَرَّرُ فِيهِ الصَّدَاقُ فَلَا يَتَكَرَّرُ فِيهَا تَنْبِيهٌ لَوِ اتَّحَدَتِ الشُّبْهَةُ وَاخْتَلَفَتْ أَحْوَالُ الْمَوْطُوءَةِ بِالْغِنَى وَالْفَقْرِ وَالصِّحَّةِ وَالسَّقَمِ مِمَّا يُوجِبُ اخْتِلَافَ صدَاق الْمثل فِي تِلْكَ الْأَحْوَال فَهَل يخيرها فِي صَدَاقِ الْمِثْلِ بَيْنَ الْوَطْأَةِ الْأُولَى أَوِ الْأَخِيرَةِ أَوِ الْوُسْطَى لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يَزِيدُ لَهَا فِي صَدَاقهَا أَو يحتم عَلَيْهَا الْحَالَةَ الْمُقَارِنَةَ لِلْوَطْأَةِ الْأُولَى وَلَمْ أَرَ فِيهِ نقلا للأصحاب وَظَاهر أَقْوَالهم تَعْيِينُ الْحَالَةِ الْأُولَى كَيْفَ كَانَتْ وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ تَأْخُذ صدَاق الْمثل بِاعْتِبَار أفضل الْحَالَات وَيسْقط مَا عَدَاهَا لِأَنَّ الْوَطَآتِ كُلَّهَا مَنَافِعُهَا فَلَهَا الْأَخْذُ بِأَيِّهَا أَحَبَّتْ الْفَصْلُ الثَّامِنُ فِي الْعَفْوِ عَنْهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ الْبَقَرَة 237 أَيْ لَهُنَّ ثُمَّ قَالَ {إِلَّا أَن يعفون} أَيْ يَعْفُوَ النِّسَاءُ الرَّشِيدَاتُ عَنِ النِّصْفِ فَيَسْقُطَ وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عقدَة النِّكَاح} قَالَ مَالِكٌ هُوَ الْأَبُ فِي ابْنَتِهِ وَالسَّيِّدُ فِي أَمَتِهِ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ وَهُوَ الزَّوْجُ لِأَنَّهُ مَرْوِيٌّ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَلِأَنَّ إِسْقَاطَ الْوَلِيِّ مَال المولية خِلَافُ الْأَصْلِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ ضَعِيفٌ سَلَّمْنَا صِحَّتَهُ لَكِنْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِلْآيَةِ بَلْ إِخْبَارٌ عَنْ حَالِ الزَّوْجِ قَبْلَ الطَّلَاقِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ حُكْمَ الْوِلَايَةِ بِتَصَرُّفِ الْوَلِيِّ بِمَا هُوَ أَحْسَنُ لِلْمُوَلَّى عَلَيْهِ وَقَدْ يَكُونُ الْعَفْوُ أَحْسَنَ لِاطِّلَاعِ الْوَلِيِّ عَلَى ذَلِكَ يرغب فِيهَا من فِي وصلته غِبْطَةٌ عَظِيمَةٌ ثُمَّ الْآيَةُ تَدُلُّ لَنَا مِنْ عَشْرَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنَ النَّفْيِ إِثْبَات وَمن الْإِثْبَات نفي والمتقدم قبل

إِلَّا إِثْبَات لِلنِّصْفِ فَعَلَى رَأْيِنَا يَنْتَفِي فَتَطَّرِدُ الْقَاعِدَةُ وَعَلَى رَأْيِهِمْ يَعْفُو الزَّوْجُ فَيُكْمِلُ الصَّدَاقَ فَيَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ مِنَ الْإِثْبَاتِ وَهُوَ خِلَافُ الْقَاعِدَةِ وَثَانِيهَا الْأَصْلُ فِي الْعَطف بِأَو التَّشْرِيك فِي الْمَعْنى لقَوْله تَعَالَى {إِلَّا أَن يعفون} مَعْنَاهُ الْإِسْقَاطُ وقَوْله تَعَالَى {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي} عَلَى رَأْيِنَا لِلْإِسْقَاطِ فَيَحْصُلُ التَّشْرِيكُ وَعَلَى رَأْيِهِمْ فَيَكُونُ قَوْلُنَا أَرْجَحَ وَثَالِثُهَا أَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ قَوْلنَا إِلَّا أَن يكون كَذَا وَكَذَا تَنْوِيعُ ذَلِكَ الْكَائِنِ إِلَى شَيْئَيْنِ وَالتَّنْوِيعُ فَرْعُ الِاشْتِرَاك فِي الْمَعْنى وَلَا مُشْرك بَين الاسقاط والإعطاء فَحسن تَنْوِيعُهُ وَعَلَى رَأْيِنَا الْمُتَنَوِّعُ الْإِسْقَاطُ إِلَى إِسْقَاطِ الْمَرْأَةِ أَوِ الْوَلِيِّ وَرَابِعُهَا أَنَّ الْعَفْوَ ظَاهِرٌ فِي الْإِسْقَاطِ وَهُوَ مَا ذَكَرْنَاهُ وَعَلَى رَأْيِهِمْ يَكُونُ الْتِزَامُ مَا سَقَطَ بِالطَّلَاقِ وَالْتِزَامُ مَا لَمْ يَجِبْ لَا يُسَمَّى عَفْوًا وَخَامِسُهَا أَنَّ إِقَامَةَ الظَّاهِرِ مَقَامَ الْمُضْمَرِ خِلَافُ الْأَصْلِ فَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ الزَّوْجَ لَقِيلَ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ تَعْفُونَ عَمَّا اسْتُحِقَّ لَكُمْ فَلَمَّا عَدَلَ إِلَى الظَّاهِرِ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ غَيْرُهُمْ وَسَادِسُهَا أَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ قَوْلِنَا بِيَدِهِ كَذَا أَيْ يَتَصَرَّفُ فِيهِ وَالزَّوْجُ لَا يَتَصَرَّفُ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ بَلْ كَانَ يَتَصَرَّفُ فِي الْحَلِّ وَالْوَلِيُّ الْآنَ هُوَ الْمُتَصَرِّفُ فِي الْعَقْدِ فَتَنَاوَلَهُ اللَّفْظُ دُونَ الزَّوْجِ وَسَابِعُهَا سَلَّمْنَا أَنَّ الزَّوْجَ بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ لَكِنْ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ وَمَضَى فَهُوَ مُجَازٌ وَالْوَلِيُّ بِيَدِهِ الْآنَ فَهُوَ حَقِيقَة فَتقدم عَلَى الْمَجَازِ وَثَامِنُهَا أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ إِلا أَن يعفون الرشيدات اتِّفَاقًا إِذِ الْمَحْجُورُ عَلَيْهَا لَا يُنْفِذُ الشَّرْعُ تَصَرُّفَهَا فَالَّذِي يَحْسُنُ مُقَابَلَتُهُنَّ بِهِنَّ الْمَحْجُورَاتُ عَلَى أَيْدِي أَوْلِيَائِهِنَّ أَمَّا بِالْأَزْوَاجِ فَلَا مُنَاسَبَةَ وَتَاسِعُهَا أَنَّ الْخِطَابَ كَانَ مَعَ الْأَزْوَاجِ بِقَوْلِهِ وَقَدْ فرضتم وَهُوَ خِطَابُ مُشَافَهَةٍ فَلَوْ كَانُوا مُرَادِينَ فِي قَوْله تَعَالَى {الَّذِي بِيَدِهِ عقدَة النِّكَاح} وَهُوَ خِطَابُ غَيْبَةٍ لَلَزِمَ تَغْيِيرُ الْكَلَامِ مِنِ الْخِطَابِ إِلَى الْغَيْبَةِ وَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ وَعَاشِرُهَا أَنَّ وُجُوبَ الصَّدَاقِ أَوْ بَعْضِهِ قَبْلَ الْمَسِيسِ خِلَافُ الْأَصْلِ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ تَسْلِيمِ الْعِوَضِ

يَقْتَضِي بَقَاءَ الْمُعَوَّضِ قَابِلًا لِلتَّسْلِيمِ أَمَّا مَعَ تعذره فَلَا فالاستشهاد بِشَهَادَةِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ بِإِسْقَاطِ الْأَوْلِيَاءِ لِلنِّصْفِ عَلَى وَفْقِ الْأَصْلِ وَتَكْمِيلُ الزَّوْجِ عَلَى خِلَافِهِ وَمُوَافَقَةُ الْأُصُولِ أَوْلَى تَفْرِيعٌ فِي الْكِتَابِ قَالَ مَالِكٌ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِلْأَبِ قَبْلَ الطَّلَاقِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِلَّا بِوَجْهِ نَظَرٍ مِنْ عُسْرِ الزَّوْجِ أَوْ غَيْرِهِ وَلَا يَلْحَقُ الْوَصِيُّ بِالْأَبِ وَفِي الْجُلَّابِ لَا عَفْوَ وَلَا تَصَرُّفَ لِوَلِيِّ الثَّيِّبِ مَعَهَا وَلِوَلِيِّ الْبِكْرِ الْمُطَالَبَةُ دُونَ الْإِسْقَاطِ إِلَّا بِإِذْنِهَا وَلِلْأَبِ أَنْ يَعْفُوَ إِذَا طُلِّقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ لِأَنَّهُ مَوْرِدُ النَّصِّ دُونَ قَبْلِ الطَّلَاقِ أَوْ بَعْدِ الدُّخُولِ وَالْفَرْقُ أَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ بَعْدَ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ فَسُلِّطَ الْأَبُ عَلَيْهِ إِذَا رَآهُ نَظَرًا بِخِلَافِ الدُّخُولِ أَوْ قَبْلَ الطَّلَاقِ لِتَعْيِينِ الِاسْتِحْقَاقِ فَغَلَبَ حق الزَّوْجَة الْفَصْلُ التَّاسِعُ فِي التَّسْلِيمِ وَفِي الْكِتَابِ لِلْمَرْأَةِ مَنْعُ نَفْسِهَا حَتَّى تَقْبِضَ صَدَاقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَإِن أعْسر قبل الْبناء ضربت لَهُ الْأَيَّامَ أَجَلًا بَعْدَ أَجَلٍ بِحَسَبِ مَا يُرْجَى مِنْ حَالِهِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا وَإِنْ أَعْسَرَ بَعْدَ الْبِنَاءِ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا وَاتَّبَعَتْهُ قَاعِدَةٌ الْأَعْوَاضُ فِي جُمْلَةِ الْعُقُودِ وَسَائِلُ وَالْمُعَوَّضُ فِيهِ مَقْصِدٌ وَالْمَقَاصِدُ أَعْظَمُ رُتْبَةً مِنَ الْوَسَائِلِ فَلِذَلِكَ إِذَا تَنَازَعَ الْمُتَبَايِعَانِ أَيُّهُمَا سَلَّمَ قَبْلَ صَاحِبِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ لِأَنَّهُ صَاحِبُ الْمَقْصِدِ وَمِثْلُهُ الْمَرْأَةُ فِي النِّكَاحِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا لَمْ يَجِدِ الصَّدَاقَ وَلَمْ يَبْنِ كُلِّفَ النَّفَقَةَ وَفُسِحَ لَهُ فِي الصَّدَاقِ إِلَى السَّنَتَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَجِدِ النَّفَقَةَ أَجَّلَ

الْأَشْهُرَ إِلَى السَّنَةِ وَإِذَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا لِعَدَمِ الصَّدَاقِ أَوِ النَّفَقَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ إِنْ فُرِّقَ لِعَدَمِ الصَّدَاقِ فَلَا صَدَاقَ لِأَنَّهُ مِنْ قِبَلِهَا وَكَذَلِكَ إِنْ جُنَّ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا صَدَاقَ فِي الْفِرَاقِ وَفِي الْكِتَابِ لَهَا الْمُطَالَبَةُ بِجُمْلَةِ الصَّدَاقِ إِنْ كَانَ مِثْلُهَا يُوطَأُ وَهُوَ بَالِغٌ وَلَا تَكْفِي قُدْرَتُهُ عَلَى الْوَطْءِ بِخِلَافِهَا لِأَنَّ مَقْصُودَهُ لَا يَحْصُلُ إِلَّا بِالْإِنْزَالِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ لَا يُطَلَّقُ عَلَى الزَّوْجِ بِالْإِعْسَارِ بِالصَّدَاقِ بَعْدَ الدُّخُولِ وَلِلرَّشِيدَةِ الْمُطَالَبَةُ بِالْحَالِّ وَالْمُؤَجَّلِ عِنْدَ حُلُولِهِ وَرِوَايَةُ الْمُتَقَدِّمِينَ ذَلِكَ لِوَلِيِّ السَّفِيهَةِ وَمَنَعَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ لِأَنَّ الْعَادَةَ تَأْخِيرُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنِ اتَّفَقَا عَلَى الْبِنَاءِ قَبْلَ تَقْدِيمِ شَيْءٍ جَازَ وَكَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يدْخل حَتَّى يُعْطي ربع دِينَار لِأَنَّهُ حق لله تَعَالَى فِي إِبَاحَةِ الْوَطْءِ قَالَ مَالِكٌ لَوْ شُرِطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَدْخُلَ لِسَنَةٍ إِنْ كَانَ غَرِيبًا يُرِيدُ السَّفَرَ بِهَا وَأَرَادُوا بَقَاءَهَا عِنْدَهُمْ تِلْكَ الْمُدَّةَ صَحَّ الشَّرْطُ وَإِلَّا بَطَلَ وَلَوْ مَنَعَهَا أَهْلُهَا حَتَّى يُسَمِّنُوهَا فَلَهُمُ الْوَسَطُ من ذَلِك وَلَهُم الْمَنْع للصغر وَإِن دعى وَهِي رتقاء فَإِن فَارق فالصداق لَهَا إِلَّا أَنْ تُعَالِجَ نَفْسَهَا فَلَهَا الصَّدَاقُ وَلَا تُجْبَرُ عَلَى الْعِلَاجِ لِكَوْنِهِ ضَرَرًا عَلَيْهَا وَلَوْ تَجَذَّمَتْ بَعْدَ النِّكَاحِ حَتَّى لَا تُجَامَعَ فَدَعَتْهُ إِلَى الْبِنَاءِ قِيلَ لَهُ ادْفَعِ الصَّدَاقَ وَادْخُلْ أَوْ طَلِّقْ لِأَنَّ الْمَنْعَ طَرَأَ بَعْدَ الْعَقْدِ وَلَيْسَ مِنْ قِبَلِهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ مَنْ كَانَتْ مَحْبُوسَةً أَوْ مَمْنُوعَةً لِعُذْرٍ لَا يَلْزَمُ تَسْلِيمُ الصَّدَاقِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الصَّدَاقُ مُعَيَّنًا كَدَارٍ أَوْ عَبْدٍ لِأَنَّ ضَمَانَ الْمُعَيَّنِ مِنْهَا وَلَوْ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا وَجَبَ التَّسْلِيمُ فَإِنْ رَجَعَتْ سَقَطَ طَلَبُهَا إِلَّا أَنْ يَطَأَهَا فَيَسْتَقِرَّ الصَّدَاقُ بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ مَرَّةً فَإِنَّ الْأَحْكَامَ

(فرع)

نِيطَتْ بِهِ وَيُمْهَلُ لِمَا جَرَتِ الْعَوَائِدُ بِهِ وَلَا يمْنَع لِحَيْضٍ لِحُصُولِ الِاسْتِمْتَاعِ مَعَهُ (فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا دَخَلَ بِهَا قَبْلَ الْقَبْضِ أُمِرَ بِإِعْطَاءِ رُبُعِ دِينَارٍ وَإِلَّا يَلْزَمُ الْكَفُّ وَكَرِهَ مُحَمَّدٌ التَّمَادِي حَتَّى يُعْطِيَ إِنْ كَانَتْ أَذِنَتْ لَهُ فِي الدُّخُول الْفَصْلُ الْعَاشِرُ فِي الْخَلْوَةِ فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَضَى فِي الْمَرْأَةِ إِذَا تَزَوَّجَهَا الرَّجُلُ أَنَّهُ إِذَا أُرْخِيَتِ السُّتُورُ فَقَدْ وَجَبَ الصَّدَاقُ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا أَرْخَى السِّتْرَ ثُمَّ طَلَّقَ فَقَالَ لَمْ أَمَسَّهَا وَصَدَّقَتْهُ فلهَا نصف الصَدَاق وَعَلَيْهَا الْعدة لِأَنَّهَا حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا يَسْقُطُ بِقَوْلِهَا مَعَ وُجُودِ مَظِنَّتِهِ وَلَا رَجْعَةَ لَهُ لِإِقْرَارِهِ وَكَذَلِكَ إِنْ تَصَادَقَا عَلَى الْوَطْءِ دُونَ الْفَرْجِ وَقَالَ ح الْخَلْوَةُ تُوجِبُ كَمَالَ الْمَهْرِ وَطِئَ أَمْ لَا دَعَتْهُ أَمْ لَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَانِعٌ كَالْمَرَضِ وَالْإِحْرَامِ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ وَلَوْ كَانَتْ حَائِضًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَعْمَى لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا لِقَوْلِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَالَ ش لَا تَجِبُ الْعِدَّةُ وَلَا يَكْمُلُ الْمَهْرُ إِلَّا بِالْوَطْءِ لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ فَإِنْ طَالَ مُكْثُهَا فِي الِاسْتِمْتَاعِ فَلَهَا جَمِيعُ الصَّدَاقِ لِأَنَّ الْعُذْرَ مِنْ قِبَلِهِ وَقَدِ أَخْلَقَ شَوَارَهَا وَحَصَلَ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ مَا يَقُومُ مَقَامَ الْوَطْءِ وَفِي الْجَوَاهِرِ اخْتُلِفَ فِي طُولِ الْمُدَّةِ فَقِيلَ سَنَةٌ وَقِيلَ مَا يُعَدُّ طُولًا فِي الْعَادَةِ وَفِي الْكِتَابِ قِيلَ لَهَا نَصِفُ

الصَّدَاقِ لِعَدَمِ الْوَطْءِ وَإِنِ ادَّعَتِ الْوَطْءَ فِي دُخُولِ الْبِنَاءِ كَمُلَ الصَّدَاقُ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ قِيلَ يُقْبَلُ قَوْلُ جُمْلَةِ النِّسَاءِ حَتَّى الصَّغِيرَةِ إِذَا بَلَغَتِ الْوَطْءَ لَا كَلَامَ فِي ذَلِكَ لِلْأَبِ وَلَا لِلْوَصِيِّ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إِلَّا مِنَ النِّسَاءِ فَيُقْبَلَ قَوْلُهُنَّ كَالْحَيْضِ وَالسَّقْطِ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْبِكْرِ وَالْأَمَةِ فِي عَدَمِ الْوَطْءِ بَلْ يَكْمُلُ الصَّدَاقُ لِعَدَمِ قَبُولِ قَوْلِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ فِي الْمَالِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَعَلَيْهَا الْيَمِينُ فِي دَعْوَى الْوَطْءِ فِي دُخُولِ الِاهْتِدَاءِ فَإِنْ نَكَلَتْ حَلَفَ الزَّوْجُ وَعَلَيْهِ نِصْفُ الصَّدَاقِ وَالْخَلْوَةُ كَالشَّاهِدِ قَالَ مَالِكٌ إِنْ تَعَلَّقَتْ بِهِ وَهِيَ تُدْمِي فَالصَّدَاقُ بِغَيْرِ يَمِينٍ لِأَنَّهَا أفضحت نَفْسَهَا وَذَلِكَ عَظِيمٌ وَقَالَ أَيْضًا عَلَيْهَا الْيَمِينُ والتعلق كالخلوة كَالشَّاهِدِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا خَلَا بِهَا فِي بَيْتِ أَهْلِهَا مِنْ غَيْرِ دُخُولِ بِنَاءٍ صَدَقَ فِي عدم الْوَطْء ويشطر الصَّدَاقُ فَإِنْ أَقَرَّ بِالْوَطْءِ كَمُلَ الصَّدَاقُ وَاعْتَدَّتْ وَلَا رَجْعَةَ لَهُ فَإِنَّ الْأَقَارِيرَ تُقْبَلُ عَلَى الْمُقِرِّينِ لَا لَهُمْ وَلَا عَلَى غَيْرِهِمْ وَلَوْ كَانَ مَعَهَا نِسْوَةٌ شَاهَدْنَهُ قَبْلُ وَانْصَرَفَ فَلَا عِدَّةَ وَلَا يَكْمُلُ الصَّدَاقُ وَإِنْ أَقَرَّ بِالْوَطْءِ بَعْدَ الطَّلَاقِ مِنْ غَيْرِ خَلْوَةٍ وَكَذَّبَتْهُ فَلَا عِدَّةَ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ سَبَبِهَا وَلَهَا جُمْلَةُ الصَّدَاقِ لِإِقْرَارِهِ وَإِنْ خَلَا بِهَا مَعَ نِسْوَةٍ ثُمَّ طَلَّقَهَا فَادَّعَى الْوَطْءَ وَأَنْكَرَتْهُ فَلَا عِدَّةَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ خَلَا بِهَا فِي بَيْتِهِ أَوْ بَيْتِهَا لِقَوْلِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقِيلَ الْقَوْلُ قَوْلُ الثَّيِّبِ وَالْبِكْرُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا النِّسَاءُ فَإِنْ رَأَيْنَ افْتِضَاضَهَا صُدِّقَتْ وَإِلَّا فَلَا قَالَ مُحَمَّدٌ الْأَصْلُ قَبُولُ قَوْلِهَا فِي الصَّدَاقِ دُونَ الْعِدَّةِ وَالرَّجْعَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ فِي خَلْوَةِ الزِّيَارَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قَوْله الزَّائِرُ مِنْهُمَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ لِأَنَّ الزَّائِرَ يَمْنَعُهُ الْحيَاء

(فرع)

(فَرَّعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي كِتَابِ النَّفَقَاتِ قَالَ أَبُو بكر بن عبد الرحمان إِذَا فُقِدَ غَائِبا عَنِ امْرَأَتِهِ وَهِيَ بِكْرٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَهَا الصَّدَاقُ كَامِلًا لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعَهَا وَامْتَنَعَ مِنَ الدُّخُولِ لَزِمَهُ وَهَذَا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ إِذَا طُلِّقَتْ بَعْدَ الْكَشْفِ عَنْهُ واعتدت عدَّة الْوَفَاة لَهُ وَتَأَخر كَمَالُ الصَّدَاقِ فَإِنْ قَدِمَ لَا يَأْخُذُ مِنْهَا شَيْئًا عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَقِيلَ تَرُدُّ نِصْفَهُ لِعَدَمِ الدُّخُولِ وَعَدَمِ الْمَوْتِ (فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا دَخَلَ بِهَا غَصْبًا إِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً صُدِّقَ وتشطر الصَّدَاقُ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ فَتَحْلِفَ وَيَكْمُلَ فَإِنْ نَكَلَتْ لَمْ يَحْلِفِ الزَّوْجُ ثَانِيَةً وَإِنْ نَكَلَ كَمُلَ وَلَا يَحْلِفُ إِذَا بَلَغَتْ وَقِيلَ لَا يَحْلِفُ إِذَا كَانَتْ صَغِيرَة وَرُوِيَ عَن ابْن معدل لَا يحلف وَإِنْ كَانَتْ كَبِيرَةً بَلْ يَجِبُ الصَّدَاقُ بِمُجَرَّدِ الْخَلْوَةِ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا افْتَضَّهَا بِيَدِهِ وَأَمْسَكَهَا فَلَا أَدَبَ وَلَا أَرْشَ لِأَنَّهُ أَفْسَدَ عَلَى نَفسه مَاله إِفْسَادُهُ وَيَكْمُلُ الصَّدَاقُ وَلَوْ فَارَقَهَا فَعَلَيْهِ الْأَرْشُ لِأَنَّهُ أَفْسَدَ عَلَيْهَا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا ذَلِكَ كَالْوَطْءِ يَكْمُلُ بِهِ الصَّدَاقُ وَفِي غَيْرِ امْرَأَته يُؤَدب

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ إِنْ قَالَ إِنْ تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَهَا فَطُلِّقَتْ بِالْيَمِينِ فَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ فَإِنْ دَخَلَ قَالَ مَالِكٌ يَكْمُلُ لَهَا الصَّدَاقُ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ صَدَاقُ الدُّخُولِ وَنِصْفُ صَدَاقِ الْيَمين لِأَنَّهُ دخل بهَا ثَانِيَة مُعْتَقِدًا أَنَّهَا زَوْجَتُهُ كَمَا وَقَعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الْأُخْتَيْنِ يَتَزَوَّجُهُمَا أَخَوَانِ فَيَدْخُلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِغَيْرِ امْرَأَتِهِ فَيُفَرَّقُونَ وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ صَدَاقَانِ صَدَاقِ امْرَأَتِهِ وَصَدَاقِ الَّتِي دَخَلَ بِهَا لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ أَنَّهَا امْرَأَتُهُ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِن دَخَلَ بِهَا مُحْرِمَةً أَوْ حَائِضًا أَوْ صَائِمَةً فِي رَمَضَانَ وَاخْتَلَفَا فِي الْوَطْءِ صُدِّقَتْ لِأَنَّ الْخَلْوَةَ شَاهِدٌ لِحَثِّ الطَّمَعِ عَلَى مُخَالَفَةِ الشَّرْعِ بِخِلَافِ مُدَّعِي الْحَرَامِ فِي غَيْرِ هَذَا الْفَصْلُ الْحَادِي عَشَرَ فِي التَّقْرِيرِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يَتَقَرَّرُ شَيْءٌ بِالْعَقْدِ عَلَى الْمَشْهُورِ بَلْ يَتَقَرَّرُ النِّصْفُ بِالطَّلَاقِ وَالدُّخُولِ وَالْمَوْتُ يُقَرِّرُ الْكُلَّ وَقِيلَ نِصْفُهُ بِالْعَقْدِ وَالدُّخُولِ وَالْمَوْتُ مُكَمِّلٌ وَقِيلَ جَمِيعُهُ بِالْعقدِ وَالطَّلَاق مسْقط لِلنِّصْفِ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ قَوَاعِدُ الْأَصْلُ فِي الْأَعْوَاضِ وُجُوبُهَا بِالْعُقُودِ فَإِنَّهَا أَسْبَابُهَا وَالْأَصْلُ تَرَتُّبُ الْمُسَبَّبَاتِ عَلَى الْأَسْبَابِ فَمَنْ لَاحَظَ ذَلِكَ أَوْجَبَ الْجَمِيع بِالْعقدِ كَثمن الْمَبِيع وَمَنْ لَاحَظَ أَنَّ الْعِوَضَ فِي النِّكَاحِ إِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِي الْإِبَاحَةِ لَا مُقَابِلٌ لِلْعُضْوِ وشأن الشَّرْط أَن لَا يُعْتَبَرَ إِلَّا عِنْدَ تَحَقُّقِ الْمَشْرُوطِ وَالْمَشْرُوطُ هُوَ الْمُقْتَضِي لَهُ عَلَى التَّحَقُّقُ فَلَا يَتَقَرَّرُ شَيْءٌ إِلَّا عِنْد

(فرع)

الدُّخُول أَو الْمَوْت لِأَن الصَدَاق إِنَّمَا الْتزم إِلَى قصر الزَّوْجَيْنِ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَطْلُوبٌ لِلْإِبَاحَةِ لَا لِمُقَابَلَةِ مَنَافِعِ الْعُضْوِ عَدَمُ تَقْرِيرِ الْمَنَافِعِ وَلَيْسَ الْمَطْلُوبُ الْوَطْأَةَ الْأُولَى فَقَطْ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ غَرَضَ الْعُقَلَاءِ فِي بَذْلِ الصَّدَاقِ وَإِنَّمَا الشَّرْعُ أَوْجَبَ بِهَا الصَّدَاقَ لِتَحَقُّقِ أَصْلِ الْإِبَاحَةِ وَمَنْ لَاحَظَ قَاعِدَة أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ تَرَتُّبَ الْحُكْمِ عَلَى الْوَصْفِ يَدُلُّ عَلَى سَبَبِيَّتِهِ لَهُ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} الْبَقَرَة 237 فَرَتَّبَ النِّصْفَ عَلَى الطَّلَاقِ فَيكون سَببه أَو جب النّصْف بِالطَّلَاق الْفَصْلُ الثَّانِي عَشَرَ فِي التَّشْطِيرِ فِي الْجَوَاهِرِ سَبَبُهُ اخْتِيَارُ الزَّوْجِ الطَّلَاقَ قَبْلَ الْمَسِيسِ فِي تَسْمِيَةٍ أَوْ فَرْضٍ صَحِيحَيْنِ (فَرْعٌ) فِي الْبَيَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَصْدَقَ جَارِيَةً فَلَا يَتَزَوَّجُهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ بِالزَّوْجَةِ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ فِيهَا وَعَلَى الْقَوْلِ أَنَّهَا إِذَا مَاتَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ رَجَعَ بِالْقِيمَةِ عَلَيْهَا وَاخْتُصَّتْ بِمُصِيبَتِهَا لَهُ تَزْوِيجُهَا وَإِنْ بَنَى بِهَا جَازَ التَّزْوِيجُ لِحُصُولِ الْمِلْكِ وَكَرِهَهُ ابْنُ كِنَانَةَ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ مَنْ يَرَى أَنَّ لَهُ شُبْهَةً فِي مَالِ امْرَأَتِهِ وَلِأَنَّهُ لَا يُحَدُّ إِذَا زَنَى بِأَمَتِهَا الْفَصْلُ الثَّالِثَ عَشَرَ فِيمَا يُوجِبُ سُقُوطَهُ وَفِي الْجُلَّابِ إِذَا أُعْتِقَتْ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ سَقَطَ لِأَنَّ النِّصْفَ إِنَّمَا وَجَبَ بِغَيْرِ مَسِيسٍ جَبْرًا لِكَسْرِ الطَّلَاق وَهِي المختارة لَهُ فَلَا كَسْرَ فَلَا جَبْرَ وَكَذَلِكَ إِذَا خَيَّرَ

امْرَأَتَهُ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا وَكَذَلِكَ إِذَا مَلَكَهَا فَطُلِّقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَكَذَلِكَ إِذَا ارْتَدَّتْ وَيَتَخَرَّجُ فِيهَا رِوَايَةٌ بِأَنَّ لَهَا النِّصْفَ نَظَرًا لِأَنَّ الرِّدَّةَ لَيست اخْتِيَارا للفراق بَلْ إِيثَارًا لِلدِّينِ وَتَقَعُ الْفُرْقَةُ تَبَعًا وَلَاحَظَ الْأَوَّلُ أَنَّهُمَا مَغْلُوبَانِ عَلَى الْفِرَاقِ كَالرَّضَاعِ وَلَوْ لاعنها قبل الدُّخُول سقط لِأَن الْفرْقَة بلعانها وَلَوْ خَالَعَهَا عَلَى شَيْءٍ مِنْ مَالِهَا وَسَكَتَ عَن الصَدَاق قلا الْبِنَاءِ سَقَطَ لِأَنَّ الْعُدُولَ عَنْهُ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بِانْدِرَاجِهِ فِي عِوَضِ الْخُلْعِ وَإِذَا ضَمِنَ سَيِّدُهُ الصَّدَاقَ ثُمَّ دَفَعَهُ لَهَا فِي الصَّدَاقِ انْفَسَخَ النِّكَاحُ وَسَقَطَ الصَّدَاقُ لِأَنَّهَا مُخْتَارَةٌ لِلْمُعَاوَضَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ رَدَّهَا بِالْعَيْبِ لِأَنَّ الرَّدَّ مِنْ سَبَبِهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ فِيهِ خِلَافٌ الْفَصْلُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي التَّنَازُعِ فِيهِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا تَنَازَعَ الزَّوْجَانِ فِي مِقْدَارِهِ بَعْدَ الطَّلَاقِ وَقَبْلَ الْبِنَاءِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَأَخَذَتْ مُدَّعَاهَا وَكَذَلِكَ إِنْ مَاتَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَادَّعَى وَرَثَتُهَا تَسْمِيَتَهُ وَالزَّوْجُ تَفْوِيضًا وَلَوِ اخْتَلَفَا قَبْلَ الْبِنَاءِ مِنْ غَيْرِ مَوْتٍ وَلَا طَلَاقٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا لِأَنَّ بُضْعَهَا بِيَدِهَا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا تَسْلِيمُهُ إِلَّا بِمَا تَرْضَى فَإِنْ وَافَقَهَا الزَّوْجُ وَإِلَّا تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا كَالْبَيْعِ وَلَا صَدَاقَ لِعَدَمِ التَّقَرُّرِ وَأَمَّا بَعْدَ الْبِنَاءِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهَا مَكَّنَتْهُ وَتَدَّعِي شُغْلَ ذِمَّتِهِ وَالْأَصْلُ بَرَاءَتُهَا وَإِنْ تَنَازَعَا فِي التَّسْلِيمِ أَوْ وَرَثَتُهَا فَلَا قَوْلَ لِلْمَدْخُولِ بِهَا وَلَا لِوَرَثَتِهَا وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا وَقَوْلُ وَرَثَتِهَا وَقَالَ ح إِذَا تَنَازَعَا فِي الْمِقْدَارِ فُرِضَ صَدَاقُ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ حَتَّى يَثْبُتَ غَيْرُهُ وَإِنْ تَنَازَعَا فِي قَبْضِ الْمُؤَجَّلِ وَقَدْ بَنَى بِهَا بَعْدَ الْأَجَلِ

صُدِّقَ وَإِنْ بَنَى بِهَا قَبْلَ الْأَجَلِ صُدِّقَتْ لِأَنَّ الظَّاهِرَ قَبْضُهُ بَعْدَ الْأَجَلِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ قَبضه قبل الْأَجَل وَقَالَ ش وح الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ فِي عَدَمِ الْقَبْضِ بَعْدَ الْبِنَاءِ مُطْلَقًا عَمَلًا بِالْأَصْلِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ وَلَو وَقَعَ بَعْدَ الطَّلَاقِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ عَلَى كل حَال لِأَنَّهُ تَدعِي عَلَيْهِ غَرَامَةٌ يُنْكِرُهَا وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ تَحْلِفُ الثَّيِّبُ فِي الِاخْتِلَافِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَحْلِفُ أَبُو الْبكر كَانَ الِاخْتِلَاف فِي الْمِقْدَار أَو فِي النَّوْع ويتحالفا وينفسخ النِّكَاح وَيبقى زَوْجَيْنِ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَالتَّحَالُفِ وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي الْمِقْدَارِ رُدَّتِ الْمَرْأَةُ إِلَى صَدَاقِ الْمِثْلِ إِلَّا أَن يرضيا بِمَا ذكرت وَإِنَّمَا حَلَفَ الْأَبُ فِي الْبِكْرِ لِأَنَّهَا لَا تَتَصَرَّفُ فِي الصَّدَاقِ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ إِنْ تَحَالَفَا قَبْلَ الْبِنَاءِ ثُمَّ أَرَادَ أَحَدُهُمَا الرِّضَا بِمَا قَالَه الآخر صَحَّ وَيجْرِي هَا هُنَا الِاخْتِلَافُ الَّذِي فِي الْبَيْعِ وَإِتْيَانُ أَحَدِهِمَا بِمَا يُشْبِهُ وَقِيلَ لَا يُرَاعَى ذَلِكَ احْتِيَاطًا لِلْفُرُوجِ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِذَا قَالَتْ تَزَوَّجْتُكَ عَلَى أَبِي وَقَالَ بَلْ عَلَى أُمِّكِ وَهُوَ يَمْلِكُهُمَا تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَتُعْتَقُ الْأُمُّ لِإِقْرَارِهِ وَكَذَلِكَ إِنْ نَكَلَا وَبَعْدَ الدُّخُولِ يَحْلِفُ وَتُعْتَقُ الْأُمُّ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَعَتَقَ الْأَبُ وَقَالَ وَهُوَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهَا يَكُونُ لَهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إِنِ اخْتَلَفَا بَعْدَ الدُّخُولِ فِي قَبْضِ الْمَالِ وَهُوَ مَكْتُوبٌ فِي كِتَابٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ أَخْذُ الْوَثِيقَةِ عِنْدَ الدَّفْعِ قَالَ اللَّخْمِيُّ اخْتُلِفَ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ هَلْ يُبْدَأُ بِالْمَرْأَةِ أَوْ بِالزَّوْجِ وَهَلْ تَحَالُفُهُمَا فَسْخٌ كَاللِّعَانِ أَوْ حَتَّى يَتَفَاسَخَا وَهَلْ نكولهما كأيمانهما أَو يعود الْقَوْلُ قَوْلَ مَنْ نَكَلَ مِنْهُمَا أَوَّلًا وَهَلْ يُعْتَبَرُ إِتْيَانُ أَحَدِهِمَا بِمَا يُشْبِهُ أَمْ لَا فَقَالَ سَحْنُونٌ التَّحَالُفُ فَسْخٌ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الزَّوْجُ بِالْخِيَارِ فِي الْتِزَامِ مَا ادَّعَتْ وَتَرْكِهِ وَعَلَى هَذَا يَكُونُ لِلزَّوْجَةِ أَنْ تَرْضَى بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ وَإِذَا اخْتَلَفَا فِي جِنْسِهِ تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا لِأَنَّهُ لَيْسَ أَحَدُ الْجِنْسَيْنِ أَوْلَى مِنَ الْآخَرِ وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ بَلِ

(فرع)

الْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ بَعْدَ الْبِنَاءِ لِأَنَّهَا سَلَّمَتْ بُضْعَهَا وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِمَّا تَدَّعِيهِ (فَرْعٌ) قَالَ فَإِنْ أَخَذَتْ بِالصَّدَاقِ رَهْنًا وَسَلَّمَتْهُ فَالْقَوْلُ قَول للزَّوْج لِتَسْلِيمِهِ وَقَالَ يَحْيَى الْقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْقَبْضِ (فَرْعٌ) قَالَ فَإِنْ أَخَذَتْ حَمِيلًا وَأَقَرَّتْ بِالْقَبْضِ وَاخْتَلَفَ الزَّوْجُ وَالْحَمِيلُ أَيُّهُمَا دَفَعَ وَاتَّفَقَا عَلَى قَبْضِ الْمَرْأَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ مَعَ يَمِينِهِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْحَمِيلُ وَرَجَعَ عَلَيْهِ وَلَا يَمِينَ عَلَى الْمَرْأَةِ وَإِنْ دَفَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِغَيْبَةِ صَاحِبِهِ سُئِلَتِ الْمَرْأَةُ أَيُّهُمَا الدَّافِعُ فَإِنْ قَالَتِ الزَّوْجُ حَلَفَتْ لِلْحَمِيلِ وَلَا مَقَالَ بَيْنَ الزَّوْجِ وَالْحَمِيلِ فَإِنْ نَكَلَتْ حَلَفَ الْحَمِيلُ وَرَجَعَ عَلَيْهَا وَإِنْ قَالَتِ الْحَمِيلُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ فِي الدَّفْعِ لِأَنَّهُ يَقُولُ لَمْ أَقْبِضْ مَا اشْتَرَيْتُ حَتَّى دفعت مَا عَليّ وَلم يدْفع أحد عني شَيْئا وَيحلف أَيْضا للحميل مَا أعلم أَنَّك دفعت قبل دفعي شَيْئا فَإِنْ نَكَلَ بَرِئَ الزَّوْجُ وَغَرِمَتْ لِلْحَمِيلِ وَإِنْ حَلَفَ لَهَا وَنَكَلَ الْحَمِيلُ حَلَفَ الْحَمِيلُ إِنَّكَ تعلم دفعي قبل دفعك وَترجع عَلَيْهِ فَإِنْ نَكَلَ فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الزَّوْجِ وَإِنْ قَالَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ لَمْ أَقْبِضْ مِنْهُمَا شَيْئًا وَادَّعَيَا دَفْعَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَلَفَتْ يَمِينًا وَاحِدَةً وَأَخَذَتْ مِنَ الزَّوْجِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُعْسِرًا فَمِنَ الْحَمِيلِ وَإِنِ ادَّعَيَا دَفْعَهُمَا مُفْتَرِّقَيْنِ حَلَفَتْ لَهُمَا يَمِينَيْنِ فَإِنْ حَلَفَتْ لِلْحَمِيلِ ونكلت للزَّوْج حلف الزَّوْج وَبَرِئَ وَلَا شَيْءَ لِلْحَمِيلِ عَلَى الزَّوْجِ إِذَا لم يدع الْعلم وَإِن

(فرع)

حَلَفَتْ لِلزَّوْجِ وَنَكَلَتْ لِلْحَمِيلِ حَلَفَ وَرَجَعَ عَلَى الزَّوْجِ لِأَنَّ يَمِينَهَا لِلزَّوْجِ يُوجِبُ لَهَا الصَّدَاقَ عَلَيْهِ وَيَمِينُ الْحَمِيلِ عِنْدَ نُكُولِهَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ الْحَمِيلُ هُوَ الدَّافِعَ وَإِنْ حَلَفَتْ لَهُمَا وَادَّعَى الْحَمِيلُ عِلْمَ الزَّوْجِ بِدَفْعِهِ عَنْهُ بِوَجْهٍ جَائِزٍ حَلَفَ الزَّوْجُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْحَمِيلُ وَرَجَعَ عَلَيْهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنِ اخْتَلَفَا فِي الْقَبْضِ وَاسْتَقَرَّتْ عَادَةٌ صِيرَ إِلَيْهَا وَالْقَوْلُ قَوْلُهَا إِلَّا أَنْ تَكُونَ مَدْخُولًا بِهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَاخْتلف فِي مَعْنَاهُ قَالَ أَبُو اسحق ذَلِكَ بِبَلَدٍ عَادَتُهُمُ التَّعْجِيلُ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَأَمَّا فِي غَيْرِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْقَبْضِ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ إِنَّمَا هُوَ حَيْثُ لَمْ تُكْتَبْ وَثِيقَةٌ وَقَالَ أَبُو الْوَلِيدِ إِنَّمَا ذَلِكَ لِأَنَّ مُعْظَمَ الْبِلَادِ عَادَتُهُمُ التَّعْجِيلُ بِحَمْلِ الْجَمِيعِ عَلَى الْغَالِبِ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِذَا ادَّعَى أَنَّ الْوَلِيَّ شَرَطَ لَهَا شُرُطًا وَعَطَايَا وَأَنْكَرَ الْوَلِيُّ وَنَكَلَ عَنِ الْحَلِفِ حَلَفَ الزَّوْجُ وَرَجَعَتْ إِلَى صَدَاقِ الْمِثْلِ وَإِنْ كَانَ حَلِفُهُ عَلَى مَا يَسْتَحِقُّهُ غَيْرُهُ لَحِقَهُ فِي ذَلِكَ وَيَرْجِعُ بِمَا زَادَتِ التَّسْمِيَةُ عَلَى صَدَاقِ الْمِثْلِ عَلَى وَلِيِّهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَأَرَى إِن حلف الزَّوْج أَن يسْتَحق الشَّرْط لِامْرَأَتِهِ لِأَنَّهُ كَالْوَكِيلِ لَهَا وَالْوَكِيلُ يَحْلِفُ فِي مُعَامَلَتِهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ يَرْجِعُ بِالزَّائِدِ يُشْكِلُ بِمَا إِذَا كَانَ أَكْثَرَ مِنَ التَّسْمِيَةِ فَإِنَّهُ لَا يُزَادُ عَلَيْهِ لِدَعْوَاهُ (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا ادَّعَتْ أَلْفَيْنِ بِعَقْدَيْنِ وَشَهِدَتِ الْبَقِيَّةُ بِهِمَا لَزِمَا وَقُدِّرَ تَخَلُّلُ الطَّلَاقِ بَيْنَهُمَا ثُمَّ هَلْ يُقَدَّرُ بَعْدَ الْمَسِيسِ وَيَكُونُ عَلَى الزَّوْجِ بَيَانُ أَنَّهُ

قَبْلَهُ أَوْ قَبْلَهُ وَعَلَى الْمَرْأَةِ بَيَانُ أَنَّهُ بَعْدَهُ يَسْتَقِرُّ لَهَا الْكُلُّ خِلَافٌ مَبْنِيٌّ عَلَى اسْتِقْرَارِ الصَّدَاقِ بِالْعَقْدِ أَمْ لَا النَّظَرُ الثَّانِي فِي الصَّدَاقِ الْفَاسِدِ وَلِفَسَادِهِ سَبْعَةُ أَسْبَابٍ السَّبَبُ الْأَوَّلُ الشِّغَارُ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ أَصْلُهُ فِي اللُّغَةِ الرَّفْعُ مِنْ قَوْلِهِمْ أَشْغَرَ الْكَلْبُ بِرِجْلِهِ إِذَا رَفَعَهَا لِيَبُولَ ثُمَّ اسْتَعْمَلُوهُ فِيمَا يُشْبِهُ فَقَالُوا أَشْغَرَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ بِهَا لِلْجِمَاعِ وَأَشْغَرَتْ هِيَ إِذَا فَعَلَتْهُ ثُمَّ اسْتَعْمَلُوهُ فِي الْجِمَاعِ بِغَيْرِ مَهْرٍ إِذَا كَانَ وَطْئًا بِوَطْءٍ فِي قَوْلِهِمْ أَنْكِحْنِي وَلِيَّتَكَ وَأُنْكِحَكَ وَلِيَّتِي بِغَيْرِ مَهْرٍ وَفُسِّرَ ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ بِذَلِكَ وَقِيلَ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِخُلُوِّهِ عَنِ الصَّدَاقِ مِنْ قَوْلِهِمْ بَلَدٌ شَاغِرٌ إِذَا خَلَتْ قَالَ وَهُوَ حَرَامٌ إِجْمَاعًا وَفِي الْمُوَطَّأِ نَهَى عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنِ الشِّغَارِ أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ الْآخَرُ ابْنَتَهُ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا صَدَاقٌ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ قِيلَ التَّفْسِيرُ مِنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ وَقِيلَ مِنْ نَافِعٍ رَاوِيهِ وَلَهُ ثَلَاثُ صُوَرٍ أَنْ يَعْرَى عَنِ الصَّدَاقِ ففساده فِي عقده وَأَن يُسمى لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فَفَسَادُهُ فِي صَدَاقِهِ فَيَجْرِي الْخلاف فِي إمضائه بِالْعقدِ وَأَن يُسمى لِإِحْدَاهُمَا فَقَطْ وَيُتَصَوَّرَ فِي الْمَجْبُورَةِ عَلَى النِّكَاحِ وَالْجُمْهُورُ عَلَى تَصْوِيرِهِ فِي غَيْرِهَا وَلِمَالِكٍ أَنَّ الشِّغَارَ كُلَّهُ يَمْضِي بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي عِلَّةِ تَحْرِيمِهِ هَلْ هِيَ جعل على بُضْعِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَدَاقُ الْأُخْرَى فَيَكُونَ للزَّوْج شريك فِي امْرَأَتِهِ وَلِذَلِكَ فُسِخَ عَلَى الْمَشْهُورِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ لِكَوْنِ الْفَسَادِ فِي الْعَقْدِ أَوْ عَدَمِ الصَّدَاقِ وَعَلَى هَذَا يُفْسَخُ قَبْلُ فَقَطْ وَقِيلَ يَمْضِي بِالْعَقْدِ لِوُقُوعِ الْمُوَارَثَةِ وَالْحُرْمَةِ فِيهِ إِجْمَاعًا وَقَالَهُ ح وَيَسْتَحِقُّ مَهْرَ الْمِثْلِ وَقَالَ ش فَاسِدٌ وَيُفْسَخُ قَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ الشِّغَارُ فَاسِدٌ وَيَصِحُّ مِنْهُ وَجْهُ الشِّغَارِ وَهُوَ الصُّورَتَانِ الأخيرتان وَاتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى الْمَنْعِ ابْتِدَاءً

وَالْخِلَافُ بَعْدُ إِمَّا لِأَنَّ النَّهْيَ يَقْتَضِي الْفَسَادَ أَوْ لَا يَقْتَضِيهِ أَوْ لِأَنَّ الْفَسَادَ فِي الصَّدَاقِ لَا فِي الْعَقْدِ تَفْرِيعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا قَالَ زَوِّجْنِي ابْنَتَكَ عَلَى أَنْ أُزَوِّجَكَ ابْنَتِي وَلَا مَهْرَ بَيْنَهُمَا يُفْسَخُ وَلَوْ وُلِدَتِ الْأَوْلَادُ وَلِلْمَدْخُولِ بِهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ لَا غَيْرُ وَلَا شَيْءَ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ وَإِنْ قَالَ زَوِّجْنِي ابْنَتَكَ بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ أُزَوِّجَكَ ابْنَتِي بِمِائَةٍ وَهُوَ وَجْهُ الشِّغَارِ وَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَقَطْ وَلَهُمَا الْأَكْثَرُ مِنَ التَّسْمِيَةِ أَوْ صَدَاقِ الْمِثْلِ لِجَمْعِهِمْ فِي الصَدَاق جَائِزا وحراما وَإِنْ سُمِّيَ لِأَحَدِهِمَا فَقَطْ ثَبَتَ نِكَاحُ الْمُسَمَّى لَهَا بعد الدُّخُول وَيفْسخ الآخر وَلَهُمَا صَدَاقُ الْمِثْلِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي صَرِيحِ الشِّغَارِ أَحَبُّ إِلَيَّ فَسْخُهُ بِطَلَاقٍ وَقَالَ فِي غَيْرِ الْكِتَابِ إِذَا سمي لَهَا كَمَا تَقَدَّمَ فَلَهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ إِلَّا أَنْ يَزِيدَ عَلَى الْمُسَمَّى قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى قَالَ أَبُو حَازِمٍ إِذَا وَضَعَ مِنْ صَدَاقِ مُوَلِّيَتِهِ ليضع الآخر عَنْهُ فِي وَجْهِ الشِّغَارِ إِنَّهُ جَائِزٌ السَّبَبُ الثَّانِي كَونه مِمَّا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ لِعَيْنِهِ كَالْخَمْرِ أَوْ لِغَرَرِهِ كَالْآبِقِ أَوْ دَارِ فُلَانٍ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَهَا لَهَا فَفِي الْكِتَابِ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بعده بِصَدَاق الْمثل وَيرد مَا قَبَضَتْ مِنَ الْغَرَرِ وَإِنْ هَلَكَ بِيَدِهَا ضَمِنَتْهُ وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ تَغَيَّرَ فِي يَدَيْهِ أَوْ سَوَّقَهُ فَهُوَ فَوْتٌ تَضْمَنُهُ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْقَبْض والمثلي بِالْمِثْلِيِّ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا فَسَادُهُ فِي صَدَاقِهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ النِّكَاحِ الْمُوَاصَلَةُ دُونَ التَّنْمِيَةِ لِلْمَالِ فَتَأْثِيرُهُ فِيهِ ضَعِيفٌ بِدَلِيلِ نِكَاحِ التَّفْوِيضِ وَلَو وَقع مثله فِي الْمَبِيع لم يجز قَالَ ابْن يُونُس وَرُوِيَ عَنْهُ يُفْسَخُ بَعْدَ الْبِنَاءِ لِأَنَّ الصَّدَاقَ أَحَدُ أَرْكَان العقد وَقَالَ ش وح

(فرع)

لَا يُفْسَخُ مُطْلَقًا وَمِنَ الْأَصْحَابِ مَنْ حَمَلَ الْفَسْخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ عَلَى النَّدْبِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَيَجُوزُ بِالْعَبْدِ الْبَعِيدِ الْغَيْبَةِ كَمَسِيرَةِ الشَّهْرِ عَلَى الصِّفَةِ وَالضَّمَانُ مِنَ الزَّوْجِ وَلَا يَدْخُلُ حَتَّى تَقْبِضَهُ وَإِنْ قَدَّمَ رُبُعَ دِينَارٍ لِأَنَّ النَّقْدَ فِي الْبَعِيدِ لَا يَجُوزُ وَيَدْخُلُ فِي الْقَرِيبِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَإِذَا هَلَكَ الْقَرِيبُ فَلَهَا قِيمَتُهُ عَلَى تِلْكَ الصِّفَاتِ لِأَنَّهُ مِنَ الْمُتَقَوِّمَاتِ وَقيل مثله فِي الصّفة كَالْمُسلمِ وَإِنْ مَاتَ فِي يَدِهَا فَعَلِمَتْ فِيهِ عَيْبًا كَانَ عِنْدَ الزَّوْجِ غَرِمَتْ قِيمَةَ الْعَبْدِ مَعِيبًا يَوْمَ الْقَبْضِ وَتَرْجِعُ بِمِثْلِهِ فِي صِفَتِهِ وَفِيهِ اخْتِلَافٌ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بثمرة لم يبد صَلَاحهَا فَأَصْبَحت كُلُّهَا فَهِيَ مِنَ الزَّوْجِ وَلَهَا قِيمَةُ الثَّمَرَةِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْمُصِيبَةُ مِنَ الْمَرْأَةِ بِخِلَافِ الْبُيُوعِ لِأَنَّ النِّكَاحَ مُكَارَمَةٌ (فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقى إِذا تزَوجهَا بمغصوب مَاله فِيهِ شُبْهَةٌ كَالِابْنِ الصَّغِيرِ فِي وِلَايَتِهِ لَمْ يَخْتَلِفْ أَصْحَابُنَا أَنَّ الْأَبَ إِنْ كَانَ مَيْسُورًا كَانَ للزَّوْجَة كَمَا لَو اشْتَرَاهُ لنَفسِهِ وَاتبع بِالْقِيمَةِ أَوْ مِثْلِهَا فِي الْمِثْلِيَّاتِ أَوْ مُعْسِرًا فَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ هُوَ لِلْمَرْأَةِ وَمَنَعَ مُطَرِّفٌ كَالِاسْتِهْلَاكِ وَإِذَا قُلْنَا هُوَ لِلِابْنِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بَعْدَ الدُّخُولِ قَالَ مُطَرِّفٌ بَلْ لِلْمَرْأَةِ بِالدُّخُولِ لِأَنَّ الْمُعَاوَضَةَ قَدْ تَمَّتْ بِاسْتِيفَاءِ الْبُضْعِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَهَذَا مَا لَمْ يَمْنَعْهُ الْإِمَامُ مِنَ التَّزْوِيجِ بِمَالِ ابْنِهِ وَإِلَّا فَحِينَئِذٍ الِابْنُ أَحَقُّ بِهَا اتِّفَاقًا وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا لَا وِلَايَةَ عَلَيْهِ انْتُزِعَ مِنَ الْمَرْأَةِ فَإِنْ فقد فَلَا

فرع

شَيْءَ لَهُ عَلَيْهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ طَعَامًا أَكَلَتْهُ أَوْ ثَوْبًا لَبِسَتْهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلِمَتْ بِهِمْ أَمْ لَا كَالِابْتِيَاعِ مِنَ الْغَاصِبِ فَإِن لم يكن لَهُ فِيهِ شُبْهَةٌ كَالسَّرِقَةِ ثَبَتَ النِّكَاحُ عِنْدَ سَحْنُونٍ وَإِنْ جَهِلَتْ فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَقَطْ وَخَرَّجَ أَبُو الطَّاهِرِ الصِّحَّةَ مَعَ الْعِلْمِ مِنَ الْخِلَافِ فِيمَا اشْترى مِنْ غَاصِبٍ وَهُوَ يَعْلَمُ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنْ تَزَوَّجَ بِمَغْصُوبٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ وَإِنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ وَعَلَيْهِ مِثْلُهُ إِنْ كَانَ مِثْلِيًّا أَوْ قِيمَتُهُ إِنْ كَانَ قيمًا وَقيل أَيْضا يغرم الْمِثْلَ وَقِيلَ صَدَاقَ الْمِثْلِ وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ فِيمَا إِذَا أَصْدَقَهَا مَعِيبًا فَاخْتَارَتْ رَدَّهُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُفْسَخُ فِي الْمَغْصُوبِ قَبْلَ الْبِنَاءِ (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ إِذَا تَزَوَّجَ عَلَى مِائَةٍ وَخَمْسِينَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ سُوَى خَمْسِينَ لِأَنَّهَا المحققة (فَرْعٌ) فِي الْكتاب إِذا كَانَ الصَّدَاقُ مُؤَجَّلًا لِمَوْتٍ أَوْ فِرَاقٍ فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ لِلْجَهَالَةِ بِالْأَجَلِ وَثَبَتَ بَعْدَهُ وَلَهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ نَقْدًا كَقِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ وَلِمَالِكٍ لَهَا قِيمَةُ الْمُؤَجَّلِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا يُعْجِبُنِي لِأَنَّ الْقِيمَةَ فَرْعُ الثُّبُوتِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْقَرَوِيِّينَ إِذَا تَزَوَّجَهَا بِمِائَةٍ نَقْدًا أَوْ مِائَةٍ إِلَى أَجَلٍ أَوْ مِائَةٍ إِلَى مَوْتٍ أَوْ فِرَاقٍ وَدَخَلَ وَرُوعِيَ صدَاق

(فرع)

الْمِثْلِ يُقَالُ كَمْ صَدَاقُ هَذِهِ الْمَرْأَةِ عَلَى أَنَّ فِيهِ مِائَةً مُؤَجَّلَةً فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ مِائَتَيْنِ لَمْ يَنْقُصْ مِنْهُمَا وَيُعْطِي مِائَةً مُعجلَة وَمِائَة إِلَى أجل وَإِن زَاد أُعْطِيَتِ الزَّائِدَ مُعَجَّلًا وَاخْتُلِفَ فِي الزَّائِدِ عَلَى الثَّلَاثِمِائَةٍ هَلْ يَسْقُطُ أَوْ يَكُونُ لَهَا (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ لَا يَجُوزُ عَلَى حَمِيلٍ تُعَيِّنُهُ غَائِبٍ لِأَنَّهُ إِنْ لَمْ يَرْضَ فَلَا نِكَاحَ وَإِنْ قَالَ إِنْ لَمْ يَرْضَ أُتِيَتْ بِرَهْنٍ أَوْ بِغَيْرِهِ جَازَ (فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا جَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا مَنَعَهُ مَالِكٌ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ بِغَيْرِ صَدَاقٍ وَيُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَيَثْبُتُ بعده بِصَدَاق الْمثل قَالَ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ فَسَادَهُ فِي عَقْدِهِ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَقْتَضِي وُقُوعَهُمَا مَعًا وَالنِّكَاحُ وَالْمِلْكُ لَا يَجْتَمِعَانِ وَقيل شَرط عَلَيْهَا مَا لَا يلْزمهَا بعد الْعتْق فَإِن رضيت بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ جَازَ وَإِلَّا فَلَا نِكَاحَ وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى فَسْخٍ وَقَالَ ش يَجُوزُ جَعْلُ عِتْقِهَا صَدَاقَهَا وَهِيَ بِالْخِيَارِ فَإِنِ امْتَنَعَتْ فَعَلَيْهَا قِيمَةُ نَفْسِهَا وَأَلْزَمَهَا ابْنُ حَنْبَلٍ النِّكَاحَ إِذَا اتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ إِذَا قَالَ أُعْتِقُ على أَن تتزوجي بِي وَيكون الْعتْق صَدَاقهَا فَلَا يَلْزَمُ لِأَنَّهُ سَلَفٌ فِي النِّكَاحِ وَالنِّكَاحُ لَا سَلَفَ عَلَيْهِ وَوَافَقَنَا ح فِي الْمَنْعِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ

(فرع)

أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ جَعَلَ عِتْقَ صَفِيَّةَ صَدَاقَهَا وَجَوَابُهُ أَنَّهُ خَاصٌّ بِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَالْمَوْهُوبَةِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْعَقْدَ إِنْ وَقَعَ قَبْلَ الْعِتْقِ نَاقَضَهُ الْمِلْكُ أَوْ بَعْدَهُ امْتَنَعَ الْإِجْبَارُ وَلِأَنَّ الْعِتْقَ إِنْ تَقَرَّرَ لَهَا حَالَةَ الرِّقِّ تَنَاقَضَ أَو حَالَة الْحُرِّيَّة وَالصَّدَاق يتَقَدَّم تَقْدِيره قَبْلَ الْعَقْدِ فَيَقَعُ الْعَقْدُ حَالَةَ امْتِنَاعِ الْإِجْبَارِ مُجْبَرًا وَهُوَ مُحَالٌ فَيَتَعَيَّنُ اخْتِصَاصُهُ بِهِ عَلَيْهِ السَّلَام وَقَالَهُ الروَاة مَا لم ير صدَاق وَيكون نِكَاح تَفْوِيض أَو بِغَيْر صدَاق وَهُوَ جَائِز لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَفِي التَّلْقِينِ إِنْ أَعْتَقَ أَمَتَهُ عَلَى أَنْ تَتَزَوَّجَهُ بَعْدَ الْعِتْقِ لَمْ يَلْزَمْهَا ذَلِكَ وَإِنْ شَرَطَ أَنَّ عِتْقَهَا صَدَاقُهَا لَمْ يَصِحَّ وَلَزِمَهُ الصَّدَاقُ (فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا أَعْطَاهَا مَالًا فَاسْتَحَقَّ فَهَلْ تَمْنَعُهُ مِنَ التَّمَادِي عَلَى وَطئهَا حَتَّى يوفيها حَقّهَا أَرْبَعَة أَقْوَال لَهُ ذَلِكَ غَرَّهَا أَمْ لَا الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يَغُرَّهَا أَمْ لَا يُكْرَهُ التَّمَادِيَ قَالَهُ مُحَمَّدٌ تمْتَنع حَتَّى يُعْطِيَ رُبُعَ دِينَارٍ إِنِ اسْتَحَقَّ جَمِيعُهُ وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى بُسْتَانٍ عَشَرَةَ فرز فَظَهَرَ خَمْسَةً قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَهَا قِيمَةُ الْخَمْسَةِ إِنْ رَضِيَتْ إِمْسَاكَهُ وَلَوْ رَدَّتْهُ فَقِيمَةُ جَمِيعِهِ عَلَى أَنَّهُ عَشَرَةٌ كَالِاسْتِحْقَاقِ قَالَ وَالْقِيَاسُ أَنَّ لَهَا الرَّدَّ وَصَدَاقَ الْمِثْلِ أَوِ التَّمَاسُكَ وَنِصْفَ صَدَاقِ الْمِثْلِ قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ (فَرْعٌ) قَالَ إِنْ تَزَوَّجَهَا بِمَالٍ حَرَامٍ قَالَ مَالِكٌ أَخَافُ أَنْ يَكُونَ زِنًا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} النِّسَاء 24 وَهَذَا لَيْسَ مَالَهُ وَلَكِنِّي لَا أَقُولُ ذَلِكَ

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى خَلٍّ فَوُجِدَ خَمْرًا فَهُوَ كَظُهُورِ الْعَيْبِ تَرُدُّهُ وَتَرْجِعُ بِمِثْلِهِ كَالِاسْتِحْقَاقِ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِذَا تَزَوَّجَهَا بِعَبْدٍ فَظهر حرا فَالنِّكَاح فَاسد لخلو العقد عَن الصَّدَاقِ فَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّهُ خَمْرٌ فَوُجِدَ خَلًّا صَحَّ النِّكَاحُ إِنْ رَضِيَا بِالْبَقَاءِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَرِهَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَتِمَّ النِّكَاحُ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِذَا قُلْنَا بِالْمِثْلِ إِذَا وُجِدَتْ خَمْرًا فَتَلِفَتِ الْقلَّةُ غَرِمَ الْقِيِمَةَ وَكَذَلِكَ إِذَا تزَوجهَا بِطَعَام مُعَيَّنٍ عَلَى الْكَيْلِ فَاسْتَحَقَّ أَوْ شَيْءٍ مِمَّا يُؤْكَل أَو يُوزن بِخِلَاف البيع لِأَن اسْتِحْقَاق الْمعِين لَا يفْسخ النِّكَاح وَقَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ رُجُوعُهَا بِمِثْلِ الْخَمْرِ خَلًّا إِمَّا بِأَنْ تُغْسَلَ الْجَرَّةُ ثُمَّ تُمْلَأَ أَوْ تَعْرِفَ مَا تَحْمِلُ مِنَ الْمَاءِ ثُمَّ يُكَالَ مِثْلُهُ وَقَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ فِيهِ الْقِيمَةُ كَالْجُزَافِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ مَعْدُوم شرعا فَهُوَ كَنِكَاح بِغَيْرِ شَيْءٍ السَّبَبُ الثَّالِثُ كَوْنُهُ مَنَافِعَ الزَّوْجِ كخدمتها مُدَّة مَعْلُومَة أَو تعليمها الْقُرْآن وَفِي الْجَوَاهِر مَنعه لمَالِك لقَوْله تَعَالَى {أَن تَبْتَغُوا بأموالكم} وَقَالَهُ ح وَأَجَازَهُ أصبغ وش وَابْنُ حَنْبَلٍ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي مُسْلِمٍ زوجتكها بِمَا مَعَك من الْقُرْآن أَي بتعليمك إِيَّاهَا وَجَوَابه أَنه إِنْ كَانَ إِجَارَةً فَهِيَ بَاطِلَةٌ لِعَدَمِ تَحْدِيدِ الْمُدَّةِ أَوْ جَعَالَةً وَهِيَ فِي مِثْلِ هَذَا مَعَ عَدَمِ تَحْدِيدِ الْمُدَّةِ لَا تَصِحُّ وَلِأَنَّ الْجَعَالَةَ غَيْرُ لَازِمَةٍ وَالنِّكَاحَ لَازِمٌ بَلْ يَجِبُ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ الصَّدَاقُ بِالْعَجْزِ جَعَلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ حِفْظَهُ الْقُرْآنَ فَضِيلَةً تُوجِبُ تَزْوِيجَهُ وَأُخِّرَ الصَّدَاقُ فِي

ذمَّته تفويضا كَمَا زوج أَبُو طَلْحَةَ أُمَّ سُلَيْمٍ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْإِسْلَامُ لَا يَكُونُ صَدَاقًا بَلْ تَفْوِيضًا تَفْرِيعٌ فِي الْجَوَاهِرِ كَرِهَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ وَقَعَ مَضَى فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ الْمَنَافِعِ صَدَاقٌ فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَثَبَتَ بَعْدَهُ وَلَهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ وَتَبْطُلُ الْخِدْمَةُ الْمُقَدَّمَةُ فَإِنْ خَدَمَ رَجَعَ بِقِيمَتِهَا وَكَذَلِكَ إِن وَقع على إحجاجها قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَغَيْرُهُ يَجُوزُ عَلَى أَنْ تَرْجِعَ إِلَى إِحْجَاجِ مِثْلِهَا وَلَهَا الْوَسَطُ مِنْ ذَلِكَ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى شَوْرَةٍ وَمَنَعَتْهُ مِنَ الدُّخُول حَتَّى يحجها أَوْ يُعْطِيَهَا نَفَقَةَ مِثْلِهَا فِي الْحَجِّ فَيَكُونَ ذَلِكَ صَدَاقَهَا إِنْ شَاءَتْ حَجَّتْ أَمْ لَا وَقَالَ اللَّخْمِيُّ الْأَحْسَنُ الْجَوَازُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَإِنَّمَا كَرِهَ مَالِكٌ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَسْتَحِبُّ أَنْ يَكُونَ الصَّدَاقُ مُعَجَّلًا وَالْمَنَافِعُ تَقْتَضِي التَّأْجِيلَ وَكُلُّ من تزوج بِشَيْء فَهُوَ حَال فَإِذا حل زَمَنُ الْحَجِّ تَعَيَّنَ وَمَنَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْبِنَاءَ حَتَّى يُقَدِّمَ رُبُعَ دِينَارٍ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَلْزَمُ كَمَنْ تَزَوَّجَ بِمِائَةٍ إِلَى سَنَةٍ وَإِنْ أَتَى زَمَنُ الْحَجِّ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا حَتَّى يُحِجَّهَا كَالْمُؤَجَّلِ يَحِلُّ قَبْلَ الْبِنَاءِ السَّبَبُ الرَّابِعُ تَفْرِيقُ الصِّفَةِ فَيُصْدِقُهَا عَبْدًا يُسَاوِي أَلْفَيْنِ عَلَى أَنْ تَرُدَّ أَلْفًا فَنِصْفُهُ مَبِيعٌ وَنِصْفُهُ صَدَاقٌ مَنَعَهُ فِي الْكِتَابِ وَقَالَ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَلَهَا بَعْدَهُ صَدَاقُ الْمِثْلِ لِأَنَّ مَا يَخُصُّ الْبَيْعَ أَوِ النِّكَاحَ مَجْهُولٌ فَيُؤَدِّي إِلَى النِّكَاحِ بِالْمَجْهُولِ وَإِلَى عُرُوِّ النِّكَاحِ عَنِ الصَّدَاقِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ فِي النِّكَاحِ وَالْبَيْعِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ ثَالِثُهَا الْكَرَاهَةُ وَرَابِعُهَا إِنْ بَقِيَ بعد ثمن السَّبْعَة رُبُعُ دِينَارٍ جَازَ وَقَالَ ابْنُ الْكَاتِبِ إِنِ اعْتُبِرَ قَبْلَ الْبِنَاءِ جَازَ اتِّفَاقًا وَجَوَّزَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَجُوزُ الْعَقْدُ عَلَيْهِ مُفْرد فَيَجُوزُ مُجْتَمِعًا كَالسِّلْعَتَيْنِ

قَاعِدَةٌ الْعُقُودُ أَسْبَابٌ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى تَحْصِيلِ حُكْمِهَا فِي مُسَبِّبَاتِهَا بِطَرِيقِ الْمُنَاسَبَةِ وَالشَّيْءُ الْوَاحِدُ بِالِاعْتِبَارِ الْوَاحِدِ لَا يُنَاسِبُ الْمُتَنَافِيَيْنِ فَلِذَلِكَ لَا يَجْتَمِعُ النِّكَاحُ وَالْبَيْعُ لِتَضَادِّهِمَا فِي الْمُكَايَسَةِ وَالْمُسَامَحَةِ وَلَا يَجْتَمِعُ مَعَ الْبَيْعِ عُقُودٌ يَجْمَعُهَا قَوْلُكَ جص مشنق الْجِيمُ لِلْجَعَالَةِ وَالصَّادُ لِلصَّرْفِ وَالْمِيمُ لِلْمُسَاقَاةِ وَالشِّينُ لِلشَّرِكَةِ وَالنُّونُ لِلنِّكَاحِ وَالْقَافُ لِلْقِرَاضِ لِتَضَادِّ أَحْكَامِهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ لَوْ كَانَتِ السِّلْعَةُ لِغَيْرِكَ فُسِخَ أَيْضًا لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ جَمْعِ السِّلْعَتَيْنِ لرجل وَكَذَلِكَ لَوْ تَزَوَّجَهَا بِمَالٍ مَعْلُومٍ عَلَى إنْ أَعْطَاهَا الْأَبُ دَارًا فَأَمَّا لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى غَيْرِ مُسَمًّى عَلَى إنْ أَعْطَاهَا الْأَبُ دَارًا صَحَّ لِأَن الدَّار هَا هُنَا هِبَةٌ مَحْضَةٌ السَّبَبُ الْخَامِسُ الشَّرْطُ فِي الْكِتَابِ إِذَا تَزَوَّجَهَا بِأَلْفٍ وَإِنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ فَأَلْفَانِ لَمْ يَجُزْ كَالْغَرَرِ أَوْ وَضَعَتْ بَعْضَهُ فِي الْعَقْدِ عَلَى أَنْ لَا يُخْرِجَهَا مِنْ بَلَدِهَا وَإِنْ أَخْرَجَهَا فَمَهْرُهَا أَلْفَانِ فَلَهُ إِخْرَاجُهَا وَلَيْسَ لَهَا إِلَّا مَا تَقَرَّرَ كَالْقَائِلِ إِنْ أَخْرَجَتْكَ مِنَ الدَّارِ فَلَكَ أَلْفٌ فَإِنْ حَطَّتْ عَنْهُ بَعْدَ الْعَقْدِ لِذَلِكَ فَلَهَا الرُّجُوعُ لِتَعَيُّنِهِ لَهَا بِالْعَقْدِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ إِنْ حَطَّتْ فِي الْعَقْدِ مِنْ صَدَاقِ مِثْلِهَا لَهَا الرُّجُوعُ وَإِلَّا فَلَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ إِذا قرر قبل الْملك سِتِّينَ وَوضع عَنْهُ عِنْدَ الْعَقْدِ عِشْرِينَ لِأَجْلِ الشَّرْطِ فَلَهَا الرُّجُوعُ وَإِنَّمَا الَّذِي يَرْجِعُ بِهِ أَنْ يَقُولَ أَتَزَوَّجُكِ بِمِائَةٍ ثُمَّ أَضَعُ خَمْسِينَ فَإِنْ طَلَّقَهَا فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَيْسَ لَهَا إِلَّا نِصْفُ مَا بَقِيَ بَعْدَ الشَّرْطِ لِأَنَّهُ لم يُخَالِفهُ وَفِي الْكتاب وَإِن أَعْطَتْهُ مَالًا لِشَرْطٍ وَإِنْ خَالَفَهُ فَهِيَ طَالِقٌ فَخَالَفَهُ لَمْ تَرْجِعْ بِشَيْءٍ لِأَنَّهَا آثَرَتْ طَلَاقَهَا بِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ تَزَوَّجَهَا بِمِائَةٍ وَإِنْ أخرجهَا من بَلَدهَا فَمِائَتَانِ فَأَخْرَجَهَا فَلَهَا

الْمِائَتَانِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّ أَحَقَّ الشُّرُوطِ أَنْ يُوَفَّى بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ وَقَالَ مَالِكٌ مَرَّةً لَهَا الْأَقَلُّ مِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ أَوِ الْمِائَتَيْنِ قَالَ وَهُوَ أَقْيَسُ قَالَ مَالِكٌ إِذَا اشْتَرَطَتِ السُّكْنَى عِنْدَ أَبِيهَا بِمَالٍ اشْترطت مَا لَا يُبَاعُ وَتَرْجِعُ بِهِ وَإِنِ اشْتَرَطَتْ إِنْ لَمْ يَأْتِ بِالصَّدَاقِ فِي وَقْتِ كَذَا فَلَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا فَهَلْ يَبْطُلُ الْعَقْدُ أَوِ الشَّرْطُ فِيهِ خِلَافٌ وَإِذَا شَرَطَ فِي الصَّدَاقِ أَنه لمَوْت أَو فِرَاق وَفَاتَ بِالْبِنَاءِ فَقَالَ مَرَّةً لَهُ صَدَاقُ الْمِثْلِ وَقَالَ مَرَّةً تَتِمَّةُ الْمُسَمَّى نَقْدًا فَإِنْ تَزَوَّجَتْ بِمِائَةٍ نَقْدًا أَوْ مِائَةٍ إِلَى مَوْتٍ أَوْ فِرَاقٍ فَقَالَ صَدَاقُ الْمثل مُطلقًا وَقَالَ مرّة مَا لم ينقص عَن الْمِائَة وَقِيلَ مَا لَمْ يَنْقُصْ عَنِ الْمِائَةِ وَيَزِيدُ عَلَى الْمِائَتَيْنِ وَقِيلَ يَقُومُ بِأَجَلِهِ وَيَخْتَلِفُ إِذَا كَانَت الْعَادة بِمَوْت أَوْ فَرَاقٍ وَلَمْ يَشْتَرِطُوهُ هَلْ يَجُوزُ وَتَأْخُذُهُ مَتَى أَحَبَّتْ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْحُلُولُ وَالتَّأْخِيرُ مُكَارَمَةٌ أَوْ فَسَادٌ لِلْعَادَةِ وَفِي الْكِتَابِ يُكْرَهُ النِّكَاحُ بِصَدَاقٍ بَعْضُهُ مُؤَجَّلٌ إِلَى سَنَةٍ وَإِنْ وَقَعَ جَازَ وَلِلزَّوْجِ إِذَا أَتَى بِالْمُؤَجَّلِ الدُّخُولُ وَتَتَأَخَّرُ بَقِيَّتُهُ إِلَى الْأَجَلِ وَيَجُوزُ فِي الْبَعِيدِ مَا لَمْ يَتَأَخَّرْ وَفِي الْجَوَاهِرِ كَرِهَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ تَأْجِيلَ بَعْضِ الصَّدَاقِ وَجَوَّزَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَرْبَعِ سِنِينَ وَابْنُ وَهْبٍ لِسَنَةٍ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ لَا يُفْسَخُ إِلَّا أَنْ يَزِيدَ عَلَى عِشْرِينَ سنة وَقَالَ ابْن الْقَاسِم لَا أفسخ إِلَّا الْأَرْبَعين وَرُوِيَ السِّتُّونَ وَالْمُدْرَكُ أَنَّ الصَّدَاقَ قُبَالَةَ الْإِبَاحَةِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَأَخَّرَ عَنْهَا بِخِلَافِ الثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ وَمِنْهُمْ مَنْ رَأَى الْأَجَلَ الْقَرِيبَ فِي حُكْمِ النَّقْدِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا يَحِلُّ قَرِيبًا فَإِنْ أُخِّرَ بَعْضُهُ إِلَى غَيْرِ حَدٍّ فَسَخَهُ مَالِكٌ قَبْلَ الْبِنَاءِ لِفَرْطِ الْغَرَرِ وَيُعْطِي صَدَاقَ الْمثل بعد

(فرع)

الْبِنَاءِ مُعَجَّلًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ صَدَاقُ مِثْلِهَا أقل من الْمُعَجل فَلَا ينْقض مِنْهُ أَوْ أَكْثَرَ مِنَ الْمُعَجَّلِ وَالْمُؤَجَّلِ فَيُعْطَاهُ إِلَّا أَنْ يَرْضَى الزَّوْجُ بِتَعْجِيلِ الْمُؤَجَّلِ أَوِ الْمَرْأَةُ بِإِسْقَاطِهِ فَلَا يَنْفَسِخَ وَإِنْ شُرِطَ فِي بعض الصَدَاق إِلَى يسره وَهُوَ مولى أَوْ مُطَالَبَتِهَا بِهِ أَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِحُصُولِ الملاة وَهُوَ حَالٌّ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُفْسَخُ النِّكَاحُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَلَهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ لِاشْتِرَاطِهِ أَجَلًا غَيْرَ مَعْلُومٍ (فَرْعٌ) قَالَ لَوْ شَرَطَ الْخِيَارَ لَهَا فِي الصَّدَاقِ فِي أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ صَحَّ أَوله فَسْخٌ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَلَهَا بَعْدَهُ صَدَاقُ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ أَمْرُ الصَّدَاقِ بِخِلَافِ إِذَا كَانَ لَهَا وَلَوْ قَالَ تَزَوَّجْتُهَا بِأَلْفٍ عَلَى أَنَّ لِأُمِّهَا أَلْفًا صَحَّ وَهُمَا لِلْمَرْأَةِ لِأَنَّهَا الْبَاذِلَةُ لِلْعِوَضِ السَّبَبُ السَّادِسُ أَنْ يَتَضَمَّنَ إِثْبَاتُهُ رَفَعَهُ كَمَا إِذَا زَوَّجَ عَبَدَهُ وَجَعَلَ رَقَبَتَهُ صَدَاقًا فَفِي الْجَوَاهِرِ يَفْسُدُ السَّبَبُ السَّابِعُ مُخَالَفَةُ الْأَمْرِ فِيمَا يُسَمَّى فَفِي الْجَوَاهِرِ لَوْ قَالَ زَوِّجْنِي بِأَلْفٍ فَزَوَّجَهُ بِأَلْفَيْنِ وَعَلَى قَوْلِ الزَّوْجِ وَالتَّزْوِيجُ بَيِّنَةٌ وَلَمْ يَدْخُلْ فَإِمَّا أَنْ يَرْضَى بِأَلْفَيْنِ وَإِلَّا فَلَا نِكَاحَ لِأَنَّهَا لَمْ تَرْضَ إِلَّا بِهِمَا وَلَوِ الْتَزَمَ الْوَكِيلُ الزَّائِدَ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ فَفِي إِجْبَارِ الزَّوْجِ قَوْلَانِ نَظَرًا لِلْمِنَّةِ أَو مُرَاعَاة للْعقد وَلَو رضيت بِالْألف لَزِمَ الزَّوْجَ وَلَوْ دَخَلَ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لُزُومُ الْأَلْفِ لِلزَّوْجِ وَالزَّائِدُ لِلرَّسُولِ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ وَيَسْقُطُ الزَّائِدُ عَنِ الرَّسُولِ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنْ لَا يُغَرَّمَ إِلَّا مُسْتَوْفِي الْمَنْفَعَةِ أَوْ صَدَاقِ الْمِثْلِ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَمْ تَدْخُلْ عَلَى الْأَلْفِ وَالزَّائِدُ عَلَى الرَّسُولِ لِتَغْرِيرِهِ بِالْقَوْلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى قَوْلِ الزَّوْجِ وَالْعَقْدِ بَيِّنَةٌ وَرَضِيَ بِالْأَلْفَيْنِ لَزِمَ النِّكَاحُ وَإِلَّا إِنْ رَضِيَتِ الزَّوْجَةُ بِالْأَلْفِ لَزِمَ وَإِلَّا فَلَهَا أَنْ تُحَلِّفَ الزَّوْجَ فَإِنْ نكل حَلَفت

(فرع)

وَاسْتَحَقَّتِ الْأَلْفَيْنِ وَصَحَّ النِّكَاحُ وَإِنْ دَخَلَ وَتَرَاضَيَا صَحَّ وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ أَقَرَّ الْوَكِيلُ بِالتَّعَدِّي لَزِمَ الْإِتْمَامُ وَإِلَّا فتَحْلِفُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ إِلَّا بِأَلْفٍ وَيَبْرَأُ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَهُمَا قَالَ وَهَذِهِ يَمِينٌ لَا تَرْجِعُ لِأَنَّهَا يَمِينُ تُهْمَةٍ إِلَّا أَنْ تَدَّعِيَ الْمَرْأَةُ تَحْقِيقًا فَتَرْجِعَ وَبلا خطّ قَاعِدَةٌ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ مَنْ سُلِّطَ عَلَى مَالِهِ خَطَأً هَلْ تُسْقِطُ الْغَرَامَةُ لَهُ التَّسْلِيطَ أَمْ لَا لِأَنَّ الْمَرْأَةَ سُلِّطَتْ عَلَى بُضْعِهَا خَطَأً (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا نَكَلَ فَهَلْ لَهُ تَحْلِيفُ الرَّسُولِ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِلَّا غَرِمَ فِيهِ خِلَافٌ سَبَبُهُ هَلْ يَمِينُ الزَّوْجِ لِتَصْحِيحِ قَوْلِهِ فَقَطْ أَوْ لِذَلِكَ وَإِبْطَالِ قَوْلِ الرَّسُولِ فَعَلَى الْأَوَّلِ يُعَدُّ مُقِرًّا إِذَا نَكَلَ وَلَا يُحَلِّفُهُ وَعَلَى الثَّانِي لَهُ تَحْلِيفُهُ وَأَصْلٌ آخَرُ هَلِ النُّكُولُ كَالْإِقْرَارِ فَلَا يُحَلِّفَهُ أَوْ لَا فَيُحَلِّفَهُ وَإِنْ دَخَلَ فَلَيْسَ عَلَى الزَّوْجِ إِلَّا الْألف ثمَّ إِن أقرّ الرَّسُول بِالتَّعَدِّي فَهَلْ يَغْرَمُ أَمْ لَا خِلَافٌ وَإِنْ أَنْكَرَ وَقُلْنَا يغرم فَللزَّوْج تَحْلِيفه فَإِن نكل حلف وَاسْتَحَقَّتِ الْمَرْأَةُ وَإِنْ قُلْنَا لَا يَغْرَمُ فَلَا شَيْءَ لِلزَّوْجَةِ وَإِنْ كَانَ عَلَى التَّوْكِيلِ بَيِّنَةٌ دُونَ الْعَقْدِ وَلَمْ يَدْخُلْ حَلَفَتْ إنَّ الْعَقْدَ بِأَلفَيْنِ فَإِن رَضِي الزَّوْج وَإِلَّا لَهُ الْفَسْخُ وَإِنْ نَكَلَتْ صَحَّ بِالْأَلْفِ إِلَّا أَنْ يكون الزَّوْج علم مَا وَقَعَ بِهِ الْعَقْدُ فَيَحْلِفَ وَإِنْ كَانَتِ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْعَقْدِ دُونَ التَّوْكِيلِ يَحْلِفُ إنَّ التَّوْكِيلَ لَمْ يَكُنْ إِلَّا بِمَا قَالَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الزَّائِدِ فَإِنْ حَلَفَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَرَضِيَتِ الْمَرْأَةُ صَحَّ وَإِلَّا فَلَهَا الْفَسْخُ وَإِنْ نَكَلَ فَهِيَ يَمِينٌ لَا

تَرْجِعُ إِلَّا أَنْ تَدَّعِيَ الْمَرْأَةُ التَّحْقِيقَ وَهَلْ لَهُ تَحْلِيفُ الْوَكِيلِ إِذَا نَكَلَ الزَّوْجُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَاخْتَارَ مُحَمَّدٌ عَدَمَ التَّحْلِيفِ فَإِنْ دَخَلَ حَلَفَ وَمَضَى النِّكَاحُ بِالْأَلْفِ وَإِنْ نَكَلَ وَالْمَرْأَةُ تَدَّعِي تَحْقِيقَ الدَّعْوَى عَلَيْهِ حَلَفَتْ وَإِلَّا فَالْيَمِينُ لَا تَرْجِعُ وَيُخْتَلَفُ فِي تَحْلِيفِهِ لِلْوَكِيلِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ هَذَا إِذَا لَمْ يَعْلَمَا بِالتَّعَدِّي أَمَّا إِنْ عَلِمَ الزَّوْجُ دُونَهَا فَعَلَيْهِ الألفان لدُخُوله عَلَيْهِمَا أَو هِيَ دونه فمالها إِلَّا أَلْفٌ أَوْ هُمَا جَمِيعًا وَعَلِمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِعِلْمِ صَاحِبِهِ فَعَلَيْهِ الْأَلْفَانِ أَوْ ل يَعْلَمُ أَحَدُهُمَا بِعِلْمِ الْآخَرِ فَلَهَا الْأَلْفَانِ قَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ عِلْمَهُ مُعَارَضٌ بِعِلْمِهَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهَا أَلْفٌ وَيَقْتَسِمَانِ الْأُخْرَى وَإِنْ عَلِمَ بِعِلْمِهَا وَلَمْ تَعْلَمْ بِعِلْمِهِ فَلَهَا الْأَلْفُ فَقَطْ أَوْ عَلِمَتْ بِعِلْمِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِعِلْمِهَا فَعَلَيْهِ الْأَلْفَانِ لِأَنَّهُمَا عَلَى ذَلِكَ دَخَلَا وَأَصْلُهُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَلْزَمُهُ مَا دخل عَلَيْهِ الْقُطْبُ الرَّابِعُ الْعَقْدُ نَفْسُهُ وَفِيهِ تِسْعَةُ فُصُولٍ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي صِيغَتِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ هِيَ لَفْظٌ يَقْتَضِي الْمِلْكَ عَلَى التَّأْبِيدِ كَالنِّكَاحِ وَالتَّزْوِيجِ وَالتَّمْلِيكِ وَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَنَحْوِهَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ وَلَفَظُ الصَّدَقَةِ وَقَالَ الْأَصْحَابُ إِنْ قَصَدَ بِلَفْظِ الْإِبَاحَةِ النِّكَاحَ صَحَّ وَيَضْمَنُ الْمَهْرَ وَيَكْفِي قَوْلُ الزَّوْجِ قَبِلْتُ بَعْدَ الْإِيجَابِ مِنَ الْوَلِيِّ وَلَا يُشْتَرَطُ قَبِلْتُ نِكَاحَهَا وَلَوْ قَالَ لِلْأَبِ فِي الْبِكْرِ أَوْ بَعْدَ الْإِذْنِ فِي الثَّيِّبِ زَوِّجْنِي فَقَالَ فَعَلْتُ أَوْ زَوَّجْتُكَ فَقَالَ لَا أَرْضَى لَزِمَهُ النِّكَاحُ لِاجْتِمَاعِ جُزْأَيِ الْعَقْدِ فَإِنَّ السُّؤَالَ رِضًا فِي الْعَادَةِ وَقَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ أَلَّا يَنْعَقِدَ إِلَّا بِلَفْظِ النِّكَاحِ أَوِ التَّزْوِيجِ دُونَ غَيْرِهِمَا مِنْ أَلْفَاظِ الْعُقُودِ وَفِي الْهِبَةِ قَوْلَانِ الْمَنْعُ كَمَذْهَبِ ش وَالْجَوَازُ كَمَذْهَبِ ح لِأَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ بِالصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ فَكَذَلِكَ النِّكَاحُ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْهِبَةَ لَا تَنْعَقِدُ بِلَفْظِ النِّكَاحِ فَكَذَلِكَ الْعَكْسُ وَأَنَّ النِّكَاحَ مُفْتَقِرٌ إِلَى الصَّرِيحِ لِيَقَعَ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْإِحْلَالِ وَالْإِبَاحَة فتقاس عَلَيْهِ الْهِبَة وَقَالَ صَاحب القبس

جَوَّزَهُ ح بِكُلِّ لَفْظٍ يَقْتَضِي التَّمْلِيكَ عَلَى التَّأْبِيدِ وَمَالِكٌ بِكُلِّ لَفْظٍ يَفْهَمُ مِنْهُ الْمُتَنَاكِحَانِ مَقْصِدَهُمَا وَقَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ يَنْعَقِدُ بِكُلِّ لَفْظٍ يَقْتَضِي التَّمْلِيكَ الْمُؤَبَّدَ كَالْهِبَةِ وَالْبَيْعِ وَزَادَ أَبُو الْحَسَنِ لَفْظَ الصَّدَقَةِ وَسَوَاءٌ ذُكِرَ الصَّدَاقُ فِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ أَمْ لَا وَقَالَ الْمُغِيرَةُ لَا يَنْعَقِدُ إِلَّا بِلَفْظِ التَّزْوِيجِ وَالنِّكَاح وَقَالَهُ ش لِأَنَّهُمَا الْمَذْكُورَانِ فِي الْقُرْآنِ {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} النِّسَاء 22 {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} الْأَحْزَاب 37 وَوَافَقَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ وَأَجَابُوا عَمَّا احْتَجَجْنَا بِهِ بِمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ مَلَّكْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مَعَ أَنَّ الْحَدِيثَ وَرَدَ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ وَالْقِصَّةُ وَاحِدَةٌ فَيَسْتَحِيلُ اجْتِمَاعُهَا بَلِ الْوَاقِعُ أَحَدُهَا وَالرَّاوِي رَوَى بِالْمَعْنَى فَلَا حُجَّةَ فِيهِ وَلَمْ يَسْتَثْنِ ح غَيْرَ الْإِجَارَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْإِحْلَالِ وَجَوَّزَهُ بِالْعَجَمِيَّةِ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْعَرَبِيَّةِ وَالْجَوَابِ بِقَوْلِهِ فَعَلْتُ قَاعِدَةٌ كُلُّ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ سَبَبٍ شَرْعِيٍّ وَإِبَاحَةُ الْمَرْأَةِ حُكْمٌ فَلَهُ سَبَبٌ يَجِبُ تَلَقِّيهِ مِنَ السَّمْعِ فَمَا لَمْ يُسْمَعْ مِنَ الشَّرْعِ لَا يَكُونُ سَبَبًا وَعَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ اعْتَمَدَ ش وَالْمُغِيرَةُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ صَاحِبِ الْمُقَدِّمَاتِ فِي النَّقْل عَن الْمَذْهَبِ قَاعِدَةٌ الشَّرْعُ كَمَا يَنْصِبُ خُصُوصَ الشَّيْءِ سَبَبًا كَرُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَالزَّوَالِ وَالْقَتْلِ الْعَمْدِ الْعُدْوَانِ فَكَذَلِك ينصب مُشْتَركا بَين أَشْيَاء ويلغي خصوصياتها كَأَلْفَاظِ الطَّلَاقِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا مَا دَلَّ على

انْطِلَاقِهَا مِنْ عِصْمَةِ النِّكَاحِ وَأَلْفَاظُ الْقَذْفِ الْمَقْصُودُ مِنْهَا مَا دَلَّ عَلَى النِّسْبَةِ إِلَى الزِّنَا أَوِ اللِّوَاطِ وَأَلْفَاظُ الدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ الْمَقْصُودُ مِنْهَا مَا دَلَّ عَلَى مَقْصُودِ الرِّسَالَةِ النَّبَوِيَّةِ وَالنِّكَاحُ عِنْدَنَا عَلَى مَا حَكَاهُ مَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ وَرَدَ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ اعْتِبَارِ الْخُصُوصِ فَيَتَعَيَّنُ الْعُمُومُ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ قَاعِدَةٌ يَحْتَاطُ الشَّرْعُ فِي الْخُرُوجِ مِنَ الْحُرْمَةِ إِلَى الْإِبَاحَةِ أَكْثَرَ مِنَ الْخُرُوجِ مِنِ الْإِبَاحَةِ إِلَى التَّحْرِيمِ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ يَعْتَمِدُ الْمَفَاسِدَ فَيتَعَيَّن الِاحْتِيَاط لَهُ فَلذَلِك حُرِّمَتِ الْمَرْأَةُ بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الْأَبِ وَلَا تَحِلُّ الْمَبْتُوتَةُ إِلَّا بِالْعَقْدِ وَالْوَطْءِ الْحَلَالِ وَالطَّلَاقِ وَانْقِضَاءِ الْعدة وَالْعقد الْأَوَّلِ فَلِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَوْقَعَنَا الطَّلَاقَ بِالْكِنَايَاتِ وَإِنْ بَعُدَتْ حَتَّى أَوْقَعْنَاهُ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ إِذَا أُرِيدَ بِهِ الطَّلَاقُ لِأَنَّهُ خُرُوجٌ مِنَ الْحِلِّ فَيَكْفِي فِيهِ أَدْنَى سَبَبٍ وَلَمْ يَجُزِ النِّكَاحُ بِكُلِّ لَفْظٍ بَلْ بِمَا فِيهِ قُرْبٌ مِنْ مَقْصُودِ النِّكَاحِ لِأَنَّهُ خُرُوجٌ مِنَ الْحُرْمَةِ إِلَى الْحِلِّ وَجَوَّزْنَا الْبَيْعَ بِجُمْلَةِ الصِّيَغِ وَالْأَفْعَالِ الدَّالَّةِ عَلَى الرِّضَا ينْقل الْمِلْكِ فِي الْعِوَضَيْنِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي السِّلَعِ الْإِبَاحَة حَتَّى تملك بِخِلَاف النِّسَاء ولعموم الْحَاجة للْبيع ولقصوره فِي الِاحْتِيَاط عَن الْفُرُوجِ فَإِذَا أَحَطْتَ بِهَذِهِ الْقَوَاعِدِ ظَهَرَ لَكَ اخْتِلَاف موارد الشَّرْعِ فِي هَذِهِ الْأَحْكَامِ وَسَبَبُ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ وَنَشَأَتْ لَكَ الْفُرُوقُ وَالْحِكَمُ وَاللَّهُ تَعَالَى يَهْدِينَا سَوَاء السَّبِيل الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقدمَات لَا يجب فِي العقد وَيجب للدخول فَإِنْ دَخَلَ وَلَمْ يُشْهِدْ أَوْ فِي نِكَاحِ السِّرّ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ بِطَلْقَةٍ لِإِقْرَارِهِمَا بِالنِّكَاحِ وَحُدَّ إِنْ وَطِئَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الدُّخُولُ فَاشِيًا أَوْ يَكُونَ عَلَى الْعَقْدِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ فَيُدْرَأَ الْحَدُّ لِلشُّبْهَةِ فَإِنْ أَشْهَدَ شَاهِدَيْنِ وَأَمَرَ بِالْكِتْمَانِ فُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ إِلَّا أَنْ

يَطُولَ وَقِيلَ لَا يُفْسَخُ مُطْلَقًا وَوَافَقَهُ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى عَلَى الْفَسْخِ إِذَا لَمْ يُشْهِدْ عَلَى الدُّخُول وَقَالَ ذَلِك ذَرِيعَة للْفَسَاد وَمنع التَّغْرِير عَلَى الْخَلْوَةِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ لَمْ يُشْهِدْ إِلَّا شَاهِدًا وَاحِدًا فُسِخَ وَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ بِثَلَاثِ حِيَضٍ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ الْإِشْهَادُ عِنْدَنَا شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الدُّخُولِ دُونَ الْعَقْدِ وَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا مِنَ الْأَصْحَابِ خَالَفَ فِي هَذَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ الْفَسْخُ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ إِذَا لَمْ يُشْهِدْ عَلَى الدُّخُولِ وَاشْتَرَطَ الْأَئِمَّةُ الشَّهَادَةَ فِي الْعَقْدِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَصَدَاقٍ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ وَجَوَابُهُ مِنْ وُجُوهٍ أَحُدُّهَا أَنَّ النَّفْيَ دَائِرٌ بَيْنَ الْقَضَاءِ وَالْفَتْوَى وَلَمْ يُنَصَّ عَلَى أَحَدِهِمَا فَهُوَ مُطْلَقٌ فِيهِمَا وَنَحْنُ نَحْمِلُهُ عَلَى الْقَضَاءِ فَلَا يَحْكُمُ حَاكِمٌ بِصِحَّةِ نِكَاحٍ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ أَمَّا الْحِلُّ فَثَابِتٌ بِدُونِ الْبَيِّنَةِ وَثَانِيهَا أَنَّهُ دَائِرٌ بَيْنَ الْعَقْدِ وَالدُّخُولِ وَنَحْنُ نَحْمِلُهُ عَلَى الدُّخُولِ لِأَن اللَّفْظ فِيهِ حَقِيقَةٌ وَفِيمَا ذَكَرُوهُ مَجَازٌ وَالْحَقِيقَةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْمَجَازِ وَثَالِثُهَا أَنَّ الصَّدَاقَ مَذْكُورٌ مَعَ عَدَمِ شَرْطِيَّتِهِ فِي الْعَقْدِ بِدَلِيلِ التَّفْوِيضِ فَكَذَلِكَ الشَّهَادَةُ قِيَاسًا عَلَيْهِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِأَنَّ الصَّدَاقَ رُكْنٌ دَاخِلٌ فِي الْحَقِيقَةِ وَالْبَيِّنَةُ خَارِجَةٌ عَنْ حَقِيقَةِ الْعَقْدِ وَرَابِعُهَا يُحْمَلُ النَّفْيُ عَلَى الْكَمَالِ وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَيُؤَيِّدُهُ ذِكْرُ الصَّدَاقِ وَهُوَ مُعْتَبَرٌ فِي الْكَمَالِ تَفْرِيعٌ فِي الْكِتَابِ مَنْ عَقَدَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ غَيْرَ مُسِرٍّ أَشْهَدَ الْآنَ وَجَازَ وَلَا يَتَزَوَّجُ الرَّقِيقُ إِلَّا بِالْبَيِّنَةِ وَالصَّدَاقِ وَإِنْ أَشْهَدَ الْأَبُ وَأَجْنَبِيٌّ عَلَى إِذْنِ

الثَّيِّبِ فِي الْعَقْدِ وَأَنْكَرَتْ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ الْأَبَ شَهِدَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَإِنْ وُجِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ فِي بَيْتٍ فَشَهِدَ أَبُوهَا وَأَخُوهَا بعقدها لم يجز نِكَاحه ويعاقبان وَإِنْ نَكَحَ مُسْلِمٌ ذِمِّيَّةً بِشَهَادَةِ ذِمِّيَّيْنِ لَمْ يَجُزْ فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ أَشْهَدَ الْآنَ مُسْلِمَيْنِ وَلَزِمَ النِّكَاحُ تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ يَقْتَضِي أَنَّ تَحَمُّلَ الشَّهَادَةِ فِي النِّكَاحِ يُشْتَرَطُ فِيهِ شُرُوطُ الْأَدَاءِ مِنَ الْإِسْلَامِ وَغَيْرِهِ وَقَالَهُ ش وَاكْتَفَى بِمَنْ ظَاهِرُهُ الْعَدَالَةُ وَوَافَقَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ غَيْرَ أَنَّهُ جَوَّزَ أَنْ يَكُونَا عَبْدَيْنِ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْعَبِيدِ عِنْدَهُ تُقْبَلُ وَسَوَّى ح بَيْنَ تَحَمُّلِ شَهَادَةِ النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ فَجَوَّزَ شَهَادَةَ الْفَاسِقَيْنَ لِأَنَّهُمَا قد يكونَانِ عدلي عقد الْأَدَاءِ لَنَا أَنَّ الْمَطْلُوبَ فِي الْحَالِ دَفْعُ مفْسدَة التُّهْمَة بالزنى والتغرير عَلَى الْخَلْوَةِ الْمُحَرَّمَةِ وَإِثْبَاتُ نَسَبِ الْوَلَدِ وَذَلِكَ إِنَّمَا يحصل بأهلية الْأَدَاء فتشترط الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي إِظْهَارِهِ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَعْلِنُوا النِّكَاحَ وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالْغِرْبَالِ وَيُرْوَى بِالدُّفُوفِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ الغربال الدُّف المدور وَقَالَ غَيْرُهُ هُوَ الْمَغْشِيُّ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَالَ مَالِكٌ لَا يُسْتَحْسَنُ الْمِزْهَرُ الْمُرَبَّعُ وَلَا بَأْسَ بِالدُّفِّ وَالْكَبَرِ وَلَا يَجُوزُ الْغِنَاءُ فِي الْعُرْسِ وَلَا غَيْرِهِ إِلَّا كَمَا كَانَ يَقُولُ نسَاء الْأَنْصَار أَو الرجز الْخَفِيف مِنْ غَيْرِ إِكْثَارٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْإِعْلَانُ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ وَأَوْجَبَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ وَنِكَاحُ السِّرِّ حَرَامٌ وَاخْتلف فِيهِ فَقيل مَا أَمر الشُّهُود يكتمانه وَإِنْ كَثُرُوا وَقِيلَ مَا عُقِدَ بِغَيْرِ شَهَادَةٍ وَلَوْ بِامْرَأَةٍ وَعَلَى

الْأَوَّلِ قَالَ ابْنُ الْجَلَّابِ يُعْلَنُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا يُفْسَخُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُفْسَخُ بِطَلْقَةٍ إِلَّا أَنْ يَتَطَاوَلَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَإِذَا لَمْ يُؤْمَرِ الشَّاهِدَانِ بِالْكِتْمَانِ فَهُوَ جَائِزٌ اتِّفَاقًا وَقَالَ الْأَئِمَّةُ لَا يُفْسَخُ نِكَاحُ السِّرِّ لنا نَهْيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ نِكَاحِ السِّرِّ وَالنَّهْيُ يَدُلُّ عَلَى الْفَسَادِ تَفْرِيعٌ فِي الْكِتَابِ مَنِ اسْتَكْتَمَ الْبَيِّنَةَ فِي الْعَقْدِ فَسَدَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَلَوْ دَخَلَا وَلَهَا الْمَهْرُ بِالْبِنَاءِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهَا وَيُعَاقَبُ الزَّوْجَانِ وَالْبَيِّنَةُ قَالَ ابْنُ يُونُس إِذا قَالَ لَهُمُ اكْتُمُوهُ عَنِ امْرَأَتِي الْأُخْرَى أَوْ فِي مَنْزِلِ الْعَقْدِ فَقَطْ أَوْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ أَظْهَرُوهُ فَهُوَ نِكَاحُ السِّرِّ قَالَ أَشْهَبُ إِنْ فعل ذَلِك بعد العقد وَلم يكن نَوَاه عِنْدَ الْعَقْدِ جَازَ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يَفْسُدُ إِذَا أَضْمَرَ ذَلِكَ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ وَنِيَّتُهُ الْفِرَاق الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي لُزُومِهِ وَالْخِيَارُ عِنْدَنَا لَا يُشْرَعُ فِيهِ ابْتِدَاءً بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِأَنَّ حِكْمَةَ الْخِيَارِ اسْتِدْرَاكُ الْمَصْلَحَةِ الْفَائِتَةِ حَالَةَ الْعَقْدِ وَالنِّكَاحُ إِنَّمَا يَقَعُ بَعْدَ الْفَحْصِ وَالْأَصْلُ فِي الْعُقُودِ اللُّزُومُ وَلِأَنَّهُ يُفْضِي إِلَى بَذْلَةِ الْمُخَدِّرَاتِ وَذَوَاتِ الْأَعْيَانِ بَيْنَ الْقَبُولِ وَالرَّدِّ وَلِذَلِكَ أَوْجَبَ

(فرع)

الشَّرْعُ لَهُنَّ نِصْفَ الصَّدَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ جَبْرًا لِكَسْرِ الرَّدِّ وَأَبْطَلَ الْأَئِمَّةُ شَرْطَ الْخِيَارِ وَزَادَ ش إِبْطَالَ النِّكَاحِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا تَزَوَّجَ عَلَى الْخِيَارِ لَهُ أَوْ لِلْوَلِيِّ أَوْ لِلزَّوْجَةِ أَوْ لِجَمِيعِهِمْ فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ لِأَنَّهُمَا لَوْ مَاتَا قَبْلَ الْخِيَارِ لَمْ يَتَوَارَثَا وَيَثْبُتُ بَعْدَ الْبناء بِالْمُسَمّى وَكَذَلِكَ إِذا تَزَوَّجَ عَلَى إَنْ لَمْ يَأْتِ بِالصَّدَاقِ إِلَى أَجَلِ كَذَا فَلَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا وَقَدْ كَانَ يَقُولُ فِيهِمَا يُفْسَخُ بَعْدَ الْبِنَاءِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا قَالَ إِنْ لَمْ آتِ بِالصَّدَاقِ إِلَى أَجَلِ كَذَا فَأَمْرُكِ بِيَدِكِ لَا يُفْسَخُ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لَازِمٌ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا قَالَ إِذَا مَضَى شَهْرٌ تَزَوَّجْتُكِ وَرَضُوا بِذَلِكَ فَهُوَ بَاطِلٌ لَا يُقَامُ عَلَيْهِ (فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا تَزَوَّجَ عَلَى مُشَاوَرَةِ فُلَانٍ فِي الْمَجْلِسِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ أَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الرِّضَا فِي الْمُشَاوَرَةِ الْبَعِيدَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ على القَوْل بالفسح بَعْدَهُ جَرَى التَّوَارُثُ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الْمِيرَاثِ وَالطَّلَاقِ وَفِيمَا يُفْسَخُ مِنَ الْأَنْكِحَةِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِذَا قَالَ الْمُسْتَشَارُ لَا أَرْضَى وَرَضِيَ الزَّوْجُ ثَبَتَ النِّكَاحُ وَحَكَى التُّونِسِيُّ لُزُومَ قَوْلِ الْمُسْتَشَارِ لِأَنَّهُ الْمُشْتَرط (فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى لِمَالِكٍ فِي النِّكَاحِ الْمَوْقُوفِ قَوْلَانِ وَأَجَازَهُ ح وَمَنَعَهُ ش وَصِفَتُهُ أَن يَتَزَوَّجهَا وَيُوقِفَهُ عَلَى إِجَازَتِهَا وَيَعْلَمَ الزَّوْجُ بِذَلِكَ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ يَصِحُّ أَنْ يُوقَفَ عَلَى إِذْنِ الْوَلِيِّ بَعْدَ رِضَا

(فرع)

الزَّوْجِ دُونَهَا لِأَنَّ الْخِيَارَ فِيهِ لَيْسَ عَامًّا وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ يَصِحُّ مَعَ الْقُرْبِ اسْتِحْسَانًا قَالَ وَالْمَوْقُوفُ طَرَفَاهُ عَلَى الْمَرْأَةِ قَوْلَانِ وَأَحَدُ طَرَفَيْهِ عَلَى الْآخَرِ إِمَّا الزَّوْجُ أَوِ الْوَلِيّ فِي كَرَاهَةِ مَا قَرُبَ مِنْهُ قَوْلَانِ وَهُوَ الصَّحِيحُ اتِّفَاقًا وَفِي بُطْلَانِ مَا بَعْدُ قَوْلَانِ الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي هَزْلِهِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ الْمَشْهُورُ أَنْ هَزْلَ النِّكَاحِ كَجِدِّهِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِمَا فِي التِّرْمِذِيِّ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ثَلَاثٌ هَزْلُهُنَّ جِدٌّ الطَّلَاقُ وَالنِّكَاحُ وَالرَّجْعَةُ وَفِي الْمُوَطَّأِ مَوْقُوفًا على سعيد ابْن الْمُسَيِّبِ وَعِوَضُ الرَّجْعَةِ الْعِتَاقُ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ هَزْلَهُ هَزْلٌ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ وَإِنَّمَا لامرئ مَا نَوَى (فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا خَطَبَ الْمَرْأَةَ فَقَالَ الْوَلِيُّ تَزَوَّجْتِ فَلَانًا وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ أَرَدْتُ الدَّفْعَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ حَلَفَ فُلَانٌ ثَبَتَ نِكَاحُهُ إِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى إِقْرَارِهِ وَأَمَّا بِقَوْلِ الْأَبِ الْخَاطِبِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَبِ مَعَ يَمِينِهِ وَقَالَ أَصْبَغُ النِّكَاحُ لِفُلَانٍ طَلَبٌ بِنِكَاحٍ سَابِقٍ أَوْ بِهَذَا القَوْل لِأَن

النِّكَاحَ لَا لَعِبَ فِيهِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَلْزَمُ بِهَذَا وَلَا بِدَعْوَى مُتَقَدِّمَةٍ قَالَ وَهُوَ أَشْبَهُ الْأَقْوَالِ قَاعِدَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى أَحْكَامٌ فِي الظَّاهِرِ عَلَى يَدِ الْحَاكِمِ لَا تَثْبُتُ فِي الْبَاطِنِ عَلَى أَلْسِنَةِ الْمُفْتِينَ كَالْأَقْضِيَةِ الْمُسْتَنِدَةِ إِلَى الْأَقَارِيرِ وَالْبَيِّنَاتِ الْكَاذِبَةِ وَكُلُّ حُكْمٍ فِي الْبَاطِنِ فَهُوَ حُكْمُ اللَّهِ تَعَالَى فِي الظَّاهِرِ إِذَا ثَبَتَ وَقَدْ يَثْبُتُ فِي الْقَضَاءِ مَا لَا يَثْبُتُ فِي الْفَتْوَى فَمَعْنَى قَوْلِ الْعُلَمَاءِ هَزْلُ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ جَدٌّ لَيْسَ مَعْنَاهُ مَا دَلَّتِ الْقَرَائِنُ فِيهِ عَلَى اللَّعِبِ بَلِ الْمُسْتَعْمِلُ لِلَّفْظِ لَهُ ثَلَاثُ حَالَاتٍ تَارَةً يَسْتَعْمِلُهُ فِيمَا وُضِعَ لَهُ فَهَذَا يَلْزَمُ فِي الْقَضَاءِ وَالْفَتْوَى وَتَارَةً يَسْتَعْمِلُهُ فِي غَيْرِ مَا وُضِعَ لَهُ مَجَازًا فَهَذَا لَا يَلْزَمُ فِي الْفَتْوَى وَيَلْزَمُ فِي الْقَضَاءِ إِلَّا أَنْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى إِرَادَتِهِ الْمَجَازَ وَتَارَةً يُطْلِقُ اللَّفْظَ وَلَا يَسْتَعْمِلُهُ فِي شَيْءٍ فَهَذَا هُوَ الْهَزْلُ لَا يَلْزَمُ فِي الْفَتْوَى عَلَى الْمَشْهُورِ وَإِنْ دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى ذَلِكَ فِي الْقَضَاءِ لَا يَلْزَمْ وَإِلَّا لَزِمَ بِنَاءً عَلَى الظَّاهِرِ فَتَأَمَّلْ هَذَا الْمَكَانَ فَتَحْقِيقُهُ عَزِيزٌ وَإِنَّمَا جَعَلَ الشَّرْعُ الْهَزْلَ فِي هَذَا الْبَابِ كَالْجَدِّ احْتِيَاطًا لَهُ لِشَرَفِهِ وَعَظِيمِ مَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي تَوْقِيتِهِ وَهُوَ نِكَاحُ الْمُتْعَةِ وَهِيَ بَاطِلَةٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ نَهَى عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ يَوْمَ خَيْبَرَ وَعَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا تَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ وَنِيَّتُهُ فِرَاقُهَا بَعْدَ لَذَّةٍ لَا بَأْسَ بِهِ عِنْدَ مَالِكٍ وَالْأَئِمَّةِ وَكَذَلِكَ إِذَا نَوَى طَلَاقَهَا عِنْدَ سَفَرِهِ مِنْ بَلَدِ الْغُرْبَةِ فَلَوْ عَلِمَتِ الْمَرْأَةُ بِذَلِكَ فَهُوَ مُتْعَةٌ مُحَرَّمَةٌ وَأَمَّا النَّهَارِيَّةُ وَهِيَ الَّتِي تَتَزَوَّجُ عَلَى أَنْ لَا يَأْتِيَهَا إِلَّا نَهَارًا قَالَ ابْنُ

دِينَارٍ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ لِأَنَّ فَسَادَهُ فِي الْعَقْدِ وَالَّذِي يَأْتِي عَلَى الْمُدَوَّنَةِ الْفَسْخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ وَيَأْتِيهَا لَيْلًا وَنَهَارًا وَقَالَهُ أَصْبَغُ وَهَلْ يَجِبُ بَعْدَ الْبِنَاءِ الْمُسَمَّى أَوْ صَدَاقِ الْمِثْلِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ لِتَأْثِيرِ الشَّرْطِ فِي الصَدَاق الْفَصْلُ السَّابِعُ فِيمَا يَقْتَرِنُ بِهِ مِنَ الشُّرُوطِ وَفِي الْجَوَاهِر الشُّرُوط ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ كَالْإِنْفَاقِ وَالْوَطْءِ فَلَا يُؤَثِّرُ ذِكْرُهُ الْقِسْمُ الثَّانِي مَا يناقص الْعَقْدَ كَعَدَمِ الْقِسْمَةِ وَنَحْوِهِ فَيَمْتَنِعُ وَيُفْسَخُ النِّكَاحُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَفِي فَسْخِهِ بَعْدَهُ خِلَافٌ الْقِسْمُ الثَّالِثُ مَا لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْعَقْدِ كَشَرْطِ عَدَمِ إِخْرَاجِهَا مِنْ بَلَدِهَا وَهُوَ مَكْرُوهٌ لِمَا فِيهِ مِنْ أَسْبَابِ الْخُصُومَاتِ قَالَ مَالِكٌ وَلَا يَلْزَمُ مِنَ الشُّرُوطِ إِلَّا مَا فِيهِ تَمْلِيكٌ أَوْ عِتْقٌ فَإِذَا شَرَطَ وَلَمْ يُعَلِّقْهُ بِيَمِينٍ وَلَا تَمْلِيكٍ وَلَا وَضَعَتْ عَنْهُ مِنْ صَدَاقِهَا لِأَجْلِهِ فَلَهُ مُخَالَفَتُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الشَّرْطُ اللَّازِمُ يَعُودُ بَعْدَ الطَّلَاقِ إِذَا بَقِيَ مِنَ الْمِلْكِ الْأَوَّلِ شَيْءٌ وَقَالَ ش إِنَّمَا تُقْدَحُ الشُّرُوطُ إِذَا كَانَتْ مُنَافِيَةً لِمَقْصُودِ الْعَقْدِ إِنْ ذُكِرَتْ مَعَهُ وَإِنْ ذُكِرَتْ قَبْلَهُ وَسُكِتَ عَنْهَا مَعَهُ فَلَا وَإِذَا سَقَطَتِ الشُّرُوطُ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَقَالَ ح تَبْطُلُ الشُّرُوطُ كُلُّهَا وَيَصِحُّ النِّكَاحُ وَيَكْمُلُ لَهَا الْمَهْرُ إِن لَمْ يَفِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِكُلِّ شَرْطٍ فِيهِ فَائِدَة

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا جَعَلَ أَمْرَ كُلِّ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا بِيَدِهَا فَتَزَوَّجَ وَأَقَامَتْ مُدَّةً لَا تَقْضِي بِشَيْءٍ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ إِنْ مَضَى شَهْرٌ وَنَحْوُهُ سَقَطَ مَا كَانَ بِيَدِهَا إِلَّا أَنْ تُشْهِدَ أَنَّ ذَلِكَ بِيَدِهَا لِتَنْظُرَ فِيهِ قَالَ ابْن الْقَاسِم وَذَلِكَ بِيَدِهَا مَا لم يدْخل أَو يطلّ قَبْلَ الْبِنَاءِ قَالَهُ مَالِكٌ وَذَلِكَ بِيَدِهَا مَا لم تدخل قَالَه مَالك (فَرْعٌ) قَالَ إِنِ اشْتَرَطَتْ فِي الْعَقْدِ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ فَطَلَّقَ وَاحِدَةً فَقَالَتْ أَرَدْتُ ثَلَاثًا قَالَ ملك طُلِّقَتْ ثَلَاثًا لِأَنَّ لَفْظَ الْيَمِينِ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ تَمْلِيكًا بِخِلَافِ إِذَا تَطَوَّعَ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ وَقِيلَ ذَلِكَ سَوَاءٌ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا زَوَّجَ أَمَتَهُ عَلَى أَنَّ أَوَّلَ وَلَدٍ تَلِدُهُ حُرٌّ فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ أَبَدًا لِمُنَاقَضَتِهِ الْعَقْدَ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا لَمْ يُعْثَرْ عَلَيْهِ حَتَّى وَلَدَتْ لَا يُفْسَخُ لِذَهَابِ الشَّرْطِ وَأَمَّا إِذَا شَرَطَ كُلُّ وَلَدٍ حُرٍّ فُسِخَ أَبَدًا اتِّفَاقًا فَإِنْ بَاعَهَا السَّيِّدُ أَوْ أَصْدَقَهَا قَبْلَ أَنْ تَحْمِلَ بَطَلَ الشَّرْطُ وَرَقَّ الْوَلَدُ وَفُسِخَ النِّكَاحُ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا إِذَا حَمَلَتْ إِلَّا أَنْ يُرْهِقَهُ دَيْنٌ فَتُبَاعَ فِيهِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا تُبَاعُ فِيهِ حِفْظًا لِلْعِتْقِ وَإِنْ مَاتَ السَّيِّد

(فرع)

قَبْلَ وَضْعِهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِلْوَرَثَةِ قِسْمَتُهُ وَيَبْطُلُ الْعِتْقُ وَمَنَعَ أَصْبَغُ إِلَّا أَنْ يَطُولَ الْأَمْرُ وَيُخَافَ عَلَى الْمِيرَاثِ التَّلَفُ إِذَا حُمِلَ ثُلُثُ الْأَمَةِ لِأَنَّ الْعِتْقَ مَنَعَهُ وَإِلَّا بِيعَتْ وَقُسِّمَتْ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا قَالَ عِنْدَ الْعَقْدِ رَضِيتُ بِالشُّرُوطِ وَلَا أَلْتَزِمُهَا إِلَّا بَعْدَ الْبِنَاءِ فَبَنَى بِخِلَافِهَا فَأَنْكَرَتْ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ فَقَالَ إِنِّي قُلْتُ لَا أَلْتَزِمُهَا إِلَّا بَعْدَ الْبِنَاءِ فَقَالَتْ مَا بَيَّنَ لِي هَذَا لَا يَلْزَمُهَا النِّكَاحُ وَإِنِ الْتَزَمَ الشُّرُوطَ الْآنَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْمَجْلِسِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ وَإِنْ رَضِيَتْ بِسُقُوطِ الشُّرُوطِ لَا يَنْفَعُ بَعْدَ الطُّولِ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي اشْتِرَاطِ رِضَا الْمَرْأَةِ فِي الْقُرْبِ قَالَ وَالْأَظْهَر هَا هُنَا الْبُطْلَانُ مُطْلَقًا لِعِلْمِ الزَّوْجِ وَالْوَلِيِّ بِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَهَا الْخِيَارُ إِذَا اطَّلَعَتْ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا اشْتَرَطَتْ إِنْ تَسَرَّى عَلَيْهَا فَهِيَ حُرَّةٌ وَلَهُ أُمُّ الْوَلَدِ إِنْ لَمْ تَعْلَمْ بِهَا عَتَقَتْ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ أَنْ لَا يُشَارِكَهَا غَيْرُهَا وَإِنْ شَرَطَتْ أَنَّ السِّرِّيَّةَ صَدَقَةٌ عَلَيْهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الشَّرْطُ بَاطِلٌ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ لَا يُقْضَى بِهَا وَلَوْ كَانَتْ لِمُعَيَّنٍ وَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ لِتَأْثِيرِ الشَّرْطِ فِي الصَّدَاقِ وَابْنُ دِينَارٍ يلْزمه الشَّرْط

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ إِذَا زَوَّجَ أَمَتَهُ بِشَرْطِ إِنْ رَأَى مَا يَكْرَهُ فَأَمْرُهَا بِيَدِهِ إِنْ أَرَادَ مَا هُوَ ضَرَرٌ صَحَّ الْعَقْدُ وَالشَّرْطُ وَالتَّمْلِيكُ أَوْ مَا يَكْرَهُهُ هُوَ بِاخْتِيَارِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ضَرَرًا عِنْدَ النَّاسِ فَأَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ يُكْرَهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنْ وَقَعَ جَازَ وَلَزِمَ التَّمْلِيكُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّ أَوْلَى الشُّرُوطِ أَنْ يُوفى بِهَا مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ وَالْكَرَاهَةُ لِأَصْبَغَ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَصِحُّ الْعَقْدُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ لِمُعَارَضَتِهِ لِلْعَقْدِ وَالرَّابِعُ إِنْ دَخَلَ بِهَا سَقَطَ الشَّرْطُ وَالْأَخِيرُ الْمَشْرُوطُ فَإِنْ تَرَكَهُ وَإِلَّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَكَذَلِكَ الْخِلَافُ إِذَا قَالَتِ الْمَرْأَةُ إِنْ رَأَيْتُ مَا أَكْرَهُ إِلَّا الْجَوَازَ ابْتِدَاءً دُونَ كَرَاهَةٍ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا اشْتَرَطَتْ عَلَيْهِ النَّفَقَةَ عَلَى ابْنِهَا الصَّغِيرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَبْطُلُ الشَّرْطُ وَتُعْطَى صَدَاقَ الْمِثْلِ لِمَا وَضَعَتْهُ لِأَجْلِ الشَّرْطِ وَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ لِلْجَهْلِ بِالنَّفَقَةِ فَلَعَلَّهُ لَا يَعِيشُ قَالَ وَعَلَى قَوْلِهِ لَوْ ضَرَبَ أَجَلًا صَحَّ وَلَهُ الرُّجُوعُ بِنَفَقَتِهِ عَلَى الْمَرْأَةِ إِلَى حِينِ الْفَسْخِ أَوْ تَصْحِيحِهِ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يَصِحُّ إِذَا طَرَحَتِ الشَّرْطَ وَالْمَشْهُورُ خِلَافُهُ

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ وَإِذَا قَالَ إِنْ أَخْرَجْتُكِ مِنْ بَلَدِكِ فَأَمْرُكِ بِيَدِكِ ثُمَّ أَرَادَ ذَلِكَ فَقَالَتْ رَدَدْتُ عَلَيْكَ أَمْرَكَ وَأَسْقَطْتُ الشَّرْطَ قَالَ مَالِكٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا يُقْضَى بَعْدَ ذَلِكَ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهَا أَسْقَطَتْهُ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا قَالَ لَهُ طَلِّقِ الْأَمَةَ وَلَكَ عَلَيَّ مِائَةٌ صَدَاقُ حُرَّةٍ إِنْ أَرَدْتَ الزَّوَاجَ فَفَعَلَ ثُمَّ طَالَتِ الْمُدَّةُ فَعَتَقَتْ وَرَدَّهَا وَقَدْ مَاتَ الْقَائِلُ قَالَ مَالِكٌ إِنْ تَقَادَمَ الْأَمْرُ فَلَا حَقَّ لَهُ فِي مَالِهِ وَإِلَّا وَجَبَ لِأَنَّهُ لَيْسَ هِبَةً تَبْطُلُ بِالْمَوْتِ بَلْ بِحَقِّ الطَّلَاقِ وَتَحَاصَصَ بِهِ الْغُرَمَاءُ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ هِيَ هِبَةٌ تَبْطُلُ بِالْمَوْتِ وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا إِذَا أَعْطَاهُ دَارًا لَهُ عَلَى أَنْ يُسْلِمَ هَلْ ذَلِكَ لِإِسْلَامِهِ أَمْ لَا قَالَ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ لَهُ الْحَقَّ تَقَادَمَ أَمْ لَا وَفَاءً بِالشَّرْطِ أَمَّا لَوْ قَالَ إِنْ فَعَلْتَ لِي كَذَا زَوَّجْتُكَ مُنِعَ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ جُعْلٌ لَا يَلْزَمُ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا تَزَوَّجَهَا وَبَنَى بِهَا وَمَعَهَا ابْنَةٌ صَغِيرَةٌ عَالِمًا بِهَا لَيْسَ لَهُ إِخْرَاجُهَا وَإِنْ كَانَ لَهَا وَلِيٌّ يَحْضُنُهَا لِأَنَّ عِلْمَهُ رِضًا بِهَا وَإِنْ لَمْ يكن لَهُ وَلِيٌّ يَحْضُنُهَا سَوَاءٌ عَلِمَ أَمْ لَا وَيُخَيَّرُ بَيْنَ الْإِقَامَةِ وَالطَّلَاقِ قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ عَلِمَ بِهَا وَلَهَا وَلِيٌّ فَلَهُ إِخْرَاجُهَا لِأَنَّ السُّكُوتَ رِضًا

(فرع)

بِالْحَالَةِ الْحَاضِرَةِ دُونَ الْمُسْتَقْبَلَةِ قَالَ مَالِكٌ وَلَا يُمْنَعُ أَخُو الْمَرْأَةِ مِنْ زِيَارَتِهَا إِلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ إِفْسَادُهُ لَهَا فَيُمْنَعَ بَعْضَ الْمَنْعِ لِأَنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ وَاجِبَةٌ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا تَزَوَّجَ أَمَةً عَلَى أَنَّهُ إِنْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَأَمْرُهَا بِيَدِ مَوَالِيهَا فَهَلَكَ مَوْلَاهَا فَبِيَدِ وَرَثَتِهِ أَوْ وَصِيِّهِ دُونَهَا لِأَنَّ الْحَقَّ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَوْ جَعَلَهُ بِيَدِ غَيْرِ مَوَالِيهَا انْتَقَلَ لَهَا لِأَنَّهُ يَوْمَئِذٍ حَقٌّ لَهَا فَإِنْ كَانَتْ حُرَّةً وَجَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِ أَبِيهَا إِنْ تَزَوَّجَ فَتَزَوَّجَ فَأَرَادَ الْأَبُ الْفِرَاقَ وَكَرِهَتْهُ الْبِنْتُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَنْظُرُ السُّلْطَانُ فِي ذَلِكَ وَيَتَّبِعُ الْمَصْلَحَةَ وَقَالَ مَالِكٌ الْقَوْلُ قَوْلُهَا (فَرْعٌ) قَالَ إِنْ شرطت عَلَيْهِ يَوْمَ يَدْخُلُ عَلَيْهَا فَأَمْرُ امْرَأَتِهُ بِيَدِهَا أَوْ هِيَ طَالِقٌ وَدَخَلَ بِهَا وَهِيَ بَائِنٌ ثُمَّ صَالَحَهَا لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا الْتَزَمَ ذَلِكَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَقَدْ تَعَذَّرَ شَرْعًا بِالْبَيْنُونَةِ قَالَ قَوْلَهُ هَذَا بِنَاءً عَلَى مُرَاعَاةِ اللَّفْظِ وَأَمَّا مُرَاعَاةُ الْمَعْنَى فَيَلْزَمُهُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ عَدَمُ الِاجْتِمَاعِ مَعَهَا (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا شَرَطَ إِنْ كَانَ حُرًّا ثَبَتَ النِّكَاحُ وَإِلَّا فَلَا يُوقَفُ عَنْهَا دَخَلَ أَمْ لَا وَيُعْمَلُ بِمُقْتَضَى الشَّرْطِ فَإِنْ عَتَقَ بَعْدَ الِاشْتِرَاطِ وَقَبْلَ الْعِلْمِ فُسِخَ النِّكَاحُ لِانْتِفَاءِ الشَّرْطِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَلَهَا الصَّدَاقُ بِالْبِنَاءِ وَلَيْسَ هَذَا اخْتِيَارا فِي العقد بل اخْتِيَار لحَال الزَّوْج

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ إِذَا اشْتَرَطَ أَمْرُ الَّتِي يَتَزَوَّجُهَا بِيَدِهَا فَحَنِثَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَتَزَوَّجُ عَلَيْهَا أَبَدًا فَإِنْ تَزَوَّجَ فُسِخَ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ النِّكَاحِ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ كُلُّ مَا اشْتَرَطَهُ الْأَبُ عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ مِنَ الطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ لَازِمٌ لَهُ عِنْدَ الْكِبَرِ لِأَنَّ الشَّرْعَ أَقَامَ الْأَبَ مُقَامَ الِابْنِ فِي التَّصَرُّفِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَلْزَمُهُ إِلَّا أَنْ يعلم بهَا فَيَدْخُلَ عَلَيْهَا فَإِنَّ لِلْأَبِ مَنْدُوحَةً عَنِ الشَّرْطِ فَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهَا عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْعُقُودِ فَإِنِ اخْتَلَفَ هُوَ وَأَهْلُ الْمَرْأَةِ هَلْ شَرَطَ ذَلِكَ حَالَةَ الْكِبَرِ أَوِ الصِّغَرِ وَلَمْ يَأْتِ بِبَيِّنَةٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ الْيَمِينِ لِأَنَّهُ مُدَّعِي الْإِسْقَاطِ وَالَّذِي يَحْلِفُ مِنْ أَهْلِهَا الْأَبُ وَالْوَصِيُّ دُونَ غَيْرِهِمَا فَإِنْ نَكَلَا حَلَفَ الزَّوْجُ وَكَانَ ذَلِكَ كَالْبَيِّنَةِ وَلَوْ لَمْ يَدَّعِيَا ذَلِكَ وَقَالَا لَا عِلْمَ لَنَا حَلَفَتِ الْمَرْأَةُ كَمَا تَحْلِفُ فِي الْإِنْفَاقِ فَإِنِ امْتَنَعَ بَعْدَ الْبُلُوغِ مِنَ الِالْتِزَامِ لَمْ يَلْزَمْهُ النِّكَاحُ وَلَا شَيْءَ مِنَ الصَّدَاقِ إِلَّا أَنْ تَرْضَى الْمَرْأَةُ بِإِسْقَاطِ الشُّرُوطِ فَإِن دَخَلَ بِهَا قَبْلَ الْبُلُوغِ أَوْ قَبْلَ الْعِلْمِ سَقَطَتْ عَنْهُ لِلْفَوَاتِ بِالدُّخُولِ وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ إِنْ لَمْ تَرْضَ قَبْلَ الْبِنَاءِ قِيلَ لَهُ إِمَّا أَنْ تَرْضَى وَإِمَّا أَنْ تُطَلِّقَ فَإِنْ طَلَّقَ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ فَإِنْ شَرَطَ الْأَبُ أَوِ الْوَصِيُّ لِلصَّغِيرَةِ أَنَّ أَمْرَ نَفْسِهَا بِيَدِهَا فَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا وَهِيَ صَغِيرَةٌ إِنْ عَرَفَتِ الطَّلَاقَ فَالْخِيَار لَهَا فِي ذَلِك وَإِلَّا انْتظر تعلقهَا فَإِنِ اشْتَرَطَا أَنَّ أَمْرَ الَّتِي يَتَزَوَّجُهَا بِيَدِهَا فَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا وَهِيَ صَغِيرَةٌ لَا

(فرع)

تَعْقِلُ فُسِخَ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِهِ لِتَعْلِيقِهِ عَلَى اخْتِيَارِ مَنْ لَمْ يُعْلَمْ حَالُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَإِنْ كَانَتْ تَعْقِلُ فَلَهَا الْخِيَارُ (فَرْعٌ) قَالَ فَلَوْ شَرَطَ أَبُو النَّصْرَانِيَّةِ إِنْ أَسْلَمَ زَوْجُهَا فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا أَوْ بِيَدِي فَأَسْلَمَ سَقَطَ الشَّرْطُ لِأَنَّ شُرُوطَ الْكُفْرِ لَا تَلْزَمُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ كَانَتْ مِمَّا يَلْزَمُ الْمُسْلِمِينَ أَمْ لَا كَالطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ الْفَصْلُ الثَّامِنُ فِي الْعَقْدِ عَلَى جَمَاعَةٍ دُفْعَةً وَفِي الْكِتَابِ يَجُوزُ جَمْعُ النِّسَاءِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ إِنْ سَمَّى لِكُلِّ وَاحِدَةٍ صَدَاقَهَا وَإِلَّا فَلَا قَالَ اللَّخْمِيُّ وَجَوَّزَهُ أَصْبَغُ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ قَالَ وَهُوَ أَحْسَنُ لِأَنَّ النِّكَاحَ مُكَارَمَةٌ فَلَا عِبْرَةَ بِالْجَهْلِ بِحِصَّةِ الصَّدَاقِ فَإِنْ قَالَ لَا أَتَزَوَّجُ هَذِهِ إِلَّا بِشَرْطِ أَنْ تُزَوِّجَنِي الْأُخْرَى بِمِائَةٍ فَإِنْ كَانَ صَدَاقُ الْمِثْلِ فِيهِمَا عَلَى انْفِرَادٍ جَازِ فَإِنْ أَصْدَقَهَا سِتِّينَ عَلَى أَنْ تَكُونَ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ وَصَدَاقُ مِثْلِ إِحْدَاهُمَا أَرْبَعُونَ وَالْأُخْرَى عِشْرُونَ يُطَلِّقُ قَلِيلَةَ الصَّدَاقِ قَبْلَ الدُّخُول يرجع عَلَيْهَا بِعَشَرَةٍ وَيَبْقَى بِيَدِهَا عِشْرُونَ عَشَرَةٌ مِنْهَا لِصَاحِبَتِهَا وَإِنْ طَلَّقَ الْأُخْرَى أُخِذَ مِنْهَا خَمْسَةَ عَشَرَ وَمِنْ صَاحِبَتِهَا تَمَامُ الْعِشْرِينَ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ إِذَا تزَوجهَا فِي عَقْدٍ وَلَمْ يُسَمِّ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ صَدَاقَهَا وَفَاتَ قُسِّمَ الْمُسَمَّى بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ صَدَاقِ مثلهَا وَلَا يَلْحَقُ بِالْغَرَرِ فَيَبْطُلَ أَوْ يَتَعَيَّنُ صَدَاقُ الْمِثْلِ كَجَمْعِ السِّلْعَتَيْنِ فِي الْبَيْعِ إِذَا فَاتَا قُسِّمَ الْمُسَمَّى وَقَالَ غَيْرُهُ إِذَا طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ مَاتَ لَا شَيْءَ لَهُمَا لِلْجَهَالَةِ والأمتان

كَالْحُرَّتَيْنِ وَلَا يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ لِاتِّحَادِ الْمِلْكِ وَجَوَّزَهُ الْأَئِمَّةُ ابْتِدَاءً وَإِنْ لَمْ يُسَمّ كَالسِّلْعَتَيْنِ الْفَصْلُ التَّاسِعُ فِي تَدَاعِيهِ وَلَا يَثْبُتُ عِنْدَنَا إِلَّا بِشَهَادَة رجلَيْنِ وَعند ش وح بِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ لَنَا أَنَّهُ مِنْ أَحْكَامِ الْأَبْدَانِ فَلَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا ادَّعَى الرَّجُلُ الْعَقْدَ عَلَى الْمَرْأَةِ وَأَنْكَرَتْهُ وَادَّعَتْ أَنَّهُ غَلَبَهَا فَلَا يَمِينَ عَلَى الْمُنْكِرِ لِأَنَّهُ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ وَإِنِ ادَّعَاهَا رجلَانِ وَأَقَامَا ببينتين وَلَمْ يَعْلَمِ الْأَوَّلُ فُسِخَ عَقْدُهُمَا بِطَلْقَةٍ لِتَحِلَّ يَقِينا وافقتهما أَو أَحدهمَا أم لَا ول يُقْضَى بِأَعْدَلِ الْبَيِّنَتَيْنِ بِخِلَافِ الْبُيُوعِ احْتِيَاطًا لِأَحْكَامِ الْأَبْدَانِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ فِي الْقَضَاءِ بِأَعْدَلِ الْبَيْتَيْنِ أَقْوَالٌ ثَالِثُهَا التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْبِيَاعَاتِ وَالنِّكَاحَاتِ وَقِيلَ ل يفْسخ بِطَلَاق بل يتَوَقَّف فَإِنْ تَمَادَى الْفِرَاقُ لَزِمَتْ طَلْقَةٌ فَإِنْ تَزَوَّجَهَا فَلَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا أَقَرَّتْ لِأَحَدِهِمَا فَهِيَ لَهُ لِتَرَجُّحِهِ وَإِنَّمَا يَصِحُّ الْقَضَاءُ بِأَعْدَلِهِمَا كَمَا قَالَهُ سَحْنُونٌ إِذَا اتَّحَدَ الْمَجْلِسُ وَاللَّفْظُ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا أَتَى أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ بِشَاهِدٍ فَفِي تَعَلُّقِ الْيَمِينِ بِالْآخَرِ خِلَافٌ ثُمَّ إِنْ نَكَلَ لَمْ يَثْبُتِ النِّكَاحُ وَلَا يُحْبَسْ وَيُغَرَّمُ الصَّدَاقَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَنْتَظِرُ إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَ بَيِّنَةً قَرِيبَةً وَيُرَى لِدَعْوَاهُ وَجْهٌ فَإِنْ عَجَزَ ثُمَّ جَاءَ بِهَا وَقَدْ نُكِحَتْ أَوْ لَمْ تُنْكَحْ فَقَدْ مَضَى الْحُكْمُ وَمَنِ ادَّعَى زَوَاجَ امْرَأَةِ رَجُلٍ قَبْلَهُ وَأَتَى بِشَاهِدٍ فَلْيَعْزِلْ عَنْهَا حَتَّى يُكْمِلَ الْبَيِّنَةَ إِنِ ادَّعَى أَمْرًا قَرِيبًا فَإِنْ لَمْ يُكْمِلْ لَا يَحْلِفْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا قَالَ أَشْهَبُ إِذَا أَقَامَ بَيِّنَةً وَأَقَامَتْ بَيِّنَةً أَنَّ فَلَانَا زَوْجُهَا وَفُلَانٌ مُنْكِرٌ وَجُهِلَ التَّارِيخُ يُفْسَخُ النِّكَاحَانِ مَا لَمْ يَقَعِ الدُّخُولُ لِأَحَدِهِمَا فَهِيَ لَهُ وَيُقِيمُ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ الْأَوَّلُ قَالَ أَشْهَبُ وَإِذَا أَقَامَ بَيِّنَة هِيَ تُنْكِرُ وَأَقَامَتْ أُخْتُهَا بَيِّنَةً أَنَّهُ زَوْجُهَا وَهُوَ مُنْكِرٌ وَجُهِلَ التَّارِيخُ فُسِخَ النِّكَاحَانِ

(فرع)

قَالَ مُحَمَّدٌ لِإِنْكَارِهِ نِكَاحَ الْأُخْرَى فَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهَا الْأَخِيرَةُ لِقُبِلَ قَوْلُهُ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ لَا تُكَذِّبُهُ وَلَا يَنْفَعُهُ جَحُودُ مُدَّعِيَةِ السَّبْقِ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ أَثْبَتَتْ نِكَاحَهَا (فَرْعٌ) قَالَ مَالِكٌ تُكْشَفُ الْبِكْرُ لِلشُّهُودِ عَلَى رُؤْيَتِهَا عِنْدَ الْعَقْدِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَعَلَى قَوْلِهَا إِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا أَوْ صَمْتِهَا إِنْ كَانَتْ بِكْرًا وَإِذَا ادَّعَتِ النِّكَاحَ على ميت وأقامت شَاهد وَاحِدًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تَحْلِفُ وَتَرِثُ لِأَنَّ الْمِيرَاثَ مَالٌ وَمَنَعَهُ أَشْهَبُ حَتَّى يَثْبُتَ النِّكَاحُ لِأَنَّهُ فَرعه وَلَو أقرّ فِي صِحَّته بِامْرَأَةٍ ثُمَّ مَاتَ وَرِثَتْهُ بِإِقْرَارِهِ إِنْ كَانَ طارئا وَإِلَّا فخلاف إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهَا وَلَدٌ أَقَرَّ بِهِ فَيلْحق بِهِ ويرثه وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ بِوَارِثٍ غَيْرِ الزَّوْجَةِ لَجَرَى الْخِلَافُ وَإِقْرَارُ أَبِي الصَّبِيِّ أَوِ الصَّبِيَّةِ مَقْبُولٌ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُمَا إقيما مقامهما وَإِقْرَارُ الْمُحْتَضَرِ بِامْرَأَةٍ سَمَّاهَا بِمَكَّةَ مَقْبُولٌ وَكَذَلِكَ الْمُحْتَضَرَةُ وَإِذَا قَالَ لِامْرَأَةٍ أَلَمْ أَتَزَوَّجْكِ أَمْسِ فَقَالَت بلَى ثمَّ حجد فَاسْتِفْهَامُهُ إِقْرَارٌ وَلَوْ قَالَ تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْكَرَتْ ثُمَّ قَالَتْ بَلَى تَزَوَّجْتَنِي فَقَالَ مَا تَزَوَّجْتُكِ فَلَا يَلْزَمُهُ النِّكَاحُ بِهَذَا وَقَوْلُهَا خَالِعْنِي أَوْ طَلِّقْنِي وَقَوْلُهُ اخْتَلَعَتْ مِنِّي إِقْرَارٌ مِنْهُمَا وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ اخْتَارِي أَوْ أَمْرُكِ بِيَدِكِ فِي الطَّلَاقِ قَالَهُ ابْنُ سَحْنُونٍ وَكَذَلِكَ أَنَا مِنْكِ مُظَاهِرٌ بِخِلَافِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَإِنَّ الْأَجْنَبِيَّةَ كَذَلِكَ (فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ عَلَى إِقْرَارِهِ بِالزَّوْجِيَّةِ فِي حَيَاتِهِ وَصِحَّتِهِ وَالصَّدَاقُ كَذَا ثَبَتَ ذَلِكَ إِنْ كَانَت فِي

(فرع)

عِيَالِهِ وَحَوْزِهِ وَإِنْ كَانَتْ مُنْقَطِعَةً عَنْهُ فِي أَهْلِهَا لَمْ يُقْبَلْ إِلَّا أَنْ يُقِيمَهَا عَلَى إِقْرَارِهِ فِي حَيَاتِهِ لِأَنَّ انْقِطَاعَهَا رِيبَةٌ فَإِنْ تَقَارَّا جَمِيعًا وَلَمْ تَكُنْ فِي حَوْزِهِ فَقَالَ ابْن الْقَاسِم يتوارثان إِذا أشهد عَلَى ذَلِكَ وَتَقَادَمَ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا قَالَ فِي مَرَضِهِ لِمَنْ عُرِفَتْ مَمْلُوكَتَهُ أُشْهِدُكُمْ أَنِّي أَعْتَقْتُهَا فِي صِحَّتِي وَتَزَوَّجْتُهَا وَهِيَ الْآنَ طَالِقٌ وَلَا بَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فِي الصِّحَّةِ فَلَا يَثْبُتُ ذَلِكَ وَلَا الْمِيرَاثُ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بَعْدَ الْعِتْقِ وَالْعِتْقَ لَا يَثْبُتُ بِالْإِقْرَارِ فِي الْمَرَضِ وَلَمْ يَقُلْ أَمْضُوا هَذَا الْعِتْقَ فَإِنْ صَحَّ لَزِمَ الْعِتْقُ وَالطَّلَاقُ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي الصَّدَاقِ وَفِي الْإِقْرَارِ بِالْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا مَا تَقَدَّمَ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ إِنْ كَانَ وَرَثَتُهُ وَلَدًا أُعْتِقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ كَلَالَةً لَمْ يُعْتَقْ مُطْلَقًا لِلتُّهْمَةِ وَلِمَالِكٍ أَيْضًا إِنْ كَانَ الْوَارِثُ وَلَدًا فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَإِلَّا فَمِنَ الثُّلُثِ فَيَجْرِي الصَّدَاقُ وَالْمِيرَاثُ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ وَالصَّدَاقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إِذَا أُعْتِقَتْ مِنْهُ أَوْ مِنَ الثُّلُثِ إِنْ أُعْتِقَتْ مِنْهُ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا ادَّعَتِ الثَّلَاثَ وَهِيَ بَائِنَةٌ مِنْهُ ثُمَّ أَكْذَبَتْ نَفْسَهَا لَمْ تُمَكَّنْ مِنْهُ قَبْلَ زَوْجٍ أَوْ هِيَ فِي عِصْمَتِهِ ثُمَّ خَالَعَهَا فَقَالَتْ كَذَبْتُ وَأَرَدْتُ الرَّاحَةَ مِنْهُ صُدِّقَتْ مَا لَمْ تَذْكُرْ ذَلِكَ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ وَإِنْ أَكْذَبَتْ نَفْسَهَا بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَهَا الْمِيرَاثُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقِيلَ لَا مِيرَاثَ لَهَا لِلتُّهْمَةِ وَقَالَ سَحْنُونٌ تُصَدَّقُ فِي الْمِيرَاثِ دُونَ الرَّجْعَةِ فِي الْحَيَاةِ وَفِي تَصْدِيقِهَا مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ حَالَ الْحَيَاةِ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ إِنْ نَكَلَتْ لَمْ تُمْنَعْ مِنَ الرُّجُوعِ إِلَيْهِ قَالَ وَالْقِيَاسُ الْمَنْع كالنكول

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ إِذَا لَمْ تَكُنْ تَحْتَ زَوْجٍ وَهُمَا طَارِئَانِ وَعَجَزَ عَنْ إِثْبَاتِ ذَلِكَ حَلَفَتْ لِأَنَّهَا لَوْ أَقَرَّتْ كَانَتْ زَوْجَةً وَقِيلَ لَا تَحْلِفُ لِأَنَّهَا لَوْ نَكَلَتْ لَمْ يَثْبُتِ النِّكَاحُ قَالَ وَالْقِيَاسُ إِذَا نَكَلَتْ يَحْلِفُ الزَّوْجُ وَيَثْبُتُ النِّكَاح الْقُطْبُ الْخَامِسُ فِي مُقْتَضَاهُ وَهُوَ يُفِيدُ جَوَازَ الْوَطْءِ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ وَالْوَطْءُ عِنْدَ مَالِكٍ وَاجِبٌ عَلَى الرَّجُلِ لِلْمَرْأَةِ فِي الْجُمْلَةِ إِذَا انْتَفَى الْعُذْرُ وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ش لَا يَجِبُ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً لَنَا الِاتِّفَاقُ عَلَى إِلْزَامِهِ فِي الْإِيلَاءِ قَاعِدَةٌ الْعُقُودُ كَالنِّكَاحَاتِ وَالْإِجَارَاتِ تَتَنَاوَلُ جَمِيعَ الْأَزْمَانِ إِلَّا مَا اسْتَثْنَاهُ الْعُرْفُ كَزَمَانِ الْأَغْذِيَةِ وَقَضَاءِ الْحَاجَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ أَوِ اسْتَثْنَاهُ الشَّرْعُ كَأَوْقَاتِ الْعِبَادَاتِ وَزَمَانِ سَمَاعِ الْخُطْبَةِ عَلَى مَنْ تَجِبْ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ وَفِيهِ فَصْلَانِ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِيمَا يُبَاحُ مِنَ الزَّوْجَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ عَقْدُ النِّكَاحِ يُبِيحُ كُلَّ اسْتِمْتَاعٍ إِلَّا الْوَطْءَ فِي الدُّبُرِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَنِسْبَتُهُ إِلَى مَالِكٍ كَذِبٌ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ قُلْتُ لِمَالِكٍ إِنَّهُمْ حَكَوْا عَنْكَ حِلَّهُ فَقَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَلَيْسَ أَنْتُمْ قَوْمًا عَرَبًا قُلْتُ بَلَى قَالَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} الْبَقَرَة 223 وَهَلْ يَكُونُ الْحَرْثُ إِلَّا فِي مَوْضِعِ الزَّرْعِ أَوْ مَوْضِعِ النَّبْتِ وَقَالَ إِسْرَائِيلُ بْنُ رَوْحٍ سَأَلْتُهُ عَنْ إِتْيَانِ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ فَقَالَ مَا أَنْتُمْ قَوْمٌ عَرَبٌ هَلْ يَكُونُ الْحَرْثُ إِلَّا فِي مَوْضِعِ الزَّرْعِ أَلَا تَسْمَعُونَ اللَّهَ يَقُولُ {نِسَاؤُكُمْ

حرث لكم فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} قَاعِدَة وقائمة وعَلى جنبها وَلَا يَتَعَدَّى الْفَرْجَ قُلْتُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إِنَّهُمْ يَنْقُلُونَ عَنْكَ حِلَّهُ فَقَالَ يَكْذِبُونَ عَلَيَّ يَكْذِبُونَ عَلَيَّ يَكْذِبُونَ عَلَيَّ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عِنْدَنَا قَوْمٌ بِمِصْرَ يُحَدِّثُونَ عَنْكَ أَنَّكَ تُجِيزُ الْوَطْءَ فِي الدُّبُرِ فَقَالَ كَذَبُوا عَلَيَّ فَالرِّوَايَاتُ مُتَظَافِرَةٌ عَنْهُ بِتَكْذِيبِهِمْ وَكَذِبِهِمْ عَلَيْهِ وَعُزِيَ إِلَى ش وَنَقَلَ الْمَازِنِيُّ تَكْذِيبَهُ لِذَلِكَ كَمَالِكٍ وَظَاهِرُ الْآيَةِ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ خِلَافَ مَا يَتَوَهَّمُهُ الْمَعْنَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} وَالْمُبْتَدَأُ يَجِبُ انْحِصَارُهُ فِي الْخَبَرِ كَقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَام تَحْرِيمهَا التَّكْبِير وتحليلها التَّسْلِيم وذكاة الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ فَلَا يَحْصُلُ تَحْرِيمٌ بِغَيْرِ تَكْبِيرٍ وَلَا تَحْلِيلٌ بِغَيْرِ سَلَامٍ وَلَا ذَكَاةُ الْجَنِينِ بِغَيْرِ ذَكَاةِ أُمِّهِ وَلَا النَّسْلُ فِي غَيْرِ حَالَةِ الْحَرْثِ الَّذِي هُوَ الْفِعْلُ الْمُفْضِي إِلَى النَّسْلِ وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى رَجُلٍ جَامَعَ امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا وَرُوِيَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِن الله لايستحي مِنَ الْحَقِّ لَا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أَعْجَازِهِنَّ وروى الزمدوني قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ

(فرع)

أَتَى حَائِضًا أَوِ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا أَوْ كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَلِأَنَّ الشَّرْعَ إِنَّمَا حَرَّمَ اللواط والاستمناء لَيْلًا يُسْتَغْنَى بِهِمَا عَنِ الْوَطْءِ الْمُوجِبِ لِلنَّسْلِ الْمُوجِبِ لِبَقَاءِ النَّوْعِ وَالْمُكَاثَرَةِ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بأمته وَهَذَا الْمَعْنى قَائِم هَا هُنَا فَيَحْرُمُ لِانْدِرَاجِهِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} الْأَعْرَاف 157 وَتَلَطُّخُ الْإِنْسَانِ بِالْعَذِرَةِ مِنَ الدُّبُرِ مِنْ أَخْبَثِ الْخَبَائِثِ وَلَا يَمِيلُ إِلَى ذَلِكَ فِي الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ إِلَّا النُّفُوسُ الْخَبِيثَةُ خَسِيسَةُ الطَّبْعِ بَهِيمِيَّةُ الْأَخْلَاقِ وَالنُّفُوسُ الشَّرِيفَةُ بِمَعْزِلٍ عَنْ ذَلِكَ تَفْرِيعٌ فِي الْجَوَاهِرِ الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ كَالْوَطْءِ فِي الْقُبُلِ فِي إِفْسَادِ الْعِبَادَاتِ وَإِيجَابِ الْغسْل من الْجَانِبَيْنِ وَوُجُوب الْكَفَّارَة وَالْحَد وَالْعِدَّةِ وَحُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ دُونَ التَّحْلِيلِ وَالْإِحْصَانِ وَاخْتُلِفَ فِي تَكْمِيلِ الصَّدَاقِ بِهِ (فَرْعٌ) فِي الْبَيَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا بَأْسَ أَنْ يُكَلِّمَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ عِنْدَ الْجِمَاعِ وَيُعَرِّيَهَا وَقَالَ الْقَاسِمُ بن مُحَمَّد وَقد سُئِلَ عَن التخير فَقَالَ إِذَا خَلَوْتُمْ فَاصْنَعُوا مَا شِئْتُمْ وَكَرِهَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَأَجَازَ أَصْبَغُ النَّظَرَ إِلَى الْفَرْجِ عِنْدَ الْوَطْءِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْعَزْلِ فِي الْجَوَاهِرِ لَا يَجُوزُ عَنِ الْحُرَّةِ إِلَّا

الباب الثاني في أسباب الخيار وهي ثلاث)

بِإِذْنِهَا لِأَنَّهُ يخل بِوَطْئِهَا وَلها حق فِي الْوَطْءِ وَكَمَالِهِ وَلَا عَنِ الْأَمَةِ الزَّوْجَةِ إِلَّا بِإِذْنِ أَهْلِهَا دُونَ إِذْنِهَا لِأَنَّ زَوَاجَ الرَّقِيقِ حق للسادات لأجل مَالِيَّة النَّسْل وَيَجُوزُ عَنِ السِّرِّيَّةِ بِغَيْرِ إِذْنِهَا إِجْمَاعًا لِعَدَمِ حَقِّهَا فِي الْوَطْءِ وَأَصْلُهُ مَا فِي الْمُوَطَّأِ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ خَرَجْنَا مَعَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ فَأَصَبْنَا سَبْيًا مِنْ سبي الْعَرَب واشتهينا النِّسَاءَ وَاشْتَدَّتْ عَلَيْنَا الْعُزْبَةُ وَأَحْبَبْنَا الْفِدَاءَ فَأَرَدْنَا أَنْ نَعْزِلَ فَقُلْنَا نَعْزِلُ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَيْنَ أَظْهُرِنَا قَبْلَ أَنْ نَسْأَلَهُ فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِك فَقَالَ مَا عَلَيْكُم أَن لَا تَفْعَلُوا مَا مِنْ نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلَّا وَهِيَ كَائِنَةٌ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ اجْتَمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى جَوَازِهِ وَإِذَا قَبَضَ الرَّحِمُ الْمَنِيَّ فَلَا يَجُوزُ التَّعَرُّضُ لَهُ وَأَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ إِذَا تَخَلَّقَ وَأَشَدُّ مِنْهُ إِذَا نُفِخَ فِيهِ الرُّوحُ فَإِنَّهُ قَتْلُ نَفْسٍ إِجْمَاعًا (1 الْبَابُ الثَّانِي فِي أَسبَاب الْخِيَار وَهِي ثَلَاث) السَّبَبُ الْأَوَّلُ الْعُيُوبُ وَفِيهِ فَصْلَانِ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي عُيُوبِ النِّسَاءِ وَفِيهِ نَظَرَانِ النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي الْمُوجب وَفِي الْكتاب ترد النِّسَاءُ بِالْجُنُونِ وَالْجُذَامِ وَالْبَرَصِ وَدَاءِ الْفَرْجِ لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ بني بياضة فَوجدَ بكشحها بَيَاضًا فَرَدَّهَا وَقَالَ دَلَّسْتُمْ عَلَيَّ وَرُوِيَ عَنْ

(فرع)

عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ رَدُّ النِّسَاءِ مِنْ هَذِهِ الْعُيُوبِ الْأَرْبَعَةِ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ فَكَانَ إِجْمَاعًا وَوَافَقَنَا ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح لَا تُرَدُّ بِعَيْبٍ أَلْبَتَّةَ لِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ لَا تُرَدُّ الْمَرْأَةُ بِعَيْبٍ وَجَوَابُهُ تَخْصِيصُهُ بِغَيْرِ مَوْرِدِ السُّنَّةِ جَمْعًا بَيْنَهُمَا وَقِيَاسًا عَلَى الْجَبِّ وَالْعُنَّةِ فِي الرجل وَفِي الْجَوَاهِر الْجُنُون الصرع والوسواس الَّذِي ذهب مَعَه الْعقل والجذام مَا يُنَفِّرُ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ وَاشْتَرَطَ ش تَفَاحُشَهُ حَتَّى لَا يَقْبَلَ الْعِلَاجَ لَنَا أَنَّهُ مُنَفِّرٌ فَيَمْنَعُ الْوَطْءَ وَلِأَنَّهُ يَظْهَرُ فِي النَّسْلِ (فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ تُرَدُّ إِذَا اطَّلَعَ أَنَّ أَحَدَ الْأَبَوَيْنِ كَذَلِكَ لِتَوَقُّعِهُ فِي الذُّرِّيَّةِ قَالَ وَرَأَيْتُ امْرَأَةً كَانَ أَبُوهَا أَجْذَمَ وَلَمْ يَظْهَرْ فِيهَا وَظَهَرَ فِي عَدَدٍ مِنْ وَلَدِهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ تُرَدُّ الْمَرْأَةُ بِالْبَرَصِ وَلَوْ خيط وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ وَخَالَفَ ش كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْجُذَامِ وَسَوَّى ابْنُ الْقَاسِمِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فِيهِ وَرَوَى أَشْهَبُ عَدَمَ اعْتِبَارِهِ فِي الرَّجُلِ وَإِنْ عَظُمَ فَإِنَّ النَّفْرَةَ مِنَ الْمَرْأَةِ لَا تَمْنَعُ التَّمْكِينَ وَيَمْنَعُ تَعَاطِيَ الْوَطْءِ مِنَ الرَّجُلِ قَالَ اللَّخْمِيُّ يُعْتَبَرُ الْجُنُونُ وَلَوْ كَانَ فِي الشَّهْرِ مَرَّةً وَتُرَدُّ بِالْبَخْرِ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ لِأَنَّهُ مُنَفِّرٌ وَقَاسُوهُ عَلَى الْجَرَبِ وَالصُّنَانِ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ أَفْحَشُ بِشَهَادَةِ الْعَادَةِ وَبِالْإِفْضَاءِ وَهُوَ اخْتِلَاطُ مَسْلَكِ الْمَنِيِّ وَمَسْلَكِ الْبَوْلِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ تُرَدُّ بِالْقَرَعِ الْفَاحِشِ لِتَنْفِيرِهِ كَالْبَرَصِ وَمَنَعَ أَبُو الْوَلِيدِ قِيَاسًا عَلَى الْجَرَبِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ فِي الرَّدِّ بِنَتْنِ الْفَرجِ وَالْقَرَعِ وَالسَّوَادِ قَوْلَانِ وَالْمَشْهُورُ الرَّدُّ وَأَلْحَقَ اللَّخْمِيُّ الْبَخْرَ فِي الْفَمِ وَالْأنف

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ يَرُدُّهَا إِذَا وَجَدَهَا عِذْيَوْطَةً وَهِيَ الَّتِي تُحْدِثُ عِنْدَ الْجِمَاعِ وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ فَإِنْ تَدَاعَيَاهُ قَالَ ابْنُ الْمُعَذَّلِ يُطْعَمُ أَحَدُهُمَا تِينًا وَالْآخَرُ فَقُّوصًا وَخَرَّجَ الْحَنَابِلَةُ عَلَيْهِ النَّاسُورَ وَالْقُرُوحَ السَّائِلَةَ فِي الْفَرْجِ وَمَنَعُوا فِي البخر فَائِدَة قَالَ الجوالقي فِيمَا تَغْلَطُ فِيهِ الْعَامَّةُ يَقُولُونَ الْعُضْرُوطُ لِلَّذِي يحدث فِي الْجِمَاع وَإِنَّمَا هُوَ العدبوط بِكَسْر الْعين وَفتح الْبَاء بِوَاحِدَة من تحتهَا وَالدَّال وَالْوَاو ساكنين والعضروط الَّذِي تَقول لَهُ الْعَامَّةُ هُوَ الَّذِي يَخْدِمُكَ بِطَعَامِهِ وَجَمْعُهُ عَضَارِيطُ وَعَضَارِطَةُ وَفِي الْكِتَابِ مَا عَلِمَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ أَنَّهُ عَيْبٌ فِي الْفَرْجِ رُدَّتْ بِهِ وَإِنْ جومعت مَعَه فَإِن الْمَجْنُونَة قَدْ تُجَامَعُ قَالَ اللَّخْمِيُّ الرَّتْقُ وَالْقَرْنُ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ مَا لَا ضَرَرَ عَلَيْهِمَا فِي قَطْعِهِ وَلَا عَيْبَ فِي الْإِصَابَةِ بَعْدَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ دَعَا إِلَى الْقَطْعِ فَإِنْ طَلَّقَ بَعْدَ رِضَاهَا بِالْقَطْعِ تَشْطر الصَّدَاقَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَمَا يَضُرُّهَا وَلَا عَيْبَ فِيهِ فَالْخِيَارُ لَهَا دونه وَمَا لَا يضر وَلَا يعيب فَالْخِيَار لَهُ دونهَا فَإِن أحب لُزُومهَا وَإِنْ فَارَقَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَمَا يَضُرُّ وَيَعِيبُ فَلِكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَمْتَنِعَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ إِذَا كَانَ الرَّتْقُ مِنَ الْخِتَانِ أُزِيلَ وَإِنْ كَرِهَتْ إِذَا قَالَ النِّسَاءُ لَا يَضُرُّهَا قَالَ أَصْبَغُ إِذَا أَقَامَتْ لِلْعِلَاجِ نَحْوَ السَّنَةِ وَهُوَ يَسْتَمْتِعُ بِهَا فَلَهَا جَمِيعُ الصَّدَاقِ كَالْعِنِّينِ وَفِي الرَّدِّ بِالسَّوَادِ وَالْقَرَعِ وَالْبَخْرِ وَالْخَشَمِ وَهُوَ نَتْنُ الْأَنْفِ قَوْلَانِ قَالَ

(فرع)

وَأَرَى رَدَّهَا بِالصِّغَرِ نَحْوَ خَمْسِ سِنِينَ لِامْتِنَاعِ الْوَطْءِ كَالرَّتْقَاءِ وَالصَّبْرُ إِلَى الْبُلُوغِ ضَرَرٌ وَكَذَلِكَ الْهَرَمُ الْمُفْرِطُ وَالْمُسْتَحَاضَةُ وَلَمْ يَجْعَلْ مَالِكٌ الْكُفْرَ عَيْبًا فِي الزَّوْجَيْنِ وَاخْتُلِفَ إِذَا قَالَ لَهَا أَنَا نَصْرَانِيٌّ فَقَالَ لَهَا الرَّدُّ وَقَالَ رَبِيعَةُ الْإِسْلَامُ لَيْسَ بِعَيْبٍ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَهُ الرَّدُّ بِالسَّوَادِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ إِذَا كَانَ أَهْلُهَا بِيضًا لِأَنَّ ذَلِكَ كَالشَّرْطِ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ عَارِفًا بِأَهْلِهَا وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةٌ مِنَ التَّنْبِيهَاتِ الْعَفَلُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْفَاءِ فِي النِّسَاءِ كَالْأُدْرَةِ فِي الرِّجَالِ لَحَمٌ يَبْدُو مِنَ الْفَرْجِ وَقَالَ غَيْرُهُ رَغْوَةٌ فِي الْفَرْجِ تَحْدُثُ عِنْدَ الْجِمَاعِ وَالْقَرْنُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ مِثْلُهُ وَقَدْ يَكُونُ خِلْقَةً وَقَدْ يَكُونُ عَظْمًا وَقَدْ يَكُونُ لَحْمًا وَالرَّتْقُ بِفَتْحِ الرَّاءِ الْتِصَاقُ مَوْضِعِ الْوَطْءِ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا أَكْذَبَتْهُ فِي دَاءِ الْفَرْجِ صُدِّقَتْ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَلَا ينظر إِلَيْهَا النِّسَاءُ لِأَنَّ النَّظَرَ جَرْحَةٌ فِي الشَّاهِدِ فَإِنْ شَهِدَ امْرَأَتَانِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا وَقَالَ سَحْنُونٌ يَنْظُرُ إِلَيْهَا النِّسَاءُ لِضَرُورَةِ دَفْعِ الْخِصَامِ وَالضَّرَرِ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ رَوَى ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ لَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ يَقْتَضِي نَظَرَ النِّسَاءِ وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ هُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ لِقَوْلِهِ فِي الْكِتَابِ مَا عَلِمَهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ مِنْ دَاءِ الْفَرْجِ قَالَ أَبُو الْفضل وَفِيه نظر لِأَنَّهُ يُمكن بقاؤهما عَلَيْهِ وَيُسْأَلُ عَنْهُ النَّاسُ

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ مَا حَدَثَ بِهَا عِنْدَ الزَّوْجِ مِنَ الْعُيُوبِ الْأَرْبَعَة فَلَا خِيَار لَهَا وَقَالَهُ ش قِيَاسا على عُيُوب البيع قَالَ مُحَمَّدٌ وَمَا حَدَثَ بَعْدَ الْعَقْدِ مِنَ الْبَرَصِ الْفَاحِشِ فَلَا خِيَارَ لَهُمَا وَخَالَفَ ابْنُ حَبِيبٍ وَابْنُ حَنْبَلٍ نَفْيًا لِلضَّرَرِ عَنْهُمَا وَقِيَاسًا عَلَى الْإِجَارَةِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِالْجُذَامِ الْبَيِّنِ حَدَثَ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَا صَدَاقَ إِلَّا أَنْ يَدْخُلَ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا إِلَّا أَنْ يَتَفَاحَشَ وَلَا يُحْتَمَلَ النَّظَرُ إِلَيْهِ (فَرْعٌ) قَالَ فَإِنْ رَضِيَتْ بِالْمَقَامِ مَعَهُ ثُمَّ كَرِهَتْهُ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَيْسَ لَهَا إِلَّا أَنْ يُرِيدَ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ لَهَا نَفْيًا لِلضَّرَرِ لِأَنَّهُ لَا تُؤْمَنُ زِيَادَتُهُ وَقَالَ أَشْهَبُ ذَلِكَ وَإِنْ أُمِنَتْ زِيَادَتُهُ (فَرْعٌ) وَفِي الْجَوَاهِرِ مَا حَدَثَ بَعْدَ الْعَقْدِ فَفِيهِ أَقْوَالٌ ثَالِثُهَا التَّفْرِقَةُ بَيْنَ مَا تخشى زِيَادَته من البرص ومالا فَلَا وَرَابِعُهَا التَّفْرِقَةُ بَيْنَ كَثِيرِ الْبَرَصِ وَقَلِيلِهِ

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ فَإِنِ ادَّعَى الْأَبُ حُدُوثَهُ بَعْدَ الْعَقْدِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ إِنْ كَانَ التَّدَاعِي بَعْدَ الدُّخُول لِأَنَّهُ مدعى عَلَيْهِ الرَّد وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ كَقَوْلِ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْقَبْضِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الأيمَانَ فِي هَذَا كُلِّهِ عَلَى الْبَتِّ مِنَ الْأَبِ وَالزَّوْجِ وَغَيْرِهِمَا وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنْ تَدَاعَيَا تَقَدُّمَهُ عَلَى الْعَقْدِ فِي الْمَرْأَةِ فَالْبَيِّنَةُ عَلَى الزَّوْجِ فَإِنْ تَعَذَّرَتْ قَالَ مَالِكٌ إِنْ كَانَ الْوَلِيُّ أَبًا أَوْ أَخًا عَلَيْهِ الْيَمين أَو غَيرهمَا فاليمين عَلَيْهَا فَجعل مَحل الْغرم مَحَلَّ الْيَمِينِ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ يُؤَخَّرُ فِي الْجُنُونِ بَعْدَ الْعَقْدِ سَنَةً لِعِلَاجِهِ فَإِنْ صَحَّ وَإِلَّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَالْأَجْذَمُ لَهَا مُفَارَقَتُهُ بِخِلَافِ الْأَبْرَصِ لِكَثْرَةِ أَذِيَّةِ الْجُذَامِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ كَانَ يُرْجَى عِلَاجُ الْأَجْذَمِ أُجِّلَ سَنَةً (فَرْعٌ) قَالَ فَإِنْ عَلِمَ بِعَيْبِهَا ثُمَّ دَخَلَ فَلَا خِيَارَ لَهُ لِرِضَاهُ وَكَذَلِكَ إِنْ عَلِمَ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَأَمْسَكَهَا فَإِنْ أَنْكَرَ الْعِلْمَ حَلَفَ وَإِنِ ادَّعَتِ الْمَسِيسَ بَعْدَ الْعِلْمِ وَأَنْكَرَهُ حَلَفَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا قَالَ الْوَلِيُّ هِيَ سَالِمَةٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَقَالَ أَصْبَغُ شَرْطٌ وَلَوْ قَالَهُ أَجْنَبِيٌّ بِحَضْرَةِ الْوَلِيِّ وَهُوَ سَاكِتٌ فَهُوَ غَرَرٌ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ وَلَوْ كُتِبَ فِي الْعَقْدِ صَحِيحَةُ الْعَقْلِ وَالْبَدَنِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِأَنَّهُ تَلْفِيقُ الْوَثَاقَةِ وَلَوْ قَالَ سَلِيمَةُ الْبَدَنِ فَهُوَ شَرْطٌ لِأَنَّ الْعُدُولَ عَنِ اللَّفْظِ الْمُعْتَادِ يُشْعِرُ بِالشَّرْطِيَّةِ وَفِي الْكِتَابِ لَا تُرَدُّ بِغَيْرِ الْعُيُوبِ الْأَرْبَعَةِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ لِأَنَّ النِّكَاحَ إِنَّمَا يَقَعُ بَعْدَ الْفَحْصِ فَكَانَ الْأَصْلُ أَنْ لَا تُرَدَّ بِعَيْبٍ أَلْبَتَّةَ صَوْنًا لِلْحَرَائِرِ عَنْ بَذْلَةِ الرَّدِّ وَلِذَلِكَ لَمْ يَجُزْ اشْتِرَاطُ الْخِيَارِ وَلِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ بِعَدَمِ الِاشْتِرَاطِ تَنْبِيهٌ فِي الْجُلَّابِ إِنْ تَزَوَّجَهَا فِي عِدَّتِهَا جَاهِلًا وَدَخَلَ بِهَا فَعَلَيْهِ رَدُّهَا وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْعُيُوبِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا قَالَ الشُّرَّاحُ يُرِيدُ فِي الرُّجُوعِ بِالصَّدَاقِ عَلَى الْوَلِيِّ قَالَ الْأَبْهَرَيُّ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ لِأَنَّهُ مَنَعَهُ مِنِ اسْتِدَامَةِ الْوَطْءِ وَالصَّدَاقُ مَبْذُولٌ لِلِاسْتِدَامَةِ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمِ الْوَلِيُّ بِذَلِكَ رَجَعَ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا غَرَّتْهُ وَيَتْرُكُ لَهَا رُبُعَ دِينَارٍ وَتَحْرُمُ عَلَيْهِ أَبَدًا لِأَنَّهُ مُصِيبٌ فِي الْعِدَّةِ فَإِنْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ الدُّخُولِ جَازَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ بِعَقْدٍ جَدِيدٍ النَّظَرُ الثَّانِي فِي الْمُوجِبِ وَفِي الْكِتَابِ يَسْقُطُ الصَّدَاقُ إِنْ لَمْ يُبَيِّنْ لِأَنَّهُ فَائِدَةُ الرَّدِّ وَإِنْ بَنَى فَلَهَا وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى وَلِيِّهَا إِنْ كَانَ أَبًا أَوْ أَخًا أَوْ مَنْ يَعْلَمُ ذَلِكَ مِنْهَا لِأَنَّهُ غَرَّهُ وَلَا يَرْجِعُ الْوَلِيُّ عَلَى الْمَرْأَةِ لِأَنَّهَا اسْتَحَقَّتْهُ بِالْبِنَاءِ وَإِنْ كَانَ ابْنَ عَمٍّ أَوْ مَنْ لَا يُظَنُّ بِهِ عِلْمُ ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيَرُدُّهُ إِلَّا رُبُعَ دِينَارٍ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَقَالَ ش يَسْقُطُ قَبْلَ الْمَسِيسِ

(فرع)

وَبَعْدَهُ وَتَرْجِعُ بَعْدَهُ إِلَى صَدَاقِ الْمِثْلِ لِأَنَّ مُقْتَضَى الْفَسْخِ تَرَادُّ الْعِوَضَيْنِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْوَلِيِّ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا إِنْ غَرَّتْ وَوَافَقَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ لَنَا قَوْلُ عُمَرَ وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَيُّمَا رَجُلٍ نَكَحَ امْرَأَةً وَبِهَا جُنُونٌ أَوْ جُذَامٌ أَوْ بَرَصٌ فَمَسَّهَا فَلَهَا صَدَاقُهَا وَذَلِكَ لِزَوْجِهَا غُرْمٌ عَلَى وَلِيِّهَا مِنْ غَيْرِ مُخَالِفٍ لَهُمَا فَكَانَ إِجْمَاعًا تَنْبِيهٌ فِي الْجُلَّابِ إِذَا اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِهَا فَطَلَّقَهَا وَاخْتَارَ رَدَّهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا شَيْءَ لَهَا قَالَ الشُّرَّاحُ هَذِهِ الْعِبَارَةُ تَجُوزُ لِأَنَّ بَعْدَ الطَّلَاقِ يَتَعَذَّرُ الرَّدُّ بَلْ مَعْنَاهُ فَرَدَّهَا وَطَلَّقَهَا بِالرَّدِّ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا كَانَ الْوَلِيُّ مُعْدِمًا أَوْ مَاتَ دُونَ شَيْءٍ لَمْ يرجع على الْمَرْأَة قَالَه ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَرْجِعُ عَلَيْهَا إِنْ كَانَتْ مَلِيَّةً أَوْ عَلَى أَوَّلِهِمَا يُسْرًا إِن كَانَت عديمة كالضامن مَعَ الْمَضْمُون عَلَيْهِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ عَلِمَ الْبَعِيدُ ذَلِكَ مِنْهَا رَجَعَ عَلَيْهِ بِالْإِقْرَارِ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ وَيَحْلِفُ إِنِ ادَّعَى الزَّوْجُ عَلَيْهِ بِأَمْرِ عِلْمِهِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ لَقَدْ عَلِمَ وَغَرَّنِي فَإِنْ نَكَلَ فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهَا لِإِقْرَارِهِ بِغَرَرِ الْوَلِيِّ (فَرْعٌ) قَالَ فَإِنْ زَوَّجَ الْأَخُ الْبِكْرَ بِإِذْنِ الْأَبِ فَالْغُرْمُ عَلَى الْأَبِ أَوِ الثَّيِّبَ فَعَلَى الْأَخِ لِانْتِفَاءِ الْإِجْبَارِ وَإِنْ زَوَّجَ غَيْرُ وَلِيٍّ غَارًّا رَجَعَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ غَيْرُ وَلِيٍّ كَالْمُوَكَّلِ عَلَى الْبَيْعِ وَيَعْلَمُ الْمُشْتَرِي الْوَكَالَةَ

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ وَإِذَا رَجَعَ بِالصَّدَاقِ لَا يَلْزَمُهُ أَخْذُ مَا اشْتَرَتْهُ لِشَوَارِهَا لِأَنَّهَا مُتَعَدِّيَةٌ فِي تَصَرُّفِهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِعَيْبِهَا حَتَّى طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَتْ لَا يَرْجِعْ بِشَيْءٍ كَالْعَبْدِ الْمَعِيبِ يُبَاعُ قَبْلَ الْعِلْمِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا غَرَّ الْوَلِيُّ فَزَوَّجَ فِي الْعِدَّةِ فُسِخَ بَعْدَ الدُّخُولِ وَضَمِنَ الْوَلِيُّ الصَّدَاقَ وَإِنْ كَانَتْ هِيَ الْغَارَّةَ تُرِكَ لَهَا رُبُعُ دِينَار قَالَ اللَّخْمِيّ فَإِن غراه جَمِيعًا تخرج فِي الرُّجُوعِ بَيْنَهُمَا فَإِنْ رَجَعَ عَلَى الْوَلِيِّ رَجَعَ عَلَيْهَا وَالْمَرْأَةُ وَالْوَلِيُّ فِي الْعُيُوبِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ قِسْمٌ يُحْمَلُ فِيهِ عَلَى الْعِلْمِ كَالْجُنُونِ وَالْجُذَامِ وَقِسْمٌ يُحْمَلُ فِيهِ الْأَبُ فِيهِ وَحْدَهُ عَلَى الْعِلْمِ كَعَيْبِ الْفَرْجِ الَّذِي تَطَّلِعُ عَلَيْهِ الْأُمُّ حَالَةَ التَّرْبِيَةِ وَقِسْمٌ يُحْمَلُ جَمِيعُهُمْ عَلَى الْجَهْلِ فِيمَا يَخْفَى عَلَى الْأُمِّ أَوْ مَاتَتِ الْأُمُّ نَفْسُهَا أَوْ حَدَثَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَالْعَفَلِ أَوْ يَكُونُ مِنْ ذَوِي الْقَدْرِ فَلَا يُخْبِرُ بِعَيْبٍ بِابْنَتِهِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا اتَّهَمَ الْوَلِيَّ وَرَدَّ الْيَمِينَ عَلَيْهِ فَنَكَلَ لَهُ الرُّجُوع على الْمَرْأَة خلاف مَا تَقَدَّمَ قَالَ وَهَذَا أَصْوَبُ لِأَنَّهَا تُخْفِي عَيْبَهَا فَلَا يَضُرُّ الزَّوْجَ عُدُولُهُ عَنْهَا إِلَى الْوَلِيِّ فَإِنْ أَمَرَتْهُ أَنْ يُخْبِرَ بِعَيْبِهَا فَلَمْ يَفْعَلْ رَجَعَ الزَّوْجُ عَلَيْهِ وَرَجَعَ عَلَيْهَا فِيمَا بَيْنَ الصِّحَّةِ وَالدَّاءِ وَلَيْسَ لَهَا بَيْعُ مَعِيبٍ وَأَخْذُ ثَمَنِ سَالِمٍ إِلَّا أَنْ تَكُونَ عَادَتَهُمْ لَا يَتْرُكُونَ مِنْ صَدَاقٍ لِعَيْبٍ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا كَانَ الْوَلِيُّ الْقَرِيبُ غَائِبًا يَخْفَى خَبَرُهَا عَلَيْهِ قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ لَا غُرْمَ عَلَيْهِ بَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ مَا عَلِمَ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ عَلَيْهِ الْغُرْمُ

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ فَإِنْ فَارَقَ أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ خَالَعَ ثُمَّ عُلِمَ الْعَيْبُ بَعْدَ ذَلِكَ بَطَلَ الرُّجُوعُ وَيُغَرَّمُ الزَّوْجُ الصَّدَاقَ كَالْمَبِيعِ الْمَعِيب يَفُوتُ وَقَالَ سَحْنُونٌ يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى مَنْ غَرَّهُ وَإِنْ غَرَّتْهُ رَجَعَ عَلَيْهَا وَإِنْ غَرَّهَا رجعت بِمَا خَالَعَتْهُ بِهِ الْفَصْلُ الثَّانِي فِي عُيُوبِ الرِّجَالِ وَفِي الْكِتَابِ قَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ لِلْمَرْأَةِ رَدُّ الرَّجُلِ بِالْعُيُوبِ الْأَرْبَعَةِ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} الْبَقَرَة 228 قَالَ مَالِكٌ تَرُدُّهُ بِالْجَبِّ وَالْخِصَاءِ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ خِلَافًا لِ ش فِي كَوْنِهِ فَسْخًا كَالْبَيْعِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْعَقْدَ صَحِيحٌ فَلَا يدْفع حكمه إِلَّا الطَّلَاق لِأَنَّهُ الْوَاقِع الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ وَمَا عَدَاهُ مَمْنُوعٌ ثُمَّ الْفَرْقُ أَنَّ الْأمْلَاكَ يُؤْثِرُ الِاخْتِيَارَ فِي إِسْقَاطِهَا بِالْإِعْرَاضِ عَنْهَا فَأُمِرَ فِي رَفْعِهَا بِالْإِقَالَةِ وَالْفَسْخِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ قَالَ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ بَعْدَ الدُّخُولِ إِنْ وَطِئَ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ قَطَعَ ذَكَرَهُ دُونَ أُنْثَيَيْهِ وَهُوَ يُولَدُ لِمِثْلِهِ فَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَيَلْحَقُهُ النَّسَبُ وَإِنْ عَلِمَتْ بِعَيْبِهِ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ بعده ومكنته سقط قَوْلهَا إِلَّا فِي الْعنَّة لِأَنَّهَا تَرْجُو عِلَاجَهُ قَالَ الْأَبْهَرَيُّ وَلَهَا الْمُفَارَقَةُ بِطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ بَائِنَةٍ لَا أَكْثَرَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ فَارَقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا صَدَاقَ لِأَنَّ الْفَسْخَ مِنْ قِبَلِهَا قَالَ ابْنُ الْجَلَّابِ إِلَّا فِي الْعِنِّينِ لِأَنَّهُ غَارٌّ لَهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ أَوْ بَعْدَهُ فَلَهَا كَمَالُ الْمَهْرِ وَعُيُوبُ الرَّجُلِ أَرْبَعَةٌ الْجَبُّ وَهُوَ قَطْعُ الذَّكَرِ والأنثيين والخصاء وَهُوَ قطع أَحدهمَا وَالْعُنَّةُ وَهُوَ فَرْطُ صِغَرِ الذَّكَرِ وَالِاعْتِرَاضُ وَهُوَ

(فرع)

عَدَمُ الْقُدْرَةِ عَلَى الْوَطْءِ لِعِلَّةٍ وَيُسَمَّى أَيْضًا عُنَّةً فَإِنَّ الْعُنَّةَ مِنَ الِاعْتِنَانِ وَالْعَنَنِ وَهُوَ الِاعْتِرَاضُ وَمِنْهُ عَنَانُ السَّمَاءِ بِفَتْحِ الْعَيْنِ جَمْعُ عَنَانَةَ وَهِيَ السَّحَابَةُ الْمُعْتَرِضَةُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَقِيلَ لِأَنَّ ذَكَرَهُ يَعْتَرِضُ قُبُلَ الْمَرْأَةِ وَقِيلَ لِأَنَّ الْآفَةَ عَرَضَتْ لَهُ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ الْخَصِيُّ مَقْطُوعُ الْأُنْثَيَيْنِ فَقَطْ وَالْفُقَهَاءُ يُطْلِقُونَهُ عَلَى مَقْطُوعِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ يُضْرَبُ لِلْمُعْتَرِضِ سَنَةٌ مِنْ يَوْمِ تَرَافُعِهِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَعَمَرُ وَابْنُ مَسْعُودٍ لِاحْتِمَالِ تَغَيُّرِ الْعِلَّةِ فِي أَحَدِ الْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا فِي الْأَجَلِ فَلَهَا الْفُرْقَةُ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ خِلَافًا لِ ش وَابْنِ حَنْبَلٍ وَتَقَدَّمَ جَوَابُهُمَا وَتَعْتَدُّ لِوُجُودِ مَظِنَّةَ الْوَطْءِ وَلِحَقِّ الْوَلَدِ وَلَهَا جَمِيعُ الصَّدَاقِ لِطُولِ الْمُدَّةِ وَإِخْلَاقِ الْجِهَازِ وَقِيلَ لَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ لِعَدَمِ الْوَطْءِ لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُضْرَبُ لِلْعَبْدِ نِصْفُ سَنَةٍ لِأَنَّ تَحْدِيدَ مُدَّةِ النِّكَاحِ عَذَابٌ وَيَتَشَطَّرُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} النِّسَاء 25 وَلِأَنَّهُ مُقَرَّبٌ مِنِ الْفِرَاقِ وَهُوَ عَذَابٌ وَقِيلَ سَنَةٌ وَقَالَهُ ش لِأَنَّ الضَّرْبَ رِفْقٌ بِهِ وَانْتِقَالُ الْأَمْرَاضِ فِي الْفُصُولِ لَا يَخْتَلِفُ بِالرِّقِّ وَالضَّرْبُ هَا هُنَا مِنْ يَوْمِ الْمُرَافَعَةِ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ بِخِلَافِ الْمُوَلِّي مِنْ يَوْمِ الْحَلِفِ وَلِأَنَّهُ يَقُولُ رَجَوْتُ الْمُسَامَحَةَ فَأَخَّرْتُ الْمُعَالَجَةَ (فَرْعٌ) قَالَ وَلَوِ اخْتَلَفَا فِي الْعُنَّةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَقَالَهُ ش خِلَافًا لِابْنِ حَنْبَلٍ لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ كَعَيْبِ الْمَبِيعِ وَإِذَا قَالَ جَامَعْتُهَا فِي الْأَجَلِ فَكَذَلِكَ

لِأَنَّهَا مُدَّعِيَةٌ اسْتِحْقَاقَ الْفِرَاقِ وَقَالَ ش الْقَوْلُ قَوْلُهَا نَظَرًا لِلْأَصْلِ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ الْبِكْرُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا النِّسَاءُ وَالثَّيِّبُ يُقَالُ أَخَرَجَ مَاءُكِ فَإِنَّ الْعِنِّينَ يَعْجِزُ عَنِ الْإِنْزَالِ فَإِنْ تَنَازَعَا فِي كَوْنِهِ مَنِيًّا وُضِعَ عَلَى النَّارِ فَإِنَّ الْمَنِيَّ يَذُوبُ وَفِي الْكِتَابِ يَحْلِفُ فَإِنْ نَكَلَ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ نَكَلَتْ بَقِيَتْ زَوْجَةً وَنَزَلَتْ فِي الْمَدِينَةِ فَأَفْتَى فِيهَا غَيْرُ مَالِكٍ بِأَنْ يُجْعَلَ الصُّفْرَةُ فِي فَرْجِهَا وَقِيلَ تُجْعَلُ النِّسَاءُ مَعَهَا قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ الَّذِي أَفْتَى بِالصُّفْرَةِ هُوَ ابْنُ أَبِي صُفْرَةَ لَكِنْ بِعَكْسِ مَا فِي الْكِتَابِ قَالَ تُجْعَلُ عَلَى ذَكَرِهِ وَتُلْتَمَسُ فِي فَرْجِهَا وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ مُفَسِّرًا لِلْكِتَابِ تُبْطَحُ عَلَى ظَهْرِهَا فِي الْأَرْضِ وَيَكْشِفُ هُوَ مَا خلفهَا لَيْلًا يَجْعَلَ الصُّفْرَةَ بِإِصْبَعِهِ وَلَمْ يَقُلْهُ غَيْرُهُ بَلْ مَوَاضِعُ الْوَطْءِ لَا يَصِلُهَا الْإِصْبَعُ وَقِيلَ يُجْعَلُ النِّسَاءُ مَعَهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ لَا يَحْلِفُ إِلَّا بَعْدَ الْأَجَلِ وَدَعْوَى الْإِصَابَةِ ثُمَّ حَيْثُ ثَبَتَ لَهَا الْخِيَارُ فَأَقَامَتْ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ لَهَا الْفِرَاقُ مِنْ غَيْرِ سُلْطَانٍ لِتَقَدُّمِ الْحُكْمِ وَمَذْهَبُ ش لَهَا خِيَارُ الْفَسْخِ مُطلقًا من غير حَاكم كالإقامة فِي الْبَيْعِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ لَا بُدَّ مِنَ السُّلْطَانِ فَيُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا مِنْ غَيْرِ أَجَلٍ لِأَنَّهُ أَمْرٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَلَا يَثْبُتُ إِلَّا بالحاكم وَهُوَ حجتنا على الشَّافِعِي فِي أَصْلِ الْعُنَّةِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ أَمْرٌ يَحْتَاجُ إِلَى نَظَرٍ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنْ يُؤْمَرَ هُوَ بِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ فَإِنِ امْتَنَعَ أوقع الْحَاكِم فَإِن وَطئهَا ثُمَّ اعْتَرَضَ عَنْهَا أَوْ زَمِنَ فَلَا حُجَّةَ لَهَا وَقَالَ ش السُّقُوطُ حَقُّهَا بِالْوَطْأَةِ الْأُولَى إِلَّا مَعَ قَصْدِ الضَّرَرِ كَالْمُوَلِّي وَإِنْ أَصَابَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَلَهَا مُرَافَعَتُهُ لِأَنَّهَا لَمْ تَرْضَ بِالْعَيْبِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَيُضْرَبُ لَهُ أَجْلٌ ثَانٍ فَإِنْ أَصَابَ وَإِلَّا خُيِّرَتْ لِأَنَّهَا كَانَتْ تَتَوَقَّعُ

(فرع)

بُرْءَهُ قَالَ وَأَرَى أَنْ لَا مَقَالَ لَهَا لِأَنَّهَا عَلِمَتْ بِالْعَيْبِ وَكَذَلِكَ إِذَا تَزَوَّجَ غَيْرَهَا وَعَلِمَتِ الثَّانِيَةُ بِمَا تَقَدَّمَ أَوْ ضُرِبَ لَهُ أَجْلٌ فَلَمْ يُصِبْ وَرَضِيَتْ بِالْمَقَامِ ثُمَّ قَامَتْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَهَا ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَجَلٍ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ قَامَتْ بِقُرْبِ ذَلِكَ فَلَا مَقَالَ وَالْقِيَاسُ فِي هَذَا كُلِّهِ عَدَمُ مَقَالِهَا (فَرْعٌ) قَالَ وَلَا يُضْرَبُ الْأَجَلُ إِلَّا لِمَنْ يُرْجَى وَلَمْ يُعَالَجْ قَبْلَ ذَلِكَ سَنَةً فَإِنْ مَرِضَ فِي أَجَلِهِ لَمْ يَعْتَبِرْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَصْبَغُ إِنْ مَضَتِ السَّنَةُ وَهُوَ مَرِيضٌ اسْتُؤْنِفَ الْأَجَلُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ مَرِضَ بَعْضُهَا لَمْ تُطَلَّقْ عَلَيْهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَرَضُ مَانِعًا مِنْ زَوَالِ عِلَّتِهِ قَالَ وَأَرَى أَنْ يَسْتَأْنِفَ إِنْ مَرِضَ جَمِيعُهَا فَإِنْ صَحَّ النِّصْفُ الثَّانِي كُمِّلَ عَلَيْهِ وَإِنْ صَحَّ الْأَوَّلُ اسْتُؤْنِفَ الْأَجَلُ (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا ادَّعَتِ الْعَيْبَ وَأَنْكَرَ فَالْمَجْبُوبُ وَالْمَحْصُورُ وَمَمْسُوحُ الذَّكَرِ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الْأُنْثَيَيْنِ مُخْتَبَرٌ بِالْجَسِّ مِنْ عَلَى الثَّوْبِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعِنِّينِ قَالَ اللَّخْمِيُّ أَجَازَ مَالِكٌ فِي ذَلِكَ قَوْلَ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ قَالَ وَأَرَى أَنْ تُسْأَلَ الْمَرْأَةُ فَإِنْ شَكَتْ عَدَمَ الِانْتِشَارِ نُظِرَ إِلَيْهِ مِنْ فَوْقُ فَإِنْ قَالَتْ يَذْهَبُ انْتِشَارُهُ إِذَا دَنَا فَيَجُوزُ أَنْ تُصَدَّقَ لِأَنَّ ذَلِكَ يَعْرِضُ وَيَجُوزُ أَنْ لَا تُصَدَّقَ لِأَنَّهَا مُدَّعِيَةٌ حُدُوثَ عِلَّتِهِ

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ لِوُلَاةِ الْمِيَاهِ وَصَاحِبِ الشُّرَطِ ضَرْبُ أَجَلِ الْعِنِّينِ وَالْمَفْقُودِ لِأَنَّهُمْ حُكَّامٌ (فَرْعٌ) إِذَا حَدَثَ بِالزَّوْجِ جُنُونٌ بَعْدَ النِّكَاحِ عُزِلَ عَنْهَا وَأُجِّلَ سَنَةً لِعِلَاجِهِ فَإِنْ صَحَّ وَإِلَّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَقَضَى بِهِ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَالَ رَبِيعَةُ إِنْ أَذَاهَا لَمْ تُحْبَسْ عِنْدَهُ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ طَلَاقُهُ وَلَهَا مُفَارَقَةُ الْبَيِّنِ الْجُذَامِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ رُجِيَ عِلَاجُهُ ضُرِبَ لَهُ الْأَجَلُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ يُفَرَّقُ بِالْبَرَصِ الْمُنْتِنِ الرَّائِحَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ ذَلِكَ إِنْ أَضَرَّ بِهَا وَفِي الْجُلَّابِ رُوِيَ الرَّدُّ بِالْبَرَصِ كَمَا تُرَدُّ بِهِ الْمَرْأَةُ وَرُوِيَ عَدَمُ الرَّدِّ لِأَنَّ الرَّجُلَ لَا يُقْصَدُ لِلِاسْتِمْتَاعِ كَالْمَرْأَةِ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُرَدُّ بِهَا قَبْلَ الْعَقْدِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا دُونَ مَا حَدَثَ بَعْدَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فَاحِشًا مُؤْذِيًا قَالَهُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَفِي الْبَيَانِ الْمَشْهُورُ إِذَا حَدَثَ الْخِصَاءُ بَعْدَ الْبِنَاءِ لَا مَقَالَ لَهُ لِنَيْلِهَا الْوَطْءَ الَّذِي تَنَاوَلَهُ الْعَقْدُ وَقَالَ أَصْبَغُ إِنْ خُصِيَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَكَذَلِكَ أَيْضًا لِأَنَّهَا مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِهَا وَلَمْ يَقْصِدْ ضَرَرَهَا وَالْمَشْهُورُ خِلَافُهُ

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْجُلَّابِ إِذَا فُرِّقَ بَيْنَ الْعِنِّينِ وَامْرَأَته بحداثة نِكَاحِهِ فَفِي تَكْمِيلِ الصَّدَاقِ رِوَايَتَانِ وَيُكْمِلُ الْمَجْبُوبُ وَالْخَصِيُّ بَعْدَ الْبِنَاءِ لِدُخُولِهِمَا عَلَى عَدَمِ الْوَطْءِ سُؤَالٌ كَيْفَ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِحَدَاثَةِ النِّكَاحِ مَعَ أَنه لَا يدمن مَنْ ضَرَبَ أَجَلَ سَنَةٍ اتِّفَاقًا جَوَابُهُ تَقَعُ الْفرْقَة لعدم النَّفَقَة أَو المضارة وَغَيْرِهِمَا قَبْلَ السَّنَةِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ مَنْ سَرْمَدَ الْعِبَادَةَ وَتَرَكَ الْوَطْءَ لَمْ يُنْهَ عَنْ تَبَتُّلِهِ بَلْ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْوَطْءِ وَالْفِرَاقِ إِنْ طَالَبَتْهُ وَفِي الْجُلَّابِ إِذَا هَرِمَ الرَّجُلُ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا لِدُخُولِهِمَا عَلَى ذَلِكَ تَمْهِيدٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْعُيُوبُ ثَلَاثَةٌ مَا يَجِبُ اسْتِحْسَانًا فَإِنْ عُقِدَ مَعَهُ صَحَّ كَالْقَطْعِ وَالْعَمَى وَالشَّلَلِ وَمَا يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ اجْتِنَابُهُ كَالْجُنُونِ وَالْجُذَامِ الْبَيِّنِ وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ وَهُوَ غَيْرُ ذَلِكَ فَإِنْ زَوَّجَهَا مِنْ خَصِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ لَزِمَهَا وَقِيلَ لَا مَقَالَ لَهَا فِي الْجُذَامِ الْفَاحِش وَقَالَ سَحْنُون لَهَا الْمقَام فِي الْجُنُون والجذام وَغير الْكبر لِأَنَّهُ ضَرَر وَلَو كَانَت الْمَجْنُونَة اغْتُفِرَ عَيْبُهُ لِعَيْبِهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ فَإِنْ كَانَ ذَاهِبَ الْأُنْثَيَيْنِ فَقَطْ قَالَ سَحْنُونٌ مَضَى نِكَاحُهُ وَلَا مقَال لَهَا فِي عدم النَّسْل كالعقم وَقَالَ مَالِكٌ يُرَدُّ لِنَقْصِ جِمَاعِهِ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَبْيَنُ وَلِلْمَرْأَةِ رَدُّهُ بِقَطْعِ الْحَشَفَةِ وَقَوْلُ سَحْنُونٍ فِي الْمَجْنُونَةِ لَا يَسْتَقِيمُ لِأَنَّ مَجْنُونَيْنِ لَا يَجْتَمِعَانِ بَلْ إِذَا اطَّلَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الزَّوْجَيْنِ عَلَى عَيْبِ صَاحِبِهِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْقيام

وَإِن كَانَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ كَجُذَامٍ وَجُذَامٍ أَوْ غَيْرِهِ السَّبَب الثَّانِي الْغرُور وَفِيهِ نَظَرَانِ النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي حُكْمِهِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ فِي الْغُرُورِ بِالْفِعْلِ الَّذِي هُوَ مُبَاشَرَةُ الْعَقْدِ وَبِالْقَوْلِ الَّذِي هُوَ الْإِخْبَارُ مِنْ غَيْرِ مُبَاشِرَةِ الْعَقْدِ أَقْوَالٌ ثَالِثُهَا يَجِبُ الضَّمَانُ بِالْفِعْلِ دون القَوْل لقُوته فَائِدَةٌ أَسْبَابُ الضَّمَانِ ثَلَاثَةٌ الْإِتْلَافُ كَإِحْرَاقِ الثَّوْبِ أَو بِسَبَب الْإِتْلَاف كحفر بِئْر غَيْرِ مَأْذُونٍ فِيهِ فَيَهْلِكُ فِيهِ مَعْصُومُ النَّفْسِ أَوِ الْمَالِيَّةِ أَوْ وَضْعِ يَدٍ غَيْرِ مُؤَمَّنَةٍ كَيْدِ الْغَاصِبِ وَيَدِ الْمُخْتَبِرِ لِلسِّلْعَةِ لِيَشْتَرِيَهَا فَإِنَّهُمَا يَضْمَنَانِ وَإِنْ لَمْ يُتْلِفَا وَلَا كَانَا سَبَبًا لِلْإِتْلَافِ وَهُوَ خَيْرٌ مِنْ قَوْلِنَا وَضْعُ الْيَدِ الْعَادِيَّةِ فَإِنَّ يَدَ الْمُسْتَامِ لَيْسَتْ عَادِيَّةً وَمَتَى اجْتَمَعَ السَّبَبُ وَالْمُبَاشَرَةُ قُدِّمَتِ الْمُبَاشَرَةُ كَحَافِرِ بِئْرٍ وَالْإِلْقَاءِ فِيهِ فَيُقَدَّمُ الْإِلْقَاءُ لِقُرْبِهِ مِنَ الْأَثَرِ إِلَّا أَنْ يَقْوَى التَّسَبُّبُ جِدًّا فَيُقَدَّمَ كَتَقْدِيمِ السُّمِّ فِي طَعَامِ الْإِنْسَانِ أَوْ يَسْتَوِيَانِ فِي الْقُوَّةِ فَيُعْتَبَرَانِ مَعًا كَإِكْرَاهٍ عَلَى الْقَتْلِ لِيُقْتَصَّ مِنْهُمَا فَعَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ يَتَخَرَّجُ ضَمَانُ الصَّدَاقِ وَغَيْرُهُ لِأَنَّ الْغُرُورَ تَسَبُّبٌ وَتَضْمِينُ قِيمَةِ الْوَلَدِ لِأَنَّ شَأْنَهُ أَنْ يَكُونَ رَقِيقًا فَأَبْطَلَ الْأَبُ رقّه بظنة الْحُرِّيَّة فَهُوَ مُبَاشرَة الْإِبْطَالِ تَفْرِيعٌ فِي الْكِتَابِ إِنْ غَرَّتْهُ بِحُرِّيَتِهَا فَعَلِمَ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِرِقِّهَا وَإِذْنِ سَيِّدِهَا فِي إِنْكَاحِهَا فَلَهُ الْفِرَاقُ لِعَيْبِ الرِّقِّ وَلَا صَدَاقَ إِلَّا أَن يَبْنِي فَلَهَا الْمُسَمَّى لِاسْتِيفَاءِ مَا يُقَابِلُهُ إِلَّا أَنْ يزِيد على صدَاق الْمثل وَيسْقط الزَّائِد

(فرع)

وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ وَلَهَا الْمُسَمَّى لِتَغْرِيرِهِ بِالْعَقْدِ وَلَا يفْسد العقد بالغرور عِنْد ملك وح وَابْنِ حَنْبَلٍ وَقَالَ ش يَفْسُدُ كَمَا لَوْ بَاعَهُ فَرَسًا فَوَجَدَهُ حِمَارًا وَجَوَابُهُ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الصِّفَاتِ لَا يُوجِبُ فَسَادَ الْعَقْدَ كَالسَّوَادِ وَالْبَيَاض وَتمّ فَاتَتِ الذَّاتُ بِالْكُلِّيَّةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ نَقَصَ عَنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ أَتَمَّهُ لِاسْتِيفَائِهِ الْمَنْفَعَةَ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ للرضا بِالْمُسَمّى كَمَا لَو زنى بِهَا طَائِعَةً وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ غَيْرُهُمَا لَيْسَ لَهَا إِلَّا رُبُعُ دِينَارٍ قَالَ صَاحِبُ تَهْذِيبِ الطَّالِبِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تُزَادُ عَلَى مَا أَعْطَاهَا إِنْ كَانَ رُبُعَ دِينَارٍ وَلَوْ نَقصهَا وَطْؤُهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَإِلَّا أَعْطَاهَا صَدَاقَ مِثْلِهَا وَقَالَ غَيْرُهُ إِنْ أَصْدَقَهَا مِثْلَ صَدَاقِ مِثْلِهَا أُعْطِيَتْ نِصْفَ صَدَاقِ حُرَّةٍ وَنِصْفَ صَدَاقِ أَمَةٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَيُصَدَّقُ الزَّوْجُ فِي ادِّعَاءِ ظَنِّ الْحُرِّيَّةِ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ قَالَ أَصْبَغُ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى السَّيِّدِ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ سَحْنُونٌ الْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ لِأَنَّ الْأَبَ مُدَّعٍ حُرِّيَّةَ وَلَدِهِ وَهُوَ وَلَدُ أَمَةِ السَّيِّدِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَلَوْ أَقَرَّ الْأَبُ بِرِقِّهَا وَقَدْ فَشَا غُرُورُهُ لَهُ وَوَلَدَتْ لَمْ تُصَدَّقْ لِاتِّهَامِهِ فِي نَسَبِ الْوَلَدِ وَإِسْقَاطِ الْقِيمَةِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا أخبرهُ رجل أَنَّهَا حرَّة زَوجهَا إِيَّاهُ غَيْرُهُ فَلَا رُجُوعَ عَلَى الْمُخْبِرِ أَنَّهَا حُرَّةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُبَاشِرِ الْعَقْدَ وَكَذَلِكَ إِنْ بَاشَرَهَا جَاهِلًا بِالرِّقِّ وَإِلَّا رَجَعَ عَلَيْهِ بِالصَّدَاقِ دُونَ قِيمَةِ الْوَلَدِ لِأَنَّهُ لَمْ يَغُرُّهُ مَنْ

(فرع)

ولد وَلَو أعلمهُ أَنه غير ولي وَلم يَرْجِعْ عَلَيْهِ لِدُخُولِهِ عَلَى تَوَقُّعِ الْفَسْخِ مِنَ الْوَلِيِّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ يَرْجِعُ عَلَيْهِ إِذَا عَلِمَ بِالرِّقِّ وَبَاشَرَ كَانَ وَلِيًّا أَمْ لَا وَلَا يَتْرُكُ لَهُ رُبُعَ دِينَارٍ وَكَأَنَّهُ بَاعَهُ الْبُضْعَ ثُمَّ اسْتَحَقَّ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ لَوْ غَرَّ عَبْدُهُ حُرَّةً فَإِنْ أَجَازَ السَّيِّدُ نِكَاحَهُ فَلَهَا الْخِيَارُ لِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ مَا لَمْ تُمَكِّنْهُ مِنْ وَطْئِهَا بَعْدَ عِلْمِهَا فَإِنَّهُ رِضًا فَإِنْ كَرِهَتْهُ فَرَّقَ السُّلْطَانُ بَيْنَهُمَا إِلَّا أَنْ يُفَارِقَ الزَّوْجُ النَّظَرُ الثَّانِي فِي الْوَلَدِ وَهُوَ حُرٌّ إِجْمَاعًا وَفِي الْكِتَابِ عَلَى الْأَبِ قِيمَةُ الْوَلَدِ لِسَيِّدِهِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ يَوْمَ الْحُكْمِ وَقَالَهُ ش وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ يَوْمَ الْوَضْعِ وَقَالَهُ الْمُغِيرَةُ مِنَّا فِي الْجَوَاهِرِ لِقَضَاءِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ بِذَلِكَ وَجَوَابُهُ أَنَّ سَبَبَ الضَّمَانِ مَنْعُ السَّيِّدَ مِنَ الْوَلَدِ وَذَلِكَ إِنَّمَا يَتَحَقَّقُ يَوْمَ الْحُكْمِ وَلَوْ كَانَ لِتَفْوِيتِ الرِّقِّ لَضَمِنَهُ جَنِينًا لِتَخَلُّقِهِ حُرًّا وَلَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ وَقَدْ قَضَى عُمَرُ وَعُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا بِمِثْلِهِ قَالَ مَالِكٌ وَذَلِكَ يَرْجِعُ إِلَى الْقِيمَةِ لِأَنَّهَا أَعْدَلُ (فَرْعٌ) قَالَ فَإِنْ قُتِلَ فَأَخَذَ أَبُوهُ دِيَتَهُ حُرًّا ثُمَّ اسْتَحَقَّتِ الْأُمُّ فَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْقَتْلِ عَبْدًا أَوْ بِمَا أَخَذَهُ لِأَنَّ الْأَقَلَّ إِنْ كَانَ قِيمَةَ الْعَبْدِ فَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ إِلَّا عَبْدٌ أَوِ الدِّيَةُ فَيَقُولُ لَوْ مَاتَ قَبْلَ الْحُكْمِ لَمْ أَضْمَنْ شَيْئًا وَقَدْ مَاتَ وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا الدِّيَةُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ كَمَا لَوِ اقْتَصَّ الْأَبُ مِنْ قَاتِلِهِ أَوْ هَرَبَ قَاتِلُهُ أَوْ مَاتَ الْعَبْدُ وَتَرَكَ مَالًا فَإِنَّهُ لِأَبِيهِ قَالَ أَصْبَغُ إِذَا اسْتَهْلَكَ الْقِيمَةَ فَوَجَدَهُ

(فرع)

السَّيِّدُ مُعْدِمًا لَا يَرْجِعُ السَّيِّدُ عَلَى غَارِمِ الدِّيَةِ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ أَدَّى مَا لَزِمَهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَوْ جُنِيَ عَلَى الْوَلَدِ جِنَايَةً دُونَ النَّفْسِ تَزِيدُ دِيَتُهَا عَلَى قِيمَتِهِ فَالْفَاضِلُ لِلْوَلَدِ لِأَنَّهُ بَدَلُ أَجْزَائِهِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا اسْتُحِقَّتْ وَفِي بَطْنِهَا جَنِينٌ فَعَلَى الْأَبِ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْوَضْعِ وَهُوَ حُرٌّ لِأَنَّهُ لَا قِيمَةَ لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَوْ أَلْقَتْهُ بِجِنَايَةٍ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ أَوْ بَعْدَهُ فَلِلْأَبِ غُرَّةٌ لِأَنَّهُ حُرٌّ وَعَلَيْهِ لِلسَّيِّدِ الْأَقَلُّ مِنْهَا أَوْ مِنْ عُشْرِ قِيمَةِ أُمِّهِ يَوْمَ الْجِنَايَةِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْقَتْلِ وَلِلْوَلَدِ حُكْمُ الْأَحْرَارِ فِي لُحُوقِ النَّسَبِ وَالْجِنَايَاتِ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ وَبَعْدَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ لَا شَيْءَ لِلْمُسْتَحِقِّ كَمَا فِي الْقَتْلِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا اسْتَحَقَّتْ بَعْدَ مَوْتِ زَوْجِهَا مُعْدِمًا أَوْ فِي حَيَاتِهِ مُعْدِمًا وَوَلَدُهَا مُوسِرٌ فَالْقِيمَةُ عَلَى الْوَلَدِ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْفِدَاءِ وَهُوَ أَوْلَى بِهِ فَإِنْ كَانَ مُعْدِمًا فَعَلَيْهِ إِذَا أَيْسَرَ وَقِيلَ لَا شَيْءَ عَلَى الْوَلَدِ لِأَنَّهَا جِنَايَةُ أَبِيهِ فَلَا تَتَعَلَّقُ بِهِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ إِذَا رُجِعَ عَلَيْهِ عِنْد عدم الْأَب يقوم بِغَيْر مَال لَيْلًا يُخْرِجَ مِنْ مَالِهِ أَكْثَرَ مِنْ مَالِهِ وَقَالَهُ جَمَاعَةٌ وَقَالَ آخَرُونَ يُقَوَّمُ بِمَالِهِ لِأَنَّهُ قَاعِدَةُ التَّقْوِيم

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ لَوِ اسْتَحَقَّ الْأَمَةَ عَمُّ الْوَلَدِ أَخَذَ قِيمَتَهُ إِذْ لَا عِتْقَ عَلَيْهِ أوجده فَلَا قِيمَةَ لَهُ لِعِتْقِهِ عَلَيْهِ وَلَا وَلَاءَ لَهُ لِتَخَلُّقِهِ عَلَى الْحُرِّيَّةِ وَإِنَّمَا أُخِذَتِ الْقِيمَةُ فِيهِ بِالسُّنَّةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَاؤُهُ لِأَبِيهِ وَلَوْ زَوَّجَهُ أَبُوهُ أَمَتَهُ عَالِمًا فَالْوَلَاءُ لِجَدِّهِ لِعِتْقِهِ عَلَيْهِ إِذْ لَوْ كَانَ الزَّوْجُ أَجْنَبِيًّا لَكَانَ الْوَلَدُ رَقِيقًا لِلسَّيِّدِ بِخِلَافِ وَلَدِ الْغَارَّةِ فَإِنَّهُ حُرٌّ فِي الْوَلَدِ وَالْأَجْنَبِيِّ وَفِي الْكِتَابِ لَوْ غَرَّتْهُ أَمَةُ أَبِيهِ فَلَا قِيمَةَ لَهُ وَكَذَلِكَ أَمَةُ الِابْنِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ فِي أَمَةِ الِابْنِ يُغَرَّمُ الْأَبُ قِيمَتَهَا دُونَ وَلَدِهَا وَتَكُونُ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ وَالتَّزْوِيجُ فِيهَا مُلْغًى وَأَمَّا أَمَةُ الْأَبِ الْغَارَّةُ لِلِابْنِ فَهُوَ كَالْأَجْنَبِيِّ لَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا وَيَأْخُذهُ الْأَبُ وَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ فِي الْوَلَدِ (فَرْعٌ) فِي الْكتاب إِذا غرت أم الْوَلَدِ فَلِسَيِّدِهَا قِيمَةُ الْوَلَدِ عَلَى رَجَاءِ عِتْقِهِ بِعِتْقِ أُمِّهِ فَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهَا قَبْلَ الْقَضَاءِ فَلَا شَيْءَ لِلْوَرَثَةِ لِعِتْقِهِمْ بِالْمَوْتِ وَإِنْ قُتِلَ قَبْلَ الْحُكْمِ فَلِلْأَبِ دِيَةُ الْأَحْرَارِ وَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِمَّا أُخِذَ أَوْ قِيمَتُهُمْ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ كَمَا تَقَدَّمَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَقِيلَ يُغَرَّمُ الْأَقَلَّ مِنَ الْمَأْخُوذِ أَوْ قِيمَةَ الْوَلَدِ عَبْدًا لِأَنَّ وَلَدَ أُمِّ الْوَلَدِ تُأْخَذُ قِيمَتُهُ عَبَدًا قَالَ وَهُوَ غَلَطٌ لِأَنَّ الْأَبَ تَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ تَخْفِيفًا عَنْهُمْ لِأَنَّهُمْ أَحْرَارٌ بِخِلَافِ الْقَاتِلِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا قِيمَةَ لِمَنْ لَمْ يَبْلُغِ الْعَمَلَ مِنْ وَلِدِ أُمِّ الْوَلَدِ لِأَنَّ تَقْوِيمَهُمْ يَرْجِعُ إِلَى مَا فَاتَ

(فرع)

السَّيِّدَ مِنَ الْعَمَلِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قِيمَتُهُ يَوْمَ وُلِدَ وَقَالَ مَالِكٌ إِنْ كَانَ صَغِيرًا لَا خِدْمَةَ فِيهِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ وَإِلَّا غُرِّمَ أُجْرَتُهُ كُلَّ يَوْمٍ كُلَّمَا كَبُرَ زَادَ الْأَبُ أُجْرَتَهُ وَإِنْ مَاتَ صَغِيرًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنِ اسْتَحَقَّ بَعْدَ أَنْ صَارَ رَجُلًا فَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ مِنْ يَوْمِ الِاسْتِحْقَاقِ قَالَ مُطَرِّفٌ وَإِنْ مَرِضَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ حَتَّى يَصِحَّ وَإِذَا لَمْ تَسْتَحِقَّ الْأُمُّ حَتَّى مَاتَ السَّيِّدُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَبِ وَتَتَّفِقُ الْأَقْوَالُ لِأَنَّ الْمُرَاعَى يَوْمَ الْحُكْمِ إِلَّا قَوْلَ الْمُغِيرَةِ فِي الْقِيمَةِ يَوْمَ الْوِلَادَةِ فَلَا تَسْقُطُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ وَلَا الْوَلَدِ وَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي أَخْذِ الْأُجْرَةِ تُقَوَّمُ خِدْمَةُ وَلَدِ الْمُعْتِقِ إِلَى أَجَلٍ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُقَوَّمُ عَبْدًا لَا عِتْقَ فِيهِ كَمَا لَوْ قَتَلَتْهُ أُمُّهُ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ فِي وَلَدِ الْمُدَبَّرَةِ الْقِيمَةُ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ فِي عَدَمِ عِتْقِهِمْ ثُمَّ أَصْلُ مَنْ عَتَقَ أُمَّ الْوَلَدِ وَقِيمَةُ وَلَدِ الْمُكَاتَبَةِ مَوْقُوفَةٌ إِنْ عَجَزَتِ الْأُمُّ أُخِذَتْ وَإِنْ أَدَّتْ دُفِعَتْ لِلْأَبِ لِظُهُورِ حُرِّيَّتِهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ فِي وَلَدِ الْمُدَبَّرَةِ قِيمَتُهُ رَقِيقًا لِأَنَّ الْعِتْقَ فِيهِ مُقَدَّمٌ عَلَى التَّدْبِيرِ لِأَنَّ مَنِ اشْتَرَى مُدَبَّرًا فَأَعْتَقَهُ جَاهِلًا بِهِ لَمْ يَرُدَّ الْبَائِعُ ثَمَنَهُ إِنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِتَدْبِيرِهِ وَإِنْ كَانَتْ غُرَّةً وَالْقِيمَةُ الْمَدْفُوعَةُ فِي وَلَدِ الْمُكَاتَبَةِ قِيمَةُ عَبْدٍ وَاسْتَحَبَّ مُحَمَّدٌ تَعْجِيلَ دَفْعِهَا لِلسَّيِّدِ بِحَسَبِهَا فِي الْكِتَابَةِ إِنْ كَانَتْ أَقَلَّ أَوْ مُسَاوِيَةً وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ لَا يَلْزَمُ الْأَبَ إِلَّا الْأَقَلُّ مِنْ بَقِيَّةِ الْكِتَابَةِ أَوْ قِيمَةَ الْوَلَدِ لِأَنَّ كُلَّ مَا وَلَدَتْهُ الْمُكَاتَبَةُ دَخَلَ فِي كِتَابَتِهَا فَكَاتِبُهَا أَحَقُّ بِقِيمَةِ وَلَدِهَا كَمَا لَوْ قُتِلَ أَوْ أَعْتَقَهُ السَّيِّدُ وَهُوَ مِمَّنْ يَسْعَى بِرِضَا الْأُمِّ فَيَسْقُطُ عَنْهَا بِمَا يَخُصُّهُ مِنَ الْكِتَابَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ لَوْ غُصِبَتْ مُكَاتَبَتُهُ فَبِيعَتْ فَوَلَدَتْ عِنْدَ

(فرع)

الْمُشْتَرِي أَخَذَهَا السَّيِّدُ وَقِيمَةَ وَلَدِهَا رَقِيقًا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تُوقَفُ الْقِيمَةُ كَمَا تَقَدَّمَ قَالَ مُحَمَّدٌ بَلْ يُعْطَى لِلْأُمِّ فِي الْكِتَابَةِ وَلَا يلْزم الْأَبَ إِلَّا الْأَقَلُّ كَمَا لَوْ قُتِلَ السَّيِّدُ مِنْ وَلَدِهَا بَعْدَ الْكِتَابَةِ تُحْسَبُ قِيمَتُهُ مِنْ آخِرِ الْكِتَابَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَعَلَى الْأَبِ قِيمَةُ وَلَدِ الْمَبِيعَةِ إِلَى أَجَلٍ عَلَى أَنَّهُ يُعْتَقُ عِنْد الْأَجَل قَالَ اللَّخْمِيّ إِذَا كَانَ الْغُرْمُ يَسْقُطُ إِذَا أَدَّتِ الْمُكَاتَبَةُ وَيَسْقُطُ إِذَا عَجَزَتْ أَنْ لَا يُعَجِّلَ الْغَرَامَةَ بِالشَّكِّ إِذَا أَمِنَتْ غَيْبَتَهُ أَوْ أَتَى بِحَمِيلٍ وَإِلَّا دُفِعَتْ لِلسَّيِّدِ إِنْ كَانَ مَأْمُونًا وَإِنْ خِيفَ وُقِفَتْ عَلَى يَدِ غَيْرِهِمَا فَإِنْ أَدَّتْ رُدَّتْ لِلْأَبِ وَإِنْ خِيفَ عَجْزُهَا وَكَانَ فِي بعض الْقيمَة وَفَاء أَخذ والفاضل لِلْأَبِ وَإِلَّا دُفِعَتْ لِلسَّيِّدِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ ولد العَبْد الْمَغْرُور رَقِيق لسَيِّدهَا وَقَالَهُ ح إِذْ لَا بُدَّ مِنْ رِقِّهِ مَعَ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ وَقَالَ أَبُو الطَّاهِرِ وَقِيلَ هُوَ حُرٌّ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ لِأَنَّ الْمُوجِبَ لِحُرِّيَّةِ ولد الْأمة ظن حريتها وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي حَقِّ الْعَبْدِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ وَحَيْثُ قُلْنَا بِالْحَرِيَّةِ لَمْ تَجِدْ مَنْ تَتْبَعُهُ بِالْقِيمَةِ وَفِي الْكِتَابِ لَا قِيمَةَ لَهُ لِأَنَّهُ رَقِيقٌ فَلَمْ يَفُتْ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَيَرْجِعُ الْعَبْدُ عَلَى مَنْ غَرَّهُ بِالْمَهْرِ ثُمَّ لَا يَرْجِعُ مَنْ غَرَّهُ عَلَيْهَا وَإِنْ لَمْ يَغُرُّهُ غَيْرُهَا رَجَعَ عَلَيْهَا بِالْفَضْلِ عَنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ كَانَ يَتَوَهَّمُ حُرِّيَّةَ الْوَلَدِ بَحُرِّيَّتِهَا فَبَذَلَ لِذَلِكَ زِيَادَةً وَهَذَا إِذَا ظَهَرَ أَنَّهُ بَنَى عَلَى الْحُرِّيَّةِ وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ بِخِلَافِ الْحُرِّ لَا يَشْتَرِطُ حُرِّيَّتَهَا ثُمَّ يَظْهَرُ أَنَّهَا أَمَةٌ لِأَنَّ ظَاهِرَ حَالِهِ

يَمْنَعُ زَوَاجَ الْأَمَةِ بِخِلَافِ الْعَبْدِ السَّبَبُ الثَّالِثُ الْعِتْقُ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا أُعْتِقَتْ تَحْتَ عَبْدٍ فَلَهَا الْخِيَارُ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ فَإِنْ عَتَقَ بَعْضُهَا بَتْلًا أَوْ كُلُّهَا لَكِنْ بِتَدْبِيرٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ فَلَا لِأَنَّ سَبَبَ خِيَارِهَا عَدَمُ اتِّصَافِهَا بِالرِّقِّ فَلَمْ يَكُنِ الْعَبْدُ كُفؤًا لَهَا وَإِنْ عَتَقَتْ تَحْتَ حُرٍّ فَلَا وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ لِحُصُولِ الْمُسَاوَاةِ وَأَصْلُهُ مَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَيُّمَا أَمَةٍ كَانَتْ تَحْتَ عَبْدٍ فَعَتَقَتْ فَهِيَ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَطَأْهَا زَوْجُهَا وَفِي الْمُوَطَّأِ أَنْ بَرِيرَةَ عَتَقَتْ فَخَيَّرَهَا عَلَيْهِ السَّلَامُ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَقَالَ لَهَا عَلَيْهِ السَّلَام لَو راجعته فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَمْرٍ مِنْكَ فَقَالَ لَا إِنَّمَا أَنَا شَفِيعٌ فَقَالَتْ لَا حَاجَةَ لِي بِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ كَانَ زَوْجُهَا عَبْدًا يُقَالُ لَهُ مُغِيثٌ وَقَالَ الْأَسْوَدُ كَانَ حُرًّا قَالَ الْبُخَارِيُّ قَوْلُ الْأَسْوَدِ مُنْقَطِعٌ وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ صَحِيحٌ وَقِيلَ لَهَا الْخِيَارُ مَعَ الْحُرِّ لِأَنَّ الْعِلَّةَ كَوْنُهَا مَجْبُورَةً عَلَى النِّكَاح فتختار عِنْدَ زَوَالِ الرِّقِّ فَإِنْ عَتَقَتْ مِنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ فَلَهَا الْخِيَارُ قَالَ وَلَوْ قِيلَ بِمَنْعِهَا مِنَ الطَّلَاقِ إِذَا قَالَ الزَّوْجُ أَنَا لَا أَرْتَجِعُ كَانَ حَسَنًا وَيَنْظُرُ السُّلْطَانُ لِلصَّغِيرَةِ فِي الْمصلحَة وَكَذَلِكَ السفيهة أَن لَا تُبَادِرَ لِاخْتِيَارِ نَفْسِهَا لِأَنَّ لَهَا عِصْمَةَ نَفْسِهَا كَالِامْتِنَاعِ مِنَ النِّكَاحِ ابْتِدَاءً وَرِضَاهَا بِالْمَقَامِ لَا يَلْزَمُهَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا لَمْ يَكُنْ نَظَرًا لِعَدَمِ اعْتِبَارِ تَصَرُّفِهَا وَيَلْزَمُهَا عِنْدَ أَشْهَبَ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ بَابِ الْمَالِ وَالسَّفِيهُ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِي الْعِبَادَاتِ وَغَيْرِهَا

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ فَلَوْ رَفَعَهَا الزَّوْجُ عِنْدَ الْعِتْقِ وَقَالَ أما تَخْتَارِينِي أَوِ الطَّلَاقَ فَقَالَتْ أَنْظُرُ وَأَسْتَشِيرُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح خِيَارُهَا يَخْتَصُّ بِمَجْلِسِ الْعِلْمِ لَنَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَهِيَ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَطَأْهَا الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ وَاسْتُحْسِنَ أَنْ تُؤَخَّرَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ طَالَ ذَلِكَ وَطَلَبَتْ بِالنَّفَقَةِ عَنِ الْمَاضِي لَمْ يَكُنْ لَهَا شَيْءٌ لِمَنْعِهَا نَفْسَهَا (فَرْعٌ) قَالَ فِي كِتَابِ التَّمْلِيكِ إِذَا قَالَ إِنْ لَمْ أَبِعْكِ إِلَى السَّنَةِ فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَقَالَتْ إِنْ خُنْتَ فَقَدِ اخْتَرْتُ نَفْسِي قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا بُدَّ مِنَ الِاسْتِئْنَافِ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ الْأَوَّلَ عَدَمُ وُجُودِ السَّبَبِ كَإِسْقَاطِ الشُّفْعَةِ قَبْلَ الْبَيْعِ وَالْقَسْمِ قَبْلَ التَّزْوِيجِ وَالْإِبْرَاءِ قَبْلَ مَوْتِ الْمَوْرُوثِ وَقَالَ أَصْبَغُ يَلْزَمُ وَاتَّفَقَا إِذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ إِنْ غِبْتُ عَنْكِ إِلَى سَنَةٍ فَأَمْرُكِ بِيَدِكِ فَقَالَتْ إِنْ فَعَلْتَ فَقَدِ اخْتَرْتُ أَنَّهُ لَازِمٌ (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا عَتَقَتْ ثُمَّ عَتَقَ الزَّوْجُ بَتْلًا قَبْلَ اخْتِيَارِهَا فَلَا خِيَارَ لَهَا لحُصُول الْمُسَاوَاة

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ فَإِنِ اخْتَارَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا صَدَاقَ لَهَا وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَيَرُدُّهُ السَّيِّدُ لِأَنَّ الْفَسْخَ مِنْ قِبَلِهَا فَإِنْ كَانَ مُعْدَمًا فَهَلْ يَسْقُطُ خِيَارُهَا لِأَنَّ ثُبُوتَهُ يُؤَدِّي إِلَى إِسْقَاطِهِ بِبُطْلَانِ الْعِتْقِ بِهِ مِنَ الصَّدَاقِ أَوْ يَثْبُتُ وَيُبَاع فِي الصَدَاق لوُقُوع ذَلِك تبعا إِذْ يَثْبُتُ وَلَا يُبَاعُ لِأَنَّهُ دَيْنٌ طَارِئٌ بِاخْتِيَارِهَا فَلَا يُرَدُّ الْعِتْقُ الْمُتَقَدِّمُ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ وَلَهَا الْمُسَمَّى بَعْدَ الْبِنَاءِ وَقَالَهُ ش خِلَافَ قَوْلِهِ فِي الْعُيُوبِ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ وَيَتْبَعُهَا كَمَالِهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ السَّيِّدُ قَبَضَهُ أَوِ اشْتَرَطَهُ (فَرْعٌ) قَالَ وَاخْتِيَارُهَا طَلَاقٌ لَا فَسْخٌ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالْإِعْسَارِ بِالنَّفَقَةِ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ فَسْخٌ كَالْبَيْعِ قَاعِدَةٌ شَرَعَ اللَّهُ تَعَالَى الْأَحْكَامَ وَشَرَعَ لِكُلِّ حُكْمٍ سَبَبًا لِثُبُوتِهِ وَسَبَبًا لِنَفْيِهِ إِذَا ثَبَتَ وَشَرَعَ فِي أَسْبَابِ الْأَمْلَاكِ الْبَيْعَ وَالْهِبَةَ وَالْوَصِيَّةَ وَغَيْرَهَا وَجَعَلَ مِنْ جُمْلَةِ أَسْبَابِهَا حَوْزَهَا مِنْ غَيْرِ أَمْرٍ زَائِدٍ فِي الْمُبَاحَاتِ الَّتِي لَمْ يَتَقَدَّمْ فِيهَا مِلْكٌ وَلَمَّا شَرَعَ حَوْزَهَا سَبَبًا لِثُبُوتِ الْمِلْكِ شَرَعَ تَرْكَهَا وَالْإِعْرَاضَ عَنْهَا سَبَبًا فِي الِانْتِفَاءِ كَالْمَطْرُوحِ مِنْ تَافِهِ الثِّمَارِ وَسَائِرِ الْمُتَمَوَّلَاتِ وَالْإِقَالَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ بَيْعًا فَإِنَّهَا إِبْطَالٌ لِلْمِلْكِ بِمُجَرَّدِ الْإِعْرَاضِ وَلَمْ يُشْرَعِ الْحَوْزُ سَبَبًا مُسْتَقِلًّا فِي النِّكَاحِ لِخَطَرِهِ وَعِظَمِ رُتْبَتِهِ فَكَذَلِكَ لَا يُشْرَعُ الْإِعْرَاضُ عَنْهُ سَبَبًا لِعَدَمِهِ تَسْوِيَةً بَيْنَ الْبَابَيْنِ بَلْ لَا بُدَّ

(فرع)

مِنْ سَبَبٍ شَرْعِيٍّ غَيْرِ الْإِعْرَاضِ وَهُوَ الطَّلَاقُ فَلَا يَبْطُلُ نِكَاحٌ صَحِيحٌ إِلَّا بِطَلَاقٍ لِتَحِلَّ لِلثَّانِي يَقِينًا قَالَ فَإِنْ مَضَتْ بِأَكْثَرَ مِنْ طَلْقَةٍ فَفِي لُزُومِ الزَّائِدِ لِأَنَّ الْفِرَاقَ بِيَدِهَا كَالزَّوْجِ أَوِ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْوَاحِدَةِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهَا وَالْأَصْلُ عَدَمُ تَصَرُّفِهَا فِي الطَّلَاقِ رِوَايَتَانِ فِي الْكِتَابِ وَالْأَوَّلُ رَجَعَ إِلَيْهِ مَالِكٌ وَفِي الْكِتَابِ الْوَاحِدَةُ بَائِنَةٌ لِأَنَّ كُلَّ طَلَاقٍ لَا ينْدَفع الضَّرَر إِلَّا بِهِ فَهُوَ بَائِن الْإِطْلَاق الْمُعْسِرِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ وَرُوِيَ عَنْهُ إِنْ عَتَقَ لَهُ الرَّجْعَةُ كَالْمُعْسِرِ قَالَ وَفِي الْكِتَابِ يُحَالُ بَيْنَهُمَا حَتَّى تَخْتَارَ لِتَزَلْزُلِ سَبَبِ الْإِبَاحَةِ وَإِنْ قَالَتْ اخْتَرْتُ وِلَايَتَهُ لَهَا فَهِيَ طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ لِتَعَيُّنِهَا بِتَعَيُّنِ سَبَبِهَا الَّذِي هُوَ الْعِتْقُ فَلَا تَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةٍ وَلَوْ بَلَغَهَا الْعِتْقُ بَعْدَ زَمَانٍ وَهُوَ يَطَؤُهَا فَلَهَا الْخِيَارُ عِنْدَ الْعِلْمِ وَبَعْدَهُ مَا لَمْ يَطَأْ وَإِنْ مَنَعَتْ نَفْسَهَا سَنَةً وَقَالَتْ لَمْ أَسْكُتْ رِضًا صُدِّقَتْ بِغَيْرِ يَمِينٍ كَالتَّمْلِيكِ (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ يُؤَخَّرُ اخْتِيَارُهَا عَنْ زَمَنِ الْحَيْضِ إِنْ أُعْتِقَتْ فِيهِ لِتَحْرِيمِ الطَّلَاقِ فِيهِ فَإِنْ عَتَقَ قَبْلَ الطُّهْرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هِيَ عَلَى خِيَارِهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ لَا خِيَارَ لَهَا لِحُصُولِ التَّسْوِيَةِ فَلَوِ اخْتَارَتْ فِيهِ فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا بَائِنَةٌ يمضى الطَّلَاق وَقَالَ بعض الْمُتَأَخّرُونَ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالرَّجْعَةِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُمْضَى لِأَنَّ حُكْمَ الرَّجْعَةِ أَنْ يُجْبَرَ الزَّوْجُ عَلَى الرَّجْعَةِ إِذَا أَوْقَعَ فِي الْحَيْضِ (فَرْعٌ) قَالَ يبطل خِيَارهَا بالتصريح بالإسقاط أَو يفعل مَا يَدُلُّ عَلَى الْإِسْقَاطِ كَالتَّمْكِينِ مِنَ الْوَطْءِ عَالِمَةً فَإِنْ جَهِلَتِ الْحُكْمَ خَاصَّةً فَالْمَشْهُورُ سُقُوطُ خِيَارِهَا لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ وَلِأَنَّ الْأَحْكَامَ تَتْبَعُ أَسْبَابَهَا وَإِنْ جَهِلَ

(فرع)

الْمُكَلَّفُ وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ وَخَالَفَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ لِأَنَّ الْعِتْقَ سَبَبُ خِيَارِهَا فَالْأَصْلُ اسْتِصْحَابُ حُكْمِهِ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا أُعْتِقَتْ وَهُوَ غَائِبٌ فَاخْتَارَتْ ثمَّ ثَبت تقدم عُنُقه فَإِنْ تَزَوَّجَتْ أَجْرَاهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى الثَّلَاثَةِ الْأَقْوَالِ فِي امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ (فَرْعٌ) قَالَ فَإِنِ اخْتُلِفَ فِي الْمَسِيسِ وَأَنْكَرَتِ الْخَلْوَةَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ فَإِنْ تَصَادَقَا عَلَيْهِ وَاخْتَلَفَا فِي الْإِكْرَاهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ فَإِنْ تَصَادَقَا عَلَى الْمَسِيسِ طَوْعًا وَاخْتَلَفَا فِي الْعِلْمِ بِالْعِتْقِ صُدِّقَتْ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ قَالَ مُحَمَّدٌ بِغَيْرِ يَمِينٍ (فَرْعٌ) قَالَ فَإِنْ عَتَقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَلَمْ يَعْلَمْ إِلَّا بَعْدَهُ فَلَهَا الْأَكْثَرُ مِنَ الْمُسَمَّى وَصَدَاقِ الْمِثْلِ عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ وَإِنْ كَانَ الْعَقْدُ فَاسِدًا فَصَدَاقُ حُرَّةٍ قَوْلًا وَاحِدًا أَوْ صَحِيحًا وَعَلِمَتْ بِالْعِتْقِ وَالْحُكْمِ فَالْمُسَمَّى فَقَطْ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ

الباب الثالث في التوابع وهي ستة)

(1 الْبَابُ الثَّالِثُ فِي التَّوَابِعِ وَهِيَ سِتَّةٌ) التَّابِعُ الْأَوَّلُ تَمْيِيزُ الْفَسْخِ بِطَلَاقٍ أَوْ بِغَيْرِهِ) وَفِي الْكِتَابِ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ يَقُولُونَ كُلُّ نِكَاحٍ لِلْوَلِيِّ وَأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا إِمْضَاؤُهُ وَفَسْخُهُ يُفْسَخُ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ وَيَتَوَارَثَانِ قَبْلَ الْفَسْخِ لِقَبُولِهِ لِلصِّحَّةِ كَالْمُتَزَوِّجَةِ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَيُطَلِّقُهَا الزَّوْجُ أَوْ يُخَالِعُهَا قَبْلَ الْإِجَازَةِ فَيُنَفَّذُ ذَلِكَ وَيَقُولُونَ كُلُّ نِكَاحٍ كَانَا مَغْلُوبَيْنِ عَلَى فَسْخِهِ كَالشِّغَارِ وَنِكَاحِ الْمَرِيضِ وَالْمَحْرَمِ وَفَاسِدِ الصَّدَاقِ أَوْ عَدِيمِهِ وَأُدْرِكَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَعَقْدِ الْمَرْأَةِ عَلَى نَفْسِهَا أَوْ غَيْرِهَا أَوِ الْعَبْدِ عَلَى غَيْرِهِ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَكُلُّ مَا فُسِخَ بَعْدَهُ لَهُمَا فَسَادُهُ فِي عَقْدِهِ فَفِيهِ الْمُسَمَّى لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْمُتَزَوِّجَةِ بِغَيْرِ وَلِيٍّ فَإِنْ أَصَابَهَا فَلَهَا مَهْرُهَا بِمَا أَصَابَ وَكُلُّ مَا فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا صَدَاقَ فِيهِ وَتَرُدُّهُ إِنْ قَبَضَتْهُ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْفَسْخِ رَدُّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْعِوَضَيْنِ لِصَاحِبِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ غَيْرُهُ فِي الْمُخَالَعَةِ عَلَى مَالٍ تَرُدُّهُ لِأَنَّ لِلْوَلِيِّ فَسخه كالمخالعة يطلع عَلَى عَيْبٍ يُوجِبُ الرَّدَّ

(فرع)

تَمْضِي الْمُخَالَعَةُ وَيُرَدُّ الْمَالُ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا زُوِّجَ رَجُلٌ أَوِ امْرَأَةٌ بِغَيْرِ أَمْرِهَا وَعَلِمَ بِقُرْبِ الْعَقْدِ كَانَ بِالْخِيَارِ بِالْإِجَازَةِ وَالرَّدِّ وَيُفْسَخُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ لِعَدَمِ الْعَقْدِ وَلَمْ يَجِدْ خِلَافًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ طَلَاقٌ وَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ تُرَدُّ الْمَجْنُونَةُ وَالْمَجْذُومَةُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ كَقَوْلِ ش فِي الْعُيُوبِ قَالَ وَعَلَى هَذَا إِذَا كَانَ الْعَيْبُ بِالزَّوْجِ يَكُونُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَإِنَّمَا زَادَ الْوَكِيلُ عَلَى مَا قَالَهُ الْمُوَكِّلُ مِنَ الصَّدَاقِ وَلَمْ يَرْضَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُفْسَخُ بِطَلَاقٍ وَقَالَ غَيْرُهُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ نِكَاحُ الْعَبْدِ يُفْسَخُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَإِذَا كَانَ الْفَسَادُ فِي الْعَقْدِ قِيلَ فِيهِ صَدَاقُ الْمِثْلِ اسْتِيفَاءَ الْمَنْفَعَةِ بِغَيْرِ عَقْدٍ شَرْعِيٍّ وَفِي الْجَوَاهِرِ آخِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِرِوَايَةٍ بَلَغَتْهُ عَنْ مَالك إِن مَا نَصه اللَّهُ تَعَالَى عَلَى مَنْعِهِ أَوْ رَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلَا يُخْتَلَفُ فِيهِ يُفْسَخُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَكُلُّ مَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي إِجَازَتِهِ وَرَدِّهِ فُسِخَ بِطَلَاقٍ لِقَبُولِهِ الصِّحَّةَ عَلَى قَوْلٍ وَقَالَهُ فِي الْكِتَابِ وَزَادَ إِنْ طَلَّقَ قَبْلَ الْفَسْخِ لَا يَلْزَمُ وَلَا يَتَوَارَثَانِ (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ وَضَابِطُ مَا يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَقَطْ أَنَّ النِّكَاحَ إِنِ اتُّفِقَ عَلَى فَسَادِهِ وَالْمَنْعِ مِنَ الْإِقَامَةِ عَلَيْهِ فُسِخَ قَبْلُ وَبَعْدُ وَإِلَّا فَالْخَلَلُ إِنْ كَانَ فِي الْعَقْدِ فُسِخَ قَبْلُ وَفِي فَسْخِهِ بَعْدُ خِلَافٌ كَنِكَاحِ الْمُحْرِمِ وَالْمَرِيضِ أَوْ فِي الصَّدَاقِ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قَبْلُ وَبَعْدُ وَلَا يُفْسَخُ مُطْلَقًا وَالْمَشْهُورُ قَبْلُ فَقَطْ

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ الَّذِي يُفْسَخُ مُطْلَقًا يَصِحُّ فِيهِ اللِّعَانُ وَلُحُوقُ النَّسَبِ فِيهِ دُونَ الظِّهَارِ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ إِنْ تَزَوَّجْتُكِ لِعَدَمِ الزَّوْجِيَّةِ وَيَلْزَمُ الْإِيلَاءُ إِنْ تَزَوَّجَهَا كَالْأَجْنَبِيَّةِ تَمْهِيدٌ لِلشَّرْعِ فِي هَذَا الْفَصْلِ مَطْلُوبَانِ إِبْطَالُ الْعَقْدِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ لِمَا تَضَمَّنَهُ مِنَ الْفَسَادِ فَلِذَلِكَ أُمِرَ بِالْفَسْخِ وَالْحِلُّ لِلزَّوْجِ الثَّانِي وَلِذَلِكَ شُرِعَ فِي الْفَسْخِ الطَّلَاقُ لِيَحْصُلَ الْيَقِينُ بِالْحِلِّ فَحَيْثُ يُمْكِنُ الْفَسَادُ إِمَّا بِتَنْصِيصِ الشَّارِعِ أَوْ بِالْمَنْعِ مِنِ اخْتِيَارِ الْإِمْضَاءِ أَوْ بِالْإِجْمَاعِ ظَهَرَ لِيَحِلَّ الثَّانِي بِدُونِ الطَّلَاقِ فَلَا يُشْرَعُ الطَّلَاقُ لِئَلَّا يَنْقُصَ الْمِلْكُ بِغَيْرِ فَائِدَةٍ وَحَيْثُ لَمْ يَتَمَكَّنِ الْفَسَادُ لِوُجُودِ الْخِلَافِ أَوِ التَّمَكُّنِ مِنَ الْإِمْضَاءِ تَعَيَّنَ الِاحْتِيَاطُ لِيَحِلَّ لِوُجُودِ أَمَارَةِ قَبُولِ الْعَقْدِ لِلصِّحَّةِ فَلَا يَضُرُّ نُقْصَانُ الْمِلْكِ لِأَنَّ الزَّوْجَ أَدْخَلَ ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ مَعَ أَنَّ الِاحْتِيَاطَ لِلأبْضَاعِ أَوْلَى مِنَ الْأَمْلَاكِ وَكَذَلِكَ تَخْصِيصُ الْفَسْخِ قَبْلَ الدُّخُولِ نَظَرًا لِخِفَّةِ الْفَسَادِ فَتَأَكَّدَ الصِّحَّةُ بِالدُّخُولِ لِأَجْلِ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَوْرَتَيْنِ وَذَهَابِ الْحُرْمَتَيْنِ وَارْتِفَاعِ الْجَنَابَتَيْنِ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجَيْنِ (التَّابِعُ الثَّانِي الْمُتْعَةُ) وَهِيَ عِنْدَنَا مُسْتَحَبَّةٌ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ بِوُجُوبِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {ومتعوهن} وَقَوْلِهِ {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} وَظَاهِرُ الْأَمْرِ الْوُجُوبُ وَلِأَنَّهَا بَدَلٌ عَنْ نِصْفِ الصَّدَاقِ فِي غَيْرِ الْمَفْرُوضِ لَهَا وَالصَّدَاقُ وَاجِبٌ فَتجب وَالْجَوَاب على الْأَوَّلِ أَنَّ قَوْله

(تفريع)

تَعَالَى فِيهِ {حَقًا على الْمُتَّقِينَ} الْوُجُوبُ لِأَنَّ الْوَاجِبَ يَعُمُّ الْمُحْسِنَ وَغَيْرَهُ فَلَمَّا خَصَّصَهَا دَلَّ عَلَى أَنَّهَا مِنْ بَابِ الْإِحْسَانِ وَهُوَ الْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي وَيَرِدُ عَلَيْهِمَا تَمَسُّكٌ بِالْمَفْهُومِ وَخُصُومُنَا تَمَسَّكُوا بِالْمَنْطُوقِ وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَفْهُومِ إِجْمَاعًا وَعَنِ الثَّالِثِ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهَا بَدَلٌ عَنِ الصَّدَاقِ بَلْ مَعْرُوفٌ مُسْتَأْنَفٌ سَلَّمْنَاهُ لَكِنَّ وُجُوبَ النِّصْفِ دُونَ انْتِفَاعٍ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ فَلَا تَكْثُرُ مُخَالَفَتُهُ (تَفْرِيعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ هِيَ لِكُلِّ امْرَأَةٍ اخْتَارَ الزَّوْجُ طَلَاقَهَا وَلَا خِيَارَ لَهَا فِيهِ لِأَنَّ الْمُخْتَارَةَ لَا تَحْتَاجُ جَبْرًا وَلَيْسَتْ لِلْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَدْ فُرِضَ لَهَا لِمُجْبِرِهَا بِنِصْفِ الصَّدَاقِ وَلَا لِمَنْ كَانَ الطَّلَاقُ بِسَبَبِهَا كَالْمُخْتَلِعَةِ وَالْمُلَاعِنَةِ لِأَنَّهُ مُضَافٌ إِلَيْهَا فَلَا تُجْبَرُ مِنْهُ فِي الْفِرَاقِ جَبْرًا لِأَنَّهُ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ وَإِنَّمَا يُجْبِرُ الزَّوْجَ مَا كَانَ مِنْ جِهَتِهِ وَلَا لِلْمُجْبَرَةِ إِذَا اخْتَارَتْ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُنْكَسِرَةٍ وَرُوِيَ لَهَا الْمُتْعَةُ لِأَنَّ ابْتِدَاءَهُ مِنَ الزَّوْجِ وَلَا لِلرَّجْعِيَّةِ وَإِنِ ارْتُجِعَتْ لِأَنَّ الرَّجْعَةَ أَتَمُّ مِنَ الْمُتْعَةِ وَإِلَّا فَلَهَا قَالَ فَضْلُ بْنُ سَلَمَةَ وَمُقْتَضَاهُ لِأَنَّهَا لَا تمتّع حَتَّى تَنْقَضِي الْعدة وَلَو كَانَت بانيا فَرد بهَا فَلَهَا الْمُتْعَةُ لِأَنَّهَا اسْتَحَقَّتْهَا قَبْلَ الرَّدِّ وَاسْتَقَرَّ للخمي نَفيهَا

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ مِقْدَارُهَا مَوْكُولٌ إِلَى اخْتِيَارِهِ لِعَدَمِ الْوُجُوبِ وَيُسْتَحَبُّ تَقْدِيرُهَا بِعُسْرِهِ وَيُسْرِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ} وَفِي الْكِتَابِ عَلَى الْعَبْدِ الْمُتْعَةُ دُونَ النَّفَقَةِ وَلَوْ خَلَا بِهَا وَاخْتَلَفَا فِي الْمَسِيسِ وَقَدْ طَلَّقَهَا صُدِّقَتْ فِي الصَّدَاقِ دُونَ الْمُتْعَةِ وَالصَّغِيرَةُ وَالْأَمَةُ وَالذِّمِّيَّةُ لَهُنَّ الْمُتْعَةُ (فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَاخْتُلِفَ فِي الْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَمْ يُسَمَّ لَهَا وَالَّتِي طُلِّقَتْ بَعْدَ الدُّخُولِ وَقَدْ سُمِّيَ لَهَا أَمْ لَا أَيُّهُمَا آكَدُ ثَلَاثَةُ أَقْوَال قَالَ مَا لَك هُمَا فِي عَدَمِ الْوُجُوبِ سَوَاءٌ وَقِيلَ سَوَاءٌ فِي الْوُجُوبِ وَقِيلَ يَخْتَصُّ الْوُجُوبُ فِي الَّتِي لَمْ يُدْخَلْ بِهَا وَلَمْ يُسَمَّ لَهَا لِأَنَّهَا مَوْرِدُ النَّصِّ نَقَلَهُ هَكَذَا بِصِيغَةِ الْوُجُوبِ (فَرْعٌ) قَالَ فَإِنْ بَانَتْ فَهَلْ تَجِبُ لِلْوَرَثَةِ كَسَائِرِ الْحُقُوق وَقيل لَا لِفَوَاتِ إِزَالَةِ أَلَمِ الطَّلَاقِ (التَّابِعُ الثَّالِثُ الْوَلِيمَةُ وَالْمَهْرُ) قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ الْوَلِيمَةُ فِي اللُّغَةِ طَعَامُ الْعُرْسِ وَالْإِمْلَاكِ وَالْإِعْذَارُ طَعَامُ الْخِتَانِ وَالنَّقِيعَةُ طَعَامُ الْقَادِمِ مِنَ السَّفَرِ وَالْخُرْسُ طَعَامُ

النِّفَاسِ وَالْمَأْدُبَةُ طَعَامُ الدَّعْوَةِ وَالْوَكِيرَةُ بِنَاءُ الدَّارِ وَقَالَ غَيْرُهُ وَالْعَقِيقَةُ لِأَجْلِ الْوَلَدِ وَالْحَذَاقُ طَعَامُ الصَّبِيِّ عِنْدَ حَذَاقِ الْقُرْآنِ جُهْدَهُ ثَمَانِيَةُ أَسْمَاءٍ لِلْأَطْعِمَةِ فِي اللُّغَةِ وَأَصْلُهَا مَا فِي مُسْلِمٍ أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَأَى عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَثَرَ صُفْرَةٍ فَقَالَ مَا هَذَا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ قَالَ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ وَهِيَ أَقَلُّهَا مَعَ الْقُدْرَةِ وَإِلَّا فَبِحَسَبَ الِاسْتِطَاعَةِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَوْلَمَ عَلَى بَعْضِ نِسَائِهِ بِالْخُبْزِ وَالتَّمْرِ وَالْأَقِطِ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى وَهِيَ يَوْمٌ وَاحِدٌ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ سَرَفٌ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُولِمُ ذُو الْقُدْرَةِ ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ لِمَا فِيهِ مِنْ إِظْهَارِ النِّكَاحِ وَالتَّوْسِعَةِ عَلَى النَّاسِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ يَتَكَرَّرُ عَلَى طَعَامِي ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ لِأَنَّهُ مُبَاهَاةٌ وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ تُشْرَعُ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَتَجِبُ الْإِجَابَةُ لِلْأَوَّلِ وَتُسْتَحَبُّ لِلثَّانِي دُونَ الثَّالِثِ وَفِي الْجَوَاهِرِ يَجْعَلُهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ قَالَ اللَّخْمِيُّ هِيَ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ وَاسِعٌ فَقَدْ أَوْلَمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَى صَفِيَّةَ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَإِتْيَانُهَا وَاجِبٌ خِيفَةَ الْعَدَاوَة وَأَن لَا يُهْدَوْنَ إِنْ لَمْ يَحْضُرْهَا مَنْ يَشْهَدُ النِّكَاحَ بِهِ وَمُبَاحٌ إِنْ حَضَرَهَا وَخَالَفَهُ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ قَالَ

وَيَجِبُ إِتْيَانُهَا عَلَى مَنْ دُعِيَ إِلَيْهَا عِنْدَ مَالِكٍ وَالْأَئِمَّةِ وَأَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ لِمَا فِي مُسْلِمٍ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْوَلِيمَةِ فَلْيَأْتِهَا وَصِفَةُ مَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ أَنْ يُعَيِّنَ الرَّجُلُ الدَّعْوَةَ فَإِنْ قَالَ لِلرَّسُولِ ادْعُ مَنْ تُحِبُّ لَمْ تَجِبْ لِعَدَمِ التَّعْيِينِ وَهَلْ يَجِبُ الْأَكْلُ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ لَمْ أَرَ لِأَصْحَابِنَا فِيهِ نَصًّا وَمَسَائِلُ الْمَذْهَبِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَتَقَدَّمَ الْوُجُوبُ قَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الصَّحِيحِ إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجِبْ فَإِنْ شَاءَ أَكَلَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ مَذْهَبُنَا اسْتِحْبَابُ الْإِجَابَةِ قَالَ وَلَا يَحْضُرُ ذُو الْهَيْئَةِ مَوْضِعَ اللَّهْوِ وَيَرْجِعُ الْمَدْعُوُّ إِنْ وَجَدَ الْمُنْكَرَ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ يُقَدَّمُ عَلَى الْإِيجَابِ لِأَنَّ الْمَفَاسِدَ مُقَدَّمَةُ الدَّفْعِ عَلَى الْمَصَالِحِ وَقَالَهُ ش وَقَالَ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ يَجِبُ الْحُضُورُ مَعَ الْمُنْكَرِ وَيَنْهَى عَنْهُ إِنِ اسْتَطَاعَ فَيُطِيعُ اللَّهَ طَاعَتَيْنِ وَإِلَّا سَقَطَ عَنْهُ الْخِطَابُ بِهِ وَلِأَنَّ الْحَقَّ لَا يُتْرَكُ لِأَجْلِ الْبَاطِلِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَيَلْحَقُ بِالْمُنْكَرِ فَرْشُ الْحَرِيرِ أَوْ تَأَذٍّ بِحُضُورِ السِّفْلَةِ أَوِ الزِّحَامُ أَوْ غَلْقُ الْبَابِ دُونَهُ أَوْ عَلَى جِدَارِ الدَّارِ صُوَرٌ أَوْ سَاتِرٌ وَلَا بَأْسَ بِصُوَرِ الْأَشْجَارِ وَاللَّعِبِ وَاللَّهْوِ الْخَفِيفِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى الدُّفِّ وَهُوَ الْغِرْبَالُ فِي الْوَلِيمَةِ وَالْعُرْسِ وَفِي الْكَبَرِ وَالْمِزْهَرِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ هُمَا كَالْغِرْبَالِ وَمَنَعَ أَصْبَغُ وَالْجَوَازُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْكَبَرِ دُونَ الْمِزْهَرِ وَلِابْنِ كِنَانَةَ إِجَازَةُ الْبُوقِ وَالزِّمَارَةِ الَّتِي لَا تُلْهِي فِي الْعُرْسِ وَاخْتُلِفَ فِي جَوَازِ مَا أُجِيزَ مِنْ ذَلِكَ فَالْمَشْهُورُ هُوَ إِبَاحَةٌ وَقِيلَ كَرَاهَةٌ وَقِيلَ يَعُمُّ الْجَوَازُ الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَخَصَّصَهُ أَصْبَغُ بِالنِّسَاءِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ

(فرع)

وَيُسْتَحَبُّ الرَّجَزُ الْخَفِيفُ كَقَوْلِ جَوَارِي الْأَنْصَارِ (أَتَيْنَاكُمْ أَتَيْنَاكُمْ ... فَحَيُّونَا نُحَيِّيكُمْ) قَالَ وَلَا يُعْجِبُنِي التَّصْفِيقُ وَقد قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كُلُّ لَهْوٍ يَلْهُو بِهِ الْمُؤْمِنُ بَاطِلٌ إِلَّا ثَلَاثًا مُلَاعَبَةَ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ وَتَأْدِيبَهُ فَرَسَهُ وَرَمْيَهُ عَنْ قَوْسِهِ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ الدُّفُّ بِضَمِّ الدَّالِّ هُوَ الْمُدَوَّرُ بِوَجْهٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الْغِرْبَالُ وَالْمُرَبَّعُ مِنَ الْوَجْهَيْنِ هُوَ الْمِزْهَرُ وَلَيْسَ بِعَرَبِيٍّ وَالْمِزْهَرُ عِنْدَ الْعَرَبِ عُودُ الْغِنَا (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ لَا تُتْرَكُ الْإِجَابَةُ لِأَجْلِ الصَّوْمِ بَلْ يُتْرَكُ الْأَكْلُ (فَرْعٌ) وَيُكْرَهُ نَثْرُ السُّكَّرِ وَاللَّوْزِ وَشِبْهِهِ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ خِلَافًا لِ ح لِأَنَّهُ يَقَعُ نَهْبًا وَفِي الْبُخَارِيِّ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا تَحِلُّ النُّهْبَةُ وَالْمُثْلَةُ

فرع

(فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيّ كره مَا لَك لِأَهْلِ الْفَضَائِلِ إِتْيَانَ طَعَامِ غَيْرِ الْعُرْسِ قَالَ وَأَرَادَ إِنْ كَانَ الْمَدْعُوُّ قَرِيبًا أَوْ صَدِيقًا أَوْ جَارًا كَانَ الْعُرْسُ وَغَيْرُهُ سَوَاءً وَإِلَّا كَرِهَ غَيْرَ الْعُرْسِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ يُدْعَى إِلَيْهِ الْغَنِيُّ دُونَ الْفَقِيرِ وَإِذَا أَتَى الرَّجُلُ الْعَظِيمُ فَلَا بَأْسَ بِعَدَمِ الْأَكْلِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الشَّرِيفُ إِلَّا أَنْ يَخْشَى الْوَحْشَةَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلْيَأْتِ وَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَطْعَمْ وَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُصَلِّ أَيْ يَدْعُ (التَّابِعُ الرَّابِعُ الْقَسْمُ بَيْنَ النِّسَاءِ وَفِيهِ خَمْسَةُ فُصُولٍ) الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِيمَنْ يَسْتَحِقُّ الْقَسْمَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تميلوا كل الْميل} وَقَالَ تَعَالَى {وعاشروهن بِالْمَعْرُوفِ} وَفِي التِّرْمِذِيِّ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذَا كَانَ عِنْدَ الرَّجُلِ امْرَأَتَانِ فَلَمْ يَعْدِلْ بَينهمَا جَاءَ

يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَشِقُّهُ سَاقِطٌ وَفِي الْجَوَاهِرِ مَنْ لَهُ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْمَبِيتُ عِنْدَهَا وَيُسْتَحَبُّ لِتَحْصِينِهَا وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ يَجِبُ لَهَا فِي كُلِّ أَرْبَعِ لَيَالٍ لَيْلَةٌ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ كَانَ لَهَا ذَلِكَ وَالْفَرْقُ أَنَّ ضَرَرَ إِتْيَانِ الضَّرَّةِ مَنْفِيٌّ هَا هُنَا وَلَوْ كَانَ لَهُ أَرْبَعٌ وَتَرَكَ الْجَمِيعَ جَازَ وَلَا يَجِبُ الْقَسْمُ بَيْنَ السَّرَارِي لِعَدَمِ حَقِّهِنَّ فِي الْوَطْءِ وَلَا بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ الزَّوْجَاتِ وَالْأَوْلَى كَفُّ الْأَذَى وَيَجِبُ الْعَدْلُ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ إِجْمَاعًا وَتَسْتَحِقُّهُ الْمَرِيضَةُ وَالرَّتْقَاءُ وَالنُّفَسَاءُ وَالْحَائِضُ وَالْمُحْرِمَةُ وَالْمُوَلَّى عَنْهَا وَالْمُظَاهَرَةُ وَكُلُّ مَنْ لَهَا عُذْرٌ شَرْعِيٌّ أَوْ طَبْعِيٌّ بِحُصُولِ الِاثْنَيْنِ وَقَالَهُ فِي الْكِتَابِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّة وَلَا تجب الْمُبَاشرَة وَلَا جمع أَنْ يَنْشَطَ فِي يَوْمِ وَاحِدَةٍ دُونَ الْأُخْرَى إِلَّا أَن يقْصد الضَّرَر عَنْهَا لَيْسَ فِي لغَيْرهَا وَفِي الْبُخَارِيِّ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقْسِمُ بَيْنَ نِسَائِهِ فَيَعْدِلُ وَيَقُولُ اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا أَمْلِكُ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ الْإِتْيَانُ عَلَى أَرْبَعَة أَقسَام جَائِز وَهُوَ ميل الْقلب والمحسنة وإنشاط إِلَى الْحَمْلِ لِأَنَّهُ لَا يُمْلَكُ وَكَذَلِكَ بِمَا يَجِبُ لَهَا لِارْتِفَاعِ مَنْزِلَتِهَا وَتَفْضِيلِهَا بِالْمِقْدَارِ الْوَاجِبِ بِزِيَادَةِ نَفَقَةٍ عَلَى الْأُخْرَى بِمَا لَا تَسْتَحِقُّهُ مَعَ تَوْفِيَةِ الْأُخْرَى نَفَقَتَهَا فِيهِ قَوْلَانِ الْجَوَازُ لِأَنَّهُ لَمْ يَجُرْ وَالْمَنْعُ لِأَنَّهُ مَيْلٌ بِمَا يَمْلِكُهُ وَالْأَذِيَّةُ لِلْأُخْرَى وَالرَّابِعُ تَنْقِيصُ إِحْدَاهُمَا بِمَا يَجِبُ لَهَا أَوْ بِتَرْكِ الْجِمَاعِ قَصْدًا وَيُتْرَكُ لِلْأُخْرَى وَهُوَ مَمْنُوعٌ إِجْمَاعًا وَفِي الْجَوَاهِرِ يَجِبُ الْقَسْمُ عَلَى كُلِّ زَوْجٍ مُكَلَّفٍ وَعَلَى وَلِيِّ الْمَجْنُونِ أَنْ يَطُوفَ بِهِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِتَحْصِيلِ الْأُنْسِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا كَانَ الْمَرِيضُ يَقْدِرُ على

(فرع)

الْقَسْمِ وَجَبَ أَنْ لَا يَجِدَ لِإِقَامَتِهِ مَا لَمْ يَكُنْ كَمَا أَقَامَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عِنْدَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِي مَرَضِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَقِيلَ إِذَا غَلَبَ الْمَرَضُ وَإِحْدَاهُنَّ تَصْلُحُ لِتَمْرِيضِهِ دُونَ غَيْرِهَا تَعَيَّنَتْ وَإِنْ تَسَاوَيْنَ فَبِالْقُرْعَةِ إِلَّا أَنْ يَرْضَيْنَ لِمَا فِي أَبِي دَاوُود بعث - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى نِسَائِهِ فِي الْمَرَضِ فَاجْتَمَعْنَ فَقَالَ إِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَدُورَ بَيْنَكُنَّ فَإِنْ رَأَيْتُنَّ أَنْ تَأْذَنَّ لِي فَأَكُونَ عِنْدَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إِنْ فَعَلْتُنَّ فَأَذِنَّ لَهُ وَالْمَشْهُورُ يرْوى أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَعَلَ ذَلِكَ تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِنَّ لَا أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا سَافَرَتْ إِحْدَاهُنَّ مُدَّةً لَمْ تُحَاسِبْهُ وَيَبْتَدِئُ الْقَسْمَ لِأَنَّهَا أَسْقَطَتْ حُقُوقَهَا وَإِذَا أَقَامَ عِنْدَ إِحْدَاهُنَّ مُدَّةً عَنْ ذَلِك وَلم تُحَاسِبْهُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْقَسْمِ دَفْعُ الضَّرَرِ الْحَاضِرِ وَتَحْصِينُ الْمَرْأَةِ وَهُوَ يَفُوتُ بِفَوَاتِ زَمَانِهِ وَكَالْعَبْدِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ لَا يُحَاسِبُهُ بِهَذَا الْإِبَاقِ وَقَالَهُ ح وَقَالَ ش يَجِبُ الْقَضَاءُ فِيمَا ظَلَمَ فِيهِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحُقُوقَ إِنَّمَا وَجَبَ دَفْعُهَا بَعْدَ زَمَانٍ لِحُصُولِ مَصْلَحَتِهَا بعد زمانها وَهَا هُنَا تَفُوتُ الْمَصْلَحَةُ لِفَوَاتِ الزَّمَانِ فَلَا مُضِيَّ لِلْقَضَاءِ وَفِي

(فرع)

الْجَوَاهِرِ اسْتَقْرَأَ اللَّخْمِيُّ الْقَضَاءَ إِذَا أَقَامَ عِنْدَ غَيْرِهَا أَكْثَرَ مِنْ نَوْبَتِهَا مِنْ قَوْلِهِ فِي السُّلَيْمَانِيَّةِ إِذَا أَقَامَ عِنْدَ إِحْدَاهُنَّ شَهْرَيْنِ وَهُنَّ أَرْبَعٌ وَحَلَفَ أَنْ لَا يَطَأَهَا سِتَّةَ أَشْهُرٍ حَتَّى يُوَفِّيَ الْبَاقِيَاتِ لَيْسَ بِمُولٍ لِأَنَّهُ قَصَدَ الْعَدْلَ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُرَاده الاستيناف دُونَ الْمُحَاسَبَةِ فَلَا يَكُونَ مُولِيًا لِأَنَّهُ لَا يَقْصِدُ الضَّرَرَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا أَغْلَقْنَ الْبَابَ دُونَهُ ضَرَرًا لَهُ فَلَهُ الذَّهَابُ إِلَى الْأُخْرَى وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْمَبِيتِ فِي حُجْرَتِهَا فَعَلَ لِأَنَّهَا وَإِنْ ظَلَمَتْهُ فَلَمْ تُسْقِطْ حَقَّهَا قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ إِنْ كَانَ ظَالِما عَلَيْهَا لم يذهب بغَيْرهَا وَإِنْ كَانَتْ ظَالِمَةً ذَهَبَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَلَهَا أَنْ يَشْرَبَ وَيَتَوَضَّأَ مِنْ بَيْتِهَا فِي غَيْرِ يَوْمِهَا وَيَأْكُلَ مِنْ طَعَامٍ يَبْعَثُ بِهِ إِلَيْهَا مِنْ غَيْرِ تَعَمُّلِ مَيْلٍ وَقَالَ لَا يَأْتِي فِي يَوْمهَا إِلَّا لحَاجَة أَو عِيَادَة وَلَهُ جَعْلُ ثِيَابِهِ عِنْدَ إِحْدَاهُمَا مَا لَمْ يُرِدْ ضَرَرًا أَوْ مَيْلًا (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ نَهَارًا أَقَامَهُ عِنْدَ أَيِّهِمَا شَاءَ وَلَا يحسبه ويأتنف الْقسم لِأَن الْمَقْصُود اللَّيْل فقد ذَهَبَ قَالَ وَأُحِبُّ أَنْ يَنْزِلَ عِنْدَ الَّتِي خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا وَقَالَهُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَإِذَا كَانَتْ ذَاتَ قَدْرٍ جَازَتِ الْمُفَاضَلَةُ فِي النَّفَقَةِ وَالْأَحْسَنُ التَّسْوِيَةُ فَقَدْ كَانَ لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ امْرَأَتَانِ يَمْتَنِعُ مِنْ شُرْبِ الْمَاءِ مِنْ عِنْدِهِمَا وَإِنَّهُمَا مَاتَتَا فَلَمْ يَدْفِنْهُمَا إِلَّا بِالْقُرْعَةِ

(فرع)

(فَرْعٌ) إِذَا رَضِيَتْ بِذَاكَ أَيَّامَهَا وَآثَرَتْ بِهَا غَيْرَهَا عَلَى أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا جَازَ لِمَا فِي مُسْلِمٍ إنَّ سَوْدَةَ لَمَّا كَبُرَتْ جَعَلَتْ يَوْمهَا مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقْسِمُ لَهَا يَوْمَيْنِ وَلَهَا الرُّجُوعُ مَتَى شَاءَتْ فِيمَا ذَهَبَتْ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ قَاعِدَةٌ كُلُّ حَقٍّ تَعَيَّنَ سَبَبُهُ نَفَذَ التَّصَرُّفُ فِيهِ وَلَوْ فَقَدَ شَرْطَهُ كَدَفْعِ الزَّكَاةِ قَبْلَ الْحَوْلِ لِتَحَقُّقِ السَّبَبِ الَّذِي هُوَ النِّصَابُ وَإِنْ فَقَدَ الشَّرْطَ الَّذِي هُوَ الْحَوْلُ وَالْعَفْوِ عَنِ الْقَصَّاصِ وَالدِّيَةِ قَبْلَ الْمَوْت والتكفير قبل الْحِنْث وَغير ذَلِك وَهَا هُنَا تَحَقَّقَ سَبَبُ اسْتِحْقَاقِ الْقَسْمِ وَهُوَ الْعِصْمَةُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُنَفَّذَ التَّصَرُّفُ فَيُشْكِلُ أَنَّ لَهَا الرُّجُوعَ وَالَّذِي يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ التَّصَرُّفَاتِ تَنْقَسِمُ إِلَى النَّقْلِ كَالْهِبَةِ وَالْبَيْعِ وَالْإِسْقَاطِ كَالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا لَمْ يَمْلِكْ نَفْسَهُ بَعْدَ الْعِتْقِ لَمْ يَنْتَقِلْ إِلَيْهِ مَا كَانَ لِلسَّيِّدِ بَلْ سَقَطَ وَكَذَلِكَ الزَّوْجُ فَقُلْنَا أَنْ يُجْعَلْ هَذَا مِنْ بَابِ النَّقْلِ بِالْهِبَةِ وَالْهِبَةُ إِذَا لَمْ يَتَّصِلْ بِهَا قَبْضٌ لَا تَتِمُّ وَإِنْ كَانَ سَبَبُ مِلْكِهِ مُتَحَقِّقًا أَمَّا لَوْ جَعَلْنَاهُ مِنْ بَابِ الْإِسْقَاطِ فَلَا يَتَأَتَّى الرُّجُوعُ لِمَا تَقَدَّمَ مِنَ الْقَاعِدَةِ فِي إِسْقَاطِ الدَّيْنِ وَغَيْرِهِ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ بِالْإِسْقَاطِ أَشْبَهُ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَا يملك الْمُطَالبَة بِأَن يوطئ كَمَا كَانَ ذَلِكَ لِلْمَرْأَةِ وَأَمَّا إِنْ دَفَعَتْهُ لِضَرَّتِهَا فَلَيْسَ إِسْقَاطًا لِأَنَّهُ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى الضَّرَّةِ حَتَّى يَسْقُطَ بِالْهِبَةِ لَكِنَّ الْهِبَةَ إِذَا كَانَت

(فرع)

بِشَرْطٍ تَجْرِي مَجْرَى الْمُعَاوَضَةِ تَتِمُّ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّ الشَّرْطَ لَا أَنْزَلَهُ لَكِنَّ الْوَاهِبَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنَ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ بَلْ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ الْمُطَالَبَةُ وَالْإِلْزَامُ بِالتَّسْلِيمِ إِذَا أعرض الْمَوْهُوب مَعَ الْقُدْرَة سقط حَقه وَهَا هُنَا لَمْ تَتَمَكَّنِ الضَّرَّةُ مِنِ اسْتِيفَاءِ الْمَوْهُوبِ لِكَوْنِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَلَا تَسْتَوْفِيَ إِلَّا مِنْهُ (فَرْعٌ) قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ الْهِبَةِ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي الِاسْتِمْتَاعِ بِالْوَاهِبَةِ فَإِنْ قِيلَ لَيْسَ لِلْمَوْهُوبَةِ الِامْتِنَاعُ وَإِنْ وُهِبَتْ مِنَ الزَّوْجِ نَفْسِهِ فَلَهُ تَخْصِيصُ بَعْضِهِنَّ بِالْمَوْهُوبِ قِيَاسًا عَلَى مَالِهِ بِالْأَصَالَةِ الْفَصْلُ الثَّانِي فِي زَمَانِ الْقَسْمِ وَفِي الْكِتَابِ يَوْمٌ بِيَوْمٍ لَا أَكْثَرُ وَيَعْدِلُ فِي الْمَبِيتِ وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ش وح أَقَلُّهُ لَيْلَةٌ وَيَجُوزُ إِلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِسُرَّتِهَا فِي الْبَيْت للعروس لما فِي أبي دَاوُود كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يُفَضِّلُ بَعْضَنَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْقَسْمِ فِي مُكْثِهِ عِنْدَنَا وَكَانَ قَلَّ يَوْمٌ إِلَّا وَهُوَ يَطُوفُ عَلَيْنَا جَمِيعًا فَيَدْنُو مِنْ كُلِّ امْرَأَةٍ مِنْ غَيْرِ مَسِيسٍ حَتَّى يَبْلُغَ الَّتِي هُوَ يَوْمُهَا فَيَبِيتَ عِنْدَهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ لَهُ الْبِدَايَةُ بِاللَّيْلِ أَوْ بِالنَّهَارِ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ أَنْ يُكْمِلَ يَوْمًا وَلَيْلَةً قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ وَأَظْهَرُ أَقْوَالِ أَصْحَابِنَا الْبِدَايَةُ بِاللَّيْلِ لِأَنَّهُ السَّابِقُ عَلَى النَّهَارِ فِي اللُّغَةِ الْمَشْهُورَةِ وَلَا يَزِيدُ عَلَى اللَّيْلَةِ إِلَّا بِرِضَاهُنَّ وَرِضَاهُ أَوْ يَكُنَّ فِي بِلَاد

(فرع)

مُتَبَاعِدَةٍ فَيُقَسِّمَ الْجُمُعَةَ وَالشَّهْرَ عَلَى حَسَبِ الْإِمْكَانِ وَلَا يَنْصُصِ اللَّيْلَةَ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَأَجَازَ ابْنُ الْقَصَّارِ أَنْ يُسَبِّعَ بِغَيْرِ رِضَاهُنَّ اعْتِبَارًا بِالْبِكْرِ الْعَرُوسِ (فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ اخْتُلِفَ فِي بَيْعِهَا الْيَوْمَ وَشِبْهَهُ فَجَوَّزَهُ مَالِكٌ فِي اللَّيْلَةِ وَكَرَّهَ غَيْرَهَا وَحَرَّمَهُ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ لِأَنَّهُ عَقْدٌ عَلَى جَوْرٍ وَلِأَنَّ الِاسْتِمْتَاعَ لَا يُقَابَلُ بِالْعِوَضِ وَفِي نَظَرِ الشَّرْعِ إِلَّا فِي عَقْدِ النِّكَاحِ أَمَّا أَيَّامًا مَعْلُومَةً فَلَا قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ شِرَاءُ الْمَرْأَةِ لَيْلَةً وَاحِدَةً لِصَاحِبَتِهَا أَشَدُّ كَرَاهَةً مِنْ شِرَاءِ الرَّجُلِ ذَلِكَ مِنْهَا لِأَنَّ الْمَرْأَةَ قَدْ يَحْصُلُ مَقْصُودُهَا مِنَ الْوَطْءِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَقَدْ يتَعَذَّر وَالرجل مُتَمَكن من الِاسْتِمْتَاع وَالْمَرْأَة الطَّوِيلَةُ فَيُكْرَهُ مِنْهُمَا لِكَثْرَةِ الْغَرَرِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَإِنْ أَذِنَتْ لَهُ أَنْ يَطَأَ الْأُخْرَى فِي نَوْبَتِهَا جَازَ وَلَيْسَ لِلْأَمَةِ إِسْقَاطُ يَوْمِهَا إِلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهَا لِحَقِّهِ فِي الْوَلَدِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ غَيْرَ بَالِغٍ أَوْ هِيَ حَامِلٌ فَيَسْقُطُ حَقُّهَا زَمَنَ الْحَمْلِ الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي مَقَامِ الْقَسْمِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ لَيْسَ لَهُ جَمْعُهُنَّ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ إِلَّا بِرِضَاهُنَّ وَلَا فِي فِرَاشٍ وَإِنْ رَضِينَ لِمَا فِيهِ من قلَّة المرؤة وَكَرِهَهُ فِي الْإِمَاءِ أَوْ أَنْ يَتَعَرَّيْنَ بِغَيْرِ ثِيَابٍ وَأَنْ يَطَأَ وَفِي الْبَيْتِ مَعَهُ مَنْ يَسْمَعُ حِسَّهُ وَلَوْ كَانَ الصَّبِيُّ نَائِمًا وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يُخْرِجُ الصَّبِيَّ مِنَ الْمَهْدِ وَالْبَهِيمَةَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَلَهُ فِي أَمَتَيْهِ أَنْ يَنَامَ مَعَهُمَا دُونَ وَطْءٍ قَالَ مَالِكٌ وَلْيَأْتِهِنَّ وَلَا يَأْتِينَهُ لِفِعْلِهِ

(الفصل الرابع في التفاضل وله أسباب)

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَرْضَيْنَ وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ عَلَيْهِنَّ أَنْ يَأْتِينَهُ لِتَوْفِيَتِهِ حَقَّهُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُقْضَى عَلَيْهِ بِالذَّهَابِ وَبِالتَّفْرِيقِ فِي الْمَسَاكِنِ قَالَ اللَّخْمِيُّ مَنَعَ مَالِكٌ جَمْعَ الْحُرَّتَيْنِ مِنْ غَيْرِ وَطْءٍ وَكَرِهَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَفِي الْإِمَاءِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْمَنْعُ لِمَالِكٍ وَالْكَرَاهَةُ لِغَيْرِهِ وَالْإِبَاحَةُ لِابْنِ حَبِيبٍ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَرَائِرِ وَالْإِمَاءِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى بَلْ بِحَقِّهِمَا فَإِنْ رَضِيَا جَازَ وَالْمَنْعُ أَصْوَبُ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى وَطْءِ إِحْدَاهُمَا بِحَضْرَةِ الْأُخْرَى (الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي التَّفَاضُلِ وَلَهُ أَسْبَابٌ) السَّبَبُ الْأَوَّلُ تَجَدُّدُ النِّكَاحِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا نَكَحَ بِكْرًا أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا أَوْ ثَيِّبًا فَثَلَاثًا لما فِي أبي دَاوُود أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لما تزوج أم مسلمة أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا وَقَالَ لَيْسَ بِكِ عَلَى أَهْلِكِ هَوَانٌ إِنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ لَكِ وَإِنْ سبعت لَك لِنِسَائِي وَإِنْ شِئْتِ ثَلَاثَةً ثُمَّ دُرْتُ وَقَالَ أَنَسٌ فِي الصَّحِيحِ مِنَ السُّنَّةِ إِذَا تَزَوَّجَ الْبِكْرَ عَلَى الثَّيِّبِ أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا وَقَسَمَ وَإِذَا تَزَوَّجَ الثَّيِّبَ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ قَسَمَ فَائِدَةٌ قَالَ صَاحِبُ الْمُفْهِمِ وَالْإِكْمَالِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَيْسَ بِكِ عَلَى أَهْلِكِ هَوَانٌ الْمُرَادُ بِالْأَهْلِ هُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الزَّوْجَيْنِ أَهْلٌ لِصَاحِبِهِ وَمَعْنَاهُ لَا أَفْعَلُ بِكِ فِعْلًا يَدُلُّ عَلَى هَوَانِكِ عِنْدِي قَالَ ابْنُ

(فرع)

الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ وَهُوَ حَقٌّ لَهَا وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَضَافَهُ لَهَا الْمُقْتَضِيَة لملك ويأتنف الْقسم وروى أَشهب حق المزوج لِيَتَمَتَّعَ قَالَ أَشْهَبُ لَا يُقْضَى بِهِ عَلَيْهِ كَالْمُتْعَةِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُقْضَى بِهِ كَسَائِر الْحُقُوق ووافقنا الشَّافِعِي وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح لَا يُفَضِّلُ الْجَدِيدَةَ بِشَيْءٍ لِأَنَّ الْقَدِيمَةَ أَوْلَى بِالتَّأْنِيسِ لِأَنَّهُ أَضَرَّهَا بِالْجَدِيدَةِ وَلِأَنَّهَا أَتَمُّ حُرْمَةً لِسَابِقِ مَحَبَّتِهَا وَيُقَالُ لِذَلِكَ لِكُلِّ جَدِيدٍ لَذَّةٌ وَلِكُلِّ قَدِيمٍ حُرْمَةٌ وَالْمُرَادُ بِالْجَدِيدِ التَّفْضِيلُ بِالْبِدَايَةِ دُونَ الزِّيَادَةِ وَلَمَّا كَانَتِ الثَّيِّبُ مُبَاشِرَةً لِلرِّجَالِ مُسْتَوْحِشَةً مِنْهُ خَاصَّةً اكْتفي بِالثلَاثِ وَالْبكْر مستوحشة مُطْلَقًا اسْتُحِبَّ سَبْعًا قَالَ مُحَمَّدٌ وَيَبْتَدِئُ الْقَسْمَ بِالَّتِي كَانَ عِنْدهَا أَو بغَيْرهَا وَقَالَهُ مَا لَك فِي الْقَادِمِ مِنَ السَّفَرِ بِإِحْدَاهُنَّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهَا لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِقَامَةُ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا وَفِي الْجَوَاهِرِ فِيهِ خِلَافٌ وَنُقِلَ قَوْلَانِ بِأَنَّ الْإِقَامَةَ حَقٌّ لَهَا وَفِي وُجُوبِ الْإِقَامَةِ وَالِاسْتِحْبَابِ قَوْلَانِ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ وَلَا يَتَخَلَّفُ الْعَرُوسُ عَنِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَاتِ وَقِيلَ يَتَخَلَّفُ عَنِ الْجَمَاعَاتِ دُونَ الْجُمُعَةِ لِأَنَّهَا فَرْضٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَالْعَادَةُ الْيَوْمَ عَدَمُ الْخُرُوجِ لِلصَّلَاةِ وَالْحَاجَاتِ وَأَرَى الْتِزَامَ الْعَادَةِ لِأَنَّ عَلَى الْمَرْأَةِ مَعَرَّةً فِي ذَلِكَ عِنْدَ النِّسَاء

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا زُفَّتْ إِلَيْهِ امْرَأَتَانِ فِي لَيْلَةٍ أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا وَعَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ مَالِكٍ أَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ لَهُ يَتَخَيَّرُ وَإِذَا انْقَضَتْ أَيَّامُ الْبِنَاءِ أَوْ صَحَّ الْمَرِيضُ أَوْ قَدِمَ الْمُسَافِرُ هَلْ يَبْتَدِئُ بِغَيْرِ مَنْ كَانَ عِنْدَهَا أَوْ يَتَخَيَّرُ أَوْ يُقْرِعُ بَيْنَ مَنْ عزلها ثَلَاثَة أَقْوَال أَوْ يُقْرِعُ بَيْنَ مَنْ عَزَلَهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قَالَ وَأَرَى أَنْ يَبْتَدِئَ بِغَيْرِهَا ثُمَّ بِالَّتِي كَانَ لَهَا الْحَقُّ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوِ الْمَرَضِ أَوِ السَّفَرِ ثُمَّ يَكُونُ عِنْدَ مَنْ كَانَ عِنْدَهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ تَسْتَوِي فِي الْإِقَامَةِ الْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ وَالصَّحِيحُ الْقَضَاءُ بِالْإِقَامَةِ (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ لَوِ الْتَمَسَتِ الثَّيِّبُ الزِّيَادَةَ مُنِعَتْ لِحَقِّ غَيْرِهَا وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ يُكْمِلُ لَهَا سَبْعًا إِنِ اخْتَارَتْ وَيَقْضِي لِلنِّسَاءِ سَبْعًا لِلْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ لِأَنَّ اخْتِيَارَهَا لِلسَّبْعِ يُبْطِلُ حَقَّهَا مِنَ الثَّلَاثِ السَّبَبُ الثَّانِي الْحُرِّيَّةُ وَفِي الْكتاب المسلمات والكتابات وَالْحَرَائِرُ وَالْإِمَاءُ سَوَاءٌ فِي الْقَسْمِ لِاسْتِوَائِهِنَّ فِي الطباع وَفِي الْجَوَاهِر رُوِيَ للْأمة لَيْلَة وللحرة لَيْلَتَانِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - للْحرَّة

ثَلَاثًا الْقَسْمُ قَالَ وَرَجَعَ إِلَيْهِ مَالِكٌ لِأَنَّهَا حَقِيرَةٌ عِنْدَ نَفْسِهَا فَلَا تَجِدُ مِنَ الْأَلَمِ مَا تَجِدُهُ فَالْأَمَةُ تَجِدُ مِنَ الْأَلَمِ مَا لَا تَجِدُهُ الْحُرَّةُ وَيُؤَيِّدُهُ خِيَارُ الْحُرَّةِ إِذَا تَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَمَةً وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَيْهِ فَبَدَأَ بِالْحُرَّةِ فَعَتَقَتِ الْأَمَةُ قَبْلَ انْقِضَاءِ لَيْلَتِهَا أَكْمَلَ لَيْلَتَيْنِ أَوْ بَعْدَ انْقِضَائِهَا لَمْ يَزِدْهَا وَسَوَّى بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ بَدَأَ بِهَا فَعَتَقَتْ قَبْلَ تَمَامِ نَوْبَتِهَا صَارَتْ كَالْحُرَّةِ الْأَصْلِيَّةِ أَوْ بَعْدَهَا وُفِّيَتِ الْحُرَّةُ لَيْلَتَيْنِ لِأَنَّهُ تَمَامُ حُكْمٍ وَقَعَ فِي الرِّقِّ ثُمَّ سَوَّى بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ إِذَا كَانَ الزَّوْجُ عَبْدًا فَالْمَذْهَبُ كُلُّهُ عَلَى التَّسْوِيَةِ إِلَّا عَبْدَ الْمَلِكِ لِرِضَا الْحُرَّةِ بِمُسَاوَاةِ الرَّقِيقِ زَوْجًا الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي السَّفَرِ بِهِنَّ فِي الْكِتَابِ إِذَا سَافَرَ لِحَجٍّ أَوْ غَزْو أَو حَاجَة سَافر بأيتهن سَاءَ بِغَيْرِ قُرْعَةٍ إِنْ كَانَ غَيْرَ ضَرَرٍ وَلَا مَيْلٍ فَإِنْ كَانَتِ الْقُرْعَةُ فَفِي الْغَزْوِ لِمَا فِي مُسْلِمٍ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا أَرَادَ يَخْرُجُ فِي سَفَرٍ أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّمَا يُسَافِرُ لِلْحَجِّ وَلِأَنَّ حَقَّهُنَّ يَسْقُطُ بِالسَّفَرِ فَلَهُ أَنْ يُسَافِرَ وَيَتْرُكَهُنَّ وَقَالَهُ ح وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ لَا بُدَّ مِنَ الْقُرْعَةِ فِي كُلِّ سَفَرٍ لِلْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ قَالَ وَإِذَا قَدِمَ ابْتَدَأَ وَلَا يُقَاصُّ الَّتِي مَعَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَرُوِيَ الْقُرْعَةُ فِي السَّفَرِ كُلِّهِ وَالْفرق للمشهور عَن الْمُشَاحَّةَ تَعْظُمُ فِي سَفَرِ الْقُرُبَاتِ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ إِذَا كَانَ فِيهِنَّ مَنْ لَا تَصْلُحُ لِلسَّفَرِ وَفِيهِنَّ مَنْ تَصْلُحُ سَافَرَ بِهَا مِنْ غَيْرِ قُرْعَةٍ وَإِنَّمَا الْقُرْعَةُ فِي الْحَجِّ وَالْغَزْوِ حَيْثُ التَّسَاوِي وَفِي الْجَوَاهِرِ تَرْكُ الْقُرْعَةِ مُطْلَقًا اخْتِيَارُ ابْنِ الْقَاسِمِ

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ لَهُ الْمُسَافَرَةُ بِهَا وَإِنْ كَرِهَتْ وَإِنْ قَالَتْ حَتَّى آخُذَ صَدَاقِي وَقَدْ بَنَى بِهَا فَلَهُ الْخُرُوجُ وَتَتْبَعُهُ بِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ وَيُنْظَرُ إِلَى صَلَاحِهِ وَإِحْسَانِهِ إِلَيْهَا وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ ضَرَرِهَا (التَّابِعُ الْخَامِسُ النَّفَقَةُ) وَأَسْبَابُهَا النِّكَاحُ وَالْقَرَابَةُ وَالْمِلْكُ السَّبَبُ الْأَوَّلُ النِّكَاحُ وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ مُوجِبٌ بِشَرْطِ التَّمَكُّنِ وَبُلُوغِ الزَّوْجِ وَإِطَاقَةِ الْمَرْأَةِ الْوَطْءَ لِأَنَّ الَّذِي عَقَدَ لَهُ الزَّوْجُ لَا يَحْصُلُ مِنْهَا الْبُلُوغُ وَالْمَقْصُودُ مِنْهَا التَّمْكِينُ وَهُوَ حَاصِلٌ دُونَ الْبُلُوغِ وَقِيلَ تَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ وَالدُّخُولُ إِذَا بَلَغَ الْوَطْءَ قِيَاسًا عَلَيْهَا قَالَ الْأَبْهَرِيُّ إِذَا دَعَوْهُ لِلدُّخُولِ فَعَلَيْهِ النَّفَقَةُ أَوِ النَّفَقَةُ دُونَ الدُّخُولِ فَلَا وَكَذَلِكَ إِنْ مَرِضَتْ فَعَرَضُوهَا لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ مِنْ جِهَتِهِ وَوَافَقَنَا ح فِي الصَّغِيرَةِ الَّتِي لَا تُوطَأُ وَخَالَفَنَا ش وَأَصْلُ وُجُوبِهَا مَا فِي الْبُخَارِيِّ قَالَتْ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ مُمْسِكٌ وَلَيْسَ يُعْطِينِي مَا يَكْفِينِي وَوَلَدِي إِلَّا مَا أَخَذْتُ مِنْهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ وَفِيهِ فُصُولٌ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي أَنْوَاعِ الْوَاجِبِ وَهِيَ سِتَّةٌ النَّوْعُ الْأَوَّلُ الطَّعَامُ وَفِي الْجَوَاهِرِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَحْوَال

الزَّوْجَاتِ وَالْإِنْكَاحِ وَالْبِلَادِ وَعُسْرِ الزَّوْجِ وَيُسْرِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ} قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ رُبَّ رَجُلٍ ضَعِيفٍ وَسُعُرٍ غَالٍ فَالْوَسَطُ مِنَ الشِّبَعِ وَقَالَ مَالِكٌ الْمُدُّ وَقَدَّرَهُ غَيْرُهُ مُدًّا وَثُلُثًا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الشَّهْر وَنصف إِلَى ثَلَاث قَالَ ابْن حبيب والوتيد اثْنَانِ وَعِشْرُونَ مُدًّا بِمُدِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ وَأَرَى بِالْقُرْطُبِيِّ فِي الشَّهْرِ وَسَطًا وَهُوَ أَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ مُدًّا قَالَ مُحَمَّدٌ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ لَيْسَ عَامًّا وَقَدْ تَكْفِي الْوَيْبَتَانِ فِي بَعْضِ النَّاسِ قَالَ وَمُدُّ مَرْوَانَ وَسَطُ الشِّبَعِ فِي الْأَمْصَارِ وَهُوَ مُدٌّ وَثُلُثٌ وَمُدُّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَسَطٌ بِالْمَدِينَةِ وَيُفْرَضُ الْبُرُّ وَالشَّعِيرُ وَالذُّرَةُ وَالتَّمْرُ وَنَحْوُهُ عَلَى عَادَةِ قُوَّةِ الزَّوْجَيْنِ وَتَقَدَّمَ الطَّعَامُ بِالْكَيْلِ قَالَهُ ش وَقَدَّرَ مُدًّا لِلْمُعْسِرِ وَمُدَّيْنِ لِلْمُوسِرِ وَمُدًّا وَنِصْفًا لِلْمُتَوَسِّطِ وَقَالَ لَا يَلْزَمُهَا الْأَكْلُ مَعَهُ كَقَوْلِنَا وَقَالَ ح إِذَا تَمَكَّنَتْ مِنَ الْأَكْلِ مِنْ مَائِدَتِهِ لَيْسَ لَهَا مُطَالَبَتُهُ وَلَا يُفْرَضُ لَهَا شَيْءٌ وَإِلَّا فُرِضَ لَهَا كِفَايَتُهَا فَوْقَ التَّقْتِيرِ وَدُونَ السَّرَفِ سُؤَالٌ تَقْدِيرُ الْحَبِّ بِالْكَيْلِ مُشْكِلٌ لِأُمُورٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ لَمْ يُعْهَدْ فِي السَّلَفِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَصْرِفُونَ لِنِسَائِهِمُ الْحَبَّ بَلْ مَا جَرَتِ الْعَادَةُ بِهِ مِنْ خُبْزٍ وَغَيْرِهِ وَثَانِيهَا أَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَمُوتَ الْإِنْسَانُ وَنَفَقَةُ امْرَأَتِهِ فِي ذِمَّتِهِ لِأَنَّ الْمُعَاوَضَةَ عَلَيْهِ السَّلَام بِمَالِهِ وَثَالِثُهَا لَمْ يُسْمَعْ عَنْ أَحَدٍ مِنَ السَّلَفِ أَنَّهُ عَاوَضَ امْرَأَتَهُ وَلَا أَوْصَى عِنْدَ مَوْتِهِ بِالنَّفَقَةِ وَلَا حَكَمَ بِهَا حَاكِمٌ النَّوْعُ الثَّانِي الْإِدَامُ وَفِي الْجَوَاهِرِ وَهُوَ مَا يُنَاسِبُهُمَا ويفرض الْخلّ

(فرع)

وَالزَّيْتُ لِلْأَكْلِ وَالْوَقِيدُ وَالْحَطَبُ وَاللَّحْمُ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ وَالْمَاءُ لِلشُّرْبِ وَالْغُسْلِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَيُجْمَعُ ثَمَنُ ذَلِكَ كُلِّهِ مَعَ الْقَمْحِ وَقَالَهُ ش وح وَلَكِنَّ الْمُعْتَبَرَ عِنْدَ ح فِي جَمِيعِ النَّفَقَةِ حَالُ الزَّوْجِ دُونَهَا قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَا يُفْرَضُ الْعَسَلُ وَلَا التَّمْرُ وَلَا الْحَالُومُ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَلَا الْقُطْنِيَّةُ وَلَا فَاكِهَةٌ خَضْرَاءُ وَلَا يَابِسَةٌ بَلْ مَا لَا غِنَى عَنْهُ بِقَدْرِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَيُفْرَضُ مُشْطُ رَأْسِهَا وَدُهْنُهُ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَإِذَا كَانَ الْإِعْسَارُ بَيِّنًا فَلَا أَقَلَّ مِمَّا يَعِيشُ بِهِ كَوِيَّتَيْنِ بِمِصْرَ وَطَبْخِهِمَا وَخَبْزِهِمَا وَدُرَيْهِمَاتٍ لِزَيْتٍ وَمَاءٍ وَحَطَبٍ وَالطَّبْخَةِ بَعْدَ الطَّبْخَةِ وَمَا لَا بُدَّ مِنْهُ قَالَ مَالِكٌ وَيُزَادُ لِلْمُرْضِعِ مَا يُقَوِّيهَا عَلَى الرَّضَاعِ النَّوْعُ الثَّالِثُ نَفَقَةُ الْخَادِمِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِذَاتِ الْقَدْرِ عَنْهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَيْسَ عَلَيْهَا خِدْمَةُ بَيْتِهَا وَلَا غَزْلٌ وَلَا غَيْرُهُ وَغَيْرُ ذَاتِ الْقَدْرِ لَيْسَ عَلَيْهِ إِخْدَامُهَا أَوْ عَلَيْهَا خِدْمَةُ مِثْلِهَا فَالشَّرِيفَةُ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالدَّنِيَّةُ مُبَاشِرَةٌ لِفِعْلٍ فَإِنْ كَانَتِ الْعَادَةُ اسْتِقَاءَ الْمَاءِ فَعَلَيْهَا لِأَنَّ الْعَوَائِدَ كَالشُّرُوطِ وَحَيْثُ أَوْجَبْنَا عَلَيْهِ الْخَادِمَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ شِرَاؤُهَا بَلْ يَكْفِيهِ اسْتِئْجَارُهَا (فَرْعٌ) قَالَ لَوْ أَرَادَ إِبْدَالَ خَادِمِهَا الْمَأْلُوفَةِ مُنِعَ نَفْيًا لِلضَّرَرِ وَلَزِمَهُ الْإِنْفَاق عَلَيْهَا

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ لَوْ كَانَتْ هِيَ وَهُوَ بِحَيْثُ يَخْدِمُهَا خَادِمَانِ فَأَكْثَرُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَفْرِضُ نَفَقَةَ خَادِمٍ وَاحِدَةٍ وَقَالَ أَيْضًا يُعْطِي زَكَاةَ الْفطر عَن خادمين من خدم امْرَأَته عَن كَانَتْ ذَاتَ قَدْرٍ لَا تَكْفِيهَا وَاحِدَةٌ قَالَ أَصْبَغُ لَوْ كَانَتْ بِنْتَ مَلِكٍ لَزِيدَتْ إِلَى الْخَمْسِينَ قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ إِنَّمَا يَكُونُ مَا قَالَ أَصْبَغُ إِذَا طَالَبَهَا بِمَا تَكْثُرُ الْخِدْمَةُ فِيهِ مِنْ أَحْوَالِ الْمُلُوكِ وَأَمَّا الْمَقْصِدُ فَخَادِمٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّهَا كِفَايَةُ حَالِهِ (فَرْعٌ) قَالَ لَوْ كَانَ لَهَا خَادِمٌ خُيِّرَتْ بَيْنَ اسْتِخْدَامِهَا وَمُطَالَبَتِهِ بِنَفَقَتِهَا وَبَيْنَ مُطَالَبَتِهِ بِخَادِمٍ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لِلسُّلْطَانِ ضَمُّ نَفَقَةِ الْوَلَدِ مَعَ نَفَقَة الْأُم إِلَّا إِن تضربه لِفَقْرَةٍ فَيُنْفِقَ عَلَى وَلَدِهِ لِحَدَثِهِ فَإِنْ عَجَزَ سَقَطَ حَقُّ الْوَلَدِ بِالْعَجْزِ النَّوْعُ الرَّابِعُ الْكُسْوَةُ وَفِي الْجَوَاهِرِ مَا يُنَاسِبُ حَالَهُ وَحَالَهَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ قَمِيصٌ وَوِقَايَةٌ عَلَى قَدْرِهِمَا فِي الْجَوْدَةِ وَالدَّنَاءَةِ وَتُزَادُ فِي الشِّتَاءِ مَا يَدْفَعُ الْبَرْدَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَيْهِ مَا يَصْلُحُ فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ مِنْ قَمِيصٍ وَجُبَّةٍ وَخِمَارٍ وَمِقْنَعَةٍ وَوِسَادَةٍ وَإِزَارٍ وَشِبْهِهِ مِمَّا لَا غِنَى عَنْهُ وَالسَّرِيرُ عِنْدَ الْحَاجَةِ مِنَ الْعَقَارِبِ وَالْبَرَاغِيثِ وَإِنْ كَانَ مِثْلُهَا يُكْسَى الْقُطْنَ وَمِثْلُهُ قَادِرٌ عَلَيْهِ فُرِضَ قَالَ أَشْهَبُ وَمِنْهُمْ مَنْ لَوْ كَسَاهَا الصُّوف

(فرع)

أُنْصِفَ وَأُخْرَى لَوْ كَسَاهَا الصُّوفَ أُدِّبَ قَالَ مَالِكٌ وَلَا يَلْزَمُهُ الْحَرِيرُ وَلَوْ كَانَ يَسَعُهُ الْحَالُ وَأَجْرَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى ظَاهِرِهِ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ إِلَيْهِ وَالْوَاجِبُ إِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ وَتَأَوَّلَهُ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ فَحَمَلَهُ عَلَى الْمَدَنِيَّةِ وَأَلْزَمَهُ فِي غَيْرِهَا لِأَنَّ كُلَّ مَا هُوَ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ أَوْ ضَرُورِيٌّ فَرْضٌ وَمَا لَا فَلَا وَكُلُّ مَا يَخْتَصُّ بِالْأَغْنِيَاءِ وَضَرَرُهُ خَاصٌّ بِهِمْ فِيهِ فَقَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّهُ ضَرَرٌ أَمْ لَا وَقَالَ ش خِمَارٌ وَقَمِيصٌ وَسِرْوَالٌ وَمُكَعَّبٌ فِيهِ وَلَا يَجِبُ الْخُفُّ فِي الصَّيْفِ وَمِثْلُهُ فِي الشِّتَاءِ مَعَ جُبَّةٍ وَمِلْحَفَةٍ وَشِعَارٍ وَمَضْرَبَةٍ وَمِخَدَّةٍ وَلَبَدٍ وَحَصِيرٍ وَالْمَاعُونِ وَقَالَ ح الْكُسْوَةُ عَلَى الْعَادَةِ الْوَسَطِ وَالْمُعْتَبَرُ حَالُهُ دُونَ حَالِهَا وَيُفْرَضُ مَرَّتَيْنِ فِي السَّنَةِ وَلَا تَسْتَحِقُّ الْخُفَّ لِأَنَّهَا مَأْمُورَةٌ بِالْقَرَارِ فِي بَيْتِهَا وَتَسْتَحِقُّ الْمُكَعَّبَ لِلتَّصَرُّفِ فِي الْمَنْزِلِ (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا كَانَتْ كُسْوَتُهَا مِنْ صَدَاقِهَا بَاقِيَةً لِقُرْبِ عَهْدِ الْبِنَاءِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ كُسْوَةٌ وَلَهُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهِ لِأَنَّهُ الْعَادَةُ فِي بَذْلِ الصَّدَاقِ وَإِنْ طَالَ الْأَمَدُ وَاخْتلفت الْكُسْوَةُ أَوْ كَانَتْ غَيْرَ الصَّدَاقِ لِقِلَّتِهِ فَعَلَيْهِ الْكُسْوَةُ قَالَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ إِذَا كَانَ عِنْدَهَا شَوَارٌ أَوْ شَيْءٌ مِنْهُ لَا تَجِبُ الْكُسْوَةُ وَلَمْ يُفَصِّلْ وَلَمْ يَحْكِ خِلَافًا (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ يُجَدِّدُ مَا أَخْلَقَ مِنَ الْكُسْوَةِ

(فرع)

(فَرْعٌ) وَلَا يَلْزَمُهُ الْكُحْلُ وَالْحِنَّاءُ وَالصِّبَاغُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ عَلَيْهِ حِنَّاءُ رَأْسِهَا قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ لَيْسَ عَلَيْهِ مِنْ زِينَتِهَا إِلَّا مَا يُتَضَرَّرُ بِتَرْكِهِ كَالْكُحْلِ وَالْمُشْطِ وَالدُّهْنِ لِمَنِ اعْتَادَ ذَلِكَ لِأَنَّ تَرْكَهُ مَعَ الْعَادَةِ يُفْسِدُ الشَّعْرَ بِخِلَافِ الْخِضَابِ وَغَيْرِهِ النَّوْعُ الْخَامِسُ آلَةُ التَّنْظِيفِ فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَيْسَ عَلَيْهِ مُشْطٌ وَلَا مُكْحُلَةٌ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ إِنَّمَا أَسْقَطَ الْمُكْحُلَةَ دُونَ الْكُحْلِ وَعَلَى هَذَا يَلْزَمُهُ مَا تُمَشِّطُ دُونَ الْآلَةِ وَأَوْجَبَهَا ش (فَرْعٌ) قَالَ مَالِكٌ وَلَا تَسْتَحِقُّ الدَّوَاءَ لِلْمَرَضِ وَقَالَهُ ش لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَصَالِحِهِ وَلَا أُجْرَةَ الْحِجَامَةِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْقَابِلَةِ لِأَنَّهُ سَبَبُ الْحَمْلِ عِنْدَ أَصْبَغَ مُطْلَقًا وَوَافَقَهُ مُحَمَّدٌ إِنْ كَانَتِ الْمَنْفَعَةُ لِلْوَلَدِ أَوْ لَهَا فَعَلَيْهَا أَوْ لَهُمَا فَعَلَيْهِمَا قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ وَالْأَظْهَرُ قَوْلُ أَصْبَغَ النَّوْعُ السَّادِسُ فِي الْجَوَاهِرِ عَلَيْهِ إِسْكَانُهَا مَا يَلِيقُ بِهَا إِمَّا بِعَارِيَّةٍ أَوْ إِجَارَةٍ أَوْ مِلْكٍ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَاعْتُبِرَ حَالُهُ دُونَ حَالِهَا الْفَصْلُ الثَّانِي فِي كَيْفيَّة الْإِنْفَاق وَفِي الْجَوَاهِرِ أَمَّا الطَّعَامُ فَيَجِبُ دَفْعُهُ وَفِي دَفْعِ ثَمَنِهِ خِلَافٌ مُعَلَّلٌ بِامْتِنَاعِ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ أَوْ غَيْرُ مُعَلَّلٍ فَيَمْتَنِعُ أَوْ مُعَلَّلٌ بِالْعَيِّنَةِ فَيَجُوزُ لِعَدَمِهَا بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَيَدْفَعُ ثَمَنَ مَا يَطْحَنُهُ وَيُصْلِحُهُ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ تَرَدَّدَ بَعْضُ الشُّيُوخِ فِي

(فرع)

دَفْعِ الثَّمَنِ عَنِ الْجَمِيعِ وَمَنْعِهِ وَقَالَ هُمَا سَوَاءٌ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ ثَمَنٍ وَلَهُ دَفْعُهُ إِلَّا أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ أَخْذِ غَيْرِ مَا فُرِضَ لِمَشَقَّةِ الشِّرَاءِ (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ لَا يُكَلِّفُهَا الْأَكْلَ مَعَهُ وَقَالَهُ ش قِيَاسًا عَلَى الصَّدَاقِ وَإِنْ نَكَلَتْ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا (فَرْعٌ) قَالَ بَلَغَتْ وَفَرْضُ النَّفَقَةِ بِالزَّمَانِ عَلَى قَدْرِ ملاء الزَّوْج قَالَ قَالَ فِي الْكِتَابِ يُفْرَضُ بِالْيَوْمِ وَيُزَادُ بِقَدْرِ الْإِشْبَاعِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَجُوزُ الْفَرْضُ سَنَةً وَمَنَعَهُ سَحْنُونٌ لِاحْتِمَالِ حَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ قَالَ وَأَرَى تَوْسِعَةَ الْمُدَّةِ مَعَ الْيَسَارِ لِأَنَّ الْفَرْضَ لَا يَكُونُ إِلَّا مَعَ الْمُقَابَحَةِ فَفِي تَقْلِيلِهِ ضَرَرٌ عَلَيْهَا وَتُفْرَضُ الْكُسْوَةُ وَالطَّعَامُ وَالْوِطَاءُ مَرَّتَيْنِ فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي عَدَمِ النَّفَقَةِ وَالْكُسْوَةِ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهَا وَهِيَ ضَامِنَةٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَقِيلَ الْمُصِيبَةُ مِنَ الزَّوْجِ قِيَاسًا عَلَى الصَّدَاقِ الْغَائِبِ إِذَا كَانَ عَيْنًا وَلِأَنَّهُ لَوْلَا كَسَاهَا بِغَيْرِ حَاكِمٍ لَمْ يَضْمَنْ وَالْقَضَاءُ لَا يُغَيِّرُ الْأَحْكَامَ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي نَفَقَةِ وَلَدِهَا مِثْلُهُ فَإِن قَامَت بِبَيِّنَة بِالْهَلَاكِ فَظَاهر

(فرع)

الْكِتَابِ التَّضْمِينُ فِي نَفَقَتِهَا دُونَ نَفَقَةِ الْوَلَدِ لِأَنَّهَا لَمْ تَقْبِضْهَا لِنَفْسِهَا بَلْ مَأْخُوذَةٌ بِحَقٍّ كَالرِّهَانِ وَخَرَّجَ اللَّخْمِيُّ سُقُوطَ الضَّمَانِ عَنْهَا فِي نَفْسِهَا عِنْدَ الْبَيِّنَةِ (فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ كَسَاهَا قَبْلَ وَقْتِ الْفَرْضِ قِيلَ حُكْمٌ مَضَى كَخَطَأِ الْخَارِصِ وَقَالَ لَا قَالَ وَأَرَى أَنْ تَرْجِعَ إِلَى مَا تَبَيَّنَ لِأَنَّ هَذَا حَقِيقَةٌ وَالْأَوَّلَ ظَنٌّ وَلِأَنَّ الْأَمَدَ لَوِ انْقَضَى وَهِيَ قَائِمَةٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ حَتَّى تُبْلِيَ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا طَلَبَتِ النَّفَقَةَ عِنْدَ سَفَرِهِ فَلَهَا خَمْسُ حَالَاتٍ إِنْ كَانَتْ فِي الْعِصْمَةِ أَعْطَاهَا نَفَقَةَ السَّفَرِ أَوْ حَمِيلًا بِهَا أَوْ مُطَلَّقَةً طَلَاقًا بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا وَهِيَ حَامِلٌ فَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ بَقِيَّةِ الْحَمْلِ أَوْ مُدَّةِ سَفَرِهِ أَوْ غَيْرَ حَامِلٍ بَائِنٍ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا فَإِنْ طَلَبَتْ حَمِيلًا خَوْفَ الْحَمْلِ قَالَ مَالِكٌ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَقَالَ أصبغ لَهَا ذَلِك لوُجُود مظنته بالوطيء قَالَ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ إِنْ كَانَ قِيَامُهَا بَعْدَ حَيْضَةٍ وَإِلَّا أَقَامَ حَمِيلًا بِأَقَلِّ مُدَّةِ الْحَمْلِ أَوِ السَّفَرِ وَإِنْ كَانَتْ رَجْعِيَّةً فَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ الْأَقَلُّ مِنْ عِدَّةِ سَفَرِهِ أَوِ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَعَلَى قَوْلِ أَصْبَغَ تُرَاعَى عَلَى مُدَّةِ الْحَمْلِ وَإِنِ اتُّهِمَ فِي طُولِ السَّفَرِ حَلَفَ أَنْ لَا يُقِيمَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ أَوْ يُقِيمَ حَمِيلًا قَالَ

(فرع)

ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَصْبَغُ إِنْ خُشِيَ طُولُ سَفَره وخيض الْحَمْلُ أَقَامَ حَمِيلًا أَوْ يُوقِفُ وَفِي الْكِتَابِ وَأَمَّا الْحَاضِرُ فَلَا يُطَالَبُ بِكَفِيلٍ عَلَى النَّفَقَةِ وَقَالَهُ ح وَخَالَفَنَا فَقَالَ لَوِ اسْتَدَانَتْ لَيْسَ لَهَا مطالبتها لِأَنَّهَا لَيْسَ لَهَا عَلَيْهِ وِلَايَةُ الِاسْتِدَانَةِ إِلَّا أَنْ يَفْرِضَهَا الْقَاضِي بِوِلَايَةِ الْقَاضِي عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَغَيْرِهِ قَالَ وَلَا يُفْرَضُ عَلَى الْغَائِبِ لِعَدَمِ وِلَايَتِهِ عَلَى الْغَائِبِ خِلَافًا لَنَا فِي ذَلِكَ كُلِّهِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ يُبَاعُ عَلَى الْغَائِبِ عَرْضُهُ فِي النَّفَقَةِ وَرَبْعُهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَيْنٌ وَمَنَعَ ح بَيْعَ الْعَرْضِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنَّمَا هَكَذَا يَنْتَهِي مخطوط خزانَة ابْن يُوسُف بمراكش مبتورا يَلِيهِ الْجُزْء الْخَامِس وأوله كتاب الْبيُوع الْقسم الأول اتِّحَاد الْعين وَالصّفة

(كتاب البيوع)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَى سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه وَسلم تَسْلِيمًا (كتاب الْبيُوع) 1 - الْقسم الأول اتِّحَاد الْعين وَالصّفة وَفِيهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً لِأَنَّ الثَّمَنَ الثَّانِيَ إِمَّا مُسَاوٍ لِلْأَوَّلِ أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ وَالْبيع الثَّانِي إِمَّا مُنْقد أَوْ إِلَى أَجَلٍ وَالْأَجَلُ مُسَاوٍ لِلْأَوَّلِ أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ فَتَدَاخَلَ ثَلَاثُ صُوَرٍ لِتَسَاوِي الْأَحْكَامِ لِأَنَّ أَقْرَبَ مِنَ الْأَجَلِ كَالنَّقْدِ وَيَمْتَنِعُ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ صُورَتَانِ أَنْ يَشْتَرِيَ نَقْدًا بِأَقَلَّ مِنَ الثَّمَنِ أَوْ إِلَى أَبْعَدَ مِنَ الْأَجَلِ بِأَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ حَذَرًا مِنْ سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُقَاصَّةَ فَتَجُوزُ التِّسْعُ صُوَرٍ هَذَا الْمَشْهُورُ وَقَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ الْقِيَاسُ الْمَنْعُ بِالثَّمَنِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ أَوْ إِلَى أَبْعَدَ مِنَ الْأَجَلِ وَقَدْ فَاتَتْ عِنْدَ مُشْتَرِيهَا لِأَنَّ مِثْلَ الثَّمَنِ إِلَى أَبْعَدَ مِنَ الْأَجَلِ سَلَفٌ مِنَ الْمُشْتَرِي مِائَةً مِائَةً وَزَادَ الِانْتِفَاعُ بِالسِّلْعَةِ وَبِأَقَلَّ مِنَ الثَّمَنِ إِلَى أَبْعَدَ مِنَ الْأَجَلِ فَمَا يَرْجِعُ لِلْمُشْتَرِي سَلَفٌ وَلِلزَّائِدِ أُجْرَةُ الْإِجَارَةِ فَمَهْمَا انْتَفَعَ بِالسِّلْعَةِ صَارَ بَيْعًا وَسَلَفًا وَكَذَلِكَ بِأَقَلَّ مِنَ الثَّمَنِ إِلَى أَقْرَبَ مِنَ الْأَجَلِ تَكُونُ إِجَارَةً وَسَلَفًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَمْ أَرَ مَنْعَهُ لِأَحَدٍ وَإِنَّمَا تَتَغَيَّرُ صُورَةُ الْحَالِ عِنْدَ الْعَقْدِ الثَّانِي غَيْرَ أَنَّ أَبَا الْفَرَجِ مَنَعَ بِالثَّمَنِ أَوْ أَكْثَرَ مَنْحُهُ إِلَى أَبْعَدَ مِنَ الْأَجَلِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا أَعْلَمُ لَهُ وَجْهًا إِلَّا الِانْتِفَاعَ بِالْبَيْعِ

(فرع)

تَمْهِيدٌ قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ الْمَغَارِبَةِ ضَابِطُ هَذَا إِذَا اتَّفَقَ الْأَجَلَانِ فَلَا نَظَرَ إِلَى الثَّمَنَيْنِ أَو الثمنان فَلَا نظر إِلَى الْأَجَل وَاخْتلفَا مَعًا فَإِن زَاد مَعًا أَوْ نَقَصَا مَعًا امْتَنَعَ وَإِنْ نَقَصَ أَحدهمَا وَزَاد الآخر جَازَ الْقِسْمُ الثَّانِي اخْتِلَافُ نَوْعِ الثَّمَنَيْنِ كَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَالْبَيْعُ بِأَكْثَرَ مَنْعَهُ أَشْهَبُ لِلتَّأْخِيرِ وَالصَّرْفِ وَجَوَّزَهُ فِي الْكِتَابِ إِنْ كَثُرَ الْمُعَجَّلُ جِدًّا حَتَّى يبعد من التُّهْمَة واستقرأ اللَّخْمِيّ الْجوَار وَإِن كَانَ مثل الصّرْف لِأَنَّهُ يُحَقّق الصَّبْرَ وَلَمْ يَعُدْ إِلَى يَدِهِ أَكْثَرُ مِمَّا خرج الْقِسْمُ الثَّالِثُ اسْتِوَاءُ نَوْعِ الثَّمَنِ وَقَدْرِهِ مَعَ اخْتِلَافِ الصِّفَةِ فَإِنْ تَعَجَّلَ الْأَفْضَلَ جَازَ عَلَى الْمَشْهُورِ لِبُعْدِ التُّهْمَةِ وَيَمْتَنِعُ الْعَكْسُ لِتَعْجِيلِ الْأَدْنَى ليَأْخُذ الْأَعْلَى وَلَو تَسَاوِي الأجلان امْتنع امْتنَاع الْمُفَاضَلَةِ فَهُوَ بَدَلُ ذَهَبٍ بِخِلَافِهِ إِلَى أَجَلٍ وَأَقل إِذا كَانَ أجل الثَّانِي أبعد الْقِسْمُ الرَّابِعُ الثَّمَنَانِ طَعَامٌ فَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا اتَّحد النَّوْع فالصور التسع وَيمْتَنع مِنْهَا اثْنَان نَقْدًا بِأَقَلَّ مِنَ الثَّمَنِ أَوْ إِلَى أَبْعَدَ مِنَ الْأَجَلِ بِأَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ وَاخْتُلِفَ فِي اثْنَتَيْنِ بِأَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ نَقْدًا أَوْ بِأَقَلَّ إِلَى أَبْعَدَ مِنَ الْأَجَلِ نَظَرًا إِلَى الضَّمَانِ يَجْعَلُ مَا يَقْصِدُ أَمْ لَا وَإِنِ اخْتَلَفَ نوع الطَّعَام فكاختلاف نوع الْعين الْقسم الْخَامِس الثمنان عرضان اتحذ جنسه فالصور التِّسْعُ يَمْتَنِعُ اثْنَانِ اتِّفَاقًا وَيَجُوزُ خَمْسٌ اتِّفَاقًا وَيُخْتَلَفُ فِي اثْنَتَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ لِأَنَّ الْعَرْضَ كَالطَّعَامِ فِي الضَّمَانِ وَإِنِ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ جَازَ اتِّفَاقًا لِعَدَمِ الرِّبَا فِي الْعُرُوضِ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا كَانَ الْمَبِيعُ مِثْلِيًّا وَاسْتَرَدَّهُ أَوْ مِثْلَهُ جَازَ بِشَرْطِ مُرَاعَاةِ الثَّمَنِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَإِنِ اسْتَرَدَّ خِلَافَهُ فَهُوَ بَيْعٌ حَادِثٌ أَوْ مِنْ صِفَتِهِ وَاخْتَلَفَا فِي الصِّفَةِ أَوْ مِنْ غَيْرِ صِنْفِهِ كَالشَّعِيرِ وَالسَّلْتِ مَعَ الْقَمْحِ أَوِ المحمولة مَعَ السمم أجَازه

الْقَرَوِيُّونَ مُطْلَقًا لِلِاخْتِلَافِ بَيْنَهُمَا وَإِنِ اتَّفَقَا فِي الصِّفَةِ دُونَ الْمِقْدَارِ فَإِذَا تُصُوِّرَتْ مِنْهُ الصُّوَرُ التِّسْعُ كَانَتِ الزِّيَادَةُ وَالنُّقْصَانُ فِي الْمَرْدُودِ كَإِيَّاهُمَا فِي الثَّمَنِ فَيَمْتَنِعُ مَا تَقَدَّمَ قَالَ فِي الْكِتَابِ طَعَامٌ بِثَمَنٍ إِلَى أَجَلٍ ثُمَّ أُخِذَ عِنْدَ الْأَجَلِ أَقَلَّ مِنَ الْمَكِيلَةِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ لَا يُعْجِبُنِي وَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ إِنَّمَا يُعْتَبَرُ وَجْهَانِ بِأَقَلَّ مِنَ الثَّمَنِ نَقْدًا كَانَ الْبَيْعُ مِثْلَ مَا بَاعَ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ أَوِ اشْتَرَى أَكْثَرَ مِنْ كَيْلِ الطَّعَامِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَيَجُوزُ مَا عَدَا ذَلِكَ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ إِنَّمَا تَكَلَّمَ عَلَى الشِّرَاءِ نَقْدًا وَأَمَّا إِلَى أَبْعَدَ يُرَاعَى كَثْرَةُ الثَّمَنِ أَوْ كَثْرَةُ الطَّعَامِ فَيَمْتَنِعُ لِأَنَّ أَقَلَّ مِنَ الثَّمَنِ نَقْدًا كَالْأَكْثَرِ إِلَى أَبْعَدَ مِنَ الْأَجَلِ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا اسْتَرَدَّ فِي الْبَيْعِ الثَّانِي مِنَ الْعَرْضِ الْمَبِيعَ أَجَازَهُ ابْن الْقَاسِم كأخالف لِأَنَّ الْغَالِبَ اخْتِلَافُ الْأَغْرَاضِ فِي الْعُرُوضِ وَرَآهُ مُحَمَّدٌ كَالْعَيْنِ فَإِنِ اسْتَرَدَّهَا بِعَيْنِهَا بَعْدَ التَّغَيُّرِ هَلْ تُعَدُّ كَسِلْعَةٍ أُخْرَى فَيَجُوزُ أَوْ كَالْعَيْنِ فَيَخْرُجُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ (فَرْعٌ) قَالَ عَبْدَانِ بِمِائَة إِلَى سنة اشْترى أَحدهمَا بِدِينَار أضلع لِأَنَّهُ بَاعَ دِينَارًا وَعَبْدًا بِمِائَةٍ إِلَى سَنَةٍ وَكَذَلِكَ لَوِ اشْتَرَاهُ بِأَقَلَّ مِنَ الْمِائَةِ نَقْدًا وَلَو اشْترط للمقاصة جَازَ (فَرْعٌ) قَالَ حَيْثُ وَقَعَ الْمَمْنُوعُ إِنْ أُدْرِكَتِ السِّلْعَةُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي فُسِخَ الْبَيْعُ الثَّانِي اتِّفَاقًا وَخَاصَّةً عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ أجر وَجب لِلْفَسَادِ وَالْعَقْدِ عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ فَاتَتِ السِّلْعَةُ أَمْ لَا لِأَنَّ التَّوَسُّلَ لِلْفَسَادِ إِنَّمَا حَصَلَ بالعقدين إِلَّا

أَنْ يَصِحَّ أَنَّهُمَا لَمْ يَتَعَامَلَا عَلَى الْعِينَةِ وَإِنَّمَا وَجَدَاهَا تُبَاعُ فَاشْتَرَاهَا فَيُفْسَخُ الثَّانِي فَقَطْ فَإِنْ فَاتَتِ السِّلْعَةُ فُسِخَ الْعَقْدَانِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ إِنْ فَاتَ الْآخَرُ مَضَى بِالثَّمَنِ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ إِنْ تَضَمَّنْ فَسْخُ الثَّانِي دَفْعَ قَلِيلٍ فِي كَثِيرٍ فُسِخَا مَعًا وَإِلَّا فَلَا قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ لَوْ هَلَكَتْ بِيَدِ الْمُبْتَاعِ الثَّانِي خَاصَّةً ولبت الْأَوَّلَ وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا فَإِنْ فَاتَتْ بيد الثَّانِي وَقبض الثمنان فَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ يَرُدُّ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ الزِّيَادَةَ وَإِن لم يقبضا شاركا فَإِنْ قَبَضَ الْأَوَّلُ قَالَ مُحَمَّدٌ يَرُدُّ الْمُبْتَاعُ الْأَوَّلُ عَلَى الْبَائِعِ مَا قَبَضَ مِنْهُ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ وَلَمْ يَذْكُرْ مُعَجَّلًا وَلَا مُؤَجَّلًا قَالَ وَعِنْدِي يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُعَجَّلًا وَإِلَى أَقْرَبَ مِنَ الْأَجَلِ فِي الثَّمَنِ الْآخَرِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ الصَّحِيحُ فَسْخُ الْعَقْدَيْنِ لِقَوْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا بِئْسَ مَا شَرَيْتَ وَبِئْسَ مَا اشْتَرَيْتَ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ يُرْوَى بِئْسَ مَا شريت أَو بئس مَا اشْتريت وصبغت أَوْ لِأَحَدِهِمَا دُونَ مَجْمُوعِهِمَا (فَرْعٌ) فِي الْمُقَدِّمَاتِ الْفَوَاتُ عِنْدَ سَحْنُونٍ بِحَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ وَبِالْعُيُوبِ الْمُفْسِدَةِ عِنْدَ التُّونُسِيِّ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ وَفِي الْفَسْخِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْبَيْعَتَانِ عِنْدَ التُّونُسِيِّ لَا يُفْسَخُ الْأَوَّلُ وَيَصِحُّ الثَّانِي بِالْقِيمَةِ إِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ وَإِلَّا قُضِيَ بِالْقِيمَةِ وَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ أَخَذَ الثَّمَنَ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ وَإِنْ كَانَتِ الْقِيمَةُ أَقَلَّ قُضِيَ بِهَا وَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ الْأَجَل لَيْلًا يَدْفَعَ دَنَانِيرَ فِي أَكْثَرَ مِنْهَا وَالثَّالِثُ إِنْ كَانَت أقل

(فرع)

فُسِخَ الْبَيْعَتَانِ أَوْ أَكْثَرَ فُسِخَتِ الثَّانِيَةُ وَقُضِيَ بِالْقِيمَةِ وَيَأْخُذُ الثَّمَنَ عِنْدَ الْأَجَلِ قَالَهُ عَبْدُ الْحَقِّ تَأْوِيلًا عَلَى ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَهُ سَحْنُونٌ أَيْضًا (فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ إِذَا اشْتَرَاهَا لِلْأَجَلِ فَالْحُكْمُ يُوجِبُ الْمُقَاصَّةَ عِنْدَ الْأَجَلِ وَمَا لَمْ يَتَقَاصَّا فَالثَّمَنُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي ذِمَّةِ صَاحِبِهِ وَلَا يَكُونُ أَحَدُهُمَا أَحَقَّ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ غُرَمَاءِ صَاحِبِهِ إِنْ فَلَسَ عِنْدَ الْأَجَلِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ فَعَلَى رَأْيِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ فَلَسَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ تَحَاصَّ غُرَمَاؤُهُ مَعَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي بِمَا عَلَيْهِ وَإِنَّ فَلَسَ الثَّانِي كَانَ الْأَوَّلُ أَحَقَّ بِالسِّلْعَةِ إِلَّا أَنْ يَدْفَعَ الْغُرَمَاءُ الثَّمَنَ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ بَاعَ ثَوْبًا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ إِلَى شَهْرٍ فَلَا يَبِعْهُ بِخَمْسِينَ نَقْدًا وَيَجُوزُ بِثَوْبٍ أَوْ بِطَعَامٍ نَقْدًا لِأَنَّ الْبَيْعَ الْأَوَّلَ لَغْوٌ لِرُجُوعِ الثَّوْبِ وَيَصِيرُ بَيْعُ الثَّوْبِ الثَّانِي أَوِ الطَّعَامِ بِالدَّرَاهِمِ وَلَا يَجُوزُ إِلَى أَجَلٍ دُونَهُ أَوْ أَقْرَبَ مِنْهُ أَوْ أَبْعَدَ لِأَنَّهُ دِينٌ فِي دِينٍ وَلَوْ بِعْتَ بعضرة محمدية إِلَى شهر فَلَا تبع بِعشْرَة يَزِيدِيَّةً إِلَى أَجَلٍ ابْتَاعَهُ بِمُحَمَّدِيَّةٍ نَقْدًا جَازَ لِأَنَّهَا أَجْوَدُ كَمَا لَوْ بَاعَ بِأَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ نَقْدًا وَالْعَكْسُ مُمْتَنِعٌ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ عَبْدَانِ بِعَشَرَةٍ إِلَى أَجَلٍ لَا يَبْتَاعُ أَحَدَهُمَا بِأَقَلَّ نَقْدًا يَمْتَنِعُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ وَيَجُوزُ قِصَاصًا وَبِعَشَرَةٍ نَقْدًا لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ وَفِضَّةٌ وَسِلْعَةٌ بِفِضَّةٍ وَثَوْبٌ بِعَشَرَةٍ مُحَمَّدِيَّةٍ إِلَى شَهْرٍ يَمْتَنِعُ بِخَمْسَةٍ يَزِيدِيَّةٍ إِلَى شَهْرٍ وَثَوْبٍ نَقْدًا لِأَنَّ الثَّوْبَ لَغْوٌ وَيَصِيرُ الثَّانِي بِخَمْسَةٍ عَلَى أَنْ يُبَدِّلَ لَكَ عِنْدَ الْأَجَلِ خَمْسَةً بِخَمْسَةٍ مِنْ سَكَّةٍ أُخْرَى وَيَمْتَنِعُ ابْتِيَاعُهُ بِثَوْبٍ أَوْ ثَوْبَيْنِ مِنْ صِنْفِهِ إِلَى أَبْعَدَ مِنَ الْأَجَلِ أَوْ أَقْرَبَ لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ وَالثَّوْبُ لَغْوٌ وَثَوْبٌ بِدَرَاهِمَ إِلَى شَهْرٍ يَمْتَنِعُ

(فرع)

بِدِينَارٍ نَقْدًا لِأَنَّهُ صَرْفٌ مُسْتَأْخَرٌ وَيَجُوزُ بِعَشَرَةٍ مِنْ دِينَارٍ نَقْدًا لِنَفْيِ التُّهْمَةِ وَلَا يُعْجِبُنِي بِذَهَبٍ يُسَاوِي فِي الصَّرْفِ ذَلِكَ وَيَمْتَنِعُ بِثَوْبٍ وَدِينَارٍ نَقْدًا لِأَنَّهُ عَرْضٌ وَذَهَبٌ بِفِضَّةٍ مُؤَخَّرَةٍ وَلَا تُعْجِبُنِي بِعَرْضٍ وَفُلُوسٍ لِأَنَّهُ فُلُوسٌ بِدَرَاهِمَ إِلَى أَجَلٍ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إرْدب طَعَامٍ بِدِينَارٍ إِلَى أَجَلٍ مُمْتَنِعٌ شِرَاؤُكَ مِنْ صِنْفِهِ أرد بَين بِدِينَارٍ نَقْدًا لِأَنَّهُ رَدَّ إِلَيْكَ طَعَامَكَ وَزَادَكَ إردبا عَلَى أَنْ تُسْلِفَهُ دِينَارًا وَيَمْتَنِعَ مِنَ الصِّنْفِ مِثْلَ الْكَيْلِ أَوْ أَقَلَّ بِأَقَلَّ مِنَ الثَّمَنِ نَقْدًا لِأَنَّهُ فِي مِثْلِ الْكَيْلِ سَلَفٌ بِنَفْعٍ وَفِي الْأَقَلِّ بَيْعٌ وَسَلَفٌ وَبِمِثْلِ الْكَيْلِ بِمِثْلِ الثَّمَنِ فَأَكْثَرَ نَقْدًا يَجُوزُ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ وَكَذَلِكَ كَلُّ مَوْزُونٍ وَمَكِيلٍ فِي هَذَا قَالَ ابْن يُونُس معنى الصِّنْف هَا هُنَا مَحْمُولَة من مَحْمُولَة أما سمراء أَو شَعِيرًا مِنْ مَحْمُولَةٍ فَلَا تُهْمَةَ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ وَقِيلَ أَرَادَ جِنْسَهُ وَفِي الْكِتَابِ لَوْ كَانَ مَكَانَ الطَّعَامِ ثَوْبًا جَازَ صِنْفُهُ قَبْلَ الْأَجَلِ بِأَقَلَّ من الثّمن أَو أَكثر نَقْدا وَإِلَى أَجَلٍ لِأَنَّ مُسْتَهْلِكَ الثَّوْبِ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ بِخِلَافِ الْمِثْلِيَّاتِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ عَبْدَانِ أَوْ ثَوْبَانِ بِثَمَنٍ إِلَى أَجَلٍ تَجُوزُ الْإِقَالَةُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَإِنْ غَابَ عَلَيْهِمَا مَا لَمْ يَتَعَجَّلْ ثَمَنَ الْآخَرِ أَوْ يُؤَخِّرْهُ أَبْعَدَ مِنَ الْأَجَلِ لِأَنَّهُ سَلَفٌ لِأَجَلِ الْإِقَالَةِ وَلَوْ كَانَ طَعَامًا امْتَنَعَتِ الْإِقَالَةُ مِنْ بَعْضِهِ إِذَا غَابَ عَلَيْهِ حَلَّ الْأَجَلُ أَمْ لَا لِاحْتِمَالِ تَبْدِيلِهِ فَيَصِيرُ طَعَامًا بِطَعَامٍ وَفِضَّةٍ وَإِنْ لَمْ يَغِبْ أَوْ شَهِدَتْ عَلَى غَيْبَتِهِ بَيِّنَةٌ جَازَ مَا لَمْ يَنْقُدْكَ الْآنَ ثَمَنَ بَاقِيهِ أَوْ يُعَجِّلْهُ لَكَ قَبْلَ مَحَلِّهِ لِأَنَّهُ عَجَّلَ ذَهَبًا عَلَى أَنْ يَبِيعَهُ وَلِأَنَّهُ طَعَامٌ وَذَهَبٌ نَقْدًا بِذَهَبٍ مُؤَجَّلٍ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ فَرَسٌ أَسْلَمَ فِي عَشَرَةِ أَثْوَابٍ إِلَى أَجَلٍ فَأَعْطَاكَ خَمْسَةً قَبْلَ

الْأَجَلِ مَعَ الْفَرَسِ أَوْ مَعَ سِلْعَةٍ سِوَاهُ عَلَى أَنْ تُبَرِّئَهُ مِنْ بَقِيَّةِ الثِّيَابِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ وَضَعْ وَتَعَجَّلْ لِأَنَّ الْمُعَجَّلَ سَلَفٌ وَالْفَرَسُ أَوِ السِّلْعَةُ بَيْعٌ لِلْخَمْسَةِ الثَّانِيَةِ وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ السِّلْعَةِ الْمُعَجَّلَةِ أَضْعَافَ قيمَة الثِّيَاب المؤخرة لم يجز الِامْتِنَاع سَلَمِ ثَوْبٍ وَسِلْعَةٍ أَكْثَرَ ثَمَنًا فِي ثَوْبَيْنِ مِنْ صِنْفِهِ قَالَ رَبِيعَةُ مَا لَا يَجُوزُ سلم بعضه فِي بعض لَا يُؤَخر قصا مِنْهُ يلْزم ضع وتعجل إِذا كَانَت قيمَة قرس أَوِ السِّلْعَةِ أَقَلَّ قَالَ وَهُوَ ضَعِيفٌ يَلْزَمُ عَلَيْهِ الْمَنْعُ إِذَا لَمْ يُقَارِبْهُ سَلَفٌ كَدَفْعِ السِّلْعَةِ أَوِ الْفَرَسِ وَهُمَا أَقَلُّ قِيمَةً مِنَ الْعَشَرَةِ الْأَثْوَابِ وَلَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِي جَوَازِهِ وَإِنَّمَا يَكُونُ ضَعْ وَتَعَجَّلْ إِذَا حَطَّ مِنْ صِنْفِ مَا عَلَيْهِ وَيُعَجِّلُ بَاقِيهِ وَإِذَا قُلْنَا بِالْمَنْعِ وَنَزَلَ فَلَا يُفْسَخُ إِلَّا الْعَقْدُ الثَّانِيَ فِي مَسْأَلَةِ الْفَرَسِ قَوْلًا وَاحِدًا بِخِلَافِ إِذَا اشْتَرَى قَبْلَ الْأَجَلِ بِأَقَلَّ مِنَ الثَّمَنِ فَخِلَافٌ لِدُخُولِ التُّهْمَةِ فِي الْعَقْدَيْنِ بِخِلَافِ الْفَرَسِ فَإِنْ مَاتَ الْفَرَسُ فَالْقِيمَةُ يَوْمَ الْقَبْضِ بِقَبْضِهِ فِي بَيْعٍ فَاسِدٍ وَفِي الْعَبْدَيْنِ بِثَمَنٍ إِلَى أَجَلٍ وَيَشْتَرِي أَحَدَهُمَا بِشَرْطِ تَعْجِيلِ ثَمَنِ الْآخَرِ وَإِذَا نَزَلَ وَفَاتَ الْعَبْدُ الْمَقْبُوضُ لَا يُحْكُمُ فِيهِ بِالْقِيمَةِ لِأَنَّهَا إِن عجلت وَهِي عين وَترجع عِنْدَ الْأَجَلِ بِعَيْنٍ أَكْثَرَ مِنْهَا وَمَسْأَلَةُ الْفَرَسِ يَرْجِعُ عِنْدَ الْأَجَلِ بِثِيَابٍ فَلَا فَسَادَ وَلَوْ أَخَذَ فَرَسًا مِثْلَ فَرَسِهِ مَعَ الْخَمْسَةِ الْأَثْوَابِ فَفِي فسخ العقد الأول قَولَانِ لِأَنَّهُمَا بهما فِي سَلَفٍ بِزِيَادَةٍ لِأَنَّهُ دَفَعَ فَرَسًا وَأَخَذَ بَعْدَ ذَلِكَ فَرَسًا وَخَمْسَةَ أَثْوَابٍ وَلَوْ أَخَذَ الْفَرَسَ بِخَمْسَةٍ مِنَ الْعَشَرَةِ جَازَ قَوْلًا وَاحِدًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَوْ دَفَعَ قَبْلَ الْأَجَلِ أَحَدَ عَشَرَ ثَوْبًا مِنْ جِنْسِهَا وَأَعْطَى خَمْسَةً مَعَ الْفَرَسِ أَوْ سِلْعَةً وَأَبْقَى الْخَمْسَةَ إِلَى أَجَلِهَا امْتَنَعَ وَحَيْثُ مَنَعْنَا وَعَجَّلَ الثِّيَابَ مَعَ الْفَرَسِ وَفَاتَتِ الثِّيَابُ بِالْقِيمَةِ وَإِنْ جَعَلْنَاهَا سَلَفًا لِأَنَّ السَّلَفَ الْفَاسِدَ يُرَدُّ إِلَى الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فيجيب فِي الْمثل الْمِثْل وَفِي غَيْرِهِ الْقِيمَةُ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ إِذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْفَرَسِ أَقَلَّ مِنَ الْخَمْسَةِ دَخَلَهُ ضَعْ وَتَعَجَّلْ أَوْ أَكْثَرَ دَخَلَهُ حُطَّ

(فرع)

عَنِّي الضَّمَانَ وَأَزِيدُكَ وَيَدْخُلُهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ لِأَنَّ الْفرس الْمَرْدُود مَبِيع الْخَمْسَة وَالْخَمْسَة الْمُعَجَّلَة سَلَفٌ حَتَّى يَأْخُذَهَا مِنْ ذِمَّتِهِ عِنْدَ الْأَجَلِ وَفِي هَذَا الْأَصْلِ قَوْلَانِ الْمَشْهُورُ هَذَا وَجَوَّزَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ لِأَنَّ الذِّمَّةَ قَدْ بَرِئَتْ وَلَا سَلَفَ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ سَلَفًا لَوَجَبَ أَخْذُهُ فِي الْفَلَسِ وَيُحَاصُّ فِيهِ غُرَمَاؤُهُ وَيَدْخُلُهُ حُطَّ عَنِّي الضَّمَانَ وَأَزِيدُكَ إِنْ قَصَدَ أَنَّ الزِّيَادَةَ لِحَطِّ الضَّمَانِ لَكِنَّ الْغَالِبَ مِنَ النَّاسِ خِلَافُهُ وَإِذَا عَجَّلَ الْخَمْسَةَ فَفِي الْكِتَابِ الْمَنْعُ وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ الْجَوَازُ وَإِنْ أُخِّرَتْ عَنْ أَجَلِهَا امْتَنَعَ اتِّفَاقًا لِحُصُولِ الْبَيْعِ فِي الْمَرْدُودِ وَالسَّلَفِ فِي الْمُؤَخَّرِ وَحَيْثُ مَنَعْنَا فَفَاتَ الْمَبِيعُ مَضَى بِالْقِيمَةِ وَهَلْ يَمْضِي السَّلَفُ بِالْقِيمَةِ أَوِ الْمِثْلِ قَوْلَانِ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي السَّلَفِ الْفَاسِدِ هَلْ يَقْضِي فِيهِ بِالْقِيمَةِ أَوِ الْمِثْلِ عَلَى الْخلاف فِي كل مستثى مِنْ أَصْلٍ إِذَا فَسَدَ هَلْ يُرَدُّ إِلَى أصل نَفسه أَو أصل أَصله كالقراض وَالْمُسَاقَاة والحمالة (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ قَالَ رَبِيعَةُ حِمَارٌ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ إِلَى أَجَلٍ ثُمَّ أَقَلْتَهُ عَلَى تَعْجِيلِ دِينَارا أَوْ بِعْتَهُ بِنَقْدٍ فَأَقَلْتَهُ عَلَى زِيَادَةِ دِينَارٍ تُؤَخِّرُهُ بِهِ يَمْتَنِعُ لِأَنَّ الْمُعَجَّلَ سَلَفٌ كَالْأَثْوَابِ مَعَ الْفَرَسِ وَالدِّينَارَ سُلَفٌ وَالْحِمَارَ مَبِيعٌ بِتِسْعَةٍ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْ تِسْعَةٍ فَهُوَ ضَعْ وَتَعَجَّلْ أَوْ أَكْثَرَ فَهُوَ حُطَّ عَنِّي الضَّمَانَ وَأَزِيدُكَ وَيَدْخُلُهُ حِمَارٌ وَدِينَارٌ بِعَشَرَةٍ مُؤَجَّلَةٍ فَهُوَ صَرْفٌ مُسْتَأْخِرٌ وَغَيْرُ مُتَمَاثِلٍ وَبَيْعٌ وَصَرْفٌ قَالَ سَنَدٌ وَإِذَا مَنَعْنَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَوَقَعَ لَا تَخْيِيرَ فِي رَدِّ الدِّينَارِ كَمَا قُلْنَا لِأَنَّ قُوَّةَ الْعِلَّةِ ثَمَّةَ الْبَيْعُ وَالسَّلَفُ وَإِذَا رد السّلف صَحَّ البيع وَالْعلَّة هَا هُنَا بَيْعٌ وَصَرْفٌ وَلَوْ زَادَهُ الدِّينَارَ إِلَى الْأَجَل بِعَيْنِه جَازَ وَكَانَ الْحمار بيع بِتِسْعَةٍ مِنْ غَيْرِ تُهْمَةٍ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ ذَهَبًا مُخَالِفًا لِذَهَبِ الثَّمَنِ لِامْتِنَاعِ الْمُقَاصَّةِ بَلْ ذَهَبٌ مُؤَجَّلٌ وسلعة بِذَهَب

إِلَى أَجَلٍ وَكَذَلِكَ مَنَعَ زِيَادَةَ ذَهَبٍ نَقْدًا وَإِلَى أَبْعَدَ مِنَ الْأَجَلِ وَأَقْرَبَ مِنْهُ وَيَجُوزُ لِلْأَجَلِ فِي مِثْلِ الْعَيْنِ فِي الْجَوْدَةِ لِأَنَّهُ يَكُونُ مُقَاصَّةً قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ إِنْ زَاد مِنْ غَيْرِ النَّقْدَيْنِ نَقْدًا مِنْ غَيْرِ نَوْعِ الثَّمَنِ جَازَ وَمُؤَجَّلًا يَمْتَنِعُ فَإِنْ زَادَ الْبَائِعَ مِنَ النَّقْدَيْنِ أَوْ عَرْضًا نَقْدًا إِلَى أَقْرَبَ مِنَ الْأَجَلِ أَوْ أَبْعَدَ مِنْهُ جَازَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَرْضُ مِنْ صِنْفِ مَا اسْتَقَالَ مِنْهُ فَلَا يجوز تَأْخِيره لِأَن الزِّيَادَة فِي الْبَائِعِ لَا يَأْخُذُ فِي مُقَابِلِهَا إِلَّا الْحِمَارَ فَهُوَ بَيْعُ الْحِمَارِ بِالْمُعَجَّلِ بِالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ فَيَجُوزُ فَإِنْ كَانَتِ الزِّيَادَةُ مِنَ الْجِنْسِ فَكَأن الْمُشْتَرِي أَقْرَضَ الْبَائِعَ الدَّابَّةَ أَوِ الْعَرْضَ عَلَى أَنْ زَادَهُ الدِّينَارَ الَّذِي عِنْدَهُ وَلَوْ زَادَهُ الْمُبْتَاعُ دِينَارًا كَانَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ فَأَسْقَطَهُ أَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَأَنَّهُ قَضَاهُ ذَلِكَ مِنَ الثَّمَنِ وَوَهَبَهُ السِّلْعَةَ وَذَلِكَ إِنْ تَكَافَأَ الْمَالَانِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الدَّيْنُ أَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ وَلَمْ يُعَجِّلْهُ ذَهَبًا وَسِلْعَةً بِذَهَبٍ إِلَى أَجَلٍ لَبُعْدِ الْقَصْدِ لِذَلِكَ وَهُوَ مَمْنُوعٌ عَلَى أَصْلِ ابْنِ نَافِعٍ لِمَنْعِهِ الْمُقَاصَّةَ فِي الدَّيْنَيْنِ إِلَّا أَنْ يَحِلَّ أَحَدُ الْأَجَلَيْنِ وَلَوْ زَادَ الْمُبْتَاعُ مَكَانَ الدِّينَار وَرقا امْتنع أَيْضا لِأَنَّهُ صرف مُتَأَخّر أَوْ عَرْضًا دَخَلَهُ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ أَوْ بِزِيَادَةِ دِينَارٍ نَقْدًا أَوْ دِينَارَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ جَازَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَلَوْ زَادَهُ الْوَرِقَ نَقْدًا أَقَلَّ مِنْ صَرْفِ دِينَارٍ أَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ فِي اجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ وَلَوْ زَادَهُ عَرْضًا نَقْدًا أَجَازَهُ وَكَأَنَّهُ بَاعَهُ بِالْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ حِمَارًا وَعَرْضًا وَتَجُوزُ الزِّيَادَةُ مِنَ الْبَائِعِ مُطْلَقًا إِلَّا عَرْضًا مِنْ جِنْسِ مَا اسْتَرْجَعَ مُؤَجَّلًا لِأَنَّهُ سَلَمُ الشَّيْءِ فِي مِثْلِهِ بِزِيَادَةٍ وَلَوْ نَقَدَ الْمُبْتَاعُ الْعشْرَة وتقابلا عَلَى أَنْ زَادَ الْمُبْتَاعَ عَرْضًا أَوْ عَيْنًا إِلَى أَجَلٍ جَازَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بِثَمَنٍ أَقَلَّ وَضَبَطَ بَعْضُهُمْ هَذِهِ الْإِقَالَاتِ بِقَوْلِهِ (إِذَا اسْتَقَالَكَ مُبْتَاعٌ إِلَى أَجَلٍ ... وَزَادَ نَقْدًا فَخُذْهُ وَلَا تَسَلِ) (حَاشَا مِنَ الذَّهَبِ الْمُرَجَّى إِلَى أجل ... إِلَّا إِلَى ذَلِك الميقاة وَالْأَجَل)

(فرع)

(مَعَ الرِّقَابِ فَلَا تَرْدُدْ فَإِنَّ لَهَا ... حُكْمًا من الصّرْف فِي التَّعْجِيل وَالْأَجَلِ) (وَزِدْهُ أَنْتَ مِنَ الْأَشْيَاءِ أَجْمَعِهَا ... مَا شِئْت نَقْدا أَو مَضْمُونا إِلَى أجل) (مَا لَمْ يَكُنْ صِنْفُ مَا اسْتَرْجَعْتَ تَدْفَعُهُ ... إِلَى زَمَانٍ وَلَا بَأْسًا عَلَى عَجَلِ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَوْ حَلَّ الْأَجَلُ جَازَ أَنْ يَزِيدَ الْمُبْتَاعُ دَنَانِيرَ وَدَرَاهِمَ عَرْضًا إِذَا كَانَتِ الدَّرَاهِم كالعشرة وَنَحْوهَا لَيْلًا يَدْخُلَهُ بَيْعٌ وَصَرْفٌ وَلَوْ زَادَهُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ فَسْخٌ فِي دَيْنٍ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَشْهُورَةٌ فِي الْمَذْهَبِ بِحِمَارِ رَبِيعَةَ وَالَّتِي قبلهَا بفرس ابْن الْقَاسِم قَالَ الْعَبْدِيُّ فِي نَظَائِرِهِ الْإِقَالَةُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ تَجُوزُ مَعَ رَدِّ رَأْسِ الْمَالِ عَيْنًا كَانَ أَوْ عَرْضًا وَتَمْتَنِعُ مِنْ أَكْثَرَ مِنْهُ عَيْنًا كَانَ أَوْ عَرْضًا وَتَجُوزُ مَعَ الْأَجَلِ فِي الدَّرَاهِمِ وَالْعَرُوضِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ دُونَ الطَّعَامِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ فِي تَجْوِيزِ الْجَمِيعِ وَمَنَعَ عَبْدُ الْعَزِيزِ فِي الْجَمِيعِ وَالْفَرْقُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الطَّعَامَ فِيهِ الضَّمَانُ وَالتَّفَاضُلُ وَلَيْسَ فِي الدَّرَاهِمِ ضَمَانٌ فَذَهَبَ جُزْءُ الْعِلَّةِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْخِيَارِ عَبْدَانِ بِثَمَنٍ إِلَى أَجَلٍ عَلَى رَدِّ أَحَدِهِمَا عِنْدَ الْأَجَلِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ يَوْمَئِذٍ مِنْ نَمَاءٍ أَوْ نَقْصٍ يَجُوزُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ فِي الْمَرْدُودِ بِخِلَافِ مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ لَا تَجُوزُ إِجَارَتُهُ (فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا بِثَمَنٍ إِلَى أَجَلٍ تَقَايلا قيل الْكَيْلِ امْتَنَعَتِ الزِّيَادَةُ مِنْ أَحَدِهِمَا لِصَاحِبِهِ لِأَنَّهُ بَيْعُ طَعَامٍ قَبْلَ قَبْضِهِ إِلَّا أَنْ يَسْتَقِيلَ الْمُبْتَاعُ بِزِيَادَةِ مِثْلِ الثَّمَنِ إِلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي الثَّمَنَ وَيَهَبُ الطَّعَامَ وَبَعْدَ الْكَيْلِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ فِي الطَّعَامِ أَوِ الثَّمَنِ أَوْ شَيْءٍ مِنْهُمَا فَتَجُوزُ الزِّيَادَةُ مِنَ الطَّرَفَيْنِ إِلَّا

(فرع)

أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ مِنَ الطَّعَامِ الْمُسْتَقَالِ مِنْهُ وَيَجُوزُ مِنْ غَيْرِ صِنْفِهِ إِذَا كَانَتِ الزِّيَادَةُ نَقْدًا أَوِ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا فَقَوْلَانِ الْجَوَازُ مَحَلا الذمم وَالْمَنْع وَأما بعد قبص الطَّعَام أَو بعضه فنمتنع إِلَّا قَالَه فِي جَمِيعِهِ عَلَى أَنْ يَزِيدَ الْمُبْتَاعُ الْبَائِعَ شَيْئًا لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ لِأَجَلِ الْعِينَةِ وَكَذَلِكَ إِذَا قَبَضَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ أَوْ بَعْضَهُ فَتَمْتَنِعُ الْإِقَالَةُ عَلَى أَنْ يَزِيدَ الْبَائِعُ الْمُبْتَاعَ لِرَدِّهِ الثَّمَنَ بَعْدَ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ فَيَكُونَ سَلَفًا بِزِيَادَةٍ فَإِنْ كَانَ الْبَيْعُ أَصْلُهُ نَقْدًا جَازَتِ الْإِقَالَةُ بِغَيْرِ تُهْمَةٍ وَالْمَكِيلُ وَالْمَوْزُونُ وَالطَّعَامُ فِي هَذَا كُلِّهِ وَبَقِيَّةُ فُرُوعِ الْإِقَالَةِ تَأْتِي بَعْدَ هَذَا فِي بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَفِي كِتَابِ السَّلَمِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ عَبْدُكَ الْمَأْذُونُ مَبِيعَكَ قَبْلَ الْأَجَلِ بِأَقَلّ من الثّمن نَقْدا أَن تجر بِمَالِكَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَتِكَ أَوْ بِمَالِ نَفْسِهِ جَازَ وَكَذَلِكَ لَا يُعْجِبُنِي أَنْ تَبْتَاعَهَا لِابْنِكَ الصَّغِيرِ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ بِالْوَكَالَةِ بِأَقَلَّ مِنَ الثَّمَنِ نَقْدًا وَلَا تبيعها لِمُشْتَرِيهَا بِالْوَكَالَةِ إِلَّا بِمَا يَجُوزُ لَكَ أَنْتَ وَكَذَلِكَ شِرَاءُ مَا بَاعَهُ عَبْدُكَ إِنْ كَانَ يَتَّجِرُ لَكَ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ ذَرِيعَةِ الذَّرِيعَةِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ أَشْهَبُ يَمْتَنِعُ شِرَاءُ الْعَبْدِ مَبِيعَكَ وَإِنْ كَانَ يَتَّجِرُ بِمَالِهِ لِإِمْكَانِ الِانْتِزَاعِ وَلَا يُفْسَخُ إِنْ وَقَعَ وَمَنَعَ أَشْهَبُ فَسْخَ شِرَائِكَ لِابْنِكَ الصَّغِيرِ وَإِنِ اشْتَرَى وَكِيلُكَ مَبِيعَكَ إِلَى أَجَلٍ بَعْدَ عِلْمِكَ بِمَا يَمْتَنِعُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُفْسَخُ لِأَنَّ يَدَكَ يَدُ وَكِيلِكَ وَيَجُوزُ شِرَاؤُكَ مَبِيعَ عَامِلِكَ فِي الْقِرَاضِ إِلَى أَجَلٍ بِدُونِ الثَّمَنِ لِأَنَّكَ لَيْسَ لَكَ مَنْعُهُ مِنَ التَّصَرُّفِ بِخِلَافِ عَبْدِكَ وَوَكِيلِكَ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ لَا تَأْخُذْ بِبَعْضِ الثَّمَنِ سِلْعَةً عَلَى أَنْ تُؤَخِّرَهُ بِبَقِيَّتِهِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ وَيَجُوزُ تَأْخِيرُهُ بِغَيْرِ شَرْطٍ

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْمُقَدِّمَاتِ مَنْ بَاعَ بِنَقْدٍ أَوِ اشْترى بِهِ أَو بدين أَو بَاعَ بَين وَاشْتَرَى بِهِ أَوْ بِنَقْدٍ وَغَابَ عَلَى النَّقْدِ فَإِنْ رَجَعَ لِلْمُخْرِجِ مِثْلَ مَا أَخْرَجَ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ امْتَنَعَ إِنْ كَانَا مِنْ أهل الْغَيْبَة أَو أَحدهمَا والاجاز إِنْ كَانَ الْعَقْدُ الْأَوَّلُ بِالنَّقْدِ لِأَنَّهُمْ يُتَّهَمُونَ فِي التَّوَسُّلِ لِلرِّبَا فِي النَّقْدَيْنِ وَالسَّلَفِ بِالزِّيَادَةِ فَصْلٌ فِي الْمُقَدِّمَاتِ يُتَّهَمُ أَهْلُ الْعِينَةِ فِيمَا لَا يُتَّهَمُ فِيهِ غَيْرُهُمْ لِعَادَتِهِمْ بِالْمَكْرُوهِ وَالْعِينَةُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ جَائِزَةٌ وَمَكْرُوهَةٌ وَمَحْظُورَةٌ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ الْعِينَةِ هَلْ عِنْدَكَ سِلْعَةُ كَذَا أَشْتَرِيهَا فَيَقُولُ لَا وَيَنْفَصِلَا عَنْ غَيْرِ مُوَاعَدَةٍ فَيَشْتَرِي تِلْكَ السِّلْعَةَ وَيَبِيعُهَا مِنْهُ نَقْدًا أَوْ نَسِيئَةً الْقِسْمُ الثَّانِي الْمَكْرُوهُ أَنْ يَقُولَ اشْتَرِ لِي كَذَا وَأُرْبِحْكَ فِيهِ من غير تَقْدِير الرّيح الْقِسْمُ الثَّالِثُ أَنْ يَقُولَ الرِّبْحُ وَالثَّمَنُ وَفِيهِ فُرُوعٌ الْأَوَّلُ اشْتَرِهَا لِي بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَأَشْتَرِيهَا مِنْكَ بِاثْنَيْ عَشَرَ نَقْدًا فَهُوَ أَجِيرٌ بِدِينَارَيْنِ فَإِنْ كَانَ النَّقْدَانِ أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ شَرْطٍ جَازَ أَوْ مِنَ الْمَأْمُورِ بِشَرْطٍ امْتَنَعَ لِأَنَّهَا إِجَارَةٌ بِشَرْطِ سَلَفِ الثَّمَنِ وَيَكُونُ لَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ إِلَّا أَنْ تَزِيدَ عَلَى الدِّينَارَيْنِ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِهِمَا عَلَى رَأْيِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ مِنَ الْبَائِعِ وَفَاتَتِ السِّلْعَةُ وَعَلَى رَأْيِ ابْن حبيب يجب أَنَّ لَهُ الْقِيمَةَ مَا بَلَغَتْ تَكُونُ لَهُ الْأُجْرَةُ مَا بَلَغَتْ قَالَ وَالْأَصَحُّ أَنْ لَا تكون لَهُ الْأُجْرَة لَيْلًا يَكُونَ ثَمَنًا لِلسَّلَفِ وَتَتْمِيمًا لِلرِّبَا فَتَكُونُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ هَذَا إِذَا عَثَرَ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ انْتِفَاعِ الْآمِرِ وَإِلَّا فَقَوْلَانِ الْأُجْرَةُ مَا بَلَغَتْ لَا شَيْءَ لَهُ وَلَوْ عَثَرَ عَلَى ذَلِكَ قبل أَن بِنَقْد الْمَأْمُورَ كَانَ النَّقْدُ مِنْ عِنْدِ الْآمِرِ وَفِيمَا يكون للْأَجِير قَولَانِ وَالْأُجْرَة مَا بَلَغَتِ الْأَقَلَّ مِنَ الْأُجْرَةِ أَوِ الدِّينَارَيْنِ وَابْن الحبيب يرى أَن نقد الْمَأْمُور تَقْدِيم الْحَرَام

وان لم يمض من الْمدَّة مَا ينفع الْآمِرُ فِيهَا وَتَكُونُ لَهُ الْأُجْرَةُ مَا بَلَغَتْ الثَّانِي يَقُولُ اشْتَرِ بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَأَنَا أَبْتَاعُهَا مِنْكَ بِاثْنَيْ عَشَرَ إِلَى أَجَلٍ فَهُوَ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ وَتَلْزَمُ السِّلْعَةُ الْآمِرَ لِأَنَّ الشِّرَاءَ كَانَ لَهُ وَيُعْطِي الْعَشَرَةَ نَقْدًا وَتَسْقُطُ الزِّيَادَةُ وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ مَا بَلَغَتْ فِي قَوْلٍ وَالْأَقَلُّ مِنْهَا وَمِنَ الدِّينَارَيْنِ فِي قَوْلٍ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي قَوْلٍ قَالَ فِي سَمَاعِ سَحْنُونٍ إِنْ لَمْ تَفُتِ السِّلْعَةُ فُسِخَ الْبَيْعُ قَالَ وَهُوَ بَعِيدٌ وَقِيلَ مَعْنَاهُ إِذَا عَلِمَ الْبَائِعُ بِعِلْمِهَا الثَّالِثُ اشْتَرِ لِي بِاثْنَيْ عَشَرَ إِلَى أَجَلٍ وَأَبْتَاعُهَا بِعَشَرَةٍ نَقْدًا فَيَكُونُ الْمَأْمُورُ أَجِيرًا عَلَى أَنْ يُسْلِفَهُ الْآمِرُ عَشَرَةً وَتَكُونُ لَهُ الْأُجْرَة مَا بلغت هَا هُنَا اتِّفَاقًا الرَّابِعُ اشْتَرِ لِنَفْسِكَ نَقْدًا وَأَشْتَرِيهَا مِنْكَ بِاثْنَيْ عَشَرَ إِلَى أَجَلٍ فَهُوَ حَرَامٌ فَإِنْ وَقَعَ فَعَنْ مَالِكٍ يَلْزَمُ الْآمِرُ الشِّرَاءَ بِاثْنَيْ عَشَرَ إِلَى الْأَجَلِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ كَانَ ضَامِنًا لَهَا وَلَوْ أَرَادَ الْآمِرُ تَرْكَهَا كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَاسْتَحَبَّ أَنْ لَا يَأْخُذَ الْمَأْمُورُ إِلَّا مَا نقد وَقَالَ ابْن حبيب يفسح الْبَيْعُ الثَّانِي إِنْ كَانَتِ السِّلْعَةُ قَائِمَةً وَيَرُدُّ الْمَأْمُورُ فَإِنْ فَاتَتْ رُدَّتْ إِلَى قِيمَتِهَا مُعَجَّلَةً يَوْمَ يَقْبِضُهَا الْآمِرُ كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ لِأَنَّ الْمُوَاطَأَةَ قَبْلَ الشِّرَاءِ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ السَّادِسُ اشْتَرِ لِنَفْسِكَ بِاثْنَيْ عَشَرَ إِلَى أَجَلٍ وَأَبْتَاعُهَا بِعَشَرَةٍ نَقْدًا فَلَا يُرَدُّ الْبَيْعُ إِنْ فَاتَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَا يَكُونُ عَلَى الْآمِرِ إِلَّا الْعَشَرَةُ وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ الثَّانِيَ عِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ كَالْبَيْعِ الْحَرَامِ لِلْمُوَاطَأَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَإِنْ فَاتَتْ فَقِيمَتُهَا يَوْمَ قَبْضِ الثَّانِي وَظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُفْسَخُ مَا لَمْ تَفُتِ السّلْعَة

السَّابِعُ فِي الْجَوَاهِرِ يَشْتَرِي مِنْ أَحَدِهِمْ بِعَشَرَةٍ نَقْدًا أَوْ بِعَشَرَةٍ إِلَى أَجَلٍ فَيَمْتَنِعُ مِنْهُمْ خَاصَّة كَأَنَّهُ اشْتَرَاهَا فَبيع مِنْهَا بِعشْرَة بدفعها وَيتبع الْبَاقِيَ يَنْتَفِعُ بِثَمَنِهِ الْآنَ وَيَدْفَعُ عَنْهُ الثَّمَنَ الْمُؤَجَّلَ وَالْغَالِبُ أَنَّهَا لَا تُسَاوِي الْعِشْرِينَ فَيَكُونُ ذَهَبًا فِي أَكْثَرَ مِنْهُ الثَّامِنُ قَالَ أَنْ يَكُونَ مُتَّهَمًا فِي الشِّرَاءِ لِلْبَيْعِ دُونَ الْأَجَلِ فَيَشْتَرِي طَعَامًا بِعَشَرَةٍ إِلَى أَجَلٍ وَيَقُولُ بِعْتُهُ بِثَمَانِيَةٍ فَحُطَّ عَنِّي مِنَ الرِّبْحِ قَدْرَ النَّقْصِ فَيُمْنَعُ إِذَا كَانَ الْمَقْصُودُ الْبَيْعَ وَكَانَا أَوْ أَحدهمَا من اهل الْعينَة لأَنهم يتواطأون عَلَى رِبْحِ الْعَشَرَةِ اثْنَيْ عَشَرَ أَوْ غَيْرِهِ فَإِذَا بَاعَ وَنَقَصَ عَنْ تَقْدِيرِهَا حَطَّهُ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى مَا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ وَهُمْ قَوْمٌ يُوَسِّعُونَ الْحِيلَةَ فِي الْحَرَامِ وَقَدْ قَالَ الْأَصْحَابُ إِنْ كَانَتِ الْبَيْعَتَانِ أَوِ الْأُولَى إِلَى أَجَلٍ اتُّهِمَ جَمِيعُ النَّاسِ فَإِنْ أَفْضَى إِلَى مَكْرُوهٍ امْتَنَعَ وَإِنْ كَانَتَا نَقْدًا فَلَا يُتَّهَمُ فِي الثَّانِيَةِ إِلَّا أَهْلُ الْعِينَةِ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَتِ الثَّانِيَةُ هِيَ الْمُؤَجَّلَةَ وَقِيلَ بَلْ يُتَّهَمُ فِي هَذِه جَمِيع النَّاس قَالَ أصيغ إِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مِنَ الْعِينَةِ فَاعْمَلْ عَلَى أَنَّهُمَا جَمِيعًا مِنْ أَهْلِ الْعِينَةِ التَّاسِعُ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ مَالِكٌ إِذَا بَاعَ قَمْحًا بِدِينَارٍ ثُمَّ اشْتَرَى مِنْهُ الْمُشْتَرِي بِزَائِدِ دِينَارٍ ثُمَّ تَسَاقَطَا الدِّينَارَيْنِ لَا يَجُوزُ وَيَرُدُّ الثَّمَنَ لِأَنَّهُ قبض طَعَاما من ثمن الطَّعَام وععى مَذْهَب عبد الْملك يفْسخ البيعين لِفَسْخِ الْقَمْحِ أَيْضًا وَقَالَ مُحَمَّدٌ تُفْسَخُ الْمُقَاصَّةُ فَقَطْ الْعَاشِرُ قَالَ قَالَ مَالِكٌ اشْتَرَى تَمْرًا جِزَافًا وَلَمْ يَبِعْهُ ثُمَّ اشْتَرَى الْبَائِعُ مِنْهُ أَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ كَيْلًا امْتَنَعَ نَقَدَ أَمْ لَا لِأَنَّهُ ذَرِيعَةٌ إِلَى اسْتِثْنَاءِ أَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ مِنَ الْجِزَافِ وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَى مَنْعِهِ وَإِنْ كَانَ الْبَيْعُ إِلَى أَجَلٍ قَالَ سَحْنُونٌ لَا يَشْتَرِي مِنْهُ شَيْئًا أَصْلًا وَكَذَلِكَ إِنْ تَفَرَّقَا وَإِنَّمَا يَجُوزُ أَقَلُّ إِذَا لَمْ

قال ابن القاسم إذا باع لحما وتكفل به جميل فدفع الحميل للجزار الثمن جاز أخذ الكفيل من المشتري في دراهمه طعاما لأنه لم يدفع طعاما ولا يأخذ الجزار من الحميل بدراهمه طعاما لأنه باع طعاما تنزيلا للحميل منزلة المحال عليه فإن كان أخذ الطعام من الحميل صلحا

يَتَفَرَّقَا بِغَيْر نقد وَلَو كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعِينَةِ امْتَنَعَ الشِّرَاءُ مُطْلَقًا بَعْدَ الْعِينَةِ لَا نَقْدًا وَلَا مُقَاصَّةً الْحَادِي عَشَرَ قَالَ إِذَا بَاعَ رُطَبَهُ بِثَمَنٍ إِلَى أَجَلٍ فَفِي جَوَازِ أَخْذِهِ إِذَا يَبِسَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْجَوَازُ فِي التَّفْلِيسِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ اقْتِضَاءَ الطَّعَامِ مِنْ ثَمَنِ الطَّعَامِ إِنَّمَا يَحْرُمُ لِتَوَقُّعِ بَيْعِ الطَّعَام بِالطَّعَامِ نَسِيئَة وَهَا هُنَا أَخَذَ عَيْنَ نَسِيئَةٍ وَالْمَنْعُ فِي التَّفْلِيسِ وَغَيْرِهِ خَشْيَةَ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّفْلِيسِ فَيَجُوزُ لِأَنَّهُ أَدَّتْ إِلَيْهِ الْأَحْكَامُ وَغَيْرُهُ فَيَمْتَنِعُ فَلَوْ بَاعَ عَبْدًا بِثَمَنٍ إِلَى أَجَلٍ فَفَلَسَ الْمُشْتَرِي وَقَدْ أَبَقَ الْعَبْدُ قَالَ مَالِكٌ يُخَيَّرُ بَيْنَ مُحَاصَّةِ الْغُرَمَاءِ وَطَلَبِ الْعَبْدِ فَإِنْ وَجَدَهُ أَخَذَهُ وَإِلَّا حَاصَّ الْغُرَمَاءَ وَقَالَ أَيْضًا إِنْ رَضِيَ بِطَلَبِهِ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ لِلْمُحَاصَّةِ وَابْتَاعَ العَبْد دين بدين وحظره وَهُوَ أظهر الْأَقْوَال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا بَاعَ لَحْمًا وتكفل بِهِ جميل فَدَفَعَ الْحَمِيلُ لِلْجَزَّارِ الثَّمَنَ جَازَ أَخْذُ الْكَفِيلِ مِنَ الْمُشْتَرِي فِي دَرَاهِمِهِ طَعَامًا لِأَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْ طَعَامًا وَلَا يَأْخُذ الْجَزَّارُ مِنَ الْحَمِيلِ بِدَرَاهِمِهِ طَعَامًا لِأَنَّهُ بَاعَ طَعَامًا تَنْزِيلًا لِلْحَمِيلِ مَنْزِلَةَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ أَخَذَ الطَّعَامَ مِنَ الْحَمِيلِ صُلْحًا عَنِ الْمُشْتَرِي قِيلَ يَجُوزُ وَيُخَير المُشْتَرِي بَين إِجَارَة الصُّلْح وَدفع الطَّعَام وَبَين دفه الدَّرَاهِمِ وَقِيلَ يَمْتَنِعُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَدْفَعُ طَعَامًا وَلَا يَدْرِي مَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ فَإِنْ أَشْكَلَ وَجْهُ دَفْعِ الطَّعَامِ فِي الصُّلْحِ أَوْ غَيْرِهِ فَقَوْلَانِ فِي نُفُوذِ الطَّعَامِ فَائِدَةٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ الْعِينَةُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْعَيْنِ وَهُوَ النَّقْدُ لِحُصُولِهِ لِبَائِعِهَا فِي الْحَالِ وَقَدْ بَاعَ إِلَى أَجَلٍ وَفَسَّرَهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ بِالْبَيْعِ إِلَى أجل أَو الشِّرَاء بِأَقَل نَقْدًا قَالَ صَاحِبٌ هِيَ فِعْلَةٌ مِنَ الْعَوْنِ لِأَنَّ الْبَائِعَ

(القسم الثاني من الكتاب في لزوم العقد وجوازه)

يَسْتَعِينُ الْمُشْتَرِي عَلَى تَحْصِيلِ مَقَاصِدِهِ وَفِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ واتبعتم أَذْنَاب الْبَقر الحَدِيث وبتفسير مَالك فَسَرَّهَا ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَالَ غَيْرُهُمَا بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ وَجَعَلَ مَالِكٌ مِنْهَا بَيْعَ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ لِيُبَيِّنَ أَنَّهَا كُلُّ عَقْدٍ مَمْنُوعٍ (الْقِسْمُ الثَّانِي مِنَ الْكِتَابِ فِي لُزُومِ الْعَقْدِ وَجَوَازِهِ) وَالْخِيَارُ يَتَنَوَّعُ إِلَى خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَخِيَارِ الشَّرْطِ وَخِيَارِ النَّقِيصَةِ فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ (النَّوْعُ الْأَوَّلُ خِيَارُ الْمَجْلِسِ) وَالْأَصْلُ فِي الْعُقُودِ اللُّزُومُ لِأَنَّ الْعُقُودَ أَسْبَابٌ لِتَحْصِيلِ الْمَقَاصِدِ مِنَ الْأَعْيَانِ وَالْأَصْلُ تَرْتِيبُ الْمُسَبَّبَاتِ عَلَى أَسْبَابِهَا وَخِيَارُ الْمَجْلِسِ عِنْدَنَا بَاطِلٌ وَالْبَيْعُ لَازِمٌ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ تَفَرَّقَا أَمْ لَا وَقَالَهُ ح وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَل بعد اللُّزُوم وَخيَار الْمجْلس مَتى يَتَفَرَّقَا أَوْ يَخْتَارَا الْإِمْضَاءَ وَحَكَاهُ أَبُو الطَّاهِرِ عَنِ ابْنِ حَبِيبٍ وَكَذَلِكَ الْإِجَارَةُ وَالصَّرْفُ وَالسَّلَمُ وَالصُّلْحُ عَلَى غَيْرِ جِنْسِ الْحَقِّ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَعَلَى جِنْسِ الْحَقِّ حَطِيطَةٌ لَا بَيْعٌ وَالْقِسْمَةُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا بَيْعٌ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْمُتَعَاقِدَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا إِلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ وَفِي الْبُخَارِيِّ أَوْ يَقُولُ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ اخْتَرْ وَعَنْهُ عَشَرَةُ أَجْوِبَةٍ

الْأَوَّلُ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ يُحْمَلُ الْمُتَبَايِعَانِ عَلَى الْمُتَشَاغِلَيْنِ بِالْبَيْعِ فَإِنَّ بَابَ الْمُفَاعَلَةِ شَأْنُهَا اتِّحَادُ الزَّمَانِ كَالْمُضَارَبَةِ وَنَحْوِهَا وَيَكُونُ الِافْتِرَاقُ بِالْأَقْوَالِ فَكَمَا أَنَّ الْمُتَضَارِبَيْنِ يَصْدُقُ عَلَيْهِمَا حَالَةَ الْمُبَاشَرَةِ اللَّفْظ حَقِيقَة فكذالك الْمُتَبَايِعَانِ وَيَكُونُ الِافْتِرَاقُ مَجَازًا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا سَيَأْتِي مِنَ الْأَدِلَّةِ وَلِأَنَّ تَرْتِيبَ الْحُكْمِ عَلَى الْوَصْفِ يَدُلُّ لِي عِلِّيَّةِ ذَلِكَ الْوَصْفِ لِذَلِكَ الْحُكْمِ فَيَكُونُ وَصْفُ الْمُفَاعَلَةِ هُوَ عِلِّيَّةُ الْخِيَارِ فَإِذَا انْقَضَتْ بَطَلَ الْخِيَارُ لِبُطْلَانِ سَبَبِهِ فَيَكُونُ الْحَدِيثُ حُجَّةً عَلَيْهِمْ لَا لَهُمْ الثَّانِي أَنَّ أَحَدَ الْمَجَازَيْنِ لَازِمٌ فِي الْحَدِيثِ لِأَنَّا إِنْ حَمَلْنَا الْمُتَبَايِعَيْنِ عَلَى حِلَّةِ الْمُبَايَعَةِ كَانَ حَقِيقَةً وَيكون الْمجَازِي الِافْتِرَاقَ فَإِنَّ أَصْلَهُ فِي الْأَجْسَامِ نَحْوَ افْتِرَاقِ الْخَشَبَة وَفَوق الْبَحْرِ وَيُسْتَعْمَلُ مَجَازًا فِي الْأَقْوَالِ نَحْوَ قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلا مِنْ سعته} وَقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ افْتَرَقَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَسَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي الْحَدِيثَ أَيْ بِالْأَقْوَالِ وَالِاعْتِقَادَاتِ وَإِنَّ حَمَلْنَا الْمُتَبَايِعَيْنِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْهُ كَانَ مَجَازًا كَتَسْمِيَةِ الْخُبْزِ بُرًّا وَالْإِنْسَانِ نُطْفَةً ثُمَّ فِي هَذَا الْمَقَامِ يُمْكِنُنَا الِاقْتِصَارُ عَلَى هَذَا الْقَدْرِ وَنَقُولُ لَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنَ الْآخَرِ فَيَكُونُ الْحَدِيثُ مُحْتَمَلًا يَسْقُطُ بِهِ الِاسْتِدْلَالُ وَلَنَا تَرَجُّحُ الْمجَاز الأول بِكَوْنِهِ مَقْصُودا بِالْقِيَاسِ وَالْقَوَاعِدِ الثَّالِثُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي بَعْضِ الطُّرُقِ فِي أَبِي دَاوُدَ وَالدَّارَقُطْنِيِّ الْمُتَبَايِعَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ

صَفْقَةَ الْخِيَارِ وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُفَارِقَ صَاحِبَهُ خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَقِيلَهُ فَلَوْ كَانَ خِيَارُ الْمَجْلِسِ مَشْرُوعًا لَمْ يَحْتَجِ الْإِقَالَةَ الرَّابِعُ الْمُعَارَضَةُ لنَهْيه عَلَيْهِ السَّلَام عَن يَبِيع الْغَرَرِ وَهَذَا مِنَ الْغَرَرِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا يَدْرِي مَا يَحْصُلُ لَهُ هَلِ الثَّمَنُ أَمِ الْمُثَمَّنُ الْخَامِسُ قَوْله تَعَالَى {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ الْمُنَافِي لِلْخِيَارِ السَّادِسُ لَوْ صَحَّ خِيَارُ الْمَجْلِسِ لَتَعَذَّرَ تَوَلِّي طَرَفَيِ الْعَقْدِ كَشِرَاءِ الْأَب لإبنه الصَّغِير وَالْوَصِيّ وَالْحَاكِم لاكن ذَلِك مُجْتَمع عَلَيْهِ عَلَيْهِ فَيَلْزَمُ تَرْكَ الْعَمَلِ بِالدَّلِيلِ عَلَى قَوْلِنَا لَا يلْزم وكذالك يَلْزَمُ فِيمَا يُسْرِعُ إِلَيْهِ الْفَسَادُ مِنَ الْأَطْعِمَةِ كالهرايس والكناسل السَّابِعُ خِيَارٌ مَجْهُولُ الْعَاقِبَةِ فَيُبْطِلُ الْخِيَارُ الشَّرْطَ الثَّامِنُ عَقْدٌ وَقَعَ الرِّضَا بِهِ فَبَطَلَ خِيَارُ الْمَجْلِسِ فِيهِ كَمَا بَعُدَ الْإِمْضَاءُ التَّاسِعُ قَالَ أَبُو يُوسُفَ يُحْمَلُ عَلَى مَا إِذَا قَالَ الْمُشْتَرِي بِعْنِي فَقَالَ لَهُ الْبَائِعُ بِعْتُكَ لَهُ الْخِيَارُ مَا دَامَ فِي الْمَجْلِسِ وَهَذِهِ صُورَةٌ تَفَرَّدَ بِهَا الْحَنَفِيَّةُ فَلَا بُدَ أَنْ يَقُولَ عِنْدَهُمْ اشْتَرَيْتُ وَإِنْ كَانَ اسْتِدْعَاءً لِلْبَيْعِ وَحَمَلُوا عَلَيْهِ قَوْلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْبُخَارِيِّ أَوْ يَقُولُ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ اخْتَرْ أَيْ اخْتَرِ الرُّجُوعَ على الْإِيجَاب اَوْ الاسترعاء وَنَحْنُ نَحْمِلُهُ عَلَى اخْتِيَارِ شَرْطِ الْخِيَارِ فَيَكُونُ مَعْنَى الْحَدِيثِ الْمُتَبَايِعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا فَلَا خِيَارَ أَوْ يَقُولُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ اخْتَرْ فَلَا تَنْفَع الْفرْقَة وَلذَلِك لم يرَوا إِلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ مَعَ هَذِهِ الزِّيَادَةِ

(النوع الثاني خيار الشرط)

الْعَاشِرُ عَمَلُ الْمَدِينَةِ وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى خَبَرِ الْوَاحِدِ فَإِنْ تَكَرَّرَ الْبَيْعُ عِنْدَهُمْ مَعَ الْأَنْفَاسِ فَعَدَمُ خِيَارِ الْمَجْلِسِ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهِمْ يَدُلُّ على مَشْرُوعِيَّة دَلَالَةً قَاطِعَةً وَالْقَطْعُ مُقَدَّمٌ عَلَى الظَّنِّ إِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَاعْلَمْ أَنَّ الْقَوَاعِدَ وَالْقِيَاسَ مَعَنَا كَمَا تَقَدَّمَ وَقَدْ تَعَارَضَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ خبر الْوَاحِد وَالْقِيَاس فَلَمَّا كَانَ شَأْن الجنفية تَقْدِيم الْقيَاس قدموه هَا هُنَا وَاخْتَلَفَ النَّقْلُ عَنْ مَالِكٍ فِي تَقْدِيمِ الْقِيَاسِ على خبر الْوَاحِد فَنقل عبد الْوَهَّاب عِنْد تَقْدِيمَهُ وَنَقَلَ عَنْهُ غَيْرُهُ عَدَمَ تَقْدِيمِهِ فَعَلَى الْأَوَّلِ طَرَدَ أَصْلَهُ مَعَ الْحَنَفِيَّةِ وَعَلَى الثَّانِي يكون الْقيَاس هَا هُنَا مَعْضُودًا بِعَمَلِ الْمَدِينَةِ وَبِهَذِهِ الْمَبَاحِثِ يَظْهَرُ لَكَ نَفْيُ التَّشْنِيعِ عَلَيْهِ فِي كَوْنِهِ رَوَى خَبَرًا صَحِيحًا وَمَا عَمِلَ بِهِ فَمَا مِنْ عَالِمٍ إِلَّا وَتَرَكَ جُمْلَةً مِنْ أَدِلَّةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ لِمُعَارِضٍ رَاجِحٍ عِنْدَهُ وَلَيْسَ هَذَا خَاصًّا بِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ (النَّوْعُ الثَّانِي خِيَارُ الشَّرْطِ) وَيَتَمَهَّدُ بِالنَّظَرِ فِي مِقْدَارِ مُدَّةِ الْخِيَارِ وَمَا يَقْطَعُهُ وَمَا يَحْدُثُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ مِنْ عِلَّةٍ أَوْ جِنَايَةٍ أَوْ نَحْوِهَا النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي مِقْدَارِ مُدَّةِ الْخِيَارِ وَأَصْلُهُ الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ لِقَوْلِهِ إِلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنَ النَّفْيِ إِثْبَاتٌ سُؤَالٌ إِذَا بَاعَ دِرْهَمًا بِدِرْهَمٍ أَوْ أَحَدَ الْمُتَمَاثِلَيْنِ بِالْآخَرِ كَيْفَ يُمْكِنُ كَيْفَ يَكُونُ الْقَوْلُ بِمَشْرُوعِيَّةِ خِيَارِ الشَّرْطِ أَوِ الْمَجْلِسِ إِنْ قِيلَ بِهِ وَالْخِيَارُ إِنَّمَا شُرِعَ لِتَبْيِينِ الْأَفْضَلِ فَيُؤْخَذُ أَوِ الْمَفْضُولِ فَيُتْرَكُ وَالْعَاقِبَةُ فِي الْمُعَاوضَة وَالْكل مُنْتَفٍ هَا هُنَا فَقَطَعْنَا بِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ فَيَنْبَغِي أَنْ نَقْطَعَ بِانْتِفَاءِ الْمَعْلُولِ وَفِي الْكِتَابِ بَيْعُ الْخِيَارِ جَائِزٌ فِي الثَّوْبِ نَحْوَ الْيَوْمَيْنِ وَفِي الْجَارِيَةِ نَحْوَ الْجُمُعَةِ لاختيارها وَالدَّابَّةِ نَحْوَ الْيَوْمِ وَيَجُوزُ اشْتِرَاطُ سَيْرِ الْبَرِيدِ وَنَحْوِهِ لِلِاخْتِبَارِ وَقَالَ غَيْرُهُ

الْبَرِيدَيْنِ وَفِي الدَّارِ نَحْوَ الشَّهْرِ وَيُمْنَعُ الْبَعِيدُ مِنْ أَجْلِ الْخِيَارِ لِلْغَرَرِ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَا يَكُونُ الْمَبِيعُ عِنْدَ الْأَجَلِ وَقَدْ يَزِيدُ فِي الثَّمَنِ لِأَجْلِ الضَّمَانِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ وَرُوِيَ فِي الدَّابَّةِ وَالثَّوْبِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَقَوْلُ ابْن الْقَاسِم الْبَرِيد وَقَول أَشهب الْبَرِيد ان قبل للذهاب وَالرُّجُوع يحْتَمل التَّوْفِيق بَين الْقَوْلَيْنِ بِأَن يكون الريدان لِلذَّهَابِ وَلِلرُّجُوعِ وَفِي الْجَوَاهِرِ قِيلَ فِي الدَّارِ الشَّهْرَانِ لِعَبْدِ الْمَلِكِ لِسَبْرِ الْحِيطَانِ وَالْأَسَاسَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ شَرَطَ الْخِيَارَ سِنِينَ فَبَنَى وَغَرَسَ وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَلَيْسَ فَوْتًا وَتَكُونُ فِيهِ قِيمَتُهُ مَنْقُوضًا وَإِنْ بَنَى بَعْدَ أَجَلِ الْخِيَارِ فَهُوَ فَوْتٌ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الدَّارِ يَوْمَ انْقِضَاءِ الْخِيَارِ قَالَهُ سَحْنُونٌ وَقَالَ أَيْضًا يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي يَوْمَ الْقَبْضِ كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ لَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ الْأَرَضِينَ وَهِيَ مَعَ الدُّورِ سَوَاءٌ يَجُوزُ فِيهَا خِيَارُ الشَّهْرَيْنِ وَلَا وَجه لتفرقة من فَوق وَلَا لِمَنْ قَالَ عَشَرَةُ أَيَّامٍ فِي التَّنْزِيلِ الْكُلُّ سَوَاءٌ فَهَذَا تَحْرِيرُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْخِيَارَ يُشْتَرَطُ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ فِي كُلِّ مَبِيعٍ عَلَى حَسَبِهِ وَجَوَّزَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ لِأَيِّ مُدَّةٍ أَرَادُوا لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ وَمَنَعَهُ الشَّافِعِي وح فِي الزَّائِدِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِمَا فِي مُسْلِمٍ أَنَّ حِبَّانَ بْنَ مُنْقِذٍ وَكَانَ قَدْ أَصَابَتْهُ جِرَاحَةٌ فِي رَأْسِهِ فَكَانَ يُخْدَعُ فِي الْبَيْعِ فَشَكَا أَهْلُهُ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَنَهَاهُ فَقَالَ لَا أَصْبِرُ فَقَالَ

إِذَا بِعْتَ فَقُلْ لَا خِلَابَةَ وَلَكَ الْخِيَارُ ثَلَاثَةً وَيَدُلُّ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ حَاجَتَهُ لِلْخِيَارِ شَدِيدَةٌ لِأَنَّهُ كَانَ يُغْبَنُ فَلَوْ جَازَ الزَّائِدُ عَلَى الثَّلَاثِ لَجَوُّزَهُ لَهُ وَثَانِيهَا التَّحْذِيرُ الشَّرْعِيُّ يَمْنَعُ الزِّيَادَةَ كَأَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ وَلِأَنَّ شَرْطَ الْخِيَارِ شَهْرًا غَرَرٌ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي كَيْفَ يَكُونُ الْبَيْعُ حِينَئِذٍ وَلَا مَا يَحْصُلُ لَهُ مِنَ الثَّمَنِ أَوِ الْمُثَمَّنِ وَقِيَاسًا عَلَى الْمُصَرَّاةِ الْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ مَتْرُوكٌ بِالْإِجْمَاعِ فَإِنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ جَعَلَ لَهُ خِيَارَ الثَّلَاثِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَلَوْ قَالَ آخُذُهُ أَنَا الْيَوْمَ لَا خِلَابَةَ لَمْ يَكُنْ لَهُ خِيَارُ شَرْطٍ وَلِأَنَّهُ رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ يَتَّجِرُ فِي الرَّقِيقِ فَجُعِلَ لَهُ ذَلِكَ فَلَا يَتَنَاوَلُ مَحَلَّ النِّزَاعِ فِي الدُّورِ وَغَيْرِهَا وَأَمَّا التَّحْدِيدُ فَيَلْزَمُ إِذَا جَهِلَ مَعْنَاهُ أَمَّا إِذَا عَقِلَ فَلَا لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ تَحِيضِينَ فِي عِلْمِ اللَّهِ سِتَّةَ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعًا وَلَيْسَ حَدًّا إِجْمَاعًا وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ عُذْرٌ تَدْعُو الْحَاجَةُ إِلَيْهِ كَخِيَارِ الثَّلَاثِ بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْ خِيَارِ الْمَجْلِسِ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِ وَهَذَا مُنْضَبِطٌ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الْمُصْلِحَةَ تحصل بِالثلَاثِ لتبيين التَّدْلِيس بِخِلَاف هَا هُنَا ثُمَّ سِرَّ الشَّرِيعَةِ مَعَنَا لِأَنَّا أَجْمَعْنَا أَنَّ مَشْرُوعِيَّةِ الْخِيَارِ إِنَّمَا كَانَتْ لِاسْتِدْرَاكِ الْمَصْلِحَةِ فَوَجَبَ أَنْ يُشَرَّعَ مِنْهُ مَا يُحَصِّلُهَا كَيْفَ كَانَتْ تَحْصِيلًا لِمَقْصُودِ الشَّرْعِ وَلِأَنَّهُ أَجَلٌّ مِنْ مَقْصُودِ الْعَقْدِ فَلَا يَتَجَرَّدُ كَالْأَجَلِ فِي السِّلَعِ أَوِ الثَّمَنِ تَفْرِيعٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْخِيَارُ يَكُونُ فِي الثّمن هَل فِيهِ عين أم لَا

(فرع)

وَلِاخْتِبَارِ الْمَبِيعِ وَلِتَبْيِينِ الْمَصْلَحَةِ فِي الشِّرَاءِ وَإِنْ عَلِمَهَا فَفِي الْأَوَّلَيْنِ لَهُ قَبَضُ الْمَبِيعِ لإختبار دُونَ الثَّالِثِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ دُونَ الْقَبْضِ فَإِنْ أشكل الْأَمر حمل على الثَّلَاث لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ فَإِنْ أَطْلَقَ الْخِيَارَ حُمِلَ عَلَى مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ الْأَجَلِ لِأَنَّ الْأَصْلَ حَمْلُ تَصَرُّفِ الْعُقَلَاءِ عَلَى الصِّحَّةِ وَقَالَ ش وح يَفْسُدُ الْعَقْدُ كَمَا لَوْ نَصَّا عَلَى عَدَمِ التَّقْيِيدِ وَهُوَ ظَاهِرُ اللَّفْظِ وَإِنْ زَادَ يَسِيرًا كَرِهَ أَوْ كَثِيرًا جِدًّا فُسِخَ عِنْدَ مَالِكٍ لِاتِّهَامِهِمَا فِي إِظْهَارِ الْخِيَارِ وَإِبْطَالِ الْبَتِّ لِيَكُونَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ بِجَعْلٍ وَفِيهِ خِلَافٌ كَمَا تقدم فِي بُيُوع الْآجَال هَل الْمَنْع لِأَنَّهُ عَادَةٌ فِي التَّعَمُّدِ لِلْفَسَادِ فَيُفْسَخُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَادَةً مَضَى بِالثَّمَنِ وَيَنْبَغِي فِي الثَّوْبِ إِذَا كَانَ يُرِيدُ مَعْرِفَةَ ذَرْعِهِ فَبِالْحَضْرَةِ وَتَجُوزُ الْغَيْبَة للاحياج بِالْقِيَاسِ عَلَى الْأَهْلِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعَبْدِ وَالْجَارِيَةِ عَشَرَةُ أَيَّامٍ وَعَنْ مَالِكٍ شَهْرٌ لِأَنَّ الرَّقِيقَ يَكْتُمُ عَيْبَهُ إِنْ أَحَبَّ مُشْتَرِيهِ أَو بتكاسل إِن أحب بَائِعه فَيظْهر باطه فِي ذَلِك إِن كَانَ مصري الدَّارِ مِنْ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ لِمَنْ يُمْكِنُ مِنْ سكناهَا يُعلمهُ بأحوال الْحَيَوَان وَإِلَّا يكن وَالِارْتِوَاءُ يَكْثُرُ بِكَثْرَتِهِ أَوْ يَقِلُّ بِقِلَّتِهِ وَإِنْ كَانَ الْخِيَار لإختبار الثّمن وَهِي بعهدة ولاختبار الْمَبِيع وَهِي قربَة نُظِرَ لِأَبْعَدِهِمَا فَإِذَا انْقَضَى الْأَقْرَبُ رُدَّ لِلْبَائِعِ وَبَقِيَ الْخِيَارُ (فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ وَالْعِوَضُ عَنِ الِانْتِفَاعِ فِي الدَّارِ وَالْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ تَسَاقَطَ إِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي فِي مَسْكَنٍ يَمْلِكُهُ أَوْ بِكِرَاءٍ وَلم يحله لأجل الاختبار وَإِنْ خَلَاءً أَوْ كِرَاءً لَمْ يَسْقُطْ وَإِنْ كَانَ اختبار الدَّابَّة فِيمَا لَا يسْتَأْجر لَهُ سقط والاقط وَالْعَبْدُ إِنْ كَانَ عَبْدَ خِدْمَةٍ سَقَطَ لِأَنَّ الْعَادَةَ لَا يُسْتَأْجَرُ لِمِثْلِ هَذَا أَوْ عَبْدَ صِنَاعَةٍ يَقْدِرُ عَلَى مَعْرِفَتِهِ فِيهَا عِنْدَ الْبَائِعِ فعل وَإِلَّا فَفِيهِ أُجْرَة صَنعته إِلَّا ان يعْمل مَالا أجر

(فرع)

لَهُ أَوْ عَبْدَ خَرَاجٍ فَبَعَثَهُ الْمُشْتَرِي لِيَكْتَسِبَ لَهُ طَلَعَ عَلَى قَدْرِ كَسْبِهِ فَكَسْبُهُ لِلْبَائِعِ وَإِنْ دَخَلَ عَلَى أَنَّهُ لِلْمُشْتَرِي امْتَنَعَ لِلْجَهْلِ بِهِ فَإِنْ قَبِلَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْأَمَدِ فَلِلْبَائِعِ الثَّمَنُ وَالْأُجْرَةُ أَوْ قَبِلَ الِانْتِفَاعَ سَقَطَتِ الْأُجْرَةُ أَو بعد ذهَاب بعض الْأَمر فأجرة الْمَاضِي فقد لِلْبَائِعِ وَأَجَلُ الثَّمَنِ لِلْبَائِعِ مِثْلَ أَجَلِهِ لِلْمُشْتَرِي وَلَا يضْرب لَهُ أجل الِاخْتِيَار لَعَلَّه بِملكه فَإِن فعل حمل على أَنه استثاؤها جَازَ وَإِلَّا فَلَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَمَدٌ تغير فِيهِ الْأَسْوَاقُ فَيَمْتَنِعُ الْخِيَارُ إِلَيْهِ (فَرْعٌ) فِي الْكتاب لَا يلبس الثَّوْب للاختبار لعدم توقف الاختبار عَلَيْهِ بِخِلَافِ رُكُوبِ الدَّابَّةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فَإِن لبس وَنقص فقيمة نَقصه عَلَيْهِ وَقيل لَا شَيْء عَلَيْهِ كلاغلات (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ يَمْتَنِعُ أَنْ تَكُونَ الْمُدَّةُ مَجْهُولَةً كَقُدُومِ زَيْدٍ أَوْ وِلَادَةِ وَلَدِهِ أَوْ إِلَى أَنْ يَنْفُقَ سُوقُ السِّلْعَةِ مِنْ غَيْرِ أَمَارَةٍ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَيَفْسُدُ الْبَيْعُ لِتَمَكُّنِ الْغَرَرِ فِي حُصُولِ الْمِلْكِ وَإِنْ شَرَطَ أَكْثَرَ مِمَّا يَجُوزُ فَسَدَ الْعَقْدُ وَلَوْ أَسْقَطَ الشَّرْط لِأَن مُقْتَضى الشَّرْط اختبار الْإِمْضَاء فَهُوَ فِيهِ تخريجا من مَسْأَلَة من أسلم فِي ثفر سَلَمًا فَاسِدًا فَلَمَّا فَسَخَ أَرَادَ أَخْذَ تَمْرٍ بِرَأْس مَاله قبل الْمَنْعُ لِتَتْمِيمِ الْعَقْدِ الْفَاسِدِ وَقِيلَ يَجُوزُ قَالَ الطُّرْطُوشِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ إِذَا اشْتَرَطَ خِيَارًا بَعْدَ الْغَيْبَة أَو أَََجَلًا مَجْهُولا فسد وان سقط الشَّرْطَ وَقَالَهُ ش وَيُفْسِدُهُ ح مَعَ الْإِسْقَاطِ فِيهِمَا كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ أَجْنَبِيَّةً وَأُخْتَهُ (فَرْعٌ) يمْتَنع اشْتِرَاط النَّقْد فِي بيع الْخِيَار لَيْلًا يَكُونَ تَارَةً بَيْعًا وَتَارَةً سَلَفًا وَيَجُوزُ

(فرع)

بِغَيْرِ شَرْطٍ لِأَنَّ السَّلَفَ بِغَيْرِ شَرْطٍ يَجُوزُ فِي الْبَيْعِ قَالَ اللَّخْمِيُّ لَا يَنْبَغِي بِغَيْرِ شَرْطٍ فِي عَلَى الْجَوَارِي لِأَنَّهُ إِذَا قَبِلَ يكون أَخذه فِي دينه جَارِيَة لتواضع للاستبراء فيشتبه الدَّيْنَ فِي الدَّيْنِ وَلَا يُفْسَخُ إِذَا وَقَعَ نَظَائِرُ قَالَ الْعَبْدِيُّ يَجُوزُ النَّقْدُ بِغَيْرِ شَرْطٍ وَيَمْتَنِعُ مَعَ الشَّرْطِ فِي خَمْسِ مَسَائِلَ الْخِيَارِ وَعُهْدَةِ الثَّلَاثِ وَالْمُوَاضَعَةِ وَالْغَائِبِ الْبَعِيدِ وَكِرَاءِ الْأَرْضِ غَيْرِ الْمَأْمُونَةِ وَيَمْتَنِعُ النَّقْدُ مُطْلَقًا فِي ثَلَاثَةٍ الْخِيَارِ فِي الْمُوَاضَعَةِ وَالْخِيَارِ فِي السِّلْعَةِ الْغَائِبَةِ وَالْخِيَارِ فِي الْكِرَاءِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا جعلا الْخِيَار بعد تَمام العقد لربهما إِذَا كَانَ يَجُوزُ فِي مِثْلِهِ الْخِيَارُ وَهُوَ بَيْعٌ مُؤْتَنِفٌ وَمَا أَصَابَ السِّلْعَةَ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ هُوَ مِنَ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ صَارَ بَائِعًا قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمُبْتَاعَ سَلَّمَ الثَّمَنَ وَقَبَضَ الْمَبِيعَ ثُمَّ جَعَلَ لِلْبَائِعِ فِيهَا الْخِيَارَ فَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ فَلَا كَمَنْ بَاعَ بِالْخِيَارِ بِشَرْطِ النَّقْدِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْجَاهِلُ لِلْخِيَارِ هُوَ الْبَائِعُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ ظَاهِرُ الْكِتَابِ الضَّمَانُ مِنَ الْمُشْتَرِي كَانَ الْجَاعِلُ لِلْخِيَارِ هُوَ الْمُشْتَرِي أَوِ الْبَائِعُ وَكَأَنَّهُ قَالَ لِلْمُشْتَرِي إِنْ شِئْتَ بِعْهَا وَلَكَ الْخِيَارُ فَالْمُشْتَرِي بَائِعٌ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ وَقَالَ الْمَخْزُومِيُّ إِنْ جَعَلَهُ الْبَائِعُ فَالضَّمَانُ مِنْهُ لِأَنَّهُ خِيَارٌ ألحقهُ بعقده وَإِلَّا فَمِنَ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ تَابِعٌ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ اشْتِرَاطُ الْبَائِعِ رِضَا فُلَانٍ يَجُوزُ وَأَيُّهُمَا رَضِيَ جَازَ لِأَنَّ فُلَانًا وَكَيْلٌ فَاخْتِيَارُ الْبَائِعِ عَزْلٌ وَإِنِ اشْتَرَى لِفُلَانٍ عَلَى أَنْ يَخْتَارَ فُلَانٌ أَوْ لِنَفْسِهِ عَلَى رِضَا فُلَانٍ أَوْ عَلَى خِيَارِ فُلَانٍ لَيْسَ لَهُ إِجَازَةٌ وَلَا رَدٌّ دُونَ خِيَارِ

من اشْترط خِيَاره قَالَ ابْن يُونُس تَبْيِين ان للْبَائِع خلاف من اشْترط خِيَاره هَا هُنَا وَبَينه فِي المُشْتَرِي مُجمل أَبُو مُحَمَّدٍ أَنَّ ذَلِكَ لِلْبَائِعِ دُونَ الْمُشْتَرِي على ظَاهر للفظ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِلْبَائِعِ الْمُخَالَفَةُ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي وَعَنْهُ التَّسْوِيَةُ فِي صِحَّةِ الْمُخَالَفَةِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ إِنَّ لِلْبَائِعِ الْمُخَالَفَةَ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ فِي الْمُشْتَرِي وَوَجْهُ التَّسْوِيَةِ أَنَّهُ فَرْعٌ عَنْهُمَا فَهُمَا أَوْلَى مِنْهُ وَوَجْهُ التَّفْرِقَةِ ضَعْفُ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ مِلْكَهُ لَا يَتِمُّ إِلَّا بِالْقَبُولِ وَمِلْكُ الْبَائِعِ متأصل ووافقنا ح فِي اشْتِرَاط خِيَار الْأَجْنَبِيّ قِيَاسًا عَلَى الْوَكَالَةِ فِي سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ وَخَالَفْنَا الشَّافِعِي وَابْنَ حَنْبَلٍ لِأَنَّ الْخِيَارَ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ وَالْإِنْسَانُ أَعْلَمُ بِمَصْلَحَتِهِ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ كَانَ رِضَا فُلَانٍ شَرْطًا لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا عَزْلُهُ إِلَّا بِاتِّفَاقِهِمَا فَإِنِ اتَّفَقَا عَلَى الْعَزْلِ أَوِ الْقَبُولِ أَوِ الرَّدِّ جَازَ وَإِنِ اخْتَلَفَا بَقِيَ عَلَى مَا بِيَدِهِ قَالَ وَأَرَى إِذَا كَانَ الشَّرْطُ مِنَ الْبَائِعِ وَحْدَهُ وَأَرَادَ الْمُشْتَرِي التَّقْيِيدَ فَقَالَ الْبَائِعُ حَتَّى يَخْتَارَ فُلَانٌ أَنَّ لِلْبَائِعِ التَّقْيِيدَ دُونَ الرَّدِّ وَإِنْ كَانَ مِنَ الْمُشْتَرِي وَرَغِبَ الْبَائِعُ فِي بَتِّ الْبَيْعِ فَقَالَ الْمُشْتَرِيَ حَتَّى يَخْتَارَ فُلَانٌ أَنَّ لِلْمُشْتَرِي الْبَيْعَ دُونَ رَدِّهِ قَبْلَ فُلَانٍ وَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ دُونَ فُلَانٍ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ الَّذِي عَلَيْهِ الحذاق فِي شُرِطَ رِضَا فُلَانٍ لَهُمَا جَمِيعًا لَمْ يَكُنْ رُجُوعٌ وَلَا عَزْلٌ دُونَ صَاحِبِهِ وَإِنْ شَرَطَ أَحَدُهُمَا فَلَيْسَ لَهُ مُخَالَفَةُ فُلَانٍ دُونَ الْآخَرِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُمْ إِنَّ لِمُشْتَرِطِ الْمَشُورَةِ تَرَكَهَا الا تَأْوِيل لِأَبِي إِسْحَاقَ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْكِتَابِ إِنَّ اشْتِرَاطَ رِضَا فُلَانٍ جَائِزٌ وَعَنِ ابْن الْقَاسِم أَنه مخاطرة وَالْخيَار لأحد المتبائعين رُخْصَةٌ فَلَا يَتَعَدَّى لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ إِذَا اشْتَرَطَ أَحَدُهُمَا الْخِيَارَ لِغَيْرِهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِطِ دون المشرط لَهُ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ الْمُشْتَرَطُ لَهُ وَالْخِيَارُ حَقٌّ لَهُمَا فَإِنْ أَرَادَ الْبَائِعُ إِمْضَاءَ الْمَبِيعِ لَزِمَ ذَلِكَ الْمُبْتَاعَ وَإِنْ لَمْ يُوَافِقْهُ الَّذِي جَعَلَ البَائِع

(فرع)

الْخِيَارَ لَهُ وَإِنْ أَرَادَ الَّذِي جَعَلَ الْبَائِعُ الْخِيَارَ لَهُ الْإِمْضَاءَ مَضَى وَإِنْ ذَكَرَهُ الْبَائِعُ إِلَّا أَنْ يُوَافِقَ الْمُبْتَاعُ الْبَائِعَ عَلَى الرَّدِّ كَذَلِكَ الْمُبْتَاعُ مَعَ مَنِ اشْتَرَطَ خِيَارَهُ وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يَشْتَرِطَ ذَلِكَ الْبَائِعُ أَو الْمُبْتَاع مَعَ من اشْترط وَعَلَى ذَلِكَ تَأَوَّلَ فِي الْمُدَوَّنَةِ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَالتُّونُسِيُّ وَابْنُ لُبَابَةَ إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي التَّأْوِيلِ إِذَا اشْتَرَطَ ذَلِكَ الْبَائِعُ فَقَالَ ابْنُ لُبَابَةَ يَلْزَمُ الْبَيْعُ الْمُبْتَاعَ بِرِضَا الْبَائِعِ وَيَلْزَمُ بِرِضَا الْمُشْتَرِطِ خِيَارَهُ وَقَالَهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَقَالَ التُّونُسِيُّ إِنَّ ذَلِكَ كَالْوَكَالَةِ وَاخْتَلَفَ فِيمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ هَلْ هُوَ اخْتِلَافُ قَوْلٍ فِي الْبَائِعِ وَالْمُبْتَاعِ وَقِيلَ لَيْسَ بِخِلَافٍ بَلْ تَفْرِقَةٍ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُبْتَاعِ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي الْمَشُورَةِ أَنَّ لِمُشْتَرِطِهَا تَرْكَهَا إِلَّا مَا فِي الْكِتَابِ أَنَّهُمَا كَالْخِيَارِ وَأَنَّهُ إِذَا سَبَقَ وَأَشَارَ لَزِمَ وَهُوَ بَعِيدٌ لِأَنَّ مُشْتَرِطَ الْمَشُورَةِ اشْتَرَطَ بقوى بِهِ نَظَرُهُ لَا أَنَّهُ طَرَحَ نَظَرَهُ وَمُشْتَرِطُ الْخِيَارِ لِغَيْرِهِ مُعْرِضٌ عَنْ نَظَرِ نَفْسِهِ فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ فِي الْكِتَابِ لِمُشْتَرِطِ الْمَشُورَةِ الِاسْتِقْلَالُ فِي مُشْتَرِطِ الرِّضَا إِنْ كَانَ بَالِغًا اسْتَقَلَّ وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي بَقَاءِ التَّفْرِقَةِ عَلَى ظَاهِرِهَا وَهُوَ رَأْيُ الْأَكْثَرِينَ أَوِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا وَحَمَلَ افْتِرَاقَ الْأَجْوِبَةِ عَلَى افْتِرَاقِ الْأَسْئِلَةِ وَهُوَ رَأْيُ الشَّيْخِ أَبِيِ مُحَمَّدٍ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ يَنْظُرُ إِنِ اشْتَرَطَا الرِّضَا جَمِيعًا وَلَهُمَا فِيهِ غَرَضٌ فَهُوَ كَالْوَكِيلِ لَهُمَا لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِاسْتِقْلَالُ وَإِنِ اشْتِرَاطه أَحدهمَا فَلهُ لإستقلال وَقِيلَ هَذَا هُوَ الْأَصْلُ وَلَكِنْ إِذَا لَمْ يَظْهَرْ أَحَدُ الْقَصْدَيْنِ فَظَاهِرُ الْكِتَابِ الِاسْتِقْلَالُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَقِيلَ هَذَا فِي حَقِّ الْمُشْتَرِي أَمَّا الْبَائِعُ فَالْأَصْلُ بَقَاءُ مِلْكِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ دَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بِالِانْتِقَالِ وَهَذَا سَبَبُ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي الْكِتَابِ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ عَن أبي سعيد بن أَخِي هِشَامٍ إِذَا اشْتَرَطَ الْمُبْتَاعُ رِضَا

(فرع)

فُلَانٍ فَمَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمِ الْبَائِعَ الْبَيْعُ إِلَّا بِرِضَاهُ وَهَذَا عَلَى قَوْلِهِ لَيْسَ لِلْمُبْتَاعِ الْمُخَالَفَةُ أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ فَلَا (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا اشْتَرَطَ الْوَكِيلُ خِيَارَ الْمُوَكِّلِ فَضَاعَ الْمَبِيعُ قَالَ مَالِكٌ ضَمَانُهُ مِنَ الْمُوكَّلِ لَهُ لَيْسَ الْوَكِيلُ وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْوَكِيلِ إِلَّا أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّهُ وَكِيلٌ فَمِنَ الْبَائِعِ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ لَمْ يَأْمُرْهُ بِاشْتِرَاطِ خِيَارِهِ وَلَوْ أَمَرَهُ كَانَ هَلَاكُهُ مِنْهُ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي اشْتِرَاطُ مَشُورَةِ فُلَانٍ الْقَرِيبِ وَلَهُ مُخَالَفَتُهُ فَإِنْ فَسَدَ الْعَقْدُ كَالْخِيَارِ الطَّوِيلِ وَلَيْسَ لَهُ إِجَازَتُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ الْمَشُورَةُ كَالْخِيَارِ الطَّوِيلِ لَا يُسْتَعْمَلُ مُشْتَرَطُهَا دُونَ الْمُشْتَرِطِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْخِيَارُ كَالْمَشُورَةِ فِي الِاسْتِقْلَالِ قَالَ اللَّخْمِيُّ لِمُشْتَرِطِ الْمُشَاوَرَةِ تَرْكُهَا إِلَّا أَنْ يَدْخُلَا عَلَى الْتِزَامِهَا (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ يَمْتَنِعُ الْخِيَارُ فِي الصَّرْفِ لِضِيقِهِ بِاشْتِرَاطِ الْمُنَاجَزَةِ عَقِيبَ الْعَقْدِ وَيَجُوزُ فِي السّلم الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةُ لِلْحَاجَةِ لِلسُّؤَالِ وَيَمْتَنِعُ الْبَعِيدُ لِأَنَّهُ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ فَعُفِيَ عَنْ يَسِيرِهِ دُونَ كَثِيرِهِ (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ الْمِلْكُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ وَالْعَقْدُ لَيْسَ بِنَاقِلٍ حَتَّى يَتَّصِلَ بِهِ الْإِمْضَاءُ وَقِيلَ لِلْمُشْتَرِي قَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَالْعقد ناقل وَاخْتِيَار الفسح رَدٌّ وَقَالَ ح إِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَولهمَا فَلِلْبَائِعِ لِبَقَاءِ عُلْقَتِهِ وَإِلَّا فَلِلْمُشْتَرِي وَيَبْقَى الْمِلْكُ مُعَلَّقًا حَتَّى يَنْقَضِيَ الْخِيَارُ لَنَا الِاسْتِصْحَابُ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ وَلِأَنَّ الْعَقْدَ إِنَّمَا يَنْقُلُ الْمِلْكَ بِالرِّضَا مِنَ الطَّرَفَيْنِ وَلَمْ يَحْصُلِ الرِّضَا حَتَّى يَحْصُلَ الْإِمْضَاءُ فَلَا يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ وَبِهِ يَظْهَرُ اعْتِمَادُ الْخَصْمِ عَلَى صُورَةِ الْعَقْدِ فَإِنَّا لَا

(فرع)

تساعد عَلَى صُورَةٍ لِلْعَقْدِ كَافِيَةٍ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَوِ انْتَقَلَ لَمَا رَجَعَ الْأَبْعَدُ لِأَنَّهُ السَّبَبُ الشَّرْعِيُّ وَالرَّدُّ لَيْسَ بِعَقْدٍ وَلَا سَبَبٍ شَرْعِيٍّ لِنَقْلِ مِلْكٍ فِي غَيْرِ صُورَةِ النِّزَاعِ إِجْمَاعًا فَكَذَلِكَ فِيهَا (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا اشْتَرَى الصُّبْرَةَ كل فَقير بِدِرْهَمٍ لَيْسَ لَهُ تَرْكُ الْبَعْضِ إِلَّا بِرِضَا الْبَائِعِ وَكَذَلِكَ الْغَنَمُ وَالثِّيَابُ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ مِنَ الْأَصْحَابِ مَنْ مَنَعَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لِلْجَهْلِ بِجُمْلَةِ الثَّمَنِ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ وَيُشْتَرَطُ فِي الْغَنَمِ وَالثِّيَابِ أَنْ يُعْلَمَ عَدَدُهَا بِخِلَافِ الطَّعَامِ لِأَنَّهَا لَا تبَاع جزَافا واستحقه ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّ تَفْصِيلَ الثَّمَنِ مَعْلُومٌ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا اخْتَلَفَا لِمَنِ الْخِيَارُ مِنْهُمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ يَتَحَالَفَانِ وَيَثْبُتُ الْبَيْعُ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنِ اتَّفَقَا عَلَى رَدٍّ أَوْ إِجَازَةٍ فَلَا يَحْلِفَانِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ وَإِلَّا صُدِّقَ مُرِيدُ الْإِمْضَاءِ مَعَ يَمِينِهِ وَلَا يَحْلِفُ الْآخَرُ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ يُحْكَمُ لَهُ وَهَذَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُنْقَضُ الْبَيْعُ وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِتَسَاوِيهِمَا وَعَنْهُ الْبَيْعُ لَازِمٌ وَالْخِيَارُ سَاقِطٌ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ قَالَ أَصْبَغُ وَيَحْلِفَانِ وَلَا أُبَالِي مَنْ بَدَأْتُ بِالْيَمِينِ وَالْأَحْسَنُ التَّبْدِئَةُ بِالْمُبْتَاعِ لِأَنَّهُ آكِدُ فَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ صُدِّقَ الْحَالِفُ فَإِنِ اتَّفَقَا عَلَى الْخِيَارِ وَاخْتَلَفَا فِي الْإِمْضَاءِ وَالرَّدِّ فَفِي التَّلْقِينِ يُقَدَّمُ الرَّادُّ لِأَنَّهُ مَقْصُودُ الْخِيَار وَأما الْإِمْضَاء فَالْعقد كَاف مِنْهُ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ شِرَاءُ ثَوْبٍ مِنْ ثَوْبَيْنِ بِخِيَارِهِ أَوْ خَمْسِينَ مِنْ مِائَةٍ إِنْ كَانَتْ جِنْسًا وَاحِدًا أَوْ ذَكَرَ صِفَتَهَا وَطُولَهَا وَعَرْضَهَا وَإِنِ اخْتَلَفَتِ الْقِيمَةُ بَعْدَ أَنْ تَكُونَ كُلُّهَا مَرْوِيَّةً أَوْ هَرَوِيَّةً فَإِنِ اخْتَلَفَتِ الْأَجْنَاسُ امْتَنَعَ لِلْخَطَرِ حَتَّى يُسَمِّيَ مَا

يَخْتَارُ مِنْ كُلِّ جِنْسٍ وَكَذَلِكَ إِنِ اجْتَمَعَ حَرِيرٌ وَصُوفٌ وَإِبِلٌ وَبَقَرٌ لَمْ يَجُزْ إِلَّا عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَيَمْتَنِعُ فِي الطَّعَامِ اخْتِيَارُ صُبْرَةٍ مِنْ صُبَرٍ أَوْ نَخْلَةٍ أَوْ شَجَرَةٍ مِنْ نَخِيلٍ أَوْ شَجَرَةٍ مُثْمِرَةٍ اتَّفَقَ الْجِنْسُ أَوِ اخْتَلَفَ أَوْ كَذَا وَكَذَا عِزْقًا مِنْ نَخْلَةٍ وَيَدْخُلُهُ التَّفَاضُلُ فِي الطَّعَامِ مَعَ بَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ إِنْ كَانَ عَلَى الْكَيْلِ لِأَنَّ الْخِيَار بعد مُنْتَقِلًا عَمَّا تَرَكَهُ وَكَذَلِكَ عَشَرَةُ آصُعٍ مَحْمُولَةٍ بِدِينَارٍ أَوْ تِسْعَةٌ سَمْرَاءُ عَلَى الِالْتِزَامِ وَكَذَلِكَ أَرْبَعُ نَخَلَاتٍ يَخْتَارُهَا وَأُصُولُهَا مِنْ غَيْرِ تَمْرٍ يَجُوزُ كَالْعَرْضِ بِخِلَافِ الْبَائِعِ يَسْتَثْنِي أَرْبَعَ نَخَلَاتٍ أَوْ خَمْسًا أَجَازَهُ مَالِكٌ بَعْدَ أَنْ وَقَفَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَجَعَلَهُ كَمَنْ بَاعَ غَنَمَهُ عَلَى أَنْ يَخْتَارَ مِنْهَا خَمْسًا وَكَرِهَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَجَازَهُ إِنْ وَقَعَ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى مُبْقَى عَلَى الْمِلْكِ قَالَ اللَّخْمِيُّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُخْتَارَ لَا يعد منتقلا تجوز مَسْأَلَة المحمولة أَو السمراء أَوْ يَبْطُلُ التَّعْلِيلُ بِالتَّفَاضُلِ وَبَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَإِذَا كَانَ الْمَبِيعُ كَتَّانًا أَوْ صُوفًا فَأَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ إِنْ كَانَ بِالْخِيَارِ فِي أَنْ يَأْخُذَ أَيَّ تِلْكَ الْأَصْنَافِ شَاءَ امْتَنَعَ اسْتَوَى الثَّمَنُ أَوِ اخْتَلَفَ وَإِنْ قَالَ آخُذُ عَشَرَةً مِنْ كُلِّ صِنْفٍ وَلَهُ أَنْ يَخْتَارَهَا وَيَتْرُكَ الْجَمِيعَ جَازَ لِأَنَّ الْمَبِيعَ مَعْلُومٌ وَإِنْ كَانَ الْخِيَار للْبَائِع مِنْهُ حَيْثُ يُمْنَعُ الْمُشْتَرِي وَيَجُوزُ حَيْثُ يَجُوزُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ ذَلِكَ الصِّنْفِ أَوْ أَقَلَّهُ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ إِذَا انْعَقَدَ الْبَيْعُ عَلَى أَحَدِ مُثَمَّنَيْنِ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ وَهُمَا لَا يَجُوزُ تَحْوِيلُ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ امْتَنَعَ اتِّفَاقًا مَعَ ظُهُورِ التُّهْمَةِ فَإِنْ لَمْ يَتَّهِمَا جَازَ مِثْلَ أَنْ يَخْتَلِفَ الْمَبِيعَانِ فِيمَا عَدَا الطَّعَامَ فِي الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ مَعَ النَّقْدِ أَو التَّسَاوِي فِي الْأَجَل فَإِنْ جَازَ تَحْوِيلُ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ امْتَنَعَ إِلَّا على قَول عبد الْعَزِيز ابْن أَبِي سَلَمَةَ وَكَذَلِكَ الصِّنْفُ الْوَاحِدُ إِذَا اخْتَلَفَتْ صِفَتُهُ حَتَّى يَجُوزَ سَلَمُ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ فَإِنِ اخْتَلَفَتِ الصِّفَةُ إِلَّا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ سَلَمُ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ فَيَجُوزُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَإِنْ كَانَا صِنْفًا وَاحِدًا وَتَفَاضَلَا فِي الْجَوْدَةِ جَازَ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَوْلِ مُحَمَّدٍ وَامْتنع عِنْد ابْن حبيب وَإِن واستون الصّفة جَازَ اتِّفَاقًا خلاف لِ (ش) و (ح) لِأَنَّ أَحَدَ الثَّوْبَيْنِ كَبِير مِمَّن صَبر

(النظر الثاني فيما يقطع الخيار)

(النّظر الثَّانِي فِيمَا يقطع الْخِيَار) وَفِي الْجَوَاهِرِ وَالصَّادِرُ مِنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ هُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بِالنَّصِّ عَلَى الْأَخْذِ أَوِ التَّرْكِ أَوْ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِمَا مِنْ فِعْلٍ أَوْ تَرْكٍ كَإِمْسَاكِهِ عَنِ الْقَوْلِ أَوِ الْفِعْلِ الدَّالَّيْنِ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ حَتَّى تَنْقَضِيَ مُدَّةُ الْخِيَارِ فَإِنَّهُ يَقْضِي بِذَلِكَ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي الْإِمْضَاءِ إِنْ كَانَتِ السِّلْعَةُ بِيَدِهِ وَلَمْ يَرُدَّهَا وَعَلَى الْبَائِعِ إِنْ كَانَتْ بِيَدِهِ وَلَمْ يَدْفَعْهَا لِأَنَّهُ ظَاهِرُ الْحَالِ وَأَنَّ تَرْكَ الْمُشْتَرِي لَهَا فِي يَدِ الْبَائِعِ فَسْخٌ وَأَنَّ الْفِعْلَ وَإِنْ دَلَّ فِي الْعَادَةِ عَلَى الْإِمْضَاءِ وَالرَّدِّ عُمِلَ بِمُقْتَضَاهُ وَإِنْ كَانَ مُحْتَمَلًا أُلْغِيَ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْخِيَارِ الْقِسْمُ الثَّانِي مَا لَا دَلَالَةَ لَهُ فَلَا يُعَدُّ رِضًا اتِّفَاقًا كَاخْتِيَارِ الْأَعْمَالِ وَشِبْهِهِ الْقِسْمُ الثَّالِثُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ كَالرَّهْنِ وَالْإِجَارَةِ عَلَى مَا يَأْتِي تَفْصِيله إِن شَاءَ الله تَعَالَى والإعتناد فِي هَذَا الْفَسْخِ عَلَى الْقَرَائِنِ قَالَ سَحْنُونٌ وَكُلُّ مَا يُعَدُّ قَبُولًا مِنَ الْمُشْتَرِي يُعَدُّ فَسْخًا مِنَ الْبَائِعِ قَالَ اللَّخْمِيُّ لَا يَجُوزُ لَكَ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْغَلَّاتِ لِلْبَائِعِ فَإِذَا أَجَّرَ أَوْ سَلَمَ فَعَلَ ذَلِكَ فِي مِلْكِهِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ وَهَذَا يَخْتَلِفُ فَإِنَّ طُولَ الْمُدَّةِ فِي الْإِجَارَةِ يَقْتَضِي الْفَسْخَ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِنْ كَانَ الْمَبِيعُ بِيَدِ الْبَائِعِ وَالْخِيَارُ لَهُ فَيَحْتَاجُ بَعْدَ أَمْرِ الْخِيَارِ إِلَى الْإِشْهَادِ إِنْ أَرَادَ إِمْضَاءَ الْبَيْعِ وَلَا يَحْتَاجُ إِنْ أَرَادَ الْفَسْخَ أَوْ بِيَدِ الْمُشْتَرِي وَأَرَادَ الْفَسْخَ احْتَاجَ الْإِشْهَادَ وَإِلَّا فَلَا وَوَافَقَهُ ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ خِلَافُ إِطْلَاقِ صَاحِبِ الْجَوَاهِرِ أَنَّ مُضِيَّ الْأَجَلِ كَافٍ مُطْلَقًا وَفِي الْكِتَابِ إِذَا مَضَتْ أَيَّامُ الْخِيَارِ وَأَرَادَ الرَّدَّ وَالسِّلْعَةُ فِي

(فرع)

يَدَيْهِ أَوِ الْأَخْذَ وَهِيَ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إِنْ بَعُدَتْ أَيَّامُ الْخِيَارِ وَلَهُ ذَلِكَ إِنْ كَانَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ أَيَّامِ الْخِيَارِ أَوْ مِنَ الْغَدِ لِأَنَّ الْفِكْرَةَ فِي الرَّأْيِ قَدْ تَتَأَخَّرُ وَلَوْ بِشَرْطِ إِنْ لَمْ يَأْتِ الْمُبْتَاعُ بِالْمَبِيعِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ آخِرَ أَيَّامِ الْخِيَارِ لَزِمَ الْبَيْعُ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ قَدْ يَعُوقُهُ مَرَضٌ أَوْ سُلْطَانٌ فَيَلْزَمُ الْبَيْعُ بِغَيْرِ رِضًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْن الْقَاسِم وبفسخ وَإِنْ فَاتَ الْأَجَلُ الَّذِي يَجِبُ بِهِ الْبَيْعُ وَقِيلَ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلِ مَالِكٍ فِيمَنْ شَرَطَ إِنْ لَمْ يَأْتِ بِالثَّمَنِ إِلَى أَجَلِ كَذَا فَلَا بَيْعَ بَيْنَنَا وَلِأَنَّهُ يُفْسَخُ وَإِنْ سَقَطَ الشَّرْطُ عَلَى الْخِلَافِ وَقِيلَ الْفَرْقُ أَن البيع هَا هُنَا لم يتم وَهُنَاكَ فَسَقَطَ الشَّرْطُ قَالَ وَالصَّوَابُ عَدَمُ الْفَرْقِ قَالَ أَشْهَبُ إِنْ مَضَتِ الثَّلَاثُ بِلَيَالِيهَا فَلَا رَدَّ لَهُ وَإِنْ رَدَّ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِهَا فَلَهُ الرَّدُّ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا جُنَّ الْبَائِعُ أَوِ الْمُشْتَرِي فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ نَظَرَ لَهُ السُّلْطَانُ فِي الْإِجَازَةِ وَالرَّدِّ لِأَنَّهُ وَلِيُّ الْعَاجِزِينَ قَالَ اللَّخْمِيُّ اخْتَلَفَ فِي الْمُشْتَرِي وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَيْسَ لِلسُّلْطَانِ ذَلِكَ فِي الْمُشْتَرِي بَلْ إِنْ تَطَاوَلَ الْإِغْمَاءُ وَرَأَى السُّلْطَانُ ذَلِكَ ضَرَرًا فَسَخَ لِعَدَمِ تَعْيِينِ غَرَضِهِ فِي الْبَيْعِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ لَهُ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ وَلَيْسَ لَهُ بَعْدَهَا إِلَّا الرَّدُّ قَالَ وَالْقَوْلُ بِالْأَخْذِ أَحْسَنُ لِأَنَّهُ مَا عَقَدَ إِلَّا وَلَهُ غَرَضٌ فِي الْبَيْعِ وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَاسْتَفَاقَ بَعْدَ يَوْمَيْنِ اسْتَأْنَفَهَا لِأَنَّهُ اشْتَرَاهَا عَلَى الْفِكْرَةِ ثَلَاثَةً وَلَا يُوجد للمفقود عِنْد ابْن الْقَاسِم وَيُوجد لَهُ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ قِيَاسًا عَلَى الْمَعْنَى (فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ وَإِذَا مَاتَ قَامَ وَرَثَتُهُ مَقَامَهُ وَقَالَهُ ش خِلَافًا لِ ح وَابْنِ حَنْبَلٍ قَالَ الطُّرْطُوشِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ وَكَذَلِكَ خِيَارُ الشُّفْعَةِ وَالتَّعْيِينِ إِذَا

اشْتَرَى عَبْدًا مِنْ أَعْبُدٍ وَخِيَارُ الْوَصِيَّةِ إِذَا مَاتَ الْمُوصَى لَهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَخِيَارُ الْإِقَالَةِ وَالْقَبُولِ إِذَا أَوْجَبَ الْبَيْعَ لِزَيْدٍ فَلِوَرَثَتِهِ خِيَارُ الْقَبُولِ أَوِ الرَّدِّ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا قَالَ مَنْ جَاءَنِي بِعَشَرَةٍ فَغُلَامِي لَهُ فَمَتَى جَاءَهُ أَحَدٌ بِذَلِكَ إِلَى الشَّهْرَيْنِ لَزِمَهُ وَخِيَارُ الْهِبَة وَحكي فِيهِ تردد ومنح ح خِيَارَ الشُّفْعَةِ وَسَلَّمَ خِيَارَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَخِيَارَ تَعَدِّي الصِّفَةِ وَحَقَّ الْقِصَاصِ وَحَقَّ الرَّهْنِ وَحبس الْمُبين وَخِيَارَ مَا وُجِدَ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ فِي الْغَنِيمَةِ فَمَاتَ رَبُّهُ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ أَخَذَهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَسَلَّمَنَا لَهُ خِيَارَ الْهِبَةِ فِي الْأَب للإبن بِالِاعْتِصَارِ وَخِيَارَ الْعِنَّةَ وَاللِّعَّانِ وَالْكِتَابَةِ وَالطَّلَاقِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ طَلِّقِ امْرَأَتِي مَتَى شِئْتَ فَيَمُوتُ الْمَقُول لَهُ وَسلم الشَّافِعِي جَمِيعَ مَا سَلَّمْنَا وَسَلَّمَ خِيَارَ الْإِقَالَةِ وَالْقَبُولِ وَالْمَسْأَلَة غامضة المأخذ ومدارها على أَن عِنْدَنَا صِفَةً لِلْعَقْدِ فَيَنْتَقِلُ مَعَ الْعَقْدِ وَعِنْدَهُ صِفَةٌ لِلْعَاقِدِ لِأَنَّهُ مُسَبِّبُهُ وَاخْتِيَارُهُ يَبْطُلُ بِمَوْتِهِ كَمَا تَبْطُلُ سَائِرُ صِفَاتِهِ وَالْحُقُوقُ عِنْدَنَا تَنْتَقِلُ كَالْأَمْوَالِ بِالْإِرْثِ إِلَّا أَنْ يَمْنَعَ مَانِعٌ وَعِنْدَهُ الْأَمْوَالُ تُورَثُ وَالْحُقُوقُ لَا تُورَثُ إِلَّا لِعَارِضٍ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ وَلَمْ يَقُلْ حَقًّا لِأَنَّ الْأَجَلَ فِي الثَّمَنِ لَا يُورَثُ فَكَذَلِكَ الْخِيَارُ وَلِأَنَّ الْبَائِعَ رَضِيَ بِخِيَار وَاحِد وَأَنْتُم تثبتونه لجَماعَة لم يرضى بِهِمْ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَتَعَدَّى الْمُشْتَرِطُ خِيَارَهُ كَمَا لَا يَتَعَدَّى الْأَجَلَ الْمُشْتَرَطَ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ الْمُعَارَضَةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا ترك أزواجكم} وَهُوَ عَامٌّ فِي الْحُقُوقِ وَالتَّنْصِيصُ فِي الْحَدِيثِ عَلَى الْمَالِ لَا يُنَافِي غَيْرَهُ لِأَنَّ الْعَامَّ لَا يُخَصُّ بِذِكْرِ بَعْضِهِ عَلَى الصَّحِيحِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْأَجَلَ حَقِيقَتُهُ تَأْخِيرُ الْمُطَالَبَةِ وَالْوَارِثُ لم يتَعَلَّق فِي حسه مُطَالَبَةً بَلْ هُوَ صِفَةٌ لِلدَّيْنِ لَا جَرَمَ لَمَّا انْتَقَلَ الدَّيْنُ لِوَارِثِ زَيْدٍ

انْتقل مُؤَجّلا وَكَذَلِكَ هَا هُنَا تَنْتَقِلُ الصِّفَةُ لِمَنِ انْتَقَلَ إِلَيْهِ الْمَوْصُوفُ فَهَذَا لَنَا لَا عَلَيْنَا وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّهُ يَبْطُلُ خِيَارُ التَّعْيِينِ وَيُشْتَرَطُ الْخِيَارُ لِلْأَجْنَبِيِّ وَقَدْ أَثْبَتُوهُ لِلْوَارِثِ وَبِمَا إِذَا جُنَّ فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ لِلْوَلِيِّ وَلَمْ يَرْضَ بِهِ الْبَائِعُ تَفْرِيعٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ فَإِنْ تَرَكَ وَلَدَيْنِ وَاخْتَلَفَا وَكَانَ مَوْرُوثُهُمَا الْمُشْتَرِي خُيِّرَ الْبَائِعُ بَيْنَ إِمْضَاءِ قَبُولِ نِصْفِ الرَّدِّ وَيَمْضِي لِمَنْ تَمَسَّكَ أَوْ يَقُولُ لِمَنْ قِيلَ إِمَّا أَنْ تَأْخُذَ الْجَمِيعَ أَوْ تَتْرُكَ أَوْ يُقِيلُ نِصْفَ مَنْ رَدَّ وَيَرُدُّ نَصِيبَ مَنْ قَبِلَ نَفْيًا لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ قَالَ أَشْهَبُ هَذَا الْقِيَاسُ وَالِاسْتِحْسَانُ أَنَّ لِمَنْ قَبِلَ أَخْذَ نَصِيبَ من رد أكره البَائِع للتبغيض لِأَنَّهُ يَقُولُ أَنَا أَرْفَعُ عَنْكَ ضَرَرَ التَّفْرِيقِ وَإِنْ كَانَ الْمَوْرُوثُ الْبَائِعَ كَانَ يَخْتَارُ الرَّدَّ عَلَى نَصِيبِهِ وَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فِي قَبُولِ نَصِيبِ من أمضى وَلَيْسَ الْوَارِث إِذا أَرَادَ أَخذ نصيب مُخَيّر وَلَا الْمُشْتَرى أَخْذُ نَصِيبِ الرَّادِّ وَالْقِيَاسُ وَالِاسْتِحْسَانُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ مَوْلًى عَلَيْهِ نَظَرَ وَصِيَّهُ فَإِنْ كَانَا وَصِيَّيْنِ وَاخْتَلَفَ نَظَرُ السُّلْطَان فِي أَخذ الْجَمِيع أوردهُ فَإِنْ كَانَ وَصِيًّا وَكَبِيرًا وَاخْتَلَفَا وَرَدَّ الْوَصِيُّ ارْتَدَّ نَصِيبُهُ وَمَقَالُ الْبَائِعِ مَعَ الْكَبِيرِ فَإِنْ أَخَذَ الْوَصِيُّ كَانَ مَقَالُ الْبَائِعِ مَعَ الْوَصِيِّ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْكَبِيرِ وَالْوَصِيَّانِ مَعَ الْكَبِيرِ كالكبيرين فَإِن اخْتلف الوصيان نظر السُّلْطَان فَرد الْجَمِيع أَو يَأْخُذ نصيب الصَّغِير وَيكون الْمقَال بيد الْبَالِغ وَالْوَصِيَّيْنِ وَكَذَلِكَ إِذَا مَاتَ الْبَائِعُ وَخَلَّفَ صِغَارًا وَكِبَارًا فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ مِدْيَانًا وَاتَّفَقَ الْغُرَمَاءُ وَالْوَرَثَةُ فَمَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ فَإِنِ اخْتَلَفُوا أَوْ فِيهِ فَضْلٌ كَانَ لِلْغُرَمَاءِ الْأَخْذُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَضْلٌ سَقَطَ مَقَالُهُمْ وَالْمَقَالُ لِلْوَرَثَةِ وَهَذِهِ الْفُرُوعُ كُلُّهَا فِي الْكِتَابِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ الْفَرْقُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بَيْنَ الْإِغْمَاءِ فَلَا يَنْتَظِرُ السُّلْطَانُ وَبَيْنَ الْغَيْبَةِ فَيَنْتَظِرُ أَنَّ الْغَالِبَ قُرْبُ زَوَالِ الْإِغْمَاءِ يَطُولُ كَالصِّبَا وَالْجُنُونِ قَالَ ابْن الْقَاسِم إِذا طبق الْمَجْنُونُ نَظَرَ السُّلْطَانُ

فرع

(فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا اشْتَرَى الْمُكَاتِبُ شَيْئًا بِالْخِيَارِ فَعَجَزَ فَذَلِكَ لِسَيِّدِهِ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُتَبَايِعَيْنِ جَمِيعًا لَمْ يَتِمَّ الْبَيْعُ إِلَّا بِاجْتِمَاعِهِمَا وَإِذَا اشْتَرَى رَجُلَانِ سِلْعَةً فَالْخِيَارُ لكل وَاحِد مِنْهُمَا الرَّد والإمضاء لمَالِك أَمر نَفسه (فَرْعٌ) ينقذ رَدُّ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ وَإِمْضَاؤُهُ مِنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ وَإِن غَابَ الآخر إِذا أشهد وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح لَا يَصِحُّ إِلَّا بِحَضْرَةِ الْآخَرِ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنَ الْمُعَامَلَةِ وَتَقْرِيرُ مِلْكٍ فَلَا يَسْتَقِلُّ بِهِ أَحَدُهُمَا كَأَصْلِ الْبَيْعِ لَنَا أَنَّهُ رَفْعٌ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ يَسْتَقِلُّ بِهِ كَالطَّلَاقِ وَإِنْ كَانَ فَسْخًا وَإِنْ كَانَ امضاء فَالْعقد قد حصل فِيهِ الرِّضَا فَلَا مَعْنَى لِحُضُورِهِ (فَرْعٌ) قَالَ الْهِبَةُ وَالْكِتَابَةُ وَالتَّدْبِيرُ وَالْعِتْقُ وَالْإِجَارَةُ وَالرَّهْنُ وَالتَّصَدُّقُ وَالْوَطْءُ وَالتَّقْبِيلُ وَالْمُبَاشَرَةُ مِنَ الْمُبْتَاعِ رِضًا وَمِنَ البَائِع رد وَإِذا طلب الْمُبْتَاع أوردهَا أَو عربها اَوْ سَافر عَلَيْهِ فَهُوَ رِضًا إِلَّا الرُّكُوبَ الْيَسِيرَ لِلِاخْتِبَارِ وَتَجْرِيدُ الْجَارِيَةِ لِلتَّلَذُّذِ وَلِلتَّقْلِيبِ لَيْسَ بِرِضًا وَتَجْرِيدُ الْفَرْجِ رِضًا لِأَنَّهُ لَا يُجَرَّدُ فِي الشِّرَاءِ قَالَ ابْن يُونُس قَالَ ابْن حبيب كشف فرجهَا وَمَسّ بَطنهَا أَو بدنهَا أَو خضبها بِالْحِنَّاءِ وظفر رَأْسَهَا رِضًا لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُحْتَاجُ فِي الِاخْتِبَارِ وَلَا يَتَصَرَّفُ الْإِنْسَانُ إِلَّا فِي مِلْكِهِ فَائِدَةٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ تَعْرِيبُ الدَّابَّةِ كَيُّ سَاقَيْهَا بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ فِي تَهْذِيبِ الطَّالِبِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِم حلق رَأس العَبْد ووحجامته رِضًا وَإِذَا وَهَبَهُ لِابْنِهِ

الصَّغِيرِ لَيْسَ بِفَوْتٍ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الِانْتِزَاعِ قَالَهُ ابْنُ الْكَاتِبِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فَوْتٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا رَكِبَ وَاسْتَخْدَمَ وَكَانَ الْخِيَارُ لِغَيْرِ الاختبار ويعد ذَلِكَ لَمْ يُعَدَّ رِضًا وَفِي الْكِتَابِ تَزْوِيجُ الْعَبْدِ أَوِ الْأَمَةِ وَضَرْبُهُ وَجَعْلُهُ فِي صِنَاعَةٍ أَوْ فِي الْكِتَابِ وَالْمُسَاوَمَةُ لِلْبَيْعِ وَكِرَاءُ الدَّارِ وَالدَّابَّةِ وَالْجِنَايَةُ عَمْدًا كُلُّهُ رِضًا وَلَهُ الرَّدُّ فِي الْجِنَايَة خطأ مَعَ الْأَرْش وَلم يرا شهب الْإِجَارَةَ وَالرَّهْنَ وَالسَّوْمَ وَالْجِنَايَةَ وَإِسْلَامَهُ لِلصَّنْعَةِ وَالتَّزْوِيجَ رِضًا مَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلْ يُنْظَرُ إِلَى أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَتَصَرَّفُ إِلَّا فِي مِلْكِ نَفْسِهِ عَادَةً أَوْ يُنْظَرُ إِلَى أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ فَعَلَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لِتَوَقُّعِ الرِّضَا فَلَا يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ بِالشَّكِّ وَعَنْ مَالِكٍ الْبَيْعُ لَيْسَ رِضًا ولرب السّلْعَة الْإِجَازَة وَأخذ الثّمن وَله النَّقْص قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ عَيْبًا مُفْسِدًا ضَمِنَ الثَّمَنَ كُلَّهُ كَمَا لَوْ أَكَلَ الطَّعَامَ قَالَ سَحْنُونٌ بَلْ يَضْمَنُ الْقِيمَةَ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ فِي الْعَيْبِ الْمُفْسِدِ لِأَنَّهُمَا جِنَايَةٌ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ وَفِي غَيْرِ الْمُفْسِدِ يَخْتَلِفُ فِي الْخَطَأِ وَيَرُدُّهَا وَمَا نَقَصَهَا وَيَلْزَمُهُ فِي الْعَمْدِ قَالَ ابْنُ الْكَاتِبِ إِذَا جَنَى الْمُشْتَرِي خَطَأً وَالْخِيَارُ لَهُ فَاخْتَارَ الْإِمْسَاكَ غَرِمَ مَا نَقَصَهَا عَنِ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ لِوُجُوبِهِ لِلْبَائِعِ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ إِنَّ تِلْكَ الْأُمُورَ الَّتِي عِدْتُهَا لَا تَكُونُ رِضًا لَا بُدَّ أَنْ يَحْلِفَ وَإِنَّمَا خَالَفَ فِي تَزْوِيجِ الْعَبْدِ وَأَمَّا الْأَمَةُ فَرِضًا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ بِالْوِلَايَةِ وَالْمِلْكِ وَالْعَبْدُ يَكْفِي فِيهِ الْإِذْنُ وَلِأَنَّ الْعَبْدَ لَهُ حَقُّ النِّكَاح بِخِلَاف لامه وَتحرم الأمه على السَّيِّد بوطئ الزَّوْج إِلَّا بعد الِاسْتِبْرَاء بِالْحلف الْعَبْدِ وَلِأَنَّهُ يَقُولُ فِي الْعَبْدِ فَعَلْتُهُ نَظَرًا لِلْبَائِعِ فَإِنْ أَحَبَّهُ وَإِلَّا فَسَخَهُ وَطَرَحَ سَحْنُونٌ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْكِتَابِ إِنَّ الْبَائِعَ مُخَيَّرٌ إِذَا بَاعَ الْمُشْتَرِيَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ وَقَالَ أَيْضًا الرِّبْحُ لِلْبَائِعِ لِأَنَّهَا كَانَتْ مِنْ ضَمَانِهِ قَالَ وَهُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ فِي الْبَيْعِ قبل الاختبار وَهُوَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ بِالرِّبْحِ لَهُ فَإِنْ قَالَ بِعْت أَن اخْتَرْتَ صَرَفَهُ ابْنُ حَبِيبٍ مَعَ يَمِينِهِ إِنْ كَذَّبَهُ صَاحِبُهُ بِعِلْمٍ يَدَّعِيهِ وَلَهُ الرِّبْحُ وَإِن قَالَ بِعْت قبل الاختبار فَالرِّبْحُ لِلْبَائِعِ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِن فَاتَ

(فرع)

بِهَا الْمُشْتَرِي كَانَ لِلْبَائِعِ الْأَكْثَرُ مِنَ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ لَهُ الْإِجَازَةُ أَوِ الثَّمَنُ الثَّانِيَ لِأَنَّ لَهُ إِمْضَاءَ الْبَيْعِ وَالْقِيمَةِ لِأَنَّ لَهُ أَخْذَهُ بِالتَّعَدِّي وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَبَاعَ الْبَائِعُ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ فَسْخِ الْبَيْعِ عَنْ نَفْسِهِ أَوِ الْقَبُولِ وَيَكُونُ لَهُ الْأَكْثَرُ مِنَ الثَّمَنِ أَوِ الْقِيمَةِ فِي الْبَيْعِ الثَّانِي قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَالتَّسْوِيقُ بِالسِّلْعَةِ مِمَّنْ لَهُ الْخِيَارُ رضَا إِلَّا أَن يَدعِي اختبار الثَّمَنِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا رَأَى الْكِتَابَ أَوِ الثِّيَابَ أَوِ الرَّقِيقَ أَوِ الْغَنَمَ وَصَمَتَ حَتَّى رَأَى آخِرَهَا فَلَمْ يَرْضَهَا فَذَلِكَ لَهُ لِأَنَّ الرِّضَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مَعْرِفَةِ الْجُمْلَةِ فَلَوْ كَانَتْ حِنْطَةً فَنَظَرَ بَعْضَهَا فَرَضِيَهُ ثُمَّ نَظَرَ بَاقِيَهَا فَلَمْ يَرْضَهُ وَهُوَ عَلَى صِفَةِ مَا رَضِيَ لَزِمَهُ الْجَمِيعُ أَوْ مُخَالِفًا فَلَهُ رَدُّ الْجَمِيع إِن كَانَ الِاخْتِلَاف كثيرا لتفي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ مَا رَضِيَهُ بِحِصَّتِهِ إِلَّا أَنْ يَرْضَى الْبَائِعُ وَلَا لِلْبَائِعِ إِلْزَامُهُ ذَلِكَ إِذَا كَانَ الْمُخَالِفُ كَثِيرًا وَكَذَلِكَ كَلُّ مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ يَسْكُتُ عَنِ الْمُخَالِفِ وَالْيَسِيرِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الْيَسِيرُ لَازِمٌ لِلْمُشْتَرِي وَفِيهِ اخْتِلَافٌ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ أَخْذِ الْجَمِيعِ وَرَدِّ الْجَمِيعِ كَانَ الْمُخَالِفُ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا (فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ الْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ رِضًا مِنَ الْمُشْتَرِي وَرَدٌّ مِنَ الْبَائِعِ فَإِنْ فَعَلَهُ مَنْ لَيْسَ لَهُ الْخِيَارُ وَهُوَ الْمُشْتَرِي وَأَمْضَى لَهُ البيع مضى ورد كَانَ لَهُ قِيمَةُ ذَلِكَ مَنْقُوضًا لِأَنَّهُ بِغَيْرِ إِذْنٍ قَالَهُ سَحْنُونٌ وَهُوَ لِلْبَائِعِ وَقِيلَ لِلْمُشْتَرِي فَعَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ يَدْفَعُ لِلْبَائِعِ قِيمَتَهُ مَنْقُوضًا لِأَنَّهُ رَأَى فِعْلَ ذَلِكَ فِي مِلْكِهِ وَهُوَ مُتَعَدٍّ عَلَى الْمُشْتَرِي

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا بَاعَ عَبْدًا بِالْخِيَارِ بِأمة ثمَّ اعتقها مَعًا فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ تَعَيَّنَ الْعِتْقُ فِي الْأَمَةِ لِأَنَّهَا عَلَى مِلْكِهِ وَيَلْزَمُ مِنْ عِتْقِهَا رَدُّ الْعَبْدِ وَلَا يَنْفُذُ عِتْقُهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا أَعْتَقَ الْعَبْدَ نَفَذَ عِتْقُهُ لِأَنَّهُ رَدٌّ لِبَيْعِهِ وَتَرُدُّ الْأَمَةُ لِبَائِعِهَا وَإِنْ أَعْتَقَهُمَا مَعًا مَضَى عِتْقُهُ فِي عَبْدِهِ وَكَانَتِ الْأَمَةُ لِبَائِعِهَا لِأَنَّ عِتْقَهُ لِعَبْدِهِ رَدٌّ لِبَيْعِهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ أَرُدُّ الْبَيْعَ فِي عَبْدِي وَآخُذُ الْأَمَةَ وَذَلِكَ غَيْرُ لَازِمٍ لِبَائِعِهَا وَهَذَا مُنَاقِضٌ لِنَقْلِ الْجَوَاهِرِ فَتَأمل قَالَ وَإِنْ أَعْتَقَ بَائِعُ الْأَمَةِ وَالْخِيَارُ لِبَائِعِ العَبْد كَانَ العَبْد كَانَ عتقه موفوفاً إِنْ رَدَّ الْبَيْعَ عَتَقَتْ وَإِلَّا فَلَا (النَّظَرُ الثَّالِث) فِيمَا يجد فِي مُدَّة الْخِيَار من غَلَبَةٍ وَجِنَايَةٍ وَغَيْرِهِمَا وَفِي الْكِتَابِ إِذَا اشْتَرَى عَبْدًا بِعَبْدٍ بِالْخِيَارِ وَتَقَابَضَا فَمُصِيبَةُ كُلِّ عَبْدٍ مِنْ بَائِعِهِ لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ وَكَذَلِكَ الدَّابَّةُ وَيَرُدُّ الثَّمَنَ إِنْ قَبَضَهُ وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَأَعْتَقَ الْبَائِعُ وَقَفَ الْعِتْقُ إِنْ رَدَّ الْمُشْتَرِي نَفَذَ الْعِتْقُ كَإِعْتَاقِ الْمُخْدَمِ سَنَةً أَوِ الْمُؤَاجَرِ فَإِذَا تَمَّتِ السَّنَةُ عَتَقَ قَالَ اللَّخْمِيُّ فَإِنْ أَعْتَقَ الْمُشْتَرِي وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَرَدَّ الْبَائِعُ سَقَطَ الْعِتْقُ وَأُمْضِيَ لَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ فَإِن أَعْتَقَ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ وَلَا ضَمَانِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ أَنَّ الْبَائِعَ ثَمَّةَ سلطه على التَّصَرُّف وَلم يُسَلِّطهُ هَا هُنَا وَيَصِحُّ أَنْ يُقَالَ يَلْزَمُهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ فِيمَنِ اشْتَرَى عَبْدًا بِالْخِيَارِ وَجَنَى عَلَيْهِ قِيلَ إِنَّ الْجِنَايَةَ لَهُ كَأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ لَهُ (فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مَالِكٌ إِذَا وَطِئَهَا مَنْ لَا خِيَارَ لَهُ فَوُلِدَتْ وَاخْتَارَهَا الْآخَرُ فَهِيَ لَهُ دُونَ مَنْ لَا خِيَارَ لَهُ وَالْولد للواطئ بِالْقيمَةِ لِأَنَّهُ وطئ بِشُبْهَةٍ وَيَدْرَأُ الْحَدَّ وَتُرَدُّ الْأَمَةُ وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَوَطِئَهَا كَانَ رِضًا فَإِنْ كَانَتْ مِنَ الْعَلِيِّ وَأَقَرَّ الْبَائِعُ بِوَطْئِهَا وُقِفَتْ لِلِاسْتِبْرَاءِ فَإِنْ تَبَيَّنَ عَدَمُ الْحَمْلِ دَفَعَ الثَّمَنَ أَوِ الْحَمْلَ وَوَضَعَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ دُعِيَ الْقَافَةُ فَإِنْ هَلَكَتْ قَبْلَ

(فرع)

ظُهُورِ الْحَمَلِ ضَمِنَ الْبَائِعُ لِأَنَّهَا عَلَى مِلْكِهِ وَيَخْتَلِفُ إِذَا هَلَكَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْوَقْفِ هَلْ مِنَ الْبَائِعِ أَوْ مِنَ الْمُشْتَرِي قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا هَلَكَتِ الدَّابَّةُ فِي اخْتِيَارهَا أَوِ السَّيْفُ أَوِ الْفَرَسُ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ فِعْلٌ مَأْذُونٌ فِيهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ تَنَازَعَا فِي زَمَنِ الْهَلَاكِ هَلْ فِي الْمُدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا صُدِّقَ الْبَايِعُ لِأَنَّ الْمُبْتَاعَ يَطْلُبُ نَقْضَ الْبَيْعِ وَقَدِ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ وَالْأَصْلُ اللُّزُومُ بَعْدَهَا فَأَمَّا لَوْ قَالَ الْمُبْتَاعُ يَنْقُضُ صُدِّقَ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَرْتَدُّ تَضْمِينُهُ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا مَاتَتْ أَوْ تَعِبَتْ فَمِنَ الْبَائِعِ قَبَضَهَا الْمُبْتَاعُ أَمْ لَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوِ الْمُشْتَرِي وَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَخْذِهَا مَعِيبَةً بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أوردهَا وَكَذَلِكَ إِنْ ظَهَرَ فِيهَا عَيْبٌ قَدِيمٌ مَعَ حُدُوثِ الْعَيْبِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ لِأَنَّ الْجَمِيعَ مِنَ الْبَائِعِ وَإِنْ حَدَثَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ عيب وَبعد قبضهَا واشتراها عَيْبٌ وَذَكَرَ الْبَائِعُ بِعَيْبٍ فَإِنْ حَبَسَهَا رَجَعَ بِحِصَّةِ عَيْبِ التَّدْلِيسِ وَإِنْ رَدَّهَا رَدَّ مَا نَقَصَهَا الْعَيْبُ الْحَادِثُ عِنْدَهُ وَلَا يَنْظُرُ أَحَدٌ إِلَى الْحَادِثِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذا حدث عيب فِي زمن الْخِيَارِ وَوَجَدَ عَيْبًا قَدِيمًا وَأَحَبَّ التَّمَسُّكَ وَالرُّجُوعَ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ قَوَّمَ بِعَيْبِ الْخِيَارِ وَقَوَّمَ بِالْعَيْبِ الَّذِي لَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَحَطَّ مَا يَنُوبُهُ مِنَ الثَّمَنِ وَالْقِيمَتَانِ يَوْمَ الْقَبُولِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ ضَمِنَ وَإِنْ أَحَبَّ الرَّدَّ بِثَلَاثٍ قَيَّمَ الْعُيُوبَ الثَّلَاثَةَ فَمَا حَطَّتْ قِيمَتُهُ بِالْعَيْبِ الثَّالِثِ عَنِ الْقِيمَتَيْنِ حَطَّ مِنَ الثَّمَنِ بِقَدْرِهِ وَرَجَعَ بِالْبَاقِي فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ فَاسِدًا أَوْ حَدَثَ عَيْبُهُ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ فَرَضِيَهُ ثُمَّ ظَهَرَ عَيْبٌ قَدِيمٌ قَوَّمَ قِيمَةً وَاحِدَةً بِالْعَيْبَيْنِ يَوْمَ الْقَبُولِ لسُقُوط الثّمن بفساده وَلعدم قيمَة يَوْمِ الْقَبْضِ وَلِذَلِكَ إِذَا حَدَثَ عِنْدَهُ عَيْبٌ مُفسد وَأحب التَّمَسُّك فقيمة وَاحِدَةٌ وَإِنْ تَغَيَّرَ سُوقُهُ بَعْدَ الْقَبْضِ فَلَيْسَ فَوْتًا فِي الْعَيْبِ وَلَهُ الرُّجُوعُ قَالَ سَحْنُونٌ

(فرع)

وَيقوم عَلَيْهِ معيبا وَقَالَ مُحَمَّد سلما لِأَنَّهُ قَدْ مَلَكَ الرَّدَّ قَاعِدَةٌ أَسْبَابُ الضَّمَانِ ثَلَاثَةٌ الْإِتْلَافُ نَحْوُ قَتْلِ الْحَيَوَانِ أَوِ التَّسَبُّبُ لِلْإِتْلَافِ نَحْوَ حَفْرِ بِئْرٍ لِيَقَعَ فِيهِ إِنْسَانٌ أَو وضع الْيَد غير المؤمنة بِقَبض الْمُشْتَرِي لِلْمَبِيعِ بَيْعًا فَاسِدًا وَالْغَاصِبِ وَهَذِهِ الْأَسْبَابُ مَنْفِيَّةٌ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ فِي حَقِّ الْمُشْتَرِي إِذَا أُصِيبَ الْمَبِيعُ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ وَعَلَيْهَا تَتَخَرَّجُ فُرُوعُ الضَّمَانِ وَعَدَمُهُ وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا وَإِنَّمَا يَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا الْبَابِ وَغَيْرِهِ لِاجْتِمَاعِ شَائِبَةِ الْأَمَانَةِ مَعَهَا فَيَخْتَلِفُونَ أَيُّهُمَا يُغَلَّبُ وَإِلَّا فَلَا خُرُوجَ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَمَا قَبَضَهُ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ أَو أَقَامَت بِهَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ فَلَا ضَمَانَ لِعَدَمِ التَّعَدِّي وَهُوَ كَالْمُرْتَهِنِ وَالْمُسْتَعِيرِ وَإِلَّا فَهُوَ ضَامِنٌ كَالْمُرْتَهِنِ وَالْمُسْتَعِيرِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَمِينٍ نَظَائِرُ قَالَ الْعَبْدِيُّ يَسْقُطُ الضَّمَانُ بِالْبَيِّنَةِ فِي سِتِّ مَسَائِلَ عَارِيَةُ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَالْمَبِيعُ بِالْخِيَارِ إِذَا كَانَ يُغَابُ عَلَيْهِ وَنَفَقَةُ الْوَلَدِ عِنْدَ الْحَاضِنَةِ وَالصَّدَاقُ إِذَا كَانَ يُغَابُ عَلَيْهِ وَادَّعَتِ الْمَرْأَةُ تَلَفَهُ وَوَقَعَتْ فِي الشَّرِكَةِ بِالطَّلَاقِ وَالْمَقْسُومُ مِنَ الشَّرِكَةِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ ثُمَّ انْتَقَضَتِ الْقِسْمَةُ بِالدَّيْنِ أَوْ بِالْغَلَطِ وَقَدْ تَلَفَ وَهُوَ يُغَابُ عَلَيْهِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا جَنَى عَلَيْهَا أَجْنَبِيٌّ فَلِلْمُبْتَاعِ رَدُّهَا وَلِلْبَائِعِ طَلَبُ الْأَجْنَبِيِّ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْجِنَايَةُ إِمَّا مِنَ الْبَائِعِ أَوِ الْمُشْتَرِي أَوْ أَجْنَبِيٍّ أَوْ مِنْ غير آدَمِيّ فَإِن قَتله البَائِع انْفَسَخَ الْبَيْعُ وَلَا شَيْءَ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْمَبِيعَ مُعَيَّنٌ هَلَكَ أَوْ عَمْدًا فَلِلْمُشْتَرِي فَضْلُ الْقِيمَةِ لِأَن التوفية حق لَهُ وَلم يوفه وَإِنْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ فِي دُونِ النَّفْسِ خَطَأً خُيِّرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَهُ مَعِيبًا بِغَيْرِ أَرْشٍ أَوِ التَّرْكِ إِذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ أَوْ عَمْدًا لَكَانَ لَهُ أَخْذُهُ وَقِيمَةُ الْعَيْبِ وَيَدْفَعُ الثَّمَنَ وَإِنْ جَنَى الْمُشْتَرِي خَطَأً جِنَايَةً بِيَدِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ خُيِّرَ بَيْنَ التَّمَسُّكِ وَالرَّدِّ وَنَقْصِ الْجِنَايَةِ وَإِنْ أَفْسَدَهُ ضَمِنَ الثَّمَنَ كُلَّهُ وَعَلَى هَذَا إِنْ قَتَلَهُ غَرِمَ الثَّمَنَ وَقَالَ سَحْنُونٌ الْقِيمَةُ قَالَ وَهُوَ أَحْسَنُ لِأَنَّ الثَّمَنَ فِي الْخِيَارِ لَمْ يَثْبُتْ وَلَيْسَ

(فرع)

بِمَنْزِلَةِ مَنِ اسْتَهْلَكَ سِلْعَةً وُقِفَتْ عَلَى الثَّمَنِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ جِنَايَةُ الْعَبْدِ رِضًا وَقَالَ أَشْهَبُ لَا تَكُونُ رِضًا لِأَنَّهُ قَدْ يَفْعَلُهُ غَضَبًا وَعَلَى الْأَوَّلِ يَسْتَوِي الْقَلِيلُ وَالْكَثِيرُ وَيَعْتِقُ إِنْ كَانَ مِثْلَهُ وَإِنْ جَنَى أَجْنَبِيٌّ اسْتَوَى الْعَمْدُ وَالْخَطَأُ وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ فِي الْقَتْلِ كَفَوَاتِ الْمَبِيعِ الْمُعَيَّنِ وَالْقِيمَةُ لِلْبَائِعِ قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ لِأَنَّهُ عَلَى مِلْكِهِ وَيَأْخُذُ جِنَايَةً دُونَ النَّفْسِ وَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الْقَبُولِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوِ الرَّدِّ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ رَضِيَهُ الْمُشْتَرِي كَانَتْ لَهُ الْجِنَايَةُ إِذَا جَنَى الْأَجْنَبِيُّ كَأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُنْعَقِدًا وَفِي الْجَوَاهِرِ هَذَا إِذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَإِنْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي وَجَنَى الْبَائِعُ عَمْدًا فَتَلَفَ الْمَبِيعُ ضَمِنَ لِلْمُشْتَرِي الْأَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ أَوِ الْقِيمَةِ لِأَنَّ لَهُ الْأَخْذَ بِالتَّعَدِّي وَإِنْ لَمْ يَتْلَفْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُغَرِّمَ الْبَائِعَ قِيمَةَ الْجِنَايَةِ وَيَأْخُذَهُ مَعِيبًا وَإِنْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ خَطَأً وَأَتَتْ عَلَى النَّفْسِ أَوْ دُونِهَا خُيِّرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ أَخْذِهِ نَاقِصًا وَلَا شَيْءَ لَهُ أَوِ الرَّدِّ فَإِنْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ مِنَ الْمُشْتَرِي وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً خُيِّرَ الْبَائِعُ بَيْنَ أَخْذِهِ بِحُكْمِ الْغَرَامَةِ وَإِمْضَاءِ البيع لِأَن الْخِيَار لَهُ وَالْخيَار لِلْمُشْتَرِي فَإِنْ جَنَى عَمْدًا فَقَدْ تَقَدَّمَ الْخِلَافُ فَإِنْ كَانَ عَيْبًا مُفْسِدًا ضَمِنَ الثَّمَنَ كُلَّهُ وَقَالَ سَحْنُونٌ بَلِ الْقِيمَةُ وَأَجْرَى ابْنُ مُحْرِزٍ هَذَا الْخِلَافَ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَنِ اسْتَهْلَكَ سِلْعَةً وُقِفَتْ عَلَى ثَمَنٍ هَلْ يَضْمَنُ ثَمَنَهَا أَوْ قِيمَتَهَا (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ الْغَلَّةُ أَيَّامَ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ بِالضَّمَانِ فَإِنِ اشْتَرَى كَبْشًا وَعَلَيْهِ صُوفٌ فأمضي البيع فالصوف للْمُبْتَاع لِأَنَّهُ مُشْتَرِي وَإِنْ وُلِدَتْ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ وَفُسِخَ الْبَيْعُ رَجَعَ مَعَ أُمِّهِ لِلْبَائِعِ وَإِنْ أَمْضَى فَهَلْ يتبع إِلَّا كَالْخَرَاجِ لَا كَالْغَلَّةِ وَاللَّبَنِ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ يَحْصُلُ تَفْرِقَةٌ بَيْنَ الْأُم وَالْولد فَهَل يفْسخ البيع أَو يخيران عَلَى الْجَمْعِ قَوْلَانِ نَظَرًا إِلَى أَنَّ هَذِهِ التَّفْرِقَة

أَوْجَبَتْهَا الْأَحْكَامُ أَوْ هِيَ كَالْمَدْخُولِ عَلَيْهَا وَإِذَا قُلْنَا بِالْجَمْعِ فَهَلْ فِي حَوْزٍ أَوْ مِلْكٍ قَوْلَانِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ وَالْأَصْلُ جَمْعُ الْمِلْكِ وَقَدِ اعْتَرَضَ فَضْلُ بْنُ سَلَمَةَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَقَالَ إِنَّمَا أَجَازَهَا ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَإِنْ أشرفت على الْولادَة لِأَن الْبَالِغ لم يُخَيّر الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ وَلَوْ أَخْبَرَهُ لَكَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا وَحُكِيَ الْفَسَادُ إِذَا جَاوَزَتْ سِتَّةَ أَشْهُرٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ وَمَا قَالَهُ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّ عِلْمَ أَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ بِالْفَسَادِ يُفْسِدُ الْبَيْعَ وَلِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّ الْمَرِيضَ وَالْحَامِلَ وَإِنْ بَلَغَا إِلَى حَدِّ الْخَوْفِ لَا يَمْتَنِعُ بَيْعُهُمَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي السِّيَاقِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ أَنْتَجَ قَوْلُهُ وَقَوْلُ فَضْلٍ الْخِلَافَ فِي عِلْمِ أَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ بِالْفَسَادِ وَفِي الْمَرِيضِ إِذَا لَمْ يَبْلُغِ السِّيَاقَ وَيُمْكِنُ بِنَاءُ الْمَسْأَلَةِ عَلَى كِلَا الْأَصْلَيْنِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ وَالْعُذْرُ عِنْدِي أَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ فِي آخَرَ السَّادِسُ وَوَضَعِتْ فِي أَوَّلِ السَّابِعِ لَا سِيَّمَا عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ وَخِيَارُ الشَّهْرِ فِي الرَّقِيقِ وَقَدْ يَجْهَلُ الْحَمْلَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ الْمُبْتَاع رَدُّ الْعَبْدَ قَتَلَ عَمْدًا أَوْ خَطَأً وَإِنْ أَسْلَمَهُ لِلْجِنَايَةِ وَثَمَنُهُ أَكْثَرُ مِنْهَا فَلِلْمُبْتَاعِ أَنْ يَفُكَّهُ وَيَكُونُ لِلْبَائِعِ بَقِيَّةُ الثَّمَنِ تَوْفِيَةً بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَالْجُرْحُ خَطَأٌ فَهُوَ عَلَى خِيَارِهِ وَلَهُ إِلْزَامُهُ الْمُشْتَرِيَ وَلَهُ إِسْلَامُهُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لِأَنَّ لَهُ نَقْضَ الْبَيْعِ وَإِبْرَامَهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ يُخَيَّرُ الْمَبِيعُ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ بِالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ لِلْبَائِعِ وَعَلَيْهِ لِأَنَّهَا عَلَى مِلْكِهِ فَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ وَحَدَثَ بِهِ عَيْبٌ ثُمَّ أَمْضَى الْبَائِعُ الْبَيْعَ كَانَ لِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ بِالْعَيْبِ وَإِنْ زَادَ زِيَادَةً عَلَى الْمُعْتَادِ وَالْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَقَبِلَهُ كَانَ لِلْبَائِعِ مَنْعُ إِمْضَاءِ الْبَيْعِ فَإِنْ كَانَ غَنَمًا فَاحْتَلَبَ لَبَنَهَا وَجَزَّ صُوفَهَا وَوَلَدَتْ كَانَ اللَّبَنُ لِلْبَائِعِ لِأَنَّهُ غَلَّةٌ وَالصُّوفُ لِلْمُشْتَرِي لِتَنَاوُلِ الْعَقْدِ إِيَّاهُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْوَلَدُ لِلْمُشْتَرِي فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ لِأَنَّهَا لَا تَضَعُ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ إِلَّا وَهِيَ وَقْتَ الْعَقْدِ ظَاهِرَةُ الْحَمْلِ وَقَالَ أَشْهَبُ لِلْبَائِعِ كَالْغَلَّةِ وَهَذَا فِي الْغَنَمِ وَالْإِمَاءِ الْوَخْشُ وَأَمَّا الْعَلِيُّ فَلِلْبَائِعِ مَقَالٌ فِي الْأُمِّ عَلَى رَأْيِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَقَبِلَ الْأَمَةَ وَوَلَّدَهَا لَهُ إِلَّا أَنْ يَقُومَ

(فرع)

الْبَائِعُ بِحَقِّهِ فِي الْأُمِّ لِأَنَّ الْحَمْلَ عَيْبٌ وَقَدْ ذَهَبَ الْعَيْبُ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ وَكَذَلِكَ إِنْ أَسْقَطَتْهُ أَوْ مَاتَ فِي الْعَلِيِّ وَقَبِلَهَا الْمُشْتَرِي فَلِلْبَائِعِ رَدُّهَا لِذَهَابِ الْعَيْبِ وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ لَهُ مَقَالٌ فِي الْأُمِّ وَالْوَلَدِ فَإِنْ أسقط مقاله فِي ذهَاب الْعَيْب وعَلى قَول أَشهب لَهُ فَقَالَ فِي الْأُمِّ وَالْوَلَدِ فَإِنْ أَسْقَطَ مَقَالَهُ فِي ذهَاب الْعَيْب قبلهَا فلهَا دُونَ الْوَلَدِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا وُهِبَ لِلْعَبْدِ مَالٌ أَوْ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَيْهِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَلِلْبَائِعِ وَعَلَيْهِ نَفَقَتُهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِلَّا أَن يكون للمشترى قَدِ اسْتَثْنَى مَالَهُ بِخِلَافِ مَا وُهِبَ لِلْمَرْهُونِ لَا يَدْخُلُ فِي الرَّهْنِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ ملك العَبْد وَمَاله وَالْمُرْتَهن لَهُ حَقٌّ إِلَّا فِيمَا جُعِلَ رَهْنًا خَاصَّةً (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا اشْتَرَى ثَوْبَيْنِ فَضَاعَا فِي أَيَّام الْخِيَار وَلم يتَصَدَّق لَزِمَاهُ بِالثَّمَنِ لِأَنَّ يَدَهُ غَيْرُ مُؤْمِنَةٍ كَانَ أَكْثَرَ مِنَ الْقِيمَةِ أَوْ أَقَلَّ لِأَنَّ لَهُ إِمْضَاءَ الْبَيْعِ بِالثَّمَنِ فَإِنْ ضَاعَ أَحَدُهُمَا لَزِمَهُ بِحِصَّتِهِ فَإِنِ اشْتَرَى أَحَدَهُمَا وَالْآخَرَ أَخَذَهُ مِنْهُمَا فَضَاعَا ضَمِنَ أَحَدَهُمَا وَهُوَ فِي الْآخَرِ أَمِينٌ فَإِنْ ضَاعَ أَحَدُهُمَا ضَمِنَ نِصْفَ ثَمَنِهِ لِدَوَرَانِهِ بَيْنَ الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ وَلَهُ أَخْذُ الثَّانِي وَرَدُّهُ لِدَوَرَانِهِ بَيْنَ الْمَبِيعِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ يَسْتَحِقُّ بِالْعَقْدِ ثَوْبًا وَكَذَلِكَ إِذَا قَبَضَ ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ لِيَخْتَارَ مِنْهَا ثُوبًا دِينَارًا كَانَ لَهُ دِينَارٌ فَتَلَفَ اثْنَانِ كَانَ شَرِيكًا قَالَ أَشْهَبُ لَوْ كَانَ بدل الثَّوْبَيْنِ عَبْدَيْنِ فللهلاك مِنَ الْبَائِعِ وَلِلْمُبْتَاعِ أَخْذُ الْبَاقِي لِأَنَّهُمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِلْمُبْتَاعِ أَخْذُ الثَّوْبَيْنِ بِالثَّمَنِ الَّذِي سَمَّى فِيمَا قَرُبَ مِنْ أَيَّامِ الْخِيَارِ وَيَنْقُصُ الْبَيْعُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَشْهَدَ أَنَّهُ اخْتَارَ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ أَوْ مَا قَرُبَ لِأَنَّهُ بَعْدَ أَيَّامِ الْخِيَارِ مُدَّعٍ فَإِنْ أَشْهَدَ فَهُوَ أَمِينٌ فِي الْبَاقِي وَهَلَاكُهُ مِنْ بَائِعِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ إِنْ كَانَ الْهَالِكُ وَجْهَ الصَّفْقَةِ لَزِمَاهُ جَمِيعًا كضياع

الْجَمِيعِ وَيُتَّهَمُ عَلَى تَغْيِيبِهِ وَالْعَبْدَانِ أَوِ الثَّوْبَانِ عَلَى أَنْ يَخْتَارَ أَحَدَهُمَا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ أَمَّا لَوْ قَالَ هَذَا بِعَشَرَةٍ وَهَذَا بِخَمْسَةٍ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ بَيْعَتَانِ فِي بَيْعَةٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى غَيْرِ الْإِلْزَامِ بَلْ بِالْخِيَارِ فَيَجُوزُ لِنَفْيِ الْتِزَامِ الْغَرَرِ وَأَجَازَهُ ابْنُ أَبِي سَلَمَةَ عَلَى الْإِلْزَامِ إِذَا اسْتَوَى زِنَةُ أَفْرَادِ الدَّرَاهِمِ وَكَأَنَّهُ أَخَذَ الَّذِي بِعَشَرَةٍ ثُمَّ رَدَّهُ وَأَخَذَ الَّذِي بِخَمْسَة وَوضع عِنْد خَمْسَة فَصَارَت خَمْسَة وثوب بِثَوْبِ الْعَشَرَةِ وَلَوِ اخْتَلَفَ وَزْنٌ بِالدَّرَاهِمِ هَذِهِ نَاقِصَةٌ وَهَذِهِ وَازِنَةٌ امْتَنَعَ عِنْدَ الْجَمِيعِ لِتَحْقِيقِ الرِّبَا بَين الْقصَّتَيْنِ وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ إِذَا اشْتَرَى ثَوْبًا مِنْ ثَوْبَيْنِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَالثَّمَنُ وَاحِدٌ فَهَلَكَ أَحَدُهُمَا بِيَدِ الْمُبْتَاعِ فِي الْخِيَارِ أَوْ دَخَلَهُ عَيْبٌ فَهُوَ بَيْنَهُمَا وَعَلَيْهِ ثَمَنُ نِصْفِ كُلِّ ثَوْبٍ لِاخْتِلَاطِ الْأَمَانَةِ فَصَارَ مِنْ بَابِ التَّدَاعِي فَإِنِ اخْتَلَفَ الثَّمَنُ وَأَلْزَمَ نَفْسَهُ أَحَدَهُمَا عَلَى الْوُجُوب امْتنع وَيضمن نصف قيمتهَا إِنْ هَلَكَا أَوْ نِصْفَ قِيمَةِ أَحَدِهِمَا إِنْ هَلَكَ وَيَرُدُّ الْبَاقِيَ إِنْ لَمْ يَفُتْ لِفَسَادِ الْعَقْدِ فَإِنْ فَاتَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا وَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَتِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ الضَّمَانُ مِنْ مُشْتَرِطِ الْخِيَارِ فَإِنْ أَفَاتَ الْمُشْتَرِي الثَّوْبَ وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَصَدَ أَخذه بِغَيْر خِيَار فَامْتنعَ البَائِع وَوَقفه بِخِيَارِ نَفْسِهِ وَمَنْفَعَتِهِ وَصَارَ قَاصِدًا الِائْتِمَانَ وَإِنْ بَقِي بيد البَائِع وَالْخيَار للمشري ضَمِنَهُ الْبَائِعُ عَلَى الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ وَقَوْلُ ابْنِ كِنَانَةَ فَإِنْ قَالَ الْمُشْتَرِي أَنَا أَقْبَلُهُ فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَحْلِفُ الْبَائِعُ لَقَدْ ضَاعَ وَيبرأ على قَوْلِ أَشْهَبَ يَحْلِفُ وَيُغَرَّمُ فَضْلَ الْقِيمَةِ عَلَى الثَّمَنِ فَإِنْ ضَاعَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَالْخِيَارُ لَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُغْرَمُ الثَّمَنَ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ الْخِيَارُ وَقِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنَ الثَّمَنِ وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ حَلَفَا لَقَدْ ضَاعَ وَغَرِمَ الثَّمَنَ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ الْقِيمَةَ قَالَ أَشهب إِن كَانَ الْخِيَار للْمُشْتَرِي غرم الأول من الْقيمَة وَالثمن فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ أَقَلَّ غَرِمَهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ أَنْ يُقِيلَهُ وَإِنْ كَانَتِ الْقِيمَةُ أَقَلَّ غَرِمَهَا بَعْدَ الْيَمِينِ فَإِنْ نَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ فَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ غَرِمَ الْأَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ أَوِ الْقِيمَةِ فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ وَقَالَ أَنَا أُجِيزُ الْبَيْعَ أَوِ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ قَالَ لَا أُجِيزُهُ وَأَخَذَ الْقِيمَةَ وَأما

الثَّوْبَانِ فَفِيهِمَا أَرْبَعُ صُوَرٍ الصُّورَةُ الْأُولَى أَنْ يُخَيّر العقد وَالتَّعْيِين مَعًا بِأَن يأخذهما اخْتَار أَحَدَهُمَا أَوْ يَرُدَّهُمَا فَيَدَّعِي ضَيَاعَهُمَا فَأَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ يَضْمَنُ أَحَدَهُمَا بِالثَّمَنِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَالْآخَرَ بِالْقِيمَةِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَبِيعٍ وَأَحَدَهُمَا بِالْقِيمَةِ وَالْآخَرِ بِالْأَقَلِّ مِنَ الثَّمَنِ أَوِ الْقِيمَةِ عِنْدَ أَشْهَبَ لِأَنَّ لَهُ رَدَّ الْبَيْعِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ تَطَوَّعَ الْبَائِعُ وَقَالَ اختر وَاحِد مِنْهُمَا ضمن وَاحِد لِأَنَّهُ جَعَلَهُ مُنَافِيَ الْآخَرِ وَإِنْ سَأَلَ ذَلِكَ المُشْتَرِي وضمنها لِعَدَمِ الْأَمَانَةِ فِيهِمَا وَعِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ يَضْمَنُهُمَا بِالثَّمَنِ لِأَنَّهُ يَنْتَقِلُ بِالْخِيَارِ مِنْ مِلْكٍ إِلَى هَذَا فَإِنْ بَاعَ أَحَدَهُمَا ضَمِنَ نِصْفَ ثَمَنِ التَّالِفِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيُخَيَّرُ فِي الْبَاقِي لِأَن لَهُ ثوبا بِالْعقدِ لم يَصِلْ إِلَيْهِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ إِلَّا نِصْفَ الْبَاقِي لِأَنَّهُ لَمْ يَبِعْهُ ثَوْبًا وَنِصْفًا وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا ادَّعَى ضَيَاعَ أَحَدِهِمَا جَرَى عَلَى الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَضْمَنُ نِصْفَ ثَمَنِ التَّالِفِ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ الْمَبِيعِ فَيَلْزَمُ الثَّمَنُ أَوِ الْأَمَانَةُ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ يَضْمَنُ الضَّائِعَ كُلَّهُ لِأَنَّهُ يَضْمَنُهُمَا جَمِيعًا إِذَا ضَاعَا وَقَالَ أَشْهَبُ أَيْضًا إِذَا أَخَذَ الثَّانِي كَانَ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ وَالتَّالِفِ بِالْقِيمَةِ وَإِنْ رَدَّهُ فَعَلَيْهِ التَّالِفُ بِالْأَقَلِّ مِنَ الثَّمَنِ أَوِ الْقِيمَةِ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَلَهُ أَنْ يَخْتَارَ كُلَّ الْبَاقِي وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ إِلَّا نِصْفَهُ وَسَبَبُ الْقَوْلَيْنِ تَغْلِيبُ حُكْمِ التّلف أَو الإمتثال الصُّورَة الثَّانِيَة بِخَير فِي التَّعْيِين دون العقد فَأَخذهُمَا لَازِمٌ وَيَرُدُّ الْآخَرَ فَفِي الْجَوَاهِرِ يُخَيَّرُ عَلَى الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَضْمَنُ وَاحِدًا وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَابْنِ حَبِيبٍ يَضْمَنُ الِاثْنَيْنِ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْآخَرِ يَضْمَنُ الرَّاغِبَ مِنْهُمَا فِي الْخِيَارِ فَإِنْ شَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ بِالضَّيَاعِ فَلَا بُدَّ مِنْ ضَمَانِ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ لَازِمٌ لِلْمُبْتَاعِ وَيَخْتَلِفُ فِي الثَّانِي فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا ضَمَانَ فِيهِ وَعَلَى أَصْلِ أَشْهَبَ أَنَّ مَا أُخِذَ عَلَى الضَّمَانِ لَا يَرْتَفِعُ ضَمَانُهُ بِالْبَيِّنَةِ فَإِنْ ضَاعَ أَحَدُهُمَا فَقَوْلَانِ التَّالِفُ بَيْنَهُمَا وَالسَّالِمُ بَيْنَهُمَا وَعَلَيْهِ نِصْفُ

ثَمَنِهِمَا وَالْقَوْلُ الثَّانِي يَلْزَمُهُ نِصْفُ التَّالِفِ وَلَهُ رَدُّ الثَّانِي بِمِثْلِ مَا إِذَا كَانَ بِالْخِيَارِ فِي الْعَقْدِ وَالتَّعْيِينِ الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ أَنْ يَكُونَ مُخَيَّرًا فِي أَحَدِهِمَا فِي الْعَقْدِ وَالتَّعْيِينِ وَفِي الْآخَرِ فِي التَّعْيِينِ دُونَ الْعَقْدِ بِأَنْ يَلْزَمَهُ أَحَدُ الثَّوْبَيْنِ بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَهُوَ بِالْخِيَارِ فِي الْآخَرِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ ضَاعَا ضَمِنَهُمَا اتِّفَاقًا إِلَّا أَنْ تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ بِالضَّيَاعِ فَلَا ضَمَانَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي أَحَدِهِمَا لِأَنَّهُ أَمِينٌ عِنْده فِيهِ ويضمنها عِنْدَ أَشْهَبَ وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِمَا لِأَنَّ أَحَدَهُمَا عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهِ وَالْآخَرُ كَانَ لَهُ رَدُّهُ وَإِنْ ضَاعَ أَحَدُهُمَا ضَمِنَ إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ وَيَلْزَمُهُ نِصْفُ الْبَاقِي وَيَكُونُ بِالْخِيَارِ فِي النِّصْفِ الثَّانِي وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ لَهُ رَدُّهُ جَمِيعُهُ بِنِصْفِهِ لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ رَدُّهُ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِعَيْبِ الشَّرِكَةِ وَعَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي التَّالِفِ لِضَيَاعِهِ عَلَى مِلْكِ رَبِّهِ الصُّورَةُ الرَّابِعَةُ أَنْ يَكُونَ بِالْخِيَارِ فِيهِمَا فِي الْعَقْدِ فَيَأْخُذُهُمَا أَوْ يَرُدُّهُمَا فَيَضْمَنُهُمَا إِلَّا أَنْ تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ فَإِنِ ادَّعَى ضَيَاعَ أَحَدِهِمَا ضَمِنَهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِالثَّمَنِ وَلَهُ رَدُّ الْآخَرِ بِنَصِيبِهِ مِنَ الثَّمَنِ وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ لَهُ رَدُّ الْبَاقِي وَيُغَرَّمُ قِيمَةَ التَّالِفِ أَوْ يُمْسِكُ وَيُغَرَّمُ ثَمَنَهُمَا قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْإِيجَابِ وَذَهَبَتْ أَيَّامُ الْخِيَارِ وَتَبَاعَدَتْ لَزِمَهُ نِصْفُ ثَوْبٍ كَانَا بِيَدِهِ أَوْ بِيَدِ الْبَائِعِ لَهُ وَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ الْإِيجَابِ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْء مِنْهُمَا كَانَا بِيَدِهِ أَوْ بِيَدِ الْبَائِعِ لَهُ وَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ الْإِيجَابِ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْء مِنْهُمَا كَانَا بِيَدِهِ أَو بيد البَائِع وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي مَسْأَلَةِ الثَّوْبِ وَقَعَ الْبَيْعُ فِي مُتَعَيّن نُقْصَان الْأَمر يلْزم وَفِي مَسْأَلَةِ الثَّوْبَيْنِ وَقَعَ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَلَنْ يعلم أَيهمَا يختاره فَاخْتِيَارُهُ بَعْدَ مُدَّةِ الْخِيَارِ اخْتِيَارٌ بَعْدَ الْمُدَّةِ وَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا فِي مَسْأَلَةِ الدَّنَانِيرِ مَعْنَاهَا أَنَّ التَّلَفَ لَا يُعْلَمُ إِلَّا بِقَوْلِهِ وَلَيْسَ بِصَحِيح على مَا يقدر فِي مَسْأَلَةِ الثَّوْبَيْنِ إِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْإِيجَابِ أَنَّهُ يَضْمَنُ وَإِنْ قَامَتِ الْبَيِّنَةُ قَالَ صَاحب التَّنْبِيهَات لَو أَخذ

(فرع)

الدَّنَانِير لوازنها إِنْ كَانَ فِيهَا وَازِنٌ أَخَذَهُ لَمْ يَضْمَنْ مِنْهَا شَيْئًا لِأَنَّهُ أَمِينٌ أَوْ لِتَكُونَ رَهْنًا ضَمِنَ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الدِّينَارُ الْوَاجِبُ مِنْ حاما الدَّنَانِيرِ إِذَا لَمْ يَشُكَّ أَنَّ فِيهَا وَازِنًا أَمَّا إِنْ جَهِلَ ذَلِكَ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِدِينَارٍ بَعْدَ حَلِفِهِ مَا وَزَنَهَا إِلَّا أَنْ تَكْثُرَ الدَّنَانِيرُ وَيَعْلَمَ أَنَّ مِثْلَهَا لَا يَخْلُو مِنَ الْوَازِنِ وَقَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ فِي الثَّوْبَيْنِ يَخْتَارُهُمَا جَمِيعًا أَوْ يَرُدُّهُمَا إِنْ كَانَ الْهَالِكُ أَفْضَلَهُمَا اتُّهِمُ فِي تَغْيِيبِهِ فَيَلْزَمَاهُ كَمَا لَوْ ضَاعَا وَفِي الثَّوْبَيْنِ يَخْتَارُ أَحَدَهُمَا إِذَا قَالَ بَعْدَ هَلَاكِ أَحَدِهِمَا هَلَكَ بَعْدَ اخْتِيَارِي هَذَا الثَّانِي فقي كِتَابِ مُحَمَّدٍ يُصَدَّقُ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يُصَدَّقُ إِلَّا أَنْ تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ (فَرْعٌ) فِي النُّكَتِ مَا ادَّعَى ضَيَاعَهُ إِذَا اشْتَرَى عَلَى الْخِيَارِ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ لَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهِ كَانَ مُتَّهَمًا أَمْ لَا وَكَذَلِكَ فِي الْعَارِيَةِ وَالْإِجَارَةِ بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ لِأَنَّهُ قَبْضٌ لِمَنْفَعَتِهِ وَنَفْعُ قَبْضِ الْوَدِيعَةِ لِرَبِّهَا إِلَّا أَنْ يُتَّهَمَ فِي الْوَدِيعَةِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي لِلْعَبْدِ أَوِ الْحَيَوَانِ بِالْخِيَارِ الْهَلَاكَ عِنْدَهُ إِنْ كَانَ لَهُ جِيرَانٌ وَلَمْ يَعْلَمُوا ذَلِكَ ضَمِنَهُ وَإِلَّا صُدِّقَ وَكَذَلِكَ الْمُرْتَهِنُ لِلْعَبْدِ وَمُشْتَرِيهِ لِلْغَيْرِ لِأَنَّهُمْ أُمَنَاءُ وَإِنَّمَا يَضْمَنُونَ لِلتُّهْمَةِ وَقِيلَ يُكَلِّفُهُ الْبَيِّنَةَ وَإِنْ عَلِمَهُ الْجِيرَانُ لِأَنَّهُ ضَامِنٌ إِذَا لَمْ يَأْتِ بِالْعُدُولِ وَفِي الْكِتَابِ ضَمَانُ مَا لَا يُغَاب عَلَيْهِ أَو ثببت هَلَاكُهُ بِبَيِّنَةٍ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ مِنَ الْبَائِعِ وَإِنْ قَبَضَهُ الْمُبْتَاعُ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَمِنَ الْمُبْتَاعِ بِالثَّمَنِ وَكَذَلِكَ إِذَا أفسد الْعَقْدُ بِاشْتِرَاطِ النَّقْدِ وَيَرُدُّ النَّقْدَ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا اشْتَرَطَ الْخِيَارَ لِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَقَبَضَ الْمُشْتَرِي فَمِنَ الْبَائِعِ الضَّمَانَ وَإِنَّمَا يَدْخُلُ الْمَبِيعُ الْفَاسِدُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْقَبْضِ إِذَا لَمْ يكن لِأَن الضَّمَان فِي بيع الْخِيَار مَعَ البَائِع وَفِي الْكتاب إِذا اشْترط بِشَرْط فتغيبت فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ فَعَلِمَ

(فرع)

بِهَا وَرَضِيَهَا وَحَدَثَ عَيْبٌ آخَرُ بَعْدَ أَيَّامِ الْخِيَارِ وَالْقَبْضِ وَدَلَّسَ الْبَائِعُ بِعَيْبٍ آخَرَ إِنْ لَهُ حَبسهَا وَوضع قدر غيب التَّدْلِيسِ مِنْ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فَاسِدٌ وَجَبَتْ قِيمَتُهُ فَهِيَ كَالثَّمَنِ أَوْ يَرُدُّهَا وَمَا نَقَصَهَا وَلَوْ لَمْ يَحْدُثْ عِنْدَهُ عَيْبٌ مُفسد لاكن تَغَيَّرَتْ فِي سُوقِهَا أَوْ بَدَنِهَا رَدَّهَا بِالْعَيْبِ لِأَنَّ حَوَالَةَ الْأَسْوَاقِ لَا تُفِيتُ الْعَيْبَ وَلَهُ حَبْسُهَا بِقِيمَتِهَا يَوْمَ قَبْضِهَا قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ اخْتَلَفَ الشُّيُوخُ هَلْ يَصِحُّ الْعَقْدُ بِإِسْقَاطِ النَّقْدِ الْمُشْتَرَطِ كَالسَّلَفِ أَمْ لَا (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا ابْتَاعَ ثَوْبَيْنِ مِنْ رَجُلَيْنِ عَلَى الْخِيَارِ وَاخْتَلَطَا وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ أَجْوَدَهُمَا لَزِمَهُ الثَّمَنَانِ إِذَا اتَّفَقَا فِي الْأَثْمَانِ وَاخْتَلَفَا فِي الثَّوْبَيْنِ وَلَوْ قَالَا ثَمَنُ الْأَجْوَدِ عَشَرَةٌ وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ أَحَدُهُمَا كَانَ بِعَشَرَةٍ وَالْآخَرُ بِخَمْسَةٍ وَلَا أَدْرِي مَنْ ثَوْبُهُ بِعَشَرَةٍ يَحْلِفَانِ وَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ دَفْعِ الْعَشَرَةِ لِكُلِّ وَاحِدٍ وَأَخْذِ الثَّوْبَيْنِ أَوْ دَفْعِ الْأَجْوَدِ لِأَحَدِهِمَا وَدَفْعِ عَشَرَةٍ لِلْآخَرِ فَإِنِ ادَّعَى حَيْثُ اتَّفَقَا عَلَى الثَّمَنِ أَنَّهُ يَعْرِفُ ثَوْبَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ فَإِنْ نَكَلَ الْبَائِعَانِ دَفَعَ الْمُشْتَرِي الْأَرْفَعَ إِلَيْهِمَا وَتَرَكَ الْأَدْنَى حَتَّى يَدَّعِيَاهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنِ اخْتَلَفَ ثَمَنُ الثَّوْبَيْنِ وَتَدَاعَيَا الْأَعْلَى فَإِنْ عَيَّنَ كُلُّ وَاحِدٍ ثَوْبه حلف وَبرئ وان أشكل عَلَيْهِ تعينه لَزِمَاهُ فَيَدْفَعُ الْأَرْفَعَ لِمَنْ شَاءَ وَيَغْرَمُ الْآخَرَ مَا سمى لَهُ إِن شَاءَ الله فَإِنْ جَهِلَ تَعْيِينَهُ وَمَنْ ثَوْبُهُ الْأَعْلَى دَفَعَ لكل ولحد الثَّمَنَ الْأَعْلَى بَعْدَ حَلِفِهِمَا أَوْ حَبَسَ الثَّوْبَيْنِ لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ لَوْ قَطَعَ أَحَدُهُمَا وَجَهل الثَّانِي لأيهما وَلم يعرفاه يخلفان أَنَّهُ لَيْسَ لَهُمَا وَيَغْرَمُ ثَمَنَ الثَّوْبَيْنِ قَالَ مَالِكٌ فَإِنْ كَانَ الْمَقْطُوعُ الْأَعْلَى وَيَشُكُّ لِمَنْ هُوَ وَكِلَاهُمَا يَدَّعِيهِ حَلَفَا وَغَرِمَ ثَمَنَهُ وَقِيمَتَهُ وَتَكُونُ الْقِيمَةُ وَالثَّمَنُ بَيْنَهُمَا إِلَّا أَنْ تَزِيدَ الْقِيمَةُ عَلَى ثَمَنِ الْأَعْلَى فَيَسْقُطُ

(فرع)

الزَّائِدُ لِرِضَاهُمَا بِالثَّمَنِ فَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكَلَ الْآخَرُ فَلِلْحَالِفِ الثَّمَنُ وَلِلْآخَرِ الثَّوْبُ الْمَرْدُودُ فَإِنْ أنكر الْمَقْطُوع وَالْبَاقِي لِكُلِّ وَاحِدٍ ثَمَنَهُ لِتَفْرِيطِهِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا رَدَّهُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَقَالَ الْبَائِعُ لَيْسَ هَذَا الْمَبِيعَ صُدِّقَ الْمُبْتَاعُ مَعَ يَمِينِهِ كَانَ يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ شَغْلِ ذِمَّتِهِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا ادَّعَى الْمُبْتَاعُ الْإِبَاقَ أَوِ السَّرِقَةَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ بِمَوْضِعٍ لَا يُجْهَلُ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ فِيمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَقُومَ مَا يَدُلُّ عَلَى كَذِبِهِ وَلَا يُقْبَلُ الْمَوْتُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ لِأَنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَى أَهْلِ الْمَوْضِعِ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ كَذِبُهُ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ (فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ الْخِصَالِ إِذَا بَاعَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ فَالرِّبْحُ لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الْبَيْعَ بَعْدَ الِاخْتِيَارِ وَقِيلَ يُخَيَّرُ الْبَائِعُ بَيْنَ إِجَازَةِ الْبَيْعِ وَأَخْذِ الثَّمَنِ وَبَيْنَ رَدِّهِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ بَاعَ بَيْعَ فُضُولِيٍّ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ يَحْرُمُ الْبَيْعُ حَتَّى يَخْتَارَ لِنَهْيِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يَضْمَنْ فَإِذَا أَرَادَ الْبَيْعَ أَشْهَدَ عَلَى الِاخْتِيَارِ (النَّوْعُ الثَّالِثُ خِيَار التقيصة) وَهُوَ الْخِيَارُ الَّذِي يَثْبُتُ بِفَوَاتِ أَمْرٍ مَظْنُونٍ نَشَأَ الظَّنُّ فِيهِ مِنَ الْتِزَامٍ شَرْطِيٍّ أَوْ قَضَاء عرفي أَو تغدرير فعلي أَو خداع مَالِي وَهُوَ يَنْقَسِمُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ فِي نَقِيصَةِ الشُّرُوطِ وَالْعُيُوبِ وَالتَّغْرِيرِ وَيَتَّجِهُ النَّظَرُ فِي

(النظر الأول في الأسباب)

الْأَسْبَابِ الْمُبَيِّنَةِ وَالْأَحْكَامِ الْمُرَتَّبَةِ وَالْمَوَانِعِ الْمُبْطِلَةِ (النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي الْأَسْبَابِ) السَّبَبُ الْأَوَّلُ الشَّرْطُ وَهُوَ الْأَصْلُ لِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ وَمَا عَدَاهُ مُلْحَقٌ بِهِ تَنْزِيلًا لِلِسَانِ الْحَالِ مَنْزِلَةَ لِسَانِ الْمَقَالِ وَفِي الْجَوَاهِرِ مَهْمَا شَرَطَ وَصْفًا يَتَعَلَّقُ بِفَوَاتِهِ نُقْصَانُ مَالِيَّةٍ ثَبَتَ الْخِيَارُ بِفَوَاتِهِ وَإِنْ شَرَطَ مَا لَا غَرَضَ فِيهِ وَلَا مَالِيَّةَ لَهُ لَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ وَإِلْغَاءِ الشَّرْطِ وَقَالَ أَبُو الطَّاهِرِ يَخْرُجُ فِيهِ خِلَافٌ مِنَ الْخِلَافِ فِي الْتِزَامِ الْوَفَاءِ بِشَرْطِ مَا لَا يُفِيدُ وَإِنْ شَرَطَ مَا فِيهِ غَرَضٌ وَلَا مَالِيَّةَ فِيهِ فَقَوْلَانِ فِي الْوَفَاءِ بِهِ وَأَصْلُهُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ (فَرْعٌ) قَالَ فَإِنْ ظَهَرَ الْمَبِيعُ أَعْلَى مِمَّا اشْتَرَطَ فَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي لِحُصُولِ غَرَضِهِ إِلَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِشَرْطِهِ غَرَض مُتَّجه وَقَالَهُ الشَّافِعِي خِلَافًا لِابْنِ حَنْبَلٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ فَإِنْ كَانَ مِمَّا تَخْتَلِفُ فِيهِ الْأَغْرَاضُ فَلَهُ الرَّدُّ لِأَنَّ اخْتِلَافَهُمَا نَقْصٌ فِي الْحِكْمَةِ فَإِنْ شَرَطَ أَنَّهَا مُسْلِمَةٌ فَوَجَدَهَا نَصْرَانِيَّةً أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ فَلَهُ الرَّدُّ إِلَّا أَنْ تَكُونَ مِنَ السَّبْيَ لِأَنَّ الْكُفْرَ نَقْصٌ وَقَالَهُ ح لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَعَبْدٌ مُؤمن خير من مُشْرك وَلَو أعجبكم} وَقَالَ الشَّافِعِي وَابْنُ حَنْبَلٍ لَيْسَ بِعَيْبٍ لِأَنَّ عَقْدَ الْبَيْعِ يَعْتَمِدُ وَصْفَ الْمَالِيَّةِ بِدَلِيلِ أَنَّ مَا لَا يُتَمَوَّلُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَالْإِسْلَامُ لَا يُتَمَوَّلُ فَلَا يَتَنَاوَلُهُ الْعَقْدُ فَلَا يَجِبُ بِهِ الرَّدُّ وَجَوَابُهُ الْآيَةُ أَنَّ الْأَفْضَلِيَّةَ لَا تَقْتَضِي النَّقْصَ فِي الطَّرَفِ الْآخَرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ

(فرع)

الله أَتْقَاكُم} وَمَنْ لَيْسَ بِأَتْقَى لَيْسَ بِنَاقِصٍ إِجْمَاعًا وَالْجَوَابُ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ وَصْفَ الدِّيَانَةِ غَيْرُ مُتَمَوَّلٍ لِأَنَّ الْمُتَمَوَّلَ مَا بَذَلَ الْعُقَلَاءُ الثَّمَنَ لِأَجْلِهِ لَا يُبَاعُ وَحْدَهُ بِدَلِيلِ الْجَمَالِ أَوِ النَّسَبِ لَا يُبَاعُ وَحْدَهُ وَدِيَانَةٌ تَنْقُصُ وَإِنْ شَرَطَ الْكُفْرَ فَوَجَدَهَا مُسْلِمَةً فَلَا رَدَّ لِعُلُوِّ الْإِسْلَامِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِلَّا أَنْ يَقُولَ أَرَدْتُ زَوَاجَهَا مِنْ عَبْدٍ نَصْرَانِيٍّ لِي وَيَعْلَمُ ذَلِكَ وَإِنْ شَرَطَ أَنَّهَا نَصْرَانِيَّةٌ فَوَجَدَهَا يَهُودِيَّةً فَلَهُ الرَّدُّ إِنْ كَانَتْ رَغْبَةُ النَّاسِ إِلَى النَّصْرَانِيَّةِ أَكْثَرَ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا اشْتَرَطَ الْعُجْمَةَ أَو من الجلب من مِنَ الرَّقِيقِ فَوَجَدَهُ فَصِيحًا أَوْ مُوَلَّدًا فَلَهُ الرَّد لرغية النَّاسِ فِي الْأَعْجَمِيِّ وَالْمَجْلُوبِ لِيَنْشَأَ عَلَى خُلُقِهِمْ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ إِذَا اشْتَرَطَ الْبَكَارَةَ وَقَالَ لَمْ أَجِدْهَا يَنْظُرُ النِّسَاءُ إِلَيْهَا فَإِنْ رَأَيْنَ أَثَرًا قَرِيبًا حَلَفَ الْبَائِعُ وَلَزِمَتِ الْمُبْتَاعَ وَإِنْ لَمْ يَرَيْنَ شَيْئًا قَرِيبًا حَلَفَ الْمُبْتَاعُ وَرَدَّهَا فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْبَائِعُ وَلَزِمَتِ الْمُبْتَاعَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَيْسَ فِيهَا تَحَالُفٌ بَلْ يَلْزَمُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ بِالِافْتِرَاعِ لِأَنَّهُ يَخْتَصُّ بِهِنَّ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا اشْتَرَطَ عَلَى الْبَائِعِ إِن أبق فَهُوَ مِنْهُ كَانَ الْعَبْدُ عُرِفَ بِعَيْبِ الْإِبَاقِ أَمْ لَا (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا اشْتَرَطَ فِي الْحَبِّ الزِّرَاعَةَ فَلَمْ يَنْبُتْ وَالْبَائِعُ عَالِمٌ أَوْ شَاكٌّ رَجَعَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ لِأَنَّ الْبَائِعَ غَرَّهُ وَالشِّرَاءُ فِي إِبَّانِ الزِّرَاعَةِ بِثَمَنِ مَا يزرع كالشرط وَإِن اشْتَرَاهُ للْأَكْل فزرعه بِشَيْءٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ

(فرع)

يَنْقُصُ مِنْ طَعْمِهِ أَوْ فِعْلِهِ فَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ النَّقْصِ وَلَوِ اشْتَرَاهُ لِلزِّرَاعَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ شَارَكَ بِهَذَا غَيْرُهُ فَنَبَتَتْ زَرِيعَةُ الْغَيْرِ دونه فَإِن دلّس البَائِع رَجَعَ عينه بِنِصْفِ الْمَكِيلَةِ وَنِصْفِ كِرَاءِ الْأَرْضِ الَّتِي أَبْطَلَ عَلَيْهِ وَإِلَّا بِنِصْفِ قِيمَةِ الْعَيْبِ وَمَا يَنْبُتُ فِي الْوَجْهَيْنِ بَيْنَهُمَا قَالَهُ أَصْبَغُ وَقَالَ سَحْنُونٌ مثله إِلَّا فِي الْكواء سكت عِنْد وَزَادَ إِنْ دَلَّسَ دَفَعَ نِصْفَ الْمَكِيلَةِ زَرِيعَةً صَحِيحَةً وَدَفَعَ إِلَيْهِ شَرِيكُهُ نِصْفَ مَكِيلَةٍ لَا تَنْبُتُ وَهَذَا إِذَا زَالَ الْإِبَّانُ وَإِلَّا أَخْرَجَ زَرِيعَةً صَحِيحَةً (فَرْعٌ) فِي الْبَيَانِ إِذَا نَادَى الَّذِي يَبِيعُ الْجَارِيَةَ فِي الْمِيرَاثِ أَنَّهَا تَزْعُمُ أَنَّهَا عَذْرَاءُ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ ثُمَّ وَجَدَ خِلَافَ ذَلِكَ لَهُ الرَّدُّ وَلَا يَنْفَعُهُمْ أَنَّهَا تَزْعُمُ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُكَذِّبُوهَا فَهَذَا كَالشَّرْطِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ صَدْعُ الدَّارِ إِنْ خِيفَ مِنْهُ سُقُوطٌ رُدَّتْ بِهِ وَإِلَّا فَلَا قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا لَمْ يَرُدَّ رَجَعَ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ وَكَذَلِكَ كَلُّ عَيْبٍ لِأَنَّ الْعَيْبَ فِي مَعْنَى جُزْءٍ مِنَ الْمَبِيعِ يَقَرُّ عِنْدَ الْبَائِعِ قَالَ وَرَأى إِنْ كَانَ الصَّدْعُ فِي حَائِطٍ وَاحِدٍ لَا يَرُدُّ وَإِنْ خَشِيَ السُّقُوطَ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ حَائِطٍ وَاحِدٍ لَا يُوجِبُ الرَّدَّ فَأَوْلَى الْعَيْبُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْحَائِطُ يَلِي دَارَ الْبَائِعِ وَإِنْ رُدَّ إِلَيْهِ انْتَفَعَ بِهِ رَدَّهُ وَحَطَّ مِنَ الثَّمَنِ بِقَدْرِهِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ وَعَنْ مَالِكِ الدَّارِ وَغَيْرِهَا سَوَاءٌ لَا تُرَدُّ بِالْعَيْبِ الْيَسِيرِ لِاغْتِفَارِ النَّاسِ ذَلِكَ غَالِبًا وَعَنْهُ تُرَدُّ الدُّورُ وَغَيْرُهَا مِنْ مُطْلَقِ الْعَيْبِ لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِيفَاءُ أَجْرِ الْمَبِيعِ وَصِفَاتِهِ وَقَالَ الْمَخْزُومِيُّ إِنْ نَقَصَ الْعَيْبُ ثُلْثَ الْقِيمَةِ رَدَّ وَإِلَّا فَلَا وَتُرَدُّ الدَّارُ بِغَوْرِ الْبِئْرِ وَمُلُوحَةِ مَائِهَا فِي الْبِلَادِ الْعَذْبَةِ الْمَاءِ وَكَذَلِكَ كَلُّ مَا شَمَلَ الدَّارَ ضَرَره بالِاتِّفَاقِ وبفساد مظاهرها وَضَعْفِ أَسَاسِهَا وَحِيطَانِهَا وَأَصْلُ هَذَا الْبَابِ مَا حَطَّ مِنَ الثَّمَنِ كَثِيرًا وَاخْتُلِفَ فِيهِ فَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ بِعِظَمِ

الثَّمَنِ وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الثُّلُثُ كَثِيرٌ وَقَالَ ابْنُ عَتَّابٍ الرُّبُعُ كَثِيرٌ وَهُوَ نَحْوُ قَوْلِ الْمَخْزُومِيِّ وَقِيلَ لَا حَدَّ إِلَّا وُجُودُ الضَّرَرِ وَقَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ مِثْقَالَانِ قَلِيل وَعشرَة كَثِيرَة وَقَالَ ابْن رشيد عَشَرَةٌ مِنْ مِائَةٍ كَثِيرٌ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ عُيُوبُ الدَّارِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ عَيْبٌ لَا تُرَدُّ الدَّارُ مِنْهُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ مِنْ أَجْلِهِ لِيَسَارَتِهِ وَعَيْبٌ لَا تُرَدُّ مِنْهُ وَيَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ كَصَدْعٍ فِي حَائِطٍ وَنَحْوِهِ وَعَيْبٌ يُرَدُّ مِنْهُ مَا يُخْشَى مِنْهُ سُقُوطُ الدَّارِ وَسُقُوطُ الْحَائِطِ مِنْ أَجْلِ الصَّدْعِ الَّذِي فِيهِ وَالدُّورُ تُفَارِقُ السِّلَعَ فَإِنَّ اسْتِحْقَاقَ جِدَارٍ مِنْهَا لَا يُوجِبُ رَدَّهَا وَكَذَلِكَ اسْتِحْقَاقُ حَمْلِ الْجُذُوعِ وَلَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِشَيْءٍ لِيَسَارَتِهِ فِي الدُّورِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى الْبَائِعِ أَرْبَعَ جِدَرَاتٍ فَإِنَّ غَالِبَ الدُّورِ لَا تَبْرَأُ عَنْهُ وَإِذَا اسْتَحَقَّ مِنْهَا الْأَقَلَّ لَزِمَ الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ وَوَجَبَ الرُّجُوعُ بِقِيمَة الْعَيْب فِيهَا لِأَن الْغَالِب شراؤها للْقنية دون التنمية وَغَيرهَا يَشْتَرِي للتِّجَارَة وَلذَلِك لَا تفتيها حَوَالَةُ الْأَسْوَاقِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ قَالَ ابْنُ مُزَيِّنٍ وَلِأَنَّهَا لَيْسَتْ لَهَا سُوقٌ تُبَاعُ فِيهِ فَيَعْسُرُ عَلَى الْبَائِعِ بَيْعُهَا عَلَى تَقْدِيرِ الرَّدِّ وَعَلَى الْمُشْتَرِي شِرَاؤُهَا فَاغْتُفِرَ الْيَسِيرُ وَقَدْ قَالَ مَالك برد الثَّوْبُ بِالْعَيْبِ الْخَفِيفِ بِخِلَافِ الرَّقِيقِ السَّبَبُ الثَّانِي الْقَضَاءُ الْعُرْفِيُّ لِأَنَّ الْعُرْفَ وَالْعَادَةَ سَلَامَةُ الْأَشْيَاءِ مِنَ الْعُيُوبِ الطَّارِئَةِ وَالنَّادِرَةِ فَوُجُودُهَا يُوجِبُ الرَّدَّ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْمُثْبِتُ الْخِيَارَ مِنْهُ مَا أَثْبَتَ نَقْصًا فِي الْمَبِيعِ كَالْخِصَاءِ فَإِنَّهُ قَدْ يَزِيدُ فِي الثَّمَنِ أَوْ فِي التَّصَرُّفِ كَالْأَعْسَرِ أَوْ خَوْفًا فِي الْعَاقِبَةِ كَمَنْ كَانَ أَبُوهُ أَوْ جَدُّهُ مَجْذُومًا فَإِنَّهُ يُخْشَى ذَلِكَ فِي الذُّرِّيَّةِ ثُمَّ ذَلِكَ يَكُونُ نُقْصَانَ وَصْفِ الْجِنْسِ وَبِزِيَادَةٍ كَالسَّرِقَةِ وَنُقْصَانَ عَيْنٍ كَالْخِصَاءِ وَلَا نُقْصَانُهُ بِزِيَادَةِ الرَّغْبَة فِيهِ من وَجه آخر ومدرك

فرع

اعْتِبَارِ هَذَا السَّبَبِ قَوْله تَعَالَى {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} وَحَدِيثُ الْمُصَرَّاةِ وَسَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَالْإِجْمَاعُ مُنْعَقِدٌ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ وَضَابِطُ حُدُوثِ الْعَيْبِ أَنَّ كُلَّ حَادِثَةٍ يَكُونُ فِيهَا ضَمَانُ الْمَبِيعِ بَاقِيًا مِنَ الْبَائِعِ فَحُدُوثُ الْعَيْبِ فِيهَا يُوجِبُ الْخِيَارَ لِلْمُبْتَاعِ وَكُلُّ حَالَةٍ انْتَقَلَ الضَّمَانُ فِيهَا لِلْمُبْتَاعِ فَحُدُوثُهُ حِينَئِذٍ لَا يُوجِبُ لَهُ خِيَارًا وَقَدْ تَقَدَّمَتْ بَعْضُ فُرُوعِهِ فِي السَّبَبِ الأول وَنَذْكُر مِنْهَا هَا هُنَا نُبْذًا (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا وَجَدَ الْجَارِيَةَ ريحاء وَهِيَ الزَّلَّاءُ فَلَيْسَ بِعَيْبٍ بِخِلَافِ الزَّعَرِ فِي الْعَانَة وَالدّين على العَبْد وَالزَّوْج وَالزَّوْجَة والأولد وزنا الْأمة الوخش واللعية فِي الرَّقِيق (فَرْعٌ) وَإِذَا وَجَدَ الْعَبْدَ النَّصْرَانِيَّ أَغْلَفَ وَهُوَ مِمَّنْ يَخْتَتِنُ وَجَاوَزَ سِنَّ الْخِتَانِ فَلَهُ الرَّدُّ وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَخْتَتِنُ أَمْ لَمْ يُجَاوِزْ لَمْ يَرُدَّ وَخَفْضُ الْأَمَةِ أَخَفُّ مِنَ الْخِتَانِ وَقِيلَ فِي مِثْلِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ عَدَمُ الْخِتَانِ فِي الرَّقِيقِ الْمَجْلُوبِ الَّذِي لَا يَخْتَتِنُ لَيْسَ بِعَيْبٍ وَفِيمَا طَالَ مُكْثُهُ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ أَوْ وُلِدَ عِنْدَهُمْ عَيْبٌ فِي عَلَيِّ الْإِنَاثِ وَالذُّكُورِ دُونَ وَخْشِهَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ أَوْ مِنْ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ فَعَيْبٌ فِي العلى والوخش إِلَّا فِي الصغيرين الَّذين لَمْ يَفُتْ ذَلِكَ فِيهِمَا

(فرع)

(فَرْعٌ) وَفِي الْكِتَابِ إِذَا أَرَادَ اتِّخَاذَهَا أَمَّ وَلَدٍ فَإِذَا نَسَبَهَا مِنَ الْعَرَبِ فَخَافَ جَرَّ الْعَرَب ولادها دُونَ وَلَدِهِ إِذَا وَلَدَتْ وَعَتَقَتْ لَيْسَ ذَلِكَ بِعَيْبٍ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودِ الْعُقَلَاءِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ الْمُرَادُ لَمْ يُشْتَرَطِ اتِّخَاذُهَا أَمَّ وَلَدٍ وَلَو اشْترط فسد العقد لاكن نَوَاهُ وَظَاهِرُ اعْتِقَادِهِ مِلْكٌ جَرَّ الْعَرَبُ الْوَلَاءَ دُونَ الْمُعْتِقِ وَقَالَ سَحْنُونٌ وَأَصْحَابُ مَالِكٍ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ الْوَلَاءَ لِلْمُعْتِقِ فِي الْعَجَمِ وَأَمَّا فِي الْعَرَبِ فَلَا وَلَا فِيهِمْ لِمُعْتِقِهِمْ وَلَا رَدَّ لِهَذَا الْمُشْتَرِي لِأَنَّهَا قَدْ تَمُوتُ قَبْلَ ذَلِك وَقيل معنى قَوْله بجر الْعَرَب ولاؤها أَيْ يَشْتَهِرُ نَسَبُهَا بِأَبِيهَا فَيُنْسَى بِهِ مُعْتِقُهَا وَإِلَّا فَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا اشْتَرَطَ الْعُجْمَةَ فَلَهُ فَائِدَةٌ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ الرَّسْحَاءُ بِالسِّينِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ الَّتِي لَا إِلْيَةَ لَهَا وَهِيَ الزَّلَّاءُ وَالزَّعْرَاءُ الَّتِي لَا شَعْرَ عَلَى فَرْجِهَا أَوْ حَاجِبَيْهَا أَوْ غَيْرِهِمَا لِأَنَّ عَدَمَ الشَّعْرِ يَدُلُّ عَلَى رُطُوبَةِ الْفَرْجِ وَرَخَاوَتِهِ وَقَوْلُهُ لِعَيَّةٌ بِكَسْرِ اللَّامِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ أَيِ الزِّنَا مِنَ الْعَيِّ وَهُوَ الْجَهْلُ تَشْتَهِي الْقَبَائِحَ بِذَلِكَ لِأَنَّ فَاعِلَهَا جَاهِلٌ بِعَذَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْوَخْشُ بِسُكُونِ الْخَاءِ الْحَقِيرُ مِنْ كُلِّ شَيْء قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الزَّلَّاءُ عَيْبٌ إِلَّا أَنَّهُ يَخْفَى عَلَى الْمُبْتَاعِ قَالَ بَعْضُ شُيُوخنَا لَو اشْتَرَاهَا عائبة عَلَى الصِّفَةِ كَانَ لَهُ الرَّدُّ وَعَنْ مَالِكٍ صِغَرُ الْفَرَجِ لَيْسَ بِعَيْبٍ إِلَّا أَنْ يَتَفَاحَشَ قَالَ مُحَمَّدٌ يُرِيدُ مَالِكٌ بِالزَّعَرِ فِي الْعَانَةِ إِذَا لَمْ يَكُنْ شَعْرٌ فِيهَا وَلَا فِي سَاقَيْهَا وَلَا جَسَدِهَا لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى حُدُوثِ الْأَدْوَاءِ الرَّدِيَّةِ وَأَلْحَقَ ابْنُ حَبِيبٍ الْأَبَوَيْنِ بِالزَّوْجَيْنِ بِجَامِعِ تَعَلُّقِ الْقَلْبِ وَخَوْفِ الْإِبَاقِ إِلَيْهِمَا عِنْدَ السَّفَرِ بِهِ إِلَّا أَنْ يَمُتَّ جَمِيعُ

ذَلِكَ قَبْلَ الرَّدِّ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْأَمَةُ رَائِعَةً فَالزَّوْجُ عَيْبٌ وَإِنْ مَاتَ لَعَادَتْ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ فِي هَذَا نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَوْ وَهَبَهَا لِعَبْدِهِ يَطَؤُهَا ثُمَّ انْتَزَعَهَا لَمْ يَكُنْ عَيْبًا فَمَا الْفَرْقُ وَالْأَخُ وَالْأُخْتُ وَالْجَدُّ لَيْسَ بِعَيْبٍ لِبُعْدِهِمْ قِيَاسًا عَلَى الصَّدِيقِ وَالْجَدَّةُ أَشَدُّ قَالَ وَرَأى أَنَّهَا عَيْبٌ لِأَنَّهُ يَأْوِي إِلَيْهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِم وَالزِّنَا عيب فِي العبيد أَيْضا كأمة وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَبِالْمَذْهَبِ قَالَ ح لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يُرَادُ لِلْفِرَاشِ وَالِاسْتِمْتَاعِ وَخَالَفَنَا فِي كَوْنِ الرَّقِيقِ وَلَدَ زِنًا ش وَابْنُ حَنْبَل لِأَن السَّبَب فِي الرَّقِيقِ غَيْرُ مَقْصُودٍ وَوَافَقَنَا ح فِي الْأَمَةِ فَقَطْ لِأَنَّهَا تُرَادُ لِلْفِرَاشِ وَفِي كِتَابِ مُحَمَّد إِذا غضِبت عَيْبٌ وَعَنْ مَالِكٍ أَنَّ عَيْبَ اللِّعَيَّةِ يَخْتَصُّ بِالْعَلِيِّ إِلَّا أَنْ يَكْتُبَهُ الْبَائِعُ وَيَرُدَّ بِهِ الْوَخْشَ وَعَنْ مَالِكٍ هُوَ عَيْبٌ فِي الْإِمَاءِ مُطْلَقًا وَفِي عَلِيِّ الذُّكُورِ وَالْجَهْلُ بِالْأَبِ لَيْسَ بِعَيْبٍ وَكَذَلِكَ سَوَادُ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ وَعَنْ مَالِكٍ هُوَ عَيْبٌ فِي الْجَارِيَةِ تُشْتَرَى لِلْفِرَاشِ لِتَوَقُّعِ سَوَادِ الْوَلَدِ وَجُذَامُ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ وَالْجَدَّيْنِ عَيْبٌ فِي الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَالْوَخْشُ لِتَوَقُّعِ ذَلِكَ بِهِ وَإِذَا قَالَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِهِ جُذَامٌ لَا يَظْهَرُ إِلَّا بَعْدَ سَنَةٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَرُدُّ وَأَنْكَرَهُ مُحَمَّدٌ وَالْعَبْدُ الَّذِي لَا حَاجِبَ لَهُ عَيْبٌ لِتَوَقُّعِ جُذَامَهِ وَكَوْنُ الْعَبْدِ يُؤْتى وَالْأمة مذكرة مشتهرة بذلك عيب وَلَيْسَ كَلَامِ الْعَبْدِ وَتَذَكُّرُ كَلَامِ الْأَمَةِ لَيْسَ بِعَيْبٍ قَالَهُ مَالِكٌ وَهُوَ خِلَافُ الْمُدَوَّنَةِ قَالَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَقِيلَ لَيْسَ بِخِلَافٍ لِاشْتِرَاطِ الشُّهْرَةِ فِي الْأَمَةِ دُونَ الْعَبْدِ لِأَنَّ قُوَّتَهُمَا وَنَشَاطَهُمَا بَاقِيَانِ فَعَيْبُهُمَا بِالشُّهْرَةِ فَقَطْ وَالْعَبْدُ تَذْهَبُ قُوَّتُهُ وَنَشَاطُهُ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ حَمَلَ أَبُو مُحَمَّدٍ التَّخَنُّثَ على الأخلاف دُونَ الْفَاحِشَةِ لِدَلَالَةِ ذَلِكَ عَلَى ضَعْفِ الْأَفْعَالِ فِي الرِّجَالِ وَدَلَالَةَ التَّذَكُّرِ عَلَى أَنَّ النِّسَاءَ يَسْتَغْنِينَ عَنِ الرِّجَالِ فَإِذَا لَمْ يَشْتَهِرْ

(فرع)

ذَلِكَ فَلَيْسَ بِعَيْبٍ لِحُصُولِ الْمَقَاصِدِ وَقَالَهُ أَبُو عمرَان قَالَ وَرَأى ذَلِكَ فِي الْعَلِيَّةِ عَيْبًا وَإِنْ لَمْ يَشْتَهِرْ لِمُنَافَاتِهِ التَّبَعُّلَ فَإِنَّ النِّسَاءَ يُطْلَبُ مِنْهُنَّ لِيِنُ الْكَلَامِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الْمُرَادُ الْفَاحِشَةُ وَالْكَلَامُ فَقَطْ لَيْسَ بِعَيْبٍ فِي الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَرُوِيَ وَاشْتَهَرَا بِذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ فَيُحْمَلُ قَوْلُهُ فِي الزَّلَّاءِ عَلَى الْخَفِيفِ الَّذِي لَا يُنْقِصُ الثَّمَنَ وَيُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي فِي خَفَائِهِ عَلَيْهِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ ارْتِفَاعُ الْحَيْضِ فِي الِاسْتِبْرَاءِ عِنْدَ الْمُبْتَاع عيب إِذا طَال لمنع الْمُبْتَاع الوطئ وَلَمْ يَحُدَّ مَالِكٌ الشَّهْرَيْنِ بَلْ يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ الْإِمَامُ وَلَا يَنْفَعُ الْبَائِعَ الْبَيِّنَةُ أَنَّهَا حَاضَتْ قَبْلَ الْبَيْعِ بِيَوْمٍ لِأَنَّهَا فِي ضَمَانِهِ فِي الْمُوَاضَعَة إِلَّا فِي الَّتِي تَتَوَاضَعُ فَمِنَ الْمُبْتَاعِ لِأَنَّهُ عَيْبٌ حَادِثٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَلَوِ اشْتَرَاهَا فِي أَوَّلِ دَمِهَا كَانَ عَيْبًا لِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ الْبَيْعَ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى قَبْضِ الثَّمَنِ إِلَّا بَعْدَ الْمُدَّةِ وَعَنْ مَالِكٍ تَأْخِيرُ الْحَيْضِ شَهْرًا أَوْ نِصْفًا يُوجِبُ الرَّدَّ لِلْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي لِنَفَقَةِ الْبَائِعِ وَالطُّولُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ الرَّدُّ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَإِنْ حَاضَتْ ثُمَّ تَمَادَتِ اسْتِحَاضَتُهَا لَمْ تُرَدَّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمَحْبُوسَةَ بِالثَّمَنِ مِنَ الْمُشْتَرِي وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا مِنَ الْبَائِعِ تُرَدُّ وَإِن فبضها أَوَّلَ الدَّمِ فَتَمَادَى اسْتِحَاضَةً فَلَهُ الرَّدُّ لِاحْتِمَالِ الِاسْتِحَاضَةِ قَبْلَ هَذَا الْحَيْضِ بِخِلَافِ شِرَائِهَا فِي بَقَائِهِ إِلَّا أَنْ يَظْهَرَ عَدَمُ الِاسْتِحَاضَةِ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِالْقَرَائِنِ وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا كَانَ الرَّقِيقُ مِنَ الْعَلِيِّ وَظَهَرَ أَنَّهُ ابْنُ زِنًا وَهُوَ يَنْقُصُ الثَّمَنَ فَهُوَ عَيْبٌ فِي الْعَلِيِّ دُونَ الْوَخْشِ وَقَالَهُ ابْنُ شَعْبَانَ فِي الْجَارِيَةِ الْعَلِيِّ لِأَنَّهَا تُتَّخَذُ لِلْوَلَدِ بِخِلَافِ الْعَبْدِ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ الْجَارِيَةُ تَدَّعِي الْحُرِّيَّةَ أَوِ الْإِسْقَاطَ مِنْ سَيِّدِهَا عَيْبٌ مُنَفِّرٌ

فرع

(فَرْعٌ) قَالَ مَالِكٌ إِذَا وَجَدَ خَوْفَ السِّيَاطِ حضر نصف ذَلِكَ مِنْ ضَرْبٍ لَيْسَ بِعَيْبٍ كَمَا لَوْ ظَنَّ السِّمَنَ فَلَمْ يَجِدْهُ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ الْحَمْلُ عَيْبٌ فِي الْعَلِيِّ وَالْوَخْشِ خَشْيَةَ الْمَوْتِ عِنْدَ الْوَضْعِ وَصُهُوبَةُ الشَّعْرِ عَيْبٌ وَالشَّيْبُ عَيْبٌ فِي الرَّائِعَةِ دُونَ غَيْرِهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ الصُّهُوبَةُ إِذَا كَانَتْ لَا تُنَاسِبُ كَوْنَهَا عَيْبًا وَإِلَّا فَلَا إِلَّا إِنْ سَوِدَ أَوْ جَعِدَ وَكَانَ يَزِيدُ فِي ثَمَنِهَا رُدَّتْ بِهِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ إِن قَلِيل الشيب عيب وَخَالف ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ مَالِكٍ الْحَمْلُ لَيْسَ بِعَيْبٍ فِي الْوَخْشِ لِحُصُولِ السَّلَامَةِ غَالِبًا قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ كَانَ الْعَيْبُ تَخْتَلِفُ الْأَغْرَاضُ فِيهِ فَاطَّلَعَ عَلَيْهِ مَنْ هُوَ عِنْدَهُ عَيْبٌ رُدَّ وَإِنْ كَانَ زَائِدًا فِي الثّمن وَإِلَّا فَلَا إِلَّا ان يشْتَرط كالمعيبة وللصقالبة وَالْحَمْلُ الْيَوْمَ عَيْبٌ عِنْدَ الْحَاضِرَةِ دُونَ الْبَادِيَةِ وَاخْتُلِفَ فِيمَا يَكْرَهُهُ الْمُشْتَرِي وَلَا يُنْقِصُ الثَّمَنَ هَلْ لَهُ الرَّدُّ أَمْ لَا قَالَ وَالرَّدُّ أَحْسَنُ وَإِنْ فَاتَ مَضَى بِالْأَقَلِّ مِنَ الثَّمَنِ أَوِ الْقِيمَةِ وَيُخْتَلَفُ فِي تَفْوِيتِ حَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ وتفويت الْعُيُوب وَإِذا كَانَ أحد الْأَبَوَيْنِ بِالْحَقِّ لَو يَرُدَّ أَوْ بِفَسَادِ الطَّبَائِعِ رَدَّ لِتَوَقُّعِهِ فِي النَّسْل (فَرْعٌ) وَإِذَا كَانَ الْعَيْبُ لَا يُعْلَمُ عِنْدَ الْبَيْعِ إِلَّا بَعْدَ الْقَطْعِ وَالتَّصَرُّفِ كَعُيُوبِ الْمَعْرَضِ الدَّاخِلَةِ وَنَحْوِهِ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قَالَ مَالِكٌ لَا يَرُدُّ بَعْدَ التَّصَرُّفِ لِأَنَّ عَلَيْهِ دَخَلَ الْمُتَبَايِعَانِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ كَانَ مِنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ لَمْ يَجِدْهُ بَعْدَ

الْقَطْعِ فَلَا قِيَامَ بِهِ وَمَا حَدَثَ بَعْدَ الصِّحَّة كالسوس وَالْقمل فَقَدْ يَعْلَمُهُ بَعْضُ النَّاسِ فَلَهُ الرَّدُّ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ يَرُدُّ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ لِدُخُولِ الْمُتَبَايِعَيْنِ عَلَى السَّلَامَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَعْلُومًا عَادَةً قَالَ عَلَى هَذَا تَكَلَّمَ مَالِكٌ بِقَوْلِهِ وَعَلَيْهِ دَخَلَ الْمُتَبَايِعَانِ قَالَ وَاخْتُلِفَ فِي الْجُلُودِ تقطع خفافاً وَنَحْوه قيل هِيَ مثل السلى يَقُومُ بِالْعَيْبِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ هِيَ مِثْلُ الْخَشَبِ مَا كَانَ مِنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ كَالْجَوْزِيِّ فَلَا قيام والحادث من الْملح وحرارة السّمن فَلهُ الْقيام وَقَالَ مَالك الْجَوْز والراسح وَهُوَ جَوْزُ الْهِنْدِيِّ كَالْخَشَبِ لَا قِيَامَ فِيهِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ ذَلِكَ فِيمَا كَثُرَ كَالْأَحْمَالِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ كُلُّهُ فَاسِدًا أَوْ أَكْثَرُهُ لِإِمْكَانِ مَعْرِفَةِ الْقَلِيلِ وَأَنْكَرَ مَالِكٌ رَدَّ الْفَقُّوسِ وَالْقِثَّاءِ بِالْمَرَارَةِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ وَصَلَ إِلَى ذَلِك يعود لَهُ الرَّدُّ فِي الْوَاحِدَةِ وَالِاثْنَيْنِ أَمَّا الْأَحْمَالُ فَلَا قَالَ مُحَمَّدٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَكْثَرُهُ لِأَنَّ الْكَثِيرَ لَا يَخْفَى عَنِ الْبَائِعِ وَيَرُدُّ عَلَى رَأْيِ الْأَبْهَرِيِّ مُطْلَقًا وَيَرُدُّ الْبَيْضَ الْفَاسِدَ عِنْدَ مَالك وش وَابْنِ حَنْبَلٍ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْكَثِيرِ إِذَا دَلَّسَ الْبَائِعُ وَإِلَّا لَمْ يَرُدَّ وَيَرْجِعُ بِالْأَرْشِ إِن كَانَ مسروقا وَأَمَّا مَا لَا يَنْتَفِعُ بِهِ يَرْجِعُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ دَلَّسَ الْبَائِعُ أَمْ لَا لِعَدَمِ قَبُولِهِ الْبَيْعَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ وُجِدَ فَسَادُهُ بِحَضْرَةِ الْبَائِعِ رُدَّ الْبَيْعُ أَوْ بَعْدَ أَيَّامٍ لَمْ يُرَدَّ لِاحْتِمَالِ فَسَادِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ لَا يَرِدُ بِالْخَفِيفِ الْعَيْبُ كَالْكَيِّ الَّذِي لَا يَنْقُصُ الثَّمَنَ وَإِنْ كَانَ عِنْدَ النَّخَّاسِينَ عَيْبًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِلَّا أَنْ يُخَالِفَ لَوْنَ الْجَسَدِ وَنَزْعُ السَّنِّ عَيْبٌ فِي الرَّائِعَةِ فِي مُقَدَّمِ سَنِّهَا وَمُؤَخَّرِهِ دون الْعَيْب والدنية وَأكْثر من السن الوليدة عَيْبٌ فِي الْجَمِيعِ وَالْعُسْرُ فِي الْجَارِيَةِ وَالْعَبْدِ عيب والأضبط الَّذِي يعْمل بيدَيْهِ وَلَيْسَ بِعَيْبٍ إِذَا بَقِيَتْ قُوَّةُ الْيَمِينِ عَلَى حَالِهَا السَّبَبُ الثَّالِثُ التَّغْرِيرُ الْفِعْلِيُّ وَفِيهِ بَحْثَانِ الْبَحْثُ الْأَوَّلُ فِي حَدِّ

السَّبَبِ وَفِي الْجَوَاهِرِ حَدُّهُ أَنْ يَفْعَلَ الْبَائِعُ فِعْلًا يَظُنُّ بِهِ الْمُشْتَرِي كَمَالًا فَلَا يُوجَدُ كَذَلِكَ وَأَصْلُهُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الصِّحَاحِ لَا تلقوا الركْبَان للْبيع وَلَا بيع بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ وَلَا تَنَاجَشُوا وَلَا بيع حَاضِرٌ لَبَادٍ وَلَا تُصَرُّوا الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ فَمَنِ ابْتَاعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِبَهَا فَإِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ الْمُصراة الْمَتْرُوك حلابها لِتجمع اللَّبَنُ فَيَغْتَرُّ مُشْتَرِيهَا بِكِبَرِ ضَرْعِهَا وَأَصْلُ هَذِهِ اللَّفْظَةِ الِاجْتِمَاعُ وَمِنْهُ الصَّرَاءُ لِلْمَاءِ الْمُجْتَمِعُ وَالصَّرَاةُ بِالْعِرَاقِ لِأَنَّهُ مُجْتَمَعُ الْمِيَاهِ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {فَأَقْبَلت امْرَأَته فِي صرة} أَيْ فِي نِسَاءٍ مُجْتَمِعَاتٍ وَيُقَالُ صَرَيْتُ الْمَاءَ فِي الْحَوْضِ وَاللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ وَلَيْسَ مِنَ الصَّرِّ الَّذِي هُوَ الرَّبْطُ وَالْإِبِلُ مصرورة مَعَ أَنَّهُ وَقَعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَصْرُورَةً وَالصَّوَابُ فِي لفظ الحَدِيث تبصر الْإِبِلَ بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الصَّادِ وَفَتْحِ اللَّامِ مِنَ الْإِبِلِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} لِأَن صراء مثل زكاء وَكثير يقرؤونه بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّ الصَّادِ وَهُوَ لَا يَصِحُّ من صراء رُبَاعِيًّا بِالْأَلْفِ بَلْ مِنْ صَرَّ ثُلَاثِيًّا بِغَيْرِ أَلِفٍ وَمِنْهُمْ مَنْ يَضُمُّ لَامَ الْإِبِلِ مَفْعُولُ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ وَقَالَ الْخَطَابِيُّ يَجُوزُ أَن يكون الْمُصراة بِمَعْنى المصررة فأبدلت إِحْدَى الرائين أَلِفًا كَقَوْلِهِمْ تَقَضَّى الْبَازِي أَيْ تَقَضَّضَ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {قد

أَفْلح من زكاها وَقد خَابَ من دساها} أَيْ مَنْ دَسَّسَهَا فَأُبْدِلَتِ السِّينُ أَلِفًا وقَوْله تَعَالَى {ثمَّ ذهب إِلَى أَهله يتمطى} أَيْ يَتَمَطَّطُ فَأُبْدِلَتِ الطَّاءُ الثَّانِيَةُ أَلِفًا وَفِي الْكِتَابِ هَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ فِيهِ رَأْيٌ لِأَحَدٍ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى تَقْدِيمِهِ الْخَبَرَ عَلَى الْقِيَاسِ وَهُوَ مَشْهُورُ مَذْهَبِهِ خِلَافَ مَا حَكَاهُ عَنْهُ الْبَغْدَادِيُّونَ وَفِي الْكِتَابِ فِي مَعْنَى التَّصْرِيَةِ تَلْطِيخُ الْعَبْدِ بِالْمِدَادِ لِيَظُنَّ أَنَّهُ كَاتِبٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنَ التَّغْرِيرِ الْفِعْلِيِّ قَائِمٌ مَقَامَ الشَّرْطِ اللَّفْظِيِّ لِأَنَّ لِسَانَ الْحَالِ يَقُومُ مَقَامَ لِسَانِ الْمَقَالِ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ج ذَلِكَ لَيْسَ بِعَيْبٍ حَتَّى فِي التَّصْرِيَةِ وَاتَّفَقَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا مَعَ الْأَئِمَّةِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ عَلَفَهَا وَمَلَأَ خَوَاصِرَهَا لِيَظُنَّهَا حَامِلًا وَلَطَّخَ أَطْرَافَ أَنَامِلِهِ بِالْمِدَادِ وَوَضَعَ فِي يَدِهِ أَقْلَامًا لِيَظُنَّهُ كَاتِبًا أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مُوجِبًا لِلرَّدِّ لِقِلَّةِ وُقُوعِ مِثْلِ هَذِهِ الْأُمُورِ لِغَيْرِ هَذَا الْغَرَضِ فَجَزْمُ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ وَضْعٌ لِلظَّنِّ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ قَالَ صَاحِبُ الْإِكْمَالِ وَعَنْ مَالِكٍ عَدَمُ اعْتِبَارِ الْحَدِيثِ تَقْدِيمٌ لِلْقِيَاسِ عَلَيْهِ فِي الْمُصَرَّاةِ وَلَا يَرُدُّ شَيْئًا وَجُعِلَ الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ وَلِمَالِكٍ يَرُدُّ مَا حَلَبَ تَمْرًا وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إِذَا رَضِيَ بَائِعُهَا بِقَبُولِهَا جَازَ وَمُنِعَ غَيْرُهُ لِتَوَلُّدِ اللَّبَنِ بَعْدَ الشِّرَاءِ فَيَكُونُ إِقَالَةً بِزِيَادَةٍ احْتَجَّ ح عَلَى أَنَّ التَّصْرِيَةَ لَيْسَتْ بِعَيْبٍ وَلَا تُوجِبُ الرَّدَّ بِالْقِيَاسِ عَلَى مَا إِذَا رَأَى ضَرْعَهَا كَبِيرًا وَظَنَّهُ لَبَنًا وَأَنَّهُ لَا يَرُدُّ اتِّفَاقًا وَالْجَوَابُ عَنِ الْحَدِيثِ مِنْ وُجُوهٍ الْأَوَّلُ أَنَّهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ كَثِيرُ الْحَدِيثِ جِدًّا وَقَدْ قَالَ النَّخَعِيُّ كَانُوا لَا يَقْبَلُونَ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ إِلَّا فِي الثَّوَاب وَالْعِقَاب دون الْأَحْكَام

وَالثَّانِي اضْطِرَاب مِنْهُ فَرَوَاهُ صَاعا من تمر وصاعا من طَعَام أَو مثله ثمنهَا قَمْحًا الثَّالِثُ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْأُصُولِ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ الرَّدَّ مِنْ غَيْرِ عَيْبٍ وَلَا شَرْطٍ بَلْ نُقْصَانُ اللَّبَنِ لَوْ كَانَ عَيْبًا لَرَدَّ بِهِ مِنْ غَيْرِ تَصْرِيَةٍ وَلِأَنَّهُ قَدَّرَ الْخِيَارَ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَالْخِيَارُ لَا يَتَقَدَّرُ إِلَّا بِالشَّرْطِ وَلِأَنَّهُ وَاجِب بدل اللَّبن مَعَ قيماته وَالْأَعْيَانُ لَا تُضْمَنُ بِالْبَدَلِ إِلَّا مَعَ فَوَاتِهَا لِأَنَّهُ أَوْجَبَهُ تَمْرًا وَاللَّبَنُ يَضْمَنُ اللَّبَنَ وَلِأَنَّهُ قَدَّرَهُ بِصَاعٍ مَعَ اخْتِلَافِ الْبَدَلِ وَالْأَصْلُ مُسَاوَاةُ الْبَدَلِ لِلْمُبْدَلِ وَلِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِلْجَمْعِ بَيْنَ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ لِلْبَائِعِ فَإِنَّ الصَّاعَ إِنَّمَا كَانَ ثَمَنُهُ ثَمَنَ الشَّاةِ وَلِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى الرِّبَا لِأَنَّهُ قَدْ يَبِيعُ الشَّاةَ بِصَاعِ تَمْرٍ ثُمَّ يَرُدُّهَا مَعَ صَاعٍ فَيَكُونُ قَدْ بَاعَ شَاةً وَصَاعًا بِصَاعٍ فَهَذِهِ سَبْعَةُ أَوْجُهٍ مِنَ الْمُخَالَفَةِ لِلْأُصُولِ وَهُوَ خَبَرٌ وَاحِدٌ وَالْأُصُولُ مُتَوَاتِرَةٌ وَالْمُتَوَاتِرُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْآحَادِ عِنْدَ التَّعَارُضِ إِجْمَاعًا وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ الْمُعَارَضَةُ بِالْقِيَاسِ عَلَى تَسْوِيدِ الشَّعْرِ فَإِنَّهُ عِنْده يُوجب الرَّد وعَلى الثَّانِي الْمُعَارَضَةُ بِقَوْلِ الْبُخَارِيِّ رَوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَة سبع مائَة مِنْ أَوْلَادِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَمَا مِنْ مُصَنَّفٍ فِي الصِّحَاحِ إِلَّا وَفِيهِ رِوَايَةُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الِاخْتِلَافَ لَا يَضُرُّهُ فَإِنَّ الرِّوَايَاتِ كُلَّهَا مُتَّفِقَةٌ عَلَى الْعَيْبِ وَالْخِيَارِ فَالْمَقْصُودُ لَا اضْطِرَابَ فِيهِ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّهُ لَيْسَ من شَرط الشَّرْع أَن لَا يُشَرِّعَ حُكْمًا وَإِلَّا لَكَانَتِ الشَّرِيعَةُ كُلُّهَا مُتَمَاثِلَةً وَهُوَ

خِلَافُ الْإِجْمَاعِ فَالسَّلَمُ وَالْقِرَاضُ وَالْإِجَارَةُ وَالْحِمَالَةُ وَغُرَّةُ الْجَنِينِ وَجَزَاءُ الصَّيْدِ كُلُّهَا عَلَى خِلَافِ الْأُصُولِ فَلِذَا أَخْبَرَ الشَّرْعُ عَنْ حُكْمٍ وَجَبَ اعْتِقَادُهُ لِمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَمَّا قَوْلُكُمْ الْأُصُولُ مُتَوَاتِرَةٌ فَتَخْصِيصُ الْقُرْآنِ الْمُتَوَاتِرِ بِالْقِيَاسِ وَخَبَرِ الْوَاحِدِ جَائِزٌ فَكَذَلِكَ تَخْصِيصُ الْأُصُولِ الَّتِي هِيَ أَضْعَفُ مِنْهُ فِي النَّقْلِ مِنَ الْقُرْآنِ ثُمَّ إِنَّا نُجِيبُ عَنِ التَّفْصِيلِ فَنَقُولُ أَمَّا قَوْلُكُمْ لَيْسَ بِعَيْبٍ فَلَا نُسَلِّمُ لِأَنَّا لَا نَعْنِي بِالْعَيْبِ إِلَّا فَوَاتَ أَمْرٍ مَظْنُونٍ نَشَأَ الظَّنُّ فِيهِ عَنْ شَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ أَوْ تَغْرِيرٍ وَهَذَا نَشَأَ الظَّنُّ فِيهِ عَنْ تَغْرِيرٍ وَإِنَّمَا التَّغْرِيرُ بِالْمُدَّةِ فَلْيُوقِفْ ظُهُورَ التَّدْلِيسِ عَلَى ذَلِكَ الْحَدِّ وَضَرُورَةُ الْخِيَارِ وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ لَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى حَدٍّ فَلِذَلِكَ لَمْ يُحَدَّ وَأَمَّا الْبَدَلُ مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ فَيَتَعَذَّرُ رَدُّ الْعَيْنِ بِاخْتِلَاطِهِ مَعَ لَبَنِ الْمُشْتَرِي الْحَادِثِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَهُوَ فِي مَعْنَى الْمَعْدُومِ وَأَمَّا تَقْدِيرُهُ بِالصَّاعِ فَلِتَقْلِيلِ الْخُصُومَاتِ بِعَدَمِ الِانْضِبَاطِ كَالْغُرَّةِ فِي الْجَنِينِ مَعَ اخْتِلَافِهِ وَكَذَلِكَ الْمُوضِحَةُ مَعَ اخْتِلَافِهَا وَاخْتِلَافِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي السَّرَفِ وَالْحَمِيَّةِ وَأَمَّا تَوْصِيلُهُ لِلرِّبَا فَمَمْنُوعٌ لِأَنَّ الرِّبَا فِي الْعُقُودِ لَا فِي الْفُسُوخِ ثُمَّ الْحَدِيثُ يَدُلُّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ بِمَا فِيهِ مِنَ النَّهْيِ كَقَوْلِهِ لَا نصروا الْإِبِلَ وَالنَّهْيُ يَعْتَمِدُ الْمَفْسَدَةَ وَالْفَسَادُ عَيْبٌ وَثَانِيهَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ وَالتَّخْيِيرُ يَعْتَمِدُ وُجُودَ الْعَيْبِ وَثَالِثُهَا إِيجَابُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لِلْمُبْدَلَةِ قِسْطًا مِنَ الثَّمَنِ الْبَحْثُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ هَذَا السَّبَبِ فَفِي الْكِتَابِ الْمُصَرَّاةُ مِنْ جَمِيعِ الْأَنْعَامِ سَوَاءٌ فَإِذَا حَلَبَهَا ثَانِيَةً وَتَبَيَّنَ النَّقْصَ فَإِمَّا رَضِيَهَا أَوْ رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَيْشُ الْبَلَدِ التَّمْرَ فَصَاعٌ مِنْ عَيْشِ ذَلِكَ الْبَلَدِ كَالْفِطْرَةِ

وَلِأَنَّهُ رُوِيَ مِثْلَ لَبَنِهَا قَمْحًا فَطَرِيقُ الْجَمْعِ ذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَتَعَيَّنُ التَّمْرُ لِسَائِرِ الْبِلَادِ فَإِنْ حَلَبَهَا ثَالِثَةً وَقَدْ حَصَلَتِ الْخِبْرَةُ بِالثَّانِيَةِ فَهُوَ رِضًا لَا رَدَّ لَهُ وَلَا حُجَّةَ عَلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّهَا لِلِاخْتِبَارِ وَإِذَا رَدَّهَا لَمْ يَرُدَّ لَبَنَهَا وَإِنْ كَانَ قِيَاسًا بِغَيْرِ صَاعٍ لِأَنَّهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ لوُجُوب الصَّاع أَولا وَلَيْسَ للْبَائِع أَن يقلبها بِغَيْرِ لَبَنٍ وَصَاعٍ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ أَجَازَ سَحْنُونٌ أَخْذَهَا بِلَبَنِهَا وَجَعَلَهَا إِقَالَةً وَقِيلَ إِنَّمَا تَصِحُّ الْإِقَالَةُ إِذَا حَلَبَهَا بِالْحَضْرَةِ عِنْدَ الشِّرَاءِ حَيْثُ لَا يَتَوَلَّدُ لَبَنٌ وَعَلَى هَذَا لَا يُعْرَفُ أَنَّهَا مُصَرَّاةٌ إِلَّا بِالْبَيِّنَةِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ الْحَلْبَةُ الثَّانِيَةُ رِضًا خِلَافًا لِمَالِكٍ لِأَنَّهُ قَدْ يطن نَقْصَ اللَّبَنِ لِاخْتِلَافِ الرَّعْيِ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يَتَحَقَّقُ إِلَّا بِالثَّالِثَةِ وَقَالَهُ ش قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذا كَانَت جملَة غنم احتلف هَلْ صَاعٌ وَاحِدٌ لِأَنَّ الشَّرْعَ أَعْرَضَ فِي هَذَا عَنِ الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ فِي اللَّبَنِ أَوْ لِكُلِّ شَاةٍ صَاعٌ وَهُوَ الْأَصْوَبُ لِأَنَّ الْحُكْمَ ثَابِتٌ فِي شَاةٍ فَيَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ الشَّاةِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ مُسَاوَاةُ الْبَدَلِ لِلْمُبْدَلِ خُولِفَ اللَّبَنُ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِ وَتَمْيِيزِهِ عَنْ لَبَنِ الْمُشْتَرِي أَمَّا عَدَدُ الشِّيَاهِ فَمُنْضَبِطٌ وَكَذَلِكَ الْإِبِلُ لِأَنَّ لَبَنَ الْإِبِلِ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ فَلَبَنُ الْغَنَمِ أَحَقُّ نَظَائِرُ قَالَ الْعَبْدِيُّ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْوَاحِدِ وَالْكَثِيرِ وَالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فِي تِسْعِ مَسَائِلَ شَاةُ الْمُصَرَّاةِ وَالْحَالِفُ بِنَحْرِ وَلَدِهِ فَهَذَا وَاحِدٌ فِي الْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ وَقِيلَ يَتَعَدَّدُ وَالْمُؤَخِّرُ قَضَاءَ رَمَضَانَ سَنَةً فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَة وَكَذَلِكَ السنون وَالْوَطْء فِي رَمَضَانَ مَرَّةً وَمَرَّاتٍ سَوَاءٌ إِذَا لَمْ يُكَفِّرْ وَالْيَمِينُ لَهَا كَفَارَّةٌ وَاحِدَةٌ وَكَذَلِكَ الْأَيْمَانُ فِي الشَّيْءِ الْوَاحِدِ وَقَذْفُ الْوَاحِدِ وَالْجَمَاعَةِ يُوجِبُ حَدًّا وَاحِدًا وَقِيلَ يَتَعَدَّدُ وَالتَّطَيُّبُ مَرَّةً فِي الْحَجِّ يُوجِبُ الْفِدْيَةَ وَكَذَلِكَ الْمَرَّاتُ وَالْحَالِفُ بِصَدَقَةِ مَالِهِ مَرَّةً عَلَيْهِ الثُّلُثُ وَكَذَلِكَ إِذَا كَرَّرَ الْحَلِفَ وَقِيلَ ثُلُثُ مَا

(فرع)

بَقِيَ وَغَسْلُ الْإِنَاءِ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ سَبْعًا وَكَذَلِكَ الْكِلَابُ وَقِيلَ يَتَعَدَّدُ وَإِذَا عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِالتَّصْرِيَةِ قَبْلَ الْحِلَابِ كَانَ لَهُ الرَّدُّ قَبْلَ الْحِلَابِ وَلَهُ الِاخْتِيَارُ فِي الْحِلَابِ هَلْ يَنْقُصُ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا وَلَهُ الْخِيَارُ بَعْدَ الْحَلْبَةِ الْأُولَى لِأَنَّهُ يُرْوَى فِي الْحَدِيثِ فِي الصَّحِيحَيْنِ فَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ عَلِمَ بِالتَّصْرِيَةِ وَقَبِلَهُ بَطَلَ الرَّدُّ إِلَّا أَنْ يَخْرُجَ عَنْ عَادَةِ مِثْلِهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ إِنْ رَدَّهَا وَقَدْ أَكَلَ لَبَنَهَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ صَاعٌ كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ مُصَرَّاةً وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ عَلَيْهِ الصَّاعُ عِوَضَ اللَّبَنِ الَّذِي أَخَذَهُ لِأَنَّهُ مَبِيعٌ أَقَامَ الشَّرْعُ الصَّاعَ مَقَامَهُ جَوَابُهُ مَبِيعٌ لَا يَجُوزُ مُقَابَلَتُهُ بِجُزْءٍ مِنَ الثَّمَنِ لِلْجَهْلِ بِهِ فَلَا يَرُدُّ عَنْهُ شَيْئًا وَالرَّدُّ فِي التَّصْرِيَةِ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ وَإِذَا هَلَكَتْ قَبْلَ الْخِيَارِ فَمِنَ الْمُبْتَاعِ لِأَنَّ التَّصْرِيَةَ عَيْبٌ وَيَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا بَاعَ غَيْرَ مُصَرَّاةٍ فِي زَمَنِ الْحِلَابِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا يَحْلِبُ وَهُوَ يَعْلَمُهُ وَهِيَ إِنَّمَا تُرَادُ لِلْحِلَابِ فَلَهُ الْخِيَارُ كَصُبْرَةٍ يَعْلَمُ الْبَائِعُ كَيْلَهَا دُونَ الْمُبْتَاعِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلَا وَإِن بَاعَ وَإِنْ بَاعَ فِي غَيْرِ زَمَنِ الْحِلَابِ فَحَلَبَهَا فِي زَمَنِهِ فَلَمْ يَرْضَهَا فَلَا رَدَّ لَهُ عَرَفَ الْبَائِعُ حِلَابَهَا أَمْ لَا لِأَنَّ أَحْوَالَ الْحَيَوَانِ تَتَغَيَّرُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ وَاللَّبن هَا هُنَا لِلْمُبْتَاعِ بِالضَّمَانِ بِخِلَافِ الْمُصَرَّاةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَوْ ظن غزارة اللَّبن تكبر الضَّرْعِ فَوَجَدَهُ لَحْمًا فَلَا خِيَارَ لَهُ لِأَنَّهُ مِمَّا يَكْثُرُ وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا اشْتَرَاهَا فِي غَيْرِ الْإِبَّانِ فَلَهُ رَدُّهَا فِي الْإِبَّانِ إِذَا وجدهَا فليلة لفَوَات مَا هُوَ مصمون عَادَةً إِذَا كَانَ الْبَائِعُ يَعْلَمُ ذَلِكَ

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ لَا يُزَادُ عَلَى الصَّاعِ لِكَثْرَةِ اللَّبَنِ وَلَا يُنْقَصُ مِنْهُ لِقِلَّتِهِ كَالْغُرَّةِ فِي الْجَنِينِ وَلَا يَلْتَفِتُ لِغَلَائِهِ وَرُخْصِهِ بَلْ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الشَّاةِ أَوْ تَزِيدُ فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ عَلَيْهِ الْإِتْيَانُ بِهِ لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمَا سَنَّ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ أَعْرَضَ عَمَّا يتَوَقَّع فِي صورها دفعا لمفدسة الْخُصُومَاتِ وَنُدْرَةِ ذَلِكَ الْمُتَوَقَّعِ وَرِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ مِنْ غَالَبِ قُوتِ الْبَلَدِ لِأَنَّ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِ الْحَدِيثِ صَاعٌ مِنْ طَعَامٍ فَحُمِلَتْ رِوَايَةُ التَّمْرِ عَلَى أَنَّهُ غَالِبُ قُوتِ الْمَدِينَةِ وَإِذَا رَضِيَ بِعَيْبِ التَّصْرِيَةِ وَرَدَّ بِعَيْبٍ آخَرَ فَقِيلَ يَرُدُّ الصَّاعَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ لِأَنَّ اللَّبَنَ مَبِيعٌ فِي الْحَالَيْنِ (النَّظَرُ الثَّانِي فِي الْأَحْكَامِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى السَّبَبَيْنِ الْأَوَّلِينَ) فِي الْكِتَابِ لَهُ التَّمَسُّكُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوِ الرَّدُّ لِحَدِيثِ الْمُصَرَّاةِ وَلَمْ يَجْعَلْ فِيهِ مَعَ التَّمَسُّكِ أَرْشٌ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ سُؤَالٌ لَوْ بَاعَ أَثْوَابًا فَسَلَّمَهَا الْبَائِعُ إِلَّا ثَوْبًا فَلِلْمُبْتَاعِ التَّمَسُّكُ وَالرُّجُوعُ بِحِصَّةِ الثَّوْبِ وَالْعَيْبُ جُزْءٌ مِنَ الْمَبِيعِ بَقِيَ عِنْدَ الْبَائِعِ فَمَا الْفَرْقُ جَوَابُهُ الْفَرْقُ أَنَّ هَذِهِ أَعْيَانٌ متميزة والفائت هَا هُنَا صِفَةٌ فَكَأَنَّ الْبَائِعَ سَلَّمَ غَيْرَ الْمَبِيعِ لِأَنَّ الْمَبِيعَ يُسَلَّمُ وَهَذَا مَبِيعٌ فَهُوَ كَمَا لَوْ بَاعَ ثَوْبًا فَسَلَّمَ غَيْرَهُ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ الرَّدُّ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَوْ مَاتَ الْبَائِعُ وَالْمُبْتَاعُ قَبْلَ الرَّدِّ وَجَهِلَ الْوَرَثَةُ الثَّمَنَ فَوَسَطُ الْقِيمَةِ عَدْلًا بَيْنَهُمْ وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَ فَامْتَنَعَ الرَّد وَيَرْجِعُ بِأَرْشِ الْعَيْبِ مِنْ تِلْكَ الْقِيمَةِ وَقَالَ ابْنُ دِينَارٍ بِالْأَقَلِّ مِنَ الثَّمَنِ أَوِ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْبَيْعِ قَالَ

فرع

صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا مَاتَ الْمُتَبَايِعَانِ فَثَبَتَ الْعَيْبُ وَجَهِلُوا الثَّمَنَ وَفَاتَ الْعَبْدُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْجَهْلُ بِالثَّمَنِ فَوْتٌ وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا وَيَرْجِعُ بِالْأَرْشِ مِنْ أَوْسَطِ الْقِيَمِ يَوْمَ الْقَبْضِ عَدْلًا بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ وَقَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ بَلْ مِنَ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْبَيْعِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْجَهْلُ بِالثَّمَنِ لَيْسَ فَوْتًا بَلْ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْوَسَطِ يَوْمَ الْقَبْضِ وَيَرُدُّ الْمَبِيعَ قَالَ وَمُرَادُهُ أَنَّ يَوْمَ الْقَبْضِ يَوْمُ الْبَيْعِ لِأَنَّ الْقيمَة هَا هُنَا يَوْمَ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْعًا فَاسِدًا وَتَتَوَجَّهُ الْأَيْمَانُ بَيْنَهُمْ وَيَمِينُ التُّهَمِ تَتَوَقَّفُ الْأَحْكَامُ عَلَيْهَا فَإِنَّ حَلَفَ وَرَثَةُ الْبَائِعِ عَلَى الْعِلْمِ وَنَكَلَ وَرَثَةُ الْمُشْتَرِي لَمْ يَكُنْ لَهُمْ شَيْءٌ حَتَّى يَحْلِفُوا فَلَوْ حَلَفَ وَرَثَةُ الْمُشْتَرِي وَنَكَلَ الْآخَرُ اكْتُفِيَ بِمَا يُؤَدِّي إِلَيْهِ اجْتِهَادُ الْحَاكِمِ مِنْ حَبْسٍ وَغَيْرِهِ فَلَوْ جَهِلُوا الثَّمَنَ وَتَصَادَقُوا عَلَى عَدَمِ الْقَبْضِ وَالْمَبِيعُ قَائِمٌ حَلَفُوا جَمِيعًا وَرُدَّ الْبَيْعُ (فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا رُدَّ بِالْعَيْبِ وَكَانَ الثَّمَنُ عَرْضًا رَجَعَ فِي عَيْبِهِ فَإِنْ فَاتَ بِحَوَالَةِ سُوقٍ فَمَا فَوْقَهُ رَجَعَ بِقِيمَتِهِ أَوْ مِثْلِهَا رَجَعَ فِي عَيْبِهِ فَإِنْ تَغَيَّرَ سُوقُهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَيْسَ بِفَوْتٍ وَيَأْخُذُهُ وَإِنْ فَاتَ فَمِثْلُهُ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ إِنَّ حَوَالَةَ الْأَسْوَاقِ تُفِيتُ الْمِثْلِيَّ يَرْجِعُ بِالْقِيمَةِ (فَرْعٌ) فِي الْكتاب إِذا بعث ثَوْبًا مِنْ رَجُلَيْنِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ مِنْ صَاحِبِهِ ثُمَّ ظَهَرَ عَلَى عَيْبٍ مِنْ عِنْدِكَ فَلَا رُجُوعَ لِلْبَائِعِ عَلَيْهِ لِانْتِقَالِ الْحَقِّ لِغَيْرِهِ وَالْآخر رَدُّ نِصْفِهِ وَأَخَذُ نِصْفِ الثَّمَنِ قَالَ اللَّخْمِيُّ لِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَةِ الْعَيْبِ أَوْ تَمَامِ الثَّمَنِ إِنْ بَاعَ بِأَقَلَّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَرْجِعُ بِالْعَيْبِ إِنْ بَاعَ بِمِثْلِ الثَّمَنِ لِاسْتِحْقَاقِهِ إِيَّاهُ بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَعَلَى رِوَايَةِ أَشهب لَا يرد لِأَنَّهُ ينْقض عَلَى الْبَائِعِ وَيَكُونُ لِلْبَائِعِ أَنْ يُعْطِيَهُ نِصْفَ قِيمَةِ الْعَيْبِ أَوْ يَقْبَلَ مِنْهُ الرَّدَّ وَكَذَلِكَ إِنْ بَاعَ نَصِيبَهُ مِنْ غَيْرِ شَرِيكِهِ كَالْبَيْعِ مِنَ الشَّرِيكِ فَإِنْ عَلِمَا بِالْعَيْبِ

(فرع)

قَبْلَ بَيْعِ أَحَدِهِمَا حِصَّتَهُ فَقَالَ مَالِكٌ مَرَّةً لكل وَاحِد مِنْهَا الرَّدُّ دُونَ صَاحِبِهِ لِأَنَّهُ حَقُّهُ وَقَالَهُ ش وَقَالَ مَرَّةً إِمَّا أَنْ يَتَمَسَّكَا جَمِيعًا أَوْ يَرُدَّا جَمِيعًا لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَقَالَهُ ح وَيَصِحُّ أَنْ يُقَالَ لِمُرِيدِ الرَّدِّ إِجْبَارُ صَاحِبِهِ لِالْتِزَامِهِمَا أَحْكَامَ الصَّفْقَةِ الْوَاحِدَةِ وَأَنْ يُقَالَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَيُخَيَّرُ الْبَائِعُ بَيْنَ إِعْطَاءِ الرَّادِّ قِيمَةَ عَيْبِ نِصْفِهِ أَوْ يَقْبَلُهُ وَيُعْطِيهِ نِصْفَ ثَمَنِهِ لِأَنَّهُ حَقُّهُ فِي التَّفْرِيقِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا اخْتَرْتَ الرَّدَّ وَإِعْطَاءَ الْأَرْشِ لِلْعَيْبِ الْحَادِثِ عِنْدَكَ دَفَعْتَ أَرْشَ عَيْبٍ طَرَأَ عَلَى مَعِيبٍ لِأَنَّهُ الَّذِي تَعَيَّبَ عِنْدَكَ وَضَمِنْتَهُ بِالْقَبْضِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ أَرْشُ الْعَيْبِ جُزْءٌ مِنَ الثَّمَنِ لَا مِنَ الْقِيمَةِ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنَ الْمَبِيعِ لَمْ يُسَلَّمْ وَإِنْ أَرَادَ السِّلْعَةَ وَأَرْشَ مَا حَدَثَ عِنْدَهُ رَدَّ أَرْشَ مَعِيبٍ لِأَنَّهُ تَعَيَّبَ عِنْده بِعَيْب وَقَالَ ابْن المعذل كَذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ يَرُدُّ قِيمَةَ الْعَيْبِ يَوْمَ الرَّدِّ لِأَنَّهُ فَسْخُ بَيْعٍ كَمَا يَرُدُّ نَمَاءَهُ وَنُقْصَانَهُ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ فَأَمَّا الْعَيْبُ الْقَدِيمُ فَيُنْسَبُ إِلَى الثَّمَنِ يَوْمَ الْعَقْدِ لِأَنَّ الْبَائِعَ يسلم مَالا يَسْتَحِقُّهُ وَهُوَ مُقَابِلُ الْجُزْءِ الْفَائِتِ بِالْعَيْبِ وَيَرُدُّهُ وَإِلَّا فَسَخَ وَابْنُ الْقَاسِمِ يَرَى أَنَّ الْعَيْبَ فَاتَ بيد المُشْتَرِي فَيتم فِيهِ البيع قيرد حِصَّتَهُ مِنَ الثَّمَنِ وَلَوْ أَكَلَ بَعْضَ الطَّعَامِ وَرَدَّ بِالْعَيْبِ فَعَلَيْهِ الْمَأْكُولُ بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ قَالَ مُحَمَّدٌ مَا نَقَصَهُ مِنَ الْمَبِيعِ بِغَيْرِ صِنَاعَةٍ كَالْقَطْعِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ وَنَحْوِهِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا دَلَّسَ فَنَقَصَ الْمَبِيعُ أَوْ هَلَكَ بِسَبَبِ عَيْبِ التَّدْلِيسِ كَالسَّارِقِ يَسْرِقُ فَيُقْطَعُ أَوِ الْمَجْنُونِ أَوِ الْآبِقِ يَأْبِقُ فَيَهْلَكُ فِي مَفَازَةٍ فَضَمَانُهُ مِنَ

الْبَائِعِ وَيَرُدُّ الْأَرْشَ أَوْ جَمِيعَ الثَّمَنِ لِأَنَّ سَبَبَ ذَلِكَ مِنْ عِنْدِهِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَمَا حَدَثَ بِهِ مِنْ عَيْبٍ غَيْرِ التَّدْلِيسِ فَمِنَ الْمُشْتَرِي وَيَرُدُّ الْأَرْشَ إِنْ رَدَّ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ سَرَقَ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ فَلَمْ يُقْطَعْ فَرد على البَائِع وَكَلَام الْمَسْرُوق مِنْهُ من الْبَائِعِ فِي جِنَايَةِ السَّرِقَةِ يَفْدِيهِ أَوْ يُسَلِّمُهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُدَلِّسٍ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ التَّمَسُّكِ وَأَخْذِ أَرْشِ الْعَيْبِ أَوِ الرَّدِّ وَيَرُدُّ مَا نَقَصَهُ عَيْبُ الْقَطْعِ إِنْ قُطِعَ وَإِنْ لَمْ يُقْطَعْ خُيِّرَ بَيْنَ إِسْلَامِهِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَيَرْجِعُ بِالْعَيْبِ إِلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ وَيَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنْ بَاعَ الْمُشْتَرِي مِنَ الْمُدَلِّسِ مِنْ ثَالِثٍ فَهَلَكَ بِسَبَبِ الْعَيْبِ عِنْدَ الثَّالِثِ رَجَعَ الثَّالِثُ عَلَى الْأَوَّلِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ إِلَّا أَنْ يَزِيدَ عَلَى مَا دَفَعَ لِلثَّانِي فَيكون الْفَصْل لِلثَّانِي قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يُعَدُّ مُدَلِّسًا عَلَى الثَّالِثِ لِأَنَّ الْوَسَطَ لَوْ عَلِمَ لَأَعْلَمَ قَالَ أَصْبَغُ يُؤْخَذُ الثَّمَنُ مِنَ الْأَوَّلِ فَيُدْفَعُ لِلثَّالِثِ مِنْهُ قِيمَةُ الْعَيْبِ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ عَلَى الثَّانِي وَالْبَاقِي لِلْوَسَطِ لِأَنَّهُ الْمُسْتَحَقُّ عَلَى الْأَوَّلِ وَقِيلَ لَا يُؤْخَذُ مِنَ الْمُدَلِّسِ الْأَوَّلِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَضُرَّ بِالثَّانِي إِلَّا أَنْ يَرْجِعَ الثَّالِثُ عَلَى الثَّانِي بِالْأَرْشِ فَيَكُونُ عَلَى الْأَوَّلِ الْأَقَلُّ مِمَّا غَرِمَ أَوِ الثَّمَنُ الَّذِي دَفَعَهُ أَوْ قِيمَةُ الْعَيْبِ مِنَ الثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَهُ أَيْضًا وَكَذَلِكَ رُجُوعُ الثَّالِثِ عَلَى الْأَوَّلِ هَا هُنَا بِمَا كَانَ يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ الثَّانِي إِذَا طَالَبَهُ الثَّالِثُ بِالْأَرْشِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ ذَهَبَ كثير من المتأولين أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْكِتَابِ إِذَا نَقَصَهُ الصِّبْغُ أَوِ الْقَطْعُ فِي التَّدْلِيسِ لَهُ الرَّدُّ بِغَيْرِ شَيْءٍ أَوِ الْإِمْسَاكُ وَأَحَدُ الْأَمْرَيْنِ خَاصٌّ بِالصِّبْغِ وَأَمَّا الْإِمْسَاكُ فِي الْقَطْعِ فَلَا شَيْءَ لَهُ لِأَنَّهُ مَلَكَ الرَّدَّ بِغَيْرِ غُرْمٍ وَقَالَ ابْنُ مُنَاصِرٍ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا يَحْتَاجُ قَطْعُهُ إِلَى غُرْمِ كَالدِّيبَاجِ وَالْخَزِّ فَهُوَ كَالصِّبْغِ قَالَ صَاحِبُ تَهْذِيبِ الطَّالِبِ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَهُ الْإِمْسَاكُ وَأَخْذُ قِيمَةِ الْعَيْبِ فِي التَّدْلِيسِ إِذَا قطع وَفِي كتاب مُحَمَّد لَيْسَ لَهُ إمْسَاك بِخِلَاف الصَّبْغ لَيْلًا يَذْهَبَ صِبْغُهُ وَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي الْقَطْعِ قَالَ اللَّخْمِيّ

(فرع)

النَّقْصُ مَعَ التَّدْلِيسِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ إِنْ كَانَ يَرَى ذَلِكَ لِمِثْلِ ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَو يُرَاد وَهُوَ مُتْلَفٌ بَطَلَ الرَّدُّ وَيُرْجَعُ بِالْأَرْشِ أَوْ غَيْرُ مُتْلَفٍ رَدَّهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَبِسَ الثَّوْبَ حَتَّى غَسَلَهُ رَدَّ النَّقْصَ فِي التَّدْلِيس وَغَيره لِأَن صون مَاله يلْبسهُ وَلَا يَرُدُّ فِي وَطْءِ الثَّيِّبِ شَيْئًا فِي التكبر وَغَيره وَله الْإِمْسَاك فِي التكبر فِي غَيْرِ التَّدْلِيسِ وَيَرْجِعُ بِالْعَيْبِ أَوْ يَرُدُّهَا وَمَا نَقَصَتْ وَيَخْتَلِفُ فِي التَّدْلِيسِ هَلْ يَغْرَمُ أَمْ لَا لِأَنَّهُ انْتَفَعَ أَوَّلًا بِخِلَافِ اللِّبَاسِ لِأَنَّهُ يَصُونُ مَالَهُ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ وَلَوْ بَاعَ الْبِكْرَ قَبْلَ الدُّخُولِ ثُمَّ دَخَلَتْ رَدَّهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي التَّدْلِيسِ وَغَيْرِهِ لِخُرُوجِ هَذَا النَّقْصِ عَنِ الْبَيْعِ نَظَائِرُ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ يَخْتَصُّ الْمُدَلِّسُ بِخَمْسِ مَسَائِلَ إِذَا تَصَرَّفَ المُشْتَرِي فِيهَا تصرف مثلهَا لَا يرد إِن شَاءَ إِنْ رَدَّ وَإِذَا عَطَبَ الْمَبِيعُ بِسَبَبِ التَّدْلِيسِ أَو بِعَيْب يَضْمَنُهُ الْمُشْتَرِي وَإِذَا اشْتَرَاهَا الْبَائِعُ مِنَ الْمُبْتَاعِ بِأَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ الَّذِي بَاعَ فَغَيْرُ الْمُدَلِّسِ يَرْجِعُ بِمَا زَادَ بِخِلَافِ الْمُدَلِّسِ وَلَا يَرُدُّ السِّمْسَارُ الْجُعْلَ إِذَا رُدَّتِ السِّلْعَةُ لِدُخُولِ الْمُدَلِّسِ عَلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُدَلِّسِ وَتَنْفَعُ الْبَرَاءَةُ غَيْرَ الْمُدَلِّسِ وَلَا تَنْفَعُ فِيمَا دَلَّسَ بِهِ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا دَلَّسَ بِالْإِبَاقِ فَغَابَ ثُمَّ قَالَ أَنْتَ غييته وَلَمْ يَأْبِقْ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنْ أَعْلَمْهُ بِإِبَاقِ شَهْرٍ وَهُوَ يَأْبِقُ سَنَةً إِنْ هَلَكَ فِي الَّذِي بَينه فَلَيْسَ كَالتَّدْلِيسِ وَإِلَّا فَكَالتَّدْلِيسِ وَكَذَلِكَ كَلُّ عَيْبٍ سَكَتَ عَنْ بَعْضِهِ وَقِيلَ إِذَا قَالَ إِذَا أَبَقَ مَرَّةً وَكَانَ أَبَقَ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ أَبَقَ رَجَعَ بِقَدْرِ مَا كَتَمَ وَلَيْسَ كَالتَّدْلِيسِ وَقِيلَ إِنْ بَيَّنَ أَكْثَرَ الْعَيْبِ الَّذِي هَلَكَ بِهِ رَجَعَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَإِلَّا بِقَدْرِ مَا كَتَمَهُ إِلْحَاقًا لِلْأَقَلِّ بِالْأَكْثَرِ وَقَالَ ابْنُ دِينَارٍ إِنْ هَلَكَ فِي الْإِبَّانِ بِعَيْبِ الْإِبَاقِ فَقَطْ

(فرع)

إِلَّا أَن يهلكه الْإِبَاق إِلَى عَطَبٍ بِخِلَافِ السَّرِقَةِ وَلَوْ دَلَّسَ بِالْحَمْلِ فَعَلِمَهُ الْمُبْتَاعُ فَلَمْ يَرُدَّهَا حَتَّى مَاتَتْ فَهِيَ مِنَ الْمُبْتَاعِ لِرِضَاهُ بِالْحَمْلِ وَقَالَ أَشْهَبُ وَلَا يُرَدُّ ثَمَنٌ وَلَا قِيمَةُ عَيْبٍ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إِلَّا أَنْ يُبَادِرَ فِي الطَّلَبِ وَلَمْ يفرط أَو يُمكن من الرَّد ولاكن فِي وَقْتٍ لَا يُعَدُّ فِيهِ رَاضِيًا لِقُرْبِهِ كَالْيَوْمِ وَيَحْلِفُ أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا بِعْتَ عَبْدًا بِعَبْدٍ أَوْ عَرْضٍ فَوَجَدْتَهُ مَعِيبًا لَكَ رَدُّهُ وَأَخْذُ عَبْدِكَ أَوْ عَرْضِكَ إِلَّا أَنْ يَهْلِكَ أَوْ يُبَاعَ أَوْ يَتَغَيَّرَ سُوقُةُ أَوْ بَدَنُهُ فَلَكَ الْقِيمَةُ يَوْمَ العقد وَلَو بِعْت بمثلي رجعت بِالْمثلِ بهد الْهَلَاكِ لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ كَالْعَيْنِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا وُجِدَ بِبَعْضِ الرَّقِيقِ عَيْبًا يَنْقُصُ مِنْ ثَمَنِ الْجُمْلَةِ رَدَّهُ بِحِصَّتِهِ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ كَانَ أَو انْفَرَدَ نَقَصَ لِأَنَّ الْمَبِيعَ هُوَ الْجُمْلَةُ قَالَ مُحَمَّدٌ هَذَا فِي الْحَمْلِ لِلْخِلَافِ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ يَرُدُّ حِصَّتَهُ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا بَاعَ سِلَعًا بِمِائَةِ دِينَارٍ وَسَمُّوا لِكُلِّ سِلْعَةٍ ثَمَنًا فَظَهَرَ عَيْبٌ بِأَحَدِهَا لَمْ يُنْظَرْ لِلتَّسْمِيَةِ بَلْ يُقَسَّمُ الثَّمَنُ عَلَى قِيَمِ الثِّيَابِ نَظَرًا لِلْعَقْدِ فَإِنْ كَانَ الْمَعِيبُ لَيْسَ وَجْهَ الصَّفْقَةِ رده بِحِصَّتِهِ والألم يَكُنْ لَهُ الرِّضَا بِالْعَيْبِ إِلَّا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَو يرد الْجَمِيع لِأَنَّهُ فِي معنى الحملة وَوَجْهُ الصَّفْقَةِ أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهُ سَبْعِينَ وَالثَّمَنُ مِائَةً إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَفْضَلَ السِّلَعِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا ذَهَبَ الْمِثْلِيُّ أَوْ أَكَلَهُ خَيَّرَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ بَيْنَ غُرْمِ الْمِثْلِ مُعَيَّنًا أَوْ يُمْسِكُ وَلَا شَيْءَ وَأَشْهَبُ بَيْنَ الْمِثْلِ وَالرُّجُوعِ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ وَهُوَ أَحْسَنُ لِلْكُلْفَةِ فِي الشِّرَاءِ فَإِنْ جُهِلَ مِقْدَارُهُ كَانَ كَالسِّلَعِ كَالْكَتَّانِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ يَخْتَلِفُ وَسَطُ الْعَدْلِ وَآخِرُهُ وَإِنْ فَاتَ

فرع

الْجِزَافُ خُيِّرَ بَيْنَ التَّمَسُّكِ وَالرُّجُوعِ بِالْعَيْبِ أَوْ يَرُدُّ الْقِيمَةَ لِأَنَّ الْجِزَافَ كَالْعُرُوضِ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا اخْتَلَفَا فِي النَّقْدِ قَبْلَ المحاكمة فِي الْعَيْب إِن كَانَ مما يَحْكُمُ بِهِ فِي الْحَالِ لَمْ يَلْزَمْهُ النَّقْدُ حَتَّى يَتَعَيَّنَ بِإِخْرَاجِ الْأَرْشِ وَإِلَّا نَقَدَ لِتَعَيُّنِ وَقت النَّقْد دون الْعَيْب (فَرْعٌ) إِذا تنَازعا فَقدم البَائِع لأجل عَن الْعَيْب صدق البَائِع فِي التَّقْوِيم لِأَنَّهُ يَدعِي عَلَيْهِمَا الرَّد وَأرش الْعَيْب (فَرْعٌ) فِي الْكتاب الْعلَّة فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ لِلْمُشْتَرِي قَالَ الطُّرْطُوشِيُّ الزَّوَائِدُ الْحَادِثَةُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ كَالسِّمَنِ وَوِلَادَةِ الْأَمَةِ وَمَهْرِهَا وَنِتَاجِ الْمَاشِيَةِ وَاللَّبَنِ وَالصُّوفِ وَخَرَاجِ الْعَبْدِ وَتَمْرِ النَّخْلِ وَالشَّجَرِ يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ مَجَّانًا إِلَّا الْوَلَدَ وَالسِّمَنَ يَرُدُّهُمَا مَعَ الْأَصْلِ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَزَاد لَا يَرُدُّ الْوَلَدَ لِأَنَّهُ غَلَّةٌ وَقَالَ ح الزَّوَائِدُ تَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ وَنَقَضَ أَصْلَهُ بِالْغَلَّةِ وَالْكَسْبِ وَحُدُوثُ الزَّوَائِدِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَهَلَاكُهَا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ حُدُوثِهَا لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى هَذِه النُّصُوص وَلِأَنَّ الْفَسْخَ لَا يَتَنَاوَلُ إِلَّا مَا تَنَاوَلَهُ الْعَقْدُ وَلَمْ يَتَنَاوَلِ الْعَقْدُ الزَّوَائِدَ بَلِ اسْتَفَادَهَا الْمُشْتَرِي بِمِلْكٍ فَلَا يَتَنَاوَلُهَا حُكْمُ الْفَسْخِ كَمَا لَا يَتَنَاوَلُهَا حُكْمُ الْبَيْعِ إِذَا حَدَثَتْ عِنْدَ الْبَائِعِ وَلِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى عَبْدًا فَاسْتَغَلَّهُ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ

وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَرَدَّهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ اسْتَغَلَّ غُلَامِي فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ وَأَمَّا السِّمَنُ وَنَحْوُهُ فَتَبَعٌ لِلسِّمَنِ فِي الْفَسْخِ كَمَا يَتْبَعُهَا فِي الْعَقْدِ احْتَجَّ بِأَنَّهَا نَاشِئَةٌ عَنْ عَيْنِ الْمَبِيعِ فَلَا يَرُدُّهُ بِالسِّمَنِ وَلِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ الْفَسْخُ عَلَيْهَا لَزِمَ خِلَافه الْإِجْمَاعِ وَلِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَتَنَاوَلْهَا فَلَا يَتَنَاوَلُهَا الْفَسْخُ وَلَوْ وَقَعَ عَلَى الْأَصْلِ فَقَطْ لَا يَمْلِكُ الزَّوَائِدَ مِنْ مُوجِبِ الْعَقْدِ وَلَا يُمْكِنُ رَفْعُ الْعَقْدِ مَعَ بَقَاءِ مُوجِبِهِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ السِّمَنَ مُتَّصِلٌ بِلَحْمِ الْمَبِيعِ لَا بِمن نَوعه وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْفَسْخَ وَقَعَ فِي الْأُمِّ وَالزَّوَائِدِ بِمُوجِبِ الْمِلْكِ لَا بِمُوجِبِ الْعَقْدِ كَمَا يبْقى لِلْبَائِعِ تَبْقَى لِلْمُشْتَرِي احْتَجَّ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ عَلَى رَدِّ الْوَلَدِ بِأَنَّ الْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ وَالْوَلَدُ خَرَاجٌ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الثَّمَرَةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْوَلَدَ يُسَمَّى خَرَاجًا بَلْ هُوَ كَالْعُضْوِ يَتْبَعُ الْأَبَوَيْنِ فِي الْعُقُودِ كَالْكِتَابَةِ وَالتَّدْبِيرِ وَغَيْرِهِمَا وَالِاكْتِسَابُ لَا يَتْبَعُ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْوَلَدَ عَلَى خُلُقِ أُمِّهِ فَيَتْبَعُهَا فِي الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ بِخِلَافِ الثَّمَرَةِ تَفْرِيعٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ إِذَا كَانَ الْمَبِيعُ لَا غَلَّةَ فِيهِ يَوْم البيع وَلَا يَوْم الرَّد واعتل فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ فَإِنِ اشْتَرَى شَاةً لَا صُوفَ عَلَيْهَا ثُمَّ حَدَثَ فَجَزَّهُ ثُمَّ وَجَدَ عَيْبًا رَدَّ وَكَانَ لَهُ مَا جَزَّهُ وَقْتَ جِزَازِهِ أَوْ قَبْلَهُ فَإِنْ قَامَ بِالْعَيْبِ قَبْلَ الجزاز قهو يَكُونُ غَلَّةً بِالتَّمَامِ أَوْ بِالْغَلِّ أَوْ بِالْجَزِّ قِيَاسا على الثِّمَار هَل يكون غلَّة فِي الطّيب أَو باليبس أَو بالجذاذ وَإِن كَانَ الصُّوفُ تَامًّا عِنْدَ الْعَقْدِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِم يرد لِأَنَّهُ مَبِيعٌ أَوْ مِثْلُهُ إِنْ كَانَ فَائِتًا وَقَالَ أَشْهَبُ هُوَ لَهُ لِأَنَّهُ غَلَّةٌ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ وَيُخَيَّرُ بَيْنَ غُرْمِ مِثْلِهِ أَوْ قِيمَتِهِ لِأَنَّهُ قَرِيبٌ فَإِنْ عَادَ

صُوفٌ آخَرُ جُبِرَ الصُّوفُ بِالصُّوفِ وَهُوَ لَيْسَ من جبر الْعين يَا لولد وَالْوَلَدُ لَيْسَ بِغَلَّةٍ وَلَا يَغْرَمُ مَا حَلَبَ إِذَا لَمْ تَكُنْ مُصَرَّاةً عِنْدَ الْبَيْعِ وَإِنْ كَانَتْ مُصَرَّاةً عِنْدَ الرَّدِّ لَهُ حَلْبُهُ لِأَنَّ الْحَلب كالجذاذ وَالْجَزِّ وَإِنِ اشْتَرَاهَا بِثَمَرَةٍ مَأْبُورَةٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِم يردهَا وَإِن جذت أَوْ مَكِيلَتُهَا إِنْ فَاتَتْ أَوِ الْقِيمَةُ إِنْ جهلت لِأَنَّهَا مبيعة قَالَ وَرَأى أَنْ تَمْضِيَ بِمَا يَنُوبُهَا مِنَ الثَّمَنِ لِأَنَّهَا مَبِيعَةٌ تَمَّتْ وَانْتَقَلَتْ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي وَكَذَلِكَ إِذا طابت وَلم تجذ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَأْبُورَةٍ فَتَمَّتْ لَمْ يَكُنْ لَهَا قِسْطٌ مِنَ الثَّمَنِ وَخَالَفَ أَشْهَبُ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ إِذَا اشْتَرَاهَا وَلَا ثَمَرَةَ فِيهَا فَيَجِدُهَا مَعِيبَةً قَبْلَ حُدُوثِ ثَمَرَةٍ فَلَهُ رَدُّهَا وَلَا يَرْجِعُ بِسَقْيٍ وَلَا عِلَاجٍ لِأَنَّهُ أَنْفَقَ لِنَفْسِهِ وَقِيلَ يَرْجِعُ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ غير مُتَبَرّع وَيَنْبَغِي أَن تجْرِي عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلِهِ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ هَلْ هُوَ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ أَوِ ابْتِدَاءُ بَيْعٍ فَإِنْ حَتَّى كَانَ ثَمَرًا فَوَجَدَ الْعَيْبَ مِثْلَ الثَّانِي فَلَهُ الرُّجُوعُ بِالسَّقْيِ وَالْعِلَاجِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَب خلافًا لسَحْنُون وَعبد الْملك فَإِن جذ الثَّمَرَة فِي هَذِه الْحَالة فكجذاذة قَبْلَ الْإِبَارِ وَفِي الْوَقْتِ الَّذِي تَكُونُ الثَّمَرَةُ غَلَّةً لِلْمُبْتَاعِ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَالِاسْتِحْقَاقُ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ الْإِبَارُ لِأَنَّهَا قَدْ صَارَتْ فِعْلًا بِهِ فِي حَالَةٍ تَكُونُ لِلْبَائِعِ فِي الْبَيْعِ وَبِالطِّيبِ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْبَيْعِ مُفْرَدَةً دُونَ الْأُصُول وكالجذاذ لِأَنَّهَا قبل الْجذاذ حَاصِلَة فِي الْأُصُول أول تبع لَهَا فتتبع الْأُصُول كَغَيْر المؤبر فَإِن اشْتَرَاهَا بثمرة وَلم تُؤَبَّرْ فَوَجَدَ الْعَيْبَ قَبْلَ التَّأْبِيرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ يَرُدُّهَا وَيُرْجِعُ بِالسَّقْيِ وَالْعِلَاجِ لِأَنَّهُ غير مُتَبَرّع بل أنْفق على ثمن الْمِلْكِ وَقَدْ فَاتَ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَا يَقْتَضِي عدم الرُّجُوع فَإِن جذ الثَّمَرَة قبل الْقيام بِالْعَيْبِ كَانَ نقضا يُوجِبُ الْخِيَارَ بَيْنَ الرَّدِّ وَيَرُدُّ مَا نَقَصَ أَوِ الْإِمْسَاكِ وَالرُّجُوعِ

بِقِيمَةِ الْعَيْبِ فَإِنِ اشْتَرَاهَا بِثَمَرَةٍ لَمْ تُؤَبَّرْ فَوَجَدَ الْعَيْبَ بَعْدَ التَّأْبِيرِ فَكَالْمُشْتَرِي بِغَيْرِ ثَمَرَةٍ يجد الْعَيْب بعد كَمَا تقدم فَإِنِ اشْتَرَاهَا بِثَمَرَةٍ لَمْ تُؤَبَّرْ فَوَجَدَ الْعَيْبَ وَقَدْ طَابَتْ فَكَالْمُشْتَرِي بِغَيْرِ ثَمَرَةٍ ثُمَّ يَجِدُ الْعَيْبَ عِنْدَ الطِّيبِ كَمَا تَقَدَّمَ فَإِنِ اشْتَرَاهَا بِثَمَرَةٍ مَأْبُورَةٍ فَوَجَدَ الْعَيْبَ قَبْلَ الطِّيبِ رَدَّهَا بِثَمَرِهَا عِنْدَ الْجَمِيعِ وَيَرْجِعُ بِالسَّقْيِ وَالْعِلَاجِ عِنْدَ ابْن الْقَاسِم وَأَشْهَب فَإِن جذ الثَّمَرَة قبل وجد أَن الْعَيْبَ خُيِّرَ بَيْنَ الرَّدِّ وَمَا نَقَصَ أَوْ يمسك وَيرجع بِقِيمَة الْعَيْب كجذه قَبْلَ الْإِبَارِ فَإِنِ اشْتَرَاهَا وَفِيهَا ثَمَرَةٌ مَأْبُورَةٌ فيجد الْعَيْب بعد الطّيب ردهَا بِثمنِهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيَرْجِعُ بِالسَّقْيِ وَالْعِلَاجِ وَلَمْ يُمْضِهَا إِذَا فَاتَتْ بِمَا يَنُوبُهَا مِنَ الثَّمَنِ كَمَا أَمْضَاهَا فِي الشُّفْعَةِ وَعِنْدَ سَحْنُونٍ اخْتِلَافًا مِنْ قَوْلِهِ وَفَرَّقَ ابْنُ عَبْدُوسٍ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَقَالَ أَشهب إِن جذت فَهِيَ غلَّة فيتحصل فِيهَا أَقْوَال برد مَعًا مُطلقًا للْمُبْتَاع تُمْضَى بِمَا يَنُوبُهَا مِنَ الثَّمَنِ وَإِذَا قُلْنَا بِالثَّانِي أَو الثَّالِث فَفِي حد ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الطِّيبُ الْبَيِّنُ الْجِذَاذُ وَلَوْ ذهبت الثَّمَرَة بجائحة هَا هُنَا فِي هَذَا الْوَجْهِ رَدَّ وَرَجَعَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ فَإِنِ اشْتَرَاهَا بِثَمَرَةٍ قَدْ طَابَتْ رَدَّهَا بِثَمَرِهَا لِأَنَّهَا مَبِيعَةٌ فَإِنْ فَاتَتْ فَالْمَكِيلَةُ إِنْ عُرِفَتْ وَإِلَّا مَضَتْ بِمَا يَنُوبُهَا مِنَ الثَّمَنِ وَرَدَّ النّخل بِمَا ينوبها وَقيل يرد قِيمَته الثَّمَنِ وَيَرْجِعُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ فَهَذِهِ عَشَرَةُ أَوْجُهٍ وَالرَّدُّ بِفَسَادِ الْبَيْعِ كَذَلِكَ فِي جَمِيعِ الْوُجُوهِ غَيْرَ الْخِيَارِ لِأَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ وَجِذَاذُ الثَّمَرَةِ قَبْلَ الْإِبَارِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الطِّيبِ فَوْتٌ نَظَائِرُ قَالَ الْعَبْدي توخذ الثَّمَرَةُ فِي خَمْسِ مَسَائِلَ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ وَالشَّفِيعُ وَالْمُسْتَحَقُّ إِلَّا الْيَسِيرَ فَإِذَا يَبِسَتْ فَلَا يَأْخُذُهَا وَكَذَلِكَ إِذَا تَوَلَّدَتْ بَعْدَ الْيُبْسِ أَوِ الْبَيْعِ الْفَاسِد والفلس مَا لم تزايل الْأُصُول ابْنُ رُشْدٍ الْغَلَّةُ لِلْمُشْتَرِي فِي هَذِهِ الْخَمْسِ الثَّمَرَة وَغَيرهَا

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِالدَّارِ وَالْحَائِطِ زَمَنَ الْمُخَاصَمَةِ حَتَّى يَحْكُمَ بِالْفَسْخِ لِأَنَّهَا عَلَى مِلْكِهِ وَلَيْسَ لَهُ وَطْءُ الْجَارِيَةِ وَلَا لِبْسُ الثَّوْبِ بَعْدَ مَعْرِفَةِ الْعَيْبِ بِخِلَافِ الْأَوَّلَيْنِ لِأَنَّ اللِّبَاسَ يَنْقُصُ وَالْوَطْءَ يَعْتَمِدُ اسْتِقْرَارَ الْمِلْكِ فَإِنْ فَعَلَ كَانَ رِضًا بِالْعَيْبِ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ إِنْ كَانَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي حَاضِرَيْنِ لَزِمَهُ الْعَيْبُ إِنِ اسْتَعْمَلَ وَخَالَفَهُ ابْنُ حَبِيبٍ لِأَن الْغلَّة بِالنَّفَقَةِ فَصَارَت الغلات ثَلَاث أَقْسَامٍ قِسْمَانِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا وَقِسْمٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَإِنْ عَلِمَ بِالْعَيْبِ بِالدَّابَّةِ فِي سَفَرِهِ فَرَكِبَ فَهَلْ يَكُونُ رِضًا قَوْلَانِ لِمَالِكٍ نَظَرًا لِكَوْنِهِ كَالْمُكْرَهِ بِالسَّفَرِ أَمْ لَا وَكَذَلِكَ يَجْرِي الْخِلَافُ إِذَا وَجَدَ الْعَيْبَ بَعْدَ غَيْبَةِ الْبَائِعِ لِأَنَّ الرَّفْعَ لِلْحَاكِمِ مِمَّا يَشُقُّ عَلَى النَّاسِ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ جَهِلَ الصُّوفَ بَعْدَ فَوْتِهِ حَيْثُ يَرُدُّهُ رَدَّ اللَّحْمَ بِحِصَّتِهَا مِنَ الثَّمَنِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا انْتَزَعْتَ مَالَ الْعَبْدِ ثُمَّ رَدَدْتَهُ رَدَدْتَ مَالَهُ فَإِنْ هَلَكَ قَبْلَ انْتِزَاعِكَ لَمْ يَلْزَمْكَ بِجُزْءٍ مِنَ الثَّمَنِ لِأَنَّكَ لَمْ تَشْتَرِهِ بَلْ مَالُ الْعَبْدِ وَكَذَلِكَ هَلَاك الثَّمَرَة بِأَمْر سماوي قبل جذاذها (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا نَقَضْتَ الثَّوْبَ بِلُبْسِكَ رَدَدْتَ النَّقْصَ فِي التَّدْلِيسِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّكَ صَوَّنْتَ بِهِ مَالك

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا نَقَلَ الْمَبِيعَ ثُمَّ عَيْبٌ دَلَّسَ بِهِ قَبْلَ الْكِرَاءِ عَلَى الْمُبْتَاعِ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ عَلَيْهِ وَقِيلَ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّهُ غَرَّ فَإِنْ لَمْ يُدَلِّسْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُرْفَعُ ذَلِكَ لِلْإِمَامِ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ وَيُبَاعُ عَلَى الْبَائِعِ وَعَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ النَّقْلُ فَوْتٌ وَيَرْجِعُ بِالْعَيْبِ وَلَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ قَبُولُهُ فِي الْبَلَدِ الْآخَرِ قَالَ وَهُوَ أَحْسَنُ إِلَّا فِي العَبْد وَالَّذِي كُلْفَةَ فِي رُجُوعِهِ فَإِنْ وَجَدَ الْبَائِعُ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ مَالَهُ حَمَلَ وَرَضِيَ الْبَائِعُ بِقَبْضِهِ وَقَالَ الْمُشْتَرِي أَمْسِكُ وَأَرْجِعُ بِالْعَيْبِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ ذَلِكَ لِلْبَائِعِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَعَنْ مَالِكٍ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ بَيْنَ الرَّدِّ وَبَيْنَ وَضْعِ قَدْرِ الْعَيْبِ لِأَنَّهُ قَدْ تضرر بِفَوَات مصلحَة النَّقْل وَكَذَلِكَ اخْتلف فِي الغاضب فَالْمُشْتَرِي أَوْلَى فَلَا بُدَّ مِنَ اجْتِمَاعِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فَإِنْ كَانَ لَا حَمْلَ لَهُ فَالْمَقَالُ لِلْبَائِعِ إِذَا كَانَ الطَّرِيقُ عَامِرًا وَإِلَّا فَلَا مقَال لوَاحِد مِنْهَا وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا وَعَالِمًا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَنْقُلُ جَبَرَهُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْقَبُولِ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا كَانَ لِلْمُشْتَرِي دَفْعُ مِثْلِهِ بِبَلَدِ العقد وجبره على الْأَخْذ هَا هُنَا إِنْ دَلَّسَ وَإِلَّا فَلَا (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا اشْتَرَى الْمُكَاتِبُ أَوِ الْمَأْذُونُ ثُمَّ عَجَزَ الْمكَاتب وَحجر على الْمَأْذُون فللسيد الْقيام بِمَا لَهما فِي الْعُهْدَةِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ أَوِ الرِّضَا بِهِمَا لِعَوْدِ اسْتِيلَائِهِ عَلَيْهِمَا وَلَوْ رَضِيَا قَبْلَ ذَلِكَ بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ أَوْ شَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ بِبَرَاءَةِ الْبَائِعِ من الْعُيُوب لَزِمَ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا بَاعَ الْمُكَاتِبُ فَلِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ عَلَيْهِ بَعْدَ عَجْزِهِ وَيُبَاعُ لَهُ وَيَتْبَعُ بِمَا نَقَصَ وَلَهُ الْفَضْلُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا كَانَ عَلَى الْمُكَاتِبِ دَيْنٌ وَرَضِيَ الْبَائِعُ بِالرَّدِّ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ وَقِيلَ هُوَ أَحَقُّ بِالْمَبِيعِ كَالْحرِّ

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ إِذَا بِعْتَ الْعَبْدَ مِنْ نَفْسِهِ بِأَمَتِهِ لَمْ تَرُدَّ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ وَكَأَنَّكَ انْتَزَعْتَهَا وَأَعْتَقْتَهُ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى رَدِّهَا وَاتِّبَاعُكَ إِيَّاهُ بِقِيمَتِهَا نَظَرًا لِصُورَةِ الْمُعَامَلَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ كَانَتْ فِي يَدِ غَيْرِهِ عِنْدَ الْعَقْدِ رَدَدْتَهَا عَلَيْهِ وَاتْبَعْتَهُ بِقِيمَتِهَا لَا بِقِيمَتِهِ لِأَنَّهَا مَوْرِدُ الْعَقْدِ وَكَأَنَّكَ إِذَا قَاطَعْتَ الْمُكَاتِبَ عَلَى عَبْدِهِ اتِّفَاقًا لِأَنَّكَ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَى أَخْذِ مَالِهِ بِخِلَافِ الْعَبْدِ وَإِنْ أَعْتَقْتَ عَبْدَكَ عَلَى عَبْدِهِ اتِّفَاقًا لِأَنَّكَ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَى أَخْذِ مَالِهِ بِخِلَافِ الْعَبْدِ وَإِنْ أَعْتَقْتَ عَبْدَكَ عَلَى عَبْدٍ مَوْصُوفٍ ثُمَّ ظَهَرَ مَعِيبًا رَجَعْتَ بِمِثْلِهِ فترجع الرطب ثلالثة فِي الْمُعَيَّنِ لَا تَرْجِعُ فِيهِ بِشَيْءٍ وَفِي الْمَوْصُوفِ تَرْجِعُ بِمِثْلِهِ وَفِي الْمُعَيَّنِ لِغَيْرِهِ تَرْجِعُ بِالْقِيمَةِ وَلَوْ قَبَضْتَ عَبْدًا مِنْ مُسْلِمٍ فَمَاتَ فِي يَدِكَ ثُمَّ ظَهَرْتَ عَلَى عَيْبٍ رَدَدْنَا الْقِيمَةَ لِضَمَانِكَ بِالْقَبْضِ وَرَجَعْتَ بِمِثْلِهِ تَوْفِيَةً بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ وَعَنْ سَحْنُونٍ يَرْجِعُ غَيْرَ أَنَّ الْأَرْشَ الرُّبُعُ وَيَكُونُ شَرِيكًا وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّكَ قَبَضْتَ الْعُقُود عَلَيْهِ إِلَّا حِصَّةَ الْعَيْبِ وَالْأَوَّلُ اسْتِحْسَانٌ نَفْيًا لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ بِالْأَرْشِ مِنَ الْقِيمَةِ لَا مِنَ الثَّمَنِ بِخِلَافِ الْعَبْدِ الْمعِين لِأَنَّهُ يتفسخ العقد فِيهِ بِالرَّدِّ وَهَا هُنَا يَرْجِعُ بِالْمِثْلِ مَالًا (فَرْعٌ) لِلْوَارِثِ الْقِيَامُ بِعَيْبِ مَوْرُوثِهِ فَإِنِ ادَّعَى الْبَائِعُ الْبَرَاءَةَ بِالْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ لِانْتِقَالِ الْحَقِّ إِلَى غَيْرِكَ فَإِنْ رَجَعَ قَالَ مَالك فلك وَإِلَّا حَلَفَ مِنَ الْوَرَثَةِ مَنْ يُظَنُّ بِهِ عِلْمُ ذَلِكَ دُونَ غَيْرِهِ وَإِذَا مَاتَ الْبَائِعُ وَالْمُبْتَاعُ وَجُهِلَ الثَّمَنُ وَالْعَبْدُ قَائِمٌ رَجَعَ الْوَرَثَةُ بِالْأَرْشِ مِنَ الْقِيمَةِ اتِّفَاقًا (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ لَيْسَ لَكَ الْمُطَالَبَةُ بَعْدَ الْبَيْعِ بِالْعَيْبِ لِانْتِقَالِ الْحَقِّ إِلَى غَيْرِكَ

(فرع)

فَإِنْ رَجَعَ إِلَى مِلْكِكَ فَلَكَ الْمُطَالَبَةُ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ رَجَعَ بِشِرَاءٍ رَدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَخِيرِ لِأَنَّ الْعُهْدَةَ عَلَيْهِ ثُمَّ يُخَيَّرُ فِي الرِّضَا وَالرَّدِّ عَلَيْكَ فَإِنْ رَدَّهُ رَدَدْتَهُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ إِنْ شِئْتَ وَإِنْ رَضِيَ فَعَنْ مَالِكٍ لَا رُجُوعَ لَكَ بِعْتَ بِأَقَلَّ مِنَ الثَّمَنِ أَمْ لَا وَعَنْهُ إِنْ بِعْتَ بِأَقَلَّ رَجَعْتَ بِالْأَقَلِّ مِنْ تَمَامِ الثَّمَنِ أَوْ قِيمَةِ الْعَيْبِ مِنْ ذَلِكَ الثَّمَنِ وَإِلَّا فَلَا قَالَ أَشْهَبُ إِنْ لَمْ تَرُدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَخِيرِ فَلَكَ رَدُّهُ عَلَى الْأَوَّلِ ثُمَّ لَا رُجُوعَ لَكَ عَلَى الْبَائِعِ الْأَخِيرِ لِأَخْذِكَ الْأَوَّلَ بِالْعُهْدَةِ وَإِنِ اشْتَرَيْتَ مِنَ الْمُشْتَرِي مِنْكَ بِأَقَلَّ مِمَّا اشْتَرَاهُ مِنْكَ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْكَ بِتَمَامِ ثَمَنِهِ لَا بِالْأَقَلِّ لِأَن لَهُ رد عَلَيْكَ وَهُوَ الْآنَ فِي يَدَيْكَ وَلَوْ بَاعَهُ مِنْ غَيْرِكَ بِأَقَلَّ مِمَّا ابْتَاعَهُ مِنْكَ فَرَضِيَهُ مُبْتَاعُهُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْكَ إِلَّا بِالْأَقَلِّ وَلَوْ وَهَبَهُ الْمُبْتَاعُ مِنْكَ لَكَ وَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْكَ لرجع بِقِيمَة الْعَيْب من الثّمن الَّذِي مِنْهُ بِهِ ثُمَّ لَكَ رَدُّهُ عَلَى بَائِعِكَ الْأَوَّلِ وَلَوْ وَرِثْتَهُ مِنْ مُبْتَاعِهِ مِنْكَ رَدَدْتَهُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ مَا وَجَبَ لِلْمَيِّتِ وَرِثْتَهُ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ لَا يُمَكَّنُ لِلْمُبْتَاعِ مِنْ تَحْلِيفِ الْبَائِعِ أَنَّهُ بَاعَ سَلِيمًا حَتَّى يُعَيِّنَ عَيْبًا فَيَتَعَيَّنُ الْحَلِفُ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا رَدَّهُ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ أَوْ مُمْكِنَ الْحُدُوثِ عِنْدَهُمَا حَلَفَ الْبَائِعُ فِي الظَّاهِرِ عَلَى الْبَتِّ وَفِي الْخَفِيِّ عَلَى الْعِلْمِ لِأَنَّ غَيْرَ ذَلِكَ يَعِيبُ فَإِنْ أَحْلَفَهُ عَالِمًا بِبَيِّنَةٍ فَلَا قِيَامَ لَهُ بِهَا وَإِلَّا فَلَهُ الْقِيَامُ وَإِنْ أَبَقَ الْعَبْدُ بِقُرْبِ الْعَقْدِ فَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ مَا أَبَقَ عِنْدَكَ لِعَدَمِ نَفْيِ سَبَبِ الْيَمِينِ (فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ يَرْجِعُ إِلَى أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ فِي تنقيص الْعَيْب لثمن وَفِي قِدَمِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَا بُدَّ مِنْ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ عَارِفَيْنِ وَتُقْبَلُ الْمَرْأَتَانِ فِي عُيُوبِ الْفَرْجِ وَالْحَمْلِ وَمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ وَاخْتِلَافُ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ سَاقِطٌ مَعَ اسْتِوَاءِ الْعَدَالَةِ إِلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ عِنْدَ الْعَقْدِ حِسًّا فَيَكُونُ الِاخْتِلَافُ عَيْبًا وَيُصَدَّقُ الْبَائِعُ

فِي الْمَشْكُوكِ فِيهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ فَإِنْ وُجِدَ قَدِيمًا وَمَشْكُوكًا صُدِّقَ الْمُشْتَرِي فِي الْمَشْكُوكِ لِأَنَّهُ يَرُدُّ بِالْقَدِيمِ وَيَغْرَمُ فِي الْمَشْكُوكِ عَلَى تَقْدِيرِ الْحُدُوثِ عِنْدَهُ فَهُوَ مُدَّعًى عَلَيْهِ الْغُرْمُ بِخِلَاف انْفِرَاده وَقَالَهُ ابْن سهل وَقَالَ ح وش الْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ لِأَنَّ الْأَصْلَ سَلَامَةُ الْمَبِيعِ عَلَيْهِ وَهَا هُنَا تَعَارَضَ أَصْلَانِ سَلَامَةُ ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي مِنَ الْغُرْمِ وَسَلَامَةُ الْمَبِيعِ عِنْدَ الْعَقْدِ فَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ أَيُّهُمَا يَغْرَمُ فَإِنْ قَالَ الْمُشْتَرِي الْمَشْكُوكُ حَادِثٌ فَأَنَا أُمْسِكُ وَآخُذُ الْأَرْشَ وَقَالَ الْبَائِعُ قَدِيمٌ فَإِمَّا أَنْ تُمْسِكَ بِغَيْرِ شَيْءٍ أَوْ تَرُدَّ صُدِّقَ الْبَائِعُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ مُدَّعًى عَلَيْهِ الْأَرْشُ وَصُدِّقَ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ مِنْهُ عِنْد العقد وَمَتى قُلْنَا يصدق فَلهُ الْيَمِينِ عَلَى الْآخَرِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَصْلٌ فِي رَدِّ أَيْمَانِ التُّهَمِ لِأَنَّهُمَا فِي حَالِ الدَّعْوَى مُسْتَوَيَانِ فِي الشَّكِّ وَقَالَ أَشْهَبُ يَحْلِفُ الْبَائِعُ فِي الظَّاهِرِ وَالْخَفِيِّ عَلَى الْعِلْمِ لِأَنَّهُ لَا يَقْطَعُ بِحُدُوثِهِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا بَاعَ ثُمَّ اشْتَرَى مِنَ الْمُشْتَرِي بِأَقَلَّ مِنَ الثَّمَنِ ثُمَّ وَجَدَ مَشْكُوكًا فِيهِ وَأَحَبَّ التَّمَسُّكَ فَالْيَمِينُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْآخَرُ وَارْتَجَعَ بَقِيَّةَ الثَّمَنِ فَإِنْ أَحَبَّ الرَّدَّ حَلَفَا جَمِيعًا فَإِنْ نَكَلَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ حَلَفَ الْآخَرُ وَارْتَجَعَ بَقِيَّةَ الثَّمَنِ فَإِنْ حَلَفَ الْأَوَّلُ وَنَكَلَ الْآخَرُ رَدَّهَا عَلَيْهِ وَأَخَذَ الثَّمَنَ وَإِنْ شَكَّ هَلْ كَانَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَوْ عِنْدَ الْبَائِعِ فَإِنْ شَكَّ هَلْ حَدَثَ عِنْدَ الْبَائِعِ قَبْلَ الْبَيْعِ أَوْ فِي الْعَقْدِ الثَّانِي أَوْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي يَحْلِفُ الْبَائِعُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ عِنْده قبل وَلَا حدث بعد أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ حُدُوثَهُ عِنْدَهُ وَيَبْرَآنِ فَإِنْ نَكَلَ الْبَائِعُ عَنِ الْوَجْهَيْنِ حَلَفَ الْمُشْتَرِي وَرَجَعَ عَلَى الْبَائِعِ بِنَقْصِ الثَّمَنِ فَإِنْ حَلَفَ وَنَكَلَ الْمُشْتَرِي كَانَ لِلْبَائِعِ الرَّدُّ عَلَيْهِ وَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ وَلَا يَغْرَمُ شَيْئًا وَإِنْ حَلَفَ الْبَائِعُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ فِي الصَّفْقَةِ الْأُولَى وَنَكَلَ عَنْ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ حَدَثَ فِي الْآخِرَةِ لَمْ يَغْرَمْ وَلَا يَرُدُّ وَلَا يَمِينَ عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ نَكَلَ وَالْيَمِينُ لَا تُرَدُّ عَلَى مَنْ نَكَلَ عَنْهَا وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ إِذَا شَهِدَ شَاهِدٌ عَلَى تَقَدُّمِ الْعَيْبِ عِنْدَ الْبَائِعِ حَلَفَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَتِّ وَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ مِمَّا يَخْفَى قَالَ أَصْبَغُ

إِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْبَائِعُ عَلَى الْعِلْمِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ عَلَى الْبَتِّ لِأَنَّهَا الْيَمِينُ الَّتِي نَكَلَ عَنْهَا الْمُشْتَرِي قَالَ وَلَيْسَ بِالْبَيِّنِ وَأَرَى إِنْ كَانَتِ الشَّهَادَةُ عَلَى قِدَمِهِ وَعَلَى عِلْمِ الْبَائِعِ وَقَالَ الْمُشْتَرِيَ هُوَ اعْتَرَفَ عِنْدِي بِذَلِكَ كَانَتْ يَمِينُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَتِّ وَرَدَّهَا عَلَى الْبَتِّ لِأَنَّهُ يَدَّعِي الْيَقِينَ وَإِنْ قَالَ الشَّاهِدُ لَا أَعْلَمُ عِلْمَ الْبَائِعِ وَقَالَ الْمُشْتَرِي لَا عِلْمَ لِي سِوَى قَوْلِ الشَّاهِدِ لَمْ يَحْلِفْ مَعَ شَاهِدِهِ عَلَى الصَّحِيحِ لِأَنَّهُ يُكَلَّفُ الْيَمِينَ عَلَى الْبَتِّ وَلَا عِلْمَ عِنْدَهُ بَلِ الْيَمِينُ مِنْ جِهَة البيع هَا هُنَا كَأَنَّهُ لَمْ يَشْهَدْ شَاهِدٌ وَإِنْ قَالَ الشَّاهِدُ عَلِمَ بِذَلِكَ الْبَائِعُ وَلَا عِلْمَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مِنْ صِدْقِهِ كَانَتِ الْيَمِينُ فِي جِهَةِ الْبَائِعِ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ فِي تَكْذِيبِ الشَّاهِدِ وَعَلَى الْعلم فِي قدم الْعَيْب فَإِن حلف عَن الْعَيْبِ وَحَلَفَ عَلَى تَكْذِيبِ الشَّاهِدِ رَجَعَتِ الْيَمِينُ عَلَى الْمُشْتَرِي عَلَى الْعِلْمِ كَمَا لَوْ شَهِدَ شَاهِدٌ فَإِنْ نَكَلَ عَنْ تَكْذِيبِهِ رَدَّ الْبَيْعَ وَلَمْ يَرُدِّ الثَّمَنَ وَإِنْ قَطَعَ الْمُشْتَرِي بِصِدْقِ الشَّاهِدِ وَلَمْ يَقْطَعْ بِمَعْرِفَةِ الْبَائِعِ حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْبَائِعُ عَلَى الْعِلْمِ وَإِذَا قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي احْلِفْ أَنَّكَ لَمْ تَرَ الْعَيْبَ وَلَمْ تَبْرَأْ مِنْهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ أَرَاهُ إِيَّاهُ لِعَدَمِ الْجَزْمِ بِالدَّعْوَى الَّتِي يَتَرَتَّب عَلَيْهَا الْيَمين فَإِن ادّعى مخبرا أخبرهُ أَنه رَآهُ ورضيه أَو بِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَحْلِفُ لِاسْتِنَادِ الدَّعْوَى إِلَى سَبَبٍ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ فِي تَكْذِيب يتَوَصَّل إِلَى يَمِينٍ لَا يَسْتَحِقُّهَا وَيُمْكِنُ إِحْضَارُ الْمُخْبِرِ فَيَحْلِفُ مَعَهُ إِنْ كَانَ عَدْلًا أَوْ يَكُونُ لَطْخًا إِنْ كَانَ حَسَنَ الْحَالِ وَلَيْسَ بِلَطْخٍ إِنْ كَانَ سَاقِطَ الْحَالِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَمِينَ لِلْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا لَا يَخْفَى مِثْلُهُ كَقَطْعِ الْيَدِ وَالْعَوَرِ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْعَوَرُ بِذَهَابِ النُّورِ مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ فَيَرُدُّ بِهِ وَإِنْ طَالَ وَبِطَمْسِ الْعين لَا يرد بِهِ فَإِن قرب إِلَّا بِقرب الشِّرَاء وَلذَلِك قَطْعُ الْيَدِ إِنْ قَلَبَ يَدَيْهِ وَإِنْ قَالَ لم ير الْعَبْدُ هَذِهِ الْيَدَ حَلَفَ فِيمَا قَرُبَ قَالَ

(فرع)

مَالِكٌ إِنِ اشْتَرَى مِنْ بَعْضِ النَّخَّاسِينَ غُلَامًا فَأَقَامَ عِنْده ثَلَاثَة أشهر حَتَّى صرع حَالُهُ لَا يَرُدُّونَ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ يَشْتَرُونَ إِنْ وَجَدُوا رِبْحًا بَاعُوا وَإِلَّا خَاصَمُوا فَأَرَى أَنْ يُلْزَمُوا مَا عَلِمُوا وَمَا لَمْ يَعْلَمُوا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَحْلِفُونَ فِي الْخَفِيِّ وَيُلْزَمُونَ الْجَلِيَّ (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ إِذْ لَمْ يُوجَدُ مَنْ يَعْرِفُ الْعُيُوبَ مِنْ أَهْلِ الْعَدَالَةِ قُبِلَ غَيْرُهُمْ وَإِنْ كَانُوا مُسْلِمِينَ لَا طَرِيقَةَ لِلْخَبَرِ بِمَا يَنْفَرِدُونَ بِعِلْمِهِ (فَرْعٌ) قَالَ وَيَحْلِفُ الْبَائِعُ أَنِّي بِعْتُهُ وَيُرِيدُ فِيمَا فِيهِ حَقُّ تَقْوِيَةٍ وَأَقْبَضْتُهُ وَمَا بِهِ عَيْبٌ (فَرْعٌ) قَالَ حَيْثُ كَانَ لَهُ الرَّدُّ فَصَرَّحَ بِالرَّدِّ ثُمَّ هَلَكَ الْمَبِيعُ قَبْلَ وُصُولِهِ إِلَى يَدِ الْبَائِعِ فَأَيُّهُمَا يَضْمَنُهَا أَقْوَال ثَالِثهَا إِن حكم بِهِ حَاكم فَمن الْمُبْتَاع ويلاحظ هَا هُنَا هَلِ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ نَقْضٌ لِلْعَقْدِ فَيَكُونُ مِنَ الْبَائِعِ أَوِ ابْتِدَاءُ بَيْعٍ فَيَكُونُ مِنَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْخِلَافِ فِي اشْتِرَاطِ قَدْرِ التَّسْلِيمِ هَذِهِ عِبَارَةُ الْمُتَقَدِّمِينَ وَيَقُولُ الْمُتَأَخِّرُونَ هَلْ هُوَ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ مِنْ أَصْلِهِ فَيَكُونُ مِنَ الْبَائِعِ أَوْ مِنْ جَنْبِهِ قَالَ وَلَعَلَّ هَذَا الْخِلَافَ مَعَ وجود الحكم ينظر إِلَى صِفَتِهِ هَلْ هُوَ حَكَمَ بِتَخَيُّرِ الْمُشْتَرِي فَيَكُونُ الضَّمَانُ مِنْهُ أَوْ بِالرَّدِّ فَمِنَ الْبَائِعِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ أَصْبَغُ يَدْخُلُ الْعَيْبُ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ بِمُجَرَّدِ الْإِشْهَادِ عَلَى الْعَيْبِ وَعَدَمِ الرِّضَا وَالَّذِي يَأْتِي عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ أَيَرْضَى الْبَائِعُ بِقَبْضِ الْمَعِيبِ أَوْ قَبُولِهِ عِنْدَ الْحَاكِمِ إِنْ لَمْ يَعْلَمْ وَقِيلَ لَا يَكْفِي الثُّبُوتُ حَتَّى يَحْكُمَ بِالرَّدِّ وَلَا خِلَافَ فِي الدُّخُولِ بَعْدَ الْحُكْمِ وَلَوْ رَضِيَ الْبَائِعُ بِالْقَبْضِ وَامْتَنَعَ الْمُبْتَاعُ حَتَّى يَرُدَّ الثَّمَنَ فَهَلَكَ جَرَى عَلَى الْخِلَافِ فِي الْمَحْبُوسَيْنِ بِالثَّمَنِ وَقَالَ ش لَا يَفْتَقِرُ

(فرع)

الرَّدُّ إِلَى حُضُورِ الْبَائِعِ وَلَا رِضَاهُ وَلَا حُكْمِ حَاكِمٍ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَا بَعْدَهُ وَقَالَ ح قَبْلَ الْقَبْضِ يَفْتَقِرُ إِلَى حُضُورِهِ دُونَ رِضَاهُ وَبَعْدَ الْقَبْضِ يَفْتَقِرُ إِلَى رِضَاهُ لِأَنَّ ملكه تمّ على الثّمن فيتقرر نَقْلُهُ عَنْهُ إِلَى رِضَاهُ لَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ رَفْعُ مُسْتَحَقٍّ بِالْعَقْدِ فَلَهُ الِاسْتِقْلَالُ بِهِ كَالطَّلَاقِ سُؤَالٌ كَيْفَ يَسْتَقِيمُ قَوْلُنَا نَقْضُ العقد من جنبه أَو من أَصله والرافع يَسْتَحِيلُ رَفْعُهُ وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ عِنْدَ غَيْرِنَا مِنَ الْمَذَاهِبِ فَإِنْ قُلْتَ الْمُرَادُ رَفْعُ الْآثَارِ قُلْتُ الْآثَارُ وَاقِعَةٌ أَيْضًا يَسْتَحِيلُ رَفْعُهَا فَيَتَعَيَّنُ أَنَّهُ رَفْعُ الْآثَارِ دُونَ الْعَقْدِ جَوَابُهُ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِنَا مِنْ أَصْلِهِ أَيْ أَنَّا حَكَمْنَا الْآنَ بِعَدَمِ دَوَامِ تِلْكَ الْآثَارِ وَبِأَنَّ الْمَوْجُودَ مِنْهَا مَعْدُوم تَقْديرا لَا تَحْقِيقا وشأن الشَّرْعِ فِي التَّقْدِيرَاتِ إِعْطَاءُ الْمَوْجُودِ حُكْمَ الْمَعْدُومِ كَالنَّجَاسَةِ مَعَ الضَّرُورَةِ وَالضَّرَرِ الْيَسِيرِ وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ وَإِعْطَاءُ الْمَعْدُومِ حُكْمَ الْمَوْجُودِ كَتَقْدِيرِ الْمِلْكِ سَابِقًا فِي الْعِتْقِ عَلَى الْعِتْقِ وَتَقْدِيرُ مِلْكِ الدِّيَةِ سَابِقًا عَلَى الْمَوْتِ حَتَّى يَصِحَّ إِرْثُهُ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُطَرِّفٌ يُعَاقَبُ الْغَاشُّ لِمَعْصِيَتِهِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ منا وَلَا تفارق مناعة لِأَنَّ مَالَ الْعُصَاةِ مَعْصُومٌ إِلَّا يَسِيرَ اللَّبَنِ وَيَسِيرَ الْخُبْزِ يُتَصَدَّقُ بِهِ عَلَيْهِ لِأَنَّ التَّأْدِيبَ بِالْأَمْوَالِ تَرْوِيجٌ كَالْكَفَّارَاتِ وَلَا يُرَدُّ إِلَيْهِ الزَّعْفَرَانُ الْمَغْشُوشُ وَنَحْوُهُ بَلْ يُبَاعُ عَلَيْهِ خَشْيَةَ أَنْ يُدَلس بثمرة أُخْرَى وَيُرَدُّ إِلَيْهِ مِنْ كِسَرٍ مِنْ خُبْزٍ قَالَ مَالِكٌ وَيُقَامُ مِنَ السُّوقِ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ مَالِكٌ لَا يَخْلِطُ الْقَمْحَ بِدُونِهِ وَيُعَاقَبُ الْفَاعِل وَكَذَلِكَ

(فرع)

الْقَمْحُ بِالشَّعِيرِ لِأَنَّ النَّاسَ يَنْفِرُونَ مِنْ ذَلِكَ إِذَا اطَّلَعُوا عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمُتَأَصِّلِ وَكَذَلِكَ جَمِيعُ أَنْوَاعِ الطَّعَامِ إِلَّا التُّمُورَ فِي الْحَائِطِ عِنْدَ الْجذاذ لِأَنَّهُ الْعَادَةُ فَإِنْ خَلَطَ الْقَمْحَ بِالشَّعِيرِ لِعِيَالِهِ كَرِهَ مَالِكٌ بَيْعَ فَضْلَتِهِ وَكَذَلِكَ غَيْرُهُ وَخَفَّفَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِم بيع الجزار الْهَزِيلَ بِالسَّمِينِ وَالْمُشْتَرِي يَرَى ذَلِكَ وَيَجْهَلُ هَذَا مِنْ هَذَا كَالشِّرَاءِ بِالدِّرْهَمَيْنِ بِخِلَافِ عِشْرِينَ رِطْلًا لِأَنَّهُ خَطَرٌ قَالَ قَالَ سَحْنُونٌ يَجُوزُ صَبُّ المَاء على الْعصير لَيْلًا يَصِيرَ خَمْرًا قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ لَا يَحِلُّ خلط لبن بقر وغنم وَأَن يُبينهُ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ غِشٌّ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَنَعَ خَلْطَ الْقَمْحِ بِالشَّعِيرِ مِنْهُ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ فَإِنْ بَيَّنَ مَضَى وَإِلَّا فَلَهُ الرَّدُّ وَيَلْزَمُهُ تَبَيُّنُ مِقْدَارِهِمَا (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا بِعْتَ مِنَ البَائِع مثل الثَّمَنِ فَلَا يَرْجِعُ فِي تَدْلِيسٍ وَلَا غَيْرِهِ لِأَنَّكَ عَاوَضْتَ عَلَى السِّلْعَةِ سَلِيمَةً أَوْ بِأَقَلَّ قبل علمك رجعت بِتمَام الثّمن دلّس أَولا لِتَعَيُّنِ الضَّلَالَةِ أَوْ بِأَكْثَرَ فَلَا رُجُوعَ لِلْبَائِعِ عَلَيْكَ إِنْ دَلَّسَ وَإِلَّا فَلَهُ الرُّجُوعُ وَأَخْذُ الثَّمَنِ ثُمَّ لَكَ رَدُّهُ عَلَيْهِ أَوْ تَتَقَاصَّانِ إِنْ شِئْتُمَا وَإِنْ بِعْتَهُ ثُمَّ عَلِمْتَ بِالْعَيْبِ فَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ فِي غُرْمِ نِصْفِ قِيمَةِ الْعَيْبِ أَوْ يَأْخُذُ نِصْفَ الْمَعِيبِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِلْعَيْبِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِنْ رَدَّ عَلَى الْمُشْتَرِي نِصْفَ الْعَبْدِ بِالْعَيْبِ وَكَانَ الْبَائِعُ غَرِمَ نِصْفَ قِيمَةِ الْعَيْبِ مثله أَخْذُهُ مِنَ الْمُشْتَرِي لِذَهَابِ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ وَلِلْمُشْتَرِي رَدُّ الْمَبِيعِ وَأَخْذُ الثَّمَنِ وَعِنْدَ أَشْهَبَ إِذَا بَاعَ بِأَقَلّ من نصف الثّمن بِالْأَقَلِّ مِنْ تَمَامِ نِصْفِ الثَّمَنِ أَوْ نِصْفِ قِيمَةِ الْعَيْبِ وَلَوْ بَاعَ نِصْفَهُ وَوَهَبَ نِصْفَهُ رَجَعَ فِي الْمَوْهُوبِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْعَيْبِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فَإِنْ وَهَبَ نِصْفَهُ وَبَقِيَ نِصْفُهُ بِيَدِهِ وَجَبَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي الْمَوْهُوبِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْعَيْبِ وَيُخَيَّرُ الْبَائِعُ بَيْنَ غُرْمِ نِصْفِ قِيمَةِ الْعَيْبِ وَبَيْنَ أَخْذِ نِصْفِ الْعَبْدِ وَيَرُدُّ نِصْفَ الثّمن

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ الْقِيَامُ بِالسَّرِقَةِ وَالْإِبَاقِ عَلَى أَرْبَعَة أوجه فَنَقُول المُشْتَرِي يُمكن أَن يكون عَبدك فَاحْلِفْ لِي وَلَمْ نَطَّلِعْ مِنْكَ عَلَى ذَلِكَ أَوْ أَخْبَرْتَ بِذَلِكَ أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ عِنْدِي وَأَخْبَرْتَ بِحُدُوثِهِ عِنْدَكَ أَوْ عَلِمْتُ بِحُدُوثِهِ ذَلِكَ عنْدك فَعَلَيهِ الْيَمين هَا هُنَا لِلْجَمْعِ بَيْنَ دَعْوَى الْعِلْمِ وَثُبُوتِ ذَلِكَ وَلَا يَمِينَ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَلَا خِلَافَ فِي هَذَيْنِ وَاخْتُلِفَ فِيمَا عَدَاهُمَا يُحَلِّفُهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ أَمْرٌ مُمْكِنٌ وَخَالَفَهُ أَشْهَبُ سَدًّا لِاتِّسَاعِ الدَّعَاوِي عَلَى الْبَائِعِينَ فَإِنْ قَالَ الْعَبْدُ كُنْتُ أَبَقْتُ عِنْدَ الْبَائِعِ قَالَ مَالِكٌ يَحْلِفُ الْبَائِعُ لِأَنَّهُ لُطِّخَ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا ظَهَرَ بِأَحَدِ الْخُفَّيْنِ أَوِ الْمِصْرَاعَيْنِ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا يَفْتَرِقُ رَدَّ الْجَمِيعَ أَوْ يَرْضَى بِهِمَا لِأَنَّ تَفْرِيقَهُمَا ضَرَرٌ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ قَالَ يَرُدُّ السِّمْسَارُ الْجُعْلَ فِي الرَّدِّ لِعَدَمِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِلَّا أَنْ يُدَلِّسَ لِدُخُولِ الْمُدَلِّسِ عَلَى ذَلِكَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ إِلَّا أَنْ يُدَلِّسَ السِّمْسَارُ مَعَهُ فَيَرُدُّ لِدُخُولِهِ هُوَ أَيْضًا عَلَى ذَلِكَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ هَذَا إِذا زِدْت على البَائِع كرها أما لَو قبل بِاخْتِيَار السَّمْسَرَةِ وَلَوِ اسْتُحِقَّتْ مِنَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ ظَهَرَ فَرَجَعَ بِقِيمَةِ مَا نَقَصَهُ رَجَعَ أَيْضًا عَلَى السِّمْسَارِ بِمَا يَنُوبُ مَا دَفَعَ الْبَائِعُ مِنْ قِيمَةِ الْعَيْبِ وَإِنْ رَدَّ بِطَوْعِهِ لَمْ يَرْجِعْ وَإِنْ حَدَثَ بِيَدِ الْمُبْتَاعِ عَيْبٌ مُفْسِدٌ وَاطَّلَعَ على عيب قديم فرجح بِقِيمَتِهِ رَدَّ السِّمْسَارُ مِنَ الْجُعْلِ مَا يَنُوبُ الْعَيْبَ لِأَنَّهُ جُزْءُ السِّلْعَةِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا قَالَ الْبَائِعُ الْمَرْدُودُ غَيْرُ الْمَبِيعِ صُدِّقَ الْمُبْتَاعُ إِنْ كَانَ الْمَرْدُودُ يُشْبِهُ الثَّمَنَ وَإِلَّا صُدِّقَ الْبَائِعُ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ قَالَ الثَّمَنُ عَشَرَةٌ وَقَالَ الْبَائِعُ خَمْسَةٌ أَوْ عَرْضٌ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ إِلَّا أَنْ

(فرع)

يَأْتِي بِمَا لَا يُشْبِهُ فَإِنْ أَتَيَا جَمِيعًا بِمَا لَا يُشْبِهُ رَدَّ الْبَائِعُ الْقِيمَةَ يَوْمَ قَبْضِ السِّلْعَةِ مُعَيَّنَةً قَالَ وَهُوَ مُشْكِلٌ فَإِنَّ الثَّمَنَ إِنَّمَا كَانَ لَهُ وَهُوَ صَحِيحٌ وَذَلِكَ أَيْضًا بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا أَوْ نُكُولِهِمَا جَمِيعًا فَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكَلَ الْآخَرُ صُدِّقَ الْحَالِفُ وَإِنْ أَتَى بِمَا لَا يُشْبِهُ لِأَنَّ صَاحِبَهُ كَذَّبَ دَعْوَاهُ بِنُكُولِهِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا عَلَّمَ الرَّقِيقَ صَنْعَةً تَرْفَعُ قِيمَتَهُ ثُمَّ ظَهَرَ عَلَى عَيْبٍ فَلَهُ الرَّدُّ أَوْ يَحْبِسُ وَلَا شَيْءَ لَهُ لِأَنَّهُ إِنَّمَا عَلَّمَ لِنَفْسِهِ فَلَيْسَ لَهُ إِلْزَامُ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ وَأَمَّا الصَّغِيرُ يَكْبُرُ وَالْكَبِيرُ يَهْرَمُ فَفَوْتٌ وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ لِأَنَّ هَذِهِ عَيْنٌ أُخْرَى قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ كَانَ يَجِبُ فِي التَّعْلِيمِ الْإِمْسَاكُ وَالرُّجُوعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ لِمَا أَنْفَقَ فِي التَّعْلِيمِ وَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا أَعْتَقَ فَرَدَّ الْعِتْقَ لِلدَّيْنِ وَيَبِيعُ فِيهِ ثُمَّ أَيْسَرَ ثُمَّ أُعْدِمَ ثُمَّ ظَهَرَ عَلَى عَيْبٍ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ فَلَهُ قِيمَةُ الْعَيْبِ وَلَا يَرُدُّهُ لِضَرَرِهِ بِالْعِتْقِ عَلَيْهِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا زَوَّجَهَا فَلَهُ الرَّدُّ وَمَا نَقَصَهُ التَّزْوِيجُ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ فَسْخُ النِّكَاحِ لِأَنَّ النِّكَاحَ صَحِيحٌ لَا يُبْطِلُهُ إِلَّا الطَّلَاقُ وَالْبَائِعُ أَذِنَ فِي التَّصَرُّفِ فَإِنْ وَلِدَتْ فَالْوَلَدُ يَجْبُرُ النَّقْصَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يُجْبَرُ النَّقْصُ بِالْوَلَدِ كَمَا جَبَرَهَا (فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا خَاطَهُ وَأَحَبَّ الْإِمْسَاكَ لَهُ الرُّجُوعُ بِالْعَيْبِ وَإِنْ أَحَبَّ الرَّدَّ لَمْ يَرُدَّ لِلْقَطْعِ شَيْئًا فِي التَّدْلِيسِ وَكَانَ شَرِيكًا بِالْخِيَاطَةِ بِقِيمَةِ الْخِيَاطَةِ يَوْمَ الرَّدِّ لِأَنَّهُ يَوْمَ تَحَقُّقِ الشَّرِكَةُ إِنْ زَادَتِ الْخَيَّاطَةُ وَإِلَّا فَلَا وَقِيلَ قِيمَةُ الْخِيَاطَةِ لَا بِمَا زَادَتْ وَهُوَ فَرْعُ الْفَسْخِ هَلْ مِنْ جِنْسِ الْعَقْدِ أَوْ من أَصله وَفِي غير المدلس يقدم ثَلَاثَة قيم غير معيب ومعيبا ومقطوعا مُقيما مخيطا فَإِنْ قِيلَ الْأَوَّلُ مِائَةٌ

(فرع)

وَالثَّانِي تِسْعُونَ وَالثَّالِثُ ثَمَانُونَ رَدَّ عُشُرَ ثَمَنِهِ وَإِنْ قِيلَ تِسْعُونَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْخِيَاطَةَ جَبَرَتِ الْقَطْعَ وَإِنْ قِيلَ مِائَةٌ كَانَ شَرِيكًا بِعَشَرَةٍ هَذَا إِذَا لَمْ يَتَغَيَّرْ سُوقُهُ فَإِنْ صَبَغَهُ وَلَمْ يَقْطَعْهُ وَأَحَبَّ التَّمَسُّكَ أَخَذَ قِيمَةَ الْعَيْبِ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا أَمْ لَا وَإِنْ رَدَّ كَانَ شَرِيكًا لِمَا يَزِيدُهُ الصَّبْغُ يَوْمَ الرَّدِّ فِي الْمُدَلِّسِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ أَثَرَ التَّدْلِيسِ فِي التَّنْقِيصِ لَا فِي الزِّيَادَةِ وَوَافَقَنَا ح وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ يَبْطُلُ الرَّدُّ لِأَنَّ الصَّبْغَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَلَا يُجْبَرُ الْبَائِعُ عَلَيْهِ إِلَّا بِرِضَاهُ وَجَوَابُهُ لَا بُدَّ مِنْ أَحَدِ الضَّرَرَيْنِ إِمَّا إِلْزَامُ الْمُشْتَرِي مَعِيبًا لَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِ أَوْ إِلْزَامُ الْبَائِعِ مُعَاوَضَةً لَمْ يَرْضَهَا وَهُوَ أَوْلَى أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ لِتَقَدُّمَ حَقِّ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ فَإِنْ نَقَصَهُ لَمْ يَغْرَمْ لِلتَّنْقِيصِ فِي التَّدْلِيسِ وَإِلَّا غَرِمَ وَالِاعْتِبَارُ بِالزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ يَوْمَ الْعَقْدِ فَإِنْ نَقَصَ يَوْمَ الْعَقْدِ غَرِمَ وَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ يَوْمَ الرَّدِّ وَإِنْ زَادَ يَوْمَ الْعَقْدِ وَنَقَصَ يَوْمَ الرَّدِّ فَلَا غرم لِأَنَّهُ لورده ذَلِك الْيَوْم بَرِيء (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا بَاعَ حُلِيًّا بِخِلَافِ جِنْسِهِ نَقْدًا فَوَجَدَهُ مَعِيبًا يَجُوزُ دَفْعُ الْأَرْشِ لِلْمُشْتَرِي مِنْ جِنْسِ الْمَبِيعِ أَوْ مِنْ سَكَّةِ الثَّمَنِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَيَمْتَنِعُ مَا يَخْرُجُ مِنْ جِنْسِ الْمَبِيعِ أَوْ سَكَّةِ الثَّمَنِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ لِأَنَّهُ دَفَعَ ظُلَامَةً لَا مُعَامَلَةً مَقْصُودَةً وَقَالَ سَحْنُونٌ يُمْنَعُ الصُّلْحُ فِيهَا مُطْلَقًا لِأَنَّهُ كَصَرْفٍ مُسْتَأْخَرٍ (النَّظَرُ الثَّالِثُ) فِي الْمَوَانِعِ الْمُبْطِلَةِ لِلْخِيَارِ وَهِيَ قِسْمَانِ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ يَبْطُلُ الرَّدُّ مُطْلَقًا وَهُوَ أَرْبَعَةٌ الْمَانِعُ الْأَوَّلُ الْبَرَاءَةُ مِنَ الْعُيُوبِ عِنْدَ الْعَقْدِ مِنَ الْعُيُوبِ الْقَدِيمَةِ الَّتِي يَجْهَلُهَا الْبَائِعُ وَيَخْشَى أَن يلْزمه قَالَ صَاحب التَّنْبِيهَات لمَالِك وَأَصْحَابه فِيهَا عَشَرَةُ أَقْوَالٍ لَهُ مِنْهَا سَبْعَةٌ مِنْهَا فِي الْكتاب سنة وَلَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ يَجُوزُ فِي الرَّقِيقِ خَاصَّةً وَبَيْعُ السُّلْطَانِ فِي

التَّفْلِيسِ وَالْمَغْنَمِ بَيْعُ بَرَاءَةٍ الثَّانِي الْقَدِيمُ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْبَرَاءَةُ بِالتَّفْلِيسِ يَبِيعُ عَلَيْهِمُ السُّلْطَانُ الرَّقِيقَ دُونَ الشَّرْطِ وَالْمِيرَاثِ الثَّالِثُ فِي الْمُوَطَّأِ تَخْتَصُّ بِالْحَيَوَانِ وَالرَّقِيقِ الرَّابِعُ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ لِمَالِكٍ يخْتَص بِالتَّافِهِ مِنَ الثِّيَابِ وَالْحَيَوَانِ الْخَامِسُ لَهُ فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ يَعُمُّ الرَّقِيقَ وَالْحَيَوَانَ وَكُلَّ شَيْءٍ السَّادِسُ فِي الْوَاضِحَةِ بِمَا طَالَتْ إِقَامَتُهُ عِنْدَ الْبَائِعِ وَاخْتَبَرَهُ السَّابِعُ الَّذِي رَجَعَ إِلَيْهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهَا لَا تَنْفَعُ مُطْلَقًا وَقِيلَ لَا يَخْتَلِفُ فِي بَيْعِ السُّلْطَانِ أَنَّهُ بَيْعُ بَرَاءَةٍ قَالَهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَغَيْرُهُ وَتَأَوَّلُوا لَفْظَ الْمُدَوَّنَةِ الثَّامِنُ يَصِحُّ بِشَرْطٍ بَلْ يُوجِبُهَا الْحَكَمُ فِي بَيْعِ السُّلْطَانِ وَأَصْلِ الْمِيرَاثِ التَّاسِعُ فِي الْمُدَوَّنَةِ يَخْتَصُّ بِالرَّقِيقِ دُونَ غَيْرِهِ الْعَاشِرُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ تَكُونُ فِي الرَّقِيقِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ فِي بَيْعِ الطَّوْعِ دُونَ بَيْعِ السُّلْطَانِ وَالْمَوَارِيثِ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْمَشْهُورُ الِانْتِفَاعُ بِالْبَرَاءَةِ وَرُوِيَ عَن مَالك قدم النَّفْعِ وَمِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ مَنْ يَحْكِي هَذِهِ الرِّوَايَةَ مُقَيّدَة وَيَقُول لم يخْتَلف قَوْله فِي جَوَازه فِي الْيَسِيرِ وَبَيْعِ السُّلْطَانِ وَعُهْدَةُ الثَّلَاثِ وَالسَّنَةِ وَمذهب الْمُدَوَّنَة تَخْصِيصًا بِالرَّقِيقِ وَقَالَ ح تَصِحُّ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنَ الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ مَا عَلِمَهُ الْبَائِعُ وَمَا لم يُعلمهُ وَحكى عَن الشَّافِعِي أَرْبَعَة أَقْوَال كَقَوْل ح وَلَا ينْتَفع فِي شَيْء من الْأَمْوَال وَيخْتَص نَفعهَا بالديون الْبَاطِنَةِ مِنَ الْحَيَوَانِ الْمَجْهُولِ لِلْبَائِعِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ عِنْدَهُ إِلَّا مَا أُعْلِمَ دُونَ مَا لَمْ يُعْلَمْ بِهِ وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ وَقَدْ رَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا بَاعَ غُلَامًا لَهُ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ بِالْبَرَاءَةِ فَقَالَ الَّذِي ابْتَاعَهُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بِالْغُلَامِ دَاءٌ لَمْ تُسَمِّهِ لِي فَاخْتَصَمَا إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَقَالَ الرَّجُلُ بَاعَنِي عَبْدًا وَبِهِ دَاءٌ لَمْ يُسَمِّهِ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بِعْتُهُ بِالْبَرَاءَةِ فَقَضَى عُثْمَانُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنْ يَحْلِفَ لَهُ لَقَدْ بَاعَهُ الْعَبْدُ وَمَا بِهِ دَاءٌ يَعْلَمُهُ فَأَبَى عَبْدُ اللَّهِ أَنْ

(فرع)

يَحْلِفَ فَارْتَجَعَ صَحِيحًا وَسَقِيمًا (فَرْعٌ) شَرْطُ الْبَرَاءَةِ حَسْمًا لِلْخُصُومَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ النَّاطِقِ وَغَيْرِهِ عَلَى الْخِلَافِ أَنَّ النَّاطِقَ يَكْتُمُ عَيْبَهُ كَرَاهَةً فِي الْمُشْتَرِي أَوِ الْبَائِعِ بِخِلَافِ غَيْرِ النَّاطِقِ لَا تَخْفَى أَحْوَالُهُ أَوْ يُخَالِطُهُ نَهْيُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ وَالْمَجْهُولِ وَالْبَيْعُ بِالْبَرَاءَةِ يَقْتَضِي الْجَهْلَ بِعَاقِبَةِ الْمَبِيعِ وَلِأَنَّهُ خِيَارُ فَسْخٍ فَلَا يَجُوزُ إِسْقَاطُهُ بِالشَّرْطِ كَاشْتِرَاطِهِ إِسْقَاطَ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ فِي بَيْعِ الْغَائِبِ وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ الْأَصْلُ يَقْتَضِي أَنْ لَا يَرُدَّ بِالْعَيْبِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ إِذَا قَالَ بِعْتُكَ هَذَا فَالْعَقْدُ إِنَّمَا تَنَاوَلَ الْمَوْجُودَ دون الْمَعْدُوم لاكن الْعُرْفَ اقْتَضَى السَّلَامَةَ مِنَ الْعُيُوبِ فَكَانَ كَالشَّرْطِ فَيرجع بِالْعَيْبِ استدراكا لظلامه فَإِذَا اشْتَرَطَ الْأَصْلَ فَقَدْ صَارَ الْأَصْلُ مَقْصُودًا بِلِسَانِ الْمَقَالِ الَّذِي هُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعُرْفِ فَإِنَّ كُلَّ عَادَةٍ صُرِّحَ بِخِلَافِهَا لَا تُعْتَبَرُ وَرَدَّ عَلَيْهِمُ النَّهْيَ عَنِ الْغَرَرِ وَالْمَجْهُولِ وَعَنِ التَّدْلِيس والغش وَالِاسْتِدْلَال بِمَالِه السّنة بَاطِلٌ وَقَالُوا أَجْزَاءُ الْمَبِيعِ وَصِفَاتُهُ حَقٌّ لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ فَلَهُمَا إِسْقَاطُهُمَا كَسَائِرِ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ قُلْنَا الْعِلْمُ بأجزاء جَزَاء الْمَبِيعِ وَصِفَاتِهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَجُوزُ لِلْعَبْدِ إِسْقَاطُهُ بِالشَّرْطِ كَحَدِّ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ قَالُوا وَلَوْ كَانَ الْعِلْمُ شَرْطًا لَمَا جَازَ الْبَيْعُ وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ قُلْنَا التَّعَايُنُ فِي الْأَثْمَانِ مُعْتَادٌ وَالتَّدْلِيسُ حَرَامٌ بِالنَّصِّ فَهَذِهِ مَدَارِكُ الْحَنَفِيَّةِ وَأَمَّا بَيْعُ السُّلْطَانِ وَغَيْرِهِ فَيُلَاحَظُ لِدَعْوَى الضَّرُورَةِ لِذَلِكَ لِتَحْصِيلِ الْمَصَالِحِ مِنْ تَنْفِيذِ الْوَصَايَا وَوَفَاءِ الدُّيُونِ فَلَوْلَا الْبَرَاءَةُ

لَمْ تَسْتَقِرِّ الْمَصَالِحُ وَعَنْ نَقْضِ ذَلِكَ عَلَى الْأَئِمَّة ليَكُون ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَلِذَلِكَ يَضْمَنُهُمْ بِالشَّرْعِ مَا أَتْلَفُوهُ بِالْخَطَأِ فِي الْأَحْكَامِ مِنْ مَالٍ أَوْ نَفْسٍ لِئَلَّا يَنْفِرَ النَّاسُ مِنْ وِلَايَةِ الْأَحْكَامِ لِعَظِيمِ الضَّرَرِ قَاعِدَةٌ الْحُقُوقُ ثَلَاثَةٌ حَقٌّ لِلَّهِ مَحْضٌ وَحَقٌّ لِلْعَبْدِ مَحْضٌ وَحَقٌّ مُخْتَلَفٌ فِيهِ هَلْ يَغْلِبُ حَقُّ اللَّهِ أَوْ حَقُّ الْعَبْدِ فَالْأَوَّلُ كالأيمان وَالثَّانِي كالنقود والأيمان وَالثَّالِثُ كَحَدِّ الْقَذْفِ وَاخْتُلِفَ فِيهِ هَلْ يَتَمَكَّنُ الْمَقْذُوفُ مِنْ إِسْقَاطِهِ كَالدَّيْنِ أَمْ لَا كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَنَعْنِي بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى أَمْرُهُ وَنَهْيُهُ وَبِحُقُوقِ الْعَبْدِ مَصَالِحُهُ وَنَعْنِي بِحَقِّ الْعَبْدِ الْمَحْضِ هُوَ الَّذِي غَلَبَ فِيهِ حَقُّهُ فَيَتَمَكَّنُ مِنْ إِسْقَاطه وَإِلَّا فَمَا منحق لِلْعَبْدِ إِلَّا وَفِيهِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَهُوَ أَمْرُهُ بِإِيصَالِ ذَلِكَ الْحَقِّ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ قَاعِدَةٌ الْغَرَرُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ مُتَّفَقٌ عَلَى مَنْعِهِ فِي الْبَيْعِ كَالطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ وَمُتَّفَقٌ عَلَى جَوَازِهِ كَأَسَاسِ الدَّارِ وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ هَلْ يَلْحَقُ بِالْقِسْمِ الْأَوَّلِ لِعِظَمِهِ أَوْ بِالْقِسْمِ الثَّانِي لِخِفَّتِهِ أَوْ للضَّرُورَة إِلَيْهِ كَبيع الْغَائِب على الصّفة وَالْبَرْنَامَجِ وَنَحْوِهِمَا فَعَلَى هَاتَيْنِ الْقَاعِدَتَيْنِ يَتَخَرَّجُ الْخِلَافُ فِي الْبَرَاءَة فأ ح يَرَى إِنْ كَانَ الْمَبِيعُ مَعْلُومَ الْأَوْصَافِ حَقٌّ لِلْعَبْدِ فَيَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ وَإِسْقَاطُهُ بِالشَّرْطِ وَغَيْرُهُ يَرَاهُ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى وَأَنَّهُ حَجَّرَ عَلَى عِبَادِهِ فِي الْمُعَاوَضَةِ عَلَى الْمَجْهُولِ وح يَرَى أَنَّ غَرَرَ الْعُيُوبِ فِي شَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنَ الْغَرَرِ الْمُغْتَفَرِ لِضَرُورَةِ الْبَائِعِ لِدَفْعِ الْخُصُومَةِ عَنْ نَفْسِهِ وَغَيْرُهُ يَرَاهُ مِنَ الْغَرَرِ الْمَمْنُوعِ لِأَنَّهُ قَدْ يَأْتِي عَلَى أَكْثَرِ صِفَاتِ الْمَبِيعِ فَتَأَمَّلْ هَذِهِ الْمَدَارِكَ فَهِيَ مَجَالُ الِاجْتِهَادِ وَإِذَا نَظَرَ أَيُّهَا أَقْرَبُ لِمَقْصُودِ الشَّرْعِ وَقَوَاعِدِهِ فَاعْتَمَدَ عَلَيْهِ وَاللَّهُ هُوَ الْهَادِي إِلَى سَبِيلِ الرَّشَادِ تَفْرِيعٌ فِي الْجَوَاهِرِ الْمَشْهُورُ أَنَّهَا لَا تَنْفَعُ مَنْ لَا يَخْتَبِرُ مِلْكَهُ قَبْلَ الْبَيْعِ

إِذْهَابًا لِلْجَهَالَةِ بِالْمَبِيعِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: تَنْفَعُ وَإِذَا تَبَرَّأَ مِنْ عَيْبٍ ذَكَرَهُ فِي جُمْلَةِ عُيُوبٍ لَيْسَتْ مَوْجُودَةً لَمْ تَنْفَعْهُ لِأَنَّ ذَلِكَ يُوهم عَدمه بل حَتَّى تبين مَوْضِعه وجلسه وَمِقْدَارَهُ ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا وَلَا يُمْكِنُ الِاقْتِصَارُ عَلَى مُشَاهَدَةٍ لَا تَقْتَضِي الْإِحَاطَةَ أَوْ لَفْظٍ يحْتَمل كَمَا لَو أَرَادَ دبرة وَهِي معدلة وَلَمْ يَذْكُرْ بَغْلَهَا وَكَذَلِكَ الَّذِي يَتَبَرَّأُ مِنَ السَّرِقَةِ وَالْإِبَاقِ وَالْمُبْتَاعُ يَظُنُّ قُرْبَ ذَلِكَ أَوْ قِلَّتَهُ وَهُوَ كَثِيرٌ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ ذَلِكَ مُفَصَّلًا وَبَيْعُ الْوَرَثَةِ لِقَضَاءِ الدُّيُونِ وَتَنْفِيذُ الْوَصَايَا هُوَ مُرَادُ بَيْعِ الْمِيرَاثِ أَمَّا بَيْعُهُمْ لِانْفِصَالِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ كَبَيْعِ الرَّجُلِ مَالَ نَفْسِهِ لِعَدَمِ ضَرُورَةِ تَنْفِيذِ الْمَصَالِحِ وَكَذَلِكَ الْبَائِعُ لِلْإِنْفَاقِ عَلَى الْوَرَثَةِ وَإِذَا قُلْنَا: بَيْعُ السُّلْطَانِ بَيْعُ بَرَاءَةٍ فَظَنَّ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ كَبَيْعِ الرَّجُلِ مَالَ نَفْسِهِ خُيِّرَ بَيْنَ التَّمَسُّكِ عَلَى الْبَرَاءَةِ أَوِ الرَّدِّ وَقِيلَ: لَا مَقَالَ لَهُ حُمِلَ هَذَا عَلَى أَنَّهُ ادَّعَى مَا لَا يُشْبِهُ لِأَنَّ بَيْعَ السُّلْطَانِ لَا يَخْفَى غَالِبًا لِكَوْنِهِ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي جَمْعٍ وَفِي الْكِتَابِ: يَمْتَنِعُ بَيْعُ الرَّائِعَةِ بِالْبَرَاءَةِ مِنَ الْحَمْلِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ظَاهِرًا مِنْ غَيْرِ السَّيِّدِ لِأَنَّهُ نَقَصَ فِيهَا بِخِلَافِ الْوَخْشِ فَإِنَّهُ رُبَّمَا زَادَ فِي ثمنه وَإِذا بَاعَ السُّلْطَان عِنْد الْمُفْلِسِ وَقَسَّمَ الثَّمَنَ بَيْنَ غُرَمَائِهِ لَمْ يَرُدَّهُ الْمُبْتَاعُ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ لِأَنَّهُ بَيْعُ بَرَاءَةٍ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْمِدْيَانَ كَتَمَهُ فَيُؤْخَذُ الثَّمَنُ مِنَ الْغُرَمَاءِ إِنْ كَانَ الْآنَ مُعْدَمًا ثُمَّ يُبَاعُ لَهُمْ ثَانِيَةً فَإِنْ نَقَصَ ثَمَنُهُ عَنْ حَقِّهِمُ اتَّبَعُوهُ وَإِنْ كَانَ مَلِيًّا أُخِذَ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ أَعْتَقَهُ أَوَّلًا كَانَ الْآنَ حُرًّا لِأَنَّ رَدَّ الْعَيْبِ مَنَعَ الْبَيْعَ الْأَوَّلَ مِنَ التَّمَامِ فَيَنْفُذُ الْعِتْقُ وَلَوْ حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ آخَرُ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ كَانَ لَهُ حَبْسُهُ وَأَخْذُ قيمَة الْعَيْب فِي مَاله وَمِنَ الْغُرَمَاءِ فِي عَدَمِهِ أَوْ يَرُدُّهُ وَمَا نَقَصَهُ الْعَيْبُ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ أَوْ يُبَاعُ لِلْغُرَمَاءِ فِي عَدَمِهِ فَرْعٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا قَالَ: بِهِ كَذَا وَكَذَا عَيْبٍ وَذَكَرَ الْعَيْبَ الْوَاقِعَ مَعَهَا لَمْ

يَنْفَعْهُ وَكَذَلِكَ لَوْ أَفْرَدَهُ حَتَّى يَقُولَ ذَلِكَ بِهِ قَالَ: وَأَرَى إِذَا أَفْرَدَهُ أَنْ يَبْرَأَ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ بِهِ لِأَنَّ التَّلْفِيقَ إِنَّمَا لَمْ يَنْفَعْهُ لِأَنَّ النَّحَّاسِينَ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ فِيمَا لَيْسَ بِهِ عَيْبٌ احْتِيَاطًا فَلَا يَنْقُصُ الثَّمَنُ لِأَجْلِهِ فَرْعٌ قَالَ: لَا تَنْفَعُ الْبَرَاءَةُ فِيمَا عَلِمَهُ السُّلْطَانُ أَوِ الْوَصِيُّ وَلِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ عَلَى الْغُرَمَاءِ لِأَنَّهُ تَدْلِيسٌ فَرْعٌ قَالَ: إِذَا وَجَدَ عَيْبًا قَدِيمًا بِالْمَبِيعِ بِالْبَرَاءَةِ لَهُ تَحْلِيفُ الْبَائِعِ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْهُ فَإِنْ نَكَلَ رَدَّ عَلَيْهِ قَالَ مُحَمَّدٌ: قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ شَرَطَ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ كَانَ لَهُ شَرْطُهُ إِلَّا أَن يكن الْعَيْب مِمَّا لَا يخفى على البَائِع اخْتَلَفَ فِي الْمَشْكُوكِ: وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَا يَمِينَ عَلَيْهِ فِي الْخَفِيِّ وَلَا فِي الظَّاهِرِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ سَبَبِ الْيَمِينِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَحْلِفُ فَإِنْ نَكَلَ رُدَّتْ مِنْ غَيْرِ يَمِينِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْأَصْلَ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ وَالْقِيَامُ بِمُوجِبِ الْعَقْدِ. فَرْعٌ قَالَ: إِنِ اشْتَرَى عَلَى الْبَرَاءَةِ وَبَاعَ على الْعهْدَة وَلم يُخَيّر بِذَلِكَ: قَالَ مَالِكٌ: لِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ تُوهِمُ الْعَيْبَ وَعَنْهُ: خِلَافَةٌ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الْعَيْبِ قَالَ مَالِكٌ: لَا يَبِعْ بِالْبَرَاءَةِ مَنِ اشْتَرَى عَلَى الْعُهْدَةِ لِأَنَّهُ ضَمِنَ لِلْمُشْتَرِي بِالْعَيْبِ وَيَرْجِعُ بِهِ هُوَ عَلَى بَائِعِهِ فَكَأَنَّهُ أَخَذَ ثَمَنَيْنِ فَكَذَلِكَ إِذَا اشْتَرَى بِعُهْدَةِ الثَّلَاثِ ثُمَّ بَاعَ مِنْ يَوْمِهِ بِالْبَرَاءَةِ فَيَمُوتُ فِي الثَّلَاثِ وَيُرْجَعُ عَلَى الْبَائِعِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا اشْتَرَى بِالْبَرَاءَةِ وَبَاعَ بِالْعُهْدَةِ فَوَجَدَ الثَّالِثُ عَيْبًا رَدَّهُ عَلَى الْأَوْسَطِ وَعَلَى الْأَوَّلِ الْيَمِينُ وَقَالَ فِي عبد تنَاوله ثَلَاثَة نفر بِالْبَرَاءَةِ فَوجدَ الْأَخير عَيْبًا كَانَ عِنْدَ الْأَوَّلِ حَلَفَ الْوَسَطُ: مَا عَلِمَهُ وَلَيْسَ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالْآخَرِ شَيْءٌ لِعَدَمِ الْمُعَامَلَة

فَرْعٌ لَمْ يَخْتَلِفْ فِي عَلِيِّ الْجَوَارِي أَنَّهُنَّ لَا يُبَعْنَ عَلَى الْبَرَاءَةِ فِي بَيْعِ السُّلْطَانِ غَيره إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِلْكَ امْرَأَةٍ أَوْ صَبِيٍّ أَوْ مَنْفَعَةَ السَّبْيِ خَشْيَةَ تَوَقُّعِ الْحَمْلِ فَرْعٌ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إِنَّمَا تَجُوزُ الْبَرَاءَةُ فِي الرَّقِيقِ بَعْدَ طُولِ اخْتِبَارِهِ فَإِنْ لَمْ تَطُلْ إِقَامَتُهُ عِنْدَهُ وَلَا اخْتَبَرَهُ كُرِهَ لَهُ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْمُخَاطَرَةَ قَالَ أَصْبَغُ: فَإِنْ وَقَعَ مَضَى فَرْعٌ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَبَرِئَ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ لَمْ يَعْلَمْهُ وَإِنْ أَتَى ذَلِكَ عَلَى جُلِّ الثَّمَنِ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ إِلَّا الْمُغِيرَةَ قَالَ: إِلَّا أَنْ يُجَاوِزَ الثَّالِث فَرْعٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: فَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ قَدْرَ الْعَيْبِ وَلَا تَفْصِيلَهُ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: الْبَيْعُ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا لَزِمَ الْمُشْتَرِي وَقَالَ أَشْهَبُ: يَفْسُدُ لِلْغَرَرِ فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: حوريا الْبَرَاءَة فَيَجُوزُ أَنْ تُوضَعَ بَعْدَ الْعَقْدِ بِدِينَارٍ وَيُرْجَعَ بِالْعُيُوبِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فَرْعٌ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى: لَمْ أَرَ لِأَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا ضَابَطَ مَا تَدْخُلُهُ الْبَرَاءَةُ وَضَابِطُهُ: أَنَّهَا تَدْخُلُ فِي كُلِّ عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ لَيْسَ مِنْ شَرْطِهِ التَّمَاثُلُ احْتِرَازًا من

الْقَرْضِ فَإِنَّ مِنْ شَرْطِهِ التَّمَاثُلَ وَاشْتِرَاطُ الْبَرَاءَةِ فِيهِ وَفِي الْقَضَاءِ يَمْنَعُ التَّمَاثُلَ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ بِأَحَدِهِمَا مِنَ الْعُيُوبِ مَا لَيْسَ فِي الْآخَرِ وَالْحِيَلُ بِالتَّمَاثُلِ كَالتَّفَاضُلِ فَرْعٌ قَالَ: وَمُقْتَضَى اخْتِصَاص الْبَرَاءَة إِذا وَقعت فِي الْحَيَوَان أَن يفْسخ وَالْمَنْقُولُ عَنْ مَالِكٍ صِحَّةُ الْبَيْعِ وَبُطْلَانُ الشَّرْطِ وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا أَفْسَخُهُ فِي الْحَيَوَانِ وَأَفْسَخُهُ فِي الْعُرُوضِ إِلَّا أَنْ يَطُولَ فَرْعٌ قَالَ إِذَا قُلْنَا بَيْعُ السُّلْطَانِ فِي الْمَغْنَمِ وَالْمِيرَاثِ وَالتَّفْلِيسِ بِالْبَرَاءَةِ فَبَاعَ وَلَمْ يُبَيِّنْ أَنَّ الْمَبِيعَ مِنْ ذَلِكَ فَعِنْدَ مَالِكٍ: لِلْمُشْتَرِي الْقِيَامُ لِعَدَمِ الرِّضَا بِالْبَرَاءَةِ وَقَالَ أَصْبَغُ بِنَفْيِهَا لِأَنَّ بَيْعَ السُّلْطَان وبأسه لَا يَخْفَى وَأَمَّا بَيْعُ الْوَصِيِّ وَالْوَرَثَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ الْمُبْتَاعِ لِأَنَّهُ قَدْ يَخْفَى فَرْعٌ قَالَ: الَّذِي تَقَعُ فِيهِ الْبَرَاءَةُ خَاصٌّ وَعَامٌّ وَالْأَوَّلُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ مُتَّفَقٌ عَلَى جَوَازِهِ وَمُتَّفَقٌ عَلَى مَنْعِهِ وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ فَالْأَوَّلُ: الْبَرَاءَةُ مِنْ حَمْلِ الْأَمَةِ الظَّاهِرِ وَالثَّانِي مِنْ حَمْلِ أَمَةٍ أَقَرَّ الْبَائِعُ بِوَطْئِهَا لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَبْرَأُ مِنْ وَلَدِهِ وَيَفْسُدُ الْعَقْدُ عَلَى الصَّحِيحِ لِلشَّرْطِ الْبَاطِلِ وَعَنْ مَالِكٍ: لَا يَفْسُدُ وَالثَّالِثُ مِنْ حَمْلِ الرَّائِعَةِ الَّذِي لَمْ يَظْهَرْ وَلَمْ يقر بِوَطْئِهَا مَنعه مَالك فِي الدَّابَّة لعدم على قَول ابْن حبيب الْجَوَاز وَقَالَهُ (ش) فَإِن دفع بعد العقد دِينَار لِلْبَرَاءَةِ مَنَعَهُ مَالِكٌ فِي الدَّابَّةِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الْعِوَضِ وَحَصَرَهُ ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْجَارِيَةِ دُونَ الدَّابَّةِ كَمَا يَجُوزُ شِرَاءُ طَلَبِ الْعَبْدِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَأَمَّا الْبَرَاءَةُ الْعَامَّةُ مِمَّا لَا يَعْلَمُ فَتَصِح عِنْد

مَالِكٍ فِي كُلِّ عَيْبٍ إِلَّا حَمْلَ الرَّائِعَةِ كَانَ الْعَيْبُ ظَاهِرًا أَوْ خَفِيًّا الْمَانِعُ الثَّانِي: فَوَاتُ الْعُقُودِ عَلَيْهِ حِسًّا بِالتَّلَفِ أَوْ حُكْمًا بِالْعَقْدِ وَالِاسْتِيلَادِ وَالْكِتَابَةِ وَالتَّدْبِيرِ لِأَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ فَرْعُ وُجُودِ الْعَيْنِ وَحَيْثُ لَا عَيْنَ لَا رَدَّ وَفِي الْكِتَابِ: بَاعَ عَبْدًا بِثَوْبَيْنِ فَهَلَكَ أَحَدُهُمَا وَوَجَدَ الْآخَرَ مَعِيبًا وَهُوَ وَجْهُ الصَّفْقَةِ رَدَّهُ وَقِيمَةَ الْهَالِكِ وَأَخَذَ الْعَبْدَ فَإِنْ فَاتَ بحوالة سوق أَو تغير بدن وَالثَّانِي ثُلُثُ الْقِيمَةِ أَوْ رُبُعُهُ رَجَعَ بِحِصَّةِ ذَلِكَ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ لَا فِي عَيْنِهِ نَفْيًا لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ وَلَوْ كَانَ الْعَيْبُ بِالْعَبْدِ رَدَّهُ مُشْتَرِيهِ فَإِنْ كَانَ الْحَاضِرُ أَرْفَعَ الثَّوْبَيْنِ وَلَمْ يُفَتْ بِحَوَالَةِ سُوقٍ أَوْ غَيْرِهِ أُخِذَ مَعَ قِيمَةِ الْهَالِكِ وَإِنْ فَاتَ بِتَغَيُّرِ سُوقٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ لَمْ يَفُتْ وَلَيْسَ وَجْهَ الصَّفْقَةِ أَسْلَمَهُ وَأَخَذَ قِيمَةَ ثَوْبِهِ مَا بَلَغَتْ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: مَعْنَى قَوْلِهِ: ثُلْثُ الْقِيمَةِ: يُرِيدُ: أَوِ النِّصْفَ أَوِ الثُّلُثَيْنِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِحِصَّتِهِ مِنْ قِيمَةِ الْعَيْبِ لَا فِي عَيْنِهِ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَمَّا فَاتَ وَجَبَ الرُّجُوعُ فِي قِيمَتِهِ وَالْقِيمَةُ عَيْنٌ فَصَارَ الشِّرَاءُ فَلَا ينظر هَل الْمَعِيب وَجه الصَّفْقَة أَولا؟ قَالَ مُحَمَّدٌ: إِنْ كَانَ الْمَعِيبُ أَدْنَى الثَّوْبَيْنِ وَقَدْ فَاتَ الْأَرْفَعُ أَمْ لَا وَالْعَبْدُ لَمْ يَفُتْ رَدَّ الْمَعِيبَ وَحْدَهُ وَرَجَعَ بِحِصَّتِهِ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ لَا فِي عَيْنِهِ لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ وَقَالَ أَشْهَبُ: بَلْ فِي الْعَبْدِ لِأَنَّهُ الثَّمَنُ وَعَلَى رَأْيِهِ: لَا يُرَاعَى وَجْهُ الصَّفْقَةِ فِي الْعَيْبِ لِأَنَّهُ لَا يُرَاعَى ضَرَرُ الشَّرِكَةِ وَنَحْوَهُ لَهُ فَمن بَاعَ جَارِيَة بجاريتين قيمتهَا سَوَاءٌ يَرْجِعُ فِي الْمَعِيبَةِ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ فَاتَتْ أَمْ لَا وَقَالَ أَشْهَبُ: يَرْجِعُ فِي عَيْنِهَا قَالَ مُحَمَّد: إِن كَانَت الْمعينَة أَرْفَعَهَا وَنَقَصَ بَدَنُهَا رَدَّهُمَا وَأَخَذَ جَارِيَتَهُ إِلَّا أَنْ تَفُوتَ بِسُوقٍ أَوْ بَدَنٍ فَقِيمَتُهَا يَوْمَ خُرُوجهَا من الإستبراء وَإِن لم تفت الْمعينَة لَا المنفردة وفاتت الدنية رد الْمعينَة وَقِيمَة الدنية مُطلقًا لَا حصَّتهَا لِانَتَقَاضِ الْبَيْعِ وَيَأْخُذُ جَارِيَتَهُ وَإِنَّمَا يُفِيتُ الْمُنْفَرِدَةَ عَيْبٌ مُفْسِدٌ وَإِنْ فَاتَتِ الْمُنْفَرِدَةُ فَقَطْ فِي سوق أَو بِدُونِ رد الْمعينَة فَقَطْ وَرَجَعَ بِقِيمَتِهَا مِنْ قِيمَةِ صَاحِبَتِهَا إِنْ فَاتَتِ الدَّنِيَّةُ فَيَأْخُذُ تِلْكَ الْحِصَّةَ مِنْ قِيمَةِ الْمُنْفَرِدَةِ وَإِنْ لَمْ تَفُتِ الدَّنِيَّةُ رَدَّهَا مَعَ الْمعينَة وَأَخَذَ قِيمَةَ الْمُنْفَرِدَةِ وَإِنْ فَاتَتْ بِقِيمَتِهَا يَوْمَ الْقَبْض قَالَ

صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: جَعَلَ فِي الْكِتَابِ تَغَيُّرَ السُّوقِ مُفِيتًا لِلْعَرْضِ الْمَعِيبَ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ قَائِمًا فَإِنَّمَا يَرُدُّ بِالْحُكْمِ فَأَشْبَهَ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ وَعَنْهُ: خِلَافُ ذَلِكَ وَلَا خِلَافَ أَنَّ حَوَالَةَ السُّوقِ لَا تُفِيتُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إِذَا احْتَلَفَا بَعْدَ ضَيَاعِ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَقَالَ الْبَائِعُ: مَلَّكْتُكَ فَرَكِبْتَ وَقَالَ الْمُبْتَاعُ بَلْ مَنَعْتَنِي إِنْ عُلِمَ هَلَاكُهُ فَمِنَ الْمُبْتَاعِ وَإِلَّا صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ عَلَى تَمْكِينِ الْبَائِعِ وَامْتِنَاعِ الْمُبْتَاعِ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا قَبَضَ الْجَارِيَةَ بَعْدَ شَهْرَيْنِ وَحَوَالَةَ السُّوقِ ثُمَّ مَاتَتْ عِنْدَهُ ثُمَّ ظَهَرَ عيبها لتقويم الْعَقْدُ لِأَنَّهُ صَحِيحٌ بِخِلَافِ الْفَاسِدِ لَا يُضْمَنُ إِلَّا بِالْقَبْضِ وَإِنْ مَاتَتْ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ أَوْ تَعَيَّبَتْ بَعْدَ قَبْضِ الثَّمَنِ فَضَمَانُهَا مِنَ الْمُبْتَاعِ وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ حَبَسَهَا بِالثَّمَنِ كَالرَّهْنِ هَذَا إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا مُوَاضَعَةٌ وَقَالَ عَنِ الْمَحْبُوسِ بِالثَّمَنِ مِنَ الْبَائِعِ وَضَمَانِ الْجَارِيَةِ مِنَ الْمُبْتَاعِ وَإِنْ هَلَكَتْ عِنْدَ الْبَائِعِ حَتَّى يُقْضَى لَهُ بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ أَوْ يُبَرِّئُهُ الْبَائِعُ مِنْهَا وَيَنْفُذُ عِتْقُهَا مِنَ الْمُبْتَاعِ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ وَلَهُ الرِّضَا بِالْعَيْبِ دُونَ عِتْقِ الْبَائِعِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ الْفَاسِد لعدم الْملك إِلَّا أَنْ يُعْتِقَ الْمُبْتَاعُ قَبْلَ عِتْقِ الْبَائِعِ فَقِيمَتُهَا ذَلِكَ قَالَ ابْنُ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي ضَمَانِ الْعَبْدِ إِذَا لَمْ يَنْفُذْ نَظَرًا إِلَى أَنَّ الْمَحْبُوسَ بِالثَّمَنِ كَأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ أَوْ إِلَى أَنَّ الْعَقْدَ بَاطِلٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَوْ قَبَضَ الْجَارِيَةَ ثُمَّ أَشْهَدَ عَلَى الْبَائِعِ أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِالْعَيْبِ ثُمَّ مَاتَتْ بَعْدَ الْإِقَالَةِ أَوْ أَصَابَهَا عَيْبٌ فَمِنَ الْمُشْتَرِي لِضَمَانِهَا بِالْقَبْضِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: مِنَ الْبَائِعِ كَمَا لَو اسْتوْجبَ سلْعَة قريبَة

الْعينَة فَإِنَّهَا مِنَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْقَبْضِ فَإِنِ امْتَنَعَ الْبَائِعُ مِنَ الْإِقَالَةِ فَيُقْضَى عَلَيْهِ فَمِنَ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ لَمْ يُوجِبِ الْإِقَالَةَ عَلَى نَفْسِهِ وَقَالَ مَالِكٌ أَيْضًا مِنَ الْبَائِعِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا أَعْتَقَ الْبَائِعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ إِذَا رَجَعَ إِلَيْهِ لِأَنَّهُ فِي ضَمَانِ غَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ فِي يَدِ غَيْرِهِمَا نَفَذَ عِتْقُ السَّابِقِ مِنْهُمَا وَإِلَّا فَعتق صَاحب صَاحِبِ الْحَوْزِ لِأَنَّهُ أَمْلَكُ بِهِ وَقَالَ إِذَا أَشْهَدَ الْمُبْتَاعُ أَنَّهُ غَيْرُ رَاضٍ بِالْعَيْبِ بَرِئَ مِنْهُ إِلَّا أَنْ يَطُولَ الْأَمْرُ حَتَّى يَرَى أَنَّهُ رَاضٍ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا تَصَدَّقَ بِهَا أَوْ وَهَبَهَا لِغَيْرِ ثَوَابٍ فَهُوَ فَوْتٌ وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ وَإِنْ بَاعَهَا أَوْ وَهَبَهَا لِلثَّوَابِ أَوْ أَجَّرَهَا أَوْ رَهنهَا فال يَرْجِعُ بِشَيْءٍ فَإِذَا زَالَتِ الْإِجَارَةُ أَوِ الرَّهْنُ فَلَهُ الرَّدُّ فَإِنْ تَعَيَّبَتْ رَدَّ نَقْصَهَا وَقَالَ أَشْهَبُ إِنِ افْتَكَّهَا حِينَ عَلِمَ بِالْعَيْبِ فَلَهُ رَدُّهَا وَإِلَّا رَجَعَ بِمَا بَيْنَ الصِّحَّةِ وَالْعَيْبِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا قَرُبَ الْأَجَلُ فِي الْإِجَارَةِ أَوِ الرَّهْنِ نَحْوَ الشَّهْرِ أَخَّرَ إِلَى انْقِضَائِهِ وَإِلَّا فَفَوْتٌ وَإِنْ بَاعَ مَعَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ فَقَدْ رَضِيَهُ وَإِلَّا فَلَمْ يَنْقُصْ لِلْعَيْبِ قَالَ مَالِكٌ لَوِ ادَّعَى بَعْدَ الْبَيْعِ الْعَيْبَ لَمْ تَكُنْ لَهُ الْمُطَالَبَةُ لِأَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ لَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَرْجِعَ إِلَيْهِ بِشِرَاءٍ أَوْ مِيرَاثٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ بِعَيْبٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَلَهُ الرَّدُّ عَلَى الْبَائِعِ وَقَالَهُ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ (ح) لَيْسَ لَهُ رَدُّهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ بِحُكْمِ حَاكِمٍ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ فَلَا يَرُدُّ وَلَوْ رَضِيَ بِهِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الرَّدَّ امْتَنَعَ لِعَجْزِهِ عَنْهُ وَيَرُدُّ بَعْدَ التَّمَكُّنِ كَمَا لَوِ امْتَنَعَ لِغَيْبَةِ الْبَائِعِ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ لَا يَرْجِعُ قَبْلَ الشِّرَاءِ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ اسْتَدْرَكَ ظُلَامَتَهُ بِالْبَيْعِ وَقِيَاسًا عَلَى زَوَالِ الْعَيْبِ كَمَا قَالَ مَالِكٌ وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا رَجَعَ بِشِرَاءٍ وَلَمْ يَعْلَمْ بِعَيْبِهِ فَلَهُ الرَّدُّ عَلَى الْبَائِعِ الْأَخِيرِ لِأَنَّ عَقْدَهُ يَقْتَضِي عُهْدَتَهُ ثُمَّ هُوَ مُخَيَّرٌ فِي الرِّضَا وَالرَّدِّ عَلَى الْمُشْتَرِي الْآنَ لِأَنَّ الْعُهْدَةَ الْآنَ عَلَيْهِ فَإِنْ رَدَّهُ عَلَيْهِ فَلَهُ رَدُّهُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ بِالْأَقَلِّ مِنْ تَمَامِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ قِيمَةِ الْعَيْبِ وَلَوْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي

الثَّانِي مِنَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بِأَقَلَّ مِمَّا اشْتَرَاهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بِتَمَامِ ثَمَنِهِ لَا بِالْأَقَلِّ لِأَنَّ لَهُ رَدَّهُ عَلَيْهِ وَهُوَ الْآنَ فِي يَدَيْهِ وَلَوْ بَاعَهُ مِنْ غَيْرِهِ بِأَقَلَّ فَرَضِيَهُ مُشْتَرِيهِ لَمْ يَرْجِعْ إِلَّا بِالْأَقَلِّ وَلَوْ وَهَبَهُ مِنَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ رَجَعَ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ مِنَ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ مِنْهُ وَلِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ الرَّدُّ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ وَأَخْذُ جَمِيعِ الثَّمَنِ الأول وَلَا وَلَا يُحَاسِبُهُ بِبَقِيَّةِ الثَّمَنِ الَّذِي قَبَضَهُ مِنَ الْوَاهِب لِأَن الثَّانِي وهبه غَيره ولورثة الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ فَلَهُ رَدُّهُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ وَأَخْذُ جَمِيعِ الثَّمَنِ لِأَنَّ مَا وَجَبَ لِلْمَيِّتِ قَدْ وَرِثَهُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ عَنْهُ قَالَ مُحَمَّدٌ إِن كنت نقصت من الثّمن لأجل الْعَيْش لِظَنِّكَ حُدُوثَهُ عِنْدَكَ وَتَبَيَّنَ عَيْبُهُ رَجَعْتَ بِالْأَقَلِّ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: بَلْ بِقِيمَتِهِ كَامِلَةً قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إِنْ بِعْتَهُ بِالثَّمَنِ فَأَكْثَرَ ثُمَّ رَجَعْتَ بِشِرَاءٍ أَوْ مِيرَاثٍ أَوْ هِبَةٍ قُضِيَ عَلَيْكَ بِعَدَمِ الرُّجُوعِ لِخُرُوجِهِ بِمِثْلِ الثَّمَنِ فَلَا رُجُوعَ وَإِلَّا فَلَكَ الرُّجُوعُ قَالَ أَبُو مُحَمَّد: بل لَك الرَّد فضي عَلَيْكَ أَمْ لَا لِانَتَقَاضِ السَّبَبِ الْمَانِعِ مِنَ الرَّدِّ وَلَوْ فَاتَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي وَرَجَعَ عَلَيْكَ فَلَكَ الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ بِقِيمَةِ الْعَيْب مَا لم تكن أَكثر غَرِمَ الثَّالِثُ فَلَا تَرْجِعُ إِلَّا بِمَا غَرِمَ الثَّالِثُ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِنْ وَلَدَتْ مِنْ غَيْرِهِ رَدَّهَا مَعَ وَلَدِهَا أَوْ أَمْسَكَهَا لِأَنَّهُ فَإِنْ مَاتَ وَلَدُهَا فَلَهُ رَدُّهَا وَالرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ كُلِّهِ لِأَنَّ الْوَلَدَ غَيْرُ مَبِيعٍ إِلَّا أَنْ تَنْقُصَهَا الْوِلَادَةُ فَيَرُدُّ نَقْصَهَا فَإِنْ فَاتَتْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَدُّ الْوَلَدِ مَعَ قِيمَةِ الْأُمِّ يَوْمَ الْعَقْدِ بِغَيْرِ وَلَدٍ لِهَلَاكِ الْمَبِيعِ بِجُمْلَتِهِ قَالَ أَشْهَبُ: إِلَّا أَنْ يَأْخُذَ مِنَ الْقَاتِلِ فِي قِيمَتِهَا مِثْلَ الثَّمَنِ لِأَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ نَقْضٌ لِلْعَقْدِ مِنْ أَصْلِهِ فَالْمَأْخُوذُ لِلْبَائِعِ يَسُدُّ عَنْهُ مَسَدَّ الثَّمَنِ قَالَ صَاحِبُ تَهْذِيبِ الطَّالِبِ: إِذَا اشْتَرَاهَا حَامِلًا فَوَلَدَتْ عِنْدَهُ لَمْ يَحْدُثْ عِنْدَهُ عَيْبٌ إِذَا لَمْ تَنْقُصْهَا الْوِلَادَةُ وَإِذَا ردمها ردماً أَخذ

الْوَلَدَ مِنْ ثَمَنٍ أَوْ قِيمَةٍ بِخِلَافِ الْمُفْلِسِ بِبيع الْوَلَدَ وَقَالَ أَصْبَغُ: يردُّ فِي الْعَيْبِ مِنَ الثَّمَنِ قَدْرَ قَيمَتِهِ كَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ مَعَ أُمِّهِ مَوْلُودًا وَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ رَدَّهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهِ وَإِن مَاتَ أَوْ قُتِلَتْ رَجَعَ بِأَرْشِ الْعَيْبِ قَالَ أَشْهَبُ: إِلَّا أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ: آخُذُ مَا أَخَذَ فِي الْوَلَدِ مِنْ ثَمَنٍ أَوْ قِيمَةٍ أَوِ الْوَلَدِ نَفْسِهِ إِنْ كَانَ بَاقِيًا أَوْ قِيمَةِ الْأُمِّ إِنْ أَخَذْتَ لَهَا قِيمَةً فَذَلِكَ لَهُ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْعَيْبِ أَوْ مَا نَقَصَ من الثّمن بعد أَن يحْسب عَلَيْهِ وَمَا أَخَذَ مِنْ قِيمَةٍ أَوْ ثَمَنٍ وَيَرْجِعُ الْقَاتِلُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ يَوْمَ الْقَتْلِ لِأَنَّهُ دَفَعَ مُقَابَلَةَ ذَلِكَ الْوَقْتِ إِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَيَضُمُّ لِقِيمَةِ الْأُمِّ مَا أَخَذَ فِي الْوَلَدِ مِنْ ثَمَنٍ أَوْ قِيمَةٍ وَيَرْجِعُ بِمَا بَقِيَ عَلَى الْبَائِعِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ وَمَعْنَى قَوْلِ أَشْهَبَ فِي الْكِتَابِ إِذَا قُتِلَتِ الْأُمُّ رَجَعَ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَخَذَ فِي الْقِيمَةِ بِمِثْلِ الثَّمَنِ يُرِيدُ أَوْ كَانَتِ الْقِيمَةُ مِثْلَ حِصَّةِ الْعَيْبِ مِنَ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يرجع بِالْعَيْبِ وَقَالَ ابْن شلبون با مَعْنَاهُ مِثْلُ رَأْسِ مَالِهِ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَقَوْلُ أَشْهَبَ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهَا تُقَوَّمُ عَلَى الْقَاتِلِ مَعِيبَةً فَتَبْقَى حِصَّةُ الْعَيْبِ عِنْدَ الْبَائِعِ وَقَوْلُ أَشْهَبَ فِي الْكِتَابِ إِذَا مَاتَتِ الْأُمُّ فَلِلْبَائِعِ أَخْذُ الْوَلَدِ وَرَدُّ الثَّمَنِ كُلِّهِ خِلَافَ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بَلْ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَوْ هَلَكَ مَعَ بَقَائِهَا لَمْ يُعْتَبَرْ وَلَوْ جُرِحَتِ الْأَمَةُ مُوضِحَةً رَدَّهَا وَلَا يَرُدُّ الْأَرْشَ لِأَنَّهَا لَا يَنْقُصُهَا قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ زِيَادَةُ الْمَبِيعِ إِمَّا فِي الْحَالِ بِالصَّنَائِعِ وَالْأَمْوَالِ فَلَيْسَ فَوْتًا اتِّفَاقًا أَوْ فِي الْعَيْنِ وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: الْوَلَدُ وَالْكِبَرُ وَالسِّمَنُ فَفِي الْوَلَدِ قَوْلَانِ لَيْسَ بِفَوْتٍ بَلْ لَهُ الرَّدُّ وَرَدُّهُ أَوْ ثَمَنُهُ إِنْ بَاعَهُ وَقِيلَ فَوْتٌ وَفِي كِبَرِ الصَّغِيرِ وَسِمَنِ الْجَوَارِي قَوْلَانِ فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْكَاتِبِ: الْهِبَةُ لِلِابْنِ الصَّغِيرِ لَيْسَ بِفَوْتٍ لِقُدْرَتِهِ

عَلَى الِانْتِزَاعِ فَلَا يَكُونُ لَهُ الرُّجُوعُ بِأَرْشِ الْعَيْبِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: فَوْتٌ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْأَرْشِ فَرْعٌ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ: إِذَا بَلَغَ بِالْمَرَضِ حَدَّ السِّيَاقِ فَأَخَذَ أَرْشَ الْعَيْبِ ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ وَصَحَّ الْمَرِيضُ لَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ لَان سيبه كَانَ مُحَقَّقًا الْمَانِعُ الثَّالِثُ: ظُهُورُ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بِالْعَيْبِ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ سُكُوتٍ وَهُوَ التَّقْصِيرُ عِنْدَ الِاطِّلَاعِ وَمُكْثٌ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَيَبْطُلُ الرَّدُّ وَالْأَرْشُ إِنْ كَانَ الْبَائِعُ حَاضِرًا فَإِنْ كَانَ غَائِبًا أَشْهَدَ شَاهِدَيْنِ بِالرَّدِّ فَإِنْ عَجَزَ حَضَرَ عِنْدَ الْقَاضِي وَأَعْلَمَهُ فَيَكْتُبُ لِلْبَائِعِ إِنْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ وَإِنْ بَعُدَتْ تُلُوِّمَ لَهُ رَجَاءَ قُدُومِهِ فَإِذَا لَمْ يُرْجَ قُدُومُهُ قَضَى عَلَيْهِ إِنْ أَثْبَتَ الْمُشْتَرِي الشِّرَاءَ عَلَى بَيْعِ الْإِسْلَامِ وَعُهْدَتِهِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا مَضَى بَعْدَ اطِّلَاعِهِ وَقْتٌ يُمْكِنُهُ الرَّدُّ فِيهِ وَلَكِنَّهُ لَا يُعَدُّ رِضًا لِقُرْبِهِ كَالْيَوْمِ وَنَحْوِهِ يَحْلِفُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ رَاضِيًا وَلَهُ الرَّدُّ وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ قِيَاسًا عَلَى الْقِصَاصِ وَلَا يُخِلُّ بِهِ التَّأْخِيرُ حَتَّى يُفْهَمَ الرِّضَا وَقَالَ (ش) بَلِ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ عَلَى الْفَوْرِ لِأَنَّ التَّرَاخِيَ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا وَهُوَ مَمْنُوعٌ وَالْفِعْلُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي الْمَبِيعِ أَوْ يَسْتَعْمِلَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْعَيْبِ تَصَرُّفًا وَاسْتِعْمَالًا لَا يَقَعُ فِي الْعَادَةِ إِلَّا بِرِضًا بِالتَّمَسُّكِ فَإِنْ تَرَدَّدَ بَيْنَ الرِّضَا وَعَدَمِهِ لَمْ يَقْضِ عَلَيْهِ بِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ حَقِّهِ هَذَا هُوَ الضَّابِطُ ثُمَّ تُذْكَرُ فُرُوعُهُ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا قُضِيَ عَلَى الْغَائِبِ بِالْعَيْبِ بِيعَتِ السِّلْعَةُ وَأُعْطِيَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ بَعْدَ الْبَيِّنَةِ عَلَى النَّقْدِ وَمِقْدَارِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْبَائِعَ لَمْ يَقْبِضِ الثَّمَنَ وَمَا فَضَلَ معمراس أَو نقض رَجَعَ بِهِ الْمُبْتَاعُ عَلَى الْبَائِعِ قَالَ اللَّخْمِيُّ أَرَى إِذَا كَانَتْ

الْعَادَةُ الْبَيْعَ عَلَى الْبَرَاءَةِ لَمْ يَحْكُمْ لَهُ بِالرَّدِّ إِلَّا أَن يثبت أَنه اشْتَرَاهُ عَلَى الْعُهْدَةِ وَإِلَّا فَالْأَصْلُ الْعُهْدَةُ وَيَسْتَظْهِرُ بِالْيَمِينِ وَلَا يُكَلَّفُ الْبَيِّنَةَ عَلَى نَقْدِ الثَّمَنِ حَيْثُ يُصَدَّقُ وَإِذَا أَنْكَرَ الْبَائِعُ بِأَنْ تَكُونَ الْعَادَةُ النَّقْدَ أَوْ طَالَ الزَّمَانُ قَبْلَ سَفَرِ الْبَائِعِ أَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي غَرِيمًا وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ عَلَى تَابِعِ الْبَائِعِ لِأَنَّ التَّابِعَ الْغَائِبَ قَدْ يَرْضَى بِالْعَيْبِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْغَائِبُ مُعْدَمًا لِأَنَّهُ لَوْ حَضَرَ مُنِعَ مِنَ الرِّضَا إِذَا كَانَتِ السِّلْعَةُ لَا تُوَفِّي الثَّمَنَ كَبَيْعِ الْمُدَبَّرِ مِنَ التَّبَرُّعِ وَلَوِ اسْتَحَقَّتْ كَانَ لَهُ الْقِيَامُ عَلَى الْأَوَّلِ بِخِلَافِ الْعَيْبِ لِأَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الرِّضَا لِبُطْلَانِ الْعَقْدِ فِي أَصْلِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ: إِنَّمَا تَلْزَمُ الْبَيِّنَةُ عَلَى بَيْعِ الْإِسْلَامِ وَعُهْدَتِهِ إِذَا امْتَنَعَ مِنَ الْحَلِفِ وَإِلَّا صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ بَيْعَ الْإِسْلَامِ هُوَ الْغَالِبُ وَإِذَا أَشْهَدَ عَلَى الْعَيْبِ ثُمَّ بَاعَهُ فَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ إِذَا قَدُمَ إِلَّا أَنْ يَقْضِيَ بِهِ السُّلْطَانُ لِأَنَّ الْبَيْعَ رِضًا قَالَ مُحَمَّدٌ: إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي بَلَدٍ لَا سُلْطَانَ فِيهِ أَوْ سُلْطَانٌ لَا يَقْضِي عَلَى الْغَائِبِ فَلَهُ الرُّجُوعُ بَعْدَ الْإِشْهَادِ وَيُتْبِعُهُ بِبَقِيَّةِ الثَّمَنِ فَإِنْ وَجَدَ الْعَيْبَ بَعْدَ السَّفَرِ بِالدَّابَّةِ فِي السَّفَرِ: فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ لَهُ رَدُّهَا لِأَنَّهُ كَالْمُكْرَهِ بِالسَّفرِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي ركونها شَيْء وَتركهَا بَقِيَّةَ السَّفَرِ فَإِنْ وَصَلَتْ بِحَالِهَا رَدَّهَا أَوْ عَجَفَتْ نَقَصَهَا أَوْ يَحْبِسُهَا وَيَأْخُذُ قِيمَةَ الْعَيْبِ لِأَن الِاضْطِرَار مُبِيح مَالَ الْغَيْرِ وَالسَّفَرُ ضَرُورَةٌ وَرَوَى أَشْهَبُ إِنْ حَمَلَ عَلَيْهَا بَعْدَ عِلْمِهِ لَزِمَتْهُ وَإِنْ سَافَرَ لِغَرَضٍ عَلَيْهِ فِي رَدِّهَا مُؤْنَةٌ أَوْ بِثَوْبٍ فَلَبِسَهُ فَلْيُقِمِ الْبَيِّنَةَ عَلَى بَيْعِ الْإِسْلَامِ وَعُهْدَتِهِ وعد الْبَرَاءَة يَبِيعهُ الإِمَام على البَائِع فَإِن لم يجد ثلثه فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا الرِّضَا بِهِ أَوِ الرَّدُّ إِلَى بَلَدِ الْبَائِعِ وَلَهُ اسْتِخْدَامُ الْعَبْدِ دُونَ وَطْءِ الْأَمَةِ لِأَنَّ الْوَطْءَ يَعْتَمِدُ الْمِلْكَ الْمُقَرَّرَ وَهَذَا بِصَدَدِ النَّقْصِ وَلِلْحَاضِرِ اسْتِخْدَامُ الْأَمَةِ وَالْعَبْدِ وَيَرْكَبُ الدَّابَّةَ بَعْدَ قِيَامِهِ إِلَى الْقَضَاءِ بِالرَّدِّ لِأَن عَلَيْهِ

النَّفَقَةَ وَفِي الْجَوَاهِرِ: الْمَشْهُورُ فِي الْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ تَرْكُ الِاسْتِعْمَالِ وَأَبَاحَهُ ابْنُ حَبِيبٍ قِيَاسًا عَلَى الْعَقَارِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ: يَنْزِلُ عَنِ الدَّابَّةِ إِنْ كَانَ رَاكِبًا إِلَّا أَن يتَعَذَّر عَلَيْهِ الْقود فيعذر بالركوب إِلَى مصادقة الْخَصْمِ أَوِ الْقَاضِي وَأَمَّا الِاسْتِعْمَالُ الْمُنْقِصُ فَيُمْنَعُ كَلُبْسِ الثَّوْبِ الْمَانِعُ الرَّابِعُ: ذَهَابُ الْعَيْبِ قَبْلَ الْقِيَامِ فَفِي الْجَوَاهِرِ: يَسْقُطُ الْقِيَامُ إِلَّا أَنْ يَبْقَى عُلْقَةٌ كَالطَّلَاقِ فِي الزَّوْجَيْنِ وَكَذَلِكَ كَلُّ مَالا يُؤْمَنُ عَوْدُهُ اتَّفَقَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ عَلَى الطَّلَاقِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَوْتِ فَقَالَ مَالِكٌ كَالطَّلَاقِ لِبَقَاءِ الْعدة وَقد يكون مِنْهُ ولد لَا يعلم وَقَالَ ابْن حبيب لبس بِعَيْبٍ لِلنَّاسِ وَإِنْ ذَهَبَ الْعَيْبُ قَبْلَ الْقِيَامِ فَلَا رَدَّ أَوْ بَعْدَ الْعِلْمِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا رَدَّ وَقَالَ أَشْهَبُ لَهُ الرَّدُّ وَإِنْ ذَهَبَ قَبْلَ الشِّرَاءِ فَلَا رَدَّ إِلَّا إِن لم تؤمن عودته كخدام أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ أَوِ الْأَجْدَادِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا اشْتَرَاهَا فِي عِدَّةِ طَلَاقٍ فَلَمْ يَرُدَّهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَلَا رَدَّ قَالَ وَكَذَلِكَ أَرَى إِذَا اشْتَرَاهَا بَعْدَ حَيْضَةٍ لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَنَّهَا تُوقَفُ حَتَّى تَحِيضَ فَلَا مَضَرَّةَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ مِنَ الْوَخْشِ لِأَنَّهَا تُشْتَرَى عَلَى أَنَّهَا تُقْبَضُ بِالْحَضْرَةِ وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ عَلَى أَنه علم لَهَا زوجا طَلقهَا لَكِن يَعْتَقِدُ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ فَلَوْ جَهِلَ الزَّوْجُ كَانَ لَهُ الرَّدُّ وَإِنِ انْقَضَتِ الْعِدَّةُ وَتَزْوِيجُ الْعَبْدِ بِغَيْر إِذن سَيّده عيب فَإِن فَسَخَهُ السَّيِّدُ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ طَلَّقَ الْعَبْدُ لِأَنَّ تَعَدِّيَهُ فِي ذَلِكَ يَشِينُهُ وَإِنْ تَزَوَّجَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ ثُمَّ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ لَمْ يَرُدَّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ تَخَلَّقَ عَلَى سَيِّدِهِ حَتَّى زَوَّجَهُ وَالدَّيْنُ عَيْبٌ إِلَّا أَنْ يَقْضِيَهُ السَّيِّدُ قَالَ سَحْنُونٌ إِلَّا أَنْ يَسْتَدِينَ فِي سِعَةٍ فَإِنَّ ذَلِكَ خُلُقٌ يَبْقَى قَالَ وَأَرَى إِنْ كَانَتِ الْمُدَايَنَةُ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ أَنْ يَرُدَّ بَعْدَ الْإِسْقَاطِ لِلْجُرْأَةِ عَلَى ذَلِكَ وَإِسْقَاطُ الْجِنَايَةِ الْخَطَأِ يُسْقِطُ الرَّدَّ بِخِلَافِ الْعَمْدِ وَإِذَا حَدَثَتِ الْحُمَّى فِي عُهْدَةِ الثَّلَاثِ وَذَهَبَتْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا رَدَّ وَقَالَ أَشْهَبُ يُرَدُّ لِاحْتِمَالِ بَقَاءِ سَبَبِهَا قَالَ وَأَرَى أَنْ يُسْتَأْنَى بِهِ فَإِنِ اسْتَمَرَّ بِدُونِهِ لَمْ يَرُدَّ وَالضَّابِط أم الْعَيْبَ إِنْ كَانَ الْغَالِبُ عَوْدُهُ أَوْ أَشْكَلَ أَمْرُهُ رُدَّ اسْتِصْحَابًا

لِلْحَالَةِ السَّابِقَةِ فَرْعٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا أَخْبَرَ البَائِع بِالطَّلَاق عِنْد العقد برِئ وَلَا يَطَأهَا الْمُشْتَرِي وَلَا يُزَوِّجُهَا حَتَّى تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ عَلَى الطَّلَاقِ أَوِ الْوَفَاةِ لِثُبُوتِ أَصْلِ الزَّوَاجِ إِذَا لَمْ تَكُنْ طَارِئَةً أَوْ قَدِمَتْ مِنْ مَوْضِعٍ قَرِيبٍ يَقْدِرُ عَلَى اسْتِعْلَامِ ذَلِكَ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا حَلَّتْ لِلسَّيِّدِ وَالزَّوْجِ فَرْعٌ فِي الْكتاب: إِذا انْقَطع الول فِي الْفراش لَهُ الرَّد إِذْ لَا يُؤمن عوده الْقِسْمُ الثَّانِي مِنَ الْمَوَانِعِ مَا يَمْنَعُ مِنَ الرَّدِّ عَلَى وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ وَهُوَ تَغْيِيرُ الْمَبِيعِ وَالتَّغْيِيرُ ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ الضَّرْبُ الْأَوَّلُ تَغْيِيرٌ يُفِيتُ الْمَقْصُودَ مِنَ الْعَيْنِ فَيَمْنَعُ لِأَنَّهُ يُصَيِّرُهَا كَالْمَعْدُومَةِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْأَعْيَانِ مَنَافِعُهَا الضَّرْبُ الثَّانِي: تَغْيِيرٌ لَا بَالَ لَهُ لَا يَمْنَعُ الرَّدَّ وَوُجُودُهُ كَعَدَمِهِ فَفِي الْكِتَابِ لَا يُفِيدُ الرَّدَّ حَوَالَةُ الْأَسْوَاقِ وَلَا نَمَاءٌ وَلَا عَيْبٌ خَفِيفٌ كَالرَّمَدِ وَالْكَيِّ وَالدَّمَامِيلِ وَالْحُمَّى وَالصُّدَاعِ وَذَهَابِ الظُّفْرِ وَلَهُ الرَّدُّ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَإِنْ نَقَصَهُ وَكَذَلِكَ الْأُنْمُلَة فِي الْوَحْش قَالَ ابْنُ يُونُسَ: الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ البيع الْفَاسِد تفيته حِوَالَة الْأَسْوَاق: دخل الْمُتَبَايِعَيْنِ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَسَوَّى بَيْنَهُمَا فِي زِيَادَةِ السُّوقِ وَنَقْصِهِ وَهَاهُنَا لَمْ يَدْخُلَا عَلَى الرَّدِّ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَكَذَلِكَ مَا حَدَثَ عِنْدَهُ مِنْ شُرْبِ الْخَمْرِ أَوِ الزِّنَا أَوِ السَّرِقَةِ أَوِ الْإِبَاقِ فَقِيلَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا خِلَافًا لِابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ هَذِهِ قَدْ تَنْقُصُهُ كَثِيرًا

وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْبَائِعِ يُرَدُّ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ الْخَفِيفِ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي: أَنَّ الْبَائِعَ يَتَوَقَّعُ تَدْلِيسَهُ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي قَالَ: وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ: التَّسْوِيَةُ فَيَلْحَقُ الْمُشْتَرِي بِالْبَائِعِ الضَّرْبُ الثَّالِثُ: تَغْيِيرٌ لَهُ بَالٌ وَلَا يُخِلُّ بِالْمَقْصُودِ فيخَّير بَيْنَ التَّمَسُّكِ وَأَخْذِ أَرْشِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ أَوِ الرَّدِّ وَمَا نَقَصَهُ الْعَيْبُ الْحَادِثُ وَفِي الْكِتَابِ: إِلَّا أَنْ يَرْضَى الْبَائِعُ بِأَخْذِهِ مَعِيبًا وَيَرُدَّ جَمِيعَ الثَّمَنِ فَذَلِكَ لَهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ: قَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ: لَا يُسْمَعُ مِنَ الْبَائِعِ ذَلِكَ لِأَنَّ الْخِيَارَ حُكْمٌ ثَبَتَ لِلْمُشْتَرِي فَلَا يَتْمَكَّنُ الْبَائِعُ مِنْ إِبْطَالِهِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ: إِذَا قَطَعَهُ وَخَاطَهُ فَقَالَ الْبَائِعُ: أَعْطِنِي فِي الْخِيَاطَةِ وَلَا أُلْزِمُكَ نُقْصَانَ الْقَطْعِ حَتَّى لَا تُمْسِكَهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بِخِلَافِ طَرْحِ أَرْشِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ إِذَا لَمْ يَخُطْهُ لِأَنَّهُ بِالْخِيَاطَةِ صَارَ شَرِيكًا فَلَا يَسْتَقِلُّ شَرِيكُهُ بِإِبْطَالِ شَرِكَتِهِ وَعَنْ أَبِي الْحَسَنِ: أَنَّ الْقِيَامَ بِالصَّبْغِ يَوْمَ الْحُكْمِ لَا يَوْمَ الْبَيْعِ لِأَنَّ الرَّدَّ فَسْخٌ فَالْقِيمَةُ يَوْمَ الْحُكْمِ وَجَعَلَ الشَّرِكَةَ بِمَا زَادَ الصِّبْغُ وَجَعَلَهُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ إِذَا امْتَنَعَ الْمُسْتَحِقُّ مِنْ دَفْعِ قِيمَةِ الصِّبْغِ وَالْمُشْتَرِي مِنْ دَفْعِ قِيمَةِ الثَّوْبِ أَنَّ الشَّرِكَةَ بِقِيمَةِ الصَّبْغِ دُونَ زِيَادَةٍ لِأَنَّ الرَّادَّ بِالسُّكُونِ شَكَّ وَأَخَذَ قِيمَةَ الْعَيْبِ وَالْمُسْتَحِقُّ مِنْ يَدِهِ مُكره فَيُشَارِكُ بِالْقِيمَةِ وَبِقَوْلِنَا قَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ (ش) و (ح) : حُدُوثُ الْعَيْبِ عِنْدَهُ يَمْنَعُ رَدَّهُ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ لِأَنَّ الرَّدَّ شُرِعَ لِدَفْعِ الظُّلَامَةِ وَالضَّرَرِ عَنِ الْمُشْتَرَى وَالرَّدُّ ضَرَرٌ عَلَى الْبَائِعِ لَا يُشْرَعُ دَفْعُهُ بِالضَّرَرِ بَلْ يَتَعَيَّنُ أَخْذُهُ الْأَرْشَ فِي الْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَقِيَاسًا عَلَى الْعُيُوبِ الْمُبَيَّنَةِ كَالْعَمَى وَنَحْوِهِ لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَارَضَ حَقَّانِ أَحَدُهُمَا يُوجِبُ بَقَاءَ الْعَقْدِ وَالْآخَرُ بُطْلَانه لِأَنَّهُ وَجَبَ أَنْ يَرْجِعَ مُوجَبُ الْبَقَاءِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّ الْبَائِعَ مُفَرِّطٌ فِي عَدَمِ إِطْلَاعِهِ عَلَى عَيْبِ سِلْعَتِهِ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي فَلِذَلِكَ رَجَّحْنَا ضَرَرَهُ أَوْ يَقُولُ: حَقُّ الرَّدِّ ثَابِتٌ قَبْلَ حُدُوثِ الْعَيْبِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَذِمَّةُ الْبَائِعِ مَشْغُولَةٌ بِبَقَاءِ جُزْءٍ مِنَ الْمَبِيعِ عِنْدَهُ فَرجع ذَلِكَ عَمَلًا بِالِاسْتِصْحَابِ وَلَأَنْ يَجْبُرَ الضَّرَرَيْنِ: ضَرَرَ الْبَائِعِ بِالْأَرْشِ وَضَرَرَ

الْمُشْتَرِي بِالرَّدِّ بِخِلَافِ الْعَكْسِ يَتَضَرَّرُ فِيهِ الْمُشْتَرِي وَحْدَهُ بِإِلْزَامِهِ مَا لَمْ يَعْقِدْ عَلَيْهِ وَعَنِ الثَّانِي: الْفَرْقُ بِأَنَّ ذَهَابَ أَكْثَرِ الْمَنَافِعِ يُصَيِّرُ الْمَبِيعَ مَعْدُومًا لِأَنَّ الْأَقَلَّ تَبَعٌ لِلْأَكْثَرِ وَالْمَقْصُودُ مِنَ الْأَعْيَانِ مَنَافِعُهَا وَالْمَعْدُومُ يَسْتَحِيلُ رَدُّهُ وَعَنِ الثَّالِثِ: مَنْعُ التَّعَارُضِ لِأَنَّ حَقَّ الْمُشْتَرَى ثَبَتَ قَبْلَ حُدُوثِ الْعَيْبِ سَالِمًا عَنِ الْمُعَارِضِ ثُمَّ يَنْتَقِضُ مَا ذَكَرُوهُ بِمَا إِذَا تَقَارَرَا عَلَى الْعَيْبِ وَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ رَضِيَ بِهِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يُصَدَّقُ فِي اسْتِحْقَاقِ الرَّدِّ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ: لَا يُحِبُّ أَرْشَ الْعَيْبِ الْحَادِثِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي كَانَ سَبَبَ التَّدْلِيسِ أَمْ لَا وَكَمَا لَوْ غَرَّهُ بِحُرِّيَّةِ أَمَةٍ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى مَنْ غَرَّهُ بِالصَّدَاقِ كُلِّهِ وَجَوَابُهُ: أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْغَارِّ إِنْ كَانَ غَيْرَ السَّيِّدِ وَلَوْ دَلَّسَهَا هُنَا غَيْرُ السَّيِّدِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ تَفْرِيعٌ: فِي الْجَوَاهِرِ: فِي الْكِتَابِ: الْعَمَى وَالشَّلَلُ مِنْ هَذَا الضَّرْبِ وَرَآهُمَا ابْنُ مَسْلَمَةَ مِنَ الضَّرْبِ الْأَوَّلِ وَكَذَلِكَ رَأَى قَطْعَ ذَنَبِ الْبَغْلَةِ الْمَرْكُوبَةِ وَالْفَرَسِ الْمَرْكُوبِ وَالْمَشْهُورُ: عَجَفُ الدَّابَّةِ وَهِرَمُ الْعَبْدِ مِنَ الضَّرْبِ الثَّالِثِ وَرَآهُ ابْنُ مَسْلَمَةَ مِنَ الْأَوَّلِ وَبِثَمَنِ الْأَمَةِ الْهَزِيلَةِ مِنَ الثَّالِثِ وَقِيلَ: مِنَ الثَّانِي عَلَى الْمَشْهُورِ وَكِبَرُ الصَّغِيرِ مِنَ الْأَوَّلِ وَقِيلَ: مِنَ الثَّالِثِ وَالْوَطْءُ فِي الثَّيِّبِ مِنَ الثَّانِي عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ: مِنَ الْأَوَّلِ وَافْتِضَاضُ الْبِكْرِ مِنَ الثَّالِثِ وَتَزْوِيجُ الْأَمَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنَ الثَّالِثِ وَقِيلَ مِنَ الثَّانِي وَرَآهُ ابْنُ مَسْلَمَةَ مِنَ الْأَوَّلِ عَلَى الْمَشْهُورِ إِذَا وَلَدَتْ جُبِرَ النَّقْصُ مِنَ الْوَلَدِ وَقِيلَ: لَا يُجْبَرُ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الْفُرُوعِ كُلِّهَا: النَّظَرُ إِلَى عِظَمِ الْعَيْبِ فَمَنْ عَظُمَ عِنْدَهُ جَعَلَهُ مِنَ الْأَوَّلِ وَمَنْ لَا يرى ذَلِك جعله من غَيره ووافقنا ابْن حَنْبَل فِي وطئ الثّيّب لَا يرد شَيْئا ويردد عِنْدَ ابْنِ حَنْبَلٍ وَقَالَ (ش) و (ح) : يَمْتَنِعُ رَدُّهَا وَوَافَقَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ فِي رَدِّ الْأَرْشِ فِي الْبِكْرِ وَمَنَعَ (ش) و (ح) ومورد ابْن مسلمة: أَن الْمَنَافِع البُضع عِنْدَنَا كَمَنَافِعَ الْبَدَنِ مِنَ الِاسْتِخْدَامِ وَغَيْرِهِ وَعِنْدَهُمَا مُلْحَقَةٌ بِالْأَجْزَاءِ فَالْوَطْءُ كَقَطْعِ عُضْوٍ يَمْنَعُ الرَّد عدهما واستدلا بِأَن

الْوَطْء جِنَايَة فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو من عُقُوبَة أَو مَال أَو وَقْعٍ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ وَلِأَنَّهُ يُحَرِّمُهَا بِوَطْئِهِ عَلَى أَبِيهِ وَابْنِهِ فَهِيَ جِنَايَةٌ وَلِأَنَّهُ يَجِبُ بِهِ جَمِيعُ الْبَدَلِ فِي النِّكَاحِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ مِقْدَارِ الْمَنْفَعَةِ كَالْمُوضِحَةِ وَالْمَنَافِعُ تُقَابِلُ مِنَ الْأَجْرِ تَقْدِيرَهَا وَلِأَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ فَسْخٌ لِلْعَقْدِ مِنْ أَصْلِهِ فَيُؤَدِّي لِوُقُوعِ الْوَطْءِ فِي مِلْكٍ خَالِيًا عَنِ الْعُقُوبَةِ وَالْغَرَامَةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: وَإِنْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ جِنَايَةٌ فَالْجِنَايَةُ عِنْدَنَا لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ وَعَنِ الْآخَرِ: أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ فَسْخَ الْعَقْدِ مِنْ أَصْلِهِ مُسْتَحِيلٌ عَقْلًا لِاسْتِحَالَةِ رَفْعِ الْوَاقِعِ بَلِ الْمَنْهِيُّ وَطْءٌ فِي مِلْكِهِ وَلَوْ هَلَكَتْ كَانَتْ فِي ضَمَانِهِ وَجَزَاءُ جَهَالَةٍ وَلَوْ صَحَّ مَا ذَكَرْتُمُوهُ لَمَا صَحَّتِ الْإِقَالَةُ ثُمَّ يَتَأَكَّدُ قَوْلُنَا بِالْقِيَاسِ عَلَى وَطْءِ الزَّوْجِ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَتَلَذُّذِ الْمُشْتَرِي بِالنَّظَرِ إِلَى الْفَرْجِ وَغَيْرِهِ وَنَقُولُ فِي الثَّيِّبِ: لَا يَنْقُصُ عَيْنُهَا وَلَا يَجِبُ فِيهَا أَرْشٌ كَمَا لَوْ نَظَرَ إِلَيْهَا فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا اشْتَرَى عَبْدَيْنِ فِي صَفْقَةٍ بِذَهَبٍ فَوَجَدَ أَحَدَهُمَا مَعِيبًا وَهلك الآخر رد الْعَيْب وَأَخَذَ حِصَّتَهُ مِنَ الثَّمَنِ لِاسْتِدْرَاكِ الظُّلَامَةِ فَإِنِ اخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ الْهَالِكِ وَصَفَاهُ وَقُوِّمَتِ الصِّفَةُ فَإِنِ اخْتَلَفَا فِي الصِّفَةِ صُدِّقَ الْبَائِعُ مَعَ يمنيه إِنِ انْتَقَدَ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُدَّعًى عَلَيْهِ الرَّدُّ وَإِلَّا صُدِّقَ الْمُبْتَاعُ لِأَنَّهُ مُطَالَبٌ بِالثَّمَنِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِنْ شَاءَ الْمُبْتَاعُ التَّمَسُّكَ وَأَخَذَ أَرْشَ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ خُيِّرَ الْبَائِعُ لِأَنَّ قِيمَةَ الْعَيْبِ قَدْ وَجَبَتْ لَهُ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ إِبْطَالُهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا إِذَا اسْتَحَقَّ مِمَّا بَعُدَ عَلَى غَيْرِ الْأَجْزَاءِ: أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ التَّمَسُّك بِالْبَاقِي لِأَن حِينَئِذٍ مَجْهُولٌ وَقَدْ وَجَبَ الرَّدُّ لَهُمَا وَالتَّمَسُّكُ بِهِ عَن الثّمن مَجْهُول فيهمَا أَن الْمُسْتَحَقَّ عَلَيْهِ لَا يَغْرَمُ شَيْئًا إِذَا رَدَّ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي يَغْرَمُ أَرْشَ الْقَدِيمِ فِي التَّمَسُّكِ وَيُرِيد فِي وَقَوله فِي الْعَبْدَيْنِ: كَانَ الْمَعِيب وَجه الصَّفْقَة أَولا لِأَنَّ الثَّمَنَ عَيْنٌ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يُصدق الْبَائِعُ انْتَقَدَ أَمْ لَا لِأَنَّ الثَّمَنَ وَجَبَ لَهُ فإسقاطه

فرع

غُرْمٌ هَذَا إِذَا كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا فَإِنْ كَانَ عَبْدًا أَوْ عَرْضًا رَدَّ الْمَعِيبَ إِنْ كَانَ وَجْهَ الصَّفْقَةِ وَقِيمَةُ الْهَالِكِ مُطْلَقًا لَا عَلَى الْمُحَاصَّةِ لِانْتِقَاضِ الْبَيْعِ وَأَخَذَ عَبْدَهُ إِنْ لَمْ يَفُتْ فَإِنْ فَاتَ الثَّمَنُ بِحَوَالَةِ سُوقٍ أَوْ بَيْعٍ وَالْبَاقِي مِنْهُمَا وَجْهُ الصَّفْقَةِ رَجَعَ بِحِصَّتِهِ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ الَّذِي هُوَ ثَمَنٌ لَا فِي عَيْنِهِ لتعيُّن الْقِيمَةِ كَالْفَوْتِ فَصَارَ كَأَنَّهُ اشْتَرَى بِعَيْنٍ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الثَّمَنُ مِمَّا يَنْقَسِمُ فَهِيَ كَالْعَيْبِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الثَّمَنِ الْعَيْنِ وَمَا يَنْقَسِمُ وَغَيْرِهِمَا: أَنَّ الْتِزَامَ الْقِيَمِ ضَرَرٌ فِي غَيْرِهِمَا فَإِنِ ابْتَاعَ عَبْدَيْنِ قِيمَتُهُمَا سِوَى الْمِائَةِ دِينَارٍ: فَفِي الْكِتَابِ: يَرُدُّ الْعَيْبَ بِحِصَّتِهِ بِخِلَافِ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا بَيْعًا يُرِيدُ: وَكَذَلِكَ إِن كَانَ الْعَيْب الْأَدْنَى يَلْتَزِمُ الْأَعْلَى بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا اشْتَرَى مَذْبُوحَتَيْنِ فَوَجَدَ إِحْدَاهُمَا غَيْرَ ذَكِيَّةٍ أَوْ مِائَةَ أُردب فَوَجَدَ خَمْسِينَ لَهُ رَدُّ الْبَاقِي لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَلَهُ أَخْذُ الشَّاةِ بِحِصَّتِهَا وَلَوْ كَانَ النَّقْصُ يَسِيرًا فِي الطَّعَامِ أَوْ شَاةٍ مِنَ الشِّيَاهِ لَزِمَهُ الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ لِبَقَاءِ الْمَقْصُودِ وَكَذَلِكَ جِرَارُ الْخَلِّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: يُرِيد: إِذا اشْترى الشاتين على الْوَزْن وتساويا فِي الثَّمَنِ لِأَنَّ ثَمَنَ الْبَاقِي حِينَئِذٍ مَعْلُومٌ قَالَ ابْنُ الْكَاتِبِ: لَا يَسْتَقِيمُ هَذَا بَلِ اشْتَرَاهُمَا غَيْرَ مَسْلُوخَتَيْنِ لِأَنَّ حُكْمَ الذَّكَاةِ لَا يُعْلَمُ إِلَّا قَبْلَ السَّلْخِ حَتَّى يَنْظُرَ الْعُتُقَ وَلَوِ اشْتَرَاهُمَا عَلَى الْوَزْنِ فَلَا بُدَّ مِنَ التَّقْوِيمِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَيُحْتَمَلُ قِيَامُ الْبَيِّنَةِ بَعْدَ السَّلْخِ عَلَى عَدَمِ الذَّكَاةِ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: لَوْ جُهِلَتِ الذَّكِيَّةُ فُسِخَ الْبَيْعُ لِتَحْرِيمِ أكلهما وَلَو أكل أحديهما وَشَهِدَ أَنَّ إِحْدَيْهِمَا غَيْرَ ذَكِيَّةٍ رَجَعَ بِثَلَاثَةِ أَربَاع الثّمن الْبَاقِيَةِ وَنِصْفُ ثَمَنِ الْمَأْكُولَةِ لَوْ نَزَعَ التَّدَاعِيَ فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَسَامِي إِذَا اشْتَرَى جِرَارَ خَلٍّ فَوَجَدَ

بَعْضَهَا خَمْرًا فَاشْتَغَلَ أَيَّامًا عَنِ الرَّدِّ ثُمَّ وَجَدَهَا صَارَتْ خَلًّا سَقَطَتْ حِصَّتُهَا مِنَ الثَّمَنِ لِعَدَمِ بَدَلِهَا لِلْمُعَاوَضَةِ قَالَ أَشْهَبُ: لَوْ وَجَدَ مِنَ الْعَشَرَةِ وَاحِدَةً خَلًّا لَزِمَتْهُ بِحِصَّتِهَا وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ وَغَيْرُهُ: يَفْسَخُ الْبَيْعُ هَاهُنَا لِأَنَّهَا صَفْقَةٌ جَمَعَتْ حَلَالًا وَحَرَامًا وَكَالْأُمِّ وَابْنَتِهَا فِي عَقْدٍ قَالَ: وَهُوَ الْقِيَاسُ وَمُدْرَكُ ابْنِ الْقَاسِمِ: أَنَّهُمَا دَخَلَا عَلَى الصِّحَّةِ فَهُوَ كَالِاسْتِحْقَاقِ بِخِلَافِ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ فَرْعٌ قَالَ: نَقْصُ الطَّعَامِ عِنْدَ الْأَصْحَابِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: مَا لَا بُدَّ مِنْهُ عَادَةً فَلَا قِيَامَ بِهِ وَمَا لَا عَادَةَ فِيهِ وَهُوَ يَسِيرٌ فَلِلْمُبْتَاعِ أَخْذُ السَّالِمِ بِحِصَّتِهِ وَلِلْبَائِعِ إِلْزَامُهُ ذَلِكَ لِعَدَمِ اخْتِلَالِ الْمَقْصُودِ مِنَ الْعَقْدِ وَذَلِكَ الْعَشَرَةُ مِنَ الْمِائَةِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَالْكَثِيرُ الْمُخِلُّ بِالصَّفْقَةِ لَيْسَ لِلْمُبْتَاعِ أَخْذُ السَّالِمِ بِحِصَّتِهِ إِلَّا بِرِضَا الْبَائِعِ وَلِلْبَائِعِ إِلْزَامُهُ ذَلِكَ لِأَنَّ ضَرَرَ التَّفْرِيقِ حَقٌّ لَهُ قِيلَ: حَدُّ الْكَثِيرِ الْعِشْرُونَ مِنَ الْمِائَةِ وَأَمَّا الْكَثِيرُ جِدًّا فَلَا يَلْزَمُ الْمُبْتَاعَ إِلَّا بِرِضَاهُ وَلَا أَخَذَ لَهُ إِلَّا بِرِضَا الْبَائِعِ لِضَرَرِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فَرْعٌ قَالَ: فَلَوِ اشْتَرَى دَارًا مُزَارَعَةً فَوَجَدَ زِيَادَةً خُيِّرَ بَيْنَ دَفْعِ حِصَّةِ الزِّيَادَةِ أَوْ يَرُدُّ الْبَيْعَ إِلَّا أَنْ يُسْقِطَهَا الْبَائِعُ نَفْيًا لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَلَوْ كَانَتِ الزِّيَادَةُ فِي ثَوْبٍ فَهِيَ لِلْمُبْتَاعِ وَإِنْ كَانَ يَرُدُّهُ بِالنُّقْصَانِ لِأَنَّ الثَّوْبَ إِنَّمَا يُبَاعُ بَعْدَ الِاخْتِبَارِ غَالِبًا بِخِلَافِ الدَّارِ فَكَانَ لِلْبَائِعِ الزَّائِدُ وَأَمَّا الصُّبْرَةُ: فَيَرُدُّ زِيَادَتَهَا وَيَلْزَمُهُ مَا بَقِيَ لِعَدَمِ الشَّرِكَةِ وَقِيلَ: الدَّارُ كَالشَّقَّةِ فِي الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ وَأَمَّا زِيَادَةُ الْبِنَاءِ وَالْمَنَازِلِ فملغاةٌ لِدُخُولِهَا فِي الْحُدُود فِي الْكِتَابِ: إِذَا اشْتَرَى سِلَعًا بِمِائَةٍ وَسَمَّى لِكُلِّ ثَوْبٍ ثَمَنًا فَيَرُدُّ الْمَعِيبَ بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ وَلَا يَنْظُرُ إِلَى تَسْمِيَتِهِمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ وَجْهَ الصَّفْقَةِ لِأَنَّ الْعَقْدَ

مُتَّحِدٌ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْمَعِيبِ خَمْسِينَ وَقِيمَةُ كُلِّ سِلْعَةٍ سِوَاهُ ثَلَاثِينَ لَمْ يَكُنْ وَجْهَ الصَّفْقَةِ حَتَّى تَكُونَ حِصَّتُهُ أَكْثَرَ الثَّمَنِ مِثْلَ سبعين من فَرْعٌ فِي الْبَيَانِ: إِذَا تَعَدَّى فَخَصَى الْعَبْدَ فَزَادَ ثَمَنُهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يقوَّم عَلَى قَدْرِ مَا نَقَصَهُ الخِصاء عِنْدَ مَنْ لَا يَرْغَبُ فِي الْخِصَاءِ وَقَالَ سَحْنُونٌ: مَا نَقَصَهُ الْخِصَاءُ أَنْ لَوْ كَانَ عَبْدًا دَنِيًّا قَالَ وَالْقِيَاس: أَن يجب عَلَيْهِ فِي قطع الانثنين دِيَة وَفِي الذّكر والانثين دِيَتَانِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ: إِذَا زَادَ فَلَا شَيْء على الْجَانِب لِأَنَّ الْمَقْصُودَ صَوْنُ الْمَالِيَّةِ الَّتِي هِيَ مَوْرِدُ العقد الْقِسْمُ الثَّانِي: مِنْ خِيَارِ النَّقِيصَةِ: مَا ثَبَتَ بِمُعَايَنَةٍ فِي الْبَيْعِ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ وَفِي الْجَوَاهِرِ: الْخِيَارُ لِلْمَغْبُونِ وَقِيلَ: لَا خِيَارَ لَهُ إِنْ كَانَ مَنْ أَهْلِ الرَّشَادِ وَالتَّبَصُّرِ بِتِلْكَ السِّلْعَةِ لِأَنَّهُ أُوتى مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ فَإِنْ كَانَا أَوِ الْمَغْبُونُ مِنْهُمَا بِخِلَافِ ذَلِكَ فَالْمَغْبُونُ بِالْخِيَارِ قَالَ الْمَازِرِيُّ: وَلَيْسَ الْخِلَافُ فِي الْغَبْنِ عَلَى الْإِطْلَاقِ بَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَغْبُونُ لَمْ يَسْتَسْلِمْ لِبَائِعِهِ وَغَارِمًا بِقِيمَةِ مَا اشْتَرَى وَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي الَّذِي يَقَعُ فِي الْعَيْنِ غَلَطًا وَيَعْتَقِدُ أَنَّهُ غَيْرُ غَالِطٍ وَأَمَّا الْعَالِمُ بِالْقِيمَةِ فَيَزِيدُ عَلَيْهَا فَلَا مَقَالَ لَهُ لِأَنَّهُ وَاهِبٌ وَإِنِ اسْتَسْلَمَ وَقَالَ أَنَا غَيْرُ عَالِمٍ بِالْقِيمَةِ فَغَرَّهُ الْبَائِعُ فَحَرَامٌ اتِّفَاقًا وَلَهُ الْمَقَالُ لِأَنَّهُ أَكَلَ الْمَالَ بِالْبَاطِلِ وَالِاسْتِسْلَامُ كَالشَّرْطِ بِعَدَمِ الْغَبْنِ وَلَوْ زَادَ فِي الْقِيمَةِ لِعَرْضٍ فَلَا مَقَالَ لَهُ وَالْمَغْبُونُ غَلَطًا هَلْ يُعْذَرُ كَالْمُشْتَرِطِ فِي رِضَاهُ أَلَّا يكون غبياً فَيَكُونُ لَهُ الرَّدُّ وَلَا يَقْدِرُ اشْتِرَاطُهُ لِذَلِكَ فَيَلْزَمُهُ قَالَ الطُّرْطُوشِيُّ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ: لَهُ الْخِيَارُ فِيمَا خَرَجَ عَلَى الْمُعْتَادِ وَقَالَ (ش) و (ح) : لَا خِيَارَ لَهُ لِمَا فِي الصِّحَاحِ: إِن حبَان ابْن مُنْقِذٍ أَصَابَتْهُ شَجَّةٌ فِي رَأْسِهِ فَكَانَ

يُخْدَعُ فِي الْبَيْعِ فَشَكَا أَهْلُهُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (إِذَا بِعْتَ فَقُلْ: لَا خِلَابَةَ وَلَكَ الْخِيَارُ ثَلَاثًا) فَلَوْ ثَبَتَ خِيَارُ الْغَبْنِ لَمَا تَقَدَّرَ بِالثَّلَاثِ: وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَن تكون تِجَارَة} وَهَذِه تِجَارَةٌ لِأَنَّ الْقِيمَةَ لَمْ يَتَنَاوَلْهَا الْعَقْدُ لِأَنَّهُ لَو وجد قيمَة الْمَعِيب أَضْعَاف ثمنه وَله الرَّدُّ وَلَوْ كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ الْقِيمَةَ لَمْ يَكُنْ لَهُ الرَّدُّ لِعَدَمِ الضَّرَرِ وَإِذَا لَمْ تَكُنِ الْقِيمَةُ مَعْقُودًا عَلَيْهَا فَيَكُونُ الْخَلَلُ فِي غَيره الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَلَا يَضُرُّ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنه حجَّة لنا لقَوْله: (لَا خلاية) أَي فِي اشرع فَدَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى نَفْيِهَا وَأَنْتُمْ تُثْبِتُونَهَا وَعَنِ الثَّانِي: أَنَّ الْمُفَسِّرِينَ قَالُوا: الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ وَتَقْدِيرُهُ: إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً فَكُلُوهَا بِالسَّبَبِ الْحَقِّ وَهَذَا لَيْسَ حَقًا لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ) وَعَنِ الثَّالِثِ: أَنَّ الْمَعْقُودَ إِنَّمَا يَعْتَمِدُ وَصْفَ الْمَالِيَّةِ بِدَلِيلِ أَنَّ مَا لَا يُتَمَوَّلُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَإِذَا كَانَ مُعْتَمَدُ الْعَقْدِ وَصْفَ الْمَالِيَّةِ كَانَ الْخَلَلُ فِيهَا خَلَلًا فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَيُؤَثِّرُ وَلَوْ لم يكن الْعرض الْمَالِيَّةَ فِي الْعَقْدِ لَبَطَلَ الرِّضَا بِعَيْبِ الْمُنْقِصِ لَهَا تَفْرِيعٌ: فِي الْجَوَاهِرِ: حَيْثُ قُلْنَا بِالْخِيَارِ فَقِيلَ: حَيْثُ يُغْبَنُ بِالثُّلُثِ وَقِيلَ: مَا شَهِدَتْ بِهِ الْعَادَةُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْغَبْنِ الَّذِي يَقَعُ بَيْنَ التُّجَّارِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: إِذَا شَبَّهَ السِّلْعَةَ بِغَيْرِ جِنْسِهَا فَلَهُ الرَّدُّ قَالَ مَالِكٌ: إِذَا بَاعَ حَجَرًا بِدِرْهَمٍ فَإِذَا هُوَ يَاقُوتٌ لَزِمَ الْبَيْعُ وَلَوْ شَاءَ لَاسْتَتْبَتَ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَذَلِكَ إِذَا قَالَ: مَنْ يَشْتَرِي مِنِّي الْحَجَرَ لِأَنَّ الْيَاقُوتَ يُسَمَّى حَجَرًا وَلَوْ قَالَ: هَذِهِ الزُّجَاجَةُ وَهِيَ يَاقُوتَةٌ فَلَهُ الرَّدُّ كَمَا لَوْ قَالَ: يَاقُوتٌ وَهُوَ زُجَاجٌ فَإِنْ سَكَتَ فَلَا مَقَالَ لَهُ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ: إِذَا اشْتَرَى حَجَرًا يَظُنُّهُ

يَاقُوتًا أَوْ فَوَجَدَهُ غَيْرَهُ إِنَّمَا يَجْرِي الْخِلَافُ إِذَا لَمْ يُسَمِّ الْبَائِعُ أَوِ الْمُشْتَرِي شَيْئًا أَمَّا إِذَا سَمَّى فَلَا يَلْزَمُ الْبَيْعُ وَأَمَّا القُرط يَظْهَرُ نُحَاسًا وَهُوَ عَلَى صِفَةِ أَقْرَاطِ الذَّهَبِ يُرَدُّ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ عَيْنٌ فَإِنْ أَوْهَمَ أَحَدُهُمَا فِي التَّسْمِيَةِ وَلَمْ يُصَرِّحْ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَهُ الرَّدُّ كَالتَّصْرِيحِ وَقِيلَ: لَا رَدَّ لَهُ كَعَدم التَّصْرِيح وَقَالَ بعض شُيُوخنَا: الْبَيْعُ فِي سُوقِ الْجَوْهَرِ كَالتَّصْرِيحِ بِالْجَوْهَرِ وَلَهُ الرَّد وَإِلَّا فَلَا الْقِسْمُ الثَّالِثُ مِنْ خِيَارِ النَّقِيصَةِ: خِيَارُ الْعُهْدَتَيْنِ وأصل لهَذَا اللَّفْظِ مِنَ الْعَهْدِ وَهُوَ الْإِلْزَامُ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فنسي} إِي ألزمناه فنسي (أَوْفوا بعهدي أوف بعهدكم) إِي أَوْفوا لما أُلْزَمْتُمْ مِنْ طَاعَتِي أُوفِ بِمَا الْتَزَمْتُ لَكُمْ مِنَ الْمَثُوبَةِ وَالْمِيثَاقِ وَهُوَ الْعَهْدُ الْمُؤَكَّدُ بِالْيَمِينِ وَهُوَ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ الْتِزَامُ دَرَكِ الْمُثَمَّنِ أَوِ الثَّمَنِ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْعُهْدَتَانِ صُغْرَى فِي الزَّمَان وكبرى فِي الضَّمَان كبرى فِي الزَّمَان وصغرى فِي الضَّمَانِ فَالْأُولَى عُهْدَةُ الثَّلَاثِ فِي جَمِيعِ الْأَدْوَاءِ وَمَا يَطْرَأُ عَلَى الرَّقِيقِ بَعْدَ الشِّرَاءِ مِنْ فَوَاتٍ وَغَيْرِهِ فَكَأَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ الْأَيَّامَ مُضَافَةٌ إِلَى مِلْكِ الْبَائِعِ وَلِذَلِكَ تَكُونُ النَّفَقَةُ ولكسوة عَلَيْهِ إِلَّا أَنَّ الْغَلَّةَ لَيْسَتْ لَهُ وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ لَهُ لِأَنَّ الْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ الثَّانِيَةُ عُهْدَةُ السَّنَةِ مِنَ الْجُنُونِ وَالْجُذَامِ وَالْبَرَصِ وَخَالَفْنَا الْأَئِمَّةَ فِي هَاتَيْنِ الْعُهْدَتَيْنِ لِانْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ الْعَيْبَ الْحَادِثَ بَعْدَ الْعَقْدِ وَالْقَبْضِ لَا يُوجِبُ خِيَارًا فِي غَيْرِ صُورَةِ النِّزَاعِ فَكَذَلِكَ فِيهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ضَمَانِ الْإِنْسَانِ لِمَا يَحْدُثُ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ قَالَ

ابْنُ حَنْبَلٍ وَلَمْ يَصِحَّ فِي الْعُهْدَةِ حَدِيثٌ لَنَا مَا رُوِيَ فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ (عُهْدَة الرَّقِيق ثَلَاثَة أَيَّام) فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّ الْقَوْلَ بِالْعُهْدَتَيْنِ عَمَلُ الْمَدِينَةِ يَنْقُلُهُ الْخَلَفُ عَنِ السَّلَفِ قَوْلًا وَفِعْلًا وَلِأَنَّ الرَّقِيقَ يَكْتُمُ عَيْبَهُ فَسَيَظْهَرُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ليظْهر مَا كتبه بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَقِيَاسًا عَلَى التَّصْرِيَةِ وَلِأَنَّ هَذِهِ الْمُدَّةَ هِيَ مُدَّةُ حُمَّى الرُّبُعِ وَبِهَذِهِ الْمَعَانِي يظْهر الْفرق فِي قياسهم فَيبْطل وَرِوَايَة ابْن دَاوُدَ تَدْفَعُ قَوْلَ ابْنِ حَنْبَلٍ فَإِنَّهُ لَا يَنْقُلُ إِلَّا صَحِيحًا أَوْ حَسَنًا تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ وَتَخْتَصُّ عُهْدَةُ السَّنَةِ بِأَنَّ هَذِهِ الْأَدْوَاءَ تَتَقَدَّمُ أَسْبَابُهَا وَيَخْتَصُّ ظُهُورُهَا بِبَعْضِ الْفُصُولِ فِي الْعَادَةِ فَتَكُونُ سَنَةً كَالْعُنَّةِ تَفْرِيعٌ: فِي الْجَوَاهِرِ: اخْتُلِفَ فِي مَحَلِّهَا مِنَ الْبِلَادِ فَرَوَى الْمِصْرِيُّونَ: لَا يُقْضَى بِهَا فِي الْعَادَةِ حَتَّى يَحْمِلَهُمُ السُّلْطَانُ عَلَيْهَا وَرَوَى الْمَدَنِيُّونَ: يُقْضَى بِهَا بِكُلِّ بَلَدٍ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفُوهَا كَمَا يُقْضَى بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ عَلَى مَنْ جَهِلَ حُكْمَهُ فَإِنَّ تَرْتِيبَ الْأَحْكَامِ عَلَى الْأَسْبَابِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى عِلْمِ الْمُكَلَّفِ وَفِي الْكِتَابِ: إِذَا تَوَسْوَسَ رَأْسَ كُلِّ شَهْرٍ فَلَهُ الرَّدُّ فِي عُهْدَةِ السَّنَةِ وَلَوْ جُن فِي رَأْسِ شَهْرٍ واحدٍ وَلَمْ يُعَاوِدْهُ لَرَدَّ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ ذَهَابَهُ وَلَوْ جُنَّ عِنْدَهُ مُدَّةً ثُمَّ انْقَطَعَ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ إِذْ لَا تُؤْمَنُ عَوْدَتُهُ وَلَوْ تَبَرَّأَ مِنَ الْأَدْوَاءِ الْأَرْبَعَةِ فِي السَّنَةِ قَبْلَ عِلْمِ الْمُبْتَاعِ بِهَا لَرَدَّهُ إِلَّا أَنْ تُؤْمَنَ عَوْدَتُهُ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: كَيْفَ يُجَنُّ كُلَّ شهر وَيرد وَصَبره إِلَى ثَانِي شهر اسْتَمَرَّ عُلِمَ أَنَّهُ جُنُونٌ فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا بَاعَ نِصْفَ النَّهَارِ احْتَسَبَ الثَّلَاثَةَ بعده وَالْعَادَة

تُؤْتَنَفُ عُهْدَةُ السَّنَةِ بَعْدَ الثَّلَاثِ وَالِاسْتِبْرَاءِ قَالَهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الْفُصُولَ يَخْتَصُّ اخْتِيَارُهَا بِذَلِكَ وَعَنْ مَالِكٍ: يَدْخُلُ الثَّلَاثُ وَالِاسْتِبْرَاءُ فِي السَّنَةِ وَالْأَصْلُ: عَدَمُ التَّدَاخُلِ وَالسَّنَةُ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ بَعْدَ أَيَّامِ الْخِيَارِ لِعَدَمِ انْعِقَادِ الْبَيْعِ قبل ذَلِك قَالَ مُحَمَّد: وليبن فِي ذَوَاتِ الِاسْتِبْرَاءِ عُهْدَةَ ثَلَاثٍ إِلَّا أَنْ تَحِيضَ فِي يَوْمِهَا حَيْضَةً بَيِّنَةً فَتُحْسَبُ فِيهَا بَقِيَّة الثَّلَاث نَظَائِر: قَالَ صَاحب التَّنْبِيهَات: الْعَامَّة الْيَوْمَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُهْدَةِ وَالْعَقِيقَةِ وَإِقَامَةِ الْمُسَافِرِ وَالْعِدَّةِ قَالَ الْعَبْدِيُّ: هِيَ خَمْسٌ وَزَادَ: الْكِرَاءُ وَفِي الْجَوَاهِرِ: وَمُقْتَضَى مَذْهَبِ سَحْنُونٍ: الحتساب مِنْ حِينِ الْعَقْدِ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ وَيَنْتَهِي إِلَى مِثْلِهِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الثَّلَاثِ أَوِ السَّنَةِ فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إِذَا تَنَازَعَا فِي الْأَدْوَاءِ هَلْ حَدَثَتْ فِي السّنة أَو بعْدهَا؟ صُدق البَائِع من يَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ: عَدَمُ الرَّدِّ قَالَ: وَيُحْتَمَلُ تَصْدِيقُ الْمُبْتَاعِ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ: بَقَاءُ حَقِّهِ فِي الْعُهْدَةِ وَأَمَّا الشُّفْعَةُ فَيُصَدَّقُ الشَّفِيعُ أَنَّهُ لَمْ يَنْقُصْ مَا يَقْطَعُهَا وَفِي الْخِيَارِ: أَنَّ الْهَلَاكَ كَانَ بَعْدَ مُدَّتِهِ أَوْ قَبْلَهَا فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ: يُصَدَّقُ الْبَائِعُ لِأَنَّ الْأَصْلَ: عَدَمُ نَقْصِ الْعَقْدِ فَرْعٌ قَالَ: جُنِيَ عَلَى العَبْد فِي عُهْدَة الثَّالِث فَمِنَ الْبَائِعِ وَالْأَرْشِ لَهُ قَالَهُ مَالِكٌ وَقِيلَ: يَنْبَغِي فَسْخُ الْبَيْعِ لِأَنَّ الْعَبْدَ يَكُونُ مَوْقُوفًا لَا يُدْرَى مَتَى بُرْؤُهُ إِلَّا أَنْ يُسْقِطَ السَّيِّدُ الْجِنَايَةَ فَإِنَّهُ لَا يُوقِفُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ مُهْلِكَةً فَلَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي الرِّضَا وَإِنْ أَسْقَطَ الْبَائِعُ الْجِنَايَةَ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ بَيْعُ مَرِيضٍ يخَاف مَوته

فَرْعٌ قَالَ: مَا وُهب لَهُ فِي الثَّلَاثِ مِنْ مَالٍ فَلِلْبَائِعِ لِأَنَّ مُدَّةَ الْعُهْدَةِ مُلْحَقَةٌ بِمِلْكِهِ وَلَوْ تَلَفَ مَالُهُ لَمْ يَرُدَّ لِأَنَّ الْمَالَ لَيْسَ مَبِيعًا وَلَوْ هَلَكَ فِي الثَّلَاثِ انْتَقَضَ الْبَيْعُ وَرَدَّ الْمُبْتَاعُ مَالَهُ وَلَيْسَ لَهُ دَفْعُ الثَّمَنِ وَأَخْذُ مَالِهِ لِانْتِقَاضِ أَصْلِ الْبَيْعِ وَإِذَا أُنْمِيَ مَالُهُ بِرِبْحٍ أَوْ هِبَةٍ وَكَانَ الْمُبْتَاعُ اشْتَرَطَ مَالَهُ فَلَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ تَوَابِع المَال وَإِلَّا فللمبتاع قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فَرْعٌ قَالَ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِم: إِذا فِي السّنة سراساماً مَا يُخْشَى مِنْهُ أَحَدُ الْأَدْوَاءِ وَشَكَّ فِي ذَلِكَ فَلَمْ يَرُدَّ لِلشَّكِّ ثُمَّ اسْتَحْكَمَتِ الْأَدْوَاءُ بَعْدَ السَّنَةِ بِقُرْبِهَا فَلَهُ الرَّدُّ وَإِلَّا فَلَا قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ: وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: لَا يَرُدُّ إِلَّا بِمَا كَانَ فِي السَّنَةِ قَالَ وَهُوَ الأنظر لِأَنَّ الْعَيْبَ حَدَثَ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا أَسْلَمَ فِي عَبْدٍ فَقَبَضَهُ فَفِيهِ عُهدة الثَّلَاثِ لِأَنَّهُ مُشْتَرَكٌ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا وَإِنْ كَانَ بَلَدُ عُهْدَتِهِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهَا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: عُهْدَةُ السَّنَةِ لَيْسَتْ فِي السَّلَمِ عَقْدٌ رُفِعَ فَلَا يَرْجِعُ فِيهِ بِعَيْبٍ بَعْدَ الْقَبْضِ وَلِمَالِكٍ فِي الْعَبْدِ الْمُنْكَحِ بِهِ هَلْ لَهُ عُهْدَةٌ أَمْ لَا؟ قَوْلَانِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَا عُهْدَةَ فِي سَلَفِ الرَّقِيقِ وَلَا فِي الْإِقَالَةِ لِأَنَّهَا عَلَى خلاف الأَصْل فتختص بِالْبيعِ الْمَحْض تقليلاً لِلْمُخَالَفَةِ قَالَ مَالِكٌ: وَلَا عُهْدَةَ فِي رَدٍّ بِعَيْبٍ لِأَنَّهُ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ وَمَنِ اشْتَرَى امْرَأَتَهُ فَفِيهَا الْعُهْدَةُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ مَحْضٌ فَإِنْ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ لَمْ يَرُدَّهَا وَرَجَعَ بِقِيمَةِ الْحَمْلِ لِأَنَّهَا صَارَت بذلك الْحمل أَو وَلَدٍ وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَمَيْنٍ: لَا عُهْدَةَ فِي الْمُشْتَرَى عَلَى الصِّفَةِ وَلَا فِي الْمُخَالَعِ بِهِ وَلَا الْعَبْدِ الْمَصَالَحِ بِهِ عَلَى

دَمٍ عَمْدٍ وَكُلُّهُ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ الْعُهْدَةُ وَلَا يَنْفَعُهُ بِتَرْكِ الْبَرَاءَةِ قَالَ: وَهَذَا تَنَاقُضٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْفَعَهُ كَمَا أَنَّ لَهُ الْعُهْدَةَ كَالْبَيْعِ الصَّحِيحِ نَظَائِرُ: قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: الْعُهْدَةُ فِي الْعَبِيدِ إِلَّا فِي عِشْرِينَ مَسْأَلَةً: الْمُسْلَفُ فِيهِ وَالْمُسْتَلَفُ فِي غَيْرِهِ وَالْمُقْرَضُ وَالْغَائِبُ يُبَاعُ عَلَى الصِّفَةِ وَالْمُتَزَوَّجُ بِهِ وَالْمُخَالَعُ بِهِ وَالْمُقَاطَعُ بِهِ وَالْمُصَالَحُ بِهِ وَالْمُقَالُ مِنْهُ وَالَّذِي يَبِيعهُ السُّلْطَان والمبتاع لِلْعِتْقِ وَالْمَبِيع بِالْبَرَاءَةِ مِنَ الْعُهْدَةِ وَالْمَبِيعُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي لَا تُعرف فِيهِ الْعُهْدَةُ وَالْمُوصَى بِبَيْعِهِ وَالْمَوْهُوبُ لِلثَّوَابِ والمردود بِالْعَيْبِ وَإِذا كَاد لبيع فَاسِدا وَالْأَمَةُ الْبَيِّنَةُ الْحَمْلَ وَالَّتِي اشْتَرَاهَا زَوْجُهَا وَالْمَبِيعُ فِي الْمِيرَاثِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ: الْمُصَالَحُ بِهِ عَلَى الْإِقْرَارِ بَيْعٌ فِيهِ الْعُهْدَةُ وَعَلَى الْإِنْكَارِ الْهِبَة وَيُخْشَى فِي الْمَأْخُوذِ فِي دَيْنٍ أَوْ دَمٍ عَمْدٍ: الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ لِعَدَمِ الْمُنَاجَزَةِ بِسَبَبِ الْعُهْدَةِ وَالْمُوصَى بِبَيْعِهِ وَالْمَوْهُوبُ لِلثَّوَابِ وَالْمَرْدُودُ بِالْعَيْبِ وَإِذَا كَانَ البيع فَيَنْبَغِي مِلْكُ الْعَبْدِ كَذَلِكَ وَاخْتُلِفَ فِي الْمُسْتَقَالِ مِنْهُ: فَإِنْ نَقَدَ فَلَا عُهْدَةَ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ كَالْمَأْخُوذِ مِنْ دَيْنٍ وَلَا عُهْدَةَ فِي رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ لِاقْتِضَائِهِ الْمُنَاجَزَةَ وَلَا عُهْدَةَ فِي الْمَوْهُوبِ لِلثَّوَابِ لِأَنَّهُ لِلْمُكَارَمَةِ كَعَبْدِ النِّكَاحِ قَالَ سَحْنُونٌ: وَلَا عُهْدَةَ فِي الْمُقَاطَعِ بِهِ فَرْعٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا اشْتَرَطَ إِسْقَاطَ الْعُهْدَةِ جَازَ وَلَا عُهْدَةَ كَشَرْطِ الْبَرَاءَةِ وَقِيلَ: يَبْطُلُ الشَّرْطُ لِأَنَّهُ خِلَافُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى: لِلْمُبْتَاعِ إِسْقَاطُ النَّفَقَةِ عَنِ الْبَائِعِ وَإِسْقَاطُ الضَّمَانِ فَإِن لم يسْقط لَكِن فَعَلَ مَا يَمْنَعُ الرَّدَّ وَيَقْتَضِي الرِّضَا كَالْعِتْقِ فَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ: تسقُط بَقِيَّةُ الْعُهْدَةِ لِفِعْلِ مَا يَدُلُّ عَلَى إِسْقَاطِهَا وَقَالَ سَحْنُونٌ: الْعُهْدَةُ فَائِتَةٌ وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ لِأَنَّ الْأَصْلَ: إِبْقَاؤُهَا حَتَّى يَقَعَ التَّصْرِيحُ بِإِسْقَاطِهَا وَفِي عُهْدَةِ السَّنَةِ

ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: مَا تَقَدَّمَ فِي الثَّلَاثِ وَالثَّالِثُ يُرَدُّ الْعِتْقُ وَأَنَّ الْعِتْقَ مَوْقُوفٌ عَلَى السَّنَةِ فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا اخْتَلَفَا فِي إِسْقَاطِ الْعُهْدَةِ وَالْعَبْدُ قَائِمٌ تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا كَالِاخْتِلَافِ فِي الثَّمَنِ لِأَنَّ إِسْقَاطَهَا يَنْقُصُهُ وَثُبُوتَهَا يَزِيدُهُ فَإِنْ فَاتَ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي فِي الْوَضْعِ الَّذِي فِيهِ الْعُهْدَةُ فَرْعٌ قَالَ: إِذَا أَعْتَقَ فِي عُهْدَة الثَّلَاث أَو حنث فِيهِ يعْتق نَفَذَ عِتْقُهُ وَعَجَّلَ الثَّمَنَ وَيَسْقُطُ بَقِيَّةُ الْعُهْدَةِ وَلَا يَنْفُذُ عِتْقُ الْبَائِعِ نَظَرًا لِلْعَقْدِ النَّاقِل وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا أَعْتَقَ الْعَبْدَ أَوْ أَحْبَلَ الْأَمَةَ سَقَطَتْ عُهْدَةُ السَّنَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ رِضًا بِإِسْقَاطِهَا وَقَالَ أَصْبَغُ: لَهُ الرُّجُوعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ كَعَيْبٍ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ كَذَلِكَ عِتْقُهُ فِي عُهْدَةِ الثَّلَاثِ لَا يَقْطَعُهَا وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ: إِذَا أَعْتَقَ الْعَبْدَ فَيَجْذَمُ فِي السَّنَةِ فَإِن كَانَت لَهُ قيمَة , إِن قَلَّتْ رَجَعَ بِمَا بَيْنَ الصِّحَّةِ وَالدَّاءِ وَإِلَّا رَجَعَ بِالثَّمَنِ كُلِّهِ كَهَلَاكِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ فَإِنْ مَاتَ عَنْ مَالٍ أَخَذَ الْبَائِعُ مِنْهُ وَوَرِثَ الْمُبْتَاعُ الْبَاقِيَ نَظَرًا لِلْعَقْدِ النَّاقِلِ وَإِنْ رَجَعَ بِمَا بني الصِّحَّة والداء ورث المُشْتَرِي الْجَمِيع قَالَ اللَّخْمِيُّ: قِيلَ: يَرُدُّ الْعِتْقَ فِي عُهْدَةِ السَّنَةِ وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ: تَسْقُطُ الْعُهْدَةُ بِالْحِنْثِ لَيْسَ بِحُسْنِ اخْتِيَارِهِ إِلَّا أَنْ يُحَنِّثَ نَفْسَهُ فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: يَحْرُمُ النَّقْدُ فِي عُهْدَةِ الثَّلَاثِ لَيْلًا يَكُونَ تَارَةً بَيْعًا وَتَارَةً سَلَفًا دُونَ عُهْدَةِ المسنة لِدَوْرِ الْأَدْوَاءِ الثَّلَاثَةِ وَلِطُولِهَا فَيَكُونُ مَنْعُ التَّصَرُّفِ ضَرَرًا فَعَجَّلَ الثَّمَنَ وَالْبَيْعَ وَإِذَا تَشَاحَّا فِي النَّقْدِ فِي الثَّلَاثِ جُعِلَ عَلَى يَدِ أَمِينٍ وَتَلَفُهُ مِمَّنْ يَصِيرُ لَهُ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَلْزَمُ الْبَائِعُ إِيقَافَهُ إِلَّا أَن يُرِيد

لِأَنَّهُ أَوْلَى بِحِفْظِهِ فَرْعٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا ذَهَبَ الْعَقْلُ بِجِنَايَةٍ فِي السَّنَةِ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا قِيَامَ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْعُيُوبِ الثَّلَاثَة وَقَالَ ابْن وهب: لَهُ الْقيَاس قِيَاسًا عَلَى الْجُنُونِ قَالَ: وَأَرَى أَنْ لَا يُرَدَّ مِنَ الْجَانِّ لِأَنَّهُ عَارِضٌ لَيْسَ مِنَ الطِّبَاعِ الْمَفْسَدَةِ لِلْأَخْلَاطِ الرَّدِيَّةِ (الْقِسْمُ الثَّالِثُ مِنَ الْكِتَابِ: فِي حُكْمِ الْعَقْدِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ وَفِيهِ نَظَرَانِ) النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي الْإِقْبَاضِ وَالْقَبْضِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا: وَالْإِقْبَاضُ بِالْمُنَاوَلَةِ فِي الْعُرُوضِ أَوِ النُّفُوذِ وَبِالْوَزْنِ وَالْكَيْلِ فِي الْمَوْزُونِ وَالْمَكِيلِ وَبِالتَّمْكِينِ فِي الْعَقَارِ وَالْأَشْجَارِ أَوْ بِالنِّيَّةِ فَقَطْ كَقَبْضِ الْوَالِدِ وَإِقْبَاضِهِ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ وَالْقَبْضُ هُوَ الِاسْتِيلَاءُ إِمَّا بِإِذْنِ الشَّرْعِ وَحْدَهُ كَاللُّقَطَةِ وَالثَّوْبِ إِذَا أَلْقَاهُ الرِّيحُ فِي دَارِ إِنْسَانٍ وَمَالِ اللَّقِيطِ وَقَبْضِ الْمَغْصُوبِ مِنَ الْغَاصِبِ إِذَا قَبَضَهُ مَنْ يُزِيلُ مُنْكَرًا مِنْ حَاكِمٍ أَوْ غَيره وَقبض أَمْوَال الغائبين أَمْوَال بَيْتِ الْمَالِ وَالْمَحْجُورِ عَلَيْهِمْ وَالزَّكَوَاتِ أَوْ بِإِذْنِ غَيْرِ الشَّرْعِ كَقَبْضِ الْمَبِيعِ بِإِذْنِ الْبَائِعِ وَالْمُبْتَاعِ

وَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَالرُّهُونِ وَالْأَثْمَانِ وَالصَّدَقَاتِ وَالْعَوَارِيِّ وَالْوَدَائِعِ أَوْ بِغَيْرِ إِذْنِ الشَّرْعِ وَغَيْرِهِ كَقَبْضِ الْغَاصِبِ فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ: الْقَبْضُ يُوجِبُ انْتِقَالَ الضَّمَانِ إِلَى الْمُشْتَرِي فِيمَا لَا يُضْمَنُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ إِمَّا مُطْلَقًا أَوْ شَرَطَ مُضي زَمَانٍ لِيَتَّسِعَ الْقَبْضُ عَلَى الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ فِيمَا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ كَالْمَكِيلِ أَوِ الْمَوْزُونِ أَوِ الْمَعْدُودِ وَمَا كَانَ غَائِبًا عَنِ الْعَاقِدَيْنِ حَالَةَ الْعَقْدِ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ وَمَا بِيعَ مِنَ الثِّمَارِ على رُؤُوس النَّخْلِ قَبْلَ كَمَالِ الطِّيبِ وَيُسْتَثْنَى الرَّقِيقُ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ عُهْدَةِ الثَّلَاثِ وَالْمُوَاضَعَةُ فِي الْإِمَاءِ وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَالْعَقْدُ كافٍ فِي انْتِقَالِ الْمِلْكِ فِي الْمُتَعَيِّنِ الْمُتَمَيِّزِ قَالَ الْمَازِرِيُّ: هَذَا نَقْلُ أَصْحَابِ الْمَذْهَبِ قَالَ: وَالَّذِي يَتَحَقَّقُ مِنَ الْمَذْهَبِ أَنَّ تَمْكِينَ الْمُشْتَرِي مِنَ الْقَبْضِ ثُمَّ تَرَكَهُ اخْتِيَارًا يُوجِبُ ضَمَانَهُ وَيَكُونُ عِنْدَ الْبَائِعِ كَالْوَدِيعَةِ وَفِيهِ خِلَافٌ وَقَالَ (ش) : الضَّمَانُ قَبْلَ الْقَبْضِ مِنَ الْبَائِعِ سَوَاءٌ عَرَضَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَمْ لَا لِأَنَّ الْيَدَ الَّتِي لَيْسَتْ لِلْأَمَانَةِ ضَامِنَةٌ إِذَا لَمْ يَتَقَدَّمْهَا ضَمَانٌ فَأَوْلَى الْبَائِعِ لِأَنَّ ضَمَانَهُ لِسِلْعَتِهِ مُتَقَدِّمٌ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ: هِيَ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْبَائِعِ لِأَنَّ الْعَقْدَ قَابل المُشْتَرِي تَارِكٌ لَهَا عِنْدَ الْبَائِعِ فَرْعٌ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ: إِذَا اشْتَرَى ثَوْبًا فَحَبَسَهُ بِالثَّمَنِ فَادَّعَى تَلَفَهُ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يُفْسَخُ الْبَيْعُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ فَيَغْرَمُهَا لِأَنَّهُ مُتَّهم

وَيُصَدَّقُ فِي الْحَيَوَانِ الَّذِي لَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَقَالَ أَيْضًا: عَلَيْهِ قِيمَةُ الثَّوْبِ مَا كَانَتْ قَالَ: وَالْمَشْهُورُ مِنْ قَوْلِهِ: إِنَّ الْمَحْبُوسَ بِالثَّمَنِ رَهْنٌ وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُخَالِفٌ لِتَضْمِينِهِ الْبَائِعَ وَأَنَّهُ مَتَى ذَهَبَتْ عَيْنُهُ انْفَسَخَ الْبَيْعُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَجَمِيعِ الْأَصْحَابِ إِلَّا ابْنَ الْقَاسِمِ لِعَدَمِ تَرَتُّبِ أَثَرِ الْعَقْدِ عَلَيْهِ وَإِذَا فَسَخْنَا فَيُعِيدُ الثَّمَنَ إِلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْمُبْتَاعُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ فَيُلْزَمُ بِهَا أَوْ يَأْتِيَ بِالْمَبِيعِ وَكَذَلِكَ تَصْدِيقُهُ فِي الْحَيَوَانِ مَعَ يَمِينِهِ وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ رَهْنٌ فَيَكُونُ فِي الْمَحْبُوسِ بِالثَّمَنِ قَوْلَانِ وَإِذَا لَمْ تَقُمِ الْبَيِّنَةُ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: يُصَدَّقُ مَعَ يَمِينِهِ كَانَتِ الْقِيمَةُ مَا كَانَتْ وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ قَالَهُ سَحْنُونٌ وَيُصَدَّقُ مَعَ يَمِينِهِ وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَيُصَدَّقُ مَعَ يَمِينِهِ وَيَثْبُتُ الْبَيْعُ وَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ مَا كَانَتْ وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي عَلَى مَشْهُورِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الْعَقْدَ اقْتِضَاءُ انْتِقَالِ الْمِلْكِ وَيُصَدَّقُ مَعَ يَمِينِهِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْقِسْمَة أَقَلَّ فَيُتَّهَمُ فِي دَفْعِهَا وَأَخْذِ الثَّمَنِ وَقَالَ (ش) و (ح) : تَلَفُ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ أَوْ بِجِنَايَةِ الْبَائِعِ يُبْطِلُ الْبَيْعَ لِأَنَّ الْقَبْضَ مِنْ تَتِمَّةِ الْبَيْعِ لِنَهْيِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يُقْبَضْ وَإِذَا لَمْ يَتِمَّ الْبَيْعُ بَطَلَ وَجَوَابُهُ: أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ جَعَلَ الْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ فَلَوْ كَانَ مَضْمُونًا عَلَى الْبَائِعِ لَكَانَ خَرَاجُهُ لَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ اتِّفَاقًا ثُمَّ إِنَّا نَمْنَعُ أَنَّ الْقَبْضَ تَتِمَّةُ الْبَيْعِ بَلِ الْبَيْعُ تَمَّ وَمِنْ آثَارِهِ اسْتِحْقَاقُ الْقَبْضِ وَقَالَ (ابْنُ حَنْبَلٍ) : الْمَتْلَفَاتُ فِي

ضَمَانِ الْبَائِعِ وَلَوْ كَانَتْ خَرَاجًا وَالتَّلَفُ بِالْأَمْرِ السَّمَاوِيِّ فَسْخٌ وَبِفِعْلِ الْبَائِعِ أَوِ الْأَجْنَبِيِّ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِمْضَاءِ وَأَخْذِ الْقِيمَةِ أَوِ الْمِثْلِ إِنْ كَانَ مِثْلِيًّا. فَرْعٌ قَالَ إِذَا أقرا الْمُشْتَرِي فِي الْعَقَارِ لِلْبَائِعِ بِالْيَدِ وَالْمِلْكِ: قَالَ سَحْنُون: لَا يلْزمه أَن يجوزه الْمَبِيع لِأَن العقد كَاف فِي انْتِقَاله قَالَ: وَالصَّوَاب أَن يَلْزَمُهُ كَمَا إِذَا أَقَرَّ لَهُ بِالْمِلْكِ دُونَ الْيَدِ فَإِنَّهُ قَدْ يُنَازِعُهُ وَكِيلُ الْبَائِعِ أَوْ قَرِيبُهُ فِي تَصْدِيقِ مَا يَدَّعِيهِ مِنَ الْبَيْعِ وَمُصِيبَةُ الِاسْتِحْقَاقِ فِي الْوَجْهَيْنِ مِنَ الْمُشْتَرِي عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِإِقْرَارِهِ بِالْمِلْكِ وَخَالَفَ أَشْهَبُ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَا يَكُونُ عَنْ ظَنٍّ يَبْطُلُ وَإِنْ أَقَرَّ بِالْيَدِ دُونَ الْمِلْكِ لَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ التَّجْوِيزُ عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ وَالصَّوَابُ: اللُّزُومُ كَمَا تَقَدَّمَ وَمُصِيبَةُ الِاسْتِحْقَاقِ مِنَ الْبَائِعِ (لِعَدَمِ الْإِقْرَارِ بِالْمِلْكِ وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ بِالْيَدِ وَلَا بِالْمِلْكِ لَزِمَهُ التَّجْوِيزُ وَإِنْزَالُهُ فِيهِ اتِّفَاقًا وَمُصِيبَةُ الِاسْتِحْقَاقِ مِنَ الْبَائِعِ) وَالطَّارِئِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ مِنْ هَدْمٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنَ الْمُشْتَرِي إِلَّا عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ: إِنَّ السِّلْعَةَ الْمَبِيعَةَ مِنَ الْبَائِعِ إِنْ قَبَضَ الثَّمَنَ وَطَالَ الْأَمْرُ مَا لَمْ يَقْبِضْهَا الْمُبْتَاعُ أَوْ يَدْعُوهُ الْبَائِعُ فَيَأْبَى وَلِهَذَا الْخِلَافِ يُكْتَبُ فِي الْوَثَائِقِ: وَنَزَلَ الْمُبْتَاعُ فِيمَا ابْتَاعَ وَأَبْرَأَ الْبَائِعَ مِنْ دَرَكِ الْإِنْزَالِ لِحُصُولِ الِاتِّفَاقِ عَلَى الْبَرَاءَةِ. فَرْعٌ قَالَ: وَمِنْ حَقِّ الْمُبْتَاعِ أَمْلَاكًا فِي قَرْيَةٍ أَنْ يَطُوفَ بِهِ الْبَائِعُ عَلَيْهَا وَيُنْزِلَهُ فِيهَا بِشَاهِدَيْنِ مَخَافَةَ أَنْ يَسْتَحِقَّ شَيْءٌ مِنْهَا فَيُنْكِرُهُ الْبَائِعُ بَيْعَ ذَلِكَ الْمُسْتَحَقِّ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ حَقٌّ فِي الْإِنْزَالِ إِذَا دَعَا إِلَيْهِ قَبَضَ لَهُ الْبَرَاءَةَ مِنَ الضَّمَانِ

وَخَوْفِ الْمُدَافِعَةِ. فَرْعٌ لَوْ قَبَضَ الْبَعِيرَ فَسُرِقَ فَأَعْلَمَ الْبَائِعَ فَحَطَّ عَنْهُ بَعْضَ الثَّمَنِ لِأَجْلِ الْمُصِيبَةِ ثُمَّ وَجَدَهُ رَجَعَ الْبَائِعُ فِيمَا وَضَعَ لِانْتِفَاءِ السَّبَبِ وَكَذَلِكَ لَوْ حَطَّ عَنْهُ لِسَبَبِ الْخَسَارَةِ فَرَبِحَ أَوْ خَشْيَةِ الْمَوْتِ مِنْ مَرَضٍ حَدَثَ فَعُوفِيَ فَإِنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ كَالشَّرْطِ فَرْعٌ قَالَ: لَوْ ذَهَبَ لِيَأْتِيَ بِثَمَنِ الشَّاةِ فَبَاعَهَا الْبَائِعُ ثُمَّ نَازَعَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ الْمُشْتَرِيَ الثَّانِيَ فَتَنَازَعَا الشَّاةَ فَمَاتَتْ فِي أَيْدِيهِمَا: قَالَ أَصْبَغُ ضَمِنَاهَا مَعًا إِنْ كَانَ مَوْتُهَا مِنْهُمَا فَإِنْ صَحَّتْ لِلثَّانِي غَرِمَ لَهُ نِصْفَ الْقِيمَةِ أَوِ الْأَوَّلِ غَرِمَ لَهُ وَرَجَعَ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا دَفَعَ إِلَيْهِ وَمَعْنَى ذَلِكَ: أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَّعِي أَنَّهُ الْأَوَّلُ وَتَصِحُّ لِلثَّانِي إِمَّا بِإِقْرَارِ الْأَوَّلِ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ تَعَارَضَتِ الْبَيِّنَتَانِ فَتَحَالَفَا فَنَكَلَ الْأَوَّلُ فَيَرْجِعُ الْأَوَّلُ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا زَادَتِ الْقِيمَةُ أَوِ الثَّمَنُ الَّذِي بَاعَ بِهِ مِنَ الثَّانِي عَلَى ثَمَنِهِ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِأَنَّهُ بَاعَ مِنْ أَحَدِهِمَا بَعْدَ الْآخَرِ وَقَدْ قِيلَ: لِلْأَوَّلِ نِصْفُ الشَّاةِ فَهُوَ قَبْضٌ لَهَا وَيُخَيَّرُ فِي النِّصْفِ الَّذِي قَبِلَهُ الثَّانِي بَيْنَ إِجَازَةِ الْبَيْعِ وَأَخْذِ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فُضُولِيٌّ وَبَيْنَ أَخْذِ قِيمَتِهِ مِنَ الْبَائِعِ أَوِ الْمُبْتَاعِ فَإِنْ أَخَذَ مِنَ الْبَائِعِ رَجَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي الثَّانِي. فَرْعٌ قَالَ: إِذَا اشْتَرَى مِائَةَ فَدَّانٍ مِنْ زَرْعٍ بِخَمْسَةِ الْفَدَّانِ مِنْ نَاحِيَةٍ عَرَفَهَا ثمَّ

جَاءَ لِيَقِيسَ فَقِيلَ لَهُ: بَقِيَ مِائَةٌ أُخْرَى فَاشْتَرَاهَا بِعَشَرَةِ الْفَدَّانِ فَوَجَدَ الْجَمِيعَ مِائَةً وَسَبْعِينَ فَيَجْعَلُ النَّقْصَ مِنَ الْبَيْعِ الثَّانِي لِأَنَّ الْأَوَّلَ أَوْلَى لِتَقَدُّمِهِ وَكَذَلِكَ الطَّعَامُ وَقِيلَ: يَتَحَاصَّانِ فِي النُّقْصَانِ لِأَنَّ الطَّعَامَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ فَأَشْبَهَ الدُّيُونَ تَقَعُ الْمُحَاصَّةُ فِيهَا قَالَ: وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ لَو اقْتَصَرَ عَلَى الْمِائَةِ فَهَلَكَتْ بِنَارٍ قَبْلَ الْقِيَاسِ فَمُصِيبَتُهَا مِنْهُ لِأَنَّ قِيَاسَ الْأَرْضِ بَعْدَ ذَلِكَ مُمْكِنٌ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ مِنَ الْبَائِعِ لِعَدَمِ الْحِرْزِ وَيتَخَرَّج جَوَاز بيع المُشْتَرِي لهَذَا الْقَمْح قيل الْقِيَاسِ عَلَى الْخِلَافِ. فَرْعٌ قَالَ: الْمَعْلُومُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ لُزُومُ أُجْرَةِ الْكَيْلِ لِلْبَائِعِ لوُجُوب التوفية عَلَيْهِ وَلقَوْله تعال " فأوف لنا الْكَيْل " فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْكَيْلَ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّ شرع من قبلنَا شرع لنا حَتَّى يدال الدَّلِيلُ عَلَى نَسْخِهِ وَقَالَهُ (ش) وَجَعَلَ أَجْرَ الثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَهُوَ مُقْتَضَى الْمَشْهُورِ عِنْدَنَا وَقَالَ (ح) : أُجْرَةُ مَلْءِ الْمِكْيَالِ عَلَى الْبَائِعِ وَتَفْرِيغُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَلْءَ كَاف فِي الْقَبْض دون التَّفْرِيع وَعِنْدَنَا أَيْضًا فِي اشْتِرَاطِ التَّفْرِيغِ قَوْلَانِ يَنْبَغِي أَنْ يَتَخَرَّجَ الْخِلَافُ فِي الْأُجْرَةِ عَلَيْهِمَا وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الثَّمَنَ إِنَّمَا قُوبِلَ بِالْمَبِيعِ فَعَلَى هَذَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ الْكَيْلُ لِنَفْسِهِ وَالْمَشْهُورُ مِنْ قَوْلِهِ: إِنَّ جِزَازَ الصُّوفِ وجذاذ الثَّمَرَة وزع الْحِلْيَةِ الْمَبِيعَةِ وَحْدَهَا عَلَى الْمُشْتَرِي لِحُصُولِ التَّخْلِيَةِ قِيلَ: مِنْ قِبَلِ الْبَائِعِ وَقِيلَ: الْجِزَازُ عَلَى الْبَائِعِ وَالضَّمَانُ مِنْهُ لِأَنَّهُ تَوْفِيَةٌ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا اشْتِرَاطُ الضَّمَانِ وَالْجِزَازُ عَلَى الْآخَرِ وَاشْتِرَاطُ الْجِزَازِ فَقَطْ وَلَوْ بَاعَهُ

الْغنم دون الصُّوف أَو السَّيْف دون الْحِيلَة أَو الْحَائِط دون الثَّمَرَة لكَانَتْ اياية ذَلِكَ عَلَى الْبَائِعِ اتِّفَاقًا حَتَّى يَخْلُصَ الْمَبِيعَ للْمُشْتَرِي. فرع قَالَ: منعا مَالِكٌ كَسْرَ الْكَيْلِ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ بَلْ يُخَلَّى عَلَى حَالِهِ فَإِذَا مَلَأَ الْمِكْتَلَ وَدَفَعَهُ لِلْمُشْتَرِي لِيُفْرِغَهُ فَانْكَسَرَ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي ضَمِنَهُ الْمُشْتَرِي عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ بِخِلَافِ مَا إِذَا انْكَسَرَ مِنْ يَدِ الْبَائِعِ لِعَدَمِ الْوُصُولِ لِلْمُشْتَرِي وَلَوْ مَلَأَ الْبَائِعُ الْوِعَاءَ فَدَفَعَهُ لِلْمُشْتَرِي لِيُفْرِغَهُ فِي بَيْتِهِ فَانْكَسَرَ ضَمِنَهُ لِأَنَّهُ مُسْتَعِيرٌ لَهُ. فَرْعٌ قَالَ: إِذَا كَالَ الْبَائِعُ بَعْضَ الزَّيْتِ فَوَقَعَ فِي الْمِكْيَالِ فَأْرَةٌ فَكَالَ الْمُشْتَرِي بِإِذْنِ البَائِع فَقتل الفأر بالصب فمصيته مِنَ الْمُشْتَرِي وَكَذَلِكَ لَوْ كَالَ الْبَائِعُ وَصَبَّ بِإِذْنِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْفَسَادَ بِأَمْرِهِ فَإِنْ كَالَ لَهُ بَعْضَ الزَّيْتِ ثُمَّ سَقَطَ الْمِكْيَالُ مِنْ يَدِهِ عَلَى إِنَاءِ الْمُشْتَرِي فَكَسَرَهُ وَذَهَبَ مَا فِي الْمِكْيَالِ وَمَا فِي الْإِنَاءِ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: ضَمِنَ الْبَائِعُ الْجَمِيعَ: الْمِكْيَالَ لِعَدَمِ التَّوْفِيَةِ وَالْإِنَاءَ بِالْإِتْلَافِ بَقِيَ عِنْدَ الْبَائِعِ مِنْ ذَلِكَ الزَّيْتِ شَيْءٌ عَوَّضَهُ وَإِلَّا حَاسَبَهُ بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ وَيَغْرَمُ لَهُ مَا فِي الْمِكْيَالِ إِنْ بَقِيَ عِنْدَهُ مِنْ ذَلِكَ الزَّيْتِ شَيْءٌ وَإِلَّا حَاسَبَهُ وَزَيْتُ الْإِنَاءِ يَغْرَمُ مِثْلَهُ مِنْ ذَلِكَ الزَّيْتِ وَمِنْ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ مُتْلِفٌ بَعْدَ الْقَبْضِ فَإِنْ كَالَ لِنَفْسِهِ ضَمِنَ مَا فِي الْإِنَاءِ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ وَضَمِنَ الْبَائِعُ مَا فِي الْمِكْيَالِ لِلُزُومِ تَمَامِ الْقَبْضِ وَالْمُشْتَرِي إِنَّمَا يَضْمَنُ بَعْدَ الْقَبْضِ فَإِنْ كَالَ لَهُمَا أَجْنَبِيٌّ ضَمِنَ مَا فِي الْإِنَاءِ وَضَمِنَ الْبَائِعُ مَا فِي الْمِكْيَالِ إِذَا لَمْ يَتَسَبَّبِ (الْكَيَّالُ بِتَفْرِيطٍ) فَإِنِ اشْتَرَى مِائَةَ قِسْطٍ زَيْتًا فَكَالَ لَهُ خَمْسِينَ ثُمَّ كَالَ مِنْ جَرَّةٍ أُخْرَى

فَإِذَا فِيهَا فَأْرَةٌ فَضَمَانُ الْأَوْلَى مِنَ الْمُبْتَاعِ لِأَنَّ الْبَائِعَ إِنَّمَا صَبَّ بِأَمْرِهِ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ بِمَوْتِ الْفَأْرَةِ. فَرْعٌ قَالَ: إِذَا اشْتَرَى طَعَامًا غَائِبًا عَلَى الصِّفَةِ وَالْكَيْلِ فَضَمَانُهُ مِنَ الْبَائِعِ حَتَّى يَقْبِضَ اتِّفَاقًا وَلَا يَدْخُلُهُ اخْتِلَافُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي ضَمَانِ الْغَائِبِ لِأَجْلِ مَا فِيهِ مِنَ التَّوْفِيَةِ فَإِنْ وَضَعَ الثَّمَنَ عَلَى يَدِ أَمِينٍ فَهَلَكَ فَمِنَ الْبَائِعِ إِنْ وَجَدَ الطَّعَامَ عَلَى الصِّفَةِ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِالْعَقْدِ وَلَمْ يبْق لَهُ توقيه وَإِلَّا فَمِنَ الْمُبْتَاعِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْبَيْعِ فَإِنْ تَعَدَّى الْبَائِعُ عَلَيْهِ فَبَاعَهُ عَلَيْهِ بِشِرَاءِ مِثْلِهِ تَوْفِيَةً بِالْعَقْدِ وَتَكُونُ مُصِيبَةُ الْمَالِ مِنْهُ لِأَنَّ إِتْيَانَ مِثْلِهِ يَقُومُ مَقَامَ قَبْضِ الْمَبِيعِ فَيَكُونُ الثَّمَنُ مِنْهُ فَإِنْ نَقَدَهُ الثَّمَنَ بِغَيْرِ شَرْطٍ لَا يُخَيِّرُهُ ابْنُ الْقَاسِمِ بَيْنَ أَخْذِ الطَّعَامِ أَوِ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ كَبَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَيُخَسِّرُهُ أَشْهَبُ لِأَنَّهَا إِقَالَةٌ وَلَعَلَّ ابْنَ الْقَاسِمِ (تَكَلَّمَ عَلَى) إِذَا لَمْ يَعْرِفْ عَدَاوَةً بِقَوْلِهِ وَأَشْهَب إِذا عرف فَذَلِك فَرْعٌ قَالَ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا حَضَرَ الْمُشْتَرِي الْكَيْلَ ثُمَّ اشْتَرَى فَلَا بُدَّ مِنْ كَيْلِ الْبَائِعِ لَهُ مَرَّةً أُخْرَى إِلَّا أَنْ يَشْتَرِيَهُ عَلَى التَّصْدِيقِ فَلَيْسَ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِالْكَيْلِ لِأَنَّ الْعَقْدَ يُوجِبُ الْكَيْلَ حَتَّى يُسْقِطَهُ الْمُشْتَرِي فَإِذَا صَدَّقَ سَقَطَ الضَّمَانُ وَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ إِلَّا بِرِضَاهُ وَكَذَلِكَ إِذَا اشْتَرَاهُ عَلَى الْكَيْلِ لَيْسَ لَهُ التَّصْدِيقُ إِلَّا بِرِضَاهُ لِأَنَّهُ يَقُولُ: أَخْشَى أَنْ يَغِيبَ عَلَيْهِ ثُمَّ يَدَّعِي النُّقْصَانَ وَيَجُوزُ لِمَنِ اشْتَرَى عَلَى الْكَيْلِ أَنْ يَبِيعَ عَلَى التَّصْدِيقِ إِذَا بَاعَهُ نَقْدًا وَإِنِ اشْتَرَاهُ عَلَى التَّصْدِيقِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ كَيْلِهِ وَالْغَيْبَةُ عَلَيْهِ عَلَى الْكَيْلِ وَعَلَى التَّصْدِيقِ وَعَنْ مَالِكٍ: لَا يَبِيعُهُ عَلَى الْكَيْلِ وَلَا عَلَى التَّصْدِيقِ حَتَّى يَكِيلَهُ

أَوْ يَغِيبَ عَلَيْهِ قَالَ: وَلَوْ قِيلَ: لَا يَبِيعُهُ قَبْلَ كَيْلِهِ وَإِنْ غَابَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إِنْ غَابَ عَلَيْهِ قَدْ يَدَّعِي نَقْصَهُ قَالَ سَنَدٌ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: كَرَاهَةُ التَّصْدِيقِ لِمَا يُؤَدِّي إِلَيْهِ مِنَ الْخُصُومَةِ فَإِنْ نَزَلَ وَادَّعَى الْمُبْتَاعُ نَقْصًا غَيْرَ مُعْتَادٍ لَمْ يُصَدَّقْ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ فَيَرْجِعُ بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ مَا لَمْ يَكُنْ جِدًّا فَلَهُ بَاقِي الطَّعَامِ لِذَهَابِ جُلِّ الْمَقْصُودِ فَإِنْ قَالَ الْمُبْتَاعُ: مَا نَقَصَ عَلَيَّ تَمَامُهُ: إِنِ الْتَزَمَهُ مِنْ طَعَامٍ مُعَيَّنٍ فِي صفته وجنسه جَازَ أيخالفه لَمْ يَجُزْ لِلْجَهْلِ بِمَبْلَغِ ذَلِكَ وَاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فَلَا يَعْلَمُ الْمَبِيعَ أَوَّلًا مَا نِسْبَتُهُ مِنْ هَذَا وَإِنِ الْتَزَمَهُ فِي ذِمَّتِهِ اغْتُفِرَ فِي الْيَسِير وَإِذا جَوَّزنَا البيع على التصديع مَنَعَ ابْنُ حَبِيبٍ ذَلِكَ فِي طَعَامٍ بِطَعَامٍ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ لِعَدَمِ الْمُنَاجَزَةِ بِتَأَخُّرِ الِاخْتِيَارِ بَعْدَ التَّفَرُّقِ وَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّ مُصِيبَةَ كُلِّ طَعَامٍ مِنْ بَائِعِهِ فَهُوَ مَقْبُوضٌ كَالْجِزَافِ وَمَنَعَ الْأَئِمَّةُ بَيْعَ الطَّعَامِ عَلَى التَّصْدِيقِ لِأَنَّ الْكَيْلَ شَرْطٌ عِنْدَهُمْ وَلَمْ يُوجَدْ. فَرْعٌ فِي الْكتاب: إِذا أَمرته بِالْكَيْلِ وفارقته فَزعم أَن فعل وَأَنه ضَاعَتْ فَإِنْ صَدَّقْتَهُ فِي الْكَيْلِ وَقَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَيْهِ صُدِّقَ فِي الضَّيَاعِ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْكَ إِلَّا مَا أَقْرَرْتَ بِهِ مِنَ الْكَيْلِ لِأَنَّ الْأَصْلَ: عَدُّ انْتِقَالِ الضَّمَانِ إِلَيْكَ. فَرْعٌ قَالَ: هَلَاكُ الصُّبْرَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ مِنْكَ لِأَنَّ الْعَقْدَ اقْتَضَى ضَمَانَهَا وَنَقْلَهَا إِلَيْكَ وَلَكَ عَلَى الْمُتَعَدِّي قِيمَتُهَا كَانَ الْبَائِعُ أَوْ غَيْرُهُ وَإِنِ ابْتَعْتَهَا على الْكَيْل كل فقيز بِكَذَا فَهَلَكَتْ قَبْلَ الْكَيْلِ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى فَمِنَ الْبَائِعِ لِأَنَّ فِيهَا حَقَّ تَوْفِيَةٍ فَإِنْ تَعَدَّى عَلَيْهَا الْبَائِعُ أَوْ بَاعَهَا فَعَلَيْهِ مِثْلُهَا جِزَافًا فَيُوَفِّيكَهَا عَلَى الْكَيْلِ وَلَا

خِيَارَ لَكَ فِي أَخْذِ ثَمَنِكَ لِأَنَّهُ كَبَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَإِنِ اسْتَهْلَكَهَا أَجْنَبِيٌّ غَرِمَ مَكِيلَتَهَا إِنْ عُرِفَتْ وَإِلَّا فَقِيمَتُهَا لِلْبَائِعِ يَشْتَرِي بِهَا طَعَامًا مِثْلَهُ فَيُوَفِّيكَ إِيَّاهُ وَلَيْسَ بَيْعًا لِلطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ لِأَنَّ الْقِيمَةَ لِغَيْرِ بَيْعَتِكَ وَلَا التَّعَدِّيَ وَقَعَ عَلَى الْبَائِعِ بَعْدَ الْكَيْلِ مِنْكَ. فَائِدَةٌ: قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: الصُّبْرَةُ مِنَ الْحَبْسِ لِأَنَّهَا حُبِسَتْ عَنِ الْكَيْلِ مِنَ الصَّبْرِ الَّذِي هُوَ حَبْسُ النَّفْسِ أَوْ مِنْ وَضْعِ الشَّيْءِ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ وَمِنْهُ: الصَّبْرُ لِلسَّحَابِ الْكَثِيفِ. قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا أُخِذَتِ الْقِيمَةُ مِنَ الْأَجْنَبِيِّ فَلَمْ يَشْتِرِهَا حَتَّى غَلَا الطَّعَامُ لَمْ يَلْزَمِ الْبَائِعَ غَيْرُ مَا يَشْتَرِي بِالْقِيمَةِ وَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ فِي الثَّانِي كَالْهَالِكِ بِأَمْرٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ حَالَ بِرُخْصٍ تُرِكَ الْفَاضِلُ لِلْبَائِعِ لِأَنَّهُ فِي ضَمَانِهِ فَلَهُ رُخْصَةٌ فَإِنْ كَالَ الْهَالِكَ مُعْدَمًا لَمْ يَلْزَمِ الْبَائِعَ شَيْءٌ وَلِلْبَائِعِ فَسْخُ الْبَيْعِ وَلَا يَلْزَمُهُ الصَّبْرُ إِلَى يَسَارِ الْمُتَعَدِّي فَإِنْ رَضِيَ بِهِ لَا مَقَالَ لِلْبَائِعِ وَإِنْ رَضِي البَائِع بغزم مَكِيلَةِ مَا يَشْتَرِيهِ بِالْقِيمَةِ لَزِمَ الْمُشْتَرِيَ وَقَالَ أَشْهَبُ: إِذَا غَرِمَ الْأَجْنَبِيُّ لِلْبَائِعِ الْقِيمَةَ انْفَسَخَ الْبَيْعُ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي إِلَّا ثَمَنُهُ إِلَّا أَنْ يَغْتَرَّ الْمُتَعَدِّي بِعَدَدِ كَيْلِهِ فَيُخَيَّرُ رَبُّ الصُّبْرَةِ بَين مَا أقربه بَعْدَ يَمِينِهِ وَبَيْنَ الْقِيمَةِ فَيَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي حِينَئِذٍ بَيْنَ الْمُقِرِّ وَبَيْنَ مَا يَشْتَرِي بِالْقِيمَةِ وَمَتَى فَسَخَ الْبَيْعَ فَإِنْ جُهِلَ الْهَلَاكُ هَلْ كَانَ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ أَوْ مِنْ مُتْلِفٍ؟ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يُصَدَّقُ عَلَيْهِ أَنْ يُوَفَّى مَا بَاعَ وَإِنْ أَهْلَكَهُ الْمُشْتَرِي وَعُرِفَ مَكِيلَتُهُ غَرِمَ ثَمَنَهُ وَإِنْ جَهِلَ غَرِمَ ثَمَنَ مَا يُقَدَّرُ مِنْهُ.

فَرْعٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: فَإِنِ احْتَبَسَ الصُّبْرَةَ بِالثَّمَنِ: فَلَمَّا لَك فِي كَوْنِهَا مِنَ الْبَائِعِ أَوِ الْمُشْتَرِي قَوْلَانِ فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا مِنَ الْمُشْتَرِي فَالْجَوَابُ كَمَا تَقَدَّمَ فِيمَا إِذَا أَمْكَنَهُ مِنْهَا هَذَا إِذَا كَانَ هَلَاكُهَا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنْ أَهْلَكَهَا الْبَائِعُ قِيلَ: يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ فَسْخِ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَبِيعِ وَبَيْنَ الْقِيمَةِ وَدَفْعِ الثَّمَنَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: الْقِيمَةُ مَا بَلَغَتْ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُصِيبَةَ مِنَ الْبَائِعِ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ إِنْ هَلَكَتْ بِأَمْرٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ أَجْنَبِيٍّ وَيُطَالِبُ الْبَائِعُ الْأَجْنَبِيَّ بِالْقِيمَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ أَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ فَيَغْرَمُ الثّمن لِأَنَّهُ أبطل الْمُطَالبَة وَإِن هلكها الْبَائِعُ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ فَسَخَ الْبَيْعَ وَيُخْتَلَفُ هَلْ لَهُ تغريم البَائِع الْقِيمَةِ أَوِ الثَّمَنَ إِنْ بَاعَهَا: فَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ: ذَلِكَ لَهُ وَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ بِيعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ لِأَنَّهُ كَانَ فِي ضَمَانِ بَائِعِهِ وَإِنْ أَهْلَكَهَا الْمُشْتَرِي كَانَ رضَا بِالْقَبْضِ وَإِن بَاعهَا بَائِعهَا فعلى الْكَيْل على الْقَوْلِ إِنَّ الْمُصِيبَةَ مِنَ الْمُشْتَرِي يُخَيَّرُ بَيْنَ إِجَازَةِ الْبَيْعِ وَأَخْذِ الثَّمَنِ وَهُوَ تَغْرِيمُ الْبَائِعِ مِثْلَ مَا يُوجَدُ فِيهَا وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا من البَائِع: يَأْتِي بِثمن مَا وَجَدَ فِيهَا مِنَ الْكَيْلِ وَيُخْتَلَفُ هَلْ لَهُ الْإِجَازَةُ وَأَخْذُ الثَّمَنِ أَمْ لَا؟ فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ: تَلَفُ بَعْضِ الطَّعَامِ يُوجِبُ الِانْفِسَاخَ فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ وَسُقُوطَ قِسْطِهِ مِنَ الثَّمَنِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ جُلَّ الصَّفْقَةِ فَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيت فَسْخِ الْبَيْعِ فَإِنِ اسْتَوَى فَفِي تَخْيِيرِهِ قَوْلَانِ. فَرْعٌ قَالَ الضَّمَانُ فِي عَقْدِ الْخِيَارِ مِنَ الْبَائِعِ لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي يَدِ الْمُبْتَاعِ وَلَا تُصَدِّقُهُ بَيِّنَةٌ وَالْمَبِيعُ يُغَابُ عَلَيْهِ فَيَضْمَنُهُ لِلتُّهْمَةِ فِيهِ قَالَ

ابْنُ نَافِعٍ: إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ خَاصَّةً فَيَضْمَنُ لِاخْتِصَاصِهِ بِالْمَنْفَعَةِ وَإِذَا قُلْنَا بِالضَّمَانِ فَهَلْ بِالثَّمَنِ أَوِ الْقِيمَةِ؟ أَمَّا إِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ: فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِالثَّمَنِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مَا لَمْ يُحَلِّفْهُ فَلَا يَضْمَنُ إِلَّا الثَّمَنَ (وَعِنْدَ أَشْهَبَ يَضْمَنُ الْأَكْثَرَ مِنْهَا وَأَمَّا إِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ: يَضْمَنُ الثَّمَنَ) وَقَالَ أَشْهَبُ: الْأَقَل مِنْهُمَا لَا الْأَصْلَ: بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ وَلَهُ فَسْخُ الْعَقْدِ عَنْ نَفْسِهِ إِلَّا أَنْ يُحَلِّفَهُ إِذَا كَانَتِ الْقِيمَةُ أَقَلَّ وَأَرَادَ غُرْمَهَا: لَقَدْ ضَاعَ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ الثَّمَنَ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ: تَغْلِيبُ حُكْمِ الْبَيْعِ أَوْ حُكْمِ التَّعَدِّي. فَرْعٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا كَانَ الْمَبِيع ثوبا بوثب فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِذَا تَشَاحَّا أَنْ يمد يَده إِلَى صَاحبه بِثَوْب أَوْ ثَوْبٍ مُعَيَّنٍ فَعَلَى الْمُشْتَرِي وَزْنُ الثَّمَنِ وَنَقْدُهُ فَإِذَا لَمْ يَبْقَ إِلَّا تَسْلِيمُهُ يَمُدُّ كُلُّ وَاحِدٍ يَدَهُ كَالْأَوَّلِ لِأَنَّ نِسْبَةَ الْعَقْدِ إِلَيْهَا نِسْبَةٌ وَاحِدَةٌ وَعَنْ مَالِكٍ: إِلْزَامُ الْبَائِعِ بِتَسْلِيمِ الثَّوْبِ أَوَّلًا إِذَا كَانَ الْمُشْتَرِي مُوسِرًا وَقَالَهُ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ لِأَنَّ حَقَّ الْمُشْتَرِي مُتَعَلِّقٌ بِعَيْنٍ وَحَقَّ الْبَائِعِ مُتَعَلِّقٌ بِالذِّمَّةِ وَالْحَقُّ الْمعِين أقوى مِمَّا فِي الذِّمَّة وَلِأَن الْبَائِعَ لَوْ أَمْسَكَ كَانَ كَالْمُتَعَدِّي فِي إِمْسَاكِ الْمُعَيَّنِ أَوْ يَصِيرُ إِمْسَاكُهُ كَالرَّهْنِ وَالرَّهْنُ لَا يَكُونُ إِلَّا بِشَرْطٍ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي فَقِيرًا أَوْ غَرِيبًا فَلَهُ الْإِمْسَاكُ خَشْيَةَ فَوَاتِ الثَّمَنِ وَالضَّمَانُ فِيهِ مِنَ الْمُشْتَرِي وَقَالَ (ح) يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي عَلَى التَّسْلِيمِ أَوَّلًا لِأَنَّ الْمَبِيعَاتِ مَقَاصِدُ وَالْأَثْمَانَ وَسَائِلُ وَالْوَسَائِلَ أَضْعَفُ مِنَ الْمَقَاصِدِ فَتُحْمَلُ عَلَى صَاحِبِهَا فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ دَارًا أَوْ عَرْضًا خُيِّرَ الْمُبْتَاعُ عَلَى دَفْعِ الثَّمَنِ وَلَيْسَ على البَائِع أَكثر من رفع

يَده وتفريع الْمَكَانِ مِنْ أَثْقَالِهِ. فَرْعٌ قَالَ: وَفِي اشْتِرَاطِ تَفْرِيغِ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ فِي وِعَاءِ الْمُشْتَرِي فِي نَقْلِ الضَّمَانِ إِلَيْهِ قَوْلَانِ لِمَالِكٍ وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ و (ش) وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: إِذَا وَلِيَ الْمُشْتَرِي الْكَيْلَ لِنَفْسِهِ أَوِ الْوَزْنَ فَهَلَكَ بَعْدَ اسْتِوَاءِ الْمِيزَانِ أَوِ الْكَيْلِ: الضَّمَانُ مِنَ الْمُشْتَرِي وَقَالَهُ (ح) وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ: هَلِ الْمَقْصُودُ مِنَ الْقَبْضِ تَعَيُّنُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَقَدْ حَصَلَ التَّعَيُّنُ قَبْلَ التَّفْرِيغِ أَوْ تَمْكِينُ الْمُشْتَرِي مِنَ الِانْتِفَاعِ وَالتَّحْوِيلِ وَذَلِكَ إِنَّمَا يَحْصُلُ بِالتَّفْرِيغِ. فَرْعٌ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ: إِذَا اشْتَرَى غَنَمًا فِيهَا مَرِيضَةٌ بِشَرْطِ الْخِيَارِ فِي الْمَرِيضِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ إِنْ مَاتَتْ فَمِنَ الْبَائِعِ بِمَا يَنُوبُهَا مِنَ الثَّمَنِ وَإِنْ لَمْ تَمُتْ فَهِيَ مِنَ الْمُبْتَاعِ لَمْ يَجُزْ لِلْغَرَرِ فِي هَذِهِ الشَّاةِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ غَيْرَ مَرِيضَةٍ وَاشْتَرَطَ الْخِيَارَ فِيهَا لِأَنَّهُ يَرُدُّهَا بِالْقِيمَةِ إِنْ رَدَّهَا فَيَصِيرُ الثَّمَنُ مَجْهُولًا. فَرْعٌ قَالَ: يُسْتَثْنَى مِنْ عَدَمِ ضَمَانِ الْجِزَافِ عَلَى الْبَائِعِ مَا يُشْتَرَى مِنَ السَّقَّائِينَ فَيَهْلَكُ قَبْلَ الْوُصُولِ إِلَى الْمُشْتَرِي فَضَمَانُهُ مِنَ السَّقَّاءِ لِأَنَّهُ الْعَادَةُ قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ أَصْبَغُ مِنَ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ جِزَافٌ وَيُحْتَمَلُ التَّضْمِينُ أَنْ يَكُونَ بِمَوْضِعٍ لَا قِيمَةَ لِلْمَاءِ فِيهِ فَيَكُونُ الْمَبْذُولُ حُمُولَةً. النَّظَرُ الثَّانِي فِي التَّصَرُّفِ فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَفِيهِ فَصْلَانِ: الْفَصْلُ الأول: فِي التَّصَرُّف على وَجه المكايسة فِي الْجَوَاهِرِ: لَا يَقِفُ شَيْءٌ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ عَلَى الْقَبْضِ إِلَّا الْبَيْعُ فَيَمْتَنِعُ فِي بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الصِّحَاحِ: (مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ) فَيمْتَنع فِيمَا فِيهِ حق تَوْفِيَة منكيل أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدَدٍ إِلَّا فِي غَيْرِ الْمَعْلُومَةِ كَالْقَرْضِ وَالْبَدَلِ ثُمَّ لَا يَجُوزُ لِمَنْ صَارَ إِلَيْهِ هَذَا بِيعَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَأَمَّا مَا بِيعَ جِزَافًا فَيَجُوزُ قَبْلَ النَّقْلِ إِذَا تخلى الْبَائِعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ لِحُصُولِ الِاسْتِيفَاءِ وَمَنَعَ (ش) و (ح) لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: كُنَّا نَبْتَاعُ الطَّعَامَ عَلَى عَهْدِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَيَبْعَثُ عَلَيْنَا مَنْ يَأْمُرُنَا بِنَقْلِهِ مِنَ الْمَكَانِ الَّذِي نَبْتَاعُهُ فِيهِ إِلَى مَكَانٍ سِوَاهُ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: كُنَّا إِذَا ابْتَعْنَا طَعَامًا جِزَافًا لَمْ نَبِعْهُ حَتَّى نُحَوِّلَهُ مِنْ مَكَانِهِ قَالَ سَنَدٌ: قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: التَّخْلِيَةُ قَبْضٌ فِي الْجِزَافِ قَالَ الْبَاجِيُّ: مُرَادُهُ بِالتَّخْلِيَةِ: التَّوْفِيَةُ فَعَلَى هَذَا إِذَا حَبَسَهُ بِالثَّمَنِ يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ وَعَنْ مَالِكٍ: مَنْعُ بَيْعِ الْجِزَافِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِالْقَبْضِ التَّخْلِيَةَ وَيُحْتَمَلَ الْحَوْزُ وَالنَّقْلُ وَفِي الْجَوَاهِرِ: وَالْمَشْهُورُ: اخْتِصَاص الْمَنْع بِالطَّعَامِ ونعيمه فِيهِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يَتَعَدَّى لِمَا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ لِنَهْيِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي التِّرْمِذِيِّ عَن عَنْ رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ قَالَ فِيهِ التِّرْمِذِيُّ: صَحِيحٌ وَأَشَارَ ابْنُ وَهْبٍ فِي رِوَايَتِهِ إِلَى تَخْصِيصِهِ بِالرِّبَوِيِّ

مِنَ الطَّعَامِ وَقَالَ (ش) و (ح) : يَمْتَنِعُ التَّصَرُّفُ فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ مُطْلَقًا وَاسْتَثْنَى أَو حنيفَة الْعَقَارَ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَا يُخْشَى انْفِسَاخُهُ بِهَلَاكِهِ قبل الْقَبْض قَالَ صَاحب القبس: فِي فِي الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ سِتَّةُ أَقْوَالٍ: الْمَنْعُ مُطْلَقًا (ش) : الْمَنْعُ إِلَّا فِي الْعَقَارِ (ح) : يَخْتَصُّ بِالرِّبَوِيِّ يَعُمُّ الْمَطْعُومَاتِ إِلَّا الْجِزَافَ وَيَخُصُّهَا مَشْهُورُ مَالِكٍ: يَخْتَصُّ بِالْمَطْعُومَاتِ وَالْمَعْدُودَاتِ لِعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ: يَعُمُّ الْمَطْعُومَاتِ وَالْجِزَافَ وَوَافَقَ الْمَشْهُور ابْن حَنْبَل احتجا بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَمَّا بَعَثَ عَتَّابَ بْنَ أُسَيْدٍ أَمِيرًا عَلَى مَكَّةَ أَمَرَهُ أَنْ يَنْهَاهُمْ عَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يقبِضوا وَرِبْحِ مَا لَمْ يَضْمَنُوا وَلِلْحَدِيثِ الَّذِي صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ سَابِقًا وَالْقِيَاسِ عَلَى الطَّعَامِ وَالْجَوَاب عَن الأول مَعْنَاهُ: نَهْيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ فَنَهَى الْإِنْسَانَ أَنْ يَبِيعَ مِلْكَ غَيْرِهِ وَيَضْمَنَ الْخَلَاصَ وَدَلِيلُهُ: قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ) وَالْغَلَّةُ لِلْمُشْتَرِي فَيَكُونُ الضَّمَانُ لَهُ فَمَا بَاعَ إِلَّا مَضْمُونًا فَمَا تَنَاوَلَ الْحَدِيثُ مَحَلَّ النِّزَاعِ وَهُوَ الْجَوَابُ الثَّانِي وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّالِثِ: أَنَّ الطَّعَامَ أَشْرَفُ مِنْ غَيْرِهِ لِكَوْنِهِ سَبَبًا لِقِيَامِ الْبِنْيَةِ وَعِمَادِ الْحَيَاةِ فَشَدَّدَ الشَّرْعُ فِيهِ عَلَى عَادَتِهِ مِنْ تَكْثِيرِ الشُّرُوطِ فِيمَا عَظُمَ شَرَفُهُ كَالشَّرْطِ الْوَلِيُّ وَالصَّدَاقِ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ دُونَ عَقْدِ الْبَيْعِ وَيُشْتَرَطُ فِي الْقَضَاءِ مَا لَا يُشترط فِي مَنْصِبِ الشَّهَادَةِ ثُمَّ يتَأَكَّد مَا ذَكرْنَاهُ بِمَفْهُوم نهية - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ

حَتَّى يُسْتَوْفَى وَمَفْهُومُهُ: أَنَّ غَيْرَ الطَّعَامِ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَمَا لَا تَوْفِيَةَ فِيهِ كَذَلِكَ فَيَجُوزُ الْجِزَافُ مِنَ الطَّعَامِ وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَحَلَّ اللَّهُ البيع} سُؤَالٌ: أَدِلَّةُ الْخُصُومِ عَامَّةٌ فِي الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ وَالْقَاعِدَةُ الْأُصُولِيَّةُ: أَنَّ ذِكْرَ بَعْضِ أَنْوَاعِ الْعُمُومِ لَا يُخَصِّصُهُ فَالْحَدِيثُ الْخَاصُّ بِالطَّعَامِ لَا يُخَصِّصُ تِلْكَ الْعُمُومَاتِ فَإِنَّ مِنْ شَرْطِ الْمُخَصَّصِ أَنْ يَكُونَ مُنَافِيًا وَالْجُزْءُ لَا يُنافي الْكُلَّ وَالْقَاعِدَةُ أَيْضًا: أَنَّ الْخَاصَّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ عِنْدَ التَّعَارُض {وَأحل الله البيع} أَعَمُّ مِنْ أَدِلَّةِ الْخُصُومِ فَتُقَدَّمُ تِلْكَ الْأَدِلَّةُ عَلَيْهَا وَالِاعْتِمَادُ فِي تَخْصِيصِ تِلْكَ الْأَدِلَّةِ عَلَى عَمَلِ الْمَدِينَةِ لَا يَسْتَقِيمُ مَعَ الْخَصْمِ لِأَنَّهُ لَا يُسَلَّمُ أَنَّهُ حُجَّةٌ فَضْلًا عَنْ تَخْصِيصِ الْأَدِلَّةِ بِهِ فَرْعٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: اخْتُلِفَ فِي الْجِزَافِ إِذَا كَانَ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ كَمَنْ أَسْلَمَ فِي لَبَنِ غَنَمٍ شَهْرًا جِزَافًا: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يَبِيعُهُ حَتَّى يَحْلِبَهُ كَانَ حلابُه كَالتَّوْفِيَةِ وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ لِعَدَمِ احْتِيَاجِهِ إِلَى الْعِيَارِ قَالَ سَنَدٌ: لَيْسَ الْمُرَادُ بِمَنْعِ بَيْعِ الطَّعَامِ مَا سُمِّيَ طَعَامًا فَالْمَاءُ الْأُجَاجُ لَيْسَ مُرَادًا إِجْمَاعًا وَإِنْ كَانَ بَيْتَ الْمِلْحِ الَّذِي هُوَ طَعَامٌ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ: لَيْسَ بَزْرُ الْبَصَلِ وَالْجَوْزِ وَالْبِطِّيخِ وَالْقَرْعِ وَالْكُرَّاثِ مِنَ الطَّعَامِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي حَبِّ الْغَاسُولِ: لَيْسَ طَعَامًا وَإِنْ كَانَتِ الْأَعْرَابُ تَأْكُلُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّفَاضُلِ وَالْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ فِي الْفَوَاكِهِ وَالْخُضَرِ: أَنَّ الْحَاجَةَ إِلَى التَّفَاضُلِ فِيهَا آكُدُ مِنَ الْحَاجَةِ إِلَى الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَقْصِدُ اسْتِبْدَالَ الْكَثِيرِ الْأَدْنَى بِالْخَيْرِ الْقَلِيلِ وَالْغَالِبُ فِي هَذِه

الْأُمُورِ الْقَبْضُ عِنْدَ الْعَقْدِ فَلَا حَاجَةَ لِبَيْعِهَا قَبْلَ قَبْضِهَا فَرْعٌ قَالَ: إِذَا وَقَعَ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ مَنَعَ الْمُتَأَخِّرُونَ قَبْضَهُ فَإِنْ قَبَضَهُ فَالْقِيَاسُ: الرَّدُّ إِلَى الْبَائِعِ الثَّانِي لِأَنَّ الْأَوَّلَ قَدْ بَرِئَ مِنْهُ لَمَّا قَبَضَهُ الْأَخِيرُ لِأَنَّهُ كَقَبْضِ وَكِيلِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَوَّازِيَّةِ وَفِي السُّلَيْمَانِيَّةِ يُرَدُّ لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ لِيَأْخُذَهُ مُشْتَرِيهِ مِنْهُ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يُوَفِّ بِهِ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ إِجَازَةُ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَإِنْ غَابَ الْمُبْتَاعُ الثَّانِي وَغَابَ عَلَى الطَّعَامِ قَالَ مُحَمَّدٌ: يُؤْخَذُ الثَّمَنُ مِنَ الْبَائِعِ لِيَشْتَرِيَ بِهِ طَعَامَ الْغَائِبِ وَيُرَدَّ لِلْبَائِعِ فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ كَيْلِهِ كَانَ الْبَاقِي دَيْنًا عَلَى الْغَائِبِ وَلَا يُصَدَّقُ الْبَائِعُ وَالْمُبْتَاعُ فِي الْعَقْدِ الثَّانِي حَتَّى تَثْبُتَ بَيِّنَةٌ وَحِينَئِذٍ يَلْزَمُ الْبَائِعَ الْإِتْيَانُ بِالْمِثْلِ وَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ أَخْذِهِ وَإِمْضَاءِ الْبَيْعِ الْأَوَّلِ وَبَيْنَ فَسْخِ الْبَيْعِ عِنْدَ أَشْهَبَ لِأَنَّ الْمَبِيعَ مُقَيَّدٌ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى أَخْذِ غَيْرِهِ وَيَتَعَيَّنُ أَخْذُ الْمِثْلِ عِنْدَ مَالِكٍ لِأَنَّ مِلْكَ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ انْتَقَلَ إِلَى الْمُبْتَاعِ بِالتَّعَدِّي عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ وَإِنِ ادَّعَى عَلَى الْبَائِعِ التَّلَفَ وَجَهِلَ جَبَرَهُ عَلَيْهِ مَبْلَغُ الطَّعَامِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَا يُصَدَّقُ فَرْعٌ إِذَا اشْتَرَى جُزْءَ صُبْرَةٍ يُخْتَلَفُ فِي بَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَرَجَعَ مَالِكٌ إِلَى الْجَوَازِ لِأَنَّ الْجُزْءَ مُشَاعٌ مَقْسُومٌ بِتَعَيُّنِ الْجُمْلَةِ كَمَا فِي الْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ وَكَذَلِكَ يُطَالَبُ

الْمُتَعَدِّي عَلَى جُزْءِ الصُّبْرَةِ بِذَلِكَ الْجُزْءِ بِخِلَافِ الْمَكِيلِ فَإِنَّمَا يُطَالِبُهُ الْمَالِكُ بِهَا فَرْعٌ قَالَ: إِذَا اشْتَرَى صُبْرَةً غَائِبَةً عَلَى الصِّفَةِ يَمْتَنِعُ بَيْعُهَا حَتَّى يَرَاهَا قَالَ مُحَمَّدٌ لِأَنَّهَا فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ وَيَتَخَرَّجُ الْخِلَافُ فِيهَا عَلَى الْخِلَافِ فِي ضَمَانِ بَيْعِ الْغَائِبِ مِنَ الْبَائِعِ أَوْ مِنَ الْمُشْتَرِي فَرْعٌ قَالَ قَالَ الشَّافِعِيَّةُ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الْبَيْعِ أَنْ يَكِيلَهُ الْبَائِعُ لِلْمُبْتَاعِ وَاخْتَلَفُوا إِذَا اكْتَالَ وَلَمْ يُفْرِغْ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْبُخَارِيِّ: (إِذَا ابْتَعْتَ فَاكْتَلْ وَإِذَا بِعْتَ فَكِلْهُ) وَلِنَهْيِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يَجْرِيَ فِيهِ الصَّاعَانِ وَالْجَوَابُ: عَنِ الأول مَعْنَاهُ: النَّهْيُ عَنْ تَأْخِيرِ الْقَبْضِ خَشْيَةَ الْغَرَرِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ لَيْسَ فِي الصِّحَاحِ وَلَا الْمَشَاهِيرِ وَهُوَ مَتْرُوكُ الظَّاهِرِ بِالْجِزَافِ وَالْمَوْزُونِ مُعَارَضٌ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْجِزَافِ وَالْمَوْزُونِ وَالْمَعْدُودِ فَرْعٌ قَالَ إِذَا قَبَضَ الطَّعَامَ وَتَرَكَهُ عِنْدَ زَوْجَةِ الْبَائِعِ أَوْ مَنْ هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِهِ جَازَ بَيْعُهُ قَبْلَ أَخْذِهِ مِنْهُ لِأَنَّهُ وَدِيعَةٌ وَقَالَهُ مَالِكٌ فِي الْغَرِيمِ نَفْسِهِ

فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ تَمْتَنِعُ الْمُوَاعَدَةُ فِي بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلَا بَيْعَ طَعَامٍ تَنْوِي أَنْ تَقْبِضَهُ مِنَ الطَّعَامِ الَّذِي اشْتَرَيْتَ سَدًّا للذريعة قَالَ أَو الطَّاهِرِ: أَجْرَى اللَّخْمِيُّ الْمُوَاعَدَةَ فِي بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ عَلَى الْمُوَاعَدَةِ فِي الصَّرْفِ فَيَكُونُ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ بَلْ هِيَ كَالْمُوَاعَدَةِ عَلَى النِّكَاحِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الصَّرْفِ: أَنَّ الْمُوَاعَدَةَ مُنِعَتْ فِيهَا خَشْيَةَ تَعْجِيلِ الْعَقْدِ وَتَعْجِيلُ الْعَقْدِ فِي الصَّرْفِ غَيْرُ مَمْنُوعٍ فَلَا يُخْتَلَفُ فِي مَنْعِ الْمُوَاعَدَةِ فِي النِّكَاحِ وَالتَّعْرِيضُ فِي الطَّعَامِ كَالتَّعْرِيضِ فِي النِّكَاحِ فِي الْعِدَّةِ فَرْعٌ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ: طَيْرُ الْمَاءِ الَّذِي لَا يستحيى لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ إِذَا أَسْلَمَ فِيهِ لِأَنَّهُ طَعَامٌ وَحَيَاتُهُ مُسْتَعَارَةٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ نَظَرًا لِحَيَاتِهِ وَإِنِ اشْتَرَاهُ معينا جَازَ عِنْدهمَا لِدُخُولِهِ بِالْعَقْدِ فِي ضَمَانِهِ كَالْجِزَافِ فَرْعٌ قَالَ فِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ بَيْعُ الْجِزَافِ مِنَ الطَّعَامِ وَسَائِرِ الْعُرُوضِ جِزَافًا وَغَيْرِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ مِنَ الْبَائِعِ وَغَيْرِهِ وَيُحِيلُهُ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِينَةِ فَيَمْتَنِعُ بِأَكْثَرَ مِمَّا ابْتَعْتَ لِأَنَّهُمْ يَتَحَيَّلُونَ بِذَلِكَ عَلَى السَّلَفِ بِزِيَادَةٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ مَالِكٌ: إِذِ اشْتَرَى نِصْفَ ثَمَرَةٍ جِزَافًا أَوْ نِصْفَ صُبْرَةٍ جِزَافًا رَجَعَ مَالِكٌ إِلَى جَوَازِ الْبَيْعِ قَبْلَ النَّقْلِ وَإِنِ اسْتُحِبَّ النَّقْلُ لِلْحَدِيثِ

فرع قَالَ: يمْتَنع البيع بِقَبض وَكله فِيهِ عَبْدُهُ أَوْ مُدَبَّرُهُ أَوْ أَمُّ وَلَدِهِ أَو امْرَأَته أَو من هُوَ كَذَلِك لِأَن كَتَوْكِيلِهِ لِبَيْعِهِمْ لَهُ فَرْعٌ قَالَ تَمْتَنِعُ الْمُقَاصَّةُ بَيْنَ الطَّعَامَيْنِ مِنْ سَلَمٍ لِأَنَّهُ بَيْعٌ قَبْلَ الْقَبْضِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ قَرْضٍ وَاتَّفَقَا أَجَلًا وَصِفَةً وَمِقْدَارًا جَازَ إِنْ حَلَّ الْأَجَلَانِ لِأَنَّ بَيْعَ الْقَرْضِ مَعْرُوفٌ وَيَمْتَنِعُ قَبْلَ الْحُلُولِ لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِم: يمْتَنع وَإِن تَسَاوَت رُؤُوس الْأَمْوَالِ وَجَوَّزَهُ أَشْهَبُ وَجَعَلَهُ إِقَالَةً فَإِنِ اخْتَلَفَتْ رُؤُوس الْأَمْوَالِ امْتَنَعَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بَاطِنُهَا عَلَى السَّلَمِ فَيَصِحُّ وَيَكُونُ قَضَاءً وَكَذَلِكَ الْحَوَالَةُ عَلَى طَعَام السّلم وأجازها أَشهب وَإِذا تَسَاوَت رُؤُوس الْأَمْوَالِ لِأَنَّهُمَا لَوْ شَاءَا عَمِلَاهَا تَوْلِيَةً وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ قَرْضٍ: أَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا خَلَا وَأَشْهَبُ إِذَا حَلَّ أَحَدُهُمَا قَالَ أَيْضًا سَحْنُونٌ: إِذَا حَلَّ السَّلَمُ وَجَوَّزَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَإِنْ لَمْ يَحِلَّا قَالَ: وَهُوَ أَبْيَنُ لِأَنَّ الذِّمَمَ تَبْرَأُ مِنَ الْآنَ قَالَ سَنَدٌ: وَجوز أَشهب المقاصو بَيْنَ الْمُسْلِمَيْنِ إِذَا اتَّفَقَا كَيْلًا وَصِفَةً وَرَاعَى الثمنين فِي الموارثة إِذا اتّفق رَأس مَالِهِمَا قَدْرًا وَصِفَةً جَازَ لِأَنَّهُ إِبْرَاءٌ فَعَلَى رَأْيِ أَشْهَبَ يَمْتَنِعُ إِذَا اخْتَلَفَ جِنْسُ الثَّمَنَيْنِ خَشْيَةَ أَنْ يُؤْخَذَ الثَّمَنُ الثَّانِي عَنِ الطَّعَامِ وَالْأَظْهَرُ الْإِبْرَاءُ لِبُعْدِ ذَلِكَ إِذَا اتَّحَدَ الْجِنْسُ

وَاخْتَلَفَ الْمِقْدَارُ لِأَنَّ كَثْرَةَ الْأَوَّلِ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ وَقِلْتُهُ إِقَالَةً مِنْ رَأَّسِ السَّلَمِ بِزِيَادَةٍ عَلَى أَقَلَّ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ سَلَمِ الآخر مِنْ قَرْضٍ وَكِلَاهُمَا جِنْسٌ وَلَمْ يَحِلَّ أَجَلُهُمَا: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يَجُوزُ إِذَا اتَّفَقَ أَجَلُهُمَا قَالَهُ جَمِيعُ أَصْحَابِ مَالِكٍ إِلَّا ابْنَ الْقَاسِمِ وَأَشْهَب وأبى الْمَنْعَ لِأَنَّهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَبَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَمَتَى كَانَ الْأَجَلُ قَائِمًا فَأَمْرُهُمَا عَلَى الْمُكَايَسَةِ وَلَوِ اخْتَلَفَ الْأَجَلُ لَمْ تَجُزِ الْمُقَاصَّةُ فَإِنْ حَلَّ أَجَلُ السَّلَمِ جَازَتِ الْمُقَاصَّةُ عِنْدَ أَشْهَبَ وَفِي الْمَجْمُوعَةِ: يَجُوزُ أَنْ يُحِيلَ مَا قَدْ حَلَّ فِيمَا لَمْ يَحِلَّ كَانَ سَلَفًا أَوْ بَيْعًا فَإِنْ كَانَ السَّلَفُ الَّذِي حَلَّ فَهُوَ قِصَاصٌ مِنْ سَلَمٍ أَوِ السَّلَمُ فَقَدْ أَعْطَاهُ مِنْ قَرْضٍ فَلَا كَرَاهَةَ وَقِيلَ: إِن حل السّلم جَازَ لِأَن الْمُسلم تَعْجِيلُ مَا عَلَيْهِ مِنَ الْقَرْضِ وَيُجْبَرُ غَرِيمُهُ عَلَى أَخْذِهِ بِخِلَافِ حُلُولِ الْقَرْضِ فَإِنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَمْلِكُ إِسْقَاطَ أَجَلِ السَّلَمِ إِلَّا بِالتَّرَاضِي فَرْعٌ قَالَ: إِذَا أَجَّلْتَ الْبَائِعَ بِثَمَنِ الطَّعَامِ فَأَخَذَ مِنَ المُحال عَلَيْهِ طَعَامًا امْتَنَعَ كَانَ الْبَائِعُ بَاعَ بِنَقْدٍ أَوْ بِنَسِيئَةٍ فَرْعٌ قَالَ: لَوْ وَكَّلْتَ فِي قَبْضِ الثَّمَنِ فَتَعَدَّى الْوَكِيلُ عَلَيْهِ جَازَ أَخْذُكَ طَعَامًا مِنْه لِضَعْفِ التُّهْمَةِ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ فَلَوْ أَقْرَضْتَ الثَّمَنَ قَبْلَ قَبْضِهِ: قَالَ التُّونُسِيُّ: يَمْتَنِعُ أَنْ يَأْخُذَ الْمُقْرِضُ مِنَ الْمُشْتَرَى بِهِ طَعَامًا لِأَنَّهُ كَالدَّيْنِ يُحِيلُ بِهِ عَلَى ثَمَنِ طَعَامٍ وَلَوْ بِعْتَ حِنْطَةً بِذَهَبٍ إِلَى أَجَلٍ وَاشْتَرَيْتَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ تَمْرًا بِذَلِكَ الذَّهَبِ وَأَحَلْتَهُ بِهِ عَلَيْهِ: أَجَازَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأ قَالَ الْبَاجِيّ: مَعْنَاهُ:

اشْتِرَاء التَّمْرَ عَلَى ذِمَّتِهِ لِأَنَّهُ أَخَذَ بِثَمَنِ الْحِنْطَةِ تَمْرًا قَالَ سَنَدٌ: وَلَا حَاجَةَ إِلَى هَذَا التَّفْسِيرِ لِأَنَّا إِنَّمَا نَمْنَعُ مِنْ أَخْذِ الطَّعَامِ فِي ثَمَنِ الطَّعَامِ خَشْيَةَ النَّسِيئَةِ فِي الطَّعَامِ والمبتاع هَا هُنَا إِنَّمَا دَفَعَ ذَهَبًا فَلَوِ اشْتَرَيْتَ عِنْدَ الْأَجَلِ مِنَ الْمُبْتَاعِ بِذَهَبٍ طَعَامًا يُخَالِفُ الْأَوَّلَ وَلَمْ تَشْتَرِطْ أَنَّهُ مِنْ ثَمَنِ الْأَوَّلِ: مَنَعَ مَالِكٌ الْمُقَاصَّةَ وَقَالَ: يَرُدُّ الطَّعَامَ الثَّانِيَ لِأَنَّهُ عَقْدُ النَّسِيئَةِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يُؤَدِّي ذَهَبَ التَّمْرِ وَيَأْخُذُ ذَهَبَ قَمْحِهِ لِزَوَالِ التُّهْمَةِ بِذَلِكَ فَلَوْ أَخذ بِالثّمن كَفِيلا فَدفعهُ إِلَيْك أَو رجل مُتَبَرّع كَانَ لَهُ أَخْذُ طَعَامٍ مِنَ الْمُبْتَاعِ مِنْ صِنْفِهِ وَغَيْرِ صِنْفِهِ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الْكَفِيلَ مُقْرِضٌ وَلَيْسَ لَهُ ثَمَنُ طَعَامٍ فَرْعٌ قَالَ إِذَا اسْتَقْرَضَ الْبَائِعُ طَعَاما ليقضيه للْمُبْتَاع وَأمر الْمقْرض بِدَفْعِهِ لِلْمُبْتَاعِ امْتَنَعَ بَيْعُ الْمُبْتَاعِ لَهُ مِنَ الْقَرْضِ إِلَّا أَن يَأْخُذ فِيهِ رَأس مَاله لبيعه إِيَّاهُ قَبْلَ قَبْضِهِ فَلَوْ قَبَضَهُ وَطَالَبَ الْمُقْرِضَ بِالطَّعَامِ جَازَ أَنْ يَبْتَاعَهُ مِنْهُ لِأَنَّهُ قَرْضٌ وَطَعَامُ الْبَائِعِ قَدْ قُبِضَ فَرْعٌ قَالَ: فَلَوْ كَانَ لَكَ عَلَيْهِ طَعَامٌ مِنْ سَلَمٍ فَقَالَ: بِعْنِي طَعَامًا لِأَقْضِيَكَ: مَنَعَهُ مَالِكٌ لِأَنَّهُ بِيعَ لَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَجُوزُ بِمِثْلِ رَأْسِ الْمَالِ نَقْدًا دُونَ الْأَقَلِّ وَالْأَكْثَرِ فَرْعٌ قَالَ الْمَازِرِيُّ: أَجْرَى بَعْضُ الْأَشْيَاخِ الْخِلَافَ فِي أَخْذِ الطَّعَامِ فِي ثَمَنِ الطَّعَامِ

إِذَا كَانَتْ قِيمَةُ الثَّانِي أَقَلَّ بِكَثِيرٍ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ فَرْعٌ قَالَ: إِذَا اشْتَرَى طَعَامًا عَشَرَةً بِدِرْهَمٍ فَدَفَعَ دِرْهَمًا نَاقِصًا فَأَمْسَكَ الْبَائِعُ بِقَدْرِهِ مِنَ الطَّعَامِ مَنَعَهُ ابْنُ حَبِيبٍ لِأَنَّهُ أَخَذَ طَعَامًا مِنْ ثَمَنِ الطَّعَامِ وَبِيعَ الطَّعَامُ قَبْلَ قَبضه ويفاضل بَين القبضتين وَتَفَاضَلَ بَيْنَ الطَّعَامَيْنِ لِأَنَّ الْجُمْلَةَ الْمَبِيعَةَ مُقَابَلَةٌ بِالْجُمْلَةِ الْمَأْخُوذَةِ ثَانِيًا فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ: الدَّيْنُ كَالْعَيْنِ الْحَاضِرَةِ فِي جَوَازِ الْبَيْعِ بِشَرْطِ قَبْضِ الْبَدَلِ فِي الْمَجْلِسِ وَيُشْتَرَطُ فِي بَيْعِهِ مِنْ غَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ إِقْرَارُهُ بِالدَّيْنِ وَحُضُورُهُ هُنَا لِلْغَرَرِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا أَسْلَفْتَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَقَبَضَهُ الْمُسْتَسْلِفُ لَا تَبِعْهُ مِنْهُ قَبْلَ قَبْضِكَ إِيَّاهُ وَإِنْ جَازَ بَيْعُ الْقَرْضِ قَبْلَ قَبْضِهِ لِأَنَّهُ ذَرِيعَةٌ لِلْبَيْعِ فِي الْعَقْدِ الْأَوَّلِ قَبْلَ الْقَبْضِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ مُحَمَّد فِي الْيَسِيرِ مِنَ الْكَثِيرِ وَكَأَنَّهُ وَكِيلٌ عَلَى قَبْضِهِ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ مِنَ الْمُقْتَرِضِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ إِلَّا بِمِثْلِ رَأْسِ الْمَالِ فَيَكُونُ كَالْإِقَالَةِ أَوِ التَّوْلِيَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَحَلْتَ بِطَعَامٍ مِنْ بَيْعٍ عَلَى قَرْضٍ فَلَا يَبِيعُهُ الْمُحَالُ قَبْلَ الْقَبْضِ إِلَّا كَذَلِكَ فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا اشْتَرَى مِنَ التَّمْرِ كَيْلًا مَعْلُومًا دُونَ الثُّلُثِ فَهَلْ لَهُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَجِذَاذِهِ لِأَنَّهُ مَبْغِيٌّ عَلَى مِلْكِهِ اَوْ يمْتَنع لِأَنَّهُ مَبِيع مشترى رِوَايَتَانِ

فَرْعٌ كُلُّ مَا أَسْلَمْتَ فِيهِ مِنَ الْعُرُوضِ يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ غَيْرِ بَائِعِكَ بِجَمِيعِ الْأَثْمَانِ إِلَّا بِصِنْفِهِ وَمَنْ بَايَعَكَ بِمِثْلِ الثَّمَنِ فَأَقَلُّ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ وَأَلْغَاهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ ابْن أَبِي سَلَمَةَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: يُرِيدُ: لَا يَبِيعُهُ بِصِنْفِهِ مِنْ غَيْرِ الْبَائِعِ إِذَا كَانَ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَزَادَ فِي كَلَامِ الْكِتَابِ: قَبْلَ الْأَجَلِ فَيَكُونُ الْأَقَلُّ سَلَفًا بِزِيَادَةٍ وَلَا يَتَّجِهُ الْأَكْثَرُ إِلَّا إِلَى أَجَلٍ أَبْعَدَ فَيَكُونُ الْمُسْلِمُ يُسْلِمُ عِنْدَ الْأَجَلِ أَقَلَّ لِيَأْخُذَ أَكْثَرَ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَمْ يُوَجَّهْ إِلْغَاءُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالَّذِي يَتَّجِهُ فِيهِ تَخْصِيصُهُ بِالنَّقْدَيْنِ لِتَوَقُّعِ صَرْفٍ مُسْتَأْخِرٍ فَائِدَةٌ: ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ: الثِّيَابُ الْفُرْقُبِيَّةُ قَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ: بِضَمِّ الْفَاءِ أَوَّلًا وَالْقَافِ آخِرًا وَآخِرُهُ بَاءٌ بِوَاحِدَةٍ كَذَا سَمِعْنَاهُ وَقِيلَ بِالْقَافِ أَوَّلًا وَآخِرًا وَهِيَ ثِيَابٌ بِيضٌ مِنْ كَتَّانٍ وَقَالَ فِي كِتَابِ الْعَيْنِ: بِقَافَيْنِ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: بِالْفَاءِ أَوَّلًا وَقَالَ: لَعَلَّهَا نِسْبَةٌ إِلَى فُرْقُوبَ وَحُذِفَتِ الْوَاوُ فِي النَّسَبِ فَرْعٌ قَالَ: قَالَ فِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ بَيْعُ زَرِيعَةِ الْفِجْلِ الْأَبْيَضِ وَزَرِيعَةِ السَّلْقِ وَالْكُرَّاثِ وَالْجَوْزِ وَالْبِطِّيخِ الْفَارِسِيِّ وَالْأَخْضَرِ وَالْقِثَّاءِ قَبْلَ قَبْضِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِطَعَامٍ وَإِنْ كَانَ يَخْرُجُ مِنْهُ طَعَامٌ كَالنَّوَى يَخْرُجُ مِنْهُ النَّخْلُ ذَاتُ الطَّعَامِ وَتُمْنَعُ زَرِيعَةُ الْفِجْلِ الْأَحْمَرِ وَالْقُرْطُمِ لِمَا فِيهِمَا مِنَ الزَّيْتِ وَكَذَلِكَ الْفُلْفُلُ وَالْقِرْفَاءُ وَالسُّنْبُلُ وَالْكَرَفْصُ وَالْكَرَوْيَةُ وَالشُّونِيزُ وَالْكَمُّونُ الْأَسْوَدُ وَالْمِلْحُ وَالشَّمَارُ وَالْكَمُّونُ الْأَبْيَضُ لِأَنَّهَا طَعَامٌ وَخَالَفَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَخِيرَةِ وَجَعَلَهَا إِدَامًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَالْحُلْبَةُ طَعَامٌ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ وَقَالَ أَصْبَغُ: الْخَضْرَاءُ طَعَامٌ بِخِلَافِ الْيَابِسَةِ فَإِنَّهَا دَوَاءٌ وَقَالَ ابْنُ

حَبِيبٍ: حَبُّ الرَّشَادِ لَيْسَ بِطَعَامٍ بِخِلَافِ الْخَرْدَلِ لِاسْتِعْمَالِهِ فِي السَّمَكِ وَغَيْرِهِ وَالزَّعْفَرَانُ لَيْسَ بِطَعَامٍ اتِّفَاقًا قَالَ اللَّخْمِيُّ: فِي الْمُدَوَّنَةِ: الْفُلْفُلُ وَنَحْوُهُ طَعَامٌ وَعَنْهُ: لَيْسَ بِطَعَامٍ وَفِي الْكِتَابِ: الْمَاءُ لَيْسَ بِطَعَامٍ لِأَنَّهُ يُنْفِقُ الْغِذَاءَ وَلَا يُغَذِّي قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَعَنْهُ يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ إِلَى أَجَلٍ فَيَكُونُ طَعَامًا وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ إِلَيْهِ أَكْثَرُ مِنَ الْخُبْزِ وَلِأَنَّ الْخُبْزَ يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ بِخِلَافِهِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا كَاتَبَ بِطَعَامٍ جَازَ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنَ الْمُكَاتَبِ خَاصَّةً لِأَنَّ مُعَامَلَةَ الْعَبْدِ لَيْسَتْ حَقِيقَةً لِأَنَّهُ بَيْعُ مَالِكَ بِمَالِكَ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي نَجْمٍ بَلْ فِي الْجَمِيعِ لِحُصُولِ الْعِتْقِ عَقِيبَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَقِيلَ: يَجُوزُ فِي الْبَعْضِ لِأَنَّ الْكِتَابَة لَيست بدين ثَابت وَلَا يخلص بِهَا عِنْدَهُ الْمُكَاتَبُ وَيَجُوزُ بَيْعُهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَأَرَى بَيْعَهَا مِنَ الْمُكَاتَبِ وَغَيْرِهِ إِذَا كَانَتْ قَدْرَ الْخَرَاجِ لِأَنَّهَا غَلَّةٌ وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ بِالشَّيْءِ الْكَثِيرِ أَوْ مِنْ غَيْرِ الْخَرَاجِ امْتَنَعَ بَيْعُهَا فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ مَالِكٌ طَعَامُ الْكِرَاءِ وَالصُّلْحِ مِنْ دَمِ الْعَمْدِ وَالْمُخَالَعَةِ كَطَعَامِ الْبَيْعِ فِي الْجَوَازِ فِي الْجِزَافِ وَالْمَنْعُ فِي غَيْرِهِ لِانْدِرَاجِهِ فِي صِيغَةِ الْحَدِيثِ وَكَذَلِكَ أرزاق الْقُضَاة وَغَيرهَا لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ عَلَى الْعَمَلِ بِخِلَافِ مثل أرزاق أَزوَاجه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي زمن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ وَبِخِلَافِ

الْهِبَاتِ وَالْمِيرَاثِ وَالسَّلَفِ وَالصَّدَقَةِ لِأَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ لَيْسَ بَيْعًا فَلَا يَتَنَاوَلُهُ الْحَدِيثُ قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَيجوز للمقترض بيع مَا اقترضه قَبْلِ قَبْضِهِ وَكَذَلِكَ الْمُقْرِضُ لِأَنَّ الدَّيْنَ غَيْرُ الْمُعَاوضَة وَلِهَذَا لَيْسَ مُعَارضَة بَلْ مَعْرُوفٌ وَإِلَّا كَانَ بَيْعُ الطَّعَامِ نَسِيئَةً وَيَجُوزُ قَرْضُ طَعَامِ السَّلَمِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَيَمْتَنِعُ بَيْعُ الْمُقْرَضِ لَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ لِأَنَّهُ عَلَى حُكْمِ السَّلَمِ مَا دَامَ فِي الذِّمَّةِ وَلَوْ تطوع رجل بقرض ذَلِك السّلم إِلَيْهِ ويقبضه عَنهُ لم يجزه لِلَّذِي لَهُ السَّلَمُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ لِلْحَدِيثِ لِأَنَّهُ مُبْتَاعٌ وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَتِ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ طَعَامَ سَلَمِ الْأَجْنَبِيِّ يَمْتَنِعُ الْبَيْعُ عَلَى الْمَوْهُوبِ وَالْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُمَا مُنَزَّلَانِ مَنْزِلَةَ الْأَصْلِ وَعَنْ مَالِكٍ: الْجَوَازُ لِأَنَّ يَدَ الْمُشْتَرِي قَدْ خَرَجَتْ وَضَابِطُهُ: مَتَّى كَانَتْ يَدُ الْمُسْلِمِ بَاقِيَةً عَلَى سَلَمِهِ وَهُوَ الْقَابِضُ امْتَنَعَ الْبَيْعُ كَانَ الْمَقْبُوضُ مِنْهُ وَالْمُسْلَمُ إِلَيْهِ أَوْ وَاهِبًا أَوْ مُتَصَدِّقًا (أَو مقرضاً لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ) الْحَدِيثَ وَإِذَا زَالَتْ يَدُهُ وَكَانَ الْقَابِضُ مَوْهُوبًا لَهُ أَوْ مُتَصَدَّقًا عَلَيْهِ جَازَ لِأَنَّهُ لَمْ يَبِعْ طَعَامًا وَأخرج الْحَنَفِيّ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ: الْمَهْرَ وَالْخَلْعَ وَالْجُعْلَ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ: كُلُّ عَرْضٍ يَنْفَسِخُ عَقْدُهُ بِهَلَاكِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ الْقَبْضِ كَالْأُجْرَةِ وَالصُّلْحِ بِخِلَافِ الْعِتْقِ وَالْخلْع وَيدل الصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ وَقِيمَةِ الْمُتْلَفِ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَا يَنْفَسِخُ بِالتَّلَفِ فَانْتَفَى غَرَرُ الِانْفِسَاخِ بِالْهَلَاكِ فَلَا يُبْنَى عَلَيْهِ عَقْدٌ آخَرُ مَعَ هَذَا الْغَرَرِ وَلَا تَصِحُّ حَوَالَةُ الْمُسْلِمِ فِي السَّلَمِ وَاتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى الْقَرْضِ

فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا بَاعَ الذِّمِّيُّ الطَّعَامَ قَبْلَ قَبْضِهِ أَكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ شِرَاءَهُ وَكَذَلِكَ لَا يُحِيلُكَ عَلَى طَعَامِ سَلَمٍ قَبْلَ قَبْضِهِ (قَالَ سَنَدٌ: سَوَاءٌ قُلْنَا: هُمْ مُخَاطَبُونَ بِالْفُرُوعِ أَمْ لَا لِأَنَّ مَنْعَ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ) يَمْنَعُ شِرَاءَهُ فَيَحْرُمُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ شِرَاءُ طَعَامٍ لَمْ يَسْتَوْفِهِ مُبْتَاعُهُ فَلَوْ بَاعَهُ الَّذِي مِنْ ذَمِّيٍّ لَمْ يَعْرِضْ لَهُمَا كَمَا لَمْ يَعْرِضْ لَهُمْ فِي عُقُودِ الْخَمْرِ وَغَيْرِهِ إِلَّا أَنَّ الْبَائِعَ الْأَوَّلَ إِنْ كَانَ مُسْلِمًا لَا يدْفع الطَّعَام إِلَّا للَّذي اشْتَرَاهُ مِنْهُ وَهَا هُنَا يَأْتِي التَّخْرِيجُ عَلَى خِطَابِهِمْ بِالْفُرُوعِ فَإِنْ قُلْنَا: مُخَاطَبُونَ بِالْفُرُوعِ امْتَنَعَتْ مُعَاوَنَتُهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَى الْبَائِعِ وَيَحْكُمُ الْحَاكِمُ لِلْمُبْتَاعِ أَخِيرًا بِقَبْضِ الطَّعَامِ إِذَا ثَبَتَتْ مُعَامَلَتُهُمْ وَكَرِهَ مَالِكٌ مُعَامَلَةَ الذِّمَّةِ لِمَا فِي أَيْدِيهِمْ مِنَ الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يَمْتَنِعُ أَنْ يُعْطِيَكَ مَا تَشْتَرِي بِهِ بَعْدَ الْأَجَلِ طَعَامَكَ لِأَنَّهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ إِلَّا أَنْ يعطيك مثله رَأس مَالُكَ صِفَةً وَمِقْدَارًا فَيَجُوزُ بِمَعْنَى الْإِقَالَةِ قَالَ سَنَدٌ: فَإِنْ قِيلَ: قَدْ مَنَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ: بِعْنِي الطَّعَامَ الَّذِي لَكَ عَلَيَّ بِعَشَرَةٍ وَرَأْسُ الْمَالِ عَشَرَةٌ حَتَّى يَلْفِظَ بِلَفْظ الْإِقَالَة وَأَجَازَهُ هَا هُنَا قَبْلَ التَّلَفُّظِ قُلْنَا: إِنَّمَا مَنَعَهُ حَيْثُ صَرَّحَ بِبيع مَا يمْتَنع بَيْعه فوازنه هَا هُنَا: ابْتَعْ لِي مُدًّا طَعَامًا وَاقْبِضْهُ مِنْ سَلَمِكَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ أَمَّا

إِذَا لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ فَإِنَّمَا وَقَعَتِ الْوَكَالَةُ على مَا يجوز فَلَا يتهمان هَا هُنَا إِلَّا فِي الْإِقَالَةِ وَهِيَ جَائِزَةٌ فَإِنْ دَفَعَ إِلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ عَلَى وَجْهِ الْوَكَالَةِ وَالْعِوَضِ أَوِ الطَّعَامِ رُدَّ إِنْ لَمْ يَفُتْ وَإِنْ قَالَ الْمَأْمُورُ: ابْتَعْتُ بِهِ كَفَافَ حَقِّي: قَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يُصَدَّقُ وَيَرُدُّ الذَّهَبَ وَيَرْجِعُ بِحَقِّهِ إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ عَلَى الْقَبْضِ بِاسْمِ صَاحِبِهِ ثُمَّ يَقْبِضُهُ بَعْدَ ذَلِكَ ثُمَّ يُقِرُّ لِأَنَّ الْمَنْعَ لِلتُّهْمَةِ فَإِذَا دَفَعَ إِلَيْهِ أَقَلَّ: فَرَّقَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَيْنَ الْعُرُوضِ وَالطَّعَامِ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ فِي الطَّعَامِ إِنَّمَا تَكُونُ بِمِثْلِ رَأْسِ الْمَالِ وَجَوَّزَهُ أَشْهَبُ لِضَعْفِ التُّهْمَةِ وَحُمِلَ عَلَى الْوَكَالَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: يَجُوزُ إِذَا دَفَعَ مِثْلَ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ لِيَشْتَرِيَ لِنَفْسِهِ فَزَعَمَ أَنَّهُ فَعَلَ صَحَّ فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: يَجُوزُ أَخْذُ خَمْسَةٍ مَحْمُولَةٍ فِي عَشَرَةٍ سَمْرَاءَ بَعْدَ الْأَجَلِ عَلَى مَعْنَى الْإِسْقَاطِ وَيَمْتَنِعُ عَلَى وَجْهِ الصُّلْحِ وَالتَّبَايُعِ لِأَنَّهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَكَذَلِكَ السَّمْرَاءُ مِنَ الْحَمُولَةِ تَمْهِيدٌ: (قَالَ سَنَدٌ) : اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي سَبَبِ مَنْعِ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ: فَقَالَ أَبُو الطَّاهِرِ: هُوَ مُعَلَّلٌ بِالْعِينَةِ وَهِيَ سَلَفٌ فِي أَكْثَرَ مِنْهُ فَيَتَوَسَّلُونَ لَهُ بِذَلِكَ فَلَمَّا كَثُرَ ذَلِكَ فِي الطَّعَامِ نُهِيَ عَنْهُ وَالْمَذْهَبُ كُلُّهُ عَلَى الْمَنْعِ وَإِنْ ظَهَرَتِ السَّلَامَةُ مِنَ الْقَصْدِ لِذَلِكَ إِلَّا أَبَا الْفَرَجِ أَمْضَاهُ إِذا ظَهرت السَّلامَة بِأَن لَا

يَكُونَ الْمُتَبَايِعَانِ مِنْ أَهْلِ الْعِينَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: الْأَحْسَنُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ تَعَبُّدًا لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لأدل الْعينَة لأجل لَجَازَ بَيْعُهُ مِنْ بَائِعِهِ بِأَقَلَّ وَيَلْزَمُ اسْتِوَاءُ الطَّعَامِ وَالْعُرُوضِ قَالَ سَنَدٌ: الْعِلَّةُ كَوْنُ الطَّعَامِ غِذَاءً لِلْإِنْسَانِ وَحَافِظًا بِنِيَّتِهِ الشَّرِيفَةِ لِطَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَسَبَبَ الْعَوْنِ عَلَى السَّعَادَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَكُلُّ مَا شَرُفَ قَدْرُهُ عَظَّمَهُ اللَّهُ بِكَثِير شُرُوطِهِ وَهَذَا هُوَ شَأْنُ الشَّرْعِ فِي كُلِّ مَا عَظُمَ خَطَرُهُ كَالنِّكَاحِ سَبَبُ الْعَفَافِ وَاسْتِمْرَارُ النَّسْلِ وَالْمُكَاثَرَةُ بِهَذِهِ الْأُمَّةِ الشَّرِيفَةِ فَاشْتَرَطَ الشَّرْعُ فِيهِ الْوَلِيَّ وَالصَّدَاقَ وَغَيْرَهُمَا تَفْخِيمًا لِقَدْرِهِ وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ بِالْقَرْضِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْمِيرَاثِ وَأُعْطِيَاتِ النَّاسِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَيُمْكِنُهُ أَنْ يُجِيبَ بِأَنَّ هَذِهِ كُلَّهَا اشْتَرَكَتْ فِي مَعْنَى الْإِحْسَانِ وَالْمَعْرُوفِ فَوَسَّعَ الشَّرْعُ فِيهَا تَسْهِيلًا لِطُرُقِ الْمَعْرُوفِ لِيَكْثُرَ وُقُوعَهُ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ: إِنَّمَا امْتَنَعَ لِاحْتِمَالِ هَلَاكِ الطَّعَامِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ فَيَكُونُ الْعَقْدُ الثَّانِي عَقْدَ غَرَرٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْأَصْلَ: السَّلَامَةُ وَبَقَاءُ الطَّعَامِ وَتَلَفُهُ نَادِرٌ فَيَكُونُ أَحْسَنُ الْأَقْوَالِ قَوْلَ سَنَدٍ نَظَائِرُ: قَالَ الْعَبْدِيُّ: يَجُوزُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ فِي خَمْسِ مَسَائِلَ: الْهِبَةُ وَالْمِيرَاثُ عَلَى اخْتِلَافٍ وَالِاسْتِهْلَاكُ وَالْقَرْضُ وَالصُّكُوكُ وَهِيَ أُعْطِيَاتُ النَّاسِ وَاخْتُلِفَ فِي طَعَامِ الْخُلْعِ وَالْمُسْتَثْنَى مِنَ الطَّعَامِ

الْفَصْلُ الثَّانِي: فِي التَّصَرُّفِ فِي الطَّعَامِ قَبْلَ الْقَبْض على وَجه الْمَعْرُوف وَهُوَ الشّركَة وَفِي الْجَوَاهِرِ: أُرَخِّصُ فِي الشَّرِكَةِ وَالْإِقَالَةِ وَالتَّوْلِيَةِ تَنْزِيلًا لِلثَّانِي مَنْزِلَةَ الْمُشْتَرِي وَيَمْتَنِعُ اقْتِرَانُ الْعَقْدَيْنِ فِي أَجَلٍ أَوْ مِقْدَارٍ أَوْ غَيْرِهِمَا وَرُوِيَ امْتِنَاعُ الشَّرِكَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَمَنَعَ الْأَئِمَّةُ الْجَمِيعَ (إِلَّا الْإِقَالَةَ جَوَّزَهَا ابْنُ حَنْبَلٍ وَحْدَهُ لِأَنَّهَا إِقَالَةٌ عِنْدَهُ وَمِنْهُ: أَقَالَ اللَّهُ عَثْرَتَكَ: أَزَالَهَا وَحجَّة الْجَمِيع) نَهْيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَهَذِهِ بِيَاعَاتٌ وَجَوَابُهُ: أَنَّهُ رُوِيَ فِي الْحَدِيثِ فِي أَبِي دَاوُدَ وَأُرَخِّصُ فِي الشَّرِكَةِ وَالْإِقَالَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَلِأَنَّ الثَّلَاثَةَ مَعْرُوفٌ فَيَجُوزُ الْقَرْضُ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: للمشترك وَالْوَلِيّ زِيَادَة الْكَيْل ونقصانه فَإِن كثر رَجَعَ عَلَيْكَ بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ إِنْ نَقَصَ وَيَرُدُّ الزِّيَادَةَ إِنْ زَادَ فَرْعٌ قَالَ: تَوْلِيَةُ الْبَعْضِ بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ كَالْكُلِّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: كُلُّ مَا بِيعَ بِعَرْضٍ يَرْجِعُ فِيهِ إِلَى الْقِيمَةِ تَمْتَنِعُ فِيهِ الشَّرِكَةُ وَالتَّوْلِيَةُ لَا بِالْقِيمَةِ وَلَا بِالْمِثْلِ وَتَجُوزُ الْإِقَالَةُ فِيهِ مَعَ قِيَامِ الْعَرْضِ فَإِنْ فَاتَ امْتَنَعَتْ لِأَنَّهَا تَصِيرُ مُبَايَعَةً بِالْقِيَمِ وَإِنْ كَانَ يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ فَهُوَ كَالْعَيْنِ فَرْعٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا اشْتَرَى طَعَامًا بِثَمَنٍ إِلَى أَجَلٍ: قَالَ مَالِكٌ فِي الْكتاب:

تَجُوزُ الشَّرِكَةُ فِيهِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَعَلَى هَذَا تَجُوزُ التَّوْلِيَةُ وَمَنَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ التَّوْلِيَةَ حَتَّى يَقْبِضَهُ وَمَنَعَ أَشْهَبُ الْإِقَالَةَ لِأَنَّهَا حَلُّ بَيْعٍ كَمَنْ وَصَلَهُ طَعَامٌ مِنْ إِجَارَةٍ أَوِ اشْتَرَاهُ بِعَرْضٍ لَا تَصِحُّ فِيهِ الْإِقَالَةُ مَا لَمْ يثبت الْعَرْضُ أَوْ يَعْمَلِ الْأَجِيرُ فَيَمْتَنِعُ الْجَمِيعُ وَتَمْتَنِعُ الشَّرِكَةُ وَالتَّوْلِيَةُ لِاخْتِلَافِ الذِّمَمِ فَقَدْ تَكُونُ ذِمَّةُ الَّذِي أَشْرَكَ أَوْ وَلِيَ دُونَهُ وَإِذَا اشْتَرَى طَعَامًا قَرِيبَ الْغَيْبَةِ وَاشْتَرَطَ النَّقْدَ جَازَتِ الشَّرِكَةُ وَالتَّوْلِيَةُ أَوْ بَعْدَ الْغَيْبَةِ وَاشْتَرَطَ أَنْ لَا نقد إِلَّا بعد الْقَبْضِ جَازَتِ الشَّرِكَةُ وَالتَّوْلِيَةُ عِنْدَ مَالِكٍ: وَيَمْتَنِعَانِ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ لِاخْتِلَافِ الذِّمَمِ فَيُشْبِهُ الشِّرَاءَ بِثَمَنٍ إِلَى أَجَلٍ وَيَخْتَلِفُ فِي الْإِقَالَةِ هَلْ تَجُوزُ؟ لِأَنَّ الذِّمَمَ تَبْرَأُ مِنَ الْآنَ أَوْ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ طَعَامًا غَائِبًا عَنْ دَيْنٍ فَيَدْخُلُهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَبَيْعُ طَعَامٍ قَبْلَ قَبْضِهِ فَرْعٌ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ: إِذَا اشْتَرَى قَمْحًا بِدِينَارٍ فَوَلَّى نِصْفُهُ بِنِصْفِ دِينَارٍ وَرَدَّ نِصْفَهُ دَرَاهِمَ مَكْرُوهٌ لِمُشَابِهَةِ الْبَيْعِ بِالْمُكَايَسَةِ وَهُوَ يُخَرَّجُ عَلَى مَسْأَلَةِ مَنْ وُجِدَ لَهُ نِصْفُ دِينَارٍ هَلْ يُرَاعَى فِيهِ خُلُوُّ الذِّمَّةِ فَيَجُوزُ عَلَى الْقَوْلِ بِالْجَوَازِ وَيَمْتَنِعُ عَلَى الْقَوْلِ بِالْمَنْعِ؟ وَأَمَّا بَعْدَ كَيْلِهِ الطَّعَامَ فَيَجُوزُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ جَدِيدٌ فَرْعٌ قَالَ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا تَجُوزُ التَّوْلِيَةُ فِي طَعَامٍ اشْتَرَاهُ بِعَيْنِهِ غَائِبًا بِالصِّفَةِ لِاخْتِلَافِ الذِّمَمِ إِذَا الْمُشْتَرِي لَمْ يَنْقُدْ لِغَيْبَةِ الطَّعَامِ وَيَجُوزُ فِي الْغَيْبَةِ الَّتِي

يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهَا لِقُرْبِهَا لِأَنَّهُ لَا يُشْبِهُ الدَّيْنَ بِالدَّيْنِ وَكَذَلِكَ لَوِ اسْتَقَالَ مِنْهُ دَخَلَهُ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ لِأَنَّهُ وَضَعَ عَنْ نَفْسِهِ ثَمَنًا دَيْنًا بِسِلْعَةٍ غَائِبَةٍ قَالَ: وَهَذَا لَا يَسْتَقِيمُ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ هَذَا بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ لامتنع بيع الْعرُوض وَهُوَ يجيره وَالْإِقَالَةُ إِنَّمَا هِيَ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ لَا بيع دَيْنٍ فِي دَيْنٍ لِأَنَّ الْبَائِعَ فَسَخَ الثَّمَنَ فِي السعلة فَرْعٌ قَالَ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ فِي الْإِقَالَةِ فِي الطَّعَامِ قَبْلَ الْكَيْلِ لِأَنَّهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَإِنِ اكْتَالَهُ وَلَمْ يَتَفَرَّقَا أَوْ لَمْ يَقِفْ عَلَيْهِ الْمُبْتَاعُ وَكَانَ الثَّمَنُ نَقْدًا وَلَمْ يَنْقُدْهُ امْتَنَعَتِ الزِّيَادَةُ لِأَنَّهَا إِنْ كَانَتْ ذَهَبًا إِلَى أَجَلٍ وَالثَّمَنُ ذَهَبًا كَانَ بَيْعًا وَسَلَفًا لِأَنَّ الْبَائِعَ اشْتَرَى الطَّعَامَ بِبَعْضِ الثَّمَنِ الَّذِي وَجَبَ لَهُ نَقْدًا وَأَسْلَفَهُ بِقِيمَتِهِ إِلَى أَجَلٍ وَإِنْ كَانَتْ وَرِقًا نَقْدًا جَازَ وَتَمْتَنِعُ مُؤَجَّلَةً لِأَنَّهُ ذَهَبٌ بِوَرِقٍ إِلَى أَجَلٍ وَإِنْ كَانَتْ عَرْضًا مُؤَجَّلًا كَانَتْ دَيْنًا بِدَيْنٍ وَيَجُوزُ أَنْ يَزِيدَهُ مُعَجَّلًا ذَهَبًا أَوْ وَرِقًا أَوْ عَرْضًا وَأَمَّا إِنْ نَقَدَ الثَّمَنَ وَاكْتَالَ الطَّعَامَ: فَيَجُوزُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ بَيْعٌ حَادِثٌ وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا وَاكْتَالَ وَلَمْ يفترقا جَازَت الزِّيَادَة مِمَّن كَلِّ شَيْءٍ نَقْدًا إِلَّا مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ الَّذِي عَلَيْهِ فَيَمْتَنِعُ نَقْدًا وَيَجُوزُ إِلَى مِثْلِ الْأَجَلِ وَوَزْنُ الثَّمَنِ وَسِيلَةٌ كَأَنَّهُ اشْتَرَى بِبَعْضِ مَالِهِ عَلَيْهِ وَبَقِيَتْ بَقِيَّةٌ إِلَى أَجَلِهِ وَإِذَا كَانَ الثَّمَنُ ذَهَبًا فَلَا يَزِيدُهُ وَرِقًا نَقْدًا وَلَا إِلَى أَجَلٍ أَبْعَدَ مِنْ أَجَلِهِ لِأَنَّهُ صَرْفٌ إِلَى أَجَلٍ وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ الثَّمَنُ وَرِقًا وَلَا يَزِيدُهُ غَيْرَ النَّقْدَيْنِ مُؤَجَّلًا لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ فَإِنْ تَفَرَّقَا أَوْ غَابَ عَلَيْهِ الْمُبْتَاعُ امْتَنَعَتِ الزِّيَادَةُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ فِي السّلف وَإِن كَانَ البَائِع الْمُسْتَقْبل بِزِيَادَةٍ وَلَمْ يَنْقُدْ جَازَتْ بَعْدَ الْكَيْلِ مِنْ سَائِرِ الْأَشْيَاءِ نَقْدًا أَوْ إِلَى أَجَلٍ كَيْفَ كَانَ الثَّمَنُ نَقْدًا أَمْ لَا إِلَّا أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ فِي الطَّعَامِ طَعَامًا لِتَوَقُّعِ التَّفَاضُلِ وَمِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ يَجُوزُ

نَقْدا وتمتنع مُؤَجّلا لدُخُول النسأ وَلَا اخْتِلَافَ فِي شَيْءٍ مِمَّا تَقَدَّمَ إِلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ: أَحَدِهِمَا إِذَا كَانَ الْمُسْتَقِيلُ الْمُبْتَاعَ بِزِيَادَةٍ وَوَزْنُ الثَّمَنِ حَالٌّ فَإِنَّهُ إِجَازَةٌ يُرِيدُ: إِذَا كَانَ أَقَلَّ مَنْ نِصْفِ دِينَارٍ وَيَجُوزُ عِنْدَ أَشْهَبَ إِذَا كَانَ أَكْثَرَ مَنْ صَرْفِ دِينَارٍ وَثَانِيهِمَا: قَوْلُهُ: إِذَا كَانَ الْبَائِعُ هُوَ الْمُسْتَقِيلُ بِزِيَادَةِ طَعَامٍ مِنْ غَيْرِ صِنْفِهِ فَإِنَّهُ إِجَارَةٌ إِذَا كَانَتِ الزِّيَادَةُ نَقْدًا وَالثَّمَنُ مُؤَجَّلًا وَمَنَعَهُ ابْنُ حَبِيبٍ إِلَّا إِذَا كَانَ الثَّمَنُ حَالًّا فَرْعٌ قَالَ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: الْعُهْدَةُ فِي الشَّرِكَةِ وَالتَّوْلِيَةِ فِي الْبَيْعِ الْمُعَيَّنِ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الثَّانِيَ نُزِّلَ مَنْزِلَتَهُ وَبَعْدَ الْمُفَارَقَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَقَالَ مَالِكٌ: هِيَ عَلَى الْمُشْتَرِي مُطْلَقًا (إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهَا عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّهُ بَائِعٌ ثَانٍ وَلَوْ بِالْحَضْرَةِ فَالْعُهْدَةُ عَلَى الْبَائِعِ الثَّانِي مُطْلَقًا) وَإِنِ اشْتَرَطَهَا عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ جَازَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا بَاعَ بِمِثْلِ مَا اشْتَرَاهَا بِهِ أَوْ أَقَلَّ فَإِنْ كَانَ بِأَكْثَرَ فَلَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ الْأَوَّلَ ذَلِكَ إِلَّا بِرِضَاهُ لِأَنَّهُ يَقُولُ: كَانَتِ الْعُهْدَةُ لَكَ عَلَيَّ بِعَشَرَةٍ فَلَا أَرْضَى بِأَكْثَرَ فَإِنْ رَضِيَ كَانَ حَمِيلًا بِالزَّائِدِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَقَالَ ابْنُ حبيب: لَا يجوز لِأَنَّهُ ذِمَّةٌ بِذِمَّةٍ إِلَّا أَنْ تَكُونَ عَلَى وَجْهِ الْحِمَالَةِ حَتَّى يَرْجِعَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي فِي الِاسْتِحْقَاقِ بِقَدْرِ الثَّمَنِ (الْأَوَّلِ) عَلَى مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا فَتَحْصُلُ فِي اشْتِرَاطِهَا عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ فِي الْمَبِيعِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: الْجَوَازُ وَإِنِ افْتَرَقَا وَطَالَ وَالْمَنْعُ وَإِنْ كَانَ بِالْحَضْرَةِ إِلَّا أَنْ يَرْضَى عَلَى وَجْهِ الْحَمَالَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ حَضْرَةِ الْبَيْعِ وَطُولِهِ وَفِي الشَّرِكَةِ وَالتَّوْلِيَةِ بِالْحَضْرَةِ قَوْلَانِ (عَلَى مَنْ تَكُونُ وَجَوَازُ اشْتِرَاطِهَا بَعْدَ الِافْتِرَاقِ عَلَى الْبَائِعِ قَوْلًا وَاحِدًا)

فَرْعٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا أَشْرَكَكَ عَلَى أَنْ تشْرِكَهُ فِي طَعَامٍ آخَرَ امْتَنَعَ لِخُرُوجِهَا عَنِ الْمَعْرُوفِ إِلَى الْمُكَايَسَةِ وَكَذَلِكَ التَّوْلِيَةُ وَالْإِقَالَةُ فَإِنْ قَالَ: أَشْرِكْنِي وَأَشْرِكُكَ وَرَأْسُ الْمَالِ سَوَاءٌ كَانَ مَحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى بَيْعِ أَحَدِ الطَّعَامَيْنِ بِالْآخَرِ فَيَجُوزُ لِأَنَّ الثَّمَنَ لَا يُخرجه وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَإِنْ كَانَ رَأْسُ مَالِ أَحَدِهِمَا دَنَانِيرَ وَالْآخَرِ دَرَاهِمَ أَوْ عَيْنًا وَالْآخَرِ عَرْضًا: امْتَنَعَ لِذَهَابِ الْمَعْرُوفِ وَيَجُوزُ: أُقِيلُكَ عَلَى أَنْ تُقِيلَنِي لِأَنَّهُ بَيْعُ أَحَدِ الطَّعَامَيْنِ بِالْآخَرِ فَإِنِ اخْتَلَفَ رَأْسُ الْمَالِ أَوِ اتَّفَقَ وَاخْتَلَفَ الطَّعَامَانِ: امْتَنَعَ لِذَهَابِ الْمَعْرُوفِ فَرْعٌ قِيلَ: أُجْرَةُ الْكَيْلِ بَعْدَ الِاشْتِرَاكِ وَالتَّوْلِيَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ كَالْبَيْعِ وَكَمَا أَنَّ عَلَيْهِ الْعُهْدَةَ وَفِي الْقَرْضِ عَلَى الْمُقْرِضِ وَإِنْ كَانَ الْجَمِيعُ مَعْرُوفًا لِأَنَّ هَذِهِ تُشْبِهُ الْبَيْعَ وَقِيلَ: لَيْسَ عَلَيْهِ قِيَاسًا عَلَى الْقَرْضِ لِأَنَّ الْجَمِيعَ مَعْرُوفٌ فَرْعٌ قَالَ: إِذَا قَبَضَ بَعْضَ الطَّعَامِ جَازَ تَوْلِيَةُ الْمَقْبُوضِ دُونَ الْجَمِيعِ وَمَنَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيمَا لَمْ يُقْبَضْ وَأَجَازَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَإِذَا قَبَضَ الْبَعْضَ وَعَسَرَ بِالْبَاقِي: قَالَ مُحَمَّد: تمْتَنع الْإِقَالَةُ مِنْهُ فِي الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ وَبَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ لِأَنَّ الْمَقْبُوضَ انْتفع بِهِ فَكَانَت الزِّيَادَة بِمَنْفَعَة فَإِنْ رَدَّ الْمَقْبُوضَ ثُمَّ أَقَالَهُ مِنَ الْجَمِيعِ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ لِأَنَّ الْمَقْبُوضَ مَالٌ مِنْ مَالِهِ فَقَدْ وَلَّاهُ إِيَّاهُ لِيُقِيلَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَقْبُوضُ يَسِيرًا نَحْوَ الْعَشَرَةِ فِي الْمِائَةِ

فَرْعٌ قَالَ: إِنْ أَشْرَكْتَهُ عَلَى أَنْ يَنْقُدَ عَنْكَ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ وَيَفْسَخُ إِلَّا أَنْ يَسْقُطَ السَّلَفُ فَإِنْ قَالَ لَكَ قَبْلَ الْعَقْدِ: أَشْرِكْنِي وَانْقُدْ عَنِّي أَوْ قَالَ: اشْتَرِ وَأَشْرِكْنِي ثُمَّ قَالَ بَعْدَ الْعَقْدِ: انْقُدْ عَنِّي جَازَ فِي الصَّرْفِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُمَا مَعْرُوفَانِ وَالْبَيْعُ انْعَقَدَ عَلَيْهِمَا مَعًا وَلَوِ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ ثُمَّ قَالَ: أَشْرِكْنِي وَانْقُدْ عَنِّي أَوْ قَالَ: أَشْرِكْنِي ثُمَّ قَالَ: انْقُدْ عَنِّي: امْتَنَعَ فِي الصَّرْفِ لِلنَّسِيئَةِ وَجَازَ فِي الْعُرُوضِ إِذَا لَمْ يَكُنْ سَلَمًا فِي الذِّمَّةِ لِأَنَّهُ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ وَإِذَا كَانَ الطَّعَامُ حَاضِرًا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُشْرِكَهُ عَلَى أَنْ يَنْقُدَ عَنْهُ فَإِنْ أَشْرَكَهُ بِغَيْرِ شَرْطٍ ثُمَّ قَالَ: انْقُدْ عَنِّي وَلَمْ يَكُنِ الْأَوَّلُ نَقَدَ: جَازَ وَإِنْ نَقَدَ امْتَنَعَ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَيْضًا: الْجَوَازُ نَقَدَ أَمْ لَا لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ فَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ سَلَمًا لَمْ يَجُزْ إِشْرَاكُهُ إِلَّا أَنْ يَنْقُدَ بِالْحَضْرَةِ لَيْلًا يَكُونَ دَيْنًا بِدَيْنٍ وَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ غَائِبًا امْتَنَعَتِ الشَّرِكَةُ وَالتَّوْلِيَةُ وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ قَالَ مُحَمَّدٌ: إِلَّا أَنْ يَنْقُدَ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ وَمَحْمِلُ قَوْلِهِ فِي مَنْعِ الشَّرِكَةِ بِشَرْطِ النَّقْدِ فِي الْعُرُوضِ سَلَمًا فِي الذِّمَّةِ عَلَى الْقَوْلِ فِي التَّوْلِيَةِ: أَنَّهَا لَا تَجُوزُ إِلَّا فِي النَّقْد وَتجوز على قَول الْآخَرِ إِذَا اسْتَوَى رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يَمْتَنِعُ أَنْ يُقِيلَهُ مِنْ طَعَامِ السّلم وَيُعْطِيه بِرَأْس المَال ذَهَبا وكفيلاً أَوْ يُحِيلَ بِهِ أَوْ يُؤَخِّرَ دَيْنَهُ يَوْمًا أَوْ سَاعَةً لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ وَبَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَإِذَا أَخَّرَ دَيْنَهُ حَتَّى طَالَ انْفَسَخَتِ الْإِقَالَةُ وَبَقِيَ الْبَيْعُ وَإِنْ قَبَضَ الثَّمَنَ مِنَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ قَبْلَ مُفَارَقَةِ الْمُحِيلِ جَازَ لِلْقُرْبِ وَلَوْ وَكَّلَ الْبَائِعُ مَنْ يَدْفَعُ رَأْسَ الْمَالِ وَذَهَبَ أَوْ وَكَّلْتَ أَنْتَ وَذَهَبْتَ فَإِنْ وَقَعَ الْقَبْضُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ

جَازَ وَإِلَّا فَلَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَكَذَلِكَ كَانَ يَنْبَغِي فِي الْحَوَالَةِ لِأَجْلِ الْقُرْبِ الْقِسْمُ الرَّابِعُ مِنَ الْكِتَابِ: فِي مُقْتَضَيَاتِ الْأَلْفَاظِ لُغَةً وَعُرْفًا وَهِيَ عَشَرَةُ أَلْفَاظٍ: الْأَوَّلُ: فِي الْجَوَاهِرِ: لفظ التَّوْلِيَة يَقْتَضِي نقل الْمَالِك إِذَا قَالَ: وَلَّيْتُكَ وَبِهَذَا الْعَقْدِ انْتَقَلَ الْمِلْكُ إِلَيْهِ بِالثّمن الَّذِي تقرر وَهُوَ ملك متجرد وَالْعِلَّةُ الْمُتَجَدِّدَةُ الْأُولَى لِأَنَّهُ كَانَ ضَامِنًا وَتَتَجَدَّدُ الشُّفْعَة بحدثان هَذَا البيع ولوحظ عَلَى الْمُوْلَى بَعْضُ الثَّمَنِ سَقَطَ عَنِ الْمُوْلِي لِأَنَّهُ فِي الثَّمَنِ كَالْبِنَاءِ وَفِي نَقْلِ الْمِلْكِ كَالِابْتِدَاءِ اللَّفْظُ الثَّانِي: الشَّرِكَةُ وَفِي الْجَوَاهِرِ: إِذَا قَالَ: أَشْرَكْتُكَ فِي هَذَا الْعَقْدِ: حُمِلَ عَلَى النِّصْفِ عَلَى الْمَنْصُوصِ لِابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ التَّسَاوِيَ هُوَ الْأَصْلُ اللَّفْظُ الثَّالِثُ: الْأَرْضُ فَفِي الْجَوَاهِرِ: تَنْدَرِجُ تَحْتَهَا الْأَشْجَارُ وَالْبِنَاءُ دُونَ الزَّرْعِ الظَّاهِرِ كَمَأْبُورِ الثِّمَارِ فَإِنْ كَانَ كَامِنًا انْدَرَجَ عَلَى أحد الرِّوَايَتَيْنِ وتندرج الْحِجَارَة الخلوقة فِيهَا دُونَ الْمَدْفُونَةِ إِلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ من ملك ظَاهر الأَرْض مَلَكَ ظَاهِرَ الْأَرْضِ مَلَكَ بَاطِنَهَا وَقَالَ (ش) : لَا يَنْدَرِجُ فِي لَفْظِ الْأَرْضِ الْبِنَاءُ الْكَثِيرُ وَلَا الْغَرْسُ وَيَنْدَرِجُ فِي لَفْظِ الدَّارِ: الْخَشَبُ المسمر وَالسّلم الْمُنْتَقل وَيَنْدَرِجُ الْمَعْدِنُ فِي لَفْظِ الْأَرْضِ لِأَنَّهُ مِنْ أَجْزَائِهَا بِخِلَافِ الْكَنْزِ وَالْحِجَارَةِ الْمَدْفُونَةِ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ: يَنْدَرِجُ فِي الْأَرْضِ الْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ وَفِي الدَّارِ الْأَبْوَابُ وَالْخَوَافِي الْمَدْفُونَةُ وَالرُّفُوفُ الْمُسَمَّرَةُ وَمَا هُوَ مِنْ مَصَالِحِهَا دُونَ الْحَجَرِ الْمَدْفُونِ لِأَنَّهُ كَالْوَدِيعَةِ وَتَنْدَرِجُ الْحِجَارَةُ الْمَخْلُوقَةُ فِيهَا وَالْمَعَادِنُ دُونَ الْكُنُوز قَالَ

صَاحِبُ الْبَيَانِ: إِذَا ظَهَرَ الزَّرْعُ فَلِلْبَائِعِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ وَمَنَعَ مَالِكٌ بَيْعَ الأَرْض فِيهَا بزر بِأَرْض لَيْسَ كَذَلِكَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَجَوَّزَهُ سَحْنُونٌ وَجَوَّزَ أَيْضًا بَيْعَهَا وَفِيهَا بَزْرٌ بِطَعَامٍ نَقْدًا أَوْ إِلَى أَجَلٍ لِأَنَّهُ لَا حِصَّةَ لَهُ مِنَ الثَّمَنِ عِنْدَهُ اللَّفْظُ الرَّابِعُ: الْبِنَاءُ وَفِي الْجَوَاهِرِ: تَنْدَرِجُ فِيهِ الْأَرْضُ اللَّفْظُ الْخَامِسُ: الْبُسْتَانُ وَالْحَدِيقَةُ وَالْجِنَانُ يَسْتَتْبِعُ الْأَشْجَارَ وَقَالَهُ (ش) اللَّفْظُ السَّادِسُ: لَفْظُ الدَّارِ فَفِي الْجَوَاهِرِ: يَنْدَرِجُ فِيهِ الثَّوَابِتُ وَمَرَافِقُ الْبِنَاءِ كَالْأَبْوَابِ وَالْأَشْجَارِ وَالرُّفُوفِ وَالسُّلَّمِ الْمُثَبَّتِ دُونَ الْمَنْقُولَاتِ اللَّفْظُ السَّابِعُ: لَفْظُ الْعَبْدِ وَفِي الْجَوَاهِرِ: لَا يَتَنَاوَلُ مَالَهُ وَيَتَنَاوَلُ ثِيَابَهُ عَلَيْهِ إِذَا أَشْبَهَتْ مِهْنَتَهُ فَلَوِ اشْتَرَطَ تَسْلِيمَ الْأَمَةِ عُرْيَانَةً سَقَطَ الشَّرْطُ وَعَلَيْهِ مُوَارَاتُهَا لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُحَرَّمٌ اللَّفْظُ الثَّامِنُ: لَفْظُ الشَّجَرِ فَفِي الْجَوَاهِرِ: تَنْدَرِجُ تَحْتَهُ الْأَرْضُ وَالْأَغْصَانُ وَالْأَوْرَاقُ وَالْعُرُوقُ وَاسْتِحْقَاقُ الْبَقَاءِ مَغْرُوسًا وَالثَّمَرَةُ غَيْرُ الْمُؤَبَّرَةِ دُونَ الْمُؤَبَّرَةِ وَكُلُّ ثَمَرَةٍ ظَهَرَتْ لِلنَّاظِرِ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ: لَا تَنْدَرِجُ الْأَرْضُ فِي الشَّجَرِ لِتَبَايُنِ الِاسْمِ وَلَا هِيَ تَبَعٌ فِي الْبَيْعِ وَبِقَوْلِنَا فِي الثِّمَارِ قَالَ الشَّافِعِي وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ (ح) : لِلْبَائِعِ مُطْلَقًا إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهَا الْمُبْتَاعُ لِأَنَّهَا لَا يَجُوزُ إِفْرَادُهَا بِالْبَيْعِ فَلَا تَتْبَعُ أَصْلَهَا كَالْمُؤَبَّرَةِ وَجَوَابُهُ: إِفْرَادُ الشَّيْءِ بِالْعَقْدِ لَا يُوجِبُ عَدَمَ التَّبَعِيَّةِ كَسَقْفِ الدَّارِ وَعَرْصَتِهَا ثُمَّ لَوْ سَلَّمْنَا حُجَّةَ الْقِيَاسِ فَهُوَ معَارض بِمَا فِي الْمُوَطَّأ قَالَ

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (مَنْ بَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبرت فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهَا الْمُبْتَاعُ) وَمَفْهُومُهُ يَقْتَضِي: إِذَا لم تؤبر للْمُبْتَاع وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّمَا جَعَلَهَا لِلْبَائِعِ بِشَرْطِ الْإِبَارِ فَإِنِ انْتَفَى الشَّرْطُ انْتَفَى الْمَشْرُوطُ فَالْأَوَّلُ مَفْهُومُ الصِّفَةِ وَالثَّانِي مَفْهُومُ الشَّرْطِ وَهَذَا ضَعِيفٌ مِنْ جِهَةِ أَصْحَابِنَا فَإِنَّ الْحَنَفِيَّةَ لَا يَرَوْنَ الْمَفْهُومَ حُجَّةً فَلَا يُسْتَدَلُّ عَلَيْهِمْ بِهِ بَلْ نَقِيسُ الثَّمَرَةَ عَلَى الْجَنِينِ إِذَا ظَهَرَ لَنْ يَتْبَعَ الْأَصْلَ وَإِلَّا تَبِعَ أَوْ نَقِيسُهَا عَلَى اللَّبَنِ قَبْلَ الْحِلَابِ واستتار الثِّمَار فِي الكمام كاستتار الأجنحة فِي الْأَرْحَامِ وَاللَّبَنِ فِي الضُّرُوعِ أَوْ نَقِيسُهُ عَلَى الْأَغْصَانِ وَالْوَرَقِ أَوْ نَوَى التَّمْرِ وَهَذِهِ الْأَقْيِسَةُ أَقْوَى مِنْ قِيَاسِهِمْ بِكَثِيرٍ لِقُوَّةِ جَوَامِعِهَا وَضَعْفِ جَوَامِعِهِمْ فَائِدَةٌ: قَالَ صَاحِبُ الْإِكْمَالِ: الْإِبَارُ: تَذْكِيرُ الْأَشْجَارِ بِجَعْلِ طَلْعِ الذَّكَرِ فِي الْأُنْثَى أَو يعلق عَلَيْهَا لَيْلًا يَسْقُطَ ثَمَرُهَا وَهُوَ اللِّقَاحُ أَيْضًا تَقُولُ: أَبَرْتُ النَّخْلَ أَبُرُّ بِضَمِّ الْبَاءِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مُخَفَّفَ الْبَاءِ وَأَبَّرْتُهُ مُشَدَّدَ الْبَاءِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: الْإِبَارُ: شَقُّ الطَّلْعِ عَنِ الثَّمَرِ وَقَالَ بَعْضُ اللُّغَوِيِّينَ فِي غَيْرِ الْإِكْمَالِ: وَالْإِبَارُ وَالتَّلْقِيحُ: شَقُّ الثَّمَرَةِ وَظُهُورُهَا لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إِلَّا عِنْدَ ذَلِكَ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مُجَرَّدَ التَّلْقِيحِ لَيْسَ مُعْتَبَرًا وَإِنَّمَا الْمُعْتَبَرُ الظُّهُورُ وَيُقَالُ أَبَرْتُ النَّخْلَةَ آبُرُّهَا بِالتَّخْفِيفِ أَبْرًا وَإِيبَارًا وَأَبَّرْتُهَا بِالتَّشْدِيدِ تَأْبِيرًا وَتَأَبَّرَتِ النَّخْلَةُ وَأُبِّرَتْ وَبِقَولِ ابْنِ حَبِيبٍ قَالَ الشَّافِعِيَّةُ فَرْعٌ قَالَ صَاحِبُ الْإِكْمَالِ الْمَشْهُورُ مَنْعُ اشْتِرَاطِ الْبَائِعِ مَا لَمْ يُؤَبَّرْ وَعَلَى القَوْل بِأَن المشتثنى غَيْرُ مَبِيعٍ يَجُوزُ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُؤَبَّرِ كَالْجَنِينِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ:

يَمْتَنِعُ عِنْدَ مَالِكٍ وَجَمِيعِ أَصْحَابِهِ فَرْعٌ فِي الْبَيَانِ الْأَقَلُّ أَبَدًا تَبَعٌ لِلْأَكْثَرِ فِي التَّأْبِيرِ وَعَدَمِهُ شَائِعًا كَانَ أَوْ غَيْرَ شَائِعٍ فَإِنْ تَقَارَبَا فِي التَّأْبِيرِ وَعَدِمِهِ وَكُلُّ وَاحِدَةٍ عَلَى حِدَةٍ اسْتَقَلَّ كُلٌّ بِحُكْمِ نَفْسِهِ فَإِنْ كَانَ التَّأْبِيرُ وَعَدَمُهُ فِي كُلِّ نَخْلَةٍ فَأَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: يُخَيَّرُ الْبَائِعُ بَيْنَ تَسْلِيمِ الْحَائِطِ بِثَمَرَتِهِ وَبَيْنَ أَخْذِهِ وَفَسْخِ الْبَيْعِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ إِلَّا بِشَرْطِ الثَّمَرَةِ لِلْمُبْتَاعِ لِانْعِقَادِهِ عَلَى فَسَادِ الْمُنَازَعَةِ فَالْجَمِيعُ لِلْمُشْتَرِي تَغْلِيبًا لِنَقْلِ الْعَقْدِ أَوِ الْجَمِيعُ لِلْبَائِعِ تَغْلِيبًا لِلِاسْتِصْحَابِ لِابْنِ حَبِيبٍ وَفِي الْجَوَاهِرِ: رُوِيَ: إِذَا أَبَّرَ أَكْثَرَهَا أَنَّ غَيْرَ الْمُؤَبَّرِ لِلْمُبْتَاعِ نَظَرًا لِلْعَقْدِ فَرْعٌ قَالَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ الثَّمَرَةُ خَمْسَةُ أَضْرُبٍ: قَالَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ الثَّمَرَةُ خَمْسَةُ أَضْرُبٍ: ذُو كُمٍّ كَالْقُطْنِ وَمَا يُقْصَدُ نَوَارُهُ كَالْوَرْدِ وَالْيَاسَمِينِ فَإِنَّهُ يَظْهَرُ مِنْ أَكْمَامِهِ ثُمَّ يَنْفَتِحُ فَيَظْهَرُ فَهُوَ حِينَئِذٍ للْبَائِع الثَّانِي مَا لَا نور لَهُ وَلَا قِشْرَ كَالتِّينِ وَالتُّوتِ وَالْجُمَّيْزِ لِأَنَّ ظُهُورَهُ مِنَ الشَّجَرِ كَظُهُورِ الثَّمَرَةِ مِنَ الْكُمِّ الثَّالِثُ مَا يَظْهَرُ فِي قِشْرِهِ إِلَى حِينِ أَكْلِهِ كَالرُّمَّانِ وَالْمَوْزِ فَلِلْبَائِعِ بِنَفْسِ الظُّهُورِ لِأَنَّ قِشْرَهُ مِنْ مَصْلَحَتِهِ الرَّابِعُ مَا يَظْهَرُ فِي قِشْرَتِهِ كَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ فَلِلْبَائِعِ بِنَفْسِ الظُّهُورِ لِأَنَّ قِشْرَهُ لَا يَزُولُ عَنْهُ غَالِبًا وَالْخَامِسُ مَا يظْهر نوره ثُمَّ يَيْبَسُ فَتَظْهَرُ الثَّمَرَةُ كَالتُّفَّاحِ وَالْمِشْمِشِ وَالْإِجَّاصِ وَالْخَوْخِ فَإِذَا ظَهَرَتِ الثَّمَرَةُ فَلِلْبَائِعِ وَهَذَا تَفْصِيلٌ حَسَنٌ لَمْ أَرَهُ لِأَصْحَابِنَا وَمَا أَظُنُّهُمْ يُخَالِفُونَ فِيهِ فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ النَّخْلُ الَّتِي لَا تؤبر إِذا انصلح طلعه وَظهر) فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ النَّخْلُ الَّتِي لَا تؤبر إِذا انصلح طلعه وَظهر

إغريضه وَبَلَغَ مَبْلَغَ الْإِبَارَةِ فِي عَهْدٍ فَلِلْبَائِعِ إِلَّا أَن يستثنيه الْمُبْتَاع قَالَ لَيْسَ لِمُشْتَرِي الْأَشْجَارِ تَكْلِيفُ الْبَائِعِ قَطْعَ الثِّمَارِ إِلَّا إِلَى أَوَانِ الْقِطَافِ لِقَضَاءِ الْعَادَةِ بِذَلِكَ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ سَقْيُ الشَّجَرِ إِذَا احْتَاجَ إِلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَتَضَرَّرَ صَاحِبُهُ بِذَلِكَ نَظَائِرُ: قَالَ الْعَبْدِيُّ: يَتْبَعُ الْأَقَلُّ الْأَكْثَرَ فِي أَحَدَ عَشَرَ مَوْضِعًا: أَقَلُّ الْحَائِطِ يَتْبَعُ أَكْثَرَهُ فِي التَّأْبِيرِ وَعَدَمِهِ وَإِذَا اجْتَمَعَ الضَّأْنُ وَالْمَاعِزُ أَخْرَجَ مِنَ الْأَكْثَرِ وَالْغَنَمُ الْمَأْخُوذَةُ فِي زَكَاةِ الْإِبِلِ يخرج مِنْ غَالِبِ غَنَمِ أَهْلِ الْبَلَدِ ضَأْنًا أَوْ ماعزاً ويزكى الزَّرْع يغالب الشيح أَو النضج وَإِذَا أَبَّرَ بَعْضَ الْمَالِ زُكِّيَ بِحُكْمِ الْغَالِبِ وَزَكَاةُ الْفِطْرِ مِنْ غَالِبِ الْعَيْشِ وَالْبَيَاضُ مَعَ السَّوَادِ فِي الْمُسَاقَاةِ الْحُكْمُ لِلْغَالِبِ وَإِذَا ثَبَتَ أَكْثَرُ الْغَرْسِ فَلِلْغَارِسِ الْجَمِيعُ أَوِ الْأَقَلُّ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَقِيلَ لَهُ سَهْمُهُ مِنَ الْأَقَلِّ وَإِذَا أَطْعَمَ بَعْضَ الْغَرْسِ سَقَطَ عَنْهُ الْعَمَلُ دُونَ رَبِّ الْمَالِ وَقِيلَ بَيْنَهُمَا وَإِذَا جَذَّ الْمُسَاقِي أَكْثَرَ الْحَائِطِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ سَقْيٌ وَإِذَا حبس على أَوْلَاد صغَار أَو هَب لَهُمْ فَحَازَ الْأَكْثَرَ صَحَّ الْحَوْزُ فِي الْجَمِيعِ وَإِذَا اسْتَحَقَّ الْأَقَلَّ أَوْ وُجِدَ بِهِ عَيْبٌ لَيْسَ لَهُ رَدُّ مَا لَمْ يَسْتَحِقَّ بَلْ يَرْجِعُ بِقَدْرِهِ اللَّفْظُ التَّاسِعُ: الْمُرَابَحَةُ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ الْبُيُوعُ أَرْبَعَةٌ

مُسَاوَمَةٌ وَمُزَايَدَةٌ وَمُرَابَحَةٌ وَاسْتِرْسَالٌ: وَأَحْسَنُهَا: الْمُسَاوَمَةُ وَأَسْلَمُهَا وَهُوَ جَائِزٌ اتِّفَاقًا وَيَمْتَنِعُ فِيهِ أَنْ تَكُونَ السّلْعَة قديمَة فيدخلها السُّوق ليوهم طرواتها وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالتَّبْرِيجِ فَيَمْنَعُهُ شُيُوخُنَا وَالْمُزَايِدَةُ عَرْضُهَا فِي السُّوق لمن يزِيد وَكَرِهَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَرَآهُ مِنْ سَوْمِ الْإِنْسَانِ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ وَالسِّلْعَةُ لِمَنْ وَقَفَتْ عَلَيْهِ بِالزِّيَادَةِ فَإِنْ أَعْطَيَا عَطَاءً وَاحِدًا اشْتَرَكَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقِيلَ: لِلْأَوَّلِ وَلَا يَأْخُذُهَا الثَّانِي إِلَّا بِزِيَادَةٍ فَإِنْ أَعْطَيَا مَعًا اشْتَرَكَا وَهَذَا فِي بيع وَهَذَا فِي بَيْعِ الْأَيْتَامِ لِلدَّيْنِ وَبَيْعِ السُّلْطَانِ وَالْوُكَلَاءِ وَكُلِّ مَا بَاعَهُ غَيْرُ مَالِكِهِ وَأَمَّا الْمَالِكُ فَلَهُ الْبَيْعُ لِأَحَدِهِمَا وَلِغَيْرِهِمَا بِالثَّمَنِ وَأَقَلَّ مَا لَمْ يَرْكَنْ إِلَى أَحَدِهِمَا أَوْ يُوَاطِئَهُ وَالْمُرَابَحَةُ أَصْعَبُهَا لِكَثْرَةِ وُجُوهِ الْكَذِبِ وَالْغِشِّ فِيهَا وَبَيْعُ الِاسْتِرْسَالِ وَالِاسْتِمَانَةِ فَهُوَ مَعَ الْجَاهِلِ بِالْبَيْعِ يَقُولُ: أَعْطُونِي بِدِينَارٍ كَذَا فَيَتَّقِي فِيهِ الْغِشَّ وَالْخَدِيعَةَ وَكِتْمَانَ الْعُيُوبِ وَيَرُدُّ بِالْغَبْنِ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَقَصَرَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي دُونَ الْبَائِعِ وَغَيْرُهُ يُجِيزُهُ فِيهَا فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: تَجُوزُ الْمُرَابَحَةُ لِلْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ وَتَوْضِيعُهُ الْعَشْرَ أَحَدَ عَشَرَ وَيُقِيم على أحد عشر فيحط مِنْهُ جُزْء فِي بَيْعِ الْوَضِيعَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: لِلْعَشَرَةِ اثْنَانِ نَحْوَ الْعَشَرَةِ اثْنَا عَشَرَ أَيْ يُنْقِصُ السُّدُسَ أَوْ يَزِيدُهُ وَالْعَشَرَةُ عَشَرَةٌ مَعْنَاهُ: تُضَافُ عَشَرَةٌ لِعَشَرَةٍ فَتَكُونُ الزِّيَادَةُ أَوِ النُّقْصَانُ النِّصْفَ تَصْحِيحًا لِكَلَامِ الْعَاقِلِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ وَإِلَّا فَالْإِخْرَاجُ عَشَرَةً مِنْ عَشَرَةٍ مِنْ بَقَاءِ ثَمَنٍ مُحَالٌ عقلا وَفِي الْجَوَاهِر: إِذا بَاعَ بوضيعة الْعشْرَة أَحَدَ عَشَرَ أَوْ أَكْثَرَ: فَلِلْمُتَأَخِّرِينَ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنه يَأْخُذ عَن كل أحد عشرَة: عَشَرَةً وَثَانِيهِمَا: مَا تَقَدَّمَ وَبِوَضِيعَةِ الْعَشَرَةِ عِشْرِينَ يَحُطُّ نِصْفَ الثَّمَنِ اتِّفَاقًا قَالَ صَاحِبُ تَهْذِيبِ الطَّالِب:

وَبِوَضِيعَةٍ لِلْمِائَةِ أَرْبَعُونَ يُوضَعُ عَنْهُ مِنْ كُلِّ عَشَرَةٍ السُّبْعَانِ مِنْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ لِأَنَّا قَسَّمْنَا الْمِائَةَ عَلَى أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَبِوَضِيعَةٍ لِلْعَشَرَةِ أَرْبَعُونَ يُوضَعُ مِنْ كُلِّ عَشَرَةٍ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا وَلِكُلِّ عَشَرَةٍ خَمْسُونَ يُوضَعُ مِنْ كُلِّ عَشَرَةٍ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهَا وَكُلِّ مِائَةٍ خَمْسُونَ يُحَطُّ الثُّلُثُ تَمْهِيدٌ: فِي التَّنْبِيهَاتِ: الْمُرَابَحَةُ خَمْسَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: أَنْ يُبَيِّنَ جَمِيعَ مَا لَزِمَهَا وَمَا يَحْسِبُ وَمَا لَا يَحْسِبُ مُفَصَّلًا أَوْ مُجْمَلًا وَيُشْتَرَطُ الرِّبْحُ لِلْجَمِيعِ فَيَصِحُّ وَيَكُونُ الرِّبْحُ فِيهِ مِنْ جُمْلَةِ الثَّمَنِ كَالْمُسَاوَمَةِ وَثَانِيهَا: أَنْ يُبَيِّنَ مَا يَحْسِبُ وَيَرْبَحُ لَهُ وَمَا لَا يَحْسِبُ وَلَا يَرْبَحُ عَلَيْهِ وَيُوصَفُ الرِّبْحُ عَلَى مَا يَرْبَحُ عَلَيْهِ خَاصَّةً فَيَجُوزُ وَثَالِثُهَا: يُبْهِمُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَيَجْمَعُهُ جَمِيعَهُ وَيَقُولُ: قَامَتْ بِكَذَا وَالرِّبْحُ كَذَا فَفَاسِدٌ للْجَهْل مَا يحْسب ثمنا ومالاً يَحْسِبُ فَهُوَ جَهْلٌ بِالثَّمَنِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِهِ وَرَابِعُهَا: يُبْهِمُ فِيهَا النَّفَقَةَ مَعَ تَسْمِيَتِهَا فَيَقُولُ: قَامَتْ عَلَيَّ بِمِائَةٍ شَدِّهَا وَطَيِّهَا وَحَمْلِهَا وَصَبْغِهَا أَوْ يُفَسِّرُهَا فَيَقُولُ: مِنْهَا عَشَرَةٌ فِي مُؤْنَةٍ وَلَا يُفَسِّرُ الْمُؤْنَةَ فَفَاسِدٌ لِلْجَهْلِ بِالثَّمَنِ قَالَ سَحْنُونٌ: يَنْفَسِخُ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ: جَوَازُهُ وَيُحَقِّقُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا يَكُونُ هَذَا أَسْوَأَ حَالًا مِنَ الْكَاذِبِ فِي الثَّمَنِ وَخَامِسُهَا: يُفَسِّرُ الْمُؤْنَةَ فَيَقُولُ: هِيَ عَلَيَّ بِمِائَةٍ الثَّمَنُ كَذَا وَالْمُؤْنَةُ كَذَا وَيَذْكُرُ الْمُؤْنَة مفصلة وَبَاعَ لِلْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ وَلَمْ يُفَصِّلَا مَا يُوضَعُ لَهُ الرِّبْحُ وَمَا يَحْسِبُ وَمَا لَا يَحْسِبُ فَالْجَوَازُ لِلْأَصْحَابِ وَيُقْضَى الثَّمَنُ عَلَى مَا يَجِبُ وَإِسْقَاطُ مَا لَا يَجِبُ إِلَى الثَّمَنِ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُمَا قَدْ يَجْهَلَانِ الْحُكْمَ فِيمَا يَسْقُطُ وَيَثْبُتُ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا حَمَلَ الْبَزَّ إِلَى بَلَدٍ آخَرَ لَا يَحْسِبُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ جُعْلَ السِّمْسَارِ وَلَا أُجْرَةَ الشَّدِّ وَالطَّيِّ وَلَا كِرَاءَ الْبَيْتِ وَلَا نَفَقَةَ نَفْسِهِ ذَاهِبًا

وَرَاجِعًا كَانَ الْمَالُ لَهُ أَوْ قِرَاضًا وَيَحْسِبُ كِرَاءَ الْمَحْمُولَةِ وَالنَّفَقَةِ عَلَى الرَّقِيقِ وَالْحَيَوَانِ فِي أصل الثّمن وَلَا يحْسب لَهُ ربح إِلَّا أَن يرتجونه بَعْدَ الْعِلْمِ بِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يَنْبَغِي لِمَنْ بَاعَ مُرَابَحَةً أَنْ يَعْرِفَ مَا يَحْسِبُ مِنَ الثَّمَنِ وَمَا لَا يَحْسِبُ وَمَا يُحْسَبُ لَهُ رِبْحٌ وَمَا لَا يُحْسَبُ لَهُ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ: كُلُّ صَنْعَةٍ قَائِمَةٍ كَالصَّبْغِ وَالْخِيَاطَةِ وَالْكِمَادِ وَالطِّرَازِ وَالْغَسْلِ يُحْسَبُ وَيُحْسَبُ لَهُ رِبْحٌ وَمَا لَيْسَ عَيْنًا قَائِمَةً لَكِنْ بِثَمَنِ السِّلْعَةِ فِي نَفْسِهَا كَنَفَقَةِ الرَّقِيقِ وَالْمَحْمُولَةِ يَحْسِبُ وَلَا يُحْسَبُ لَهُ رِبْحٌ وَمَا لَيْسَ بِعَيْنٍ قَائِمَةٍ وَلَا بِثمن السّلْعَة ذاتا وَلَا سوقاً لَا يُحْسَبُ لَهُ رِبْحٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْتَقِلْ لِلْمُشْتَرِي فَلَا يُقَابَلُ بِشَيْءٍ فَإِنْ كَانَ يَتَوَلَّى هُوَ الطِّرَازَ وَالصَّبْغَ بِنَفْسِهِ لَمْ يَحْسِبْ وَيُحْسَبُ لَهُ الرِّبْحُ لِأَنَّهُ كَمَنْ وَصَفَ ثَمَنًا عَلَى سِلْعَةٍ بِاجْتِهَادِهِ وَكَلَامُهُ فِي الْكِتَابِ مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِئْجَارِ وَبِهَذَا التَّفْصِيلِ قَالَ (ح) وَجَمَاعَةُ الْعُلَمَاءِ وَقَالَ (ش) : يضم إِلَى الثّمن كل مَاله زِيَادَة فِي الْعين دون نَفَقَة الرَّقِيق وَقَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: أُخِذَ مِنْ قَوْلِهِ: لَا يَحْسِبُ أُجْرَةَ السِّمْسَارِ: أَنَّ أُجْرَتَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي قَالَ: وَهُوَ لَا يَدُلُّ بَلْ ذَلِكَ عَلَى عُرْفِ النَّاسِ أَوْ يَكُونُ الْبَائِعُ دَفَعَ إِلَيْهِ لِيَبِيعَ فَالْأُجْرَةُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَجِيرٌ أَوِ الْمُشْتَرِي فَالْأُجْرَةُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ وَكَّلَهُ عَلَى الشِّرَاءِ قَالَ مَالِكٌ: وَيَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ لَهُ عَلَى كُلِّ مِائَةٍ يَشْتَرِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ فَعَلَى هَذَا تَكُونُ مَحْسُوبَةً مَضْرُوبًا لَهَا الرِّبْحُ لِأَنَّهَا بَعْضُ الثَّمَنِ وَقَالَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ وَقِيلَ: تُحْسَبُ وَلَا يُضْرَبُ لَهَا رِبْحٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: يُرِيدُ بِنَفَقَةِ الرَّقِيقِ مَا لَمْ تَكُنْ لَهُمْ غَلَّةٌ تُوفِي النَّفَقَةَ فَإِنْ قَلَّتْ عَنِ النَّفَقَةِ حَسَبَ الْفَاضِلَ وَلَوْ كَانَ سِعْرُ الْبَلَدَيْنِ سَوَاءً لَمْ يَحْسِبِ الْحَمْلَ لعدم تَأْثِيره فِي الثّمن وَلَو أرخص

لسقط الْكِرَاءُ وَلَا بَيْعَ حَتَّى يُبَيِّنَ وَلَا يُبَيِّنُ الْقِصَارَةَ وَيُبَيِّنُ الْخِيَاطَةَ لِأَنَّ النَّاسَ يَكْرَهُونَ الْخَيَّاطَةَ السُّوقِيَّةَ وَلِأَنَّ الْمَبِيعَ بَعْدَ التَّفْصِيلِ وَالْخِيَاطَةِ أَرْخَصُ مِنَ الَّذِي يُفَصِّلُ عَلَى يَدِهِ وَلَا يُبَيِّنُ الصَّبْغَ إِلَّا أَنْ يَبُورَ عَلَيْهِ فَيَصْبُغُهُ فَإِنْ لم يبن فَأَصْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي مِثْلِ هَذَا: أَنَّهُ غِشٌّ لَا يَلْزَمُ لِلْمُشْتَرِي وَإِنَّ حَطَّ ذَلِكَ وَعَلَى رَأْيِ سَحْنُونٍ: هُوَ كَذِبٌ إِنْ حَطَّهُ لَزِمَهُ قَالَ الْمَازِرِيُّ: قَوْلُ بَعْضِ الْأَشْيَاخِ: إِنَّمَا يحْسب الحمولة إِذا كَانَ الْبَلَد الثَّانِي أغلا وَهَذَا إِنَّمَا يَحْسُنُ إِذَا حَمَلَ الْبَائِعُ الْمَتَاعَ عَالِمًا بِذَلِكَ وَإِذَا أَنْفَقَ عَلَى الدُّورِ وَالْأَرَضِينَ وَالنَّخْلِ وَالشَّجَرِ فِي سَقْيٍ وَغَيْرِهِ وَسَاوَى الْإِنْفَاقُ الْغَلَّةَ أَوْ زَادَتْ جَازَ الْبَيْعُ مُرَابَحَةً وَلَا يَحْسِبُ فَاضِلَ الْإِنْفَاقِ فِي رَأْسِ الْمَالِ وَلَا يحسبه لَهُ ربح وَأَخْذُ لَبَنِ الْمَاشِيَةِ لَا يَمْنَعُ الْبَيْعَ مُرَابَحَةً إِذَا لَمْ يَتَغَيَّرْ سُوقُهَا وَلَا بَدَنُهَا وَلَا يتبع فِي الْولادَة حَتَّى يلين. تَنْبِيهٌ: مُدْرَكُ الْأَصْحَابِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِيمَا يَحْسِبُ وَمَا لَا يَحْسِبُ وَمَا لَهُ رِبْحٌ وَمَا لَا رِبْحَ لَهُ إِنَّمَا هُوَ عُرْفُ التِّجَارَةِ وَكَذَلِكَ صَرَّحُوا فِي تَعَالِيلِهِمْ بِذَلِكَ وَوَقَعَ لَفْظُ الْمُرَابَحَةِ فِي تَصَانِيفِهِمْ فِي مُقْتَضَيَاتِ الْأَلْفَاظِ عُرْفًا وَيَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَمْرَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ الْبَلَدَ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ عُرْفٌ وَبَاعَ بِهَذِهِ الْعِبَارَاتِ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ أَنْ يَفْسُدَ الْبَيْعُ لِلْجَهْلِ بِالثَّمَنِ وَبِأَيِّ شَيْءٍ هُوَ مُقَابِلٌ مِنَ الْمَبِيعِ وَثَانِيهِمَا: أَنَّ الْعُرْفَ إِذَا كَانَ فِي بَلَدٍ عَلَى خِلَافِ مُقْتَضَى هَذِهِ التَّفَاصِيلِ أَنْ تَخْتَلِفَ هَذِهِ الْأَحْكَامُ بِحَسَبَ ذَلِكَ الْعُرْفِ فَاعْلَمْ ذَلِكَ. فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ: تُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ الْمُبْتَاعِ بِمَا اشْتَرَى بِهِ أَوْ قَامَتْ بِهِ عَلَيْهِ فَإِنْ جَهِلَهُ عِنْدَ الْعَقْدِ بَطَلَ.

فرع قَالَ المازي: إِذَا تَقَايَلَا عَلَى مِثْلِ الثَّمَنِ جَازَ الْبَيْعُ مُرَابحَة فَإِن تقابلا بِأَكْثَرَ كَمَنْ يَشْتَرِي بِخَمْسَةٍ ثُمَّ يَبِيعُ بِتِسْعَةٍ ثمَّ تقابلا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مُرَابَحَةً بِتِسْعَةٍ لِانْحِلَالِ بَيْعِهَا بِالْإِقَالَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْإِقَالَةَ حَلُّ بَيْعٍ فَإِنْ قُلْنَا: إِنَّهَا بَيْعٌ جَازَ الْبَيْعُ مُرَابَحَةً غير أَنه يتهم فِي الْإِقَالَة حل بيع فَإِن قُلْنَا ك إِذا بَيْعٌ جَازَ الْبَيْعُ مُرَابَحَةً غَيْرَ أَنَّهُ يُتَّهَمُ فِي الْإِقَالَةِ لِهَذَا الْغَرَضِ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: إِنْ وَقَعَتِ الْإِقَالَةُ بَعْدَ الْبَيْعِ بِأَيَّامٍ ارْتَفَعَتِ التُّهْمَة وَجَاز البيع بِثمن الْإِقَالَة فَإِن تقابلا بِأَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ فِي ذَلِكَ الْعَقْدِ جَازَ الْبَيْعُ مُرَابَحَةً بِالثَّمَنِ الَّذِي تَقَايَلَا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ مُسْتَأْنَفٌ وَلَيْسَ إِقَالَةً وَمَنَعَهُ ابْنُ حَبِيبٍ لِأَنَّ النُّقْصَانَ قَدْ يكون أَكثر من الثّمن الأول يفاضل الرِّبْحَ فِي عَقْدِ الْإِقَالَةِ. فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا جُعِلَ لِلْحَمُولَةِ رِبْحٌ وَلَمْ يُبَيِّنْ وَحَصَلَ الْفَوْتُ بِتَغَيُّرِ سُوقٍ أَوْ بَدَنٍ حَسَبَ ذَلِكَ فِي الثَّمَنِ وَلَمْ يُحْسَبْ لَهُ رِبْحٌ وَإِنْ لَمْ يَفُتْ رَدَّ الْبَيْعَ إِلَّا أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى مَا يَجُوزُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ سَحْنُونٌ: إِذَا دَخَلَ فِي الثَّمَنِ مَا لَا يَحْسِبُ أَوْ مَا يَحْسِبُ وَلَا يُحْسَبُ لَهُ رِبْحٌ وَلَمْ يُبَيِّنْ وَلَمْ يَفُتْ خُيِّرَ بَيْنَ إِزَالَةِ مَا لَا يَحْسِبُ وَرِبْحِهِ وَرَدَّ السِّلْعَةَ فَإِنْ فَاتَتْ فَهِيَ كَمَسْأَلَةِ الْكَذِبِ إِنْ لَمْ يَضَعِ الْبَائِعُ ذَلِكَ كَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي الْقِيمَةُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ الثَّمَنِ فَلَا يَزْدَادُ أَوْ أَقَلَّ مِنَ الثَّمَنِ بَعْدَ الطَّرْحِ فَلَا يَنْقُصُ وَهُوَ تَفْسِيرُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ: قَالَ: وَظَاهَرُهَا خِلَافُهُ لِأَنَّ الْكَذِبَ زِيَادَةُ مَا لَمْ يَكُنْ وَهَذَا زِيَادَةُ مَا أَخْرَجَهُ من مَاله.

فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا رَقَمَ عَلَى مَتَاعٍ وَزَنَهِ وَاشْتَرَاهُ فَلَا يَبِعْهُ مُرَابَحَةً عَلَى مَا رَقَمَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: يُرِيدُ رَقَمَهُ بِوَصْفِهِ لِأَنَّهُ خَدِيعَةٌ فَإِذَا عَلِمَ الْمُشْتَرِي خُيِّرَ بَيْنَ أَخْذِهَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَرَدِّهَا فَإِنْ فَاتَتْ بِالْأَقَلِّ مِنَ الْقِيمَةِ أَوِ الثَّمَنِ فَإِنِ اشْتَرَى جُمْلَةَ ثِيَابٍ فَرَقَمَ عَلَى كُلِّ ثَوْبٍ مَا وَضَعَهُ وَبَاعَ مِنْهَا وَاحِدًا مُرَابَحَةً وَلَمْ يُبَيِّنْ وَلَمْ يَفُتْ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الرَّدِّ وَالتَّمَسُّكِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ فَإِنْ رَدَّ فَلِلْبَائِعِ إِلْزَامُهُ إِيَّاهُ بِمَا يَقَعُ عَلَيْهِ مِنْ جُمْلَةِ الثَّمَنِ وَمَا قَابَلَ ذَلِكَ مِنَ الرِّبْحِ فَإِنْ فَاتَ وَأَبَى الْمُشْتَرِي التماسك وأبى البَائِع أَن يضْرب بِالْعقدِ فَعَلَى الْمُشْتَرِي الْقِيمَةُ يَوْمَ ابْتَاعَهَا إِلَّا أَنْ تَزِيدَ عَلَى الثَّمَنِ فَلَا يَزْدَادُ وَأَقَلُّ مِنَ الثَّمَنِ وَحِصَّتُهُ مِنَ الرِّبْحِ فَلَا يَنْقُصُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ إِنْ لَمْ تَفُتْ لَيْسَ لِلْبَائِعِ إِلْزَامُهُ إِيَّاهَا بِمَا يَقَعُ عَلَيْهَا مِنَ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ الْعَقْدُ إِلَّا أَنْ يَرْضَى وَلَا الْجُمْلَةَ يُزَادُ فِيهَا وَإِنْ فَاتَتْ فَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ إِلَّا أَنْ يَتَمَاسَكَ بِبَيْعِهِ الْأَوَّلِ. فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا كَتَبَ عَلَى السِّلْعَةِ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهَا وَبَاعَهَا بِكِتَابَتِهَا وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا شَدَّدَ مَالِكٌ فِيهِ الْكَرَاهَةَ خَشْيَةَ الْخَدِيعَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قِيلَ: مَعْنَاهُ: بَاعَهَا مُسَاوَمَةً بِأَقَلَّ مِمَّا كَتَبَ أَوْ مُرَابَحَةً بِالثَّمَنِ الصَّحِيحِ فَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً خُيِّرَ بَيْنَ أَخْذِهَا بِذَلِكَ أَوْ رَدِّهَا فَإِنْ فَاتَتْ فَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنَ الْقِيمَةِ أَوِ الثَّمَنِ. فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ الْعَيْبَ دُونَ الْغَلَّةِ لِأَنَّهَا لَهُ بِالضَّمَانِ إِلَّا أَن يطول الزَّمَان أَو تحول الْأَسْوَاق فليبينه لِأَنَّ الْأَغْرَاضَ تُخْتَلَفُ فِيهِ

وَقَالَهُ (ش) فِي كُلِّ مَا نَشَأَ عَنِ الْعَيْنِ كَالْوَلَدِ وَغَيْرِهِ لِعَدَمِ وُجُودِهِ عِنْدَ الْعَقْدِ فَإِنْ جَزَّ صُوفًا بَيَّنَهُ لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ عِنْد البَائِع تَامًّا فَلَهُ جَزُّهُ مِنَ الثَّمَنِ أَوْ حَدَثَ بَعْدَهُ فَقَدْ طَالَ الزَّمَانُ فَتَغَيَّرَ الْحَيَوَانُ وَيُبَيِّنُ تَوَالُدَ الْغَنَمِ وَإِنْ بَاعَهَا بِأَوْلَادِهَا وَإِذَا وَلَدَتِ الْأَمَةُ لَا يَبِيعُهَا مُرَابَحَةً وَيُمَسِكُ الْوَلَدَ وَإِنْ أخر الثّمن أَو حطه مِنْهُ شَيْئًا فَلْيُبَيِّنْهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا حَدَثَ الصُّوفُ عِنْدَهُ فَإِنَّمَا يَنْظُرُ إِلَى انْتِقَالِ السِّنِّ فَإِنْ كَانَتْ جَذَعَةً وَصَارَتْ ثَنِيَّةً فَلَا مَقَالَ لِلْمُشْتَرِي لِانْتِقَالِهَا لِلْأَفْضَلِ إِلَّا أَنْ يَتَغَيَّرَ سُوقٌ بِنَقْصٍ فَإِنْ كَانَتْ رُبَاعِيَّةً فَهَرِمَتْ فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ قَالَ: وَأَرَى إِذَا كَانَتِ الْغَنَمُ حَوَامِلَ عِنْدَ الشِّرَاءِ أَوْ قَرِيبَةَ الْوَضْعِ وَبَاعَهَا بِأَوْلَادِهَا: أَنْ لَا يبين لِأَنَّهَا زِيَادَة لَا ينظرها الْمُشْتَرِي وَهُوَ فِي الْأَمَةِ أَبْيَنُ لِذَهَابِ خَوْفِ الْوَضْعِ وَإِنْ حَمَلَتْ بَعْدَ الشِّرَاءِ أَوْ كَانَتْ حَوَامِلَ بَعِيدَةَ الْوَضْعِ: لَا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَيْضًا لِأَنَّ الْوَلَدَ زِيَادَةٌ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ طُولُ الزَّمَانِ وانتقال الشَّيْء الْأَدْنَى وَيُبَيِّنُ فِي الْجَارِيَةِ لِأَنَّهُ عَيْبٌ وَلَا يُرَاعَى انْتِقَالُ سِنِّهَا وَإِذَا حَالَ السُّوقُ بِزِيَادَةٍ وَلَمْ يَطُلْ مُكْثُهُ لَمْ يُبَيِّنْ وَإِنْ عَادَ السُّوقُ عَنْ قُرْبٍ لَمْ يُبَيِّنْ وَإِنْ طَالَ مُكْثُهُ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ سُوقُهُ وَلَا بَدَنُهُ وَلَا بار عَلَيْهِ لم يبين , إِن بَارَ بَيَّنَ لِكَرَاهَةِ النَّاسِ فِي الْبَائِرِ وَإِذَا لَمْ يُبَيِّنْ نَقْصَ السُّوقِ وَالْبَدَنِ: فَغِشٌّ عِنْدَ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَكَذِبٌ عِنْدَ سَحْنُونٍ قَالَ: وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ فَإِذَا حَطَّهُ الْبَائِعُ سَقَطَ مَقَالُ الْمُشْتَرِي وَكُلُّ عَيْبٍ حَدَثَ فَكَتَمَهُ فَهُوَ كَذِبٌ وَطُولُ الزَّمَان عشر وَالزِّيَادَةُ فِي الثَّمَنِ كَذِبٌ وَرَقْمُ أَكْثَرَ مِنْهُ مَعَ الْبَيْعِ بِهِ غِشٌّ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَظُنُّ نقص

السِّعْرِ فَلِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ مَعَ الْقِيَامِ وَإِنْ كَرِهَ الْبَائِعُ فَإِنْ فَاتَتْ فَالْأَقَلُّ مِنَ الْقِيمَةِ أَوِ الثَّمَنِ وَيَخْتَلِفُ فِي الْقِيمَةِ مَتَى تَكُونُ فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمَحْبُوسَةَ بِالثَّمَنِ مِنَ الْبَائِعِ تَكُونُ يَوْمَ الْقَبْضِ وَعَلَى الْقَوْلِ أَنَّهَا مِنَ الْمُشْتَرِي يَوْمَ الْبَيْعِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَرَ الرَّقْمَ أَوْ رَآهُ وَلَمْ يَفْهَمْهُ فَلَا مَقَالَ لَهُ وَإِذَا اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فَرَضِيَهُ فَبَاعَ مُرَابَحَةً وَلَمْ يُبَيِّنْهُ: فَهِيَ مَسْأَلَةُ عَيْبٍ أَوْ بَيَّنَهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ رِضَاهُ بِهِ فَمَسْأَلَةُ كَذِبٍ إِنْ كَانَ رِضَاهُ كَرَاهَةً فِي الْخُصُومَةِ أَوْ لِغَيْبَةِ الْبَائِعِ وَإِنْ كَانَ رَغْبَةً فِي السّلْعَة فليبين الْعين خَاصَّةً دُونَ الرِّضَا وَإِنْ أَخَذَ سِلْعَةً مِنْ مِدْيَانٍ مُوسِرٍ بِدَيْنٍ حَالٍّ وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ قَبضه فَلهُ يبعها بِمَا أَخذهَا فِي وَلَا يُبَيِّنُ وَإِلَّا بَيَّنَ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ فَمَسْأَلَةُ كَذِبٍ وَغِشٍّ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَإِنْ حَدَثَ الْعَيْبُ عِنْدَهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ فَغِشٌّ. فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا اشْتَرَى لِأَجَلٍ بَيَّنَ ذَلِكَ وَقَالَهُ (ش) فَإِنْ بَاعَ بِالنَّقْدِ فَهُوَ مَرْدُودٌ فَإِنْ قَبِلَهَا الْمُبْتَاعُ بِالثَّمَنِ إِلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ مَنَعَ لِأَنَّهُ سلف ينفع فَإِنْ فَاتَتْ فَالْقِيمَةُ يَوْمَ الْقَبْضِ مُعَجَّلَةً قَالَ اللَّخْمِيُّ: جَعَلَهُ كَمَنْ قِيلَ لَهُ: لَا تَرُدَّ بِالْعَيْبِ وَنُؤَخِّرُكَ بِالثَّمَنِ قَالَ: وَأَرَى أَنْ يُنْظَرَ فَإِن قَامَ ليرد فَقَالَ: لَا ترد وَأَن أَصْبِرُ عَلَيْكَ فَسَدَ وَإِنْ رَدَّ فَقَالَ لَهُ: اقْبَلْهَا وَأَنَا أَصْبِرُ عَلَيْكَ جَازَ لِأَنَّهُ بَيْعٌ مُسْتَأْنَفٌ بِثَمَنٍ إِلَى أَجَلٍ وَقَالَ سَحْنُونٌ: يُقَوَّمُ الدَّيْنُ بِالنَّقْدِ فَإِنْ رَضِيَ الْبَائِعُ بِضَرْبِ الرِّبْحِ عَلَى الْقِيمَةِ لَمْ يَرُدَّ لِذَهَابِ الضَّرَرِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا أَخْبَرَ بِالثَّمَنِ وَلَمْ يُبَيِّنْ لِلْمُبْتَاعِ الرَّدَّ: فَإِنْ فَاتَتْ فَالْقِيمَةُ كَالَّذِي لَمْ يُبَيِّنْ تَأْجِيلَ الثَّمَنِ وَإِنَّ حَطَّ عَنْهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ: قَالَ سَحْنُونٌ: يَلْزَمُهُ وَإِلَّا خُيِّرَ بَيْنَ الْإِمْسَاكِ وَالرَّدِّ وَكَذَلِكَ إِنْ حَطَّهُ دُونَ حَطِيطَةٍ مِنَ الرِّبْحِ يَلْزَمُهُ الْبَيْعُ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بالحطيطة حَتَّى فَاتَت وَكَانَت الْحَطِيطَةُ بَعْدَ الْفَوْتِ حَطَّ عَنْهُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ رِبْحٍ وَإِلَّا فَلَهُ الْقِيمَةُ مَا لَمْ

تجَاوز الثّمن الأول فَلَا تزاد أَو تنقض مِنَ الثَّمَنِ بَعْدَ طَرْحِ الْحَطِيطَةِ بِلَا رِبْحٍ فَلَا يَنْقُصُ. تَنْبِيهٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: مَدَارُ هَذَا الْبَاب على سبع مسَائِل: مَسْأَلَة كذب مسئلة غش مسئلة عيب مسئلة كذب وغش مسئلة كذب وعيب وغش مسئلة عيب وغش مسئلة كَذِبٍ وَغِشٍّ وَعَيْبٍ. الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: مَسْأَلَةُ كَذِبٍ بِأَنْ يَشْتَرِيَهَا بِخَمْسَةٍ وَيَقُولَ سَبْعَةٌ فَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ التَّمَسُّكِ بِغَيْرِ شَيْءٍ أَوْ يَرُدُّ إِلَّا أَنْ يَحُطَّ الْكَذِبَ وَرِبْحَهُ وَقَالَهُ (ح) وَقَالَ (ش) فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ وَابْنُ حَنْبَلٍ:: بَلْ يَتَعَيَّنُ الرُّجُوعُ بِمَا زَادَ فَإِنْ فَاتَتْ خُيِّرَ الْبَائِعُ بَيْنَ حَطِّ الْكَذِبِ وَرِبْحِهِ وَبَيْنَ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْقَبْضِ مَا لَمْ تَزِدْ عَلَى مَا بَاعَ بِهِ أَوْ تَنْقُصُ عَنِ الثَّمَنِ الْخَمْسَةِ وَرِبْحِهَا قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ عبد الْملك: للْمُشْتَرِي الرَّد حَالَة الْقيام ون حَطَّ الْكَذِبَ وَرِبْحَهُ لِأَنَّهُ يُتَوَقَّعُ أَنَّ مَالَهُ حَرَامٌ وَيُحْمَلُ قَوْلُ مَالِكٍ عَلَى أَنَّهُ طَلَبَ إِسْقَاطَ الزَّائِدِ فَقَطْ أَمَّا لَوْ قَالَ: أَخْشَى أَنَّ ذِمَّتَهُ مَشْغُولَةٌ كَانَ ذَلِكَ لَهُ لِأَنَّ النَّاسَ يَكْرَهُونَ مُعَامَلَةَ أَهْلِ الْحَرَامِ فَإِنْ لَمْ يَنْقُدِ الثَّمَنَ أَوْ نَقَدَهُ وَعُرِفَتْ عَيْنُهُ وَكَانَ عَرْضًا وَلَمْ يَفُتْ كَانَ لَهُ الرَّدُّ كَمَا قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَإِنِ اسْتَهْلَكَهُ مَضَى بِالثَّمَنِ الصَّحِيحِ لِأَنَّهُ إِنْ رَدَّ السِّلْعَةَ أَخَذَ ثَمَنَهُ مِنْ حِينِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ حَدِيثَ عَهْدٍ بِالْجُلُوسِ لِلْبَيْعِ فَلَا رَدَّ لَهُ إِنْ حَطَّ الْكَذِبَ وَرِبْحَهُ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ: يُفِيتُ السِّلْعَةَ حَوَالَةُ الْأَسْوَاقِ وَالْقِيمَةُ يَوْمَ الْقَبْضِ وَعَنْهُ يُفِيتُهَا النَّمَاءُ وَالنَّقْصُ وَالْقِيمَةُ يَوْمَ الْبَيْعِ مُلَاحَظَةً لِصُورَةِ الْعَقْدِ وَالْخِلَافُ فِي وَقْتِ الْقِيمَةِ مِنَ الْخِلَافِ فِي الْمَحْبُوسَةِ بِالثَّمَنِ فَعَلَى

الْقَوْلِ بِأَنَّهَا مِنَ الْبَائِعِ فَالْقِيمَةُ يَوْمَ الْقَبْضِ وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ يَوْمَ الْبَيْعِ وَعَنْ مَالِكٍ يَحُطُّ الْكَذِبَ وَرِبْحَهُ فِي الْفَوْتِ مِنْ غَيْرِ تَخْيِيرٍ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ لِأَنَّ ظُلْمَهُ لَا يُلْزِمُهُ أَخْذَ مَا لَمْ يَبِعْ بِهِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: مَسْأَلَة الْغِشّ بِأَن يَشْتَرِي بِخَمْسَة ويرقم بسبعة وَيَبِيعَ عَلَى خَمْسَةٍ فَيُفْهَمُ أَنَّهُ غَلَطٌ فَهِيَ خَدِيعَةٌ فَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ التَّمَسُّكِ بِغَيْرِ شَيْءٍ أَوِ الرَّدِّ وَأَخْذِ الثَّمَنِ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ إِلْزَامُهُ فَإِن فَاتَت بِالْأَقَلِّ مِنَ الثَّمَنِ الَّذِي بِيعَتْ بِهِ أَوِ الْقِيمَةِ وَلَا يَضْرِبُ عَلَى الْقِيمَةِ رِبْحٌ وَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ: يُفِيتُهَا حَوَالَةُ الْأَسْوَاقِ كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَعَلَى رِوَايَةِ عَلِيٍّ: لَا يُفِيتُهَا إِلَّا الْعُيُوبُ لِأَنَّهَا أَقْوَى مِنَ الْكَذِبِ وَإِنْ أَحَبَّ الرَّدَّ رَدَّهَا وَمَا نَقَصَهَا الْعَيْبُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: مَسْأَلَةُ الْعَيْبِ فَلَهُ الرَّدُّ وَإِنْ حَطَّ عَنْهُ أَرْشَ الْعَيْبِ لِأَنَّهُ يَكْرَهُ الْمَعِيبَ بِخِلَافِ الْكَذِبِ إِذَا حَطَّ. الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: مَسْأَلَةُ كَذِبٍ وَغِشٍّ اشْتَرَى بِخَمْسَةٍ وَقَالَ: سَبْعَةٍ وَطَالَ زَمَانُهَا فِي يَدِهِ وَبَارَتْ وَرَقَمَ عَلَيْهَا عَشْرَةً فَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً فَإِنَّ للْمُشْتَرِي الرَّد وَإِن طرح عَنهُ الثّمن لِأَجْلِ الْغِشِّ وَإِنْ فَاتَتْ بِنَمَاءٍ أَوْ نَقْصٍ فَقِيَامُهُ بِالْغِشِّ خَيْرٌ لَهُ فَإِنْ كَانَتِ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْقَبْضِ دُونَ الْخَمْسَةِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ غَيْرُ الْقِيمَةِ وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ اتَّفَقَ الْكَذِبُ وَالْغِشُّ وَيَغْرَمُ الْقِيمَةَ مِنْ غَيْرِ رِبْحٍ مَا لَمْ يُجَاوِزِ الْكَذِبَ وَرِبْحَهُ وَعَلَى الْقَوْلِ أَنَّ الْكَذِبَ يَحُطُّ كَالْعَيْبِ يَبْدَأُ بِهِ فَيَحُطُّ ثُمَّ يَغْرَمُ الْقِيمَةَ مَا لَمْ يَتَجَاوَزِ الْبَاقِيَ. الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: الْعَيْبُ وَالْغِشُّ فَإِنْ لَمْ تَفُتْ فَلَهُ الرَّد فَإِن فَاتَت بنماء

أَو نقص لَهُ التَّمَسُّكَ ثُمَّ يَبْدَأُ بِالْعَيْبِ فَيَحُطُّ قَدْرَهُ مِنَ الثَّمَنِ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى الْغِشِّ فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا قِيمَتُهَا مُعَيَّنَةً وَتَغَيُّرُ سُوقِهَا فَوْتٌ مِنْ جِهَةِ الْغِشِّ عَلَى قَوْلِ ابْنِ عَبْدُوسٍ فَلَهُ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ حِينَئِذٍ وَلَهُ التَّمَسُّكُ وَيَدْفَعُ الْقِيمَةَ مِنْ نَاحِيَةِ الْغِشِّ وَتُقَوَّمُ عَلَى رَأْيِ مُحَمَّدٍ لَا عَيْبَ فِيهَا لِأَنَّهَا لَمْ تَفُتْ مِنْ نَاحِيَةِ الْعَيْبِ وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ: تُقَوَّمُ مَعِيبَةً. الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: الْكَذِبُ وَالْعَيْبُ إِنْ عَلِمَ بِالْعَيْبِ وَهِيَ قَائِمَةٌ فَلَهُ الرَّدُّ بِهِ وَإِنْ حَطَّ الْبَائِعُ الْكَذِبَ أَوْ فَاتَتْ بِنَمَاءٍ أَوْ نَقْصٍ كَانَ فوتا للكذب وَالْعَيْب فعلى القَوْل: إِن الْكَذِب يحط كالعيب يبتدأ بِإِسْقَاط الْكَذِب وَرِبْحِهِ ثُمَّ يَحُطُّ الْعَيْبَ مِنَ الثَّمَنِ الصَّحِيحِ (وعَلى قَول بِأَنَّهُ لَا يُسْقِطُ يُبْتَدَأُ بِإِسْقَاطِ الْعَيْبِ مِنْ جُمْلَةِ الثَّمَنِ الصَّحِيحِ وَالسَّقِيمِ) فَإِنْ فَاتَتْ بِحَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ فَاتَتْ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْكَذِب وَلم تفت باعين فَلَهُ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ وَلَهُ أَنْ يُمْسِكَ ثُمَّ يُخَيَّرُ الْبَائِعُ بَيْنَ حَطِّ الْكَذِبِ وَرِبْحِهِ أَوْ يَأْخُذَ قِيمَةَ سِلْعَتِهِ مَا لَمْ تَكُنِ الْقِيمَةُ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الصَّحِيحِ أَوِ أَكْثَرَ مِنَ السَّقِيمِ وَيُخْتَلَفُ: هَلْ تُقَوَّمُ سَالِمَةً لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ رَضِيَ بِالْعَيْبِ؟ قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَقَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ: مَعِيبَةٌ وَلَا يُعْطِي الْمُشْتَرِي إِلَّا قِيمَةَ مَا أَخَذَ الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: كَذِبٌ وَعَيْبٌ وَغِشٌّ فَإِنْ فَاتَتْ لِنَمَاءٍ أَوْ نَقْصٍ: فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْكَذِبَ يُسْقِطُ حُكْمًا كَالْعَيْبِ يُبْتَدَأُ بِإِسْقَاطِ الْكَذِبِ وَرِبْحِهِ ثُمَّ تُقَوَّمُ السِّلْعَةُ صَحِيحَةً ثُمَّ مَعِيبَةً فَيَسْقُطُ مَا نَقَصَهَا الْعَيْبُ ثُمَّ يَبْقَى مَقَالُهُ فِي الْغِشِّ فَلَهُ إِعْطَاءُ الْقِيمَةِ مِنْ غَيْرِ رِبْحٍ مَا لَمْ يَتَجَاوَزِ الْبَاقِي.

فَرْعٌ قَالَ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا كَذَبَ فِي الْمَكِيلِ أَوِ الْمَوْزُونِ فَعَلِمَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ نَقْلِهِ: كَانَ لَهُ غُرْمُ مِثْلِهِ إِلَّا أَنْ يَحُطَّ الْبَائِعُ الْكَذِبَ وَرِبْحِهِ. فَرْعٌ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: إِذَا اجْتَمَعَ الْعَيْبُ وَالْكَذِبُ فَخَمْسَةُ أَحْوَالٍ: الْأُولَى إِذَا لَمْ تَفُتْ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ الثَّانِيَةُ: الْفَوَاتُ بِحَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ وَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُهَا الثَّالِثَةُ: الْفَوَاتُ بِالْبَيْعِ بِاعْتِبَارِ الْعَيْبِ وَلَهُ الْمُطَالَبَةُ بِالْكَذِبِ الرَّابِعَةُ: الْفَوَاتُ بِالْعُيُوبِ فَلَهُ الْمُطَالَبَةُ بِأَيِّهِمَا شَاءَ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ رَدِّهَا وَمَا نَقَصَهَا الْعَيْبُ أَوْ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ وَمَا يَنُوبُهُ مِنَ الرِّبْحِ وَبَيْنَ الرِّضَا وَالْمُطَالَبَةِ بِحُكْمِ الْكَذِبِ الْخَامِسَةُ: ذَهَابُ عَيْنِهَا أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ فَلَهُ أَخْذُ قِيمَةِ الْعَيْبِ وَمَا يَنُوبُهُ مِنَ الرِّبْحِ أَوْ يُطَالِبُ بِالْكَذِبِ فَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ مَا لَمْ تَكُنْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. فَرْعٌ قَالَ: فَإِنِ اجْتَمَعَ الْعَيْبُ وَالْغِشُّ فَخَمْسَةُ أَحْوَالٍ: الْأُولَى: عَدَمُ الْفَوَاتِ مُطْلَقًا وَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُهَا الثَّانِيَةُ: فَوَاتُهَا بِالْبَيْعِ فَلَيْسَ لَهُ الْمُطَالَبَةَ إِلَّا بِالْغِشِّ الثَّالِثَةُ: فَوَاتُهَا بِحَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ وَقِلَّةِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ لَا تُفِيتُهُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ أَوْ يَرْضَى وَيُطَالِبُ بِالْغِشِّ فَيَدْفَعُ الْقِيمَةَ إِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنَ الثَّمَنِ الرَّابِعَةُ: فَوَاتُهَا بِالْعُيُوبِ الْمُفْسِدَةِ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَخْذِهَا وَرَدِّهَا وَمَا نَقَصَهَا الْعَيْبُ عِنْدَهُ أَوْ يُمَسِكُ وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ وَمَا يَنُوبُهُ مِنَ الرِّبْحِ أَوْ يَرْضَى بِالْعَيْبِ وَيُطَالِبُ بِالْغِشِّ الْخَامِسَةُ: فَوَاتُهَا بِفَوَاتِ الْعِتْقِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ فَيُخَيَّرُ

بَيْنَ الْمُطَالَبَةِ بِحُكْمِ الْعَيْبِ فَيَحُطُّ قِيمَتَهُ وَمَا يَنُوبُهُ مِنَ الرِّبْحِ أَوْ يَرْضَى وَيُطَالِبُ بِحُكْمِ الْغِشِّ وَيُعْطَى الْقِيمَةَ إِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنَ الثَّمَنِ فَرْعٌ قَالَ: إِنِ اجْتَمَعَ الْكَذِبُ وَالْغِشُّ فَحَالَانِ: إِحْدَاهُمَا: عَدَمُ الْفَوَاتِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ الْإِمْسَاكِ وَالرَّدِّ الثَّانِيَةُ: فَوَاتُهَا بِحَوَالَةِ سُوقِ أَوْ نَمَاءٍ أَوْ نُقْصَانٍ فَالْمُطَالَبَةُ بِالْغِشِّ أَفْضَلُ لَهُ إِنْ كَانَتِ الْقِيمَةُ أَقَلَّ فَرْعٌ قَالَ: إِنِ اجْتَمَعَ عَيْبٌ وَكَذِبٌ وَغِشٌّ: فَخَمْسَةُ أَحْوَالٍ: الْأُولَى عَدَمُ الْفَوَاتِ مُطْلَقًا وَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُهَا الثَّانِيَةُ فَوَاتُهَا بِالْبَيْعِ فَالْمُطَالَبَةُ بِالْغِشِّ أَفْضَلُ لَهُ مِنَ الْكَذِبِ الثَّالِثَةُ: فَوَاتُهَا بِحَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ لَا تُفِيتُهُ أَوْ يَرْضَى بِهِ وَيُطَالِبُ بِحُكْمِ الْغِشِّ فَيُعْطِي الْقِيمَةَ إِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنَ الثَّمَنِ الرَّابِعَةُ: فَوَاتُهَا بِالْعُيُوبِ الْمُفْسِدَةِ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ الرَّدِّ وَرَدِّ مَا نَقَصَهَا لِلْعَيْبِ عِنْدَهُ أَوْ يُمْسِكُ وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ وَرِبْحِهِ أَوْ يَرْضَى وَيُطَالِبُ بِحُكْمِ الْغِشِّ وَالْمُطَالَبَةُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ أَفْضَلُ لَهُ مِنَ الْكَذِبِ وَإِنْ لَمْ يَرُدَّ وَكَانَ الْوَلَد صَغِيرا على التَّفْرِقَة خير بَين جمعهَا فِي مِلْكٍ أَوْ يَرُدُّ الْبَيْعَ الْخَامِسَةُ: فَوَاتُ عَيْنِهَا أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ الرُّجُوع بِقِيمَة الْعَيْب ونائبة مِنَ الرِّبْحِ أَوْ يَرْضَى بِهِ وَيُطَالِبُ بِحُكْمِ الْغِشِّ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ لَهُ مِنَ الْكَذِبِ فَهَذِهِ الْفُرُوعُ كُلُّهَا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَرْعٌ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: الْغِشُّ: كَتْمُ كُلِّ مَا لَوْ عَلِمَهُ الْمُبْتَاعُ كَرِهَهُ كَطُولِ

بَقَائِهَا عِنْدَهُ وَتَغَيُّرِ السُّوقِ أَوِ الْبَدَنِ أَوِ اشْتَرَاهَا نَصْرَانِيٌّ أَوْ كَتَمَ عَيْبًا بِهَا أَوْ رَقَمَ عَلَيْهَا رُسُومًا وَلَمْ يَبِعْ عَلَيْهَا أَوْ نَظَرَ فِيهَا أَوْ أَدْخَلَهَا مَعَ الْجَلَبِ أَوِ الْمِيرَاث أَو بيعهَا مُرَابَحَةً وَهُوَ لَمْ يَشْتَرِهَا بَلْ حَمَلَهَا أَوْ وَهَبَهَا وَالْكَذِبُ: الزِّيَادَةُ فِي الثَّمَنِ أَوْ كَتْمُ مَا أَسْقَطَهُ الْبَائِعُ عَنْهُ مِنْهُ أَوْ تَجَوَّزَ فِي نَقْدِهِ عَنْهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا: أَنَّ فِي الْكَذِبِ لِلْبَائِعِ إِلْزَامُهُ بِالثَّمَنِ الصَّحِيحِ مَعَ قِيَامِ السِّلْعَةِ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِأَكْثَرَ مِنْهُ فِيهِ أَوَّلًا فَرْعٌ قَالَ: إِذَا اشْتَرَى سِلْعَتَيْنِ بِثَمَنَيْنِ فَبَاعَهُمَا مُرَابَحَةً وَأَجْمَلَ الثَّمَنَيْنِ: أَجَازَهُ مُحَمَّدٌ لِأَنَّ ثَمَنَ الْجُمْلَة أعلا فِي الْعَادَةِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا ابْتَاعَ بِفِضَّةٍ فَأَعْطَى ذَهَبًا أَوْ طَعَامًا أَوْ عَرْضًا أَوْ عَكْسَ ذَلِكَ فَلْيُبَيِّنْهُ وَيَجْعَلِ الرِّبْحَ عَلَى الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ أَوِ الْمَنْقُودِ وَيَقَعُ الرِّبْحُ عَلَى الثِّيَابِ لَا عَلَى قِيمَتِهَا لِأَنَّ الْقيمَة مَجْهُولَة وَمنع أَشهب الْمُرَابَحَة فِي عَرْضٍ لِأَنَّهُ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ إِلَى غَيْرِ أَجَلِ السَّلَمِ وَمَنْ بَاعَ شَيْئًا وَنَقَدَ خِلَافَهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ رُدَّ إِلَّا أَنْ يَرْضَاهُ الْمُبْتَاعُ وَإِنْ فَاتَ بِتَغَيُّرِ سُوقٍ أَوْ بَدَنٍ أَوْ غَيْرِهِمَا: فَالرِّبْحُ عَلَى الْمَنْقُودِ دُونَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ عَلَى الْجُزْءِ الَّذِي أَرْبَحُهُ وَلَهُ التَّمَسُّكُ بِمَا عَقَدَ بِهِ الْبَيْعَ إِنْ كَانَ خَيْرًا لَهُ لِأَنَّ كِلَيْهِمَا تَرَتَّبَ عَلَى الْعَقْدِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِنْ بَاعَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَلَمْ يُبَيِّنْ أَجَازَهُ مَالِكٌ لِعَدَمِ الْغِشِّ وَمَنَعَهُ ابْنُ حَبِيبٍ لِتَعَلُّقِ الْغَرَضِ بِالْمُعَاوَضَةِ فِي الثَّمَنِ فَإِنْ نَقَدَ طَعَامًا فَلْيَبِعْ عَلَى مَا نَقَدَ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ:

الطَّعَامُ كَالسِّلَعِ لَا يَبِيعُ إِلَّا عَلَى مَا نَقَدَ قَالَ: وَالصَّوَابُ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْأَسْئِلَةِ إِذَا جَاءَ الْمُشْتَرِي مُسْتَفْتِيًا أَنْ يُوكَلَ إِلَى أَمَانَتِهِ فَمَا عَلِمَ أَنَّهُ أَخَذَ رَغْبَةً مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنَ الثَّمَنِ جَازَ لَهُ الْبَيْعُ عَلَى مَا (عقد وَلَا بَين لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ مُؤْتَمَنٌ عَلَى الثَّمَنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ رَغْبَةً مِنَ الْبَائِعِ بَلْ قَصَدَ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ الْحَطِيطَةَ) لَمْ يَبِعْ حَتَّى يُبَيِّنَ وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمُشْتَرِي مُسْتَفْتِيًا بَلْ ظَهَرَ عَلَيْهِ وَادَّعَى الرَّغْبَةَ مِنَ الْبَائِعِ صُدِّقَ وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ عَرْضًا لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ الْحَطِيطَةَ وَإِنْ كَانَ أَحَدَ النَّقْدَيْنِ وَلَيْسَ عَادَةُ الْبَلَدِ طَلَبَ الْحَطِيطَةِ صُدِّقَ أَيْضًا وَإِلَّا لَمْ يُصَدَّقْ وَإِنِ اشْتَرَى بِفِضَّةٍ وَنَقَدَ ذَهَبًا وَلَمْ يَتَغَيَّرِ الصَّرْفُ أَوْ تَغَيَّرَ بِرُخْصٍ: جَازَ الْبَيْعُ على مَا نقد وَلم يبين أَو يُغَيِّرهُ بِغَلَاءٍ لَمْ يَبِعْ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَتَّى يبين فَإِن بَاعَ بِمَا عقد حطه مِنَ الثَّمَنِ حِصَّةَ ذَلِكَ النَّقْدِ وَإِنْ نَقَدَ عَرْضًا وَبَاعَ عَلَى مَا عَقَدَ وَعَلِمَ أَنَّ فِيهِ هَضِيمَةً كَانَ كَالنَّقْدِ وَيَحُطُّ مِنَ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ قَدْرَ مَا اسْتَظْهَرَ بِهِ مِنْ ثَمَنِ الثَّانِي إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ فِيهِ غَبْنًا فَلَا يَحُطُّ إِلَّا الْمُسَامَحَةَ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ: إِنَّمَا جَوَّزَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْمُرَابَحَةَ عَلَى الْعَرْضِ وَلَمْ يَجْعَلْهُ مِنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَدْخُلَا عَلَيْهِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: جَوَازُ الْبَيْعِ عَلَى مَا نَقَدَ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ بِخِلَافِ بَيْعِهِ عَلَى مَا عَقَدَ وَلَمْ يُبَيِّنْ مَا نَقَدَ لِأَنَّ الْغَالِبَ الْوَضْعُ فِيمَا نَقَدَهُ وَسَوَّى ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْجَوَازِ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ مُجْمَلٌ وَالَّذِي تَقَدَّمَ

أَصْوَبُ وَفِي الْكِتَابِ: إِذَا اشْتَرَى بِطَعَامٍ وَنَقَدَ الْعَيْنَ وَإِنَّمَا يَصِحُّ إِذَا كَانَ الطَّعَامُ جِزَافًا وَإِلَّا فَهُوَ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ: يَجُوزُ الْبَيْعُ عَلَى مَا نَقَدَ وَلَمْ يُبَيِّنْ فِي الدَّنَانِيرِ وَالْمَكِيلِ وَالْعَرُوضِ وَغَيْرِهَا وَعَلَيْهِ تَأَوَّلَ فَضْلَ: الْمُدَوَّنَةِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا وَهَبَ الثَّمَنَ بَعْدَ النَّقْدِ وَالِافْتِرَاقِ جَازَ الْبَيْعُ مُرَابَحَةً لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ إِسْقَاطًا وَقَالَهُ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ (ح) : لَا بُدَّ أَنْ يُبَيِّنَ لِأَنَّهُ مُوهِمٌ عَدَمَ الْمُعَايَنَةِ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ فَيَكُونُ أَكْثَرَ بِغَبْنٍ فِيهِ فَرْعٌ قَالَ: إِذَا وَهَبَهَا ثُمَّ وَرِثَهَا لَا يَبِيعُهَا مُرَابَحَةً لِأَنَّهُ مِلْكٌ ثَانٍ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَإِنْ وَرِثَ نِصْفَهَا ثُمَّ اشْتَرَى نصفهَا فال يَبِعْ نِصْفَهَا مُرَابَحَةً حَتَّى يُبَيِّنَ لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يُبَيِّنِ الْتَبَسَ الْمَبِيعُ بِالْمَوْرُوثِ وَإِذَا بَيَّنَ تَعَيَّنَ الْمَبِيعُ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ: فَإِنْ لَمْ يبين وَفَاتَ مضى فِي نصف النّصْف الْمُشْتَرِي: الْبَيْعُ وَالنِّصْفُ الثَّانِي مِمَّا وَرِثَ فِيهِ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا أَوْ مَا يَقَعُ لَهُ مِنَ الثَّمَنِ وَالرِّبْحِ وَلِلْمُشْتَرِي رَدُّ الْجَمِيعِ وَإِذَا ابْتَاعَ رَجُلَانِ عُرُوضًا ثُمَّ اقْتَسَمَاهَا فَبَاعَ أَحَدُهُمَا مَا وَقَعَ لَهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ فِيمَا بَاعَ نِصْفَهُ فَهُوَ مِلْكُهُ الْقَدِيمُ فَيَمْضِي بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَمَا يُقَابِلُهُ مِنَ الرِّبْحِ وَنِصْفُ الْآخَرِ إِنَّمَا أَخَذَهُ عَرْضًا عَنْ نِصْفِهِ الَّذِي صَارَ لِصَاحِبِهِ فَكَأَنَّهُ اشْتَرَى عَرْضًا بِعَرْضٍ فَيَرْجِعُ إِلَى مَنْ عَقَدَ عَلَى عَيْنٍ وَنَقَدَ عَرْضًا فَبَاعَ وَلَمْ يُبَيِّنْ فَيَنْظُرُ مَا هُوَ

خَيْرٌ لِلْمُشْتَرِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: اشْتَرَطَ فِي الْكِتَابِ: الشِّرَاءَ بَعْدَ الْمِيرَاثِ فَاحْتَجَّ بِهِ ابْنُ الْقَابِسِيِّ عَلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ وَسَوَّى بَيْنَهُمَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ لِحُصُولِ الْكَذِبِ فِي ثَمَنِ نِصْفِ الْمِيرَاثِ وَلَوْ قَالَ: أَبِيعُكَ النِّصْفَ الَّذِي اشْتَرَيْتُ وَلَمْ يُبَيِّنْ تَقَدُّمَهُ وَلَا تَأَخُّرَهُ اتَّجَهَ قَوْلُ ابْنِ الْقَابِسِيِّ وَيَلْزَمُهُ إِذَا اشْتَرَى النِّصْفَ أَنْ يُبَيِّنَ لِأَنَّهُ زَادَ فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ فَرْعٌ قَالَ: اللَّخْمِيُّ: يُخْتَلَفُ إِذَا أَخَذَ عَرْضًا عَنْ دَيْنٍ هَلْ يَبِيعُ مُرَابَحَةً وَلَا يُبَيِّنُ قِيَاسًا عَلَى مَا إِذَا أَخَذَ شِقْصًا عَنْ دَيْنٍ حَالٍّ؟ فَقِيلَ: يَشْفَعُ بِالدَّيْنِ فَعَلَى هَذَا لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ وَقِيلَ بِقِيمَةِ الدَّيْنِ فَعَلَى هَذَا: عَلَيْهِ الْبَيَانُ فَرْعٌ قَالَ: إِذَا اشْتَرَى بِعَيْنٍ فَقَالَ: اشْتَرَيْتُ بِعَرْضٍ وَبَنَى عَلَى قِيمَتِهِ وَهِيَ مِثْلُ الثَّمَنِ فَأَقَلُّ: فَلَا مَقَالَ لِلْمُشْتَرِي أَوْ أَكْثَرُ فَمَسْأَلَةُ كَذِبٍ فَإِنْ بَاعَ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ الْمِثْلَ فَلِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ إِلَّا أَنْ يَرْضَى الْبَائِعُ عَلَى أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ عَلَى مَا اشْتَرَى بِهِ فَإِذَا رَضِيَ نَظَرَ إِلَى قِيمَةِ الْعَرْضِ فَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ الثَّمَنِ فَأَكْثَرَ لَزِمَ الْمُشْتَرِيَ لِأَنَّهُ رَدَّهُ إِلَى مِثْلِ مَا اشْتَرَى بِهِ فَهُوَ أَخَفُّ مِنَ الْعَرْضِ وَنَقْلِهِ وَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْعَرْضِ أَقَلَّ لَمْ يَلْزَمْهُ الرِّضَا بِالثَّمَنِ إِلَّا أَنْ يَحُطَّ عَنْهُ الزَّائِدَ وَإِنِ اشْتَرَى بِعَرْضٍ: فَقَالَ: اشْتَرَيْتُ بِعَيْنٍ وَالْعَيْنُ مِثْلُ قِيمَةِ الْعَرْضِ فَأَقَلُّ لَزِمَ الْمُشْتَرِيَ أَوْ أَكْثَرُ عَادَ الْجَوَابُ إِلَى مَا تَقَدَّمَ وَكَذَلِكَ إِذَا اشْتَرَيَا عِدْلًا فَاقْتَسَمَاهُ بِالتَّرَاضِي ثُمَّ بَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ عَلَى مَا اشْتَرَى بِهِ لِأَنَّهُ نِصْفُ مَا صَارَ إِلَيْهِ عِوَضُهُ لِصَاحِبِهِ فَلِلْمُشْتَرِي رَدُّ الْجَمِيعِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ نِصْفُ مَا اشْتَرَى مِثْلَ نِصْفِ الْعَيْنِ فَإِنْ فَاتَ مَضَى بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَضَرَبَ لَهُ الرِّبْحَ فِي النِّصْفِ الآخر على

قِيمَةِ مَا نَقَدَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الَّذِي بَاعَ بِهِ أَقَلَّ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إِذَا تَقَاوَمَا فَلَهُ بَيْعُ النِّصْفِ عَلَى الثَّمَنِ الْأَوَّلِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ بِمَا دَفَعَ فِيهِ لِشَرِيكِهِ فَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ وَدَفَعَهُ لِدَفْعِ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ لَمْ يَبِعْ حَتَّى يُبَيِّنَ وَإِنْ كَانَ لِارْتِفَاعِ السُّوقِ لَمْ يُبَيِّنْ فَرْعٌ قَالَ: إِذَا اشْتَرَاهَا ثَلَاثَة فتقاوموها فَوُقِفَتْ لِاثْنَيْنِ فَاسْتَوْضَعَ الثَّالِثُ الْبَائِعَ دِينَارًا فَلَهُمَا رَدُّ السِّلْعَةِ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يُعْطِيَهُمَا نَصِيبَهُمَا مِنَ الدِّينَارِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: لَكَ بَيْعُ جُزْءٍ مِنَ الْمَكِيلِ أَوِ الْمَوْزُونِ مُرَابَحَةً إِنْ كَانَ مُتَمَاثِلًا وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: يُرِيدُ: وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ وَكَذَلِكَ بَيْعُ مَا بَقِيَ مِنْهُ بِخِلَافِ مَا لَا يُكَالُ وَلَا يُوزَنُ لَا يُبَاعُ نِصْفُهُ وَلَا بَقِيَّتُهُ حَتَّى يُبَيِّنَ وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ وَجَوَّزَهُ (ش) بِنَاءً على قيمَة قِيَاسًا عَلَى الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ بِالْقِيمَةِ إِذَا بَاعَ مَا فِيهِ الشُّفْعَةُ وَلَا شُفْعَةَ فِيهِ وَجَوَابُهُ: أَنَّ الشُّفْعَةَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ فَاغْتُفِرَ فِيهَا ذَلِكَ وَلَا ضَرُورَةَ لِلْبَيْعِ مُرَابَحَةً فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ فَلِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ فَإِنْ فَاتَ فَالْأَقَلُّ مِنَ الثَّمَنِ أَوِ الْقِيمَةِ. فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ لَا تَبِعْ أحد ثَوْبَيْنِ اشترتهما بأعيانهما ماربحة وَلَا تَوْلِيَةً بِحِصَّتِهِ مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَتِهِ وَإِنِ اسْتَوَيَا لِأَنَّ ثَمَنَ الْجُمْلَةِ يُخَالِفُ ثَمَنَ جُزْئِهَا فَإِنْ كَانَا مِنْ

سَلَمٍ جَازَ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ إِذَا اتَّفَقَتِ الصَّفْقَةُ وَلَمْ يَتَجَاوَزْ عَنْهُ فِيهَا إِذْ لَوِ اسْتَحَقَّ أَحْدُهُمَا لَرَجَعَتْ بِمِثْلِهِ وَالْمُعَيَّنُ يَرْجِعُ بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ: فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ: فَلِلْمُبْتَاعِ الرَّدُّ لِأَنَّ الْجُمْلَةَ يَرْغَبُ فِيهَا فَإِنْ فَاتَتْ فَالْقِيمَةُ يَوْمَ الْقَبْضِ مَا لَمْ تُرَدَّ عَلَى الثَّمَنِ الْأَوَّلِ وَمَنَعَ سَحْنُونٌ فِي السَّلَمِ وَغَيْرِهِ (لِتَقَارُبِ الثَّمَنِ فِي الثَّوْبَيْنِ وَأَجَازَهُ ابْن نَافِع فِي السم وَغَيْرِهِ) فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ جُزْءٌ شَائِعٌ مُرَابَحَةً مِنْ عُرُوضٍ ابْتَعْتَهَا مُعَيَّنَةً وَكَذَلِكَ الرَّقِيقُ لِأَنَّهُ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ بِخِلَافِ رَأْسِ بِمَا يَقَعُ عَلَيْهِ مِنَ الثَّمَنِ. فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا ابْتَاعَ نِصْفَ عَبْدٍ بِعَشَرَةٍ وَابْتَاعَ غَيْرَهُ نِصْفَهُ بِخَمْسَةٍ ثُمَّ بَاعَا مُرَابَحَةً فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مَا نقل وَالرِّبْح بِقَدرِهِ لِأَن الرِّبْح يبتع الثّمن فَإِن باعا بَينهمَا نصفا أَوْ بِوَضِيعَةٍ فَالْوَضِيعَةُ بِقَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ نَظَرًا لِأَصْلِ الْمِلْكِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَاخْتِلَافُهُمَا فِي الثَّمَنِ أَحْسَنُ إِذا على الْمُشْتَرِي اخْتِلَافَ الثَّمَنِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ تَفَاوُتَهُمَا قَالَ: وَأَرَى إِنْ كَانَ شِرَاؤُهُمَا فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ وَالسُّوقُ عَلَى الثَّمَنِ الْأَوَّلِ بَاعَا مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ أَوْ عَلَى الثَّمَنِ الْأَكْثَرِ بَيَّنَا وَإِن كَانَا فِي سوقين مُتَفَاوِتَيْنِ رُخْصٍ عَنْ قُرْبٍ لَمْ يُبَيِّنَا وَإِنْ باعا بوضيعة مساومة يقتسما الثَّمَنَ نِصْفَيْنِ وَإِنْ سَمَّيَا ثَلَاثَمِائَةٍ وَوَضَعَا مِائَةً فضل الثّمن على رُؤُوس الْأَمْوَال

الْأَوَّلِ بَاعَا مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ أَوْ عَلَى الثّمن الْأَكْثَر بَينا وَإِن كَانَا فِي سوقين مُتَفَاوِتَيْنِ رُخْصٍ عَنْ قُرْبٍ لَمْ يُبَيِّنَا وَإِنْ باعا بوضيعة مساومة يقتسما الثَّمَنَ نِصْفَيْنِ وَإِنْ سَمَّيَا ثَلَاثَمِائَةٍ وَوَضَعَا مِائَةً فضل الثّمن على رُؤُوس الْأَمْوَالِ. فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا بِعْتَ مُرَابَحَةً ثُمَّ اشْتَرَيْتَ بِأَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فَلَا تَبِعْ مُرَابَحَةً إِلَّا عَلَى الثَّمَنِ الْأَخِيرِ لِأَنَّهُ مِلْكٌ حَادِثٌ وَإِنْ قُلْتَ: بِعْتُ عَلَى الثَّمَنِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَمْ يَتِمَّ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ: إِنَّمَا لَمْ يَجْعَلِ الْإِقَالَةَ بَيْعًا فِي الْمُرَابَحَةِ إِذا تقابلا بِالْحَضْرَةِ قَبْلَ انْعِقَادِ الثَّمَنِ وَالِافْتِرَاقِ أَمَّا إِذَا نَقَدَ وَافْتَرَقَا بِيعَ حِينَئِذٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا اسْتَقَالَ بِأَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ جَازَ الْبَيْعُ عَلَى الثَّانِي وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَا يَبِيعُ إِلَّا عَلَى الْأَوَّلِ اسْتَقَالَ مِنْهُ أَوِ اشْتَرَاهُ بِأَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ قَالَ: وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ عَادَتُهُمْ إِظْهَارَ بَيْعٍ حَادِثٍ لِيَتَوَسَّلُوا إِلَى الْبَيْعِ بِأَكْثَرَ مِنَ الْأَوَّلِ وَإِنَّمَا مَنَعَ ذَلِكَ إِنْ عَادَتْ إِلَيْهِ بِأَقَلَّ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ بَقِي مِنْهُ ربح على الأول مِثْلَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِخَمْسَةٍ فَيَبِيعَ بِسَبْعَةٍ ثُمَّ يَشْتَرِيَ بِعَشَرَةٍ. فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا كُنْتَ استحطط بائعك خيرا الْمُشْتَرِيَ مِنْكَ فِي أَخْذِهَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَرَدِّهَا إِنْ كَانَتِ الْحَطِيطَةُ لِلْبَيْعِ وَإِلَّا فَلَا إِلَّا أَنْ يَحُطَّ عَنْهُ الْحَطِيطَةَ وَكَذَلِكَ التَّوْلِيَةُ وَأَمَّا الِاشْتِرَاك فَيُخَير على الحطيطة لملاقاة الحطيطة لَهما قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِنْ فَاتَتِ الْمُرَابَحَةُ وَلَمْ يَحُطَّ عَنِ الْمُشْتَرِي فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا يَوْمَ

الْعَقْدِ وَإِنْ زَادَتْ عَلَى الثَّمَنِ بِوَضِيعَةٍ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنَ الْوَضِيعَةِ وَإِنْ كَانَتْ أَنْقَصَ رَدَدْتَ عَلَيْهِ مَا نَقَصَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِنَ الْوَضِيعَةِ فَلَا يُزَادُ عَلَى الْوَضِيعَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: يَحُطُّ الْحَطِيطَةَ عَنِ الْمُشْتَرِي مُرَابَحَةً وَإِنْ كَرِهَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا ثَبَتَ أَنَّ الثَّمَنَ أَكْثَرُ مِمَّا أَخْبَرَ بِهِ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ رَدِّهَا وَالْتِزَامِ الرِّبْحِ عَلَى مَا يَثْبُتُ فَإِنْ فَاتَتْ بِنَمَاءٍ أَوْ نَقْصٍ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْعَقْدِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ أَقَلَّ مِمَّا قَالَهُ فَلَا يَنْقُصُ مِنْهُ أَوْ أَكْثَرَ فَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: يُصَدَّقُ الْبَائِعُ مَعَ يَمِينِهِ إِذَا كَانَ مِنَ الرَّقْمِ مَا يَقْتَضِي الزِّيَادَةَ وَفِي الْجَلَّابِ: إِنْ تَرَاضَيَا عَلَى شَيْءٍ جَازَ وَإِلَّا فُسِخَ الْبَيْعُ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى: إِذَا لَمْ تَفُتْ فَإِنَّهُمَا بِالْخِيَارِ لِأَنَّ الضَّرَرَ دَاخِلٌ عَلَيْهِمَا قَالَ سَحْنُونٌ: يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الرَّدِّ وَالْحَبْسِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَهُ فَإِنْ رَدَّ خُيِّرَ الْبَائِعُ بَيْنَ الرَّد وَحط الزَّائِدِ وَرِبْحِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَيْبِ إِذَا حَطَّ الْبَائِعُ قِيمَتَهُ: أَنَّ السِّلْعَةَ تَبْقَى مَعِيبَةً وَهُوَ لَا يَرْضَى بِالْعَيْبِ فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا غَلِطَ فَأَعْطَاهُ غَيْرَ ثَوْبِهِ فَقَطَعَهُ لَهُ رَدُّهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْقَطْعِ بِخِلَافِ مَا إِذَا قَطَعَهُ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى كَذِبٍ فِي الثَّمَنِ فَالْقَطْعُ فَوْتٌ وَالْفَرْقُ: أَنَّ الثَّوْب الْكَذِبِ لَوْ هَلَكَ قَبْلَ الْقَبْضِ وَثَبَتَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ ضَمِنَهُ مُبْتَاعُهُ وَلَوْ هَلَكَ ثَوْبُ الْغَلَطِ فَمِنْ بَائِعِهِ وَلِأَنَّهُ لَمْ تَجْرِ فِيهِ مُبَايَعَةٌ بَلِ الْبَائِعُ مُسَلَّطٌ

وَالْمُرَابَحَةُ بَيْنَهُمَا حَوَالَةُ الْأَسْوَاقِ فَأَوْلَى الْقَطْعُ نَظَائِرُ: قَالَ الْعَبْدِيُّ: أَرْبَعُ مَسَائِلَ يَرْجِعُ الْإِنْسَانُ فِيهَا فِي عَيْنِ مَالِهِ حَالَةَ قِيَامِهِ دُونَ فَوَاتِهِ: إِذَا أَعْطَاهُ غَيْرَ الْمَبِيعِ غَلَطًا وَمَنْ أَثَابَ مِنْ صَدَقَةٍ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْأَخْذ مِنْ طَعَامِ الْحَرْبِ ثُمَّ يَرُدُّهُ وَالْمُشْتَرِي لِرِجْلٍ جَارِيَةً ثُمَّ يَقُولُ: قَامَتْ عليَّ بِدُونِ مَا قَامَتْ عَلَيْهِ بِهِ ثُمَّ يَظْهَرُ لَهُ الْغَلَطُ وَاخْتُلِفَ فِي الْمُرَابَحَةِ إِذَا ظَهَرَ أَنَّ الثَّمَنَ أَكْثَرُ فَرْعٌ فِي (الْكِتَابِ) إِذَا اتُّهِمَ الْبَائِعُ فِي الثَّمَنِ لَمْ يَبِعْ مُرَابَحَةً حَتَّى يُبَيِّنَ فرع قَالَ إِذا بتعت من عَبدك أَو مكاتبك بِغَيْر مُحَابَاة فَالْبيع مُرَابَحَةً وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ لِأَنَّ الْعَبْدَ يَمْلِكُ وَكَذَلِكَ فِي شِرَائِهِمَا مِنْكَ لِأَنَّ لَهُمَا وَطْءَ مِلْكِ الْيَمِينِ وَقَالَ (ح) وَابْنُ حَنْبَلٍ: إِذَا اشْتَرَى مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ لَا يَبِعْ حَتَّى يُبَيِّنَ لِلتُّهْمَةِ (فِي الْحَطِيطَةِ وَخَالَفَهُمَا (ش) فَرْعٌ إِذَا لَبِسْتَ الثَّوْبَ أَوْ رَكِبْتَ الدَّابَّةَ فَلْتُبَيِّنْ ذَلِكَ بِخِلَافِ وَطْءِ الْأَمَةِ) لِأَنَّهُ لَا يَنْقُصُهَا إِلَّا أَنْ تَكُونَ بِكْرًا وَهِيَ مِمَّنْ يَنْقُصُهَا الْوَطْءُ قَالَ غَيْرُهُ: وَلَا يُبَيِّنُ خَفِيفَ الرُّكُوبِ أَوِ اللِّبَاسِ الَّذِي لَا يُغَيِّرُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ:

إِذَا نَقَصَهَا الِافْتِضَاضُ وَلَمْ يُبَيِّنْ فَإِنْ لَمْ تَفُتْ وَحَطَّ مَا يَنُوبُ الِافْتِضَاضَ وَرِبْحَهُ: فَلَا حُجَّةَ لَهُ وَتُفِيتُهَا حَوَالَةُ الْأَسْوَاقِ لِشِبْهِهَا بِالْبَيْعِ فَإِذَا فَاتَتْ فَأَعْطَاهُ الْبَائِعُ مَا نَقَصَهُ الِافْتِضَاضُ وَرِبْحُهُ وَإِلَّا فَلَهُ اسْتِرْجَاعُ الثَّمَنِ وَيُعْطَى قِيمَتَهَا مفتصة يَوْمَ الْقَبْضِ مَا لَمْ تُرَدَّ عَلَى الثَّمَنِ الْأَوَّلِ فَلَا يُزَادُ أَوْ تَنْقُصُ عَمَّا بَعْدَ الطَّرْحِ فَلَا يَنْقُصُ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا زَوَّجَهَا لَا يَبِعْ مُرَابَحَةً وَلَا مُسَاوَمَةً حَتَّى يُبَيِّنَ لِأَنَّهُ عَيْبٌ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ خُيِّرَ الْمُبْتَاع بَين قبُولهَا لجَمِيع الثَّمَنِ أَوْ رَدِّهَا وَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهَا بِحَطِيطَةِ الْعَيْب وَلَا تفت هَذِهِ حَوَالَةَ الْأَسْوَاقِ بِذَلِكَ وَلَا نَقْصٌ خَفِيفٌ وَلَا زِيَادَةٌ لِأَنَّ الْعَيْبَ لَا يَفُوتُ بِذَلِكَ فَإِنْ فَاتَتْ بِعِتْقٍ أَوْ كِتَابَةٍ فَحَطَّ الْبَائِعُ حِصَّةَ الْبَيْعِ وَرِبْحَهُ فَلَا حُجَّةَ لَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: فَإِنْ أَبَى فَلَهُ الْقِيمَةُ مَا لَمْ تَنْقُصْ مِنَ الثَّمَنِ بَعْدَ إِلْغَاءِ قِيمَةِ الْعَيْبِ وَرِبْحِهِ أَوْ تَزِيدُ عَلَى الثَّمَنِ وَقِيلَ: يَجْتَمِعُ فِيهَا الْكَذِبُ وَالتَّدْلِيسُ بِالْعَيْبِ لِأَنَّهُ لَوْ ذَكَرَ الْعَيْبَ كَانَتْ مَسْأَلَةَ كَذِبٍ فَإِنْ سَكَتَ كَانَتْ كَذِبًا وَتَدْلِيسًا وَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ: مَسْأَلَةُ عَيْبٍ فَقَطْ لِأَنَّ الْكَذِبَ هُوَ الْعَيْبُ فَإِذَا أَخَذَهُ بِالْكَذِبِ وَالْعَيْبِ غَرَّمَهُ قِيمَةَ الْعَيْبِ مَرَّتَيْنِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَأَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ وَعَيْبٌ لَكِن يُخَيّر بَين الْأَخْذ بأيها شَاءَ عِنْدَ الْفَوْتِ أَيِّ ذَلِكَ أَنْفَعُ لَهُ إِذَا اخْتَلَفَتِ الْقِيمَةُ وَإِنْ تَسَاوَتْ أَخَذَهُ بِالْعَيْبِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الْكَذِبِ اللَّفْظُ الْعَاشِرُ: الثِّمَارُ فِي رُؤُوس النَّخْلِ وَالنَّظَرُ فِي مُقْتَضَى الْإِطْلَاقِ وَالْمُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ فِي الْعَرِيَّةِ وَوَضْعِ الْجَوَائِحِ فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أنظار

النَّظَرُ الْأَوَّلُ: فِي مُقْتَضَى الْإِطْلَاقِ وَفِي (الْجَوَاهِرِ) : مُوجَبُ الْإِطْلَاقِ بَعْدَ الزَّهْوِ اسْتِحْقَاقُ الْإِبْقَاءِ إِلَى أَوَانِ الْقِطَافِ وَقَالَهُ (ش) وَقَالَ (ح) : يَتَعَيَّنُ الْقَطْعُ عِنْدَ الْعَقْدِ (وَلَوْ شَرَطَ التَّبْقِيَةَ امْتَنَعَ) لِأَنَّهُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ فِي سَائِرِ الْمَبِيعَاتِ أَنْ تَحَوَّلَ وَلِأَنَّهُ اشْتَرَطَ مَنْفَعَةَ الْأُصُولِ وَهِيَ مَجْهُولَةٌ فَيكون العقد تنَاول مَجْهُولا تَنَاوَلَ مَجْهُولًا وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّ مُقْتَضَى الْعَقْدِ مُعَارَضٌ بِمُقْتَضَى الْعَادَةِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يَقْدَحُ فِي الْعُقُودِ كَمَا لواشترى طَعَامًا كَثِيرًا فَإِنَّهُ يُؤَخِّرُهُ لِلزَّمَانِ الَّذِي يُحْمَلُ فِيهِ مِثْلُهُ وَبَيْعُ الدَّارِ فِيهَا الْأَمْتِعَةُ تَتَأَخَّرُ مُدَّةُ التَّحْوِيلِ مِنْهَا وَإِنْ طَالَتْ عَلَى جَارِي الْعَادة لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (أَرَأَيْتَ إِنْ مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ بِمَ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ) وَمَنْعُهَا إِنَّمَا هُوَ بِالْجَائِحَةِ بَعْدَ الْبَيْعِ وَهُوَ دَلِيلُ التَّبْقِيَةِ وَيَجُوزُ بَيْعُ الثِّمَارِ قَبْلَ الزَّهْوِ بِشَرْطِ الْقَطْعِ وَيَبْطُلُ بِشَرْطِ التبقية لنَهْيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الصَّحِيحَيْنِ (أَنْ تُبَاعَ الثَّمَرَةُ حَتَّى تُشقح قِيلَ: وَمَا تُشقح؟ قَالَ: تَحْمَارُّ وَتَصْفَارُّ وَيُؤْكَلُ مِنْهَا) وَلِأَنَّهَا مُعَرَّضَةٌ لِلْعَاهَاتِ قَبْلَ ذَلِكَ فَتَنْدَرِجُ فِي الْغَرَرِ فَائِدَةٌ: قَالَ صَاحِبُ (الْإِكْمَالِ) تَشَقُّحُ الثَّمَرَةِ: احْمِرَارُهَا لِأَنَّ الشَّقْحَةَ لَوْنٌ غَيْرُ خَالِصٍ لِلْحُمْرَةِ أَوِ الصُّفْرَةِ وَتَحْمَارُّ وَتَصْفَارُّ لِلَّوْنِ الْمَائِلِ وأحمر

وَاصْفَرَّ اللَّوْنُ الْمُسْتَقِرُّ وَرَوَى: تُشْقِهَ بِسُكُونِ الشِّينِ الْمُعْجَمَة وَالْمَعْرُوف: التحريك مَعَ الْحَاء وَالْهَاء بدل من الْحَاء نَحْو: مدحه ومدهه وأزها النّخل يزهو إِذا أَحْمَر وأصفر وَقِيلَ: يَزْهُو خَطَأٌ بَلْ يَزْهَى وَقِيلَ أَزْهَى خطأ بل زهى سُؤال: لِمَ سَأَلُوهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: حَتَّى يُشقح أَوْ حَتَّى يَزْهَى عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَاتِ مَعَ أَنَّهَا أَلْفَاظٌ عَرَبِيَّةٌ؟ جَوَابُهُ: لَعَلَّهَا لُغَة قَبيلَة غَيرهم أَو مستعارة لحُس الثَّمَرَةِ فَيَسْأَلُ أَيُّ حُسنها يُرِيدُ أَوْ سَأَلُوهُ احْتِيَاطًا لِلْحُكْمِ فَرْعٌ قَالَ: فَإِنْ وَقَعَ الْعَقْدُ عِنْدَنَا عَنْ شَرْطِ الْقَطْعِ وَالْإِلْغَاءِ فَظَاهِرُ الْكِتَابِ: الصِّحَّةُ اسْتِقْرَاءً مِنْ قَوْلِهِ فِي الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ: إِذَا اشْتَرَاهَا قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ جَازَ الْبَيْعُ وَقَالَهُ (ح) حَمْلًا لِلْإِطْلَاقِ عَلَى الْعُرْفِ الشَّرْعِيِّ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ مُحْرِزٍ وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ وَحَكَى التُّونُسِيُّ وَالشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَالْبَغْدَادِيُّونَ عَنِ الْمَذْهَبِ: الْبُطْلَانُ وَقَالَهُ (ش) حَمْلًا لِلْإِطْلَاقِ عَلَى الْعُرْفِ العادي ولنهيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي الْفَسَادَ إِلَّا مَا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى جَوَازِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: بَيْعُهَا عَلَى هَذِهِ الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ جَائِزٌ عَمَلًا بِمَفْهُومِ الْحَدِيثِ

فَائِدَةٌ: قَالَ ابْنُ يُونُسَ: ثَمَرُ النَّخْلِ سَبْعَةُ أَقسَام: طلع ثمَّ يتلقح الْخُف عَنهُ ويبيض فَهُوَ عريض ثُمَّ يَخْضَرُّ فَبَلَحٌ ثُمَّ تَعْلُوهُ حُمْرَةٌ فَزَهْوٌ ثمَّ تصير الْحمرَة صفرَة فبُسر ثمَّ تعلى الصُّفْرَةَ دُكْنَةٌ فَيَنْصَحُ فَرُطَبٌ ثُمَّ يَيْبَسُ فَتَمْرٌ وَإِذا أزهى اشْتَدَّ وَصَارَ جِذْرُهُ (وَامْتَنَعَ سُقُوطُهُ وَتَسَلَّطَ الْآفَاتُ عَلَيْهِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا اشْتَرَى قَبْلَ الْإِزْهَاءِ فَتَرَكَهُ حَتَّى أَتْمَرَ أَوْ) أَرْطَبَ فَجَذَّهُ رَدَّ قِيمَةَ الرُّطَبِ يَوْمَ جَذِّهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: يُرِيدُ: وَإِنْ كَانَ قَائِمًا رَدَّهُ وَلَوْ فَاتَ وَالْإِبَّانُ قَائِمٌ وَعَلِمَ وَزْنَهُ أَوْ كَيْلَهُ رَدَّ مِثْلَهُ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي رَدِّ الْمُتْلَفَاتِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يُرِيدُ مَكِيلَةَ الثَّمَنِ إِنْ جَذَّهُ تَمْرًا إِنْ فَاتَ وَإِلَّا رَدَّهُ بِعَيْنِهِ سَوَاءً تَرَكَهُ لِهَرَبٍ أَوْ لَدَدٍ أَوْ غَيْرِهِمَا حَتَّى يَرْطُبَ وَقِيلَ: إِنْ تَعَدَّى التَّرْكُ فَسَخَ لِعَدَمِ الْقَدْرِ وَمَتَى جُهِلَتِ الْمَكِيلَةُ فَالْقِيمَةُ لِأَنَّهَا فِي الْمَرْتَبَةِ الثَّانِيَةِ فِي الْغَرَامَاتِ فَرْعٌ قَالَ: إِذَا اشْتَرَى نَخْلًا فِيهَا تَمْرٌ مَأْبُورٌ جَازَ شِرَاؤُهَا بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّهَا تَغْتَذِي مِنْ رُطُوبَاتِ نَخْلٍ عَلَى مِلْكِهِ فَلَا جَهَالَةَ فِي الْمَبِيعِ بِخِلَافِ نَخْلِ الْغَيْرِ وَاخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ مَالِكٍ وَفِي شِرَاءِ مَالِ الْعَبْدِ بَعْدَ الصَّفْقَةِ وَلَوِ اشْتَرَى الثَّمَرَةَ أَوِ الزَّرْعَ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ عَلَى الْقَطْعِ ثُمَّ اشْتَرَى الْأَصْلَ أَوِ الْأَرْضَ فَلَهُ الْإِبْقَاءُ لِمَا تَقَدَّمَ وَإِنِ اشْتَرَاهَا عَلَى الْإِبْقَاءِ ثُمَّ اشْتَرَى الْأَصْلَ: فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ لِمُقَارَنَةِ الشَّرْطِ الْمُفْسِدِ وَإِنِ اشْتَرَى الثَّمَرَةَ عَلَى الْفَسَادِ ثُمَّ وَرِثَ الْأَصْلَ مِنَ الْبَائِعِ: فَلَهُ

الْإِبْقَاءُ لِانْتِقَالِ الْمِلْكِ إِلَيْهِ وَلَوِ اشْتَرَاهَا قَبْلَ الْإِبَارِ أَوِ الزَّرْعِ عَلَى الْإِبْقَاءِ ثُمَّ اشْتَرَى الْأَصْلَ أَوِ الْأَرْضَ قَبْلَ الْإِبَارِ فُسِخَ الْبَيْعَانِ لِأَنَّهُ كَاسْتِثْنَاءِ الْبَائِعِ الثَّمَرَةَ قَبْلَ الْإِبَارِ وَلَوْ لم يفسخها حَتَّى أزهت وَقَبضهَا المُشْتَرِي الْأَصْلِ فَقِيمَتُهَا يَوْمَ قَبْضِ الْأَصْلِ وَيُرَدُّ الْأَصْلُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فَاسِدٌ وَلَوِ اشْتَرَى مَعَ الْأَصْلِ بَعْدَ الْإِبَارِ رُدَّتِ الثَّمَرَةُ إِلَى رَبِّهَا وَثَبَتَ بَيْعُ الْأَصْلِ وَلَوْ لَمْ يَفْسَخِ الْبَيْعَ حَتَّى أَزْهَتْ فِي شَجَرِ الْمُشْتَرِي (فَهِيَ لَهُ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا يَوْمَ شِرَاءِ الْأَصْلِ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ لِأَنَّهُ فَوْتٌ فِي بَيْعٍ فَاسِدٍ وَلَوِ اشْتَرَى الْأَصْلَ بَعْدَ زَهْوِ الثَّمَرَةِ فِي) الشَّجَرِ أَوْ بعد فُسِخَ بَيْعُ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ وَإِنِ اخْضَرَّ إِلَّا أَنَّهُ انْكَشَفَ الْغَيْبُ أَنَّهُ عَلَى التَّبْقِيَةِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ وَلَوِ ابْتَاعَ الْأَرْضَ بِزَرْعِهَا فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ اسْتَحَقَّتِ الْأَرْضُ قَبْلَ اسْتِحْصَادِهِ انْفَسَخ البيع أَو بعد استحصاجه تَمَّ الْبَيْعُ وَكَذَلِكَ الثَّمَرَةُ تَنْزِيلًا لِلْمِلْكِ الظَّاهِرِ مَنْزِلَةَ الْمِلْكِ الْبَاطِنِ وَكَذَلِكَ الثَّمَرَةُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: قَالَ صَاحِبُ (الْبَيَانِ) : فِي شِرَاءِ مَالِ الْعَبْدِ وَتَمْرِ النَّخْلِ بَعْدَ الصَّفْقَةِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: الْجَوَازُ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنِ الْبَيْعِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ إِنَّمَا جَاءَ إِذَا بَقِيَتِ الْأُصُولُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالْمَنْعُ لِمَالِكٍ لِظَاهِرِ النَّهْيِ وَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْقُرْبِ فَيَجُوزُ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْوُقُوعِ مَعَ الْعَقْدِ وَبَيْنَ الْبُعْدِ فَيَمْتَنِعُ وَفَرَّقَ أَشْهَبُ بَيْنَ ثَمَرِ النَّخْلِ فَيَجُوزُ مَعَ الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ وَيَمْتَنِعُ مَالُ الْعَبْدِ مُطْلَقًا لِجَهَالَتِهِ فَلَا يَنْفَرِدُ قَالَ يَحْيَى: وَالْقُرْبُ نَحْوَ عِشْرِينَ يَوْمًا فَرْعٌ فِي (التَّلْقِينِ) : يَمْتَنِعُ بَيْعُ الْكَتَّانِ وَالْقَرَظُ وَاسْتِثْنَاءُ حَبِّهِمَا لِأَنَّهُ مَجْهُول

فَرْعٌ قَالَ صَاحِبُ (الْبَيَانِ) : إِذَا اشْتَرَى ثَمَرَةً قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا فَضَمَانُهَا مِنَ الْبَائِعِ لِأَنَّ قَبْضَ الْأَصْلِ لَيْسَ قَبْضًا لِلثَّمَرَةِ وَالْبَيْعُ فَاسِدٌ فَإِنْ جَذَّهَا ضَمِنَهَا وَعَلَيْهِ مَكِيلَتُهَا رُطَبًا وَإِنْ لَمْ تَفُتْ رَدَّهَا وَفَسَخَ الْبَيْعَ فَإِنْ بَاعَهَا بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا: قَالَ مُحَمَّدٌ: فَوْتٌ وَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ يَوْمُ التَّفْوِيتُ وَعَنْ مَالِكٍ: يَوْمَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ لِأَنَّهُ فَوْتٌ سَابِقٌ وَقِيلَ: الْبَيْعُ لَيْسَ فَوْتًا فَرْعٌ قَالَ: إِذَا اشْتَرَى نِصْفَ ثَمَرَةٍ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ: قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ لَهُ بَيْعُهَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَهَا لِأَنَّ نَصِيبَهُ لَا يَتَعَيَّنُ إِلَّا بِالْقِيمَةِ فَأَشْبَهَ الطَّعَامَ قَبْلَ قَبْضِهِ ثُمَّ رَجَعَ لِلْجَوَازِ لِأَنَّهُ ضُمِنَ بِالْعَقْدِ فَرْعٌ قَالَ: إِذَا اشْتَرَى نَخْلًا فِي حَائِطٍ وَاخْتُلِفَ فِي شُرْبِهِ فَإِنْ وَقَعَ الْعَقْدُ بِغَيْرِ شَرْطٍ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى سَقْيِهِ مِنْ غَيْرِ سَاقِيَةِ الْبَائِعِ فَهَلْ يَكُونُ السَّقْيُ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلنَّخْلِ كَالثَّمَرَةِ الَّذِي لَمْ يُؤَبَّرُ أَوْ عَلَى الْمُشْتَرِي كَكُسْوَةِ الْعَبْدِ وَمُؤْنَتِهِ: قَوْلَانِ لِمَالِكٍ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى سَقْيِهِ فَعَلَى الْبَائِعِ قَوْلًا وَاحِدًا لِأَنَّهُ ظَاهِرُ الْحَالِ فَإِنْ تَنَازَعَا وَلِقَوْلِ الْبَائِعِ وَجْهٌ كَقُدْرَةِ الْمُشْتَرِي عَلَى السَّقْيِ مِنْ غَيْرِ سَاقِيَةِ الْبَائِعِ كَالْمعسه عَلَى السَّقْيِ تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا فَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا صُدِّقَ الْحَالِفُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ وَجْهٌ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الْأَصْلَ: إِكْمَالُ الشُّرْبِ فَإِنِ اخْتُلِفَ فِي الِاشْتِرَاطِ عِنْدَ الْعَقْدِ (تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا إِنْ كَانَ

لِلْبَائِعِ وَجْهٌ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِلَّا صُدِّقَ الْمُبْتَاعُ وَقَالَ أَصْبَغُ: يَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْأَشْبَهَ عَلَى الْمَشْهُورِ لَا يُرَاعَى مَعَ قِيَامِ الْمَبِيعِ وَلَوْ وَهَبَهُ إِلَّا عِذْقٌ صُدِّقَ الْوَاهِبُ لِأَنَّ الْأَصْلَ: بَقَاءُ مِلْكِهِ فِي الْمَاءِ وَالْمُعَارَضَةُ قَوِيَّةٌ تَسْتَتْبِعُ بِخِلَافِ التَّبَرُّعِ فَرْعٌ قَالَ: إِذَا اشْتَرَى بَعْدَ الْإِزْهَاءِ وَاسْتَقَالَ مِنْهُ عِنْدَ الْيُبْسِ مِنْهُ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ أَخَذَ تَمْرًا فِي رُطَبٍ فَإِنْ بَاعَهُ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ: فَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ بِالدَّيْنِ تَمْرًا إِذَا يَبِسَ؟ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: لِمَالِكٍ: الْجَوَازُ فِي التَّفْلِيسِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ لم يُبَعْ طَعَامٌ بِطَعَامٍ وَالْمَنْعُ مِنْهَا حَذَرًا مِنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ (إِلَى أَجَلٍ) وَإِعْطَاؤُهُ فِي ذَلِكَ التَّمْرِ تَمْرَ حَائِطِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّفْلِيسِ فَيَجُوزُ لِنَفْيِ التُّهْمَةِ وَغَيْرِهِ فَيَمْتَنِعُ فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا اشْتَرَى الْمُكْتَرِي شَجَرَ الدَّارِ وَهُوَ تَبَعٌ لِلْكِرَاءِ ثُمَّ اسْتَحَقَّتِ الدَّارُ إِلَّا مَوْضِعَ الشَّجَرِ رُدَّتِ الثَّمَرَةُ لِأَنَّهُ ضَمَّهَا إِلَى غَيْرِ مِلْكِهِ وَإِنِ اشْتَرَاهَا قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا عَلَى الْإِبْقَاءِ فَأَبْقَاهَا حَتَّى أَثْمَرَتْ فَضَمَانُهَا من البَائِع مَا دَامَت فِي رُؤُوس الشَّجَرِ وَإِنْ مَكَّنَهُ الْبَائِعُ مِنْ قَبْضِهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فَاسِدٌ لَمْ يُقْبَضْ لِبَقَائِهِ فِي أُصُولِ الْبَائِعِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: ضَمَانُهَا مِنَ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الشَّجَرَ تَبَعٌ لِلدَّارِ وَإِذَا رُدَّتْ لِلْبَائِعِ فَعَلَيْهِ السَّقْيُ وَالْعِلَاجُ

وَالْجِذَاذُ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ غَيْرُ مُتَبَرِّعٍ قَالَ: وَيَنْبَغِي جَرَيَانُ الْخِلَافِ الَّذِي فِي قَوْلِهِمْ إِذَا اشْتَرَى آبِقًا فَجَعَلَ فِيهِ جُعلاً ثُمَّ انْفَسَخَ الْبَيْعُ هَلْ يَغْرَمُ الجُعل أَمْ لَا؟ لِأَنَّهُ إِنَّمَا طَلَبَ لِنَفْسِهِ أَوْ هُوَ غَيْرُ مُتَبَرِّعٍ بَلْ أَنْفَقَ بِنَاءً عَلَى تَقْدِيرِ ظُهُورِ بُطْلَانِهِ فَرْعٌ وَعَنِ ابْنِ الْكَاتِبِ: إِذَا اشْتَرَى الثَّمَرَةَ عَلَى الْبَقَاء فجذها قبل زهوها وَعَلِيهِ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْجِذَاذِ بِخِلَافِ اسْتِهْلَاكِ الزَّرْعِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ وَالْفَرْقُ: أَنَّ رَبَّ الثَّمَرَةِ أَذِنَ فِي التَّصَرُّفِ وَلِأَنَّ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ يُضْمَنُ بِوَضْعِ الْيَدِ وَقِيلَ: عَلَيْهِ قِيمَةُ الثَّمَرَةِ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ لِأَنَّ الْبَائِعَ بَاعَهَا عَلَى الْبَقَاءِ فَصَارَ الْمُشْتَرِي مُتَعَدِّيًا بِالْجِذَاذِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ فِي نَظَائِرِهِ: وَإِذَا اكْتَرَى دَارًا وَفِيهَا شَجَرَةٌ فَإِنْ كَانَتْ طَابَتْ جَازَ شِرَاؤُهَا قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ أَوْ لَمْ تَطِبْ جَازَ بِأَرْبَعَةِ شُرُوطٍ: أَنْ تَكُونَ ثُلُثَ الْكِرَاءِ فَأَدْنَى وَيُشْتَرَطُ جُمْلَتُهَا وَيَكُونُ رُطَبًا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ وَيَكُونُ الْقَصْدُ بِاشْتِرَاطِهَا رَفْعَ الْمَضَرَّةِ فِي التَّصَرُّفِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْعًا وَاشْتَرَطَهَا فَسَدَتِ الصَّفْقَةُ كُلُّهَا وَإِنْ أَزْهَتْ صَحَّتْ وَفِيهَا الْجَائِحَةُ إِنْ كَانَتْ ثُلُثَ مَا يَنُوبُ الثَّمَرَةَ مِنَ الثَّمَنِ وَكَرَاءُ الدَّارِ وَالْأَرْضِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ فَرْعٌ فِي (الْجَوَاهِرِ) : إِذَا اشْتَرَى الثَّمَرَةَ قَبْلَ الزَّهْوِ وَالشَّجَرَ فِي صَفْقَتَيْنِ: فَإِنْ بَدَأَ بِالشَّجَرِ صَحَّ وَلَهُ الْإِبْقَاءُ إِلَّا أَنَّهُ مُنْتَفِعٌ بِمِلْكِ نَفْسِهِ وَمَنَعَ الْمُغِيرَةُ وَغَيره

سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ وَلَوْ بَاعَ الشَّجَرَ وَحْدَهُ وَلَمْ يَشْتَرِطْ قَطْعَ الثَّمَرَةِ صَحَّ لِأَنَّ الْمَبِيعَ هُوَ الشَّجَرُ وَلَا مَحْذُورَ فِيهِ فَرْعٌ قَالَ: بُدُوِّ الصَّلَاحِ فِي الْبَعْضِ كَافٍ لِأَنَّ الْغَالِبَ التَّقَارُبُ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لَكِنْ بِشَرْطِ اتِّحَادِ الْجِنْسِ دُونَ النَّوْعِ وَالْبُسْتَانِ بَلْ يَبْتَاعُ بِطِيبِ الْبُسْتَانِ (الْمُجَاوِرِ لَهُ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الِاتِّحَادِ لَوْ هُدَّ الْجِدَارُ وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ الْبُسْتَانِ) وَقَالَهُ (ش) لِأَنَّ اخْتِلَافَ السَّقْيِ وَالْعِلَاجِ يُوجِبُ اخْتِلَافَ الطِّيبِ وَتَعْجِيلِهِ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ: إِذَا بَدَا صَلَاح جس مِنَ الثِّمَارِ فِي بُسْتَانٍ مِنْهُ نَخْلَةٌ أَوْ عِذْقٌ فِي نَخْلَةٍ جَازَ بَيْعُ جَمِيعِ بَسَاتِينِ الْبَلَد لاشتاكها فِي الْهَوَاءِ الْمُنْضِجِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بَاكُورَةً فَلَا يُبَاعُ غَيْرُهُ بِطِيبِهِ فَائِدَةٌ: الْعَذْقُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ: الْعُرْجُونُ وبكسر الْعين: النَّخْلَة فالأعلا للأعلا وَالْأَسْفَلُ لِلْأَسْفَلِ فَرْعٌ فِي (الْجَوَاهِرِ) : إِذَا كَانَتْ تُطْعِمُ بَطْنَيْنِ فِي سَنَةٍ: فَفِي جَوَازِ بَيْعِ الثَّانِيَةِ بِطِيبِ الْأُولَى قَوْلَانِ: الْمَشْهُورُ: الْمَنْعُ قَالَ صَاحِبُ (الْبَيَانِ) : إِذَا لَمْ يَطِبِ الشِّتْوِيُّ حَتَّى يَنْقَضِيَ الصَّيْفِيُّ لَا يُبَاعُ بِطِيبِهِ اتِّفَاقًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا تَبَعًا فَقِيلَ: يَجُوزُ وَمَنَعَهُ سَحْنُونٌ لِعَدَمِ الضَّرَرِ فِي تَأْخِيرِهِ لِعَدَمِ اجْتِمَاعِ النَّخْلِ فِي السَّقْيِ فَلَوْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي التَّفَرُّدَ لِنَفْسِهِ وَشَرَطَ وَالْتَزَمَ السَّقْيَ جَازَ كَالثَّمَرَةِ فِي الدَّارِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: ثَلَاثُمِائَةِ شَجَرَةٍ فِيهَا شَجَرَةٌ شِتْوِيَّةٌ لَا تُبَاعُ مَعَ

الصَّيْفِيِّ وَإِنْ تَأَخَّرَ طِيبُهُ إِلَى إِزْهَاءِ الشِّتْوِيِّ فَرْعٌ قَالَ صَاحِبُ (الْبَيَانِ) : إِذَا اشْتَرَى رُطَبًا فَادَّعَى دَفْعَ الثَّمَنِ بَعْدَ قَبْضِ الرُّطَبِ صُدِّقَ الرَّطَّابُ لِأَنَّ الْأَصْلَ: عَدَمُ الْقَبْضِ أَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ: فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ يُصَدَّقُ الْبَائِعُ يُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْبَائِعَ مُفَرِّطٌ بِالدَّفْعِ أَوَّلًا لِأَنَّهُ ائْتَمَنَ الْمُشْتَرِي وَالْأَمِينُ مُصَدَّقٌ وَالْقَوْلَانِ لِمَالِكٍ وَيُصَدَّقُ الْمُبْتَاعُ فِيمَا الْعَادَةُ فِيهِ قَبْضُ الثَّمَنَ لِابْنِ الْقَاسِمِ عَمَلًا بِالْعَادَةِ وَهَذَا فِيمَا يُبَاعُ فِي الْأَسْوَاقِ وَأَمَّا الْكَثِيرُ فَيُصَدَّقُ الْبَائِعُ إِلَّا أَنْ تَطُولَ الْمُدَّةُ وَفِيهِ خِلَافٌ فَرْعٌ قَالَ: إِذَا اشْتَرَى حَائِطًا غَائِبًا بِالْعَدَدِ جَازَ لِأَنَّ الْعَدَدَ كَالصِّفَةِ وَكَذَلِكَ إِذَا عَايَنَهُ عَلَى الزَّرْعِ وَقِيلَ: يَمْتَنِعُ كَنَخَلَاتٍ مِنْ حَائِطٍ وَأَذْرُعٍ مِنْ دَارٍ وَعَلَى الْجَوَازِ فَالضَّمَانُ مِنَ الْبَائِعِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى الْمُبْتَاعِ فَرْعٌ قَالَ الْمَازِرِيُّ: يجوز بيع المقائي وَالْقَصِيلِ وَنَحْوِهَا مَعَ الْخِلْفَةِ خِلَافًا لِ (ش) و (ح) قَاعِدَةٌ: الْغَرَرُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: مَا أَجْمَعَ النَّاسُ عَلَى مَنْعِهِ كَالطَّيْرِ فِي

الْهَوَاءِ وَالسَّمَكِ فِي الْمَاءِ وَمَا أَجْمَعَ النَّاسُ على جَوَازه كطعن الْحبَّة وأسا الدَّارِ وَمَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ هَلْ يَلْحَقُ بِالْأَوَّلِ أَوِ الثَّانِي؟ كَبَيْعِ الْغَائِبِ عَلَى الصِّفَةِ وَهَذِه الْمَسْأَلَة فِيمَا يَقُولَانِ الْخِلْفَةُ مَجْهُولَةٌ وَغَرَرٌ فَيَمْتَنِعُ وَنَحْنُ نَقُولُ: هُوَ غَرَرٌ تَدْعُو الضَّرُورَةُ إِلَيْهِ لِتَعَدُّدِ التَّمْيِيزِ فِي المقائي وَحِفْظِ الْمَالِيَّةِ فِي الْجَمِيعِ فَإِنِ اشْتَرَى الْخِلْفَةَ قَبْلَ أَنْ تُخَلَّقَ بِعَقْدٍ مُنْفَرِدٍ امْتَنَعَ لِلْجَهَالَةِ وَعَدَمِ التَّبَعِيَّةِ الَّتِي يُغْتَفَرُ فِيهَا مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِاسْتِقْلَالِ أَوْ بَعْدَ الْعَقْدِ عَلَى أَصْلِهَا وَحْدَهَا فَقَوْلَانِ نَظَرًا إِلَى إِلْحَاقِ هَذَا الْعَقْدِ بِمَا تَقَدَّمَ أَوْ هُوَ مُنْفَرِدٌ فَيَمْتَنِعُ تَمْهِيدٌ: قَالَ صَاحِبُ (الْمُنْتَقَى) : النَّبَاتُ الْمُخَلَّفُ ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ: لَا تَتَّصِلُ بُطُونُهُ كَالنَّخْلِ وَالْوَرْدِ وَنَحْوِهِمَا فَلَا يُبَاعُ بَطْنٌ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ وَضَرْبٌ تَتَمَيَّزُ بُطُونُهُ وَتَتَّصِلُ كَالْقَصِيلِ وَالْقَصَبِ وَالْقَرَظِ فَإِطْلَاقُ الْعَقْدِ يَقْتَضِي الْمَوْجُودَ فَقَطْ لِأَنَّهُ الْعَادَةُ فَإِنِ اشْتَرَطَ الْخَلَفَ: فَفِي الْجَوَازِ رِوَايَتَانِ عَنْ مَالِكٍ نَظَرًا إِلَى إِسْنَادِهِ لِلِجَذَّةِ الْأُولَى وَاسْتِقْلَالِهَا بِنَفْسِهَا وَعَلَى الْجَوَازِ يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ مَأْمُونَةً مِنْ جِهَةِ السَّقْيِ وَغَيْرِهِ وَهَلْ يَجُوزُ بَيْعُهُ حَتَّى يَفْنَى مَنَعَهُ مَالِكٌ لِلْغَرَرِ وَقِيلَ: يَجُوزُ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ عَادَةً وَالْخُضْرُ كُلُّهَا كَالْقَرَظِ وَجَوَّزَ ابْنُ مَسْلَمَةَ بَيْعَ الْمَوْزِ سِنِينَ وَكَرِهَهُ مَالِكٌ الضَّرْبُ الثَّالِث: لَا تتَمَيَّز بطونه كالقاثي فَيَمْتَنِعُ بَيْعُهُ بُطُونًا مَعْدُودَةً لِعَدَمِ الِانْضِبَاطِ بَلْ يَرْجِعُ فِي انْتِهَائِهِ إِلَى الْعَادَةِ إِذَا طَلَبَ الْبَائِعُ أَرْضَهُ فَرْعٌ فِي (الْكِتَابِ) : إِنَّمَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ الْخَلَفِ فِي الْقَصِيلِ وَالْقَرَظِ وَالْقَصَبِ إِذَا بَلَغَ الْجِذَاذَ لِلْعَلَفِ إِنْ كَانَتْ مَأْمُونَةً لَا يخلف وَيجوز جذة وجذتين إِذَا لَمْ يُشْتَرَطُ تَرْكُهُ حَتَّى يَصِيرَ حَبًّا لِأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُنْضَبِطٍ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ وَلَكِنَّ عَلَيْهِ الْحَبَّ

فِي اشْتِرَاطِ الْخِلْفَةِ قَوْمٌ مَا رَعَى بِقَدْرِ تَشَاحِّ النَّاسِ وَلَا يَنْظُرُ إِلَى غَرَرِ نَبَاتِ أَوَّلِهِ أَوْ آخِرِهِ وَيَرُدُّ مِنَ الثَّمَنِ بِقَدْرِ الْقِيمَةِ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ بُلُوغِ الرَّعْيِ وَالْحَصَادِ لِأَنَّهُ بُدُوُّ صَلَاحِهِ وَلَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ حِينَئِذٍ بِشَرْط التنقية حَتَّى يتحبب أَوْ يَتْرُكَهُ شَهْرًا إِلَّا أَنْ يَبْدَأَ الْآنَ فِي فَصْلِهِ فَيَتَأَخَّرُ شَهْرًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ: جَوَّزَ ابْنُ حَبِيبٍ اشْتِرَاطَ الْخِلْفَةِ فِي بَلَدِ السَّقْيِ دُونَ بَلَدِ الْمَطَرِ لِعَدَمِ الْمُؤْنَةِ وَقَالَ سَحْنُونٌ: إِذَا غَلَبَهُ الْحَبُّ فَالْقِيمَةُ يَوْمَ الصَّفْقَةِ عَلَى أَنْ يُقْبَضَ فِي أَوْقَاتِهِ فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: لَوْ طَلَبَ الْإِقَالَةَ فَامْتَنَعَ فَقَالَ: لَا يَتْرُكُهُ حَتَّى يَصِيرَ زَرْعًا: أُمِرَ بِفَصْلِهِ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ عَلَى الْبَائِعِ فَإِنْ أَخَّرَهُ حَتَّى صَارَ حَبًّا فَلَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ لَمْ يَبِعْهُ حَبًّا وَكَذَلِكَ لَوْ تَحَبَّبَ وَلَمْ يَقْضِ عَلَيْهِ وَقِيلَ إِنَّمَا يَقَعُ التَّقْوِيمُ إِذَا غَلَبَهُ فِي الْخِلْفَةِ إِذَا جَذَّ الرَّأْسَ كُلَّهُ وَأَمَّا فِي الدَّائِرِ فَلَا لِأَنَّهُ إِنْ غَلَبَهُ فِي جُمْلَتِهَا انْتَقَضَ الْبَيْعُ بِغَيْرِ تَقْوِيمٍ أَوْ فِي جَذَّةٍ رَجَعَ مِنَ الثَّمَنِ بِقَدْرِهِ وَهُوَ خِلَافُ الْمَذْهَبِ قَالَ صَاحِبُ (النُّكَتِ) : إِنَّمَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ الْخِلْفَةِ إِذَا لَمْ يَجُذَّ الرَّأْسَ حَتَّى اشْتَرَى الْخِلْفَةَ (لِأَنَّهُ غَرَرٌ نَافِعٌ أَمَّا بَعْدَ الْجَذِّ فَلَا قَالَ اللَّخْمِيُّ: أَجَازَ فِي (الْكِتَابِ) بَيْعَ الْخِلْفَةِ) مِمَّنِ اشْتَرَى الرَّأْسَ بِعَقْدٍ بِانْفِرَادِهِ إِذَا كَانَتْ مَأْمُونَةً فَمَنَعَ مُحَمَّدٌ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَجَوَّزَ فِي صَفْقَةٍ أُخْرَى لِأَنَّهُ يَجُوزُ لِضَرُورَةٍ والضرورة لَا تتعدى وَمِنْه مِنْ بَيْعِ مَا يُطْعِمُ شَهْرًا لِاخْتِلَافِهِ فِي الْقِشْرَةِ لِكَثْرَةِ الْجَذِّ وَقِلَّتِهِ قَالَ: وَيَلْزَمُ عَلَى قَوْلِهِ مَنْعُ بَيْعِ الْجَمِيعِ لِأَنَّهُ يَأْتِي عَلَيْهِ شَهْرٌ وَعَلَى الْجَوَازِ يَجُوزُ فِي الشَّهْرِ فَإِذَا انْقَضَى لَمْ يَكُنْ لَهُ الصَّغِيرُ فَإِنْ بَاعَ أَوَّلَ بَطْنٍ فَلَهُ مَا يُقَالُ: إِنَّهُ مِنْ هَذَا الْبَطن

فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يَمْنَعُ مِنْ بَيْعِ الْقَصِيلِ إِذَا صَلَحَ لِلرَّعْيِ عَلَى أَنْ يَتْرُكَهُ حَتَّى يَتَحَبَّبَ أَوْ شَهْرًا إِلَّا أَنْ يَبْدَأَ فِي قَصْلِهِ وَيَتَأَخَّرَ شَهْرًا وَهُوَ دَائِمٌ فِيهِ بِخِلَافِ الثَّمَرِ بَعْدَ طِيبِهِ لِأَنَّ الزَّرْعَ يَزْدَادُ بِبَقَائِهِ نَبَاتًا وَالتَّمْرُ إِنَّمَا تَقْوَى حَلَاوَتُهُ وَأَيْضًا فَالزَّرْعُ يَبْقَى فَهُوَ شِرَاءٌ مُعَيَّنٌ إِلَى أَجَلٍ وَالْجَائِحَةُ فِيهِ مِنَ الْبَائِعِ وَكَذَلِكَ صُوفُ الْغَنَمِ يَمْتَنِعُ اشْتِرَاطُهُ حَتَّى يَتَنَاهَى وَيَجُوزَ بَيْعُ بَقْلِ الزَّرْعِ عَلَى رَعْيِهِ مَكَانِهِ وَيَمْتَنِعُ اشْتِرَاطُ بَقَائِهِ حَتَّى يَصِيرَ قَصِيلًا لِأَنَّهُ يَزِيدُ نَبَاتَهُ تَنْبِيهٌ: قَالَ اللَّخْمِيُّ: يَجُوزُ بَيْعُ الثِّمَارِ قَبْلَ الصَّلَاحِ بِثَلَاثَةِ شُرُوط: أَن يكون مُنْتَفعا بهَا لنَهْيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ وَتَدْعُو لِذَلِكَ حَاجَةٌ وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ بَابِ إِفْسَادِ الثَّمَرَةِ وَقَطْعِهَا عَنْ غَايَتِهَا الْمَطْلُوبَةِ مِنْهَا فَلَا يَجُوزُ إِلَّا لِحَاجَةٍ وَأَنْ لَا يَتَمَالَأَ عَلَيْهِ أَكْثَرُ أَهْلِ الْبَلَدِ لَيْلًا يَعْظُمَ الْفَسَادُ فِي ذَلِكَ فَرْعٌ قَالَ: وَيَجُوزُ بَيْعُ الثِّمَارِ عَلَى التَّبْقِيَةِ إِذَا اشْتَرَطَ الضَّمَانَ عَلَى الْبَائِعِ وَلَمْ يَنْقُدْ وَاخْتُلِفَ فِي إِطْلَاقِ الْعَقْدِ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ هَلْ هِيَ عَلَى الْبَقَاءِ إِلَى الْيُبْسِ أَوْ عَلَى الْقَطْعِ؟ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمَبِيعَاتِ: التَّقَابُضُ إِلَّا بِشَرْطٍ أَوْ كَانَتْ عَادَتُهُمُ التَّأْخِيرَ أَوْ كَانَ الْبَيْعُ فِيهَا عَلَى الْكَيْلِ بَعْدَ الْيُبْسِ فَرْعٌ قَالَ: وَلَا يَجُوزُ عَيْبٌ وَلَا غَيْرُهُ مِنَ الزَّرْعِ وَالْفَوَاكِهِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ

وَصَلَاحُ الزَّرْعِ أَنْ يَبْيَضَّ عِنْدَ مَالِكٍ وَقَالَ غَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ: حَتَّى يُفْرَكَ لَنَا: نَهْيُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ بَيْعِ الزَّرْعِ حَتَّى يَبْيَضَّ وَيَأْمَنَ مِنَ الْعَاهَاتِ فِي مُسْلِمٍ فَإِنْ بِيعَ بَعْدَ الْإِفْرَاكِ وَاشْتَرَطَ الْمُشْتَرِي أَخَذَهُ يَابِسًا: قَالَ مَالِكٌ: إِذَا جَذَّ ذَلِكَ وَفَاتَ مَضَى وَقَالَ أَيْضًا: يَفْسَخُ وَإِنْ تَبَيَّنَ وَهَذَا الْخِلَافُ جَارٍ سَوَاءً كَانَ جِزَافًا أَوْ كَيْلًا وَكَذَلِكَ الْفُولُ وَالْحِمَّصُ يُبَاعُ أَخْضَرَ قَدِ امْتَلَأَ حَبُّهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يُفْسَخُ لِلْخِلَافِ فِيهِ وَفَسَخَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَإِنْ تَبَيَّنَ قَالَ وَأَرَى إِنْ كَانَ السَّقْيُ بِالْعُيُونِ فَهُوَ مَأْمُونٌ يَصِحُّ الْعَقْدُ وَكَذَلِكَ الدَّوَالِي وَإِنْ كَانَ بِالْمَطَرِ وَعُدْمُ الْمَاءِ يَضُرُّهُ لَمْ يَصِحَّ قَالَ مُحَمَّدٌ: صَلَاحُ الزَّيْتُونِ بِاسْوِدَادِهِ وَالْفِجْلِ وَاللِّفْتِ وَالْبَصَلِ وَالْجَزَرِ وَالثُّومِ الْمُغَيَّبَةِ فِي الْأَرْضِ يُبَاعُ إِذَا اسْتَوَى وَرَقُهُ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ فَسَادٌ فَإِنْ كُشِفَ أَوْ قُلِعَ وَوُجِدَ شَيْءٌ مِنْهُ بِخِلَافِ مَا رَأَى رَدَّ بِحِسَابِهِ مِنَ الثَّمَنِ وَفِي (الْجَوَاهِرِ) : صَلَاحُ الثِّمَارِ طِيبُهَا أَوْ مَبَادِئُ الْحَلَاوَةِ النَّظَرُ الثَّانِي فِيمَا اسْتُثْنِيَ مِنْ بَيْعِ الثِّمَارِ وَهُوَ الْعَرَايَا وَيَتَّجِهُ النَّظَرُ فِي مَعْنَى لَفْظِهَا وَوَجْهِ اسْتِثْنَائِهَا وَحَقِيقَتِهَا وَقَدْرِهَا وَمَحَلِّهَا وَكَيْفِيَّةِ بَيْعِهَا وَسَبَبِ الرُّخْصَةِ فِيهَا فَهَذِهِ سَبْعَةُ أَبْحَاثٍ: الْبَحْثُ الْأَوَّلُ: فِي مَعْنَى لَفْظِهَا: وَالْعَرَايَا جَمْعُ عَرِيَّةٍ وَفِيهَا سَبْعَةُ أَقْوَالٍ قِيلَ: مِنْ تَعَرِّي النَّخْلَةِ مِنْ تَمْرِهَا بِالْهِبَةِ وَقِيلَ: مِنْ عَرَوْتُ الرَّحْلَ أَعْرُوهُ: إِذَا طَلَبْتَ مَعْرُوفَهُ وَهِيَ مَعْرُوفٌ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {فَكُلُوا مِنْهَا

وأطعموا القانع والمعتر} وَأَصْلُهُ: الْمَكَانُ الْمُنْكَشِفُ الْفَارِغُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَنَبَذْنَاهُ بالعراء} أَيْ بِالْمَكَانِ الْمُنْكَشِفِ الْفَارِغِ وَمَنْ مَنَحَ مَالَهُ فَقَدْ فَرَغَ مِلْكُهُ مِنْهُ قَالَ الْمَازِرِيُّ الْعَرِيَّةُ: النَّخْلَةُ يُعَرَّى ثَمَرُهَا لِلْمُحْتَاجِ وَقِيلَ: لِأَنَّهَا تُعَرَّى مِنَ الْمُسَاوَمَةِ عِنْدَ الْبَيْعِ وَقِيلَ مِنَ الْعَارِيَةِ لِأَنَّ النَّخْلَةَ تَرْجِعُ بَعْدَ الِانْتِفَاعِ بِهَا وَيَرُدُّ عَلَيْهِ: أَن أصل الْعَارِية عودته تَحَرَّكَتِ الْوَاوُ وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا فَقُلِبَتْ أَلِفًا فَصَارَتْ عَارِيَةً مِنْ قَوْلِهِمْ: عَاوَرْتُ فُلَانًا أَيْ نَاوَلْتُهُ وَنَاوَلَنِي وَفِعْلُهَا: أَعَارَهُ يُعِيرُهُ وَالْفِعْلُ مِنْ عَرِيَّةِ الثِّمَارِ: أَعْرَاهُ يُعْرِيهِ فَيَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَا مِنْ مَعْنًى وَاحِدٍ مَعَ أَنَّهُ قَدْ قِيلَ: الْعِرَايَةُ مِنَ الْعَارِ قَالَ صَاحِبُ (الْإِكْمَالِ) : الْعَرِيَّةُ مُشَدَّدَةُ الْيَاءِ وَهِيَ فِعْلِيَّةٌ وَفَعِيلٌ وَفَعِيلَةٌ تَكُونُ بِمَعْنَى فَاعِلٍ وَبِمَعْنَى مَفْعُولٍ كَرَحِيمٍ وَعَلِيمٍ بِمَعْنَى رَاحِمٍ وَعَالِمٍ وَقَتِيلٍ وَجَرِيحٍ بِمَعْنَى مَجْرُوحٍ وَمَقْتُولٍ فَالْعَرِيَّةُ قِيلَ: مَعْنَاهَا مِنَ الطَّلَبِ فَتَكُونُ مَفْعُولَةً أَيْ عَطِيَّةٌ وَقِيلَ: مِنْ عَرَوْتُ الرَّجُلَ أَيْ أَتَيْتُهُ فَتَكُونُ مَالِيَّةً لِأَنَّهَا عَلَى هَذَا فَاعِلَةٌ لخروجها عَن مَال رَبِّهَا وَتَعَرِّيهِ عَنْهَا فَتَكُونُ فَاعِلَةً أَيْ خَارِجَةً وَمُعَرِّيَةً لِرَبِّهَا أَيْ عَرِيَتْ مِنَ التَّحْرِيمِ وَقِيلَ: مَعْنَاهَا مِنَ الِانْفِرَادِ: عَرَّيْتُ النَّخْلَةَ إِذَا أَفْرَدَتَهَا بِالْبَيْعِ أَوِ الْهِبَةِ وَقِيلَ: الثَّمَرَةُ إِذَا رَطُبَتْ لِأَنَّ النَّاسَ يُعَرُّونَهَا لِلِالْتِقَاطِ فَتَكُونُ مَفْعُولَةً تَمْهِيدٌ: فِي أَسْمَاءِ أَنْوَاعِ الْإِحْسَانِ فِي اللُّغَةِ: الْعَرِيَّةُ: هِبَةُ الثِّمَارِ فِي النَّخْلِ وَالْأَشْجَارِ وَالْعَارِيَةُ تَمْلِيكُ الْمَنَافِعِ وَالْإِفْقَارُ: إِعَارَةُ الظَّهْرِ مِنْ بَعِيرٍ أَوْ غَيْرِهِ لِلرُّكُوبِ مَأْخُوذٌ مِنْ فَقَارِ الظَّهْرِ وَهُوَ عِظَامُ سِلْسِلَةِ الظَّهْرِ وَالْمِنْحَةُ

وَالْمَنِيحَةُ: تَمْلِيكُ لَبَنِ الشَّاةِ مُدَّةً تَكُونُ عِنْدَهُ يَحْلِبُهَا وَالْهِبَةُ: تَمْلِيكُ الْأَعْيَانِ طَلَبًا لِلْوِدَادِ وَالصَّدَقَةُ: تَمْلِيكُ الْأَعْيَانِ لِلثَّوَابِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَالسُّكْنَى: هِبَةُ مَنَافِعِ الدَّارِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً وَهُوَ أَحَدُ الْعَارِيَةِ وَالْعُمْرَى: تَمْلِيكُ مَنَافِعِ الدَّارِ عُمْرَهُ وَالرُّقْبَى: تَمْلِيكُ مَنَافِعِ الدَّارِ إِلَى أَقْرَبِهِمَا مَوْتًا كَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَرْتَقِبُ مَوْتَ صَاحِبِهِ وَالْوَصِيَّةُ: تَمْلِيكُ الْأَعْيَانِ أَوِ الْمَنَافِعِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْوَقْفُ وَالْحَبْسِ: تَمْلِيكُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِالْأَعْيَانِ لَا تَمْلِيكَ الْمَنَافِعِ وَفَرْقٌ بَيْنَ تَمْلِيكِ الْمَنْفَعَةِ وَبَيْنَ مِلْكٍ أَنْ يَنْتَفِعَ فَفِي الْأَوَّلِ: لَهُ نَقْلُ الْمِلْكِ فِي الِانْتِفَاعِ لِغَيْرِهِ وَفِي الثَّانِي: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَالْجُلُوسِ فِي الْمَسَاجِدِ لِلصَّلَاةِ وَفِي الطُّرُقَاتِ لِلْمَعَاشِ وَلَيْسَ لَهُ بَيْعُ ذَلِكَ وَلَا تَحْجِيرُهُ وَالنَّفْحُ وَالْعَطَاءُ وَالْإِحْسَانُ وَالتَّمْلِيكُ وَالْمَعْرُوفُ تَعُمُّ هَذِهِ الْأَنْوَاعُ الْأَحَدَ عَشَرَ. الْبَحْثُ الثَّانِي: فِي وَجْهِ اسْتِثْنَائِهَا قَالَ صَاحِبُ (التَّنْبِيهَاتِ) : هِيَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ أَرْبَعَةِ أُصُولٍ مُحَرَّمَةٍ: الْمُزَابَنَةُ وَالطَّعَامُ بِالطَّعَامِ إِلَى أَجَلٍ وَغَيْرُ مَعْلُومِ التَّمَاثُلُ وَالرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ. الْبَحْثُ الثَّالِثُ: فِي حَقِيقَتِهَا فِي الْمَذْهَبِ وَفِي (الْجَوَاهِرِ) : قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ: هِيَ هِبَةُ ثَمَرَةِ نَخْلَةٍ أَوْ نَخَلَاتٍ مِنَ الْحَائِطِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ: هَذَا عَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ وَابْنِ حَبِيبٍ دُونَ ابْنِ الْقَاسِمِ بَلْ مَعْنَاهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ: أَنْ يُعْرِيَهُ الثَّمَرَة على أَن المعرى مَا يَلْزَمُهَا إِلَى بُدُوِّ صَلَاحِهَا وَلَفْظُ الْهِبَةِ عِنْدَهُ لَا يَقْتَضِي هَذَا لِأَنَّهُ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْهِبَةِ وَالْعَرِيَّةِ فِي السَّقْيِ وَالزَّكَاةِ فَيَجْعَلُهَا عَلَى الْمُعْرَى بِخِلَافِ الْهِبَةِ وَغَيْرُهُ يُخَالِفُهُ عَلَى مَا يَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَفِي (الْكِتَابِ) : تَجُوزُ عَرِيَّةُ النَّخْلِ وَالشَّجَرِ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ فِيهَا ثَمَرٌ عَامًّا وَمُدَّةُ الْعُمُرِ. قَالَ اللَّخْمِيُّ: يَجُوزُ فِي قَلِيلِ الشَّجَرِ وَكَثِيرِهِ مَا لَمْ يَكُنِ الشَّجَرُ لَمْ يَبْلُغِ

الْإِطْعَامَ لِأَنَّهُ مُكَايَسَةٌ لِأَنَّهُ يُعَجَّلُ لِيُعْطَى فِي الْمُسْتَقْبل فَإِن نزل وَفَاتَ بِالْعَمَلِ: فللعامل أرجة مِثْلِهِ فِي الْعَمَلِ حَالَ صِغَرِهَا وَإِثْمَارِهَا وَالثَّمَرَةُ لِلْمُعْطَى إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهَا تُثْمِرُ تِلْكَ السَّنَةِ فَيَجُوزُ وَيَدْخُلَانِ عَلَى أَنَّ الْكُلْفَةَ فِي السَّقْيِ وَغَيْرِهِ عَلَى الْمُعْطَى. الْبَحْثُ الرَّابِعُ فِي قدرهَا قَالَ اللَّخْمِيّ: يجوز فِي خَمْسَة أَو سُقْ وَيَمْتَنِعُ الْأَكْثَرُ وَاخْتُلِفَ فِي الْخَمْسَةِ لِمَا فِي الصِّحَاحِ أَرْخَصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا فِيمَا دُونَ خَمْسَة أَو سُقْ أَو فِي خَمْسَة أَو سُقْ فَوَرَدَ الْحَدِيثُ بِصِيغَةِ الشَّكِّ مِنَ الرَّاوِي فِي الْخَمْسَةِ قَالَ وَالْمَنْعُ أَحْسَنُ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِيهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ الْمَشْهُورُ إِبَاحَةُ الْخَمْسَةِ اعْتِبَارًا بِنِصَابِ الزَّكَاة بِجَامِع الْمَعْرُوف بِهِ نُجِيبُ عَنِ اعْتِبَارِ أَحَدِ الِاحْتِمَالَيْنِ مَعَ أَنَّ الرَّاوِيَ شَكَّ فِيمَا رَوَاهُ وَنَقُولُ قَوْلُهُ وَأَرْخَصَ فِي الْعَرَايَا فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ عَامٌّ إِلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ وَعَنْ (ش) قَوْلَانِ فِي الْخَمْسَةِ كَقَوْلَيْ مَالِكٍ فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ: إِذَا نَقَدَ الْمُشْتَرِي أَوِ الْبَائِعُ جَازَ فِي الزَّائِدِ على الْخَمْسَة) فِي الْجَوَاهِرِ: إِذَا نَقَدَ الْمُشْتَرِي أَوِ الْبَائِعُ جَازَ فِي الزَّائِدِ عَلَى الْخَمْسَةِ وَإِنِ اتَّحَدَ الشِّقُّ الْآخَرُ فَإِنِ اتَّحَدَ أَوْ تَعَدَّدَتِ الْحَوَائِطُ وَقد أعراه من كَا حَائِط

قَدْرَ الْعَرِيَّةِ: قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ: هِيَ كَالْحَائِطِ الْوَاحِدِ نَظَرًا لِاتِّحَادِ الْمُعْرَى فَيَمْتَنِعُ فِي الزَّائِدِ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: يَجُوزُ أَنْ يُشْتَرَى مِنْ كل وَاحِد خَمْسَة أَو سِتّ لِأَنَّ كُلَّ حَائِطٍ يَخْتَصُّ بِضَرُورَتِهِ وَقَالَ ابْنُ الْكَاتِبِ إِنْ كَانَتْ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ فَكَالْحَائِطِ الْوَاحِدِ كَبَيْعِ الْمُتَعَدِّدَاتِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ فَإِنَّ الْعَقْدَ وَالْحُكْمَ وَاحِدٌ وَإِلَّا امْتَنَعَ الْبَحْثُ الْخَامِسُ فِي مَحَلِّهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ عَلَى الْمَشْهُورِ كُلُّ مَا يَيْبَسُ وَيُدَّخَرُ مِنَ الثِّمَارِ لِأَنَّ هَذَا الْوَصْفَ ضَابِطٌ مَعْرُوفُ الزَّكَاةِ وَهُوَ وَارِدٌ فِي مَحَلِّ النَّصِّ فَيَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ ضَابِطٌ مَعْرُوفُ الْعَرِيَّةِ وَأَنَاطَ الْأَصْحَابُ بِهِ الْحُكْمَ وُجُودًا وَعَدَمًا حَتَّى مَنَعُوا الْبَيْعَ فِيمَا لَا يُثْمِرُ مِنَ الرُّطَبِ وَمَا لَا يَتَزَبَّبُ مِنَ الْعِنَبِ وَقِيلَ: يُقْصَرُ عَلَى النَّخْلِ وَالْعِنَبِ لِأَنَّهُمَا مَوْرِدُ النَّصِّ اعْتِمَادًا عَلَى أَنَّ الرُّخَصَ لَا يُقَاسُ عَلَيْهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ: جَوَّزَهَا مُحَمَّدٌ فِي الْمُدَّخَرِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّهَا أُبِيحَتْ لِلْمَعْرُوفِ أَوْ لِنَفِيَ الضَّرَرِ عَنْ رَبِّ الْحَائِطِ بِتَكَرُّرِ الْمُعْرَى عَلَيْهِ وَهَذَا الْوَصْفُ عَامٌّ فَيَعُمُّ الْحُكْمَ مَوَارِدُهُ إِلَّا أَنَّهُ كَرِهَهُ فِيمَا لَا يُدَّخَرُ وَأَمْضَاهُ بِالْقَبْضِ وَجَوَّزَهَا (ش) فِي جُمْلَةِ الْأَشْجَارِ كَإِبْدَالِ الدَّنَانِيرِ بِالدَّنَانِيرِ لِعُمُومِ الْمَعْرُوفِ (فِي ذَلِكَ الْمَوَارِدِ) . وَجَوَابُهُ: مَا فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ: أَرْخَصَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي بيع العربة يَأْكُلُهَا رُطَبًا وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: نَهَى عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنِ الْمُزَابَنَةِ

وَأَرْخَصَ فِي الْعَرَايَا النَّخْلَةُ وَالنَّخْلَتَانِ يُوهَبَانِ لِلرَّجُلِ يَبِيعُهَا بِخَرْصِهَا تَمْرًا فَصَرَّحَ بِالرُّطَبِ وَلِأَنَّهُ عَادَةُ الْمَدِينَة وَله أَن يجب عَنِ الْأَوَّلِ بِأَنِّي أَثْبَتُّ الْعُمُومَ بِالْقِيَاسِ لَا بِالنَّصِّ كَمَا عَمَّمَ فِي الْمُدَّخَرِ وَعَنِ الثَّانِي بِمَنْعِ كَوْنِهِ حُجَّةً عَلَى أَصْلِهِ الْبَحْثُ السَّادِسُ فِي كَيْفيَّة بيعهَا: وَفِي (الْكتاب) : أرخص للعمرى أَنْ يَشْتَرِيَ الثَّمَرَةَ إِذَا أَزْهَتْ بِخَرْصِهَا يَابِسًا إِلَى الْجِذَاذِ فَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ امْتَنَعَ بَيْعُهَا بِتَمْرٍ نَقْدًا وَإِلَى أَجَلٍ بِطَعَامٍ يُخَالِفُهَا إِلَى أَجَلٍ لِأَنَّهُ بَيْعُ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ بِسَبَبِهِ وَيَجُوزُ لَهُ وَلِغَيْرِهِ شِرَاءُ مَا أَزْهَى وَإِنْ كَثُرَ بِالْعَيْنِ وَالْعَرْضِ نَقْدًا وَإِلَى أَجَلٍ لِعَدَمِ الْمَحْظُورِ بِالطَّعَامِ الْمُخَالِفِ لَهَا نَقْدًا لِأَن النسأ فِي الْجِنْسِ وَغَيْرِهِ حَرَامٌ وَيَتَعَجَّلُ جِذَاذَهَا فَإِنْ تَفَرَّقَا فِي الطَّعَامِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالْجِذَاذِ: امْتَنَعَ للنسأ فِي الطَّعَامِ قَالَ صَاحِبُ (التَّنْبِيهَاتِ) : يَجُوزُ شِرَاؤُهَا بِخَرْصِهَا بِعَشَرَةِ شُرُوطٍ: أَنْ يَكُونَ مُشْتَرِيهَا مُعْرِيَهَا لِاخْتِصَاصِ الضَّرَرِ بِهِ وَأَنْ تَطِيبَ حَتَّى تُؤْمَنَ الْآفَات وَالثَّمَر ثَمَرَة لِأَنَّهُ مورد السّنة ويخرصها لِأَنَّ الْعُدُولَ عَنْهُ يُؤَكِّدُ عَدَمَ التَّمَاثُلِ وَيَتَّحِدُ النَّوْعُ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ بِالْخَرْصِ وَحَذَرًا مِنَ الْمُكَايَسَةِ وَأَنْ تَكُونَ إِلَى الْجِذَاذِ فَهَذِهِ السِّتَّةُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا عِنْدَنَا وَأَنْ تَكُونَ بِاسْمِ الْعَرِيَّةِ لِأَنَّهُ مَوْرِدُ السَّنَةِ (وَأَنْ يَكُونَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَأَقَلَّ وَأَنْ يَشْتَرِيَ جُمْلَةَ مَا أَعْرَى لَيْلًا لِنَفْيِ الضَّرَرِ بَعْدَ ارْتِكَابِ الْحَظْرِ) وَأَنْ يَكُونَ مِمَّا يَيْبَسُ وَيُدَّخَرُ وَهَذِهِ الْأَرْبَعَةُ مُخْتَلَفٌ فِيهَا قَالَ صَاحِبُ الْمُقْدِمَاتِ) : يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ التَّمْرُ مِنْ نَوْعِهَا وَصِنْفِهَا وَيَسْتَوِي مُعْرِيهَا وَمَنْ صَارَ إِلَيْهِ تَمْرُ الْحَائِطِ وَأَنْ يَكُونَ بِاسْمِ الْعَرِيَّةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ صَاحِبُ (الْمُنْتَقَى) : إِذَا انْتَقَلَتِ الْعَرِيَّةُ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ

أَوْ مِيرَاثٍ جَازَ لَهُمْ بَيْعُهَا كَمَا كَانَ ذَلِك فَإِن كَانَت لَهُ الْمُشَاركَة اللَّاحِقِ السَّابِقَ فِي الضَّرَرِ: قَالَ صَاحِبُ (الْإِكْمَالِ) : وَجَوَّزَهُ (ش) مِنَ الْأَجْنَبِيِّ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (يَأْكُلُهَا أَهْلُهَا تَمْرًا) فَنَبَّهَ عَلَى الْعِلَّةِ وَأَنَّهَا رِفْقُ أَهْلِهَا وَقَدْ رُوِيَ: أُرخص فِي بَيْعِ الْعَرِيَّةِ بِالرُّطَبِ وَبِالتَّمْرِ وَجُلُّ الْأَحَادِيثِ لَمْ يُذْكَرْ فِيهَا إِلَّا التَّمْرُ فَيُحْمَلُ قَوْلُهُ: رُطَبًا أَوْ تَمْرًا عَلَى شَكِّ الرَّاوِي وَوَقَعَ خَارِجَ مُسْلِمٍ: بِخَرْصِهَا (رُطَبًا بِغَيْرِ شَكٍّ غَيْرَ أَنَّهُ انْفَرَدَ بِهِ رِوَايَة وَعَنْ مَالِكٍ: يَجُوزُ بِخَرْصِهَا وَبِغَيْرِهِ وَعَنْهُ:) لَا يَجُوزُ بِغَيْرِهِ تَقْدِيمًا لِلْقِيَاسِ عَلَى الْخَبَرِ وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (الْعَائِدُ فِي الْهِبَةِ كَالْكَلْبِ يَقِيءُ ثُمَّ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ) وَعَنْهُ: عَكْسُهُ لِأَنَّهُمَا رُخْصَةٌ فَلَا يُتعدى بِهَا مَحِلُّهَا قَالَ الطُّرْطُوشِيُّ: وَوَافَقَنَا (ش) عَلَى بَيْعِ الْعَرِيَّةِ فِي الْجُمْلَةِ وَخَالَفَنَا فِي تَأْخِيرِ الثَّمَنِ وَفِي بَيْعِهَا مِنَ الْأَجْنَبِيِّ وَقَالَ (ح) : بَيْعُهَا حَرَامٌ وَإِنَّمَا هُوَ رُجُوعٌ فِي الْهِبَةِ عَلَى أَصْلِهِ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِكُلِّ أَحَدٍ الرُّجُوعُ فِي هِبَتِهِ إِلَّا الْوَالِدَ فَهُوَ يَرْجِعُ فِي هِبَتِهِ عِنْدَهُ وَإِعْطَاؤُهُ تَمْرًا تَطْيِيبًا

لِقَلْبِهِ وَحَمْلُ الْأَحَادِيثِ عَلَى هَذَا أَوْلَى مِنْ حَمْلِهَا عَلَى مُخَالَفَةِ الْأُصُولِ أَوْ عَلَى أَنَّهُ كَانَ وَقْتَ إِبَاحَةِ الرِّبَا أَوْ لِأَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ إِذَا خَالَفَ الْأُصُولَ يُتْرَكُ لِلْقِيَاسِ أَوْ يَمْتَنِعُ بِالْقِيَاسِ عَلَى الحَب أَوْ نَقُولُ: إِذَا امْتنع على الأَرْض فعلى رُؤُوس النَّخْلِ أَوْلَى وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّ الْخَبَرَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ بَيْعٌ لَا فَسْخٌ لِلْهِبَةِ مِنْ وُجُوهٍ خَمْسَةٍ: أَحَدُهَا: قَوْلُهُ: (أَرْخَصَ) وَالرُّجُوعُ عِنْدَكُمْ فِي الْهِبَةِ لَيْسَ رُخْصَةً وَلِقَوْلِهِ: (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ بَيْعِ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ) وَإِنَّمَا أَرْخَصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ بَيْعٌ حَقِيقَةً: فَكَذَلِكَ الْمُسْتَثْنَى لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الِاسْتِثْنَاءِ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا وَلِأَنَّ الرُّخْصَةَ تَقْتَضِي تَقَدُّمَ حَظْرٍ وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِي الْبَيْعِ لَا فِي الْهِبَةِ وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: خَرْصًا وَفَسْخُ الْهِبَةِ لَا يَحْتَاجُ لِلْخَرْصِ بَلْ يَجُوزُ التَّعْوِيضُ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَبِغَيْرِ شَيْءٍ وَخَامِسُهَا: لِتَخْصِيصِهِ بِخَمْسَةِ أَوْسُقٍ وَفَسْخُ الْهِبَةِ لَا يَخْتَصُّ وَلِأَن هَذِه المعوضة تفْتَقر لتراضيها وَفَسْخُ الْهِبَةِ لَا يَحْتَاجُ لِذَلِكَ وَعَنِ الثَّانِي: أَنَّهُ فَسْخٌ بِمُجَرَّدِ الِاحْتِمَالِ فَيَمْتَنِعُ ثُمَّ أَتَى قَوْلُهُ: نَهَى عَنْ بَيْعِ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ إِلَّا أَنَّهُ أَرْخَصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا وَمُقْتَضَى الرُّخْصَةِ تقدم الْخطر وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الرِّبَا مُباحاً لَمَا قُدِّرَ بِخَمْسَةِ أَوْسُقٍ وَعَنِ الثَّالِثِ: أَنَّ الْخَبَرَ فِي نَفْسِهِ أَصْلٌ فَلَا تُتْرَكُ الْأُصُولُ وَلَا تُفْسَخُ بِالْقِيَاسِ وَعَنِ الرَّابِعِ: أَنَّا نَقُولُ بِهِ فِي الْحُبُوبِ وَإِنَّمَا يَمْتَنِعُ بَيْعُهَا بِالْخَرْصِ حَيْثُ يَتَعَذَّرُ الْخَرْصُ وَعَنِ الْخَامِسِ: أَنَّ بَيْعَهُ عَلَى النَّخْلِ لِدَرْءِ ضَرُورَةِ التَّكَرُّرِ لِلْحَائِطِ وَهِيَ مَنْفِيَّةٌ إِذَا كَانَ عَلَى الْأَرْضِ وَاحْتَجَّ (ش) عَلَى وُجُوبِ

التَّعْجِيلِ: بِأَنَّ التَّأْخِيرَ يُنَافِي الطَّعَامَ فَرْعٌ قَالَ صَاحِبُ (الْمُنْتَقَى) : مَنْ لَهُ فِي حَائِطٍ نَخْلَةٌ جَوَّزَ ابْنُ الْقَاسِمِ شِرَاءَهَا مِنْهُ لِلْمَعْرُوفِ فَرْعٌ قَالَ: وَلَا تُبَاعُ الْعَرِيَّةُ بِالْبُسْرِ وَلَا بِالرُّطَبِ بَلْ بِنَوْعِهَا مِنَ التَّمْرِ فَرْعٌ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ جَوَّزَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ إِذَا اشْتَرَاهَا بِخَرْصِهَا أَنْ يُعْطِيَهُ غَيْرَ صِنْفِهَا لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ يشبه الْقَرْض وَالْقَرْض وَيجوز فِيهِ ذَلِكَ فَرْعٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: يَمْتَنِعُ شِرَاؤُهَا بِأَدْنَى مِنْ نَوْعِهَا لِأَنَّهُ مُكَايَسَةٌ (مُنَاقِضٌ لِلْمَعْرُوفِ الَّذِي خولفت الْأُصُول لأَجله فَإِن كَانَ أَحْمد يَقْصِدُ رَفْعَ الضَّرَرِ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ مُكَايَسَةٌ) أَوْ لِلْمَعْرُوفِ جَازَ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ وَإِنْ بَاعَهَا بِخَرْصِهَا قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ نَقَصَ إِنْ كَانَتْ قَائِمَةً فَإِنْ فَاتَتْ بِالْجِذَاذِ وَجُهِلَتِ الْمَكِيلَةُ فَالْقِيمَةُ وَمُصِيبَتُهُمَا فِي رُؤُوس النّخل من البَائِع لنَهْيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ بَيْعِ التَّمْرِ حَتَّى يَزْهُوَ عَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَى أَصْلِ أَشْهَبَ فِي عَدَمِ الْجَائِحَة فِيهَا فِي

البيع الصَّحِيح يكون عل الْمُعْرَى قِيمَتُهَا لِأَنَّهَا فِي أُصُولِهِ وَسَقْيِهِ فَهِيَ كَالْمَقْبُوضَةِ فَرْعٌ قَالَ: بَيْعُ الْعَرِيَّةِ بِغَيْرِ جِنْسِهَا مِنَ الطَّعَامِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: إِنْ بِيعَتْ قَبْلَ الطُّلُوعِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ التَّأْبِيرِ جَازَ نَقْدًا أَوْ مُؤَجَّلًا لِأَنَّهُ يَتَحَلَّلُ بِذَلِكَ الرِّقَابَ كَانَتْ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ وَكَذَلِكَ الْمُؤَبَّرَةُ الَّتِي لَا تُرَادُ لِلْأَكْلِ وَهِيَ عَامٌ وَاحِدٌ فَإِنْ أُريدت لِلْأَكْلِ امْتَنَعَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِلَّا أَن يجد وَيَقْبِضَ التَّمْرَ بِالْحَضْرَةِ لِأَنَّهُ نَسِيئَةٌ فِي الطَّعَامِ وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ: يَجُوزُ إِذَا قَبَضَ الْعِوَضَ وَإِن لم يجد الثَّمَرَة إِن لم يمؤخر لِبُدُوِّ الصَّلَاحِ وَإِنْ كَانَتْ سِنِينَ وَفِيهَا الْآنَ ثَمَرَةٌ مَأْبُورَةٌ قَالَ: أَرَى أَنْ تُفْرَدَ هَذِهِ بِعَقْدٍ وَإِنْ لَمْ يَبِعِ الْجَمِيعَ فِي عَقْدٍ وَهَذِه يسيرَة تبع جَازَ نَقْدًا وَمُؤَجَّلًا بِالْجِنْسِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ يَتَحَلَّلُ الرِّقَابَ فَإِنْ بَدَا صَلَاحُهَا - وَهِيَ عَامٌ وَاحِدٌ - امْتَنَعَ تَأْخِيرُ الْعَرْضِ عَنِ الْعَقْدِ وَيُخْتَلَفُ فِي تَأْخِير الْجذاذ: مَنعه ابْن الْقَاسِم نفيا للنسأ فِي الطَّعَامِ وَيَجُوزُ عَلَى أَصْلِ أَشْهَبَ لِأَنَّهُ لَا يَرَى فِيهَا جَائِحَةً وَسَقْيُهَا عَلَيْهِ فَهِيَ مَضْمُونَةٌ مِنَ الْمُشْتَرِي وَشِرَاؤُهَا بِالنَّقْدَيْنِ وَالْعُرُوضُ نَقْدًا وَمُؤَجَّلًا جَائِزًا (إِذَا لَمْ يُؤَبَّرْ كَانَتْ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ وَيَجُوزُ فِي الْمَأْبُورَةِ بِشَرْطِ الْجِذَاذِ قَبْلَ صَلَاحِهَا) لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى بَيْعِ الرِّقَابِ فَإِنْ كَانَتْ أَعْوَامًا جَازَ شِرَاءُ الْجُمْلَةِ إِذَا شَرَطَ جِذَاذَ هَذِهِ الثَّمَرَةِ فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إِذَا تَطَوَّعَ بِتَعْجِيلِ الْخَرْصِ قَبْلَ الْجِذَاذِ

جَازَ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ قَالَ ابْنُ الْكَاتِبِ: وَعَلَى هَذَا لَوْ مَاتَ الْمُعْرَى قَبْلَ يَبْسِهَا أُخِذَ مِنْ تَرِكَتِهِ خَرْصُهَا لِأَنَّهُ دَيْنٌ عَلَيْهِ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ: لَهُ إِجْبَارُهُ قَبْلَ الْأَجَلِ عَلَى الْقَبْضِ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ كَطَعَامٍ مِنْ قَرْضٍ قَالَ: وَالصَّوَابُ: عَدَمُ الْإِجْبَارِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فَرْعٌ فِي (الْكِتَابِ) : يَمْتَنِعُ بَيْعُهَا بِعَجْوَةٍ مِنْ صِنْفِهَا مِنْ حَائِطٍ آخَرَ مُعَيَّنٍ لِأَنَّهُ كَالسَّلَمِ فِي الْمُعَيَّنِ وَإِنَّمَا يَجُوزُ فِي الذِّمَّةِ قَالَ الْمَازِرِيُّ: فَإِنْ وَقَعَ فَقِيلَ: يُفْسَخُ لِلْفَسَادِ وَقِيلَ: لَا يُفْسَخُ بَلْ يُفْسَخُ التَّعْيِينُ وَتَنْتَقِلُ الثَّمَرَةُ لِلذِّمَّةِ إِلَى أَجَلِهِ لِأَنَّهُ مَنْشَأُ الْمَفْسَدَةِ فَرْعٌ قَالَ الْمَازِرِيُّ: يَجُوزُ اشْتِرَاطُ ثَمَرٍ أَجْوَدَ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْمَعْرُوفِ وَإِنْ كَانَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ فَلَا تَمْهِيدٌ قَالَ الْمَازِرِيُّ: الْعَرِيَّةُ دَائِرَةٌ بَيْنَ الْقَرْضِ لِأَنَّهَا مَعْرُوفٌ وَبَيْنَ الْبَيْعِ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ وَيَتَخَرَّجُ عَلَى هَذَا بَيْعُ التَّمْرِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ الْعَرِيَّةَ قَبْلَ قَبْضِهِ وَبِالْجَوَازِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْقَابِسِيِّ: لِأَنَّ لِلْمُعْرَى أَنْ يَدْفَعَ عَيْنَ الْمُشْتَرَى فِيمَا عَلَيْهِ كَمَا أَنَّ لِلْمُقْتَرِضِ دَفْعَ مَا أَخَذَ فِيمَا عَلَيْهِ بَلِ الْمُقْتَرِضُ لَيْسَ لَهُ دَفْعُ مَا أَخَذَ إِذَا تَغَيَّرَ وَالْمُعْرَى لَهُ دَفْعُ مَا اشْتَرَى وَإِنْ، تَغَيَّرَ الثَّمر فَهُوَ أَوْسَعُ مِنَ الْقَرْضِ وَقِيلَ: يَمْتَنِعُ لِأَنَّهُ بِيعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَيَتَخَرَّجُ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ: جَبْرُ الْمُعْرَى عَلَى قَبْضِ الْمُعْرَى قَبْلَ الْجِذَاذِ وَوَضْعُ الْجَائِحَةِ فِي الْعَارِيَةِ فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا اشْتَرَى خَمْسَةَ أَوْسُقٍ بِخَرْصِهَا وَبَقِيَّةَ الْعَرِيَّةِ بِذَهَبٍ

فَفِي الْجَوَازِ قَوْلَانِ وَالصَّحِيحُ: الْمَنْعُ لِأَنَّهَا رُخْصَةٌ لَا تَجْتَمِعُ مَعَ غَيْرِهَا كَالْبَيْعِ مَعَ الْمُسَاقَاةِ وَمَعَ الْإِقَالَةِ مِنَ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ مَعَ بَيْعِ سِلْعَةٍ أُخْرَى فَرْعٌ قَالَ: قَالَ أَبُو عِمْرَانَ: يَمْتَنِعُ شِرَاؤُهَا قَبْلَ طِيبِهَا إِذَا كَانَتْ سِنِينَ بِالْعَيْنِ وَالْعَرْضِ وَقَالَ غَيْرُهُ: إِذَا طَالَتِ السُّنُونَ جَازَ (فَعَلَى هَذَا يَدْفَعُ لَهُ الْعِوَضَ كُلَّ عَامٍ بِخَرْصٍ قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ: إِنْ كَانَتْ حَيَاةَ الْمُعْرَى جَازَ) شِرَاؤُهَا بِالْعَيْنِ لِلضَّرُورَةِ وَأَمَّا بِالْعَرْضِ فَلَا فَرْعٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا اشْتَرَاهَا بِخَرْصِهَا فَالزِّيَادَةُ عِنْدَ الْجِذَاذِ وَالنُّقْصَانُ عَلَى الْبَائِعِ فَرْعٌ إِذَا أَعْرَى جَمَاعَةٌ: قَالَ الْمَازِرِيُّ: إِذَا أَعْرَى جَمَاعَةٌ أَجَازَ مَالِكٌ شِرَاءَ جَمِيعِهَا مِنْ جَمِيعِهِمْ وَإِنْ فَاتَ كُلُّ وَاحِدٍ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ بَعْدَ أَنْ تَوَقَّفَ فِيهَا وَيَجُوزُ شِرَاءُ نصيب أجدهم وَهُوَ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ فَأَقَلُّ عَلَى التَّعْلِيلِ بِالْمَعْرُوفِ أَوْ دَفْعِ الضَّرَرَ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَضَرَّرُ مِنْ أَحَدِهِمْ دُونَ غَيْرِهِ وَإِذَا أَعْرَى جَمَاعَةٌ وَاحِدًا فَلَهُمْ شِرَاءُ الْعَرِيَّةِ مِنْهُ لِقَصْدِ الْمَعْرُوفِ وَدَفْعِ الضَّرَرِ وَأَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَحَدِهِمْ شِرَاءَ مَا أَعْرَاهُ عَلَى أَصْلِهِ فِي التَّعْلِيلِ بِدَفْعِ الضَّرَرِ أَوِ الْمَعْرُوفِ وَمَنَعَ عَبْدُ الْمَلِكِ لِأَنَّ الْعِلَّةَ عِنْدَهُ دَفْعُ الضَّرَرِ وَهُوَ بَاقٍ

الْبَحْثُ السَّابِعُ فِي سَبَبِ الرُّخْصَةِ: وُفِي (الْجَوَاهِرِ) فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: الْمَعْرُوفُ لِيَحْفَظَهَا لَهُ وَيَحْمِلَ عَنْهُ الْجِذَاذَ وَدَفْعَ الضَّرَرِ عَنِ الْمُشْتَرِي بِدُخُولِ الْبَائِعِ وَخُرُوجِهِ وَتَوَقُّعِ أَذِيَّتِهِ وَكَشْفِهِ لِلْعِيَالِ فِي الْبُسْتَانِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ فِي (الْكِتَابِ) وَجَوَّزَ عَبْدُ الْمَلِكِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ دُونَ الْمَعْرُوفِ لِأَنَّ الْغَايَةَ إِنَّمَا هِيَ بِدَفْعِ الضَّرَرِ غَالِبًا قَاعِدَةٌ: إِذَا وَرَدَ الشَّرْعُ بِحُكْمٍ فِي مَحَلٍّ: فَإِنْ تَعَذَّرَتْ مَعْرِفَةُ حِكْمَتِهِ فَهُوَ تَعَبُّدٌ وَإِنْ أَمْكَنَتْ مِنْ أَوْصَافٍ مَذْكُورَةٍ فِي النَّصِّ فَهُوَ تَنْقِيحُ الْمَنَاطِ كَحَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ فِي إِفْسَادِ الصَّوْمِ وَمِنْ أَوْصَافٍ غَيْرِ مَذْكُورَةٍ كَتَحْرِيمِ الْخَمْرِ وَهُوَ تَخْرِيجُ الْمَنَاطِ ثُمَّ إِنْ وَجَدْنَا وَصْفًا وَاحِدًا جَعَلْنَاهُ كَمَال الْعلَّة وأوصافاً كُلَّهَا مُنَاسِبَةً جَعَلْنَا الْمَجْمُوعَ عِلَّةً إِلَّا أَنْ يومى الشَّرْعُ أَوْ يَنُصَّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا بِالِاسْتِقْلَالِ فَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ عِلَّةً فَإِنِ اجْتَمَعَتِ الْأَوْصَافُ تَرَتَّبَ الْحُكْمُ عَلَيْهَا أَوِ انْفَرَدَ أَحَدُهَا تَرَتَّبَ الْحُكْمُ عَلَيْهِ وَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْعِلَّةِ الْمُرَكَّبَةِ مِنْ أَوْصَافٍ وَبَيْنَ أَوْصَافٍ كُلُّ وَاحِد مِنْهَا عِلّة وَهَاهُنَا إِنَّمَا الشَّرْعُ لِلضَّرَرِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ السَّبَبُ الَّذِي كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ تَشْتَرِي لِأَجَلِهِ الْعَرَايَا فَقَرَّرَهُ الشَّرْعُ وَيُؤَكِّدُهُ: رُخْصَةُ الْمُسَاقَاةِ وَالْقِرَاضِ وَأَكْلِ الْمَيْتَةِ وَإِسَاغَةِ الْغُصَّةِ بِالْخَمْرِ وَالْقَصْرِ وَالْفِطْرِ فِي السَّفَرِ كُلُّهَا لِدَفْعِ الضَّرَرِ وَإِيمَاؤُهُ لِلنَّفْعِ وَالْمَعْرُوفِ بِقَوْلِهِ مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ عَلَى الْقَرْضِ بِجَامِعِ بَذْلِ عَيْنٍ فِي مِثْلِهَا وَجَوَازُ رَدِّ عَيْنِ الْمَأْخُوذِ فَلَا جَرَمَ اعْتُبِرَ الْمَشْهُورُ إِحْدَى الْعِلَّتَيْنِ لَا بِعَيْنِهَا اجْتَمَعَتَا أَوِ افْتَرَقَتَا لِدَلَالَةِ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى اعْتِبَارِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَرَجَّحَ عَبْدُ الْمَلِكِ مَنَاطَهُ بِكَثْرَةِ وُجُوهِ الْقِيَاسِ وَالِاعْتِبَارِ قَالَ فِي (الْجَوَاهِرِ) وَيَتَخَرَّجُ عَلَى تَحْقِيقِ الْعِلَّةِ شِرَاءُ بَعْضِ الْعرية

وَشِرَاؤُهَا إِذَا كَانَتْ جُمْلَةُ الْحَائِطِ وَهِيَ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ وَإِذَا أَعْرَى جَمَاعَةٌ عَرِيَّةَ شِرَاءِ حِصَّتِهِ تَنْبِيهٌ: قَالَ الْمَازِرِيُّ: أَلْزَمَ الْأَشْيَاخُ مَالِكًا وَابْنَ الْقَاسِم على التَّعْلِيل الْمَعْرُوف: جَوَازُ شِرَائِهَا لِغَيْرِ مَنْ أَعْرَاهُ لِقَصْدِ الْمَعْرُوفِ كَقَوْلِ (ش) قَالَ: وَلَيْسَ بِلَازِمٍ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ يُعْتَبَرُ مَعَهُ تَقَدُّمُ حَقِّ الْمُشْتَرِي وَالْأَجْنَبِيُّ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ حَقٌّ فَرْعٌ قَالَ: إِذَا أَعْرَى ثُمَّ بَاعَ بَقِيَّةَ ثَمَرِهِ مِنْ رَجُلٍ وَأَصْلُ الْحَائِطِ مِنْ آخَرَ جَازَ لَهُ شِرَاءُ الْعَرِيَّةِ عَلَى التَّعْلِيلِ بِالْمَعْرُوفِ وَيَمْتَنِعُ عَلَى التَّعْلِيلِ بِالضَّرَرِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا بَاعَ الثِّمَارَ دُونَ الْأَصْلِ أَوِ الْأَصْلَ دُونَ الثِّمَارِ أَوِ الثِّمَارَ مِنْ رَجُلٍ وَالْأَصْلَ مِنْ آخَرَ يَخْرُجُ عَلَى التَّعْلِيلِ وَيَجُوزُ شِرَاؤُهَا لِمَنِ انْتَقَلَتْ إِلَيْهِ الثَّمَرَةُ لِصِحَّةِ الْمَعْرُوفِ وَدَفْعِ الضَّرَرِ مِنْهُ وَعَنْهُ وَيَمْتَنِعُ مِمَّنِ انْتَقَلَ إِلَيْهِ الْأَصْلُ إِلَّا عَلَى التَّعْلِيلِ بِالْمَعْرُوفِ فَرْعٌ قَالَ الْمَازِرِيُّ: وَإِذَا مَاتَ الْمُعْرِي وَالْمُعْرَى قَامَ وَرَثَتُهُمَا مَقَامَهُمَا فَرْعٌ قَالَ: مَنْ لَهُ نَخْلَةٌ فِي حَائِطٍ أَجَازَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ شِرَاءَهَا مِنْهُ بِخَرْصِهَا لِقَصْدِ (الْمَعْرُوفِ وَمَنَعَهُ فِي (الْكِتَابِ) لِدَفْعِ الضَّرَرِ لِقُوَّةِ الْمِلْكِ وَمَنَعَهُ غَيْرُهُمَا لِلْمَعْرُوفِ لَأَخْذِ مِلْكٍ وَلَيْسَ) أَصْلُهُ مَعْرُوفًا فَفَارَقَ الْعَرِيَّةَ وَأَجَازَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ لِلضَّرُورَةِ وَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ هَذَا يَجُوزُ شِرَاؤُهَا بِخَرْصِهَا مِمَّنْ لَمْ يعره وَإِن

كَانَ أَجْنَبِيًّا لِقَصْدِ الْمَعْرُوفِ وَمِنْ نَفْسِهِ إِذَا بَاعَ الْمُعْرَى عَرِيَّتَهُ بَعْدَ الزَّهْوِ أَوْ وَهَبَهَا جَازَ لِمُعْرِيهِ شِرَاؤُهَا بِخَرْصِهَا مِمَّنْ صَارَتْ إِلَيْهِ كمن وهبه لسكناه حَيَاته يَجُوزُ لِلْمُسَكَّنِ شِرَاؤُهَا عَنِ الْمُشْتَرِي أَوِ الْمَوْهُوبِ لَهُ كَمَاله شِرَاؤُهَا مِنْهُ وَيَمْتَنِعُ بَيْعُهُ لَهَا مِنْ غَيْرِهِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ) : زَكَاةُ الْعَرِيَّةِ وَسَقْيُهَا عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ نِصَابًا إِلَّا مَعَ بَقِيَّة الحائظ أَعْرَاهُ شَائِعًا أَوْ مُعَيَّنًا أَوْ جَمِيعَ الْحَائِطِ لِأَنَّ لَفْظَ الْعَرِيَّةِ يَقْتَضِي ذَلِكَ وَلَوْ تَصَدَّقَ بِثَمَرَةِ حَائِطِهِ: فَالزَّكَاةُ عَلَيْهِ وَلَا يُحَاسَبُ بِهَا الْمَسَاكِينُ لِأَنَّ إِعْطَاءَهُ الثَّمَرَةَ ظَاهِرٌ فِي تَخْلِيصِهَا للمعطى لَهُ من الْحُقُوق الْمُتَعَلّق بِهَا بِخِلَافِ الْهِبَةِ كَانَتْ مُعَيَّنَةً أَمْ لَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَعْرُوفًا يُنَاسِبُ الْحَمْلَ وَالْأَصْلُ: وُجُوبُ الزَّكَاةِ عَلَى الْمَالِكِ أَوِ الْمَوْهُوبِ لَهُ مِلْكٌ وَلَا يَجُوزُ شِرَاءُ الْهِبَةِ بِخَرْصِهَا بَلْ بِالْعَيْنِ أَوِ الْعَرْضِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قَالَ أَكَابِرُ أَصْحَابِنَا: الْعَرِيَّةُ مِثْلُ الْهِبَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: فِي ذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: سَقْيُ الْهِبَةِ وَزَكَاتُهَا عَلَى الْوَاهِبِ كَالْعَرِيَّةِ وَيَجُوزُ شِرَاؤُهَا بِخَرْصِهَا لِأَنَّ الْعَرِيَّةَ هِبَةٌ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: سَقْيُ الْعَرِيَّةِ عَلَى الْمُعْرَى لِأَنَّهُ وُهِبَ مَا هُوَ مَرَاحُ الْعِلَلِ وَزَكَاتُهَا عَلَى الْمُعْرِي لِأَنَّهُ مَالِكٌ قَالَ: (وَالصَّحِيحُ: أَنَّ الزَّكَاةَ وَالسَّقْيَ عَلَى الْمُعْطَى لِأَنَّهُ مَلَكَ كَمَا قَالَهُ أَصْحَابُ مَالِكٍ قَالَ) صَاحِبُ (الْمُقَدِّمَاتِ) : الْفَرْقُ بَيْنَ الْعَرَايَا وَالْهِبَاتِ: أَنَّ الْعرية تقصد بِهَا الْمُوَاسَاةُ بِالثَّمَنِ لَا نَفْسَ الْمُعْرَى فَلَا تَجِبُ لِلْمُعْرَى إِلَّا بِالطِّيبِ فَإِنْ قَبَضَهَا قَبْلَ ذَلِكَ وَجَبَ عَلَيْهِ سقيُها وَزَكَاتُهَا وَالْهِبَةُ يُقْصَدُ بهَا

عَيْنُ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَخَرَجَتْ عَنْ مِلْكِ الْوَاهِبِ وَوَجَبَتْ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ بِالْقَبْضِ فَإِنْ سَمَّاهَا هِبَةً حَمَلَهَا ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى الْهِبَةِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ قَصْدُ الْعَرِيَّةِ وَعَكَسَ ابْنُ حَبِيبٍ نَظَرًا لِلْغَالِبِ فِي هَذَا الْبَابِ وَفِي (الْجَوَاهِرِ) : سَبَبُ الْخِلَافِ فِي الزَّكَاةِ: أَنَّ مُتَوَلِّيَ الْقِيَامِ الْمُخَاطَبُ بِالزَّكَاةِ لِأَنَّهُ لَمَّا وَلِيَهَا مَعَ نَخْلِهِ فَكَأَنَّهُ الْتَزَمَ ذَلِكَ فِيهِ وَقِيلَ: لِأَنَّ اللَّفْظَ يَقْتَضِي ذَلِكَ فَيَتَخَرَّجُ عَلَى ذَلِكَ مَا إِذَا كَانَتِ الْعَرِيَّةُ جُمْلَةَ الْحَائِطِ فَرْعٌ قَالَ صَاحِبُ (الْمُقَدِّمَاتِ) : وَبِمَا تَجِبُ الْعَرِيَّةُ لِلْمُعْرَى أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: الْقَبْضُ كَالْهِبَةِ لِلْآثَارِ كَقَوْلِ أَشْهَبَ فِي الْحَبْسِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِالطِّيبِ أَوْ بِقَبْضِ الْأُصُولِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا تَمْرٌ فِي (الْمُدَوَّنَةِ) بِنَاءً عَلَى أَنه يقْصد بهَا عين المعرى لِأَن مِنَ الْمُوَاسَاةِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ مُحَمَّدٌ: إِذَا بَاعَ الثَّمَرَ بَعْدَ جَوَازِ بَيْعِهِ فَالسَّقْيُ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّهُ بَاعَ تَمْرًا مِزَاحَ الْعِلَلِ وَكَذَلِكَ بَيْعُ الْأَصْلِ فِيهِ تَمْرٌ مَأْبُورٌ لِلْبَائِعِ قَالَ الْمَخْزُومِيُّ: عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّ السَّقْيَ أَصْلُ النَّخْلِ وَقَالَ سَحْنُونٌ: إِذَا كَانَتِ الْعَرِيَّةُ أَوِ الْهِبَةُ بِيَدِ الْمُعْطَى يَسْقِي ذَلِكَ فَالزَّكَاةُ عَلَيْهِ أَوْ بِيَدِ الْمُعْرَى أَوِ الْمَوْهُوبِ يَقُومُ عَلَيْهَا فَالزَّكَاةُ عَلَيْهِ لِكَمَالِ مِلْكِهِ بِالْحَوْزِ فَرْعٌ قَالَ: مَنْ أَعْرَى خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَأُجِيحَ الْحَائِطُ إِلَّا ذَلِكَ الْقَدْرَ: قَالَ أَبُو الْفَرَجِ: ذَلِكَ لِلْمُعْرَى لِأَنَّهُ الْتَزَمَ لَهُ ذَلِك الْكَيْل

فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: مَنْحُ لَبَنِ الْأَنْعَامِ أَعْوَامًا لَازِمٌ يَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ فِيهِ وَكَذَلِكَ الْإِخْدَامُ وَالْإِسْكَانُ والعرية لقَوْله تَعَالَى {أَوْفوا بِالْعُقُودِ} وَيَجُوزُ شِرَاءُ الْجَمِيعِ بِالْعَيْنِ وَالْعَرْضِ وَالطَّعَامِ نَقْدًا مُؤَجّلا وَيجوز شِرَاء السُّكْنَى دَارٍ لِسُكْنَى دَارٍ أُخْرَى وَخِدْمَةُ عَبْدٍ بِخِدْمَةِ عَبْدٍ لِأَنَّهُ بَابٌ مَعْرُوفٌ وَإِذَا مَاتَ الْمُعْرَى قَبْلَ أَنْ يَطْلُعَ فِي النَّخْلِ شَيْءٌ أَوْ يجوز الْمُعْرَى عَرِيَّتَهُ أَوْ فِيهَا تَمْرٌ لَمْ يَطِبْ لَكِنَّهُ لَمْ يُجَذَّ أَوْ قَبْلَ حَوْزِ الْمِنْحَةِ أَوِ السُّكْنَى أَوِ الْإِخْدَامِ بَطَلَ جَمِيعُ ذَلِكَ وَهُوَ لِلْوَرَثَةِ لِقَوْلِ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لَمَّا وَهَبَهَا جادَّ عِشْرِينَ وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ: لَوْ كُنتِ حُزتيه لَكَانَ لَكِ وَإِنَّمَا هُوَ الْيَوْمَ مَالُ وَارِثٍ حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ فَكَانَ ذَلِكَ عَامًّا فِي سَائِرِ التَّبَرُّعَاتِ قَالَ صَاحِبُ (التَّنْبِيهَاتِ) : قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَا بُدَّ مِنْ حَوْزِ الرِّقَابِ وَيَطْلُعُ فِيهَا تَمْرٌ وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ (الْكِتَابَ) عَلَيْهِ وَقَالَ أَشْهَبُ: حَوْزُ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ كَافٍ: إِمَّا الرِّقَابُ أَوْ طُلُوعُ التَّمْرِ وَحَمَلَ أَبُو عِمْرَانَ الْكِتَابَ عَلَيْهِ قَالَ صَاحِبُ (النُّكَتِ) : قَالَ بَعْضُ الْأَنْدَلُسِيِّينَ: قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي شِرَاءِ الْمِنْحَةِ بِالطَّعَامِ ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ بَيْعُ اللَّبَنِ بِالطَّعَامِ غَيْرَ يَدٍ بِيَدٍ بِخِلَافِ الشَّاةِ اللَّبُونِ الْمُرَادِ رَقَبَتُهَا وَقَالَ بَعْضُ الْأَنْدَلُسِيِّينَ: بَلْ رَقَبَةُ الشَّاةِ مَمْنُوعَةٌ مِنْهُ فَشِرَاؤُهُ تَخْلِيصٌ لِلرَّقَبَةِ وَشِرَاءُ هَذِهِ الْأُمُورِ لَيْسَ رُجُوعًا فِي الْهِبَةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ لِأَنَّ النَّهْيَ خَاصٌّ بِهِبَةِ الْأُصُولِ وَأَمَّا الْمَنَافِعُ وَالْغَلَّاتُ فَلَا لإباحته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شِرَاء الْعرية

النَّظَرُ الثَّالِثُ فِي وَضْعِ الْجَوَائِحِ وَهِيَ مِنَ الْجَوْحِ قَالَ صَاحِبُ (الصِّحَاحِ) : الْجَوْحُ بِسُكُونِ الْوَاوِ: الِاسْتِئْصَالُ جُحت الشَّيْءَ أجوحُه وَالْجَائِحَةُ هِيَ الشِّدَّةُ الَّتِي تَجْتَاحُ الْمَالَ فِي فِتْنَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَيُقَالُ: جَاحَتْهُ الْجَائِحَةُ وَأَجَاحَتْهُ بِمَعْنًى وَكَذَلِكَ جَاحَهُ اللَّهُ وَأَجَاحَهُ وَاجْتَاحَهُ إِذَا أَهْلَكَهُ بِالْجَائِحَةِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ: فِي حَقِيقَتِهَا وَقَدْرِهَا وَمَحَلِّهَا الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي حَقِيقَتِهَا الْمُرَادَةِ فِي الثِّمَارِ فَفِي - (الْجَوَاهِرِ) : قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: هِيَ مَا لَا يُسْتَطَاعُ دفعُه إِنْ عُلِمَ بِهِ فَلَا يَكُونُ السَّارِقُ جَائِحَةً عَلَى هَذَا وَجَعَلَهُ فِي (الْكِتَابِ) جَائِحَةً وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَعَبْدُ الْمَلِكِ: هِيَ الْآفَةُ السَّمَاوِيَّةُ كَالْمَطَرِ وَإِفْسَادِ الشَّجَرِ دُونَ صُنْعِ الْآدَمِيِّ فَلَا يكون الْجَيْش جَائِحَة وَفِي الْكتاب: جَائِحَةً وَفِي (الْكِتَابِ) : الْجَائِحَةُ الْمَوْضُوعَةُ: كَالْجَرَادِ وَالنَّارِ وَالرِّيحِ وَالْبَرَدِ وَالْغَرَقِ وَالطَّيْرِ الْغَالِبِ وَالدُّودِ وَعَفَنِ الثَّمَرَةِ وَالسَّمُومِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ: الرِّيحُ لَيْسَ بِجَائِحَةٍ قَالَ: وَأَرَى إِنْ أَصَابَهَا ذَلِكَ لَهُ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ أَوْ يَتَمَسَّكُ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَكَذَلِكَ السَّمُومُ وَإِنْ لَمْ يَسْقُطْ مِنْهُ شَيْءٌ وَإِنْ أَفْسَدَ الثُّلُثَ وَأَعَابَ الْبَاقِيَ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ بِالْهَالِكِ وَيُخَيَّرُ فِي الْبَاقِي وَكَذَلِكَ الْغُبَارُ وَاخْتُلِفَ إِذَا أَسْقَطَهَا الرِّيحُ وَلَمْ تُتْلَفْ: قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ: جَائِحَةٌ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: لَيْسَ بِجَائِحَةٍ لِبَقَاءِ عَيْنِ الثَّمَرَةِ وَقِيلَ: يُخَيَّرُ كَالْعَيْبِ وَاخْتُلِفَ فِي الْمَاءِ يُبَاعُ يُسْقَى بِهِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً فَيَنْقُصُ عَنْ ذَلِكَ قِيلَ مِنَ الْبَائِعِ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ لِأَنَّ السَّقْيَ مُشْتَرًى وَقِيلَ: إِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنَ الثُّلُثِ لَمْ يُحَطَّ عَنْهُ شَيْءٌ لِأَنَّ الْمَاءَ الْمَحْصُورَ يَتَوَقَّعُ الْمُشْتَرِي نَقْصَهُ كَمَا يَتَوَقَّعُ نَقْصَ الثَّمَرَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: لَوْ مَاتَ دُودُ الْحَرِيرِ كُلُّهُ أَوْ أَكْثَرُهُ وَالْوَرَقُ لَا يُرَادُ لَهُ: الْأَشْبَهُ أَنه

جَائِحَة كمن اكترى فندقاً فحلاً الْبَلَدُ لِتَعَذُّرِ قَبْضِ الْمَنْفَعَةِ قَالَ: وَكَذَلِكَ عِنْدِي لَو انجلى أهل الثَّمَرَة عَنْهَا وَلَمْ يَجِدِ الْمُشْتَرِي مَنْ يَبِيعُهُ الْفَصْلُ الثَّانِي فِي قَدْرِهَا وَفِي (الْجَوَاهِرِ) : لَا تَحْدِيدَ فِيهَا إِنْ كَانَتْ بِسَبَبِ الْعَطَشِ بَلْ تُوضَعُ مُطْلَقًا لِأَنَّ السَّقْيَ مُشْتَرًى وَالْأَصْلُ: الرُّجُوعُ بِالْمُشْتَرَى أَوْ أَجْزَائِهِ إِذَا لَمْ تُقْبَضْ كَانَتْ تَشْرَبُ مِنَ الْعَيْنِ أَوْ مِنَ السَّمَاءِ وَمِنْ غَيْرِ الْعَطَشِ يَسْقُطُ مِنْهَا الثُّلُثُ فَمَا فَوْقَ دُونَ مَا دُونَهُ وَقَالَ (ح) : لَا تُوضَعُ الْجَائِحَةُ مُطْلَقًا وَقَالَهُ (ش) وَقَالَ أَيْضًا يُوضَعُ الْقَلِيلُ وَالْكَثِيرُ احْتَجَّا بِمَا فِي (الْمُوَطَّأِ: (قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: ابْتَاعَ رَجُلٌ ثَمَرَةً فَنَقَصَتْ عَلَيْهِ فَسَأَلَ الْبَائِعَ أَنْ يَضَعَ عَنْهُ فَحَلَفَ الْبَائِعُ أَنْ لَا يَضَعَ فَذَهَبَتْ أَمُّ الْمُشْتَرِي إِلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: تَأَلَّى أَنْ لَا يَفْعَلَ خَيْرًا فَسَمِعَ رَبُّ الْحَائِطِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ لَهُ) وَجه الدَّلِيل: أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يلْزمه ذَلِك وَبِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (أَرَأَيْتَ إِنْ مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ بِمَ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ؟) فَأَثْبَتَ الْمَالَ لَهُ مَعَ ذَهَابِ الثَّمَرَةِ فَدَلَّ أَنَّهَا لَا تُوضَعُ الْجَائِحَةُ وَالْقِيَاسُ عَلَى سَائِرِ الْعُيُوبِ الْحَادِثَةِ بَعْدَ الْقَبْضِ فِي غَيْرِ صُورَةِ النِّزَاعِ أَوْ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْعَطَشِ وَمَحَلُّ الْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ أَنَّهَا أَصَابَتْهَا قَبْلَ الْقَبْضِ جَمْعًا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْقَوَاعِدِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَنَّ النَّقْصَ بِالْجَائِحَةِ الْمُذْهِبَةِ لِلثُّلُثِ فَلَعَلَّهُ حَوَالَةُ سُوقٍ أَوْ جَائِحَةٌ دُونَ الثُّلُثِ وَلَمْ

يَتَعَرَّضِ اللَّفْظُ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَسَقَطَ الِاسْتِدْلَالُ وَعَنِ الثَّانِي: أَنَّهُ حُجَّةٌ عَلَيْكُمْ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْمَالَ لِأَخِيهِ دُونَهُ بِسَبَبِ الْجَائِحَةِ ثُمَّ إِنَّهُ معرض بِمَا فِي مُسْلِمٍ: قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (لَوْ بِعْتَ مِنْ أَخِيكَ تَمْرًا ثُمَّ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ فَلَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا إِنَّمَا تَأْخُذُ مَالَ أَخِيكَ بِغَيْرِ حَقٍّ) وَفِي (الْأَحْكَامِ) لِعَبْدِ الْحَقِّ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ حبيب: قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (إِذَا أُصِيبَ ثُلُثُ الثَّمَرَةِ فَقَدْ وَجَبَ عَلَى الْبَائِعِ الْوَضِيعَةُ) وَعَنِ الثَّالِثِ: (الْفَرْقُ بِأَنَّ الثَّمَرَةَ بَقِيَ فِيهَا حَقُّ تَوْفِيَةٍ مِنَ السَّقْيِ وَاسْتِحْقَاقُ الْبَقَاءِ إِلَى الْيُبْسِ فَلَمْ يَقْبِضْ وَعَنِ الرَّابِعِ) الْفَرْقُ بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ دَخَلَ عَلَى سُقُوطِ بَعْضِ الثَّمَرَةِ بِالرِّيحِ وَغَيْرِهِ بِخِلَافِ الْعَطَشِ وَعَنِ الْخَامِسِ: أَن قبض الثَّمَرَة إِنَّمَا يتَحَقَّق بجد الثَّمَرَةِ وَيُبْسِهَا وَأَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ: فَفِيهَا حَقُّ تَوْفِيَة الْبَقَاء فَحمل الأحادمث عَلَى مَا قَبْلَ الْقَبْضِ مُوَافِقٌ لِمَا قُلْنَاهُ فَلَا يُرَدُّ عَلَيْنَا وَأَقْوَى مَا لَهُمْ مَا فِي مُسْلِمٍ فِي الَّذِي اشْتَرَى ثَمَرَةً فَأُصِيبَتْ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (تصدقوا عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ) لغرمائه (خُذُوا ماوجدتم وَلَيْسَ لكم إلإ ذَلِك) وَجَوَابه أَنَّهَا قفية عَيْنٍ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا بَعْدَ الْيُبْسِ وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ وَيُقَالُ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَيَتَأَكَّدُ مَذْهَبُنَا بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ دَخَلَ فِي الْعَادَةِ عَلَى سُقُوطِ

الثِّمَارِ بِعَفَنٍ أَوْ رِيحٍ أَوْ طَيْرٍ وَمَا دَخَلَ عَلَيْهِ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ وَيَتَأَكَّدُ الِانْتِقَالُ إِلَى مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْهُ وَالثُّلُثُ مُعْتَبَرٌ فِي صُوَرِ الْوَصِيَّةِ وَغَيْرِهَا فَيَعْتَبِرُهَا هُنَا وَلِأَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي الْعَادَةِ أَنَّ ثَمَرَةَ فُلَانٍ أجيحت إِلَّا إِذا ذهب مِنْهَا مَاله بَالٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْبُقُولَ لِأَنَّ الْعَادَةَ سَلَامَتُهَا فَيُوضَعُ الْجَمِيعُ وَإِنْ قَلَّ قَالَ: وَتَعْلِيلُهُمُ الثُّلُثَ بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ دَخَلَ عَلَى السُّقُوطِ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْقُطَ مَقَالُهُ فِيمَا يَهْلَكُ غَالِبًا كَانَ ربُعاً أَوْ ثُلُثًا أَوْ غَيْرَهُ وَيَسْقُطُ عَنْهُ الزَّائِدُ عَلَيْهِ فَإِذَا كَانَتِ الْعَادَةُ الرُّبُعَ وَهَلَكَ الثُّلُثُ سَقَطَ عَنْهُ نِصْفُ السُّدُسِ وَيَلْزَمُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ مَا شَأْنُهُ السُّقُوطُ كَالزَّيْتُونِ وَالتَّمْرِ وَمَا لَيْسَ كَذَلِكَ كَالرُّمَّانِ فَرْعٌ فِي (الْكِتَابِ) : تُوضَعُ جَائِحَةُ الْبُقُولِ وَإِنْ قَلَّتْ لِأَنَّ الْعَادَةَ سَلَامَةُ الْجَمِيعِ وَعَنْ مَالِكٍ: لَا يُوضَعُ إِلَّا مَا وَصَلَ الثُّلُثَ قِيَاسًا عَلَى الثِّمَارِ وَفِي (الْجَلَّابِ) : لَا يُوضَعُ شَيْءٌ قِيَاسًا عَلَى الْعُرُوضِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَا جَازَتْ مُسَاقَاتُهُ لِلضَّرُورَةِ وَغَيْرِهَا فَكَالتَّمْرِ وَالْمَوْزِ لَا تَجُوزُ مساقاته وَلَا تُوضَع جَائِحَة حَتَّى تَبْلُغَ الثُّلُثَ قَالَ: وَلَا وَجْهَ لِمُرَاعَاةِ الثُّلُثِ لِنُدْرَةِ مَا يَذْهَبُ وَلَا مُلَاحَظَةَ الْمُسَاقَاةِ لِأَنَّهُمَا يَخْتَلِفَانِ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي يَسْقِيهَا فِي خِلَالِ ذَلِكَ سَقَطَ عَنْهُ قَدْرُ ذَلِكَ لِأَنَّ إِزَاحَةَ عِلَّةِ السَّقْيِ عَلَى الْبَائِعِ فَرْعٌ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ) فِي تَعْجِيلِ التَّقْوِيمِ فِيمَا بَقِيَ بُطُونِ الْمُقْتَاةِ أَوْ يَتَأَخَّرُ إِلَى آخِرِ الْبُطُونِ قَوْلَانِ: أَصَحُّهُمَا: التَّأْخِيرُ لِتَوَقُّعِ زِيَادَةِ الْجَائِحَةِ أَوْ

يُقَالُ: الْأَصْلُ: السَّلَامَةُ فَرْعٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا اشْتَرَطَ عَدَمَ الْجَائِحَةِ أَوِ السَّقْيِ: قَالَ مَالِكٌ: الشَّرْطُ فِي الْجَائِحَةِ بَاطِلٌ وَعَنْهُ: الْبَيْعُ فَاسِدٌ لِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: يَجُوزُ الشَّرْطُ وَالْبَيْعُ لِأَنَّهُ حَقُّ اشْتِرَاطِهِ كَاسْتِثْنَاءِ رُكُوبِ الدَّابَّةِ قَالَ: وَأَرَى أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ مُخَيَّرًا بَيْنَ إِسْقَاطِ الشَّرْطِ وَتَكُونُ الْوَضِيعَةُ مِنْهُ أَوْ يَرُدُّ الْبَيْعَ وَيَكُونُ لَهُ بَعْدَ الْفَوْتِ الْأَكْثَرُ مِنَ الْقِيمَةِ أَوِ الثَّمَنِ لِأَنَّ سَبَب الْأَمريْنِ وَجه وَأما اشْتِرَاطِ السَّقْيِ فَهَلْ تَكُونُ الْجَائِحَةُ مِنَ الْبَائِعِ لِأَنَّ لِلْأُصُولِ تَأْثِيرًا فِي الضَّمَانِ مَعَ الْمَاءِ أَوْ مِنَ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْمَاءَ هُوَ الْأَصْلُ وَالشَّجَرُ كَالْمُعَيَّنِ لَهُ إِلَى الثَّمَرَةِ وَقَدْ سَقَطَ بِالشَّرْطِ فَرْعٌ فِي (الْجَوَاهِرِ) : إِذَا زَادَتِ الْجَائِحَةُ عَلَى الثُّلُثِ فَأَصَابَتْ مُعْظَمَ الثَّمَرَةِ لَزِمَتِ الْمُبْتَاعَ بِقِيمَتِهَا بِخِلَافِ اسْتِحْقَاقِ مُعْظَمِ الصُّبْرَةِ أَوْ طَعَامٍ عَلَى الْكَيْلِ قَبْلَ بَذْرِ مُعْظَمِهِ قَبْلَ الْكَيْلِ فَإِنَّهُ لَا يلْزم الْمُبْتَاع وَالْفرق: أَن الجوائج مُعْتَادَةٌ وَالِاسْتِحْقَاقَ غَيْرُ مُعْتَادٍ لَمْ يُدخل عَلَيْهِ فَرْعٌ قَالَ: قِيلَ: لَا يَسْقُطُ مِنَ الْمُسْتَثْنَى شَيْءٌ وَإِنْ أُجِيحَ مُعْظَمُ الثَّمَرَةِ عَلَى الْخِلَافِ: هَلِ الْمُسْتَثْنَى مَبِيعٌ أَوْ مُبْقًى؟

نَظَائِرُ: قَالَ أَبُو عِمْرَانَ: الثُّلُثُ فِي حَيِّزِ الْكثير فِي ثَلَاث مسال كُلُّهَا: آفَاتُ الْجَائِحَةِ وَحَمْلُ الْعَاقِلَةِ وَالْمُعَاقَلَةُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَفِي حَيِّزِ الْقِلَّةِ فِي سِتِّ مَسَائِلَ: الْوَصِيَّةُ وَهِبَةُ الْمَرْأَةِ ذَاتِ الزَّوْجِ إِذَا لَمْ تُرِدِ الضَّرَرَ فَإِنْ أَرَادَتِ الضَّرَرَ: فَقِيلَ: يَجُوزُ وَقِيلَ: يَمْتَنِعُ وَلَوْ بِدِرْهَمٍ وَاسْتِثْنَاءُ ثُلُثِ الصَّبْرَةِ إِذَا بِيعَتْ وَكَذَلِكَ الثِّمَارُ والكيراش وَالسَّيْفُ إِذَا كَانَ ثُلُثُ وَزْنِهِ حِلْيَةً يَجُوزُ بَيْعُهُ بِجِنْسِ الْحِلْيَةِ وَقِيلَ: ثُلُثُ قِيمَتِهِ قَالَ الْعَبْدِيُّ: وَكَذَلِكَ الطَّعَامُ إِذَا اسْتَحَقَّ مِنْهُ أَوْ نَقَصَ فِي الشِّرَاءِ عِنْدَ أَشْهَبَ وَالْأَرْطَالُ إِذَا اسْتَثْنَاهَا مِنَ الشَّاةِ وَالدَّالِيَةُ تَكُونُ فِي دَارِ الْكِرَاءِ وَتُوقَفُ فِي ذَلِكَ مَرَّةً فَتَصِيرُ مَسَائِلُ الْقِلَّةِ تِسْعَةً فَرْعٌ فِي (الْكِتَابِ) مَا كَانَ بُطُونًا كَالْمَقَاثِي وَالْوَرْدِ وَالْيَاسَمِينِ أَوْ بَطْنًا لَكِنَّهُ لَا يُخْرَّصُ وَلَا يُدَّخَرُ وَلَا يُحْبَسُ أَوَّلُهُ عَلَى آخِرِهِ كَالتِّينِ وَالتُّفَّاحِ وَالرُّمَّانِ وَالْخَوْخِ وَالْمَوْزِ فَأُجِيحَ مِنَ النَّبَاتِ الثُّلُثُ حُط مِنَ الثَّمَنِ قَدْرُ قِيمَتِهِ فِي زَمَانِهِ كَانَتْ أَقَلَّ مِنَ الثُّلُثِ أَوْ أَكْثَرَ وَإِنْ أُجِيحَ أَقَلُّ مِنَ الثُّلُثِ لَمْ يُوضَعْ وَإِنْ زَادَتِ الْقِيمَةُ عَلَى الثُّلُثِ وَرَاعَى أَشْهَبُ الْقِيمَةَ فَمَا بَلَغَ ثُلُثَ الْقِيمَةِ وُضِعَ لِأَنَّ الْقِيمَةَ هِيَ الْمَالِيَّةُ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِهَا الْأَغْرَاضُ وَالْمَشْهُورُ: يُرَاعَى ظَاهِرُ لَفْظِ الْحَدِيثِ فَإِنَّ هِبَةَ

الثُّلُثِ وَبَيْعَ الثُّلُثِ إِنَّمَا يَتَنَاوَلُ الْعَيْنَ دُونَ الْقِيمَةِ إِجْمَاعًا وَكَذَلِكَ الْجَائِحَةُ وَمَا كَانَ بَطْنًا وَاحِدًا لَا يَتَفَاوَتُ طِيبُهُ وَلَا يُحْبَسُ أَوَّلُهُ عَلَى آخِرِهِ فَثُلُثُ النَّبَاتِ بِثُلُثِ الثَّمَنِ مِنْ غَيْرِ تَقْوِيمٍ إِذِ التَّقْوِيمُ حَيْثُ تَتَفَاوَتُ أَزْمِنَتُهُ أَوْ تَتَعَدَّدُ أَنْوَاعُهُ وَمَا يَبِسَ وَيُتْرَكُ حَتَّى يُجذ جَمِيعُهُ كَانَ يُخرص أَمْ لَا كَالنَّخْلِ وَالْعِنَبِ وَالزَّيْتُونِ وَاللَّوْزِ وَالْفُسْتُقِ وَالْجَوْزِ وَنَحْوِهَا فَلَا يُتَقَوَّمُ أَيْضًا وَلِلْمُبْتَاعِ تَعْجِيلُ الْجِذَاذِ وَتَأْخِيرُهُ حَتَّى يَيْبَسَ وَإِذَا كَانَ فِي الْحَائِطِ أَصْنَافٌ مِنَ الثَّمَرِ: بَرْنِيٌّ وَصَيْحَانِيٌّ وَنَحْوُهُمَا فَأُجِيحَ أَحَدُهُمَا وَهُوَ ثُلُثُ كَيْلِ الْجَمِيعِ وُضِعَ مِنَ الثَّمَنِ قِيمَتُهُ لِاخْتِلَافِ قِيَمِ الْأَصْنَافِ وَأَصْلُ هَذَا: إِنَّمَا يُترك أَوَّلُهُ وَلَا يَتَجَدَّدُ لَا يَكُونُ فِيهِ فَسَادٌ فَكَالنَّخْلِ وَمَا يَتَعَذَّرُ تَرْكُ أَوَّلِهِ عَلَى آخِرِهِ فَهُوَ كَالْمَقَاثِي وَكَذَلِكَ كَرَاءُ الْأَرْضِ سِنِينَ فَتَعْطَشُ مِنْهُ سَنَةً وَالسُّنُونُ مُخْتَلِفَةُ الْقِيمَةِ: قَالَ ابْنُ يُونُسَ: مَذْهَبُ أَشْهَبَ: الْقِيمَةُ يَوْمَ الْعَقْدِ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَأَمَّا الْأَنْوَاعُ مِنَ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ فِي الْحَائِطِ وَقِيمَةِ النَّوْعِ الْمُجَاحِ لَوْ لَمْ يُجح ثُلُثُ قِيمَةِ (الْجَمِيعِ وَأُجِيحَ ثُلُثُهُ يُوضَعُ ثُلُثُ ذَلِكَ مِنْ قِيمَةٍ) بَاقِيَةٍ مِنَ الثَّمَنِ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ثُلُثِ ثَمَرَتِهِ أَوْ قِيمَةُ جَمِيعِهِ لَا تَصِلُ ثُلُثَ قِيمَةِ الصَّفْقَةِ لَمْ يُوضَعْ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ: فِيمَنِ اكْتَرَى دَارًا فِيهَا ثَمَرَةٌ فَاشْتَرَطَهَا وَهِيَ أَكْثَرُ مِنَ الثُّلُثِ فأُجيح ثُلُثُهَا وَضَعَ جَمِيعَ مَا يَنُوبُ الْمُجَاحُ مِنْ قِيمَةِ الثَّمَرَةِ وَالْكِرَاءِ وَإِنْ أُجِيحَ مِنْهَا أَقَلُّ مِنْ ثُلُثِ الثَّمَرَةِ أَوْ كَانَتِ الثَّمَرَةُ كُلُّهَا أَقَلَّ مِنَ الثُّلُثِ لَا جَائِحَةَ فِيهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ: الْجِنْسُ الَّذِي لَا يَيْبَسُ كَالْمَقْتَاةِ يُقوم أَوَّلَ الْإِبَّانِ مِنْ آخِرِهِ وَمَا يَيْبَسُ فَثُلُثُ النَّبَاتِ بِثُلُثِ الْقِيمَةِ إِلَّا أَنْ يَخْتَلِفَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ فَيُقَوَّمُ كُلُّ بَطْنٍ وَحْدَهُ مِنْ غَيْرِ مُرَاعَاةِ الْأَسْوَاقِ وَإِنْ كَانَ

التَّمْرُ يُرَادُ تَعْجِيلُ بَعْضِهِ لِيُبَاعَ رُطَبًا اعْتَبَرَ اخْتِلَافَ أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ وَعَنْ مَالِكٍ: إِذَا كَانَ الْحَائِطُ عِنَبًا وَرُمَّانًا وَغَيْرَهُمَا وَقَدْ طَابَ وَحَلَّ بَيْعُهُ وَقَدْ جَمَعَتْهَا الصَّفْقَةُ لَا يُضَمُّ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ فِي الْجَائِحَةِ بَلْ إِنْ هَلَكَ ثُلُثُ كُلِّ نَوْعٍ اعْتُبِرَ وَإِلَّا فَلَا يَضُرُّ لِاخْتِلَافِ الْأَنْوَاعِ وَقَالَ أَصْبَغُ: بَلْ يُعْتَبَرُ ثُلُثُ الْجَمِيعِ وَإِنْ كَانَتْ حَوَائِطَ لِاتِّحَادِ الصَّفْقَةِ الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي مَحَلِّ الْجَائِحَةِ قَالَ صَاحِبُ (الْمُنْتَقَى) : تُوضَعُ الْجَائِحَةُ فِي كُلِّ مَا يَحْتَاجُ لِلْبَقَاءِ كَالْعِنَبِ وَالْبِطِّيخِ وَالْفُولِ وَالْيَاسَمِينِ وَالْجُلْبَانِ وَالْبُقُولِ وَالْبَصَلِ وَالْجَوْزِ والقصيل قَالَ اللَّخْمِيّ: بيع الثِّمَار بعد الإزهار فِيهَا الْجَائِحَةُ احْتَاجَتْ إِلَى السَّقْيِ أَمْ لَا لِأَنَّهَا تَتَأَخَّرُ لِتَصِيرَ ثَمَرًا فَفِيهَا حَقُّ تَوْفِيَةٍ لِأَنَّ ذَلِكَ مَبِيعٌ لَمْ يُقبض فَيَكُونُ الضَّمَانُ مِنَ الْبَائِعِ فَإِنْ لَمْ تَبْقَ حَالَةٌ يَنْتَقِلُ إِلَيْهَا بل يستكمل جفافها لَيْلًا تفْسد إِن جُذت فَهَل الْجَائِحَة لما بَقِي من البَائِع أَو من المُشْتَرِي لكَمَال العيم الْمَبِيعَةِ؟ خِلَافٌ فَإِنْ تَمَّ الْجَفَافُ وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا الْجِذَاذُ وَهُوَ عَلَى الْمُشْتَرِي أَوْ عَلَى الْبَائِعِ وَهِيَ مَحْبُوسَةٌ بِالثَّمَنِ فَخِلَافٌ لِبَقَاءِ الْجِذَاذِ عَلَى الْبَائِعِ أَوْ لِلْحَبْسِ فِي الثَّمَنِ فَهُوَ غَيْرُ مُمْكِنٍ مِنَ الثَّمَرَةِ أَوْ نَقُولُ: هِيَ كَالرَّهْنِ ضَمَانُهَا مِنَ الْمَالِكِ وَالْعِنَبُ إِنْ أُجِيحَ قَبْلَ اسْتِكْمَالِ عِنَبَتِهِ فَمِنَ الْبَائِعِ وَإِنِ اسْتَكْمَلَ وَكَانَ بَقَاؤُهُ ليَأْخُذ على قدر حَاجته لَيْلًا يَفْسَدَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ إِنْ كَانَتِ الْعَادَةُ بَقَاءَهُ لِمِثْلِ ذَلِكَ وَإِلَّا فَمِنَ الْمُشْتَرِي وَكَذَلِكَ الزَّيْتُونُ إِنْ أُصيب قَبْلَ أَنْ يَكْمُلَ زَيْتُهُ فَمِنَ الْبَائِعِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: لَا تُوضَعُ الْجَائِحَةُ فِي قَصَبِ السُّكَّرِ لِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ قَبْلَ طِيبِهِ وَلَيْسَ بِبُطُونٍ وَهُوَ قَبْلَ طِيبِهِ كَالتَّمْرِ قَبْلَ زَهْوِهِ وَإِذَا بَدَتْ حَلَاوَتُهُ فَهُوَ

زَمَانُ قَطْعِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: مَا تَقَدَّمَ وَقَالَ سَحْنُونٌ: هُوَ كَالْبُقُولِ وَالزَّعْفَرَانِ وَالرَّيْحَانِ تُوضَعُ وَإِنْ قَلَّتْ لِأَنَّهُ بَقْلٌ كَالْجَزَرِ وَالْبَصَلِ وَقِيلَ: تُوضَعُ إِذَا بَلَغَتِ الثُّلُثَ كَالتَّمْرِ قَالَ: وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى السَّقْيِ وَيُجْمَعُ شَيْئًا فَشَيْئًا وَتَكْمُلُ حَلَاوَتُهُ كَالثِّمَارِ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَهُوَ الصَّحِيحُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَا يَزِيدُ حَلَاوَةً وَإِنَّمَا يُؤَخَّرُ لِيُجْمَعَ شَيْئًا فَشَيْئًا فَكَالْبُقُولِ وَإِنْ كَانَ بَقَاؤُهُ لِشَغْلِ الْمُشْتَرِي عَنْهُ فَمُصِيبَتُهُ مِنْهُ فَرْعٌ قَالَ صَاحِبُ (النُّكَتِ) : الْفَرْقُ بَيْنَ اشْتِرَاطِ الْمُشْتَرِي: مَا أَزْهَى مِنَ الثِّمَارِ لَا جَائِحَةَ فِيهِ كَانَ تَبَعًا لِلْأَصْلِ أَمْ لَا وَبَيْنَ الْمُكْتَرَى يُشْتَرَطُ ثَمَرَةُ الدَّارِ فِيهَا الْجَائِحَةُ إِنْ كَانَتْ غير تبع للكراء وَقد طابت حِين اعقد: أَنَّ الثَّمَرَةَ مُتَوَلِّدَةٌ مِنَ الشَّجَرِ فَيَبِيعُهَا بِخِلَافِ الْكِرَاءِ فَرْعٌ فِي (الْكِتَابِ) : إِذَا ابْتَاعَ قُطْنِيَّةً خَضْرَاءَ عَلَى أَنْ يَقْطَعَهَا خَضْرَاءَ تُوضَعُ فِيهَا الْجَائِحَةُ إِذَا بَلَغَتِ الثُّلُثَ وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ تَأْخِيرِهَا لِلْيُبْسِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: فَلَوْ فَعَلَ كَانَتْ مِنَ الْبَائِعِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فَاسِدٌ لَمْ يقبض وَكَذَلِكَ الثِّمَار و " إِن كَانَتِ الْجَائِحَةُ أَقَلَّ مِنَ الثُّلُثِ لِأَنَّ الثُّلُثَ مُخْتَصٌّ بِالْبَيْعِ الصَّحِيحِ فِي الْمُزْهِي مِنَ الثِّمَارِ وَبَلَحِهَا لِأَنَّ الْبَلَحَ والبُسر وَنَحْوَهُمَا إِنَّمَا يُجذ شَيْئا فَشَيْئًا لَيْلًا يَفْسَدَ فَرْعٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا اشْتَرَى عَرِيَّةً بِخَرْصِهَا: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: تُوضَعُ الْجَائِحَةُ لِأَنَّهُ مُشْتَرٍ وَمَنَعَ أَشْهَبُ لِأَنَّهُ اشْتَرَى مَا لَا سقِِي فِيهِ على البَائِع

قَالَ: إِذَا تَزَوَّجَتْ بِثَمَرَةٍ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: الْمُصِيبَةُ مِنْهَا لِأَنَّهُ بَابُ مُحَاسَنَةٍ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: مِنَ الزَّوْجِ وَلِأَنَّهُ بَائِعٌ فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: الْجَائِحَةُ فِي وَرَقِ التُّوتِ الَّذِي يُبَاعُ لِيُجْمَعَ أَخْضَرَ لَدُودِ الْحَرِيرِ كَجَائِحَةِ الْبَلَحِ: الثُّلُثُ فَصَاعِدًا وَلَيْسَ كَالْبَقْلِ لِأَنَّهُ مِنَ الشَّجَرِ كَالثِّمَارِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ كَالْبَقْلِ تُوضَعُ وَإِنْ قَلَّتْ لِشَبَهِهِ بِالْبَقْلِ فَرْعٌ فِي (الْكِتَابِ) : إِذَا اشْتَرَى حِينَ الزَّهْوِ وَأُجِيحَ بَعْدَ إِمْكَانِ الْجِذَاذِ فَلَا جَائِحَةَ فِيهِ لِانْتِفَاءِ جَائِحَةِ الْبَقَاءِ وَالتَّفْرِيطُ مِنَ الْمَالِكِ فَرْعٌ فِي (الْكِتَابِ) : لَا جَائِحَةَ فِيمَا يُباع بِأَصْلِهِ وَلَا فِيمَا اشْتَرَطَهُ الْمُبْتَاعُ مِنْ مَأْبُورِ الثِّمَارِ لِقَبْضِ الْمَبِيعِ بِجُمْلَتِهِ وَلَمْ يَبْقَ عَلَى الْبَائِعِ حَقٌّ مِنْ سَقْيٍ وَلَا غَيْرِهِ فَرْعٌ قَالَ: إِذَا اشْتَرَى قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ عَلَى الْقَطْعِ مِنْ حِينِهِ فَأُجِيحَ وُضِعَتِ الْجَائِحَةُ قَالَ اللَّخْمِيُّ: قَالَ سَحْنُونٌ: مَعْنَاهُ: يَجُذُّهُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ وَلَوْ دَعَاهُ البَائِع لأَخذه مرّة لم يجب لَيْلًا يَفْسَدَ وَمَعْنَى قَوْلِهِ: يَجُذُّهُ مِنْ حِينِهِ أَيْ يجذ بعضه

فِي (الْكِتَابِ) : إِذَا اشْتَرَى نَخْلًا مَأْبُورَةً فَلَهُ شِرَاءُ تَمْرِهَا قَبْلَ الزَّهْوِ وَلَا جَائِحَةَ فِيهَا لِعَدَمِ تَعَلُّقِهَا بِالْبَائِعِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ مُحَمَّدٌ: إِذَا اشْتَرَى الثَّمَرَةَ وَقَدْ طَابَتْ ثُمَّ اشْتَرَى فِيهَا الْجَائِحَةُ لِوُجُوبِهَا قَبْلَ شِرَاءِ الْأَصْلِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: إِنِ اشْتَرَى الْأَصْلَ ثُمَّ الثَّمَرَةَ إِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُزْهِيَةٍ فَلَا جَائِحَةَ وَإِلَّا فَفِيهَا الْجَائِحَةُ لِأَنَّ السَّقْيَ بَاقٍ عَلَى الْبَائِعِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: قَالَ أَصْبَغُ: إِنْ أُجِيحَتْ وَقَدْ طَابَتْ وَهِيَ عَظِيمَةٌ فَفِيهَا الْجَائِحَةُ لِأَنَّهَا تشبه الثِّمَار أَولا قَدْرَ لَهَا فَهِيَ تَبَعٌ لَا جَائِحَةَ فِيهَا فَرْعٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا اشْتَرَى عَشْرَةَ أَوْسُقٍ من حَائِط فأجيح بعضه بدى مِنَ الْبَاقِي بِالْمَبِيعِ مِنْ غَيْرِ جَائِحَةٍ لِوُجُوبِ ذَلِكَ عَلَى الْبَائِعِ بِالْعَقْدِ فَإِنْ كَانَا مُشْتَرِيَيْنِ بُدِئَ بِالْأَوَّلِ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِلثَّانِي لِتَقَرُّرِ حَقِّ الْأَوَّلِ قَبْلَ الثَّانِي فَرْعٌ قَالَ: فَإِنْ بَاعَ حَائِطًا جِزَافًا وَاسْتَثْنَى مِنْهُ مَكِيلَةَ الثُّلُثِ فأُجيح بُدِئَ بِالْبَائِعِ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنِيَ كَالْمُشْتَرِي وَتَخْتَصُّ الْجَائِحَةُ بِمَا بَقِيَ فَإِنْ كَانَتْ ثُلُثَ الْبَاقِي سَقَطَ وَإِلَّا فَلَا وَقِيلَ: تُقَسَّمُ الْجَائِحَةُ عَلَى البَائِع وَالْمُشْتَرِي لِأَن كل وَاحِد مِنْهَا بَائِعٌ لِصَاحِبِهِ فَإِنْ كَانَ الْحَائِطُ ثَلَاثِينَ وَسْقًا وَاسْتُثْنِيَ عَشْرَةٌ وَأُجِيحَ تِسْعَةٌ كَانَ حِصَّةُ الْمَبِيعِ سِتَّةً دُونَ الثُّلُثِ فَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ وَإِنْ أُجِيحَ عَشْرَةٌ كَانَتِ الْحِصَّةُ سَبْعَةً إِلَّا ثلثاُ وَهُوَ ثُلُثُ الْمَبِيعِ فَيَسْقُطُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا اشْتَرَى نِصْفَ حَائِطِهِ أَوْ ثُلُثَهُ فَالْجَائِحَةُ عَلَيْهِمَا إِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنَ الثُّلُثِ وَلَا يَرْجِعُ مِنَ الثَّمَنِ بِشَيْءٍ وَإِنْ أُجِيحَ الثُّلُثُ سَقَطَ ثُلُثُ الثَّمَنِ أَوِ النِّصْفُ فَنَصِفُهُ لِأَنَّهُمَا شَرِيكَانِ بِخِلَافِ الصُّبْرَةِ الْجَائِحَةُ عَلَيْهَا قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ لِأَنَّ الْجَوَائِحَ مِنْ سَنَةِ الثِّمَارِ فَإِنْ بَاعَ الْحَائِطَ بَعْدَ يُبْسِهِ وَاسْتَثْنَى كَيْلَ الثُّلُثِ فَأَقَلَّ فأُجيحت: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَا يُوضَعُ مِنَ الثَّمَنِ شَيْءٌ كَالصُّبْرَةِ

فَرْعٌ فِي (الْكِتَابِ) إِذَا اكْتَرَى أَرْضًا ثُلُثُهَا سَوَادٌ فَأَدْنَى وَاشْتَرَطَهُ جَازَ ذَلِكَ فَإِنْ أَثْمَرَ وَأُجِيحَ كُلُّهُ فَلَا جَائِحَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ كَانَ تَبَعًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَبَعًا وَاشْتَرَطَ ثَمَرَتَهُ وَلَمْ يَزْهَ فَسَدَ الْعَقْدُ كُلُّهُ وَإِنْ أَزْهَى صَحَّ لِجَوَازِ بَيْعِ الثَّمَرَةِ حِينَئِذٍ فَإِنْ أُجِيحَ قُسِّمَ الْكِرَاءُ عَلَى الثَّمَرَةِ وَالْأَرْضِ فَإِنْ كَانَتِ الثَّمَرَةُ ثُلُثَ حِصَّةِ الثَّمَرَةِ وَضَعَ ثُلُثَ حِصَّتِهَا مِنَ الثَّمَنِ الْقِسْمُ الْخَامِسُ مِنَ الْكِتَابِ فِي تَأْجِيلِ الْعَقْدِ وَهُوَ السَّلَمُ وَفِي (التَّنْبِيهَاتِ) سُمِّيَ سَلَمًا لِتَسْلِيمِ الثَّمَنِ دُونَ عِوَضِهِ وَلِذَلِكَ سُمِّيَ سَلَفًا وَمِنْهُ الصَّحَابَةُ سَلَفٌ صَالِحٌ لِتَقَدُّمِهِمْ قَالَ سَنَدٌ وَيُقَالُ سَلَفَ وَسَلَمَ وَأَسْلَمَ وَأَصْلُهُ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ أَمَّا الْكِتَابُ فَعُمُومُ قَوْله تَعَالَى {وَأحل لكم البيع} وَخُصُوصُ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ فَالْأَمْرُ بِكِتَابَتِهِ فَرْعُ مَشْرُوعِيَّتِهِ وَلِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ هُوَ السَّلَمُ وَأَمَّا السُّنَّةُ فَمَا فِي مُسْلِمٍ قَدِمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْمَدَيْنَةَ وَهُمْ يُسْلِفُونَ فِي الثِّمَارِ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ (مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَفِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُوم إِلَى أجل مَعْلُوم) و (, نهى

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ) وَأَرْخَصَ فِي السَّلَمِ وَاجْتَمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى جَوَازِهِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ وَلِأَنَّ الثَّمَنَ يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ فِي الذِّمَّةِ فَيَجُوزُ الْمُثَمَّنُ قِيَاسًا عَلَيْهِ وَلِأَنَّ النَّاسَ يَحْتَاجُونَ لِأَخْذِ مَا يُنْفِقُونَهُ عَلَى ثِمَارِهِمْ قَبْلَ طِيبِهَا فَيُبَاحُ لَهُمُ الْبَيْعُ وَلِتَنْمِيَةِ أَمْوَالِهِمْ بِشِرَاءِ مَا يَتَأَخَّرُ فَيُبَاحُ لَهُمُ الشِّرَاءُ قَاعِدَةٌ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ أَنَّ الْمَصَالِحَ الشَّرْعِيَّةَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ ضَرُورِيَّةٌ كَنَفَقَةِ الْإِنْسَانِ وَحَاجِيَّةٌ كَنَفَقَةِ الزَّوْجَاتِ وَتَمَامِيَّةٌ كَنَفَقَةِ الْأَقَارِبِ وَالرُّتْبَةُ الْأُولَى مُقَدَّمَةٌ عَلَى الثَّانِيَةِ وَالثَّانِيَةُ عَلَى الثَّالِثَةِ عِنْدَ التَّعَارُضِ وَكَذَلِكَ دَفْعُ الضَّرَرِ عَنِ النُّفُوسِ وَالْمَشَقَّةِ مَصْلَحَةٌ وَلَوْ أَفْضَتْ إِلَى مُخَالَفَةِ الْقَوَاعِدِ وَذَلِكَ ضَرُورِيٌّ مُؤَثِّرٌ فِي الرُّخَصِ كَالْبَلَدِ الَّذِي يَتَعَذَّرُ فِيهِ الْعُدُولُ قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِي (النَّوَادِرِ تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَمْثَلِهِمْ لِأَنَّهَا ضَرُورَةٌ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُ فِي الْقُضَاةِ وَسَائِرِ وُلَاةِ الْأُمُورِ وَحَاجِيَّةٌ فِي الْأَوْصِيَاءِ (وَسَائِرِ وُلَاةِ الْأَمْرِ وَحَاجِيَّةٌ) عَلَى الْخِلَافِ فِي عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْعَدَالَةِ فَإِنَّ التَّوْلِيَةَ عَلَى الْأَيْتَامِ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَبْضَاعِ إِنَّمَا تَحْسُنُ لِمَنْ تَثْبُتُ أَمَانَتُهُ عَلَى خِلَافِ الْقَوَاعِدِ وَتَمَامِيَّةٌ فِي السَّلَمِ وَالْمُسَاقَاةِ وَبَيْعِ الْغَائِبِ فِي أَنَّ فِي مَنْعِهَا مَشَقَّةً عَلَى النَّاسِ وَهِيَ مِنْ تَمَامِ مَعَاشِهِمْ وَهَذَا الْقِسْمُ مُشْتَمِلٌ عَلَى بَابَيْنِ الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي السَّلَمِ وَالْبَابُ الثَّانِي فِي الْقَرْضِ

(الباب الأول في السلم)

(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي السَّلَمِ) وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَنْظَارٍ النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي شُرُوطِهِ وَهِيَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ شَرْطًا الشَّرْطُ الْأَوَّلُ تَسْلِيمُ جَمِيعِ رَأْسِ الْمَالِ (لِنَهْيِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ بَيْعِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ) قَاعِدَة مَقْصُود صَاحب الشَّرْع صَالح ذَاتِ الْبَيْنِ وَحَسْمُ مَادَّةِ الْفِتَنِ حَتَّى بَالَغَ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (لَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تَحَابُّوا) وَإِذَا اشْتَمَلَتِ الْمُعَامَلَةُ عَلَى شَغْلِ الذِّمَّتَيْنِ تَوَجَّهَتِ الْمُطَالَبَةُ مِنَ الْجِهَتَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ سَبَبًا لِكَثْرَةِ الْخُصُومَاتِ وَالْعَدَاوَاتِ فَمَنَعَ الشَّرْعُ مَا يُفْضِي لِذَلِكَ مِنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَفِيهِ أَيْضًا زِيَادَة عذر لِوُقُوعِهِ فِي الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ مَعًا فَائِدَةٌ الْكَالِئُ مِنَ الْكِلَاءَةِ وَهِيَ الْحِرَاسَةُ وَالْحِفْظُ فَهُوَ اسْمُ فَاعل إِمَّا البَائِع أَو المُشْتَرِي لِأَنَّ كِلَيْهِمَا يَحْفَظُ صَاحِبَهُ وَيُرَاقِبُهُ لِمَا لَهُ عِنْدَهُ فَيَكُونُ مَعْنَاهُ نَهْيٌ عَنْ بَيْعِ مَالِ الْكَالِئِ بِمَالِ الْكَالِئِ لِأَنَّ الرَّجُلَيْنِ لَا يُبَاعُ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ فَتَعَيَّنَ

الْحَذْفُ فَإِمَّا لِلِاثْنَيْنِ لِأَنَّ كِلَيْهِمَا يَحْفَظُ الْآخَرَ عَنِ الضَّيَاعِ عِنْدَ التَّفْلِيسِ وَغَيْرِهِ وَيُسْتَغْنَى عَنِ الْحَذف لقبولهما الْمَبِيع أَوْ يَكُونُ اسْمُ الْفَاعِلِ بِمَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ كَالْمَاءِ الدَّافِقِ بِمَعْنَى الْمَدْفُوقِ مَجَازًا وَيُسْتَغْنَى عَنِ الْحَذْفِ أَيْضًا وَعَلَى التَّقَادِيرِ الثَّلَاثَةِ فَهُوَ مَجَازٌ لِأَنَّهُ إِطْلَاقٌ بِاعْتِبَارِ مَا سَيَكُونُ فَإِنَّ النَّهْيَ وَارِدٌ قَبْلَ الْوُقُوعِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَخَذْتَ نِصْفَ الثَّمَنِ بِطَلَ الْجَمِيعُ وَإِنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ حَيَوَانًا أَوْ طَعَامًا بِعَيْنِهِ فَتَأَخَّرَ نَحْوَ الشَّهْرِ بِشَرْطٍ فَسَدَ الْبَيْعُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ مُعَيَّنٌ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ أَوْ لِهَرَبِ أَحَدِهِمَا نَفَذَ مَعَ كَرَاهَةٍ قَالَ سَنَدٌ إِذَا هَرَبَ الدَّافِعُ رَفَعَ الْآخَرُ أَمْرَهُ لِلْحَاكِمِ فَسَلَمَ لَهُ أَوِ الْآخِذُ سَلَمَهُ الْحَاكِمُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ مَاطَلَهُ حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ خُيِّرَ الْبَائِعُ بَيْنَ الرِّضَا وَالْفَسْخِ لِعَدَمِ انْتِفَاعِهِ بِالثَّمَنِ فِي الْأَجَلِ وَهِي حِكْمَة السّلم مقَال اللَّخْمِيُّ اخْتُلِفَ فِي اشْتِرَاطِ تَأْخِيرِ الْيَسِيرِ مِنَ الثّمن الْمدَّة الْبَعِيدَة هَل يفْسد الْجَمِيع قَالَ بِقَدْرِ مَا يَتَأَخَّرُ أَمْ لَا وَإِذَا كَانَ أَجَلُ السَّلَمِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ امْتَنَعَ التَّأْخِيرُ وَإِنْ أَجَزْنَاهُ فِي غَيْرِ هَذَا لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ وَإِذَا تَأَخَّرَ نَحْوَ النِّصْفِ قِيلَ يَمْضِي الْمُعَجَّلُ وَقِيلَ إِنْ سَمَّى لِكُلِّ قَفِيزٍ ثَمَنًا صَحَّ الْمُعَجَّلُ وَإِلَّا فَسَدَ الْجَمِيعُ كَالصَّرْفِ (وَفِيهِ أَيْضًا زِيَادَةُ غَرَرٍ فِي الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ مَعًا)

فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا كَانَ الثَّمَنُ عَرْضًا فَأَحْرَقَهُ رَجُلٌ فِي يَدِكَ فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ تَرَكَهُ وَدِيعَةً فِي يَدَيْكَ فَقَدْ قَبَضَهُ فَهُوَ مِنْهُ وَيَتْبَعُ الْجَانِيَ وَكَذَلِكَ إِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ وَإِلَّا فَمِنْكَ وَانْفَسَخَ السَّلَمُ لِبُطْلَانِ الثَّمَنِ فَإِنْ كَانَ حَيَوَانًا أَوْ دَارًا اتَّبَعَ الْجَانِيَ وَالسَّلَمُ ثَابِتٌ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ فِي فَسْخِ السَّلَمِ قَالَ سَنَد: وَعَن ابْن الْقَاسِم: إِذا لم يُقم الْبَيِّنَةُ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ يَفُوتُ السَّلَمُ وَعَلَى الْمُشْتَرِي قِيمَتُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْعَقْدِ وَإِذَا قُلْنَا بِالْفَسْخِ: قَالَ التُّونُسِيُّ: فَذَلِكَ بَعْدَ تَحْلِيفِ الْمُسْلِمِ عَلَى التَّلَفِ لِاتِّهَامِهِ فِي الْكِتْمَانِ فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَتْهُ الْقِيمَةُ قَالَ صَاحِبُ (النُّكَتِ) : إِذَا أَحْرَقَهُ رَجُلٌ امْتَنَعَتْ شَهَادَةُ الْمُشْتَرِي إِنْ كَانَ معدماً لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ بِهِ فِي الْحَوَالَةِ عَلَيْهِ وَإِلَّا جَازَتْ شَهَادَتُهُ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ: فِي شَهَادَتِهِ أَقْوَالٌ: ثَالِثُهَا: إِنْ كَانَ مُعْسِرًا رُدَّتْ وَإِلَّا فَلَا وَأَصْلُهَا تَبَيُّنُ التُّهْمَةِ وَعَدَمُهَا فَرْعٌ فِي (الْكِتَابِ) : إِذَا وَجَدَ رَأْسَ الْمَالِ زُيوفاً أَوْ رَصَاصًا بَعْدَ شَهْرٍ فَلَهُ الْبَدَلُ إِلَّا أَنْ يَعْمَلَا على ذَلِك فتعيين ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِأَنَّ ذَلِكَ يَجُوزُ تَأْخِيرُ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ إِلَيْهِ قَالَ الْمَازِرِيُّ: إِذَا وَجَدَ من رَأس المَال درهما زائفاً انتفض مِنَ السَّلَمِ بِقَدْرِهِ كَالصَّرْفِ فَإِنْ رَضِيَ بِهِ صَحَّ كَالصَّرْفِ وَقَدْ يَجْرِي الْخِلَافُ الَّذِي فِي الصَّرْفِ هَاهُنَا وَلَوْ تَرَاضَيَا بِتَأْخِيرِ الْبَدَلِ مُدَّةً طَوِيلَةً امْتَنَعَ قَالَ ابْنُ

يُونُسَ: يَنْتَقِضُ السَّلَمُ كُلُّهُ وَقِيلَ: يَنْتَقِضُ بِقَدْرِ الزَّائِفِ قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَنْتَقِضَ شَيْءٌ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ أَوَّلًا قَالَ الْمَازِرِيُّ: فَإِنْ عَثَرَ عَلَيْهَا بِقُرْبِ يَوْمَيْنِ فَسَخَ الْبَاقِيَ وَامْتَنَعَ الْبَدَلُ أَو بعد الطول: فَقَالَ أَبُو بكر عَبْدُ الرَّحْمَنِ: يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ كُلُّهُ كَأَنَّهُمَا عَقَدَا عَلَى تَأْخِيرِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ وَقِيلَ: يَنْتَقِضُ بِقَدْرِ الزَّائِفِ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْفَسَادِ وَقِيلَ: لَا يفْسد من السّلم شَيْء بعد التُّهْمَةِ وَيُلَاحَظُ هَاهُنَا الرَّدُّ بِالْعَيْبِ هَلْ هُوَ نَقْضٌ لِلْعَقْدِ أَمْ لَا؟ فَيَكُونُ عَقْدًا ثَانِيًا فَيَمْضِي الْأَوَّلُ قَالَ أَشْهَبُ: إِنْ بَقِيَ مِنْ أَجَلِ السَّلَمِ نَحْوَ الْيَوْمَيْنِ (جَازَ اشْتِرَاطُ تَأْخِيرِ الْبَدَلِ الْمُدَّةَ الْبَعِيدَةَ وَيَصِيرُ الَّذِي يُقْبَضُ بَعْدَ الْيَوْمَيْنِ) هُوَ رَأس المَال لمُدَّة بعيدَة مالم يَكُنْ رَأْسُ الْمَالِ وَدِيعَةً عِنْدَ الْبَائِعِ وَادَّعَى تَلَفَهُ وَالْمُسْلَمُ فِيهِ طَعَامٌ يُفْسَخُ الْعَقْدَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِلتُّهْمَةِ فِي التَّأْخِيرِ وَخَيَّرَ مُحَمَّدٌ الْمُسْلَمَ إِلَيْهِ فِي الْفَسْخِ وَأَخْذِ قِيمَةِ التَّالِفِ وَتَصْدُقُ فِي أَنَّكَ مَا دَفَعْتَ إِلَّا جَيِّدًا لِأَنَّ الْأَصْلَ: عَدَمُ الْغُرْمِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَخذهَا ليدها فَيصدق مَعَ يميينه فَرْعٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا ظَهَرَ الثَّمَنُ مَعِيبًا وَهُوَ مُعَيَّنٌ انْتَقَضَ السَّلَمُ لِبُطْلَانِ الثَّمَنِ فَإِنْ لم يكن معيبا فَعَلَى الْقَوْلِ بِإِجَازَةِ السَّلَمِ الْحَالِّ فِي الْمَوْصُوفِ يَرْجِعُ بِمِثْلِهِ وَإِذَا انْتَقَضَ السَّلَمُ بَعْدَ قَبْضِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَحَوَالَةِ سُوقِهِ أَوْ تَغَيُّرِهِ أَوْ خُرُوجِهِ عَنِ الْيَدِ وَهُوَ غَيْرُ مِثْلِيٍّ رُدَّ مِثْلُهُ يَوْمَ قَبْضِهِ لِأَنَّ الْيَدَ مُضَمَّنَةٌ لِلْحَدِيثِ أَوْ مِثْلِيًّا أَخَذَهُ إِنْ كَانَ بِيَدِهِ لِأَنَّ الْمِثْلِيَّ لَا يَفُوتُ بِحَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ أَوْ مِثْلِهِ إِنْ لَمْ يُوجَدْ وَعَلَى

قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ: إِنَّ حَوَالَةَ الْأَسْوَاقِ تُفِيتُهُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ يَأْخُذُ الْقِيمَةَ فَرْعٌ فِي (الْكتاب) : يمْتَنع أَن تُؤْكَل غَرِيمَكَ فِي سَلَمٍ خَشْيَةَ أَنْ يُعْطِيَكَ مِنْ عِنْدِهِ فَيَكُونُ دَيْنًا بِدَيْنٍ حَتَّى تَقْبِضَ الدَّيْنَ ثُمَّ تَدْفَعَهُ لَهُ قَالَ سَنَدٌ: وَحَيْثُ مَنَعْنَا فَأَتَى بِالْمُسْلَمِ فِيهِ لَزِمَهُ أَخْذُهُ وَدَفْعُ الدَّيْنِ إِلَّا أَنْ يَشْهَدَ عَلَى أَنَّ الْعَقْدَ لِلْمُوكَّلِ حَالَةَ الْوَكَالَةِ فَإِنْ تَأَخَّرَ الْعَقْدُ عَنِ الْوَكَالَةِ مُنِعَ لِلتُّهْمَةِ فِي أَنَّهُ أَخَّرَهُ لِمَنْفَعَةِ السَّلَمِ فَإِنْ وَكَّلَهُ قَبْلَ أَجَلِ الدَّيْنِ وَثَبَتَ أَنَّهُ أَسْلَمَ لَمْ يَضُرَّ التَّأْخِيرُ عَنْ حَالَةِ الْوَكَالَةِ إِلَّا أَنْ يَتَأَخَّرَ حَالَةَ الْحُلُولِ وَلَوْ وَكَّلَهُ عَلَى الْبَيْعِ نَفَذَ الْبَيْعُ وَكَرِهَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ إِلَّا أَنْ يَكُونَا حَاضِرَيْنِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ: إِنْ كَانَ الْمُوَكَّلُ غَائِبًا امْتَنَعَ أَوْ حَاضِرًا لِذَلِكَ الْعَقْدِ أَوْ لِذَلِكَ دُونَ الْعَقْدِ فَالْجَوَازُ فِي (الْكِتَابِ) لِأَنَّهُ شِرَاءٌ نَقْدًا وَمَنَعَ سَحْنُونٌ حِمَايَةً لِلذَّرِيعَةِ الْبَعِيدَةِ فَرْعٌ فِي الْجَلَّابِ) : يَجُوزُ تَأْخِيرُ الثَّمَنِ إِذَا شَرَعَ فِي أَخْذِ الْمُثَمَّنِ كَالسَّلَمِ فِي الْخُبْزِ وَالْفَوَاكِهِ تَنْزِيلًا لِقَبْضِ الْبَعْضِ مَنْزِلَةَ قَبْضِ الْكُلِّ فَلَيْسَ دَيْنًا بِدَيْنٍ نَظِيرُهُ: قَبْضُ أَوَائِلِ الْمَنَافِعِ الْمَأْخُوذَةِ فِي الدُّيُونِ وَكَذَلِكَ جُمْلَةُ الْإِجَارَاتِ فَرْعٌ قَالَ الْمَازِرِيُّ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ جِزَافًا خِلَافًا لِ (ش) و (ح) لِأَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ فَجَازَ ثَمَنًا قِيَاسا على الْمُقدر وَالْجَوَاب عَن قياسمها عَلَى الْقَرْضِ وَالْقِرَاضِ وَعَنْ تَوَقُّعِ عَدَمِ حُصُولِ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَيَتَعَذَّرُ مَعْرِفَةُ مَا يَرْجِعُ بِهِ أَنَّ الْقِرَاضَ وَالْقَرْضَ يَرِدُ فِيهِمَا الْمِثْلُ وَهُوَ مُتَعَذر فِي الْجزَاف الْمَرْدُود فِي السّلم

غَيْرُهُ وَهُوَ مَضْبُوطٌ بِالصِّفَةِ وَالْغَالِبُ: الْوَفَاءُ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ وَفِي (الْجَوَاهِرِ) : مَنَعَ عَبْدُ الْوَهَّابِ الْجِزَافَ فَرْعٌ وَفِي (الْجَوَاهِرِ) : وَلَا يُشْتَرَطُ قَبْضُ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ وَلَا يَفْسَدُ الْعَقْدُ بِتَأْخِيرِهِ بِالشَّرْطِ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَ لِأَنَّ الثَّلَاثَةَ مُسْتَثْنَاةٌ من الْمحرم فِي الْهِجْرَة والمهاجرة بالإقالة بِمَكَّةَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَمَنَعَ الْإِحْدَادَ لِغَيْرِ ذَاتِ الزَّوْجِ وَقِيلَ: بِفَسَادِ السَّلَمِ إِذَا افْتَرَقَا قَبْلَ الْقَبْضِ كَالصَّرْفِ وَقَالَهُ (ش) و (ح) وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ: هَلْ يُسَمَّى هَذَا التَّأْخِيرُ دَيْنًا أَمْ لَا؟ وَأَنَّ مَا قَارَبَ الشَّيْءَ هَلْ يُعْطَى حُكْمُهُ أَمْ لَا؟ وَالزَّائِدُ عَلَى الثَّلَاثِ بِالشَّرْطِ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ وَبِغَيْرِ شَرْطٍ فَفِي الْفَسَادِ قَوْلَانِ فِي الْعين وَلَا يفْسد بِتَأْخِير الْعرض لِتَعَذُّرِ كَوْنِهِ دَيْنًا إِذِ الدَّيْنُ مَا تَعَلَّقَ بِالذِّمَّةِ وَالْمُعَيَّنُ لَيْسَ فِي الذِّمَّةِ لَكِنْ يُكْرَهُ إِذا كَانَ مِمَّا يعاب عَلَيْهِ لِشَبَهٍ كَالطَّعَامِ وَالثَّوْبِ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: إِنَّمَا يُتَصَوَّرُ هَذَا إِذَا كَانَ الطَّعَامُ لَمْ يُكْتَلْ وَالثَّوْبُ غَائِبٌ عَنِ الْمَجْلِسِ وَإِلَّا تَبْقَى الْكَرَاهَةُ لِعَدَمِ بَقَاءِ حَقِّ التَّوْفِيَةِ كَمَا أَجَازُوا أَخْذَ سِلْعَةٍ حَاضِرَةٍ مِنْ دَيْنٍ يَتْرُكُهَا مُشْتَرِيهَا اخْتِيَارًا مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْ قَبْضِهَا وَيَسْتَوِي فِي فَسَادِ الْعَقْدِ تَأْخِيرُ الْكُلِّ أَوِ الْبَعْضِ فَرْعٌ فِي (الْكِتَابِ) : يَجُوزُ الثَّمَنُ تِبْرًا وَنِقَارًا وَذَهَبًا جِزَافًا لَا يُعْلَمُ وَزْنُهُ كَالسِّلْعَةِ وَيَمْنَعُ دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ مَجْهُولَةَ الْوَزْنِ مَعْرُوفَةَ الْعَدَدِ لِأَنَّهَا مُخَاطَرَةٌ وَلِأَنَّهَا لَا تُبَاعُ

جِزَافًا قَالَ أَشْهَبُ: مَنَعَ عَبْدُ الْوَهَّابِ الْجِزَافَ مُطلقًا لَيْلًا يَنْفَسِخَ السَّلَمُ فَلَا يُعْلَمُ مَا يَرْجِعُ بِهِ وَابْنُ الْقَاسِمِ يَمْنَعُ تَطَرُّقَ الْفَسْخِ لِأَنَّ عِنْدَهُ إِذَا خَرَجَ الْإِبَّانُ صَبَرَ لِعَامٍ آخَرَ وَيَلْزَمُ الْقَاضِيَ مَنْعُ الْحَوْلَيْنِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا لَا تَضْبُطُهُ الصِّفَةُ وَوَافَقَ ابْنُ الْقَاسِمِ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ وَمَنَعَ (ح) فِي جِزَافِ الْمَوْزُونِ وَيَمْتَنِعُ الْجُزَافُ فِي الثِّيَابِ وَالرَّقِيقِ فِي السَّلَمِ لِمَنْعِ بَيْعِهَا جِزَافًا الشَّرْطُ الثَّانِي: السَّلَامَةُ مِنَ السَّلَفِ بِزِيَادَةٍ (لنَهْيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَمَّا جَرَّ نَفْعًا مِنَ السَّلَفِ) قَاعِدَةٌ: شَرَعَ اللَّهُ تَعَالَى السَّلَفَ لِلْمَعْرُوفِ وَالْإِحْسَانِ وَلِذَلِكَ اسْتَثْنَاهُ مِنَ الرِّبَا الْمُحَرَّمِ فَيَجُوزُ دَفْعُ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ فِيهِ لِيَأْخُذَ مِثْلَهُ نَسِيئَةً وَهُوَ مُحَرَّمٌ فِي غَيْرِ الْقَرْضِ لَكِنْ رَجَحَتْ مَصْلَحَةُ الْإِحْسَانِ عَلَى مَصْلَحَةِ الرِّبَا فَقَدَّمَهَا الشَّرْعُ عَلَيْهَا عَلَى عَادَتِهِ فِي تَقْدِيمِ أَعْظَمِ الْمَصْلَحَتَيْنِ عَلَى أَدْنَاهُمَا عِنْدَ التَّعَارُضِ فَإِذَا وَقَعَ الْقَرْضُ لِيَجُرَّ نَفْعًا لِلْمُقْرِضِ بطلت مصلحَة الْإِحْسَان بالمكايسة فَيبقى الرِّبَا سَالِمًا عَنِ الْمُعَارِضِ فِيمَا يَحْرُمُ فِيهِ الرِّبَا فَيَحْرُمُ لِلرِّبَا وَلِكَوْنِهِمَا خَالَفَا مَقْصُودَ الشَّرْعِ وواقعا مَا لِلَّهِ لِغَيْرِ اللَّهِ وَيَحْرُمُ ذَلِكَ فِيمَا لَا رِبًا فِيهِ كَالْعُرُوضِ لِلْمَعْنَى الثَّانِي دُونَ الأول فلهذه الْقَاعِد يُشْتَرَطُ اخْتِلَافُ جِنْسِ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ لِأَنَّ السَّلَفَ لَا يَتَحَقَّقُ فِي الْمُخْتَلِفَيْنِ فَتَتَعَذَّرُ التُّهْمَةُ تَمْهِيدٌ: قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ: أَصْلُ مَالِكٍ: حَمْلُ النَّاسِ على التُّهْمَة ومراعاة مَا

يرجع إِلَيْهِم مَا يَخْرُجُ مِنْهُمْ دُونَ أَمْوَالِهِمْ فَالْمُسْلَمُ فِيهِ إِنْ خَالَفَ الثَّمَنَ جِنْسًا أَوْ مَنْفَعَةً جَازَ لِبُعْدِ التُّهْمَةِ أَوِ اتَّفَقَا امْتَنَعَ إِلَّا أَنْ يُسْلِمَ الشَّيْءَ فِي مِثْلِهِ فَيَكُونَ قَرْضًا مَحْضًا وَلَا يضرنا لفظ السّلم كَمَا أَنه لَا ينْتَفع مَعَ التُّهْمَةِ وَإِنْ كَانَتِ الْمَنْفَعَةُ لِلدَّافِعِ امْتَنَعَ اتِّفَاقًا وَكَذَلِكَ إِنْ دَارَتْ بَيْنَ الِاحْتِمَالَيْنِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ مَقْصُودِ الشَّرْعِ فَإِنْ تَمَحَّضَتْ لِلْقَابِضِ الْجَوَازُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَالْمَنْعُ لِصُورَةِ الْمُبَايَعَةِ وَلِلْمُسْلِفِ رَدُّ الْعَيْنِ وَهَاهُنَا اشْتَرَطَ الدَّافِعُ رَدَّ الْمِثْلِ دُونَ الْعين فَهُوَ عرض لَهُ وَإِنِ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ دُونَ الْمَنْفَعَةِ فَقَوْلَانِ: الْجَوَازُ لِلِاخْتِلَافِ وَالْمَنْعُ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْأَعْيَانِ مَنَافِعُهَا فَهُوَ كَاتِّحَادِ الْجِنْسِ وَإِنِ اخْتَلَفَتِ الْمَنْفَعَةُ دُونَ الْجِنْسِ جَازَ لِتَحَقُّقِ الْمُبَايَعَةِ تَمْهِيدٌ: قَالَ: الْعُرُوضُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: مَا اتَّفَقَ عَلَى تَبَايُنِهَا وَمَا اتَّفَقَ عَلَى اتِّحَادِهَا وَمُخْتَلَفٌ فِيهَا فَالْحَيَوَانُ نَاطِقٌ وَغير نَاطِق وَغير نَاطِق غيرمأكول كالبغال فيختلف بالصغير وَالْكثير اتِّفَاقًا وَالْمَأْكُولُ: ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ مَا لَهُ قُوَّةٌ عَلَى الْحَمْلِ وَالْعَمَلِ كَالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ فَيَخْتَلِفُ فِيهَا اتفاقاُ وَمَا لَا قُوَّةَ لَهُ عَلَيْهِمَا كَالطَّيْرِ الْمُتَّخذ للْأَكْل فَلَا يخْتَلف بهما اتِّفَاقًا لِأَنَّ مَقْصُودَ الْجَمِيعِ اللَّحْمُ الثَّالِثُ: مَا لَا يَعْمَلُ وَلَا يَحْمِلُ لَكِنَّ مَنْفَعَتَهُ اللَّبَنُ وَالنَّسْلُ كَالْغَنَمِ فَقَوْلَانِ وَلَا يَخْتَلِفُ فِي الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَة شَيْء من الْحَيَوَان الْغَيْر نَاطِق إِلَّا أَنْ يَخْتَلِفَ بِهِمَا الْمَنَافِعُ وَمَنْ أَسْلَمَ صَغِيرًا فِي كَبِيرٍ لِأَمَدٍ يَكْبُرُ فِيهِ الصَّغِيرُ امْتَنَعَ لِلْمُزَابَنَةِ (وَإِلَّا جَازَ أَوْ كَبِيرًا فِي صَغِير لأمد ملك فِيهِ الْكَبِيرُ الصَّغِيرَ امْتَنَعَ لِلْمُزَابَنَةِ) وَهِيَ بَيْعُ الْمَعْلُومِ بِالْمَجْهُولِ مِنْ جِنْسِهِ وَإِلَّا جَازَ وَهَذَا مَأْمُون فِي

الْبِغَالِ قَالَ سَنَدٌ: اخْتُلِفَ فِي الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ هَلْ هُمَا جِنْسَانِ فِي جُمْلَةِ الْحَيَوَانِ أَمْ لَا؟ قَالَ الْبَاجِيُّ: وَالْأَوَّلُ الْقِيَاسُ لِاخْتِلَافِ الْمَنْفَعَةِ وَإِذا فَرغْنَا عَلَيْهِ وَأَسْلَمَ صَغِيرًا فِي كَبِيرٍ وَتَرَاخَى الْأَمْرُ حَتَّى كَبِرَ الصَّغِيرُ وَصَارَ صِفَةَ الْكَبِيرِ فَالْقِيَاسُ أَلَّا يَدْفَعَهُ مَكَانَ الْكَبِيرِ سَدًّا لِبَابِ الْمُزَابَنَةِ وَالْقِيَاس أَيْضا: الدّفع بِصِحَّة العقد أَولا واقتضاءه لِذَلِكَ كَمَنْ وَطِئَ جَارِيَةً ثُمَّ رَدَّهَا بِالْعَيْبِ فَإِنَّ وَطْأَهُ حَلَالٌ فَلَا يَمْتَنِعُ رَدُّهَا فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يَمْتَنِعُ سَلَمُ حَدِيدٍ يُخْرِجُ مِنْهُ السُّيُوفَ فِي سُيُوفٍ لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ أَقَلَّ فَهُوَ سلف بِزِيَادَة أَو أَكثر اسْتَأْجَرَهُ بِالزَّائِدِ عَلَى عَمَلِ السُّيُوفِ فَهُوَ سَلَفٌ وَإِجَارَةٌ وَكَذَلِكَ سُيُوفُ يَخْرُجُ مِنْهَا حَدِيدٌ لِاتِّحَادِ النَّوْعِ وَيَمْتَنِعُ حَدِيدُ السُّيُوفِ فِي الْحَدِيدِ الَّذِي لَا يَخْرُجُ مِنْهُ سُيُوفٌ وَالثَّانِي: الْغَلِيظُ فِي الرَّقِيقِ لِاتِّحَادِ النَّوْعِ فَيُتَوَقَّعُ السَّلَفُ لِلنَّفْعِ وَيَمْتَنِعُ الْكَتَّانُ فِي ثَوْبِ الْكَتَّانِ بِخِلَافِ ثَوْبِ كَتَّانٍ فِي كَتَّانٍ لِأَنَّ الثَّوْبَ لَا يُخْرَجُ مِنْهُ كَتَّانٌ فَانْحَسَمَتْ مَادَّةُ السَّلَفِ وَيَمْتَنِعُ سَيْفٌ فِي سَيْفَيْنِ دُونَهُ لِتَقَارُبِ الْمَنَافِعِ إِلَّا أَنْ يَبْعُدَ مَا بَيْنَهُمَا فِي الْجَوْهَرِ قَالَ سَنَدٌ: أَجَازَ يَحْيَى سُيُوفًا فِي حَدِيدٍ كَالثَّوْبِ فِي الْكَتَّانِ وَالْفَرْقُ: أَنَّ صَنْعَةَ السُّيُوفِ قَرِيبَةٌ يَقْرُبُ رَدُّهَا حَدِيدًا لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي أَدْنَى السُّيُوفِ بَلْ رُبَّمَا تُقْطَعُ وَتُبَاعُ بِالْوَزْنِ كَالْحَدِيدِ فَكَأَنَّهُ أَخَذَهَا بِشَرْطِ إِنْ نَقَصَتْ زَادَ قَالَ التُّونُسِيُّ: وَلَعَلَّ مُرَادُهُ بِالْكَتَّانِ: الْغَلِيظِ الَّذِي مِنْهُ الرَّقِيقُ وَإِلَّا فَيَجُوزُ لِاخْتِلَافِ النَّوْعِ إِذَا لَمْ يَصْلُحُ مِنْ أَحَدِهِمَا مَا يَصْلُحُ مِنَ الْآخَرِ وَكَذَلِكَ الْكَتَّانُ إِنَّمَا امْتَنَعَ إِذَا كَانَ الْأَجَلُ يَتَأَتَّى فِيهِ ثَوْبٌ وَإِلَّا فَيَجُوزُ وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ ذَلِكَ الثَّوْبُ لَا يُخْرَجُ مِنْهُ ذَلِكَ الْكَتَّانُ وَمَنَعَ مُحَمَّد الْكَتَّان المغزول فِي المنقوش وَبِالْعَكْسِ لِيَسَارَةِ صَنْعَةِ

الْغَزْلِ وَالتَّمَكُّنِ مِنْ نَقْضِهِ قَالَ: وَالصَّوَابُ: الْجَوَازُ وَإِن سهل ذَلِك فِي الصُّوف والقطن فيُنقش وَيُنْدَفُ وَمَنَعَ سَحْنُونٌ السَّيْفَ الْعَالِي فِي الدَّنِيءِ لِاتِّحَادِ جِنْسِ الْحَدِيدِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ مُحَمَّدٌ: إِذَا صَنَعَ مِنَ الْحَدِيدِ سَكَاكِينَ وَسُيُوفًا وَأَغْمِدَةً صَارَتْ أَجْنَاسًا لِاخْتِلَافِ الْمَنَافِعِ تَمْهِيدٌ: قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ: مَهْمَا قَدُمَ الْمَصْنُوعُ فِي غَيْرِ الْمَصْنُوعِ إِلَى أَجَلٍ يَخْرُجُ مِنْهُ الْمَصْنُوعُ امْتَنَعَ وَإِلَّا جَاءَ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: تَمْتَنِعُ ثِيَابُ الْقُطْنِ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ إِلَّا غَلِيظَ الْمَلَاحِفِ فِي الثِّيَابِ الرَّقِيقَةِ وَكَذَلِكَ غَلِيظُ ثِيَابِ الْكَتَّانِ فِي رَقِيقِهَا إِذا عظم ذَلِك وَاخْتلف الْمَنَافِعُ قَالَ سَنَدٌ: ظَاهِرُ الْكِتَابِ أَنَّ اخْتِلَافَ لَا يفْسخ كَعَمَائِمِ الْقُطْنِ فِي الْمَلَاحِفِ إِذَا تُقَارِبَ الْغِلَظَ لِأَنَّ الْمِلْحَفَةَ قَدْ تُقْطَعُ عَمَائِمَ وَقِيلَ يَجُوزُ لِاخْتِلَافِ الْمَنْفَعَةِ وَتَمْتَنِعُ فُسْطَاطِيَّةٌ مُعَجَّلَةٌ وَمَرْوِيَّةٌ أَوْ مُؤَجَّلَةٌ فِي فُسْطَاطِيَّتَيْنِ مُؤَجَّلَتَيْنِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ فَإِن كَانَت فسطاطية فِي فسطاطيتن إِحْدَاهُمَا نَقْدٌ وَالْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ بِالْمَنْعِ وَالْكَرَاهَةِ وَأَجَازَهُ مُحَمَّدٌ لِصِفَةٍ فِي الْقَرْضِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا أَسْلَمَ ثَوْبًا فِي ثَوْبٍ وَكَانَ الْفَضْلُ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ أَوْ ضَمَانٌ بِجُعْلٍ أَوْ مِنَ الْجَانِبَيْنِ جَازَ بِأَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَجْوَدَ وَالْآخَرُ أَطْوَلَ لِأَنَّهُمَا مُتَغَيِّرَانِ وَيَجُوزُ جَيِّدٌ فِي رَدِيئَيْنِ وَنِصْفُ جَيِّدٍ فِي كَامِلٍ رَدِيءٍ فَإِنِ اسْتَوَتِ الْمَنْفَعَةُ وَاخْتَلَفَتِ الْأُصُولُ كَرَقِيقِ الْكَتَّانِ وَرَقِيقِ الْقُطْنِ: أَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ نَظَرًا لِأُصُولِهِمَا وَمَنَعَهُ أَشهب نظرا للمنفعة

فِي الْكِتَابِ: الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ وَالْحَمِيرُ يُسْلَمُ أَحَدُهَا فِي الْجِنْسِ الْآخَرِ لِلِاخْتِلَافِ وَيُكْرَهُ سَلَمُ الْحمير فِي البغال لتقاربهما قرب حمَار يُسَاوِي أَكثر من بغل وَيحمل كثر مِنْهُ كَالْحَمِيرِ الْمِصْرِيَّةِ الفُره فِي حُمر الْأَعْرَابِ لِضَعْفِهَا وَبُعْدِهَا عَنْ ظُهُورِ الْبِغَالِ وَتُسْلَمُ فِيهَا الْحِمَارَةُ الْفَارِهَةُ وَكَذَلِكَ الْبِغَالُ فِي الْحَمِيرِ وَيُسْلَمُ كِبَارُ الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ فِي صِغَارِهَا وَلَا يُسْلَمُ كِبَارُهَا فِي كِبَارِهَا إِلَّا النَّجِيبَ فِي غَيْرِهِ مِنَ الدُّونِ وَإِنْ كَانَ فِي سِنِّهِ وَلَا تُسْلَمُ صِغَارُ الْغَنَمِ فِي كِبَارِهَا وَلَا مَعْزُهَا فِي ضَأْنِهَا وَلَا ضَأْنُهَا فِي مَعْزِهَا لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْجَمِيعِ اللَّحْمُ لَا الْحَمُولَةُ إِلَّا شَاةً غَزِيرَةَ اللَّبَنِ تُسْلَمُ فِي حَوَاشِي الْغَنَمِ وَمَتَى اخْتلف الْمَنَافِعُ فِي الْحَيَوَانِ أُسْلِمَ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ اتَّفَقَتِ الْأَسْنَانُ أَمْ لَا قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: وَعَنْ مَالِكٍ: لَا يُسْلَمُ الْكَبِيرُ فِي الصَّغِيرِ وَلَا جَيِّدٌ فِي رَدِيءٍ حَتَّى يَخْتَلِفَ الْعَدَدُ وَرَأَى فِي الْكِتَابِ: أَنَّ الصَّغِيرَ يُخَالِفُ الْكَبِيرَ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ إِلَّا بَنِي آدَمَ لِأَنَّ الْمُرَادَ اللَّحْمُ وَاللَّبَنُ فَلَا يُرِيدُ إِلَّا غَرَرَهُمَا وَمَقْصُودُ بَنِي آدَمَ الْخِدْمَةُ حَتَّى يَحْصُلَ التَّفَاوُتُ بِتِجَارَةٍ أَوْ جَمَالٍ فَائِقٍ أَوْ غَيْرِهِمَا وَفِي كِتَابِ مُحَمَّد: امْتنَاع كَبِير فِي التَّفَاوُتُ بِتِجَارَةٍ أَوْ جَمَالٍ فَائِقٍ أَوْ غَيْرِهِمَا وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ: امْتِنَاعُ كَبِيرٍ فِي صَغِيرٍ لِأَنَّهُ ضَمَانٌ بِجُعْلٍ وَصَغِيرٍ فِي كَبِيرٍ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ وَإِجَازَةُ كَبِيرٍ فِي صَغِيرَيْنِ وَصَغِيرٍ فِي كَبِيرَيْنِ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الْعَدَدِ مَقْصُودٌ وَعِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ: الْبِغَالُ وَالْحَمِيرُ صِنْفَانِ قَالَ فَضْلٌ: هَذَا لَيْسَ خِلَافًا بَلْ حُكْمُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى عَادَةِ بِلَادِهِ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ: لَا تَخْتَلِفُ الْحَمِيرُ بِالسَّيْرِ وَالْحَمْلِ عَلَى مَذْهَبِهِ فِي الْكِتَابِ: وَأَنْكَرَهُ فَضْلٌ وَقَالَ بِالِاخْتِلَافِ وَاعْتَبَرَ فِي الْكِتَابِ: قُوَّةَ الْبَقَرَةِ عَلَى الْحَرْثِ وَقَالَ ابْن حبيب: إِنَّمَا يُرَاعى لهَذَا فِي الذُّكُورِ لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ ذَلِكَ أَمَّا الْإِنَاثُ فَلَا

فَرْعٌ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ: إِذَا أَسْلَمَ الشَّيْءَ فِي نَوْعِهِ لِلنَّفْعِ وَفَاتَ فَكَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ عَلَى الْقَابِضِ الْقِيمَةُ أَوِ الْمِثْلُ فِي الْمِثْلِيَّاتِ فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ ذَلِكَ إِلَّا مِنْ قَوْلِ الْبَائِعِ إِنِّي قَصَدْتُ نَفْعَ نَفْسِي خُيِّرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ تَصْدِيقِهِ وَيَفْعَلُ مَا تَقَدَّمَ وَبَيْنَ تَكْذِيبِهِ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي إِسْقَاطِ الْأَجَلِ وَأَخْذِ الْقِيمَةِ وَيَجُوزُ عَلَى مَذْهَبِ الْكِتَابِ: سَلَمُ الصَّغِيرِ فِي الْكَبِيرِ مِنَ الْإِبِلِ لِأَنَّهُمَا صِنْفَانِ وَجَعَلَ الْحَمِيرَ وَالْبِغَالَ هَاهُنَا صِنْفًا وَفِي كِتَابِ الْقِسْمَةِ صِنْفَيْنِ وَمَنَعَ من قسمتهَا بالقرعى وَمَعَ مِنْ قِسْمَتِهَا بِالْقُرْعَةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقِسْمَةِ رَفْعُ الْمُخَاطَرَةِ فَاحْتَاطَ بِجَعْلِهَا صِنْفَيْنِ وَفِي السَّلَمِ: جعلهَا صنفا احيتاطياً لمنع السّلف للنفع والمزابنة فَهُوَ أَحَق احْتِيَاطٌ فِي الْبَابَيْنِ فَرْعٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: يَجُوزُ عَدَدٌ كَثِيرٌ رَدِيءٌ بِجَيِّدٍ قَلِيلٍ فَيَكُونُ الْعَدَدُ قُبَالَةَ الْجَوْدَةِ وَيَجُوزُ الْفَرَسُ الْجَمِيلُ فِي السَّرِيعِ لِأَن تقَابل الصّفة مُبَالغَة فَإِنِ اسْتَوَيَا فِي السَّبْقِ وَأَحَدُهُمَا أَجْمَلُ أَوْ فِي الْجَمَالِ وَأَحَدُهُمَا أَسْبَقُ امْتَنَعَ لِأَنَّ الْفَضْلَ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ وَأَجَازَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ سَلَمَ الضَّأْنِ فِي الْمَاعِزِ وَرَآهُمَا صِنْفَيْنِ لِاخْتِلَافِ الرَّغَبَاتِ فِيهِمَا فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: الْحَوْلِيُّ مِنَ الْحَمِيرِ وَالْبِغَالِ صَغِيرٌ وَالرُّبَاعِيُّ كَبِير وَيجوز سلم أَحدهمَا فِي الْآخِرَة وَكَذَلِكَ حَوْلِيُّ الْخَيْلِ فِي جَذَعِهَا وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِم:

مَنَعَ الْكَبِيرَ فِي الصَّغِيرِ لِأَنَّهُ ضَمَانٌ بِجُعْلٍ وَالصَّغِيرَ فِي الْكَبِيرِ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِنَفْعٍ فِي جُمْلَةِ الْحَيَوَانِ فَرْعٌ قَالَ: وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: لَيْسَ فِي جِنْسِ الطَّيْرِ مَا يُوجِبُ اخْتِلَافَهُ فتمتنع الدَّجَاجَة البيوضة فِي اثْنَيْنِ لَيْسَتَا مِثْلَهَا وَكَذَلِكَ الْإِوَزُّ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: وَالدِّيَكَةُ وَالدَّجَاجُ صِنْفٌ لِتَقَارُبِ الْمَقَاصِدِ وَجَوَّزَ أَصْبَغُ الْبَيُوضَةَ فِي دِيكَيْنِ فَرْعٌ قَالَ: وَمُجَرَّدُ الْفَصَاحَةِ لَا تُوجِبُ الِاخْتِلَافَ فِي الرَّقِيقِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَيْسَ الْغَزل وَعمل الطّيب اخْتِلَافا قَالَ التونس: لَعَلَّهُ يُرِيدُ الْعِلْمَ بِالطِّيبِ لَا عَمَلَهُ وَالْقِرَاءَةُ وَالْكِتَابَةُ وَالْحُسْنُ لَيْسَ اخْتِلَافًا فَيَمْتَنِعُ نُوبية تَبْلُغُ بِحُسْنِهَا أَلْفَ دِينَارٍ لَيْسَ لَهَا صَنْعَةٌ مِنْ طَبْخٍ أَوْ غَيْرِهِ وَتَمْنَعُ طَبَّاخَةً بِطَبَّاخَتَيْنِ لِتَقَارُبِ الطَّبْخ وَجعل الكتابه التحريرة اخْتِلَافًا وَكَذَلِكَ الْجَمِيلَةُ وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ وَالْأَوْلَى قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ مُقْتَضَى الْقِيَاسِ قَالَهُ مُحَمَّدٌ قَالَ: وَالصَّوَابُ قَوْلُ أَصْبَغَ لِاخْتِلَافِ الطَّبْخِ وَالْجَمَالِ اخْتِلَافًا شَدِيدًا وَهُمَا مِنْ أَهَمِّ مَقَاصِدِ النَّاسِ كَمَا أَنَّ أَهَمَّ الْمَقَاصِدِ مِنَ الْخَيْلِ الْجَرْيُ وَمِنَ الْإِبِلِ الْحَمُولَةُ فَرْعٌ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ: إِذَا أَسْلَمَ فِي عَبْدٍ عَشْرَةَ دَنَانِيرَ وَعَرْضًا فَلم يَأْتِ بِهِ فأقاله يرد ذهبه وعرضاً أَجْوَدَ أَوْ أَدْنَى مِنْ عَرْضِهِ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ فِي الذَّهَبِ وَأَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ مِثْلَ عَرْضِهِ أَوْ أَدْنَى لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ وَمَنَعَهُ أَصْبَغُ لِلتُّهْمَةِ فِي الْبَيْعِ

فَرْعٌ قَالَ: يَجُوزُ لِمَنْ بَاعَ طَعَامًا بِثَمَنٍ إِلَى أَجَلٍ أَنْ يَأْخُذَ مِثْلَ ذَلِكَ الثَّمَنِ فِي سَلَمِ طَعَامٍ قَبْلَ حُلُولِ الْأَوَّلِ أَوْ قربه لَيْلًا يَرْجِعَ ثَمَنُهُ إِلَيْهِ وَيَكُونُ فَسْخُ الثَّمَنِ الَّذِي عَلَيْهِ فِي ثَمَنٍ إِلَى أَجَلٍ وَحَيْثُ يَجُوزُ يَمْتَنِعُ أَخْذُ رَهْنٍ بِالْأَوَّلِ وَالْآخِرِ لِأَنَّهُ غَرَرٌ إِذَا قَامَ الْغُرَمَاءُ لَا يَدْرِي مَا يَحْصُلُ لَهُ بِالرَّهْنِ فَهُوَ يَضَعُ عَنْهُ مَنْ ثَمَنِ السَّلَمِ لِأَمْرٍ لَا يَدْرِي هَلْ يَنْفَعُهُ أَمْ لَا فَإِن وَقع ذَلِك فسح السَّلَمُ وَكَانَ الرَّهْنُ رَهْنًا بِالْأَوَّلِ أَوْ مِنَ الطَّعَامِ الَّذِي ارْتَهَنَهُ بِهِ دُونَ الدَّيْنِ الْأَوَّلِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَقِيلَ: لَا يَكُونُ عَنْ شَيْءٍ لِبُطْلَانِهِ وَقِيلَ: يُقْسَمُ فَتَبْطُلُ حِصَّةُ الْأَوَّلِ: لِأَنَّهُ وَقَعَ بِغَيْرِ رَهْنٍ وَتَنْفُذُ حِصَّةُ الثَّانِي وَقِيلَ يَجُوزُ فِي الدَّيْنِ وَلَا أَثَرَ لِلْغَرَرِ لِأَنَّ الِارْتِهَانَ غَرَضٌ صَحِيحٌ هَاهُنَا الشَّرْطُ الثَّالِثُ: السَّلَامَةُ مِنَ الضَّمَانِ بِجُعْلٍ فَفِي الْكِتَابِ: لَا يسلم الْخشب فِي الْخشب إِلَّا مَعَ الاختلافا فِي الْجَانِبَيْنِ كَالْحَيَوَانِ وَيَمْتَنِعُ جَذَعٌ فِي نِصْفِ جَذَعٍ مِنْ جِنْسِهِ لِأَنَّهُ ضَمَانُ نِصْفٍ بِنِصْفٍ وَكَذَلِكَ فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ كَثَوْبٍ فِي ثَوْبٍ دُونَهُ وَرَأْسٍ فِي رَأْسٍ دُونَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: مَعْنَاهُ: مِنْ جِنْسِهِ وَمِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ يَجُوزُ لِلِاخْتِلَافِ وَمَنَعَ ابْنُ أَبِي زَمَنَيْنِ: جَذَعَ نَخْلٍ فِي نِصْفِ جَذَعِ صَنَوْبَرٍ وَغَيْرَ الصَّنَوْبَرِ يجوز عل رَأْيِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَفِي الْوَاضِحَةِ: الْخَشَبُ صِنْفٌ وَإِنِ اخْتَلَفَتْ أُصُولُهُ إِلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ الْمَنَافِعُ لِلْأَلْوَاحِ وَالْأَبْوَابِ وَالْجَوَائِزِ لِلسُّقُوفِ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْخَشَبِ الْمَنَافِعُ (لَا الْجِنْسُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ خَشَبًا لَا يَدْخُلُ فِيمَا يَدْخُلُ فِيهِ الْآخَرُ) قَاعِدَةٌ: الْمَنَافِعُ وَالْأَعْيَانُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: مِنْهَا مَا اتُّفِقَ عَلَى صِحَّةِ قَبُولِهِ لِلْمُعَاوَضَةِ كَالدَّارِ وسُكناها وَمِنْهَا: مَا اتُّفِقَ عَلَى عَدَمِ قَبُولِهِ لَهَا كَالدَّمِ وَالْخِنْزِير

وَالْمَيْتَةِ وَنَحْوِهَا مِنَ الْأَعْيَانِ وَالْقُبَلُ وَالْعِنَاقُ وَالنَّظَرُ إِلَى الْمَحَاسِنِ مِنَ الْمَنَافِعِ وَلِذَلِكَ لَا يُوجَبُ فِيهِ عِنْدَ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ مُتَقَوَّمًا لَأَوْجَبْنَا الْقِيمَةَ كَسَائِرِ الْمَنَافِعِ وَمِنْهَا: مَا اخْتُلِفَ فِيهِ كَالْأَزْبَالِ وَأَرْوَاثِ الْحَيَوَانِ مِنَ الْأَعْيَانِ وَالْأَذَانِ وَالْإِمَامَةِ مِنَ الْمَنَافِعِ فَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ إجَازَة وَمِنْهُم من مَنعه إِذا تقرر هَذِهِ الْقَاعِدَةُ فَالضَّمَانُ فِي الذِّمَمِ مِنْ قَبِيلِ مَا مَنَعَ الشَّرْعُ الْمُعَاوَضَةَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ مَنْفَعَةً مَقْصُودَةً لِلْعُقَلَاءِ كَالْقُبَلِ وَأَنْوَاعِ الِاسْتِمْتَاعِ مَقْصُودٌ لِلْعُقَلَاءِ وَلَا تَصِحُّ الْمُعَاوَضَةُ عَلَيْهَا فَإِنَّ صِحَّةَ الْمُعَاوَضَةِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ يَتَوَقَّفُ عَلَى دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ وَلم يدل عَلَيْهِ فَوَجَبَ نَفْيُهُ أَوْ بِالدَّلِيلِ الثَّانِي وَهُوَ الْقِيَاسُ عَلَى تِلْكَ الصُّوَرِ لَا لِنَفْيِ الدَّلِيلِ الْمُثبت الشَّرْط الرَّابِع: السَّلامَة من النسأ فِي الرِّبَوِيِّ فَفِي الْكِتَابِ: يَمْتَنِعُ سَلَمُ النَّقْدَيْنِ فِي تُرَاب الْمَعَادِن وَإِن كَانَ منضبطاً للنسأ فِي النَّقْدَيْنِ وَهُوَ مُحَرَّمٌ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الصَّرْفِ قَالَ سَنَدٌ: وَيُفْسَخُ فَإِنْ فَاتَ التُّرَابُ باستخراجه فللمبتاع وَعَلِيهِ قيمَة التُّرَاب قَالَه ابْنُ حَبِيبٍ وَيَنْبَغِي أَنْ تُؤْخَذَ الْقِيمَةُ مِنْ غَيْرِ الْعَيْنِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يَمْتَنِعُ حِنْطَةٌ فِي شَعِيرٍ وَثَوْبٌ وَعَدَسٌ وَثَوْبٌ مُؤَجَّلٌ وَشَعِيرٌ مُعَجَّلٌ لِأَنَّ الْمَضْمُومَ إِلَى الطَّعَامِ كَالطَّعَامِ يَمْتَنِعُ تَأْخِيرُهُ لِدُخُولِ الطَّعَامِ فِي الْعَقْدِ كَمَنْ صَرَفَ ذَهَبا بِفِضَّة مَعهَا سلْعَة فتعجل النقدان تَأَخَّرت السعلة فَإِنَّهُ يمْتَنع وَقد يتَعَذَّر الْوَفَاء بالمؤجل فؤدي ذَلِكَ إِلَى النَّسِيئَةِ فِي الطَّعَامِ وَأَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا يَتَحَقَّقُ التَّنَاجُزُ قَالَ سَنَدٌ: يَتَخَرَّجُ لهَذَا عَلَى جَمْعِ الْعَقْدِ حَلَالًا وَحَرَامًا

قَالَ اللَّخْمِيُّ: الْقِيَاسُ إِذَا تَأَخَّرَ الثَّوْبُ وَحْدَهُ: الْجَوَازُ لِحُصُولِ الْمُنَاجَزَةِ فِي النَّقْدَيْنِ الشَّرْطُ الْخَامِسُ: أَنْ يَكُونَ الْمُسْلَمُ فِيهِ عَلَى ضَبْطِهِ بِالصِّفَةِ قَاعِدَةٌ مَقْصُودُ الشَّارِعِ ضَبْطُ الْأَمْوَالِ عَلَى الْعِبَادِ لِأَنَّهُ أَنَاطَ بِهَا مَصَالِحَ دُنْيَاهُمْ وَأُخْرَاهُمْ فَمَنَعَ لذَلِك من تَسْلِيم الْأَمْوَال للسفهاء وَنهى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن إِ ضاعة الْمَالِ وَعَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ وَالْمَجْهُولِ كَذَلِكَ فَيَجِبُ لِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرَى إِمَّا مَعْلُومًا بِالرُّؤْيَةِ - وَهُوَ الْأَصْلُ - أَوِ الصِّفَةِ وَهُوَ رُخْصَةٌ لِفَوَاتِ بَعْضِ الْمَقَاصِدِ لِعَدَمِ الرُّؤْيَةِ لَكِنَّ الْغَالِبَ حُصُولُ الْأَغْلَبِ فَلَا عِبْرَةَ بِالنَّادِرِ فَمَا لَا تَضْبُطُهُ الصِّفَةُ تَمْتَنِعُ الْمُعَاوَضَةُ عَلَيْهِ لِتَوَقُّعِ سُوءِ الْعَاقِبَةِ بِضَيَاعِ الْمَالِيَّةِ فِي غَيْرِ مُعْتَبَرٍ فِي تِلْكَ الْمَالِيَّةِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يَمْتَنِعُ السَّلَمُ فِي تُرَابِ الْمَعَادِنِ لِأَنَّهُ مَجْهُولُ الصِّفَةِ وَفِي تُرَابِ الصَّوَّاغِينَ لِلْجَهْلِ بِمَا فِيهِ قَالَ سَنَدٌ: فَإِنْ لَمْ يَفْسَخْ تُرَابَ الصَّوَّاغِينَ حَتَّى صَفَّى رَدَّ البَائِع وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ بِخِلَافِ تُرَابِ الْمَعَادِنِ يَجُوزُ بَيْعُهُ إِذَا عَيَّنَ وَاخْتُلِفَ فِيهِ إِذَا لَمْ يُعَيَّنْ وَلِهَذَا يُمْنَعُ مُطْلَقًا وَقَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ: لَهُ الْأُجْرَةُ فِي تُرَابِ الصَّوَّاغِينَ مَا لَمْ يُجَاوِزْ مَا وُجِدَ فِيهِ كَالتَّمْرِ يُبَاعُ قَبْلَ الصَّلَاحِ لِلتَّبْقِيَةِ فَيُبْقِيهِ ثُمَّ يَفْسَخُ فَيَرْجِعُ بِالْعِلَاجِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي قِيمَةِ الثَّمَرَةِ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ: قَال ابْنُ حَبِيب: إِذَا لَمْ يخرد لَهُ فِي تُرَابِ الصَّوَّاغِينَ شَيْءٌ فَلَهُ الْأُجْرَةُ قَالَ: وَالصَّوَابُ: عَدَمُ الْأُجْرَةِ إِذَا لَمْ يَخْرُجْ شَيْءٌ لِدُخُولِهِمَا عَلَى الْغَرَرِ وَيَرْجِعُ بِجَمِيعِ

الثَّمَنِ فَإِنْ خَرَجَ شَيْءٌ خُير الْبَائِعُ بَيْنَ أَخْذِهِ وَدَفْعِ الْأُجْرَةِ وَجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوْ تَرْكِهِ وَدَفْعِ الثَّمَنِ وَقِيلَ: لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ قِيمَةٌ فَإِذَا أَفَاتَهُ بِالْعَمَلِ كَانَ الْخَارِجُ لَهُ وَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ عَلَى غَرَرِهِ وَقِيلَ: إِنِ ادَّعَى مُشْتَرِي الرَّمَادِ تَلَفَهُ قَبْلَ تَخْلِيصِهِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ نَظَائِرُ: قَالَ الْعَبْدِيُّ: يجوز السّلم إِلَّا فِي أَرْبَعَة: مَالا يُنْقَلُ كَالدُّورِ وَالْأَرَضِينَ وَمَجْهُولُ الصِّفَةِ كَتُرَابِ الْمَعَادِنِ والجزاف وَمَا يتَعَذَّر جوده وَمَا يمْتَنع بَيْعُهُ كَتُرَابِ الصَّوَّاغِينَ وَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ فَرْعٌ قَالَ الْمَازِرِيُّ: يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْيَاقُوتِ وَنَحْوِهِ وَمَنَعَهُ (ح) و (ش) لِتَعَذُّرِ ضَبْطِهِ بِالصِّفَةِ لِفَرْطِ التَّفَاوُتِ فِي الصَّفَاءِ وَالْجَوْدَةِ وَإِنْ ضَبَطَهُ تَعَذَّرَ الْوَفَاءُ بِهِ وَنَحْنُ نَمْنَعُ الْمَقَامَيْنِ بَلْ يُضْبَطُ بِشِدَّةِ الصَّفَاءِ وَقِلَّتِهِ وَتَوَسُّطِهِ وَكِبَرِ الْحَبَّةِ وَصِغَرِهَا وتوسطها وسلامتها من النمش وَيُشْتَرَطُ التَّدْوِيرُ وَالِاسْتِطَالَةُ وَالْوَزْنُ أَوِ الْمِقْدَارُ وَمَا هُوَ من أَعْرَاض أَرْبَاب الْجَوَاهِر وَكَذَلِكَ يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْمُرَكَّبَاتِ كَالتِّرْيَاقَاتِ وَالْإِيَارَجَاتِ وَالْغَوَالِي وَالْقِسِيِّ وَنَحْوِهَا وَمَنَعَهُ (ش) لِتَعَذُّرِ ضَبْطِهَا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ مُفْرَدَاتِهَا مَقْصُودٌ فِي نَفْسِهِ فَضَبْطُ قِسْطِ الْمُرَكَّبِ مِنْ ذَلِكَ الْمُفْرَدِ صِفَةً وَمِقْدَارًا يَتَعَذَّرُ وَيَخْتَصُّ النِّشَابُ بِنَجَاسَةِ رِيشِ النَّسْرِ عِنْدَهُ وَالتِّرْيَاقُ بِنَجَاسَةِ لُحُومِ الْأَفَاعِي وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّ الْمَقْصُودَ فِي الْمُرَكَّبَاتِ مَقْصُودٌ عَادَةً وَلَا عِبْرَةَ بِمَا ذَكَرُوهُ وَعَنِ الثَّانِي: أَنَّ السِّبَاعَ وَالْحَيَّاتِ يَطْهُرَانِ عِنْدَنَا وَمَنَعَ (ح) فِي السَّفَرْجَلِ وَالْبِطِّيخِ وَنَحْوِهَا مِنَ الْمَعْدُودَاتِ لِتَفَاوُتِ أَفْرَادِهَا فِي الْكِيَالَةِ الشَّرْطُ السَّادِسُ: أَنْ يَكُونَ الْمُسلم فِيهِ يقبل النَّقْل حَتَّى يَتَهَيَّأَ أَنْ يَكُونَ فِي

الذِّمَّةِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ: يَمْتَنِعُ السَّلَمُ فِي الدُّورِ وَالْأَرَضِينَ لِأَنَّ خُصُوصَ الْمَوَاضِعِ فِيهَا مَقْصُودٌ لِلْعُقَلَاءِ فَإِنْ عُيِّنَ لَمْ يَكُنْ سَلَمًا لِأَنَّ السَّلَمَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي الذِّمَّةِ وَإِنْ لَمْ يُعَيَّنْ كَانَ سَلَمًا فِي مَجْهُولٍ وَكَذَلِكَ يَمْتَنِعُ النِّكَاحُ بِهَا الشَّرْطُ السَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ مَعْلُوم الْمِقْدَار بِالْوَزْنِ والكيل أَو الْعدَد احْتِرَازًا من الْجزَاف لنَهْيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن بيع الْمَجْهُول وَجعل الْمِقْدَارِ كَجَهْلِ الصِّفَةِ وَفِي الْكِتَابِ: مَنَعَ اشْتِرَاطَ الْقَبْضِ بِقَصْعَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَنَحْوِهَا بِمَا لَا يَعْرِفُ قَدْرَهُ لِأَنَّهَا جَهَالَةٌ وَإِنَّمَا يَجُوزُ عِنْدَ الْأَعْرَابِ حَيْثُ لَا مِكْيَالَ عِنْدَهُمْ وَيَفْسَخُ إِذَا وَقَعَ وَقَالَهُ (ح) خِلَافًا لِ (ش) وَكَذَلِكَ أَشْهَبُ وَأَمْضَاهُ إِذَا نَزَلَ لِحُصُولِ الْمَعْرِفَةِ كَالْحَوْزِ قَالَ صَاحب التَّنْبِيهَات: يجوز وصف هَذَا الْمَسْأَلَةِ بِإِجَازَةِ السَّلَمِ فِي الْكِتَابِ بِذِرَاعِ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ فِي الثِّيَابِ وَشِرَاءِ وَيْبَةٍ وَجَفْنَةٍ وَإِذَا أَجَزْنَا الْقَصْعَةَ عِنْدَ الْأَعْرَابِ: فَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ: إِنَّمَا ذَلِكَ فِي الْيَسِيرِ وَعَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوَازُ فِي الْكَثِيرِ وَقِيلَ: فِي الْوَيْبَةِ وَالْجَفْنَةِ حَيْثُ لَا مِكْيَالَ وَقِيلَ: لَا بَلْ هِيَ كَالذِّرَاعِ وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ عَلَى الْمَنْعِ إِذَا كَثُرَتِ الْوَيْبَاتُ وَالْجَفْنَاتُ لِكَثْرَةِ الْغَرَرِ وَقِيلَ: الْجَوَازُ قَالَ سَنَدٌ: وَحَيْثُ أَجَزْنَا الْقَصْعَةَ وَنَحْوَهَا فَيَشْهَدُ عَلَى عِيَارِ ذَلِكَ الْوِعَاءُ خَوْفًا مِنْ تَلَفِهِ وَالْخِلَافُ فِي ذَلِكَ يَجْرِي عَلَى الْخِلَافِ فِي التَّحَرِّي وَلما أجَازه ابْن الْقَاسِم فِي المكيول دُونَ الْمَوْزُونِ فَعَلَى هَاهُنَا لِذَلِكَ وَأَجَازَ السَّلَمَ فِي سلال التِّين وَمنع غرائز قَمح وَكَذَلِكَ فعل فِي بيع الْجزَاف يجوز مَلأ السلل دون مَلأ الغارورة وَالْجُمْهُور على هَذَا الْفرق لَو أخرج الخضري مِكْيَالَهُ الْمَعْلُومَ فِي الْبَادِيَةِ امْتَنَعَ لِجَهْلِهِمْ بِهِ وَكَذَلِكَ الْبَدَوِيُّ يَقْدَمُ بِمِكْيَالِهِ وَلَوْ قَدِمَ بِغَيْرِ مِكْيَالٍ جَازَتْ مُعَامَلَتُهُ لِلْحَاضِرَةِ بِمِكْيَالِهِمْ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الْبِلَاد

فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: لَا يُشْتَرَطُ فِي ثِيَابِ الْحَرِيرِ الْوَزْنُ بَلِ الصِّفَاتُ تُغْنِي عَنْهُ فَإِنِ اشْتَرَطَهُ اعْتُبِرَ لِأَنَّهُ أَضْبَطُ وَمَنَعَ لِأَنَّهُ قَدْ يدْخل فِيهِ من الزَّرْع مَا لَا يُتَوَهَّمُ الشَّرْطُ الثَّامِنُ: ضَبْطُ الْأَوْصَافِ الَّتِي تتَعَلَّق بهَا الْأَعْرَاض لدفع الْخطر مَا لم تود إِلَى غَيْرِ وُجُودِهِ قَالَ سَنَدٌ: يَذْكُرُ فِي الرَّقِيقِ سَبْعَ صِفَاتٍ: النَّوْعَ كَالرُّومِيِّ وَالسِّنَّ وَالْقَدَّ فَيَقُولُ خَمْسَةُ أَشْبَارٍ أَوْ سِتَّةٌ وَالذُّكُورَةَ وَالْأُنُوثَةَ وَفِي الْعَلِيِّ يَذْكُرُ الْبَكَارَةَ وَالثُّيُوبَةَ وَاللَّوْنَ وَالنَّشَاطَ وَالرَّدَاءَةَ وَرُبَّمَا أَغْنَى السِّنُّ عَنِ الْقَدِّ فِي الْعُرْفِ لِأَنَّهُ يُعْرَفُ سِنُّ الصَّبِيِّ مِنْ قَدِّهِ وَيُحْمَلُ الْأَمْرُ فِيهِ عَلَى الْوَسَطِ الْمُتَعَارَفِ وَالنَّادِرُ لَا يَلْزَمُ وَأَلْزَمَ (ش) اشْتِرَاطَهُ وَيُغْنِي ذِكْرُ الْعَبْدِ عَنِ الذُّكُورَةِ وَالْأَمَةُ عَنِ الْأُنُوثَةِ وَالْجِنْسُ يُغْنِي عَنِ اللَّوْنِ فَإِنَّ غَالِبَ الْحَبَشَةِ السُّمْرَةُ لِلصُّفْرَةِ وَالنُّوبَةِ السَّوَادُ وَالرُّومِ الْبَيَاضُ وَلَا يُشْتَرَطُ ذكر اللَّوْن فِي جواري الْخدمَة كالبكاره وَأَلْزَمَ (ش) اشْتِرَاطَهُ وَيُشْتَرَطُ فِي الْغَنَمِ جِنْسُهَا ضَأْنًا أَوْ مَاعِزًا وَذُكُورَتُهَا وَأُنُوثَتُهَا وَسِنُّهَا وَجَوْدَتُهَا دُونَ نِتَاجِهَا وَاشْتَرَطَ (ش) بِلَادَهَا لَنَا أَنَّ مَنِ اشْتَرَاهَا لَا يَعْرِفُ بِلَادَهَا وَلَا نِتَاجَهَا صَحَّ فَكَذَلِك السّلم لَو اشْتَرَطَ لَوْنًا لَمْ يَلْزَمْ غَيْرُهُ وَإِنْ كَانَ الْعَقْدُ يَصِحُّ بِدُونِهِ وَيُشْتَرَطُ فِي الْخَيْلِ أَنَّهَا عَرَبِيَّةٌ أَوْ غَيْرُهَا وَحَوْلِيَّةٌ أَوْ غَيْرُهَا وَذُكُورَتُهَا وَأُنُوثَتُهَا وَفَرَاهَتُهَا دُونَ اللَّوْنِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِدُونِهِ وَإِنْ كَانَ مَطْلُوبًا فِي الْجُمْلَةِ وَكَذَلِكَ الْغُرَّةُ وَالتَّحْجِيلُ وَيُشْتَرَطُ فِي الْحَمِيرِ بِلَادُهَا مِصْرِيَّةٌ أَوْ شَامِيَّةٌ أَوْ أَعْرَابِيَّةٌ لِأَنَّ الْحِمَارَ الْمِصْرِيَّ رُبَّمَا بَلَغَ عِدَّةً مِنَ الْخَيْلِ وَالشَّامِيَّةَ شَدِيدَةٌ وَالْأَعْرَابِيَّةَ ضَعِيفَةٌ قَلِيلَةُ الْجَرْيِ وَسِنُّهَا وَجَوْدَتُهَا وَفَرَاهَتُهَا وَوَافَقَنَا (ش) فِي السَّلَمِ فِي الْحَيَوَانِ دُونَ أَعْضَائِهِ من الْجُلُود والرؤوس وَمَنَعَ (ح) لِشِدَّةِ تَفَاوُتِ

الْحَيَوَانِ وَعَدَمِ انْضِبَاطِهِ وَكَذَلِكَ أَجْزَاؤُهُ وَلِقَوْلِ الْبُحْتُرِيِّ (وَلَمْ أَرَ أَمْثَالَ الرِّجَالِ تَفَاوَتَتْ ... إِلَى الْفَضْلِ حَتَّى عُدَّ أَلْفٌ بِوَاحِدِ) وَوُزِنَ أَبُو بَكْرٍ الْأمة فَرجع وَكَذَلِكَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا حَتَّى قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ إِنَّمَا قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ (وَالنَّاسُ أَلْفٌ مِنْهُمْ كَوَاحِدٍ ... وَوَاحِدٌ كَالْأَلْفِ إِنْ أَمْرٌ عَرَا) لِضَرُورَةِ الشِّعْرِ وَفِي الْحَدِيثِ الْمُسْنَدِ (مَا شَيْءٌ يَرْبُو الْوَاحِدُ عَلَى الْأَلْفِ مِنْ جِنْسِهِ إِلَّا ابْن آدم) ولنهيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنِ السَّلَمِ فِي الْحَيَوَانِ وَلِقَوْلِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنَ الرِّبَا السَّلَمُ فِي الْحَيَوَانِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى تُرَابِ الصَّاغَةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ اسْتَوْصَفُوا الْبَقَرَةَ فَوُصِفَتْ لَهُمْ فَلَوْ لَمْ يَكُنِ الْوَصْفُ يَضْبُطُ لَمَا كَانَ فِيهِ فَائِدَةٌ وَعَلَيْهِ أَنَّ الْمَطْلُوبَ ثَمَّةَ أَصْلُ التَّمْيِيز وَهُوَ

لَا يَكْفِي فِي الْمُعَامَلَة وَلقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (لَعَنَ اللَّهُ الْمَرْأَةَ تَصِفُ الْمَرْأَةَ لِزَوْجِهَا حَتَّى كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا) فَأَقَامَ الْوَصْفَ مَقَامَ الرُّؤْيَةِ وَعِلَّتُهُ أَنَّ الْمُشَبَّهَ يَقْصُرُ عَنِ الْمُشَبَّهِ بِهِ وَالْمَطْلُوبُ ثَمَّةَ سَدِّ ذَرِيعَةِ الرِّبَا وَهِيَ تَنْفَتِحُ بِأَيْسَرِ الْمَحَاسِنِ وَالدَّوَاعِي وَلَا يَكْفِي ذَلِكَ فِي صِحَة المعالمة وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِي صِفَاتِ السَّلَمِ إِنَّمَا هُوَ الصِّفَات الظَّاهِرَة دون أَخْلَاق النُّفُوس ثمَّ ينتقضن عَلَيْهِمْ بِالدِّيبَاجِ الْمَنْقُوشِ أَجَازُوهُ وَبِالْعَصَافِيرِ مَنَعُوهَا مَعَ أَنَّهَا لَا تَخْتَلِفُ وَالدِّيبَاجُ شَدِيدُ الِاخْتِلَافِ وَلِأَنَّ الصِّفَاتِ الْمَقْصُودَةَ مَعْلُومَةٌ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ عِبَارَةٌ فَيَقْتَصِرُ عَلَى أَوَّلِ مَرَاتِبِهِ فَلَا جَهَالَةَ أَلْبَتَّةَ وَعَنِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ مَنَعَ الصِّحَّةَ وَعَنِ الرَّابِعِ انْضِبَاطُ الصِّفَاتِ الْمَالِيَّةِ فِي الْحَيَوَانِ بِخِلَافِ تُرَابِ الصَّاغَةِ ويؤكد مَذْهَبنَا: أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (اسْتَسْلَفَ بَكْرًا فَقَضَى خِيَارًا) فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ وَمَا تَقَرَّرَ قَرْضًا تَقَرَّرَ سَلَمًا بِجَامِعِ ضَبْطِ الصِّفَةِ وَعَلَيْهِ أَنَّ الْقَرْضَ مَعْرُوفٌ فَيُسَامَحُ فِيهِ وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ فِي الْخُلْعِ وَالنِّكَاحِ وَالْكِتَابَةِ عِنْدَهُمْ فَنَقِيسُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ أَنَّهَا لَيْسَتْ أَبْوَابُ تَنْمِيَةِ مَال بل مَعْرُوف ومحاسنة وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَصَفَ الدِّيَةَ مِنَ الْحَيَوَانِ فِي الذِّمَّةِ وَالزَّكَاةُ تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ بَعْدَ الِاسْتِهْلَاكِ فَكَذَا السَّلَمُ وَعَلَيْهِ أَنَّهَا بَابُ مَعْرُوفٍ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا فَيَكُونُ مُثَمَّنًا وَيَرُدُّ عَلَيْهِ: أَنَّهُ إِذَا كَانَ ثَمَنًا عُلِمَ بِالرُّؤْيَةِ بِخِلَافِ الثَّمَنِ وَيُشْتَرَطُ فِي الْفَاكِهَةِ جِنْسُهَا وَصِفَتُهَا وَقَدَرُ التُّفَّاحَةِ وَالرُّمَّانَةِ وَجَوْدَتُهَا وَرَدَاءَتُهَا وَيُشْتَرَطُ فِي قَصَبِ السُّكَّرِ مَا عُرِفَ فِيهِ

فَإِنْ كَانَ يُبَاعُ عِنْدَهُمْ حُزماً: فَعَدَدُ أَعْوَادِهَا وَطُولُ الْعُودِ وَغِلَظُهُ وَجَوْدَتُهُ وَرَدَاءَتُهُ وَإِنْ كَانَ يَبِيع بِالْوَزْنِ اشْترط وَلَا يلْزمه أعلا الْعود لعدم حلاوته وَلَا أَسْفَله لفرط يبيوسته بَلْ يَطْرَحُ ذَلِكَ وَقَالَ (ش) : لَا يَصِحُّ السّلم فِيهِ إِلَّا وزنا لعدم انضابط الْعَدَدِ فِي الْمِائَةِ وَجَوَابُهُ: أَنَّ ذَلِكَ يُقضي لِلْجَهَالَةِ فِي بَلَدٍ لَا يَعْرِفُونَ الْوَزْنَ فَيَتَحَمَّلُونَ أَنَّ الْوَزْنَ يَحْصُلُ عَدَدًا مِنَ الْعِيدَانِ فَيَتَخَرَّجُ خِلَافُهُ فَإِنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ إِنَّمَا تَضْبُطُ مَعْرِفَتَهَا الْعَوَائِدُ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ فِي أَبْوَابِ الرِّبَوِيَّاتِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يَكْفِي الْعَدَدُ فِي الرُّمَّانِ وَالسَّفَرْجَلِ وَالتُّفَّاحِ إِذَا وُصِفَتْ مَقَادِيرُهَا وَيَجُوزُ الْوَزْنُ إِذَا كَانَ عَادَةً وَكَذَلِكَ الْجَوْزُ وَلَا يُسْلِمُ فِي الْبَيْضِ إِلَّا عَدَدًا لِأَنَّهُ الْعَادَةُ وَوَافَقَنَا (ح) فِي اتِّبَاعِ الْعَوَائِدِ وَجَوَّزَ (ش) فِي الْمَكِيلَاتِ الْوَزْنَ وَبِالْعَكْسِ قَالَ سَنَدٌ: وَيُذْكَرُ جِنْسُ بَيْضِ الدَّجَاجِ أَوْ غَيْرِهِ وَصِغَرِهِ وَكِبَرِهِ وَوَافَقَنَا (ح) وَمَنَعَهُ (ش) إِلَّا وَزْنًا لِشِدَّةِ التَّفَاوُتِ فِي مَقَادِيرِ الْبَيْضِ فَرْعٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: مَتَى اشْترط جيدا أَو ردياً حُمل عَلَى الْوَسَطِ مِنَ الْجَيِّدِ أَوِ الرَّدِيءِ وَلَو قَالَ: وسطا فوسط ذَلِك النّصْف فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا لَمْ يَذْكُرِ الْجَيِّدَ مِنَ الرَّدِيءِ فَسَدَ الْعَقْدُ وَيَمْتَنِعُ اتِّفَاقُهُمَا عَلَى الْأَرْفَعِ لِفَسَادِ أَصْلِ الْعَقْدِ

فَرْعٌ قَالَ: إِذَا أَسْلَمَ مِصْرِيٌّ فِي حِنْطَةٍ لَمْ يَذْكُرْ جِنْسًا: قُضِيَ بِالْحَمُولَةِ أَوْ بِالشَّامِ قُضِيَ بِالسَّمْرَاءِ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنَ الصِّفَةِ بالحجار حَيْثُ يجْتَمع أَنْوَاع الْحُبُوب قيد التَّمْيِيزُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ خُصُوصِ الْإِقْلِيمِ الْقَائِمِ مَقَامَ الصِّفَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: يُرِيدُ: إِذَا أَسْلَمَ بِمِصْرَ فِي حِنْطَةٍ جَيِّدَةٍ أَوْ رَدِيئَةٍ أَجْزَأَهُ وَكَانَ لَهُ الْوَسَطُ مِنَ الْجَيِّدِ أَوِ الرَّدِيءِ قَالَ سَنَدٌ: لَمْ يَخْتَلِفْ أَصْحَابُنَا فِي صِحَّةِ الِاقْتِصَارِ على الْجَوْدَة قَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ: لَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ: فِي غَايَةِ الْجَوْدَةِ وَجَوَابُهُ: أَنَّ هَذَا يَتَعَذَّرُ وُجُودُهُ وَلِذَلِكَ مَنَعَهُ (ش) وَعَلَى الْمَذْهَبِ: قَالَ مُحَمَّدٌ: يُقْضَى بِالْغَالِبِ مِنَ الْجَيِّدِ أَوِ الرَّدِيءِ لَا بِنَادِرِهِ وَقَالَ الْبَاجِيُّ: يَكْفِي أَصْلُ الْوَصْفِ لِعَدَمِ انْضِبَاطِ مَرَاتِبِهِ فَيُؤَدِّي ذَلِكَ لِلْخُصُومَةِ وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ من الْمُسلم أَن يكون كالمربي بل حُصُول الْمَقَاصِد من حَيْثُ الْجُمْلَة ويفتقر فِي الْمُثَمَّنِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الثَّمَنِ وَلَا يَدْخُلُ الْحَشَفُ فِي وَصْفِ الرَّدِيءِ وَقَالَ (ش) : لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ حَشَفَةً وَاحِدَةً لنا: الْقِيَاسَ عَلَى الْعَظْمِ فِي اللَّحْمِ لِأَنَّهُ لَا يَنْفَكُّ عَنْهُ الْمَبِيعُ غَالِبًا وَاشْتَرَطَ ابْنُ الْقَاسِمِ ذكر المنفى أَوِ الْمُغَلَّثِ لِأَنَّهُ يُوجِبُ اخْتِلَافَ الثَّمَنِ وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا يُشْتَرَطُ لِأَنَّ مُقْتَضَى الْعَقْدِ السَّلَامَةُ فَإِنْ أَتَاهُ بَغَلُوثٍ كَانَ عَيْبًا وَيُخْتَلَفُ فِي اشْتِرَاطِ اللَّوْنِ فِي الشَّعِيرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَشْتَرِطُ أَصْفَرَ أَوْ أَبْيَضَ قِيَاسًا عَلَى بَقِيَّةِ الصِّفَاتِ وَإِلَّا فُسِخَ وَخَالَفَ أَشْهَبُ فَرْعٌ قَالَ سَنَدٌ: يَذْكُرُ فِي الثِّيَابِ الْجِنْسَ كَالْكَتَّانِ وَالْبَلَدَ لاخْتِلَاف نسج

الْبِلَاد والطول الصفاقة وَالْخِفَّةَ وَالْغِلَظَ وَالرِّقَّةَ زَادَ الشَّافِعِيَّةُ: النُّعُومَةَ وَالْخُشُونَةَ والجودة والرداءة وَلم يشْتَرط ابْن الْقَاسِم لِأَنَّهُ يُخرجهَا إِلَى الْعدة وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ اللَّبِيسِ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ وَمَنَعَ الشَّافِعِيَّة فِي الصبوغ بَعْدَ نَسْجِهِ لِأَنَّهُ سَلَمٌ فِي ثَوْبٍ وَصِفَةٍ لَنَا: الْقِيَاسُ عَلَى الْمَصْبُوغِ قَبْلَ نَسْجِهِ وَيَجُودُ فِي الْعَتَّابِيِّ وَنَحْوِهِ وَمَنَعَهُ الشَّافِعِيَّةُ لِأَنَّهُ مُرَكَّبٌ كَالْغَوَالِي وَالْمَعَاجِينِ عَلَى أَصْلِهِمْ لَنَا: أَنَّ الْقُطْنَ الْمُسَدَّى بِالْكَتَّانِ جَائِزٌ إِجْمَاعًا فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ فِي الْقَصِيلِ وَنَحْوِهِ مِنَ الْبُقُولِ إِذَا اشْترط جزراً أَوْ حُزَمًا أَوْ أَحْمَالًا مَعْلُومَةً وَلَا يُشْتَرَطُ الْأَخْذُ إِلَّا فِي الْإِبَّانِ نَفْيًا لِلْغَرَرِ إِلَّا أَن يكون لَا يَنْقَطِع وَكَذَلِكَ الْقصب والقرط الْأَخْضَرُ وَيَمْتَنِعُ اشْتِرَاطُ فَدَادِينَ مَوْصُوفَةٍ مَعْلُومَةٍ بِالطُّولِ وَالْعَرْضِ وَالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: الجُرز بِضَم الْجِيم وَفتح الرَّاء وَضم الزَّاي أَيْضًا وَآخِرُهُ زَايٌ مَفْتُوحَةٌ وَرُوِيَ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَبِزَايَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ وَهِيَ الْقُبَضُ فَإِنَّهَا لَا تخْتَلف والجزة تخْتَلف فِي اللطافة والكثافة وَمُرَادُهُ بِالْفَدَادِينِ غَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ والقرط بِضَمِّ الْقَافِ وَأَرَاهُ لَيْسَ بِعَرَبِيٍّ وَالْقَضْبُ بِفَتْحِهَا وَسُكُونِ الضَّادِ قَالَ سَنَدٌ مَنَعَ (ش) السَّلَمَ فِي هَذِهِ إِلَّا وَزْنًا وَقَدْ تَقَدَّمَ جَوَابُهُ وَتَجُوزُ الْفَدَادِينُ الْمُعَيَّنَةُ إِذَا عُلِمَتْ صِفَتُهَا وَالْمَمْنُوعُ غَيْرُ الْمُعَيَّنَةِ لِأَنَّ السَّلَمَ لَا بُدَّ فِيهِ

مِنْ ذِكْرِ مَوْضِعِهِ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِالْقُرْبِ وَالْبُعْدِ وَالرَّيَّاحِ وَالسَّقْيِ وَالْجَوْدَةِ فِي الْحَبِّ وَغَيْرِهِ فَيَكُونُ الْعَقْدُ غَرَرًا وَجَوَّزَهُ أَشْهَبُ بِنَاءً عَلَى غَالِبِ تِلْكَ الأَرْض وَيمْتَنع هَا هُنَا تَأْخِير لنقد كَمَا قُلْنَا فِي السَّلَمِ فِي حَائِطٍ بِعَيْنِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ بَيْعٌ وَهَذَا سَلَمٌ وَالْفَرْقُ عِنْدَ أَشْهَبَ بَيْنَ الْفَدَادِينِ وَالسَّلَمِ فِي الدُّورِ وَإِنِ اشْتَرَطَ نَفْسَ الْبُقْعَةِ أَنَّ أَشْهَبَ لَا يَشْتَرِطُ فِي الْفَدَادِينِ إِلَّا الْقَرْيَةَ دُونَ صَقْعٍ مُعَيَّنٍ وَالدُّورُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ تَشْخِيصِ الْأَرْضِ فَيَمْتَنِعُ لِاحْتِمَالِ التَّعَذُّرِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ يَصِفُ فِي الرَّأْس والكارع صِنْفَهَا وَكِبَرَهَا وَفِي اللَّحْمِ ضَأْنًا أَوْ مَاعِزًا وَزْنًا أَوْ تَحَرِّيًا مَعْرُوفًا لِجَوَازِ بَيْعِهِ تَحَرِّيًا وَفِي الْحيتَان الطرية نوعها وطولها وصفتها ووزنا أَوْ تَحَرِّيًا وَلَهُمَا بَعْدَ الْأَجَلِ الرِّضَا بِغَيْرِ النَّوْعِ الَّذِي يُسْلَمُ فِيهِ لِأَنَّهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ فِي الرِّبَا قَالَ اللَّخْمِيُّ يَشْتَرِطُ فِي اللَّحْمِ أَرْبَعَةً: الْجِنْسَ كَالضَّأْنِ وَالسِّنَّ كَالْجَذَعِ وَالصِّنْفَ كَالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ وَالْهَيْئَةَ مِنَ السِّمَنِ وَأَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنْ لَا يَشْتَرِطَ الْعُضْوَ وَأَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَقْبَلَ الْبَطْنَ فِي اللَّحْمِ وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ عَلَى أَن ذَلِك عَادَتهم أما الْيَوْم فَلَا وتسمة النَّاحِيَةِ الْمَأْخُوذَةِ مِنْهَا أَجْوَدُ قَالَ سَنَدٌ: مَنَعَ (ح) السّلم فِي اللَّحْم والرؤوس لِامْتِنَاعِهِ فِي اللَّحْمِ وَمَنَعَ (ش) فِيهِمَا لِأَنَّ أَكْثَرَهَا عِظَامٌ فَيَمْتَنِعُ كَرَمَادِ الصَّاغَةِ وَجَوَّزَ فِي اللَّحْمِ أَمَّا مَا مَسَّتْهُ النَّارُ: فَمَنَعَهُ (ش) فِي اللَّحْمِ لِاخْتِلَافِ عَمَلِ النَّارِ وَنَقَضَ عَلَيْهِ بِالسَّمْنِ وَالتَّمْرِ لِاخْتِلَافِ عَمَلِ النَّارِ فِي السَّمْنِ وَالشَّمْسِ فِي التَّمْرِ وَأَنْ تَمْتَنِعَ الْإِجَارَةُ فِي ذَلِك لِأَنَّهَا مَجْهُولَة وللرؤوس سِتَّةُ شُرُوطٍ: النَّوْعُ مِنْ غَنَمٍ أَوْ غَيْرِهَا وَالسِّنُّ وَالذُّكُورَةُ الْأُنُوثَةُ وَالسِّمَنُ مَشْوِيٌّ أَوْ

مَغْمُومٌ وَإِنْ جَرَتِ الْعَادَةُ بِالْوَزْنِ كَانَ أَضْبَطَ وَمَنَعَ (ش) و (ح) الْأَكَارِعَ وَيُزَادُ فِي الْأَكَارِعِ: مُقَدَّمٌ أَوْ مُؤَخَّرٌ وَلِلْحِيتَانِ سِتَّةُ شُرُوطٍ: النَّوْعُ: لَاجٌ أَوْ بُورِيٌّ وَالسِّمَنُ وَالصِّغَرُ وَالْكِبَرُ الْجيد وَالرَّدِيءُ وَمَوْضِعُ الصَّيْدِ فَإِنَّ نَوَاحِيَ الْبَحْرِ مُخْتَلِفَةٌ لِاخْتِلَافِ الْمَرْعَى وَالْوَزْنُ أَوِ التَّحَرِّي وَيَذْكُرُ فِي الْكَثِيرِ: الطُّولَ وَالْغِلَظَ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: تَقُولُ فِي التَّحَرِّي: أُسْلِمُ لَكَ فِيمَا إِذَا تَحَرَّى كَانَ كَذَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي زَمَنَيْنِ وَقَالَ غَيْرُهُ: بَلْ يُعَيِّنُ إِنَاءً وَيَتَحَرَّى مِلَاؤُهُ وَيَقُولُ آخر بِهَذَا وَكَذَا وَكَذَا فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْخُفِّ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَعْمَلُ فِي الْأَسْوَاقِ إِذَا وَصَفَهُ إِلَى أَجَلِ السَّلَمِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ صَانِعًا بِعَيْنِه لَيْلًا يَتَعَذَّرَ وَلَا بِمَا يَعْمَلُ مِنْهُ بِعَيْنِهِ قَالَ سَنَدٌ: قَالَ أَشْهَبُ: يَجُوزُ اشْتِرَاطُ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ إِذَا شَرَعَ فِي الْعَمَلِ لِأَنَّ الْغَالِبَ السَّلَامَةُ حِينَئِذٍ وَمَنَعَ (ش) فِي خَشَبِ النِّشَابِ لِاخْتِلَافِ نَجَابَتِهِ وَيَجُوزُ عِنْدَنَا كَالْإِجَارَةِ عَلَيْهِ وَلَهُ أَنْ يُشْتَرَطَ عَمَلُ فُلَانٍ إِذَا كَانَ كَثِيرًا فِي الْأَسْوَاقِ وَيَجُوزُ فِي سَيْفٍ صِفَتُهُ كَذَا يَضْرِبُهُ مِنْ جُمْلَةِ هَذَا الْحَدِيدِ وَالْحَدِيدُ لَا يَخْتَلِفُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَيَمْتَنِعُ أَنْ يَقُولَ: مَعَ هَذَا الْحَدِيدِ: تَضْرِبُهُ لِي سَيْفًا لِأَنَّهُ سَلَمٌ وَالْأَوَّلُ بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ وَوَافَقَنَا (ح) فِي السَّلَمِ فِي الْمَضْرُوبِ وَجَعَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْخِيَارَ إِذَا حَضَرَ الْمَضْرُوبُ لِأَنَّهُ عَمَلُ النَّاسِ خَلَفًا وَسَلَفًا وَمَنَعَ (ش) لِأَنَّهُ لَيْسَ عَيْنًا وَلَا صِفَةً فِي الذِّمَّةِ وَجَوَابُهُ: أَنَّهُ صِفَةٌ فِي الذِّمَّةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: اشْتِرَاطُ الْعَمَلِ مِنَ الْمُعَيَّنِ إِنْ كَانَ لَا يَخْتَلِفُ صِفَةٌ كَالْقَمْحِ يُطْحَنُ وَالثَّوْبِ يُخَاطُ أَوْ يَخْتَلِفُ إِلَّا أَنْ يُمكن إِعَادَتُهُ لِلْمَطْلُوبِ مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ كَالْحَدِيدِ فِي السَّيْفِ جَازَ فَإِنِ اشْتَرَى الرَّصَاصَ

امْتَنَعَ لِأَنَّهُ يَنْقُصُ فِي السَّبْكِ وَإِنْ كَانَ لَا يَنْضَبِطُ فِي صِفَتِهِ أَوْ يَخْتَلِفُ خُرُوجُهُ امْتَنَعَ كَالثَّوْبِ يُشْتَرَطُ صَبْغُهُ وَالْغَزْلُ يُشْتَرَطُ نَسْجُهُ وَإِن كَانَ كثيرا حَتَّى إِذا خَالف بعضه عُمِلَ مِنَ الْبَعْضِ الْآخَرِ جَازَ وَحَيْثُ أَجَزْنَا فِيمَا لَا يَخْتَلِفُ أَوْ يَخْتَلِفُ وَيُعَادُ فَلَا بُدَّ مِنَ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ فَإِنْ هَلَكَ الثَّوْبُ أَوِ الْقَمْحُ قَبْلَ الْعَمَلِ جَرَى عَلَى التَّفْصِيلِ فِي تَضْمِينِ الصُّنَّاعِ فَرْعٌ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى: يَجُوزُ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ فِي صِفَاتِ السَّلَمِ: أَنْ يُرِيَهُ عَيْنًا وَيَقُولَ: عَلَى صِفَةِ هَذَا فَتَرْتَفِعُ الْجَهَالَةُ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: الْمَنْعُ لِأَنَّ مِثْلَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ يَعْسُرُ وَهُوَ مُقْتَضَى الرُّؤْيَةِ الَّتِي دَخَلَا عَلَيْهَا فَرْعٌ قَالَ يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الدَّنَانِيرِ خِلَافًا لِ (ح) لِأَنَّ كُلَّ مَا جَازَ ثَمَنًا جَازَ مُثْمَنًا كَالْعَرْضِ فَرْعٌ قَالَ الْمَازِرِيُّ: مُقْتَضَى أُصُولِنَا: جَوَازُ اشْتِرَاطِ الْأَجْوَدِ مِنَ الطَّعَامِ أَوْ أَدْنَاهُ خِلَافًا لِ (ش) فِي الْأَجْوَدِ لِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ بَلْ مَعْلُومٌ مُتَيَسَّرٌ عِنْدَ النَّاسِ الشَّرْطُ التَّاسِعُ: أَنْ يكون إِلَى أجل وَيمْتَنع السّلم الْحَال وَقَالَهُ (ح) وَابْنُ حَنْبَلٍ وَجَوَّزَ (ش) الْحَالَّ لقَوْله تَعَالَى {وَأحل الله البيع} وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (اشْتَرَى جَمَلًا مِنْ أَعْرَابِيٍّ بوسقٍ مِنْ تمرٍ قَلما دخل الْبَيْت لم

يجد التَّمْر فَقَالَ الْأَعرَابِي: لَمْ أَجِدِ التَّمْرَ فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ وَاغَدْرَاهُ فَاسْتَقْرَضَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَعْطَاهُ) فَجَعَلَ الْجَمَلَ قُبَالَةَ وَسْقٍ فِي الذِّمَّةِ وَهَذَا السَّلَمُ الْحَالُّ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى غَيْرِهِ مِنَ الْبُيُوعِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الثَّمَنِ فِي الْبُيُوعِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْأَجَلُ وَلِأَنَّهُ إِذَا جَازَ مُؤَجَّلًا فَحَالًّا أَوْلَى لِأَنَّهُ أَنْفَى لِلْغَرَرِ وَالْجَوَابُ عَنِ الأول: أَنه مَخْصُوص بقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (مَنْ أَسْلَمَ فَلْيُسْلِمْ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ) وَهُوَ أَخَصُّ مِنَ الْآيَةِ فَيُقَدَّمُ عَلَيْهَا وَهُوَ أَمْرٌ وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ وَعَنِ الثَّانِي: إِنْ صَحَّ فَلَيْسَ بِسَلَمٍ بَلْ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى تَمْرٍ مُعَيَّنٍ مَوْصُوفٍ فَلِذَلِكَ قَالَ: لَمْ أَجِدْ شَيْئًا وَالَّذِي فِي الذِّمَّةِ لَا يُقَالُ فِيهِ ذَلِكَ لِيُسْرِهِ بِالشِّرَاءِ لَكِنْ لَمَّا رَأَى رَغْبَةَ الْبَدَوِيِّ فِي التَّمْرِ اشْتَرَى لَهُ تَمْرًا آخَرَ وَلِأَنَّهُ أَدْخَلَ الْبَاءَ عَلَى التَّمْرِ فَيَكُونُ ثَمَنًا لَا مُثْمَنًا لِأَنَّ الْبَاءَ مِنْ خَصَائِصِ الثَّمَنِ وَعَنِ الثَّالِثِ: أَنَّ الْبَيْعَ مَوْضُوعُهُ الْمُكَايَسَةُ وَالتَّعْجِيلُ يُنَاسِبُهَا وَالسَّلَمَ مَوْضُوعُهُ الرِّفْقُ وَالتَّعْجِيلُ يُنَافِيهِ وَيَبْطُلُ مَدْلُولُ الِاسْمِ بِالْحُلُولِ فِي السَّلَمِ وَلَا يَبْطُلُ مَدْلُولُ الْبَيْعِ بِالتَّأْجِيلِ فَلِذَلِكَ صَحَّتْ مُخَالَفَةُ قَاعِدَةِ الْبَيْعُ فِي الْمُكَايَسَةِ بِالتَّأْجِيلِ وَلَمْ يَصِحَّ مُخَالَفَةُ السَّلَمِ بِالتَّعْجِيلِ وَعَنِ الرَّابِعِ: أَنَّهُ جَوَابُ الثَّالِثِ وَعَنِ الْخَامِسِ: أَنَّ الْأَوَّلَوِيَّةَ فَرْعُ الشَّرِكَةِ وَلَا شَرِكَةَ هَاهُنَا بَلِ الْقِيَاسُ لِأَنَّهُ جَازَ مُؤَجَّلًا لِلرِّفْقِ وَالرِّفْقُ لَا يَحْصُلُ بِالْحُلُولِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى بَلْ يَنْتَفِي أَلْبَتَّةَ سَلَّمْنَا الشَّرِكَةَ لَكَنْ لَا نُسلم عَدَمَ الْغَرَرِ مَعَ الْحُلُولِ بَلِ الْحُلُولُ غَرَرٌ لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ عِنْدَهُ فَهُوَ قَادِرٌ عَلَى بَيْعِهِ حَالا

فَعُدُولُهُ إِلَى السَّلَمِ قَصْدٌ لِلْغَرَرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ: فَالْأَجَلُ يُعِينُهُ عَلَى تَحْصِيلِهِ وَالْحُلُولُ يَمْنَعُ ذَلِكَ وَبَقِيَ الْغَرَرُ وَلِهَذَا هُوَ الْغَالِبُ لِأَنَّ ثَمَنَ الْمُعَيَّنِ أَكْثَرُ وَالْغَالِبُ: أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَحْصِيلِ الْأَكْثَرِ فَتَرَكَهُ الْآنَ لِأَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُ فَيَنْدَرِجُ الْحَالُّ فِي الْغَرَرِ فَيَمْتَنِعُ فِي فَيَنْعَكِسُ عَلَيْهِمُ الْمَقْصُودُ ثُمَّ نَقُولُ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ فِي السَّلَمِ فَلَا يَقَعُ إِلَّا عَلَى وَاحِدٍ كَالثَّمَنِ تَفْرِيعٌ: فِي الْكِتَابِ: لَا يَجُوزُ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْلُومٍ تَتَغَيَّرُ فِي مِثْلِهِ الْأَسْوَاقُ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ عِنْدَ مَالِكٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَرَى الْخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَالْعِشْرِينَ فِي الْبَلَدِ الْوَاحِدِ وَقَالَ (ح) : الْأَجَلُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ كَالْخِيَارِ أَوْ نِصْفُ يَوْمٍ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مَا يَفْتَرِقَانِ فِيهِ مِنَ الْمَجْلِسِ فَيخرج علن السَّلَمِ الْحَالِّ قَالَ اللَّخْمِيُّ: يَجُوزُ الْحَالُّ وَإِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَكُونَ فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ كَاللَّحَّامِ وَالْفَكَّاهِ وَالرَّطَّابِ وَالْحَالُ عَلَى أَنْ يَقْبِضَ فِي بَلَدٍ آخَرَ وَبَيْنَهُمَا قَرِيبٌ وَعَن مَالك: إِجَارَته إِلَى الْيَوْمِ مُطْلَقًا وَعَنِ ابْنِ وَهْبٍ: إِلَى الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ فِي الثِّيَابِ وَالدَّوَابِّ أَحْسَنُ مِنْ بَعِيدِ الْأَجَلِ وَتَسْمِيَةُ الْأَجَلِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ وَاجِبَةٌ وَسَاقِطَةٌ وَمُخْتَلَفٌ فِيهَا إِذَا شُرِطَ الْقَبْضُ فِي بَلَدِ الْعَقْدِ وَلَمْ يَكُنْ يُقْبَضُ الْمُشْتَرَى فِيهِ عَادَةً وَسَاقِطٌ إِذَا كَانَتْ عَادَةً لِأَنَّهَا تَقُومُ مَقَامَ الشَّرْطِ وَمُخْتَلَفٌ فِيهَا إِذَا لَمْ تَكُنْ عَادَة وَشرط الْقَبْض فِي غير بلد فَقِيلَ: الْمَسَافَةُ بَيْنَ الْبَلَدَيْنِ كَالْأَجَلِ إِذَا خَرَجَا على الْفَوْر ويجيران عَلَى الْقَبْضِ عِنْدَ الْوُصُولِ وَقِيلَ: فَاسِدٌ وَهُوَ أَحْسَنُ لِأَنَّ السَّلَمَ يَتَضَمَّنُ الْمَكَانَ وَالزَّمَانَ فَذِكْرُ أَحَدِهِمَا لَا يُغْنِي عَنِ الْآخَرِ قَالَ سَنَدٌ: وَإِذا قُلْنَا: لابد مِنْ أَجَلٍ تَتَغَيَّرُ فِيهِ الْأَسْوَاقُ فَعَقَدَا عَلَى خِلَافِهِ اسْتَحَبَّ مُحَمَّدٌ فَسْخَهُ لِفَوَاتِ الشَّرْطِ وَلَا يَجِبُ لِلْخِلَافِ فِيهِ وَلَمْ يَفْسَخْهُ ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ: وَالْقِيَاسُ: الْفَسَادُ وَفِي الْجَوَاهِرِ: رَوَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ السَّلَمُ إِلَى

يَوْمٍ فَقِيلَ: هِيَ رِوَايَةٌ فِي السَّلَمِ الْحَالِّ وَقِيلَ: بَلِ الْمَذْهَبُ لَا يُخْتَلَفُ فِي مَنْعِهِ وَإِنَّمَا هَذَا خِلَافٌ فِي مِقْدَارِهِ الشَّرْطُ الْعَاشِرُ: أَنْ يَكُونَ الْأَجَلُ مَعْلُومًا لِلْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ وَلِأَنَّ الْأَجَلَ لَهُ جُزْءٌ مِنَ الثَّمَنِ فَهُوَ مَبِيعٌ فَيَكُونُ مَعْلُومًا قَالَ الْمَازِرِيُّ: إِذَا قَالَ: إِلَى يَوْمِ كَذَا فَالْحَدُّ طُلُوعُ الْفَجْرِ أَوْ فِي رَمَضَانَ فَهُوَ غُرُورٌ قَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ: يُكْرَهُ فَقَطْ لِاقْتِضَائِهِ الْمُخَاصَمَةَ مَا بَيْنَ أَوَّلِ الشَّهْرِ إِلَى آخِرِهِ وَلِلشَّافِعِيَّةِ قَوْلَانِ وَلَمْ أَرَ لِأَصْحَابِنَا الْمُتَقَدِّمِينَ فِيهِ نَقْلًا قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فَاسِدًا وَأَجَازَهُ (ح) وَفِي الْجَوَاهِرِ: يَجُوزُ إِلَى الْحَصَادِ وَمَا تَضْبِطُهُ الْعَادَةُ وَمَنَعَ (ش) و (ح) إِلَى الْحَصَادِ وَنَحْوِهِ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِ عِنْدَهُمَا عَادَةً وَيَكُونُ الْأَجَلُ مُعْظَمَ ذَلِكَ دُونَ أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ وَلَوْ قَالَ: ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ تُحْسَبُ بِالْأَهِلَّةِ وَيُكَمَّلُ الْكَسْرُ مِنَ الرَّابِعِ ثَلَاثِينَ وَإِلَى يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَوْ رَمَضَانَ فَأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُ وَفِي الْجُمُعَةِ أَوْ فِي رَمَضَانَ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ وَيُكْرَهُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ: إِنِ اخْتَلَفَ بِذَلِكَ الثَّمَنُ فُسِخَ وَإِلَّا فَلَا وَإِلَى أَوَّلِ يَوْمٍ فِي آخِرِهِ فَهُوَ السَّادِسَ عَشَرَ وَإِلَى آخَرِ يَوْمٍ فِي أَوَّلِهِ فَهُوَ الْخَامِسَ عَشَرَ الشَّرْطُ الْحَادِيَ عَشَرَ: أَنْ يَكُونَ الْأَجَلُ الْمُشْتَرط زمَان وجوده احْتِرَازًا مِنَ السَّلَمِ فِي فَاكِهَةِ الشِّتَاءِ لِأَجَلٍ فِي الصَّيْفِ وَبِالْعَكْسِ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَإِنْهُ غَرَرٌ فَيَمْتِنَعُ الشَّرْطُ الثَّانِيَ عَشَرَ: أَنْ يَكُونَ مَأْمُونَ التَّسْلِيم عِنْد الْأَجَل احْتِرَازًا مِنَ الْمَوْجُودِ عِنْدَ الْأَجَلِ لَكَنَّهُ يَتَوَقَّعُ الْعَجز عَنهُ لَيْلًا يَكُونَ الثَّمَنُ تَارَةً بَيْعًا وَتَارَةً سَلَفًا

قَاعِدَةٌ: السَّلَفُ رَخَّصَ فِيهِ صَاحِبُ الشَّرْعِ لِمَصْلَحَةِ الْمَعْرُوفِ بَيْنَ الْعِبَادِ فَاسْتَثْنَاهُ لِذَلِكَ مِنْ قَاعِدَةِ الرِّبَا فِي النَّقْدَيْنِ وَغَيْرِهِمَا لِعَدَمِ التَّنَاجُزِ فِيهِ فَإِنْ فُعِلَ لِغَيْرِ الْمَعْرُوفِ امْتَنَعَ فَإِذَا آلَ أَمْرُ الثَّمَنِ إِلَى السَّلَفِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْمَعْرُوفَ أَوَّلًا امْتَنَعَ لِفُقْدَانِ الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ اسْتَثْنَاهُ الشَّرْعُ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ أَوْ لِأَنَّ مَا شَأْنُهُ أَنْ يَكُونَ لِلَّهِ إِذَا وَقَعَ لِغَيْرِ اللَّهِ امْتَنَعَ وَيُفِيدُنَا هَذَا فِي غَيْرِ الرِّبَوِيَّاتِ فَلِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ يُعَلِّلُ الْأَصْحَابُ بِقَوْلِهِمْ: يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ تَارَةً بَيْعًا وَتَارَةً سلفا فِي الْكِتَابِ: يُمْنَعُ السَّلَمُ فِي حَائِطٍ بِعَيْنِهِ قَبْلَ زَهْوِهِ لِيَأْخُذَهُ بُسْرًا أَوْ رُطَبًا لِتَوَقُّعِ هَلَاكِهِ قَبْلَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يَجُوزُ إِذَا كَانَ أَزْهَى لِأَنَّهُ مَأْمُونٌ حِينَئِذٍ فَرْعٌ قَالَ يُمْنَعُ فِي نَسْلِ الْحَيَوَانِ بِعَيْنِهِ بِصِفَةٍ وَإِنْ كَانَتْ حوامل لعدم الوثوق بنسله وَإِنَّمَا يَصِحُّ مَضْمُونًا وَكَذَلِكَ اللَّبَنُ وَالصُّوفُ إِلَّا فِي الْإِبَّانِ لِأَنَّهُ مَأْمُونٌ حِينَئِذٍ ويُشترط الْأَخْذُ فِي الْإِبَّانِ وَإِنْ لَمْ يُنَفَّذْ إِذَا شُرِعَ فِي الْأَخْذِ فِي يَوْمِهِ إِلَى أَيَّامٍ يَسِيرَةٍ لِأَنَّهُ بَيْعٌ لَا سَلَمٌ فَإِنْ سَلَفَ فِي لَبَنِهَا قَبْلَ الْإِبَّانِ وَاشْتَرَطَ الْأَخْذَ فِيهِ امْتَنَعَ لِعَدَمِ الْوُثُوقِ بِالتَّسْلِيمِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: يَجُوزُ فِي نَسْلِ الْحَيَوَانِ الْمُعَيَّنِ الْمَوْصُوفِ إِذَا لَمْ يُقَدِّمْ رَأْسَ الْمَالِ وَكَانَ الْوَضْعُ قَرِيبًا فَإِنْ خَرَجَ عَلَى الصِّفَةِ دَفَعَ الثَّمَنَ وَإِلَّا فَلَا غَرَرَ وَلَا يَكُونُ الثَّمَنُ تَارَةً بَيْعًا وَتَارَةً سَلَفًا فَيَجُوزُ وَيَخْتَلِفُ إِذَا كَانَ الْوَضْعُ بَعِيدًا فَأَصْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ: الْمَنْعُ لِتَرَدُّدِ الثَّمَنِ بَيْنَ السَّلَفِ وَالثَّمَنِ وَأَصْلُ غَيْرِهِ: الْجَوَازُ إِذَا كَانَتِ الْغَنَمُ كَثِيرَةً فَيَجُوزُ السَّلَمُ فِي

لَبَنِهَا فِي الْإِبَّانِ وَشِرَاؤُهُ جِزَافًا بَعْدَ اخْتِبَارِهِ وَإِنْ كَانَتْ كَالشَّاتَيْنِ جَازَ السَّلَمُ فِي نِصْفِ لَبَنِهَا وَمَا الْغَالِبُ حُصُولُهُ مِنْهَا وَكُرِهَ شِرَاءُ جُمْلَتِهِ لِتَوَقُّعِ اخْتِلَافِهِ بِخِلَافِ الْكَثِيرِ يُحَصِّلُ بَعْضُهُ بَعْضًا وَلَمْ يُكْرَهْ مَرَّةً أُخْرَى لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ عَلَى حَالِهِ فَإِنْ نَقَصَ بَعْضُهَا عَنِ الْمُعْتَادِ حَطَّ مِنَ الثَّمَنِ بِقَدْرِهِ فَإِنْ أَضَرَّ بِهَا الْحَلَّابُ جُمْلَةً كَانَ لِصَاحِبِهَا الْفَسْخُ وَكَذَلِكَ الْغنم الْكَثِيرَة إِذا أَخذهَا الجرب وَيَجُوزُ السَّلَمُ فِي جُبْنِ الْغَنَمِ الْمُعَيَّنَةِ وَزُبْدِهَا لِأَنَّهُ يَعْلَمُ صِفَتَهُ وَاخْتُلِفَ فِي السَّمْنِ وَالْأَقِطِّ أَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَرِهَهُ أَشْهَبُ لِاخْتِلَافِهِمَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ: كُرْهُهُ لِبُعْدِهِ كَاشْتِرَاطِ أَخْذِ الزَّهْوِ تَمْرًا أَوْ كَشِرَاءِ الزَّيْتُونِ عَلَى أَنَّ عَلَى بَائِعِهِ عَصْرَهُ فَلَا تُعْلَمُ صِفَتُهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ: يَمْتَنِعُ السَّلَمُ فِي نَسْلِ حَيَوَانٍ بِعَيْنِهِ وَإِنْ وَصفه وَقَالَ أَبُو الْقَاسِم السيوري: إِذَا لَمْ يَنْقُدْ وَشَرَطَ: إِنْ وَافَقَ الْعَقْدَ أَخَذَهُ جَازَ وَإِلَّا فَقَوْلَانِ يَتَخَرَّجَانِ مِنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ الْغَرِقَةِ فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا اشْتَرَى جِزَازَ كِبَاشٍ مُعَيَّنَةٍ فَيُصَابُ بَعْضُهَا قَبْلَ الْجَزِّ: قَالَ مَالِكٌ: لَهُ مَقَالٌ لِعَدَمِ التَّسْلِيمِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: ذَلِكَ إِذَا فُقِدَتْ أَعْيَانُهَا بِالْبَيْعِ أَوْ غَيْرِهِ أَمَّا بِالْمَوْتِ: فَلِلْمُشْتَرِي صُوفُهَا لِأَنَّهُ لَا يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَكْرُوهًا عِنْدَ النَّاسِ قَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ: لَعَلَّهُ يَعْنِي إِذَا اشْتَرَاهُ وَزْنًا أَمَّا جِزَافًا فَلَا يُوضَعُ شَيْءٌ مِنَ الثَّمَنِ

فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ السَّلَمُ فِيمَا يَنْقَطِعُ فِي بَعْضِ السَّنَةِ وَيُشْتَرَطُ (أَخْذُهُ فِي إِبَّانِهِ قَالَ سَنَدٌ: لَهُ ثَلَاثُ حَالَاتٍ: يُسَلَّمُ فِي الْإِبَّانِ بِشَرْطِ) الْأَخْذِ فِيهِ فَيَجُوزُ اتِّفَاقًا وَإِنِ اشْتَرَطَ أَخَذَهُ فِي غَيْرِ إِبَّانِهِ امْتَنَعَ اتِّفَاقًا السّلم فِي الإبان أم لَا قَولَانِ وَإِن أسلم فِي غير الإبان وَاشْتَرَطَ أَخْذَهُ فِي الْإِبَّانِ أَجَازَهُ مَالِكٌ و (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ وَاشْتَرَطَ (ح) : اسْتِقْرَارَ الْمُسْلَمِ فِيهِ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ إِلَى زَمَانِ التَّسْلِيمِ لِاحْتِمَالِ مَوْتِ الْبَائِعِ فَيَحِلُّ السَّلَمُ بِمَوْتِهِ فَلَا يُؤْخَذ السّلم فِيهِ وَلِأَنَّهُ إِذَا كَانَ مَعْدُومًا قَبْلَ الْأَجَلِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَعْدُومًا عِنْدَهُ عَمَلًا بِالِاسْتِصْحَابِ فَيَكُونُ غَرَرًا فَيَمْتَنِعُ إِجْمَاعًا وَلِأَنَّهُ غَائِبٌ عِنْدَ الْعَقْدِ فَيَمْتَنِعُ فِي الْمَعْدُومِ كَبَيْعِ الْغَائِبِ عَلَى الصِّفَةِ وَلِأَنَّ الْعَدَمَ أَبْلَغُ مِنَ الْجَهَالَةِ فَيَبْطُلُ قِيَاسًا عَلَيْهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِأَنَّ الْمَجْهُولَ الْمَوْجُودَ لَهُ ثُبُوتٌ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ بِخِلَافِ الْمَعْدُومِ نَفْيٌ مَحْضٌ وَلِأَنَّ ابْتِدَاءَ الْعُقُودِ آكَدُ مِنِ انْتِهَائِهَا بِدَلِيلِ اشْتِرَاطِ الْوَلِيِّ وَغَيْرِهِ فِي ابْتِدَاءِ النِّكَاحِ وَمُنَافَاةِ اشْتِرَاطِ أَجَلٍ مَعْلُومٍ فِيهِ وَهُوَ نِكَاحُ الْمُتْعَةِ فَيُنَافِي التَّحْرِيمَ أَوَّلُهُ دُونَ آخِرِهِ وَكَذَلِكَ الْبَيْعُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مَعْلُومًا مَعَ شُرُوطٍ كَثِيرَةٍ عِنْدَ الْعَقْدِ وَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ بَعْدَ ذَلِكَ فَكُلُّ مَا نَافَى آخِرَ الْعَقْدِ نَافَى أَوَّلَهُ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ وَالْعَدَمُ يُنَافِي عَقْدَ الْأَجَلِ فَيُنَافِي الْعَقْدَ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّهُ لَوِ اعْتُبِرَ لَكَانَ الْأَجَلُ فِي السَّلَمِ مَجْهُولًا لِاحْتِمَالِ الْمَوْتِ فَيَلْزَمُ بُطْلَانُ كُلِّ سَلَمٍ وَكَذَلِكَ الْبَيْعُ بِثَمَنٍ إِلَى أَجَلٍ بَلِ الْأَصْلُ: الْعَدَمُ إِلَى حِينِ التَّسْلِيمِ فَإِنْ وَقَعَ وَقَعَتِ الشَّرِكَةُ إِلَى الْإِبَّانِ فَإِنَّ الْمَوْتَ لَا

يُفْسِدُ الْبَيْعَ وَلِعَدَمِ الْوُجُودِ يَمْتَنِعُ التَّعْجِيلُ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يَلْزَمِ الْغُرَمَاءَ الصَّبْرُ إِلَى الْإِبَّانِ وَيُحَاصِصُوا الْمُشْتَرِيَ فَمَا نَابَهُ وَقَفَ فَإِن اتّفق الْوَرَثَةِ عَلَى أَصْلِ الْقِيمَةِ جَازَ إِنْ كَانَ مِمَّا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَإِلَّا فَلَا وَتُوقَفُ الْقِيمَةُ إِلَى الْإِبَّانِ فَيَشْتَرِي بِهَا مَالَهُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْغُرَمَاءِ فِي غَلَاءٍ أَوْ رُخْصٍ لِأَنَّهُ حُكْمُ الْفَصْلِ إِلَّا أَنْ يَفْضُلَ عَنْهُ شَيْءٌ فَلِلْغُرَمَاءِ وَعَنِ الثَّانِي: أَنَّ الِاسْتِصْحَابَ يُعَارَضُ بِالْغَالِبِ فَإِنَّ الْغَالِبَ وُجُودُ الْأَعْيَانِ فِي إِبَّانِهَا وَعَنِ الثَّالِثِ: أَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إِلَى الْعَدَمِ فِي السَّلَمِ بِخِلَافِ بَيْعِ الْغَائِبِ لَا ضَرُورَةَ تَدْعُو إِلَى ادِّعَاءِ وَجُودِهِ بَلْ يَجْعَلُهُ سَلَمًا فَلَا يَلْزَمُ مِنَ ارْتِكَابِ الْغَرَرِ لِلْحَاجَةِ ارْتِكَابُهُ لِغَيْرِهَا فَلَا يَحْصُلُ مَقْصُودُ الشَّرْعِ مِنَ الرِّفْقِ فِي السَّلَمِ إِلَّا مَعَ الْعَدَمِ وَإِلَّا فَالْمَوْجُودُ يُبَاعُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ السَّلَمِ وَعَنِ الرَّابِعِ: أَنَّ الْمَالِيَّةَ مُنْضَبِطَةٌ مَعَ الْعَدَمِ بِالصِّفَاتِ وَهِيَ مَقْصُودُ عُقُودِ التَّنْمِيَةِ بِخِلَافِ الْجَهَالَةِ ثُمَّ ينْتَقض مَا ذكر الْمَعْقُود بِالْإِجَارَةِ تَمْنَعُهَا الْجَهَالَةُ دُونَ الْعَدَمِ وَعَنِ الْخَامِسِ: أَنَّا نُسَلِّمُ أَنَّ ابْتِدَاءَ الْعَقْدِ آكَدُ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ لَكَنْ آكَدُ مِنَ اسْتِمْرَارِ آثَارِهَا وَنَظِيرُهَا هُنَا بَعْدَ الْقَبْضِ وَإِلَّا فَكُلُّ مَا يُشْتَرَطُ مِنْ أَسْبَابِ الْمَالِيَّةِ عِنْدَ الْعَقْدِ يُشْتَرَطُ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ عِنْدَ التَّسْلِيمِ وَعَدَمُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ عِنْدَ الْعَقْدِ مَعَ وُجُودِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فِي زَمَنِ التَّسْلِيمِ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي الْمَالِيَّةِ أَلْبَتَّةَ بَلِ الْمَالِيَّةُ مَضْمُونَةٌ بِوُجُودِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ عِنْدَ التَّسَلُّمِ فَهَذَا الْعَدَمُ حينئذٍ طَرْدِيٌّ فَلَا يُعْتَبَرُ فِي الِابْتِدَاءِ وَلَا فِي الِانْتِهَاءِ مُطْلَقًا ثُمَّ يَتَأَكَّدُ مَذْهَبُنَا بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (قدِم الْمَدِينَةَ فَوَجَدَهُمْ يُسلفون فِي الثِّمَارِ السَّنَةَ والسنتين وَالثَّلَاث فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: مَنْ أَسْلَفَ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ ووزنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ) يَدُلُّ مِنْ وُجُوهٍ: أَحدهَا: أَن تمر السَّنَتَيْنِ مَعْدُومٌ وَثَانِيهَا: أَنَّهُ أَطْلَقَ وَلَمْ يُفَرِّقْ وَثَالِثِهَا: أَنَّ الْوُجُودَ لَوْ كَانَ شَرْطًا لَبَيَّنَهُ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ مُمْتَنِعٌ وَلِأَنَّهُ وَقْتٌ لَمْ يَجْعَلْهُ الْمُتَعَاقِدَانِ مَحَلًّا

للْمُسلمِ فِيهِ فَلَا يعْتَبر وجوده كَمَا بعد الْأَجَل لَان الْقُدْرَة على التسلم إِذا بطلبت فِي وَقت اقْتَضَاهُ العقد أما مَا يَقْتَضِيهِ فَيَسْتَوِي قَبْلَ الْأَجَلِ لِتَوَقُّعِ الْمَوْتِ وَبَعْدَهُ لِتَعَذُّرِ الْوُجُودِ فَيَتَأَخَّرُ الْقَبْضُ وَكَمَا أَنَّ أَحَدَهُمَا مُلغى إِجْمَاعًا فَكَذَلِكَ الْآخَرُ وَقِيَاسًا عَلَى عَدَمِ أَثْمَانِ بُيُوعِ الْآجَالِ قَبْلَ مَحَلِّهَا فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ السَّلَمُ فِي طَعَامِ قَرْيَةٍ كَبِيرَةٍ بِعَيْنِهَا أَوْ ثَمَرِهَا أَوْ غَيْرِهِمَا فِي أَيِّ وَقْتٍ شَاءَ وَيُشْتَرَطُ الْأَخْذُ فِي أَيِّ وَقْتٍ شَاءَ إِذَا كَانَتْ لَا تَخْلُو مِنْ ذَلِكَ وَأَمَّا مَا يَنْقَطِعُ كَالْبُسْرِ فَيُشْتَرَطُ أَخْذُهُ فِي إِبَّانِهِ نَفْيًا لِلْغَرَرِ وَيَجُوزُ السَّلَمُ فِي ذَلِكَ لِمَنْ لَيْسَ لَهُ فِيهَا مِلْكٌ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الشِّرَاءِ مِنْهَا الشَّرْطُ الثَّالِثَ عَشَرَ: أَنْ يَكُونَ الْمُسلم فِيهِ دينا فِي الذِّمَّة احْتِرَازًا مِنْ بَيْعِ الْمُعَيَّنِ الَّذِي يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ وَفِي الْكِتَابِ: يَمْتَنِعُ السَّلَمُ فِي سِلْعَةٍ مُعَيَّنَةٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهَا أَجَلًا بَعِيدًا خَشْيَةَ هَلَاكِهَا قَبْلَهُ وَيَجُوزُ لِلْيَوْمَيْنِ لِقُرْبِهِمَا قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ: إِلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ الِانْتِفَاعُ بِالْمَبِيعِ فَيَجُوزُ مَا لَا غَرَرَ فِيهِ كَالْيَوْمَيْنِ فِي الدَّابَّةِ وَالثَّلَاثِ فِي الثَّوْبِ وَالشَّهْرِ فِي الدَّارِ وَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: فَإِنْ أُسْقِطَ الْأَجَلُ حَيْثُ قُلْنَا بِالْفَسَادِ اخْتُلِفَ فِي الْإِمْضَاءِ قَالَ: وَأَرَاهُ جَائِزًا إِذَا رَضِيَا وَكَأَنَّهُ عَقْدٌ مُبْتَدَأٌ وَإِذا قَالَ: هُوَ مِنْ ضَمَانِي عِنْدَكَ جَازَ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ: بَلْ يَمْتَنِعُ لِأَنَّهُ زَادَ الضَّمَانَ ثَمَنًا وَالضَّمَانُ لَا يَقْبَلُ الْمُعَاوَضَةَ قَالَ سَنَدٌ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِرَاءِ الدَّابَّةِ: وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَقْبِضَ إِلَى شهر بل أَنَّ الْأَصْلَ ضَمَانُ الْمَبِيعِ مِنَ الْمُشْتَرِي فَبَقَاؤُهُ عِنْدَ الْبَائِعِ يُنَاقِضُ الْعَقْدَ وَالْعَيْنُ الْمُسْتَأْجَرَةُ مَنَافِعُهَا لِلْأَجِيرِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ فَلَمْ يُنَاقِضِ الْعَقْدَ وَإِذَا صَحَّحْنَا الشَّرْطَ: فَالضَّمَانُ فِي الْمُدَّةِ مِنَ الْبَائِعِ اسْتِصْحَابًا لِضَمَانِهِ لِسِلْعَتِهِ وَكَذَلِكَ حَيْثُ اسْتَثْنَى مَا لَا يَجُوزُ مِنَ الْمُدَّةِ فَهَلَكَتْ عِنْدَهُ وَإِنْ هَلَكَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي

بَعْدَ الْمُدَّةِ فَهِيَ مِنْهُ كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ يَتَّصِلُ بِهِ الْقَبْضُ ثُمَّ يَهْلِكُ وَإِنْ هَلَكَتْ بِيَدِهِ وَقَدْ قَبَضَهَا فِي الْمُدَّةِ فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَصْبَغَ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَجَعَلَهُ كَالْقَبْضِ فِي شَرْطِ الْخِيَارِ فِي الْكِرَاءِ الْفَاسِدِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: اخْتُلِفَ إِذَا لَمْ يَنْقُدْ فِي الْعَيْنِ الْمُتَأَخِّرِ قَبْضُهَا وَقَالَ: إِنْ صَارَتْ فِي مِلْكِي فَهِيَ لِي بِكَذَا قَالَ: وَالْجَوَازُ أَحْسَنُ لِعَدَمِ الْغَرَرِ قَاعِدَةٌ: الْغَرَرُ فِي الْمَبِيعِ سَبْعَةُ أَقْسَامٍ: فِي الْوُجُودِ: كالآبق والحصول: كالطائر فِي الْهَوَاء وَالْجِنْس: كسعلة لَمْ يسمِّها وَالنَّوْعِ: كَعَبْدٍ لَمْ يُعَيِّنْهُ وَالْمِقْدَارِ: كَبيع مَا تَصِلْ إِلَيْهِ رَمْيَةُ الْحَجْرِ وَالتَّعْيِينِ: كَبَيْعِ ثَوْبٍ مِنْ ثَوْبَيْنِ وَالْبَقَاءِ: كَبَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا وَبَيْعِ الْمُعَيَّنِ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ مِنْ غَرَرِ الْبَقَاءِ كَالثِّمَارِ فَلِذَلِكَ امْتَنَعَ قَاعِدَةٌ: السَّلَفُ شُرِعَ للمعروف مُسْتَثْنى من قَوَاعِد الرِّبَا قَرْيَة إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَيَمْنَعُ فِي الْمُكَايَسَةِ حَيْثُ انْتَفَى الْمَعْرُوفُ لِوُقُوعِ الْمَفْسَدَةِ مَعَ عَدَمِ مُعَارَضَتِهَا مِنَ الْمَصْلَحَةِ أَوْ لِأَنَّهُمْ أَوْقَعُوا مَا لِلَّهِ لغيره وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مبينَة عَلَيْهَا أَيْضًا لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ تَعَذُّرِ التَّسْلِيمِ يَكُونُ الثَّمَنُ سَلَفًا قَاعِدَةٌ: الْأَصْلُ فِي الْأَسْبَابِ الشَّرْعِيَّة أَن تترتب عَلَيْهَا مُسَبِّبَاتُهَا تَحْصِيلًا لِحُكْمِ تِلْكَ الْأَسْبَابِ فَإِذَا تَأَخّر قبض الْمعِين توقعنا هَلَاكه قبل تَرْتِيب حُكْمِ السَّبَبِ الشَّرْعِيِّ الَّذِي هُوَ الِانْتِفَاعُ بِالْمِلْكَ قَدْ ثَبَتَ حُكْمُ السَّبَبِ مُضَافًا إِلَى تُهْمَةِ

الْبَائِعِ فِي التَّعَدِّي فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يَمْتَنِعُ السَّلَمُ فِي حَائِطٍ بِعَيْنِهِ قَبْلَ زَهْوِهِ لِيَأْخُذَهُ بُسراً أَوْ تَمْرًا لِتَوَقُّعِ الْهَلَاكَ قَبْلَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يَجُوزُ إِذَا أَزْهَى لِأَنَّهُ مَأْمُونٌ حِينَئِذٍ وَيُضْرَبُ أَجَلًا وَمَا يَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ وَهَلْ يَأْخُذُ بُسراً أَوْ رُطَبًا نَفْيًا لِلْجَهَالَةِ وَسَوَاءٌ نَقَدَ أَمْ لَا لِأَنَّهُ شَرَعَ فِي الْأَخْذِ وَلَيْسَ دَيْنًا بِدَيْنٍ وَهُوَ عِنْدَ مَالِكٍ بَيْعٌ لَا سَلَمٌ لِأَنَّ السَّلَمَ يَكُونُ فِي الذِّمَّةِ وَهَذَا مُعَيَّنٌ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ وَتَأَخُّرُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا قَرِيبٌ لِأَنَّهَا عَوَائِدُ النَّاسِ فِي قَبْضِ مِثْلِ هَذَا شَيْئًا فَشَيْئًا لِلضَّرُورَةِ فَإِنْ شَرَطَ أَخْذَهُ تَمْرًا امْتَنَعَ لِبُعْدِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَأْخُذَ كُلَّ يَوْمٍ مَا شَاءَ لِلْجَهَالَةِ فِي الْأَجَلِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: الْقَرْيَةُ الصَّغِيرَةُ كَالْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ لَكَنْ يَجِبُ تَعْجِيلُ الثَّمَنِ فِيهَا لِأَنَّ بَيْعَهُ فِي الذِّمَّةِ فَهُوَ سَلَمٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: لِلْحَائِطِ سِتَّةُ شُرُوطٍ: أَنْ يَكُونَ قَدْ أَزْهَى وَأَنْ يُشْتَرَطَ أَخْذُهُ بُسراً أَوْ رُطَبًا وَأَنْ يُبَيَّنَ أَجَلُ الْأَخْذِ فَإِنْ ذَكَرَ أَيَّامًا بَيَّنَ أَعْدَادَهَا وَتَوَالِيَهَا وَمَبْدَأَهَا وَمُنْتَهَاهَا وَأَنْ يَذْكُرَ مَا يَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ وَأَنْ لَا يَتَعَذَّرَ أَخْذُهُ فِي وَقْتِهِ وَأَنْ يَبْقَى ذَلِكَ إِلَى آخِرِ الْأَيَّام فَإِن شكّ فِي تَبْيِين ذَلِكَ فِي وَقْتِهِ أَوْ بَقَائِهِ إِلَى آخِرِ الْأَيَّامِ امْتَنَعَ فَإِنْ أَسْلَمَ فِي تَمْرِ حَائِطٍ بَعْدَ الْإِزْهَاءِ وَالْإِرْطَابِ لِيَأْخُذَهُ تَمْرًا كَرِهَهُ فِي الْكِتَابِ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيمٍ وَيُفْسَخُ مَا لَمْ يَكُنْ يَبْيَضُّ فَرْعٌ قَالَ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا أَسْلَمَ فِي حَائِطٍ بِعَيْنِهِ لِيَأْخُذَ زَهْوًا أَوْ رُطَبًا فِي

يَوْمٍ بِعَيْنِهِ ثُمَّ رَضِيَ صَاحِبُ الْحَائِطِ أَنْ يُقَدِّمَ ذَلِكَ قَبْلَ الْأَجَلِ جَازَ إِنْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي وَكَانَ صِفَتُهُ فَأَجَازَهُ مَعَ أَنَّهُ طَعَامٌ بِطَعَامٍ لَيْسَ يَدًا بِيَدٍ (وَإِنْ قَصَدَ الْمُبَايَعَةَ) لَكَنْ رَاعَى الْمَعْرُوفَ لِيَتَصَرَّفَ الْبَائِعُ فِي حَائِطِهِ وَيَأْمَنَ الرُّجُوعَ بِالْجَوَائِحِ جَازَ أَيْضًا وَإِنْ قَصَدَ أَنْ يَرْجِعَ بِمِثْلِ مَا دَفَعَ امْتَنَعَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ سَلَفًا فَرْعٌ قَالَ: إِذَا أَسْلَمَ فِي رُطب حَائِطٍ بِعَيْنِهِ فَأُجِيحَ انْفَسَخَ اتِّفَاقًا لِأَنَّ الْمَبِيعَ مُعَيَّنٌ كَالْعُرُوضِ وَكَذَلِكَ الْقَرْيَةِ الصَّغِيرَةُ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ: هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ مَالِكًا لِتَمْرِهَا كَالْحَائِطِ؟ قَوْلَانِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ أَجْرَى عَلَيْهِمَا ابْنُ مُحْرِزٍ تَقْدِيمَ رَأْسِ الْمَالِ فَعَلَى الْقَوْلِ بِالِاشْتِرَاطِ لَا يَلْزَمُ كَالْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ وَعَلَى الْآخَرِ: يَلْزَمُ لِأَنَّهُ سَلَمٌ وَهُوَ خِلَافٌ فِي حَال إِن أمكن الْمُسلم إِلَيْهِ لشراء كَانَ سَلَمًا وَإِلَّا فَكَالْحَائِطِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: قَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ: يَجِبُ تَقْدِيمُ رَأْسِ الْمَالِ جَزْمًا وَسَوَّى أَبُو مُحَمَّدٍ فِي الْجَوَابِ بَيْنَ إِسْلَامِهِ فِي حَائِطٍ مُعَيَّنٍ وَقَدْ أَزْهَى أَوْ أَرْطَبَ وَقَالَ: مَعْنَى مَا فِي الْكِتَابِ: يُكْرَهُ بَدْءًا وَيُمْضَى إِذَا تُرِكَ وَقَالَ ابْنُ شَبْلُونَ: بَلِ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فِي الْكِتَابِ فَيُفْسَخُ إِذَا أَزْهَى بِخِلَافِ إِذَا أَرْطَبَ فَفَرَّقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي الْكِتَابِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يُمْنَعُ السَّلَمُ فِي زَرْعِ أَرْضٍ مُعَيَّنَةٍ بَدَا صَلَاحُهَا بِخِلَافِ التَّمْرِ لِأَنَّ التَّمْرَ يُشْتَرَطُ أَخْذُهُ بُسْرًا أَوْ رُطَبًا وَيُمْتَنَعُ تَأْخِيرُ الزَّرْعِ حَتَّى يَيْبَسَ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْمُونِ الْآفَاتِ قَبْلَ الْيُبْسِ فَإِنْ فَاتَ مَضَى قَالَ سَنَدٌ: اخْتُلِفَ بِمَا يَفُوتُ: فَرَوَى أَشْهَبُ: بِالْعَقْدِ لِأَنَّ الْإِفْرَاكَ صَلَاحُهُ فَتَكُونُ الْكَرَاهَةُ خَفِيفَة وَقيل:

بِالْقَبْضِ لِقُوَّةِ الْمِلْكِ بِالْقَبْضِ وَعَنِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ: يُفْسَخُ مُطْلَقًا كَبَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحهَا وَصَلَاح الْحبّ يبسه لنَهْيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ بَيْعِ الْحَبِّ حَتَّى يَبْيَضَّ الشَّرْطُ الرَّابِعَ عشر: تعْيين مَكَان الْقَبْض قَالَ الْمَازِرِيُّ: يُسْتَحَبُّ دَفْعًا لِلنِّزَاعِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَكَلَامِ الْأَصْحَابِ وَهُوَ مَبْسُوطٌ فِي الْبَحْثِ عَنْ مَكَانِ الْقَبْضِ فَلْيُطَالَعْ مِنْ هُنَاكَ وَأَوْجَبَهُ (ح) لِأَنَّ الْأَسْعَارَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبِلَادِ كَالِاخْتِلَافِ بِالْأَزْمَانِ فَيَجِبُ الْمَكَانُ قِيَاسًا عَلَى الزَّمَانِ وَجَوَابُهُ: الْفَرْقُ بِأَنَّ مِنْ مَقْصُودِ السَّلَمِ الزَّمَانَ دُونَ الْمَكَانِ فِي الْعَادَةِ وَكَذَلِكَ الْقَرْضُ لِأَنَّ النَّاسَ يَسْتَلِفُونَ لِزَمَانٍ مُعَيَّنٍ وَيُسَلِّمُونَ لَهُ دُونَ الْمَكَانِ فَإِن الْمَقْصُود تجرد الأزراق الْمُعِينَةِ عَلَى الْوَفَاءِ وَالرِّزْقُ فِي الْغَالِبِ يَتَجَدَّدُ بِتَجَدُّدِ الزَّمَانِ دُونَ الْمَكَانِ فَإِنْ وَقَعَ فِي الْمَكَانِ فَهُوَ لِتَجَدُّدِ الزَّمَانِ وَكَذَلِكَ إِنْ تَعَلَّقَ الْأَمَلُ بِالسَّعَادَةِ وَالْأَرْزَاقُ فِي الزَّمَانِ الْمُسْتَقْبَلِ دُونَ الْمَكَانِ فَالنَّاسُ كُلُّهُمْ يُؤَمِّلُونَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَلَيْسَ كُلُّ النَّاسِ يُؤَمِّلُونَ مَكَانًا مُعَيَّنًا فَلِذَلِكَ كَانَ الزَّمَان مَقْصُودا دون الْمَكَان وَلذَلِك لم ينْه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَيْهِ بَلْ قَالَ: إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَلَمْ يَقُلْ إِلَى مَكَانٍ مَعْلُومٍ

النَّظَرُ الثَّانِي فِيمَا يَقْتَرِنُ بِالْعَقْدِ مِنْ وِكَالَةٍ وَكِفَالَةٍ وَنَحْوِهِمَا وَفِي الْكِتَابِ إِذَا وَكَّلْتَهُ فَأَسْلَمَ لِوَلَدِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ (صَحَّ فِي كُلِّ أَحَدٍ بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ إِلَّا فِي نَفْسِهِ أَوْ شَرِيكِهِ الْمُفَاوِضِ لَهُ لِأَنَّهُ كَنَفْسِهِ) أَوْ مَنْ يَلِي عَلَيْهِ من ولدن أَوْ يَتِيمٍ أَوْ سَفِيهٍ وَنَحْوِهِ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْوَكِيلِ تَوْفِيرُ النَّظَرِ لِلْمُوَكَّلِ وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ فَالْوَكِيلُ مَعْزُولٌ عَنْهَا فَلَا يَنْعَقِدُ التَّصَرُّفُ مَعَ الْعَزْلِ وَقَالَهُ (ش) و (ح) قَالَ سَنَدٌ وَيُخْتَلَفُ فِيهِ كَالْمَرْأَةِ تَقُولُ لِوَلِيِّهَا زَوجنِي مِمَّن شِئْت وَمنع أَبُو عمرَان عَبْدِهُ وَمُدَبَّرِهُ وَأُمِّ وَلَدِهِ وَأَجَازَهُ فِي الْكِتَابِ إِذا انْتَفَت الحاباة فَإِنْ بَاعَهَا مِنْ نَفْسِهِ ثُمَّ بَاعَ فَرَبِحَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الرِّبْحُ لِلْأَوَّلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ وَإِنْ أَعْطَيْنَاهُ حُكْمَ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ نُفِّذَ الْبَيْعُ الثَّانِي فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا وَكَّلْتَهُ لِيُسْلِمَ دَرَاهِمَ فِي طَعَامٍ فَأَسْلَمَهَا فِي بِسَاطٍ أَوْ زَادَ فِي الثَّمَنِ غَيْرَ الْمُعْتَادِ لَا تُجِيزُ فِعْلَهُ لِصَيْرُورَةِ الدَّرَاهِمِ دَيْنًا عَلَيْهِ بِالتَّعَدِّي فيفسخا فِي السَّلَمِ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَبِيعَ مِنْهُ الطَّعَامُ الَّذِي وَجَبَ لَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَإِذَا لَمْ يَدْفَعْ لَهُ دَرَاهِمَ صَحَّتِ الْإِجَارَةُ وَامْتَنَعَ تَأْخِيرُهُ إِيَّاكَ بِالثَّمَنِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ لِلْمَبِيعِ الَّذِي هُوَ دين بِهِ بَدَيْنٍ عَلَيْكَ قَالَ سَنَدٌ إِنْ عَلِمَ بِالْعَقْدِ فَلَمْ يُنْكِرْهُ فَهُوَ رِضًا بِهِ أَوْ عَلِمَ بَعْدُ بِالْعَقْدِ قَبْلَ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ خُيِّرَ فِي الْإِمْضَاءِ فَإِنِ امْتَنَعَ وَلَمْ يُبَيِّنِ الْوَكِيلُ لِلْبَائِعِ أَنَّهُ مُتَعَدٍّ كَانَ عَقْدًا مَوْقُوفًا يَجُوزُ فِي مُدَّةٍ يَجُوزُ تَأْخِيرُ النَّقْدِ فِيهَا فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ وَلَمْ يَنْقُدْ خُيِّرَ الْآمِرُ لِعَدَمِ التَّعَدِّي عَلَى الثَّمَنِ فَإِنْ تَعَدَّى فِيهِ وَشُهِدَتِ الْبَيِّنَةُ بِعَيْنِهِ خُيِّرَ بَيْنَ أَخْذِهِ وَبَقِيَ الْبِسَاطُ لِلْمَأْمُورِ وَيبين تَرْكِهِ وَتَغْرِيمِهِ لِلْوَكِيلِ لَا

بِسَبَبِ التَّعَدِّي وَلَهُ إِمْضَاءُ الْعَقْدِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِهِ دَيْنًا فَإِنْ فَاتَتْ عَيْنُ الثَّمَنِ فَهِيَ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ قَالَ اللَّخْمِيُّ عَنْ مَالِكٍ لَهُ إِجَازَةُ العقد غي الْبِسَاطِ مُطْلَقًا وَإِنْ لَمْ يَنْظُرْ فِيهِ حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ لَهُ أَخْذُهُ قَوْلًا وَاحِدًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ مَتَى كَانَ فِي الْبِسَاطِ فَضْلٌ إِنْ بِيعَ بِنَقْدٍ فَلَهُ بَيْعُهُ وَأَخْذُ الْفَضْلِ واتفاقا لِأَنَّ كُلَّ مَأْذُونٍ لَهُ فِي تَحْرِيكَ الْمَالِ لَا يكون لَهُ فضل وَالْآمِرُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ فِيهِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا هَلَكَ رَهْنُ السَّلَمِ الَّذِي يُغَابُ عَلَيْهِ فَضَمَانُهُ مِنْكَ وَلَهُ مُقَاصَّتُهُ مِنَ السَّلَمِ بِمَا وَجَبَ لَهُ عَلَيْكَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ (الرَّهْنُ أَحَدَ النَّقْدَيْنِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ) رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ غَيْرِهِمَا وَإِنْ كَانَ السَّلَمُ فِي طَعَامٍ امْتَنَعَ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلَيْسَ إِقَالَة وَإِلَّا شَرِكَةً وَلَا تَوْلِيَةً قَالَ سَنَدٌ إِنْ كَانَتِ الْمُقَاصَّةُ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ اعْتُبِرَ أَمْرَانِ جَوَازُ بَيْعِ الْمُسْلَمِ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَأَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الرَّهْنِ يَجُوزُ أَخْذُهَا فِي رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ وَقَبْلَ الْأَجَلِ يُرَاعَى مَعَهُمَا أَنْ يَكُونَ الرَّهْنُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ وَالثَّمَنُ عَيْنَيْنِ مِنْ جِنْسٍ وَكَانَ الرَّهْنُ فِي الْعَقْدِ أَجَازَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ إِذَا طَبَعَ عَلَيْهِ وَمَنَعَهُ التُّونُسِيُّ لِأَنَّهُ آلَ الرَّهْنُ إِلَى تَأْخِيرِ رَأْسِ الْمَالِ بِشَرْطٍ فَيَفْسُدُ وَجَوَابُهُ إِنَّ الْخَتْمَ يُبْطِلُ هَذِهِ التُّهْمَةَ وَمَنْعُ ابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ مَحْمُولٌ عَلَى تَأْخِيرِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَالْمُخَالَفَةِ فِي الصِّفَةِ لِلتُّهْمَةِ فِي الصّرْف الْفَاسِد فَإِن اسْتَوَت الصّفة وَالْجِنْس انتقت التُّهْمَةُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَوْ كَانَ الرَّهْنُ فِي طَعَامِ قَرْضٍ جَازَتِ الْمُقَاصَّةُ لِجَوَازِ بَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ تَمْتَنِعُ الْمُقَاصَّةُ مُطْلَقًا كَيْفَ كَانَ الرَّهْنُ وَكَيْفَ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَوْ ثَبَتَ تَلَفُهُ بِالْبَيِّنَةِ سَقَطَ فَلَا مُقَاصَّةَ وَإِنْ لَمْ يَتْلَفْ فَهُوَ عِنْدَكَ فَلَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَقُولَ لَهُ احْبِسْ مَا

عِنْدَكَ مِنَ الطَّعَامِ بِسِلْعَةٍ هِيَ لَكَ قَالَ سَنَدٌ لَوْ كَانَ الرَّهْنُ مِنْ جِنْسِ الْمُسْلَمِ فِيهِ جَازَ أَخْذُهُ عَنِ الْمُسْلَمِ فِيهِ إِنْ كَانَ قَائِمًا بِيَدِكَ أَوْ عِنْدَ أَمِينٍ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ جَوَّزَ فِي الْكِتَابِ رَهْنَ طَعَامٍ فِي سَلَمٍ فِي مِثْلِهِ فَتَأَوَّلَ ابْنُ الْكَاتِبِ فِيهَا جَوَازَ رَهْنٍ مِثْلُ رَأْسِ الْمَالِ وَخَالَفَهُ لِأَنَّهُ تَأْخِيرُ رَأْسِ الْمَالِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِنْ مَاتَ كَفِيلُ السَّلَمِ قَبْلَ الْأَجَلِ حَلَّ بِمَوْتِهِ لِأَنَّهُ كَالْغَرِيمِ وَالذِّمَمُ تَخْرَبُ بِالْمَوْتِ وَلَا يَحُلُّ بِمَوْتِكَ وَرَثَتُكَ مَكَانَكَ لِأَنَّهُ مِنْ حَقِّ الْأَمْوَالِ فَتَنْتَقِلُ إِلَيْهِمْ قَالَ سَنَدٌ مَنَعَ ابْنُ حَنْبَلٍ الْكَفَالَةَ لِأَنَّهَا تُؤَدِّي إِلَى اسْتِيفَاءِ الْمُسْلَمِ فِيهِ مِنْ غَيْرِ الْمُسْلَمِ إِلَيْهِ كَالْحَوَالَةِ وَهُوَ يَلْزَمُ (ش) و (ح) لِأَنَّهُمَا يَمْنَعَانِ بَيْعَ الْمُسْلَمِ فِيهِ مُطْلَقًا وَنَحْنُ نُجِيزُ الْبَيْعَ وَالْحَوَالَةَ فِي الْجُمْلَةِ وَفَرَّقَا بِأَنَّ الْحَوَالَةَ تُطَالِبُ فِيهَا بِبَدَلِ حَقِّكَ وَفِي الْحِمَالَةِ بِنَفْسِ حَقِّكَ وَبِحُلُولِ الؤجلات بِالْمَوْتِ قَالَه الْأَئِمَّة قَاعِدَة الْحُقُوق قِسْمَانِ مَالا يَنْتَقِلُ بِالْمَوْتِ كَالنِّكَاحِ وَالتَّمْلِيكِ وَالتَّخْيِيرِ وَالْوَكَالَةِ وَمَا يَنْتَقِلُ كَالشُّفْعَةِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالرَّهْنِ وَضَابِطُ الْبَابَيْنِ أَنَّ الْمُنْتَقِلَ الْأَمْوَالُ وَحُقُوقُهَا لِأَنَّهُمْ يَرِثُونَ الْأَمْوَالَ فيرثون مَا يتبعهَا والخاصة بِبدنِهِ وآرائه قَالَ لَا تَنْتَقِلُ لِأَنَّهُمْ لَا يَرِثُونَ بَدَنَهُ وَلَا عَقْلَهُ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ لِلْكَفِيلِ مُصَالَحَتُكَ عَنِ الْعُرُوضِ بِالْعُرُوضِ الْمُخَالِفَةِ لَهَا وَبِالطَّعَامِ وَالْعَيْنِ نَقْدًا إِذَا اشْتَرَى لِنَفْسِهِ إِنْ كَانَ الْغَرِيمُ حَاضِرًا مُقِرًّا نَفْيًا لِلْغَرَرِ لِأَنَّ بَيْعَ الْعُرُوضِ قَبْلَ قَبْضِهَا جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ الْغَرِيمُ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ

أَعْطَاهُ مَا عَلَيْهِ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ غَرَرٌ وَمَنَعَ (ش) و (ح) بَيْعَ الدَّيْنِ قَبْلَ أَجَلِهِ لقَوْله عَلَيْهِ السَّلَام " فِي أبي دَاوُود: مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلَا يَصْرِفُهُ إِلَى غَيره وجوابهما الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى الْمُسْلَمِ فِيهِ فَنَهَى عَنْ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ قَالَ سَنَدٌ فِي الْمُوازِية وَلَا تَجُوزُ مُصَالَحَةُ الْغَرِيمِ بِأَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَتَكَ وَجَوَّزَهُ التُّونُسِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ تَنْزِيلًا لِلْكَفِيلِ مَنْزِلَةَ الْأَجْنَبِيِّ وَالشَّبَهَانِ فِي الْكَفِيلِ وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا ثَبَتَ الدَّيْنُ بِبَيِّنَةٍ وَعُلِمَ حَيَاةُ الْغَرِيمِ جَازَ بَيْعُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ حُضُورُهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ تُحَقِّقُهُ فَالْغَرَرُ مُنْتَفٍ وَإِذَا اشْتَرَطْنَا الْحُضُورَ عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ فَمَعْنَاهُ: إِذَا كَانَ قَبْلَ الْأَجَلِ أَمَّا عِنْدَ الْأَجَلِ فَقَدْ تَوَجَّهَ الْحَقُّ عَلَى الْكَفِيلِ فَلَهُ تَخْلِيصُ نَفْسِهِ فَإِنْ صَالَحَ الْكَفِيلُ الْغَرِيمَ لَا لنَفسِهِ بأَمْره جَازَ بِمَا تَجُوزُ بِهِ مُصَالَحَةُ الْغَرِيمِ أَوْ بِغَيْر أَمرك وعلمك فَهُوَ عَقْدٌ مَوْقُوفٌ يَمْتَنِعُ فِيمَا يَمْتَنِعُ فِيهِ الْخِيَارُ وَيَمْتَنِعُ عَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ مُطْلَقًا كَمَا تَمْتَنِعُ الْإِقَالَةُ فِي السَّلَمِ عَلَى الْخِيَارِ وَفَسْخُ الدَّيْنِ فِي شَيْءٍ فِيهِ خِيَارٌ وَيَجُوزُ عَلَى أَصْلِ أَشْهَبَ فَإِنْ لَمْ يُعْلِمْكَ فَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ مَرَّةً وَأَلْزَمَ الْغَرِيمَ الْأَقَلَّ مِنَ الدَّيْنِ أَوْ مَا صَالَحَ بِهِ الْكَفِيلَ وَمَنَعَهُ مَرَّةً وَرَآهُ غَرَرًا وَمَنَعَهُ مَرَّةً لِأَنَّ الْكَفِيلَ لَا يَعْلَمُ مَا يَخْتَارُ الْغَرِيمُ وَجَعَلَهُ مُحَمَّدٌ كَالْوَكِيلِ يُنَفِّذُ فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ وَقَبَضَ السَّلَمَ بيع اشْترى الْكَفِيلُ مَا دَفَعَ وَالزِّيَادَةُ لِلْمَكْفُولِ أَوِ النَّقْصُ مِنَ الْكَفِيلِ وَهَذَا الْخِلَافُ إِذَا دَفَعَ مِثْلِيًّا أَمَّا الْمُقَدَّمُ وَالَّذِي يُقْتَضَى فِيهِ بِجِنْسٍ غَيْرِ قِيمَتِهِ فَكَذَلِكَ أَيْضًا فَإِنْ كَانَ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ وَقِيمَةُ مَا صُولِحَ عَلَيْهِ كَذَلِكَ جَازَ قَوْلًا وَاحِدًا لِنَفْيِ الْغَرَرِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ مَعْنَى قَوْلِهِ إِنْ كَانَ الْغَرِيمُ بِالْخِيَارِ: أَيْ يُصَالِحُ عَنْهُ ثُمَّ يُعَرِّفُهُ فَإِنْ تَصَالَحَ عَنْهُ بِعُرُوضٍ خِلَافِ الْعُرُوضِ الَّتِي عَلَيْهِ

أَوْ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ فَيَمْتَنِعُ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَا يُعْطِيهِ الْغَرِيمُ إِلَّا أَنْ يُعْطَى مِثْلَ مَا عَلَيْهِ دُونَ مَا يَرْجِعُ فِيهِ إِلَى التَّقْوِيمِ لِأَنَّ الْبَيْعَ بِالتَّقْوِيمِ مَمْنُوعٌ فَرْعٌ فِي الْكتاب إِن صلحه الْكَفِيلُ قَبْلَ الْأَجَلِ عَلَى مِثْلِ عُرُوضِ السَّلَمِ جَار أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَجْوَدَ أَوْ أَدْنَى امْتَنَعَ لِأَنَّهُ فِي الْأَدْنَى سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ وَالْأَعْلَى زِيَادَةٌ عَلَى ضَمَانِ الْأَدْنَى قَالَ سَنَدٌ: والمصالحة لغير الْبَلَد كَفِيل الْأَجَلِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ لَا يُصَالَحُ الْمُتَكَفِّلُ بِطَعَامٍ قَبْلَ الْأَجَلِ إِلَّا بِمَثَلِ رَأْسِ الْمَالِ فَيَكُونُ تَوْلِيَةً أَوْ إِقَالَةً لِلْغَرِيمِ بِرِضَاهُ وَتَمْتَنِعُ إِقَالَةُ الْكَفِيلِ وَالْأَجْنَبِيِّ بِغَيْرِ رِضَاهُ لِأَنَّهُ يُتَخَيَّرُ فَإِن رَضِي الله يَبِيع الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَرْعٌ قَالَ يَجُوزُ أَخْذُكَ قَبْلَ الْأَجَلِ أَوْ بَعْدَهُ مِثْلَ طَعَامِكَ لِتَعَلُّقِ الْحَقِّ بِهِ وَيَمْتَنِعُ مِنَ الْأَجْنَبِيِّ لِأَنَّهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلَوِ اقْتَرَضَ مِثْلَ طَعَامِكَ مِنَ الْأَجْنَبِيِّ وَأَحَالَهُ بِهِ عَلَيْهِ وَلَمْ تَسَلْ أَنْتَ الْأَجْنَبِيَّ جَازَ قَبْلَ الْأَجَلِ وَبَعْدَهُ لِأَنَّهُ مَلَكَ الطَّعَامَ بِالْقَرْضِ فَلَهُ تَعْجِيلُهُ وَيَمْتَنِعُ أَنْ يَقْتَرِضَ مِثْلَ طَعَامِكَ وَيُحِيلَ بِهِ عَلَى طَعَامِكَ لِأَنَّ الْحِوَالَةَ بَيْعٌ قَبْلَ قَبْضِهِ وَيَمْتَنِعُ أَخْذُكَ مِنَ الْغَرِيمِ أَوْ مِنَ الْكَفِيلِ قَبْلَ الْأَجَلِ أَجْوَدَ أَوْ أَدْنَى لِأَنَّهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَضَعْ وَتَعَجَّلْ

وَيَجُوزُ مِنَ الْغَرِيمِ إِذَا حَلَّ الْأَجَلُ لِأَنَّهُ حُسْنُ قَضَاءٍ أَوِ اقْتِضَاءٍ دُونَ الْغَرِيمِ لِأَنَّهُ بيع لَا يرجع بِمَا ودى قَالَ سَنَدٌ: إِذَا دَفَعَ الْكَفِيلُ مَا عَلَيْهِ رَجَعَ بِمِثْلِهِ فَإِنْ دَفَعَ طَعَامًا رَجَعَ بِهِ أَوِ اشْتَرَى طَعَامًا رَجَعَ بِثَمَنِهِ وَإِنْ كَانَ أَجْحَفَ بِهِ إِذَا تَغَيَّبَ الْغَرِيمُ لِأَنَّهُ أَوْقَعَهُ فِي الشِّرَاء إِن كَانَت الْكَفَّارَة بِإِذْنِهِ وَإِلَّا بِمَا عَلَيْهِ فَقَطْ لِأَنَّ فِعْلَهُ لَا يُجِيزُهُ مُتَّجِرًا بَلْ مَعْرُوفًا وَيَجُوزُ اتِّفَاقُهُ مَعَ الْغَرِيمِ عَلَى ثَمَنِ الطَّعَامِ قَالَهُ مُحَمَّدٌ لِأَنَّهُ كَالْقَرْضِ لِذَلِكَ الطَّعَامِ لَا كَالْبَائِعِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ لِلْكَفِيلِ بَعْدَ الْأَجَلِ الْمُطَالَبَةُ دُونَ قَبْضِ الطَّعَامِ لِأَنَّهُ لَيْسَ وَكِيلًا فَإِنْ قَبَضَهُ لَكَ فَتَلَفَ عِنْدَهُ ضَمِنَهُ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَمْ لَا (ينْزع الْغَرِيمُ بِذَلِكَ أَمْ لَا) طَالَبَهُ الْكَفِيلُ بِقَضَاءِ السُّلْطَانِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ لَيْسَ أَمِينًا وَلَا وَكيلا فيده مضمنة وَإِن أَخذه بطرِيق الرسَالَة لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ لِلْغَرِيمِ وَالْوَكِيلُ أَمِينٌ لَا يَضْمَنُ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ طَرَحَ سَحْنُونٌ (أَيْضا) السُّلْطَانِ لِأَنَّ السُّلْطَانَ لَا مَدْخَلَ لَهُ هَاهُنَا وَقَالَ غَيْرُهُ مَعْنَاهُ يَكُونُ صَاحِبُ الْحَقِّ غَائِبًا غَيْبَةً بَعِيدَةً وَحَلَّ الْأَجَلُ فَتَقَاضَاهُ الْكَفِيلُ وَخَشِيَ أَنْ يُغَرِّمَ هَذَا الْغَرِيمَ الْحَاضِرَ قَبْلَ قُدُومِ الْغَائِبِ فَإِنْ كَانَ مَلِيًّا لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ وَإِلَّا قَضَى السُّلْطَانُ عَلَيْهِ بِالْحَقِّ وَأَخَذَهُ مِنْهُ وَجَعَلَهُ عَلَى يَدِ أَمِينٍ أَوِ الْكَفِيلِ إِنْ كَانَ أَمِينًا قَالَ سَنَدٌ لَيْسَ لِلْمَكْفُولِ مُطَالَبَتُهُ بِمَا دَفَعَهُ لَهُ عَلَى أَنَّهُ اقْتِضَاءٌ لِأَنَّهُ فِي ضَمَانِهِ لَمْ يَتَعَدَّ فِيهِ إِنْ بَاعَهُ وَلَهُ ذَلِكَ فِي الرِّسَالَةِ لِتَعَدِّيهِ بِالْبَيْعِ فَلَوْ بَاعَ الْمَقْبُوضَ بِالرِّسَالَةِ

وَغَرَمَهُ لِلطَّالِبِ: فَلَهُ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ طَعَامًا مِثْلَ مَا قَضَى عَنْهُ وَيُطَالِبُهُ بِالثَّمَنِ وَلَوْ وَكَّلَ الطَّالِبُ الْكَفِيلَ فَقَبَضَ وَبَاعَ فَلِلطَّالِبِ إِمْضَاءُ الْبَيْعِ دُونَ الْمَكْفُولِ لِتَعَيُّنِ الطَّعَامِ لِلطَّالِبِ بِالْقَبْضِ وَيَمْنَعَ أَنْ يُعْطِيَهُ دَرَاهِمَ لِيَشْتَرِيَ وَيُعْطِيَ الطَّالِبَ مِنْ عِنْدِهِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ لِلطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ كَمَا لَوِ اشْتَرَى طَعَامًا مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَأَحَالَ عَلَيْهِ وَلَوْ دَفَعَ دَنَانِيرَ وَاشْتَرَى بِهَا طَعَامًا وَيَقْضِيهِ عَنْهُ فَدَفَعَ الْكَفِيلُ الطَّعَامَ مِنْ عِنْدِهِ وَحَبَسَ الثَّمَنَ بَعْدَ أَنْ عَلِمَ الْغَرِيمُ بِذَلِكَ قَبْلَ كَيْلِ الطَّعَامِ فَرَضِيَ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلَوْ دَفَعَهُ بِغَيْرِ عِلْمِهِ فَأَجَازَهُ جَازَ لِأَنَّهُ مُقْرَضٌ وَلَوْ وَكَّلَهُ الْمَكْفُولُ عَلَى الشِّرَاءِ وَالدَفْعِ وَوَكَّلَهُ الطَّالِبُ عَلَى الْقَبْضِ: مَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّ قَبْضَهُ لِأَحَدِهِمَا قَبْضٌ لِلْآخَرِ كَمَا لَوْ قَالَ الْمَكْفُولُ لِلطَّالِبِ أَنَا أَشْتَرِي هَذَا الطَّعَامَ وَاقْبِضْهُ أَنْتَ وَهُوَ بَيْعٌ لِلطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ كَمَا لَوْ قَبَضَهُ الطَّالِبُ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: لَوْ بَاعَهُ الْكَفِيلُ امْتَنَعَتْ إِجَازَتُكَ الْبَيْعَ لِأَنَّكَ لَمْ تُوَكِّلُهُ عَلَى الْبَيْعِ فَهُوَ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلَكَ مُطَالَبَةُ الْغَرِيمِ وَالْكَفِيلِ فَلِلْغَرِيمِ أَخْذُ الثَّمَنِ مِنْهُ إِنْ دَفَعَهُ عَلَى الرِّسَالَةِ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ عَلَيْهِ وَلَهُ أَخْذُهُ بِمِثْلِ الطَّعَامِ لِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ وَإِنْ أَخَذْتَ الْكَفِيلَ بِالطَّعَامِ فَلَيْسَ لِلْغَرِيمِ أَخْذُ الثَّمَنِ مِنْهُ وَدَفَعَ مِثْلَ الطَّعَامِ إِنْ قَبَضَهُ اقْتِضَاءً لِأَنَّهُ ضَمِنَهُ فَلَهُ الثَّمَنُ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ تَمْتَنِعُ الْكَفَّارَةُ بِرَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّهُ غَرَرٌ وَلَا يَدْرِي أَيُحَصَّلُ لَهُ رَأْسُ الْمَالِ أَوِ الْمُسْلَمِ فِيهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ سَحْنُونٌ: لَوْ كَانَتِ الْحَمَالَةُ بَعْدَ

الْعَقْدِ فُسِخَتْ كَمَا قَبْلَ الْعَقْدِ لِأَنَّ مَعْنَاهَا إِنْ لَمْ يُوجَدِ الطَّعَامُ دَفَعْتُ لَكَ رَأْسَ مَالِكَ فَهِيَ إِقَالَةٌ فَاسِدَةٌ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ الْإِقَالَةِ فِي الطَّعَامِ النَّقْدَ وَقِيلَ إِنْ فَهِمَ أَنَّهُ يَشْتَرِي لَهُ بِرَأْسِ الْمَالِ طَعَامًا جَازَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ إِنْ لَمْ آتِ بِهِ فَلَمْ يَأْتِ بِهِ اشْتَرَى بِالْمِائَةِ طَعَامَ الطَّالِبِ فَإِنْ فَضَلَ مِنْهَا شَيْءٌ رُدَّ لِلْكَفِيلِ وَإِنْ نَقُصَتْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ غَيْرُهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ ضَاعَتْ قبل لشراء فَهِيَ مِنَ الْمَكْفُولِ وَلَا يَكُونُ عَلَى الْكَفِيلِ مِنْهَا شَيْءٌ لِلطَّالِبِ لِأَنَّهُ أَدَّاهَا قَالَ سَنَدٌ إِنْ قَصَدَ بِضَمَانِ الثَّمَنِ ضَمَانَ الْمُسْلَمِ فِيهِ بِقَدْرِ الثَّمَنِ بِمَعْنَى إِنْ لَمْ يُوَفِّكَ عِنْدَ الْأَجَلِ وَفَّيْتُكَ بِمِقْدَارِ الثَّمَنِ وَمَا نَقَصَ الثَّمَنُ عَنْهُ لَا يَلْزَمُنِي أَجَازَهُ عَبْدُ الْحَقِّ وَغَيْرُهُ لِأَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ حَاصِلٌ جَزْمًا أَوْ أَكْثَرُهُ بِخِلَافِ مَا فِي الْكِتَابِ وَقِيلَ يَمْتَنِعُ هَذَا لِلْجَهْلِ بِمَا يَشْتَرِي مِنَ الثَّمَنِ وَجَوَابُهُ أَنَّ هَذَا كَالرَّهْنِ لَا يُدْرَى هَلْ يُوَفَّى أَمْ لَا وَمَعَ ذَلِكَ يَجُوزُ إِجْمَاعًا وَإِذَا وَقَعَتِ الْكَفَالَةُ الْفَاسِدَةُ فُسِخَ الْعَقْدُ وَرُدَّ الثَّمَنُ فَإِنْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِفَسَادِ الْحِمَالَةِ وَيَلْزَمُهُ عِنْدَ غَيْرِهِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: تَجُوزُ الزِّيَادَةُ فِي الثَّمَنِ بَعْدَ الْأَجَلِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَكَ أَطْوَلَ مِنْ ثَوْبِكَ أَوْ أَحْسَنَ صِفَةً إِذَا تَعَجَّلْتَ الزِّيَادَةَ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى رَأْسِ الْمَالِ وَيَمْتَنِعُ اسْتِرْجَاعُ بَعْضِ الثَّمَنِ لِيَأْخُذَ أَدْنَى إِنْ كَانَ الثَّمَنُ لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَقَدْ غَابَ عَلَيْهِ خَشْيَةَ أَنَّكَ أَسْلَفْتَهُ هَذَا الْمَرْدُودَ فَيَكُونُ بَيْعًا وَسَلَفًا قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ: إِذَا زِدْتَهُ قَبْلَ الْأَجَلِ لِتَأْخُذَ أَطْوَلَ: جَازَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُمَا صَفْقَتَانِ بِشَرْطِ أَنْ يَبْقَى مِنَ الْأَجَلِ مِثْلُ أَجْلِ السَّلَمِ فَأَكْثَرَ وَإِلَّا امْتَنَعَ لِأَنَّهُ

سلم حَال فِيمَا لَيْسَ عِنْد وَلَوْ كَانَ لِتُعْطِيَهُ أَرَقَّ أَوْ أَصْفَقَ امْتَنَعَ لِأَنَّ الْخُرُوجَ عَنِ الصَّفْقَةِ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَفِي زِيَادَةِ الْأَطْوَلِ حَصَلَ الْأَوَّلُ مَعَ غَيْرِهِ فَلَمْ يُفْسَخْ وَمَنَعَهُ سَحْنُونٌ مُطْلَقًا وَرَآهُ فَسْخَ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَجَوَّزَهُ فِي الْإِجَارَةِ لِأَنَّهَا فِي شَيْءٍ بِعَيْنِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَو مَاتَ الْأَجِير أوصى على ذَلِك من مَاله فَهِيَ وَالسَّلَمُ سَوَاءٌ قَالَ سَنَدٌ: قَوْلُهُ: يَمْتَنِعُ اسْتِرْجَاعُ بَعْضِ الثَّمَنِ لِيَأْخُذَ أَدْنَى لَيْسَ شَرْطًا بَلِ الْمِثْلُ وَالْأَجْوَدُ كَذَلِكَ فِي الْفَسَادِ فِي الِاسْتِرْجَاعِ لِأَنَّهُ سَلَفٌ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَرْضًا وَاسْتَرْجَعْتُ مِنْ صِنْفِهِ وَأَخَذْتُ أُدَوِّنُ امْتَنَعَ لِأَنَّ الْمُسْتَرْجَعَ سَلَفٌ أَوْ مِنْ صِنْفِهِ جَازَ لِأَنَّ شَرَطَ السَّلَفِ اتِّحَادُ الْجِنْسِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا أَعْطَاكَ بَعْدَ الْأَجَلِ أَوْ قَبْلَهُ جَمِيعَ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ بعضه مَعَ جَمِيع الْمُسلم على أَن يَجْعَل لَكَ السَّلَمَ قَبْلَ أَجَلِهِ أَوْ يُؤَخِّرَهُ إِلَى أَجَلِهِ امْتَنَعَ إِنْ كَانَ الثَّمَنُ لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَقَدْ غَابَ عَلَيْهِ وَإِذَا كَانَ رَأْسُ المَال يُعرف بِعَيْنِه فتقابلتما فِي نصفه وَنصف السّلم عى أَنْ تَأْخُذَ بَقِيَّةَ رَأْسِ مَالِكَ جَازَ تَنْبِيهٌ: وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ فِي أَوَّلِ الْفَرْعِ: أَوْ يُؤَخِّرَكَ إِلَى أَبْعَدِ أَجْلِهِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَتَّجِهُ فَإِنَّ التَّأْخِيرَ لِلْأَجَلِ مُسْتَحَقٌّ بِالْعَقْدِ لَا يَحْتَاجُ إِلَى تَعْجِيلٍ لِأَجَلِهِ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: إِذَا أَعْطَاكَ بَعْدَ الْأَجَلِ لِيُعَجِّلَ لَكَ قَبْلَ الْأَجَلِ أَوْ إِلَى الْأَجَلِ أَوْ أَبْعَدَ مِنَ الْأَجَلِ لَا يَسْتَقِيمُ فَإِنَّ الدَفْعَ بَعْدَ الْأَجَلِ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ لِقَصْدِ

التَّعْجِيلِ قَبْلَ ذَلِكَ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: لِيُؤَخِّرَهُ إِلَى أَجَلٍ أَبْعَدَ مِنْ ذَلِكَ الْأَجَلِ وَسِرُّ الْفَسَادِ بَعْدَ التَّصْحِيحِ: أَنَّ رَأْسَ الْمَالِ إِذَا كَانَ يُغَابُ عَلَيْهِ كَانَ مُسْتَهْلَكًا فَكَأَنَّهُ أَسْلَفَهُ لِيُؤَخِّرَهُ أَوْ يُوَافِقَهُ عَلَى التَّعْجِيلِ فَهُوَ: حُط عَنِّي الضَّمَانَ وَأَزِيدَكَ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مُتَقَوَّمًا جَازَتِ الْإِقَالَةُ عَلَى عَيْنِهِ إِذَا كَانَ لَمْ يَتَغَيَّرْ وَتُمْنَعُ عَلَى مِثْلِهِ وَقِيمَتِهِ لِأَنَّهَا إِقَالَةٌ عَلَى غَيْرِ رَأْسِ الْمَالِ فَهِيَ مُبَايَعَةٌ لِلطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا مَنَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْإِقَالَةَ عَلَى مِثْلِهِ وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ إِلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ فِيهِ الْأَعْرَاض كَالْكَتَّانِ وَحَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ فِي الْعَبْدِ فَالثَّمَنُ لَا يَمْنَعُ الْإِقَالَةَ لِأَنَّهَا خَارِجَةٌ عَنِ الْعَيْنِ وَتَغْيِيرُهُ بِالزِّيَادَةِ أَوِ النَّقْصِ فِي بَدَنِهِ يَمْنَعُ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا أَخَذْتَ بَعْضَ رَأْسِ مَالِكَ بِعَيْنِه وَجَمِيع السّلم بَعْدَ الْأَجَلِ جَازَ لِأَنَّهُ إِحْسَانٌ مَحْضٌ وَيَمْتَنِعُ أَخْذُكَ بَعْضَ سَلَمِكَ وَتَسْتَرْجِعُ عُرُوضًا مِنْ صِنْفِ رَأْسِ مَالِكَ لِأَنَّهَا إِنْ كَانَتْ مِثْلَ عَدَدِهِ فَهُوَ سَلَفٌ لِمَنْفَعَةٍ أَوْ أَقَلَّ فَبَيْعٌ وَسَلَفٌ وَمِنْ غَيْرِ صِنْفِ رَأْسِ مَالِكَ يَجُوزُ لِتَعَذُّرِ السَّلَفِ مَعَ الْمُغَايَرَةِ فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ: لَكَ أَنْ تستزيد أحد الْعقْدَيْنِ لَهُ بالتعجل أَوْ تُؤَجِّلَهُ إِلَى الْأَجَلِ أَوْ أَبْعَدَ مِنْهُ لاستغلالك الْمَبِيعَ كَأَنَّهُ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ وَقَالَ أَيْضًا: ذَلِكَ مَمْنُوعٌ قَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ: يَنْبَغِي عَلَى أُصُولِهِمْ إِنْ مَاتَ الْبَائِعُ قَبْلَ قَبْضِ الزِّيَادَةِ أَنْ تَبْطُلَ لِأَنَّهَا هِبَةٌ لَمْ تُقْبَضْ

وَقِيلَ: هَذِهِ هَدِيَّةُ مِدْيَانٍ فَتَمْتَنِعُ قَالَ سَنَدٌ: تَجُوزُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ الزِّيَادَةُ فِي الثَّمَنِ لِأَنَّهَا مَعْرُوفٌ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا كَانَ رَأس المَال الْمُسلم عَرْضًا أَوْ حَيَوَانًا فِي طَعَامٍ لَا يَمْنَعُ الْإِقَالَةَ تَغَيُّرُ سُوقِهِ لِأَنَّهُ رَغَبَاتُ النَّاسِ وَهِيَ خَارِجَةٌ عَنِ الْحَيَوَانِ بِخِلَافِ التَّغْيِيرِ بِالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مبايعة فِي طَعَام قَبْلَ قَبْضِهِ وَالْهُزَالُ وَالسِّمَنُ فِي الْجَارِيَةِ لَا يَمْنَعُ بِخِلَافِ الدَّابَّةِ لِأَنَّهُمَا مَقْصُودَانِ فِيهِمَا قَالَ اللَّخْمِيُّ: هَذَا يَتَخَرَّجُ عَلَى مَا فِيهِ مِنَ الْخِلَافِ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ هَلْ هُوَ فَوْتٌ أَمْ لَا فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا أَسْلَمَ رَجُلَانِ لِرَجُلٍ فَأَقَالَ أَحَدُهُمَا جَازَ إِلَّا أَنْ يَكُونَا مُتَفَاوِضَيْنِ فِيمَا أَسْلَمَا فِيهِ أَوْ مُطْلَقًا وَلَا حُجَّةَ لِشَرِيكِهِ عَلَيْهِ فَإِنْ أَسْلَمَ رَجُلٌ لِرَجُلَيْنِ فَأَقَالَهُ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يَكُنِ اشْتَرَطَ ضَمَانَ كِلَيْهِمَا لِصَاحِبِهِ جَازَ وَلَا حُجَّةَ لِشَرِيكِهِ لِأَنَّهُ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ فَإِنْ كَانَ اشْتَرَطَ ذَلِكَ امْتَنَعَ وَكَأَنَّهُ سَلِمَ مِنَ النَّقْصِ قَالَ سَنَدٌ: مَنَعَ سَحْنُونٌ إِقَالَةَ أَحَدِهِمَا إِلَّا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ الْآخَرِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى كَمَا لَا يَقْبِضُ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَالْفَرْقُ: أَنَّ الْإِقَالَةَ يَمْتَنِعُ فِيهَا الْخِيَارُ فَلَو خيرنا الشَّرِيك كَانَت إِقَالَة على الْخِيَار فَتَفْسُدُ لِأَنَّهَا بَيْعٌ وَسَلَفٌ وَبَيْعٌ لِلطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ كَمَا لَهُ عِتْقُ نَصِيبِهِ مِنَ الْعَبْدِ بِغَيْر إِذْنه

فرع فِي الْكتاب: إِذا اشْتريت بِدَرَاهِم فتقابلتما وَهِيَ فِي يَدَيْهِ فَأَرَادَ دَفَعَ غَيْرِهَا فَذَلِكَ لَهُ وَإِنْ كَرِهْتَ شَرَطْتَ اسْتِرْجَاعِهَا أَمْ لَا لِأَنَّهَا لَا تتَعَيَّن وَقَالَ (ح) وَمَنَعَ (ش) قَالَ سَنَدٌ: قَالَ سَحْنُونٌ: لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ كَقَفِيزٍ مِنْ صُبْرَةٍ لَا يُبَدَّلُ بِقَفِيزٍ مِنْ صُبْرَةٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الصَّرْفِ تَحْرِيرُ ذَلِكَ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا أَسْلَمْتَ ثَوْبًا فِي طَعَامٍ ثُمَّ أَقَلْتَهُ فَهَلَكَ الثَّوْبُ بَعْدَ الْإِقَالَةِ انْفَسَخَتِ الْإِقَالَةُ لِعَدَمِ الْقَبْضِ وَيَمْتَنِعُ أَخْذُ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِثْلِيًّا وَإِذَا ابْتَعْتَ مِثْلِيًّا فَقَبَضْتَهُ وَأَتْلَفْتَهُ تَجُوزُ الْإِقَالَةُ مِنْهُ بِرَدِّ الْمِثْلِ بَعْدَ عِلْمِ الْبَائِعِ بِهَلَاكِهِ وَقَبْضِهِ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ فِي الْإِقَالَةِ مَمْنُوعٌ لِأَنَّهُ مُكَايَسَةٌ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا أَسْلَمَ إِلَيْكَ مِائَةَ دِرْهَمٍ فِي مِائَتَيْ إِرْدَبٍّ تُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَأَقَالَكَ: فِي مَرَضِهِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا فَلِلْوَرَثَةِ الْإِجَازَةُ وَإِعْطَاؤُكَ ثُلُثَ مَا عَلَيْكَ مِنَ الطَّعَامِ وَإِنْ حَمَلَ الثُّلُثُ جَمِيعَ الطَّعَامِ جَازَتِ الْوَصِيَّةُ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ: قَوْلُهُ: جَمِيعُ الطَّعَامِ يُرِيدُ طَعَامَ الْمُحَابَاةِ وَمَنَعَ سَحْنُونٌ هَذِهِ الْإِقَالَةَ لِتَأَخُّرِهَا إِلَى الْمَوْتِ وَقِيلَ: مَعْنَاهَا: أَقَالَهُ وَمَاتَ مَكَانَهُ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّهَا انْعَقَدَتْ عَلَى فَسَاد فَإِن تعقب الْمَوْت غَيْرِ مَعْلُومٍ وَقِيلَ: وَصَّى لَهُ بِالْإِقَالَةِ وَقِيلَ: أما إجَازَة ابْن الْقَاسِم لَهَا فَلِأَنَّهَا لَمْ يَقْصِدَا ذَلِكَ بَلْ أَدَّتْ إِلَيْهِ الْأَحْكَامُ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ: مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ لَهَا ثَلَاثُ صُوَرٍ: إِنْ أَوْصَى بِأَنْ

يُقَالَ صَحَّتْ وِفَاقًا لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ تَأْخِيرٌ فِي الْإِقَالَة وَإِن تَجِد الْإِقَالَةَ وَلَمْ يَتَأَخَّرِ الطَّلَبُ جَازَتِ اتِّفَاقًا وَإِنْ تَأَخَّرَ فَقَوْلَانِ فَإِنْ كَانَ الْمَقِيلُ الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَامُ وَهُوَ مَرِيضٌ وَالْمَالُ لَهُ جَرَى عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَإِذَا قُلْنَا تَمْضِي وَفِيهِ مُحَابَاةٌ وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُسْلِمِ إِلَيْهِ غَيْرُ رَأْسِ مَالِهِ: فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: يُشْتَرَى بِمَا عَدَا الْمُحَابَاةِ طَعَامٌ فَيُوَفَّاهُ وَثُلُثُ الْمُحَابَاةِ لِتَصْحِيحِ أَخْذِ مَا يُشترى بِهِ وَثُلُثُ الْمُحَابَاةِ الْكُلُّ عَيْنًا وَقِيلَ: يُشْتَرَى لَهُ بِالْأَصْلِ وَثُلُثُ الْمُحَابَاةِ طَعَامٌ وَالْمُدْرَكُ: مُحَاذِرَةُ الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ فَيُعْطَى الْجَمِيعُ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فَإِنْ غَلَّبْنَا حُكْمَ الْإِقَالَةِ أَعْطَيْنَا الْجَمِيعَ عَيْنًا أَوْ إِبْطَالَ الْإِقَالَةِ أَعْطَيْنَا الْكُلَّ طَعَامًا أَوْ لَا يحاذر البيع وَالسَّلَف لتعذر الْقَصْد فَيُعْطَى الطَّعَامَ وَثُلُثَ الْمُحَابَاةِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: الِاسْتِغْلَالُ لَا يَمْنَعُ الْإِقَالَةَ إِلَّا وَلَدُ الْأَمَةِ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمَا وَلِأَنَّهُ كَالنَّمَاءِ فِي الْبَدَنِ وَالدَّيْنُ يَلْحَقُ الْمَأْذُونَ لَهُ يَمْنَعُ لِأَنَّهُ عَيْبٌ فِي النَّذْرِ وَإِنْ أَسْلَمْتَ ثَوْبًا فِي حَيَوَانٍ فَقَطَعْتَهُ جَازَتِ الْإِقَالَةُ فِي نِصْفِ الْحَيَوَانِ فِي نِصْفِ الثَّوْبِ حَلَّ الْأَجَلُ أَمْ لَا زَادَهُ الْقَطْعُ أَوْ نَقَصَهُ إِذَا تَعَجَّلْتَ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: يُرِيدُ لِأَنَّهُ نِصْفُ ثَوْبِهِ بِعَيْنِهِ وَلَمْ يَدْخُلْهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ وَفِي الْكِتَابِ: إِنْ أَخَذْتَ ثَوْبًا مُعَيَّنًا وَزَادَكَ ثَوْبًا مِنْ صِنْفِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِ صِنْفِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ جَازَتِ الْإِقَالَةُ حَلَّ الْأَجَلُ أَمْ لَا إِلَّا أَنْ يَزِيدَ مِنْ نِصْفِ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَيَجُوزُ بَعْدَ الْأَجَلِ لَا قَبْلَهُ لِأَنَّهُ: حط عني الضَّمَان وأريدك وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ أَحْكَامِ الْإِقَالَةِ جُمْلَةٌ فِي فَسَادِ الْعَقْدِ وَصِحَّتِهِ فِي بُيُوعِ الْآجَالِ وَحُكْمِ العقد قبل

الْقَبْض مَا اقْتَضَاهُ ذَانك البابان مِنْهَا فَلْيُرَاجَعْ هُنَاكَ النَّظَرُ الثَّالِثُ: فِي أَدَاءِ الْمُسْلَمِ فِيهِ ثُمَّ الْبَحْثُ عَنْ مِقْدَارِهِ وَصِفَتِهِ وَزَمَانِهِ وَمَكَانِهِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَبْحَاثٍ: الْبَحْثُ الْأَوَّلُ: فِي مِقْدَارِهِ وَفِي الْكِتَابِ: مَا اشْتُرِطَ أَخْذُهُ فِي إِبَّانِهِ فَانْقَطَعَ إِبَّانُهُ قَبْلَ أَخْذِهِ بِتَأْخِيرِ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ تَوْفِيَةً بِالْعَقْدِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى جَوَازِ أَخْذِ بَقِيَّةِ رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ ضَرَرٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ طَلَبَ التَّأْخِيرَ مِنْهُمَا فَذَلِكَ لَهُ نَظَرًا لِلْمُدْرَكَيْنِ فَإِنِ اجْتَمَعَا عَلَى الْمُحَاسَبَةِ جَازَ قَالَ سَنَد: إِن لم يقْض مِنَ الْمَبِيعِ شَيْئًا جَازَ الِاتِّفَاقُ عَلَى الْفَسْخِ لِأَنَّهُ إِقَالَة وَإِن اتفقَا على التَّأْخِير حَاز عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِتَعَلُّقِ الضَّرَرِ بِهِمَا وَامْتَنَعَ عِنْد أَشهب كَأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَإِنِ اخْتَلَفَا فَقَوْلَانِ: أَحدهمَا: يقدم من طلب المحاسبة لِأَنَّهُ نفي لِلضَّرَرِ وَثَانِيهَا: طَالَبُ التَّأْخِيرِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي اعْتِبَارِ الْعَقْدِ حَتَّى يُوفِيَ بِهِ فَإِنْ قَبَضَ الْبَعْض فَالْمَشْهُور: عدم الْفَسْخ فِي الْبَاقِي تَوْفِيَة بِالْعقدِ قَالَه (ش) و (ح) وَيُفْسَخُ عِنْدَ أَشْهَبَ فِي الْبَاقِي لِأَن العقد يتَنَاوَل ثَمَرَة عَام بَيْعه فَتَعَذُّرُهُ يُوجِبُ الْفَسْخَ كَالْعَقْدِ عَلَى الصُّبْرَةِ الْمُعَيَّنَةِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: يَخْتَصُّ خِيَارُ الْفَسْخِ بِالْمُشْتَرِي وَقَالَهُ مَالك (ش) و (ح) لِأَنَّهُ صَاحِبُ الْمُثْمَنِ الَّذِي هُوَ مَقْصِدُ الْعَقْدِ وَالثَّمَنُ إِنَّمَا هُوَ وَسِيلَةٌ وَقَالَ أصبغ: تكلفهما الْمُحَاسَبَةُ إِلَّا أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى التَّأْخِيرِ لِشُمُولِ الضَّرَرِ لَهُمَا وَإِذَا قُلْنَا بِالتَّرَاضِي عَلَى الْفَسْخِ شَيْئًا فَهَلْ يَجُوزُ فِي الْبَعْضِ؟ وَهُوَ الَّذِي حَكَى فِيهِ الْخِلَافَ فِي

الْكِتَابِ وَإِذَا قُلْنَا بِالْفَسْخِ: فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِالْقِيمَةِ مَا شَاءَ غَيْرَ الطَّعَامِ مَنَعَهُ أَشْهَبُ وَكَرِهَهُ ابْنُ وَهْبٍ لِأَنَّهُ طَعَامٌ نَقْدًا مِنْ طَعَامٍ وَأَجَازَهُ مُحَمَّدٌ لِوُقُوعِ الْفَسْخِ فَيَبْطُلُ الطَّعَامُ الْأَوَّلُ وَعَنِ ابْنِ الْكَاتِبِ: إِنَّمَا يَقَعُ ذَلِكَ إِذا حكم بِالْفَسْخِ وَأشْهد عَلَيْهِ بالحكم بتحقق الْإِبْطَالُ وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: يَكْفِي الْحُكْمُ دُونَ الْإِشْهَادِ لِعَدَمِ تَوَقُّفِ الفُتيا عَلَيْهِ فَأَمَّا السَّلَمُ فِي حَائِطٍ مُعَيَّنٍ يَنْقَطِعُ ثَمَرُهُ فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا الثّمن وَيمْنَع التَّأْخِيرُ لِفَوَاتِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ وَلَمْ يُخْتَلَفْ فِي هَذَا كَذَهَابِ بَعْضِ الصُّبْرَةِ وَلِقُوَّةِ شِبْهِهِ بِالْعُرُوضِ الْمُعَيَّنَةِ وَالْأَوَّلُ فِي الذِّمَّةِ جَزْمًا إِنَّمَا الْخِلَافُ فِي خُرُوجِ الْإِبَّانِ وَإِذَا فَاتَ بَعْضُ ثَمَرِ الْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ: فَفِي الْكِتَابِ: يُرْجَعُ بِبَقِيَّةِ الثَّمَنِ لِأَنَّ الثَّمَنَ مُوَزَّعٌ عَلَى الْمَبِيعِ وَقَالَ الْبَاجِيُّ: ذَلِكَ إِذَا اشْتَرَطَ أَخْذَ الْمَبِيعِ فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ أَمَّا فِي أَيَّامٍ تَخْتَلِفُ فِيهَا الْقِيَمُ: فَالْحِسَابُ بِالْقِيمَةِ وَاخْتَارَهُ التُّونُسِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ مَا خَصَّهُ فِي سِلْعَةٍ تَتَأَخَّرُ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ بَلْ فِي سِلْعَةٍ مُعجلَة فَإِن تَأَخَّرت لمَنْفَعَة من إِشْهَاد أَو اسْتِخْدَام أجَازه الباحي بِغَيْر شَرط إِن شَرَطَ حَبْسَهَا لِغَيْرِ مَنْفَعَةٍ: فَفِي الْكِتَابِ: لَا يُعْجِبُنِي وَلَا أَفْسَخُهُ لِأَنَّ المعيَّن لَيْسَ بِدَيْنٍ وَإِنْ كَانَتْ فِيمَا لَا يُمْكِنُ تَعْجِيلُهُ كَالْخَادِمِ فِيهَا العُهدة وَالْبيع بِالْخِيَارِ قبل جذاذها وَسُكْنَى الدَّارِ مَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِشِبْهِهِ بِالدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي الذِّمَمِ دُونَ الْأَعْيَانِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: إِذَا خَرَجَ إِبَّانُ الثَّمَرَةِ قَبْلَ قَبْضِهَا فَسِتَّةُ أَقْوَالٍ: يَتَأَخَّرُ لِإِبَّانٍ ثانٍ لَهُ أَخْذُ بَقِيَّةِ الثَّمَنِ الْآنَ الْقَوْلَانِ لِمَالِكٍ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ: يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فِي التَّأْخِيرِ دُونَ الْبَائِعِ لِلتَّفْرِقَةِ بَيْنَ قَبْضِ أَكْثَرِ الْمَبِيعِ فَيَجُوزُ التَّأْخِيرُ لِقَابِلٍ وَإِلَّا فَالْمُحَاسَبَةُ الْآنَ لِمَالِكٍ لِأَنَّ قَبْضَ الْأَقَلِّ مُغْتَفَرٌ وَتَتَغَيَّرُ الْمُحَاسَبَةُ الْآنَ لِأَشْهَبَ وَالْمُحَاسَبَةُ الْآنَ إِلَّا أَنْ يَجْتَمِعَا عَلَى التَّأْخِيرِ لِأَصْبَغَ قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَقَوْلُ أَشْهَبَ أَصَحُّ إِذَا ذَهَبَتِ

الثِّمَارُ بِالْجَوَائِحِ السَّمَاوِيَّةِ وَإِنْ كَانَ عَدَمُ الْقَبْضِ لِرَدِّ الْبَائِعِ حَتَّى خَرَجَ الْإِبَّانُ كَانَ لِلطَّالِبِ الْخِيَارُ فِي التَّأْخِيرِ وَإِنْ كَانَ لِهَرَبِ الْمُشْتَرِي خُيِّرَ الْبَائِعُ قَالَ: وَأَرَى أَنْ يَدْفَعَ الْبَائِعُ التَّمْرَ أَوِ الرُّطَبَ إِلَى الْحَاكِمِ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ إِذَا خَشِيَ فَسَادَهُ قَالَ: وَإِذَا أَخْذَ وَرِقًا فِيمَا بَقِيَ وَرَأْسُ الْمَالِ ذَهَبٌ جَازَ إِنْ كَانَ الذَّهَابُ بِالْجَوَائِحِ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ عَلَى الصَّرْفِ المتسأخر وَعَنْ مَالِكٍ جَوَازُهُ إِذَا كَانَ الْفَوَاتُ لِخُرُوجِ الْإِبَّانِ وَكَذَلِكَ أَخْذُ الطَّعَامِ فِي الطَّعَامِ وَأَمَّا السَّلَمُ فِي الْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ فَيَتَعَذَّرُ الْأَخْذُ وَالْقِرْيَةُ يَنْفَسِخُ اتِّفَاقًا كَالصُّبْرَةِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ: فِي الْقِرْيَةِ وَالصُّبْرَةِ قَوْلَانِ كَالْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ وَإِلْحَاقُهَا بِالْمَضْمُونِ فِي الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ لِحُصُولِ الشَّبَهَيْنِ فِيهَا فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: أَجَازَ فِي الْكِتَابِ: أَخْذَ نَوْعٍ مِنَ الْحُبُوبِ بَدَلًا مِنْ نَوْعٍ آخَرَ لِأَنَّهَا يُبَاعُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: وَكَذَلِكَ لَحَمُ الْبَقَرِ فِي الضَّأْنِ فِي يَوْمِ أَجْلِهِ وَلَا يعجل فِي ذَلِك الْيَوْم اكثر مَا لَهُ لِئَلَّا يَكُونَ بَيْعًا لِلطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَإِنْ أَخَذَ أَكْثَرَ وَزَادَ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ بَيْعُ الطَّعَام قبل قَبضه أَو دنى وَعَرْضًا امْتَنَعَ وَيَمْتَنِعُ أَخْذُ طَيْرِ الْمَاءِ فِي الدَّجَاجِ وَالْإِوَزِّ لِأَنَّهُ يُرَادُ لِلِّحْمِ وَهُمَا لِلتَّرْبِيَةِ فَهُوَ بيع الْحَيَوَان بِاللَّحْمِ وَيمْتَنع أَخذ الْعَصَافِيرَ الْمَذْبُوحَةَ فِي الْحَيَّةِ لِأَنَّهُ بَيْعُ الْحَيَوَانِ بِاللَّحْمِ وَفِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ أَخْذُ الْقَمِيصَيْنِ فِي الرَّايِطَةِ وُجِدَتِ الرَّايِطَةُ أَمْ لَا لِأَنَّ الرَّايِطَةَ لَيست طَعَاما وَلَا رَبًّا بَينهمَا وَبَين القميصين فَائِدَة: قَالَ صَاحب التَّنْبِيهَات: الرابطة مِثْلَ الْمُلَاءَةِ وَالْمِلْحَفَةِ إِذَا لَمْ تُلْبَسْ وَالْمَعْرُوفُ فِي الْعَرَبيَّة: ريْطة

فِي فرع الْكِتَابِ: لَكَ فِي السَّلَمِ الْفَاسِدِ أَخْذُ كُلِّ شَيْءٍ بِرَأْسِ مَالِكَ إِلَّا مَا أَسْلَمْتَ فِيهِ لَيْلًا يَكُونَ تَتْمِيمًا لِلْعَقْدِ الْفَاسِدِ قَالَ سَنَدٌ: قَالَ أَشْهَبُ: هَذَا فِي الْحَرَامِ الْبَيِّنِ أَمَّا الَّذِي يُمْكِنُ إِجَازَتُهُ لَا يَصْلُحُ كَذَلِكَ حَتَّى يَفْسَخَهُ الْحَاكِم أَو يشهدَا على التفاسخ لَيْلًا يَكُونَ إِقَالَةً عَلَى غَيْرِ رَأْسِ الْمَالِ قَالَ مُحَمَّدٌ: كُلُّ مُخْتَلَفٍ فِيهِ يَمْتَنِعُ فِيهِ ذَلِكَ إِلَّا بَعْدَ فَسْخِ السُّلْطَانِ وَإِذَا كَانَ الْمُسْلَمِ فِيهِ حِنْطَة فَقَالَ: أَعْطِنِي بثمني ثمراً جَازَ إِن علم الْفساد دون إِن جَهِلَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا امْتَنَعَ لِأَنَّهُ قَاصِدٌ لِدَفْعِ الثَّمَنِ فِي الْحِنْطَةِ وَعَنْ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ: لَهُ أَخْذُ النَّوْعِ المسلَم فِيهِ نَظَرًا لِلْبُطْلَانِ وَإِذَا مَنَعْنَاهُ فَهَلْ لَهُ أَخْذُ مَا يَجُوزُ قَضَاؤُهُ فِيهِ كَالسَّمْرَاءِ مِنَ الْحَمُولَةِ أَوْ أَكْثَرَ مِنَ الشَّعِيرِ فِيهِ خِلَافٌ وَهَلْ لَهُ أَخْذُ مَا يَمْتَنِعُ سَلَمُ رَأْسِ الْمَالِ فِيهِ؟ مَنَعَهُ مُحَمَّدٌ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ وَعَنْ مَالِكٍ: لَهُ أَخْذُ الْوَرِقِ فِي الذَّهَبِ وَإِذَا رَاعَيْنَا التُّهْمَةَ قَطَعْنَا فَسْخَ الْإِمَامِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ: إِذَا كَانَ الْعَقْدُ مُتَّفَقًا عَلَى فَسَادِهِ: فَهَلْ لَهُ الْأَخْذُ مِنْ جِنْسِ سَلَمِهِ؟ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: الْمَنْعُ فِي الْكِتَابِ وَجَوَّزَهُ ابْنُ كِنَانَةَ وَقَالَ الْفَضْلُ: لَهُ أَخذ مَحْمُولَة وَمن سمراء وقمماً مِنْ شَعِيرٍ وَيَمْتَنِعُ مَحْمُولَةٌ مِنْ مَحْمُولَةٍ لِمَا فِيهِ مِنْ قُوَّةِ تُهْمَةِ الْفَاسِدِ وَإِنْ كَانَ مُخَتَلَفًا فِيهِ امْتَنَعَ أَخْذُ خِلَافِ الْجِنْسِ قَبْلَ الحكم وَتَأْخِير رَأس المَال وَبَعضه سداً للذريعة فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ أَوْ إِقَالَةٍ بِتَأْخِيرٍ أَوْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ عَلَى رَأْيٍ وَفِي الْأَخْذِ مِنَ الْجِنْسِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ

فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا أَمَرْتَهُ بِالْكَيْلِ فِي غَرَائِرِكَ أَوْ فِي نَاحِيَةِ بَيْتِكَ فَادَّعَى ضَيَاعَهُ بَعْدَ الْكَيْلِ ضَمِنَ إِلَّا أَنْ تُصَدِّقَهُ الْبَيِّنَةُ أَوْ أَنْتَ عَلَى الْكَيْلِ لِأَنَّهَا وَدِيعَةٌ حِينَئِذٍ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ: يَجُوزُ الْقَبْضُ عَلَى التَّصْدِيقِ فِي النَّقْدِ اتِّفَاقًا وَفِي السَّلَمِ قَوْلَانِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَجِدَ نَقْصًا فَيَتَخَاصَمَانِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: لِلْهَلَاكِ فِي يَدِهِ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ: إِنْ مَكَّنَهُ مِنَ الْقَبْضِ فَلَهُ أَحْكَامُ الْوَدِيعَةِ وَإِنْ حَبَسَهُ لِلْإِشْهَادِ وَهُوَ يُغَابُ عَلَيْهِ لَمْ يُصَدَّقْ وَإِنْ حَبَسَهُ لِمَنْفَعَةٍ اسْتَثْنَاهَا صُدق لِأَنَّهُ كَالْمُسْتَأْجِرِ وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْهُ وَهُوَ حَاضِرٌ بَيْنَ أَيْدِيهِمَا وَمَضَى وَتَرَكَهُ فالكالوديعة لِأَنَّهُ لم يكن حَبْسُهُ لِأَنَّ الْمَبِيعَ إِلَى أَجَلٍ بِخِلَافِ النَّقْدِ وَإِن كَانَ غَائِبا عَنهُ لَمْ يُصدق إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ عَلَى تَلَفِهِ وَإِنْ تَعَدَّى فَبَاعَهُ خُيِّرَ الْمُسْلَمُ بَيْنَ إِجَازَةِ الْبَيْعِ أَوْ إِغْرَامِ الْقِيمَةِ مَا بَلَغَتْ وَيَمْتَنِعُ فَسْخُ السَّلَمِ خَشْيَةً مِنَ الْإِقَالَةِ عَلَى غَيْرِ رَأْسِ الْمَالِ السَّلَمِ وَكَذَلِكَ إِذَا ادَّعَى ضَيَاعَهُ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا أَسْلَمْتَ عَبْدًا فِي عُرُوضٍ لَا تَأْخُذُ عِنْدَ الْأَجَلِ عَوْضَ الْعُرُوضِ عَبْدَيْنِ مِنْ صِنْفِهِ لِأَنَّهُ سَلَمُ عَبْدٍ فِي عَبْدَيْنِ من جنسه فَيمْتَنع وَيمْتَنع الْفَسْخ الْمَحْمُولَةِ فِي سَمْرَاءَ إِلَى أَجَلِهَا لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَيَجُوزُ أَخْذُهَا مِنْهَا عِنْدَ أَجَلِهَا لِأَنَّهُ حُسن قَضَاءٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قِيلَ: يَجُوزُ سَمْرَاءُ فِي سَمْرَاءَ أَجْوَدَ مِنْهَا أَوْ أَدْنَى إِلَى أَجْلِهَا لِبَقَاءِ الصِّفَةِ الْمُسْلَمِ فِيهَا مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: إِنْ أَخَذَ عَبْدًا أَدْنَى فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى مَنَعَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ

لِأَنَّهُ لَا يُسْلَمُ فِيهِ وَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ تَمْهِيدٌ: قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: لِصِحَّةِ أَخْذِ غَيْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ: أَنْ يَصِحَّ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَأَنْ يَصِحَّ سَلَمُ رَأْسِ الْمَالِ فِيهِ وَأَنْ يَصِحَّ شِرَاؤُهُ بِالدَّيْنِ الْبَحْثُ الثَّانِي: فِي الصِّفَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ: إِذَا دَفَعَ بَعْدَ الْأَجَلِ أَجْوَدَ وَجَبَ قَبُولُهُ لِأَنَّهُ حُسن قَضَاءٍ أَوْ أَدْنَى جَازَ قَبُولُهُ لِأَنَّهُ حسن اقْتِضَاء لَا يَجِبُ قَبُولُهُ لِقُصُورِهِ عَنِ الْحَقِّ وَيَجُوزُ أَخْذُ الذَّهَبِ الْأَسْوَدِ عَنِ الْأَبْيَضِ فَرْعٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا وَجَدَهُ مَعِيبًا رَجَعَ بِالْمِثْلِ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضِ الْمَبِيعَ فَإِنِ اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ بَعْدَ خُرُوجِهِ عَنْ يَدِهِ بِهِبَةٍ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: يَغْرَمُ قِيمَتَهُ مَعِيبًا وَيَرْجِعُ بِالْمِثْلِ لِأَنَّهُ جَنَى عَلَى مَعِيبٍ وَيَرْجِعُ بِقَدْرِ ذَلِكَ الْعَيْبِ وَيَكُونُ شَرِيكًا فِي الصِّفَةِ الَّتِي أَسْلَمَ فِيهَا لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنَ الْمَبِيعِ لَمْ يَقْبِضْهُ فَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ مِنَ الثَّمَنِ نَفْيًا لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ قَالَ: وَأَرَى أَنْ يُخَيَّرَ بَيْنَ رَدِّ الْقِيمَةِ وَالرُّجُوعِ بِالْمِثْلِ أَوْ يَنْتَقِصَ مِنَ السَّلَمِ قَدْرَ الْعَيْبِ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ ضَرَرٌ عَلَيْهِمَا فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: لَا تَأْخُذُ دَقِيقَ الْحِنْطَةِ فِي الْحِنْطَةِ وَإِنْ حَلَّ الْأَجَلُ بِخِلَافِ الْقَرْضِ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَعَنْ مَالِكٍ: الْجَوَازُ وَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ فِي بَيْعِ الْحِنْطَةِ بِالدَّقِيقِ وَحَيْثُ أَجَزْنَا فِي الْقَرْضِ فَيَخْتَلِفُ هَلْ يَجُوزُ بِالْوَزْنِ أَوِ الْكَيْلِ؟ عَلَى الْخِلَافِ فِي بَيْعِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ وتمتنع زِيَادَة كيل الدَّقِيق على الْقَمْح لَيْلًا يَكُونَ مُبَايَعَةً لَا مُبَادَلَةً وَهَلْ يَنْقُصُ؟ مَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَجْوَدَ وَيَجُوزُ مِثْلُ كَيْلِهِ أَجْوَدَ

وَأَرْدَأَ الْبَحْثُ الثَّالِثُ: فِي زَمَانِهِ وَفِي الْكِتَابِ: لَا يجْبر على القَوْل فِي الْأَجَلِ فِي السَّلَمِ لَكَنَّ الْأَجَلَ حَقٌّ لَهُمَا بِخِلَافِ الْقَرْضِ لِأَنَّهُ حَقُّ الْمُقْتَرِضِ فَلَهُ إِسْقَاطُهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ: أَلْزَمُهُ الْمُتَأَخِّرُونَ قَبُولَهُ قَبْلَ الْأَجَلِ بِالْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ لِعَدَمِ اخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ وَعَدَمِ تَغَيُّرِ الْأَسْوَاقِ قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ: إِذَا أَسْلَمَ فِي كِبَاشٍ لِيَأْخُذَهَا فِي أَيَّامِ الْأُضْحِيَّةِ فَأَتَاهُ بَعْدَ الْأَضْحَى: قَالَ مَالِكٌ: يَلْزَمُهُ قَبُولُهَا وَكَذَلِكَ فِي قَطَائِفِ الشِّتَاءِ فَأَتَى بِهَا فِي الصَّيْفِ لِأَنَّهُ مَبِيعٌ أَوْجَبَهُ الْعَقْدُ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: لَا تَلْزَمُهُ لِفَوَاتِ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي أَسْلَمَ لِأَجْلِهَا وَوَافَقَهُ فِي الْكِرَاءِ اللَّخْمِيُّ إِذَا أَتَاهُ بَعْدَ إِبَّانِ الْحَجِّ لَا يَلْزَمُهُ عِنْدَهُمَا وَقَالَ (ش) : كُلُّ شَيْءٍ أَتَى بِهِ قَبْلَ أَجَلِهِ مِنَ النُّحَاسِ وَالتِّبْرِ وَالْعَرْضِ أُجْبِرَ عَلَى أَخْذِهِ لِإِفْضَائِهِ إِلَى بَرَاءَةِ الذِّمَمِ بِخِلَافِ الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ لِأَنَّهُمَا تَخْتَصُّ مَنَافِعُهُمَا بِبَعْضِ الْأَوْقَاتِ وَكَذَلِكَ الْحَيَوَانُ لِاحْتِيَاجِهِ لِلْعَلَفِ وَكُلُّ مَا فَاتَ مَوْسِمُهُ وَمَا قُصِدَ الشِّرَاءُ لِأَجْلِهِ كَالضَّحَايَا وَنَحْوِهَا لِفَوَاتِ الْفَائِدَةِ الْبَحْثُ الرَّابِعُ: فِي مَكَانِهِ وَفِي الْكِتَابِ: لَا بُدَّ مِنَ اشْتِرَاطِ مَكَانِ الْقَبْضِ وَلَا يَكْفِي ذِكْرُ مِصْرَ لِأَنَّهُ اسْمٌ " لجُملة الْإِقْلِيمِ وَيَكْفِي الْفُسْطَاطُ (فَإِنْ تَشَاحَّا فِي أَيِّ

مَوْضِعٍ ... ... إِنْ عَلِمَ وَلَا يَخْفَى الْبَائِعُ فِي الْفسْطَاط) قَالَ أَو الطَّاهِرِ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْمَوْضِعِ بَلْ تَكْفِي الْعَادَةُ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ فَحَيْثُ وَقَعَ الْعَقْدُ أَوْ قُبِضَ رَأْسُ الْمَالِ لِاسْتِلْزَامِ السَّبَبِ الْمُسَبِّبَ وَإِنْ شَرَطَ بَلَدًا فَبِأَيِّ مَوْضِعٍ؟ فِيهِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ: سُوقُ السِّلْعَةِ لِأَنَّهُ مَظِنَّتُهَا مَوْضِعُ الْعَقْدِ لِأَنَّهُ سَبَبُهَا أَيُّ مَوْضِعٍ مِنَ الْبَلَدِ لِعَدَمِ التَّخْصِيصِ وَإِنْ كَانَتْ عَادَةً تَعَيَّنَتْ وَإِنِ اخْتَلَفَ السِّعْرُ فِي نَوَاحِي الْبَلَدِ تَعَيَّنَ ذِكْرُ مَوْضِعٍ مِنْهُ فَإِن اخْتلفَا فِي أَي مَوضِع اشْترطَا صُدِّقَ مُدَّعِي الْأَشْبَهِ فَإِنْ لَمْ يَدَّعِيَاهُ تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا لِعَدَمِ رُجْحَانِ أَحَدِهِمَا وَإِنِ ادَّعَيَاهُ قُدم الْمُسْلَمُ إِلَيْهِ فِي الْمَشْهُورِ لِأَنَّهُ مَالِكُ الْمَقْصِدِ وَالثَّمَنُ وَسِيلَةٌ وَقَدَّمَ سَحْنُونٌ الْمُشْتَرِيَ لِأَنَّهُ صَاحِبُ الْحق وَقيل: يَتَحَالَفَانِ ويفاسخان لِتَسَاوِيهِمَا وَإِنْ طَلَبَ الْقَبْضَ بِغَيْرِ الْبَلَدِ الْمُشْتَرَطِ وَدَفَعَ ثَمَنَ الْحِمْلِ وَالْمَبِيعُ طَعَامٌ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ مَال كَالْمُعَجَّلِ قَبْلَ الْأَجَلِ بِزِيَادَةٍ وَبَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ ثَمَنَ الْحِمْلِ وَاخْتَلَفَ سِعْرُ الْبَلَدَيْنِ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ: ضَعْ وتعجَّل إِنْ كَانَ سِعْرُ هَذَا الْبَلَدِ أَنْقَصَ أَوْ حُط عني الضَّمَان وَأَزِيدك إِن كَانَ أعلا فَإِنِ اتَّفَقَ السِّعْرَانِ فَقَوْلَانِ نَظَرًا إِلَى أُجْرَةِ الْحِمْلِ وَتَسَاوِي السِّعْرِ قَالَ سَنَدٌ: لَا يَجِبُ عندنَا ذكر وضع التَّسْلِيمِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَقْدُ بِمَفَازَةٍ لَا يُمْكِنُ التَّسْلِيمُ فِيهَا فَيَجِبُ اشْتِرَاطُهُ وَإِلَّا فَإِطْلَاقُ الْعَقْدِ يَقْتَضِي مَوْضِعَ التَّعَاقُدِ وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ وَزَاد: إِن شرطا غير موضح الْعَقْدِ بَطَلَ لِأَنَّهُ خِلَافُ مُقْتَضَاهُ وَقَالَ (ش) : إِنْ كَانَ يُحَمِّلُهُ مُؤْنَةً وَجَبَ وَمَنَعَ الشَّافِعِيَّةُ بِغَيْرِ مَوْضِعِ السُّوقِ بَلْ يَكْفِي مَوْضِعٌ مِنَ الْبَلَدِ وَقَالَ سَحْنُونٌ: إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلسِّلْعَةِ سُوقٌ فَبَيْتُ الْمُشْتَرِي قِيَاسًا عَلَى الْكِرَاءِ وَهُوَ الْعَادَةُ الْيَوْمَ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا أَسْلَمَ حَضَرِيٌّ لِقَرَوِيٍّ فَالْقَرْيَةُ لِأَنَّهُ الْعَادَةُ الْيَوْمَ إِلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ غَيْرُهَا قَالَ سَنَدٌ: إِذَا قَالَ: أَنْتَ وَكِيلِي أَوْ أَجِيرِي فِي حَمْلِهِ فَإِذَا بَلَغْتَ الْبَلَد فاقبضه لنَفسك امْتنع سداً لذريعة وَأَنْتِ وَكِيلِي فِي قَبْضِهِ لِوَكِيلِي يَجُوزُ وَمَتَى وَقَعَ الْمَمْنُوعُ فَسَخَ وَرَدَّ الطَّعَامَ إِلَى مَوْضِعِهِ وَطَالَبَ عَلَى حَالِهِ فَإِنْ فَاتَ فَعَلَيْهِ فِي الْبَلَدِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ سَبَبُ الضَّمَانِ كَالْبَيْعِ الْفَاسِد وَالْغَصْب وَإِذا انْفَسَخ صَحَّ أَنْ يَقْضِيَهُ ذَلِكَ الطَّعَامَ مِمَّا لَهُ فِي بَلَدِ السَّلَمِ وَإِلَّا فَلَا

(الباب الثاني في القرض)

(الْبَاب الثَّانِي فِي الْقَرْض) فِي الصِّحَاحِ: الْقَرْضُ: التَّقْطِيعُ: قرضتُ الشَّيْءَ أقرِضه بِكَسْرِ الرَّاءِ فِي الثَّانِي وَالْقَرْضُ: السَّلَفُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَقِيلَ: بِكَسْرِهَا كَأَنَّ الْإِنْسَانَ يَقْطَعُ قِطْعَةً من مَاله للمستسلف وَالْقَرْضُ: مَا تَقَدَّمَ لَكَ مِنْ إِحْسَانٍ وَالْقَرْضُ: الشِّعْرُ وَالْقَرِيضُ أَيْضًا وَالْقَرْطَةُ وَالْقَرْضَةُ: التَّرْكُ قرضتُّ الشَّيْءَ عَنْ شَيْءٍ إِذَا تَرَكْتَهُ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشمَال} وَأَصْلُهُ: قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} فَالْأَمْرُ بِالْمُكَاتَبَةِ دَلِيلُ الْمَشْرُوعِيَّةِ وَفِي الصِّحَاحِ: (أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - استَسلف مِنْ رَجُلٍ بَكْرًا فقدِمت عَلَيْهِ إِبِلُ الصَّدَقَةِ فَأَمَرَ أَبَا رَافِعٍ أَنْ يَقْضِيَ الرَّجُلُ بَكْرَهُ فَرَجَعَ إِلَيْهِ أَبُو رَافِعٍ فَقَالَ: لَمْ أَجِدْ فِيهَا إِلَّا خِيَارًا رَبَاعِيًّا فَقَالَ: أَعْطِهِ إِيَّاهُ فَإِنْ خِيَارَ النَّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً} سُؤَالٌ: إِن كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اقْتَرَضَ لِنَفْسِهِ فَالزَّكَاةُ مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ أَوْ

لِلْمُسْلِمِينَ بِطْرِيقِ نَظَرِ الْإِمَامَةِ فَكَيْفَ يَقْضِي عَنْهُمْ أَكْثَرَ مِمَّا عَلَيْهِمْ؟ جَوَابُهُ: قَالَ سَنَدٌ: الْمُرَادُ بِالصَّدَقَةِ مَالُ الْجِزْيَةِ كَانَتْ تُسَمَّى صَدَقَةً مِنَ الله تَعَالَى على هَذِه الْأمة وَهِي حَلَال لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ: كَانَ الْقَرْضُ لِلْمَسَاكِينِ لِأَنَّهُ لَا تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ إِنْ قُلْنَا: يَجُوزُ تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ فَيُقْرِضُهَا رَبُّهَا ثُمَّ يَهْلِكُ مَالُهُ وَتَرُدُّ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ وَإِنْ قُلْنَا: يمْتَنع التَّعْجِيل: فَقيل: اقْترض لنَفسِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَبْلَ تَحْرِيمِ الصَّدَقَةِ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَائِدَةٌ: قَالَ: الْبَكْرُ: الدَّنِيءُ وَالْخِيَارُ الْمُخْتَارُ وَالرَّبَاعُ من الْخَيل وَالْإِبِل مَا ألْقى رباعيته ثُمَّ الْبَحْثُ عَنْ حَقِيقَتِهِ وَمَحَلِّهِ وَشَرْطِهِ وَحُكْمِهِ وَالْمُقَاصَّةِ فِيهِ بَعْدَ وُقُوعِهِ فَهَذِهِ خَمْسَةُ أَبْحَاثٍ الْبَحْثُ الْأَوَّلُ: فِي حَقِيقَتِهِ فِي الشَّرْعِ وَفِي الْجَوَاهِرِ: هُوَ دَفْعُ الْمَالِ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ لِيَنْتَفِعَ بِهِ آخِذُهُ ثُمَّ يَتَخَيَّرُ فِي رَدِّ مِثْلِهِ أَوْ عَيْنِهِ مَا كَانَ عَلَى صِفَتِهِ فَرْعٌ قَالَ الْمَازِرِيُّ: يَجُوزُ عِنْدَنَا قَرْضُ الدَّنَانِيرِ بِشَرْط أَن لَا يستهلك عَنْهُمَا لِيَتَحَمَّلَ بِهَا الصَّيْرَفِيُّ خِلَافًا لِ (ش) وَقَالَ عَبْدُ الْحَمِيدِ: هَذَا غُرُورٌ لِلنَّاسِ فَكَيْفَ يَجُوزُ؟ وَقَالَ (ش) : لَيْسَ لَهَا مَنْفَعَةٌ إِلَّا إِتْلَافُ عَيْنِهَا فَإِذَا لَمْ تَتْلَفِ امْتَنَعَ هَذَا الْفِعْلُ لِبُطْلَانِ حِكْمَتِهِ وَجَوَابُهَا: أَنَّ الصَّرْفَ لَا يَقَعُ إِلَّا مُنَاجَزَةً وَإِنَّمَا يَلْزَمُ الْغُرُورُ أَنْ لَوْ جَازَ التَّأْخِيرُ فَيُغَرُّ النَّاسَ بِمِلَائِهِ فَيُؤَخِّرُونَ وَأَنَّ الْمَنْفَعَة

بِالتَّحَمُّلِ مَنْفَعَةٌ مَقْصُودَةٌ لِلْعُقَلَاءِ فَصَحَّ الْفِعْلُ بِاعْتِبَارِهَا الْبَحْثُ الثَّانِي: فِي مَحَلِّهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ: كُلُّ مَا جَازَ سَلَمًا فِي الذِّمَّةِ جَازَ قَرْضُهُ إِلَّا الْجَوَارِيَ وَفِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ قَرْضُ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا الْجَوَارِيَ لِأَنَّهُ لَا تُعَارُ الْفُرُوجُ لِلْوَطْءِ وَمَنَعَهُ (ح) فِي غَيْرِ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ لِتَعَذُّرِ الْمِثْلِ عِنْدَ الرَّدِّ فِي غَيْرِهِمَا لَنَا: الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ وَالْقِيَاسُ عَلَى السَّلَمِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَلِأَنَّ الْمَعْرُوفَ يُسَامَحُ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ غَيْرِهِ وَقد جوز فِي الْقَرْض بِالنَّسِيئَةِ بِخِلَافِ السَّلَمِ نَظَائِرُ: قَالَ سَنَدٌ: يَجُوزُ الْقَرْضُ إِلَّا فِي سِتَّةٍ: الْجَوَارِي وَالدُّورِ وَالْأَرَضِينَ وَالْأَشْجَارِ لِأَنَّ مَوَاضِعَهَا مَقْصُودَةٌ فَإِنْ عُيِّنَتْ لَمْ تَكُنْ فِي الذِّمَّةِ وَإِلَّا بَقِيَتْ مَجْهُولَةً وَتُرَابِ الْمَعَادِنِ وَتُرَابِ الصَّوَّاغِينَ لِتَعَذُّرِ مَعْرَفَةِ مِقْدَارِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ حَتَّى يُرَدَّ الْمِثْلُ عَلَى صِفَتِهِ كَانَ مِثْلِيًّا أَمْ لَا وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: يَرُدُّ فِي غَيْرِ الْمِثْلِيِّ الْقِيمَةَ قِيَاسًا عَلَى الْإِتْلَافِ وَجَوَابُهُ: الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ وَالْفَرْقُ بِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُسَامَحَةِ: دَلِيلُهُ جَوَازُ رِبَا النَّسِيئَةِ وَوَافَقْنَا (ش) و (ح) فِي الْجَوَارِي وَعَنْ جَمَاعَةٍ: جَوَازُ قَرْضِهِنَّ قِيَاسًا عَلَى السَّلَمِ وَالْفَرْقُ: مَا تَقَدَّمَ وَعَنِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ: الْجَوَازُ إِنْ شَرَطَ رَدَّ غَيْرِ الْمُقْرَضَةِ حَتَّى لَا يَرُدَّ مَوْطُوءَتَهُ وَجَوَابُهُ: أَنَّهُ شَرْطٌ مُنَاقِضٌ لِلْعَقْدِ فَيَمْتَنِعُ قَالَ اللَّخْمِيُّ: يَجُوزُ قَرْضُ الْجَوَارِي إِذَا كُنَّ فِي سِنِّ مَنْ لَا تُوطَأُ أَوِ الْمُقْتَرِضُ لَا يَبْلُغُ الِالْتِذَاذَ إِذَا اقْتَرَضَهَا لَهُ وَلَيُّهُ أَوْ هُوَ امْرَأَة أَو ذُو رحم كَانَ مِنْهَا أَوْ مُحرَّم عَلَيْهِ وَطْؤُهَا لِقَرَابَةِ الْمُقْرِضِ إِذَا كَانَ أَصَابَهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ: أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّ الْجَوَازَ مِنْ

ذِي الرَّحِمِ لَيْسَ بِخِلَافٍ وَحَكَاهُ عَنِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَمَنَعَهُ الشَّافِعِيَّةُ مُطْلَقًا لِأَنَّ فَائِدَةَ الْقَرْضِ الْمِلْكُ وَفَائِدَةَ الْمِلْكِ الْوَطْءُ وَهُوَ مَمْنُوعٌ هَاهُنَا فَيَبْطُلُ لِبُطْلَانِ غَرَضِهِ وَجَوَابُهُمْ: أَنَّ فَائِدَةَ الْمِلْكِ أَعَمُّ مِنْ هَذَا كَشِرَاءِ مُحَرَّمَةِ الْوَطْءِ قَالَ سَنَدٌ: فَإِنْ وَقَعَ الْقَرْضُ الْمَمْنُوعُ رَدَّهَا مَا لَمْ يَطَأْهَا فَتَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ عِنْدَ مَالِكٍ وَيَرُدُّهَا وَقِيمَةَ الْوَلَدِ إِنْ حَمَلَتْ عِنْدَ (ش) لِعَدَمِ الْمِلْكِ وَجَوَابُهُ: أَنَّ الْبُطْلَانَ إِنَّمَا كَانَ خَشْيَةَ الْوَطْءِ فَإِذَا وَقَعَ فَلَوْ رَدَّهَا وَقَعَ الْمَمْنُوعُ بِخِلَافِ رَدِّهَا بِالْعَيْبِ بَعْدَ الْوَطْءِ لِأَنَّ عَقْدَ الْبَيْعِ لَمْ يَقَعْ عَلَى رَدِّ مِثْلِهَا وَحَيْثُ قُلْنَا: يَرُدُّهَا فَتَعَذَّرَتْ رَدَّ مِثْلَهَا إِنْ قُلْنَا: إِنَّ الْقَرْضَ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ وَإِنَّ الْفَاسِدَ يُرد إِلَى الصَّحِيحِ فِي كُلِّ بَابٍ وَقِيمَتُهَا إِنْ رَدَدْنَا الْقَرْضَ لِلْبَيْعِ لِأَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْهُ وكل مُسْتَثْنى من أصل فَهِيَ رد فاسده لصحيحهما وَلِصَحِيحِ أَصْلِهِ قَوْلَانِ كَالْإِجَارَةِ وَالْمُسَاقَاةِ وَإِذَا أَوْجَبْنَا الْقِيمَةَ لَمْ تَجِبْ قِيمَةُ الْوَلَدِ بِخِلَافِ وَلَدِ الْغَارَّةِ لِشُبْهَةِ الْخِلَافِ وَالرِّضَا هَاهُنَا فَكَأَنَّهُ وَطِئَ مَمْلُوكَتَهُ فَالْوَلَدُ هَاهُنَا يَسْتَنِدُ إِلَى الْمِلْكِ وَفِي الْغَارَّةِ إِلَى حُصُولِ الْحَمْلِ عَلَى مِلْكِ الْغَيْرِ وَفِي الْجَوَاهِرِ: أَكْثَرُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى رَدِّهِ إِلَى الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مُحْرِزٍ: لَا يُؤَاخَذُ الْمُقْتَرِضُ بِغَيْرِ مَا دَخَلَ عَلَيْهِ فَيُبَاعُ الْمُقْتَرَضُ وَيُعْطَى لَهُ إِنْ كَانَ مُسَاوِيًا لِلْقِيمَةِ أَوْ نَاقِصًا عَنْهَا فَإِنْ زَادَ عَلَيْهَا وَقَفَ الزَّائِدَ فَإِنْ طَالَ وَقْفُهُ تَصَدَّقَ بِهِ عَمَّنْ هُوَ لَهُ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَهَذَا يَجْرِي فِي مَسْأَلَةِ الْجَارِيَةِ فَرْعٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: يَجُوزُ قَرْضُ جُلُودِ الْمَيْتَةِ بَعْدَ الدِّبَاغِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْعًا

فَرْعٌ قَالَ سَنَدٌ: يَمْتَنِعُ قَرْضُ فَدَانٍ بِفَدَانٍ لِلْجَهَالَةِ وَكَذَلِكَ رَطْبٍ بِيَابِسٍ فَرْعٌ قَالَ: ظَاهِرُ الْكتاب يَقْتَضِي جَوَاز سلم رِطْلِ خُبْزٍ إِذَا لَمْ يُعَيَّنْ نَوْعًا لِلْقَضَاءِ وعَلى قَول بِأَنَّهُ لَا يُبَاع الْخَبَر بِالْخُبْزِ إِلَّا بِاعْتِبَارِ تَمَاثُلِ الدَّقِيقِ يَمْتَنِعُ وَقَالَهُ التُّونُسِيُّ لِاخْتِلَافِ النُّضْجِ بِالرِّطْلِ النَّاضِحِ أَكْثَرَ دَقِيقًا إِلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّحَرِّي فِي الدَّقِيقِ فَيَجُوزُ عَلَى التَّحَرِّي قَالَ: خُبْزُ التَّنُّورِ والمَلّة جِنْسٌ وَاحِدٌ يَقْضِي بَعْضُهُ عَنْ بَعْضِهِ وَيَجُوزُ قَضَاءُ مَا هُوَ أَكْثَرُ دَقِيقًا مِثْلُ دَقِيقِ الْأَوَّلِ فِي الْجَوْدَة أَو أعلا بِخِلَاف مِمَّن اقْتَرَضَ إِرْدَبَّ دَقِيقٍ فَرَدَّ إِرْدَبًّا وَوَيْبَةً مَنَعَهُ ابْن الْقَاسِم لِأَنَّهَا زِيَادَة مُنْفَصِلَة وَالزِّيَادَة وَالزِّيَادَة هَا هُنَا مُتَّصِلَةٌ إِذَا اعْتُبِرَ الْخُبْزُ فِي نَفْسِهِ فَإِنِ اعْتُبِرَ الدَّقِيقُ امْتَنَعَ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ مُنْفَصِلَةٌ إِذْ يُمْكِنُ كَسْرُ الْخُبْزِ كَمَا لَوِ اقْتَرَضَ رِطْلَ لَحْمٍ فَقَضَاهُ قِطْعَةً رِطْلَيْنِ مَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ الْبَحْثُ الثَّالِثُ: فِي شَرْطِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ: شَرْطُهُ أَنْ لَا يَجُرَّ مَنْفَعَةً لِلْمُقْرِضِ فَإِنْ شَرَطَ زِيَادَةً قَدْرًا أَوْ صِفَةً فَسَدَ وَوَجَبَ الرَّدُّ إِنْ كَانَ قَائِمًا وَإِلَّا ضَمِنَ بِالْقِيمَةِ وَبِالْمِثْلِ عَلَى الْمَنْصُوصِ (وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ سَحْنُونٍ) وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ مُحْرِزٍ الْمُتَقَدِّمِ بِالْمِثْلِ فَقَطْ قَاعِدَةٌ: الْقَرْضُ خُولِفَتْ فِيهِ قَاعِدَةُ الرِّبَا إِنْ كَانَ فِي الرِّبَوِيَّاتِ كَالنَّقْدَيْنِ

وَالطَّعَامِ وَقَاعِدَةِ الْمُزَابَنَةِ وَهُوَ (بَيْعُ الْمَعْلُومِ بِالْمَجْهُولِ مِنْ جِنْسِهِ إِنْ كَانَ فِي الْحَيَوَانِ وَنَحْوِهِ مِنْ غَيْرِ الْمِثْلِيَّاتِ وَقَاعِدَةِ) بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ فِي الْمِثْلِيَّاتِ لِأَجْلِ مُصْلِحَةِ الْمَعْرُوفِ لِلْعِبَادِ فَإِذَا اشْتَرَطَ مَنْفَعَةً فَلَيْسَ مَعْرُوفًا فَتَكُونُ الْقَوَاعِدُ خُولِفَتْ لَا لِمُعَارِضٍ وَهُوَ مَمْنُوعٌ أَوْ أَوْقَعُوا مَا لِلَّهِ لِغَيْرِ اللَّهِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ فَلِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ يُشْتَرَطُ تَمَحُّضُ الْمَنْفَعَةِ لِلْآخِذِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا أَقْرَضْتَهُ لِتَنْفَعَ نَفْسَكَ بِضَمَانِهِ فِي ذِمَّتِهِ وَكَرَاهَةِ بَقَائِهِ عِنْدَكَ امْتَنَعَ فَإِنْ عَلِمَ ذَلِكَ غَرِيمُكَ فَلَكَ تَعْجِيلُ حَقِّكَ قَبْلَ أَجَلِهِ لِفَسَادِ الْعَقْدِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَكَذَلِكَ إِذَا قَصَدَ مَنْفَعَتهَا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَخْصِيصِ الْمَنْفَعَةِ بِالْمُقْتَرِضِ فَإِنْ قَصَدَ بَيْعَ ذَلِكَ الثَّوْبِ بِمِثْلِهِ مَنَعَهُ مَالك وَابْن الْقَاسِم لِخُرُوجِهِ على الْمَعْرُوفِ وَأَجَازَهُ مَرَّةً وَعَلَى الْأَوَّلِ تفيتُه حِوَالَةُ الْأَسْوَاقِ بِمَا فَوْقَ ذَلِكَ وَيَغْرَمَ قِيمَتَهُ إِنْ فَاتَ وَإِنْ قَالَ الْمُقْرَضُ: أَرَدْتُ مَنْفَعَةَ نَفْسِي وَلَمْ يُصَدِّقْهُ خَصْمُهُ بِيعَ الثَّوْبُ عِنْدَ الْأَجَلِ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْمِثْلَ بِالْقِيمَةِ فَإِنْ بِيعَ بِدُونِ الْقِيمَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِلَّا ذَلِكَ أَوْ بِأَكْثَرَ وَقَفَ الزَّائِدَ فَإِنْ أَقَرَّ بِالْفَسَادِ أَخَذَهُ وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ وَإِنْ أَقَرَّ الْمُسْتَقْرَضُ بِالْفَسَادِ دُونَ الْمُقْرَضِ وَالثَّوْبُ قَائِمٌ جُبر عَلَى رَدِّهِ وتُفيته حِوَالَةُ الْأَسْوَاقِ عَلَى قَوْلِ الْمُقِرِّ دُونَ الْآخِذِ فَإِنْ رَجَعَ عَنْ إِقْرَارِهِ: خُيِّرَ الْمُقْرَضِ عَلَى قَبُولِهِ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِصِحَّةِ الْقَرْضِ فَإِنِ اسْتَهْلَكَهُ غَرِمَ الْمِثْلَ إِلَّا أَن يصدقهُ عل الْفَسَادِ فَالْقِيمَةِ فَإِنْ عَيَّنَهُ وَقَدْ كَرِهَهُ غَرِمَ

الْقِيمَةَ مُعَجَّلَةً لِفَسَادِ الْأَجَلِ بِالْقَصْدِ الْفَاسِدِ وَاشْتَرَى بِهَا مِثْلَ الْأَوَّلِ فَإِنْ لَمْ يُوفِّ كَانَ عَلَيْهِ تَمَامُ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ لَمْ يُوَافِقْهُ فَإِنْ زَادَتْ دَفَعَ الزَّائِدَ إِنِ اعْتَرَفَ بِالْفَسَادِ كَانَ لَهُ فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ: إِنْ كَانَتِ الْمَنْفَعَةُ لِلْجِهَتَيْنِ مَنَعَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ ضَرُورَةٌ كَالسَّفَاتِجِ فَرِوَايَتَانِ الْمَشْهُورُ: الْمَنْعُ سُؤَالٌ: قَالَ سَنَدٌ: الْعَارِيَّةُ مَعْرُوفٌ كَالْقَرْضِ وَإِذَا وَقَعَتْ إِلَى أَجَلٍ بِعِوَضٍ جَازَ وَإِنْ خَرَجَتْ بِذَلِكَ عَنِ الْمَعْرُوفِ: فَلِمَ لَا يَكُونُ الْقَرْضُ كَذَلِكَ؟ جَوَابُهُ: إِذَا وَقَعَتْ بِعِوَضٍ كَانَتْ إِجَارَةً وَالْإِجَارَةُ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا الرِّبَا وَالْقَرْضُ بِالْعِوَضِ بَيْعٌ وَالْبَيْعُ يُتَصَوَّرُ فِيهِ الرِّبَا وَالْعَرْضُ بِالْعَرْضِ لِمَنْفَعَةٍ رِبًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَحرم الرِّبَا} فَإِنْهُ عَامٌّ إِلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ فَرْعٌ قَالَ سَنَدٌ: مَنَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: أُقْرِضُكَ هَذِهِ الْحِنْطَة على أَن تعطني مِثْلَهَا وَإِنْ كَانَ الْقَرْضُ يَقْتَضِي إِعْطَاءَ الْمِثْلِ لِإِظْهَارِ صُورَةِ الْمُكَايَسَةِ: قَالَ أَشْهَبُ: يُفْسَخُ قَالَ: فَإِنْ قَصَدَ بِالْمِثْلِ عَدَمَ الزِّيَادَةِ فَغَيْرُ مَكْرُوهٍ وَكَذَلِكَ إِذَا لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا فَإِنْ قَصَدَ الْمُكَايَسَةَ فَهَذَا مَكْرُوهٌ لَا يُفْسِدُ الْعَقْدَ لِعَدَمِ النَّفْع للمقرض

وَمَنْ سَلَفَ طَعَامًا قَدِيمًا لِيَأْخُذَ جَدِيدًا امْتَنَعَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ لِلْأَخْذِ فَقَطْ فَرْعٌ قَالَ: إِنْ سَأَلَكَ التَّأْخِيرَ وَيَرْهَنُكَ رَهْنًا أَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عِنْدَ الْأَجَلِ لَا قَبْلَهُ لِأَنَّهُ مَلَكَ الْحَقَّ الْآنَ وَكَانَ يَقُولُ: إِنْ كَانَ عَدِيمًا امْتَنَعَ لِأَنَّ عَدَمَهُ يَمْنَعُ قَضَاءَ الْحَقِّ قَالَ مُحَمَّدٌ: يَجُوزُ إِنْ كَانَ الرَّهْنُ لَيْسَ لَهُ لِأَنَّهُ سَلَفٌ مُبْتَدَأٌ وَقِيلَ يَمْتَنِعُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الرَّهْنُ لَهُ حَتَّى يَكُونَ بِالْحَقِّ نَفْسِهِ فَرْعٌ قَالَ: كَرِهَ مَالِكٌ تَأْخِيرَ الْغَرِيمِ بِشَرْطِ أَنْ يُسَلِّفَكَ أَجْنَبِيٌّ قَالَ: وَفِيهِ تَفْصِيلٌ فَإِنْ كُنْتَ طَلَبْتَهُ لِحَاجَتِكَ لِلدَّيْنِ: فَهُوَ خَفِيفٌ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ لِلْغَرِيمِ وَإِنْ أَسْلَفَكَ أَكْثَرَ مِنَ الَّذِي لَكَ امْتَنَعَ وَإِذَا أَرَدْتَ الْخُلْفَ مَعَ شاهدك: فَقَالَ الْغَرِيمُ: أَحْمِلُ الْيَمِينَ بِشَرْطِ التَّأْخِيرِ سَنَةً فَذَلِك مَمْنُوع وَالْإِقْرَار بَاطِل , الْخُصُومَة بَاقِيَةٌ وَمَنَعَ سَلَفَ شَاةٍ مَسْلُوخَةٍ لِيَأْخُذَ كُلَّ يَوْمٍ رِطْلَيْنِ وَمَنْ سَأَلَكَ حَمْلَ بِضَاعَةٍ فَقُلْتَ: حَلَفْتُ: لَا أَحْمِلُ إِلَّا مَا لِي فَإِنْ شِئْتَ أَسْلَفْتَهَا أَوْ أَوْدَعَكَ وَدِيعَةً فَامْتَنَعَ حَتَّى يُسْلِفَهَا مَنَعَ ذَلِكَ مَالِكٌ لِمَا فِيهِ مِنْ مَنْفَعَةِ السَّلَفِ وَأَبَاحَ: أَعِنِّي بِغُلَامِكَ يَوْمًا وَأَعُيْنُكَ بِغُلَامِي يَوْمًا لِأَنَّهُ رِفْقٌ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يُمْنَعُ اشْتِرَاطُ الْقَضَاءِ بِبَلَدٍ آخَرَ وَإِنْ شَرَطَ أَََجَلًا بِخِلَاف

الْبَيْعِ لِأَنَّ الْبَيْعَ مُكَايَسَةٌ يَقْبَلُ شَرْطَ التَّنْمِيَةِ وَلَكَ ذَلِكَ فِي الْعَيْنِ إِنْ قَصَدْتَ بِهِ نَفْعَهُ دُونَ نَفْعِ نَفْسِكَ بِذَهَابِ غَرَرِ الطَّرِيقِ كَالسَّفَاتِجِ وَيُضْرَبُ أَجَلًا يَصِلُ فِي مِثْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ فَلَكَ أَخْذُهُ بَعْدَ الْأَجَلِ إِنْ وَجَدْتَهُ فَائِدَةٌ: قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: السَّفَاتِجُ وَاحِدُهَا سَفْتَجَةٌ بِفَتْحِ السِّينِ وَسُكُونِ الْفَاءِ وَفَتْحِ التَّاءِ بَعْدَهَا جِيمٌ وَهِيَ الْبِطَاقَةُ تُكْتَبُ فِيهَا آجَالُ الدُّيُونِ كَالرَّجُلِ تَجْتَمِعُ لَهُ أَمْوَالٌ بِبَلَدٍ فَيُسَلِّفُهَا لَكَ وَتَكْتُبُ لَهُ إِلَى وَكِيلِكَ بِبَلَدٍ آخَرَ لَكَ فِيهِ مَالٌ أَنْ يُعْطِيَهُ هُنَاكَ خَوْفَ غَرَرِ الطَّرِيقِ قَالَ: وَقَدْ أَجَازَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لِلضَّرُورَةِ قَالَ سَنَدٌ: وَمَعْنَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ: إِنَّ لِلْحَمَّالِ مُؤْنَةَ الْحِمْلِ وَالضَّمَانَ فِي مُدَّةِ الْحَمْلِ إِلَى ذَلِكَ الْبَلَدِ عَلَى صُورَةِ الْإِنْكَارِ وَلَا يَلْزَمُ الدَفْعُ إِلَّا حَيْثُ وَقَعَ الْقَرْضُ إِلَّا أَنْ يَتَرَاضَيَا فِيمَا لَهُ مُؤْنَةٌ لِضَرُورَةِ مُؤْنَةِ الْحِمْلِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُتَعَدِّيَ إِلَّا بِبَلَدِ الْغَصْبِ وَإِنِ اتَّفَقَا عَلَى غَيْرِ الْبَلَدِ قَبْلَ الْأَجَلِ فَقَوْلَانِ نَظَرًا لِإِسْقَاطِ الْحَقِّ بِالرِّضَا أَوْ يَكُونُ ضَعْ وَتَعَجَّلْ وَمَنَعَ فِي الْكتاب قرض الْحَاج الععك عَلَى التَّوْفِيَةِ بِبَلَدٍ آخَرَ وَجَوَّزَهُ سَحْنُونٌ لِأَنَّ الْحَاجَّ لَا يُوَفِّي الْقَرْضَ فِي لُجَّةِ الْبَحْرِ بَلْ فِي بَلَدٍ آخَرَ فَإِنْ قَصَدَ بِذَلِكَ اشْتِرَاطَ الْحَمُولَةِ فَسَدَ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ لَا تُقْرِضْ طَعَامَكَ عَلَى تَصْدِيقِكَ فِي كَيْلِهِ كَأَنَّهُ أَخْبَرَهُ لِيَضْمَنَ نَقْصَهُ إِلَّا أَنْ تَقُولَ لَهُ كِلْهُ وَأَنْتَ مُصَدَّقٌ

فَرْعٌ يُقَالُ لَا تَقْبَلُ هَدِيَّةَ غَرِيمِكَ إِلَّا أَنْ يَعْتَادَ مُهَادَاتِكَ قَبْلَ الدَّيْنِ وَتَعْلَمَ أَنَّ هديته لَيْسَ لأجل الدّين خِلَافًا لِ (ش) و (ح) لِأَنَّهُ يُهَادِيكَ رَجَاءَ التَّأْخِيرِ فَهُوَ ذَرِيعَةٌ لِرِبَا الْجَاهِلِيَّةِ قَالَ سَنَدٌ وَأَمَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا بِمُحَاسَبَةِ الْمِدْيَانِ بِهَدِيَّتِهِ وَرَدَّ عُمَرُ هَدِيَّةَ أُبَيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَلَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَعَاتَبَهُ فَقَبِلَهَا وَقَالَ إِنَّمَا الرِّبَا عَلَى مَنْ أَرَادَ أَنْ يُرْبِيَ وَالْأَصْلُ الْمَنْعُ حَتَّى تَتَبَيَّنَ الْإِبَاحَةُ فَمَا أَشْكَلَ مِنَ الْهَدِيَّةِ تُرِكَ قَالَهُ مَالِكٌ وَلَا تَنْتَفِعُ بِمَا رَهَنَكَ وَلَوْ كَانَ مُصْحَفًا لَا تَقْرَأُ فِيهِ وَإِنْ أَذِنَ لَكَ وَعَنْهُ أَنَّهُ إِذَا ابْتَعْتَ مَوْزُونًا بِثَمَنٍ إِلَى أَجَلٍ فَتَرَكَ لَكَ رِطْلَيْنِ يَجُوزُ وَجَوَّزَهُ سَحْنُونٌ وَإِنْ كَثُرَ قَالَ وَالْعَارِيَّةُ وَالْمَعْرُوفُ وَالْبَيْعُ وَاحِدٌ وَقَدْ يَجُوزُ الْبَيْعُ مِنْ بَعْضِ النَّاسِ بِالْمُسَامَحَةِ لِذَلِكَ وَحَيْثُ مَنَعْنَا الْهَدِيَّةَ رَدَّهَا أَوْ مِثْلَهَا أَوْ قِيمَتَهَا إِنْ فَاتَتْ لِأَنَّهَا تَصَرُّفٌ مُحَرَّمٌ قَالَ التُّونُسِيُّ وَهَدِيَّةُ الْمُقَارِضِ لَيْسَ كَهَدِيَّةِ الْمِدْيَانِ لِأَنَّ الْقَرْضَ لَيْسَ فِي الذِّمَّةِ قَالَ بَلْ كَهَدِيَّةِ الْمِدْيَانِ لِتَوَقُّعِ تَأْخِيرِ الْقَرْضِ وَالْقَرْضُ لِلْمَنْفَعَةِ حَرَامٌ ونكره هَدِيَّةُ رَبِّ الْمَالِ لِلْعَامِلِ لِأَنَّهَا تَحْمِلُهُ عَلَى التَّمَادِي قَالَ اللَّخْمِيُّ اخْتُلِفَ فِي مُبَايَعَةِ الْمِدْيَانِ بِالْجَوَازِ وَالْكَرَاهَةِ فَإِنْ نَزَلَ وَكَانَ بِثَمَنِ مِثْلِهِ أَوْ غَبَنٍ يَسِيرٍ حُمِلَ عَلَى السَّلَامَةِ أَوْ كثيرا امْتنع خذا قبل الْأَجَل وَيكرهُ الشِّرَاء بعد الْأَجَل لَيْلًا يَتَذَرَّعَا بِذَلِكَ إِلَى هَدِيَّةِ الْمِدْيَانِ أَوْ فَسْخِ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ فَإِنْ فَعَلَا وَلَمْ تَكُنْ مُسَامَحَةٌ أَوْ كَانَتْ وَقَضَاهُ فِي الْحَالِ صَحَّ وَإِلَّا رُدَّتِ الْمُسَامَحَةُ وَيُكْرَهُ بَيْعُكَ مِنَ الْغَرِيمِ خَشْيَةَ حَمْلِ ذَلِكَ لَهُ عَلَى أَنْ يَزِيدَكَ لِتُؤَخِّرَهُ أَوْ يَعْمَلَا عَلَى فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ: أَمَّا هَدِيَّةُ الْعَامِلِ قَبْلَ الشُّغْلِ فِي الْمَالِ فَمَمْنُوعَةٌ اتِّفَاقًا

الْبَحْثُ الرَّابِعِ فِي أَحْكَامِهِ وَأَصْلُهُ النَّدْبُ وَقَدْ يجب عِنْد الضَّرُورَة المسغبة وَنَحْوهَا وَهُوَ أعظم يقبله الْأَحْرَار الممتنون مِنْ تَحَمُّلِ الْمِنَنِ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ كَانَ أَحَدُنَا لَا يَعُدُّ لِنَفْسِهِ مَالًا ثُمَّ ذهب وَبَقِي الإيثار ثمَّ ذهب وَبَقِيَ الْقَرْضُ تَنْبِيهٌ وَقَعَتْ فِي بَابِ الْقَرْضِ نَادِرَةٌ وَهِيَ أَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ ثَوَابَ الْوَاجِبِ أَعْظَمُ مِنْ ثَوَابِ الْمَنْدُوبِ وَإِنْظَارَ الْمُعْسِرِ بِالدَّيْنِ وَاجِبٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ} وَلِأَن الإبرار مُتَضَمِّنٌ لِمَصْلَحَةِ الْإِنْظَارِ وَزِيَادَةٍ فَلِذَلِكَ كَانَ أَعْظَمَ ثَوَابًا مِنْهُ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي كَثْرَةِ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ كَثْرَةُ الْمَصَالِحِ وَالْمَفَاسِدِ وَقِلَّتُهَا فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ: يَجُوزُ اشْتِرَاطُ الْأَجَلِ فِي الْقَرْضِ قَالَ صَاحِبُ (الْقَبَسِ) : انْفَرَدَ مَالِكٌ دُونَ سَائِرِ الْعُلَمَاءِ بِاشْتِرَاطِ الْأَجَلِ فِي الْقَرْضِ وَيَجُوزُ التَّأْخِيرُ مِنْ غير شَرط أجماعا لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (إِنَّ رَجُلًا كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكَمُ اسْتَسْلَفَ مِنْ رَجُلٍ أَلْفَ دِينَارٍ إِلَى أَجَلٍ فَلَمَّا حلَّ الْأَجَل طلب مركبا فَخرج إِلَيْهِ فِيهِ فَلَمْ يَجِدْهُ فَأَخَذَ قِرْطَاسًا وَكَتَبَ فِيهِ إِلَيْهِ وَنَقَرَ خَشَبَةً فَجَعَلَ فِيهَا الْقِرْطَاسَ وَالْأَلْفَ وَرَمَى بِهَا فِي الْبَحْرِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّهُ قَالَ حِينَ دَفَعَهَا إليَّ: اشْهَدْ لِي فَقلت: كفى بِاللَّه شَاهدا وَقَالَ ائْتِنِي بِكَفِيلٍ فَقُلْتُ: كَفَى بِاللَّهِ كَفِيلًا اللَّهُمَّ أَنْتَ الْكَفِيلُ

بِإِبْلَاغِهَا فَخَرَجَ صَاحِبُ الْأَلْفِ دِينَارٍ إِلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ لِيَحْتَطِبَ فَدَفَعَ الْبَحْرُ لَهُ الْعُودَ فَأَخَذَهُ فَلَمَّا فَلَقَهُ وَجَدَ الْمَالَ وَالْقِرْطَاسَ ثُمَّ إِنَّ ذَلِكَ الرَّجُلَ وَجَدَ مَرْكِبًا فَأَخَذَ الْمَالَ وَرَكِبَ وَحَمَلَهُ إِلَيْهِ فَلَمَّا عَرَضَهُ عَلَيْهِ قَالَ لَهُ: قَدْ أَدَّى اللَّهُ أَمَانَتَكَ) وَذِكْرُ هَذَا فِي سِيَاقِ الْمَدْحِ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهِ وَشَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا حَتَّى يُنْسَخَ فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِر: يُخَيّر الْمُقْتَرض يبين رَدِّ الْعَيْنِ أَوِ الْمِثْلِ فَإِنْ أَرَادَ الرُّجُوعَ فِي الْعَيْنِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ بَعْدَ الِانْتِهَاءِ لِلْمُدَّةِ الْمُحَدَّدَةِ بِالشَّرْطِ أَوِ الْعَادَةِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَيَمْتَنِعُ تَعْجِيلُ الْأَدْنَى قَبْلَ الْأَجَلِ لِأَنَّهُ: ضَعْ وَتَعَجَّلْ بِخِلَافِ الْأَجْوَدِ لِأَنَّهُ حُسْنُ قَضَاءٍ فَرْعٌ قَالَ: وَلَا تَمْتَنِعُ الزِّيَادَةُ بَعْدَ الْأَجَلِ فِي الصِّفَةِ وَتَمْتَنِعُ فِي الْعَدَدِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِلتُّهْمَةِ فِي السَّلَفِ بِزِيَادَةٍ وَالْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ وَرَدَ فِي الْجَمَلِ الْخِيَارِ وَهُوَ أَجْوَدُ صِفَةً وَالْفَرْقُ: أَنَّ الصِّفَةَ وَالْمَوْصُوفَ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ بِخِلَافِ الْعَدَدِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ: أَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا اقْتَرَضَ مِائَةً قَمْحًا أَنْ يَأْخُذَ تِسْعِينَ وَعَشْرَةً شَعِيرًا أَوْ دَقِيقًا بَعْدَ الْأَجَلِ لِأَنَّ بَيْعَ الْقَرْضِ قَبْلَ قَبْضِهِ جَائِزٌ إِذَا كَانَ الْمَقْبُوضُ مِثْلَ حَقِّهِ لَا أَجْوَدَ وَلَا أَدْنَى وَإِلَّا امْتَنَعَ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ لِإِشْعَارِ ذَلِكَ بِالْمُكَايَسَةِ وَبَيْعُ الْقَرْضِ إِنَّمَا أُجِيزَ مَعْرُوفًا هَذَا إِذَا كَانَ فِي الْمَجْلِسِ وَبَعْدَهُ يَجُوزُ لِبُعْدِ التُّهْمَةِ عَلَى نَفْيِ الْمَعْرُوفِ

فرع فِي الْبَيَان إِذا قرض وبيه لَهُ أَخْذُ نِصْفِ وَيْبَةٍ قَمْحًا وَبِالنِّصْفِ الْآخَرِ شَعِيرًا أَوْ دَقِيقًا أَوْ تَمْرًا لِأَنَّ الْوَيْبَةَ مُتَجَزِّئَةٌ كَالدِّينَارَيْنِ يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ بِأَحَدِهِمَا ذَلِكَ وَلَيْسَ كَالدِّينَارِ يَمْتَنِعُ أَنْ يَأْخُذَ بِنِصْفِهِ غَيْرَ ذَهَبٍ لِأَنَّهُ لَا يَتَبَعَّضُ وَقَالَ أَشْهَبُ: الْوَيْبَةُ كَالدِّينَارِ وَاتَّفَقَا أَنَّ الْوَيْبَتَيْنِ كَالدِّينَارَيْنِ لِأَنَّ التَّعَدُّدَ فِي اللَّفْظ وَالْمعْنَى وَيمْتَنع أَنْ يَأْخُذَ فِي وَيْبَةٍ مَحْمُولَةٍ نِصْفَ وَيْبَةٍ سَمْرَاءَ وَنِصْفَ وَيْبَةٍ شَعِيرًا لِأَنَّ السَّمْرَاءَ أَفْضَلُ وَالشَّعِيرَ أَدْنَى فَيَقَعُ التَّفَاضُلُ بَيْنَ السَّمْرَاءِ وَالْمَحْمُولَةِ وَبَيْنَ الْمَحْمُولَةِ وَالشَّعِيرِ وَلَوْ كَانَتْ سَمْرَاءَ فَأَخَذَ بِنِصْفِهَا شَعِيرًا أَوْ كَانَتْ شَعِيرًا فَأَخَذَ بِنِصْفِهَا نِصْفَ وَيْبَةٍ سَمْرَاءَ وَبِنِصْفِهَا مَحْمُولَةً جَازَ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ فَرْعٌ قَالَ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا كَانُوا يَقْتَسِمُونَ الْمَاءَ بِالْقِلَلِ وَهُوَ قِدْرٌ نُحَاسٌ فَيُسَلِّفُ الرَّجُلُ صَاحِبَهُ أَعْدَادًا فَيَتَأَخَّرُ لِلصَّيْفِ حَتَّى يَغْلُوَ الْمَاءُ: لَيْسَ عَلَيْهِ الْإِعْطَاءُ إِلَّا فِي الشِّتَاءِ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الْفُصُولِ يُوجِبُ اخْتِلَافَ الْمِيَاهِ فِي الْمَقَاصِدِ وَقَالَ أَصْبَغُ: عَلَيْهِ الدَفْعُ فِي أَيِّ وَقْتٍ طَلَبَهُ إِذَا كَانَ السَّلَفُ حَالًّا لَا وَقْتَ لَهُ لِأَنَّ الْمِيَاهَ مُتَمَاثِلَةٌ الْبَحْثُ الْخَامِس: فيا يَقْتَضِي فِي الدَّيْنِ مِنْ عَيْنٍ وَمُقَاصَّةٍ

وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنَ الضَّوَابِطِ وَالْفُرُوعِ فِي بُيُوعِ الْآجَالِ مَا يُنَاسِبُ ذَلِكَ وَنَذْكُرُ هَاهُنَا بَقِيَّةَ الْفُرُوعِ الْمُتَيَسَّرَةِ قَاعِدَةٌ: مَعْنَى قَوْلِ الْأَصْحَابِ: ضَعْ وَتَعَجَّلْ: أَنَّ التَّعْجِيلَ لَمَّا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ بِسَلَفٍ لَهُ فَهُوَ حِينَئِذٍ قَدْ أَسْلَفَ لِيَسْقُطَ عَنْهُ بَعْضُ الدَّيْنِ وَيَأْخُذَ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ دَيْنَهُ فَهُوَ سَلَفٌ لِلنَّفْعِ دُونَ الْمَعْرُوفِ فَيَمْتَنِعُ قَاعِدَةٌ: إِذَا شَرُفَ الشَّيْءُ وَعَظُمَ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ كَثُرَ شُرُوطُهُ وَشُدِّدَ فِي حُصُولِهِ تَعْظِيمًا لَهُ لِأَنَّ شَأْنَ كُلِّ عَظِيمِ الْقَدْرِ أَنْ لَا يحصل بالطرق السهلة: (حُفت الحنةُ بِالْمَكَارِهِ) {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} : أَيِ الصَّابِرِينَ عَلَى آلَامِ الْمُجَاهَدَاتِ فَمِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ: النِّكَاحُ لَمَّا شَرُفَ قَدْرُهُ بِكَوْنِهِ سَبَبَ الْإِعْفَافِ وَمِنْ أَعْظَمِ مَغَايِظِ الشَّيْطَانِ وَوَسِيلَةً لِتَكْثِيرِ الْعِبَادِ وَحَاسِمًا لِمَوَادِّ الْفَسَادِ شَدَّدَ الشَّرْعُ فِيهِ بِاشْتِرَاط الصَدَاق وَالْوَلِيّ وَالْبَيِّنَة بِخِلَاف الْبَيْعُ وَالنَقْدَانِ لَمَّا عَظُمَ خَطَرُهُمَا بِكَوْنِهِمَا مَنَاطَ الْأَعْرَاض ورؤوس الْأَمْوَالِ وَقِيَمَ الْمُتْلَفَاتِ وَنِظَامَ الْعَالَمِ شَدَّدَ الشَّرْعُ فِيهِمَا بِحَيْثُ لَا يُبَاعُ وَاحِدٌ بِأَكْثَرَ مِنْهُ وَلَا بِنَسِيئَةٍ بِخِلَافِ الْعُرُوضِ وَكَذَلِكَ الطَّعَامُ لَمَّا كَانَ حَافِظًا لِجِنْسِ الْحَيَوَانِ وَبِهِ قِوَامُ بِنْيَةِ الْإِنْسَانِ وَالْمَعُونَةُ عَلَى الْعِبَادَةِ وَأَسْبَابُ السِّيَادَةِ وَالسَّعَادَةِ شَدَّدَ الشَّرْعُ فِيهِ بِحَيْثُ لَا يُبَاعُ قَبْلَ قَبْضِهِ فَعَلَى هَذَيْنِ الْقَاعِدَتَيْنِ تَخْرُجُ أَكْثَرُ مَسَائِلِ الْمُقَاصَّةِ فِي الدُّيُونِ

تَمْهِيدٌ: فِي الْجَوَاهِرِ: الْمُعْتَبَرُ فِي الْمُقَاصَّةِ جِنْسُ الدَّيْنَيْنِ وَتَسَاوِيهُمَا وَاخْتِلَافُهُمَا وَسَبَبُهُمَا فِي كَوْنِهِمَا مِنْ سلم أَو قرض أَو أَحدهمَا أجلهما فِي الِاتِّفَاقِ وَالِاخْتِلَافِ وَالْحُلُولِ فِي أَحَدِهِمَا أَوْ كِلَيْهِمَا أَوْ عَدَمِهِ وَأَيْضًا الْمُؤَجَّلُ إِذَا وَقَعَتِ الْمُقَاصَّة عَنهُ هَل بعد كَالْحَالِّ أَوْ يُجْعَلُ مَنْ هُوَ فِي ذِمَّتِهِ كَالْمُسَلَّفِ لِيَأْخُذَ مِنْ نَفْسِهِ إِذَا حَلَّ الْأَجَلُ وَأَيْضًا إِذَا اجْتَمَعَ الْمُبِيحُ وَالْمَانِعُ وَقُصِدَ الْمُبِيحُ هَلْ يَغْلِبُ الْمُبِيحُ أَوِ الْمَانِعُ؟ وَعَلَيْهِ اخْتِلَافُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ إِذَا كَانَ الطَّعَامَانِ مِنْ سلم وَاتفقَ الأجلان ورؤوس الْأَمْوَال: هَل تجوز الْمُقَاصَّة وتعد إِقَالَة؟ قَالَ أَشْهَبُ أَوْ يُمْنَعُ لِأَنَّهُ بِيعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ؟ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ تَنْبِيهٌ: قَالَ فِي الْجَوَاهِر: جمعت الْمُقَاصَّة المتاركة والمعارضة وَالْحِوَالَةَ فَالْجَوَازُ تَغْلِيبًا لِلْمُتَارَكَةِ وَالْمَنْعُ تَغْلِيبًا لِلْمُعَاوَضَةِ وَالْحِوَالَةِ وَمَتَى قَوِيَتِ التُّهْمَةُ وَقَعَ الْمَنْعُ وَمَتَى فُقِدَتْ فَالْجَوَازُ وَإِنْ ضَعُفَتْ فَقَوْلَانِ مُرَاعَاةً لِلتُّهَمِ الْبَعِيدَة فتورد الْآنَ الْفُرُوعَ عَلَى هَذِهِ الْأُصُولِ فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ: الدَّيْنَانِ عَيْنٌ مِنْ بَيْعٍ تَسَاوَيَا صِفَةً وَمِقْدَارًا وَحَلَّ الْأَجَلَانِ أَوْ كَالْمُحَالَّيْنِ جَازَتِ الْمُقَاصَّةُ اتِّفَاقًا لِعَدَمِ مَا يُتَوَهَّمُ مِنَ الْفَسَادِ فَإِنِ اخْتلف الصِّفَةُ وَالْوَزْنُ أَوِ اخْتَلَفَ الْوَزْنُ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ بَدَّلَ الْعَيْنَ بِأَكْثَرَ مِنْهُ وَإِنِ اخْتَلَفَتِ الصِّفَةُ وَالنَّوْعُ وَاحِدٌ أَوْ مُخْتَلِفٌ وَحَلَّ الْأَجَلَانِ أَوْ كَانَا حالَّين جَازَ إِلَّا على القَوْل يمْنَع صَرْفِ مَا فِي الذِّمَّةِ وَإِنْ لَمْ يَحِلَّ الْأَجَلَانِ مُنِعَ عَلَى الْمَشْهُورِ أَوْ يُقَدَّرُ الْمُعَجَّلُ سَلَفًا فَيَصِيرُ صَرْفًا مُتَأَخِّرًا وَيَجُوزُ عَلَى رَأْيِ الْقَاضِي أَبِي إِسْحَاقَ وَيُقَدَّرُ

ذَلِكَ بِالْحُلُولِ وَإِنِ اتَّفَقَا صِفَةً وَمِقْدَارًا وَلَمْ يَحِلَّ أَحَدُهُمَا أَوْ حَلَّ أَحَدُهُمَا (وَالْأَجَلَانِ مُخْتَلِفَانِ أَو متفقان بِأَن ... ابْن نَافِع إِذا حملا أَوْ أَحَدُهُمَا) وَمَنَعَ إِذَا لَمْ يَحِلَّا: اتَّفَقَ الْأَجَلَانِ أَوِ اخْتَلَفَا وَعَنْ مَالِكٍ: الْمَنْعُ إِذَا اخْتَلَفَ الْأَجَلُ وَوَقَفَ إِذَا اتَّفَقَ وَقَوْلُ ابْنِ نَافِعٍ أَجْرَى عَلَى الْمَشْهُورِ إِذَا عَقَدَ الْمُؤَجِّلُ عَلَى حَالَتِهِ لَكَنْ إِذَا حَلَّ أَحَدُهُمَا عُد حِوَالَةً إِذْ يَجُوزُ بِمَا حَلَّ فِيمَا لَمْ يَحِلَّ وَلَاحَظَ ابْنُ الْقَاسِمِ تَسَاوِيَ الدُّيُونِ وَعَدَمَ الضَّمَانِ فِي الْعَيْنِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا لَهُ التَّعْجِيلُ وَالْتَفَتَ إِلَى بُعْدِ التُّهْمَةِ فَأَجَازَ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا أَجْوَدَ فِي الْعَيْنِ وَحَلَّا أَوْ حَلَّ الْأَجْوَدُ أَوْ لَمْ يَحِلَّا وَكَانَ الْأَجْوَدُ أَوَّلَهُمَا حُلُولًا جَازَ وَإِنْ حَلَّ الْأَدْنَى أَوْ هُوَ أَوَّلُهُمَا حُلُولًا امْتَنَعَ وَدَخَلَهُ: ضَعْ وَتَعَجَّلْ وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ عَدَدًا فَتَشَارَكَا عَلَى أَنْ لَا يَتْرُكَ صَاحِبُ الْفَضْلِ جَازَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْأَجْوَدِ قَالَ: وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الْجَوْدَةِ إِنْ بَنَاهُ عَلَى رَأْيِ الْقَاضِي أَبِي إِسْحَاقَ فَصَحِيحٌ وَمَشْهُورُ الْمَذْهَب مَا قدمْنَاهُ وَمَا ذكر مِنَ اخْتِلَافِ الْعَدَدِ فَإِنِّمَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِي مَنْعِهِ لِأَنَّهُ مُبَادَلَةٌ بِتَفَاضُلٍ مَعَ مَا يَدْخُلُهُ ذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنَ التَّرَاخِي إِذَا لَمْ يَحِلَّ الْأَجَلَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا وَإِنْ كَانَا من قرض واتفاقا صِفَةً وَمِقْدَارًا وَحَلَّا أَوْ أَحَدُهُمَا جَازَ وَكَذَلِكَ إِنْ لَمْ يَحِلَّا عَلَى الْمَنْصُوصِ وَقَدْ يَجْرِي عَلَى رَأْيِ ابْنِ نَافِعٍ الْمَنْعُ وَإِنِ اخْتَلَفَتْ صِفَتُهُمَا وَاتَّحَدَ الْوَزْنُ وَاخْتَلَفَ نَوْعُهُمَا فَعَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ وَإِنْ حَلَّ أَجَلُهُمَا أَوْ كَانَا حَالَّيْنِ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَحِلَّا لَمْ يَجُزْ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ مُحْرِزٍ وَيَجْرِي عَلَى الْمَشْهُورِ وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ قَرْضٍ وَالْآخَرُ مِنْ بَيْعٍ فَإِنِ اخْتَلَفَ الْوَزْنُ يَسِيرًا

جَازَ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ مِنْ أَحَدِهِمَا وَهِيَ فِي الْقَرْضِ جَائِزَةٌ وَإِنْ كَثُرَتْ جَرَتْ عَلَى الْخِلَافِ فِي الزِّيَادَةِ فِي الْوَزْنِ أَوِ الْعَدَدِ إِذَا كَثُرَتْ وَجَوَّزَهُ اللَّخْمِيُّ إِذَا كَانَ أَكْثَرُهُمَا أَوَّلَهُمَا قَرْضًا وَمَنَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ كَانَ الْأَكْثَرُ آخِرَهُمَا لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى سَلَفٍ بِزِيَادَةٍ وَأَجَازَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَإِنْ حَلَّ الْأَوَّلُ أَوْ لَمْ يَحِلَّا لَكَنْ كَانَ أَقَلَّهَا حُلُولًا امْتَنَعَ وَإِنْ حَلَّ الْأَكْثَرُ أَوْ هُوَ أَوَّلُهُمَا حُلُولًا وَأَوَّلُهُمَا قَرْضًا جَازَ مَا لَمْ يَكُنِ الْأَكْثَرُ آخِرَهُمَا قَرْضًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ إِذَا كَانَا مِنْ بَيْعٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا دَنَانِيرَ وَالْآخَرُ دَرَاهِمَ جَازَ إِنْ حَلَّ الْأَجَلَانِ وَإِنْ لَمْ يَحِلَّا أَوْ أَحَدُهُمَا فَعَلَى الْخِلَافِ فِي حُكْمِ الْمُؤَجَّلِ فَرْعٌ قَالَ: إِنْ كَانَا طَعَامًا من بيع وَاخْتلفَا أَو رُؤُوس الْأَمْوَال امْتنع وَإِن اتفقَا جِنْسا أَو رُؤُوس أَمْوَالِهِمْ فَإِنِ اخْتَلَفَ الْأَجَلَانِ امْتَنَعَ أَوِ اتَّفَقَا مَنَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَجَازَ أَشْهَبُ نَظَرًا لِلْمُبَايَعَةِ أَوِ الْإِقَالَةِ وَإِنْ كَانَا مِنْ قَرْضٍ وَاتَّفَقَا جَازَ حلَّت الْآجَالُ أَوْ لَمْ تَحِلَّ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ قَرْضٍ وَالْآخَرُ مِنْ بَيْعٍ وَحَلَّا جَازَ وَإِنْ لَمْ يَحِلَّا أَوْ أَحَدُهُمَا: فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: الْمَنْعُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالْجَوَازُ لِأَشْهَبَ وَالتَّفْرِقَةُ إِلَى أَجَلِ السَّلَمِ جَازَ أَوْ حَلَّ الْقَرْضُ وَحْدَهُ امْتَنَعَ نَظَرًا إِلَى صُورَةِ الْمُبَايَعَةِ فِي الطَّعَامِ أَوِ الْإِقَالَةِ وَالْإِقَالَةُ أَوْلَى لِأَنَّ الْأَجَلَ فِي السَّلَمِ يُسْتَحَقُّ دُونَ الْقَرْضِ وَلَهُ حِصَّةٌ مِنَ الثَّمَنِ فَرْعٌ قَالَ: إِذَا كَانَا عَرْضَيْنِ وَاسْتَوَيَا فِي الْجِنْسِ وَالصِّفَةِ جَازَ مُطْلَقًا وَأُلْغِيَ تَفَاوُتُ الْآجَالِ وَالْآمَالِ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ فِي الْعُرُوضِ وَإِنِ اتَّفَقَا جِنْسًا لَا صِفَةً وَاتَّفَقَتِ الْآجَالُ جَازَ لِأَنَّ اتِّفَاقَ الْأَجَلِ يُضْعِفُ التُّهْمَةَ على المكايسة وَإِن اخْتلف الْآجَالُ وَلَمْ يَحِلَّا وَهُمَا مِنْ مُبَايَعَةٍ امْتَنَعَ إِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا أَجْوَدَ لِأَنَّ تَعْجِيلَ الْأَدْنَى: ضَعْ وتعجَّل وَالْأَجْوَدُ مُعَاوَضَةٌ عَلَى طَرْحِ الضَّمَانِ وَكَذَلِكَ

إِذَا كَانَا مِنْ قَرْضَيْنِ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا قرضا وَالْآخر بيعا وَحل اقرض أَو هُوَ ألهما حُلُولًا امْتَنَعَ لِأَنَّ الْحَالَّ أَوِ الْأَقْرَبَ إِنْ كَانَ الأجود فَهُوَ حط للضَّمَان وَالْوَاجِب فِي الْمُسْلَمِ بِمَا بَذَلَهُ مِنْ زِيَادَةِ الْقَرْضِ إِنْ كَانَ الْقَرْضُ الَّذِي حَلَّ هُوَ الْأَدْنَى فَقَدْ وَضَعَ مِنَ السَّلَمِ الَّذِي لَهُ عَلَى أَنْ عَجَّلَ لَهُ وَضَابِطُ هَذَا الْبَابِ: أَنَّ مَا حَلَّ أَوْ أَقْرَبَ حُلُولًا كَالْمُقْتَرَضِ الْمَدْفُوعِ عَنِ الدَّيْنِ الْأَخِيرِ فَيَتَّقِي أَحَدَ الْفَسَادَيْنِ فَيَمْنَعُ أَوْ لَا يَقَعُ فِي أَحَدِهِمَا وَقَدْ عَلِمْتَ أَن الْعرض سلما يَمْتَنِعُ تَعْجِيلُ الْأَجْوَدِ مِنْهُ أَوِ الْأَدْنَى وَكَذَلِكَ الْقَرْضُ فِي الْأَدْنَى لِ: ضَعْ وَتَعَجَّلْ بِخِلَافِ الْأَجْوَدِ لِأَنَّ لَهُ التَّعْجِيلَ فِي الْقَرْضِ وَإِنْ كَرِهَ رَبُّهُ لِإِفْضَائِهِ لِبَرَاءَةِ الذِّمَمِ وَيُعْتَبَرُ أَيْضًا فِي الْقَرْضِ زِيَادَةُ الْعَدَدِ فَيَمْتَنِعُ عَلَى الْمَشْهُورِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: تَجُوزُ الْحِوَالَةُ بِطَعَامِ السَّلَمِ عَلَى طَعَامِ الْقَرْضِ وَبِالْعَكْسِ وَبِطَعَامِ الْقَرْضِ عَلَى الْقَرْضِ بِصِفَةٍ وَاحِدَةٍ حَالَّيْنِ أَوْ مُؤَجَّلَيْنِ اخْتَلَفَتِ الْآجَالُ أَمْ لَا أَوْ أَجَلُ أَحَدِهِمَا فَقَطْ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا سَمْرَاءَ وَالْآخَرُ مَحْمُولَةً فَيمْتَنع إِلَّا أَن يحلا لَيْلًا يَكُونَ فَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ وَيَمْتَنِعُ سَلَمٌ مِنْ سَلَمٍ حَلَّتِ الْآجَالُ أَمْ لَا لِأَنَّهُ بيع الطَّعَام قبل قبض فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ سَلَمِ وَالْآخَرُ مِنْ قَرْضٍ وَحَلَّا وَالصِّفَةُ وَالْمِقْدَارُ مُتَّفِقٌ جَازَ لِأَنَّ الْقَرْض مَوضِع الْمَعْرُوف وَإِن لَا يَحِلَّا أَوْ أَحَدُهُمَا امْتَنَعَ لِأَنَّ التَّعْجِيلَ يُشْعِرُ بِالْمُكَايَسَةِ فَيَكُونُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَرْعٌ قَالَ: لَا تَأْخُذْ فِي الدَّيْنِ الْحَالِّ أَوِ الْمُؤَجل مَنَافِع دَار أَو أَرض رَوِيَّةٍ أَوْ ثَمَرَةٍ

أَزْهَتْ لِأَنَّهَا يَتَأَخَّرُ قَبْضُهَا فَهُوَ كَفَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ وَوَافَقْنَا (ش) و (ح) فِي دَيْنِ السَّلَمِ دُونَ دَيْنِ الْقَرْضِ قَالَ سَنَدٌ: وَعَنْ مَالِكٍ: الْجَوَازُ لِأَنَّ تَسْلِيمَ الرِّقَابِ تَسْلِيمٌ لِلْمَنَافِعِ وَلِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ صَدَاقًا فَسَلَّمَهَا وَجَبَ على الْمَرْأَة تَسْلِيم نَفسهَا وَلَكِن كِرَاءَ الدَّارِ بِالدَّيْنِ جَائِزٌ فَلَوْ كَانَتْ دَيْنًا لامتنع لنَهْيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ بَيْعِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ وَعَنْهُ: إِذَا كَانَ هَذَا يُسْتَوْفَى قَبْلَ أَجْلِ الدَّيْنِ جَازَ وَإِلَّا امْتنع لَيْلًا يَكُونَ رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ وَهَذَا إِذَا كَانَتِ الدَّارُ وَنَحْوُهَا مُعَيَّنَةً وَإِلَّا فَلَا فَرْعٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: فَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ جَائِزٌ إِذَا فَسَخَ دَنَانِيرَ حَالَّةً أَوْ مُؤَجَّلَةً فِي مِثْلِهَا جَوْدَةً وَمِقْدَار أَوْ فِي أَدْنَى لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ وَيَمْتَنِعُ فِي الْمُعَجَّلِ وَالْأَجْوَدِ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ أَوْ فِي دَرَاهِمَ لِأَنَّهُ صَرْفٌ مُسْتَأْخِرٌ وَلَا فِي عَرْضٍ لِأَنَّهُ رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ فِي قَوْلِهِمْ: إِمَّا أَنْ تَقْضِيَ أَوْ تُرْبِيَ وَكَذَلِكَ الْعَرْضُ فِي الْعَيْنِ أَوْ قَبْلَ الْأَجَلِ لِيُؤَخِّرَهُ لِأَبْعَدَ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَا يَفْعَلُ إِلَّا بِزِيَادَةٍ وَفَسْخُهُ قَبْلَ الْأَجَلِ لِيَأْخُذَهُ عِنْدَ الْأَجَلِ أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ قَبْلَ الْأَجَلِ مَمْنُوعٌ نَقْدًا وَيَمْتَنِعُ فَسْخُهُ فِي أَقَلَّ مِنْهُ قِيمَةً فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: لَا تَبِعْ بِالدَّيْنِ سِلْعَةً بِخِيَارٍ أَوْ أَمَةً تَتَوَاضَعُ أَوْ سِلْعَةً غَائِبَةً عَلَى الصِّفَةِ لِأَنَّهَا يَتَأَخَّرُ قَبْضُهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ لِأَنَّهُمَا مُعَيَّنَانِ لَا فِي الذِّمَّة دينا

قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا أَخَذَ طَعَامًا فَكَثُرَ كَيْلُهُ فَيَتَأَخَّرُ الْيَوْمَيْنِ لِأَجْلِ الْمَحْمُولَةِ أَجَازَهُ مَالِكٌ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَكَذَلِكَ إِذَا شَرَعَ فِي الْكَيْلِ وَهُوَ يُقِيمُ شَهْرًا لِعَدَمِ التُّهْمَةِ فِي دَفْعِ ثَمَنِ التَّأْخِيرِ فَرْعٌ قَالَ مَالِكٌ فِي كِتَابِ الْمِدْيَانِ: إِذَا أَمَرْتَهُ بِدَفْعِ دَرَاهِمَ لَكَ عَلَيْهِ لِمَنِ استقرضكما فَأَعْطَاهُ بِهَا دَنَانِيرَ بِرِضَاهُ جَازَ وَلَيْسَ لَكَ مَنْعُهُ وَاسْتُحِبَّ لَكَ اتِّبَاعُ الْآخِذِ بِدَرَاهِمَ وَاخْتَلِفُ فِيهِ قَوْلُ مَالِكٍ وَلَوْ قَبَضَ فِيهَا عَرْضًا لَمْ تُتْبِعْهُ إِلَّا بِدَرَاهِمَ لِأَنَّكَ إِنَّمَا أَسْلَفْتَهُ ذَلِكَ فَلَهُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ بِمَا شَاءَ مِنْ ذَهَبٍ وَعَرْضٍ وَلَوْ أَمَرْتَ لَهُ بِدَنَانِيرَ لَكَ دَيْنٌ وَلِلْمَأْمُورِ عَلَيْهِ دَرَاهِمُ فَلَهُ مُقَاصَّتُهُ إِنْ حَلَّ الْأَجَلَانِ وَإِنْ أَمَرْتَهُ يَقْضِي عَنْكَ دَنَانِيرَ فَدَفَعَ دَرَاهِمَ فِيهَا عَرْضًا أَوْ طَعَامًا اتَّبَعْتَهُ بِمَا أَمَرْتَهُ بِهِ لَا غَيْرِهِ مِنْ تَصَرُّفِهِ مَعَهُ وَفِيهِ خِلَافٌ عَنْ مَالِكٍ وَأَنَّهُ لَا يَرْبَحُ فِي السَّلَفِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا أَمَرْتَهُ بِدَنَانِيرَ فَدَفَعَ دَرَاهِمَ: لِمَالِكٍ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: يَرْجِعُ بِمَا دَفَعَ الْمَأْمُورُ وَهُوَ بِالْخِيَارِ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: تَرْجِعُ بِمَا أَمَرْتَهُ وَعَلَى قَوْلِهِ: لَا يَرْبَحُ فِي السَّلَفِ إِذَا كَانَ الْمَدْفُوعُ عَرْضًا: يَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ الْمَأْمُورُ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَةِ الْعَرْضِ أَوِ الدَّرَاهِمِ الْمَأْمُورِ بِهَا وَقَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ شُيُوخِنَا قَالَ مُحَمَّدٌ: وَأَمَّا فِي أَقَلَّ مِنْ دِينَارٍ لَوْ أَمَرْتَهُ بِنِصْفِ دِينَارٍ فَدَفَعَ دَرَاهِمَ فِيهَا تَرْجِعُ لِأَنَّ أَمْرَكَ إِنَّمَا كَانَ بِالْوَرِقِ وَعَنْ مَالِكٍ: يُخَيَّرُ أَنْ يَدْفَعَ لَكَ مَا دَفَعَ مِنَ الدَّرَاهِمِ أَوْ نِصْفَ دِينَارٍ يَوْمَ الدَّفْعِ فَيُعْطِيَكَ الْأَقَلَّ وَرَجَعَ عَنْهُ مَالِكٌ إِلَى مَا تَقَدَّمَ فَلَوْ دَفَعَ طَعَامًا أَوْ عَرْضًا تَعَيَّنَ نِصْفُ دِينَارٍ مَا بَلَغَ لِأَنَّهُ عَقْدٌ أَجْنَبِيٌّ عَنْكَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَخْذ

وَكَذَلِكَ لَوْ دَفَعَ دِينَارًا فَصَرَفَهُ الطَّالِبُ فَأَخَذَ نِصْفَهُ وَرَدَّ نِصْفَهُ إِلَى الْمَأْمُورِ فَرْعٌ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَمْتَنِعُ وَضْعُ الْمَرْأَةِ صَدَاقَهَا لِزَوْجِهَا عَلَى أَنْ يُحجها لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَإِنْ قَالَتْ لَهُ: إِنْ حَمَلْتَنِي إِلَى أَهْلِي فَلَكَ صَدَاقِي صَدَقَةً عَلَيْكَ فَامْتَنَعَ فَخَرَجَتْ مُبَادِرَةً إِلَى أَهْلِهَا لِتَقْطَعَ الصَّدَقَةَ سَقَطَ عَنْهُ الصَّدَاقُ وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ كَذَلِكَ فَلَا فَرْعٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا سَلَمَتِ الْمُقَاصَّةُ مِنَ الْفَسَادِ الْآنَ اعْتُبِرَ مَا تَقَدَّمَ فَإِنْ كَانَا مُتَسَاوِيَيْنِ: ثَمَنُ قَمْحٍ وَثَمَنُ تَمْرٍ امْتَنَعَ عَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِاتِّهَامِهِمَا فِي بَيْعِ الْقَمْحِ بِالتَّمْرِ وَفِي الْكِتَابِ: إِلَّا أَنْ يكون العقدان نَقْدا وَالْأول مُؤَجَّلًا وَالثَّانِي نَقْدًا وَأَخَذَ عَنِ الْمَبِيعِ أَوَّلًا مِثْلَ مَا يُبَاعُ بِهِ نَقْدًا فَيَجُوزُ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي أَكْثَرَ عَيْنًا امْتَنَعَ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَا عَرْضَيْنِ أَسْلَمَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ فِيهَا فَإِنِ اتَّفَقَ رَأْسُ الْمَالِ أَوِ الْأَوَّلُ أَكْثَرَ جَازَ أَوِ الْأَوَّلُ أَقَلَّ امْتَنَعَ لِاتِّهَامِهِمَا عَلَى سَلَفٍ بِزِيَادَةٍ وَإِنْ كَانَ رَأْسُ مَالِ أَحَدِهِمَا دَرَاهِمَ وَالْآخَرِ دَنَانِيرَ امْتَنَعَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ صرف مُسْتَأْجر وَقِيلَ: يَجُوزُ إِنْ كَانَ رَأْسُ مَالِ الْأَوَّلِ أَقَلَّ فِيمَا يَكُونُ الصَّرْفُ دُونَ سَلَمِ الْأَوَّلِ فرع قَالَ: اخْتلف إِذا تَضَمَّنت الصّرْف الْمُسْتَأْجر أَو بيع الطَّعَام قبل قَبضه هَل نفسخ الْمُقَاصَّةُ خَاصَّةً لِأَنَّهَا الْمُتَضَمِّنَةُ لِلْفَسَادِ أَوِ الْمُتَضَمِّنَةُ الْمَبِيعَ الْأَخِيرَ؟ وَيَصِحُّ الْأَوَّلُ قَوْلَانِ قَالَ: وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ لِأَنَّ سَبَبَ التُّهْمَةِ لَيْسَ مُحَقَّقًا إِلَّا أَن

تَجْرِيَ بَيْنَهُمَا عَادَةٌ فَيَنْفَسِخَ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي تمهيد: نذْكر قَوَاعِد شَرْعِيَّة تتبنى عَلَيْهَا الْمُقَاصَّةُ وَبُيُوعُ الْآجَالِ وَمَا يَدْخُلُ فِيهِ سَدُّ الذَّرَائِعِ لِأَنَّ مَالِكًا رَحِمَهُ اللَّهُ يُقَدِّرُ الْأَسْبَابَ الْمُبِيحَةَ مَعْدُومَةً وَالْمُقْتَضِي لِلْفَسَادِ مَوْجُودٌ وَالتَّقْدِيرُ مِنَ الْأُمُورِ الْعَامَّةِ فِي الشَّرْعِ فَأَبْسُطُ الْقَوْلَ فِيهِ فَأَقُولُ: التَّقْدِيرُ إِعْطَاءُ الْمَوْجُودِ حُكْمَ الْمَعْدُومِ حُكْمَ الْمَوْجُودِ فَإِعْطَاءُ الْمَعْدُومِ حُكْمَ الْمَوْجُودِ كَإِيمَانِ الصِّبْيَانِ قَبْلَ تَعَلُّمِهِمْ وَكَذَلِكَ الْبَالِغُونَ حَالَةَ الْغَفْلَةِ وَكَفْرِ أَطْفَالِ الْكُفَّارِ وَعَدَالَةِ الشُّهُودِ حَالَةَ الْغَفْلَةِ وَكَذَلِكَ فِسْقُ الْفُسَّاقِ وَالْإِخْلَاصُ وَالرِّيَاءُ فِيمَنْ مَاتَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ فَالشَّرْعُ يَحْكُمُ عَلَيْهِمْ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ حَالَةَ عَدَمِهَا وَتَجْرِي عَلَيْهِمْ أَحْكَامُهَا وَيَبْعَثُهُمْ عَلَيْهَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَكَذَلِكَ النِّيَّاتُ فِي الْعِبَادَاتِ حَالَةَ الْغَفْلَةِ فِي أَثْنَاءِ الْعِبَادَةِ فَهُوَ فِي حُكْمِ النَّاوِي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَّصِفًا بِالنِّيَّةِ حِينَئِذٍ فَالثَّابِتُ فِي حَقِّهِ النِّيَّةُ الحُكمية دُونَ الْفِعْلِيَّةِ وَكَذَلِكَ مَنْ تَقَدَّمَ وَكَذَلِكَ الْعِلْمُ فِي الْعُلَمَاءِ وَالْفِقْهُ وَالشِّعْرُ وَالطِّبُّ وَالصَّدَاقَةُ والعدارة وَالْحَسَدُ حَالَةَ الْغَفْلَةِ عَنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ وَكَذَلِكَ خَصَّصَ اللَّهُ تَعَالَى الْحَاسِدَ بِقَوْلِهِ: {وَمِنْ شَرِّ حَاسِد إِذا حسد} فَفَائِدَةُ التَّخْصِيصِ بِقَوْلِهِ: إِذَا حَسَدَ لِيَتَّقِيَ الْحَسَدَ الْفعْلِيّ لِأَنَّهُ الْبَاعِث على أذية الحسود بِخِلَافِ الْحُكْمِيِّ وَكَذَلِكَ إِذَا بَاعَ عَبْدًا سَارِقًا فَيُقْطَعُ يُقَدَّرُ قَطْعُهُ عِنْدَ الْبَائِعِ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ كُلُّ عَيْبٍ نَشَأَ فِي الْمَبِيعِ بِسَبَبِ التَّدْلِيسِ لَا يَمْنَعُ الرَّدَّ وَيُقَدَّرُ تَقَدُّمُهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ فِي الرَّدِّ

بِالْعَيْبِ وَالدُّيُونُ تُقَدَّرُ فِي الذِّمَمِ وَالنَّقْدَانِ فِي عُرُوضِ التِّجَارَةِ وَيُقَدَّرُ الْمِلْكُ فِي الْمَمْلُوكَاتِ وَالرِّقُّ وَالْحُرِّيَّةُ وَالزَّوْجِيَّةُ فِي مَحَالِّهَا وَإِعْطَاءُ الْمَوْجُودِ حُكْمَ الْمَعْدُومِ كَالْمَاءِ مَعَ الْمُحْتَاجِ لَهُ لِتَعْطِيشِهِ وَالرَّقَبَةُ عِنْد الْمُكَفّر الْمُحْتَاج إِلَيْهِ وَمِنَ النَّقْدَيْنِ إِعْطَاءُ الْمُتَقَدِّمِ حُكم الْمُتَأَخِّرِ وَالْمُتَأَخِّرِ حُكْمَ الْمُتَقَدِّمِ فَالْأَوَّلُ كَمَنْ رَمَى سَهْمًا أَوْ حَجَرًا فَأَصَابَ بَعْدَ مَوْتِهِ شَيْئًا فَأَفْسَدَهُ فَإِنْهُ يَضْمَنُهُ وَيُقَدِّرُ تَقَدُّمَهُ (فِي حَالِ حَيَاتِهِ كَالدِّيَةِ فِي الْقَتْلِ مُتَأَخِّرَةِ الِاسْتِحْقَاقِ عَنِ الْمَوْتِ لِأَنَّهُ سَبَبُهَا وَيُقَدَّرُ تَقَدُّمُهُ) قَبْلَ الْمَوْتِ حَتَّى يَصِحَّ أَنْ يُورَثَ عَنْهُ وَالثَّانِي كَتَقْدِيرِ الْحُرُوفِ السَّابِقَةِ عَلَى الْحَرْفِ الْأَخِيرِ مِنْ لَفْظِ الطَّلَاقِ وَالْبَيْعِ وَسَائِرِ صِيَغِ الْعُقُودِ مَعَ الْحَرْفِ الْأَخِيرِ فَحِينَئِذٍ يُقْضَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مُتَكَلِّمٌ بِتِلْكَ الصِّيَغِ وَلَوْ لَمْ يُقَدَّرْ أَوَّلُ الْكَلَامِ عِنْدَ آخِرِهِ لَمَا اعْتُبِرَ الْحَرْفُ الْأَخِيرُ لِأَنَّهُ لَيْسَ سَبَبًا شَرْعِيًّا وَكَذَلِكَ تُقَدَّرُ النِّيَّةُ فِي آخِرِ الْعِبَادَاتِ وَإِنْ كَانَتْ مُتَقَدِّمَةً فِي أَوَّلِهَا فَنُعِدُّهُ نَاوِيًا فِي آخِرِهَا وَإِنْ كَانَ غَافِلًا عَنِ النِّيَّةِ حِينَئِذٍ بل كَانَت النِّيَّة سَابِقَة فر أول الْعِبَادَات: وَلَا يَكَادُ يَنْفَكُّ شَيْءٌ مِنَ الْعُقُودِ عَنِ التَّقْدِيرِ وَإِيرَادُهُ عَلَى الْمَعْدُومِ أَمَّا الْبَيْعُ فَقَدْ يُقَابِلُ الدَّيْنَ بِالدَّيْنِ إِجْمَاعًا كَبَيْعِ دِرْهَمٍ بِدِرْهَمٍ إِلَّا أَنَّهُ لَا يَتَأَخَّرُ وَالْإِجَارَةُ إِنْ قُوبِلَتْ بِمَنْفَعَةٍ كَانَا مَعْدُومَيْنِ أَوْ بِعَيْنٍ كَانَتِ الْمَنَافِعُ مَعْدُومَةً وَالسَّلَمُ وَالْقَرْضُ يَقْتَضِي عِوَضُهُ مَعْدُومًا وَالْوِكَالَةُ إِذَنْ فِي مَعْدُومٍ وَالْقِرَاضُ وَالْمُسَاقَاةُ وَالْمُزَارَعَةُ وَالْجُعَالَةُ وَالْوَقْفُ تَمْلِيكٌ لِمَعْدُومٍ تَارَةً لِمَوْجُودٍ وَتَارَةً لِمَعْدُومٍ وَالرَّهْنُ فِي دَيْنٍ مَعْدُومٍ وَقَدْ يَكُونُ دَيْنًا بِنَفْسِهِ وَالْوَصِيَّةُ تَصِحُّ بِالدَّيْنِ الْمَعْدُومِ وَالْعَوَارِيُّ تَمْلِيكٌ لِمَعْدُومٍ وَتَمْلِيكُ اللُّقَطَةِ مُقَابِلَةُ مَوْجُودٍ بِمَعْدُومٍ وَحِفْظُ الْوَدِيعَةِ الْوَاجِبُ مَعْدُومٌ

يُوجَدُ يَقِينًا مُسَاوٍ كَذَلِكَ مَنَافِعُ النِّكَاحِ وَالنَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى وَالْكَفَالَة الْتِزَام الْمَعْدُوم وَالْحوالَة بيع مَعْدُوم بِمَعْلُوم وَالصُّلْحُ لَا يَخْرُجُ عَنِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالْإِبْرَاءِ وَالْهِبَةِ وَالْعَجَبُ مِمَّنْ يَعْتَقِدُ أَنَّ الْمُعَاوَضَةَ عَلَى الْمَعْدُومِ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ مَعَ أَنَّهُ عِمَادُ الشَّرِيعَةِ وَمُعْظَمُهَا وَالْأَوَامِرُ وَالنَّوَاهِي وَالْإِبَاحَاتُ وَالْأَدْعِيَةُ وَالْوَعْدُ والوعيد والبشارة والنذرة وَالشُّرُوطُ وَأَجْوِبَتُهَا لَا تَتَعَلَّقُ جَمِيعُ هَذِهِ إِلَّا بِمَعْدُومٍ فَهَذَا التَمْهِيدُ وَهَذِهِ الْقَوَاعِدُ وَإِنْ كَانَتْ تَتَعَلَّقُ بِالدُّيُونِ فَهِيَ عَظِيمَةُ النَّفْعِ فِي أَبْوَابِ الْفِقْهِ يَحْتَاجُ إِلَيْهَا الْفَقِيهُ حَاجَةً شَدِيدَةً إِنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ مِنْ فُحُولِ الْعُلَمَاءِ وَبِسَبَبِ الْإِحَاطَةِ بِهَذِهِ الْقَوَاعِدِ تَتَّضِحُ الْمَدَارِكُ وَيَتَمَيَّزُ الصَّوَابُ فِي الْمَذَاهِبِ مِنَ الْخَطَأِ وَتَنْشَأُ الْفُرُوقُ وَالتَّرَاجِيحُ وَفِي مِثْلِ هَذِهِ الْمَوَاطِنِ يَتَمَيَّزُ الْجَذَعُ مِنَ الْقَارِحِ وَالصَّالِحُ لِضَبْطِ الْفِقْهِ مِنَ الطَّالِحِ الْقِسْمُ السَّادِس من الْكتاب: فِي مُعَاملَة العبيد وَالْعَبْدُ - عِنْدَنَا - يَمْلِكُ مِلْكًا غَيْرَ مُسْتَقِرٍّ دُونَ مِلْكِ الْحُرِّ وَإِذَا مَلَّكَهُ سَيِّدُهُ مَالًا مَلَكَ وَقَالَ (ش) و (ح) : لَا يَمْلِكُ مُطْلَقًا وَإِذا ملكه جَارِيَة جَازَ لَهُ وطوُّها عِنْدَنَا خِلَافًا لَهُمَا احْتَجَّا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْء} فَسَلَبَهُ الْقُدْرَةَ عَلَى الْعُمُومِ فَلَا يَمْلِكُ وَإِلَّا لَكَانَتْ لَهُ قُدْرَةٌ وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {ضَرَبَ لَكُمْ مثلا من أَنفسكُم هَل لكم مِمَّا ملكت أَيْمَانكُم من شُرَكَاء فِيمَا رزقناكم فَأنْتم فِيهِ سَوَاء تخافونهم} فَجَعَلَ حُكْمَ عَبِيدِنَا فِي الْمِلْكِ مَعَنَا كَحُكْمِ عَبِيدِهِ مَعَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى مُلْكٌ

وَكَذَلِكَ عَبِيدُنَا مَعَنَا وَلِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ فَلَا يَمْلِكُ كَالْبَهِيمَةِ وَلِأَنَّ الْحَرْبِيَّ يَمْلِكُ فَإِذَا رَقَّ زَالَ مُلْكُهُ وَالذِّمِّيُّ يَمْلِكُ فَإِذَا ذَهَبَ لِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ سُبي فَرُقَّ زَالَ مُلْكُهُ فَإِذَا كَانَ طَرَيَانُ الرِّقِّ يُزِيلُ الْمُلْكَ وَيَمْنَعُ اسْتَدَامَتَهُ فَأَوْلَى إِذَا قَارَنَهُ وَلِأَنَّ الْقَوْلَ بِالْمُلْكِ يَقْتَضِي التَّنَاقُضَ كَأَنْ يَأْذَنَ السَّيِّدُ لِلْعَبْدِ فِي التِّجَارَةِ وَشِرَاءِ الرَّقِيق وَالْإِذْن لَهُم فيشتري وَيَأْذَن فيشتري العَبْد الْأَسْفَل الْأَعْلَى مِنَ السَّيِّدِ فَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ رَقِيقًا لِصَاحِبِهِ فَيكون القاهر مقهوراً والأعلى أَسْفَلَ وَلِأَنَّ الْحُرَّ لَا يَمْلِكُ مِثْلَهُ فَالْعَبْدُ لَا يَمْلِكُ مِثْلَهُ تَسْوِيَةً بَيْنَ الْبَابَيْنِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: الْقَوْلُ بِالْمُوجِبِ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ (عَبْدًا) لَيْسَ صِيغَةَ عُمُومٍ فَيَقْتَضِي أَنَّ عَبْدًا مِنَ الْعَبِيدِ لَيْسَ لَهُ مُلْكٌ وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ بَلْ بَعْضُ الْأَحْرَارِ كَذَلِكَ وَثَانِيهُمَا: أَنَّهُ وَصَفَهُ بِعَدَمِ الْقُدْرَةِ فَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ لَا يَقْدِرُ لَزِمَ التَّكْرَارَ وَعَنِ الثَّانِي: الْقَوْلُ بِالْمُوجِبِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَفَى الْمُسَاوَاةَ وَهُوَ صَحِيحٌ فَإِنَّ مِلْكَ الْعَبْدِ لَا يُسَاوِي مِلْكَ الْحُرِّ أَوْ نَقُولُ وَجْهُ التَّنْظِيرِ يَقْتَضِي مِلْكَ الْعَبْدِ إِذَا مَلَكَ فَإِنَّا إِذَا مَلَّكَنَا اللَّهُ تَعَالَى مَلَكنا وَعَنِ الثَّالِثِ: الْفَرْقُ فَإِنَّ الْعَبْدَ تَعَلَّقَتْ بِهِ أَكْثَرُ أَحْكَامِ الْحُرِّيَّةِ مِنَ التَّكَالِيفِ وَغَيْرِهَا فَتَعَلَّقَ بِهِ الْمِلْكُ بِخِلَافِ الْبَهِيمَةِ وَعَنِ الرَّابِعِ: أَنَّ الْعَبْدَ إِنَّمَا يَمْلِكُ إِذَا ملَّكه السَّيِّدُ وَفِي الِاسْتِرْقَاقِ الْمَذْكُورِ لَمْ يُمَلِّكْهُ السَّيِّدُ شَيْئًا ثُمَّ نَقُولُ: لَا يَمْنَعُ ابْتِدَاءُ النِّكَاحِ وَيَمْنَعُ دَوَامَهُ إِذَا طَرَأَ عَلَيْهِ فَإِنَّ سَبْيَ الزَّوْجِ يَمْنَعُ اسْتِدَامَةَ النِّكَاحِ وَهُوَ رِقٌّ وَالرِّقُّ لَا يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ النِّكَاحِ وَكَذَلِكَ السَّبْيُ يُسْقِطُ الدَّيْنَ عَنِ الْمَسْبِيِّ مَعَ أَنَّ الرِّقَّ لَا يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ الدَّيْنِ وَعَنِ الْخَامِسِ: أَنَّ بَيْعَ السَّيِّدِ العَبْد الْأَعْلَى للأسفل

يَقْتَضِي بَقَاءَ مَالِهِ لِلْحُرِّ وَمِنْ مَالِهِ الْعَبْدِ الْأَسْفَل فَيصير الْأَسْفَل أعلا والأعلى أَسْفَلَ وَهَذَا لَا يَقْتَضِي بُطْلَانَ الْمِلْكِ كَمَنِ اسْتَأْجَرَ مَنِ اسْتَأْجَرَهُ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَطَالِبٌ لِصَاحِبِهِ بِحَقِّهِ وَعَنِ السَّادِسِ: الْفَرْقُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ: أَنَّ أَحَدَهُمَا فِيهِ الشَّبَهَانِ بِالْأَمْوَالِ مِنْ جِهَةٍ أَنَّهُ يُبَاعُ وَبِالْمَالِكَ مِنْ جِهَةٍ أَنَّهُ مُكَلَّفٌ فَأَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ يَمْلِكُ مِثْلُهُ مِثْلَهُ لِشِبْهِ الْأَمْوَالِ بِخِلَافِ الْحُرِّ فَثَمَّ يُنْتَقَضُ مَا ذَكَرْتُمْ بِالْمَنَافِعِ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْحُرَّيْنِ يَجُوزُ أَنْ يَمْلِكُ مَنَافِعَ صَاحِبِهِ بِالْإِجَارَةِ وَيَتَأَكَّدُ مَذْهَبنَا بِوُجُوه: أَحدهمَا: قَوْله تَعَالَى {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ من فَضله} فَوَصْفُهُمْ بِالْفَقْرِ يَدُلُّ عَلَى قَبُولِهِمْ لِلْغِنَى فَإِنَّهُ لَا يُقَالُ لِلْجَمَادِ: أَعْمَى وَلَا أَصَمَّ لِعَدَمِ قَبُولِهِ لِلْبَصَرِ وَالسَّمَاعِ ثُمَّ إِنَّهُمْ إِمَّا أَنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ أَوْ لَا يَكُونُوا فَقَدِ اتَّصَفُوا بِالْغِنَى وَهُوَ فَرْعُ الْمِلْكِ فَثَبَتَ أَنَّهُمْ يَمْلِكُونَ وَإِنْ كَانُوا فُقَرَاءَ فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّهُ يُغْنِيهِمْ وَخَبَرُهُ تَعَالَى صِدْقٌ فَلَا بُدَّ أَنْ يَتَّصِفُوا بِالْغِنَى وَهُوَ فَرْعُ الْمِلْكِ فَصَارَ الْمِلْكُ لَازِمًا لِلنَّقِيضَيْنِ فَيَكُونُ وَاقِعًا قَطْعًا لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِ أَحَدِ النَّقِيضَيْنِ بِالضَّرُورَةِ وَثَانِيها: قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لَهُ إِلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَهُ السَّيِّدُ) وَثَالِثُهَا: قَوْلُهُ: (مَنْ بَاعَ عبدا وَله مَال فَمَاله للْبَائِع إِلَّا أَن يَشْتَرِطه الْمُبْتَاع) وَجه قَوْله: (من بَاعَ عبدا وَله مَال فَمَاله للْبَائِع إِلَّا أَن يَشْتَرِطه الْمُبْتَاع) وَجْهُ الدَّلِيلِ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ اللَّامَ لِلْمِلْكِ عِنْدَ إِضَافَةِ الْمَالِ لِقَابِلٍ لَهُ وَهُوَ قَابِلٌ لَهُ لِأَنَّهُ مُكَلِّفٌ لِدَوَرَانِ قَبُولِ الْمُلْكِ مَعَ التَّكْلِيفِ وُجُودًا وَعَدَمًا أَمَّا

وُجُودًا فَفِي الْحُرِّ وَأَمَّا عَدَمًا فَفِي الْبَهِيمَةِ وَثَانِيهَا: أَنَّهُ اشْتَرَطَ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ لَهُ أَنْ يَبِيعَ الْعَبْدَ وَلَوْ كَانَ لَهُ قَبْلَ الْبَيْعِ لَسَقَطَ التَّعْلِيقُ وَثَالِثُهَا: لَوْ كَانَ الْعَبْدُ لَا يَمْلِكُ لَمْ يَخْتَصَّ لِتَخْصِيصِ الْبَائِعِ بِالْمِلْكِ فِي حَالَةٍ مَخْصُوصَةٍ بَلْ يَكُونُ لَهُ مُطْلَقًا الرَّابِعُ: عَلَى أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ نَقُولَ: آدَمِيٌّ قَابِلٌ لِلتَّكْلِيفِ فَيَمْلِكُ قِيَاسًا عَلَى الْحُرِّ وَخَامِسُهَا: أَنَّ الدَّيْنَ سَبَبٌ لِإِتْلَافِ أَمْوَالِ النَّاسِ فَتَعَلَّقَ بِالْمَأْذُونِ وَالدَّيْنُ لَا يَثْبُتُ إِلَّا حَيْثُ يُتَصَوَّرُ الْمِلْكُ وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ فِي الدَّيْنِ وَسَادِسُهَا: أَنَّهُ يَمْلِكُ الْأَبْضَاعَ وَهِيَ أَعْظَمُ مِنَ الْأَمْوَالِ فَوَجَبَ أَنْ يَمْلِكَهَا قِيَاسًا عَلَى الْحُرِّ وَسَابِعُهَا: أَنَّهُ يَصِحُّ مُخَالَعَتُهُ عَلَى الْأَعْوَاضِ فَوَجَبَ أَنْ يَمْلِكَهَا فِي الخُلع وَغَيْرِهِ قِيَاسًا عَلَى الْحُرِّ إِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْعَبْدَ يَمْلِكُ فَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ السَّيِّدِ بِمَالِيَّتِهِ وَمَالُهُ يَزِيدُ فِيهَا فَلَيْسَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ إِلَّا بِإِذْنِ السَّيِّدِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا أَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَة تجر فِيمَا شَاءَ فِي الْكِتَابِ: إِذَا أَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ تَجَرَ فِيمَا شَاءَ لِأَنَّ الْإِذْنَ مُطْلَقٌ وَلَزِمَ ذِمَّتَهُ مَا دَايَنَ النَّاسَ بِهِ مِنْ جَمِيعِ أَنْوَاعِ التِّجَارَاتِ لِأَنَّ النَّاسَ يَغْتَرُّونَ بِتَصَرُّفِهِ وَالْإِذْنُ فِي الصَّنْعَةِ كَالْقِصَارَةِ لَيْسَ إِذْنًا فِي التِّجَارَةِ وَلَا فِي الْمُدَايَنَةِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ: إِذَا أُذِنَ لَهُ فِي نَوْعٍ مَخْصُوصٍ وَاشْتَهَرَ ذَلِكَ وَأَعْلَنَهُ لَمْ يَلْزَمْ (مَالُهُ الدَّيْنَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ النَّوْعِ كَمَا إِذَا حُجِرَ عَلَيْهِ وَاشْتَهَرَ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْ) مَا دَايَنَ بَعْدَ الْحَجْرِ وَلَا يُعْذَرُ مَنْ جَهِلَ الْحَجْرَ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا أُذِنَ لَهُ بِالتِّجَارَةِ فِي مَالٍ وَأَمَرَهُ أَنْ لَا يُعَامِلَ إِلَّا بِالنَّقْدِ فَدَايَنَ تلعق الدّين بِمَال وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَيَّرَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ أَذِنَ لَهُ أَنْ لَا يَتَّجِرَ إِلَّا فِي الْبَزِّ فَتَجَرَ فِي غَيْرِهِ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِنْ قَصُرَ مَا فِي يَدَيْهِ عَنِ الدَّيْنِ: اسْتُحْسِنَ أَنْ يَكُونَ فِي الذِّمَّةِ

قَالَ: وَفِيهِ ضَعْفٌ قَالَ سَحْنُونٌ: إِذَا شَرَطَ لَا يجوز على سَيّده تَعَدِّيهِ قَالَ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْخِلَافُ إِذا لم يشْتَهر ذَلِكَ وَإِذَا أَفْسَدَ الْمَأْذُونُ فِي الصَّنْعَةِ لَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي أُجْرَتِهِ لِأَنَّهَا خَرَاجٌ لِلسَّيِّدِ وَكَذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ السَّيِّدُ فِي آلَةِ الْقِصَارَةِ إِن كَانَ السَّيِّد أعطَاهُ ذَلِك يَسْتَعِين بِهِ فَإِنْهَا عَارِيَّةٌ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ: مَعْنَى قَوْلِهِ فِي الْكِتَابِ: الدَّيْنُ فِي مَالِ الْمَأْذُونِ أَيْ إِذَا وُهِبَ لَهُ مَالٌ لِيُوَفَّى ذَلِكَ مِنْهُ وَأَمَّا إِنْ وُهِبَ لَهُ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا اكْتَسَبَهُ مِنْ غَيْرِ التِّجَارَةِ وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: سَوَاءٌ وُهِبَ بِشَرْطٍ أَمْ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الدَّيْنُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَالِ السَّيِّدِ وَلَا مِنْ كَسْبِ عَبْدِهِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْغَرِيمِ بِالدَّيْنِ وَالْحَطِيطَةِ لِاسْتِئْلَافِ الْقُلُوبِ لِانْدِرَاجِهِ فِي الْإِذْنِ لِلتِّجَارَةِ وَيَمْتَنِعُ غَيْرُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ ضَيَاعُ مَالِ السَّيِّدِ وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ الْكَثِيرِ الْمَالِ الْإِنْفَاقُ عَلَى وَلَدِهِ إِلَّا بِإِذن سَيّده وَيجوز إطعامه لاسئلاف وَتَمْتَنِعُ عَارِيَّتُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَقِيلَ تَجُوزُ الْعَارِيَّةُ لِلْمَكَانِ الْقَرِيبِ وَإِعْطَاءُ السَّائِلِ الْكِسْرَةَ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِ عُرْفًا قَالَ اللَّخْمِيُّ: فَإِنْ وَهَبَ أَوْ أَخَذَ الثَّمَنَ أَكْثَرَ مِنَ الْعَادَةِ رَدَّ الْجَمِيعَ وَإِذَا رَدَّ السَّيِّدُ الْهِبَةَ أَوِ الصَّدَقَةَ وَهِيَ مُعَيَّنَةٌ بَطَلَ الْعَقْدُ قُبِضَتْ أَمْ لَا وَتَكُونُ لَهُ إِذَا عَتَقَ كَانَتْ فِي يَدَيْهِ أَوْ بِيَدِ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ أَوْ قِيمَتِهَا وَإِنِ اسْتُهْلِكَتْ وَغَيْرُ الْمُعَيَّنَةِ كَقَوْلِهِ: لَكَ عِنْدِي كَذَا أَوْ فِي مَالِي أَوْ ذِمَّتِي لِلسَّيِّدِ رَدُّهَا عِنْد ابْن الْقَاسِم لِأَنَّهَا تنقصه وَخَالفهُ أَشهب لعدم التَّعْيِين لِأَنَّهُ لَا يُؤَاخذ بِهَا إِلَّا بَعْدَ الْعِتْقِ فَلَا ضَرَرَ وَلِلسَّيِّدِ بَعْدَ الْقَبْضِ الرَّدُّ اتِّفَاقًا لِتَعْيِنِهَا بِالْقَبْضِ

فَرْعٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا تَعَدَّى عَلَى وَدِيعَةٍ عِنْدَهُ وَلَا مَالَ لَهُ هَلْ تَكُونُ فِي ذِمَّتِهِ أَوْ رَقَبَتِهِ؟ وَإِذَا كَانَتْ فِي ذِمَّتِهِ فَهَلْ لِلسَّيِّدِ إِسْقَاطُهَا؟ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: ذَلِكَ لَهُ فِي الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ دُونَ الْمَأْذُونِ وَقَالَ أَشهب: إِذا كَانَ يستودع مِثْلُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ حَتَّى يَمْلِكَ نَفْسَهُ بِالْعِتْقِ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ: هِيَ مِنْ ضَمَانِهِ وَقَالَ مَالِكٌ: هِيَ جِنَايَةٌ قَالَ: وَأَمَّا الْوَدِيعَةُ إِنْ كَانَتْ عَيْنًا وَهُوَ مُؤْتَمَنٌ فَهِيَ فِي ذِمَّتِهِ لِأَنَّ لَهُ تَسَلُّفَهَا عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا أَوْ هِيَ عَرْضٌ حَسُنَ الِاخْتِلَافُ وَكَوْنُهَا فِي الذِّمَّةِ أَحْسَنُ لِأَنَّ الْمَالِكَ وَضَعَ يَدَ الْعَبْدِ مُخْتَارًا بِخِلَافِ الْمُدَّعِي إِرْسَالَ سَيِّدِهِ لَهُ وَلَوْ قَالَ: أَرْسَلَنِي فُلَانٌ لَمْ تَكُنْ فِي رَقَبَتِهِ لِإِمْكَانِ صِدْقِهِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: غَيْرُ الْمَأْذُونِ لَا يُتْبَعُ بِدَيْنٍ إِلَّا فِي ذِمَّتِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عِصْمَةُ مَالِ السَّيِّدِ فِيهِ إِلَّا أَنْ يُسْقِطَهُ عَنْهُ السَّيِّدُ أَوِ السُّلْطَانُ لِأَنَّ ذَلِكَ يَعِيبُهُ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَعِيبَ مَالَ غَيْرِهِ فَرْعٌ قَالَ: كُلُّ مَا اسْتَهْلَكَ الْمَأْذُونُ مِمَّا أَخَذَهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ مِنْ وَدِيعَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَفِي ذِمَّتِهِ لَا فِي رَقَبَتِهِ وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ فَسْخُهُ عَنْهُ لِأَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فَرْعٌ قَالَ: لِلْمَأْذُونِ بَيْعُ أُمِّ وَلَدِهِ إِنْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ وَتُبَاعُ فِيمَا عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ

لِأَنَّهَا مَالُهُ (وَلَا حُرِّيَّةَ فِيهَا وَلِأَنَّهَا قَدْ تَكُونُ حُبْلَى وَحَمْلُهَا لِلسَّيِّدِ وَالدَّيْنُ مُحَقَّقٌ وَالْوَلَدُ مَوْهُومٌ وَلَا يُبَاعُ وَلَدُهُ مِنْهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى مَالِهِ) قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ: إِذَا بِيعَتْ فِي الدَّيْنِ فَظَهَرَتْ حَامِلًا: قِيلَ: لِلسَّيِّدِ فَسْخُ الْبَيْعِ لِحَقِّهِ فِي الْحَمْلِ وَقِيلَ لَا لِأَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ صَحِيحًا وَالْفَرْقُ بَيْنَ بَيْعِ هَذِهِ وَالْمُكَاتَبِ يَبِيعُ أُمَّ وَلَدِهِ إِذَا خَافَ الْعَجْزَ وَقَدْ تَكُونُ حَامِلًا وَحَمْلُهَا مُكَاتَبٌ لَا يُشْتَرَطُ إِذْنُ السَّيِّدِ: أَنَّ خَوْفَ الْعَجْزِ كَالدَّيْنِ عَلَى الْمَأْذُون لِأَن كليهمَا حق عَلَيْهِ وَالْأمة الَّتِي يَطَأهَا الْمَأْذُونُ بِخِلَافِ الْوَلَدِ لِأَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ دُفِعَتْ لِلْإِيلَادِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا اشْتَرَى الْمَأْذُونُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ: بِيعَ فِي دَيْنِهِ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ مَالَ غُرَمَائِهِ فَرْعٌ قَالَ: لِلسَّيِّدِ ردُّ مَا وَهَبَ الْعَبْدُ وَالْمُكَاتَبُ أَوْ أُمُّ الْوَلَدِ أَوْ تَصَدَّقُوا بِهِ فَإِنِ اسْتُهْلِكَ فَالْقِيمَةُ لَهُمْ إِلَّا أَنْ يَكُونَ انْتِزَاعًا مِنْ غَيْرِ الْمُكَاتَبِ فَيَقْبِضُهَا هُوَ فَرْعٌ قَالَ: إِذَا أَذِنَ فِي التِّجَارَةِ فِي مَالٍ دَفَعَهُ لَهُ فَالدَّيْنُ فِيهِ دُونَ مَالِ الْعَبْدِ وَبَقِيَّتُهُ فِي ذِمَّتِهِ لَا فِي رَقَبَتِهِ وَلَا فِي ذِمَّةِ السَّيِّدِ لِأَنَّ الْإِذْنَ يُوجب التَّعْلِيق بِالْمَالِ والذمة لَا فِي رَقَبَتِهِ وَلَا فِي ذِمَّةِ السَّيِّدِ لِأَن الْإِذْن يُوجب التَّعْلِيق بِالْمَالِ أَو الذِّمَّة وَإِنَّمَا يتَعَلَّق بِرَقَبَة الْجِنَايَاتِ وَقَالَ (ح) : يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ لِأَنَّهُ حق كالجناية

لنا: أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَمْ يَزِدْ فِي غُرماء مُعَاذٍ عَلَى أَنْ خَلَعَ لَهُمْ مَالَهُ وَلِأَنَّهُ إِنَّمَا عُومِلَ عَلَى مَالِهِ دُونَ رَقَبَتِهِ فَلَا يُبَاعُ لِأَنَّهُ إِضْرَارٌ بِالسَّيِّدِ وَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِ فَرْعٌ قَالَ: لَا يُحَاصَّ السَّيِّدُ غُرَمَاءَ عَبْدِهِ بِمَا دُفِعَ إِلَيْهِ مِنَ الْمَالِ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ دَيْنٌ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْغُرَمَاءِ إِلَّا أَنْ يُعَامِلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَيُسْلِفَهُ أَوْ يُبَايِعَهُ بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ فَيُحَاصَّ بِذَلِكَ فِيمَا دُفِعَ إِلَيْهِ ن الْمَالِ لِلتِّجَارَةِ وَفِي مَالِ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى الْمُدَايَنَةِ كَالْغُرَمَاءِ فَإِنْ رَهَنَهُ الْعَبْدُ رَهْنًا فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ وَإِنْ بَاعَهُ سِلْعَةً بِمَا لايشبه كَثْرَةً فَالْغُرَمَاءُ أَحَقُّ مِنْهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ يحيى ابْن عُمَرَ: وَيَضْرِبُ مَعَهُمْ بِقِيمَةِ السِّلْعَةِ وَتَسْقُطُ الْمُحَابَاةُ وَإِنْ فَلَّسَ وَفِي يَدِهِ مَالٌ لِلسَّيِّدِ لَمْ يَتَّجِرْ فِيهِ فَالسَّيِّدُ أَحَقُّ بِهِ بِخِلَافِ مَا اتَّجَرَ بِهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَالِهِ كَالْبَائِعِ يَجِدُ سِلْعَتَهُ وَمَا وَهَبَ لِلْمَأْذُونِ وَقَدِ اغْتَرَقَهُ الدَّيْنُ فَلِلْغُرَمَاءِ دُونَ السَّيِّدِ لِأَنَّ إِذْنَهُ فِي التِّجَارَةِ يَتَسَلَّطُ عَلَى مَا لَا يَكُونُ مِلْكًا لَهُ وَالسَّيِّدُ أَحَقُّ بِكَسْبِهِ وَعَمَلِ يَدَيْهِ وَأَرْشِ جِرَاحِهِ وَقِيمَتِهِ إِنْ قُتِلَ لِأَنَّهُ نَاشِئٌ مِنْ عَيْنِ مَالِهِ وَإِنَّمَا يَكُونُ الدَّيْنُ فِيمَا وُهِبَ لَهُ أَوْ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَيْهِ أَوْ أَوْصَى لَهُ بِهِ فَيَقْبَلُهُ الْعَبْدُ وَقَدْ تَقَدَّمَ خِلَافُ عَبْدِ الْحَقِّ فِي الْهِبَةِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا بَاعَهُ سِلْعَةً مُعَيَّنَةً فَفَلَّسَ الْعَبْدُ فَسَيِّدُهُ أَحَقُّ بِهَا إِلَّا أَنْ يَدْفَعَ

الْغُرَمَاءُ مَالَهُ عَلَى قَاعِدَةِ التَّفْلِيسِ فَإِنْ أَسْلَمَ لَهُ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ دَنَانِيرَ فِي طَعَامٍ ثُمَّ فَلَّسَ فَهُوَ أَحَقُّ بِعَيْنِهَا مِنَ الْغُرَمَاءِ إِنْ شهد بِعَيْنِهَا بَيِّنَةٌ لَمْ تُفَارِقْهُ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ: قيل: اشْتِرَاط هَاهُنَا عدم مفارة الْبَيِّنَةِ فَلَوْ فَارَقَتْ ثُمَّ شَهِدَتْ بِأَعْيَانِهَا لَا يحكم بِأَعْيَانِهَا بِخِلَافِ مَنِ اسْتَحَقَّ دَنَانِيرَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَإِنْ غَابَ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ غَيْرُ رَاضٍ بِالدَّفْعِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِقْرَارُ الْمَأْذُونِ فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ قَبْلَ قِيَامِ غُرَمَائِهِ جَائِزٌ لِأَنَّ مَنْ صَحَّ إِنْشَاؤُهُ صَحَّ إِقْرَارُهُ وَيَجُوزُ إِقْرَارُهُ بِالدَّيْنِ عَلَى مَا بِيَدِهِ مِنَ الْمَالِ وَإِنْ حَجَرَ عَلَيْهِ سَيِّدُهُ فِيهِ مَا لَمْ يُفْلِسْ لِأَنَّ الْإِذْنَ فِي المتجر إِذَنٌ فِي الدَّيْنِ (قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ) : قِيلَ: يُرِيدُ إِذَا كَانَ بِقُرْبِ الْحَجْرِ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ دَفَعَ غَرِيمٌ لَهُ دَيْنَهُ بَعْدَ الْحَجْرِ جَاهِلًا بِالتَّحْجِيرِ لَا يُعْذَرُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ كَالدَّافِعِ لِلْوَكِيلِ بَعْدَ الْعَزْلِ جَاهِلًا بِالْعَزْلِ وَهَذَا إِذَا قَبَضَ مَالَهُ إِذَا حَجَرَ وَتَرَكَ المَال بِيَدِهِ برِئ من قَضَائِهِ جَاهِلًا لِأَنَّ بَقَاءَ الْمَالِ غُرُورٌ لِلنَّاسِ فَيُعْذَرُ الدَّافِعُ بِالْجَهْلِ وَفِي الْجَوَاهِرِ: قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: لَا يُقْبَلُ إِقْرَارُهُ بَعْدَ الحِجر مُطْلَقًا فَرْعٌ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ: إِذَا عَجَزَ الْمُكَاتَبُ وَبِيَدِهِ مَالٌ وَهُوَ قَبْلَ الْكِتَابَةِ مَأْذُونٌ لَهُ فِي التِّجَارَةِ بَقِيَ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى يَحْجُرَ عَلَيْهِ أَوْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ رَجَعَ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ وَقِيلَ: لَا يَرْجِعُ الْإِذْنُ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ أَسْقَطَتْ حُكْمَهُ فَرْعٌ قَالَ: إِذَا ادَّعَى السَّيِّدُ الثَّوْبَ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ لِفُلَانٍ يحلف على

إِن هَذَا مَال لعبدي إِن علم براءه أَوْ مِلْكَهُ إِيَّاهُ وَأَمَّا إِنْ قَالَ: هُوَ بِيَدِ عَبْدِي حَلَفَ: مَا أَعْلَمُ فِيهِ لِفُلَانٍ حَقًّا قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ: إِذَا أَعْلَنَ الْحَجْرَ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَفِي سُوقِهِ وَسَائِر الْأَسْوَاق لم يلْزمه الْإِقْرَار لامستأنفاً وَلَا قَدِيمًا إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِقِدَمِهِ وَقَالَ النُّعْمَان: يغرم فِيمَا فِي يَدَيْهِ دُونَ رَقَبَتِهِ لِأَنَّهُ مُضْطَرٌّ لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: لَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ عُهْدَةُ مَا اشْتَرَاهُ الْمَأْذُونُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِنَ الْعَهْدِ إِلَّا أَنْ يَقُولَ: أَنَا ضَامِنٌ فَيَلْزَمُ ذِمَّةَ الْعَبْدِ أَيْضًا وَيُبَاعُ الْعَبْدُ فِي ذَلِكَ إِنْ لَمْ يُوَفِّهِ السَّيِّدُ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ مِنَ الْجِنَايَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْهَا فَرْعٌ قَالَ: لَا أَرَى الْإِذْنَ لِلْعَبْدِ النَّصْرَانِيِّ فِي البيع لقَوْله تَعَالَى {وَأَخذهم الرِّبَا} فَرْعٌ قَالَ: لَا يَجُوزُ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْعَبْدِ الْإِذْنُ لِلتِّجَارَةِ دُونَ صَاحِبِهِ وَلَا قِسْمَةُ مَالِهِ إِلَّا أَنْ يَرْضَى الْآخَرُ لِأَنَّهُ يَنْقُصُ الْعَبْدَ وَمَنْ دُعِيَ إِلَى بَيْعِهِ مِنْهُمَا فَذَلِكَ لَهُ نفيا للضَّرَر إِلَّا أَن يتقاوياه بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِبَقَاءِ الْمِلْكِ مَعَ نَفْيِ

الضَّرَرِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: مَنَعَ مَالِكٌ اسْتِقْلَالَ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ بِقِسْمَةِ الْمَالِ إِذَا كَانَ بَقَاءُ الْمَالِ يَزِيدُ فِي ثَمَنِهِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ فَإِنْ زَادَ مِثْلَهُ قُدِّمَ طَالِبُ الْقِسْمَةِ لِأَنَّ الْأَصْلَ التَّصَرُّفُ فِي الْمِلْكِ مَا لَمْ يَضُرَّ بِالشَّرِيكِ فَرْعٌ قَالَ: إِذَا أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِ الْمَأْذُونِ فَادَّعَى السَّيِّدُ أَنَّ مَا بِيَدِهِ لَهُ وَقَالَ الْعَبْدُ: لِي صُدِّقَ الْعَبْدُ تَشْبِيهًا بِالْحُرِّ بِسَبَبِ الْإِذْنِ وَيُصَدَّقُ السَّيِّدُ فِي غَيْرِ الْمَأْذُونِ لِقُوَّةِ الْمِلْكِ وَالْقُدْرَةِ عَلَى الِانْتِزَاعِ فَرْعٌ قَالَ: لَا يَحْجُرُ عَلَى عَبْدٍ إِلَّا عِنْدَ السُّلْطَانِ فَيُوقِفُهُ السُّلْطَانُ لِلنَّاسِ وَيُشْهِرُهُ فِي مَجْلِسِهِ وَيَشْهَدُ عَلَى ذَلِكَ فَيَحْذَرُ النَّاسُ مُعَامَلَتَهُ وَكَذَلِكَ غَيْرُ الْعَبْدِ وَإِذَا اغْتَرَقَ الدَّيْنُ مَالَ الْمَأْذُونِ فَلِلسَّيِّدِ الْحجر عَلَيْهِ (ولاشيء للْعَبد فِي مَالِهِ إِلَّا أَنْ يَفْضُلَ عَنْ دَيْنِهِ كَالْحرِّ وَلَيْسَ للْغُرَمَاء الْحجر عَلَيْهِ بل يقومُوا عَلَيْهِ فيقاسموه كَالْحُرِّ) وَفِي الْجَوَاهِرِ: وَقِيلَ: يَكْفِي فِي الْحَجْرِ السَّيِّدُ كَمَا يَكْفِي فِي الْإِذْنِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا لَمْ تَطُلْ إِقَامَتُهُ فِيمَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ كفى السَّيِّدِ وَيَذْكُرُ ذَلِكَ عِنْدَ مَنْ يُخَالِطُهُ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنَ السُّلْطَانِ فَإِنْهُ الْحَاسِمُ لِضَرَرِ النَّاسِ فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ فِي كِتَابِ الشَّرِكَةِ: لِلْمَأْذُونِ أَنْ يَدْفَعَ مَالًا قِرَاضًا لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّنْمِيَةِ وَقَالَ سَحْنُونٌ: لَا يَدْفَعُ قِرَاضًا وَلَا يَأْخُذُهُ لِأَنَّهُ إِجَارَةٌ

وَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ إِلَّا فِي التِّجَارَةِ فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ: لَا يَنْبَغِي الْإِذْنُ لِغَيْرِ الْمَأْذُونِ ومتعاطي الرِّبَا فَإِنْ فَعَلَ وَكَانَ يَعْمَلُ بِالرِّبَا تَصَدَّقَ السَّيِّدُ بِالرِّبْحِ وَإِنْ جَهِلَ مَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ مِنَ الْفَسَادِ فِي الْبَيْعِ اسْتُحِبَّ التَّصَدُّقُ بِالرِّبْحِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الْفَسَادِ وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ وَالذِّمِّيُّ إِذَا اتّجر مَعَ الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ تَجَرَ مَعَ أَهْلِ دَيْنِهِ فأربى وتجر فِي الْخَمْرِ فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِالْفُرُوعِ فكالأول والأسوغ لِلسَّيِّدِ ذَلِكَ إِنْ تَجَرَ بِنَفْسِهِ وَإِنْ تَجَرَ لِلسَّيِّدِ فَكَتَوَلِّي السَّيِّدِ لِذَلِكَ لِأَنَّ يَدَ الْوَكِيلِ كَيَدِ الْمُوَكِّلِ فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ: إِذَا بَاعَ غَيْرُ الْمَأْذُونِ انْعَقَدَ وَوَقَفَتْ إِجَازَتُهُ عَلَى إِذْنِ السَّيِّدِ لِأَنَّهُ أَهْلٌ لِلْمُعَامَلَةِ وَإِنَّمَا مُنِعَ لِحَقِّ السَّيِّدِ وَيَجُوزُ قَبُولُهُ لِلْوَصِيَّةِ وَالْهِبَةِ دُونَ إِذْنِ سَيِّدِهِ لِعَدَمِ الضَّرَرِ وَيُخَالِعُ امْرَأَتَهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَالْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ عَلَى الْحَجْرِ وَالْمُعْتَقُ بَعْضُهُ فِي يَوْمِ سَيِّدِهِ كَذَلِكَ وَفِي يَوْمِهِ كَالْحُرِّ وَلَهُ الْبَيْعُ إِلَى أَجَلٍ بِالْمَالِ الَّذِي حَصَلَ لَهُ بِالْمُقَاسَمَةِ وَهُوَ فِي الْهِبَةِ وَالنِّكَاحِ وَالسَّفَرِ عَلَى الْحَجْرِ وَالْمُكَاتَبُ عَلَى الْإِطْلَاقِ إِلَّا فِي الْهِبَاتِ وَالصَدَقَةِ وَالنِّكَاحِ لِأَنَّهَا تُؤَدِّي إِلَى التَّعْجِيزِ وَفِي السَّفَرِ قَوْلَانِ نَظَرًا لِلْحَجْرِ أَوْ لِأَنَّهُ قد ينمي مَاله فيستعين بِهِ عَنِ الْكِتَابَةِ قَالَ: وَأَرَى أَنْ يَنْظُرَ إِلَى الْمكَاتب فِي الوثوق بِغَيْبَتِهِ وَرُجُوعِهِ قَبْلَ حُلُولِ نَجْمٍ

فَيَجُوزُ وَإِلَّا مَنَعَ فَرْعٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا أَذِنَ السَّيِّدُ لِلْعَبْدِ حَرُمَ عَلَيْهِ تَجَاوُزُ إِذْنِهِ فَإِنْ أَذِنَ فِي البَز فَاشْتَرَى غَيْرَهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالْمَالِ فَإِنْ أُشْكِلَ هَلْ أَذِنَ لَهُ فِي هَذَا أَمْ لَا؟ فَفِي كَوْنِهِ يَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ الَّذِي بِيَدِهِ قَوْلَانِ مَعَ الْفَوَاتِ وَمَعَ الْقِيَامِ لِلسَّيِّدِ رَدُّهُ وَأَلْزَمَهُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَذِنَ فِي نَوْعِ سَائِرِ الْأَنْوَاعِ لِأَنَّهُ أَقْعَدَهُ لِلنَّاسِ وَقَالَ أَيْضًا: ذَلِكَ لَيْسَ بِعُذْرٍ وَقَالَ أَيْضًا إِذَا أَذِنَ فِي النَّقْدِ فَبَاعَ بِالنَّسِيئَةِ لَا يَلْزَمُهُ وَقَالَ سَحْنُونٌ: يَلْزَمُهُ وَأَرَى إِنْ كَانَ ذَلِكَ الْعَبْدُ لَا يَقِفُ عِنْدَ الْمَأْذُونِ فِيهِ أَنْ يَلْزَمَهُ لِأَنَّهُ غَرَّ النَّاسَ فَإِنْ هَلَكَ الْمَبِيعُ بِغَيْرِ سَبَبِ الْعَبْدِ أَوْ نَقَصَ لَمْ يَلْزَمْهُ أَوْ بِسَبَبِهِ وَلَمْ يُصَوِّنْ بِهِ مَالَهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِمَا فِي يَدِهِ وَإِنْ صَوَّنَ كَانَ فِيهِ الْأَقَلُّ مِنَ الثَّمَنِ أَوِ الْقِيمَةِ فَإِنْ بَاعَهُ وَالثَّمَنُ مَوْجُودٌ فَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنَ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوِ الثَّانِي لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَتُهُ وَإِنْ ضَاعَ الثَّمَنُ لَمْ يَلْزَمْهُ الْغُرْمُ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ وَإِنْ بَاعَ بِالنَّسِيئَةِ فَتَغَيَّرَ السُّوقُ يُخير فِي الْإِجَازَةِ وَالرَّدِّ وَإِنْ نَقَصَ بِأَكْلٍ أَوْ لُبْسٍ فَلِلسَّيِّدِ الْإِجَازَةُ وَالْأَخْذُ بِالْقِيمَةِ وَإِنْ لَمْ يَنْظُرْ فِيهِ حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ فَلَهُ أَخْذُ الثَّمَنِ وَيُخْتَلَفُ هَلْ يَغْرَمُ الْعَبْدُ الْبَعْض أَو يكون فِي ر قُبَّته؟ وَلِلسَّيِّدِ قَبُولُ الْمَبِيعِ نَسِيئَةً بِالْأَقَلِّ مِنَ الثَّمَنِ أَوِ الْقِيمَةِ إِلَّا أَنْ يَرْضَى الْبَائِعُ بِأَخْذِهِ بِعَيْنِهِ الْقِسْمُ السَّابِعُ مِنَ الْكِتَابِ: فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ وَيَتَّضِحُ بِالنَّظَرِ فِيمَا يَقَعُ فِيهِ الِاخْتِلَافُ وَفِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الِاخْتِلَافِ مِنْ مُخَالِفٍ وَغَيْرِهِ النَّظَرُ الْأَوَّلُ: فِيمَا يَقَعُ فِيهِ الِاخْتِلَافُ وَهُوَ أَحَدَ عَشَرَ قِسْمًا:

الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: فِي الِاخْتِلَافِ فِي وُقُوعِ الْعَقْدِ فَيُصَدَّقُ مُنْكِرُهُ مَعَ يَمِينِهِ إِجْمَاعًا الْقِسْمُ الثَّانِي: الِاخْتِلَافُ فِي صِحَّتِهِ وَفَسَادِهِ فَفِي الْجَوَاهِرِ: مَذْهَبُ الْكِتَابِ: يُصَدَّقُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ فِي تَصَرُّفَاتِ الْمُسْلِمِينَ وَقَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ: مَا لَمْ يُؤَدِّ ذَلِكَ لِلِاخْتِلَافِ فِي الزِّيَادَةِ فِي الثَّمَنِ أَوْ نُقْصَانِهِ فَيَرْجِعُ الْحُكْمُ إِلَى الِاخْتِلَافِ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ قَالَ عَبْدُ الْحَمِيدِ وَغَيْرُهُ: لَوْ غَلَبَ الْفَسَادُ صُدِّقَ مُدَّعِيهِ الْقِسْمُ الثَّالِثُ: الِاخْتِلَافُ فِي تَعْجِيلِ الْعَقْدِ وَتَأْجِيلِهِ قَالَ سَنَدٌ: إِذَا اخْتَلَفَا فِي تَأْجِيلِ الثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِ السِّلْعَةِ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: يَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْأَصْحَابِ و (ش) كَالِاخْتِلَافِ فِي جِنْسِ الثَّمَنِ لِأَنَّ الْأَجَلَ يُوجِبُ اخْتِلَافَ الرَّغْبَةِ فِي الثَّمَنِ كَمَا يُوجِبُهُ اخْتِلَافُ الْجِنْسِ وَيُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي فِيمَا لَا يُتَّهَمُ عَلَى مِثْلِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ وَالْأَصْل عدم اسْتِحْقَاق الْحَال وَيُصَدَّقُ الْبَائِعُ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَيْضًا و (ح) وَابْنِ حَنْبَلٍ لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِمْرَارُ مِلْكِهِ عَلَى سِلْعَتِهِ إِلَّا بِمَا أَقَرَّ بِالرِّضَا بِهِ فَإِنِ اخْتَلَفَا بَعْدَ قَبْضِ السِّلْعَةِ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: يَتَحَالَفَانِ ويتفاسخان وَيصدق البَائِع وَإِن ادّعى الْمُبْتَاع أَجَلًا قَرِيبًا صُدِّقَ كُلُّهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنْ فَاتَتِ السِّلْعَةُ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: يُصَدَّقُ الْبَائِعُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ يُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي عِنْدَ مَالِكٍ لِأَنَّ الْبَائِعَ ائْتَمَنَهُ وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِنَ الْحَالِّ وَيَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فِي جَمِيعِ الْمَسْأَلَةِ يقدم البَائِع مُطلقًا وَقَالَهُ (ح) وَابْنُ حَنْبَلٍ وَيُقَدَّمُ الْمُبْتَاعُ قَالَهُ (ش) وَالتَّفْصِيلُ إِنِ اتَّفَقَا عَلَى الْأَجَلِ وَاخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا وَيَجْرِي عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ وَفِي الْكِتَابِ: إِذَا اتَّفَقَا عَلَى الْأَجَلِ دُونَ قَدْرِهِ وَلَمْ تَفُتْ حَلَفَا وَرُدَّتْ وَإِنْ فَاتَتْ بِيَدِ الْمُبْتَاع صدق مَعَ يَمِينه لِأَن البَائِع

ائمته مَعَ يَمِينِهِ فِيمَا يُشْبِهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ فَإِنِ اتَّفَقَا عَلَى قَدْرِ الْأَجَلِ وَتَنَازَعَا فِي حُلُولِهِ: صُدِّقَ الْمُبْتَاعُ مَعَ يَمِينِهِ وَكَذَلِكَ رَبُّ الدَّارِ وَالْأَجِيرُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْحُلُولِ وَفِي الْجَوَاهِرِ: الِاخْتِلَافُ فِي الْأَجَلِ كَالِاخْتِلَافِ فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ غير أَنه اعْتِيدَ الشِّرَاءُ بِالنَّقْدِ فِي بَعْضِ السِّلَعِ فَصَارَ عُرفاً فَيرجع إِلَيْهِ وَنزل بعض المتأجرين اخْتِلَافَ الْأَصْحَابِ عَلَى الْعَوَائِدِ وَقِيلَ: التَّفْرِقَةُ بَيْنَ قَرِيبِ الْأَجَلِ فَيَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ كَالِاخْتِلَافِ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ وَبَيْنَ بَعِيدِهِ فَيُصَدِّقُ الْبَائِعُ الْقِسْمُ الرَّابِعُ: الِاخْتِلَافُ فِي جِنْسِ الثَّمَنِ فَفِي الْجَوَاهِرِ: إِذَا اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ الثَّمَنِ كَالثَّوْبِ وَالشَّعِيرِ تَحَالَفَا ويتفاسخا إِذا لَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنَ الْآخَرِ الْقِسْمُ الْخَامِسُ: الِاخْتِلَافُ فِي النَّوْعِ كَالْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ فَفِي الْجَوَاهِرِ: قِيلَ: كَالْجِنْسِ وَقِيلَ كَالْقَدْرِ لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ الْقِسْمُ السَّادِسُ: الِاخْتِلَافُ فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ فَفِي الْجَوَاهِرِ أَرْبَعُ رِوَايَاتٍ: يَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ إِلَّا أَنْ يَقْبِضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ فَيُصَدَّقُ وَيَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ بَعْدَ الْقَبْضِ مَا لَمْ يَبِنْ بِالْمَبِيعِ فَيُصَدَّقُ لِأَنَّهُ ائْتَمَنَهُ وَيَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ مَا لَمْ تَفُتْ بِتَغَيُّرِ السُّوقِ أَوْ بَدَنٍ فَيُصَدَّقُ وَهِيَ رِوَايَةُ الْكِتَابِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَيَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ وَإِنْ فَاتَتْ لِأَنَّ الْقِيمَةَ تَقُومُ مَقَامَ الْعَيْنِ وَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ قِيمَةً وَبِمَذْهَبِ الْكِتَابِ قَالَ (ح) وَبِالْأَخِيرِ قَالَ (ش) وَفِي النَّسَائِيّ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (إِذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا بَيِّنَةٌ) وَفِيهِ أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَمَرَ الْبَائِعَ بِالْحَلِفِ ثُمَّ يَخْتَارُ الْمُبْتَاعُ الْأَخْذَ أَو

التّرْك وَفِي التِّرْمِذِيِّ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (إِذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي الْبَيْعِ وَالسِّلْعَةُ كَمَا هِيَ لَمْ تُسْتَهْلَكْ فَالْقَوْلُ مَا قَالَ الْبَائِعُ أَوْ يَتَرَادَّانِ الْبَيْعَ) وَالْأَوَّلُ مَقْطُوعٌ وَالثَّانِي مُرْسَلٌ وَالثَّالِثُ ضَعِيفٌ وَلِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مدعٍ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَدَّعِي عَقْدًا بِأَلْفٍ ويُدعى عَلَيْهِ عقدٌ بِمِائَةٍ وَالْمُشْتَرِي يَدَّعِي عَقْدًا بِمِائَةٍ وَيُدَّعَى عَلَيْهِ عَقْدٌ بِأَلْفٍ فَيَتَحَالَفَانِ كَمَا لَوِ ادَّعَى رَجُلٌ ثَوْبًا وَادَّعَى عَلَيْهِ فَرَسًا أَوْ لِأَنَّ الْبَائِعَ مُعْتَرِفٌ لِلْمُشْتَرِي بِالْمِلْكِ وَيَدَّعِي عَلَيْهِ زِيَادَةَ الثَّمَنِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا فَرْعٌ قَالَ الْمَازِرِيُّ: كُلُّ مَا يُؤَدِّي لِلِاخْتِلَافِ فِي الثَّمَنِ كَالْأَجَلِ وَالْحَمِيلِ وَاشْتَرَطَ الْخِيَارِ فَكَالِاخْتِلَافِ فِي الثَّمَنِ ثُمَّ يُنْظَرُ فِي مُدَّعِي الْخِيَارِ هَلْ يَمْضِي الْعَقْدُ فَلَا يَفْتَقِرُ إِلَى يَمِينٍ أَوْ يُرَدُّ فَيُخْتَلَفُ مَنْ يُصَدَّقُ مِنْهُمَا؟ فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ: دَعْوَى الْأَشْبَه مَعَ الْقرب مُعْتَبَرٌ اتِّفَاقًا وَمَعَ قِيَامِ السِّلْعَةِ فَقَوْلَانِ الْمَشْهُورُ: عَدَمُ الِاعْتِبَارِ لِلْقُدْرَةِ عَلَى رَدِّ السِّلْعَةِ وَدَفْعِ التَّغَابُنِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ: وَهَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ اخْتِلَافًا فِي حَالٍ يُعْتَبَرُ الْأَشْبَهُ إِنْ أبعد الآخر وَلَا

يعبر إِن ادّعى الآخر مَا هوممكن وَمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ وَفِي الْكِتَابِ: إِنْ أَتَيَا مَعَ الْفَوَاتِ بِمَا لَا يُشْبِهُ فَالْقِيمَةُ يَوْمَ الشِّرَاءِ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنَ الْآخَرِ بِسُقُوطِ الْعَقْدِ وَتَجِبُ الْقِيمَةُ فَرْعٌ فِي الْكتاب: الْفَوات حِوَالَة الْأَسْوَاق فأعلا وَالْمَنْع فَرْعٌ قَالَ: إِذَا اخْتَلَفَا فِي كَثْرَةِ رَأْسِ المَال الْمُسلم بَعْدَ الْعَقْدِ أَوْ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ سُوقُ الثَّوْبِ الَّذِي هُوَ الثَّمَنُ وَلَا تَغَيُّرَ تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا لِأَنَّ ثُبُوتَ السَّلَمِ فَرْعُ ثُبُوتِ الثَّمَنِ فَإِنْ تَغَيَّرَ سُوقُهُ أَوْ بَدَنُهُ صدق البَائِع لِأَنَّهُ بالتغيير صَارَ دَيْنًا عَلَيْهِ فَهُوَ غَارِمٌ فَرْعٌ قَالَ: إِذَا قَالَ: أَسْلَمْتُ هَذَا الثَّوْبَ فِي إِرْدَبٍّ وَقَالَ الْآخَرُ: بَلْ هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ لِثَوْبَيْنِ غَيْرِهِمَا وَشَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ بِالْجَمِيعِ أَخَذَ الثَّوْبَيْنِ فِي إِرْدَبَّيْنِ لِأَنَّهُمَا صفقتان وَلَو قَالَ: بَلْ هَذَا الْعَبْدُ مَعَ الثَّوْبِ قَضَى بِالْبَيِّنَةِ الزَّائِدَةِ وَيَلْزَمُهُ إِرْدَبٌّ بِهِمَا وَلَوْ قَالَ: الْعَبْدُ وَالثَّوْبُ فِي شَعِيرٍ وَشَهِدَتْ بِذَلِكَ الْبَيِّنَةُ وَشَهِدَتْ بَيِّنَةُ الْآخَرِ بِالثَّوْبِ فِي قَمْحٍ قَضَى بِأَعْدَلِهِمَا لِأَنَّهُ تَعَارُضٌ فَإِنْ تَكَافَأَتَا تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا (لِاخْتِلَافِهِمَا فِي الْجِنْسِ) قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: قَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ: مَسْأَلَةُ الثَّوْبِ فِي إِرْدَبٍّ وَالثَّوْبَيْنِ فِي إِرْدَبٍّ ذَلِكَ إِذَا كَانَا فِي مَجْلِسَيْنِ

وَإِلَّا فَهُوَ تَكَاذُبٌ وَجَوَّزَ غَيْرُهُ اتِّحَادَ الْمَجْلِسِ قَالَ سَنَدٌ: إِذَا تَقَارَرَا عَلَى اتِّحَادِ الْعَقْدِ فَالْعَبْدُ لِلْمُبْتَاعِ بِبَيِّنَةٍ وَإِنْ كَانَ الثَّوْبُ بِيَدِ الْمُبْتَاعِ فَلَا يَأْخُذُهُ الْبَائِعُ لِأَنَّهُ مِلْكُ الْمُبْتَاعِ وَإِنْ كَانَ بِيَدِ الْبَائِعِ لَمْ يُجْبَرِ الْمُبْتَاعُ عَلَى أَخْذِهِ لِأَنَّهُ كَذَّبَ الْبَيِّنَةَ وَالْبَائِعَ فِيهِ وَهُوَ لَا يَدَّعِيهِ وَحَيْثُ يَتَحَالَفَانِ يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى إِثْبَاتِ دَعْوَاهُ وَنَفْيِ دَعْوَى خَصْمِهِ الْقِسْمُ السَّابِعُ: الِاخْتِلَافُ فِي قَبْضِ الثَّمَنِ فَفِي الْجَوَاهِرِ: الْأَصْلُ عَدَمُ الْقَبْضِ فِي الثَّمَنِ وَالْمُثْمَنِ حَتَّى يَثْبُتَ الِانْتِقَالُ إِمَّا بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِعَادَةٍ مُسْتَقِرَّةٍ كَاللَّحْمِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُشْتَرَى مِنْ أَصْحَابِ الْحَوَانِيتِ فَإِذَا قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي وَبَانَ بِهِ صُدِّقَ فِي دَفْعِ الثَّمَنِ وَفِي تَصْدِيقِهِ إِذَا قيض وَلم يبين خِلَافٌ سَبَبُهُ شَهَادَةُ الْعَوَائِدِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا اخْتَلَفَا فِي دَفْعِ الثَّمَنِ بَعْدَ قَبْضِ الْمَبِيعِ والغيبة عَلَيْهِ صُدِّقُ الْبَائِعُ مَعَ يَمِينِهِ إِلَّا فِيمَا يُبَاعُ بِالنَّقْدِ كَالصَّرْفِ وَالْخُضَرِ وَالْحِنْطَةِ فَيُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ الْعَادَةُ قَالَ سَنَدٌ لَوْ كَانَ عُرْفٌ فَاسِدٌ فِي تَأْخِيرِ ثَمَنِ الصَّرْفِ يَخْرُجُ عَلَى الْخِلَافِ فِي دَعْوَى الْفَسَادِ وَالصِّحَّةُ إِنْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ وَيُرْجَعُ فِي الرَّهْنَيْنِ إِلَى الْعَادَةِ فَرْعٌ فَإِنْ كَانَ بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ مَكْتُوبٌ لَا يُصَدَّقُ عَلَى الدَّفْعِ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ الْمَشْهُودَ بِهِ لَا يُدْفَعُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ فَرْعٌ قَالَ سَنَدٌ إِذَا اخْتَلَفَا فِي قَبْضِ (الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِ) الثَّمَنِ صُدِّقَ (الْمُبْتَاعُ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَ الْقَبْضِ لِلثَّمَنِ صُدِّقَ) مَنْ

شَهِدَتْ لَهُ الْعَادَةُ مَعَ يَمِينِهِ وَإِلَّا صُدِّقَ الْمُبْتَاعُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْقَبْضِ فَإِنْ أَشْهَدَ الْمُبْتَاعُ عَلَى نَفْسِهِ بِالثَّمَنِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يضدق لِأَنَّ الْإِشْهَادَ يَتَضَمَّنُ قَبْضَ الْمَبِيعِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ الْإِشْهَادُ بِالثَّمَنِ لَا يَتَضَمَّنُ قَبْضَ الْمَبِيعِ فَرْعٌ قَالَ: إِذَا أَشْهَدَ عَلَى إِقْرَارِ الْبَائِعِ أَنَّهُ قَبَضَ الثَّمَنَ فَقَالَ: أَشْهَدْتُ لَكَ وَلم توفني: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَمِينَ عَلَى الْمُبْتَاعِ حَتَّى يَأْتِيَ بِسَبَبٍ يَدُلُّ عَلَى دَعْوَاهُ فَرْعٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا كَانَتِ الْعَادَةُ أَنَّ الدَّنَانِيرَ وَازِنَةٌ (يحسن) وَقَالَ الْبَائِعُ: لَمْ أَعْلَمِ الْعَادَةَ فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ لَمْ يُصَدَّقْ أَوْ طَارِئًا صَدق أَوْ شُك فِيهِ أُحلف: أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ وخُير الْمُشْتَرِي بَيْنَ الْقَبُولِ عَلَى الْوَازِنَةِ أَوْ يَرُدُّ وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَتِ الْعَادَةُ لِلْقِنْطَارِ عَشْرَةَ أَرْطَالٍ أَوْ مُخْتَلَفَ الْوَزْنِ الْقِسْمُ الثَّامِنُ: الِاخْتِلَافُ فِي صِفَةِ الْبَيْعِ فَفِي الْكِتَابِ: إِذَا قَالَ: شَرَطْتُ نَخْلَاتٍ يَخْتَارُهَا بِغَيْرِ عَيْنِهَا وَقَالَ الْمُبْتَاعُ: بَلْ شَرَطْتَ اخْتِيَارَهَا بِعَيْنِهَا تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا لِأَنَّهُ لَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنَ الْآخَرِ الْقِسْمُ التَّاسِعُ: الِاخْتِلَافُ فِي مِقْدَارِ الْمَبِيعِ قَالَ سَنَدٌ: جَوَّزَ فِي الْكِتَابِ: السَّلَمَ بِذِرَاعِ رَجُلٍ معِين فَإِن مَاتَ قبل أَن يَأْخُذ قِيَاسُهُ وَاخْتَلَفَا فِيهِ فَهُوَ كَمَا إِذَا اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ السَّلَمِ وَلَوْ أَسْلَمَ عَلَى عَدَدٍ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ وَلَمْ يَكُنْ ثَمَّ ذِرَاعٌ مَعْلُومٌ قَضَى بِالْوَسَطِ وَإِنْ قَالَ الْبَائِعُ: بِذِرَاعِي وَقَالَ الْمُشْتَرِي: بَلْ بِذِرَاعِي قُضِيَ بِالْوَسَطِ قَالَ أَصْبَغُ: الْقِيَاسُ: الْفَسْخُ لِعَدَمِ

الِانْضِبَاطِ وَجَوَابُهُ: أَنَّ أَهْلَ الْعُرْفِ لَا يَعُدُّونَ إِطْلَاقَ الذِّرَاعِ غَرَرًا بَلْ يَعْتَمِدُ عَلَى الْوَسَطِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا اخْتَلَفَا فِي الْعَدَدِ أَوِ الْوَزْنِ أَوِ الصِّفَةِ: صُدق الْبَائِعُ مَعَ يَمِينِهِ إِنِ ادَّعَى مَا يُشْبِهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ انْتِقَالِ مُلْكِهِ فِي الزَّائِدِ وَإِلَّا فَالْمُشْتَرِي فِيمَا يُشْبِهُ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَدَّعِي عَلَيْهِ شَغْلَ ذِمَّتِهِ بِغَيْرِ مَا اعْتَرَفَ بِهِ وَالْأَصْلُ: بَرَاءَتُهَا فَإِنِ اخْتَلَفَا فِي النَّوْعِ كَالْفَرَسِ وَالْحِمَارِ أَوِ الشَّعِيرِ والبُر تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا لِعَدَمِ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى مَا يَنْضَبِطُ وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنَ الْآخَرِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: قَوْلُهُ: فِيمَا يُشْبِهُ إِنَّمَا هُوَ فِيمَا فَاتَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْمُوَطَّأِ: (إِذَا اخْتَلَفَ المُتبايعان فَالْقَوْلُ مَا يَقُولُ رَبُّ السِّلْعَةِ) قَالَ سَنَدٌ: إِذَا اخْتَلَفَا فِي الْمِقْدَارِ دُونَ الْجِنْسِ وَالصِّفَةِ فِي السَّلَمِ قَبْلَ افْتِرَاقِهِمَا عِنْدَ الْعَقْدِ وَلَمْ يَقْبِضِ الْبَائِعُ الثَّمَنَ تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا لِأَنَّ الْبَائِعَ يَدَّعِي الثَّمَنَ وَالْمُبْتَاعَ يَدَّعِي الْمِقْدَارَ فَكِلَاهُمَا مدعٍ وَعَنْ مَالِكٍ: إِذَا قَبَضَ الثَّمَنَ وَقَرُبَ قَبْضُهُ تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا وَإِن تباعدا صُدق المسلَم إِلَيّ مَعَ يَمِينه فِيمَا يشبه فراعى زَمَانا يَذْهَبُ فِيهِ الثَّمَنُ وَأَلْحَقَ التُّونُسِيُّ الطُّولَ بِالْقِصَرِ لِأَنَّ نَقْصَ الدَّرَاهِمِ فَوْتٌ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ: إِذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَيْنًا وَاخْتَلَفَا فِي الْمِقْدَارِ فَهَلْ يُصدق الْمُسْلَمُ إِلَيْهِ إِذَا قَبَضَ الْمُثْمَنَ أَوْ غَابَ عَلَيْهِ أَوْ بَعْدَ أَنْ يطول طولا أَوْ بَعْدَ الطُّولِ الْكَثِيرِ؟ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي الْمِقْدَارِ وَأَتَيَا بِمَا لَا يُشْبِهُ وَالثَّمَنُ عَرْضٌ وَنَحْوُهُ تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا أَوْ عَيْنًا فَقَوْلَانِ: الرُّجُوعُ إِلَى الْوَسَطِ مِنْ سَلَمِ النَّاسِ لِأَنَّهُ مُعْتَادٌ فِي الْعَيْنِ بِخِلَافِ الْعَرْضِ وَيَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ قِيَاسًا عَلَى الْعُرُوضِ وَهَلْ يَكُونُ الْفَوَاتُ بِحَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ أَوِ التَّغَيُّرِ فِي

الْعَيْنِ أَمْ لَا؟ قَوْلَانِ قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ الْفَاسِدِ أَوْ يُلَاحَظُ صِحَّةُ الْعَقْدِ هَاهُنَا الْقِسْمُ الْعَاشِرُ: الِاخْتِلَافُ فِي الْمَكَانِ فَفِي الْكِتَابِ: إِذَا اخْتلفَا فِي مَكَان قبض الْمُسلم صُدق مُدَّعِي مَوْضِعِ الْعَقْدِ مَعَ يَمِينِهِ إِنِ ادَّعَى لِأَنَّهُ الْعَادَةُ وَإِلَّا صُدق الْبَائِعُ لِأَنَّ الْمَوَاضِعَ كَالْآجَالِ فَإِنْ أَتَيَا بِمَا لَا يُشْبِهُ تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا لِاسْتِوَائِهِمَا الْقِسْمُ الْحَادِي عَشَرَ: الِاخْتِلَافُ فِي دَعْوَى الْخِيَارِ وَالْبَتِّ فَفِي الْجَوَاهِرِ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يُصَدَّقُ مُدَّعِي الْبَتِّ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الْعُقُودِ وَعَنْ أَشْهَبَ: مُدَّعِي الْخِيَارِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ انْتِقَالِ الْمِلْكِ وَبَنَى الْمُتَأَخِّرُونَ هَذَا الْخِلَافَ عَلَى تَبْعِيضِ الدَّعْوَى تَنْبِيهٌ: قَالَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ: تَقْسِيمُ الِاخْتِلَافِ إِلَى هَذِهِ الْأَقْسَامِ هُوَ طَرِيقُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَمَّا غَيْرُهُمْ: فَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ: إِذَا اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ أَوِ الْمُثْمَنِ أَوِ التَّأْجِيلِ أَوِ النَّقْدِ أَوِ الْخِيَارِ فَقَالَ: لِيَ وَقَالَ الْآخَرُ: بَلْ لِيَ أَوِ اشْترط الرَّهْنَ أَوِ الْحَمِيلَ فَفِي ذَلِكَ كُلِّهِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ وَحَكَى الرِّوَايَاتِ الْمُتَقَدِّمَةَ فِي اخْتِلَافِ الثَّمَنِ إِلَّا رِوَايَةَ الْبَيْنُونَةِ مَعَ الْقَبْضِ وَوَافَقَهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو بكر وَجعلا لِأَن هَذِهِ الْأَقْسَامَ وَاحِدَةً قَوَاعِدُ: يَقَعُ التَّعَارُضُ بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ وَالْبَيِّنَتَيْنِ وَالْأَصْلَيْنِ وَالظَّاهِرَيْنِ وَالْأَصْلِ وَالظَّاهِرِ وَيَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ بِالتَّرْجِيحِ وَالتَّسْوِيَةِ فَالدَّلِيلَانِ: كَقَوْلِه تَعَالَى: {إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم} يَتَنَاوَلُ الْجَمْعَ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ فِي الْمِلْكِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَن تجمعُوا بَين الْأُخْتَيْنِ} يَقْتَضِي الْمَنْع والبنتان ظَاهِرٌ وَالْأَصْلَانِ: نَحْوَ الْعَبْدُ الْآبِقُ هَلْ تَجِبُ زَكَاة فطره أَولا؟ لِأَن الأَصْل

حيازته وَلِأَن الأَصْل بَرَاءَة الذِّمَّة وَالظَّاهِر: أَن كَانَ اخْتِلَاف الزَّوْجَيْنِ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدٌ ظَاهِرَةٌ فِي الْمِلْكِ وَكَشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ عَلَى رُؤْيَةِ الْهِلَالِ فِي الصَّحْوِ فَالظَّاهِرُ: صدقُهما لِلْعَدَالَةِ (وَالظَّاهِرُ: كَذِبُهُمَا لِعَدَمِ رُؤْيَةِ أَهْلِ الْمِصْرِ لَهُ) وَالْأَصْلُ وَالظَّاهِرُ كَالْمَقْبَرَةِ الْقَدِيمَةِ الظَّاهِرِ تَنْجِيسُهَا فَتَحْرُمُ الصَّلَاةُ فِيهَا لِلنَّجَاسَةِ وَالْأَصْلُ: عَدَمُ النَّجَاسَةِ وَكَاخْتِلَافِ الزَّوْجَيْنِ فِي النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُ هَذِهِ الْقَوَاعِدِ فِي مُقَدِّمَةِ الْكِتَابِ وَعَلَيْهَا يَتَخَرَّجُ اخْتِلَاف الْمُتَبَايعين فَإِذا اخْتلفَا فِي جنس الْمُثمن تَعَارَضَ أَصْلَانِ وَإِنْ أَتَيَا بِمَا لَا يُشْبِهُ تعَارض ظاهران: دَعْوَى الْخِيَار والبث تَعَارُضُ أَصْلٍ وَظَاهِرٍ وَتُرَدُّ الْفُرُوعُ فِي الِاخْتِلَافِ عَلَى هَذِهِ الْقَوَاعِدِ قَاعِدَةٌ: فِي ضَبْطِ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَتَّى يَتَعَيَّنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيُصَدَّقُ مَعَ يَمِينِهِ وَالْمُدَّعِي فَلَا يُصَدَّقُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْمُوَطَّأِ: (لَوْ أُعطي النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لَادَّعَى قومٌ عَلَى قَوْمٍ دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ لَكَنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَنِ ادَّعَى وَالْيَمِينَ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ) وَلَيْسَ الْمُدَّعِي هُوَ الْمَطْلُوب اتِّفَاقًا بك كُلُّ مَنْ عَضَّدَ قَوْلَهُ عُرْفٌ أَوْ أَصْلٌ فَهُوَ مُدَّعًى عَلَيْهِ وَكُلُّ مَنْ خَالَفَ قَوْلَهُ عُرْفٌ أَوْ أَصْلٌ فَهُوَ مدعٍ فَالْمُودِعُ يَقْبِضُ بِبَيِّنَةٍ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الرَّدِّ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ فَإِنِ ادَّعَى الرَّدَّ بِغَيْرِهَا فَهُوَ مُدَّعٍ وَإِنْ كَانَ مَطْلُوبًا مِنْهُ لَا طَالِبًا وَكَذَلِكَ دَعْوَى الْوَصِيِّ فِي إِنْفَاقِ الْمَالِ عَلَى خِلَافِ الْعُرْفِ وَالْأَصْلِ نَحْوَ دَعَاوِي الدُّيُونِ وَالْإِتْلَافَاتِ فَإِنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَمِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْأَصْحَابِ: المدَّعى عَلَيْهِ أَقْوَى الْمُتَدَاعِيَيْنِ سَبَبًا فَعَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَيْضًا يَتَعَيَّنُ مَنْ يُصَدَّقُ مَعَ يَمِينِهِ

مِمَّنْ لَا يُصَدَّقُ النَّظَرُ الثَّانِي: فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الِاخْتِلَافِ مِنْ تَحَالُفٍ وَغَيْرِهِ قَالَ سَنَدٌ: مَعْنَى قَوْلِهِ فِي الْكِتَابِ: يُصَدَّقُ الْبَائِعُ بَعْدَ أَنْ يَتَحَالَفَا أَيْ يَبْدَأُ بِالْيَمِينِ لِأَنَّ جَانِبَهُ أَقْوَى لِأَنَّ الْمَبِيعَ يَعُودُ إِلَيْهِ فَهُوَ كَصَاحِبِ الْيَدِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: يَبْدَأُ الْمُبْتَاعُ لِأَنَّ الثَّمَنَ مِنْ جِهَتِهِ وَهُوَ فِي جَانِبِ الثَّمَنِ أَقْوَى وَلِاعْتِرَافِ الْبَائِعِ بِالْعَقْدِ النَّاقِلِ لِلْمِلْكِ وَقِيلَ: يَتَقَارَعَانِ لِأَنَّهُمَا سَوَاءٌ وَكِلَاهُمَا يُحَامِي عَمَّا تَقَرَّرَ مِلْكُهُ عَلَيْهِ مِنَ الثَّمَنِ وَالْمُثْمَنِ فَالْبَائِعُ يَقُولُ: لَا أُخْرِجُ السِّلْعَةَ إِلَّا بِكَذَا وَالْمُشْتَرِي يَقُولُ: لَا أُخْرِجُ الثَّمَنَ قَالَ: وَلَوْ قِيلَ: يُقَدَّمُ الْمُبْتَاع فِي الْقرب فِي اخْتِلَافِهِمَا فِي جِنْسِ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ لَكَانَ حسنا وَقَالَهُ (ح) وَمنع قِيَامِهَا قَوْلُ الْبَائِعِ لِأَنَّ الْمُبْتَاعَ يَدَّعِي عَلَيْهِ اسْتِحْقَاقَ سِلْعَةٍ بِمَا لَمْ يَرْضَهُ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ مِلْكِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ فِي تَقَدُّمِ الْبَائِعِ هَلْ هُوَ أَوْلَى أَوْ وَاجِبٌ؟ خِلَافٌ يَنْبَنِي عَلَيْهِ إِذَا تَنَاكَلَا فَعَلَى الْأَوَّلِ يَثْبُتُ الْفَسْخُ كَمَا إِذَا تَحَالَفَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَعَلَى الثَّانِي: يَمْضِي الْعَقْدُ بِمَا قَالَهُ الْبَائِعُ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ: فَهَلْ لِأَحَدِهِمَا الْإِمْضَاءُ وَإِنْ كَرِهَ صَاحِبَهُ؟ قَوْلَانِ وعَلى قَول ابْن حبيب: هَل على الْمَانِع يَمِينٌ؟ قَوْلَانِ وَبِالْأَوَّلِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ وَعَلَى الثَّانِي أَكْثَرُ الْأَشْيَاخِ قَالَ سَنَدٌ: إِذَا نَكَلَا يَتَخَرَّجُ فِيهِ قَوْلٌ بِالرَّدِّ إِلَى الْوَسَطِ كَمَا قِيلَ: إِذَا أَتَيَا بِالْأَشْبَهِ وَهَاهُنَا لَمْ يأتيا بِحجَّة

فرع قَالَ: إِذا حَلَفَ أَحَدُهُمَا يَمِينًا وَاحِدَةً عَلَى النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ فَيَحْلِفُ الْبَائِعُ: مَا بَاعَ إِلَّا كَذَا وَالْمُبْتَاعُ مَا ابْتَاعَ إِلَّا كَذَا فَتَثْبُتُ دَعْوَاهُ وَتَبْطُلُ دَعْوَى خَصْمِهِ بِصِيغَةِ الْحَصْرِ لِأَنَّ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ وَاحِدٌ فَيَكْتَفِي بِيَمِينٍ وَاحِدَةٍ كَيَمِينِ الزَّوْجِ فِي اللِّعَانِ يَنْفِي عَنْهُ وَيَثْبُتُ الْحَدُّ عَلَى الْمَرْأَةِ وَقَالَهُ الشَّافِعِيَّةُ وَقَالُوا أَيْضًا يَمِينَيْنِ يَبْدَأُ بِالنَّفْيِ ثُمَّ بِالْإِثْبَاتِ لِأَنَّ يَمِينَ الْإِثْبَاتِ لَا تَكُونُ إِلَّا بَعْدَ النُّكُولِ وَيَبْدَأُ عِنْدَنَا بِالنَّفْيِ كَمَا تَقَدَّمَ وَقَالَهُ مُعْظَمُ الشَّافِعِيَّةِ وَقِيلَ بِالْإِثْبَاتِ لِأَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّفْيِ فِي آيَةِ اللِّعَانِ فَيَقُولُ فِي الْخَامِسَةِ: لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَجَوَابُهُ: أَنَّ الْأَصْلَ الْأَيْمَانِ النَّفْيُ فَيُقَدَّمُ وَإِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ إِثْبَاتًا لِلصِّدْقِ وَفِي الْجَوَاهِر: هَذَا كالحلف بِالْيَمِينِ عَلَى بُطْلَانِ دَعْوَى خَصْمِهِ وَهَلْ يَقْتَصِرُ على حَده لِأَن مَوْضُوع الْيَمين الدّفع أَو يضم إلأى ذَلِكَ تَحْقِيقَ دَعْوَاهُ لِأَنَّ أَحَدَ الْأَصْلَيْنِ يَتَضَمَّنُ الْآخَرَ لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ نُكُولِ خَصْمِهِ يَحْتَاجُ إِلَى يَمِينٍ أُخْرَى فَلَهُ الْجَمْعُ فِي يَمِينٍ وَاحِدَةٍ يُخَيِّرُهُ اللَّخْمِيُّ فِي ذَلِكَ فَرْعٌ قَالَ: وَظَاهِرُ الْكِتَابِ عَدَمُ الْفَسْخِ بِمُجَرَّدِ التَّحَالُفِ لِقَوْلِهِ: إِلَّا أَنْ يُرْضِيَ الْمُبْتَاعَ قَبْلَ بَتِّ الْحُكْمِ وَقَالَهُ (ش) و (ح) لِأَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ صَحِيحًا فَلَا يُفْسَخُ إِلَّا بِحُكْمِ الْحَاكِمِ وَقَالَ سَحْنُونٌ: يَنْفَسِخُ بِالتَّحَالُفِ لِأَنَّهُ تَحَقَّقَ الْجَهَالَةَ فِي الثَّمَنِ وَالصِّحَّةُ لَا تَثْبُتُ مَعَهَا وَجَوَابُهُ: مَا وَقع الثَّمَنُ إِلَّا صَحِيحًا لَكَنْ خَفِيَ ذَلِكَ عَلَى الْحَاكِمِ وَإِنَّمَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ بِالْجَهَالَةِ فِي نَفْسِ

العقد فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَقِيلَ: إِنْ تَرَافَعَا لِلْحَاكِمِ تَعَيَّنَ الْحُكْمُ وَإِلَّا كَفَى التَّحَالُفُ فَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى الْفَسْخ من غير حكم صِحَة فَإِنْهُمَا تَقَايَلَا وَكَذَلِكَ إِنْ تَرَاضَيَا بِقَوْلِ أَحَدِهِمَا بَعْدَ التَّحَالُفِ وَكَأَنَّهُ بَيْعٌ ثَانٍ عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ فَإِنْ رَضِيَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ التَّحَالُفِ بِمَا قَالَ الْآخَرُ: فَفِي الْكِتَابِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ الْمُبْتَاعُ بِقَوْلِ الْبَائِعِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: لِلْبَائِعِ إلزامهما بِمَا قَالَ الْمُشْتَرِي وَلَهُ الْفَسْخُ فَجَعَلَ الْبَاجِيُّ هَذَا وَغَيْرَهُ اخْتِلَافًا فِي أَيِّهِمَا لَهُ الْإِمْضَاءُ بِقَوْلِ الْآخَرِ وَجَعَلَهُ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ اتِّفَاقًا لِأَنَّ الْبَيْعَ قَائِمٌ بَيْنَهُمَا فَمَنْ شَاءَ أَمْضَاهُ قَبْلَ الْفَسْخ وَقَالَهُ الشَّافِعِيَّة فَإِن يمينهما مَا كَالْبَيِّنَتَيْنِ وَلَوْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ فَلِكِلَيْهِمَا الْإِمْضَاءُ وَوَجْهُ ظَاهر الْكتاب قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْحَدِيثِ وَالْخِيَارُ لِلْمُبْتَاعِ بَعْدَ قَوْلِ الْبَائِعِ فَرْعٌ قَالَ سَنَدٌ: إِذَا فَسَخَ الْحَاكِمُ الْعَقْدَ بَيْنَهَا انْفَسَخَ الْإِعْلَانُ بَاطِنًا كَمَا لَوْ تَقَايَلَا وَظَاهِرًا فَقَطْ فِي حَقِّ الْمَظْلُومِ وَلَهُ إِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْأَصْلَ صِحَّةُ الْعَقْدِ وَلَمْ يَرْضَ بِانْتِهَاكِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ: هَلْ يُنَفَّذُ الْفَسْخُ ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا أَوْ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا خِلَافٌ وَفَائِدَتُهُ: هَلِ الْبَيْعُ وَالْوَطْءُ عَلَى الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي؟ وَلَمْ يَحْكِ تَفْصِيلًا بَيْنَ الظَّالِمِ وَالْمَظْلُومِ ثُمَّ قَالَ: وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهَا عِوَضًا مِمَّا لَهُ عَلَيْهِ مِنَ الثَّمَنِ إِذْ لَا بُدَّ مِنَ الْمَنْعِ ذَلِكَ فَرْعٌ قَالَ سَنَدٌ: إِذَا فَسَحَ الْحَاكِمُ ثُمَّ اعْتَرَفَ أَحَدُهُمَا بِصِدْقِ الْآخَرِ لَيْسَ لَهُ

مُطَالَبَتُهُ لِأَنَّهُ طَلَبَ الْفَسْخَ وَرَضِيَ بِهِ وَإِذَا لَمْ يَفْتَرِقَا وَالْبَائِعُ ظَالِمٌ حَرُمَ عَلَيْهِ التَّصَرُّفُ فِي الْمَبِيع وَيَردهُ إِلَى الْمُبْتَاع بِالثّمن الْحق وَإِن كَانَ الْمُبْتَاع ظَالِما فقد ظَفِرَ الْبَائِعُ بِغَيْرِ جِنْسِ حَقِّهِ فَلَهُ بَيْعُهُ بِاسْتِيفَاء حَقِّهِ مِنَ الثَّمَنِ فَإِنْ نَقَصَ شَيْءٌ كَانَ فِي ذِمَّةِ الْمُبْتَاعِ أَوْ زَادَ رَدَّهُ وَقَالَ (ش) : لِلْبَائِعِ حَبْسُهُ لِأَنَّ الْمُبْتَاعَ رَضِيَ بِتَرْكِهِ لَهُ بِالثَّمَنِ الَّذِي عَلَيْهِ وَأَمَّا الْقَضَاءُ بِنُكُولِ أَحَدِهِمَا فِي اخْتِلَافِهِمَا فِي كَثْرَةِ الثَّمَنِ لِأَنَّ مِنْ قُضِيَ لَهُ يَقُولُ: أَخَذْتُ حَقِّي وَإِنْ كَانَ اخْتِلَافُهُمَا فِي الْمَبِيعِ وَقُضِيَ عَلَى الْبَائِعِ حَلَّ لَهُ الثَّمَنُ لِأَنَّ الْمُبْتَاعَ بَذَلَهُ فِيمَا أَخَذَهُ بِرِضَاهُ أَوْ عَلَى الْمُبْتَاعِ حَلَّ لَهُ الْمَبِيعَ عِنْدَ أَشْهَبَ لِأَنَّ الْبَائِعَ رَضِيَ بِتَرْكِهِ لَهُ وَقيل: بِبيعِهِ وَيَشْتَرِي بِثَمَنِهِ مَا ادَّعَاهُ لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ غَيْرُ الْمَبِيعِ فَإِنْ زَادَ عَنْهُ وَقَفَتِ الزِّيَادَةُ قَالَ: وَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَنْ تُعْرَضَ الزِّيَادَةُ عَلَى الْبَائِعِ قَالَ التُّونِسِيُّ: لَوْ قَالَ الْمُبْتَاعُ: شَعِيرًا وَقَالَ الْبَائِعُ: عَدَسًا لَمْ يَجُزْ لَهُ أَخذ الْعَدَسَ لِأَنَّهُ بِيعٌ لِلطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ لَكِنْ يُبَاعُ فَيَشْتَرِي بِثَمَنِهِ شَعِيرًا فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ وُقِفَ إِنِ ادَّعَاهُ الْبَائِعُ أَخَذَهُ وَإِلَّا تُصِدِّقَ بِهِ عَمَّنْ هُوَ لَهُ فَرْعٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذا حبس الْمَبِيع بِالثّمن: فعلى القَوْل بِأَن الْمُصِيبَةَ مِنَ الْبَائِعِ يَشْرَعُ التَّحَالُفُ وَإِنْ تَغَيَّرَ سُوقُهُ فَإِنْ حَدَثَ عَيْبٌ رَدَّهُ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ إِلَّا أَنْ يَرْضَى الْمُشْتَرِي بِالْعَيْبِ فَيَقَعُ التَّحَالُفُ كَمَا تَقَدَّمَ وَعَلَى الْقَوْلِ إِنَّ الْمُصِيبَةَ مِنَ الْمُشْتَرِي يَرُدُّ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الثَّمَنِ عَلَى مَا أَقَرَّ بِهِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: رَوْثَة الْمُتَبَايِعَيْنِ بَعْدَ مَوْتِهِمَا مَكَانَهُمَا إِنِ ادَّعَوْا مَعْرِفَةَ الثَّمَنِ فَإِنْ تَجَاهَلُوا الثَّمَنَ وَتَصَادَقُوا الْبَيْعَ حَلَفَ وَرَثَةُ الْمُبْتَاعِ: لَا يَعْلَمُونَ الثَّمَنَ ثُمَّ وَرَثَةُ

(كتاب الصلح)

الْبَائِعِ: لَا يَعْلَمُونَهُ وَتُرَدُّ السِّلْعَةُ فَإِنْ فَاتَتْ بِحِوَالَةِ سُوقٍ أَوْ تَغَيُّرِ بَدَنٍ لَزِمَتْ وَرَثَةَ الْمُبْتَاعِ قِيمَتُهَا فِي مَالِهِ وَإِنِ ادَّعَى وَرَثَةُ أَحَدِهِمَا عِلْمَ الثَّمَنِ وَجَهِلَهُ الْآخَرُونَ: صُدِّقَ الْمُدَّعِي فيا يُشْبِهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: جَهِلَ الثَّمَنَ مِنْهَا كَالْفَوْتِ وَكَذَلِكَ إِذَا جَهِلَ الْمُتَبَايِعَانِ الثَّمَنَ قَاعِدَةٌ: الْحُقُوقُ قِسْمَانِ: مَا لَا يَنْتَقِلُ بِالْمَوْتِ كَالنِّكَاحِ وَالتَّمْلِيكِ وَالتَّخْيِيرِ وَالْوَكَالَةِ وَمَا يَنْتَقِلُ كَالشُّفْعَةِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالرَّهْنِ وَضَابِطُ الْبَابَيْنِ: أَنَّ الْمُنْتَقِلَ الْأَمْوَالُ وَحُقُوقُهَا (لِأَنَّهُمْ يُؤَدُّونَ الْأَمْوَالَ وَيَرِثُونَ مَا يَتْبَعُهَا وَالْخَاصَّةُ بِيَدَيْهِ وَأَرَى أَنَّهُ لَا تَنْتَقِلُ) لِأَنَّهُمْ لَا يَرِثُونَ بَدَنَهُ وَلَا عَقْلَهُ فَائِدَةٌ: الْقَاعِدَةُ وَرِثُوا الْخَالِفَ فِي الْبَيْعِ لِأَنَّهُ مِنْ حُقُوقِ المَال وَفِي الصِّحَاح: (كتاب الصُّلْح) هُوَ اسْمٌ لَا مَصْدَرٌ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ وَالْمَصْدَرُ: الصَّلَاحُ ضِدُّ الْفَسَادِ وَالْمُصَالَحَةُ أَيْضًا وَقَدِ اصْطَلَحَا وَتَصَالَحَا وأصَّالحا مُشَدَّدُ الصَّادِ وَصَلَحَ الشَّيْءَ يَصْلُحُ صلوحاً مثل دخل دُخولاً وَصَلُحَ أَيْضًا بِضَمِّ اللَّامِ وَصِلَاحِ بِمِثْلِ فطام: اسْم مَكَّة وَالصَّلَاح والإصلاح ضد الفسد وَالْإِفْسَادِ وَأَصْلُهُ فِي الشَّرْعِ: قَوْله تَعَالَى {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاس} {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} وَفِي الْبُخَارِيِّ: (أَنَّ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ كَانَ لَهُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حَدْرَدٍ دَيْنٌ فَلَزِمَهُ فِيهِ حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا فَأَمَرَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنْ يَضَعَ الشَّطْرَ فَفَعَلَ) (وَأَتَتِ امْرَأَةُ ثَابِتِ ابْنِ شَمَّاسٍ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تَسْأَلُهُ فِي فِرَاقِ زَوْجِهَا عَلَى أَنْ تَرُدَّ مَا أخذت فَأصْلح - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَيْنَهُمَا عَلَى ذَلِكَ وَأَخَذَ الصَّدَاقَ وَأَوْقَعَ الطَّلَاقَ) فَالْآيَةُ وَالْأَحَادِيثُ تُجَوِّزُ الصُّلْحَ فِي

القسم الأول: في الصلح على الدماء

الدِّمَاءِ وَالْفُرُوجِ وَالْأَمْوَالِ وَلِأَنَّ أَحَدَ الْمُتَنَازِعَيْنِ عَلَى مُنْكَرٍ وَإِزَالَةُ الْمُنْكَرِ وَاجِبَةٌ إِجْمَاعًا تَمْهِيدٌ: قَالَ اللَّخْمِيّ: إِن تعْيين الْحَقُّ عَلَى أَحَدِهِمَا كَانَ الْحُكْمُ عَلَيْهِ لِتَعَيُّنِ الْحق وَهُوَ الْمَقْصُود وَإِن أشلك حَمَلَهُمَا عَلَى الصُّلْحِ إِنْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ وَإِلَّا وَعَظَهُمَا لِقَوْلِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ: (وَاجْتَهِدْ فِي الصُّلْحِ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ لَكَ وَجْهُ الْقَضَاءِ) وَهُوَ يَنْقَسِمُ إِلَى الصُّلْحِ فِي الدِّمَاءِ وَالصُّلْحِ فِي الْأَمْوَالِ وَنَحْوهمَا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: فِي الصُّلْحِ عَلَى الدِّمَاءِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا ادَّعَيْتَ الصُّلْحَ عَلَى دَمٍ عَمْدٍ أَوْ جِرَاحِ قِصَاصٍ عَلَى مَا قَالَ فَأَنْكَرَ الصُّلْحَ امْتَنَعَ الْقِصَاصُ لِإِقْرَارِكَ وَصُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ: عَدَمُ الصُّلْحِ قَالَ سَحْنُونٌ: مَا أعرف اليمني فِيهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: لَوِ ادَّعَى الْقَاتِلُ أَوِ الْجَارِحُ عَلَى الْوَلِيِّ الْعَفْوَ عَلَى مَالٍ أَمْ لَا أَلْزَمَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ الْيَمِينَ وَلَمْ يُلْزِمْهُ أَشْهَبُ كَدَعْوَى الْمَرْأَةِ الطَّلَاقَ وَالْفَرْقُ: أَنَّ الْمَرْأَةَ لَوْ مُكِّنَتْ مِنْ ذَلِكَ لَتَكَرَّرَتْ دَعْوَاهَا على زوجا فَيَتَضَرَّرُ بِخِلَافِ الدَّمِ لَا يَتَكَرَّرُ

فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا صَالَحَ قَاتِلُ الْخَطَأِ بِمَالٍ مُنَجَّمٍ فَدَفَعَ نَجْمًا ثُمَّ قَالَ: ظَنَنْتُ أَنَّ الدِّيَةَ تَلْزَمُنِي فَذَلِكَ لَهُ وَتُوضَعُ وَيُرَدُّ مَا أُخِذَ مِنْهُ إِنْ كَانَ يَجْهَلُ ذَلِكَ ك لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ هِيَ الْأَصْلُ فِي حَمْلِ الدِّيَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ جَمَاعَةٌ: عَلَيْهِ الْيَمِينُ وَإِن كَانَ الْمَدْفُوع قَائِما أَخذه , إِن فَاتَ وَهُوَ الطّلب لِلصُّلْحِ فَلَا شَيْءَ لَهُ كَمَنْ عَوَّضَ مِنْ صَدَقَةٍ وَقَالَ: ظَنَنْتُ ذَلِكَ يَلْزَمُنِي وَإِنْ كَانَ مَطْلُوبًا بِالصُّلْحِ رَجَعَ بِالْقِيمَةِ أَوِ الْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيِّ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: لَوْ أَقَرَّ بِقَتْلِ الْخَطَأِ بِلَا بَيِّنَةٍ فَصَالَحَ عَلَى مَالٍ قَبْلَ لُزُومِ الدِّيَةِ لِلْعَاقِلَةِ بِالْقَسَامَةِ وَظَنَّ لُزُومَ ذَلِكَ جَازَ لِأَنَّ دَفْعَ مِثْلِ هَذَا لَيْسَ عِوَضًا لِلْعُقَلَاءِ مَعَ أَنَّ مَالِكًا اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي الْإِقْرَارِ بِقَتْلِ الْخَطَأِ هَلِ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ أَوْ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِالْقَسَامَةِ؟ وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: وَهَلْ لَهُ الرُّجُوعُ؟ قَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ: يَلْزَمُهُ مَا دَفَعَ دُونَ مَا لَمْ يَدْفَعْ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُصَالِحِ عَلَى دَمِ الْخَطَأِ بِالْبَيِّنَةِ يَرْجِعُ كَمَا تَقَدَّمَ وَبَيْنَ هَذَا: الِاتِّفَاقُ هُنَاكَ عَلَى أَنَّ الدِّيَةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَالْخِلَافُ هَاهُنَا كَمَا فُرِّقَ فِي الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ بَيْنَ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ وَالْمُخْتَلَفِ فِيهِ وَلَو كَانَ عَالما فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَفِيهَا يُمْضَى الصُّلْحَانِ قَبْلَ ذَلِكَ أَمْ لَا لِأَنَّهُ قصد الْحمل من عَاقِلَتِهِ وَيَنْظُرُ فِيمَا دَفَعَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُ مَا عَلَى الْعَاقِلَةِ أَمْ لَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ: فِي كِتَابِ الدِّيَاتِ: إِذَا أَقَرَّ بِالْقَتْلِ خَطَأً لِمَنْ يُتَّهَمُ فِي إِغْنَاءِ وَلَدِهِ كَالْأَخِ وَالصَّدِيقِ لَمْ يصدق

فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: الصُّلْحُ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ وَالْجِرَاحَةِ مَعَ الْمَجْرُوحِ أَوْ أَوْلِيَائِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ لَازِمٌ كَانَ أَكْثَرَ مِنَ الدِّيَةِ أَوْ أَقَلَّ لِأَنَّ دَمَ الْعَمْدِ لَا دِيَةَ فِيهِ وَفِي النَّوَادِرِ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا قَتَلَ رَجُلٌ رَجُلَيْنِ عَمْدًا وَثَبَتَ ذَلِكَ فَصَالَحَ أَوْلِيَاءَ أَحَدِهِمَا عَلَى الدِّيَةِ فَلِلْآخَرِينَ الْقَوَدُ فَإِنِ اسْتَقَادَ وَإِلَّا رَجَعَ الْمَالُ إِلَى وَرَثَتِهِ فَرْعٌ قَالَ فِي الْكِتَابِ: تَجُوزُ مُصَالَحَةُ الْمَرِيضِ عَلَى جِرَاحَةِ الْعَمْدِ عَلَى أَقَلَّ مِنَ الدِّيَةِ وَأَرْشِ الْجِرَاحَةِ وَيَلْزَمُ بَعْدَ مَوْتِهِ إِذْ لِلْمَقْتُولِ عَمْدًا الْعَفْوُ فِي مَرَضِهِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: لَا يُصَالِحُ عَلَى الْجِرَاحِ وَالْمَوْتِ إِنْ كَانَ لَكَنْ يُصَالِحُ بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ لَا يُدْفَعُ فَإِنْ عَاشَ أَخَذَهُ وَإِلَّا فَالْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ وَالْقَتْل الْعَمْدِ لِأَنَّ الْمُصَالَحَةَ عَلَى الْمَوْتِ خَطَأٌ وَعَنْهُ: يَمْتَنِعُ الصُّلْحُ إِلَّا بَعْدَ الْبُرْءِ خَشْيَةَ السَّرَيَانِ إِلَى النَّفْسِ وَالْقَوْلَانِ فِي الْجِرَاحِ وَفِي الْكِتَابِ: إِذا صَالح من دَمٍ عَمْدٍ أَوْ جِرَاحٍ عَمْدٍ يُخَافُ مِنْهَا الْمَوْتُ عَلَى مَالٍ وَثَبَتَ الصُّلْحُ ثُمَّ أَسْقَطَهُ: امْتَنَعَ إِذَا أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَمِنْ ثُلُثِهِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا صَالَحَ قَاتِلُ الْعَمْدِ أَحَدَ الْوَلِيَّيْنِ عَلَى عِوَضٍ أَوْ عَرْضٍ فَلِلْآخَرِ مُشَارَكَتُهُ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ وَقَالَ غَيْرُهُ: إِنْ صَالَحَ مِنْ حِصَّتُهُ عَلَى أَكْثَرَ مِنَ الدِّيَةِ أَوْ عَلَى عِوَضٍ قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَلَيْسَ لِلْآخَرِ عَلَى الْقَاتِلِ إِلَّا بِحِسَابِ

الدِّيَةِ وَلَا يَدْخُلُ عَلَى الْآخَرِ لِأَنَّ دَمَ الْعَمْدِ لَيْسَ بِمَالٍ بَلْ كَعَبْدٍ بَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ بِمَا شَاءَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: الْفَرْضُ هَاهُنَا الْعَيْنُ وَالْفَرْقُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بَيْنَ الْعَبْدِ وَهَذَا: أَنَّ الْعَبْدَ لَمْ تَتَعَيَّنْ فِيهِ حِصَّةُ الشَّرِيكِ وَهَاهُنَا تَعَيَّنَ بِسَبَبِ الِانْتِقَالِ مِنَ الْقَتْلِ إِلَى الْمَالِ بِالْمُصَالَحَةِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا عَفَا أَحَدُ الِابْنَيْنِ عَلَى الدِّيَةِ فَالْتَزَمَهَا عَلَى جَمِيعِ الدَّمِ وَلَهُمَا أُخْتٌ: قَالَ أَشْهَبُ: لَهَا خُمُسُ الْمَأْخُوذِ لِأَنَّهُ حِصَّتُهَا فِي الْإِرْثِ وَلَوْ صَالَحَ عَلَى حِصَّتِهِ فَقَطْ فَلِلْأَخِ الَّذِي لَمْ يُصَالِحْ وَلِلْأُخْتِ عَلَى الْقَاتِلِ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ الدِّيَةِ يُضَمُّ إِلَى الْمُصَالَحِ بِهِ وَيُقَسَّمُ الْجَمِيعُ كَمَا تَقَدَّمَ إِنْ كَانَ صَالَحَ عَلَى حِصَّتِهِ بِخُمُسَيِ الدِّيَةِ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ غَيْرُهُ وَيَخْتَصُّ الْآخَرَانِ بِثَلَاثَةِ أَخْمَاسِ الدِّيَةِ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ الْخُمْسَ فَيَخْتَصُّ بِهِ وَلَوْ صَالَحَ عَلَى الدَّمِ كُلِّهِ بأعقل من الدِّيَة فَلهُ الخمسان من ذَلِك ويسق مَا بَقِيَ عَنِ الْقَاتِلِ وَلِلْآخَرَيْنِ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ الدِّيَةِ فِي مَالِ الْقَاتِلِ لِأَنَّ نَجْمَهُ لَا يصل إِلَيْهِمَا والمأخوذ فِي صلح دم الْعَمْدِ لِلزَّوْجَةِ وَجُمْلَةِ الْوَرَثَةِ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ مَال من مَال جِهَة موروثهم قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَإِذَا قُلْنَا بِرُجُوعِ الْأَخِ وَالْأُخْتِ عَلَى الْقَاتِلِ فَوُجِدَ عَدِيمًا: قِيلَ: يُشَارِكُ الْمُصَالِحَ فِي الْمَأْخُوذِ حَتَّى يُؤْخَذَ مِنَ الْقَاتِلِ فَيرد عله وَيَقْضِي دَيْنَ الْمَيِّتِ مِنْ دِيَّتِهِ لِأَنَّهُ بَدَّلَ عَنْ نَفْسِهِ كَمَالِهِ فَإِنْ كَانَ دَيْنُهُ مِائَةً وَلَمْ يَتْرُكْ مَالًا وَتَرَكَ آخَرَيْنِ فَعَفَا أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ شَيْءٍ جَازَ مِنْ نَصِيبِهِ وَيَرْجِعُ الْآخَرُ على الْقَاتِل بِأَرْبَع مائَة وَالْقَاتِل بِمِائَة لِأَن المعفو عَنهُ سقط فلوترك مِائَةً أُخِذَ الدَّيْنُ مِنْهَا وَمِنَ الْخَمْسِمِائَةِ بِالْحِصَصِ عَدْلًا بَيْنَ صَاحِبِ الدَّيْنِ وَبَيْنَ الْوَرَثَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ تَرَكَ مُدَبَّرًا قِيمَةَ مِائَةٍ: عَتَقَ مِنْ جُمْلَةِ السِّتِّمِائَةِ بِالْحِصَصِ وَوَرِثَا بَقِيَّةَ الْمَالِ وَأَخَذَ الَّذِي لم يعف بَقِيَّة الحصص بِمِائَة هَذَا عَلَى مَذْهَبِ عَبْدِ الْمَلِكِ الَّذِي يَرَى بِدُخُولِهِ فِيمَا عَلِمَ وَمَا لَمْ يَعْلَمْ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ تمَّ مِنْ مَالِهِ مَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَيُعْتَقُ ثُلُثُ الْمُدَبَّرِ فِي الْمِائَةِ الْمَعْلُومَةِ وَتُورَثُ الْبَقِيَّةُ وَيُعْتَقُ ثُلُثَاهُ فِي الْخَمْسِمِائَةِ وَيَأْخُذُ غَيْرُ الْعَافِي بَقِيَّتَهَا

قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَقَ بِالْمِائَةِ الْمَعْلُومَةِ ثُلُثَاهُ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ تَرَكَ الْمُدَبَّرُ قِيمَتَهُ مِائَةً وَمِائَةً فَيُعْتَقُ ثُلُثَا الْمُدَبَّرِ وَهُوَ مَا يحملهُ الثُّلُث وَيعتق الْبَاقِي من الْخمس مائَة وَيُورَثُ ثُلُثُ الْمِائَةِ الْمَتْرُوكَةِ عَيْنًا قَاعِدَةٌ: هَذِهِ الْفُرُوعُ يُحْتَاجُ فِيهَا إِلَى قَاعِدَةِ التَّقْدِيرِ وَهُوَ إِعْطَاءُ الْمَوْجُودِ حُكْمَ الْمَعْدُومِ وَالْمَعْدُومِ حُكْمَ الْمَوْجُودِ فَمِنَ الْأَوَّلِ: النَّجَاسَاتُ الْمُسْتَثْنَيَاتُ وَالْغَرَرُ وَالْجَهَالَاتُ الْمُغْتَفَرَاتُ فِي الْبِيَاعَاتِ يُقَدَّرُ وُجُودُهَا كَعَدَمِهَا وَمِنَ الثَّانِي: إِذَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَنِ الْغَيْرِ فِي كَفَّارَتِهِ فَإِنَّ التَّكْفِيرَ وَالْوَلَاءَ يَحْصُلَانِ لِلْمُعْتِقِ عَنْهُ وَذَلِكَ فَرْعُ مُلْكِهِ لِلْعَبْدِ يُقَدَّرُ مُلْكُهُ لِلْعَبْدِ قَبْلَ الْعِتْقِ بِالزَّمَنِ الْفَرْدِ وَكَذَلِكَ الدِّيَاتُ وَأَمْوَالُ الدِّمَاءِ فِي الْمُصَالَحَاتِ يُقَدَّرُ غُرْمُهَا قَبْلَ زُهُوقِ الرُّوحِ تَثْبُتُ عَلَى مِلْكِهِ حَتَّى تُورَثَ عَنْهُ وَإِلَّا فَمَا لَا يَمْلِكُهُ الْمَوْرُوثُ كَيْفَ يُورَثُ عَنْهُ؟ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا قَطَعَ جَمَاعَةٌ يَدَ رَجُلٍ عَمْدًا أَوْ جَرَحُوهُ عَمْدًا فَلَهُ صُلْحُ أَحَدِهِمْ وَكَذَلِكَ الْأَوَّلِيَاءُ فِي النَّفْسِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَجِبُ عَلَيْهِ قِصَاصٌ يَخُصُّهُ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا صَالَحَ عَلَى قَطْعِ يَدِهِ عَمْدًا ثمَّ برِئ وَمَاتَ: فَلِأَوْلِيَائِهِ الْقَسَامَةُ وَالْقَتْلُ وَرَدُّ الْمُصَالَحِ بِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ مُوَضَّحَةً خَطَأً فَلَهُمُ الْقُسَامَةُ وَالدية من الْعَاقِلَة ويردع الْجَانِي فِي مَاله لَو نَكَلَ الْأَوَّلِيَاءُ فِي الْأُولَى فَقَالَ الْجَانِي: قَدْ عَادَتِ الْجِنَايَةُ نَفْسًا فَاقْتُلُونِي وَرُدُّوا الْمَالَ امْتَنَعَ لِأَنَّ النُّفُوسَ لَا تُبَاحُ

إِلَّا بِسَبَبٍ شَرْعِيٍّ وَلَا يَكْفِي فِيهَا رِضَاهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ صَالَحَ فَقَالَ لَهُمْ ذَلِكَ وَأَرَادَ الْأَوَّلِيَاءُ قَطْعَ الْيَدِ وَلَا يُقَسِّمُونَ: فَذَلِكَ لَهُمْ لِثُبُوتِهَا بِغَيْرِ قَسَامَةٍ وَلَهُمُ الْقَسَامَةُ وَالْقَتْلُ قَاعِدَةٌ: الْحُقُوقُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: حَقٌّ لِلَّهِ فَقَطْ وَهُوَ مَا لَا يَتَمَكَّنُ الْعَبْدُ مِنْ إِسْقَاطِهِ وَحَقٌّ لِلْعَبْدِ وَهُوَ مَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إِسْقَاطِهِ وَحَقٌّ مُخْتَلَفٌ فِيهِ هَلْ هُوَ حَقٌّ لِلَّهِ أَوْ لِلْعَبْدِ؟ كَحَدِّ الْقَذْفِ وَعَلَيْهِ يَنْبَنِي قَبُولُ الْعَفْوِ فِيهِ وَحُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى أَوَامِرُهُ وَنَوَاهِيهِ وَحُقُوقُ الْعَبْدِ مَصَالِحُهُ وَمَا مِنْ حَقٍّ لِلْعَبْدِ إِلَّا وَفِيهِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَهُوَ أَمْرُ اللَّهِ تَعَالَى بِإِيصَالِ ذَلِكَ الْحَقِّ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ ثمَّ حُقُوق الْعباد قَدْ يَحْجُرُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْعَبْدِ فِيهَا لنفساستها فَتَصِيرُ حَقًّا لِلَّهِ كَبَيْعِ الرِّبَا فَإِنَّ الزِّيَادَةَ مِنْ مَالِ الْمُرَابِي وَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فِيهَا وَكَذَلِكَ السَّرَفُ وَإِفْسَادُ النُّفُوسِ وَالْأَعْضَاءِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يَمْتَنِعُ الصُّلْحُ فِي جِنَايَةِ الْعَمْدِ عَلَى ثَمَرَةٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا لِأَنَّهُ غَرَرٌ فَلَا يُجعل عِوَضًا لِلدِّمَاءِ مَعَ شَرَفِهَا فَإِنْ وَقَعَ ارْتَفَعَ الْقِصَاصُ وَقُضِيَ بِالدِّيَةِ كَالنِّكَاحِ إِذَا فَاتَ بِالْبِنَاءِ يُقْضَى بِصَدَاقِ الْمِثْلِ وَقَالَ غَيْرُهُ: يُمْضَى إِذَا وَقَعَ لِقُوَّةِ شِبْهِهِ بِالْخُلْعِ لِأَنَّ كِلَيْهِمَا فَدَاءٌ وَتَخْلِيصٌ مِنَ الضَّرَرِ فرع تَجُوزُ الْمُصَالَحَةُ عَلَى دَمِ الْعَبْدِ وَالْخُلْعِ عَلَى عبد فَإِنْ وَجَدَ عَيْبًا يُرَدُّ بِهِ فِي الْبَيْعِ رَدَّهُ وَرَجَعَ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ إِذْ لَيْسَ لِلدِّمَاءِ وَالْأَبْضَاعِ قِيمَةٌ يُرْجَعُ بِهَا

فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: لِغُرَمَاءِ جَانِي الْعَبْدِ رَدُّ مُصَالَحَتِهِ إِذَا أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ لِاسْتِحْقَاقِهِمْ إِيَّاهُ بِالدَّيْنِ سُؤَالٌ: ضَرُورَاتُ الْجَسَدِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْغُرَمَاءِ فِي الْقُوتِ وَالْكِسْوَةِ وَهَاهُنَا قُدِّمْتَ الْغُرَمَاءَ عَلَى بَقَاءِ الْجَسَدِ جَوَابُهُ: أَنَّهُ هَاهُنَا ظَالِمٌ بِالْجِنَايَةِ فَلَا يَضُرُّ الْغُرَمَاءَ بِظُلْمِهِ وَثَمَّ مَعْذُورٌ فَقَدَّمَ الْبَدَنَ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ كَالضَّرَرِ بِالْمَجَاعَةِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: تَمْتَنِعُ الْمُصَالَحَةُ عَلَى أَرْطَالِ لَحْمٍ مِنْ شَاةٍ حَيَّةٍ لِأَنَّهَا مَجْهُولَةٌ قَبْلَ السَّلْخِ قَالَ أَشهب: أكرهه فَإِن (حَبسهَا وَعَرَفَهَا) وَشَرَعَ فِي الذَّبْحِ جَازَ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: تَجُوزُ الْمُصَالَحَةُ بِشِقْصِ دَارٍ عَلَى مُوضِحَتَيْنِ عَمْدًا وَخَطَأً وَفِيهِ الشُّفْعَةُ بِدِيَةِ الْخَطَأِ وَبِنِصْفِ قِيمَةِ الشِّقْصِ (لِأَنَّ الْعَمْدَ لَا مَالِيَّةَ فِيهِ) وَقَالَ الْمَخْزُومِيُّ: إِنْ كَانَ دِيَةُ الْخَطَأِ - وَهِيَ خَمْسُونَ دِينَارًا - ثُلُثَ مَجْمُوعِ الْخُمُسَيْنِ وَقِيمَةُ الشِّقْصِ فَلْيَشْفَعْ بِالْخُمُسَيْنِ وَبِثُلُثِ قِيمَةِ الشِّقْصِ وَهَكَذَا الْجَوَابُ فِيمَا فَقل مِنَ الْأَجْزَاءِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: قِيلَ فِي تَأْوِيل ابْن

الْقَاسِمِ فِي قِسْمَةِ الشِّقْصِ عَلَيْهِمَا: إِنَّ نِصْفَ الشِّقْصِ لِلْخَطَأِ وَنِصْفَهُ لِلْعَمْدِ كَيْفَ كَانَ الْجَرْحُ أَوِ الْجِنَايَةُ اتَّفَقَا أَوِ اخْتَلَفَا وَقَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَقِيلَ: بَلْ يُعْتَبَرُ الْمَجْرُوحُونَ وَإِنَّمَا يَكُونُ نِصْفَيْنِ إِذَا اسْتَوَيَا كَالْمُوضِحَتَيْنِ أَوْ قَطْعِ يَدَيْنِ وَيُقَسَّمُ فِي الْيَدِ وَالنَّفْسِ مَثَلًا عَلَى قَدْرِ دِيَاتِهِمَا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْقَرَوِيِّينَ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: قِيلَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي مُوضِحَتَيِ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ: لَا تَكُونُ مُوضِحَةُ الْعَمْدِ نصف الشّقص بل يَأْخُذ بخمسي وَبِثُلُثَيْ قِيمَةِ الشِّقْصِ وَقِيلَ: إِنَّ الْمَجْهُولَ كُلَّهُ يُجْعَلُ لَهُ نِصْفُ الشِّقْصِ كَانَ مُوضِحَةً عَمْدًا أَو أَكثر قَالَ ابْن: بَلْ يُعْتَبَرُ الْمَجْرُوحُونَ وَإِنَّمَا يَكُونُ نِصْفَيْنِ إِذَا اسْتَوَيَا كَالْمُوضِحَتَيْنِ أَوْ قَطْعِ يَدَيْنِ وَيُقَسَّمُ فِي الْيَدِ وَالنَّفْسِ مَثَلًا عَلَى قَدْرِ دِيَاتِهِمَا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْقَرَوِيِّينَ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: قِيلَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي مُوضِحَتَيِ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ: لَا تَكُونُ مُوضِحَةُ الْعَمْدِ نِصْفَ الشِّقْصِ بَلْ يَأْخُذُ بِخَمْسِينَ وَبِثُلُثَيْ قِيمَةِ الشِّقْصِ وَقِيلَ: إِنَّ الْمَجْهُولَ كُلَّهُ يُجْعَلُ لَهُ نِصْفُ الشِّقْصِ كَانَ مُوضِحَةً عَمْدًا أَوْ أَكْثَرَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ عَنِ ابْنِ نَافِعٍ: يَأْخُذُ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ مِنْ خَمْسِينَ دِيَةُ الْخَطَأِ فَلَا يَنْقُصُ لِأَنَّهَا مُحَقَّقَةٌ لِلْمُشْتَرِي فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَزِيدَ فَالزَّائِدُ لِلْعَمْدِ الْمَجْهُولِ وَمُسْتَنَدُ الْمَخْزُومِيِّ: أَنَّ الصُّلْحَ لَوْ وَقَعَ عَلَى مُوضِحَةِ الْعَمْدِ فَقَطْ كَانَ الْأَخْذُ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ فَصَارَتْ قِيمَةُ الشِّقْصِ كَأَنَّهَا دِيَةٌ مُوَضِّحَةُ عَمْدٍ وَلَوْ دَفَعَهُ فِي مُوَضِّحَةٍ خَطَأٍ كَانَتِ الشُّفْعَةُ بِخَمْسِينَ: فَلَمَّا دَفَعَهُ عَنْهُمَا اعْتُبِرَ الْمَجْمُوعُ كَمَنْ أَوْصَى بِمَعْلُومٍ ومجهول يتخاصان فِي الثُّلُث الْمَعْلُوم بِقَدرِهِ وللمجهول بِالثُّلثِ قَالَ يحيى ابْن عُمَرَ: عَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَوْ صَالَحَهُ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَالشِّقْصِ عَنْهَا بِالْعَشَرَةِ مِنَ الْخَطَأِ يَبْقَى مِنْهَا أَرْبَعُونَ فَيَأْخُذُهُ بِأَرْبَعِينَ وَبِخَمْسَةِ أَرْبَاعِ قِيمَةِ الشِّقْصِ وَإِنْ صَالَحَ مِنْهَا عَلَى شِقْصٍ وَعرض قُسمت عَلَيْهِمَا قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَوْ قِيلَ: يَجْرِي قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنْ يُقَسَّمَ الْجَمِيعُ عَلَيْهِمَا فَيَكُونُ لِكُلِّ مُوضِحَةٍ نِصْفُ الشِّقْصِ وَخَمْسَةُ دَنَانِيرَ فَيَأْخُذُ نِصْفَهُ بِخَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ بِقِيمَةِ دِيَةِ الْخَطَأِ وَنِصْفَ الْآخَرِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الشِّقْصِ عَنِ الْعَمْدِ لِأَنَّهُ أَخَذَ مِنَ الْعَمْدِ خَمْسَةً وَنِصْفَ

القسم الثاني: الصلح على الأموال ونحوها

الشِّقْصِ وَقِيمَتُهُ مَجْهُولَةٌ فَيَأْخُذُ هَذَا النِّصْفَ الْآخَرَ بِنِصْفِ قِيمَةِ الشِّقْصِ كَانَ صَوَابًا وَعَلَى قَوْلِ يَحْيَى: لَوْ دَفَعَ مَعَ الشِّقْصِ خَمْسِينَ كَانَ قَدِ اسْتَوْفَى مُوضِحَةَ الْخَطَأِ وَتَعَيَّنَ الشِّقْصُ لِلْعَمْدِ فَيَأْخُذُهُ بِقِيمَتِهِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِينَ أَخَذَهُ بِقِيمَتِهِ أَيْضًا لِأَنَّ الزَّائِدَ لِلْعَمْدِ فَإِنْ صَالَحَ عَلَيْهِمَا بِشِقْصٍ وَعَبْدٍ قِيمَتُهُمَا سَوَاءٌ فَالْعَبْدُ مُوَزَّعٌ عَلَيْهَا بِنصْف دِيَةِ الْخَطَأِ وَبِنِصْفِ قِيمَةِ الشِّقْصِ لِأَنَّهُ دَفَعَ الشِّقْصَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ دِيَةِ الْخَطَأِ وَثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ دِيَةِ الْعَمْدِ وَلَوْ كَانَ الْمَجْرُوحُ دَافَعَ الْعَبْدَ وَهُمَا خَطَأٌ أَخَذَ الشِّقْصَ بِدِيَتِهِمَا وَقِيمَةَ الْعَبْدِ أَوْ عَمْدًا اجْتَهَدَ فِي ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ ثُلُثَ ذَلِكَ أُخِذَ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ وَثُلُثَيْ قِيمَةِ الشِّقْصِ وَعَلَى هَذَا إِنْ كَانَ أقل أَو أَكثر وعَلى قَول المَخْزُومِي: تحلم قِيمَةُ الْعَبْدِ عَلَى قِيمَةِ الشِّقْصِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ مِنَ الْجَمِيعِ الثُّلُثَ أَخَذَ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ وَبِثُلُثَيْ قِيمَةِ الشِّقْصِ ثُمَّ يَعْمَلُ عَلَى هَذَا وَعَلَى ابْنِ نَافِعٍ: يَأْخُذُ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ مَا لَمْ تَنْقُصْ عَنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَإِنْ كَانَت إحدهما عمدا وَالْأُخْرَى خطأ: فعلى قَول المَخْزُومِي: عمل دِيَةِ الْخَطَأِ وَقِيمَةِ الشِّقْصِ وَيُعْمَلُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ: يَأْخُذُ بِقِيمَةِ الشّقص مَا لم ينقص عَن خُمسي دِيَة الْخَطَأ وَعَن قيمَة العَبْد الْقسم الثَّانِي: الصُّلْح على الْأَمْوَال وَنَحْوِهَا تَمْهِيدٌ: الصُّلْحُ فِيهَا دَائِرٌ بَيْنَ خَمْسَةِ أُمُور: البيع إِن كَانَت المعوضة فِيهِ عَنْ أَعْيَانٍ وَالصَّرْفُ إِنْ كَانَ أَحَدُ النَّقْدَيْنِ عَنِ الْآخَرِ وَالْإِجَارَةُ إِنْ كَانَتْ عَنْ مَنَافِعَ وَدَفْعُ الْخُصُومَةِ إِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَالْإِحْسَانُ وَهُوَ مَا يُعْطِيهِ الْمُصَالِحُ مِنْ غَيْرِ الْجَانِي فَمَتَى تَعَيَّنَ أَحَدُ هَذِهِ الْأَبْوَاب وروعيت فِيهِ شُرُوطه لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (الصُّلْحُ جائزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا صُلحاً

أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا) فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: تَجُوزُ الْمُصَالَحَةُ عَلَى عَدَمِ رَدِّ الْعَبْدِ الْقَائِمِ الْمَعِيبِ وَرَدِّ بَعْضِ الثَّمَنِ لِأَنَّ الْعَبْدَ يَبْقَى بِبَاقِيهِ وَيَجُوزُ تَأْخِيرُ بَقِيَّةِ الثَّمَنِ بِغَيْرِ شَرْطٍ وَإِلَّا امْتَنَعَ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ فَإِنْ صَالَحَكَ عَلَى دَفْعِ دَرَاهِمَ إِلَى أَجَلٍ وَالثَّمَنُ دَنَانِير امْتنع لِأَنَّهُ عبد نقد وَدَرَاهِمَ مُؤَجَّلَةٍ بِدَنَانِيرَ مُعَجَّلَةٍ فَهُوَ صَرْفٌ مُسْتَأْخِرٌ وَيَجُوزُ عَلَى دَرَاهِمَ نَقْدًا إِنْ كَانَتْ أَقَلَّ صَرْفِ دِينَارٍ لِأَنَّهُ صَرْفٌ وَبَيْعٌ يَجُوزُ فِي مِثْلِ هَذَا فَقَطْ وَجَوَّزَهُ أَشْهَبُ فِي أَكْثَرَ فَإِنْ فَاتَ الْعَبْدُ جَازَ بِالنَّقْدَيْنِ وَالْعُرُوضِ نَقْدًا بَعْدَ مَعْرِفَتِكُمَا بِقِيمَةِ الْعَيْبِ لِتَقَرُّرِ الْبَيْعِ فِي الْهَالِكِ وَعَلَى دَنَانِيرَ مُؤَجَّلَةٍ مِثْلِ حِصَّةِ الْعَيْبِ مِنَ الثَّمَنِ أَوْ أَقَلَّ وَإِلَّا امْتَنَعَ لِأَنَّهُ تَأْخِيرٌ بِزِيَادَةٍ وَعَلَى دَرَاهِمَ أَوْ عَرْضٍ مُؤَجِّلَةٍ وَالثَّمَنُ دَنَانِيرُ يَمْتَنِعُ لِأَنَّهُ فَسَخَ حِصَّةَ الْعَيْبِ فِي ذَلِكَ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: وَعَنْ مَالِكٍ: الْجَوَازُ بِالْعُرُوضِ وَالنَّقْدِ وَإِنْ جَهِلَا قِيمَةَ الْعَيْبِ لِأَنَّ الْمُصَالَحَةَ عَلَى الْمَجْهُولِ جَائِزَةٌ وَيَجُوزُ - إِذَا عَلِمَا - بِدَنَانِيرَ مِنْ غَيْرِ سِكَّةِ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ مُبَادَلَةٌ وَتَجْوِيزُ أَشْهَبَ فِي أَكْثَرَ مِنْ صَرْفِ دِينَارٍ هُوَ عَلَى تَجْوِيزِهِ الصَّرْفَ وَالْبَيْعَ وَهَذَا الصُّلْحُ لِدَفْعِ الْخُصُومَةِ لَا مُعَاوَضَةٌ مُحَقَّقَةٌ وَقِيلَ هَذَا الْخِلَافُ مَا لَمْ يَقُلْ رَدَدْتُ وَإِلَّا امْتَنَعَ عَلَى قَوْلِهِمَا لِتَحَقُّقِ الْمُعَاوَضَةِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ تَجْوِيزُهُ فِي أَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ الصُّلْحَ عَلَى رَدِّ الْبَعْضِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الْمَرْدُودَ مِنْ سِكَّةِ الثَّمَنِ وَإِلَّا امْتَنَعَ لِأَنَّهُ عَرْضٌ وَذَهَبٌ بِذَهَبٍ قَالَ وَيَنْبَغِي إِذَا مَنَعْنَا التَّأْجِيلَ بِشَرْطٍ فَأُسْقِطَ الْأَقَلُّ قَبْلَ

اقْتِرَافِهِمَا جَازَ وَيَمْتَنِعُ بَعْدَ هَذَا الِافْتِرَاقِ لِأَنَّ الْمُؤَجَّلَ كَسَلَفٍ غِيبَ عَلَيْهِ وَالسُّلَفُ إِذَا غِيبَ لَمْ يُفد إِسْقَاطُهُ لِأَنَّ الرِّبَا قَدْ تمَّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَيَجُوزُ عَلَى الْعَرْضِ نَقْدًا نَقَدَتِ الدَّنَانِيرُ أَمْ لَا وَإِلَى أَجَلٍ وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْهُ وَلَا يُؤَخِّرُهُ إِلَّا مَثَلَ مَا يُؤَخِّرُ ثَمَنَ السلَم وَإِنْ نُقِدَتِ الدَّنَانِيرُ امْتَنَعَ لِأَنَّ وُجُودَ الْعَيْبِ يُوجِبُ الرَّدَّ وَيَصِيرُ الثَّمَنُ دَيْنًا فَهُوَ دَيْنٌ بَدَيْنٍ قَالَ أَصْبَغُ: إِنْ لَمْ يَقْبِضِ الثَّمَنَ حَتَّى فَاتَ الْعَيْبُ: جَازَ إِسْقَاطُ أَيِّ شَيْءٍ اتَّفَقَا عَلَيْهِ مِنَ الثَّمَنِ عُلم الْعَيْبُ أَمْ لَا قَالَ: وَالصَّوَابُ: الْمَنْعُ إِذَا جُهِلَتِ الْقِيمَةُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فِيهِ غَرَرٌ فَإِنْ عَلِمْتَ جَازَ لِأَنَّ الْأَقَلَّ مُسَامَحَةٌ وَالْأَكْثَرَ مِنَةٌ وَالْمُسَاوِيَ حُقٌّ وَيَجُوزُ دَفْعُ دَرَاهِمَ عَلَى أَن يرد لَهُ الدنانيربعد معرفَة قيمَة البيع قَلَّتِ الدَّرَاهِمُ أَوْ كَثُرَتْ لِأَنَّهُ صَرْفُ مَا فِي الذِّمَّةِ وَإِنْ جُهِلَتِ الْقِيمَةُ امْتَنَعَ لِلْغَرَرِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا هَلَكَتْ وَجَهِلْتَ قِيمَةَ الْعَيْبِ جَازَ عَلَى مَا يَرَى أَنَّهُ أَقَلُّ بِكَثِيرٍ أَوْ أَكْثَرُ بِكَثِيرٍ لِلْخُرُوجِ عَنْ حَيِّزِ الْمُكَايَسَةِ وعَلى غير المسكة يَمْتَنِعُ لِذَرِيعَةِ الْفَسَادِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ أَوْ أَدْنَى سِكَّةً أَوْ أَجْوَدَ مِثْلَ الْوَزْنِ إِذَا كَثُرَ بِخِلَافِ الْأَدْنَى سِكَّةً وَالْأَكْثَرِ وَزْنًا أَوْ أَجْوَدَ أَوْ أَدْنَى وَزْنًا لِظُهُورِ سَبَبِ الْمُكَايَسَةِ وَعَلَى دَنَانِيرَ وَالثَّمَنُ دَنَانِيرُ قَبْلَ مَعْرِفَةِ الْعَيْبِ وَاسْتِوَاءِ السِّكَّةِ وَالْوَزْنِ أَوِ الْمُؤَخَّرُ أَدْنَى سِكَّةً أَوْ وَزْنًا لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ بِتَأْخِيرِ الْأَدْنَى أَوْ أَجْوَدُ امْتَنَعَ اسْتَوَى الْوَزْنُ أَمْ لَا لِأَنَّ التَّأْخِيرَ لِلْجَوْدَةِ

فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: يَمْتَنِعُ فِي الصُّلْحِ مَا يَمْتَنِعُ فِي الْبَيْعِ كَمُصَالَحَةِ مُنْكِرِ الْمَالِ عَلَى سُكْنَى أَوْ خِدْمَةٍ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ أَوْ قَمْحٍ مِنْ شَعِيرٍ مُؤَجَّلٍ لِأَنَّهُ نسأ فِي الطَّعَامِ فَإِنْ فَاتَ فَالْقِيمَةُ أَوِ الْمِثْلُ كَالْبَيْعِ وَيُنَفَّذُ إِنْ وَقَعَ بِالْمَكْرُوهِ وَلَوْ أَدْرَكَ بِحِدْثَانِهِ قَالَهُ مُطَرِّفٌ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: يُفْسَخُ بِالْحِدْثَانِ وَيُنَفَّذُ مَعَ الطُّولِ وَنَفَّذَ أَصْبَغُ الْحَرَامَ وَلَو بالحدثان لِأَنَّهُ كَالْهِبَةِ وَكَذَلِكَ لَو صاغ بِشِقْصٍ لَا شُفْعَةَ فِيهِ كَالْهِبَةِ وَهَذَا فِي ظَاهِرِ الْحُكْمِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى يَحْرُمُ مَا يَحْرُمُ فِي الْبَيْعِ وَقَالَ غَيْرُ أَصْبُغَ: فِي الشِّقْصِ الشُّفْعَةُ فَرْعٌ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: الصُّلْحُ مُعَاوَضَةٌ عَلَى دَعْوَى وَيَجُوزُ عَلَى الْإِقْرَارِ وَالْإِنْكَارِ وَالسُّكُوتِ وَقِيلَ: يَمْتَنِعُ فِي الْإِنْكَارِ فَأَمَّا الْإِقْرَارُ وَحْدَهُ أَوِ الْإِقْرَارُ وَالْإِنْكَارُ كَمَنِ اعْتَرَفَ بِبَعْض الْحق وكالبيع فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ وَأَمَّا الْإِنْكَارُ الْمَحْضُ فَأَصْلُ ملك: اعْتِبَارُ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: مَا يَجُوزُ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي وَمَعَ إِنْكَارِ الْمُنْكِرِ وَعَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ فِيمَا اصْطَلَحَا وَأَصْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ: اعْتِبَارُ الصُّلْحِ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى انْفِرَادِهِ وَلَا عِبْرَةَ بِمَا يُوجِبُهُ الْحُكْمُ وَالسُّكُوتُ كَالْإِقْرَارِ عِنْدَهُمَا فَإِنْ تَوَقَّعَ الْفَسَادَ فِي حَقِّ أَحَدِهِمَا كَمَنْ يَدَّعِي عَشْرَةَ دَرَاهِمَ فَيُنْكِرُهُ فَيُصَالِحُهُ بِمِائَةٍ إِلَى أَجَلٍ: فَفِي حَقِّ الطَّالِبِ يَمْتَنِعُ وَالْمَطْلُوبُ يَقُولُ: افْتَدَيْتُ بِالْمِائَةِ مِنَ الْيَمِينِ فَيَفْسَخُهُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ لِتَضَمُّنِهِ الْفَسَادَ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ وَيُمْضِيهِ أَصْبَغُ لِأَنَّ الْحَرَامَ فِي الْعُقُودِ لَا بُدَّ مِنَ الشَّرِكَةِ فِيهِ

فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: طَوْقُ ذَهَبٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ مُحَمَّدِيَّةٍ نَقْدًا يُصَالِحُ عَلَى عَيْبِهِ بِدَنَانِيرَ نَقْدًا أَوْ مِائَةِ دِرْهَمٍ مُحَمَّدِيَّةٍ مِنْ سِكَّةِ الثَّمَنِ نَقْدًا يَجُوزُ كَأَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ بِمَا دُونَ الْمَدْفُوعِ وَيَمْتَنِعُ إِلَى أَجَلٍ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ مِنَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ وَيَمْتَنِعُ عَلَى يَزِيدِيَّةٍ أَوْ تِبْرٍ وَفِضَّةٍ لِأَنَّهُ بِيعُ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ بِفِضَّةٍ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: عَارَضَ بَعْضُهُمُ الطَّوْقَ بِمَسْأَلَةِ الْخَلْخَالَيْنِ فِي كِتَابِ الصَّرْفِ لِاشْتِرَاطِهِ هُنَاكَ حُضُورَ الْخَلْخَالَيْنِ وَلَمْ يُشْتَرَطْ ذَلِكَ فِي الطَّوْقِ وَفَرَّقَ بِأَنَّ الدَّنَانِيرَ لَا تَتَعَيَّنُ فَكَأَنَّهُ بَاعَهُ مِنْهُ بِمَا يَتَرَتَّبُ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ حِينَ عَقَدَ الصّرْف من دِينَار سَالم والطوق الْحُضُورِ صَرْفٌ مُسْتَأْخِرٌ كَصَرْفِ الْمَوْدُوعِ مِنَ الْمُودَعِ وَالطَّوْقُ فِي ضَمَانِ مُشْتَرِيهِ فَتَقْدِيرُ صَرْفِهِمَا الْآنَ كَصَرْفِ الْمَغْصُوبِ أَوِ الدَّيْنِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ:: جَوَّزَ أَشْهَبُ الْمُصَالَحَةَ عَلَى غَيْرِ سِكَّةِ الثَّمَنِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَنْعُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ لَا أَصْلُ العقد وَقَالَ سَحْنُون: هِيَ مَسْأَلَة سوء لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ فِيهَا بِشَيْءٍ كَدِينَارٍ صَرَفَهُ فَوَجَدَهُ مَعِيبًا فَإِمَّا يَرْضَاهُ أَوْ يَرُدُّهُ لِأَنَّ الطَّوْقَ عين مستجدة كالدنيار فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: التَّرِكَةُ دَنَانِيرُ وَدَرَاهِمُ حَاضِرَةٌ وَعُرُوضٌ حَاضِرَةٌ وَغَائِبَةٌ فَصَالَحَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ الْآخَرَ عَلَى دَرَاهِمَ مِنَ التَّرِكَةِ جَازَ إِنْ كَانَتْ قدر إرثهما من الدَّرَاهِم بِأَقَلّ وَإِلَّا امْتَنَعَ لِأَنَّهُ بَيْعُ عُرُوضٍ حَاضِرَةٍ وَغَائِبَةٍ وَدَنَانِيرَ بِدَرَاهِمَ نَقْدًا فَإِنْ صَالَحَ عَلَى دَنَانِيرَ وَدَرَاهِمَ مِنْ غَيْرِ التَّرِكَةِ امْتَنَعَ قلَّت أَمْ كَثُرَتْ لِأَنَّهُ صَرْفٌ وَبَيْعٌ أَوْ عَلَى عُرُوضٍ مِنْ غَيْرِ التَّرِكَةِ نَقْدًا جَازَ بَعْدَ مَعْرِفَتِهِمَا بِتَفَاصِيلِ التَّرِكَةِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فَإِنْ كَانَتِ التَّرِكَةُ كلهَا حَاضِرَة دَرَاهِم ودنانير أَو عرُوض لَيْسَ فِيهَا دَيْنٌ وَلَا غَائِبٌ جَازَ عَلَى دَنَانِيرَ مِنَ التَّرِكَةِ إِذَا كَانَتِ الدَّرَاهِمُ قَلِيلَةً لَا

يُلَاحَظُ فِيهَا الصَّرْفُ فَيَجْتَمِعُ الصَّرْفُ وَالْبَيْعُ وَإِنْ تَرَكَ دَرَاهِمَ وَعُرُوضًا جَازَ عَلَى دَنَانِيرَ مِنْ مِائَةٍ إِنْ كَانَتِ الدَّرَاهِمُ أَقَلَّ مِنْ صَرْفِ دِينَارٍ وَلَيْسَ فِي التَّرِكَةِ دَيْنُ التَّرِكَةِ لِأَنَّهُ ذهب وسلعة بِذَهَب مَتى كَانَ فِيهَا دَيْنٌ مِنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ امْتَنَعَ بِأَحَدِهِمَا مِنْ غَيْرِ التَّرِكَةِ نَقْدًا لِأَنَّهُ نَسِيئَةٌ فِي أَحَدِهِمَا وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ حَيَوَانًا أَوْ عُرُوضًا مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ طَعَامٍ مِنْ قَرْضٍ لَا مِنْ سلَم جَازَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَحَدِ النَّقْدَيْنِ يُعَجِّلُهَا مِنْ عِنْدِهِ إِذا كَانَ الْغُرَمَاء حضرا مُقِرِّينَ وَوَصَفَ ذَلِكَ كُلَّهُ وَإِنْ تَرَكَ دَنَانِيرَ حَاضِرَةً وَعُرُوضًا وَدَيْنًا مِنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ أَوْ طَعَام مِنْ سَلَمٍ جَازَ عَلَى دَنَانِيرَ مِنَ التَّرِكَةِ نَقْدًا إِنْ كَانَ قَدْرَ مِيرَاثِ الْأَخْذِ مِنَ الدَّنَانِيرِ فَأَقَلَّ وَإِلَّا امْتَنَعَ لِأَنَّهُ أَخَذَ غَيْرَ مَا اسْتَحَقَّ وَالْأَكْثَرُ يَدْخُلُهُ الْبَيْعُ وَالصَّرْفُ وَيَمْتَنِعُ مِنْ غَيْرِ التَّرِكَةِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ صَرْفٌ وَبَيْعٌ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: قَوْلُهُ: إِذَا كَانَتْ دَنَانِيرُ وَدَرَاهِمُ وَعُرُوضًا بِغَيْرِ دَيْنٍ جَازَ عَلَى دَنَانِيرَ فِي مَنِ الْمِيرَاثِ إِذَا كَانَتِ الدَّرَاهِمُ قَلِيلَةً مَعْنَاهُ: أَنَّ الذَّهَبَ الْمَأْخُوذَ أَكْثَرُ مِنْ مِيرَاثِ الْأَخْذِ مِنَ الذَّهَبِ نَحْوَ كَوْنِ الذَّهَبِ ثَمَانِينَ فَصَالَحَ الْوَلَدُ الزَّوْجَةَ عَلَى عِشْرِينَ فَهَاهُنَا يُشْتَرَطُ قِلَّةُ الدَّرَاهِمِ فَلَوْ أَعْطَى عَشْرَةً لَمْ يُبال قَلَّتِ الدَّرَاهِمُ أَمْ لَا كَانَ فِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ أَمْ لَا لِأَنَّهَا أَخَذَتْ مَا تَسْتَحِقُّهُ مِنَ الذَّهَبِ وَوَهَبَتْ غَيْرَهُ وَسَوَاءٌ كَانَتِ الْعِشْرُونَ جُمْلَةَ ذَهَبِ التَّرِكَةِ أَمْ لَا هَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَغَيْرِهِ وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ: إِنَّمَا ذَلِكَ إِذَا لَمْ يَبْقَ مِنَ التَّرِكَةِ سِوَى الَّذِي صُولِحَتْ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا صالحها بِعرْض لابد أَنْ يَكُونَ مُخَالِفًا لِعَرْضِ الدَّيْنِ وَأَجَازَ أَشْهَبُ بِدَنَانِيرَ قَدْرَ حِصَّتِهَا مِنْ عَيْنِ التَّرِكَةِ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ عِوَضَهَا مِنَ التَّرِكَةِ وَهُوَ ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ فسخ دين النَّصِيب مِنَ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْعُرُوضِ بِدَنَانِيرَ قَالَ مُحَمَّدٌ: لَوْ تَرَكَ دَرَاهِمَ وَعُرُوضًا جَازَ عَلَى دَنَانِيرَ مِنْ غَيْرِ التَّرِكَةِ إِنْ كَانَتْ حِصَّةُ الْآخِذِ مِنَ الدَّرَاهِمِ أَقَلَّ مِنْ صَرْفِ دِينَارٍ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ قَالَ

اللَّخْمِيّ: يجوز على عرُوض التَّرِكَة دَرَاهِمُ وَعُرُوضٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ غَائِبًا لِأَنَّهُ بيع لحصة الْأَخْذ بالقض وَكَذَلِكَ قَرِيبُ الْغَيْبَةِ حَيْثُ يَجُوزُ النَّقْدُ فِي الْغَائِبِ وَإِنْ كَانَ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ وَقَدَّمَ مَا يَنُوبُ الْحَاضِرَ خَاصَّةً وَوَقَفَ حِصَّةَ الْغَائِبِ جَازَ فَإِنْ كَانَ الْغَائِبُ أَقَلَّ الصَّفْقَةِ: قِيلَ: يَجُوزُ وَيَقْبِضُ جَمِيعَ الْعُرُوضِ وَإِنْ هَلَكَ الْغَائِبُ قَبَضَ مَا يَنُوبُهُ مِنَ الْعَرْضِ وَقِيلَ: يَمْتَنِعُ لِأَنَّ الْغَائِبَ يُضَمِّنُ بِالْقِيمَةِ فَإِنْ كَانَ الْغَائِبُ جُلَّ الصَّفْقَةِ امْتَنَعَ نَقْدُ الْعَرْضِ وَمَا يَنُوبُ الْحَاضِرُ مِنْهُ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ عَيْبٌ وَاسْتِحْقَاقَ الْجُلِّ عَيْبٌ فَإِنْ تَرَكَ دُيُونًا حَالَّةً أَوْ مُؤَجَّلَةً فَصُولِحَ بِغَيْرِهَا بِمِثْلِ مَا يَنُوبُ الْأَخْذَ مِنَ الدُّيُونِ سافاً عَلَى أَنَّهُمْ إِنْ لَمْ يَأْخُذُوا مِنَ الْغُرَمَاءِ شَيْئًا رَجَعُوا عَلَى الْآخِذِ جَازَ وَإِنْ كَانَ لِيُحِيلَهُمْ عَلَى الْغُرَمَاءِ امْتَنَعَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْحِوَالَةِ: إِنَّهَا بَيْعٌ وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ وَجَعَلَ الْحِوَالَةُ مَعْرُوفًا فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: تَمْتَنِعُ مُصَالَحَةُ الشَّرِيكِ شَرِيكَهُ بِدَنَانِيرَ عَلَى (دَنَانِيرَ) وَدَرَاهِمَ وَفُلُوسٍ وَعُرُوضٍ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ صَرْفُ مَا فِي الذِّمَّةِ وَبَيْعٌ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: قِيلَ: مَعْنَاهُ: أَنَّ الدَّرَاهِمَ أَكْثَرُ مِنْ صَرْفِ الدَّنَانِيرِ وَلَوْ كَانَتْ أَقَلَّ جَازَ قَالَ مُحَمَّدٌ: لَيْسَ فِيهَا دَنَانِير سوى لَا ذَلِكَ وَتَأَوَّلَهَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَلَى أَنَّهُ أَخَذَ مِنَ الدَّنَانِيرِ أَكْثَرَ مِنْ (حَظِّهِ وَفِيهَا مِنَ الدَّرَاهِمِ أَكْثَرُ مِنْ) صَرْفِ دِينَارٍ كَمَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ: أَنَّ الدَّنَانِيرَ مِنْ مَالِ الْمُعْطَى دون الشّركَة سَوَاءٌ حِينَئِذٍ كَانَتِ الدَّرَاهِمُ قَلِيلَةً أَوْ كَثِيرَةً

فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا صَالَحَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ ثُمَّ قَدَمَ وَارِثٌ آخَرُ فَالصُّلْحُ مَاضٍ وَيَأْخُذُ حَقَّهُ مِنْهُمْ أَجْمَعَ فَإِنْ كَانَ السُّدُسُ أَخَذَ سُدُسَ مَا بِيَدِ كُلِّ وَاحِدٍ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ: قَالَ اللَّخْمِيُّ: يُرِيدُ ابْنُ الْقَاسِمِ: يُمْضَى الصُّلْحُ إِذَا أَجَازَهُ الْقَادِمُ وَإِلَّا نُقِضَ وَأَخَذَتِ الزَّوْجَةُ ثُمُنَهَا إِنْ كَانَتِ الْمُصَالِحَةُ وَأَخَذَ الْقَادِمُ رُبُعَ الْبَاقِي وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ: يَأْخُذُ الْقَادِمُ رُبُعَ مَا بِيَدِ الزَّوْجَةِ إِلَّا ثُمن رُبُعٍ وَهُوَ مَا يَنُوبُهَا مِمَّا يَأْخُذُهُ مِنْهَا وَيَأْخُذُ مِنْ إِخْوَتِهِ رُبُعَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ بَعْدَ ثُمُنِ الزَّوْجَةِ مِنْهُ وَتَرْجِعُ عَلَى الَّذِينَ صَالَحُوهَا بِتَمَامِ ثُمنها إِنْ كَانُوا مُعْتَرِفِينَ بِأَنَّهَا زَوْجَةٌ إِلَّا إِنْ أَجَازَ الْقَادِمُ الصُّلْحَ رَجَعَ عَلَى إِخْوَتِهِ بِرُبُعِ جَمِيعِ مَا فِي أَيْدِيهِمْ إِنْ كَانَ رَابِعًا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا فَإِنْ أَنْكَرَ مِثْلَهُمْ: فَإِنْ ثَبَتَ عَدَمُ زَوْجِيَّتِهَا أَخَذَ رُبُعًا كَامِلًا مِنْ يَدِهَا (وَأَيْدِيهِمْ وَهَذَا إِذَا قَالُوا: طَلَّقَكَ أَوْ نِكَاحُكَ فَاسِدٌ فَإِنْ قَالَ: لم تَكُونِي امْرَأَتي: انْتَزَعَ مَا فِي يَدِهَا) مِنْ نَصِيبِهِ إِلَّا أَنْ تُثْبِتَ الزَّوْجِيَّةَ أَوْ يَكُونَ سَمَاعًا فَاشِيًا فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: من ترك جَارِيَة حَامِلا وَامْرَأَة تمْتَنع مُصَالَحَةُ الْمَرْأَةِ لِأَنَّهَا لَا تَدْرِي أَلَهَا الرُّبُعُ أَوِ الثُّمُنُ إِذَا وَضَعَتِ الْجَارِيَةَ؟ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ الصُّلْحُ عَلَى الْإِنْكَارِ وَقَالَهُ (ح) وَمَنَعَهُ (ش) لِأَنَّهُ أَكْلُ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَنْ مَالٍ لِعَدَمِ ثُبُوتِهِ وَلَا عَنِ الْيَمين وَإِلَّا لجازت إِقَامَة الْبَيِّنَة وَبعد وَلَجَازَ أَخْذُ الْعَقَارِ بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّهُ انْتَقَلَ بِغَيْرِ مَال وَلَا

عَنِ الْخُصُومَةِ وَإِلَّا جَازَ فِي النِّكَاحِ وَالْقَذْفِ لِأَنَّهُ عَاوَضَ عَنْ مِلْكِهِ فَيَمْتَنِعُ كَشِرَاءِ مَالِهِ مِنْ وَكِيلِهِ وَلِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ فَلَا تَصِحُّ مَعَ الْجَهْلِ كَالْبَيْعِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّهُ أَخَذَ الْمَالَ بِحَقٍّ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ ثُبُوتِهِ عَدَمُهُ نَعَمْ مَنْ عَلِمَ أَنَّهُ عَلَى بَاطِلٍ حُرِّمَ عَلَيْهِ وَأَمَّا إِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بَعْدَهُ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ: يَتَخَرَّجُ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَنْ حَلَّفَ خَصْمَهُ وَلَهُ بَيِّنَةٌ فَلَهُ إِقَامَتُهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِم من الْعذر وَعند أَشهب مُطلقًا وَأَمَّا الْقَذْفُ: فَلَا مَدْخَلَ لِلْمَالِ فِيهِ وَلَا يَجُوزُ فِيهِ الصُّلْحُ مَعَ الْإِقْرَارِ فَكَذَلِكَ الْإِنْكَارُ وَيَلْتَزِمُ الْجَوَازَ فِي النِّكَاحِ نَقَلَهُ أَبُو الْوَلِيدِ: عَنْ أَصْحَابِنَا إِذَا أَنْكَرَتِ الْمَرْأَةُ الزَّوْجِيَّةَ لِأَنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ يُوجِبُ عَلَيْهَا الْيَمِينَ فَتَفْتَدِي يَمِينَهَا وَتَلْتَزِمُ الشُّفْعَةَ وَعَنِ الثَّانِي: أَنَّ الْفَرْقَ بِأَنَّهُ مَعَ وَكِيلِهِ مُتَمَكِّنٌ مِنْ مَالِهِ بِخِلَافِ صُورَةِ النِّزَاعِ يَقَعُ الصُّلْحُ لِدَرْءِ مَفْسَدَةِ الْخُصُومَةِ وَعَنِ الثَّالِثِ: أَنَّ الضَّرُورَةَ تَدْعُو لِلْجَهْلِ هَاهُنَا قَالَ أَبُو الْوَلِيد: لَو ادعِي عَلَيْهِ من جِهَة موروث الصُّلْح فِيهِ مَعَ الْجَهْل وَالْعجب أَن الشَّافِعِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَافَقَنَا أَنَّ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَدْخُلَ دَارَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِاللَّيْلِ وَيَأْخُذَ قَدْرَ حَقِّهِ فَكَيْفَ يُمنع مَعَ الْمُوَافَقَةِ مِنَ الْخَصْمِ عَلَى الْأَخْذِ ثُمَّ يَتَأَكَّدُ قَوْلُنَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَصْلحُوا ذَات بَيْنكُم} وَغَيْرِهِ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ لِأَنَّا أَجْمَعْنَا عَلَى بَذْلِ الْمَالِ بِغَيْرِ حَقٍّ فِي فِدَاءِ الْأُسَارَى وَالْمُخَالَعَةِ وَالظَّلَمَةِ وَالْمُحَارِبِينَ وَالشُّعَرَاءِ فَكَذَلِكَ هَاهُنَا لِدَرْءِ الْخُصُومَةِ وَلِأَنَّهُ قَاطِعٌ لِلْمُطَالَبَةِ فَيَكُونُ مَعَ الْإِنْكَارِ كَالْإِبْرَاءِ أَوْ يَجُوزُ مَعَ عَدَمِ الْمَالِ مِنَ الْجِهَتَيْنِ كَالصُّلْحِ عَلَى دَمِ الْعَمْدِ أَوْ لِأَنَّهُ تَصِحُّ هِبَتُهُ مَعَ الْإِنْكَارِ فَيَصِحُّ الصُّلْحُ عَلَيْهِ قِيَاسا عَلَيْهَا

فِي الْكِتَابِ: تَجُوزُ الْمُصَالَحَةُ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ حَالَة عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ حَالَّةٍ عَلَى خَمْسِينَ إِلَى أجل لِأَنَّك حططته وأخذته وَعَلَى ذَهَبٍ وَعَرْضٍ فِي الْحَالِّ وَإِنْ كَانَ مُقِرًّا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ مُنْكِرًا قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: اشْتَرَطَ مَالِكٌ الْإِقْرَارَ حَتَّى يَتَعَيَّنَ الْمَعْرُوفُ بِالتَّأْخِيرِ إِذْ مَعَ الْإِنْكَارِ يكون التَّأْخِير سلفا لَيْلًا يَحْلِفَ الْمُنْكِرُ فَيَذْهَبَ الْحَقُّ وَتُرَدَّ الْيَمِينُ عَلَيْهِ وَابْنُ الْقَاسِمِ يَنْظُرُ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَا يَلْتَفِتُ إِلَى مَا يُوجِبُهُ الْحُكْمُ فَالْمُنْكِرُ يَقُولُ: افْتَدَيْتُ مِنَ الْيَمِينِ وَالطَّالِبُ يَقُولُ: أَخَذْتُ بَعْضَ حَقِّي وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: يُفْسَخُ بِالْقُرْبِ فَمَالِكٌ يُرَاعِي الشُّرُوطَ الثَّلَاثَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ وَابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يَعْتَبِرُ إِلَّا اثْنَيْنِ وَيُلْغَى مَا يُوجِبُهُ الْحُكْمُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: لَو قَالَ: اخزن سَنَةً وَأُقِرُّ لَكَ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ سَلَفٌ لِلنَّفْعِ وَقِيلَ: إِنْ وَقَعَ بَطَلَ التَّأْخِيرُ وَثَبَتَ الْحَقُّ وَقِيلَ: يَسْقُطُ التَّأْخِيرُ وَالْحَقُّ وَتَرْجِعُ الْخُصُومَةُ لِأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ بَلْ وَعَدَ بِالْإِقْرَارِ وَعَنْ مَالِكٍ: إِذا قَامَ شَاهد فَقَالَ: أَسْقِطْ عَنِّي الْيَمِينَ وَأُؤَخِّرَكَ سَنَةً يَمْتَنِعُ لِأَنَّهُ سَلَفٌ لِلنَّفْعِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا صَالَحَهُ عَلَى ثَوْبٍ بِشَرْطِ أَنْ يصبغه أَو عبد فَيكون الْخِيَار فِي ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ يَمْتَنِعُ لِأَنَّهُ كَفَسْخِ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَقِيلَ: يَجُوزُ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا صَالَحَ عَلَى إِنْكَارٍ ثُمَّ أَقَرَّ أَوْ وَجَدَ بَيِّنَة: أَن كَانَ عَالما بِبَيِّنَة لَا قِيَامَ لَهُ بِهَا وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَتْ غَائِبَةً فَخَافَ فَوْتَهَا أَوْ عَدِمَ الْغَرِيمَ لِأَنَّهُ اسقط حَقه مِنْهَا قَالَ ان يُونُسَ: قَالَ سَحْنُونٌ: إِذَا أَقَرَّ بَعْدَ الصُّلْحِ خير الطَّالِب فِي الْمسك بِالصُّلْحِ أوردهُ وَأخذ الْمقر بِهِ قَالَ: وَلِهَذَا تَفْسِير لقَوْل ابْن الْقَاسِم وَعَن ابْن الْقسم: إِذا كَانَت بَيِّنَة بَعِيدَةَ الْغَيْبَةِ وَأَشْهَدَ أَنَّهُ إِنَّمَا

يُصَالِحُ نَقْدًا وَيَمْتَنِعُ التَّأْخِيرُ لِمَا تَقَدَّمَ وَيُدْخِلُهُ فِي الْعَرْضِ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ فَإِنْ زَادَ الْبَائِعُ عَرْضًا أَوْ عَبْدًا نَقْدًا وَلَمْ يَفُتِ الْعَبْدَ جَازَ لِأَنَّهُمَا فِي نَفَقَةٍ وَاسْتَغْنَى فَزَادَهُ وَتَمْتَنِعُ زِيَارَة الْبَائِعِ دَرَاهِمَ نَقْدًا لِأَنَّهُ سَلَفٌ مِنْهُ أَوْ دَنَانِيرَ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ عَبْدٌ وَذَهَبٌ بِفِضَّةٍ إِلَى أَجَلٍ وَكَذَلِكَ كَانَ الْمَبِيعُ بِدَنَانِيرَ مُؤَجَّلَةٍ ثُمَّ يَزِيدُهُ دَرَاهِمَ نَقْدًا فَإِنَّ الْعَبْدَ بِعِتْقٍ أَوْ تدبيراً أَو موت وَالثمن دَرَاهِم امْتنع زِيَارَة الْبَائِعِ دَرَاهِمَ نَقْدًا لِأَنَّهَا سَلَفٌ يَرُدُّهُ الْمُبْتَاعُ عِنْدَ الْأَجَلِ بَلْ يَضَعُ عَنْهُ حِصَّةَ الْعَيْبِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: قَوْلُهُ: دَنَانِيرُ وَدَرَاهِمُ مُشْكِلٌ لِوُقُوعِ الدَّنَانِيرِ عَلَى الْكَثِيرِ فَهُوَ صَرْفٌ وَبَيْعٌ إِنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ ذَهَبًا فَذَهَبٌ وَعَبْدٌ بِذَهَب فَقيل مغنى ذَلِكَ إِنْ كَانَ الْبَيْعُ بِذَهَبٍ يَكُونُ الصُّلْحُ بِذَهَب على أَن يسْقط عَنهُ من الذَّهَب ذَلِكَ وَيَقْتَاصَّهُ وَإِنْ كَانَ دَرَاهِمَ فَتَكُونُ أَقَلَّ مِنْ صَرْفِ دِينَارٍ وَقِيلَ: بَلِ الْكَلَامُ عَلَى التَّفْصِيلِ إِنْ كَانَ ذَهَبًا فَيُرَدُّ ذَهَبًا أَوْ دَرَاهِمَ فَدَرَاهِمَ وَيُحْتَمَلُ إِنْ أَرَادَ بِذِكْرِ الدَّنَانِيرِ الذَّهَبَ مِنْ غَيْرِ كَثْرَةٍ فَإِنْ كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَرْدُودِ ذَهَبًا أَقَلَّ مِنْ دِينَارٍ جَازَ وَإِن كَانَ رَأس المَال فضَّة فَإِن رد الدَّرَاهِمَ فَعَلَى الْمُقَاصَّةِ وَإِنْ كَانَتْ كَثِيرَةً وَإِنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ ذَهَبًا فَإِنْ رَدَّ ذَهَبًا فعلى الْمُقَاصَّة وَإِن كَانَت كَثِيرَة دَرَاهِمَ فَعَلَى أَنَّا دُونَ صَرْفِ نِصْفِ دِينَارٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ إِذَا فَاتَ الْعَبْدُ لَا أَدْرِي مَعْنَى قَوْلِهِ تَمْتَنِعُ زِيَارَة الْبَائِعِ دَرَاهِمَ نَقْدًا لِأَنَّهَا سَلَفٌ لِلْمُبْتَاعِ لِأَنَّ الْعَبْدَ فَاتَ فَلَا يَمْنَعُ السَّلَفَ إِلَّا أَنْ يُعْطِيَهُ دَرَاهِمَ أَقَلَّ مِنْ حِصَّةِ الْعَيْبِ الْبَائِعِ فِي دفع قَلِيل كثر وَقَالَ ابْن الْقَاسِم إِنَّمَا يُمْنَعُ لِهَذَا لِأَنَّهُ دَفَعَ بِهَا خُصُومَةَ الْعَيْبِ فَهُوَ سَلَفٌ لِمَنْفَعَةٍ وَعَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ تُمْنَعُ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ حِصَّةِ الْعَيْبِ وَهُوَ أَحْسَنُ مِمَّا تَقَدَّمَ لِأَبِي مُحَمَّدٍ لِذَلِكَ فَلَهُ الْقِيَامُ قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَخْتَلِفَ إِذَا أَعْلَنَ بِالْإِشْهَادِ كَمَا لَوْ قَالَ لِلْحَاكِمِ: لِي بَيِّنَةٌ بَعِيدَةُ الْغَيْبَةِ فَأَحْلِفْهُ لِي فَإِذَا قَدِمَتْ قُمْتُ بِهَا فَإِنْهُ يُحَلِّفُهُ لَهُ وَيَقُومُ بِالْبَيِّنَةِ وَأَمَّا إِنْ لَمْ

يَشْهَدْ عَلَى الْغَرِيمِ بَلْ أُشْهِدُ سِرًّا أَنَّهُ إِنَّمَا يُصَالِحُهُ لِذَلِكَ أَوْ صَالَحَ عَالِمًا بِالْبَيِّنَةِ فَالْخِلَافُ فِيهِمَا أَوْ كَانَ يُقِرُّ سِرًّا وَيَجْحَدُهُ فِي الْعَلَانِيَةِ فَصَالَحَهُ عَلَى تَأْخِيرِ سَنَةٍ وَأَشْهَدَ أَنَّهُ إِنَّمَا يُصَالِحُهُ لِغَيْبَةِ بَيِّنَتِهِ فَإِذَا قَدِمَتْ قَامَ بِهَا فَفِي قِيَامِهِ بِهَا قَوْلَانِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ فِيمَنْ صَالَحَ عَلَى الْإِنْكَارِ ثُمَّ إِنْ أَقَرَّ أَنَّ صَكَّهُ ضَاعَ ثُمَّ وَجَدَهُ أَنَّ لَهُ الْقِيَامَ فِيهِمَا لِأَنَّ وُجُودَ الصَّكِّ كَوُجُودِ بَيِّنَة لم يعلم بهَا لَو قَالَ الْغَرِيمُ: حَقُّكَ حَقٌّ فَاتَ بِالصَّكِ (وَخُذْ حَقَّكَ فَقَالَ: ضَاعَ صَكِّي وَأَنَا أُصَالِحُكَ فَيَفْعَلُ لَا اقيام لَهُ بِالصَّكِّ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ لِدُخُولِهِ عَلَى إِسْقَاطِ مُوجِبِ الصَّكِّ) وَلَوْ أَشْهَدَ إِنَّمَا صَالَحَهُ عَلَى إِنْكَارِهِ وَهُوَ عَلَى حَقِّهِ لَمْ يَنْفَعْهُ ذَلِكَ وَتَمْتَنِعِ الشَّهَادَةُ عَلَى شَرْطٍ يُخَالِفُ الصُّلْحَ وَلَوْ قَالَ: أخرني سنة , اقر لَكَ فَأَشْهَدَ سِرًّا إِنَّمَا أُؤَخِّرُهُ لِأَنَّهُ جَحَدَنِي وَإِنْ وَجَدْتُ بَيِّنَةً قُمْتُ بِهَا فَذَلِكَ لَهُ لِأَنَّهُ أَلْجَأَهُ لِذَلِكَ وَعَنْ مَالِكٍ: إِذَا صَالَحَهُ عَلَى خَمْسَةِ دَرَاهِمَ كُلَّ شَهْرٍ عَلَى أَنَّهُ إِنِ ادَّعَى عَلَيْهِ بِدَفْعِ شَيْءٍ فَأَنْكَرَهُ فَلَا يَمْضِي عَلَيْهِ سَقَطَ الشَّرْطُ وَعَلَيْهِ الْيَمِينُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُبْطِلَ التَّأْخِيرَ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَخَّرَهُ لِإِسْقَاطِ الْيَمِينِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: إِذَا اصْطَلَحَا عَلَى الْيَمِينِ وَطَرْحِ الْبَيِّنَاتِ أَوْ عَلَى أَنَّ النَّاكِلَ يُغَرَّمُ بِلَا رَدِّ يَمِينٍ أَوْ بَعْدَ رَدِّهَا ذَلِكَ لَازِمٌ قَالَ: وَهُوَ أَحْسَنُ مِنَ الْأَوَّلِ وَالْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا صَالَحَ أَحَدُ الْوَلَدَيْنِ غَرِيمَ الْأَبِ عَلَى حِصَّتِهِ فَأَخُوهُ شَرِيكُهُ وَكَذَلِكَ الشُّرَكَاءُ فِي كُلِّ مَا بَيْنَهُمْ مِنْ حَقٍّ بِكِتَابٍ أَمْ لَا مِنْ بَيْعٍ بِعَيْنٍ أَوْ شَيْءٍ غير الطَّعَام وَإِلَّا دَامَ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ بَيْعٌ وَبَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ مَمْنُوعٌ وَكُلُّ مَا قَبَضَ أَحَدُهُمْ كَانَ الْآخَرُ شَرِيكَهُ فِيهِ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى الشَّرِكَةِ إِلَّا أَنْ يَلْتَزِمُوا لَهُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْمُطَالَبَةِ عَدَمَ الْمُشَاركَة وللطالب رفعهم للْإِمَام

فيوكلوا أَو يطالبوا وَإِلَّا خَصَّصَهُ بِمَا اقْتَضَى وَقِيلَ: لَهُمُ الْمُشَارَكَةُ فِيمَا أخذُوا ويسلموا لَهُ وَيَتْبَعُونَ الْغَرِيمَ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ حَقِّهِمْ وَشَرِكَتِهِمْ فَإِنِ اخْتَارُوا اتِّبَاعَ الْغَرِيمِ لَمْ يُشَارِكُوهُ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّ ذَلِكَ مُقَاسَمَةٌ وَالْقِسْمَةُ لَازِمَةٌ (وَإِنْ ثَوَى عَلَى الْغَرِيمِ) وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ بِكِتَابَيْنِ اخْتَصَّ كُلُّ وَاحِدٍ بِمَقْبُوضِهِ وَإِنْ كَانَ أَصْلُ الْكِتَابَيْنِ مُشْتَرَكًا لِأَنَّ تَعَدُّدَ الْكُتُبِ كَالْقِسْمَةِ فَائِدَةٌ: قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: ثَوِيَ بِكَسْرِ الْوَاوِ وَفَتْحِهَا: هَلَكَ وَالْكَسْرُ أَفْصَحُ وَعَنْ مَالِكٍ: الْجَوَازُ فِي الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْقِسْمَةِ هَلْ هِيَ بَيْعٌ أَوْ لَا؟ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: إِذَا بَاعَا سِلْعَتَيْنِ مِنْ رَجُلٍ وَكَتَبَا بِثَمَنِهَا كِتَابًا وَاحِدًا لَا تَكُونُ بَيْنَهَا شَرِكَةٌ فِي الْحَقِّ قَالَ: وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ تَعَدُّدَ الْكُتُبِ لَمَّا أَوْجَبَ تَعَدُّدَ الْحُقُوقِ فَاتِّحَادُهَا يُوجِبُ اتِّحَادَهَا وَهُوَ ظَاهِرُ الْكِتَابِ: وَهَذَا إِذَا جَمَعَا السِّلْعَتَيْنِ فِي عَقْدٍ حَتَّى لَوِ اسْتَحَقَّ وَجْهُ الصَّفْقَةِ لِلْمُشْتَرِي الرَّدَّ على القَوْل يجوز الْجمع بَين السلعتين وَقِيلَ: لَا يَنْفَعُ مُجَرَّدُ الْإِشْهَادِ فِي الِاخْتِصَاصِ دُونَ الرِّضَا بِالْخُرُوجِ فَإِنِ امْتَنَعَ مِنَ الْخُرُوجِ مَعَهُ أَلْزَمُهُ الْإِمَامُ بِالْمُقَاسَمَةِ وَإِذَا الْتَزَمَ الْقَاعِدُ اخْتِصَاص الْقَابِض اخْتصَّ كَانَ الْغَرِيم مليّاً أَوْ مُعْدَمًا إِلَّا بِالْمَقْبُوضِ بِخِلَافِ الْكَفِيلِ لَا يُوجَدُ مَعَهُ إِلَّا مِقْدَارُ حَقِّ الْحَاضِرِ فَيَقْضِي بِهِ ثُمَّ يُعْدِمُ لِلْآخَرِ مُشَارَكَتَهُ لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِذَلِكَ خَطَأٌ وَهَاهُنَا قِسْمَةٌ صَحِيحَةٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا أَذِنَ الْإِمَامُ لَهُ عِنْدَ غَيْبَةِ شَرِيكِهِ اخْتصَّ كإذن الشَّرِيك لَقِي الْغَرِيم مُوسِرًا أم لَا ان اقْتَضَى بِغَيْرِ إِذَنْ شَرِيكِهِ بَعْدَ إِعْلَامِهِ بِذَلِكَ وَسَأَلَهُ أَن يَقْتَضِي مَعَه امْتنع اخْتَصَّ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَوْ رَفَعَهُ حِينَئِذٍ إِلَى الْحَاكِم لقضى عَلَيْهِ بالاختصاص قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ: وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إِنَّمَا

امْتَنَعَ مِنَ الْخُرُوجِ وَلَمْ يَرْضَ بِالِاخْتِصَاصِ وَاخْتُلِفَ إِذَا كَانَ الْغَرِيمُ حَاضِرًا فَاقْتَضَى بِغَيْرِ عِلْمِهِ فَلَمْ يُخَصِّصْهُ مَالِكٌ وَقِيلَ: يَخْتَصُّ قَالَ: وَبِهِ أَقُولُ لِأَنَّ الدَّيْنَ إِنْ قُدِّرَ كَالْعَيْنِ كَانَ لَهُ الِاخْتِصَاصُ وَكَذَلِكَ اخْتُلِفَ فِي الْعَيْنِ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ يُقَسَّمُ أَحَدُهُمَا لِنَفْسِهِ مَنَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ الِاخْتِصَاصَ وَجَوَّزَهُ أَشْهَبُ وَيَتَخَرَّجُ عَلَى هَذَا بَيْعُ نصِيبه فيختصر بِالْمَبِيعِ عَلَى الْخِلَافِ وَفِي كِتَابِ الْقِسَمِ: لَهُ بَيْعُ نَصِيبِهِ مِنَ الْعَبْدِ وَيَخْتَصُّ بِالثَّمَنِ بِخِلَافِ الطَّعَام لَا فِيهِ الْمُقَاسَمَةَ قَبْلَ الْبَيْعِ فَلَمَّا لَمْ يُقَاسِمْهُ بَقِيَ الثَّمَنُ مُشْتَرِكًا وَالْعَبْدُ لَا يُقَسَّمُ وَلَوْ بَاعَ الطَّعَامَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَبِيعُهُ لَهُ بَلْ يَبْقَى شَرِيكُهُ كَانَ كَالْعَبْدِ وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ الدَّيْنَ مِنْ غَرِيمٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ يَتَخَرَّجُ عَلَى هَذَا فَرْعٌ فِي النَّوَادِرِ: قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: لِوَلِيِّ الْيَتِيمِ الْمُصَالَحَةُ عَنْهُ فِيمَا يَخُصُّهُ بِإِسْقَاطِ الْبَعْضِ وَأَخْذِ الْبَعْضِ عَلَى وَجْهِ الْمُصَالَحَةِ وَأَمَّا مَا يَكُونُ فِيهِ مَطْلُوبًا هُوَ وَأَبُوهُ فِيمَا وَرِثَهُ: فَلَا يَجُوزُ حَتَّى تَثْبُتَ الدَّعْوَى فَيَجُوزُ عَلَى الْقِيمَةُ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ لَهُ عَنْ ذَلِكَ مَنْدُوحَةً قَبْلَ الثُّبُوتِ قَالَ أَصْبَغُ: وَلَوْ مَاتَتْ وَتَرَكَتْ أَبَوَيْنِ وَوَلَدًا صَغِيرًا وَصَالَحَ الْأَبَوَانِ الزَّوْجَةَ عَلَى أَنْ يَأْخُذَا مَا سَاقَتِ الْمَرْأَة وَيَأْخُذ مَا سَاقَ إِلَيْهَا وَلَمْ يُذْكَرِ الِابْنُ فَمِيرَاثُهُ فِيمَا أَخَذَا إِنْ كَانَ يُقَارِبُ وَإِلَّا انْتَقَضَ الصُّلْح وَورث من الْجَمِيع وَيخْتَص النَّقْص بهَا) فَإِنْ صَالَحَ أَجْنَبِيٌّ لَيْسَ بِوَلِيٍّ وَلَا وَصِيٍّ عَنْهُ وَعَنْ أَطْفَالٍ فِي حَقٍّ لَهُ وَلَهُمْ أَوْ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ: قَالَ سَحْنُونٌ: لَزِمَهُ حِصَّتُهُ وَيَنْظُرُ الْحَاكِمُ لِلْأَطْفَالِ فَيَمْضِي إِنْ كَانَ نَظِرًا

فَرْعٌ قَالَ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا اسْتَحَقَّتِ الدَّارَ بَعْدَ الصُّلْحِ عَلَيْهَا رَجَعَ بِالْمَالِ أَوْ نِصْفَهَا رَجَعَ بِنِصْفِهِ فَرْعٌ قَالَ: قَالَ عَبْدُ الْملك: إِذا قضى القَاضِي بِحَق فصالحت عَلَيْهِ ثُمَّ رَجَعَ الْقَاضِي رَجَعْتَ بِمَالِكَ كَمَا لَوْ دَفَعْتَ الْحَقَّ وَقَالَ مُطَرَّفٌ: لَا يَرْجِعُ بِخِلَافِ لَوْ دَفَعْتَ الْحَقَّ لِأَنَّ الْحَقَّ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَضَاءِ وَقَدِ انْتُقِضَ وَالصُّلْحُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ثُبُوتِ الْحَقِّ بَلْ يَصِحُّ مَعَ الْإِنْكَارِ فَرْعٌ قَالَ: إِذَا اسْتَحَقَّ مَالَ الصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ: قَالَ سَحْنُونٌ: يَرْجِعُ بِمِثْلِهِ فِي الْمِثْلِيِّ أَوْ قِيمَتِهِ فِي غَيْرِ الْمِثْلِيِّ إِنْ كَانَ الِاسْتِحْقَاقُ مِنْ يَدِ الْمُدَّعِي وَإِنْ كَانَ مِنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَمْ يَرْجِعْ شَيْءٌ لِأَنَّهُ إِنَّمَا دَفَعَ عَنْ نَفْسِهِ خُصُومَةً بِمَا أَعْطَى لَا بِشَيْءٍ ثَابِتٍ وَقِيلَ: يَرْجِعُ فَرْعٌ قَالَ: قَالَ مُطرف: إِذَا رَضِيَ أَكَابِرُ الْأَوْلَادِ بِشَهَادَةِ زَيْدٍ أَنه يعلم محاسبة موروثهم فَشَهِدَ بِالْبَرَاءَةِ فَلِلْأَصَاغِرِ عَدَمُ الرِّضَا بِالشَّهَادَةِ وَيَحْلِفُ الْغَرِيمُ فَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفُوا غَرِمَ حِصَّتَهُ (لِلْأَصَاغِرِ فَقَطْ وَلَوْ كَانَ نُكُولُهُ كَالْإِقْرَارِ لَدَخَلُوا كُلُّهُمْ وَلَو وجدت بَيِّنَة لم يغرم إِلَّا الأصاغر لِأَنَّ الْأَكَابِرَ صَدَّقُوا الشَّاهِدَ الْأَوَّلَ وَلَوْ كَانَ الْأَكَابِرُ أَوْصِيَاءَ لِلْأَصَاغِرِ لَزِمَهُمْ صُلْحُهُمْ

فَرْعٌ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: عَلَى الْمَيِّتِ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَتَرَكَ أَلْفًا وَاحِدًا وَوَارِثًا وَاحِدًا فَقَالَ: أَخِّرُوا الْأَلْفَ عِنْدِي سَنَةً وَأَنَا ضَامِنٌ لِدَيْنِكُمْ جَازَ لِأَنَّهَا مُعَاوضَة عَلَى بَرَاءَةِ الْمَيِّتِ فَإِنْ كَانَ مَعَهُ وَارِثٌ غَيْرُهُ وَرَبِحَ الْأَلْفَ بَعْدَ الْوَفَاءِ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى جَازَ وَإِنِ انْفَرَدَ بِهِ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ ضَمَانٌ بِجُعْلٍ وَكَذَلِكَ إِنْ تَرَكَ عَرْضًا وَيَمْتَنِعُ: أَضْمَنُ لَكَمْ نِصْفَ مَا بَقِيَ وَتَحَالَلُوا إِلَيَّ بِخِلَافِ إِقْرَارِ الْمَالِ بِيَدِهِ وَيَجُوزُ أَنْ يُصَالِحَ عَلَى إِعْطَاءِ النِّصْفِ وَالْأَدَاءِ مِنَ الْبَاقِي وَإِنْ أَسْلَمَ إِلَيْهِ الْمَالَ وَتَحَمَّلَ ثُمَّ طَرَأَ دَيْنٌ آخَرُ غَرِمَ الْجَمِيعَ فَرْعٌ قَالَ: إِذَا طَلَبَ الْمُصَالِحُ أَخْذَ الْوَثِيقَةِ الَّتِي صَالَحَ عَلَيْهَا فَلِلْآخَرِ مَنْعُهُ لِأَنَّهُ يَشْهَدُ لَهُ بِمَالِ الصُّلْحِ لِثُبُوتِ أَصْلِ الْحَقِّ وَيَكْتُبُ الْآخَرُ وَثِيقَةً بِتَارِيخٍ مُتَأَخِّرٍ لِيَشْهَدَ لَهُ بِصُلْحِهِ قَالَهُ مُطَرِّفٌ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: لَهُمَا مِائَةُ دِينَارٍ عَنْ شَيْءٍ أَصله بَينهَا فَصَالَحَ أَحَدُهُمَا عَنْ حَقِّهِ بِعَشَرَةٍ وَلَمْ يُعْذَرْ مِنْ شَرِيكِهِ فَشَرِيكُهُ مُخَيَّرٌ فِي تَسْلِيمِ ذَلِكَ وَيَتْبَعُ الْغَرِيمَ بِخَمْسِينَ أَوْ يَأْخُذُ مِنْ شَرِيكِهِ خَمْسَةً وَيَتْبَعُ الْغَرِيمَ بِخَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ وَيَرْجِعُ صَاحِبُهُ بِخَمْسَةٍ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: لِغَيْرِ الْمُصَالِحِ أَخْذُ خَمْسَةٍ مِنَ الْمُصَالِحِ لِأَنَّهُ صَالِحٌ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فِي الِاخْتِصَاص ثمَّ يرجع على الْغَرِيم بِخَمْسَة لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِالْمُصَالَحَةِ فَإِذَا قَبَضَهَا رَدَّ الْخَمْسَةَ لِلْمُصَالِحِ وَقَالَ غَيْرُهُ: إِنَّ اخْتِيَارَ الدُّخُولِ مَعَ الْمُصَالِحِ جَعَلَ دَيْنَهُمَا سِتِّينَ فَيَكُونُ لَهُ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الْعَشْرَةِ وَيَرْجِعُ بِهَا

الْمُصَالِحُ عَلَى الْغَرِيمِ وَيَرْجِعُ الْآخَرُ عَلَيْهِ بِالْبَاقِي وَهُوَ أحد وَأَرْبَعُونَ وَثُلُثَانِ وَكَذَلِكَ لَو قبض الْعشْرَة للْقَضَاء وَحط أَرْبَعِينَ لشَرِيكه كَمَا تَقَدَّمَ وَلَوْ قَامَ عَلَيْهِ شَرِيكُهُ قَبْلَ الْحَطِيطَةِ فَقَاسَمَهُ الْعَشَرَةَ ثُمَّ حَطَّ الْأَرْبَعِينَ لَا يَرْجِعُ الشَّرِيكُ لِأَنَّهُ قَاسَمَهُ وَحَقُّهُ كَامِلٌ ثُمَّ يَتْبَعَانِ الْغَرِيمَ: هَذَا بِخَسَمَةٍ وَهَذَا بِخَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: لَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا حَقَّهُ وَصَالَحَ مِنْهُ عَلَى قَمْحٍ فَلِشَرِيكِهِ رَدُّهُ وَاتِّبَاعُ الْغَرِيمِ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ أَوْ أَخْذُ نِصْفُ الْقَمْحِ لِأَنَّهُ عِوَضٌ عَنِ الْحَقِّ قَالَ سَحْنُونٌ: وَيَكُونُ بَقِيَّةُ الدَّيْنِ بَيْنَهُمَا وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: لِلَّذِي لَمْ يُصَالِحْ أَخْذُ نِصْفِ الْعِوَضِ الْمُصَالَحِ بِهِ إِنْ صَالَحَ عَلَى عِوَضٍ ثُمَّ إِذَا قَبَضَ جَمِيعَ حَقِّهِ رَدَّ الْمُصَالِحُ قِيمَةَ الْعِوَضِ الَّذِي أَخذ مَه يَوْمَ الصُّلْحِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: يَرُدُّ الْقِيمَةَ وَإِنْ كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا لِأَنَّ السِّعْرَ قَدْ يَخْتَلِفُ فِي الْمِثْلِيِّ فَيَظْلِمُهُ بِدَفْعِ الْمِثْلِ قَالَه بعض شُيُوخنَا قَالَ: وَكَذَلِكَ إِذَا وَهَبَهُ مِثْلِيًّا لِلثَّوَابِ فَفَاتَ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ وَكَذَلِكَ فِدَاءُ الْأَسِيرِ بِالْمِثْلِيِّ وَقَالَ غَيْرُهُ: بَلْ يَرْجِعُ بِالْمِثْلِ فِي مَسْأَلَةِ الشَّرِيكَيْنِ قَالَ: وَهُوَ الصَّوَاب لِأَنَّهُ الْقَاعِدَة فِي الْغَضَب وَغَيره فرع فِي الْكتاب: إِذا كَانَ بَينهَا عُرُوضٌ مِثْلِيَّةٌ أَوْ غَيْرُ مِثْلِيَّةٍ غَيْرُ الطَّعَامِ وَالْإِدَامِ فَصَالَحَ أَوْ بَاعَ بِعَشَرَةٍ لِشَرِيكِهِ نِصْفَهَا وَمَا بَقِيَ عَلَى الْغَرِيمِ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الْجَمِيعَ مُشْتَرِكٌ وَالْعِوَضُ عَنِ الْمُشْتَرِكِ مُشْتَرَكٌ فَإِنْ سَلَّمَ لَهُ ذَلِكَ وَامْتَنَعَ الْغَرِيمُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ كالمقاسة فَرْعٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا بَاعَ نَصِيبَهُ مِنَ الدّين دخل من لم بيع عَلَيْهِ قَوْلِهِ فِي الْكِتَابِ: فَيُقَاسِمُهُ نِصْفَيْنِ اتِّفَاقًا وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا مِائَةٌ فَاقْتَضَى نَصِيبُهُ رَجَعَ عَلَيْهِ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ عَلَى الْقَوْلِ بِالرُّجُوعِ وَفِيهِ خِلَافٌ وَاخْتُلِفَ أَيْضًا كَيْفَ يَكُونُ

رجوعهما؟ فَقَالَ مرّة: يَرْجِعُ الَّذِي لَمْ يَقْبِضْ عَلَى الْغَرِيمِ فَإِذَا اسْتَوْفَى ذَلِكَ أَخَذَ شَرِيكُهُ نُصِيبَهُ وَهُوَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَإِن أَخذ خَمْسَة وَعشْرين أَخذ مِنْهَا شَرِيكُهُ نِصْفَهَا وَكَذَلِكَ فِي جَمِيعِ مَا يَأْخُذُ فَرْعٌ قَالَ لَوْ فَلَّسَ الشَّرِيكُ كَانَ الْمُقْتَضِي أَحَقَّ بِنَصِيبِهِ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ مِنْ غُرَمَائِهِ لِأَنَّ حَقَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِذَلِكَ الدَّيْنِ وَإِنْ هَلَكَ مَا عَلَى الْغَرِيمِ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يَمْتَنِعُ إِذَا اسْتَهْلَكَ لَكَ بَعِيرًا أَنْ يُصَالِحَهُ عَلَى مِثْلِهِ إِلَى أَجَلٍ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ بِخِلَافِ الدَّنَانِيرِ الْمُؤَجَّلَةِ إِنْ كَانَتِ الْقِيمَةُ فَأَدْنَى وَإِلَّا امْتَنَعَ النسأ فِي النَّقْدَيْنِ والقمية الَّتِي وَجَبَتْ لَكَ مِنَ النَّقْدَيْنِ وَالتَّأْخِيرُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مَعْرُوفٌ إِنْ كَانَ الْمُسْتَهْلَكُ يُبَاعُ فِي الْبَلَدِ بِالدَّنَانِيرِ وَيَجُوزُ عَلَى دَرَاهِمَ نَقْدًا أَوْ عَرْضًا نَقْدًا بَعْدَ مَعْرِفَتِكُمَا بِقِيمَةِ الْمُسْتَهْلَكِ حَذَرًا مِنَ الْمُعَاوَضَةِ بِالْمَجْهُولِ وَإِنْ كَانَ يُبَاعُ بِالدَّرَاهِمِ جَازَ عَلَى دَرَاهِمَ مُؤَجَّلَةٍ مِثْلُ الْقِيمَةِ فَأَدْنَى وَيَمْتَنِعُ بِدَنَانِيرَ أَوْ عَرْضٍ إِلَّا نَقْدًا بَعْدَ مَعْرِفَتِكُمَا بِقِيمَةِ الْمُسْتَهْلَكِ مِنَ الدَّنَانِيرِ وَإِلَى أَجَلٍ يَمْتَنِعُ لِأَنَّهُ فَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ فَإِنْ تَعَجَّلَهُ بَعْدَ الشَّرْطِ لَمْ يَجُزْ لِوُقُوعِ الْعَقْدِ فَاسِدًا وَإِنْ غَصَبَكَ عَبْدًا فَأَبَقَ فَكَالِاسْتِهْلَاكِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَقِيلَ: لَهُ تَرْكُ الْقِيمَةِ وَطَلَبُ الْعَبْدِ (لِأَنَّ كِلَيْهِمَا حَقُّهُ وَقِيلَ: لَيْسَ لَهُ تَرْكُ الْقِيمَةِ وَطَلَبُ الْعَبْدِ) وَكَأَنَّهُ اشْتَرَى بِهَا عَبْدًا آبِقًا وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: إِذَا ذَبَحَ لَكَ شَاةً يَمْتَنِعُ أَخْذُكَ بِالْقِيمَةِ حَيَوَانًا مَأْكُولًا إِنْ كَانَ لَحْمُهَا لَمْ يَفُتْ لِأَنَّهُ لَحْمٌ بِحَيَوَانٍ وَإِلَّا جَازَ نَقْدًا بَعْدَ مَعْرِفَةِ قِيمَةِ الشَّاةِ وَيَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ فِي الصُبرة الْقَمْح الْمُسْتَهْلك مَا شِئْت نَقْدا وتمتنع مكيلتها من

الْقَمْحِ أَوِ الشَّعِيرِ أَوِ السَّلت عَلَى التَّحَرِّي لِأَنَّهُ بَيْعُ الطَّعَامِ غَيْرِ مَعْلُومِ التَّمَاثُلِ وَيَجُوزُ كَيْلٌ أَدْنَى مِنْ كَيْلِ الصُبرة لِأَنَّهُ أَخْذُ بَعْضِ الْحَقِّ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: مَنْ أَوْصَى بِمَا فِي بَطْنِ أَمَتِهِ لَمْ يَجُزْ لِلْوَرَثَةِ مُصَالَحَةُ الْمُوصَى لَهُ (لِأَنَّهُ بَيْعٌ لِلْجَنِينِ وَهُوَ بَيْعُ الْغَرَرِ بِخِلَافِ خِدْمَةِ الْعَبْدِ وَثَمَرَةِ النَّخْلِ وَسُكْنَى الدَّارِ وَلَبَنِ الْغَنَمِ وَسَمْنِهَا لِأَنَّهَا يَجُوزُ بَيْعُهَا) قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قِيلَ: إِنَّمَا جَازَ شِرَاء السُّكْنَى وحوها لِتَخْلِيصِ الرِّقَابِ وَإِنْ كَانَتِ السُّكْنَى مُدَّةَ الْعُمُرِ مَجْهُولَةً فَاسْتُثْنِيَ الْجَوَازُ هَاهُنَا لِتَخْلِيصِ الْأَمَةِ كَضَرُورَةِ الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا ادَّعيت شِقْصًا فَصَالَحَكَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَفِيهِ الشُّفْعَةُ إِنْ كَانَ عَنْ إِقْرَارٍ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَإِلَّا فَلَا فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا أَنْكَرَ عَيْبَ الْعَبْدِ الْمَعِيبِ جَازَ الصُّلْحُ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ إِلَى أَجَلٍ فَصَالَحْتَهُ قَبْلَ الْأَجَلِ عَلَى الرَّدِّ إِلَيْهِ مَعَ عبدٍ آخَرَ أَوْ عَرْضٍ نَقْدًا جَازَ كَجَوَازِ الِاسْتِقَالَةِ مِنْهُ قَبْلَ الْأَجَلِ عَلَى عَرْضٍ نَقْدًا وَإِنَّمَا يُكْرَهُ أَنْ تَرُدَّ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ قَبْلَ الْأَجَلِ نَقْدًا لِأَنَّهُ بيعٌ وَسَلَفٌ مِنَ الْمُشْتَرِي لِيَأْخُذَ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ عِنْدَ الْأَجَلِ وَفِي الدَّرَاهِمِ صَرْفٌ مُسْتَأْخِرٌ فَإِنِ امْتَنَعَ مِنَ الزِّيَادَةِ فِي الصُّلْحِ حَطَّ مِنَ الثَّمَنِ بِقَدْرِ الْعَيْبِ لِأَنَّهُ كَجُزْءِ الْمَبِيعِ يَبْقَى عِنْدَ الْبَائِعِ فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ كَانَ النَقْدَانِ وَالْعَرْضُ نَقْدًا وَيَمْتَنِعُ التَّأْخِيرُ لِمَا تَقَدَّمَ وَيُدْخِلُهُ فِي الْعَرْضِ: الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ فَإِنْ زَادَهُ الْبَائِعُ عَرْضًا أَوْ عَبْدًا نَقْدًا وَلَمْ يَفُتِ الْعَبْدَ جَازَ لِأَنَّهُمَا فِي صَفْقَةٍ وَاسْتَغْلَى فَزَادَهُ وَتُمْنَعُ زِيَادَةُ الْبَائِعِ دَرَاهِمَ نَقْدًا لِأَنَّهُ سَلَفٌ مِنْهُ أَو دَنَانِير

امْتَنَعَ لِأَنَّهُ عَبْدٌ وَذَهَبٌ بِفِضَّةٍ إِلَى أَجَلٍ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ الْمَبِيعُ بِدَنَانِيرَ مُؤَجَّلَةٍ ثُمَّ يَزِيدُهُ دَرَاهِمَ نَقْدًا فَإِنْ فَاتَ الْعَبْدَ بِعِتْقٍ أَوْ تَدْبِيرٍ أَوْ مَوْتٍ وَالثَّمَنُ دَرَاهِمُ: امْتَنَعَ زِيَادَةُ الْبَائِعِ دَرَاهِمَ نَقْدًا لِأَنَّهَا سَلَفٌ يَرُدُّهُ الْمُبْتَاعُ عِنْدَ الْأَجَلِ بَلْ يَضَعُ عَنْهُ حِصَّةَ الْعَيْبِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: قَوْلُهُ: دَرَاهِمُ وَدَنَانِيرُ مُشْكِلٌ لِوُقُوعِ الدَّنَانِيرِ عَلَى الْكَثِيرِ فَهُوَ صَرْفٌ وَبَيْعٌ وَإِنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ ذَهَبًا بِذَهَبٍ وَعبد بِذَهَب قيل: مَعْنَى ذَلِكَ: إِنْ كَانَ الْبَيْعُ بِذَهَبٍ يَكُونُ الصُّلْح بِذَهَب على أَن يُسقط عَنهُ من الذَّهَبِ ذَلِكَ وَيُقَاصَّهُ بِهِ وَإِنْ كَانَ دَرَاهِمَ فَيكون أَقَلَّ مِنْ صَرْفِ دِينَارٍ وَقِيلَ: بَلِ الْكَلَامُ عَلَى التَّفْصِيلِ: إِنْ كَانَ ذَهَبًا فَيُرَدُّ ذَهَبًا أَوْ دَرَاهِمَ فَدَرَاهِمَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ إِنْ أَرَادَ بِذِكْرِ الدَّنَانِيرِ الذَّهَبَ مِنْ غَيْرِ كَثْرَةٍ فَإِنْ كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَرْدُودِ ذَهَبًا أَقَلَّ مِنْ دِينَار جَازَ وَإِن كَانَ رَأس المَال فضَّة: فَإِنْ رَدَّ دَرَاهِمَ فَعَلَى الْمُقَاصَّةِ وَإِنْ كَانَتْ كَثِيرَةً وَإِنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ ذَهَبًا: فَإِنْ رَدَّ ذَهَبًا فَعَلَى الْمُقَاصَّةِ وَإِنْ كَانَتْ كَثِيرَةً وَإِنْ رَدَّ دَرَاهِمَ فَعَلَى أَنَّهَا دُونَ صَرْفِ نِصْفِ دِينَارٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ أَبُو مُحَمَّد: إِذا فَاتَ العَبْد لَا أَدْرِي معنى قَوْلِهِ: تُمْنَعُ زِيَادَةُ الْبَائِعِ دَرَاهِمَ نَقْدًا لِأَنَّهَا سَلَفٌ لِلْمُبْتَاعِ لِأَنَّ الْعَبْدَ فَاتَ فَلَا يَمْنَعُ السَّلَفَ إِلَّا أَنْ يُعْطِيَهُ دَرَاهِمَ أَقَلَّ مِنْ حِصَّةِ الْعَيْبِ فَيَتَّهِمُ الْبَائِعَ فِي دَفْعِ قَلِيلٍ فِي كَثِيرٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَابِسِيِّ: إِنَّمَا يُمْنَعُ لِهَذَا لِأَنَّهُ دَفَعَ بِهَا خُصُومَةَ الْعَيْبِ فَهُوَ سلف لمَنْفَعَة وعَلى هَذَا التَّعْلِيل يمْنَع وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ حِصَّةِ الْعَيْبِ وَهُوَ أَحْسَنُ مِمَّا تَقَدَّمَ لِأَبِي مُحَمَّدٍ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يُمتنع الصُّلْحُ عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ عُيُوبِ الْعَبْدِ بَعْدَ الْعَقْدِ بِدَرَاهِمَ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَا يَبْرَأُ حَتَّى يُوقِفَ الْمُشْتَرِيَ عَلَى الْعَيْبِ قَالَ ابْن يُونُس: لهَذَا عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ: لَا تَنْفَعُ الْبَرَاءَةُ مِمَّا عَلِمَهُ حَتَّى يُبَيِّنَهُ وَعَلَى قَوْلِهِ فِي إِجَازَةِ الْبَرَاءَةِ مِمَّا لَا يَعْلَمُهُ: تَجُوزُ الْبَرَاءَةُ بَعْدَ العقد

فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: صُلْحُ الْأَجْنَبِيِّ عَلَى دَيْنِكَ يَلْزَمُكَ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ: أَنَا ضَامِنٌ لِأَنَّهُ إِنَّمَا قَضَى عَلَى الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: مَعْنَاهُ: أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ ضَامِنٌ لِمَا صَالَحَ بِهِ قَاعِدَةٌ مَذْهَبِيَّةٌ: إِذَا فَعَلَ الْإِنْسَانُ عَنْ غَيْرِهِ مَا شَأْنُهُ أَنْ يَفْعَلَهُ مَضَى فِعْلُهُ عَلَيْهِ وَكَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ كَانَ وَاجِبًا كَدَفْعِ الدَّيْنِ أَوْ غَيْرَ وَاجِبٍ كَغَسْلِ الثَّوْبِ خِلَافًا لِ (ش) تَنْزِيلًا لِلْإِذْنِ الشَّرْعِيِّ فِي الْوَاجِبِ أَوْ فِي الْعَادِي فِي غَيْرِ الْوَاجِبِ مَنْزِلَةُ الْإِذْنِ الْقَوْلِيِّ فَإِنَّ الْعَوَائِدَ تَقُومُ مَقَامَ الْأَقْوَالِ إِجْمَاعًا فِي النُّقُودِ وَغَيْرِهَا فَكَذَلِكَ هَاهُنَا فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا صَالَحْتَ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ نَقْدًا بِمِائَةٍ لَا يَضُرُّ الِافْتِرَاقُ قَبْلَ الْقَبْضِ لِأَنَّهَا بَعْضُ دَيْنِكَ وَقَدْ كَانَ لَكَ تَأْخِيرُ الْجَمِيعِ وَيَمْنَعُ فِي الْعُرُوضِ وَالطَّعَامِ من سلم إِذا صَالح عَلَى رَأْسِ مَالِهِ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَبَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَرْعٌ كَرِهَ ملك الْمصَالح على الدَّرَاهِم الْجِيَاد بالمخلوطة بِالنُّحَاسِ أَو البهرجة وَالتَّعَامُلَ بِهَا وَإِنْ بَيَّنَ لِمَا فِيهِ مِنْ تَكْثِيرِ الْغِشِّ بَيْنَ النَّاسِ وَتُقَطَّعُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَجُوزُ الصُّلْحُ إِنْ لَمْ يَغُرَّ بِهَا أَحَدًا إِنْ كَانَ يَأْخُذُهَا لِيُقَطِّعَهَا فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: تَجُوزُ الْمُصَالَحَةُ عَلَى طَعَامِ قَرْضٍ وَعَشَرَةِ دَرَاهِمَ بِأَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا نَقْدًا وَيَمْتَنِعُ مِنْ بيع لِأَنَّهُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ:

يُرِيدُ: إِذَا كَانَتْ دَرَاهِمُ الطَّعَامِ حَالَّةً وَيَمْتَنِعُ فِي الْمُؤَجَّلَةِ حَلَّ أَجَلُ الطَّعَامِ أَمْ لَا لِأَنَّكَ بِعْتَهُ لِيَجْعَلَ الدَّرَاهِمَ فَهُوَ بَيْعٌ وَسَلَفٌ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: لَكَ مِائَةُ دِينَارٍ وَمِائَةُ دِرْهَمٍ حَالَّةٌ يَجُوزُ الصُّلْحُ عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ وَدَرَاهِمَ لِأَنَّ الدَّنَانِيرَ قَضَاءٌ عَنِ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمَ عَنِ الدَّرَاهِمِ وَأَسْقَطَ الْبَاقِيَ وَتَمْتَنِعُ عَلَى مِائَةٍ مُؤَجَّلَةٍ وَعَشَرَةٍ نَقْدًا لِأَنَّ لِلْمُتَأَخِّرِ حِصَّةً مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَهُوَ صَرْفٌ وَبَيْعٌ وَسَلَفٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: سَوَاءٌ نَقَدَ الدَّرَاهِمَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَمْ لَا وَكَذَلِكَ الْمِائَةُ دِينَارٍ لِأَنَّهَا قَضَاءٌ وَحَطِيطَةٌ وَلَوْ أَخَذَ مِنْهُ مِائَةَ دِينَارٍ وَدِينَارًا نَقْدًا جَازَ لِأَنَّ الْمِائَةَ قَضَاءٌ وَالدِّينَارَ بَيْعٌ بِالْمِائَةِ دِرْهَمٍ وَلَوْ تَأَخَّرَ الدِّينَارُ لَمْ يجز لِأَنَّهُ صرف مُسْتَأْجر وَلَوْ نَقَدَ الدِّينَارَ وَأَخَّرَ الْمِائَةَ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا ادَّعَيْتَ مِائَةَ دِينَارٍ فَصَالَحْتَ عَلَيْهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ يَتَأَخَّرُ بَعْضهَا امْتنع لِأَنَّهُ صرف مُسْتَأْجر وَأَن سميتُما مَبْلَغَ الدَّنَانِيرِ جَازَ الصُّلْحُ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ عَرْضٍ نَقْدًا وَيَتَحَالَّانِّ وَيَمْتَنِعُ التَّأْخِيرُ لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قِيلَ: إِذَا صَالَحَهُ عَلَى مَا يَشُكُّ أَنَّهُ مِثْلُ السِّكَّةِ أَوْ أَقَلُّ مِنَ الْوَزْنِ إِلَى أَجَلٍ جَازَ فِي الموازنة: إِذا قضى مثل عينيها وَجَوْدَتِهَا نَقْدًا جَازَ قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَيَمْتَنِعُ أَكْثَرُ إِلَى أَجَلٍ لِأَنَّهُ تَأْخِيرٌ بِزِيَادَةٍ وَقَالَ أَشْهَبُ: إِذَا جَهِلَا وَزْنَهَا جَازَ كُلُّ شَيْءٍ لِأَنَّهُمَا لَا يَتَعَمَّدَانِ الْفَسَادَ إِذَا كَانَ ذَلِكَ نَقْدًا وَيَمْتَنِعُ إِلَى أَجَلٍ إِذْ قَدْ يُعْطِيهِ أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ فَإِنِ اصْطَلَحَا عَلَى شَيْءٍ امْتَنَعَتِ الْإِقَالَةُ فِي

ذَلِكَ الصُّلْحِ لِأَنَّهُمَا يَخْرُجَانِ مِنْ مَعْلُومٍ إِلَى مَجْهُول وَكَذَلِكَ كل متصالحين على لاإنكار فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ يَمْتَنِعُ عَلَى ثَوْبٍ بِشَرْطِ صبغة أَو على أَنَّك فِيهِ بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا لِأَنَّهُ دي فِي دين فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يَمْتَنِعُ عَلَى ثَوْبٍ بِشَرْطِ صبغة أَو على أَنَّك فِيهِ بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا لِأَنَّهُ دَيْنٌ فِي دَيْنٍ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا أَشْهَدْتَ: إِذَا أَعْطَاكَ مِنَ الْأَلْفِ الْحَالَّةِ مائَة سقط الْبَاقِي لزمكما ذَلِك لِأَنَّهُ يَدْخُلُ فِي تَصَرُّفِ الْمَالِ فَإِنْ أَعْطَاكَ سَقَطَ الْبَاقِي وَالْألف بَاقِيَةٌ لِعَدَمِ الشَّرْطِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ مَالك: إِن علجت حَقِّي الْيَوْمَ أَوْ إِلَى شَهْرٍ فَلَكَ وَضِيعَةُ كَذَا فَعجل إِلَّا درهما أوبعد الْوَقْتِ بِالْيَسِيرِ لَزِمَتْكَ الْوَضِيعَةُ لِأَنَّ مَا قَارَبَ الشَّيْء لَهُ حكمه وَمنع الشَّرْطِ بِعَدَمِ جُزْئِهِ قَاعِدَةٌ: الْوَعْدُ غَيْرُ لَازِمٍ إِلَّا أَنْ يَدْخُلَ الْمَوْعُودُ فِي خَطَرٍ أَوْ يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ تَعْلِيقٌ كَمَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَيَلْزَمُ نَفْيًا لِلضَّرَرِ وَفَاءً بِالشَّرْطِ وَلَوْ لَزِمَ مُطْلَقًا لَأَدَّى ذَلِكَ لِحَسْمِ مَادَّةِ الْوَعْدِ بِالْمَعْرُوفِ وَقَوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (وعدُ الْكَرِيم دين) خيرٌ مَعْنَاهُ: الْأَمر للنَّدْب أَي ليَكُون الْكَرِيمُ إِذَا وَعَدَ يُلْزِمُ نَفْسَهُ الْوَفَاءَ كَمَا يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِالدَّيْنِ وَيَدُلُّ عَلَى النَّدْبِيَّةِ كَوْنُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَرَنَهُ وَخَصَّصَهُ بِوَصْفِ الْكَرَمِ الْحَاثِّ عَلَى مَكَارِمِ الْأَخْلَاق وَالْوُجُوب لَا يخْتَص

فرع ي النَّوَادِر: إِن لم أوفك عِنْدَ الْقَاضِي لأجلٍ يَذْكُرُهُ: فَدَعْوَايَ بَاطِلَةٌ أَوْ يَقُول الْمُدَّعِي عَلَيْهِ: إِن لم أوفك فَدَعْوَاكَ حَقٌّ مَعَ يَمِينِكَ قَالَ مُطَرِّفٌ وَعَبْدُ الْملك: شَرط سَاقِط لِأَنَّهُ الْتزم لِلْكَذِبِ فِي الظَّاهِرِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ: دَعْنِي أُسَافِرْ فَإِذَا قَدِمْتُ فَأَنْتَ مُصَدَّقٌ مَعَ يَمِينِكَ لِأَنَّهُ عِدَةٌ بِرَدِّ الْيَمِينِ عَلَيْهِ فَيَلْزَمُ فَرْعٌ قَالَ: قَالَ مطرف: إِذا صَالح من شقعه عَلَى أَنَّهُ مَتَى أَدَّى الْمُشْتَرِي وَلَدَهُ رَجَعَ فِيهَا لَا يَلْزَمُهُ وَلَهُ الْقِيَامُ مَتَى شَاءَ وَلِلْمُشْتَرِي مُطَالَبَتُهُ بِالْأَخْذِ مَتَى شَاءَ مَا لَمْ يَطُلِ الزَّمَانُ شُهُورًا كَثِيرَةً قَالَ أَصْبَغُ: الشَّرْطُ لَازِمٌ حَتَّى يُؤَدِّيَ وَلَدُهُ تَوْفِيَةَ الشَّرْطِ وَلِلْمُشْتَرِي رَفْضُ الصُّلْحِ وَيُوقِفُ لَهُ الشَّفِيعُ لِأَنَّهُ كَمَعْرُوفٍ أَخذه على أَن لَهُ الرُّجُوع فِيهِ إِن أَدَّاهُ فَيَلْزَمُ كَمَا لَوْ شَرَطَ أَنْ يَتْرُكَ الشُّفْعَةَ إِلَّا أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِ ضَرَرٌ بِالْبَيْعِ فَمَنْ بَاعَ مِنْ غَيْرِهِ فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ فَرْعٌ قَالَ مُطَرِّفٌ: صُولِحَ عَلَى سَرِقَةٍ وَهُوَ مُنْكِرٌ فَأَقَرَّ غَيْرُهُ أَنَّهُ سَرَقَهَا فَإِنْ تَمَادَى عَلَى إِقِرَارِهِ قُطع وَأَخَذَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَالَ الصُّلْحِ وَالْمَسْرُوقُ مِنْهُ تَمَامَ قِيمَةِ سَرِقَتِهِ وَإِنْ كَانَ عَدِيمًا لَزِمَ الصُّلْحُ الْأَوَّلُ وَلَوْ رَجَعَ سَقَطَ الْقَطْعُ لِأَنَّ الرُّجُوعَ شُبْهَةٌ فَيَسْقُطُ الْحَدُّ وَيثبت الْعَدَم الْمُتَقَدّم وَإِن كَانَ معدماً لِأَنَّ الْإِعْدَامَ إِنَّمَا يُسْقِطُ السَّرِقَةَ الْمُحَقَّقَةَ وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى سَرِقَةِ عَبْدٍ فَوُجِدَ فَهُوَ لَهُ دُونَ السَّيِّدِ لِأَنَّهُ صَارَ فِي ضَمَانِهِ وَيَدْفَعُ الْمَالَ وَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ لِسَيِّدِهِ وَارْتَدَّ الْمَالُ لِأَنَّ الصُّلْحَ وَقَعَ بِأَمْرٍ جَائِزٍ وَلَوْ قَالَ لِلْبَيِّنَةِ: إِنَّمَا أَدْفَعُ خَوْفًا مِنَ السُّلْطَانِ وَضَرْبِ السِّيَاط

وَمَا أَخَذْتُ شَيْئًا لَا يَنْفَعُهُ وَمَا يَتَدَافَعُ النَّاسُ إِلَّا لِلسُّلْطَانِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا مِنَ السُّلْطَانِ وَيَعْلَمَ أَنَّ السُّلْطَانَ يُطَاوِعُهُ فَيَجْتَهِدُ فِيهِ الْحَاكِمُ فَرْعٌ قَالَ: وَلَوْ ذَكَرَ عِنْدَ الصُّلْحِ ضَيَاعَ الصَّكِّ فَوَجَدَهُ لَهُ الْقِيَامُ بِهِ بِخِلَافِ مَنْ وَجَدَ الْبَيِّنَةَ وَلَوْ قَالَ: حَقُّكَ حَقٌّ فَاتَ بِالصَّكِّ فَامْحُهُ وَخُذْ حَقَّكَ فَقَالَ: قَدْ ضَاعَ وَأَنَا أُصَالِحُكَ فَلَا قِيَامَ لَهُ بِالصَّكِّ لِأَنَّهُمَا دَخَلَا عَلَى سُقُوطِهِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَرْعٌ قَالَ: قَالَ أَصْبَغُ: قَالَ لِرَجُلٍ عَلَيْهِ مِائَةُ دِينَارٍ لِغَائِبٍ: هلُمَّ خَمْسِينَ وَأَحُطَّ عَنْكَ خَمْسِينَ عَلَى أَنْ أَضْمَنَ ذَلِكَ صَحَّ إِنْ كَانَ الْغَائِبُ قَرِيبَ الْغَيْبَةِ بِحَيْثُ لَا يَطُولُ لُبث الْمَالِ فِي يَدَيْهِ (فَيَكُونُ) وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ مَعْرُوف يفْسد بِهِ بتوقع النَّفْعُ فَرْعٌ قَالَ: قَالَ مُطَرِّفٌ: إِذَا صَالَحَ الْوَكِيلُ حَيْثُ لَا يَجُوزُ لَهُ الصُّلْحُ عَلَى الْمُوَكَّلِ وَقَالَ: إِنْ لَمْ يُجِزْهُ الطَّالِبُ فَمَا أَعْطَيْتَ رُدَّ إِلَيْكَ صَحَّ وَلَا يَكُونُ الطَّلَبُ أَحَقَّ بِمَا اقْتَضَى وَكِيلُهُ مِنْ غُرَمَاءِ الْمَطْلُوبِ إِنْ قَامُوا وَلَوْلَا الشَّرْطُ لَمْ يُرَدَّ الْمَالُ وَلَمْ يَدْخُلْ فِيهِ الْغُرَمَاءُ وَيَتْبَعُ بِمَا بَقِيَ وَلَوْ قَطَعَ الْوَكِيلُ ذِكْرَ الْحَقِّ وَأَفَاتَهُ ضَمِنَ فَرْعٌ قَالَ: قَالَ مُطَرِّفٌ: ادَّعَى ولدٌ أَنَّ أَبَاهُ الْغَائِب وكلٌّ هـ عَلَى الْمُصَالَحَةِ فَصَالَحَ

ثُمَّ وُجِدَ الْأَبُ مَيِّتًا فَرَجَعَ أَحَدُهُمَا عَنِ الصُّلْحِ فَإِنْ كَانَتِ الْوِكَالَةُ بَيِّنَةً لَزِمَ جَمِيعَ الْوَرَثَة وَإِلَّا فَلَا إِلَّا أَن يشاؤا وَلَا خِيَارَ لِلْخَصْمِ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِالْوَكَالَةِ فَإِنْ رَدُّوا لَزِمَ الْمُصَالِحَ فِي حِصَّتِهِ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِالصُّلْحِ إِنْ شَاءَ الْخَصْمُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا وَلَوِ انْفَرَدَ الْمُصَالِحُ بِالْمِيرَاثِ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا الرُّجُوعُ لِرِضَاهُمَا فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فَصَالَحَ عَلَى عَدَمِ الْقِيَامِ بِمَالٍ فَأَصْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَدْفُوعِ الْأَخْذُ بِالْأَحْوَطِ وَجَعَلَ هَذَا الصُّلْحَ مُبَايَعَةً ثَانِيَةً بَعْدَ انَفْسَاخِ الْأَوَّلِ فَيُعْتَبَرُ فِيهَا مَا يَحِلُّ وَيَحْرُمُ مِنْ بَيْعٍ وَسَلَفٍ وَفَسْخِ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَأَصْلُ أَشهب أَنَّهَا لَيست فسخا للْأولِ وَإِنَّمَا فِي بِتَرْكِ الْمُنَازَعَةِ فَيُعْتَبَرُ مَا يَجُوزُ أَخْذُهُ عَنِ الْإِسْقَاطِ وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ هَلْ مَنْ خُيِّرَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ يُعَدُّ كَأَنَّهُ مَالِكٌ لِمَا حَازَهُ قَبْلَ اخْتِيَارٍ (أَوْ مُنْتَقِلًا عَنِ الْأَخْذِ فَإِنَّ الْمُتَمَسِّكَ بِالْعَيْبِ مَلَكَ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِهِ وَأَنْ يَرُدَّ فَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ مَلَكَ الرَّدَّ قَبْلَ اخْتِيَارِهِ) فَيَكُونُ الصُّلْحُ عَلَى مَا ملك فِي هَذَا الْعين أَولا يَكُونُ مَالِكًا إِلَّا لِمَا اخْتَارَهُ وَهُوَ الْمُتَمَسِّكَ ومثاله عبد بِمِائَة دِينَار قبضهَا فتحوز الْمُصَالَحَةُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُعَجَّلًا وَيُشْتَرَطُ فِي الْعَيْنِ أَنْ تَكُونَ مِنْ سِكَّةِ الثَّمَنِ عَلَى أَصْلِ ابْن الْقَاسِم لِأَن الْمِائَة وَجب ردهَا بِدفع الْبَائِعُ عِوَضًا عَنْهَا الْعَبْدَ وَمَا دَفَعَهُ عَنِ الْمَعِيب بِغَيْر السِّكَّة لَيْسَ بِالْمُبَادَلَةِ لِلْمُكَايَسَةِ وَلَوْ دَفَعَ دَرَاهِمَ أَكْثَرَ مِنْ صَرْفِ دِينَارٍ نَقْدًا امْتَنَعَ عِنْدَهُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَصرف فَيمْتَنع إِلَّا فِي الْقَلِيلِ وَيُجِيزُهُ أَشْهَبُ لِأَنَّهُ يُجِيزُ الْبَيْعَ وَالصَّرْفَ فِي عَقْدٍ أَوْ لِأَنَّهُ لَا يَرَى هَذَا مُعَاوَضَةً عَنِ الثَّمَنِ وَعَلَى

دَنَانِير مُؤَجّلَة تمْتَنع عِنْد ابْن الْقَاسِم لِأَن الْمِائَة وَجَبَ رَدُّهَا عِنْدَهُ أَخَذَ الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ بِتِسْعِينَ عَلَى أَنْ يُؤَخِّرَهُ بِالْعَشَرَةِ فَهُوَ بَيْعٌ وَسَلَفٌ فَيَجْرِي عَلَى أَحْكَامِ الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ وَيَجُوزُ عِنْدَ أَشْهَبَ وَكَذَلِكَ الدَّرَاهِمُ الْمُؤَجَّلَةُ يَمْنَعُهَا ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّهَا صَرْفٌ مُسْتَأْخِرٌ وَلَوْ صَالَحَهُ قَبْلَ نَقْدِ الْمِائَةِ مُعَجَّلَةً امْتَنَعَ لِأَنَّهُ عَبْدٌ وَدَنَانِيرُ فِي دَنَانِيرَ يَأْخُذُهَا مِنَ الْمُشْتَرِي إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُقَاصَّةَ مِنَ الثَّمَنِ فَكَأَنَّهُ أَسْقَطَ بَعْضَهُ لِلْعَيْبِ وَلَوْ صَالَحَهُ الْبَائِعُ عَلَى تِسْعِينَ يَأْخُذُهَا مِنْهُ وَيُؤَخِّرُ عَشَرَةً لَانْعَكَسَ التَفْرِيعُ عَلَى الْمَذْهَبَيْنِ فَيَجُوزُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ عَقْدٌ ثَانٍ عَلَى الْعَبْدِ بِتِسْعِينَ نَقْدًا وَعَشَرَةٍ مُؤَجَّلَةً وَيَمْتَنِعُ عِنْدَ أَشْهَبَ لِبَقَاءِ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ عَلَى حَالِهِ فَأَخَذَ مِنْ ثَمَنِهِ عَشْرَةً سَلَفًا حَتَّى لَا يَقُومَ بِالْعَيْبِ فَهُوَ سَلَفٌ لِلنَّفْعِ وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى دَرَاهِمَ أَوْ عَرْضٍ مُؤَخَّرٍ جَازَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيَمْتَنِعُ عِنْدَ أَشْهَبَ لِأَنَّهُ فَسْخُ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ فِي دَيْنٍ (فَهُوَ دَيْنٌ فِي دَيْنٍ) فَرْعٌ قَالَ الْوَضِيعَةُ فِي الصُّلْحِ لَازِمَةٌ لِأَنَّ ذِمَّةَ الْغَرِيمِ بَرِئَتْ مِنْهَا فَرْعٌ قَالَ الِافْتِدَاءُ مِنَ الْيَمِينِ بِالْمَالِ جَائِزٌ وَيَحْرُمُ أَخْذُهُ عَلَى الْمُبْطل

(كتاب الإجارة)

(كِتَابُ الْإِجَارَةِ) قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ هِيَ بَيْعُ الْمَنَافِعِ وَيُقَالُ أَجَرَ بِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ وَأَنْكَرَ بَعْضُهُمُ الْمَدَّ وَهُوَ مَنْقُولٌ وَأَصْلُ هَذَا كُلِّهِ الثَّوَابُ وَفِي الصِّحَاحِ الْأُجْرَةُ الْكِرَاءُ قُلْتُ وَلَمَّا كَانَ أَصْلُ هَذِهِ الْمَادَّةِ الثَّوَابَ عَلَى الْأَعْمَالِ وَهِيَ مَنَافِعُ خُصِّصَتِ الْإِجَارَةُ بِبَيْعَ الْمَنَافِعِ عَلَى قَاعِدَةِ الْعَرَبِ فِي تَخْصِيصِ كُلِّ نَوْعٍ تَحْتَ جِنْسٍ بِاسْمٍ لِتَحْصِيلِ التَّعَارُفِ عِنْدَ الْخِطَابِ كَمَا مَنَعَتْ فِي السّلم وَالصرْف وَغَيرهمَا مَعَ اندراجها تَحْتَ الْمُعَاوَضَةِ وَالْإِنْسَانِ وَالْفَرَسِ مَعَ انْدِرَاجِهِمَا تَحْتَ الْحَيَوَانِ وَقَدْ غَلَبَ وَضْعُ الْفِعَالَةِ بِالْكَسْرِ لِلصَّنَائِعِ نَحْوُ: الصِّنَاعَةُ وَالْخِيَاطَةُ وَالنِّجَارَةُ وَالْفَعَالَةِ بِالْفَتْحِ لِأَخْلَاقِ النُّفُوسِ الْجِبِلِّيَّةِ نَحْوُ: السَّمَاحَةُ وَالشَّجَاعَةُ وَالْفَصَاحَةُ وَالْفُعَالَةِ بِالضَّمِّ لِمَا يُطْرَحُ مِنَ الْمُحْتَقَرَاتِ نَحْوُ: الْكُنَاسَةُ وَالْقُلَامَةُ وَالنُّخَالَةُ وَالْفُضَالَةُ وَأَصْلُ مَشْرُوعِيَّتِهَا: قَوْله تَعَالَى {فَإِن أرضعن لكم فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ} وَقَوْلُهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنِ ابْنَةِ شُعَيْبٍ عَلَيْهِ السَّلَام: {قَالَت إِحْدَاهمَا يَا أَبَت اسْتَأْجرهُ} فَقَالَ لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِي حجج} وَشَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ

وَمَنَعَهَا بَعْضُ الْعُلَمَاءِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ مَا لَمْ يُقْدَرْ عَلَى تَسْلِيمِهِ عِنْدَ الْعَقْدِ وَلَيْسَ سَلَمًا فِي الذِّمَّةِ وَجَوَابُهُ: هَذِهِ النُّصُوصُ وَلِأَنَّ تَسْلِيمَ الرِّقَابِ تَسْلِيمُ مَنَافِعِهَا وَقَبْضَ الْأَوَائِلِ كَقَبْضِ الْأَوَاخِرِ وَفِي الْكِتَابِ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ: الْبَابُ الْأَوَّلُ: فِي أَرْكَانِهِ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ: الرُّكْنُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي: الْمُتَعَاقِدَانِ وَيشْتَرط أَهْلِيَّة الْمُعَامَلَة وَفِي النواد: قَالَ مُطَرِّفٌ وَعَبْدُ الْمَلِكِ: يَجُوزُ لَكَ إِجَارَةُ غَيْرِ الْبَالِغِ مِنْ نَفْسِهِ إِذَا عَقَلَ وَكَانَ نظرا وَيدْفَع لَا الْأُجْرَة وَيبرأ بِذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ شَيْئٌا لَهُ بَالٌ فَإِنْ كَانَ مُحَابَاةً فَعَلَيْكَ تَمَامُهَا وَكَذَلِكَ قُلْنَا فِي الْمَبِيعِ وَوَافَقَنَا (ح) وَقَالَ (ش) : لَيْسَ لِلصَّبِيِّ أَهْلِيَّةُ تَعَاطِي الْأَسْبَابِ الْقَوْلِيَّةِ وَلَا تَنْعَقِدُ مِنْهُ بِخِلَافِ الْفِعْلِيَّةِ كَالِاحْتِطَابِ وَنَحْوِهِ فَإِنْهُ يَمْلِكُ بِهَا وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْقَوْلِيَّةَ يَتَعَلَّقُ بِهَا إِلْزَامُ التَّسْلِيمِ وَهُوَ تَكْلِيفٌ يَأْبَاهُ طَوْرُهُ بِخِلَافِ الْفِعْلِيَّةِ. قَاعِدَةٌ: الْأَحْكَامُ قِسْمَانِ: أَحْكَامُ تَكْلِيفٍ تَتَوَقَّفُ عَلَى عِلْمِ الْمُكَلَّفِ وَقُدْرَتِهِ وَبُلُوغِهِ كَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَأَحْكَامُ وَضْعٍ وَهِيَ نَصْبُ الْأَسْبَابِ وَالشُّرُوطِ وَالْمَوَانِعُ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى ذَلِكَ كَالتَّوْرِيثِ بِالْأَنْسَابِ وَالطَّلَاقِ بِالْإِعْسَارِ والإضرار وترتيب الضَّمَان على إِتْلَاف المجانين والعاقلين وَنَحْوِ ذَلِكَ وَالْبَيْعُ وَالْإِجَارَةُ سَبَبَانِ فَمُقْتَضَى هَذِهِ الْقَاعِدَة صحتهما مَعَ الصَّبِيِّ فِي ذِي الْبَالِ وَغَيْرِهِ غَيْرَ أَنَّ الشَّرْعَ رَاعَى فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةَ صَوْنِ الْأَمْوَالِ عَنِ الضَّيَاعِ بِسَبَبِ قُصُورِ النَّظَرِ فَيَكُونُ الْحَقُّ مَا قُلْنَاهُ

فرع فِي الْكِتَابِ: كُرِهَ لِلْوَصِيِّ الشِّرَاءُ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ أَوْ يُؤَاجِرُهُ مِنْ نَفْسِهِ لِلتُّهْمَةِ فَإِنْ فَعَلَ أَمْضَى الْإِمَامُ الصَّوَابَ وَرَدَّ الضَّرَرَ وَكَذَلِكَ الْأَبُ فِي ابْنِهِ الصَّغِيرِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا كَانَتْ إِجَارَةُ الْوَصِيِّ فِيهَا حَيْفٌ وَفَاتَتْ كَانَ لَهُ الْأَقَلُّ مِنَ الْمُسَمَّى أَوْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِوُجُودِ السَّبَبَيْنِ فَإِنْ أَجَرَ يَتِيمَهُ (مِنْ نَفْسِهِ) مضى إِن كَانَ خيرا لَهُ والأرد فَإِنْ فَاتَ بِالْعَمَلِ فَلِلْيَتِيمِ الْأَكْثَرُ مِنَ الْمُسَمَّى أَوِ الْمِثْلُ وَكَذَلِكَ إِجَارَةُ الْأَبِ نَفْسَهُ مِنْ وَلَدِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَبُ فَقِيرًا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ فَلَهُ الْمُسَمَّى وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ إِذَا كَانَ الْمُسَمَّى يَقْتَضِي لَهُ بِهِ فِي النَّفَقَةِ وَإِلَّا سَقَطَ الزَّائِدُ وَإِنْ أَجَرَ الْوَالِدُ الْوَلَدَ مِنْ نَفْسِهِ وَمِثْلُهُ لَا يُؤَاجَرُ فُسِخَتِ الْإِجَارَةُ لِمُخَالَفَةِ الْعَادَةِ وَلَهُ إِجَارَةُ الْوَلَدِ الْمُوسِرِ إِذَا كَانَ خَيْرًا لَهُ لِأَنَّهُ تَنْمِيَةٌ لِمَالِهِ وَفِي الْكِتَابِ: إِنِ اشْتَرَى الْوَصِيُّ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ أُعِيدَ لِلسُّوقِ فَإِنْ زِيدَ عَلَيْهِ بَيْعٌ وَإِلَّا لَزِمَهُ مَا سَمَّى وَكَذَلِكَ كِرَاءُ الْبَهِيمَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْكِرَاءُ قَدْ فَاتَ فَيَسْأَلُ أَهْلَ الْمَعْرِفَةِ عَنْهُ فَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ غَرِمَهُ وَإِلَّا فَمَا سَمَّى قَالَ ابْنُ يُونُسَ: يَعْنِي بِالسُّوقِ: قَبْلَ أَنْ يُحَوِّلَ وَإِلَّا أَن كَانَ الشِّرَاء بِالْقيمَةِ مضى وبأقل غَرِمَ الزَّائِدَ فَإِنْ كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا لَا تُفيته حِوَالَةُ الْأَسْوَاقِ وَقَدْ زَادَ سُوقُهُ: فَالْأَشْبَهُ إِمْضَاؤُهُ وَلَا يُرَدُّ لِلسُّوقِ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ بِالْوَصِيِّ وَهُوَ لَمْ يَضُرَّ بِالْيَتِيمِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا اسْتَأْجَرَ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهِ امْتَنَعَ فَإِنْ وَقَعَ فَالْأَكْثَرُ مِنَ الْمُسَمَّى أَوْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِوُجُودِ السَّبَبَيْنِ كَالتَّعَدِّي فِي الدَّابَّةِ وَالْغَصْبِ فَإِنْ عَطِبَا فِي عَمَلٍ يُعْطَبُ فِي مِثْلِهِ: خُيِّرَ السَّيِّدُ بَيْنَ الْكِرَاءِ وَقِيمَةِ الْعَبْدِ لِوُجُودِ السَّبَبَيْنِ كَذَلِكَ وَفِي الصَّبِيِّ الْأَكْثَرُ مِنَ الْمُسَمَّى وَالْأُجْرَةُ وَالدِّيَةُ عَلَى

الْعَاقِلَة وَإِذا أنكر السَّيِّد أُذُنه لعَبْدِهِ غب الْإِجَارَةَ لَمْ يَضْمَنْ مُسْتَعْمِلُهُ بِأَجْرٍ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَتُهُ مِنَ الضَّمَانِ إِلَّا أَنْ يُؤَاجِرَهُ فِي غرر كالبئر ذَات الحمأة تَحت الجدرات وَإِنْ أَذِنَ السَّيِّدُ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي التَّغْرِيرِ بِنَفْسِهِ وَإِنْ سَافَرَ بِهِ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدُهُ ضَمِنَهُ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: سَوَاءٌ هَاهُنَا وَفِي كِتَابِ الِاسْتِحْقَاقِ بَيْنَ الْغَصْبِ وَالتَّعَدِّي وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي كِتَابِ الْغَصْبِ وَالْآبِقِ إِذَا اسْتَعْمَلَهُ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ ضَمِنَهُ فِي الْعَمَلِ الَّذِي لَا يُعْطَبُ فِي مِثْلِهِ لِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ كَالْغَاصِبِ وَإِذَا اسْتَعَانَهُ فِي الْخِيَاطَةِ فَعَطِبَ حَتْفَ أَنْفِهِ فَفِي تَضْمِينِهِ قَوْلَانِ فَإِنْ كَانَ الْعَمَلُ يُهْلِكُ غَالِبًا ضَمِنَ اتِّفَاقًا إِذَا هَلَكَ بِسَبَبِهِ وَإِلَّا فَخِلَافٌ وَيُضْمَنُ بِالسَّفَرِ اتِّفَاقًا هَلَكَ أَمْ لَا وَيُخَيَّرُ سَيِّدُهُ بَيْنَ الْقِيمَةِ وَالْأُجْرَةِ وَلَهُ الْأُجْرَةُ إِلَى يَوْمِ السَّفَرِ وَلَا يُضْمَنُ فِي السَّفَرِ الْقَرِيبِ الَّذِي لَا يَحْبِسُهُ عَنْ أَسْوَاقِهِ وَعَنْ مَالِكٍ: يُضْمَنُ الْعَبْدُ فِيْ الِاسْتِعَانَةِ فِيمَا مِثْلِهِ الْإِجَارَةُ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ فِيهِ فَقِيلَ: هَذَا خلاف ابْن الْقَاسِم لِأَنَّهُ لَا يضمن فِي الْإِجَازَة إِلَّا فِيمَا يعطب فِي مِثْلِهِ وَيُضْمَنُ فِي الِاسْتِعَانَةِ فِيمَا يُسْتَأْجَرُ عَلَى مِثْلِهِ وَإِنْ لَمْ يُعْطَبْ فِيهِ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي هِبَةِ مَنَافِعِ نَفْسِهِ وَهُمَا سَوَاءٌ عِنْدَ مَالِكٍ يُضْمَنُ فِيمَا فِي مثله الْإِجَازَة وَإِنْ كَانَ لَا يُعْطَبُ فِي مِثْلِهِ وَقِيلَ إِنَّهُ وِفَاقٌ فِي الِاسْتِعَانَةِ وَقِيلَ لَا ضَمَانَ فِيهَا إِلَّا فِيمَا يُعْطَبُ فِي مِثْلِهِ وَعَلَيْهِ حَمَلَ التُّونِسِيُّ مَذْهَبَ الْكِتَابِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا اسْتُؤْجِرَ الصَّبِيُّ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهِ أَمْضَاهُ وَلِيُّهُ إِنْ كَانَ نَظِرًا وَإِلَّا رَدَّهُ وَفِي الْكِتَابِ: إِذَا اسْتَعَانَ غَيْرَ بَالِغٍ فِيمَا فِي مِثْلِهِ الْإِجَارَةُ ضَمِنَهُ وَمَا لَا إِجَارَةَ فِيهِ كَمُنَاوَلَةِ النَّعْلِ وَنَحْوِهِ فَلَا عَقْلَ فِيهِ فِي حُرٍّ وَلَا عَبْدٍ قَاعِدَةٌ: أَسْبَابُ الضَّمَانِ ثَلَاثَةٌ: الْإِتْلَافُ كَإِحْرَاقِ الثَّوْبِ وَقَتْلِ الدَّابَّةِ

وَالتَّسَبُّبِ لِلْإِتْلَافِ كَحَفْرِ الْبِئْرِ لِيَقَعَ فِيهِ مَعْصُومُ الدَّمِ أَوِ الِاسْتِعْمَالِ فِي الْغَرَرِ وَوَضْعِ الْيَدِ غَيْرِ الْمُؤْمِنَةِ كَالْغَاصِبِ وَقَابِضِ الْمَبِيعِ بِالْعَقْدِ الْفَاسِدِ فَعَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ تَتَخَرَّجُ هَذِهِ الْفُرُوعُ الْمُتَقَدِّمَةُ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا بَلَغَ الْيَتِيمُ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ لَا يَلْزَمُهُ الْبَاقِي وَقَالَهُ (ش) و (ح) لِأَن الْأَقَل عَدَمُ نُفُوذِ تَصَرُّفِ الْإِنْسَانِ عَلَى غَيْرِهِ وَكَالْأَمَةِ تَعْتِقُ تَحْتَ الْعَبْدِ إِلَّا فِي الْيَسِيرِ كَالشَّهْرِ لِأَنَّهُ تَبَعٌ وَأَلْزَمَهُ أَحْمَدُ مُطْلَقًا لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْوَلِيِّ صَحِيحٌ وَالصَّحِيحُ لَا يَبْطُلُ وَجَوَابُهُ: إِنْ كَشَفَ الْغَيْبَ عَلَى أَنَّ الصِّحَّةَ مَخْصُوصَةٌ بِبَعْضِ الْمُدَّةِ فَإِنِ ادَّعَى الصِّحَّةَ مُطْلَقًا فَهِيَ مُصَادَرَةٌ وَلَا يُؤَاجِرُهُ وَصِيٌّ وَلَا أَبٌ بَعْدَ احْتِلَامِهِ لِزَوَالِ الحِجر وَأَمَّا كِرَاءُ رَبْعِهِ وَدَوَابِّهِ سِنِينَ فَاحْتَلَمَ بَعْدَ سَنَةٍ وَلَمْ يَظُنَّ بِهِ ذَلِكَ لَزِمَهُ الْبَاقِي لِأَنَّ الْوَلِيَّ مَعْذُورٌ وَلَوْلَا ذَلِكَ لتزلزلت قَوَاعِد تصرفه وَقَالَ غَيره لايلزمه إِلَّا فِيمَا قَلَّ كَالنَّفْسِ وَإِنْ ظَنَّ بِهِ بعد الْبلُوغ قبل الْعُمْدَة لَمْ يَلْزَمْهُ فِي نَفْسِهِ وَلَا فِي مِلْكِهِ لعدم الْعذر فِي التَّصَرُّف وَأما السَّفِينَة الْبَالِغُ يَعْقِدُ عَلَيْهِ وَلَيُّهُ أَوِ السُّلْطَانُ رَبْعَهُ أَو رَقِيقه فتلتزمه الْعُمْدَة إذاانتقل حَالُهُ لِأَنَّ انْتِقَالَهُ غَيْرُ مُنْضَبِطٍ بِخِلَافِ الْبُلُوغِ وَقَالَ غَيْرُهُ: إِنَّمَا يُؤَاجِرُ عَلَى مِثْلِ هَذَا هَذِهِ الْأَشْيَاءَ نَحْوَ السَّنَةِ لِأَنَّهُ غَالِبُ كِرَاءِ النَّاسِ وَلَهُ فَسْخُ مَا كَثُرَ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: ظَاهِرُ كَلَامِهِ يَقْتَضِي الْخُرُوجَ مِنَ الْإِيصَاءِ وَلَا خِلَافَ أَنَّ هَذَا لَا يَكُونُ فِي الْوَصِيِّ وَاخْتُلِفَ فِي الْأَبِ وَالْمَشْهُورُ التَّسْوِيَةُ بَلْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ بَلَغَ رَشِيدًا فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: لَيْسَ لَكَ كِرَاءُ رَبْعِ امْرَأَتِكَ إِلَّا بِإِذْنِهَا لِأَنَّهَا مُطْلَقَةُ التَّصَرُّفِ الرُّكْنُ الثَّالِثُ: الْأُجْرَةُ وَكُلُّ مَا صَحَّ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا فِي الْبِيَاعَاتِ صَحَّ أُجْرَةً لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ مُكَايَسَةٌ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَفِي الْكِتَابِ: يَصِحُّ طَحْنُ إِرْدَبٍّ بِدِرْهَمٍ وَقَفِيزٍ مِنْ دَقِيقِهِ وَمَنَعَهُ (ح) وَ (ش) لِأَنَّ الدَّقِيقَ مَعْدُومٌ لَيْسَ فِي الذِّمَّةِ وَالْمَعْدُومُ لَا يَصِحُّ إِلَّا فِي الذِّمَّةِ كَالسَّلَمِ وَجَوَابُهُ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ مَعْدُومٌ بَلْ هُوَ أَجْزَاءُ هَذَا الْقَمْحِ تَفَرَّقَتْ وَكَذَلِكَ الزَّيْتُونُ وَعَصْرُهُ بِنِصْفِهِ لِأَنَّهُمَا لَا يَخْتَلِفَانِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَلِجَوَازِ بَيْعِ نِصْفِهَا كَذَلِكَ فَإِنْ كَانَ يَخْتَلِفُ امْتَنَعَ وَتَمْتَنِعُ الْإِجَارَةُ عَلَى سلَم الشَّاةِ بِشَيْءٍ مِنْ لَحْمِهَا لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ قَبْلَ السَّلْخِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ: إِنْ هَلَكَ الْقَمْحُ قَبْلَ الطَّحْنِ انْفَسَخَتِ الْإِجَارَةُ لنعذر طَحْنِهِ أَوْ بُعْدِهِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ لِلطَّعَامِ وَكَانَتْ قِيمَةُ الْوَيْبَةِ أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ كَانَ الدِّرْهَمُ خُمْسَ الْأُجْرَةِ يَأْخُذُهُ أَوْ أُجْرَةَ الْمِثْلِ فِي الأَرْبَعَةِ ْأَخْمَاسِ وَعَنْ أَبِي الْحَسَنِ: إِذَا دَبَغَ جُلُودًا بِنِصْفِهَا قَبْلَ الدِّبَاغِ عَلَى أَنْ يَدْفَعَهَا كُلَّهَا فَإِنْ فَاتَتْ بِالدِّبَاغِ فَعَلَى الدَّبَّاغِ نِصْفُ قِيمَتِهَا يَوْمَ قَبْضِهَا وَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ لِحُصُولِ الْعَمَلِ وَإِنْ دَبَغَهَا بِنِصْفِهَا بَعْدَ الدِّبَاغِ فَدُبِغَتْ فَهِيَ كُلُّهَا لِرَبِّهَا لِفَسَادِ الْعَقْدِ بِسَبَب الْجَهَالَة بحالا المدبوغ وللدبّاغ أُجْرَة مثله وَإِن فَاتَت لِأَنَّهَا يومئذٍ عَلَى مِلْكِ رَبِّهَا وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِي الْجُلُودِ كُلِّهَا لِأَنَّهُ دَبَغَهَا عَلَى مِلْكِ رَبِّهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ: مَنَعَ مُحَمَّدٌ مَسْأَلَةَ الطِّحْنِ لِاخْتِلَافِ خُرُوجِ الدَّقِيقِ فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ ضَيَاعُ الْقَمْحِ إِلَّا مِنْ قَوْلِهِ: فَهَلْ يَغْرَمُهُ وَيَطْحَنُهُ وَيَأْخُذُ وَيْبَتَهُ لِأَنَّهُ

غَابَ عَلَيْهِ أَو يصدق مَعَ يمنيه أَوْ لَا يَطْحَنُ إِلَّا مَا قَابَلَ الدَّرَاهِمَ؟ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنْ طَحَنَهُ ثُمَّ ادَّعَى ضَيَاعَهُ غَرِمَهُ مَطْحُونًا وَاسْتَوْفَى وَيْبَتَهُ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فَإِنْ شَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ بِضَيَاعِهِ فَلَا ضَمَانَ وَلَا أُجْرَةَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِعَدَمِ تَسْلِيمِ الْعَمَلِ وَقِيلَ: يَأْتِي رَبَّهَ بِطَعَامٍ وَيَطْحَنُ مَا يَنُوبُ الدِّرْهَمَ لِأَنَّ الْعَقْدَ أَوْجَبَ لَهُ الدِّرْهَمَ فِي ذِمَّةِ رَبِّهِ وَقِيلَ: لَهُ الْأُجْرَةُ فَيَأْخُذُ الدِّرْهَمَ وَأُجْرَةَ الْمِثْلِ فِيمَا يَنُوبُ الْوَيْبَةَ وَيَجُوزُ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ الْإِجَارَةُ عَلَى الذَّبْحِ أَوِ السَّلْخِ برطل لحم لِأَنَّهُ يجوز بَيْعُ ذَلِكَ اعْتِمَادًا عَلَى الْحَبْسِ وَالْجَزْرِ لِصِفَةِ اللَّحْمِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: مَنَعَ ابْنُ حَبِيبٍ طَحْنَ الْقَمْحِ بِنِصْفِ دَقِيقِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَيْبَةِ: اخْتِلَافُ الرُّبُعِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يَمْتَنِعُ: إِنْ خِطْتُهُ الْيَوْمَ فَبِدِرْهَمٍ أَوْ غَدًا فَبِنِصْفِ دِرْهَمٍ أَوْ خِيَاطَةً رُومِيَّةً فَبِدِرْهَمٍ أَوْ عَرَبِيَّةً فَنصف دِرْهَمٍ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِأَنَّهُ كَبَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ فَإِنْ خَاطَ فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ لِفَسَادِ الْعَقْدِ وَقَالَ غَيْرُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأَوْلَى إِلَّا أَنْ تَزِيدَ عَلَى الدِّرْهَمِ أَوْ تَنْتَقِصَ مِنْ نِصْفِ دِرْهَمٍ فَلَا يُزَادُ وَلَا يُنْقَصُ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِذَلِكَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ: لَهُ تَعْجِيلُ الْخِيَاطَةِ وَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ عَلَى أَنَّهُ تَعَجَّلَ وَإِنْ أَخَّرَهَا فَعَلَى أَنَّهُ مُؤَخَّرٌ وَعَنْ مَالِكٍ فِي أُجَرَاءَ يَخِيطُونَ مُشَاهَرَةً فَيُدْفَعُ لِأَحَدِهِمُ الثَّوْبُ عَلَى إَنْ خَاطَهُ الْيَوْمَ فَلَهُ بَقِيَّةُ يَوْمِهِ وَإِلَّا عَلَيْهِ تَمَامُهُ فِي يَوْمٍ آخَرَ وَلَا يُحْسَبُ لَهُ فِي الشَّهْرِ: يَجُوزُ فِي الْيَسِيرِ الَّذِي لَوِ اجْتَهَدَ فِيهِ لَأَتَمَّهُ وَيَمْتَنِعُ فِي الْكَثِيرِ وَلَوِ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى تَبْلِيغِ كِتَابِهِ إِلَى بَلَدِهِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ الْإِجَارَةِ: إِنْ بَلَّغْتَهُ فِي يَوْمِ كَذَا فَلَكَ زِيَادَةُ كَذَا فَكَرِهَهُ وَاسْتَحْسَنَهُ فِي الْخِيَاطَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ قَالَ ابْنُ مَسْعَدَةَ: هُمَا سَوَاءٌ وَقَدْ أَجَازَهُمَا سَحْنُونٌ وَكَرِهَهُمَا غَيره

فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ مَالِكٌ: يَجُوزُ دَفْعُ الثَّوْبِ لِلْخَيَّاطِ وَتَرَاضِيهِ بَعْدَ الْفَرَاغِ عَلَى الْأُجْرَةِ لِذَهَابِ الْغَبْنِ وَعَنْهُ: الْمَنْعُ فِي الْجُعَالَةِ وَالْإِجَارَةِ بِغَيْرِ تَسْمِيَتِهِ لِلْجَهَالَةِ عِنْدَ الْعَمَلِ بِمَا يَتَرَاضَيَانِ بِهِ بَعْدَهُ فَرْعٌ قَالَ: إِذَا قُلْتَ: أَخِيطُهُ بِدِرْهَمٍ وَقَالَ: بِدِرْهَمَيْنِ فَخَاطَهُ فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا دِرْهَمٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لِأَنَّكَ أَعْلَمْتَهُ بِمَا تَرْضَى بِهِ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُ قَوْلَ سَاكِنِ الدَّارِ فَرْعٌ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إِذَا أَلْقَيْتَ مَتَاعَكَ بِفَلَاةٍ لِلْعَجْزِ فَحَمَلَهُ رَجُلٌ بِنَفْسِهِ فَلَكَ أَخْذُهُ وَإِعْطَاءُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَكَذَلِكَ الدَّابَّةُ لِرَبِّهَا أَخذهَا وَأَعْطَاهُ النَّفَقَةِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي قِيَامِهِ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ قَامَ لِنَفْسِهِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ كِرَاءُ الدَّابَّةِ عَلَى أَنَّ عَلَيْكَ رَحْلَهَا أَوْ نَقْلَهَا أَوْ عَلْفَهَا وَطَعَامَ رَبِّهَا أَوْ عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ طَعَامَكَ ذَاهِبًا وَرَاجِعًا وَإِنْ لَمْ تُوصَف النَّفَقَة لِأَنَّهُ مَعْلُوم عَادَة أَو كَذَلِك إِجَارَتُهُ بِكِسْوَتِهِ أَجَلًا مَعْلُومًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ: لَوْ وَجَدَهُ أَكُولًا لَهُ فَسْخُ الْإِجَارَةَ لِأَنَّهُ عَيْبٌ إِلَّا أَنْ يَرْضَى الْأَجِيرُ بِالْوَسَطِ وَلَيْسَ لَكَ إِطْعَامُهُ الْوَسَطَ إِذَا لَمْ يَرْضَ لِأَنَّ ذَلِك مَهْلَكَةٌ وَقِيلَ: يُطْعِمُهُ الْوَسَطَ لِأَنَّهُ الْعَادَةُ كَمَنْ أُجِرَ عَلَى حَمْلِ رَجلين فَأَتَاهُ بِقَارِحَيْنِ يَرُدُّهَا أَوْ يَحْمِلُ الْوَسَطَ وَالْفَرْقُ: أَنَّ الْمَحْمُولَ لَا يتَعَيَّن لِأَنَّهُ لومات لَمْ يُفْسَخِ الْكِرَاءُ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا فَوَجَدَهَا أَكُولَةً لَمْ يُفْسَخِ النِّكَاحُ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تُرَدُّ بِغَيْرِ الْعُيُوبِ الْأَرْبَعَةِ

من الْعُيُوب والكراء بِطَعَام مَضْمُون لايعين لَهُ أَجَلٌ وَلَا مَوْضِعُ قَبْضٍ وَلَا عَادَةٌ فَاسِدٌ وَمَنَعَ (ش) الْأُجْرَةَ بِالْمَؤُنَةِ وَالْكِسْوَةِ وَبِعِمَارَةِ الدَّارِ قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ وَجَوَّزَهُ أَحْمَدُ وَخَصَّ (ح) الْجَوَازَ بِالظِّئْرِ إِلْحَاقًا بِالزَّوْجَاتِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يَمْتَنِعُ الْكِرَاءُ بِمِثْلِ مَا يَتَكَارَى النَّاسُ لِلْجَهَالَةِ فَلَعَلَّهُ لَوِ اطَّلَعَ لَمْ يَرْضَ فَرْعٌ 379 قَالَ اللَّخْمِيّ: إِذا دفع خمسين قَالَ اللَّخْمِيّ: إِذا دفع خمسين جلدا لتدبغ بِخَمْسِينَ أُخْرَى جَازَ إِنْ شَرَطَ تَعْجِيلَهَا وَإِنْ شَرَطَ تَأْخِيرَهَا حَتَّى تُدْبَغَ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ مُعَيَّنٌ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ وَإِنْ سَكَتَ مَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ لَا تُسْتَحَقُّ إِلَّا بَعْدَ الْعَمَلِ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ: يَجُوزُ وَيَتَعَجَّلُ الْقَبْضُ نفيا للغرر ويحوز نِصْفُ هَذِهِ الْمِائَةِ بِنِصْفِهَا وَيَتَعَجَّلُ النِّصْفَ إِنْ كَانَتْ مُسْتَوِيَةً فِي الْقِيمَةِ وَإِلَّا امْتَنَعَ لِلْجَهْلِ بِمَا يُدْفَعُ مِنَ الْعَدَدِ لَا لِلْجَهْلِ بِالْأُجْرَةِ لِأَنَّ بَيْعَ نِصْفِهَا جَائِزٌ عَلَى الشِّيَاعِ فَإِنْ قَاسَمَهُ وَدَفَعَ جَمِيعَهَا فَلَهُ مَا أَخَذَهُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ قَبْضِهِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فِي الْبَعْضِ الْآخَرِ أَوْ دَبْغُ هَذِهِ الْمِائَةِ بِنِصْفِهَا يُمْنَعُ اتِّفَاقًا لِأَنَّ الْجَمِيعَ يَدْبُغُ عَلَى مِلْكِ الْمُؤَاجِرِ وَلَهُ النِّصْفُ بَعْدِ الدِّبَاغِ فَإِنْ شَرَعَ فِي الْعَمَلِ مَكَّنَ مِنَ التَّمَادِي فَإِنْ نَزعهَا مضرَّة وَكَذَلِكَ نَسْجُ الْبُرَدِ بِنِصْفِهِ فَإِنْ فَاتَتْ فِي يَدَيْهِ بَعْدَ الدِّبَاغِ بِحَوَالَةِ سُوقٍ فَمَا فَوْقَهُ وَقَدْ دُبِغَتْ عَلَى أَنَّهُ شَرِيكٌ فِيهَا: ضَمِنَ نِصْفَ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْفَرَاغِ وَيَخْتَلِفُ إِذَا قَالَ: لَكَ نَصِفُهَا مِنَ الْيَوْمِ عَلَى أَنْ تَدْبُغَ جَمِيعَهَا فَشَرَعَ فِي الدِّبَاغِ: هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ فَوْتًا وَيَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهَا أَوْ لَيْسَ بِفَوْتٍ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ مِنْ ذَلِكَ النِّصْفِ لَمَّا أَلْزَمَهُ أَنْ يَدْبُغَهُ؟ قَالَ: وَالْأَوَّلُ أَبْيَنُ

فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: أَكْرِ هَذِهِ الدَّابَّةَ وَلَكَ نِصْفُ الْكِرَاءِ يَمْتَنِعُ لِلْجَهَالَةِ وَالْكِرَاءُ لَكَ وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ إِذَا عَمِلَ عَلَيْهَا وَمَا حَصَلَ بَيْنَنَا فَالْمُتَحَصِّلُ لَهُ وَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ هَاهُنَا مُسْتَأْجِرٌ وَفِي الْأَوَّلِ أَجِيرٌ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: اعْمَلْ عَلَيْهَا فَمَا كَانَ بَيْنَنَا أَصْلُهُ: إِن كل مَا يَتَنَقَّلُ وَيَتَوَلَّى هُوَ النَّظَرُ فِيهِ فَكَمَا تقدم وَمَا لَا ينْتَقل وَينظر فِيهِ كالدباغ فَهُوَ أَجِيرٌ وَالْمَكْسَبُ لِرَبِّهِ وَيَسْتَوِي فِيهِ قَوْلُهُ: اعْمَلْ فِيهِ أَوْ آجِرْهُ فَإِنْ قَالَ: اعْمَلْ لِي عَلَيْهَا بِزِيَادَةِ قَوْلِهِ: (لِي) : فَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي رِوَايَةِ الْمُدَوَّنَةِ: كَسْبُهَا لِلْعَامِلِ وَزِيَادَتُهَا كَعَدَمِهَا وَفِي الْجَلَّابِ: زِيَادَتُهَا تُوجِبُ الْكَسْبَ لِرَبِّهَا لِأَنَّهُ أَضَافَ الْعَمَلَ لِنَفْسِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا قَالَ: اعْمَلْ عَلَيْهَا فَأَكْرَاهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: الْكَسْبُ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَلِصَاحِبِهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَفِي كِتَابِ الشُّفْعَة: الْكِرَاء لصَاحِبهَا لَا ضَمَانَ الْمَنَافِعِ مِنْهُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَإِنْ قَالَ: أكراها وَلَكَ نِصْفُ كِرَائِهَا فَأَكْرَاهَا لِلسَّفَرِ وَخَرَجَ مَعَهَا أَسْوَاقًا فَلَهُ حِصَّةُ السُّوقِ مَعَ الْكِرَاءِ وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ فِي تَوَلِّي الْعَقْدِ إِنْ كَانَ تَوَلَّى حِفْظَهَا بَعْدَ انْفِصَالِ الْكِرَاءِ وَرَدَّهَا فَلَهُ أَجْرٌ آخَرُ وَقَوْلُهُ فِي الشُّفْعَةِ يَعْمَلُ عَلَيْهَا سَوَاءٌ الْكِرَاءُ لِرَبِّهَا وَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَتَوَلَّى الْفِعْلَ وَلَوْ سَافَرَ بِهَا بِمَتَاعِهِ فَاكْتَرَى لَهُ وَلِصَاحِبِهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَأَمَّا الْحَمَّامُ وَالْفُرْنُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمَا دَوَابُّ وَلَا آلَاتُ الطَّحْنِ فَالْأُجْرَةُ لِلْعَامِلِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَإِنْ كَانَا بِدَوَابِّهِمَا وَصَاحِبُهُمَا يَشْتَرِي الْحَطَبَ أَوْ هُمَا فَالْأُجْرَةُ لِصَاحِبِهَا وَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ قَيِّمٌ فِيهِمَا وَكَذَلِكَ الْفُنْدُقُ هُوَ

قَيِّمٌ فِيهِ وَقَوْلُهُ: أَكْرِهِ وَاعْمَلْ عَلَيْهِ سَوَاءٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا قَالَ: اعْمَلْ عَلَى الدَّابَّةِ وَمَا حَصَلَ بَيْنَنَا فَعَمِلَ وَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا فَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْمِثْلِ لِاسْتِيفَائِهِ الْعَمَلَ قَالَ مُحَمَّدٌ: إِنْ لَمْ يُسَلِّمِ الدَّابَّةَ لَهُ بَلْ عَمِلَ مَعَهُ فَالْكَسْبُ لِرَبِّهَا وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ أَجِيرٌ مَعَهُ وَيَمْتَنِعُ: احْتَطِبْ عَلَى الدَّابَّةِ وَلِي نِصْفُ الْحَطَبِ بِخِلَافِ: لِي نَقْلَةٌ وَلَكَ نقلة لِأَن مِقْدَار النقلَة مَعْلُوم عاجة وَمِقْدَارَ الْحَطَبِ يَخْتَلِفُ بِكَثْرَةِ النَّقَلَاتِ وَقِلَّتِهَا وَأَجَازَهُمَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ لِأَنَّ احْتِطَابَ الدَّابَّةِ فِي الْيَوْمِ مَعْلُومٌ عَادَةً وَجَوَّزَ ابْنُ الْقَاسِمِ: اعْمَلْ عَلَيْهَا الْيَوْم لي وَلَك غَدا فَإِن علم لِنَفْسِهِ الْيَوْمَ ثُمَّ تَعَقَّبَ قَبْلَ الْعَمَلِ لِرَبِّهَا فَعَلَيْهِ كِرَاءُ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَإِنْ بَدَأَ بِالْعَمَلِ لِرَبِّهَا ثُمَّ تَعَقَّبَ دَفَعَ أُجْرَةَ عَمَلِهِ لِذَلِكَ الْيَوْمِ وَقِيلَ: إِنْ بَدَأَ بِيَوْمِ الْأَجِيرِ أَتَاهُ بِدَابَّةٍ أُخْرَى تَوْفِيَةً لِلْعَقْدِ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَإِنَّمَا يَجُوزُ مِثْلُ هَذَا خَمْسَةَ أَيَّامٍ بِخِلَافِ الشَّهْرِ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ تَتَعَجَّلُ بِشَرْطِ تَأْخِيرِ الْقَبْضِ مُدَّةً طَوِيلَةً وَهُوَ مَمْنُوعٌ وَيَجُوزُ: أَسْتَأْجِرُكَ أَوْ دَابَّتَكَ: الْيَوْمَ تَنْقُلُ كَذَا بِدَابَّتِي وَأَنْقُلُ لَكَ غَدًا بِخِلَافِ: أَعِنِّي بِكَسْبِ دَابَّتِكَ الْيَوْمَ وَأُعْطِيَكَ مَا تَكْسِبُ دَابَّتِي غَدًا وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ بَيْنَكُمَا أَوِ الْعَبْدِ قَالَ مَالِكٌ وَيَجُوزُ أَسْتَخْدِمُكَ أَنْتَ الْيَوْمَ وَأَنَا غَدًا أَوْ شَهْرًا بِشَهْرٍ وَمَنَعَ مُحَمَّدٌ إِلَّا فِي خَمْسَةِ الْأَيَّامِ وَنَحْوِهَا لِأَنَّهُ أُجْرَةٌ بِشَرْطِ التَّأْخِيرِ فِي الْمَعْنَى وَفِي النَّوَادِرِ: قَالَ مَالك: لايدفع دَابَّتَهُ بِنِصْفِ مَا يَحْطِبُ قَالَ مُحَمَّدٌ: يُرِيدُ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَأَمَّا الْحَطَبُ فَيَجُوزُ لِأَنَّ الْحَطَبَ يَنْضَبِطُ الْمُحَصَّلُ مِنْهُ عَادَةً وَالْأَسْعَارُ تَخْتَلِفُ فَرْعٌ فِي الْكتب: احْمِلْ طعاماًَ إِلَى مَوْضِعِ كَذَا وَلَكَ نِصْفُهُ: يَمْتَنِعُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ معينٍٍ (يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ: أَجَازَهُ أَشْهَبُ حَتَّى يُشْتَرَطَ التَّأْخِيرُ لعدم

تَعَيُّنِ الْفَسَادِ فَإِنْ نَزَلَ: قِيلَ: لِلْحَمَّالِ نَصِفُهُ وَعَلَيْهِ مِثْلُهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي حَمَلَهُ مِنْهُ وَله أُجْرَة الْمثل فِي النّصْف الآخر مابلغ وأعيب هَذَا لِأَنَّهُ يلْزم إذاهلك الطَّعَامُ أَنْ يَضْمَنَ نِصْفَهُ لِأَنَّهُ بِالْقَبْضِ فِي ذِمَّتِهِ بَلِ الطَّعَامُ كُلُّهُ لِرَبِّهِ وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ قَالَ: وهوالصواب كَمَسْأَلَة الْجُلُود وَغَيرهَا الْجُلُود لِرَبِّهَا وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ فَإِنِ ادَّعَيْتَ أَنَّ الْمُعَامَلَةَ وَقَعَتْ بِشَرْطِ التَّعْجِيلِ لِنَصِيبِهِ وَادَّعَى أَنَّهَا وَقَعَتْ بِشَرْطِ التَّأْخِيرِ صُدِّقْتَ لِأَنَّ الْأَصْلَ الصِّحَّةُ وَتَضْمَنُهُ مِثْلَ مَكِيلَةِ الْآخَرَ فِي مَوْضِعِ الْحَمْلِ وَلَا كِرَاءَ لَهُ لِأَنَّهُ الْبَلَاغُ فَإِنْ كَانَتْ عَادَةً صُدِّقَ مدَّعيها وَإِنْ كَانَتْ فَاسِدَةً فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ إِجَارَتُكَ على بِنَاء دراك هَذِه والجص وَالْآخر مِنْ عِنْدِهِ لِأَنَّ مِقْدَارَ الْعَمَلِ وَالْمُؤَنِ مَعْلُومٌ عَادَةً وَقَالَ غَيْرُهُ: يَجُوزُ ذَلِكَ قُبَالَةً إِذَا لَمْ يَشْتَرِطْ عَمَلَ يَدَيْهِ وَيُقَدِّمُ النَّقْدَ حَذَرًا مِنَ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ هَذِهِ إِجَارَةٌ وَبَيْعُ الْآجُرِّ وَالْجِصِّ فِي عَقْدٍ وَقَوْلُ الْغَيْرِ خِلَافٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنُ الْقَاسِمِ يُجِيزُ عَمَلَ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ لِأَنَّهُ شَرْعٌ فِي الْعَمَلِ وَقيل: إِنَّمَا يَصح قَول ابْن الْقَاسِمِ يُجِيزُ عَمَلَ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ لِأَنَّهُ شَرْعٌ فِي الْعَمَلِ وَقِيلَ: إِنَّمَا يَصِحُّ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ: إِمَّا عَلَى أَنْ يَعْمَلَ الْجِصَّ وَالْآجُرَّ بِيَدِهِ فَيَصِحُّ كَمَا يَأْخُذُ مِنَ الْخَبَّازِ وَالْجَزَّارِ كُلَّ يَوْمٍ مِقْدَارًا وَيُؤَخِّرُ الثَّمَنَ فَيَجُوزُ تَقْدِيمُ النَّقْدِ وَتَأْخِيرُهُ إِذَا شَرَعَ فِي الْعَمَلِ أَوْ يَكُونُ الْمُعَجَّلُ مِنَ الْآجُرِّ وَالْجِصِّ يَسِيرًا وَيَتَأَخَّرُ الْأَكْثَرُ مِثْلُ أَجَلِ السَّلَمِ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ فِي عَمَلِ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ فَامْتَنَعَ تَأْخِيرُ إِجَارَتِهِ لِأَنَّهُ عَقَدَ مَعَ عَمَلِهِ سَلَمًا فَإِنْ تَأَخَّرَ عَمَلُهُ لِأَجْلِ سَلَمِ الْآجُرِّ وَالْجِصِّ وَانْتَقَدَ الْأُجْرَةَ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ رَجُلٌ بِعَيْنِهِ قَالَ ابْن حَبِيبك كُلُّ مَا اسْتُعْمِلَ فِيهِ الصُّنَّاعُ فَهُوَ عَمَلٌ مَضْمُونٌ حَتَّى يُشْتَرَطَ عَمَلُ أَيْدِيهِمْ وَإِلَّا فَلَهُمُ اسْتِعْمَال غَيرهم

إِلَّا مِنَ الْعَادَةِ قَصْدُهُ لِجَوْدَةِ عَمَلِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: تَجُوزُ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ إِذَا شَرَعَ فِي الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَ الْأَيَّامِ الْيَسِيرَةِ وَيَجُوزُ فِيهَا الثَّمَنُ نَقْدًا أَوْ مُؤَجَّلًا وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ شَيْئًا نَقَدَ مَا يَنُوبُ الْمُدَّةَ وَمَا يَنُوبُ الْعَمَلَ انْتَقَدَ مِنْهُ كُلَّ مَا مَضَى يَوْمٌ بِقَدْرِ عَمَلِهِ فَإِنْ كَانَ الصَّانِعُ وَالْمُؤَنُ مَضْمُونَيْنِ جَازَ عَلَى أَحْكَامِ السَّلَمِ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَيُقَدَّمُ رَأْسُ الْمَالِ وَإِنْ كَانَ لِلْبِنَاءِ عِنْدَهُمْ زَمَنٌ مَعْلُومٌ حَمَلَا عَلَيْهِ إِنْ سَكَتَا وَإِنْ شَرَطَ الِابْتِدَاءَ بَعْدَ يَوْمٍ جَازَ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُسْلَمِ إِلَى ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْفَرَاغُ مِنَ الْعَمَلِ فِي الْيَوْمَيْنِ جَازَ تَأْخِيرُ رَأس المَال الأمد الْبعيد وَيكون الْمُعَجل دينا لِلْمُؤَجَّلِ وَإِنْ تَأَخَّرَ الْبِنَاءُ الْمُدَّةَ الْبَعِيدَةَ وَجَبَ تَقْدِيم رَأس المَال الْأَجَل الْمَضْمُونَ لِأَنَّ الْغَالِبَ تَرَاخِي الْبَنَّاءِ إِلَى أَجَلِ السَّلَمِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُتَأَخِّرُ الْمُؤَنَ أَوِ الْبِنَاءَ وَهَذَا كَانَ الْمُعَيَّنُ أَوِ الْمَضْمُونُ سَوَاءً أَوِ الْمَضْمُونُ الْأَكْثَرَ وَإِلَّا جَازَ تَأْخِيرُ جَمِيعِ الثَّمَنِ عِنْدَ أَشهب وَاخْتلف فِي المتساويين وَيشْتَرط تَقْدِيم مَا يَنُوب الْمَضْمُون وَتَأْخِير مَا ينونب الْمُعَيَّنَ هَلْ يَجُوزُ كَمَا لَوِ اشْتَرَطَا أَوْ يَفْسُدُ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْقُدْ جَمِيعَ مَا يَنُوبُ الْمُؤَجَّلَ؟ وَكُلُّ هَذَا إِنَّمَا يَجُوزُ إِذَا وُصِفَ الْبِنَاءُ بِعَدَدِ الْمَسَاكِنِ وَسِعَتِهَا وَعَرْضِ الْحَوَائِطِ وَارْتِفَاعِهَا وَإِنْ كَانَ الْمَصْنُوعُ مِنْهُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ وُصِفَ أَيْضًا فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يَمْتَنِعُ إِجَارَةُ بَيْتِ الرَّحَا مِنْ رَجُلٍ والرَّحا مِنْ آخَرَ وَدَابَّتِهَا مِنْ آخَرَ فِي كُلِّ شَهْرٍ بِكَذَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ لِلْجَهْلِ بِحِصَّتِهَا مِنَ الْأُجْرَةِ إِلَّا بالتقويم وَكَذَلِكَ فِي الِاسْتِحْقَاق وَإِجَارَة غَيره كجمع الرَّجُلَيْنِ سِلْعَتَيْهِمَا فِي عَقْدٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: فَإِنْ نَزَلَ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ أُجْرَةٌ مِثْلُهُ لِفَسَادِ الْعَقْدِ وَقِيلَ: تقسم الْأُجْرَة الْمُسَمَّاة على قدر أحد هَذِه الْأَشْيَاء

قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِنْ دَفَعَ لَهُ مَوْضِعًا يني فِيهِ رَحَا بِغَلَّةِ يَوْمٍ فِي الشَّهْرِ: الْغَلَّةُ لِلْعَامِلِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِجَهَالَةِ الْأُجْرَةِ وَيُخَيَّرُ بَيْنَ قَلْعِ الْبِنَاءِ وَإِعْطَائِهِ قِيمَتَهُ مَقْلُوعًا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ الْهَدْمَ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى: بَلْ قَائِمًا لِأَنَّهُ وَضَعَهُ بِإِذْنِهِ بِخِلَافِ الِاسْتِحْقَاقِ وَقِيلَ: لِلْبَانِي قِيمَةُ مَا دَخَلَ مِنْ خَشَبٍ وَآجُرٍّ وَجِصٍّ يَوْمَ وَضْعِهِ فِيهَا لِأَنَّ وَضْعَهُ كَتَسْلِيمِ رَبِّ الْأَرْضِ لَهُ وَلَهُ أُجْرَة عمله فِي ذَلِك وَالْغلَّة لرب الأَصْل وَيَرُدُّ فِي الطَّعَامِ مِثْلَ كَيْلِهِ فَإِنْ جَهِلَ الْكَيْلَ فَقِيمَةَ ذَلِكَ الْمِقْدَارِ دُونَ قَدْرِهِ حَذَرًا من الطَّعَام مُتَفَاضِلًا فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يَمْتَنِعُ تَعْلِيمُ الْعَبْدِ الْكِتَابَةَ سَنَةً بِنِصْفِهِ لِعَجْزِهِ عَنْ قَبْضِ نَصِيبِهِ قَبْلَ السَّنَةِ وَقَدْ يَمُوتُ فَيَذْهَبُ الْعَمَلُ بَاطِلًا وَيَجُوزُ عَلَى تَعْلِيمِهِ الْخِيَاطَةَ بِمَا يَخِيطُهُ مُدَّةَ التَّعْلِيمِ لِأَنَّهُ مُتَعَارَفٌ عَادَةً قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ: إِذَا نَزَلَ الْأَوَّلُ فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَالْعَبْدُ لِسَيِّدِهِ إِنْ جَعَلَهُ لَهُ بِصِفَتِهِ بَعْدَ السَّنَةِ وَإِنْ جَعَلَهُ لَهُ الْآنَ امْتَنَعَ أَيْضًا وَإِنْ فَاتَ الْعَبْدُ مِنْهُمَا وَعَلَى الْمُعَلِّمِ نِصْفُ قِيمَتِهِ لِلْآخَرِ وَعَلَى الْآخَرِ نِصْفُ قِيمَةِ تَعْلِيمِهِ قَالَ بعض الشُّيُوخ: إِذا دَفعه لَهُ يلعمله سَنَةً فَمَاتَ فِي نِصْفِ السَّنَةِ فَرُبَّمَا كَانَ أَجْرُ التَّعْلِيمِ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ الثُّلُثَيْنِ لِأَنَّ تَعْلِيمَهُ أَشَقُّ وَأَجْرُ عَمَلِهِ الثُّلُث لِضَعْفِ صَنْعَتِهِ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ وَفِي النِّصْفِ الثَّانِي الثُّلُثَيْنِ لِقُوَّتِهِمَا فَحِينَئِذٍ يُسْقِطُ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ نَصِفَهَا وَيُكَمِّلُ لَهُ الثَّانِيَ وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَعْمَلُ وَإِنِ اسْتَأْجَرَ الْعَبْدَ عَلَى حَمْلِ الطَّعَامِ إِلَى بَلَدٍ بِنِصْفِهِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ قَبْضَهُ الْآنَ وَلَا فِي الْبَلَدِ: فَعَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ: هُوَ على الْفساد

حَتَّى يَشْتَرِطَ الْقَبْضَ الْآنَ ويُجيزه غَيْرُهُ حَتَّى يَشْتَرِطَ تَأْخِيرَهُ لِلْبَلَدِ فَإِنْ شَرَطَ تَأْخِيرَهُ لِلْبَلَدِ وَحَمَلَ الطَّعَامَ: قِيلَ: يَكُونُ لِلْحَمَّالِ نِصْفُهُ وَعَلَيْهِ مِثْلُهُ فِي الْمَوْضِعِ الْمَحْمُولِ مِنْهُ وَلَهُ كِرَاؤُهُ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ وَقِيلَ: يَلْزَمُ عَلَى هَذَا لَوْ هَلَكَ الطَّعَامُ أَنْ يَضْمَنَ نِصْفَهُ لِأَنَّهُ بِالْقَبْضِ حَصَلَ فِي ذِمَّتِهِ وَهُوَ بَعِيدٌ لِأَنَّهُ إِنَّمَا جَعَلَهُ لَهُ بَعْدَ الْوُصُولِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأَوْلَى: إِذَا عَثُرَ عَلَيْهِ بَعْدَ السَّنَةِ لَهُ أُجْرَةُ الْمثل فَإِن فَاتَ بيد الْمعلم بِعْ السَّنَةِ فَالْعَبْدُ بَيْنَهُمَا وَعَلَى الْمُعَلِّمِ نِصْفُ قِيمَتِهِ يَوْمَ تَمَامِ السَّنَةِ مُعَلَّمًا وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَلَوْ شَرَطَ الْقَبْضَ الْآنَ فَفَاتَ بِيَدِ الْمُعَلِّمِ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ فَلَهُ نِصْفُ قِيمَةِ تَعْلِيمِهِ وَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ الْآنَ يَوْمَ قَبْضِهِ وَيَكُونُ بَيْنَهُمَا فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: أَجَازَ مَالِكٌ إِجَارَةَ شَهْرَيْنِ: شَهْرٌ بِخَمْسَةٍ وَشَهْرٌ بِثَلَاثَةٍ لِأَنَّ كُلَّ شَهْرٍ بِأَرْبَعَةٍ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ لِكُلِّ شَهْرٍ مَا سَمَّى لِتَقَعَ عَلَيْهِ الْمُحَاسَبَةُ عِنْدَ الْمَرَضِ أَوِ الْمَوْتِ لِأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ فِي بَيْعِهِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا أَرَادَ الصُّناع أَوِ الْأُجْرَاءُ تَعْجِيلَ الْأُجْرَةِ وَخَالَفْتَهُمْ حَمَلْتَهَا عَلَى الْعَادَةِ فَإِنْ فُقِدَتْ لَمْ يُقْضَ بِهَا إِلَّا بَعْدَ الْعَمَلِ لِأَنَّهَا أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ كَثَمَنِ الْبَيْعِ لَا يَسْتَحِقُّ إِلَّا بَعْدَ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ وَأَمَّا فِي الدَّارِ وَالرَّاحِلَةِ وَبَيْعِ السِّلَعِ فَيُقَدَّرُ مَا مَضَى لِأَنَّ الْمَدَدَ وَالرَّوَاحِلَ وَالسِّلَعَ فِي حُكْمِ الْمَبِيعِ الْمُتَعَدِّدَةِ وَلَيْسَ لِلْخَيَّاطِ بِقَدْرِ مَا خَاطَ مِنَ الْقَمِيصِ: لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْهُ عَلَى ذَلِكَ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا ضَاعَ بَعْدَ تَمَامِ الْخِيَاطَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا أُجْرَةَ لَهُ فَعَلَى هَذَا لَا يَسْتَحِقُّ بِخِيَاطَةِ بَعْضِهِ شَيْئًا لِعَدَمِ التَّسْلِيمِ وَقَالَ مَالِكٌ: لَهُ الْأُجْرَةُ فَيَكُونُ لَهُ من

الْأَجْرِ بِقَدْرِ الْعَمَلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ مُقَاطَعَةً لِأَنَّهُ لَوْ هَلَكَ بَعْدَ الْعَمَلِ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: كَرِهَ مَالِكٌ نَقْدَ الْكِرَاءِ فِي السُّفُنِ لِأَنَّهَا لَا تَجِبُ إِلَّا بَعْدَ الْبَلَاغِ وَجَوَّزَهُ ابْنُ نَافِعٍ وَقَالَ: لَهُ مِنَ الْكِرَاءِ بِحِسَابِ مَا بَلَغَ فَإِنْ عَطِبَ قَبْلَ الْإِقْلَاعِ وَادَّعَيْتَ النَّقْدَ صُدِّقَ عَلَيْكَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَلَا يَشْهَدُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ للتُّهمَةِ وَقيل: يجوز كَمَا فِي الطَّرِيقِ وَفِي الْجَوَاهِرِ: لَا يَتَعَيَّنُ تَعْجِيلُ الْأُجْرَةِ بِالْعَقْدِ لَكَنْ بِالشَّرْطِ أَوِ الْعَادَةِ أَوْ يُقَارِنُ الْعَقْدَ مَا يُوجِبُ التَّقْدِيمَ أَوْ يَسْتَلْزِمُ التَّأْخِيرَ مَحْذُورًا فِي الْعَرْضِ الْمُعَيَّنِ وَالطَّعْمِ الرَّطْبِ وَنَحْوِهَا وَإِلَّا فَلَا يَسْتَحِقُّ إِلَّا بِالتَّمْكِينِ مِنَ اسْتِيفَاءِ مَا يُقَابِلُ ذَلِكَ الْجُزْءَ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ: كُلَّمَا اسْتَوْفَى مَنْفَعَةَ يَوْمٍ وَجَبَ عَلَيْهِ أُجْرَتُهُ وَوَافَقَنَا (ح) وَقَالَ (ش) وَأَحْمَدُ: تَمْلِكُ بِالْعقدِ لَا لثمن فِي الْمَبِيعِ وَلِأَنَّ الْعَقْدَ سَبَبٌ لِمِلْكِ الْعِوَضَيْنِ وَالْأَصْل: ترَتّب المسيبات عَلَى أَسْبَابِهَا لَنَا: مَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (أَعْطُوا الْأَجِيرَ أَجْرَهُ قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ) فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ بَعْدَ الْعَمَلِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِن أرضعن لكم فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ} وَالْفَاءُ لِلتَّعْقِيبِ وَلِأَنَّ تَسْلِيمَ الْمَنْفَعَةِ شَيْئًا فَشَيْئًا فَتَكُونُ الْأُجْرَةُ كَذَلِكَ تَسْوِيَةً بَيْنَ الْعِوَضَيْنِ وَبِهِ يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْإِجَارَةِ وَالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ بَلْ يَنْقَلِب قياسهم فَتَقول: لم يسلم أحد لعوضين فَلَا يجب عَلَيْهِ تَسْلِيم الآخر كَالْبَيْعِ وَيَنْبَنِي عَلَى هَذَا الْمُدْرِكِ فَرْعَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمَنْفَعَةَ هَلْ تَحْدُثُ عَلَى مِلْكِ الْأَجِيرِ وَقَالَهُ (ح) وَهُوَ مُقْتَضَى أُصُولِنَا أَوْ عَلَى ملك الْآخِذ وَقَالَهُ (ش) وَأَحْمَدُ وَثَانِيهُمَا كَمَا قَالَ (ح) : أَنَّ الْأَجِيرَ لَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ إِلَّا بِأَحَدِ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: الِاسْتِيفَاءُ أَوِ الشَّرْطُ أَوِ التَّعْجِيلُ قَالَ: إِذَا أَعْتَقَ رَبُّ الدَّارِ الْعَبْدَ الْمُسْتَأْجَرَ بِهِ لَمْ يُنَفَّذْ عِتْقُهُ لِعَدَمِ مِلْكِهِ بِالْعَقْدِ فَإِنْ عَجَّلَهُ لَهُ نُفذ الْعِتْقُ وَلَوْ لَمْ يقبض العَبْد

حَتَّى سَكَنَ شَهْرًا مِنَ الْمُدَّةِ عُتِقَ عَلَى رَبِّ الدَّارِ حِصَّةُ الشَّهْرِ وَعَلَى الْمُؤَجِّرِ الْبَاقِي قَالَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ: إِنِ اسْتَأْجَرَ بِعَرْضٍ مُعَيَّنٍ وَالْعُرْفُ التَّأْخِيرُ فَسَدَ الْعَقْدُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إِلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ التَّقْدِيمُ وَصَحَّ عِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ: لِأَنَّ الْعُرْفَ الْفَاسِدَ لَا يَعْتَبِرُهُ الشَّرْعُ وَهُوَ أَصْلٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْمَدَنِيِّينَ وَيَكْفِي فِي الِاسْتِيفَاءِ التَّمَكُّنُ وَإِنْ لَمْ يَسْتَوْفِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ كَمَا لَوْ سَلَّمَ لَهُ الْمَبِيعَ فَتَلَفَ عِنْدَهُ فَرْعٌ وَفِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ النَّقْد فِي الْكِرَاء للرُّكُوب الْيَوْمَيْنِ وَنَحْوهمَا وَيمْتَنع فِي الشَّهْر لَيْلًا يَكُونَ تَارَةً بَيْعًا وَتَارَةً سَلَفًا وَمَنَعَ غَيْرُهُ كِرَاء كراؤها ذَلِك وَالْفرق وَالْفَرْقُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ: أَنَّ فِي الْبَيْعِ ضَمَانهَا من المُشْتَرِي فَهُوَ غرر فِي الْكِرَاءِ ضَمَانُهَا مِنَ الْمُكْرِي وَيَمْتَنِعُ النَّقْدُ فِي كِرَاءِ الْخِيَارِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْخِيَارَ فِي مَجْلِسِهِ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْبَتِّ وَيَصِيرُ فِي الْأَوَّلِ إِذَا اخْتَارَ الْإِمْضَاءَ أُخِذَ مِنَ الدَّيْنِ الَّذِي لَهُ كِرَاءُ رَاحِلَةٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ قَالَ مَالِكٌ فِي الْكِرَاءِ الْمَضْمُونِ لِلْحَجِّ فِي غَيْرِ إِبَانَةٍ: لَا يُؤْخَذُ النَّقْدُ كُلُّهُ بَلْ يَنْقُدُ الدِّينَارَيْنِ وَنَحْوَهُمَا وَكَانَ يَقُولُ: يَنْقُدُ ثُلُثَيِ الْكِرَاءِ وَفِي الْمَضْمُونِ إِلَى أَجَلٍ: نَحْوِ هَذَا وَلَوْ كَانَ مَضْمُونًا لِغَيْرِ أَجَلٍ وَشَرَعَ فِي الْقَبْضِ جَازَ غَيْرُ هَذَا لِأَنَّ قَبْضَ الْأَوَائِلِ كَقَبْضِ الْأَوَاخِرِ بِالْجُمْلَةِ وَامْتَنَعَ فِي الْأَوَّلِ تَأْخِيرُ الْجَمِيعِ لِأَنَّهُ كَرَأْسِ مَالِ السّلم وَإِنَّمَا جَار تَأْخِير الْقَبْض لَيْلًا يَذْهَبَ الْأَكْرِيَاءُ بِأَمْوَالِ النَّاسِ وَفِي الْكِتَابِ: إِذَا كَانَتِ الْأُجْرَةُ حَيَوَانًا فَتَشَاحَّا فِي النَّقْدِ وَلَمْ يَشْتَرِطَا شَيْئًا وَسُنَّةُ الْبَلَدِ: النَّقْدُ جَازَ قَبْضُهَا وَكَذَلِكَ كُلُّ مُعَيَّنٍ مِنَ الطَّعَامِ وَالْعُرُوضِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ سُنَّتُهُمُ النَّقْدَ امْتَنَعَ الْكِرَاءُ وَإِنْ تعجلت هَذِه

الْأَشْيَاءُ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَا النَّقْدَ لِأَنَّهُ مُعَيَّنٌ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ فَإِنْ كَانَتْ دَنَانِيرَ مُعَيَّنٍةً وَتَشَاحَّا فِي النَّقْدِ وَهُوَ الْعَادَةُ قُضِيَ بِهِ وَإِلَّا امْتَنَعَ الْكِرَاءُ إِلَّا أَنْ يُعجلها كَبَيْعِ سِلْعَةٍ بِدَنَانِيرَ بِبَلَدٍ آخَرَ عِنْدَ قَاضٍ أَوْ غَيْرِهِ إِنْ شَرَطَ ضَمَانَهَا إِنْ تَلِفَتْ جَازَ وَإِلَّا فَلَا وَكَذَلِكَ هَاهُنَا لَا يَجُوزُ إِلَّا إِنِ اشْتَرَطَ فِي الدَّنَانِيرِ إِنْ تَلَفَتْ فَعَلَيْهِ مِثْلُهَا وَيَمْنَعَ اشْتِرَاطَ هَذَا فِي الطَّعَامِ وَالْعَرْضِ فِي بَيْعٍ وَلَا كِرَاءَ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَيَّ الصَّفْقَتَيْنِ ابْتَاعَ وَجَوَّزَهُ غَيْرُهُ فِي الدَّنَانِيرِ وَإِنْ تَلَفَتْ ضَمِنَهَا وَإِنْ أَكْرَيْتَهُ لِمَكَّةَ بِعَرْضٍ أَوْ طَعَامٍ أَوْ دَنَانِيرَ مُعَيَّنَةٍ وَالْعَادَةُ التَّأْخِيرُ فَفَاتَ الْمَحَلُّ وَلَا فَسْخَ فَلَا بُدَّ مِنَ الْفَسْخِ لِفَسَادِ الْعَقْدِ وَقَالَهُ غَيْرُهُ (إِلَّا عَلَى الْجَائِزِ حَتَّى يُصَرِّحُوا بِالْفَسَادِ إِلَّا فِي الدَّنَانِيرِ لِأَنَّ تَعْيِينَهَا غَيْرُ مَقْصُودٍ وَإِنْ شَرَطَ فِي الْمُعَيَّنَاتِ أَن لَا يَنْقُدَ إِلَّا بَعْدَ يَوْمَيْنِ لَا يُعْجِبُنِي إِلَّا لِعُذْرٍ كَالتَّوَثُّقِ لِلْإِشْهَادِ وَنَحْوِهِ (وَلَا يُفْسَخُ لِقَوْلِهِ على الْأَصْلِ فِي تَصَرُّفِ الْمُسْلِمِينَ) الصِّحَّةُ لِقُرْبِ الْمُدَّةِ قَالَ صَاحب التَّنْبِيهَات: قَوْله بِالْفَسَادِ إِذا تعود وَالتَّأْخِير هُوَ عَلَى أَصْلِهِ فِي حَمْلِ السُّكُوتِ عَلَى الْعَادَةِ الْفَاسِدَةِ حَتَّى يُصَرِّحُوا بِالْجَائِزِ وَابْنُ حَبِيبٍ (يَحْمِلُ عَلَى الْجَائِزِ حَتَّى يُصَرِّحُوا بِالْفَسَادِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي تَصَرُّفِ الْمُسْلِمِينَ الصِّحَّةُ) فِي الْكِتَابِ: إِذَا طَلَبَ إِكْمَالَ الْكِرَاءِ قَبْلَ الرُّكُوبِ أَوْ بِسَيْرٍ قَرِيبٍ حَمَلْتَهَا عَلَى الْعَادَةِ فَإِنْ عَدِمْتَ فَكَالسُّكْنَى لَا يُعْطَى إِلَّا بِقَدْرِ مَا سَكَنَ وَإِنْ عَجَّلْتَ بِغَيْرِ شَرْطٍ فَلَا رُجُوعَ لَكَ فَرْعٌ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: يَمْتَنِعُ السَّلْخُ بِالْجِلْدِ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ: لِلْجَهْلِ بِصِفَتِهِ بَعْدَ

السَّلْخِ هِيَ رَقِيقٌ أَمْ لَا؟ سَالِمٌ مِنَ الْقَطْعِ أَمْ لَا؟ فَرْعٌ قَالَ: قَالَ ابْنُ حبيب: احصد زرعي كُله أَو طحن قَمْحِي كُلَّهُ وَلَكَ نِصْفُهُ يَمْتَنِعُ وَهُوَ كُلُّهُ لِرَبِّهِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَإِنْ تَلَفَ فَلَا أَجْرَ لَهُ وَإِنْ شَرَطَ أَنْ يُتْرَكَ مَتَى شَاءَ لِأَنَّهَا جُعَالَةٌ تَبْقَى لِلْجَاعِلِ بَعْدَ التَّرْكِ فَائِدَةٌ وَلَوْ قَالَ احْصُدْهُ أَوِ اطْحَنْهُ وَلَكَ نِصْفُهُ جَازَ لِأَنَّ الْأَوَّلَ اشْتَرَطَ الْجَمِيعَ وَقَدْ يَعْجِزُ عَنْهُ بِخِلَافِ الثَّانِي وَلَوْ قَالَ فَمَا خَرَجَ فَلَكَ نِصْفُهُ امْتَنَعَ لِلْجَهْلِ بِصِفَةِ الْخُرُوجِ وَالْأَوَّلُ مِلْكُهُ النِّصْفُ الْآنَ فَإِنِ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى الطَّحْنِ بِصَاعٍ مِنَ الدَّقِيقِ فَأُجِيزَ كَبَيْعِهِ وَمَنَعَ مُحَمَّدٌ لِأَنَّهُ قَدْ يَهْلِكُ بَعْدَ الْعَمَلِ فَيَذْهَبُ عَمَلُهُ مَجَّانًا وَفِي الْكِتَابِ يَجُوزُ طَحْنُ قَمْحِكَ هَذَا بفقيز مِنْهُ وَدِرْهَمٍ وَفِي النُّكَتِ: قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ: إِنْ هَلَكَ الْقَمْحُ قَبْلَ الطَّحْنِ انْفَسَخَتِ الْإِجَارَةُ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ قَبْضِ رَبِّهِ لَهُ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْقَفِيزِ أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ عَلِمْنَا أَنَّ الدَّرَاهِم خُمُسُ الْأُجْرَةِ فَيُدْفَعُ إِلَيْهِ الدِّرْهَمُ وَإِجَارَةُ مِثْلِهِ فِي طَحِينٍ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ الْقَمْحِ لِأَنَّ الْقَفِيزَ لَيْسَ فِي الذِّمَّةِ فَهَلَاكُهُ يُوجِبُ الْفَسْخَ فِيمَا يُقَابِلُهُ فَيَبْقَى بِغَيْرِ عقدٍ تَجِبُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَفِي النَّوَادِرِ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: احْصُدْ زَرْعِي وَلَكَ نِصْفُهُ فَيَحْصُدُهُ أَوْ بَعْضَهُ فَيَحْتَرِقُ فَضَمَانُهُ مِنْهُمَا وعله حَصَادُ مِثْلِهِ أَوْ مَا بَقِيَ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ بِأُجْرَتِهِ وَعَنْهُ أَيْضًا: عَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَةِ الزَّرْعِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ حَصَادُ نِصْفِهِ لِأَنَّ الزَّرْعَ يَخْتَلِفُ وَلَوْ قَالَ: مَا حَصَدْتَ فَلَكَ نِصْفُهُ فَالْمَحْصُودُ مِنْهُمَا وَمَا لَمْ يَحْصُدْ مِنْ رَبِّهِ لِعَدَمِ تَنَاوُلِ الْعَقْدِ إِيَّاهُ لِقَوْلِهِ: فَمَا حَصَدْتَ فَلَكَ نِصْفُهُ وَاحْصُدْهُ كُلَّهُ وَادْرُسْهُ وصفِّه وَلَكَ نِصْفُهُ فكله

مِنْ رَبِّهِ وَلِلْأَجِيرِ أَجْرُهُ لِفَسَادِ الْإِجَارَةِ فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ: تُمْنَعُ الرَّضَاعَةُ بِجُزْءٍ مِنَ الرَّضِيعِ بَعْدَ الْفِطَامِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِلْجَهْلِ بِصِفَتِهِ حينئذٍ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: تَجُوزُ سُكْنَى دَارٍ بِسُكْنَى دَارٍ أُخْرَى وَكُلُّ مَا جَازَ إِجَارَتُهُ جَازَ أَجْرُهُ وَقَالَهُ أَحْمَدُ وَ (ش) قِيَاسًا لِلْمَنَافِعِ عَلَى الْأَعْيَانِ وَجَوَّزَهُ (ح) فِي اخْتِلَافِ الْجِنْسِ كَالسُّكْنَى بِالْخِدْمَةِ وَمَنَعَهُ مَعَ اتِّحَادِهِ حَذَرًا مِنَ الدّين بِالدّينِ إِذا لَا يُتَصَوَّرُ إِلَّا مَعَ الِاتِّحَادِ وَجَوَابُهُ: لَا يَتَحَقَّقُ الدَّيْنُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الذِّمَّةِ ويتأخر وَهَذِه الْمَنَافِع فِي أَعْيَان أَو فِي للذمم وَقد شرع فِيمَا لَيست دَيْنًا فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا كَانَتِ الْأُجْرَةُ عَبْدًا بِعَيْنِهِ فَمَاتَ قَبْلَ قَبْضِكَ لَهُ فَهُوَ مِنْكَ كَالْبَيْعِ وَيَلْزَمُكَ الْكِرَاءُ وَلَوْ كَانَ فِي بَيْتِهِ فَوَصَفَهُ لَكَ فَهُوَ مِنْهُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ غَائِب على الصّفة وانتقص الْكِرَاءُ لِتَعَذُّرِ الْأُجْرَةِ وَلَكَ فِيمَا سَكَنَ أُجْرَةُ الْمثل وَكَذَلِكَ لَو اسْتحق أورد بِعَيْبٍ وَلَوِ اطَّلَعْتَ عَلَى الْعَيْبِ بَعْدَ هَلَاكِهِ رَجَعْتَ بِحِصَّةِ الْعَيْبِ وَانْتَقَصَ مِنَ الْكِرَاءِ بِقَدْرِهَا قَالَ ابْن يُونُس: قَالَ أَبُو اسحق الْبَرْقِيُّ: أُجْرَةُ الْمِثْلِ فِيمَا سَكَنَ وَمَا لَمْ يَسْكُنْ وَكَذَلِكَ اسْتِحْقَاقُ خِدْمَتِهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إِنْ كَانَ الْعَيْبُ كَثِيرًا يَضُرُّ بِالْمُشْتَرِي إِذَا رَجَعَ بِالسُّكْنَى خُيِّرَ بَيْنَ السُّكْنَى وَالرَّدِّ وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ ثَوْبِهِ مَعِيبًا

فَرْعٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: يَجُوزُ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِالْأَرْضِ: الْمَأْمُونَةِ بِالْمَأْمُونَةِ كَانَ الْعَمَلُ فِي عَامٍ وَاحِدٍ أَمْ لَا وَتَمْتَنِعُ الْمَأْمُونَةُ بِغَيْرِ الْمَأْمُونَةِ إِذَا قُدِّمَتِ الْمَأْمُونَةُ لِأَنَّهُ نَقْدٌ فِي غَيْرِ مَأْمُونٍ وَيَجُوزُ الْعَكْسُ فَإِنْ سَلِمَ زَرْعُهَا تَمَّ وَإِلَّا بَقِيَتِ الْمَأْمُونَةُ لِرَبِّهَا وَيَمْتَنِعُ فِي غَيْرِ الْمَأْمُونَتَيْنِ وَإِنْ عَمِلَا فِي عَامٍ وَاحِدٍ فَقَدْ سَلِمَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مِنْ أَرْضِ الْمَطَرِ وَهُمَا مُتَقَارِبَتَانِ وَعَمِلَا فِي عَامٍ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا اكْتَرَى بِدَنَانِيرَ لَمْ يَصِفْهَا وَالنَّقْدُ مُخْتَلِفٌ: فَسَخَ لِلْجَهَالَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَادَةً فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يُمْنَعُ كِرَاؤُهَا عَلَى أَنْ يَغْرِسَهَا شَجَرًا وَالثَّمَرَةُ لِلْمُكْتَرِي أَوِ الشَّجَرُ لَكَ لِلْجَهَالَةِ وَالْغَرَرِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: جَوَّزَهُ أَشْهَبُ إِذَا سَمَّى مِقْدَارَهَا كَالْبُنْيَانِ لَا يَدْرِي كَيْفَ يَكُونُ وَقِيلَ يَمْتَنِعُ فِيهِمَا إِذَا كَانَ الْبِنَاءُ يَتَغَيَّرُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وَقِيلَ: يَجُوزُ فِي الْبِنَاءِ وَحْدَهُ لِأَنَّهُ يَنْضَبِطُ فِي الْعَادَةِ أَكْثَرَ مِنَ الشَّجَرِ وَقِيلَ: يَمْتَنِعُ فِيهِمَا فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا تَشَاحَّا فِي النَّقْدِ فِي الْأَرْضِ وَثَمَّ عَادَةٌ قَضَى بِهَا وَإِلَّا فَإِن كَانَت تروى مُدَّة لُزُوم النَّقْدِ إِذَا رَوِيَتْ لِتَيَقُّنِ حُصُولِ الْمَنْفَعَةِ أَوْ تُرْوَى بِالسَّقْيِ وَالْمَطَرِ بَعْدَ الزِّرَاعَةِ فَلَا يَنْقُدُ إِلَّا بَعْدَ تَمَامِ ذَلِكَ لِتَوَقُّعِ التَّعَذُّرِ وَقَالَ غَيْرُهُ: إِنْ أَمْكَنَ السَّقْيُ تَعَيَّنَ النَّقْدُ فَإِنْ كَانَتْ تُزْرَعُ بُطُونًا كَالْبُقُولِ نَقَدَ كُلَّ بَطْنٍ حِصَّتَهُ بَعْدَ سَلَامَةِ مَنْفَعَتِهِ وَقَالَ غَيْرُهُ: يَنْقُدُ أَوَّلَ بَطْنٍ لِأَنَّهُ مَأْمُونٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الدُّورِ

وَالرَّوَاحِلِ وَبَيْنَ الْأَرَضِينَ غَيْرِ الْمَأْمُونَةِ: أَنَّهُ لَيْسَ بِحِسَابِ مَا مَضَى فِي الْأَرْضِ إِذَا عَطِشَ الزَّرْعُ وَفِيهِمَا كُلُّ وَقْتٍ يَمْضِي يَجِبُ كِرَاؤُهُ وَتَحْصُلُ مَنْفَعَتُهُ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يَمْتَنِعُ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِمَا تُنْبِتُهُ كَانَ طَعَامًا أَمْ لَا كَالْكَتَّانِ وَالْقُطْنِ تُنْبِتُهُ) أَمْ لَا كَاللَّبَنِ وَالسَّمْنِ وَالصَّبْرِ وَالْأَشْرِبَةِ وَالْأَنْبِذَةِ وَجَوَّزَهُ (ش) وَ (ح) بِالطَّعَامِ قِيَاسًا عَلَى الدُّورِ وَغَيْرِهَا لَنَا: مَا فِي مُسلم من نَهْيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنِ الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُزَابَنَةِ وَالْمُعَاوَمَةِ وَالْمُخَابَرَةِ فَائِدَةٌ: فِي الْكِتَابِ: الْمُحَاقَلَةُ شِرَاءُ الزَّرْعِ بِالْحِنْطَةِ وَكِرَاءُ الْأَرْضِ بِالْحِنْطَةِ وَهُوَ مِنَ الْحُقُولِ وَهِيَ الْمَزَارِعُ وَالْمُزَابَنَةُ: بَيْعُ الْمَعْلُومِ بِالْمَجْهُولِ مِنْ جِنْسِهِ وَالْمُعَاوَمَةُ بَيْعُ الثِّمَارِ أَعْوَامًا وَالْمُخَابَرَةُ: قَالَ فِي الْكِتَابِ: كِرَاءُ الأَرْض بِمَا يخرج مِنْهَا وَفِي الْمُقدمَات: الْخبز حرث الأَرْض وَمِنْه المخابزة أَيْضًا وَهِيَ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا (قلت) : قد ذَكَرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الْفَرْقَ بَيْنَ الْعَلِيمِ وَالْخَبِيرِ: أَنَّ الْخِبْرَةَ هِيَ إِدْرَاكُ الْأَشْيَاءِ الْخَفِيَّةِ وَالْعِلْمُ عَامٌّ فِي الْخَفِيَّةِ وَالْجَلِيَّةِ وَالْحَرْثُ إِظْهَارُ مَا خَفِيَ مِنَ الْأَرْضِ فَأَمْكَنَ أَنْ تَكُونَ الْمُخَابَرَةُ وَالْخِبْرَةُ مِنْ مَعْنًى وَاحِدٍ إِمَّا بِالْحَقِيقَةِ أَوْ بِالِاسْتِعَارَةِ فِي الْأَصْلِ ثُمَّ اشْتَهَرَتْ فِي الْحَرْثِ فَصَارَتْ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً عَامَّةً قَالَ: وَكَمَا يَخَافُ بِكِرَائِهَا بِبَعْضِ مَا تَنْبُتُ مِنَ الطَّعَامِ طَعَامٌ بِمِثْلِهِ إِلَى أَجَلٍ يَخَافُ مِنْ طَعَامٍ لَا تُنْبِتُهُ طَعَامٌ بِطَعَامٍ إِلَى أَجَلٍ قَالَ: وَيَمْتَنِعُ بِالْفُلْفُلِ وَزَيْتِ زَرِيعَةِ الْكَتَّانِ وَالزَّعْفَرَانِ أَوْ عُصْفُرٍ لَا تُنْبِتُهُ وَيَجُوزُ بِالْعُودِ وَالصَّنْدَلِ وَالْخَشَبِ وَالْعَيْنِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ سَحْنُونٌ: إِنَّمَا جَازَ الْعُودُ وَنَحْوُهُ لِأَنَّهَا أُمُورٌ يَطُولُ فِي الْأَرْضِ مُكْثُهَا وَقِيلَ: يَجُوزُ كِرَاؤُهَا شَهْرَيْنِ بِمَا لَا تنتبه إِلَّا

فِي سَنَةٍ قِيَاسًا عَلَى الْخَشَبِ وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ: جَوَازُ كِرَائِهَا بِالْحَشِيشِ لِأَنَّهُ لَا يُزْرَعُ وَلِهَذَا التَّعْلِيل إِشَارَة إِلَى غلَّة أُخْرَى فِي الْعود وَنَحْوه وَهُوَ إِنَّمَا يَنْبُتُ مِنَ الْأَرْضِ بِالْعِلَاجِ يَمْتَنِعُ أَوْ بِغَيْرِ عِلَاجٍ غَالِبًا كَالْعُودِ يَجُوزُ وَأَجَازَ ابْنُ نَافِعٍ كِرَاءَهَا بِسَائِرِ الطَّعَامِ إِلَّا الْحِنْطَةَ وَعَنِ ابْنِ كِنَانَةَ: يَمْتَنِعُ بِكُلِّ شَيْءٍ إِذَا أُعِيدَ فِيهَا يَنْبُتُ وَيَجُوزُ غَيْرُهُ مِنَ الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ لِتَعَذُّرِ التَّعَامُلِ فِي الطَّعَامِ قَالَ سَحْنُونٌ: كِرَاؤُهَا بِجُزْءِ مَا يُخْرِجُ مِنْهَا جُرْحَةٌ كَانَ ذَلِكَ مَذْهَبَهُ أَوْ قَلَّدَ فِيهِ غَيْرَهُ إِذَا عَلِمَ التَّجْرِيحَ لِتَظَافُرِ النُّصُوصِ بِالْمَنْعِ فِي ذَلِكَ فَيَمْتَنِعُ التَّقْلِيدُ وَإِنْ وَقَعَ فَكِرَاؤُهَا مِنَ الدَّرَاهِمِ وَحُكْمُ جَمِيعِ قُضَاةِ الْمَغْرِبِ بِقِيمَةِ ذَلِكَ الْجُزْءِ لِأَنَّ الْأَرْضَ لَا قِيمَةَ لَهَا بِالْمَغْرِبِ مِنَ النَّقْدَيْنِ وَيَجُوزُ كِرَاؤُهَا بِالْمَاءِ لِأَنَّهُ لَيْسَ طَعَامًا وَفِي النَّوَادِرِ: أَجَازَ ابْنُ نَافِعٍ بِالطَّعَامِ إِلَّا الْحِنْطَةَ وَأَخَوَاتِهَا إِذَا كَانَ مَا يُكْرَى بِهِ خِلَافَ مَا يُزْرَعُ فِيهَا فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِشَجَرٍ بِأُصُولِهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا يَوْمَئِذٍ ثَمَرٌ وَإِلَّا امْتَنَعَ كَمَا يَمْتَنِعُ شِرَاءُ شَجَرٍ فِيهَا ثَمَرٌ بِطَعَامٍ لِأَنَّهَا مُعَامَلَةٌ بِالطَّعَامِ وَيَجُوزُ بَيْعُ الْأَرْضِ بِذَلِكَ كَمَا تبَاعُ بِذَلِكَ بِالطَّعَامِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: يُرِيدُ بِالْمَنْعِ: إِذَا كَانَ فِيهَا ثَمَرٌ لَمْ يُؤَبَّرْ وَلَوْ أُبِّرَ لَجَازَ لِأَنَّهَا تَبَعٌ فَرْعٌ يَجُوزُ كِرَاءُ الْأَرْضِ يَقْبِضُهَا قَابِلًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ إِلَى عَشْرِ سِنِينَ وَلَيْسَ دَيْنًا بِدَيْنٍ لِأَنَّ الْأَرْضَ لَيْسَتْ فِي الذِّمَّة

فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا أَكْرَى بِخَمْرٍ وَدَرَاهِمَ فِي صَفْقَةٍ فَسَدَ الْجَمِيعُ وَإِنْ رَضِيَ بِتَرْكِ الْخَمْرِ وَلَيْسَ كَالْبَيْعِ وَالسَّلَفِ وَالْفَرْقُ: أَنَّ الْخَمْرَ جُزْءُ الثَّمَنِ فَهُوَ رُكْنُ الْعَقْدِ فَيَكُونُ الْفَسَادُ مُتَمَكِّنًا وَالْفَسَادُ فِي السَّلَفِ انْتِفَاعُهُ وَقَدْ أَسْقَطَهُ فَبَطَلَتِ الْمَفْسَدَةُ فَرْعٌ إِذَا حَلَّ كِرَاؤُهَا لَا يَفْسَخُهُ فِي ثِيَابٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهَا إِلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ فَرْعٌ يُمْنَعُ: إِذَا زَرَعْتَ شَعِيرًا فَبِكَذَا أَوْ قَمْحًا فَبِكَذَا أَوْ إِمَّا بِهَذَا الثَّوْبِ أَوْ بِهَذَا الْعَبْدِ لِأَنَّ الثَّمَنَ مُعَيَّنًا أَوْ مَضْمُونًا عَلَى اللُّزُومِ لِأَنَّهُ بَيْعَتَانِ فِي بَيْعَةٍ وَيَجُوزُ عَلَى عَدَمِ اللُّزُومِ لكل وَاحِد مِنْكُمَا لتجرد اللُّزُوم عِنْد التعين عَلَى مَعْلُومٍ حِينَئِذٍ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يَمْتَنِعُ كِرَاؤُهَا بِنِصْفِ مَا تُنْبِتُهُ مِنْ قَمْحٍ وَنَحْوِهِ لِلْجَهَالَةِ بِخِلَافِ: اغْرِسْهَا نَخْلًا أَوْ شَجَرًا فَإِذَا بَلَغَتْ كَذَا وَكَذَا سَعْفَةً أَوِ الشَّجَرُ قَدْرَ كَذَا فَالْأَرْضُ وَالشَّجَرُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ أَوْ عَلَى أَنَّ البُنيان وَالْأَرْضَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ كِرَاءَ الْأَرْضِ بِذَلِكَ جَائِزٌ ابْتِدَاءً وَإِنْ قُلْتَ: فَالْأُصُولُ بَيْنَنَا فَقَطْ مَعَ مَوَاضِعِهَا مِنَ الْأَرْضِ جَازَ وَإِنِ اشْتَرَطَ الْمَوَاضِعَ وَشَرَطْتَ بَقَاءَهَا فِي أَرْضِكَ حَتَّى تَبْلُغَ امْتَنَعَ لِلْجَهَالَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا اكتراها بِنصْف مَا يخرج مِنْهَا فالزرع للزَّرْع وَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْمِثْلِ لِأَنَّ الْعَمَلَ وَالزَّرْعَ مِنْ عِنْدِهِ فَأَشْبَهَ الشَّرِكَةَ الْفَاسِدَةَ إِذَا أَخْرَجَ

أَحَدُهُمَا الْأَرْضَ وَالْآخِرُ الْبَذْرَ وَالْعَمَلَ قَالَ: وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ: نِصْفُ الزَّرْعِ أَفَاتَهُ الْعَامِلُ فِي نِصْفِ الْأَرْضِ بِإِذْنِهِ فَعَلَى رَبِّ الْأَرْضِ نِصْفُ الْبَذْرِ وَأُجْرَةُ الْعَامِلِ فِيهِ وَيَتَرَقَّبُ نِصْفَ الْعَامِلِ الَّذِي زَرَعَ لِنَفْسِهِ إِنْ تَمَّ أَدَّى الْكِرَاء وَإِلَّا سقط عَنهُ مَا زَرَعَهُ لِنَفْسِهِ وَأَمَّا إِجَارَتُهُ فِي نِصْفِ رَبِّ الْأَرْضِ فَثَابِتَةٌ تَمَّ الزَّرْعُ أَمْ لَا وَمُقْتَضى قَوْله: إِن الأَرْض بيني وَبَيْنك نِصْفَيْنِ: أَنْ يَكُونَ زَرَعَ نِصْفَ الزَّرِيعَةِ لِرَبِّ الْأَرْضِ فَيَكُونَ عَلَيْهِ مِثْلُهَا لِأَنَّ أَرْضَهُ قَبْضَتُهُ وَلِلْعَامِلِ إِجَارَتُهُ فِي زَرْعِ نِصْفِ الْأَرْضِ وَيُنْتَظَرُ الَّذِي زَرَعَهُ الْعَامِلُ لِنَفْسِهِ فَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْمِثْلِ إِنْ حَكَمَ بِالْفَسْخِ فِي إِبَّانِ الزِّرَاعَةِ وَتَمَّ زَرْعُهُ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِالْفَسْخِ حَتَّى تَمَّ الزَّرْعُ فَلَا كِرَاءَ عَلَيْهِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يَمْتَنِعُ دَفْعُ أَرْضِكَ لِيَزْرَعَ لَكَ فِيهَا حِنْطَةً مِنْ عِنْدِكَ بِبَعْضِ أَرْضِكَ يَزْرَعُهُ لِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ كِرَاؤُهَا بِمَا تُنْبِتُهُ بِخِلَافِ: تَزْرَعُهَا بِحَبِّكَ عَلَى أَنَّ لَهُ بَعْضًا مِنْ أَرْضٍ أُخْرَى غَيْرِ مَزْرُوعَةٍ لِأَنَّ الْأَرْضَ قُبَالَةُ الْعَمَلِ دُونَ الْبَذْرِ كَمَا يَجُوزُ غَرْسُهُ لَكَ نَخْلًا بِأَرْضٍ أُخْرَى فَرْعٌ قَالَ الْأَبْهَرَيُّ: إِذَا تَكَارَى لِلْحَجِّ فِي غَيْرِ إِبَّانِهِ لَا يُؤَخَّرُ النَّقْدُ لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ فَرْعٌ قَالَ: يَمْتَنِعُ حَمْلُ الزَّرْعِ عَلَى أَنَّ لَهُ فِي كُلِّ مِائَةِ إِرْدَبٍّ يخرج عشرَة

أَرَادِبَّ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي كَمْ إِرْدَبٍّ يَخْرُجُ وَيَجُوزُ بِالْقَتَّةِ لِأَنَّهَا تُحْرَزُ الرُّكْنُ الرَّابِعُ: الْمَنْفَعَة وَلَهَا ثَمَانِيَةُ شُرُوطٍ: أَنْ تَكُونَ مُبَاحَةً جَائِزَةَ الدَّفْعِ لِلْعَبْدِ مُتَقَوِّمَةً مَمْلُوكَةً غَيْرَ مُتَضَمِّنَةٍ اسْتِيفَاءَ عَيْنٍ بِالْأَصَالَةِ مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهَا حَاصِلَةً لِلْمُسْتَأْجِرِ مَعْلُومَةً فَتُذْكَرُ هَذِهِ الشُّرُوطُ بِمَدَارِكِهَا وَفُرُوعِهَا مَبْسُوطَةً إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى الشَّرْطُ الْأَوَّلُ: الْإِبَاحَةُ احْتِرَازًا مِنَ الْغِنَاءِ وَآلَاتِ الطَّرَبِ وَنَحْوِهِمَا لِأَنَّ ثُبُوتَ الْمِلْكِ عَلَى الْعِوَضِ فَرْعُ ثُبُوتِهِ عَلَى المعوض وَلقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (إِنَّ اللَّهَ إِذَا حَرَّمَ شَيْئًا حَرَّمَ ثَمَنَهُ) وَلقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ حُرمت عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ فَبَاعُوهَا وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا) قَالَ سَنَدٌ فِي كِتَابِ الصَّرْفِ: بَيْعُ أَوَانِي الذَّهَبِ جَائِزٌ إِذَا اشْتَرَاهَا لِبَيْعِهَا مِنَ الذِّمَّةِ أَوْ مِمَّنْ يَتَّجِرُ فِيهَا كَثِيَابِ الْحَرِيرِ الْمَخِيطَةِ لِلرِّجَالِ أَوْ لِيَدَّخِرَهَا لِلزَّمَانِ لِتُبَاعَ عِنْدَ الْحَاجَةِ مِنْ غَيْرِ انْتِفَاعٍ لِأَنَّ النَّهْيَ إِنَّمَا وَرَدَ فِي الِانْتِفَاعِ وَالِاسْتِصْنَاعُ يَتَخَرَّجُ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ وَفِي الْجَوَاهِرِ: قَالَ ابْنُ الْجَلَّابِ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ: اقْتِنَاؤُهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِعْمَالٍ مُحرم قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ: لَوْ لَمْ يَجُزِ اتِّخَاذُهَا لَفُسِخَ بَيْعُهَا وَقَدْ أَجَازَهُ فِي الْكِتَابِ: قَالَ ابْنُ شَاسٍ: هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ تَمَلُّكَهَا يَجُوزُ إِجْمَاعًا بِخِلَافِ اتِّخَاذِهَا بَلْ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي مَنْعِ الْإِجَارَةِ عَلَيْهَا وَعَدَمِ الضَّمَانِ عَلَى مُتلفها مِنْ غَيْرِ جَوْهَرِهَا فَالْمُخَالِفُ يُجِيزُ الْإِجَارَةَ وَيُوجب الضَّمَان وَفِي الْكِتَابِ: يُكْرَهُ لِلْأَعْزَبِ إِجَارَةُ الْحُرَّةِ لَيْسَ بَينه لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا مَحْرِمٌ أَوْ أَمَةٌ يَخْلُو مَعَهَا أَوْ يُزَامِلُهَا فِي الْمَحْمَلِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: يُحْرَمُ فِي الْأَعْزَبِ كَانَ مَأْمُونًا أَمْ لَا لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (لَا يَخْلُو رجل بِامْرَأَة

لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا مَحْرِمٌ) وَيَجُوزُ فِي الْمَأْمُونِ ذِي الْأَهْلِ وَتَمْتَنِعُ فِي غَيْرِ الْمَأْمُونِ ذِي الْأَهْلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ مُتَجَالَّةً لَا رَغْبَةَ لِلرِّجَالِ فِيهَا أَوْ شَابَّةً وَهُوَ شَيْخٌ فَانٍ فَرْعٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِجَارَةُ الحمَّامات لِلرِّجَالِ جَائِزَةٌ إِذَا كَانُوا يَدْخُلُونَ مُسْتَتِرِينَ وَلِلنِّسَاءِ إِذَا كُنَّ يَسْتَتِرْنَ فِي جَمِيعِ أَجْسَادِهِنَّ وَمَمْنُوعَةٌ إِذَا كُنَّ يَتْرُكْنَ السُّتْرَةَ جُمْلَةً وَمُخْتَلَفٌ فِيهَا إِذَا كُنَّ يَدْخُلْنَ بِالْمِئْزَرِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ بِالنِّسْبَةِ للْمَرْأَة كَالرّجلِ بِالنِّسْبَةِ للرجل أَمْ لَا وَفِي التِّرْمِذِيَّ (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَدْخُلِ الْحَمَّامَ إِلَّا بِمِئْزَرٍ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُدْخِلْ حَلِيلَتَهُ الْحَمَّامَ) وَأَطْلَقَ (ش) وَ (ح) جَوَازَ الْإِجَارَةِ لِلْحَمَّامِ وَكَرِهَهَا أَحْمَدُ لِأَنَّهَا مَوْضِعُ النَّجَاسَاتِ وَالْقَاذُورَاتِ وَمَأْوَى الشَّيَاطِينِ وَمَا ذَكَرْنَا مِنَ التَّفْصِيلِ أَلْيَقُ فَإِنَّ حَاجَةَ أَكْثَرِ النَّاسِ تَدْعُو إِلَى دُخُولِهَا لِطُهْرِ الْحَيْضِ وَالْجَنَابَةِ وَإِزَالَةِ الْأَوْسَاخِ وَمُدَاوَاةِ الْأَمْرَاضِ مَعَ أَنَّ صَاحِبَ الْجَوَاهِرِ قد نقل الْإِجْمَاع على امْتنع دُخُولِهَا مَعَ مَنْ لَا يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ فَرْعٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَيَمْتَنِعُ إِجَارَةُ الْحَوَانِيتِ وَالدُّورِ إِذَا كَانَ يُفْعَلُ فِيهَا الْمُحَرَّمَاتُ كَبَيْعِ الْخُمُورِ وَالْمَغْصُوبِ وآلات الحروب لِأَن الْغَالِب الْيَوْم أَن لَا يُقَاتل بهَا إِلَّا الْمُسلمُونَ فَإِن تَصَدَّقَ بِالْكِرَاءِ فَإِنْ أَجَرَهُ مِنْ يَهُودِيٍّ يُرَابِي فِيهِ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ دِينِهِمْ إِنْ عَمِلَهُ هُوَ وَالذِّمَّةُ وَإِلَّا لَمْ يُؤَاجِرْ وَيَمْتَنِعُ مِنْ ذِمِّيٍّ يَبِيعُ الْخَمْرَ فِيهِ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُعْطُوا الْعَهْدَ عَلَى إِعْلَانِ الْخَمْرِ وَلَا يُؤَاجِرُ دَارَهُ مِمَّنْ يَعْمَلُهَا

كَنِيسَةً فَإِنْ نَزَلَ فَسَخَ مِنَ الْقِيَامِ وَتَصَدَّقَ بِالْأُجْرَةِ إِنْ فَاتَ وَقِيلَ: إِذَا أَجَرَهُ لِلْخَمْرِ فَفَاتَ لَمْ يَفْسَخْ أَوْ دَابَّتَهُ لِلرَّوَاحِ إِلَى الْكَنِيسَةِ لِأَنَّهُ بَاعَ مَنَافِعَ يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهَا إِنَّمَا الْمُنْتَفِعُ فَعَلَ مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ فَلَوْ أَجَرَ الذِّمِّيُّ لِيَبِيعَ خَلًّا فَبَاعَ خَمْرًا لَا يَخْتَلِفُ لِمُسَاوَاةِ الْخَمْرِ وَالْخَلِّ فِي الضَّرَرِ فَلَوْ أَكْرَاهُ لِيَسْكُنَ فَبَاعَ الْخَمْرَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ الكري قُوِّمَتِ الدَّارُ ثَلَاثَ قِيَمٍ: لِلسُّكْنَى وَقِيمَةُ مَا يَضُرُّ كَمَضَرَّةِ الْخَمْرِ وَقِيمَتُهُ مَعَ الْخَمْرِ وَتَصَدَّقَ بِمَا يُزَادُ لِأَجْلِ الْخَمْرِ فَإِنْ عَلِمَ بِذَلِكَ تَصَدَّقَ بِالْجَمِيعِ كَأَنَّهُ فَسْخُ الْأَوَّلِ فِي الثَّانِي لَمَّا عَلِمَ بِالثَّانِي وَقِيلَ: لَا يَتَصَدَّقُ فَلَوْ أكره لِبَيْعِ الْخَمْرِ فَصَرَفَ ذَلِكَ لِلسُّكْنَى كَانَ الْكِرَاءُ لِلْمَكْرِيِّ لِأَنَّ الْأَوَّلَ غَيْرُ مُنْعَقِدٍ وَإِقْرَارُ الثَّانِي عَقْدٌ آخَرُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ كِرَاءُ الثَّانِي أقل فيحط عَنهُ مَا بَين الكرائين قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ فَإِنْ تَعَدَّى عَلَى الْحَانُوتِ فَبَاعَ فِيهَا الْخَمْرَ تَعَدِّيًا أَخَذَ كِرَاءَهَا إِنْ كَانَ الْمُتَعَدِّي ذِمِّيًّا وَلَا شَيْءَ لَهُ إِنْ كَانَ مُسْلِمًا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ مَعْدُومَةٌ شَرْعًا وَلَهُ الْأُجْرَةُ عِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَا يَكْسِبُ إِلَّا بِثَمَنِ الْخمر وَفِي الْكتاب: لَا يكْرِي دَابَّته لتركيب لِعِيدِهِمْ وَشَاتَهُ لِتُذْبَحَ لِذَلِكَ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ: تَقُومُ الدَّارُ بِغَيْرِ شَرْطِ كَوْنِهَا كَنِيسَةً وَيَتَصَدَّقُ بِمَا بَيْنَ الثَّمَنَيْنِ إِنْ بَاعَ وَبِالْكِرَاءِ كُلِّهِ إِنْ أَجَرَ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ الْمُحَرَّمَةَ لَا تُقَابَلُ بِالْأَعْوَاضِ وَإِجَارَةُ الْمُسْلِمِ نَفْسَهُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: لِرِعَايَةِ الْخَنَازِيرِ وَحَمْلِ الْخَمْرِ تُفْسَخُ أَبَدًا فَإِنْ فَاتَ تَصَدَّقَ بِالْأُجْرَةِ وَعَلَى الْخِدْمَةِ وَالْمِهْنَةِ تُفْسَخُ أَبَدًا فَإِنْ فَاتَا لَمْ يَتَصَدَّقْ لِأَنَّهَا قُبَالَةُ مَنْفَعَةٍ مُبَاحَةٍ وَإِنَّمَا مُنعت لِوَصْفٍ خَارِجٍ وَهُوَ إِهَانَةُ الْإِسْلَامِ وَعَلَى شَيْءٍ لَا يَكُونُ فِيهِ تَحْتَ يَد الذِّمِّيّ وَلَا مهنة كَالْقِرَاضِ وَالْحِرَاسَةِ فَإِذَا نَزَلَ مَضَى الْمُسَمَّى وَيُكْرَهُ فِي الْكِتَابِ: أَنْ يَكُونَ عَامِلَ قِرَاضٍ لِلذِّمِّيِّ وَكَرِهَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِجَارَتَهُ لِلْحِرَاسَةِ لَهُ وَالْحَرْثِ وَالْبناء لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:

السَّلَامُ (الْإِسْلَامُ يَعْلُو وَلَا يُعلى عَلَيْهِ) قَالَ اللَّخْمِيُّ فِي الْعُتْبِيَّةِ إِذَا وَقَعَ كِرَاءُ الْعَبْدِ أَوِ الشَّاةِ لَا يُرَدُّ لِأَنَّ الْمَعْصِيَةَ خَارِجَةٌ من أَرْكَانِ الْعَقْدِ كَالْبَيْعِ عِنْدَ أَذَانِ الْجُمُعَةِ وَكَكِرَاءِ الْحَانُوتِ لِبَيْعِ الْخَمْرِ وَالْعِنَبِ يُعْصَرُ خَمْرًا يُفْسَخُ وَالْفرق: أَن مَنَافِع الدَّابَّة تَنْقَضِي قبل المعصبة وَالشَّاةُ بَعْدَ الذَّبْحِ ذَكِيَّةٌ يَجُوزُ أَكْلُهَا وَالْمَنَافِعُ تَسْتَوْفِي عَلَى مِلْكِ الْمُؤَجِّرِ فِي دَارِ الْكَنِيسَةِ وَنَحْوِهَا فَتُبَاشِرُ الْمَعْصِيَةُ الْمَنْفَعَةَ وَلَوْ أَجَرَهُ عَلَى زِقِّ زَيْتٍ فَإِذَا هُوَ خَمْرٌ فَلَهُ الْأُجْرَةُ وَيَتَصَدَّقُ بِمَا تَزِيدُ الْأُجْرَةُ لِكَوْنِهِ خَمْرًا وَالْعَقْدُ بَينهَا بَاقٍ فِي زِقٍّ ثَانٍ فَإِنْ قَالَ: خَمْرًا فَوَجَدَهُ زَيْتًا فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ لِفَسَادِ الْعَقْدِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ عَلَى طَرْحِ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَالْعَذِرَةِ لِأَنَّ الْغَرَضَ إِبْعَادُهَا لَا هِيَ وَيَمْتَنِعُ عَلَى الْمَيْتَةِ بِجِلْدِهَا لِامْتِنَاعِ بَيْعِهِ وَإِنْ دُبغ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يُكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ كِرَاءُ أَرْضِ الْجِزْيَةِ ذَاتِ الْخَرَاجِ لِمَا فِيهَا مِنَ الذِّلَّةِ فَإِنْ أَكْرَيْتَهَا فَأَخَذَ السُّلْطَانُ مِنْكَ الْخَرَاجَ: فَإِنْ لَمْ يَكُنِ الذِّمِّيُّ أَدَّاهُ رَجَعْتَ عَلَيْهِ بِهِ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهَا مَظْلَمَةٌ عَلَيْكَ فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ: تَمْتَنِعُ عَلَى قَلْعِ الضِّرْسِ الصَّحِيحَةِ وَقَطْعِ الْيَدِ السَّالِمَةِ لِتَحْرِيمِ إِفْسَادِ الْأَعْضَاءِ شَرْعًا فَرْعٌ كَرِهَ مَالِكٌ فِي النَّوَادِرِ: نَقْطُ الْمَصَاحِفِ بالحُمرة والصفر وَمُقْتَضَاهُ كَرَاهَةُ الْإِجَارَةِ عَلَيْهَا الشَّرْط الثَّانِي: قَبُولُ الْمَنْفَعَة احْتِرَازًا من النِّكَاح فَإِنَّهُ مُبَاحٌ يَتَعَذَّرُ بَدَلُهُ

شَرْعًا وَمَا تَعَذَّرَ بَدَلُهُ امْتَنَعَ أَخْذُ الْعِوَضِ عَلَيْهِ لِأَنَّ أَخْذَ الْعِوَضِ فَرْعُ انْتِقَالِ الْمُعَوَّضِ الشَّرْط الثَّالِث: كَون الْمَنْفَعَة مُتَقَومَة احْتِرَازًا مِنَ التَّافِهِ الْحَقِيرِ الَّذِي لَا تَجُوزُ مُقَابَلَتُهُ بِالْمَالِ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: وَاخْتُلِفَ فِي اسْتِئْجَارِ الْأَشْجَارِ لِتَجْفِيفِ الثِّيَابِ وَمَنَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ اسْتِئْجَارَ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ لِتَزْيِينِ الحوانيت وكل مَا لَا يرف خَشْيَةَ السَّلَفِ بِزِيَادَةِ الْأُجْرَةِ وَأَجَازَ ذَلِكَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ إِذَا كَانَ رَبُّهَا حَاضِرًا مَعَهَا وَجَوَّزَهُ الْأَئِمَّةُ مُطْلَقًا إِلَّا (ش) مَنَعَهُ لِعَدَمِ التَّقْوِيمِ وَمَنَعَ الطَّعَامَ لِلزِّينَةِ وَالتُّفَّاحَةَ لِلشَّمِّ بِخِلَافِ التُّفَّاحِ الْكِبَارِ وَمَنَعَ الْأَشْجَارَ لِلتَّجْفِيفِ كُلُّ ذَلِكَ لِعَدَمِ التَّقْوِيمِ فَرْعٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِجَارَةُ الثِّيَابِ وَالْحُلِيِّ لِلشَّيْءِ الْيَسِيرِ أَجَازَهَا مَالِكٌ مَرَّةً وَكَرِهَهُ أُخْرَى لِأَنَّ أَخْذَ الْأُجْرَةِ عَلَى ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَالْقَوْلَانِ فِي الْكِتَابِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ كِرَاءُ الْمُصْحَفِ كَبَيْعِهِ وَعَلَى كِتَابَتِهِ وَعَلَى تَعْلِيمِهِ كُلَّ سَنَةٍ بِكَذَا وَعَلَى الْحِذَاقِ أَوْ تَعْلِيمِهِ كُلِّهِ أَوْ جُزْئِهِ بِكَذَا لِأَنَّهُ مُتَقَارِبٌ عُرْفًا وَقَالَهُ (ش) غَيْرَ أَنه اشْتِرَاط التَّحْدِيدَ بِالسُّوَرِ أَوْ بِالزَّمَانِ لِتَكُونَ الْمَنْفَعَةُ مَعْلُومَةً لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الصَّحِيحَيْنِ: (أَحَقُّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كتاب الله)

ومنح (ح) وَأَحْمَدُ أُجْرَةَ التَّعْلِيمِ وَكُلَّ مَا فِيهِ قُرْبَةً تَخْتَصُّ بِالْمُسْلِمِ كَالْأَذَانِ وَالصَّلَاةِ وَالْحَجِّ لِمَا فِي التِّرْمِذِيَّ قَالَ عُثْمَانُ بْنِ أَبِي الْعَاصِ: (آخِرِ مَا عُهِدَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنِ اتَّخَذَ مُؤَذِّنًا لَا يَأْخُذُ عَلَى أَذَانِهِ أَجْرًا) وَلِأَنَّهَا قُرب يَعُودُ نَفْعُهَا عَلَى آخِذِ الْأُجْرَةِ وَالْعِوَضُ وَالْمُعَوَّضُ لَا يَجْتَمِعَانِ لِشَخْصٍ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّ تَرْكَ الْأَخْذِ أَفْضَلُ إِجْمَاعًا فَالْأَمْرُ بِهِ لَا يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ الْأَخْذِ أَوْ قُبَالَةُ تَعْيِينِ مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَى أَخْذِ الْأُجْرَةِ وَلَيْسَتْ قُبَالَةَ أَصْلِ القُربة فَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ وَإِنْ كَانَتْ قُرباً لَكَنْ لَا يَتَعَيَّنُ عَلَى الْمُسْلِمِ فِعْلُهَا بِالْأُجْرَةِ لِلتَّعْيِينِ وَجَوَّزَ الْإِجَارَةَ عَلَى الْخَطِّ وَالْحِسَابِ وَبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ وَكِتَابَةِ الْمَصَاحِفِ لِأَنَّ فِعْلَ هَذِهِ لَا يَتَوَقَّفُ وُقُوعُهُ عَلَى أَهْلِيَّةِ التَّقَرُّبِ مِنَ الْإِسْلَامِ وَغَيْرِهِ وَمَنَعَ (ش) الْإِجَارَةَ فِي الصَّلَاةِ وَكُلِّ عِبَادَةٍ تَمْتَنِعُ النِّيَابَةُ فِيهَا بِخِلَافِ تَفْرِقَةِ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَغُسْلِ الْمَيِّتِ لِدُخُولِ النِّيَابَةِ فِيهَا وَالْأَجِيرُ نَائِبٌ فَحَيْثُ جَازَ النَّائِبُ جَازَ الْأَجِيرُ قَالَ فِي الْكِتَابِ: وَتَجُوزُ عَلَى الْكِتَابَةِ فَقَطْ وَعَلَيْهَا مَعَ الْقُرْآنِ مُشَاهَرَةً وَلَهُ اشْتِرَاطُ شَيْءٍ مَعْلُومٍ مَعَ أُجْرَتِهِ كُلَّ فطر وأضحى قَالَ: وَأَكْرَهُ عَلَى تَعْلِيمِ الْفِقْهِ وَالْفَرَائِضِ كَمَا أَكْرَهُ بَيْعَ كُتُبِهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ: مَنَعَ ابْنُ حَبِيبٍ إِجَارَةَ الْمُصْحَفِ بِخِلَافِ بَيْعِهِ وَقَالَهُ (ح) فِيهِ وَفِي الْكِتَابِ: لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ وَالنَّظَرَ فِيهَا فِعْلُهُ فَلَا يُعْطَى عَلَى فَعْلِ نَفْسِهِ أَجْرًا وَالثَّمَنُ فِي الْبَيْعِ لِلْوَرَقِ وَالْخَطِّ وَفِي الْإِجَارَةِ لِنَفْسِ الْقُرْآنِ وَهُوَ لَيْسَ مُتَقَوِّمًا

قَاعِدَةٌ: الْإِجَارَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْبَيْعِ فَكُلُّ مَا جَازَ بَيْعُهُ جَازَتْ إِجَارَتُهُ وَالْأَعْيَانُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: مَا اتُفق عَلَى جَوَازِ بَيْعِهِ وَقَبُولِهِ لِلْمَلِكِ وَالْمَالِيَّةِ كَالدَّارِ وَالْعَبْدِ وَمَا اتُّفِقَ عَلَى مَنْعِ بَيْعِهِ وَقَبُولِهِ لِلْمَالِيَّةِ إِمَّا لِعَدَمِ اعْتِبَارِهِ شَرْعًا كَالْمُحَرَّمَاتِ مِنَ الْمَيْتَةِ وَغَيْرِهَا أَوْ لِعَدَمِ الْقِيمَةِ فِيهِ عُرْفًا كَالنَّظَرِ إِلَى السَّمَاءِ وَالتَّوَجُّهِ تِلْقَاء الْهَوَاء أَو التفرج عَلَى الرِّيَاضِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَمَا اخْتُلِفَ فِيهِ هَلْ هُوَ مِنَ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ أَوْ مِنَ الثَّانِي وَهُوَ نَحْوُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَقَدْ بِيعَتِ الْمَصَاحِفُ أَيَّامَ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَلَمْ يُنْكِرِ الصَّحَابُةُ ذَلِكَ فَكَانَ ذَلِكَ إِجْمَاعًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَإِجَازَةُ ابْنِ حَبِيبٍ الْإِجَارَةَ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ يُبْطِلُ مَنْعَ إِجَارَةِ الْمُصْحَفِ لِأَنَّ الْمُصْحَفَ كَالْمُعَلِّمِ وَاسْتِعْمَالُ بَدَنِ الْمُعَلِّمِ كَاسْتِعْمَالِ الْمُصْحَفِ عَنْ صَاحِبِهِ وَثَمَرِهِ وَوَرَقِهِ وَجِلْدِهِ لَكَنَّ الْمُعَلِّمَ يَنْتَفِعُ بِزِيَادَةِ حِفْظِهِ بِالتَّعْلِيمِ بِخِلَافِ الْمُصْحَفِ وَيَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ: اشْتِرَاطُ السَّنَةِ وَالسَّنَتَيْنِ وَلَيْسَ لِأَبِ الصَّبِيِّ إِخْرَاجُهُ حَتَّى يَتِمَّ الشَّرْطُ إِلَّا أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ وَالشَّرْطُ لَازِمٌ لِلْمُعَلِّمِ أَيْضًا فَإِنْ قَالَ: كُلُّ شَهْرٍ بِكَذَا فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا التَّرْكُ قَالَ سَحْنُون: وَيحمل النَّاس فِي الحٍ ذاق وَغَيْرِهَا عَلَى الْعَوَائِدِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطُوا شَرْطًا والحِذاق عَلَى قَدْرِ حَالِ الْأَبِ قَالَ سَحْنُونٌ: وَإِذَا بَلَغَ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْقُرْآنِ فَقَدْ وَجَبَتْ لَهُ الْخَتْمَةُ وَتَوَقَّفَ فِي الثُّلُثَيْنِ لِأَنَّ الْبَاقِيَ تَبَعٌ وَقِيَاسًا عَلَى مَنْعِ السَّيِّدِ مِنْ نَزْعِ مَالِ الْمُعْتَقِ إِلَى أَجَلٍ إِذَا قَرُبَ وَلِأَبِيهِ إِخْرَاجُهُ إِذَا بَلَغَ الرُّبُعَ وَلَا شَيْءَ لِلْمُعَلِّمِ مِنْ أُجْرَةِ الْخَتْمَةِ وَإِنَّمَا لَهُ إِذَا قَارَبَهَا لِشِبْهِهَا بالجُعالة قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَيُقْضَى بِالْحِذَاقِ عَلَى حِفْظِ الْقُرْآنِ قَالَ أَصْبَغُ: وَلَا يَضُرُّ الْغَلَط الْيَسِير بِخِلَاف إِن يَكُنَ مُسْتَمِرًا فِي الْقِرَاءَةِ وَلَا يُحْسِنُ الْهِجَاءَ وَإِذَا شَرَطَ الْمُعَلِّمُ أَنَّ لَهُ فِي الْحِذْقَةِ كَذَا فَأخْرجهُ الْأَب فَعَلَيهِ الْحِذْقَةُ بِقَدْرِ مَا مَضَى مِنْهَا

وَإِذَا لَمْ يَبْقَ مِنَ الْحِذْقَةِ إِلَّا السُّوَرِ الْيَسِيرَةِ فَأَخْرَجَهُ فَلَهُ الْحِذْقَةُ لِأَنَّ الْيَسِيرَ تَبَعٌ قَالَ: وَلَا يَلْزَمُ الْأَبَ حَقُّ الْأَعْيَادِ لِأَنَّهَا مُكَارَمَةٌ فِي أَعْيَادِ الْمُسْلِمِينَ مَكْرُوهَةٌ فِي أَعْيَادِ النَّصَارَى قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِنْ كَانَ عُرْفًا كَالشَّرْطِ وَكَرِهَ مَالِكٌ تَعْلِيمَ الْمُشْرِكِينَ الْخَطَّ لِأَنَّهُمْ يَسْتَعِينُونَ بِهِ عَلَى إِلْقَاءِ الشُّبَهِ إِذَا كَبِرُوا وَكَرِهَ تَعْلِيمَ الْمُسْلِمِ عِنْدَ الْكُفَّارِ كِتَابَهُمْ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ وَأَجَازَ غَيْرُ مَالِكٍ بَيْعَ الْفِقْهِ وَالْإِجَارَةِ عَلَى تَعْلِيمِهِ لِأَنَّهُ اشغال لِلْمُعَلِّمِ وَأَخْذَ مَنَافِعِهِ وَإِنَّمَا كَرِهَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الْعَمَلَ عِنْدَهُمْ لَيْسَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْقُرْآنِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِنَّمَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ إِذَا عَيَّنَ مُدَّةً دُونَ مَا يُتَعَلَّمُ فِيهَا أَوْ مَا يُتَعَلَّمُ مِنْ حِذْقَةٍ وَشَيْءٍ مَعْلُومٍ كَرُبُعٍ وَنِصْفٍ أَوِ الْجَمِيعِ دُونَ تَحْدِيدِ مُدَّةٍ وَالْجُمَعُ بَيْنَهُمَا مَمْنُوعٌ لِلْغَرَرِ فَإِنْ فَعَلَ وَكَانَ يَجْهَلُ تَعَلُّمَ ذَلِكَ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ فَسدتْ الْإِجَارَة أَو الْغَالِب التَّعْلِيم فِيهَا فأجيز وَمُنِعَ فَإِنِ انْقَضَى الْأَجَلُ وَلَمْ يَتَعَلَّمْ فِيهِ ذَلِكَ الْجُزْءَ: فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ مَا لَمْ تَزِدْ عَلَى الْمُسَمَّى وَفِي الْجَلَّابِ: مَنَعَ الْإِجَارَةَ إِلَّا مُدَّةً مَعْلُومَةً لِأَنَّ أَفْهَامَ الصِّبْيَانِ تَخْتَلِفُ فَقَدْ لَا يَتَعَلَّمُ الْجُزْءَ إِلَّا فِي مُدَّةٍ بَعِيدَةٍ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: تُكْرَهُ إِجَارَةُ قُسام الْقَاضِي وحُسابهم وَكَانَ خَارِجَةُ وَمُجَاهِدٌ لَا يَأْخُذَانِ أَجْرًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ سَحْنُونٌ: إِنَّمَا كَرِهَهُ لِأَنَّهُمْ كَانَتْ لَهُمْ أَرْزَاقٌ مِنْ أَمْوَالِ الْيَتَامَى قَالَ اللَّخْمِيُّ: أَجْرَتُهُ جَائِزَةٌ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إِذَا نَصَبُوا أَنْفُسَهُمْ لِذَلِكَ وَيُمْنَعُ إِذَا كَانَ من أَمْوَال وَهَلْ هِيَ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ عَلَى قَدْرِ الْأَنْصِبَاءِ أَوِ الْعَدَدِ؟ قَوْلَانِ قَالَ: وَأَرَى فِي الْقَاسِمِ وَالْكَاتِبِ وَالسِّمْسَارِ أَنَّهَا عَلَى الْأَنْصِبَاءِ لِأَنَّهُ الْعَادَةُ الْيَوْمَ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: لَا يَصْلُحُ أَنْ يَبْنِيَ مَسْجِدًا أَوْ بَيْتًا فَيَكْرِيَهُ مِمَّنْ يُصَلِّي فِيهِ فَإِن

نَزَلَ قُضِيَ لَهُ بِالثَّمَنِ وَأَجَازَهُ غَيْرُهُ فِي الْبَيْتِ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْبَيْتِ مُتَقَوِّمَةٌ وَيَجُوزُ كِرَاءُ دَارِهِ عَلَى أَنْ تَتَّخِذَ مَسْجِدًا عَشْرَ سِنِينَ وَالنَّقْضُ بَعْدَ ذَلِكَ لِلْبَانِي وَتَرْجِعُ الْأَرْضُ لِرَبِّهَا قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: إِنْ أَبَاحَ الْمَسْجِدَ بَعْدَ بِنَائِهِ صَارَ حبُساً لَا حَقَّ فِيهِ لِأَحَدٍ وَإِنْ لَمْ يُبِحْهُ بَلْ فَعَلَ ذَلِكَ لِيَكْرِيَهُ فَلَيْسَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَهُوَ مَعْنَى مَنْعِهِ كإجازة الْمُصْحَفِ وَلَا كَرَاهَةَ فِي الْأَرْضِ لِأَنَّ لِلْمُكْتَرِي أَنْ يَفْعَلَ مَا يَشَاءُ وَلَوْ سَلَّمَ الْبَيْتَ لِمُكْتَرِيهِ لَكَانَ كَالْأَرْضِ وَإِنَّمَا يُكْرَهُ كِرَاؤُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَعَلَى هَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ الْغَيْرِ وِفَاقًا أَوْ يَكُونَانِ تَكَلَّمَا عَلَى وَجْهَيْنِ أَوْ يَكُونُ الْغَيْرُ تَكَلَّمَ عَلَى الْفِعْلِ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَابْنُ الْقَاسِمِ فِيهِ ابْتِدَاءً قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ سَحْنُونٌ: إِنَّمَا مُنِعَ فِي الْمَسْجِدِ لِأَنَّهُ حُبْسُهُ وَالْحُبْسُ لَا يُؤَاجِرُ وَإِذَا أَخَذَ بَانِي نَقْضِ الْمَسْجِدِ جَعَلَهَا فِي غَيْرِهِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَصْوَبُ لِأَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ كَاسْتِحْقَاقِ أَرْضٍ بَعْدَ بِنَائِهَا مَسْجِدًا لِأَنَّ الْبِنَاءَ خَرَجَ هُنَاكَ لِلَّهِ عَلَى التَّأْبِيدِ وَهُنَا مُدَّةٌ مُعَيَّنَةٌ كَمَنْ دَفَعَ فَرَسَهُ لِمَنْ يَغْزُو عَلَيْهِ غَزْوَةً فَإِنْهُ يَرْجِعُ إِلَيْهِ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ دَفْعُ قِيمَةِ الْبِنَاءِ مَقْلُوعًا لِأَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ بِبَقَائِهِ عَلَى صُورَةِ الْمَسْجِدِ وَإِذَا لَمْ يَنْفَعْ إِلَّا بَعْدَ النَّقْضِ فَصَاحِبُهُ أَوْلَى بِخِلَافِ الِاسْتِحْقَاقِ إِلَّا أَنْ يَقُولَ: أَنَا أُبقيه مَسْجِدًا مُؤَبَّدًا فَلَهُ أَخْذُهُ فَتَجِبُ تَبْقِيَتُهُ مَسْجِدًا قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا بَنَى مَسْجِدًا فَحِيزَ عَنْهُ أَوْ صَلَّى النَّاسُ فِيهِ زَالَ مِلْكُهُ فِيهِ وَإِنْ بَنَاهُ لِيُكْرِيَهُ جَازَ وَلَهُ بَيْعُهُ وَلَوْ صَلَّى النَّاسُ فِيهِ وَإِنْ بنى ليصلى فِيهِ وَلم يُجز عَنْهُ وَلَا صَلَّى النَّاسُ فِيهِ وَامْتَنَعَ مِنْ إِخْرَاجِهِ مِنْ يَدِهِ لَمْ يُجْبَرْ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ إِجْبَارِهِ أَوْ كَانَ عَلَى الْعَادَةِ حَبْسًا فَهَلْ يُمْضَي حَبْسًا أَوْ مِيرَاثًا قِيَاسًا عَلَى الصَدَقَاتِ إِذَا لَمْ يُفَرِّطْ فِي خُرُوجِهَا حَتَّى مَاتَ؟ قَوْلَانِ وَإِذَا أَكْرَى الْأَرْضَ لِتُتَّخَذَ مَسْجِدًا مُدَّة فانقضت فللباني نقض مَالا يَصْلُحُ لِلسُّكْنَى وَلَا يُوَافِقُ بِنَاءَ الدِّيَارِ وَمَا يَصْلُحُ لِلسُّكْنَى وَلَمْ يَحْبِسْهُ: كَانَ

لِصَاحِبِ الدَّارِ أَخْذُهُ بِقِيمَتِهِ مَنْقُوضًا وَاخْتُلِفَ إِذَا حَبَسَهُ هَلْ يَأْخُذُهُ بِالْقِيمَةِ وَهُوَ أَحْسَنُ فَرْعٌ فِي الْكتاب تكره على تعلم الشِّعْرِ وَالنَّحْوِ وَكِتَابَتِهِمَا وَإِجَارَةُ كُتُبِهِمَا كَمَا يُكْرَهُ بَيْعُ كُتُبِهِمَا وَهِيَ أَوْلَى بِالْكَرَاهَةِ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ أَجَازَهَا ابْنُ حَبِيبٍ فِي الشِّعْرِ وَالنَّحْوِ وَأَيَّامِ الْعَرَبِ وَالرَّسَائِلِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يَلِيق بذوي المروآت بخلاق شِعْرِ الْهِجَاءِ وَالْخَمْرِ وَالْخَنَا فَرْعٌ تُكْرَهُ عَلَى الْحَجِّ وَالْإِمَامَةِ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفْلِ بِخِلَافِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَالْإِمَامَةِ لِأَنَّهَا عَلَى الْإِقَامَةِ بِالْمَسْجِدِ وَلُزُومِ مَوْضِعٍ مَخْصُوصٍ وَمَنَعَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَالْإِمَامَةِ لِحَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ الْمُتَقَدِّمِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ أَجَازَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ الْإِجَارَةَ عَلَى الْإِمَامَةِ لِالْتِزَامِهِ مَوْضِعًا مَخْصُوصًا وَإِذَا جَوَّزْنَا فِي الْأَذَانِ فَأَخَلَّ بِبَعْضِ الصَّلَوَاتِ هَلْ يُسْقِطُ حِصَّةَ ذَلِكَ أَمْ لَا قَالَ اللَّخْمِيُّ وَأَجَازَ مَالِكٌ فِي الْكِتَابِ الْإِجَارَةُ عَلَى الْإِمَامَةِ إِذَا جُمِعَتْ مَعَ الْأَذَانِ فِي عَقْدٍ هُوَ كَالْغَرَرِ تَبَعًا لَا مُسْتَقِلًّا فَرْعٌ تُكْرَهُ إِجَارَةُ الدُّفِّ وَالْمَعَازِفِ لِأَنَّهُ لَيْسَ من عمل الْخَيْرِ وَكَانَ يُضَعِّفُهُ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ ضَرْبُ التَّنْبِيهَاتِ ضَرْبُ الدُّفِّ فِي الْعُرْسِ مُبَاحٌ لَكَنْ لَيْسَ كل مُبَاح تصح إِجَازَته قَالَ ابْنُ يُونُسَ يَنْبَغِي الْجَوَازُ فِي الدُّفِّ الْمُبَاحِ وَمَعْنَى يُضَعِّفُهُ أَيْ يُضَعِّفُ قَوْلَ غَيْرِهِ الشَّرْط الرَّابِع أَن تكون الْمَنْفَعَة مَمْلُوكَة احْتِرَازًا مِنَ الْأَوْقَافِ وَالرَّبْطِ

وَمَوَاضِعِ الْجُلُوسِ مِنَ الْمَسَاجِدِ وَالطُّرُقَاتِ وَالْمَدَارِسِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَهَذَا الشَّرْطُ لَمْ يَذْكُرْهُ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ بَلِ اقْتَصَرَ عَلَى سَبْعَةِ شُرُوطِ وَغَيْرُهُ ذَكَرَ فروعه وَلَمْ يَذْكُرْهُ فَأَرَدْتُ أَنْ أُنَبِّهَ عَلَيْهِ قَاعِدَةٌ فَرَّقَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ بَيْنَ مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ وَبَيْنَ مِلْكِ أَنْ يَنْتَفِعَ فَهَذِهِ الْأُمُورُ كُلُّهَا مِلْكٌ فِيهَا أَنْ يَنْتَفِعَ وَلَمْ يَمْلِكِ المنفقة حَتَّى يُعَاوِضَ عَلَيْهَا فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُؤَاجِرَ بَيْتَ الْمَدْرَسَةِ أَوْ مَوْضِعَ الْجُلُوسِ فِي الْمَسْجِدِ لِأَنَّ الشَّرْعَ أَوِ الْوَاقِفَ إِنَّمَا جُعِلَ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِنَفْسِهِ فَقَطْ وَغَيْرُ ذَلِكَ فَغَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ فَاعْلَمْ هَذَا الْفَرْقَ فَرْعٌ فِي الْمُقَدِّمَاتِ عَنْ مَالِكٍ فِي كِرَاءِ دُورِ مَكَّةَ أَرْبَعُ رِوَايَاتٍ الْمَنْعُ وَقَالَهُ (ح) لِأَنَّهَا فُتِحَتَ عَنْوَةً وَالْجَوَازُ وَقَالَهُ (ش) لِأَنَّهَا فُتِحَتْ عِنْدَهُ صُلْحًا أَوْ مُنَّ بِهَا عَلَى أَهْلِهَا عِنْدَنَا على هَذِه الرِّوَايَة وَلَا خلاف عَن مَالك , أَصْحَابه أَنَّهَا فُتِحَتْ عَنْوَةً وَالْكَرَاهَةُ لِتَعَارُضِ الْأَدِلَّةِ وَتَخْصِيصُهَا بِالْمَوْسِمِ لِكَثْرَةِ النَّاسِ وَاحْتِيَاجِهِمْ لِلْوَقْفِ لِأَنَّ الْعَنْوَةَ عندنَا وقف تمهيد: اتّفق مَالك وَالشَّافِعِيّ وَغَيره أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دخل مَكَّة مجاهراً بالأسلحة ناشراً للأولوية بَاذِلًا لِلْأَمَانِ لِمَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ وَهَذَا لَا يكون إِلَّا فِي العنوة قعاً وَإِنَّمَا رُوِيَ أَنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ قَتَلَ قوما فوداهم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ دَلِيلُ الصُّلْحِ

وَجَوَابُهُ: يَجِبُ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّهُ أَمِنَ تِلْكَ الطَّائِفَةَ وَعَصَمَ دِمَاءَهُمْ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ تَنْبِيهٌ: مُقْتَضى هَذِه المباحث والنقول أَن يَحْرُمَ كِرَاءُ دُورِ مِصْرَ وَأَرَاضِيهَا لِأَنَّ مَالِكًا قَدْ صَرَّحَ فِي الْكِتَابِ وَغَيْرِهِ أَنَّهَا فُتِحَتْ عَنْوَةً وَيَلْزَمُ عَلَى ذَلِكَ تَخْطِئَةُ الْقُضَاةِ فِي إِثْبَاتِ الْأَمْلَاكِ وَعُقُودِ الْإِجَارَاتِ غَيْرَ أَنَّ أَرْضَ الْعَنْوَةِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهَا: هَلْ تَصِيرُ وَقْفًا لِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ أَوْ لِلْإِمَامِ قسمتُها كَسَائِرِ الْغَنَائِمِ أَوْ هُوَ مُخَيَّرٌ فِي ذَلِكَ وَالْقَاعِدَةُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهَا: أَن وَسَائِل الْخلاف إِذا اتَّصل بِبَعْض أقوالها قَضَاء الْحَاكِم تَعَيَّنَ ذَلِكَ الْقَوْلُ وَارْتَفَعَ الْخِلَافُ فَإِذَا قَضَى حَاكِمٌ بِثُبُوتِ مِلْكٍ فِي أَرْضِ الْعَنْوَةِ ثَبَتَ الْمِلْكُ وَارْتَفَعَ الْخِلَافُ وَتَعَيَّنَ مَا حَكَمَ بِهِ الْحَاكِم هَذَا التَّقْرِير يطَّرد فِي مَكَّة ومصر وَغَيرهَا تَنْبِيهٌ: اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ مِصْرِيٌّ وَهُوَ يَقُولُ: فُتِحَتْ مِصْرُ صُلْحًا وَوَافَقَهُ الْمُؤَرِّخُونَ فَكَيْفَ يَسْتَقِيمُ قَول مَالك مَعَ أَنه حجازي وَاللَّيْث أخبرهُ بِبَلَدِهِ لَا سِيمَا والتواريخ تعضده؟ ! الْجَواب: قيل: إِنَّهَا فتحت صلحا ثمَّ نافقت فَفُتِحَتْ عَنْوَةً بَعْدَ ذَلِكَ وَهَذَا مَشْهُورٌ فِي الْإسْكَنْدَريَّة أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ قَاتَلَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَنَّهَا نافقت بعد الْفَتْح فَأمر غَيرهَا كَذَلِك وَكَانَ تَبَعًا لَهَا الشَّرْط الْخَامِسُ: كَوْنُ الْمَنْفَعَةِ غَيْرَ متضمنة اسْتِيفَاء عين وَقَالَهُ الْأَئِمَّة قَالَ فِي الْجَوَاهِر: احْتِرَاز مِنْ إِجَارَةِ الْأَشْجَارِ لِثَمَرِهَا أَوِ الْغَنَمِ لِنِتَاجِهَا وَلَبَنِهَا وَصُوفِهَا لِأَنَّهُ بَيْعٌ لِلْمَعْدُومِ وَلَيْسَ سَلَمًا وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الشَّجَرَةُ تَكُونُ فِي الدَّارِ ثُلُثُ الْكِرَاءِ لِأَنَّهَا تَبَعٌ وَالْمَرْأَةُ لِلرَّضَاعِ وَالْحَضَانَةِ مَعَ تَضَمُّنِهِ لِأَعْيَانِ اللَّبَنِ

لِلضَّرُورَةِ وَفِي الْكِتَابِ: تَجُوزُ إِجَارَةُ الظِّئْرِ عَلَى الرَّضَاعِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى إِجَارَةِ الْبِئْرِ لِلِاسْتِقَاءِ وَالدَّارُ فِيهَا بِئْرٌ وَفِي الْكِتَابِ: تَجُوزُ إِجَارَةُ الظِّئْرِ حَوْلَيْنِ وَلَهَا اشْتِرَاطُ طَعَامِهَا وَكِسْوَتِهَا لِأَنَّهُ مُنْضَبِطٌ عَادَةً وَيُمْنَعُ زَوْجُهَا مِنْ وَطْئِهَا إِنْ أَذِنَ فِي الْإِجَارَةِ لِأَنَّ الْوَطْءَ يقطع اللَّبن بِالْحملِ أَو يقلهُ أَوْ يُفْسِدُهُ لِمَا بَيْنَ الثَّدْيِ وَالرَّحِمِ مِنَ الْمُشَارَكَةِ عِنْدَ الْأَطِبَّاءِ وَإِلَّا فَلَهُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ لِحَقِّهِ فِي الْوَطْءِ وَتُرْضِعُ حَيْثُ اشْتَرَطُوا وَإِلَّا فَعِنْدَ الْأَبَوَيْنِ لِأَنَّهُ الْعَادَةُ إِلَّا مَنْ لَا تُرْضِعُ مِثْلُهَا عِنْدَ النَّاسِ أَوْ أَبٌ خَسِيسٌ لَا يُؤْتَى إِلَيْهِ وَيُحْمَلُ كَلَفُ الصَّبِيِّ فِي دُهْنِهِ وَغَيْرِهِ عَلَى الْعَادَةِ وَإِذَا حَمَلَتْ وَخِيفَ عَلَى الصَّبِيِّ فَلَهُمْ فَسْخُ الْإِجَارَةِ لِلضَّرَرِ وَلَا يَلْزَمُهَا أَنْ تَأْتِيَ بِغَيْرِهَا لِذَهَابِ الْمَنْفَعَةِ الْمُعَيَّنَةِ وَتَنْفَسِخَ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِ الصَّبِيِّ قِيَاسًا عَلَيْهَا وَلِأَنَّ خِلَقَ الصِّبْيَانِ تَخْتَلِفُ وَلَهَا بِحِسَابِ مَا أَرْضَعَتْ نَظَائِرُ: فِي الْمُقَدِّمَاتِ: الْمُسْتَوْفَى بِهِ الْمَنْفَعَةُ لَا يحصل الْفَسْخ إِلَّا فِي أَرْبَعِ مَسَائِلَ: صَبِيَّانِ وَدَابَّتَانِ: صَبِيُّ الرَّضَاع وَصبي الْمَكْتَبِ وَدَابَّةُ الرِّيَاضَةِ وَالَّتِي يُنزى عَلَيْهَا وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ فِي صَبِيِّ الرَّضَاعِ وَفِي الْكِتَابِ: إِنْ سَافَرَ الْأَبَوَانِ فَلَيْسَ لَهُمَا أَخْذُ الصَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يَدْفَعَا لَهَا جَمِيعَ الْأُجْرَةِ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَازِمٌ لَهُمْ فَائِدَةٌ: قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: الظِّئْرُ: الْمُرْضِعُ بِكَسْرِ الظَّاءِ مَهْمُوزًا وَقَدْ سُهل وَجَمْعُهُ: ظُؤرة بِضَم الظَّاء وَسُكُون الْهمزَة مثل غُرفة وَوَقَعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالْأَوَّلُ الصَّوَابُ وَيُجْمَعُ عَلَى ظُؤار أَيْضًا بِالضَّمِّ وَأَصْلُهُ مِنَ الظآر بِالْكَسْرِ وَهُوَ عَطْفُ النَّاقَةِ عَلَى وَلَدِهَا قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ: إِذَا مَاتَ زَوْجُ الظِّئْرِ وَقَدِ اشْتَرَطَ الْمَقَامَ عِنْدَ الصَّبِيِّ رَجَعَتْ لِبَيْتِهَا تَعْتَدُّ فِيهِ لِأَنَّ الْعِدَّةَ أَقْوَى مِنَ الشَّرْطِ لِكَوْنِهَا لٍ حفظ النَّسَبِ وَهُوَ مُهِمٌّ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ وَالْفَرْقُ بَين الظِّئْر

تَخْرُجُ وَبَيْنَ الْمُعْتَكِفَةِ لَا تَخْرُجُ: أَنَّ الْمُعْتَكِفَةَ يَمْنَعُهَا مِنَ الْفَسَادِ الْمَسْجِدُ وَالِاعْتِكَافُ فَأَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَ مَصْلَحَةِ الْعِدَّةِ وَالْعِبَادَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا شَرَطَتِ الظِّئْرُ مُؤْنَتَهَا لَا يَدْخُلُهُ طَعَامٌ بِطَعَامٍ إِلَى أَجَلٍ لِأَنَّ النَّهْيَ إِنَّمَا وَرَدَ فِي الطَّعَامِ الْمُعْتَادِ وَالرَّضَاعِ لَا يُفْهَمُ عِنْدَ إِطْلَاقِ لَفْظِ الْحَدِيثِ وَقَالَ أَصْبَغُ: لَا يُمْنَعُ الزَّوْجَ الْوَطْءَ إِذَا أَذِنَ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطُوا عَلَيْهِ أَوْ تَتَبَيَّنَ ضَرُورَةٌ وَقَالَهُ (ش) لِأَنَّ الْحمل موهوم لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَنْهَى عَنِ الْغِيلَةِ) وَلَمْ يَنْهَ عَنْهَا وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَصْلَحُ لِأَنَّ الزَّوْج لَا يكون موليا بترك الوطئ لِمَصْلَحَةِ الْوَلَدِ وَقَالَهُ (ش) وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ السَّفَرُ بِهَا إِنْ أَذِنَ لَهَا وَإِلَّا فَلَهُ وَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَإِذَا مَاتَ زَوْجُهَا: قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَهُمْ فَسْخُ الْإِجَارَةِ لِفَوَاتِ الْمَبِيتِ عِنْدَهُمْ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إِن لم تكن الْعَادة فِي حَمْلِ كَلَفِ الصَّبِيِّ لَمْ يَلْزَمْهَا إِلَّا الرَّضَاعُ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ غَيْرَهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ: تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى الصَّبِيِّ الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ إِنْ ذُكر سِنَّهُ لِأَنَّ الرَّضَاعَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ السِّنِّ وَالْأَحْسَنُ تَجْرِيبُ رَضَاعِهِ فِي قُوَّتِهِ فِي الرَّضَاعِ لِأَنَّهُ مُتَقَارِبٌ وَمَنَعَ سَحْنُونٌ إِلَّا بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ وَلَيْسَ لِذَاتِ الزَّوْجِ إِجَارَةُ نَفْسِهَا إِلَّا بِإِذْنِهِ لِاشْتِغَالِهَا بِذَلِكَ عَنْهُ وَأَلْزَمَ مَالِكٌ إِجَارَةَ الرَّضَاعِ لِذَاتِ الشَّرَفِ قَالَ: وَأَرَى إِنْ دَخَلَتْ معرَّة عَلَى غَيْرِهَا أَنْ يَفْسَخَ وَإِذَا مَرِضَتِ الظِّئْرُ انْفَسَخَتِ الْإِجَارَةُ إِنْ لَمْ يُرج بُرْؤُهَا عَنْ قُرْبٍ وَإِنْ تَبَيَّنَ خِلَافُهُ: هَلْ يُمْضي الْفَسْخُ لِأَنَّهُ حُكْمٌ مَضَى أَوْ يُرَدُّ لِتَبَيُّنِ الْخَطَأِ؟ كَمَا اخْتُلِفَ فِي أَخْذِ دِيَةِ الْعَيْنِ لِنُزُولِ الْمَاءِ ثُمَّ يَذْهَبُ أَوْ أَخْطَأَ الْخَارِصُ فَإِنْ سُجِنَتْ بِكَفَالَةٍ فِي حَقٍّ فَكَالْمَرَضِ يُنْظَرُ فِيهِ إِن

تكفَّلت قَبْلَ الْإِجَارَةِ وَإِلَّا لَمْ تُسْجَنْ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ تَطَوُّعٌ وَلَيْسَ لَهَا التَّطَوُّعُ بِمَا يُبْطِلُ الْإِجَارَةَ وَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ: لَا يُفْسَخُ بِمَوْتِ الصَّبِيِّ وَيُؤْتَى بِخَلَفِهِ قِيَاسًا عَلَى غَيْرِهِ وَإِذَا مَاتَ الْأَبُ قَبْلَ نَقْدِ الْأُجْرَةِ فُسِخَ الْعَقْدُ مَاتَ مُوسِرًا أَمْ لَا لِخَرَابِ ذِمَّتِهِ بِالْمَوْتِ وَانْتِقَالِ التَّرِكَةِ لِلْوَرَثَةِ فَإِنْ كَانَ نَقْدٌ: فَفِي الْكِتَابِ: مَا بَقِيَ (مِنَ الرَّضَاعِ بَيْنَ الْوَرَثَة وَقَالَ أَيْضا: مَا بَقِي) مِمَّا قدم بَيْنَهُمْ وَلَيْسَ بِمَنْزِلَةِ الْهِبَةِ بَلْ بِمَنْزِلَةِ النَّفَقَةِ تُقدَّم وَتَبَيَّنَ عَدَمُ الِاسْتِحْقَاقِ وَقَالَ أَشْهَبُ: ذَلِكَ للصَّبِيّ دون الروثة كَأَن وَهَبَهُ لَهُ فَقَبَضَهُ وَكَذَلِكَ أُجْرَةُ مُعَلِّمِ الْكُتَّابِ: قَالَ: وَأَرَى إِنْ مَاتَ الْأَبُ بَعْدَ سَنَتَيْنِ يَكُونُ الْبَاقِي لِلصَّبِيِّ لِأَنَّهُ هِبَةٌ أَوْ فِي أَوَّلِ الْعَقْدِ كَانَتِ السَّنَتَانِ الْأُولَيَانِ ميراثاُ لِأَنَّ الْأَبَ كَانَ يَظُنُّ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ فَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ وَإِنِ اسْتَأْجَرَ الْأَبُ ظِئْرًا ثُمَّ مَاتَتِ الْأُمُّ فَحَصَلَ لِلصَّبِيِّ مَالٌ مِيرَاثًا: فَالْقِيَاسُ: اسْتِئْنَافُ العقد لِأَنَّهُ بيسره سَقَطَ عَنِ الْأَبِ رَضَاعُهُ وَالِاسْتِحْسَانُ إِمْضَاءُ ذَلِكَ وَيَأْخُذُ الْأَبُ مَا قَدَّمَهُ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ إِلَّا أَن تكون فِي الْأُجْرَةِ مُحَابَاةٌ فَيَسْقُطُ الْغَبْنُ عَنِ الِابْنِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِنْ مَاتَ الْأَبُ قَبْلَ النَّقْدِ مُعْسِرًا: فَلَهَا فَسْخُ الْإِجَارَةِ لِلضَّرَرِ وَلَوْ تطوع أحد بأدائها لم يفْسخ لِانْتِفَاءِ الضَّرَرِ وَمَا وَجَبَ فِيمَا مَضَى فَفِي ذِمَّةِ الْأَبِ وَلَوْ أَرْضَعَتْهُ بَاقِيَ الْمُدَّةِ لَمْ تَتْبَعْهُ بِشَيْءٍ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَتْ: أَرْضَعْتُهُ عَلَى أَن أبتعه فَهِيَ مُتَبَرِّعَةٌ لِظَاهِرِ حَالِ الصَّبِيِّ كَمَنْ أَنْفَقَ عل يَتِيمٍ لَا مَالَ لَهُ وَأَشْهَدَ أَنَّهُ يَتْبَعُهُ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ: لَا يَكُونُ مَا قَدَّمَهُ الْأَبُ لِمُعَلِّمِ الصَّبِيِّ

مِيرَاثًا بِخِلَافِ الظِّئْرِ وَالْفَرْقُ: أَنَّ التَّعْلِيمَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الرَّضَاعِ فَلَمْ يَقْصِدِ الْهِبَةَ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ قَدَّمَهُ خَوْفَ الْمَوْتِ فَيَكُونُ هِبَةً لِلصَّبِيِّ لَا مِيرَاثًا وَتَسْتَوِي الْمَسْأَلَتَانِ قَالَهُ مُحَمَّدٌ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: تَجُوزُ إِجَارَةُ الْعَبْدِ الصَّانِعِ عَلَى أَنْ يَأْتِيَكَ بِالْغَلَّةِ مَا لم تضمنه أوتشترطه عَلَيْهِ فِي أَصْلِ الْإِجَارَةِ خَرَاجًا مَعْلُومًا لِأَنَّهُ قَدْ يَعْجِزُ عَنْهُ وَوَضْعُهُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْعَقْدِ مِنْ غَيْرِ ضَمَانٍ جَائِزٌ لِأَنَّهَا مَنْفَعَةٌ مَلَكَهَا بِالْعَقْدِ الصَّحِيحِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: عَنْ مَالِكٍ مَنَعَ اسْتِئْجَارَهُ عَلَى أَنْ يَأْتِيَهُ بِالْخَرَاجِ وَهُوَ أَصْلُهُ فِيمَنِ اشْتَرَى شَيْئًا عَلَى أَنْ يَعْمَلَ لَه يُنْظَرُ إِلَى مَا يَصِيرُ إِلَيْهِ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي: إِنْ كَانَ مَجْهُولًا امْتَنَعَ كَالزَّرْعِ عَلَى أَنَّ عَلَى الْبَائِعِ حَصَادَهُ وَدِرَاسَهُ وَالزَّيْتُونِ عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ عَصْرَهُ فَيُمْنَعُ لِلْجَهْلِ بِصِفَتِهِ بَعْدَ الْخُرُوجِ وَمِقْدَارِهِ وَهَذَا يَدْفَعُ دَنَانِيرَ لَا يَدْرِي مَا يَتَحَصَّلُ لَهُ بِهَا فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَيَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ عَلَيْهِ خَرَاجًا مَضْمُونًا إِنْ كَانَ الثَّمَنُ عَرْضًا وَيَأْتِيهِ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ وَبِالْعَكْسِ حَذَرًا مِنْ بَيْعِ النَّقْدِ بِالنَّقْدِ وَفِي الْكِتَابِ: تُمْنَعُ إِجَارَةُ الْأَجِيرِ سَنَةً بِدَنَانِيرَ لِيَعْمَلَ لَكَ فِي السُّوقِ عَلَى أَنْ يَأْتِيَكَ بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ كُلَّ يَوْم لِأَنَّهُ صرف مُسْتَأْجر وَإِنْ كَانَ عَلَى أَنْ يُعْطِيَكَ بِهِ طَعَامًا كَانَ سَلَمًا بِغَيْرِ سِعْرٍ مَعْلُومٍ وَقَدْ يَكْثُرُ وَيَقِلُّ بِالْغَلَاءِ وَالرُّخْصِ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: فَإِنِ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ مَكِيلَةً مَعْلُومَةً مَوْصُوفَةً: أَجَازَهُ مُحَمَّدٌ وَكَرِهَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِتَخَيُّلِ السَّلَمِ الْحَالِّ الشَّرْط السَّادِسُ: كَوْنُ الْمَنْفَعَةِ مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمهَا وَفِي الْجَوَاهِر: احترزا مِنَ اسْتِئْجَارِ الْأَخْرَسِ لِلْكَلَامِ وَالْأَعْمَى لِلْإِبْصَارِ أَوْ أَرْضٍ لِلزِّرَاعَةِ لَا مَاءَ لَهَا قَطْعًا وَلَا غَالِبًا وَقَالَ الْأَئِمَّةُ وَفِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ كِرَاءُ الْمشَاع كَنِصْف

عَبْدٍ أَوْ دَابَّةٍ وَيَأْخُذُهُ يَوْمًا بِيَوْمٍ وَلِمَنِ اكْتَرَى نِصْفَ دَارٍ كِرَاءُ حِصَّتِهِ وَلَا شُفْعَةَ لَهُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِأَنَّ الضَّرَرَ فِي الرِّقَابِ أَعْظَمُ لِأَنَّهُ يَدُومُ وَالْإِجَارَةُ مَحْدُودَةٌ وَوَافَقَنَا (ش) وَأَحْمَدُ فِي كِرَاءِ الْمُشَاعِ وَمَنَعَ (ح) لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ بِسَبَبِ اخْتِلَاطِ الْمُكْرِي بِغَيْرِهِ لَنَا: الْقِيَاسُ عَلَى شِرَاءِ الْمُشَاعِ ويُمنع امْتِنَاعُ التَّسْلِيمِ بَلْ يُسَلَّمُ الْجَمِيعُ لَهُ فَيَحْصُلُ تَسْلِيمُ الْمُكْرَى ضِمْنًا كَالْبَيْعِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِنْ كَانَتْ صَنْعَةُ الْعَبْدِ لَا يُمْكِنُ تَبْعِيضُهَا تُرِكَ نَصِيبُهُ وَاقْتَسَمَا خَرَاجَهُ وَإِنْ قَبِلَتِ الدَّارُ الْقِسْمَةَ قُسِّمَتْ مَنَافِعُهَا وَسَكَنَ الْمُكْتَرِي فِيمَا يَصِيرُ إِلَيْهِ أَوْ أَكْرَاهُ وَإِلَّا أُكْرِيَتْ وَاقْتَسَمَا كِرَاءَهَا إِلَّا أَنْ يُرِيدَهَا أَحَدُهُمَا بِمَا تَقِفُ عَلَيْهِ فَإِنْ أَكْرَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ: فَالْجَوَابُ مَا تَقَدَّمَ أَوْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَلَمْ يَجُزْ وَدَعَا لِلْبَيْعِ أُجِيبَ فِي الْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ وَالدَّارِ إِذَا لَمْ تَنْقَسِمْ وَإِنْ قَبِلَتِ الْقِسْمَةَ وَدَعَا إِلَيْهَا قُسمت الْمَنَافِعُ بالقُرعة وَإِنْ أَرَادَ الْمُكْرِي الْقَسْمَ بِالْقُرْعَةِ فَلِلْأَبْهَرَيِّ مَنْعُهُ فَإِنِ اقْتَسَمَا الرِّقَابَ وَصَارَ لِلْمُكْرِي أَقَلُّ مِنَ النِّصْفِ بِمَا لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الْمُكْتَرِي حَطَّ مِنَ الْكِرَاءِ بِقَدْرِهِ أَوْ أَكْثَرَ وَأَمْكَنَ تَمْيِيزُ الزَّائِدِ مُيز وَانْتَفَعَ بِهِ الْمُكْرِي وَإِنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ وَلَمْ يُضَرَّ فِيهِ سَكَنَ بِانْفِرَادِهِ مَعَ الْمُكْتَرِي بِغَيْرِ شَيْءٍ لِأَنَّهُ يَقُولُ لَا حَاجَةَ لِي بِهِ فَإِنْ أَجَرَهُ نِصْفًا مُعَيَّنًا: خُيِّرَ الشَّرِيكُ بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَلَهُ نِصْفُ الْأُجْرَةِ وَبَيْنَ مُقَاسَمَةِ الْمَنَافِعِ فَإِنْ صَارَ النِّصْفُ الْمُكْرَى لِلْمُكْتَرِي أَخَذَهُ أَوْ لِلْآخَرِ خُيِّرَ بَين الْإِجَازَة وَلَهُ الْكِرَاءُ أَوْ يَرُدُّ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ إِذَا كَانَ الْكِرَاءُ فِي نِصْفٍ شَائِعٍ فِي الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ إِذَا كَانَتِ الدَّارُ تَحْمِلُ الْقِسْمَةَ وَأَرَادَ الْأَخْذَ لِيَسْكُنَ وَإِنْ

أَرَادَهُ لِيَكْرِيَهُ فَلَا كَالْأَخْذِ بِهَا فِي الْبَيْعِ لِيَبِيعَ فَإِنْ أَكْرَى نَصِيبًا مُعَيَّنًا فَلَا شُفْعَةَ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِنْ لَمْ يَفْعَلْهُ فِي يَوْمِ كَذَا وَكَذَا فَلَا أُجْرَةَ: يَمْتَنِعُ لِلْغَرَرِ فِي تَسْلِيمِ الْمَنْفَعَةِ فِي ذَلِكَ الْأَجَلِ وَفِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ كِرَاؤُهَا قَابِلًا وَفِيهَا زَرْعٌ الْآنَ لِرَبِّهَا أَو لغيره وكراء الدَّار على أَن لَا يقبضهَا إِلَّا بعد سنة وَلَا يشْتَرط فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ أَنْ يَلِيَ الْعَقْدَ وَقَالَهُ (ح) وَأَحْمَدُ وَاشْتَرَطَهُ (ش) حَتَّى يَتَمَكَّنَ مِنَ التَّسْلِيمِ فِي الْحَالِ وَنَحْنُ نَقُولُ: تَكْفِي الْقُدْرَةُ عَلَى التَّسْلِيمِ فِي الْجُمْلَةِ وَإِنَّمَا مَنَعْنَاهُ فِي الْمُعَيَّنِ الَّذِي يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ خَشْيَةَ هَلَاكِهِ فَلَا يَحْصُلُ مَقْصُودُ الْعَقْدِ وَهَذِهِ أَعْيَانٌ مَأْمُونَةٌ وَوَافَقَنَا عَلَى إِجَارَتِهَا السَّنَةَ الْقَابِلَةَ مِمَّنْ هُوَ مُسْتَأْجِرُهَا الْآن وَفِي الْكتاب: وَيجوز تَعْجِيلُ النَّقْدِ فِي مِثْلِ السَّنَةِ وَيُكْرَهُ فِي الزَّمَانِ الطَّوِيلِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: تَجُوزُ إِجَارَةُ الْفَحْلِ لِلْإِنْزَاءِ أَكْوَامًا مَعْرُوفَةً أَوْ شَهْرًا بِكَذَا لِأَنَّهَا مَنْفَعَةٌ مَقْصُودَةٌ مَضْبُوطَةٌ وَتَمْتَنِعُ عَلَى نَزْوِة حَتَّى يَكِلَ الْإِنْزَاءَ لِلْغَرَرِ وَمَنَعَهُ الْأَئِمَّةُ مُطْلَقًا لنَهْيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ عَسْبِ الْفَحْلِ أَوْ لِأَنَّهُ يُعجز عَنْ تَسْلِيمِهِ لِأَنَّهُ بِاخْتِيَارِ الْفَحْلِ أَوْ لِأَنَّهُ تَافِهٌ لَا يُقَابَلُ بِالْأَعْوَاضِ أَوْ لِأَنَّ فِيهِ اسْتِيفَاءَ عَيْنٍ وَكُلُّهَا مُبْطِلَاتٌ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّ النَّهْيَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا فِيهِ غَرَرٌ

مِنَ اشْتِرَاطِ الْحَمْلِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ وَعَنِ الثَّانِي أَن تنهيض الفخل لِذَلِكَ مَعْلُومٌ عَادَةً مِنْ طَبْعِهِ فَهُوَ مَقْدُورٌ عَلَى تَسْلِيمِهِ وَعَنِ الثَّالِثِ: أَنَّ حَرَكَةَ الْفَحْلِ مَقْصُودَةٌ عَادَةً عِنْدَ جَمِيعِ الْعُقَلَاءِ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَبَطَلَ النَّسْلُ وَعَنِ الرَّابِعِ: أَنَّ تِلْكَ الْعَيْنَ كَاللَّبَنِ فِي الرَّضَاعِ لِلضَّرُورَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ ابْن حبيب: تُعيق الرَّمَكَةُ بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ أَيْ تَحْمِلُ وَالْأَكْوَامُ جَمْعُ كَوْمٍ وَهُوَ الضِّرَابُ وَالنَّزْوُ وَيُقَالُ: كَامَهَا يَكُومُهَا إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ وَإِذَا سَمَّى شَهْرًا امْتَنَعَ تَسْمِيَةُ الْمَرَّاتِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَعَنْ مَالِكٍ: كَرَاهَةُ بَيْعِ عَسِيبِ الْفَحْلِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ قَالَ سَحْنُونٌ: إِذَا اسْتَأْجَرَ الْفَحْلَ مَرَّتَيْنِ فَعَطِبَتِ الدَّابَّةُ بَعْدَ مَرَّةٍ انْفَسَخَتِ الْإِجَارَةُ كَالصَّبِيِّ فِي الرَّضَاعِ فَرْعٌ وَيَجُوزُ عِنْدَنَا كِرَاءُ الْأَرْضِ الَّتِي تُرْوَى غَالِبًا اكْتِفَاءً بِالْغَلَبَةِ وَقَالَ (ش) : لَا تَكْفِي الْغَلَبَةُ بَلْ لَا بُدَّ مِنَ الْقَطْعِ بِالرَّيِّ حَتَّى يَقْطَعَ بِالتَّسْلِيمِ وَفِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ كِرَاءُ الْأَرْضِ الْغَارِقَةِ إِنِ انْكَشَفَ ذَلِكَ عَنْهَا وَإِلَّا فَلَا كِرَاءَ بَيْنَكُمَا إِن لم ينْقد لَيْلًا يَكُونَ تَارَةً بَيْعًا وَتَارَةً سَلَفًا فَإِنْ تَيَقَّنَ الِانْكِشَافَ جَازَ النَّقْدُ وَقَالَ غَيْرُهُ: يَمْتَنِعُ الْعَقْدُ إِنْ خِيفَ عَدَمُ الِانْكِشَافِ لِأَنَّهُ غَرَرٌ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ كِرَاءُ الْأَرْضِ الْغَائِبَةِ بِإِفْرِيقِيَّةَ بِمِصْرَ إِذَا عَرَفَ الدَّارَ وَمَوْضِعَهَا وَإِلَّا فَلَا وَيجوز فِيهَا لِأَنَّهَا مَأْمُونَةٌ وَمَنَعَ أَحْمَدُ الْكِرَاءَ عَلَى الصّفة لعدم الانضباط (وَافَقنَا (ح) قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ) الشَّرْط السَّابِعُ: أَنْ تكون الْمَنْفَعَة حَاصِلَة للْمُسْتَأْجر فَفِي الْجَوَاهِرِ: احْتِرَازًا

من الْعِبَادَات الَّتِي تمْتَنع النِّيَابَة فِيهَا لَيْلًا يَحْصُلَ الْعِوَضُ وَالْمُعَوَّضُ لِوَاحِدٍ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ: (قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: يُمْنَعُ إِعْطَاءُ الْأُجْرَةِ عَلَى طُلُوعِ مَوْضِعٍ فِي الْجَبَلِ بِعَيْنِهِ لِأَنَّهُ أَكْلُ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ وَلَا يَجُوزُ إِلَّا عَلَى مَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْمُعْطَى) الشَّرْط الثَّامِنُ: كَون الْمَنْفَعَة مَعْلُومَة وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ مُعَاوَضَةٌ مُكَايَسَةٌ فَتَمْتَنِعُ فِيهَا الْجَهَالَة وَالْغرر (لنَهْيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ بَيْعِ الْمَجْهُولِ) وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} وَفِي الْكِتَابِ: بَاعَ بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ يَتَّجِرَ بِهَا سَنَةً: هُوَ بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ يَجُوزُ إِنْ شَرَطَ خَلَفَ الْمَالِ إِنْ تَلَفَ كَمَنِ اسْتَأْجَرَ عَلَى رِعَايَةِ غَنَمٍ بِعَيْنِهَا سَنَةً إِنْ شَرَطَ الْخَلَفَ جَازَ وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ شَرَطَ فَهَلَكَ بَعْضُهُ فَامْتَنَعَ مِنْ إِخْلَافِهِ وَوَفَّى الْأَجِيرُ الْمُدَّةَ لَهُ كَمَال الْأُجْرَة لِأَن الْأَجِير أَسْقَطَ حَقَّهُ وَلَوْ كَانَتْ بِمِائَةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطِ الْخَلَفَ لِعَدَمِ التَّعْيِينِ وَيَجُوزُ اجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ دُونَ الْجُعْلِ لِأَنَّ الْجُعْلَ عَقْدُ غَرَرٍ وَيَصِيرُ الْبَيْعُ غَرَرًا بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ وَلَا يَجْتَمِعُ الْجُعْلُ مَعَ الْإِجَارَةِ وَمَنَعَ (ش) وَ (ح) الْجَمْعَ فِي الْكُلِّ لِتَبَايُنِ الْعُقُودِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: اشْتِرَاطُ الْخَلَفِ فِي الْمَالِ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ تَضْمِينِ الْأَجِيرِ مَا فِي يَدَيْهِ فِيمَا يَبِيعُ بِهِ أَوْ يَشْتَرِي وَجَوَّزَ سَحْنُونٌ وَغَيْرُهُ عَدَمَ اشْتِرَاطِ الْخَلَفِ فِي الدَّنَانِيرِ وَالْغَنَمِ لِأَنَّ الْحُكْمَ يُوجِبُهُ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ: إِنَّمَا يَصِحُّ اشْتِرَاطُ التَّجر بِالْمِائَةِ إِذا أخرجهَا المُشْتَرِي فِي ذمَّته إِلَى الْأَمَانَة أَو يُسَمِّي الْأَنْوَاع من التِّجَارَات لَيْلًا ليَكُون سلفاُ للنفع وغرراً اِلشَّرْطِ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَنْزِعَهَا لِعَدَمِ دُخُولِهِ فِي الشَّرْطِ وَإِنْ شَرَطَ ذَلِكَ امْتَنَعَ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِ فَيَكُونُ عَمَلُ الْإِجَارَةِ مَجْهُولًا

بِخِلَافِ الرَّاعِي يُشْرَطُ عَلَيْهِ رِعَايَةُ مِائَةٍ مِنَ الْغَنَمِ لِانْضِبَاطِهِ عَادَةً وَلَوْ لَمْ يُحْضِرِ الثَّمَنَ وَتَجَرَ سِنَةً فَالرِّبْحُ وَالْخَسَارَةُ لَهُ وَعَلَيْهِ لِفَسَادِ الْعَقْدِ وَيَرْتَجِعُ الْبَائِعُ مِنْ سِلْعَتِهِ بِقَدْرِ الْإِجَارَةِ لِأَنَّ السِّلْعَةَ بُذِلَتْ فِي الثَّمَنِ وَالْإِجَارَةِ وَيَأْخُذُ ذَلِكَ مِنْ عَيْنِهَا إِنْ كَانَتْ قَائِمَةً وَقِيلَ: لَا يَرْجِعُ فِي عَيْنِهَا لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ وَحَيْثُ صَحَّتِ الْإِجَارَةُ فَمَاتَ فِي نِصْفِ السَّنَةِ جَرَى الْخَلَفُ الْمُتَقَدِّمُ هَلْ يَرْجِعُ فِي عَيْنِهَا لِأَنَّهَا عَيْنُ مَالِهِ أَوْ قِيمَتِهَا؟ وَإِذَا كَمَّلَ السَّنَةَ وَالْمِائَةُ عُرُوضٌ لَمْ يُلْزِمْهُ بَيْعُهَا بِخِلَافِ الْمُقَارِضِ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ إِلَّا بَعْدَ النُّضُوضِ وَرَدِّ عَيْنِ الْمَالِ وَهَذَا اسْتَحَقَّ السِّلْعَةَ بِمُجَرَّدِ الْعَمَلِ وَإِذا مَضَت الْمِائَةُ فِي خِلَالِ السَّنَةِ فَلِلْبَائِعِ تَمَامُهَا: وَلَا مقَال للْمُشْتَرِي لِأَن العقد اقْتضى التَّجر بِالْمِائَةِ فَإِنِ اسْتُحِقَّتِ السِّلْعَةُ بِالْبَيِّنَةِ بَعْدَ التَّجْرِ فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَالرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ وَالرِّبْحُ وَالْخَسَارَةُ لِلْبَائِعِ وَعَلَيْهِ لِبُطْلَانِ الْعَقْدِ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَإِنْ ظَهَرَ لَهُ عَيْبُهَا فِي السَّنَةِ وَقَدْ فَاتَتْ فَقِيمَةُ الْعَيْبِ مِنَ الثَّمَنِ وَحِصَّةُ الْإِجَارَةِ فِي نِصْفِ السَّنَةِ الْمَاضِي وَيَتَّجِرُ فِي النِّصْفِ الْبَاقِي بِمَا بَقِيَ مِنَ الثَّمَنِ فَقَطْ بَعْدَ إِسْقَاطِ حِصَّةِ الْعَيْبِ لِتَبَيُّنِ عَدَمِ قَبْضِهِ لِجُمْلَةِ مَا يُوجِبُ كَمَالَ الْعَمَلِ وَكَذَلِكَ لَوِ اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ قَبْلَ الْعَمَل لِتَبَيُّنِ عَدَمِ قَبْضِهِ لِجُمْلَةِ مَا يُوجِبُ كَمَالَ الْعَمَلِ وَكَذَلِكَ لَوِ اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ قَبْلَ الْعَمَل وَقد فَاتَت السّلْعَة عمل السَّنَةِ بِمَا بَقِيَ بَعْدَ الْإِسْقَاطِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: قِيلَ: يَمْتَنِعُ جَمْعُ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ غَرَرٌ بِبَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ وَهِيَ بِصَدَدِ الْفَسْخِ لَا سِيَّمَا إِجَارَةُ الْعَمَلِ تَقِلُّ وَتَكْثُرُ وَجَيِّدٌ وَرَدِيءٌ وَقَدْ مَنَعَ مَالِكٌ ضَمَّ الْجِزَافِ الْمَكِيلِ وَهُوَ أَقَلُّ غَرَرًا مِنَ الْإِجَارَةِ وَقِيلَ: يَجُوزُ الْبَيْعُ والجُعل فِي عَقْدٍ وَالْخِلَافُ رَاجِعٌ إِلَى بيع سلعتين: أَحدهمَا بِالْخِيَارِ وَالْأُخْرَى عَلَى الْبَتِّ وَحَيْثُ أَجَزْنَا فَحَيْثُ كَانَت تبعا للْبيع وَإِن اشْتِرَاط فِي الْمِائَةِ عَدَمَ الْخَلَفِ إِنْ ضَاعَتْ وَالْمُحَاسَبَةَ بِقَدْرِ الْعَمَلِ: جَازَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى قَوْلِهِ فِيمَنْ بَاعَ نِصْفَ ثَوْبٍ عَلَى أَنْ يَبِيع لَهُ

النِّصْفَ الْآخَرَ وَيَشْهَدُ الْمُشْتَرِي عَلَى إِخْرَاجِ الْمِائَةِ فِي ذِمَّتِهِ وَجُلُوسُهُ فِي الْحَوَانِيتِ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي يَقُومُ مَقَامَ الْإِشْهَادِ وَيُصَدَّقُ فِي الْخَسَارَةِ كَعَامِلِ الْقِرَاضِ وَإِنْ أَشْكَلَ تَجْرُهُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِلْبَائِعِ صُدِّقَ لِأَنَّهُ أَمِينٌ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ قَالَ: أَخْرَجْتُ الثَّمَنَ وَضَاعَ قَبْلَ الشِّرَاءِ لَمْ يُصَدَّقُ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي إِبْرَاءِ ذِمَّتِهِ وَلَمَّا يَتَّجِرُ فِيهِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ: تَعَيُّنُ الصِّنْفِ وَوُجُودُهُ فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ وَأنْ يُدِيرَهُ مُتَصَلُّ التَّجْرِ فَإِنِ اشْتَرَطَ تَأْخِيرَهُ لِتَعَسُّرِ الْأَسْوَاقِ امْتَنَعَ لِعَدَمِ انْضِبَاطِ الْعَمَلِ وَلَوْ شَرَطَ التِّجَارَةَ فِي السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ لَا يشْتَرط مَنَافِع معِين يَتَأَخَّرُ قَبْضُهَا وَلَوِ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا عَلَى عَمَلٍ يَعْمَلُ بَعْضَهُ الْآنَ وَبَعْضَهُ بَعْدَ أَشْهُرٍ امْتَنَعَ لِأَنَّ الشُّرُوعَ فِي الْقَبْضِ كَقَبْضِ الْجُمْلَةِ وَيَجُوزُ اشْتِرَاطُ دُخُولِ الرِّبْحِ فِي التَّجْرِ إِنْ كَانَ قَدْرُهُ فِي مِثْلِ مَا جَلَسَ فِيهِ لِلْإِدَارَةِ مُتَقَارِبًا وَإِنْ كَانَ مُتَبَايِنًا امْتَنَعَ وَكَذَلِكَ اشْتِرَاطُهُمْ جَبْرَ الْخَسَارَةِ وَهِيَ قَدْرٌ يَسِيرٌ جَازَ وَإِلَّا امْتَنَعَ وَإِنْ مَاتَ الْعَامِلُ قَبْلَ الْعَمَلِ وَقِيمَةُ الْإِجَارَة مائَة فَأكْثر والسعلة قَائِمَةٌ فَهُوَ شَرِيكٌ بِقَدْرِ الْإِجَارَةِ وَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَين الرِّضَا بِعَيْب الشّركَة أَو الرَّد وَإِنْ كَانَتِ الْإِجَارَةُ الثُّلُثَ فَأَقَلَّ رَجَعَ بِقِيمَةِ ذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَشَرِيكٌ عِنْدَ أَشْهَبَ وَيُخَيَّرُ الْوَرَثَةُ لِدُخُولِ الشَّرِكَةِ فَإِنْ فَاتَتِ السِّلْعَةُ اشْترى الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِمْ فِيمَا يَنُوبُ الْإِجَارَةَ فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ عَمَلِ نِصْفِ السَّنَةِ كَانَ قدر صَارَ لِلْبَائِعِ جُلُّ الثَّمَنِ الْمِائَةُ بِنِصْفِ الْعَمَلِ فَيَخْتَلِفُ هَلْ يَرْجِعُ شَرِيكًا فِي الْبَاقِي أَوِ الْقيمَة عَلَى مَا تَقَدَّمَ؟ وَتَخْتَلِفُ قِيمَةُ الشُّهُورِ لِأَنَّهَا اكْتُرِيَتْ بِالنَّقْدِ الَّذِي يَنُوبُ الْأَوَّلَ أَرْخَصُ وَالْأَخِيرَ أغلا كَسِلْعَةٍ أَسْلَمَ فِيهَا وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ إِذَا مَرِضَ قبل الْعَمَل

أَوْ بَعْدَ بَعْضِهِ وَلِلْبَائِعِ أَخْذُ مَالِهِ إِذَا مَضَى بَعْضُ السَّنَةِ وَكَانَ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ إِلَّا بَعْدَ طُولٍ أَوْ ضَرَرٍ فَإِنْ بَرِئَ بَعْدَ رُجُوعِ الْمَالِ عَنْ قَرِيبٍ وَالْبَائِعُ مُوسِرٌ أَتَى بِمِائَةٍ أُخْرَى فَإِنْ عَجَزَ عَنْ خَلَفِهَا فُسِخَتِ الْإِجَارَةُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: لَوْ بَاعَ ثَوْبًا بِمِائَةٍ عَلَى التَّجْرِ فِي سَنَةٍ فاستُحق أَحَدَ الثَّوْبَيْنِ وَهُمَا مُتَكَافِئَانِ أَوِ الْأَدْنَى لَمْ يُنْتَقَضِ الْبَيْعُ وَعَلَيْهِ التَّجْرُ فِي ثَمَنِ الْبَاقِي فِي سَنَةٍ لِسَلَامَةِ نِصْفِ الصَّفْقَةِ أَوْ أَكْثَرِهَا وَكَذَلِكَ لَوْ رُدَّ أَحَدُهُمَا بِعَيْبٍ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ نِصْفَ سِلْعَةٍ لِرَجُلٍ عَلَى أَنْ يَبِيعَكَ نِصْفَهَا الْآخَرَ بِالْبَلَدِ إِنْ ضَرَبْتَ لِلْبَيْعِ أَجَلًا لِأَنَّهَا إِجَارَةٌ مِنْكَ لِذَلِكَ النِّصْفِ إِلَّا الطَّعَامَ لِأَنَّهُ قَدْ يُسْتَهْلَكُ فَتَكُونُ إِجَارَةً وَسَلَفًا فَإِنْ بَاعَكَ فِي نِصْفِ الْأَجَلِ فَلَهُ نِصْفُ الْأُجْرَةِ وَإِنْ وُجِدَ الْبَيْعُ بَعْدَ الْأَجَلِ فَلَهُ الْأُجْرَةُ كَامِلَةً لِاسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ وَإِنْ بِيعَتْ نِصْفُ هَذِهِ السِّلَعِ عَلَى أَنْ يَبِيعَ لَكَ النِّصْفَ بِبَلَدٍ آخَرَ أَوْ بِهَذَا الْبَلَدِ وَلَمْ يَضْرِبْ أَجَلًا امْتَنَعَ لِأَنَّهَا إِجَارَةٌ مَجْهُولَةٌ مَعَ بَيْعٍ فَإِنَّ الْوُصُولَ إِلَى ذَلِكَ الْبَلَدِ قَدْ يَتَعَذَّرُ وَيَخْتَلِفُ وَالْأَجْلُ يَطُولُ وَيَنْقُصُ وَعَنْ مَالِكٍ فِي الْأَوَّلِ: الْمَنْعُ وَإِنْ ضَرَبَ أَجَلًا لِأَنَّهُ تَحْجِيرٌ وَلِأَنَّهُ إِنْ لَمْ يَبِعْ رَجَعَ عَلَيْهِ فِي النِّصْفِ الْمَبِيعِ بِمَا يَنُوبُ الْإِجَارَةَ فَصَارَ ثَمَنُ النِّصْفِ مَجْهُولًا وَكَذَلِكَ إِنْ بَاعَهُ فِي نِصْفِ الْأَجَلِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: وَمَنَعَهُ سَحْنُونٌ فِي كُلِّ مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ كَالطَّعَامِ لِأَنَّهُ إِنْ بَاعَهُ دُونَ الْأَجَلِ رَجَعَ فِي بَعْضِ مَا بَاعَ فَصَارَ بَيْعًا وَسَلَفًا وَإِجَارَةً أَيْضًا لِأَنَّ هَذَا الْمَحْذُورَ مَا تَعَيَّنَ وَقِيلَ: يَمْتَنِعُ فِيهِ وَفِيمَا لَا يَنْقَسِمُ لِأَنَّ الْمُشَاعَ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ التَّصَرُّفُ فِي الْمَبِيعِ وَمَا يَنْقَسِمُ وَيُعْرَفُ بِعَيْنِهِ يَأْخُذُ نَصِيبَهُ مِنْهُ مَتَى شَاءَ يَجُوزُ إِذَا ضَرَبَ أَجَلًا وَأَجَازَهُ ابْنُ حَبِيبٍ فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ وَإِنْ لَمْ يَضْرِبْ أَجَلًا وَمَنَعَهُ فِيمَا يَنْقَسِمُ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ اشْتَرَى مِنْهُ نِصْفَ ذَلِكَ وَجَوَّزَهُ ابْنُ كِنَانَةَ فِي سَائِرِ الْأَشْيَاءِ إِلَّا فِي الطَّعَامِ

لِأَنَّ السَّلَفَ يَكْثُرُ فِيهِ وَفِي الْمُوَطَّأِ: يَجُوزُ بَيْعُ نِصْفِ ثَوْبٍ عَلَى أَنْ يَبِيعَ لَكَ النِّصْفَ الْآخَرَ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ: أَحْسَبُهُ يُرِيدُ: ضَرَبَ أَجَلًا أَمْ لَا فِي الْبَلَدِ أَوْ غَيْرِهِ وَيَضْرِبُ لَهُ مِنَ الْأَجَلِ قَدْرَ مَا يُبَاعُ إِلَيْهِ وَعَلَى الْمَذْهَبِ إِذَا ضَرَبَ أَجَلًا للطعام وشيط عَلَيْهِ أَن يُبَاع لهَذَا النِّصْفِ قَبْلَ الْأَجَلِ جَاءَهُ بِطَعَامٍ آخَرَ يَبِيعُهُ إِلَى الْأَجَلِ يَجُوزُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: بَاعَهُ نِصْفَ ثَوْبٍ بِعَشَرَةٍ عَلَى أَن بيع لَهُ النِّصْفُ الْآخَرُ شَهْرًا فَبَاعَهُ فِي نِصْفِ الشَّهْرِ: يُنْظَرُ: كَمْ قِيمَةُ بَيْعِهِ شَهْرًا وَهُوَ دِرْهَمَانِ مَثَلًا فَقَدْ بَاعَهُ بِاثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا فَلهُ سُدس الصَّفْقَة فَإِذا انْفَسَخ نصف الْإِجَازَة انْفَسَخَ نِصْفُ السُّدُسِ مِنَ الصَّفْقَةِ فَيَرْجِعُ بِهِ هُوَ رُبُعُ السُّدُسِ مِنْ قِيمَةِ الثَّوْبِ كُلِّهِ فَيَأْخُذُهُ ثَمَنًا نَفْيًا لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ إِلَّا فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ فَيَرْجِعُ بِهِ فِي عَيْنِهِ لِتَيْسِيرِ الْقِسْمَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ: يَمْتَنِعُ الْبَيْعُ فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ لِلرُّجُوعِ تَارَةً بِالثَّمَنِ وَتَارَةً بِغَيْرِهِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: إِذَا أَجَرَهُ شَهْرًا بِدِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يَبِيعَ لَهُ كُلَّ مَا جَاءَهُ بِهِ فَإِنْ لَمْ يَجِئْهُ بِشَيْءٍ فَلَهُ الدِّرْهَمُ: يَمْتَنِعُ الْغَرَرُ وَإِنْ أَجَرَهُ عَلَى بَيْعِ دَابَّتِهِ فِي إِفْرِيقِيَّةَ فَإِنْ هَلَكَتِ انْفَسَخَتِ الْإِجَارَةُ: امْتَنَعَ فَإِنْ شَرط أَن سَافر فِي مثل ذَلِك بِدَابَّةٍ أُخْرَى إِذَا كَانَ الْأَجَلُ مَعْلُومًا قَالَ اللَّخْمِيُّ: أَبِيعُكَ نِصْفَ الْعَبْدِ عَلَى أَنْ تَبِيعَ جَمِيعَهُ: يَمْتَنِعُ وَإِنْ ضَرَبَ أَجَلًا لِأَنَّهُ تَحْجِيرٌ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي الْبَيْعِ وَأَجَازَهُ ابْنُ حَبِيبٍ فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ إِذَا ضَرَبَا أَجَلًا وَيُمْنَعُ فِي الْمُنْقَسِمِ لِأَنَّهُ اشْتَرَى ثُمُنَ نِصْفِ ذَلِكَ حَيْثُ اشْتَرَطَ بَيْعَ جَمِيعِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: أَبِيعُكَ هَذِهِ السِّلْعَةَ وَهِيَ كَثِيرَةٌ إِلَى أَجَلِ كَذَا بِكَذَا عَلَى أَنِّي مَتَى شِئْتُ تَرَكْتُ: يَجُوزُ إِذَا لَمْ يَنْقُدْ لِامْتِنَاعِ النَّقْدِ فِي الْخِيَارِ وَهِيَ إِجَارَةٌ لَازِمَةٌ لِصَاحِبِ الثِّيَابِ وَالْخِيَارُ لِلْعَامِلِ وَلَهُ كُلَّمَا مَضَى يَوْمٌ بِحِسَابِهِ

فَرْعٌ فِي النُّكَتِ: بَيْنَكُمَا مِائَةُ شَاةٍ اسْتَأْجَرْتَهُ عَلَى رِعَايَتِهَا فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَجَرْتَهُ عَلَى خَمْسِينَ فَإِنِ اقْتَسَمَا فَحَصَلَ لَكَ أَكْثَرُ مِنْ خَمْسِينَ لَمْ تَلْزَمْهُ رِعَايَةُ الزَّائِدِ أَوْ أَقَلُّ فَلَكَ إِتْمَامُهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا شَهِدَتِ الْعَادَةُ بِصِفَةِ عَمَلٍ أَوْ مِقْدَارِ ثَمَنٍ جَازَ اعْتِمَادًا عَلَى الْعَادَةِ فَرْعٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِنْ عُيِّنَ فِي الْخِيَاطَةِ عَدَدُ الثِّيَابِ امْتَنَعَ الْأَجَلُ أَوِ الْأَجَلُ امْتَنَعَ الْعَدَدُ فَإِنْ جَمَعَ بَيْنِهِمَا وَهُوَ يَجْهَلُ الْفَرَاغَ مِنْ ذَلِكَ الْعَدَدِ فِي ذَلِكَ الْأَجَلِ امْتَنَعَ لِلْغَرَرِ لِأَنَّهُ قَدْ يَفْرُغُ قَبْلَ الْأَجَلِ (فَيَخِيطُ بَقِيَّةَ الْأَجَلِ) فَيَزْدَادُ الْعَمَلُ أَوْ يَفْضَلُ الْعَمَلُ وَيَسْبِقُ الْأَجَلُ فَيَقِلُّ الْعَمَلُ أَوْ يَقُولُ: الْأَجَلُ يَقْتَضِي اسْتِحْقَاقَ مَنْفَعَةِ الْأَجِيرِ وَامْتِنَاعَ الْعَمَلِ لِلْغَيْرِ وَتَعْيِينُ الْعَمَلِ يَقْتَضِي تَعَلُّقَ الْعَقْدِ بِصِفَةِ الْفِعْلِ فَقَطْ دُونَ مَنَافِعِ الْأَجِيرِ لَهُ الْعَمَل للْغَيْر فالجميع بَيْنَهُمَا مُتَنَاقِضٌ وَوَافَقْنَا الْأَئِمَّةَ فَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ فَرَاغه فِي الْأَجَل: فَقيل: يجوز لعدم الْغرَر وَقِيلَ: يَمْتَنِعُ لِأَنَّ الْفَرَاغَ فِي نِصْفِ الْأَجَلِ يُسْقِطُ بَاقِيَهُ وَهُوَ خِلَافُ الشَّرْطِ فَإِنْ خَاطَهُ بَعْدَ الْأَجَلِ سَقَطَ مِنَ الْمُسَمَّى مَا يُسْقِطُهُ التَّأْخِيرُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: لَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِأَنَّ هَذَا الْعَمَلَ غَيْرُ مَعْقُودٍ عَلَيْهِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يَمْتَنِعُ اسْتِئْجَارُهُ عَلَى طَعَامٍ بَيْنَكُمَا إِلَى بلد يَبِيعهُ بِهِ إِن شرطت أَن لَا تُمَيِّزَ حِصَّتَكَ قَبْلَ الْبَلَدِ لِأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْأُجْرَةَ لِلْحَمْلِ

وَلْيُقَاسِمْكَ فِيمَا يَعْرِضُ لِلطَّعَامِ مِنْ هَلَاكٍ أَوْ غَيْرِهِ فَيَكُونُ الْمُسْتَأْجَرُ عَلَيْهِ غَيْرَ مَعْلُومٍ وَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَإِنْ كَانَ لَهُ الْمُقَاسَمَةُ مَتَى أَحَبَّ جَازَ إِنْ ضَرَبَ لِلْبَيْعِ أَجَلًا وَإِنْ أَجَرْتَهُ عَلَى طَحْنِهِ بِشَرْطِ عَدَمِ الْقِسْمَةِ قَبْلَ الطَّحْنِ امْتَنَعَ وَإِلَّا جَازَ وَكَذَلِكَ عَلَى رِعَايَةِ الْغَنَمِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَكُمَا يَمْتَنِعُ الشَّرْطُ وَيَجُوزُ مَعَ عَدَمِهِ إِذَا شَرَطَ الْإِخْلَافَ مِنْ حِصَّتِكَ قَالَ غَيْرُهُ: إِذَا اعْتَدَلْتَ فِي الْقَسْمِ حَتَّى يَتَعَيَّنَ عَدَدُ الْحِصَّةِ وَيَمْتَنِعَ اسْتِئْجَارُهُ عَلَى نَسْجٍ غُزِلَ بَيْنَكُمَا لِعَجْزِهِ عَنْ بَيْعِ حِصَّتِهِ قَبْلَ النَّسْجِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: اشْتِرَاطُهُ ذِكْرُ الْخَلَفِ فِي الْغَنَمِ هُوَ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْهِ إَنَّ الْمُسْتَأْجَرَ لَهُ يَتَعَيَّنُ وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ التَّعَيُّنِ الْحُكْمُ لِلْإِخْلَافِ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ قَالَ: وَأَرَى إِذَا سَكَتَا عَنِ الْقِسْمَةِ وَبَقَاءِ الشَّرِكَةِ: الْجَوَازَ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الْمَفْسَدَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: يُرِيدُ بِضَرْبِ الْأَجَلِ لِلْبَيْعِ أَيْ بَعْدَ الْوُصُولِ لِلْبَلَدِ وَلَا يَنْقُدُهُ إِجَارَةُ الْبَيْعِ وَحَمَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَمْرَهُمَا فِي الْغَنَمِ عَلَى الِاعْتِدَالِ فِي الْقَسْمِ وَإِنَّمَا وَاجَرَهُ عَلَى نِصْفِ عَدَدِهَا فَإِنْ كَانَتْ مِائَةً وَوَقَعَ لَهُ فِي الْقَسْمِ أَكْثَرُ مِنْ خَمْسِينَ لَمْ يَلْزَمْ رِعَايَةُ الزَّائِدِ أَوْ أَقَلُّ فَلَهُ الْإِتْمَامُ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ نَصْبِ مِرْحَاضٍ بِخِلَافِ مَسِيلِ مِيزَابٍ لِأَنَّ الْمَطَرَ يَقِلُّ وَيَكْثُرُ وَفِي النُّكَتِ: جَوَابُهُ لِافْتِرَاقِ السُّؤَالِ وَهَمَا سَوَاءٌ وَإِنَّمَا يُمْنَعُ مَسِيلُ الْمَاءِ إِذَا اشْتَرَى مِنْ جَارِهِ مَا يَنْزِلُ مِنْ مِيزَابِهِ بِخِلَافِ أَنْ يَقُولَ: لَكَ كَذَا عَلَى أَنْ يَسِيلَ الْمَاءُ من دَاري إِلَى دراك يَجُوزُ كَالْمِرْحَاضِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ مَجْهُولٌ وَقِيلَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْأَمْرِ الْيَسِيرِ فَيَمْتَنِعُ وَالْكَثِيرِ فَيَجُوزُ لِأَنَّ الْغَالِبَ نُزُولُ الْمَطَرِ فِيهِ

فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: تَجُوزُ عَلَى الْقَتْلِ وَالْقِصَاصِ كإجارة الطَّبِيب للْقطع والبط وَأَمَّا لِغَيْرِ التَّأْدِيبِ فَلَا لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ مُحَرَّمَةٌ وَإِنْ أَجَرَهُ عَلَى قَتْلِ رَجُلٍ ظُلْمًا فَقَتَلَهُ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ لِأَنَّ الْمُحَرَّمَ لَا قِيمَةَ لَهُ شرعا وَعَلِيهِ الْقصاص ويؤدب الْمُسْتَأْجر عَلَى الْمُحَرَّمِ وَوَافَقْنَا الْأَئِمَّةَ فِي ذَلِكَ إِلَّا (ح) فِي قِصَاصِ النَّفْسِ لِأَنَّ زُهُوقَ الرُّوحِ غَيْرُ مُنْضَبِطِ الضَّرَبَاتِ فِي الْعَدَدِ فَهُوَ مَجْهُولٌ بِخِلَافِ الْأَعْضَاءِ لَنَا: قَوْله تَعَالَى {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقصاص} وَمَنْ لَا يَحْسُنُ لَا يَتَعَيَّنُ عَلَى النَّاسِ التَّبَرُّعُ لَهُ فَتَتَعَيَّنُ الْإِجَارَةُ وَقِيَاسًا عَلَى ذَبْحِ الشَّاةِ وَعَلَى الْأَطْرَافِ قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي الْإِشْرَافِ: وَالْأُجْرَةُ عَلَى الْمُقْتَصِّ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَهُ وَالْوَاجِبُ عَلَى الْجَانِي إِنَّمَا هُوَ التَّكْمِينُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: يُريد بِالْقِصَاصِ: إِذَا ثَبَتَ بِحُكْمِ حَاكِمٍ عَدْلٍ وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ: عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لِقَتْلِ الظُّلْمِ ضَرْبُ مِائَةٍ وَحَبْسُهُ سَنَةً وَلَوْ قَالَ: اقْتُلْنِي وَلَكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَتَلَهُ: قَالَ سَحْنُونٌ: اخْتُلِفَ فِيهِ وَالْأَحْسَنُ ضَرْبُهُ مِائَةً وحَبْسُهُ سَنَةً وَيَبْطُلُ الْجُعْلُ لِتَحْرِيمِ الْمَنْفَعَةِ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو: لِلْأَوْلِيَاءِ قَتْلُهُ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُمْ دُونَ الْمَقْتُولِ وَلَوْ قَالَ: اقْتُلْ عَبْدِي وَلَكَ كَذَا أَوْ بِغَيْرِ شَيْءٍ يُضْرَبُ الْقَاتِلُ مِائَةً وَيُحْبَسُ سَنَةً وَالصَّوَابُ: عَدَمُ الْقِيمَةِ لِوُجُودِ الْإِذْنِ وَقِيلَ: هِيَ لِلسَّيِّدِ عَلَيْهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: لَا يَسْتَأْجِرُ لِلْقَتْلِ وَالْجِرَاحِ إِلَّا مِنْ يَأْتِي بِذَلِكَ عَلَى وَجْهِهِ مِنْ غَيْرِ عَيْبٍ وَلَا تَمْثِيلٍ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: اسْتِئْجَارُ الطَّبِيبِ عَلَى الْعِلَاجِ هُوَ عَلَى الْبُرْءِ إِنْ بَرِئَ لَهُ

الْأُجْرَةُ وَإِلَّا فَلَا إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطُوا مَا يَجُوزُ كَالْكِحَالِ الشَّهْرَ أَوْ كُلَّ يَوْمٍ بِدِرْهَمٍ فَيَجُوزُ إِنْ لَمْ يَنْقُدْهُ لِأَنَّ الْبُرْءَ قَدْ يُتَعَجَّلُ فَيَكُونُ تَارَةً بَيْعًا وَتَارَةً سَلَفًا فَإِنْ بَرِئَ قَبْلَ الْأَجَلِ أَخَذَ بِحِسَابِهِ وَاشْتَرَطَ (ش) فِي الْكِحَالِ: الزَّمَانَ الْمَحْدُودَ لِتَكُونَ الْمَنْفَعَةُ مَعْلُومَةً فَإِنِ اسْتَأْجَرَهُ وَهُوَ صَحِيحٌ يُكَحِّلُهُ كُلَّ شَهْرٍ بِدِينَارٍ فَلَهُ النَّقْدُ لِأَنَّهُ لَا يَتَوَقَّعُ فِيهِ الرَّد ويلزمهما تَمَامُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ سَحْنُونٌ: أَصْلُ إِجَارَة الطَّبِيب: الجُعالة فذالك لَا يَضْرِبُ أَجَلًا قَبْلُ وَيَكُونُ الدَّوَاءُ مِنْ عِنْدِ الْعَلِيلِ كَاللَّبِنِ وَالْجِصِّ فِي بِنَاءِ الدَّارِ وَإِلَّا فَهُوَ غرران لم يذهب داؤه بَاطِل وَيَدْخُلُهُ بَيْعٌ وجُعل وَهُوَ مَمْنُوعٌ وَجَوَّزَ ابْنُ حَنْبَلٍ الْأَمْرَيْنِ لِضَرُورَةِ النَّاسِ لِذَلِكَ بِالْعَجْزِ عَنْ عَمَلِ الْأَمْرَاضِ وَالْأَكْحَالِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِنْ شَرَطَ إِنْ لَمْ يَبْرَأْ دَفَعَ ثَمَنَ الْأَدْوِيَةِ امْتنع وَفِي الْجلاب: قيل: لَا يجوز عَلَى الْبُرْءِ وَالْقُرْآنُ عَلَى الحِذاق إِلَّا مُدَّةً مَعْلُومَةً كَقَوْلِ (ش) وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ: يَجُوزُ اشْتِرَاطُ الطَّبِيبِ مِنَ الْأُجْرَةِ مَا الْغَالِبُ أَنَّ الْبُرْءَ لَا يَحْصُلُ قَبْلَهُ وَاخْتُلِفَ فِي عَمَلِهِ عَلَى الْجُعَالَةِ وَحَيْثُ جَوَّزْنَاهُ فَترك قبل الْبُرْء فَجعل لأخر جُعلاً عَلَى الْبُرْءِ فَهَلْ يَكُونُ لِلْأَوَّلِ بِقَدْرِ مَا انْتَفَعَ أَمْ لَا قِيَاسًا عَلَى الْمُسَاقَاةِ إِذَا عَجَزَ قَبْلَ الْعَمَلِ؟ وَعَنْ مَالِكٍ: إِجَازَةُ أَنْ يَكُونَ الدَّوَاءُ مِنْ عِنْدِ الطَّبِيبِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يَمْتَنِعُ لِلْخِدْمَةِ شَهْرًا بِعَيْنِهِ عَلَى أَنَّهُ إِنْ مَرِضَ قَضَاهُ عَمَلًا فِي غَيْرِهِ لِاخْتِلَافِ أَيَّامِ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: تجوز إِجَارَة العَبْد خمس عشر سَنَةً وَهُوَ فِي الدُّورِ أَبْيَنُ

لِلْوُثُوقِ بِبَقَائِهَا وَقَالَهُ (ح) وَأَحْمَدُ وَقَالَ (ش) : لَا يُزَادُ عَلَى سَنَةٍ أَوْ ثَلَاثِينَ سَنَةً فِي الْعَقَارِ قَوْلَانِ لَهُ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ: النَّظَرُ إِلَى الْوُثُوقِ وَعَدَمِهِ وَلَنَا: قَوْله تَعَالَى {إِنِّي أُريد أَن أنكحك إِحْدَى انبتي هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجج فَإِنْ أتممت عشرا فَمن عنْدك} وَفِي الْكِتَابِ: تَجُوزُ فِي الدُّورِ وَالرَّقِيقِ عِشْرِينَ سَنَةً وَالْمُوصَى لَهُ بِخِدْمَةِ الْعَبْدِ لَهُ إِجَارَةُ ذَلِكَ وَقَالَ غَيْرُهُ: تَمْتَنِعُ إِجَارَةُ الْعَبْدِ السِّنِينَ الْكَثِيرَةَ لِسُرْعَةِ تَغَيُّرِ الْحَيَوَانِ فَيَكُونُ فِي الدَّوَابِّ أَشَدُّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَفِي الْكِتَابِ: لِلْمُوصَى لَهُ بِخِدْمَةِ عُمْرِهِ أَنْ يُؤَخِّرَهُ عَشْرَ سِنِينَ بِالنَّقْدِ وَإِلَّا جَازَ لِأَنَّهُ كُلَّمَا عَمِلَ أَخَذَ بِحِسَابِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: الْإِجَارَةُ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِهَا بِالْأَمْنِ فَآمَنُهَا: الْأَرْضُ ثُمَّ الدُّورُ ثُمَّ الْعَبِيدُ ثُمَّ الدَّوَابّ ثمَّ الثِّيَاب فَيجوز فِي الدّور أَرْبَعِينَ سَنَةً بِغَيْرِ نَقْدٍ وَبِالنَّقْدِ إِنْ كَانَتْ جَدِيدَةً وَكَذَلِكَ الْأَرْضُ الْمَأْمُونَةُ الشُّرْبِ وَيَجُوزُ فِي الْقَدِيمَةِ بِحَسَبِ مَا يُظَنُّ سَلَامَتُهَا وَأَجَازَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ فِي الْعَبْدِ عِشْرِينَ سَنَةً بِالنَّقْدِ قَالَ: وَأَرَى أَنْ يَنْظُرَ لِسِنِّ الْعَبْدِ فَيَجُوزُ فِي سَنِّ الْعِشْرِينَ: عِشْرُونَ وَيَمْتَنِعُ فِي الصَّبِيِّ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ حَالُهُ عِنْدَ الْبُلُوغِ وَكَذَلِكَ الْكَبِيرُ لِأَنَّ حَالَ الْهَرَمِ تَخْتَلِفُ وَكَذَلِكَ يَخْتَلِفُ فِي الْحَيَوَانِ مُعَمَّرَهٌ كَالْبِغَالِ أَكْثَرُهَا أَجَلًا ثُمَّ الْحَمِيرُ ثُمَّ الْإِبِلُ وَكَذَلِكَ الْمَلَابِسُ يَجُوزُ فِي الْجَمِيعِ الْمَأْمُونِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا أَجَرَ لِلْخِدْمَةِ لِيَسْتَعْمِلَهُ عَلَى عُرف النَّاسِ جَازَ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ: إِنْ سَافَرَ أَوْ زَرَعَ اسْتَعْمَلَهُ لِلْجَهَالَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ:

يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ: إِنِ احْتَاجَ إِلَى سَفَرٍ شَهْرَيْنِ فِي السَّنَةِ سَافَرَ مَعَهُ لِخِفَّةِ ذَلِكَ وَعَنْهُ: الْمَنْعُ لِلْجَهَالَةِ وَلَا يَشْتَرِطُ عَلَيْهِ عَمَلَيْنِ مُتَبَاعِدَيْنِ كَحِرَاسَةِ الْكَرْمِ وَخِدْمَةِ الْبَيْتِ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى تَحْوِيلِ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَجَوَّزَ مُحَمَّدٌ أَنْ يَشْتَرِطَ فِي شَهْرٍ مِنَ السَّنَةِ مُعَيَّنٍ عَمَلًا آخَرَ يُسَمِّيهِ وَجَوَّزَ ابْنُ حَبِيبٍ إِجَارَةَ شَهْرَيْنِ كُلَّ شَهْرٍ بِعَمَلٍ يُسَمِّيهِ أَوْ يُؤَجِّرُهُ شَهْرًا أَوْ عَامًا قِيلَ أَمَّرَهُ عَلَى عَمَلٍ آخَرَ خِلَافَهُ فِي الشَّهْرِ الثَّانِي بِنَاءً عَلَى تَقَارُبِ الْعَمَلِ كَأَنَّهَا إِجَارَةٌ وَيَمْتَنِعُ مَا يَتَبَاعَدُ كَمَنِ اسْتَأْجَرَ عَلَى عَمَلٍ لَا يَشْرَعُ فِيهِ إِلَّا بَعْدَ شَهْرٍ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى بِنَاءِ الدَّارِ عَلَيْهِ الْآلَةُ وَالْمَاءُ عَلَى مُقْتَضَى الْعَادَةِ وَعَلَى حَافِرِ الْقَبْرِ رَدْمُهُ وَكَذَلِكَ نَقْشُ الرَّحَا وَنَحْوِهِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ فَإِنْ فُقِدَتِ الْعَادَةُ فَعَلَى رَبِّ الدَّارِ لِأَنَّ اللَّفْظَ لَا يَقْتَضِي إِلَّا الْعَمَلَ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ عَلَى حَفْرِ بِئْرٍ يَصِفُ مَوْضِعَهَا وَعُمْقَهَا إِنْ كَانَتِ الْأَرْضُ مَعْلُومَةَ الْحَالِ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ بَاطِنَهَا قَدْ يَكُونُ صُلْبًا وَكَذَلِكَ فُقر النَّخْلِ عَلَى أَنْ يَبْلُغَ الْمَاءَ وَيَجُوزَ عَلَى إِخْرَاجِ الْمَاءِ فِي الْأَرْضِ الْمُتَقَارِبَةِ وَإِلَّا فَالْمُزَارِعَةُ فَائِدَةٌ: قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: فُقر النَّخْلِ: إِبَارُهَا بِضَمِّ الْفَاءِ واَحَدُهَا فَقِيرٌ وَهُوَ أَيْضًا حَفِيرٌ يُعْمَلُ حَوْلَ النَّخْلِ يَجْتَمِعُ فِيهِ الْمَاءُ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ كِرَاءُ الدَّابَّةِ لِيَرْكَبَهَا أَوْ يَطْحَنَ عَلَيْهَا وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ مَا يَطْحَنُ وَيَحْمِلُ ذَلِكَ عَلَى الْعَادَةِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَادَةً فَسَدَ وَكَذَلِكَ دَوَابُّ

الْحَمْلِ وَيَحْمِلُ بِقَدْرِ الْقُوَّةِ إِنْ كَانَتْ لِمَالِكٍ وَاحِدٍ وَإِنْ كَانَتْ لِمُلَّاكٍ وَحَمْلُهَا يَخْتَلِفُ امْتَنَعَ كَجَمْعِ السِّلَعِ فِي الْبَيْعِ لِلْجَهْلِ بِمَا يَنُوبُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْأُجْرَةِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: إِذَا لَمْ يُسَمِّ مَا يَحْمِلُ عَلَى الدَّابَّةِ جَوَّزَ إِذَا كَانَتْ عَادَةً وَقَالَ غَيْرُهُ: إِنْ سَمَّى طَعَامًا أَوْ بَزًّا جَازَ وَإِنْ قَالَ: اَحْمِلُ عَلَيْهَا مَا شِئْتُ امْتَنَعَ وَيَحْمِلُ عَلَى الْوِفَاقِ أَيْ عَادَتُهُمْ مَعْرِفَةُ الْجِنْسِ فَلَا يَضُرُّ جَهْلُ الْمِقْدَارِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْكِتَابِ: وَقِيلَ خِلَافٌ وَالْعَادَةُ إِنَّمَا هِيَ فِي الْمِقْدَارِ وَوَافَقْنَا الْأَئِمَّةَ فِي الْإِطْلَاقِ وَالْحَمْلِ عَلَى الْعَادَةِ فِي الدَّارِ وَالدَّابَّةِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يَمْتَنِعُ كِرَاءُ الدَّابَّةِ لِلتَّشْيِيعِ حَتَّى يُبَيِّنَ مُنْتَهَاهُ قَالَ غَيْرُهُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ فِيهِ عَادَةٌ وَيَمْتَنِعُ كِرَاؤُهَا لِإِفْرِيقِيَّةَ وَالْأُخْرَى لِبَرْقَةَ حَتَّى يُبَيِّنَ الَّتِي لِبَرْقَةَ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يَمْتَنِعُ كِرَاؤُهُمْ لِأَزْوَادِهِمْ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَنْ مَرِضَ حُمِلَ فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ مَالِكٌ: يَجُوزُ إِنْ تَقَدَّمَتْ عَنِ الْبَلَدِ فَبِحِسَابِ مَا تَكَارَيْتَ إِذَا سُمِّيَ مَوْضِعُ التَّقَدُّمَ أَوْ عُرِفَ وَإِلَّا امْتَنَعَ لِلْجَهَالَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَلَا يَنْقُدُهُ إِلَّا كِرَاءَ الْغَايَةِ الْأُولَى حَذَرًا مِنَ الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ وَيَجُوزُ: إِنْ وَجَدْتُ صَاحِبِي دُونَ الْغَايَةِ فَعَلَيَّ بِحِسَابِهِ إِنْ لَمْ يَنْقُدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِلَى مَكَّةَ بِعَشَرَةٍ وَإِلَى الْيَمَنِ بِخَمْسَةَ عَشَرَ يَمْتَنِعُ لِأَنَّهُ بَيْعَتَانِ فِي بَيْعَةٍ إِلَّا أَنْ يَقُولَ: بِحِسَابِ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَنْقُصَ مِنَ الْحُمُولَةِ أَوْ يَزِيدَ فِيهَا قَالَ عبد الْملك: يجوز إل مَكَّةَ بِدِينَارٍ وَإِلَى الطَّائِفِ بِأَرْبَعَةٍ لِأَنَّهَا صَفْقَةٌ للطائف بِخَمْسَة

وَيَمْتَنِعُ: إِنْ بَلَغَتِ الطَّائِفَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْوُجْهَةُ الْأُولَى أَرْخَصَ فَيَمْتَنِعُ لِأَنَّهُ يُرَخِّصُهُ بِإِطْمَاعِهِ فِي الثَّانِيَةِ فَرْعٌ قَالَ: يُمْنَعُ: دَابَّتُكَ الْمُكْتَرَاةُ إِلَى مَكَّةَ إِذَا بَلَغَتْ بِيَ إِلَى الطَّائِفِ فَبِحِسَابِ مَا اكْتَرَيْتُ لِأَنَّ كِرَاءَ الدَّابَّةِ الْمُعَيَّنَةِ لَا بُد فِيهِ من الشُّرُوع لَيْلًا يَكُونَ الْمَبِيعُ الْمُعَيَّنُ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ وَإِنَّمَا جَازَ ذَلِكَ فِي الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ شَرْعٌ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ الْكِرَاءُ إِلَى مِصْرَ وَإِنْ كَانَتِ اسْمَ الْإِقْلِيمِ لِأَنَّ الْعَادَةَ الْفُسْطَاطُ بِخِلَافِ الشَّامِ وخرسان لِعَدَمِ الِانْضِبَاطِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ عَلَى حَمْلِ رَجُلَيْنِ أَوِ امْرَأَتَيْنِ لَمْ يَرَهُمَا لِتَقَارُبِ الْأَجْسَامِ فَإِنْ أَتَاهُ بِفَادِحَيْنِ لَمْ يَلْزَمْهُ وَالْفَادِحُ: الْعَظِيمُ الثَّقِيلُ مِنَ الرِّجَالِ وَغَيْرِهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَالْكِرَاءُ بَاقٍ بِالْوَسَطِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ الْكِرَاءُ عَلَى زَامِلَةٍ لَا يُخْبِرُهُ بِمَا فِيهَا وَيُحْمَلُ عَلَى الْمُعْتَادِ وَلَهُ مِنَ التَّعَالِيقِ الْمُعْتَادُ وَإِنْ شَرَطَ هَدَايَا مَكَّةَ وَهِيَ مَعْلُومَةٌ عَادَةً جَازَ وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةٌ: قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: الزَّامِلَةُ: مَا يُحْمَلُ فِيهِ كَالْخَرْجِ وَنَحْوِهِ

فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ اشْتِرَاطُ عَقَبَةَ الْأَجِيرِ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: أَجَازَ مَالِكٌ إِجَارَتَهُ عَلَى أَنْ يَخِيطَ لَهُ وَلِأَهْلِهِ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ فِي السَّنَةِ وَالْفَرَّانِ عَلَى أَنْ يَخْبِزَ سَنَةً أَوْ شَهْرًا إِذَا عَرَفَ عِيَالَ الرَّجُلِ وَمَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ فَرْعٌ قَالَ: قِيلَ إِذَا كَانَتِ الْأَعْمَالُ يَتَفَاوَتُ ضَرَرُهَا بِالْحَانُوتِ لم يجزه حَتَّى يعين الْعَمَل وَإِلَّا جَازَ قَالَ الْأَئِمَّةُ وَقِيلَ: إِذَا كَانَ الْحَانُوتُ بِسُوقٍ عُرف يعْمل فَعَلَيْهِ دَخْلٌ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ كِرَاءُ أَرْضِ الْمَطَرِ عَشْرَ سِنِينَ إِنْ لَمْ يَنْقُدْ فَإِنْ شَرَطَ النَّقْدَ فَسَدَ الْعَقْدُ لِتَوَقُّعِهِ سَلَفًا وَكَذَلِكَ لَوْ قَرُبَ الْكِرَاءُ وَقَرُبَ الْحَرْثُ إِلَّا أَنْ يُتَمَكَّنَ مِنَ الْحَرْثِ فَحِينَئِذٍ يَنْقُدُ تِلْكَ الشَّرْبَةَ لَتَحَقُّقِ الْأَمَانِ فِيهَا قَالَ غَيْرُهُ: لَا تُكْرَى أَرْضُ الْمَطَرِ الَّتِي تُرْوَى مَرَّةً وَتَعْطَشُ أُخْرَى إِلَّا قُرْبَ الْحَرْثِ وَتَوَقُّعِ الْغَيْثِ وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ لِلْغَرَرِ فِي الْمَنْفَعَةِ وَيُمْنَعُ كِرَاؤُهَا بِالنَّقْدِ حَتَّى تُرْوَى رَيًّا مَأْمُونًا عَامًا وَاحِدًا إِلَّا أَنْ تَكُونَ مَأْمُونَةً كَمَا فِي النِّيلِ فَيَجُوزُ بِالنَّقْدِ وَبِغَيْرِهِ قَالَ

صَاحِبُ النُّكَتِ: لَا يَلْزَمُ النَّقْدُ فِي أَرْضِ الْمَطَرِ حَتَّى يَتِمَّ الزَّرْعُ وَيُنْقَدُ فِي أَرْضِ النِّيلِ وَالْمَأْمُونَةِ مِنْ غَيْرِهِ إِذَا رُوِيَتْ وَأَرْضُ السَّقْيِ الَّتِي تُزْرَعُ بُطُونًا يَنْقُدُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِم كل بطن إِذا سلم حِصَّتَهُ وَعِنْدَ غَيْرِهِ إِذَا رَوَى أَوَّلَ كُلِّ بَطْنٍ فَإِنْ أَكْرَى ثَلَاثَ سِنِينَ بِمِائَةٍ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَنْقُدُهُ السَّنَةَ الْأُولَى الثُّلُثَ وَلَا يَنْظُرُ إِلَى تَشَاحِّ النَّاسِ إِنَّمَا ذَلِكَ فِي الدُّورِ وَلَيْسَتِ الْعَادَةُ فِي الْأَرْضِ الْمُشَاحَّةَ فِي ذَلِكَ وَكَذَلِكَ نَخْلَاتُ أَرْضِ السَّقْيِ وَكَذَلِكَ قَالَ: إِذَا هَارَتِ الْبِئْرُ بَعْدَ سَنَةٍ أُعْطِيَ بِحِسَابِهَا عَلَى تَشَاحِّ النَّاسِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ كِرَاءُ مِائَةِ ذِرَاعٍ مِنْ أَرْضِهِ الْغَائِبَةِ إِذَا كَانَتْ مُسْتَوِيَةً كَشِرَاءِ آصُع مِنْ صُبرة وَيَمْتَنِعُ فِي الْمُخْتَلِفَةِ كَالْبَيْعِ حَتَّى يُسَمِّيَ أَيَّ مَوْضِعٍ مِنْهَا وَقَالَ غَيْرُهُ: يُمْنَعُ فِي الْمُسْتَوِيَةِ حَتَّى يُعَيَّنَ الْمَوْضِعُ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ: إِنَّمَا مَنَعَ الْغَيْرُ لِأَنَّ مِنْ قَوْلِ أَصْحَابِ مَالِكٍ مَنْعَ ثَوْبٍ مِنْ ثَوْبَيْنِ مُسْتَوَيَيْنِ عَلَى أَنْ يَضْرِبَا القُرعة عَلَيْهِمَا لِمَا فِي الصُّورَتَيْنِ مِنْ غَرَرِ القُرعة لِغَيْرِ التَّسَاوِي قَالَ ابْنُ يُونُسَ: أَلْزَمَ عَلَيْهِ عَدَمَ جَوَازِ الشَّائِعِ لِوُقُوعِ الْقُرْعَةِ فِيهِ وَهُوَ جَائِزٌ اتِّفَاقًا وَتَوَقُّعِ الْقَرْعَةِ لِتَوَقُّعِ الِاسْتِحْقَاقِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا اشْتَرَيْتَ الزَّرْعَ عَلَى الْحَصَادِ ثُمَّ أَذِنَ لَكَ رَبُّ الْأَرْضِ فِي بَقَائِهِ بِأَجْرٍ أَمْ لَا يَمْتَنِعُ لِأَنَّهُ مُعَرَّضٌ لِلْجَوَائِحِ فَهُوَ بَيْعُ غَرَرٍ وَمَنْفَعَةُ الْأَرْضِ مُدَّةَ بَقَاءِ الزَّرْعِ مَجْهُولَةٌ وَإِنَّمَا جَازَ تَبَعًا لِأَصْلِ الزَّرْعِ وَأَمَّا الْمُفْرَدُ فَلَا فَإِنِ اشْتُرِيَتِ الْأَرْضُ صَحَّتِ التَّبْقِيَةُ فَرْعٌ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: يَصِحُّ كِرَاءُ الْأَرْضِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ الْمَنْفَعَةِ مِنْ زِرَاعَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَيَفْعَلُ مِنْ ذَلِكَ مَا يُشْبِهُ وَاشْتَرَطَ (ش) تَعْيِينَ الزِّرَاعَةِ أَوْ غَيْرِهَا

وَجَوَّزَ عَلَى أَنْ يَزْرَعَ مَا شَاءَ حَمْلًا لَهُ عَلَى الْأَعْلى فَإِنْ أَشْبَهَ الْجَمِيعَ وَبَعْضُهَا أَضَرَّ فَسَدَ الْعَقْدُ وَلَوْ قَالَ: انْتَفِعْ بِهَا مَا شِئْتَ جَازَ وَلَهُ زِرَاعَةُ غَيْرِ مَا أُجِّرَ لَهُ مِنْ جِنْسِهِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَلَوْ شَرط عَلَيْهِ أَن لَا يَزْرَعَ إِلَّا صِنْفًا عَيَّنَهُ امْتَنَعَ لِتَوَقُّعِ تَعَذُّرِهِ فَإِنْ فَعَلَ فَلَهُ كِرَاءُ الْمِثْلِ وَإِذَا اكْتَرَى لِلْبِنَاءِ لَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ مِقْدَارِ الْبِنَاءِ وَلَا صِفَتِهِ بِخِلَافِ الْبِنَاءِ عَلَى الْجِدَارِ لِأَنَّ حَمْلَ الْأَرْضِ لَا يَخْتَلِفُ فَرْعٌ قَالَ: يُشْتَرَطُ فِي دَوَاب الرّكُوب: الرُّؤْيَة وَالصّفة الجامعة للأعراض مِنَ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ إِلَّا أَنْ يُعْلَمَ ذَلِكَ بِالْعَادَةِ وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى وَصْفِ الرَّاكِبِ بَلْ لَوْ تَعَيَّنَ بِالرُّكُوبِ أَوْ بِالرُّؤْيَةِ لَمْ تَتَعَيَّنْ وَلَهُ أَنْ يَجْعَلَ مَكَانَهُ مِثْلَهُ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ فِي الدَّارِ وَالْأَرْضِ وَالدَّابَّةِ لِأَنَّ الْمُسْتَوْفي لِلْمَنْفَعَةِ لَا يَتَعَيَّنُ لِأَنَّهُ مَالِكٌ وَالْمَالِكُ لَهُ سُلْطَانُ التَّمْلِيكِ لِغَيْرِهِ بِخِلَافِ الْمُسْتَوْفَى مِنْهُ لِأَنَّهُ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ فَيَبْقَى فِيهِ الْغَرَرُ وَالْمُسْتَوْفَى بِهِ لَا يَتَعَيَّنُ أَيْضًا لِأَنَّهُ آلَةٌ لَا تُقَابَلُ بِالْعِوَضِ إِلَّا فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ تَقَدَّمَ بَيَانُهَا فِي الصَّبِيَّيْنِ وَالدَّابَّتَيْنِ وَحَيْثُ كَانَ الْكِرَاءُ فِي الذِّمَّةِ لَا يُشْتَرَطُ وَصْفُ الدَّابَّةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْحُمُولَةُ تَحْتَاجُ لِذَلِكَ كَالدَّجَاجِ وَنَحْوِهِ كَمَا لَا يَحْتَاجُ إِلَى تَعْيِينِ مَا يُعْطَى مِنْهُ السَّلَمُ فَرْعٌ قَالَ: إِنِ اسْتَأْجَرَ لِزِرَاعَةِ الْقَمْحِ شَهْرَيْن بِشَرْط الْقلع جَازَ لِأَن الْمَقْصُود الْفضل وَإِن شَرط الْبَقَاء امْتنع لمناقضة شَرطه التاقيت وَإِنْ أَطْلَقَ فَسَدَ إِنْ كَانَ الْعُرْفُ الْإِبْقَاءَ

قَالَ: إِذَا زَرَعَ مَا هُوَ أَضَرُّ فَعَلَيْهِ الْكِرَاءُ الْأَوَّلُ وَمَا بَيْنَ الْكِرَاءَيْنِ تَمْهِيدٌ: إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ وَلَمْ يَقُلْ: عَلَيْهِ كِرَاءُ الزَّرْعِ الثَّانِي مَعَ أَنَّهُ هُوَ الْوَاقِعُ غَالِبًا فَإِنَّ الشَّعِيرَ إِذَا كَانَ فِي الْعُرْفِ بِدِينَارٍ وَالْقَمْحَ بِدِينَارَيْنِ فَإِنْهُ إِنَّمَا يَسْتَأْجِرُ لِلشَّعِيرِ بِدِينَارٍ فِي الْغَالِبِ فَإِذَا زَرَعَ الْقَمْحَ يَكُونُ عَلَيْهِ دِينَارٌ وَهُوَ الْكِرَاء الأول وَمَا بَين الكرائين وَهُوَ الدِّينَارُ الَّذِي امْتَازَ بِهِ كِرَاءُ الْقَمْحِ فَيكون المتحصل لَهُ دِينَارَانِ فَلَوْ قَالَ: الْكِرَاءُ الثَّانِي صَحَّ وَلَا حَاجَةَ إِلَى التَّطْوِيلِ لَكِنْ عَدَلَ عَنْهُ لِحِكْمَةٍ وَهُوَ أَنَّ الْكِرَاءَ الْأَوَّلَ قَدْ يَكُونُ فِيهِ نُزُولٌ عَنْ كِرَاءِ الْمِثْلِ بِسَبَبِ حَاجَةِ رَبِّ الْأَرْضِ أَو غَيره ذَلِكَ فَتَضِيعُ تِلْكَ الرُّخَصُ الْمُسْتَفَادَةُ مِنَ الْعَقْدِ وَيَبْطُلُ مُوجِبُهُ وَكَذَلِكَ لَوْ وَقَعَ بِأَغْلَى لِحَاجَةِ الْمُكْتَرِي أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَسْبَابِ وَمِثَالُهُ: كِرَاءُ الشَّعِيرِ سَبْعَةٌ وَكِرَاءُ الْقَمْحِ عَشَرَةٌ فِي الْعُرْفِ اكْتَرَى الشَّعِيرَ بِدِينَارٍ لِضَرُورَةِ رَبِّ الْأَرْضِ أَو لصداقته لَهُ ثُمَّ زَرَعَ قَمْحًا فَعَلَى قَوْلِهِ يُعْطَى خَمْسَةً وَعَلَى مَا يَتَخَيَّلُهُ السَّائِلُ يُعْطَى عَشَرَةٌ فَيَذْهَبُ عَلَيْهِ مَا حَصَّلَهُ مِنَ الْغِبْطَةِ بِالْعَقْدِ وَعَكَسَهُ لَوِ اكْتَرَى الشَّعِيرَ بِعَشَرَةٍ لِسَبَبِ غَرَضٍ فَزَرَعَ قَمْحًا فَعَلَى قَوْلِهِ: يُعْطَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ فَلَا يَفُوتُ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ مَا حَصَّلَهُ مِنَ الْغِبْطَةِ بِالْعَقْدِ وَعَلَى قَوْلِ السَّائِلِ: لَا يُعْطَى إِلَّا عَشَرَةً فَيَذْهَبُ عُدْوَانُهُ لَا أَثَرَ لَهُ فَهَذَا سِرُّ قَوْلِ الْعُلَمَاءِ: يُعْطَى الْكِرَاءُ الأول وَمَا بَين الكرائين فرع فِي النَّوَادِر: قَالَ مَالك: إِذا أُسكن دَارًا حَيَاتَهُ جَازَتْ إِجَارَتُهُ لَهَا ثَلَاثَ سِنِينَ فَأَقَلَّ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُؤَاجِرَ نَفْسَهُ ذَلِكَ

فَرْعٌ قَالَ: مَنَعَ مَالِكٌ كِرَاءَهَا إِلَى (الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ) وَبَعْدَ رُجُوعِكَ تَبْقَى عَلَيْهَا زَرْعُكَ شَهْرًا لِأَنَّكَ لَا تَدْرِي كَيْفَ تَرْجِعُ فَرْعٌ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ: يُمْنَعُ: إِنْ مَاتَتِ الدَّابَّةُ انْفَسَخَ الْكِرَاءُ لِأَنَّهُ كِرَاءٌ إِلَى مَوْتِهَا وَهُوَ مَجْهُولٌ فَرْعٌ قَالَ: تَجُوزُ إِجَارَتُهَا لِيَسْقِيَ دَوَابَّ الْقَرْيَةِ إِنْ كَانَتِ الدَّابَّةُ مَعْلُومَةً وَإِلَّا فَلَا فَرْعٌ فِي النَّوَادِرِ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إِذَا اكْتَرَى دَابَّةً مُعَيَّنَةً وَشَرَطَ: إِنْ مَاتَتْ فَالْأُخْرَى مَكَانَهَا إِلَى مُنْتَهَى السّفر أَو شَرط أَن يَأْتِي كراءه مَضْمُون يَمْتَنِعُ لِلْغَرَرِ وَإِنْ نَقَدَهُ وَهَلَكَتِ الدَّابَّةُ الْمُعَيَّنَةُ لَا يَأْخُذُ فِي نَقْدِهِ دَابَّةً أُخْرَى مُعَيَّنَةً لِأَنَّهُ فَسَخُ دَيْنٍ فِيمَا يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ فَيُشْبِهُ الدَّيْنَ بِالدَّيْنِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَوْضِعَ ضَرُورَةٍ كَالْفَلَاةِ فَرْعٌ فِي النَّوَادِرِ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَجُوزُ دَفْعُ الشَّبَكَةِ يَصِيدُ بِهَا يَوْمًا لِنَفْسِهِ وَيَوْمًا لَكَ وَفِي الشَّهْرَيْنِ كَثِيرٌ لِتَظَافُرِ الْجَهَالَةِ وَيَجُوزُ إِجَارَةُ الصَّيَّادِ وَيَجْتَهِدُ فِي إِلْقَاءِ الشَّبَكَةِ حَسَبَ الْإِمْكَانِ فَرْعٌ قَالَ: إِذَا ضَرَبَ أَجَلًا لِلدَّابَّةِ وَسَمَّى مَوْضِعًا أَوْ عَيَّنَ عَمَلًا يَمْتَنِعُ لِأَنَّهُ

بَيْعَتَانِ فِي بَيْعَةٍ فَيُفْسَخُ وَقِيلَ: يَصِحُّ وَيَكُونُ لَهُ الْمُسَمَّى إِنْ بَلَغَ الْمَوْضِعَ فِي ذَلِكَ الْأَجَلِ وَكِرَاءُ مِثْلِهِ إِنْ لَمْ يَبْلُغْ إِلَيْهِ فِيهِ وَلِهَذَا كَانَ الْأَجَلُ وَاسِعًا يُدْرَكُ فِيهِ الْمَوْضِعُ وَإِلَّا امْتَنَعَ اتِّفَاقًا وَكَذَلِكَ: إِنْ بَلَغْتَ فِي أَجَلِ كَذَا وَكَذَا فلك كَذَا كَذَا

(الباب الثاني في أحكام الإجارة)

(الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْإِجَارَةِ) وَفِيهِ فَصْلَانِ الْفَصْل الأول فِي مقتضياً الْأَلْفَاظ وعوارض العقد من شَرط وإقالة ويتحالف وَغَيْرُ ذَلِكَ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْخَيْطُ فِي الْخِيَاطَةِ عَلَى الْمَالِكِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَادَةً وَقَالَهُ (ش) لِأَنَّهُ عين لَازم مَنْفَعَة وَعَلَى الْحَضَانَةِ لَا يَسْتَتْبِعُ الْإِرْضَاعَ وَعَلَى الْإِرْضَاعِ لَا يَسْتَتْبِعُهَا وَفِي الْكِتَابِ الْإِجَارَةُ لَازِمَةٌ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا التَّرْكُ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِأَنَّهُ عَقْدٌ شُرِعَ لرفع الضَّرُورَةِ فِي الْمَنَافِعِ فَيَلْزَمُ بِالْعَقْدِ كَالْبَيْعِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ تَرَتُّبُ الْمُسَبَبَّاتِ عَلَى أَسْبَابِهَا قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ الْإِجَارَةُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ جَائِزَةٌ كَخِيَاطَةِ الثَّوْبِ وَمَكْرُوهَةٌ فِي الْحَجِّ وَالصَّلَاةِ وَالْمُسْلِمُ يُؤَجِّرُ نَفْسَهُ مِنَ الذِّمِّيِّ فَيُرَدُّ مَا لَمْ يَفُتْ فَيُمْضَى بِالْمُسَمَّى وَمُخْتَلَفٌ فِي كَرَاهَتِهَا وَتَحْرِيمِهَا كَحَفْرِ الْعَيْنِ ألف ذِرَاع وَمَا فِيهِ من الصَّفَا (فَعَلَى رَبِّهِ شَقُّهُ فَكَانَ الصَّفَا) مِائَةَ ذِرَاعٍ

فَشَقَّهَا وَطَلَبَ بَدَلَ عَمَلِهَا بِمَوْضِعٍ أَضْعَفَ مِنَ الْأَوَّلِ قَالَ مَالِكٌ يَرُدُّ بِقَدْرِهِ مِنَ الْأُجْرَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ لِأَنَّهَا فَاسِدَةٌ لِعَدَمِ انْضِبَاطِ الصَّفَاءِ وَصَحَّحَ مَالِكٌ الْعَقْدَ وَأَبْطَلَ الشَّرْطَ تَمْهِيدٌ قَالَ الْأَعْمَالُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ مَا تصح فِيهِ الْإِجَارَة والعل كَبيع الثَّوْب وحفر الْبِئْر وَقَضَاء الدُّيُونِ وَالْمُخَاصَمَةِ فِي الْحُقُوقِ وَعَنْ مَالِكٍ مَنْعُ الْجعل فِي الْخُصُومَة وبمتنعان فِيهِ وَهُوَ مَا يَحْرُمُ فِعْلُهُ أَوْ يَجِبُ وَفِيه الْإِجَارَة فَقَط كخياطة الثَّوْب وخدمة الشَّهْرِ وَبَيْعِ السِّلَعِ الْكَثِيرَةِ وَالسِّلْعَةِ الْوَاحِدَةِ الَّتِي يَعْلَمُ وُجُودَ ثَمَنِهَا فِي الْحَالِ وَنَحْوِهِ مِمَّا تَبْقَى لِلْجَاعِلِ مَنْفَعَتُهُ وَيَمْتَنِعُ اجْتِمَاعُ الْجُعَالَةِ وَالْإِجَارَةِ لِتَضَادِّ أَحْكَامِهَا وَيَفْسُدَانِ جَمِيعًا وَعَنْ سَحْنُونٍ اجْتِمَاعُ الْمُغَارَسَةِ وَالْبَيْعِ وَهُوَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ الْإِجَارَةُ عَلَى الْبَيْعِ يَجِبُ فِيهَا ضَرْبُ الْأَجَلِ وَيَمْتَنِعُ النَّقْدُ لِتُوَقُّعِ عَدَمِ الْبَيْعِ فِي جُمْلَةِ الْأَجَلِ فَيَرُدُّ بَعْضَ الْأُجْرَةِ فَيَكُونُ تَارَة بيعا وَتارَة سلفا وانا لَمْ يَنْقُدْ وَمَضَى مِنَ الْأَجَلِ بَعْضُهُ فَلِلْأَجِيرِ حِصَّتُهُ لِأَنَّهُ فِي مُقْتَضَاهَا فَرْعٌ قَالَ يَجُوزُ عَلَى بَيْعِ سِلَعٍ كَثِيرَةٍ شَهْرًا عَلَى أَنَّهُ مَتَى شَاءَ تَرَكَ لِأَنَّهَا إِجَارَةٌ فِيهَا خِيَارٌ وَيَمْتَنِعُ النَّقْدُ كَمَا تَقَدَّمَ قَالَ صَاحِبُ الْإِشْرَافِ يَجُوزُ - عِنْدَنَا - شَرْطُ الْخِيَارِ فِي الْإِجَارَةِ الْمُعَيَّنَةِ وَالْمَضْمُونَةِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ قَالَ ابْن

يُونُسَ وَيَمْتَنِعُ التَّطَوُّعُ بِالْأُجْرَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَهُ التَّرْكُ مَتَى شَاءَ كَأَنَّهُ فَسَخَهَا فِي الْعَمَلِ فَهُوَ كَفَسْخِ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَكَذَلِكَ لَوْ أَجَرَهُ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَهُوَ كَالتَّطَوُّعِ بِالنَّقْدِ فِي السَّلَمِ بِالْخِيَارِ قَالَ سَحْنُونٌ لَا أَعْرِفُ هَذَا الْخِيَارَ وَإِنَّمَا يَكُونُ الْخِيَارُ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً مَا لَمْ يَعْمَلْ قَالَ حَمْدِيسُ لَوْ صَحَّ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ لَفَسَدَتِ الْإِجَارَةِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَجُوزُ الْخِيَار فِي الْإِجَارَة مِمَّا يَجُوزُ فِي الْبَيْعِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنَّمَا يَمْتَنِعُ النَّقْد إِذا ضرب أَََجَلًا إِذْ كَانَ الْمَتَاعُ مُعَيَّنًا وَإِلَّا فَيَجُوزُ وَيَعْمَلُ لَهُ جُمْلَةَ الْأَجَلِ سُؤَالٌ: أَيُّ مَحْذُورٍ فِي قَوْلِنَا: تَارَةً بَيْعًا وَتَارَةً سَلَفًا قَاعِدَةٌ: السَّلَفُ شَرَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى مَعْرُوفًا وَإِحْسَانًا بَيْنَ الْخَلْقِ وَمَا شُرع لحكمةٍ يَمْتَنِعُ إِيقَاعُهُ غَيْرَ مُتَضَمِّنٍ تِلْكَ الْحِكْمَةَ فَلَا تَجُوزُ الْمُلَاعَنَةُ فِي حَقِّ الْمَجْبُوبِ لِدَرْءِ النَّسَبِ لِكَوْنِهِ منتفياُ عَنْهُ بِغَيْرِ لِعَانٍ وَلَا تَجُوزُ إِقَامَةُ الْحُدُودِ عَلَى السَّكَارَى حَالَةَ السكر لعد مُشَاهَدَتِهِمْ لِتَفَاصِيلِ الْمُؤْلِمَاتِ حينئذٍ وَلَا تُشْرَعُ عُقُودُ الْمُعَاوَضَاتِ مَعَ الْغَرَرِ وَالْجَهَالَاتِ لِذَهَابِهَا بِانْضِبَاطِ مَظَانِّ تَنْمِيَةِ الْمَالِ فَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ السَّلَفُ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْمَعْرُوفِ وَالسَّلَفُ بِشَرْطِ الْبَيْعِ أَوْقَعَهُ لِلْمُكَايَسَةِ لَا لِلْمَعْرُوفِ فَيَمْتَنِعُ وَالدَّافِعُ الثَّمَنَ أَوِ الْأُجْرَةَ لَمْ يَدْفَعْهَا لِلْمَعْرُوفِ فَتَوَقَّعَ رَدَّهَا بَعْدَ الِانْتِفَاعِ تَوَقَّعَ لِسَلَفٍ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْمَعْرُوفَ فَيَمْتَنِعُ لَكَنَّهُ أَخَفُّ مِنَ السَّلَفِ بِشَرْطِ النَّفْعِ لِكَوْنِهِ لَمْ يَتَعَيَّنْ كَوْنُهُ سَلَفًا بِخِلَافِ ذَلِكَ فرع فِي الْكتاب: يمْتَنع النَّسْجُ عَلَى أَنْ يُسَلِّفَكَ غَزْلًا لِأَنَّهُ سَلَفٌ لِلنَّفْعِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ: إِنْ وَقَعَ رَدَدْتَ مِثْلَ السَّلَفِ وَالثَّوْبِ لَكَ وَعَلَيْكَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لفساد العقد وَقد انتفعت بِلَا بِالرِّبَا وَلَيْسَ كَمَنْ دَفَعْتَ لَهُ خَمْسِينَ عَلَى أَنْ يُسَلِّفَكَ خَمْسِينَ وَيَعْمَلَ الْجَمِيعَ سُوَارَيْنِ وَتُعْطِيَهُ أُجْرَتَهُ لِأَنَّ عَيْنَ الذَّهَبِ قَائِمَةٌ وَالْغَزْلَ اسْتُهْلِكَ بَلْ هُوَ كَمَنْ مَوَّهَ لِجَامًا عَلَى أَنْ يَزِيدَهُ الصَّانِعُ مِنْ عِنْدَهِ لِأَنَّ مَا جُعِلَ فِي اللِّجَامِ مُسْتَهْلَكٌ وَقِيلَ: الثَّوْبُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ غَزَلِهِمَا وَلَهُ

أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِي حِصَّتِكَ كَالسُّوَارَيْنِ قَالَ: وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ قَالَ اللَّخْمِيُّ: عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الثَّوْبَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا فَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنَ الْمُسَمَّى فِيمَا يَنُوبُ الْغَزْلَ أَوِ إِجَارَةُ الْمِثْلِ فَرْعٌ فِي الْكتاب: إِذا اسْتَأْجر ثوبا أَو خمية شهرا فحسبه للزمته الْأُجْرَةُ وَإِنْ لَمْ يَلْبَسْهُ لِأَنَّ بَذْلَ الْأُجْرَةِ عَلَى التَّمْكِينِ وَلِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ هَلَكَتْ تَحْتَ يَدِهِ فَتَجِبُ الْأُجْرَةُ كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ إِذَا هَلَكَ الْمَبِيعُ عِنْدَهُ وَلَوْ حَبَسَهُ بَعْدَ الْمُدَّةِ فَالْأُجْرَةُ عَلَيْهِ لِلْحَبْسِ مِنْ غَيْرِ لُبْسٍ مَعَ أُجْرَةِ الْعَقْدِ لِأَنَّهَا مَنْفَعَةٌ لَمْ يُعَاقِدْ عَلَيْهَا وَقَالَ غَيْرُهُ: بِحِسَابِ مَا اسْتَأْجَرَ إِنْ كَانَ رَبُّهُ حَاضِرًا لِأَنَّ حَبْسَهُ بَعْدَ الْعَقْدِ رِضًا بِمُقْتَضَاهُ وَلَوْ ضَاعَ فِي نِصْفِ الْأَجَلِ وَأَصَابَهُ بَعْدَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ أُجْرَةُ الضَّيَاعِ بَلْ حِصَّةُ النِّصْفِ الْأَوَّلِ وَكَذَلِكَ الدَّابَّةُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قِيلَ: مَعْنَى أَجَرْتُهُ بَعْدَ الْمُدَّةِ مِنْ غَيْرِ لَبْسٍ: أَنْ يَكُونَ كِرَاؤُهُ مَلْبُوسًا فِي الشَّهْرِ عَشَرَةً وإبلاء اللّبْس فِي الشَّهْرِ خَمْسَةً فَيَكُونُ عَلَيْهِ خَمْسَةٌ وَكَذَلِكَ الدَّابَّةُ قَالَ: وَفِيهِ تَطْوِيلٌ (بَلْ يُقَالُ كَمْ أُجْرَتُهَا غَيْرَ مَرْكُوبَةٍ وَمَلْبُوسٍ مَعَ أَنَّهُ حَبَسَهُمَا عَنْ رَبِّهِمَا وَفَوَّتَهُ مَنَافِعَهُمَا وَإِلَّا يَلْزَمُ إِذَا كَانَ اللُّبْسُ لَا يَنْقُصُهُ أَنْ يُعْطِيَ مِثْلَ كِرَاءِ الشَّهْرِ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِهِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يَمْتَنِعُ دَفْعُكَ الثَّوْبَ الْمُكْرَى لِغَيْرِكَ يَلْبَسُهُ لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي اللُّبْسِ وَالْأَمَانَةِ وَيَضْمَنُ إِنْ فَعَلَ لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي اللُّبْسِ وَيُكْرَهُ فِي الدَّابَّةِ الْمَرْكُوبَةِ وَإِنْ كَانَ مِثْلَهُ أَوْ أَخَفَّ لِأَنَّ الْأَخَفَّ قَدْ يَعْقِرُ الدَّابَّةَ بِقِلَّةِ مَعْرِفَتِهِ لِلرُّكُوبِ فَأَمْرُهُ غَيْرُ مُنْضَبِطٍ غَيْرَ أَنَّ الدَّابَّةَ فِيهَا تَحَمُّلٌ بِخِلَافِ الثَّوْبِ وَلَا يَفْسَخُ وَلَا يَضْمَنُ إِذَا كَانَ مِثْلَهُ فِي الْخِفَّةِ وَالْحُلَّةِ وَالْحَالة وَلَوْ بَدَاَ لَهُ فِي السَّفَرِ أَوْ مَاتَ اَكْتَرَيْتَ مِنْ مِثْلِهِ وَكَذَلِكَ الثِّيَابُ خِلَافًا لِ (ش) بِخِلَافِ الْكِرَاءِ لِلسُّفُنِ وَالدُّورِ وَالْفُسْطَاطِ فَلَكَ كِرَاؤُهُ فِي مِثْلِ حَالِكَ فِي لُبْسِكَ وَأَمَانَتِكَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ:

لَمْ يُضَمِّنْهُ سَحْنُونٌ فِي كِرَاءِ الثَّوْبِ كَالْفُسْطَاطِ وَالْمَذْهَبُ فِي الدَّابَّةِ وَالثَّوْبِ: الْكَرَاهَةُ وَهُوَ مُرَادُهُ فِي الْكِتَابِ وَفِي الْكِتَابِ: تَجُوزُ إِجَارَةُ الْعَبْدِ فِيمَا اسْتَأْجَرَهُ لَهُ فَإِنْ أَجَرَهُ لَهُ فِي غير فَعَطِبَ ضَمِنَهُ إِنْ كَانَ عَمَلًا يُعْطَبُ فِي مِثْلِهِ وَلِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: لَهُ أَنْ يُحَوِّلَهُ مِنَ الْعَمَلِ إِلَى نَوْعِهِ مِثْلَ الْحَصَادِ وَالْحَزْرِ وَالْفَصْدِ فَإِنْ قَالَ: لَا أُحْسِنُهُ فلك فسخ الْإِجَارَة إِلَّا أَن يكن يَسِيرًا لَا ضَرَرَ عَلَيْكَ فِيهِ فَرْعٌ فِي الْكتاب: يجوز بيع الْبعد الْمُسْتَأْجَرِ مَعَ قُرْبِ الْإِجَارَةِ كَالْيَوْمَيْنِ وَإِلَّا لَزِمَ تَأْخِيرُ الْقَبْضِ فِي الْبَيْعِ الْمُعَيَّنِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: يَجُوزُ فِي نَحْوِ الْيَوْمَيْنِ فَإِنْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي وَإِلَّا فَلَهُ الْقِيَامُ بِهَذَا الْعَيْبِ فَإِنْ عَلِمَ بَعْدَ انْقِضَائِهَا فَهَلْ لَهُ الْأُجْرَةُ فِي دَيْنِكَ الْيَوْمَيْنِ؟ خِلَافٌ وَقِيلَ: لِلْمُبْتَاعِ الرَّدُّ وَيُمْنَعُ فِي البيعدة وَلَهُ الْأُجْرَةُ وَقِيلَ: هُوَ كَعَيْبٍ ذَهَبَ فَيَلْزَمُ وَلَهُ الْأُجْرَةُ رَضِيَ الْبَائِعُ أَوْ كَرِهَ لِأَنَّهَا مَنْفَعَةُ مُلْكِهِ وَقِيلَ: يَرْجِعُ الْمُبْتَاعُ بِالثَّمَنِ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ عَلَى الْقَبْضِ إِلَى أَجَلِ الْإِجَارَةِ وَاخْتُلِفَ فِي مُرَادِهِ فِي الْكِتَابِ فِي الْإِمْضَاءِ فِي الْقَرِيبِ وَيَفْسَخُ فِي الْبَعِيدِ حَمَلَهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ وَقِيلَ: بَعْدَ الْأَجَلِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا وَجَدَ الْعَبْدَ سَارِقًا فَلَهُ الرَّدُّ كَالْبَيْعِ إِنْ كَانَ لِلْخِدْمَةِ لِعُسْرِ التَّحَفُّظِ مِنْهُ بِخِلَافِ إِجَارَتِهِ لِلْمُسَاقَاةِ لِإِمْكَانِ التَّحَفُّظِ وَلِأَنَّهُ شَرِيكٌ وَلِأَنَّ لَكَ الْمُسَاقَاةَ عَلَيْهِ فَرْعٌ قَالَ: إِذَا لَمْ يَقْدِرِ الْأَجِيرُ عَلَى أَكْثَرَ مِنَ الْغَنَمِ لَا يَرْعَى مَعَهَا غَيْرَهَا إِلَّا أَن

يدْخل مَعَه رَاع يُقَوي بِهِ فَلَهُ ذَلِكَ فِي الْغَنَمِ الْيَسِيرِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ عَدَمَ ذَلِكَ فَيَجُوزُ وَيَلْزَمُ كَسَائِرِ الشُّرُوط فَإِن رعى غَيرهَا فالأجرة لَك أَنَّك استحققت مَنْفَعَة فِي الرَّعْيِ وَكَذَلِكَ أَجِيرُ الْخِدْمَةِ إِذَا أجَرَ نَفْسَهُ يَوْمًا: لَكَ الْأُجْرَةُ وَقَالَ غَيْرُهُ: إِنْ لَمْ تُوجِبِ الرِّعَايَةُ الثَّانِيَةُ تَقْصِيرًا فِي الْأُولَى فَلَا أُجْرَةَ لَهُ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ: إِذَا كَانَ مَضْمُونا تَحت يدك فَلَيْسَ عَلَيْك تَسْمِيَة مَا يَرْعَى لَكَ بِخِلَافِ الْمُنْفَرِدِ بِنَفْسِهِ وَالْمُشْتَرَكُ لجَمِيع النَّاس لَا بُد من التَّسْمِيَة وَإِذا اشْترط عَلَيْهِ أَن لَا يَرْعَى غَيْرَهَا فَرَعَى فَالْأُجْرَةُ لَكَ وَلَكَ تَخْيِيرُهُ كَمَا خُيِّرْتَ فِي أَجِيرِ الْخِدْمَةِ يُؤَاجِرُ نَفْسَهُ: بَيْنَ الْأُجْرَةِ وَإِسْقَاطِ ذَلِكَ مِنَ الْمُسَمَّى قَالَ ابْنُ يُونُسَ: تَخْيِيرُكَ فِي أَجِيرِ الْخِدْمَةِ إِنَّمَا ذَلِكَ فِيمَا يُشْبِهُ أُجْرَتَهُ وَأَمَّا إِنِ اسْتَأْجَرْتَهُ شَهْرًا بِدِينَارٍ فَيُؤَاجِرُ نَفْسَهُ فِي أَمْرٍ مَخُوفٍ بِدِينَارٍ أَوْ يُقَاتِلُ فَيَدْفَعُ لَهُ فِي قِسْمَه عَشَرَةَ دَنَانِيرَ لَا يَكُونُ لَكَ إِلَّا أَجْرُ مَا عَطَّلَكَ مِنْ عَمَلِكَ قَالَ اللَّخْمِيُّ: يَجُوزُ اسْتِئْجَارُكَ لِلرَّعْيِ لَكَ وَإِنْ لَمْ تُسَمِّ ذَلِكَ وَيُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى جَمِيعِ مَنَافِعِهِ وَلَكَ أَنْ تَأْتِيَهُ بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ يَعْلَمُ قَدْرَ رِعَايَةِ مِثْلِهِ وَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَرْعَى مَعَهَا غَيْرَهَا فَإِنْ فَعَلَ فَالْأُجْرَةُ لَك قَالَ وَأرى إِذا اشْترط عَلَيْهِ أَن لَا يَرْعَى فَرَعَى أَنْ يُخَيَّرَ بَيْنَ الْفَسْخِ عَنْ نَفْسِهِ مَا زَادَ لِمَكَانِ الشَّرْطِ وَأَخْذِ قِيمَةِ الزِّيَادَةِ إِلَّا الْأُجْرَةَ لِوُجُودِ الْأَسْبَابِ الثَّلَاثَةِ: عَاقِدٌ عَلَى وُفُورِ الْمَنْفَعَةِ فَفَاتَتْ وَبَاعَ بَعْضَ مَنَافِعِهِ الْمُسْتَحَقَّةِ لَهُ فَلَهُ إِمْضَاءُ الْعَقْدِ وَلَهُ أَخْذُ الْقِيمَةِ بِالتَّفْوِيتِ وَكَذَلِكَ إِذَا تَرَكَ رِعَايَةَ الْأُولَى وَرَعَى غَيْرَهَا يُخَيَّرُ بَيْنَ الثَّلَاثِ وَإِذَا قُلْتَ: اسْتَأْجَرْتُكَ عَلَى هَذِهِ الْغَنَمِ: قِيلَ: يَجُوزُ وَالْإِشَارَةُ كالصفة فيخلف غَيْرُهَا إِنْ أُصِيبَتْ وَقِيلَ تَعَيَّنَ وَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ لِلتَّحْجِيرِ عَلَيْكَ فَلَا تَقْدِرُ عَلَى بَيْعِهَا وَقِيلَ تتَعَيَّن وَهِي جَائِزَة وَقَالَهُ (ح) وَأحمد وقلا: يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ فِي الذَّاهِبِ مِنْهَا وَفَائِدَةُ التَّعْيِينِ عندنَا: أَن لَا يُكَلَّفَ الْخَلَفَ قِيلَ: إِنْ قَرُبَ الْأَجَلُ جَازَ وَإِلَّا فَلَا

وَكَذَلِكَ الْأَحْمَالُ إِذَا قَالَ: تُحْمَلُ هَذِهِ الْأَحْمَالُ قَالَ فِي كِتَابِ الرَّوَاحِلِ: لَا تَتَعَيَّنُ وَعَلَى قَوْلِهِ هَاهُنَا فِي الْغَنَمِ: يَتَعَيَّنُ ثُمَّ يَخْتَلِفُ هَلْ تَكُونُ جَائِزَةً أَمْ لَا أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ قَالَ: وَأَرَى الْجَوَازَ فِيمَا قَرُبَ لِخِفَّةِ التَّحْجِيرِ وَفِيمَا بَعُدَ إِذْ كَانَ الشَّرْطُ مِنْكَ لِأَنَّ غَرَضَكَ: عَدَمُ تَكَلُّفِ الْخَلَفِ وَإِنْ كَانَ مِنَ الرَّاعِي فَسَدَتْ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: لَيْسَ لِلرَّاعِي أَنْ يَأْتِيَ بِغَيْرِهِ يَرْعَى مَكَانَهُ وَلَوْ رَضِيتَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَيَحْرُمُ عَلَى الرَّاعِي سَقْيُ لَبَنِ الْغَنَمِ لِعَدَمِ الْإِذْنِ فِي ذَلِكَ وَيَحْمِلُ فِي رِعَايَةِ الْوَلَدِ عَلَى عُرْفِ النَّاسِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَادَةٌ لَمْ يَلْزَمْهُ لِعَدَمِ تَنَاوُلِ الْعَقْدِ لَهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ: سَقْيُ اللَّبَنِ مَكْرُوهٌ وَلَا يَحْرُمُ لِأَنَّ الْغَالِبَ الْإِبَاحَةُ وَإِنْ كَانُوا يَبِيعُونَهُ وَأَكْثَرهم حَرَّمَ أَوْ يُبِيحُونَهُ لَمْ يَكْرَهْ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: للصُّناع مَنْعُ مَا عَمِلُوا حَتَّى يَقْبِضُوا أَجْرَهُمْ كَالْبَائِعِ فِي الْبَيْعِ لِأَنَّهُمْ بَائِعُونَ لِمَنَافِعِهِمْ وَهُمْ أَحَقُّ بِهِ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ وَكَذَلِكَ حَامِلُ الْمَتَاعِ أَوِ الطَّعَامِ عَلَى رَأْسِهِ أَوْ دَابَّته أَو سفينته لِأَن الْمَنْفَعَة الْمُسْتَأْجرَة عَلَيْهَا إِنَّمَا تَحْصُلُ بِتَسْلِيمِ الْعَيْنِ فَكَأَنَّهَا سِلْعَتُهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَهُوَ مَوْرِدُ الْحَدِيثِ فِي الْفَلَسِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا اسْتَأْجَرْتَهُ عَلَى بِنَاءِ حَائِطٍ وَصَفْتَهُ لَهُ فَبَنَى نِصْفَهُ ثُمَّ انْهَدَمَ فَلَهُ بِحِسَابِ مَا بَنَى لِأَنَّكَ قَبَضْتَهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ إِعَادَةُ الْعَمَلِ لِمَزِيدِ الضَّرَرِ

عَلَيْهِ كَانَ الْأَجْرُ مِنْ عِنْدِكَ أَوْ مِنْ عِنْده قَالَ غَيره: لهَذَا فِي عَمَلِ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ وَعَلَيْهِ فِي الْمَضْمُونِ تَمَامُ الْعَمَلِ تَوْفِيَةً بِالْعَقْدِ وَحَفْرُ الْبِئْرِ كَبِنَاءِ الْحَائِطِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ جُعالة فَلَا شَيْءَ لَهُ إِذا انهدت قَبْلَ إِسْلَامِهَا إِلَيْكَ وَإِسْلَامُهَا إِلَيْكَ فَرَاغُهُ مِنَ الْحَفْرِ وَالْبِنَاءِ قَالَ مَالِكٌ: وَالْأَجِيرُ عَلَى حَفْرِ الْبِئْرِ إِذَا انْهَدَمَ قَبْلَ فَرَاغِهِ لَا شَيْءَ لَهُ أَوْ بَعْدَ فَرَاغِهِ فَلَهُ الْأُجْرَةُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَذَلِكَ فِيمَا يَمْلِكُ مِنَ الْأَرَضِينَ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: إِنِ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى بِنَاءِ حَائِط فَبنى نصفه ثمَّ انهد وَقَالَ الْغَيْرُ: ذَلِكَ فِي رَجُلٍ بِعَيْنِهِ قِيلَ: وَفَاقٌ وَقِيلَ: خِلَافٌ قَالَ: وَأَرَى أَنَّ قَوْلَ الْغَيْرِ رَاجِعٌ إِلَى اشْتِرَاطِ الْآجُرِّ وَالطِّينِ أَجَازَهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ (وَقَالَ الْغَيْرُ) : إِذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الضَّمَانِ لَمْ يَشْتَرِطْ رَجُلًا بِعَيْنِهِ جَازَ إِذَا قَدِمَ نَقَدَهُ فَجَعَلَهُ الْغَيْرُ كَالسَّلَمِ يَلْزَمُ فِيهَا شُرُوطُهُ وَإِنْ لَمْ يُذْكُرُ فِيهَا ضرب الْأَجَل لِأَن الْمَقْبُوض تبع مَا لَمْ يُقْبَضْ وَابْنُ الْقَاسِمِ: كَانَ الرَّجُلُ مُعَيَّنًا أم لَا وَاعْتمد فِي تَقْدِير الْعَمَل وَالْبيع مِنَ الْأَجْرِ عَلَى الْعَادَةِ وَمَنَعَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْمَسْأَلَةَ لِلْجَهَالَةِ وَوَقَعَ فِي الْأَسَدِيَّةِ: إِنْ تَشَاحَّا بنى مَا بَقِي من الْعَمَل فَمَا يشبه جَمِيعَ الْأُجْرَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الَّذِي سَقَطَ شِقَّ الْبِنَاءِ فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ وَأَصْلُ حَفْرِ الْبِئْرِ وَغَيْرِهِ: أَنَّ الْجُعَالَةَ تُمنع فِيهِ إِلَّا فِيمَا يَمْلِكُ وَلَا تَجُوزُ فِي الْمَمْلُوكِ إِلَّا الْإِجَارَةُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يَجُوزُ فِيمَا لَا يَمْلِكُ إِلَّا الْإِجَارَةُ لِأَنَّ الْمُجَاعِلَ لَهُ التَّرْكُ مَتَى شَاءَ فَلَا يَتْرُكُ لَهُ شَيْئًا يَنْتَفِعُ بِهِ فَلَوْ بَنَى الْبَعْضَ وَحَفَرَ وَتَرَكَ وَعَامَلَ الْمُجَاعِلُ غَيْرَهُ فَأَتَمَّ كَانَ لِلْأَوَّلِ بِقَدْرِ مَا انْتَفَعَ بِهِ الْآخَرُ بِالِاجْتِهَادِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَدْ يُصَادِفُ الْأَوَّلُ أَرْضًا رِخْوَةً أَوْ صُلْبَةً وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: يُعطى الثَّانِي جُعْلَهُ كَامِلًا وَعَلَى الْمُجَاعِلِ قِيمَةُ مَا انْتَفَعَ بِهِ كَانَ أَقَلَّ مِنْ جُعْلِهِ أَوْ أَكْثَرَ قَالَ اللَّخْمِيُّ: يَجُوزُ فِي حَفْرِ الْبِئْرِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: الْإِجَارَةُ وَالْجُعَالَةُ وَالْمُقَاطَعَةُ وَتَلْزَمُ إِلَّا الْجُعَالَةَ وَتَجُوزُ الْجُعَالَةُ فِيمَا لَا يَمْلِكُ وَاخْتُلِفَ فِي جَوَازِهَا فِيمَا يَمْلِكُ فِي الْحِرَاسَةِ وَالْحَفْرُ مثله

فرع قَالَ صَاح النُّكَتِ: أَجِيرَانِ عَلَى حَفْرِ بِئْرٍ مَرِضَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ حَفْرِ بَعْضِهَا قِيلَ: يَلْزَمُ صَاحِبُهُ الْإِتْمَامَ وَالْأُجْرَة بَينهمَا وَيرجع على الْمَرِيض بِحِصَّتِهِ مِنَ الْكُلِّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا إِنْ كَانَ شَرِيكَيْنِ فِي هَذِهِ الصِّنَاعَةِ وَإِلَّا فَإِنْ شَرَطَا عَمَلَ أَيْدِيهِمَا أَوْ أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ مَضْمُونا عل كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَالْمُكَمِّلُ مُتَبَرِّعٌ عَنِ الْمَرِيضِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا حَفَرَ الصَّحِيحُ لَهُ نِصْفُ الْأُجْرَةِ وَالنِّصْفُ الْآخِرُ لِلْمَرِيضِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ يُرِيدُ: أَنَّ الْإِجَارَةَ كَانَتْ عَلَى الذِّمَّةِ لِأَنَّ الصَّحِيحَ مُتَطَوِّعٌ وَقَالَ سَحْنُونٌ: النِّصْفُ الْآخِرُ لِصَاحِبِ الْبِئْرِ فَإِنْ حَفَرَ بَعْدَ طُولِ الْمَرَضِ رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِالْأَقَلِّ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ أَوْ أُجْرَةِ غَيْرِهِ مِمَّنْ كَانَ يَعْمَلُ مَعَهُ (لِأَنَّ أُجْرَةَ الصَّحِيحِ إِذَا كَانَتْ أَكْثَرَ: يَقُولُ الْمَرِيضُ: كَانَ لِي أَنْ أَبْنِيَ لِمَنْ يَعْمَلُ) دُونَ صنعتك لِأَنَّهُ بدل مبْنى وَلَا مَقَالَ لِرَبِّ الْأَرْضِ عَلَيْهَا قَرُبَ الْمَرَضُ أَوْ طَالَ لِأَنَّهُ عَمَلٌ مَضْمُونٌ وَإِنْ كَانَتِ الْإِجَارَةُ عَلَى أَعْيَانِهَا لَمْ يَسْتَحِقَّ الْمَرِيضُ عَلَى صَاحِبِ الْبِئْرِ عَنْ حَفْرِ صَاحِبِهِ أُجْرَةَ حَفْرٍ فِي أَوَّلِ الْمَرَضِ أَوْ آخِرِهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الصَّحِيحِ عِنْدَ سَحْنُونٍ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى كَمَالِ الْبِئْرِ وَقَالَ أَصْبَغُ: لِأَنَّهُ قَامَ عَنهُ بِعَمَل يسْتَأْجر عَلَيْهِ ثُمَّ الْمَرِيضُ إِنْ كَانَ يُمْكِنُهُ إِخْلَافُ مَوضِع خر يَحْفُرُ لَهُ مِثْلَهُ أَخْلَفَهُ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجَرَ لَهُ لَا يَتَعَيَّنُ وَإِلَّا انْفَسَخَتِ الْإِجَارَةُ فِي حَقِّهِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا حَفَرَ قَبْرًا شَقًّا فَقلت لَهُ: أردته لحداً حملتهما عَلَى الْعَادَةِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: قُلْتُ: عَمِلْتَهُ بِغَيْرِ أَجْرٍ وَقَالَ: بِأَجْرٍ صُدِّقَ فِيمَا يُشْبِهُ

مِنَ الْأَجْرِ وَإِلَّا رُدَّ إِلَى أَجْرِ مِثْلِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ: عَدَمُ التَّبَرُّعِ وَقَالَ غَيْرُهُ: يَحْلِفُ وَيَأْخُذُ الْأَقَلَّ مِمَّا ادَّعَى أَوْ أُجْرَةَ مِثْلِهِ مُؤَاخِذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ وَقَالَ (ح) : تَصَدَّقْ أَنْتَ لِأَنَّهُ ادَّعَى عَلَيْكَ الدَّيْنَ إِلَّا أَنْ يَعْمَلَ ذَلِكَ مِنْ عِنْدِهِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ: إِذَا ادَّعَى الصَّانِعُ مَا لَا يُشْبِهُ حَلَفْتَ لِتُسْقِطَ الزَّائِدَ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَقَوْلُ الْغَيْرِ فِي أَخْذِ الْأَقَلِّ يُرِيدُ: وَتَحْلِفُ أَنْتَ أَيْضًا إِنْ كَانَتِ التَّسْمِيَةُ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لِتُسْقِطَ الزَّائِدَ وَإِنِ ادَّعَى أُجْرَةَ الْمِثْلِ فَأَقَلَّ حَلَفَ وَحْدَهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِنْ كَانَ الْمُسَمَّى أَقَلَّ حَلَفَ الصَّانِعُ (وَحْدَهُ وَاسْتَحَقَّ الْمُسَمَّى أَوْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ أَقَلَّ حَلَفَ الصَّانِعُ) : أَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ بَاطِلًا وَحَلَفْتَ: مَا اسْتَأْجَرْتُهُ بِتِلْكَ التَّسْمِيَةِ وَغَرِمْتَ أُجْرَة الْمثل إِن كَانَ يُشْبِهُ: أَنَّ الْعَمَلَ بَاطِلٌ وَإِلَّا أَخَذَ الْمُسَمَّى إِنْ كَانَ أَقَلَّ بِغَيْرِ يَمِينٍ إِذْ لَا بُدَّ مِنْهُ وَإِنْ كَانَتْ إِجَارَةُ الْمِثْلِ أَقَلَّ: حَلَفْتَ وَحْدَكَ وَدَفَعْتَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ فَإِنْ نَكَلْتَ حلف وَحده وَأخذ التَّسْمِيَة وَذَلِكَ إِذْ اختلفتما بعد للتسليم فَإِن لم يُسلمهُ حلف المصانع وَحْدَهُ عَلَى التَّسْمِيَةِ وَأَخَذَهَا قَوْلًا وَاحِدًا إِذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ لِأَنَّكَ لَوْ قُلْتَ: اسْتَأْجَرْتُكَ بِثَمَانِيَةٍ وَقَالَ: بِعَشَرَةٍ صُدِّقَ إِنْ كَانَ الثَّوْبُ فِي يَدِهِ فَإِذَا قُلْتَ بَاطِلًا فَهُوَ أَبْيَن فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا قُلْتَ: أَوْدَعْتُكَ وَقَالَ: استأجرتني على صبغة صدق لأَنهم يَشْهَدُونَ فِي الْعَادَةِ وَلَوْ جَوَّزَ هَذَا لَذَهَبَتْ أَعْمَالُهُمْ وَقَالَ غَيْرُهُ: بَلِ الصَّانِعُ مدَّع قَالَ اللَّخْمِيُّ: أَصْلُ سَحْنُونٍ: تَصْدِيقُ الصَّانِعِ فِي طَرْحِ الْعَدَاءِ وَتَصْدِيقِ الْآخَرِ فِي طَرْحِ التَّسْمِيَةِ وَيَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ لِأَنَّ الْغَالِبَ: الِاسْتِصْنَاعُ وَالْإِيدَاعُ نَادِرٌ وَكَذَلِكَ الِاخْتِلَافُ إِذَا أَرَادَ التَّضْمِينَ بِالتَّعَدِّي وَإِلَّا إِنْ كَانَتْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ مِثْلَ الْمُدَّعِي فَأكْثر دَفعهَا دفعتها

بِغَيْرِ يَمِينٍ وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ: فَعِنْدَ مَالِكٍ: يَحْلِفُ الصَّانِعُ وَيَأْخُذُ الْمُسَمَّى لِأَنَّهُ ادَّعَى مَا يُشْبِهُ وَعَلَى قَوْلِ الْغَيْرِ: تَحْلِفُ أَنْتَ وَتَدْفَعُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا قُلْتَ سَرَقَ مِنِّي وَقَالَ: اسْتَعْمَلْتَنِي تَحَالَفْتُمَا وَتَدْفَعُ أُجْرَةَ الْعَمَلِ وَتَأْخُذُ لِحُصُولِهِ لَكَ فَإِنْ أَبَيْتَ دَفْعَ قِيمَةِ الثَّوْبِ غَيْرَ مَعْمُولٍ لِحُصُولِهِ لَهُ فَإِنْ أَبَيْتُمَا كُنْتُمَا شَرِيكَيْنِ بِقِيمَةِ الثَّوْبِ غَيْرَ مَعْمُولٍ وَقِيمَةِ الْعَمَلِ إِذْ لَيْسَ أَحَدُكُمَا أَوْلَى مِنَ الْآخَرِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا مُدَّعٍ وَقَالَ غَيْرُهُ: الْعَامِلُ مُدَّعٍ وَلَا يَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ لِأَنَّ الْأَصْلَ: بَقَاءُ سِلْعَتِكَ لَكَ سَالِمَةً مِنَ الشَّرِكَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَكَذَلِكَ إِنِ ادَّعَيْتَ أَنَّهُ سَرَقَهُ إِلَّا أَنَّهُ هَاهُنَا إِنْ كَانَ لَا يُشَارُ إِلَيْهِ بِذَلِكَ عُوقِبْتَ وَإِلَّا فَلَا قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ: إِذَا قُلْتَ: سَرَقَ مِنِّي وَاخْتَرْتَ أَخْذَهُ وَإِعْطَاءَ قِيمَةِ الصَّبْغِ وَهِيَ مِثْلُ دَعْوَاهُ أَوْ أَكْثَرُ لَا يَمِينَ عَلَيْكَ أَوْ أَقَلُّ حَلَفْتَ: مَا دَفَعْتَهُ إِلَيْهِ لِتُسْقِطَ الزَّائِدَ وَيُؤَدِّيَ الْقِيمَةَ وَإِنِ اخْتَرْتَ التَّضْمِينَ وَاخْتَارَ إِعْطَاءَكَ قِيمَتَهُ بِغَيْرِ صَبْغٍ فَلَا يَمِينَ عَلَيْكُمَا وَإِنْ أَبَى تَحَالَفْتُمَا وَكُنْتُمَا شَرِيكَيْنِ هَذَا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وعل قَوْلِ الْغَيْرِ فِي جَعْلِهِ مُدَّعِيًا: تَحْلِفُ أَنْتَ وَتَلْزَمَهُ قِيمَةُ الثَّوْبِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا قُلْتَ: سَرَقَ مِنِّي وَقَالَ اسْتَعْمَلْتَنِي يُقَالُ لَهُ: مَا تُرِيدُ؟ فَإِنْ أَرَدْتَ تَضْمِينَهُ حَلَفْتَ: مَا استعملته يَحْلِفُ: لَقَدِ اسْتَعْمَلْتَنِي وَيَبْرَأُ مِنَ الضَّمَانِ ثُمَّ يدْفع قِيمَةَ الصَّبْغِ لِأَنَّكَ بَرِئْتَ مِنَ الْمُسَمَّى بِيَمِينِكَ فَإِنْ أَبَيْتَ دَفَعَ إِلَيْكَ قِيمَةَ الثَّوْبِ فَإِنْ أَبَى كُنْتُمَا شَرِيكَيْنِ وَإِنْ قُلْتَ أَوَّلًا: لَا أُرِيدُ أَخْذَ ثَوْبِي وَقِيمَةُ الثَّوْبِ مِثْلُ دَعْوَى الصَّانِعِ فَأَكْثَرُ فَلَا أَيْمَانَ بَيْنَكُمَا لِأَنَّ الصَّبْغَ لَا بُدَّ مِنْهُ وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ حَلَفْتَ وَحْدَكَ لِتَحُطَّ الزَّائِدَ فَهَذَا جَوَابُ: سَرَقَ مِنِّي: وَأما: سَرقته فَأَنت

مدعي التَّعَدِّي فتخلفان لِيَتَعَيَّنَ الضَّمَانُ وَيَبْرَأَ مِنْهُ الْآخَرُ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا اخْتَلَفَا قَبْلَ السَّيْرِ أَوْ بَعْدَ سَيْرٍ لَا ضَرَرَ فِيهِ فَقُلْتَ: إِلَى إِفْرِيقِيَّةَ بِمِائَةٍ وَقَالَ إِلَى بَرْقَةَ بِمِائَةٍ تَحَالَفْتُمَا وَتَفَاسَخْتُمَا كَالْبَيْعِ نَقَدْتَ الْكِرَاءَ أَمْ لَا وَقَالَ غَيْرُهُ: إِذَا انْتَقَدَ وَكَانَ قَوْلُهُ يُشْبِهُ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ مدَّعى عَلَيْهِ وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي الْمَسَافَةِ فَقَطْ فَقَالَ: إِلَى بَرْقَةَ وَقَدْ بَلَغْتَهَا وَقُلْتَ: إِلَى إِفْرِيقِيَّةَ وَقَدِ انْتَقَدَ فَهُوَ مُصَدَّقٌ لِأَنَّك تَدعِي عَلَيْهِ غرم بَقِيَّةِ الْكِرَاءِ إِنْ أَشْبَهَ أَنْ يَكُونَ الْكِرَاءُ لِبَرْقَةَ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُشْبِهُ إِلَّا قَوْلَكَ فَلَهُ حِصَّةُ مَسَافَةِ بَرْقَةَ عَلَى دَعْوَاكَ بَعْدَ تَحَالُفِكُمَا وَلَا يَلْزَمُهُ التَّمَادِي وَأَيُّكُمَا لَمْ يَحْلِفْ قُضِيَ لِمَنْ حَلَفَ وَيُقْضَى بِأَعْدَلِ الْبَيِّنَتَيْنِ فَإِنْ تَكَافَأَتَا: قِيلَ لِلْمُشْتَرِي: افْسَخِ الْكِرَاءَ وَقَالَ غَيْرُهُ: يُقْضَى بِمَا زَادَهُ أَحَدُهُمَا وَلَيْسَ بِسَاقِطٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: اخْتِلَافُهُمَا كَاخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْبُيُوعِ قَالَ مُحَمَّدٌ: يَبْدَأُ صَاحِبُ الدَّابَّةِ بِالْيَمِينِ فَإِن اختلفتما بعد طول السّفر فِي لمعينة أَوْ بَعْدَ طُولِ الْمُدَّةِ فِي الْمَضْمُونِ صُدِّقْتَ فِي الْأُجْرَة إِن لم تنقد وَقُلْتَ مَا يُشْبِهُ وَيَغْرَمُ حِصَّةَ مَا مَضَى وَصُدِّقَ الْمُكْرِي فِي الْمَسَافَةِ وَكَانَتْ فِي الْقُرْبِ سِلْعَتَاكُمَا بِأَيْدِيكُمَا لَمْ تَفُتْ وَمَعَ الْبُعْدِ كَفَوْتِ السِّلْعَةِ بَعْدَ الْقَبْضِ وَعَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ: إِنْ أَشْبَهَ قَوْلُ الْمُكْتَرِيَ صُدِّقَ انْتَقَدَ أَمْ لَا وَإِن لم يشبه قَول أجدهما: تَحَالَفَا وَلَهُ كِرَاءُ الْمِثْلِ فِيمَا مَضَى وَأَيُّكُمَا نَكَلَ قُضِيَ لِمَنْ حَلَفَ قِيلَ: وَلَوِ اخْتَلَفَا بَعْدَ سَيْرِ نِصْفِ الطَّرِيقِ مِنْ بَرْقَةَ وَبَعْدَ النَّقْد

صدق المُشْتَرِي إِذْ أشبه وتبلعه بَرْقَةَ لِأَنَّ التَّفَاسُخَ هُنَاكَ ضَرَرٌ بِخِلَافِ سُكْنَى الدُّورِ وَلَوْ لَمْ يَنْقُدْهُ لَأَتَمَّ لَهُ أَيْضًا الْمَسَافَةَ بِمَا أَقَرَّ بِهِ الْمُكْتَرِي أَنَّهُ الْكِرَاءُ إِلَى إِفْرِيقِيَّةَ قَالَ مُحَمَّدٌ: إِذَا قَالَ: لِلْمَدِينَةِ بِمِائَةٍ وَقُلْتَ: إِلَى مَكَّةَ وَقَدْ نَقَدْتَهُ مِائَةً وَبَلَغْتُمَا الْمَدِينَةَ تَحَالَفْتُمَا وَفُسِخَ مَا بَقِيَ وَلَا يَكُونُ لَهُ غَيْرُ مَا قَبَضَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْحَجِّ فَعَلَيْهِ التَّمَادِي لِأَنَّ الْعَادَةَ فِيهِ الْكِرَاءُ كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ: كَانَ الْمَحْمُولُ رجلا أَو أحمالاً وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: يُصَدَّقُ الْمُكْتَرِي فِي الْحَجِّ فِي الحمولة والزوامل وَيصدق الْمكْرِي فِي الأعكام مَعَ يَمِينِهِ إِذَا انْتَقَدَ وَإِنِ اخْتَلَفَا بَعْدَ تَعَيُّنِ الضَّرَرِ فِي الرُّجُوعِ قَبْلَ الْمَدِينَةِ فَقَالَ: لِلْمَدِينَةِ بِمِائَتَيْنِ وَقُلْتَ: إِلَى مَكَّةَ بِمِائَةٍ وَقَدْ نفدت وَهُوَ فِي غَيْرِ الْحَجِّ وَأَشْبَهَ مَا قُلْتُمَاهُ: نُضت الْمِائَتَانِ عَلَى قَوْلِ الْمُكْرِي فَإِنْ وَقَعَ لما سَار بِمِائَة فَأَكْثَرُ لَمْ يَكُنْ لِلْجَمَّالِ غَيْرُ الْمِائَةِ لِأَنَّهُ قَبَضَهَا فَيُصَدَّقُ فِي حِصَّتِهَا وَيَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ فَإِنْ وَقَعَ لِمَا سَارَ أَقَلُّ أُلْزِمَ الْجَمَّالُ التَّمَادِيَ إِلَى مَا يَنُوبُ الْمِائَةَ اسْتِحْبَابًا وَيَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ (وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْهُ وَأَشْبَهَ مَا قَالَ لَزِمَ الْأَوَّلَ التَّمَادِي إِلَى الْمَدِينَةِ لِأَنَّهُ اعْتَرَفَ أَنَّ الْكِرَاءَ إِلَيْهَا وَلَهُ حِصَّةُ ذَلِكَ مِنَ الْكِرَاءِ عَلَى دَعْوَى الْمُكْتَرِي وَيَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ) فِي الْبَقِيَّةِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ أَبِي مُحَمَّدٍ وَقَوْلُ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: يَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ بِالْمَوْضِعِ الَّذِي يَدَّعِيَانِ إِلَيْهِ وَلَهُ حِصَّةُ ذَلِكَ عَلَى دَعْوَى الْمُكْتَرِي لِأَنَّ سِلْعَةَ الْجَمَّالِ الَّذِي بَقِيَ مِنَ الْمَسَافَةِ بِيَدِهِ إِلَّا أَنْ لَا يَجِدَ كِرَاءَ هُنَاكَ فَيَلْزَمُ التَّمَادِي عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَإِنْ نَقَدَهُ خَمْسِينَ وَاخْتَلَفَا بَعْدَ بُلُوغِ الْمَدِينَةِ نُضَّتِ الْمِائَةُ عَلَى دَعْوَى الْمُكْتَرِي فَمَا وَقَعَ لِلْمَدِينَةِ أَكْثَرُ مِنْ خَمْسِينَ أَوْ أَقَلَّ لَمْ تَنْقُصْ مِنْ خَمْسِينَ وَيَتَحَالَفَانِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ: إِنَّمَا يَنْفَعُ النَّقْدُ الْمُكْرِيَ إِذَا اخْتَلَفَا فِي الْكِرَاءِ وَالْمَسَافَةِ جَمِيعًا دُونَ الِاخْتِلَافِ فِي الْكِرَاءِ فَقَطْ لِأَنَّهُ إِذَا بَلَغَ الْمَسَافَةَ

فالكري مُدَّعٍ لِلزِّيَادَةِ فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ وَغَيْرُ ابْنِ الْقَاسِمِ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْمَضْمُونِ فَيَتَفَاسَخَانِ وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ: لَا يَتَفَاسَخَانِ حَتَّى يَبْلُغَا الْمَدِينَةَ الَّتِي اتَّفَقَا عَلَيْهَا وَشَبَّهَ الْمَضْمُونَ إِذَا قُبِضَ بِالْمُعَيَّنِ وَلَوْ هَلَكَتْ فِي الْمَضْمُونِ اتَّفَقَ الْقَوْلَانِ فِي التَّفَاسُخِ لِعَدَمِ الْحَوْزِ بِالْهَلَاكِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا قلت: دفعت الْكِرَاء إِذَا قُلْتَ: دَفَعْتُ الْكِرَاءَ وَقَدْ بَلَغَتِ الْغَايَةُ صُدِّقَ وَإِنْ كَانَتِ الْحُمُولَةُ بِيَدِهِ أَوْ أَسْلَمَهَا بِقُرْبِ الْيَوْمَيْنِ لِأَنَّ الْقُرْبَ يُشعر بِعَدَمِ الْقَبْضِ عَادَةً فَإِنْ بَعُدَ صُدِّقْتَ مَعَ يَمِينِكَ وَكَذَلِكَ الصَّنَّاعُ فِي رَدِّ الْمَتَاعِ وَدَعْوَى الْأُجْرَةِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا اكْتَرَى مِنْ مِصْرَ إِلَى مَكَّةَ فَاخْتَلَفَا فِي الْكِرَاءِ بِمَكَّةَ صُدِّقَ الْمُكْتَرِي إِذَا أَشْبَهَ قَوْلَهُ فِي كِرَاءِ مَضْمُونٍ أَوْ مُعَيَّنٍ فَرْعٌ فِي النَّوَادِرِ: إِذَا ادَّعَيْتَ أَنَّ الْأَجِيرَ مَرِضَ شَهْرًا مِنَ السَّنَةِ أَوْ أَبْعَدَ أَو غَابَ وَهُوَ عَبدك أَو صُدِّقْتَ لِأَنَّكَ ائْتُمِنْتَ حَيْثُ سُلِّمَا إِلَيْكَ وَإِلَّا صُدِّقَ السَّيِّدُ لِأَنَّ الْأَصْلَ: عَدَمُ الْإِخْلَالِ بِالْعَقْدِ وَيُصَدَّقُ الْحُرُّ مُطْلَقًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَالْحُرُّ وَالْعَبْدُ إِنْ كَانَا يَأْوِيَانِ إِلَيْكَ وَإِلَّا صُدِّقْتَ فسوى بَين الْحر وَالْعَبْد قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا مَاتَتِ الدَّابَّةُ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ فَقُلْتَ: اكْتَرَيْتُ مَضْمُونًا وَقَالَ: مُعَيَّنًا صدق لِأَنَّك مدعي الزِّيَادَة

فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا قَالَ: وَصَّلْتُ الْكِتَابَ الْمُسْتَأْجِرَ عَلَى إِيصَالِهِ صُدِّقَ فِي أَمَدِ مِثْلِهِ لِأَنَّكَ ائْتَمَنْتَهُ وَعَلَيْكَ الْكِرَاءُ وَقَالَ غَيْرُهُ: عَلَيْهِ الْبَيِّنَة لِأَن الأَصْل: عدم الإصال فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا ثَبَتَ أَنَّ قَمِيصَهُ كَانَ مِلْحَفَةً لَكَ لَمْ يَأْخُذْهُ إِلَّا بِقِيمَةِ الْخِيَاطَةِ وَإِلَّا قَضَى بِمَا تَقَدَّمَ فِي السَّرِقَةِ لِأَن الأَصْل: أَن لَا يَذْهَبَ الْعَمَلُ مَجَّانًا وَكَذَلِكَ يَتِيمٌ بَاعَ مِلْحَفَةً وَتَدَاوَلَتْهَا الْأَمْلَاكُ فَصَبَغَهَا أَحَدُهُمْ: يَتَرَادُّونَ الرِّبْحَ بَيْنَهُمْ لِفَسَادِ أَصْلِ الْعَقْدِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْيَتِيمِ مِنَ الثَّمَنِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَائِمًا بِيَدِهِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ سَلَّطَهُ وَالْيَتِيمَ وَالَّذِي صَبَغَ شَرِيكَانِ بِقِيمَةِ الصَّبْغِ وَقِيمَةِ الْمِلْحَفَةِ بَيْضَاء صَوْنًا لِلْحَالَيْنِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: قَلَعَ الضِّرْسَ فَقُلْتُ: أمرتُك بِغَيْرِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّكَ عَلِمْتَ بِقَلْعِهِ وَلَهُ الْأُجْرَةُ لِتَقْرِيرِكَ عَمَلَهُ عِنْدَ الْمُبَاشَرَةِ فَإِنْ صَدَقَّكَ فَلَا أُجْرَةَ لِعَدَمِ الْإِذْنِ وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ مُدَّعٍ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الِاسْتِحْقَاقِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: مَوْضِعُ الْخِلَافِ إِذَا كَانَا مُعْتَلَّيْنِ حَتَّى يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ فَإِنْ كَانَتِ الْبَاقِيَةُ سَالِمَةً صُدِّقَ الْحَجَّامُ لِإِتْيَانِهِ بِمَا يُشبه أَوِ الْمَقْلُوعَةُ سَالِمَةً وَالْبَاقِيَةُ مُعْتَلَّةً صدقت وَحلفت لِإِمْكَان غلطك فِيهَا لمشاركتهما فِي الْأَلَمِ وَتَسْتَحِقُّ دَوَاءَ ضِرْسِكَ وَيَقْلَعُ الْأُخْرَى إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْبَاقِيَةِ دَلِيلُ الْفَسَادِ لِسَوَادِهَا وَصَفَاءِ الْأُخْرَى فَلَا يَمِينَ عَلَيْكَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَوْلُهُ: لَا تَكُونُ لَهُ أُجْرَةُ بَرِيدٍ: وَعَلَيْهِ عَقْلُ الْخَطَأِ وَالْقِصَاصُ فِي الْعَمْدِ قَالَ سَحْنُونٌ: كِلَاهُمَا مُدَّعٍ عَلَى صَاحِبِهِ يَتَحَالَفَانِ وَلِلْحَجَّامِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ مَا لَمْ يَتَجَاوَزِ التَّسْمِيَةَ

وَتَحَالُفُهُمَا إِذَا كَانَتِ التَّسْمِيَةُ (فَيَمِينُ الْحَجَّامِ تُزِيلُ الضَّمَان وتوجب مِنَ الْآخَرِ وَتَدْفَعُ الزَّائِدَ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ إِن كَانَ التَّسْمِيَةُ) كِرَاءَ الْمِثْلِ أَوْ أَقَلَّ لَا يَحْلِفُ إِلَّا أَن يُنكر الْحجام فتحلف ليسقط عَنْهُ الْأَجْرُ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ: قِيلَ: إِذَا تَحَالَفَا بَرِئَ الْحَجَّامُ لِأَنَّهُ بَائِعُ مَنَافِعِهِ فَرْعٌ قَالَ فِي الْكِتَابِ: أَمَرْتَنِي بِلَتِّ سَوِيقِكَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَأَنْكَرْتَ أَمْرَكَ لَهُ بِذَلِكَ لَكَ غُرْمُ مَا قَالَ وَأَخَذَهُ مَلْتُوتًا لِإِقْرَارِهِ وَلَكَ تَغْرِيمُهُ مِثْلَ سَوِيقِكَ غَيْرِ مَلْتُوتٍ أَوْ تَسَلُّمُهُ بِغَيْرِ شَيْء لِأَن الأَصْل: عدم الْإِذْن وإلاذن وَإِلَّا كُنْتُمَا شَرِيكَيْنِ فِي الطَّعَامِ وَقَالَ غَيْرُهُ: إِذَا امْتَنَعْتَ أَنْ تُعْطِيَهُ مَا لتَّه بِهِ قُضِيَ عَلَيْهِ بِمِثْلِ سَوِيقِكَ غَيْرِ مَلْتُوتٍ لِاعْتِرَافِهِ بِمِلْكِيَّةِ السَّوِيقِ لَكَ فَإِنْ قَالَ: أَمَرْتَنِي بِعَشَرَةٍ وَفعلت بِخَمْسَةٍ وَبِهَا لَتَتُّ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ إِنْ أَشْبَهَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ سَمْنٌ بِعَشَرَةٍ لِاعْتِرَافِكَ بِالْإِذْنِ وَادِّعَائِكَ الضَّمَانَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الصَّبَّاغُ فِي الْعُصْفُرِ فَإِنْ أَتَى بِمَا لَا يُشْبِهُ: صُدِّقَ رَبُّ الثَّوْبِ وَإِنْ أَتَيْتُمَا بِمَا لَا يُشْبِهُ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ وللاتِّ مِثْلُهُ وَلَوْ قُلْتَ: كَانَ لِي فِي السَّوِيقِ لَتَاتٌ مُتَقَدِّمٌ وَفِي الثَّوْبِ صِبَاغٌ مُتَقَدِّمٌ لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَهَذَا إِذَا أَسْلَمَ إِلَيْهِ السَّوِيقَ أَوِ الثَّوْبَ فَأَمَّا إِنْ لَمْ يَغِبْ عَلَيْهِ صُدِّقْتَ لِأَنَّكَ لَمْ تَأْتَمِنْهُ فَهُوَ كَالْبَائِعِ يَدَّعِي زِيَادَةَ الثَّمَنِ فَإِنْ قَالَ أَهْلُ النَّظَرِ: فِيهِ سَمْنٌ أَوْ عُصْفُرٌ بِعَشَرَةٍ وَلَمْ تَدَّعِ تَقَدُّمَ سَمْنٍ فِي السَّوِيقِ وَلَا عُصْفُرٍ فِي الثَّوْبِ صُدق وَإِنِ ادَّعَيْتَ تَقَدُّمَ ذَلِكَ صُدِّقْتَ لِأَنَّكَ لَمْ تَأْتَمِنْهُ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ: وَلَوْ قُلْتَ: أَوْدَعْتُهُ لَكَ وَقَالَ: أَمَرْتَنِي بِلَتَاتِهِ صُدِّقَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ مُدَّعًى

عَلَيْهِ يغرم مثل التسويق وَيُصَدَّقُ فِي الْأَجْرِ إِنْ أَتَى بِمَا يُشْبِهُ وَإِلَّا حَلَفْتُمَا وَغَرِمْتَ قِيمَةَ اللَّتَاتِ فَتَحْلِفُ لِتُسْقِطَ الْأَجْرَ عَنْكَ وَيَحْلِفُ لِيُسْقِطَ التَّعَدِّيَ وَعَلَى قَوْلِ الْغَيْرِ: إِنَّ الصَّانِعَ مُدَّعٍ يُرِيدُ فِي الْأَجْرِ وَتَحْلِفُ أَنْتَ إِنْ كَانَتِ الْقِيمَةُ أَقَلَّ وَتَغْرَمُ الْقِيمَةَ وَلَيْسَ لَكَ تَضْمِينُهُ لِإِقْرَارِكَ بِإِيدَاعِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: يَحْسُنُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنَّهُ لَمْ يقر بِدَفْعِهِ إيداعا وَلَا بصبغه فَفَارَقَ الصَّانِعُ الَّذِي أَقَرَّ بِإِيدَاعِهِ فَيُصَدَّقُ الصَّانِعُ لِأَنَّ الْغَالِب الإستصناع فَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَنْ يُخَيَّرَ بَيْنَ دَفْعِ الْأُجْرَةِ وَأَخْذِ السَّوِيقِ وَيَحْلِفُ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَعْمِلْهُ فَإِنْ نحلف خُيِّرَ الْأَجِيرُ بَيْنَ دَفْعِ مِثْلِ السَّوِيقِ أَوْ إِسْلَامِهِ مَلْتُوتًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ: عَلَى تَأْوِيلِ أَبِي مُحَمَّدٍ يَكُونُ قَوْلُ الْغَيْرِ وِفَاقًا لِأَنَّهُ لَا بُد من يَمِينك وَيقْضى لَك بِمثل سويقك فَإِن دفع إِلَيْك ملتوتاً لم يجْبر عَلَى أَخْذِهِ إِلَّا أَنْ تَشَاءَ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَلِهَذَا غَلَطٌ بَلِ اللَّاتُّ مُصَدَّقٌ وَيَحْلِفُ إِنْ كَانَ أَسْلَمَ إِلَيْهِ السَّوِيقَ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ رَبُّهُ وَأَخَذَ مِثْلَ سَوِيقِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ بِعَيْنِهِ إِلَّا بِدفع ثَمَنِ السَّمْنِ أَوْ يَرْضَى الْآخَرُ وَهَذَا أَيْضًا عَلَى تَأْوِيلِ أَبِي مُحَمَّدٍ لَا يُخَالِفُهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِاشْتِرَاطِ مُحَمَّدٍ إِسْلَامَهُ إِلَيْهِ فَيَصِيرُ الْقَوْلَانِ وَاحِدًا قَالَ اللَّخْمِيُّ: مَحْمَلُ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ: عَلَى أَنَّ رَبَّ السَّوِيقِ قَالَ: سُرِقَ مِنِّي فَجَعَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ الِاخْتِلَافَ شُبْهَةً تَنْفِي التَّعَدِّيَ وَجَعَلَهُ غَيْرُهُ مُتَعَدِّيًا قَالَ: وَأَرَى إِنْ أَخَذَهُ وَدَفَعَ الْأُجْرَةَ أَنْ يُبَاعَ وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهِ مِثْلُ سَوِيقِهِ فَإِنْ بَقِيَ مِثْلُ الْأُجْرَةِ أَوْ أَقَلَّ أَمْسَكَهُ أَوْ أَكْثَرَ وَقَفَ الْفَاضِلُ لِلْأَجِيرِ وَلَا يَجُوزُ الْإِمْسَاكُ فَيَكُونُ عَلَى قَوْلِهِ سلَّم سَوِيقًا غَيْرَ مَلْتُوتٍ وَدَرَاهِمَ وَهِيَ الْأُجْرَةُ بِسَوِيقٍ مَلْتُوتٍ فَيَكُونُ رِبًا وَكَذَلِكَ وَلَوْ حَلَفَ صَاحِبُهُ وَنَكَلَ اللاتِّ

يُبَاعُ وَيَشْتَرِي مِنْ ثَمَنِهِ سَوِيقًا فَإِنْ فَضَلَ مِثْلُ الْأُجْرَةِ كَانَ لَهُ أَوْ أَكْثَرُ وَقَفَ الزَّائِد إِلَّا أَن يُقَال: السّمن صَنْعَة كالإبراز فِي اللَّحْم وَالزَّيْت فِي الإسفنجية فَلَا يَتَعَيَّنُ الْبَيْعُ فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ خَدَمَ رَجُلًا فَمَاتَ فَطَلَبَ الْخَادِمُ أَجْرَ مِثْلِهِ لِتِلْكَ الْمُدَّةِ وَهُوَ مِمَّنْ يَخْدُمُهُ الرِّجَالُ يَحْلِفُ مَا دَفَعَ لَهُ شَيْئًا وَيَأْخُذُ فَرْعٌ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ: إِذَا ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ حَرَثَهَا بِغَيْرِ عِلْمِهِ وَهُوَ فِي الْإِبَّانِ وَصَدَّقَهُ قَلَعَ زَرْعَهُ إِنْ كَانَتْ لَهُ فِيهِ مَنْفَعَةٌ وَإِلَّا تَرَكَهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ (وَلَا يَجُوزُ لِرَبِّ الْأَرْضِ) أَخْذُهُ بِقِيمَتِهِ مَقْلُوعًا كالبيان لِأَنَّهُ بَيْعُ الزَّرْعِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ وَقِيلَ: يجوز لِأَنَّهُ فِي أَرض مبتاعة , يدْخل فِي ضَمَانِهِ بِالْعَقْدِ فَيَرْتَفِعُ الْغَرَرُ قَالَ التُّونِسِيُّ: وَإِنِ ادَّعَى أَنَّهُ عَلِمَ بِحَرْثِهِ حَلَفَ وَأَخَذَ أرضه وَحكم الزَّرْع مَا تقدم فَإِن نكل حَلَفَ الْآخَرُ وَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْمِثْلِ وَكَذَلِكَ إِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى عِلْمِهِ فَإِنِ ادَّعَى أَنَّهُ أَكْرَاهَا صُدِّقَ صَاحِبُ الْأَرْضِ مَعَ يَمِينِهِ وَحُكْمُ الزَّرْعِ مَا تَقَدَّمَ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْآخَرُ وَإِنْ كَانَ مُدَّعَاهُ مِنَ الْكِرَاءِ لَا يُشْبِهُ لِأَن رب يالأرض مكنه من الْيمن بِنُكُولِهِ وَإِذَا حَلَفَ خُيِّرَ بَيْنَ الْكِرَاءِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ وَبَيْنَ أَرْضِهِ وَحُكْمُ الزَّرْعِ مَا تَقَدَّمَ فَإِنْ نَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ أَخَذَ رَبُّ الْأَرْضِ أَرْضَهُ وَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ حَرَثَ بِعِلْمِهِ وَلم يشبه بِالْكِرَاءِ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ فِي الْكِرَاءِ إِذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ لِتَرَجُّحِ حُجَّتِهِ بِكَوْنِهِ عَلِمَ بِحَرْثِهِ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِمَا يُشْبِهُ: صُدِّقَ رَبُّ الْأَرْضِ وَكَانَ لَهُ كِرَاءُ الْمِثْلِ فَإِنْ نكل حلف الآخر وَإِن

أَتَى بِمَا يُشْبِهُ: فَإِنْ كَانَ أَقَرَّ بِكِرَاءِ الْمِثْلِ فَأَكْثَرَ لَمْ يَحْلِفْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَصُدِّقَ بِغَيْرِ يَمِين (فغن قَامَ فِي غَيْرِ الْإِبَّانِ وَصَدَّقَهُ عَلَى عَدَمِ الْكِرَاءِ فَلَهُ كِرَاءُ الْمِثْلِ بِغَيْرِ يَمِينٍ) ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ حَرَثَهَا بِعِلْمِهِ أَمْ لَا فَإِنِ ادَّعَى أَنَّهُ أَكْرَاهَا وَلَمْ يَدَّعِ عِلْمَهُ بِالْحَرْثِ حَلَفَ وَأَخَذَ كِرَاءَ الْمِثْلِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْآخَرُ وَدَفَعَ مَا ادَّعَى وَإِنِ ادَّعَى أَنَّهُ حَرَثَهَا بِعِلْمِهِ وَأَكْرَاهَا حَلَفَ رَبُّ الْأَرْضِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ وَأَخَذَ كِرَاءَ الْمِثْلِ فَإِنْ نَكَلَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ حَلَفَ الْآخَرُ وَدَفَعَ مَا ادَّعَى فَإِنْ كَانَ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ أَكْثَرَ مِنْ كِرَاءِ الْمِثْلِ: فَلَا يَمِينَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَإِنْ نَكَلَ رَبُّ الْأَرْضِ عَنِ الْيَمِينِ عَلَى أَنَّهُ حَرَثَ بِعِلْمِهِ: حَلَفَ الْآخَرُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى الْعَقْدِ وَالْعِلْمِ بِالْحَرْثِ إِنْ أَشْبَهَ الْكِرَاءَ وَإِلَّا حَلَفَ رَبُّ الْأَرْضِ عَلَى عَدَمِ الْعَقْدِ وَأَخَذَ كِرَاءَ الْمِثْلِ فَرْعٌ قَالَ سَحْنُونٌ: شَالَ ثَوْبَكَ مِنَ الْبِئْرِ وَطَلَبَ أُجْرَةً فَأَبَيْتَ فَرَدَّهُ فِيهِ: إِنْ أَخْرَجَهُ وَإِلَّا ضَمِنَهُ لِأَنَّ فَسَادَهُ الْآنَ مِنْهُ وَكُلُّ مَنْ عَمِلَ لَكَ عَمَلًا شَأَنُكَ الْإِجَارَةُ عَلَيْهِ فَلَهُ أُجْرَةٌ وَإِنْ كَانَتْ غِلْمَانُكَ تَعْمَلُهُ أَوْ أَنْتَ فَلَا شَيْءَ لَهُ لِأَنَّكَ لَمْ تَشْهَدْ لَهُ عَادَتُكَ بِشَيْءٍ وَقِيلَ: إِنْ فَعَلَ ذَلِكَ مُتَعَمِّدًا فَلَا شَيْءَ لَهُ مُطْلَقًا كَالْغَصْبِ وَالْغَالِطِ يُعْذَرُ بِغَلَطِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَلَوِ اسْتَأْجَرْتَهُ عَلَى حَرْثِ أَرْضِكَ فَحَرَثَ أَرْضَ جَارِكَ وَشَأْنُهُ حَرْثُهَا بِعَبِيدِهِ وَبَقَرِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَعَلَى الْأَجِيرِ حَرْثُ أَرْضِكَ تَوْفِيَةً بِالْعَقْدِ وَقَالَ أَحْمد ابْن مُيَسَّرٍ: لَهُ اسْتِعْمَالُ دَوَابِّ جَارٍّ لَهُ فِي مِثْلِ مَا عَمِلَ لِأَنَّهُ وَفَّرَهَا: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِنْ زَرَعَ الْحَرْثَ فَعَلَيْهِ ذَلِكَ وَإِنْ قَالَ: أردْت أكريها فَلَا شي عَلَيْهِ فَائِدَة: فِي الْجَوَاهِرِ: كُلُّ مَنْ غَسَلَ ثَوْبَ غَيْرِهِ أَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ أَوْ أَدَّى دَينه مِنْ

غَيْرِ اسْتِدْعَاءٍ وَكُلُّ عَمَلٍ يُوَصِّلُ لِلْغَيْرِ نَفْعَ مَالٍ أَوْ غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَعَلَيْه رَدُّ مِثْلِ ذَلِكَ الْمَالِ فِي الْقِيَامِ بِالْمَالِ وَدَفْعُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فِي الْعَمَلِ إِنْ كَانَ لَا بُدَّ مِنَ الِاسْتِئْجَارِ عَلَيْهِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ إِنْفَاقِ ذَلِكَ الْمَالِ لِحُصُولِ الْإِذْنِ الْعَادِيِّ وَإِنْ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ َمَالٌ سَقَطَ مِثْلُهُ عَنْهُ فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَالْقَوْل لِلْعَامِلِ والمنفق فِي عدم التَّبَرُّع لِأَن الأَصْل: بقا الْملك على المَال وَالشُّفْعَة وبدلهما وَنَقَلَ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ وَقَدْ أَشَارَ إِلَيْهَا ابْنُ يُونُسَ هَاهُنَا وَ (ش) يُنَازِعُنَا فِيهَا لِأَنَّ الْقَوْلَ عِنْدَهُ شَرْطٌ فِي الْحِمَالَةِ وَالْكَفَالَةِ وَالْإِجَارَةِ وَالْبَيْعِ وَنَحْنُ نَعْتَمِدُ عَلَى الْعَوَائِدِ فَإِنَّ لِسَانَ الْحَالِ يَقُومُ مَقَامَ لِسَانِ الْمَقَالِ وَوَافَقَنَا عَلَى الْقَاعِدَةِ فِي تَفَاصِيلِ الْإِجَارَةِ وَتَعْيِينِ النُّقُودِ إِذَا أُطْلِقَتْ فِي الْعُقُودِ وَتَقْيِيدِ الْأَقَارِيرِ الْمُطْلَقَةِ فَنَقِيسُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ وَنَمْنَعُ اعْتِبَارَ مَا ذَكَرَهُ مِنَ التَّوَقُّفِ بَلِ الْمَعْهُودُ فِي حَالَةِ السَّلَفِ عَدَمُ هَذَا التَّضْيِيقِ فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ: إِذَا قَالَ: سَرَقْتَهُ وَقَالَ الصَّانِعُ: اسْتَأْجَرَنِي عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَتَحَالَفَانِ ثُمَّ يَدْفَعُ الصَّانِعُ قِيمَةَ الْمَتَاعِ بِغَيْرِ عَمَلٍ فَإِنْ أَبَى كَانَا شَرِيكَيْنِ بِقِيمَةِ الْمَتَاعِ وَقِيمَةِ الْعَمَلِ وَقَالَ غَيْرُهُ: الْعَامِلُ مُدَّعٍ وَلَا يَشْتَرِكَانِ فَإِنْ صَاغَ سُوَارَيْنِ وَقُلْتَ: خَلْخَالَانِ صُدِّقَ لِأَنَّكَ تَدْعِي عَلَيْهِ الضَّمَانَ وَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ إِلَّا أَنْ يَزِيدَ عَلَى مَا سَمَّى فَلَا يُزَادُ لِرِضَاهُ بِالْمُسَمَّى وَإِذَا قَالَ: عَمِلْتُ الْخَلْخَالَ بِخَمْسَةٍ وَقُلْتَ: بِثَلَاثَةٍ أَوِ الْقَمِيصَ بِأَرْبَعَةٍ وَقُلْتَ بِدِرْهَمَيْنِ صُدِّقَ بِخِلَافِ بِنَاءِ الْبَيْتِ يُصَدَّقُ رَبُّهُ لِأَنَّهُ جَائِزٌ لِذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَ مَا لَا يُشْبِهُ وَالصَّانِعُ حَائِزٌ لِعَمَلِهِ فَيُقَدَّمُ قَوْلُهُ كَدَعْوَى الْأَعْيَانِ فَرْعٌ قَالَ: القَوْل قَوْلُ الصَّانِعِ فِي عَدَمِ أَخْذِ الْمَتَاعِ لِلْعَمَلِ وَقَوْلُكَ فِي عَدَمِ الرَّدِّ

إِذَا ثَبَتَ الْأَخْذُ عَمِلَ بِأَجْرٍ أَمْ لَا قبض بِبَيِّنَة أم لَا لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (على الْيَد مَا أخذت حَتَّى تُؤَدِّيه) وَقَالَ عبد الْملك: يصدق الصَّانِع فِي الرَّد لِأَنَّهُ أَمِينٌ إِلَّا أَنْ يَقْبِضَ بِبَيِّنَةٍ فَيَكُونُ الرَّد بغَيْرهَا على خلاف الْعَادة فَيصدق فِي الْمَالِكِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ فِي الرَّدِّ مَعَ الْإِشْهَاد أَرْبَعَة أَقْوَال: يصدق فِي الْقَرَاض والوديع وَالْإِجَارَةِ رِوَايَةُ أَصْبَغَ عَكْسُهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقِرَاضِ وَالْوَدِيعَةِ فَلَا يُصَدَّقُ وَبَيْنَ الْإِجَارَةِ فَيُصَدَّقُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْوَدِيعَةِ فَلَا يُصَدَّقُ وَبَيْنَهُمَا فَيُصَدَّقُ وَحَيْثُ صُدِّقَ حَلَفَ وَأَمَّا فِي الضَّيَاعِ فَلَا يَحْلِفُ إِلَّا الْمُتَّهَمُ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَنْ مَالِكٍ: يَحْلِفُ الْمُتَّهَمُ وَغَيْرُهُ لِأَنَّهَا دَعْوَى تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ وَلَا يُفَرَّقُ فِي الضّيَاع بَين الْقَبْض بِبَيِّنَة أم لَا الْقَبْضَ بِبَيِّنَةٍ إِنَّمَا أَثَرُهُ حَثُّ الْقَابِضِ عَلَى الدَفْعِ بِبَيِّنَةٍ وَكُلُّ مَوْضِعٍ لَا يُصَدَّقُ فِي الضَّيَاعِ لَا يُصَدَّقُ فِي الرَّدِّ إِلَّا فِي الصُّناع فَإِنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ يُصَدِّقُهُمْ فِي الرَّدِّ إِلَّا أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِمْ بِالدَّفْعِ وَإِنْ كَانُوا لَا يصدقون فِي الضّيَاع قَول مَالِكٍ وَجَمِيعِ أَصْحَابِهِ: لَا يُصَدَّقُونَ فِيهِمَا وَحَيْثُ ضَمِنَّا الصَّانِعَ فَالْقِيمَةُ يَوْمَ الْقَبْضِ إِلَّا أَنْ يعْتَرف أَن قيمَة يَوْمَ الضَّيَاعِ أَكْثَرُ أَوْ يَظْهَرَ عِنْدَهُ بَعْدَ الدَّفْعِ إِلَيْهِ بِمُدَّةٍ فَالْقِيمَةُ يَوْمَ الظُّهُورِ وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ يَوْمِ الدَّفْعِ وَكَذَلِكَ الرَّهْنُ وَالْعَارِيَّةُ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا قُلْتَ: أَمَرْتُكَ بِأَسْوَدَ وَقَالَ بِأَحْمَرَ صُدق إِلَّا أَنْ

يَكُونَ صَبَغَ مِثْلَهُ لِأَنَّهُ مُدَّعًى عَلَيْهِ الضَّمَانُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا صُدِّقَ رَبُّ الْمَتَاعِ خُيِّرَ بَيْنَ أَخْذِهِ مَصْبُوغًا وَدَفْعِ أَجْرِهِ وَبَيْنَ إِسْلَامِهِ لَهُ وَأَخْذِ قِيمَةِ ثَوْبِهِ أَبْيَضَ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ الصَّبَّاغُ إِسْلَامَ صَبْغَه بِغَيْرِ ثَمَنٍ فَذَلِكَ لَهُ فَإِنْ أَبَى أَشْرَكَ بَيْنَهُمَا بِقِيمَةِ الثَّوْب أَبيض وَقِيمَته الصَّبْغ قَالَ صَاحب النَّوَادِر: الِاخْتِلَاف فِي الصِّيَغ مِثْلُهُ فِي الْحَائِكِ إِذَا اخْتَلَفْتُمَا فِي الْعَرْضِ وَالطُّولِ بِخِلَافِ الْبَنَّاءِ يَبْنِي لَكَ عَرْضَهُ يَتَحَالَفَانِ ويُفسخ ذَلِكَ وَيُقْلَعُ بُنْيَانُهُ إِلَّا أَنْ يُعْطَى قِيمَتَهُ مَقْلُوعًا وَالْفَرْقُ: أَنَّ الْبَنَّاءَ غَيْرُ ضَامِنٍ لِعَمَلِهِ بِخِلَافِ الصَّابِغِ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَالتَّحَالُفُ وَالتَّفَاسُخُ قَبْلَ الْعَمَلِ فِي جُمْلَةِ الصُّنَّاعِ وَإِنَّمَا يُصَدَّقُونَ بَعْدَ الْعَمَلِ وَلَا يُصَدَّقُ الْبَنَّاءُ فِي الْأُجْرَةِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا قُلْتَ أَكْرَيْتُكَ بِدِينَارٍ وَقَالَ: بِثَوْبٍ تَحَالَفْتُمَا وَتَفَاسَخْتُمَا كَالْبَيْعِ وَكَذَلِكَ لَو اختلفتما بعد السُّكْنَى أَكْثَرَ الْمُدَّةِ وَتَبْدَأُ أَنْتَ بِالْيَمِينِ لِأَنَّكَ بَائِعُ الْمَنْفَعَةِ كَمَا يَبْدَأُ الْبَائِعُ وَلَكَ فِيمَا مَضَى مِنَ السُّكْنَى أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَكَذَلِكَ لَوْ قُلْتَ: بِدِينَارٍ وَقَالَ: بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَأَتَيْتُمَا بِمَا يُشْبِهُ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: تَعَقَّبْتُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فَإِنَّ اخْتِلَافَ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ اخْتِلَافٌ فِي جِنْسٍ فَيَتَحَالَفَانِ ويفاسخان أَتَيَا بِمَا يُشْبِهُ أَمْ لَا وَأَسْقَطَ أَكْثَرُهُمْ لَفْظَةَ الدَّرَاهِمِ مِنْهُمُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَرَوَى عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَأَرَاهَا إِصْلَاحًا قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ: التَّحَالُفُ فِي الْإِجَارَاتِ كَالتَّحَالُفِ فِي الْبُيُوعِ فَإِذَا حلفا جَمِيعًا فَهَل يفْسخ الْكِرَاءُ وَالْبَيْعُ بِمُجَرَّدِ التَّحَالُفِ؟ قَالَهُ سَحْنُونٌ وَهُوَ ظَاهِرُ الْكِتَابِ فِي الشُّفْعَةِ مِنَ الْمُدَوَّنَةِ أَوْ لَا يَقَعُ بِذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ غي الْمُسلم مِنْهَا

أَوْ يَقَعُ إِنْ كَانَ يَحْكُمُ وَإِلَّا فَتَرَاضِيهِمَا وَلَا يَقَعُ حَتَّى يَحْكُمَ بِهِ الْحَاكِمُ إِنْ كَانَ التَّحَالُفُ بِحُكْمِ حَاكِمٍ وَإِلَّا فَبِمُجَرَّدِ أَيْمَانِهِمَا لِأَنَّ الرِّضَا بِالتَّحَالُفِ رِضًا بِالْفَسْخِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُمَا سَبَبَانِ مِنْ جِهَتِهِمَا وَعِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ لِأَنَّ يَدَهُ أَقْوَى وَالنُّكُولُ أَضْعَفُ مِنَ الْيَمِينِ هَذَا إِذَا اخْتَلَفَا فِي جُمْلَةِ الْمَسَافَةِ أَوْ نَوْعِ الْكِرَاءِ فَإِنِ اخْتَلَفَا فِي عَدَدِ الْكِرَاءِ أَوْ صِفَتِهِ بَعْدَ سَيْرٍ فِي الرُّجُوعِ بَعْدَهُ ضَرَرٌ صُدِّقَ الْمُكْتَرِي نُقِدَ أَمْ لَا أَشْبَهَ مَا قَالَ أَمْ لَا فَإِنْ نَكَلَ: فَقَوْلُ الْمُكْرِي أَشْبَهَ أَمْ لَا فَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ مَا قَالَ الْمُكْتَرِي وَأَشْبَهَ مَا قَالَ الْمُكْرِي صُدِّقَ وَإِنِ ادَّعَيَا مَا لَا يُشْبِهُ تَحَالَفَا وَوَجَبَ كِرَاءُ الْمِثْلِ وَلَمْ يُفْسَخْ نَفْيًا لِلضَّرَرِ وَكَذَلِكَ إِنْ نَكَلَا جَمِيعًا فَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا قَدَّمَ الْحَالِفُ مَعَ يَمِينِهِ وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي غَايَةِ السَّيْرِ بَعْدَ السَّيْرِ الْكَثِيرِ وَادَّعَيَا مَا يشبه أَو الكتري دون الْمُكْتَرِي تَحَالَفَا وَفُسِخَ الْكِرَاءُ فِي الزَّائِدِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ وفض الْكِرَاء عل الْجَمِيعِ: فَلِلْمُكْرِي حِصَّةُ الْغَايَةِ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهَا وَكَذَلِكَ نُكُولُهُمَا وَإِنِ ادَّعَيَا مَا لَا يُشْبِهُ تَحَالَفَا وتفاسخا الزَّائِد والمكري فِي الْمَسَافَةِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا كِرَاءُ الْمِثْلِ وَكَذَلِكَ إِنْ نَكَلَا فَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا قُدِّمَ الْحَالِفُ وَإِنِ ادَّعَى مَا لَا يُشْبِهُ لِأَنَّهُ مَكَّنَهُ مِنَ الْيَمِينِ فَإِنِ ادَّعَى الْمُكْرِي مَا يُشْبِهُ دُونَ الْمُكْتَرِي صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْآخَرُ وَرَكِبَ إِلَى حَيْثُ ادَّعَى هَذَا إِذا لم ينْقد وَادَّعَيَا مَا لَا يُشْبِهُ تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا فِي الزَّائِدِ وَفِي الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ كِرَاءُ الْمِثْلِ وَكَذَلِكَ نُكُولُهُمَا فَإِنْ أَشْبَهَ قَوْلُ الْمُكْتَرِي وَحْدَهُ تَحَالَفَا عِنْد ابْن الْقَاسِم فض المنقود على المسافتين وللكري مَا نَاب الْمُنفق عَلَيْهَا وَصَرْفُ الْبَاقِي لِلْمُكْتَرِي وَكَذَلِكَ إِنْ نَكَلَا فَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا قُدِّمَ غَيْرُ النَّاكِلِ

فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا اخْتَلَفَا فِي كَثْرَة الْكِرَاء يَتَحَالَفَانِ ويتفاسخان وَعَلِيهِ فِيمَا سكن بِحِسَاب مَا أقربه السَّاكِنُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ بَلْ فِيمَا سَكَنَ كِرَاءُ الْمِثْلِ لِلتَّفَاسُخِ وَقَالَهُ (ش) وَأَحْمَدُ وَقَالَ (ح) : يُصَدَّقُ الْأَجِيرُ بَعْدَ الْعَمَلِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَجْرِ الْمثل لنا الْقيَاس وعَلى اخْتِلَافِهَا فِي ثَمَنِ الْبَيْعِ بَعْدَ التَّلَفِ وَلَوْ نَقَدَ دِينَارًا وَقَالَ: هُوَ كِرَاءُ السَّنَةِ وَقُلْتَ أَنْتَ كِرَاؤُهَا دِينَارَانِ وَقَدْ سَكَنَ نِصْفَ الْمُدَّةِ تَحَالَفْتُمَا وَتَفَاسَخْتُمَا وَيُقَسَّمُ الدِّينَارُ عَلَى السَّنَةِ وَيُرَدُّ الْبَاقِي وَيصدق فِيمَا مضى مَعَ يَمِينه وَلَوِ انْقَضَتِ السَّنَةُ صُدِّقَ لِأَنَّهُ قَبَضَهَا فَهُوَ مُدَّعًى عَلَيْهِ كِرَاءُ الْمِثْلِ وَلَوْ تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا وَقَدْ نَقَدَ كِرَاءَ نِصْفَ السَّنَةِ وَالدَّارُ تَنْقَسِمُ بِغَيْرِ ضَرَرٍ فِي السُّكْنَى أَخَذَ نِصْفَهَا بِالنِّصْفِ الَّذِي انْتَقَدَهُ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ ضَرَرٌ فُسِخَ مَا لَمْ يَسْكُنْ وَيُقَسَّمْ مَا انْتَقَدَ عَلَى قَوْلِ رَبِّ الدَّارِ وَمَا لَمْ يَنْقُدْ عَلَى قَوْلِ السَّاكِنِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: فَإِنْ قُلْتَ: مُشَاهَرَةً وَقَالَ: مُسَانَهَةً صُدق مَنْ شَهِدَتْ لَهُ الْعَادَةُ فَإِنِ اخْتَلَفَتْ: صُدِّقْتَ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالْمُعَاوَضَةِ فَرْعٌ فِي الْكتاب: إِن ادّعى أَنه سُكْنى بِغَيْرِ كِرَاءٍ صُدِّقْتَ فِيمَا يُشْبِهُ مَعَ يَمِينِكَ لِأَنَّ الْأَصْلَ: عَدَمُ التَّبَرُّعِ وَقَالَ غَيْرُهُ: عَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ دَعْوَاكَ أَوْ كِرَاءُ الْمِثْلِ بَعْدَ التَّحَالُفِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِنْ كَانَ عَلَى الْهِبَةِ قَرَائِنُ صُدق مُدَّعِيهَا مَعَ يَمِنِيهِ وَإِنْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ صُدِّقْتَ وَتَصَدَّقَ عَلَى الْمُسَمَّى فَإِنْ تَقَدَّمَ مَا يَقْتَضِي الْهِبَةَ مِنْ قَرَابَةٍ أَوْ صَدَاقَةٍ إِنِ ادَّعَيْتَ مَا يُشْبِهُ تَحْلِفُ وَحْدَكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ اعْتَرَفَ بِالْكِرَاءِ وَتَتِمُّ التَّسْمِيَةُ وعَلى قَول غَيره يخلف هُوَ وَحْدَهُ أَنَّهُ لَمْ يَكْتِرِ بِمَا قُلْتَ وَيَغْرَمُ كِرَاءَ الْمِثْلِ فَإِنِ ادَّعَيْتَ مَا لَا يُشْبِهُ حَلَفَ هُوَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَغَرِمَ كِرَاءَ الْمِثْلِ وَإِنْ وَجَدْتَ شُبْهَةً تَقْتَضِي سُكْنَاهُ بَاطِلًا وَادَّعَيْتَ كِرَاءَ الْمِثْلِ فَأَقَلَّ: حَلَفْتَ وَحْدَكَ وَأَخَذْتَ مَا ادَّعَيْتَ أَوْ أَكْثَرَ وَيُشَبَّهُ الْكِرَاءُ بِهِ حَلَفْتُمَا جَمِيعًا وَغَرِمَ

كِرَاءَ الْمِثْلِ وَإِنْ طَالَتِ السِّنُونَ بِغَيْرِ أُجْرَةٍ وَخَرَجَ مِنَ السَّكَنِ وَطَالَتِ السِّنُونَ بِغَيْرِ طَلَبٍ: سَقَطَتْ دَعْوَاكَ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: مَا ادَّعَى أَنَّهُ جَدَّدَهُ صُدِّقْتَ فِي تَكْذِيبِهِ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْأَصْلِ وَيُصَدَّقُ فِيمَا هُوَ مُلْقًى فِي الْأَرْضِ مِنْ بَابٍ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ: عَدَمُ دُخُولِهِ فِي مِلْكِكَ وَيَدُهُ عَلَيْهِ ظَاهِرَةٌ فِي الْمِلْكِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: الْأَمْرُ كَذَلِكَ فِي الْفَصْلَيْنِ مَا لَمْ تَدُلَّ قَرَائِنُ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ فَتُتْبَعُ الْقَرَائِنُ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا أَذِنْتَ فِي الْعِمَارَةِ مِنَ الْكِرَاءِ فَزَعِمَ أَنَّهُ عَمَّرَ وَأَكْذَبْتَهُ صُدِّقَ لِأَنَّهُ أَمِينٌ إِنْ تَبَيَّنَ الْعَمَلُ بِقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ وَإِنْ تَبَيَّنَ كَذِبُهُ لَمْ يُصَدَّقْ وَقَالَ غَيْرُهُ: عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ دَيْنٌ عَلَيْهِ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ قَاعِدَةٌ: الْمُدَّعِي: كُلُّ مَنْ خَالَفَ قَوْلُهُ أَصْلًا أَوْ عُرْفًا والمدَّعى عَلَيْهِ كُلُّ مَنْ وَافَقَ قَوْلَهُ عُرْفًا أَوْ أَصْلًا فَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَمِ مِنَ الْحُقُوقِ وَبَقَاءُ مَا كَانَ على مَا كَانَ وَأَن لَا يُخوًّن مَنْ جُعِلَ أَمِينًا وَالْعُرْفُ: نَحْوَ الْقَبْضِ بابينة فَإِنَّ الْعَادَةَ أَنَّ مَنْ شُدِّدَ عَلَيْهِ بِالْإِشْهَادِ أَنه لَا يرد إِلَّا بِالْإِشْهَادِ لَا ستيحاش بَاطِنِهِ فَإِذَا ادَّعَى الرَّدَّ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ فَدَعْوَاهُ عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ وَكَذَلِكَ الْقَرَائِنُ الْعَادِيَّةُ إِذَا خُولِفَتْ فَعَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ تَتَخَرَّجُ الْفُرُوعُ الْمُتَقَدِّمَةُ وَيَتَعَيَّنُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَيْسَ كُلُّ طَالِبٍ مُدَّعِيًا وَلَا كُلُّ مَطْلُوبٍ مُدَّعًى عَلَيْهِ بَلْ رُبَّمَا انْعَكَسَ الْحَالُ لِأَجْلِ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْقَاعِدَة

فرع فِي الْكتاب: وكلته يؤجرك دَارُكَ فَأَجَّرَهَا بِمُحَابَاةٍ أَوْ وُهِبَ سُكْنَاهَا وَفَاتَتْ بِالسُّكْنَى وَهُوَ ملئ غَرِمَ الْكِرَاءَ وَلَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَى السَّاكِنِ لِأَنَّهُ وَهَبَهُ لِلسَّاكِنِ أَوْ فَقِيرٍ أُغْرِمَ السَّاكِنُ لِاسْتِيفَائِهِ الْمَنْفَعَةَ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْوَكِيلِ فَرْعٌ قَالَ لَك: أمره ينقص مَا جدده من غير الْكِرَاء بِأَمْرك ويغير أَمْرَكَ لِأَنَّكَ تَقُولُ: أَمَرْتُكَ أَنْ تَفْعَلَ لِنَفْسِكَ وَلَكَ دَفْعُ قِيمَتِهِ مَنْقُوضًا إِنْ كَانَتْ لَهُ قِيمَةٌ بَعْدَ النَّقْضِ وَإِلَّا فَلَا فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ مَالِكٌ: تُصَدَّقُ بَعْدَ الْمُدَّةِ فِي عَدَمِ قَبْضِ الْأُجْرَةِ مَعَ يَمِينِكَ إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَعْدَ طُولِ ذَلِكَ فَيُصَدَّقُ مَعَ يَمِينِهِ سَوَاءٌ خَرَجَ مِنَ الدَّارِ أَوْ أَقَامَ لِأَنَّ قَرِينَةُ الطُّولِ تُصَدِّقُهُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَيُصَدَّقُ فِي كِرَاءِ الْمُشَاهَرَةِ وَالْمُسَانَهَةِ فِي دَفْعِ أُجْرَةِ مَا مَضَى مِنَ الشُّهُورِ إِلَّا فِي الشَّهْرِ الْأَخِيرِ وَالسَّنَةِ الْأَخِيرَةِ إِلَّا أَنْ يَتَطَاوَلَ فَيُصَدَّقُ فِي الْجَمِيعِ لِأَنَّ الْعَادَةَ الْقَبْضُ بِالْقُرْبِ وَالطُّولُ: الشَّهْرُ فِي الشُّهُورِ وَالسَّنَةُ فِي السِّنِينَ فَلَوْ أَكْرَيْتَهُ عَشْرَ سِنِينَ فِي جُمْلَةٍ صُدقت فِي جُمْلَةِ كِرَائِهَا بَعْدَ الْمُدَّةِ بِقُرْبِهَا مَعَ يَمِينِكَ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى السَّنَةِ الْوَاحِدَةِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا قُلْتَ: سَنَتَيْنِ بِدِينَارٍ وَقَالَ: بِأَقَلَّ وَهُوَ بِحَضْرَةِ الْكِرَاءِ: تَحَالَفْتُمَا وَتَفَاسَخْتُمَا لِتَقَابُلِ الدَّعَاوَى فَإِنْ كَانَ زَرَعَ سَنَةً وَلَمْ يَنْقُدْ فلك مَا أقربه فِيمَا مَضَى إِنْ أَشْبَهَ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ قَوْلُكَ: إِنْ أَشْبَهَ مَعَ

يَمِينِكَ وَإِلَّا فَلَكَ كِرَاءُ الْمِثْلِ لِخُرُوجِ دَعْوَاكُمَا عَمَّا يُشْبِهُ وَيُفْسَخُ الثَّانِي عَلَى كُلِّ حَالٍ وَهَذَا إِذَا لَمْ يَنْقُدْ قَالَ مَالِكٌ: وَرَبُّ الدَّارِ وَالدَّابَّةِ وَالْأَرْضِ مُصَدَّقٌ فِي الْغَايَةِ فِيمَا يشبه وَإِن لم ينفذ وَقَالَ غَيْرُهُ ذَلِكَ إِذَا انْتَقَدَ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِمَا يُشْبِهُ وَأَتَى الْمُكْتَرِي بِمَا يُشْبِهُ صُدِّقَ فِيمَا سَكَنَ عَلَى مَا أَقَرَّ بِهِ بِغَيْرِ يَمِينِهِ عَلَى مَا ادَّعَى عَلَيْهِ وَيَمِينُ الْمُكْتَرِي فِيمَا ادَّعَى عَلَيْهِ مِنْ طُولِ الْمُدَّةِ وَإِن لم يشبه قَول وَاحِد مِنْهُمَا تحافا وَفُسِخَ الْكِرَاءُ وَعَلَى الْمُكْتَرِي كِرَاءُ مَا سَكَنَ فَإِنْ أَتَيَا بِمَا يُشْبِهُ صُدِّقَ رَبُّ الدَّارِ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ انْتَقَدَ وَلَمْ يَسْكُنِ الْمُكْتَرِي إِلَّا مَا أَقَرَّ بِهِ الْمُكْرِي قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَوْلُ الْغَيْرِ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِلَّا أَنَّ قَوْلَهُ: إِذَا أَشْبَهَ قَوْلُهُ وَأَشْبَهَ مَا قَالَاه أَن الْمُكْتَرِي يلْزمه أَن يسكن مَا أقربه الْمُكْرِي لِأَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ: يَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ كَسِلْعَةٍ قَائِمَةٍ لَمْ تُقْبَضْ وَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: يَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ فِي الدَّارِ وَغَيْرِهَا يَلْزَمُهُ التَّمَادِي إِلَى الْغَايَةِ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا الْمُكْرِي وَهُوَ قَوْلُ الْغَيْرِ وَيَلْزَمُهُ التَّمَادِي فِي الدَّوَابِّ إِنْ سَارَ كَثِيرًا وَيَتَفَاسَخَانِ فِي الدُّورِ قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ وَقِيلَ: يَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ نَقَدَ أَمْ لَا لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلِ النَّقْدَ فَوْتًا وَعَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَجْعَلُهُ فَوْتًا وَأَشْبَهَ مَا قَالَ الْمُكْرِي وَالْأَرْضُ لَا ضَرَرَ فِي قسمهَا عَلَى الْمُكْتَرِي دَفَعَ رَبُّ الْأَرْضِ نِصْفَهَا يَزْرَعُهَا سَنَةً لِأَنَّهُ يُصَدَّقُ فِيمَا حَازَ مِنَ النَّقْدِ نِصْفَ مَا ادَّعَى فَيَدْفَعُ نِصْفَ الْأَرْضِ فِيهَا وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ ضَرَرٌ تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا وَلَمْ يَكُنِ النَّقْدُ فَوْتًا لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ وَإِنِ اتَّفَقَا فِي الْأُجْرَةِ دُونَ الْمُدَّةِ فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِم يَتَحَالَفَانِ ويتفاسخان وَيَنْبَغِي عَلَى مَا فِي كِتَابِ السَّلَمِ إِذَا طَالَ انْتِفَاعُ الْمُكْتَرِي بِالنَّقْدِ أَنَّهُ فَوَّتَ وَيُصَدَّقُ الْمُكْرِي وَيَسْكُنُ الْمُكْتَرِي مَا قَالَهُ الْمُكْرِي فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا قَالَ أَكْرَيْتُهَا وَأَنْكَرْتَ الْعَقْدَ صُدِّقْتَ لِأَن

الْأَصْلَ عَدَمُهُ إِلَّا أَنْ تَعْلَمَ حِينَ الزَّرْعِ وَلم يُنكر فَلَيْسَ لَك إِلَّا مَا أقريه قَامَ على ذالك بَيِّنَةٌ أَوْ حَلَفْتَ فَنَكَلْتَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَ بِمَا يُشْبِهُ قَالَ غَيْرُهُ لَكَ الْأَكْثَرُ مِنْ كِرَاءِ الْمِثْلِ أَوْ مَا أَقَرَّ بِهِ لِاسْتِيفَائِهِ الْمَنْفَعَةَ وَإِقْرَارِهِ عَلِمْتَ بِهِ أَمْ لَا بَعْدَ يَمِينِهِ عَلَى دَعْوَى الْمُكْتَرِي إِنْ كَانَ كِرَاءُ الْمِثْلِ أَكْثَرَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ وَمَضَى إِبَّانُ الزِّرَاعَةِ فَلَكَ كِرَاءُ الْمِثْلِ وَلَا يَقْلَعُهُ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ التَّعَدِّي وَإِنْ لَمْ يفت الإبان وَلم تقم بينةٌ بعلمك وَعَدَمِ الْإِنْكَارِ وَلَا أَنَّهُ أَكْرَى وَحَلَفْتَ عَلَى ذَلِكَ وَخُيِّرْتَ بَيْنَ مَا أَقَرَّ بِهِ: قَالَ غَيْرُهُ: أَوْ كِرَاءُ الْمِثْلِ قَالَا: فَإِنْ أَتَى بِمَا لَا يُشْبِهُ فَلَكَ قَلْعُ زَرْعِهِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ نَفْعٌ بَعْدَ الْقَلْعِ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَلْعُهُ لِأَنَّهُ فَسَادٌ لِغَيْرِ فَائِدَةٍ وَبَقِيَ لَكَ إِلَّا أَنْ تَأْبَاهُ فَتَأْمُرَهُ بِقَلْعِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ مُحَمَّدٌ: قَوْلُ الْغَيْرِ: أَوْ كِرَاءُ الْمِثْلِ خِلَافٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَإِذَا حَلَفْتَ أَنَّكَ لَمْ تَأْذَنْ وَجَبَ قَلْعُ الزَّرْعِ وَلَا تَأْخُذُهُ بِقِيمَتِهِ مَقْلُوعًا خِيفَةَ بَيْعِهِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ وَلَوْ رَضِيَ بِالْكِرَاءِ وَبَقَاءِ الزَّرْعِ جَازَ أَنْ لَوْ قَلَعَ انْتَفَعَ بِهِ الزَّارِعُ وَإِلَّا امْتَنَعَ رِضَاهُ لِأَنَّ الْحُكْمَ يُوجِبُ بَقَاءَهُ لَهُ فَيَكُونُ بَائِعًا لِلزَّرْعِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحه على الْبَقَاء وَكَذَلِكَ الْمَغْصُوب مِنْهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ سَحْنُونٌ: الْأُجْرَةُ فِي حِرَاسَةِ الْأَعْدَالِ وَالْمَقَاثِي وَالْكُرُومِ عَلَى عَدَدِ الرِّجَالِ دُونَ عَدَدِ الْأَعْدَالِ وَالْمِسَاحَاتِ لِأَنَّ تَعَبَ الْحَارِسِ فِي الْقَلِيلِ كَتَعَبِهِ فِي الْكَثِيرِ بِخِلَافِ ثَمَرَةِ الْكُرُومِ وَالْمَقَاثِي فَإِنْهَا عَلَى الْعَمَلِ وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ وَهُوَ فَاسِدٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ كَجَمْعِ الرَّجُلَيْنِ السلعتين فَلَا تعرف الْأُجْرَة هَاهُنَا وَالثمن إِلَّا بعد التَّقْوِيم نَظَائِر: تعْتَبر الرؤوس دُونَ السِّهَامِ فِي تِسْعِ مَسَائِلَ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ: أُجْرَةُ الْقَاسِمِ وَكَنْسُ الْمَرَاحِيضِ وَحِرَاسَةُ الْأَعْدَالِ وَبُيُوتِ الْغَلَّاتِ وَإِجَارَةُ السَّقْيِ

عَلَى الْمَشْهُورِ وَحِرَاسَةُ الدَّابَّةِ وَالصَّيْدُ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ كَثْرَةُ الْكِلَابِ وَعِنْدَ (ش) : أُجْرَةُ الْقَاسِمِ عَلَى الْأَنْصِبَاءِ وَزَادَ الْعَبْدِيُّ: كَنْسَ السَّوَاقِي وَتَقَدَّمَ لِابْنِ يُونُسَ: حِرَاسَةُ الْمَقَاثِي قَالَ أَبُو عِمْرَانَ وَثَلَاث لَا تعْتَبر فِيهَا الرؤوس بَلِ السِّهَامُ: الشُّفْعَةُ وَفِطْرَةُ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ وَالتَّقْوِيمُ فِي الْعِتْقِ فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا رَكِبَ فِي كِرَاءٍ فَاسِدٍ أَوْ سَكَنَ فَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْمِثْلِ (وَكَذَلِكَ الْأَرْضُ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَهُ فِي الْكِتَابِ) وَقَالَهُ (ش) وَقَالَ (ح) : إِنْ لَمْ يَنْتَفِعْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنِ انْتَفَعَ فَالْأَقَلُّ مِنَ الْمُسَمَّى وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ لَنَا: أَنَّ الْمَنَافِعَ كَالْأَعْيَانِ فَلَوْ قَبَضَ الْمَبِيعَ بَيْعًا فَاسِدًا فَفَاتَ عِنْدَهُ وَجَبَتِ الْقِيمَةُ فَكَذَلِكَ هَاهُنَا وَهُوَ يَقُولُ: الْمَنَافِعُ لَا تُقْبَضُ إِلَّا بِالِاسْتِيفَاءِ وَغَيْرُ الْمَقْبُوضِ فِي الْفَاسِدِ لَا شَيْءَ فِيهِ وَنَحْنُ نَقُولُ: قَبْضُ الرَّقَبَةِ نَزَّلَهُ الشَّرْعُ مَنْزِلَةَ قَبْضِ الْمَنْفَعَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَبَضَ الدَّابَّةَ أَوِ الدَّارَ وَلَمْ يَحْمِلْ وَلَمْ يسكن حَتَّى انْقَضتْ الْمدَّة لِأَنَّهُ فَوت وعيه كِرَاؤُهَا مُسْتَعْمَلَةً وَقِيلَ: مُعَطَّلَةً كَمَنْ حَبَسَهَا بَعْدَ الْمُدَّةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ: الْفَرْقُ: أَنَّ الْحَبْسَ بَعْدَ الْمُدَّةِ مُسْتَنِدٌ إِلَى الْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَفِي النَّوَادِرِ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا أَكْرَاهَا كِرَاءً فَاسِدًا فَحَرَثَهَا وَكَرَبَهَا وَقَطَعَ الشَّعْرَاءَ عَنْهَا فَذَلِكَ فَوْتٌ لِتِلْكَ السَّنَةِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا دَخَلْتَ بِامْرَأَةٍ فِي دَارٍ قَدْ أَكْرَتْهَا فَلَا كِرَاءَ عَلَيْكَ فِي الْمَسْكَنِ إِلَّا أَنْ تَقول: إِمَّا أدّيت أَو خرجت أكملها وَقَالَ غَيْرُهُ: عَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ كِرَاءِ مِثْلِهِ أَوْ مَا أَكْرَتْ بِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَقِيلَ: الْأَقَلُّ مِنْ كِرَاءِ مِثْلِ

الدَّارِ وَمِثْلِ مَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى مثله لمثلهَا أَو مَا أكثرت بِهِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: إِذَا ادَّعَيْتَ الدُّخُولَ فِي دَارِهَا أَوْ دَارٍ اكْتَرَتْهَا وَسَكَتَتْ عَنِ الْكِرَاءِ لَا يَلْزَمُكَ شَيْءٌ لِأَنَّهَا بَاذِلَةٌ لِلْمَنْفَعَةِ مِنْ دَارِهَا وَإِلَّا لَزِمَكَ كِرَاءُ الدَّارِ وَفِي الْكِتَابِ: الْعِدَّةُ إِذَا كَانَتِ الْمُعْتَدَّةُ فِي دَارٍ بِالْكِرَاءِ فَطَالَبَتْهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِالْكِرَاءِ: إِنْ كَانَ مُوسِرًا حِينَ سَكَتَتْ فَلَهَا قَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ: مَعْنَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: أَنَّهَا اكْتَرَتْ بَعْدَ مَا بَيَّنَتْ أَنَّهَا تَسْكُنُ بِالْكِرَاءِ وَإِلَّا تَنَاقَضَ قَوْلُهُ وَقِيلَ: لَوْ كَانَتِ الدَّارُ لَهَا لَكَانَ لَهَا الْقِيَامُ بَعْدَ الْعِدَّةِ لِأَنَّهَا إِنَّمَا وَهَبَتِ الْمَاضِيَ وَلَيْسَتْ كَالْأَمَةِ لَا يَجِبُ لَهَا السُّكْنَى قبل الطَّلَاق إِذا طلقت واعتقت وَزوجهَا فَلَا يُوجِبُهَا الطَّلَاقُ بِخِلَافِ الْحُرَّةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَسْأَلَة الْعدة: أَن الطَّلَاق جدد وُجُوبَ السُّكْنَى وَبَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: أَنَّهَا زَوْجَةٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: مَسْأَلَةُ الْإِجَارَةِ مُشْكِلَةٌ إِذَا لَمْ يَنْقُدْ لِأَنَّهَا تَقُولُ: أَسْكَنْتُهُ لِيَنْقُدَ قَالَ: وَأَرَى أَنْ تَحْلِفَ وَحَيْثُ قُلْنَا: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي ذَاتِ الْعِصْمَةِ فَإِذَا زَالَتْ زَالَتِ الْمُكَارَمَةُ وَطَالَبَتْهُ بِكِرَاءِ الْعِدَّةِ وَإِذَا كَانَ سُكْنَاهَا فِي مَسْكَنِ أَبِيهَا وَأُمِّهَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي مُدَّةِ الْعِصْمَةِ لِأَنَّهُ الْعَادَةُ وَفِي الْأَخِ وَالْعَمِّ إِشْكَالٌ فَيَحْلِفُ وَيَسْتَحِقُّ إِلَّا أَنْ يَطُولَ السَّكَنُ وَهُوَ سَاكِتٌ فَلَا شَيْءَ لَهُ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا فَلَّسَ فَأَنْتَ أَحَقُّ بِبَقِيَّةِ السُّكْنَى إِلَّا أَنْ يَدْفَعَ الْغُرَمَاءُ حِصَّتَهُ مِنَ الْكِرَاءِ وَيُخَيَّرَ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الْمُحَاصَصَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ مُحَمَّدٌ: لَوْ أَكْرَاهَا سِتَّ سِنِينَ وَنقد ثَلَاثَة وَسكن النّصْف قسطت الثَّلَاثَة على السّنة وَيرد حِصَّةَ مَا لَمْ يَسْكُنْ إِنْ رَدَّ السُّكْنَى وَإِلَّا حَاصَصَهُمْ بِمَا بَقِيَ لَهُ مِمَّا سَكَنَ وَهُوَ

نِصْفُ الْمَنْقُودِ إِلَّا أَنْ يُعْطِيَهُ الْغُرَمَاءُ حِصَّةَ بَقِيَّة السِّتَّة وَبَقِيَّةِ النَّقْدِ وَيَأْخُذَ بَقِيَّةَ السُّكْنَى قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَلَوْ دَفَعَ أَحَدُ الْغُرَمَاءِ ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِمَا يُبَاعُ بِهِ ذَلِكَ مِنَ السُّكْنَى حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مَا دَفَعَ وَفِي الْكِتَابِ: إِذَا فَلَّسْتَ فَالْجَمَّالُ أَوْلَى بِالْمَتَاعِ حَتَّى يَقْبِضَ كِرَاءَهُ لِأَنَّهُ كَالرَّهْنِ فِي الْقَبْضِ وَلِلْغُرَمَاءِ كِرَاءُ الْإِبِلِ فِي مِثْلِ كِرَائِكَ سِرْتَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا رَكِبْتَ أَمْ لَا وَقَدْ قَبَضَ الْمَتَاعَ وَكَذَلِكَ الصَّنَّاعُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: فَإِنْ لَمْ يَقْبِضِ الْمَتَاعَ لَمْ يَكُنْ لِلْغُرَمَاءِ كِرَاءُ الْإِبِلِ إِذَا دَفَعْتَ الْكِرَاءَ وَإِلَّا أُجْبِرَ الجمَّال فِي فَسْخِ الْكِرَاءِ (وَمُحَاصَصَتِهِمْ كَالصَّنَّاعِ فَإِنْ فَلَّسَ الْجَمَّالُ وَقَدْ قَبَضْتَ الْإِبِلَ فَأَنْتَ أَحَقُّ وَإِنْ لَمْ تَقْبِضْ شَيْئًا فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ فَأَنْتَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ تُحَاصِصُ بِقِيمَةِ كِرَائِكَ يَوْمَ الْحِصَاصِ) وَلَا عَلَى مَا أَكْرَيْتَ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَسَوَاءٌ نَقَدْتَ أم لَا غير أَنَّك إِذا نقدت اتبعته بِبَقِيَّة الحملة بَعْدَ الْحِصَاصِ إِنْ حَصَلَ لَكَ نِصْفُ الْكِرَاءِ اتَّبَعْتَهُ بِالنِّصْفِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا اكْتَرَاهَا ثَلَاث سِنِين فهارت بِئْرُهَا بَعْدَ أَنْ زَرَعَهَا سَنَةً قُوِّمَتْ تِلْكَ السّنة بِقدر الرَّغْبَة فِيهَا وَكَذَلِكَ الدَّارُ فِي الْهَدْمِ لَا يُحْسَبُ عَلَى عَدَدِ الشُّهُورِ فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا سَكَنَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فَهَلْ عَلَيْهِ كِرَاءُ الْمِثْلِ فِي

الزَّائِدِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَوْ مِثْلُ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ؟ قَوْلَانِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِنْ كُنْتَ عَالما وَتركته يسكن ويزرع فبحسات الْأَوَّلِ لِأَنَّكَ رَضِيتَ بِهِ وَإِلَّا فَالْأَكْثَرُ مِنَ الْكِرَاء الأول أوالقيمة فَرْعٌ قَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ: إِذَا سَكَنَ زَائِدًا عَلَى الْمُدَّةِ: قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: مَا كَانَ لِرَبِّهِ مَرْجِعُهُ وَغَلْقُهُ وَفَتْحُهُ كَالْحَانُوتِ وَالدَّارِ فَفِي الزَّائِدِ بِحِسَابِ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ وَمَا كَانَ يَبْقَى بَعْدَ الْمُدَّةِ فَضَاءٌ بِغَيْرِ جِدَارٍ: فَكِرَاءُ الْمِثْلِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ مِنَ الْمُسَمَّى فَلَا يَنْقُصُ لِرِضَاهُ بِهِ فَرْعٌ قَالَ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: تُمْنَعُ الْإِقَالَةُ فِي كِرَاءِ الدُّورِ بَعْدَ النَّقْدِ وَسُكْنَى بَعْضِ الْمُدَّةِ بِخِلَافِ الْإِقَالَةِ فِي الْحَمُولَةِ بَعْدَ بَعْضِ الطَّرِيقِ لِأَنَّهُمَا لَا يَتَّهِمَانِ عَلَى الْحَمُولَةِ فِي الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ بِخِلَافِ الدُّورِ وَقَالَ التُّونِسِيُّ: إِذَا غَابَ فِي الْحَمُولَةِ عَلَى النَّقْد جَازَ أَن يحْسب من الَّذِي فِي الْإِقَالَة وَيمْتَنع دفع الدَّرَاهِم وَمَا وَجَبَ لَهُ مِنَ الْحَمُولَةِ أَوْ يَأْخُذَ دَنَانِيرَ فَإِنْ سَارَ مِنَ الطَّرِيقِ مَا يَنْفِي التُّهْمَة جَازَت الزِّيَادَة مِنْهُ إِذا نقدها لَيْلًا يَكُونَ دَيْنًا فِي دَيْنٍ وَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ بعد الْغَيْبَة على النَّقْد لَيْلًا يكون سلفا بريادة وَيَجُوزُ قَبْلَ النَّقْدِ زِيَادَةُ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْعُرُوضِ نَقْدًا لِأَنَّهُ اشْتَرَى الرُّكُوبَ الَّذِي وَجَبَ لِلْمُكْتَرِي بِالدَّنَانِيرِ الَّتِي وَجَبَتْ لَهُ وَبِالزِّيَادَةِ وَتُمْنَعُ إِلَى أَجَلٍ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ دَيْنٌ عَلَيْهِ لِلْمُكْتَرِي فَيَفْسَخُهَا

فِي دَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ فَإِنْ زَادَ الْمُكْتِرِي دَنَانِير أَو عرُوضا جَازَ لِأَنَّ عَلَيْهِ حَمُولَةً أَعْطَى بَعْضَهَا دَنَانِيرَ وَبَقِيَّتُهَا الزِّيَادَةُ وَيَمْتَنِعُ تَأْخِيرُ الزِّيَادَةِ لِأَنَّهُ أَعْطَى بِبَعْضِ مَا عَلَيْهِ نَقْدًا بِحَمُولَةٍ عَلَى أَنْ يُؤَخر بَقِيَّة مَا عَلَيْهِ فَهُوَ بَيْعٌ وَسَلَفٌ وَفَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ إِنْ أَعْطَى عُرُوضًا إِلَى أَجَلٍ أَوْ نَقَدَ الْكِرَاءَ وَلَمْ يَغِبْ عَلَيْهِ فَزَادَ رَبُّ الدَّابَّةِ دَنَانِيرَ مَعَ دَنَانِيرِهِ أَوْ عُرُوضًا جَازَ لِأَنَّهُ اشْتَرَى الْحَمُولَةَ بِجَمِيعِ ذَلِكَ وَتَمْتَنِعُ زِيَادَتُهُ إِلَى أَجَلٍ وَأَمَّا الْكِرَاءُ الْمُعَيَّنُ إِذَا زَاد الْمكْرِي نفي جَوَازُهُ قَوْلَانِ لِعَدَمِ تَعَلُّقِهِ بِالذِّمَّةِ فَيَجُوزُ أَوْ يُشَبَّهُ بِالْمَضْمُونِ لِمَا كَانَ فِي ضَمَانِ الْمُكْرِي قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ: الْإِقَالَةُ فِي الْمَضْمُونِ كَالْإِقَالَةِ فِي الْعُرُوضِ الْمُسْلَمِ فِيهَا تَفْسُدُ إِمَّا لِاشْتِمَالِهَا عَلَى مَا لَا يَجُوزُ أَوْ بِضَمِّهَا إِلَى الصَّفْقَةِ الْأُولَى فَيُتَّهَمَانِ وَالْإِقَالَةُ فِي الْمُعَيَّنِ: قِيلَ: كَالسَّلَمِ الثَّابِتِ فِي الذِّمَّةِ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْوَجْهَانِ الْمُتَقَدِّمَانِ وَقِيلَ: كَالْإِقَالَةِ مِنَ الْعُرُوضِ الْمُعَيَّنَةِ لَا تعْتَبر فِيهَا لِانْعِقَادِهَا فِي نَفْسِهَا عَلَى الْمُحَرَّمِ فَإِنِ اسْتَقَالَ الْمُكْرِي فِي الْمَضْمُونِ قَبْلَ النَّقْدِ بِزِيَادَةٍ مُؤَجَّلَةٍ امْتَنَعَ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ تَحَوُّلٌ مِمَّا وَجَبَ لَهُ عَلَى الْمُكْتَرِي إِلَى الرُّكُوبِ الَّذِي عَلَيْهِ وَإِلَى الزِّيَادَةِ الْمُؤَجَّلَةِ فَهُوَ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ إِنْ كَانَتِ الزِّيَادَةُ عُرُوضًا وَإِنْ كَانَتْ دَنَانِيرَ: دَخَلَهُ عَرْضٌ وَذَهَبٌ بِذَهَبٍ إِلَى أَجَلٍ وَإِنْ كَانَتْ دَرَاهِمَ دَخَلَهُ الصَّرْفُ الْمُسْتَأْخِرُ فَإِنْ كَانَتِ الزِّيَادَةُ دَرَاهِمَ مُعَجَّلَةً وَالْكِرَاءُ دَنَانِيرَ:

امْتَنَعَ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ مِنْ صَرْفِ دِينَارٍ وَقِيلَ: يَجُوزُ أَكْثَرُ مِنْ صَرْفِ دِينَارٍ وَهُوَ عَلَى جَوَازِ جَمْعِ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ وَقِيلَ: يَمْتَنِعُ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ صَرْفِ دِينَارٍ وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ تَمْتَنِعُ الْإِقَالَةُ فِي الْمَضْمُونِ مُطْلَقًا قَبْلَ النَّقْدِ كَالْإِقَالَةِ مِنَ السِّلْعَةِ الْغَائِبَةِ قَبْلَ النَّقْدِ وَإِنِ اسْتَقَالَهُ بِزِيَادَةٍ بَعْدَ النَّقْدِ بَعْدَ أَنْ تَغِيبَ عَلَيْهِ وَالزِّيَادَة دِرْهَم بِالثَّلَاثَةِ الْأَقْوَالُ الْمُتَقَدِّمَةُ أَوْ عُرُوضًا جَازَ التَّعْجِيلُ وَالتَّأْجِيلُ لِأَنَّ الْمُكْتَرِيَ بَاعَ الرُّكُوبَ الَّذِي وَجَبَ لَهُ وَالْعُرُوضَ بِالْكِرَاءِ الَّذِي يَسْتَرْجِعُهُ وَإِنِ اسْتَقَالَ الْمُكْتَرِي بِزِيَادَةٍ وَلَمْ يَنْقُدْ أَوْ نَقَدَ وَلَمْ يَغِبْ عَلَى النَّقْدِ: فَذَلِكَ جَائِزٌ فِي الزِّيَادَةِ الْمُعَجَّلَةِ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ عُرُوضًا لِأَنَّ الْمُكْتَرِيَ بَاعَ الرُّكُوبَ بِالزِّيَادَةِ الْمُعَجَّلَةِ وَالْكِرَاءِ الْمُسْتَرْجِعِ فَلَا مَكْرُوهَ مَعَ النَّقْدِ حِينَئِذٍ وَتَمْتَنِعُ اسْتِقَالَةُ الْمُكْرِي بَعْدَ النَّقْدِ وَالْغَيْبَةُ عَلَيْهِ بِزِيَادَةٍ كَيْفَ كَانَتْ خشيَة السّلف بِزِيَادَة إِلَّا أَنِّي يَسِيرَ مِنَ الطَّرِيقِ مَا يَرْفَعُ التُّهْمَةَ فَيَجُوزُ فِي الزِّيَادَةِ الْمُعَجَّلَةِ فَهَذَا تَقْدِيرُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً فِي إِقَالَةِ الْمُكْرِي وَهِيَ: أَنَّ الزِّيَادَةَ إِمَّا قَبْلَ النَّقْدِ أَوْ بَعْدَهُ وَبَعْدَهُ إِمَّا قَبْلَ الْغَيْبَةِ عَلَيْهِ أَوْ بَعْدَهَا ثُمَّ هِيَ إِمَّا ذَهَبٌ أَوْ وَرِقٌ أَوْ عُرُوضٌ وَإِمَّا مُعَجَّلَةٌ أَمْ لَا وَكَذَلِكَ مَسَائِلُ الْمُكْتَرِي اثْنَتَا عَشْرَةَ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ كُلُّهَا فِي الْكِرَاءِ الْمَضْمُونِ وَفِي الْمُعَيَّنِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةً أَيْضًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَإِنِ اسْتَقَالَ الْمُكْرِي بِزِيَادَةٍ نَقْدا عرضا جَازَ وَيمْتَنع الْمُؤَجل وتمنع الزِّيَادَةُ ذَهَبًا وَالْكِرَاءُ ذَهَبًا إِلَّا إِلَى مَحَلِّ أَجَلِ الْكِرَاءِ عَلَى الْمُقَاصَّةِ وَتَمْتَنِعُ نَقْدًا لِأَنَّهُ: ضع وتعجل وَإِلَى أجل غير أَجَلٍ الْكِرَاءِ امْتَنَعَ أَيْضًا وَزِيَادَةُ الدَّرَاهِمِ تَمْتَنِعُ مُطلقًا لنه صَرْفٌ مُسْتَأْخِرٌ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ يَرَى انْحِلَالَ الذِّمَمِ بِخِلَافِ انْعِقَادِهَا وَعَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ الَّذِي يَرَى انْحِلَالَ الذِّمَمِ كَانْعِقَادِهَا غَيْرَ أَنَّهُ يَجُوزُ التَّحَوُّلُ مِنَ الدَّيْنِ فِي كِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ وَعَلَى مَنْ

يرى رَأْي أَشهب وَيمْتَنع التَّحَوُّل من الَّذين فِي الرُّكُوبِ فَيَمْتَنِعُ لِأَنَّ الْمُكْرِيَ تَحَوَّلَ مِنَ الْكِرَاءِ الْوَاجِبِ لَهُ عَلَى الْمُكْتَرِي فِي رُكُوبٍ لَا يُنْتَجَزُ قَبْضُهُ فَهُوَ فَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ وَإِنِ اسْتَقَالَ بِزِيَادَةِ عَرْضٍ مُعَجَّلٍ جَازَ وَإِلَّا امْتَنَعَ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَكَذَلِكَ الذَّهَبُ وَيُلَاحَظُ هَاهُنَا التَّخْرِيجُ عَلَى الْمَذَاهِبِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ هَذَا إِذَا كَانَ الْكِرَاءُ مُؤَجَّلًا فَإِنْ كَانَ نَقْدًا بِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ: فَإِمَّا أَنْ يَنْقُدَ أَمْ لَا وَإِذَا نَقَدَ: فَإِمَّا أَنْ يُغَابَ عَلَيْهِ أَمْ لَا وَتُقَسَّمُ هَذِهِ الْأَرْبَعَة إِلَى الْأَرْبَعَة وَالْعِشْرين مَسْأَلَةً الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الْمَضْمُونِ ثَمَّتَ فِي الْمَضْمُونِ يُفْسَخُ الْكِرَاءُ فِي زِيَادَةٍ مُؤَجَّلَةٍ (يَزِيدُهَا الْمُكْتَرِي هَاهُنَا وَمَا امْتَنَعَ يَفْسَخُ الرُّكُوبَ الْمَضْمُونَ ... مِنَ الْمُكْرِي. .) امْتَنَعَ فِي الْمُعَيَّنَةِ فَتَتَخَرَّجُ هَذِهِ عَلَى تِلْكَ وَالْإِقَالَةُ فِي الدُّورِ كَالرَّوَاحِلِ الْمُعَيَّنَةِ إِلَّا فِي مَسْأَلَة وَاحِدَة وَهِي أَن يمْضِي بَعْضَ الْمُدَّةِ لَا أَثَرَ لَهُ بِخِلَافِ سَيْرِ بَعْضِ الْمَسَافَةِ لِضَعْفِ التُّهْمَةِ فِي الْمَسَافَةِ وَالْإِقَالَةُ فِي الْأَرَضِينَ كَالدُّورِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ غَيْرَ مَأْمُونَةٍ فَإِنَّ الزِّيَادَةَ مِنَ الْمُكْرِي فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي تَصِحُّ فِيهِ الْإِقَالَةُ عَلَى أَنَّ الزِّيَادَةَ مِنْهُ لم يجز أَن تنقد الزِّيَادَة وَتَكون مَوْقُوفَة لاحْتِمَال عدم الرّيّ فيسفخ الْكِرَاءُ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا اكْتَرَاهَا عَشْرَ سِنِينَ لِيَزْرَعَهَا فَغَرَسَهَا شَجَرًا: امْتَنَعَ إِنْ كَانَ أَضَرَّ بِهَا وَإِلَّا جَازَ فَإِنِ انْقَضَتِ الْمُدَّةُ وفيهَا الشّجر جَازَ كراؤها سِنِين أُخْرَى لسقي الشّجر وَكَذَلِكَ لَو كَانَ الشّجر لمن أرَاهُ الْمُكْتَرِي فَإِنْ أَرْضَاكَ

الْغَارِسُ وَإِلَّا قَلَعَ غَرْسَهُ وَقَالَ غَيْرُهُ: لَا يَنْبَغِي ذَلِكَ حَتَّى يَتَعَامَلَ الْغَارِسُ وَرَبُّ الْأَرْضِ ثُمَّ يُكْرِي أَرْضَهُ إِنْ شَاءَ إِلَّا أَنْ يَكْرِيَ عَلَى أَنْ يَقْلَعَ عَنْكَ الشَّجَرَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَوْ كَانَ الْبَاقِي زَرْعًا أَخْضَرَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كِرَاءُ أَرْضِهِ مَا دَامَ زرعُك فِيهَا لِأَنَّ الزَّرْعَ إِذَا انْقَضَتْ إِجَارَتُهُ لم يكن لَهُ قلعه لِأَن لَهُ غَايَة بِخِلَافِ الشَّجَرِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: لَهُ أَنْ يَزْرَعَ فِي الْأَرْضِ مَا أَكْرَى لَهُ فَأَدْنَى لِمِلْكِ الْمَنْفَعَةِ دُونَ الْأَعْلَا لِعَدَمِ تَنَاوُلِ الْعَقْدِ لَهُ فَلَوْ رَضِيَ رَبُّهَا بِذَلِكَ فَهَلْ يُؤْثِرُ رِضَاهُ أَو يمْتَنع كَمَنْ أَكْرَى إِلَى طَرِيقٍ فَأَرَادَ سُلُوكَ خِلَافِهَا لِأَنَّهُ فَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ فِي ذَلِكَ نظر وَمنع الْغَيْر الْفَارِسَ الثَّانِيَ إِلَّا مِنَ الْأَوَّلِ لِأَنَّ لِرَبِّ الأَرْض دفع قيمَة غرسه مقلوعا فَإِذَا اكْتَرَى مِنَ الْأَوَّلِ قَبْلَ قَبْلَ مُحَاكَمَةِ رَبِّهَا فَكَأَنَّهُ أَكْرَاهُ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ قِيمَةَ الْغَرْسِ قَضَاءً عَنْ رَبِّ الْأَرْضِ ثُمَّ يُعْطِيَهُ رَبَّ الْأَرْضِ إِذَا انْقَضَى الْكَرْيُ فَكَأَنَّهُ سَلَفٌ أَسْلَفَهُ إِيَّاهُ عَلَى أَنْ يُكْرِيَهُ وَهَذَا يَقْتَضَى مَنْعَ كِرَاءِ الْأَوَّلِ إِنْ كَانَ الْغَرْسُ لَهُ قَبْلَ الْمُحَاكَمَةِ فِي الْغَرْسِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا انْقَضَتِ السِّنُونُ وَفِيهَا زَرْعٌ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ حَرُمَ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ شِرَاؤُهُ لِنَهْيِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ بَيْعِ السُّنْبُلِ حَتَّى يَبْيَضَّ وَإِنَّمَا يَجُوزُ مَعَ الْأَرْضِ فِي صَفْقَةٍ وَكَذَلِكَ الْأُصُولُ بِثَمَرِهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قِيلَ يَجُوزُ لِأَنَّ الزَّرْعَ حِينَئِذٍ مِنْ ضَمَانِ رَبِّ الْأَرْضِ وَإِنَّمَا وَرَدَ النَّهْيُ حَيْثُ هُوَ مِنَ الْبَائِعِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: تَمْتَنِعُ مُصَالَحَتُكَ رَبَّ الْأَرْضِ عَلَى الشَّجَرِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ بِنِصْفِهَا عشر سِنِين لِأَن الْأُجْرَة معِين يتأجر قَبْضُهُ عَشْرَ سِنِينَ وَلَوْ قِيلَ: لَهُ

الْآنَ (نِصْفُهَا جَازَ وَمَنَعَ غَيْرَهُ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ إِعْطَاءُ قيمَة مَقْلُوعًا فَأَخَذَ) نِصْفَ الشَّجَرِ عَنِ الْقِيمَةِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ كُلَّ سَنَةٍ بِكَذَا وَإِنْ لَمْ يسمَّ عَدَدٌ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ التَّرْكُ إِلَّا أَنْ يَزْرَعَ فَتَلْزَمُهَا تِلْكَ السَّنَةُ خَاصَّةً وَوَافَقَنَا (ح) وَأَحْمَدُ وَمَنَعَ (ش) لِلْجَهَالَةِ بِالنِّهَايَةِ لَنَا: أَنَّ الْأُجْرَةَ مُقَسَّطَةٌ عَلَى الْمَنْفَعَةِ فَكُلَّمَا انْقَضَى جُزْءٌ مِنَ الْمَنْفَعَةِ اسْتَحَقَّ مِثْلَهُ مِنَ الْأُجْرَةِ فَلَا غَرَرَ وَلَيْسَ لَهُ قَلْعُ الزَّرْعِ وَدَفْعُ حِصَّةِ مَا مَضَى لِأَنَّهُ لَمَّا زَرَعَ رَضِيَ بِذَلِكَ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا اكْتَرَاهَا سَنَةً فَحَصَدَ زَرْعَهُ فَهِيَ سَنَةُ أَرْضِ الْمَطَرِ لَا يُزَادُ عَلَى الْحَصَادِ وَسَنَةُ السَّقْيِ سَنَةٌ فَرَّقَتْ بَيْنَهُمَا الْعَادَةُ فَإِنْ تَمَّتْ وَفِيهَا زَرْعٌ صَغِيرٌ فَعَلَى رَبِّ الْأَرْضِ بَقَاؤُهُ إِلَى تَمَامِهِ بِكِرَاءِ مثله على نِسْبَة الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ قَالَ غَيْرُهُ: إِنْ بَقِيَ بَعْدَ الْحَصَادِ مَا لَا يَتِمُّ فِيهِ زَرْعٌ لَا يَزْرَعُ فَإِنْ فَعَلَ فَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ مِنَ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِهِ أَوْ كِرَاءُ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى الْمَنْفَعَةَ بِغَيْرِ عَقْدٍ وَقَالَ (ش) وَأَحْمَدُ: يَجِبُ كِرَاءُ الْمِثْلِ إِنْ بَقِيَ الزَّرْعُ بِغَيْر تَقْصِير وَإِلَّا فَلهُ فَلَعَلَّهُ لِلتَّعَدِّي قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ: مَعْنَى كِرَاءِ الْمِثْلِ على نِسْبَة الْكِرَاء الأول: أَن قَالَ: كَمْ كِرَاؤُهَا فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ؟ فَإِنْ كَانَ أَمَدُ الْبَقَاءِ الرُّبُعَ: فَلَهُ رُبُعُ الْمُسَمَّى قَالَ ابْنُ يُونُسَ: يُقَوَّمُ كِرَاءُ الزِّيَادَةِ فَإِنْ كَانَتْ رُبُعَ السَّنَةِ ضُمَّ لِكِرَاءِ السَّنَةِ كَمَا لَوْ تَعَطَّلَ مِنَ السَّنَةِ بَعْضَهَا بِغَرَقٍ فَشُبِّهَتِ الزِّيَادَةُ بِالنَّقْصِ وَلَمَّا دَخَلَ

رَبُّ الْأَرْضِ عَلَى تَوَقُّعِ تَأْخِيرِ الزَّرْعِ وَتَقْدِيمِهِ لِحَرِّ الْأَرْضِ وَبَرْدِهَا: لَمْ يَجْعَلِ ابْنُ الْقَاسِمِ: الزراع مُتَعَدِّيًا وَلِذَلِكَ اعْتُبِرَ الْكِرَاءُ الْأَوَّلُ وَعَلَى قَوْلِ الْغَيْرِ: لَوْ عَلِمَ بِهِ رَبُّ الْأَرْضِ لَمَا زَرَعَ مَا لَا يَحْصُدُ فِي بَقِيَّةِ السَّنَةِ فَلَهُ بِحِسَابِ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِذَلِكَ وَقَالَ الْغَيْر فِي الدأبة يكتيريها مُدَّةً فَيَتَجَاوَزُهَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا لَمْ يَبْقَ إِلَّا نَحْوُ الشَّهْرَيْنِ وَمَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي الزَّرْعِ امْتَنَعَ إِحْدَاثُ الزَّرْعِ إِلَّا بِالْإِجَارَةِ وَلَا يُحَطُّ شَيْءٌ وَرَبُّهَا أَحَقُّ بِهَا وَلَا يَمْنَعُهُ لِأَنَّهُ مَضَارٌّ بِالْمَنْعِ فَإِنْ جَدَّدَ زَرْعًا عَالِمًا بِبَقَائِهِ الْمُدَّةَ الْكَثِيرَةَ خُيِّرْتَ بَيْنَ إِفْسَاد زرعه لِأَنَّهُ مُعْتَمد وَإِقْرَارُهُ بِالْأَكْثَرِ مِنْ كِرَاءِ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ أَوِ الْكِرَاءِ الْمُتَقَدِّمِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا أَكْرَيْتَ أَرْضَكَ بِدَنَانِيرَ مُؤَجَّلَةٍ فَحَلَّتْ فَلَا تَأْخُذْ بهَا طَعَام إِلَّا مَا يَجُوزُ أَنْ يَبْدَأَ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِهِ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ فَرْعٌ قَالَ: يَجُوزُ الْكِرَاءُ بِالْخِيَارِ لِأَحَدِكُمَا وَلَكُمَا كَالْبَيْعِ وَإِنْ لَمْ يُؤَجِّلَاهُ جَازَ وَأَجَّلَهُ الْإِمَامُ إِلَّا أَنْ يَمْضِيَ مِقْدَارُهُ فَيُوقِفُ الْآنَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ وَمَنَعَ (ش) خِيَارَ الشَّرْطِ وَأَوْجَبَ خِيَارَ الْمَجْلِسِ لَنَا: الْقِيَاسُ على البيع فَإِن كتما بِالْخِيَارِ وَاخْتَلَفْتُمَا فِي الْأَخْذِ وَالرَّدِّ: فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّدِّ كَالْبَيْعِ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى الْخِيَارِ أَمَّا اللُّزُومُ: فَمِنَ الْعَقْدِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ كِرَاؤُهَا عَلَى أَنْ يَكْرِيَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَيَزْرَعَهَا فِي الرَّابِعَة

وعَلى أَن تزبلها إِن كَانَ التزبيل متعارفا وَعَلَى أَنْ يَحْرُثَهَا لَكَ رَبُّهَا فَائِدَةٌ: قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: تَكْرِيبٌ آخِرُهُ بَاءٌ بِوَاحِدَةٍ مِنْ تحتهَا تطيبها وأنزرتها لِلْحَرْثِ وَالزِّرَاعَةِ وَهُوَ الْكَرَابُ بِفَتْحِ الْكَافِ لِلْمَصْدَرِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا فِي الرَّابِعَةِ إِنْ كَانَتْ مَأْمُونَةً لِأَنَّ الْحَرْثَ وَالتَّكْرِيبَ مَنْفَعَةٌ تَبْقَى إِنْ لَمْ يَتِمَّ الزَّرْعُ فَهُوَ اشْتِرَاطُ نقدٍ فِي غَيْرِ الْمَأْمُونَةِ وَإِنْ زَرَعَ فَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْمِثْلِ بِشَرْطِ أَنْ يَحْرُثَ ثَلَاثَ مَرَّات فرع فِي الْكتاب: إِذا افتشر مِنَ الْمُكْتَرِي حَب مِنْ حَصَادِهِ فِي الْأَرْضِ فَنَبَتَ فَهُوَ لِرَبِّهَا لِأَنَّ الْأَوَّلَ أَعْرَضَ عَنْهُ عَادَةً وَكَذَلِكَ مَنْ حَمَلَ السَّيْلُ زَرْعَهُ إِلَى أَرْضِ غَيْرِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَقِيلَ فِي جَرِّ السَّيْلِ هُوَ لِلْبَاذِرِ وَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْأَرْضِ لِأَنَّ السَّيْلَ كَالْمُكْرِهِ لَهُ وَالْإِكْرَاهُ لَا يُسْقِطُ الْأَمْلَاكَ قَالَ سَحْنُونٌ: إِنْ كَانَ رَبُّ الْأَرْضِ مُكْتَرِيًا فَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْأَرْضِ فِي الْأُولَى بِالْعَقْدِ وَالثَّانِيَةِ بِاسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ وَعَنْ سَحْنُونٍ: إِذَا جَرَّهُ السَّيْلُ بَعْدَ نَبَاتِهِ فَهُوَ لِرَبِّهِ وَعَنْهُ: هُوَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ مَقْلُوعًا كَمَا جَرَّهُ السَّيْلُ وَلَوْ كَانَ شَجَرًا فَنَبَتَ فِي الْأَرْضِ الثَّانِيَةِ وَأَمْكَنَ رَدُّهُ لِلْأُولَى رَدَّهُ وَإِلَّا فَلَهُ الْقِيمَةُ لِأَنَّهُ حَطَبٌ فَقَلْعُه مُضَارَّةٌ وَيُخَيَّرُ بَيْنَ دَفْعِ الْقِيمَةِ وَبَيْنَ أَمْرِهِ بِقَلْعِهِ أَوْ يُعْطِيهِ قِيمَتَهُ مَقْلُوعًا وَلَوْ نَقَلَ السَّيْلُ تُرَابَ أَرْضٍ إِلَى أُخْرَى فَلِرَبِّهِ تَحْوِيلُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَجُرَّهُ وَكَذَلِكَ لَوْ رَجَعَ عَلَى أَشْجَارِ جَارِهِ فَأَضَرَّ بِهَا وَلَوْ زَرَعَ كَمُّونًا فَأَيِسَ مِنْ نَبَاتِهِ فَأَكْرَى الْأَرْضَ لِلْمَقَاثِي فَنَبَتَ الْكَمُّونُ مَعَهُ فَهُوَ لِرَبِّ الْأَرْضِ قَالَهُ أَصْبَغُ لِأَنَّهُ

كَضَالٍّ أَيِسَ مِنْهُ ثُمَّ وَجَدَهُ وَيُسْقِطُ مِنَ الْكِرَاءِ حِصَّةَ الْمُؤَنِ وَإِنْ أَضَرَّ بِالْمَقْثَاةِ فَلَيْسَ لَهُ قَلْعُهُ لَكَنْ يُنْقِصُ مِنَ الْكِرَاءِ بِقَدْرِ مَا نَقَصَتِ الْمَقْثَاةُ لِأَنَّهُ عَيْبٌ فِي الْأَرْضِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَبْطَلَهَا رَجَعَ بِجَمِيعِ الْكِرَاءِ وَمُصِيبَةُ الْمَقْثَاةِ مِنْهُ كَمَا لَوْ لَمْ يَنْبُتْ وَفِي النَّوَادِرِ: قَالَ مَالِكٌ: إِذَا انْقَطَعَتِ الْمَقْثَاةُ مِنْهُ ثُمَّ أَخْلَفَتْ فَلِلْمُكْتَرِي دُونَ رَبِّ الْأَرْضِ مَا دَامَ لَهَا أَصْلٌ قَائِمٌ فَإِنْ ذَهَبَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَبَقِيَتِ الْمَقْثَاةُ وَفِيهَا طَمَعٌ خُيِّرَ الْمُكْتَرِي بَيْنَ أَخْذِهَا وَدَفْعِ الْكِرَاءِ مَا دَامَتِ الْمَقْثَاةُ وَإِن كَانَ قبل وَقت انقطاعها للمعروف وَقد أسلمها إياساً مِنْهَا لموتها ثمَّ حييت بَعْدَ ذَلِكَ بِالسَّقْيِ لِانْقِطَاعِ الْمِلْكِ الْأَوَّلِ وَلَوْ أعَار أرضه لزراعة الْقطن فَبَقيت أُصُوله فرمت فِي عَامٍ قَابِلٍ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِنْ كَانَتْ تُزْرَعُ كُلَّ عَامٍ كَالزَّرْعِ فَلِرَبِّ الْأَرْضِ لِأَنَّهُ لَمْ يَهَبْهُ إِلَّا سَنَةً وَاحِدَةً ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَنه للزراع وَعَلَيْهِ كِرَاءُ مَا شَغَلَ الْأَرْضَ لِأَنَّهُ مِنْ غير مِلْكِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْكِرَاءُ أَكْثَرَ مِنَ الْقُطْنِ فَلَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَتْ تَنْبُتُ كَثِيرَةً كَمَا تَنْبُتُ فِي السَّوَاحِلِ فَلِرَبِّهِ وَلَا يُخْرِجُهُ إِلَّا بِبَيِّنَةِ أَنَّهُ إِنَّمَا أَعَارَهُ سَنَةً وَاحِدَةً فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا أَكْرَيْتَ بِثَوْبٍ بِعَيْنِهِ (أَوْ عَبْدٍ فَاسْتَحَقَّ بَعْدَ الْحَرْثِ فَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْمِثْلِ لِبُطْلَانِ مَا سَمَّى وَكَذَلِكَ بِحَدِيدٍ وَرَصَاصٍ بِعَيْنِهِ) وَقَدْ عُرِفَ وَزْنُهُ قَالَ ابْن يُونُس: قيل للْمُسْتَحقّ الْعَبْدِ إِجَازَةُ بَيْعِهِ بِالْكِرَاءِ فَإِنْ حَرَثَ الْأَرْضَ دَفَعَ أُجْرَةَ الْحَرْثِ كَبَيْعِ الْفُضُولِيِّ فَإِنِ امْتَنَعَ دَفَعَ لَهُ الْمُكْتَرِي

كِرَاءَ سَنَةٍ فَإِنِ امْتَنَعَ أَسْلَمَهَا بِحَرْثِهَا فَإِنِ اسْتَحَقَّ بَعْدَ الزِّرَاعَةِ فَلَهُ الْأُجْرَةُ وَكِرَاءُ الْأَرْضِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا أَفْلَسَ الْمُكْتَرِي أَوْ مَاتَ بَعْدَ الزَّرْعِ أَوْ قَبْلَ النَّقْدِ فَرَبُّهَا أَحَقُّ بِالزَّرْعِ فِي الْفَلَسِ دُونَ الْمَوْتِ وَفِي الدَّارِ: أَحَقُّ بِالسُّكْنَى إِنْ لَمْ يُسْكَنْ وَإِنْ فَلَسَ الْجَمَّالُ فَالْمُكْتَرِي أَحَقُّ بِالْإِبِلِ حَتَّى يَتِمَّ حَمْلُهُ إِلَّا أَنْ يَضْمَنَ الْغُرَمَاءُ الْحَمْلَةَ: تَنْزِيلًا للمنافع فِي جَمِيع هَذِه الصُّور منزلَة السعل فِي التَّفْلِيس وَقَالَ غَيره: لَا يضمنوا إِذَا كَانَ الْكِرَاءُ غَيْرَ مَضْمُونٍ لِأَنَّ الْحِمَالَةَ بِالْمُعَيَّنِ لَا تَجُوزُ وَجَوَّزَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِضَرُورَةِ الْفَلَسِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: قِيلَ: الْخِلَافُ فِي الْمُعَيَّنِ وَأَمَّا الْمَضْمُونُ لَا خِلَافَ فِيهِ وَقِيلَ: إِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْمَضْمُونِ لِلِاخْتِلَافِ: هَلْ هُوَ أَحَق بِهِ؟ وَأما الْمَضْمُون فَلَا يختف أَنَّهُ أَحَقُّ بِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَقِيلَ: هُوَ أَحَقُّ بِالزَّرْعِ فِي الْفَلَسِ وَالْمَوْتِ جَعْلًا لِأَرْضِهِ مَنْزِلَةَ يَدِهِ وَفِي الْكِتَابِ: إِذَا فَلَسَ الْمُكْتَرِي فَالْجَمَّالُ أَوْلَى بِالْمَتَاعِ حَتَّى يَقْبِضَ كِرَءَاهُ وَيَكْرِي الْغُرَمَاءُ الْإِبِلَ فِي مِثْلِ كِرَائِهِ وَجَمِيعُ الصُّنَّاعِ أَحَقُّ بِمَا فِي أَيْدِيهِمْ فِي الْمَوْتِ والفلس فرع فِي الْكتاب: أبتاع عبدا واكترى رَاحِلَةً بِعَيْنِهَا فِي صَفْقَةٍ جَازَ إِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ خَلَفَ الرَّاحِلَةِ إِنْ هَلَكَتْ وَإِلَّا امْتَنَعَ إِلَّا أَن يكون الْكِرَاء مَضْمُون قَالَ ابْنُ يُونُسَ: يَفْسَخُ الْكِرَاءُ بِمَوْتِ الْمُعَيَّنَةِ وَلَيْسَ كراءية الْغَنَمِ الْمُعَيَّنَةِ لَا يَجُوزُ إِلَّا بِشَرْطِ الْخَلَفِ لِأَنَّهَا مُسْتَأْجَرٌ عَلَيْهَا وَالدَّابَّةُ هَاهُنَا كَالرَّاعِي لَا يَجُوزُ اشْتِرَاط

خَلَفِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ: يُمْنَعُ ضَمَانُ عَمَلِ الْمُعَيَّنَاتِ: مِنْ رَاعٍ وَرَاحِلَةٍ وَمَرْكَبٍ وَمَسْكَنٍ وَغَيْرِهَا وَلَا فِي طَعَامٍ وَلَا فِي عَرْضٍ فَإِنَّ شَأْنَ الْمُعَيَّنِ تَعَلُّقُ الرِّضَا بِعَيْنِهِ وَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِهَلَاكِهِ بِخِلَافِ مَا اسْتُؤْجِرَ عَلَى عَمَلِهِ أَوْ حَمْلِهِ أَوْ رِعَايَتِهِ لَا بُدَّ مِنَ الِاشْتِرَاطِ حَتَّى لَا يَحْجُرَ عَلَى الْمُكْتَرِي فِي بَيْعِهِ وَالْإِتْيَانِ بِغَيْرِهِ وَإِذَا هَلَكَتِ الرَّاحِلَةُ الْمُعَيَّنَةُ وَهِيَ وَجْهُ الصَّفْقَة انْفَسَخ العقد , إِلَّا لزممه الْعَبْدُ بِحِصَّتِهِ وَلَوِ اشْتَرَى عَبْدًا بِكِرَاءِ رَاحِلَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَدِينَارٍ فَهَلَكَتْ قَبْلَ الرُّكُوبِ أَوْ بَعْدَ يَسِيرٍ مِنْهُ وَهِيَ وَجْهُ الصَّفْقَةِ رَدُّ الدِّينَارِ وَقِيمَةِ رُكُوبِهِ وَأَخَذَ عَبْدَهُ إِنْ لَمْ يَفُتْ فَإِنْ فَاتَ وَكَرَاهَا جُمْلَةَ الطَّرِيقِ إِنْ لَمْ يركب أَو بقيتها إِن ركب ثلثا الصَّفْقَةِ رَجَعَ بِحِصَّتِهِ ذَلِكَ فِي قِيمَةِ الْعَبْدِ لَا فِي عينه قَالَ: وَالصَّوَاب: إِن لَا يُرَاعَى فَوَاتُ الْعَبْدِ وَيَنْفَسِخُ إِنْ كَانَتْ وَجْهَ الصَّفْقَةِ لِأَنَّ مَعَهَا دَنَانِيرَ لَا فَوْتَ فِيهَا فَلَوْ كَانَ عَرْضًا لَا يُكَالُ وَلَا يُوزَنُ رُوعِيَ فَوَاتُ الْعَبْدِ إِنْ هَلَكَتْ وَقَدْ سَارَ أَكْثَرَ الطَّرِيقِ أَوْ لَمْ يَسِرْ شَيْئًا وَلَيْسَتْ وَجْهَ الصَّفْقَةِ وَالْعَبْدُ لَمْ يَفُتْ رَجَعَ بِقِيمَةِ ذَلِكَ فِي حِصَّةِ الْعَبْدِ لَا فِي عَيْنِهِ لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ يَرْجِعُ فِي قِيمَةِ الْعَبْدِ وَقِيلَ مَعْنَى الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ اشْتَرَطَ نَقْدَ الْمِائَةِ أَوْ سُنَّتُهُمُ النَّقْدَ وَأَمَّا إِنْ كَانَ مُتَأَخِّرًا وَلَا سُنَّةَ لَهُمْ حَتَّى لَا يَلْزَمَ مِنَ النَّقْدِ إِلَّا بِقدر مَا سَار فَتكون رخصَة الْعَبْدِ مِنَ النَّقْدِ لَا تُعْلَمُ فَلَا يَجُوزُ إِلَّا عِنْد من يُجِيز جمع السلعين لِرَجُلَيْنِ وَهَذَا أَشَدُّ لِأَنَّ فِيهِ نَقْدًا وَمُؤَخَّرًا مَجْهُولَيْنِ فَرْعٌ فِي النَّوَادِرِ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: اكْتَرَى دَارًا بِثَوْبٍ فَوَجَدَهُ مَعِيبًا يَفْسَخُ الْكِرَاءَ وَفِيمَا سَكَنَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِأَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ فَسْخٌ لِلْعَقْدِ مِنْ أَصْلِهِ وَإِنْ فَاتَ بِبَيْعٍ لَا يرجع بِشَيْء أَو يلبس أَوْ بِهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ فَقِيمَةُ الْعَيْبِ فِي السُّكْنَى

إِن كَانَ الْعين الخُمس فَيُشَارِكُهُ رَبُّ الدَّارِ بِخُمُسِ السُّكْنَى وَلَهُمَا الْقِسْمَة بِالتَّرَاضِي أَو المقاومة وَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ كَثِيرًا يَضُرُّ الرُّجُوعَ بِهِ بِالْمُكْتَرِي فِي السُّكْنَى خُيِّرَ بَيْنَ السُّكْنَى عَلَى ذَلِك أوردهُ وَالرُّجُوع بِقِيمَة ثَوْبه معينا وَإِنْ قَامَ بِذَلِكَ بَعْدَ سُكْنَى نِصْفِ السَّنَةِ وَالْمَعِيبِ الخُمس: رَجَعَ بخُمس مَا بَقِيَ مِنَ السُّكْنَى وَخُمُسِ كِرَاءِ الْأَشْهُرِ الْمَاضِيَةِ وَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ كَثِيرًا خُيِّرَ بَيْنَ السُّكْنَى فِيمَا بَقِيَ مَعَ الْمُكْتَرِي أَوْ يَرُدُّ عَلَى الْمُكْرِي لِلسَّاكِنِ قيمَة ثَوْبه معيبا يَوْم قَبضه وبأخذ كِرَاءِ الْأَشْهُرِ الْمَاضِيَةِ وَإِنِ اطَّلَعَ بَعْدَ الْمُدَّةِ رَجَعَ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ وَأَخَذَ قِيمَةَ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ قِيمَةِ سُكْنَى الدَّارِ قَالَ: وَقَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ كُلُّهُ حَسَنٌ إِلَّا قَوْلُهُ: إِذَا سَكَنَ نِصْفَ السَّنَةِ وَالْعَيْبُ يَضُرُّ بِكَثْرَتِهِ فَقَوْلُهُ: إِنِ اخْتَارَ رَدَّ بِقِيمَةِ السُّكْنَى أَنَّهُ يَغْرَمُ قِيمَةَ مَا وَقَعَ لِنِصْفِ الْعَيْبِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي سَكَنَ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: هَلَاكُ الدَّابَّةِ الْمُعَيَّنَةِ يُوجِبُ الْفَسْخَ كَشِرَاءِ الْمُعَيَّنِ وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ الْخَلَفِ كَشِرَاءِ الْمُعَيَّنِ وَلَهُ الْخَلَفُ فِي الْكِرَاءِ عَلَى الْبَلَاغِ وَهُوَ الْمَضْمُونُ كَاسْتِحْقَاقِ مَا يُعْطِيهِ فِي السَّلَمِ وَإِنَّمَا تُفْسَخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِ الْأَجِيرِ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَيْهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ: إِنْ هَلَكَ الثَّوْبُ الْمُسْتَأْجَرُ عَلَى خِيَاطَتِهِ كَانَ لَهُ إِبْدَالُهُ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ: مَذْهَبُ أَصْحَابِنَا أَنَّ مَحَلَّ الِاسْتِيفَاءِ لَا يَتَعَيَّنُ وَإِنْ عُيِّنَ فَذَلِكَ الْوَصْفُ بِخِلَافِ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ: هَذِهِ الدَّابَّةُ أَوْ دَابَّتُكَ الْفُلَانِيَّةُ تَعَيَّنَ وَدَابَّةٌ أَوْ دَابَّتُكَ مَضْمُونٌ عِنْدَ مَالِكٍ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ أَعَمُّ مِنَ التَّعْيِينِ فَإِنِ اخْتَلَفَا فِي التَّعْيِينِ تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا إِن لم يقبض لِأَن كل مِنْهُمَا مدعٍ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ وَبَعْدَ الْقَبْضِ يُصَدَّقُ

مُدَّعِي التَّعْيِينِ مَعَ يَمِينِهِ إِنْ مَاتَتِ الدَّابَّةُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ تَنَاوُلِ الْعَقْدِ لِغَيْرِ هَذِهِ الْمُعَيَّنَةِ فَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً فَلَا مَعْنَى لِدَعْوَى التَّعْيِينِ لِأَنَّ الْمَضْمُونَ يَتَعَيَّنُ بِالْقَبْضِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: تَمْتَنِعُ هِبَةُ الدَّابَّةِ الْمُعَيَّنَةِ وَبَيْعِهَا لِأَنَّ الْمُكْتَرِي أَحَق بهَا فِي الْمَوْت والفلس وَبَقِيَّة الْمُدَّةِ وَلَوْ هَرَبَ مُشْتَرِيهَا بِهَا فَلَمْ تُوجَدْ فُسخت الْإِجَارَةُ وَإِنْ وَجَدْتَهَا فَلَكَ فَسْخُ الْبَيْعِ وَلِلْمُبْتَاعِ الرِّضَا بِالتَّأْخِيرِ إِلَى تَمَامِ الْمُدَّةِ إِنْ قَرُبَتْ (وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ مُعَيَّنٌ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ الْمُدَّةَ) الْكَثِيرَةَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ: وَلَوْ لَمْ يَفْطَنْ لَهَا إِلَّا بَعْدَ الْمُدَّةِ وَكَانَتْ كَثِيرَةً فَالْأَشْبَهُ: رُجُوعُ الْمُشْتَرِي بِعَيْبِ حَبْسِهَا تِلْكَ الْمُدَّةِ وَلَا يَنْقُضُ الْبَيْعَ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا شَرَطَ حَبْسَ الْعَرْضِ الْمُعَيَّنِ الَّذِي اكْتَرَى بِهِ لِلتَّوَثُّقِ أَوِ الْمَنْفَعَةِ فَكَأَنَّهُ مِنَ الْمُكْرِي لِأَنَّهُ يَعْرِفُ هَلَاكَهُ وَلَوْ حَبَسَهُ الْمُكْتَرِي لِلتَّوَثُّقِ ضَمِنَهُ إِنْ لَمْ يَعْرِفْ هَلَاكَهُ وَانْتَقَضَ الْكِرَاءَ كَهَلَاكِ الْمَبِيعِ الْمُعَيَّنِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَكَذَلِكَ إِنِ اسْتَحَقَّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَيَحْلِفُ عَلَى هَلَاكِهِ وَتَلَفِهِ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ قِيمَتَهُ وَيَثْبُتُ الْكِرَاءُ لِاتِّهَامِهِ عَلَى فَسْخِهِ وَلَيْسَ فِيهِ رَدُّ يَمِينٍ لِأَنَّهُ مِنْ أَيْمَانِ التُّهَمِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يَمْتَنِعُ اشْتِرَاطُ ضَمَانِ مَا يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ لِيَوْمَيْنِ لِأَنَّهُ ضَمَانٌ

بِجُعْلٍ إِلَّا فِي الْعَيْنِ لِأَنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ وَجَوَّزَهُ غَيْرُهُ فِي الْجَمِيعِ إِذَا حُبس لِرُكُوبٍ أَوْ خِدْمَةٍ لِقُرْبِ الْأَجَلِ أَوْ لِأَنَّهُ لَمَّا اشْتَرَطَ الرُّكُوبَ فَهُوَ كَالْمُكْتَرِي لِذَلِكَ وَمُقْتَضَى هَذَا: الْجَوَازُ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ غَيْرَ أَنَّ التُّهْمَةَ يَقْوَى الْقَصْدُ إِلَيْهَا فِي الْبَعِيدِ فِي الضَّمَانِ بجُعل قَاعِدَةٌ: الْمُعَيَّنُ الَّذِي يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ يَمْتَنِعُ لِتَوَقُّعِ الْغَرَرِ بِهَلَاكِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَا يَكُونُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مَعْلُومَ الْحُصُولِ فَلَا يَحْرُمُ فَإِنَّ الْعَقْدَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَثَرٌ فَهُوَ كَبَيْعِ السَّمَكِ فِي الْمَاءِ وَالطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ وَأَيْضًا اشْتِرَاطُ التَّأْخِيرِ يُشعر بِأَنَّ الْعِوَضَ بَدَلُ الضَّمَانِ قَاعِدَةٌ: الْأَعْيَانُ وَالْمَنَافِعُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ مِنْهَا مَا يَقْبَلُ الْعِوَض كالبر وَكِرَاءِ الدَّارِ وَمِنْهَا مَا لَا يَقْبَلُهَا إِمَّا لِمَنْعِ الشَّرْعِ كَالْخَمْرِ وَالْغِنَاءِ أَوْ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَقَوَّمٍ عَادَةً كَالْبُرَّةِ الْوَاحِدَةِ وَمُنَاوِلَةِ النَّعْلِ أَوْ لِعَدَمِ اشْتِمَالِهِ عَلَى مَقْصُودٍ الْبَتَّةَ كَالذَّرَّةِ مِنَ التُّرَاب وتحريك الْأَصْبَغ وَمِنْهَا مَا اخْتُلِفَ فِيهِ هَلْ يَقْبَلُ الْمُعَاوَضَةَ أَو لَا؟ كَالْأَزْبَالِ وَالْفِصَادِ وَالْحِجَامَةِ فَمَالِكٌ يُجِيزُهَا وَ (ح) يمْنَع الآخرين لِأَنَّهُمَا عِنْده لِأَنَّهُمَا مُجَرّد آلام بغَيْرهَا فَائِدَةٌ لِأَنَّ خُرُوجَ الدَّمِ لَيْسَ مِنْ فِعْلِ الْأَجِيرِ بَلْ مِنْ طَبِيعَةِ الدَّمِ وَمِنَ الْقِسْمِ الثَّانِي: الضَّمَانُ فَإِنْهُ وَإِنْ كَانَ مَقْصُودًا لِلْعُقَلَاءِ لَكَنَّهُ غَيْرُ مُتَقَوَّمٍ عَادَةً فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَابل الأغواض وَكَذَلِكَ لَا يَجِبُ عَلَى مَنْ قَبَّلَ أَوْ بَاشَرَ امْرَأَةً غَصْبًا شَيْءٌ بِخِلَافِ الْوَطْءِ لِأَنَّ الْوَطْءَ تُقَدَّرُ قِيمَتُهُ فِي بَذْلِ الصَّدُقَاتِ بِخِلَافِ القُبل وَنَحْوهَا قَاعِدَة: لَا يَعْتَبِرُ الشَّرْعُ مِنَ الْمَقَاصِدِ إِلَّا مَا تَعَلَّقَ بِهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ محصِّل لِمَصْلَحَةٍ أَوْ دَارِئٌ لِمُفْسِدَةٍ وَكَذَلِكَ لَا يَسْمَعُ الْحَاكِمُ الدَّعْوَى فِي الْأَشْيَاء التافهة

الْحَقِيرَةِ وَلَا يَقْبَلُ قَوْلَ الْمُسْتَأْجِرِ وَغَيْرِهِ فِي قلع الْبناء وَالْأَشْجَار الَّتِي لَا قيمَة لَهَا بَعْدَ الْقَلْعِ وَإِنْ كَانَتْ عَظِيمَةَ الْمَالِيَّةِ بَعْدَهُ فَلِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَجْمَعَ النَّاسُ عَلَى أَنَّ الْعُرُوضَ تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ وَكَذَلِكَ الْحَيَوَانُ وَالطَّعَامُ لِأَنَّ لِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ الْأَوْصَافِ مَا تَتَعَلَّقُ بِهِ الْأَغْرَاضُ الصَّحِيحَةُ وَتَمِيلُ إِلَيْهِ الْعُقُولُ الصَّحِيحَةُ وَالنُّفُوسُ السَّلِيمَةُ لِمَا فِي تِلْكَ التَّعْيِينَاتِ مِنَ الملاذ الْخَاصَّة بِتِلْكَ الْأَعْيَان وَمُقْتَضى هَذَا الْقَاعِدَةِ أَنَّهُ إِذَا عُيِّنَ صَاعًا مِنْ صُبرة وَبَاعَهُ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ لِأَنَّ الْأَغْرَاضَ الصَّحِيحَةَ مُسْتَوِيَةٌ فِي أَجْزَاءِ الصُبرة غَيْرَ أَنِّي لَا أعلم أحدا قَالَ بِعَدَمِ التَّعْيِينِ وَاخْتَلَفُوا فِي الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ إِذَا عُيِّنَتْ هَل تتَعَيَّن أم لَا؟ على أَقْوَال: ثالثهما: أَن عينهَا لدافع تَعَيَّنَتْ وَإِلَّا فَلَا أَثَرَ لِتَعْيِينِهِ الْقَابِضَ فَإِنِ اخْتُصَّتْ بِصِفَةِ حُرْمَةٍ أَوْ حِلٍّ أَوْ غَيْرِهِمَا تَعَيَّنَتْ عَلَى مَا لَا يُشَارِكُهَا فِي ذَلِكَ اتِّفَاقًا وَالْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ عِنْدَنَا وَبِالتَّعْيِينِ قَالَ (ش) وَقَدْ تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ فِي كِتَابِ الصَّرْفِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا اكْتَرَى دَابَّةً لِغَرَضٍ فَتَعَذَّرَ أَوْ لَمْ يَفْعَلْهُ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ لِهَلَاكِ الْمَنْفَعَةِ تَحْتَ يَدِهِ كَالْمَبِيعِ إِذَا قُبِضَ وَهَلَكَ وَلَهُ كِرَاؤُهَا فِي مِثْلِ مَا اكْتَرَى لِمُلْكِهِ الْمَنْفَعَةُ بِالْعَقْدِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا الْحِجَارَةَ لِأَنَّهَا مُضَارَّةٌ لَيْسَ فِيهَا غَرَضٌ صَحِيحٌ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْقَاعِدَةِ إِلَّا أَنْ يَنْتَفِعَ بِتِلْكَ الْحِجَارَةِ وَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ فِي الْعَقْدِ: إِنْ مَاتَتْ قَاصَّهُ بِمَا رَكِبَ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مَنَاقِضٌ لِلْعَقْدِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا تَكَارَى إِلَى مَوْضِعٍ فَبَلَغَهُ مَا يمنعهُ من

دُخُولِهِ: انْفَسَخَ الْكِرَاءُ لِتَعَذُّرِ الْمَنْفَعَةِ بِخِلَافِ أَنْ يَعُوقَهُ ضَيَاعُ الْمَتَاعِ أَوْ لُصُوصٌ فَرْعٌ قَالَ صَاحِبُ الْإِشْرَافِ: إِذَا اكْتَرَى دَابَّةً إِلَى مَكَانٍ مُعَيَّنٍ وَسَلَّمَهَا إِلَيْهِ وَمَضَتْ مُدَّةٌ لَوْ أَرَادَ الِانْتِفَاعَ بِهَا أَمْكَنَهُ اسْتَقَرَّتِ الْأُجْرَةُ عَلَيْهِ وَقَالَهُ (ش) وَأَحْمَدُ لِوُجُودِ التَّمْكِينِ كَمَا لَوْ مَشَى وَهُوَ يَقُودُهَا فَإِنَّ الْأُجْرَةَ تَجِبُ اتِّفَاقًا وَقَالَ (ح) : لَا تَجِبُ الْأُجْرَةُ لِعَدَمِ الِاسْتِيفَاءِ فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إِذَا أَصَابَ الْمَرْأَةَ طلقٌ لَمْ يُجبر الْكَرِيُّ عَلَى الْإِقَامَةِ مَعَهَا فِي غَيْرِ الْحَجِّ وَتُقِيمُ إِنْ أَحَبَّتْ وَتُكْرِي وَيُجْبَرُ فِي الْحَجِّ كَأَنَّ الْمُكْتَرِيَ دَخَلَ إِلَى تَمَامِ حَجِّهَا فِي الْعَادَةِ فَرْعٌ قَالَ: إِذَا سَارَ الْمُتَكَارِيَانِ بَعْضَ الطَّرِيقِ فَبَلَغَهُمَا انْغِلَاقُ الطَّرِيقِ انْغِلَاقًا لَا يَنْكَشِفُ إِلَّا فِي أَيَّام يتَضَرَّر فها أَحَدُهُمَا فَلَهُ فَسْخُ الْكِرَاءِ وَإِذَا كَانَ فِي مَوضِع غير مستعتب ودّاه إِلَى مُسْتَعْتَبٍ خَلْفَهُ أَوْ أَمَامَهُ فَإِنْ كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَبِحِسَابِهِ قَالَهُ أَصْبَغُ فَرْعٌ فِي الْكتاب: إِذا اكتريت ثوراً يطحن لَك إِرْدَبَّيْنِ كُلَّ يَوْمٍ بِدِرْهَمٍ فَوَجَدْتَهُ لَا يَطْحَنُ إِلَّا إِرْدَبًّا فَلَكَ رَدُّهُ بِالْعَيْبِ كَالْبَيْعِ وَعَلَيْكَ فِي الْإِرْدَبِّ نِصْفُ دِرْهَمٍ وَتُرَدُّ الدَّابَّةُ الْمُعَيَّنَةُ الجحاح والدبرة الْفَاحِشَة

قَالَ ابْن الْقَاسِم: يُمْنَعُ أَنْ يَتَحَوَّلَ إِلَى دَابَّةٍ أَوْطَأَ مِنْ دَابَّتِهِ زَادَ شَيْئًا أَمْ لَا لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِيمَا يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ فَإِنْ فَعَلَ فَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْمِثْلِ وَكِرَاءُ الْأُولَى بَاقٍ وَيجوز عَلَى قَوْلِ مَنْ يُجِيزُ أَخْذَهُ مِنْ دَيْنٍ لَهُ كِرَاءُ دَارٍ بِعَيْنِهَا قَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ هَلَكَتِ الْمَكْرِيَّةُ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ لَا يَأْخُذُ دَابَّةً أُخْرَى فِيمَا بَقِيَ لَهُ لِأَنَّهُ كَفَسْخِ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بِمُنْقَطِعَةٍ فَيَجُوزُ لِلْمُسْتَعْتَبِ كَانَ الثَّانِي مَضْمُونًا أَوْ مُعَيَّنًا إِذَا كَانَ الْأَوَّلُ مُعَيَّنًا وَكَذَلِكَ لَوْ شَرَطَهُ فِي أصل العقد قَالَه ابْنُ الْقَاسِمِ: وَيَجُوزُ التَّحَوُّلُ مِنَ الْمَحْمَلِ إِلَى الزَّامِلَةِ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ لِأَنَّهُ تَحَوُّلٌ مِنْ صِفَةِ رُكُوبٍ لَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَى أُخْرَى وَلَا يَزِيدُهُ الْجَمَّالُ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ سَارَ بَعْضَ الطَّرِيقِ لِتُهْمَةِ السَّلَفِ وَتَجُوزُ زِيَادَةُ الرَّاكِبِ رَكِبَ أَمْ لَا وَإِنْ تَكَارَى عَلَى الْحَمْلِ امْتَنَعَ التَّحَوُّلُ إِلَى مَحْمَلٍ بِزِيَادَةٍ لِتَبَاعُدِهِمَا بِخِلَافِ الزَّامِلَةِ وَالْمَحْمَلِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا اكْتَرَى مِنْ مِصْرَ إِلَى الْحَجِّ وَلَمْ يَشْتَرِطِ الْمَمَرَّ عَلَى الْمَدِينَةِ ثُمَّ أَرَادَ = ذَلِكَ خُيِّرَ الْكَرِيُّ إِلَّا أَنْ يَخَافَ فَوَاتَ الْحَجِّ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا اكْتَرَيْتَ دَابَّةً مُعَيَّنَةً فَلَيْسَ لَكَ الْإِرْدَافُ خَلْفَكَ وَلَا حَمْلُ مَتَاعِهِ مَعَكَ لِأَنَّكَ مَلَكْتَ ظَهْرَهَا وَكَذَلِكَ السَّفِينَةُ فَإِنْ فَعَلَ فَلَكَ كِرَاؤُهُ إِلَّا أَنْ يُكَارِيَكَ عَلَى حَمْلِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ أَوْ مَعْلُومٍ فَلَهُ الْحَمْلُ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ قَالَ أَشْهَبُ: إِنِ اكْتَرَاهُ لِيَحْمِلَهُ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ مَتَاعِهِ: فَكِرَاءُ الزِّيَادَةِ لِلْمُكْرِي لِأَنَّهُ عَلَى دَابَّتِهِ حُمِلَ وَقَدْ كَانَ لَكَ مَنْعُهُ مِنَ الزِّيَادَةِ قَالَ ابْنُ

يُونُسَ: قَوْلُ أَشْهَبَ وِفَاقٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: لَيْسَ لَكَ الذَّهَابُ إِلَى غَيْرِ الْبَلَدِ الَّذِي اكْتَرَيْتَ إِلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مِثْلَهُ فِي السَّهُولَةِ وَالْمَسَافَةِ إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَكَ كَاخْتِيَارِكَ صُبرة أُخْرَى تَكْتَالُ مِنْهَا وَمَنَعَهُ غَيْرُهُ وَإِنْ أُذِنَ لَكَ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ إِلَّا بَعْدَ صِحَّةِ الْإِقَالَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: لَكَ الذَّهَابُ إِلَى مثل الْبَلَد كحلمك غَيْرِ مَا اكْتَرَيْتَ عَلَيْهِ مِثْلَهُ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا كَانَ الْكِرَاءُ دَرَاهِمَ وَلَمْ يُشْتَرَطْ نقدها وكراء النَّاس مُؤَخرا وَغير مؤجر وَشَرَطْتَ التَّأْخِيرَ امْتَنَعَ إِعْطَاؤُكَ عِوَضَهَا دَنَانِيرَ نَقْدًا حَتَّى تَحِلَّ الدَّرَاهِمُ بِبَلَاغِ الْغَايَةِ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ صَرْفِ مَا فِي الذِّمَمِ الْحُلُولَ فَلَوْ شرطتما النَّقْد وَهُوَ الْعرف جَازَ كَانَ الكرء مُعَيَّنًا أَوْ مَضْمُونًا فَإِنْ هَلَكَتْ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ رَجَعْتَ بِحِصَّةِ مَا بَقِيَ مِمَّا نَقَدْتَ وَلَوْ دَفَعْتَ عَنِ الدَّرَاهِمِ عَرْضًا لَرَجَعْتَ بِالدَّرَاهِمِ فِيمَا عَقَدْتَ عَلَيْهِ نَفْيًا لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ فَرْعٌ قَالَ: إِذَا أَرَدْتَ تَعْجِيلَ الْخُرُوجِ مِنْ مَكَّةَ وَأَبَى الْجَمَّالُ وَفِي الزَّمَانِ بَقِيَّةٌ لَمْ يُجْبَرْ حَتَّى يَخْرُجَ النَّاسُ لِأَنَّهُ الْعُرْفُ

فَرْعٌ قَالَ: إِذَا نَقَضَتْ زَامِلَةُ الْحَاجِّ فَأَرَادَ إِتْمَامَهَا حَمْلًا عَلَى الْعُرْفِ: قَالَ غَيْرُهُ فَإِنْ فُقِدَ الْعُرْفُ فَلَكَ الْوَزْنُ لِلْمُشْتَرِطِ إِلَى آخِرِ الْمسَافَة لَا أَنه مُقْتَضَى الْعَقْدِ فَرْعٌ قَالَ: إِذَا اكْتَرَيْتَ لِبَلَدٍ فلك النُّزُول بنزلك لِأَنَّهُ الْعَادَةُ فَرْعٌ قَالَ: إِذَا وَلَدَتِ الْمُكْتَرَيَةُ جُبر على حمل وَلَدهَا لِأَنَّهُ الْعَادة قَالَ: إِذَا هَرَبَ فَأَنْفَقْتَ عَلَى دَابَّتِهِ أَوِ اكْتَرَيْتَ مَنْ يُرَحِّلُهَا فَلَكَ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ لِأَنَّكَ قُمْتَ عَنْهُ بِوَاجِبٍ وَلَوْ هَرَبَ بِالدَّابَّةِ اكْتَرَى لَكَ الْإِمَامُ عَلَيْهِ وَرَجَعْتَ بِذَلِكَ عَلَيْهِ كَالشَّرْطِ وَإِنْ تَغَيَّبَ يَوْمَ خُرُوجِكَ ثُمَّ لَقِيتَهُ فَلَيْسَ لَكَ إِلَّا الرُّكُوبُ أَوِ الْحَمْلُ فِي كُلِّ كِرَاءٍ مَضْمُونٍ لِأَنَّهُ فِي ذِمَّتِهِ إِلَّا الْحَجَّ يَفْسَخُ لِأَنَّ إِبَّانَهُ كَالشَّرْطِ قَالَ غَيْرُهُ: وَلَوْ رفع غَيْرَ الْحَجِّ الْإِمَامُ فَسَخَ مَا فِيهِ ضَرَرٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا هَرَبَ بِدَابَّتِهِ إِنَّمَا يَكْرِي عَلَيْهِ الْإِمَامُ إِذَا كَانَ لَهُ مَالٌ وَفِي الْكِتَابِ: إِنْ هَرَبْتَ أَنْتَ أَكْرَى لَكَ الْإِمَامُ وَأَخَذَ الْجَمَّالُ مِنْ ذَلِكَ أُجْرَتَهُ وَإِلَّا اتَّبَعَكَ بِالْكِرَاءِ وَكَذَلِكَ إِنْ أَكْرَى عَلَى مَتَاعِ عَبْدِ وَكِيلِكَ بِبَلَدٍ وَلَمْ يَجِدِ الْوَكِيلَ انْتَظَرَ بِغَيْرِ ضَرَرٍ فَإِنْ جَاءَ وَإِلَّا أَكْرَى الدَّابَّةَ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَلَهُ الْكِرَاءُ لِأَنَّ التَّعَذُّرَ مِنْ قِبَلِكَ فَإِنْ رَجَعَ وَلَمْ يَرْفَعْ ذَلِكَ لِلسُّلْطَانِ وَفِي الْبَلَدِ سُلْطَانٌ رَجَعَ ثَانِيَةً لِأَنَّهُ

مُتَّهَمٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ سُلْطَانٌ انْتَظَرَ أَيَّامًا وَأَشْهَدَ فَإِنْ وُجِدَ الْكِرَاءُ وَانْصَرَفَ وَلَمْ يَكْرِ وَلَمْ يَرْفَعْ لِلْإِمَامِ فَلَا شَيْءَ لَهُ إِذَا كَانَ الْكِرَاءُ مُمْكِنًا إِلَى الْبَلَدِ الَّذِي أَكْرَى إِلَيْهِ وَإِنْ تَعَذَّرَ الْكِرَاءُ وَجَهِلَ إِعْلَامَ الْإِمَامِ لَا يَبْطُلُ عَمَلُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَا يُقْبَلُ عَدَمُ الْكِرَاءِ ثَمَّتَ إِلَّا بِسَبَبٍ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَلَوْ أَكْرَاهَا بِغَيْرِ إِعْلَامِ الْإِمَامِ وَرَضِيتَ بِذَلِكَ وَقَدْ نَقَدْتَهُ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى سَلَفٍ بِزِيَادَةٍ وَإِنْ لَمْ ينقده جَازَ وَإِن لم يرض إِلَّا بِالْكِرَاءِ الْأَوَّلِ فَإِنْ أَكْرَاهَا لِنَفْسِهِ وَلَمْ يَرْفَعْ لِلْإِمَامِ وَثَمَّ إِمَامٌ فَلَكَ أَخْذُ الْفَضْلِ فَرْعٌ إِذَا أَقْبَضَكَ فِي الْمَضْمُونِ دَابَّةً لَيْسَ لَهُ نزعُها إِلَّا بِإِذْنِكَ لِأَنَّهَا تَعَيَّنَتْ بِالْقَبْضِ وَأَنْتَ أَحَقُّ بِهَا فِي الْفَلَسِ وَفَرَّقَ غَيْرُهُ بَيْنَ الْمَضْمُونِ وَالْمُعَيَّنِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: اخْتُلِفَ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ الْغَيْرِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يَتَحَالَفَانِ ويتفاسخان فِي المغين فِي بَقِيَّةِ الْمَسَافَةِ وَقِيلَ: الْمَضْمُونُ يَتَحَالَفَانِ فِيهِ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي ذِمَّةِ الْمُكْرِي كَسِلْعَةٍ لَمْ تُقْبَضْ وَإِذَا كَانَتْ مُعَيَّنَةً فَحَقُّهُ فِيهَا وَقَدْ حَازَهَا وَفَاتَ بَعْضُهَا كَفَوَاتِ بَعْضِ السِّلْعَةِ فَهُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي زِيَادَةِ الثَّمَنِ وَلَوْ هَلَكَتِ الْمَضْمُونَةُ عَلَى هَذَا اتَّفَقَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْغَيْرُ فِي التَّحَالُفِ وَالتَّفَاسُخِ فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ سَحْنُونٌ: إِذَا أَرَادَ الْجَمَّالُ إِدَارَةَ الْجِمَالِ بَيْنكُم أَو الجامل منع إِلَّا برضاكم لِأَن التَّعْيِين ضَرَر

قَالَ: يُمْنَعُ كِرَاءُ السُّفُنِ فِي وَقْتِ الْخَطَرِ وَيُفْسَخُ لِلْغَرَرِ وَيَجُوزُ اشْتِرَاطُ التَّأْخِيرِ إِلَى وَقْتِ السَّلَامَةِ إِذَا لَمْ يَنْقُدُ إِلَّا فِي الْقَرِيبِ نَحْوِ الشَّهْرِ فَيَجُوزُ النَّقْدُ وَلَوْ كَانَ الْكِرَاءُ مَضْمُونًا جَازَ النَّقْدُ وَلَوْ بَعُدَ لِكَوْنِهِ مَأْمُونًا بِكَوْنِهِ فِي الذِّمَّةِ فَإِنِ اكْتَرَيْتَ فِي وَقْتِ السَّلَامَةِ ثُمَّ تَعَذَّرَ حَتَّى جَاءَ وَقْتُ الْخَطَرِ بالشتاء: فلك وَله الْفَسْخ لضَرَر التَّأْخِير وَكَذَلِكَ لَو حدث لصوص بِخِلَاف الرِّبْح فَرْعٌ قَالَ: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: كِرَاءُ السُّفُنِ عَلَى الْبَلَاغِ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا إِذَا غَرِقَ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الَّذِي يُقْصَدُ وَيُنْتَفَعُ بِهِ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ: لَهُ بِحِسَابِهِ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ الْأَنْدَلُسِيُّ: إِنْ كَانَ لِتَعْدِيَةِ الْبَحْرِ فَعَلَى الْبَلَاغِ لِعَدَمِ حُصُولِ الْمَصْلَحَةِ دُونَ تِلْكَ الْغَايَةِ وَإِلَّا فَبِحِسَابِ مَا مَضَى لِأَنَّ الْبَعْضَ يَنْقُصُ كِرَاءَ الْمَسَافَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ: قَالَ أَصْبَغُ: إِنْ لَمْ يَزَلْ مُلَجِّجًا حَتَّى عَطِبَ لَمْ يُدْرِكَ مَكَانًا يُمْكِنُهُ النُّزُولُ فِيهِ أَمْنًَََا عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ وَيُمْكِنُهُ التَّقَدُّمُ مِنْهُ إِلَى مَوْضِعِ الْكِرَاءِ فَعَلَى الْبَلَاغِ وَإِلَّا فَبِحِسَابِهِ فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ الْإِسْكَنْدَرَانِيُّ: إِذَا وَصَلَتِ السَّفِينَةُ وَامْتَنَعَ التَّفْرِيغُ لِلْهَوْلِ وَذَهَبَ مَا فِيهَا سَقَطَ الْكِرَاءُ لِعَدَمِ تَسْلِيمِ الْمَنْفَعَةِ فَإِنْ أَمْكَنَكَ التَّفْرِيغُ فَفَرَّطْتَ حَتَّى جَاءَ الْهَوْلُ لَزِمَكَ الْكِرَاءُ فَإِنْ فَرُغَ بَعْضُهُمْ وَتَعَذَّرَ عَلَى الْآخَرِينَ لِلْهَوْلِ فَعَلَى مَا تَقَدَّمَ فَلَوْ ظَنَّ أَنَّ الْحُمُولَةَ تَلْزَمُهُ بَعْدَ عَطَبِ السَّفِينَةِ فَحَمَلَ الْمَتَاعَ فِي سَفِينَةٍ أُخْرَى: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَاشَيْءَ لَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ

مَوْضِعُ الْعَطَبِ يُخْشَى عَلَى الْمَتَاعِ فِيهِ فَرْعٌ قَالَ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا انْبَلَّ بَعْضُ الْحُمُولَةِ قُوِّمَ غَيْرَ مَبْلُولٍ وَمَبْلُولًا وَيُطْرَحُ مِنَ الْكِرَاءِ بِقَدْرِ نَقْصِ الْقِيمَةِ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَإِن كَانَ البلل بتعزير أَوْ تَفْرِيطٍ مِنْ صَاحِبِ الْمَرْكِبِ ضَمِنَ وَالنَّدَاوَةُ الْقَلِيلَةُ لَا تَنْقُصُ الْكِرَاءَ فَرْعٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا طَرَحَ بَعْضَ الْحِمْلِ لِلْهَوْلِ شَارَكَ أَهْلُ الْمَطْرُوحِ مَنْ لَمْ يَطْرَحْ لَهُمْ شَيْئًا مِنْ مَتَاعِهِمْ كَانَ مَا طَرَحَ وَسُلِّمَ لِجَمِيعِهِمْ فِي نَمَائِهِ وَنَقْصِهِ بِثَمَنِهِ بِمَوْضِعِ الشِّرَاءِ وَإِنِ اشْتَرَوْا مِنْ مَوْضِعٍ وَاحِدٍ بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ لِأَنَّهُمْ صَوَّنُوا بِالْمَطْرُوحِ مَالَهُمْ وَالْعَدْلُ: عَدَمُ اخْتِصَاصِ أَحَدِهِمْ بِالْمَطْرُوحِ إِذْ لَيْسَ أَحَدُهُمْ أَوْلَى مِنَ الْآخَرِ فَاشْتَرَكَ الْجَمِيعُ فَإِنِ اشْتَرَوْا مِنْ مَوَاضِعَ أَوِ اشْتَرَى بَعْضُهُمْ دُونَ بَعْضٍ أَوْ طَالَ زَمَنُ الشِّرَاءِ حَتَّى حَالَ السُّوقُ اشْتَرَكُوا بِالْقِيَمِ يَوْمَ الرُّكُوبِ دُونَ يَوْمِ الشِّرَاءِ لِأَنَّهُ وَقْتُ الِاخْتِلَاطِ وَسَوَاءٌ طَرَحَ الرَّجُلُ مَتَاعَهُ أَوْ مَتَاعَ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ أم لَا ولملك فِي التَّقْوِيمِ بِمَوْضِعِ الْحَمْلِ أَوْ مَوْضِعِ الْمَحْمُولِ إِلَيْهِ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ بِالْحَمْلِ أَوْ مَوْضِعِ الطَّرْحِ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ الْإِتْلَافِ: ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ: وَلَا يُشَارِكَ مَنْ لَمْ يَرْمِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا لِأَنَّهُ لَمْ يَطْرَأْ سَبَبٌ يُوجِبُ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْمَطْرُوحِ لَهُ مَعَ غَيْرِهِ فَإِنْ رَمَى لَهُ نِصْفَ مَتَاعِهِ أَخَذَهُ مِمَّنْ لَمْ يُرْمَ نِصْفُ مَتَاعِهِ وَيَكُونُ شَرِيكًا لِمَنْ لَمْ يُطْرَحْ لَهُ فِي النِّصْفِ الْآخِرِ بِقِيمَةِ مَتَاعِهِ وَيَكُونُ شَرِيكًا لِمَنْ لَمْ يُطْرَحْ لَهُ فِي النِّصْفِ الْآخِرِ بِقِيمَةِ مَتَاعِهِ مِنْ قِيمَةِ مَتَاعِهِمْ وَلَوْ رَمَي جَمِيعَ مَتَاعِهِ ثُمَّ أُخرج بَعْدَ ذَهَابِ نِصْفِ قِيمَتِهِ شَارَكَهُمْ فِي نِصْفِ مَتَاعِهِمْ كَمَا لَوْ رُمِيَ نِصْفُ مَتَاعِهِ وَعَلَيْهِ مِنْ كِرَاءِ السَّالِمِ بِقَدْرِ مَا صَارَ إِلَيْهِ وَإِذَا أخرج نِصْفَ مَتَاعِهِ نَاقِصًا فَكِرَاءُ حِصَّةِ مَا نَقَصَ عَلَى ثَمَنِ نَقْصِهِ

وَأَخْرَجَهُ عَلَيْهِ وَإِذَا رُمِيَ مَتَاعُهُ وَابْتَلَّ مَتَاعُهُمْ بللا ينقص الثّمن شاركهم بِقِيمَة مَتَاعهمْ وَمَتَاعُهُمْ سَالِمًا بِمَوْضِعِ الْحَمْلِ فَإِنْ حَدَثَ بِمَتَاعِهِمْ عَيْبٌ قَبْلَ الْحَاجَةِ لِلطَّرْحِ: فَقِيمَتُهُ مَعِيبًا بِمَوْضِعِ الْحَمْلِ وَيُحْسَبُ الْمَطْرُوحُ عَلَى كُلِّ مَا يُرَادُ بِهِ التِّجَارَة وَإِن خف حمله كالجوهر قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَلَيْسَ عَلَى صَاحِبِ الْمَرْكِبِ وَلَا عَلَى النَّوَاتِيَّةِ كَانُوا أَحْرَارًا أَوْ عَبِيدًا إِلَّا أَنْ يَكُونُوا لِلتِّجَارَةِ فَتُحْسَبُ قِيمَتُهُمْ وَلَا عَلَى مَنْ لَا مَتَاعَ لَهُ لِأَنَّ هَذِهِ كُلَّهَا وَسَائِلُ وَالْمَقْصُودُ بِرُكُوبِ الْبَحْرِ إِنَّمَا هُوَ مَال التِّجَارَةِ وَيُرْجَعُ بِالْمَقَاصِدِ فِي الْمَقَاصِدِ وَمَنْ مَعَهُ دَنَانِيرُ كَثِيرَةٌ يُرِيدُ بِهَا التِّجَارَةَ فَكَالتِّجَارَةِ بِخِلَافِ النَّفَقَةِ وَمَا لَا يُرَادُ بِهِ التِّجَارَةُ كَمَا تقدم وَقَالَ ابْن ميسر: لَا يَلْزَمُ فِي الْعَيْنِ شَيْءٌ مِنَ الْمَطْرُوحِ وَقَالَ سَحْنُونٌ: يَدْخُلُ الْمَرْكِبُ فِي قِيمَةِ الْمَطْرُوحِ لِأَنَّهُ مِمَّا سَلِمَ بِسَبَبِ الطَّرْحِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: إِنْ خِيفَ عَلَيْهِ أَنْ يَصْدِمَ قَاعَ الْبَحْرِ فَرُمِيَ لِذَلِكَ دَخَلَ فِي الْقِيمَةِ وَقَالَ أَهْلُ الْعِرَاقِ: يُحْسَبُ الْمَرْكِبُ وَمَا فِيهِ للقُنية أَوْ لِلتِّجَارَةِ مِنْ عَبِيدٍ وَغَيْرِهِمْ لِأَنَّهُ سَلِمَ بِسَبَبِ الطَّرْحِ وَجَوَابُهُمْ: أَنَّ الْمَرْكِبَ شَأْنُهُ أَنْ يَصِلَ بِرِجَالِهِ سَالِمًا إِلَى الْبَرِّ وَإِنَّمَا يُغْرِقُهُ مَا فِيهِ مِنَ التِّجَارَةِ وَإِزَالَةُ السَّبَبِ المُهلك لَا تُوجِبُ شَرِكَةً بَلْ فِعْلُ السَّبَبِ الْمُنْجِي وَهُوَ فَرْقٌ حَسَنٌ فَتَأَمَّلْهُ قَالَ: وَلَا يَخْتَلِفُ قَول مَالك وَأَصْحَابه أَن مَا للقُينة كَالْعَبِيدِ وَالْجَوَاهِرِ وَالْمَصَاحِفِ لَا تَدْخُلُ فِي حِسَابِ مَا طُرِحَ وَمَا طُرِحَ مِنْهُ فَمِنْ صَاحِبِهِ دُونَ غَيْرِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَيُصَدَّقُ صَاحِبُ الْمَطْرُوحِ فِي ثَمَنِهِ مَعَ يَمِينِهِ مَا لَمْ يُستكر لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَا يُعْلَمُ إِلَّا مِنْ قِبَلِهِ وَقَالَ سَحْنُونٌ يُقْبَلُ بِغَيْرِ يَمِينٍ إِلَّا أَنْ يُتَّهَمَ فَإِنِ ادَّعَى أَنَّهُ طُرِحَ لَهُ أَمْتِعَةٌ كَثِيرَةٌ وَأَنْكَرَ الرَّايِسُ ذَلِكَ رَجَعَ إِلَى الشَّرْطِ لِجَرْيِ أَمْوَالِ النَّاسِ عَلَيْهِ وَيُصَدَّقُ

فِيمَا دخل الشَّرّ بيل مَعَ يَمِينِهِ إِذَا أَشْبَهَ أَنْ يَهْلِكَ مِثْلُهُ وَإِذَا ادَّعَى قِيمَتَهُ وَنَازَعُوهُ فِي الصِّفَةِ صُدقوا مَعَ أَيْمَانِهِمْ لِأَنَّهُمْ مُدَّعًى عَلَيْهِمُ الشَّرِكَةُ فَإِنْ جَهِلُوهَا صُدق مَعَ يَمِينِهِ فَإِنِ ادَّعَى صَاحِبُ الْمَرْكِبِ أَنَّ الْهَوْلَ رَمَى بَعْضَ شِحْنَتَهُ وَلَمْ يَكُونُوا مَعَهُ وَكَذَّبُوهُ صُدِّقَ فِي الْعُرُوضِ دُونَ الطَّعَام عِنْد ابْن الْقَاسِم التهامه عَلَى أَكْلِ الطَّعَامِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: إِذَا صَالَحُوا صَاحِبَ الْمَطْرُوحِ بِدَنَانِيرَ وَلَا يُشَارِكُهُمْ جَازَ إِذا عرفُوا بِمَا يَلْزَمُهُمْ فِي الْقَضَاءِ فَإِنْ طَرَحَ خَرَجَ بَعْدَ الطرح من الْبَحْر سالما فَهُوَ لَهُ ونزول الشَّرِكَةُ أَوْ خَرَجَ وَقَدْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ انْتَقَصَ نِصْفَ الصُّلْحِ وَيَرُدُّ نِصْفَ مَا أَخَذَ وَيَكُونُ الْخَارِجُ لَهُ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْكِرَاءِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ سُؤَالٌ: إِذَا وُجدت الدَّابَّةُ الْمُصَالَحُ عَلَيْهَا فِي التَّعَدِّي أَوِ الْعَارِيَّةُ تَكُونُ لِمَنْ صَالَحَ عَلَيْهَا فَمَا الْفَرْقُ؟ جَوَابُهُ: أَنَّ التَّعَدِّيَ يَنْقُلُ الذِّمَّةَ وَالْبَحْرُ شَيْءٌ تُوجِبُهُ الضَّرُورَةُ فَلَا يُجْعَلُ الصُّلْح فِيهِ تبعا لَا نيتقض قَالَ الطُّرْطُوشِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ: إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي السَّفِينَةِ غَيْرُ الْآدَمِيِّينَ لَمْ يَجُزْ رَمْيُ أَحَدِهِمْ لِطَلَبِ نَجَاةِ النَّاسِ وَإِنْ كَانَ ذِمِّيًّا وَيَبْدَأُ بِطَرْحِ الْأَمْتِعَةِ ثُمَّ الْبَهَائِمِ وَهَذَا الطَّرْحُ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَاجِبٌ وَلَا يَجْرِي فِي هَذِه بِطَرْحِ الْأَمْتِعَةِ ثُمَّ الْبَهَائِمِ وَهَذَا الطَّرْحُ عِنْدَ الْحَاجة وَلَا يَجْرِي فِي هَذِه الْمَسْأَلَةِ الْقَوْلَانِ اللَّذَانِ لِلْعُلَمَاءِ فِي دَرْءِ الدَّاخِلِ عَلَيْهِ الْبَيْتَ لِطَلَبِ النَّفْسِ أَوِ الْمَالِ وَلَا مَنِ اضْطُرَّ إِلَى الْمَيْتَةِ أَحَدُهُمَا: يَجِبُ الدَفْعُ وَالْأَكْلُ لِلْخَلَاصِ مِنَ الْهَلَكَةِ وَثَانِيهِمَا: لَا يَجِبُ لِخَبَرِ ابْنِ آدَمَ وَلقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (كُنْ عَبْدَ اللَّهِ

الْمَقْتُولَ وَلَا تَكُنْ عَبْدَ اللَّهِ الْقَاتِلَ) وَعَلَيْهِ اعْتَمَدَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي تَسْلِيمِ نَفْسِهِ وَالْفَرْقُ: أَنَّ التَّارِكَ لِلْقَتْلِ وَالْأَكْلِ ثَمَّتَ تَارِك لَيْلًا يَفْعَلَ مُحَرَّمًا وَهَاهُنَا لِبَقَاءِ الْمَالِ وَاقْتِنَاؤُهُ لَيْسَ وَاجِبًا وَأَكْلُ الْمَيْتَةِ وَسَفْكُ الدَّمِ مُحَرَّمٌ وَمَا وَضْعُ الْمَالِ إِلَّا وَسِيلَةً لِبَقَاءِ النَّفْسِ وَلَمْ يُوضَعْ قَتْلُ الْغَيْرِ وَالْمَيْتَةِ وَسِيلَةً لِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ: وَإِذَا اشْتَرَى أَحَدُهُمْ بِدَيْنٍ فَطَرَحَ حَسَبَ ثَمَنِهِ عَلَى النَّقْدِ بِغَيْرِ زِيَادَةٍ وَإِنْ حُوبي أُلْحِقَ بِتَمَامِ الْقِيمَةِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي حُمِلَ مِنْهُ وَلَا يَضْمَنُ الطَّارِحُ مَا طَرَحَ اتِّفَاقًا وَلِمَالِكٍ فِي أَكْلِ طَعَامِ الْغَيْرِ لِلْجَمَاعَةِ قَوْلَانِ وَلَا يَضْمَنُ بِدَفْعِ الْفَحْلِ عَنْ نَفْسِهِ بِالْقَتْلِ الْقَتْلَ لِأَنَّهُ كَانَ يَجِبُ عَلَى صَاحِبِهِ قَتْلُهُ صَوْنًا لِلنَّفْسِ فَقَامَ عَنْ صَاحِبِهِ بِوَاجِبٍ وَقَالَ (ح) وَ (ش) : لَا يَضْمَنُ مِنْهُمْ إِلَّا الطَّارِحَ إِنْ طَرَحَ مَالَ غَيْرِهِ وَإِنْ طَرَحَ نَفْسَهُ فَمُصِيبَتُهُ مِنْهُ وَلَوِ اسْتَدْعَى غَيْرُهُ مِنْهُ ذَلِكَ وَوَافَقُونَا إِذَا قَالَ: اقْضِ عَنِّي دَيْنِي فَقَضَاهُ وَفِي اقْتِرَاضِ الْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا الْغَائِبِ وَاقْتِرَاضِ الْوَصِيِّ لِلْيَتِيمِ فَإِنْهُ يَأْخُذُ مِنْ مَالٍ يَطْرَأُ لَهُ لَنَا: الْقِيَاسُ عَلَى هَذِهِ الصُّوَرِ بِجَامِعِ السَّعْيِ فِي الْقِيَامِ عَنِ الْغَيْرِ بِوَاجِبٍ لِأَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ يَجِبُ عَلَيْهِمْ حِفْظُ نُفُوسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ فَمَنْ بَادَرَ مِنْهُمْ قَامَ بِذَلِكَ الْوَاجِبِ احْتَجُّوا بِأَنَّ السَّلَامَةَ بِالطَّرْحِ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ بِخِلَافِ الصَّيَّادِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْآدَمِيِّينَ وَأَمْوَالِ القُنية لَا يَتَعَلَّقُ بهَا الْمَطْرُوح وَالْجَوَاب على الْأَوَّلِ: أَنَّهُ يُنْتَقَضُ بِإِطْعَامِ الْمُضْطَرِّ فَإِنْهُ يَضْمَنُ مَعَ احْتِمَالِ هَلَاكِهِ بِالْأَكْلِ بَلْ يَعْتَمِدُ فِي ذَلِكَ الْعَادَةَ وَقَدْ شَهِدَتْ بِأَنَّ ذَلِكَ سَبَبٌ لِلسَّلَامَةِ فِيهَا مَعَ احْتِمَالِ النَّقِيضِ وَعَنِ الثَّانِي: مَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْمَسْأَلَةِ مِنْ

الْفَرْقِ وَقَالَ الطُّرْطُوشِيُّ: الْقِيَاسُ: التَّسْوِيَةُ بَيْنَ التِّجَارَةِ والقُنية لِأَنَّ الْعِلَّةَ صَوْنُ الْأَمْوَالِ وَالْكُلُّ يُثْقِلُ السَّفِينَة وَلذَلِك قَالَ ابْن بشير: لاشيء فِي الْعَيْنِ لِأَنَّهُ لَا يُثْقِلُهَا وَلَا تخِفُّ بطرحه ماعدا الْآدَمِيّ وَفِي الْجَوَاهِر: يطْرَح ماعدا الْآدَمِيَّ وَيَبْدَأُ بِمَا ثَقُلَ وَزْنُهُ وَقُلَّ ثَمَنُهُ وَيقوم إِمَّا وَقت التّلف كالمثلفات أَوْ أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ إِلَى الْبِرِّ الَّذِي يَقْدَمُ إِلَيْهِ لعدم الْقيمَة مَوضِع الطرح أوفي الْمَكَانِ الَّذِي يُحْمَلُ إِلَيْهِ أَوِ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتُرِيَ بِهِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ مَالِكٌ: إِذَا حَمَلُوا أَطْعِمَتَهَمْ مَخْلُوطَةً لَا يُمَكَّنُ أَحَدُهُمْ مِنْ بَيْعِ حِصَّتِهِ فِي الطَّرِيقِ إِلَّا بِرِضَا أَصْحَابِهِ لِأَنَّ أَسْفَل السَّفِينَة يفْسد الطَّعَام فيقتسمون الْجيد والردئ فَإِن رَضوا أَن لَا يُبَاعَ لَهُمْ إِنْ وَجَدُوا فَسَادًا وَإِذَا فَسَدَ بعضهما وَهِيَ بِحَوَاجِزَ غَيْرِ مُشْتَرَكَةٍ ثُمَّ زَالَتِ الْحَوَاجِزُ واختلطت اشْترك الْجمع فِي الْجَمِيع وَإِذ مَرَّ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ بِمَنْزِلِهِ فَلَهُ أَخْذُ مَكِيلَةِ طَعَامِهِ لِيُنْزِلَهُ وَلَا رُجُوعَ لَهُمْ عَلَيْهِ إِذَا غرقت السَّفِينَة أذنو لَهُ أَمْ لَا لِأَنَّهَا ضَرُورَةٌ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَذْهَبَ مَعَهُمْ ثُمَّ يَرْجِعَ لِمَنْزِلِهِ إِلَّا أَنْ يَنْقُصَ الْكَيْلُ فَيَرْجِعُوا عَلَيْهِ بِحِصَّةِ ذَلِكَ إِنِ ابْتَلَّ قَبْلَ نُزُولِهِ عَنْهُمْ وَلِلْوَاصِلِ إِلَى مَوْضِعِهِ أَخْذُ رَحْلِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ تَحْتَ رحالهم ويضربهم فَلَهُمْ مَنْعُهُ فَرْعٌ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ إِذَا تَبَيَّنَ لَهُمْ بَعْدَ وَسْقِ الطَّعَامِ أَنَّهُ أَكْثَرُ مِنَ الْوَسْقِ فَأَنْزَلُوا بَعْضَهُ فَأَخَذَهُ بَعْضُهُمْ فِي حِصَّته وَبَعْضهمْ غَائِب مُشَارِكٌ لِلآخِذِ بِقَدْرِ نَصِيبِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِالْقِسْمَةِ فَإِنْ بَاعَ الْآخِذُ فَلِلْغَائِبِ إِجَازَةُ الْبَيْعِ فَإِن

أَوْسَقُوا أَمْتِعَةً وَظَهَرَ أَنَّهَا أَكْثَرُ مِنَ الْوَسْقِ فَتَنَازَعُوا أَيُّهُمْ يَنْزِلُ فَإِنْ عُلِمَ أَيُّهُمُ الْآخَرُ الزَّائِدُ عَلَى الْوَسْقِ أُنْزِلَ لِكَوْنِهِ أَوْسَقَ مَا لَا يَجُوزُ وَإِلَّا أُنْزِلَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا يَخُصُّهُ فَرْعٌ قَالَ: قَالَ سَحْنُونٌ فِي شَرِيكَيْنِ فِي سَفِينَةٍ أَرَادَ أَحَدُهُمَا الْحَمْلَ فِي نَصِيبِهِ وَمَنَعَهُ الْآخَرُ إِلَّا بِالْكِرَاءِ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِكِرَاءٍ وَعَمِلَ الْآخَرُ مِثْلَهُ أَوْ يُبَاعُ الْمَرْكِبُ عَلَيْهِمَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ لُزُومِ الْكِرَاءِ فَإِنْ أَصْلَحَ الْمَرْكِبَ أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ إِذْنِ الْآخَرِ فَلَهُ أَخْذُ نِصْفِ مَا أَنْفَقَ أَوْ يُعْطَى نِصْفَ قِيمَتِهِ خَرَابًا فَإِنْ أَبَيَا مِنْ ذَلِكَ فَلَهُ فِي الْمَرْكِبِ بِقَدْرِ مَا زَادَتْ نَفَقَتُهُ مَعَ حِصَّتِهِ الْأُولَى فَرْعٌ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ إِذَا تَعَدَّتِ الْمَرْكَبُ بِالرِّيحِ عَنِ الْمَوْضِعِ فَلَكَ إِنْزَالُ مَتَاعِكَ ثُمَّ لَكَ الرُّجُوعُ إِلَى بَلَدِ الشَّرْطِ بِغَيْرِ زِيَادَةِ كِرَاءٍ فَرْعٌ فِي الْكتاب إِذا كَانَ الدَّارِ وَالْأَرْضِ شَجَرٌ وَنَخْلٌ لَا ثَمَرَ فِيهَا أَوْ ثَمَرَةٌ لَمْ تُؤْبَرْ فَالثَّمَرَةُ لِلْمَالِكِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهَا الْمُكْتَرِي لِأَنَّ عَقْدَ الْإِجَارَةِ لَا يَتَنَاوَلُ الْأَعْيَانَ وَإِذَا كَانَ قِيمَةُ مَا تُطْعِمُهُ كل سنة بعد طرح الْمُؤْنَة والهمل ثُلُثَ قِيمَةِ الْكِرَاءِ فَحِينَئِذٍ تُشْتَرَطُ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ تَبَعٌ فَإِنِ اشْتَرَطَهَا وَهِيَ أَكْثَرُ مِنَ الثُّلُثِ امْتَنَعَ وَالثَّمَرَةُ لِرَبِّهَا وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ السَّقْيِ وَلَهُ كِرَاءُ الْأَرْضِ وَإِنْ أَزْهَتْ جَازَ اشْتِرَاطُهَا وَهِيَ أَكْثَرُ مِنَ الثُّلُثِ لِجَوَازِ بَيْعِهَا حِينَئِذٍ مُفْرَدَةً وَإِذَا كَانَتْ تَبَعًا امْتَنَعَ اشْتِرَاطُ نِصْفِهَا لِبَقَاءِ الضَّرَرِ بِسَبَبِ تَصَرُّفِ الْأَجِيرِ وَبَقِيَّةِ سَبَبِ التَّرَخُّصِ فِي بيع

الْجَمِيعِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَصْبَغُ يَجُوزُ الِاشْتِرَاطُ قَبْلَ الْإِزْهَاءِ فِي الثُّلُثِ إِذَا كَانَت تطيب قبل مُدَّة الْكِرَاء لَيْلًا تَكُونَ صَفْقَةً مُسْتَقِلَّةً وَإِلَّا فَلَا وَالْقِيمَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ إِنَّمَا هِيَ إِذَا كَانَ الثَّمَنُ لَمْ يَخْلُقْ أَمَّا الْمَأْبُورُ فَيُقَوَّمُ يَوْمَ عَقْدِ الْكِرَاءِ إِذَا طَابَتْ مِنْ إِسْقَاطِ الْمُؤْنَةِ وَجَازَ هَذَا لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنِ الْمُشْتَرِي بِدُخُولِ الْآخَرِ عَلَيْهِ لِلْإِصْلَاحِ كَمَا فِي الْعَرِيَّةِ فَإِنْ أَكْرَى الدَّارَ سِنِينَ وَالثَّمَرَة فِي بَعْضهَا تبع وَفِي تعضها لَيْسَتْ تَبَعًا امْتَنَعَ وَلَوِ اكْتَرَى دُورًا فِي عَقْدٍ اعْتُبِرَتْ كُلُّ دَارٍ عَلَى حِيَالِهَا فَلَوْ كَانَ الْمَجْمُوعُ تَبَعًا وَفِي الْمَجْمُوعِ مَا هُوَ غَيْرُ تَبَعٍ امْتَنَعَ لِلْخُرُوجِ عَنْ سُنَّةِ الْعَرِيَّةِ لِعَدَمِ الْعِلَّةِ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ فِي نَظَائِرِهِ مَنِ اكْتَرَى دَارًا فِيهَا شَجَرَةٌ طَابَتْ فَذَلِكَ جَائِزٌ قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ أَوْ لَمْ تَطِبْ جَازَ بِأَرْبَعَةِ شُرُوطٍ أَنْ تَكُونَ ثُلُثَ الْكِرَاءِ فَأَقل وَأَن يشْتَرط جُمْلَتهَا نفيا للغرر وَأَنْ يَكُونَ طِيبُهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ حَتَّى لَا تكون مستغلة وَأَنْ يَكُونَ الْقَصْدُ بِاشْتِرَاطِهَا رَفْعُ الضَّرَرِ فِي التَّصَرُّفِ عَلَيْهِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ اشْتِرَاطُ الزَّرْعِ الْقَلِيلِ إِذَا لَمْ يَطِبْ وَلَمْ يَبْلُغِ الثُّلُثَ لِقِلَّةِ الضَّرَرِ فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا أَكْرَى دَارًا سَنَةً وَاشْتَرَطَ نَخْلَةً دُونَ الثُّلُث قَالَ يحيى ابْن عُمَرَ إِذَا انْهَدَمَتْ فِي نِصْفِ السَّنَةِ وَقَدْ طَابَتِ الثَّمَرَةُ وَقِيمَتُهَا يَوْمَئِذٍ مِنْ قِيمَةِ مَا سكن الثُّلُث أدنى فَهِيَ لَهُ أَوْ أَكْثَرُ فَلِرَبِّ الدَّارِ وَفَسَدَ فِيهَا البيع

وَإِن وجدهَا رُطَبًا رَدَّ قِيمَتَهَا أَوْ تَمْرًا رَدَّ مِثْلَهَا وَإِنِ انْهَدَمَتْ قَبْلَ الطِّيبِ فَلِرَبِّهَا كَانَتْ تَبَعًا أَمْ لَا تَبَعًا لِلدَّارِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَرُدُّهَا بحصتها وَإِن طَالَتْ تَبَعًا لِلدَّارِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَوِ اسْتَحَقَّتِ الدَّارُ مَوْضِعَ الشَّجَرَةِ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ رَجَعَتِ الثَّمَرَةُ لِلْمُكْتَرِي طَابَتْ أَمْ لَا وَكَذَلِكَ الزَّرْعُ بِمَا يَنُوبُهُ مِنَ الثَّمَنِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ اشْتِرَاطُ التَّرْمِيمِ مِنَ الْكِرَاءِ وَيَمْتَنِعُ مَا زَادَ عَلَى الْكِرَاءِ مِنْ عِنْدِهِ لِأَنَّهُ شَرْطُ سَلَفٍ فِي الْإِجَارَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنَّمَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ كَنْسِ الْمِرْحَاضِ وَالتُّرَابِ وَغَيْرِهِمَا فِيمَا يكون بعد العقد لِأَنَّهُ أَمر مَعْرُوف وأماما هُوَ عِنْدَ الْعَقْدِ فَلَا لِعَدَمِ الْعَادَةِ فِيهِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ عَلَى رَبِّ الدَّارِ كَنْسُ الْمِرْحَاضِ وَإِصْلَاحُ الْوَاهِي حَتَّى يَتَمَكَّنَ مِنَ الْمَنْفَعَةِ وَإِنِ اخْتَلَفْتُمَا فِي قُدُورِ الْحَمَّامِ فَلَكَ كَالْبُنْيَانِ وَيَمْتَنِعُ اشْتِرَاطُهُ عَلَيْهِ إِصْلَاحَ الْبُيُوتِ كُلَّمَا احْتَاجَتْ إِلَيْهِ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ وَقَعَ فِي الْكِتَابِ اشْتِرَاطُ كَنْسِ الْمَرَاحِيضِ عَلَى الْمَالِكِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ عَلَيْهِ فِعْلُ ذَلِكَ فَإِذَا كَانَ عَلَيْهِ: فَكَيْفَ يَحْتَاجُ لِلشَّرْطِ؟ قِيلَ: ذَلِكَ اخْتِلَافٌ مِنْ قَوْلِهِ فِي أَنَّ مَا حَدَثَ بَعْدَ الْعَقْدِ هَلْ يَكُونُ عَلَى الْمَالِكِ لِلتَّمْكِينِ مِنَ الْمَنْفَعَةِ أَوْ عَلَى السَّاكِنِ لِأَنَّهُ أَحْدَثَهُ وَقِيلَ: لَيْسَ بِخِلَافٍ بَلِ الشَّرْطُ فِيمَا حَدَثَ بعد العقد لِأَنَّهُ على السَّاكِن الَّذِي عَلَيْهِ: مَا كَانَ قَبْلَ الْعَقْدِ قَالَ: وَالْأَشْبَهُ أَنَّ الْحَادِثَ عَلَى السَّاكِنِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عُرْفٌ كَمَا فِي الْفَنَادِقِ وَقَوْلُهُ: عَلَيْهِ إِصْلَاحُ الْوَاهِي مَعْنَاهُ: لَا يُجْبَرُ بَلْ إِنْ أَصْلَحَ وَإِلَّا فَسَخَ وَقِيلَ: يُجْبَرُ تَوْفِيَةً

بِالْعَقْدِ وَقَالَ: سَحْنُونٌ: يُجْبَرُ عَلَى الْقَلِيلِ دُونَ الْكَثِيرِ وَبِالْأَوَّلِ قَالَ (ش) وَ (ح) وَقَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: كُنَاسَةُ الدَّارِ وَالْمِرْحَاضِ عَلَى السَّاكِنِ إِذَا لَمْ يُشْتَرَطْ لِأَنَّهُ مِنْ فِعْلِهِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَمُطَرِّفٌ يُحْمَلُ فِي ذَلِكَ عَلَى الْعَادَةِ وَبِالْأَوَّلِ قَالَ الْأَئِمَّةُ فرع فِي الْكتاب: إِذا أكرى بَيْتًا شَهْرًا عَلَى أَنَّهُ إِنْ سَكَنَ يَوْمًا لَزِمَهُ الْكِرَاءُ جَازَ إِنْ كَانَ يَسْكُنُ بَقِيَّةَ الشَّهْرِ وَإِلَّا امْتَنَعَ لِلْغَرَرِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا اكْتَرَى فِي رَأْسِ الْهِلَالِ كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا فَكَانَ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ فَلَهُ كِرَاؤُهُ كَامِلًا لِأَنَّهُ شهر فِي الْكِتَابِ: إِذَا اكْتَرَيْتَ كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا: فَلَهُ إِخْرَاجُكَ مَتَى شَاءَ وَيَلْزَمُكَ فِيمَا سَكَنْتَ حِصَّتُهُ مِنَ الْكِرَاءِ وَكِرَاءُ سَنَةٍ بِعَيْنِهَا لَيْسَ لِأَحَدِكُمَا الْفَسْخُ إِلَّا بِرِضَا الْآخَرِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ فِي خَمْسِ صُوَرٍ اتِّفَاقًا: هَذِهِ السَّنَةُ أَوْ سَنَةُ كَذَا وَيُسَمِّي عَدَدًا أَوْ إِلَى شَهْرِ كَذَا أَوْ بَعْدَهُ فِي شَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ وَضَابِطُ الْجَمِيعِ: التَّعْيِينُ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ وَاخْتُلِفَ فِي ثَلَاثٍ أَكْرِي مِنْكَ سَنَةً بِدِرْهَمٍ فَأَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّ ظَاهِرَ الْكِتَابِ عَلَى أَنَّهَا مِثْلُ هَذِهِ السَّنَةِ وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ: لَهُ إِخْرَاجُكَ مَتَى شَاءَ لِعَدَمِ التَّعْيِينِ وَكُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ فَقِيلَ: يَلْزَمُ لِلسَّنَةِ الْأُولَى خِلَافُ مَا فِي الْكِتَابِ وَأَكْرَيْتُكَ السَّنَةَ بِدِرْهَمٍ قِيلَ: مَذْهَبُ الْكِتَابِ هُوَ مِثْلُ: كُلَّ سَنَةٍ بِدِرْهَمٍ فَلَا يَلْزَمُ شَيْءٌ وَقِيلَ: أَوَّلَ السَّنَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا لَا يلْزم مِنْهُ شَيْء لِأَنَّهُ لم يُلزم شَيْئا إِلَّا يَنْقُدُ كِرَاءَ شَهْرٍ فَيَلْزَمُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يَلْزَمُهُ شَهْرٌ وَمَا زَادَ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ

مِنْهُمَا التَّرْكُ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ عَدَمَ التَّرْكِ أَوْ يَنْقُدَ جُمْلَةَ الْكِرَاءِ فَيَلْزَمُ جُمْلَةَ الْمَدَّةِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ إِذَا قَالَ: أَوَّلَ شَهْرٍ: أَجَرْتُكَ هَذَا الشَّهْرَ: لَا يُزَادُ عَلَيْهِ إِنْ نَقَصَ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ لِتَعْيِينِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ أَوْ فِي وَسَطِهِ: تَكْمِلُهُ ثَلَاثِينَ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ: إِذَا تَعَارَضَتِ الْإِشَارَةُ وَالْعَادَةُ قُدمت الْعَادَةُ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ وَكَذَلِكَ السّنة وَهُوَ وَقَول ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِلَيْهِ رَجَعَ مَالِكٌ فِي إِلْغَاءِ بَعْضِ الْيَوْمِ فِي الْعَدَدِ وَالْأَيْمَانِ وَيَتَخَرَّجُ الْكِرَاءُ عَلَى ذَلِكَ وَإِذَا اتَّفَقَا عَلَى الْكِرَاءِ دُونَ إِيجَابِ مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ نَحْوِ: أَكْرِي مِنْكَ هَذَا الشَّهْرَ بِكَذَا أَوِ السَّنَةَ بِكَذَا أَوْ كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا أَوْ كُلَّ سَنَةٍ بِكَذَا لَهُ أَنْ يُخْرِجَهُ مَتَى شَاءَ وَقِيلَ: يَلْزَمُ الشَّهْرُ الْأَوَّلُ لِمَالِكٍ وَالْأَوَّلُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَعَنْ مَالِكٍ: يَلْزَمُ الشَّهْرُ الَّذِي سَكَنَ بَعْضَهُ وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ الْأَقْوَالُ فِي السَّنَةِ قُلْتُ: انْظُرْ كَيْفَ سَوَّى بَيْنَ: هَذَا الشَّهْرِ وَبَيْنَ كُلِّ شَهْرٍ بِكَذَا مَعَ أَنَّ هَذَا الشَّهْرَ مُقْتَضَاهُ: إِيجَابُ مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا مَاتَ بَعْدَ الْعَقْدِ لَزِمَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَالَهُ (ش) وَأَحْمَدُ قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ وَقَالَ (ح) : يَنْفَسِخُ لِتَعَذُّرِ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ مِنَ الْمَيِّتِ وَانْتِقَالِ الْمَنَافِعِ لِلْوَرَثَةِ وَهُمْ لَمْ يُؤَجِّرُوا وَقِيَاسًا عَلَى النِّكَاحِ يَنْقَطِعُ بِالْمَوْتِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّ الْوَارِثَ مَا يَنْتَقِلُ إِلَيْهِ إِلَّا مَا لَمْ يَنْتَقِلْ عَنْ مِلْكِ الْمَوْرُوثِ وَهَذِهِ الْمَنَافِعُ انْتَقَلَتْ قَبْلَ الْمَوْتِ وَعَنِ الثَّانِي: أَنَّ النِّكَاحَ لَوْ بَقِيَ بَعْدَ الْمَوْت أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لَعَظُمَ الضَّرَرُ بِالِامْتِنَاعِ مِنَ الزَّوْجِ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ مُجَرَّدَةً وَلَوْ لَمْ يَبْقَ لِلْوَارِثِ حَقٌّ الْبَتَّةَ إِلَى أَبَدِ الدَّهْرِ لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ كَمَا فِي وَقْفِ الدَّارِ أَمَدَ الدَّهْرِ إِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ قَالَ: (لِلْوَارِثِ بَيْعُهَا لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِلرَّقَبَةِ وَلَكَ سُكْنَاكَ عَمَلًا

بِمُوجَبِ الْعَقْدِ وَإِنْ مَاتَ فَالْكِرَاءُ فِي التَّرِكَةِ) قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا مَاتَ الْمُكْرِي لَمْ يَحِلَّ الْكِرَاءُ بِخِلَافِ الْمُكْتَرِي لِخَرَابِ ذِمَّتِهِ بِالْمَوْتِ فَرْعٌ فِي الْكتاب: إِذا اكتريت سِنِين وَلنْ تُسم مَتَّى تَسْكُنُ: سَكَنْتَ مَتَى شِئْتَ مَا لَمْ يَضُرَّ رَبَّ الدَّارِ وَقَالَهُ أَحْمَدُ قِيَاسًا عَلَى: بِعْتُكَ عَبْدًا مِنْ عَبِيدِي وَصِيعَانًا مِنْ صُبرتي مَعْدُودَة وَقَالَ (ش) وَ (ح) : يَحْمِلُ مَا يَلِي الْعَقْدَ لِأَنَّهُ الْمُعْتَادُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ كَقَوْلِهِمَا فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا اكْتَرَيْتَهَا سَنَةً بَعْدَ مُضِيِّ أَيَّامٍ مِنَ الشَّهْرِ حَسَبْتَ أَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا بِالْأَهِلَّةِ وَكَمَّلْتَ الْأَوَّلَ ثَلَاثِينَ بَعْدَ ذَلِكَ كَالْعَدَدِ وَصَوْمِ النَّذْرِ وَالْأَيْمَانِ وَقَالَهُ (ش) وَأَحْمَدُ وَقَالَ (ح) : إِنِ اسْتَأْجَرَ أَوَّلَ الشَّهْرِ حَسَبَ الْجَمِيعِ بِالْأَهِلَّةِ أَوْ فِي بَعْضِ الشَّهْرِ حَسَبْتَ ثَلَاثِمِائَةً وَسِتِّينَ يَوْمًا لِأَنَّ الْأَوَّلَ يُكَمِّلُ ثَلَاثِينَ فَيَكُونُ الثَّانِي نَاقِصًا فَيُكَمَّلُ فَيَلْزَمُ تَكْمِيلُ الْجَمِيعِ وَجَوَابُهُ: قَوْله تَعَالَى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} فَنَصُّ الشَّرْعِ عَلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْأَهِلَّةُ أَجْمَعْنَا عَلَى مُخَالَفَةِ النَّصِّ فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ لِعَدَمِ انْضِبَاطِ النَّقْصِ فِيمَا قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ فَيَبْقَى فِيمَا عَدَاهُ عَلَى مُقْتَضَى النَّصِّ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا اكْتَرَيْتَهَا ثَلَاثَ سِنِينَ فَمَنَعَكَ من السُّكْنَى سنة

فَخَاصَمته يقْضى لَك بِسنتَيْنِ وَعَلَيْكَ أُجْرَتُهُمَا فَقَطْ كَالْعَبْدِ يَمْرَضُ أَوْ يَأْبَقُ فَلَوْ بَقِيَ فِي بَعْضِهَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا وَأَنْتَ فِي بَعْضِهَا لَزِمَكَ مِنَ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ مَا سَكَنْتَ وَقَالَهُ (ح) لِأَنَّ هَذِهِ فِي حكم الْعُقُود المنفرقة يَتَجَدَّدُ الْعَقْدُ عِنْدَ تَجَدُّدِ الْمَنَافِعِ وَقَالَ (ش) : فَوَاتُ بَعْضِ الْمَنْفَعَةِ يُوجِبُ الْفَسْخَ لِأَنَّهُ تَفْرِيقٌ لِلصَّفْقَةِ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: قِيلَ: يَنْبَغِي إِذَا غَابَ رَبُّ الدَّارِ وَمَنَعَكَ مِنْ قَبْضِهَا لَكَ تغريمك كِرَاء مثل الدَّار تِلْكَ السّنة الَّتِي حسبها لِوُجُوبِهَا لَكَ بِالْعَقْدِ فَهُوَ كَالتَّعَدِّي عَلَيْهَا فَرْعٌ فِي الْكتاب: لَك كِرَاء الدَّار والحانوت والحانوت من مثلك إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَضَرَّ بِالْبُنْيَانِ وَقَالَهُ (ش) وَأَحْمَدُ وَقَالَ (ح) : لَا تَجُوزُ إِجَارَةُ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ إِلَّا بِمِثْلِ الْأُجْرَةِ وَتَمْتَنِعُ بِأَكْثَرَ (لِنَهْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ رِبْحِ مَا لَمْ يُضمن) وَالْمَنْفَعَةُ لَيْسَتْ فِي ضَمَانِهِ وَجَوَابُهُ: الْقِيَاسُ عَلَى بَيْعِ الْعُرُوضِ قَبْلَ قَبْضِهَا فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا اكْتَرَيْتَ دَارًا سَنَةً بِاثْنَيْ عَشَرَ دِينَارًا فَعَجَّلْتَ دِينَارًا وَسَكَنْتَ شَهْرًا فَطَلَبَ كِرَاءَهُ وَتَأْخِيرَ الدِّينَارِ إِلَى آخِرِ السَّنَةِ وَطَلَبْتَ تَعْجِيلَهُ: قَالَ مُحَمَّدٌ: يُقَسَّطُ عَلَى شُهُورِ السَّنَةِ عَدْلًا بَيْنَكُمَا وَكَذَلِكَ لَوْ نَقَدْتَ أَكْثَرَ وَلَوْ شَرَطَ أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ثُمَّ اختلفتُما بَعْدَ حُلُولِهَا فَهِيَ لِمَا سَكَنْتَ وَلَوْ شَرَطَ أَرْبَعَةً أَوَّلَ السّنة وَأَرْبَعَة بعد أَرْبَعَة أشهر فتقدته الْأُولَى ثُمَّ الثَّانِيَةَ ثُمَّ اخْتَلَفْتُمَا: قُسِّمَتِ الْأُولَى عَلَى السَّنَةِ ثُمَّ يَتِمُّ مِنَ الثَّانِيَةِ كِرَاءُ الأَرْبَعَةِ أَشْهُرِ الْمَاضِيَةِ

وَهِيَ ثَلَاثَةٌ إِلَّا ثُلُثًا وَيَبْقَى دِينَارٌ وَثُلُثٌ يُقَسَّمُ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَشْهُرِ الْبَاقِيَةِ فَيَقَعُ لِكُلِّ شَهْرٍ سُدُسٌ مَعَ ثُلُثٍ مُتَقَدِّمٍ فَذَلِكَ نِصْفٌ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَيُؤَدِّي فِي كُلِّ شَهْرٍ نِصْفَ دِينَارٍ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: مَنْ أَكْرَى دَارًا فَلَهُ وَضْعُ مَا شَاءَ فِيهَا مِنَ أَكْرَى دَارًا فَلَهُ وَضْعُ مَا شَاءَ فِيهَا مِنَ الْأَمْتِعَةِ وَالْأَرْحِيَةِ وَغَيْرِهِمَا مَا لَمْ يَكُنْ ضَرَرًا عَلَى الدَّارِ وَلَهُ كِرَاؤُهَا لِمِثْلِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مَلَكَ مَنْفَعَتَهَا فَلَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا ويُملكها لِغَيْرِهِ كَالْمَبِيعِ مِنَ الْأَعْيَانِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ قَالَ ابْن يُونُس: إِن اشْترط ان لَا يَسْكُنَ مَعَهُ غَيْرُهُ فَتَزَوَّجَ فَلَهُ مَنْعُهُ إِنْ أَضَرَّ وَإِلَّا فَلَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا الشَّرْطِ وَبَين أَن يشْتَرط عَلَيْهِ فِي البيع أَن لَا يَبِيعَ وَلَا يَهَبَ أَنَّهُ يَفْسُدُ الْبَيْعُ لِأَنَّهُ يَشْتَرِطُ ذَلِكَ خَشْيَةَ أَنْ يَمْلِكَهَا عَدُوُّهُ فَهُوَ مُنَاقِضٌ لِلْعَقْدِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ وَهَاهُنَا قَدْ تَضْعُفُ الْبِنْيَةُ أَوِ الْخَشَبُ عَنِ الْكَثْرَةِ وَإِنْ أَكْرَيْتَ مِنْهُ فَإِذَا هُوَ حَدَّادٌ فَكَرِهْتَ ذَلِكَ لَيْلًا يُقَذِّرَ الْحَانُوتُ فَلَكَ مَنْعُهُ لِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ بِالْبُنْيَانِ فَرْعٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: قَالَ ابْنُ الْقسم إِذا أكراها فَسَكَنَ شَهْرًا ثُمَّ انْهَدَمَتْ فَبَنَاهَا بِمَا عَلَيْهِ مِنَ الْكِرَاءِ ثُمَّ قَدِمَ صَاحِبُهَا بَعْدَ السَّنَةِ فَلَهُ كِرَاءُ مَا سَكَنَ قَبْلَ الْهَدْمِ وَكِرَاءُ العصة بعد الْهدم ويتقض الْمُكْتَرِي بِنَاءَهُ إِلَّا أَنْ يُعْطِيَهُ قِيمَتَهُ مَنْقُوضًا إِذَا بَنَاهَا بِنَقْضٍ مِنْ عِنْدِهِ عَلَى مِلْكِهِ وَلَوْ بَنَاهَا عَلَى مِلْكِ رَبِّهَا: خُيّر بَيْنَ الرِّضَا وَيُعْطِيهِ مَا أَنْفَقَ (وَيَكُونُ عَلَيْهِ قِيمَةُ الْكِرَاءِ عَلَى أَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ وَبَيْنَ إِعْطَائِهِ قِيمَتَهُ منقوضاً بعد انْقِضَاء الْكِرَاء) وَيكون لَهُ قِيمَةُ الْقَاعَةِ وَإِنْ بَنَاهَا بِنَقْضِهَا

فَلِرَبِّهَا أَخْذُ قِيمَةِ كِرَائِهَا قَدِيمَةً وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِلثَّانِي لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَخَذَ الْبِنَاءَ وَلَا قِيمَةَ لَهُ بَعْدَ النَّقْضِ قَالَ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ الْكِرَاءَ لَمَّا كَانَ مُتَوَقِّفًا عَلَى هَذَا التَّلْفِيقِ كَانَ كَالسَّقْيِ وَالْعِلَاجِ وَفِيهِ خِلَافٌ وَلَوْ زَادَ فِي الدَّارِ بِنَاءً مِنْ غَيْرِ هدم يُغير إِذْنِ رَبِّهَا: لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ كِرَاءُ مَا زَادَ لِعَدَمِ تَنَاوُلِ الْعَقْدِ إِيَّاهُ فَإِذَا انْقَضَى الْأَجَلُ خُير رَبُّهَا بَيْنَ إِعْطَائِهِ قِيمَتَهُ مَنْقُوضًا أَوْ يَأْمُرُهُ بِقَلْعِهِ فَإِنْ بَنَاهُ بِإِذْنِهِ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يُعْطِيهِ قِيمَتَهُ مَنْقُوضًا وَعَنْ مَالِكٍ: لَا يَأْخُذُهُ إِلَّا بِقِيمَتِهِ قَائِمًا لِأَجْلِ الْإِذْنِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ إِنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْبِنَاءِ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ الْأَجَلِ: لَا حَاجَةَ لِي فِي ذَلِكَ: لَهُ الْإِقَامَةُ حَتَّى يُعْطِيَهُ ذَلِكَ فَإِنْ بَنَى فِي إِجَارَةٍ فَاسِدَةٍ بِإِذْنِهِ: فَعَلَيْهِ كِرَاءُ مِثْلِ الدَّارِ عَلَى حَالِهَا عِنْدَ الْعَقْدِ عَلَى أَنْ يَبْنِيَ ذَلِكَ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا ظَهَرَ مِنَ الْمُكْتَرِي دَعَارَةٌ وَشُرْبُ خَمْرٍ: لَمْ يُنْقَضِ الْكِرَاءُ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ وَيَمْنَعُهُ الْإِمَامُ لِنَفْيِ الضَّرَرِ وَإِنْ رَأَى إِخْرَاجَهُ وَكَرَاهَا عَلَيْهِ فَعَلَ قَالَ ابْنُ يُونُس: وَقَالَ مَالِكٌ: ذَلِكَ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فِي دَارِ نَفْسِهِ يُعَاقِبُهُ الْإِمَامُ فَإِنْ لَمْ يَمْتَنِعْ بَاعَهَا عَلَيْهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: أَرَى إِخْرَاجَهُ إِنْ لَمْ يَنْتَهِ وَإِنْ لَمْ يَسْكُنْ حَتَّى خَرَجَ الشَّهْرُ الَّذِي اكْتَرَاهُ لَمْ يَسْقُطِ الْكِرَاءُ عَنْهُ لِأَنَّهُ فَوَّتَ عَلَى نَفْسِهِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: اثْنَانِ اكْتَرَيَا حَانُوتًا أَوْ بَيْتًا فَتَنَازَعَا أَيُّهُمَا يَكُونُ فِي مقدمه

وَلم يبين ذَلِك فِي الْكِرَاء: قسم بيعهَا إِنِ انْقَسَمَ وَإِلَّا أَكْرَى عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُ ضَرَرٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: أَرَى إِنْ كَانَا حَائِكًا وَخَيَّاطًا وَالْعَادَةُ: أَنَّ الْحَائِكَ دَاخِلَهُ وَالْخَيَّاطَ خَارِجَهُ قُضِيَ بِذَلِكَ فَرْعٌ فِي النَّوَادِرِ: اسْتَأْجَرَهُ لِيَأْتِيَهُ بِعَبْدِهِ الْآبِقِ مِنْ بَلَدٍ بِعَيْنِهِ فَخَالَفَهُ الْعَبْدُ فِي الطَّرِيقِ لِسَيِّدِهِ قَبْلَ بُلُوغِهِ الْبَلَدَ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَهُ الْأُجْرَةُ وَيُرْسِلَهُ فِي مِثْلِ مَا مَضَى فِيهِ مِنَ الطَّرِيقِ _ (وَلَوْ وَجَدَهُ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ فِي مِثْلِ مَا بَقِيَ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ عِقْدٌ لَازِمٌ وَوَظِيفُةُ سَعْيِّ الطَّرِيقِ) فَرْعٌ قَالَ: إِذَا دَفَعَ الصَّانِعُ لِصَانِعٍ آخَرَ: فَلَكَ أَخْذُ سِلْعَتِكَ بِغَيْرِ أَجْرِ الثَّانِي لِأَنَّكَ إِنَّمَا عَامَلْتَ الْأَوَّلَ وَيُتَّبَعُ الْأَوَّلُ وَيَتَّبِعُ الثَّانِي الْأَوَّلَ بِأَجْرِهِ فَرْعٌ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ: إِذَا سَكَنَ بَعْضَ السَّنَةِ فَقَالَ لَهُ: اتْرُكْ لِي بَقِيَّتَهَا وَأُعَوِّضُكَ سُكنى مَكَانَهَا: يَمْتَنِعُ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ تَخْتَلِفُ فِي الْأَوْقَاتِ فَرْعٌ اعْتَزَلَ أَبُو يُوسُفَ حَلَقَةَ أَبِي حَنِيفَةَ لِإِقْرَاءِ النَّاسِ فَكَرِهَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ وَبعث إِلَيْهِ رجلا قَالَ لَهُ: قُلْ لَهُ: مَا تَقُولُ فِي قَصَّارٍ جَحَدَ الثَّوْبَ الْمُسْتَأْجَرَ عَلَى قِصَارَتِهِ ثُمَّ اعْتَرَفَ وَدَفَعَهُ مَقْصُورًا هَلْ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ أَمْ لَا؟ فَإِن قَالَ

لَكَ: يَسْتَحِقُّ فَقُلْ: أَخْطَأْتَ وَإِنْ قَالَ لَكَ: لَا يَسْتَحِقُّ فَقُلْ لَهُ: أَخْطَأْتَ فَسَأَلَهُ فَقَالَ لَهُ: يسْتَحق فقله لَهُ: أَخْطَأْتَ فَسَكَتَ سَاعَةً وَقَالَ لَا يَسْتَحِقُّ فَقَالَ لَهُ: أَخْطَأْتَ فَذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ إِلَى أبي حنيفَة فَقَالَ لَهُ: لَعَلَّك جائتك مَسْأَلَةُ الْقَصَّارِ فَقَالَ لَهُ: نَعَم: فَقَالَ لَهُ: يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَفْصِلَ فَتَقُولَ: إِنْ قَصَّرَهُ بَعْدَ الْجَحْدِ لَا يَسْتَحِقُّ لِأَنَّهُ قَصَّرَ لِنَفْسِهِ أَوْ قَبْلَ الْجَحَدِ اسْتَحَقَّ لِأَنَّهُ قَصَّرَ لِرَبِّهِ وَقَالَهُ (ش) وَمُقْتَضَى أُصُولِنَا: أَنَّ لَهُ الْأُجْرَةَ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْغَاصِبَ عِنْدَنَا إِذَا صَبَغَ الثَّوْبَ أَوْ فَعَلَ مَا يَزِيدُ الْعَيْنَ خُير رَبُّهَا بَيْنَ أَخْذِ الْقِيمَةِ أَوِ الثَّوْبِ وَيُعْطَى قِيمَةَ مَا زَادَ مِنَ الصَّنْعَةِ وَهَاهُنَا الصَّنْعَةُ مَأْذُونٌ فِيهَا بِالْعَقْدِ فَلَهُ الْأُجْرَةُ قَالَ: إِذَا أَخْطَأَ الدَّلِيلُ الطَّرِيقَ: لَهُ الْأُجْرَةُ لِأَنَّ عَلَيْهِ اجْتِهَادَهُ وَقَدِ اجْتَهَدَ إِنْ كَانَ عَالِمًا وَإِلَّا فَلَا أَجْرَ لَهُ لِتَغْرِيرِهِ بِغَيْرِهِ تَنْبِيهٌ غَرِيبٌ: إِذَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَى حَفْرِ بِئْرٍ عَشَرَةً فِي عَشَرَةٍ فَحَفَرَ خَمْسَةً فِي خَمْسَةٍ اسْتَحَقَّ ثَمَنَ الْأُجْرَةِ وَيَظْهَرُ فِي بَادِئِ الرَّأْيِ لِمَنْ لَا يُحْسِنُ الْفِقْهَ وَالْحِسَابَ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ نِصْفَ الْأُجْرَةِ لِأَنَّ الْخَمْسَةَ نِصْفُ الْعَشَرَةِ وَلَوِ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى عَمَلِ صُنْدُوقٍ عَشَرَةً فِي عَشَرَةٍ فَعَمِلَ خَمْسَةً فِي خَمْسَةٍ اسْتَحَقَّ رُبُعَ الْأُجْرَةِ وَفِقْهُ الْمَسْأَلَتَيْنِ: أَنَّ الْبِئْرَ كُلَّ مَا نَزَلَ فِيهِ ذِرَاعًا فَقَدَ شَالَ مِنَ التُّرَابِ بِسَاطًا مِسَاحَتُهُ عَشَرَةٌ فِي عَشْرَةٍ وَذَلِكَ مِائَةٌ فَكُلُّ ذِرَاعٍ يَنْزِلُهُ فِي الْبِئْرِ حِينَئِذٍ مِائَةٌ وَالْأَذْرُعُ عَشَرَةٌ وَعَشَرَةٌ فِي مِائَةٍ بِأَلْفِ ذِرَاعٍ فَالْمُسْتَأْجَرُ عَلَيْهِ أَلْفُ ذِرَاعٍ فَلَمَّا حفر خَمْسَةٍ شَالَ فِي الذِّرَاعِ الْأَوَّلِ بِسَاطَ تُرَابٍ خَمْسَةً فِي خَمْسَةٍ وَذَلِكَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فَكُلُّ ذِرَاعٍ مِنْ هَذَا الْمَعْمُولِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَالْأَذْرُعُ الْمَعْمُولَةُ خَمْسَةٌ وَخَمْسَةٌ فِي خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ بِمِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ فَيَكُونُ

مَجْمُوعُ الْمَعْمُولِ ذَلِكَ وَنِسْبَتُهُ إِلَى أَلْفٍ نِسْبَةَ الثَّمَنِ فَيَسْتَحِقُّ ثَمَنَ الْأُجْرَةِ وَأَمَّا الصُّنْدُوقُ: فَلَيْسَ يُنْقَرُ وَإِلَّا اسْتَوَتِ الْمَسْأَلَتَانِ بَلِ أَلْوَاحٌ يُلَفِّقُهَا فَهُوَ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى سِتَّةِ أَلْوَاحٍ كُلٌّ مِنْهَا عَشَرَةٌ وَذَلِكَ دَائِرُهُ أَرْبَعَةٌ وَقَعْرُهُ وَغِطَاؤُهُ اثْنَانِ فَكُلُّ لَوْحٍ عَشَرَةٌ فِي عَشَرَةٍ مِائَةٌ فَالْأَلْوَاحُ سِتُّمِائَةٍ عَمِلَ سِتَّةَ أَلْوَاحٍ كُلُّ لَوْحٍ خَمْسَةٌ فِي خَمْسَةٍ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ فَجَمِيعُهَا مِائَةٌ وَخَمْسُونَ رُبُعُ السِّتِّمِائَةِ فَاسْتَحَقَّ الرُّبْعَ مِنَ الْأُجْرَةِ وَهَاتَانِ الْمَسْأَلَتَانِ مِنْ أَنْوَاعِ مَا يُلْقَى فِي الْمُطَارَحَاتِ عَلَى الْفُقَهَاءِ وَكَمْ يَخْفَى عَلَى الْفُقَهَاءِ وَالْحُكَّامِ الْحَقُّ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْمَسَائِلِ بِسَبَبِ الْجَهْلِ بِالْحِسَابِ والطب والهندسة فَيَنْبَغِي لِذَوي الْهم الْعَلِيَّةِ أَنْ لَا يَتْرُكُوا الِاطِّلَاعَ عَلَى الْعُلُومِ مَا أَمْكَنَهُمْ ذَلِكَ (فَلَمْ أرَ فِي عُيُوبِ النَّاسِ عَيْبًا ... كَنَقْصِ الْقَادِرِينَ عَلَى التَّمَامِ) الْفَصْل الثَّانِي فِي الضَّمَان وَفِي الْجَوَاهِرِ: يَدُ الْمُسْتَأْجِرِ يَدُ أَمَانَةٍ عَلَى الْمَعْرُوفِ مِنَ الْمَذْهَبِ لِأَجْلِ الْإِذْنِ فِي الْمُبَاشَرَةِ كَالْوَكِيلِ وَالْمُودِعِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَقِيلَ: ضَامِنٌ كَالْقَابِضِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَأَمَّا يَدُ الْأَجِيرِ عَلَى سِلْعَةٍ يُؤَثِّرُ فِيهَا كَالْخَيَّاطِ وَنَحْوِهِ فَيَدُهُ يَدُ (ضَمَانِ عَمَلٍ فِي بَيْتِهِ أَوْ حَانُوتِهِ بِأَجْرٍ أَوْ بِغَيْرِ أَجْرٍ يُلَقَّبُ بِصَنْعَتِهِ أَمْ لَا إِنِ انْتَصَبَ لِلصَّنْعَةِ وَإِلَّا فَيَدُهُ يَدُ) أَمَانَةٍ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ: لَا يَضْمَنُ إِلَّا مَا أَهْلَكَ بِفِعْلِهِ مِنَ الدَّقِّ فِي

القصارة وَغَيره من حرفاته لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ) وَلِأَنَّهُ قَبْضٌ لِمَنْفَعَةِ الْغَيْرِ فَلَا يَضْمَنُ كَالْمُودِعِ وَالْوَكِيلِ وَالْمُسَاقِي وَالْمُقَارِضِ وَالْجَوَابُ عَن الأول: الْمُعَارضَة بقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تَرُدَّهُ) وَعَنِ الثَّانِي: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ بِحَقِّ نَفسه بل لمستحق الْأُجْرَةِ فَوَجَبَ أَنْ يَضْمَنَ كَالْقَرْضِ سَلَّمْنَا صِحَّةَ الْقِيَاسِ لَكَنَّ الْمُودِعَ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي الْعَيْنِ تَأْثِيرا يُوجب التُّخمَة عَلَى أَخْذٍ بِسَبَبِ التَّغْيِيرِ وَهُوَ الْفَرْقُ فِي الْوَكِيلِ وَأَمَّا السَّاقِي: فَكَذَلِكَ أَيْضًا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى هُوَ مُنْمِي الثِّمَارِ وَأَمَّا الْمُقَارِضُ فَلَوْ ضَمِنَ مَعَ أَنَّ الْمَالَ بِصَدَدِ الذَّهَابِ وَالْخَسَارَةِ فِي الْأَسْفَارِ لَامْتَنَعَ النَّاسُ مِنْهُ فَتَتَعَطَّلُ مَصْلَحَتُهُ بِخِلَافِ السِّلَعِ عِنْدَ الصُّنَّاعِ فَظَهَرَ الْفَرْقُ ثُمَّ يَتَأَكَّدُ مَا ذَكَرْنَاهُ أَنَّ الْخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَضَوْا بِتَضْمِينِهِمْ وَإِنْ لَمْ يَتَعَدُّوا وَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ (عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مِنْ بَعْدِي) وَلِأَنَّهُ مِنَ الْمَصَالِحِ فَوَجَبَ أَن يكون مَشْرُوعا (لنَهْيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الاحتكار وتلتقي الرُّكْبَانِ وَبَيْعِ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي) قَالَ وَكَذَلِكَ لَوْ دعِي

إِلَى بَيْتِ رَبِّ السِّلْعَةِ لِيَعْمَلَ لَهُ فِيهِ أَوْ لَازَمَهُ رَبُّهَا لِنَفْيِ التُّهْمَةِ (لِأَنَّ يَدَهُ يَدُ أَمَانَةٍ) حِينَئِذٍ وَعَلَى هَذَا يَخْتَلِفُ حَالُهُ بِاخْتِلَافِ أَرْبَابِ السِّلَعِ فَيَضْمَنُ لِبَعْضٍ دُونِ بَعْضٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ وَيَضْمَنُونَ وَلَوْ قَلَّ الْعَمَلُ كَوَضْعِ زِرٍّ فِي ثَوْبٍ أَوْ رُقْعَةٍ وَلَوْ كَانَ رَبُّهُ حَاضِرًا لِلْفَسَادِ أَوْ غَائِبًا عَنْهُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ فِي حَوَانِيتِهِمْ وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِ الْجَوَاهِرِ قَالَ وَيَضْمَنُ الْكِمَادَ مَا يَقْطَعُهُ بِحَضْرَتِكَ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ فَإِنْ سَاعَدْتَهُ فِي الْكِمَادِ وَكَانَ الْخَرْقُ مِنْكَ لَمْ يَضْمَنْ أَوْ مِنْهُ ضَمِنَ أَوْ أُشْكِلَ الْأَمْرُ فَهُوَ مِنْكُمَاَ وَيَضْمَنُ الصَّنَّاعُ إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِالْهَلَاكِ مِنْ غَيْرِ سَبَبِهِمْ لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا ضَمِنُوا لِلتُّهَمِ وَضَمَّنَهُمْ أَشْهَبُ وَجَعَلَ أَيْدِيَهُمْ ضَمَانٍ كَالْغَاصِبِ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ فَلَا تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ عِنْدَهُ فَإِنْ شَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ بِفَرَاغِهِ قَبْلَ الْهَلَاكِ ضَمِنَهُ يَوْمَ قَبْضِهِ وَلَيْسَ لِرَبِّهِ إِعْطَاءُ الْأُجْرَةِ وَتَضْمِينُهُ إِيَّاهُ مَعْمُولًا لِأَنَّ عَمَلَهُ لَهُ فَلَا يَضْمَنُهُ فَإِنْ شَهِدَتْ بِفَرَاغِهِ وَهَلَاكِهِ لَمْ يَضْمَنْ وَلَا أَجْرَ لَهُ لِعَدَمِ التَّسْلِيمِ لِلْعَمَلِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَهُ الْأُجْرَةُ لِوَضْعِ الصَّنْعَةِ فِي سِلْعَةِ رَبِّهَا لِأَنَّهُ بَيْعُ مَنَافِعَ وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِهَلَاكِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ لَمْ يَضْمَنْ فَكَذَلِكَ هَاهُنَا قَالَ اللَّخْمِيّ: الَّذِي لَا يتنصب لِلْعَمَلِ يُصدق فِي التَّلَفِ وَالرَّدِّ وَطَرَيَانِ الْعُيُوبِ وَيَسْتَظْهِرُ بِالْيَمِينِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُبْرَزًا فِي عَدَالَتِهِ فَإِنْ حَدَثَ الْعَيْبُ مِنْ سَبَبِ الصَّنْعَةِ فَفِي تَضْمِينِهِ قَوْلَانِ صَوَابُهُمَا: عَدَمُ الضَّمَانِ إِلَّا أَن يعلم أَنه غر من نَفسه أفرَّط وَلِلْمُنْتَصِبِ فِي دَعْوَى التَّلَفِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ: إِنْ غَابَ عَلَيْهِ لَمْ يُصدَّق وَإِنْ دَعَوْتَهُ لِعَمَلٍ عنْدك صدق حصرت عِنْدَ الْعَمَلِ أَوْ غِبْتَ وَإِنْ عَمِلَهُ فِي حَانُوتِهِ بِحَضْرَتِكَ صُدق عِنْدَ مُحَمَّدٍ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ وَقِيلَ لَا لِأَنَّ يَدَهُ يَدُ ضَمَانٍ سَدًّا للذريعة

وَيُخْتَلَفُ فِي الطَّحَّانِ هَلْ يَضْمَنُ قَمْحًا لِأَنَّهُ الْمَقْبُوضُ أَوْ دَقِيقًا لِأَنَّهُ الْمُسْتَأْجَرُ عَلَيْهِ؟ وَفِي الْفَرَّانِ هَلْ مِثْلَ الْعَجِينِ أَوْ قِيمَتَهُ؟ وَالْحَامِلُ للفُرن ضَامِنٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَانِعًا لِأَنَّ حَامِلَ الطَّعَامِ يَضْمَنُ لِسُرْعَةِ الْأَيْدِي إِلَيْهِ فَرْعٌ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ: إِذَا اشْتَرَطَ عَدَمَ الضَّمَانِ: ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: الْمَشْهُورُ: أَنَّهُ لَا يَنْفَعُهُ لِأَنَّهُ خِلَافُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَكَذَلِكَ الْمُرْتَهِنُ وَالْمُسْتَعِيرُ وَقَالَ أَشْهَبُ: يَنْفَعُ لِأَنَّ الْأَصْلَ: اعْتِبَارُ الْعُقُودِ وَلِأَنَّهُ كَانَ قَادِرًا عَلَى عَدَمِ الْتِزَامِهِ وَإِنَّمَا رَضِيَ الْمُسَمّى لِسُقُوطِ الضَّمَانِ وَيَنْفَعُ فِيهِمَا لِأَنَّهُ زِيَادَةُ مَعْرُوفٍ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ لِأَنَّهَا مُكَايَسَةٌ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يُصدق مُسْتَأْجِرُ الْغَنَمِ وَالدَّوَابِّ إِلَى مَكَّةَ ذَاهِبًا وَرَاجِعًا فِي ضَيَاعِهَا فِي الِابْتِدَاءِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ لِأَنَّ تَسْلِيمَ الْعَيْنِ تَسْلِيمُ الْمَنْفَعَةِ وَالْأَصْلُ: بَقَاؤُهَا عِنْدَهُ كَمَا أَنَّ الْأَصْلَ: بَرَاءَتُهُ مِنَ الضَّمَانِ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ عَلَى وَقْتِ الضَّيَاعِ فَلَا أُجْرَةَ لِعَدَمِ الْمَنْفَعَةِ وَإِنْ أَخْبَرَ رُفَقَاءَهُ أَنَّهُ أَخْبَرَهُمْ بِالضَّيَاعِ حَلَفَ وَسَقَطَتِ الْأُجْرَةُ وَقْتَ الضَّيَاعِ لِأَنَّ ذَلِكَ مُرَجِّحٌ لِجِهَتِهِ وَقَالَ غَيْرُهُ: يُصَدَّقُ فِي الضَّيَاعِ وَلَا يَلْزَمُهُ مِنَ الْأُجْرَةِ إِلَّا مَا قَالَ: إِنَّهُ انْتَفَعَ بِهِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ قَاعِدَةٌ: يَقَعُ التَّعَارُضُ فِي الشَّرْع بَين أصلين ظَاهِرين وَأَصْلٍ وَظَاهِرٍ وَدَلِيلَيْنِ وَبَيِّنَتَيْنِ وَيَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ أَيُّهُمَا يُقدم؟ فَالْأَصْلَانِ نَحْوُ: زَكَاةِ الْفِطْرِ عَنِ الْعَبْدِ الَّذِي انْقَطَعَ خَبَرُهُ الْأَصْلُ: بَقَاءُ حَيَاتِهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ

وَالْمَقْتُولِ مَلْفُوفًا فَيُنَازِعُ فِي حَيَاتِهِ قَبْلَ الْجِنَايَةِ: الْأَصْلُ: بَقَاءُ حَيَاتِهِ وَالْأَصْلُ: الْبَرَاءَةُ مِنَ الْقِصَاصِ وَالظَّاهِر: أَن اخْتِلَافَ الزَّوْجَيْنِ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَده ظَاهِرَة فِي الْملك فسوّى الشَّافِعِي وَرَجَّحَهَا بِالْعَادَةِ وَشَهَادَةُ عَدْلَيْنِ مُنْفَرِدَيْنِ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ الظَّاهِرُ: صُدِّقَ الْعَدْلُ وَالظَّاهِرُ: عَدَمُ خَفَاءِ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ مَعَ الصَّحْوِ وَكَثْرَةِ الْجَمْعِ قَبِلَهَا مَالِكٌ وَرَدَّهَا سَحْنُونٌ وَالْأَصْلُ وَالظَّاهِرُ: كَالْمَقْبَرَةِ الْقَدِيمَةِ الْأَصْلُ: عَدَمُ النَّجَاسَةِ وَالظَّاهِرُ اخْتِلَاطُ تُرَابِهَا بِصَدِيدِ الْأَمْوَاتِ وَفَضَلَاتِ بُطُونِهِمْ وَالْخِلَافُ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الصُّوَرِ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ بِنَاءً عَلَى هَذِهِ الْأُصُولِ فَتُلَاحَظُ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ فِي هَذِهِ الْفُرُوعِ قَالَ ابْن يُونُس: قيل: نقص ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ أَصْلَهُمَا إِذَا اسْتَعَارَ دَابَّةً إِلَى مَوْضِعٍ فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ رَبُّهَا: أَعَرْتُهَا لِدُونِ ذَلِكَ صَدَّقَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْمُسْتَعِيرَ فِي الضَّمَانِ لَا فِي الْكِرَاءِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا اكْتَرَى قَصْعَةً يَضْمَنُهَا إِلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى ضَيَاعِهَا لِلتُّهْمَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ مُحَمَّدٌ: يُضَمَّنُ فِي دَعْوَاهُ الْكَسْرُ لِأَنَّهُ قَادر عل تَصْدِيقِ نَفْسِهِ بِإِحْضَارِ الْفِلْقَتَيْنِ وَيُصَدَّقُ إِلَّا أَنْ يَقُولَ: سُرِقَتِ الْفِلْقَتَانِ أَوْ تَلِفَتَا فيُصدق وَإِنْ كَانَ بِمَوْضِعٍ يُمْكِنُ إِظْهَارُهُمَا لَمْ يُصدق وَإِلَّا صُدق فِي الضَّيَاعِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ يَعْجِزُ عَنْ تَصْدِيقِ نَفْسِهِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يُصَدَّقُ فِي ضَيَاعِ الثَّوْبِ (وَغَصْبِهِ وَسَرِقَتِهِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ إِلَّا أَن

يَتَعَدَّى أَوْ يُفَرِّطَ قَالَ اللَّخْمِيُّ: قَالَ سَحْنُونٌ: لَا يُصَدَّقُ فِي ضَيَاعِ الثَّوْبِ) وَنَحْوِهِ وَقَالَهُ أَشهب فِي الْجَفْنَة لِلتُّهْمَةِ قَالَ: وَالْمَذْهَبُ أَبْيَنُ لِأَنَّ الرِّقَابَ فِي يَدَيْهِ أَمَانَةٌ وَلَوْ قَالَ: احْتَرَقَ الثَّوْبُ وَلَمْ يَأْتِ مِنْهُ بِشَيْءٍ لَمْ يُصدق لِقُوَّةِ التُّهْمَةِ بذلك بَعْدَ الْأَخْذِ: ضَاعَ قَبْلَ ذَلِكَ: لَا يُصَدَّقُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ أَنَّهُ ذَكَرَ ذَلِكَ قَبْلَ ذَلِكَ فَيَحْلِفُ وَعَلَيْهِ مِنَ الْأُجْرَةِ إِلَى وَقْتِ سَمَاعِ ذَلِكَ مِنْهُ لِاسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ إِلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ وَقَالَ أَشْهَبُ: يُصَدَّقُ وَعَلَيْهِ مِنَ الْأُجْرَةِ مَا أَقَرَّ أَنَّهُ انْتَفَعَ بِهِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ قَالَ: وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي سَفَرٍ وَإِلَّا صُدق مَعَ يَمِينِهِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: لَا ضَمَانَ عَلَى الرَّاعِي إِلَّا أَنْ يَتَعَدَّى أَوْ يُفَرِّطَ لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَإِنِ اسْتَرْعَى عَبْدًا بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ فَتَعَدَّى فَلَيْسَ عَلَى سَيِّدِهِ وَلَا فِي رَقَبَتِهِ لِتَعَدَّي رَبِّ الْغَنَمِ فِي اسْتِعْمَالِهِ وَإِنْ شَرَطَ عَلَى الرَّاعِي الضَّمَانَ فَسَدَتِ الْإِجَارَةُ لِمُنَاقِضَةِ الْعَقْدِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَإِنْ زَادَتْ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يُزَادُ عَلَى التَّسْمِيَةِ لِرِضَاهُ بِهَا وَمِنَ الْمُحَالِ أَنْ تَكُونَ أَكْثَرَ لِأَن شَرط الضَّمَان لَهُ حِصَّة مِنَ التَّسْمِيَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَكَذَلِكَ إِنْ شَرط عَلَيْهِ إِن لم يَأْتِ لتسمية مَا مَاتَ ضَمِنَهُ لَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ بِغَيْرِ ضَمَانٍ وَإِذَا خَافَ عَلَى شَاةٍ فَذَبَحَهَا لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهُ حَافِظٌ لِلْمَالِ عَلَى الضَّيَاعِ وَيُصَدَّقُ إِذَا جَاءَ بِهَا مَذْبُوحَةً لِأَنَّ ذَلِكَ يَكْثُرُ فِي الرَّعْيِ وَقَالَ غَيْرُهُ: يَضْمَنُ مَا نَحَرَ لِأَنَّهُ من فعله وَيصدق فِيمَا هلك أوسرق وَلَوْ قَالَ: ذَبَحْتُهَا ثُمَّ سُرقت صُدّق لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَإِنْ أَنْزَى عَلَى الْإِنَاثِ بِغَيْرِ إِذْنٍ فعطبت

ضَمِنَ لِعَدَمِ تَنَاوُلِ الْإِذْنِ لِذَلِكَ وَقَالَ غَيْرُهُ: لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ شَأْنُ الرُّعَاةِ وَتَنْمِيَةٌ لِلْمَالِ وَإِنْ شَرَطَ الرِّعَايَةَ فِي مَوْضِعٍ فَرَعَاهَا فِي غَيْرِهِ ضَمِنَ يَوْمَ التَّعَدِّي وَلَهُ الْأُجْرَةُ إِلَى يَوْمِ التَّعَدِّي قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَى مِائَةِ شَاةٍ وَلَمْ يَقُلْ بِأَعْيَانِهَا فَلَهُ خَلَفُ مَا مَاتَ وَإِنْ كَانَتْ بِأَعْيَانِهَا امْتَنَعَتِ الْإِجَارَةُ حَتَّى يَشْتَرِطَ الْخَلَفَ إِنْ مَاتَتْ أَوْ بَاعَهَا وَقَالَ سَحْنُونٌ: الْحُكْمُ يُوجِبُ الْخَلَفَ فَيَسْتَغْنِي عَنِ الشَّرْطِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: الْأَمْرُ عَلَى الْجَوَازِ حَتَّى يَشْتَرِطَ عَدَمَ الْخَلَفِ قَالَ سَحْنُونٌ فِي الرَّاعِي الْمُشْتَرَكُ شَرَدَتْ مِنْهُ شَاةٌ فَيَطْلُبُهَا قَلِيلًا ثُمَّ يَرْجِعُ خَشْيَةَ هَلَاكِ غَيْرِهَا: لَيْسَ بِتَفْرِيطٍ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَلَا يَضْمَنُ إِنْ نَامَ فَضَاعَتِ الْغَنَمُ إِنْ نَامَ نَهَارًا فِي أَيَّامِ النَّوْمِ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِمَا يُنْكَرُ مِنْ ذَلِكَ أَوْ يَكُونَ بِمَوْضِعِ خَوْفٍ وَإِذَا فَعَلَ مَا يَجُوزُ فَعَطِبَتْ مِنْهُ كَضَرْبِ الرُّعَاةِ فَلَا ضَمَانَ خِلَافًا لِ (ح) وَإِلَّا ضَمِنَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا رَمَى شَاةً أَوْ بَقَرَةً فَفَقَأَ عَيْنَهَا ضَمِنَ مَا يَنْقُصُهَا لِأَنَّ الْعَمْدَ وَالْخَطَأَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ سَوَاءٌ وَلَا إِذْنَ فِي هَذَا قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا شَرَطَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ فَرَعَى فَلَهُ الْأَكْثَرُ مِنَ الْمُسَمَّى أَوْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِوُجُودِ الرِّضَا وَاسْتِيفَاءِ الْعَمَلِ وَقِيلَ: الْمِثْلُ فَقَطْ كَالْبَيْعِ الْفَاسِد وَيجْرِي فِيهِ قَول: إِنَّ الشَّرْطَ جَائِزٌ يَضْمَنُ إِنْ لَمْ يَأْتِ بالسمة لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ كَمَا قَالَ أَشْهَبُ فِي الْجَفْنَةِ إِذَا ادَّعَى الْكَسْرَ وَلَمْ يَأْتِ بِفِلْقَتَيْهَا بِخِلَافِ أَنْ يَقُولَ: سُرِقَتْ أَوْ ضَلَّتْ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إِذَا اسْتَعَارَ ثَوْرًا لِلْحَرْثِ فَذَبَحَهُ وَادَّعَى الْخَوْفَ عَلَيْهِ ضَمِنَهُ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِلَطْخٍ ظَاهِرٍ بِخِلَافِ الرَّاعِي لِأَنَّ الرَّاعِيَ يُفَوض إِلَيْهِ النَّظَرُ وَلَوْ ذَبَحَ الرَّاعِي مَرِيضَةً صُدِّقَ قَوْلًا وَاحِدًا قَالَ الْأَبْهَرِيُّ: لَوْ ذَبَحَهَا وَادَّعَى خَوْفَ الْمَوْتِ عَلَيْهَا فَفِي تَضْمِينِهِ رِوَايَتَانِ وَلَوْ أَكَلَهَا وَادَّعَى خَوْفَ الْمَوْتِ ضَمِنَ اتِّفَاقًا لِقُوَّةِ التُّهْمَة

فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا اتَّخَذَ الْمُكْتَرِي فِي الدَّارِ تَنُّورًا يَجُوزُ لَهُ فَاحْتَرَقَتِ الدَّارُ وَبُيُوتُ الْجِيرَانِ لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا يَجُوزُ لَهُ كالموت من علاج الطَّبِيب أَو التعزيز أَوِ الْقِصَاصِ الْمَأْذُونِ فِيهِ فَإِنْ فَاتَ شَرْطُ عَدَمِ النَّارِ فَأَوْقَدَ ضَمِنَ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ قَالَ اللَّخْمِيُّ لَا يَضْمَنُ إِذَا كَانَتِ الْعَادَةُ نَصْبَ التَّنُّورِ فِي مِثْلِهَا وَوَقْدَ وَقُودٍ مِثْلِهِ وَإِلَّا ضَمِنَ فَإِنْ جُهِلَتْ زِيَادَةُ الْوَقُودِ: فَقِيلَ: يَضْمَنُ لَان الْغَالِب إِذا ذَاك لَا يَكُونُ إِلَّا عَنْ زِيَادَةِ الْوَقُودِ وَقِيلَ: لَا لِأَنَّ الْأَصْلَ: عَدَمُ التَّعَدِّي فَإِنْ شَرَطَ عَدَمَ الْوَقُودِ ضَمِنَ الدَّارَ وَحْدَهَا إِذَا كَانَ الْوَقِيدُ لَوْ أُذِنَ فِيهِ لَمْ يَكُنْ لِلْجَارِ مَقَالٌ لِأَنَّ التَّعَدِّيَ خَاصٌّ بِالدَّارِ وَإِلَّا ضَمِنَ كُلَّ مَا احْتَرَقَ فرع فِي الْكتاب: إِذا زَادَت عَلَى الدَّابَّةِ مَا لَا يُعطب مِثْلُهُ فَعَطِبَتْ لَمْ تَضْمَنْ وَلَهُ كِرَاءُ الزِّيَادَةِ عَلَى الشَّرْطِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَإِنْ كَانَ يُعْطِبُ مِثْلُهُ: خُير بَيْنَ كِرَاءِ الْمِثْلِ فِي الزَّائِدِ مَا بَلَغَ مَعَ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ أَوْ قِيمَةِ الدَّابَّةِ يَوْمَ التَّعَدِّي وَلَا كِرَاء لَهُ لوُجُود سبي ذَلِكَ وَتَعَيَّنَ الضَّمَانُ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ لِلتَّعَدِّي وَمَا قُلْنَاهُ أَوْلَى لِأَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ صَحِيحًا فَلَا يُجْزَمُ بِالْغَايَةِ نَعَمْ لَا يُجْمَعُ لَهُ بَيْنَ الْبَدَلِ الَّذِي هُوَ الْقِيمَةُ وَالْمُبَدَّلِ الَّذِي هُوَ مَنْفَعَةُ الْعَيْنِ التَّابِعَةِ لِلْعَيْنِ الْمَأْخُوذِ الْبَدَلُ عَنْهَا وَالرَّدِيفُ كَالزِّيَادَةِ وَأَمَّا زِيَادَةُ الْحَاجِّ فِي وَزْنِ الزاملة أَكثر من شَرطه مِمَّا بعطب مِثْلُهُ: فَلَا ضَمَانَ لِأَنَّ الْحَاجَّ عُرِفَ بِذَلِكَ إِذَا كَانَ الْمُكْرِي رَأَى ذَلِكَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: الزِّيَادَةُ الْيَسِيرَةُ بِخِلَافِ الزِّيَادَةِ فِي الْمَسَافَةِ لِأَنَّهُ تَعَدَّى فِي الْمَسَافَةِ وَإِنْ قَلَّتْ وَاجْتَمَعَ فِي الْحَمْلِ إِذْنٌ وَتَعَدٍّ وَقِيلَ فِي زِيَادَةِ الْيَسِيرِ فِي الْحِمْلِ: عَلَيْهِ الْكِرَاءُ الْأَوَّلُ

وَفَضْلُ الضَّرَرِ كَمَنْ حَمَلَ أَثْقَلَ فَإِنْهُ يَكُونُ لَهُ فَضْلُ الضَّرَرِ وَقِيلَ: يَضْمَنُ فِي زِيَادَةِ الْحِمْلِ الْيَسِيرَةِ كَزِيَادَةِ الْمَسَافَةِ بِجَامِعِ التَّعَدِّي وَفِي الْكِتَابِ: إِذَا اكْتَرَى لِلْحِنْطَةِ فَحَمَلَ شَعِيرًا أَوْ سُلْتًا لَمْ يَضْمَنْ فَإِنْ حَمَلَ رَصَاصًا أَوْ حِجَارَةً بِوَزْنِ مَا اكْتَرَى فَعَطِبَتْ ضَمِنَ لِأَنَّ هَذِهِ تَعْقِرُ الدَّابَّةَ وَلَوِ اسْتَوَى الْوَزْنُ بِفَرْطِ الْيَسِيرِ وَإِذَا أَكْرَيْتَ مِثْلَكَ فِي الْخِفَّةِ وَالْأَمَانَةِ لَمْ تَضْمَنْ وَإِلَّا ضَمِنْتَ وَإِنْ أَكْرَيْتَ غَيْرَ مَأْمُونٍ فَادَّعَى تَلَفَ الدَّابَّةِ لَمْ يَضْمَنِ الثَّانِي إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِمَا لَا يُشْبِهُ أَوْ يَظْهَرَ كَذِبُهُ وَيَضْمَنُ الْأَوَّلُ بِتَعَدِّيهِ مَعَ أَنَّ الْكِرَاءَ مِنَ الْغَيْرِ مَكْرُوهٌ لِأَنَّ الْأَوَّلَ قَدْ يُكْرِيكَ لِحُسْنِ حَالِكَ وَأَمَّا فِي الْمَوْتِ فَلِلْوَرَثَةِ حَمْلُ مِثْلِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ مُحَمَّدٌ: يكوز أَخْذُ الرِّبْحِ فِي الدَّوَابِّ وَالسُّفُنِ وَالْمَتَاعِ وَالصُّنَّاعِ فِي مِثْلِ مَا اكْتَرَى وَيُكْرَهُ فِي الرُّكُوبِ إِلَّا أَنْ يُقيم أَوْ يَمُوتَ (قَالَ ابْنُ حبيب) : يجير مَالِكٌ ذَلِكَ فِي الْأَحْمَالِ إِذَا كَانَ رَبُّ الدَّابَّةِ مَعَهَا يَتَوَلَّاهَا وَإِلَّا كَرِهَ لِمِثْلِ الرُّكُوبِ لِاخْتِلَافِ سَوْقِ النَّاسِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُكْتَرِي مِمَّنْ يَتَوَلَّى سَوْقَهَا بِنَفْسِهِ وَعَلِمَ ذَلِكَ الْمُكْرِي وَفِي الْكِتَابِ: مَتَى حَمَلَ عَلَى الدَّابَّةِ أَضَرَّ فَرَبُّهَا مُخَيَّرٌ بَيْنَ كِرَاءِ دَابَّتِهِ فِي فَضْلِ الضَّرَرِ أَوْ قِيمَتِهَا وَكَذَلِكَ إِذَا طَحَنَ عَلَى الرَّحَا أَصْلَبَ مِمَّا اسْتَأْجَرَهَا لَهُ قَالَ ابْنُ يُونُس: وَصفَة كرءا فَضْلِ الضَّرَرِ: أَنَّ لَهُ الْكِرَاءَ الْأَوَّلَ وَمَا يَزِيدُ الْحَمْلُ الضَّارُّ صَوْنًا لِمَا فِي الْعَقْدِ الأول من توفر أَجْرِهِ وَقِيلَ: كِرَاءُ الثَّانِي مَا بَلَغَ لِأَنَّهُ الَّذِي اسْتُوفِيَتْ بِهِ الْمَنْفَعَةُ قَالَ ابْنُ

مُيَسَّرٍ: إِذَا اكْتَرَاهَا أَيَّامًا مُعَيَّنَةً فَاسْتَعْمَلَهَا فِي دُونِ مَا اكْتَرَاهَا فَعَلَيْهِ الْكِرَاءُ الْأَوَّلُ وَفِي أَكْثَرَ مِنْهُ انْفَسَخَ الْأَوَّلُ بِمُضِيِّ الْأَيَّامِ وَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْمِثْلِ مَا لَمْ يَكُنْ أَقَلَّ مِنَ الْمُسَمَّى وَفِي الْكِتَابِ: إِنِ اكْتَرَاهَا مِنْ مِصْرَ إِلَى بَرْقَةَ ذَاهِبًا وَرَاجِعًا فَتَمَادَى إِلَى إِفْرِيقِيَّةَ ثُمَّ إِلَى مِصْرَ خُيِّرَ فِي أَخْذِ كِرَائِهَا من برقة إِلَى إفريقيا ذَاهِبًا وَرَاجِعًا مَعَ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ وَنِصْفِ الْكِرَاءِ الثَّانِي مَعَ قِيمَتِهَا يَوْمَ التَّعَدِّي رَدَّهَا بِحَالِهَا أَمْ لَا لِأَنَّهُ سَاقَهَا وَحَبَسَهَا عَنْ مَنَافِعِهَا قَالَ الْأَبْهَرِيُّ: لَوِ اكْتَرَاهَا عَلَى أَنْ يَرُدَّهَا مِنْ يَوْمِهَا فَحَبَسَهُ الْمَطَرُ أَيَّامًا فَعَلَيْهِ الْكِرَاءُ بِذَلِكَ الْمَوْضِعِ الْمَحْبُوسِ فِيهِ لِتَقْوِيَةِ الْمَنَافِعِ تَحْتَ يَدِهِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا زِدْتَ مِيلًا فَعَطِبَتْ فَلَهُ الْكِرَاءُ الْأَوَّلُ وَيُخَيَّرُ فِي قِيمَةِ كِرَاءِ الْمِثْلِ أَوْ قِيمَةِ الدَّابَّةِ يَوْمَ التَّعَدِّي وَضَمَّنَهُ (ش) وَأَحْمَدُ فِي الدَّابَّةِ أُجْرَةَ الْمِثْلِ وَلَمْ يُضَمِّنْهُ (ح) لِأَنَّ الْمَنَافِعَ عِنْدَهُ لَا تُضْمَنُ بِالْغَصْبِ وَضَمَّنَهُ الْأَئِمَّةُ الدَّابَّةَ فِي الْعَطَبِ من غير تَخْيِير لفسخ التَّعَدِّي مُوجب بِالْعقدِ عِنْدَهُ لَنَا: مَا تَقَدَّمَ فِي زِيَادَةِ الْحِمْلِ وَلَوْ رَدَّهَا بَعْدَ الْأَمْيَالِ أَوْ حَبَسَهَا الْيَوْمَ وَنَحْوَهُ: لَمْ يَضْمَنْ إِلَّا كِرَاءَ الزِّيَادَةِ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ كَذَهَابِ الْعَيْبِ يَسْقُطُ الْقِيَامُ بِهِ وَالْأَئِمَّةُ تَقُولُ: اشْتَغَلَتِ الذِّمَّةُ بِالْقِيمَةِ فَلَا تَبْرَأُ إِلَّا بِالدَّفْعِ وَالرَّدُّ لِلدَّابَّةِ لَيْسَ بِدَفْعِ الْقِيمَةِ وَإِنْ حَبَسَهَا شَهْرًا أَوْ رَدَّهَا بِحَالِهَا فَلَهُ الْكِرَاءُ الأول فِي قِيمَتِهَا يَوْمَ التَّعَدِّي وَكِرَاءُ مَا عَمِلَتْ فِي زَمَنِ الْحَبْسِ بِغَيْرِ عَمَلٍ وَإِنْ لَمْ يتَغَيَّر وَقَالَ غَيْرُهُ: إِنْ كَانَ حَاضِرًا

مَعَهَا فَلَهُ فِيمَا حَبَسْتَ بِحِسَابِ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِذَلِكَ أَوْ غَائِبًا وَرَدَدْتَهَا بِحَالِهَا فَلَهُ فِي الزِّيَادَةِ الْأَكْثَرُ مِنَ الْكِرَاءِ ذَلِكَ أَوْ بِحِسَابِ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ حَمَلْتَ عَلَيْهَا شَيْئًا أَمْ لَا لِتَفْوِيتِكَ الْمَنَافِعَ بِذَلِكَ أَوْ قِيمَةَ الدَّابَّةِ يَوْمَ حَبْسِهَا وَكِرَاءُ الْأَوَّلِ لَهُ فِي كُلِّ حَالٍ تَوْفِيَةً بِالْعَقْدِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ فِي الْكِتَابِ: نَحْوَ الْمِيلِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يضمن وَلَو بخطوة لتحقيق التَّعَدِّي عُمْدَةُ الْمَشْهُورِ: أَنَّ الْعَادَةَ: الْمُجَاوَزَةُ الْيَسِيرَةُ وَقِيلَ: إِذَا حَبَسَهَا أَيَّامًا بَعْدَ فَرَاغِهِ وَرَبُّهَا حَاضِرٌ وَلَمْ يُنْكِرْ فَهَلَكَتْ لَا يَضْمَنُهَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهِ كِرَاءُ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ كَانَ قَادِرًا عَلَى أَخْذِهَا وَقَالَ سَحْنُونٌ: إِذَا رَدَّهَا إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي أَمَرَ بِالْبُلُوغِ إِلَيْهِ ثُمَّ مَاتَتْ فِي الطَّرِيقِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَرَادِّ الْوَدِيعَةِ بَعْدَ تَسَلُّفِهَا وَكَمَنَ زَاد الْحمل ثمَّ نزع الزِّيَادَة ثمَّ مَاتَت لم يضمن قَالَ صَاحب النكت: إِذا زَاد فِيْ الْحِمْلَ الْمُشْتَرَطِ وَحَمَلَ الزِّيَادَةَ مُنْفَرِدَةً ضَمِنَ الدَّابَّةِ وَإِنْ كَانَ الزَّائِدُ لَا يُعْطِبُهَا مِثْلُهُ كَزِيَادَةِ الْمَسَافَةِ لِأَنَّهُ تعدٍ صَرِيحٌ بِخِلَافِ حملهَا مختلطة وَكَذَلِكَ إِذَا زَادَ بَعْدَ فَرَاغِ الثَّوْرِ مِنَ الطَّحْنِ يَسِيرًا لَا يُعْطَبُ فِي مِثْلِهِ هُوَ كَزِيَادَةِ الْمَسَافَةِ لِتَمَحُّضِ الْعُدْوَانِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: لَا يَضْمَنُ حَامِلُ الدُّهْنِ وَالطَّعَامِ إِذَا هَلَكَ بالعثار أَو رفس الدَّابَّة وَانْقِطَاع الْحَبْلِ إِلَّا أَنْ يَغُرَّ بِذَلِكَ لِأَنَّ أَصْلَهُ عَلَى الْأَمَانَةِ وَضَمَّنَهُ (ح) بِالْعِثَارِ وَالزَّلَقِ وَالْعَمْدِ وَالْخَطَأِ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ سَوَاءٌ وَجَوَابُهُ: أَنَّ ذَلِكَ مَعَ عَدَمِ الْإِذْنِ وَيَدُ الْأَمَانَةِ إِمَّا مَعهَا فَلَا يَضْمَنُ إِلَّا بِالتَّعَدِّي وَلَا يُصَدَّقُ فِي ذَهَابِ الطَّعَامِ وَالْإِدَامِ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ لِلتُّهْمَةِ فِيهَا فَالتَّضْمِينُ مِنَ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ كَمَا تقدم فِي تَضْمِينِ الصُّناع

فَرْعٌ لَا يَضْمَنُ حَارِسُ الْحَمَّامِ الثِّيَابَ لِأَنَّهُ أَجِيرٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: ضَمَّنَهُ مَالِكٌ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ: إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِحَارِسٍ وَلَمْ يَضْمَنِ الْحَارِسُ وَضَمَّنَهُ ابْنُ حَبِيبٍ لِأَنَّهُ أَجِيرٌ مُشْتَرَكٌ وَلَوْ أَخَذَ الْأُجْرَةَ مِنْ صَاحِبِ الثِّيَابِ لَمْ يَضْمَنْ أَيْضًا لِأَنَّهُ أَمِينٌ كَالْمُودِعِ يَأْخُذُ أَجْرًا إِلَّا أَنْ تَظْهَرَ مِنْهُ خِيَانَةٌ وَلَا يَضْمَنُ سَائِرُ الْحُرَّاسِ وَهُمْ أَوْلَى بِعَدَمِ الضَّمَانِ مِنْ حَارِسِ الْحَمَّامِ لِأَنَّ رَبَّ الثِّيَابِ لَمْ يُقمه وَلَمْ يَخْتَرْهُ بَلْ صَاحِبُ الْحَمَّامِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ مَالِكٌ: إِذَا اسْتُؤْجِرَ عَلَى تَبْلِيغِ جَارِيَةٍ فَنَامَ فِي الطَّرِيقِ فَأَبَقَتْ أَوْ مَاتَتْ يُحَاسب فِي الأبق وَلَهُ الْأُجْرَةُ كَامِلَةً فِي الْمَوْتِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يُسْتَعْمَلُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ حَتَّى تَتِمَّ وَقَالَ ابْن وهيب: لَهُ مِنَ الْأَجْرِ بِقَدْرِ مَا بَلَّغَ فَقَطْ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: لَا يَضْمَنُ أَجِيرُ الْخِدْمَةِ مَا كسوه أَوْ طَعَامَ عَمَلِهِ إِلَّا أَنْ يَتَعَدَّى لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ فِي الْبَيْتِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا أَقَرَّ بِقَبْضِ الْمَتَاعِ وَقَالَ: عَمِلْتُهُ وَرَدَدْتُهُ ضَمِنَ إِلَّا أَنْ يَثْبُتَ رَدُّهُ وَإِلَّا حَلَفْتَ وَأَخَذْتَ قِيمَتَهُ بِغَيْرِ صَنْعَةٍ قَالَ ابْن يُونُس: إِذا قَالَ مكتري مَا يُغَابُ عَلَيْهِ: رَدَدْتُهُ صُدق مَعَ يَمِينِهِ كَمَا يُصَدَّقُ فِي تَلَفِهِ أَخَذَهُ بِبَيِّنَةٍ أَمْ لَا بِخِلَافِ الْعَارِيَّةِ وَالْقِرَاضِ لِاخْتِلَافِ الْعَوَائِدِ فِي الرَّد بِغَيْر إِشْهَاد وسوَّى أصبغ بَين الكرءا وَالْقِرَاضِ وَالْوَدِيعَةِ فِي التَّصْدِيقِ إِلَّا أَنْ يَأْخُذَ بِبَيِّنَةٍ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ لَا يَرَدُّ إِلَّا بِشَهَادَةٍ

فرع فِي الْكتاب: إِذا اشْترطت نسج عزلك تِسْعَةً فِي خَمْسَةٍ فَعَمِلَ سِتًّا فِي خَمْسٍ: خُيرت بَيْنَ أَخْذِهِ وَلَهُ الْأُجْرَةُ كَامِلَةً وَبَيْنَ تَضْمِينِهِ قِيمَةَ الْغَزْلِ لِتَعَدِّيهِ وَقَالَ غَيْرُهُ بَلْ يُحَاسب بِمَا عمل إِن أخذت (قَالَ غَيْرُهُ: بَلْ يُحَاسَبُ بِمَا عَمِلَ إِنْ أَخَذْتَ) لِتَنْقِيصِهِ الْمَعْدُودَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ مِثْلُ الْغَزْلِ إِنْ ضَمِنْتَ لِأَنَّ الْغَزْلَ مِثْلِيٌّ مَوْزُونٌ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: قَوْلُهُ: يُعْطَى الْأَجْرُ كُلُّهُ قِيلَ: مَعْنَاهُ: إِذَا أُدْخِلَ الْغَزْلُ كُلُّهُ فِي الثَّوْبِ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ: إِذَا قَالَ: اعْمَلْ هَذَا الْغَزْلَ فَدَخَلَ جَمِيعُهُ فَحِينَئِذٍ لَهُ الْأَجْرُ كُلُّهُ أَوِ اعْمَلْ مِنْ هَذَا الْغَزْلِ ثَوْبَ كَذَا فَإِنْ عَجَّزَ زِدْتُكَ فَيَصْنَعُ أَقَلَّ أَوْ خِلَافَهُ وَأُدْخِلُ الْغَزْلُ كُلُّهُ فَبِحِسَابِ مَا عَمِلَ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ: قِيلَ: مَعْنَى: يُعْطَى بِحِسَابِ مَا عَمِلَ: يَسْقُطُ مِنَ الْمُسَمَّى مَا بَيْنَ الْعَمَلَيْنِ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَقَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ: لَوْ تَعَدَّى بِالزِّيَادَةِ فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الَّذِي يَرَى النُّقْصَانَ كَالْعَيْبِ حَتَّى يُعْطِيَهُ الْأُجْرَةَ كُلَّهَا: لَا أُجْرَةَ لَهُ فِي الزِّيَادَةِ وَعَلَى قَوْلِ الْغَيْرِ الَّذِي يَجْعَلُ النُّقْصَانَ كَنُقْصَانِ الطَّعَامِ: تَكُونُ لَهُ أُجْرَةُ الزِّيَادَة وَقيل: إِن زَاد مُعْتَمدًا فَلَا أُجْرَةَ لَهُ لِأَنَّهُ سَمَحَ بِعَمَلِهِ وَإِلَّا فالأجرة الْمِثْلُ مَعَ الْمُسَمَّى قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا عُدم الْمِثْلُ: عَلَيْهِ نَسْجُهُ بِالْأُجْرَةِ الْأُولَى تَوْفِيَةً بِالْعَقْدِ فَإِنْ عُدِمَ مِثْلُهُ فَقِيمَتُهُ وَهُوَ مُصَدَّقٌ فِي صِفَتِهِ مَعَ يَمِينِهِ وَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ وَقَالَ أَصْبَغُ: لَا تَنْفَسِخُ وَيَأْتِي رَبُّ الْغَزْلِ بِمِثْلِهِ يَنْسُجُهُ لَهُ وَلَيْسَ الْغَزْلُ مُتَعَيَّنًا حَتَّى لَا يُمْكِنَ بَدَلُهُ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لم تجز

الْإِجَازَة وَالصَّانِعُ مُصَدَّقٌ فِي مُخَالَفَةِ الشَّرْطِ لِأَنَّهُ مُدَّعًى عَلَيْهِ الْغَرَامَةُ وَإِذَا زَادَ عَامِدًا فَلَا أُجْرَةَ لَهُ أَوْ غَالِطًا وَأَرَادَ رَبُّهُ أَخْذَ الزِّيَادَةِ دفع الأُجْرَةِ وَإِلَّا إِنْ كَانَ يَنْقَسِمُ بِغَيْرِ ضَرَرٍ قُطِعَتْ لَهُ الزِّيَادَةُ وَإِنْ أَضَرَّ ذَلِكَ بِأَحَدِهِمَا كَانَا شَرِيكَيْنِ إِنْ لَمْ يَرْضَ بِدَفْعِ الْأُجْرَةِ وَإِذَا قَاسَمَهُ أَوْ شَارَكَهُ غَرِمَ مِثْلَ مَا دَخَلَ الزِّيَادَةَ مِنَ الْغَزْلِ قَالَ مَالِكٌ: وَيُصَدَّقُ الصَّانِعُ هَاهُنَا فِي الْمُخَالَفَةِ بِخِلَافِ بَنَّاءِ الْبَيْتِ مُقَاطَعَةً فَإِنْهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ وَيَبْدَأُ الْبَنَّاءُ بِالْيَمِينِ لِأَنَّهُ صَانِعٌ وَيُنْقَضُ بِنَاؤُهُ وَيَأْخُذُ نَقْضَهُ وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَبْنِيَ مَا قَالَهُ خَصْمُهُ فَذَلِكَ لَهُ وَالْفرق: أَنه لم يحز مَا عَمِلَ وَالْحَائِكُ حَازَ فصُدق قَالَ اللَّخْمِيُّ: اسْتَأْجَرَهُ عَلَى رِدَاءٍ فَعَمِلَ عِمَامَةً لَهُ أَخْذُ الْعِمَامَةِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ إِلَّا أَنْ يُقِرَّ الصَّانِعُ أَنَّهُ عَمِلَهَا عَلَى الْمُسَمَّى وَيَكُونُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْأَقَلُّ مِنَ الْمُسَمَّى وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ فَإِنْ دَفَعَ الْمُسَمَّى لَمْ تَبْقَ بَيْنَهُمَا إِجَارَةٌ لِأَنَّهُ وَفَّى بِالْعَقْدِ أَوْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ عَادَ الْخِلَافُ فِي نَسْجِ الْعَقْدِ وَلَوِ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى صِيَاغَةٍ فَصَاغَ خِلَافَهَا خُيِّرَ الصَّائِغُ بَيْنَ إِعَادَةِ صِيغَتِهِ كَمَا اسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ بَعْدَ التَّصْفِيَةِ مِنَ اللِّحَامِ الْمُخَالِطِ أَوَيَغْرَمُ مِثْلَ الذَّهَبِ وَيَصُوغُهُ ثَانِيَةً إِلَّا أَنْ يَكُونَ فَاسِدَ الذِّمَّةِ فَلِصَاحِبِهِ جَبْرُهُ عَلَى كَسْرِهِ وَإِعَادَتِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ أَخْذُ الْمِثْلِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا ضَاعَ الثَّوْبُ بَعْدَ الْقِصَارَةِ ضَمِنَهُ يَوْمَ الْقَبْضِ وَلَيْسَ لَكَ إِعْطَاءُ الْأُجْرَةِ وَتَضْمِينُهُ إِيَّاه مَعْمُولا لِأَن الصَّنْعَة لم تضر فِي حَوْزِكَ حَتَّى يَضْمَنَهَا وَإِذَا دَعَاكَ إِلَى قَبْضِ الثَّوْبِ فَلَمْ تَأْخُذْهُ فَهُوَ ضَامِنٌ حَتَّى يصل إِلَيْك

وَإِذَا أَفْسَدَ الْخَيَّاطُ فِي قِطْعَهِ فَسَادًا يَسِيرًا: فَقِيمَةُ مَا أَفْسَدَ قَالَ اللَّخْمِيُّ: قَوْلُهُ هُوَ ضَامِنٌ حَتَّى يَصِلَ إِلَيْكَ وَإِذَا أَفْسَدَ الْخَيَّاطُ فِي قِطْعَةٍ: يُرِيدُ: إِذَا لَمْ يُحضره فَلَوْ أَحْضَرَهُ وَرَأَيْتَهُ مَصْنُوعًا عَلَى شَرْطِكَ وَقَدْ دَفَعْتَ الْأُجْرَةَ ثُمَّ رَأَيْتَهُ عِنْدَهُ صُدق فِي الضَّيَاعِ لِخُرُوجِهِ عَنِ الْإِجَارَةِ إِلَى الْإِيدَاعِ وَإِذَا ضَمِنَ: فَالْمَذْهَب يَوْم الْقَبْض لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تَرُدَّهُ) فَأَشَارَ إِلَى وَقْتِ الْأَخْذِ وَقِيلَ إِلَى آخِرِ وقتٍ ربى عِنْدَهُ وَأَصْلُ مُحَمَّدٍ: إِذَا ثَبَتَ الْفَرَاغُ بِبَيِّنَةٍ لِلصَّانِعِ الْأُجْرَةُ لِتَسْلِيمِ الصَّنْعَةِ بِوَضْعِهَا فِي الثَّوْبِ فَيَكُونُ لَهُ دَفْعُ الْأُجْرَةِ وَتَغْرِيمُهُ قِيمَتَهُ مَصْبُوغًا وَلَوْ بَاعَ الثَّوْبَ: كَانَ الْجَوَابُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنَ الصَّنَّاعِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ: يُخَيَّرُ بَيْنَ إِجَارَةِ الْبَيْعِ وَتَضْمِينِهِ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْقَبْضِ وَيَكُونُ لَكَ مِنَ الثَّمَنِ مَا يَنُوبُ الثَّوْبَ غَيْرَ مَفْرُوغٍ وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ: لَكَ تَضْمِينُهُ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْبَيْعِ غَيْرَ مَصْنُوعٍ أَوْ مَا يَنُوبُهُ مِنَ الثَّمَنِ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ: لَكَ دَفْعُ الْأُجْرَةِ وَأَخْذِ جُمْلَةِ الثَّمَنِ فَرْعٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: لَوْ صَبَغَهُ عَلَى غَيْرِ الصِّفَةِ: فَإِنْ أَمْكَنَ نَقْلُهُ إِلَى الصِّفَةِ فَعَلَ وَإِلَّا فَإِنْ نَقَصَتْ فَلَكَ قِيمَةُ النَّقْصِ دُونَ قِيمَةِ الثَّوْبِ إِنْ كَانَ النَّقْصُ يَسِيرًا فَعَلَيْكَ الْأَقَلُّ مِنَ الزِّيَادَةِ أَوِ الْأُجْرَةِ لِأَنَّ لَكَ التَّمَسُّكَ بِالْعَقْدِ وَعَدَمَ التَّمَسُّكِ لِلْمُخَالَفَةِ أَوْ لَمْ يَزِدْ وَلَمْ يَنْقُصْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ هَذَا إِنْ كَانَتِ الْمُخَالَفَةُ فِي نَوْعِ الصِّبْغِ كَالْأَزْرَقِ مَعَ الْأَكْحَلِ فَإِنْ صبغه أكحل وَشرط أَحْمَر: خيرت بَين قمة الثَّوْبِ وَأَخْذِهِ وَدَفْعِ قِيمَةِ الصِّبْغِ وَيَصِحُّ جَرَيَانُ الْخلاف الْمُتَقَدّم

وَيَنْظُرُ: هَلْ زَادَ الصِّبْغُ أَمْ نَقَصَ؟ لِأَنَّ لَكَ التَّمَسُّكَ بِمِلْكِكَ فِي الثَّوْبِ فَإِنْ كَانَتِ الصَّنْعَة قصارة فَقَصره أَسد: فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ دَعَى إِلَى تَكْمِيلِ الْقِصَارَةِ فَإِنْ عَجَزَ عَنِ التَّكْمِلَةِ غَرِمَ قِيمَتَهُ أَسْمَرَ قَالَ سَحْنُونٌ: إِلَّا أَنْ يَكُونَ التَّغْيِيرُ يَسِيرًا فَقِيمَتُهُ ذَلِكَ الْعَمَلُ نَاقِصًا قَالَ اللَّخْمِيُّ: تُقَوَّمُ الصَّنْعَة على قِيمَته أسمر أقل فَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ شِرَاءُ مَا زَادَتِ الْقِيمَةُ أَوْ تَكُونُ قِيمَتُهُ مَصْبُوغًا أَقَلَّ مِنْهُ فَعَلَى الصَّانِعِ مَا نَقَصَتْ قِيمَتُهُ وَلَا يَغْرَمُ لَهُ شَيْئًا لِأَنَّهُ أَفْسَدَهُ وَلَوْ كَانَتِ الصَّنْعَةُ خِيَاطَةً فخاطه مقلوباً وَمَتى نقصت وَأُعِيدَ زَالَ النَّقْصُ: فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنِ دَعَى إِلَى نَقْصِهِ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ نَقْصُهُ لِتَعَارُضِ عَيْبِ الْقَلْبِ وَعَيْبِ الْفَتْقِ خُيِّرْتَ بَيْنَ تَبْقِيَتِهِ وَفَتْقِهِ وَإِلْزَامِهِ بِخِيَاطَتِهِ وَإِنْ كَانَ أَشد فتقه لعيبه قدم عدم لعيبه قدم عدم الْفَتْقِ وَيَغْرَمُ مَا نَقَصَتْ قِيمَتُهُ الْآنَ دَفْعًا لمزيد الضَّرَر عَنهُ إِلَّا أَن يلْتَزم أَن لَا يُغَرِّمَهُ أَكْثَرَ مِنْ عَيْبِهِ قَبْلَ الْفَتْقِ فَيُجْبَرُ هُوَ على إِعَادَة تَوْفِيَةً بِالْعَقْدِ وَإِنْ كَانَ الْفَسَادُ لَرِدَاءَةِ الْخِيَاطَةِ: فَلَكَ إِلْزَامُهُ بِفَتْقِهِ وَإِعَادَتِهِ بِخِيَاطَةِ مِثْلِهِ وَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ نَقْصِهِ الْآنَ وَمَا يَنْقُصُ بَعْدَ الْفَتْقِ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ فِي الْخِيَاطَةِ لِأَنَّهَا دخلت فِي الْقيمَة وجبر النَّقْصُ وَإِنْ حَدَثَ عَيْبٌ مِنْ غَيْرِ الْخِيَاطَةِ فَقِيمَةُ الْعَيْبِ قَبْلَ الْخِيَاطَةِ وَإِنْ كَانَتِ الصَّنْعَةُ بِنَاءً فَأَخْطَأَ فِيهِ فَعَلَيْهِ هَدْمُهُ وَإِعَادَتُهُ وَقِيمَةُ مَا أَتْلَفَ مِنْ جِيرٍ وَغَيْرِهِ وَلَكَ إِبْقَاءُ الْبِنَاءِ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ لِأَنَّ لَكَ نَقْضَهُ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ يَضْمَنُ الصَّانِعُ قِيمَةَ مَا أَفْسَدَ أَجِيرُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَجِيرِ

إِلَّا أَنْ يَتَعَدَّى أَوْ يُفَرِّطَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الصَّانِعِ عِنْدَ رَبِّ السِّلْعَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا كَانَ الْغَسَّالُ يَبْعَثُ بِالثِّيَابِ إِلَى الْبَحْرِ مَعَ أُجَرَائِهِ وَالْخَيَّاطُ يَذْهَبُ أُجَرَاؤُهُ بِالثِّيَابِ إِلَى بُيُوتِهِمْ ضَمِنُوا لِأَنَّهُمْ كَالصَّانِعِ يَغِيبُ عَلَى السِّلْعَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ ذَلِكَ إِذَا أَجَرَهُمْ عَلَى حَمْلِ الثِّيَابِ مُقَاطَعَةً فَإِنْ دَفَعْتَ الْأُجْرَةَ لَهُ وَلَمْ يَدْفَعْ لِأَجِيرِهِ أَجْرَهُ فَلَكَ أَخْذُ ثَوْبِكَ مِنْ أَجِيرِهِ قَالَهُ بَعْضُ الْمَدَنِيِّينَ قَالَ: وَالْأَشْبَه أَن لَا يَأْخُذَهُ حَتَّى يَدْفَعَ الْأُجْرَةَ لَهُ لِأَنَّكَ لَسْتَ مُسْتَحِقًّا لِغَيْرِ تِلْكَ الصَّنْعَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا صمنا أَجِيرَ الْأَجِيرِ فَلَكَ تَضْمِينُ الْأَجِيرِ وَلَكَ أَخْذُ أَكْثَرِ الْقِيمَتَيْنِ يَوْمَ قَبْضِ هَذَا أَوْ قَبْضِ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ قَبْضِ الثَّانِي أَقَلَّ رَجَعْتَ بِتَمَامِهَا عَلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّ الثَّانِيَ غَرِيمُ غَرِيمٍ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا لَمْ يُفَرِّطِ الْفَرَّانُ فِي إِحْرَاقِ الْخُبْزِ وَلَا غَرَّ مِنْ نَفْسِهِ لَمْ يَضْمَنْ لِغَلَبَةِ النَّارِ عَلَيْهِ وَإِلَّا ضَمِنَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: ذَلِكَ إِذَا بَقِيَ مِنَ الْخُبْزِ شَيْءٌ يَدُلُّ عَلَى احْتِرَاقِهِ أَمَّا لَوْ ذَهَبَ جُمْلَةً ضمن لتهمة فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا دَفَعَ الْقَصَّارُ ثَوْبَكَ لِغَيْرِكَ بَعْدَ الْقِصَارَةِ فَخَاطَهُ لَكَ غَيْرُهُ: يَرُدُّهُ وَيَضْمَنُهُ ثَوْبَكَ أَوْ تَأْخُذُهُ مَخِيطًا وَتَدْفَعُ أُجْرَةَ الْخِيَاطَةِ لِمَنْ خَاطَهُ لِأَنَّهُ عَمِلَ فِي ثَوْبِكَ وَلِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ نَقَصَ أَوْ زَادَ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْقَصَّارِ وَلَكَ أَخْذُ مَا خَاطَهُ الْغَاصِبُ بِغَيْرِ شَيْءٍ لِتَعَدِّيهِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: يُرْوَى فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْقَصَّارِ إِنِ امْتَنَعَ مِنْ دَفْعِ الْخِيَاطَةِ قِيلَ لِلْآخَرِ: اعْطِهِ قيمَة

ثَوْبِهِ أَوْ سَلِّمْهُ إِلَيْهِ مَخِيطًا فَإِنْ دَفَعَهُ خُيِّرَ رَبُّهُ بَيْنَ أَخْذِهِ وَتَضْمِينِ الْقَصَّارَ ثَوْبَهُ لِأَنَّهُ سَبَبُ الْقَطْعِ وَقَالَ سَحْنُونٌ: إِنِ امْتَنَعَ مِنْ دَفْعِ الْخِيَاطَةَ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِلَّا تَضْمِينُ الْقَصَّارِ الْقِيمَةَ وَيُعْطِي الْقَصَّارُ الْخِيَاطَةَ لِلْخَيَّاطِ فَإِنِ امْتَنَعَ أَعْطَاهُ الْخَيَّاطُ قِيمَتَهُ غَيْرَ مَخِيطٍ فَإِنِ امْتَنَعَ كَانَا شَرِيكَيْنِ بِقِيمَةِ الثَّوْبِ وَالْخِيَاطَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا غَلِطَ الغَسال فَدَفَعَ لِرَجُلٍ غَيْرَ ثَوْبِهِ فَلَبِسَهُ فنقصه بلبسه غير عَالم يُنظركم نَقَصَهُ لُبْسُهُ؟ وَكَمْ يَنْقُصُ ثَوْبُهُ لَوْ لَبِسَهُ؟ فَإِنْ زَادَ هَذَا اللُّبْسُ غَرِمَ الزَّائِدَ وَيَغْرَمُ الْغَسَّالُ الْبَقِيَّةَ لِأَنَّهُ بِجِنَايَتِهِ فَإِنْ نَقَصَ غَرِمَ اللُّبْسَ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْغَسَّالِ لِأَخْذِ الْأَرْشِ مِنْ غَيْرِهِ وَلَوْ لَبِسَهُ عَالِمًا غَرِمَ مَا نَقَصَهُ اللُّبْسُ مُطْلَقًا دُونَ الْغَسَّالِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَدِيمًا فَيَغْرَمُ الْغَسَّالُ وَيَتَّبِعُ ذِمَّةَ اللَّابِسِ فَإِنْ لَبِسَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَوْبَ صَاحِبِهِ فَكَمَا تَقَدَّمَ فِي الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ مَنْ أَثَابَ مِنْ صَدَقَةٍ طَعَامًا فَأَكَلَهُ أَوْ ثَوْبًا فَلَبِسَهُ ثُمَّ قِيلَ لَهُ: إِنَّ الصَّدَقَةَ لَا ثَوَابَ فِيهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَوَّنَ مَالَ نَفْسِهِ أَنَّ الْمُثِيبَ سُلِّطَ عَلَى مَالِ نَفْسِهِ وَالْغَسَّالَ سُلِّطَ عَلَى مَالِ غَيْرِهِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا غَلِطَ الْبَائِعُ فَدَفَعَ إِلَيْكَ غَيْرَ ثَوْبِكَ فَقَطَعْتَهُ قَمِيصًا فَلَهُ أَخْذُهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ فَإِنْ خِطْتَهُ دَفَعَ إِلَيْكَ قِيمَةَ الْخِيَاطَةِ لِأَنَّكَ لَمْ تَتَعَدَّ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ: لَا يَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ هَاهُنَا وَفِي مَسْأَلَةِ الْقَصَّارِ بِخِلَافِ اسْتِحْقَاقِ الثَّوْبِ بَعْدَ الْخِيَاطَةِ لِأَنَّهُمَا مُفَرِّطَانِ فِي التَّسَلُّمِ وَالْمُشْتَرِي لَمْ يُفَرِّطْ فَيُشَارِكُ وسوَّى سَحْنُونٌ فِي الشَّرِكَةِ بِالْقِيَاسِ عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ بَعْدَ الْخِيَاطَةِ أَوِ الصَّنْعَةِ فِي الثَّوْبِ أَوِ الْبِنَاءِ فِي الْأَرْضِ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ بَسَطُوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَمْلَاكِهِمْ فِي ظَنِّهِمْ وَالْفَرْقُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بَيْنَ الرَّدِّ عَلَى الْبَائِعِ الْغَالِطِ يَرُدُّ

عَلَيْهِ بِغَيْرِ شَيْءٍ لِلْقَطْعِ وَبَيْنَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ بَعْدَ الْقَطْعِ لَا يُرَدُّ إِلَّا بِنَقْصِ الْقَطْعِ فِي غير المدلس: إِن المُرَاد بِالْعَيْبِ يُمْكِنُهُ التَّمَسُّكُ فَلَمَّا رَدَّ أُلْزَمَ بِالْقَطْعِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا قَالَ لَكَ الْخَيَّاطُ: هَذَا الثَّوْبُ يَكُونُ قَمِيصًا فَاشْتَرَيْتَهُ وَلَمْ يَكُنْ لَزِمَكَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ عَنِ اجْتِهَادِهِ وَكَذَلِكَ الصَّيْرَفِيُّ يَقُولُ: الدِّينَارُ جَيِّدٌ فَيَظْهَرُ خِلَافُهُ فَإِنْ غَرَّا مِنْ أَنْفَسُهِمَا عُوقِبَا وَلَمْ يَغْرَمَا وَقَالَ (ش) وَأَحْمَدُ: إِنْ قُلْتَ: انْظُرْ إِنْ كَانَ يَأْتِي قَمِيصًا فَقَالَ: نَعَمْ فَقُلْتَ: اقْطَعْهُ فَقَطَعَ فَلَمْ يَأْتِ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ قُلْتَ: إِنْ كَانَ يَأْتِي قَمِيصًا فَاقْطَعْهُ ضَمِنَ وَالْفَرْقُ: أَنَّكَ شَرَطْتَ فِي إِذْنِكَ كَوْنَهُ قَمِيصًا وَالْأَوَّلُ لَمْ يَشْتَرِطْ فِيهِ شَيْئًا فَلَمْ يَضْمَنْ قَالَ ابْنُ يُونُسَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: إِذَا غَرَّ عُوقِبَ وَيَرَدُّ الْأُجْرَةَ وَعَنْ مَالِكٍ: يَضْمَنُ وَلَا أَجْرَ لَهُ لِأَنَّ الْجَاهِلَ لَا يَسْتَحِقُّ أَجْرًا وَعَنْهُ: يَضْمَنُ وَلَهُ الْأُجْرَةُ لِعَمَلِهِ قَالَ ابْنُ دِينَارٍ: الْأَجِيرُ عَلَى النَّقْدِ لَا يَضْمَنُ إِذَا أَخْطَأَ فِي الْيَسِيرِ الَّذِي يُخْطَأُ فِي مِثْلِهِ وَإِلَّا ضَمِنَ لِتَقْصِيرِهِ فَإِنْ كَانَ جَاهِلًا وَأَنْتَ تَعْرِفُهُ جَاهِلًا لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّكَ رَضِيتَ بِجَهْلِهِ وَإِلَّا ضَمِنَ إِنِ ادَّعَى الْعِلْمَ وَلِكِلَيْهِمَا الْأُجْرَةُ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا قُلْتَ لِلْخَيَّاطِ: إِنْ كَانَ قَمِيصًا فَاقْطَعْهُ وَإِلَّا فَلَا ضَمِنَ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ غُرُورٌ بِالْفِعْلِ وَالْأَوَّلُ غُرُورٌ بِالْقَوْلِ وَالْأَحْسَنُ: رَدُّ التَّعَدِّي عَلَى الْبَائِعِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لِأَنَّهُ لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ قَمِيصًا لَمْ يَشْتَرِهِ لَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ الْبَائِعُ عَالِمًا بِذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ حَدَّثَ

الْمُشْتَرِيَ مَعَ الْخَيَّاطِ فِي غَيْبَةِ الْبَائِعِ وَلَوْ قَالَ: دُلَّنِي عَلَى جَارِيَةِ فُلَانٍ لِأَشْتَرِيَهَا لِصَنْعَةٍ بَلَغَتْهُ فَدَلَّهُ عَلَى غَيْرِهَا فَاشْتَرَاهَا وَلَمْ يَغُرَّ لَمْ يَضْمَنْ وَاخْتُلِفَ فِي الجُعل فَإِنْ غَرَّ لَمْ يَكُنْ لَهُ جٌُعل وَاخْتُلِفَ فِي ضَمَانِهِ فَإِن كَانَ البَائِع عَاملا بِذَلِكَ فَلَكَ الرَّدُّ عَلَيْهِ وَلَوِ اسْتُؤْجِرَ عَلَى الدَّلَالَةِ عَلَى طَرِيقٍ فَدَلَّ عَلَى غَيْرِهَا وَلَمْ يَغُرَّ: فَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ: لَهُ الْأُجْرَةُ لِأَنَّهُ عَمِلَ وَخَالَفَ أَشْهَبُ لِأَنَّ الْعَمَلَ الْمُسْتَأْجَرَ عَلَيْهِ لَمْ يَعْمَلْهُ بَلْ غَيْرُهُ فَإِنْ ضَلَّ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ وَهُوَ عَلَى الْبَلَاغِ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَإِنْ غَرَّ مِنْ نَفْسِهِ فَلَا أُجْرَةَ وَهَلْ يَضْمَنُ مَا هَلَكَ بِخَطَأِهِ مِنْ بَهِيمَةٍ وَغَيْرِهَا؟ لِأَنَّهُ غُرُورٌ بِالْفِعْلِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذا علم أَنه قرص الْفَأْرِ أَوْ قَامَتِ الْبَيِّنَةُ لَمْ يَضْمَنْ قَالَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ مَالِكٍ: إِذَا ثَبَتَتِ السَّرِقَةُ وَقَالَ: ذَهَبَ الْمَتَاعُ مَعَ مَا سَرَقَ لَمْ يُصَدَّقْ لِأَنَّ الْأَصْلَ: ضَمَانُهُ حَتَّى يَثْبُتَ عَدَمُ التُّهْمَة وَلَو رَدِيء مَحْرُوقًا ضَمِنَ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ النَّارَ مِنْ غَيْرِ سَبَبِهِ فَرْعٌ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ فِي نَظَائِرِهِ: أَرْبَعَةٌ يَضْمَنُونَ مَا يُغابُ عَلَيْهِ إِلَّا أَن تقوم بِبَيِّنَة: الْمُرْتَهِنُ وَالْمُسْتَعِيرُ وَالصَّانِعُ وَالْأَجِيرُ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا خَرَقَ الْحَطَّابُ الثَّوْبَ عَلَى حَبْلِ الصَّبَّاغِ ضُمِنَ دُونَ الصَّبَّاغِ لِأَنَّهُ مُبَاشِرٌ وَالصَّبَّاغُ غَيْرُ مُتَسَبِّبٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ ابْنُ نَافِعٍ: إِلَّا أَن يعلقه فِي مَوضِع مَعْرُوف بمر الْحَطب فَيضمن لَهُ الْحطاب وَلَو حملت

الرِّبْح الثَّوْبَ فَأَلْقَتْهُ فِي قَصْرِيَّةِ صَبَّاغٍ فَزَادَ ثَمَنُهُ تَحَاصَّا فِي الثَّوْبِ أَوْ نَقَصَ فَعَلَى الْقَصَّارِ مَا نَقَّصَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الصَّبَّاغِ قَالَهُ أَشْهَبُ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَسَبَّبْ وَقِيلَ: إِذَا ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ لَا يَضْمَنُ الْقَصَّارُ إِلَّا أَنْ يُعَلِّقَهُ فِي رِيحٍ شَدِيدَةٍ قَالَ سَحْنُونٌ: إِذَا زَادَ الصَّبْغَ فَهُوَ شَرِيكٌ بِالزِّيَادَةِ وَيُبَاعُ لَهُمَا أَوْ نَقَصَهُ لَمْ يَضْمَنْ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ شَيْئًا وَلَوْ سَقَطَ مِنْ يَدِ رَبِّهِ ضَمِنَ قِيمَةَ الصَّبْغِ لِأَنَّ الْخَطَأَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ كَالْعَمْدِ إِجْمَاعًا زَادَ أَوْ نَقَصَ فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ أَشْهَبُ: إِذَا طَحَنَ عَلَى أَثَرِ الْحِجَارَةِ ضَمِنَ مِثْلَ الْقَمْحِ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ رَبُّهُ بِالْحِجَارَةِ وَيَضْمَنَ حَمَّالُ الطَّعَامِ مِثْلَهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي اكْتَرَى إِلَيْهِ وَلَهُ أَجْرُهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ كَقَوْلِهِ فِي الطَّحَّانِ: يَضْمَنُ الْقَمْحَ دَقِيقًا بِرِيعِهِ وَإِذَا ضَاعَ الْقَمْحُ بِوِعَائِهِ عِنْدَهُ ضَمِنَ الْقَمْحَ دُونَ الْوِعَاءِ وَكَذَلِكَ لَوْحُ الْخُبْزِ عِنْدَ الْفَرَّانِ وَجَفْنُ السَّيْفِ عِنْدَ الصَّيْقَلِ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَا يُغَيِّرُونَهَا بِصَنْعَتِهِمْ قَالَ مُحَمَّدٌ: يَضْمَنُ الْمِثَالَ الَّذِي يَعْمَلُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مِنَ الضَّرُورِيَّاتِ لِلنَّاسِ كَالْمَصْبُوغِ وَقَالَ سَحْنُونٌ: لَا يَضْمَنُهُ لِأَنَّهُ لَا يُغَيِّرُهُ وَلَا الْكِتَابَ الَّذِي يَنْسَخُ مِنْهُ قَالَ ابْن حبيب: لَا يضمن لوح الْخَبَر إِنْ سُرِقَ فَارِغًا أَوْ بِالْخُبْزِ ضَمِنَهُ لِأَنَّهُ لَا غِنَى لِلْأَقْرَاصِ عَنْهُ إِلَّا أَنْ يُؤْتَى بِالْخُبْزِ فَيَقْرُصُهُ وَيَخْبِزُهُ وَيَضْمَنُ الصِّحَافَ فَارِغَةً أَوْ مَمْلُوءَةً وَيَضْمَنُ الطَّحَّانُ وِعَاءَ الْقَمْحِ فَارِغًا أَوْ مَمْلُوءًا فَرْعٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا دَفَعْتَ إِلَيْهِ ذَهَبًا فَقَطَعَ مِنْهُ مِثْقَالًا يَعْمَلُهُ خَاتَمًا فَقَالَ: ذَهَبٌ قَبْلَ الْقَطْعِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا يَضْمَنُ إِلَّا الْمِثْقَالَ لِأَنَّهُ صَانِعٌ فِيهِ وَلَوْ اعطاه

خُفَّيْنِ لِيُصْلِحَ أَحَدَهُمَا لَا يَضْمَنُ إِلَّا الْمَعْمُولَ فَرْعٌ قَالَ: إِذَا دَفَعَ الْقَصَّارُ الثَّوْبَ إِلَى قَصَّارٍ آخَرَ وَهَرَبَ وَقَدْ قَبَضَ الْأُجْرَةَ فَلَكَ أَخْذُ الثَّوْبِ بِلَا غُرْمٍ وَيَتَّبِعُ الثَّانِي الْأَوَّلَ لِأَنَّكَ لَمْ تَأْذَنْ قَالَ ابْنُ مُيَسَّرٍ: هَذَا إِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِدَفْعِ الْأُجْرَةِ وَإِلَّا حَلَفَ الثَّانِي: مَا قَبَضَ أَجْرَهُ وَدَفَعَ لَهُ الْأَقَلَّ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ أَوْ أُجْرَةَ الْأَوَّلِ وَيَتَّبِعُ الهارب بِبَقِيَّةِ أُجْرَتِهِ فَرْعٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: لَا يَضْمَنُ الصَّانِعُ مَا حَدَثَ عَنْ صُنْعِهِ إِذَا كَانَ الْغَالِب حُدُوثه كالرمح يقومه والقوس يغمزه وَالْفَصِّ يَنْقُشُهُ إِلَّا أَنْ يَغُرَّ أَوْ يُفَرِّطَ قَالَهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ كَاحْتِرَاقِ الْخَبْزِ عِنْدَ الْفَرَّانِ وَالْغَزْلِ عِنْدَ الْمُبَيِّضِ وَضَمَّنَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ فِيهِمَا فَرْعٌ قَالَ: إِذَا قُلْتَ: أَسْلِمْهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ لِغَسَّالٍ أَوْ مُطَرِّزٍ فَقَالَ: فَعَلْتُ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ أَوْ صَدَّقَهُ وَقَالَ: ضَاعَ عِنْدِي صدقه عبد الْمَلِكِ لِأَنَّه وَكيل فِي الدّفع وَلم يصدقهُ أَصْبَغُ قِيَاسًا عَلَى دَعْوَى الرَّدِّ وَيَخْتَلِفُ إِذَا صَدَّقَهُ فَقَالَ: ضَاعَ مِنِّي وَقَبُولُ قَوْلِهِ أَحْسَنُ فَيَحْلِفُ الصَّانِعُ: لَقَدْ سَلَّمَهُ إِلَيْهِ وَيَحْلِفُ الْآخَرُ: لَقَدْ ضَاعَ وَتَكُونُ مُصِيبَتُهُ مِنْ صَاحبه إِلَّا أَن يكون الثَّانِي متصببا فَيضمن وَإِذا قَالَ الْحمال: أسلمت الْخَزّ لِلْفَرَّانِ حَلَفَ الْفَرَّانُ وَضَمِنَ الْحَامِلُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُصُولِهِ إِلَيْهِ وَإِنْ قَالَ الْفَرَّانُ رَدَدْتُهُ لِلْحَمَّالِ وَكَذَّبَهُ حَلَفَ الْحَمَّالُ وَضَمِنَ الْفَرَّانُ لِأَنَّ الْأَصْلَ: عَدَمُ الرَّدِّ فَرْعٌ قَالَ: إِذَا كَانَ الْفَسَادُ مِنَ الصَّانِعِ بِتَفْرِيطٍ وَمِنَ الْأَجْنَبِيِّ طالبت أَيهمَا

أَرَدْتَ فَإِنْ أَخَذْتَ الصَّانِعَ رَجَعَ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ لِأَنَّهُ تَعَدَّى عَلَيْهِ فِيمَا هُوَ ضَامِنٌ لَهُ أَوْ أَخَذْتَ الْأَجْنَبِيَّ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الصَّانِعِ لِأَنَّهُ لَمْ يُفْسِدْ بَلْ فَرَّطَ فَإِنْ كَانَ مِنَ الصَّانِعِ بِغَلَطٍ أَوْ عَمْدٍ لَكَ الِابْتِدَاءُ بِالصَّانِعِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الضَّمَانِ وَاخْتُلِفَ هَلْ يَرْجِعُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ؟ فَرْعٌ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ: إِذَا سَقَطَ مِنْ يَدِهِ فَانْكَسَرَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَا أُجْرَةَ لِعَدَمِ تَسْلِيمِ الْمَنْفَعَةِ وَإِنْ سَقَطَ مِنْ يَدِهِ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَكَسَرَهُ ضَمِنَ وَالْفَرْقُ: أَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي الْحَمْلِ وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي إِسْقَاطِ شَيْءٍ عَلَيْهِ فَرْعٌ فِي الْكتاب: كل مَا هلك بِسَبَب حامله دَابَّتِهِ فَلَا كِرَاءَ لِعَدَمِ تَسْلِيمِ الْمَنْفَعَةِ وَلَيْسَ لَهُ إِلْزَامُكَ بِأَنْ تَأْتِيَ بِمِثْلِهِ لِيُحْمَلَ حَتَّى يَأْخُذَ الْأُجْرَةَ وَكَذَلِكَ هُرُوبُ الدَّابَّةِ وَغَرَقُ السَّفِينَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ عَلَى الْبَلَاغِ وَقَالَ غَيْرُهُ: فِي الدَّابَّة جَمِيع الْكِرَاء فِي الْهَالِك بعثار وكريه حَمْلُ مِثْلِهِ كَالْهَالِكِ بِاللُّصُوصِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا اكْتَرَيْتَ ثَوْرًا فَكَسَرَ الطَّاحُونَ وَآلَتَهَا لَمْ يَضْمَنْ رَبُّهُ لِأَنَّ فِعْلَ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ إِلَّا أَنْ يَغُرَّكَ أَوْ دَابَّةً عَلَى حَمْلِ دُهْنٍ فَعَثَرَتْ ضَمِنَ قِيَمِ الدُّهْنِ إِنْ غَرَّكَ بِمَوْضِعِ أَثَرِ التَّعَدِّي وَقَالَ غَيْرُهُ: بَلْ بِمَوْضِعِ الْحَمْلِ لِأَنَّهُ مِنْهُ تَعَدٍّي وَإِذَا هَلَكَ الطَّعَامُ بِالزِّحَامِ ضَمِنَ الْمُزَاحِمُ لِأَنَّهُ مُتْلِفٌ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ أَفْرَطَ فِي ضَرْبِ دَابَّتِهِ أَوْ سَوْقِهَا أَوْ فعل ماليس لَهُ فِعْلُهُ وَإِلَّا فَلَا

فَرْعٌ إِذَا أَكْرَى الْمُكْتَرِيَ لِغَيْرِهِ دَارًا فَهَدَمَهَا الثَّانِي ضَمِنَ دُونَ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ قَالَ اللَّخْمِيُّ: لَوْ هَدَمَهَا الْمُكْتَرِي خُيِّرْتَ بَيْنَ قِيمَتِهَا غَيْرَ مَكْرِيَّةٍ وَيَنْفَسِخُ الْكِرَاءُ أَوْ قِيمَتِهَا مُسْتَثْنَاةَ الْمَنَافِعِ وَيَكُونُ لَهُ الْكِرَاءُ وَلَوْ هَدَمْتَهَا أَنْتَ خير بَين فسخ الْكِرَاء وَأخذ فَضْلِ الْكِرَاءِ مِنَ الْمُسَمَّى وَيَسْقُطُ مَقَالُ الْمُكْتَرِي فِي هَدْمِ الْمَبْنِيِّ لِأَنَّهُ سَلَّمَ الْمَنَافِعَ وَتُخَيَّرُ أَنْتَ بَيْنَ تَضْمِينِ الْأَجْنَبِيِّ قِيمَتَهَا عَلَى أَنْ لَا كِرَاءَ فِيهَا أَوْ قِيمَتِهَا مُسْتَثْنَاةَ الْمَنَافِعِ وَتَأْخُذُ الْمُسَمَّى لِأَنَّهُ كَانَ لَكَ عَلَى الْمُكْتَرِي فَأَبْطَلَهُ بِالْهَدْمِ أَصْلًا أَمَّا إِنْ أَكْرَاهَا الْمُكْتَرِي فَهَدَمَهَا صَاحِبُهَا بُدِئَ بِالْمُكْتَرِي الْآخَرِ فَإِنْ رَضِيَ بِفَسْخِ الْكِرَاءِ كَانَ الْمَقَالُ لَهُ وَصَاحِبُ الدَّارِ يَتَخَيَّرُ فِي فَسْخِ الْكِرَاءِ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ يَأْخُذُ فَضْلَ قِيمَةِ الْكِرَاءِ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ حَقُّهُ أَوْ فَضْلَ مَا اكْتَرَى بِهِ مِنَ الْآخَرِ عَنِ الْمُسَمَّى إِنْ كَانَ أَكْثَرَ لِأَنَّهُ أَبْطَلَهُ عَلَيْهِ بِالْهَدْمِ وَإِنْ هَدَمَهَا الْمُكْتَرِي الْأَوَّلُ خُيِّرَ رَبُّهَا بَيْنَ قِيمَتِهَا الْآنَ غَيْرَ مُكْتَرَاةٍ وَيُفْسَخُ الْكِرَاءُ أَوْ قِيمَتِهَا عَلَى أَنَّهَا لَا تُقْبَضُ إِلَّا بعد مُدَّة لاإجارة وَيَأْخُذُ مِنْهُ الْكِرَاءَ وَيَكُونُ الْمَقَالُ بَيْنَ الْمُتَكَارِيَيْنِ فَيرجع الآخر عَلَى الْأَوَّلِ بِفَضْلِ قِيمَةِ الْكِرَاءِ أَوْ يَفْسَخُ الْكِرَاءَ عَنْ نَفْسِهِ إِنْ كَانَ الْمُسَمَّى أَكْثَرَ وَإِنْ هَدَمَهَا الْمُكْتَرِي الْآخَرُ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا غَيْرَ مَكْرِيَّةٍ أَوْ قِيمَتُهَا عَلَى أَنَّهَا تُقْبَضُ بَعْدَ مُدَّةِ الْكِرَاءِ أَوْ يَغْرَمُ الْكِرَاءَ لِرَبِّ الدَّارِ مَعَ الْقِيمَةِ وَلِلْمُكْتَرِي الْأَوَّلِ الرُّجُوعُ عَلَى الثَّانِي بِفَضْلِ الْكِرَاءِ وَإِنْ هَدَمَهَا أَجْنَبِيٌّ خُيِّرْتَ بَيْنَ تَغْرِيمِهِ قِيمَتَهَا غَيْرَ مَكْرِيَّةٍ أَوْ عَلَى أَنَّهَا تُقْبَضُ بَعْدَ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَتَأْخُذُ مِنْهُ الْكِرَاءَ وينفسخ الْكِرَاء لِأَنَّهُ لَك ملك الرَّقَبَة بِالْأَصَالَةِ وَالْأُجْرَةَ بِالْعَقْدِ وَلَا مَقَالَ لِوَاحِدٍ مِنَ الْمُتَكَارِيَيْنِ عَلَى الْآخَرِ فَرْعٌ فِي النَّوَادِرِ: الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي الصَّنْعَةِ يَضْمَنُ الْإِفْسَادَ وَالْجِنَايَةُ فِي ذمَّته

كَالْحُرِّ بِجَامِعِ زَوَالِ الحِجر فَرْعٌ قَالَ: الْمُسْتَأْجَرُ عَلَى حِرَاسَةِ بَيْتٍ فَيَنَامُ فَيُسْرَقُ الْبَيْتُ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَضْمَنُ وَلَهُ الْأُجْرَةُ وَكَذَلِكَ الْخَيْلُ وَالْغَنَمُ إِلَّا أَنْ يُفرط فَرْعٌ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إِذَا ابْتَلَّ الطَّعَامُ فِي السَّفِينَةِ بَلَلًا مُفْسِدًا ضَمِنُوا إِذَا لَمْ يَكُنْ رَبُّهُ مَعَهُ لِأَنَّهُ يُتَّهَمْ فِي أَخْذِهِ وَيَبُلُّ الْبَاقِيَ لِيَزِيدَ فَإِنْ كَانَ بَلَلًا لَا يَزِيدُ: فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ وَإِنْ شَكَّ فِيهِ: اخْتَلَفُوا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَحَيْثُ ضَمِنُوا فَلَا يَأْخُذُ فِي النَّقْصِ ذَهَبا إِن أركى بِذَهَب إِن نقد والإجاز خَشْيَةَ النَّسِيئَةِ فِي النَّقْدِ وَلَهُ أَخْذُ الشَّعِيرِ فِي الشَّعِيرِ لِأَنَّ الْهَلَاكَ يُوجِبُ غُرْمَ الْمِثْلِ فَرْعٌ قَالَ: لَوِ اسْتَأْجَرَ نَوَاتِيَّةً فِي السَّفِينَةِ يَحْمِلُونَ لِلنَّاسِ ضَمِنُوا وَكَذَلِكَ فِي الظَّهْرِ قَالَهُ مَالِكٌ: لِوُجُودِ التُّهْمَةِ فَرْعٌ قَالَ: إِذَا اكْتَرَى دَابَّةً لَا يُصَدَّقُ فِي مَوْتِهَا إِلَّا بِبَيِّنَةٍ إِنْ كَانَ فِي جَمَاعَةٍ وَإِلَّا صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ وَيُصَدَّقُ فِي رَدِّهَا إِلَّا أَنْ يَقْبِضَهَا بِبَيِّنَةٍ وَيُصَدَّقُ فِي ذَهَابِهَا مُطْلَقًا وَكَذَلِكَ وُقُوفُهَا فِي الطَّرِيقِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: فَإِنِ اشْتَرَطَ ضَمَانَهَا فَهُوَ فَاسِدٌ لِمُنَاقَضَةِ الْعَقْدِ قَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ حَبَسَهَا بَعْدَ الْكِرَاءِ ضَمِنَهَا لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ وَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْمِثْلِ إِنْ سَلَّمْتَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: أَمَّا السَّاعَةُ فَلَا يَلْزَمُهُ إِلَّا كِرَاؤُهَا عَلَى قَدْرِ مَا حَبَسَهَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إِنْ حَبَسَهَا بَعْدَ الشَّرْطِ الْأَيَّامَ الْيَسِيرَةَ فَأَتَى بهَا تَغَيُّرًا شَدِيدًا خُيِّرَ بَيْنَ قِيمَتِهَا بَعْدَ الشَّرْطِ وَكِرَائِهَا الْأَوَّلِ أَوِ الدَّابَّةِ

وَكِرَاءِ الْحَبْسِ وَالْكِرَاءِ الْأَوَّلِ وَإِنْ حَبَسَهَا أَيَّامًا كَثِيرَةً حَتَّى حَالَتْ أَسْوَاقُهَا: خُيِّرَ رَبُّهَا وَإِنْ لَمْ تَتَغَيَّرْ وَالْعَارِيَّةُ مِثْلُهَا فِي حَبْسِهَا فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ تَمْهِيدٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: الْهَالِكُ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ: مَا هَلَكَ بِسَبَبِ حَامِلِهِ مِنْ عثار أَو ضعف حَبل لم يغرمنه أَوْ ذَهَابِ دَابَّةٍ أَوْ سَفِينَةٍ بِمَا فِيهَا فَلَا ضَمَانَ وَلَا أُجْرَةَ وَلَا عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِمِثْلِهِ لِيَحْمِلَهُ قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ غَيْرُهُ: مَا هَلَكَ بِعِثَارٍ كَالْهَالِكِ بِأَمْرٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ: لِرَبِّ السَّفِينَةِ بِحِسَابِ مَا بَلَغَتْ وَمَا غَرَّ فِيهِ بِضَعْفِ حَبْلٍ يَضْمَنُ فِيهِ الْقِيمَةَ بِمَوْضِعِ الْهَلَاكِ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ أَثَرِ التَّفْرِيطِ وَلَهُ مِنَ الْكِرَاءِ بِحِسَابِهِ وَقِيلَ: مَوْضِعُ الْحَمْلِ مِنْهُ لِأَنَّ مِنْهُ ابْتِدَاءَ التَّعَدِّي وَمَا هَلَكَ بِأَمْرٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بِالْبَيِّنَةِ فَلَهُ الْكِرَاءُ كُلُّهُ وَعَلَيْهِ حَمْلُ مِثْلِهِ مِنْ مَوْضِعِ الْهَلَاكِ وَمَا هَلَكَ بِقَوْلِهِمْ مِنَ الطَّعَامِ لَا يُصَدَّقُونَ فِيهِ لِامْتِدَادِ الْأَيْدِي إِلَيْهِ وَلَهُمُ الْكِرَاءُ كُلُّهُ لِأَنَّهُمُ اسْتَحَقُّوهُ بِالْعَقْدِ وَمَا هَلَكَ بِأَيْدِيهِمْ مِنَ الْعُرُوضِ يُصَدَّقُونَ فِيهِ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ وَلَهُمُ الْكِرَاءُ كُلُّهُ وَعَلَيْهِمْ حَمْلُ مِثْلِهِ مِنْ مَوْضِعِ الْهَلَاكِ لِأَنَّهُمْ لَمَّا صُدِّقُوا أَشْبَهَ مَا هَلَكَ بِأَمْرٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَهُمْ مِنَ الْكِرَاءِ بِحِسَابِ مَا بَلَّغُوا وَيُفْسَخُ الْكِرَاءُ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَا يَعْلَمُ إِلَّا مِنْ قَوْلِهِمْ أَشْبَهَ مَا هَلَكَ بِعِثَارٍ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا زَادَ الطَّعَامُ أَوْ نَقَصَ مَا يُشْبِهُ فَلَا شَيْءَ لَهُمْ وَلَا عَلَيْهِم وَمَا

لَا يُشْبِهُ وَقَالُوا: زِدْنَاهَا غَلَطًا وَصَدَّقْتَهُمْ أَخَذْتَهَا وَغَرِمْتَ كِرَاءَهَا أَوْ أَنْكَرْتَ صُدِّقْتَ وَلَكَ تَرْكُهَا لِأَنَّهُ قد يغترق الْكِرَاءُ لَهُمْ وَإِنْ زَادَ الْكَيْلُ لَيْسَ لَكَ أَخْذُ الزِّيَادَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ مَعْرُوفَةً عِنْدَ النَّاسِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا اكْتُرِيَتِ الزِّيَادَةُ أَوْ كَانَ الْحَمَّالُ غَلِطَ بِحَمْلِهَا لَكَ أَخْذُهَا وَدَفْعُ كِرَائِهَا وَتُضَمِّنُهُ مِثْلَهَا بِمَوْضِعِ الْحَمْلِ لِأَنَّكَ لم تَأمر بِحَمْلِهَا فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: فَإِنْ حَمَلَ غَيْرَ الْمَتَاعِ غَلَطًا خُيِّرْتَ بَيْنَ تَضْمِينِهِ الْقِيمَةَ بِمَوْضِعِ الْحَمْلِ قَالَ أَشْهَبُ: وَلَا كِرَاءَ لَهُ بِحَمْلِهِ غَيْرَ الْمَأْذُونِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَهُ الْكِرَاءُ لِحُصُولِ الْمَنْفَعَةِ وَلَيْسَ لَكَ تَكْلِيفُهُ رُدَّهُ لِعَدَمِ اقْتِضَاءِ الْعَقْدِ ذَلِكَ وَلَا لِلْحَمَّالِ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ إِذَا أَرَدْتَ أَخْذَهُ لِأَنَّهُ مَالِكٌ والكراء بَيْنكُمَا قَائِم فيجع لِيَحْمِلَ مَا اسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ وَقَالَ أَصْبَغُ: عَلَيْهِ رَدُّهُ وَهُوَ فِي ضَمَانِهِ فِي رَدِّهِ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِإِخْرَاجِهِ فَإِنْ حَمَلَهُ تَعَدِّيًا: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: خُيِّرْتَ بَيْنَ قِيمَتِهِ وَأَخْذِهِ بِغَيْرِ كِرَاءٍ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ لِلْحَمَّالِ مَنْعُ مَا أَكْرَى عَلَيْهِ من الْعرُوض حَتَّى يقبضوا كرائهم وَيَضْمَنُوهَا ضَمَانَ الرِّهَانِ وَلَهُمُ الْكِرَاءُ كُلُّهُ ضَمِنُوا أَمْ لَا لِتَوْفِيَةِ الْحَمْلِ وَلِلصُّنَّاعِ مَنْعُ مَا عَمِلُوا حَتَّى يَقْبِضُوا أُجُورَهُمْ فَإِنْ هَلَكَ ضَمِنُوا وَالْأُجْرَة لَهُم لعدم التَّسْلِيم

فِي الْكتاب: لَا يضم الطَّعَامَ إِذَا كُنْتَ مَعَهُ مَعَ الدَّابَّةِ أَوِ السَّفِينَةِ وَإِلَّا فَلَا يُصَدَّقُ فِي الطَّعَامِ وَاِلَّإدَامَ لِلتُّهْمَةِ فِي امْتِدَادِ الْأَيْدِي إِلَيْهِ إِلَّا بِبَيِّنَةِ أَنَّ التَّلَفَ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِمْ وَيُصَدَّقُونَ فِي الْعُرُوضِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ مَالِكٌ: إِنْ شَرَطُوا الضَّمَانَ فِي غَيْرِ الطَّعَامِ أَوْ عَدَمَ الضَّمَانِ فِيهِ فَسَدَ الْعَقْدُ لِمُنَاقَضَتِهِ الْعَقْدَ فَإِنْ فَاتَ ضَمِنُوا الطَّعَامَ دُونَ غَيْرِهِ وَلَهُمْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: الَّذِي يَضْمَنُونَ مَا كَانَ طَعَامًا أَوْ إِدَامًا كَالْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ وَالدَّقِيقِ والسلت والذرة والدخن والعدس والكرسنة بِخِلَافِ الْأُرْزِ لِأَنَّهُ لَا يُتَفَكَّهُ بِهِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَعَلَّ هَذَا بِغَيْرِ بَلَدِ الْأُرْزِ وَيضمن الفول والحمص وللوبيا وَالْجُلْبَانُ بِخِلَافِ التُّرْمُسِ لِأَنَّهُ تَفَكُّهٌ وَمِنَ الْإِدَامِ: الزَّيْت وَالْعَسَل وَالسمن والخل بِخِلَاف المري وَالرَّبِّ وَالْأَشْرِبَةِ الْحَلَالِ وَالْجُبْنِ وَاللَّبَنِ وَالزُّبْدِ وَاللَّحْمِ وَالْبَيْضِ وَالْإِبْزَارِ وَخُضْرِ الْفَوَاكِهِ رَطْبِهَا وَيَابِسِهَا إِلَّا التَّمْرَ وَالزَّبِيبَ وَالزَّيْتُونَ وَالْمِلْحَ وَلَا تُضْمَنُ الْأَدْهَانُ وَيُصَدَّقُونَ فِي هَلَاكِ كُلِّ مَا لَا يُضْمَنُ كَالْعُرُوضِ قَالَ: وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ حَبِيبٍ اسْتِحْسَانٌ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عَامٌّ فِي الطَّعَامِ وَالْإِدَامِ وَإِذَا كَانَ يُصْحَبُ الطَّعَامُ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ دُونَ بَعْضٍ: قَالَ مُحَمَّدٌ: سَقَطَ الضَّمَانُ لِأَنَّ الْأَصْلَ: حَمْلُهُ عَلَى غَيْرِ التَّسْلِيمِ وَقِيلَ: إِنْ فَارَقَهُ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ أَوْ لَا يَرْجُو أَنْ يُدْرِكَهُ ضَمِنُوا لِاسْتِقْلَالِهِمْ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الْقَابِسِيُّ: إِذَا وَكَّلَهُ عَلَى كَيْلِ الطَّعَامِ فِي السَّفِينَةِ وَغَابَ ثُمَّ تَرَكَهُ مَعَهُ فَإِنْهُ يَضْمَنُ وَإِذَا صَدَّقْنَا الْحَمَّالَ فِي الْعُرُوضِ فَلَهُ الْكِرَاءُ كُله وَعَلِيهِ مِثْلُهُ لِصَاحِبِهِ بَقِيَّةَ الطَّرِيقِ كَمَنْ لَمْ يَحْمِلْ شَيْئًا لِعَدَمِ الْمَنْفَعَةِ لِلْأَجْرِ أَوْ يَكْرِي ذَلِكَ فِي مِثْلِهِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَهُ مِنَ الْكِرَاء بِحِسَابِهِ إِلَى مَوضِع ابْن حبيب: لَهُ من الْكِرَاء دَعْوَاهُ التَّلَفَ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ تَلَفُهُ مِنْ سَبَبِهِ وَلَوْ بَاعَ الطَّعَامَ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ بِغَيْرِ إِذْنِ رَبِّهِ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَهُ أَخْذُ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ

فُضُولِيٌّ يَصِحُّ عِنْدَنَا أَوْ مِثْلِهِ بِمَوْضِعِ الْمَحْمُولِ إِلَيْهِ لِأَنَّ لَهُ إِبْطَالَ الْعَقْدِ وَهُوَ مِنْ ذَوَات الْأَمْثَال فَإِن أَخذ اثمن فَلَهُ أَنْ يَحْمِلَهُ مِثْلُهُ مِنْ مَوْضِعِ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ بَقِيَّةُ الْعَقْدِ وَقِيلَ: إِنَّمَا يَضْمَنُ الطَّعَامَ إِذَا ادَّعَى ضَيَاعَهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَصِلُ إِلَيْهِ إِذَا أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ وَصَلَ إِلَى الْمَوْضِعِ وَإِلَّا فَفِي مَوْضِعِ الضَّيَاعِ قَالَ: وَالصَّوَابُ ضَمَانُهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي أَكْرَى إِلَيْهِ وَلَا وَجْهَ لِلتَّفْرِقَةِ لِأَنَّهُ ضَمِنَهُ قَبْلَ ذَلِكَ

(الباب الثالث في موجبات الفسخ)

(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي مُوجِبَاتِ الْفَسْخِ) وَهِيَ: إِمَّا فَوَاتُ بَعْضِ الْمَنْفَعَةِ أَوْ كُلِّهَا إِمَّا عُرْفًا أَوْ شَرْعًا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ فَوَاتُ بَعْضِ الْمَنْفَعَةِ وَفِي الْكِتَابِ: اسْتَأْجَرَهَا عَلَى صَبِيَّيْنِ حَوْلَيْنِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ حَوْلٍ وُضِعَ عَنْهُ بَعْضُ الْأُجْرَةِ إِلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ الْأَزْمِنَةُ فِي الْكِرَاءِ مِنَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ وَصَبِيٌّ صَغِيرٌ وَكَبِيرٌ فَيُحْسَبُ ذَلِكَ ثُمَّ لَهَا أَنْ تُرْضِعَ مَعَ الْبَاقِي غَيْرَهُ لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى الْمُشَارَكَةِ وَلَوْ آجَرَهَا عَلَى صَبِيٍّ لَمْ يَكُنْ لَهَا إِرْضَاعُ غَيْرِهِ لِاسْتِحْقَاقِهِ جُمْلَةَ الرَّضَاعِ وَلَوْ آجَرَهُمَا لِصَبِيَّيْنِ فَمَاتَتْ إِحْدَاهُمَا فللباقية أَن لَا تُرْضِعَ وَحْدَهَا لِدُخُولِهَا عَلَى الْمُسَاعَدَةِ كَذَلِكَ الْأَجِيرَانِ فِي رِعَايَةِ غَنَمٍ وَلَوْ آجَرَ الثَّانِيَةَ تَطَوُّعًا فَمَاتَتْ فَعَلَى الْأُولَى الرَّضَاعُ كَمَا كَانَتْ لِدُخُولِهَا عَلَى الِاسْتِقْلَالِ فَإِنْ مَاتَتِ الْأُولَى فَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِمَنْ يُرْضِعُ مَعَ الثَّانِيَةِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ: إِذَا اسْتَأْجَرَ وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ إِنَّمَا يَكُونُ لِلثَّانِيَةِ مَقَالٌ إِذَا عَلِمَتْ عِنْدَ الْعَقْدِ بِالْأُولَى وَإِلَّا فَلَا لِدُخُولِهَا عَلَى الِانْفِرَادِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ سَحْنُونٌ: إِذَا: مَاتَ أَحَدُ الصَّبِيَّيْنِ انْفَسَخَتِ الْإِجَارَةُ لِعَدَمِ انْضِبَاطِ حِصَّتِهِ وَكَذَلِكَ إِذَا مَاتَتْ إِحْدَى الظِّئْرَيْنِ

فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا انْهَدَمَ مِنَ الْحَمَّامِ أَوِ الدَّارِ مَا أَضَرَّ بِالْمُكْتَرِي فَأَرَادَ فَسْخَ الْإِجَارَةِ وَأَبَى رَبُّهَا وَأَرَادَ الْإِصْلَاحَ قُدِّمَ الْمُكْتَرِي لِأَنَّ فِي الِانْتِظَارِ ضَرَرًا فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا صَحَّ مَرَضُ الْعَبْدِ فُسِخَ الْكِرَاءُ وَيَسْقُطُ كِرَاءُ أَيَّامِ الْمَرَضِ فَإِذَا صَحَّ فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ عَادَ إِلَى عَمَلِهِ بِخِلَافِ صِحَّةِ الدَّابَّةِ لضَرَر الْمُسَافِر فِي الصَّبْر علبها فَيَكْتَرِي غَيْرَهَا فَلَوْ رَضِيَ بِانْتِظَارِهَا وَأَرَادَ رَبُّهَا بَيْعَهَا وَالْمَرَضُ نَحْوَ الْيَوْمَيْنِ مِمَّا لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الْكَرْيِ حَبَسَ وَإِلَّا فَسَخْتَ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ: افْتِرَاقُ الْجَوَابِ فِي الْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ لِاخْتِلَافِ السُّؤَالِ فَالْعَبْدُ فِي الْحَضَرِ وَالدَّابَّةُ فِي السَّفَرِ وَلَوْ كَانَتْ فِي الْحَضَرِ وَالْأَجِيرُ فِي السَّفَرِ اسْتَوَى الْجَوَابُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: يَعُودُ الْعَبْدُ لِبَقِيَّةِ الْمُدَّةِ إِلَّا أَنْ يَتَفَاسَخَا لِبُطْلَانِ الْعَقْدِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا انْهَدَمَ مِنَ الْحَمَّامَيْنِ وَجْهُ الصَّفْقَةِ رُدَّ الْجَمِيعُ وَإِلَّا لَزِمَ الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: انْهِدَامُ بَعْضِ الدَّارِ إِنْ كَانَ يَسِيرًا أَوْ كَثِيرًا لَا يضر كانهدام الشَّرّ فَاتَ فَلَا مقَال فَعدم الضَّرَرِ وَمَا فِيهِ ضَرَرٌ يَسِيرٌ سَقَطَ مِنَ الْكِرَاء بِقَدرِهِ الِاسْتِحْقَاق أَوْ أَضَرَّ كَثِيرًا فَلِلْمُكْتَرِي رَدُّ الدَّارِ فَإِنْ شَاءَ سَكَنَ بِجَمِيعِ الْأُجْرَةِ قَالَهُ عَبْدُ الْحَقِّ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِنْ سَكَنَ حُطَّ عَنْهُ مِنَ الْكِرَاءِ بِحِصَّتِهِ لِذَهَابِ بَعْضِ الْمُعَوَّضِ عَلَيْهِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ: لَوْ لَمْ يَبْقَ إِلَّا الْقَاعَةُ فَلَهُ الْمَقَامُ بِجَمِيعِ الْكِرَاءِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: لَا يُفْسَخُ وَلَا يُنْقصُ الْكِرَاءُ بِهَدْمِ الشُّرُفَاتِ

إِلَّا أَنْ يَكُونَ زَادَ فِي الْكِرَاءِ لِأَجْلِهَا وَإِنْ ذَهَبَ الْبَيَاضُ وَحَالُهَا نُقِضَ الْكِرَاءُ إِلَّا أَنْ يُصْلِحَهُ وَلَهُ الْخُرُوجُ وَإِنِ انْكَشَفَتْ مِنْ حَائِطٍ وَنَفَقَتُهُ يَسِيرَةٌ أُجْبِرَ رَبُّهَا عَلَى الْإِصْلَاحِ وَإِنِ انْهَدَمَ بَيْتٌ دَاخِلَهَا وَهُوَ أَقَلُّ الصَّفْقَةِ حَطَّ مَا يَنُوبُهُ الْقسم الثَّانِي فَوَاتُ كُلِّ الْمَنْفَعَةِ عُرْفًا قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا انْقَطَعَ مَاءُ الرَّحَا وَلَا تُرْجَى عَوْدَتُهُ إِلَّا بَعْدَ بُعْدٍ: فَلَهُ الْفَسْخُ لِعَدَمِ تَسْلِيمِ الْمَنْفَعَةِ أَوْ يُرْجَى عَلَى الْقُرْبِ لَمْ يُفْسَخْ لِقِلَّةِ الضَّرَرِ وَحَيْثُ فُسِخَ ثُمَّ عَادَ عَنْ قُرْبٍ فَهَلْ يَبْطُلُ الْفَسْخُ لِبُطْلَانِ السَّبَبِ أَوْ لَا لِأَنَّهُ بَطَلَ الْعَقْدُ فَلَا يَعُودُ إِلَّا بِإِنْشَاءٍ آخَرَ قَوْلَانِ فَإِنْ لَمْ يَتَفَاسَخَا حَتَّى عَادَ الْمَاءُ عَنْ قُرْبٍ بَطَلَ الْفَسْخُ أَوْ عَنْ بُعْدٍ عَادَ الْخِلَافُ: هَلْ عَدَمُ الْمَنَافِعِ فَسْخٌ أَوْ حَتَّى يَفْسَخَا وَكَذَلِكَ السَّفِينَةُ يَأْتِي عَلَيْهَا الشِّتَاءُ ثُمَّ يَعُودُ الصَّيْفُ فِيهَا (قَوْلَانِ وَارْتِحَالُ النَّاسِ عَنِ الْمَحَلَّةِ يَفْسَخُ كِرَاءَ الدَّارِ لِتَعَذُّرِ اسْتِقْرَارِ الْإِنْسَانِ وَحْدَهُ وَكَذَلِكَ الْفُنْدُقُ وَحَيْثُ عَادَ الْمَاءُ فِي الرَّحَا إِنِ اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ انْقِطَاعِهِ وَاخْتَلَفَا فِي وَقْتِ رُجُوعِهِ صُدِّقَ الْمُكْتَرِي لِأَنَّ الْأَصْلَ: برائته مِنَ الْأُجْرَةِ وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي وَقْتِ الِانْقِطَاعِ وَالرُّجُوعِ صُدِّقَ الْمُكْرِي عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْمَاءُ ابْتِدَاءً وَالْمُكْتَرِي عِنْدَ سَحْنُونٍ لِبَرَاءَتِهِ مِنَ الْأُجْرَةِ فَإِنْ لَمْ يَعُدْ حَتَّى انْقَضَتِ السَّنَةُ وَاخْتَلَفَا فِي وَقْتِ الِانْقِطَاعِ فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُصَدَّقُ الْمُكْرِي وَعَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ: الْمُكْتَرِي وَلَوْ كَانَتْ دَارًا وَاتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ الِانْهِدَامِ وَاخْتَلَفَا فِي وَقْتِ الْإِعَادَةِ صُدِّقَ الْمُكْتَرِي اسْتِصْحَابًا لِلْحَالَةِ وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي وَقْتِ الِانْهِدَامِ وَاتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ الْإِعَادَةِ: صُدِّقَ الْمُكْتَرِي عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ فَإِنْ لَمْ يُعِدِ الْبِنَاءُ فَعَلَى مِثْلِ ذَلِكَ الِاخْتِلَافُ قَالَ

أَشهب إِذا قَالَ الْأَجِير عملت السّنة وَالْمُسْتَأْجر بَلْ بَطَّلْتَ صُدِّقَ الْمُسْتَأْجِرُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعَمَلِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَسَوَاءٌ كَانَ مُنْقَطِعًا إِلَيْهِ أَمْ لَا وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَأْوَاهُ إِلَيْهِ وَإِلَّا صُدِّقَ الْأَجِيرُ حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا لِأَنَّ الْغَالِبَ مَعَ الْإِقَامَةِ عِنْدَهُ الْعَمَلُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ كَانَ عَبْدًا يَأْوِي عِنْدَهُ صُدِّقَ الْمُسْتَأْجِرُ نَقَدَ أَمْ لَا لِأَنَّهُ لَمَّا أَوَى عِنْدَهُ فَقَدْ أُمِنَ عَلَيْهِ فَيُصَدَّقُ وَكَذَلِكَ لَوِ ادَّعَى أَيَّامًا فَإِنْ كَانَ يَخْتَلِفُ إِلَيْهِ صُدِّقَ السَّيِّدِ وَيُصَدَّقُ الْحُرُّ كَانَ يَأْوِي إِلَيْهِ أَمْ لَا قَبَضَ الْأُجْرَةَ أَمْ لَا لِأَنَّ الْأَصْلَ الْوَفَاءُ بِالْعَقْدِ قَالَ وَقَوْلُ أَشْهَبَ أَحْسُنُ بِخِلَافِ الْمَاءِ وَالدَّارِ لِأَنَّهُمَا سُلِّمَا تَسْلِيمًا وَاحِدًا وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُمَا حَتَّى يُعْلَمَ خِلَافُهُ وَمَنَافِعُ الْأَجِيرِ بِيَدِهِ يُسَلِّمُهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنِ ادَّعَى هَدْمَ الدَّارِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَحَدٌ لَمْ يُصَدَّقُ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْعَادَةِ وَإِذَا قَالَ السَّاكِنُ لَمْ أَسْكُنْ إِلَّا كَذَا صُدِّقَ عِنْدَ مَالِكٍ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ السُّكْنَى وَفِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ رَبُّ الرَّحَا وَالدَّارِ قَدِ انْقَضَتِ السَّنَةُ وَقَالَ الْمُكْتَرِي لبل شَهْرَانِ وَقَدِ انْهَدَمَتِ الدَّارُ الْآنَ أَوِ انْقَطَعَ مَاء الرحا صدق الْمُكْتَرِي أَن الْأَصْلَ عَدَمُ التَّسْلِيمِ فِي الْمَنْفَعَةِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ مَرَضُ الْعَبْدِ الْمَرَضَ الْبَيِّنَ وَإِبَاقُهُ فِي الْمُدَّةِ يُوجِبُ الْفَسْخَ فَإِنْ صَحَّ أَوْ رَجَعَ فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ لَزِمَهُ إِتْمَامُهَا تَوْفِيَةً لِلْعَقْدِ قَالَ غَيْرُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فَسَخَ ذَلِكَ وَقَالَ فِي غَيْرِ هَذَا التَّمَادِي حَتَّى يَتَفَاسَخَا قَبْلَ ذَلِكَ لِلتَّمَكُّنِ مِنْ

الْمَنْفَعَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَكَذَلِكَ الدَّارُ يَنْهَدِمُ بَعْضُهَا ثُمَّ يَصْلُحُ قَبْلَ الْفَسْخِ قَبْلَ تَمَامِ الْمدَّة فَإِن انْهَدَمت كلهَا وانتقل الْمُكْتَرِي عَنْهَا لَمْ تَعُدِ الْإِجَارَةُ بِالْبِنَاءِ لِأَنَّهَا دَارٌ غَيْرُ الْأُولَى وَلَوْ بَنَاهَا مِثْلَهَا بَلْ ذَلِكَ كَمَوْتِ الْعَبْدِ الْمُسْتَأْجَرِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَإِنْ كَانَ الْجُلَّ كَانَ لَهُ الْخُرُوجُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَيْسَ لَهُ مَنْعُ الْمُكْتَرِي مِنَ الْإِصْلَاحِ مِنْ مَالِهِ لِأَنَّهُ مُضَارٌّ بِمَنْعِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا انْهَدَمَ مِنْ حَمَّامٍ أَوْ رَحًا مَا يَضُرُّ بِالْمُكْتَرِي قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ أضربه فِي التأحير إِلَى الْإِصْلَاحِ فَلَهُ الْفَسْخُ وَإِلَّا فَلَا وَلَوِ اسْتَأْجرهُ على عجن وبية فِي هَذَا الْيَوْمِ أَوْ يَطْحَنُ لَهُ فِي هَذَا الشَّهْر كل يَوْم وبية لَا يَضُرُّ فَوَاتُ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَيَعْمَلُ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّ الَّذِي يَعْدِمُ الْوَقْتَ فِيهِ مَقْصُودٌ وَهَاهُنَا الْمَقْصُودُ الْعَمَلُ وَكَذَلِكَ السَّقْيُ يَشْتَرِطُ عَلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ قِرْبَةً وَلَوِ اسْتَأْجَرَ الْعَبْدَ شَهْرًا على أم لَهُ رَاحَةَ يَوْمَيْنِ فَبَطَلَ أَكْثَرُ مِنْهُمَا قَالَ مَالِكٌ إِنْ شَرَطَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ النَّفَقَةَ فِي يَوْمِ الرَّاحَةِ حُوسِبَ عَلَى الْبِطَالَةِ مِنْ حِسَابِ ثَلَاثِينَ وَإِلَّا حُوسِبَ عَلَى ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ لِأَنَّهَا مُدَّةُ الْعَقْدِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا هَطَلَ الْبَيْتُ لَمْ يُجْبَرِ الْمُكْرِي عَلَى الطَّرِّ لِأَنَّهُ سَلَّمَ الْبَيْتَ وَلِلْمُكْتَرِي طَرُّهُ مِنَ الْأُجْرَةِ وَلَهُ الْخُرُوجُ فِي الطَّرِّ الْبَيِّنِ إِلَى أَنْ يَطِرَّهَا رَبُّهَا وَقَالَ غَيْرُهُ: الطَّرُّ وَكَنْسُ الْمَرَاحِيضِ مِمَّا يَلْزَمُ ربَّ الدَّارِ وَكَذَلِكَ لَوِ انْهَدَمَتِ الدَّارُ أَوْ بَيْتًا مِنْهَا لَمْ يُجْبِرْ عَلَى الْبُنْيَانِ بَلْ لِلْمُكْتِرَي الْخُرُوجُ إِنْ تَضَرَّرَ ويقاصُّه مِنَ الْكِرَاءِ بِحِسَابِ مَا سَكَنَ وَإِلَّا فَلَا وَلَيْسَ لَهُ الْإِصْلَاحُ مِنَ الْكِرَاءِ إِلَّا بِإِذْنِهِ لِأَنَّ العقد لم يتَنَاوَل إِلَّا تِلْكَ الْبَيِّنَة فَإِن بناها فِي بَقِيَّةِ مُدَّةِ الْكِرَاءِ لَزِمَ الْمُكْتَرِي السُّكْنَى لِزَوَالِ الضَّرَرِ إِنْ كَانَ لَمْ يَخْرُجْ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَضَرَّرُ بِإِجَارَةِ دَارٍ أُخْرَى قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ مُحَمَّدٌ: إِذَا خَرَجَ وَاكْتَرَى غَيْرَهَا

فَأُصْلِحَتْ لَمْ يَصْلُحِ الرُّجُوعُ لِأَنَّ بَقِيَّةَ الْكِرَاءِ بَقِيَ دَيْنًا عَلَى الْمُكْتَرِي فَلَا يَأْخُذُ فِيهِ سُكْنَى دَارٍ وَإِنْ لَمْ يَنْقُدِ الْمُكْتَرِي الْكِرَاءَ جَازَ التَّرَاضِي بِسُكْنَى مَا بَقِيَ إِذَا عُلِمَتْ حصتُه مِنْ بَقِيَّةِ الْكِرَاءِ قَالَ أَصْبَغُ: إِلَّا أَنْ يَصْلُحَ فِي الْأَيَّامِ الْيَسِيرَةِ فَيَلْزَمُهُ مَا بَقِيَ لِعَدَمِ الضَّرَرِ وَيُفْسَخُ مَا بَيْنَ ذَلِكَ فِي الْعِمَارَةِ لَا فِي الْهَدْمِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا غَرِقَ بَعْضُ الْأَرْضِ أَوْ عَطِشَ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ وَهُوَ أَكْثَرُهَا رُد جَمِيعُهَا لِذَهَابِ جُل الصَّفْقَةِ أَوْ قَلِيلًا تَافِهًا حُطَّتْ حِصَّتُهُ من الْكِرَاء فِي جودته ورداءته وَكَذَلِكَ الِاسْتِحْقَاقُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قِيلَ: تَسْوِيَتُهُ بَيْنَ الْعَطَشِ وَالِاسْتِحْقَاقِ يَقْتَضِي: إِذَا غَرِقَ نِصْفُ الْأَرْضِ أَوْ ثُلُثُهَا أَنْ يَرُدَّ الْبَقِيَّةَ وَقَدْ قِيلَ: إِذَا اسْتَحَقَّ النِّصْفَ لَا ردَّ لَهُ وَيَنْبَغِي إِنْ تَضَرَّرَ الْمُشْتَرِي فِي الِاسْتِحْقَاقِ بِالنِّصْفِ رَدَّ وَإِلَّا فَلَا فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا اكْتَرَى الْأَرْضَ ثَلَاثَ سِنِينَ فَغَارَتِ الْعَيْنُ أَوِ انْهَدَمَتِ الْبِئْرُ وَامْتَنَعَ مِنَ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا: فَلِلْمُكْتِرِي حِصَّةُ تِلْكَ السَّنَةِ خَاصَّةً يُنْفِقُهَا فِيهَا لِأَنَّهَا الْمُحْتَاجُ إِلَيْهَا فَإِنْ زَادَ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ وَكَذَلِكَ الْمُسَاقِي لَهُ نَفَقَةُ حِصَّةِ رَبِّ الْأَرْضِ مِنَ الثَّمَرَةِ تِلْكَ السَّنَةِ بِخِلَافِ الدُّورِ لِأَنَّ الْمُكْتَرِيَ لَا نَفَقَةَ لَهُ فِيهَا فَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي الْخُرُوجِ وَلَوْ لَمْ يَزْرَعِ الْمُكْتَرِي وَلَا سَقَى الْمُسَاقِي لَمْ يَكُنْ لَهُمَا إِنْفَاقٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُرْتَهِنِ الزَّرْعَ أَوِ النَّخْلَ: لَهُ الْإِنْفَاقُ إِنِ امْتَنَعَ رَبُّهُ وَالنَّفَقَةُ فِي الزَّرْع ورقاب النّخل لَيْلًا يَهْلِكَ رَهْنُهُ فَهُوَ مَعْذُورٌ كَالْمُكْتَرِي وَالْمُسَاقِي وَيَبْدَأُ مِنَ الرَّهْنِ بِمَا أَنْفَقَ لِأَنَّهُ أَخَصُّ بِهِ مِنَ الدَّيْنِ وَإِنْ لَمْ يُوَفِّ لَمْ

يَكُنِ الْفَاضِلُ عَلَى الْمَالِكِ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِصْلَاحُ وَإِذَا لَمْ يَزْرَعِ الْمُكْتَرِي خُيِّرَ رَبُّهَا بَيْنَ الْإِصْلَاحِ أَوِ الْإِذْنِ فِيهِ فَإِنْ أَبَى رَدَّ إِلَّا أَنْ يَرْضَى بِالْإِصْلَاحِ عَلَى جُمْلَةِ الْكِرَاءِ وَكَذَلِكَ إِنْ قَلَّبَ الْأَرْضَ وَلَمْ يَبْذُرْ وَلَا يُجْبَرُ لِأَنَّهُ إِذَا رَدَّ كَانَ كِرَاءُ الْأَرْضِ بَيْنَهُمَا بِقِيمَةِ الْأَرْضِ غَيْرَ مَحْرُوثَةٍ وَقِيمَةِ الْحَرْثِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَكْتَرِيهَا فَكَمَا لَو زُرعت لَيْلًا تَذْهَبَ نَفَقَتُهُ فِيهَا أَوْ عَمَلُهُ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا انْهَدَمَتْ وَرَبُّهَا غَائِبٌ أَشْهَدَ الْمُكْتَرِي عَلَى ذَلِكَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِنْ أَكْرَاهَا سَنَةً فَانْهَدَمَتْ بَعْدَ شَهْرَيْنِ فَبَنَاهَا بِمَا عَلَيْهِ مِنَ الْكِرَاءِ ثُمَّ قَدِمَ رَبُّهَا بَعْدَ السَّنَةِ فَلَهُ حِصَّةُ مَا سَكَنَ الْمُكْتَرِي قبل الْهدم كِرَاء الْعَرَصَة بعد الْهدم وللمكتري نقص بنائِهِ إِلَّا أَن يُعْطِيهِ قِيمَته منقوصاً فَرْعٌ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: إِذَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَى حَمْلٍ مُعَيَّنٍ فَتَلِفَ: فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: الْمَشْهُورُ: عَدَمُ النَّقْضِ وَالنَّقْضُ كِلَاهُمَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَلَا يَنْقُضُ إِنْ تَلِفَ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ وَإِلَّا فَلَا لِمَالِكٍ نَظَرًا لِلتَّعْيِينِ أَوْ يَكُونُ التَّعْيِينُ كَالصِّفَةِ أَوْ لَا لِأَن الْأَمر السماوي قد دخلا عَلَيْهِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا خَافَ سُقُوطَ الدَّارِ: فَلَهُ الْفَسْخُ دُونَ تَنْقِيصِ الْكِرَاءِ لِأَنَّهُ عَيْبٌ فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا غَصَبَ الدَّارَ السُّلْطَانُ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مُصِيبَتُهَا

مِنْ رَبِّهَا وَلَا كِرَاءَ لَهُ سَوَاءٌ غَصَبَ الدَّارَ أَوِ الْمَنْفَعَةَ وَكَذَلِكَ غَلْقُ الْحَانُوتِ بِأَمْرِ السُّلْطَانِ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ إِنَّمَا تَسْتَوْفِي عَلَى مِلْكِ الْمُكْرِي فَهُوَ مَانِعٌ مِنَ التَّسْلِيمِ كَالْهَدْمِ وَقَالَ سَحْنُونٌ: الْجَائِحَةُ مِنَ الْمُكْتَرِي وَقَالَ ابْنُ الْحَارِثِ: إِنْ غَصَبَ الدَّارَ فَالْجَائِحَةُ مِنَ الْمُكْرِي فَهُوَ نَافِع أَوِ السُّكْنَى فَمِنَ الْمُكْتَرِي لِبَقَاءِ مَا اسْتَوْفَى مِنْهُ الْمَنْفَعَةَ وَفِي الْجَوَاهِرِ: إِذَا أَقَرَّ الْمُكْتَرِي لِلْغَاصِبِ الرَّقَبَةَ قَبْلَ إِقْرَارِهِ فِي الرَّقَبَةِ وَلَا يُفَوِّتُ حَقَّ الْمَنْفَعَةِ تَبَعًا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بَلْ لَهُ مُخَاصَمَةُ الْغَاصِبِ لِأَجْلِ حِصَّتِهِ فِي الْمَنْفَعَةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ غَصْبِ السُّلْطَانِ وَغَيْرِهِ (فِي الْفَسْخ) فرع قَالَ: قَالَ: إِن ذَهَبَ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ فَهُوَ كَالِانْهِدَامِ لِلرَّحَا أَقَامَ أَوْ رَحَلَ لِأَنَّهُ لَا يَأْتِيهِ مَنْ يَطْحَنُ وَكَذَلِكَ فَنَادِقُ الْمَوْسِمِ إِذَا امْتَنَعَ النَّاسُ وَمَهْمَا تَعَذَّرَتِ الْمَنْفَعَةُ فَكَذَلِكَ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ بِخِلَافِ الدَّارِ إِذَا ذَهَبَ النَّاسُ وَبَقِيَ الْمُكْتَرِي سَاكِنًا لِحُصُولِ الْمَنْفَعَةِ وَكَذَلِكَ إِنْ رَحَلَ لِلْوَحْشَةِ بَعْدَهُمْ لِتَمَكُّنِهِ مِنَ الْمَنْفَعَةِ فَتَرَكَهَا اخْتِيَارًا وَلَوْ رَحَلَ لِلْخَوْفِ سَقَطَ الْكِرَاءُ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا لَمْ يَنْزِلِ الْمَطَرُ أَوْ غَرِقَتِ الْأَرْضُ أَوْ هَارَتِ الْبِئْرُ قَبْلَ تَمَامِ الزَّرْعِ فَهَلَكَ الزَّرْعُ رَجَعَ بِالْكِرَاءِ لِعَدَمِ تَسْلِيمِ الْمَنْفَعَةِ فَإِنْ لَقِي المَاء للْبَعْض وَهلك الْبَعْض حصل مَاله بِهِ نَفْعٌ وَعَلَيْهِ مِنَ الْكِرَاءِ بِقَدْرِهِ وَإِلَّا فَلَا وَأَمَّا هَلَاكُهُ بِبَرَدٍ أَوْ جَلِيدٍ أَوْ جَائِحَةٍ فَعَلَيْهِ الْكِرَاءُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ جِهَةِ الْأَرْضِ وَلَا مَنَافِعِهَا وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَإِذَا غَرِقَ الزَّرْعُ بَعْدَ الْإِبَّانِ فَكَالْجَلِيدِ أَوِ انْكَشَفَ فِي

الْإِبَّانِ وَأَمْكَنَ زَرْعُهَا ثَانِيَةً لَزِمَهُ الْكِرَاءُ وَإِلَّا فَلَا قَالَ ابْن يُونُس: مَاله بِهِ نَفْعٌ مِثْلُ خَمْسَةٍ مِنْ مِائَةٍ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا عَطِشَتْ أَرْضُ الصُّلْحِ الَّتِي صُولِحُوا عَلَيْهَا: فَعَلَيْهِمُ الْخَرَاجُ لِأَنَّهُ لَيْسَ إِجَارَةٌ مُحَقَّقَةٌ بِخِلَافِ أَرْضِ الْخَرَاجِ كَأَرْضِ مِصْرَ قَالَ غَيْرُهُ: هَذَا إِنْ كَانَ الصُّلْحُ وَظِيفَةً عَلَيْهِمْ أَمَّا خَرَاجٌ عَلَى الْأَرْضِ مَعْرُوفٌ فَلَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا صَالَحَهُمْ عَلَى أَنَّ أَرْضَهُمْ بِخَرَاجٍ: فَلَا يُخَالِفُ ابْنُ الْقَاسِمِ الْغَيْرَ أَوْ عَلَى أَنَّ عَلَيْهِمْ خَرَاجًا لِمِلْكِهِمُ الْأَرْضَ كَمَا يوظف بِقدر أَعْمَالهم وأملاكهم فَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا لَمْ يَجِدِ الْبَذْرَ أَوْ حَبَسَهُ السُّلْطَانُ: لَزِمَهُ الْكِرَاءُ لِتَسْلِيمِ الْأَرْضِ وَالْمَنْعُ لَيْسَ مِنْ قِبَلِ رَبِّهَا وَلَا مِنْهَا كَمَنِ اشْتَرَى سِلْعَةً وَمُنِعَ مِنَ الِانْتِفَاعِ بِهَا بَعْدَ قَبْضِهَا يَجِبُ عَلَيْهِ الثَّمَنُ فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ: إِذَا مَاتَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ مِنْ أَرْبَابِ الْوَقْفِ بَعْدَ الْإِجَارَةِ وَقَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّتِهَا: انْفَسَخَ بَاقِيهَا وَقَالَهُ (ش) لِأَنَّا بَيَّنَّا أَنَّهُ أَجْرٌ غَيْرُ مِلْكِهِ وَقِيلَ: إِنْ كَانَتْ مُدَّةً يَجُوزُ الْكِرَاءُ لَهَا لَزِمَ بَاقِيهَا لِأَنَّ الْأَجْرَ أَجْرُ مِلْكِهِ وَلَمْ يُفَرِّطْ فَرْعٌ قَالَ: لَو بلغ الصَّبِي الرشد قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ لَا يَلْزَمُهُ بَاقِيهَا إِلَّا أَن تكون

إِجَارَة الْوَلِيّ فِي مدو لَا يُظَنُّ فِي مِثْلِهَا الْبُلُوغُ وَيَكُونُ الْبَاقِي كَالشَّهْرِ وَنَحْوِهِ وَيَلْزَمُهُ فِي الْحَيَوَانِ وَالْعَقَارِ وَالرَّقِيقِ السِّنِينَ الْكَثِيرَةَ إِذَا احْتَلَمَ بَعْدَ سَنَةٍ وَظُنَّ عَدَمُ احْتِلَامِهِ قَبْلَ الْمُدَّةِ وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ إِلَّا فِيمَا قَلَّ وَلَا يَلْزَمُهُ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ يَبْلُغُ قَبْلَهُ فِي نَفْسِهِ وَلَا مَالِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ: عَدَمُ نُفُوذِ تَصَرُّفِ غَيْرِ الْإِنْسَانِ عَلَيْهِ إِلَّا لِلضَّرُورَةِ وَيَلْزَمُ السَّفِيهُ الْبَالِغَ إِذَا رَشَدَ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ فِي الرَّبْعِ وَالْحَيَوَانِ وَالرَّقِيقِ أَجْرُ السُّلْطَانِ أَوِ الْوَلِيِّ السَّنَتَيْنِ أَوِ الثَّلَاثَ لِأَنَّ رُشْدَهُ غَيْرُ مُنْضَبِطٍ بِخِلَافِ الْبُلُوغِ الْوَلِيُّ مَعْذُورٌ فِيهِ وَقِيلَ: إِنَّمَا يَكْرِي عَلَيْهِ السَّنَةَ وَنَحْوَهَا لِتَوَقُّعِ تَغَيُّرِ حَالِهِ فَأَمَّا مَا كَثُرَ فَلَهُ فَسْخُهُ فَرْعٌ قَالَ: لَا تَنْفَسِخُ إِجَارَةُ الْعَبْدِ بِعِتْقِهِ لِأَنَّ السَّيِّدَ تَصَرَّفَ وَهُوَ مَالِكٌ فَلَا يَتَنَاوَلُهُ الْعِتْقُ فَرْعٌ قَالَ: إِذَا آجَرَ أَمَتَهُ فَلَهُ وَطْؤُهَا فَإِنْ حَمَلَتْ وَجَبَتِ الْمُحَاسَبَةُ فَرْعٌ قَالَ: بَيْعُ الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ لَا يُوجِبُ الْفَسْخَ وَيَسْتَوْفِي الْمُبْتَاعُ الْمَنَافِعَ بِحُكْمِ الْإِجَارَةِ وَمِنْ غَيْرِهِ يَصِحُّ أَيْضًا وَلِتَسْتَمِرَّ الْإِجَارَةُ إِلَى آخِرِ الْمُدَّةِ وَقَالَهُ أَحْمَدُ وَعِنْدَ (ش) قَوْلَانِ وَقَالَ (ح) : يُوقَفُ الْبَيْعُ عَلَى إِجَازَةِ الْمُسْتَأْجِرِ وَرَوَى تَخْصِيصَ الصِّحَّةِ بِالْمُدَّةِ الْيَسِيرَةِ وَالْكَرَاهَةَ فِي الطَّوِيلَةِ تَمْهِيدٌ: الْقُدْرَةُ عَلَى التَّسْلِيمِ شَرْطٌ فِي الْبَيْعِ وَالرَّقَبَةُ الْمَبِيعَةُ مُسْلَمَةٌ لِلْمُسْتَأْجِرِ

لِيَسْتَوْفِيَ مِنْهَا الْمَنَافِعَ فَيَتَعَذَّرُ تَسْلِيمُهَا لِلْمُشْتَرِي فَبَطَلَ الْبَيْعُ أَوْ تُفْسَخُ الْإِجَارَةُ حَتَّى يَتَمَكَّنَ مِنَ التَّسْلِيمِ وَعَقْدُ الْبَيْعِ أَقْوَى مِنْ عَقْدِ الْإِجَارَةِ لِتَنَاوُلِهِ الْأَصْلَ: وَالْمَنَافِعُ فُرُوعٌ فَيَبْطُلُ عَقْدُهَا لِتَصْحِيحِ عَقْدِ الْأَصْلِ أَوْ تَكُونُ الدَّارُ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ كَمَا تَكُونُ فِي يَدِ الْبَائِعِ إِذَا اسْتَثْنَى مَنَافِعَهَا مُدَّةً فَلَا يَتَنَافَى ذَلِكَ أَوْ يُقَالُ: عَقْدُ الْبَيْعِ نَقْلُ الْمِلْكِ نَاقِصًا لِصِفَتِهِ فَكَأَنَّ الْمُشْتَرِيَ آجَرَ بَعْدَ الْبَيْعِ أَوْ يُقَالُ: عَقْدُ الْإِجَارَةِ سَابِقٌ فَيُخَيِّرُ الْمُسْتَأْجِرُ فَهَذِهِ الْمَدَارِكُ هِيَ مَنْشَأُ الْخِلَافِ الْقسم الثَّالِثُ: فَوَاتُ الْمَنْفَعَةِ شَرْعًا وَفِي الْجَوَاهِرِ: إِذَا صَحَّتِ الضِّرْسُ الْمَرِيضَةُ أَوِ الْيَدُ الْمُتَآكِلَةُ انْفَسَخَتِ الْإِجَارَةُ عَلَى إِزَالَتِهَا وَكَذَلِكَ لَوْ عُفِيَ عَنِ الْقِصَاصِ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَى اسْتِيفَائه

- كتاب الجعالة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 1 - كِتَابُ الْجَعَالَةِ 1 - وَهِيَ مِنَ الْجَعْلِ وَالْجَعْلُ فِي اللُّغَةِ - بِفَتْحِ الْجِيمِ - لَهُ خَمْسَةُ مَعَانٍ بِمَعْنَى صَيَّرَ نَحْوِ جَعَلْتُ الطِّينَ خَزَفًا وَسَمَّى نَحْوِ قَوْله تَعَالَى {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَة الَّذين هم عِنْد الرَّحْمَن إِناثا} أَي سَمَّوْهُمْ لأَن سُلْطَانَ الْمُشْرِكِينَ إِنما هُوَ عَلَى الأَسماء دُونَ الذَّوَاتِ وَبِمَعْنَى خَلَقَ نَحْوِ قَوْله تَعَالَى {وَجعل الظُّلُمَات والنور} أَي خَلَقَهُمَا وَبِمَعْنَى أَلقى نَحْوِ جَعَلْتَ مَتَاعَكَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ أَي أَلقيته وَبِمَعْنَى قَارَبَ الْفِعْلَ وَلَمْ يَشْرَعْ فِيهِ نَحْوِ جَعَلَ يَقُولُ كَذَا وَالْجَعَالَةُ مِنْ فَعَلَ أَي الْتَزَمَ مَالًا لِمَنْ يأْتي بِعَبْدِهِ الْآبِقِ أَو نَحْوِ ذَلِكَ وأَنكره جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ لِغُرُورِهِ وأَصله قَوْله تَعَالَى {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ

وأَنا بِهِ زعيم} وَلِمُسَاقَاتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَهل خَيْبَرَ وَهِيَ جَعَالَةٌ لأَن المساقي إِن كمّل أَخذه وإِلا فَلَا شَيْء لَهُ ثُمَّ النَّظَرُ فِي أَركانها وأَحكامها النَّظَرُ الأَول فِي أَركانها وَهِيَ أَربعة الأَول وَالثَّانِي الْمُتَعَاقِدَانِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا إِلا أَهلية الِاسْتِئْجَارِ وَالْعَمَلِ وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْمَجْعُولِ لَهُ تَكْمِيلًا لِمَصْلَحَةِ الْعَقْدِ بَلْ لَوْ قَالَ مَنْ جَاءَ بِعَبْدِي فَلَهُ دِينَارٌ صحَّ فإِن أَحْضَرَهُ قَبْلَ أَن يَجْعَلَ فِيهِ شَيْئًا وَعَادَتُهُ طَلَبُ الْآبِقِ وَالِاكْتِسَابُ بِذَلِكَ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ فِي قَدْرِ تَعَبِهِ وَسَفَرِهِ وَإِلَّا فَلَهُ نَفَقَتُهُ فَقَطْ - قَالَهُ أَصْبَغُ وَعَبْدُ الْمَالِكِ وَعَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَدَمُ النَّفَقَةِ أَيْضًا وَقَالَ (ش) الرَّادُّ لَلْآبِقِ ابْتِدَاءً مُتَبَرِّعٌ لَا شَيْءَ لَهُ - كَانَ شأْنه رَدَّ الْآبِقِ أَمْ لَا وَكَذَلِكَ إِن أَذِنَ وَلَمْ يَسْمَعْ أَوْ يَأْذَنُ فُضُولِيٌّ يَقُولُ قَالَ فُلَانٌ مَنْ رَدَّ عَبْدِي فَلَهُ كَذَا وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمَالِكِ وَلَا عَلَيْهِ وَقَالَ (ح) لَهُ الْأَجْرُ فِي الْعَبْدِ دُونَ سَائِرِ الضَّوَالِّ إِذَا رَدَّهُ مِنْ دُونِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أُجْرَةُ الْمِثْلِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَيْسَ مَعْرُوفًا بَرَدِّ الْأُبَّاقِ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا أَوْ مَعْرُوفًا بِذَلِكَ فَأَرْبَعُونَ دِرْهَمًا اسْتِحْسَانًا إِلَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهُ أَقَلَّ وَقَالَ أَحْمَدُ لَهُ دِينَارٌ كَانَ مَعْرُوفًا أَمْ لَا وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا وَالْحَنَفِيَّةُ بِمَا رَوَى ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ مَنْ رَدَّ آبِقًا فَلَهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَفِي لَفْظٍ آخَرَ أَنَّهُ جَعَلَ لِمَنْ جَاءَ بِآبِقٍ خَارِجَ الْحَرَمِ دِينَارًا وَعَنْهُ عَلَيْهِ

السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ فِي الْآبِقِ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا وَهِيَ أَحَادِيثُ ضَعِيفَةٌ وَلِأَنَّ الْعَادَةَ كَالشَّرْطِ بِدَلِيلِ النُّقُودِ فِي الْمُعَامَلَاتِ وَتَعَيُّنِ الْأَعْمَالِ فِي الْإِجَارَاتِ وَنَفَقَاتِ الزَّوْجَاتِ قَاعِدَةٌ مَذْهَبِيَّةٌ مَنْ فَعَلَ لِغَيْرِهِ فِعْلًا مَا شَأْنُهُ فِعْلُهُ مِنْ مَالٍ أَوْ عَمَلٍ لَزِمَهُ ذَلِكَ الْمَالُ وَأُجْرَةُ ذَلِكَ الْعَمَلِ كَانَ وَاجِبًا كَأَدَاءِ الدَّيْنِ أَمْ لَا كَحَلْقِ الرَّأْسِ وَغَسْلِ الثَّوْبِ وَإِنْ كَانَ شَأْنُهُ فِعْلَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ عَبْدِهِ أَوْ هُوَ مِمَّنْ يَسْقُطُ عَنْهُ ذَلِكَ الْمَالُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَقَالَ (ش) لَا يَلْزَمُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ شَيْءٌ لَنَا الْقَضَاءُ بِالْعَوَائِدِ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ فَنَفَقَةُ الْآبِقِ تَجِبُ بِنَاءً عَلَى الْمِلْكِ وَلَا تَجِبُ قِيَاسًا عَلَى الْغَيْبَةِ وَلَيْسَ شَأْنُ النَّاسِ الْإِنْفَاقَ عَلَى الْآبِقِ فَاخْتُلِفَ فِيهَا وَشَأْنُ النَّاسِ طَلَبُ الْآبِقِ فَوَجَبَتِ الْأُجْرَةُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى التَّبَرُّعِ مِنْ كَوْنِهِ لَيْسَ شَأْنُهُ ذَلِك وَقَالَ اللَّخْمِيُّ لَوْ لَمْ يَسْمَعِ الْآتِي بِالْآبِقِ قَوْلَ سَيِّدِهِ مَنْ جَاءَنِي بِهِ فَلَهُ كَذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ شَأْنُهُ الْإِتْيَانَ بِالْآبِقِ فَلَهُ جَعْلُ مِثْلِهِ كَمَا لَوْ جَاءَ بِهِ قَبْلَ الْقَوْلِ وَجَعَلَ لَهُ ابْنُ حَبِيبٍ بَعْدَ الْقَوْلِ الْجَعْلَ سَمِعَ أَمْ لَا - كَانَ ذَلِكَ شَأْنُهُ أَمْ لَا قَالَ وَهُوَ أَحْسَنُ - إِذَا قَالَ لَمْ أَتَطَوَّعْ وَلَهُ الْأَقَلُّ مِنَ الْمُسَمَّى أَوْ جَعْلُ مِثْلِهِ فَإِنْ جَاءَ بِهِ مَنْ سَمِعَ قَوْلَ سَيِّدِهِ وَقَالَ لَمْ أَعْمَلْ عَلَى قَوْلِ السَّيِّدِ لِأَنَّ لِي طَلَبَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا اسْتَفَدْتُ مِنْ قَوْلِهِ إِنَّ الْعَبْدَ آبق حلف

وَأَخَذَ جَعْلَ مِثْلِهِ - إِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنَ الْمُسَمَّى فَإِنْ طَلَبَ مَنْ يَعْلَمُ مَوْضِعَهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ - قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُعْطَى بِقَدْرِ تَعَبِهِ وَهُوَ أَحْسَنُ إِنْ كَانَ سَيِّدُهُ لَا يَخْرُجُ لَهُ بِنَفْسِهِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُوَفِّرْ عَلَى السَّيِّدِ شَيْئًا الرُّكْنُ الثَّالِثُ الْعَمَلُ وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ كُلُّ عَمَلٍ يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ لَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مَعْلُومًا تَحْصِيلُ مَصْلَحَةِ الْعَقْدِ احْتِرَازًا مِمَّنْ وَجَدَ آبِقًا أَوْ ضَالًّا بِغَيْرِ عَمَلٍ فَلَا جَعْلَ لَهُ وَمِمَّنْ عَرَفَ مَكَانَهُ فَدَلَّ عَلَيْهِ لِأَنَّ ذَلِك وَاجِب عَلَيْهِ وَيشْتَرط ان لَا تَحْصُلَ لِلْجَاعِلِ مَنْفَعَةٌ إِلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ وَيَمْتَنِعُ فِي الشَّيْءِ الْكَثِيرِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْغَرَرِ بِذَهَابِ الْعَمَلِ الْكَثِيرِ بَاطِلًا وَقَالَ أَبُو الْوَلِيدِ بْنُ رُشْدٍ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ وَيَمْتَنِعُ إِلَّا فِي غَيْرِ الْمُقَدَّرِ مِنَ الْأَعْمَالِ بِزَمَنٍ فَمَتَى قَرَّرَ لَمْ يَكُنْ جَعْلًا بَلْ إِجَارَةً قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ فِي نَظَائِرِهِ لِلْجَعَالَةِ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ أَنْ يَكُونَ الْجَعْلُ مَعْلُومًا غَيْرَ مَنْقُودٍ وَلَيْسَ فِيهَا مَنْفَعَةٌ لِلْجَاعِلِ إِلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ وَلَا يُضْرَبُ لِلْعَمَلِ أَجَلٌ وَقَالَ (ش) لَا يُشْتَرَطُ فِي الْعَمَلِ الْعِلْمُ وَلَا الْجَهْلُ وَيُمْنَعُ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْمَالِ لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ شَرْعًا وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْجَعْلُ مَعْلُومًا قَاعِدَةٌ تُعْرَفُ بِجَمْعِ الْفَرْقِ وَهِيَ أَنْ يَكُونَ الْمُعَيَّنُ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ

يَقْتَضِي حُكْمَيْنِ مُتَضَادَّيْنِ كَوَصْفِ السَّفَهِ يَقْتَضِي إِبْطَالَ التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ صَوْنًا لِمَالِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ عَلَى مَصَالِحِهِ وَيَقْتَضِي تَنْفِيذَ وَصَايَاهُ صَوْنًا لِمَالِهِ عَلَى مَصَالِحِهِ لِئَلَّا يَأْخُذَهُ الْوَارِثُ فَصَارَ السَّفَهُ يَقْتَضِي التَّنْفِيذَ وَالرَّدَّ وَكَذَلِكَ كَوْنُ الْعَمَلِ غَيْرَ مَعْلُومٍ يَقْتَضِي بُطْلَانَ الْإِجَارَةِ لِئَلَّا تَذْهَبَ الْإِجَارَةُ مَجَّانًا فَهُوَ غَرَرٌ وَيَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ شَرْطًا فِي الْجَعَالَةِ لِأَنَّهُ لَوْ قُدِّرَ أَدَّى ذَلِكَ لِضَيَاعِ عَمَلِ الْمُجَاعَلِ بِانْقِضَاءِ الْمُدَّةِ قَبْلَ وُجُودِ الضَّالِّ وَإِذَا كَانَ غَيْرَ مُقَدَّرٍ يَزِيدُ الْمُجَاعِلُ فِي الطَّلَبِ فَيَجِدُ الضَّالُّ وَلَا يَذْهَبُ فِيهِ تَعَبُهُ بَاطِلًا فَصَارَتْ جَهَالَةُ الْعَمَلِ تَقْتَضِي الصِّحَّةَ وَالْبُطْلَانَ وَفِي الْكِتَابِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّأْجِيلُ فَمَنْ قَالَ بِعْ ثَوْبِي وَلَكَ دِرْهَمٌ جَازَ حَدَّ فِي الثَّوْبِ ثَمَنًا أَمْ لَا فَإِنْ قَالَ الْيَوْمَ أَمْتَنِعُ إِلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ أَنْ يَتْرُكَ مَتَى شَاءَ لِئَلَّا يَذْهَبَ عَمَلُهُ بَاطِلًا لِتَعَذُّرِ الْبَيْعِ فِيهِ وَإِنْ بَاعَ فِي نِصْفِهِ أَخَذَ الْجَعْلَ كَامِلًا وَيَسْقُطُ بَقِيَّةَ الْيَوْمِ فَهُوَ خَطَرٌ فَلَا يَكُونُ الْجَعْلُ مُؤَجَّلًا وَاشْتَرَطَهُ (ح) قِيَاسًا عَلَى الْإِجَارَةِ وَجَوَابُهُ مَا تَقَدَّمَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلمن جَاءَ بِهِ حمل بعير} وَلَمْ يُقَدِّرْ أَجَلًا وَلَا يَجُوزُ الْجَعْلُ عَلَى بَيْعِ كَثِيرِ السِّلَعِ وَالدَّوَابِّ وَالرَّقِيقِ كَالْعَشَرَةِ الْأَثْوَابِ وَلَا عَلَى مَا فِيهِ مَشَقَّةٌ فَيَبْقَى فِي الْقَلِيلِ لِاحْتِمَالِ ضَيَاعِ كَثْرَةِ الْعَمَلِ دُونَ الْمَقْصُودِ قَبْلَ ذَلِكَ وَيَجُوزُ فِي الْقَلِيلِ فِي الْبَلَدِ لِأَنَّهُ لَا يَقْطَعُهُ بَيْعُ ذَلِكَ عَنْ شُغْلِهِ فَإِنْ بَاعَ أَخَذَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ أَجَازَ الْجَعْلَ عَلَى الْيَسِيرِ كَالثَّوْبَيْنِ قَالَ بَعْضُهُمْ مَشْرُوطٌ بِأَنْ يُسَمَّى لِكُلِّ ثَوْبٍ جَعْلُهُ - كَمَا قِيلَ

فِي الْآبِقِينَ وَفِيهِ مِنَ الْخِلَافِ مَا فِيهِمَا وَقِيلَ يَجُوزُ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فِيمَا لَا يَبْقَى لِلْجَاعِلِ فِيهِ مَنْفَعَةٌ بَعْدَ تَمَامِهِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَمَعْنَى قَوْلِهِ فِي الْكِتَابِ لَا يَصِحُّ فِي الثِّيَابِ الْكَثِيرَةِ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ شَيْئًا حَتَّى يَبِيعَ جَمِيعَهَا وَأَمَّا إِنْ أَخَذَ بِقَدْرِ مَا بَاعَ فَجَائِزٌ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ سَمَّى لِكُلِّ ثَوْبٍ شَيْئًا أَوْ كَانَتْ مُتَسَاوِيَةَ الْقِيَمِ أَوْ قَالَ عَلَى أَنْ تُقْبَضَ الْأُجْرَةُ عَلَى الْعَدَدِ وَلَوْ كَانَ عَلَى الْقِيَمِ امْتَنَعَ لِجَهَالَتِهَا وَالْأَصْلُ أَنَّ مَا يُعْرَضُ لِلْبَيْعِ كَالرَّقِيقِ وَنَحْوِهُ يَمْنَعُ الْجَعْلَ إِلَّا فِي الْيَسِيرِ كَالْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ حَتَّى لَا يَشْتَغِلَ الْمُجَاعِلُ عَنْ مَصَالِحِهِ وَمَا لَا يُعْرَضُ لِلْبَيْعِ وَلَا يُنْقَلُ كَالدُّورِ وَنَحْوِهَا يَجُوزُ فِيهَا الْجَعْلُ وَكَذَلِكَ الْجَعْلُ فِي عَمَلِ الْأَيْدِي جَائِزٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ كَانَتْ ثِيَابًا كَثِيرَةً فِي بَيْتِ صَاحِبِهَا وَيَأْتِي السِّمْسَارُ بِمَنْ يَشْتَرِيهَا وَيَأْخُذُ مِنْهَا ثَوْبًا يَعْرِضُهُ لِيَبِيعَ بِهِ جَمِيعَهَا أَوْ تُنْقَلُ إِلَى دُكَّانِ السِّمْسَارِ فَيَبِيعُهَا فِيهِ أَوْ يَسْتَأْجِرُ صَاحِبُهَا مَنْ يَحْمِلُهَا لَهُ وَقْتَ الْعَرْضِ أَوْ يَقُولُ بِعْ أَيَّهَا شِئْتَ جَازَ لِعَدَمِ التَّعَرُّضِ لِضَيَاعِ الْعَمَلِ الْكَثِيرِ عَلَى الْمُجَاعَلِ وَيَلْزَمُ عَلَى الْمَذْهَبِ مَنْعُ الْجَعْلِ فِي الْآبِقِ لِطُولِهِ وَحُصُولِ الْمَنْفَعَةِ لِلْجَاعِلِ بِكَشْفِ تِلْكَ الْمَوَاضِعِ إِذَا لَمْ يَجِدْهُ وَمَنْعُ الْمُغَارَسَةِ لِأَنَّهَا تَطُولُ وَقَدْ لَا يَحْصُلُ لَهُ شَيْءٌ لِعَدَمِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ مَعَ أَنَّهُمْ أَجَازُوهَا وَأَجَازُوا الْجَعْلَ عَلَى السَّفَرِ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ عَلَى الْبَلَاغِ إِنْ وَصَلَ أَخَذَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ وَهُوَ جَعْلٌ إِلَّا أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِمَا وَيَجُوزُ عِنْد

مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ الْجَعْلُ عَلَى الشِّرَاءِ الْحَاضِرِ وَعَلَى السَّفَرِ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا بِخِلَافِ الْبَيْعِ مَعَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا مَعَ أَنَّ ابْنَ حَبِيبٍ قَدْ قَالَ إِذَا قَالَ إِنِ ابْتَعْتَ لِي بِهَذِهِ الْمِائَةِ فِي الْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ كَذَا فَلَكَ كَذَا وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَكَ إِنْ كَانَ خُرُوجه لَهُ وللمائة جَازَ وَإِلَّا امْتَنَعَ إِلَّا بِأَجَلٍ مُؤَقَّتٍ وَأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَهُوَ أَحْسَنُ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ كُلُّ مَا جَازَتِ الْجَعَالَةُ فِيهِ جَازَتِ الْإِجَارَةُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ كُلُّ مَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَيْهِ يَجُوزُ الْجَعْلُ فِيهِ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تَجُوزُ عَلَى كَثِيرِ السِّلَعِ وَالطَّعَامِ بِخِلَافِ الْجَعَالَةِ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ تَجُوزُ عَلَى ثِيَابٍ يَشْتَرِيهَا لَهُ نِصْفُهَا لَهُ فَيَلْزَمُهُ مَا يُشْبِهُ تِجَارَتَهُ فَرْعٌ - قَالَ اللَّخْمِيُّ الْجَعْلُ عَلَى الْآبِقِ جَائِزٌ عَلِمَ الْمَجْعُولُ لَهُ مَوْضِعَهُ أَمْ لَا فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ مَا عَصَرْتَ مِنْ زَيْتُونِي فَلَكَ نِصْفُهُ يَمْتَنِعُ لِأَنَّهُ لَا يدْرِي

كَيْفَ يَخْرُجُ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى التَّرْكِ إِذَا شَرَعَ فَلَيْسَ كَالْحَصَادِ يَتْرُكُهُ مَتَى شَاءَ وَيَجُوزُ كُلُّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ بِالْكَيْلِ وَيُعْلَمُ صِفَتُهُ بِالْفَرْكِ لِلسُّنْبُلِ وَتَأَخُّرِ دَرْسِهِ إِلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ قَرِيبٍ لِلضَّرُورَةِ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ يُكره عَلَى الْخُصُومَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ إِلَّا بِإِدْرَاكِ الْحَقِّ وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ إِنْ فَعَلَ وَعَنْ مَالِكٍ الْجَوَازُ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْمَعْرُوفُ الْمَنْعُ إِلَّا فِيمَا قَلَّ حَتَّى إِذَا تُرِكَ قَبْلَ التَّمام لم ينْتَفع الْجَاعِل لشَيْء أَمَّا إِذَا طَالَ وَانْتَفَعَ الْجَاعِلُ بِالْحِجَاجِ فَلَا فَإِنْ وَكَّلَ آخَرَ فَأَتَمَّ الْخُصُومَةَ هَلْ يَكُونُ لِلْأَوَّلِ بِقَدْرِ مَا انْتَفَعَ الطَّالِبُ مِنْ عَمَلِهِ خِلَافٌ وَقَالَ مَالِكٌ إِذَا كَانَ الْجَعْلُ عَلَى ثُلُثِ مَا يَقْتَضِي مِنْ ذَلِكَ فَصَالَحَ الْجَاعِلُ الْمَطْلُوبَ عَلَى أَخْذِ الثُّلُثَيْنِ وَتَأْخِيرِ الثُّلُثِ وَأَرَادَ أَخْذَ ثُلُثِ مَا أَخَذَ وَيَكُونُ فِي الْبَاقِي عَلَى شَرْطِهِ جَازَ وَإِذَا قَالَ الْأَجِيرُ لَا أُجِيزُ تَأْخِيرَ رَبِّ الْحَقِّ بِالثُّلُثِ حَتَّى آخُذَ ثُلُثَهُ لَزِمَ الْغَرِيمَ ذَلِكَ كَمَا لَوْ أَسْقَطَ رَبُّ الْحَقِّ الدَّيْنَ لَأَسْقَطَ حِصَّةَ الْأَجِيرِ قَالَ وَأرى اذا كَانَ الْجعل بعد خُصُومَة لِأَنَّهُ إِذَا شَرَعَ فِي الْخُصُومَةِ لَيْسَ لَهُ عَزْلُهُ فَإِنْ رَضِيَ الْوَكِيلُ بِالتَّأْخِيرِ وَإِلَّا رُدَّ الصُّلْحُ وَكَانَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُخَاصِمَ حَتَّى يُثْبِتَ الْحَقَّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ الْجَوَازُ إِذَا وَصَفَ لَهُ أَصْلَ الْحَقِّ وَكَيْفَ هُوَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنِ ادَّعَى أَنَّهُ مُقَصِّرٌ فِي حُجَجِهِ نَظَرَ السُّلْطَانُ إِنْ وَجَدَهُ كَذَلِكَ فَسَخَ الْعَقْدَ وَكَذَلِكَ إِذَا لَمْ يَضْرِبْ لِلْخُصُومَةِ أَجَلًا وَتَرَكَ الطَّلَبَ وَأَضَرَّ ذَلِكَ وَفِي النَّوَادِرِ إِذَا مَاتَ الْمَجْعُولُ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَتَقَاضَى مِنَ

الدَّيْنِ شَيْئًا لَا شَيْءَ لِوَرَثَتِهِ كَالْعَامِلِ يَمُوتُ قَبْلَ الشَّغْلِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الْحَقِّ لَهُ وَإِنَّمَا يَسْتَقِلُّ لَهُمْ مَا تَعَيَّنَ لَهُ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُمْ وَإِنْ مَاتَ الْجَاعِلُ فَلَا شَيْءَ لِلْمَجْعُولِ وَلَا لِوَرَثَتِهِ إِلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ وَرَثَةُ الْجَاعِلِ لِانْتِقَالِ الْحَقِّ لَهُمْ أَوْ مَاتَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ فَلِلْمُجَاعَلِ جَعْلُهُ فِي التَّقَاضِي وَلَا يُجَاعِلُ عَلَى تَخْلِيصِ الْمِيرَاثِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْرُوفًا وَلَا عَلَى الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ عَلَى أَنَّ لَهُ نِصْفَ الشِّقْصِ وَلَوْ أَجَزْنَاهُ فِي الدَّيْنِ لِأَنَّهُ بَيْعُ مَا لَمْ يَمْلِكْ وَيَجُوزُ مَا قَضَيْتَ مِنَ الدَّيْنِ فَلَكَ رُبُعُهُ إِذَا عَرِفَ الدَّيْنَ لِأَنَّهُ قَدْ يُنْفِقُ فِي سَفَرِهِ أَكْثَرَ مِنَ الدَّيْنِ وَيَمْتَنِعُ فِي طَعَامٍ مِنْ سَلَمٍ لِأَنَّهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ اسْتَخَفَّ مَالِكٌ أَنْ يُجَاعِلَهُ عَلَى أَنْ يَدُلَّهُ عَلَى مَنْ يَبِيعُ مِنْهُ أَوْ يَشْتَرِي أَوْ يَسْتَأْجِرُ وَدَلَالَةُ الرَّجُلِ عَلَى مَنْ يَتَزَوَّجُ أَوِ الْمَرْأَةِ مَمْنُوعٌ ولاشيء لَهُ إِنْ فَعَلَ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا بَيْعَ فِيهِ وَلَا كِرَاء وانما يكون الْجعل يكون ذَلِكَ وَجَوَّزَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ لِعُمُومِ الْمَنْفَعَةِ وَأَمَّا إِنْ قَالَ اسْعَ لِي فِي زَوَاجِ بِنْتِ فُلَانٍ أَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ سَفَرٌ لِئَلَّا يَضِيعَ تَعَبُهُ وَجَوَّزَ ابْنُ حَبِيبٍ الْجَعْلَ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الطَّرِيقِ وَانْتِقَادِ الْمَالِ الرُّكْنُ الرَّابِعُ الْجَعْلُ وَفِي الْجَوَاهِرِ شَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا مَقْدُورًا كَالْأُجْرَةِ وَيَمْتَنِعُ بِنِصْفِ الْآبِقِ لِلْغَرَرِ وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ يَمْتَنِعُ بِعْهُ وَلَكَ مِنْ كُلِّ دِرْهَمٍ كَذَا إِذَا لَمْ يُسَمِّ ثَمَنًا فَإِنْ قَالَ إِنْ بِعْتَهُ بِعَشَرَةٍ فَلَكَ مِنْ كُلِّ دِرْهَمٍ سُدُسُهُ جَازَ فَإِنْ بَاعَهُ بِأَكْثَرَ فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا

سُدُسُ الْعَشَرَةِ كَأَنَّهُ قَالَ بِعْهُ بِعَشَرَةٍ وَلَكَ سُدُسُهَا وَلَوْ قَالَ فَمَا زَادَ فَبِحِسَابِهِ فَسَدَ لِلْجَهَالَةِ وَيَمْتَنِعُ بَيْعُهُ بِأَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ لِأَنَّهُ الشَّرْطُ وَإِذَا قَالَ لَكَ مِنْ كُلِّ دِرْهَمٍ سُدُسٌ فَبَاعَ فَلَهُ جَعْلُ مِثْلِهِ لِبُطْلَانِ الْعَقْدِ وَلَوْ قَالَ لَكَ الْجَعْلُ بِعْتَهُ أَمْ لَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَمْتَنِعُ لِأَنَّهَا إِجَارَةٌ فَاسِدَةٌ وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ كُلُّ جَعْلٍ فَاسِدٍ فَفِيهِ إِجَارَةُ الْمِثْلِ قَاعِدَةٌ الْعُقُودُ الْمُسْتَثْنَيَاتُ مِنْ أُصُولٍ إِذَا فَسَدَتْ هَلْ تُرَدُّ إِلَى صَحِيحِ نَفْسِهَا فِيمَا يَسْتَحِقُّ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ أَوْ صَحِيحِ أَصْلِهَا لِأَنَّ الشَّرْعَ اسْتَثْنَى الصَّحِيحَ مِنْ ذَلِكَ الْأَصْلِ إِذَا كَانَ شَرْعِيًّا وَالْفَاسِدُ لَمْ يُسْتَثْنَ فَيُرَدُّ إِلَى الْأَصْلِ الْأَوَّلِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَهَذَا كفاسد الْمُسَاقَاةِ وَالْقِرَاضِ وَالْجَعَالَةُ فِيهَا قَوْلَانِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُمْنَعُ إِذَا بِعْتَ فَلَكَ دِرْهَمٌ وَإِلَّا فَلَكَ نِصْفُ دِرْهَمٍ لَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ بَاعَ أَمْ لَا وَقِيلَ إِنْ بَاعَ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ لِعَدَمِ الْعَمَلِ وَفَسَادِ الْعَقْدِ فَرْعٌ - قَالَ اللَّخْمِيُّ يَجُوزُ السُّكُوتُ عَلَى الْجَعْلِ إِذَا كَانَ مَعْلُومًا عَادَةً لِتَعْيِينِ النَّقْدِ بِالْعَادَةِ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ عَلَى كُلِّ دَابَّةٍ يَشْتَرِيهَا دِينَارٌ وَلَهُ رَدُّ الْمَالِ مَتَى شَاءَ وَلَا يَضْمَنُهُ لِأَنَّهُ أَمِينٌ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِنْ جِئْتَنِي بِالْعَبْدَيْنِ الْآبِقَيْنِ فَلَكَ دِينَارٌ يُمْنَعُ فَإِنْ أَتَى بِأَحَدِهِمَا فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ نِصْفُ دِينَارٍ نَظَرًا لِلرِّضَى بِالتَّسْمِيَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَقَالَ أَشْهَبُ يُقَسَّمُ عَلَى قَدْرِ الْقِيَمِ يَوْمَ الْإِبَاقِ لِأَنَّ الْجَعْلَ إِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى مَا يُعْرَفُ مِنْهُ يَوْمَ الْإِبَاقِ وَالْمَشْهُورُ أَبْيَنُ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَدْخُلَا عَلَى أَنَّ الْجَعْلَ عَلَى الْعَدَدِ أَوِ الْقِيَمِ وَلَوْ جَعَلَاهُ عَلَى الْقِيَمِ لَفُضَّ أَوْ عَلَى الْعَدَدِ لَقُسِّمَ نِصْفَيْنِ وَهُوَ أَخَفُّ مِنْ جَمْعِ الرَّجُلَيْنِ سِلْعَتَهُمَا وَإِنْ قَالَا يَوْمَ الْوُجُودِ فَسَدَ اتِّفَاقًا لِلْجَهْلِ بِحَالَةِ الْوُجُودِ حِينَئِذٍ وَلَوْ سَمَّى لِكُلِّ عَبْدٍ جَعْلًا مُخْتَلِفًا عَلَى قَدْرِ قِيمَتِهِ وَالْمَجْعُولُ لَهُ يَعْرِفُهُ جَازَ وَإِلَّا فَقَوْلَانِ لِمَالِكٍ وَرَجَعَ لِلْمَنْعِ لِأَنَّهُ قَدْ يَقْبِضُ أَحَدَ الْعَبْدَيْنِ وَيَكُونُ الْمُرَادُ غَيْرَهُ فَإِنِ اسْتَوَى الْجَعْلُ وَاخْتَلَّتِ الْقِيَمُ فَلَهُ قَوْلَانِ أَيْضًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قِيلَ إِنَّمَا يَجُوزُ الْجَعْلُ عَلَى الْأَعْدَادِ لَا على الْقيم فعلى هَذَا تجوز المسئلة لِأَنَّ حِصَّةَ مَنْ يَأْتِي بِهِ مَعْلُومَةٌ وَالْخِلَافُ إِنَّمَا يَجْرِي حَيْثُ أُبْهِمَ اللَّفْظُ لَوْ قَالَ إِنْ جِئْتَ بِهِمَا فَلَكَ دِينَارٌ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَكَ امْتَنَعَ اتِّفَاقًا لِئَلَّا يَبْقَى لِلْجَاعِلِ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَأَجَازَ مَالِكٌ لَكَ فِي كُلِّ ثَوْبٍ تَبِيعُهُ دِرْهَمٌ وَمَنَعَ فِي كُلِّ دِينَارٍ دِرْهَمٌ وَأَجَازَ فِي كُلِّ آبِقٍ يَأْتِي بِهِ دِينَارٌ إِذَا سَمَّى عَدَدَهُمْ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ لَا تُشْتَرَطُ التَّسْمِيَةُ فَرْعٌ - قَالَ اللَّخْمِيُّ يَجُوزُ الْجَعْلُ مَضْمُونًا وَيَمْتَنِعُ ضَرْبُ الْأَجَلِ لِأَنَّهُ قَدْ يَحِلُّ قَبْلَ وُجُودِ الْآبِقِ فَإِنْ جَعَلَا مَبْدَأَ الْأَجَلِ بَعْدَ وُجُودِهِ جَازَ فَإِنْ كَانَ الْجعل عينا

مُعَيَّنَةً امْتَنَعَ وَلِلْجَاعِلِ الِانْتِفَاعُ بِهَا وَيَغْرَمُ الْمِثْلَ إِذَا أَتَى بِالْعَبْدِ وَإِنْ كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا لَا يُخْشَى تَغْيِيرُهُ إِلَى وُجُودِ الْآبِقِ أَوْ ثَوْبًا جَازَ وَيُوقَفُ وَإِنْ خُشِيَ تَغْيِيرُهُ كَالْحَيَوَانِ امْتَنَعَ لِلْغَرَرِ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ حَصَادُ الزَّرْعِ وَجَدُّ النَّخْلِ وَالزَّيْتُونِ بِنِصْفِهِ وَلَيْسَ لَهُ تَرْكُهُ لِأَنَّهَا إِجَارَةٌ وَبَيْعُ نَصِفِهِ إِنْ قَالَ افْعَلْ وَلَكَ ذَلِكَ وَإِنْ قَالَ فَمَا حَصَدْتَ فَلَكَ نِصْفُهُ فَهُوَ جَعْلٌ وَلَهُ التَّرْكُ مَتَى شَاءَ وَمَنَعَ غَيْرُهُ هَذَا التَّوَهُّمَ لِجَهَالَةٍ فِي الْمَعْمُولِ وَالْمَأْخُوذِ وَيَمْتَنِعُ فَمَا حَصَدْتَ الْيَوْمَ فَلَكَ نِصْفُهُ لِامْتِنَاعِ بَيْعِ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ التَّرْكُ مَتَى شَاءَ بِخِلَافِ ضَرْبِ الْأَجَلِ وَيَمْتَنِعُ انْفُضِ الشَّجَرَ بِنِصْفِ مَا يُنْتَفَضُ لِلْجَهَالَةِ وَيَجُوزُ انْفُضْهُ كُلَّهُ وَلَكَ نِصْفُهُ لِجَوَازِ بَيْعِ نِصْفِهِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ اسْتَدَلَّ بَعْضُهُمْ بِحَصَادِ الزَّرْعِ بِنِصْفِهِ عَلَى جَوَازِ بَيْعِهِ مَحْصُودًا وَهِيَ رِوَايَةُ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ وَرِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ الْمَنْعُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ وَجَبَ لَهُ بِالْعَقْدِ لَا بِالْحَصَادِ لِأَنَّ الْهَالِكَ مِنْهُ قَبْلَ الْحَصَادِ وَبَعْدَهُ مِنَ الْأَجِيرِ وَهُوَ بَاعَ مَنَافِعَهُ بِنِصْفِ الزَّرْعِ فَهُوَ يَحْصُدُ لِنَفْسِهِ وَذَلِكَ النِّصْفُ هُوَ الْمَبِيعُ قَائِمًا لَا مَحْصُودًا قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا حَصَدَهُ أَوْ نَفَضَهُ فَاحْتَرَقَ فمنهما وَعَلِيهِ حصد مثل بَقِيَ عَلَيْهِ قَالَ سَحْنُونٌ عَلَيْهِ قِيمَةُ نِصْفِ الزَّرْعِ دُونَ حَصَادِ مِثْلِ نِصْفِهِ لِأَنَّ الزَّرْعَ يَخْتَلِفُ وَلَوْ قَالَ فَمَا حَصَدْتَ فَلَكَ

نِصْفُهُ وَضَمَانُ مَا حَصَدَ مِنْهُ وَمَا لَمْ يَحْصُدْ مِنْ رَبِّهِ وَلَا يَتْبَعُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ بِشَيْءٍ لِأَنَّهَا جَعَالَةٌ وَلَوْ قَالَ احْصُدْهُ وَادْرُسْهُ وَصَفِّهِ وَلَكَ نِصْفُهُ فَهَلَكَ بَعْدَ حَصَادِهِ فَضَمَانُهُ كُلُّهُ مِنْ رَبِّهِ وَلِلْأَجِيرِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ لِفَسَادِ الْإِجَارَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ مَالِكٍ مُنِعَ مَا لَقَطْتَ الْيَوْمَ فَلَكَ نِصْفُهُ وَإِنِ اشْتَرَطَ التَّرْكَ مَتَى شَاءَ قَالَ اللَّخْمِيُّ يَمْتَنِعُ احْصُدْهُ وَادْرُسْهُ وَلَكَ نِصْفُ مَا يَخْرُجُ لِأَنَّ الْخَارِجَ مَجْهُولٌ بِخِلَافٍ عَلَى النِّصْفِ لِأَنَّ النِّصْفَ الْآنَ عَلَى هَيْئَتِهِ وَهُوَ شَرِيكٌ يَحْصُدُ وَيَدْرُسُ لِنَفْسِهِ فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا حَمَلْتَ الدَّابَّةَ قَبْلَ عَمَلٍ فِيهَا ثُمَّ طَلَبْتَ الْجَعْلَ يَمْتَنِعُ لِأَنَّهَا صَارَتْ أَمَانَةً وَالْأَمَانَةُ لَا يُؤْخَذُ عَلَيْهَا جَعْلٌ فَرْعٌ - فِي النَّوَادِرِ تَجُوزُ الْمُجَاعَلَةُ عَلَى بِنَاءِ طَاحُونٍ وَلَهُ نِصْفُهَا وَعَلَى إِصْلَاحِ الْقَنَاةِ سَنَةً وَعَلَى بِنَاءِ الدَّارِ بِصِفَةٍ مَعْلُومَةٍ بِسُكْنَاهَا سَنَةً لِأَنَّ ذَلِكَ مُتَقَارِبٌ عَادَة النَّظَرُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهَا وَفِي الْكِتَابِ هِيَ عَلَى الْجَوَازِ لِلْمُجَاعَلِ التَّرْكُ مَتَى شَاءَ وَفِي الْجَوَاهِرِ هِيَ جَائِزَةٌ مِنَ الْجَانِبَيْنِ مَا لَمْ يشرع فِي الْعلم كَالْقِرَاضِ وَلِأَنَّهَا مُعَلَّقَةٌ عَلَى شَرْطٍ فَأَشْبَهَتِ الْوَصِيَّةَ فَإِنْ شَرَعَ فَمِنْ جَانِبِ الْجَاعِلِ خَاصَّةً وَحَكَى اللَّخْمِيُّ قَوْلَيْنِ آخَرَيْنِ إِنَّهَا تَلْزَمُ بِالْقَوْلِ فِي حَقِّ الْجَاعِلِ خَاصَّةً دُونَ الْمَجْعُولِ لَهُ وَإِنَّهَا كَالْإِجَارَةِ تَلْزَمُهُمَا بِالْقَوْلِ وَبِالْجَوَازِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ قَالَ (ش) قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ تَلْزَمُ الْجَعَالَةُ بِالْعَقْدِ قَبْلَ الْعَمَلِ وَلَا تلْزم

الْمَجْعُولَ لَهُ قَاعِدَةٌ الْعُقُودُ قِسْمَانِ مِنْهَا مَا يَسْتَلْزِمُ مَصَالِحَهَا الَّتِي شُرِعَتْ لِأَجْلِهَا فَشُرِعَتْ عَلَى اللُّزُومِ - كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَعُقُودِ الْوِلَايَاتِ فَإِنَّ التَّصَرُّفَ الْمَقْصُودَ بِالْعَقْدِ يُمْكِنُ عَقِيبَ الْعَقْدِ وَهَذَا الْقِسْمُ هُوَ الْأَصْلُ لِأَنَّ الْأَصْلَ تَرَتُّبُ الْأَحْكَامِ عَلَى أَسْبَابِهَا وَمِنْهَا مَا لَا يَسْتَلْزِمُ مَصْلَحَتَهُ كَالْجَعَالَةِ فَإِنَّ رَدَّ الْآبِقِ قَدْ يَتَعَذَّرُ فَشُرِعَتْ عَلَى الْجَوَازِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَسْخُ الْعَقْدِ عَلَى نَفْسِهِ لِئَلَّا يَلْزَمَهُ مَا لَا يَتَعَيَّنُ مَصْلَحَتُهُ وَمِنْ هَذَا الْقِسْمِ الْقِرَاضُ نَظَائِرُ - قَالَ أَبُو عِمْرَانَ خَمْسُ مَسَائِلَ لَا تُلْزِمُ بِالْعَقْدِ الْجَعَالَةُ وَالْقِرَاضُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُلْزِمُ وَالْمُغَارَسَةُ وَالْوَكَالَةُ وَتَحْكِيمُ الْحَاكِمِ مَا لَمْ يَشْرَعَا فِي الْحُكُومَةِ وَقِيلَ يَلْزَمُهُمَا فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَوْلُ مَالِكٍ لِلْمَجْعُولِ لَهُ التَّرْكُ مَتَى شَاءَ وَلَا شَيْءَ لَهُ مَعْنَاهُ إِلَّا أَنْ يَنْتَفِعَ الْجَاعِلُ بِمَا عَمِلَ مِثْلَ حَمْلِ خَشَبَةٍ إِلَى مَوْضِعٍ فَيَتْرُكُهَا فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ أَوْ حَفْرِ بِئْرٍ فَيَحْفِرُ بَعْضَهَا فَيَسْتَأْجِرُ الْمَالِكُ عَلَى الْبَاقِي فَيَكُونُ لِلثَّانِي أُجْرَةٌ وَلِلْأَوَّلِ بِقَدْرِ مَا انْتَفَعَ الْجَاعِلُ وَيَحُطُّ عَنْهُ مِنْ أُجْرَةِ الثَّانِي لِئَلَّا يَكُونَ أَكَلَ الْمَالَ بِالْبَاطِلِ وَفِي الْمُسْتَخْرَجَةِ لَو كَانَ جعل الأول خَمْسَة وَبلغ النِّصْفُ وَأُجْرَةُ الثَّانِي عَشَرَةٌ فَلِلْأَوَّلِ عَشَرَةٌ لِفِعْلِهِ مِثْلَ الثَّانِي قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْجَعْلَ يَجُوزُ مَعَ الْغَبْنِ وَالْإِجَارَةُ قَدْ تَغْلُو بَعْدَ ذَلِكَ فَرْعٌ - قَالَ مَالِكٌ الْمُجَاعِلُ عَلَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لَيْسَ عَلَيْهِ ضَمَانُ الثَّمَنِ وَلَا السِّلْعَةِ لِأَنَّهُ كَالْوَكِيلِ وَلَهُ جَعْلُهُ إِنْ ضَاعَا

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْجَعْلُ عَلَى الْبَيْعِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ يُسَمَّى الْجَعْلُ أَوِ الثَّمَنُ وَلَا يُسَمِّيهِمَا وَيَقُولُ بِعْ بِمَا رَأَيْتَ وَإِنْ لَمْ تَبِعْ فَلَا شَيْءَ لَكَ مِنْهَا فَهَذَانِ جَائِزَانِ وَالثَّالِثُ بِعْتَهُ أَمْ لَا فَلَكَ دِرْهَمٌ يَمْتَنِعُ إِلَّا بِضَرْبِ الْأَجَلِ لِأَنَّهُ إِجَارَةٌ فَإِنْ قَالَ فَإِنْ لَمْ تَبِعْ فَلَكَ أَقَلُّ مِنْ دِرْهَمٍ امْتَنَعَ لِلْجَهْلِ بِالْجَعْلِ فَرْعٌ - قَالَ إِذَا قَالَ لَا تَبِعْ إِلَّا بِإِذْنِي فَسَدَ لِلْحَجْرِ وَالْأَشْبَهُ رَدُّهُ لِلْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ كَانَ الْمَطْلُوبُ الْإِشْهَارَ فَقَطْ فَإِذَا وَصَلَ الْقِيمَةَ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ قَدْ حَصَلَ وَإِنْ أَشْهَرَ بَعْدَ الْإِشْهَارِ وَفَطِنَ بِهِ فَفَسَخَ فَهَلْ لَهُ بِقَدْرِ عَمَلِهِ أَوْ لَا شَيْءَ لَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا إِجَارَةٌ فَاسِدَةٌ أَوْ جَعَالَةٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا أَدْرَكْتَ الْجَعَالَةَ الْفَاسِدَةَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فَسَخْتَ أَوْ بَعْدَهُ مُكِّنَ مِنَ التَّمَادِي عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْجَعَالَةَ الْفَاسِدَةَ تُرَدُّ إِلَى الْجَعَالَةِ الصَّحِيحَةِ دُونَ الْإِجَارَةِ لِأَنَّ فَسْخَهَا قَدْ يَذْهَبُ بِعَمَلِهِ بَاطِلًا وَإِنْ رَدَدْنَاهَا لِلْإِجَارَةِ فَلَهُ مِنَ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ عَمَلِهِ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ فَلَا يُمْنَعُ مِنَ التَّمَادِي فَإِنْ أَتَى مِنَ الثَّمَنِ بِمَا تُبَاعُ بِهِ فَلَهُ جَعْلُ الْمِثْلِ بَاعَ الْجَاعِلُ أَمْ لَا وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ فَإِنْ سَمَّى ثَمَنًا فَوَصَلَهُ اسْتَحَقَّ وَإِلَّا فَلَا فَرْعٌ - قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مَالِكٌ نَفَقَةُ الْآبِقِ عَلَى الْمَجْعُولِ لَهُ وَلَهُ الْجَعْلُ فَقَطْ لِأَنَّ الْجَعْلَ قُبَالَةَ إِحْضَارِهِ مَكْفِيُّ الْمَئُونَةِ وَقَالَهُ (ش) وَلَوْ قَالَ إِذَا لَمْ آتِ بِهِ فَلِيَ

النَّفَقَةُ فَفَاسِدٌ فَإِنْ جَاءَ بِهِ فَجَعْلُ مِثْلِهِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ - قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَيْضًا إِنْ لَمْ يَجِدْهُ فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ فَرَدَّهُ إِلَى الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ لَمَّا جَعَلَ لَهُ شَيْئًا ثَابِتًا عَلَى كُلِّ حَالٍ فَرْعٌ - قَالَ إِنْ هَرَبَ الْآبِقُ فِي الطَّرِيقِ أَوْ لَيْلَةَ قُدُومِهِ عَلَى سَيِّدِهِ سَقَطَ الْجَعْلُ وَالنَّفَقَةُ لِعَدَمِ التَّسْلِيمِ وَقَالَهُ (ش) فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا جَعَلَ فِي عَبْدِهِ لِرَجُلٍ عَشَرَةً ثُمَّ لِآخَرَ خَمْسَةً فَأَتَيَا بِهِ فَالْعَشَرَةُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا لِأَنَّهَا بِنِسْبَةِ الْخَمْسَةِ إِلَى الْعَشَرَةِ وَهُوَ قَدْ رَضِيَ بِالْعَشَرَةِ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ جَعْلِهِ لِأَنَّهُ الَّذِي رَضِيَ بِهِ وَيَقَعُ التَّشْطِيرُ بِالْمُنَاجَمَةِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِنْ جَعَلَ لِأَحَدِهِمَا عَرْضًا وَلِلْآخَرِ عَشَرَةً فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ لِصَاحِبِ الْعَرْضِ نِصْفُهُ وَلِلْآخَرِ نِصْفُ الْعَشَرَةِ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُقَوَّمُ الْعَرْضُ فَإِنْ سَاوَى خَمْسَةً فَلِصَاحِبِ الْعَشَرَةِ ثُلُثَا الْعَشَرَةِ وَيُخَيِّرُ الْآخَرُ بَيْنَ ثُلُثِ الْعَشَرَةِ أَوْ مَا قَابَلَ ذَلِكَ مِنَ الْعَرْضِ وَهُوَ ثُلُثَا ذَلِكَ الْعَرْضِ فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا تَعَيَّبَ الْعَبْدُ قَبْلَ الْوُصُولِ عَيْبًا لَا يُسَاوِي الْجَعْلَ أَوْ قَبْلَ وِجْدَانِهِ قَالَ مَالِكٌ لَهُ الْجَعْلُ كَامِلًا لِأَنَّهُ أَتَى بِهِ وَكَذَلِكَ الِاسْتِحْقَاقُ

وَظُهُورُ الْحُرِّيَّةِ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا شَيْءَ لَهُ فِي الْحُرِّيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ لِأَنَّهُ غَيْرُ الْمَجْعُولِ عَلَيْهِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَيُرْجَعُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ بِالْأَقَلِّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ جَعْلِ مِثْلِهِ لِأَنَّ مَنْ أَتَى بِآبِقٍ لَهُ جَعْلُهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا شَيْءَ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ قَالَ وَهُوَ الْأَقْيَسُ إِلَّا إِنْ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ يَطْلُبُهُ بِنَفْسِهِ فَرْعٌ - قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا هَرَبَ الْآبِقُ مِنْهُ فَتَرَكَ الْعَمَلَ فجَاء على غَيره بعد عودته إِلَى مَوْضِعِهِ الَّذِي أُخِذَ مِنْهُ أَوْ قَرِيبٍ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ لِلْأَوَّلِ شَيْءٌ وَإِنْ أَخَذَهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي وَصَلَ إِلَيْهِ الْأَوَّلُ أَوْ قَرِيبٍ مِنْهُ وَقَدْ جَعَلَ لِلثَّانِي جَعْلَ مَوْضِعِ الْهَرَبِ فَلِلْأَوَّلِ بِقَدْرِ مَا انْتَفَعَ سَيِّدُهُ وَإِنْ جَعَلَ لِلثَّانِي طَلَبَهُ حَيْثُ يَجِدُهُ - قَرُبَ أَوْ بَعُدَ وَكَانَ الْجَعْلُ فِيهِ الْآنَ مِثْلُ الْجَعْلِ الْأَوَّلِ لَمْ يَكُنْ لِلْأَوَّلِ شَيْءٌ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي أَقَلَّ لِأَنَّهُ لَا يَطْلُبُهُ إِلَّا فِي الْمَوْضِعِ الْقَرِيبِ وَالْأَوَّلُ بِقَدْرِ مَا انْتَفَعَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فَرْعٌ - فِي الْجَوَاهِرِ مَنْ أَخَذَ آبِقًا فَأَرْسَلَهُ عَمْدًا ضَمِنَهُ لِأَنَّهُ مُتْلِفٌ لِمَالِ مَعْصُومٍ فَرْعٌ - قَالَ فَإِنْ أَتْلَفَ مِنْهُ قَرِيبًا فَجَاءَ بِهِ آخَرُ قَالَ مَالِكٌ الْجَعْلُ بَيْنَهُمَا

فَرْعٌ - قَالَ تَجُوزُ الزِّيَادَةُ وَالنُّقْصَانُ فِي الْجَعْلِ قَبْلَ فَرَاغِ الْعَامِلِ فَرْعٌ - قَالَ إِنْ أَنْكَرْتَ سَعْيَ الْعَامِلِ فِي الرَّدِّ صَدَقْتَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ السَّعْيِ أَوْ تَنَازَعْتُمَا فِي مِقْدَارِ الْجَعْلِ تَحَالَفْتُمَا وَلَهُ جَعْلُ الْمِثْلِ تَنْبِيهٌ - قَالَ تَرَدَّدَ بَيْنَ الْجَعَالَةِ وَالْإِجَارَةِ الطِّبيبُ عَلَى الْبُرْءِ وَتَعْلِيمُ الْقُرْآنِ وَاسْتِخْرَاجُ الْمِيَاهِ مِنَ الْآبَارِ وَالْعُيُونِ وَالْمُغَارَسَةُ وَكِرَاءُ السُّفُنِ وَكَذَلِكَ اخْتُلِفَ هَلْ هِيَ عَلَى الْبَلَاغِ كَالْجَعَالَةِ أَمْ لَا وَهَذَا التَّرَدُّدُ مَنْشَأُ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الْفُرُوعِ فَرْعٌ - فِي النَّوَادِرِ لَوْ جَعَلَ عَلَى تَقَاضِي الْغَرِيمِ فَأَبْرَأَهُ أَوْ أَخَّرَهُ بَعْدَ شُرُوعِ الْمُجَاعَلِ فِي التَّقَاضِي أَوْ جَعَلَ فِي آبِقٍ فَأَعْتَقَهُ بَعْدَ الشُّرُوعِ فَلِلْمُجَاعَلِ الْجَعْلُ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ قِبَلِ الْجَاعِلِ وَإِنْ لَمْ يَشْرَعْ فَلَا شَيْءَ لَهُ

(كتاب القراض)

(كِتَابُ الْقِرَاضِ) وَفِيهِ مُقَدِّمَتَانِ وَبَابَانِ الْمُقَدِّمَةُ الْأُولَى فِي لَفْظِهِ وَلَهُ اسْمَانِ الْقِرَاضُ وَالْمُضَارَبَةُ أَمَّا لَفْظُ الْقِرَاضِ فَقَالَ صَاحِبُ الْعَيْنِ أَقْرَضْتُ الرَّجُلَ إِذَا أَعْطَيْتَهُ لِيُعْطِيَكَ فَالْمُقَارِضُ يُعْطَى الرِّبْحَ كَمَا يُعْطَى الْمُقْتَرِضُ مِثْلَ الْمَأْخُوذِ وَقَالَ غَيْرُهُ هُوَ مِنَ الْمُقَارَضَةِ وَهِيَ الْمُسَاوَاةُ وَمِنْهُ تَقَارَضَ الشَّاعِرَانِ إِذَا اسْتَوَيَا فِي الْإِنْشَادِ لِأَنَّهُمَا يَسْتَوِيَانِ فِي الِانْتِفَاعِ بِالرِّبْحِ وَقِيلَ مِنَ الْقَرْضِ الَّذِي هُوَ الْقَطْعُ وَمِنْهُ قَرَضَ الْفَأْرُ الثَّوْبَ لِأَنَّكَ قَطَعْتَ مِنْ مَالِكَ لَهُ قِطْعَةً وَهُوَ قَطَعَ لَكَ جُزْءًا مِنَ الرِّبْحِ الْحَاصِلِ بِسَعْيِهِ وَيُسَمَّى مُقَارِضًا مَعَ أَنَّ الْمُفَاعِلَ لَا يَكُونُ إِلَّا مِنَ الْمُفَاعَلَةِ الَّتِي لَا تَكُونُ إِلَّا مِنِ اثْنَيْنِ نَحْوَ الْمُخَاصَمَةِ وَالْمُضَارَبَةِ إِمَّا لِأَنَّ كِلَيْهِمَا يُسَاوِي صَاحِبَهُ فِي الرِّبْحِ وَيَقْطَعُ لَهُ مِمَّا تَحْتَ يَدِهِ أَوْ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْعَقْدِ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ مِنْ بَابِ التَّعْبِيرِ بِالْمُتَعَلِّقِ أَوْ هِيَ مِنَ الصِّيَغِ الَّتِي لَا تَقْتَضِي الشَّرِكَةَ نَحْوَ الْمُسَافِر وَعَافَاهُ اللَّهُ وَطَارَقْتُ النَّعْلَ إِذَا جَعَلْتَهُ طَاقًا عَلَى طَاقٍ فَأَمَّا لَفْظُ الْمُضَارَبَةِ فَإِمَّا أَنَّ كِلَيْهِمَا يَضْرِبُ فِي الرِّبْحِ بِنَصِيبٍ وَإِمَّا مِنَ الضَّرْبِ فِي الْأَرْضِ الَّذِي هُوَ السَّفَرُ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ

يَبْتَغُونَ من فضل الله} قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ فِي تَفْسِيرِهِ فَرْقٌ بَيْنَ ضَرَبَ فِي الْأَرْضِ وَضَرَبَ الْأَرْضَ أَنَّ الْأَوَّلَ لِلتِّجَارَةِ وَالثَّانِي لِلْحَجِّ وَالْغَزْوِ وَالْقُرُبَاتِ كَأَنَّ الْمُسَافِرَ لِلتِّجَارَةِ مُنْغَمِسٌ فِي الْأَرْضِ وَمَتَاعِهَا فَقِيلَ ضَرَبَ فِيهَا وللمتقرب إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بَرِيءٌ مِنَ الدُّنْيَا فَلَمْ يُجْعَلْ فِيهَا وَيُسَمَّى مُفَاعَلَةً عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الْمُقَارِضِ وَالْمُقَارِضُ بِالْكَسْرِ رَبُّ الْمَالِ وَبِالْفَتْحِ الْعَامِلُ وَالْمُضَارِبُ بِالْكَسْرِ الْعَامِلُ عَكْسَ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ الَّذِي يَضْرِبُ بِالْمَالِ قَالَ بَعْضُ اللُّغَوِيِّينَ وَلَيْسَ لِرَبِّ الْمَالِ اسْمٌ مِنَ الْمُضَارَبَةِ بِخِلَاف الْقَرَاض الْمُقَدِّمَةُ الثَّانِيَةُ فِي مَشْرُوعِيَّتِهِ وَأَصْلُهُ مِنَ الْكتاب قَوْله تَعَالَى {وأحلَّ الله البيع} وَهُوَ بَيْعُ مَنَافِعَ بِجُزْءٍ مِنَ الرِّبْحِ وَمِنْ عمل الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - مَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ وَعُبَيْدَ اللَّهِ ابْنَيْ عُمَرَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ خَرَجَا فِي جَيْشٍ إِلَى الْعِرَاقِ فَلَمَّا قَفَلَا مَرَّا عَلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَهُوَ أَمِيرُ الْبَصْرَةِ فَرَحَّبَ بِهِمَا وَسَهَّلَ ثُمَّ قَالَ لَوْ أَقْدِرُ لَكُمَا عَلَى أَمْرٍ أنفعكما بِهِ ثمَّ قَالَ بلَى هَهُنَا مَالٌ مِنْ مَالِ اللَّهِ تَعَالَى أُرِيدُ أَنْ أَبْعَثَ بِهِ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَأُسَلِّفُكُمَاهُ فَتَبْتَاعَانِ بِهِ مَتَاعا من مَتَاع الْعِرَاقِ ثُمَّ تَبِيعَانِهِ بِالْمَدِينَةِ فَتُؤَدِّيَانِ رَأْسَ الْمَالِ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَيَكُونُ لَكُمَا الرِّبْحُ فَقَالَا وَدِدْنَا فَفَعَلَ وَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمَا الْمَالَ فَلَمَّا قَدِمَا بَاعَا فَأُرْبِحَا فَلَمَّا دَفَعَا ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ قَالَ عُمَرُ أَكُلَّ الْجَيْشِ أَسْلَفَهُ مِثْلَ مَا أَسْلَفَكُمَا قَالَا لَا فَقَالَ عمر أَبنَاء أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَأَسْلَفَكُمَا أَدِّيَا الْمَالَ وَرِبْحَهُ فَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ فَسَكَتَ وَأَمَّا عُبَيْدُ اللَّهِ فَقَالَ مَا يَنْبَغِي لَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَذَا لَوْ نَقَصَ الْمَالُ أَوْ هَلَكَ لَضَمِنَّاهُ فَقَالَ عُمَرُ أَدِّيَاهُ فَسَكَتَ عَبْدُ اللَّهِ وَرَاجَعَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ جُلَسَاءِ عُمَرَ يَا أَمِير

- الباب الأول في أركانه

الْمُؤْمِنِينَ لَوْ جَعَلْتَهُ قِرَاضًا فَقَالَ عُمَرُ قَدْ جَعَلْتُهُ قِرَاضًا فَأَخَذَ عُمَرُ الْمَالَ وَنِصْفَ رِبْحِهِ وَأخذ أبناؤه نصف الرِّبْح وَيُقَال الرجل عبد الرحمان بْنُ عَوْفٍ سُؤَالٌ كَيْفَ يُمْكِنُ جَعْلُهُ قِرَاضًا بَعْدَمَا كَانَ قَرْضًا وَإِلْزَامُ ذَلِكَ فِي الْقَرْضِ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ وَأَكْلُ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ لِأَنَّ الرِّبْحَ مِلْكٌ لِلْمُقْتَرِضِ إِجْمَاعًا فَأَخْذُهُ مِنْهُ غَصْبٌ جَوَابُهُ قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ فِي سِرَاجِ الْمُلُوكِ جَعَلَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ انْتِفَاعَهُمْ بِجَاهِ الْعَمَلِ لِلْمُسْلِمِينَ لَهُ نصف الرِّبْح كَأَن الْمُصَلِّين ساعدوهما فِي ذَلِك وَهُوَ مُسْتَنده فِي تَشْطِيرِ عُمَّالِهِ فِي أَمْوَالِهِمْ فَهُوَ كَالْقِرَاضِ سُؤَالٌ أَبُو مُوسَى حَكَمٌ عَدْلٌ وَقَدْ تَصَرَّفَ بِوَجْهِ الْمَصْلَحَةِ لِأَنَّ الْمَالَ يَصِيرُ مَضْمُونًا فِي الذِّمَّةِ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ بَعْثِهِ عَلَى وَجْهِ الْأَمَانَةِ مُضَافًا إِلَى إِكْرَامِ مَنْ يَنْبَغِي إِكْرَامُهُ فَهُوَ تَصَرُّفٌ جَامِعٌ لِلْمَصَالِحِ فَيَتَعَيَّنُ تَنْفِيذُهُ وَعَدَمُ الِاعْتِرَاضِ عَلَيْهِ جَوَابُهُ أَنَّ عَدَمَ التَّعَرُّضِ إِنَّمَا هُوَ بَيْنَ النَّظَرِ مِنَ الْأُمَرَاءِ أَمَّا الْخَلِيفَةُ فَلَهُ النَّظَرُ فِي أَمْرِ نُوَّابِهِ وَإِنْ كَانَ سدادا أَو تَقول كَأَنَّ فِي هَذَا التَّصَرُّفِ تُهْمَةً تَتَعَلَّقُ بِعُمَرَ بِسَبَبِ أَنَّهُ إِكْرَامٌ لِابْنَيْهِ فَأَرَادَ إِبْطَالَهَا وَالذَّبَّ عَنْ عِرْضِ الْإِمَامَةِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ وَفِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ دَفَعَ قِرَاضًا عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا وَقِيَاسًا عَلَى الْمُسَاقَاةِ الَّتِي هِيَ مَوْرِدُ السُّنَّةِ بِجَامِعِ الضَّرُورَةِ إِذْ لَيْسَ كُلُّ النَّاسِ يَقْدِرُ عَلَى تَنْمِيَةِ مَالِهِ وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَيْهِ 2 - الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهِ وَهِيَ خَمْسَةٌ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي الْمُتَعَاقِدَانِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا إِلَّا مَا يُشْتَرَطُ فِي الْوَكِيلِ وَالْمُوَكَّلِ وَلَوْ قَارَضَ الْعَامِلُ بِغَيْرِ إِذْنِكَ فَهُوَ مُتَعَدٍّ لِأَنَّكَ لَمْ تُؤْمَنِ

الْغَيْرَ وَيَجُوزُ تَعَدُّدُ الْعَامِلِ وَالْمَالِكِ بِشَرْطِ تَوْزِيعِ الرِّبْحِ بَيْنَ الْعُمَّالِ بِقَدْرِ الْأَعْمَالِ كَتَوْزِيعِ الْأَثْمَانِ عَلَى السِّلَعِ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ لِلْمَأْذُونِ دَفْعُ الْقِرَاضِ وَأَخْذُهُ لِأَنَّهُ تِجَارَةٌ وَلَا يَضْمَنُهُ الْمَأْذُونُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ الْقِرَاضُ إِجَارَةٌ فَلَا يَأْخُذُهُ كَمَا لَا يُؤْجِرُ نَفْسَهُ وَإِذَا أَخَذَ قِرَاضًا فَالرِّبْحُ كَخَرَاجِهِ لِأَنَّهُ بَيْعُ مَنَافِعِهِ فَلَا يَقْضى مِنْهُ دَيْنَهُ وَلَا يَتْبَعُهُ إِنْ عَتَقَ قَالَ اللَّخْمِيُّ فَإِنْ قَارَضَ غَيْرُ الْمَأْذُونِ فَلِسَيِّدِهِ الْأَكْثَرُ مِنَ الْمُسَمَّى أَوْ قِرَاضِ الْمِثْلِ أَوْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لِرِضَاهُ بِالْمُسَمَّى أَوِ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ لَكَ مُقَارَضَةُ عَبْدِكَ وَأَجِيرِكَ إِذَا كَانَ مِثْلَ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ اسْتِيفَاءُ مَنْفَعَةٍ وَمَنَعَ سَحْنُونٌ الْأَجِيرَ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَلِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَبْضَعَ وَيَدْفَعَ قِرَاضًا وَيَأْخُذَهُ لِأَنَّهُ تَنْمِيَةٌ لِمَالِهِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ قَالَ ابْنُ مُيَسِّرٍ مَنَعَ سَحْنُونٌ لِأَنَّ الْقِرَاضَ أَخَفُّ مِمَّا اسْتَأْجَرَ لَهُ فَأَلْحَقَهَا بِمَصْلَحَةٍ اشْتَرَطَهَا الْعَامِلُ لِنَفْسِهِ وَقِيلَ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنَّ الْأَجِيرَ بَاقٍ عَلَى الْخِدْمَةِ وَهُوَ يَتَّجِرُ

فِي خِلَالِهَا إِذْ وَجَدَ سِلْعَةً ابْتَاعَهَا وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ إِنِ اسْتَأْجَرَهُ لِيَتَّجِرَ لَهُ جَازَ الْقَرَاض لِأَنَّهُ من الْمَنْفَعَة الأولى وللخدمة امْتَنَعَ أَوْ لِيُقَارِضَهُ امْتَنَعَ أَيْضًا لِأَنَّ عَمَلَ الْقِرَاضِ غَيْرُ مُنْضَبِطٍ وَقِيلَ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنَّهُ مَلَكَ جَمِيعَ خِدْمَتِهِ فَصَارَ كَالْعَبْدِ وَمَا اسْتَأْجرهُ فِيهِ بَعْضُهُ عَمَلُ الْقِرَاضِ وَهُوَ نَحْوُ قَوْلِ يَحْيَى قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ قِيلَ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ كَانَ مِثْلَ الْعَبْدِ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ لِيَجِيئَهُ بِالْغَلَّةِ وَلَمْ يُؤَقِّتْ عَلَيْهِ مَا يَأْتِيهِ بِهِ بَلْ يَتَخَيَّرُ بِالسُّوقِ فَلَمْ يَنْقُلْهُ بِالْقِرَاضِ مِنْ عَمَلٍ إِلَى عَمَلٍ بَلْ أَسْقَطَ عَنْهُ بَعْضَ الرِّبْحِ وَلَوْ كَانَ عَمَلًا بِعَيْنِهِ كَالْبِنَاءِ امْتَنَعَ كَمَا قَالَ سَحْنُونٌ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ لِلْعَامِلِ أَخْذُ قِرَاضٍ مِنْ رَجُلٍ آخَرَ إِنْ كَانَ لَا يَشْغَلُهُ عَنِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِمَنَافِعِ نَفْسِهِ وَإِلَّا فَلَا لِالْتِزَامِهِ مُقْتَضَى الْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَجَوَّزَهُ (ش) مُطْلَقًا كَالْوَكَالَةِ وَمَنَعَهُ أَحْمَدُ مُطْلَقًا صَوْنًا لِلْعَقْدِ الْأَوَّلِ عَنِ الْخَلَلِ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ لَا أُحِبُّ مُقَارَضَةَ مَنْ يَسْتَحِلُّ الْحَرَامَ أَوْ لَا يَعْرِفُهُ - وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا قَالَ اللَّخْمِيُّ أَمَّا الْجَاهِلُ بِالصَّرْفِ وَبَيْعِ الطَّعَام قبل قَبضه وَنَحْوهمَا فَيتَصَدَّق بِالرِّبْحِ غير من جبر إِلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ عَمِلَ بِذَلِكَ فَيُجْبَرُ عَلَى الصَّدَقَةِ بِالْفَضْلِ لِفَسَادِ الْعَقْدِ وَإِنْ تَوَقَّعَ تَجْرَهُ فِيمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ اسْتَحَبَّ الصَّدَقَةَ بِرَأْسِ الْمَالِ وَالرِّبْحِ

فَإِنْ عَلِمَ ذَلِكَ أُجْبِرَ عَلَى التَّصَدُّقِ بِالْجَمِيعِ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ فِيمَا لَا يُقَابَلُ بِالْمَالِ فَالْمَالُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ رَبِّهِ قَاعِدَةٌ - الْأَمْوَالُ الْمُحَرَّمَةُ مِنَ الْغُصُوبِ وَغَيْرِهَا إِذَا عُلِمَتْ أَرْبَابُهَا رُدَّتْ إِلَيْهِمْ وَإِلَّا فَهِيَ مِنْ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ تصرف فِي مَصَارِفِهِ الْأَوْلَى فَالْأَوْلَى مِنَ الْأَبْوَابِ وَالْأَشْخَاصِ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ نَظَرُ الصَّارِفِ مِنَ الْإِمَامِ أَوْ نُوَّابِهِ أَوْ مَنْ حَصَلَ ذَلِكَ عِنْدَهُ من الْمُسلمين فَلَا تتَعَيَّن الصَّدَقَة قَدْ يَكُونُ الْغَزْوُ أَوْلَى فِي وَقْتٍ أَوْ بِنَاء جَامع اَوْ قنطرة فَتحرم الصَّدَقَة لتعيين غَيْرِهَا مِنَ الْمَصَالِحِ وَإِنَّمَا يَذْكُرُ الْأَصْحَابُ الصَّدَقَةَ فِي فَتَاوِيهِمْ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ لِأَنَّهَا الْغَالِبُ وَإِلَّا فَالْأَمْرُ - كَمَا ذَكَرْتُهُ لَكَ قَاعِدَةٌ - كُلُّ مَنْ فَعَلَ فِعْلًا أَوْ قَالَ قَوْلًا أَوْ تَصَرَّفَ تَصَرُّفًا مِنَ الْمُعَامَلَاتِ أَوْ غَيْرِهَا لَا يَجُوزُ لَهُ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ حَتَّى يَعْلَمَ حُكْمَ الله تَعَالَى فِي ذَلِك فان تعلم وَعلم أَطَاعَ اللَّهَ تَعَالَى طَاعَتَيْنِ بِالتَّعَلُّمِ الْوَاجِبِ وَبِالْعَمَلِ إِنْ كَانَ قُرْبَةً وَإِلَّا فَبِالتَّعَلُّمِ فَقَطْ وَإِنْ لَمْ يَتَعَلَّمْ وَلَمْ يَعْمَلْ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ مَعْصِيَتَيْنِ بِتَرْكِ التَّعَلُّمِ وَبِتَرْكِ الْعَمَلِ إِنْ كَانَ وَاجِبًا وَإِلَّا فَبِتَرْكِ التَّعَلُّمِ فَقَطْ وَإِنْ تَعَلَّمَ وَلَمْ يَعْمَلْ أَطَاعَ اللَّهَ تَعَالَى بِالتَّعَلُّمِ الْوَاجِبِ وَعَصَى بِتَرْكِ الْعَمَلِ إِنْ كَانَ وَاجِبًا وَإِلَّا فَلَا وَنَقَلَ الْإِجْمَاعَ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي رِسَالَتِهِ وَالْغَزَّالِيُّ فِي إِحْيَاءِ عُلُومِ الدِّينِ وَهَذَا الْقِسْمُ هُوَ مِنَ الْعِلْمِ فَرْضُ عَيْنٍ وَهُوَ عِلْمُكَ بِحَالَتِكَ الَّتِي

أَنْتَ فِيهَا وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَمَا عَدَا هَذَا الْقِسْمَ فَرْضُ كِفَايَةٍ فَلِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ حُرِّمَ عَلَى الْجَاهِلِ كَسْبُهُ الْحَرَامُ كَالْعَامِدِ سُؤَالٌ مَنْ شَرِبَ خَمْرًا يَظُنُّهُ خَلًّا أَوْ وَطِئَ أَجْنَبِيَّةً يَعْتَقِدُهَا مُبَاحَةً أَوْ أَكَلَ طَعَامًا نَجِسًا يَعْتَقِدُهُ طَاهِرًا يُعْذَرُ بِجَهْلِهِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَفِي الْمُعَامَلَاتِ وَغَيْرِهَا لَا يَعْذَرُ وَيَأْثَمُ فَمَا ضَابِطُ الْقِسْمَيْنِ - قَاعِدَةٌ - الْجَهْلُ قِسْمَانِ مِنْهُ مَا يَتَعَذَّرُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ غَالِبًا أَوْ فِيهِ مَشَقَّةٌ فَجَعَلَهُ الشَّرْعُ عُذْرًا لِمَنِ ابْتُلِيَ بِهِ وَهُوَ تِلْكَ الْمُثُلُ وَنَحْوُهَا وَمِنْهُ مَا لَيْسَ كَذَلِكَ فَلَا يُعْذَرُ بِهِ فَالْفَحْصُ عَنْ طَهَارَةِ الْمَأْكُولَاتِ وَحل كل عقد تنَاولهَا بعسر عَلَى النَّاسِ وَكَذَلِكَ سَائِرُ النَّظَائِرِ وَإِلَّا فَالْأَصْلُ أَنَّ الْجَهْلَ لَا يُجْدِي خَيْرًا وَلَا يَكُونُ عُذْرًا - فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ أَكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ أَخْذَ قِرَاض الذِّمِّيّ أَو مساقاته للمذمة وَلَيْسَ بِحَرَامٍ وَأَبَاحَهُ (ش) لِأَنَّكَ تَعْمَلُ بِالْحَلَّالِ وَكَرِهَ دَفْعَكَ لَهُ لِأَنَّهُ يَعْمَلُ بِالْحَرَامِ وَأَجَازَهُ مَالِكٌ مُسَاقِيًا إِنْ كَانَ لَا يَعْصِرُ حِصَّتَهُ خَمْرًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا قَارَضْتَ ذِمِّيًّا عَالِمًا بِهِ يُفْسَخُ قَبْلَ الْعَمَلِ وَيَمْضِي بَعْدَهُ حَتَّى يَنِضَّ الْمَالُ فَيُفْسَخُ وَإِذَا كَانَ النَّصْرَانِيُّ عَامِلًا فُسِخَ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا قَارَضَ نَصْرَانِيٌّ نَصْرَانِيًّا فَاشْتَرَى خَمْرًا فَأَسْلَمَ رَبُّ الْمَالِ وَالْخَمْرُ قَائِمَةٌ بِيَدِ الْعَامِلِ فَقَالَ رَبُّ المَال

الركن الثالث رأس المال وشروطه ستة

قَارَضْتُكَ بِمَالٍ فَادْفَعْ إِلَيَّ مَالِي وَالْخَمْرُ اكْسِرْهَا يُعْطَى لِلْعَامِلِ قَدْرُ حِصَّتِهِ مِنَ الرِّبْحِ خَمْرًا وَيُرَاقُ مَا يَخُصُّ الْمُسْلِمَ وَإِذَا كَانَ النَّصْرَانِيُّ عَامِلًا فَاشْتَرَى خَمْرًا هَلْ يَضْمَنُ لِدُخُولِهِ عَلَى بِيَاعَاتِ الْمُسْلِمِينَ وَقَالَهُ (ش) كَأَحَدِ الرِّوَايَتَيْنِ فِي مَنْعِ الْمُسْلِمِ امْرَأَتَهُ الذِّمِّيَّةَ مِنَ الْكَنِيسَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَلَا يَكُونُ مُتَعَدِّيًا لِقَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يَمْنَعُهَا لِأَنَّ ذَلِكَ فِي دِينِهِمْ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ لِأَنَّهُ مُتْلِفٌ لِلْمَالِ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَإِذَا كَانَ الذِّمِّيُّ الْعَامِلُ يَعْصِرُ نَصِيبَهُ خَمْرًا يَخْتَلِفُ هَلْ يُفْسَخُ أَوْ يُمْضَي وَيُبَاعُ نَصِيبُهُ عَلَيْهِ إِذَا تَمَّ الْعَمَلُ وَلَوْ لَمْ يَنْظُرْ فِيهِ حَتَّى تَمَّ لَكَانَ لَهُ الْمُسَمَّى وَيُبَاعُ ذَلِكَ الْمُسَمَّى فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَا يُعْجِبُنِي عَمَلُ الْوَصِيِّ بِمَالِ الْيَتِيمِ مُضَارَبَةً لِلتُّهْمَةِ وَلِيُقَارِضَ لَهُ غَيْرَهُ فَإِنْ أَخَذَهُ لِنَفْسِهِ بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ مَضَى وَإِلَّا رُدَّ إِلَى قِرَاضِ مِثْلِهِ الرُّكْنُ الثَّالِثُ رَأْسُ الْمَالِ وَشُرُوطُهُ سِتَّةٌ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ نَقْدًا وَقَالَهُ (ش) وَ (ح) فَفِي الْكِتَابِ لَا يَجُوزُ إِلَّا بِالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ دُونَ الْفُلُوسِ لِأَنَّهَا تَبْطُلُ وَعَنْهُ الْجَوَازُ خِلَافًا لِ (ش) (ح) لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى النَّقْدِ وَيَمْتَنِعُ بِالْعُرُوضِ وَالْمُثْلَى مِنَ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ لِلْغَرَرِ بِتَغَيُّرِ الْأَسْوَاقِ عِنْدَ الْمُفَاضَلَةِ لِأَنَّهُ يَرُدُّ مِثْلَ مَا أَخذ فَيذْهب عمله مجَّانا بغلاء السّعر وَرَأس الْمَالِ يُرْخِصُهُ فَإِنْ وَقَعَ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ فِي الْبِيَعِ وَقِرَاضُ مِثْلِهِ فِي التَّجْرِ لِفَسَادِ الْعَقْدِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ نَزَلَ بِالْفُلُوسِ رَدَّ فُلُوسًا مِثْلَهَا إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ صَرْفَهَا دَرَاهِمَ وَيَعْمَلَ بِهَا فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ وَقِرَاضُ الْمِثْلِ وَعَنْ مَالِكٍ

إِجَازَتُهُ بِهَا ابْتِدَاءً قَالَ اللَّخْمِيُّ لِمَالِكٍ فِي الْحُلِيِّ الْجَوَازُ وَالْمَنْعُ لِأَنَّ الصِّيَاغَةَ عَرْضٌ وَهُوَ أَقْسَامٌ ثَلَاثَةٌ جَائِزٌ إِنْ كَانُوا يَتَعَامَلُونَ بِهِ وَإِلَّا فمكروه ان لم يتَعَذَّر وَإِلَّا الْمثل فَمَمْنُوعٌ وَفِي الْفُلُوسِ أَقْوَالٌ وَثَالِثُهَا الْكَرَاهَةُ لِشَبَهِهَا بِالْعَرُوضِ وَالنُّقُودِ اعْتِبَارًا لِلشَّبَهَيْنِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ الْقِرَاضُ بِالْعُرُوضِ لَهُ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ إِنْ جَعَلَ رَأْسَ الْمَالِ فَهُوَ غَرَرٌ أَوِ الثَّمَنَ الَّذِي يُبَاعُ بِهِ فَهُوَ اشْتِرَاطُ مَنْفَعَةٍ لَكَ مِنْ حَمْلِ مَؤُونَةِ الْبَيْع أَوِ الْقِيمَةِ يَوْمَ الدَّفْعِ كَانَ بَيْعًا مِنْكَ لِلْعَرْضِ بِتِلْكَ الْقِيمَةِ فَإِنْ بَاعَهُ بِأَقَلَّ جَبَرَهُ بِالرِّبْحِ فَهُوَ غَرَرٌ أَوِ الْقِيمَةِ يَوْمَ التَّفَاضُلِ فَهُوَ يَعْمَلُ بِرَأْسِ مَالٍ مَجْهُولٍ وَتَخْتَلِفُ هَذِهِ الْوُجُوهُ عَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَلَهُ فِي الثَّانِي أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِي الْبَيْعِ وَقِرَاضُ مِثْلِهِ فِي الْعَمَلِ إِنْ لَمْ يَعْثُرْ عَلَيْهِ إِلَّا بَعْدَهُ وَفِي الثَّلَاثَةِ الْأُخَرِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ قَالَ التُّونِسِيُّ بِعْ لِي هَذِهِ السِّلْعَةَ وَلَكَ فِي إِجَارَتِهَا كَذَا وَاعْمَلْ بِثَمَنِهَا قِرَاضًا الْقِيَاسُ الْمَنْعُ لِأَنَّ الْقِرَاضَ فِي حُكْمِ الْجَعْلِ فَلَا يَجْتَمِعُ مَعَ الْإِجَارَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْقِرَاضُ بِالْمِثْلِيَّاتِ وَالْعُرُوضُ إِنْ جُعِلَ رَأْسُ الْمَالِ مَا تُبَاعُ بِهِ امْتَنَعَ لِأَنَّهَا إِجَارَةٌ بِأُجْرَةٍ مَجْهُولَةٍ وَقِرَاضٌ فِي عَقْدٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ يَسِيرًا وَيَكُونَ شَأْنُهُ يَعْمَلُ ذَلِكَ لَهُ مِنْ غَيْرِ قِرَاضٍ أَوْ يَقُولَ كَلِّفْ مَنْ يَبِيعُ وَيَأْتِيكَ بِالثَّمَنِ فَيَجُوزُ لِعَدَمِ الْإِجَارَة وان بَاعَ الْعرض بِعرْض ثمَّ ينْقد فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِي الْعَرْضَيْنِ ثُمَّ قِرَاضُ مثله فِي وَقت الْعين فَإِنْ قَالَ لَهُ بِعْهُ بِالْعَيْنِ فَبَاعَ بِالْعَرْضِ تَعَديا خيرا بَيْنَ إِجَارَةِ فِعْلِهِ فَيَكُونُ كَمَا تَقَدَّمَ أَوْ يَضْمَنُهُ وَيَكُونُ الرِّبْحُ وَالْخَسَارَةُ لِلْعَامِلِ وَعَلَيْهِ وَلَهُ قِرَاض الْمثل

فِيمَا عَمِلَ فِيهِ بَعْدَ بَيْعِ الثَّانِي إِلَّا أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ الَّذِي بِيعَ بِهِ الثَّانِي أكبر مِنْ قِيمَةِ الْأَوَّلِ فَيَكُونُ رِبْحُ الزَّائِدِ وَخَسَارَتُهُ لَهُ وَعَلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ رَأْسُ الْمَالِ قِيمَةُ الْأَوَّلِ إِذَا لَمْ يَأْمُرْهُ أَنْ يَبِيعَ بِعَيْنٍ فَبَاعَ بِعَرْضٍ وَإِنْ أَمْرَهُ بِالْعَيْنِ فَرَأْسُ الْمَالِ الْأَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ الْأَوَّلِ وَثَمَنِ الثَّانِي وَلَهُ الْأُجْرَةُ فِي بَيْعِ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ قَالَ اللَّخْمِيُّ جَعْلُهُ الْأُجْرَةَ لَهُ مَعَ جَعْلِهِ رَأْسَ الْمَالِ قِيمَتَهُ لَا وَجْهَ لَهُ لِأَنَّ الْقِيمَةَ قَبْلَ الْبَيْعِ فَالْبَيْعُ دَاخِلٌ فِي عَمَلِ الْقِرَاضِ فَرْعٌ مُرَتَّبٌ - فِي الْكِتَابِ أَكْرَهُ شِرَاءَهُ مِنْ رَبِّ الْمَالِ سِلْعَةً لِرُجُوعِ رَأْسِ الْمَالِ وَصَارَ الْقِرَاضُ بِهَذَا الْعَرْضِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَعَنْهُ إِبَاحَتُهُ وَإِذَا اشْتَرَى مِنْهُ لِنَفْسِهِ لَا لِلتِّجَارَةِ جَازَ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَيَجُوزُ لَكَ بَيْعُ عُرُوضٍ مِنَ الْعَامِلِ لِلْقِرَاضِ بِالنَّقْدِ وَكَرِهَهُ مَالِكٌ بِالنَّسِيئَةِ وَإِنْ بَاعَ كَأَنَّهُ أَخَّرَهُ ليرضخه فِيهِ وَفِي الْمُنْتَقَى إِذَا اشْتَرَى مِنْكَ عُرُوضًا بِمَالِ الْقِرَاضِ لِلْقِرَاضِ كَرِهَهُ مَالِكٌ حَذَرًا مِنْ مُغَابَنَتِهِ لَكَ وَعَنْهُ التَّخْفِيفُ قِيَاسًا عَلَى الْأَجْنَبِيِّ وَإِنْ بَاعَ مِنْكَ بِعَرْضٍ قَبْلَ التَّفَاضُلِ جَوَّزَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَمَنْعَهُ مَالِكٌ وَبَعْدَ التَّفَاضُلِ يَجُوزُ نَقْدًا وَيَمْتَنِعُ نَسِيئَةً عِنْدَ مَالِكٍ خَشْيَةَ الرِّبَا وَجوزهُ ابْن الْقَاسِم بِرَأْس المَال فَأَقل وَيمْنَع إِلَى أَجَلٍ بِأَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِقُوَّةِ التُّهْمَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ بَاعَهُ بِالنَّسِيئَةِ فَسَخَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَلْزَمَ

الْقِيمَةَ عِنْدَ الْفَوْتِ مُعْجَلَةً وَأَجَازَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ابْتِدَاءً فَإِنْ غَابَ الْعَرْضُ امْتَنَعَ اتِّفَاقًا خَشْيَةَ خَسَارَةِ رَأْسِ الْمَالِ فَيُؤَخِّرُهُ فَيَتَوَقَّعُ الْبَيْعَ وَالسَّلَفَ الشَّرْطُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا لِيُعْلَمَ الرِّبْحُ وَمَا يُرَدُّ عِنْدَ الِانْفِصَالِ وَفِي الْجَوَاهِرِ يَمْتَنِعُ بِصُبْرَةِ دَرَاهِمَ الشَّرْطُ الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ مَسْكُوكًا فَفِي الْكِتَابِ يَمْتَنِعُ بِالنِّقَارِ وَقَالَهُ (ش وح) لاحتياجها للتَّصَرُّف فِيهَا قَبْلَ عَمَلِ الْقِرَاضِ كَالْعَرْضِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا نَزَلَ بِالنِّقَارِ أُمْضِىَ بَعْدَ الْعَمَلِ وَأَمْضَاهُ أَصْبَغُ قَبْلَهُ لِقُوَّةِ الِاخْتِلَافِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَرُدُّ مِثْلَهَا عِنْدَ الْمُفَاصَلَةِ إِنْ عَرَفَ الْوَزْنَ وَإِلَّا فَمَا بِيعَتْ بِهِ وَالْعدَد الْخَارِجُ مِنْ ضَرْبِهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَالَ لَهُ بِعْهَا أَوِ اسْتَصْرِفْهَا فَمَا بَاعَهَا بِهِ أَوْ مَا حَصَلَ فِي الصَّرْفِ عَرَفَ وَزْنَهَا أَمْ لَا لِأَنَّهُ الَّذِي قَدَّرَ رَأْسَ الْمَالِ وَلِلْعَامِلِ أَجْرَتُهُ فِي الصَّرْفِ وَالضَّرْبِ إِنْ كَانَ لَهُ مؤونة وَلَهُ قِرَاضُ الْمِثْلِ وَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْبَلَدِ الَّذِي يَجْرِي فِيهِ التَّبَرُّؤُ وَلَيْسَ خِلَافًا لِلْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ كَالنَّقْدَيْنِ قَالَ اللَّخْمِيُّ فِي النِّقَارِ أَقْوَالٌ لِمَالِكٍ ثَالِثُهَا الْكَرَاهَةُ الشَّرْطُ الرَّابِعُ أَنْ يَكُونَ خَالِصًا فَإِنَّ الْمَغْشُوشَ فِيهِ عَرْضٌ وَقَالَهُ (ش) وَقَالَ (ح) إِنْ كَانَ الْغِشُّ النِّصْفَ فَأَقَلَّ جَازَ لِأَنَّهُ تَبَعٌ وَإِلَّا فَلَا وَفِي الْجَوَاهِرِ اسْتَثْنَى الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ الْمَسْكُوكَ مِنْهَا فِي بَلَدٍ يَكُونُ التَّعَامُلُ فِيهِ بِهَا لِأَنَّهَا هُنَاكَ أُصُولُ الْأَمْوَالِ وَاتَّفَقَ الْأَصْحَابُ عَلَى تَعَلُّقِ الزَّكَاةِ بِعَيْنِهَا وَهُوَ دَلِيلُ إِعْطَائِهَا حُكْمَ الْخَالِصِ الشَّرْطُ الْخَامِسُ أَنْ يَكُونَ مُسَلَّمًا فَفِي الْكِتَابِ يَمْتَنِعُ جَعْلُ وَدِيعَتِكَ عِنْدَهُ أَوْ دَيْنِكَ عَلَيْهِ قِرَاضًا لِئَلَّا يَزِيدَكَ بِتَأْخِيرِ الدَّيْنِ وَلَعَلَّهُ أَنْفَقَ الْوَدِيعَةَ فَتَصِيرُ

دَيْنًا قَالَ اللَّخْمِيُّ الْقِرَاضُ بِالدَّيْنِ جَائِزٌ إِذَا كَانَ عَلَى مُوسِرٍ حَاضِرٍ غَيْرِ مُلِدٍّ وَيَتَيَسَّرُ اجْتِمَاعُ الْعَامِلِ بِهِ كَأَنَّهُ قَبَضَ الْمَالَ مِنْكَ فَإِنْ كَانَ عَلَى غَائِبٍ يَخْرُجُ لِطَلَبِهِ فَهُوَ فِي معنى الْإِجَارَة والقراض فَيمْنَع لِلْجَهَالَةِ بِالْأُجْرَةِ لِأَنَّهَا بَعْضُ الرِّبْحِ وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَيْهِ فَأَحْضَرَهُ وَاسْتَشْهَدَ وَبَرِئَ مِنْ ضَمَانِهِ جَازَ أَخْذُهُ قِرَاضًا فَإِنْ عَمِلَ قَبْلَ الْإِشْهَادِ فَالرِّبْحُ وَالْخَسَارَةُ لَهُ وَعَلَيْهِ اسْتِصْحَابَا لِحُكْمِ الدَّيْنِ قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ أَشْهَبُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا فَعَلَى هَذَا تَكُونُ الْخَسَارَةُ مِنْكَ وَإِذَا كَانَ الْمُودِعُ لَا يَتَصَرَّفُ فِي الْوَدَائِعِ جَازَ جَعْلُهَا قِرَاضًا أَوْ كَانَتْ مِمَّا لَا يُتَصَرَّفُ فِيهَا غَالِبًا كَالْعَرْضِ جَازَ إِذَا قَالَ كُلِّفَ مَنْ يَبِيعُهُ - وَالثَّمَنُ قِرَاضٌ وَإِنْ كَانَتْ عَيْنًا وَهُوَ مِمَّنْ يَتَسَلَّفُ مُنِعَ إِلَّا بَعْدَ إِحْضَارِهَا فَإِنْ عَمِلَ قَبْلَ ذَلِكَ وَادَّعَى ضَيَاعًا أَوْ خَسَارَةً صَدَقَ لِأَنَّهُ إِمَّا مُودِعٌ أَوْ عَامِلٌ وَكِلَاهُمَا أَمِينٌ يَصْدُقُ إِلَّا أَنْ يُتَّهَمَ بِأَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ تَسَلَّفَهَا وَهُوَ مُتَّهَمٌ عَلَى ذَلِكَ فَيَصْدُقُ بِالرِّبْحِ وَإِنْ كَانَ شَأْنُهُ التَّصَرُّفَ فِي الْوَدَائِعِ لَا يَصْدُقُ فِي الضَّيَاعِ لِلتُّهْمَةِ وَجَوَّزَ (ش) الْوَدِيعَةِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ لِأَنَّ يَدَهُ يَدُكَ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ يَمْتَنِعُ اصْرِفْ هَذِهِ الدَّنَانِيرَ ثُمَّ اعْمَلْ بِهَا أَوِ اقْبِضْ مِنْ غَرِيمِي دَيْنًا وَاعْمَلْ بِهِ فَإِنْ فَعَلَ فَلَهُ أُجْرَةُ الصَّرْفِ وَالتَّقَاضِي وَقِرَاضُ الْمِثْلِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ هَذَا إِذَا كَانَ الصَّرْفُ لَهُ بَالٌ وَإِذَا كَانَتْ مُعَامَلَةُ الْبَلَدِ بِالدَّرَاهِمِ وَيَصْرِفُهَا لِيَشْتَرِيَ بِالدَّرَاهِمِ جَازَ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنَ التَّجْرِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا دَفعهَا

لِيَصْرِفَهَا بِالدَّرَاهِمِ وَيَكُونُ رَأْسُ الْمَالِ الدَّرَاهِمَ وَيَكُونُ بَيْعُهَا بِالدَّرَاهِمِ مِنْ جِنْسِ النَّظَرِ جَازَ وَإِنْ كَانَ لِيَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ الدَّرَاهِمَ مَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ إِنْ كَانَ أَجِيرًا لِبَيْعِ الشَّيْءِ الْيَسِيرِ وَإِلَّا فَلَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَا يَتَوَلَّى بَيْعًا بَلْ يَجْلِسُ عِنْدَ مَنْ يَتَوَلَّى ذَلِكَ فَيَجُوزُ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى قَالَ مَالِكٌ إِذَا لَمْ يُحْضِرِ الدَّيْنَ فَلَيْسَ لَكَ إِلَّا رَأْسُ مَالِكَ أَوْ أَحْضَرَهُ وَلَمْ تَقْتَضِهِ فَالْمَشْهُورُ الْمَنْعُ وَقَالَهُ (ش) وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ إِذَا أَحْضَرَ الْغَاصِبُ الدَّرَاهِمَ وَقُلْتَ لَا أَقْبِضُهَا اجْعَلْهَا قِرَاضًا يَجُوزُ فَيَجُوزُ فِي الدَّيْنِ وَيَحْتَمِلُ الْفَرْقُ بِأَنْ يَكُونَ الْغَاصِبُ أَحْضَرَ الْمَالَ تَبَرُّعًا وَالْمَدْيُونُ اتَّفَقَ مَعَكَ عَلَى الْإِحْضَارِ فَلَوْ تَبَرَّعَ كَانَ كَالْقَبْضِ فَإِنْ نَزَلَ فَلَكَ الدَّيْنُ فَقَطْ قَالَهُ مَالِكٌ لِأَنَّ الْقَبْضَ يَفْتَقِرُ إِلَى نَقْدٍ وَوَزْنٍ وَلَمْ يَتَّفِقْ فَلَا قَبْضَ وَقَالَ أَشْهَبُ يَمْضِي لِأَنَّهُ لَمَّا أَحْضَرَهُ عُلِمَتْ بَرَاءَتُهُ وَأَمَّا الْوَدِيعَةُ فَكَرِهَهَا ابْنُ الْقَاسِمِ حَتَّى يُحْضِرَهَا وَكَرِهَهَا ابْنُ حَبِيبٍ مِنْ غَيْرِ الثِّقَةِ وَجَوَّزَهَا مُحَمَّدٌ فَإِذَا نَزَلَ فَالرِّبْحُ بَيْنَكُمَا عَلَى الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ وَلَوْ أَحْضَرَهَا انْتَفَتِ الْكَرَاهَةُ وَكَذَلِكَ الْمُرْتَهِنُ لِنَفْسِهِ لَا لِغَيْرِهِ نَظَائِرُ قَالَ الْعَبْدِيُّ يَخْرُجُ الْمَالُ مِنَ الذِّمَّةِ إِلَى الْأَمَانَةِ فِي ثَمَانِ مَسَائِلَ إِذَا عَزَلَ عُشْرَ زَرْعِهِ فِي بَيْتِهِ فَضَاعَ ضَمِنَ إِلَّا أَنْ يُشْهِدَ عَلَى ذَلِكَ الْبَيِّنَةَ وَقَالَ المَخْزُومِي لَا ضَمَان عَلَيْهِ وَذَا قلت كل فِي طَعَامِ السِّلْمِ فِي غَرَائِرِكَ أَوْ بَيْتِكَ ثُمَّ قَالَ ضَمِنَ إِلَّا أَنْ تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِذَا أَمَرْتَهُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى مِرَمَّةِ دِرَاكٍ مِنَ الْكِرَاءِ صَدَقَ إِذَا ظَهَرَ مَا يُصَدِّقُهُ وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ غَيْرُهُ لَا

يُصَدِّقُهُ إِلَّا الْبَيِّنَةُ وَإِذَا بَاعَهُ سِلْعَةً بِثَمَنٍ عَلَى أَنْ يَتَّجِرَ بِهِ سَنَةً جَازَ إِذَا أَخْرَجَهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِبَيِّنَةٍ وَقِيلَ يَصْدُقُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَإِذَا قُلْتَ اشْتَرِ لِي بِالدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْك عبدا فَقَالَ فعلت وأبق صدقه ابْنُ الْقَاسِمِ أَوْ قُلْتَ اعْمَلْ بِدَيْنِي قِرَاضًا مَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَجَوَّزَهُ أَشْهَبُ وَإِذَا قَالَ أَنْفَقْتُ الْوَدِيعَةَ وَرَدَدْتُهَا مَوْضِعَهَا فَأَقْوَالٌ ثَالِثُهَا يَصْدُقُ بِالْبَيِّنَةِ وَالْخُرُوج من الْأَمَانَة كَالْوَدِيعَةِ تُجْعَلُ قِرَاضًا وَالْخُرُوجُ مِنَ الْأَمَانَةِ إِلَى الذِّمَّةِ كَالْمُودِعِ يَقْتَرِضُ أَوِ الْعَامِلِ أَوِ الْوَكِيلِ أَوِ الشَّرِيكِ فَرْعٌ - قَالَ الْأَبْهَرِيُّ يَجُوزُ إِن احتجت (إِلَى فضل) فَإِذَا اشْتَرَى بِأَكْثَرَ فَأَخَذَ الْفَضْلَ جَازَ وَإِنْ قَالَ هَذَا مَالُ الْقِرَاضِ كُلَّمَا اشْتَرَيْتَ دَفَعْتُ لَكَ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتَمِنْهُ الشَّرْط السَّادِسُ أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ احْتِرَازًا مِنَ الْقِرَاضِ عَلَى دَيْنٍ فِي الذِّمَّةِ وَجُعِلَ هَذَا الشَّرْطُ مَعَ شَرْطِ التَّسْلِيمِ شَرْطًا آخَرَ الرُّكْن الرَّابِع الْعَمَل وَهُوَ عِوَضُ الرِّبْحِ فِي الْجَوَاهِرِ شُرُوطُهُ ثَلَاثَةٌ أَنْ يَكُونَ تِجَارَةً غَيْرَ مُضَيَّقَةٍ بِالتَّعْيِينِ أَوِ التَّأْقِيتِ فَالْأَوَّلُ احْتِرَازٌ مِنَ الطَّبْخِ وَالْخَبْزِ وَغَيْرِهِمَا فَإِنَّهَا إِجَارَةٌ فَاسِدَةٌ وَالتَّحْدِيدُ بِبَعْضِ السِّلَعِ أَوْ زَمَانٍ مُعَيَّنٍ تَحْجِيرٌ يُخِلُّ بِحِكْمَةِ الْقِرَاضِ لِاحْتِمَالِ أَلَّا تُسَاعِدَهُ الْأَسْوَاقُ فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ أَوْ ذَلِكَ الزَّمَانِ وَفِي الْكِتَابِ يَمْتَنِعُ اشْتِرَاطُ عَمَلِ يَد الْعَامِل الْخفاف أَو الصياغة وان ترك كَانَ أَجِيرًا وَالرِّبْحُ وَالْخَسَارَةُ لَكَ وَعَلَيْكَ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا نَزَلَ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ مَا تَقَدَّمَ

وَقَالَ أَشْهَبُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فِيمَا عَمِلَ وَفِيمَا سِوَى ذَلِكَ عَلَى قِرَاضِ مِثْلِهِ وَعَنْ مَالِكٍ لَهُ سِوَى عَمَلِ يَدِهِ الْأَقَلُّ مِنَ الْمُسَمَّى أَوْ قِرَاضُ الْمِثْلِ لِوُجُودِ السَّبَبَيْنِ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ هُمَا عَلَى قِرَاضِهِمَا وَلَا أُجْرَةَ وَصَنْعَتُهُ كَتَجْرِهِ وَسَفَرِهِ قَالَ وَأَرَى أَنْ يَكُونَ شَرِيكًا بِصَنْعَتِهِ وَيُفَضُّ ذَلِكَ بَعْدَ الْبَيْعِ فَمَا قَابَلَ الصَّنْعَةَ فَلَهُ أَوِ الْمَصْنُوعُ فَلَكَ عَلَى الْقِرَاضِ لَهُ فِيهِ الْأَقَلُّ مِنَ الْمُسَمَّى أَوْ قِرَاضُ الْمِثْلِ فَإِنِ اشْتَرَى بَعْدَ ذَلِكَ كَانَتِ الشَّرِكَةُ بَيْنَكُمَا عَلَى قَدْرِ الشَّرِكَةِ فِي الثَّمَنِ الَّذِي بِيعَ بِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ هُوَ أَحَقُّ بِمَا عَمِلَ مِنَ الْغُرَمَاءِ حَتَّى يَأْخُذَ أُجْرَتَهُ فِيمَا عَمِلَ دُونَ الْقِرَاضِ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ يَمْتَنِعُ اشْتِرَاطُ عَمَلِكَ مَعَهُ لِأَنَّهُ يُوجِبُ زِيَادَةَ جَهَالَةٍ فِي الْعَمَلِ فَإِنْ نَزَلَ فَأَنْتَ أَجِيرٌ وَإِنْ عَمِلْتَ بِغَيْرِ شَرْطٍ كُرِهَ إِلَّا الْيَسِيرُ قَالَ اللَّخْمِيُّ يَمْتَنِعُ بِالشَّرْطِ وَالتَّطَوُّعِ قَبْلَ شُرُوعِهِ لِأَنَّ لَكَ انْتِزَاعَهُ وَتَضْعُفُ التُّهْمَةُ بَعْدَ طُولِ الْعَمَلِ وَلَكَ الْمُسَمَّى وان أعنته بغلامك فَعمل مَعَه ودابتك أَجَازَهُ فِي الْكِتَابِ لِأَنَّهَا مَنْفَعَةٌ لَكُمَا لَا تَخْتَصُّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَيَجُوزُ جَعْلُ غُلَامِكَ مَعَهُ بِجُزْءٍ مِنَ الرِّبْحِ لِلْعَبْدِ دُونَكَ كَالْعَامِلِ الْأَجْنَبِيِّ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى لِلْغُلَامِ ثَلَاثُ حَالَاتٍ عَامِلٌ بِجُزْءٍ مِنَ الرِّبْحِ وَخَادِمٌ لِلْمَالِ مِنْ غَيْرِ رِبْحٍ وَأَمِينٌ عَلَيْهِ فَيَمْتَنِعُ الثَّالِثُ فَقَطْ لِمُخَالَفَتِهِ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ فَإِنَّ الْعَامِلَ وَصْفُهُ الْأَمَانَةُ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ يَمْتَنِعُ أَنْ يَشْتَرِيَ وَتَنْقُدَ أَنْتَ أَوْ تَقْبِضَ الثَّمَنَ أَوْ تَجْعَلَ مَعَهُ غَيْرك

كَذَلِكَ لِإِخْرَاجِهِ عَنِ الْأَمَانَةِ وَأَنْ تَجْعَلَ مَعَهُ صديقا لبيع الصَّدِيقُ لِأَنَّهُ تَحْجِيرٌ وَوَافَقَنَا (ش) عَلَى امْتِنَاعِ اشْتِرَاط الا يَشْتَرِي من فلَان أَولا يَبِيعَ إِلَّا مِنْهُ أَوْ لَا يَشْتَرِيَ إِلَّا مِنْ نَوْعٍ لَا يَعُمُّ وَعَلَى امْتِنَاعِ التَّوْقِيتِ وَجَوَّزَ (ح) جَمِيعَ ذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى الْوَكَالَةِ وَالْفَرْقُ عَدَمُ الْغَرَرِ وَحُصُولُ الْمَقْصُودِ فِي الْوَكَالَةِ بِخِلَافِ الْقِرَاضِ مَوْضُوعُهُ الْتِمَاسُ فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْأَرْبَاحِ حَيْثُ كَانَتْ وَذَلِكَ يُنَاقِضُهُ التَّحْجِيرُ وَالْوكَالَة وَضعهَا أَن يكون فِي الْأَمْرِ الْخَاصِّ حَتَّى مَنَعَ (ش) الْوَكَالَةَ الْمُطْلَقَةَ فَالتَّحْجِيرُ شَأْنُهَا وَمُنَاقِضٌ لِلْقِرَاضِ لِأَنَّ وَضْعَ الْعَامِل أَن يقوم مقَاما فِي تَنْمِيَةِ مَالِكَ وَتَصَرُّفُكَ لَا يَخْتَصُّ بِتَصَرُّفِهِ الرُّكْن الْخَامِس الرِّبْح وَفِي الْجَوَاهِرِ لَهُ شَرْطَانِ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا مَضْبُوطًا بِالْجُزْءِ لَا بِالْعَدَدِ احْتِرَازًا مِنْ قَوْلِهِ لَكَ مِنَ الرِّبْحِ مَا شَرَطَ فُلَانٌ أَوْ لَكَ مِنَ الرِّبْحِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ وَلَا يُشْتَرَطُ تَخْصِيصُهُ بِالْعَامِلِ بَلْ لَوْ شَرَطَهُ لِلْمَسَاكِينِ لِأَنَّهَا صَدَقَة من الْعَامِل أولك لِأَنَّهَا هِبَةُ مَنَافِعِهِ لَكَ وَوَافَقَنَا (ش) فِيمَا تَقَدَّمَ وَمَنَعَ (ح) تَخْصِيصَهُ بِأَحَدِهِمَا لِأَنَّ مَوْضُوعَهُ الشَّرِكَةُ فَلَا يُغَيَّرُ وَقَالَ (ش) إِنْ شَرَطْتَهُ لِنَفْسِكَ فَهُوَ بِضَاعَةٌ أَوْ لَهُ فَهُوَ قَرْضٌ وَنَحْنُ نُجَوِّزُ الْأَمْرَيْنِ لِأَنَّ إِسْقَاطَ الْحُقُوقِ مِنْ مَالِكِهَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ لَمْ يُسَمِّهِ وَتَصَادَقَا عَلَى ذَلِكَ أَوْ قَالَ لَكَ شِرْكٌ وَلَمْ يُسَمِّهِ فَلَهُ قِرَاضُ مِثْلِهِ تَنْزِيلًا لِلْإِطْلَاقِ عَلَى مَا قَيَّدَهُ الْعُرْفُ وَأَبْطَلَهُ (ش) لِعَدَمِ التَّعْيِينِ وَقَالَ غَيْرُهُ فِي

الْكِتَابِ فِي الشِّرْكِ لَهُ النِّصْفُ كَمَا لَوْ قَالَ فُلَانٌ شَرِيكِي لَهُ النِّصْفُ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ إِذَا قَالَ الرِّبْحُ كُلُّهُ لِلْعَامِلِ قَالَ سَحْنُونٌ يَكُونُ ضَامِنًا كَالسَّلَفِ قَالَ فَضْلُ ذَلِكَ إِذَا لَمْ يُشْتَرَطُ عَدَمُ الضَّمَانِ لِأَنَّ الشَّرْطَ يُخْرِجُهُ عَنِ الْقِرَاضِ وَقَالَهُ فِي الْكِتَابِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا قَالَ خُذْهُ قَرْضًا أَوْ عَلَى أَنَّ لَكَ جُزْءًا وَلَمْ يُسَمِّ شَيْئًا فَسَدَ وَإِذَا قَالَ اعْمَلْ بِهِ وَلَكَ رِبْحُهُ وَلَمْ يُسَمِّهِ قِرَاضًا ضَمِنَهُ الْعَامِلُ وَإِنْ سَمَّاهُ فَلَا وَلَفْظُ الْقِرَاضِ كَاشْتِرَاكِ عَدَمِ الضَّمَانِ وَضَمَّنَهُ سَحْنُونٌ وَإِنْ سَمَّاهُ وَيَمْتَنِعُ لَكَ مِنَ الرِّبْحُ دِينَارٌ فَقَدْ يَكُونُ كَمَالَ الرِّبْحِ وَيَجُوزُ لَكَ دِينَارٌ مِنْ جُمْلَةِ الْمَالِ إِنْ سَلِمَ وَعَادَ إِلَيَّ لِأَنَّهَا جَعَالَةٌ بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ وَيَجُوزُ لَكَ دِينَارٌ مِنْ عَشَرَةٍ لِأَنَّهُ الْعُشْرُ وَلَكَ دِينَارٌ وَالْبَاقِي بَيْنَنَا نِصْفَانِ يَمْتَنِعُ لِأَنَّ الرِّبْحَ كُلَّهُ قَدْ يَكُونُ دِينَارًا فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ لَكَ نَقْلُهُ بَعْدَ الْعَمَل عَن النّصْف الى الثُّلثَيْنِ لَهُ أولك كَالزِّيَادَةِ فِي الْجَعْلِ قَالَ اللَّخْمِيُّ يَجُوزُ ذَلِكَ قَبْلَ الْعَمَلِ وَبَعْدَهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَنَعَ ابْنُ حَبِيبٍ بَعْدَ الْعَمَلِ لِلتُّهْمَةِ فِي عَدَمِ الْمَعْرُوفِ بَلْ لِطَلَبِ الِاسْتِمْرَارِ فَإِنْ تَفَاصَلَا جَازَ اتِّفَاقًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنِ كَانَ الْمَالُ عِنْدَ الزِّيَادَةِ لَا زِيَادَةَ فِيهِ وَلَا نقص جَازَ حركه أَو لَا لِأَن كليكما ملك الْمُقَاسَمَة وَإِلَّا فَلَا تُهْمَة قِيلَ إِذَا قَبِلَ رَبُّ الْمَالِ بَعْدَ الْعَمَلِ الثُّلُثَ وَكَانَ لَهُ الثُّلُثَانِ فَهِيَ هِبَةٌ مَقْبُوضَةٌ مَاتَ رَبُّ الْمَالِ أَوْ فَلَّسَ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لِلْعَامِلِ فَمَاتَ سَقَطَتْ لِأَنَّهَا هِبَةٌ لَمْ تقبض

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ تَمْتَنِعُ مُقَارَضَةُ رَجُلَيْنِ لِأَحَدِهِمَا ثُلُثُ الرِّبْحِ وَلِلْآخَرِ سُدُسُهُ خِلَافًا لِ (ش وح) كَمَا لَوِ اشْتَرَكَا عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا يَأْخُذُ بَعْضَ رِبْحِ صَاحِبِهِ احْتَجَّا بِأَنَّهُمَا فِي الْمَعْنَى عَقْدَانِ وَالْقِسْمَةُ فِي الشَّرِكَةِ عَلَى الْأَمْوَالِ لَا عَلَى الْعَمَلِ وَلَا مَالَ لَهُمَا هَهُنَا وَلَيْسَتْ عِنْدَهُمَا مِنْ شَرِكَةِ الْأَبْدَانِ كَمَا قُلْنَاهُ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ قِيلَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ إِذَا كَانَ عَمَلُهُمَا عَلَى قَدْرِ نَصِيبِهِمَا لِتَشْبِيهِهِ بِالشَّرِكَةِ وَقَالَ حَمْدِيسٌ إِنَّ عَمَلًا مَضَى قَالَ فَضْلُ الْقيَاس ردهما إِلَى قِرَاضِ مِثْلِهِمَا لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمَالِ عَلَى أَصْلِهِ وَقِيلَ يَجُوزُ كَأَنَّ رَبَّ الْمَالِ وَهَبَ أَحَدَهُمَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا اشْتَرَطْتَ التَّفَاوُتَ فَهُمَا أَجِيرَانِ لِفَسَادِ الْعَقْدِ وَقَالَ أَصْبَغُ إِذَا مَضَى بِالْعَمَلِ فَالنِّصْفُ لِلْعَامِلِينَ عَلَى مَا شرطناه وَيَرْجِعُ صَاحِبُ السُّدُسِ عَلَى صَاحِبِ الثُّلُثِ بِفَضْلِ أُجْرَتِهِ لِأَنَّهُ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْهُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِمَّا فَضله بِهِ من الرِّبْح قَالَ ابْن مُحَمَّدٌ لَوْ شَرَطُوا الْعَمَلَ عَلَى قَدْرِ الْأَنْصِبَاءِ كُرِهَ فَقَطْ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ شَارَكْتَ كُلَّ وَاحِدٍ بِانْفِرَادِهِ عَلَى التَّفَاوُتِ فَاشْتَرَطَا مِنْ غَيْرِ رِضَاكَ أَوْ بِرِضَاكَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ فِي الْقِرَاضِ جَازَ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا إِلَّا مَا رَضِيَ بِهِ وَإِنْ كَانَ بِشَرْطِكَ فَسَدَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْقِيَاسُ الْجَوَازُ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ لَهُ بَيْعُ مَنَافِعِهِ بِمَا شَاءَ وَإِنْ قُلْتَ اعْمَلَا عَلَى أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا رُبُعَ الرِّبْحِ وَلَمْ تَشْتَرِطْ عَمَلَهُمَا مَعًا فَعَمِلَا عَلَى فَضْلِ أَحَدِهِمَا الْآخَرِ فَهِيَ شَرِكَةٌ فَاسِدَةٌ وَيَسْتَوِيَانِ فِي الرِّبْحِ إِنِ اسْتَوَيَا فِي الْعَمَلِ الْمَفْرُوضِ لَهُمَا وَإِنْ فَضَلَ صَاحِبَهُ بَعْدَ الْعَمَلِ عَلَى الْمُسَاوَاةِ جَازَ لِأَنَّهَا هِبَةٌ وَإِنْ قُلْتَ لِيَ النِّصْفُ وَلَكُمَا النِّصْفُ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي قِسْمَتِهِ بَيْنَهُمَا قُضِيَ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ نَهْضَتِهِمَا فِي التَّجْرِ لِأَنَّهُ الَّذِي يَشْتَرِطُهُ لَوِ انْفَرَدَ فَهَذِهِ سِتُّ حَالَاتٍ لِشَرِكَةِ التَّفَاوُتِ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ يَمْتَنِعُ دَفْعُ مِائَتَيْنِ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ فِي كُلِّ مِائَةٍ وَحْدَهَا وَرِبْحُ مِائَةٍ لِأَحَدِكُمَا وَرِبْحُ الْأُخْرَى بَيْنَكُمَا أَوْ رِبْحُ مِائَةٍ بِعَيْنِهَا لَكَ وَرِبْحُ الْأُخْرَى لَهُ لِلْغَرَرِ وَهُوَ أجِير فيهمَا وَكَذَلِكَ على أَن الْمِائَة عَلَى النِّصْفِ وَمِائَةٌ عَلَى الثُّلُثِ وَيَعْمَلُ بِكُلِّ مِائَةٍ وَحْدَهَا لِأَنَّهُ قَدْ يَذْهَبُ عَمَلُهُ فِي إِحْدَاهُمَا مَجَّانًا وَكَذَلِكَ مُسَاقَاةُ الْحَائِطَيْنِ حَتَّى يَكُونَ عَلَى جُزْءٍ وَاحِدٍ وَلِأَنَّهُ قَدْ يُبَاعُ فِي إِحْدَاهُمَا لِأَجْلِ الْأُخْرَى فَيَكُونُ مِنْ أَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ فِي الْمِائَتَيْنِ وَرِبْحُ مِائَةٍ لِأَحَدِهِمَا أَوْ رِبْحُ مِائَةٍ بِعَيْنِهَا لَكَ أَنَّهُ يَجُوزُ عَلَى الْخَلْطِ لِرُجُوعِهِ إِلَى جُزْء مُسَمّى وَكَذَلِكَ المائتان على الجزئين الْمُخْتَلِفَيْنِ قَالَ مُحَمَّدٌ يَجُوزُ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ شَرَطْتَ رِبْحَ أَحَدِهِمَا لِلْعَامِلِ فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ مالم تجَاوز الرِّبْح وان كَانَت عَلَيْهِ خسارتهما كَانَ سَلَفًا فَاسِدًا وَالرِّبْحُ وَالْخَسَارَةُ لَهُ وَعَلَيْهِ وَفِيمَا يَجِبُ فِي الَّتِي يُشْتَرَطُ رِبْحُهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قِرَاضُ الْمِثْلِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ الْأَقَلُّ مِنَ الْمُسَمّى وقراض الْمثل إِن شَرط ربح المنفردة لَك والاكثر إِنْ شُرِطَ رِبْحُهَا لَهُ وَإِنْ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا قِرَاضًا وَالْأُخْرَى سَلَفًا قِيلَ يَكُونُ فِي مِائَةِ الْقِرَاضِ أَجِيرًا وَقِيلَ قِرَاضُ الْمِثْلِ وَقِيلَ الْأَكْثَرُ وَعَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ الْأَكْثَرُ مَا لَمْ يَقْبِضِ السَّلَفَ وَيَتِمَّ الرِّيَا بَيْنَهُمَا وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ الْمُسَمَّى إِنْ أُسْقِطَ السَّلَفُ لِذَهَابِ الْمَفْسَدَةِ وَإِلَّا فَالْأُجْرَةُ وَرِبْحُ السَّلَفِ لِلْعَامِلِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ أَلَّا يَبِينَ بِهِ بَلْ يَعْمَلُ بِهِ فِي جُمْلَةِ الْقِرَاضِ وَيُخْتَلَفُ هَلْ يَضْمَنُ وَالرِّبْح لَهُ أولك وَالضَّمَانُ مِنْكَ لِتَحْجِيرِكَ عَلَيْهِ وَلَوْ دَفَعْتَ مِائَتَيْنِ على جزئين متفقين على عدم الْخَلْط امْتنع للتحجير وَأَن لَا يَجْبُرَ إِحْدَاهُمَا بِرِبْحِ الْأُخْرَى وَإِنْ أَخَذَ مِائَةً عَلَى النِّصْفِ فَلَمْ يَشْغَلْهَا حَتَّى أَخَذَ مِائَةً عَلَى النِّصْفِ أَوِ الثُّلُثِ جَازَ وَلَهُ الْخَلْطُ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ عَدَمَهُ فَيُرَدَّ الْجَوَابُ

الْمُتَقَدِّمُ فَإِنْ أَشْغَلَ الْأُولَى جَازَ فِي الْمُوَافِقِ وَفِي الْكِتَابِ جَوَازُ الْمُخَالِفِ وَمَنْعُهُ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَيَمْتَنِعُ أَخْذُ الثَّانِيَةِ بِشَرْطِ الْخَلْطِ بِالْأُولَى فِي الْمُوَافِقِ وَالْمُخَالِفِ لِأَنَّ الْأُولَى قَدْ تَكُونُ فِيهَا خَسَارَةٌ فَيَجْبُرَهَا بِالثَّانِيَةِ وَيَكُونُ لِلثَّانِيَةِ بَعْضُ رِبْحِ الْأُولَى وَمَحْمَلُ الثَّانِيَةِ عَلَى الْحِلِّ حَتَّى يُشْتَرَطَ الْخَلْطُ وَإِنْ نَضَّتِ الْأُولَى وَفِيهَا رِبْحٌ أَوْ خَسَارَةٌ امْتَنَعَ أَخْذُ الثَّانِيَةِ بِمُوَافِقٍ أَوْ مُخَالِفٍ عَلَى الْخَلْطِ وَالِانْفِرَادِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ وَأَجَازَهُ غَيْرُهُ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ أَنْ يَكُونَ فِي الْأُولَى رِبْحٌ وَالْجُزْءُ مُوَافِقٌ وَعَلَى عَدَمِ الْخَلْطِ وَوَافَقَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا كَانَ فِي الْأُولَى خَسَارَةٌ لِأَنَّ مَعَ الْخَسَارَةِ يُكْرَهُ الْعَامِلُ عَلَى التَّمَادِي فَتُعْطِيهِ لِيَرْضَى وَيَجْبُرَ الْخَسَارَةَ وَلَوْ عُلِمَ مِنَ الْعَامِلِ رَدُّهُ الْأُولَى لِيَسْتَعْجِلَ نَصِيبَهُ مِنَ الرِّبْحِ مُنِعَ مَعَ الرِّبْحِ أَيْضًا وَيَنْبَغِي إِذَا عُلِمَتْ رَغْبَتُهُ فِي التَّمَادِي أَنْ تَجُوزَ الثَّانِيَةُ بِجُزْءٍ مُخَالِفٍ وَإِذَا عَمِلَ عَلَى الْوَجْهِ الْفَاسِدِ بِشَرْطِ الْخَلْطِ قُسِّطَ الرِّبْحُ عَلَى قَدْرِ الْمِائَتَيْنِ يَوْمَ الْخَلْطِ فَمَا نَابَ الْأُولَى جَبَرَ بِهِ خَسَارَتَه وَمَا نَابَ الثَّانِيَةَ فَلَهُ قِرَاضُ الْمِثْلِ - مَا لَمْ يُجَاوِزِ الْمُسَمَّى لِأَنَّهُ رَضِيَ بِهِ عَلَى أَنْ يَجْبُرَ خَسَارَةَ الْأُولَى مِنْ جَمِيعِ الرِّبْحِ فَإِذَا سَقَطَ ذَلِكَ عَنْهُ لَمْ يَزِدْ عَلَى الْمُسَمَّى وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَتِ الْأُولَى فِي عُرُوضٍ وَخَلْطُهُ بِالثَّانِي فَضَّ الْآنَ مَا نَضَّ عَلَى قَدْرِ مَا يَقَعُ بِهِ الْأَوَّلُ فِي الثَّانِي فَمَا نَابَ الْأَوَّلَ يَجْبُرُ الْخَسَارَةَ وَفِي الرِّبْحِ عَلَى الْمُسَمَّى وَمَا نَابَ الثَّانِي عَلَى الْأَقَلِّ مِنَ الْمُسَمَّى أَوْ قِرَاضِ الْمِثْلِ - إِنْ كَانَ فِي الْأَوَّلِ ذَلِكَ الْيَوْمَ خَسَارَةٌ فَإِنْ جَهِلَ مَا بِيعَ بِهِ الْأَوَّلُ فَالْفَضُّ عَلَى قِيمَتِهِ يَوْمَ خُلِطَ الثَّانِي لِلضَّرُورَةِ

- الباب الثاني في أحكامه

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا شَرَطَا ثُلُثَ الرِّبْحِ لِلْمَسَاكِينِ لَا أُحِبُّ الرُّجُوعَ فِيهِ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ لِأَنَّ الْقُرُبَاتِ لَا يُقْضَى بِهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا شَرَطَا ثُلُثَ الرِّبْحِ لِلْمَسَاكِينِ وَالثُّلُثَانِ بَيْنَهُمَا ثُمَّ رَجَعَا فِيهِ فَهُوَ بَيْنُهُمَا نِصْفَانِ فَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا فَلَهُ النِّصْفُ وَلِلْآخَرِ الثُّلُثُ وللمساكين السُّدس 2 - الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ مَذْهَبُ الْكِتَابِ أَنَّ الْقِرَاضَ الْفَاسِدَ يُرَدُّ إِلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ إِلَّا فِي تِسْعِ مَسَائِلَ الْقِرَاضُ بِالْعُرُوضِ وَإِلَى أَجَلٍ وَعَلَى الضَّمَانِ وَالْمُبْهَمِ وَبِدَيْنٍ يَقْبِضُهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَعَلَى شِرْكٍ فِي الْمَالِ وَعَلَى أَنَّهُ لَا يَشْتَرِي إِلَّا بِالدِّينِ فَاشْتَرَى بِالنَّقْدِ وَعَلَى أَنَّهُ لَا يَشْتَرِي إِلَّا سِلْعَةَ كَذَا لِمَا يَكْثُرُ وُجُودُهُ فَاشْتَرَى غَيْرَهَا وَعَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ عَبْدَ فُلَانٍ بِمَالِ الْقِرَاضِ ثُمَّ يَبِيعَهُ وَيَتَّجِرَ بِثَمَنِهِ وَأُلْحِقَ بِالتِّسْعَةِ عَاشِرَةٌ مِنْ غَيْرِ الْفَاسِدِ فَفِي الْكِتَابِ إِذَا اخْتَلَفَا وَأَتَيَا بِمَا لَا يُشْبِهُ لَهُ قِرَاضُ الْمِثْلِ وَالضَّابِطُ كُلُّ مَنْفَعَةٍ اشْتَرَطَهَا أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ لَيْسَتْ خَارِجَةً عَنِ الْمَالِ وَلَا خَالِصَةً لِمُشْتَرِطِهَا وَمَتَى كَانَتْ خَارِجَةً مِنَ الْمَالِ أَوْ كَانَ غَرَرًا حَرَامًا فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ فَعَلَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ الْأُمُورِ تَدُورُ الْمَسَائِلُ وَقَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ إِلَّا أَنَّهُ يَرَى أَنَّ إِجَارَةَ الْمِثْلِ فِي الرِّبْحِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلَا شَيْءَ لَه وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِالذِّمَّةِ رَبِحَ أَمْ لَا وَقِرَاضُ الْمِثْلِ مُتَعَلِّقٌ بِالرِّبْحِ إِنْ كَانَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ وَعَن

مَالِكٍ قِرَاضُ الْمِثْلِ مُطْلَقًا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ قِرَاضُ الْمِثْلِ مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى الْمُسَمَّى إِنْ كَانَ رَبُّ الْمَالِ الْمُشْتَرِطَ وَإِلَّا فَالْأَقَلُّ مِنْ قِرَاض الْمثل والاجرة أَو الْمُسَمّى وَقَالَ ابْن نَافِع فِي المغيا إِلَى أَجَلٍ يَسْقُطُ الشَّرْطُ وَيَصِحُّ الْعَقْدُ وَعَنْهُ أَيْضًا لِمُشْتَرِطِ الزِّيَادَةِ إِسْقَاطُهَا وَتَصِحُّ كَإِسْقَاطِ شَرْطِ السَّلَفِ فِي الْبَيْعِ فَإِنْ أَتَمَّا فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بِالْأُجْرَةِ مُطْلَقًا فِي كُلِّ فَاسِدٍ وَ (ش) وَ (ح) نَظَرَا لِاسْتِيفَاءِ الْعَمَلِ بِغَيْرِ عَقْدٍ صَحِيحٍ وَإِلْغَاءِ الْعَقْدِ بِالْكُلِّيَّةِ فَهَذِهِ سَبْعَةُ أَقْوَالٍ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ فِيهَا خَمْسَةُ أَقْوَالٍ ثَالِثُهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ كَانَ الْفَسَادُ فِي الْعَقْدِ فَقِرَاضُ الْمِثْلِ أَوِ الزِّيَادَةِ فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ وَرَابِعُهَا لِمُحَمَّدٍ الْأَقَلُّ مِنْ قِرَاضِ الْمِثْلِ أَوِ الْمُسَمَّى وَخَامِسُهَا تَفْصِيلُ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ غَيْرُهُ وَقَدْ نَظَمَ بَعْضُهُمْ مَسَائِلَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَقَالَ (وَأُجْرَةُ مِثْلٍ فِي الْقِرَاضِ تَعَيَّنَتْ ... سِوَى تِسْعَةٍ قَدْ خَالَفَ الشَّرْعَ حُكْمُهْ) (قِرَاضُ عُرُوضٍ وَاشْتِرَاطُ ضَمَانِهِ ... وَتَحْدِيدُ وَقْتٍ وَالْتِبَاسٌ يَضُمُّهْ) (وَإِنْ شَرَطَا فِي الْمَالِ شِرْكًا لِعَامِلٍ ... وَأَنْ يُشْتَرَي بِالدَّيْنِ فَاخْتَلَّ رَسْمُهْ) (وَأَنْ يَشْتَرِي غَيْرُ الْمُعَيَّنِ لِلشِّرَا ... فَاعْطِ قِرَاضَ الْمِثْلِ مِنْ حَالِ عَزْمِهْ) (وَأَنْ يَقْتَضِي الدَّيْنَ الَّذِي عِنْدَ غَيْرِهِ ... وَيَتَّجِرَ فِيهِ عَامِلًا لَا يَذُمُّهْ) (وَأَنْ يَشْتَرِي عَبْدٌ لِزَائِدِ بَيْعِهِ ... وَيَتَّجِرَ فِيمَا ابْتَاعَهُ وَيَلُمَّهْ) وَفِي الْجَوَاهِرِ ضَابِطُهَا كُلُّ مَا شَرَطَ فِيهِ رَبُّ الْمَالِ عَلَى الْعَامِلِ أَمْرًا فَضُرُّهُ بِهِ عَلَى نَظَرِهِ أَوِ اشْتَرَطَ زِيَادَةً لِنَفْسِهِ أَوْ شَرَطَهَا الْعَامِلُ لِنَفْسِهِ فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ وَإِلَّا فَقِرَاضُ الْمِثْلِ قَالَ وَفَصَّلَ ابْنُ الْحَارِثِ أَنَّ مَا فَسَدَ لِزِيَادَةٍ لَا تَحِلُّ أَوْ

تَخْصِيصٍ لَا يَنْبَغِي فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ وَإِلَّا فَقِرَاضُ الْمثل إِلَّا فى مسئلتين اشْتِرَاطُ الضَّمَانِ وَإِمْسَاكُ الْمَالِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً فَقِرَاضُ الْمِثْلِ قَالَ وَعَكَسَ قَوْلَ ابْنِ حَبِيبٍ غَيْرِهِ فَجَعَلَ الْقِرَاضَ مُتَعَلِّقًا بِالذِّمَّةِ فَإِذَا جُمِعَتْ هَذِهِ الْأَقْوَالُ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّهَاتِ تَزِيدُ عَلَى الْعَشَرَةِ تَمْهِيدٌ - مَنْشَأُ الْخِلَافِ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمُسْتَثْنَيَاتِ مِنَ الْعُقُودِ إِذَا فَسَدَتْ هَلْ تُرَدُّ إِلَى صَحِيحِ أَنْفُسِهَا كَفَاسِدِ الْبَيْعِ أَوْ إِلَى صَحِيحِ أَصْلِهَا وَالْقِرَاضُ مُسْتَثْنَى مِنَ الْإِجَارَةِ فَيَكُونُ الْمُسْتَحَقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ لِأَنَّ الشَّرْعَ إِنَّمَا اسْتَثْنَى الصَّحِيحَ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الْقَوَانِينِ الشَّرْعِيَّةِ فَإِذَا فَسَدَ الْمُسْتَثْنَى رَجَعْنَا إِلَى أَصْلِهِ لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَسْتَثْنِ الْفَاسِدَ فَهُوَ مَبْقِيٌّ عَلَى الْعَدَمِ وَلَهُ أَصْلٌ يَرْجِعُ إِلَيْهِ وَهُوَ الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْبَيْعِ أَنَّ الْبَيْعَ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ آخَرُ يَرْجِعُ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ وَثَانِيهِمَا أَنَّ أَسْبَابَ الْفَسَادِ إِذَا تَأَكَّدَتْ بَطَلَتْ حَقِيقَةُ الْقِرَاضِ بِالْكُلِّيَّةِ فَتَتَعَيَّنُ الْإِجَارَةُ وَإِنْ لَمْ تَتَأَكَّدِ اعْتَبَرْنَا الْقِرَاضَ ثُمَّ النَّظَرُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْمُفْسِدِ هَلْ هُوَ مُتَأَكَّدٌ أَمْ لَا هُوَ تَحْقِيقٌ مُنَاطٌ وَأَمَّا جَعْلُ الْجَمِيعِ فِي الرِّبْحِ فَلِرِضَاهُ بِالرِّبْحِ وَجَعْلُ الْجَمِيعِ فِي الذِّمَّةِ فَلِسُقُوطِ الْعَقْدِ فَرْعٌ مُرَتَّبٌ - فِي النُّكَتِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ حَيْثُ يَكُونُ لَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ لِتَعَلُّقِهَا بِالذِّمَّةِ وَحَيْثُ يَكُونُ قِرَاضُ الْمِثْلِ أَوْ مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ فَهُوَ أَحَقُّ بِمَا فِي يَدِهِ مِنَ الْغُرَمَاءِ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِالْمَالِ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ يَنْبَغِي إِذَا كَانَ أَجِيرًا فِي الْمُسَاقَاةِ أَنْ يَكُونَ أَوْلَى بِالثَّمَنِ فِي الْفَلَسِ فَقَطْ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا كَانَ لَهُ

أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَفِيمَا عَمِلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ قِرَاضُ مِثْلِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِمَا فِي يَدِهِ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ وَلَمْ يُوجَدْ لِغَيْرِهِ فَرْعٌ - فِي النُّكَتِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُفْسَخُ الْقِرَاضُ الْفَاسِدُ مَتَى عُثِرَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ وَيُرَدُّ إِلَى قِرَاضِ الْمِثْلِ أَوْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَتُفْسَخُ الْمُسَاقَاةُ قَبْلَ الْعَمَلِ مُطْلَقًا وَبَعْدَهُ إِنْ كَانَت ترد إِلَى مُسَاقَاة الْمثل لم يفْسخ وَإِلَّا فُسِخَتْ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا تُفْسَخُ بَعْدَ الْعَمَل مُطلقًا فرع - قَالَ ابْن يُونُس نمْنَع هَدِيَّة كليكما لِصَاحِبِهِ لِلتُّهْمَةِ عَلَى التَّمَادِي فَهُوَ بَذْلُ مَالٍ فِي مَجْهُولٍ وَقَدْ أَجَازَ مُحَمَّدٌ تَرْكَ الْعَامِلِ للنَّفَقَة بَعْدَ شَغْلِ الْمَالِ وَهُوَ هِبَةٌ لِوُجُوبِ النَّفَقَةِ لَهُ بِالسَّفَرِ وَمَنْعُهُ قَبْلَ الشَّغْلِ لِعَدَمِ لُزُومِ الْقِرَاضِ فَكَأَنَّكَ اشْتَرَطْتَ عَدَمَ النَّفَقَةِ فِي الْعَقْدِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ لِمُخَالَفَةٍ مُوجِبَةٍ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذا اختلفما فِي جُزْءِ الرِّبْحِ قَبْلَ الْعَمَلِ رُدَّ الْمَالُ لِعَدَمِ اللُّزُومِ إِلَّا أَنْ يَرْضَى بِقَوْلِكَ أَوْ بَعْدَهُ صَدَقَ كَالصَّانِعِ لِأَنَّهُ بَائِعٌ لِعَمَلِهِ إِنْ أَشْبَهَ قَوْلَهُ وَإِلَّا فَقِرَاضُ مِثْلِهِ وَكَذَلِكَ الْمُسَاقَاةُ فَإِنِ ادَّعَى جُزْءًا مَا نَحْوَ مِائَةِ دِرْهَمٍ وَنِصْفِ مَا بَقِيَ صَدَقْتَ لِدَعْوَاكِ الْحَلَالِ لِأَنَّهُ أَصْلُ تَصَرُّفَاتِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ سُلِّمَ الْمَالُ بَعْدَ الْعَمَلِ تَسْلِيمَ إِيدَاعٍ حَتَّى يَنْفَصِلَا فَكَعَدَمِ التَّسْلِيمِ أَوْ تَسْلِيمَ بَتٍّ

وَيَكُونُ جُزْءُ الْمَالِ سَلَفًا عِنْدَكَ صَدَقْتَ لِحُصُولِ يَدِكَ عَلَى الْمَالِ فَإِنِ ادَّعَى النِّصْفَ وَادَّعَيْتَ مِائَةً وَلَهُ ثُلُثُ الرِّبْحِ جَمَعَ كِلَاكُمَا بَيْنَ الْحَلِفِ عَلَى إِثْبَاتِ دَعْوَاهُ وَنَفى دَعْوَى صَاحِبِهِ فَإِنْ نَكَلْتَ وَحَلَفَ فَلَهُ دَعْوَاهُ إِنْ حَلَفْتُمَا عَلَى إِثْبَاتِ الدَّعْوَى وَإِلَّا فَإِنْ حَلَفْتَ وَنَكَلَ خُيِّرَ بَيْنَ قِرَاضِ الْمِثْلِ بِالْيَمِينِ الْمُتَقَدِّمَةِ أَوْ تَحَلَّفَ يَمِينًا ثَانِيَةً عَلَى إِثْبَاتِ دَعْوَاكَ وَتَأْخُذَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ وَإِنْ حَلَفَ أَوَّلًا وَنَكَلْتَ خُيِّرَ بَيْنَ قِرَاضِ الْمِثْلِ بِالْيَمِينِ الْأُولَى أَوْ يَحْلِفُ ثَانِيَةً عَلَى إِثْبَاتِ دَعْوَاهُ وَيَأْخُذُهَا فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ عَقَدَا عَلَى الثُّلُثَيْنِ وَاخْتَلَفَا لِمَنْ هُمَا صدق لِأَنَّهُ الْبَائِعُ لِعَمَلِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنِ اتَّفَقَا عَلَى عَدَمِ تَبْيِينِ ذَلِكَ جَعَلْتَهُ لِمَنْ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لَهُ فَإِنْ أَشْبَهَهُمَا فَلِلْعَامِلِ لِأَنَّهُ بَائِعٌ لِعَمَلِهِ وَلَمْ يَرْضَ بِإِخْرَاجِهِ بِدُونِ ذَلِكَ وَيَحْلِفُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنَّمَا يَصْدُقُ بَعْدَ الْعَمَلِ وَقَالَ كَانَتْ نِيَّتِي ذَلِكَ وَيَحْلِفُ أَنَّهُ كَذَلِكَ نَوَى فَإِنْ نَكَلَ حَلَفْتَ عَلَى نِيَّتِكَ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ هَذَا إِذَا كَانَ ادَّعَى كِلَاهُمَا أَنَّهُ فَهِمَ عَنْ صَاحِبِهِ ذَلِكَ أَمَّا إِنْ قَالَ لَمْ أَفْهَمْ عَنْ صَاحِبِي شَيْئًا لَكِنِّي ظَنَنْتُ ذَلِكَ فَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ لِأَنَّ كِلَيْهِمَا سَلَّمَ الثُّلُثَ لِصَاحِبِهِ وَنَازَعَ فِي الثُّلُثِ الْآخَرِ فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ إِذَا ادَّعَيَاهُ مُطْلَقًا لَكِنْ لَمَّا كَانَ الْعَامِلُ حَائِزًا صَدَقَ فِيهِمَا وَلَا عِبْرَةَ بِمَا قَالَ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ اشْتِرَاطُ مُحَمَّدٍ الْأَشْبَهُ خِلَافُ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنِ ادَّعَى كِلَاهُمَا أَنَّهُ فَهِمَ ذَلِكَ عَن صَاحبه بقرائن فَكَمَا فِي النكت وَإِن لم

يكون إِلَّا الْعَقْدُ فَسَدَ الْقِرَاضُ وَرُدَّ إِلَى قِرَاضِ الْمِثْلِ لِأَنَّهَا مُعَامَلَةٌ بِمَجْهُولٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَادَةً فَيَأْخُذَ الثُّلُثَيْنِ مَنْ عَادَتُهُ الثُّلُثَانِ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا قُلْتَ مَالِي سَلَفٌ عِنْدَكَ وَقَالَ قِرَاضٌ أَوْ وَدِيعَةٌ صُدِّقْتَ مَعَ يَمِينِكَ لِأَنَّ وَضْعَ الْيَدِ ظَاهِرٌ فِي الضَّمَانِ وَهُوَ يَدَّعِي إِسْقَاطَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ قُلْتَ قِرَاضٌ وَقَالَ سَلَفٌ صَدَقَ لِأَنَّكَ تَدَّعِي الرِّبْحَ وَالْأَصْلُ عَدَمُ اسْتِحْقَاقِكَ لَهُ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنَّمَا يَصْدُقُ فِي السَّلَفِ إِذَا حَرَّكَ الْمَالَ فَإِنْ تَسَلَّفَ قَبْلَ الْعَمَلِ صَدَقَ وَعَنْ مَالِكٍ يَصْدُقُ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الضَّمَانِ وَإِذَا قُلْتَ وَدِيعَةٌ وَقَالَ قِرَاضٌ أَوْ قُلْتَ قِرَاضٌ وَقَالَ وَدِيعَةٌ أَوْ قُلْتَ قِرَاضٌ وَقَالَ بِضَاعَةٌ أَوْ قلت غصب وَقَالَ وَدِيعَة أَو قلت أقبضتك من قِرَاض أَوْ رَدَدْتُهُ إِلَيْكَ مِنْ قِرَاضٍ كَانَ لَكَ عِنْدِي وَقَالَ أَو دعتنيه قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ فِي هَذَا كُلِّهِ تَصْدُقُ أَنْتَ وَإِنَّمَا يُفَارِقُ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا قُلْتَ قَرْضٌ وَقَالَ قِرَاضٌ أَوْ وَدِيعَةٌ أَوْ قُلْتَ وَدِيعَةٌ أَوْ قِرَاضٌ وَقَالَ قَرْضٌ أَوْ قُلْتَ وَفَّيْتُكَهُ مِنْ قَرْضٍ أَوْ رَدَدْتَهُ مِنْ قِرَاضٍ وَقَالَ وَدِيعَةٌ وَقَدْ ضَاعَ صَدَقْتَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي هَذِهِ الثَّلَاثِ فَقَطْ وَإِذَا قُلْتَ قَرْضٌ وَقَالَ قِرَاضٌ وَفِي الْمَالِ رِبْحٌ وَقَفَ نَصِيبُكَ مِنَ الرِّبْحِ لِأَنَّكَ أَنْكَرْتَهُ فَإِنْ طَالَ تَصَدَّقَ بِهِ وَكَذَلِكَ إِذَا قُلْتَ وَدِيعَةٌ عَن ابْنِ الْقَاسِمِ لِوَرَثَتِكَ أَخْذُهُ إِنْ أَحَبَّ الْمُقَدَّمُ دَفعه من غير قَضَاء لِأَن موروثهم مَاتَ عَنْ غَيْرِ حَقٍّ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ قُلْتَ أَبْضَعْتُكَهُ فَعَمِلَ بِهِ وَقَالَ قِرَاضٌ صَدَقْتَ مَعَ يَمِينِكَ وَعَلَيْكَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ دَعْوَاهُ من

الرِّبْحِ أَقَلَّ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَلَهُ الْأَقَلُّ فَإِنْ نَكَلْتَ صَدَقَ مَعَ يَمِينِهِ إِنْ كَانَ مِمَّنْ يُسْتَعْمَلُ مِثْلُهُ فِي الْقِرَاضِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ كَانَ الرِّبْحُ أَقَلَّ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ أَو مثلهَا لَا يَحْلِفُ وَيَأْخُذُهُ أَوْ أَكْثَرَ حَلَفْتَ فَإِنْ نَكَلْتَ حَلَفَ إِنْ كَانَ يُسْتَعْمَلُ مِثْلُهُ فِي الْقِرَاضِ وَقِيلَ إِنْ كَانَتِ الْعَادَةُ أَنْ لِلْبِضَاعَةِ أَجْرًا صَدَقَ إِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ الرِّبْحِ لِأَنَّهُ يَؤُولُ إِلَى اخْتِلَافٍ فِي الرِّبْحِ كَقَوْلِك الثُّلُث وَقَوله النّصْف فَيصدق اذا أشبه مَعَ يَمِينِه وَإِنْ كَانَتْ إِجَارَةُ مِثْلِهِ نِصْفَ الرِّبْحِ فَأَكْثَرَ فَلَا أَيْمَانَ وَيُعْطَى نِصْفَ الرِّبْحِ وَإِنْ كَانَتِ الْبِضَاعَةُ لَا أَجْرَ لَهَا فَهُوَ كَقَوْلِكَ عَمِلْتَهُ لِي بَاطِلًا وَقَالَ بِأَجْرٍ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ وَعَلَى قَوْلِ الْغَيْرِ يَتَحَالَفَانِ وَلَهُ الْأَقَلُّ من أُجْرَة الْمثل أَوْ مَا أَقَرَّ بِهِ قَالَ وَقَوْلُهُ إِنْ كَانَ مِثْلُهُ يُسْتَعْمَلُ فِي الْقِرَاضِ مُسْتَغْنًى عَنْهُ لِأَنَّ مَنْ نَكَلَ فَقَدْ مَكَّنَ خَصْمَهُ مِنْ دَعَوَاهُ أَشْهَدَ أَمْ لَا قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ قُلْتَ بِضَاعَةٌ بِغَيْرِ أُجْرَةٍ صَدَقْتَ أَوْ مِثْلُهُ لَا يُقَارَضُ أَوْ مِثْلُ تِلْكَ السِّلْعَةِ لَا تَكُونُ قِرَاضًا لِيَسَارَتِهَا صَدَقْتَ أَيْضًا وَإِنْ قَالَ بِضَاعَةٌ بِأَجْرٍ وَقُلْتَ قِرَاضٌ صَدَقَ مَعَ يَمِينِهِ على الْإِجَارَة وَأَنت تَقول جعَالَة وَإِنِ اخْتَلَفْتُمَا فِي الْقَرْضِ وَالْقِرَاضِ فَأَيُّكُمَا يَصْدُقُ قَولَانِ لمَالِك وَقَالَ أَشهب يصدق بعد تَحْرِيك لِأَنَّهُ مُدَّعًى عَلَيْهِ الضَّمَانُ وَتَصْدُقُ أَنْتَ إِذَا ضَاعَ بَعْدَ التَّجْرِ لِأَنَّهُ يُدَّعَي تَحْرِيكُهُ عَلَى مِلْكِكَ وَأَنَّهُ لَمْ يَنْتَقِلْ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا ادَّعَيْتَ الْوَدِيعَةَ وَادَّعَى الْقِرَاضَ صَدَقْتَ لِدَعْوَاهُ طَرْحَ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ كَانَ الْمَالُ فِي

سِلْعَةٍ بِعَيْنِهَا فَبِيعَتْ بِفَضْلٍ قِيلِ لَهُ إِنْ سَلَّمْتَ أَنَّهُ قِرَاضٌ ادْفَعِ الرِّبْحَ مِنْ غَيْرِ قَضَاء فَإِن دفع لَا يقْضى عَلَيْك بِأُجْرَة وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنِ ادَّعَى الْوَدِيعَةَ وَادَّعَيْتَ الْقِرَاضَ وَالْمَالَ فِي سِلْعَةٍ صَدَقَ لِأَنَّكَ تَدَّعِي الرِّبْحَ وَإِنْ رَجَعَ إِلَيْكَ بَعْدَ الْبَيْعِ لَمْ يَصْدُقْ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا اخْتَلَفْتُمَا فِي مِقْدَارِ رَأْسِ الْمَالِ صَدَقَ لِأَنَّهُ أَمِين قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنِ ادَّعَى أَنَّ نِصْفَهُ رَبِحَ وَقُلْتَ الْكُلُّ رَأْسُ الْمَالِ صَدَقَ إِلَّا أَنْ يَقُومَ دَلِيل كَذِبِهِ كَقَوْلِ أَهْلِ سُوقِه لَيْسَ فِي سِلْعَةٍ تِلْكَ الْمُدَّةَ فَائِدَةٌ أَوْ يَدُلُّ الْمُشْتَرِي لِعِظَمِهِ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ فَتَصْدُقُ أَنْتَ فَإِنْ كَانَا اثْنَيْنِ فَوَافَقَكَ أَحَدُهُمَا صَدَقَ الْآخَرُ لِأَنَّ يَدَهُ عَلَى النِّصْفِ وَلَهُ مَا يَخُصُّهُ مِنَ الرِّبْحِ فَإِنْ كَانَ الْآخَرُ عَدْلًا جَازَتْ شَهَادَتُهُ لِأَنَّهُ لَا يجرتها مَنْفَعَةً فَإِنْ قُلْتَ مِائَتَانِ وَقَالَ أَحَدُهُمَا مِائَةٌ وَخَمْسُونَ وَقَالَ الْآخَرُ مِائَةٌ أَخَذَ الْأَخِيرُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ - إِنْ كَانَ الْقِرَاضُ عَلَى النِّصْفِ وَاخْتُلِفَ فِي الْأَوَّلِ وَرَبِّ الْمَالِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ قِيلَ لَهُ ثَمَانِيَةٌ وَثُلُثٌ لِأَنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَ الْأَوَّلِ مِنَ الرِّبْحِ يُقْسَمُ بَيْنَهُ وَبَيْنَكَ عَلَى شَرْطِكُمَا وَقَدْ كَانَ لَكَ جُزْءَانِ وَلَهُ جُزْءٌ وَقِيلَ لَهُ اثْنَا عَشَرَ وَنِصْفٌ لِأَنَّ يَدَهُ على مائَة فَلهُ مِنْهَا مَا يقربهُ وَالْآخَرُ غُصِبَ صَاحِبُهُ وَقِيلَ لَا شَيْءَ لَهُ لِأَنَّكَ تَبْدَأُ بِرَأْسِ مَالِكَ وَرِبْحِهِ عَلَى الْعَامِلِينَ ثُمَّ يُقْسَمُ الْعَامِلَانِ مَا تَدْفَعُ يَدَكَ عَنْهُ وَأَحَدُهُمَا غَصَبَ صَاحِبَهُ قَالَهُ سَحْنُونٌ وَلَوْ كَانُوا ثَلَاثَةً فَقَالَ أَحَدُهُمَا رَأْسُ الْمَالِ خَمْسُونَ وَقَالَ الثَّانِي مِائَةٌ وَقَالَ الثَّالِثُ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ - وَأَتَوْا بِثَلَاثِمِائَةٍ فَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ يَدُ كُلِّ وَاحِدٍ على

مائَة فَلهُ من الرِّبْح مَا يقربهُ فَالْأَوَّلُ يَقُولُ يَدَيَّ عَلَى مِائَةٍ رَأْسُ الْمَالِ فِيهَا ثُلُثُ الْخَمْسِينَ وَالْبَاقِي لَهُ فِيهِ نِصْفُهُ وَيَقُولُ الْآخَرُ رَأْسُ الْمَالِ الْمِائَةُ الَّتِي فِي يَدِي ثُلُثُ مِائَةٍ فَلَهُ فِي الْبَاقِي نِصْفُهُ وَيَقُولُ الثَّالِثُ رَأْسُ الْمَالِ فِي الَّتِي فِي يَدِي خَمْسُونَ وَالرِّبْحُ خَمْسُونَ فَلَهُ نِصْفُهَا قَالَ مُحَمَّدٌ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمَغْصُوبَ عَلَى الْجَمِيعِ إِذَا أَخَذَ الْأَوَّلُ أَحَدًا وَأَرْبَعِينَ وَثُلُثَيْنِ يَكُونُ لِلثَّانِي خُمُسَا الرِّبْحِ عَلَى قَوْلِهِ وَهُوَ أَحَدٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثَانِ لِأَنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَ أَخْذِ الْأَوَّلِ على قَول الثَّانِي مائَة وَثَمَانمِائَة وَخَمْسُونَ وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسٍ لَهُ خُمُسُهَا وَلِصَاحِبِهِ الثَّالِثِ خُمُسٌ وَلَكَ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسٍ وَرَأْسُ الْمَالِ عَلَى قَوْلِ الثَّالِثِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ - وَالرِّبْحُ سِتَّةٌ وَسَبْعُونَ وَثُلُثَانِ هِيَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْعَامِلِ أَرْبَاعٌ لَهُ مِنْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ وَالْبَاقِي لَكَ وَعَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ إِذَا أَخَذَ الْأَوَّلُ أَحَدًا وَأَرْبَعِينَ وَثُلُثَيْنِ وَعَادَ الْمَقَالُ بَيْنَ الثَّانِي وَبَيْنَكَ تَكُونُ لَكَ مِائَةٌ لِإِقْرَارِهِ أَنَّ رَأْسَ الْمَالِ مِائَةٌ وَالرِّبْحُ مِائَتَانِ لَكَ نِصْفُهَا وَهُوَ مِائَةٌ وَالْأَوَّلُ غَصَبَكَ وَغَصَبَ صَاحِبَهُ وَلَهُ نِصْفُ الْمِائَةِ وَخَمْسِينَ إِلَّا ثُلُثًا ثُمَّ يُرْجَعُ إِلَى الْقَائِلِ بِرَأْسِ الْمَالِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ وَالرِّبْحُ كَذَلِكَ فَهُوَ مُقِرٌّ أَنَّكَ مُبْدَأٌ عَلَيْهِمْ بِمِائَتَيْنِ وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ وَقَدْ كَانَ الْبَاقِي يعد مَا أَخَذَ الْأَوَّلَانِ مِائَتَيْنِ وَتِسْعَةً وَعِشْرِينَ وَنِصْفًا لَكَ مِنْهَا مِائَتَانِ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَلِلثَّالِثِ أَرْبَعَةٌ وَنِصْفٌ وَإِنْ قَالَ الْعَامِلَانِ إِحْدَى الْمِائَتَيْنِ رِبْحٌ وَالْأُخْرَى لَكَ وَقَالَ الْآخَرُ إِحْدَاهُمَا لَكَ وَالْأُخْرَى رَأْسُ مَالٍ قَالَ أَشْهَبُ يُصَدَّقُ الْمُدَّعَي لِنَفْسِهِ الْمِائَةَ وَلَا شَيْءَ لِمُدَّعِي الرِّبْحِ لِأَنَّ يَدَهُ عَلَى الْمِائَةِ فَيَصْدُقُ فِي مِلْكِهَا فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا خَسِرَ فِي الْبَزِّ فَقُلْتُ نَهَيْتُكَ عَنْهُ صَدَقَ فِي عَدَمِ النَّهْيِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعُدْوَانِ وَالضَّمَانُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ أداك وَاخْتَلَفْتُمَا فِي الْإِذْنِ فِي الدَّيْنِ صُدِّقْتَ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْعُدُولَ بَعْدَ الْقِرَاضِ بِخِلَافِ الثَّانِي

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ قَالَ رَدَدْتُ رَأْسَ الْمَالِ إِلَيْكَ وَالْبَاقِي فِي يَدِي رِبْحٌ صُدِّقْتَ مَا دَامَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ مَعْنَاهُ إِذَا قَالَ الَّذِي بِيَدِي رِبْحٌ بَيْنَنَا لِإِقْرَارِهِ بِقِيَامِ حَقِّكَ أَمَّا لَوْ قَالَ هُوَ نَصِيبِي فَقَطْ وَأَخَذْتَ نَصِيبَكَ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنِ اخْتَلَفْتُمَا فِي رَدِّهِ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ إِنْ أَخَذَهُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَإِلَّا فَلَا هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ الْقَابِضَ بِبَيِّنَةٍ لَا يُعْطِي إِلَّا بِبَيِّنَةٍ خَشْيَةً مِنْهَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ يُقْبَلُ الْكَرْيُ فِي الرَّدِّ وَإِن قبض بِبَيِّنَة فعلى هَذَا يصدق هَهُنَا وَيَنْبَغِي أَنْ يُصَدَّقَ إِذَا قَالَ رَدَدْتُ الْمَالَ وَهَذَا رِبْحُهُ بَيِّنًا كَمَا لَوِ ادَّعَى رَدَّ بَعْضِ رَأْسِ الْمَالِ (تَنْبِيهٌ - تَقَدَّمَ فِي الْإِجَارَةِ فِي الرَّدِّ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ فَتُطَالَعُ مِنْ هُنَاكَ) فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ أَنْفَقْتُ فِي سَفَرِي مِنْ مَالِي مِائَةَ دِرْهَمٍ لِأَرْجِعَ بِهَا فِي الْقِرَاضِ يُصَدَّقُ رَبِحَ أَمْ خَسِرَ إِنْ أَشْبَهَ نَفَقَةَ مِثْلِهِ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِي الْإِنْفَاقِ وَالتَّصَرُّفِ وَإِنِ ادَّعَى ذَلِكَ بَعْدَ الْمُقَاسَمَةِ فَلَا لِانْفِصَالِ عَقْدِ الْأَمَانَةِ بَيْنَكُمَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ إِلَّا أَنْ يَبْقَى مِنَ الْمَالِ أَقَلُّ مِنْ مِائَةِ دِرْهَمٍ فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا مَا بَقِيَ وَلَا شَيْء عَلَيْكَ لِأَنَّكَ لَمْ تَأْذَنْ لَهُ فِي شَغْلِ ذِمَّتِكَ وَعَنْ مَالِكٍ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بَعْدَ الْمُقَاسَمَةِ فِي النَّفَقَةِ وَلَا يُصَدَّقُ فِي نِسْيَانِ الزَّكَاةِ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ أَمْرٍ يُعْرَفُ لِأَنَّ الْعَادَةَ عَدَمُ تَأْخِيرِهَا بِخِلَافِ النَّفَقَةِ

فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا سُئِلَ عَنِ الْمَالِ فَقَالَ عِنْدِي وَأَقَرَّ فَأَرَدْتَ أَخْذَهُ فَقَالَ هَلَكَ مِنْهُ كَذَا أَوْ قُلْتَ ذَلِكَ لِتُقِرَّهُ عِنْدِي لَمْ يُصَدَّقْ لِتَقَدُّمِ إِقْرَارِهِ الْمُكَذِّبِ لَهُ فَرْعٌ - قَالَ إِذَا اشْتَرَى جَارِيَةً فَقَالَ لِي فِيهَا كَذَا صَدَقَ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِي الشِّرَاءِ تَمْهِيدٌ - قَالَ اللَّخْمِيُّ يُخْتَلَفُ فِي الْقَرَاض فِي سَبْعَة مَوَاضِع ضيَاعه ورده وخسارة وَجُزْءِ الرِّبْحِ وَالَّذِي رَبِحَهُ وَقَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ وَهَلْ هُوَ بِضَاعَةٌ أَوْ قِرَاضٌ أَوْ قَرْضٌ وَفِي الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ فَيُصَدَّقُ فِي تَلَفِهِ وَغَرَقِهِ وَسَرِقَتِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ لِأَنَّكَ أَمَّنْتَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَمِينًا وَاخْتُلِفَ فِي تَحْلِيفِهِ قَالَ وَأَرَى غَيْرَ الْمَأْمُونِ أَنْ يَحْلِفَ وَإِنْ قَامَ دَلِيلٌ على كذبه لم يصدق واغرم وَاخْتلفَا فِي الْجُزْءِ صُدِّقْتَ قَبْلَ الشُّرُوعِ لِأَنَّ لَكَ الِانْتِزَاعَ وَإِلَّا صُدِّقَ فِيمَا يُشْبِهُ لِأَنَّ لَهُ أَن لَا يُسَلِّمَ إِلَّا بِمَا يُرِيدُ - كَالْبَائِعِ وَالْأَجِيرِ وَيُصَدَّقُ فِي الْخَسَارَةِ لِأَجْلِ السِّرَاقِ - إِنْ أَتَى بِمَا يُعَضِّدُ السَّرِقَةَ مِنَ الْقَافِلَةِ أَوِ الضَّيْعَةِ بِمَا يُشْبِهُ وَيُصَدَّقُ فِي الرِّبْحِ فِيمَا يَقُولُهُ أَهْلُ تِلْكَ الصَّنْعَةِ وَمَا يُشْبِهُ دُونَ غَيْرِهِ وَكَذَلِكَ فِي ثَمَنِ الَّذِي يَقْدَمُ بِهِ فَإِنْ أُشْكِلْ جَمِيعُ ذَلِكَ صُدِّقَ بِغَيْرِ يَمِينٍ إِنْ كَانَ ثِقَةً وَإِلَّا حَلَفَ إِلَّا أَنْ يَقُومَ دَلِيلُ التُّهْمَةِ فَيَحْلِفَ الْجَمِيعُ وَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ مَسْتُورَةٌ لَا تَبْلُغُ الْعَدَالَةَ حَلَفَ وَفِي الْجَوَاهِرِ يُصَدَّقُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ عَلَى مُدَّعِي الْفَسَادِ لِأَنَّهُ أَصْلٌ فِي تَصَرُّفَاتِ الْمُسْلِمِينَ تَحْسِينًا لِلظَّنِّ بِهِمْ عَلَى الْمَذْهَبِ وَمُدَّعِي الْفَسَادِ عِنْدَ

عَبْدِ الْحَمِيدِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الِانْعِقَادِ قَاعِدَةٌ - فِي ضبط الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعِي عَلَيْهِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَو أعطي النَّاس بدعواهم لادعى قوم دِمَاء قَوْمٍ وَأَمْوَالَهُمْ لَكِنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَنِ ادَّعَى وَالْيَمِينَ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ فَلَيْسَ الْمُدَّعِي الطَّالِبَ وَلَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمَطْلُوبَ بَلْ مَنْ كَانَ قَوْلُهُ عَلَى خِلَافِ أَصْلٍ أَوْ ظَاهر فَهُوَ الْمُدَّعِي - وَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وَالظَّاهِرُ يَنْقَسِمُ إِلَى الْعَادَةِ وَظَاهِرِ الْحَالِ وَالْقَرَائِنِ الْحَالِيَّةِ وَالْمَقَالِيَّةِ وَكُلِّ مَا أَفَادَ ظَنَّ الصِّدْقِ كَمُدَّعِي شَغْلَ الذِّمَّةِ وَالْأَصْلُ براءتها كولادة الْإِنْسَانِ بَرِيئًا مِنْ جَمِيعِ الْحُقُوقِ وَمُدَّعِي الرَّدِّ وَقَدْ قَبَضَ بِبَيِّنَةٍ فَالْعَادَةُ تُؤْثِرُ سُوءَ الظَّنِّ فِي الرَّدِّ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَكَمُدَّعِي إِنْفَاقِ مَالِ الْمَحْجُورِ فِيمَا لَا يُشْبِهُ عَادَتَهُ فَهَؤُلَاءِ مَطْلُوبُونَ وَهُمْ مُدَّعُونَ وَعَلَيْهِمُ الْبَيِّنَةُ وَمَنْ كَانَ قَوْلُهُ عَلَى وَفْقِ أَصْلٍ أَوْ ظَاهِرٍ فَهُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيُصَدَّقُ مَعَ يَمِينِهِ كَخُصُومِ هَؤُلَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ أَرْجَحُ الْمُتَدَاعِيَيْنِ سَبَبًا وَالْآخَرُ الْمُدَّعِي وَعَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ تَتَخَرَّجُ فُرُوعُ التَّدَاعِي فِي الْقِرَاضِ وَغَيْرِهِ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ لَكَ رَدُّ الْمَالِ مَا لَمْ يَعْمَلْ بِهِ الْعَامِلُ أَوْ يُسَافِرْ وَلَيْسَ لَكَ رَدُّهُ بَعْدَ سَفَرِهِ لِذَهَابِ عَنَائِهِ مَجَّانًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا اشْتَرَى مِثْلَ الزَّادِ وَرَضِيتَ بِأَخْذِهِ بِمَا يُشْبِهُ لَكَ ذَلِكَ قَالَ اللَّخْمِيُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَعْمَلْ وَقَالَهُ (ش) قِيَاسًا عَلَى الْوَكَالَةِ فَإِنْ شَرَطَ نَضَّةً وَاحِدَةً لَزِمَكَ وَهُوَ بِالْخِيَارِ عَلَى الْمُسْتَحْسَنِ مِنَ الْقَوْلِ وَيُخْتَلَفُ فِيهِ هَلْ يَبْقَى على الْخِيَار أم يلْزمه على أحد الْقَوْلَيْنِ فِي الْجَعَالَةِ فَإِنْ أَشْغَلَ جَمِيعَ الْمَالِ ارْتَفَعَ الْخِيَارُ وَلَيْسَ لِأَحَدِكُمَا أَخْذُهُ إِلَّا بَعْدَ النُّضُوضِ أَوِ الْبَعْضِ امْتَنَعَ أَخْذُ الْجَمِيعِ لِأَنَّ ذَلِكَ الْبَعْض إِن

كَانَ الْأَقَلَّ كَانَ قَصْرُهُ عَلَيْهِ ضَرَرًا وَكَذَلِكَ الْمُسَاوِي أَوْ أَكْثَرَ فَالْأَقَلُّ تَبَعٌ لَهُ فَإِنْ أَشْغَلَ جَمِيعَهُ ثُمَّ نَضَّ فَأَشْغَلَ بَعْضَهُ فَلَكَ أَخْذُ مَا لَمْ يُشْغَلْ لِحُصُولِ التَّوْفِيَةِ بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ بِالشَّغْلِ الْأَوَّلِ وَإِنْ تَجَهَّزَ بِتِجَارَةِ السَّفَرِ لَمْ يُمْنَعْ مِنَ السَّفَرِ إِنْ أَذِنْتَ لَهُ فِي السّفر إِذْ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ لَهُ السَّفَرَ مِنْ غَيْرِ إِذْنٍ إِلَّا أَنْ يَنْفُقَ سُوقُهَا قَبْلَ السَّفَرِ وَيَحْصُلَ مَا يُرْجَى فِي السَّفَرِ فَلَكَ بَيْعُهَا وَمَنْعُهُ مِنَ السَّفَرِ وَكُلَّ مَوْضِعٍ تَمْنَعُ مِنَ الْأَخْذِ يُمْنَعُ هُوَ مِنَ الرَّدِّ إِلَّا بِرِضَاكَ قَاعِدَة - الْعُقُود قِسْمَانِ مُسْتَلْزم لمصلحته عِنْدَ الْعَقْدِ فَشُرِعَ عَلَى اللُّزُومِ تَحْصِيلًا لِلْمَصْلَحَةِ وَتَرْتِيبًا لِلْمُسَبَّبَاتِ عَلَى أَسْبَابِهَا وَهُوَ الْأَصْلُ كَالْبَيْعِ فَإِن بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ يَتَمَكَّنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ مِنْ تَحْصِيلِ مَصْلَحَةِ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَأَنْوَاعِ الِانْتِفَاعِ وَكَذَلِكَ الْإِجَارَةُ وَغَيْرُهَا وَقِسْمٌ لَا يسْتَلْزم مصْلحَته كَالْقِرَاضِ وَالْجَعَالَةِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ الرِّبْحُ وَهُوَ غَيْرُ حَاصِلٍ بَلْ رُبَّمَا ضَاعَ تَعَبُ الْعَامِلِ وَخَسِرَ الْمَالَ وَمَقْصُودُ الْجَعَالَةِ رَدُّ الْآبِقِ وَقَدْ لَا يَحْصُلُ وَيَضِيعُ التَّعَبُ فَجُعِلَتْ هَذِهِ الْعُقُودُ عَلَى الْجَوَازِ نَفْيًا لِلضَّرَرِ عَنِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ لِأَنَّهُ قَدْ تَظْهَرُ أَمَارَتُهُ فَلَا يَلْزَمُ بِمَا يُتَوَقَّعُ ضَرَرُهُ نَظَائِرُ - قَالَ أَبُو عِمْرَانَ خَمْسَةُ عُقُودٍ لَا تَلْزَمُ بِالْعَقْدِ الْقِرَاضُ وَالْجَعَالَةُ وَالْوَكَالَةُ وَالْمُغَارَسَةُ وَتَحْكِيمُ الْحَاكِم فرع - فِي الْكتاب لَيْسَ جَبْرُهُ عَلَى بَيْعِ السِّلَعِ لِيَرُدَّ الْمَالَ بَلْ يَنْظُرُ السُّلْطَانُ وَيُؤَخِّرُ مَا يُرْجَى لِسَوْقِهِ نَفْيًا للضَّرَر عَنهُ وان لم يكن لتأخير وَجْهٍ بِيعَتْ وَاقْتَسَمْتُمَا رِبْحًا إِنْ كَانَ صَوْنًا لِلْمَالِ بِجَعْلِهِ تَحْتَ يَدِكَ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِنْ لَمْ يَشْغَلِ الْمَالَ حَتَّى نَهَيْتَهُ فَتَعَدَّى وَأَشْغَلَهُ ضَمِنَ الْمَالَ وَالرِّبْحَ لَهُ كَالْمُتَعَدِّي عَلَى الْوَدِيعَةِ بِخِلَافِ نَهْيِكَ عَنْ سِلْعَةٍ فَابْتَاعَهَا لِبَقَاءِ الْإِذْنِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا بَاعَ بِالدَّيْنِ بِإِذْنِكَ فَأَرَدْتَ أَنْ يُحِيلَكَ بِهِ - وَفِي الْمَالِ وَضِيعَةٌ فَلَكَ إِجْبَارُهُ عَلَى التَّقَاضِي أَوْ يُحِيلُكَ فَإِنْ كَانَ فِيهِ رِبْحٌ فَعَلَيْهِ التَّقَاضِي إِلَّا أَنْ يَتْرُكَهُ وَيُسَلِّمَ لَكَ رِبْحَكَ لِأَنَّ التَّقَاضِيَ مِنْ جُمْلَةِ عَمَلِهِ الَّذِي أُخِذَ عَلَيْهِ الْجُزْءُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا أَشْخَصَ فِي تَقَاضِي الدَّيْنِ أَنْفَقَ مِنَ الْمَالِ - وَإِنْ كَانَ فِيهِ وَضِيعَةٌ لِأَنَّهُ بَقِيَّةُ عَمَلِ الْقِرَاضِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا رَضِيتَ أَنْ تَطَوَّعَ لَهُ بِالتَّقَاضِي وَجُزْؤُهُ بَاقٍ جَازَ لِأَنَّهُ مَعْرُوف وَإِنْ كَانَ عَلَى إِسْقَاطِ الرِّبْحِ فَهِيَ أُجْرَةٌ مَجْهُولَةٌ عَلَى الِاقْتِضَاءِ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا أَرَادَ بَيْعَ السِّلَعِ وَأَرَدْتَ أَخْذَهَا بِمَا تُسَاوِي فَأَنْتَ وَالْأَجْنَبِيُّ سَوَاءٌ فَرْعٌ - قَالَ إِذَا مَاتَ قِيلَ لِوَرَثَتِهِ تَقَاضُوا الدُّيُونَ وَبِيعُوا السِّلَعَ فَإِنْ كَانُوا غَيْرَ أُمَنَاءَ وَأَتَوْا بأمين فَلهم سهم موروثهم فَإِن لَمْ يَكُونُوا أُمَنَاءَ وَلَمْ يَأْتُوا بِأَمِينٍ أَخَذْتَ مَالك

وَلَا رِبْحَ لَهُمْ لِعَدَمِ الْعَمَلِ فَإِنْ مِتَّ فَالْعَامِلُ عَلَى قِرَاضِهِ وَلِلْوَرَثَةِ أَخْذُ الْمَالِ إِنْ كَانَ عَيْنًا دُونَ السِّلَعِ لِانْتِقَالِ الْحَقِّ إِلَيْهِمْ كَمَا كَانَ لَكَ وَإِذَا عَلِمَ بِمَوْتِكَ وَالْمَالُ بِيَدِهِ لَا عَيْنًا لَا يَعْمَلُ بِهِ لِانْتِقَالِ الْحق لِمَنْ لَمْ يَأْذَنْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى ابْتَاعَ سِلْعَةً مَضَى عَلَى الْقِرَاضِ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ كَالْوَكِيلِ يَتَصَرَّفُ بَعْدَ الْمَوْتِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ وَكَذَلِكَ إِذَا ظَعْنَ بِالْمَالِ قَبْلَ الْعِلْمِ يمْضِي عَلَى قِرَاضِهِ كَمَا إِذَا اشْتَرَى وَمُرَادُهُ إِذَا عَلِمَ وَهُوَ عَيْنٌ فِي يَدِهِ إِذَا كَانَ فِي بَلَدِكَ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا عَلِمَ بِمَوْتِكَ قَبْلَ الْعَمَلِ فَعَمِلَ قَبْلَ إِذْنِهِمْ فَخَسِرَ ضَمِنَ وَإِنْ رَبِحَ وَكَانَ تَجْرُهُ لَهُمْ فَالرِّبْحُ بَيْنَهُمْ أَو لنَفسِهِ فَالرِّبْح لَك فَإِنْ تَجَرَ قَبْلَ الْعِلْمِ فَخَسِرَ يُخْتَلَفُ هَلْ يضمن لخطئه أَو لَا لِشُبْهَةِ الْإِذْنِ - وَإِنْ رَبِحَ فَعَلَى الْقِرَاضِ وَإِذَا قَالَ لِلْغُرَمَاءِ أَضْمَنُ لَكُمْ مَالَكُمْ وَأَقِرُّوا الْمَالَ فِي يَدِي فَإِنْ كَانَ الْمَالُ عُرُوضًا أَوْ دَيْنًا عَلَى النَّاسِ وَقَالَ ذَلِكَ لِيَنِضَّ وَيَقْضِيَهِمْ فَإِنْ عَجَزَ أَتَمَّ لَهُمْ أَخْذَهُ وَضَمَانُهُ تَفَضُّلٌ مِنْهُ وَإِنْ قَالَ ذَلِكَ لِيَتَّجِرَ فِيهِ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ ضَمَانٌ بِجَعْلٍ إِلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ غَرَضَهُ التَّخْفِيفُ عَنِ الْمَيِّتِ فَيَلْزَمُهُ الضَّمَانُ كَالضَّمَانِ عَنِ الْمَيِّتِ وَلَا يَلْزَمُ وَرَثَةَ الْعَامِلِ اسْتِئْجَارٌ عَلَى الْعَمَلِ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ لِتَعَلُّقِ الْعَمَلِ بِالْمَالِ دُونَ الذِّمَّةِ فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا أُمَنَاءَ أَوْ عَجَزَ هُوَ وَسَلَّمَ الْمَالَ وَفِيهِ رِبْحٌ لَيْسَ لَهُمْ مِنْهُ شَيْءٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ فِي الْمُسَاقَاةِ وَعَلَى قَوْلِهِ فِي الْمُجَاعِلِ عَلَى الْبِئْرِ يَتْرُكُهُ اخْتِيَارًا بَعْدَ بَعْضِ الْعَمَلِ فَيَسْتَأْجِرُ صَاحِبُ الْبِئْرِ عَلَى إِتْمَامِهِ يَكُونُ لِلْأَوَّلِ بِقَدْرِ مَا انْتَفَعَ فَيَكُونُ لِلْوَرَثَةِ هَهُنَا وَإِذَا مَاتَ الْأَجِيرُ لَيْسَ لِوَارِثِهِ الْقِيَامُ بِبَقِيَّةِ الْعَمَلِ بَلْ لَهُ مِنَ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ مَا عَمِلَ مَوْرُوثُهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْقِرَاضَ لَا يَسْتَحِقُّ فِيهِ شَيْءٌ إِلَّا بِالتَّمَامِ فَكَانَ الْوَارِثُ كَذَلِكَ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ وَإِذَا كَانَ الْوَارِثُ مُوَلًّى عَلَيْهِ نَظَرَ الْوَصِيُّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ فَضْلٌ أَوْ كَانَتْ أُجْرَةُ الْإِجَارَةِ لَا تَفِي بِهِ أَوْ مِثْلِهِ سَلَّمَ الْمَالَ وَإِلَّا اسْتَأْجَرَ عَلَيْهِ وَإِذَا كَانَا عَامِلَيْنِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا وَاشْتَرَى الْآخَرُ بِجَمِيعِ الْمَالِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ خُيِّرْتُ بَيْنَ الْبَقَاءِ عَلَى الْقِرَاضِ وَبَيْنَ

تَضْمِينِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ الشِّرَاءُ إِلَّا بِإِذْنِكَ لِأَجْلِ مَوْتِ شَرِيكِهِ فَإِنِ اشْتَرَى قَبْلَ الْمَوْتِ بِبَعْضِ الْمَالِ كَانَ وَرَثَةُ الْمَيِّتِ شُرَكَاءَ فِيمَا اشْتَرَى قَبْلَ الْمَوْتِ وَيَعْمَلُونَ مَعَهُ فِيهِ وَمَا اشْتَرَى بَعْدَ الْمَوْتِ خُيِّرْتَ فِيهِ سُؤَالٌ - يَنْتَقِلُ لِلْوَارِثِ عَمَلُ الْقِرَاضِ وَالْمُسَاقَاةِ وَخِيَارُ الْبَيْعِ وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ وَالْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ وَهُوَ كَثِيرٌ وَلَا يَنْتَقِلُ إِلَيْهِ الْإِيلَاءُ وَلَا النِّكَاحُ وَلَا خِيَارُ البيع إِذا جعل الْأَجْنَبِيّ وَهُوَ وَارِثُهُ وَهُوَ كَثِيرٌ مَعَ أَنَّ الْجَمِيعَ حَقٌّ لِلْمَوْرُوثِ وَمَنْ مَاتَ عَنْ حَقٍّ فَلِوَرَثَتِهِ فَمَا الْفَرْقُ وَمَا ضَابِطُ الْبَابَيْنِ قَاعِدَةٌ - كُلُّ مَا كَانَ مَالًا أَوْ مُتَعَلِّقًا بِالْمَالِ انْتَقَلَ لِلْوَارِثِ لِأَنَّ الْمَالَ يُوَرَّثُ فَيُورَثُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ خِيَارٍ وَعَمَلٍ وَكُلُّ مَا كَانَ مُتَعَلِّقًا بِبَدَنِ الْمَوْرُوثِ كَالنِّكَاحِ أَوْ رَأْيِهِ وَعَقْلِهِ - كَخِيَارِ الْأَجْنَبِيِّ لَا يَنْتَقِلُ لِأَنَّ الْوَارِثَ لَا يَرِثُ عَقْلَهُ وَلَا بَدَنَهُ وَبِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ تَظْهَرُ الْفُرُوقُ وَالضَّوَابِطُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا لَمْ يُوجَدِ الْقِرَاضُ أَوِ الْوَدَائِعُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَلَمْ يُوصِ بِهَا فَهِيَ فِي مَالِهِ لِتَفْرِيطِهِ يُحَاصُّ بِهَا غُرَمَاؤُهُ وَإِنْ أَقَرَّ بِقِرَاضٍ بِعَيْنِهِ أَوْ وَدِيعَةٍ بِعَيْنِهَا فِي مَرَضِهِ - وَعَلَيْهِ دَيْنٌ بِبَيِّنَةٍ فِي صِحَّتِهِ أَوْ بِإِقْرَارِهِ فِي مَرَضِهِ هَذَا قَبْلَ إِقْرَارِهِ بِذَلِكَ أَوْ بَعْدَ قرب الْقَرَاض أَوِ الْوَدِيعَةِ أَخَذَ ذَلِكَ بِعَيْنِهِ دُونَ الْغُرَمَاءِ لِقُوَّةِ تَعَلُّقِ الْحَقِّ بِعَيْنِهِ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهَا حُوصِصَ بِهَا مَعَ الْغُرَمَاءِ لِأَنَّ الْجَمِيعَ سَوَاءٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ هَذَا فِي الْمَوْت وَأما فِي الْفلس ان عينهَا اخْتصَّ بهَا والا فَلَا يحاصص كَمَا يُصَدَّقُ عَلَى الْغُرَمَاءِ فِي الدَّيْنِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُور وَفِيه

خِلَافٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا لَمْ تُوجَدِ الْوَدِيعَةُ وَلَمْ يُوصِ بِهَا اخْتُلِفَ هَلْ تَكُونُ فِي ذِمَّتِهِ أَمْ لَا وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ كَوْنِهَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَكُونُ الْقِرَاضُ فِي الذِّمَّةِ بَلْ أَوْلَى لِإِمْكَانِ تَسَلُّفِ الْوَدِيعَةِ بِخِلَافِهِ شَرْعًا وَإِذَا خَلَّفَ مَالًا وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَالٌ لِنَفْسِهِ فَإِنَّ مَحْمَلَهُ عَلَى أَنَّهُ لِلْقِرَاضِ قَلِيلًا كَانَ أَو كثيرا إِلَّا أَن لَا يشبه فَيكون لصَاحب الْقَرَاض مَا يشبه وَالزَّائِد مِيرَاثٌ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ مَالٌ لِنَفْسِهِ يَعْلَمُ قَدْرَهُ وَوَجَدَ الْمَالَانِ مُخْتَلِطَيْنِ فُضَّ الرِّبْحَ عَلَى قَدْرِهِمَا عَلَى مَا يَقُولُ رُفَقَاؤُهُ أَنَّهُ رَبِحَ فِي كُلِّ صِنْفٍ فَإِنْ جَهِلَ فَعَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ وَكَذَلِكَ الْخَسَارَةُ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْمَوْجُودِ وَفَاءٌ بِالتِّجَارَتَيْنِ فَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ خَسِرَ فِي أَحَدِهِمَا حُمِلَتِ الْخَسَارَةُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فُضَّتْ عَلَيْهِمَا وَإِنْ جُهِلَ مَالُهُ وَعُلِمَ قَدْرُهُ اشْتَرَكَا فِي الرِّبْحِ وَالْخَسَارَةِ بِمَا لَا يَشُكُّ أَنَّهُ كَانَ لَهُ فَإِنْ جُهِلَ قَدْرُهُ وَكَانَ فِي سِلَعِ الْقِرَاضِ رَبِحَ بُدِئَ بِمَالِ الْقِرَاضِ وَبِمَا يُرَى أَنَّهُ رَبِحَ فِيهِ وَالْبَاقِي مِيرَاثٌ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ لَا نَفَقَةَ لِلْعَامِلِ الْمُقِيمِ وَلَا كُسْوَةَ لِأَنَّ الشَّرْطَ إِنَّمَا تَنَاوَلَ جُزْءَ الرِّبْحِ وَلَا يُنْفِقُ فِي تَجْهِيزِهِ لِلسَّفَرِ وَيُنْفِقُ إِذَا سَافر لطعامه وَمَا يصله بِالْمَعْرُوفِ - ذَاهِبًا وَرَاجِعًا - إِنْ حَمَلَ الْمَالُ ذَلِكَ وَتُلْغَى النَّفَقَةُ قُرْبَ السَّفَرِ أَوْ بَعْدُ وَإِنْ لم يسم شَيْئا وَله مَا بَقِيَ بَعْدَ النَّفَقَةِ وَلَا يُنْفِقُ إِذَا رَجَعَ الى مصره لِأَن عَادَة السَّفَرِ دُونَ الْحَضَرِ يُقْضَى بِهَا وَيَكْتَسِي فِي السَّفَرِ الْبَعِيدِ إِنَّ حَمَلَ الْمَالَ دُونَ قَرِيبِهِ إِلَّا أَنْ يُقِيمَ بِمَوْضِعِ إِقَامَةٍ تُحْوِجُ لِلْكُسْوَةِ وَمَنَعَ (ش) النَّفَقَةَ وَالْكُسْوَةَ مُطْلَقًا لِأَنَّهَا عَلَى نَفْسِهِ قَبْلَ الْعَقْدِ فَتَبْقَى عَلَيْهِ وَلِأَنَّهَا زِيَادَةُ جَهَالَةٍ فِي الْأُجْرَةِ وَاشْتِرَاطُ مَنْفَعَةٍ

يَخْتَصُّ بِهَا الْعَامِلُ وَوَافَقَنَا (ح) لَنَا أَنَّ السَّفَرَ لِأَجْلِ الْمَالِ فَتَجِبُ نَفَقَتُهُ كَأُجْرَةِ الْحَمَّالِ وَالْكَيَّالِ وَلِأَنَّ نَفَقَتَهُ لَوْ كَانَتْ عَلَى نَفْسِهِ لَاسْتَغْرَقَتِ الرِّبْحَ فَيَضِيعُ عَنَاؤُهُ وَلِأَنَّ الرِّبْحَ قُبَالَةَ التِّجَارَةِ وَالنَّفَقَةَ لِتَسْلِيمِ نَفْسِهِ كَالصَّدَاقِ وَالنَّفَقَةِ فِي النِّكَاح وَلِأَنَّهُ عرف فَكَانَ كاشتراطه جُزْء مِنَ الرِّبْحِ وَيُرَدُّ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى الْمَالِ فَكَانَتْ عَلَى الْمَالِ وَهَذِهِ عَلَيْهِ قَبْلَ الْعَقْدِ وَعَلَى الثَّانِي النَّقْضُ بِنَفَقَةِ الْحَضَرِ وَعَلَى الثَّالِثِ لَوْ صَحَّ التَّشْبِيهُ لَوَجَبَتْ فِي الْحَضَرِ وَعَلَى الرَّابِعِ مَنْعُ الْعَادَةِ وَالْمُعَارَضَةِ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْوَكِيلِ وَالْأَجِيرِ وَبِالْجُمْلَةِ فَالْعُمْدَةُ الْعَادَةُ وَيُقَالُ إِنَّ الْإِجْمَاعَ مُنْعَقِدٌ قَبْلَ (ش) وَالْمُقِيمُ شَأْنُهُ النَّفَقَةُ عَلَى عِيَالِهِ مِنْ غَيْرِ قِرَاضٍ فَالسِّفْرُ يُجَدِّدُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَكُنْ وَبِهِ يَظْهَرُ الْفَرْقُ فِي أَقْيِسَةِ الْمُعَارِضَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ اللَّيْثُ فِي الْكِتَابِ إِنْ شَغَلَ الْحَاضِرَ البيع تغدى بِالْإِفْلَاسِ وَأَبَاهُ مَالِكٌ وَلَيْسَ فِي قَلِيلِ الْمَالِ نَفَقَةٌ وَلَا كُسْوَةٌ وَلَا رُكُوبٌ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَيْسَ لِذَلِكَ حَدٌّ غَيْرَ أَنَّ الْأَرْبَعِينَ كَثِيرٌ عِنْدِي وَالْبِضَاعَةَ مِثْلُ الْقِرَاضِ فِي النَّفَقَةِ وَالْكُسْوَةِ فَيُنْفِقُ مِنَ السِّلْعَةِ تُبْعَثُ مَعَهُ يَبِيعُهَا وَيَشْتَرِي بِهَا سِلْعَةً قَالَهُ مُحَمَّدٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ أَمَّا إِنْ خَرَجَ لِتِجَارَةِ نَفْسِهِ فَبَعَثَ مَعَهُ الْبِضَاعَةَ فَالْعُرْفُ عِنْدِي أَنْ لَا شَيْءَ لَهُ بِخِلَافٍ إِذَا خَرَجَ لَهَا قَالَ التُّونِسِيُّ لَهُ النَّفَقَةُ فِي الْقِرَاضِ فِي ذَهَابِهِ وَرُجُوعِهِ - وَلَوْ رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ لِأَنَّ الْمَالَ أَخْرَجَهُ فَلَوْ دفع بِهِ المَال بِغَيْر بَلَاغٍ فَلَا نَفَقَةَ لَهُ فِي رُجُوعِهِ بِهِ إِلَى بَلَدِهِ بِخِلَافِ رُجُوعِهِ إِلَى بَلَدِهِ بِالْمَالِ وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا كَانَ لَهُ بَلَدَانِ يُقَارِضُ فِي أَحَدِهِمَا فَلَا نَفَقَةَ فِي خُرُوجِهِ إِلَى الْبَلَدِ الْآخَرِ وَلَا فِي رُجُوعِهِ لِأَنَّهُ يَتَرَدَّدُ بَيْنَ بَلَدَيْنِ مِنْ غَيْرِ قِرَاضٍ

وَقَالَ أَشْهَبُ لَهُ النَّفَقَةُ ذَاهِبًا وَرَاجِعًا لِأَنَّ حَرَكَتَهُ لِأَجْلِ الْقِرَاضِ وَإِذَا تَزَوَّجَ بِبَلَدٍ أَنْفَقَ حَتَّى يَدْخُلَ فَتَصِيرَ بَلَدًا لَهُ قَالَ سَحْنُونٌ لَيْسَ لَهُ السَّفَرُ بِالْمَالِ الْقَلِيلِ إِلَّا بِإِذْنِكَ قَالَ وَفِي النَّفَقَةِ وَالْكُسْوَةِ فِي الْبِضَاعَةِ نَظَرٌ لِعَدَمِ الْعَادَةِ وَلَا يُنْفِقُ فِي الْمَالِ الْيَسِيرِ إِلَّا أَنْ يَأْخُذَ مِنْ غَيْرِهِ قِرَاضًا أَكْثَرَ فَيُنْفِقَ مَا يُخَصَّصُ لِعَدَمِ الْإِجْحَافِ مَعَ الْمُحَاصَّةِ فَإِنْ أَخَذَ الْقِرَاضَ وَسَافَرَ لِلْحَجِّ أَوْ لِلْغَزْوِ فَلَا نَفَقَةَ لِأَنَّ خُرُوجَهُ لِغَيْرِهِ إِلَّا أَنْ يُقيم بعد قَضَاء ذَلِك الْعَمَل بِالْمَالِ فَيُنْفِقُ قَدْرَ إِقَامَتِهِ وَيُنْفِقُ فِي الرُّجُوعِ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ فَإِنْ خَرَجَ لِحَاجَةِ نَفْسِهِ وَحمل مَعَه رَأس مَال قَضَت النَّفَقَةُ عَلَى ذَلِكَ اسْتِحْسَانًا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا نَفَقَةَ لَهُ كَالْغَازِي قَالَ وَلَعَلَّ مُرَادَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ خَرَجَ لِإِصْلَاحِ مَالِهِ أَمَّا لَوْ خَرَجَ لِزِيَارَةِ أَهله فَلَا نَفَقَة كَالْحَجِّ قَالَ اللَّخْمِيُّ لَوْ عَقَدَ نِكَاحًا قَبْلَ أَخْذِ الْمَالِ لِيَبْنِيَ بِهَا فِي غَيْرِ الْبَلَدِ أَوْ يَبْنِيَ فِي الْبَلَدِ ثُمَّ يَخْرُجُ فَأَقَامَ لِأَجْلِ الْمَالِ أَنْفَقَ كَالْمُسَافِرِ وَإِنْ نَوَى الْبِنَاءَ بَعْدَ الْخُرُوجِ لِأَمْرٍ ثُمَّ يُقِيمُ إِذَا أَتَى لَمْ يُنْفِقْ وَإِنْ تَزَوَّجَ بَعْدَ أَخْذِ الْمَالِ لِأَجْلِ مُقَامِهِ لِلْعَمَلِ بِالْمَالِ وَلَوْلَاهُ لَمْ يَتَزَوَّجْ وَلَمْ يُقِمْ لَمْ تَسْقُطِ النَّفَقَةُ وَمَحْمَلُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي عَدَمِ نَفَقَةِ الْمُقِيمِ أَنَّ الْعَمَلَ لَمْ يَقْطَعْهُ عَنِ الْوُجُوهِ الَّتِي يُنْفِقُ مِنْهَا فَقَدْ يَكُونُ مُنْقَطِعًا قَبْلَ الْمُقَارَضَةِ أَمَّا إِنْ عَطَّلَ صِنَاعَتَهُ لِأَجْلِ الْمَالِ أَنْفَقَ كَالْمُسَافِرِ قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ لِلْمُسَافِرِ النَّفَقَةُ وَالْكُسْوَةُ الَّتِي لَوْلَا السَّفَرُ لَمْ يُحْتَجْ إِلَيْهَا فِي الْحَضَرِ وَمَحْمَلُهُ عَلَى مَنْ كَانَتْ مُؤْنَتُهُ فِي الْمَقَامِ مِنْ غَلَّاتٍ أَوْ مَتَاجِرَ يَرْجُو حِوَالَةَ أَسْوَاقِهَا أَمَّا الْمُدِيرُ أَوْ ذُو الصَّنْعَةِ يُعَطِّلُهَا لِأَجْلِ السَّفَرِ فَلَهُ جَمِيعُ النَّفَقَةِ وَالْكُسْوَةِ كَقَوْلِ مَالِكٍ فَرْعٌ - فِي الْمُنْتَقَى إِذَا اشْتَرَطَ عَلَيْهِ عَدَمَ النَّفَقَةِ فِي السَّفَرِ الْبَعِيدِ مَنَعَهُ مَالِكٌ لِأَنَّهُ

خِلَافُ وَضْعِ الْقِرَاضِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ وَقَعَ أَمْضَى كَاشْتِرَاطِ الْجُزْءِ مِنَ الرِّبْحِ لَكَ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ مَنْ أَخَذَ قِرَاضًا بِغَيْرِ بَلَده ليقيم بتجر فِيهِ فَلَهُ النَّفَقَةُ لِأَنَّ الْمَالَ حَبَسَهُ إِلَّا أَن يوطنها وَلَو أَخذه بالفسفاط وَلَهُ بِهِ أَهْلٌ فَخَرَجَ بِهِ إِلَى بَلَدٍ لَهُ بِهِ أهل لم ينْفق ذَاهِبًا وَرَاجِعًا لِأَنَّهُ خَرَجَ عَنْ أَهْلِهِ وَرَجَعَ إِلَيْهِمْ وَلَوْ أَخَذَ فِي غَيْرِ بَلَدِ أَهْلِهِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ أَهْلُهُ فَتَجَرَ هُنَاكَ لَمْ يُنْفِقْ فِي ذَهَابِهِ إِلَى أَهْلِهِ وَلَا فِي إِقَامَتِهِ عِنْدَهُمْ وَأَنْفَقَ فِي رُجُوعِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَعَنْ أَشْهَبَ إِذَا أَخَذَهُ بِالْفُسْطَاطِ وَلَهُ بِهِ أَهْلٌ وَبِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ أَهْلٌ فَخَرَجَ إِلَى الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ لَهُ النَّفَقَةُ ذَاهِبًا وَرَاجِعًا دُونَ إِقَامَتِهِ عِنْدَهُمْ فَرْعٌ - فِي النَّوَادِرِ سُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الْحِجَامَةِ وَشُرْبِ الدَّوَاءِ وَدُخُولِ الْحَمَّامِ لِلْعَامِلِ فَقَالَ مَا كَانَتْ هَذِهِ قَدِيمًا وَخَفَّفَ فِي المتمرض فِي الْحَمَّامِ وَالْحِجَامَةِ وَإِذَا سُلِبَ اكْتَسَى مِنَ الْقِرَاضِ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ مَنْ يَخْدِمُهُ فِي السَّفَرِ إِنْ كَانَ الْمَالُ كَثِيرًا وَمِثْلُهُ لَا يَخْدِمُ لنَفسِهِ وَيُؤَجِّرُ لِلْأَعْمَالِ الْمُحْتَاجِ إِلَيْهَا وَيَكْتَرِي الْبُيُوتَ وَالدَّوَابَّ وَلَا يَهَبُ شَيْئًا وَلَا يُكَافِئُ لِعَدَمِ الْإِذْنِ وَلَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِطَعَامٍ يَأْتِي غَيْرُهُ بِمِثْلِهِ إِن لم

يسْتَعْمل التفضل وَإِذَا ضَمَّ إِلَى الْمَالِ قِرَاضًا لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ وُزِّعَتِ النَّفَقَةُ عَلَى الْمَالَيْنِ وَإِنْ أَنْفَقَ مِنْ عِنْدِهِ رَجَعَ فِي مَالِ الْقِرَاضِ فَإِنْ هلك لم يلزمك لتَعَلُّقه بِالْمَالِ دُونَ الذِّمَّةِ وَكَذَلِكَ إِنِ اشْتَرَى بِجَمِيعِ الْمَالِ سِلَعًا وَاكْتَرَى مِنْ عِنْدِهِ فَإِنْ أَدَّيْتَهُ وَإِلَّا أَخَذَهُ مِنْ ثَمَنِ الْمُبْتَاعِ وَإِنِ اغْتَرَقَهُ لِتَعَلُّقِهِ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُوَفَّ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَا يَكُونُ شَرِيكًا فِي السِّلَعِ بِالْكِرَاءِ وَأَمَّا صَبْغُ الثِّيَابِ أَوْ قَصْرُهَا فَكَزِيَادَةٍ فِي الثَّمَنِ إِنْ دَفَعْتَهَا إِلَيْهِ وَإِلَّا شَارَكَ بِمَا أَدَّى لِأَنَّهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ بِخِلَافِ الْكِرَاءِ وَقَالَ غَيْرُهُ إِنْ دَفَعَ إِلَيْهِ قِيمَةَ الصَّبْغِ لَمْ يَكُنِ الصَّبْغُ عَلَى الْقِرَاضِ لِأَنَّهُ كَقِرَاضٍ ثَانٍ عَلَى أَنْ يُخْلَطَ بِالْأَوَّلِ بَعْدَ الْعَمَلِ بِخِلَافِ زِيَادَةِ الْعَامِلِ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ فِي الثَّمَنِ لِأَنَّهُ كَقِرَاضٍ ثَانٍ قَبْلَ شَغْلِ الْمَالِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الصَّبْغَ بَعْدَ الشِّرَاءِ فَإِنْ أَعْطَاهُ قِيمَةَ الصَّبْغ لم يكن على الْقَرَاض وَلَك أَن لَا تعطيه ذَلِك وتضمنه قِيمَةَ الثِّيَابِ لِأَنَّكَ لَمْ تَأْذَنْ لَهُ فِي السَّلَفِ فَإِنْ أَبَيْتَ تَضْمِينَهُ كَانَ شَرِيكًا فِي الثِّيَابِ بِقِيمَةِ الصَّبْغِ مِنْ قِيمَةِ الثِّيَابِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِذَا صَبَغَهَا بِمَالٍ مِنْ عِنْدِهِ الْخِلَافُ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِع إِذا دفعت اليه مَا ودى كَانَ عَلَى الْقِرَاضِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْغَيْرِ بَلْ شَرِيكُهُ فَيُقْسَمُ الرِّبْحُ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ وَقِيمَةِ الصَّبْغِ فَمَا نَابَ رَأْسَ الْمَالِ فَعَلَى شَرْطِهِمَا وَقِيمَةُ الصَّبْغِ وَمَا حَار لَهُمَا مِنَ الرِّبْحِ فَلَكَ وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ الثَّانِي لَك ان لَا تُعْطِيَهُ شَيْئًا وَتُضَمِّنَهُ قِيمَةَ الثِّيَابِ عِنْدَ الْغَيْرِ وَابْن

الْقَاسِمِ لَا يَرَى تَضْمِينَهُ وَالثَّالِثُ ابْنُ الْقَاسِمِ يَقُولُ إِذَا لَمْ تُدْفَعْ إِلَيْهِ فَهُوَ شَرِيكٌ بِمَا ودى وَعِنْدَ الْغَيْرِ إِذَا لَمْ تُضَمِّنْهُ وَلَا أَعْطَيْتَهُ شَيْئًا يَكُونُ شَرِيكًا فِي الثِّيَابِ بِقِيمَةِ الصَّبْغِ من قيمَة الثِّيَاب لَا بِمَا ودى قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا أَخَذَ مَالَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ مُنْفَرِدًا لَا يَحْمِلُ النَّفَقَةَ وَيَحْمِلَانِ النَّفَقَةَ مُجْتَمِعَيْنِ لَهُ النَّفَقَةُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْقِيَاسُ عَدَمُهَا لِأَن كليها يَقُولُ مَالِي لَا تَجُبْ فِيهِ النَّفَقَةُ وَلَيْسَ لِغَيْرِي إِدْخَالُ الضَّرَرِ عَلَيَّ وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا كَثِيرًا وَالْآخَرُ قَلِيلًا لَمْ أَرَ عَلَى الْقَلِيلِ شَيْئًا نَظَائِرُ - قَالَ أَبُو عِمْرَانَ يُوجِبُ الصَّبْغُ الشَّرِكَةَ فِي خَمْسِ مَسَائِلَ الْقِرَاضِ كَمَا تَقَدَّمَ وَالثَّوْبِ الْمُسْتَحَقِّ بَعْدَ شِرَائِهِ إِذَا أَبَيْتَ مِنْ دَفْعِ قِيمَةِ الصَّبْغِ وَأَبَى الْمُشْتَرِي مِنْ دَفْعِ قِيمَةِ الثَّوْبِ أَبْيَضَ وَالثَّوْبِ الَّذِي فَلَّسَ رَبُّهُ شَارَكَ الصَّبَّاغُ صَاحِبَ الدَّيْنِ وَالثَّوْبِ الَّذِي اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِهِ بَعْدَ صَبْغِهِ يُشَارِكُ بِمَا زَادَ الصَّبْغُ وَالثَّوْبِ الْوَاقِعِ فِي الْمِصْبَغَةِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ يُشَارِكُ بِمَا زَادَ الصَّبْغُ وَلَا يُوجِبُ الشَّرِكَةَ فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ صَبْغِ الْغَاصِبِ وَلَيْسَ لَهُ فِيهِ إِلَّا الْمُرَاجَعَةُ بِمَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَصَبْغِ الثَّوْبِ الَّذِي غَلِطَ فِي دَفْعِهِ الْمُشْتَرِي وَكَذَلِكَ الْقَصَّارُ إِذَا دَفَعَ غَيْرَ الثَّوْبِ غَلَطًا فَصَبْغَهُ الْآخَرُ فَإِنَّهُ يَتَرَاجَعُ هُوَ وَصَاحِبُ الثَّوْبِ الْمَصْبُوغِ دُونَ الْقَصَّارِ نَظَائِرُ - قَالَ الْعَبْدِيُّ مَسَائِلُ الْخَمْسِينَ خَمْسٌ الْأَرْبَعُونَ إِلَى الْخَمْسِينَ تَجِبُ فِيهَا النَّفَقَةُ وَالْكُسْوَةُ فِي الْقِرَاضِ وَالْبِضَاعَةِ وَالْخَمْسُونَ ثمن الرائعة وَقِيلَ السِّتُّونَ دِينَارًا فِي حَيِّزِ الْقَلِيلِ وَيَكُونُ وَصِيُّ الْأُمِّ وَصِيًّا فِيهَا وَالْخَمْسُونَ إِلَى السِّتِّينَ حِيَازَة على الْأَقَارِب وَالْخَمْسُونَ سنة التعنيس

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا ضَاعَ بَعْضُهُ قَبْلَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ خَسِرَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ وَهُوَ أَمِينٌ فَإِنْ عَمِلَ بِبَقِيَّتِهِ جُبِرَ بِرِبْحِ ذَلِكَ وَيَقْتَسِمَانِ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يُفِيدُ جَعْلُهُمَا رَأْسَ الْمَالِ مَا بَقِيَ وَالْمُحَاسَبَةُ حَتَّى يَقْبِضَهُ مِنْهُ لِأَنَّ وَضْعَ الْقِرَاضِ أَنْ تُجْبَرَ خَسَارَتَهُ بِرِبْحِهِ وَمَا اسْتَهْلَكَهُ أَوْ تَسَلَّفَهُ ضَمِنَهُ وَلَا حِصَّةَ لَهُ مِنَ الرِّبْحِ لِانْتِقَالِهِ عَنِ الْقِرَاضِ إِلَى الذِّمَّةِ بِالضَّمَانِ وَالْبَاقِي رَأْسُ الْمَالِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا ضَاعَ بَعْدَ الشِّرَاءِ قبل النَّقْدِ خُيِّرَ بَيْنَ إِخْلَافِهِ وَيَكُونُ الْمَتَاعُ قِرَاضًا وَرَأْسُ مَالِ الْقِرَاضِ مَا يَدْفَعُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَتَاعُ لَهُ لِأَنَّكَ لَمْ تَلْتَزِمْ غَيْرَ مَا دَفَعْتَ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ تُجْبَرُ عَلَى الْإِخْلَافِ لِأَنَّكَ أَدْخَلْتَهُ فِي الشِّرَاءِ فَإِنْ كَانَتْ مِائَةً فَضَاعَ خَمْسُونَ خُيِّرْتَ بَيْنَ الْإِخْلَافِ وَيَكُونُ رَأْسُ الْمَالِ مِائَةً وَخَمْسِينَ أَوْ لَا تُخْلِفُهَا وَيَغْرَمُهَا الْعَامِلُ وَيُشَارِكُ بِالنِّصْفِ وَإِذَا اخْتَلَفْتُمَا فَبِيعَ الْمَتَاعُ بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ وَقِرَاضُكُمَا عَلَى النِّصْفِ فَلَهُ اثْنَا عَشَرَ وَنِصْفٌ لِأَنَّ نِصْفَ السِّلْعَةِ عَلَى الْقِرَاضِ الْأَوَّلِ وَرَأْسُ مَالِهِ مِائَةٌ وَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ فِيهِ وَنِصْفُهَا لِلْقِرَاضِ الثَّانِي وَرَأْسُ مَالِهِ خَمْسُونَ وَلَهُ نِصْفُ رِبْحِهَا وَلَا يُجْبَرُ الْأَوَّلُ بِرِبْحِ الثَّانِي لِأَنَّهُمَا قِرَاضَانِ لِدَفْعِكَ بَعْدَ الشَّغْلِ الْأَوَّل وَإِنْ لَمْ تُخْلِفْهَا شَارَكَ بِالنِّصْفِ فِيمَا يُبَاعُ بِهِ وَلَا رِبْحَ لَهُ فِيمَا يَنُوبُ الْقِرَاضَ إِلَّا أَنْ يَبِيعَ بِأَكْثَرَ مِنْ مِائَتَيْنِ وَلَكَ أَنَّ تُخْلِفَ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ وَيَكُونَ الْمَتَاعُ بَيْنَكُمَا عَلَى أَرْبَعَةِ أَجْزَاءَ رُبُعٌ لِلْعَامِلِ وَرُبُعٌ لَكَ عَليّ للقراض رَأْسُ مَالِهِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَنِصْفٌ عَلَى الْقِرَاضِ الْأَوَّلِ فَإِنْ بَاعَ بِمِائَتَيْنِ فَلَهُ اثْنَانِ وَسِتُّونَ وَنِصْفٌ خَمْسُونَ عَنْ نَصِيبِهِ مِنْهَا - وَهُوَ الرُّبُعُ وَاثْنَا عَشَرَ وَنِصْفٌ نَصِيبُهُ مِنَ الرِّبْحِ عَنِ الرُّبُعِ الْآخَرِ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي

النِّصْفِ لِأَنَّ رِبْحَهُ جَبْرٌ لِلْوَضِيعَةِ فَإِنْ قَدَرَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى غَاصِبِ الْخَمْسِينَ كَانَتِ الرِّبْحَ فَتُقَسِّمُ وَلَوْ أَكَلَ خَمْسِينَ وَتَجَرَ فِي خَمْسِينَ فَصَارَتْ مِائَةً وَخَمْسِينَ فَلَكَ رَأْسُ مَالِكَ مِائَةٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا كَانَ الْقِرَاضُ أَلْفًا فَاشْتَرَى بِهَا عَبْدًا قِيمَتُهُ أَلْفَانِ فَنَقَّصَهُ السَّيِّدُ بِجِنَايَة ألفا وَخمْس مائَة فتجر فِي الْخمس مائَة فَهُوَ عَلَى الْقِرَاضِ الْأَوَّلِ وَلَا يَكُونُ فِعْلُ السَّيِّدِ مُفَاصَلَةً وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا أَحْضَرَ الْمَالَ وَحَاسَبَهُ وَلَمْ يَقْبِضْهُ وَخَلَا رَأْسُ الْمَالِ مِمَّا بَقِيَ بَعْدَ الْمُحَاسَبَةِ فَهُوَ فَسْخٌ لِلْقِرَاضِ الْأَوَّلِ وَلَوْ أَعْلَمَهُ بِالنُّقْصَانِ وَلَمْ يَحْضُرْهُ صَحَّ أَيْضًا عِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَا يقسم ربح إِلَّا بَعْدَ كَمَالِ رَأْسِ الْمَالِ قَالَ التُّونِسِيُّ إِذَا ذَهَبَ اللِّصُّ بِجُمْلَةِ الْمَالِ فَأَعْطَاهُ غَيْرُهُ فَلَا جَبْرَ إِنَّمَا الْجَبْرُ إِذَا بَقِيَ مِنَ الْأَوَّلِ شَيْءٌ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ رَبِحَ فِي الْمِائَة مائَة ثمَّ أكل مائَة ربح فِي الْبَاقِي فَالْمِائَةُ فِي ضَمَانِهِ وَالْبَاقِي عَلَى شَرْطِهِمَا وَلَوْ ضَاعَ لَمْ يَعُدْ مَا فِي ذِمَّتِهِ رِبْحًا إِلَّا بَعْدَ رَأْسِ الْمَالِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قِيلَ إِنْ فَلَّسَ وَقَدْ أَخَذَ مِنَ الْمِائَةِ خَمْسِينَ قَبْلَ أَنْ يَتَّجِرَ ثُمَّ تَجَرَ فِي الْبَاقِي فَصَارَ مِائَةً ثُمَّ فَلَّسَ فَعَلَى مَا تَقَدَّمَ يَكُونُ أَحَقَّ بِالْمِائَةِ مِنَ الْغُرَمَاءِ وَيُحَاصِصُ بِالْخَمْسِينَ لِأَنَّ الرِّبْحَ أَوْلَى أَنْ يجير بِهِ من أَن يكون لِلْعَامِلِ كَمَا لَوْ ضَاعَ خَمْسُونَ وَتَجَرَ فِي الْبَاقِي فَصَارَ مِائَةً فَإِنَّكَ أَوْلَى بِهَا

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا اشْتَرَى فَضَاعَ الْمَالُ أَوْ تَسَلَّفَهُ قَبْلَ النَّقْدِ غَرِمَهُ الْعَامِلُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْكَ فَرْعٌ - قَالَ إِذَا خَافَ إِنْ قَدَّمَ مَالَهُ أَوْ أَخَّرَهُ عَنْ مَالِ الْقِرَاضِ وَقَعَ الرُّخْصُ فِي مَالِهِ فَالصَّوَابُ خَلْطُهُمَا وَلَا يَضْمَنُ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ تَعَدِّيًا وَيَمْتَنِعُ اشْتِرَاطُ الْخَلْطِ لِأَنَّهَا مَنْفَعَةٌ لَكَ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُشَارِكَ لِأَنَّ يَدَ الشَّرِيكِ تَصِيرُ عَلَى الْمَالِ وَقَدْ لَا تُرْضَى أَمَانَتُهُ وَيَضْمَنُ لِلتَّعَدِّي وَلَا عَاملا آخَرَ كَمَا لَا يَسْتَوْدِعُ الْوَدِيعَةَ عِنْدَ مَنْ لَكَ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ وَقَدْ يُؤْتَمَنُ الرَّجُلُ عَلَى الْقَلِيلِ دُونَ الْكَثِيرِ وَلَا يَبِيعُ أَحَدُهُمَا مِنَ الْآخَرِ بِمُحَابَاةٍ لِأَنَّهُ خِلَافَ مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَلَا يَبْضَعُ مَعَ غَيْرِهِ بِضَاعَةً وَيَضْمَنُ إِنْ فَعَلَ - وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مَعَ عَبْدٍ لَكَ اشْتَرَطَ مَعُونَتَهُ وَلَا يُوَجِّهُ مَعَ عَبْدِهِ بَعْضَ الْمَالِ لبلد ليتجر فِيهِ لِأَنَّك لم تأتمن عَبده وَلَا عَبدك وتضمن وَتَعْذُرُ فِي الْإِيدَاعِ فِي السَّفَرِ وَبِخَرَابِ الْمَنْزِلِ أَوْ كَوْنِهِ لَيْسَ حِرْزًا وَلَيْسَ عِنْدَهُ مَنْ يَثِقُ بِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَصْبَغُ لَا يَمْتَنِعُ اشْتِرَاطُ الْخَلْطِ بَلْ يُكْرَهُ وَلَا يُفْسَخُ وَلَمْ يَكْرَهْهُ أَشْهَبُ وَلَوْ رَبِحَ فِي أَحَدِهِمَا وَلَمْ يَتَعَيَّنْ فَلَا شَيْءَ لَهُ فِي الرِّبْحِ وَهُوَ بَيْنَ صَاحِبَيِ الْمَالَيْنِ لِأَنَّهُمَا بِيَدِ أَعْيَانٍ وَلَا يُمْكِنُهُ إِيدَاعُهَا لِعَدَمِ تَعَيُّنِ حَقِّهِ فِي أَي من وَجه لِخُصُومَتِهِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ سَحْنُونٌ وَإِنْ أَخَذَ مِنْ رَجُلٍ عَلَى النِّصْفِ وَمِنْ آخَرَ عَلَى الثُّلُثِ فَاشْتَرَى سِلْعَتَيْنِ صَفْقَتَيْنِ بِثَمَنَيْنِ

مُخْتَلِفَيْنِ فَكُلُّ مَالٍ عَلَى حِدَةٍ ثُمَّ أُشْكِلَتِ الرفيعة من أَي الْمَالَيْنِ هِيَ فادعاها صَاحِبُ الْمَالَيْنِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَمَا لَوِ اخْتلطت الودائع بِالنِّسْيَانِ فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ ويتفاسخان الْوَدِيعَة الْكَثِيرَة وَتبقى القليلة بِيَدِهِ وَكَذَلِكَ هَهُنَا وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا اشْتَرَى بِالْمَالَيْنِ جَارِيَتَيْنِ فَاخْتَلَطَتَا عَلَيْهِ ضَمِنَ قِيمَتَهُمَا إِلَّا أَنْ يَرْضَيَا بِالشّركَةِ فيهمَا فَإِن خسر لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ أَوْ رَبِحَا فَعَلَى شَرْطِهِ وَيَجْرِي الْخِلَافُ الَّذِي فِيمَنْ أَوْدَعَ مِائَةً فَادَّعَاهَا رَجُلَانِ وَلَمْ يَدْرِ الْمُودَعُ لِمَنْ هِيَ قِيلَ يَضْمَنُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةً وَقِيلَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَيُعْذَرُ بِالنِّسْيَانِ وَيَقْتَسِمَانِهَا بَيْنَهُمَا وَالَّذِي تَقْتَضِيهِ قَاعِدَةُ التَّدَاعِي إِذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا عشرَة وَللْآخر عشرُون فَاشْترى جارتين قِيمَةُ إِحْدَاهُمَا أَرْبَعُونَ وَالْأُخْرَى عِشْرُونَ وَأَمْكَنَ أَنْ تَكُونَ ذَاتُ الْأَرْبَعِينَ هِيَ الْمُشْتَرَاةُ بِعَشَرَةٍ وَالْمُشْتَرَاةُ بِعِشْرِينَ فَبِيعَتِ الْوَاحِدَةُ بِأَرْبَعِينَ فَادَّعَيَاهَا فَيَقُولُ صَاحِبُ الْعَشَرَةِ لِي رِبْحُ ثَلَاثِينَ لِكُلِّ وَاحِدٍ خَمْسَةَ عَشَرَ وَيَقُولُ الْآخَرُ لِي رِبْحُ عَشَرَةٍ وَلِلْعَامِلِ عَشَرَةٌ فَيُقَالُ لَهُ سَلَّمْتَ خَمْسَةً مِنَ الرِّبْحِ لِصَاحِبِ الْعَشَرَةِ لِأَنَّكَ لَا تَدَّعِي مِنَ الرِّبْحِ إِلَّا عَشَرَةً وَهُوَ يَدَّعِي خَمْسَةَ عَشَرَ تُقَسَّمُ بَيْنَكُمَا عَشَرَةٌ فَيَأْخُذُ صَاحِبُ الْعَشَرَةِ ثُلُثَ نِصْفِ الرِّبْحِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَكْسُ هَذَا وَقَالَ يَقْتَسِمَانِ عَلَى قَدْرِ رَأْسِ مَالَيْهِمَا وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا شَارَكَ فِيمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ لَمْ يَضْمَنُ قَالَ اللَّخْمِيُّ شَرِكَةُ الْعَامِلِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ يَجُوزُ إِذَا كَانَتْ فِي شِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ يَنْفَرِدُ بِشِرَائِهِ وَيَكُونُ عِنْدَهُ أَوْ يَلِيَانِ الشِّرَاءَ جَمِيعًا أَوْ يَكُونُ تَحْتَ أَيْدِيهِمَا فَإِنَّ نَظَرَ الْعَامِلِ يَغِيبُ وَيَمْتَنِعُ إِذَا كَانَ الْآخَرُ هُوَ مُتَوَلِّي الشِّرَاءِ أَوْ تَحْتَ يَدِهِ لِاسْتِقْلَالِ مَنْ لَمْ يُؤَمِّنْهُ بِالتَّصَرُّفِ وَالْحِفْظِ وَيَجُوزُ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ إِذَا انْفَرَدَ الْعَامِلُ بِالشِّرَاءِ

أَو اجْتمعَا وَيكون تَحْتَ يَدِهِ أَوْ يَدَيْهِمَا وَيَمْتَنِعُ إِذَا كَانَ الْآخَرُ هُوَ الْمُتَوَلِّي لِلشِّرَاءِ وَالدَّفْعِ وَيَخْتَلِفُ فِي الضَّمَان فَإِن انْفَرد الآخر بِالشِّرَاءِ وَالدَّفْع ضمن الخسارة الضّيَاع وَكَذَلِكَ إِذَا انْفَرَدَ بِالشِّرَاءِ وَكَانَتْ تَحْتَ يَدِكَ فَإِنْ وَلِيتَ الشِّرَاءَ وَجَعَلْتَ تَحْتَ يَدِ الْأَجْنَبِيِّ ضَمِنَ الضَّيَاعُ لِتَسْلِيمِهِ دُونَ الْخَسَارَةِ لِأَنَّ الشِّرَاءَ كَانَ بِنَظَرِكَ فَإِنْ كُنْتَ فَقِيرًا وَالْأَجْنَبِيُّ غَنِيٌّ عَالِمٌ بِأَنَّ الْمَالَ قِرَاضٌ لَا تَضْمَنُ خَسَارَةً وَلَا ضَيَاعًا كَمَنِ اشْتَرَى مِنْ غَاصِبٍ ثُمَّ بَاعَ ثمَّ اسْتحق لاضمان عَلَى الْمُشْتَرِي - وَفِيهِ خِلَافٌ وَإِذَا أَبْضَعَ مَعَ غَيْرِهِ فَخَسِرَ أَوْ ضَاعَ ضَمِنَ لِتَعَدِّيهِ فَإِنْ رَبِحَ وَالْبِضَاعَةُ بِأُجْرَةٍ فَلِلْأَجْنَبِيِّ أُجْرَةُ الْمِثْلِ مِنْ ذِمَّةِ الْعَامِلِ ثُمَّ إِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنَ الْجُزْءِ فَخَسَارَةُ مَا بَيْنَ ذَلِكَ عَلَى الْعَامِلِ أَوْ أَقَلُّ فَالْفَضْلُ لِرَبِّ الْمَالِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا جَعَلَ لِلْعَامِلِ لِيَعْمَلَ بِنَفْسِهِ فَلَمْ يَعْمَلْ فَإِنْ كَانَتِ الْبِضَاعَةُ عَلَى وَجْهِ الْمَعُونَةِ لِلْمُكَارَمَةِ لِلْعَامِلِ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَلِلْعَامِلِ الْأَقَلُّ مِنَ الْجُزْءِ أَوْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّ لَمْ يَتَطَوَّعْ بِعَمَلِهِ إِلَّا لِلْعَامِلِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ قِيلَ إِنْ وَهَبَ أَوْ حَابَى يَجُوزُ فِي نَصِيبِهِ وَيَتَفَاصَلَانِ فِي الْوَقْتِ إِذْ لَيْسَ لَهُ تَنْقِيصُ مَالِ الْقِرَاضِ وَإِذَا بَاعَ أَحَدُ الْعَامِلَيْنِ مِنْ صَاحِبِهِ بمحاباة والمالان لَك ان خسرا جَمِيعًا فَلَا مَقَالَ لَكَ وَإِنَّمَا تَقُومُ حُجَّتُكَ إِذَا خَسِرَ الْمُحَابِي لِأَنَّكَ تَقُولُ لَوْ كَانَ مَعَهُ الَّذِي حَابَى بِهِ لَمْ يَخْسَرْ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ لَا يُقَارِضُ إِلَّا بِإِذْنِكَ وَقَالَهُ (ش) لِأَنَّكَ لَمْ تَرْضَ أَمَانَةَ غَيْرِهِ وَجَوَّزَ لَهُ (ح) الْإِبْضَاعَ وَالْإِيدَاعَ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ التَّصَرُّفِ فِي المَال

الَّذِي فُوِّضَ إِلَيْهِ تَنْمِيَتُهُ وَحِفْظُهُ فَإِنْ أَخَذَهُ عَلَى النِّصْفِ فَتَعَدَّى فَدَفَعَهُ بِالثُّلُثَيْنِ ضَمِنَ وَرَبِحَ الثَّانِي بَيْنكُمَا نِصْفَانِ وَيَرْجِعُ الثَّانِي بِبَقِيَّةِ الثُّلُثَيْنِ عَلَى الْأَوَّلِ وَكَذَلِكَ الْمُسَاقَاةُ وَلَوْ خَسِرَ مَعَ الْأَوَّلِ النِّصْفَ ثُمَّ دَفَعَهُ لِلثَّانِي عَلَى شَرْطِهِ فَزَادَ الرِّبْحُ وَلَمْ يَعْلَمِ الثَّانِي بِذَلِكَ أَخَذْتَ رَأْسَ الْمَالِ وَنِصْفَ الزَّائِدِ وَأَخَذَ الثَّانِي مَا بَقِيَ وَيَرْجِعُ عَلَى الْأَوَّلِ بِتَمَامِ النِّصْفِ مِنَ الرِّبْحِ عَلَى النِّصْفِ الَّذِي أَخَذَهُ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَحْسِبُ رَبُّ الْمَالِ عَلَى الثَّانِي إِلَّا النِّصْفَ مَعَ رَأْسِ الْمَالِ فَيَأْخُذُهُ وَنِصْفُ الرِّبْحِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ الَّذِي أَخَذَهُ فَإِنْ أَتْلَفَ الْأَوَّلُ النِّصْفَ مُتَعَدِّيًا رَجَعَ عَلَيْهِ بِتمَام عشرَة ومئة إِذْ أَصْلُ الْمَالِ ثَمَانُونَ وَإِنْ هَلَكَ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ رَجَعَ بِتَمَامِ تِسْعِينَ عَشَرَةٍ بَقِيَّةُ رَأْسِ الْمَالِ وَعَشَرَةٍ حِصَّتُهُ مِنَ الرِّبْحِ وَلَا يَأْخُذُ ذَلِكَ مِنَ الثَّانِي فَيَظْلِمَهُ وَيُبْطِلَ عَمَلَهُ وَرُجُوعُهُ عَلَى الْأَوَّلِ لِتَعَدِّيهِ وَإِذَا أَمَرَ مَنْ يَقْتَضِي الدُّيُونَ بِغَيْرِ أَمْرِكَ ضَمِنَ مَا تَلِفَ بِيَدِ الْوَكِيلِ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا اشْتَرَطْتَ أَلَّا يَبِيعَ إِلَّا بِنَسِيئَةٍ فَبَاعَ بِنَقْدٍ لَا يَكُونُ هَذَا الْقِرَاضُ جَائِزًا لِأَنَّهُ شَرْطٌ عَلَى خِلَافِ الْعَقْدِ قَالَ غَيْرُهُ هُوَ مُتَعَدٍّ كَمَا لَوِ اشْتَرَطْتَ أَلَّا يَشْتَرِيَ إِلَّا صِنْفًا فَاشْتَرَى غَيْرَهُ ضَمِنَ وَالْفَضْلُ وَالْوَضِيعَةُ لَكَ وَعَلَيْكَ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ فِي الْوَضِيعَةِ وَلَهُ فِي الْفَضْلِ قِرَاضُ مِثْلِهِ لِأَنَّ أُجْرَةَ مِثْلِهِ قَدْ تَذْهَبُ بِالْفَضْلِ كُلِّهِ وَبِنِصْفِ رَأْسِ الْمَالِ وَهُوَ مُتَعَدٍّ فَيَكُونُ نَالَ بِتَعَدِّيهِ مَا طَلَبَ قَالَ التُّونِسِيُّ وَلَمْ يُجِبِ ابْنُ الْقَاسِمِ مَاذَا يَكُونُ إِذَا نَزَلَ وَعِنْده إِذا أَمر رجلا بِبيع

سلْعَة نَسِيئَة فَبَاعَ بِنَقْدٍ فَفَاتَتْ ضَمِنَ قِيمَتَهَا نَقْدًا فَإِنْ بَاعَهَا نَقْدًا بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا أَوْ قِيمَتِهَا لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّ مَا سُمِّيَ مِنَ الْأَجَلِ لَا عِبْرَةَ بِهِ وَمِنْ مَذْهَبِهِ فِي التَّحْجِيرِ فِي الْقِرَاضِ يُرَدُّ إِلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَلَمَّا أَمَرَهُ أَلَّا يَبِيعَ مَا اشْتَرَى إِلَّا بِنَسِيئَةٍ فَقَدْ أَذِنَ فِي الشِّرَاءِ فَهُوَ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فِيهِ فَلَهُ أُجْرَتُهُ فِي الشِّرَاءِ وَيُفْسَخُ الْقِرَاضُ فَإِنْ بَاعَ بِنَسِيئَةٍ فَلَا تَعَدٍّ فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَيُفْسَخُ وَيَقْتَضِي رَبُّ الْمَالِ الثَّمَنَ أَوْ ينْقد فَسَخَ إِنْ كَانَتْ قَائِمَةً فَإِنْ فَاتَتْ وَمَا بَاعَ بِهِ ثَمَنَهَا لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا وَلَا أُجْرَةَ لَهُ فِي بَيْعِهَا لِأَنَّكَ تَقُولُ أُغَرِّمُكَ قِيمَتَهَا يَوْمَ التَّعَدِّي فَلَا شَيْءَ عَلَيَّ مِنْ إِجَارَةِ الْبَيْعِ وَعَلَيْكَ أُجْرَةُ الشِّرَاءِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِذَا بَاعَ بِالنَّقْدِ خُيِّرْتَ بَيْنَ إِجَارَةِ الْبَيْعِ وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِي الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ وَبَيْنَ رَدِّهِ وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِي الشِّرَاءِ دُونَ الْبَيْعِ فَإِنْ فَاتَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي خُيِّرْتَ بَيْنَ تَضْمِينِهِ قِيمَتَهَا وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِي الشِّرَاءِ أَوْ تَأْخُذُ الثَّمَنَ وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِي الشِّرَاءِ أَوِ الْبَيْعِ هَذَا الَّذِي يَجْرِي عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا بَاعَ فَأَخَّرْتَ الْمُبْتَاعَ بِالثَّمَنِ جَازَ ذَلِكَ فِي حِصَّتِكَ فَإِنْ هَلَكَتْ وَقَدْ قَبَضَ حِصَّتَهُ لَمْ تَرْجِعْ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ تَجُوزُ هِبَتُكَ فِي حِصَّتِكَ فَرْعٌ - مَنَعَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ مَعَ الْقِرَاضِ شَرْطَ سَلَفٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ كِرَاءٍ أَوْ إِجَارَةٍ أَوْ قَضَاءِ حَاجَةٍ لِأَنَّهَا إِجَارَةٌ بِأُجْرَةٍ مَجْهُولَةٍ وَلَا يَشْتَرِطُ أَحَدُكُمَا لِنَفْسِهِ شَيْئًا خَالِصًا لِأَنَّهُ غَرَرٌ فَإِذَا نَزَلَ ذَلِكَ فَهُوَ أَجِيرٌ إِلَّا أَنْ يَسْقُطَ الشَّرْطُ قَبْلَ الْعَمَلِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ شُرُوطُ الْقِرَاضِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ مَا يُخْرِجُهُ عَنْ سَنَةِ

الْقِرَاضِ وَمَا لَا يُخْرِجُهُ وَهُوَ قِسْمَانِ مَا يجوز ابْتِدَاء من غير كَرَاهَة مثل أَن لَا يَشْتَرِيَ حَيَوَانًا وَلَا يَرْكَبُ الْبَحْرَ وَلَا يَخْرُجَ مِنَ الْبَلَدِ وَنَحْوِهِ وَمَا يُكْرَهُ ابْتِدَاءً فَإِنْ نَزَلَ مَضَى كَالتُّجَّارِ يَنْزِلُونَ بِمَكَانٍ فَيُعْطِي أَحَدُهُمُ الآخر المَال على أَن يَشْتَرِي وَيبِيع مِنْهُم وَنَحْوِهِ وَمَا يُفْسِدُهُ يُفْسَخُ بِهِ قَبْلَ الْعَقْدِ وَبَعْدَهُ وَيُرَدُّ إِلَى مُسَاقَاةِ الْمِثْل أَوْ قِرَاضِ الْمِثْلِ بِخِلَافِ الْمُسَاقَاةِ الَّتِي يُرَدُّ فِيهَا إِلَى مُسَاقَاة الْمثل لَا تفسخ بعد العقد وَحَيْثُ يفْسخ فَيَتَمَادَى فِي بَيْعِ عُرُوضِ الْقِرَاضِ حَتَّى يَنِضَّ الْمَالُ وَحَكَى عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ الصِّقِلِّيِّينَ لَا يُفْسَخُ مَا يُرَدُّ فِيهِ إِلَى قِرَاضِ الْمِثْلِ بَعْدَ الْعَمَلِ - كَالْمُسَاقَاةِ - يُرِيدُ إِذَا عَثَرَ عَلَيْهِ بَعْدَ الشَّغْلِ فِي السِّلَعِ لَا يَرُدُّهَا سلفا وَلَا يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهَا إِلَّا فِي سُوقِهَا وَلَا يُرِيدُ التَّمَادِيَ بَعْدَ نَضُوضِ الْمَالِ فَلَيْسَ حِينَئِذٍ خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ وَمُحَمَّدٍ الْمُتَقَدِّمِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُسَاقَاةَ لَهَا أَجَلٌ فَيُنْتَظَرُ وَإِنْ كَانَ أَعْوَامًا وَالْقِرَاضُ لَا أَجَلَ لَهُ بَلْ نَضُوضُ الْمَالِ فَإِذَا شَرَعَ اسْتَوَى قِرَاضُ الْمِثْلِ وَمُسَاقَاةُ الْمِثْلِ فِي التَّمَادِي إِلَى الْأَجَلِ الْمُعَيَّنِ اللَّائِقِ بِهِمَا وَفِي الْكِتَابِ إِذَا شَرَطْتَ أَنْ يُسَلِّفَكَ الْعَامِلُ فَهُوَ أَجْرُ الرِّبْحِ لِأَنَّهُ نَفْعٌ فَلَوِ اشْتَرَطْتَ إِخْرَاجَ مَالٍ مِنْ عِنْدِهِ يَعْمَلُ بِهِ مَعَ مَالِكَ امْتَنَعَ لِانْتِفَاعِكَ بِتَكْثِيرِ الْمَالِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَصْبَغُ إِلَّا أَنْ يقل حَتَّى لَا يقْصد بِهِ التكثر وَإِنْ وَقَعَ الْكَثِيرُ أَمْضَيْتَهُ عَلَى قِرَاضِهِمَا مَا لَمْ يُقْصَدْ تَكْثِيرُ الرِّبْحِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا شرطت عَلَيْهِ ضَمَانَ الْمَالِ - إِنْ هَلَكَ وَأَنَّهُ غَيْرُ مُصَدَّقٍ فِي دَعْوَى الْهَلَاكِ سَقَطَ الشَّرْطُ وَلَمْ يَضْمَنْ وَلَهُ قِرَاضُ الْمِثْلِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ مَالِكٌ الْأَقَلُّ مِنَ الْمُسَمَّى أَوْ مِنْ قِرَاضِ الْمِثْلِ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ يَمْتَنِعُ بَيْعُكَ عَبْدًا مِنَ الْقِرَاضِ بِغَيْرِ إِذَنِ الْعَامِلِ وَلَهُ رده

وَإِجَازَتُهُ لِأَنَّ الْعَمَلَ مُفَوَّضٌ إِلَيْهِ بِعَقْدٍ يُوجِبُ اسْتِحْقَاقَهُ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ فَلَا يُنْزَعُ التَّصَرُّفُ مِنْ يَدِهِ كَالْأَجِيرِ وَلَمْ يُوقِفْهُ (ح) عَلَى إِجَازَتِهِ كَالْوَكِيلِ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ يُكْرَهُ أَخْذُ الْقِرَاضِ على أَن لَا يَشْتَرِيَ بِهِ حَتَّى يَبْلُغَ ذَلِكَ الْبَلَدَ الْمُعَيَّنَ لِأَنَّهُ تَحْجِيرٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ جَوَازُهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مَقْصِدَ الْقِرَاضِ قَالَ اللَّخْمِيُّ سَفَرُ الْعَامِلِ وَمَنْعُهُ سِتَّةُ أَقْسَامٍ إِنْ لَمْ يُشْتَرَطِ الْمُقَامُ وَلَا السَّفَرُ فَلَهُ السَّفَرُ عِنْدَ مَالِكٍ لِأَنَّهُ شَأْنُ الْقِرَاضِ وَقَالَهُ (ح) وَمَنَعَ (ش) السَّفَرَ إِلَّا بِإِذْنِكَ لِلْغَرَرِ بِالْمَالِ فِي الْبَرَارِي وَالْبِحَارِ وَجَوَابُهُ الْإِذْنُ الْعَادِيُّ حَاصِلٌ فِي ذَلِكَ وَوَافَقَ ابْنُ حَبِيبٍ (ش) قَالَ وَالْحَقُّ أَنَّهُ إِنْ كَانَ شَأْنُهُ السَّفَرَ سَافَرَ أَوْ صَانِعًا أَوْ مُدِيرًا شَأْنُهُ الْإِقَامَةُ لَا يُسَافِرُ وَإِنْ حُجِرَ عَلَيْهِ فِي السَّفَرِ جَازَ وَقِيلَ يَمْتَنِعُ لِأَنَّ الْمَتْجَرَ قَدْ يَضِيقُ عَلَيْهِ كِلَاهُمَا لِمَالِكٍ فَإِنْ خَالَفَ فَهُوَ مُتَعَدٍّ ضَامِنٌ وَإِنْ أَبَاحَ لَهُ السَّفَرَ مُطْلَقًا أَوْ مَوْضِعًا مُعَيَّنًا أَوِ الْمَوَاضِعَ إِلَّا مَوْضِعًا مُعَيَّنًا جَازَ وَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ السَّفَرَ وَمَنَعَهُ مِنَ التَّجْرِ فِي الْبَلَدِ مَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَجَازَهُ أصبغ وعَلى أَصله يجوز ان يقارضه فِيمَا يدّخر يجوز لِأَنَّ تَأْخِيرَهُ كَالتَّأْخِيرِ عَنِ الْبَلَدِ وَلَوْ كَانَ شَأْنُهُ السَّفَرَ فَاشْتَرَى مَا يَجْلِسُ بِهِ لِلتِّجَارَةِ فَهُوَ مُتَعَدٍّ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ بَزَّازًا فَاشْتَرَى غير شَأْنه فرع - فِي الْكتاب يمْتَنع بَيْعه بِالنَّسِيئَةِ الا بإذنك خلافًا (ح) فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ لِأَنَّهُ الَّذِي غَرَّرَ بِالْمَالِ وان احتال بِالثّمن على مالىء أَوْ مُعْدَمٍ إِلَى أَجَلٍ ضَمِنَ قِيمَتَهُ

يَوْمَ الْبَيْعِ إِذَا تَلِفَ وَإِذَا بَاعَ بِالنَّقْدِ فَاحْتَالَ ضَمِنَ الثَّمَنَ بِعَيْنِهِ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ لَا يشْتَرط عَلَيْهِ أَن لَا يَشْتَرِيَ إِلَّا الْبَزَّ لِلتَّحْجِيرِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ وَقَالَهُ (ش) وَجَوَّزَهُ (ح) فِي النَّادِرِ كَالْوَكَالَةِ وَحَيْثُ جَازَ الشَّرْطُ فَلَا يَتَعَدَّاهُ وَلَا يَبِيعُ الْبَزَّ بِعَرْضٍ غَيْرِهِ لِئَلَّا يبْتَاع غير الْبَز وَله اشْتِرَاطُ ذَلِكَ بَعْدَ أَخْذِ الْمَالِ وَقَبْلَ تَحْرِيكِهِ فِي شَيْء وَلَك اشْتِرَاط ان لَا يَنْزِلَ وَاديا وَلًا يَسِيرَ لَيْلًا وَلَا فِي بَحر وَلَا يَشْتَرِي سلْعَة كَذَا فَإِن فعل ضمن فَإِن اشْتَرَطْتَ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ سِلْعَةً بَعْدَ الْعَقْدِ فَاشْتَرَاهَا ضَمِنَ وَلَكَ أَخْذُهَا لِلْقِرَاضِ لِأَنَّهُ شِرَاءٌ فُضُولِيّ تصح إِجَارَتُهُ وَلَكَ تَضْمِينُهُ الْمَالَ فَلَوْ بَاعَهَا فَالرِّبْحُ عَلَى شَرْطِكُمَا وَالْوَضِيعَةُ عَلَيْهِ خَاصَّةً لِلْمُخَالَفَةِ وَكَذَلِكَ ان سلف من المَال مَا اشْترى بهَا سلْعَة لنَفسِهِ ضمن الخسران للشراء لنَفسِهِ - وَالرِّبْحُ بَيْنَكُمَا لِلشِّرَاءِ بِمَالِ الْقِرَاضِ وَإِذَا اشْتَرَى الْمَنْهِيَّ عَنْهُ فَحَصَلَ فِيهِ وَضِيعَةٌ أَوْ تَجَرَ بِمَا تَعَدَّى فِيهِ فَخَسِرَ فَقَالَ غُرَمَاؤُهُ أَنْتَ أُسْوَتُنَا إِنْ ضَمِنْتَهُ فَأَنْتَ أَحَقُّ بِالْعَيْنِ مِنْهُمْ لِأَنَّهُ مَالُكَ وَإِنْ شِئْتَ أَنْ تُشْرِكَهُ فِي السِّلَعِ أَوْ تُسَلِّمَهَا أَوْ تُضَمِّنَهُ رَأْسَ الْمَالِ فَإِن اسلمتها كنت أُسْوَة بالغرماء وَإِنْ نَهَيْتَهُ عَنِ الْخُرُوجِ بِالْمَالِ مِنْ مِصْرٍ فَخَرَجَ بِهِ وَرَدَّهُ عَيْنًا قَبْلَ أَنْ يَتَّجِرَ فِيهِ فَتَجَرَ بِمِصْرٍ فَخَسِرَ أَوْ ضَاعَ لَمْ يضمن لرده قبل تحريطه كَرَادِّ الْوَدِيعَةِ بَعْدَ إِنْفَاقِهَا وَإِنْ هَلَكَتْ بَعْدَ تَجَهُّزِهِ لِلسَّفَرِ فَلَهُ الْخُرُوجُ لِحَقِّهِ فِي ذَلِكَ بِالْعَقْدِ فَإِنْ شَرَطْتَ لِلْعَمَلِ حَانُوتًا مُعَيَّنًا أَوْ سُوقًا أَوْ لَا يَشْتَرِي إِلَّا مِنْ فُلَانٍ أَوْ عَلَى أَنْ يَزْرَعَ امْتَنَعَ لِلْحَجْرِ وَهُوَ أَجِيرٌ وَالزَّرْعُ وَالرِّبْحُ وَالْخَسَارَةُ لَكَ وَعَلَيْكَ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ لَا يَشْتَرِي إِلَّا مِنْ فُلَانٍ وَهُوَ مُتَّسِعُ الْحَالِ يَجُوزُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا

قِيَاسًا عَلَى الصِّنْفِ الْمُتَّسِعِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ لَمْ يَشْغَلْ حَتَّى نَهَاهُ عَنِ التَّجْرِ فَاشْتَرَى مُتَعَدِّيًا ضَمِنَ الْمَالَ وَالرِّبْحَ لَهُ كَالْمُشْتَرِي بِوَدِيعَةِ سِلْعَةٍ بِخِلَافِ نَهْيِهِ عَنْ سِلْعَةٍ فَيَشْتَرِيَهَا لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِي حَرَكَةِ الْمَالِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَبِدَّ بِالرِّبْحِ بتعديه وَهَذَا مالم يُقِرَّ بِشِرَائِهَا لِلْقِرَاضِ وَإِلَّا فَالرِّبْحُ عَلَى الْقِرَاضِ وَلَا يُخْرِجُهُ ذَلِكَ مِنَ الضَّمَانِ وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ مِنَ السَّفَرِ بَعْدَ الشِّرَاءِ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِالسَّفَرِ قَالَ اللَّخْمِيُّ لَكَ نَهْيُهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ بَعْدَ شَغْلِ الْمَالِ فِيمَا لَا غَايَةَ لَهُ كَالْكِرَاءِ مُشَاهَرَةً وَاخْتُلِفَ إِذَا اشْتَرَطْتَ عَلَيْهِ أَنْ يزرع بِهِ فأجيز وَكره فَإِنْ زَرَعَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ جَازَ فَإِنْ خسر لِأَنَّهُ لم يتم أَوْ لِرُخْصِ السِّعْرِ لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ ظُلِمَ ظُلْمًا حَادِثًا لَمْ يَضْمَنْ أَوْ مُتَقَدِّمًا وَهُوَ عَالِمٌ بِهِ ضَمِنَ كَانَتِ الْخَسَارَةُ مِنَ الزَّرْعِ أَوِ الظُّلْمِ لِتَعَدِّيهِ فِي أَصْلِ فِعْلِهِ وَالثَّمَنُ فِي ذِمَّتِهِ فِي أَوَّلِ مَا زَرَعَ وَإِنْ عَمِلَ مُسَاقَاةً بِشَرْطٍ فَعَلَى الْخِلَافِ أَوْ بِغَيْرِ شَرْطٍ جَازَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الزَّرْعِ وَإِنْ أَخْذَهُ عَلَى أَنْ لَا يَتَّجِرَ إِلَّا فِي الْبَزِّ فَتَجَرَ فِي غَيْرِهِ فَخَسِرَ ضَمِنَ أَوْ رَبِحَ فَعَلَى الْقِرَاضِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الرِّبْحُ بِتَعَدِّيهِ وَالْقِيَاس أَنَّ لَهُ الْأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ الْمُسَمَّى أَوْ قِرَاضُ الْمِثْلِ أَوْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ قَالَ التُّونِسِيُّ إِنْ تَعَدَّى فَأَسْلَمَ فِي طَعَامٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَغْرَمُ رَأْسَ الْمَالِ وَيَنْتَظِرُ بِالطَّعَامِ حَتَّى يَقْبِضَ فَإِنْ كَانَ فِيهِ رِبْحٌ اقْتَسَمَاهُ وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ إِذَا قَامَ غُرَمَاؤُكَ بَعْدَ خُرُوجِهِ بِالْمَالِ وَأَمْكَنَ بَيْعُ السِّلَعِ بِيعَتْ وَأَخذه الْغُرَمَاء وَأما غرماؤك فَلَا شَيْءَ لَهُمْ إِلَّا بَعْدَ وُصُولِ الْمَالِ إِلَيْكَ لِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِهِ قَبْلَ ذَلِكَ قَالَ وَالْأَشْبَهُ أَلَّا يَكُونَ ذَلِكَ أَيْضًا لِغُرَمَائِكَ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ وَيمْتَنع أَن

يشْتَرط عَلَيْهِ شِرَاءَ حَيَوَانٍ لِلنَّسْلِ أَوْ لِلْغَلَّةِ أَوْ يَشْتَرِيَ بِدَيْنٍ لِلتَّحْجِيرِ وَمَا تَسَلَّفَ أَوِ اشْتَرَاهُ بِدَيْنٍ بِأَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ مَالِ الْقِرَاضِ فَرِبْحُهُ لَهُ دُونَكَ لِأَنَّهُ ضَمِنَ الْأَصْلَ وَلَوِ اشْتَرَى ظُهْرًا فَأَكَرَاهُ ضَمَّنَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ لَمْ يشْتَرط عَلَيْهِ غرم ذَلِكَ بِخِلَافِ أَنْ يَزْرَعَ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْقِرَاضَ لَا يُقْصَدُ لِذَلِكَ قَالَ مَعَ أَنَّ هَذَا الْفَرْقَ يُشَارِكُهُ الزَّرْعَ فِيهِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِذَا أَخَذَ الْمَالَ لِيَشْتَرِيَ بِهِ سِلْعَةً أَي أَخذه قبل شراها وَلَمْ يُسَمِّهَا لَكَ وَلَا بَائِعَهَا بَلْ قَالَ وَجَدْتُ سِلْعَةً رَخِيصَةً فَأَعْطَى ثَمَنَهَا جَازَ وَقَدْ فَعَلَهُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَإِنْ قُلْتَ اشْتَرِ لِي سِلْعَةَ فُلَانٍ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ قِرَاضٌ عَلَى أَنْ لَا يَشْتَرِيَ إِلَّا سِلْعَةً مُعَيَّنَةً فَإِنْ نَزَلَ غَرِمَ مِثْلَ الْمَالِ الَّذِي قَبَضَ وَالسِّلْعَةُ لَهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي هَذَا الْقِرَاضِ أَجِيرًا وَقَالَهُ مُحَمَّدٌ وَإِنَّمَا يَغْرَمُ مِثْلَ مَا قَبَضَ إِذَا اشْتَرَى وَلَمْ يَنْقُدْ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ لَا يَشْتَرِي بِأَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِيُضَمَّنَ مَا زَادَ دَيْنًا فِي الْقِرَاضِ لِأَنَّ سُنَّةَ الْقِرَاضِ أَلَّا يَشْتَرِيَ عَلَيْهِ بِالدَّيْنِ فَالرِّبْحُ حِينَئِذٍ لَكَ وَإِنِ اشْتَرَى بِأَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَنَقَدَ فَهُوَ شَرِيكٌ بِمَا زَادَ لِأَنَّهُ ضَمُّ قِرَاضٍ إِلَى قِرَاضٍ وَإِن كَانَ الزَّائِد دَيْنًا عَلَيْهِ لَا عَلَى الْقِرَاضِ قُوِّمَ بِالنَّقْدِ وَشَارَكَ بِالْقِيمَةِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ قَوْلُهُ إِذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ أَلْفًا فَاشْتَرَى بِأَلْفَيْنِ يَكُونُ شَرِيكًا قَالَ ابْنُ لُبَابَةَ مَعْنَاهُ اشْتَرَى بِالزَّائِدِ لنَفسِهِ وَلَو اشْترى للقراض خيرت كَمَا قَالَهُ فِي الْكِتَابِ وَقَالَ فَضْلٌ بَلْ لَوِ اشْتَرَى لِلْقِرَاضِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ شَرِيكًا إِنْ لرب المَال

الدَّفْعَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَإِذَا اشْتَرَى بِدَيْنٍ عَلَى الْقِرَاضِ قَالَ مُحَمَّدٌ يَكُونُ رِبْحُ السِّلْعَةِ الَّتِي اشْتُرِيَتْ بِذَلِكَ خَاصَّةً وَخَسَارَتُهَا لَهُ وَعَلَيْهِ لِضَمَانِهِ قِيمَتَهَا وَيَمْتَنِعُ أَنْ يَبْتَاعَ زَائِدًا وَيَطْلُبَ مِنْكَ الثَّمَنَ عَلَى الْقِرَاضِ لِتَعَلُّقِ ثَمَنِهَا بِذِمَّتِهِ عِنْدَ الشِّرَاءِ وَيَمْتَنِعُ أَنْ يَشْتَرِيَ حَتَّى يَبِيعَ وَيُوَفِّيَهُ لِأَنَّهُ دَيْنٌ عَلَى الْقِرَاضِ قَالَ مُحَمَّدٌ يمْتَنع الشِّرَاء بِالدّينِ على الْقَرَاض وَالسَّلَف عَليّ أَذِنْتَ فِيهِ أَمْ لَا لِأَنَّكَ تَأْخُذُ رِبْحَ مَا ضَمِنَهُ فِي ذِمَّتِهِ لَا رِبْحَ مَالِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَوِ اشْتَرَى بِمَالِ الْقِرَاضِ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ وَاسْتَلَفَ مَا نَقَدَ مِنْكَ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَنَقَدَ ثُمَّ بَاعَهَا وَاشْتَرَى بِمَال الْقَرَاض فَرَبِحَ السِّلْعَتَيْنِ وَخَسَارَتَهُمَا أَوْ إِحْدَاهُمَا فِي الْقِرَاضِ وَيَجْبُرُ خَسَارَةَ إِحْدَاهُمَا بِالرِّبْحِ فِي الْأُخْرَى لِأَنَّهُ كَانَ يُمْكِنُهُ نَقْدُهُ عَاجِلًا وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا اشْتَرَى قِرَاضًا دَيْنًا عَلَيْهِ قُوِّمَتِ السِّلْعَةُ الْمُشْتَرَاةُ بِذَلِكَ الزَّائِدِ وَأَنْكَرَهُ سَحْنُونٌ بَلْ يَقُومُ الزَّائِدُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْكِتَابِ لِأَنَّهُ الَّذِي حَصَلَتْ بِهِ الشَّرِكَةُ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ لَمْ يَكُنْ مُدِيرًا فَكَمَا تَقَدَّمَ فِي التَّدَايُنِ عَلَى الْقِرَاضِ والاجاز عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ بِمَا لَيْسَ مَعَهُ عَلَى النَّقْدِ لِيَدْفَعَ مِنَ الْقِرَاضِ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَغْنِي عَنْ ذَلِكَ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا عَجَزَ بَعْضُ الثَّمَنِ فَأَخَذَ مِنْ رَجُلٍ قِرَاضًا فَنَقَدَهُ بِهَا لَمْ أُحِبَّ ذَلِكَ لِئَلَّا يَكُونَ قَدِ اسْتَغْلَاهَا وَإِنْ سَأَلَكَ أَنْ تَنْقُدَ عَنْهُ ثَمَنَ سِلْعَةٍ وَيَكُونَ قِرَاضًا بَيْنَكُمَا امْتَنَعَ لِأَنَّهُ سَلَفٌ لِلنَّفْعِ وَلَكَ مَالُكَ وَالرِّبْحُ وَالْخَسَارَةُ لَهُ وَعَلَيْهِ لِفَسَادِ الْعَقْدِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ لَمْ يَكُنِ اسْتَغْلَاهَا إِذَا عَجَزَ بَعْضُ الثَّمَنِ أَجَزْتُهُ وَأَكْرَهُهُ ابْتِدَاءً قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنِ انْكَشَفَ أَنَّهُ اسْتَغْلَاهَا رَجَعَ عَلَيْهِ

بِالزِّيَادَةِ عَلَى قِيمَتِهَا يَوْمَ الشِّرَاءِ دُونَ يَوْمِ الْبَيْعِ قَالَ مُحَمَّدٌ لَوْ كَانَ أَخَذَ مَالَكَ لينقده فِي سلْعَته عَلَى أَنَّهَا قِرَاضٌ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْجِبَهَا وَتَجَرَ عَلَيْهِ ضَمَانهَا وان لم يُسَمِّهَا جَازَ كَأَصْلِ الْقِرَاضِ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا قُيِّمَ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ فَحَطَّ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ أَقَلَّ أَوِ اشْتَرَى مِنْ وَالِدِهِ فَمَا كَانَ نَظَرًا بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ جَازَ وَلَوِ اشْتَرَى بِجَمِيعِ الْمَالِ عَبْدًا فَرَدَّهُ بِعَيْبٍ فَرَضِيتَهُ مَنَعْتُ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي جَبْرِ الْخَسَارَةِ بِفَضْلِهِ إِلَّا أَنْ يَقُولَ أَنْتَ إِنْ لَمْ تَرْضَ اَتْرُكُ الْقِرَاضَ وَلَوْ رَضِيَ هُوَ بِالْعَيْبِ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ جَازَ لِتَفْوِيضِ الْأَمْرِ إِلَيْهِ دُونَكَ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا نَقَدَ الثَّمَنَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ فَجَحَدَهُ الْبَائِعُ ضَمِنَ وَكَذَلِكَ الْوَكِيلُ فَلَو علمت قَبضه للثّمن بِإِقْرَارِهِ فلك تغريمها لِتَعَدِّيهِمَا إِلَّا أَنْ يَدْفَعَا الْمَالَ بِحَضْرَتِكَ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ بِرِضَاكَ فَلَا تَعَدِّي قَالَ ابْنُ يُونُسَ قِيلَ إِنْ دَفَعَ الثَّمَنَ قَبْلَ قَبْضِ السِّلْعَةِ غَرِمَ قِيمَتَهَا لِتَفْرِيطِهِ فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَوْ قَتَلَ عَبْدًا مِنَ الْقِرَاضِ عَبْدٌ لِرَجُل فَاخْتَلَفْتُمَا فِي الْقِصَاصِ وَالْعَفْو عَلَى مَالٍ قُدِّمَ الْعَافِي وَجُعِلَ الْمَأْخُوذُ قِرَاضًا مَوضِع العَبْد لِأَنَّهُ أقرب لوضع الْقَرَاض وَقَالَ (ش) ان لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ رِبْحٌ قَبْلَ الْقَتْلِ فَلَكَ الْقِصَاصُ لِعَدَمِ حَقِّ الْعَامِلِ وَإِنْ عَفَوْتَ عَلَى مَالٍ فَهُوَ مَوْضِعُهُ لِلْقِرَاضِ

وَإِلَّا فَلَيْسَ لَكَ الْقِصَاصُ إِلَّا بِرِضَاهُ وَلَوْ قَتَلَهُ سَيِّدُهُ فَقِيمَتُهُ فِي الْقِرَاضِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا كَانَ بَعْضُ الْمَالِ وَاتَّفَقَا عَلَى الْقِصَاصِ جَازَ وَلَا يُحَطُّ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَالَّذِي يَهْلِكُ مِنْهُ وَإِنْ طَلَبْتَ الْقِصَاصَ وَالْمَقْتُولُ جَمِيعُ الْمَالِ وَلَا فَضْلَ فِيهِ وَقَالَ سَيِّدُ الْقَاتِلِ أفتدي أَو أسلم قدمت لِأَنَّك مَالِكٌ وَلَا حَقَّ لِلْعَامِلِ حِينَئِذٍ وَإِنْ كَانَ فِي الْمَقْتُولِ فَضْلٌ وَقَالَ سَيِّدُ الْقَاتِلِ أَفْتَدِي أَوْ فِي الْقَاتِلِ فَضْلٌ وَقَالَ أُسَلِّمُهُ قُدِّمَ الْعَامِلُ فِي عَدَمِ الْقَتْلِ لِحَقِّهِ فِي الْمَالِ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْعَامِلِ فِي الْقِصَاصِ - كَانَ فِيهِ فَضْلٌ أَمْ لَا لِاخْتِصَاصِ تَصَرُّفِهِ بِتَنْمِيَةِ الْمَالِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ قَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ لَكَ الْقِصَاصُ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْعَبْدِ فَضْلٌ قَالَ ابْنُ سَلَمَةَ كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ لَكَ وَالْعَامِلُ يَتَوَقَّعُ ارْتِفَاعَ سُوقِهِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ تَأَمَّلْ قَوْلَهُ فِي الْكِتَابِ وَهَذَا فِي الْقَتْلِ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْجِرَاحَ بِخِلَافِهِ قَالُوا لِأَن فِي الْقَتْل مفاصلة وَفِي الْجِرَاحِ يَبْقَى الْعَبْدُ بِيَدِ الْعَامِلِ فَيَكُونُ الْقِصَاصُ تَنْقِيصًا لِرَأْسِ الْمَالِ وَيَجْبُرُهُ الْعَامِلُ بِالرِّبْحِ فَرْعٌ - قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا تَجَرَ فِي الْقِرَاضِ لِنَفْسِهِ ضَمِنَ الْخَسَارَةَ وَالتَّلَفَ لِتَعَدِّيهِ وَالرِّبْحُ عَلَى الْقِرَاضِ إِنْ كَانَ التَّجْرُ فِي وَقْتِ الْإِذْنِ لِأَنَّ تَعَدِّيهِ لَا يَمْلِكُ الرِّبْحَ وَإِلَّا فَلَهُ لِتَمَحُّضِ الْغَصْبِ وَإِنْ أَخَذَهُ لِيَعْمَلَ بِهِ فِي الْبَلَدِ فِي صِنْفٍ بِعَيْنِهِ وَأَمْكَنَهُ الْعَمَلُ فِيهِ فَاشْترى غَيره فَالرِّبْح على الْقَرَاض وَالْقِيَاس عَلَى الْأَقَلِّ مِنَ الْمُسَمَّى أَوْ قِرَاضِ الْمِثْلِ نظرا للْعقد ولكونه عمل على غير المسأجر عَلَيْهِ وَإِنْ تَجَرَ لِنَفْسِهِ حِينَ تَعَذَّرَ التَّجْرُ فِي ذَلِكَ الصِّنْفِ فَالرِّبْحُ لَهُ لِانْتِفَاءِ الْإِذْنِ بالتعذر

وَإِنْ تَجَرَ فِي ذَلِكَ الصِّنْفِ وَبَاعَهُ وَاشْتَرَى غَيْرَهُ وَكَانَ أَخْذُهُ لِلْمَالِ عَلَى وَجْبَةٍ وَاحِدَةٍ وَربح فالصفقة الثَّانِيَة لَهُ إِلَّا أَن يحسبه عَنْكَ فَيَكُونَ لَهُ كَالْغَصْبِ وَإِنْ أَخَذَهُ لِيَشْتَرِيَ بِهِ مِنَ الْبَلَدِ الَّذِي يَخْرُجُ إِلَيْهِ فَاشْتَرَى قَبْلَ خُرُوجِهِ وَبَاعَهُ هُنَاكَ فَالرِّبْحُ وَالْوَضِيعَةُ لَهُ وَعَلَيْهِ لِانْتِفَاءِ الْإِذْنِ مِنَ الشِّرَاءِ وَإِنْ قَارَضْتَهُ لِيَشْتَرِيَ عَبْدَ فُلَانٍ فَسَدَ الْعَقْدُ فَإِنِ اشْتَرَى غَيره لنَفسِهِ بَعْدَ امْتِنَاعِ سَيِّدِ الْعَبْدِ مِنْ بَيْعِهِ فَالرِّبْحُ لَهُ لِانْتِفَاءِ الْإِذْنِ وَالتَّمَكُّنِ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ طَلَبِهِ وَيَعْلَمُ أَنَّهُ يَبِيعُهُ فَالرِّبْحُ لِلْقِرَاضِ لِأَنَّهُ لَا يَأْخُذُ الرِّبْحَ بِتَعَدِّيهِ مَعَ إِمْكَانِ الْمَأْذُونِ فِيهِ فَرْعٌ - قَالَ اللَّخْمِيُّ يَمْتَنِعُ بَيْعُ أَحَدِكُمَا عرض الْقَرَاض قبل أَو ان يَبِيعهُ وَيُرَدَّ لِأَنَّهُ مُنَاقِضٌ لِمَقْصُودِ الْقِرَاضِ فَإِنْ فَاتَ بِهِ الْمُشْتَرِي مَضَى بِالثَّمَنِ قَالَ وَالْقِيَاسُ أَنْ يُغَرِّمَكَ الْعَامِلُ مَا يَتَوَقَّعُهُ مِنَ الرِّبْحِ إِنْ بِعْتَ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا اشْتَرَى مَنْ يُعْتِقُ عَلَيْهِ عَالِمًا بِذَلِكَ مَلِيئًا عَتَقَ عَلَيْهِ وَغَرِمَ رَأْسَ الْمَالِ لَكَ وَحِصَّتَكَ مِنَ الرِّبْحِ لِأَن بِعِلْمِهِ دخل على الْتِزَام المَال ولملئه يُنَفِّذُ عِتْقَ قَرِيبِهِ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ وَفِيهِ فَضْلٌ فَكَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ بَعْضَهُ بِحِصَّتِهِ مِنَ الرِّبْحِ فَيَكْمُلُ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَضْلٌ لَمْ يُعْتَقْ وَبِيعَ أَوْ فِيهِ فَضْلٌ وَلَا مَالَ لِلْعَامِلِ عَتَقَ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ لِمِلْكِهِ إِيَّاهَا وَبِيعَ الْبَاقِي إِذْ لَا تَكْمِيلَ عَلَى مُعْسِرٍ عَلِمَ أَمْ لَا وَإِنِ اشْتَرَى أَبَاكَ وَلَمْ يَعْلَمْ عَتَقَ عَلَيْكَ لِدُخُولِهِ فِي مِلْكِكَ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مُحَرَّمٍ عَتَقَ عَلَيْهِ - وَلَكَ وَلَاؤُهُ وَتَغْرَمُ حِصَّته

مِنَ الرِّبْحِ إِنْ كَانَتْ وَإِنْ عَلِمَ وَهُوَ مَلِيءٌ عَتَقَ عَلَيْهِ لِضَمَانِهِ بِالتَّعَدِّي عَلَى إِفْسَادِ الْمَالِ بِإِدْخَالِ قَرِيبِكَ فِي مِلْكِكَ وَالْوَلَاءُ لَكَ لِعِتْقِهِ عَلَى مِلْكِكَ وَيَغْرَمُ لَكَ ثَمَنَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ بِيعَ مِنْهُ بِقَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ وَحِصَّتُكَ مِنَ الرِّبْحِ صَوْنًا لِمَالِكَ عَنْ إِفْسَادِ الْعَامِلِ لَهُ إِذْ لَا غُرْمَ عَلَيْهِ لِعُسْرِهِ وَعَتَقَ عَلَيْهِ قَدْرَ حِصَّتِهِ لِأَنَّهُ مَلِيءٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُعْتِقُ عَلَيْهِ قَرِيبُهُ إِذَا كَانَ مَلِيئًا عَلِمَ أَمْ لَا كَانَ فِيهِ فَضْلٌ أَمْ لَا لِقِيَامِ الشُّبْهَةِ فَقَدْ يَكُونُ عَلِمَ بِذَلِكَ فَكَتَمَهُ فَيُتَّهَمُ فِي بَيْعِ قيمَة ولائه لِأَنَّهُ لَوْ وَطِئَ أَمَةً مِنَ الْقِرَاضِ فَحَمَلَتْ مِنْهُ فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ فِي الْقِرَاضِ فَضَلَ أَمْ لَا وَابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَعْتَبِرُ هَذِهِ الشُّبْهَةَ وَالْفرق أَن الْعتْق احسان فَلَا يتشاحح فِيهِ وَالْوَطْءُ انْتِفَاعٌ فَتُشُوحِحَ فِيهِ كَمَا أَنَّ نَفَقَةَ الْقَرِيبِ لَا تَجِبُ مَعَ الْإِعْسَارِ بِخِلَافِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ مَعْرُوفٌ وَالثَّانِي مُعَاوَضَةٌ وَلَوْ كَانَ مُعْسِرًا وَفِيهِ فَضْلٌ وَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يَشْتَرِي بَعْضَهُ إِلَّا بِبَخْسٍ عَنْ قِيمَةِ الْجُمْلَةِ لِدُخُولِ الْعِتْقِ فِيهِ بِيعَ كُلُّهُ وَأَخَذْتَ نَصِيبَكَ وَجَعَلْتَ نَصِيبَهُ فِي رَقَبَةٍ أَوْ يُعَيَّنُ بِهَا كَمَنْ أَعْتَقَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَفِي الْعَبْدِ فَضْلٌ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا اشْتَرَى أَبَاكَ عَالِمًا وَهُوَ مُعْسِرٌ وَفِيهِ فَضْلٌ عَتَقَ الْجَمِيعَ وَاتَّبَعَ فِي ذِمَّتِهِ لِأَنَّهُ عِتْقٌ بِالْعَقْدِ فَإِنْ تَنَازَعْتُمَا بَعْدَ الشِّرَاءِ صُدِّقَ الْعَامِلُ لِأَنَّهُ غَارِمٌ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ قِيلَ إِذَا اشْتَرَى أَبَا نَفْسِهِ وَهُوَ عَالِمٌ أَمْ لَا وَفِيهِ فَضْلٌ خَمْسُونَ وَلَا مَالَ لَهُ فَيُبَاعُ لِرَبِّ الْمَالِ بِقَدْرِ رَأْسِ مَالِهِ وَيَبْقَى نِصْفُ مَا بَقِيَ مَمْلُوكًا لِرَبِّ الْمَالِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ عَلَى الْعَامِلِ كشخص فِي عَبْدٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مُعْسِرًا قَالَ اللَّخْمِيُّ وَعَنْ أَشْهَبَ إِذَا اشْتَرَى أَبَا نَفْسِهِ مُعْسِرًا غَيْرَ عَالِمٍ وَلَا فَضْلَ فِيهِ عَتَقَ وَعِتْقُهُ إِذَا كَانَ فِيهِ فَضْلٌ وَهُوَ مُوسِرٌ غَيْرُ عَالِمٍ بِالْقِيمَةِ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ أَوْ أَقَلَّ لِأَنَّ مُصِيبَتَهُ مِنْ صَاحِبِ الْمَالِ فَلَهُ رِبْحُهُ

وَعَلَيْهِ وَضِيعَتُهُ وَالْقِيمَةُ فِي جَمِيعِهِ يَوْمَ الْحُكْمِ وَلَا يَعْتَبِرُ قِيمَةَ نَصِيبِ الْوَلَدِ مِنَ الرِّبْحِ يَوْمَ شِرَائِهِ وَيَكُونُ الِاسْتِكْمَالُ لِصَاحِبِ الْمَالِ يَوْمَ الْحُكْمِ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى تَبْدِئَةِ الْعَامِلِ عَلَيْكَ قَبْلَ وُصُولِ مَالِكَ إِلَيْكَ وَقَدْ يَهْلِكُ الْعَبْدُ قَبْلَ التَّقْوِيمِ فَلَوِ اعْتَبَرْتَ الْقِيمَةَ فِي نَصِيبِ الْعَامِلِ أُخِذَ رِبْحًا وَلَمْ يَصِلْ إِلَيْكَ وَكَذَلِكَ إِنْ لَمْ يَهْلِكْ وَتَغَيَّرَ سُوقُهُ بِنَقْصٍ لَمْ يَقِفِ الْعَامِلُ عَلَى جُزْئِهِ مِنَ الرِّبْحِ يَوْمَ الشِّرَاءِ فَقَدْ يَكُونُ الْبَاقِي كَفَافَ رَأْسِ الْمَالِ فَيكون أَخذ ربحا دُونك وان اشْترى غير عَالم فَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ مِنَ الثَّمَنِ أَوِ الْقِيمَةِ يَوْمَ يُقَام عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِالشِّرَاءِ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ وَلَدُهُ وَجَهِلَ الْحُكْمَ وَظَنَّ جَوَازَ مِلْكِهِ عَتَقَ بِالْقِيمَةِ وَهَلَاكُهُ قَبْلَ النَّظَرِ فِيهِ مِنْ صَاحِبِ الْمَالِ إِلَّا قَدْرَ مَا يَنُوبُ الْعَامِلَ مِنَ الرِّبْحِ فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا وَفِي الْمَالِ فَضْلٌ بِيعَ بِقَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ وَنَصِيبِهِ مِنَ الرِّبْحِ وَعَتَقَ الْفَاضِلُ عَلَيْهِ تمهيد - مَذْهَبنَا هَهُنَا مَبْنِيّ على خمس قَوَاعِد أَحدهَا ان من مَلَكَ أُصُولَهُ أَوْ فُصُولَهُ عَتَقُوا عَلَيْهِ وَفِي غَيْرِهِمْ خِلَافٌ وَثَانِيهَا أَنَّ الْعِلْمَ بِأَنَّ مُشَتَرَاهُ قَرِيبُهُ يَقْتَضِي ظَاهِرَ حَالِهِ أَنَّهُ الْتَزَمَ ثَمَنَهُ برا بِهِ وَإِلَّا فَالطِّبَاعُ تَمِيلُ إِلَى امْتِهَانِ الْأَجَانِبِ بِالْمِلْكِ دُونَ الْأَقَارِبِ فَمُخَالَفَةُ الطَّبْعِ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَثَالِثهَا ان الملئ إِذَا أَعْتَقَ شِقْصًا بِالْإِنْشَاءِ أَوْ عَتَقَ عَلَيْهِ بِالْمِلْكِ كَمُلَ عَلَيْهِ لِلْحَدِيثِ وَرَابِعُهَا أَنَّ كُلَّ مَا يَشْتَرِيهِ يَقَعُ عَلَى مِلْكِكَ صَلَحَ لِلتَّنْمِيَةِ أَمْ لَا لِظَاهِرِ التَّفْوِيضِ إِلَيْهِ وَخَامِسُهَا أَنَّ التَّسَبُّبَ فِي الْإِتْلَافِ يُوجِبُ الضَّمَانَ فَإِذَا تَسَبَّبَ بِإِدْخَالِ قَرِيبِكَ فِي مِلْكِكَ ضَمِنَ وَمَعْنَى قَوْلِ الْأَصْحَابِ عَتَقَ عَلَى الْعَامِلِ مَعْنَاهُ الْغُرْمُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَالْعِتْقُ عَلَيْكَ وَقَالَ (ش) إِذَا اشْتَرَى مَنْ يُعْتِقُ عَلَيْكَ بِعَيْنِ مَالِ الْقِرَاضِ بَطَلَ الشِّرَاءُ أَوْ فِي الذِّمَّةِ صَحَّ وَلَا يُعْتَقُ لِأَنَّهُ عَلَى مِلْكِهِ فَإِنْ دَفَعَ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ ضُمِّنَهُ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْقِرَاضِ التَّنْمِيَةُ فَلَا يُقْبَلُ مَا يُبْطِلُهَا وَإِنِ اشْتَرَى مَنْ

يُعْتِقُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ فَالشِّرَاءُ مَاضٍ لِلْقِرَاضِ لِعَدَمِ التَّعَدِّي عَلَيْكَ أَوْ فِيهِ رِبْحٌ وَقُلْنَا لَا يَمْلِكُ بِالظُّهُورِ صَحَّ أَيْضًا وَلَوْ قُلْنَا يَمْلِكُ لَمْ يَصِحَّ الشِّرَاءُ لِمُنَاقَضَةِ مَقْصُودِ الْقِرَاضِ فَهَذَا تَفْرِيعُ (ش) وَقَوَاعِدُهُ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا وَطِئَ الْعَامِلُ أَمَةً مِنَ الْمَالِ فَحَمَلَتْ وَلَهُ مَالٌ ضَمِنَ قِيمَتَهَا وَجَبَرَ بِهَا رَأْسَ الْمَالِ لِلشُّبْهَةِ فِي الْمَالِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ قِيلَ مَعْنَاهُ اشْتَرَاهَا لِلْقِرَاضِ وَتَعَدَّى فِي الْوَطْءِ وَقِيلَ لَا فَرْقَ وَتَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ إِنْ كَانَ مُوسِرًا وَإِلَّا بِيعَتْ وَاتَّبَعَ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي ثَمَنِهَا فَضْلٌ عَنْ قِيمَتِهَا وَهَذَا أَصْلٌ لمَالِك وَقَول ابْن الْقَاسِم ضَعِيف عِنْدهم قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ مِنْ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْوَطْءِ أَوْ يَوْمَ الْحَمْلِ أَوِ الثّمن لِأَنَّهُ رَضِي بِالثّمن وَالْحمل وَالْوَطْء سَبَب إِتْلَافٍ فَلَهُ اعْتِبَارُ أَيِّهِمَا شَاءَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ اتَّبَعَ بِقِيمَتِهَا يَوْمَ الْوَطْءِ وَلَا يَقْبَلُ قَوْلَهُ فِي عَدَمِهِ أَنَّهُ إِنَّمَا اشْتَرَاهَا لِلْقِرَاضِ لِاتِّهَامِهِ فِي الْإِقْرَارِ بِبَيْعِ أُمِّ وَلَدِهِ وَبِدَفْعِ الدَّيْنِ عَنْ ذِمَّتِهِ فَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ بِيعَتْ فِي عَدَمِهِ وَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ - وَهُوَ عَدِيمٌ بِيعَتْ فِيمَا يَلْزَمُهُ مِنَ الْقِيمَةِ وَعَنْ مَالِكٍ إِنْ حَمَلَتْ وَهُوَ عَدِيمٌ وَلَا رِبْحَ فِيهَا تُبَاعُ إِذَا وُضِعَتْ فِيمَا يَلْزَمُهُ مِنَ الدَّيْنِ لِأَنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعِتْقِ وَيَتَّبَعُ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ يَوْمَ وَضَعَتْهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ فَضْلٌ فَيُبَاعَ مِنْهَا بِقَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ وَقَدْرِ حِصَّةِ ربه من الرِّبْح وَالْبَاقِي ام وَلَده قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنِ اسْتَلَفَ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ ثَمَنَ الْأَمَةِ فَحَمَلَتْ

أُخِذَ مِنْهُ الثَّمَنُ فِي عَدَمِهِ وَمِلَائِهِ لِأَنَّهُ دَيْنٌ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ سَوَاءٌ وَطِئَهَا مِنَ الْقِرَاضِ أَوِ اشْتَرَاهَا لِنَفْسِهِ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ فَتَحْمَلُ فَإِنَّهُ يَرُدُّ الْأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهَا أَوْ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْوَطْءِ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِي تسلف ذَلِك وَلنَا مُلَاحَظَةُ تَقْدِيرِهَا فِي الْقِرَاضِ إِلَّا إِنْ كَانَ فِيهَا فَضْلٌ عَنِ الثَّمَنِ بِيعَ بِقَدْرِ الثَّمَنِ وَحِصَّتِكَ مِنَ الرِّبْحِ وَوَقَفَ نُصِيبَهُ مِنْهَا لَعَلَّهُ يَيْسَرُ فَيَشْتَرِيَ بَاقِيَهَا وَتَبْقَى أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا فَضْلٌ بِيعَتْ كُلُّهَا فِي الثَّمَنِ فَإِنْ لَمْ تُوَفِّ اتَّبَعَ بِتَمَامِهِ وَالْوَلَدُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ لَا شَيْءَ فِيهِ لِضَمَانِهَا بِالْوَطْءِ فَالْوَلَدُ نَشَأَ عَلَى مِلْكِهِ وَتَسْوِيَةُ ابْنِ حَبِيبٍ بَيْنَ مَا يَشْتَرِيهِ لِنَفْسِهِ وَجَارِيَةِ الْقِرَاضِ ضَعِيفٌ وَقَوْلُهُ لَعَلَّهُ يَيْسَرُ فَيَشْتَرِيَ بَاقِيَهَا فَتَكْمُلَ أُمَّ وَلَدٍ إِنَّمَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ إِذَا أَوْلَدَهَا ثَانِيَةً وَقَوْلُهُ لَيْسَ عَلَيْهِ فِي الْوَلَدِ شَيْءٌ فِيهِ خِلَافٌ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا أَعْتَقَ مِنَ الْقِرَاضِ عَبْدًا جَازَ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ وَيَغْرَمُ لَكَ رَأْسَ مَالِكَ وَحِصَّتِكَ مِنَ الرِّبْحِ إِنْ كَانَ مَلِيئًا وَإِلَّا بِيعَ بِقَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ وَحِصَّتِكَ مِنْ رِبْحِهِ وَعَتَقَ الْبَاقِي وَلَوْ أَعْتَقْتَهُ أَنْتَ جَازَ وَضَمِنْتَ حِصَّةَ الْعَامِلِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ قِيلَ مَعْنَاهُ مِنَ الثَّمَنِ أَوِ الْقِيمَةِ لَزِمَ الْعِتْقُ وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي الْجَارِيَةِ يَطَؤُهَا فَتَحْمَلُ قَالَ اللَّخْمِيُّ يُعْتِقُ بِالْقَيِّمَةِ عَلَى الْعَامِلِ إِذَا اشْتَرَاهُ لِلْقِرَاضِ وَهُوَ مُوسِرٌ وان اشْتَرَاهُ لنَفسِهِ فالأكثر من الثّمن وَالْقيمَة يَوْمَ الْعِتْقِ فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا رُدَّ الْعِتْقُ إِلَّا أَن يكون فِيهِ فضل فَيعتق الْفضل وَقَالَ غَيره إِنَّك بِالْخِيَارِ فِي إِمْضَاء عتقه ورده وان كَانَ مُوسِرًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ فَضْلٌ فَينفذ الْعِتْقُ لِنَصِيبِهِ فِيهِ فَرْعٌ - قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ مَسَائِلُ هَذَا الْبَابِ أَرْبَعٌ مَنْ يُعْتِقُ عَلَيْهِ أَوْ عَلَيْكَ أَوْ

يُعْتِقُ عَبْدًا أَوْ جَارِيَةً مِنَ الْقِرَاضِ أَوْ يَطَؤُهَا فَتَحْمَلُ وَشِرَاؤُهُ مَنْ يُعْتِقُ عَلَيْهِ - فِيهِ ثَمَانِ مَسَائِلَ أَرْبَعٌ فِي الْعَالِمِ وَأَرْبَعٌ فِي غَيْرِ الْعَالِمِ لِأَنَّ الْعَالِمَ الْمُوسِرَ إِمَّا مَعَ الرِّبْحِ أَوْ عَدَمِهِ وَالْعَالِمَ الْمُعْسِرَ إِمَّا مَعَ الرِّبْحِ أَوْ عَدَمِهِ وَكَذَلِكَ غَيْرُ الْعَالِمِ فَالْعَالِمُ الْمُوسِرُ مَعَ الرِّبْحِ يُعْطِي رَأْسَ الْمَالِ وَحِصَّتَكَ مِنَ الرِّبْحِ يَوْمَ الْحُكْمِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ يَوْمَ الْحُكْمِ فَيُعْطِيكَ مَالَكَ وَحِصَّتَكَ مِنَ الرِّبْحِ مِنَ الثَّمَنِ لِرِضَاهُ بِالثَّمَنِ عِنْدَ الشِّرَاءِ فَلَكَ أَخْذُهُ بِالْأَكْثَرِ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ يُعْتِقُ عَلَيْهِ قَدْرَ حِصَّتِهِ وَتَقُومُ عَلَيْهِ حِصَّتُكَ يَوْمَ الْحُكْمِ وَأَمَّا الْعَالِمُ الْمُوسِرُ وَلَا رِبْحَ يُعْطِيكَ الْأَكْثَرَ مِنَ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْحُكْمِ وَالثمن لِأَنَّ عِلْمَهُ يَقْتَضِي رِضَاهُ بِالثَّمَنِ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ لَا عتق لعدم الْفضل وَيُبَاع ثمنه لَكَ وَأَمَّا الْعَالِمُ الْمُعْسِرُ مَعَ الرِّبْحِ فَقَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ يُبَاعُ بِقَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ وَرِبْحِكَ - يُرِيدُ يَوْمَ الْحُكْمِ وَيُعْتِقُ مَا بَقِيَ إِنْ كَانَ مِثْلَ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْحُكْمِ أَوْ أَقَلَّ وَأما الْأَكْثَر من الْقيمَة يَوْم الحكم فَتَتْبَعُهُ بِمَا يَجِبُ لَكَ مِنَ الزَّائِدِ فِي ذِمَّتِهِ نَحْو شِرَائِهِ بِمِائَتَيْنِ وَرَأْسُ الْمَالِ مِنْ ذَلِكَ مِائَةٌ وَقِيمَتُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ فَيُبَاعُ لَكَ مِنْهُ بِقَدْرِ رَأْسِ مَالِكَ وَحِصَّتِكَ مِنَ الرِّبْحِ يَوْمَ الرِّبْحِ وَذَلِكَ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَبَيْعُهُ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ لِأَنَّ الْوَاجِبَ لَكَ مِنَ الْمِائَتَيْنِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ وَإِنْ أَرَدْتَ فَخُذْ مِنَ الْعَبْدِ بِرَأْسِ مَالِكَ وَحِصَّتِكَ مِنَ الرِّبْحِ يَوْمَ الْحُكْمِ عَلَى مَا يُسَاوِي جُمْلَةً لِأَنَّهُ أَوْفَرُ لِنَصِيبِهِ الَّذِي يُعْتِقُ بِهِ لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ فِي الْبَيْعِ وَلَيْسَ لَكَ الْأَخْذُ بِمَا يُبَاعُ بِهِ لوبيع وَأَمَّا الْعَالِمُ الْمُعْسِرُ مَعَ عَدَمِ الرِّبْحِ فَلَا يعْتق عَلَيْهِ وَيتبع بِالثّمن الا ان يَشَاء فَيُبَاعُ وَيُدْفَعُ الثَّمَنُ لَكَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ثَمَنُ الشِّرَاءِ أَكْثَرَ فَلَهُ اتِّبَاعُهُ بِالزَّائِدِ لِعِلْمِهِ بذلك عِنْد الشِّرَاء واما غير الْعَالم الْمُعسر مَعَ الرِّبْحِ يَقُومُ عَلَيْهِ سَائِرُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ كَعِتْقِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ

وَهُوَ مُوسِرٌ وَهُوَ مُرَادُهُ فِي الْكِتَابِ وَلَمْ يُخَالف الْمُغيرَة هَهُنَا بَلْ مَعَ الْعِلْمِ وَأَمَّا غَيْرُ الْعَالِمِ الْمُوسِرِ مَعَ عَدَمِ الرِّبْحِ فَيُبَاعُ وَيُدْفَعُ لَكَ مَالُكَ وَكَذَلِكَ الْمُعْسِرُ وَأَمَّا غَيْرُ الْعَالِمِ الْمُعْسِرُ مَعَ الرِّبْح يُبَاع مِنْهُ بِقَدْرِ رَأْسِ مَالِكَ وَحِصَّتِكَ مِنَ الرِّبْحِ يَوْم الحكم وبعتق الْبَاقِي وَلَك الْأَخْذُ مِنْهُ بِقَدْرِ رَأْسِ مَالِكَ وَحِصَّتِكَ عَلَى مَا تُسَاوِي جُمْلَتُهُ لِأَنَّهُ أَوْفَرُ لِلْعِتْقِ وَلَيْسَ لَك الْأَخْذ الْأَخْذُ بِمَا كَانَ يُبَاعُ مِنْهُ قَالَ وَأَمَّا شِرَاؤُهُ من بِعِتْق عَلَيْكَ فَفِيهِ ثَمَانِ مَسَائِلَ كَمَا تَقَدَّمَ فَالْعَالِمُ الْمُوسر مَعَ الرِّبْح يَوْم الشِّرَاء يعْتق فَإِنَّهُ يعْتق عَلَيْهِ ويعطيك رَأْسَ مَالِكَ وَحِصَّتِكَ مِنَ الرِّبْحِ إِنْ كَانَ فِيهِ رِبْحٌ يَوْمَ الشِّرَاءِ وَإِلَّا فَالثَّمَنُ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ - وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ لِعَدَمِ الرِّبْحِ بِالْعِتْقِ عَلَيْهِ وَأَمَّا الْمُعْسِرُ مَعَ الرِّبْحِ يَوْمَ الشِّرَاءِ يُبَاعُ مِنْهُ لَكَ بِرَأْسِ مَالِكَ وَحِصَّتِكَ مِنَ الرِّبْحِ وَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ عَتَقَ وَإِنْ لَمْ يُسَاوِ إِلَّا أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ بيع جَمِيعه لَك وَاتبعهُ بِمَا نَقَصَ مِنْ رَأْسِ مَالِكَ وَحِصَّتِكَ وَأَمَّا غَيْرُ الْعَالِمِ فَإِنَّهُ يُعْتِقُ عَلَيْكَ وَتَقُومُ حِصَّةُ ربحه يَوْمَ الشِّرَاءِ عَلَيْكَ كَعِتْقِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ إِنْ كَانَ رِبْحٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ مَالٌ بَقِيَ حَظُّهُ رَقِيقًا - كَانَ الْعَامِلُ مَلِيئًا أَمْ لَا وَمَعْنَى قَوْلِهِ فِي الْكِتَابِ عَتَقَ عَلَيْكَ - يُرِيدُ يَوْمَ الشِّرَاءِ وَقَوْلُهُ يَدْفَعُ لِلْعَامِلِ حِصَّةَ رِبْحِهِ - يُرِيدُ بِهِ يَوْمَ الشِّرَاءِ وَقَوْلُهُ إِذَا اشْتَرَى قَرِيبُكَ عَالِمًا يُعْتِقُ عَلَيْهِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ الثَّمَنُ يُريد وَإِنْ كَانَتِ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ الْمُشْتَرَى بِهِ لِأَنَّكَ لَا تَرْبَحُ فِيمَنْ يُعْتِقُ عَلَيْكَ بِخِلَافِ إِذَا اشْتَرَى مَنْ يُعْتِقُ عَلَيْهِ وَهُوَ عَالِمٌ فَإِنِ اشْتَرَى مَنْ يُعْتِقُ عَلَيْك وَكَانَ ربح الشِّرَاء نَحْو رَأس المَال مائَة قبل فَيَصِيرُ مِائَتَيْنِ فَيَشْتَرِي بِهِمَا فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ جَمِيعُ الثَّمَنِ بَلْ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ رَأْسُ الْمَالِ وَحِصَّتُكَ مِنَ الرِّبْحِ وَقَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ إِنْ لم

يَكُنْ لَهُ مَالٌ بِيعَ وَأُعْطِيتَ رَأْسَ مَالِكَ وَحِصَّتَكَ مِنَ الرِّبْحِ يُرِيدُ الرِّبْحَ يَوْمَ الشِّرَاءِ نَحْوَ رَأْسِ الْمَالِ مِائَةً فَصَارَ مِائَتَيْنِ فَاشْتَرَاهُ بِهِمَا وَهُوَ عَالِمٌ مُعْدَمٌ فَيُبَاعُ بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ وَيُعْتَقُ الْفَاضِلُ كَانَ رُبُعَ الْعَبْدِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ ان يُسَاوِي أَكثر لم يُمكن أَنْ يُبَاعَ لَكَ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ الَّذِي يعدى عَلَيْهِ مِنْ مَالِكَ وَلِأَنَّهُ تَعَذَّرَ مِلْكُهُ لَكَ فَتَعَذَّرَ رِبْحُهُ وَإِنْ سَاوَى أَقَلَّ بِيعَ وَلَوْ جَمِيعه لعدو ان الْعَامِلَ عَلَيْكَ فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ وَإِنْ سَاوَى أَقَلَّ اتَّبَعْتَهُ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ فِي الْكِتَابِ وَفِي شِرَائِهِ مَنْ يُعْتِقْ عَلَيْكَ وَهُوَ عَالِمٌ سِتَّةُ أَقْوَالٍ قَوْلُ الْكِتَابِ يُعْتِقُ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا بِيعَ وَيُعْتِقُ عَلَيْكَ فِي كِتَابِ الرُّهُونِ مَا يَقْتَضِيهِ وَفِي كِتَابِ الْعِتْقِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَجُوزُ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُعْتِقُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْكُمَا وَعَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَضْمَنُ الثَّمَنُ وَلَهُ العَبْد وَالسَّادِس يُخَيّر بَيْنَ أَخْذِهِ فَيُعْتِقُ عَلَيْكَ وَلِلْعَامِلِ فَضْلُهُ إِنْ كَانَ وَبَيْنَ تَضْمِينِهِ لِتَعَدِّيهِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَقَوْلَانِ فِي الْكِتَابِ يُعْتِقُ عَلَيْكَ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُعْتِقُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْكُمَا وَأَمَّا إِنْ أَعْتَقَ رَقِيقًا مِنَ الْقِرَاضِ فَإِنِ اشْتَرَاهُ لِلْعِتْقِ عَتَقَ وَغَرِمَ لَكَ رَأْسَ مَالِكَ وَحِصَّتَكَ وان اشْتَرَاهُ للقراض مُوسر فَقِيمَتُهُ يَوْمَ الْعِتْقِ إِلَّا حِصَّةُ الرِّبْحِ وَعَلَى قَوْلِ الْغَيْرِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمُغِيرَةُ إِنْ كَانَ رَبِحَ عَتَقَ نَصِيبُهُ وَقُوِّمَ عَلَيْهِ نُصِيبُكَ وان لم يكن ربح لم يعْتق عَلَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ وَهَذَا إِنِ اشْتَرَاهُ بِجَمِيعِ الْمَالِ وَإِلَّا إِنِ اشْتَرَاهُ بِبَعْضِهِ عَتَقَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَجَبَرَ الْقِرَاضَ مِنْ مَالِهِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْعِتْقِ - إِنِ اشْتَرَاهُ أَوِ الثَّمَنِ إِنِ اشْتَرَاهُ خِلَافًا لِلْمُغِيرَةِ وَأَمَّا الْمُعْسِرُ فَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ فَضْلٌ فَتُعْتَقُ حِصَّتُهُ وَيُبَاعُ الْبَاقِي لَكَ وَأَمَّا إِذَا اشْتَرَى جَارِيَةً لِلْقِرَاضِ فَأَحْبَلَهَا مُوسِرًا جَبَرَ الْقِرَاضَ بِقِيمَتِهَا يَوْمَ الْوَطْءِ أَوْ مُعْسِرًا وَلَا فِيهَا فَضْلٌ بِيعَتْ وَاتَّبَعَ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ أَوْ فِيهَا فَضْلٌ فَقِيلَ تُبَاعُ لَكَ بِرَأْسِ مَالِكَ وَرِبْحِكَ وَالْبَاقِي أم ولد لَهُ وَقيل كالأمة

بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ يَطَؤُهَا أَحَدُهُمَا فَيُحْبِلُهَا وَلَا مَالَ لَهُ عَلَى الِاخْتِلَافِ الْمَعْلُومِ فِي ذَلِكَ وَإِنِ اشْتَرَى لِلْوَطْءِ فَأَحْبَلَهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَرَّةً عَلَيْهِ الثَّمَنُ وَمَرَّةً قَالَ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ فَيَجْبُرُ بِهَا الْقِرَاضَ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا بِيعَتْ وَهَذَا إِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا فَضْلٌ فَإِنْ كَانَ فَعَلَى الِاخْتِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ قَالَ هَكَذَا حَكَى الِاخْتِلَافَ بَعْضُ أَهْلِ النَّظَرِ قَالَ وَالَّذِي أَرَاهُ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي بَيْعِهَا - إِذَا حَمَلَتْ وَهُوَ مُعْدَمٌ إِنَّمَا هُوَ إِذَا اشْتَرَى وَوَطِئَ وَلَمْ يَعْلَمْ أَكَانَ اشْتَرَاهَا لِلْقِرَاضِ أَوْ لِنَفْسِهِ أَوِ اسْتَلَفَ مِنَ الْقِرَاضِ فَحَمَلَهُ مَالِكٌ عَلَى الْقِرَاضِ دُونَ السَّلَفِ فَبَاعَهَا فِي الْقِيمَةِ إِذَا عسر وَحَمَلَهَا ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى السَّلَفِ فَقَالَ لَا تُبَاعُ أَمَّا إِذَا عُلِمَ شِرَاؤُهَا لِلْقِرَاضِ بِبَيِّنَةٍ تُبَاعُ اتِّفَاقًا فِيمَا لَزِمَهُ مِنَ الْقِيمَةِ أَوْ شِرَاؤُهَا لِنَفْسِهِ مِنَ الْقِرَاضِ فَلَا تُبَاعُ وَيُتْبَعُ بِالثَّمَنِ الْمُشْتَرَى بِهِ اتِّفَاقًا فَرْعٌ - فِي النَّوَادِرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا كَاتَبَ عَبْدًا مِنَ الْقِرَاضِ فَلَهُ رَدُّهُ وَمَا قَبَضَ مِنْهُ كَالْغَلَّةِ قَالَ أَحْمد بن ميسر مالم يُؤَدِّ عَنْهُ أَجْنَبِيٌّ لِيُعْتِقَهُ فَإِنْ أَجَزْتَ عِتْقَهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ وَلَائِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ فَضْلٌ فَبِقَدْرِ حِصَّتِهِ وَلَيْسَتِ الْكِتَابَةُ كَالْعِتْقِ فِي الرَّدِّ لِنُفُوذِ عِتْقِ الْوَصِيِّ لِعَبْدِ يَتِيمِهِ وَتَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ وَلَا تَنْفُذُ كِتَابَتُهُ وَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ إِذَا اشْتَرَى جُلُودًا فَبَارَتْ عَلَيْهِ فَقَطَّعَهَا خِفَافًا فَلْيَسْتَأْجِرْ عَلَيْهَا وَلَا يَعْمَلْهَا هُوَ أَخَذَ أُجْرَةً أَمْ لَا قَالَهُ مَالِكٌ لِأَنَّهُ إِنْ أَخذ فَهِيَ إِجَارَةٌ وَقِرَاضٌ وَإِلَّا فَذَلِكَ كَزِيَادَةٍ اشْتَرَطَهَا وَعَنْ مَالِكٍ لَهُ الْأُجْرَةُ لِأَنَّ أَثَرَ صَنْعَتِهِ مَوْجُودٌ

فَرْعٌ - قَالَ يَمْتَنِعُ خُذْ هَذَا الْقِرَاضَ عَلَى أَنْ يُخْرِجَ مِثْلَهُ وَيَكُونَا شَرِيكَيْنِ لِأَنَّ الْقِرَاضَ لَا يُضَمُّ إِلَى عَقْدِ الشَّرِكَةِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ فَإِنِ اشْتَرَكْتُمَا بَعْدَ الْعَقْدِ جَازَ فَرْعٌ - قَالَ مَعَهُ مِائَةٌ قِرَاضٌ اشْتَرَى بِمِائَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا مُؤَجَّلَةٌ فَبَاعَ بِرِبْحٍ اقْتَسَمَا الرِّبْحَ عَلَى الْمِائَةِ الْقِرَاضِ وَقِيمَة الْمُؤَجَّلَةِ أنْ لَوْ كَانَتْ عُرُوضًا إِلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ فَرْعٌ - قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى لَا يَمْلِكُ الْعَامِلُ حِصَّتَهُ بِالظُّهُورِ بَلْ بِالْقِسْمَةِ وَقَالَهُ (ش) خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّ سَبَبَ الِاسْتِحْقَاقِ الْعَمَلُ فَلَا يَسْتَحِقُّ إِلَّا بَعْدَهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَعَنْ مَالك بالظهور لِأَنَّهُمَا شريكان وَفِي الْجَوَاهِر الْمَشْهُور لَهُ حق مؤكل يُورث عَنهُ وَلَو أتلف الْمَالِك اَوْ أجنى الْمَالَ غَرِمَ حِصَّتَهُ وَلَوْ كَانَ فِي الْمَالِ جَارِيَة حرم على الْمَالِك وَطْؤُهَا وَعَلَى الشَّاذِّ يَمْلِكُ بِالظُّهُورِ مِلْكًا مُزَلْزَلًا لِأَنَّهُ وِقَايَةٌ لِرَأْسِ الْمَالِ عَنِ الْخَسَارَةِ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا بَاعَ سِلْعَةً بِثَمَنٍ إِلَى أَجَلٍ بِإِذْنِكَ امْتَنَعَ شِرَاؤُكَ إِيَّاهَا نَقْدًا بِأَقَلَّ مِنَ الثَّمَنِ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ فَرْعٌ - فِي الْمُقَدِّمَاتِ فِي اشْتِرَاطِ أَحَدِكُمَا زَكَاةَ رِبْحِ الْمَالِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ جوزه ابْن

الْقَاسِمِ مِنْكُمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ لِرُجُوعِهِ إِلَى جُزْءٍ مَعْلُومٍ وَمَنَعَهُ مِنْ كِلَيْكُمَا وَيَجُوزُ لَكَ دُونَ الْعَامِلِ وَعَكَسُهُ مُخَرَّجٌ غَيْرُ مَنْصُوصٍ عَلَى الْقَوْلِ بِأَن الْمُشْتَرط يدْفع الْمُشْتَرط عَلَيْهِ بالغرر إِنَّمَا يَكُونُ فِي اشْتِرَاطِكَ دُونَهُ فَإِنْ وَجَبَتِ الزَّكَاةُ نَقَصَ نُصِيبُهُ وَإِلَّا فَلَا وَأَمَّا اشْتِرَاطُهُ عَلَيْكَ فَيَكُونُ لَكَ الْفَضْلُ مُطْلَقًا وَالثَّالِثُ يَتَخَرَّجُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُشْتَرَطَ يَكُونُ لِمِشْتَرِطِهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ زَكَاةٌ وَيَتَخَرَّجُ الثَّانِي عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَكُونُ بَيْنَكُمَا إِنْ لَمْ تَكُنْ زَكَاةً فَيَحْصُلُ الْغَرَرُ بِالتَّقْدِيرَيْنِ وَحُمِلَ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى الْأَغْلَبِ مِنْ أَنَّ النُّضُوضَ لَا تَكُونُ قَبْلَ الْحَوْلِ وَإِنْ كَانَ الْمَالُ دُونَ النّصاب فالغالب كَمَا لَهُ وَفِي الْمُنْتَقَى يَمْتَنِعُ اشْتِرَاطُ زَكَاةِ الْمَالِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ زَكَاةِ رِبْحِهِ لِأَنَّهَا قَدْ تَسْتَغْرِقُ حِصَّتَهُ وَيَجُوزُ اشْتِرَاطُ زَكَاةِ الْمَالِ عَلَيْكَ فَإِنْ شَرَطَ زَكَاةَ الْمَالِ عَلَيْكَ مِنْ رَأْسِ مَالِكَ مَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِلْجَهَالَةِ وَقِيلَ يَجُوزُ لِرُجُوعِهِ إِلَى جُزْءٍ مَعْلُومٍ فَرْعٌ - فِي الْمُنْتَقَى إِذَا قَامَ غُرَمَاؤُهُ عَلَيْهِ بِبَلَدٍ غَائِبٍ عَنْكَ لَا يُبَاعُ لَهُم لِيَأْخُذُوا مِنَ الرِّبْحِ لِأَنَّ أَخْذَهُ إِنَّمَا يَكُونُ بعد الْمُقَاسَمَة أَو قَامَ غرماؤه وَالْمَالُ عَيْنٌ قُضِيَ الدَّيْنُ وَدُفِعَ لَهُ حِصَّتُهُ مِنَ الرِّبْحِ - قَالَهُ مَالِكٌ أَوْ سِلَعٌ لَمْ يُحْكَمْ بِالْبَيْعِ حَتَّى يُرَى لَهُ وَجْهٌ لِتَعَلُّقِ حَقه بالقراض فرع - فِي الْجَوَاهِر اذا نض الْمَالُ بِخُسَارَةٍ أَوْ رَبْحٍ امْتَنَعَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَخْذُ قِرَاضٍ آخَرَ - لَا عَلَى الْخَلْطِ وَلَا عَلَى الِانْفِرَادِ كَانَ الْجُزْءُ مُتَّفَقًا أَوْ مُخْتَلفا للتُّهمَةِ

وَأَجَازَهُ غَيْرُهُ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ وُجُودُ الرِّبْحِ لِئَلَّا يُتَّهَمَ عَلَى التَّمَادِي لِلتَّنْمِيَةِ وَمُوَافَقَةُ الْجُزْءِ لِئَلَّا يَزِيدَ أَوْ يَضَعَ لِلتَّمَادِي عَلَى الْقِرَاضِ وَعَدَمُ الْخَلْطِ لِيَبْرَأَ مِنَ التُّهْمَةِ فِي الْقِرَاضِ الْأَوَّلِ فَرْعٌ - قَالَ إِذَا عَامَلَ عَامِلًا آخَرَ بِغَيْرِ إِذْنِكَ فَإِنِ اتَّفَقَ الْجُزْءانِ فَالرِّبْحُ بَيْنَ الْعَامِلِ الثَّانِي وَبَيْنَكَ وَلَا شَيْءَ لِلْأَوَّلِ لِعَدَمِ عَمَلِهِ وَإِنِ اخْتَلَفَا فَكَانَ الْأَوَّلُ أَكْثَرَ مِنَ الثَّانِي فَالزَّائِدُ لَكَ أَوْ أَقَلُّ فَلَكَ شَرْطُكَ عَمَلًا بِالْعَقْدِ وَيَرْجِعُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ وَقِيلَ لِلثَّانِي حِصَّتُهُ كَامِلَةٌ وَتَرْجِعُ أَنْتَ عَلَى الْأَوَّلِ بِبَاقِي حِصَّتِكَ فَرْعٌ - قَالَ أَخَذَ أَلْفَيْنِ فَتَلِفَا بَعْدَ الشِّرَاءِ وَقَبْلَ النَّقْدِ فَأَخْلَفْتَهُمَا فَرَأْسُ الْمَالِ مَا أَخْلَفْتَهُ خَاصَّةً وَإِنْ لَمْ تُخْلِفْهُمَا فَالسِّلْعَةُ عَلَى مِلْكِهِ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ وَالْعُهْدَةُ عَلَيْهِ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ تُجْبَرُ عَلَى الْخُلْفِ لِأَنَّكَ أَدْخَلْتَهُ فِي الْعَقْدِ وَلَوْ تَلِفَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الشِّرَاءِ فَعَمِلَ فِي الْبَقِيَّةِ فَرَأْسُ الْمَالِ أَلْفَانِ وَإِنِ اشْتَرَى بِأَلْفَيْنِ فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ النَّقْدِ فَعَوَّضْتَهُ فَرَأْسُ الْمَالِ ثَلَاثَةُ آلَافٍ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ عَلَى مَا اسْتَحَقَّهُ عَقْدُ الشِّرَاءِ فَإِنِ امْتَنَعْتَ عُوِّضَ الْعَامِلُ وَشَارَكَ بِالنِّصْفِ وَلَوْ تَسَلَّفَ نِصْفَ الْمَالِ فَأَكَلَهُ فَرَأْسُ الْمَالِ الْبَاقِي لِضَمَانِهِ الْمُتَسَلَّفِ وَلَا رِبْحَ لِلْمُتَسَلِّفِ وَلَوْ رَبِحَ فِي مِائَةٍ فَأَنْفَقَ مِائَةً تَعَدِّيًا ثُمَّ تَجَرَ بِمِائَةٍ فَرَبِحَ فَمِائَةٌ فِي ضَمَانِهِ وَمَا رَبِحَ أَوَّلًا وَآخِرًا بَيْنَكُمَا وَلَوْ ضَاعَ ذَلِك وَلم يبْق إِلَّا الْمِائَةُ الَّتِي فِي ذِمَّتِهِ ضَمِنَهَا وَلَا رِبْحَ إِذْ لَا رِبْحَ إِلَّا بَعْدَ رَأْسِ الْمَالِ فَإِنِ اشْتَرَى بِالْمَالِ وَهُوَ مِائَةٌ عَبْدًا يُسَاوِي مِائَتَيْنِ فجنيت عَلَيْهِ مَا ينقصهُ مائَة وَخمسين

ثُمَّ بِيعَ بِخَمْسِينَ فَعَمِلَ فِيهَا فَرَبِحَ أَوْ خَسِرَ لَمْ تَكُنْ جِنَايَتُكَ قَبْضًا لِرَأْسِ مَالِكَ وَربحه حَتَّى يحاسبه وَتُفَاصِلَهُ وَإِلَّا فَذَلِكَ دَيْنٌ عَلَيْكَ مُضَافٌ لِهَذَا الْمَالِ فَرْعٌ - فِي النَّوَادِرِ إِذَا تَرَكَ صَاحِبُ الْمَرْكَبِ الْأُجْرَةَ وَقَالَ صَاحِبُ الْمَالِ أَوْلَانِي خَيْرًا اخْتَصَّ الْكِرَاءُ بِكَ إِنْ لَمْ يَعْلَمْ صَاحِبُ الْمَرْكَبِ أَنَّ الْمَالَ قِرَاضٌ أَوْ عَلِمَ وَقَالَ مَا تَرَكَهَا إِلَّا لِرَبِّ الْمَالِ وَهُوَ مُصَدَّقٌ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِنِيَّتِهِ وَإِنْ قَالَ تَرَكَتُهَا مُكَافَأَةً وَلَمْ يَقُلْ لَكَ فَهِيَ بَيْنُكُمَا عَلَى قِرَاضِكِمَا فَرْعٌ - قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى صِفَةُ الْقِسْمَةِ أَنْ تَأْخُذَ مِنَ الْعَيْنِ مِثْلَ مَا دَفَعْتَ أَوْ تَأْخُذَ بِهِ سِلَعًا إِنِ اتَّفَقْتُمَا عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ تَقْتَسِمَانِ الْبَاقِيَ عَيْنًا أَوْ سِلَعًا - قَالَهُ مَالِكٌ وَإِنْ كَانَ دُيُونًا بِإِذْنِكَ فَسَلَّمَهَا إِلَيْكَ جَازَ فَرْعٌ - قَالَ إِذَا تَفَاصَلْتُمَا خُلِّيَ لِلْعَامِلِ مِثْلُ خَلْقِ الْقِرْبَةِ وَالْجُبَّةِ وَالْأَدَاةِ وَالْغِرَارَةِ وَنَحْوِ ذَلِك وَمَاله بَاعَ فَيُبَاعُ فَرْعٌ - فِي النَّوَادِرِ مَنَعَ مَالِكٌ أَخْذَ الْقِرَاضِ لِيُعْطِيَهُ لِغَيْرِهِ لِأَنَّكَ لَمْ تَسْتَأْمِنِ الثَّانِي وَأَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَعْدَ أَخْذِ الْقِرَاضِ أَنْ يَبْضَعَ بِإِذْنِكَ بِخِلَافِ قَبْلِ أَخْذِهِ لِنَفْسِهِ فَيَمْتَنِعُ اشْتِرَاط ذَلِك عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إجَازَة وقراض

- كتاب المساقاة

1 - كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ وَفِيهِ مُقَدَّمَتَانِ وَبَابَانِ الْمُقَدِّمَةُ الْأُولَى فِي لَفْظِهَا وَهِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنَ السَّقْيِ لِأَنَّ غَالِبَ عَمَلِهَا يَكُونُ فِيمَا يُسْقَى بِالدَّوَالِيبِ وَالدِّلَاءِ وَلَفْظُهَا مُفَاعَلَةٌ إِمَّا مِنَ الْمُفَاعَلَةِ الَّتِي تَكُونُ من الْوَاحِد وَهُوَ قَلِيل نَحْوُ سَافَرَ وَعَافَاهُ اللَّهُ وَطَارَقْتُ النَّعْلَ أَوْ يُلَاحَظُ الْعَقْدُ وَهُوَ مِنْهُمَا فَيَكُونُ مِنَ التَّعْبِيرِ بِالْمُتَعَلِّقِ عَنِ الْمُتَعَلَّقِ وَإِلَّا فَهَذِهِ الصِّيغَةُ تَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْعَامِلِ وَالْمَالِكِ يَسْقِي لِصَاحِبِهِ كَالْمُضَارَبَةِ وَالْمُقَاتَلَةِ وَنَحْوِهِمَا الْمُقَدِّمَةُ الثَّانِيَةُ فِي مَشْرُوعِيَّتِهَا وَبِجَوَازِهَا قَالَ (ش) وَأَحْمَدُ وَمَنَعَهَا (ح) لنَهْيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنِ الْمُخَابَرَةِ وَهِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنْ خَيْبَرَ أَيْ نَهَى عَنِ الْفِعْلِ الَّذِي وَقَعَ فِي خَيْبَرَ مِنَ الْمُسَاقَاةِ فَيَكُونُ حَدِيثُ الْجَوَازِ مَنْسُوخًا أَوْ يسلم عدم نسخه وَيَقُولُ كَانَ أَهْلُ خَيْبَرَ عَبِيدًا لِلْمُسْلِمِينَ وَيَجُوزُ مَعَ الْعَبْدِ مَا يَمْتَنِعُ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ وَالَّذِي قدره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من شطر الثَّمَرَة وَهُوَ قُوتٌ لَهمْ لِأَنَّ نَفَقَةَ الْعَبْدِ عَلَى الْمَالِكِ ولنهيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

السَّلَامُ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ - وَأُجْرَةُ الْأَجِيرِ فِيهَا غَرَرٌ وَلِأَنَّ الْخَبَرَ إِذَا وَرَدَ عَلَى خِلَافِ الْقَوَاعِدِ رُدَّ إِلَيْهَا وَحَدِيثُ الْجَوَازِ عَلَى خِلَافِ ثَلَاثِ قَوَاعِدَ بَيْعُ الْغَرَرِ فَإِنَّ الثَّمَنَ الْمَبِيعَ مَجْهُولُ الصِّفَةِ وَالْمِقْدَارِ وَإِجَارَةٌ بِأُجْرَةٍ مَجْهُولَةٍ وَبَيْعُ الثَّمَرِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ - وَالْكُلُّ حَرَامٌ إِجْمَاعًا وَبِالْقِيَاسِ عَلَى تَنْمِيَةِ الْمَاشِيَةِ بِبَعْضِ نَمَائِهَا وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَعْرِفُ الْمُخَابَرَةَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ وَهِيَ عِنْدُهُمْ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا مَأْخُوذَةٌ مِنِ الْخِبْرَةِ الَّتِي هِيَ الْعِلْمُ بِالْخَفِيَّاتِ وَلِذَلِكَ مَا تَمَدَّحَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا إِلَّا بَعْدَ التَّمَدُّحِ بِالْعِلْمِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {عليم خَبِير} لِكَوْنِهَا أَمْدَحَ فَإِنَّ إِدْرَاكَ الْخَفِيِّ أَفْضَلُ مِنْ إِدْرَاكِ الْجَلِيِّ وَالْحِرَاثُ يُخْرِجُ خَفِيَّاتِ الْأَرْضِ بِالْحَرْثِ فَاشْتُقَّ ذَلِكَ لِكِرَاءِ الْأَرْضِ لِتُحْرَثَ بِجُزْءِ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْمَحْرُوثِ وَقِيلَ الْخِبْرَةُ الْحَرْثُ وَالْمُخَابَرَةُ مُشْتَقَّةٌ مِنْهُ وَمِنْهُ سُمِّيَ الْمَزَارِعُ خَبِيرًا وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا عَبِيدًا امْتَنَعَ ضَرْبُ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِمْ وَإِخْرَاجُهُمْ إِلَى الشَّامِ وَنَفْيُهُمْ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ لِئَلَّا يَكُونَ تَضْيِيعًا لِمَا فِيهِمْ مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ حَدِيثَ الْجَوَاز وَهُوَ مَا فِي البُخَارِيّ عَامل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَهْلَ خَيْبَرَ عَلَى شَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْ ثَمَرٍ وَزَرْعٍ ثُمَّ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ فِي خلَافَة أَبِي بَكْرٍ وَصَدْرٍ مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ ثُمَّ أَجْلَاهُمْ عُمَرُ إِلَى تيما واريحا - خَاص وَحَدِيث النَّبِي - عَنِ الْغَرَرِ عَامٌّ وَالْخَاصُّ يُقَدَّمُ عَلَى الْعَامِّ وَكَيف يتخيل أَنه مفسوخ وَقد عمل بِهِ الصَّحَابَة رضوَان عَلَيْهِم بعده - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَالْعَمَلُ بِالْمَنْسُوخِ حَرَامٌ إِجْمَاعًا

- الباب الأول في أركانها وهي خمسة

وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ الْخَبَرَ إِنَّمَا يَجِبُ رَدُّهُ لِلْقَوَاعِدِ إِذَا لَمْ يُعْمَلْ بِهِ أَمَّا إِذَا عُمِلَ بِهِ قَطَعْنَا بِإِرَادَةِ مَعْنَاهُ فَيُعْتَقَدَ وَلَا يَلْزَمُ الشَّارِعُ أَنَّهُ مَتَى شَرَّعَ حُكْمًا شَرَّعَهُ مِثْلَ غَيْرِهِ بَلْ لَهُ أَنْ يُشَرِّعَ مَا لَهُ نَظِيرٌ وَمَا لَا نَظِيرَ لَهُ وَعَنِ الْخَامِسِ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْمَوَاشِيَ لَا يَتَعَذَّرُ بَيْعُهَا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنِ الْإِقَامَةِ بِهَا بِخِلَافِ الزَّرْعِ الصَّغِيرِ وَالثَّمَرَةِ وَهُوَ مُعَارَضٌ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْقِرَاضِ 2 - الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهَا وَهِيَ خَمْسَةٌ الرُّكْنُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي الْمُتَعَاقِدَانِ وَيُشْتَرَطُ فِيهِمَا أَهْلِيَّةُ الْإِجَارَةِ وَفِي الْكِتَابِ تَجُوزُ مُسَاقَاةُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ الْآخَرُ قِيَاسًا عَلَى الْأَجْنَبِيِّ وَلِلْوَصِيِّ مُسَاقَاةُ حَائِطِ الْأَيْتَامِ لِغَيْرِهِ كَبَيْعِهِ وَشِرَائِهِ لَهُمْ وَلِلْمَأْذُونِ دَفْعُ الْمُسَاقَاةِ وَأَخَذِهَا وَلَهُ مُسَاقَاةُ أَرْضِهِ وَلَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ فَسْخُهَا لِأَنَّهَا تَنْمِيَةٌ كَالْبَيْعِ وَالْكِرَاءِ وَلَوْ سَاقَى أَوْ أكرى بعد قيامهم فَلهم فَسْخُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَمْنَعُهُمْ مِنَ الْبَيْعِ بِالْمُسَاقَاةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ سَاقَى قَبْلَ قِيَامِهِمْ بِعَقْدٍ يمْنَع بِبيع الرِّقَابِ فَلَهُمُ الرَّدُّ فِي الْكِرَاءِ وَالْمُسَاقَاةِ لِاتِّهَامِهِ فِي مَنْعِهِمْ وَإِذَا كَانَ فِي يَدَيْهِ مَا يُوَفِّي الدَّيْنَ فَهَلَكَ بَعْدَ الْمُسَاقَاةِ لَمْ تُرَدَّ الْمُسَاقَاةُ قَبْلَ أَمَدِهَا أَوْ

قَبْلَهَا فَلَهُمْ بَيْعُ الْحَائِطِ دُونَ نَقْضِ الْمُسَاقَاةِ - قَامُوا قَبْلَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ فَيُبَاعُ عَلَى أَنَّهُ مُسَاقَى وَلَيْسَ بِاسْتِثْنَاءِ الثَّمَرَةِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ غَيْرُهُ يُمْنَعُ الْبَيْعُ وَيَبْقَى مَوْقُوفًا إِلَّا أَنْ يَرْضَى الْعَامِلُ بِتَرْكِ الْمُسَاقَاةِ فَإِنْ كَانَتْ عَامًا وَاحِدًا وَالثِّمَارُ مُزْهِيَةٌ جَازَ بَيْعُ الْأَصْلِ اتِّفَاقًا وَيُبَاعُ نَصِيبُ الْمُفْلِسِ مُنْفَرِدًا إِنْ كَانَ أَرْجَحَ وَإِلَّا بِيعَ مَعَ الْأَصْلِ وَإِنْ كَانَتِ الثِّمَارُ مَأْبُورَةً جَازَ بَيْعُ الْأَصْلِ اتِّفَاقًا وَيُخْتَلَفُ فِي إِدْخَالِ نَصِيبِ الْمَدْيُونِ فِي الْبَيْعِ مَعَ الأَصْل اجازه ابْن الْقَاسِم وَلم يَجعله اسْتثِْنَاء لِنَصِيبِ الْعَامِلِ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْبَيْعِ لِتَقَدُّمِ بَيْعِهِ بِالْمُسَاقَاةِ وَإِذَا أَرَادَ تَأْخِيرَ الثِّمَارِ لِتَتِمَّ فَيَتَوَفَّرُ ثَمَنُهَا وَمَنَعَ الْغُرَمَاءُ ذَلِكَ قُدِّمُوا لِحَقِّهِمْ فِي الْبَيْعِ وَإِنْ لَمْ تَكُنِ الثِّمَارُ مَأْبُورَةً فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَجُوزُ بَيْعُ الرِّقَابِ وَنَصِيبِ الْعَامِلِ بِخِلَافِ مَا لَمْ يُعْقَدْ فِيهِ الْمُسَاقَاةُ وَعَلَى قَوْلِ غَيْرِهِ يُوقَفُ بَيْعُ الْأَصْلِ وَالثَّمَرَةِ لِأَنَّ عِنْدَهُ يَمْتَنِعُ اسْتِثْنَاءُ بَعْضِ الثَّمَرَةِ وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَتِ الْمُسَاقَاةُ نَحْوَ أَرْبَعِ سِنِينَ يَجُوزُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بَيْعُ الرِّقَابِ وَنُصِيبِكَ دُونَ نَصِيبِ الْعَامِلِ وَعَلَى قَوْلِ الْغَيْرِ يَمْتَنِعُ مُطْلَقًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ لَيْسَ لَهُمُ الْفَسْخُ هُوَ عَلَى قَوْلِ مَنْ يُجِيزُ بَيْعَهُ وَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَمْنَعُ قَبْلَ الْإِبَارِ لَهُمُ الْفَسْخُ - إِذَا كَانَ يَحُلُّ دَيْنُهُمْ قَبْلَ جَوَازِ بَيْعِهَا لِأَنَّهُمْ يَمْتَنِعُونَ بِالْمُسَاقَاةِ مِنَ الْبَيْعِ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ لِلْمَرِيضِ أَنْ يُسَاقِيَ نَخْلَهُ إِلَّا أَنْ يُحَابَى فَيَكُونُ ذَلِكَ فِي ثُلُثِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قِيلَ يَمْتَنِعُ أَنْ يُسَاقِيَ عَلَى الْوَرَثَةِ أَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ فَإِنْ كَانَ الْحَائِطُ أَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ وَسَاقَاهُ سَنَةً وَنَحْوَهَا فِيمَا يَجُوزُ بَيْعُ النَّخْلِ إِلَيْهِ جَازَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهَا مُحَابَاةٌ لَا يُحَمِّلُهَا الثُّلُثَ كَمُسَاقَاةٍ عَلَى ثَلَاثَةِ أَرْبَاعٍ وَمُسَاقَاةِ مثله الرّبع فقد

أوصى لَهُ بِالنِّصْفِ فَخير الْوَرَثَةَ بَيْنَ إِمْضَائِهِ أَوْ يَقْطَعَ لَهُ ثُلُثَ مَالِ الْمَيِّتِ وَيَكُونُ لَهُمْ عَدَمُ الْإِجَازَةِ كَوَصِيَّةٍ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ عَشْرَ سِنِينَ وَهُوَ لَا يُحَمِّلُهُ الثُّلُث وَيحمل خدمته لِأَنَّهُ عون عَلَيْهِمْ أَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ فَيُخَيَّرُوا بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَدَفْعِ الثُّلُثِ بَتْلًا قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ سَحْنُونٌ اذا زَاد على مُسَاقَاة مثله بِأَمْر بَين فَهُوَ كَهِبَتِهِ يُوقَفُ السَّقْيُ إِلَى مَا لَا يَطُولُ وَلَا يَضُرُّ فَإِنْ صَحَّ نَفَذَ وَإِنْ مَاتَ وَحَمَلَ ثُلُثَهُ الْحَائِطُ نَفَذَ وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ وَحَمَلَ الْمُحَابَاةَ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَبَيْنَ قَطْعِ الثُّلُثِ لَهُ بَتْلًا وَتُسْتَحَبُّ الْمُسَاقَاةُ وَلَا يُمَكَّنُ الْعَامِلُ حَالَةَ الْوَقْفِ مِنَ السَّقْيِ فَإِنْ خِيفَ عَلَى الْحَائِطِ فُسِخَتِ الْمُسَاقَاةُ قَبْلَ الصِّحَّةِ وَالْمَوْتِ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ يُكْرَهُ عَمَلُكَ عِنْدَ النَّصْرَانِيِّ مُسَاقَاةً لِأَنَّهُ اسْتِيلَاءٌ عَلَى الْمُسْلِمِ بِمِلْكِ مَنَافِعِهِ وَيَجُوزُ أَنْ تَسَاقِيَهُ إِنْ أَمِنْتَ ان يعصر نصِيبه خمرًا الرُّكْن الثَّالِث الْعَمَل وَفِي الْجَوَاهِرِ شَرْطُهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى عَمَلِ الْمُسَاقَاةِ وَلَا يَضُمُّ إِلَيْهِ عَمَلًا آخَرَ لِئَلَّا يَكُونَ ذَلِكَ الْآخَرُ إِجَارَةً بِأُجْرَةٍ مَجْهُولَةٍ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وان استبد الْعَامِلُ بِالْعَمَلِ فَلَا يَشْتَرِطُ مُشَارَكَةَ الْمَالِكِ لَهُ فِيهِ لِئَلَّا تَكْثُرَ الْجَهَالَةُ فِي الْعَمَلِ - وَقَالَهُ أَحْمَدُ وَ (ش) وَقَالَ سَحْنُونٌ إِذَا كَانَ الْحَائِطُ كَبِيرًا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ الْغُلَامِ فِيهِ جَازَ اشْتِرَاطُ عَمَلِ الْمَالِكِ قِيَاسًا عَلَى الْغُلَامِ وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ لَيْسَ الْغُلَامُ كَالْمَالِكِ لِأَنَّ يَدَ الْمَالِكِ إِذَا بَقِيَتْ لَمْ يَرْضَ بِأَمَانَةِ الْعَامِلِ بِخِلَاف الْغُلَام وَيجوز اشْتِرَاط غُلَام الْمَالِك كمساقاة عاملين اذا كَانَ الْحَائِط كَبِيرا وَاشْتِرَاط بَقَاءَهُ مُدَّةَ الْمُسَاقَاةِ

لِيَنْضَبِطَ الْعَمَلُ وَأَنَّهُ إِنْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ أَخْلَفَهُ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ تَجُوزُ مُسَاقَاةُ النَّخْلِ وَفِيهَا مَا لَا يَحْتَاجُ إِلَى السَّقْيِ قَبْلَ طِيبِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ تَجُوزُ فِي كل ذِي أصل من الشّجر مَا لَمْ يَحِلَّ بَيْعُ ثَمَرِهَا فَيَمْتَنِعُ لِانْتِفَاءِ الضَّرُورَة حِينَئِذٍ وَلَا تجوز الا الى مُدَّة مَعْلُومَةٍ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ فِي الْخَبَرِ لَهَا لِأَنَّهُ قَصَدَ بَيَانَ جَوَازِهَا وَقَالَهُ (ش) وَأَحْمَدُ تَقْلِيلًا لِلْجَهَالَةِ بِخِلَافِ الْقِرَاضِ تَأْجِيلُهُ يُبْطِلُ حِكْمَتَهُ وَقِيلَ لَا يُحْتَاجُ إِلَيْهَا لِأَنَّهَا مِنْ جِدَادٍ إِلَى جِدَادٍ - كَالْقِرَاضِ مِنْ مُحَاسَبَةٍ إِلَى مُحَاسَبَةٍ وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ الشَّأْنُ فِيهَا الْجِدَادُ وَإِنْ لَمْ يُؤَجِّلَاهُ فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ مُنْتَهَى الْمُسَاقَاةِ فِي الثَّمَرِ جِدَادُهُ بَعْدَ إِثْمَارِهِ وَفِي التِّينِ وَالْكَرْمِ قِطَافُهُ وَيُبْسُهُ وَفِي الزَّرْعِ تَهْذِيبُهُ قَالَ مَالِكٌ فَإِنْ تَأَخَّرَتْ نَحْوَ الْعَشَرَةِ مِنَ النَّخْلِ أَوِ الشَّجَرِ فَعَلَيْهِ سَقْيُ جَمِيعِ الْحَائِطِ حَتَّى يَجِدَ مَا بَقِيَ وَيُسْقَى فِي الْأَجْنَاسِ الْمُخْتَلِفَةِ كَالنَّخْلِ وَالرُّمَّانِ حَتَّى يَفْرُغَ الْجَمِيعُ وَقَالَ مُطَرِّفٌ كُلَّمَا قُطِعَتْ ثَمَرَةٌ انْقَضَتْ مُسَاقَاتُهَا - قُلْتُ أَوْ كَثُرَتْ تَشْبِيهًا لِلْأَصْنَافِ بِالْحَوَائِطِ قَالَ مَالِكٌ وَإِذَا دَخَلَ الْحَائِطَ سَيْلٌ فَاسْتَغْنَى عَنِ الْمَاءِ فَلَا تُحَاسِبُهُ بِذَلِكَ فَرْعٌ - قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مَالِكٌ إِذَا هَارَتْ بِئْرُكُ جَازَ لِجَارِكَ أَخْذُ حَائِطِكَ مُسَاقَاةً يَسْقِيهِ لِلضَّرُورَةِ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا كَانَ يَسْقِي بِفَضْلِ بِئْرِهِ لِأَنَّ لَكَ أَخذه مِنْهُ

كَرْهًا فَلَمْ تَزِدِ الْمُسَاقَاةُ شَيْئًا ثُمَّ مَنَعَهَا سَحْنُونٌ لِأَنَّكَ إِنَّمَا تَأْخُذُ الْمَاءَ حَتَّى تُصْلِحَ بئرك وَهَهُنَا تَتْرُكُ إِصْلَاحَ الْبِئْرِ لِمَائِهِ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ لَهُ اشْتِرَاطُ مَا فِي الْحَائِطِ يَوْمَ الْعَقْدِ مِنَ الرَّقِيقِ وَالدَّوَابِّ وَيَمْتَنِعُ اشْتِرَاطُكَ نَزْعَ ذَلِكَ مِنْهُ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ اشْتَرَطْتَهَا لِنَفْسِكَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تَدَّعِيهَا قَبْلَ ذَلِكَ وَلَا يَشْتَرِطُ عَلَيْكَ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ عِنْدَ الْعَقْدِ إِلَّا مَا قَلَّ كَغُلَامٍ أَوْ دَابَّةٍ فِي حَائِطٍ كَبِيرٍ لِأَنَّهُ كَزِيَادَةٍ تَخْتَصُّ بِهِ وَفِي الْحَائِطِ الصَّغِيرِ الَّذِي تَكَادُ تَكْفِيهِ الدَّابَّةُ يَصِيرُ جُمْلَةُ الْعَمَلِ عَلَيْكَ وَلَا يُشْتَرَطُ إِخْلَافُ مَا جَاءَ بِهِ من الدَّوَابّ اَوْ الرَّقِيق لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَمْ يَنْزِعْ مِنْ أَهْلِ خَيْبَرَ وَلَمْ يُعْطِهِمْ وَمَا كَانَ يَوْمَ الْعَقْدِ فَخُلْفُهُ عَلَيْكَ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ دَخَلَ وَيَمْتَنِعُ اشْتِرَاطُكَ خُلْفَهُ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ تَخْتَصُّ بِكَ وَتَبْقَى بَعْدَ الْمُسَاقَاةِ وَعَلَيْهِ نَفَقَة نَفسه ودواب الْحَائِط ورقيقه وَجَمِيع المئونة - كَانَ الرَّقِيق لَك أَوله وَيَمْتَنِعُ اشْتِرَاطُ نَفَقَتِهِمْ عَلَيْكَ لِأَنَّ الْعَمَلَ عَلَيْهِ فَعَلَيْهِ نَفَقَةُ الْعَامِلِينَ وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ (ش) نَفَقَةُ غِلْمَانِكَ عَلَيْكَ لِأَنَّهُمْ مِلْكُكَ إِلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ إِخْلَافُهُمْ وَعَلَيْهِ الْحَصَادُ وَالدِّرَاسُ وَالْجِدَادُ وَقَالَهُ (ش) وَأَحْمَدُ وَإِنْ شَرَطْتَ قِسْمَةَ الزَّيْتُونِ حَبًّا جَازَ أَوْ عَصِيرًا جَازَ وَلَا يَشْتَرِطُ عَلَيْك حرم النَّخْلِ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ وَالتَّلْقِيحُ عَلَيْهِ وَيَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ عَلَيْكَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ عَلَى الْعَامِلِ النَّفَقَةُ والمئونة وَالدَّوَابُّ وَالدِّلَاءُ وَالْحِبَالُ وَأَدَاةُ الْحَدِيدِ وَنَحْوُهَا لِأَنَّهَا أَسْبَابُ صَلَاحِ الثَّمَرَةِ وَقَدِ الْتَزَمَ إِصْلَاحَهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْحَائِطِ عِنْدَ الْعَقْدِ لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَيْهِ وَقَالَ (ش) وَأَحْمَدُ عَلَى الْعَامِلِ بِلَفْظِ الْمُسَاقَاةِ مَا يُصْلِحُ الثَّمَرَةَ كَالْحَرْثِ وَالسَّقْيِ وَإِصْلَاحِ طُرُقِ الْمَاءِ وَحِفْظِ الثَّمَرَةِ

وَعَلَيْكَ كُلُّ مَا يَحْفَظُ الْأَصْلَ كَشَدِّ الْحِيطَانِ / وحفر الْأَنْهَار وَعمل الدولاب وَحَفْرِ الْبِئْرِ وَكُلُّ مَا يَتَكَرَّرُ كُلَّ عَامٍ فَعَلَيهِ وَمَا لَا يتَكَرَّر فَعَلَيْكَ كَالْبَقَرِ وَالدَّوَابِّ فَإِنْ شَرَطَ أَحَدُهُمَا عَلَى الآخر مَالا يَلْزَمُهُ فَسَدَتْ قَالَ وَإِذَا دَخَلَ عَلَى أَدَاةٍ وَنَحْوِهَا لَا يَعْمَلُ بِهَا فِي حَائِطِ غَيْرِكَ فَإِنْ جَهِلَ أَوْ نَسِيَ مَا فِي الْحَائِطِ مِنْ ذَلِكَ وَظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ بِغَيْرِ اسْتِسْقَاءٍ وَقُلْتَ إِنَّمَا سَاقَيْتُكَ الْحَائِطَ وَحْدَهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ لِاسْتِوَاءِ الدَّعَاوِى قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا شَرَطَ عَلَيْكَ خُلْفَ مَا جَاءَ بِهِ أَوِ اشْتَرَطْتَ عَلَيْهِ خُلْفَ مَالَكَ فَلَهُ إِجَارَةُ مِثْلِهِ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ لِمُشْتَرِطِهَا قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ وَأَمَّا الدِّلَاءُ وَالْحِبَالُ فَلَهَا وَقْتٌ مَعْلُومٌ تَفْنَى فِيهِ بِخِلَافِ الدَّوَابِّ فَأَمَّا اشْتِرَاطُ الْغُلَامِ وَالدَّابَّةِ فِي الْحَائِطِ الْكَبِيرِ فَعَلَيْكَ خُلْفُ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَا فِيهِ عِنْدَ الْعَقْدِ وَإِذَا كَانَ الأجراء لَك فَعَلَيْك أجرتهم وَعَلِيهِ نَفَقَتُهُمْ لِأَنَّ عَلَيْكَ مَا يَحْفَظُ الْأَصْلَ وَعَلَيْهِ إِقَامَةُ مَا يُصْلِحُ الثَّمَرَةَ قَالَ اللَّخْمِيُّ لِلْحَائِطِ أَربع حالات فِيهِ كِفَايَته مِنَ الرَّقِيقِ وَالدَّوَابِّ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ أَوْ كِفَايَةُ بَعْضِهِ أَوْ فِيهِ أُجَرَاءٌ فَتَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ فِي الْأَوَّلِ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ وَلَا يَخْرُجُ مِنْهُ مَا فِيهِ وَلَا يَعْمُرُ بِمَا لَيْسَ فِيهِ لِأَنَّهُ الَّذِي تَنَاوَلَهُ الْعَقْدُ قَالَهُ مَالك وَابْن الْقَاسِم وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَمْ يَزِدْ وَلَا نَقَصَ مِنْ خَيْبَرَ شَيْئًا وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا لَا تَكُونُ صِفَةٌ وَاحِدَةٌ وَعَنِ ابْنِ نَافِعٍ لَا يَدْخُلُ الرَّقِيقُ إِلَّا بِالشَّرْطِ فَإِنِ اخْتَلَفَا تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا وَيَجُوزُ اشْتِرَاطُ مَا لَيْسَ فِيهِ لِأَن ذَلِك أصل الاجارة وَهُوَ الْقِيَاسُ وَقَدْ لَاحَظَ مَالِكٌ الْقِيَاسَ دُونَ السُّنَّةِ حَيْثُ جَعَلَ الْخُلْفَ عَلَيْكَ فِيمَا هَلَكَ مِنَ الرَّقِيقِ الْكَائِنِ عِنْدَ الْعَقْدِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ كِفَايَةُ الْبَعْضِ فَعَلَى الْعَامِلِ تَمَامُهُ لِلسَّنَةِ وَلِأَنَّهُ الْتِزَامُ إِصْلَاحِ الثَّمَرَةِ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ يَكُونُ لِرَبِّهِ فِيهِ وَيَجُوزُ اشْتِرَاطُ التَّمَامِ عَلَيْكَ وَإِنْ كَانَ فِيهِ أُجَرَاءُ عَلَى غَيْرِ وَجِيبَةٍ فَكَالَّذِي لَا رَقِيقَ فِيهِ أَوْ عَلَى وَجِيبَةٍ إِلَى مُدَّةٍ تَنْقَضِي فِيهَا الْمُسَاقَاةُ فَهُمْ كَرَقِيقِ الْحَائِطِ وَيَمْتَنِعُ إِخْرَاجُهُمْ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَيَجُوزُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ - وَيَسْتَعْمِلُهُمْ تَوْفِيَةً بِالْعَقْدِ وَإِنْ كَانَ انْقِضَاءُ الْإِجَارَةِ فِي نِصْفِ مُدَّةِ الْمُسَاقَاةِ فَمَا بَعْدَ الْأَمَدِ عَلَيْهِ - كَالْحَائِطِ الْخَالِي وَخُلْفُ مَنْ يَمُوتُ

عَلَيْكَ إِلَى انْقِضَاءِ أَمَدِ الْإِجَارَةِ وَحَيْثُ جَوَّزْنَا فِي الْحَائِطِ الْكَبِيرِ اشْتِرَاطَ الدَّابَّةِ وَالْغُلَامِ إِنِ اشْتَرَطَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَأَتَيْتَ بِهِ فَهَلَكَ أَوْ تَلِفَ أَخْلَفْتَهُ كَالْإِجَارَةِ أَوْ مُعَيَّنًا امْتَنَعَ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْكَ خُلْفَهُ لِأَنَّ إِطْلَاقَ الْعَقْدِ يَقْتَضِي أَنَّ عَلَيْهِ مِنَ الْعَمَلِ مَا بَعْدَهُ فَهُوَ غَرَرٌ وَلَيْسَ هَذَا كَإِجَارَةِ الْمُعَيَّنِ لِأَنَّ الْعَامِلَ لَمْ يَشْتَرِ شَيْئًا مِنْ مَنَافِعِ مَا فِي الْحَائِطِ وَإِنَّمَا يَعْمَلُونَ لَكَ وَعَنْ مَالِكٍ نَفَقَةُ الدَّوَابِّ وَالرَّقِيقِ عَلَيْكَ لِأَنَّهَا مِلْكُكَ فَتُنْفِقُ عَلَيْهِ وَهُوَ الْقِيَاسُ وَلِأَنَّ خِلَافَهُ طَعَامٌ بِطَعَامٍ إِلَى أَجَلٍ لِأَنَّ بَعْضَ الثَّمَرَةِ عِوَضٌ عَنِ المئونة وَعَلَى هَذَا تَكُونُ نَفَقَةُ الْأُجَرَاءِ عَلَيْكَ كَرَقِيقِكَ وَإِذَا سُرِقَتِ الْحِبَالُ أَوِ الدِّلَاءُ فَعَلَيْكَ خُلْفُهَا وَيُمْكِنُ مِنِ اسْتِعْمَالِ الْجَدِيدِ مَا يَرَى أَنَّهُ بَقِيَ مِنِ اسْتِعْمَالِ الْأَوَّلِ ثُمَّ تَأْخُذُهَا وَيَأْتِي هُوَ بِمَا يَسْتَعْمِلُهُ مَكَانَهَا وَعَلَيْهِ كَنْسُ الْبِئْرِ وَالْعَيْنِ وَتَنْقِيَةُ مَا حَوْلَ النَّخْلِ لِيُنْتَقَعَ فِيهِ الْمَاءُ وَبِنَاءُ الزُّرْنُوقِ وَالْقُفِّ وَإِصْلَاحِ مَا انْفَسَدَ مِنْ ذَلِكَ عَلَيْكَ لِأَنَّ عَلَيْكَ حِفْظَ الْأَصْلِ وَعَلَيْهِ إِصْلَاحُ الثَّمَرَةِ فَإِنِ اشْتَرَطْتَ عَلَيْهِ ذَلِكَ جَازَ فِيمَا قَلَّتْ نَفَقَتُهُ قَالَهُ مَالِكٌ وَقَدَّمَ الْقِيَاسَ عَلَى الْخَبَرِ وَلَهُ فِي التَّأْبِيرِ قَوْلَانِ هَلْ عَلَيْكَ أَوْ عَلَيْهِ وَقِيلَ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا فَقَوْلُهُ عَلَيْكَ أَيِ الشَّيْءُ الَّذِي يُلَقَّحُ بِهِ وَعَلَيْهِ وَضْعُهُ فِي مَوْضِعِ النَّفْعِ بِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ عَدَمَ اشْتِرَاطِ عَصْرِ الزَّيْتُونِ أَو قسمته حبابل ذكر اشتراطهما وَقَالَ مُحَمَّد ابْن سَحْنُونٍ ذَلِكَ عَلَيْكُمَا قَالَ سَحْنُونٌ وَمُنْتَهَى الْمُسَاقَاةِ جَنَاهُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الْعَصْرُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الزَّيْتُونِ فَإِنْ شَرَطَ عَلَيْكَ وَلَهُ قَدْرٌ امْتَنَعَ وَلَهُ إِجَارَةُ الْمِثْلِ وَالْمَذْهَبُ أَصْوَبُ وانما تَتَضَمَّن الْمُسَاقَاة مَا تحتاجه الثَّمَرَة قَائِمَة وَالْعَصْرُ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ وَكَذَلِكَ أَرَى فِي الدِّرَاسِ وَالسَّاقِطِ مِنَ الْبَلَحِ وَاللِّيفِ وَتِبْنِ الزَّرْعِ وَنَحْوِهَا عَلَيْكُمَا قَالَ التُّونِسِيُّ عَلَيْهِ كُلُّ مَا فِيهِ نَفْعٌ لِلثَّمَرَةِ وَلَا يَبْقَى نَفْعُهُ لَكَ أَوْ يَبْقَى مَا لَا قَدْرَ لَهُ - كَإِصْلَاَحِ الْيَسِير فِي الضفيرة وَأَمَّا سَرْوُ الشُّرْبِ وَهُوَ تَنْقِيَةُ مَا حَوْلَ النَّخْلَةِ وَأَمَّا خَمُّ الْعَيْنِ وَهُوَ كَنْسُهَا فَتَبْقَى مَنْفَعَتُهُ لَكَ فَلَا

يَلْزَمُهُ وَيَلْزَمُ بِالِاشْتِرَاطِ شَدُّ الْحِظَارِ وَهُوَ تَحْصِينُ الْجُدُرِ وَرَمُّ الْقُفِّ وَهُوَ الْحَوْضُ الَّذِي يَجْرِي مِنْهُ الْمَاءُ إِلَى الظَّفِيرَةِ كَالصِّهْرِيجِ - وَإِبَارِ النَّخْلِ وَهُوَ تَذْكِيرُهَا وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهَا لَمْ تَلْزَمْهُ - وَهِيَ عَلَيْكَ إِلَّا الْجِدَادَ وَالتَّذْكِيرَ وَسَرْوَ الشُّرْبِ فَعَلَيهِ وان لم تشترطه وانما جوز اشْتِرَاطَ عَصْرِ الزَّيْتُونِ لِخِفَّتِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ كُلُّ مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِالثَّمَرَةِ لَا يَلْزَمُ الْعَامِلَ وَيَمْتَنِعُ اشْتِرَاطُهُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمُسَاقَاةَ جُوِّزَتْ لِلضَّرُورَةِ فَلَا يَجُوزُ فِي غَيْرِ الثَّمَرَةِ إِلَّا مَا يَجُوزُ فِي الْبُيُوعِ وَالزَّائِدُ عَلَى ذَلِكَ إِمَّا إِجَارَةٌ مَجْهُولَةٌ أَوْ بَيْعُ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا وَكُلُّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالثَّمَرَةِ وَيَنْقَطِعُ بِانْقِطَاعِهَا أَوْ بَعْدَهَا بِالْيَسِيرِ فَهُوَ لَازِمٌ لَهُ وَيَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ عَلَيْهِ وَيَمْتَنِعُ مَا يَبْقَى بَعْدَهَا كَثِيرٌ - كَحَفْرِ بِئْرٍ أَوْ بِنَاء كن يُجْنَى فِيهِ أَوْ إِنْشَاءِ غَرْسٍ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ تَخْتَصُّ بِكَ فَهِيَ إِجَارَةٌ مَجْهُولَةٌ وَيَجُوزُ اشْتِرَاطُ مَا تَخِفُّ مَئُونَتُهُ كَخَمِّ الْعَيْنِ وَشَدِّ الْحِظَارِ وَيُرْوَى سَدُّ وَشَدُّ وَالْيَسِيرُ مِنْ إِصْلَاحِ الظَّفِيرَةِ وَهِيَ مَحْبِسُ الْمَاءِ كَالصِّهْرِيجِ فَإِنْ لَمْ تَشْتَرِطْ هَذِهِ الْأُمُورَ فَهِيَ عَلَيْكَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَعَلَيْهِ رم قضبة الْبِئْرِ وَأَشْطِنَتِهِ وَآلَةِ الْحَدِيدِ وَإِذَا انْقَضَى عَمَلُهُ فَذَلِكَ لَهُ وَلَا يُشْتَرَطُ عَلَيْهِ إِصْلَاحُ كَسْرِ الزُّرْنُوقِ وَيُسْتَحَبُّ إِصْلَاحُ الْقُفِّ - وَهُوَ الْحَوْضُ الَّذِي يُطْرَحُ فِيهِ الدَّلْوُ وَيَجْرِي مِنْهُ إِلَى الظَّفِيرَةِ وَعَنْهُ إِجَازَةُ اشْتِرَاطِ إِصْلَاحِ الزُّرْنُوقِ لِأَنَّ إِصْلَاحَهُ يَسِيرٌ بِخِلَافِ اشْتِرَاطِ الزُّرْنُوقِ كُلِّهِ فَإِنْ سَاقَيْتَهُ عَلَى أَنْ يَسْقِيَ وَيَقْطَعَ وَيَجْنِيَ وَيَحْرُثَهُ ثَلَاثَ حرثات فحرث حرثتين حَطَّ مِنْ نَصِيبِهِ بِنِسْبَةِ الْمَتْرُوكِ لِلْمَعْمُولِ الرُّكْنُ الرَّابِعُ مَا يُشْتَرَطُ لِلْعَامِلِ وَفِي الْجَوَاهِرِ شَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ جُزْءُ الْمُسَاقَاةِ عَلَيْهِ مَعْلُومًا بِالْجُزْئِيَّةِ لَا بِالتَّقْدِيرِ لِأَنَّهُ مَوْرِدُ السُّنَّةِ وَقِيَاسًا عَلَى الْقِرَاضِ - وَقَالَهُ (ش) وَأَحْمَدُ وَفِي الْكِتَابِ يَجُوزُ عَلَى أَنَّ جُمْلَةَ الثَّمَرَةِ لِلْعَامِلِ وَعَلَى أَيِّ جُزْءٍ كَانَ كَالرِّبْحِ فِي

الْقِرَاضِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مَالِكٌ مِنَ الْحَوَائِطِ مَا لَوِ اشْتَرَطَ صَاحِبُهُ شَيْئًا لَا يَجِدُ مِنْ يُسَاقِيهِ فَعَلَى تَعْلِيلِهِ يُجْبِرُ الْعَامِلَ عَلَى الْعَمَل أَو يسْتَأْجر من يعْمل إِلَّا أَنْ يَقُومَ دَلِيلُ الْهِبَةِ مِنْ قِلَّةِ الْمَئُونَةِ وَكَثْرَةِ الْخَرَاجِ فَلَا يُجْبِرُ عَلَى الْعَمَلِ وَيَجْرِي عَلَى أَحْكَامِ الْهِبَةِ وَمَتَى أَشْكَلَ الْأَمْرُ حُمِلَ عَلَى الْمُعَاوَضَةِ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ يَمْتَنِعُ لِأَحَدِكُمَا مَكِيلَةٌ مَعْلُومَةٌ وَالْبَاقِي بَيْنَكُمَا لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَحْصُلُ إِلَّا تِلْكَ الْمَكِيلَةُ فَهُوَ غَرَرٌ وَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَالثَّمَرَةُ لَكَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْقِرَاضِ أَثْمَرَتِ النَّخْلُ أَمْ لَا لِاسْتِيفَائِكَ مَنْفَعَتَهُ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ وَكَذَلِكَ لَهُ نَخْلَةٌ مَعْلُومَةٌ وَالْبَاقِي بَيْنَكُمَا وَلَكَ نِصْفُ الْبَرْنِيِّ وَبَاقِي الْحَائِطِ لَهُ أَوْ نَفَقَتُهُ مِنْ ثَمَرِ الْحَائِطِ وَالْبَاقِي بَيْنَكُمَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ يَجُوزُ اشْتِرَاطُ الزَّكَاةِ فِي حِصَّةِ أَحَدِكُمَا لِرُجُوعِهِ إِلَى جُزْءٍ مَعْلُومٍ فَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ بُدِئَ بِالزَّكَاةِ وَقَسَمْتُمَا الْبَاقِي فَإِنْ شَرَطْتَ عَلَيْهِ الزَّكَاةَ فَأَصَابَ أَقَلَّ مِنْ خَمْسَة أوسقٍ قِيلَ يَكُونُ عُشْرُ مَا أَصَابَ لَكَ تَوْفِيَةً بِالشَّرْطِ وَقِيلَ يَقْتَسِمَانِ مَا أَصَابَ عَلَى تِسْعَة واذا شَرط لَك نصف البرني فَلَهُ فِي الْبَرْنِيِّ مُسَاقَاةُ مِثْلِهِ وَفِي الْبَاقِي أجِير وَالْقِيَاس هَهُنَا ان كَانَ زِيَادَةً يَسْتَبِدُّ بِهَا أَحَدُكُمَا يَكُونُ لَهُ فِي ذَلِكَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَالثَّمَرَةُ لَكَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْقِرَاضِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مَالِكٌ يَمْتَنِعُ لَك من كل نَخْلَة تنوء بِخِلَافِ لَكَ مَنْ كُلِّ نَخْلَةٍ كَيْلٌ وَتَمْتَنِعُ مُسَاقَاةُ حَائِطَيْنِ بِثَمَرَةٍ أَحَدُهُمَا لَهُ وَالْآخِرُ لَكَ لِأَنَّهُ قد يرطب حَائِطه وَهُوَ أجِير فيهمَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ ثَمَرَةُ هَذَا الْحَائِطِ بَيْنَكُمَا وَالْآخَرُ لَكَ أَوْ لَهُ وَيَخْتَلِفُ فِيمَا بَيْنَكُمَا هَلْ لَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ أَوْ مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ قَالَ وَأَرَى لَهُ الْأَقَلَّ مِنَ الْمُسَمَّى أَوْ إِجَارَةَ الْمِثْلِ - إِنْ شَرَطْتَ

الْمُنْفَرِدَ لَكَ وَإِنْ شَرَطَهُ لَهُ فَالْأَكْثَرُ مِنَ الْمُسَمَّى أَوْ إِجَارَةِ الْمِثْلِ وَمَنَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ مُسَاقَاة الْحَائِط خمس سِنِين فِيهَا بَيَاض فاشترطته أَوَّلَ سَنَةٍ لَهُ وَهُوَ لَكَ بَاقِي السِّنِينَ لِلْغَرَرِ فَقَدْ تَتَعَذَّرُ الزِّرَاعَةُ بَعْدَ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ حائطان بيعملهما سَنَةً ثُمَّ يُرَدُّ أَحَدُهُمَا وَيَعْمَلُ فِي الْآخَرِ سَنَةً فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ تَقْتَسِمَانِ سَوَاقِطَ النَّخْلِ مِنْ بَلَحٍ وَغَيْرِهِ وَالْجَرِيدِ وَاللِّيفِ وَتِبْنِ الزَّرْعِ عَلَى شَرْطِكُمَا فَرْعٌ - فِي الْجَوَاهِرِ تَمْتَنِعُ الْمُسَاقَاةُ أَرْبَعَ سِنِينَ سَنَتَيْنِ عَلَى النِّصْفِ وَسَنَتَيْنِ عَلَى الرُّبُعِ لِلْغَرَرِ بِفَوَاتِ أَحَدِهِمَا بِجَائِحَةٍ مَعَ الْعَمَلِ فِي الْآخَرِ وَيَمْتَنِعُ حَائِطٌ بِمَوْضِعٍ مَرْغُوبٍ فِيهِ مَعَ آخَرَ إِلَّا بِجُزْءٍ وَاحِدٍ كَمَا اتَّفَقَ فِي خَيْبَر الرُّكْن الْخَامِس الصِّيغَة الصِّيغَةُ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ لَا تَنْعَقِدُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إِلَّا بِلَفْظِ الْمُسَاقَاةِ لِأَنَّهَا أَصْلٌ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهَا كَمَا لَا تَنْعَقِدُ الْإِجَارَةُ بِلَفْظِ الْمُسَاقَاةِ فَلَوْ قَالَ اسْتَأْجَرْتُكَ عَلَى عَمَلِ حَائِطِي بِنصْف من الثَّمَرَة وَعَنْ مَالِكٍ جَوَازُ الْإِجَارَةِ بِلَفْظِ الْمُسَاقَاةِ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَصَحُّ لِاخْتِلَافِ الْبَابَيْنِ وَفِي الْجَوَاهِرِ تَنْعَقِدُ بِقَوْلِهِ سَاقَيْتُكَ عَلَى مَا فِي النَّخْلِ بِالنِّصْفِ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ سَاقَيْتُكَ فَيَقُولُ قَبِلْتُ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِنَ الْقَوْلِ أَوِ الْفِعْلِ لِأَنَّ مَطْلُوبَ الشَّرْعِ مَا يَدُلُّ عَلَى الرضى وَاخْتلف

- الباب الثاني في أحكامها

فِي لَفْظِ الْإِجَارَةِ فَأَبْطَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِمُبَايَنَةِ الْبَابَيْنِ بِالْمُسَامَحَةِ فِي الْغَرَرِ وَنَفْيِهِ وَجَوَّزَهُ سَحْنُونٌ لِأَن كيلهما عُقِدَ عَلَى مَنَافِعَ وَلَا يُشْتَرَطُ تَفْصِيلُ الْأَعْمَالِ بَلْ يُحْمَلُ عَلَى الْعَادَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ مَالِكِ جَوَازُ مُسَاقَاةِ نَخْلٍ بِثَمَرٍ مِنْ نخل آخرى مُزْهِيَةٍ فَجَعَلَهُ إِجَارَةً وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى لَفْظِ الْمُسَاقَاةِ وَابْنُ الْقَاسِمِ يَمْنَعُ لِأَنَّ الْجَائِحَةَ فِي الْمُسَاقَاةِ تُذْهِبُ عَمَلَهُ بَاطِلًا وَفِي الْإِجَارَةِ لَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فَهُمَا بَابَانِ مُتَبَايِنَانِ 2 - الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ وَفِي لُزُومِهَا بِالْعَقْدِ أَقْوَالٌ ثَالِثُهَا سَحْنُونٌ أَوَّلُهَا لَازِمٌ كَالْإِجَارَةِ وَآخِرُهَا إِذَا عَجَزَ كَالْجَعْلِ لِأَنَّ الْجَعْلَ إِذَا عَجَزَ فِيهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ تَلْزَمُ بِالْقَوْلِ بِخِلَافِ الْقِرَاضِ وَقَالَهُ (ش) وَقِيلَ الْمُزَارِعَةُ كَذَلِكَ وَقِيلَ لَا تَنْعَقِدُ وَلَا تلْزم الا بِالْعَمَلِ وَقيل تَنْعَقِد وَتلْزم بِالشُّرُوعِ وَلَا تَلْزَمُ الشَّرِكَةُ بِاللَّفْظِ وَلَا بِالْعَمَلِ وَاخْتُلِفَ بِمَاذَا تَنْعَقِدُ هَلْ بِاللَّفْظِ أَوْ بِالْعَمَلِ قَوْلَانِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ لَا تَلْزَمُ الْمُسَاقَاة بِالْعقدِ وَكَذَلِكَ الْمُزَارعَة لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي مُسْلِمٍ لِيَهُودَ نُقِرُّكُمْ عَلَى ذَلِكَ مَا شِئْنَا لَمَّا سَأَلُوهُ الْمُسَاقَاةَ عَلَى الشَّطْرِ وَلَوْ كَانَتْ لِلذِّمَّةِ لَمْ تَجُزْ بِغَيْرِ تَقْدِيرِ مُدَّةٍ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خبْرَة وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْقِرَاضِ وَهُوَ أَوْلَى مِنَ الْقِيَاسِ عَلَى الْإِجَارَةِ لِأَنَّ كِلَيْهِمَا عُقِدَ ضَرُورَةً فَالشَّبَهُ أَقْوَى وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمُدَّةَ كَانَتْ تُجَدَّدُ وَلَمْ يَتَعَرَّضِ الرَّاوِي لِنَفْيِ ذَلِكَ فَيَجِبُ اعْتِقَادُهُ جُمْلَةً لِتَصَرِّفِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَالا جَهَالَةَ فِيهِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ نُقِرُّكُمْ عَلَى ذَلِكَ مَا شِئْنَا أَيْ فِي الْمُعَامَلَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الْعُقُودِ الْمُتَجَدِّدَةِ

وَعَنِ الثَّانِي الْفَرْقُ بِأَنَّ أَرْبَاحَ الْقِرَاضِ مَنُوطَةٌ بِالْأَسْوَاقِ وَهِيَ غَيْرُ مُنْضَبِطَةٍ فِي مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ فَكَانَت غَايَة نَضُوضِ الْمَالِ وَغَايَةُ الْمُسَاقَاةِ الْجِدَادُ وَمَا تَجَدَّدَ مِنَ الْمُدَّةِ وَيَكُونُ آخِرُهَا الْجِدَادَ فَلَا يَخْتَلُّ مَقْصُودُهَا فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ تَمْتَنِعُ الْمُسَاقَاةُ فِيهَا الْبَيَاضُ الْيَسِيرُ عَلَى أَنْ يَزْرَعَهُ بِبَذْرِهِ أَوْ ببذرك وَيعْمل فِيهِ عَلَى أَنَّ مَا تُنْبِتُهُ لَكَ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ تَخُصُّكَ فَهِيَ زِيَادَةٌ فِي الْغَرَرِ وَيَمْتَنِعُ اشْتِرَاطُهُ نِصْفَ الْبَذْرِ عَلَيْكَ أَوْ حَرْثَ الْبَيَاضِ وَإِنْ جُعِلَ الزَّرْعُ بَيْنَكُمَا وَيَجُوزُ أَنْ يَزْرَعَهُ مِنْ عِنْدِهِ وَيَعْمَلَهُ وَمَا يَنْبُتُ بَيْنَكُمَا كَالْمُسَاقَاةِ وَإِلْغَاءِ الْبَيَاضِ الْيَسِيرِ أَحْسَنُ كَمَا أُلْغِيَ فِي خَيْبَرَ وَكَانَ يَسِيرًا وَإِنْ كَانَ فِي الزَّرْعِ مَا يَشْغَلُهُ قَدْرٌ يَسِيرٌ وَتَبَعٌ لَهُ جَازَ اشْتِرَاطُهُ لِنَفْسِهِ لِيَزْرَعَهُ كَبَيَاضِ النَّخْلِ وَإِنْ كَانَ فِي زَرْعِ شَجَرٍ مُتَفَرِّقٍ تَبَعٌ لَهُ جَازَ أَنْ تَشْتَرِطَ عَلَى مَا يَشْتَرِطُ فِي الزَّرْعِ وَلَا يَشْتَرِطُهُ لِنَفْسِهِ وَإِنْ قُلْتَ بِخِلَافِ الْبَيَاضِ وَلَا يَجُوزُ عَلَى أَنَّ ثَمَرَهَا لِأَحَدِكُمَا بَلْ بَيْنَكُمَا عَلَى جُزْءِ الزَّرْعِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ جَوَّزَ ابْنُ حَبِيبٍ أَنْ تَشْتَرِطَ بَيَاضَ الْحَائِط لنَفسك إِنْ كَانَ بَعْلًا أَوْ يُسْقَى بِغَيْرِ مَاءِ الْحَائِطِ قَالَ مُحَمَّدٌ فَإِنْ سَكَتَا عَنْهُ عِنْدَ الْعَقْدِ فَهُوَ لَهُ وَكَذَلِكَ إِنْ سَكَتَا عِنْدَ الْعَقْدِ وَتَشَاحًّا عِنْدَ الزِّرَاعَةِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا كَانَ الْبَيَاضُ يَسِيرًا سُوقِيَ بِالْجُزْءِ وَإِلَّا اكْتُرِيَ بِالذَّهَبِ أَوِ الْوَرِقِ وَكَانَ بَيَاضُ خَيْبَرَ يَسِيرًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ إِلْغَاءُ الْبَيَاضِ لَهُ أَحَلُّ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ شَرَطْتَهُ لِنَفْسِكَ امْتَنَعَ لِأَنَّهَا إِجَارَةٌ مَجْهُولَةُ الْأُجْرَةِ فَإِنِ ادَّعَيْتَ قَبْلَ الْعَمَلِ اشْتِرَاطَهُ لِنَفْسِكَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ تَحَالَفْتُمَا وَتَفَاسَخْتُمَا كَدَعْوَى نَزْعِ رَقِيقِ الْحَائِطِ عَلَى الْقَوْلِ بِلُزُومِ الْمُسَاقَاةِ بِاللَّفْظِ وَقَالَ مَالِكٌ إِنْ زَرَعَهُ بِغَيْرِ شَرْطٍ وَلَمْ تُنْكِرْ عَلَيْهِ فَعَلَيهِ كِرَاء

الأَرْض وَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ إِنَّمَا يُرَاعَى كَوْنُهُ تَبَعًا لِثَمَرَةِ جَمِيعِ الْحَائِطِ إِنِ اشْتَرَطْتُمَا أَنَّ مَا يَنْبُتُ فِيهِ بَيْنَكُمَا فَأَمَّا إِنْ أُلْغِيَ لَهُ فَإِنَّمَا يُرَاعى مَا هُوَ تبع لحصته خَاصَّةً وَعَنْ مَالِكٍ إِنْ أُجِيحَتِ الثَّمَرَةُ وَقَدْ زَرَعَ الْعَامِلُ الْبَيَاضَ فَلَهُ كِرَاؤُهُ وَلَوْ عَجَزَ الدَّاخِلُ عَنِ الْأَصْلِ عَلَيْهِ كِرَاءُ الْمِثْلِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا شَرَطْتَ الْعَمَلَ وَالْبَذْرَ عَلَيْهِ وَمَا يَنْبُتُ لَكَ فَلَهُ مُسَاقَاةُ مِثْلِهِ وَمَا يَنْبُتُ لَهُ لِقُوَّةِ سَبَبِهِ بِالْبَذْرِ وَالْعَمَلِ وَإِنْ شَرَطْتَ الْبَذْرَ مِنْ عِنْدِكَ وَالْعَمَلَ عَلَيْهِ عَلَى أَنَّ مَا يَنْبُتُ لَكَ فَمُسَاقَاةُ الْمِثْلِ وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ فِي عَمَلِ الْبَيَاضِ وَالزَّرْعُ لَكَ لِقُوَّةِ سَبَبِكَ بِالْبَذْر قَالَ وَالْأَصْلُ أَنْ يَكُونَ أَجِيرًا قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَوْ شَرَطْتَ الْبَيَاضَ لِلْعَامِلِ وَعَلَيْكَ الْبَذْرُ امْتَنَعَ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ لَهُ وَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَقَالَ أَصْبَغُ مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا كَانَ الشَّجَرُ تَبَعًا لِلْأَرْضِ وَالزَّرْعُ تَبَعٌ لِلشَّجَرِ أَنَّهُ بِخِلَافِ الْبَيَاضِ وَكِرَاءِ الْأَرْضِ وَلَا يُلْغَى لِلْعَامِلِ وَيَمْتَنِعُ إِلَّا عَلَى مُسَاقَاةٍ وَاحِدَةٍ كَأَصْنَافٍ فِي حَائِطٍ وَعَنْ مَالِكٍ جَوَازُ إِلْغَائِهِ لِلْعَامِلِ إِنْ كَانَ تَبَعًا كَمُكْتَرِي الدَّارِ وَالْأَرْضُ فِيهَا نَخْلٌ تَبَعٌ شَرَطَ ثَمَرَتَهَا فَهِيَ لَهُ وَلَا يَكُونُ بَيْنَكُمَا فَإِنْ شَرَطَ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْبَيَاضِ الَّذِي هُوَ تَبَعٌ مَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ بَلْ إِمَّا مُسَاقَاةٌ وَاحِدَةٌ بَيْنَكُمَا أَوْ يُلْغَى لِلْعَامِلِ وَأَجَازَهُ أَصْبَغُ قِيَاسًا عَلَى اشْتِرَاطِ الْكُلِّ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَكْثَرُهُ لَكَ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَكَ اشْتِرَاطُ كُلِّهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ مَتَى كَانَ أَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ امْتَنَعَ إِدْخَالُهُ فِي الْمُسَاقَاةِ وَجَازَ إِبْقَاؤُهُ لَكَ وَإِنْ سَكَتُّمَا عَنْهُ عِنْدَ الْعَقْدِ صَحَّ وَهُوَ لَكَ وَإِنْ كَانَ الثُّلُثَ فَأَقَلَّ جَازَ إِدْخَالُهُ فِي الْمُسَاقَاةِ لِأَنَّ بَيَاضَ خَيْبَرَ كَانَ تَبَعًا فَإِنْ سَكَتُّمَا عَنْهُ قَالَ مَالِكٌ هُوَ لَكَ فَإِنْ زَرَعَهُ بِغَيْرِ عِلْمِكَ فَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْمِثْلِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ هُوَ لَهُ لِأَنَّهَا سنته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي خَيْبَرَ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ بُنِيَ الزَّرْعُ الْفَاسِدُ عَلَى الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ إِنَّ الزَّرْعَ لِمَنْ لَهُ الْبَذْرُ قَالَ وَأَرَى أَنَّ الزَّرْعَ لَهُ إِذَا زَرَعَ عَلَى أَنْ لَا

شَرِكَةَ لَكَ أَوْ عَلَى أَنْ يَكُونَ الزَّرْعُ لَكَ قَالَ وَإِنْ بَذَرَ مِنْ عِنْدِهِ لِأَنَّكَ إِنَّمَا اشْتَرَيْتَ مِنْهُ الْبَذْرَ شِرَاءً فَاسِدًا وَأَمَرْتَهُ بجعله فِي أَرْضك وَعَلَيْك مثل مَا بذر وَأُجْرَةُ الْعَمَلِ وَيَكُونُ الزَّرْعُ لَهُ وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ عِنْدِكَ وَزَرَعَهُ لِنَفْسِهِ فَهُوَ لَهُ وَعَلَيْهِ مِثْلُ الْبَذْرِ وَكِرَاءُ الْأَرْضِ لِأَنَّهُ اشْتَرَى مِنْكَ الْبَذْرَ شِرَاءً فَاسِدًا وَفِي الْكِتَابِ يَمْتَنِعُ فِي الْبَيَاضِ التَّبَعِ أَنْ يُشْتَرَطَ أَوَّلُ سَنَّةٍ لِلْعَامِلِ ثُمَّ بَاقِي السِّنِينَ لَكَ لِأَنَّهُ غَرَرٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فَإِنْ نَزَلَ فَلَهُ مُسَاقَاةُ مِثْلِهِ فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ عَلَى أَنَّ الْبَيَاضَ لَهُ وَمُسَاقَاةُ الْمِثْلِ فِيمَا بَعْدُ عَلَى أَنَّ الْبَيَاضَ لَكَ فَيَكُونُ فِي الأول النّصْف مثلا وَفِي الْأَخير الثُّلُثَانِ وَعَلَى مَذْهَبِ مُحَمَّدٍ أَجِيرٌ فِي السِّنِينَ كُلِّهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ مَتَى كَانَ الْبَيَاضُ أَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ امْتَنَعَ دُخُولُهُ فِي الْمُسَاقَاةِ وَإِلْغَاؤُهُ لَهُ بَلْ لَكَ أَوْ أَقَلُّ وَسَكَتُّمَا عَنْهُ فَلَهُ عِنْدُ مَالِكٍ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ بِشَرْطِ ان لَا تَزِيدَ قِيمَتُهُ عَلَى ثُلُثِ نَصِيبِهِ وَظَاهِرُ قَوْلِ مَالك ان لَا تَزِيدَ قِيمَتُهُ عَلَى ثُلُثِ الْجَمِيعِ وَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ أَنَّهُ لَكَ إِذَا سَكَتُّمَا عَنْهُ تَمْهِيدٌ يُحْذَرُ فِي الْبَيَاضِ مِنْ أُمُورٍ أَحَدُهَا كِرَاءُ الْأَرْضِ بِمَا تُنْبِتُ وَثَانِيهَا اشْتِرَاطُ زِيَادَةٍ لَك أَوله فانه زِيَادَة غرر فِي الْمُسَاقَاة لاحْتِمَال أَن لَا يَحْصُلَ مَا يُقَابِلُ تِلْكَ الزِّيَادَةَ أَوْ يَحْصُلُ لَكِنْ لَا يُعْلَمُ مِقْدَارُهُ وَثَالِثُهَا الشَّرِكَةُ الْفَاسِدَةُ فِي الزَّرْعِ بِأَنْ تُقَابِلَ الْأَرْضَ أَوْ بَعْضَهَا بالبذر أَو بعضه فاذا ألغى لِلْعَامِلِ وَهُوَ تَبَعٌ سَلِمَ مِنْ هَذَا كُلِّهِ فَائِدَةٌ - إِنَّمَا سُمِّيَ الْخَالِي مِنَ الْأَرْضِ بَيَاضًا وَالْمَزْرُوعُ سَوَادًا لِأَنَّ الْأَرْضَ

مُشْرِقَةٌ بِضَوْءِ الشَّمْسِ بِالنَّهَارِ وَبِنُورِ الْكَوَاكِبِ بِاللَّيْلِ فَالْأَرْضُ كُلُّهَا بَيَاضٌ - بِسَبَبِ ذَلِكَ فَإِذَا قَامَ فِيهَا قَائِمٌ حَجَبَ عَنْكَ مَا وَرَاءَهُ مِنَ الْإِشْرَاقِ فَتَصِيرُ جِهَتُهُ سَوَادًا فَسُمِّيَ كُلُّ قَائِمٍ سَوَادًا وَمَا عَدَاهُ بَيَاضًا وَكَذَلِكَ تَقُولُ الْعَرَبُ بَينا نَحن سوادا جُلُوسٌ إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا سَوَادٌ فَيُسَمُّونَ كُلَّ قَائِمٍ فِي الْأَرْضِ سَوَادًا لِمَا تَقَدَّمَ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ مُسَاقَاةُ مَا لَمْ يَرَهُ مِنْ ثَمَرِ نَخْلٍ أَوْ شَجَرٍ قِيَاسًا عَلَى الَّذِي يَظْهَرُ وَمَنْعَهُ (ش) قِيَاسًا عَلَى بَيْعِ الْغَائِبِ وَنَحْنُ نَمْنَعُ حُكْمَ الْأَصْلِ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ لَا يَأْكُلُ الْعَامِلُ مِنَ الثَّمَرِ شَيْئًا لِأَنَّهُ مُشْتَرَكٌ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا أَزْهَى بَعْضُ الْحَائِطِ امْتَنَعَتْ مُسَاقَاتُهُ لِجَوَازِ بَيْعِهِ حِينَئِذٍ فَلَا ضَرُورَةَ وَإِذَا عَجَزَ الْعَامِلُ وَقَدْ حَلَّ بَيْعُهَا لَا يُسَاقِي غَيْرَهُ وَيَسْتَأْجِرُ مَنْ يَعْمَلُ مَعَهُ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ إِلَّا بَيْعُ نَصِيبِهِ فَعَلَ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلَهُ وَإِنْ نَقَصَ فَفِي ذِمَّتِهِ إِلَّا أَنْ تَرْضَى أَنْتَ بِأَخْذِهِ وَتُعْفِيَهُ مِنَ الْعَمَلِ فَذَلِكَ لَكَ وَلِمُسَاقِي الزَّرْعِ وَالثَّمَرِ مُسَاقَاةُ غَيْرِهِ فِي مِثْلِ أَمَانَتِهِ فَإِنْ سَاقَى غَيْرَ أَمِينٍ ضَمِنَ قَالَ ابْنُ أَبِي سَلَمَةَ الْمُسَاقَاةُ بِالنَّقْدَيْنِ كَبَيْعِ مَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَرْبَحَ فِي الْمُسَاقَاةِ إِلَّا ثَمَرًا مِثْلَ أَخْذِهِ عَلَى النِّصْفِ وَإِعْطَائِهِ عَلَى الثُّلُثَيْنِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا قُلْتَ اسْتَأْجِرْ عَلَيْكَ لِتَمَامِ الْعَمَلِ وَأَبِيعُ مَا صَارَ لَك من الثَّمَرَة وَأسْتَوْفي مَا أَدَّيْتَ وَالْفَاضِلُ لَهُ

وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَكَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْعَمَل كَانَ لَازِما لَهُ وَلَوْ قُلْتَ لَهُ خُذْ مَا أَنْفَقْتَ وَاخْرُجِ امْتَنَعَ وَإِنْ رَضِيَ كَأَنَّهُ بَاعَ نَصِيبَهُ مِنَ الثَّمَرَة قبل بَدو صَلَاحه وان اجْتَمَعْتُمَا عَلَى بَيْعِ الزَّرْعِ أَوِ الثَّمَرِ قَبْلَ طِيبِهِ وَزَهْوِهِ مِمَّنْ يَحْصُدُهُ أَوْ يَجِدُهُ جَوَّزَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِذَا أَخَذَ عَلَى النِّصْفِ وَأَعْطَى عَلَى الثُّلُثَيْنِ فَعَلِمْتَ بِذَلِكَ فَأَنْتَ أَحَقُّ بِنِصْفِ الثَّمَرَةِ وَيَرْجِعُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ بِمَا بَقِيَ لَهُ - قَالَهُ مَالِكٌ وَتَجُوزُ لَهُ مُسَاقَاتُكَ بِأَقَلَّ مِمَّا أَخَذَ إِذَا لَمْ تَطْلُبِ الثَّمَرَةَ كَالْأَجْنَبِيِّ وَيَمْتَنِعُ بِمَكِيلَةٍ مُسَمَّاةٍ وَبِثَمَرَةِ نَخْلَةٍ مَعْرُوفَةٍ كَأَصْلِ الْمُسَاقَاةِ وَبِأَكْثَرَ مِمَّا أَخَذَ مِنْكَ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ يُعْطِيكَ مِنْ حَائِطٍ آخَرَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَقَدْ أَجَازَ الدَّفْعَ بِالْأَكْثَرِ لِلْأَجْنَبِيِّ مَعَ أَنَّهُ يُعْطي من حَائِط آخر فَيجوز هَهُنَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ يُعْطِيكَ مِنْ حَائِطٍ آخَرَ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ فَلَوْ كَانَ عَالِمًا امْتَنَعَ فِيهِمَا وَإِذَا رَجَعَ الْأَجْنَبِيّ عَلَيْهِ بعد أخذك الْفَاضِل مَالِهِ وَهُوَ الرُّبُعُ مَثَلًا رَجَعَ بِرُبُعِ قِيمَةِ إِجَارَتِهِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَجُوزُ لَكَ أَنْ تَقُولَ لَهُ اخْرُجْ مِنَ الْحَائِطِ وَلَكَ رُبُعُ الثَّمَرَةِ - إِذَا طَابَتْ وَيَجُوزُ إِعْطَاؤُكَ قَبْلَ الطِّيبِ جُزْءًا شَائِعًا بِخِلَافِ كَيْلٍ مُعَيَّنٍ لِأَنَّهَا قَدْ تعطب بالجوانح فَهُوَ غَرَرٌ بِخِلَافِ الْجُزْءِ وَعَنْ مَالِكٍ إِنْ لَمْ يَعْمَلْ جَازَ إِعْطَاؤُهُ جُزْءًا شَائِعًا وَيَمْتَنِعُ بعد الْعَمَل لِأَنَّهُ أَعْطَيْتَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ عَمَلِهِ مِنَ الثَّمَرَةِ مَا جعلت لَهُ مِنْهَا وَهُوَ مَجْهُول وكأنك أَعْطَيْتَهُ الْجُزْءَ الْمَجْهُولَ عَنْ أَشْهُرٍ مَضَتْ وَهِيَ مَعْلُومَةٌ فَهِيَ إِجَارَةٌ بِأُجْرَةٍ مَجْهُولَةٍ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا تَرَكَ وَدَفَعَ لَكَ جَعْلًا مِنْ غَيْرِ مَا سَاقَى عَلَيْهِ قَبْلَ الْجِدَادِ أَوْ بَعْدَهُ رَدَدْتَ الْجَعْلَ وَرَجَعَ لِمُسَاقَاتِهِ وَعَلَيْهِ

لَكَ أَجْرُ الْعَمَلِ بَعْدَ الرَّدِّ وَلَوْ كَانَا اثْنَيْنِ فَسَلَّمَ أَحَدَهُمَا لِصَاحِبِهِ بِجُزْئِهِ مِنَ الثَّمَرَةِ جَازَ وَكَذَلِكَ الْمَالِكَانِ لِأَنَّهَا مُسَاقَاةٌ فَلَوْ كَانَا حَائِطَيْنِ - لِعَامِلَيْنِ أَوْ مَالِكَيْنِ امْتَنَعَ إِخْرَاجُ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ بِجُزْءٍ مِنْ ثَمَرِ أَحَدِ الْحَائِطَيْنِ - لِلْغَرَرِ وَيَجُوزُ بِجُزْءٍ مِنْهُمَا وَإِذَا بِعْتَ الْحَائِطَ امْتَنَعَ إِخْرَاجُ الْمُشْتَرِي بِشَيْءٍ تُعْطِيهِ لَهُ كَمَا يَمْتَنِعُ مِنْكَ لِأَنَّهُ انْتَقَلَ إِلَيْهِ بِالْعَقْدِ مَا كَانَ لَكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَجُوزُ الْبَيْعُ بَعْدَ الْمُسَاقَاةِ كَمَا يَجُوزُ بَعْدَ الْإِجَارَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ أَبَرْتَ الثَّمَرَةَ أَوْ طَابَتْ جَازَ عَلِمَ الْمُبْتَاعُ أَمْ لَا وَإِلَّا امْتَنَعَ عَلِمَ أَمْ لَا لِامْتِنَاعِ اسْتِيفَائِكَ شَيْئًا مِنَ الثَّمَرَةِ قَبْلَ التَّأْبِيرِ قَالَ اللَّخْمِيُّ تَجُوزُ مُسَاقَاةُ النَّخْلِ الْكَبِيرِ الْبَالِغِ حَدَّ الْإِطْعَامِ عَجَزَ عَنْهُ صَاحِبُهُ أَمْ لَا كَانَتْ فِيهِ ثَمَرَةٌ أَمْ لَا - السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ وَتَمْتَنِعُ فِي الَّذِي لَمْ يُطْعَمُ وَالْكَثِيرِ الَّذِي فِيهِ ثَمَرٌ قَدْ بَدَا صَلَاحُهُ - عَلَى اخْتِلَافٍ فِيهِ وَتَمْتَنِعُ فِي عَقْدِ مَا بَدَا صَلَاحُهُ وَمَا لَمْ يَبْدُ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ يَجُوزُ مِنْهَا الْأَوَّلُ دُونَ الثَّلَاثَةِ وَإِذَا أَزْهَى بَعْضُ الْحَائِطِ وَلَيْسَ بِبَاكُورٍ وَهُوَ جِنْسٌ وَاحِدٌ جَازَ بَيْعُ جَمِيعِهِ وَتَمْتَنِعُ مُسَاقَاتُهُ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْكِتَابِ وَعَنْهُ جَوَازُ مُسَاقَاةِ حَائِطٍ بِثَمَرٍ مِنْ حَائِطٍ آخَرَ عَلَى أَنَّ لَكَ جُزْءًا مِنَ الثَّمَرَةِ وَكَانَ ذَلِكَ بَعْدَ طِيبِ الثَّمَرَةِ الَّتِي يُعْطِي مِنْهَا وَكَانَ السَّقى مَعْرُوفًا بِمَنْزِلَةِ الْأُجْرَةِ وَهِيَ إِجَارَةٌ وَإِذَا كَانَ الَّذِي طَابَ بَاكُورًا بَعِيدَ اللُّحُوقِ وَسَاقِيَتَهُ عَلَى جَمِيعِ الْحَائِطِ وَيَأْخُذُ الْجُزْءَ مِمَّا طَابَ خَاصَّةً جَازَ وَهُوَ إِجَارَةٌ كَإِعْطَائِكَ حَائِطَيْنِ طَابَ أَحَدُهُمَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ مِمَّا طَابَ وَتَمْتَنِعَ مُسَاقَاتُهُمَا وَتَأْخُذَ مِمَّا لم

يطب أَو مِنْهُمَا لِأَنَّهَا مُسَاقَاةٌ لَا إِجَارَةٌ وَإِنْ كَانَ يَسْقِي مَا طَابَ وَحْدَهُ وَيَأْخُذُهُ مِنْهُ جَازَ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ لمَالِك أَو يسْقِي مالم يَطِبْ مِنْهُ - جَازَ اتِّفَاقًا أَوْ يَسْقِي الْجَمِيعَ وَيَأْخُذُ مِمَّا لَمْ يَطِبْ وَهُوَ الْأَكْثَرُ وَالَّذِي طَابَ يسير مختلط بِمَا لَمْ يَطِبْ فَهَذِهِ سِتَّةُ أَحْوَالٍ لِطِيبِ بَعْضِ الْحَائِطِ وَعَنْ مَالِكٍ تَجُوزُ مُسَاقَاةُ نَخْلِكِ مَعَك رمان طَابَ يضيق بِالنَّخْلِ يشرب مَعَهَا وَهُوَ لَكَ وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ فِي جَوَازِ مُسَاقَاة مَا يسقيها بِمَاء البَائِع مَا لم يَكُنْ فِي الْحَائِطِ رَقِيقٌ وَلَا دَوَابُّ أَوْ كَانُوا وَشَرْطُ طَعَامِهِمْ عَلَيْكَ وَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ فَسَدَ لِأَنَّهُ طَعَامٌ بِطَعَامٍ مُسْتَأْخِرٍ وَعَلَى قَوْلِهِ فِي مُسَاقَاةِ مَا صَلَحَ إنَّهَا إِجَارَةٌ تَكُونُ الْجَائِحَةُ قَبْلَ الْيُبْسِ مِنْكَ وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ إِجَارَتِهِ فِي جَمِيعِ الثَّمَرَةِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَسْقِيهَا بِمَاءِ الْبَائِعِ وَعَمَلُهُ فِي ذَلِكَ تَبَعٌ وَإِذَا مَاتَ قَبْلَ تَمَامِ الْعَمَلِ مُوسِرًا اسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ من مَاله حَتَّى يكمل الْعَمَل رَضِيَ الْوَارِثُ أَمْ لَا لِأَنَّ الْعَمَلَ مَضْمُونٌ فِي ذمَّته فان لم يخلفا مَالًا وَعَجَزَ الْوَارِثُ عَنِ الْقِيَامِ سَلَّمَ الْحَائِطُ لَكَ وَلَا شَيْءَ لِلْوَارِثِ قَالَهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ لِشِبْهِ الْمُسَاقَاةِ بِالْجَعَالَةِ قَالَ وَالْقِيَاسُ أَنْ يكون لَهُ اذا عجز ولوارثه بِقدر مَا انْتَفَعْتَ بِهِ مِنَ الْعَمَلِ إِذَا تَمَّمْتَ الْعَمَلَ وَسَلَّمْتَ الثَّمَرَةَ قِيَاسًا عَلَى قَوْلِهِ فِي حَافِرِ الْبِئْرِ إِذَا تَرَكَهُ فِي الْجَعَالَةِ فَأَجَّرْتَ غَيْرَهُ إَنَّ لِلْأَوَّلِ بِقَدْرِ مَا انْتَفَعْتَ بِهِ وَلَهُ أَنْ يُسَاقِيَكَ عَلَى مِثْلِ الْجُزْءِ فَإِنِ اسْتَفْضَلَ شَيْئًا وَلَمْ يَعْمَلْ جَازَ فَإِنْ عَمِلَ فَظَاهر الْمُدَوَّنَة الْجَوَاز وَمنعه فِي العتيبة لِلتُّهْمَةِ أَنْ يَكُونَ عَمِلَ عَلَى أَنْ يَسْقِيَ شَهْرًا ثُمَّ يُعِيدَهُ - قَبْلَ الطِّيبِ وَيَأْخُذَ جُزْءًا بَعْدَ الطِّيبِ وَإِذَا انْقَضَى الْعَامُ الْأَوَّلُ جَازَتِ الْإِقَالَةُ إِذَا لَمْ يَعْمَلْ فِي الثَّانِي شَيْئًا فَإِنْ عَمِلَ وَتَقَايَلْتُمَا فَعَلَى قَوْلِهِ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَا تَجُوزُ الْإِقَالَةُ إِلَّا قَبْلَ

الْعَمَلِ وَمُوَافَقَةِ الْجُزْءِ وَإِذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ خَائِنٌ أَوْ سَارِقٌ سُرِّحَ فِي الْمُسَاقَاةِ أَوْ إِجَارَةِ الدَّارِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَخْرُجَانِ وَيُتَحَفَّظُ مِنْهُمَا قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ ذَلِكَ عَيْبٌ فِيهِمَا وَيُعْجَزُ عَنْ تَحَفُّظِهِمَا قَالَ وَأَرَى أَنْ تُكْرَى الدَّارُ وَتُسَاقِيَ عَلَيْهِ بِالْعَيْنِ أَوْ تَسَاقِيَهُ - الْخِيَارُ لَكَ فَرْعٌ - فِي الْجَوَاهِرِ الْمُسَاقَاةُ الْفَاسِدَةُ إِذَا أُدْرِكَتْ قَبْلَ الشُّرُوعِ فُسِخَتْ أَوْ بَعْدَ الْفَرَاغِ فَفِي الْوَاجِبِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ أُجْرَةُ الْمِثْلِ مُسَاقَاة الْمثل مُطلقًا مَا لم نَكُنْ أَكْثَرَ مِنَ الْمُشْتَرِطِ إِنْ كَانَ الشَّرْطُ لِلْمُسَاقِي أَوِ الْأَقَلَّ إِنْ كَانَ الشَّرْطُ لِلْمُسَاقِي - التَّفْصِيلُ لِابْنِ الْقَاسِمِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ إِنْ خَرَجَا إِلَى الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ أَوْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا كَاشْتِرَاطِ أَحَدِهِمَا زِيَادَةً مِنْ عَيْنٍ أَوْ عَرْضٍ أَوْ غَيْرِهِمَا فَالْمَالِكُ مُسْتَأْجِرٌ بِأُجْرَةٍ فَاسِدَةٍ وَالْعَامِلُ مُشْتَرٍ لِلثَّمَرَةِ بِمَا زَادَهُ وَإِلَّا فَمُسَاقَاةُ الْمِثْلِ إِذَا لَمْ يَخْرُجَا عَنْ حُكْمِهَا بَلْ عقداها على غرر الْحَائِط على النّصْف وَآخر على الثُّلُث - وَاشْترط من الْعَمَل مَا لَا يلْزم مِمَّا لَا يَبْقَى مُؤَبَّدًا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْوَلِيدِ الَّذِي وُجِدَ فِيهِ لِابْنِ الْقَاسِمِ مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ اثْنَتَانِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إِذَا سَاقَاهُ - وَفِي الْحَائِط ثَمَر اطعم أَو اشْترط المساقي الْعَمَل مَعَه

وَاثْنَتَانِ فِي العتيبة اجتماعها مَعَ البيع فِي عقد (أَو ساقاه) سَنَةً عَلَى النِّصْفِ وَسَنَةً عَلَى الثُّلُثِ الْحَالُ الثَّالِثَةُ أَنْ يَعْثُرَ عَلَيْهَا فِي أَثْنَاءِ الْعَمَلِ فَيفْسخ وَالْوَاجِب فِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ - إِذَا انْتَهَى عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ تَفْصِيلِ ابْنِ الْقَاسِمِ - وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِيمَا عَمِلَ إِلَى حِينِ الْعُثُورِ وَلَا يُفْسَخُ مَا الْوَاجِبُ فِيهِ مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ بَلْ يَمْضِي وَلَهُ مُسَاقَاةُ مِثْلِهِ وَلَوْ كَانَتْ أَعْوَامًا وَبَقِيَ بَعْضُهَا بَعْدَ الْعُثُورِ بُنِيَ عَلَى مُسَاقَاتِهِ فِيهَا مُسَاقَاة الْمثل فَهَذِهِ ثَلَاثَة أَحْوَال لِلْمُسَاقَاةِ الْفَاسِدَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ الْمُسَاقَاةُ الْفَاسِدَةُ يَجْرِي فِيهَا الْخِلَافُ الَّذِي فِي الْقِرَاضِ هَلْ لَهُ مُسَاقَاةُ مِثْلِهِ مُطْلَقًا أَوْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ مُطْلَقًا أَوِ التَّفْرِقَةُ لِابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ كَانَ الْفَسَادُ لِزِيَادَةٍ يَخْتَصُّ بِهَا أَحَدُهُمَا فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ أَو شَيْء يرجع الى المَال بقراض الْمثل فَرْعٌ - وَفِي الْكِتَابِ الْمُسَاقَاةُ إِلَى الْجِدَادِ وَتَمْتَنِعُ إِلَى سَنَةٍ أَوْ شَهْرٍ فَإِنْ أُطْعِمْتَ فِي السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ فَالْجِدَادُ الْأَوَّلُ حَتَّى يَشْتَرِطَ الثَّانِي وَتجوز مُسَاقَاة السنين مَا لَمْ تَكْثُرْ جِدًّا وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الْمُشَارَكَةُ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْمُدَّةُ لِأَنَّ الْمُسَاقَاةَ عَقْدٌ لَازِمٌ إِلَّا أَنْ يَتَتَارَكَا بِغَيْرِ شَيْءٍ يَأْخُذُهُ أَحَدُهُمَا مِنَ الْآخَرِ وَلَيْسَ كَبَيْعِ ثَمَرٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ لِأَنَّ لِلْعَامِلِ أَنْ يُسَاقِيَ غَيْرَهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا سَاقَاهُ بَعْدَ الْمُغَارَسَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الْفَرْعِ الْمُتَقَدِّمِ قَبْلَ هَذَا وَالْغَرْسُ مِنْ عِنْدِكَ فَهُوَ أَجِيرٌ فِيمَا عَمِلَهُ قَبْلَ

الْإِطْعَامِ وَيَخْرُجُ مَتَى عُثِرَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَبْلُغِ الْإِطْعَامَ فَيَبْقَى فِي يَدَيْهِ عَلَى مُسَاقَاةِ الْمِثْلِ بَقِيَّةَ ذَلِكَ الْأَجَلِ وَقِيلَ الْأَقَلُّ مِنَ الْمُسَمَّى أَوْ مُسَاقَاةِ الْمِثْلِ فَإِنْ كَانَ الْغَرْسُ من عِنْده وَفَاتَ بِالْعَمَلِ قبل فَوْتٍ وَلَهُ قِيمَتُهُ وَقْتَ وَضْعِهِ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْإِتْلَاف وَقِيمَة خدمته الى وَقت خُرُوج مَا لَمْ يَبْلُغِ الْإِطْعَامَ فَيَمْضِي عَلَى مُسَاقَاةِ الْمِثْل وَقِيلَ لَيْسَ فَوْتًا لِأَنَّهُ بَاعَهُ بَيْعًا فَاسِدًا عَلَى أَنْ تَبْقَى يَدُهُ عَلَيْهِ يَنْتَفِعُ بِثَمَرَتِهِ بَعْدَ الطِّيبِ فَهُوَ تَحْجِيرٌ مِنَ الْبَائِعِ وَالْغَرْسُ لِلْبَائِعِ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ مَا أَصْلَحَتِ الْأَرْضُ وَتَنْمِيَتُهُ فِيهِ وَلَهُ قِيمَتُهُ يَوْمَ يَخْرُجُ عَنِ الْأَرْضِ قَائِمًا لِأَنَّهُ غَرَسَهُ بِإِذْنِكَ وَقِيلَ مَقْلُوعًا لِفَسَادِ الْإِذْنِ شَرْعًا فَرْعٌ - قَالَ اللَّخْمِيُّ يُزَكَّى الْحَائِطُ عَلَى مِلْكِ رَبِّهِ إِنْ كَانَ خَمْسَةَ اوسق وان لم ينْتَه إِلَّا وَسْقَيْنَ لِأَنَّ الْبَاقِيَ أُجْرَةٌ عَلَيْهِ وَيُزَكِّي الْعَامِلُ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا أَوْ كَافِرًا فَإِنْ كَانَ رَبُّ الْحَائِطِ كَذَلِكَ لَمْ يُزَكِّ الْعَامِلُ لِأَنَّ نَصِيبَهُ يَطِيبُ عَلَى مِلْكِ رَبِّ الْحَائِطِ وَلِهَذَا يَسْقُطُ الْعَمَلَ بِالْجَائِحَةِ قَالَهُ مَالِكٌ وَعَنْهُ لَا يَسْقُطُ وَعَلَى هَذَا يَطِيبُ عَلَى مِلْكِ الْعَامِلِ وأِنْ يَسْقِيهَا مِنَ الْآنَ لِنَفْسِهِ وَيَكُونُ شَرِيكًا فِيهَا وَلَا تَجِبُ الزَّكَاةُ إِلَّا عَلَى مَنْ فِي نَصِيبِهِ نِصَابٌ فَإِنْ أَصَابَ أَرْبَعَةَ أَوْسُقٍ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ نَخْلٌ إِذَا أَضَافَهَا لِثَمَرِ الْمُسَاقَاة كَمُلَ النِّصَابُ وَجَبَتِ الزَّكَاةُ وَيَجُوزُ اشْتِرَاطُ الزَّكَاةِ عَلَيْهِ وَاشْتِرَاطُهَا عَلَيْكَ وَعَلَى الْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَتْ أَرْبَعَةَ أَوْسُقٍ هَلْ يَقْتَسِمَانِ عَلَى عَشَرَةِ أَجْزَاءٍ سِتَّةٌ لَكَ وَأَرْبَعَةٌ لَهُ أَوْ عَلَى تِسْعَةٍ أَجْزَاءٍ عَلَى مَا كُنْتُمَا لَوْ أُخْرِجَتِ الزَّكَاةُ أَوْ نِصْفَيْنِ لِعَدَمِ النِّصَابِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ يَمْتَنِعُ اشْتِرَاطُ سَقْيِ النَّخْلِ بِمِائَةٍ وَتصرف مَالك حَيْثُ شِئْت

كاشتراطك زِيَادَة دِينَار فرع - قَالَ اذا اجتمعتما عَلَى الْبَيْعِ قَبْلَ الطِّيبِ أَوِ الزَّهْوِ لِمَنْ يَحْصُدُ أَوْ يَجِدُ جَازَ كَالشُّرَكَاءِ فَرْعٌ - قَالَ تَمْتَنِعُ الْإِقَالَةُ عَلَى شَيْءٍ يُعْطِيكَ إِيَّاهُ - شُرِعَ فِي الْعَمَلِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ إِنْ أَثْمَرَتِ النَّخْلُ فَهُوَ بَيْعُ الثَّمَرَةِ قَبْلَ الطِّيبِ وَإِلَّا فَأَكْلُ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ فَرْعٌ - قَالَ إِذَا اخْتَلَفْتُمَا صَدَقَ فِيمَا يُشْبِهُ وَيُصَدِّقُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ لِأَنَّهَا أَصْلُ تَصَرُّفَاتِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَوْلُهُ فِيمَا يُشْبِهُ يُرِيدُ بَعْدَ الْعَمَلِ وَإِلَّا تَحَالَفْتُمَا وَتَفَاسَخْتُمَا عَلَى الْقَوْلِ بِلُزُومِهَا بِالْعَقْدِ وَإِذَا قُلْتَ سَاقَيْتُكَ بِغَيْرِ دَوَابَّ وَلَا رَقِيقٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّكَ ادَّعَيْتَ عَدَمَ كِرَاءِ الدَّوَابِّ فَيَنْبَغِي أَنْ تَصْدُقَ كالاجارات والبيوع واذا قلت بعيد الْفَرَاغِ لَمْ يُعْطَ ثَمَرًا صَدَقَ قَالَهُ مَالِكٌ لِأَنَّ حَقَّكَ فِي الثَّمَرِ لَا فِي حِصَّتِهِ وَالْعَادَةُ عَدَمُ الْإِشْهَادِ عَلَى الدَّفْعِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا اخْتَلَفْتُمَا فِي الْجُزْءِ قَبْلَ الْعَمَلِ وَأَتَيْتُمَا بِمَا يُشْبِهُ تَحَالَفْتُمَا وَتَفَاسَخْتُمَا أَوْ بَعْدَ الْعَمَلِ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ إِذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ فَإِنْ أَتَيْتَ بِمَا يُشْبِهُ وَأَتَى بِمَا لَا يُشْبِهُ صُدِّقْتَ مَعَ يَمِينِكِ فَإِنْ نَكَلْتُمَا أَوْ أتيتما بِمَا لَا يُشْبِهُ فَمُسَاقَاةُ الْمِثْلِ فَإِنْ أَتَى أَحَدُكُمَا قَبْلَ الْعَمَلِ بِمَا يُشْبِهُ دُونَ الْآخَرِ يُخْتَلَفُ هَلِ

الْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ وَتَثْبُتُ الْمُسَاقَاةُ أَوْ تَتَحَالَفَانِ وَتَتَفَاسَخَانِ قَوْلَانِ وَيُصَدَّقُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ قَبْلَ الْعَمَلِ وَبَعْدَهُ فَإِنْ شَرَطْتَ مَكِيلَةً وَالْبَاقِي بَيْنَنَا وَقُلْتَ نِصْفَانِ مِنْ غَيْرِ تَبْدِئَةٍ فَقَدِ اعْتَرَفْتَ لَهُ بِالْأَكْثَرِ فَيُصَدَّقُ مُدَّعِي الْحَلَالِ قَبْلَ الْعَمَلِ وَبعده وَيحلف قبل الْعَمَل وَأما بَعْدَ الْعَمَلِ فَإِنْ كَانَتْ مُسَاقَاةُ مِثْلِهِ النِّصْفَ فَلَا يَمِينَ أَوْ أَكْثَرَ حَلَفَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْعَامِلُ وَأَخَذَ الْفَضْلَ وَإِنْ قُلْتَ نِصْفَيْنِ وَقَالَ بَلْ أَبْدَأُ بِمَكِيلَةٍ فَهُوَ كَالِاخْتِلَافِ فِي الثَّمَنِ يَحْلِفُ مُدَّعِي الْفَسَادِ مَعَ الْقِيَامِ وَحْدَهُ وَتُفْسَخُ الْمُسَاقَاةُ وَإِذَا قُلْتَ لِي نِصْفُ كَذَا وَلَكَ نِصْفُ كَذَا وَقَالَ بَلِ الْجَمِيع نِصْفَانِ صدقت مَعَ يَمِينك - وان دعيت الْفساد لِأَنَّك لم تقر بِبيع شَيْء من ذَلِك النّصْف قَاعِدَة - قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَو أعطي النَّاس بدعواهم لَادَّعَى قَوْمٌ دِمَاءَ قَوْمٍ وَأَمْوَالَهُمْ وَلَكِنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَنِ ادَّعَى وَالْيَمِينَ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ فَلَيْسَ كُلُّ طَالِبٍ مُدَّعِيًا وَلَا كُلُّ مَطْلُوبٍ مُدَّعًى عَلَيْهِ بَلْ مَنْ كَانَ قَوْلُهُ عَلَى خِلَافِ أَصْلٍ أَوْ ظَاهِرٍ فَهُوَ الْمُدَّعِي الَّذِي عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ كَانَ الظَّاهِرُ عَادَةً أَوْ قَرِينَةً حَالِيَّةً أَوْ مَقَالِيَّةً وَكُلُّ مَنْ كَانَ قَوْلُهُ عَلَى مُوَافَقَةِ أَصْلٍ أَو ظَاهر فَهُوَ الْمُدعى عَلَيْهِ وَيصدق مَعَ يَمِينِهِ كَالطَّالِبِ مِنْ غَيْرِهِ دَيْنًا فَهُوَ مُدَّعٍ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ وُلِدَ بَرِيئًا من حق وكمدعي الْوَدِيعَة بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَقَدْ قَبَضَهَا بِبَيِّنَةٍ فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يُرَدُّ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ فَهُوَ مَطْلُوبٌ وَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وَكَذَلِكَ الْوَصِيُّ يَدَّعِي إِنْفَاقَ مَالِ الْيَتِيمِ فِي مُدَّةٍ لَا يُنْفَقُ فِيهَا مِثْلُهُ وَهُوَ مَطْلُوبٌ وَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وَالطَّالِبُ مِنْهُ مُدَّعًى عَلَيْهِ ونظائره

كَثِيرَةٌ فَعَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ تَتَخَرَّجُ فُرُوعُ الدَّعَاوِى فِي الْمُسَاقَاةِ وَغَيْرِهَا وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ أَرْجَحُهُمَا سَبَبًا وَالْمُدَّعِي هُوَ الْمَرْجُوحُ السَّبَبِ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا وَكَّلْتَهُ فِي دَفْعِ نَخْلٍ مُسَاقَاةً فَقَالَ دَفَعْتُهَا لِزَيْدٍ وَصَدَّقَهُ وَكَذَّبْتَهُ أَنْتَ صُدِّقَ لِأَنَّهُ أَمِينٌ كَالْوَكِيلِ عَلَى الْبَيْعِ بِخِلَافِ الرَّسُولِ لِدَفْعِ الْمَالِ يُكَذِّبُهُ الْمَبْعُوثُ إِلَيْهِ يُغَرَّمُ فَرْعٌ - قَالَ اللَّخْمِيُّ لَهُ إِعْرَاءُ نَصِيبِهِ مِنَ الْمُسَاقَاةِ أَوْ جُزْءٍ مِنْهُ نَصِفِهِ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ مِنْ نَخْلةِ أَوْ نَخْلٍ مُعَيَّنَةٍ فَإِذَا أَعْرَى جَمِيعَ نَخْلِهِ أَوْ نَخْلَة جَازَ نَصِيبُهُ مِنْهَا كَالشَّرِيكِ وَلَيْسَ لِلْمُعَرَّى جَمِيعُ نَصِيبِ الْعَامِلِ مِنَ الْمُسَاقَاةِ فِي هَذِهِ النَّخْلَةِ لِأَنَّهُ خِلَافُ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَعْرَيْتَ أَنْتَ فَرْعٌ - قَالَ تَجُوزُ مُسَاقَاةُ الْبَعْلِ مِنَ الشَّجَرِ الَّذِي عَلَى غَيْرِ الْمَاءِ لِحَاجَتِهِ لِلْعَمَلِ وَكَذَلِكَ الزَّرْعُ إِنِ اسْتَغْنَى عَنِ السَّقْيِ وَاحْتَاجَ للمؤونة وَإِنْ لَمْ يَبْقَ إِلَّا حِفْظُهُ وَحَصَادُهُ وَتَصْفِيَتُهُ امْتَنَعَ لِأَنَّ هَذِهِ مَئُونَةٌ بَعْدَ مُدَّةِ الْمُسَاقَاةِ وَهِيَ إِجَارَةٌ فَاسِدَةٌ وَلَيْسَ زَرْعُ الْبَعْلِ كَشَجَرِ الْبَعْلِ وَإِنَّمَا يَجُوزُ فِي زَرْعِ الْبَعْلِ عِنْدَ الضَّرُورَة وَالْخَوْف عَلَيْهِ قَالَ ابْن يُونُس لَيْسَ تَمْتَنِعُ مُسَاقَاةُ الزَّرْعِ إِلَّا أَنْ يَعْجِزَ عَنْهُ - وَإِنْ كَانَ لَهُ مَا يَسْقِي لِأَنَّهُ قَدْ يَعْجِزُ عَنِ الدَّوَابِّ وَالأِجْرَاءِ وَتَمْتَنِعُ قَبْلَ اسْتِقْلَالِهِ مِنَ الْأَرْضِ لِفَرْطِ الْجَهَالَةِ وَتَمْتَنِعُ بَعْدَ جَوَازِ بَيْعِهِ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ فَإِنْ سَاقَاهُ قَبْلَ اسْتِقْلَالِهِ مِنَ الْأَرْضِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَإِنْ طَلَعَ وَلَمْ يَعْجِزْ عَنْهُ

امْتَنَعَ أَيْضًا لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ وَالسُّنَّةُ إِنَّمَا وَرَدَتْ فِي زَرْعٍ تَبَعٍ لِلنَّخْلِ وَالشَّجَرِ بِخَيْبَرَ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ وَتَجُوزُ فِي الْبِطِّيخِ وَالْجَزَرِ وَالْأُصُولِ الْمُغَيَّبَةِ عَجَزَ عَنْهَا أَمْ لَا وَفِي الْكِتَابِ تَجُوزُ فِي الْوَرْدِ وَالْيَاسَمِينِ وَالْقُطْنِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنْ لَمْ يَعْجِزْ عَنْهُ لِعَدَمِ ثُبُوتِ أَصْلِهِ كَالزَّرْعِ وَجَوَّزَهَا ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْبَصَلِ وَقَصَبِ السُّكَّرِ إِذَا عَجَزَ عَنْهُ لِأَنَّهُ ثَمَرَةٌ وَاحِدَةٌ وَيشْتَرط فِي ذَلِك كُله ان يَصِلَ إِلَى حَدِّ جَوَازِ الْبَيْعِ وَمَنَعَ مَالِكٌ مُسَاقَاةَ الْقَصَبِ لِأَنَّهُ يُسْقَى بَعْدَ جَوَازِ بَيْعِهِ وَكَذَلِكَ الْقِرْطُ وَالْبَقْلُ الَّذِي يُجَزُّ وَيُخْلَفُ وَالْمَوْزُ وَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ يُجْنَى بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ وَلَيْسَ بِشَجَرٍ فِي أَصْلِهِ تَمْهِيدٌ - قَالَ وَأَصْلُ قَوْلِهِمْ إِنَّ كُلَّ مَا يُجَزُّ أَصْلُهُ وَيُخْلَفُ يَمْتَنِعُ وَكُلُّ مَا تُجَزُّ ثَمَرَتُهُ وَلَا يُخْلَفُ يَجُوزُ كَانَ أَصْلُهُ ثَابِتًا أَمْ لَا أَوْ تَقُولُ كُلُّ أَصْلٍ ثَابِتٍ تُجْنَى ثَمَرَتُهُ يَجُوزُ مَا لَمْ يُجْنَ بَيْعُ ثَمَرَتِهِ وَكُلُّ أَصْلٍ غَيْرُ ثَابِتٍ وَيُجَزُّ مَعَ ثَمَرَته كالزرع والبصل واللفت والجزر والمقاثئ يَمْتَنِعُ إِلَّا أَنْ يَعْجِزَ عَنْهُ وَيَظْهَرَ مِنَ الْأَرْضِ وَكُلِّ مَا يُجَزُّ أَصْلُهُ وَيُخْلَفُ كَالْبَقْلِ وَالْكُرَّاثِ وَالْقَصَبِ وَالْمَوْزِ يَمْتَنِعُ مُطْلَقًا وَاخْتُلِفَ فِي الرَّيْحَانِ وَالْقَصَبِ الْحُلْوِ بِالْمَنْعِ لِأَنَّهُ يُجَزُّ وَيُخْلَفُ كَالْبَقْلِ وَالْجَوَازُ لِلْحَاجَةِ لِلْمُسَاقَاةِ فِي الْجَزَّةِ الْأُولَى دُونَ الْخِلْفَةِ لِأَنَّهَا كَمَا لَمْ يَظْهَرْ مِنَ الْأَرْضِ وَقِيلَ الْقِيَاسُ جَوَازُ الْخِلْفَةِ مَعَهُ لِأَنَّهَا تَبَعٌ فَتَجُوزُ كَبَيْعِهَا مَعَ الْأَصْلِ تَبَعًا وَجَوَّزَهَا أَحْمد فِي كل شجر مثمر وخصصه (ش) بِالنَّخْلِ وَالْكَرْمِ الصَّغِيرَيْنِ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي ثَمَرِهَا قَالَ وَمَا لَا زَكَاةَ فِيهِ كَمَا لَا ثَمَرَ لَهُ وَاتَّفَقَ الْإِمَامَانِ عَلَى الْمَنْعِ فِي الصَّفْصَافِ وَالْجَوْزِ وَكُلِّ مَا لَا ثَمَرَ لَهُ أَوْ لَهُ ثَمَرٌ غَيْرُ مَقْصُودٍ - كَالصَّنَوْبَرِ وَالْأَرْزِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَنْصُوصًا وَلَا فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ وَلِأَنَّهَا إِنَّمَا تَكُونُ بِجُزْءِ الثَّمَرِ وَلَا ثَمَر فَلَا تجوز لنا جُمْلَةُ صُوَرِ الْخِلَافِ عُمُومُ قَوْلِهِ شَطْرُ مَا يخرج مِنْهَا من ثَمَر أَو زرع ونظرا لِوُجُودِ الْحَاجَةِ فِي جُمْلَةِ تِلْكَ الصُّوَرِ فَيَجُوزُ قِيَاسًا عَلَى مَوْرِدِ النَّصِّ

فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ سَاقَى نَخْلًا فِيهَا مَوْزٌ الثُّلُثُ فَأَقَلُّ جَازَ تَبَعًا إِنْ دخل فِي الْمُسَاقَاة وان اشترطها أَحَدكُمَا فالعامل امْتَنَعَ لِعَدَمِ التَّبَعِيَّةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ فِي الزَّرْعِ والقطاني وَنَحْوهَا أَرْبَعَة أَقْوَال الْجَوَاز فِي الْمُدَوَّنَة بِثَلَاث شُرُوطٍ الظُّهُورُ مِنَ الْأَرْضِ وَالْعَجْزُ عَنْهُ وَعَدَمُ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَعَنْهُ الْكَرَاهَةُ وَالْجَوَازُ لِابْنِ نَافِعٍ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ قِيَاسًا عَلَى الشَّجَرِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ الْقِيَاسُ الْمَنْعُ مُطْلَقًا نَفْيًا لِلْغَرَرِ قَالَ وَأَرَى الْجَوَازَ إِذَا عَجَزَ عَنْهُ قَبْلَ الْبُرُوزِ مِنَ الْأَرْضِ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ الْبَارِزَ يُنْتَفَعُ بِهِ وَلِمَالِكٍ الْمَنْعُ فِي الْمَرْسِينِ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ شَجَرًا فَالْمَأْخُوذُ وَرَقُهُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا يُجَزُّ وَعَنْهُ الْجَوَازُ قِيَاسًا عَلَى غَيْرِهِ مِنَ الشَّجَرِ وَعَلَى الْجَوَازِ لَهُ اشْتِرَاطُ الْخِلْفَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ بَيْعِهَا مَعَ الْأَصْلِ وَأَمَّا مُسَاقَاةُ قَصَبِ السُّكَّرِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُجَزُّ وَيُخْلِفُ إِنْ كَانَ أَوَّلَ بَطْنٍ وَلَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ جَرَى عَلَى الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ فِي الزَّرْعِ فَإِنْ بَدَا صَلَاحُهُ امْتَنَعَ وَهُوَ الَّذِي تَكَلَّمَ عَلَيْهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَعَلَى قَوْلِهِ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ يَجُوزُ فِي الرَّأْسِ وَحْدَهَا وَتَكُونُ إِجَارَةً بَاعَ نَصِفَهَا بِعَمَلِهِ وَيَمْتَنِعُ ضَمُّ مَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ مَعَ مَا بَدَا وَقِيَاسًا عَلَى قَوْلِهِ إِنَّهَا إِجَارَةُ جَوَازِ ذَلِكَ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ تَجُوزُ مُسَاقَاةُ الشَّجَرَةِ وَالنَّخْلَةِ الْوَاحِدَةِ كَالْقِرَاضِ بِالْمَالِ الْقَلِيلِ فَرْعٌ - قَالَ إِذَا فَلَّسْتَ لَمْ تُفْسَخِ الْمُسَاقَاةُ عَمِلَ أَمْ لَا وَيَبِيعُهُ الْغُرَمَاءُ عَلَى أَنَّ هَذَا مَسَاقِيهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْعَامِلِ قَبْلَ الْغُرَمَاءِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ مَنَعَ غَيْرُهُ بَيْعَ الْغُرَمَاءِ لَهُ وَتَوَقَّفَ حَتَّى يَرْضَى الْعَامِلُ بِتَرْكِهِ لِأَنَّهُ بيع لَهُ واستثناء ثَمَرَة لِلْعَامِلِ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِنَّمَا يَجُوزُ بَيْعُهُ إِذَا كَانَتِ الْمُسَاقَاة سنة بِجَوَاز بَيْعِ الرُّبُعِ وَالْحَوَائِطِ عَلَى أَنْ

يَقْبِضَهَا بَعْدَ سَنَةٍ وَالْأَجِيرُ بِدَرَاهِمَ عَلَى السَّقْيِ أَحَقُّ بِالثَّمَرَةِ فِي الْفَلَسِ لِأَنَّهُ كَالْبَائِعِ لِمَا تَوَلَّدَ عَنْ مَنَافِعِهِ وَالْأَرْضُ قَائِمَةٌ لَهُ فَهُوَ أَحَق بِمَا لِسِلْعَتِهِ فِي الْبَيْعِ وَهُوَ فِي الْمَوْتِ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ تَمْتَنِعُ مُسَاقَاةُ بيع أَوْ إِجَارَةٍ فِي عَقْدٍ لِتَنَافِي أَحْكَامِهِمَا فِي اخْتِصَاصِ الْغُرَمَاءِ وَعَدَمِ اخْتِصَاصِهِمْ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَإِذَا كَانَ فِي الْحَائِطِ بَيَاضُ تَبَعٍ امْتَنَعَ كِرَاؤُهُ وَمُسَاقَاةُ الْحَائِطِ وَإِذَا كَانَ فِي الْأَرْضِ الْمُكْتَرَاةِ سَوَادُ تَبَعٍ امْتَنَعَتْ مُسَاقَاتُهُ وَكِرَاءُ الْأَرْضِ وَحْدَهَا فَرْعٌ - قَالَ اللَّخْمِيُّ مُسَاقَاةُ أَنْوَاعِ الثِّمَارِ الْمُخْتَلِفَةِ فِي عَقْدِ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ تَجُوزُ إِنْ كَانَتْ حَائِطا وَاحِدًا مُخْتَلفَة لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ النَّوْعِ الْوَاحِدِ وَكَذَلِكَ فِي حَوَائِطَ إِذَا كَانَتْ مُسَاقَاةَ كُلِّ وَاحِدٍ إِذَا انْفَرَدَ مِثْلَ مُسَاقَاةِ الْآخَرِ وَإِنْ كَانَتْ تَخْتَلِفُ وساقى على كل وَاحِدٍ جَازَ عِنْدَ مَالِكٍ دُونَ ابْنِ الْقَاسِمِ فان كَانَت فِي حَائِط وَاحِد غير مُخْتَلفَة يَسِيرَةٍ وَلَا يُسَاقِي النِّصْفَ الْوَاحِدَ لِقِلَّتِهِ فَهُوَ كَالْمُخْتَلِطِ أَوْ كَثِيرَةٌ فَكَالْحَوَائِطِ فَرْعٌ - قَالَ تَجُوزُ مُسَاقَاةُ ذَوَاتِ الْأُصُولِ كَالنَّخْلِ مَعَ غَيْرِ ذِي أَصْلٍ كَالْقَطَانِيِّ إِذَا كَانَ كُلُّ صِنْفٍ نَاحِيَةً عَنِ الْآخَرِ وَكَانَتِ الْمُسَاقَاةُ عَلَى مَا يَجُوزُ أَو كَانَا نقدين فَيجوز فِي ذِي أصل وَإِنْ لَمْ يُثْمِرْ وَلَمْ يَعْجِزْ عَنْهُ وَفِي غير ذِي الأَصْل اذا برزا وَعَجَزَ عَنْهُ بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَالْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْجَوَازُ فِي الْمُخْتَلِطَيْنِ إِذَا كَانَا مُتَسَاوِيَيْنِ فِي الْمُسَاقَاةِ لَوْ أُفْرِدَا عَلَى جُزْءٍ وَاحِدٍ وَكُلّ وَاحِد مَقْصُودٌ فِي نَفْسِهِ مُتَنَاصِفًا أَوْ قَرِيبًا مِنَ النِّصْفِ أَوِ الزَّرْعِ الْأَكْثَرِ أَوِ النَّخْلِ الْأَقَلِّ جَازَ كَالْمُنْفَرِدِ وَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ الثُّلُثَ فَأَقَلَّ جَازَتِ الْمُسَاقَاةُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَمْ يَكُنْ يَعْجِزْ عَنهُ لم

يَكُنْ دَاخِلًا فِي الْمُسَاقَاةِ وَعَلَى مِثْلِ النَّخْلِ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ لَا يَجُوزُ إِلْغَاؤُهُ لِأَحَدِهِمَا وَلَا أَنْ يَكُونَ جُزْؤُهُ مُخَالِفًا لِلنَّخْلِ وَعَنْ مَالك الْقَلِيل كالثمرة فِي الدَّار المكتراة وَجعله لِلْعَامِلِ خَاصَّةً وَيَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا مُطْلَقًا فَإِنْ كَانَ النَّخْلُ فِي الْأَكْثَرِ فَالزَّرْعُ لِلْعَامِلِ أَوِ الزَّرْعُ الْأَكْثَرُ وَالنَّخْلُ الثُّلُثُ فَأَدْنَى فَثَمَرَتُهُ لِلْعَامِلِ وَهَذَا خِلَافُ الْمَشْهُورِ عَنْهُ فَرْعٌ - قَالَ قَالَ مَالِكٌ عَلَيْهِ بَعْدَ الْجِدَادِ وَبَقَاءِ نَخَلَاتٍ يَسِيرَةٍ سَقْيُ الْحَائِطِ لِأَنَّهُ بَقِيَّةُ الْمُدَّةِ وَالْأُصُولِ وَإِذَا كَانَتْ مُتَأَخِّرَةَ الطِّيبِ فَكَذَلِكَ وَكَذَلِكَ الْأَنْوَاعُ الْمُخْتَلِفَةُ إِذَا بَقِيَ بَعْضُهَا وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا كَانَ الْمُتَأَخِّرُ نَخَلَاتٍ مُتَأَخِّرَةَ الطِّيبِ فَسَقْيُ الْحَائِط عَلَيْك وَقد برِئ من الْحَائِط بِحُصُول الطِّيبِ الْغَالِبِ وَيُوَفَّى نَصِيبَهُ مِنَ الْمُتَأَخِّرِ الطِّيبِ فَإِنَّ الْمُتَأَخِّرَ الطِّيبِ الْأَكْثَرَ سَقَاهُ كُلَّهُ تَغْلِيبًا لِلْأَكْثَرِ أَوْ مُتَنَاصِفًا سَقَى الْمُتَأَخِّرَ وَحْدَهُ وَسَقَيْتَ الْبَاقِي وَالثِّمَار الْمُخْتَلفَة لمتأخر الطِّيبِ مَعَ مُتَقَدِّمِهِ وَقَالَ مُطَرِّفٌ إِذَا جَنَى صِنْفًا انْقَضَى حُكْمُهُ قَلَّ أَوْ كَثُرَ فَرْعٌ - فِي الْمُنْتَقَى إِذَا غَارَتْ عَيْنُ الْمُسَاقَاةِ قَبْلَ الْعَمَلِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْكَ فِيمَا أَنْفَقَ الْعَامِلُ إِلَّا مَا لِلْمُتَعَدِّي مِنَ النَّقْصِ فَلَهُ حِصَّتُهُ مِنَ الثَّمَرَةِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَتَأَخَّرُ قَدْرُ مَالك مِنَ الثَّمَرَةِ بَعْدَ طَرْحِ الْمَئُونَةِ إِلَى وَقْتِ الْبَيْعِ وَتَكَلُّفِ تَعْجِيلِ ذَلِكَ وَإِنْفَاقِهِ فَإِنْ عُدِمَتْ قِيلَ لِلْعَامِلِ أَنْفِقْ ذَلِكَ الْقَدْرَ وَتَكُونُ حِصَّتُهُ مِنَ الثَّمَرَةِ رَهْنًا بِيَدِكَ وَإِلَّا سَلَّمَ الْحَائِطَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا كَانَتِ النَّفَقَةُ كُلُّهَا عَلَيْكَ وَالْمَئُونَةُ وَهُوَ يَعْمَلُ بِيَدِهِ بِجُزْءِ الثَّمَرَةِ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ فِي التَّحْقِيقِ اشْتِرَاطُ جُزْءِ الْعَمَلِ عَلَيْكَ فَيَمْتَنِعُ كَالْقِرَاضِ فَرْعٌ - قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا سَاقَيْتَهُ بَعْدَ شَهْرٍ فَإِنِ اتَّبَعْتَهُ بِمَا يبْقى امْتنع لانه اشْتِرَاط الزِّيَادَة عَلَيْهِ وَإِنْ أَلْغَيْتَهُ صَحَّ فَرْعٌ - قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا سَاقَيْتَهُ عَلَى أَنَّ الثَّمَرَةَ كُلَّهَا لَهُ جَازَ كَرِبْحِ الْقِرَاضِ إِلَّا أَنْ تُسَاقِيَهُ قَبْلَ ذَلِكَ بِأَشْهُرٍ لِأَنَّهُ بَيْعُ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا قَالَ فَإِنْ أُلْغِيَ جَازَ عِنْدِي

صفحة فارغة

- كتاب المزارعة

3 - كِتَابُ الْمُزَارِعَةِ وَفِيهِ مُقَدِّمَةُ وَبَابَانِ الْمُقَدِّمَةُ فِي لَفْظِهَا وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الزَّرْعِ وَهِيَ عِلَاجُ مَا تُنْبِتُهُ الْأَرْضُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ آنتم تزرعونه أم نَحن الزارعون} وَصِيغَةُ الْمُفَاعَلَةِ شَأْنُهَا أَلَّا تَكُونَ إِلَّا مِنِ اثْنَيْنِ بِفِعْلِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ مِثْلَ مَا يَفْعَلُهُ الْآخَرُ بِهِ نَحْوَ الْمُضَارَبَةِ وَالْمُنَاظَرَةِ وَمُقْتَضَاهُ هَهُنَا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَزْرَعُ لِصَاحِبِهِ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَيُشْكِلُ مَا تُشْكِلُ الْمُسَاقَاةُ وَيُجَابُ هَهُنَا بِمَا أُجِيبَ ثَمَّ وَيُرَاجَعُ مِنْ هُنَاكَ 2 - الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهَا وَهِيَ ثَلَاثَةٌ الرُّكْنُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي الْمُتَعَاقِدَانِ وَشَرْطُهُمَا أَهْلِيَّةُ الشَّرِكَةِ لِأَنَّهَا شَرِكَةٌ الرُّكْنُ الثَّالِثُ الْمَنْفَعَةُ وَلَهَا شَرْطَانِ

الشَّرْطُ الْأَوَّلُ سَلَامَتُهَا عَنْ مُقَابَلَةِ الْأَرْضِ أَوْ بَعْضِهَا بِمَا يَمْتَنِعُ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِهِ لِنَهْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنِ الْمُخَابَرَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْبَذْرُ مِنْ عِنْدِ أَحَدِهِمَا وَالْأَرْضُ مِنْ عِنْدِ الْآخَرِ وَمَا عَدَاهُمَا بَيْنَهُمَا أَوْ مِنْ عِنْدِ أَحَدِهِمَا امْتَنَعَ لِمُقَابَلَةِ الْأَرْضِ بِالْبَذْرِ أَوِ الْأَرْضُ بَيْنَهُمَا بِكِرَاءٍ أَوْ مِلْكٍ جَازَ الْبَذْرُ مِنْ عِنْدِ أَحَدِهِمَا أَوْ مِنْ عِنْدِهِمَا إِذَا كَانَ مُقَابَلَةً مِنَ الْعَمَلِ وَالْبَقَرِ مُسَاوِيَةً أَوِ الْبَذْرُ مِنْ عِنْدِهِمَا وَالْأَرْضُ مِنْ عِنْدِ أَحَدِهِمَا جَازَ إِنْ سَاوَاهُ مَا يُقَابِلُهُ مِنَ الْعَمَلِ لِأَنَّ الْأَرْضَ مُقَابَلَةٌ بِالْعَمَلِ دُونَ الْبَذْرِ فَمَتَى كَانَ الْبَذْرُ أَوْ جُزْءٌ مِنْهُ قُبَالَةَ الْأَرْضِ أَوْ جُزْءًا امْتَنَعَ فَإِنْ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا الْأَرْضَ وَثُلُثَيِ الزَّرِّيعَةِ وَالْآخِرُ ثُلُثَهَا وَالْعَمَلُ وَالزَّرْعُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ أَوِ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ جَازَ لِأَنَّ الْأَرْضَ وَفَاضِلَ الزَّرِّيعَةِ مُقَابَلَةٌ بِالْعَمَلِ فَإِنْ أَخْرَجَ الْعَامِلُ ثُلُثَيِ الزَّرِّيعَةِ وَصَاحِبُ الْأَرْضِ ثُلُثَهَا عَلَى أَنَّ الزَّرْعَ نِصْفَانِ امْتَنَعَ لِأَنَّ فَاضِلَ الزَّرِّيعَةِ لِلْأَرْضِ فَإِنْ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا ثُلُثَيِ الْأَرْضِ وَثُلُثَ الْبَذْرِ وَالْآخَرُ ثُلُثَ الْأَرْضِ وَثُلُثَيِ الْبَذْرِ وَالْعَمَلُ وَالزَّرْعُ نِصْفَانِ امْتَنَعَ لِمُقَابَلَةِ الْأَرْضِ بِسُدُسِ الْبَذْرِ فَرْعٌ - فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ سَحْنُونٌ إِنَّمَا يُشْتَرَطُ مِنَ الْعَمَلِ عَلَى أَحَدِهِمَا الْحَرْثُ فَقَطْ دُونَ الْحَصَادِ وَالدِّرَاسِ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي هَل تمّ أَمْ لَا وَلَا كَيْفَ يَكُونُ حَالُهُ فِي تَمَامِهِ يَحْتَاجُ إِلَى عَمَلٍ كَثِيرٍ أَمْ لَا قَالَ التُّونِسِيُّ وَهُوَ الصَّوَابُ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْحَصَادِ وَالدِّرَاسِ خِلَافٌ فَرْعٌ - فِي النَّوَادِرِ قَالَ سَحْنُونٌ إِنْ تَعَادَلَا فِي الْبَذْرِ وَالْعَمَلِ - وَالْأَرْضُ لِأَحَدِهِمَا أَعْطَاهُ الْآخَرُ نِصْفَ كِرَائِهَا عَيْنًا أَوْ عَرْضًا جَازَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِمِثْلِهَا جَازَ إلغاؤها بَينهمَا وَلَو تعَارض فِي الْعَمَلِ وَالْأَرْضِ وَبَاعَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ نِصْفَ الْبذر بِثمن

جَازَ إِذَا اشْتَرَاهُ بِمَا يُشْتَرَى مَنْ غَيْرِهِ وَلَوْ كَانَتِ الْأَرْضُ مِنْ أَحَدِهِمَا امْتَنَعَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ مِنْ صَاحِبِهَا لِأَنَّ الْأَرْضَ حِصَّةٌ مِنَ الْبَذْرِ وتُكَافُئِهِمَا فِي الْعَمَلِ امْتَنَعَ لِأَنَّكَ اكْتَرَيْتَ نِصْفَ الْأَرْضِ بِنِصْفِ الْبَذْرِ وَإِذَا كَانَتِ الْأَرْضُ بَيْنَكُمَا بِمِلْكٍ أَوْ كِرَاءٍ وَأَخْرَجْتَ الْبَذْرَ وَالْآخَرُ الْعَمَلَ خَالَفَ ابْنُ دِينَارٍ مَالِكًا فِي الْجَوَازِ وَجَعَلَهُ كَذَهَبٍ وَعُرُوضٍ بِذَهَبٍ وَقَالَ سَحْنُونٌ هَذَا جَائِزٌ بِخِلَافِ الْمُرَاطَلَةِ الشَّرْطُ الثَّانِي فِي الْجَوَاهِرِ التَّعَادُلُ بَيْنَ الْأَشْرَاكِ فِي الْمَخْرَجِ أَوْ قِيمَتِهِ بِحَسَبِ حِصَصِهِمْ لِأَحَدِهِمَا الثُّلُثُ عَلَى أَنْ يُخْرِجَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ حَذَرًا مِنْ أَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ إِلَّا فِي التَّافِهِ الْيَسِيرِ فَهُوَ فِي حُكْمِ الْعَدَمِ وَلَوْ عقدت على التَّسَاوِي لم تفْسد بِمَا ينفضل بِهِ أَحَدُهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ كَثُرَ لِتَقَدُّمِ الصِّحَّةِ وَفِي النَّوَادِرِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَمْتَنِعُ الْأَرْضُ وَالْبَذْرُ وَالْبَقَرُ مِنْ عِنْدِكَ وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ وَالزَّرْعُ نِصْفَانِ وَإِنْ سَاوَى عَمَلُهُ ذَلِكَ كُلَّهُ لِأَنَّكَ أَجَّرْتَهُ بِنِصْفِ الزَّرْعِ فَإِنْ نَزَلَ فَالزَّرْعُ لَكَ وَعَلَيْكَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَكَذَلِكَ إِذَا قُلْتَ لَهُ ازْرَعْ بَذْرَكَ فِي أَرْضِي وَهُوَ بَيْنَنَا وَلَوْ أَخْرَجْتَ الْبَذْرَ وَالْبَقَرَ وَالْآخَرُ الْعَمَلَ وَالْأَرْضَ مُسَاوَاةً وَلَكَ ثَلَاثَةُ الْأَرْبَاعِ امْتَنَعَ لِلتَّفَاضُلِ وَالزَّرْعُ لَكَ وَعَلَيْكَ أُجْرَتُهُ الشَّرْطُ الثَّالِثُ فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ سَحْنُون لابد مِنْ خَلْطِ الْبَذْرِ أَوْ جَمْعِهِ فِي بَيْتٍ أَو يحصل الْجَمِيعُ إِلَى الْفَدَّانِ فَيَبْدَأُ كُلُّ وَاحِدٍ فِي طَرَفِهِ فَيَزْرَعَانِ زَرْعَةً وَاحِدَةً كُلُّ وَاحِدٍ يَزْرَعُ لِلْآخَرِ فَهُوَ كَمَا لَوْ جَمَعَ فِي بَيْتٍ فَتَصِحُّ الشَّرِكَةُ حِينَئِذٍ وَإِلَّا فَلَا لِعَدَمِ الِامْتِزَاجِ بِوَجْهٍ مَا وَالشَّرِكَةُ تَقْتَضِي السَّلْطَنَةَ عَلَى مِلْكِ الشَّرِيك بِسَبَب الشياع والخلط فلابد من تحقق السَّبَب بِصُورَة أَوْ مَعْنًى فَإِنْ زَرَعَ أَحَدُهُمَا بَذْرَهُ فِي فَدَّانِ الْآخَرِ فِي نَاحِيَةٍ أُخْرَى وَلَمْ يَدْخُلَا عَلَى ذَلِكَ لَمْ تَنْعَقِدِ الشَّرِكَةُ لِعَدَمِ الْخَلْطِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مَا أَنْبَتَ حَبُّهُ وَيَتَرَاجَعَانِ فَضْلَ الْأَكْرِيَةِ وَيَتَقَاصَّانِ وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ وَ (ش) يَمْنَعُ الْمُزَارَعَةَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ وَالْعَمَلُ مِنَ الْعَامِلِ لِيَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ مِنْ عِنْدِكَ كَالْمُسَاقَاةِ

- الباب الثاني في أحكامها

2 - الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا فَسَدَتْ وَعُثِرَ عَلَيْهَا قَبْلَ الْفَوَاتِ بِالْعَمَلِ فُسِخَتْ فَإِنْ فَاتَتْ بِهِ وَقَدْ دَفَعَ أَرْضَهُ لِمَنْ يَزْرَعُهَا بِبَذْرِهِ وَعَمَلِهِ فَالزَّرْعُ لِلزَّارِعِ بِبَذْرِهِ وَعَلَيْهِ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ كِرَاؤُهَا وَإِنْ دَفَعْتَ أَرْضَكَ وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ وَقُلْتَ أَخْرِجِ الْبَذْرَ وَعَلَيَّ نِصْفُهُ امْتَنَعَ لِشَرْطِ السَّلَفِ وَالزَّرْعُ بَيْنَكُمَا نِصْفَانِ لِضَمَانِكُمَا الْبَذْرَ نِصْفَيْنِ وتكافئكما فِي غَيْرِهِ وَيَرْجِعُ بِنِصْفِ الزَّرِّيعَةِ مُعَجَّلًا وَقَالَ سَحْنُونٌ الزَّرْعُ لِمُسَلِّفِ الْبَذْرِ وَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْأَرْضِ قَبَضَ رَبُّ الْأَرْضِ حِصَّتَهُ مِنَ الْبَذْرِ أَمْ لَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَسْلَفَهُ عَلَى غَيْرِ شَرْطٍ بَعْدَ صِحَّةِ الْعَقْدِ فَيَجُوزُ وَلَوْ دَفَعْتَ بَذْرَكَ لِيَزْرَعَهُ فِي أَرْضِهِ عَلَى النِّصْفِ فَعَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ الزَّرْعُ لَكَ وَلَهُ أُجْرَةُ عَمَلِهِ وَكِرَاءُ أَرْضِهِ وَفِي قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الزَّرْعُ لَهُ وَعَلَيْهِ مَكِيلَةُ الْبَذْرِ وَإِنْ أَخْرَجْتَ الْبَذْرَ وَالْآخَرُ الْأَرْضَ وَتَكَافَأْتُمَا مَا عَدَاهُمَا عَلَى أَنَّ الزَّرْعَ بَيْنَكُمَا نِصْفَانِ فَهُوَ نِصْفَانِ وَعَلَيْكَ نِصْفُ كِرَاءِ الْأَرْضِ وَعَلَيْهِ نِصْفُ مَكِيلَةِ الْبَذْرِ وَلَا تراجع لعدم التكافئ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ إِذَا فَاتَتِ الْمُزَارِعَةُ الْفَاسِدَةُ بِالْعَمَلِ سِتَّةُ أَقْوَالٍ وَلَمْ يَخُصَّ وَجْهًا مِنْ وُجُوهِ الْفَسَادِ أَحَدُهَا الزَّرْعُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ وَعَلَيْهِ كِرَاءُ مَا أَخْرَجُوهُ وَثَانِيهَا الزَّرْعُ لِصَاحِبِ الْعَمَلِ وَثَالِثهَا الزَّرْع لمن اجْتمع لَهُ شَيْئَانِ أَو انْفَرد بِشَيْء فالزرع بَينهم سَوَاء لِتسَاوِيهِمْ فَإِنِ اجْتَمَعَ لِأَحَدِهِمْ شَيْئَانِ مِنْهَا فَالزَّرْعُ لَهُ دُونَهُمَا وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُحَمَّدٍ وَرَابِعُهَا الزَّرْعُ لِمَنِ اجْتَمَعَ لَهُ شَيْئَانِ مِنْ ثَلَاثَةٍ الْأَرْضُ وَالْبَقَرُ وَالْعَمَلُ وَخَامِسُهَا الزَّرْعُ لِمَنِ اجْتَمَعَ لَهُ شَيْئَانِ مِنْ أَرْبَعَةٍ الْأَرْضُ وَالْبَذْرُ وَالْبَقَرُ وَالْعَمَلُ وَسَادِسُهَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا سَلِمَتِ الْمُزَارِعَةُ مَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا

فالزرع على شرطهم ويتعادلوا فِيمَا أَخْرَجُوهُ وَإِلَّا فَهُوَ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ النَّظَرُ إِلَى قُوَّةِ السَّبَبِ فَمَنِ اعْتَقَدَ قُوَّةَ سَبَبِ جَعْلِ الزَّرْعِ لِصَاحِبِهِ وَفِي النَّوَادِرِ أَخْرَجْتُ الْأَرْضَ وَنِصْفَ الْبَذْرِ وَآخَرُ نِصْفَ الْبَذْرِ وَثَالِثٌ الْعَمَلَ عَلَى أَنَّ الزَّرْعَ بَيْنَكُمْ أَثْلَاثًا امْتَنَعَ لِمُقَابَلَةِ الْأَرْضِ بِبَعْضِ الْبَذْرِ وَالزَّرْعُ بَيْنَ الْعَامِلِ وَبَيْنَكَ - عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيَغْرَمَانِ الْأُجْرَةَ لِلْآخَرِ وَعِنْدَ سَحْنُونٍ هُوَ لِصَاحِبَيِ الزَّرِّيعَةِ وَعَلَيْهِمَا كِرَاءُ الْبَقَرِ وَالْعَمَلِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الزَّرْعُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا قَالَ مُحَمَّدٌ أَصَّلَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لِمَنْ وَلِيَ الْعَمَلَ إِذَا سُلِّمَتِ الْأَرْضُ إِلَيْهِ وَيُعْطَى كِرَاءَ الْأَرْضِ فَإِنْ أَخْرَجْتَ الْأَرْضَ وَآخَرُ الْبَذْرَ وَآخَرُ الْبَقَرَ وَآخَرُ الْعَمَلَ امْتَنَعَ وَهُوَ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ وَعَلَيْهِ كِرَاءُ الثَّلَاثَةِ الْأُخَرِ فَرْعٌ - قَالَ إِذَا اخْتَلَفْتُمَا فِي حِرَاثِ الزَّرْعِ فَهُوَ عَلَيْكُمَا وَالتَّفْضِيلُ وَالْحَصَادُ عَلَى قَدْرِ الْأَنْصِبَاءِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ فِي الْأَرْضِ الْمَأْمُونَةِ وَإِلَّا امْتَنَعَ لِعَدَمِ الْوُثُوقِ بِفِعْلِهِ فَرْعٌ - قَالَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ تَجُوزُ مُزَارِعَةُ أَرْضِكَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَأْمُونَةً كَجَوَازِ كِرَائِهَا بِغَيْرِ نَقْدٍ فَإِذَا لَمْ تُرْوَ أَوْ عَطِشَتْ فَمُصِيبَتُهَا مِنْكُمَا بِخِلَافِ الْمُتَكَارِيَيْنِ لِأَنَّ الْمُكْتَرِيَ مُشْتَرٍ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ وَالشَّرِكَةُ تَقْتَضِي التَّسَاوِيَ فِي الْعَوَارِضِ فَإِنِ اسْتُحِقَّتِ الْأَرْضُ بَعْدَ الزِّرَاعَةِ فِي إِبَّانِهَا رَجَعَ الْمُسْتَحِقُّ عَلَى مَنْ كَانَتْ بِيَدِهِ الْأَرْضُ بِنِصْفِ قِيمَةِ كِرَائِهَا قَالَ سَحْنُونٌ فَإِنْ أَخْرَجْتَ الْأَرْضَ وَالْبَذْرَ وَالْآخَرُ الْعَمَلَ وَالْبَقَرَ فَاسْتُحِقَّتِ الْأَرْضُ بَعْدَ الزِّرَاعَةِ فِي إِبَّانِهَا رَجَعَ الْمُسْتَحِقُّ عَلَيْكَ بِنِصْفِ كِرَائِهَا كَأَنَّهُ حَرَثَ لَهُ شَرِيكُكَ نِصْفَهَا وَآجَرَهُ بِالرُّبُعِ بِنِصْفِهَا وَبِنِصْفِ الْبَذْرِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ نِصْفِ الْبَذْرِ وَكِرَاءِ نِصْفِهَا مُعْتَدِلًا رَجَعَ عَلَيْكَ الْمُسْتَحِقَّ أَيْضًا بِرُبُعِ قِيمَةِ عَمَلِ

الْعَامِلِ وَهُوَ الَّذِي أُخِذَ فِي كِرَاءِ نِصْفِ الْأَرْضِ وَإِنِ اخْتَلَفَتْ قِيمَةُ الْبَذْرِ وَكِرَاءِ نِصْفِ الْأَرْضِ كَانَ ذَلِكَ عَلَى هَذَا الْحِسَابِ فَإِنْ كُنْتَ عَدِيمًا اتَّبَعَكَ بِنِصْفِ قِيمَةِ كِرَاءِ الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ شَرِيكَكَ بِرُبُعِ قِيمَةِ الْعَمَلِ وَلَوِ اسْتُحِقَّتْ بَعْدَ فَوَاتِ الزِّرَاعَةِ فَلَا كِرَاءَ لَهُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْكُمَا وَلَوْ كَانَ بَعْدَ الْحَرْثِ وَقَبْلَ الزَّرْعِ فَلَهُ أَخْذُهَا وَلَا شَيْءَ لِلشَّرِيكِ فِي حَرْثِهَا فَرْعٌ - قَالَ أَعْطَيْتَ أَرْضَكَ وَبَذْرَكَ وَبَقَرَكَ على أَن تَأْخُذ الْبذر وتقتسمان فَادَّعَى أَنَّ نِصْفَ الْبَذْرِ لَهُ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ وَالزَّرْعُ بَيْنَكُمَا نِصْفَانِ وَتَتَرَاجَعَانِ الْفَضْلَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ أَخْرَجْتَ الْأَرْضَ وَالْآخَرُ الْعَمَلَ وَالْبَذْرُ بَيْنَكُمَا فَادَّعَى الزَّارِعُ أَنَّهُ أَسْلَفَكَ نِصْفَ الْبَذْرِ صَدَقَ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ وَالزَّرْعُ تَحْتَ يَدِهِ وَصَاحِبُ الْبَذْرِ مُصَدَّقٌ وَالزَّرْعُ بَيْنَكُمَا لاعْتِرَافه بِالشّركَةِ وتتراجحان الْفَضْلَ قَالَهُ ابْنُ وَهْبٍ وَلَوْ أَعْطَيْتَهُ أَرْضَكَ حِينَ الْقَلْبِ مُنَاصَفَةً يَحْرُثُهَا ثُمَّ رَوَيْتَ فَقُلْتَ عَلَيْكَ حَرْثُهَا فَخُذْ نِصْفَ الزَّرِّيعَةِ مِنِّي وَقَالَ إِنَّمَا حَرَثْتُ الْأَرْضَ عَلَى أَنَّ لِي نِصْفَهَا أَحْرُثُهَا لِنَفْسِي أَوْ قَالَ اكْتَرَيْتُهَا صَدَقَ مَعَ يَمِينِهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الْحَرْثَ عَمَلُهُ وَيَدُهُ عَلَيْهِ وَإِذَا قَلَبَ أَرْضَكَ وَقُلْتَ وَقْتَ الزِّرَاعَةِ شَارَكْتُكَ وَالْأَرْضُ مِنْ عِنْدِي وَالْعَمَلُ وَالْقَلْبُ عَلَيْكَ وَالْبَذْرُ بَيْنَنَا نِصْفَانِ قَالَ قَلَبْتُهَا عَلَى أَنْ أُقَاسِمَكَ تَزْرَعُ نِصْفَهَا وَأَزْرَعُ نِصْفَهَا أَوْ قَالَ اكْتَرَيْتُهَا صَدَقَ لِحَوْزِهِ بِعَمَلِهِ وَلَوِ ادَّعَى الشَّرِكَةَ وَالتَّسَاوِي فِي الزَّرِّيعَةِ صُدِّقَ مَنْ صَرَفَ الْبَذْرَ مِنْ عِنْدِهِ وَإِلَّا صُدِّقَ الْعَامِلُ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْمُزَارِعَةِ إِخْرَاجُ الْبَذْرِ وَيُصَدَّقُ أَبَدًا مَنْ يَدَّعِي التَّسَاوِيَ وَالصِّحَّةَ عَلَى مَنْ يَدَّعِي خِلَافَ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَوِ اخْتَلَفْتُمَا وَلَمْ تَتَحَاكَمَا وَامْتَنَعَ رَبُّ الْأَرْضِ مِنَ الْعَمَلِ عَلَى مَا قَالَ فَزَرَعَ نِصْفَهَا لِنَفْسِهِ بِبَذْرِهِ وَأَبْقَى نِصْفَهَا لَكَ فَالْمَزْرُوعُ بَيْنَكُمَا وَتَتَرَادَّانِ الْفَضْلَ وَلَكَ كِرَاءُ مَا تَعَطَّلَ إِنِ ادَّعَيْتَ الِاعْتِدَالَ كَمَا لَوْ أَبْطَلَ ذَلِكَ بِزِرَاعَةٍ وَإِنْ كَانَ هُوَ مُدَّعِي الِاعْتِدَالِ فَلَا كِرَاءَ عَلَيْهِ بَلْ عَلَى الْمَنْعِ مِنَ

الْعَمَلِ كَمَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي مُزَارَعَةٍ لَمْ يَخْتَلِفَا فِيهَا فَرْعٌ - قَالَ إِذَا غَلِطَ وَكِيلُكَ فَزَرَعَ أَرْضَكَ بِبَذْرِ امْرَأَتِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الزَّرْعُ لَكَ وَعَلَيْكَ مَكْيَلَةُ الْبَذْرِ وَقَالَ سَحْنُونٌ يَضْمَنُ الْوَكِيلُ لِأَنَّ الْعَمْدَ وَالْخَطَأَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ سَوَاءٌ وَلَهُ مَا أَخْرَجَ الْبَذْرُ مِنَ الزَّرْعِ إِلَّا أَنْ يَزِيدَ عَلَى الْبَذْرِ فَلَكَ الْفَضْلُ وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ بَذَرَ بِالضَّمَانِ وَقَدْ عَطِبَ وَلَوْ أَمَرْتَهُ بِقَمْحٍ فَزَرَعَ شَعِيرًا أَوْ سَمْرَاءَ فَزَرَعَ بَيْضَاءَ قَالَ مُحَمَّدٌ الزَّرْعُ لَهُ لِتَعَدِّيهِ وَعَلَيْهِ الْكِرَاءُ وَإِنْ بَذَرَ مِنْ عِنْدِهِ مِثْلَ بَذْرِكَ فَالزَّرْعُ لَكَ لِوُجُودِ صُورَةِ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَإِلَّا فَلَا تُجْبَرَ فِي إِعْطَائِكَ الْبَذْرَ وَأَخْذِ الزَّرْعِ لِئَلَّا يَكُونَ شِرَاءُ زَرْعٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ بِمَا يُعْطِيهِ وَقِيلَ يَنْتَظِرُ دِرَاسُ الزَّرْعِ فَيُسْتَوْفَى مِنْهُ الْبَذْرُ وَالْفَاضِلُ لِرَبِّ الْأَرْضِ فَرْعٌ - قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا آجَرْتَهُ بَقَرَةً بِإِرْدَبِّ شَعِيرٍ عَلَى حَرْثِ إِرْدَبِّ شَعِيرٍ فِي أَرْضِكَ فَحَرَثَ الْإِرْدَبَّيْنِ فِي أَرْضِهِ بِغَيْرِهِمَا فَإِنْ عَطِبَ الزَّرْعُ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَإِنْ أَخْرَجَ أَكْثَرَ مِنْ إِرْدَبَّيْنِ وَإِجَارَةُ مِثْلِهِ إِرْدَبٌّ أَوْ أَقَلُّ دُفِعَ ذَلِكَ إِلَيْهِ مَعَ الْإِرْدَبِّ الَّذِي أُخِذَ مِنْهُ وَدُفِعَ مَا بَقِيَ لِرَبِّ الزَّرِّيعَةِ وَكَانَتْ إِجَارَةُ مِثْلِهِ أَكْثَرَ مِنْ إِرْدَبٍّ لَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ وَرُدَّ عَلَيْهِ أَحَدُ الْإِرْدَبَّيْنِ وَدُفِعَ مَا بَقِيَ لِصَاحِبِ الزَّرِّيعَةِ فَإِنْ لَمْ يخرج الا إردبا فحوصص بِهِ مِمَّا أُخِذَ مِنْهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهُ فَرْعٌ - قَالَ قَالَ أَصْبَغُ إِذَا بَذَرَ أَرْضَ جَارِهِ غَلَطًا أَوْ بَنَى فِي عَرْصَتِهِ وَلَا يَعْرِفُ ذَلِكَ إِلَّا مِنْ قَوْلِهِ فَأَمَّا الْبَانِي فَلَا يُعْذَرُ وَيُعْطَى قِيمَةَ الْبِنَاءِ مَنْقُوضًا أَوْ يُؤْمَرُ بِقَلْعِهِ وَأَمَّا الزَّارِعُ فَلَهُ الزَّرْعُ وَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْمِثْلِ وَهُوَ عَلَى الْغَلَطِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ عَمَدُهُ وَالْفَرْقُ

مِنْ جِهَةِ الْعَادَةِ أَنَّ سُرْعَةَ الزَّرْعِ تُوجِبُ الْغَلَطَ بِخِلَافِ الْبِنَاءِ فِيهِ التَّرَوِّي وَقَالَ سَحْنُونٌ الزَّرْعُ لِرَبِّ الْأَرْضِ إِلَّا أَنْ يَقْدِرَ عَلَى جَمْعِ حَبِّهِ فَرْعٌ - قَالَ قَالَ سَحْنُونٌ مَنْ حَرَثَ أَرْضَكَ لَيْلًا غَلَطًا فَلَا أُجْرَةَ لَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْرُثْ إِلَّا لِنَفْسِهِ فَإِنْ زَرَعَ أَرْضك إذلالا عَلَيْكَ فَلَكَ قَلْعُ زَرْعِهِ فِي إِبَّانِ الزِّرَاعَةِ وَالْكِرَاءِ بَعْدَ الْإِبَّانِ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فَرْعٌ - قَالَ آجَرْتَهُ عَلَى زِرَاعَةِ إِرْدَبٍّ فِي أَرْضِكَ فَخَلَطَهُ بِإِرْدَبِّهِ وَزَرَعَهُ فَهُوَ غَاصِبٌ إِنْ عَثَرَ عَلَيْهِ قبل قرب حَصَاده فَلَا شَيْء لَهُ لِأَنَّهُ غَاصِب أَوْ بَعْدَ قُرْبِ حَصَادِهِ فَلَهُ مِنَ الزَّرْعِ بِحِصَّةِ بَذْرِهِ وَعَلَيْهِ الْكِرَاءُ وَلَوْ زَرَعَ الْإِرْدَبَّ فِي أَرْضِ نَفْسِهِ فَعَلَيْهِ مِثْلُهُ الْآنَ وَإِذَا دُرِسَ الزَّرْعُ أَخَذْتَ كُلَّ مَا خَرَجَ مِنْ بذرك الا مِقْدَار بذرك لِأَنَّك أَخَذته أَو لَا تعطيه عمله ومئونته وَكِرَاءَ أَرْضِهِ فَرْعٌ - قَالَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ اذا اخْتَلَط زرع الْفَدادِين عِنْدَ الْحَصَادِ حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا عَلَى بَذْرِهِ وَتَقْتَسِمَانِ الطَّعَامَ عَلَى عَدَدِ الْكَيْلِ فَرْعٌ - قَالَ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا حَرَثْتَ أَرْضَكَ قَمْحًا وجارك شَعِيرًا فتطاير البذران لأرض الْآخَرِ فَهُوَ لِمَنْ حَصَلَ فِي أَرْضِهِ وَلَوْ كَانَ بَيْنَكُمَا جِسْرٌ أَوْ خَطٌّ فَتَطَايَرَ

الْبَذْرُ فِيهِ فَذَلِكَ بَيْنَكُمَا اتَّفَقَتِ الزَّرِّيعَةُ أَمْ لَا لِأَنَّ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ مِنْ أَرْضِكُمَا فَرْعٌ - قَالَ إِذَا حَرَثَا الْأَرْضَ وَغَابَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ الزِّرَاعَةِ فَخَافَ الْآخَرُ الْفَوَاتَ فَبَذَرَ مِنْ عِنْدِهِ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الزَّرْعُ لِلْبَاذِرِ وَلِلْآخَرِ كِرَاءُ الْأَرْضِ مَحْرُوثَةً لِأَنَّ الزَّرْعَ لِلزَّارِعِ وَلَوْ قَسَّمَ الْأَرْضَ بِحَضْرَةِ جَمَاعَةٍ وَحَرَثَ فِي نَصِيبِهِ لَا يَنْفَعهُ ذَلِك وَعَلِيهِ كِرَاءُ مَا زَرَعَ إِلَّا أَنْ يُقَسِّمَ بِأَمْرِ السُّلْطَانِ فَلَوْ زَرَعَهَا شَرِكَةً فَقَدِمْتَ فَرَضِيتَ جَازَ كَبيع الْفُضُولِيّ وَلَو زَرعهَا لنَفسِهِ امْتنع ان يُعْطِيهِ نصيبك من الْبذر لِيَكُونَ الزَّرْعُ بَيْنَكُمَا لِأَنَّهُ بَيْعُ الزَّرْعِ قَبْلَ بَدو صَلَاحه فرع - قَالَ دَفَعْتَ أَرْضَكَ لِيَزْرَعَهَا وَعَلَيْكَ نِصْفُ الْبَذْرِ يَمْتَنِعُ لِأَنَّهَا شَرِكَةٌ بِشَرْطٍ - وَالزَّرْعُ بَيْنَكُمَا وَتَتَكَافَآنِ فِي الْكِرَاءِ وَالْعَمَلِ وَهُوَ مُصَدَّقٌ فِي الْبَذْرِ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِمَا لَا يُشْبِهُ وَفِي قَوْلِ سَحْنُونٍ إِذَا شَرَطَ السَّلَفَ لِلزَّرْعِ لَهُ يَأْخُذُ الْبَذْرَ وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ فَرْعٌ - قَالَ فَإِنْ أَعْطَيْتَهُ ثَمَنَ نَصِيبِكَ مِنَ الْبَذْرِ فَادَّعَى بَعْدَ الزَّرْعِ عَدَمَ الشَّرِكَةِ وَأَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِ لَكَ شَيْئًا بَلْ زَرَعَ لِنَفْسِهِ لَمْ يُصَدَّقْ وَالزَّرْعُ بَيْنَكُمَا فَإِنْ صَدَّقْتَهُ خُيِّرْتَ بَيْنَ مَكِيلَةِ الطَّعَامِ وَكُنْتَ شَرِيكًا أَوْ أَخْذِ الثَّمَنِ الَّذِي دَفَعْتَهُ لَهُ وَالزَّرْعُ لَهُ - قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ إِذَا صَدَّقْتَهُ أَوْ قَامَتِ الْبَيِّنَةُ فَالزَّرْعُ لَهُ وَيَمْتَنِعُ رِضَاكَ لِأَنَّهُ شِرَاءٌ لِلزَّرْعِ لَهُ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ

فَرْعٌ - قَالَ أَخْرَجْتَ الْأَرْضَ وَالْبَذْرَ وَالْآخِرُ الْبَقَرَ وَالْعَمَلَ عَلَى أَنَّ لَهُ مَكَانًا مُعَيَّنًا - وَالْبَاقِي بَيْنَكُمَا يَمْتَنِعُ لِلْغَرَرِ وَالزَّرْعُ فِي قَوْلِ سَحْنُونٍ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ وَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْبَقِرِ وَغَيْرِهِ وَكَذَلِكَ إِنْ شَرَطَ أُجْرَةً مَعْلُومَةً فَرْعٌ - قَالَ قَالَ سَحْنُونٌ لَا يُخْرِجُ أَحَدُهُمَا قَمْحًا وَالْآخَرُ شَعِيرًا أَوْ صِنْفًا آخَرَ لِأَنَّ التَّسَاوِيَ فِي الْمُخْرَجِ صفة ومقدارا شَرْط فَإِنْ نَزَلَ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مَا أَنْبَتَ بَذْرُهُ وَيَتَرَاجَعَانِ الْأَكْرِيَةَ وَعَنْهُ جَوَازُ ذَلِكَ إِذَا اسْتَوَتِ الْقِيَمُ فَرْعٌ - قَالَ قَالَ سَحْنُونٌ فِي أَرضين إِحْدَاهمَا بِالشَّام وَالْأُخْرَى بِمِصْرَ يَجُوزُ عَلَى أَنْ يَزْرَعَا هَذِهِ ثُمَّ يَذْهَبَا لِتِلْكَ فَيَزْرَعَاهَا وَيَمْتَنِعُ أَنْ يُخْرِجَ بَذْرَ هَذِهِ وَالْآخَرُ بَذْرَ تِلْكَ لِأَنَّ شَرْطَ الشَّرِكَةِ التَّسَاوِي وَالْخَلْطُ فَرْعٌ - قَالَ يَكْفِي فِي صِحَّةِ الشَّرِكَةِ أَنْ يُحْمَلَ الْبَذْرُ إِلَى الْفَدَّانِ وَيَبْذُرَ كُلُّ وَاحِدٍ فِي طَرَفِهِ فَيَزْرَعَانِ بَذْرَ أَحَدِهِمَا فِي فَدَّانٍ أَوْ بَعْضِهِ وَزَرِّيعَةُ الْآخَرِ فِي النَّاحِيَةِ الْأُخْرَى فَإِنْ لَمْ تَنْبُتْ إِحْدَى الزَّرِّيعَتَيْنِ فَعَلَيْهِ مَثَلُ نِصْفِ بَذْرِ صَاحِبِهِ إِنْ عَلِمَ وَلَا عِوَضَ لَهُ فِي بَذْرِ صَاحِبِ الْبَذْرِ الْفَاسِدِ لِفَسَادِهِ وَإِلَّا فَلَهُ نِصْفُ بَذْرِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْبُتُ وَعَلَيْهِ مِثْلُ نِصْفِ بَذْرِ النَّابِتِ - وَالزَّرْعُ بَيْنَهُمَا غَرَّهُ أَمْ لَا وَلَوْ عُلِمَ الْغُرُورُ مِنْهُ فِي الْإِبَّانِ فَضَمَانُهَا مِنْهُ وَيُخْرِجُ مَكِيلَتَهَا فَتُزْرَعُ ثَانِيًا وَلَا غُرْمَ عَلَى الآخر

وَإِنْ لَمْ يَغُرَّ أَخْرَجَا قَفِيزًا آخَرَ فَزَرَعَاهُ - إِنْ أَحَبَّا وَهُمَا عَلَى الشَّرِكَةِ - قَالَهُ سَحْنُونٌ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ أَوَّلًا وَعَنْهُ إِذَا لَمْ تَنْبُتْ إِحْدَاهُمَا بَطَلَتِ الشَّرِكَةُ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مَا أَنْبَتَ بذره غره أم لَا لتبيين عَدَمِ خَلْطِ الْبَذْرِ أَوَّلًا وَلَوِ اشْتَرَيْتَ بَذْرًا جَيِّدًا وَالْآخِرُ رَدِيئًا فَتَجَاوَزْتَهُ فَزَرَعْتَ بِبَذْرِكَ ثَلَاثَةَ فَدَادِينَ وَزَرَعَ بِبَذْرِهِ فَدَّانَيْنِ ثُمَّ شَاحَحْتَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُؤَدِّي كُلُّ وَاحِدٍ لِصَاحِبِهِ ثَمَنَ نِصْفِ بَذْرِهِ وَعَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى إِذَا صَحَّ الْعَقْدُ ثُمَّ أَخْرَجْتَ بَذْرَكَ فَزَرَعْتَهُ فِي مَوْضِعٍ وَأَخْرَجَ الْآخَرُ بَذْرَهُ فَزَرْعَهَ فَلَمْ يَنْبُتْ فَهُوَ بَيْنَكُمَا وَالنَّابِتُ لَكُمَا إِذَا لَمْ يُغَرَّ مِنْ بَذْرِهِ لِأَنَّهُ فَسَادٌ لَمْ يَقْصِدْهُ وَيَتَرَاجَعَانِ الْأَكْرِيَةَ فَرْعٌ - قَالَ إِذَا امْتَنَعَ أَحَدُكُمَا مِنَ التَّمَادِي عَلَى مَا دَخَلَ عَلَيْهِ أُجْبِرَ قَالَهُ سَحْنُونٌ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ عِنْدَهُ تَلْزَمُ بِالْعَقْدِ وَقَالَ ابْن الْقَاسِم ان لم يبذر لم يجْبر وَإِلَّا أجبر فَإِنْ عَجَزَ عَمِلَ شَرِيكُهُ وَإِذَا طَابَ الزَّرْعُ بَاعَ وَاسْتَوْفَى حَقَّهُ فَإِنْ فَضَلَ اتبِعَ بِهِ لِقِيَامِهِ عَنْهُ بِمَا يَلْزَمُهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَيْسَ لَهُمَا التَّفَاضُلُ وَلَا أَنْ يُوَلِّيَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ لِلْآخَرِ وَلَا لِأَجْنَبِيٍّ لِأَنَّهُ بَيْعُ الزَّرْعِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ فَرْعٌ - قَالَ قَالَ مُحَمَّدٌ تَمْتَنِعُ الشَّرِكَةُ فِي أَرْضٍ زُرِعَ بَعْضُهَا إِلَّا فِيمَا لَمْ يُزْرَعْ مِنْهَا لِأَنَّهُ بَيْعٌ لِلزَّرْعِ قَبْلَ صَلَاحِهِ فَرْعٌ - قَالَ لَوْ ذَهَبَ السَّيْلُ بِالزَّرْعِ فِي الْإِبَّانِ فَأَرَدْتَ إِعَادَةَ الْبَذْرِ وَأَبَى الْآخَرُ لم

يُجْبَرُ لِأَنَّ عَمَلَكُمَا قَدْ تَمَّ بِخِلَافِ ذَهَابِ الْبَذْرِ قَبْلَ الزَّرْعِ أَوِ الثَّوْرِ أَوِ الْعَبْدِ فَلَو أخرجت أَرْضك نصف الْبَذْرِ وَالْآخَرُ الْعَمَلَ وَنِصْفَ الْبَذْرِ - فَقَلَّبَ الْأَرْضَ فِي إِبَّانِ الزِّرَاعَةِ فَدَفَعَهَا لِآخَرَ لِيُخْرِجَ عَنْهُ نِصْفَ الْبَذْرِ وَالْعَمَلِ فَالزَّرْعُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْآخَرِ وَسَقَطَ الْأَوْسَطُ لِعَدَمِ مَا بِهِ الشَّرِكَةُ مِنْهُ فَرْعٌ - قَالَ لَوْ غِبْتَ وَزَرَعَهَا بِبَذْرِهِ وَلَمْ تُحْضِرْ زَرِّيعَةً فَالزَّرْعُ لَهُ وَعَلَيْهِ الْكِرَاءُ وَلَوْ جِئْتَ بِالْبَذْرِ بَعْدَ الزَّرْعِ امْتَنَعَ أَخْذُهُ لِبُطْلَانِ الشَّرِكَةِ لِعَدَمِ الْخَلْطِ وَهُوَ الْآنُ بَيْعُ الزَّرْعِ قبل بَدو صَلَاحه وَلَو قلت أَقْرِضْنِي الْبَذْرَ وَأَنَا أُعْطِيهِ لَكَ الْآنَ امْتَنَعَ فَرْعٌ - قَالَ إِذَا كَانَ عَلَيْكَ الْحَرْثُ فَقُلْتَ حَرْثَةً وَقَالَ حَرْثَتَيْنِ حُمِلْتُمَا عَلَى سُنَّةِ الْبَلَدِ فَإِنْ عُدِمَتْ فَمَا قَلْتَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الزَّائِد

- كتاب المغارسة

1 - كِتَابُ الْمُغَارَسَةِ وَفِيهَا مُقَدِّمَةٌ وَبَابَانِ الْمُقَدِّمَةُ فِي لَفْظِهَا وَهِيَ مُفَاعَلَةٌ وَأَصْلُهَا أَنْ تَكُونَ لِصُدُورِ الْفِعْل من اثْنَتَيْنِ نَحْو الْمُضَاربَة والمناظرة وَالْمُدَافَعَةِ فَمُقْتَضَاهَا أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ يَغْرِسُ لِصَاحِبِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ أَحَدُهُمَا الْغَارِسُ فَيَتَعَيَّنُ أَنْ يُجَابَ بِمَا تَقَدَّمَ فِي الْمُسَاقَاةِ وَالْمُضَارَبَةِ فيطالع من هُنَاكَ 2 - الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهَا وَهِيَ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي الْمُتَعَاقِدَانِ وَيُشْتَرَطُ فِيهِمَا أَهْلِيَّةُ الشَّرِكَةِ وَالْإِجَارَةِ فَإِن المغارسة مركبة مِنْهَا الرُّكْنُ الثَّالِثُ الْعَمَلُ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ الْمُغَارَسَةُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ إِجَارَةٌ مَحْضَةٌ كَقَوْلِكَ اغْرِسْ أَرْضِي تِينًا وَنَحْوَهُ وَلَكَ كَذَا فَإِنْ كَانَتِ الْغُرُوسُ مِنْ عِنْدِكَ فَلَا إِشْكَالَ فِي الْجَوَاز سيمت عَدَدَ مَا يُغْرَسُ أَمْ لَا لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ عُرْفًا نَعَمْ لَا بُدَّ أَنْ تَصِفَ قَدْرَ الْغَرْسِ فِي الصِّغَرِ

وَالْكِبْرِ لِاخْتِلَافِ الْمَشَقَّةِ فِيهِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ عَادَةً وَإِنْ كَانَتِ الْغُرُوسُ مِنْ عِنْدِهِ فَيَدْخُلُ فِيهِ مَا دَخَلَ فِي اشْتِرَاطِ الْجَصِّ وَالْآجِرِ على الْبناء لانه إِجَارَة وَسلم فأحكامها مُخْتَلفَة إِذا كَانَ الْأَجِير بِعَيْنِه فان أسلم لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ ضَرْبِ الْأَجَلِ وَتَعْجِيلِ رَأْسِ الْمَالِ وَالْأَجِيرُ الْمُعَيَّنُ لَا يَجُوزُ النَّقْدُ لَهُ إِلَّا بَعْدَ الشُّرُوعِ فَلَا يُسْتَأْجَرُ الْمُعَيَّنُ وَالْغُرُوسُ مِنْ عِنْدِهِ وَلَهَا قِيمَةٌ إِلَّا بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ تَعْجِيلُ الْإِجَارَةِ وَالشُّرُوعُ فِي الْعَمَلِ وَأَنْ يَكُونَ الْغَرْسُ لَا يَتِمُّ إِلَّا فِي مُدَّةٍ طَوِيلَة يستخف فِيهَا مَا بتعجل مِنَ الْغَرْسِ فِي جَنْبِ مَا يَتَأَخَّرُ وَأَمَّا إِنِ اسْتَأْجَرَهُ إِجَارَةً مَضْمُونَةً فِي ذِمَّتِهِ عَلَى أَنَّ الْغَرْسَ مِنْ عِنْدِهِ وَلَهَا قِيمَةٌ فَذَلِكَ جَائِزٌ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ الْمَضْمُونَةَ كَالسَّلَمِ فَإِنْ قَدَّمَ إِجَارَتَهُ إِلَيْهِ وَضَرَبَ لِلْغَرْسِ أَجَلًا كَقَوْلِكَ اسْتَأْجَرْتُكَ عَلَى غَرْسِ هَذِهِ الْأَرْضِ فِي شَهْرِ كَذَا وَالْغَرْسُ مِنْ عِنْدِكَ أَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إِذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْقُبَالَةِ وَقَدَّمَ نَقْدَهُ الْقِسْمُ الثَّانِي الْمُغَارَسَةُ عَلَى وَجْهِ الْجَعْلِ كَقَوْلِكَ اغْرِسْ أَرْضِي تِينًا أَوْ نَحْوَهُ وَلَكَ فِي كُلِّ ثَمَرَةٍ تَنْبُتُ كَذَا فَيَجُوزُ لِأَنَّهُ جَعْلٌ مَحْضٌ الْقِسْمُ الثَّالِثُ أَنْ يُغَارِسَهُ فِي الْأَرْضِ عَلَى جُزْءٍ مِنْهَا فَلَيْسَتْ إِجَارَةً مُنْفَرِدَةً وَلَا جَعَالَةً بَلْ أَصْلٌ مُسْتَقِلٌّ فِيهِ الشَّبَهَانِ فَيُشْبِهُ الْإِجَارَةَ فِي اللُّزُومِ بِالْعَقْدِ وَالْجَعَالَةُ لِبُطْلَانِ حَقِّ الْمَغَارِسِ إِذَا بَطَلَ الْغَرْسُ وَلَا يُعِيدُهُ مَرَّةً أُخْرَى وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَجُوزُ إِلَّا عَلَى الْجَعْلِ وَأَنْ يَكُونَ لَهُ التَّرْكُ مَتَى شَاءَ فَعَلَى هَذَا الْمُغَارَسَةُ قِسْمَانِ فَقَطْ الْجَعْلُ وَالْإِجَارَةُ كَانَ لَهُ جُزْءٌ مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَا وَمَنَعَ (ش) الْقِسْمَ الثَّالِثَ لِأَنَّهُ لَيْسَتْ شَرِكَةً وَلَا قِرَاضًا وَلَا إِجَارَةً لِعَدَمِ شُرُوط الْأَقْسَام فَلَا تجوز وَقَاسَهَا مَالِكٌ عَلَى الْمُسَاقَاةِ وَتَمْتَنِعُ عَلَى جُزْءٍ من الأَرْض الا أَن يكون الى حد دُونَ الْإِطْعَامِ وَفِي التَّحْدِيدِ بِالْإِطْعَامِ أَوِ السِّنِينَ دُونَ الْإِطْعَامِ أَوْ سَكَتَا

- الباب الثاني في أحكامها

عَنِ التَّحْدِيدِ قَوْلَانِ وَيَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ الشَّجَرُ أَوِ الْغَلَّةُ بَيْنَهُمَا دُونَ الْأَصْلِ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ فِي نَظَائِرِهِ يُشْتَرَطُ أَمْرَانِ أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ بَيْنَهُمَا مَعَ مَا فِيهَا لِئَلَّا يَنْتَفِعَ الْعَامِلُ بِالْأَرْضِ مُدَّةً غَيْرَ مَحْصُورَةٍ وَأَنْ يَكُونَ الِانْتِهَاءُ الْإِطْعَامَ أَوْ دُونَهُ دُونَ مَا فَوْقَهُ 2 - الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ الْمُغَارَسَةُ أَنْ يُعْطِيَهُ أَرْضَهُ يَغْرِسَهَا نَوْعًا أَوْ أَنْوَاعًا مِنَ الشَّجَرِ يُسَمِّيهَا فَإِذَا بَلَغَتْ حَدًّا سَمَّاهُ فِي ارْتِفَاعِهَا كَانَتِ الْأَرْضُ وَالشَّجَرُ بَيْنَهُمَا عَلَى جُزْءٍ مَعْلُومٍ وَيَمْتَنِعُ التَّحْدِيدُ كَمَا بَعْدَ الْإِثْمَارِ لِأَنَّ الْعَامِلَ يَكُونُ نِصْفُ الثَّمَرَةِ لَهُ إِلَى ذَلِكَ الْحَدِّ فَقَدْ آجَرَ نَفْسَهُ بِثَمَرَةٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا وَبِنِصْفِ الْأَرْضِ وَمَا يَنْبُتُ فِيهَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ سَكَتَا عَنْ ذِكْرِ الْحَدِّ جَازَ وَيَكُونُ إِلَى الْكَمَالِ التَّامِّ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ فَاسِدٌ حَتَّى يُبَيِّنَا حَدًّا وَلَوْ سَمَّيَا سِنِينَ جَازَ إِذَا كَانَتِ الْأَرْضُ مَأْمُونَةَ النَّبَاتِ وَلَا يَتِمُّ الشَّجَرُ قَبْلَهَا وَإِنِ اشْتَرَطَا أَنَّ كُلَّ نَخْلَةٍ تَنْبُتُ لَهُ فِيهَا حق وَلَا شَيْء لَهُ فِيهَا لَا تَنْبُتُ وَعَلَى أَنَّهُ إِنْ شَاءَ تَرَكَ وَشَرَطَا حَدًّا مَعْلُومًا جَازَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا قُلْتَ اسْتَأْجَرْتُكَ لِتَغْرِسَهَا كَذَا وَكَذَا نَخْلَةً فَإِنْ نَبَتَتْ فَهِيَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ فَهُوَ جَعْلٌ لَا إِجَارَةٌ وَلَهُ التَّرْكُ إِنْ شَاءَ وَعَنْ مَالِكٍ تَمْتَنِعُ الْمُغَارَسَةُ إِلَى أَجَلٍ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْجَعْلِ قَالَ مُطَرِّفٌ إِنَّمَا يَجُوزُ الْأَجَلُ إِذَا قَالَ اغْرِسْهَا شَجَرَ كَذَا وَلَكَ نِصْفُهَا الْحَدُّ الَّذِي سَمَّيَاهُ عَلَى أَنْ تَقُومَ بِنِصْفِي كَذَا وَكَذَا سَنَةً لِأَنَّهَا إِجَارَةٌ

عَلَى غَرْسِ نِصْفِ الْأَرْضِ وَيَأْتِي بِمَا يَغْرِسُ مِنْ عِنْدِهِ وَيَخْدِمُهُ كَذَا وَكَذَا سَنَةً بِنِصْفِ الْأَرْضِ فَإِنْ بَطَلَ الْغَرْسُ بَعْدَ أَنْ غَرَسَهُ أَتَاهُ رَبُّ الْأَرْضِ بِغَرْسٍ مِثْلِهِ يَقُومُ بِهِ إِلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ هَذِهِ الْمُغَارَسَةُ بِعَيْنِهَا إِلَى أَجَلٍ وَمَالِكٌ يَنْظُرُ إِلَى تَصَرُّفِهِمَا لَا إِلَى قَوْلِهِمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ غَارَسَهُ عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ مَضْمُونٌ مَاتَ أَوْ عَاشَ جَازَ أَوْ عَلَى عَمَلِهِ بِعَيْنِهِ امْتَنَعَ لِلْغَرَرِ بِتَوَقُّعِ مَوْتِهِ قَالَ سَحْنُونٌ هَذَا يمْنَع مُطْلَقًا لِأَنَّهُ جَعْلٌ وَبَيْعٌ فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَثْمَرَ النَّخْلُ وَبَقِيَ التَّافِهُ فَهُوَ تَبَعٌ وَالْعَامِلُ عَلَى شَرْطِهِ وَيَسْقُطُ الْعَمَلُ عَنْهُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ كَانَ لَهُ بَالٌ أَوِ النِّصْفَ وَهُوَ مُبَايِنٌ سَقَطَ الْعَمَلُ عَنْهُ فِي الْمُثْمِرِ أَوْ مُخْتَلِطًا سَقَى الْجَمِيعَ وَثَمَرُ مَا أَثْمَرَ بَيْنَهُمَا قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ إِنْ نَبَتَ يَسِيرٌ وَبَلَغَ الْحَدَّ وَبَطل الْبَاقِي أَو بَطل مِنْهُ يسير وَبَطل الْحَدُّ وَبَطَلَ سَائِرُ ذَلِكَ فَقِيلَ الْقَلِيلُ أَبَدًا تَبَعٌ لِلْكَثِيرِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ قَدْرٌ قَالَهُ ابْنُ عَاصِمٍ وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَثْبُتُ حَقُّهُ فِي الثَّابِتِ وَيُبْطَلُ مِمَّا بَطَلَ وَقِيلَ حَقُّهُ فِيمَا نَبَتَ وَمَا بَلَغَ وَيَبْطَلُ فِيمَا لَمْ يَبْلُغْ يَسِيرًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا تَبَعًا أَوْ غَيْرَ تَبَعٍ وَهُوَ يَأْتِي عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُغَارَسَةَ فِي الْأَرْضِ عَلَى جُزْءٍ مِنْهَا تَمْتَنِعُ إِلَّا عَلَى وَجْهِ الْجَعْلِ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ عَلَى أَنَّهَا جَائِزَةٌ لَازِمَةٌ لَهُمَا

فَرْعٌ - فِي الْمُقَدِّمَاتِ حَيْثُ قُلْنَا بِفَسَادِهَا فَإِنْ لم يَجْعَل لَهُ جُزْءا من الأَصْل بَلِ الثَّمَرَةُ بَيْنَهُمَا أَوِ الشَّجَرُ دُونَ مَوْضِعِهَا فَهَلْ يُجْعَلُ كَالْكِرَاءِ الْفَاسِدِ أَوِ الْأُجْرَةِ الْفَاسِدَةِ قَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ الْمَغْرُوسَ عَلَى مِلْكِ الْغَارِسِ فَيَكُونُ كِرَاءً فَاسِدًا أَوْ مِلْكِ رَبِّ الْأَرْضِ فَتَكُونُ إِجَارَةً فَاسِدَةً وَالْأَوَّلُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنْ جَعَلَ لَهُ جُزْءًا مِنَ الْأَرْضِ مَعَ الْفَسَادِ كَالْمُغَارَسَةِ إِلَى أَجَلٍ بَعْدَ الْإِطْعَامِ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ إِجَارَةٌ فَاسِدَةٌ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ قِيمَةُ غَرِسِهِ يَوْمَ وَضَعَهُ فِي أَرْضِهِ وَأُجْرَةُ مِثْلِهِ فِي الْعَمَلِ وَجَمِيعُ الْغَلَّةِ لَهُ قَالَهُ سَحْنُونٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْغَرْسَ عَلَى مِلْكِ رَبِّ الْأَرْضِ كَأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى غَرْسِهَا بِنِصْفِهَا وَقِيلَ بَيْعٌ فَاسِدٌ فِي نِصْفِ الْأَرْضِ وَقَدْ فَاتَ بِالْغَرْسِ فَعَلَى الْغَارِسِ قِيمَتُهُ يَوْمَ غَرْسِهِ وَكِرَاءُ الْمِثْلِ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ الْفَاسِدِ يَوْمَ أَخَذَهَا أَوْ يَوْمَ الْغَرْسِ فِيهَا أَوْ يَوْمَ الْفَوْتِ عَلَى الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ وَيَقْلَعُ الْغَارِسُ غَرْسَهُ الا إِلَّا أَنْ تَأْخُذَهُ بِقِيمَتِهِ مَقْلُوعًا وَرَوَى يَحْيَى لَكَ أَخْذُهُ بِقِيمَتِهِ - قَائِمًا لِوُجُودِ الْإِذْنِ فِي الْموضع - وَجَمِيعُ الْغَلَّةِ لِلْغَارِسِ وَهُوَ عَلَى أَنَّ الْغَرْسَ عَلَى مِلْكِ الْغَارِسِ وَقِيلَ بَيْعٌ فَاسِدٌ فِي نصف الأَرْض فَاتَ بالغرس على الغارس قِيمَته يَوْمَ غَرْسِهِ وَإِجَارَةٌ فَاسِدَةٌ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ عَلَيْكَ فِيهِ قِيمَتُهُ مَقْلُوعًا يَوْمَ وَضْعِهِ وَأُجْرَةُ مِثْلِهِ فِي عَمَلِهِ إِلَى وَقْتِ الْحُكْمِ وَقِيلَ يَكُونُ عَلَيْكَ نِصْفُ قِيمَةِ الْغَرْسِ قَائِمًا يَوْمَ الْحُكْمِ فِيهِ لِأَجْلِ سَقْيِهِ وَعِلَاجِهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقِيلَ عَلَيْكَ لِلْغَارِسِ نِصْفُ غَرْسِهِ يَوْمَ بَلَغَ وَأَجْرَتُهُ مِنْ يَوْمِئِذٍ إِلَى يَوْمِ الْحُكْمِ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَالْغَلَّةُ بَيْنَهُمَا فِي جَمِيعِ ذَلِكَ عَلَى شَرْطِهَا وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ عَلَيْكَ الْقِيمَةُ فِيهِ مَقْلُوعًا وَأُجْرَةُ الْعَمَلِ إِلَى يَوْمِ الْحُكْمِ

فَرْعٌ - قَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ وَلَا تَكُونُ الْمُغَارَسَةُ فِيمَا يُزْرَعُ سَنَةً بَلْ فِي الْأُصُولِ الثَّابِتَةِ وَتَمْتَنِعُ إِلَى أَجَلٍ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْجَعْلِ بَلْ لِلْإِثْمَارِ أَوْ قَبْلَهُ فَرْعٌ - قَالَ إِذَا بَطَلَتِ الشَّجَرَةُ بَعْدَ تَمَامِهَا فِي الْمُغَارَسَةِ الْفَاسِدَةِ قَبْلَ أَنْ يُنْظَرَ بَيْنَهُمَا قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَمُطَرِّفٌ لَا شَيْءَ لَهُ مِنْ قِيمَةِ مَا عَمِلَ وَلَا رَدَّ مَا أَنْفَقَ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ يَدِهِ شَيْءٌ لِيُعَوَّضَ عَنْهُ وَإِنَّمَا أَنْفَقَ لِيَأْخُذَهُ مِنَ الثَّمَرَةِ وَقَدْ ذَهَبْتَ وَتَمْضِي الْغلَّة لمن اغتلها قبل ذهَاب الشّجر اغلالها جَمِيعًا أَوِ الْغَارِسُ وَلَا يُنْظَرُ بَيْنَهُمَا فِي شَيْءٍ إِذَا ذَهَبَ الْغَرْسُ الَّذِي تَعَامَلَا عَلَيْهِ وَفَاتَ مَوضِع تَصْحِيحه بِالْقيمَةِ وَقَالَ أَصْبَغُ يُعْطَى قِيمَةَ عَمَلِهِ يَوْمَ تَمَّ كَشِرَائِهِ بِثَمَنٍ فَاسِدٍ فَتَفُوتُ وَالْغَلَّةُ كُلُّهَا لِرَبِّ الْأَرْضِ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَحَبُّ إِلَيَّ وَإِنَّمَا يَصِحُّ قَوْلُ أَصْبَغَ إِذَا أَعْطَاهُ نِصْفَ الْأَرْضِ عِوَضًا عَنْ غَرْسِهِ النِّصْفَ الْآخَرَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا فَسَدَتْ بِعَدَمِ ذِكْرِ حَدٍّ تَنْتَهِي إِلَيْهِ أَوْ حد مَعْلُوم - الى حد الإثمار دُونَهُ وَفَاتَ فَالْغَرْسُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَيُلْزَمُ الْعَامِلُ نِصْفَ الْأَرْضِ بِقِيمَتِهَا يَوْمَ قَبَضَهَا بَرَاحًا لِأَنَّهُ اشْتَرَاهَا شِرَاءً فَاسِدًا فَأَفَاتَهَا بِالْغَرْسِ فَإِنِ اغْتَلَّهَا زَمَانًا طَوِيلًا فَمَا اغْتَلَّ فِي نِصْفِهِ الَّذِي أَلْزَمْنَاهُ قِيمَتَهُ لَا كِرَاءَ عَلَيْهِ فِيهِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ كَأَنَّكَ أَكَرَيْتَهُ بِثَمَرَةٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا وَتَرُدُّ أَنْتَ الثَّمَرَةَ الَّتِي قَبَضْتَ إِلَى الْعَامِلِ وَتَأْخُذ مِنْهُ كِرَاء حَالِيًّا يَوْمَ اغْتَلَّهَا وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ قَالَ سَحْنُونٌ بَلْ غَلَّةُ جَمِيعِ الْأَرْضِ لِرَبِّهَا يَرُدُّهَا الْعَامِلُ وَلَهُ

قِيمَةُ غَرَسِهِ وَأُجْرَةُ عَمَلِهِ وَلَوْ جَعَلْتَ لَهُ الثَّمَرَةَ كَانَ بَيْعُهَا قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا قَالَ ابْن الْقَاسِم لَو أَخذهَا بِحَدّ مَعْلُومٍ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ لَكَ فِي نِصْفِكَ سِنِينَ مَعْلُومَةً بَعْدَ الْقَسْمِ عَمَلًا مَضْمُونًا عَاشَ أَوْ مَاتَ وَهُوَ عَمَلٌ مَعْرُوفٌ جَازَ وَإِنْ كَانَ عَمَلُهُ بِيَدِهِ امْتَنَعَ لِلْخَطَرِ قَالَ سَحْنُونٌ هُوَ خَطَأٌ لِأَنَّهُ جَعْلٌ وَبَيْعٌ وَالَّذِي أَنْكَرَهُ أَجَازَهُ ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ وَقَعَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْفَسَادِ وَاغْتَلَّ الشَّجَرُ زَمَانًا وَبَطَلَ الْغَرْسُ لَمْ يَبْطُلْ مَا لَزِمَهُ مِنْ نِصْفِ قِيمَةِ الْأَرْضِ يَوْمَ الْقَبْضِ وَلَهُ غَلَّةُ جَمِيعِ الشَّجَرَةِ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ كِرَاءِ نِصْفِ الْأَرْضِ مِنْ يَوْمِ اغْتَلَّهَا وَلَهُ عَلَيْكَ قِيمَةُ عَمَلِهِ فِي نِصْفِكَ إِلَى أَنْ يَبْلُغَ الْحَد الْمُشْتَرط فَلَا أُجْرَةَ لَهُ كَالْجَعْلِ وَقَالَ سَحْنُونٌ الْغَلَّةُ كُلُّهَا لَكَ وَيَرُدُّ مَا أَخَذَ مِنْهَا وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فَرْعٌ - قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أعرت أَرْضك عشر سِنِين للغرس وَيسلم اليك بعد الْمدَّة بغرسها ويغتلها هُوَ فِي الْمُدَّةِ يَمْتَنِعُ لِلْجَهْلِ بِحَالِ الْمَالِ وَجَوَّزَهُ أَشْهَبُ كَالْبُنْيَانِ إِذَا سُمِّيَ مِقْدَارُ الشَّجَرِ فَرْعٌ - قَالَ قَالَ أَصْبَغُ إِذَا اشْتَرَطَ مَعَ غَرْسِ الشَّجَرِ بِنَاءَ جِدَارٍ حَوْلَهُ أَوْ حَفْرَ سِيَاجٍ وَكَانَ يَخَافُ أَلَّا يَتِمَّ الْغَرْسُ إِلَّا بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ الْمَوَاشِي وَيَكُونُ جَمِيعُ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا جَازَ أَوْ لَا يَخَافُ ذَلِكَ وَمَئُونَةُ الْمُشْتَرِطِ يَسِيرَةٌ جَازَ أَيْضًا وَإِلَّا امْتَنَعَ فَرْعٌ - قَالَ قَالَ أصبغ اذا غرس النّصْف قبل عَجَزَ قَبْلَ التَّمَامِ أَوْ غَابَ فَأَقَمْتَ مِنْ

عَمَلِ مَا بَقِيَ أَوْ عَمِلْتَهُ بِنَفْسِكَ ثُمَّ قُدِّمَ فَهُوَ عَلَى حَقِّهِ وَكَذَلِكَ الْحَاضِرُ إِذَا لَمْ يَظُنَّ أَنَّهُ تَرَكَ وَسَلَّمَ وَرَضِيَ بِالْخُرُوجِ وَيُعْطِي الْمُكَمِّلَ قَدْرَ مَا كَفَاهُ مِمَّا لَوْ وَلِيَهُ هُوَ لَزِمَهُ مِثْلُهُ فَرْعٌ - قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا ادَّعَيْتَ أَنَّ الْمُغَارَسَةَ وَقَعَتْ عَلَى أَنَّ الثَّمَرَةَ فَقَطْ أَوِ الشَّجَرَةَ بَيْنَكُمَا وَادَّعَى نِصْفَ الْأَرْضِ بِغَرْسِهَا وَلِلْبَلَدِ عَادَةُ صِدْقِ مُدَّعِيهَا صَحِيحَةً أَمْ لَا وَإِلَّا صُدِّقَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ لِأَنَّهَا أَصْلُ مُعَامَلَةِ الْإِسْلَامِ وَعَنْهُ إِذَا كَانَتْ عَادَةُ الْبَلَدِ بِعَمَلِ الْأَمْرَيْنِ يَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ فَرْعٌ - قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا غَارَسَهُ عَلَى أَنَّ الثَّمَرَةَ خَاصَّةٌ بَيْنَهُمَا أَبَدًا وَفَاتَتْ فَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِيمَا عَمِلَ وَعَالَجَ حَتَّى بَلَغَتِ الْإِطْعَامَ ثُمَّ هُوَ فِيمَا أَكَلَا بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ الثَّمَرَةِ عَلَى مُسَاقَاةِ مِثْلِهِ وَإِنْ كَانَتْ مُسَاقَاةُ مِثْلِهِ النِّصْفَ لَمْ يَرْجِعْ أَحَدُكُمَا عَلَى الْآخَرِ بِشَيْءٍ أَوْ عَلَى الثُّلُثِ رَجَعْتَ عَلَيْهِ بِسُدُسِ الثَّمَرَةِ أَوْ عَلَى الثُّلُثَيْنِ رَجَعَ عَلَيْكَ بِالسُّدُسِ يَوْمَ فُسِخَ الْعَمَلُ بَيْنَكُمَا وَلَوْ كَانَتْ عَلَى أَنَّ الثَّمَرَةَ بَيْنَهُمَا سِنِينَ مَعْلُومَةً فَكَمَا تَقَدَّمَ فَرْعٌ - قَالَ قَالَ سَحْنُونٌ يَجُوزُ أَنْ يَعْمَلَ لَكَ رَحًى بِصِفَةٍ مَعْلُومَةٍ بِجَمِيعِ أَدَوَاتِهَا فَإِذَا تَمَّتْ فَلَهُ نِصْفُهَا أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْأَجْزَاءِ بِجُزْءِ ذَلِكَ الْأَرْضِ لِأَنَّهُ جَعْلٌ وَالْكَلَفُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ عَلَيْكُمَا لِأَنَّكُمَا شَرِيكَانِ وَتَنْعَقِدُ الشَّرِكَةُ والاستحقاق بعد

التَّمَامِ فَإِنْ شَرَطْتَ أَنَّ عَلَيْهِ إِصْلَاحَهَا مَا بَقِيَ امْتَنَعَ لِلْغَرَرِ فَإِنْ فَاتَ بِالْبِنَاءِ فَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَةِ الْأَرْضِ بِغَيْرِ شَرْطٍ وَلَهُ عَلَيْكَ نِصْفُ قِيمَةِ مَا بُنِيَ وَأُصْلِحُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ وَتَصِيرُ الرَّحَى بَيْنَكُمَا وَعَلَيْكُمَا إِصْلَاحُهَا فَإِنْ لَمْ يَعْثُرْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى طَحَنَا زَمَانًا فَهِيَ بَيْنَهُمَا مِنْ يَوْمِ طَحَنَتْ وَإِنْ وَلِيَ هُوَ الطحين فِيهَا للنَّاس فَلهُ الْغلَّة وَعَلِيهِ كِرَاءُ نِصْفِهَا وَتَأتَنفَانِ فِي أَمْرِهَا مَا أَحْبَبْتُمَا فَلَوْ كَانَتِ الْمَرَمَّةُ مِنْ عِنْدِكَ فَهُوَ سَوَاءٌ وَإِنْ كُنْتَ الْعَامِلَ فِيهَا فَلَكَ الْغَلَّةُ وَعَلَيْكَ كِرَاءُ نِصْفِهَا لَهُ وَقَالَ غَيْرُهُ إِذَا لَمْ يَصْفُ الْبِنَاءُ وَفَاتَ بِالْبِنَاءِ أَوْ بِمَا فِي فَسْخِهِ ضَرَرٌ يَكُونُ بَيْنَكُمَا وَلَكَ قِيمَةُ نِصْفِ أَرْضِكَ وَعَلَيْكَ لَهُ نِصْفُ قِيمَةٍ مَا عَمِلَ وَبَنَى وَتَبْقَى بَيْنَكُمَا عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ يَوْمَئِذٍ فَرَغْتَ أَمْ لَا لِأَنَّهَا مُجَاعَلَةٌ فَاسِدَةٌ وَلَوْ شَرَطْتُمَا أَنَّ الْغَلَّةَ بَيْنَكُمَا دُونَ الرَّحَى وَفَاتَ لَا يَكُونُ لَهُ فِي الرَّحَى وَلَا فِي الْبِنَاءِ وَلَا فِي الْأَرْضِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَمْ تَقَعِ الْمُبَايَعَةُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَصْلِ وَإِنَّمَا اشْتَرَى مِنْهُ مَاءَهُ وَمَا يَدْخُلُ مِنَ الْكَسْبِ فَالرَّحَى بِمَا فِيهَا لَكَ وَعَلَيْكَ قِيمَةُ الْبِنَاءِ وَمَا وُضِعَ فِيهَا بِقِيمَتِهِ يَوْمَ تَمَّ

صفحة فارغة

- كتاب إحياء الموات

1 - كِتَابُ إِحْيَاءِ الْمُوَاتِ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ الْمُوَاتُ بِضَمِّ الْمِيمِ الْمَوْتُ وَبِفَتْحِهَا مَا لَا رُوحَ فِيهِ وَأَيْضًا هُوَ الْأَرْضُ الَّتِي لَا مَالِكَ لَهَا وَلَا مُنْتَفِعَ بِهَا وَالْمَوَتَانُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْوَاوِ الأَرْض الَّتِي لم تحي وَهُوَ أَيْضًا ضِدُّ الْحَيَوَانِ يُقَالُ اشْتَرِ الْمَوَتَانَ وَلَا تَشْتَرِ الْحَيَوَانَ أَيِ اشْتَرِ الْعَقَارَ دُونَ الرَّقِيقِ وَيَتَمَهَّدُ فِقْهُ الْكِتَابِ بِالنَّظَرِ فِي الْإِحْيَاءِ وَمَوَانِعِهِ وَغَيْرِهَا ثُمَّ مَا يَقَعُ مِنَ التَّزَاحُمِ فِي الْحِيطَانِ وَالسُّقُوفِ وَمَنَافِعِ الْبِقَاعِ مِنَ الْمَسَاجِدِ وَالطُّرُقِ وَالْأَعْيَانِ الْمُسْتَفَادَةِ مِنَ الْأَرْضِ كَالْمَعَادِنِ وَالْمِيَاهِ وَغَيْرِهَا ثُمَّ فِيمَا يَقَعُ النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي الْإِحْيَاء وَفِيه ثَلَاث أبحاث الْبَحْث الْأَوَّلُ فِي صِفَةِ الْإِحْيَاءِ الَّذِي هُوَ سَبَبُ الْمِلْكِ وَفِي الْكِتَابِ يَجُوزُ الْإِحْيَاءُ بِغَيْرِ إِذَنِ الْإِمَامِ وَإِحْيَاؤُهَا شَقُّ الْعَيْنِ وَحَفْرُ الْبِئْرِ وَغَرْسُ الشّجر وَالْبناء وَالْحَرْث قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي أَرض ذَات بَيَاض وَقَطَعَ مِنَ الْغَيْضَةِ مَا يَسْقِي ذَلِكَ الْبِئْرَ فَهُوَ أَحَقُّ بِمَا يَسْقِي ذَلِكَ الْبِئْرَ وَكَذَلِكَ إِذا لم تكن فِيهَا شعراء وَإِن حَفَرَ الْبِئْرَ لِمَاشِيَتِهِ لِيَسْكُنَ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ فَهُوَ

أَحَق بِمَا يَحْتَاجهُ ليسكن وَإِنْ كَانَ لِيَرْعَى غَنَمَهُ وَيَذْهَبَ عَنْهُ لَمْ يَكُنْ إِحْيَاءً وَهُوَ أَحَقُّ بِمَا تَرْعَى غَنَمُهُ وَمَحْمَلُ قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إِذَا لَمْ يَكُنِ الْحَفْرُ لِأَجْلِ الْكَلَأِ لِأَنَّهُ لَيْسَ ذَلِكَ مِمَّا يُقْصَدُ لِلتَّمْلِيكِ وَالرَّعْيِ بِانْفِرَادِهِ لَيْسَ إِحْيَاءً وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا نَزَلَ قَوْمٌ وَرَعَوْا مَا حَوْلَهُمْ فَهُمْ أَحَقُّ مِنْ غَيْرِهِمْ لِأَنَّ لِلسَّبْقِ حَقًّا لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْ سَبَقَ إِلَى مَا لَمْ يُسْبَقْ إِلَيْهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْإِحْيَاءُ مَا تَقْتَضِي الْعَادَةُ أَنَّهُ إِحْيَاءٌ لِمِثْلِ تِلْكَ الْأَرْضِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَطْلَقَ الْإِحْيَاءَ فَيَتَقَيَّدُ بِالْعَادَةِ - وَقَالَهُ (ش) وَقَالَ إِذَا لَمْ يَسْقَفِ الدَّارَ وَلَا قَسَّمَ الْبُيُوتَ وَقَدْ أَحْيَا لِلسُّكْنَى فَلَيْسَ بِإِحْيَاءٍ وَإِنْ حَفَرَ الْبِئْرَ وَلَمْ يَطْوِهَا فَلَيْسَ بِإِحْيَاءٍ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ وَالْإِحْيَاءُ يَقَعُ بِعَشَرَةِ أَشْيَاءَ سَبْعَةٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا تَفْجِيرُ الْمَاءِ بِالْحَفْرِ وَبِالشَّقِّ وَالْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ والحرث والحرق السَّابِعُ تَكْسِيرُ الْحِجَارَةِ وَثَلَاثَةٌ مُخْتَلَفٌ فِيهَا التَّحْجِيرُ ورعي الْكلأ وحفر بِئْر مَاشِيَة فَهِيَ لَيْسَتْ إِحْيَاءً عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ فَرْعٌ - قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِذَا أَحْيَا بِأَجْرٍ مَغْصُوبٍ لَا يَمْلِكُ لِأَنَّ الشَّرْعَ مَلَّكَهُ لِيَنْتَفِعَ بِإِحْيَائِهِ وَهَذَا يُحَرِّمُ عَلَيْهِ الِانْتِفَاعَ بِخِلَافِ الِاصْطِيَادِ بِقَوْسِ الْغَيْرِ أَوْ

سَيْفِهِ وَالْفَرَسُ يُجَاهِدُ عَلَيْهِ لَهُ السِّهَامُ فَفِي هَذِهِ يَمْلِكُ الْغَاصِبُ الْمَنْفَعَةَ لِأَنَّ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ غَيْرُ الْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ وَلَوْ نُزِعَتِ الْعَيْنُ الْمَغْصُوبَةُ بَقِيَتِ الثَّمَرَةُ لِلْغَاصِبِ وَهِيَ الصَّيْدُ وَالسِّهَامُ وَلَو نزع الْمَغْصُوب هَهُنَا لم يبْق لَهُ شَيْء الْبَحْث الثَّانِي فِي مَوَانِعِهِ وَهِيَ خَمْسَةٌ الْمَانِعُ الْأَوَّلُ الْعِمَارَةُ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ مَعْمُورٌ وَإِنِ انْدَرَسَتِ الْعِمَارَةُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ عِمَارَةَ إِحْيَاءٍ وَقَالَ سَحْنُونٌ هِيَ كَعِمَارَةِ غَيْرِ الْإِحْيَاءِ لَا تملك بالاندراس لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْمُوَطَّأِ مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ وَلَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ قَالَ مَالِكٌ والعرق الظَّالِم كل مَا أحتفر أَو أَخذ أَوْ غُرِسَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَوَاتَ لُغَةً مَا لَمْ يَتَقَدَّمْ عَلَيْهِ مِلْكٌ وَلَا يَنْتَفِعْ بِهِ وَمَنْطُوقُ الْحَدِيثِ يَقْتَضِي تَرَتُّبَ الْمِلْكِ عَلَى الْإِحْيَاءِ فِي الْمَيِّتِ وَمَفْهُومُهُ يَقْتَضِي عَدَمَ تَرَتُّبِهُ فِي غَيْرِهِ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ وَقِيَاسًا لِلْإِحْيَاءِ عَلَى الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَسَائِرِ أَسْبَابِ التَّمَلُّكِ وَقِيَاسًا عَلَى تَمَلُّكِ لُقَطَةٍ ثُمَّ ضَاعَتْ مِنْهُ فَإِنَّ عَوْدَهَا عَلَى حَالِ الِالْتِقَاطِ لَا يُبْطِلُ مِلْكَ الْمُتَمَلِّكِ وَوَافَقَ (ش) سَحْنُونٌ وَقَالَ لَا يَسْقُطُ الْمِلْكُ بَعْدَ الْإِحْيَاءِ بِعَوْدِهِ مَوَاتًا إِلَّا إِنْ جَهِلَ الْمُحْيِي بِالْكُلِّيَّةِ كَخَرَابِ عَادٍ وَثَمُودَ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْحَدِيثَ مَعْنَاهُ يَقْتَضِي تَرَتُّبَ الْمِلْكِ عَلَى الْإِحْيَاءِ وَهَذَا الثَّانِي قَدْ أَحْيَا فَيَكُونُ الْمِلْكُ لَهُ وَعَنِ الثَّانِي الْفَرْقُ بِأَنَّ الْإِحْيَاءَ سَبَبٌ فِعْلِيٌّ تُمَلَّكُ بِهِ الْمُبَاحَاتُ مِنَ الْأَرْضِ وَأَسْبَابُ تَمَلُّكِ الْمُبَاحِ الْفِعْلِيَّةِ تَبْطُلُ بِبُطْلَانِ ذَلِكَ الْفِعْلِ كَالصَّيْدِ إِذَا تَوَحَّشَ بَعْدَ اصطياده والسمك إِذا انفلت فِي النَّهر وماؤه إِذا حيّز

ثُمَّ اخْتَلَطَ بِالنَّهْرِ وَالطَّيْرِ الْبَرِّيِّ وَالنَّحْلِ إِذَا تَوَحَّشَ وَذَهَبَ وَطَالَ زَمَانُهُ وَأَسْبَابُ الْمِلْكِ الْقَوْلِيَّةِ لَا يَبْطُلُ الْمِلْكُ بِبُطْلَانِهَا لِأَنَّهَا إِنَّمَا تُرَدُّ عَلَى مَمْلُوكٍ غَالِبًا فَلَهَا أَصْلُ الْمِلْكِ قَبْلَهَا قَوَّى إِفَادَتَهَا لِلْمِلْكِ وَأَمَّا الْإِقْطَاعُ وَإِنْ كَانَ سَبَبًا قَوْلِيًّا فَهُوَ حُكْمٌ مِنَ الْإِمَامِ وَأَحْكَامُ الْأَئِمَّةِ تُصَانُ عَنِ النَّقْضِ وَعَنِ الثَّالِثِ إِنْ تَمَلَّكَ الْمُلْتَقَطَ وَرَدَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِيهِ الْمِلْكُ وَتَقَرَّرَ فَكَانَ تَأْثِيرُ السَّبَبِ فِيهِ أَقْوَى مِمَّا لَمْ يَرِدْ فِيهِ السَّبَبُ عَلَى مِلْكٍ وَتَحْرِيرُ ذَلِكَ أَنَّ السَّبَبَ إِذَا رَفَعَ مِلْكَ الْغَيْرِ كَالْبَيْعِ وَتَمَلُّكِ اللُّقَطَةِ كَانَ فِي غَايَةِ الْقُوَّةِ وَأَمَّا الْفِعْلُ بِمُجَرَّدِهِ لَيْسَ لَهُ قُوَّةُ رَفْعِ الْمِلْكِ الْمُعْتَبَرِ بَلْ يَبْطُلُ ذَلِكَ الْفِعْلُ كَمَنْ بَنَى فِي مِلْكِ غَيْرِهِ فَلِذَلِكَ ذَهَبَ أَثَرُهُ بِذَهَابِهِ وَهَذَا فِقْهٌ حَسَنٌ عَلَى الْقَوَاعِدِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَمَذْهَبُ (ش) فِي بَادِئِ الرَّأْيِ أَقْوَى وَأَظْهَرُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنِ أَحْيَا الثَّانِي بِحِدْثَانِ خَرَابٍ فَهِيَ لِلْأَوَّلِ وَيُعْطَى قِيمَةَ عِمَارَتِهِ قَائِمًا إِنْ عَمَّرَهَا بِجَهْلٍ وَمَنْقُوضًا إِنْ عَمَّرَ عَالِمًا بِالْأَوَّلِ وَإِنْ عَمَّرَ بَعْدَ الطُّولِ الَّذِي يُعَدُّ كَالْإِعْرَاضِ فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ فِيمَنْ أَحْيَاهُ بَعْدَ غَيْرِهِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ الْأَوَّلُ أَحَقُّ وَالثَّانِي أَحَقُّ الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ أَحْيَا فَالثَّانِي أَحَقُّ أَوِ اخْتَطَّ أَوِ اشْتَرَى فَالْأَوَّلُ أَحَقُّ وَفِي الصَّيْدِ إِذَا صِيدَ بَعْدَ انْفِلَاتِهِ أَقْوَالٌ ثَالِثُهَا الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ صَادَهُ فَالثَّانِي أَحَقُّ أَوِ ابْتَاعَهُ فَالْأَوَّلُ أَحَقُّ فَرْعٌ - فِي النَّوَادِرِ قَالَ مَالِكٌ فِي خَرَابٍ عَنِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ بِنَحْوِ الْمِيلَيْنِ لَا يُعْرَفُ لَهُ

أَهْلٌ صَارَ أَكْوَامًا لَا يُحْيِيهِ أَحَدٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا بِقَطِيعَةٍ مِنَ السُّلْطَانِ لِتَقَدُّمِ الْمِلْكِ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ مِلْكٌ لَا يُخْشَى هَلَاكُهُ بِخِلَافِ اللُّقَطَةِ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِذَا صَارَتِ الْأَمْلَاكُ الْعَامِرَةُ شِعَارَى وَطَالَ زَمَانُهَا نَظَرَ فِيهَا السُّلْطَانُ وَقَالَ (ح) إِذَا انْجَلَى عَنْهُ أَهْلُهُ وَبَادُوا مَلَكَ بِالْإِحْيَاءِ وَلِلشَّافِعِيَّةِ قَوْلَانِ قِيَاسًا عَلَى اللُّقَطَةِ إِذَا لَمْ يُعْرَفْ رَبُّهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ الْفَرْقُ الْمَانِعُ الثَّانِي حَرِيمُ الْعِمَارَةِ فَيَخْتَصُّ بِهِ صَاحِبُ الْعِمَارَة وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ وَفِي الْكِتَابِ لَيْسَ لِبِئْرِ الْمَاشِيَةِ وَلَا لِلزَّرْعِ وَلَا لِلْعُيُونِ حَرِيمٌ مَحْدُود إِلَّا مَا أضرّ وَقَالَهُ (ش) فبئر فِي أَرْضٍ رَخْوَةٍ وَبِئْرٍ فِي أَرْضٍ صُلْبَةٍ أَو فِي صفاء وَلِأَهْلِ الْبِئْرِ مَنْعُ مَنْ يَبْنِي أَوْ يَحْفِرُ فِي ذَلِكَ الْحَرِيمِ نَفْيًا لِلضَّرَرِ عَنْهُمْ وَلَوْ لَمْ يَضُرَّ بِهِمُ الْحَفْرُ لِصَلَابَةِ الْأَرْضِ لِمَنْعٍ لِتَعَذُّرِ مُنَاخِ الْإِبِلِ وَمَرَابِضِ الْمَوَاشِي عِنْدَ الْوُرُودِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِبِئْرِ الْعَادِيَةِ مِنَ الْحَرِيمِ خَمْسُونَ ذِرَاعا وبئر الْبَادِيَة خَمْسَة وَعشْرين وَبِئْرِ الزَّرْعِ ثَلَاثُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَلِلْعُيُونِ خَمْسُمِائَةٍ قَالَ أَشْهَبُ هَذِهِ حُكُومَةٌ تَبْتَدِئُ كَحُكُومَةِ الصَّيْدِ بِقَدْرِ الضَّرَرِ قَالَ اللَّخْمِيُّ لِلْأَوَّلِ مَنْعُ مَا يُنْقِصُ المَاء وَيمْنَع المرعى وَحَفْرُ الثَّانِي عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ إِنْ كَانَتِ الأرضان غير مَمْلُوكَة وَالْمَاءُ الْأَوَّلُ لِلْمَاشِيَةِ أَوِ الْأُولَى مَمْلُوكَةً مُنِعَ الثَّانِي مِنَ الْحَفْرِ حَيْثُ أَضَرَّ بِالْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَتَا مَمْلُوكَتَيْنِ وَعَلِمَ الْأَوَّلُ فَهُوَ أَحَقُّ - وَإِنْ كَانَ حفره أخيرا لِأَنَّ مَنْ مَلَكَ ظَاهِرَ

الْأَرْضِ مَلَكَ بَاطِنَهَا وَلَيْسَ تَأَخُّرُ حَفْرِهِ لِاسْتِغْنَائِهِ يَقْطَعُ حَقَّهُ إِلَّا أَنْ يَغْرِسَ الثَّانِي فَيَتْرَكَهُ عَالِمًا بِمَضَرَّتِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ فَلَيْسَ لَهُ الْحَفْرُ لِإِسْقَاطِ حَقِّهِ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي هَذَا الْأَصْلِ وَاخْتُلِفَ إِذَا جَهِلَ السَّابِقُ فَعَنْ مَالِكٍ لِلْحَافِرِ الْأَوَّلِ الْمَنْعُ لِأَنَّ الْمَاءَ فِي يَدِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ خَطَّ أَوَّلًا أَوْ أَبَاهُ أَوْ بَائِعه فَلَا يُنْزَعُ بِالشَّكِّ وَعَنْهُ لَا يُمْنَعُ إِذَا لَمْ تَكُنْ لِلثَّانِي مَنْدُوحَةٌ عَنِ الْحَفْرِ هُنَاكَ لعدم تعين الْحَوْز وَإِلَّا مَنَعَ لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَصْلَحَتَيْنِ قَالَ وَأَرَى إِنْ كَانَ الْمَاءُ إِنَّمَا يَأْتِي مَنْ أَرْضِ الْأَوَّلِ قُدِّمَ أَوْ مِنْ أَرْضِ الثَّانِي لَمْ يَمْنَعْ لِأَنَّهُ مَاؤُهُ وَكَانَ يَصِلُ الْأَوَّلُ لِاسْتِغْنَائِهِ عَنْهُ فَلَهُ أَخْذُهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَلَوْ أحدث بِئْرا للنجاسات فأضر بِئْر جَاره ردفتا عَلَيْهِ اتِّفَاقًا لِأَنَّ بُلُوغَ النَّجَاسَةِ كَبُلُوغِ الدُّخَانِ وَغَيْرِهِ وَيَتْرُكُ لِبِئْرِ الزَّرْعِ مَا يَظُنُّ أَنَّ بِئْرَ الْأَوَّلِ يَسْقِيهِ فَإِنْ كَانَ يَعْجِزُ عَنْهُ تَرَكَ لَهُ مَا لَا يَعْجِزُ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ قَطَعَ تِلْكَ الْغِيَاضَ تَرَكَ وَإِنْ كَانَ فَوق مَا يسْقِيه تِلْكَ الْعَيْنُ صَوْنًا لِتَعَبِهِ عَنِ الضَّيَاعِ فَإِنْ كَانَ الْمَاءُ كَثِيرًا لَا يَقْدِرُ عَلَى عِمَارَةِ مَا يسْقِيه بذلك المَاء ترك غير الْمَعْجُوزِ عَنْهُ هَذَا كُلُّهُ أَصْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي نَفْيِ الضَّرَرِ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ نَظَرًا لِلْمَعْنَى وَقَالَ أَبُو مُصْعَبٍ حَرِيمُ الْعَادِيَّةِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعًا وَالْبِئْرُ الَّتِي بِيَدِ صَاحِبِهَا خَمْسُونَ وَبِئْرُ الزَّرْعِ خَمْسُمِائَةٌ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ حَرِيمُ الْبِئْرِ الْعَادِيَّةِ خَمْسُونَ ذِرَاعًا وَالَّتِي ابْتُدِئَ عَمَلُهَا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَإِنْ قَطَعَ غِيَاضًا لَا يَسْتَطِيعُ حَرْثَهُ وَلَا عِمَارَتَهُ تُرِكَ لَهُ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِالْإِحْيَاءِ وَلَهُ بَيْعُهُ وَحَرِيمُ الشَّجَرِ مَا فِيهِ مَصْلَحَتُهَا وَنَفْيُ ضَرَرِهَا وَقَدْ قِيلَ اثْنَا عَشَرَ ذِرَاعًا مِنْ نَوَاحِيهَا وَإِنْ كَانَتِ الشَّجَرَةُ الْآخِرَةُ مثل الأولى ترك بَينهمَا نَحْو الْعشْرين ذِرَاعًا لِتَبْعُدَ الْعُرُوقُ فَلَا

يَزْدَحِمَانِ فِي السَّقْيِ فَإِنْ خُولِفَ ذَلِكَ وَأُشْرِكَتِ الْعُرُوقُ أَوِ الْفُرُوعُ قُطِعَ مَا وَصَلَ لِلْأَوَّلِ فِي بَطْنِ الْأَرْضِ وَظَاهِرِهَا وَلَوْ بِيعَتْ نَخْلَةٌ وَاشْتَرَطَ حُقُوقَهَا وَفِنَاءَهَا تَرَكَ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ مِنْ جَمِيعِ نَوَاحِيهَا وَإِذَا أَحْيَيْتَ لِلسُّكْنَى وَأَرَادَ الثَّانِي الْإِحْيَاءَ لِلسُّكْنَى فَلَكَ إِبْعَادُهُ عَنْكَ لِئَلَّا يَكْشِفَكَ وَقَدْ قَضَى عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ بِمِائَةِ ذِرَاعٍ حَيْثُ لَا تَبِينُ امْرَأَتُهُ وَلَا يُسْمَعُ كَلَامُهُ قَالَ وَأَرَى أَنْ يَبْعُدَ أَكْثَرَ مِنَ الْمِائَةِ وَلَا يُضَيَّقَ عَلَى النِّسَاءِ فِي تصرفهن فرع - فِي الْجَوَاهِرِ حَرِيمُ الدَّارِ الْمَحْفُوفَةِ بِالْمَوَاتِ مَرَافِقُهَا الْعَادِيَّةُ كَطَرْحِ التُّرَابِ وَمَصَبِّ الْمِيزَابِ وَمَوْضِعِ الِاسْتِطْرَاقِ مِنْهَا وَإِلَيْهَا الْمَانِعُ الثَّالِثُ الْإِقْطَاعُ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا قَطَعَ الْإِمَامُ أَرْضًا لِأَحَدٍ كَانَتْ مِلْكًا لَهُ وَإِنْ لَمْ يُعَمِّرْهَا وَلَا عَمَلَ فِيهَا شَيْئًا يَبِيعُ وَيَهَبُ وَيُورَثُ عَنْهُ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ مُجَرَّدٌ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ سَوَاءً فِي الْفَيَافِي أَو الْقرْيَة وَلَا يُطَالِبُهُ الْإِمَامُ بِعِمَارَتِهَا بِخِلَافِ الْإِحْيَاءِ وَقَالَهُ (ش) قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ أَقْطَعَهُ أَرْضًا عَلَى عِمَارَتِهَا فَلَهُ الْهِبَةُ وَالْبَيْعُ وَالصَّدَقَةُ مَا لَمْ يَنْظُرْ فِي عَجْزِهِ فَيَقْطَعْهَا لِغَيْرِهِ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ ان الإقطاع لَا يشْتَرط الْعِمَارَة يُوجِبُ تَرْكَهَا لَهُ وَإِنْ عَجَزَ عَنْ عمارتها لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَقْطَعَ بِلَالَ بْنَ الْحَارِثِ مِنَ الْعَقِيقِ مَا يصلح لِلْعَمَلِ فَلَمْ يَعْمَلْهُ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ _ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ _ إِنْ قَوِيتَ عَلَى عَمَلِهِ فَاعْمَلْهُ وَإِلَّا أقطعته للنَّاس فَقَالَ لَهُ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَدْ أَقْطَعَنِي إِيَّاهُ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَدِ اشْتَرَطَ عَلَيْكَ فِيهِ شَرْطًا فَأَقْطَعَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِلنَّاسِ وَلَمْ يَكُنْ بِلَالٌ عَمِلَ شَيْئًا قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذا أقطع أَرضًا فَأَعْرض عَنْهَا فبناها

عيره فَهِيَ لِلثَّانِي وَلَيْسَ لِلْعُمَّالِ إِقْطَاعٌ إِلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ كَالْإِعْطَاءِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَإِنْ أَقْطَعَهُ مَوَاتًا طَالَبَهُ بِالْإِحْيَاءِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَوْ عَجَزَ عَنْهُ أَقْطَعَهُ غَيْرَهُ إِذْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْجُرَ الْأَرْضَ عَنْ نَفْعِهِ وَنَفْعِ غَيْرِهِ وَهَذَا خِلَافُ النَّقْلِ الْمُتَقَدِّمِ قَالَ فَإِنْ تَصَدَّقَ بِهَا بَعْدَ عَجْزِهِ قَبْلَ نَظَرِ الْإِمَامِ نُفِّذَتِ الصَّدَقَةُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ أَلَّا تَتَعَطَّلَ الْأَرْضُ مِنَ النَّفْعِ وَالْمُبْتَاعُ وَالْمَوْهُوبُ لَهُ يَحُلُّ الْبَائِعَ وَالْوَاهِبَ قَالَ مَالِكٌ لَا يَقْطَعُ الْإِمَامُ مِنْ مَعْمُورِ الْأَرْضِ الْعَنْوَةَ لِأَنَّهَا وَقْفٌ لِلْمُسْلِمِينَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنَّمَا الْإِقْطَاعُ فِي أَرْضِ الْمَوَاتِ وَبَيْنَ الْخِطَطِ كَأَبْنِيَةِ الْفُسْطَاطِ قَالَ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إِقْطَاعُهَا جَائِزٌ وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ قَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ قَالَ سَحْنُونٌ لَا يَكُونُ الْإِقْطَاعُ فِي أَرَاضِي مِصْرَ وَلَا الْعِرَاقِ لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقَفَهَا لِلْمُسْلِمِينَ وَأَرَاضِي الصُّلْحِ لِأَهْلِهَا الَّذِينَ أَسْلَمُوا عَلَى أَرْضِهِمْ مِنْ غَيْرِ غَلَّةٍ وَلَا صُلْحٍ يَبْقُونَ فِيهَا عَلَى حَالَةِ إِسْلَامِهِمْ عَلَيْهَا بِمَا هُوَ مَعْمُورٌ مَحْدُودٌ فَمِلْكٌ لِرَبِّهِ وَأَمَّا جِبَالُهُمْ وَأَوْدِيَتُهُمْ وَمَرَاعِيهِمْ فتتقسم عَلَى الْمَوَارِيثِ وَلَا تُمَلَّكُ حَقِيقَةَ الْمِلْكِ وَأَمَّا أَرَاضِي الْعَرَبِ فَمَا لَمْ يُعْرَفْ بِحَيٍّ مِنْ أحيائهم فَلِمَنْ أَحْيَاهُ وَمَا عرف بأحيائهم مِنْ بُطُونِ أَوْدِيَتِهِمْ وَمَرَاعِيهِمْ وَحَازُوهَا بِالسُّكْنَى مِنْ غَيْرِ زَرْعٍ وَلَا غَرْسٍ بَلْ هِيَ مَرَاعِي وَعَفَاءٌ فَهِيَ لَا تُمْلَكُ مِلْكَ الْمَوَارِيثِ بَلْ مِلْكَ الِانْتِفَاعِ وَفِيهَا كَانَتِ الْأَئِمَّةُ تَحْمِي وَتُقْطِعُ وَمَا لَمْ يُحَزْ بِعِمَارَةٍ مِنْ أَرْضِ الصُّلْحِ فَهُوَ لِمَنْ أَحْيَاهُ وَكَذَلِكَ أَرْضُ الْعَنْوَةِ وَأَصْلُ الإقطاعات مَا تقدم وأقطع - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الزُّبَيْرُ مَسِيرَةَ عَدْوِ فَرَسِهِ وَأَقْطَعَ الْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ الْمَانِعُ الرَّابِعُ التَّحْجِيرُ وَفِي الْجَوَاهِرِ فِيهِ خِلَافٌ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يَحْجُرُ مَا يَضْعُفُ عَنْهُ فَإِنْ رَأَى الْإِمَامُ لِمَنْ حَجَرَ قُوَّةً عَلَى الْعِمَارَةِ لِلَّذِي حَجَرَ إِلَى عَامَيْنِ أَوْ

ثَلَاثَةٍ خَلَّاهُ وَإِلَّا قَطَعَهُ لِغَيْرِهِ وَاسْتَحْسَنَهُ أَشْهَبُ لِأَنَّهُ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَعَنْ أَشْهَبَ لَا يَكُونُ أَوْلَى لِأَجْلِ التَّحْجِيرِ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ حَجَرَهُ لِيَعْمَلَهُ إِلَى أَيَّامٍ يَسِيرَةٍ لَا لِيَقْطَعَهُ عَنِ النَّاسِ وَيَعْمَلَهُ يَوْمًا مَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَصْدُهُ الْعِمَارَةَ بعد زَوَال مَانع من يبس الأَرْض أَوله عَمَلٌ عَلَى الْأَجْرِ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنَ الْأَعْذَارِ فَهُوَ أَحَقُّ فَإِنْ حَجَرَ مَا لَا يَقْوَى عَلَى عَمَلِهِ سَوَّغَ لِلنَّاسِ مَا لَمْ يَعْمَلْ إِذَا لَمْ يَقْوَ عَلَى الْبَاقِي قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَعْرِفُ مَالِكُ التَّحْجِيرِ إِحْيَاءً وَلَا مَا قِيلَ مَنْ حَجَرَ أَرْضًا تُرِكَ ثَلَاثَ سِنِينَ فَإِنْ أَحْيَاهَا وَإِلَّا فَهِيَ لِمَنْ أَحْيَاهَا وَقَالَ (ش) التحجير بِالْحَائِطِ وَالشرَاب وَنَحْوِهِمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُرِيدُ الْإِحْيَاءَ يُصَيِّرُهُ أَحَقَّ بِهِ مَنْ غَيْرِهِ فَإِنْ تَمَّمَ الْإِحْيَاءَ وَإِلَّا فَلَا شَيْء لَهُ لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْ سَبَقَ إِلَى مَا لَمْ يُسْبَقْ إِلَيْهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْأَشْيَاءَ الْمُبَاحَةَ لَا تُمْلَكُ إِلَّا بِالْأَسْبَابِ الْمُمَلِّكَةِ لَهَا وَمَا دُونُ ذَلِكَ مِنَ الْعَلَامَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى إِرَادَةِ تَحْصِيلِ السَّبَبِ لَا يَمْنَعُ الْغَيْرَ مِنْ تَحْصِيلِهِ كَنَصْبِ الشِّبَاكِ لِلْأَسْمَاكِ وَالطَّيْرِ وَنَحْوِهِمَا لَا يَصِيرُ صَاحِبُهَا أَوْلَى وَالْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ سَبَقَ بِسَبَبٍ شَرْعِيٍّ وَإِلَّا انْتَقَضَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا حَجَرَ وَشَرَعَ غَيْرُهُ فِي الْإِحْيَاءِ فَقَامَ الْمُحْجِرُ فَهُمَا شَرِيكَانِ الْمَانِعُ الْخَامِسُ الْحِمَى وَفِي الْجَوَاهِرِ رَوَى ابْن وهب انه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَمَى النَّقِيعَ لِخَيْلِ الْمُهَاجِرِينَ وَهُوَ قَدْرُ مِيلٍ فِي ثَمَانِيَةٍ ثُمَّ زَادَ الْوُلَاةُ فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَحَمَى أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الربوة لِمَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَمْسَةَ أَمْيَالٍ فِي مِثْلِهَا وَحَمَى ذَلِكَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ لِإِبِلِ الصَّدَقَةِ يُحْمَلُ عَلَيْهَا فِي سَبِيل الله تَعَالَى وَحمى أَيْضا الشّرف وَهُوَ حِمَى الرَّبَذَةِ وَلِلْإِمَامِ أَنْ

يحمي إِذا احْتَاجَ للحمى قَالَ سَحْنُون وَلَا حمية إِنَّمَا تَكُونُ فِي بِلَادِ الْأَعْرَابِ الْعَفَاءِ الَّتِي لَا عِمَارَةَ فِيهَا فِي أَطْرَافِهَا حَيْثُ لَا تَضِيقُ عَلَى سَاكِنٍ وَكَذَلِكَ الْأَوْدِيَةُ الْعَفَاءُ وَكَذَلِكَ تَكُونُ الْقَطَائِعُ أَيْضًا وَكَذَلِكَ مَوَاتُ أَرْضِ الصُّلْحِ والعنوة إِذا لم تحز وَلَا جرى فِيهِ مِلْكٌ فَائِدَةٌ - قَالَ الْخَطَّابِيُّ النَّقِيعُ بِالنُّونِ وَصَحَّفَهُ كَثِيرٌ مِنَ الْمُحْدَثِينَ بِالْبَاءِ وَإِنَّمَا هُوَ بِالنُّونِ وَالَّذِي بِالْبَاءِ بِالْمَدِينَةِ مَوْضِعُ الْقُبُورِ وَمَعْنَاهُ بِالنُّونِ بطن من الأَرْض ينْتَفع فِيهِ الْمَاءُ فَإِذَا نَضَبَ أَنْبَتَ الْكَلَأَ وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي دَاوُدٍ جَمَعَ أَسْعَدُ الْجُمُعَةَ فِي نَقِيعٍ يُقَالُ لَهُ نَقِيعُ الْخَضَمَاتِ الْبَحْثُ الثَّالِثُ فِي أَحْكَام الْإِحْيَاء فِي الْكتاب فِي معنى قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ إِنَّمَا ذَلِكَ فِي الصَّحَارِي وَأَمَّا مَا قَرُبَ مِنَ المعمورة ويتشاح النَّاسُ فِيهِ لَا يَحْيَا إِلَّا بِقَطِيعَةٍ مِنَ الْإِمَامِ نَفْيًا لِلتَّشَاجُرِ بِتَزَاحُمِ الدَّوَاخِلِ عَلَيْهِ كَمَا فعله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْمَعَادِنِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قِيلَ يَحْيَا بِغَيْرِ إِذْنِ الْإِمَامِ لِعُمُومِ الْحَدِيثِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يُحْيِي أَحَدٌ إِلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ مُطْلَقًا غَيْرَ أَنَّ مَنْ أَحْيَا فِي الْبَعِيدِ عَنِ الْعِمَارَةِ الَّذِي لَا تَعَلُّقَ لِلْعِمَارَةِ بِهِ فَهُوَ لَهُ أَو فِي الْقَرِيب نظر فِيهِ الْإِمَامُ إِمَّا أَبْقَاهُ أَوْ أَقْطَعُهُ غَيْرَهُ أَوْ يُبْقِيهِ لِلْمُسْلِمِينَ وَيُعْطِيهِ قِيمَةَ مَا عَمَّرَ مَنْقُوضًا وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ

وَمَالِكٌ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يُحْيِي الْقَرِيبَ إِلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ فَإِنْ فَعَلَ أَمْضَيْتَهُ قَالَ سَحْنُونٌ وَحَدُّ الْقَرِيبِ مَا تَلْحَقُهُ الْمَوَاشِي وَالِاحْتِطَابُ بِخِلَافِ الْيَوْمِ وَنَحْوِهِ فَيَصِيرُ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ بِغَيْرِ إِذْنِ الْإِمَامِ لَا يُحْيِيهِمَا إِلَّا بِإِذْنِهِ التَّفْرِقَة وبالأول قَالَ (ش) وَبِالثَّانِي قَالَ (ح) المسئلة مَبْنِيَّة على قَاعِدَة وَهُوَ أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِطَرِيقِ الْإِمَامَةِ لِأَنَّهُ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ وَبِطَرِيقِ الْقَضَاءِ لِأَنَّهُ الْقَاضِي الْأَحْكَمُ وَبِطَرِيقِ الْفُتْيَا لِأَنَّهُ الْمُفْتِي الْأَعْلَمُ وَيَتَّفِقُ الْعُلَمَاءُ فِي بَعْضِ التَّصَرُّفَاتِ وَإِضَافَتِهِ إِلَى أَحَدِ هَذِهِ الْعِبَارَاتِ ويختلفون فِي بَعْضهَا كَقَوْلِه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِهِنْدِ بِنْتِ عُتْبَةَ امْرَأَةِ أَبِي سُفْيَانَ لَمَّا شكته لَهُ بِالْبُخْلِ خُذِي لَكِ وَلِوَلَدِكِ مَا يَكْفِيكِ بِالْمَعْرُوفِ قَالَ مَالِكٌ وَ (ش) وَجَمَاعَةٌ هَذَا تَصَرُّفٌ بِالْفُتْيَا لِأَنَّهُ الْغَالِبُ عَلَى تَصَرُّفِهِ التَّبْلِيغُ فَمَنْ ظَفِرَ بِحَقِّهِ مِنْ خَصْمِهِ الْعَاجِزِ عَنْهُ أَخَذَهُ من غير علمه ويؤكد أَنه لم يلْزمهَا بِإِثْبَات دَعَوَاهَا وَلَا بِإِحْضَارِ خَصْمِهَا وَلَوْ كَانَ تَصَرُّفٌ بِالْإِمَامَةِ أَوْ بِالْقَضَاءِ لَتَعَيَّنَ ذَلِكَ وَقَالَ قَوْمٌ هَذَا تَصَرُّفٌ بِالْقَضَاءِ فَلَا يَأْخُذُ أَحَدٌ مِنْ مَالِ خَصْمِهِ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّمَا تَصَرَّفَ فِي تِلْكَ الْوَاقِعَةِ بِالْقَضَاءِ وَكَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلْبُهُ قَالَ (ش) هَذَا تَصَرُّفٌ بِالْفُتْيَا لِأَنَّهُ غَالِبُ تَصَرُّفِهِ وَقَالَ مَالِكٌ هَذَا تَصَرُّفٌ بِالْإِمَامَةِ فَلَا يَسْتَحِقُّ أَحَدٌ سَلْبًا إِلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ وَخَالَفَ أَصْلَهُ السَّابِقَ لِمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ فِي الْجِهَادِ وَكَذَلِكَ اخْتُلِفَ هَهُنَا هَلْ هُوَ تَصَرُّفٌ بِالْفُتْيَا فَلَا يَحْتَاجُ الْإِحْيَاءُ إِلَى إِذْنِ الْإِمَامِ أَوْ بِالْإِمَامَةِ فَيَحْتَاجُ وَالْقَائِلُونَ بِأَنَّهُ بِالْفُتْيَا مِنْهُمْ مَنْ رَاعَى قَوَاعِدَ مَصْلَحَتِهِ يفرق بَين مَا فِيهِ ضَرَر وَمَا لَا ضَرَرَ فِيهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُرَاعِ ذَلِك فَهَذَا الْبَاب فقه هَذِه المسئلة ثمَّ تَأَكد

مَذْهَبُ (ش) بِالْقِيَاسِ عَلَى الْبَيْعِ وَسَائِرُ أَسْبَابِ الْمِلْكِ لَا يَفْتَقِرُ إِلَى إِذْنِ الْإِمَامِ وَتَأَكَّدَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيِّ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْأَخْذِ مِنْ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْغَنَائِمِ وَلِأَنَّهُ مَحْمَلُ اجْتِهَادٍ فَافْتَقَرَ لِلْإِمَامِ كَاللِّعَانِ وَضَرْبِ الْآجَالِ وَلِظَاهِرِ قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَيْسَ لِلْمَرْءِ إِلَّا مَا طَابَتْ بِهِ نَفْسُ إِمَامِهِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ مَمْلُوكٌ قَبْلَ الْأَخْذِ فَافْتَقَرَ إِلَى إِذْنٍ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ يَفْتَقِرُ إِلَى إِخْرَاجِ الْخَمُسِ وَتَقْرِيرِ حُقُوقِ الْغَانِمِينَ مِنْ فَارِسٍ وَرَاجِلٍ بِخِلَافِ الْإِحْيَاءِ وَعَنِ الثَّالِثِ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ مَحَلُّ اجْتِهَادٍ بَلْ مَحْمُولٌ على الْعَادة وَعَن الرَّابِع أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِمَامُ الْأُمَّةِ وَقَدْ طَابَتْ نَفْسُهُ بِالْمِلْكِ لِتَصْرِيحِهِ بِذَلِكَ فَرْعٌ - قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا عَمَّرَ بِقُرْبِ الْعِمَارَةِ أَرَى أَنْ يُنْظَرَ فِيهِ هَلْ يَضُرُّ بِالنَّاسِ فِي ضِيقِ الْمَرْعَى وَالسَّكَنِ أَوْ هُوَ شِرِّيرٌ يُخْشَى مِنْ شَرِّهِ هُنَاكَ أَوْ هُوَ مُسْتَغْنٍ عَنْهُ وَغَيْرُهُ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ فَيُمْنَعُ أَوْ هُوَ بَعِيدٌ لَا يَضِيقُ وَالْإِحْيَاءُ لِلزَّرْعِ دُونَ الْبِنَاءِ تُرِكَ قَالَ وَلَوْ قِيلَ إِذَا أُخْرِجَ أُعْطِيَ قِيمَةَ بِنَائِهِ قَائِمًا لَكَانَ وَجْهًا لِأَنَّهُ بَنَى بِشُبْهَةٍ فَقَدْ أَمْضَاهُ أَشْهَبُ قَالَ سَحْنُونٌ سَوَاءٌ كَانَتْ أَرْضَ صُلْحٍ أَوْ عَنْوَةٍ أَوْ أَسْلَمَ أَهْلُهَا عَلَيْهَا يُنْظَرُ فِي الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ لِأَنَّ الْعَفَاءَ الْبَعِيدَ خَارِجٌ عَمَّا يَنْعَقِدُ عَلَيْهِ الصُّلْحُ وَالْإِسْلَامُ لِعَدَمِ النَّفْعِ بِهِ حِينَئِذٍ فَرْعٌ - قَالَ أَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِحْيَاءَ الذِّمِّيِّ وَقَالَهُ (ح) لِعُمُومِ الْحَدِيثِ إِلَّا فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يَبْقَيَنَّ دِينَانِ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ قَالَ

مَالِكٌ وَجَزِيرَةُ الْعَرَبِ الْحِجَازُ وَمَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ وَالْيَمَنُ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ فَإِنْ فَعَلَ أُعْطِيَ قِيمَةَ عِمَارَتِهِ وَأُخْرِجَ وَمَا عَمَّرَهُ فِي قُرْبِ الْعِمَارَةِ أُخْرِجَ وَأُعْطِيَ قِيمَتَهُ مَنْقُوضًا إِذْ لَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُقْطِعَهُ إِيَّاهُ وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ وَلَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي الْإِحْيَاءِ مُطْلَقًا وَقَالَهُ (ش) لِأَنَّ الْمَوَاتَ مِنْ حُقُوقِ الدَّارِ وَهِيَ دَارُ إِسْلَامٍ وَقِسْنَا عَلَى الصَّيْدِ وَالْبيع وَنَحْوهَا فَفَرَّقُوا بِأَنَّ الصَّيْدَ يُخَلِّفُ فَلَا يَضُرُّ بِالْمُسْلِمِينَ وَالْأَرْضُ لَا تُخَلِّفُ وَالْبَيْعُ يَقَعُ بِرِضَى الْبَائِعِ وَلم يرض النَّاس هَهُنَا قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِذَا عَمَّرَ فِيمَا قَرُبَ مِنَ الْعِمَارَةِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَنْظُرُ فِيهِ الْإِمَامُ فَإِنْ أَقَرَّهُ وَإِلَّا أَعْطَاهُ قِيمَتَهُ - مَقْلُوعًا وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يَفْعَلُ فِيمَا قَرُبَ إِلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ فَإِنْ فَعَلَ أَمْضَيْتَهُ وَقَالَ عَبْدُ الْملك الْمَالِك يَمْنَعُ فِيمَا قَرُبَ وَإِذَا أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ أُعْطِيَ قِيمَتَهُ وَنُزِعَ مِنْهُ لِأَنَّ مَا قَرُبَ كَالْفَيْءِ وَلَا حَقَّ لِذِمِّيٍّ فِيهِ النَّظَرُ الثَّانِي فِيمَا يُسْتَفَاد من الأَرْض مِنَ الْمَعَادِنِ وَالْمِيَاهِ وَغَيْرِهَا وَدَفْعِ الضَّرَرِ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْمَعَادِنُ الَّتِي فِيهَا الزَّكَاةُ هِيَ لِمَنْ ظَهَرَتْ فِي مِلْكِهِ عِنْدَ مَالِكٍ لِأَنَّهُ مَنْ مَلَكَ ظَاهِرَ الْأَرْضِ مَلَكَ بَاطِنَهَا وَلِلْإِمَامِ يَرَى فِيهَا رَأْيَهُ يُعْطِيهَا لِمَنْ شَاءَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَجْلِ الزَّكَاةِ وَمَا ظَهَرَ فِيمَا هُوَ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ كَالْبَرَارِي مِنْ أَرْضِ الْعَرَبِ وَالْعَنْوَةِ أَقْطَعَهُ الْإِمَامُ مُدَّةً مَحْدُودَةً أَوْ غَيْرَ مَحْدُودَةٍ وَلَا يَمْلِكُ رَقَبَتَهَا كَمَا يُقْطَعُ أَرْضَ الْعَنْوَةِ وَمَا ظَهَرَ مِنْهَا فِي أَرْضِ الصُّلْحِ أَقْطَعَهَا الْإِمَامُ لِأَنَّ الصُّلْحَ إِنَّمَا يَتَنَاوَلُ الْمَعْلُومَ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَمَنْ لَقِيَهُ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَهِيَ هُنَا لِأَهْلِ الصُّلْحِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ تَنَاوَلَهَا الصُّلْحُ إِذْ لَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ كُلِّ مَا يُصَالِحُ عَلَيْهِ عَلَى التَّفْصِيلِ اتِّفَاقًا وَمَا لَا زَكَاةَ فِيهِ كَالنُّحَاسِ أَقْطَعَهُ الْإِمَامُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ مَالٌ لَمْ يَتَعَيَّنْ مَالِكُهُ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَلِيهَا الْإِمَامُ كَالْعَنْبَرِ وَجُمْلَةِ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْبَحْرِ وَلِعَدَمِ الزَّكَاةِ فِيهَا وَقَالَ (ش) الْمَعَادِنُ الظَّاهِرَةُ كَالْمِلْحِ وَالْقَارِ لَا يُقْطِعُهَا الْإِمَامُ لِأَنَّهَا كَالْمَاءِ والباطنة يقطعهَا

فَرْعٌ - قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا أُقْطِعْتَ الْمَعْدِنَ فَتَرَكْتَهُ وَغِبْتَ عَنْهُ أَوْ طَالَ عَمَلُكَ فِيهِ وَانْتِفَاعُكَ بِهِ فَلِلْإِمَامِ أَنْ يُقْطِعَهُ غَيْرَكَ إِلَّا أَنْ يُقْطِعَكَ حَيَاتَكَ أَوْ مُدَّةً مَعْلُومَةً فَلَا حَتَّى يَمُوت أَو تَنْقَضِي الْمدَّة لِأَنَّك ملكك ذَلِك لحكمه لَكَ بِهِ وَلَا يُقْطِعُهُ فِي السَّفَرِ الْقَرِيبِ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْإِقَامَةِ فَرْعٌ - فِي الْجَوَاهِرِ الْمِيَاهُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ خَاصٌّ مُحْرَزٌ فِي الْأَوَانِي وَالْآبَارِ الْمُحْتَفَرَةِ فِي الْأَمْلَاكِ فَهِيَ كَسَائِرِ الْأَمْلَاكِ وَقَالَهُ (ش) وَعَامٌّ مُنْفَكٌّ عَنْ الِاخْتِصَاصِ وَهُوَ ضَرْبَانِ الضَّرْبُ الْأَوَّلُ مَا طَرِيقُهُ مُبَاحَةٌ كَالْجَارِي مِنَ الْجَبَلِ وَبُطُونِ الْأَوْدِيَةِ فَيُسْقَى بِهِ الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُرْسِلُ الْأَعْلَى جَمِيعَ الْمَاءِ فِي حَائِطِهِ حَتَّى يَبْلُغَ كَعْبَ مَنْ يَقُومُ فِيهِ فَيُغْلِقُ مَدْخَلَ الْمَاءِ وَقَالَهُ (ش) لما فِي الْمُوَطَّأ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي سَبِيل مَهْزُورٍ وَمُذَيْنَبٍ يُمْسَكُ حَتَّى الْكَعْبَيْنِ ثُمَّ يُرْسَلُ الْأَعْلَى عَلَى الْأَسْفَلِ وَهُمَا اسْمَا وَادِيَيْنِ بِالْمَدِينَةِ وَلَمَّا رُوِيَ أَنَّ الزُّبَيْرَ وَرَجُلًا تَنَازَعَا فِي شِرَاجٍ بِكَسْرِ الشِّينِ الْمَنْقُوطَةِ وَالرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَأَحَدُهُمَا شرج بالإسكان وَهُوَ مجْرى المَاء من الْجِدَار إِلَى السَّهْلِ وَأَصْلُهُ مُجْتَمَعُ الشَّيْءِ وَمِنْهُ سُمِّيَ الدُّبُرُ شَرَجًا وَالْمَجَرَّةُ شَرَجَ السَّمَاءِ وَالْحَرَّةُ أَرْضٌ مليئة الْحِجَارَةِ سُودِهَا فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ لِلزُّبَيْرِ سَرِّحْ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ الْمَاءَ أَيْ أَرْسِلْهُ فَأَبَى الزُّبَيْرُ فَاخْتَصَمَا إِلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِلزُّبَيْرِ اسْقِ أَرْضَكَ ثُمَّ أَرْسِلِ الْمَاءَ إِلَى جَارِكَ فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ أنْ كَانَ ابْنُ عَمَّتِكَ فَتَلَوَّنَ

وَجهه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ يَا زُبَيْرُ اسْقِ أَرْضَكَ وَأمْسِكِ الْمَاءَ حَتَّى يَبْلُغَ الْجَدْرَ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَتَسْكِينِ الدَّالِّ الْمُهْمَلَةِ فَوَائِد أَمر - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَرِيبَهُ بِالْمُسَامَحَةِ فَلَمَّا لَمْ يَقَعْ لَهَا مَوْقِعٌ عِنْدَ خَصْمِهِ أَمَرَ قَرِيبَهُ بِاسْتِيفَاءِ حَقِّهِ لِئَلَّا يَضِيعَ غَبْنًا قَالَ الْجَوْهَرِيُّ الْجَدْرُ وَالْجِدَارُ الْحَائِطُ وَجمع الْجِدَار جدر وَالْجُدُرُ جُدْرَانٌ كَبُطُنٍ وَبُطْنَانٌ وَالْجَذْرُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ الْأَصْلِ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا وَإِذَا وَصَلَ الْمَاءُ الْجَذْرَ فَقَدْ وَصَلَ الْكَعْبَيْنِ وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ بَلَغَنَا أَنَّهُ إِذَا سُقِيَ بِالسَّيْلِ الزَّرْعُ أُمْسِكَ حَتَّى يَبْلُغَ النَّعْلَ وَفِي النَّخْلِ وَالشَّجَرِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكَعْبَيْنِ وَإِمْسَاكُهُ فِي الْجَمِيعِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ أَحَبُّ إِلَيْنَا لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الرَّيِّ وَقَالَ ابْن وهب يمسك الأول بِقدر حَائِطِهِ مِنَ الْكَعْبَيْنِ إِلَى الْأَسْفَلِ ثُمَّ يُرْسَلُ وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا وَصَلَ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَرَوَى أَرْسَلَهُ كُلَّهُ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ وَقَالَ سَحْنُونٌ فَإِنِ اخْتَلَفَا بِالِانْخِفَاضِ وَالِارْتِفَاعِ أَمَرَ صَاحِبَهُ بِتَسْوِيَتِهِ فَإِنْ تعذر سقِِي كل مَكَان على حِدته هُنَا إِذا لم يكن احيا الْأَسْفَل قبل الْأَعْلَى فَلَو أَحْيَاهُ للأسفل ثمَّ أَرَادَ غَيره يحيي لِيَنْفَرِدَ بِالْمَاءِ وَذَلِكَ يُفْسِدُ عَلَيْهِ مُنِعَ نَفْيًا لِلضَّرَرِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَجَوَّزَهُ أَصْبَغُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَاءِ فضل لعُمُوم قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُمْسِكُ الْأَعْلَى حَتَّى يَبْلُغَ الْكَعْبَيْنِ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ سَحْنُونٌ وَيُقَدَّمُ أَقْدَمُ الْمَوْضِعَيْنِ لِتَقَدُّمِ اسْتِحْقَاقِهِ فَإِن كَانَا مُتَقَابلين قَالَ سَحْنُون يُقَسَّمُ الْمَاءُ بَيْنَهُمَا لِتُسَاوِيهِمَا فِي الِاسْتِحْقَاقِ فَإِنْ قَابَلَ الْأَسْفَلُ بَعْضَ الْأَعْلَى حُكِمَ لِلْمُقَابِلِ بِحُكْمِ الْأَعْلَى وَلِلْآخَرِ بِحَكَمِهِ

الضَّرْبُ الثَّانِي مَجْرَاهُ أَرْضٌ مَمْلُوكَةٌ فَهُوَ لِمَالِكِهَا وَيَمْنَعُهُ إِنْ شَاءَ فَإِنْ تَعَدَّدَ الْمَالِكُ كَجَمَاعَةٍ حَفَرُوا نَهْرًا يَحْمِلُونَهُ إِلَى أَرْضِهِمْ أَوْ فِي أَرْضِهِمْ قَسَّمُوهُ عَلَى قَدْرِ أَمْلَاكِهِمْ بِالْقِلْدِ وَقَالَهُ (ش) وَلَا يُقَدَّمُ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ وَصِفَةُ الْقِلْدِ تَخْرِقُ قِدْرًا فِي أَسْفَلِهَا وَتُمْلَأُ بِالْمَاءِ وَتَكُونُ قَدْرَ أَقَلِّهِمْ نَصِيبًا مِقْدَارًا يَجْرِي مَاؤُهُ عَلَى ذَلِكَ الْخَرْقِ فَيَنْتَفِعُ بِالْمَاءِ كُلِّهِ إِلَى أَنْ يَفْنَى مَاءُ الْقِدْرِ وَيَمْلَأَ لَهُمْ بِقَدْرِ حِصَصِهِمْ أَوْ تُثْقَبُ خَشَبَةٌ ثُقْبًا يَجْرِي مِنْهَا الْمَاءُ يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ بِقِسْطِهِ وَيَعْمَلُ فِي ذَلِكَ مِنَ الطُّرُقِ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَوَائِدُ وَالْقَصْدُ حُصُولُ الْعَدْلِ وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ وَهُوَ بِئْرُ الْفَيَافِي وَالْبَوَادِي لِلْمَاشِيَةِ لَا يُبَاعُ وَلَا يُورَثُ بَلْ حَافِرُهَا أَحَقُّ بِمَائِهَا هُوَ وَوَرَثَتُهُ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَلَا حَظَّ فِيهَا لِلزَّوْجِ وَلَا لِلزَّوْجَةِ لِأَنَّهَا إِنَّمَا يُقْصَدُ بحفرها فِي الْعَادَةِ الْخَلَفُ اللَّازِمُ وَالزَّوْجِيَّةُ عَارِضٌ غَيْرُ مُحَقِّقٍ وَمَا فَضَلَ لَا يُمْنَعُ لِأَنَّ الْعَادَةَ الصَّدَقَةُ بِالْفَاضِلِ حَمْلًا لِلْحَفْرِ عَلَى الْغَالِبِ فَإِنْ أَشْهَدْ أَنَّهُ يُرِيدُ التَّمْلِيكَ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَلَكَهُ كَمَا أَحْيَا فِي الْقُرْبِ أَوِ الْبُعْدِ فرع - قَالَ صَاحب الْمُقدمَات إِذا تشاح أَهْلُ الْبِئْرِ فِي التَّبْدِئَةِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ كَانَتْ عَادَةً حَمَلُوا عَلَيْهَا وَإِلَّا اسْتَهَمُوا قَالَ وَذَلِكَ عِنْدِي إِذَا اسْتَوَى قُعْدُدُهُمْ مِنْ حَافِرِهَا وَإِلَّا فَالْأَقْرَبُ إِلَيْهِ أَحَقُّ وَلَا حَقَّ فِيهَا لِلزَّوْجَيْنِ إِذَا لَمْ يَكُونَا مِنْ ذَلِكَ الْبَطْنِ فَرْعٌ - قَالَ وَالْمَاجِلُ وَالْجُبُّ كَالْبِئْرِ عِنْدَ مَالِكٍ فِي عَدَمِ مَنْعِ النَّاسِ مِنْ فَضْلِهِ وَقَالَ

الْمُغيرَة لَهُ فِي الْجب الْعَظِيم نَفَقَتُهُ وَلَيْسَ مَاؤُهُ يُخْلَفُ كَالْبِئْرِ فَرْعٌ - قَالَ قَالَ مَالِكٌ يَبْدَأُ أَهْلُ الْمَاءِ حَتَّى يُرْوَوْا ثُمَّ الْمَارَّةُ حَتَّى يُرْوَوْا ثُمَّ دَوَابُّ أَهْلِ الْمَاءِ حَتَّى تُرْوَى ثُمَّ دَوَابُّ الْمَارَّةِ حَتَّى تُرْوَى ثُمَّ مَوَاشِي أَهْلِ الْمَاءِ حَتَّى تُرْوَى ثمَّ الْفضل لمواشي النَّاس وَبَدَأَ أَشهب بدواب الْمُسَافِرين على دَوَاب أهل المَاء لفط الْحَاجة تبعثها للسَّفر فَإِن ضَاقَ المَاء بُدِئَ من أضربه تَبْدِئَةُ صَاحِبهِ أَكْثَرَ بِنَفْسِهِ وَدَوَابِّهِ فَإِنِ اسْتَوَوْا فِي الضَّرَرِ سُوِّيَ بَيْنَهُمْ عِنْدَ أَشْهَبَ وَقُدِّمَ أهل المَاء عِنْد ابْن لبَابَة بِأَنْفسِهِم ودوابهم نظرا لتقدم الِاسْتِحْقَاق وَاسْتِحْقَاق الْمَاءِ ضَعِيفٌ فِي أَصْلِهِ فَيُطْرَحُ عِنْدَ الضَّرَرِ فَإِنْ قَلَّ الْمَاءُ جِدًّا وَخِيفَ الْهَلَاكُ بِالتَّبْدِئَةِ بُدِئَ بِنَفْسِ أَهْلِ الْمَاءِ بِقَدْرِ مَا يُذْهِبُ الْخَوْفَ ثُمَّ الْمُسَافِرُونَ كَذَلِكَ ثُمَّ دَوَابُّ أَهْلِ الْمَاءِ كَذَلِكَ ثُمَّ دَوَابُّ الْمُسَافِرِينَ كَذَلِكَ وَرَوَى ابْن وهب أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لَا يقطع طَرِيقٌ وَلَا يُمْنَعُ فَضْلٌ وَلِابْنِ السَّبِيلِ عَارِيَةُ الدَّلْوِ وَالرِّشَاءِ وَالْحَوْضِ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ اداة تعينه ويخلى ببينه الرَّكِيَّةُ وَأَهْدَرَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جِرَاحَاتِ أَهْلِ الْمَاءِ وَأَغْرَمَهُمْ جِرَاحَاتِ ابْنِ السَّبِيلِ حِينَ اقْتَتَلُوا عَلَيْهِ وَقَالَ أَبْنَاءُ السَّبِيلِ أَوْلَى بِالْمَاءِ من أَبنَاء الساقي حَتَّى يردوا فَرْعٌ - قَالَ هَلْ لِأَصْحَابِ الْأَخْشَابِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْأَنْهَارِ جَرُّهَا وَإِنْ أَخَرَقَتْ سَدَادَ السَّمَكِ قَوْلَانِ فَرْعٌ - فِي الْبَيَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا جَرَى فَضْلُ مَائِكَ فِي أَرْضِ آخَرَ فغرس آخر

عَلَيْهِ لَيْسَ لَكَ مَنْعُ الْفَضْلِ بَعْدَ ذَلِكَ ولايبعه لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِالْغَرْسِ إِلَّا أَنْ يَحْفِرَ بِئْرًا لِنَفْسِهِ وَيَجْرِيَ فِيهِ الْخِلَافُ هَلِ السُّكُوتُ إِذَنْ أَمْ لَا وَإِنْ كُنْتَ لَمْ تَعْلَمْ فَلَكَ بَيْعه لَهُ إِن كَانَ لَهُ بِغَيْر إِلَّا عَلَى قَوْلِ مَنِ مَنَعَ بَيْعَ الْمَاءِ مُطْلَقًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ثَمَنٌ قُضِيَ لَهُ بِهِ بِغَيْرِ ثَمَنٍ فَرْعٌ - فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ أَشْهَبُ يُمْنَعُ مِنْ بَيْعِ الْحَطَبِ النَّابِتِ فِي ملكه وَقَالَ (ح) لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - النَّاس شُرَكَاء فِي ثَلَاث المَاء وَالنَّار والكلاء وَقِيَاسًا عَلَى الْمَاءِ الَّذِي يُجْرِيهِ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ وَقِيَاسًا عَلَى مَا يُفَرَّخُ فِي أَرْضِهِ مِنَ الطَّيْرِ أَلَا يَجُرَّهُ فَيَحْمِلَهُ فَيَبِيعَهُ وَقَالَ مُطَرِّفٌ يَبِيعُ مَا فِي مُرُوجِهِ وَحَمَاهُ مِمَّا يَمْلِكُ مِنَ الْأَرْضِ وَمَا سِوَاهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَقَالَهُ (ش) قِيَاسًا عَلَى صُوفِ غَنَمِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ الَّذِي يَمْنَعُهُ وَيَبِيعُهُ مِنَ الْخِصْبِ وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ إِلَيْهِ مَا فِي حِمَاهُ وَمُرُوجِهِ وَأَمَّا مَا فِي أَوْدِيَتِهِ وَفُحُوصِ أَرْضِهِ فَيُجْبَرُ عَلَى إِبَاحَتِهِ إِنِ اسْتغنى عَنهُ إِلَّا أَن تضربه إِبَاحَتُهُ فِي زَرْعٍ حَوْلِهِ وَإِذَا أَوْقَفَ أَرْضَهُ لِلْكَلَأِ فَلَهُ مَنْعُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ قَدْ مَنَعَ نَفْسَهُ مَنَافِعَهُ مِنْهَا وَإِنْ لَمْ يُوقِفْهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ وَلَا يَمْنَعُهُ وَلَا يَبِيعُهُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْكُلُّ سَوَاءٌ وَلَهُ الْمَنْعُ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ الْأَرْضُ الْمَمْلُوكَةُ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ مُحْظَرَةٌ بِحَوَائِطَ فَلَهُ الْمَنْعُ وَالْبَيْعُ احْتَاجَ إِلَيْهِ أَمْ لَا اتِّفَاقًا وَمُرُوجُ الْقَرْيَةِ وَعَفَاؤُهَا لَا تُمْنَعُ وَلَا تُبَاعُ اتِّفَاقًا إِلَّا أَنْ يُؤْذِيَهُ دُخُولُ النَّاسِ إِلَيْهِ وَأَرْضٌ تَرَكَ زِرَاعَتَهَا لِيَرْعَاهَا قِيلَ يَمْنَعُهُ إِنِ احْتَاجَ إِلَيْهِ وَيَبِيعُهُ إِنْ لَمْ يَحْتَجْ

إِلَيْهِ وَقِيلَ يُجْبَرُ عَلَى تَخْلِيَتِهِ لِلنَّاسِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَهُ الْمَنْعُ إِنِ احْتَاجَ إِلَيْهِ دُونَ البيع وفحوص أرضه الَّتِي لم يبورها لَهُ الْمَنْعُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ إِنِ احْتَاجَ إِلَيْهِ وَيَبِيعُهُ إِنْ لَمْ يَحْتَجْ إِلَيْهِ وَعَنْ أَشْهَبَ لَا يَبِيعُ فَرْعٌ - قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا قَدِمَ اثْنَانِ إِلَى الْكَلَأِ الْمُبَاحِ فَهْمَا سَوَاءٌ فَإِنْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا فَنَزَلَهُ وَجَعَلَ يَرْعَى مَا حَوْلَهُ أَوْ حَفَرَ فِيهِ بِئْرًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ أُسْوَةٌ لِلنَّاسِ لِعَدَمِ الْحَوْزِ وَقَالَ أَشْهَبُ هُوَ أَحَقُّ بِمِقْدَارِ حَاجَتِهِ لِسَبْقِهِ إِنِ انْتَجَعَ إِلَيْهِ وَقَصَدَهُ مِنْ بَعْدُ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ إِنْ حَفَرَ بِئْرًا فَهُوَ أَحَقُّ وَإِلَّا فَلَا فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا عَجَزَ الْمُسَافِرُ عَنِ الْقِتَالِ حَتَّى مَاتَ فَعَلَى صَاحِبِ الْبِئْرِ دِيَتُهُ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ عَنْ كُلِّ نَفْسٍ وَالْأَدب لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْمُوَطَّأِ لَا يُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ الْكَلَأُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَمْ يَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَخْذَ الْمَاءِ بِغَيْرِ ثَمَنٍ بِخِلَافِ الَّذِي انْهَارَتْ بِئْرُهُ مَعَ أَنَّ النَّفْسَ أَعْظَمُ قَالَ وَالْأَوْلَى فِي الْمَوْضِعَيْنِ الثَّمَنُ جَمْعًا بَيْنَ الْمَصَالِحِ وَقَالَهُ أَشْهَبُ فِي الْمُنْهَارِ وَالْبِئْرِ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ إِنَّمَا كَانَتِ الدِّيَةُ عَلَى عَوَاقِلِ أَرْبَاب المَاء لِأَنَّهُمْ تَأَوَّلُوا أَنَّ لَهُمْ مَنْعَ مَائِهِمْ لِأَنَّهُ أَمْرٌ يَخْفَى عَلَى النَّاسِ فَلَمْ يَتَحَقَّقِ الْعُدْوَانُ وَإِلَّا أَمْكَنَ أَنْ يَقْتُلُوهُمْ فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا حَرَثَ جَارُكَ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ فَلَكَ مَنْعُهُ فَضْلَ مَاءِ بِئْرِكَ إِلَّا بِثَمَنٍ

إِنْ شِئْتَ لِأَنَّهُ مُغَرَّرٌ بِخِلَافِ الْحَارِثِ عَلَى الْبِئْرِ فَتُهَوِّرُ لَهُ فَضْلَ مَائِكَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَضْلٌ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَاخْتُلِفَ فِي قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ قِيلَ هُوَ إِذَا انْهَارَتْ بِئْرُ جَارِكَ كَمَا تَقَدَّمَ وَقِيلَ الْبِئْرُ بَين الشَّرِيكَيْنِ يسْقِي هَذَا يَوْمًا فَيَسْقِي أَحَدُهُمَا فِي بَعْضِ يَوْمِهِ نَخْلَهُ فَإِنَّهُ يُعْطِي الْبَقِيَّةَ لِشَرِيكِهِ وَلَا يَمْنَعُهُ مَا لَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَلَيْسَ لِلَّذِي انْهَارَتْ بِئْرُهُ تَأْخِيرُ الْإِصْلَاحِ اتِّكَالًا عَلَيْكَ فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يلزمك دَفعه وان كَانَ نخله لَا يملك ثَمَرُهُ لَا يَلْزَمُكَ أَيْضًا فَيَكُونُ لِوُجُوبِ الدَّفْعِ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى بِئْرٍ وَأَنْ يَخْشَى الْهَلَاكَ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ الدَّفْعِ وَأَنْ يَفْضُلَ عَنْكَ وَأَنْ يَشْرَعَ فِي عِمَارَةِ بِئْرِهِ وَحَكَى الْبَوْنِيُّ فِي شَرْحِ الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ قَوْلَيْنِ فِي وُجُوبِ الثَّمَنِ لِلْمَاءِ عَلَى الَّذِي انْهَارَتْ بِئْرُهُ كَالْمُضْطَرِّ لِلطَّعَامِ فَرْعٌ - قَالَ الْآبَارُ ثَلَاثٌ بِئْرُ مَاشِيَةٍ وَشَفَةٌ وَزَرْعٌ وَصَاحِبُ الْجَمِيعِ أَحَقُّ بِحَاجَتِهِ ثُمَّ إِنْ جَعَلَ الْفَضْلَ صَدَقَةً جُعِلَتْ فِي تِلْكَ الْجِهَةِ وَإِلَّا كَانَ فِي مَنْعِهِ الْمُحْتَاجَ قَوْلَانِ نَظَرًا لِمَالِكِ الْعَادَةِ أَوْ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّبَرُّعِ فَإِنْ جَعَلَهُ لِلصَّدَقَةِ فَاحْتَاجَ إِلَيْهِ رَجُلٌ لِزَرْعِهِ وَآخَرُ لِمَاشِيَتِهِ بُدِئَ بِأَحْوَجِهِمَا فَإِنِ اسْتَوَيَا اقْتَسَمَا وَإِنْ جُعِلَ الْفَضْلُ لِأَهْلِ الْمَاشِيَةِ بُدِئَ بِهَا فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ أَخَذَهُ أَهْلُ الزَّرْعِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ فِي بِئْرِ الْمَاشِيَةِ إِنْ تَسَاوَوْا فَالْقُرْعَةُ قَالَ وَأَرَى أَنْ يُقَسَّمَ بَيْنَهُمْ وَكَذَلِكَ فِي الزَّرْعِ وَيَدْفَعُ كُلٌّ نِصْفَ ضَرُورَتِهِ فَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا مِائَةُ شَاةٍ وَلِآخَرَ مِائَتَانِ اقْتَسَمَاهُ نِصْفَيْنِ لِأَنَّ الْمَاءَ لَوْ سُلِّمَ لِصَاحِبِ الْمِائَتَيْنِ هَلَكَتْ مِائَةٌ فَالْمِائَةُ

هَالِكَةٌ بِكُلِّ حَالٍ وَكَذَلِكَ الزَّرْعُ لِأَنَّ نِصْفَ الزَّرْع للكثير هَالك جزؤها وَإِنْ كَانَ يَكْفِي زَرْعَ أَحَدِهِمَا وَنِصْفَ الْآخَرِ اقْتَسَمَاهُ أَثْلَاثًا وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فَضْلُ الْمَاءِ عَلَى وَجْهِ الصَّدَقَةِ وَشَأْنُهُمْ بَيْعُ الْمِيَاهِ فَلِرَبِّهِ مَنْعُهُ وَبَيْعُهُ إِلَّا إِنِ انْهَارَتِ الْبِئْرُ فَيُقْضَى لِرَبِّهَا بِالثَّمَنِ فَإِنْ لَمْ تَكُنِ الْعَادَةُ الْبَيْعَ فَفِي مَنْعِهِ لِمَالِكٍ قَوْلَانِ وَعَدَمُ الْمَنْعِ فِي الْفَضْلِ أَحْسَنُ تَكْثِيرًا لِلْمَعْرُوفِ إِلَّا أَنْ يَخْشَى مِنْ طُولِ الْمُدَّةِ ادِّعَاءَ الْمِلْكِيَّةِ وَيُقَدَّمُ الْمُسَافِرُونَ عَلَى الْمَاشِيَةِ إِنْ كَانُوا عَلَى ظَهْرٍ لِأَنَّ الْمَاءَ يُخْلَفُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانُوا نَازِلِينَ قدمت الْمَاشِيَة ان اضربها تَبْدِئَةُ الْمُسَافِرِينَ لِقُدْرَةِ الْآدَمِيِّ عَلَى التَّحَيُّلِ بِخِلَافِهَا وَإِنْ كَانَ لَا فَضْلَ فِيهِ مُنِعَ الْمُسَافِرُونَ مِنْهُ وَإِنْ أَضَرَّ شُرْبُهُمْ بِالزَّرْعِ مُنِعُوا لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِحْقَاقُ الْبِئْرِ لِلْمَاشِيَةِ وَالزَّرْعِ وَإِنَّمَا لِغَيْرِهِمَا الْفَضْلُ فَإِنْ خِيفَ عَلَى الْمُسَافِرِينَ مِنْ رَدِّهِمْ إِلَى غَيْرِهِ لَمْ يُمْنَعُوا إِنْ فَضَلَ عَنْ شرب أهل الْموضع وَإِنَّمَا يجتاجونه لِلْمَاشِيَةِ أَوِ الزَّرْعِ وَنَفَاسَةُ الْآدَمِيِّ عِنْدَ تَعَّيُّنِ الْهَلَاكِ فَإِنْ نَقَصَتِ الْمَاشِيَةُ أَوِ الزَّرْعُ ضَمِنُوا النَّقْصَ كَضَمَانِ الْمُضْطَرِّ لِلطَّعَامِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ فضل وَصرف المسافرون إِلَى غَيره هَلَكُوا لَهُم أَخذه بِالثّمن ان كَانَ شَأْنهَا الْبَيْعَ وَإِنْ كَرِهُوا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ ثمن وهم فُقَرَاء اخْتلف هَل يتبعوا إِذَا أُيْسِرُوا قِيَاسًا عَلَى مَنْ وَجَبَتْ مُوَاسَاتُهُ لِفَقْرِهِ وَإِنْ كَانُوا مَيَاسِيرَ فِي بِلَادِهِمُ اتُّبِعُوا فَإِنِ امْتَنَعُوا مِنْ دَفْعِهِ أَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ قِتَالَهُمْ لِمَنْعِهِمُ الْوَاجِبَ وَكَرِهَهُ أَشْهَبُ لِأَنَّ أَحَدَ العملين لَازِمٌ فَلَا يُشْرَعُ الْقِتَالَ كَالصِّيَالِ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ النَّاسُ أَوْلَى بِفَضْلِ بِئْرِ الْمَاشِيَةِ وَصَاحِبُ بِئْرِ الزَّرْعِ أَوْلَى بِفَضْلِهِ

لِأَنَّ الْقَصْدَ فِيهِ لِلتَّمْلِيكِ آكَدُ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ شِرَاءُ شُرْبِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ مِنْ عَيْنٍ أَوْ بِئْرٍ دُونَ الْأَصْلِ وَشِرَاءُ أَصْلِ شُرْبٍ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ مِنَ النَّهْرِ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ عَادَةً وَلَا شُفْعَةَ فِي ذَلِكَ إِذَا كَانَتِ الْأَرْضُ قَدْ قُسِّمَتْ فَإِنْ لَمْ تُقَسَّمْ وَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنَ الْمَاءِ دُونَ الْأَرْضِ أَوْ مِنَ الْأَرْضِ دُونَ الْمَاءِ فَلَا شُفْعَةَ وَإِنَّمَا الشُّفْعَةُ فِي الْمَاءِ إِذَا لَمْ تُقَسَّمِ الْأَرْضُ تَبَعًا لَهَا لِأَنَّهُ قَدْ يَجْرِي مَجْرَى الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ لَا شُفْعَةَ فِيهِ فَائِدَةٌ - قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ يُرْوَى نَقْعُ بِئْرٍ وَرَهْوُ بِئْرٍ وَهُوَ الْمَاءُ الْوَاقِفُ الَّذِي لَا يُسْقَى عَلَيْهِ أَوْ يُسْقَى وَفِيهِ فَضْلٌ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {واترك الْبَحْر رهوا} والماشية إِذْ لَمْ تَشْرَبِ الْمَاءَ لَا تَأْكُلُ الْكَلَأَ فَصَارَ مَنْعُ الْمَاءِ مَنْعَ الْكَلَأِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ نَقْعُ الْبِئْرِ بِالْقَافِ السَّاكِنَةِ بَعْدَ النُّونِ الْمَفْتُوحَةِ هُوَ الْمَعْرُوفُ وَرُوِيَ بِالْفَاءِ وَهُوَ تَصْحِيفٌ وَهُوَ كُلُّ مَا اسْتَقَرَّ فِيهَا وَقِيلَ أَصْلُ مَائِهَا وَقِيلَ الْجَارُ تَنْهَارُ بِئْرُهُ وَلَا يَمْنَعُهُ فَضْلَهُ لِإِحْيَاءِ زَرْعِهِ وَقِيلَ الْبِئْرُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ يَبْقَى مِنْ نَصِيبِهِ شَيْءٌ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ شَرِيكِهِ وَقِيلَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَلْقَى فِيهِ مَا يُكْنَسُ مِنَ الْبِئْرِ وَقِيلَ مَخْرَجُ سَيْلِ الْمَاءِ وَالثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ أَصَحُّ لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ لَا يُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ الْكَلَأُ وَحَمَلَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ عَلَى مَنْعِ بيع المَاء على الْعُمُوم وَنَحْوه فِي العتيبة وَالْكَلَأُ مَقْصُورٌ مَهْمُوزٌ مَفْتُوحُ الْكَافِ الْعُشْبُ وَمَا تُنْبِتُهُ الْأَرْضُ مِمَّا تَأْكُلُهُ الْمَوَاشِي

فرع - فِي الْكتاب لَك أَرض بَين أرضه لَكَ مَنْعُ جَرْيِ الْمَاءِ فِي أَرْضِكَ مِنْ أَرْضِهِ لِأَرْضِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ لَهُ مَجْرَى مَاءٍ فِي أَرْضِكَ فَأَرَادَ تَحْوِيلَهُ إِلَى مَوْضِعٍ أَقْرَبَ لِأَنَّكَ مَالِكٌ لِمَنَافِعِ أَرْضِكِ فَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهَا إِلَّا بِرِضَاكَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَعَنْ مَالِكٍ لَهُ أَنْ يَجْرِيَ فِي أَرْضِكَ لِأَنَّهُ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَعَلَى هَذَا يَجُوزُ لَهُ التَّحْوِيلُ لِمَكَانٍ أَقْرَبَ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا أَرَادَ تَحْوِيلَهُ لِمَوْضِعٍ لَا يَضُرُّ أَوْ أَرَدْتَ ذَلِكَ فَعَنْ مَالِكٍ رِوَايَتَانِ فِي الْمَنْعِ وَعَنْهُ جَوَازُ التَّحْوِيلِ دُونَ إِنْشَاءِ الْمَجْرَى حَذَرًا مِنَ التَّحْوِيلِ وَعَنْ أَشْهَبَ إِنْ أَحْيَيْتَ بعده بَين بئره وأرضه لَهُ إِجْرَاءُ الْمَاءِ فِي أَرْضِكَ لِأَنَّكَ مَنَعْتَهُ حَقَّهُ وَإِلَّا فَلَا فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ لَا يُمْنَعُ من الصَّيْد فِي الْبِئْر الَّتِي فِي أَرْضك مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَلَا تَبِيعُ سَمَكَه سَنَةً لِأَنَّهُ يَقِلُّ وَيَكْثُرُ وَلَكَ بَيْعُ الْخِصْبِ مِنْ أَرْضِكَ مِمَّنْ يَرْعَاهُ عَامَهُ ذَلِكَ بَعْدَ نَبَاتِهِ وَلَا تَبِيعُهُ عَامَيْنِ لِلْغَرَرِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ لَكَ مَنْعُ الصَّيْدِ لِأَنَّهُ فِي مَلِكِكَ وَحَوْزِكَ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ طَرَحْتَهَا فَوَلَدَتْ فَلَكَ مَنْعُهَا لِأَنَّهَا مِنْ مَالِكَ وَإِلَّا فَلَا قَالَ التُّونِسِيُّ لَوْ وَقَفَ غَدِيرًا فِي أَرْضِهِ لِلْحَرْثِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ لِأَنَّهُ مَنَعَ نَفْسَهُ مَنَافِعَهُ وَسَحْنُونٌ يُجَوِّزُ بَيْعَ حِيتَانِ الْغَدْرِ مُطْلَقًا وَلَا يُرَاعَى أَرْضُهُ لِأَنَّهَا فِي حَوْزِهِ وَمَلِكِهِ قَالَ عبد الْملك

فِي مصائد الْحِيتَانِ فِيمَا هُوَ فِي أَرْضِهِمْ وَإِلَّا فَلَا وَلَو عمِلُوا مصائد مِنْ خَشَبٍ لَيْسَ لَهُمُ الْحَجْرُ عَلَى النَّاسِ لَكِن يبدؤون ثُمَّ النَّاسُ بَعْدَهُمْ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ لَيْسَ لِأَحَدِ الْجَمَاعَةِ عَلَى النَّهْرِ أَنْ يَنْصِبَ مَا يَمْنَعُ الْحِيتَانَ عَنْ غَيْرِهِ وَلَيْسَ هَذَا مِمَّا يسْتَحق بالتقدم لِأَنَّهُ متكرر فان كَانَ النصب إِذَا قَلَعَ لَيْسَ لَهُ قِيمَةٌ خُيِّرُوا بَيْنَ أَمْرِهِ بِالْقِلْعِ وَالشَّرِكَةِ فِيهِ وَإِلَّا خُيِّرُوا بَيْنَ إِعْطَائِهِ قِيمَتَهُ مَقْلُوعًا أَوِ الشَّرِكَةِ فِيهِ فَرْعٌ - قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا كَانَ فِي الْقَرْيَةِ غَامِرٌ فَأَرَادُوا خَرْقَهُ وَيَنْتَفِعُونَ بِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُقَسِّمُونَهُ عَلَى قَدْرِ سِهَامِهِمْ إِنِ ادَّعَوْهُ لأصل الْقرْيَة لتتبع الْأَجْزَاءَ كَمَا تَبِعَتِ الْجُمْلَةُ الْجُمْلَةَ وَعَلَى عَدَدِ الرؤوس إِنِ ادَّعَاهُ كُلُّ وَاحِدٍ لِنَفْسِهِ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ كسلعة ادَّعَاهُ اثتان وَكَسَاحَةِ الدَّارِ ذَاتِ الْبُيُوتِ هَذَا إِذَا كَانَ دَاخِلَ الْقَرْيَةِ وَلَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ إِقْطَاعُهُ لِتَعَلُّقِ حَقهم بِهِ قَالَ أَصْبَغُ هَذَا إِذَا اجْتَمَعَ جُلُّهُمْ أَوْ مَنْ عَلَيْهِ عِمَادُ أَمْرِهِمْ وَالْمَشْهُورُ كِفَايَةُ طَلَبِ بَعْضِهِمْ كَالْعَرْصَةِ الْمُشْتَرَكَةِ وَإِنْ كَانَ خَارِجَ الْقَرْيَةِ فَعَنْ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ هُوَ كَالَّذِي دَاخَلِهَا وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُقَسَّمُ وَإِنِ اتَّفَقُوا لما فِيهِ من الرِّفْق لعامة الْمُسلمين والاحتطاب والرعي الا أَن يثبت أَنه من خير قربتهم فَيُقَسَّمُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَإِنْ كَانَ بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ شَرْقِيَّةٍ وَغَرْبِيَّةٍ أَوْ شَمَالِيَّةٍ وَجَنُوبِيَّةٍ جَرَى عَلَى الْخِلَافِ فِي جَوَازِ قِسْمَتِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُقَسَّمُ بِالسَّهْمِ بَلْ يُعَدَّلُ بِالْقِيمَةِ وَيُجْعَلُ نَصِيبُ كُلِّ قَرْيَةٍ مِمَّا يَلِيهَا نَفْيًا لِلضَّرَرِ وَبِدُخُولِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الشِّعَارَى الْمُتَوَسِّطَةُ بَيْنَ

الْقرى لَا تجْرِي مجْرى الْموَات يُقْطِعُهَا الْإِمَامُ لِتَعَلُّقِ حُقُوقِهِمْ بِهَا إِنَّمَا الْمَوَاتُ العفاء وَمَا لَا يتَنَاوَلهُ مواشيه وَجَوَّزَ الْفَضْلُ إِقْطَاعَ مَا قَرُبَ مِنَ الْقُرَى فَإِن كَانَ الغامر حذاء القريتين لَيْسَ بَيْنَهُمَا فَعَلَى الْخِلَافِ فِي جَوَازِ الْقِسْمَةِ وَإِذَا قُلْنَا بِهَا فَلَا يُقَسَّمُ بِالسَّهْمِ بَلْ يَعْدِلُ لِكُلِّ قَرْيَةٍ مَا هُوَ جَارُهَا وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْفَحْصَ الْعَظِيمَ يُرْعَى فِيهِ النَّاسُ وَيَحْتَطِبُونَ لَا يُقَسِّمُهُ أَهْلُ الْمَنَازِلِ الْمُحِيطَةِ بِهِ وَلَا أَنْ يَرْتَدُّوا إِلَى غَامِرِهِمْ مِنْهُ فَيَمْلِكُوهُ لِضَرَرِ ذَلِكَ بِالنَّاسِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيمَا شَأْنُهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ حَيِّزِ الْمَنَازِلِ وَفِي النَّوَادِرِ قَرْيَةٌ فِيهَا ذِمِّيُّونَ وَمُسْلِمُونَ وَلَهَا بُورٌ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ إِنْ كَانَتْ عَنْوَةً فَالْبُورُ لِلْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ لَا حَقَّ لَهُمْ فِي الْعَنْوَةِ قَالَ سَحْنُونٌ هَذَا فِي بُورٍ مَلَكَهُ أَهْلُ الْعَنْوَةِ وَحَمَوْهُ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ فَإِنْ كَانُوا صُلَحَاءَ فَالْبُورُ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ إِلَّا أَنْ يحوزه الْمُسلمُونَ عَنْهُم الزَّمَان الطَّوِيل لِأَن عقده الصُّلْحِ يَتَنَاوَلُ الْأَرْضَ وَحَرِيمَهَا فَإِنْ قَالَ أَهْلُ الذِّمَّةِ نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّعْرَاءِ لِأَنَّا عَلَى صُلْحٍ وَالْمُسْلِمُونَ عَلَى عَنْوَةٍ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لِأَهْلِ الصُّلْحِ مَعَ الشَّعْرَاءِ مَا يَلِيهِمْ بِقَدْرِ مَلِكِهِمْ مَعَ الْقَرْيَةِ وَلَا شَيْءَ لَهُمْ فِيمَا بَعُدَ مِنْهَا وَمَا يَلِي الْمُسلمُونَ فَلِجَمَاعَتِهِمْ إِذَا لَمْ يُوقِفُوهُ - كَمَا فَعَلَ عُمَرُ رَضِي الله عَنهُ لمصر وَالْعراق بِقدر ملكهم من الْقرْيَة مِمَّا قَرُبَ لِأَنَّهُ مِنْ حُقُوقِ الْقُرَى وَمَا بَعدَ مَوَات وَالصُّلْحِ وَالْعَنْوَةِ إِنَّمَا يَدْخُلَانِ فِي الْمَعْمُورِ وَحَرِيمِهِ فَإِنْ جَهِلَتِ الْقَرْيَةُ أَصُلْحٌ أَمْ عنْوَة وفيهَا الْمُسلم وَالذِّمِّيّ وَالْوَارِثُ وَغَيْرُهُ - وَكَلٌّ يَدَّعِي الشَّعْرَاءَ لِنَفْسِهِ أَوْ بَعْضَهَا قُسِّمَتْ عَلَى عَدَدِهِمْ مِنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِمَّنْ بَلَغَ أَنْ يَكُونَ لَهُ كَسْبٌ لِتَسَاوِي دَعَاوِيهِمْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا خَرَجَ أَحَدُ أَهْلِ الْقَرْيَةِ فَبَنَى فِي أَرْضٍ خَارِجهَا

بِأَمْيَالٍ وَسَكَنَ وَبَيْنَ مَوْضِعِهِ وَبَيْنَ الْقَرْيَةِ شَعْرَاءُ كَانَ هُوَ وَأَهْلُ الْقَرْيَةِ يَرْعُونَ فِيهَا فَتَشَاحُّوا فَالشَّعْرَاءُ لِلْقَرْيَةِ وَلَا أَقْسِمُ لَهُ مِنْهَا شَيْئًا لِأَنَّهَا مِنْ حَرِيمِ الْقَرْيَةِ وَقَدْ أَعْرَضَ عَنِ الْقَرْيَةِ فَبَطَلَ حَقُّهُ مِنْ حَرِيمِهَا فَرْعٌ - قَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ خَرِبَةٌ بَيْنَ الْقُرَى لَمْ تُعَمَّرْ مُنْذُ دَخَلَ الْعَرَبُ وَلَهَا بَيَاضٌ نَحْوُ ثَلَاثِينَ إِرْدَبًّا وَبِئْرٍ فَعَمَّرَهَا صَاحِبُهَا أَوِ ابْتَاعَهَا مِنْهُ وَطَالَ انْتِفَاعُهُمْ جَمِيعًا بِشَعْرَاءَ بَيْنَ الْخَرِبَةِ وَالْقُرَى نَحْوَ ثَلَاثِينَ سَنَةً ثُمَّ تَشَاحُّوا فَلَا حَقَّ لِصَاحِبِ الْخَرِبَةِ فِي الشَّعْرَاءِ وَلَو كَانَت مسكونة مُنْذُ دخل الْعَرَب فلهَا حق فِي الشُّعَرَاء لِأَن الْعِمَارَة هِيَ الَّتِي توجب اسْتِحْقَاق الْغَرِيم وَمَا عَمَرَ رَبُّ الْخَرِبَةِ فِي الشَّعْرَاءِ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ لَهُ حَقٌّ فَلَهُ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى قِيمَةُ عِمَارَتِهِ إِنْ كَانَتْ لَمْ تُعَمَّرْ مُنْذُ دَخَلَ الْعَرَبُ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ الْخَرِبَةُ وَغَيْرُهَا سَوَاءٌ فِي الشَّعْرَاءِ لِأَنَّهُ لَا يُوجِبُ فِي الشَّعْرَاءِ حَقًّا بِجِوَارٍ وَكَذَلِكَ الْكَنَائِسُ الْعَامِرَةُ وَالْمَحَارِسُ وَالصَّيْدُ لَا حَقَّ لَهَا فِي الشَّعْرَاءِ وَلَكِن تتْرك للخرائب وبجميع ذَلِكَ مِنَ الشَّعْرَاءِ طُرُقُهَا وَأَفْنِيَتُهَا وَمَدَاخِلُهَا وَمَخَارِجُهَا إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ أَنَّ لَهَا مِنَ الشَّعْرَاءِ شَيْئًا لِأَنَّ هَذِهِ الْمَوَاضِعَ لَمْ تُوضَعْ لِلسُّكْنَى بِخِلَافِ الْقُرَى فَلَوْ عَمَّرَ أَهْلُ الْخَرَائِبِ خَرَائِبَهُمْ حَتَّى صَارَتْ قُرًى قَبْلَ قِسْمَةِ الشَّعْرَاءِ فَلَهُمْ مُقَاسَمَةُ الْقُرَى فِيهَا كَمَا لَوْ أَقْطَعَ الْإِمَامُ فِي حَوَاشِي الشَّعْرَاءِ مَوَاتًا فَعَمَّرَ قَرْيَةً فَلَهُ نَصِيبُهُ مِنَ الشَّعْرَاءِ إِذَا جَاوَرَهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهَا النَّفَرُ الْيَسِيرُ فَلَا يُقْسَمُ لَهُمْ إِلَّا الِاسْتِطْرَاقُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ

وَسَوَّاهَا ابْنُ نَافِعٍ بِالْقُرَى فِي الْقِسْمَةِ فَرْعٌ - قَالَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ ذِمِّيٌّ لَهُ قَرْيَةٌ وَخَرِبَةٌ بَاعَهُمَا مِنْ رَجُلَيْنِ فَتَنَازَعَا الشَّعْرَاءَ الَّتِي بَينهمَا يُعْطي للخربة حَقّهَا لِأَن مسلكه انْتقل إِلَيْهَا عَلَى صُورَتِهِ فِي الْحُقُوقِ بِخِلَافِ الْخَرِبَةِ الَّتِي لَا يُعْرَفُ لَهَا فِي الْإِسْلَامِ عِمَارَةٌ وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ هَذِهِ الْخَرِبَةَ انْجَلَى عَنْهَا أَهْلُهَا كَانَ لَهَا حَقٌّ فَرْعٌ - قَالَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ اشْتَرَى خَرِبَةً وَاشْتَرَطَ غَامِرَهَا فَبَنَاهُ وَقَطَعَ شَجَرَهُ فَظَنَّ أَهْلُ الْقَرْيَةِ أَنَّهُ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ بِالْإِحْيَاءِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ حَقٌّ لَهُمْ فَلِلْمُشْتَرِي التَّمَسُّكُ بِالْخَرِبَةِ بِقِسْطِهَا مِنَ الثَّمَنِ وَيَرْجِعُ بِالْفَاضِلِ وَلَهُ رَدُّ الْجَمِيعِ لِدُخُولِ الْعَيْبِ عَلَيْهِ وَلَهُ أَخْذُ عِمَارَتِهِ فِيمَا قَطَعَ مِنْهَا فَإِنْ بَنَى أَوْ غَرَسَ فِيهَا فَلَهُ قِيمَةُ ذَلِكَ فرع - قَالَ قَالَ عبد الْملك قَرْيَة لَهَا شَعْرَاءُ وَأَحَاطَتْ أَرْضُ بَعْضِهِمْ بِبَعْضِ الشُّعَرَاء فَصَارَ فِي وَسَطِ الْأَرْضِ هُوَ أَحَقُّ بِمَا أَحَاطَ بِهِ فِي أَرْضِهِ مِنْ نَوَاحِيهَا كُلِّهَا لِئَلَّا يَتَطَرَّقَ عَلَى مِلْكِهِ الطُّرُقُ فَإِنْ كَانَ يَدْخُلُ إِلَيْهَا مِنْ غَيْرِ أَرْضِهِ فَلَا لِعَدَمِ الضَّرَرِ وَالْمُرُوجِ وَالْأَحْمِيَةِ وَالْأَدْوِيَةِ فِي الْقُرَى كَالشَّعْرَاءِ إِذَا أَحَاطَتْ أَرْضَهُ بِذَلِكَ مَعَ كُلِّ جَانِبٍ فَائِدَةٌ - الغامر بِالْغبنِ الْمُعْجَمَةِ ضِدُّ الْعَامِرِ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ كَالصَّالِحِ وَالطَّالِحِ فَرْعٌ - قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا عَمَّرَ فِي غَامِرِ الْقَرْيَةِ غَيْرُ أَهْلِهَا بِحُضُورِهِمْ فَهُوَ كَمَنْ

حَازَ مَالَ غَيْرِهِ وَهُوَ حَاضِرٌ غَيْرَ أَنَّ مُدَّة الْحِيَازَة هَهُنَا أطول مِمَّا يعتذ ربه مِنِ افْتِرَاقِ سِهَامِهِمْ وَقِلَّةِ حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَدُونَ مُدَّةِ الْحِيَازَةِ عَلَى الْأَقَارِبِ وَالْأَصْهَارِ وَهَذَا إِنِ ادَّعَى شِرَاءَ ذَلِكَ مِنْهُمْ أَوْ هِبَةً وَإِلَّا فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ عَلَى أَصْلِ ابْن الْقَاسِم ان عَامر الْقَرْيَةِ لِأَهْلِ الْقَرْيَةِ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ وَغَيْرِهِ فِي أَنَّهُ لَا يَكُونُ لَهُمْ وَلَا بقسمه إِلَّا أَنْ يُثْبِتَ أَنَّهُ لَهُمْ فَمَا عَمَّرَهُ لَهُ وَإِذَا أَخْرَجُوهُ هَلْ لَهُ قِيمَةُ بِنَائِهِ منقوضا أَو قَائِما وَهُوَ الأنظر إِنْ قَامُوا بِحِدْثَانِ الْعِمَارَةِ النَّظَرُ الثَّالِثُ فِي التراحم فِي الْحِيطَانِ وَالسُّقُوفِ وَغَيْرِهَا وَدَفْعِ الضَّرَرِ فِي ذَلِكَ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا أَرْسَلَ فِي أَرْضِهِ نَارًا فَوَصَلَتْ إِلَى زَرْعِ جَارِهِ فَأَفْسَدَتْهُ فَإِنْ كَانَتْ بَعِيدَةً يُؤْمَنُ وُصُولُهَا وَإِنَّمَا حَمَلَهَا رِيحٌ أَوْ نَحْوُهَا لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَرِّطْ وَإِلَّا ضَمِنَ لِأَنَّهُ مُتَسَبِّبٌ وَمَنْ قُتِلَ فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ لَوْ قَامُوا لِلنَّارِ لِيَرُدُّوهَا فَأَحْرَقَتْهُمْ فَدَمَهُمْ هَدْرٌ - لَا دِيَةَ وَلَا غَيْرَهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ وَافَقَ أَشْهَبُ ابْنَ الْقَاسِمِ فِي النَّارِ وَخَالَفَهُ فِي الْمَاءِ وَقَالَ إِنْ كَانَ يُسَيِّرُ الْمَاءَ بِالرَّدِّ فَأَغْفَلَ حِينَ تَسْرِيحِهِ ضَمِنَ وَإِنْ وَلِيَهُ الْخِدْمَةَ ضمن وان حَبسه تحامل عَلَى الْجِسْرِ بِغَيْرِ خَرْقٍ وَلَا ضَعْفٍ مِنَ الْجِسْرِ لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ كَانَتْ أَرْضُ جَارِهِ محسرة فتحامل المَاء بِالرِّيحِ أَو لزِيَادَة لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَنْ سَبَبِهِ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ يُمْنَعُ فَتْحُ الْكُوَّةِ يُكْشَفُ مِنْهَا الْجَارُ وَكَتَبَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ يُوقَفَ عَلَى سَرِيرٍ فَإِنْ نَظَرَ إِلَى مَا فِي دَارِ جَارِهِ مُنِعَ نَفْيًا لِلضَّرَرِ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِهِ وَلَا يُمْنَعُ مِنْ رَفْعِ الْبُنْيَانِ وَإِنْ مَنَعَ عَنْكَ الْهَوَاء أَو الشَّمْس لِأَنَّهُ تصرف يتَوَقَّع فيع غَرَضٌ صَحِيحٌ فِي مِلْكِهِ بِخِلَافِ فَتْحِ الْكُوَّةِ وَلِأَنَّ الضَّرَرَ لَا يُدْفَعُ عَنْكَ بِضَرَرِهِ بَلْ أَنْتَ بِالضَّرَرِ أَوْلَى لِعَدَمِ الْمِلْكِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَفْعُهُ يَضُرُّ بِجَارِهِ وَلَا نَفْعَ لَهُ فَيُمْنَعُ لِتُعَيُّنِ الْفَسَادِ وَفِي كِتَابِ تَضْمِينِ الصِّنَاعِ لَوْ كَانَت الكوة قديمَة لم يعرض من لَهُ وَلَوْ أَضَرَّتْ لِرِضَاهُمَا بِذَلِكَ وَقِيلَ يُمْنَعُ لِرِضَاهُمَا بِمَا لَا يَحِلُّ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يُمْنَعُ مِنْ سَدِّ الطَّاقَاتِ بِبُنْيَانِهِ وَكَذَلِكَ إِذَا أوجب لظلام الْمنزل أَو منع الْهَوَاء خلافًا لما فِي الْمُدَوَّنَة قَالَ التّونسِيّ إِلَّا الَّذِي فِي نَصْبِ الْأَسِرَّةِ لَعَلَّهُ فِي مَوْضِعٍ يُمْكِنُ فِيهِ نَصْبُ الْأَسِرَّةِ وَأَمَّا الْمَجَارَاتُ فَإِنَّمَا يعْتَبر فِيهَا ادراك الْقَائِم دَار الْجَار فَيمْتَنع وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ بَنَى جِوَارَ الْأَنْدَرِ مَا يَمْنَعُ مَهَبَّ الرِّيحِ لِلتَّذْرِيَةِ مَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْأَنْدَرِ الْمُتَقَادِمِ لِثُبُوتِ حَقِّهِ فِي الْهَوَاءِ وَهُوَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ لِتَصْفِيَةِ الزَّرْعِ وَإِصْلَاحِهِ بِخِلَافِ الْمَسْكَنِ مَقْصُودَةِ السُّتْرَةِ وَالصَّوْنِ وَجَوَّزَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ لَإِمْكَانِ صَرْفِ مَنْفَعَةِ الْأَنْدَرِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَمَنَعَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِحْدَاثَ الْأَنْدَرِ حَوْلَ الْجِنَانِ لِأَنَّهُ يَضُرُّهُ بِتِبْنِ التَّذْرِيَةِ كَإِحْدَاثِ الْحَمَّامِ وَالْفُرْنِ وَلَا يُمْنَعُ الدَّقَّاقُ وَالْغَسَّالُ يُؤْذِيَانِ جَارَهُمَا بِضَرْبِهِمَا لِخِفَّتِهِ بِخِلَافِ نَتِنِ - الدِّبَاغِ وَيُمْنَعُ ضَرَرُ تِبْنِ الأندر بالجنان -

وَلَوْ كَانَ الْجَنَانُ طَارِئًا كَمَا كَانَ لَهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ مَنْعُهُ مِنْ وَقْعِ التِّبْنِ فِي أَرْضِهِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَكَ مَنْعُهُ مِنَ الْكُوَّةِ فَلَكَ أَنْ تَبْنِيَ فِي مِلْكِكَ مَا تَسُدُّهَا بِهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ كَمَا لَوْ رَفَعَ الْبِنَاءَ وَإِنْ سَتَرَ الرِّيحَ وَالشَّمْسَ وَمَنْ لَهُ غُرْفَةٌ يَطَّلِعُ مِنْهَا أَوْ مِنْ كُوَاهَا عَلَى جَارِهِ وَهِيَ قَدِيمَةٌ قَبْلَ دَارِ الْجَارِ لِأَنَّ الْجَارَ إِنَّمَا مَلَكَ مَعِيبًا وَإِنْ كَانَتْ أَو الكوة محدثة أَمر إِزَالَتهَا أَو سترهَا وَلَو كَانَ بجارك يَوْمَ بنيت الْغُرْفَةُ أَوْ كُوَاهَا دَارٌ قَائِمَةٌ فَأَرَادَ مَنْعَكَ لِتَوَقُّعِ ضَرَرِهِ إِذَا بَنَى لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَلَا بَعْدَهُ لِأَنَّهَا مَنْفَعَةٌ سَبَقْتَهُ إِلَيْهَا وَقَالَ مُطَرِّفٌ لَهُ مَنْعُكَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ لِنَفْيِ الضَّرَرِ عَنْهُ فَلَوْ سَكَتَ قَبْلَ الْبِنَاءِ لَهُ الْمَقَالُ بَعْدَهُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ اشْتَرَيْتَ الْغُرْفَةَ عَلَى ذَلِكَ وَإِنَّمَا لَهُ مَنْعُكَ فِي إِحْدَاثِهَا قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا بَاعَ دَارَهُ وَقَدْ أَحْدَثَ عَلَيْهِ جَارُهُ الْكُوَّةَ أَوْ مَجْرَى مَاءٍ أَوْ غَيْرَهُ فَلَمْ يُخَاصِمْ حَتَّى بَاعَ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي الْقِيَامُ لِأَنَّهُ إِنَّمَا اشْتَرَى مَعِيبًا فَحَقُّهُ سَاقِطٌ فِي الْعَيْبِ وَالضَّرَر فَلَو خَاصَمَ وَلَمْ يَتِمَّ لَهُ الْحُكْمُ حَتَّى بَاعَ فَلِلْمُشْتَرِي الْقِيَامُ لِأَنَّهُ تَنَزَّلَ مَنْزِلَتَهُ قَالَ التُّونِسِيُّ كَيْفَ يَصِحُّ الْبَيْعُ قَبْلَ الْحُكْمِ وَهُوَ شِرَاءُ خُصُومَةٍ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ لَا خُصُومَةَ فِي ذَلِكَ وَأنَّ الْأَمْرَ تَوَجَّهَ لِلْبَائِعِ فَبَاعَ وَأَعْلَمَ الْمُشْتَرِيَ أَنَّ لَهُ سَدَّ مَا أَحْدَثَ عَلَيْهِ وَفِي الْكِتَابِ مَا أَحْدَثَهُ فِي عَرْصَتِهِ مِنْ فُرْنٍ أَوْ حَمَّامٍ أَوْ رَحَى مَاءٍ أَوْ كِيرِ الْحَدِيدِ أَوْ بِئْرٍ أَوْ كَنِيفٍ مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ مَا أَضَرَّ مِنْهُ بِالْجَارِ وَاسْتَخَفَّ اتِّخَاذَ التَّنُّورِ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا قَالَ أَسَدُّ الْكُوَّةَ مِنْ وَرَاءِ الْبَابِ أَوْ بِلَبِنَةٍ مُنِعَ لِأَنَّهُ يَشْهَدُ لَهُ بَعْدَ مُدَّةٍ فَيُقَالُ لم يزل هَذَا الْبَاب هَهُنَا

فَرْعٌ - قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا أَخَذَتْ إِلَى دَارِكِ شَيْئا مِمَّا بَين الأندر مِنَ الرِّحَابِ وَالشَّوَارِعِ جَازَ إِلَّا أَنْ يَضُرَّ بِأَهْلِ الْمَوْضِعِ أَوِ الْمَارَّةِ فَيُهْدَمُ قَالَهُ مَالِكٌ لِأَنَّ أَصْلَهُ عَلَى التَّمْلِيكِ بِالْإِحْيَاءِ حَتَّى يَتَعَيَّنَ الضَّرَرُ وَعَنْهُ الْكَرَاهَةُ إِنْ لَمْ يَضُرَّ فَإِنْ نَزَلَ مَضَى وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمنعه سَحْنُون وَقَالَ يهدم لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنِ اقْتَطَعَ مِنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ أَفْنِيَتِهِمْ شِبْرًا مِنَ الْأَرْضِ طَوَّقَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ سَبْعَ أَرَضِينَ وَلَيْسَ هُوَ فِي الصَّحِيحِ وَلِلْجَوَازِ قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْبُخَارِيِّ إِذَا تَشَاحُّوا فِي الطَّرِيقِ فَسَبْعَةُ أَذْرُعٍ فَرْعٌ - قَالَ التُّونِسِيُّ قِيلَ مَنْ دَعَا إِلَى قِسْمَةِ بُورِ الْقَرْيَةِ الَّذِي يَرْتَفِقُ بِهِ أُجِيب لِأَنَّهُ حَقه كَفَنَاءِ الدَّارِ بَعْدَ قِسْمَةِ الْبُيُوتِ وَقِيلَ لَا كَالشَّارِعِ وَقِيلَ إِنْ كَانَ دَاخِلًا فِي الْقَرْيَةِ وَهِيَ مُحْتَفَّةٌ بِهِ قُسِّمَ وَإِلَّا فَلَا فَرْعٌ - قَالَ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا حَفَرْتَ فِي دَارِكَ مَا يضر بجارك لَيْسَ لَكَ ذَلِكَ - إِذَا وَجَدْتَ مِنْهُ بُدًّا وَلَمْ تُضْطَرَّ إِلَيْهِ نَفْيًا لِلضَّرَرِ وَإِلَّا فَلَكَ لِأَنَّهُ يَضْرِبك تَرْكُهُ كَمَا يَضُرُّ بِهِ فِعْلُهُ وَأَنْتَ مُقَدَّمٌ بِالْمِلْكِ وَمَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ أَوْلَى لِأَنَّ الْجَار سبق

إِلَى تِلْكَ الْمَنْفَعَة فَلَا تُفْسِدْهَا عَلَيْهِ فَرْعٌ - قَالَ لَيْسَ لَكَ فِي الزُّقَاقِ غَيْرِ النَّافِذِ فَتْحُ بَابٍ وَلَا نقبه لِقُوَّةِ حَقِّ أَهْلِهِ فِيهِ بِانْحِصَارِهِ لَهُمْ وَلَكَ ذَلِكَ فِي النَّافِذِ مَا لَمْ تُضَيِّقِ الْفِنَاءَ وَمَنَعَهُ سَحْنُونٌ إِذَا كَانَ قُبَالَةَ بَابِ رَجُلٍ وَإِلَّا جَازَ وَلَكَ فَتْحُ حَوَانِيتَ فِي دَارِكَ لِلشَّارِعِ النَّافِذِ كَالْبَابِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّ أَصْلَ الشَّوَارِعِ عَلَى الْإِحْيَاءِ حَتَّى يتَعَيَّن الضَّرَر وَله تَحْويل بَابه فِي بِئْر النَّافِذِ حَيْثُ لَا يَضُرُّ بِجَارِهِ وَمَنَعَ سَحْنُونٌ الْحَانُوتَ فِي النَّافِذِ إِذَا أَضَرَّ بِالْجَارِ بِجُلُوسِ النَّاسِ عَلَيْهِ فَرْعٌ - قَالَ قَالَ أَصْبَغُ لَكَ شَجَرَاتٌ فِي أَرْضِ رَجُلٍ أَرَادَ التَّحْجِيرَ عَلَى أَرْضِهِ بِجِدَارٍ مُنِعَ إِنْ كَانَتْ مُجْتَمِعَةً لَا يَضُرُّ بِهِ تَرْكُهَا فِي الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ وَالسُّهُولَةِ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ الضَّرَرَ إِذَا تَعَيَّنَ عَلَى الشَّرِيكَيْنِ حُمِلَ عَلَى أَيْسَرِهِمَا نَصِيبًا وَيَفْتَحُ لَكَ بَابا إِلَيْهَا وَيَكُونُ غَلْقُهُ بِيَدِكَ إِنْ طَلَبْتَ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَت شجر كَثِيرَة غياضا لَيْسَ لَهُ التَّحْجِيرُ عَلَيْهَا لِأَنَّ أَكْثَرَ الضَّرَرِ عَلَيْكَ فَرْعٌ - قَالَ إِذَا أَضَرَّتْ شَجَرَةُ جَارِكَ بِجِدَارِكَ وَهِيَ أَقْدَمُ مِنْ جِدَارِكَ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ الْيَوْم من الانتشار لَا تقطع لِأَنَّهُ إِنَّمَا مَلَكْتَ مَعِيبًا فَإِنْ زَادَتِ الْأَغْصَانُ بَعْدَ بِنَاءِ الْجِدَارِ شُمِّرَ مَا أَضَرَّ بِالْجِدَارِ مِمَّا حَدَثَ بَعْدَ الْبِنَاءِ لِأَنَّهُ غَيْرُ الْمَدْخُولِ عَلَى ضَرَرِهِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا كَانَتْ أَقْدَمَ لَا يُتَعَرَّضُ لِمَا زَادَ لِدُخُولِهِ عَلَى الزِّيَادَةِ

وَإِنْ كَانَتْ مُحْدَثَةَ قُطِعَ مِنْهَا مَا أَضَرَّ وَأَمَّا الشَّجَرُ الَّتِي تَكُونُ فِي الْأَرْضِ بِمِيرَاثٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ قِسْمَةٍ فَامْتَدَّتْ حَتَّى سَتَرَتِ الْأَرْضَ بِالظِّلِّ فَلَا قَوْلَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ لِأَنَّ الشَّجَرَ هَذَا شَأْنُهَا فِي الْأَرْضِ وَوَافَقَنَا (ش) غَيْرَ أَنَّ بَعْضَ الشَّافِعِيَّةِ قَالَ إِذَا كَانَتْ أَغْصَان الشَّجَرَة الْحَادِثَةِ بَعْدَ الْبِنَاءِ لَيِّنَةً يُمْكِنُ كَفُّهَا بِلَا قطع لإِزَالَة الضَّرَر بالكف وان لم يكن فَلَا يَجِبُ الْقَطْعُ بَلْ يُؤْمَرُ بِإِزَالَةِ الضَّرَرِ فَلَعَلَّهُ يُؤْثِرُ قَطْعَ الشَّجَرَةِ مِنْ أَصْلِهَا لِتَبْقَى لَهُ الْأَغْصَانُ طِوَالًا فَإِنِ امْتَنَعَ فَهَلْ لِلْمَضْرُورِ الْإِزَالَةُ إِنْ لَمْ يَكُنْ قَطَعَ بُخْلًا بِالْقِيمَةِ فَلَهُ وَإِلَّا فَلَا بَلْ لِلْحَاكِمِ فَلَوِ انْتَقَلَتْ للدَّار الْمَضْرُورَة مِنْ صَاحِبِ الشَّجَرَةِ فِي ابْتِدَاءِ نَشْأَتِهَا ثمَّ عظمت حَتَّى أظلت لَا مقَال لَهُ لدُخُوله على ذَلِك وَمَا أَظن أَصْحَابهَا يُخَالِفُونَهُ فِي هَذَا الْفِقْهِ فَإِنَّهُ مُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ وَقَدْ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُطَرِّفٌ إِذَا حَدَثَ لَهَا أَغْصَانٌ بَعْدَ بُنْيَانِ الْجِدَارِ تَضُرُّ بالجدار شمر مَا أضرّ بالجدار فَقَطْ مِمَّا حَدَثَ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُتْرَكُ وَإِنْ أَضَرَّ لِأَنَّهُ قَدْ عُلِمَ أَنَّ هَذَا شَأْنُ الشَّجَرِ وَدَخَلَ عَلَيْهِ وَكَانَ هَذَا مِنْ حَرِيمِهَا قَبْلَ بِنَاءِ الْجِدَارِ وَفِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ إِنْ عَظُمَتِ الشَّجَرَةُ طُولًا إِلَى السَّمَاءِ فَلَا مَقَالَ كَالْبُنْيَانِ يَسْتُرُ الرِّيحَ وَالشَّمْسَ قَالَ أَصْبَغُ لَكَ شَجَرَةٌ فِي أَرْضِ رَجُلٍ فَعَظُمَتِ ارْتِفَاعًا أَوِ انْبِسَاطًا حَتَّى أَضَرَّتْ بِالْأَرْضِ لَا قَوْلَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ فَرْعٌ - قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا نَبَعَ مِنْ بِئْرِكَ أَوْ عَيْنِكَ فِي أَرْضِ جَارِكَ مِنْ غَيْرِ

سَبَبٍ مِنْهُ لَيْسَ لَكَ سَدُّهَا وَإِنْ تَسَبَّبَ فِي ذَلِكَ سَدَدْتَهَا وَقَالَ أَصْبَغُ إِذَا خَرَجَ فِي أَرْضِ جَارِكَ قَضِيبٌ مِنْ شَجَرَةٍ فِي حَائِطِكَ مِنْ تَحْتِ الْأَرْضِ فَصَارَ شَجَرَةً خُيِّرَ جَارُكَ بَيْنَ قَلْعِهَا أَوْ يُعْطِي لَكَ قِيمَتَهَا لِأَنَّهَا من غير مَالِكَ الْمَعْصُومِ وَالْمَاءُ لَا يُمْلَكُ إِلَّا بِالْحَوْزِ وَمَا خَرَجَ مِنْهُ لِجَارِكَ لَمْ تَحُزْهُ وَلَوْ كَانَتْ إِذَا قُطِعَتْ وَغُرِسَتْ نَبَتَتْ فَلَكَ قَلْعُهَا وَلَا يُخَيَّرُ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ يُعْطِيكَ قِيمَتَهَا مقلوعة مَا لم يَضْرِبك بِأَنْ تَشْرَبَ مِنْ عِنْدِكَ وَإِلَّا فَلَكَ قَلْعُهَا إِلَّا أَنْ يَقْطَعَ عُرُوقَهَا الْمُتَّصِلَةَ بِشَجَرِكَ وَتُعْطَى قِيمَتَهَا مَقْلُوعَةً فَرْعٌ - قَالَ قَالَ مُطَرِّفٌ يُمْنَعُ مَا أَضَرَّ بِالنَّاسِ مِنْ إِحْدَاثِ الْأَبْرِجَةِ تَضُرُّ بِالزَّرْعِ أَوِ النَّحْلِ تَضُرُّ بِالشَّجَرِ وَكَذَلِكَ الدَّجَاجُ وَالْإِوَزُّ الطَّيَّارَةُ بِخِلَافِ الْمَاشِيَةِ لِأَنَّ الِاحْتِرَاسَ مِنْهَا مُمْكِنٌ وَدَخَلَ النَّاسُ عَلَيْهِ فِي الْعَادَةِ وَجَوَّزَ ابْنُ الْقَاسِمِ اتِّخَاذَ النَّحْلِ وَالْحَمَامِ قِيَاسًا عَلَى الْمَاشِيَةِ وَعَلَى أَهْلِ الْقَرْيَةِ حِفْظُ زَرْعِهِمْ وَشَجَرِهِمْ فَرْعٌ - قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا سَقَطَ الْجِدَارُ بَيْنَكُمَا وَهُوَ لِأَحَدِكُمَا لَمْ يُجْبَرْ عَلَى بِنَائِهِ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ سَتْرُكَ بِمِلْكِهِ أَوْ لَكمَا جبر الْمُمْتَنع مِنْكُمَا عَلَى الْبِنَاءِ مَعَ صَاحِبِهِ لِأَنَّهُ مِنْ أَحْكَامِ الشَّرِكَةِ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ إِذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا فَهَدَمَهُ أَوِ انْهَدَمَ بِغَيْرِ فِعْلِهِ وَتَرَكَ رَدَّهُ ضَرَرًا - وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى بِنَائِهِ جُبِرَ عَلَى رَدِّهِ فَإِنْ عَجَزَ سَتَرَ الْآخَرُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْبِنَاءِ فِي حَقِّهِ وَإِنْ هَدَمَهُ لِلضَّرَرِ أُجْبِرَ عَلَى الْإِعَادَةِ أَوْ هَدَمَهُ لِنَفْعِهِ ثُمَّ عَجَزَ أَوِ اسْتَغْنَى عَنْهُ لَمْ يُجْبَرْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يُجْبَرُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا انْهَدَمَ وَيُجْبَرُ عِنْدَ ابْنِ كِنَانَةَ وَأَجْمَعُوا عَلَى الْإِجْبَارِ إِذا هَدمه

للضَّرَر وَعَن ابْن كنَانَة لَا يجْبر إِذَا كَانَ لَهُمَا أَيْضًا لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يجْبر على تَجْدِيد ملكه وَفِي الْمَجْمُوعَة إِذا كَانَ بَيْنَهُمَا وَانْهَدَمَ بِغَيْرِ فِعْلِهِ لَا يُجْبَرُ وَيُخَيَّرُ فِي الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الْبِنَاءِ وَالْبَيْعِ وَالْمُقَاسَمَةِ جَمْعًا بَيْنَ الْمَصَالِحِ فَرْعٌ - قَالَ إِذَا اخْتَلَفْتُمَا فِي جِدَارٍ بَيْنَكُمَا وَعَقْدُ بِنَائِهِ إِلَيْكُمَا فَهُوَ لَكمَا بعد أيمانكما لاسوائكما فِي السَّبَبِ أَوْ لِأَحَدِكُمَا فَقَطْ فَهُوَ لَهُ أَوْ مُنْقَطِعًا عَنْكُمَا فَلَكُمَا لِاسْتِوَائِكُمَا وَإِنْ كَانَ لِأَحَدِكُمَا فِيهِ كُوَّةٌ فَهُوَ لِمَنْ فِيهِ مَرَافِقُهُ وَإِنْ كَانَتِ الْكُوَّةُ لَكُمَا فَهُوَ بَيْنُكُمَا وَلَوْ كَانَ لِأَحَدِكُمَا فِيهِ خَشَبٌ - وَلَا عَقْدَ لِأَحَدِكُمَا فَهُوَ لِمَنْ عَلَيْهِ حَمْلُهُ وَإِنْ كَانَ حَمْلُكُمَا عَلَيْهِ فَهُوَ بَيْنكُمَا فَإِن كَانَ لأحد كَمَا عَشْرُ خَشَبَاتٍ وَلِلْآخَرِ سَبْعَةٌ تُرِكَ عَلَى حَالِهِ لَا يزِيد أَحَدكُمَا خشبا إِلَّا برضى صَاحبه وان انْهَدم بُنْيَانه جَمِيعًا عَلَى حَالِهِ وَيُقَالُ لِلْمُمْتَنِعِ بِعِ الدَّارَ كُلَّهَا مِمَّنْ يَبْنِي وَاخْتَلَفَ قَوْلُ سَحْنُونٍ فِي الْحَمْلِ هَلْ هُوَ دَلِيلٌ أَمْ لَا وَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ إِذَا كَانَ وَجْهُ الْبِنَاءِ لأَحَدهمَا وَللْآخر ظَهره فَهُوَ بَينهمَا وَلَمْ يَجْعَلْ وَجْهَ الْبِنَاءِ دَلِيلًا وَالْحَائِطُ لِمَنْ لَهُ الْبَابُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ لِمَنِ الْبَابُ فَهُوَ بَيْنُهُمَا نِصْفَانِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ عَشْرُ خَشَبَاتٍ وَلِلْآخَرِ خَمْسَةٌ أَوْ خَشَبَةٌ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَقَالَ مَنْ خَالَفَنَا هُوَ لِصَاحِبِ الْكَثِيرِ إِلَّا مَوْضِعُ الْخَشَبَةِ وَقَالَ سَحْنُونٌ فِي الْكُوَى غَيْرِ الْمَنْفُوذَةِ نَظَرٌ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا كَانَ حَائِطٌ حَذْوُهُ حَائِطٌ وَعَقْدُ أَحَدِهِمَا لِأَحَدِكُمَا وَعَقْدُ الْآخَرِ لِجِهَةِ الْآخَرِ قُضِيَ لِكُلِّ وَاحِدٍ بِالْحَائِطِ الَّذِي إِلَيْهِ عَقْدُهُ وَإِذَا أَرَادَ مَنْ لَهُ الْعَقْدُ وَعَلَيْهِ حِمْلٌ لغيره - الْبناء على الْحَائِط امْتنع ان ضرّ بِحَمْلِ الْآخَرِ وَإِلَّا فَلَا وَإِذَا

كَانَ حَائِطٌ بَيْنَكُمَا فَأَرَدْتَ الْحَمْلَ عَلَيْهِ مَا يَمْنَعُ الْآخَرَ حَمْلَ مِثْلِهِ عَلَيْهِ يَمْتَنِعُ إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَكَ وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ حَمْلِ مِثْلِهِ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا فَإِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَحْمِلَ عَلَيْهِ مَا لَا يَحْمِلُ الْحَائِطُ مِثْلَهُ لِلْآخَرِ وَيَضْعُفُ الْجِدَارُ وَأَرَدْتَ هَدْمَهُ وَبِنَاءَهُ لِلْحَمْلِ عَلَيْهِ مَا يحمل عَلَيْهِ للْآخر مثله لَك ذَلِكَ وَإِنْ كُرِهَ لِأَنَّكَ تَسْعَى فِي مَصْلَحَتِكُمَا وَيَبْقَى الْجِدَارُ بَيْنَكُمَا كَمَا كَانَ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا كَانَ لَكُمَا عَلَيْهِ خَشَبٌ وَخَشَبُكَ أَسْفَلُ مِنْ خَشَبِهِ فَأَرَدْتَ رَفْعَهُ قُبَالَتَهُ لَكَ ذَلِكَ وَإِنْ كَرِهَ فَإِنْ أَنْكَرَ صَاحِبُ الْأَعْلَى أَنْ يَكُونَ لِصَاحِبِ الْأَسْفَلِ مِنْ فَوْقِ خَشَبِهِ شَيْءٌ صَدَقَ مَعَ يَمِينِهِ لِحَوْزِهِ لِمَا فَوْقَ خَشَبِ الْأَسْفَلِ فَرْعٌ - قَالَ إِذَا اعْتَلَّ السُّفْلُ وَأَرَدْتَ إِصْلَاحَهُ فَعَلَيْكَ تَعْلِيقُ الْأَعْلَى بِبِنَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ لِأَن عَلَيْك الْعَمَل وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ عَلَى الْعُلُوِّ عُلِّقَ بِحَمْلِ الْأَعْلَى عَلَى الْأَوْسَطِ إِذَا اعْتَلَّ الْوَسَطُ فَرْعٌ - قَالَ قَالَ سَحْنُون إِذا أردْت تلبيس حائطك من دَار جَارك لَيْسَ لَهُ مَنْعُكَ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَمْكِينُكَ مِنْ ملكك كَمَا لَو أَلْقَت الرِّبْح ثَوْبَكَ فِي دَارِهِ لَيْسَ لَهُ مَنْعُكَ مِنَ الدُّخُولِ لَهُ أَوْ يُخْرِجُهُ إِلَيْكَ فَرْعٌ - قَالَ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا كَانَتْ خَرِبَةً بَيْنَ الدُّورِ فَامْتَلَأَتْ مِنْ قُمَامَةِ النَّاسِ

وَأَضَرَّ ذَلِكَ بِجِدَارِ جَارِ الْخَرِبَةِ فَطَالَبَ صَاحِبَ الْخَرِبَةِ بِإِزَالَةِ الضَّرَرِ عَنْهُ بِالتَّنْظِيفِ فَقَالَ لَيْسَ هَذَا مِنْ تُرَابِي لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ وَيُنَظِّفُ لِأَنَّ الضَّرَرَ الْآنَ مِنْ جِهَتِهِ وَقَالَ أَيْضًا عَلَى الْجِيرَانِ كَنْسُهُ يُؤْخَذُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ عَلَى الِاجْتِهَادِ فَرْعٌ - قَالَ إِذَا ارْتَدَمَ السُّفْلُ مِنَ الطَّرِيقِ وَضَاقَ عَلَيْهِ مُدْخِلُهُ فَعَلَى صَاحِبِ الْعُلُوِّ أَنْ يُوَسِّعَ لَهُ فِي هَوَاهُ وَبُنْيَانِهِ بِثَمَنٍ يَدْفَعُهُ إِلَيْهِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ وَقَالَ أَيْضًا فِي قَنَاةِ رَجُلٍ تَجْرِي عَلَى آخَرَ فَاحْتَاجَ الَّذِي تجْرِي عَلَيْهِ الْقَنَاة لردم لاداره لِأَنَّ الطَّرِيقَ عَلَتْ عَلَيْهِ لَهُ ذَلِكَ وَيُقَالُ لِصَاحِبِ الْقَنَاةِ أَعْلِ دَارَكَ إِنْ شِئْتَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَكَ وَقَالَ ابْنُ اللَّبَّادِ الْقِيَاسُ أَلَّا يَفْعَلَ إِلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِ الْقَنَاةِ لِحَقِّهِ فِي جَرْيِ الْقَنَاةِ فَرْعٌ - قَالَ قَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ إِذَا نَقَلَ الْمَطَرُ تُرَابَكَ فَسَدَّ بِهِ عَلَى آخَرَ مَخْرَجَهُ لَا تُجْبَرُ عَلَى نَقْلِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ فِعْلِكَ بَلْ لَكَ نَقْلُهُ لِأَنَّهُ مِلْكُكَ فَرْعٌ - قَالَ إِذَا كَانَتْ دَارٌ بِجَنْبِ دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ فَأَرَادَ غَلْقَ بَابِ الدَّارِ الْمُخْتَصَّةِ بِهِ وَفَتْحَهُ فِي الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ لِشَرِيكِهِ مَنْعُهُ لِحَقِّهِ فِي مَوْضِعِ الْفَتْحِ قَالَهُ مَالِكٌ وَجَوَّزَ فَتْحَهُ فِي حَائِطِ دَارِ نَفْسِكَ لِتَدْخُلَ دَارَ الشَّرِكَةِ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَطُولُ الْأَمَدُ فَيَظُنُّ أَنَّ فَتْحَهُ حَقٌّ عَلَى دَارِ الشَّرِكَةِ وَلَوْ قُسِّمَتِ الدَّارُ الْمُشْتَرَكَةُ فَأَرَدْتَ غَلْقَ بَابِكَ وَفَتْحَهُ فِي النِّصْفِ الَّذِي حَصَلَ لَكَ قَالَ مَالِكٌ إِنْ أَرَدْتَ الرِّفْقَ جَازَ أَو تَجْعَلهُ ممرا لِلنَّاسِ امْتَنَعَ لِضَرَرِ الشَّرِيكِ فِي نِصْفِهِ قَالَ وَمُرَادُهُ أَنَّكَ تَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ إِلَى بَابِ دَارِكَ لِأَنَّكَ تُخَفِّفُ عَنْ صَاحِبِ النِّصْفِ الْآخَرِ بَعْضَ الْمُرُورِ فَقَدْ كَانَ

لَكَ سُكْنَى نُصِيبِكَ وَتَخْرُجُ بِأَهْلِكَ مِنْهُ أَمَّا لَوْ عَطَّلْتَ الْخُرُوجَ مِنْ بَابِ دَارِكَ امْتَنَعَ لِأَنَّ ضَرَرَ عِيَالَيْنِ أَكْثَرُ مِنْ ضَرَرِ عِيَالٍ فَرْعٌ - فِي الْجَوَاهِرِ يَجُوزُ إِخْرَاجُ الرَّوَاشِنِ وَالْأَجْنِحَةِ عَلَى الْحِيطَانِ إِلَى طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَضَى فِي الْأَفْنِيَةِ لِأَرْبَابِ الدُّورِ وَفَسَّرَهُ ابْنُ حَبِيبٍ بِالِانْتِقَالِ مِنَ الْمَجَالِسِ وَالْمَرَابِطِ وَجُلُوسِ الْبَاعَةِ فِيهَا لِلْبِيَاعَاتِ الْخَفِيفَةِ دُونَ الْحِيَازَة بالبنيان والتحظير وَالسِّكَّة المستدة كَالْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ سُكَّانِ السِّكَّةِ يُمْنَعُ إِخْرَاجُ الْجَنَاحِ إِلَيْهَا وَفَتْحُ بَابٍ جَدِيدٍ فِيهَا إِلَّا بِرِضَاهُمْ وَلَوْ فَتَحَ بَابَ دَارٍ لَهُ أُخْرَى إِلَى دَاره الَّتِي فِي السِّكَّة المستدة لِيَرْتَفِقَ بِهِ لَا لِيَجْعَلَهُ كَالسِّكَّةِ النَّافِذَةِ جَازَ قَاعِدَةٌ حُكْمُ الْأَهْوِيَةِ حُكْمُ مَا تَحْتَهَا فَهَوَاءُ الْوَقْفِ وَقْفٌ وَهَوَاءُ الطَّلْقِ طَلْقٌ وَهَوَاءُ الْمَوَاتِ مَوَاتٌ وَهَوَاءُ الْمَمْلُوكِ مَمْلُوكٌ وَمُقْتَضَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَنْ يُمْنَعَ بَيْعُ هَوَاءِ الْمَسَاجِدِ وَالْأَوْقَافِ إِلَى عَنَانِ السَّمَاءِ لِمَنْ أَرَادَ غَرْسَ خَشَبٍ حَوْلَهَا ويبنى على رُؤُوس الْخشب سقفا وبنيانا وان يمْنَع اخراج الرواش لِأَنَّهَا فِي هَوَاءِ الشَّارِعِ الَّذِي يُمْنَعُ فِيهِ الِاخْتِصَاصُ غَيْرَ أَنَّ الْمَنْعَ ثَمَّةَ لِنَفْيِ الضَّرَرِ وَإِلَّا فأصله موَات يقبل الْأَحْيَاء ولاضرر فِي هوائه فَيجوز التَّصَرُّفُ فِيهِ فَرْعٌ - قَالَ قَالَ سَحْنُونٌ لَكَ دَارَانِ مُتَقَابِلَانِ عَلَى يَمِينِ الطَّرِيقِ وَشَمَالِهِ لَكَ أَنْ تَبْنِيَ عَلَيْهِمَا سِبَاطًا تَعْمَلُ عَلَيْهِ غُرْفَةً وَنَحْوَهَا فَرْعٌ - قَالَ الْجِدَارُ لَكَ بَيْنَ الدَّارَيْنِ لَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ جَارُكَ إِلَّا بِإِذْنِكَ فَإِنِ استعاره

لِوَضْعِ جِذْعِهِ عَلَيْهِ لَمْ تَلْزَمْكَ الْإِعَارَةُ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ مِلْكِهِ إِلَّا لضَرَر الْغَيْر وَلَا ضَرَر هَهُنَا ولهذه الْقَاعِدَة حمل قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يمعن أَحَدُكُمْ جَارَهُ مِنْ وَضْعِ خَشَبَةٍ عَلَى جِدَارِهِ عَلَى النَّدْبِ وَإِذَا أَعَرْتَ لَا تَرْجِعُ إِلَّا لِضَرُورَةٍ تَعْرِضُ لِجِدَارِكَ وَلَمْ تُرِدِ الضَّرَرَ لِأَنَّ الْعَارِيَةَ تَمْلِيكُ مَنَافِعٍ وَرُوِيَ لَيْسَ عَلَيْكَ نَزْعُهَا وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ احْتَجْتَ إِلَى جِدَارِكَ أَمْ لَا مِتَّ أَوْ عِشْتَ بِعْتَ أَوْ وَرِثْتَ حَمْلًا لِلنَّهْيِ فِي الْحَدِيثِ عَلَى التَّحْرِيمِ وَوُجُوبِ تَمْلِيكِ الْمَنْفَعَةِ وَأَمَّا الْجِدَارُ الْمُشْتَرَكُ لَيْسَ لِأَحَدِكُمَا الِانْتِفَاع إِلَّا بِرِضَى صَاحِبِهِ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِ الْغَيْر وَيجْبر على قسمه عِنْدَ التَّنَازُعِ الْمُمْتَنِعِ مِنْهُمَا تَحْصِيلًا لِلِانْتِفَاعِ بِالْمِلْكِ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يُقَسَّمُ إِلَّا عَنْ تَرَاضٍ وبالقرعة لتوقع الضَّرَر فِي قسْمَة الْجِدَار وَيجْبر الْمُمْتَنِعُ مِنَ الْعِمَارَةِ بَيْنَ الْعِمَارَةِ وَالْمُقَاوَاةِ وَالْبَيْعِ مِمَّنْ يَعْمَلُ أَوْ يُبَاعُ عَلَيْهِ مِنْ حَقِّهِ مَا بِهِ يعْمل بَاقِي حَقه وَلَا تمنع أَنْتَ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِحَقِّهِ لِضَرَرِهِ بِذَلِكَ وَأَمَّا مَا يَنْقَسِمُ فَيُقَسَّمُ بَيْنَكُمَا وَاخْتُلِفَ فِي الْحَائِطِ بَيْنَكُمَا يَحْتَاجُ لِلإصلَاحِ قِيلَ يُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ نَفْيًا لِلضَّرَرِ وَقِيلَ لَا بَلْ يُصْلِحُ مَنْ أَرَادَ فِي حَقِّهِ فَرْعٌ - قَالَ إِذَا انْهَدَمَ السُّفْلُ وَالْعُلُوُّ جُبِرَ صَاحِبُ السُّفْلِ عَلَى الْبِنَاءِ أَوْ يَبِيع مِمَّنْ يَبْنِي حَتَّى يَبْنِيَ صَاحِبُ الْعُلُوِّ لِأَنَّ عَلَيْهِ حَمْلَ الْعُلُوِّ وَعَلَيْهِ الْخَشَبَ وَالْجَرِيدَ قَالَ أَشْهَبُ وَبَابَ الدَّارِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَعَلَيْهِ السُّلَّمُ إِذَا كَانَ لَهُ عُلُوٌّ حَتَّى يَبْلُغَ عُلُوَّهُ ثُمَّ عَلَى صَاحِبِ الْعُلُوِّ الْأَعْلَى وَقِيلَ عَلَى صَاحِبِ السُّفْلِ بِنَاءُ

السُّلَّمِ إِلَى حَدِّ الْعُلُوِّ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ عُلُوٌّ آخَرُ فَعَلَى صَاحِبِ الْعُلُوِّ الْأَوْسَطِ بِنَاءُ السّلم من حد الْعُلُوّ إِلَى سقف الَّذِي عَلَيْهِ علو الْآخَرِ لِأَنَّ الْأَسْفَلَ أَبَدًا عَلَيْهِ الْحَمْلُ وَالتَّمْكِينُ مِنْ مَنَافِعِ الْعُلُوِّ فَرْعٌ - قَالَ وَمَنْ لَهُ إِجْرَاءُ مَاءٍ عَلَى سَطْحِ غَيْرِهِ فَالنَّفَقَةُ فِي السَّطْحِ عَلَى مَالِكِهِ دُونَ صَاحِبِ الْمَجْرَى لِأَنَّ عَلَيْهِ التَّمْكِينَ وَسَقْفَ السُّفْلِ لِصَاحِبِ السُّفْلِ وَلِصَاحِبِ الْعُلُوِّ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْعُلُوِّ الزِّيَادَةُ فِي الْبُنْيَانِ وَلَهُ رَفْعُهُ فَرْعٌ - قَالَ يَجُوزُ بَيْعُ حَقِّ الْهَوَاءِ لِإِخْرَاجِ الْأَجْنِحَةِ مِنْ غَيْرِ أَصْلٍ يَعْتَمِدُهُ الْبِنَاءُ فَرْعٌ - قَالَ حَقُّ الْمِسِيلِ وَمَجْرَى الْمَاءِ وَحَقُّ الْمَمَرِّ وَكُلُّ حَقٍّ مَقْصُودٌ عَلَى التَّأْبِيدِ لِأَنَّهُ مِلْكٌ فَرْعٌ - قَالَ إِذَا انْهَدَمَتِ الرَّحَى فَأَقَمْتَهَا وَامْتَنَعَ الْبَاقُونَ فَالْغَلَّةُ كُلُّهَا لَكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَيْكَ أُجْرَةُ أَنْصِبَائِهِمْ جزَافا وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْغَلَّةُ بَيْنَكُمْ وَلَكَ مِنْ أنصبائهم مَا انفقته لِأَنَّكَ تَنْتَفِعُ بِمِلْكِهِمْ عَامِرًا وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ أَنْتَ شَرِيكٌ بِمَا زَادَ عَمَلُكَ عَلَى جُزْئِكَ الْمُتَقَدِّمِ فِي غَلَّةِ الرَّحَى وَلَكَ أُجْرَةُ مَا أَقَمْتَ فِي حِصَصِ أَصْحَابِكَ بِأَنْ تَقُومَ الرَّحَى غَيْرَ مَعْمُولَةٍ فَيُقَالُ عَشَرَةٌ وَبَعْدَ الْعَمَلِ خَمْسَةَ عَشَرَ فَلَكَ ثُلُثُ الْغَلَّةِ وَالْبَاقِي بَيْنَكُمْ وَعَلَى الَّذِي لَمْ يَعْمَلُ مَا يَنُوبُهُ مِنَ الْأُجْرَةِ للْعَمَل

فِي قِيَامِهِ بِغَلَّتِهَا ثُمَّ أَرَادَ الدُّخُولَ مَعَكَ أَعْطَاكَ مَا يَنُوبُهُ مِنْ قِيمَةِ ذَلِكَ يَوْمَ يذفع ذَلِكَ إِلَيْكَ فَرْعٌ - قَالَ إِذَا ادَّعَيْتَ عَلَى رَجُلَيْنِ دَارًا فَصَدَّقَكَ أَحَدُهُمَا فَصَالَحْتَهُ عَلَى مَالٍ للْآخر الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّ الصُّلْحَ بَيْعٌ فَرْعٌ - قَالَ إِذَا تَنَازَعَ صَاحِبُ السُّفْلِ وَالْعُلُوِّ السَّقْفَ صُدِّقَ صَاحب السّفل لِأَن الْيَد لَهُ كالحمل عَلَى الدَّابَّةِ يُصَدَّقُ صَاحِبُهَا دُونَ الْأَجْنَبِيِّ وَيُصَدَّقُ رَاكِبُ الدَّابَّةِ دُونَ الْمُتَعَلِّقِ بِلِجَامِهَا وَلِأَنَّ الْبَيْتَ لَا يَكُونُ بَيْتًا إِلَّا بِسَقْفِهِ وَلَوْ كَانَ السُّفْلُ بِيَدِكَ وَالْعُلُوُّ بِيَدِ آخَرَ - وَطَرِيقُهُ فِي ساحة السّفل - وتداعيتما الدَّار كلهَا قَالَ أَشْهَبُ الدَّارُ لَكَ إِلَّا الْعُلُوَّ وَطَرِيقُهُ لِلْيَدِ بَعْدَ أَيْمَانِكُمَا أَوْ نُكُولِكَمَا أَوْ نُكُولِ أَحَدِكُمَا فَيُقْضَى لِلْحَالِفِ مِنْكُمَا فَرْعٌ - قَالَ مَنْ سَبَقَ إِلَى مَوْضِعٍ مُبَاحٍ لَهُ الْجُلُوسُ فِيهِ فَلَا يُزْعَجُ مِنْهُ لِأَنَّهُ أَحَقُّ بِالسَّبْقِ فَرْعٌ - فِي الطُّرُقِ وَالْمَسَاجِدِ قَالَ وَيُنْتَفَعُ بِالْمَسَاجِدِ بِالصَّلَاةِ وَالْجُلُوس وَالذكر وَالْقِرَاءَة والانشغال بِالْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ وَالِاعْتِكَافِ وَخُفِّفَ فِي الْقَائِلَةِ وَالنَّوْمِ

فِيهَا نَهَارًا لِلْمُقِيمِ وَالْمُسَافِرِ وَالْمَبِيتِ لِلْمَارِّ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَّخِذَ الْمَسْجِدَ مَسْكَنًا إِلَّا رَجُلٌ مُجَرَّدٌ لِلْعِبَادَةِ فِيهِ وَقِيَامِ اللَّيْلِ وَأَرْخَصَ مَالِكٌ فِي طَعَامِ الضَّيْفِ فِي مَسَاجِدِ الْبَادِيَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ شَأْنَ تِلْكَ الْمَسَاجِدِ وَكَرِهَ وَقُودَ النَّارِ وَأَجَازَ الْعُلُوَّ مَسْجِدًا وَيُسْكَنُ السُّفْلُ وَلَمْ يُجِزِ الْعَكْسَ لِأَنَّ مَا فَوْقَ الْمَسْجِدِ لَهُ حُرْمَةُ الْمَسْجِدِ لِأَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ إِذَا بَاتَ عَلَى ظَهْرِ الْمَسْجِدِ لَا يَقْرَبُ فِيهِ امْرَأَةً وَأَرْخَصَ فِي الْمُرُورِ فِيهِ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ دُونَ جَعْلِهِ طَرِيقا وَكره دُخُولُهُ بِالْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ الَّتِي يُنْقَلُ عَلَيْهَا إِلَيْهِ خَشْيَةَ أَرْوَاثِهَا وَلَمْ يُكْرَهِ الْإِبِلُ لِطَهَارَةِ أَبْوَالِهَا وَكُرِهَ الْبُصَاقُ فِيهِ عَلَى الْحَصَى وَالتُّرَابِ ثُمَّ يَحُكُّهُ وَاتِّخَاذُ الْفُرُشِ لِلْجُلُوسِ أَوِ الْوَسَائِدِ لِلِاتِّكَاءِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَأْنِ الْمَسْجِدِ وَرُخِّصَ فِي الْخمر والمصليات والنخاخ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَتْ لَهُ خُمْرَةٌ وَيُمْنَعُ تَعْلِيمُ الصِّبْيَانِ وَدُخُولُهُمْ لَهُ إِلَّا للصَّلَاة لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ صِبْيَانَكُمْ وَمَجَانِينَكُمْ وَبَيْعَكُمْ وَشِرَاءَكُمْ وَخُصُومَاتِكُمْ وَسَلَّ سُيُوفِكُمْ وَرَفْعَ أَصْوَاتِكُمْ وَإِقَامَةَ حُدُودِكُمْ وَجَمِّرُوهَا أَيَّام جمعكما وَيكرهُ البيع وَالشِّرَاء وسل السَّيْف وَرفع الصَّوْت وإنشاد الضَّالة والهتف بالجنائز وكلاما يُرْفَعُ فِيهِ الصَّوْتُ حَتَّى بِالْعِلْمِ لِأَنَّهُ مِنْ قِلَّةِ الْأَدَبِ عِنْدَ الْأَمَاثِلِ وَعِنْدَ مَنَازِلِهِمْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ قَدْ كُنْتُ أَرَى بِالْمَدِينَةِ رَسُولَ أَمِيرِهَا يَقِفُ بِابْنِ الْمَاجِشُونِ فِي مَجْلِسِهِ إِذَا اسْتَعْلَى كَلَامُهُ وَكَلَامُ أَهْلِ الْمَجْلِسِ فِي الْعِلْمِ فَيَقُولُ يَا أَبَا مَرْوَانَ - اخْفِضْ مِنْ صَوْتِكَ وَمن جلسائك - وَقد

قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا تمر فِي الْمَسَاجِد بِلَحْمٍ وَلَا تُنْفِذُوا فِيهَا النَّبْلَ بِمَعْنَى الْإِدَارَةِ عَلَى الظَّفَرِ لِيُعْلَمَ اسْتِقَامَتُهَا وَلَا تُزَيِّنُ بِالْقَوَارِيرِ أَيِ الزُّجَاجِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنَّا نَكْرَهُ الْقَوَارِيرَ الَّتِي عُمِلَتْ بِمَسْجِدِنَا بِقُرْطُبَةَ كَرَاهَةً شَدِيدَةً بَلْ يَنْبَغِي أَنْ تُعْمَلَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اجْعَلُوا مَطَاهِرَكُمْ عَلَى أَبْوَابِ مَسَاجِدِكُمْ وَأَقْبَحُ مِنْ ذَلِكَ مَا فُعِلَ بِقُرْطُبَةَ مِنْ فَتْحِ أَبْوَابِ الْمَيَاضِي فِي الْمَسْجِدِ بَلْ تُفْتَحُ خَارِجَهُ عَلَى حِدَةٍ وَقَدْ نَبَّهَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيذكر فِيهَا اسْمه} وَرَفْعُهَا تَعْظِيمُهَا وَإِجْلَالُهَا عَمَّا لَا يَلِيقُ بِهَا فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ مَنْ حَفَرَ بِئْرًا بَعِيدَةً مِنْ بِئْرِكَ فَانْقَطَعَ مَاءُ بِئْرِكَ لِذَلِكَ فَلَكَ رَدْمُ بِئْرِهِ نَفْيًا لِلضَّرَرِ فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَحْدَثَ فَوْقَ الرَّحَى الْقَدِيمَةِ رَحًى وَأَضَرَّتْ بِبَعْضِ طَحْنِ الْقَدِيمَةِ أَو بتكثير مؤنها أَو ضَرَر بَين مَعَ ذَلِكَ فَإِنْ أُشْكِلَ أَمْرُهَا أُذِنَ لَهُ بِشَرْطِ ان أضرت نقصت وَلَو عمل بِغَيْرِ حُكْمٍ فَتَبَيَّنَ الضَّرَرُ

وَالْأَوَّلُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ فَلَمْ يُنْكِرْ ثُمَّ قَالَ مَا ظَنَنْت أَنه يضرني فَإِنْ كَانَ مِثْلُهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ لَمْ يُسْمَعْ قَوْلُهُ وَإِلَّا حَلَفَ مَا سَكَتَ رِضًى وَأُزِيلَ الضَّرَرُ عَنْهُ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إِذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ بِقَوْلِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ فَأَذِنَ ثُمَّ تَبَيَّنَ الضَّرَرُ فَهُوَ حُكْمٌ مَضَى وَلَوْ تَرَكَهُ الْأَوَّلُ حَتَّى بَنَى ثُمَّ طَلَبَ إِزَالَةَ الضَّرَرِ لَمْ يُهْدَمْ لِأَنَّهُ تَرَكَهُ حَتَّى أَنْفَقَ النَّفَقَةَ الْعَظِيمَةَ وَقِيلَ يُهْدَمُ وَلَوْ خَرِبَتْ رَحًى فَبَنَى آخَرُ رَحًى تَضُرُّ بِالْأَوَّلِ لَوْ أُعِيدَتْ ان كَانَ خرابا دائرا لَمْ يُمْنَعْ وَإِنْ لَمْ يَصِلِ الْإِضْرَارُ إِلَى حَدِّ التَّعْطِيلِ لَمْ يُمْكِنْ إِنْ أَرَادَ الْأَوَّلُ إِعَادَةَ رَحَاهُ وَإِلَّا فَلَا قَالَ أَصْبَغُ فَإِنِ ابتدأا رحائين فِي أرضهما فَلَمَّا فرغا أضرّ أَحدهمَا بِالْأُخْرَى إِن تقدم أَحدهمَا بِمَالِه بَال ثُمَّ عَمِلَ الْآخَرُ فَسَبَقَهُ أَمْ لَا مُنِعَ إِنْ كَانَ الْمُضِرَّ وَإِنْ لَمْ يَسْبِقْ أَحَدُهُمَا لَمْ يُمْنَعْ فَإِنْ تَبَيَّنَ الضَّرَرُ مُنِعَا مَعًا فَرْعٌ - قَالَ لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي تجربة المَاء فِي أرضه لرحاه لَيْسَ لَهُ مَنْعُ ذَلِكَ بَعْدُ لِأَنَّهَا عَطِيَّةٌ مَا لَمْ تُؤَقَّتْ فَلَكَ الرُّجُوعُ بَعْدَ الْأَمَدِ وَإِنْ سمى عَارِية فَلهُ أمد مَا كَانَ لِمِثْلِهِ فَرْعٌ - قَالَ فِي الْكِتَابِ مَنْ حَفَرَ حَيْثُ لَا يَجُوزُ لَهُ ضَمِنَ مَا يَعْطَبُ فِي حَفِيرِهِ مِنْ دَابَّةٍ وَإِنْسَانٍ فَرْعٌ - قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا هَارَتِ الْبِئْرُ تَمْتَنِعُ قِسْمَةُ الزَّرْعِ مَعَ الْأَرْضِ لِأَنَّهُ بَيْعُ

الزَّرْعِ قَبْلَ طِيبِهِ حَتَّى يَقْتَسِمَاهُ بِالْكَيْلِ بَعْدَ الدِّرَاسِ وَيَبِيعُ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنَ الْأَصْلِ وَالْمَاءِ وَيُقَاسِمُهُ الْأَرْضَ وَيُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ عَلَى الْعَمَلِ مَعَ صَاحِبِهِ أَوِ الْمُقَاسَمَةِ فَرْعٌ - قَالَ إِذَا مَلَكَ بِجِوَارِ جِدَارِكَ خَلِيجًا يَجْرِي فِيهِ السَّيْلُ فَهُدِمَ جِدَارُكَ فَعَلَى صَاحِبِهِ بِنَاؤُهُ إِنْ كُنْتَ لَا تَسْقِي مِنْهُ كَسَائِقِ الدَّابَّةِ وَإِنْ كُنْتَ تَسْقِي مِنْهُ فَلَا لِأَنَّكُمَا سُقْتُمَا الْمَاءَ فِيهِ قَالَ وأصل الْمَذْهَب وجوب الْقيمَة فِي الْعرُوض وبالجدار عَرْضٌ وَإِنَّمَا وَجَبَ الْبِنَاءُ لِأَنَّ الْقِيمَةَ قَدْ لَا تُقِيمُ الْجِدَارَ عَلَى حَالِهِ فَلَا يَنْجَبِرُ الْخلَل فَيغرم هَهُنَا أَكثر من الْقيمَة فَهَذِهِ المسئلة مُسْتَثْنَاةٌ مِنَ الْعُرُوضِ فِي وُجُوبِ الْمِثْلِ كَمُسْتَهْلِكِ فَرد من زوج لَا تلْزمهُ قيمَة بَلْ قِيمَةُ مَا نَقَصَ الْجَمِيعُ وَكَجِلْدٍ اسْتَثْنَى فَاسْتَحَقَّ الْمُشْتَرِي الْحَيَوَانَ فَإِنَّهُ يَقْضِي فِيهِ بِالْمِثْلِ وكفرق الثَّوْبِ خَرْقًا يَسِيرًا قَالَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ فِي وُجُوبِ الْمِثْلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ مثل الْبناء بَالِيًا لتعذر ذَلِك وَكَذَلِكَ الرَّفْوُ هُوَ لَمْ يَسْتَهْلِكْ رَفْوًا وَإِنَّمَا أَخْرَقَ الثَّوْبَ فَرْعٌ - قَالَ بِئْرٌ بَيْنَكُمَا اقْتَسَمْتُمَاهُ سَاقِيَتَيْنِ فَارْتَفَعَ التُّرَابُ تَحْتَ دِلَائِكَ حَتَّى تَعَذَّرَ السَّقْيُ ان كَانَت عَادَة فِي التَّنْظِيف حملتهما عَلَيْهَا وَإِلَّا فَالْكَنْسُ عَلَيْكُمَا لِأَنَّ

تُرَابَكَ مِنْ عِنْدِهِ وَمِنْ عِنْدِكَ فَرْعٌ - فِي النَّوَادِرِ قَالَ مَالِكٌ إِذَا نَقَصَ مَاءُ الْبِئْرِ أَوِ الْعَيْنِ فَأَرَادَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْعَمَلَ فَإِنْ عَمِلَ الْآخَرُ وَإِلَّا بَاعَ مِمَّنْ يَعْمَلُ أَوْ يُعَمِّرُ الطَّالِبُ فَمَا زَادَ عَمَلُهُ فَهُوَ لَهُ حَتَّى يَأْخُذَ نِصْفَ النَّفَقَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ كل أَرض مُشْتَركَة من أصُول أَو زرع هارت بيرها يُقَالُ لِلْمُمْتَنِعِ اعْمَلْ مَعَ صَاحِبِكَ أَوْ بِعْ حِصَّتَكَ مِنَ الْأَصْلِ فَتَأْخُذُ حِصَّتَهُ أَوْ يَأْخُذُ حِصَّتَكَ فَمَنْ أَرَادَ عَمِلَ أَوْ تَرَكَ وَمَنْ عَمِلَ لَهُ الْمَاءُ كُلُّهُ حَتَّى يُعْطِيَهُ شَرِيكُهُ مَا يَنُوبُهُ مِنَ النَّفَقَةِ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا وَأَمَّا الْأَرْضُ الْمَقْسُومَةُ أَوِ الشَّجَرُ الْمَقْسُومُ أَوِ الزَّرْع لرجل فِي أَرض بَينهمَا مفروز إِلَّا ان ماءهما وَاحِدٌ فَتَهُورُ الْبِئْرُ أَوْ تَنْقَطِعُ الْعَيْنُ لَا يُكَلَّفُ الْمُمْتَنِعُ النَّفَقَةَ مَعَ شَرِيكِهِ فَإِنْ عَمِلَ الْآخَرُ فَلَهُ الْمَاءُ كُلُّهُ إِلَّا أَنْ يُعْطِيَهُ نَصِيبَهُ مِنَ النَّفَقَةِ قَالَ سَحْنُونٌ هَذَا فِي الْبِئْر الَّتِي لَيْسَ عَلَيْهَا حَيَاة وَلَا نخل أما مَا عَلَيْهَا ذَلِك فَيجْبر للممتنع عَلَى الْعَمَلِ أَوِ الْبَيْعِ مِمَّنْ يَعْمَلُ وَإِلَّا يبع عَلَيْهِ قَالَ مَالِكٌ إِنْ كَانَ الْبِئْرُ خَرِبًا أَوِ الْعَيْنُ فَلَا يُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ إِنَّمَا يُجْبَرُ حَيْثُ يَبْقَى بَقِيَّةٌ مِنَ الْمَاءِ فَلَوْ لَمْ يُجْبَرْ فَسَدَتْ بَقِيَّتُهُ فَهُوَ ضَرَرٌ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا انْهَارَتِ الْبِئْرُ أَوِ الْعين فأصلحتهما وأبى شريكك لَك

مَنعه المَاء ان كَانَ فِيهِ فَضْلٌ حَتَّى يُعْطِيَكَ نَصِيبَهُ مِنَ النَّفَقَةِ لِأَنَّ الْمَاءَ نَشَأَ عَنْ نَفَقَتِكَ كَمَا يَنْشَأُ عَنْ مِلْكِكَ وَإِذَا احْتَاجَتِ الْبِئْرُ لِلْكَنْسِ أَوِ الْقَنَاةُ وَتَرْكُهُ يَنْقُصُ الْمَاءَ أَوْ لَا يَكْفِي مَاؤُهَا مُرِيدَ الْكَنْسِ فَلِمُرِيدِ الْكَنْسِ الْكَنْسُ وَهُوَ أَوْلَى بِمَا زَادَ الْمَاءُ بِكَنْسِهِ دُونَ الشَّرِيكِ حَتَّى يُؤَدِّيَ نَصِيبَهُ مِنَ النَّفَقَةِ وَكَذَلِكَ بِئْرُ الْمَاشِيَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَقَعَ فِي الْمُسْتَخْرَجَةِ إِذَا اسْتَدَّتِ الْقَنَاةُ فِي أَوَّلِهَا يُنَقِّيهَا الْأَوَّلُونَ دُونَ مَنْ بَعْدَهُمْ أَوْ فِي آخِرِهَا ينقيها الْأَولونَ مَعَ الآخرين وَهَذَا إِنَّمَا يَصح فِي قَنَاةِ الْمِرْحَاضِ لِأَنَّهَا إِذَا اسْتَدَّتْ فِي أَوَّلِهَا يَكُونُ بَاقِيهَا غَيْرَ مَسْدُودٍ فَالضَّرَرُ يَخْتَصُّ بالأولين وَفِي آخرهَا يتَضَرَّر الْجَمِيع بانحباس اتفال الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ وَأَمَّا قَنَاةُ الزَّرْعِ وَالطَّاحُونِ يَتَضَرَّرُ الْجَمِيعُ بِانْسِدَادِ أَوَّلِهَا فَالْإِصْلَاحُ عَلَيْهِمْ وَأَيٌّ مَنْ تَمَّ نَفْعُهُ بِبَعْضِ الْإِصْلَاحِ كَانَ بَقِيَّةُ الْإِصْلَاحِ عَلَى الثَّانِي فَإِنْ كَمُلَ نَفْعُ الثَّانِي فَعَلَى الثَّالِثِ ثُمَّ كَذَلِكَ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُقَالُ لِلشَّرِيكِ عَمِّرْ أَوْ بِعْ حِصَّتَكَ مِنَ الْأَرْضِ أَوْ قَاسِمْهُ إِيَّاهَا قَالَ ابْنُ نَافِعٍ هَذَا فِي الْبِئْرِ لَيْسَ عَلَيْهِ إِحْيَاءُ زَرْعٍ وَلَا نَخْلٍ وَلَا غَيْرُهُ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْإِصْلَاحِ كَصَاحِبِ السُّفْلِ مَعَ صَاحِبِ الْعُلُوِّ وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا كَانَ الْبِئْرُ يُخْشَى خَرَابُهُ يُجْبَرُ الشَّرِيكُ نَفْيًا لِلضَّرَرِ وَإِنْ كَانَ خَرَابًا لَمْ يُجْبَرْ إِذْ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى عَدَمِ الْعِمَارَةِ خراب وَمن أعمر فَهُوَ أَحَقُّ بِالْمَاءِ حَتَّى يُعْطِيَهُ الْآخَرُ حِصَّتَهُ مِنَ النَّفَقَةِ فَيَكُونُ الْمَاءُ بَيْنَهُمَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَا مَضَى لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ بِعَدَمِ الْمُوَافَقَةِ وَعَنْ مَالِكٍ إِنْ قَلَّ المَاء فَيبقى مَا يَكْفِي أحد الشَّرِيكَيْنِ وَصَاحب الْقَلِيلِ دُونَ صَاحِبِ الْكَثِيرِ لَا يُجْبَرُ صَاحِبُ الْقَلِيلِ وَيَعْمَلُ الْآخَرُ وَلِصَاحِبِ الْقَلِيلِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ

قَبْلَ الْعَمَلِ حَتَّى يُعْطِيَ حِصَّتَهُ مِنَ النَّفَقَةِ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ قَالَ مَالِكٌ يُعْطِيهِ حِصَّتَهُ مِنَ النَّفَقَةِ يَوْمَ أَنْفَقَ وَإِنَّمَا أَقُولُ قَدْرَ قِيمَةِ الْعَمَلِ فَيَقُومُ يَوْمَ يَقُومُ وَقَدْ بَلِيَ لِأَنَّهُ من الْيَوْم تَملكهَا فَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ جَدِيدًا لِئَلَّا يُؤْخَذَ مِنْهُ ثمن مَا انْتفع بِهِ غَيره وَفِي المسئلة أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ قَوْلٌ انْهَارَتِ الْبِئْرُ أَوْ نَقَصَتْ لِمُرِيدِ الْإِصْلَاحِ الْإِصْلَاحَ وَهُوَ أَحَقُّ بِالْمَاءِ حَتَّى - يُعْطِيهِ شَرِيكه حِصَّتَهُ فَإِنْ كَانَا شَرِيكَيْنِ فِيمَا يُسْقَى مِنْ نَخْلٍ أَوْ كَرْمٍ خُيِّرَ الْمُمْتَنِعُ بَيْنَ الْعَمَلِ وَالْبَيْعِ وَالْمُقَاسَمَةِ فِي الْأَصْلِ فَيَعْمَلُ مَنْ أَرَادَ أَن يكون لَهُ المَاء كُله حَتَّى يُعْطِيَهُ الْآخَرُ حِصَّتَهُ مِنَ النَّفَقَةِ وَقِيلَ إِنْ كَانَا شَرِيكَيْنِ فِيمَا يُسْقَى بِهِ لَمْ يُخَيَّرِ الْمُمْتَنِعُ بَيْنَ الْعَمَلِ وَالْبَيْعِ كَصَاحِبِ السُّفْلِ وَالْحَائِطُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بِئْرٌ لَا حَيَاةَ عَلَيْهِ وَقِيلَ إِنَّمَا يُؤْمَرُ بِالْعَمَلِ إِذَا لَمْ يُخَرَّبُ الْبِئْرُ أَمَّا الْخَرَابُ فَلَا وَقيل إِن كَانَت من الزَّرْعِ لَا تَنْقَسِمُ - وَقَدْ زَرَعَاهَا جُبِرَ الْمُمْتَنِعُ عَلَى الْبَيْعِ لِتَعَذُّرِ الْقِسْمَةِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَزْرُوعَةً وَفِيهَا نَخْلٌ لَا ثَمَرَ فِيهَا حَتَّى تَجُوزَ قِسْمَتُهَا خُيِّرَ بَيْنَ الْقِيمَةِ وَالْبَيْعِ وَالْعَمَلِ وَإِنْ كَانَ النَّخْلُ مُنْقَسِمًا وَلَمْ تَبْقَ الشَّرِكَةُ إِلَّا فِي غَيْرِهَا فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْعَمَلِ بَلْ يَعْمَلُ صَاحِبُهُ وَهُوَ أَحَقُّ بِمَا زَادَ الْمَاءُ لِعَدَمِ الشَّرِكَةِ فِي الْأُصُولِ فَلَا يُكَلَّفُ بَيْعَ أُصُولِهِ لِشَرِكَتِهِمَا فِي الْبِئْرِ وَظَاهِرُ كَلَامِ سَحْنُونٍ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ وَيُخَيَّرُ بَيْنَ الْعَمَلِ وَالْبَيْعِ كَالسُّفْلِ وَالْعُلُوِّ وَالْحَائِطُ بَيْنَهُمَا وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الرَّحَى تنهد فَيُقَالُ لِلْأَبِيِّ إِمَّا أَنْ تَبْنِيَ أَوْ تَبِيعَ فَلَوْ عَمِلَ أَحَدُهُمَا وَاغْتَلَّ غَلَّةً كَثِيرَةً قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ لِلْعَامِلِ مِنَ الْغَلَّةِ بِقَدْرِ مَا أَنْفَقَ وَمَا كَانَ لَهُ قَبْلَ أَنْ يُنْفِقَ وَالْبَقِيَّةُ لِلْآخَرِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْغَلَّةُ كُلُّهَا لِلْمُنْفِقِ حَتَّى يَدْفَعَ قِيمَةَ مَا عَمِلَ كَالْبِئْرِ يَغُورُ مَاؤُهَا وَعَنْهُ يَسْتَوْفِي مِنَ الْغَلَّةِ نَفَقَتَهُ ثُمَّ يَكُونُ بَيْنَهُمَا وَاخْتَارَ عِيسَى أَنَّ الْغَلَّةَ كُلَّهَا لِلْعَامِلِ وَعَلَيْهِ كِرَاءُ

نَصِيبِ الْآخَرِ فِيمَا هُوَ بَاقٍ قَبْلَ الْعِمَارَةِ وَلَهُ دَفْعُ حِصَّتِهِ مِنَ النَّفَقَةِ وَالدُّخُولُ مَعَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بِحِدْثَانِ الْعَمَلِ فَالْأَشْبَهُ قَوْلُ ابْنِ دِينَارٍ وَقَوْلُ عِيسَى قَالَ اللَّخْمِيُّ الْمُجْرَاةُ إِمَّا مِنْ أَوَّلِ الْعَيْنِ إِلَى الْمَغْلَقِ أَوْ بَيْنَ الْبَسَاتِينِ أَوْ مَوْضِعِ مُصَالَةِ الْمَاءِ فَالْأَوَّلُ عَلَى عَدَدِهِمْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَى الْأَنْصِبَاءِ عِنْدَ أَصْبَغَ وَإِذَا اسْتَدَّتْ مِنَ الْأَوَّلِ إِلَى الثَّانِي فَالْإِصْلَاحُ عَلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ مِنْ سَبَبِهِ وان استدا جَمِيعًا قِيلَ يُغَرَّمُ الْأَوَّلُ مَعَ جَمِيعِهِمْ وَالثَّانِي مَعَ الثَّالِثِ فَيُغَرَّمُ كُلُّ وَاحِدٍ مَعَ مَا بعده إِلَى آخِرهم وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ يُغَرَّمُ كُلُّ وَاحِدٍ مَا يَكُونُ مِنْهُ إِلَى مَا يَلِيهِ خَاصَّةً لَا يُشَارِكُ أَحَدًا مِمَّنْ قَبْلَهُ وَإِنْ كَانَ السَّدُّ فِي الْمُصَالَةِ خَارِجًا عَنْ جَمِيعِهِمْ فَهُوَ مِنْهُمْ وَمَا حَدَثَ بَيْنَ الْبَسَاتِينِ مِمَّا نَزَلَ من الْعين فإزالته علو مَنْ هُوَ عِنْدَهُ إِلَى مَنْ بَعْدَهُ دُونَ مَنْ قَبْلَهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ سَدٌّ وَأَرَى إِذَا كَانَ السَّدُّ مِنْ سَبَبِهِمْ قُسِّمَتِ النَّفَقَةُ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى أَنَّ لِكُلٍّ وَاحِدٍ فِيهِ وَاخْتُلِفَ فِي قَنَوَاتِ الدِّيَارِ قَالَ سَحْنُونٌ الْكَنْسُ عَلَى الْأَوَّلِ حَتَّى يَبْلُغَ الثَّانِي ثُمَّ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي حَتَّى يَبْلُغَ الثَّالِثَ ثُمَّ الْجَمِيعُ حَتَّى يَبْلُغَ الرَّابِعَ هَكَذَا حَتَّى الْأَخِيرِ وَفِيهِ خِلَافٌ وَكَنْسُ قَنَاةِ الْمَطَرِ عَلَى عَدَدِ الديار وقناة الاتفال عَلَى عَدَدِ الْعِيَالِ وَإِنْ كَانَ سُفْلٌ وَعُلُوٌّ وتجتمع الأتفلال فِي بِئْر السّفل وبئر الشّركَة فَالْكَنْسُ عَلَى عَدَدِ الْجَمَاعَةِ فَإِنْ كَانَتْ مِلْكًا لِصَاحِبِ السُّفْلِ فَعَلَى صَاحِبِ السُّفْلِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ كَمَا يَصْلُحُ السَّقْفُ لِصَاحِبِ الْعُلُوِّ وَعَلَى عَدَدِ الْجَمَاجِمِ عِنْدَ ابْنِ وهيب لِأَنَّهَا اتفالهم وَإِصْلَاحُ مَا فَسَدَ مِنْ رَقَبَةِ الْبِئْرِ عَلَى صَاحب

السُّفْلِ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَبِئْرُ السُّفْلِ إِصْلَاحُ مَا يُكْنَسُ فِيهِ مِنَ الْمَجْرَى عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُ مِنْهُمَا وَمَا نَقَصَ بِسَبَبِ الدَّارِ أَوْ مِنَ الرَّمْلِ فعلى صَاحب السّفل فان امْتنع وتعطل أصلح صَاحِبُ الْعُلُوِّ وَهُوَ أَحَقُّ بِمَائِهِ حَتَّى يُعْطِيَهُ مَا أنْفق

(كتاب العارية)

(كِتَابٌ الْعَارِيَةِ) وَفِيهَا مُقَدِّمَةُ وَبَابَانِ الْمُقَدِّمَةُ فِي لَفظهَا الْعَرَب وضعَتْ لِأَنْوَاعِ الْإِرْفَاقِ أَسْمَاءً مُخْتَلِفَةً فَالْعَارِيَةُ لِتَمْلِيكِ الْمَنَافِعِ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَبِعِوَضٍ هُوَ الْإِجَارَةُ وَالرُّقْبَى إِعْطَاءُ الْمَنْفَعَةِ لِمُدَّةٍ أَقْصَرُهُمَا عُمْرًا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَرْقُبُ صَاحِبَهُ وَالْعُمْرَى تَمْلِيكُ الْمَنْفَعَةِ مُدَّةَ عُمْرِهِ وَالْعُمْرُ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَفَتْحِهَا الْبَقَاءُ فهما أخص من الْعَارِية والإفقار عرية الظَّهْرِ لِلرُّكُوبِ مَأْخُوذٌ مِنْ فَقَارِ الظَّهْرِ وَهِيَ عِظَامُ سِلْسِلَتِهِ وَالْإِسْكَانُ هِبَةُ مَنَافِعِ الدَّارِ مُدَّةً مِنَ الزَّمَانِ هَذِهِ أَسْمَاءُ الْإِرْفَاقِ بِالْمَنَافِعِ وَفِي الْأَعْيَانِ الْهِبَةُ تَمْلِيكُ الْعَيْنِ لِوِدَادٍ فِي مُدَّةِ الْحَيَاةِ احْتِرَازًا مِنَ الْوَصِيَّةِ وَالصَّدَقَةُ تَمْلِيكُهَا لِثَوَابِ الْآخِرَةِ وَالْمِنْحَةُ هِبَةُ لَبَنِ الشَّاةِ وَالْعَرِيَّةُ هِبَةُ ثَمَر النّخل وَالْوَصِيَّة تمْلِيك بعد الْمَوْت وَالْعَطَاءُ يَعُمُّ جَمِيعَ ذَلِكَ فَهَذِهِ عَشَرَةُ أَسْمَاءٍ (الْبَاب الأول فِي أَرْكَانهَا وَهِي أَرْبَعَة) الرُّكْن الْأَوَّلُ الْمُعِيرُ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ إِلَّا كَوْنُهُ مَالِكًا لِلْمَنْفَعَةِ غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ فِي التَّبَرُّعِ لِأَنَّ الْعَارِيَةَ تَبَرُّعٌ فَتَصِحُّ مِنَ الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ وَفِي

الْكِتَابِ لَا يُعِيرُ الْعَبْدُ إِلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ الرُّكْنُ الثَّانِي الْمُسْتَعِيرُ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ إِلَّا كَوْنُهُ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ عَلَيْهِ الرُّكْنُ الثَّالِثُ الْمُسْتَعَارُ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَهُ شَرْطَانِ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ مُنْتَفَعًا بِهِ بَعْدَ بَقَائِهِ فَلَا مَعْنَى لِإِعَارَةِ الْأَطْعِمَةِ وَنَحْوِهَا مِنَ الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ بَلْ ذَلِكَ قَرْضٌ لَا يَرُدُّهَا إِلَّا بَعْدَ اسْتِهْلَاكِهَا وَكَذَلِكَ الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِن أعارها لصيرفي ليقصده لزبون أَو لمدبان لتقف عَنْهُ الْمَطَالِبُ فَتُظَنَّ بِهِ الْمَالِيَّةُ يَضْمَنُ إِلَّا أَنْ تَقُومَ الْبَيِّنَةُ عَلَى تَلَفِهَا أَوْ رَدِّهَا وان استعارها ليتصرف فِيهَا ضمنهَا بالقرض لِأَنَّهَا قرض الا أَن يَقُول أتجر فِيهَا وَلَكَ الرِّبْحُ وَلَا خَسَارَةَ عَلَيْكَ فَهُوَ كَمَا قَالَ وَفَاءً بِالشَّرْطِ إِذَا ادَّعَى الْخَسَارَةَ فِيمَا يُشْبِهُ وَلَا يُصَدَّقُ فِي الضَّيَاعِ إِلَّا أَنْ تَقُولَ وَأَنْتَ مُصَدَّقٌ فِي الضَّيَاعِ أَوْ يَقُولَ هِيَ عَلَى حُكْمِ الْقِرَاضِ إِذَا لَمْ يَكُنْ رِبْحٌ - قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَقَالَ سَحْنُونٌ يَضْمَنُ الْخَسَارَةَ وَعَلَى هَذَا يَجْرِي الْجَوَابُ فِي عَارِيَةِ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَفِي الْكِتَابِ مَنِ اسْتَعَارَ دَنَانِيرَ أَوْ فُلُوسًا فَهُوَ سَلَفٌ مَضْمُونٌ وَمَنْ حَبَسَ عَلَيْكَ مِائَةَ دِينَارٍ لِتَتَّجِرَ بِهَا أَمَدًا مَعْلُوما ضَمِنْتَ نَقْصَهَا كَالسَّلَفِ وَإِنْ شِئْتَ قَبِلْتَهَا أَوْ رَدَدْتَهَا فَتِرْجِعُ مِيرَاثًا الشَّرْطُ الثَّانِي أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ مُبَاحَةً شَرْعًا فَلَا تُعَارُ الْجَوَارِي لِلِاسْتِمْتَاعِ وَيُكْرَهُ اسْتِخْدَامُ الْإِمَاءِ إِلَّا مِنَ الْمَحْرَمِ أَوِ النِّسْوَانِ أَوْ غَيْرِ الْبَالِغِ الْإِصَابَةِ مِنَ الصِّبْيَانِ وَيَمْتَنِعُ اسْتِخْدَامُ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ بِالْعَارِيَةِ بَلْ تَكُونُ مَنَافِعُهُمَا لَهُمَا حِينَئِذٍ دُونَ

(الباب الثاني في أحكامها)

وَلَدِهِمَا وَلَا يُعَارُ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ مِنَ الْكَافِرِ قَالَ اللَّخْمِيُّ مَنْ صَحَّ مِلْكُهُ مِنَ الْأَقَارِبِ جَازَ اسْتِخْدَامُهُ وَمَنْ لَا فَلَا وَمَنَافِعُهُ لَهُ دُونَ مَنْ وُهِبَتْ لَهُ وَتَجُوزُ عَارِيَةُ الْأَمَةِ لِمَنْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ بِوَطْءِ الْقَرَابَةِ وَلِلْأَجْنَبِيِّ الْمَأْمُونِ الْمُتَأَهِّلِ فَإِنْ فَقَدَتِ الْأَمَانَةَ أَوِ التَّأَهُّلَ امْتَنَعَ لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَخْلُوَنَّ بِامْرَأَةٍ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا مَحْرَمٌ فَإِنْ نَزَلَ مَضَى وَبِيعَتِ الْخِدْمَةُ مِنْ مَأْمُونٍ أَوِ امْرَأَةٍ إِنْ لَمْ يَقْصِدِ الْمُعِيرُ عَيْنَ الْمُسْتَعِيرِ وَلَوْ عَلِمَ أَنَّ أَمَتَهُ تُسَلِّمُ لِغَيْرِهِ لَمْ يُعِرْهَا فَلَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا الرُّكْنُ الرَّابِعُ مَا تَقَعُ بِهِ الْعَارِيَةُ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ كُلُّ مَا دَلَّ عَلَى نَقْلِ الْمَنْفَعَةِ بِغَيْرِ عِوَضٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَثَمَّ هِبَاتٌ مُتَقَارِبَةُ اللَّفْظِ مُخْتَلِفَةُ الْمَعْنَى حُمِلَ بَعْضُهَا عَلَى هِبَةِ الرِّقَابِ وَبَعْضُهَا عَلَى هِبَةِ الْمَنَافِعِ فَيحمل قَوْله أسكنتك وأخدمتك وأعمرتك على مَنَافِع الْمَخْدَمِ وَالْمَسْكَنِ وَيُحْمَلُ كَسَوْتُكَ هَذَا الثَّوْبَ وَحَمَلْتُكَ عَلَى هَذَا الْبَعِيرِ أَوِ الْفَرَسِ عَلَى هِبَةِ الرِّقَابِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا قَالَ أَعِنِّي بِغُلَامِكَ يَوْمًا وَأُعِينُكَ بِغُلَامِي يَوْمًا لَيْسَ بِعَارِيَةٍ بَلْ إِجَارَةٌ وَأَحَدُ الْعَمَلَيْنِ أُجْرَةُ الْآخَرِ وَاغْسِلْ هَذَا الثَّوْبَ اسْتِعَارَةً لِبَدَنِهِ وَإِنْ كَانَ شَأْنُهُ الْأُجْرَةَ فِي عمله اسْتحقَّهَا (الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهَا) وَهِيَ مَنْدُوبٌ إِلَيْهَا لقَوْله تَعَالَى {وافعلوا الْخَيْر} وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَا

خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاس} كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ وَقِيلَ فِي قَوْله تَعَالَى {وَيمْنَعُونَ الماعون} إنَّهُ مَاعُونُ الْبَيْتِ وَقِيلَ الزَّكَاةُ لِقَرِينَةِ الذَّمِّ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَتُحَرَّمُ إِذَا كَانَتْ تُسْتَعْمَلُ فِي مُحَرَّمٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْم والعدوان} فَلَا تُعَارُ الدَّابَّةُ لِمَنْ يَرْكَبُهَا لِضَرَرِ مُسْلِمٍ فَرْعٌ - قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ الْعَارِيَّةُ وَالرَّهْنُ وَالْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ سَوَاءٌ فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ فَإِنْ قَامَتِ الْبَيِّنَةُ فَقَوْلَانِ - كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا وَالْمَذْهَبُ عَدَمُ الضَّمَانِ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمِ الْهَلَاكُ إِلَّا مِنْ قَوْلِهِ ضَمِنَ مَا يَخْفَى كَالثِّيَابِ اتِّفَاقًا وَفِيمَا لَا يَخْفَى كَالْحَيَوَانِ قَوْلَانِ وَضَمَّنَ (ش) مُطْلَقًا وَعَكَسَ (ح) مُطْلَقًا وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ النَّظَرُ إِلَى خُلُوصِ الْمَنْفَعَةِ لِلْمُسْتَعِيرِ فَيُضَمَّنُ أَوْ إِلَى أَنَّهَا قَبْضٌ بِإِذْنِ الْمَالِكِ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ فَلَا يَضْمَنُ أَوْ مُلَاحَظَةُ شَبَهِ الْأَصْلَيْنِ احْتَجَّ (ش) بِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ قَالَ قَالَ لي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ هَلْ لَكَ مِنْ سِلَاحٍ أَو أدرع فِي غَزْوَةِ حُنَيْنَ فَقُلْتُ أَغَصْبًا يَا رَسُولَ الله أم عَارِية فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بل عَارِية مَضْمُونَة مؤاداة وَلقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ وَاسْتَعَارَ بعض نِسَائِهِ قَصْعَة فغرمها - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلِأَنَّهُ قَبَضَ لِيَنْتَفِعَ مِنْ غَيْرِ إِذَنٍ فِي إِتْلَافٍ فَيَضْمَنُ كَالْغَصْبِ وَالسَّوْمِ وَالْقَرْضِ

وَقَبْضِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَلِأَنَّ كُلَّ قَبْضٍ لَوْ كَانَ مِنَ الْغَاصِبِ أَوْجَبَ الضَّمَانَ فَإِذَا كَانَ مِنَ الْمَالِكِ يُوجِبُهُ لَأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ مِنَ الْغَاصِبِ وَهُوَ يَظُنُّهُ مَالِكًا وَالْمُسْتَامَ مِنَ الْمَالِكِ يَضْمَنَانِ وَلَا يَرْجِعَانِ عَلَى الْغَاصِبِ كَالْغَاصِبِ بِخِلَافِ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُسْتَوْدِعِ وَالْمُوصَى بِخِدْمَتِهِ لَا يَضْمَنُونَ مِنَ الْمَالِكِ وَإِنْ ضَمَّنَهُمُ الْمَالِكُ إِذَا قَبَضُوا مِنَ الْغَاصِبِ رَجَعُوا عَلَى الْغَاصِبِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ جِهَاتِ ضَمَانٍ بِخِلَافِ الْمُسْتَعِيرِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ إِذَا ضَمَّنَهُ الْمَالِكُ وَهَذِهِ النُّكْتَةُ قَوِيَّةٌ جِدًّا تَقْضِي عَلَى مَدَارِكِ عَدَمِ الضَّمَانِ وَلِأَنَّ الْيَدَ إِنْ كَانَتْ يَدَ ضَمَانٍ ضَمِنَ مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ كالغاضب أولى فَلَا يَضْمَنُ كَالْوَدِيعَةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ رُوِيَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعَارِيَّةٌ مَضْمُونَةٌ أَمْ عَارِيَّةٌ مُؤَدَّاةٌ فَقَالَ بَلْ عَارِيَّةٌ مُؤَدَّاةٌ فَنَفَى عَنْهَا الضَّمَانَ وَتَحْتَمِلُ تِلْكَ الرِّوَايَةُ أَنْ تَكُونَ الْتِزَامًا لِلضَّمَانِ لَا إِخْبَارًا عَنْهُ فَلَا يَتَعَدَّى لِغَيْرِهِ وَرُوِيَ أَنَّهُ كَانَ وَدِيعَةً عِنْدَهُ لأهل مَكَّة وعارية لمالا يَمْلِكُ يَضْمَنُ أَوْ مَعْنَاهُ مَضْمُونَةُ الرَّدِّ احْتِرَازًا مِنَ الْغَصْبِ فَإِنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ رَدَّهُ وَيُحْمَلُ قَوْله مُؤَدَّاة على نفس الدّفع ومضمونة على حمل مؤونة الرَّدِّ مِنَ الْأُجْرَةِ وَغَيْرِهَا فَلَا تُلْغَى إِحْدَى الْعِبَارَتَيْنِ وَفِي الْحَدِيثِ فَقَدْتُ بَعْضَ أَدْرَاعِي فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنْ شِئْتَ ضَمِنَّاهَا لَكَ وَلَوْ كَانَ الضَّمَانُ صِفَةً لِلْعَارِيَّةِ لَمْ يُعَلَّقْ عَلَى مَشِيئَتِهِ وَإِنَّمَا ضَمِنَهَا حُسْنَ عِشْرَةٍ وَتَرْغِيبًا لَهُ فِي الْإِسْلَامِ أَوْ مَضْمُونَةٌ إِذَا لَمْ يَثْبُتْ هَلَاكُهَا أَوْ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ إِذَا ثَبَتَ أَوْ مَضْمُونَةٌ لِأَنَّهُ أَخَذَهَا بِغَيْرِ إِذْنِهِ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ وَلِذَلِكَ قَالَ أَغَصْبًا يَا مُحَمَّدُ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ عَلَى الْيَد يحْتَمل ضَمَان التّلف وَضَمان الرَّد وَالثَّانِي مُتَّفق عَلَيْهِ فَيحمل عَلَيْهِ لِأَنَّ حَمْلَ كَلَامِ الشَّرْعِ عَلَى الْمُجْمَعِ

عَلَيْهِ أَوْلَى وَلِأَنَّ ضَمَانَ التَّلَفِ يَلْزَمُهُ ضَمَانُ الرَّدِّ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ فَهُوَ الثَّابِتُ فِي جَمِيع الضَّرَر فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ تَكْثِيرًا لِفَوَائِدِ كَلَامِ الشَّرْعِ وَلِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي تُؤَدِّيهِ عَائِدٌ عَلَى الْعَيْنِ لَا عَلَى الْقِيمَةِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّهُ رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ فِيهَا طَعَامٌ فَسَقَطَتْ مِنْ يَدِهَا فَانْكَسَرَتْ وَهُوَ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ عِنْدَنَا وَقِيلَ أَهْدَتْهَا إِلَيْهِ بعض أَزوَاجه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَاسْتَلَذَّ الطَّعَامَ فَغَارَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَكَسَرَتْهَا عَمْدًا أَوْ يَكُونُ غُرْمُهَا حُسْنَ عِشْرَةٍ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ الْأَجْزَاءَ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ مَضْمُونَةٌ بِخِلَافِ الْعَارِيَّةِ وَالْغَصْبَ عُدْوَانٌ وَبَقِيَّةَ الصُّوَرِ تَعْوِيضٌ بِخِلَافِهَا وَعَنِ الْخَامِسِ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ لِأَنَّا لَا نُضْمِنُ الْمُسْتَعِيرَ مِنَ الْغَاصِبِ وَالْمُسْتَوْهِبِ وَالْمُشْتَرِي إِذا لَمْ يَعْلَمُوا وَهَلَكَ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ وَإِنَّمَا يَتْبَعُ الْمَالِكُ الْغَاصِبَ وَإِنْ تَلَفَ بِفِعْلِهِمْ وَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ رَجَعَ أَيْضًا عَلَى الْغَاصِبِ إِنْ كَانَ مَلِيئًا أَوْ مُعْدِمًا رَجَعَ عَلَيْهِمْ وَلَا يَرْجِعُونَ عَلَيْهِ إِنَّمَا يُلْزِمُ هَذَا الْحَنَفِيَّةُ لِأَنَّهُمْ يُسَلِّمُونَهُ ثُمَّ هِيَ مَنْقُوضَةٌ بِالْأَجْزَاءِ لِلْمُسْتَعِيرِ مِنَ الْغَاصِبِ يَضْمَنُهَا وَمِنَ الْمَالِكِ لَا يَضْمَنُهَا ثُمَّ يُضْمِنُونَ الْمُسْتَوْدِعَ مِنَ الْغَاصِبِ بِخِلَافِ الْمَالِكِ وَعَنِ السَّادِسِ أَنَّ الْيَدَ يَدُ أَمَانَةٍ مِنْ جِهَةِ الْإِذْنِ وَعَدَمِ الْعِوَضِ وَيَدُ ضَمَانٍ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ قَبْضٌ لِحَقِّ نَفْسِهِ بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ فَفَارَقَ الْغَاصِبَ بِالْإِذْنِ وَالْبَيْعِ الْفَاسِد والمستام بِالْعِوَضِ والوديعة بِأَنَّهُ ينْتَفع فقوبت شَائِبَة الضَّمَان فِيمَا يُغَاب عَلَيْهِ بالتهمة فضناه وشائبة الْأَمَانَة بِظهْر الْعَيْنِ فَلَمْ نُضَمِّنْهُ فَالضَّمَانُ وَعَدَمُ الضَّمَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمَجْمُوعَيْنِ لَا بِالْيَدِ مِنْ حَيْثُ هِيَ يَدٌ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْيَدِ غير مضمنة أَلا يضمن وَعنهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَيْسَ على

الْمُسْتَعِيرِ غَيْرِ الْمُغِلِّ ضَمَانٌ يَعْنِي الْمُعْتَدِيَ مِنَ الْغُلُولِ لِأَنَّهُ يُقَالُ غَلَّ وَأَغَلَّ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْعَبْدِ الْمُوصَى بِخِدْمَتِهِ وَالْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ وَقِيَاسًا لِلْجُمْلَةِ عَلَى الْأَجْزَاءِ بِجَامِعِ الْإِذْنِ فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنِ ادَّعَى الْهَلَاكَ أَوِ السَّرِقَةَ أَوِ الْحَرْقَ أَوِ الْكَسْرَ ضَمِنَ وَعَلِيهِ فِيمَا أفسد فَسَادًا يَسِيرًا مَا نَقَصَهُ أَوْ كَثِيرًا ضَمِنَ قِيمَته كُله لِأَن الْأَقَل تبع للكثير إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةُ أَنَّ هَلَاكَهُ مِنْ غَيْرِ سَبَبِهِ لِأَنَّ الضَّمَانَ كَانَ لِلتُّهْمَةِ وَمَتَى فَرَّطَ ضَمِنَ فَإِنِ اسْتَعَارَهَا بِلِجَامِهَا وَسَرْجِهَا فَقَالَ ضَاعَت بعدتهما قَالَ مُحَمَّد ضمن السرج واللجام دونهَا لِأَنَّهَا يُغَابُ عَلَيْهِمَا فَرْعٌ - قَالَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنِ اسْتَعَارَ بَازِيًا لِلصَّيْدِ فَزَعَمَ أَنَّهُ مَاتَ أَوْ سُرِقَ أَوْ طَارَ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ حَيَوَانٌ فَرْعٌ - قَالَ فَإِنِ اشْتَرَطَ الضَّمَانَ فِي الدَّابَّةِ بَطَلَ الشَّرْطُ لِمُخَالَفَتِهِ لِلْعَقْدِ فِي الْحَيَوَانِ إِلَّا أَنْ يَخَاف رَبُّهَا مِنْ لُصُوصٍ فِي الطَّرِيقِ وَنَحْوِهِ فَيَضْمَنُ إِنْ هَلَكَتْ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا وَلَمْ يُضَمِّنْهُ أَصْبَغُ مُطْلَقًا فَرْعٌ - قَالَ اللَّخْمِيُّ الْعَوَارِيُّ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ مَا لَا يُبَانُ بِهِ كَالدِّيَارِ وَمَا يُبَانُ بِهِ وَلَا

يُغَابُ عَلَيْهِ كَالسُّفُنِ فَغَيْرُ مَضْمُونَيْنِ وَمَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَهُوَ مُسْتَقِلٌّ كَالْعَبِيدِ وَالدَّوَابِّ فَهَلْ يَضْمَنُ خِلَافٌ وَمَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ مُسْتَقِلًّا بِنَفْسِهِ كَالثِّيَابِ وَالْحُلِيِّ وَالْخَامِسُ الْمُكَيَّلُ وَالْمَوْزُونُ فَهُمَا مَضْمُونَانِ فَإِنْ سَقَطَتِ الدَّارُ أَوْ بَيْتٌ مِنْهَا لَمْ يَضْمَنْ وَيُصَدَّقُ أَنَّهُ لَيْسَ مَنْ فِعْلِهِ وَيُصَدَّقُ فِي النَّقْضِ بَعْدَ سُقُوطِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ عَلَى الضَّمَانِ فَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَنْهَدِمْ بِنَفْسِهِ لِجِدَّتِهِ وَلَا مَطَر وَلَا غَيْرِهِ مِمَّا يَقْتَضِي الْهَدْمَ لَمْ يُصَدَّقْ أَنَّهُ انْهَدَمَ بِنَفْسِهِ وَلَوْ لَمْ يَنْهَدِمْ فَلَا يُصَدَّقُ فِي تَلَفِ أَبْوَاب الْبيُوت واغلاقها بِخِلَافِ بَابِ الدَّارِ وَحَلْقِهِ لِأَنَّهُ يَنَامُ دَاخِلَهَا وَيَجْهَلُ مَا حَدَثَ وَيُصَدَّقُ فِي غَرَقِ السَّفِينَةِ وَسَرِقَتِهَا وَأَخْذِ الْعَدُوِّ إِيَّاهَا فِيمَا دُونَ آلَاتِهَا مِنَ الْمَرَاسِي وَالْقُلُوعِ وَنَحْوِهَا إِلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ صدقه أَو كذبه وَالْمَشْهُورُ فِي الْعَبِيدِ وَالدَّوَابِّ عَدَمُ الضَّمَانِ لِاسْتِقْلَالِهَا وَعَنْ مَالِكٍ يَضْمَنُ لِأَنَّ الْغَالِبَ تَصَرُّفُ الْإِنْسَانِ بِهَا وَقِيلَ لَا يُصَدَّقُ فِيمَا صَغُرَ لِخَفَائِهِ إِذَا غِيبَ عَلَيْهِ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَضْمَنُ الدَّابَّةَ وَيَضْمَنُ سَرْجَهَا وَلِجَامَهَا وَلَا يَضْمَنُ الْعَبْدَ وَلَا كِسْوَتَهُ لِأَنَّ الْعَبْدَ حَائِزٌ لِمَا عَلَيْهِ وَيُصَدَّقُ فِي مَوْتِهِ وَفِي تَكْفِينِهِ فِي الَّذِي عَلَيْهِ وَلَا يُصَدَّقُ فِي زِيَادَةٍ يَرْجِعُ بِهَا وَلَا فِي مَوْتِ الدَّابَّةِ أَوِ الْعَبْدِ فِي مَوْضِعٍ لَا يَخْفَى ذَلِكَ فِيهِ بِخِلَافِ هُرُوبِهِمَا إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَهُ بِحَضْرَةٍ بَيِّنَةٍ فَتُكَذِّبُهُ وَهُمْ عُدُولٌ لِتُبَيِّنَ كَذِبَهُ أَوْ غَيْرُ عُدُولٍ لَمْ يَضْمَنْ وَيَحْلِفُ وَإِنْ شَهِدَ عَدْلٌ حَلَفَ الْمُعِيرُ أَنَّهُ شَهِدَ بِحَقٍّ وَأَنَّهُ لَمْ يَذْهَبْ ذَلِكَ بِحَضْرَتِهِ وَيغرم وعَلى أحد قولي مَالك أَنه لَا يَحْلِفُ مَعَ الشَّاهِدِ إِذَا شَهِدَ فِيمَا هُوَ غَائِبٌ عَنْهُ يَحْلِفُ الْمُسْتَعِيرُ أَنَّهُ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ مِنْ صِحَّةِ الشَّهَادَةِ وَإِلَّا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ إِذَا شَرَطَ أَنَّهُ مُصَدِّقٌ فِي الثِّيَاب وَنَحْوهَا لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الضَّمَانِ وَعَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ فِيمَنْ أَعْطَى لَكَ مَالًا وَيَكُونُ لَكَ رِبْحُهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْكَ يَسْقُطُ شَرطه بسقط الشَّرْط هَهُنَا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ شَرْطُهُ سَاقِطٌ فِي الدَّابَّةِ وَلَا يَضْمَنُ وَقَالَ

أَشْهَبُ عَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فِيمَا اسْتَعْمَلَهَا فِيهِ وَرَآهَا إِجَارَةً فَاسِدَةً وَعَلَى هَذَا تُرَدُّ قَبْلَ الِاسْتِعْمَالِ وَيَجْرِي فِيهَا قَوْلٌ ثَالِثٌ يُخَيَّرُ الْمُسْتَعِيرُ قَبْلَ الِاسْتِعْمَالِ إِنْ أَسْقَطَ الشَّرْطَ وَإِلَّا رُدَّتْ فَإِنْ فَاتَتْ بِالِاسْتِعْمَالِ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا لِعَدَمِ دُخُولِهِ عَلَى إِجَارَةٍ وَإِنَّمَا وَهَبَ الْمَنَافِعَ وَقَوْلٌ رَابِع صِحَة الشَّرْط الا أَنَّ أَحَدَ قَوْلَيْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَضْمَنُ وَقَدْ دَخَلَا عَلَيْهِ وَإِذَا أَحْضَرَ الثَّوْبَ بَالِيًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِلَّا أَلَّا يُحْسِنَ ذَلِكَ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ إِلَّا عَنْ سَرَفٍ فِي اللِّبَاسِ فَيُغَرَّمُ الزَّائِدَ عَلَى الْمُعْتَادِ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ ذَلِكَ شَأْنُ هَذَا الْمُسْتَعِيرِ فَقَدْ دَخَلَ عَلَيْهِ وَيَضْمَنُ الْخِرَقَ وَالْحَرْقَ وَالسُّوسَ لِأَنَّهَا إِنَّمَا تكون على الْغَفْلَةِ وَإِذَا اسْتَعَارَ السَّيْفَ لِلْقِتَالِ فَأَتَى بِهِ وَقَدِ انْقَطَعَ ضَمِنَهُ إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ كَانَ مَعَهُ فِي اللِّقَاءِ وَضَمَّهُ سَحْنُونٌ إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ ضَرَبَ بِهِ ضَرْبًا يَجُوزُ لَهُ وَقَالَ مُطَرِّفٌ يُصَدَّقُ أَنَّهُ أَصَابَهُ مِمَّا اسْتَعَارَهُ لَهُ وَكَذَلِكَ الْفَأْسُ وَالْعَجَلَةُ وَيُصَدَّقُ فِي الرَّحَى إِذَا حَفِيَتِ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ شَأْنُ الطَّحْنِ قَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ ضَمَّنَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْفَأْسِ وَالسَّيْفِ وَالْمُصْحَفِ وَلَمْ يُضَمِّنْهُ أَصْبَغُ إِذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا بَاعَ رِدَاءَهُ وَنَقَدَ الثَّمَنَ وَقَالَ لِلْمُشْتَرِي أَذْهَبُ لِلْبَيْتِ آخُذُ عَلَيَّ شَيْئًا وَآتِيكَ بِالرِّدَاءِ مُصِيبَتُهُ مِنَ الْمُشْتَرِي فَرْعٌ - قَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ قَالَ مُطَرِّفٌ إِذَا رَدَّ الدَّابَّةَ مَعَ غُلَامِهِ أَوْ أَجِيرِهِ أَوْ جَارِهِ فَعَطِبَتْ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّ ذَلِكَ شَأْنُ النَّاسِ وَقَالَهُ (ح) وَيُصَدَّقُ الرَّسُولُ أَنَّهَا تَلِفَتْ أَوْ سُرِقَتْ كَانَ مَأْمُونًا أَمْ لَا

فَرْعٌ - فِي الْجَوَاهِرِ لَا يَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ مِنَ الْمُسْتَعِيرِ إِلَّا حَيْثُ يَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ مِنَ الْمَالِكِ وَالْمُسْتَعِيرُ مِنَ الْغَاصِبِ يَضْمَنُ إِذَا تَلِفَتِ الْعَارِيَّةُ تَحْتَ يَدِهِ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا اسْتَعَارَهَا لِيَرْكَبَهَا حَيْثُ شَاءَ فَرَكِبَهَا إِلَى الشَّامِ أَوْ إفريقية لَا يضمن ان كَانَ وَجه عَارِيَّتَهُ وَإِلَّا ضَمِنَ لِعَدَمِ الْإِذْنِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ أَشْهَبُ إِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ أَسْفَارِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ وَأَرَى إِنْ كَانَ شَأْنُ النَّاسِ التَّصَرُّفَ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ رُكُوبًا حُمِلَتْ عَارِيَّتُهُ عَلَى الْبَلَدِ حَتَّى يُذْكَرَ غَيْرُهُ وَإِلَّا حُمِلَتْ عَلَى الْخُرُوجِ وَلَا يَبْعُدُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَادَةَ الْمُسْتَعِيرِ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ لَمَّا رَجَعْتَ زَعَمَ أَنَّهُ أَعَارَكَ إِلَى دُونِ مَا رَكِبْتَهَا أَوْ بَلَدٍ آخَرَ صَدَقْتَ مَعَ يَمِينِكَ إِنِ ادَّعَيْتَ مَا يُشْبِهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّعَدِّي وَعَلَيْكَ كِرَاءُ فَضْلِ مَا بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ فِي الزِّيَادَةِ وَكَذَلِكَ اخْتِلَافُكُمَا فِي الْحَمْلِ وَإِنِ اسْتَعَرْتَ مَهْرًا فَحَمَلْتَ عَلَيْهِ بِزًّا لَمْ تُصَدَّقْ لِأَنَّ الْعَادَةَ خِلَافُهُ بِخِلَافِ الْبَعِيرِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ قِيلَ يُصَدَّقُ فِي دَفْعِ الضَّمَانِ وَالْكِرَاءِ جَمِيعًا لِأَنَّهُ إِذَا صَدَقَ فِي أَصْلِ الْمَنْفَعَةِ فَعَوَّضَهَا أَوْلَى وَإِلَّا تَنَاقَضَتِ

الْأَحْكَام وَالْفرق بَين هَذِه وَبَين مسئلة ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الرَّسُولِ يَكْذِبُ فِيمَا أَمَرَهُ بِهِ الْمُسْتَعِيرُ مِنَ الْمَسَافَةِ فَيَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ الدَّابَّةَ إِذَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى مَا أَمَرَ بِهِ الرَّسُولُ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَا يَدَّعِي الْكَذِبَ من رب الدَّابَّة لعدم عمله بِمَا قَالَهُ الرَّسُولُ وَهُنَا أَنْتُمَا مُتَدَاعِيَانِ فَلَا يُصَدَّقُ عَلَيْكَ فَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِمَا أَمَرَ بِهِ الرَّسُولُ سَقَطَ ضَمَانُكَ وَضَمِنَ الرَّسُولُ لِتَعَدِّيهِ وَإِن أقرّ الرَّسُول بِالتَّعَدِّي وَلَا بَيِّنَة لَهُ على عقده مَعَ الرَّسُول فههنا يغرم الرَّسُول التَّعَدِّي فَإِنْ كَانَ مُعْدِمًا رَجَعَ عَلَيْكَ وَتَرْجِعُ أَنْتَ عَلَى الرَّسُولِ لِإِقْرَارِهِ بِالتَّعَدِّي وَإِذَا لَمْ يُقِرَّ بِالتَّعَدِّي وَضَمِنْتَ حَلَفَ الْمُعِيرُ أَنَّهُ عَاقَدَ الرَّسُولَ عَلَى مَا ذَكَرَ إِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ عَلَى الْعَقْدِ وَإِلَّا فَلَا يَمِينَ عَلَى الْمُعِيرِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُصَدَّقُ الْمُعِيرُ قَبْلَ الرُّكُوبِ مَعَ يَمِينِهِ فِي أَصْلِ المسئلة لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ وَقِيلَ إِذَا هَلَكَتِ الدَّابَّة بعد يَوْمَيْنِ فَقَالَت أَعَرْتُ يَوْمًا وَقُلْت يَوْمَيْنِ حَلَفْتُمَا جَمِيعًا لِأَنَّ كليكما مُدع على صَاحبه الْإِذْنَ وَهُوَ الْغُرْمُ وَيَلْزَمُكَ كِرَاءُ الْيَوْمِ الثَّانِي لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ فِيهِ وَلَا يَلْزَمُكَ الضَّمَانُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَإِذَا اسْتَعَرْتَ بِرَسُولٍ إِلَى بُرْقَةٍ فَقَالَ الْمُعِيرُ بَعْدَ رُكُوبِكَ إِنَّمَا اعرت إِلَى فلسطين يمْتَنع شَهَادَةُ الرَّسُولِ لَكَ لِأَنَّهُ شَهِدَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَتَحْلِفُ أَنْتَ وَلَا تَضْمَنُ وَيَحْلِفُ هُوَ وَله مَا بَين الكرائين لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ حَقِّهِ فِي مَنَافِعِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ قَالَ لَهُ الرَّسُولُ إِلَى فِلَسْطِينَ فَعَطِبَتْ مَعَكَ فِي بُرْقَةٍ وَأَنْتَ لَا تَدْرِي إِنْ أَقَرَّ الرَّسُولُ بِالْكَذِبِ ضَمِنَهَا وَإِنْ قَالَ بَلْ أَمَرْتَنِي وَأَكْذَبْتَهُ لَا يُشْهِدُ عَلَيْكَ لِأَنَّهُ خَصْمٌ وَتَحْلِفُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْكَ وَفِي كتاب مُحَمَّد يضمن الا أَن يثبت أَنَّكَ أَمَرْتَهُ بِبُرْقَةٍ وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ قَالَ أَشْهَبُ إِنْ شَهِدْتُ لَكَ بِبَيِّنَةٍ أَنَّ الرَّسُولَ قَالَ لَهُ إِلَى فِلَسْطِينَ فَلَهُ

فَضْلُ الْكِرَاءِ بِغَيْرِ يَمِينٍ لِقِيَامِ الْبَيِّنَةِ وَلَا ضَمَان عَلَيْك وتحلف لِأَنَّك تَقول إِذا دَخَلْتُ عَلَى بُرْقَةٍ فَلَمْ أَتَعَدَّ وَإِذَا أَقَرَّ بِالْمُخَالَفَةِ ضَمِنَ الدَّابَّةَ دُونَكَ إِنْ كَانَتْ مَسَافَةَ بُرْقَةٍ أَشَدَّ فِي التَّعَبِ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْك لِأَنَّ لَكَ الذَّهَابَ بِهَا إِلَى مِثْلِ مَا اسْتَعَرْتَ فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي الْمُدَوَّنَةِ ادَّعَيْتَ الْعَارِيَّةَ وَادَّعَى الْكِرَاءَ صَدَقَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّبَرُّعِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِثْلُكَ لَا يُكْرِي قَالَ أَشْهَبُ إِذَا اخْتَلَفْتُمَا فِي الْحَمْلِ صَدَقْتَ فِيمَا يُشْبِهُ مَعَ يَمِينِكَ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذا اخْتلفَا فِي النَّاحِيَةِ خُيِّرَ الْمُسْتَعِيرُ فِي الرُّكُوبِ لِمَا قَالَهُ الْمُعِيرُ أَوْ يَنْزِلُ إِلَّا أَنْ يَخْشَى رَوَاحَهُ إِلَى النَّاحِيَةِ الْأُخْرَى فَلَا يَسْلَمُ لَهُ شَيْء قَالَ ابْن الْقَاسِم إِذْ اسْتَعَارَ الْعَبْدُ أَوِ الْحُرُّ حُلِيًّا لِأَهْلِهِ فَهَلَكَ وَجَحَدَ أَهْلُهُ إِرْسَالَهُ وَقَدْ هَلَكَ قَبْلَ الْوُصُولِ إِلَيْهِمْ حَلَفُوا مَا أَرْسَلُوهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ إِرْسَالِهِمْ وَحَلَفَ الرَّسُولُ إِذَا كَانَ حُرًّا لَقَدْ بَعَثُوهُ وَبَرُّوا بِتَصْدِيقِ الْمُعْطِي لِلرَّسُولِ وَإِنْ صَدَّقُوهُ ضَمِنُوا دُونَهُ وَإِنْ أَقَرَّ الرَّسُولُ بِالتَّعَدِّي وَهُوَ حُرٌّ ضَمِنَ أَوْ عَبْدٌ فَفِي ذِمَّتِهِ حَتَّى يُعْتَقَ إِذَا أَفَادَ مَالًا وَلَا تَكُونُ فِي رَقَبَتِهِ لِإِذْنِ الْمُعْطِي فَلَا جِنَايَةَ حِينَئِذٍ وَإِنْ أَقَرَّ الرَّسُولُ بِإِيصَالِهِ لَهُمْ لَمْ يَضْمَنُوا وَلَا هُوَ وَيَحْلِفُوا وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا قَالَ الْعَبْدُ أَرْسَلَنِي سَيِّدِي وَسَلَّمْتُ إِلَيْهِ وَأَنْكَرَ السَّيِّدُ فَهِيَ فِي رَقَبَتِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَحَيَّلُ عَلَى أَمْوَالِ النَّاسِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ أَقَرَّ السَّيِّدُ غُرِّمَ لِإِقْرَارِهِ وَإِنْ أَنْكَرَ فَفِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ لخديعته الْقَوْم وَقَالَهُ مَالِكٌ فِي الْحُرِّ إنَّهُ ضَامِنٌ قَالَ وَأَرَى إِنْ كَانَ الرَّسُولُ مَعْرُوفًا بِالصَّلَاحِ أَوْ سَدِيدَ الْحَال يحلف وَيُبَرَّأُ أَوْ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَالَّذِي ادَّعَى عَلَيْهِمْ أَهْلَ خَيْرٍ حَلَفُوا وَغُرِّمَ الرَّسُولُ إِنْ

كَانَ مِنْ سَبَبِهِمْ وَمُتَصَرِّفًا لَهُمْ وَإِلَّا فَلَا يَحْلِفُونَ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا اسْتَعَارَهَا لِلْحِنْطَةِ فَحَمَلَ الْحِجَارَةَ فَكُلُّ مَا حَمَلَ وَهُوَ أَضَرُّ بِهَا مِنْهُ فَعَطِبَتْ ضَمِنَ أَوْ مِثْلُهُ فِي الضَّرَرِ لَمْ يَضْمَنْ كَعَدَسٍ مَكَانَ حِنْطَةٍ وَلَوْ رَكِبَ مَكَانَ الْحِنْطَةِ وَهُوَ أَضَرُّ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا أَو لركوب فَأرْدف من تعطب بِمِثْلِهِ خُيِّرَ بَيْنَ كِرَاءِ الرَّدِيفِ فَقَطْ لِأَنَّهُ إِذا أَخذ أُجْرَة الْمَنْفَعَة لَا يَأْخُذ الثّمن للرقبة لِئَلَّا يَجْمَعَ بَيْنَ الْعِوَضِ وَالْمُعَوِّضِ أَوْ يُضْمِنُهُ قِيمَةَ الدَّابَّةِ يَوْمَ الْإِرْدَافِ لِأَنَّهُ يَوْمَ التَّعَدِّي وَكَذَلِكَ إِذَا تَجَاوَزَ الْمَسَافَةَ فَعَطِبَتْ خُيِّرَ بَيْنَ قِيمَةِ الرَّقَبَةِ يَوْمَ التَّعَدِّي أَوْ كِرَاءِ التَّعَدِّي فَقَطْ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ لَا يلْزم الرديف شَيْء وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَعِيرُ مُعْدَمًا لِأَنَّهُ رَكِبَ بِإِذْنِ مَالِكِ الْمَنْفَعَةِ بِالْعَارِيَّةِ وَذَلِكَ شُبْهَةٌ قِيلَ هَذَا خِلَافٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ بَلْ عَلَيْهِ الْكِرَاءُ فِي عَدَمِ الْمُسْتَعِيرِ كَالْغَاصِبِ يَهَبُ سِلْعَةً فَتَهْلِكُ فَيُغَرَّمُ الْمَوْهُوبُ فِي عَدَمِ الْغَاصِبِ وَهَذَا لَمْ يَعْلَمْ انها مستعارة وَإِلَّا فَهُوَ كالمستعير تضمن ايها شِئْتَ لِدُخُولِهِمَا عَلَى التَّعَدِّي قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ لَمْ يُرَاعِ كَوْنَ الْمَسَافَةِ الَّتِي تَجَاوَزَ إِلَيْهَا يَعْطِبُ فِي مِثْلِهَا أَمْ لَا كَمَا فِي الزِّيَادَةِ بَلْ ضَمِنَهُ مُطْلَقًا وَهُمَا سَوَاءٌ وَيَضْمَنُ لِعَدَمِ الْإِذْنِ قَالَ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحَمْلَ وَقَعَ الْهَلَاك فِيهِ بالمأذن وَغَيْرِهِ وَفِي الْمَسَافَةِ بِغَيْرِ الْمَأْذُونِ فَقَطْ يُشْكِلُ هَذَا لِقَوْلِهِ فِي الْكِتَابِ فِيمَنْ أَذِنَ فِي ضَرْبِ عَبْدِهِ عَشْرَةً فَضَرَبَهُ أَحَدَ عَشَرَ يَضْمَنُ إِنْ خَافَ أَنَّ الزَّائِدَ أَعَانَ عَلَى قَتْلِهِ قَالَ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا تَجَاوَزَ الْمَسَافَةَ نَحْوَ مَيْلٍ ثُمَّ رَجَعَ لِيَرُدَّهَا لِرَبِّهَا فَعَطِبَتْ فِي مَوْضِعِ الْإِذْنِ ضَمِنَ لِتَقَدُّمِ التَّعَدِّي الْمُوجِبِ لِلضَّمَانِ فَلَا يَبْرَأُ مِنْهُ إِلَّا بِالتَّسْلِيمِ وَإِنْ تَجَاوَزَ إِلَى مِثْلِ مَنَازِلِ النَّاسِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يَضْمَنُ كَقَوْلِ مَالِكٍ

فِي الْوَدِيعَةِ تُرَدُّ بَعْدَ السَّلَفِ ثُمَّ تُسْرَقُ فَكَذَلِك ردهَا لموْضِع الاذن الْقَاعِدَة - أَسْبَابُ الضَّمَانِ ثَلَاثَةٌ الْإِتْلَافُ كَخَرْقِ الثَّوْبِ وَالتَّسَبُّبِ فِي الْإِتْلَافِ كَحَفْرِ الْبِئْرِ لِوُقُوعِ الْحَيَوَانِ أَوْ وَضْعِ يَدٍ غَيْرِ مُؤَمَّنَةٍ كَيْدِ الْغَاصِبِ وَالْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا وَهُوَ خَيْرٌ مِنْ قَوْلِنَا وَضْعُ الْيَدِ الْعَادِيَّةِ فَإِنَّ هَذِهِ الْأَيْدِيَ الْأُخَرَ مَا وُضِعَتْ إِلَّا بِإِذْنٍ وَهِيَ قَاعِدَةٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهَا فَتخرج عَلَيْهَا هَذِهِ الْفُرُوعُ فَرْعٌ - قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا اخْتَلَفَا فِي الرَّدِّ صُدِّقَ الْمُعِيرُ مَعَ يَمِينِهِ عِنْد ابْن الْقَاسِم فِي كل مَالا يُصَدَّقُ فِي ضَيَاعِهِ أَخَذُهُ بِبَيِّنَةٍ أَمْ لَا لِأَنَّ مَا يُصَدَّقُ فِي تَلَفِهِ كَالدَّيْنِ فِي الذِّمَمِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُصَدَّقُ الصَّانِعُ فِي الرَّدِّ إِذَا أَخَذَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ بِخِلَافِ التَّلَفِ فَعَلَى هَذَا يُصَدَّقُ فِي الْعَارِيَّةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ فِي الرَّدِّ فَلْتُطَالِعْ مِنْ هُنَاكَ وَإِذَا اخْتَلَفَا فِي صِفَةِ الْعَارِيَّةِ وَقَدْ ضَاعَتْ صُدِّقَ الْمُسْتَعِيرُ مَعَ يَمِينِهِ مَا لَمْ يَأْتِ بِمَا لَا يُشْبِهُ لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَقَالَ مَالِكٌ إِذَا قَالَتِ الْمَرْأَةُ اسْتَعْمَلْتُ الْحُلِيَّ زَمَانًا طَوِيلًا وَنَقَصَ تَحْلِفُ وَيُحَطُّ مَا يُرَى أَنَّهُ نَقَصَ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ فَرْعٌ - قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي ضَمَانِ الرَّهْنِ يَوْمَ الِارْتِهَانِ أَوْ يَوْمَ الضَّيَاعِ قَوْلَانِ وَتَتَخَرَّجُ الْعَارِيَّةُ عَلَى ذَلِكَ وَالثَّانِي أَحْسَنُ لِأَنَّ الْيَدَ غَيْرُ مُضَمَّنَةٍ فَتَجِبُ الْقِيمَةُ لِآخِرِ يَوْمٍ رَأَتْهُ الْبَيِّنَة عِنْده لَمْ يُرَ عِنْدَهُ مِنْ يَوْمِ اسْتَعَارَهُ فَقِيمَتُهُ يَوْمَ الِاسْتِعَارَةِ لِأَنَّ الْمُعِيرَ لَا يُصَدِّقُهُ فِي بَقَائِهِ عِنْدَهُ إِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ وَإِلَّا فَلَهُ الْأَخْذُ بِالْأَكْثَرِ وَيُصَدِّقُهُ فِي الْبَقَاءِ إِلَى الْيَوْمِ وَلَوْ ثَبَتَ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ أَهْلَكَ ذَلِكَ الثَّوْبَ قَبْلَ لُبْسِهِ لَمْ

يَغْرَمْ إِلَّا الْقَدْرَ الَّذِي يَبْقَى مِنْهُ بَعْدَ لبسه مُدَّة الْعَارِية لِأَنَّ مَا يَنْقُصُ بِالِاسْتِعْمَالِ لَا يَغْرَمْهُ وَقَدِ اسْتَحَقَّهُ بِالْعَقْدِ وَلَوْ بَاعَهُ كَانَ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ شَرِيكٌ بِعَقْدِ الْعَارِيَّةِ فَإِنْ أَهْلَكَهُ الْمُعِيرُ بَعْدَ قَبْضِهِ مِنْهُ فَهَلْ يَغْرَمُ قِيمَتَهُ وَيَسْتَأْجِرُ الْمُسْتَعِير مِنِ الْقِيمَةِ مِثْلَ الْأَوَّلِ أَوْ يَشْتَرِي مِثْلَهُ أَوْ يَغْرَمُ قِيمَةَ تِلْكَ الْمَنَافِعِ قِيَاسًا عَلَى مَنْ أَخْدَمَ أَمَةً ثُمَّ أَوْلَدَهَا وَقِيمَةَ الْمَنْفَعَةِ الأولى لِأَنَّهَا الْفَائِتَةُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ فَإِنْ أَهْلَكَهَا قَبْلَ الْقَبْضِ فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ هُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ قَبَضَ وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ لَا يَغْرَمُ كَالْوَاجِبِ يَبِيعُ الثَّوْبَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَإِنْ أَهْلَكَهَا أَجْنَبِيٌّ فَهُمَا فِي الْقِيمَةِ شَرِيكَانِ إِنْ كَانَتْ ثَوْبًا لِأَنَّهُ مِمَّا يُنْقِصُهُ الِاسْتِعْمَالُ فَإِنْ كَانَ لَا يُنْقِصُهُ الِاسْتِعْمَالُ كَالْعَبْدِ فَلِسَيِّدِهِ جَمِيعُ الْقِيمَةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ فِي الْمُوصَى بِخِدْمَتِهِ لِرَجُلٍ وَبُرْقَبَتِهِ لِآخَرَ تُجْعَلُ قِيمَتُهُ فِي مِثْلِهِ وَيَخْدِمُ بَقِيَّةَ خِدْمَتِهِ لِلْأَوَّلِ إِنْ كَانَتْ إِلَى أجل فإليه أوالي الْمَوْت فاليه وَقَالَ مُحَمَّد فِي موصى لَهُ بِغَلَّةِ دَارٍ أَوْ سُكْنَاهَا يَهْدِمُهَا رَجُلٌ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصَى عَلَيْهِ مَا بَيْنَ قِيمَتِهَا قَائِمَةً وَمَهْدُومَةً تُبْنَى بِهَا تِلْكَ الدَّارُ وَيَكُونُ الْمُوصَى لَهُ عَلَى أَجْلِهِ تَوْفِيَةً بِالْوَصِيَّةِ وَقِيلَ يَسْقُطُ حَقُّهُ فِي الْبِنَاءِ لِأَنَّهُ عَيْنٌ أُخْرَى غَيْرُ الْمُوصَى بِهَا فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ أَذِنْتَ لَهُ أَنْ يَبْنِيَ فِي أَرْضِكَ أَوْ يَغْرِسَ فَلَمَّا فَعَلَ أَرَدْتَ إِخْرَاجَهُ لَيْسَ لَكَ ذَلِكَ فِي مُدَّةٍ تُشْبِهُ الْعَارِيَّةَ إِلَّا أَنْ تُعْطِيَهُ مَا أَنْفَقَ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ قِيمَةَ مَا أَنْفَقَ وَإِلَّا تَرَكْتَهُ إِلَى مَا يُشْبِهُ عَارِيَّتَهُ فَتُعْطِيهِ قِيمَةَ الْبِنَاءِ مَقْلُوعًا لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى الْقَلْعِ أَوْ تَأْمُرُهُ بِقَلْعِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَا قِيمَةَ لَهُ وَلَا نَفْعَ

فَلَا شَيْءَ لِأَنَّكَ لَمْ تَأْخُذْ مِنْهُ مَا لَهُ فِيهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ وَكَذَلِكَ لَوْ ضَرَبْتَ أَََجَلًا فانقضى لَكِن لَيْسَ لَك اخراجه هَهُنَا قَبْلَ الْأَجَلِ وَإِنْ أَعْطَيْتَهُ قِيمَتَهُ قَائِمًا تَوْفِيَةً بِالشّرطِ وَلَوْ لَمْ يَبْنِ وَلَمْ يَغْرِسْ وَلَوْ لَمْ تَضْرِبْ أَجَلًا كَانَ لَكَ لِأَنَّ التَّحْدِيدَ يُقَوِّي مَالك الْمَنْفَعَةِ وَتَعَيُّنَهُ مُرَادٌ لَكُمَا وَلَوْ سَمَّيْتَ أَجَلًا وَلَمْ تُسَمِّ مَا يَبْنِي وَمَا يَغْرِسُ فَلَا تَمْنَعُهُ إِلَّا مَا يَضُرُّ بِأَرْضِكَ وَلَهُ الْخُرُوجُ قَبْلَ الْأَجَلِ وَقَلْعِ بِنَائِهِ وَغَرْسِهِ لِأَنَّهُ مَالُهُ إِلَّا أَنْ تَشَاءَ أَخْذَهُ بِقِيمَتِهِ مَقْلُوعًا إِنْ كَانَ يَنْتَفِعُ بِهِ بَعْدَ الْقَلْعِ وَإِلَّا فَلَا يُقْلِعُ وَلَا شَيْءَ لَهُ لِأَنَّ مَالِيَّتَهُ تَذْهَبُ بِالْقَلْعِ سَفَهًا وَلَمْ تُفَوِّتْ عَلَيْهِ مَالًا بِالْإِبْقَاءِ وَإِنْ أَعَرْتَهُ لِلزَّرْعِ فَلَهُ حَتَّى يَتِمَّ وَيَتَمَكَّنَ مِنَ الْبَيْعِ بِالطَّيِّبِ وَلَيْسَ لَكَ كِرَاءٌ مِنْ يَوْمِ رُمْتَ إِخْرَاجَهُ وَلَا فِيمَا مَضَى إِلَّا أَنْ تُعِيرَ لِلثَّوَابِ فَهُوَ كَالْإِجَارَةِ فَإِنْ أَعَرْتَهُ للْبِنَاء وَسكن عَشْرَ سِنِينَ وَلَكَ الْبِنَاءُ بَعْدَهَا جَازَ إِنْ بنيتما صِفَةَ الْبِنَاءِ وَمَبْلَغَهُ وَأَجَلَهُ لِأَنَّهَا إِجَارَةٌ وَإِلَّا امْتَنَعَ وَحَيْثُ امْتَنَعَ وَبَنَى وَسَكَنَ فَلَهُ قَلْعُ بِنَائِهِ وَلَكَ كِرَاءُ أَرْضِكَ لِفَسَادِ الْعَقْدِ وَلَكَ إِعْطَاؤُهُ الْقِيمَةَ مَقْلُوعًا وَإِلَّا يَنْقُضُهُ وَيَمْتَنِعُ أَنْ يَغْرِسَهَا شَجَرًا وَهُوَ لَكَ بَعْدَ الْأَجَلِ لِأَنَّ الشّجر لَا يحدد فَيُعْرَفُ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ قَوْلُهُ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ يَحْتَمِلُ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنْ يُعْطِيَهُ قِيمَةَ مَا أَنْفَقَ إِذَا أَخْرَجَ الْآجِرَ والجِيرَ مِنْ عِنْدِهِ وَقَوْلُهُ مَا أَنْفَقَ إِذَا أَخْرَجَ الثَّمَنَ فَاشْتَرَى بِهِ هَذِهِ الْأَصْنَافَ وَثَانِيهَا قِيمَةُ مَا أَنْفَقَ إِذَا طَالَ الْأَمَدُ وَتَغَيَّرَ بِالِانْتِفَاعِ وَمَا أَنْفَقَ إِذَا كَانَ بِالْقُرْبِ وَعَلَى هَذَا لَا يَكُونُ اخْتِلَافًا وَثَالِثُهَا إِنْ أَعْطَاهُ مَا أَنْفَقَ أَيْ عِدَّةُ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ وَلَا يَلْتَفِتُ إِلَى الْغَبْنِ الْيَسِيرِ وَقِيمَةِ مَا أَنْفَقَ أَيْ بِغَيْرِ غَبْنٍ إِلَّا مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ فَهُوَ اخْتِلَافٌ وَالْكُلُّ فِيهِ مُحْتَمَلٌ وَقَوْلُهُ فِي عَارِيَّةِ الزَّرْعِ لَا يُخْرِجُهُ حَتَّى يَطِيبَ يُرِيدُ أَنَّ الْقِيمَةَ لَا تَكُونُ فِيهِ لِأَنَّهُ لَا يُبَاعُ وَلَا يُرِيدُ أَنَّ فِيهِ

الْقِيمَةَ إِذَا طَابَ بِخِلَافِ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ لِأَنَّهُمَا يَبْقَيَانِ فِي الْأَرْضِ بِخِلَافِ الزَّرْعِ فَلَا يَأْخُذْهُ وَقَوْلُهُ حَتَّى يَطِيبَ مُسْتَدْرَكٌ لِأَنَّ الزَّرْعَ لَا يُبَاعُ بَعْدَ الطَّيِّبِ حَتَّى يَيْبَسَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ أَخْذِ الْبِنَاءِ بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ وَبَيْنَ مَنْعِ بَيْعِ دَارٍ عَلَى أَنْ تُقْبَضَ بَعْدَ عَشْرِ سِنِين إِن الْبناء هَهُنَا مِنْ حِينِ كَمَالِهِ لَكَ وَإِنَّمَا لَهُ السَّكَنُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَلَوِ انْهَدَمَ الْبِنَاءُ فِي أَيَّامِ السُّكْنَى فَهُوَ مِنْكَ أَوْ قَبْلَ السَّكَنِ رَجَعَ بِقِيمَةِ بنائِهِ عَلَيْك لِأَنَّهُ لما تعذر سكناهُ رَجَعَ بِالْعِوَضِ أَو بعد بعض السُّكْنَى بِبَعْضِ الْقِيمَةِ بِقَدْرِ مَا لَمْ يُسْكَنْ وَيَسْتَوِي اشْتِرَاطُ السَّكَنِ تِلْكَ الْمُدَّةِ بَعْدَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْضِهَا فِي أَمَدِ الْبِنَاءِ لِأَنَّ أَمَدَ فَرَاغِهِ مَعْلُوم فَيصير الشَّرْط لما بعده لتعذر السُّكْنَى قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَيْسَ لَكَ إِخْرَاجُهُ فِي الْبناء وان لم يضْرب أجل حَتَّى يَبْلُغَ أَمَد مِثْله لِأَنَّ الْعُرْفَ كَالشَّرْطِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَكَ إِخْرَاجُهُ بَعْدَ فَرَاغِ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ وَإِنْ قَرُبَ لِأَنَّكَ لَمْ تَضْرِبْ أَجَلًا وَهُوَ فرط حَيْثُ لم يضْربهُ وَتُعْطِيهِ قِيمَتَهُ مَقْلُوعًا أَوْ تَأْمُرُهُ بِقَلْعِهِ وَقَالَ أَيْضًا لَكَ إِخْرَاجُهُ إِذَا احْتَجْتَ لِعَرْصَتِكَ أَوْ بَيْعِهَا تَقَدَّمَ شَرْطٌ أَمْ لَا لِأَنَّ الضَّرُورَةَ مُقَدّمَة على الْمَعْرُوف وان كَانَ بِشَرْط وَقع بَيْنكُمَا لالحاجة امْتنع وَفَاء بِالْعَقْدِ السَّالِمِ عَنْ مُعَارَضَةِ الضَّرُورَةِ وَحَيْثُ دَفَعْتَ قِيمَتَهُ مَقْلُوعًا فَيُعَدُّ أُجْرَةَ الْقَلْعِ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا قُلْتَ فِي الدَّابَّةِ إِلَى مَوْضِعِ كَذَا أَوْ إِلَى كَذَا وَكَذَا يَوْمًا أَوْ حَيَاتَكَ فَلَيْسَ لَكَ الرُّجُوعُ وَإِنْ لَمْ تَزِدْ عَلَى أَعَرْتُكَ فَلَكَ الرُّجُوعُ مَتَى شِئْتَ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الزِّيَادَةِ قَالَ مَالِكٌ كُلُّ مَنْ بَنَى بِإِذْنِكَ أَوْ عِلْمِكَ فَلَمْ تَمْنَعْهُ وَلَا أَنْكَرَت عَلَيْهِ فَلهُ قِيمَته قَائِما كالباني بِشُبْهَة وَكَذَلِكَ المتكاري أَرْضًا أَوْ مُنِحَهَا أَوْ بَنَى فِي أَرْضِ أَمرته وأراضي ببينه وَبَيْنَ شُرَكَائِهِ بِعِلْمِهِمْ فَلَمْ يَمْنَعُوهُ وَالْبَانِي بِغَيْرِ إِذْنٍ وَلَا عِلْمٍ لَهُ الْقِيمَةُ مَقْلُوعًا وَهُوَ قَوْلُ الْمَدَنِيِّينَ وَقَوْلُ أَصْحَابِ مَالِكٍ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ قَالَ مُطَرِّفٌ إِذَا اشْتَرَطَ عَلَيْهِ إِذَا انْقَضَى الْأَجَلُ قلع

بِنَاءه وَتَرْكَ غَرْسِهِ بَطَلَ الشَّرْطُ نَفْيًا لِلضَّرَرِ وَلَهُ قِيمَتُهُ قَائِمًا إِذَا تَمَّ الْأَجَلُ وَلَوْ شَرَطَ أَنَّ لَهُ الْقِيمَةَ قَائِمًا امْتُنِعَ لِأَنَّهَا إِجَارَةٌ بِأُجْرَةٍ مَجْهُولَةٍ فَمَا بُنِيَ فَلَهُ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَةِ بِنَائِهِ يَوْمَ فَرَغَ أَوْ مَا أنْفق فِيهِ وَلَكَ كِرَاءُ الْأَرْضِ مَبْنِيَّةً مِنْ يَوْمِ سَكَنَ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْعَوَارِيُّ هِبَاتٌ تَجُوزُ مَعْلُومَةً وَمَجْهُولَةً وَغَرَرًا وَفِي لُزُومِهَا لِلْمُعِيرِ قسَمَانِ قِسْمٌ يَلْزَمُ بِالْعَقْدِ ثُمَّ يَعُودُ إِلَيْهِ وَهُوَ مَا ضَرَبَ فِيهِ أَجَلًا وَعَمَلُهُ مَعْلُومٌ وَمَا لَا يَضْرِبُ أَجَلًا وَلَا هُوَ مَعْلُومٌ قِيلَ لَا يجْبر على التَّسْلِيم وَلَك الِاسْتِرْدَاد وَبعد التَّسْلِيمِ وَإِنْ قَرُبَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الْمَوْهُوبِ مِنَ الْمَنَافِعِ وَقِيلَ يَلْزَمُ إِلَى مُدَّةٍ مِثْلِهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَصَّارِ لِأَنَّ الْعُرْفَ كَالشَّرْطِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ مَا يُتَكَلَّفُ فِيهِ الْإِنْفَاق والمئونة وَإِنْ قَلَّتْ لَا رُجُوعَ فِيهِ نَفْيًا لِلضَّرَرِ وَإِلَّا فلك الرُّجُوع فِي مثل فتح بَاب إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَعِيرُ بَاعَ دَارَهُ وَشَرَطَ لِلْمُشْتَرِي مَا أَذِنْتَ لَهُ فِيهِ بِعِلْمِكَ فَيَلْزَمُ أَبَدًا وَاخْتُلِفَ إِذَا أَذِنَ لَهُ أَنْ يَغْرِسَ عَلَى مَائِهِ فَفَعَلَ فَقِيلَ لَيْسَ لَهُ قَطْعُ ذَلِك المَاء لِأَنَّهُ كَالْهِبَةِ مالم توقف أَو تسميه عَارِيَّةً وَقَالَ أَشْهَبُ لَهُ الرُّجُوعَ وَإِذَا أَذِنْتَ فِي إِجْرَاءِ نَهْرٍ خَلَفَ حَائِطِهِ أَوْ مِيزَابٍ على الْحَائِط فأضر بِالْحَائِطِ نفيا للضررفان احْتَاجَ الْحَائِطُ إِلَى إِصْلَاحٍ لَهُ فَعَلَى مَنْ كَانَ ذَلِكَ بِسَبَبِهِ وَإِنِ انْهَدَمَ وَعَلِمَ صَاحِبُ الْحَائِط بِالْفَسَادِ لم يكن عَلَيْهِ شَيْءٌ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ وَعَلِمَ ذَلِكَ الْآخَرُ كَانَ بِنَاؤُهُ عَلَيْهِ فَإِنْ جَهِلَا جَمِيعًا جَرَتْ عَلَى قَوْلَيْنِ كَالْمُخْطِئِ فِيمَا أُذِنَ لَهُ فِيهِ وَأَنْ يَضْمَنْ أَصْوَبُ فَرْعٌ - فِي النَّوَادِرِ كُلُّ مَنْ بَنَى فِي أَرْضِ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ أَوْ بِعِلْمِهِ وَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ أَوْ بِشُبْهَةٍ مِنَ الشُّبَهِ أَوْ غَرَسَ فَلَهُ قِيمَةُ ذَلِكَ قَائِما وَإِلَّا فمنقوض غَيْرَ أَنَّ مَالِكًا قَالَ إِذَا أَسْكَنْتَهُ دَارَكَ وَأَذِنْتَ لَهُ أَنْ يُجَدِّدَ فِيهَا حُجَرًا فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ الْمُدَّةِ إِلَّا النَّقْضُ إِلَّا أَنْ تُعْطِيَهُ قِيمَتَهُ مَنْقُوضًا لِدُخُولِهِ عِنْدَ الْأَجَلِ عَلَى النَّقْض

نَظَائِرُ - قَالَ الْعَبْدِيُّ يُؤْخَذُ الْبِنَاءُ بِقِيمَتِهِ مَقْلُوعًا فِي سِتِّ مَسَائِلَ الْبِنَاءُ فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ بِكِرَاءٍ أَوْ أَرْضِ زَوْجَتِهِ أَوْ شُرَكَاءَ أَوْ وَرَثَةٍ بَنَى فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بِأَمْرٍ أَمْ لَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعِنْدَ الْمَدَنِيِّينَ إِنْ بَنَى بِأَمْرِهِ فَالْقِيمَةُ قَائِمًا وَإِلَّا فَمَقْلُوعًا وَقَدْ تَقَدَّمَ قَبْلَ هَذَا الْفَرْعِ نَقْلٌ آخَرُ فِي هَذَا الْمَعْنَى نَظَائِرُ - قَالَ يلْزم الضَّمَان الا أَن تقوم بِبَيِّنَة فِي سِتِّ مَسَائِلَ عَارِيَةُ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَالْمَبِيع بِالْخِيَارِ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَنَفَقَةُ الْوَلَدِ عِنْدَ الْحَاضِنَةِ وَالصَّدَاقُ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَادَّعَتِ الْمَرْأَةُ تَلَفَهُ وَوَقَعَتْ فِيهِ الشَّرِكَةُ بِالطَّلَاقِ وَالْمَقْسُومُ مِنَ التَّرِكَةِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ ثُمَّ انْتَقَضَتِ الْقِسْمَةُ بِدَيْنٍ أَوْ غَلَطٍ وَقَدْ تَلَفَ وَهُوَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ ومسئلة الصُّنَّاعِ فِي الْإِجَارَةِ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا اسْتَعَارَ عَشْرَ سِنِينَ فَوَرَثَتُهُ بِمَنْزِلَتِهِ قَبَضَ أَمْ لَا لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُ بِالْعَقْدِ وَقَالَ (ح) وَ (ش) لِلْمُعِيرِ الرُّجُوعُ وَلَوْ قَبَضَ الْمُسْتَعِيرُ الدَّارَ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ مَعْدُومَةٌ فَهِيَ كَهِبَةٍ لَمْ تُقْبَضْ عَلَى أَصْلِهِمْ وَنَحْنُ نَمْنَعُهُمُ الْحُكْمَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَسَيَتَقَرَّرُ ذَلِكَ فِي الْهِبَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَإِنْ مَاتَ الْمُعِيرُ قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَتِ الْعَارِية كَالْهِبَةِ الْقَاعِدَة - لَا يَنْتَقِلُ لِلْوَارِثِ خِيَارُ الْبَيْعِ وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ وَالْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ وَالْمُطَالَبَةُ بِنَفْيِ الضَّرَرِ عَنِ الْأَمْلَاكِ وَلَا تَنْتَقِلُ إِلَيْهِ الْوَكَالَةُ وَلَا الْإِيلَاءُ وَلَا اللِّعَانُ وَلَا النِّكَاحُ وَلَا خِيَارٌ اشْتَرَطَهُ لَهُ الْمُتَبَايِعَانِ فَلَيْسَ كُلُّ الْحُقُوقِ تَنْتَقِلُ بَلِ الضَّابِطُ أَنَّ مَا كَانَ مَالًا أَوْ مُتَعَلِّقًا بِالْمَالِ انْتقل لِأَن الْوَارِث يرى الْمَالَ فَوَرِثَ مُتَعَلِّقَاتِهِ وَكُلُّ مَا هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالنَّفْسِ كَالنِّكَاحِ أَوْ بِالْعَقْلِ وَالرَّأْيِ كَخِيَارٍ اشْتَرَطَهُ لَهُ الْمُتَبَايِعَانِ وَالْوِكَالَةِ فَلَا يَنْتَقِلُ لِأَنَّ جِسْمَهُ وَعَقْلَهُ وَرَأْيَهُ لَا يُوَرَّثُ فَالْعِلْمُ بِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ يُوضح

لَكَ هَذِهِ الْمَوَاطِنَ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ مَنْ أعمرته دَارك حَيَاتَهُ رَجَعَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ إِلَيْكَ قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَكَذَلِكَ إِذَا قَالَ لَكَ وَلِعَقِبِكَ تَرْجِعُ لَهُ وَلِمَنْ يَرِثُهُ وَإِنَّمَا يَمْلِكُ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ بِلَفْظِ الْعُمْرَى والسكن والاعتمار والاستغلال وَالْإِعْمَارِ بِالْمَنَافِعِ دُونَ الرِّقَابِ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ يَمْلِكُ الرِّقَابَ فِي الْعُمْرَى قَالَ لِعَقِبِكَ أَمْ لَا لما فِي الْمُوَطَّأ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَيُّمَا رَجُلٍ أُعْمِرَ عُمْرَى لَهُ وَلِعَقِبِهِ فَإِنَّهَا لِلَّذِي يُعْطَاهَا لَا تَرْجِعُ لِلَّذِي أَعْطَاهَا أَبَدًا لِأَنَّهُ أَعْطَى عَطَاءً وَقَعَتْ فِيهِ الْمَوَارِيثُ وَفِي أَبِي دَاوُدَ الْعُمْرَى جَائِزَةٌ لِأَهْلِهَا وَالرُّقْبَى جَائِزَةٌ لِأَهْلِهَا وَفِي مُسْلِمٍ أَمْسِكُوا عَلَيْكُمْ أَمْوَالَكُمْ وَلَا تفسدوها فانه من أعمر عمرى فَبنى لِلَّذِي أَعْمَرَهَا حَيًّا وَمَيِّتًا وَلِعَقِبِهِ وَلَا أَثَرَ لذكر الْعقب قَدْ يَمُوتُ قَبْلَهُ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّا نَقُولُ بِمُوجِبِهِ فَإِنَّهَا لَا تَرْجِعُ إِلَى الَّذِي أَعْطَاهَا أَبَدًا مَا دَامَ مِنْ عَقِبِ الْمُعْطِي أَحَدٌ وَكَذَلِكَ قَالَ الدَّاوُدِيُّ لِأَنَّهُ أَعْطَى عَطَاءً وَقَعَتْ فِيهِ الْمَوَارِيثُ فَإِنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ مِنْ قَوْلِ الرَّاوِيِّ فَعَلَّلَ بِالْمَوَارِيثِ وَجَعَلَهَا الْمَانِعَةَ وَنَحْنُ لَا نغيره مَا دَامَ مِيرَاثٌ مِنَ الْعَقِبِ وَيُوَضِّحُهُ أَلَّا تَعُودَ فِعْلٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ هَلْ يُعَمُّ أَمْ لَا خِلَافٌ بَيْنِ الْأُصُولِيِّينَ وَإِنْ سَلَّمْنَا الْعُمُومَ فَهُوَ فِي الْأَزْمَانِ الْمُسْتَقْبَلَةِ وَالْعَامُّ فِي حقيته مُطْلَقًا وَفِي أَحْوَالِهَا عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ وَالْمُطْلَقُ تَكْفِي فِيهِ صُورَةٌ فَنَحْمِلُهُ عَلَى حَالَةِ عَدَمِ الْوَارِثِ مِنَ الْعَقِبِ فَيَسْقُطُ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ فِيمَا عَدَاهُ لِأَنَّ ذَلِكَ شَأْنُ الْمُطْلَقَاتِ وَعَنِ الثَّانِي الْقَوْلُ بِالْمُوجَبِ أَيْضًا فَإِنَّ الْجَوَازَ ثَابِتٌ إِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الرُّجُوعِ وَعَنِ الثَّالِث القَوْل بِالْمُوجبِ أَيْضا فانهما لَهُ وَلِعَقِبِهِ حَيًّا وَمَيِّتًا إِنَّمَا الْخِلَافُ بَعْدَ الْعقب ثمَّ

يَتَأَكَّدُ مَا ذَكَرْنَاهُ بِمَا فِي الْمُوَطَّأِ قَالَ الْقَاسِم بن مُحَمَّد لماسئل عَنِ الْعُمْرَى فَقَالَ مَا أَدْرَكْتُ النَّاسَ إِلَّا وَهُمْ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ فِي أَمْوَالِهِمْ وَوَرَدَ عَلَيْهِ إِنْ أَرَادَ الْغَالِبَ فَلَيْسَ حُجَّةً مُطْلَقًا فَكَيْفَ تُدْفَعُ بِهِ السُّنَّةُ أَوْ إِجْمَاعُ الْمَدِينَةِ فَقَدْ خَالَفَهُ جَمْعٌ كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَقَضَى بِهَا طَارِقٌ بِالْمَدِينَةِ وَقَالَ إِبْرَاهِيم بن اسحق الْحَرْبِيُّ عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ لَمْ يَخْتَلِفِ الْعَرَبُ فِي الْعُمْرَى وَالرُّقْبَى وَالْإِفْقَارِ وَالْإحْمَالِ وَالْمِنْحَةِ وَالْعَرِيَّةِ وَالْعَارِية والسكتى وَالْإِطْرَاقِ أَنَّهَا عَلَى مِلْكِ أَرْبَابِهَا وَمَنَافِعِهَا لِمَنْ جُعِلَتْ لَهُ وَالْخَصْمُ يَدَّعِي أَنَّ الشَّرْعَ نَقَلَهَا وَالْأَصْل عدم النَّقْل لِأَن تَمْلِيكَ الرِّقَابِ مَتَى اشْتُرِطَ فِيهِ التَّأْقِيتُ فَسَدَ كَالْبيع وَهَهُنَا لَمْ يَفْسَدْ فَيُصْرَفُ إِلَى الْمَنَافِعِ لِأَنَّهَا لَا يُفْسِدُهَا التَّأْقِيتُ بَلْ شَرَطَ فِي بَعْضِ صُوَرِهَا وَالْخَصْمُ يَدَّعِي أَنَّ الشَّرْعَ أَبْطَلَ التَّأْقِيتَ تَصْحِيحًا لِلْمِلْكِ وَنَحْنُ نَدَّعِي أَنَّ الشَّرْعَ اعْتَبَرَهُ وَالْإِبْطَالُ عَلَى خِلَافِ الدَّلِيلِ فَيَكُونُ مَذْهَبُنَا أَرْجَحَ لُغَةً وَشَرْعًا وَلِأَنَّ التَّبَرُّعَ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ خَالَفْنَاهُ فِي الْمَنَافِعِ فَيَبْقَى فِي الرِّقَابِ عَلَى مُقْتَضَى الْأَصْلِ تَعْلِيلًا لِلْمُخَالَفَةِ فَائِدَةٌ - قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ الْعَارِيَّةِ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَالْعُمْرَى بِسُكُونِ الْمِيمِ مِنَ الْعُمْرِ وَالرُّقْبَى بِضَمِّ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْقَافِ مَقْصُورَةٌ لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا يرقب صَاحِبهِ وَتَفْسُدُ الرُّقْبَى مِنْ جِهَتَيْنِ وَتَصِحُّ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ نَحْوَ قَوْلِهِ فِي عَبْدِهِ فَإِنْ مِتُّ فَاخْدِمْ فُلَانًا حَتَّى يَمُوتَ ثُمَّ أَنْتَ حُرٌّ لِأَنَّهُ كَالتَّعْمِيرِ وَوَصِيَّةٍ بَعْدَهُ بِالْخِدْمَةِ وَعِتْقٍ إِلَى أَجَلٍ وَتَفْسُدُ إِذَا كَانَتِ الْمُرَاقَبَةُ مِنِ الْجِهَتَيْنِ لِكَوْنِهَا خَارِجَةً عَنِ الْوَصِيَّةِ وَالْعِتْقِ إِلَى أَجَلٍ وَإِذَا كَانَتْ قُبَالَةَ الدَّارِ دَارٌ أُخْرَى مِنِ الْجِهَةِ الْأُخْرَى لِكَوْنِهَا مُعَاوَضَةً فَاسِدَةً وَوَافَقَنَا (ح) فِي الرُّقْبَى وَجَوَّزَ (ش) وَأَحْمَدُ الْقِسْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَلَمْ يُبْطِلَا إِلَّا الْمُعَاوَضَةَ فِي الْقِسْمِ الْأَخِيرِ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ الْعُمْرَى فِي الرَّقِيقِ وَالْحَيَوَانِ وَلَمْ أَسْمَعْ ذَلِكَ فِي الثِّيَابِ وَهِيَ

عِنْدِي عَلَى مَا أَعْطَاهُ مِنَ الشَّرْطِ وَتَمْتَنِعُ الرقبى وَهِي أَن تكون دَار بَيْنكُمَا فتحبسانه على أَن من مَاتَ مِنْكُمَا أَو لَا فَنَصِيبُهُ حَبْسٌ عَلَى الْآخَرِ لِلْغَرَرِ وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ بَيْنَكُمَا تَحْسَبَانِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ أَوَّلًا فَنصِيبه يخْدم آخرهما موتا ثُمَّ يَكُونُ حُرًّا وَيَلْزَمُهُمَا الْعِتْقُ إِلَى مَوْتِهِمَا وَمَنْ مَاتَ خَدَمَ نَصِيبُهُ وَرَثَتَهُ دُونَ صَاحِبِهِ فَإِذَا مَاتَ آخِرُهُمَا عُتِقَ نَصِيبُهُ وَكُلُّ وَاحِدٍ بصرفه فِي ثُلُثِهِ كَمَنْ قَالَ إِذَا مِتُّ فَعَبْدِي يَخْدِمُ فَلَانًا حَيَاتَهُ ثُمَّ هُوَ حُرٌّ وَلَوْ قَالَ عَبْدِي حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِ فُلَانٍ فَهُوَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي الصِّحَّةِ وَالتَّعْلِيقُ عَلَى الْمَوْتِ يُعَدُّ وَاقِعًا عِنْدَهُ لِأَنَّ الشُّرُوط اللُّغَوِيَّة أَسبَاب والمسبب عِنْد السَّبَب فتختص بِالثُّلُثِ كَالْوَصَايَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا أَعْمَرَهُ وَعَقِبَهُ لَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ لِحَدِيثِ الْمُوَطَّأِ الْمُتَقَدِّمِ فَيَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَيْهِمْ مَا دَامَ أَحَدٌ مِنَ الْعَقِبِ حَيًّا وَلَا فَرْقَ فِي التَّعْمِيرِ بَيْنَ إِسْكَانِهِ عُمْرَهُ أَوْ عُمْرَ فُلَانٍ أَوْ إِلَى قُدُومِ فُلَانٍ وَتَجْرِي الْمَوَارِيثُ لَهُ وَلِعَقِبِهِ فِي النَّفْعِ دُونَ الْأَصْلِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا قَالَ مَنْ مَاتَ مِنَّا فَنَصِيبُهُ حَبْسٌ عَلَى الْحَيِّ فعلى القَوْل أَن يَرْجِعَ الْحَبْسُ عَلَى الْمُعَيَّنِ مِلْكًا يَبْطُلُ هَذَا ويصنعان بالدرما أَحَبَّا وَعَلَى الْقَوْلِ إِنَّهُ يَرْجِعُ حَبْسًا تَبْطُلُ السُّكْنَى خَاصَّةً وَتَكُونُ مِلْكًا لَهُمَا حَتَّى يَمُوتَ آخِرُهُمَا فَتَكُونُ عَلَى مَرْجِعِ الْأَحْبَاسِ تَنْبِيهٌ - إِذَا أَسْكَنَهُ هَلْ مِلْكُهُ الْمَنْفَعَةُ أَوْ مِلْكُهُ أَنْ يَنْتَفِعَ كَمَا مَلَّكَ الشَّرْعُ الِانْتِفَاعَ بِالْمَسَاجِدِ وَالرُّبُطِ وَالْمَدَارِسِ وَالطُّرُقَاتِ فَلَهُ الْمُعَاوَضَةُ عَنِ الْمَنْفَعَةِ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَالْجَوَابُ أَنَّ ابْنَ أَبِي زَيْدٍ نَقَلَ فِي النَّوَادِرِ أَنَّ لَهُ فِي الْوَصَايَا إِذَا أَوْصَى لِرِجْلٍ بَغْلَةِ مَسْكَنٍ وَلِآخَرَ بِمَسْكَنٍ آخَرَ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَنْ يَسْكُنَ

وَأَنْ يَسْتَغِلَّ وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ مَلَّكَهُ الْمَنْفَعَة فرع - فِي الْجَوَاهِر إِذا قلت أجرت لَك وَقَالَ الرَّاكِبُ أَعَرْتُ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ شَأْنُهُ عَدَمَ الْكِرَاءِ لِعُلُوِّ قَدْرِهِ وَكَذَلِكَ لَو قلت غصبتنيها فَرْعٌ - فِي الْمُقَدِّمَاتِ أُجْرَةُ حَمْلِ الْعَارِيَّةِ عَلَى الْمُسْتَعِير لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِصَفْوَانَ فِي الْأَدْرِعَةِ اكْفِنَا حَمْلَهَا فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ عَلَيْهِ وَاخْتُلِفَ فِي أُجْرَةِ الرَّدِّ فَقِيلَ عَلَيْهِ لِوُجُوبِ التَّسْلِيمِ عَلَيْهِ وَقِيلَ الْمُعِيرُ لِأَنَّهُ صَنَعَ مَعْرُوفًا فَلَا يَأْخُذُ عَلَيْهِ أَجْرًا وَمَنْفَعَةُ الرَّدِّ تَخْتَصُّ بِهِ بِخِلَافِ النَّقْلِ إِلَى الْمُسْتَعِيرِ فَرْعٌ - قَالَ مِنْ حَقِّ الْمُسْتَعِيرِ الْإِشْهَادُ عَلَى الرَّدِّ وَإِنْ قَبَضَهَا بِغَيْرِ إِشْهَادٍ بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ لِأَنَّ الْعَارِيَّةَ مَضْمُونَةٌ بِخِلَافِهَا فَرْعٌ - قَالَ الْأَبْهَرِيُّ إِذَا مَاتَ الْعَبْدُ الْمُخْدِمُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْخدمَة مَاله لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ أَوْ لِوَرَثَتِهِ وَإِذَا قُتِلَ فَقِيمَتُهُ لِسَيِّدِهِ وَأَرْشُ جِرَاحِهِ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِلرَّقَبَةِ فَإِنْ جنى قبل

الْخِدْمَةِ قِيلَ لِلْمُخْدَمِ افْدِهِ حَتَّى تَخْلُصَ لَكَ الْخِدْمَةُ فَإِنَّ الْجِنَايَةَ تَتَعَلَّقُ بِالْعَبِيدِ فَإِنِ امْتَنَعَ فقد أسقط حَقه من الْخدمَة وبخير السَّيِّد بَين اسلامه وافتتاكه عَلَى قَاعِدَةِ جِنَايَةِ الْعَبِيدِ فَرْعٌ - قَالَ الْأَبْهَرِيُّ إِنْ أَعْمَرَ أَمَةً امْتَنَعَ وَطْؤُهَا لِئَلَّا يَبْطُلَ وَطْءُ السَّيِّدِ الْإِعْمَارِ بِأَنْ يُصَيِّرَهَا أُمَّ وَلَدٍ بِوَطْئِهِ وَالْمُعْمَرُ لَيْسَ مَالِكًا لِلرَّقَبَةِ فَتَحْرُمُ عَلَيْهِمَا فَرْعٌ - قَالَ إِذَا أَعْمَرَ عَبْدًا فَنَفَقَتُهُ حَيَاةُ الْمُعِيرِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ الْمُنْتَفِعُ وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا حَبَسَ عَلَى أُمِّ وَلَدِهِ خَادِمًا فَنَفَقَتُهَا عَلَى الْوَرَثَةِ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ عَلَى قَوْلِهِ الْأَوَّلِ وَإِذَا أَوْصَى بِخِدْمَتِهِ سِنِينَ فَأَوَّلُهَا يَوْمَ مَوْتِهِ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ إِنَّمَا تُعْتَبَرُ بَعْدَ الْمَوْتِ فَرْعٌ - قَالَ وَلَدُ الْمُخْدِمِ مِنْ أَمَتِهِ بِمَنْزِلَتِهِ يَخْدِمُ مَعَهُ كَمَا يَدْخُلُ فِي كِتَابَتِهِ وَتَدْبِيرِهِ وَإِنْ قَتَلَهُ سَيِّدُهُ خَطَأً فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يَضْمَنُ لِنَفْسِهِ أَوْ عَمْدًا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ لِمَنْ أَخْدَمَهُ فِي السِّنِينَ الَّتِي أُعْمِرَ فَيُكْرَى لَهُ عَبْدٌ مِنْهَا يَخْدِمُهُ فَإِنْ لَمْ تَفِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَإِنْ زَادَتْ فَلِلسَّيِّدِ لِأَنَّهُ قَدْ وَفَّى بِالْخِدْمَةِ قَالَ وَالصَّحِيحُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ الْخَطَأُ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ أَفْسَدَ خِدْمَتَهُ خِلَافًا لِقَوْلِ مَالِكٍ الْمُتَقَدِّمِ فَإِنْ أَعْتَقَ نِصْفَ الْمُخْدِمِ عُتِقَ كُلُّهُ لِقُوَّةِ الْعِتْقِ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ وَاسْتُؤْجِرَ مِنْ قِيمَةِ النِّصْفِ كَمَا إِذَا قَتَلَهُ وَوَلَدُ الْمُخْدِمَةِ مَعَهَا يَخْدِمُ فَإِنْ مَاتَتْ بَقِيَ وَلَدُهَا يَخْدِمُ

فَرْعٌ - فِي الْجَوَاهِرِ حُكْمُ الْعَارِيَّةِ اللُّزُومُ وَمَتَّى كَانَتْ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ أَوْ كَانَ لَهَا قَدْرٌ مَعْلُومٌ كَعَارِيَّةِ الدَّابَّةِ إِلَى مَوْضِعِ كَذَا وَالْعَبْد يَبْنِي كَذَا أَوْ يَخِيطُ كَذَا فَهِيَ لَازِمَةٌ فَإِنْ لَمْ يَضْرِبْ أَجَلًا وَلَا كَانَ لَهَا مُدَّة الْقَضَاء لَزِمَتْ بِالْقَوْلِ وَالْقَبُولِ وَيُبْقِيهَا مُدَّةَ انْتِفَاعٍ مَثَلَهَا عِنْد استعارتها وَخَالَفنَا الأيمة وَقَالُوا لَا يَجِبُ التَّسْلِيمُ وَلَا التَّمَادِي بَعْدَهُ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ مَعْدُومَةٌ فَهِيَ كَهِبَةٍ لَمْ تُقْبَضْ عَلَى أَصْلِهِمْ فِي الْهِبَةِ وَسَيَأْتِي تَقْرِيرُهُ فِي الْهِبَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَالْعَارِيَّةُ مَقِيسَةٌ عَلَيْهَا وَقَالَ أَشْهَبُ الْمُعِيرُ بِالْخِيَارِ فِي تَسْلِيمِ ذَلِكَ وَإِنْ سَلَّمَهُ كَانَ لَهُ الرَّدُّ وَإِنْ قَرُبَ قَالَ أَبُو الْفَرَجِ وَأَرَى أَنَّ وَجُوبَهَا بِالْقَوْلِ دون الاقباض إِنَّمَا فِيمَا عدا الْأَرْضين

صفحة فارغة

- كتاب الهبة والصدقة

1 - كتاب الْهِبَة وَالصَّدَََقَة قَالَ صَاحب الْمُقدمَات لَا تفترق الصَّدَقَة وَالْهِبَة إِلَّا فِي حُكْمَيْنِ الِاعْتِصَارِ وَجَوَازِ الرُّجُوعِ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ فَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ فِي الصَّدَقَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ عَلَى ابْنٍ صَغِيرٍ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ الْمَنْعُ إِلَّا لِضَرُورَةٍ نَحْوِ كَوْنِهَا أَمَةً فَتَتْبَعُهَا نَفْسُهُ أَوْ يَحْتَاجُ فَيَأْخُذُهَا لِحَاجَتِهِ - وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَثَانِيهَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِيهَا بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ دُونَ الِاعْتِصَارِ وَثَالِثُهَا الرُّجُوعُ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالِاعْتِصَارِ قِيَاسًا عَلَى الْهِبَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ حَقِيقَتِهِمَا أَنَّ الْهِبَةَ لِلْمُوَاصَلَةِ وَالْوِدَادِ وَالصَّدَقَةَ لابتغاء االثواب عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَإِذَا تَقَرَّرَ اشْتِرَاكُ الصَّدَقَةِ وَالْهِبَةِ فِيمَا عَدَا هَذَيْنِ الْحُكْمَيْنِ فَلْيَكُنِ الْكَلَامُ عَلَيْهِمَا وَاحِدًا وَالنَّظَرُ فِي الْأَرْكَانِ وَالشُّرُوطِ وَالْأَحْكَامِ فَهَذِهِ ثَلَاثَة أنظار النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي الْأَرْكَانِ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ الرُّكْنُ الْأَوَّلُ الْوَاهِب شَرطه أَهْلِيَّةُ التَّبَرُّعِ وَعَدَمُ الْحَجْرِ وَفِي الْكِتَابِ تُمْنَعُ هِبَةُ الْأَبِ مِنْ مَالِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَنَعَ التَّصَرُّفَ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ وَكُلُّ مَنْ وَلِيَ أَمْرًا لَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أحسن لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

مَنْ وَلِيَ مِنْ أُمُورِ النَّاسِ شَيْئًا فَلَمْ يَجْتَهِدْ لَهُمْ وَلَمْ يَنْصَحْ فَالْجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ فَإِنْ تَلِفَ الْمَوْهُوبُ بِهِبَتِهِ ضَمِنَهُ وَإِذَا تَزَوَّجَتِ الْجَارِيَةُ وَلَمْ تَدْخُلْ فَلَا تَجُوزُ صَدَقَتُهَا وَلَا هِبَتُهَا فِي ثُلُثٍ وَلَا غَيْرِهِ حَتَّى تَدْخُلَ وَتَكُونَ رَشِيدَةً فَفِي ثُلُثِهَا وَلَيْسَ بَعْدَ الدُّخُولِ حد مُؤَقّت وَحدهَا الدُّخُول بَان كَانَت تصلحه لمالها قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ عَبْدُ الْحَكَمِ الْبِكْرُ الْبَالِغُ عَلَيْهَا وَلِيٌّ يُبْطِلُ صَنِيعَهَا فِي مَالِهَا وَإِنْ لَمْ يُوَلَّ عَلَيْهَا جَازَ صَنِيعُهَا مِنْ بَيْعٍ وَشِرَاءٍ دُونَ الْعِتْقِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعَطِيَّةِ وَجَوَّزَ سَحْنُونٌ جَمِيعَ صَنِيعِهَا مَا لَمْ يُوَلَّ عَلَيْهَا لِأَنَّ الْبُلُوغَ مَظِنَّةُ الرُّشْدِ قَالَ مَالِكٌ إِذَا تَصَدَّقَتِ الْبِكْرُ عَلَى أَبَوَيْهَا ثمَّ تزوجت وَدخلت لَهَا رَدُّهَا لِأَنَّ تَصَرُّفَهَا غَيْرُ نَافِذٍ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ وَلَوْ أَقَامَتْ بَعْدَ الْبِنَاءِ سِنِينَ فَقَالَتْ مَا علمت أَنه لَا يلْزَمنِي لَهَا الرَّدُّ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا مِمَّا يَجْهَلُهُ النِّسَاءُ وَتَحْلِفُ قَالَ مُطَرِّفٌ وَلَوْ أَجَازَ الزَّوْجُ مَا صنعت قبل الدُّخُول لم يُجزئ لِأَنَّ الْحَجْرَ لِعَدَمِ الْأَهْلِيَّةِ لَا لِحَقِّهِ وَإِنْ مَاتَتِ الْبِكْرُ وَلَمْ تَرُدَّ أَوْ لَمْ تَعْلَمْ لورثتها الرَّدَّ مَا لَمْ تَجُزْهُ بَعْدَ الرُّشْدِ أَوْ تتركه رضى وَلَو مَاتَ العَبْد الَّذِي أعتقت لَمْ يُوَرِّثْ إِلَّا بِالرِّقِّ وَلَا يُوَرِّثُ حُرًّا لِبُطْلَانِ الْعِتْقِ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا وَهَبَ الذِّمِّيُّ لِلذِّمِّيِّ فَلَمْ يَدْفَعْهَا لَهُ حَتَّى بَدَا لَهُ ذَلِك لِعَدَمِ الْحَوْزِ وَقَدْ قِيلَ ذَلِكَ لِلْمُسْلِمِ فَكَيْفَ الذِّمِّيُّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ

كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا قَضَى بِدَفْعِهَا تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْإِسْلَامِ وَضَعَّفَ أَشْهَبُ صَدَقَةَ الذِّمِّيِّ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى مُسْلِمٍ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعَنْوَةِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ قَوْلُهُ فِي الذِّمِّيِّ لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ قِيلَ مَعْنَاهُ إِذَا لَمْ يَتَرَافَعُوا إِلَيْنَا وَلَوْ تَرَاضَوْا لِحُكْمِنَا بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ وَقِيلَ وَإِنْ تَرَافَعُوا قِيَاسًا عَلَى الْعِتْقِ وَلَيْسَ مِنْ بَابِ التَّظَالُمِ فَرْعٌ - قَالَ اللَّخْمِيُّ الْحُرَّةُ مَحْجُورٌ عَلَيْهَا إِذَا تَزَوَّجَتْ فِيمَا يَزِيدُ عَلَى الثُّلُثِ لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ننكح الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ لِدِينِهَا وَنَسَبِهَا وَمَالِهَا وَجِمَالِهَا فَعَلَيْكَ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ وَجَوَّزَ لَهَا الثُّلُثَ كَالْمَرِيضِ وَلَو تَصَدَّقَتْ بِثُلُثٍ ثُمَّ بِثُلُثِ الْبَاقِي وَبَعْدَ مَا بَيَّنَ الصَّدَقَتَيْنِ أَمْضَاهُ مُحَمَّدٌ نَظَرًا لِلْبُعْدِ فَكَأَنَّ الْبَاقِيَ مَالٌ لَمْ يُتَصَدَّقْ مِنْهُ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ لَيْسَ لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي ذَلِكَ الْمَالِ عَطِيَّةٌ إِلَّا أَنْ تُفِيدَ مَالًا آخَرَ قَالَ وَهُوَ أَحْسَنُ فَإِنْ قَرُبَ مَا بَيْنَهُمَا نَحْوَ الْيَوْمَيْنِ بَطَلَ الْجَمِيعُ لِأَنَّهُمَا كَالْعِقْدِ الْوَاحِدِ وَنصف سَنَةٍ مَضَى الْجَمِيعُ أَوْ نَحْوَ الشَّهْرِ مَضَى الأول فَقَط قَالَه أَصْبَغُ قَالَ وَأَرَى أَنْ يَمْضِيَ الْأَوَّلُ وَإِنْ قرب الثَّانِي لِأَنَّهُ فِي أَمْرِ الثَّانِي عَلَى شَكٍّ هَلْ هُوَ رَأْيُ حَدَثٍ أَوْ كَانَتْ مُعْتَقِدَتَهُ أَوَّلًا مَعَ أَنَّ الصَّوَابَ فِي الْعَطِيَّةِ الْوَاحِدَةِ إِذَا جَاوَزَتِ الثُّلُثَ رَدُّ الزَّائِدِ إِلَّا أَنْ تُفِيدَ مَالًا وَلَوْ قِيلَ لَهَا أَنْ تُعْطِيَ جَمِيعَ الْفَائِدَةِ صَحَّ لِأَنَّ الْفَائِدَةَ لَمْ تَخْطُرْ بِبَالِ الزَّوْجِ عِنْدَ الْعَقْدِ وَلَا زَادَ فِي الصَّدَاقِ لِأَجْلِهِ وَقَدْ يَكُونُ لَهُ مُقَالٌ إِذَا كَانَ ذَلِكَ مِيرَاثًا عَنْ أَبِيهَا وَزَادَ فِي الصَّدَاقِ لِيَسَارِ أَبِيهَا فَإِنْ تَحَمَّلَتْ حَمَالَةً بِأَكْثَرِ مِنَ الثُّلُثِ منع لِأَنَّهُ هبة وَجوزهُ عبد الْملك بِعَدَمِ تَعُيُّنِ الْبُلُوغِ لَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ الْمَضْمُونُ مُوسِرًا فَإِن لَزِمَهَا الصَّوْم لعدم النضوض أَو لغيرته

رَجَعَتْ مَتَى تَيَسَّرَ الْأَخْذُ فَإِنْ كَانَ فَقِيرًا جَازَ مِنَ الثُّلُثِ وَسَقَطَ الزَّائِدُ فَرْعٌ - قَالَ الْأَبْهَرِيُّ قَالَ مَالِكٌ إِذَا تَصَدَّقَ الْمَرِيضُ ثُمَّ صَحَّ لَا رُجُوعَ لَهُ لِأَنَّ الْحَجْرَ لِقِيَامِ الْمَانِعِ وَقَدْ ذَهَبَ لَا لِعَدَمِ الْأَهْلِيَّةِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْبَالِغِ الرُّكْن الثَّانِي الْمَوْهُوب لَهُ وَشَرْطُهُ قَبُولُ الْمِلْكِ الرُّكْنُ الثَّالِثُ الْمَوْهُوبُ فَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ كُلُّ مَمْلُوكٍ يَقْبَلُ النَّقْلَ مُبَاحٌ فِي الشَّرْعِ - كَانَ مَعْلُومًا أَوْ مَجْهُولًا فَتَصِحُّ هبة الْآبِق وَالْكَلب والمرهون وَيجْبر الْوَاهِب عَلَى افْتِكَاكِهِ لِجِنَايَتِهِ عَلَى مَا يَقُومُ مَقَامَ الدَّيْنِ وَقِيلَ لَا يُجْبَرُ عَلَى التَّعْجِيلِ إِذَا حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدِ التَّعْجِيلَ وَيُخَيَّرُ الْمُرْتَهَنُ بَيْنَ تَرْكِ الرَّهْنِ فَتَمْضِي الْهِبَةُ أَوْ تَبْقِيَتِهِ إِلَى الْأَجَلِ فَإِذَا حَلَّ وَالْوَاهِبُ مُوسِرٌ قَضَى الدَّيْنَ وَأَخَذَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الرَّهْنَ - جَمْعًا بَيْنَ الْمَصَالِحِ وَإِنْ كَانَ يَجْهَلُ أَنَّ الْهِبَةَ لَا تتمّ إِلَّا بعد التَّعْجِيل بِالدّينِ حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يُجْبَرْ عَلَى التَّعْجِيلِ قَوْلًا وَاحِدًا أَوْ تَصِحُّ هِبَةُ الدَّيْنِ كَرَهْنِهِ وَقَبضه هبة كقبضه رهنا مَعَ اعلام الْمِدْيَانِ بِالْهِبَةِ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ تَجُوزُ فِي قسط من زَيْت جلجانك هَذَا أَوْ تَمْرِ نَخْلَتِكَ قَابِلًا وَيَلْزَمُكَ عَصْرُهُ لِأَنَّكَ الْتَزَمْتَهُ بِالْعَقْدِ وَيَمْتَنِعُ أَنْ تُعْطِيَهُ مَنْ زَيْتٍ غَيْرِهِ خَشْيَةَ التَّأْخِيرِ فِي الطَّعَامِ وَلِتَوَقُّعِ تلف جلجانك فَهُوَ غَرَرٌ أَيْضًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي

كِتَابِ مُحَمَّدٍ عَصَرَهُ عَلَيْهِمَا بِالْحُصَاصِ عَلَى مَا يَخْرُجُ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ إِلَّا الْمَوْهُوبُ فَكُلُّهُ عَلَى الْمَوْهُوبِ لِأَنَّ الْعَقْدَ أَوْجَبَ عَلَيْكَ زَيْتًا لَا عَصْرَهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا دَفَعَ لَهُ مِنْ دُهْنٍ آخَرَ قَرْضًا جَازَ فَإِنْ هَلَكَ الْجُلْجُلَانُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ مِنْهُ رَجَعَ عَلَى الْمَوْهُوبِ وَإِنِ اشْتَرَاهُ بِدُهْنٍ آخَرَ صَحَّ لِأَنَّهُ مُنَاجَزَةٌ أَوْ بِدُهْنٍ لِيَأْخُذَهُ بَعْدَ الْعَصْرِ امْتَنَعَ لِلنِّسَاءِ فَصَارَ لَهُ ثَلَاثُ حَالَاتٍ يَجُوزُ اثْنَانِ وَتَمْتَنِعُ وَاحِدَةٌ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا وَهَبْتَ نَصِيبًا مِنْ دَارٍ لَمْ تُسَمِّهِ فَسَّرْتَهُ بِمَا شِئْت أَو وَرثتك مِنَ الدَّارِ لَا تَدْرِي كَمْ هِيَ صَحَّ أَو عَبدك الْمَأْذُون وَقت اغْتَرَقَهُ دَيْنٌ جَازَ أَوْ عَبْدًا جَانِيًا وَأَنْتَ عَالِمٌ بِجِنَايَتِهِ لَمْ يَنْعَقِدْ إِلَّا أَنْ تَتَحَمَّلَ الْجِنَايَةَ لِأَنَّكَ تُخَيَّرُ بَيْنَ الْفَكِّ وَالتَّسْلِيمِ فَهِبْتُكَ اخْتِيَارٌ لِلْفَكِّ فَإِنِ امْتَنَعْتَ حَلَفْتَ مَا أَرَدْتَ تَحَمُّلَهَا وَالْجِنَايَةُ أَوْلَى لِأَنَّهَا فِي رَقَبَتِهِ مُتَقَدِّمَةً قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا تَصَدَّقَ بِمِيرَاثِهِ ثُمَّ قَالَ كُنْتُ أَظُنُّهُ أَقَلَّ مِنْ هَذَا حَلَفَ إِنْ ظَهَرَ صِدْقُهُ فَإِنْ كَانَ عَارِفًا بمورثه ويسره نَفَذَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مَبْلَغَهُ لِدُخُولِهِ عَلَى ذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَنْفُذُ وَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهَا كَثِيرَةٌ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا تَصَدَّقَ بِمَا يَرِثُ عَلَى ابْنِهِ لَا أَقْضِي عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَهُوَ لَا يَدْرِي مَا يَرِثُ قَالَ أَصْبَغُ إِذَا قَالَ تَصَدَّقْتَ بِمِيرَاثِي وَهُوَ كَذَا مِنَ الْبَقَرِ وَكَذَا مِنِ الْإِبِلِ وَالرَّقِيقِ وَالْعُرُوضِ وَفِي التَّرِكَةِ بَسَاتِينُ لَمْ يَذْكُرْهَا لَهُ مَا نَصَّ دُونَ مَا سَكَتَ عَنْهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ أَرَادَ إِذَا ظَهَرَ لَهُ خِلَافُ مَا أَعْطَى يَخْتَلِفُ حَالُهُ فَإِنْ كَانَ يَرَى أَنَّ لِلْمَوْرُوثِ دَارًا يَعْرِفُهَا فِي مِلْكِهِ فَأَبْدَلَهَا الْمَيِّتُ فِي غَيْبَتِهِ بِأَفْضَلَ فَلَهُ رَدُّ الْجَمِيعِ إِذَا قَصَدَ تِلْكَ الدَّارَ وَإِنْ خَلَّفَ مَالًا حَاضِرًا ثُمَّ طَرَأَ لَهُ مَالٌ لَمْ يَعْلَمْهُ نَفَذَ مَا عَلِمَهُ خَاصَّةً وَإِنْ كَانَ جَمِيع مَاله

حَاضِرًا أَوْ كَانَ يَظُنُّ أَنَّ قَدْرَهُ كَذَا فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ أَكْثَرُ فَهُوَ شَرِيكٌ بِالزَّائِدِ الرُّكْنُ الرَّابِعُ السَّبَبُ النَّاقِلُ وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ صِيغَةُ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ الدَّالَّة عَلَى التَّمْلِيكِ بِغَيْرِ عِوَضٍ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا فِي الدَّلَالَةِ عَلَى ذَلِكَ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ قِيَاسًا عَلَى البيع ولان مَقْصُود الشَّرْع الرضى فَأَي دلّ على مَقْصُود الشَّرْع اعْتبر لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ مَفْهُومُهُ إِذَا طَابَتْ نَفْسُهُ حَلَّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ سَأَلَكَ أَنْ تَهَبَهُ دِينَارًا فَقُلْتَ نَعَمْ ثُمَّ بَدَا لَكَ قَالَ مَالك لَك ذَلِك تَنْبِيه مَذْهَب الشَّافِعِي الْقَبُولُ عَلَى الْفَوْرِ وَظَاهِرُ مَذْهَبِنَا يَجُوزُ عَلَى التَّرَاخِي لِمَا يَأْتِي بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ إِرْسَالِ الْهِبَةِ لِلْمَوْهُوبِ قَبْلَ الْقَبُولِ وَ (ش) يَقُولُ لابد مِنْ تَوْكِيلِ الرَّسُولِ فِي أَنْ يَهَبَ عَنْهُ وَلَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ مَالِكٌ وَقَدْ وَقَعَ لِأَصْحَابِنَا ان للْمَوْهُوب التروي فِي الْقَبُولِ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي الْفُرُوعِ النَّظَرُ الثَّانِي فِي شَرطهَا وَهُوَ الْحَوْز وَقَالَهُ الأيمة كَمَا قُلْنَا فِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْهَدِيَّةِ وَأَصْلُهُ مَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهَبَ ابْنَتَهُ عَائِشَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا جاد عشْرين وسْقا من مَاله بِالْغَابَةِ فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ وَاللَّهِ يَا بُنَيَّةُ مَا مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيَّ غنى بعدِي مِنْك وَلَا أعز عَليّ فقرا بعدِي مِنْك وَإِنِّي كنت نَحَلْتُكِ جَادَّ عِشْرِينَ وَسْقًا فَلَوْ كُنْتِ جَدَدْتِيهِ وَاحْتَزَّتِيهِ كَانَ لَكِ وَإِنَّمَا هُوَ الْيَوْمَ مَالٌ وَارِث وَإِنَّمَا هما أَخَاك وَأُخْتَاكِ فَاقْتَسِمُوهُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَتْ وَالله يَا أَبَت لَوْ كَانَ كَذَا وَكَذَا لَتَرَكْتُهُ إِنَّمَا هِيَ أَسمَاء فَمن الْأُخْرَى فَقَالَ ذُو بَطْنِ بِنْتِ خَارِجَةَ

فَوَائِدُ - قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى قَالَ عِيسَى جَادَّ عشْرين وسْقا أَي جدَاد فَتكون هبة للثمرة أَي وَهبتك عشْرين مجدودة وَقَالَ الأسمعي أَيْ نَخَلًا يَجِدُّ مِنْهَا ذَلِكَ فَتَكُونُ صِفَةً للنخل أَي وَهبتك نخلا تجدين مِنْهُ ذَلِكَ قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ فِيهِ تَفْضِيلُ بَعْضِ الْوَلَدِ وَأَنَّ الْحَوْزَ شَرْطٌ وَجَوَازُ هِبَةِ الْمَشَاعِ قَالَ صَاحب الْبَيَان جَادَّ عِشْرِينَ وَسْقًا بِتَشْدِيدِ الدَّالِّ أَيْ مَا يَجِدُ مِنْهُ ذَلِكَ الْعَدَدَ وَالْوَسْقُ بِكَسْرِ الْوَاوِ الِاسْمُ وَبِالْفَتْحِ الْمَصْدَرُ سُؤَالٌ كَيْفَ يُخْبِرُ عَنْ صِفَةِ حَمْلِ امْرَأَتِهِ وَأَنَّهُ أُنْثَى وَفِي مُسْلِمٍ خمس لَا يعلمهُنَّ إِلَّا الله وتلا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرض تَمُوت} جَوَابُهُ الَّذِي اخْتَصَّ بِهِ اللَّهُ تَعَالَى هُوَ عِلْمُ هَذِهِ بِغَيْرِ سَبَبِ مُحَصِّلٍ لِلْعِلْمِ وَالصِّدِيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قِيلَ عَلِمَ ذَلِكَ بِسَبَبِ مَنَامٍ رَآهُ فَلَا تَنَاقُضَ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ إِنَّمَا كَانَ الْحَوْزُ شَرْطًا فِي الْعَطَاءِ خَشْيَةَ أَنْ يَنْتَفِعَ الْإِنْسَانُ بِمَالِهِ عُمْرَهُ ثُمَّ يُخْرِجَهُ عَنْ وَرَثَتِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَقَدْ تَوَعَّدَ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ يَتَعَدَّى حُدُودَ الْفَرَائِضِ فَقَالَ {تِلْكَ حُدُود الله وَمن يطع الله وَرَسُوله ندخله جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْز الْعَظِيم وَمن يعْص الله وَرَسُوله ويتعد حُدُوده ندخله نَارا خَالِدا فِيهَا وَله عَذَاب مهين} وَفِي الْمَسْأَلَة أَرْبَعَة أَقْوَال لَا

يُشْرَطُ الْحَوْزُ وَيَكْفِي الْقَبُولُ كَالْبَيْعِ وَإِنَّمَا لَمْ يُنْفِذُ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هِبَتَهُ لِأَنَّهَا كَانَتْ مَجْهُولَةً لِأَنَّ بَيْعَ عِشْرِينَ وَسْقًا مُمْتَنِعٌ فَلَو كَانَت مَعْلُومَة لنفذها وَقَالَ (ش) وَالْأَئِمَّةُ لَا تَلْزَمُ الصَّدَقَةُ وَالْهِبَةُ بِالْقَبُولِ وَلَهُ الرُّجُوعُ وَلَا يَقْضِي عَلَيْهِ بَلْ إِنَّمَا يحصل الْملك وَيتَعَلَّق الْحق بِالْقَبْضِ وَالْفرق بَين الْهِبَة فَلَا تملك إِلَّا بِالْقَبْضِ وَيَكْفِي فِي الصَّدَقَةِ الْقَبُولُ لِأَنَّهَا لِلَّهِ تَعَالَى وَالرَّابِعُ قَوْلُ مَالِكٍ قَاعِدَةٌ - الْعُقُودُ النَّاقِلَةُ لِلْأَمْلَاكِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ مِنْهَا مَا شُرِعَ لِدَفْعِ الْحَاجَاتِ وَتَحْصِيلِ الْمُهِمَّاتِ فَشُرِعَ لَازِمًا تَامًّا بِمَجْرَدِهِ مِنْ غَيْرِ اتِّصَالِ قَبْضٍ وَلَا غَيْرِهِ اتِّفَاقًا تَحْقِيقًا لِتِلْكَ الْمَقَاصِدِ الْعَامَّةِ الْمُحْتَاجِ إِلَيْهَا وَمِنْهَا مَا شُرِعَ مَعْرُوفًا عِنْدَ الْمَمَاتِ وَهُوَ الْوَصِيَّةُ فَشُرِعَ الرُّجُوعُ فِيهِ تَرْغِيبًا فِي نَقْلِ الدُّنْيَا لِلْآخِرَةِ حِينَئِذٍ فَإِنَّ الْمُوصِيَ إِذَا عَلِمَ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ لَمْ يَبْقَ لَهُ مَانِعٌ مِنَ الْإِيصَاءِ لِأَنَّهُ إِنْ مَاتَ لَا يَأْسَفُ وَإِنْ عَاشَ لَا يَأْسَفُ بِسَبَبِ الْقُدْرَةِ عَلَى الرُّجُوعِ فَلَوْ مُنِعَ مِنَ الرُّجُوعِ امْتَنَعَ مِنِ الْإِيصَاءِ خَشْيَةَ النَّدَمِ وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ أَيْضًا وَقِسْمٌ اخْتُلِفَ فِيهِ هَلْ يَلْحَقُ بِالْأَوَّلِ أَوِ الثَّانِي وَهُوَ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ وَالْهَدِيَّةُ وَالْعُمْرَى وَالْعَارِيَّةُ وَالْوَقْفُ فَإِذَا لَاحَظْنَا خُلُوَّهَا عَنِ الْعِوَضِ وَالْحَاجَاتِ يَنْبَغِي أَنْ تُلْحَقَ بِالْوَصِيَّةِ وَإِنْ لَاحَظْنَا كَوْنَهَا فِي الْحَيَاةِ الَّتِي هِيَ مَظِنَّةُ الْمُكَافَأَةِ بِأَمْثَالِهَا مِنِ الْهِبَاتِ وَأَنْوَاعِ الثَّنَاءِ وَالْمَحَامِدِ وَكُلِّ ذَلِكَ مِنْ مَقَاصِدِ الْعُقَلَاءِ فِي الْحَيَاةِ فَهِيَ تَقُومُ مَقَامَ الْأَعْرَاضِ فَيَنْبَغِي أَنْ تُلْحَقَ بِالْبَيْعِ أَوْ نُلَاحِظُ تُهْمَةَ إِعْرَاءِ الْمَالِ عَنِ الْوَرَثَةِ مَعَ شُبْهَةِ الْبَيْعِ فَنُوجِبُهَا بِالْعَقْدِ وَنُبْطِلُهَا بِعَدَمِ الْقَبْضِ تَوْفِيَةً بِالشُّبْهَتَيْنِ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ تَجُوزُ فِي نِصْفِ دَارٍ أَوْ عَبْدٍ وَيَحُلُّ مَحَلَّكَ وَيَكُونُ ذَلِك حوزا

وَقَالَهُ (ش) وَأحمد قَالَ اللَّخْمِيّ ومنح سَحْنُونٌ وَكَذَلِكَ الْخِلَافُ فِي الرَّهْنِ وَقَالَ (ح) هِبَةُ الْمَشَاعِ جَائِزَةٌ فِيمَا تَتَعَذَّرُ قِسْمَتُهُ كَالْجَوْهَرِ وَالْحَيَوَانِ وَمُمْتَنِعَةٌ فِيمَا يُمْكِنُ قِسْمَتُهُ لِأَنَّ الْحِيَازَةَ لَا تتمّ إِلَّا بِالْقِسْمَةِ وَلم تحصل هَهُنَا وَلِأَنَّهُ تَتَعَذَّرُ حِيَازَتُهُ فَتَمْتَنِعُ هِبَتُهُ كَصُوفٍ عَلَى ظهر الْحَيَوَان وَلِأَنَّهُ غير معِين فَيمْتَنع كَهِبَة أحد عبيده وبالقاس عَلَى مَا إِذَا قَالَ وَهَبْتُكَ الْيَوْمَ وَغَدًا ملكه فَإِن عدم الْقِسْمَة تُؤدِّي إِلَى المهاباة كَذَلِكَ يَوْمًا بِيَوْمٍ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى جَعْلِ الشَّائِعِ مَسْجِدًا بِجَامِعِ التَّبَرُّعِ وَالْجَوَابِ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ بَلْ يَجُوزُ كَمَا يَجُوزُ فِي الْبَيْعِ بِدُونِ فَسْخِهِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ مَمْنُوعٌ فَإِنَّ عِنْدَنَا تَجُوزُ هِبَةُ الصُّوفِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْغَرَرِ وَالْمَجْهُولِ وَهُوَ الْجَوَابُ عَنِ الثَّالِثِ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّهَا لَمْ تَرْجِعْ إِلَيْهِ فِي غَدٍ بَلْ تملك الْوَاهِبِ مُسْتَمِرٌّ وَكَذَلِكَ الْمَوْهُوبِ وَإِنَّمَا الْمُتَوَزِّعُ عَلَى الْأَيَّام الْمَنَافِع كَمَا يَقُوله فِي الْبَيْعِ سَوَاءً وَعَنِ الْخَامِسِ أَنَّ الشَّائِعَ لَا يَحْصُلُ فِيهِ مَقْصُودُ الْمَسْجِدِ فَإِنَّ الصَّلَاةَ فِي غَيْرِ الْمُتَعَيَّنِ مُتَعَذِّرَةٌ بِخِلَافِ الِانْتِفَاعِ بِالشَّائِعِ بِالْبيعِ وَالْإِجَارَة والسكن على سَبِيل المهاباة ثمَّ يتَأَكَّد مَا يتَأَكَّد قُلْنَاهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِلا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يعْفُو الَّذِي بِيَدِهِ عقدَة النِّكَاح} فَتَقَعُ الْهِبَةُ فِي نِصْفِ الصَّدَاقِ شَائِعًا وَقَدْ تَكُونُ تُقَسَّمُ وَلَا تَنْقَسِمُ وَفِي الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهَبَ هَوَازِنَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مِمَّا غَنِمَ مِنْهُمْ وَحَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْمُتَقَدِّمُ فَإِنَّ الثَّمَرَ الْمَوْهُوبَ كَانَ شَائِعًا فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ مَوْتُ الْوَاهِبِ يُبْطِلُ الْهِبَةَ لِلْأَجْنَبِيِّ لِأَنَّهُ أَرَادَ إِخْرَاجَ وَصِيَّتَهُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَإِخْرَاجَ حَقِّ الْوَرَثَةِ مِنْهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ كُلُّ صَدَقَةٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ

نِحْلَةٍ أَوْ عُمْرَى أَوْ هِبَةٍ لِغَيْرِ ثَوَابٍ بِمَوْتِ الْمُعْطِي أَوْ بِفَلْسٍ أَوْ بِمَرَضٍ قَبْلَ الْحَوْزِ تَبْطُلُ إِلَّا أَنْ يَصِحَّ فَتُحَازُ عَنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَ الْقَبْضَ فِي الْمَرَضِ فَعَن مَالك يمْنَع لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْوَارِثِ وَلِأَثَرِ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَالَ أَشْهَبُ يُقْضَى لَهُ الْآنَ بِثُلُثِهَا لِأَنَّ أَقَلَّ الْأَحْوَالِ أَنْ تَكُونَ تَبَرُّعًا فَإِنْ صَحَّ فَلَهُ الْبَاقِي وَلَا أَرَى قَوْلَ مَنْ قَالَ بحوزها كُلُّهُا مِنَ الثُّلُثِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَأَظُنُّ جَوَابَهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا لَمْ يَتْرُكْ غَيْرَهَا وَلِذَلِكَ قَالَ ثُلُثُهَا قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَإِذَا اسْتَدَانَ وَأَحَاطَ بِمَالِهِ وَبِالصَّدَقَةِ فَالدَّيْنُ أَوْلَى وَقَالَ أَصْبَغُ الصَّدَقَةُ أَوْلَى مِنَ الدَّيْنِ الْمُسْتَحْدَثِ بَعْدَهَا كَتَقَدُّمِ الْعِتْقِ عَلَى الدَّيْنِ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ خَيْرٌ بِخِلَافِهَا وَإِذَا مَاتَ الْمَوْهُوبُ فَوَرَثَتُهُ مَقَامَهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا مَاتَ الْوَاهِبُ وَالطَّالِبُ يَجِدُّ فِي الطَّلَبِ غَيْرُ تَارِكٍ لِسَعْيِهِ فِي طَلَبِ الْبَيِّنَةِ فَهُوَ حَوْزٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَيْسَ بِحَوْزٍ وَتَبْطُلُ وَإِنْ جُنَّ الْوَاهِبُ بَطَلَتْ إِنِ اتَّصَلَ جُنُونُهُ بِالْمَوْتِ وَإِلَّا فَلَا قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى إِذَا اجْتَهَدَ فِي طَلَبِ الْآبِقِ فَلَمْ يَجِدْهُ إِلَّا بَعْدَ مَوْتِ الْوَاهِبِ نَفَذَ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِيَدِ الْمُعْطِي وَالْإِشْهَادُ والطلب كَاف للدّين - قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَإِحَاطَةُ الدَّيْنِ بِالْمَالِ تَمْنَعُ الْهِبَةَ - وَلَوْ حِيزَتْ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِمَا فِي يَدَيْهِ وَجَوَّزَهُ (ش) لِكَوْنِهِ يَتَصَرَّفُ فِي ملكه فرع - فَفِي الْكِتَابِ قُلْتَ لَهُ ادْفَعْ لِفُلَانٍ مِائَةً صِلَةً مِنِّي فَمَاتَ الْآمِرُ قَبْلَ دَفْعِ الْمَأْمُورِ أَوْ بُعِثْتَ بِهَدِيَّةٍ فَمُتَّ قَبْلَ وُصُولِهَا فَإِنْ كُنْتَ أَشْهَدْتَ فِي الصُّورَتَيْنِ نَفَذَتَا وَإِلَّا فَلَا وَكَذَلِكَ إِنْ تَصَدَّقْتَ بِدَيْنٍ لَكَ وَلَوْ سُقْتَ صَدَاقًا فَمُتَّ قَبْلَ قَبْضِ الْمَرْأَةِ فَهُوَ لَازِمٌ وَقَالَ غَيْرُهُ إِذَا مُتَّ قَبْلَ وُصُولِ الْمِائَةِ فَلَا شَيْءَ لِلْمُعْطِي وَكُلُّ مَعْرُوفٍ إِذَا أَشْهَدْتَ بِهِ لَزِمَكَ عِنْدَ مَالِكٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَكَذَلِكَ إِن

وَهَبْتَ فَبُعِثَتِ الْهِبَةُ لِلْمَوْهُوبِ بِرِضَاهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا ثُمَّ مُتَّ صَحَّتِ الْهِبَةُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُشْتَرِي بِهَا فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَا تُفِيدُ حِيَازَةُ الْأَخِ وَلَا أَحَدٍ غَيْرِ الْمَوْهُوبِ إِلَّا فِي أَرْبَعِ صُوَرٍ الرَّجُلُ يَتَصَدَّقُ بِالثَّوْبِ فِي السَّفَرِ وَالْحَاجُّ يَشْتَرِي لِأَهْلِهِ أَشْيَاءَ وَيُشْهِدُ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَا يَكْفِي الذِّكْرُ دُونَ الْإِشْهَادِ وَالْحَبْسُ الَّذِي لَا غَلَّةَ لَهُ كَالسِّلَاحِ إِذَا أَخْرَجَهُ مَرَّةً فِيمَا جُعِلَ فِيهِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى يَدِهِ فَهُوَ نَافِذٌ وَالدَّارُ يَتَصَدَّقُ بِهَا فَيَحُوزُونَهَا نَحْوَ سَنَةٍ ثُمَّ يَكْتَرِيهَا فَيَسْكُنُهَا فَيَمُوتُ فِيهَا تَنْفُذُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ فَأَمَّا عَلَى مَنْ لَمْ يُولَدْ بَعْدُ أَوْ عَلَى أَصَاغِرَ فَلَا وَإِنْ حَازَ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ حَتَّى يَكْبُرَ الْأَصَاغِرُ وَيَحُوزُوا نَحْوَ سَنَةٍ ثُمَّ يَكْتَرِيهَا فَيَمُوتُ فِيهَا فَتَنْفُذُ وَإِنْ كُرِهَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ رُجُوعٌ فِي الصَّدَقَةِ قَالَ هَذَا كُلَّهُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ لَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مَالِكٌ إِذَا أَشْهَدَ أَنَّ هَذِهِ الضَّحَايَا لِأَهْلِهِ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ الذَّبْحِ فَهِيَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ فَهِيَ مِيرَاثٌ وَمَنْ بَعَثَ بِهَدَايَا أَوْ صِلَةٍ لِرَجُلٍ ثُمَّ مَاتَ الْبَاعِثُ وَالْمَبْعُوثُ لَهُ قَبْلَ وُصُولِهَا رَجَعَتْ إِلَى الْبَاعِثِ أَوْ وَرَثَتِهِ إِلَّا أَن يشْهد على انفاذها فتنفذ - وان مَاتَ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ قَبَضَهَا رِسَالَةً فَلَا شَيْءَ لِلْمُعْطَى مَاتَ أَوْ مَاتَ الْمُعْطِي وَذَلِكَ حِيَازَةٌ لِلْغَائِبِ وَإِنْ تَصَدَّقَ عَلَى غَائِبٍ وَجَعَلَهَا عَلَى يَدِ غَيْرِهِ ثُمَّ مَاتَ فَإِنْ قَالَ لَهُ لَا تعطه إِيَّاهَا حَتَّى آمُرَكَ بَطَلَتْ أَوْ قَالَ حَتَّى أَمُوتَ فَهِيَ مِنَ الثُّلُثِ وَإِنْ قَالَ أُوْصِلْهَا إِلَيْهِ وَأَشْهَدُ لَهُ بِهَا أَوْ قَالَ خُذْهَا لَهُ فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ خُذْهَا فَعَلَى الْخِلَافِ الْمُتَقَدَّمِ وَإِنْ عَلِمَ الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ فَقَالَ اتْرُكْهَا لِي عِنْدَكَ فَمِنْ رَأْسِ المَال لِأَنَّهُ قبض وايداع وَسكت عَنْ دَفْعِهَا وَحَبْسِهَا فَفِي إِمْضَائِهَا قَوْلَانِ لَهُ وَرَجَعَ إِلَى أَنَّهَا سَاقِطَةٌ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا اشْتَرَيْتَ هَدِيَّةً لِأَهْلِكَ فِي سَفَرِكَ مِنْ كِسْوَةٍ وَغَيْرِهَا وَمُتَّ قَبْلَ الْوُصُولِ فَهِيَ لِمَنِ

اشْتَرَيْتَ - إِنْ أَشْهَدْتَ وَإِلَّا فَمِيرَاثٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنَّمَا هَذَا إِذَا اشْتَرَاهُ لِصِغَارِ وَلَدِهِ وَأَبْكَارِ بَنَاتِهِ لِأَنَّهُ يَحُوزُ لَهُم وَقيل إِذا أَشْهَدَ عَلَى الْمَالِ وَاشْتَرَى بِهِ الْهَدَايَا تَمَّتْ لِأَنَّهُ نقل عَنِ الْمَالِ الَّذِي وَهَبَهُ وَإِنْ أَشْهَدَ عَلَى الْهَدِيَّةِ فَلَا بُدَّ مِنَ الْخُرُوجِ عَنْ يَدِهِ إِلَى غَيْرِهِ قَالَ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ بَلْ يَكْفِي الْإِشْهَادُ لِأَنَّ الْمُسَافِرَ مَعْذُورٌ فَيَكُونُ حَوْزَهُ الْإِشْهَادُ كَمَا كَانَ حَوْزُ الرِّقَابِ حَوْزَ الْمَنَافِعِ وَالثِّمَارِ لِلضَّرُورَةِ وَلَوْ طَلَبَ الْمُرْسَلُ اسْتِرْجَاعَ الصَّدَقَةِ مِنَ الرَّسُولِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا يَكْفِي مُشْتَرِيَ الْهَدِيَّةِ فِي الْحَجِّ هَذَا لِابْنِي وَهَذَا لِابْنَتِي حَتَّى يُشْهِدَ وَلَا يَكْفِيَ سَماع ذَلِك حَتَّى يَظْهَرَ عَزْمُهُ بِذَلِكَ بِالْإِشْهَادِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَات مسئلة مَا يَشْتَرِيهِ فِي الْحَجِّ لِأَهْلِهِ الْمُرَادُ بِهِ الزَّوْجَاتُ وَالْبَنُونَ وَغَيْرُهُمْ كِبَارًا كَانُوا أَوْ صِغَارًا تَنْبِيهٌ - فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَهُوَ يُبْطِلُ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ أَنَّهُمْ صِغَارُ وَلَدِهِ وَإِلَّا لَمْ يَخْتَصَّ ذَلِكَ بِحَجٍّ وَلَا سَفَرٍ وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِ بَعْضِهِمْ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنه وهب العبن وَاشْتَرَى بِهَا لِأَنَّ الشِّرَاءَ يَقُومُ مَقَامَ الْحَوْزِ بَلِ الْعِلَّةُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ عَدَمُ التَّفْرِيطِ فِي الْحَوْزِ فَتَكُونُ هَذِهِ الصُّوَرُ ثَمَانِيَةً تَنْفُذُ بهَا الْعَطِيَّةُ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهَا الْمُعْطَى فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا أَضَافَ الْآخِذُ الْمُعْطَى أَوْ أخْفى عِنْدَهُ فِي دَارِ الْهِبَةِ فَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ لِأَنَّهَا فِي حَوْزِ الْآخِذِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا حَازَهَا الْمُعْطِي حَتَّى مَاتَ بَطَلَتِ الْعَطِيَّةُ وَحِيَازَةُ الْآخِذِ الْمُتَقَدِّمَةُ وَإِنْ طَالَتْ لَا تُفِيدُ كِتَابَةُ الْآخِذِ كِتَابًا أَنَّهُ أَسْكَنَهُ إِيَّاهَا بِأُجْرَةٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا حَازَهَا الْآخِذُ سَنَةً لَا يَضُرُّ حَوْزُ

الْمُعْطِي بَعْدَ ذَلِكَ نَظَائِرُ - قَالَ أَبُو عِمْرَانَ السّنة مُعْتَبرَة فِي أَربع عشرَة مسئلة حَوْزُ الْهِبَةِ بِخِلَافِ الرَّهْنِ وَتَعْرِيفُ اللُّقَطَةِ وَالْعَبْدُ الْآبِقُ يُحْبَسُ سَنَةً ثُمَّ يُبَاعُ وَالْمَجْنُونُ يُسْتَتَمُّ لَهُ سَنَةً وَالْمُعْتَرِضُ وَالْعُهْدَةُ الْكُبْرَى فِي الرَّقِيقِ وَعِدَّةُ الْمُسْتَحَاضَةِ وَالْمُرْتَابَةِ وَالْمَرِيضَةِ وَالشُّفْعَةُ عَلَى رَأْيِ أَشْهَبَ وَابْنِ الْقَاسِمِ يَزِيدُ الشَّهْرَيْنِ وَالْيَتِيمَةُ تَمْكُثُ بَعْدَ الدُّخُولِ سَنَةً ثُمَّ يُخْتَبَرُ رُشْدُهَا وَالْجُرْحُ لَا يُحْكَمُ فِيهِ إِلَّا بَعْدَ سَنَةٍ وَالْبُرْءُ لِتَمْضِيَ عَلَيْهِ الْفُصُولُ كَالْمُعْتَرِضِ وَإِذَا شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدٌ بِالطَّلَاقِ فَلَمْ يَحْلِفْ يُحْبَسُ سَنَةً وَالْمُوصَى بِعِتْقِهِ فَيَمْتَنِعُ أَهْلُهُ مِنْ بَيْعِهِ يَنْتَظِرُ سَنَةً فَإِنْ بَاعُوهُ عَتَقَ بِالْوَصِيَّةِ فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَكْفِي فِي حَوْزِ الدَّارِ دَفْعُ الْمِفْتَاحِ وَالْبَرَاءَةُ مِنْهَا إِذَا كَانَتْ حَاضِرَةً بِالْبَلَدِ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا بَاعَ الْمُتَصَدِّقُ الدَّارَ قَبْلَ الْحَوْزِ وَقَدْ كَانَ عَلِمَ الْآخَرُ بِالصَّدَقَةِ فَلَمْ يَقْبِضْ حَتَّى بِيعَتْ تَمَّ الْبَيْعُ وَالثَّمَنُ لِلْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِالْبَيْعِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلَهُ نَقْضُ الْبَيْعِ فِي حَيَاةِ الْوَاهِبِ وَأَخْذُهَا فَإِنْ مَاتَ الْوَاهِبُ قَبْلَ الْقَبْض بطلت الْعَطِيَّة بِبيعِهِ أَوْ لَمْ يَبِعْ وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا خَرَجَتْ مِنْ مِلْكِ الْمُعْطِي بِوَجْهٍ مَا أَوْ حِيزَتْ عَلَيْهِ فَلَيْسَ لِلْمُعْطَى لَهُ شَيْءٌ وَكُلُّ صَدَقَةٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ عَطِيَّةٍ بَتَلَهَا مَرِيض لرجل بِعَيْنِه أَو لمساكين فَلَمْ تَخْرُجْ مِنْ يَدِهِ حَتَّى مَاتَ فَهِيَ فِي ثُلُثِهِ كَوَصَايَاهُ وَحُكْمُ ذَلِكَ وَحُكْمُ الْعِتْقِ الْإِيقَافُ لِيَصِحَّ فَيَتِمُّ أَوْ يَمُوتُ فَتَكُونُ مِنَ الثُّلُثِ وَلَا يَتِمُّ فِيهِ قَبْضٌ لِلْقَابِضِ فِي الْمَرَضِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْوَارِثِ وَلَيْسَ لَقَابِضِهِ

أَكْلُ غَلَّتِهِ وَلَا رُجُوعَ لِلْمَرِيضِ فِيهِ لِأَنَّهُ بتله بِخِلَاف الْوَصِيَّة وَلَا يتعجل الْمَوْهُوب قَبضه الاعلى أَحَدِ قَوْلَيْ مَالِكٍ فِي الْمَرِيضِ لَهُ مَالٌ مَأْمُونٌ فَيَنْفُذُ مَا بُتِلَ مِنْ عِتْقٍ وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ يُؤمن قُصُورُهُ عَنِ الثُّلُثِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ أَعْتَقَ الْعَبْدَ مُعْطِيهِ قَبْلَ الْحَوْزِ بَطَلَتِ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ وَالْإِخْدَامُ حَيَاتَهُ - عَلِمَ الْآخِذُ بِالْعَطِيَّةِ أَمْ لَا وَكَذَلِكَ لَوْ أَحْبَلَ الْأَمَةَ وَتَرَدَّدَ قَوْلُهُ فِي أَخْذِ قِيمَتِهَا لَأَنَّ هَذِهِ أَسْبَابٌ تَامَّةٌ وَالْهِبَةُ قَبْلَ الْحَوْزِ ضَعِيفَةٌ وَلَوْ قَتَلَ الْعَبْدَ أَجْنَبِيٌّ فَالْقِيمَةُ لِلْمَوْهُوبِ لِأَنَّهَا تَقُومُ مَقَامَ الْعَيْنِ وَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ قِيمَةً وَقَالَ أَصْبَغُ لَا تُرَدُّ الْكِتَابَةُ وَلَا التَّدْبِيرُ وَلَا الْعتْق إِلَى أجل ولاشيء لِلْمُعْطِي لِقُوَّةِ هَذِهِ الْأُمُورِ وَضِعْفِ الْهِبَةِ قَبْلَ الْحَوْزِ فَيَتَقَدَّمُ الْأَقْوَى وَإِنْ عَجَزَ الْمَكَاتَبُ فَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ يُرَدُّ الْعِتْقُ وَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ فِي الإبلاد إِنْ قَصَدَ إِبْطَالَ الصَّدَقَةِ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ إِبْطَالِهَا وَلَوْ وَهَبَهُ لِآخَرَ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ فَالْأَوَّلُ أَحَقُّ بِسَبْقِهِ - وَلَوْ حَازَهُ الْآخَرُ مَا لَمْ يَمُتِ الْوَاهِبُ وَقَالَ أَشْهَبُ الثَّانِي أَحَقُّ لِضَعْفِ سَبَبِ الْأَوَّلِ بِعَدَمِ الْحَوْزِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا عَلِمَ الْأَوَّلُ فَلَا شَيْءَ لَهُ إِذَا حَازَهُ الْآخَرُ لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ وَإِلَّا فَهُوَ أَحَقُّ لِسَبْقِهِ مَا لَمْ يَمُتِ الْوَاهِبُ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا عَلِمَ الْمَوْهُوبُ فَلَمْ يَقْبِضْ حَتَّى بَاعَهَا الْوَاهِبُ نَفَذَ الْبَيْعُ وَالثَّمَنُ لِلْمَوْهُوبِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ رُدَّ الْبَيْعُ إِلَّا أَنْ يَمُوتَ الْوَاهِبُ قَبْلَ الْعِلْمِ بَعْدَ الْبَيْعِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُرَدُّ الْمَوْهُوبُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَلَوْ رَهَنَهَا ثُمَّ مَاتَ ثَبَتَ الرَّهْنُ وَبَطَلَتْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَوْ بَاعَهَا الْمَوْهُوبُ فَلَمْ يَقْبِضْهَا الْمُشْتَرِي حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ أَنَّ الْبَيْعَ حِيَازَةٌ وَقَالَ أَصْبَغُ لَيْسَ الْبَيْعُ بِحِيَازَةٍ وَلَا غَيْرُهُ إِلَّا الْعِتْقَ وَحْدَهُ وَلَوْ وَهَبَهَا الْمَوْهُوبُ ثُمَّ مَاتَ قَالَ مَالِكٌ لَا تَكُونُ الْهِبَةُ حَوْزًا لِاحْتِيَاجِهَا لِلْحِيَازَةِ فَرْعٌ - تَصَدَّقْتَ عَلَى وَلَدِكَ الصَّغِيرِ بِدَيْنٍ ثُمَّ اقْتَضَيْتَهُ صَحَّ حَوْزًا قَالَهُ مَالِكٌ بِخِلَافِ الدَّنَانِيرِ تَتَصَدَّقُ بِهَا عَلَيْهِ وَتَبْقَى تَحْتَ يَدِكَ وَالْفَرْقُ أَنَّ الدَّيْنَ قَدْ حِيزَ مُدَّةً حِيَازَةً تَامَّةً قَبْلَ قَبْضِكَ كَمَا لَوْ جَعَلْتَ الدَّنَانِيرَ تَحْتَ يَدِ غَيْرِكَ ثُمَّ حَدَثَ لَكَ مَوْتٌ أَوْ سَفَرٌ فَتَقْبِضُهَا أَنْتَ لِأَجْلِ السَّفَرِ فَذَلِكَ حَوْزٌ وَلَوْ تَصَدَّقْتَ بِالدَّيْنِ عَلَى أَجْنَبِيٍّ فَقَبَضْتَهُ فَإِنْ عَلِمَ الْغَرِيمُ بِالصَّدَقَةِ قبل الدّفع ضمن الْمُعْطِي وَإِلَّا رَجَعَ الْمُعْطَى عَلَى الْمُعْطِي فَرْعٌ - قَالَ التُّونِسِيُّ الصَّدَقَةُ فِي الْمَرَضِ لَا تَحْتَاجُ إِلَى حِيَازَةٍ لِأَنَّهَا مِنَ الثُّلُثِ كَالْوَصِيَّةِ فَلَوْ وَهَبَ مَرِيضٌ لِمَرِيضٍ هِبَةً لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا ثُمَّ وَهَبَهَا الْمَوْهُوبُ لِلْمَوْهُوبِ فِي مَرَضِهِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تُقَسَّمُ مِنْ تِسْعَةٍ ثَلَاثَةٌ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ أَوَّلًا مِنْهَا وَاحِدٌ لِلْوَاهِبِ الْأَوَّلِ قَالَ وَهَذَا السَّهْمُ يَلْزَمُ مِنْهُ الدَّوْرُ لِأَنَّكَ إِذَا أَعْطَيْتَهُ لِوَرَثَةِ الْأَوَّلِ كَثُرَ ثُلُثُهُ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِمْ وَرَثَةُ الثَّانِي فِي ثُلُثِهِ كَمَالَ تَجَدُّدٍ لِأَنَّ هِبَةَ الْبَتْلِ تَدْخُلُ فِيمَا عُلِمَ وَمَا لَمْ يُعْلَمْ ثُمَّ يَقُومُ عَلَيْهِمْ وَرَثَةُ الْأَوَّلِ فِي ثُلُثِ ثُلُثِهِ فَيَدُورُ هَكَذَا حَتَّى يُقْطَعَ وَلَمَّا كَانَ كَذَلِكَ سَقَطَ مِنَ الدَّوْرَيْنِ وَيَكُونُ الْمَالُ ثَمَانِيَةً سِتَّةٌ لِوَرَثَةِ الْأَوَّلِ وَاثْنَانِ لِوَرَثَةِ الثَّانِي فَرْعٌ - قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ لَمْ يُفَرِّطْ فِي الْقَبْضِ فَهِيَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَعَنْهُ تَبْطُلُ لِأَنَّهُ مَرِيضٌ وَلَمْ يَجْعَلْهَا وَصِيَّةً وَإِنْ فَرَّطَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تَخْرُجُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَلَا مِنْ ثُلُثٍ وَعَلَى قَوْلِهِ فِي الْعِتْقِ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ فِي ثُلُثِهِ تَخْرُجُ الصَّدَقَةُ مِنَ الثُّلُثِ فَإِنْ لَمْ تُقَمْ عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ بِفَوْرِ الصَّدَقَةِ فَقِيلَ تَبْطُلُ وَقِيلَ تَصِحُّ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِعَدَمِ التَّفْرِيطِ فِي الْحَوْزِ فَإِنْ صَحَّ لَمْ تَخْرُجْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَلَا مِنَ الثُّلُثِ لِتَقَدُّمِ حَوْزِ الْوَرَثَةِ عَلَى حَوْزِ الْمُتَصَدِّقِ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا تَصَدَّقْتَ عَلَى رَجُلٍ بِدَرَاهِمَ وَجَعَلْتَهَا عَلَى يَدِ غَيْرِهِ وَالْمُعْطَى حَاضِرٌ عَالِمٌ جَائِزُ الْأَمْرِ وَلَمْ يَقُمْ وَلَمْ يَقْبِضْ حَتَّى مُتَّ نَفَذَتْ إِنْ لَمْ تَنْهَ الَّذِي هِيَ عَلَى يَدَيْهِ عَنْ دَفْعِهَا إِلَيْهِ إِلَّا بِأَمْرِكَ لِأَنَّ قَبْضَ الْغَيْرِ حَوْزٌ لَهُ فَإِنْ قُلْتَ لِلْغَيْرِ ذَلِكَ فَلِوَرَثَتِكَ لِأَنَّهُ حَوْزٌ لَكَ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ وَإِنْ دَفَعْتَ مَالًا يُفَرَّقُ فِي الْفُقَرَاءِ أَو فِي سَبِيل الله وَقد قُبِلَ إِنْفَاذِهِ وَقَدْ أَشْهَدْتَ نَفَذَتْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِاسْتِقْلَالِ الْحَوْزِ وَإِنْ لَمْ تُشْهِدْ فَالْبَاقِي مِنْهُ لورثتك لعدم الْحَوْز وَلَوْ فُرِّقَ الْبَاقِي بَعْدَ مَوْتِكَ ضَمِنَهُ لِوَرَثَتِكَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا جُعِلَ الْحَبْسُ عَلَى يَدِ رَجُلٍ وَالْمُحْبَسُ عَلَيْهِمْ كِبَارٌ جَازَ لِأَنَّكَ حَوَّزْتَهُ لَهُمْ فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا وَهَبْتَ نِصْفَ عَبْدِكَ فَحَوْزُهُ أَنْ يَخْدِمَهُ يَوْمًا وَيَخْدِمَكَ يَوْمًا وَعَبْدُ الْغَلَّةِ تُؤَجِّرَانِهِ جَمِيعًا وَتَقْتَسِمَانِ الْغَلَّةَ فَإِنْ وَهَبْتَ شِقْصًا لَكَ فِيهِ لَا يَبْقَى بِيَدِكَ مِنْهُ شَيْءٌ بَلْ جَمِيعُهُ إِمَّا بِيَدِ الشَّرِيكِ أَوْ بِيَدِ الْمُعْطَى أَوْ بِأَيْدِيهِمَا تَحْقِيقًا لِلْحَوْزِ وَإِنْ سَلَّمْتَ نَصِيبَكَ وَاكْتَرَيْتَ نَصِيبَ شَرِيكِكَ بَطَلَتِ الْهِبَةُ لِعَدَمِ الْحَوْزِ بِاسْتِيلَائِكَ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ بِخِلَافِ بَقَائِكَ شَرِيكًا لِأَنَّهُ ضَرُورَةٌ فَرْعٌ - قَالَ إِذَا وَهَبْتَهُ مِيرَاثَكَ فِي قَرْيَةٍ مَشَاعًا فَعَمِلَ فِيهَا بِقَدْرِ حِصَّتِهِ فَهُوَ حَوْزٌ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ فِي امْرَأَةٍ تَصَدَّقَتْ عَلَى زَوْجِهَا بِمِيرَاثِهَا مِنْ دَارٍ مَشَاعًا فَبَنَى فِي نَاحِيَةٍ مِنْهَا وَسَكَنَ بِغَيْرِ مُقَاسَمَةٍ بَطَلَتْ إِلَّا أَنْ يُصَالِحَهُ الشُّرَكَاءُ فَيَبْقَوْنَ بِنَاحِيَةٍ وَهُوَ بِنَاحِيَةٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَحُزْ نَصِيبَهُ كَمَا وَهَبَتْهُ مَشَاعًا قَالَ أَصْبَغُ إِلَّا الْمَوْضِعَ الَّذِي بَنَى فِيهِ صَحَّ الْحَوْزُ فِيهِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ لَمْ يَكُنْ بَنَى لِلْمَرْأَةِ فِيهَا شَيْئًا فَهُوَ حوز لخروجها

عَنْهَا وَإِلَّا فَكَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ وَهَبْتَ سَهْمًا فِي أَرْضٍ فَعَمَّرَ الْمُعْطَى قَدْرَ حِصَّتِكَ بِحَضْرَةِ الْبَاقِينَ أَوْ لِاسْتِغْنَائِهِمْ أَوْ ضَعْفِهِمْ عَنِ الْعَمَلِ لَا يَكُونُ لَهُ إِلَّا نَصِيبُهُ فِيمَا عَمَّرَ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُسَلِّمُوا ذَلِكَ إِلَيْهِ قَالَ وَلَوْ تَصَدَّقَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ بِنَاحِيَةٍ قَبْلَ قِسْمَةِ الْأَرْضِ تُقَسَّمُ الْأَرْضُ إِنْ وَقَعَتْ تِلْكَ النَّاحِيَةُ لِلْمُتَصَدِّقِ فَهِيَ لِلْمُعْطَى وَإِلَّا بَطَلَتِ الصَّدَقَةُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ التَّعْوِيضُ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ إِنَّمَا تَنَاوَلَتْ مُعَيَّنًا فَتَبْطُلُ بِبُطْلَانِهِ كَالْبَيْعِ وَإِنْ وَقَعَ بَعْضُهَا فَهِيَ لِلْمُعْطَى لَهُ فَإِنْ قَالَ أُقَاسِمُكُمْ هَذِهِ النَّاحِيَة وَهِي تحمل الْقِسْمَةَ وَامْتَنَعَ الْوَرَثَةُ فَإِنْ كَانَتْ فِي جَوْدَتِهَا وَرَدَائَتِهَا مِثْلَ بَقِيَّةِ الْأَرْضِ أُجِيبَ فَيَأْخُذُ مِنْهَا حِصَّتَهُ وَإِنْ كَانَتْ تُضَافُ إِلَى جُمْلَةِ الْأَرْضِ فِي الْحُكْمِ قُسِّمَ الْجَمِيعُ كَمَا تَقَدَّمَ فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا خَرَجْتَ لِلسَّائِلِ بِالْكِسْرَةِ أَوْ بِالدِّرْهَمِ فَلَمْ تَجِدْهُ أَرَى أَنْ تُعْطِيَ لِغَيْرِهِ تَكْمِيلًا لِلْمَعْرُوفِ وَإِنْ وَجَدْتَهُ وَلَمْ يَقْبَلْ فَهُوَ أَوْلَى مِنَ الْأَوَّلِ لِتَأْكِيدِ الْعَزْمِ بِالدَّفْعِ فَرْعٌ - قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مَالِكٌ إِذَا تَصَدَّقَ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ أَوْ يَتِيمٍ يَلِي عَلَيْهِ بِمِائَةٍ مِنْ غَنَمِهِ وَلَمْ يَفْرِزْهَا حَتَّى مَاتَ فَذَلِكَ جَائِزٌ وَهُوَ شَرِيكٌ بِحِصَّتِهِ وَلَهُ النَّمَاءُ وَالنُّقْصَانُ وَعَنْهُ إِنْ لَمْ يَفْرِزْهَا أَو يسمهَا برسم امْتَنَعَ لِعَدَمِ الْحَوْزِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ سَمَّاهُ جَازَتْ إِذَا عُرِفَتْ كَذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ غَائِبَةً عَنْ شُهُودِهِ إِذَا كَانَ فِي حِجْرِهِ وَجَوَّزَ ابْنُ الْقَاسِمِ الصَّدَقَةَ بِعِدَّةٍ مَنْ نَخْلِهِ يَكُونُ شَرِيكًا وَاخْتُلِفَ إِذَا حَبَسَ أَوْ تَصَدَّقَ بِعَبْدٍ أَوْ حَائِطٍ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ فَلَمْ يَحُزِ الْأَجْنَبِيُّ حَتَّى مَاتَ الْمُعْطِي قَالَ مَالِكٌ الْحَبْسُ بَاطِلٌ لِعَدَمِ حَوْزِ الْأَجْنَبِيِّ أَوِ الْكَبِيرِ إِنْ كَانَ مَعَ

الصَّغِيرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ الْهِبَةُ وَعَنْ مَالِكٍ الصِّحَّةُ فِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ دُونَ الْحَبْسِ لِامْتِنَاعِ الْقِسْمَةِ فِيهِ لِأَنَّهَا بَيْعٌ وَعَنْهُ إِنْ عَلِمَ فِي الْحَبْسِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْأَبَ حَازَ وَمَنَعَ نَفْسَهُ مِنَ الْمَنَافِعِ جَازَ نَصِيبُ الِابْنِ وَلَا خِلَافَ أَنَّ نَصِيبَ الْأَجْنَبِيِّ بَاطِلٌ لِعَدَمِ الْحَوْزِ وَكُلُّ هَذَا رَاجِعٌ إِلَى الْخِلَافِ فِي هِبَةِ الْمَشَاعِ هَلْ تَجُوزُ أَمْ لَا فَعَلَى الْقَوْلِ بِالْجَوَازِ يَصِحُّ نَصِيبُ الصَّغِيرِ لِأَنَّهُ لَوْ قَامَ الْأَجْنَبِيُّ بِالْحَوْزِ كَانَتْ يَدُ الْأَبِ مَعَهُ عَلَى الْهِبَةِ وَالْحَبْسِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْمَنْعِ يَبْطُلُ نَصِيبُ الصَّغِيرِ لِأَنَّهُ لَوْ قَامَ الْأَجْنَبِيُّ بِالْحَوْزِ لَرَجَعَتْ يَدُ الْأَبِ عَلَى الْجَمِيعِ وَلَوْ جَعَلَ ذَلِك بيد أَجْنَبِي أَوْ يَجْعَلُ مَعَهُ مَنْ يَحُوزُ لِلصَّغِيرِ فَهُوَ بِمَنْزِلَة من تصدق على ولد لَهُ صَغِير عَلَى أَنْ لَا يَحُوزَ لَهُ وَأَنَّ الْحَائِزَ لَهُ فُلَانٌ فَلَمْ يَحُزْ فُلَانٌ حَتَّى مَاتَ الْأَبُ فَإِنَّ الْحَبْسَ يَرْجِعُ مِيرَاثًا بِخِلَافِ الصَّدَقَةِ لِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّ لَوْ قَامَ بِالصَّدَقَةِ لَقَالَ لَهُ الْأَبُ أَنَا أُقَاسِمُكَ أَوْ أَبِيعُ مَعَكَ لِوَلَدِي وَلَا تَرْجِعْ وَأَلْحَقَ مَرَّةً الصَّدَقَةَ بِالْحَبْسِ وَرَأَى أَنَّ مِنْ حَقِّ الْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَكُونَ حَبْسًا عَلَى يَدَيْهِ فَرْعٌ - قَالَ التُّونِسِيُّ إِذَا تَصَدَّقَ بِعَبْدِهِ عَلَى أَنَّ لَهُ خَمْسَةَ أَيَّامٍ مِنْ كل شهر جوزه ابْن كنانبة لِأَنَّهُ تَصَدَّقَ بِخَمْسَةِ أَسْدَاسِ الْعَبْدِ وَقَدْ حَازَهَا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ كَانَتْ صَدَقَةً امْتَنَعَ أَوْ حَبْسًا جَازَ قَالَ وَالْأَوَّلُ الصَّوَابُ وَلَوْ دُعِيَ لِلْبَيْعِ جُبِرَ عَلَيْهِ وَسُدْسُ الثَّمَنِ لِلْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ وَإِنْ أَرَادَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُ كَانَ شَرَطَ عَلَيْهِ فِي الْخَمْسَةِ الْأَسْدَاسِ عَدَمَ الْبَيْعِ فَخَرَجَ عَلَى مَنْ وَهَبَ عَلَى أَنْ لَا يَبِيعَ الْمَوْهُوبُ وَلَا يَهَبَ امْتَنَعَ ذَلِكَ لِلْحَجْرِ وَيُقَالُ إِمَّا أَنْ تَطْرَحَ الشَّرْطَ أَوْ تُرْجِعَ الْهِبَة

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ لَيْسَ حَوْزُ الْغَاصِبِ وَلَا الْمُرْتِهِنِ وَلَا خَلِيفَتِكَ عَلَى دَارِكَ وَلَا الْمُسْتَأْجِرِ حَوْزًا لِلْمَوْهُوبِ إِلَّا أَنْ يُسَلِّمَ إِلَيْهِ إِجَارَتَهُ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ قَبَضُوا لِغَيْرِ الْمَوْهُوبِ بَلْ لِأَنْفُسِهِمْ بِخِلَافِ قَبْضِ الْمُخْدَمِ وَالْمُعَارِ إِلَى أَجَلٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ قَبْضُ الْغَاصِبِ قَبْضٌ لِلْمَوْهُوبِ لِأَنَّهُ ضَامِنٌ فَهُوَ كَالدَّيْنِ عَلَيْهِ فَيَجُوزُ إِذَا أَشْهَدَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَوْ وَهَبَكَ وَدِيعَةً بِيَدِكَ وَلَمْ تَقُلْ قَبِلْتُ حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ فَذَلِكَ لِوَرَثَتِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ ذَلِكَ قَبْضٌ لَكَ إِلَّا أَنْ تَقُولَ لَا أَقْبَلُ لِأَنَّهُ مِنْ حِينِ الْهِبَةِ صَارَتْ فِي حَوْزِكَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَشْهَدَ أَنَّ وَدِيعَتَهُ لِفُلَانٍ هِبَةٌ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِقَبْضِهَا ثُمَّ مَاتَ الْمُتَصَدِّقُ قَبْلَ قَبْضِ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ إِنْ عَلِمَ الْمُوْدَعُ فَهِيَ جَائِزَةٌ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ قَابِضًا لِلْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ وَلَو دَفعهَا الْوَاهِبَ ضَمِنَهَا وَلَيْسَ لِلْمُودِعِ أَخْذُهَا وَقَالَ مَالِكٌ إِذا بعد بطلت لِأَنَّهُ لم يجزه ذَلِكَ فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَوْ وَهَبَكَ دَيْنَهُ عَلَيْكَ فَقُلْتَ قَبِلْتُ سَقَطَ الدَّيْنُ أَوْ لَا أَقْبَلُ بَقِيَ عَلَى حَالِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ يَسْقُطُ إِنْ لَمْ يَعْلَمْ قَاعِدَةٌ - التَّصَرُّفَاتُ تَنْقَسِمُ إِلَى الْإِسْقَاطِ بِغَيْرِ نَقْلٍ - كَالطَّلَاقِ فَإِنَّهُ يُسْقِطُ الْعِصْمَةَ وَلَا يَنْقُلُهَا لِلْمَرْأَةِ وَكَالْعِتْقِ يُسْقِطُ الْمِلْكَ وَلَا يَنْقُلُهُ لِلْعَبْدِ وَإِلَى نَقْلٍ إِمَّا بَعِوَضٍ كَالْبَيْعِ أَوْ بِغَيْرِ عِوَضٍ كَالْهِبَةِ وَنَحْوِهَا فَمَا كَانَ اساقطاً لَا يَفْتَقِرُ إِلَى الْقَبُولِ إِجْمَاعًا وَمَا كَانَ نَقْلًا افْتَقَرَ إِلَى الْقَبُولِ إِجْمَاعًا وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْإِبْرَاءِ هَلْ هُوَ إِسْقَاطٌ فَلَا يَفْتَقِرُ إِلَى الْقَبُولِ أَوْ نَقْلُ مِلْكٍ فَيَفْتَقِرُ إِلَيْهِ فَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ مَنْشَأُ الْخِلَافِ وَبِالْأَوَّلِ قَالَ (ش) وَأحمد فرع - قَالَ قَالَ سَحْنُون إِن أَعْطَيْتَ غَلَّةَ كَرْمِكَ أَوْ سُكْنَى دَارِكَ سِنِينَ لرجل

وَتَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَى ابْنِكَ الصَّغِيرِ فَحَوْزُ الرَّجُلِ حَوْزٌ لَهُ وَلِابْنِكَ إِنْ كَانَ الْجَمِيعُ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ وَالْإِشْهَادُ عَلَيْهِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا أَعْمَرْتَ رَجُلًا دَارَكَ وَتَصَدَّقْتَ بِهَا عَلَى آخَرَ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ فَحِيَازَةُ الْمُعْمِرِ حِيَازَةٌ لِلْمَوْهُوبِ وَكَذَلِكَ فِي إِخْدَامِ الْعَبْدِ وَلَوْ قُتِلَ الْعَبْدُ فَقِيمَتُهُ لِلْمَوْهُوبِ فَإِنْ تَقَدَّمَ الْإِعْمَارُ ثُمَّ تَصَدَّقْتَ بِهَا إِنْ رَجَعَتْ وَأَنْتَ حَيٌّ فَهِيَ لِلْمَوْهُوبِ أَوْ مَيِّتٌ أَوْ مَرِيضٌ أَوْ مُفْلِسٌ فَلَا شَيْءَ لِلْمَوْهُوبِ وَكَذَلِكَ الْمُخْدِمُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ ذَلِكَ حِيَازَةٌ فِي الْوَجْهَيْنِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يَكُونُ حَوْزُ الْمُخْدِمِ حَوْزًا لِلْمَوْهُوبِ إِذَا تَأَخَّرَتِ الْهِبَةُ بَعْدَ الْإِخْدَامِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا حوز لِنَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ فِي فَوْرٍ فَهُوَ حَوْزٌ لَهُمَا لِأَنَّكَ أَقْبَضْتَهُ لَهُمَا وَقَالَ أَشْهَبُ الْمُسْتَأْجِرُ جَائِز وَإِنْ لَمْ تُسَلَّمِ الْإِجَارَةُ لَهُ لِأَنَّهُ كَمَا حَاز الرَّقَبَة لنَفسِهِ لِيَسْتَوْفِيَ مِنْهَا الْمَنَافِعَ مَنْسُوبَةً إِلَيْكَ يَحُوزُهَا مَنْسُوبَةً لِلْمَوْهُوبِ مَعَ بَقَاءِ الْإِجَارَةِ عِنْدَكَ فِي الْوَجْهَيْنِ وَالْمُخْدِمُ عَلَى وَجْهَيْنِ إِنْ وُهِبَ الرَّقَبَةَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْخِدْمَةِ لَمْ يَكُنْ حَوْزًا لِأَنَّ الْمُخْدَمَ يَحُوزُهُ لِنَفْسِهِ وَإِنْ قُتِلَ فَالْقِيمَةُ لِصَاحِبِهِ الْأَوَّلِ وان جعل لَهُ الرَّقَبَة من الأول فَإِنْ كَانَتْ نَفَقَتُهُ عَلَى سَيِّدِهِ بَطَلَتِ الْهِبَةُ لِعَدَمِ الْحَوْزِ وَإِنْ شَرَطَهَا عَلَى الْمَوْهُوبِ فَسَدَتْ أَيْضا للغرر لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي هَلْ يَحْصُلُ قُبَالَةَ نَفَقَتِهِ شَيْءٌ أَمْ لَا وَإِنْ كَانَتْ نَفَقَتُهُ قَبْلَ الْهِبَةِ عَلَى الْمُخْدِمِ جَازَ كَالْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ لِأَنَّ الْوَاهِبَ رَفَعَ يَدَهُ عَنْهُ إِلَّا أَنْ يَرْضَى الْمُخْدَمُ بِحَوْزِهِ فَيَجُوزُ بِخِلَافِ فَضْلَةِ الرَّهْنِ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ حَقُّهُ فِي الرَّهْنِ وَقِيمَتِهِ وَالْمُخْدِمَ فِي الْمَنَافِعِ فَحَوْزُهُ لِرَقَبَةِ الْمَوْهُوبِ لَا يُنَاقِضُهُ وَإِذَا لَمْ يَعْلَمِ الْمُودِعُ لَا يَكُونُ حَوْزُهُ حَوْزًا بِخِلَافِ الْمُخْدِمِ لِأَنَّ الْمُوْدِعَ قَبَضَهُ لِرَبِّهِ وَالْمُخْدِمَ قَبَضَهُ لِنَفْسِهِ فَلَا يَدَ لِرَبِّهِ عَلَيْهِ وَلَا لِوَكِيلِهِ وَإِنْ قَالَ الْمُودِعُ أَنَا أَحُوزُهُ لِلْمَوْهُوبِ كَانَ حَوْزًا أَوْ قَالَ بَلْ لِلْوَاهِبِ لَمْ يكن حوزا وَلَا أَحُوزُهُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَعَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي الْمَغْصُوبِ فَإِنْ وَهَبْتَ نِصْفَهُ وَرَضِيَ الْمُودِعُ أَنْ يَحُوزَ لَهُ نِصْفَهُ فَقِيلَ حَوْزٌ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَيْسَ بجوز لِعَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنَ الْحَوْزِ قَالَ التُّونِسِيُّ لَا يعْتَبر

ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى الْمُخْدِمِ وَالْمُسْتَعِيرِ لِأَنَّهُمَا حَازَا لِأَنْفُسِهِمَا وَلَوْ قَالَا لَا نَحُوزُ لِلْمَوْهُوبِ لَمْ يلْتَفت إِلَيْهِمَا إِلَّا أَن يبطلا مَالهمَا مِنَ الْمَنَافِعِ وَهُمَا غَيْرُ قَادِرِينَ عَلَى ذَلِكَ لِتَقْدِيرِ قَبُولِهِمَا وَإِذَا وَهَبْتَهُ أَرْضًا غَائِبَةً فَخَرَجَ مُبَادِرًا فَمَاتَ الْوَاهِبُ قَبْلَ الْقَبْضِ ذَلِكَ حَوْزٌ لِعَدَمِ التَّفْرِيطِ قَالَهُ أَشْهَبُ وَخَالَفَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الْأَرْضَ لَوْ حَضَرَتْ أَمْكَنَ قَبْضُهَا وَقَالَ عبد الْمَالِك الْإِشْهَادُ فِي الْعَبْدِ الْآبِقِ حَوْزٌ وَإِنْ مَاتَ الْمُعْطَى قَبْلَ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ الْمُمْكِنُ فِيهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَمْتَنِعَ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَوْ بَاعَ الْمَوْهُوبُ الْهِبَةَ فِي يَدِ الْوَاهِبِ فَهُوَ حوز عِنْد عبد الْمَالِك خِلَافًا لِأَصْبَغَ لِأَنَّ الْقَابِضَ الْمُشْتَرِي وَهُوَ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إِلَى حِيَازَةٍ قَالَ التُّونِسِيُّ إِذَا غَابَ الْوَاهِبُ قَالَ مُطَرِّفٌ لَا يَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِدَفْعِهَا لِلْمَوْهُوبِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا مِنَ الْحُقُوقِ لِأَنَّا لَا نَعْلَمُ حَالَهُ عِنْدَ الْحُكْمِ فَلَعَلَّهُ مَاتَ أَوْ مَرِضَ أَوْ ادَّانَ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ دَافَعَ عَنْ حِيَازَتِهَا مُدَافِعٌ حُكِمَ لَهُ بِهَا بعد الاستيناء إِلَّا أَنْ يَثْبُتَ أَنَّهُ مَاتَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ حُدُوثِ الْمَوَانِعِ وَقَالَ أَصْبَغُ تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ وَيُوقَفُ لِيُنْظَرَ مَوْتُهُ فَتُدْفَعُ لِلْوَارِثِ أَوْ حَيَاتَهُ فتدفع لَهُ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ تَجُوزُ هِبَةُ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ قَبْلَ الصَّلَاحِ وَمَا تَلِدُ أَمَتُكَ أَوْ غَنَمُكَ أَوْ مَا فِي ضُرُوعِهَا أَوْ عَلَى ظُهُورِهَا مِنْ صُوفٍ وَحَوْزُهُ بِحَوْزِ الْأُصُولِ وَالْأَمَةِ وَالْأَرْضِ وَعَلَيْكَ تَسْلِيمُ ذَلِكَ إِلَيْهِ وَالسَّقْيُ عَلَيْهِ لِتُسَلِّمَهُ مَالَهُ وَحَوْزُ الْخِدْمَةِ بِحَوْزِ الْعَبْدِ وَالسُّكْنَى بِحَوْزِ الدَّارِ وَبِحَوْزِ ثَمَرَةِ النَّخْلِ عِشْرِينَ سَنَةً وَمَا تَلِدُ أَمَتُكَ وَيَكْفِي حَوْزُ الْأَصْلِ لِأَنَّهُ الْمُمْكِنُ أَوْ يَحُوزُهُ أَجْنَبِيٌّ وَمَنَعَ (ش) وَأَحْمَدُ هِبَةَ الْمَجْهُولِ وَوَافَقَنَا عَلَى الْوَصِيَّةِ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَيْهَا قَاعِدَةٌ - الْعُقُودُ مِنْهَا مُشْتَمِلٌ عَلَى الْمُعَاوَضَةِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَغَيْرُ مُشْتَمِلٍ

عَلَيْهَا كَالْوَصِيَّةِ وَالْهِبَةِ وَالْإِبْرَاءِ وَمُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْفِئَتَيْنِ كَالنِّكَاحِ فَإِنَّهُ تُشْتَرَطُ فِيهِ الْمَالِيَّةُ وَهِيَ غَيْرُ مَقْصُودَة فِي الْمُوَاصَلَةُ وَالْمُكَارَمَةُ فَحَصَلَ الشَّبَهَانِ وَوَرَدَ الشَّرْعُ بِالنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ وَالْمَجْهُولِ صَوْنًا لِلْمَالِيَّةِ عَنِ الضَّيَاعِ فِي أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ أَوْ فِي كِلَيْهِمَا لِأَنَّ مَقْصُودَهُ تَنْمِيَةُ الْأَمْوَالِ وَهُمَا مَحِلَّانِ لِذَلِكَ فَنَاقَضَا الْعَقْدَ فَلِذَلِكَ نُهِيَ عَنْهُمَا وَمَا لَا مُعَاوضَة فِيهِ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ عَنْ قَصْدِ التَّنْمِيَةِ بَلْ هُوَ مَمْحَقَةٌ لِلْمَالِ فَلَا يُنَاقِضُهُ الْغَرَرُ وَالْجَهَالَةُ فَلِذَلِكَ جَوَّزْنَاهُمَا فِي ذَلِكَ فَإِنْ قَاسَ الْخَصْمُ عَلَى البيع فَالْفرق عقيم كَمَا تَرَى فَيَتَعَيَّنُ أَنَّ الْحَقَّ مَعَنَا وَلِهَذَا السِّرِّ جَوَّزْنَا الْغَرَرَ وَالْجَهَالَةَ فِي الْخُلْعِ مُطْلَقًا وَجَوَّزْنَا فِي صَدَاقِ النِّكَاحِ وَمَا خَفَّ مِنْهُمَا لِتَوَسُّطِهِ بَيْنَ الْقِسْمَيْنِ وَسَّطْنَاهُ فِيهِمَا فَعَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ تَتَخَرَّجُ فُرُوعُ الْمَذْهَبِ وَتَظْهَرُ مِنْهَا الْفُرُوقُ بَين الْأَبْوَابِ وَيَظْهَرُ أَنَّ الْحَقَّ قَوْلُ مَالِكٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ نَظَائِرُ - قَالَ الْعَبْدِيُّ يَجُوزُ الْغَرَرُ فِي خَمْسِ مَسَائِلَ الْهِبَةُ وَالْحَمَالَةُ وَالرَّهْنُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إِلَّا فِي الْجَنِينِ كَرِهَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَجَازَهُ مَالِكٌ وَالْخُلْعُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقِيلَ يُكْرَهُ وَقِيلَ يُفْسَخُ وَلَهُ خُلْعُ الْمِثْلِ وَالصُّلْحُ فِي الْعَمْدِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَمَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَافَقَ أَشْهَبُ فِي الْحَوْزِ الْمُتَقَدَّمِ إِلَّا مَا فِي بُطُونِ الْأُمَّهَاتِ فَإِنَّهُ جَوَّزَ الْهِبَةَ فِيهِ وَلَا بُدَّ مِنْ قَبْضِ الْمَوْهُوبِ لِأَنَّ الْعِتْقَ فِيهِ لَا يَتِمُّ حَتَّى يَخْرُجَ فَكَذَلِكَ الْهِبَةُ وَقَدْ تُبَاعُ الْأُمُّ قَبْلَ ذَلِكَ فِي دَيْنٍ يَحْدُثُ وَيَجُوزُ بَيْعُ الْأُصُولِ وَتَبْقَى لَهُ الثَّمَرَةُ وَلَا يَبْقَى لَهُ الْجَنِينُ قَالَ مُحَمَّدٌ وَهُوَ الصَّوَابُ وَإِنْ وَهَبَكَ أَرْضًا فَحَوْزُهَا بِأَنْ تُكْرِيَهَا أَوْ تَحْرُثَهَا وتغلق عَلَيْهَا غَلْقًا فَإِنْ أَمْكَنَكَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَلَمْ تَفْعَلْهُ حَتَّى مَاتَ الْمُعْطِي فَلَا شَيْءَ لَكَ وَإِنْ كَانَتْ يَتَعَذَّرُ فِيهَا ذَلِكَ كُلُّهُ وَمَاتَ فَهِيَ نَافِذَةٌ وَحَوْزُهَا بِالْإِشْهَادِ وَلَوْ كَانَتِ الدَّارُ حَاضِرَةً أَوْ غَائِبَةً فَلَمْ يَحُزْهَا حَتَّى مَاتَ بَطَلَتْ وَإِنْ لَمْ يُفَرِّطْ لِأَنَّ لَهَا وَجها تحازبه وَإِذا قلت فِي الأَرْض الغاصبة قَبِلْتُ وَحُزْتُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ حَوْزًا لِأَنَّ الْإِخْبَارَ عَنِ الطَّهَارَةِ لَا يَقُومُ مَقَامَ

الطَّهَارَةِ وَهُوَ كَالشَّهَادَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ كَمَا قَالَهُ فِي الْكِتَابِ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ فِي كَوْنِ حَوْزِ الرِّقَابِ حَوْزًا لِلْهِبَةِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ حَوْزٌ وَلَيْسَ بِحَوْزٍ وَقَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَحَوْزٌ إِنْ كَانَ فِيهَا ثَمَرٌ وَفِي الْأُمَّهَاتِ حَمْلٌ وَإِلَّا فَلَا قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَتَفْرِقَةُ أَشْهَبَ الْمُتَقَدِّمَةِ فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَا يَكْفِي الْإِقْرَارُ بِالْحَوْزِ وَلَا إِلَّا شهاد عَلَيْهِ لِمَا تَقَدَّمَ فَرْعٌ - قَالَ وَيَكْفِي قَوْلُكُ قَبِلْتُ فِيمَا فِي يَدِكَ وَإِنْ لَمْ تَقُلْ قبلت حَتَّى مَاتَ بطلت وَقَالَ غَيْرُهُ ذَلِكَ حَوْزٌ وَقَالَ (ش) لَا بُدَّ بَعْدَ الْقَبُولِ مِنْ زَمَانٍ يَتَأَتَّى فِيهِ الْقَبْضُ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ يَكْفِي الْقَبُولَ تَمْهِيدٌ - الْقَبْضُ إِنَّمَا اشْتُرِطَ عِنْدَنَا لِنَفْيِ التُّهْمَةِ لِئَلَّا يَنْتَفِعَ الْإِنْسَانُ بِمَالِهِ عُمْرَهُ وَيُخْرِجُهُ عَنْ وَرَثَتِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ فَلِذَلِكَ كَفَى الْإِشْهَادُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ وَحَوْزِ الْأَجْنَبِيِّ وَاسْتُغْنِيَ عَنْهُ فِي الْمُودِعِ وَالْغَاصِبِ وَنَحْوِهِمَا لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِدُونِهِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ هُوَ سَبَبُ انْتِقَالِ الْمِلْكِ وَتُوَجَّهُ الْحُجَّةُ لِلْمَوْهُوبِ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى الْبَيْعِ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا وَهَبَ عَبْدًا لِابْنِهِ الصَّغِيرِ وَأَجْنَبِيٍّ فَلَمْ يَقْبِضِ الْأَجْنَبِيُّ حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ بَطَلَتْ كَمَا لوحبس عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَمَاتَ قَبْلَ قَبْضِ الْكَبِيرِ بِخِلَافِ مَا حَبَسَ عَلَيْهِمْ وَهُمْ صِغَارٌ كُلُّهُمْ لِأَنَّهُ يَحُوزُ لَهُمْ وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا تَصَدَّقَ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ مَعَ الْكَبِيرِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ يَصِحُّ نَصِيبُ الصَّغِيرِ بِحَوْزِ وَالِدِهِ وَيَبْطُلُ مَا سِوَاهُ لِعَدَمِ الْحَوْزِ وَفِي الْحَبْسِ يَبْطُلُ الْجَمِيعُ لِتَعَذُّرِ الْقِسْمَةِ

قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ قِيلَ الْخِلَافُ فِي الصَّدَقَةِ وَالْحَبْسِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي حَوْزِ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ مَعَ الْمُتَصَدِّقِ فِيمَا بَيْنَهُمَا فِيهِ شَرِكَةٌ فعلى القَوْل بِالصِّحَّةِ يَصح هَهُنَا لِلصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْبُطْلَانِ يَبْطُلُ وَعَنْهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْحَبْسِ وَالصَّدَقَةِ فِي جَوَازِ حِصَّةِ الصَّغِيرِ إِذَا مَيَّزَهُ الْأَبُ وَمَنَعَ نَفْسَهُ مِنْ مَنَافِعِهِ قَالَ التُّونِسِيُّ إِذَا سَكَنَ دَارَ ابْنِهِ الصَّغِيرِ فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا حَتَّى بَاعَهَا وَلَمْ يقبضهَا المُشْتَرِي حَتَّى مَاتَ الْوَاهِب الثّمن لِلْوَلَدِ وَنَفَذَتِ الْهِبَةُ لِأَنَّهُ مَاتَ فِي دَارِ الْمُشْتَرِي وَسَوَاءٌ بَاعَهَا بِاسْمِ ابْنِهِ أَوْ جَهِلَ ذَلِكَ وَلَوْ تَصَدَّقَ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ عَلَى أَنَّهُ يَحُوزُ غَيْرُهُ وَبَقِيَتْ فِي يَدِهِ حَتَّى مَاتَ بطلت لِأَنَّهُ لم يحوزها وَلَوْ جَعَلَهَا عَلَى يَدِ غَيْرِهِ ثُمَّ ارْتَجَعَهَا بَطَلَتْ إِلَّا أَنْ يُشْهِدَ أَنِّي لَمْ أَرْتَجِعْهَا إِلَّا لِأُحَوِّزَهَا لِوَلَدِي وَفَعَلَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَوْلَى بالحوز من غَيره أَو لَيْسَ ذَلِك إِلَّا أَنْ يَطْرَأَ مَا يُوجِبُ إِزَالَةَ يَدِ الْأَجْنَبِيِّ نَفْيًا لِلَّبْسِ فِي الْحَوْزِ قَوْلَانِ وَأَصْوَبُ الْأَقْوَالِ إِنْ كَانَتْ مِمَّا يَحُوزُهَا الْأَبُ لَيْسَتْ دَنَانِيرَ وَلَا طَعَامًا أَنَّهُ حَوْزٌ وَإِنْ كَانَتْ دَنَانِيرَ أَوْ مَا لَا يُحَوِّزُهُ الْأَبُ لِوَلَدِهِ لَمْ يَكُنْ حَوْزًا وَلَوْ قَالَ خِدْمَةُ عَبْدِي لِوَلَدِي وَرَقَبَتُهُ لِفُلَانٍ وَحَازَهُ الْأَبُ لِوَلَدِهِ ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ لَمْ تَصِحْ لِفُلَانٍ رَقَبَتُهُ لِبَقَاءِ يَدِ الْأَبِ عَلَيْهَا فَرْعٌ - قَالَ التُّونِسِيُّ إِذَا تصدق عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ بِدَارٍ وَأَشْهَدَ ثُمَّ مَاتَ فَقَالَ الْكِبَارُ كَانَ سَاكِنًا فِيهَا وَقَالَ الصَّغِيرُ لَمْ يَسْكُنْ فَهِيَ عَلَى الْحَوْزِ حَتَّى يَثْبُتَ خِلَافُهُ لِأَنَّ أَصْلَ التَّصَرُّفَاتِ حَمْلُهَا عَلَى الصِّحَّةِ وَلِأَنَّ ظَاهِرَ حَالِ الْأَبِ فِي شَفَقَتِهِ تَحْصِيلُ مَصْلَحَةِ الْوَلَدِ فَإِنْ وُجِدَ بِيَدِ الْكِبَارِ بَعْدَ الْمَوْت شَيْء وَقَامَت الْبَيِّنَة على صدقته وَجُهِلَ وَقْتُ حَوْزِهِمْ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا بُدَّ مِنَ الْبَيِّنَةِ عَلَى حَوْزِهِمْ قَبْلَ الْمَوْتِ وَالْفَلْسِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ تَقَدُّمِ الْحَوْزِ وَقِيلَ لَا لِأَنَّ الْيَدَ دَلِيلُ الْمِلْكِ وَقَدْ قِيلَ إِذَا ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ زَوْجَهَا أَعْطَاهَا عَبَدًا فِي صَدَاقِهَا وَثَبَتَ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ وَجَهِلَ التَّارِيخَ فَهِيَ أَوْلَى إِنْ كَانَ فِي يَدِهَا وَإِلَّا عُتِقَ قَالَ وَيُشْبِهُ أَنْ تَمْلِكَ نِصْفَهُ وَيُعْتَقَ نِصْفُهُ كَمَا لَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ أَوْصَى بِعِتْقِهِ وَأثبت الآخر أَنَّهُ أَوْصَى لَهُ

بِهِ وَجَهِلَ تَارِيخَ الْإِشْهَادِ قِيلَ يُعْتَقُ بِالْقِيمَةِ لِضَرُورَةِ تَسَاوِي الدَّعَاوِي فَرْعٌ - قَالَ وَإِذَا تَصَدَّقَ بِالْعَبْدِ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ فَكَانَ يَخْدِمُ الْأَبَ وَرُبَّمَا خَدَمَ الِابْنَ جَعَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ مُحَوَّزًا وَمَنَعَ أَشْهَبُ قَالَ وَهُوَ أَشْبَهُ لِأَنَّ جُلَّ الْمَنَافِعِ إِذَا بَقِيَتْ لِلْأَبِ لَمْ يَكُنْ حَوْزًا إِلَّا أَنْ يُرِيدَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُ مِمَّنْ يُؤَجِّرُ فَتَكُونُ الْأُجْرَةُ لِلِابْنِ وَخِدْمَةُ الْأَبِ كَانَتْ يَسِيرَةً فَرْعٌ - قَالَ إِذَا تَصَدَّقَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْآخَرِ بِفَرْشِ الْبَيْتِ أَوْ بِخَادِمٍ جَازَ إِذَا أَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَيْسَ الْمَسْكَنُ كَذَلِكَ بَلْ إِنْ تَصَدَّقَتْ بِهِ عَلَيْهِ كَانَ حَوْزًا لَهُ لِأَنَّ عَلَيْهِ إِسْكَانَهَا بِخِلَافِهِ لِأَنَّهُ بَاقٍ فِي يَدَيْهِ وَعَنْ مَالِكٍ فِي الْخَادِمِ وَالْفَرْشِ أَنَّهُ ضَعِيفٌ قَالَ وَالْحَقُّ التَّسْوِيَةُ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إِخْدَامُهَا وَمَا يُصْلِحُهَا فَإِذَا مُنِعَ فِي صَدَقَتِهِ عَلَيْهَا لِأَجْلِ الْحَوْزِ فِي الدَّارِ فَكَذَلِكَ غَيْرُهُ إِلَّا أَنَّ الصِّحَّةَ فِي الْخَادِمِ وَالْفَرْشِ إِنَّمَا تَكُونُ لِضَرُورَةِ بَقَائِهِ فِي يَدِ الْوَاهِبِ كَمَا قيل فِي هَدِيَّةِ الْمُسَافِرِ وَالْأَضَاحِيِّ وَغَيْرِهَا فَرْعٌ - قَالَ لَوْ وَهَبَ لَحَاضَرٍ وَغَائِبٍ فَحَازَ الْحَاضِرُ الْجَمِيعَ لَهُمَا صَحَّ لِارْتِفَاعِ يَدِ الْوَاهِبِ وَلَوْ قُسِّمَ نِصْفُهُ فَحَازَهُ الْحَاضِرُ وَأَبْقَى نَصِيبَ الْغَائِبِ لَمْ يَحُزْ حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ بَطَلَ نَصِيبُ الْغَائِبِ لِعَدَمِ الْحَوْزِ فَرْعٌ - قَالَ إِذَا وَهَبَ أَحَدَ الشُّرَكَاءِ فِي الْأَرْضِ جِهَةً مُعِينَةً قُسِّمَتِ الْأَرْضُ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنْ صَارَ لِلْوَاهِبِ مَا وَهَبَ سَلَّمَهُ أَوْ غَيْرُهُ بَطَلَتِ الْهِبَةُ لِعَدَمِ مُصَادَفَةِ الْعَقْدِ مِلْكًا وَقِيلَ يُعَوَّضُ عَنْهُ لِأَنَّ الْعَقْدَ اقْتَضَى ذَلِكَ الْحَوْزَ وَهُوَ عَاوِضٌ عَنْهُ فِي الْقِسْمَةِ فَيُعْطِيهُ ذَلِكَ الْعِوَضَ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى أَنَّ الْقِسْمَةَ بَيْعٌ

اتَّجَهَ هَذَا أَوْ تَمْيِيزُ حَقٍّ اتَّجَهَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الْغَيْبَ انْكَشَفَ عَلَى أَنَّ حَقَّهُ هَذَا الَّذِي لَمْ يَهَبُهُ فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا أَعْطَى امْرَأَتَهُ النَّصْرَانِيَّةَ دَارَهُ عَلَى أَنْ تُسْلِمَ فَأَسْلَمَتْ هُوَ كَالْبَيْعِ لَا يَحْتَاجُ إِلَى حَوْزٍ وَقَالَ أَصْبَغُ عَطِيَّةٌ تَحْتَاجُ إِلَى الْحَوْزِ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ لَا يَكُونُ ثَمَنًا فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا وَهَبَ لِغَائِبٍ وَجَعَلَهُ عَلَى يَدِ مَنْ يَحُوزُ لَهُ كَانَ حَوْزًا لِأَنَّ أَحْبَاسَ السَّلَفِ كَانَ يُحَوِّزُهَا الْحَاضِرُ لِلْغَائِبِ وَكَذَلِكَ يَدْفَعُ لِمَنْ يَحُوزُ لِلصَّغِيرِ حَتَّى يَبْلُغَ وَإِنْ كَانَ لَهُ أَبٌ أَوْ وَصِيٌّ حَاضِرٌ لِأَنَّ الْوَاهِبَ أَخْرَجَ الْجَمِيعَ مِنْ يَدِهِ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ وَلَوْ كَانَ كَبِيرًا رَشِيدًا حُرًّا وَأَمَرْتَ أَلَّا تَدْفَعَ إِلَيْهِ وَلَوْ إِلَى أَجَلٍ بَطَلَ الْحَوْزُ إِنْ لَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى مُتَّ لِوُجُودِ أَهْلِيَّةِ الْحَوْزِ فَلَا ضَرُورَةَ حِينَئِذٍ وَلَيْسَ لَكَ فِيهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ بِخِلَافِ الصَّغِيرِ يُتَوَقَّعُ صَلَاحُ حَالِهِ أَوْ نَتَّهِمُ الْأَبَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ تَحْبِسَ عَلَى الْكَبِيرِ غَلَّةَ نَخْلٍ وَتَجْعَلَهَا عَلَى يَدِ مَنْ يَحُوزُهَا عَلَيْهِ صَحَّ لِأَنَّ الْأَحْبَاسَ مَا زَالَتْ كَذَلِكَ فِي السَّلَفِ فَرْعٌ - قَالَ لَا يُعْتَبَرُ حَوْزُ الْأُمِّ فِي هِبَتِهَا لِصِغَارِ بَنِيهَا وَلَا لِابْنَتِهَا الْبِكْرِ الْبَالِغِ وَإِنْ أَشْهَدَتْ لِعَدَمِ وِلَايَتِهَا عَلَى حِفْظِ الْمَالِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ وَصِيَّةُ الْوَالِدِ أَوِ الْوَصِيِّ بِخِلَافِ الْأَبِ وَإِنْ بَلَغَ الِابْنُ حَالَةً يَصِحُّ حَوْزُهُ فَلم يجز حَتَّى مَاتَ الْأَب بطلت لِعَدَمِ الْحَوْزِ مَعَ إِمْكَانِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ يَصِحُّ حَوْزُ الْأَبِ لِوَلَدِهِ الْعَقَارَ وَالْعُرُوضَ وَالْعَبِيدَ

وَنَحْوَهَا قَالَ مَالِكٌ وَلَا يَحُوزُ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ إِلَّا أَن يصنعها عَلَى يَدِ غَيْرِهِ لِعَدَمِ تَعْيِينِهَا خِلَافًا لِ (ش) وَ (ح) فِيهِمَا لِأَنَّهَا تَتَعَيَّنُ عِنْدَهُمَا قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ أَشْهَدَ عَلَى طَابِعِهِ وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا أَشْهَدَ فَهُوَ حَوْزٌ وَهَذَا إِذَا بَقِيَتْ عَيْنًا فَإِنِ اشْتَرَى بِهَا سِلْعَةً وَأَشْهَدَ صَحَّ الْحَوْزُ وَإِنْ كَانَتِ الصَّدَقَةُ عَرَضًا فَأَشْهَدَ وَبَاعَهُ بِالْعَيْنِ نَفَذَتْ لِصِحَّةِ الْحَوْزِ أَوَّلًا وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ وَهَبَهُ دَيْنًا عَلَى رَجُلٍ فَمَاتَ قَبْلَ الْقَبْضِ نَفَذَ وَلَوْ قَبَضَهُ ثُمَّ مَاتَ وَهُوَ فِي يَدَيْهِ أَوْ تَسَلَّفَهُ نَفَذَ وَجُعِلَ الدَّيْنُ كَالْعَرَضِ وَالطَّوْقُ وَالسِّوَارُ كَالْعَرَضِ وَالتِّبْرِ وَالنُّقْرِ واللؤلؤ والزمرد وَالْحَدِيدِ وَالنُّحَاسِ وَالْكَتَّانِ وَكُلُّ مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ يُخْتَلَفُ فِيهِ كَالْعَيْنِ قَالَ وَالْجَوَازُ فِي الْجَمِيعِ أَحْسَنُ وَإِنْ وَهَبَتِ الْأُمُّ مَا لَمْ يستغل لَمْ يَصِحَّ حَوْزُهَا فَإِنْ وَهَبَتْ غُلَامًا فَكَانَ يَخْدِمُ الْوَلَدَ أَوْ ثَوْبًا أَوْ حُلِيًّا فَكَانَ يَلْبَسُهُ قَالَ مَالِكٌ صَحَّ وَمَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ وَصِيَّةً وَيَصِحُّ حَوْزُ الصَّبِيِّ لِمَا وَهَبَهُ لِيَتِيمِهِ كَحَوْزِ الْأَبِ لَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ إِذَا وَهَبَتِ الْأُمُّ حَازَ السُّلْطَانُ وَإِنْ أَخْرَجَتْهَا مِنْ يَدِهَا وَحَوَّزَتْهَا غَيْرَهَا صَحَّ لِوِلَايَتِهَا عَلَى مَالِهَا وَهَذَا تَصَرُّفٌ فِيهِ لَا فِي مَالِ الْوَلَدِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ حِيَازَةُ الْأُمِّ لِلْيَتِيمِ الصَّغِيرِ جَائِزَةٌ فِيمَا وَهَبَتْهُ أَوْ أَجْنَبِيٍّ وَكَذَلِكَ مَنْ وَلِيَ يَتِيمًا حِسْبَةً إِنْ تَقَدَّمَتِ الْوِلَايَةُ قَبْلَ الصَّدَقَةِ كَمَا يَشْتَرِي لَهُ طَعَامَهُ وَإِلَّا فَلَا لِلتُّهْمَةِ وَمَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ وَصِيَّةً وَالْأَجْدَادُ كَالْأَبِ وَالْجَدَّاتُ كَالْأُمِّ إِذَا كَانَ فِي حجر أَحدهمَا وَغَيرهم لَا يحوز لَكِن يَجْعَل ذَلِك لغيره ووافقا الْأَئِمَّة فِي اخْتِصَاص ولَايَة الْحَوْز بهَا وَلَاء غَيْرَ أَنَّ (ش) اشْتَرَطَ أَنْ يَقُولَ الْأَبُ قَبِلْتُ لِأَنَّ الْقَبُولَ بِاللَّفْظِ رُكْنٌ عِنْدَهُ وَأَلْحَقَ (ح) الْأُمَّ وَالْأَجْنَبِيَّ بِالْأَبِ فِي وِلَايَةِ الْحَوْزِ إِذَا كَانَ فِي حَجْرِهِمَا وَجَوَّزَ قَبْضَ الصَّبِيِّ لِنَفْسِهِ لِأَنَّ النَّاسَ مَا زَالُوا يَتَصَدَّقُونَ عَلَى الصِّبْيَانِ فِي سَائِرِ الْأَعْصَارِ وَخَالَفَهُ (ش) وَأَحْمَدُ وَمَنَعَ (ش) أَنْ يُوكِلَ الْوَاهِبُ مَنْ يَقْبِضُ لِلْغَائِبِ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ لِلْوَاهِبِ لَا لِلْمَوْهُوبِ

فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي الْبِكْرِ يَحُوزُ لَهَا أَبُوهَا وَإِنْ عَنَّسَتْ لِثُبُوتِ الْحَجْرِ عَلَيْهَا وَعَنْهُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ عَنَّسَتْ وَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ فِي ارْتِفَاعِ الْحَجْرِ عَلَيْهَا بِالتَّعْنِيسِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِلَّا أَنْ تَبْلُغَ خَمْسِينَ سَنَةً فَلَا يَحُوزُ لَهَا إِلَّا بِرِضَاهَا فَإِنْ فِعْلَ بِغَيْرِ رِضَاهَا أَجْزَتْهُ فَرْعٌ - قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَخْرُجُ الْغُلَامُ مِنِ الْوِلَايَةِ بِمُجَرَّدِ الِاحْتِلَامِ بَلْ إِنْ جَازَ لَهُ بِحَدَثَانِ احْتِلَامِهِ فَهُوَ حَوْزٌ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ لَا يجوز الْأَبُ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ الرَّقِيقِ لِأَنَّ سَيِّدَهُ يَحُوزُ مَالَهُ وَوِلَايَةُ السَّيِّدِ مُقَدَّمَةٌ فَإِنْ جَعَلَ الْأَبُ هبة على يَد أَجْنَبِي جَازَ وَإِنْ كَرِهَ السَّيِّدُ كَالشَّرْطِ فِي الْوَقْفِ هُوَ موكول للْوَاقِف فرع - قَالَ لايحوز الزَّوْجُ لِامْرَأَتِهِ وَلَهُ أَنْ يَحُوزَ ذَلِكَ عِنْدَ غَيْرِهِ وَلَا يَحُوزَ وَاهِبٌ لِلْمَوْهُوبِ إِلَّا الْأَبُ أَوِ الْوَصِيُّ أَوْ مَنْ يَجُوزُ أَمْرُهُ فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ أُمُّ الْوَلَدِ كَالْحُرَّةِ فِي الْحَوْزِ تَحُوزُ مَا لَا يُزَايِلُهَا حَيْثُ انْتَقَلَ بِهَا سَيِّدُهَا بِالْإِشْهَادِ وَالْإِعْلَانِ لِعَجْزِهَا عَنْ غَيْرِ ذَلِكَ وَأَمَّا الدَّارُ وَالْأَرْضُ وَالشَّجَرُ الْمُبَايَنُ لَهَا فَبِخُرُوجِ السَّيِّدِ مِنَ الدَّارِ وَبِزِرَاعَةِ الْأَرْضِ وَبِقَبْضِ خَرَاجِ السَّيِّدِ وَبِلَبْسِ الْحُلِيِّ وَغَيْرِهِ وَكُلِّ مَا يَدُلُّ عَلَى الْقَبْضِ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ لَهَا وَلَوِ ادَّعَتْ مَتَاعَ الْبَيْتِ كُلِّفَتِ الْبَيِّنَةَ وَإِنْ كَانَ مَتَاعُ النِّسَاءِ بِخِلَافِ الْحُرَّةِ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ الشَّوَارَ لِلْحَرَائِرِ دُونَ الْإِمَاءِ وَتَصَّدَّقُ فِيمَا عَلَيْهَا مِنْ حُلِيٍّ وَغَيْرِهِ لِأَن الْيَد

دَلِيلُ الْمِلْكِ وَلِأَنَّ الْغَالِبَ فِي لِبَاسِهَا أَنَّهُ وُهِبَ لَهَا قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا وَهَبَهَا مَالًا يُشْبِهُ عَطِيَّتَهَا رُدَّ مَا زَادَ لِأَنَّهُ يتهم فِي ازواء مَاله من الْوَرَثَة كَانَت الْعَطِيَّة مرّة ومرات وَقَالَ أَصْبَغُ إِنْ كَانَ فِي مَرَّةٍ رُدَّتِ الْعَطِيَّةُ كُلُّهَا كَزِيَادَةِ ذَاتِ الزَّوْجِ عَلَى الثُّلُثِ أَو مرَارًا أنفذ مَا لَا يصرف فِيهِ وَرُدَّ مَا يُتَّهَمُ فِيهِ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى أُمُّ الْوَلَدِ كَالْحُرَّةِ فِي صَدَقَةِ سَيِّدِهَا عَلَيْهَا - قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ يَحُوزُ سَيِّدُهَا لَهَا صَدَقَتَهُ عَلَيْهَا فَرْعٌ - قَالَ اللَّخْمِيُّ فِي هِبَةِ الِابْنِ الْمَعْدُومِ فِي الْحَالِ دُونَ الِاسْتِقْبَالِ قَوْلَانِ فَقِيلَ حَوْزُ الرِّقَابِ كَافٍ لِأَنَّهُ الْمُمْكِنُ وَقِيلَ لَا لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ مَعْدُومٌ وَيَجْرِي الْخِلَافُ إِذَا وَهَبَ مَا تَحْمِلُ أَمَتُهُ أَوْ شَاتُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ قِيَاسًا عَلَى هِبَةِ الثِّمَارِ وَاللَّبَنِ الْمُسْتَقْبَلَيْنِ وَإِذَا وَهَبَ كُلَّ وَلَدٍ تَلِدُهُ كَفَى قَبْضُ الْأُمِّ وَلَوْ مَاتَتْ قَبْلَ أَنْ تَلِدَ أَوْ تَحْمِلَ قِيَاسًا عَلَى الْأَلْبَانِ وَيُجْبَرُ عَلَى التَّحْوِيزِ إِذَا كَانَ الْحَمْلُ أَوِ اللَّبَنُ مَوْجُودًا أَوْ ظَهَرَتِ الثَّمَرَةُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَيُجْعَلُ الْغَنَمُ فِي اللَّبَنِ عَلَى يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَمَا فِي بَطْنِ الْجَوَارِي وَالْغَنَمِ عَلَى يَدِ ثِقَةٍ وَلَيْسَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ حَاجَتَهُ إِلَيْهَا فِي وَقْتٍ هُوَ فِي الْإِمَاءِ آكَدُ لِامْتِنَاعِ الْخَلْوَةِ بِهِنَّ وَاللَّبَنُ يُحْتَاجُ كُلَّ يَوْمٍ وَتُوضَعُ أُصُولُ الثِّمَارِ عَلَى يَدِ ثِقَةٍ وَيَأْخُذُ الْمَوْهُوبُ وَقْتَ الِانْتِفَاعِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَمْلٌ وَلَا لَبَنٌ وَلَا ظَهَرَتْ ثَمَرَةٌ لم يجْبر الْوَاهِبُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ السَّقْيُ وَالْعِلَاجُ قَبْلَ طِيبِ الثِّمَارِ الْمَوْهُوبَةِ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ لِأَنَّ السَّقْي إِنَّمَا هَؤُلَاءِ جلّ الثَّمَرَةِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَلَى الْوَاهِبِ لِأَنَّهُ مَالِكُ الرَّقَبَةِ وَيُخْتَلَفُ فِي كُلْفَةِ الْأَمَةِ وَالْغُلَامِ الْمُخْدِمِ كَذَلِكَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا أَوْصَى بِصُوفِ غنمه أَو لَبنهَا لرجل وبرقابها لآخر المئونة عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِاللَّبَنِ وَالصُّوفِ قَالَ وَأَرَى إِنْ وَهَبَ مَرَّةً وَاحِدَةً لِثَلَاثَةٍ لِأَحَدِهِمُ الصُّوفَ وَلِلْآخَرِ اللَّبَنَ وَلِلْآخَرِ الْحَمْلَ - أَنَّ الْكُلْفَةَ عَلَى جَمِيعِهِمْ وَيُخْتَلَفُ هَلْ عَلَى

عَدَدِهِمْ أَوْ قِيمَةِ الْهِبَاتِ نَظَرًا إِلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ لَوِ انْفَرَدَ لَاسْتَقَلَّ أَوِ الْغُنْمُ يتبعهُ الْعَزْم وَإِنْ كَانَتِ الْهِبَاتُ وَاحِدَةً بَعْدَ أُخْرَى فَالْكُلْفَةُ عَلَى الْأَوَّلِ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ لِأَنَّ الْآخَرَيْنِ نَزَلَا مَنْزِلَةَ الْوَاهِبِ وَهُوَ لَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ وَمُحَمّد الْهِبَة إِذا كَانَت حَامِلا وَذَات لَبَنٍ عَلَى مَا هُوَ مَوْجُودٌ لِأَنَّهُ الْمُتَبَادَرُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَإِلَّا فَيُخْتَلَفُ هَلْ هُوَ هِبَةُ مَا يَتَكَوَّنُ مِنَ اللَّبَنِ أَوِ الصُّوفِ أَوِ الْحَمْلِ حَيَاةَ الْغَنَمِ وَالْجَوَارِي أَوْ حَيَاةَ الْمُعْطِي قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي قَبْضِ الرِّقَابِ هَلْ هُوَ قَبْضٌ لِلْهِبَاتِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ فَرْعٌ - قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ قَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ إِذَا تَصَدَّقَ بِدَرَاهِمَ عَلَى رَشِيدٍ وَجَعَلَهَا عَلَى يَدِ غَيْرِهِ وَهُوَ حَاضِرٌ جَازَ إِذَا لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَى الْمَدْفُوعِ إِلَيْهِ أَلَّا يَدْفَعَهَا إِلَّا بِأَمْرِهِ وَقَالَ فِي بَابِ الْغَصْبِ إِذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ رَشِيدًا وَحَاضِرًا امْتَنَعَ - وَلَمْ يُشْتَرَطْ عَدَمُ الدَّفْعِ وَكَذَلِكَ قَالَ فِي هِبَةِ الطِّفْلِ وَالْكَبِيرِ وَمَعْنَاهُ إِذَا أَمَرَ الْحَائِزَ إِلَيْهِ وَقَالَ اللَّخْمِيّ اخْتِلَاف قَول وَقيل المسلتان مفترقتان وَإِنَّ الْجَوَابَ فِيمَا إِذَا كَانَتْ فِي يَدِ الْوَاهِبِ فَخُرُوجُهَا مِنْ يَدِهِ إِلَى الْأَجْنَبِيِّ حَوْزٌ وَالْمَنْعُ إِذَا كَانَتْ فِي يَدِ غَاصِبٍ لِأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ فِي يَدِ الْوَاهِبِ وَقِيلَ إِذَا شَرَطَ عَدَمَ الدَّفْعِ إِلَّا بِأَمْرِهِ لَا تَمْضِي بِخِلَافِ إِذَا قَالَ ادْفَعْهَا لَهُ وَقَالَ الْمَوْهُوبُ أَمْسِكْهَا عِنْدَكَ أَنَّهَا تَمْضِي لِأَنَّهَا وَدِيعَةُ الْمَوْهُوبِ فَإِنْ سَكَتَ عَنِ الْأَمْرِ بِدَفْعِهَا وَعَدَمِ دَفْعِهَا فَفِي صِحَّتِهَا قَوْلَانِ وَلَوْ شَرَطَ إِمْسَاكَهَا حَتَّى يَمُوتَ الْوَاهِبُ فَهِيَ وَصِيَّةٌ مَاضِيَةٌ مِنَ الثُّلُثِ اتِّفَاقًا فَرْعٌ - قَالَ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا تَصَدَّقَ بِنِصْفِ دَارٍ فَقَبْضُهُ أَنْ يَحُلَّ فِيهَا مَحَلَّ الْوَاهِبِ ظَاهِرُهُ لَمْ يَبْقَ لِلْوَاهِبِ شَيْءٌ وَقِيلَ بَقِيَ لَهُ النِّصْفُ وَلَا يَصِحُّ الْحَوْزُ إِلَّا

بالمقاسمة أَو بحوز أَجْنَبِي لَهُم أَو يسلفها جَمِيعَهَا لِلْمَوْهُوبِ وَفَرَّقَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ بَيْنَ الْعَبْدِ فَأَجَازَ بَقَاءَ أَيْدِيهِمَا عَلَيْهِ وَيَقْتَسِمَانِ الْغَلَّةَ وَبَيْنَ الدَّارِ لِتَصَوُّرِ الْقِسْمَةِ فِيهَا وَعَنْهُ أَيْضًا التَّسْوِيَةُ فِي جَوَازِ أَيْدِيهِمَا كَمَا يَقْبِضُ فِي الْبَيْعِ وَعَنْهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا فِي الْبُطْلَانِ مَعَ بَقَاءِ أَيْدِيهِمَا لِعَدَمِ رَفْعِ يَدِ الْوَاهِبِ وَإِنْ عمرا كالشريكين وتصرفا كَذَلِك مَعَ بَقَاءِ أَيْدِيهِمَا فَرْعٌ - قَالَ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا وَهَبَ الدَّارَ الْغَائِبَةَ وَلَمْ يَقْبِضْهَا الْمَوْهُوبُ بَطَلَتْ وَإِنْ لَمْ يُفَرِّطْ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يُرَاعَى فِي عَدَمِ الْحَوْزِ التَّفْرِيطُ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ إِذَا أَبَى أَنْ يَدْفَعَهَا لَهُ فَخَاصَمَهُ فَلَمْ يَحْكُمْ لَهُ حَتَّى مَاتَ أَنَّهَا تَبْطُلُ وَقَوْلُهُ إِذَا وَقَفَهَا السُّلْطَانُ حَتَّى يَنْظُرَ فِي حُجَجِهِمْ فَمَاتَ الْوَاهِبُ فَهِيَ لِلْمَوْهُوبِ إِذَا أَثْبَتَ الْهِبَةَ وَفِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ لَا يَنْفَعُهُ الْإِيقَافُ حَتَّى يُحْكَمَ لَهُ فِي حَيَاتِهِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْكِتَابِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا لَمْ يُفَرِّطْ فِي الصَّدَقَةِ صَحَّتْ وَقَعَ الْقَبْضُ قَبْلَ الْمَوْتِ أَوْ بَعْدَهُ عَلِمَ بِهَا الْمَوْهُوبُ أَمْ لَا لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ وَعَدَمِ التَّفْرِيطِ وَقَالَ أَصْبَغُ إِذا لم يقبضهَا وَأَعْجَلَهُ الْمَوْتُ بَطَلَتْ وَالْقَوْلَانِ لِمَالِكٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا كُنْتُمَا بِمِصْرَ فَوَهَبَكَ أَرْضَهُ بِإِفْرِيقِيَّةَ فَقُلْتَ قَبِلْتُ لَمْ يَكُنْ حَوْزًا وَإِنْ لَمْ يُفَرِّطْ فِي الْخُرُوجِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ لَمْ يُفَرِّطْ فِي الْخُرُوجِ حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ فَهُوَ حَوْزٌ وَيُحْمَلُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْأَرْضِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ لَأَدْرَكَ وَلَوْ كَانَ وُصُولُهَا يَكُونُ قَبْلَ الْحَرْثِ لَمْ يَضُرُّهُ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ حَاضِرَةً لَكَانَ حَوْزُهَا بِالْقَوْلِ بِخِلَافِ الدَّارِ فَرْعٌ - فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا تَصَدَّقت بصداقها على زَوجهَا أَعطَتْهُ كِتَابَهَا فَقَبِلَهُ ثُمَّ سَخِطَهُ بَعْدَ أَيَّامٍ فَرَدَّ عَلَيْهَا الْكِتَابَ فَقَبِلَتْهُ بِشَهَادَةٍ فَلَا شَيْءَ لَهَا عَلَيْهِ لِأَنَّهَا عَطِيَّةٌ لَمْ يَقْبِضْهَا أَوْ قَبِلَهُ ثُمَّ نَدِمَتْ فَجَدَّدَ لَهَا كِتَابًا حَالًا أَوْ إِلَى مَوْتِهِ فَإِنْ لَمْ تَقْبِضْهُ فِي صِحَّتِهِ فَهُوَ بَاطِلٌ لِأَنَّهَا هِبَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ سَأَلَهَا فِي

مَرَضِهِ أَنْ تَضَعَ مَهْرَهَا فَفَعَلَتْ ثُمَّ رَجَعَتْ بَعْدَ صِحَّتِهِ أَوْ مَوْتِهِ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ بِخِلَافِ وَضْعِ الْمِيرَاثِ لِأَنَّهُ إِبْرَاءٌ نَفَذَ وَالْمِيرَاثُ لَمْ يُقْبَضْ فَرْعٌ - قَالَ لَوْ كَتَبَ إِلَى وَكِيلِهِ أَنْ يُعْطِيَهُ مِائَةً فَأَعْطَاهُ خَمْسِينَ ثُمَّ مَاتَ الْوَاهِبُ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِلَّا مَا قَبَضَ فَإِنَّ يَدَ الْوَكِيلِ يَدُ الْمُوَكِّلِ بِخِلَافِ لَوْ وُهِبَ مَا تَحْتَ يَدِ الْمُودِعِ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ الْحِيَازَةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَكِيلَ يَدُهُ يَدُ الْمُوَكِّلِ وَلَمْ يَرْجِعْ بِهِ وَكِيلًا لَكَ وَالْمُودِعُ بِمُجَرَّدِ عِلْمِهِ يَصِيرُ حَافِظًا لَكَ فَرْعٌ - قَالَ لَا تَكُونُ حِيَازَةُ الْمُرْتَهِنِ وَالْمُسْتَأْجِرِ حِيَازَةَ الْمَوْهُوبِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ أَنَّ الْإِجَارَةَ لَهُ مَعَ الرَّقَبَةِ بِخِلَافِ الْمُودِعِ وَأَجَازَ أَشْهَبُ حِيَازَةَ الْمُسْتَأْجِرِ وَإِنْ لَمْ يَهَبْ لِلْمَوْهُوبِ الْإِجَارَةَ فَرْعٌ - قَالَ إِذَا رَجَعَتِ الْهِبَةُ لِلْوَاهِبِ بَعْدَ الْحَوْزِ بِمُدَّةٍ يَسِيرَةٍ اتَّفَقَ أَهْلُ الْمَذْهَبِ عَلَى بُطْلَانِهَا أَوْ بَعْدَ الطَّوْلِ بَطَلَتْ عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ إِذَا مَاتَ فِيهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ السَّنَةَ هِيَ الْمُعْتَبَرَةُ فِي ذَلِكَ فَرْعٌ - قَالَ الْأَبْهَرِيُّ قَالَ مَالِكٌ إِذَا تَصَدَّقَ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ أَوْ يَتِيمِهِ بِمِائَةٍ مِنْ غَنَمِهِ وَلَمْ يَفْرِزْهَا لَهُ حَتَّى مَاتَ فهوشريك فِيهَا وَفِي نَمَائِهَا وَنُقْصَانِهَا لِأَنَّهُ وَصَفَ لَهُ ذَلِكَ الْعَدَدَ وَعَنْهُ لَا شَيْءَ لَهُ لِعَدَمِ الْإِفْرَازِ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ لِاسْتِغْنَائِهَا عَنِ الْقَبْضِ وَيُخْتَلَفُ فِي الدَّنَانِيرِ كَالْغَنَمِ - وَإِنْ تَسَلَّفَهَا الْأَبُ بَعْدَ الْإِفْرَازِ ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ لِأَنَّهَا لَا تُعْرَفُ باعيانها

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا حَلَّى صَبِيًّا بِحُلِيٍّ ثُمَّ مَاتَ فَهُوَ لِلصَّبِيِّ دُونَ الْوَرَثَةِ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الْحَوْزِ لَهُ فَرْعٌ - قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى لَوْ وَهَبَ الْمُسْتَوْدِعُ مَا عِنْدَهُ فَلَمْ يَقُلْ قَبِلْتُ ثُمَّ مَاتَ الْوَاهِبُ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْقِيَاسُ الْبُطْلَانُ وَقَالَ أَشْهَبُ حِيَازَتُهُ ثَابِتَةٌ إِلَّا أَنْ يَقُولَ لَا أَقْبَلُ لِأَنَّ الْهِبَةَ بِيَدِ الْمَوْهُوبِ وَتَأَخُّرُ الْقَبُولِ لَا يَضُرُّ كَمَا لَوْ وَهَبَ رَجُلًا وَلَمْ يَقُلْ قَبِلْتُ وَقَبَضَهَا لِيَنْظُرَ رَأْيَهُ فَمَاتَ الْوَاهِبُ فَهِيَ مَاضِيَةٌ إِنْ رَضِيَهَا وَلَهُ رَدُّهَا وَقِيَاسًا عَلَى الْغَائِبِ وَابْنُ الْقَاسِمِ يَقُولُ عَدَمُ الْحَوْزِ يَمْنَحُ الصِّحَّةَ فَأَوْلَى عَدَمُ الْقَبُولِ قُلْتُ وَهَذَا الْبَحْثُ مِنْهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَبُولَ لَيْسَ عَلَى الْفَوْرِ خِلَافًا لِ (ش) وَقَدْ تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ فَرْعٌ - قَالَ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْقَبْضِ الْإِذْنُ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ يُشْتَرَطُ وَلَهُ الرُّجُوعُ وَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ لِقِصَّةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا تَتِمُّ الْهِبَةُ إِلَّا بِحَوْزِهَا وَقِيَاسًا عَلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَلِأَنَّهُ لَوْ لَزِمَتْ لَكَانَتْ مِلْكًا لِلْمَوْهُوبِ لَأَنَّ الْمُطَالَبَةَ بِغَيْرِ مِلْكٍ مُنْكَرَةٌ وَلَوْ كَانَتْ مِلْكَهُ لَمَا وَرِثَهَا وَرَثَةُ الْوَاهِبِ لِأَنَّ الْمِيرَاثَ فَرْعُ الْمِلْكِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْوَصِيَّةِ أَوْ هُوَ سَبَبُ مِلْكٍ فَلَا يَنْعَقِدُ إِلَّا بِوَضْع الْيَد كالإحطاب وَسَائِرِ أَسْبَابِ التَّمْلِيكِ الْفِعْلِيَّةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ طَرَيَانَ الْمَرَضِ يُبْطِلُ الْعَقْدَ كَطَرَيَانِ التَّفَرُّقِ عَلَى عَقْدِ الرِّبَا وَهَلَاكِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وطريان الرِّدَّة على النِّكَاحِ فَلَا غَرْوَ أَنْ يَكُونَ الْعَقْدُ صَحِيحًا وَيَطْرَأُ عَلَيْهِ مُبْطِلٌ فَقَضِيَّةُ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ دَائِرَة بَين مَا ذَكرْنَاهُ وَمَا ذكر تموه عَلَى السَّوَاءِ فَلَا حُجَّةَ لَكُمْ فِيهَا وَجْهُ مُنَاسِبَةِ الْمَرَضِ لِلْإِبْطَالِ أَنَّهُ يَتَّهِمُ أَنْ يُنْتَفَعَ بِمَالِهِ عُمْرَهُ ثُمَّ يُخْرِجُهُ فِي هَذِهِ

الْحَالَةِ الَّتِي حُجِرَ عَلَيْهِ فِيهَا عَنِ الْوَرَثَةِ فَحَسَمَ الشَّرْعُ هَذِهِ الْمَادَّةَ فِي الْمُتَّهَمِ وَغَيْرِهِ كَمَا رَدَّ شَهَادَةَ الْأَبِ لِابْنِهِ وَبِالْعَكْسِ لِلتُّهْمَةِ وَطَرْدِ ذَلِكَ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَامِّ اسْتِقْرَارُ الْمِلْكِ وَاللَّفْظُ ظَاهِرٌ فِيهِ ثُمَّ هُوَ مُعَارَضٌ بِقَوْلِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الصَّدَقَةُ جَائِزَةٌ قُبِضَتْ أَوْ لَمْ تُقْبَضْ وَعَنِ الثَّالِثِ الْفَرْقُ قَبْلَ الْمَوْتِ عَدَمُ التُّهْمَةِ وَبَعْدَهُ يُتَّهَمُ بِأَنَّهُ حَبَسَهَا لِيَنْتَفِعَ بِهَا حَتَّى يَمُوتَ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ الْمَرَضَ أَوْ مَوْتَ الْفَجْأَةِ أَسْقَطَ مِلْكَ الْمَوْهُوبِ فَثَبَتَ مِلْكُ الْوَاهِبِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ تُقَرُّرِ التُّهْمَةِ وَأَنَّ الْعُقُودَ الصَّحِيحَةَ قَدْ يلْتَحق بِهَا مَا يُبْطِلُهَا فَمَا وَرِثَ الْوَارِثُ إِلَّا مَلِكَ الْوَاهِبُ الْمُنْتَقَلُ عَنِ الْمَوْهُوبِ فَلَا تَنَاقُضَ كَمَا لَوْ بَاعَ مَطْعُومًا بِمَطْعُومٍ أَوْ أَحَدَ النَّقْدَيْنِ بِالْآخرِ مِمَّا يشْتَرط فِيهِ التقايض فَمَاتَ أَحَدُهُمَا لَا يَجِبُ التَّسْلِيمُ وَيَبْطُلُ الْعَقْدُ وَيُوَرَّثُ مَا كَانَ مِلْكًا لِغَيْرِ الْمَوْرُوثِ وَعَنِ الْخَامِسِ أَنَّهُ مَقْلُوبٌ بِأَنْ تَقُولَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْقَبْضُ قِيَاسًا عَلَى الْوَصِيَّةِ فَإِنَّهَا تَصِحُّ بِالْقَوْلِ وَتَثْبُتُ بِنَفْسِ الْمَوْتِ وَعَنِ السَّادِسِ أَنَّهُ مَنْقُوص بِالْوَصِيَّةِ وَالْمِيرَاثِ ثُمَّ يَتَأَكَّدُ مَذْهَبُنَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْفوا بِالْعُقُودِ} وَهُوَ يَخُصُّ الْمُتَعَاقِدِينَ فَلَا يَضُرُّنَا عَدَمُ الْوَفَاءِ بعد الْمَوْت لذهاب الْعَاقِد وَقَوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الرَّاجِعُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ فَشَبَّهَ الْقَبِيحَ الشَّرْعِيَّ بِالْقَبِيحِ الْعَادِيِّ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْكَلْبَ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُخَاطَبٍ لِأَنَّ الْمُرَادَ التَّشْبِيهُ الْمَذْكُورُ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى سَائِرِ الْعُقُودِ وَمِمَّا يُوَضِّحُهُ أَنَّ الْأَقْوَالَ هِيَ الْمُمَيِّزَةُ بَيْنَ خَوَاصِّ الْعُقُودِ فِيهَا يَظْهَرُ الْبَيْعُ مِنَ الْقَرْضِ مِنَ الْإِجَارَةِ فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ الصِّحَّةُ وَالِانْعِقَادُ مَنُوطًا بِهَا وَأَمَّا الْقَبْضُ فَصُورَةٌ وَاحِدَةٌ فِي الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ فَلَا يُنَاطُ بِهِ أَحَدُهُمَا وَبِالْقِيَاسِ عَلَى صُوَرٍ مِنَ الْعَطَايَا كَالْعِتْقِ وَالضَّحَايَا وَالْمَسَاجِدِ وَالْوَقْفِ الْعَامِّ كَالْقَنْطَرَةِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّهَا تَلْزَمُ بِالْقَوْلِ وَلَا تَفْتَقِرُ إِلَى الْقَبْض

فَرْعٌ - قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى لَوْ بَاعَ الْمَوْهُوبُ الْهِبَةَ وَلَمْ يَقْبِضْهَا الْمُشْتَرِي حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ فَالْبَيْعُ حَوْزٌ قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يَحْصُلُ الْحَوْزُ بِذَلِكَ وَلَا بِغَيْرِهِ إِلَّا الْعِتْقَ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّغْلِيبِ وَالسَّرَايَةِ فَإِنْ بَاعَ الْوَاهِبُ قَبْلَ الْحَوْزِ فَالْبَيْعُ أَوْلَى عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ الصَّدَقَةُ وَالْهِبَةُ أَوْلَى إِنْ كَانَ الْمُعْطَى مُعَيَّنًا بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ نَحْوَ سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنَّهُ لَا يُقْضَى بِهِ فَرْعٌ - قَالَ إِذَا تَصَدَّقَ عَلَى ابْنِهِ الصَّغِير بحوانيت وَلم يعلم أَنه كَانَ يُكْرِيهَا بِاسْمِهِ أَوِ اسْمِ نَفْسِهِ فَهِيَ لِلِابْنِ لِأَنَّهُ ظَاهِرُ حَالِ الْأَبِ أَنَّهُ إِذَا وَهَبَ لِابْنِهِ لَا يَرْجِعُ وَأَنْ يُؤَجِّرْ لَهُ فَرْعٌ - قَالَ إِذَا وَهَبَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ لِلْيَتِيمِ أَعْطَاهُ لِشَرِيكِهِ فِي الْوَصِيَّةِ أَوْ غَيْرِهِ قَالَهُ ابْنُ الْعَطَّارِ وَلَا تَجُوزُ هِبَةُ نَفْسِهِ إِلَّا إِذَا انْفَرَدَ لِتَعَذُّرِ مَنْ هُوَ لَهُ مِثْلُهُ أَوْ أَوْلَى مِنْهُ وَقِيلَ حِيَازَتُهُ تَامَّةٌ لِأَنَّهُ وَلِيٌّ فَرْعٌ - قَالَ يَكْفِي فِي حِيَازَةِ الْأَرْضِ الَّتِي لَا عَمَلَ فِيهَا الْإِشْهَادُ لِأَنَّهُ الْمُمْكِنُ وَأَمَّا أَرض الزِّرَاعَة وَالْعَمَل إِنْ وُهِبَتْ فِي غَيْرِ إِبَّانِ الْعَمَلِ حَدَّدَهَا وَأَشْهَدَ بِتَسْلِيمِهَا قَالَهُ أَصْبَغُ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَكُونُ حَوْزًا إِلَّا أَنْ يَتَأَخَّرَ الْعَمَلُ لِعُذْرٍ وَهَذَا إِذَا فَاتَتْ حِيَازَتُهَا قَبْلَ مَوْتِ الْمَوْهُوبِ أَمَّا لَوْ حَضَرَ وَقْتَ

الزِّرَاعَةِ فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهَا حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ بَطَلَتِ الْهِبَةُ لِأَنَّ حِيَازَةَ مِثْلِ هَذَا إِنَّمَا هُوَ بِالْعَمَلِ فَإِنْ مَنَعَهُ الْوَاهِبُ مِنَ الْعَمَلِ لَمْ تَبْطُلِ الْحِيَازَةُ لِأَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ التَّعَرُّضُ وَقَدْ فَعَلَهُ وَإِنْ تَرَكَ الْعَمَلَ لِضَعْفِهِ بِنَفْسِهِ وَآلَتِهِ مَعَ إِمْكَانِ مَسَاقَاتِهَا لِغَيْرِهِ وَالْإِرْفَاقِ بِهَا بَطَلَتِ الْهِبَةُ وَإِنْ ضَعُفَ عَنْ جُمْلَةِ الْوُجُوهِ فَالْإِشْهَادُ حَوْزٌ لِأَنَّهُ الْمُمْكِنُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فَرْعٌ - قَالَ قَالَ مَالِكٌ لَا تُحَازُ الْعَرِيَّةُ إِلَّا أَنْ يَطْلُعَ فِيهَا ثَمَرٌ وَيَقْبِضَهَا الْمُعْرَى فَإِنْ عُدِمَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ مَوْتِ الْمُعْرِي بَطَلَ الْإِعْرَاءُ لِعَدَمِ حَوْزِ الْعَطِيَّةِ وَقَالَ أَشْهَبُ يَكْفِي الْإِبَارُ أَوْ تَسْلِيمُ الْعَطِيَّةِ لِأَنَّ الْمُعْرِيَ إِنَّمَا وَهَبَ مَعَ بَقَاءِ الْأَصْلِ فِي يَدِهِ إِلَى حِينِ الثَّمَرَةِ فَرْعٌ - قَالَ لَوْ حَازَ بِغَيْرِ عِلْمِهِ صَحَّ لِأَنَّهُ أَخَذَ حَقَّهُ نَظَائِرُ - قَالَ ابْن بشير الَّتِي لَا تتمّ إِلَّا بالحيازات سبع عشرَة مسئلة الْحَبْسُ وَالصَّدَقَةُ وَالْهِبَةُ وَالْعُمْرَى وَالْعَطِيَّةُ وَالنِّحْلَةُ وَالْعَرِيَّةُ والمنحة والهدية والإسكان وَالْعَارِية والإرفاق وَالْعدة والإخدام والصلة والحبا وَالرَّهْن النَّظَرُ الثَّالِثُ فِي أَحْكَامِهَا وَأَصْلِهَا وَأَصْلُ كُلِّ مَعْرُوفٍ وَإِحْسَانٍ النَّدْبُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ اللهَ يَأْمُرْ بِالْعَدْلِ

والإحْسَانِ وإِيتَاء دِي القُرْبَى} وَلقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ الصَّدَقَةُ فِي الصِّحَّة أفضل لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي مُسلم لما سُئِلَ لِأَن تصدق وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ تَأْمَلُ الْغِنَى وَتَخْشَى الْفَقْرَ وَلَا تُمْهِلُ حَتَّى تَبْلُغَ الْحُلْقُومَ قَلْتَ لِفُلَانٍ كَذَا وَلِفُلَانٍ كَذَا أَلَا وَقَدْ كَانَ لِفُلَانٍ وأفضلها أَيْضا مَا كَانَ ظهر غنى لقَوْله تَعَالَى {يَسئَلُونَك ماذَا يُنْفِقُون قُل العَفْو} وَالْعَفو الْفَاضِل وَفِي الْبُخَارِيِّ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا صَدَقَةَ إِلَّا عَنْ ظَهْرِ غِنًى وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ قَالَ سَحْنُونٌ لَوْ لَمْ يُبْقِ مَا يَكْفِيهِ رُدَّتِ الصَّدَقَةُ وَعَنْ مَالِكٍ تَجُوزُ الصَّدَقَةُ بِجُمْلَةِ الْمَالِ وَقَدْ فَعَلَ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ لِأَنَّ صَدَقَتَهُ - رَضِيَ الله عَنهُ - إِنَّمَا كَانَت لتأليف النَّاس واستنفاذهم مِنَ الْكُفْرِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ تَكُونَ مِنْ أَنْفَسِ الْمَالِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لنْ تَنَالوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّون} وَلقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لماسئل أَيُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ قَالَ أَغْلَاهَا ثَمَنًا وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا وَيُسْتَحَبُّ أَنْ تَكُونَ عَلَى الْأَقَارِبِ لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لميمونة وَقد أَعْتَقَتْ خَادِمًا لَوْ أَعْطَيْتِهَا لِأَخْوَالِكِ لَكَانَ أَعْظَمَ لأجرك ففضل الْعَطِيَّة للأقارب على الْعتْق لِأَنَّهُ صَدَقَة وصلَة وَقد قَالَ مَالك صدقتك على ابْن عَمَّتك الْيَتِيمِ أَفْضَلُ مِنَ الْعِتْقِ ثُمَّ فِي الْجِيرَةِ وَفِي الاصلاح وَرفع الشحناء لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَمَّا قَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ

رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إِنَّ لِي جَارَيْنِ فَإِلَى أَيِّهِمَا أُهْدِي قَالَ لِأَقْرَبِهِمَا وَسِرُّ ذَلِكَ أَنَّ الْجِوَارَ لَهُ حَقٌّ وَالْقُرْبَ لَهُ حَقٌّ فَيَجْتَمِعُ فِي الْجَارِ الْقَرِيبِ الْأَمْرَانِ مَعَ الصَّدَقَةِ كَمَا اجْتمع فِي الْقَرِيبِ وَمَعْرُوفَانِ أَفْضَلُ مِنْ مَعْرُوفٍ قَالَ غَيْرُهُ تُقَدَّمُ الْأُنْثَى عَلَى الذَّكَرِ لِأَنَّ وَقْعَ الْإِحْسَانِ مَعَ ضَعْفِ الْأُنُوثَةِ أَتَمُّ وَيُقَدَّمُ الْعَالِمُ عَلَى الْجَاهِلِ لِأَنَّ قِيَامَ بِنْيَتِهِ تَنْفَعُ النَّاسَ وَالصَّالِحُ عَلَى الطَّالِحِ لِأَنَّ بِنْيَتَهُ يَنْتَفِعُ بِهَا فِي عِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْفَقِيرُ الَّذِي كَانَ غَنِيًّا عَلَى مَنْ لَمْ يَزَلْ فَقِيرًا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ارْحَمُوا عَزِيزَ قَوْمٍ ذَلَّ وَغَنِيَّ قَوْمٍ افْتَقَرَ فان ضَرَره بالفقر أوقع وَقيل لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَيُّ النَّاسِ أَحَقُّ بِبِرِّي قَالَ أُمُّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ أُمُّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ أَبُوكَ فَجَعَلَ لَهَا ثُلُثَيِ الْبِرِّ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ الْإِحْسَانِ لِلْإِنَاثِ عَلَى الذُّكُورِ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ لَا تُشْتَرَى الصَّدَقَةُ مِنَ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ وَلَا تَرْجِعُ إِلَيْهِ بِاخْتِيَارٍ مِنْ شِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ وَإِنْ تَدَاوَلَتْهَا الْأَمْلَاك والمواريث لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْبُخَارِيِّ لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ قَالَ مَالِكٌ يَجُوزُ أَكْلُ لَحْمِ غَنَمٍ تَصَدَّقْتَ بِهَا عَلَى ابْنِكَ الْكَبِيرِ وَتَشْرَبُ مِنْ لَبَنِهَا وَتَلْبَسُ مِنْ صُوفِهَا إِذَا رَضِيَ الْوَلَدُ وَكَذَلِكَ الْأُمُّ بِخِلَاف الابْن الصَّغِير وَلأَجل الْحجر وَمَال الْكَبِير كمالك وان تَصَدَّقْتَ عَلَى أَجْنَبِيٍّ بِنَخْلٍ أَوْ دَابَّةٍ فَلَا تَأْكُلْ مِنْ ثَمَرِهَا وَلَا تَرْكَبْهَا وَلَا تَنْتَفِعْ بِهَا وَلَا شَيْءٍ مِنْ ثَمَنِهَا بِعَارِيَّةٍ أَوْ غَيرهَا وَلَو تصدق بِهِ عَلَيْك لَا تقبلهَا لِلْحَدِيثِ الْمُتَقَدَّمِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا لَمْ يُبَتَّلِ الأَصْل

بَلْ تَصَدَّقَ بِالْغَلَّةِ عُمْرًا أَوْ أَجَلًا فَلَهُ شِرَاءُ ذَلِكَ قَالَهُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ إِلَّا عَبْدَ الْمَلِكِ وَاحْتَجَّ بِالْحَدِيثِ وَجَوَابُهُ الْمُعَارَضَةُ بِالْحَدِيثِ الْآخَرِ فِي شِرَاءِ الْعَرِيَّةِ وَإِنْ جَعَلْتَ الثَّمَرَةَ أَوِ الْخِدْمَةَ إِلَى أَجَلٍ وَالرَّقَبَةَ بَعْدَهُ لِآخَرَ فَلَا يَجُوزُ شِرَاؤُكَ وَيَجُوزُ لِمَنْ لَهُ مَرْجِعُ الْأَصْلِ وَلِوَرَثَتِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَصَدَّقْ وَيَجُوزُ لِصَاحِبِ الْغَلَّةِ شِرَاءُ الْأَصْلِ مِمَّنْ جُعِلَ لَهُ - قَالَهُ مَالِكٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْمَشْهُورُ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ شِرَاءِ الصَّدَقَة على النّدب وَالْكَرَاهَة وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ حَرَامٌ فَعَلَى الْأَوَّلِ إِذَا نَزَلَ مَضَى وَعَلَى الثَّانِي يُفْسَخُ وَأَلْحَقَ مَالِكٌ الزَّكَاةَ الْوَاجِبَةَ بِالتَّطَوُّعِ وَاخْتُلِفَ فِي الْإِجْزَاءِ إِذَا فُعِلَ قَالَ وَأَرَى الْإِجْزَاءَ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ تَصَدَّقْتَ عَلَيْهِ بِحَائِطِكَ أَوْ وَهَبْتَهُ وَتَنَازَعْتُمَا فِي الثَّمَرَةِ فَإِنْ لَمْ تُؤَبَّرْ يَوْمَ الصَّدَقَةِ فَهِيَ لِلْمُعْطَى تبعا وَإِلَّا فلك البيع وَلَا يَمِينَ عَلَيْكَ لِأَنَّهُ لَمْ يُحَقِّقِ الدَّعْوَى فِي الثَّمَرَةِ وَيَحُوزُ الرِّقَابَ وَالسَّقْيَ عَلَيْكَ لِأَجَلِ ثَمَرَتِكَ وَيَتَوَلَّى ذَلِكَ هُوَ حَتَّى يَتِمَّ الْحَوْزُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَوْ حَقَّقَ الدَّعْوَى لَحَلَفْتَ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ وَهَبَ النَّخْلَ وَاسْتَثْنَى الثَّمَرَةَ عَشْرَ سِنِينَ فَإِنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ يَسْقِيهَا بِمَائِهِ امتنح لِلْغَرَرِ فِي بَذْلِ الْمَالِ فِي السَّقْيِ وَفِيمَا لَا يُعْلَمُ حُصُولُهُ كَمَنْ وَهَبَ فَرَسَهُ لِيَغْزُوَ عَلَيْهِ سِنِينَ وَنَفَقَتُهُ عَلَى الْمَوْهُوبِ ثُمَّ هُوَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَاشْتُرِطَ عَلَيْهِ عَدَمُ الْبَيْعِ وَلَوْ كَانَتِ النَّخْلُ بِيَدِكَ تَسْقِيهَا وَتَقُومُ عَلَيْهَا جَازَ كَأَنَّكَ وَهَبْتَهَا بَعْدَ

عَشْرِ سِنِينَ إِنْ سَلِمَتْ وَلَمْ تَمُتْ أَنْتَ وَلَمْ تُسْتَدْعَ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَبْطُلُ شَرْطُهُ فِي الْفرس الْعَطِيَّة بل يتعجله وَيَزُول الْخطر كَمَنْ أَعَارَ رَجُلًا سَنَةً ثُمَّ آخَرَ بَعْدَهُ وَتَرَكَ الْمُعَارُ عَارِيَّتَهُ فَيَتَعَجَّلُ الثَّانِي قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا كَانَ السَّقْيُ عَلَيْكَ وَطَلَبَ أَخْذَ النَّخْلِ لم يكن ذَلِك لَهُ قَالَ وَأَرَى إِنْ قُلْتَ هِيَ لَكَ مِنَ الْآنِ وَثَمَرَتُهَا لِي عَشْرَ سِنِينَ وَسَقْيُهَا عَلَى أَنْ تُجْبَرَ عَلَى تَحْوِيزِهِ إِيَّاهَا الْآنَ وَإِنْ تَعَدَّى عَلَيْهَا أَجْنَبِيٌّ فَقَطَعَهَا فَالْقِيمَةُ لِلْمَوْهُوبِ وَإِنْ قُلْتَ هِيَ لَكَ بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ فَالْقِيمَةُ لَكَ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ أَشْهَدَ أَنَّ لِفُلَانٍ فِي مَالِهِ صَدَقَةَ مِائَةِ دِينَارٍ لَزِمَتْهُ إِنْ حَمَلَهَا مَالُهُ وَإِلَّا لَمْ يُتْبَعْ بِمَا عَجَزَ لِاخْتِصَاصِ اعْتِرَافِهِ بِمَالِهِ فَرْعٌ - قَالَ إِذَا مَاتَ الْحر أَو العَبْد قبل الْحَوْز لوَرَثَة الْحر وَسيد الْعَبْدِ الْقَبْضُ لِلُزُومِ الْعَقْدِ فَرْعٌ - قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذا وهبت دينك للْمَيت الْمَدْيُون اقتسمته الْوَرَثَةُ عَلَى الْفَرَائِضِ أَوَّلُهُمُ اقْتَسَمُوهُ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى سَوَاءٌ لِلزَّوْجَةِ وَالزَّوْجِ إِلَّا أَنْ تَقُولَ عَلَى السِّهَام لِأَن الأَصْل فِي الشّركَة التَّسْوِيَة وَلَو طَرَأَ وَارِثٌ بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَقَالَ قَدْ صَارَ إِلَيَّ مِيرَاثِي أَوْ تَرَكْتُهُ لَكُمُ اقْتَسَمُوهُ عَلَى الْفَرَائِضِ قَالَ وَيَنْبَغِي فِي تَرَكْتُهُ لَكُمُ الْقِسْمَةُ بِالتَّسْوِيَةِ وَإِنْ طَرَأَ غَرِيمٌ آخَرُ وَكَانَ الْأَوَّلُ قَدْ قَالَ وَهَبْتُ دَيْنِي لَكُمْ فَلِلْوَرَثَةِ أَنْ

يضْربُوا بدين الأول ويأخذوا مَا ينويه وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِنْ قَالَ أَسْقَطْتُ دَيْنِي لَمْ يُحَاصِصِ الْوَرَثَةُ بِدَيْنِهِ إِذَا كَانَ الْمَيِّتُ مَعْرُوفًا بِالدَّيْنِ وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ الْوَرَثَةُ فَقُرَاءَ حُمِلَ تَرْكُهُ عَلَى الدَّيْنِ بِالْوَرَثَةِ فَيَتَحَاصُّونَ فِيهِ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا وَهَبْتَ الْمَبِيعَ بَيْعًا فَاسِدًا قَبْلَ تَغَيُّرِهِ فِي سُوقِهِ أَوْ بَدَنِهِ جَازَتِ الْهِبَةُ إِنْ قَامَ بِهَا الْمَوْهُوبُ أَوْ بَعْدَ تَغَيُّرِ سُوقِهِ امْتَنَعَ لِلُزُومِهِ لِلْمُبْتَاعِ بِالْقِيمَةِ وَإِنْ أَعْتَقْتَهُ قَبْلَ تَغَيُّرِ سُوقِهِ أَوْ بَدَنِهِ جَازَ أَيْضًا لِبُطْلَانِ الْعَقْدِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ لَا يُعْتِقُ إِلَّا بَعْدَ الْفَسْخِ لِأَنَّ ضَمَانَهُ مِنَ الْمُشْتَرِي قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مُحَمَّدٌ لِلْمَوْهُوبِ الْقِيَامُ بَعْدَ مَوْتِكَ وَقَبْلَ الْفَوْتِ وَإِذَا وَهَبْتَهُ قَبْلَ الْفَوْتِ وَرَضِيَ الْمُشْتَرِي بِإِمْضَاءِ الْهِبَةِ جَازَ وَانْتَقَضَ الْبَيْعُ وَصَارَ وَدِيعَةً فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَتَصِحُّ حِيَازَتُهُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لَهُ أَنَا أَحُوزُهُ لَكَ فَقَوْلَانِ يَتَخَرَّجَانِ مِنْ هِبَةِ الْوَدِيعَةِ لِأَنَّ يَدَ الْوَاهِبِ لَيْسَتْ عَلَيْهَا فَتَصِحُّ وَإِنْ تَمَسَّكَ الْمُشْتَرِي بِالْمَبِيعِ وَلَمْ يَرْضَ بِقَبْضِهِ وَلَا بِإِمْضَاءِ الْهِبَةِ ثُمَّ فَاتَ مَضَى حُكْمُ الْبَيْعِ إِنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ وَإِنِ اجْتَمَعَ عَلَى فَسَادِهِ مَضَتِ الْهِبَةُ لِأَنَّ الْعَقْدَ أَبْقَى نَقْلَ الضَّمَانِ دُونَ الْمِلْكِ وَإِنْ عَلِمْتَ بِالْفَوْتِ وَأَنَّ الْحُكْمَ عَدَمُ الرَّدِّ حُمِلَ عَلَى أَنَّكَ أَرَدْتَ هِبَةَ الْقِيمَةِ فَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ الْهِبَةِ أَخَذْتَ الْقِيمَةَ لِأَنَّهُ لَا يَجْهَلُ أَحَدٌ أَنَّ الْمَوْتَ فَوْتٌ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِذَا وَهَبَ قَبْلَ حَوَالَةِ السُّوقِ وَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى حَالَتِ السُّوقُ بِيعَ الْمُبْتَاعُ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ بَطَلَتِ الْهِبَةُ لِلْفَوْتِ قَبْلَ الْحَوْزِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَنَّ الْهِبَةَ وَقَعَتْ فِي حَالَةِ وُجُوبِ رَدِّ الْعَيْنِ فَهِبَةُ الْبَائِعِ فَوْتٌ لِانْتِقَالِهِ عَنْ مِلْكِهِ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِنْ وَهَبَ الْمَرْهُونُ جَازَ وَتُعْطِي مَا عَلَيْكَ إِنْ كَانَ لَك مَال

فَإِنْ لَمْ يَقُمْ عَلَيْكَ حَتَّى فَدَيْتَهُ أَخَذَهُ بِعَقْدِ الْهِبَةِ مَا لَمْ تَمُتْ فَتَبْطُلُ الْهِبَةُ وَتَصِحُّ هِبَةُ الْمَغْصُوبِ وَاشْتَرَطَ الْأَئِمَّةُ الْقُدْرَةَ عَلَى التَّسْلِيمِ فَمَنَعُوهُ مِنْ غَيْرِ الْغَاصِبِ وَالْبَحْثُ يَرْجِعُ إِلَى جَوَازِ هِبَةِ الْمَجْهُولِ وَالْغَرَرِ فَنَحْنُ نُجِيزُهُ وَهُمْ يَمْنَعُونَهُ فَإِنَّ الْمَغْصُوبَ أَسْوَأُ أَحْوَالِهِ أَنْ يَكُونَ غَرَّرَ وَلَيْسَ حَوْزُ الْمُرْتَهِنِ وَالْغَاصِبِ حَوْزًا لِأَنَّهُمَا حَازَا لِأَنْفُسِهِمَا بِخِلَافِ مَنْ أَخْدَمَ عَبْدَهُ سِنِينَ ثُمَّ هُوَ هِبَةٌ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَبْضُ الْمُخْدَمِ قَبْضٌ لِلْمَوْهُوبِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ قَبَضَ الْمَوْهُوب قَبْلَ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ فَهُوَ أَحَقُّ إِنْ كَانَ الْوَاهِبُ مَلِيًّا وَيُعَجِّلُ الْحَقَّ وَفِي هِبَةِ الثَّوَابِ يُعَجِّلُ الْحَقَّ كَالْبَيْعِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قِيلَ لَيْسَ عَلَيْكَ افْتِكَاكُ الرَّهْنِ إِذَا حَلَفْتَ أَنَّكَ لَمْ تُرِدْ تَعْجِيلَهُ لِأَنَّهُ تَجْدِيدُ حَقٍّ عَلَيْكَ وَيُخَيَّرُ الْمُرْتَهِنُ بَيْنَ تَرْكِ الرَّهْنِ وَبَيْنَ نَقْلِهِ إِلَى الْأَجَلِ فَإِنْ حَلَّ وَالْوَاهِبُ مُوسِرٌ قَضَى الدَّيْنَ وَأَخْذَهُ الْمَوْهُوبُ فَإِنْ كَانَ يَجْهَلُ أَنَّ الْهِبَةَ لَا تَصِحُّ إِلَّا بَعْدَ تَعْجِيلِ الدَّيْنِ حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يُجْبَرْ عَلَى التَّعْجِيلِ فرع - ابْنُ يُونُسَ إِذَا اشْتَرَطَ عَلَى الْوَاهِبِ أَلَّا يَبِيعَ وَلَا يَهَبَ بَطَلَتِ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُنَاقِضٌ لِلْعَقْدِ قَالَ مَالِكٌ إِلَّا فِي السَّفِيهِ وَالصَّغِيرِ فَيُشْتَرَطُ ذَلِكَ عَلَيْهِ لِلْبُلُوغِ أَوِ الرُّشْدِ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى حَالِهِمَا وَقَالَ أَشْهَبُ هِيَ حَبْسٌ عَلَيْهِ وَعَلَى عَقِبِهِ نَظَرًا لِمُوجِبِ الشَّرْطِ فَإِذَا انْقَرَضُوا رَجَعَتْ حَبْسًا عَلَى أَقْرَبِ النَّاسِ بِالْمُعْطِي يَوْمَ الْمَرْجِعِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ قَالَ إِنْ أَرَدْتَ بَيْعَهُ فَأَنَا أَحَقُّ بِهِ بَطَلَتْ لِلْحَجْرِ وَعَنْ مَالِكٍ الْجَوَازُ قَالَ اللَّخْمِيُّ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا وَهَبَ عَلَى أَلَّا يَبِيعَ وَلَا يَهَبَ إِنْ نَزَلَ مَضَى وَهُوَ عَلَى شَرْطِهِ لِأَنَّ الْهِبَةَ مَعْرُوفٌ كَالْحَبْسِ

فَيَقْبَلُ الشَّرْطَ وَلَا يَبِيعُهَا إِلَّا عَلَى مَا جَوَّزَهُ مَالِكٌ دُونَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَجَوَّزَ الْمُغِيرَةُ هِبَةَ الْأَمَةِ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَلَدٍ تَلِدُهُ لَهُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ خِدْمَتُهَا وَمَنَافِعُهَا وَإِنْ وَهَبَهَا عَلَى أَنْ يَتَّخِذَهَا أُمَّ وَلَدٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَجُوزُ وَطْؤُهَا وَإِنْ أُدْرِكَتْ قَبْلَ الْوَطْءِ خير الْوَاهِب بَين امضائها بِغَيْرِ شَرْطٍ أَوْ يَرُدُّهَا فَإِنْ وَطِئَهَا تَقَرَّرَتْ وَقَالَ أَصْبَغُ إِنْ عَلِمَ بِذَلِكَ بَعْدَ الْوَطْءِ وَقَبْلَ الْحَمْلِ خُيِّرَ الْوَاهِبُ بَيْنَ الْإِمْضَاءِ بِغَيْرِ شَرْطٍ وَبَيْنَ رَدِّهَا وَلَوْ أَفَاتَهَا الْمَوْهُوبُ بِعِتْقٍ أَوْ تَدْبِيرٍ أَوْ بَيْعٍ لَزِمَتْهُ قِيمَتُهَا لِلْفَوْتِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ الْهِبَةُ جَائِزَةٌ وَيُؤْمَرُ الْمَوْهُوبُ بِالْوَفَاءِ بِالشَّرْطِ فَإِنْ قَالَ لَا أُعْطِيهَا الْوَلَدَ أُمِرَ بِذَلِكَ وَلَمْ يُنْزَعْ مِنْهُ فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذا قَالَ إِنْ ضَمِنْتَ عَنِّي الدَّيْنَ فَدَارِي صَدَقَةٌ عَلَيْكَ لَا تَلْزَمُ الصَّدَقَةُ وَلَا الضَّمَانُ لِعَدَمِ الرضى بِالْهبةِ بِالْبَيْتِ وَقَالَ إِذا قَالَت لَك امْرَأَتك وَقَدْ مَرِضْتَ إِنْ حَمَلْتَنِي إِلَى أَهْلِي فَمَهْرِي صَدَقَةٌ عَلَيْكَ فَذَهَبَتْ إِلَى أَهْلِهَا لِتَقْطَعَ مَا جُعِلَتْ لَهُ سَقَطَ الْمَهْرُ وَإِنْ بَدَا لَهُ هُوَ رَجَعَتْ عَلَيْهِ بِالْمَهْرِ تَوْفِيَةً بِالشَّرْطِ وَإِنْ قَبِلَهَا عَلَى أَنْ يَتَّخِذَهَا أُمَّ وَلَدٍ حَرُمَ وَطْؤُهَا لِفَسَادِ الْهِبَةِ بِالتَّحْجِيرِ فَإِنْ حَمَلَتْ بِوَطْئِهِ فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ وَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ تَوْفِيَةً بِالشَّرْطِ بِخِلَافِ إِذَا أُحِلَّتْ لَهُ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ لِأَنَّ الْمُحَلِّلَ لَمْ يُعْطِهِ الرَّقَبَةَ فَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ فَهِيَ لَهُ وَلَا تُرَدُّ الصَّدَقَةُ لِأَنَّهُ طلب الْوَلَد بِالْوَطْءِ فقد وفى بِالشّرطِ وَإِذا قَالَ إِنْ حَفِظَ وَلَدِي الْقُرْآنَ فَلَهُ دَارِي وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ وَفَّى لَهُ بِالشَّرْطِ وَإِنْ عَمِلَهُ تَحْرِيضًا فَلَا شَيْءَ لَهُ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ لِلْأُمِّ الِاعْتِصَارُ لِهِبَةِ وَلَدِهَا فِي حَيَاةِ أَبِيهِ أَوْ وَلَدِهَا الْكِبَارِ قِيَاسًا

عَلَى الْأَبِ إِلَّا أَنْ يَنْكِحَ أَوْ يَتَدَايَنَ لِتَعَلُّقِ الْحَقِّ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ حِينَ الْهِبَةِ لَا تَعْتَصِرُ لِأَنَّ الْهِبَةَ لِلْيَتِيمِ صَدَقَةٌ وَالصَّدَقَةُ لَا تُعْتَصَرُ وَإِنْ وَهَبَتْهُ وَهُوَ صَغِيرٌ وَأَبُوهُ حَيٌّ مَجْنُونٌ مُطْبَقٌ فَهُوَ كَالصَّحِيحِ لَهَا الاعتصار وَللْأَب اعتصار مِنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مَا لَمْ يَنْكِحْ أَوْ يَتَدَايَنْ أَوْ يُحْدِثْ فِي الْهِبَةِ حَادِثًا أَوْ يَطَأِ الْأَمَةَ أَوْ تَتَغَيَّرِ الْهِبَةُ فِي نَفْسِهَا لِانْتِفَالِ الْعَيْنِ كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَلَهُ الِاعْتِصَارُ وَإِنْ كَانَتِ الْأُمُّ مَيِّتَةً عِنْدَ الْهِبَةِ لِأَنَّ الْيُتْمَ من الْأَبِ فِي بَنِي آدَمَ دُونَ الْأُمِّ وَفِي الْبَهَائِمِ بِالْعَكْسِ وَلَا يَكُونُ لَهُ اعْتِصَارُ مَا وَهَبَهُ غَيْرُهُ لِأَنَّ مَالَ الِابْنِ مَعْصُومٌ وَلَيْسَ لِغَيْرِ الْأَبَوَيْنِ اعْتِصَارٌ مِنْ جَدٍّ أَوْ جَدَّةٍ أَوْ وَلَدٍ وَوَافَقَنَا (ش) وَأَحْمَدُ فِي اخْتِصَاصِ الْأَب وَالأُم بالاعتصار وان عليا وَخَالَفَنَا (ش) وَأَحْمَدُ فِي الرُّجُوعِ فِي الصَّدَقَةِ فَجَوَّزَاهُ وَوَافَقَنَا (ح) فِيهَا وَجَوَّزَ الرُّجُوعَ مِنْ كُلِّ وَاهِبٍ إِلَّا مَنْ وَهَبَ لِذِي رَحِمٍ مُحَرَّمٍ لِأَنَّ أَصْلَ الْهِبَةِ عِنْدَهُ عَلَى الْجَوَازِ وَإِنَّمَا امْتنع الرُّجُوع لتوقع العقوق بَين ذَوي الْأَرْحَامِ الْمُحَرَّمَةِ وَنَاقَضَ فِي الزَّوْجَيْنِ فَمَنَعَ الِاعْتِصَارَ بَيْنَهُمَا وَاشْتَرَطَ حُكْمَ الْحَاكِمِ فِي الرُّجُوعِ وَعَلَى الْحَاكِم أَن يحكم بذلك حجَّته قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْ وَهَبَ هِبَةً فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا مَا لَمْ يُثَبْ مِنْهَا وَلَكِنَّهُ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قيئه بِالْقِيَاسِ عَلَى الْوَصِيَّةِ بِجَامِعِ التَّبَرُّعِ خُولِفَ ذَلِكَ فِي ذِي الرَّحِمِ لِقِيَامِ مُعَارَضَةِ الْعُقُوقِ وَفِي الزَّوْجَيْنِ لمعارض المواصلة فَيبقى مَا عَدَاهُ عَلَى مُقْتَضَى الْقِيَاسِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ مَنْعُ الصِّحَّةِ أَوْ حَمْلُهُ عَلَى الْأَبَوَيْنِ أَوْ عَلَى مَا قَصَدَ بِهِ هِبَةَ الثَّوَابِ وَعَنِ الثَّانِي الْفَرْقُ بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ عِنْدَ مُفَارَقَةِ الدُّنْيَا

يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِيهَا حَتَّى لَا يَنْفِرَ النَّاسُ مِنَ الْإِحْسَانِ بِالْمَالِ خَوْفًا مِنْ عَدَمِ الْمَوْتِ فَيَعِيشُ فَقِيرًا فَإِذَا عَلِمَ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ أَمِنَ فَكَثَّرَ الْوَصِيَّةَ وَجَادَ وَالْهِبَةُ فِي الْحَيَاةِ بِخِلَافِ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَالَ مَطْلُوبُ الْحِفْظِ فَاسْتَغْنَى عَنِ التَّرْغِيبِ بِمَا ذَكَرْنَاهُ سَلَّمْنَا عَدَمَ الْفَرْقِ وَلكنه مُعَارَضٌ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْبَيْعِ وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} وَبِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي أَبِي دَاوُدَ لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ يُعْطِي عَطِيَّةً يَرْجِعُ فِيهَا إِلَّا الْوَالِدَ فِيمَا يُعْطِي وَلَده وَهُوَ نَصٌّ فِي صِحَّةِ مَذْهَبِنَا وَإِبْطَالِ مَذْهَبِكُمْ حَيْثُ جَوَّزْتُمْ وَحَيْثُ مَنَعْتُمْ وَقَالَ (ش) لَا يَمْنَعُ الِاعْتِصَارَ الزَّوَاجُ وَلَا الْفَلْسُ وَلَا نُقْصَانُ الْهِبَةِ وَلَا وَطْءُ الْوَلَدِ وَلَا الزِّيَادَةُ غَيْرُ الْمُتَمَيِّزَةِ كَالسِّمَنِ وَالصَّنْعَةِ وَالزِّيَادَةُ الْمُتَمَيِّزَةُ كَالصُّوفِ وَالْكَسْبِ يَرْجِعُ فِي الْأَصْلِ دُونَ الزِّيَادَةِ وَلَا الْبَيْعُ إِذَا رَجَعْتَ بِهِبَةٍ أَوْ مِيرَاثٍ وَيُبْطِلُ الرُّجُوعَ الْهِبَةُ الْمُتَّصِلَةُ بِالْقَبْضِ وَإِحْبَالُ الْأَمَةِ وَقَالَ أَحْمَدُ يُبْطِلُ الِاعْتِصَارَ الْخُرُوجُ عَنِ الْمِلْكِ وَإِنْ عَادَتْ إِلَيْهِ وَالِاسْتِيلَادُ لِتَعَذُّرِ الْمِلْكِ بِخِلَافِ التَّدْبِيرِ وَالْهِبَةِ وَالْوَصِيَّة قبل الْقَبْض الْوَطْء وَالتَّزْوِيجِ وَالْإِجَارَةِ وَكُلِّ تَصَرُّفٍ لَا يَمْنَعُ مِنَ التَّصَرُّف فِي الرَّقَبَة وَيمْنَع الِاعْتِصَارَ الْمُدَايَنَةُ وَتَزْوِيجُ الْوَلَدِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَالزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ وَقَالَهُ (ح) فِيهَا بِخِلَافِ الْمُنْفَصِلَةِ وَلَا يَمْنَعُ تَلَفُ بَعْضِهَا وَنَقْصُهَا قَالَ صَاحِبُ الْخِصَالِ لَيْسَ لِلْوَالِدِ الِاعْتِصَارُ فِي اثْنَتَيْ عَشْرَةَ صُورَةً فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ إِذَا تَزَوَّجَ الْوَلَدُ أَوِ اسْتَدَانَ أَوْ مَرِضَ أَوْ مَرِضَ الْوَالِد أَو وَهبهَا لصلة الرَّحِم أَو الْقَرَابَة أَوْ لِوَجْهِ اللَّهِ أَوْ لِطَلَبِ الْأَجْرِ أَوْ قَالَ هِبَةٌ لِلَّهِ أَوْ كَانَتْ جَارِيَةً فَوَطِئَهَا الِابْنُ أَوْ يُرِيدُ بِهَا الصِّلَةَ أَوْ تَغَيَّرَتْ وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ لِلِاعْتِصَارِ سَبْعَةُ شُرُوطٍ أَنْ تَكُونَ الْهِبَةُ قَائِمَةً لَمْ يَحْدُثْ فِيهَا عَيْبٌ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقٌّ لِغَرِيمٍ أَوْ زَوْجٍ أَوْ زَوْجَةٍ وَالْوَاهِبُ أَبٌ وَالْمَوْهُوبُ لَهُ غَيْرُ فَقِيرٍ فَائِدَةٌ - قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ الِاعْتِصَارُ لُغَةً الْحَبْسُ وَالْمَنْعُ وَقِيلَ

الِارْتِجَاعُ قَالَ وَهُوَ يَدْخُلُ فِي الْهِبَةِ وَغَيْرِهَا مِنَ النِّحَلِ دُونَ الْأَحْبَاسِ وَالصَّدَقَةِ وَلَوْ كَانَتْ بِلَفْظ الْهِبَةِ إِذَا قَالَ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ لِصِلَةِ الرَّحِمِ كَمَا أَنَّ الصَّدَقَةَ إِذَا شَرَطَ فِيهَا الِاعْتِصَارَ فَلَهُ شَرْطُهُ وَالْعُمْرَى كَالْحَبْسِ وَقِيلَ كَالْهِبَةِ وَخَرَجَ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ أَنَّهُ يَأْكُلُ مِمَّا تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ - جَوَازُ اعْتِصَارِ الصَّدَقَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ دِينَارٍ زَوَاجُ الذَّكَرِ لَا يُبْطِلُ الِاعْتِصَارَ بِخِلَافِ الْأُنْثَى لِأَنَّ الصَّدَاقَ بَذْلٌ لِمَالِهَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا وَهَبَتِ الْأُمُّ وَلَدَهَا الصَّغِيرَ فَبَلَغَ قبل موت أَبِيه ثمَّ مَاتَ أَبوهُ لَهَا الِاعْتِصَارُ قِيَاسًا عَلَى الْأَبِ وَإِنْ مَاتَ الْأَبُ قَبْلَ بُلُوغِهِ ثُمَّ بَلَغَ لَمْ تَعْتَصِرْ لِأَنَّ مَوْتَ الْأَبِ قَبْلَ الْبُلُوغِ يَقْطَعُ الِاعْتِصَارَ لِتَعَلُّقِ الْحَجْرِ بِالْمَالِ مِنْ غَيْرِهَا فَيَرْتَفِعُ بِهِ سُلْطَانُهَا لِأَنَّهَا لَا تَلِي الْمَالَ فَلَا تَعُودُ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِذَا وَهَبَتْ لِوَلَدِهَا الْيَتِيمِ الْمُوسِرِ فَلَهَا الِاعْتِصَارُ لِانْتِفَاءِ دَلِيلِ الصَّدَقَةِ وَهُوَ الْحَاجَةُ قَالَهُ أَشْهَبُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا وَهَبَتْ وَقَبَضَهَا الْأَبُ لَا تَعْتَصِرُ لِدُخُولِهَا تَحْتَ وِلَايَةِ الْأَبِ وَكَذَلِكَ إِذَا حَازَ الْوَصِيُّ وَلَوْ كَانَتْ هِبَةً اعْتَصَرَتْ لِتَمَكُّنِهَا مِنَ التَّصَرُّفِ فِي الْهِبَةِ بِالْوِلَايَةِ كَانَ لَهُ أَبٌ أَمْ لَا وَإِذَا انْقَطَعَ الاعتصار بِالنِّكَاحِ لَا يعْتد بِالطَّلَاق أَو موت الزَّوْج لتقرر ذَلِك وَكَذَلِكَ إِذا زَالَ النِّكَاح الْمَذْكُور أَوْ دَيْنُهُمْ أَمَّا مَرَضُ الْأَبِ أَوِ الِابْنِ إِذَا زَالَا عَادَ الِاعْتِصَارُ لِأَنَّهُ لِحَقِّ الْغَيْرِ كَمَا يَزُولُ الْحَجْرُ بَعْدَ ثُبُوتِهِ قَالَهُ سَحْنُونٌ وَعَنْ مَالِكٍ الْمَرَضُ كَالدَّيْنِ قِيَاسًا عَلَيْهِ وَقَالَ الْمَخْزُومِيُّ لَا يُفِيتُ وَطْءُ الْأَمَةِ وَتُوقَفُ فَإِنْ حَمَلَتْ بَطَلَ الِاعْتِصَارُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَكْفِي الْوَطْءُ لِأَنَّ تَحْرِيمَهَا يُعْتَبَرُ بِحَالِهَا وَلِمَا فِيهِ مِنَ الْكَشْفِ وَيَكْفِي تَقْرِيرُ النِّكَاحِ الثَّانِي فِي مسئلة الْوَلِيَّيْنِ وَإِنْ كَانَ بَاطِلًا لِتَأَخُّرِهِ وَيُصَدَّقُ الِابْنُ فِي الْوَطْءِ إِذَا غَابَ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَا يُعْرَفُ إِلَّا مِنْ قِبَلِهِ كَالْعَدَدِ فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا عَلِمَ أَنَّ الِابْنَ يُزَوَّجُ لأجل غناهُ لَا لأجل تِلْكَ

الْهِبَة لِأَبِيهِ الِاعْتِصَارُ وَكَذَلِكَ إِذَا وَهَبَهُ مَا قِيمَتُهُ عِشْرُونَ دِينَارًا وَهُوَ لَهُ أَلْفُ دِينَارٍ لَهُ الِاعْتِصَارُ وَإِنْ تَزَوَّجَ لِأَنَّ عَدَمَ الِاعْتِصَارِ إِنَّمَا كَانَ نَفْيًا لِلضَّرَرِ الَّذِي يُتَوَقَّعُ مِنَ الِاعْتِصَارِ حَيْثُ يَعْلَمُ أَنَّهُ إِنَّمَا يُزَوَّجُ اعْتِمَادًا عَلَى الْهِبَةِ وَعَنْ مَالِكٍ يَمْتَنِعُ الِاعْتِصَارُ لِأَنَّهُ قَدْ قَوِيَ بِهَا وَإِذَا وَهَبَهُ دَنَانِيرَ فَجَعَلَهَا عَلَى يَدِ رَجُلٍ فَصَاغَهَا حُلِيًّا لَا يَعْتَصِرُهُ لِتَغَيُّرِهِ كَمَا لَوِ اشْتَرَى بِهِ جَارِيَةً قَالَ مَالِكٌ لِلْأُمِّ مِنَ الِاعْتِصَارِ مَا لِلْأَبِ وَالْجَدِّ وَالْجَدَّةِ كَالْأَبَوَيْنِ لِانْدِرَاجِهِمْ فِي حُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ فَكَذَلِكَ يَنْدَرِجَانِ فِي لَفْظِ الْوَالِدِ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدَّمِ وَمَا يَعْتَصِرُ إِذَا أَثَابَ الِابْنُ مِنْهُ لَا يَعْتَصِرُ لِانْتِقَالِهِ لِبَابِ الْبَيْعِ وَكَذَلِكَ إِذَا أَثَابَهُ عَنْهُ غَيْرُهُ وَإِذَا نَمَتِ الْهِبَةُ فِي بَدَنِهَا فَلَا اعْتِصَارَ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ غَيْرُ الْعَيْنِ الْمَوْهُوبَةِ وَلَا يَمْنَعُ حَوَالَةُ الْأَسْوَاقِ لِأَنَّهَا رَغَبَاتُ النَّاسِ فَهِيَ خَارِجَةٌ عَنِ الْهِبَةِ وَيَمْنَعُ مَرَضُ الْأَبِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَعْتَصِرُهُ لِغَيْرِهِ فَيُمْنَعُ كَمَا يُمْنَعُ مِنَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ لِيَبِيعَ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ لِلْأُمِّ الِاعْتِصَارُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ حَازَهَا الْأَبُ لَمْ تَعْتَصِرْ لِأَنَّهَا فِي وِلَايَةِ غَيْرِهَا وَكَذَلِكَ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ وَلَيْسَ فِي وِلَايَتِهَا وَإِنَّمَا تَعْتَصِرُ مَا فِي وِلَايَتِهَا قَالَ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ لِأَنَّ الْأَبَ يَعْتَصِرُ هِبَةَ وَلَدِهِ الْكَبِيرِ بَعْدَ قَبْضِهَا وَخُرُوجِهَا عَنْ وِلَايَةِ الْأَبِ قَالَ وَفِي مَنْعِ حُدُوثِ الْعَيْبِ بِالْهِبَةِ الِاعْتِصَارَ قَوْلَانِ قَالَ وَعَدَمُ الْمَنْعِ أَحْسَنُ لِأَنَّ ضَرَرَهُ عَلَى الْوَاهِبِ وَسِمَنُ الْهَزِيلِ وَكِبَرُ الصَّغِيرِ فَوْتٌ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمَوْهُوبِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُنْفِقَ عَلَى الْعَبْدِ قَالَهُ مُحَمَّدٌ لِأَنَّهُ كَمَالُهُ وَفِي تَزْوِيجِ الْأَمَةِ الْمَوْهُوبَةِ قَوْلَانِ لِأَنَّهُ عَيْبٌ وَإِذَا ولدت لَهُ أَخَذَ الْأَمَةَ دُونَ وَلَدِهَا وَالزَّوْجِيَّةُ بِحَالِهَا لِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ عَيْبٌ فَلَا يُفِيتُ وَالْوَلَدُ نَمَا بِمَالِ السَّيِّدِ لِأَنَّ الزَّوْجَ يُنْفِقُ عَلَى الزَّوْجَةِ وَالسَّيِّدَ عَلَى الْوَلَدِ إِلَّا أَنْ يَعْتَصِرَ بِقُرْبِ الْوِلَادَةِ وَبِنَاء الأَرْض وغرسها قوت خِلَافًا لِ (ش) لِأَنَّهُ يَنْقُصُ الْأَرْضَ وَيُوجِبُ حَقًا للْمَوْهُوب وَهدم الدَّار لَيْسَ

قوتا إِلَّا أَنْ يَهْدِمَهَا الِابْنُ لِأَنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهَا إِلَّا أَنْ يَعْتَصِرَ الْعَرْصَةَ وَحْدَهَا وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ سِوَى الْهِبَةِ فَاشْتَرَى سِلْعَةً لِلتِّجَارَةِ امْتَنَعَ الِاعْتِصَارُ لِتَعَلِّقِ حَقِّ الْقَضَاءِ بِهَا وَمَرَضُ الْأَبِ أَوِ الِابْنِ يَمْنَعُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْوَرَثَةِ مِنْ جِهَةِ الِابْنِ وَكَوْنِ الْأَبِ يَعْتَصِرُ لِغَيْرِهِ - قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَعَنْهُ مَرَضُ الْأَبِ غَيْرُ مَانِعٍ لِأَنَّ الْمَرَضَ يُوجِبُ الْحَجْرَ وَالْحَجْرُ لَا يَمْنَعُ تَحْصِيلَ الْمَالِ بَلْ إِخْرَاجَهُ كَمَا لَهُ أَخْذُ مَالِ مُدَبَّرِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ فِي مَرَضِهِ وَإِنْ كَانَ الْأَخْذ لغيره وَإِذا اعْتَمر فِي الْمَرَضِ ثُمَّ صَحَّ تَمَّ الِاعْتِصَارُ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ فِي حُكْمِ الصَّحِيحِ قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ يُوقِفَ إِنْ مَاتَ سَقَطَ وَإِلَّا ثَبَتَ وَقِيلَ إِذَا طَلَبَ الِاعْتِصَارَ فِي الْمَرَضِ ثُمَّ صَحَّ لَمْ يُعِدِ الِاعْتِصَارَ قَالَ وَلَيْسَ بِحَسَنٍ وَإِذَا تَقَدَّمَتِ الْمُدَايَنَةُ وَغَيْرُهَا مِنَ الْمَوَانِعِ الْهِبَةَ لَا تَمْنَعُ الِاعْتِصَارَ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ تَمْنَعُ وَلَيْسَ بِحَسَنٍ وَإِذَا تَقَدَّمَتِ الْمُدَايَنَةُ وَغَيْرُهَا مِنَ الْمَوَانِعِ الْهِبَةَ لَا تَمْنَعُ الِاعْتِصَارَ وَقَالَ عَبْدُ الْملك تمنع وَلَيْسَ بِحسن فَإِنَّهُ لَمْ يَزَّوَّجْ لِأَجْلِهَا وَلَا أَدَانَ لِأَجْلِهَا وَالْمَرَضُ لَمْ يَطْرَأْ عَلَيْهَا وَاخْتُلِفَ فِي الِاعْتِصَارِ مِنَ الْوَلَدِ الْكَبِيرِ الْفَقِيرِ فَقِيلَ يَعْتَصِرُ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَمَنَعَ سَحْنُونٌ قَالَ وَإِنَّمَا يَعْتَصِرُ إِذَا كَانَ فِي حَجْرِهِ وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا لِأَنَّهُ الْمُنْفِقُ عَلَيْهِ فَهُوَ غَنِيٌّ بِهِ أَوْ لَيْسَ فِي حَجْرِهِ وَهُوَ غَنِيٌّ لِأَنَّ الْهِبَةَ قَدْ تَكُونُ لِقَصْدِ سَدِّ خُلَّتِهِ إِذَا كَانَ فَقِيرًا وَتَعْتَصِرُ الْأُمُّ إِذَا كَانَ الِابْنُ مُوسِرًا - كَانَ أَبُوهُ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا وَيُخْتَلَفُ إِذَا كَانَا فَقِيرَيْنِ فقياسا عَلَى الْوَلَدِ الْفَقِيرِ قَالَهُ أَشْهَبُ وَمَنَعَ مِنَ الْفَقِيرِ الصَّغِيرِ لِأَنَّهُ صَدَقَةٌ حِينَئِذٍ وَالْمَذْهَبُ الِاعْتِصَارُ مِنَ الْكَبِيرِ الْفَقِيرِ وَإِنْ لَمْ تَعْتَصِرِ الْأُمُّ فِي الصَّغِير حَتَّى مَاتَ الْأَب لَهَا الاعتصار نظرا إِلَى حَالَة العقد وَقيل لاتعتصر فَرْعٌ - فِي الْجُلَّابِ إِذَا وَهَبَ لِوَلَدِهِ دَنَانِيرَ أَوْ مِثْلِيًّا فَخَلَطَهُ بِمِثْلِهِ بَطَلَ

الِاعْتِصَارُ لِتَعَذُّرِ التَّمْيِيزِ وَكَذَلِكَ لَوْ صَاغَهَا حُلِيًّا فِي شَرْحِ الْجُلَّابِ يَتَعَذَّرُ الرُّجُوعُ فَرْعٌ - قَالَ الْأَبْهَرِيُّ لَا يَعْتَصِرُ لِغُرَمَائِهِ بِدَيْنٍ مُتَجَدِّدٍ بَعْدَ الْهِبَةِ بَلْ إِنَّمَا يَعْتَصِرُ لِنَفْسِهِ كَمَا يَأْخُذُ مِنْ مَالِهِ لِيُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ دُونَ غَيْرِهِ فَرْعٌ - قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ هِبَةُ الثَّوَابِ مُبَاحَةٌ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ قَالُوا لِأَنَّهُ بَيْعٌ لِلسِّلْعَةِ بِقِيمَتِهَا أَوْ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ إِنْ لَمْ يُعَيِّنُوا الْقِيمَةَ وَهُوَ مَمْنُوع فِي الْبيُوع اتِّفَاقًا فَكَذَلِك هَهُنَا وَلِأَنَّ مَوْضُوعَ الْهِبَةِ التَّبَرُّعُ لُغَةً وَالْأَصْلُ عَدَمُ النَّقْلِ وَالتَّبَرُّعُ لَا يَقْتَضِي عِوَضًا فَلَا تَكُونُ الْهِبَةُ تَقْتَضِي ثَوَابًا وَلِأَنَّ كُلَّ عَقْدٍ اقْتَضَى عِوَضًا غَيْرَ مُسَمًّى لَا يَفْتَرِقُ فِيهِ الْأَعْلَى مَعَ الْأَدْنَى كَالنِّكَاحِ فِي التَّفْوِيضِ فَلَوِ اقْتَضَتْهُ الْهِبَةُ لَاسْتَوَى الْفَرِيقَانِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْوَصِيَّةِ بِجَامِعِ التَّبَرُّعِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ الْفَرْقُ بِأَنَّ هِبَةَ الثَّوَابِ وَإِنْ دَخَلَهَا الْعِوَضُ فَمَقْصُودُهَا أَيْضًا الْمُكَارَمَةُ وَالْوِدَادُ فَلَمْ تَتَمَحَّضْ لِلْمُعَاوَضَةِ وَالْمُكَايَسَةِ وَالْعُرْفُ يَشْهَدُ لذَلِك فَلِذَلِكَ جَازَ فِيهَا مِثْلُ هَذِهِ الْجَهَالَةِ وَالْغَرَرِ كَمَا جَوَّزَ الشَّرْعُ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَالطَّعَامَ لَا يَدًا بِيَدٍ فِي الْقِرَاضِ لِأَنَّ قَصْدَهُ الْمَعْرُوفُ فَظَهَرَ الْفَرْقُ وَعَنِ الثَّانِي إِنْ أَرَدْتُمْ أَنَّ كُلَّ هِبَةٍ مَوْضُوعُهَا التَّبَرُّعُ فَهُوَ مُصَادَرَةٌ عَلَى مَحَلِّ النِّزَاعِ لِانْدِرَاجِهَا فِي هَذِهِ الْكُلِّيَّةِ وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنَّ بَعْضَ الْهِبَاتِ كَذَلِكَ فَمُسَلَّمٌ وَلَا يَضُرُّنَا ذَلِكَ لِأَنَّ عِنْدَنَا أَنَّ هِبَةَ الْأَدْنَى لِلْأَعْلَى مَوْضُوعَةٌ لِلْعِوَضِ وَالْأَعْلَى لِلْأَدْنَى لِلتَّبَرُّعِ بِشَهَادَةِ الْعرف فَيكون

لُغَةً كَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ النَّقْلِ وَالتَّغْيِيرِ وَعَنِ الثَّالِثِ الْفَرْقُ بِأَنَّ النِّكَاحَ لِلْعِوَضِ فِيهِ لَازِمٌ شَرْعًا لَا يَتَمَكَّنَانِ مِنْ إِسْقَاطِهِ فَلِذَلِكَ اطَّرَدَ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ لِلْعِوَضِ وَعَدَمِهِ فَإِذَا اقْتَرَنَ بِهَا مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى عَدَمِهِ اتَّبَعَ ذَلِكَ الدَّلِيلَ أَوْ بِقَلْبِه فَيَقُول عقد يقْصد لِلْوِدَادِ فَيَقْتَضِي الْعِوَضَ قِيَاسًا عَلَى النِّكَاحِ بَلْ عِنْدَنَا مُلْحَقَةٌ بِنِكَاحِ التَّفْوِيضِ يُسْكَتُ عَنِ الْعِوَضِ فِيهِ وَيلْزم صدَاق الْمثل كَذَلِك هَهُنَا يَلْزَمُ قِيمَةُ الْمِثْلِ وَعَنِ الرَّابِعِ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تُرَادُ لِثَوَابِ الْآخِرَةِ فَلِذَلِكَ لَمْ تَقْتَضِ أعواض الدُّنْيَا كالصدقة ثمَّ يتأيد مَذْهَبُنَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَو ردوهَا} وَهُوَ يَشْمَلُ الْهِبَةَ وَالْهَدِيَّةَ لِأَنَّهَا يَتَحَيَّى بِهَا وَوُرُودُهَا فِي السَّلَامِ لَا يَمْنَعُ دَلَالَتَهَا عَلَى محمل النِّزَاعِ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَهْدَى إِلَيْهِ أَعْرَابِيٌّ نَاقَةً فَأَعْطَاهُ ثَلَاثًا فَأَبَى فَزَاد ثَلَاثًا فَأَبَى فَلَمَّا كَمُلَتْ تِسْعًا قَالَ رَضِيتُ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَيْمُ اللَّهِ لَا أَقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ بَعْدَ الْيَوْمِ هَدِيَّةً إِلَّا أَنْ يَكُونَ قُرَشِيًّا أَوْ أَنْصَارِيًّا أَوْ ثَقَفِيًّا أَوْ دَوْسِيًّا خَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْهِبَةَ تَقْتَضِي الثَّوَابَ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أعطَاهُ حَتَّى أرضاه وروى عَنهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الرَّجُلُ أَحَقُّ بِهِبَتِهِ مَا لَمْ يُثَبْ مِنْهَا وَمَا زَالَ الصَّحَابَةُ عَلَى ذَلِكَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَلِأَنَّهُ مَفْهُومٌ فِي الْعُرْفِ وَالْعُرْفُ كَالشَّرْطِ وَيُشِيرُ إِلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رَبًّا لِتَرْبوا فيِ أمْوَالِ النّاس فَلا يَرْبُوا عِنْدَ الله} لي لَا أجر لَهُ فيربو فَبَقيَ الْأَجْرَ وَلَمْ يُثْبِتِ الْإِثْمَ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنه عَادَة

الْعُرْفِ وَعَلَى الْإِبَاحَةِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَهِيَ حَرَامٌ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لقَوْله تَعَالَى {وَلَا تمنن تستكثر} أَي لَا تعط شَيْئا لتأْخذ أَكثر مِنْهُ لشرف منصبه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنَ الْمَسْكَنَةِ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا شَرَطَ الْوَاهِبُ الثَّوَابَ أَوْ يَرَى أَنَّهُ أَرَادَهُ فَلَمْ يُثَبْ فَلَهُ أَخْذُ هِبَتِهِ إِنْ لَمْ تَتَغَيَّرْ فِي بَدَنِهَا بِنَمَاءٍ أَوْ نَقْصٍ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَكَذَلِكَ إِذَا أَثَابَهُ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا وَلَا يُجْبِرُ الْمَوْهُوبَ عَلَى الثَّوَابِ إِذَا لَمْ تَتَغَيَّرِ الْهِبَةُ عِنْدَهُ وَيَلْزَمُ الْوَاهِبَ أَخَذُ الْقِيمَةِ يَوْمَ وَهَبَهَا لِأَنَّهُ يَوْمَ الْعَقْدِ وَلَيْسَ لِلْمَوْهُوبِ رَدُّهَا فِي الزِّيَادَةِ إِلَّا أَن برضى الْوَاهِبِ وَلَا لِلْوَاهِبِ أَخَذُهَا فِي نَقْصِ الْبَدَنِ إِلَّا بِرِضا الْمَوْهُوب وَلَا بِقِيمَتِهَا عِنْد الْمَوْهُوب بحوالة الْأَسْوَاقِ لِأَنَّهَا رَغَبَاتُ النَّاسِ خَارِجَةٌ عَنِ الْهِبَةِ وَإِذَا عَوَّضَ الْمَوْهُوبُ الْوَاهِبَ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْهِبَة ثمَّ قَامَ الْوَاهِب بعد ذَلِك احْلِف مَا سَكَتَ إِلَّا لِلِانْتِظَارِ وَتَكْمُلُ لَهُ الْقِيمَةُ لِأَن الأَصْل عدم الرضى لَا سِيَّمَا بِدُونِ الْقِيمَةِ أَوْ تُرَدُّ الْهِبَةُ ان لم تفت وَالصَّدَََقَة للشراب كَالْهِبَةِ لِلثَّوَابِ وَهِبَةُ الدَّيْنِ لِلثَّوَابِ تُمْنَعُ إِلَّا يَدًا بِيَدٍ لِئَلَّا يَكُونَ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ قَوْلُهُ إِذَا شَرَطَ يَقْتَضِي جَوَازُ التَّصْرِيحِ بِالشَّرْطِ لِأَنَّ الثَّوَابَ ثَمَنٌ فَالتَّصْرِيحُ بِهِ جَائِزٌ وَمَنَعَ عَبْدُ الْمَلِكِ التَّصْرِيحَ بِالشّرطِ لِأَنَّهُ بيع للسلعة بِقِيمَتِهَا وللمسئلة أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ أَنْ يَسْكُتَ وَيُعْلَمُ طَلَبُهُ لِلثَّوَابِ بِعَادَةٍ أَوْ ظَاهِرِ حَالِ الْهِبَةِ فَيَجُوزُ اتِّفَاقًا وان يُصَرح فَيَقُول أهبتك لِلثَّوَابِ أَوْ لِتُثِيبَنِي مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ شَرْطٍ فَجَعَلَهُ اللَّخْمِيُّ كَالْأَوَّلِ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ وَظَاهِرُ قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ يَقْتَضِي الْمَنْعَ وَأَنْ يُصَرِّحْ بِالشَّرْطِ فَالْمَذْهَبُ الْجَوَازُ وَعَبْدُ الْمَلِكِ يَمْنَعُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ بِالْقيمَةِ وَهُوَ مَمْنُوع اتِّفَاقًا يَقُول

على أَن تثيبني كَذَا بِعَيْنِه فَيجوز مِنْهُ مَا يَجُوزُ فِي الْبَيْعِ وَيَمْتَنِعُ مَا يَمْتَنِعُ وَتَنْعَقِدُ الْهِبَةُ الْجَائِزَةُ بِالْقَبُولِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا تَنْعَقِدُ هِبَةُ الثَّوَابِ إِلَّا بِالْقَبْضِ قَالَ اللَّخْمِيُّ لَمْ يَخْتَلِفِ الْمَذْهَبُ إِذَا فَاتَتْ أَنَّهُ يجْبر على الْقيمَة وَلَيْسَ لَهُ إِذا أَكْثَرَ فَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً فَكَذَلِكَ أَيْضًا مَذْهَبُ الْكِتَابِ وَعَنْهُ لَهُ أَنْ يَأْبَى وَإِنْ أُثِيبَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا لِقَوْلِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَنْ وَهَبَ هِبَةً يَرَى أَنَّهَا لِلثَّوَابِ فَهُوَ عَلَى هِبَتِهِ يَرْجِعُ فِيهَا إِنْ لَمْ يَرْضَ مِنْهَا وَلِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ الْقِيمَةَ لَبَاعَهَا فِي السُّوق وَالْأَصْل عصمَة الْأَمْوَال إِلَّا برضى أَرْبَابِهَا قَالَ وَأَرَى إِنْ أُثِيبَ مِنْهَا مَا يَرَى أَنَّهُ كَانَ يَرْجُوهُ مِنْ هَذَا الْمَوْهُوبِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ قَائِمَةً كَانَتْ أَوْ فَائِتَةً لِأَنَّهُ إِنَّمَا رَضِيَ بِإِخْرَاجِ سِلْعَتِهِ بِهِ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ لِلْوَاهِبِ هِبَةَ الثَّوَابِ الْمَنْعُ مِنَ الْقَبْضِ حَتَّى يَقْبِضَ الْعِوَضَ كَالْبَيْعِ فَإِنْ قَبِضَ قَبْلَ الْعِوَض وقفت فيثيبه أَو يردهَا ويتلوم لَهُ مَاله يَضُرُّ وَإِنْ مَاتَ الْوَاهِبُ لِلثَّوَابِ وَهِيَ فِي يَدِهِ فَهِيَ نَافِذَةٌ كَالْبَيْعِ وَلِلْمَوْهُوبِ أَخَذُهَا إِنْ دَفَعَ الْعِوَضَ لِلْوَرَثَةِ وَرَثَتُهُ تَقُومُ مَقَامَهُ كَالْبَيْعِ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْمَذْهَبُ لَهُ مَنْعُهَا حَتَّى يُثَابَ لِحَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَيْسَ لَهُ الْمَنْعُ مِنْ قَبْضِهَا لِأَنَّ الْعَادَةَ تَقَدَّمَ تَسْلِيمُهَا قَبْلَ الطَّلَبِ وَإِذَا كَانَ الْوَاهِبُ مَرِيضًا جَازَ لَهُ تَسْلِيمُهَا عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَيْسَ لَهُ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَوْهُوبُ لَهُ فَقِيرًا فَلِلْوَرَثَةِ مَنْعُهُ مِنْهَا وَإِنْ قَبِضَهَا مَنَعُوهُ مِنْ بَيْعِهَا حَتَّى يُثِيبَ وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَنْعُهُ مِنَ الْبَيْعِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يمْنَع وَمَتى

غَابَ عَلَى الْجَارِيَةِ الْعَلِيُّ امْتَنَعَ الرَّدُّ خَشْيَةَ الْوَطْءِ وَإِذَا امْتَنَعَ الرَّدُّ أُبِيحَ الْوَطْءُ قَبْلَ الْإِثَابَةِ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ لَا ثَوَابَ فِي هِبَةِ النَّقْدَيْنِ لِأَنَّهُمَا يَقْصِدَانِ عِوَضًا لَا مُعَوِّضًا إِلَّا أَن يشْتَرط قيثاب عَرَضًا أَوْ طَعَامًا حَذَرًا مِنَ النِّسَاءِ فِي الصَّرْفِ وَإِنْ وَهَبَ حُلِيًّا لِلثَّوَابِ عُوِّضَ عَرَضًا لَا معينا وَلَا حُلِيًّا مِنْ فِضَّةٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا اشْتَرَطَ الثَّوَابَ فِي النَّقْدَيْنِ رُدَّتِ الْهِبَةُ لِأَنَّهَا قِيمَةٌ فَلَا تَكُونُ لَهُمَا قِيمَةٌ وَلِأَنَّهُمَا حِينَئِذٍ بِيعَا بِمَا لَا يُعْلَمُ مِنْ أَصْنَافِ الْعُرُوضِ وَلَا ثَوَابَ فِي غَيْرِ الْمَسْكُوكِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مِنَ التِّبْرِ والسبائك والنقار والحلي المكسور وَعنهُ يجوز التعويض على الْحُلِيِّ الصَّحِيحِ لِلذَّهَبِ فِضَّةً وَعَنِ الْوَرَقِ ذَهَبًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا قَالَ وَاهِبُ الدَّنَانِيرِ أَرَدْتُ الثَّوَابَ بِالْعَيْنِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِكَوْنِهِ خِلَافَ الْعَادَةِ وَلَوْ كَانَ الْوَاهِبُ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ وَهَبَهَا لِلثَّوَابِ إِذَا لَمْ يَرَهُ النَّاسُ فَإِنَّ الَّذِي يَقُومُ مَقَامَ الشَّرْطِ الْعُرْفُ لَا الِاعْتِقَادُ قَالَ مَالِكٌ إِلَّا أَنْ يَقُومَ عَلَى ذَلِكَ دَلِيلٌ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا قَدِمَ غَنِيٌّ مِنْ سَفَرِهِ فَأَهْدَى لَهُ جَارُهُ الْفَقِيرُ الْفَوَاكِهَ وَنَحْوَهَا فَلَا ثَوَابَ لَهُ وَلَا لَهُ رَدُّهَا وَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةَ الْعَيْنِ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ هَذَا لِلْمُوَاصَلَةِ وَكَذَلِكَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ مَعَ الْآخَرِ وَالْوَلَدُ مَعَ وَالِدِهِ وَالْوَالِدُ مَعَ وَلَدِهِ إِلَّا أَنْ يَظْهَرَ الْقَصْدُ لِذَلِكَ كَهِبَةِ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا الْمُوسِرِ جَارِيَةً أَوِ الزَّوْجِ أَوِ الْوَلَدِ يَفْعَلُ ذَلِك يستعذر مِنْ أَبِيهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قِيلَ لَهُ أَخذهَا مَا لم تفت قَالَ مُحَمَّدٌ وَأَمَّا الْقَمْحُ

وَالشعِير يُوهب للثَّواب فَفِيهِ الثَّوَاب قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَهُ الثَّوَابُ فِي الْفَاكِهَةِ لِلْقَادِمِ وَنَحْوِهَا وَمَا وَهَبَهُ الْقَادِمُ لجيرانه لَا ثَوَابَ فِيهِ لِأَنَّهُ الْعَادَةُ وَالْعَادَةُ فِي هَدِيَّةِ الْعرس والولائم للثَّواب غَيْرَ أَنَّهُمْ يَخْتَلِفُونَ فِي الْقِيَامِ وَمَنْ عَلِمَ أَنَّ مِثْلَهُ لَا يُطْلَبُ لَمْ يَكُنْ لَهُ قِيَامٌ وَلَا لِوَرَثَتِهِ إِنْ مَاتَ وَإِنْ كَانَ مِثْلُهُ يُطْلَبُ فَلَهُ وَلِوَرَثَتِهِ وَمَتَّى كَانَتِ الْعَادَةُ أَنْ يُثِيبَ مِثْلَ الْأَوَّلِ جَازَ لِشِبْهِهِ بِالْقَرْضِ وَإِنْ كَانَ الْقَصْدُ أَنْ يُثَابَ أَكْثَرَ فَسَدَتْ وَرُدَّتْ فَرْعٌ - قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا كَانَ الْحُكْمُ أَنْ لَا ثَوَابَ فَأَثَابَ جَهْلًا أَوْ أَثَابَ مِنْ صَدَقَةٍ قَالَ مَالِكٌ يَرْجِعُ فِي ثَوَابِهِ مَا كَانَ قَائِمًا لِعَدَمِ سَبَبِهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ إِنْ فَاتَ لِأَنَّهُ سَلَّطَهُ كَمَا قِيلَ فِي صَرْفِ الزَّكَاةِ لِغَيْرِ الْمُسْتَحَقِّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِم ان أثابه دَنَانِير فَقَالَ أَنْفَقْتُهَا أَوْ هَلَكَتْ حَلَفَ وَبَرِئَ أَوْ سِلْعَةً أَخَذَهَا وَإِنْ نَقَصَتْ وَكَذَلِكَ إِنْ زَادَتْ إِلَّا أَنْ يُعْطِيَهُ قِيمَتَهَا قَالَ وَأَرَى أَنْ يَرْجِعَ فِي عِوَضِ ثَوَابِهِ قَبْلَ الْفَوْتِ إِذْ يَصُونُ بِهِ مَالَهُ وَلَا يُصَدَّقُ فِي الدَّنَانِيرِ وَلَا غَيْرِهَا مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ كَمَا لَا يُصَدَّقُ إِذَا اسْتَحَقَّ مِنْ يَدِهِ وَادَّعَى التَّلَفَ لِلتُّهْمَةِ وَيُصَدَّقُ فِي الْحَيَوَانِ فَرْعٌ - قَالَ وَمَتَى قَامَ دَلِيلُ الثَّوَابِ أَوْ عَدِمِهِ صُدِّقَ وَإِنْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ سَلَّطَهُ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الِاسْتِحْقَاقِ وَعَدَمُ خُرُوجِ الْهِبَةِ إِلَى بَابِ الْبَيْعِ وَمَتَى كَانَتْ مِنْ فَقِيرٍ لِغَنِيٍّ فَالثَّوَابُ أَوْ بِالْعَكْسِ فَعَدَمُ الثَّوَابِ لِأَنَّهُ

الْعَادَةُ أَوْ مِنْ غَنِيٍّ لِغَنِيٍّ فَالثَّوَابُ لِأَنَّ عَادَةَ الْأَغْنِيَاءِ الْمُكَافَأَةُ أَوْ بَيْنَ فَقِيرَيْنِ فَقَوْلَانِ نظرا للفقر أَو لِأَن سنة الْفَقِيرِ لِلْفَقِيرِ كَالْغَنِيِّ لِلْغَنِيِّ قَالَ أَشْهَبُ الْهِبَةُ لِلْغَنِيِّ فِيهَا الثَّوَابُ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنْ يَسْعَى لَهُ فِي حَاجَةٍ لِأَنَّ السَّعْيَ ثَوَابٌ وَلَا ثَوَابَ لِلسُّلْطَانِ وَلَا عَلَيْهِ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ إِنْ كَانَ الْوَاهِبُ فَقِيرًا فَلَهُ الثَّوَابُ لِأَنَّهُ يَرْجُو رِفْدَ السُّلْطَانِ أَوْ غَنِيًّا فَلَا ثَوَابَ لِأَنَّ الْأَغْنِيَاءَ يُحَاسَبُونَ ذَبًّا عَنْ أَمْوَالِهِمْ إِلَّا أَنْ يَكُونَ طَالِبُهُ بِمَظَالِمَ فَهَادَاهُ وَلَمْ يَتْرُكْهُ أَوْ قَدِمَ مِنَ السَّفَرِ بِتُحَفٍ فَهَادَاهُ فَالْعَادَةُ الثَّوَابُ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْمَقْصُودَ الْجَاهُ قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَلَا فِيمَا وُهِبَ لِلْفَقِيهِ أَوِ الصَّالِحِ قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ وَلَهُمَا الثَّوَابُ إِنْ وَهَبَا إِلَّا أَنْ يَكُونَا فَقِيهَيْنِ وَفِي هبة أحد الزَّوْجَيْنِ للْآخر قَوْلَانِ فِي الثَّوَابِ وَكَذَلِكَ الْوَالِدُ مَعَ الْوَلَدِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالثَّوَابِ يُصَدَّقُ مُدَّعِيهِ وَالْأَقَارِبُ يَخْتَلِفُونَ فِي سُقُوطِ الثَّوَابِ وَأَقْوَاهُمُ الْجَدُّ وَالْجَدَّةُ يَهَبَانِ للْوَلَد وَلَيْسَ كَذَلِكَ هِبَتُهُ لَهُمَا فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ مَا وَهَبْتَهُ لِذِي رَحِمِكَ وَغِلْمَانِكَ لِلثَّوَابِ لَكَ طلبه ان أَثَابُوكَ وَإِلَّا رَجَعْتَ فِيهَا وَأَمَّا هِبَتُكَ لِفَقِيرِهِمْ فَلَا ثَوَابَ لِأَنَّ ذَلِكَ قَرِينَةُ الصِّلَةِ وَالصَّدَقَةِ وَكَذَلِكَ هِبَةُ الْغَنِيِّ لِلْفَقِيرِ الْأَجْنَبِيِّ أَوْ فَقِيرٍ لِفَقِيرٍ وَلَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الثَّوَابِ وَيُصَدَّقُ الْفَقِيرُ لِلْغَنِيِّ وَالْغَنِيُّ لِلْغَنِيِّ فَإِنْ أُثِيبَ وَإِلَّا رَجَعَ فِيهَا لِقَوْلِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَنْ وَهَبَ هِبَةً يَرَى أَنَّهُ أَرَادَ بِهَا الثَّوَابَ فَهُوَ عَلَى هِبَتِهِ يَرْجِعُ فِيهَا إِلَّا أَن يرضى مِنْهَا فان هَلَكت فَلهُ شرواه بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ بِاللَّهِ مَا وَهَبْتُهَا إِلَّا رَجَاءَ أَنْ أُثَابَ عَلَيْهَا

فَائِدَةٌ - قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ شَرْوَاهَا بِفَتْحِ الشِّينِ وَسُكُون الرَّاء أَصله مثل الشَّيْء وَالْمرَاد هَهُنَا الْقِيمَةُ لِأَنَّ الْقِيمَةَ مَثَلٌ وَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ قِيمَةً لِأَنَّهَا تَقُومُ مَقَامَ الْمُتَقَوِّمِ قَالَ وَتَحْلِيفُهُ مَذْهَبُ الْكِتَابِ لِهَذَا الْأَثَرِ وَقَالَ ابْنُ زَرْبٍ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ لِأَنَّ نِيَّتَهُ أَمْرٌ لَا يُعْلَمُ إِلَّا مِنْ قِبَلِهِ وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ إِنْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ حَلَفَ وَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ أَرَادَ الثَّوَابَ لَا يَحْلِفُ وَفِي الْجُلَّابِ يُنْظَرُ لِلْعُرْفِ فَإِنْ كَانَ مِثْلُهُ يَطْلُبُ الثَّوَابَ صُدِّقَ مَعَ يَمِينه أَولا يَطْلُبُ الثَّوَابَ صُدِّقَ الْمَوْهُوبُ مَعَ يَمِينِهِ وَإِنْ أَشْكَلَ صِدْقُ الْوَاهِبِ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِصْحَابُ الْأَمْلَاكِ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا عَوَّضَكَ فَلَا رُجُوعَ لِأَحَدِكُمَا لِاسْتِقْرَارِ الْأَمْلَاكِ فَرْعٌ - قَالَ إِذَا وَهَبْتَ عَبْدًا لِرَجُلَيْنِ فَعَوَّضَكَ أَحَدُهُمَا عَنْ حِصَّتِهِ فَلَكَ الرُّجُوعُ فِي حِصَّةِ الْآخَرِ - إِنْ لَمْ يُعَوِّضْكَ كَمَا لَوْ بِعْتَهُ مِنْهُمَا فَفَلِسَ أَحدهمَا انت أَحَقُّ بِنَصِيبِهِ مِنَ الْغُرَمَاءِ فَرْعٌ - قَالَ إِذَا عَوَّضَ أَجْنَبِيٌّ عَنْكَ بِغَيْرِ أَمْرِكَ عَرَضًا لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْوَاهِبِ بَلْ عَلَيْكَ بِقِيمَتِهِ إِنْ رأى أَنَّهُ أَرَادَ ثَوَابًا مِنْكَ لِأَنَّهُ وَهَبَكَ دُونَهُ وَإِنْ عَوَّضَ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ لَا يَرْجِعُ عَلَيْكَ بِشَيْءٍ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ تَسْلِيفَهَا لَكَ لِأَنَّ النَّقْدَيْنِ لَا

ثَوَابَ فِيهِمَا إِلَّا بِالشَّرْطِ قَالَ التُّونِسِيُّ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ أَثَابَ قَبْلَ تَعْيِينِ الْهِبَةِ وَوُجُوبِ قِيمَتِهَا فَهُوَ فَاسِدٌ وَيُخَيَّرُ الْمَوْهُوبُ بَيْنَ رَدِّ الْهِبَةِ عَلَى الْوَاهِبِ وَيَرْجِعُ لِلْمُثِيبِ مَا أَعْطَى وَحَبَسَهَا وَدَفَعَ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا أَوْ مَا أَثَابَهُ الْأَجْنَبِيُّ لَهُ قَالَ وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ يَرْجِعُ لِلْمُثِيبِ قِيمَةُ عَرَضِهِ أَوْ قِيمَةُ الْهِبَةِ يُخْرِجُهُ عَنْ هِبَةِ الثَّوَابِ لِأَنَّ هِبَةَ الثَّوَابِ فِيهَا الْقِيمَةُ لَيْسَ إِلَّا فَهِيَ أَقَلُّ غَرَرًا فَكَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فَاسِدًا وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ مَا دَفَعَ لَيْسَ إِلَّا وَظَاهِرُ كَلَامِ مُحَمَّدٍ اجازة هَذَا الْفِعْل لِأَن جعل لَهُ الْأَقَل إِذا تمسك الْمَوْهُوب بِالْهبةِ الأولى أَوْ فَاتَتْ وَيَلْزَمُ إِذَا تَكَفَّلَ عَنْ رَجُلٍ بِدَنَانِيرَ فَصَالَحَ عَنِ الْمَكْفُولِ بِعَرَضٍ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي هَلْ تَرْجِعُ إِلَيْهِ قِيمَتُهُ أَوْ عَيْنُهُ مَعَ إِنَّ الْقَاعِدَةَ تَقْتَضِي بَطَلَانَ الْفَرْعَيْنِ لِلْجَهَالَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَرَضِ أَيْ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ قِيمَةِ الْهِبَةِ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا تَغَيَّرَتْ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ فِي بَدَنِهَا بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ فَلَيْسَ لَكَ رَدُّهَا وَلَا يُفِيتُهَا حَوَالَةُ الْأَسْوَاق أَو بخروجها عَنِ الْعَيْنِ الْمَوْهُوبَةِ لِأَنَّهَا رَغَبَاتُ النَّاسِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ فِيمَا يَلْزَمُ بِهِ الْقِيمَةُ لِلْمَوْهُوبِ أَرْبَعَة أَقْوَال مُجَرّد القيض فَوت يُوجِبهَا وَلَا يردهَا إِلَّا بتراضيها قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ حَوَالَةُ الْأَسْوَاقِ فَوت يُوجب الْقِيمَةَ وَلَا تَفُوتُ إِلَّا بِالزِّيَادَةِ دُونَ النُّقْصَانِ لِابْنِ الْقَاسِم أَيْضا وَعنهُ لَا تقوت إِلَّا بِالنُّقْصَانِ فَالْأَوَّلُ قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ لِأَنَّ الْقَيِّمَةَ كَالثَّمَنِ وَالثَّانِي قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَالثَّالِثُ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ تُوجِبُ تَعَلُّقَ الْحَقَّيْنِ بِخِلَافِ النُّقْصَانِ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِأَحَدِهِمَا وَالرَّابِعُ لِأَنَّ النَّقْصَ خَلَلٌ فِي الْعَيْنِ فَهِيَ كَالذَّاهِبَةِ وَهِيَ مَعَ الزِّيَادَةِ بَاقِيَةٌ فَلَا فَوْتَ وَاخْتُلِفَ فِي أَخْذِهَا بَعْدَ الْفَوْتِ هَلْ يُسْتَغْنَى عَنْ مَعْرِفَةِ قِيمَتِهَا أَوْ يُحْتَاجُ وَهُوَ الصَّحِيحُ إِذْ لَيْسَ لَهُ رَدُّ

عَيْنِهَا إِلَّا بِتَرَاضِيهِمَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَخْذُ عَيْنِهَا بَعْدَ الْفَوْتِ لَا يَحْتَاجُ إِلَى ذَلِكَ إِنْ قُلْنَا لَهُ إِثَابَةَ الْعُرُوضِ بَعْدَ الْفَوْتِ وَإِلَّا احْتَاجَ نَفْيًا لِلْجَهَالَةِ نَظَائِرُ - قَالَ ابْنُ بشير فِي نَظَائِره أَرْبَعَة مَسَائِلَ لَا تُفِيتُهَا حَوَالَةُ الْأَسْوَاقِ هِبَةُ الثَّوَابِ وَاخْتِلَافُ الْمُتَبَايِعَيْنِ وَالسِّلْعَةُ الَّتِي هِيَ ثَمَنُ الْعَيْبِ وَالْكَذِبُ فِي الْمُرَابَحَةِ وَالْبَيْعُ الْفَاسِدِ فِي الْأُصُولِ وَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ فَرْعٌ - قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَمَتَى يلْزم الْوَاهِبَ الْقِيمَةُ إِذَا بُذِلَتْ لَهُ وَلَا يَكُونُ لَهُ رَدُّهَا إِذَا لَمْ يَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَال بِمُجَرَّدِ الْهِبَةِ وَإِنْ لَمْ تُقْبَضْ كَالْبَيْعِ وَهُوَ الْقَوْلُ بِوُجُوبِ تَسْلِيمِهَا قَبْلَ قَبْضِ الْقِيمَةِ وَالثَّانِي الْقَبْضُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ لِأَنَّهُ سَلَّطَهُ عَلَى الْعَيْنِ وَالثَّالِثُ التَّغَيُّرُ بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ لِانْتِقَالِ الْعَيْنِ إِلَى عَيْنٍ أُخْرَى كَأَنَّهَا هَلَكَتْ وَالرَّابِعُ فَوَاتُ الْعَيْنِ بِالْكُلِّيَّةِ بِهَلَاكٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ غَيْرِهِ فَرْعٌ - قَالَ إِذَا قُلْنَا يَلْزَمُ الْوَاهِبَ تَسْلِيمُ الْهِبَةِ قَبْلَ قَبْضِ الثَّوَابِ فَضَمَانُهَا مِنَ الْمَوْهُوبِ وَلَا يَجْرِي فِيهَا الْخِلَافُ الَّذِي فِي الْمَحْبُوسَةِ بِالثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ يَوْمَ الْهِبَةِ لَا يَوْمَ الْقَبْضِ اتِّفَاقًا فَإِنْ قُلْنَا لَا فَيَجْرِي الْخِلَافُ الَّذِي فِي الْمَحْبُوسَةِ بِالثَّمَنِ لِأَنَّهَا مَحْبُوسَةٌ بِالثَّوَابِ وَالْخِلَافُ فِي لُزُومِ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْهِبَةِ أَوْ يَوْمَ الْقَبْضِ عَلَى الْخِلَافِ فِي الضَّمَانِ فَرْعٌ - قَالَ لِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ حَتَّى يُعْطَى قِيمَتَهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ أَكْثَرَ

مِنْ قِيمَتِهَا عِنْدَ مُطَرِّفٍ وَلَهُ الرُّجُوعُ وَإِنْ أُعْطِيَ أَكْثَرَ مِنِ الْقِيمَةِ وَإِنْ زَادَتْ أَوْ نَقَصَتْ نَظَرًا لِضَعْفِ الْعَقْدِ وَقِيَاسًا عَلَى الْوَصِيَّةِ فَهِيَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ لَا يعوض عَن الْحِنْطَة حِنْطَة أَو ثمرا أَوْ مَكِيلًا مِنَ الطَّعَامِ أَوْ مَوْزُونًا إِلَّا قَبْلَ التَّفَرُّقِ خَشْيَةَ النِّسَاءِ وَالتَّفَاضُلِ إِلَّا أَنْ يُعَوِّضَهُ مِثْلَ طَعَامِهِ صِفَةً وَجِنْسًا وَمِقْدَارًا فَيَجُوزُ لِبُعْدِ التُّهْمَةِ وَلَا يُعَوِّضُ دَقِيقًا مِنْ حِنْطَةٍ وَلَا مِنْ جَمِيعِ الْحُلِيِّ إِلَّا عَرَضًا حَذَرًا مِنَ الصَّرْفِ الْمُسْتَأْخِرِ قَالَ اللَّخْمِيُّ فِيمَا يَلْزَمُ بَذْلُهُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَهُ أَنْ يُثِيبَهُ بِأَيِّ صِنْفٍ شَاءَ إِلَّا مِثْلَ الْحَطَبِ وَالتِّبْنِ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَاطَاهُ النَّاسُ وَالْمَقْصُودُ حُصُولُ الْقِيمَةِ وَقَالَ سَحْنُونٌ كُلُّ مَا فِيهِ قِيمَتُهَا لِأَنَّهَا الْمَطْلُوبَةُ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُثِيبُ إِلَّا بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ لِأَنَّهُمَا قِيَمُ الْأَشْيَاءِ وَلَا يُجْبِرُ عَلَى قَبُولِ الْعُرُوضِ وَإِنْ وَجَدَ بِالْعَرَضِ أَوِ الْعَبْدِ عَيْبًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُرِدْ بِهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ أَنْ يُعَوِّضَ أَكْثَرَ مِمَّا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ لَا تَحْقِيقَ عَيْنِ الْمَأْخُوذِ وَقَالَ أَشْهَبُ يَرِدُ بِمَا يَرِدُ بِهِ فِي البيع لِأَنَّهُ عرض الْقِيمَةَ قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُقَالُهُ فِي الْعَيْبِ الْكَثِيرِ وَلَا يُجْبِرُ عَلَى قَبُولِ مَا يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ كَخِدْمَةِ الْعَبْدِ وَسُكْنَى الدَّارِ بَلِ النَّقْدِ لِأَنَّهُ قَاعِدَةُ الْمُعَاوَضَةِ وَلَا يُعَوِّضُ آبِقًا وَلَا جَنِينًا وَلَا ثَمَرًا لَا يَصْلُحُ لِلْبَيْعِ لِأَنَّ هَذِهِ الْهِبَةَ بَيْعٌ لَا يَجُوزُ فِي عِوَضِهَا مَا يَمْتَنِعُ فِي الْبَيْعِ وَلَا يُعَوِّضُ مِنْ جِنْسِ الْهِبَةِ أَكْثَرَ مِنْهَا بَعْدَ الِافْتِرَاقِ وَيَمْتَنِعُ مِنْ هَذَا مَا يَمْتَنِعُ فِي الْبَيْعِ فَلَا يَأْخُذُ فِي الطَّعَامِ أَكْثَرَ وَلَا أَجْوَدَ وَاخْتُلِفَ فِي الْأَدْنَى صِفَةً وَكَيْلًا لِعَدَمِ التُّهْمَةِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ جَوَازُ الدَّقِيقِ فِي الْقَمْحِ لِأَنَّهُ غَيْرُ طَعَامِهِ وَإِنْ رَدَّ جُمْلَةَ الدَّقِيقِ الَّذِي

طَحَنَهُ مِنَ الْقَمْحِ جَازَ لِأَنَّهُ يُفَضَّلُ بِالطَّحْنِ وَإِنَّ رَدَّ أَقَلَّ جَازَ لِأَنَّهُ أَمْسَكَ أَجْوَدَ الطَّحْنِ وَتَعْوِيضُ الثَّمَرِ أَوِ الْقُطْنِيَّةِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ يَجُوزُ وَأَجَازَهُ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ إِنْ كَانَ الْأَوَّلُ قَائِمًا وَرَآهُ أَخَفَّ مِنَ الْبَيْعِ لِمَا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْأَوَّلَ فَكَأَنَّهُ بَاعَ حِينَئِذٍ وَعَنْ مَالِكٍ إِجَازَةُ إِثَابَةِ الْفِضَّةِ عَنْ حُلِيِّ الذَّهَبِ وَبِالْعَكْسِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ بَابُ مُكَارَمَةٍ كَالْقَرْضِ يَجُوزُ فِيهِ النَّسَاءُ وَعَلَى هَذَا يَجُوزُ أَخْذُ الثَّمَنِ عَنِ الْحِنْطَةِ وَمَنَعَ فِي الْكِتَابِ أَنْ يُثَابَ عَلَى الثِّيَابِ أَكْثَرُ مِنْهَا سَدًّا لِذَرِيعَةِ السَّلَفِ بِزِيَادَةٍ وَيَجُوزُ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْحُلِيِّ وَيَجُوزُ سُكْنَى الدَّارِ وَخِدْمَةُ الْعَبْدِ إِذَا كَانَتِ الْهِبَةُ قَائِمَةً لِأَنَّهُ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا فَإِنْ فَاتَتْ مَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِمَا يَدْخُلُهُ فَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ لِأَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ فِي الذِّمَّةِ فَلَيْسَتْ دَيْنًا وَتَجُوزُ إِثَابَةُ الدَّيْنِ قَبْلَ فَوْتِهَا وَبَعْدَ فَوْتِهَا إِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ الْقِيمَةِ وَبِمِثْلِهَا فِي الْقَدْرِ فَأَقَلَّ وَيَمْتَنِعُ الْأَكْثَرُ حَذَرًا مِنْ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ وَالسَّلَفِ بِزِيَادَةٍ وَفِي النَّقْدَيْنِ الصَّرْفُ الْمُسْتَأْخِرِ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا وَجَدَ الْمَوْهُوبُ بِالْهِبَةِ عَيْبًا رَدَّهَا وَأَخَذَ الْعِوَضَ كَالْبَيْعِ أَوِ الْوَاهِبُ بِالْعِوَضِ عَيْبًا فَادِحًا لَا يُتَعَاوَضُ بِمِثْلِهِ كَالْجُذَامِ وَالْبَرَصِ رَدَّهُ وَأَخَذَ الْهِبَةَ إِلَّا أَنْ يُعَوِّضَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَادِحًا نَظَرَ إِلَى قِيمَتِهِ بِالْعَيْبِ فَإِنْ كَانَ قِيمَةَ الْهِبَةِ فَأَكْثَرَ لَمْ يَجِبْ لَهُ غَيْرُهُ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ الْقيمَة أَو دون قيمتهَا أتم لَهُ الْقيمَة فَإِنِ امْتَنَعَ الْوَاهِبُ رَدَّ الْعِوَضَ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِذَا عُوِّضَ فِيهَا بَعْدَ فَوْتِهَا عَرَضًا فَوَجَدَهُ مَعِيبًا لَا يُقَالُ هُوَ كَالْبَيْعِ يَرُدُّهُ بِالْعَيْبِ الْيَسِيرِ لِتُقَرِّرِ الْقِيمَةِ فِي الذِّمَّةِ وَإِلَّا لَمَا عُوِّضَ إِلَّا أَحَدَ النَّقْدَيْنِ بَلْ هِيَ كَغَيْر الْفَائِتَة

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ فَوَاتُ الْهِبَةِ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ يُوجِبُ عَلَيْهِ قِيمَتَهَا وَالْفَوْتُ فِي الْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانِ خُرُوجُهَا عَنْ يَدِهِ وَحُدُوثُ الْعُيُوبِ وَالْهَلَاكُ وَتَغَيُّرُ الْبَدَنِ وَالْعِتْقُ وَوِلَادَةُ الْأَمَةِ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ وَجِنَايَتُهَا لِأَنَّهُ نَقْصٌ وَزَوَالُ بَيَاضٍ بِعَيْنِهَا لِأَنَّهُ نَمَاءٌ وَذَهَاب الصمم وَالْهدم وَالْبناء وَالْغَرْس وَلَيْسَ قلع الْبناء وَالْغَرْس وَيرد لتقرر الْفَوْتِ وَفِيهِ ضَيَاعُ الْمَالِيَّةِ وَالْبَيْعُ الْحَرَامُ لِأَنَّهُ بِإِحَالَتِهَا عَنْ حَالِهَا حَيْثُ أَحَالَهَا رَضِيَ بِثَوَابِهَا وَصَبْغُ الثَّوْبِ وَقَطْعُهُ وَالتَّدْبِيرُ وَالْكِتَابَةُ وَهِبَةُ الْعَبْدِ وَالصَّدَقَةُ بِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُعْسِرًا فَيَرُدُّ كَمَا لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ الْمَدِينُ وَلَوْ قَلَّدَ الْبَدنَة وأشعرها وَلَا مَال لَهُ للْوَاهِب أَخَذُهَا وَكَذَلِكَ لَوِ اشْتَرَى مِنْكَ شِرَاءً فَاسِدًا بِيعَتْ عَلَيْهِ فِي الثَّمَنِ وَلَوْ بَاعَهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا فَذَلِكَ فَوْتٌ وَإِنْ لَمْ تَحِلَّ لِتَقَرُّرِهِ بِالْبَيْعِ وَإِنْ بَاعَ نِصْفَ الدَّارِ غَرِمَ الْقِيمَةَ فَإِنْ أَبَى خُيِّرَ الْوَاهِبُ بَيْنَ أَخْذِ نِصْفِ الدَّارِ وَأَخْذِ نِصْفِ قِيمَتِهَا أَوْ قِيمَةِ جَمِيعِهَا وَإِنْ بَاعَ أَحَدَ الْعَبْدَيْنِ وَهُوَ وَجْهُ الصَّفْقَةِ لَزِمَتْهُ قِيمَتُهَا وَإِلَّا غَرِمَ قِيمَتَهُ يَوْمَ قَبْضِهِ وَرَدَّ الثَّانِي لِعَدَمِ الضَّرَرِ بِعَدَمِ ذَهَابِ الْأَجْوَدِ وَإِنْ أَثَابَهُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَرَدَّ عَلَيْهِ الْآخَرَ فَلِلْوَاهِبِ أَخَذُهُمَا إِلَّا أَنْ يُثِيبَهُ عَنْهُمَا جَمِيعًا نَفْيًا لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ الْحَرْثُ فَوْتٌ وَفِي حَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ قَوْلَانِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَعْتَقَ الْعَبْدَ أَوْ قلد الْبَدنَة وأشعرها معدما للْوَاهِب رَدُّهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ يَوْمَ فَعَلَ ذَلِكَ مَلِيًّا أَوْ أَيْسَرَ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَمْ يَجْعَلْ مَالِكٌ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ فَوْتًا لِعَدَمِ اعْتِبَارِهِ شَرْعًا فَهُوَ كَالْمَعْدُومِ حسا وَجَعَلَهُ غَيْرُهُ لِأَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْفَوْتُ وَقِيلَ إِذَا بَاعَ نِصْفَ الدَّارِ لَزِمَهُ قِيمَةُ جَمِيعِهَا يَوْم البيع وَلَو كَانَت عرضة لَا يَضِيقُ مَا بَقِيَ مِنْهَا لَكَانَ عَلَيْهِ قِيمَةُ الْمَبِيعِ مِنْهَا يَوْمَ الْهِبَةِ وَيَرُدُّ الْبَاقِي وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَحْسَنُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ لَا ضَرَرَ فِيهِ وَقَالَ أَشْهَبُ فِي الْعَبْدَيْنِ لَهُ رَدُّ الْبَاقِي كَانَ أَرْفَعَ أَوْ أَدْنَى لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ رَدُّهُمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَوْ حَالَ سُوقُهُمَا حَتَّى صَارَ أَحَدُهُمَا يُسَاوِي قِيمَتَهَا فَأَثَابَهُ إِيَّاهُ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ لِأَنَّهُ بَعْضُ هِبَتِهِ وَوَطْءُ الْأَمَةِ فَوْتٌ فَإِنْ فَلِسَ فَلِلْوَاهِبِ أَخْذُهَا قِيَاسًا عَلَى

الْبَيْعِ إِلَّا أَنْ يُعْطِيَهُ الْغُرَمَاءُ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْهِبَة قَالَ عبد الْملك إِذا غَابَ عَلَيْهِمَا لَزِمته - وطئتها أَمْ لَا تَغَيَّرَتْ أَمْ لَا لِأَنَّ الْغَيْبَةَ مَظِنَّةُ الْوَطْءِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ جَنَى خَطَأً فَفَدَاهُ مَكَانَهُ قَبْلَ أَنْ يَفُوتَ بِشَيْءٍ فَلَيْسَ بِفَوْتٍ وَجَعَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فَوْتًا مُطْلَقًا قَالَ اللَّخْمِيُّ فِيمَا يُفِيتُ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ يُفِيتُهَا تَغَيُّرُ الْبَدَنِ قَوْلًا وَاحِدًا بِخِلَافِ حَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ قَالَهُ فِي الْكِتَابِ وَفِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ تَغَيُّرُ الْبَدَنِ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ لَيْسَ فَوْتًا وَقَالَ أَشْهَبُ تَغَيُّرُ السُّوقِ وَالْبَدَنِ سَوَاءٌ الْمُقَالُ لِلْوَاهِبِ فِي النَّقْصِ وَيُخَيَّرُ الْوَاهِبُ بَيْنَ أَخْذِهَا نَاقِصَةً وَإِلْزَامِ قِيمَةٍ لِلْمَوْهُوبِ أَوْ بِزِيَادَةٍ وَالْمُقَالُ لِلْمَوْهُوبِ وَيُخَيَّرُ بَيْنَ الْإِثَابَةِ وَالرَّدِّ كَانَتِ الزِّيَادَةُ مِنْ فِعْلِهِ أَمْ لَا لِأَنَّهَا حَقُّهُ وَإِنِ اجْتَمَعَ زِيَادَةٌ وَنَقْصٌ لَمْ يُرَدَّ إِلَّا بِاجْتِمَاعِهِمَا لِتَعَارُضِ السَّبَبَيْنِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الدُّورُ وَالْأَرْضُونَ فَوْتُهَا فِي الْهِبَةِ كَفَوْتِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ بِالْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ وَالْخُرُوجِ عَنِ الْيَدِ وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ يُفِيتُهَا مَا يُفِيتُ الْعَبْدَ وَالثَّوْبَ وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ يَرُدُّ مِثْلَ الطَّعَامِ كَيْلَا أَوْ وَزْنًا قَالَ وَهَذَا يَحْسُنُ إِذَا كَانَ فَوْتُهُ بِغَيْرِ سَبَبِهِ أما ان أكله أَو بَاعه فَهُوَ رَضِي بِالثَّوَابِ فَيَلْزَمُهُ وَيُمْنَعُ رَدُّ الْمِثْلِ وَخَالَفَ أَشْهَبُ ابْنَ الْقَاسِمِ فِي صَبْغِ الثَّوْبِ إِنْ زَادَ فَالْمُقَالُ لِلْمَوْهُوبِ وَيَرُدُّ إِنْ شَاءَ أَوْ نَقَصَ فَالْمُقَالُ لِلْوَاهِبِ لَهُ أَخَذُهُ بِنَقْصِهِ إِلَّا أَنْ يُثِيبَهُ رِضَاهُ وَإِذَا وَلَدَتِ الْأَمَةُ مِنْ غَيْرِ الْمَوْهُوبِ فَاتَتْ لِأَنَّ الْوِلَادَةَ نَقْصٌ وَالْوَلَدُ زِيَادَةٌ قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَالْقِيَاسُ إِنْ كَانَ فِي الْوَلَدِ مَا يَجْبُرُ الْوِلَادَةَ أَنَّ لَهُ الرَّدَّ وَلَوْ كَرِهَ الْوَاهِبُ لِعَدَمِ الضَّرَرِ وَقِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ يَطَّلِعُ عَلَى الْعَيْبِ فِيهِ بَعْدَ الْوِلَادَةِ وَحَلْبِ الشَّاة لَيْسَ رضى بِالضَّمَانِ قَالَ سَحْنُونٌ إِنْ جَزَّ صُوفَهَا لَزِمَتْهُ لِأَنَّهُ نَقْصٌ وَيَرُدُّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيُثِيبُ عَنِ الصُّوفِ كَسِلْعَتَيْنِ فَاتَتْ أَدْنَاهُمَا وَخَالَفَ أَشْهَبُ فِي كَوْنِ الْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ فَوْتًا وَيَرُدُّ الْأُصُولَ دُونَ الثَّمَرَةِ إِنْ جَدَّهَا وَبِثَمَرِهَا إِنْ لَمْ تَطِبْ فَإِنْ طَابَتْ أَوْ يَبِسَتْ وَلِمَ

تَجِدُّ فَخِلَافٌ وَإِنْ كَاتَبَهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ وَقِيمَتُهُ مُكَاتَبًا وَغَيْرُ مَكَاتَبٍ سَوَاءٌ مَضَتِ الْكِتَابَةُ وَبِيعَ فِي الثَّوَابِ عَلَى أَنَّهُ مُكَاتَبٌ وَإِنْ كَانَتِ الْكِتَابَةُ أَقَلَّ رُدَّتِ الْكِتَابَةُ إِنْ قُلْنَا أَنَّهَا مِنْ بَابِ الْعِتْقِ وَلَا تُرَدُّ إِنْ قُلْنَا هِيَ مِنْ نَاحِيَةِ الْبَيْعِ إِذْ لَمْ يَحِلُّ بِهِ فِيهَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ أَرَادَ التَّخْفِيفَ لِلْعِتْقِ رُدَّتْ وَإِنْ أَرَادَ التِّجَارَةَ وَطَلَبَ الْفَضْلِ فَهُوَ بَيْعٌ يُرَدُّ وَالْوَاهِبُ أَحَقُّ بِهِ مِنَ الْغُرَمَاءِ إِنْ فَلِسَ وَهُوَ عَلَى كِتَابَتِهِ فَإِنْ مَاتَ وَرِثَهُ وَإِنْ عَجَزَ فَهُوَ لَهُ رَقِيقٌ أَوْ أَدَّى فَهُوَ حُرٌّ وَوَلَاؤُهُ لِعَاقِدِ كِتَابَتِهِ وَهُوَ يَصِحُّ عَلَى أَنَّ الْفَلَسَ نَقْضُ بَيْعٍ فَإِنَّهُ لم يَجْعَل لَهُ مَا بَقِي من الْكِتَابَة والماضي للْمَوْهُوب لَهُ كالغلة وَخَالَفَ أَصْبَغُ فِي الثَّوْبَيْنِ يُرِيدُ الْإِثَابَةَ عَنْ أَحَدِهِمَا فَجَوَّزَهُ كَهِبَتَيْنِ وَالْمَشْهُورُ أَحْسَنُ وَلَوْ كَانَا فِي بَيْعٍ خِيَارٌ مُنِعَ قَبُولِ أَحَدِهِمَا وَلَوْ حَالَتْ فِي نَفْسِهَا أَوْ حَالَ سُوقُهَا ثُمَّ عَادَ ذَلِكَ كَانَ لَهُ الرَّدُّ بِخِلَافِ مَنْ بَاعَهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا لِأَنَّ الْبَيْعَ مِنْ فِعْلِهِ فيعد رضى بِالْإِثَابَةِ وَلَوْ بَاعَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ ثُمَّ اشْتَرَى رُدَّتْ وَلَوْ حَالَ سُوقُهُ ثُمَّ عَادَ لَمْ يَرُدَّ وَعَكَسَ الْهِبَةَ وَالْفَرْقُ أَنَّهَا حَقٌّ لآدَمِيّ فَينْظر هَل مَا يعْذر رضى أَمْ لَا وَالْبَيْعُ الْفَاسِدُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى لَا يُعْتَبَرُ رِضَاهُ فِيهِ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ ضَرَرُ أَحدهمَا فَإِذا عَادَتْ بِالشِّرَاءِ لَا ضَرَرَ وَإِذَا حَالَ السُّوقُ تَغَيَّرَتِ الْهِبَةُ فَرْعٌ - قَالَ اللَّخْمِيُّ اخْتُلِفَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَضْمَنُ فِيهِ الْهِبَةَ فَقَالَ مَالِكٌ يَوْمَ وُهِبَتْ لِأَنَّ العقد ناقل للْمَالِك وَالضَّمَانِ وَعَنْهُ يَوْمَ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ كَانَ فِي قَبْضِهَا بِالْخِيَارِ كَبَيْعِ الْخِيَارِ وَهَذَا الْخِلَافُ عَلَى الْقَوْلِ أَنَّ لِلْوَاهِبِ حَبْسَهَا حَتَّى يُثَابَ

لِأَنَّهَا محبوسة بالثمر فَإِنْ دَخَلَ هَذَانِ عَلَى حَبْسِهَا فَهِيَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي الْمَحْبُوسَةِ بِالثَّمَنِ وَإِنْ دَخَلَا عَلَى التَّسْلِيمِ فَالْقِيمَةُ يَوْمَ الْهِبَةِ لِانْتِقَالِهَا بِنَفْسِ الْعَقْدِ وَهِيَ حِينَئِذٍ وَدِيعَةٌ وَإِلْحَاقُهَا بِبَيْعِ الْخِيَارِ غَيْرُ مُتَّجِهٍ لِأَنَّ بَيْعَ الْخِيَارِ لَا يَنْقِلُ الْمَذْهَبَ حَتَّى يَمْضِيَ بِخِلَافِ الْهِبَةِ وَكَذَلِكَ الْمُصِيبَةُ فِي الْخِيَارِ مِنَ الْبَائِعِ وَفِي الْهِبَةِ مِنَ الْمَوْهُوبِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ فَرْعٌ - قَالَ وَرَثَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْوَاهِبِ وَالْمَوْهُوبِ يَقُومُونَ مَقَامَهُ فِيمَا كَانَ لَهُ فَرْعٌ - قَالَ إِنْ فَلِسَ وَهِيَ قَائِمَةٌ فَلِلْغُرَمَاءِ تَسْلِيمُهَا وَأَخَذُ الثَّوَابِ وَإِنْ فَاتَتْ خُيِّرُوا بَيْنَ تَمْكِينِ الْمَوْهُوبِ مِنَ الثَّوَابِ أَوْ يَمْنَعُوهُ وَيُخَيَّرُ الْوَاهِبُ بَيْنَ أَخْذِهَا وَتَسْلِيمِهَا وَيَضْرِبُ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِالْقِيمَةِ وَإِنْ مَاتَ وَهِيَ قَائِمَةٌ فَلِلْغُرَمَاءِ تَسْلِيمُهَا أَوْ يُثِيبُونَ عَنْهَا وَتُبَاعُ لَهُمْ فَإِنْ فَاتَتْ ضَرَبَ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِقِيمَتِهَا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَخْذُهَا فَرْعٌ - قَالَ عَيْبُهَا وَاسْتِحْقَاقُهَا كَالْبَيْعِ فَتُرَدُّ بِعُيُوبِ الْبَيْعِ وَإِذَا رُدَّتْ أَوِ اسْتُحِقَّتْ رَجَعَ فِي الثَّوَابِ فَإِنْ فَاتَ فَفِي قِيمَتِهِ يَوْمَ قَبْضِهِ أَوْ مِثْلِهِ إِنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَهُوَ أَصْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ إِلَّا فِي وَجْهٍ وَاحِدٍ وَهُوَ أَنْ يُثِيبَ عِوَضًا بَعْدَ فَوَاتِهَا فَعِنْدَ أَشْهَبَ عَدَمُ الرُّجُوعِ وَإِنْ كَانَ قَائِمًا لِأَنَّ الثَّوَابَ عِنْدَهُ إِنَّمَا يَجِبُ مِنَ الْعَيْنِ وَإِنَّمَا أَخَذَ الْعِوَضَ مِنِ الْقيمَة دون الْهِبَة فَإِذا رَدَّهَا رَجَعَ بِقِيمَتِهَا لِأَنَّهَا ثَمَنُ الْعِوَضِ قَالَ الْعَبْدِيُّ فِي نَظَائِرِهِ الْمُسْتَحِقُّ لِلْهِبَةِ ثَلَاثَةُ

أَقْسَامٍ لِأَنَّ الْوَاهِبَ إِنْ كَانَ مُشْتَرِيًا رَجَعَ عَلَى الْمَوْهُوبِ وَإِنْ كَانَ غَاصِبًا رَجَعَ عَلَى الْوَاهِبِ أَوَّلًا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَى الْمَوْهُوبِ إِنْ عُدِمَ الْوَاهِبُ هَذَا إِذَا لَمْ يَعْلَمِ الْمَوْهُوبُ بِالْغَصْبِ فَإِنْ عَلِمَ رَجَعَ عَلَى أَيِّهِمَا شَاءَ وَاخْتُلِفَ فِي الْوَارِثِ فَقِيلَ كَالْمُشْتَرِي وَقِيلَ كَالْغَاصِبِ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا وَهَبَ لِغَيْرِ ثَوَابٍ وَلَمْ يَقْبِضْ فَادَّعَيْتَ أَنَّكَ اشْتَرَيْتَهَا مِنْهُ صُدِّقْتَ لِقُوَّةِ الْمُعَاوَضَةِ كَمَنْ حَبَسَ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَمَاتَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يَثْبُتُ الْحَبْسُ إِلَّا أَنْ يَثْبُتَ تَقَدُّمُهُ عَلَى الدَّيْنِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ الْبَيِّنَةُ عَلَى أَهْلِ الدَّيْنِ وَالْأَوْلَادُ أَوْلَى بِالْحَبْسِ سَوَاءٌ كَانُوا صِغَارًا أَوْ كِبَارًا إِذَا حَازُوا أَوْ حَازَ الْأَبُ لِلصَّغِيرِ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِبَارِ إِذَا حَازُوا وَأَمَّا الصِّغَارُ فَالْبَيِّنَةُ عَلَيْهِمْ إِنِ الْحَوْزُ قَبْلَ الدَّيْنِ لِأَنَّ شَرْطَ الْحَبْسِ لَمْ يَتَعَيَّنْ بِخِلَافِ الْكِبَارِ أَيْدِيهِمْ ظَاهِرَةٌ فِي اسْتِحْقَاقِهِمْ لِمَا حَازُوهُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَرَّخًا فَمَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ يَقُولُونَ الدَّيْنُ أَوْلَى لِقُوَّتِهِ بِالتَّارِيخِ وَسَوَّى الْمُغِيرَةُ بَيْنَ الْمُؤَرَّخِ وَغَيْرِهِ حَتَّى يُعْلَمَ أَنَّ التَّارِيخَ مُتَقَدِّمٌ عَلَى الْعَطِيَّةِ فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا تَصَدَّقَ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَأَشْهَدَ ثُمَّ مَاتَ فَادَّعَى الْوَرَثَةُ عَدَمَ الْحَوْزِ فَعَلَيْهِمُ الْبَيِّنَةُ لِأَنَّ ظَاهِرَ حَالِ الْأَبِ يَقْتَضِي تَحْصِيلَ مَصْلَحَةِ وَلَدِهِ بِالْحَوْزِ ذَلِكَ إِذَا كَانَ أَخْلَى الدَّارَ مَنْ سَكَنَهَا قَالَ فَإِنْ جهل أَنه كَانَ

يسكنهَا حُمِلَتْ عَلَى عَدَمِ السُّكْنَى حَتَّى يَثْبُتَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ سُكْنَاهُ فَإِنْ عُرِفَتْ قَبْلَ الصَّدَقَةِ سُكْنَاهُ فَعَلَى الصِّغَارِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ أَخْلَاهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْخُرُوجِ مِنْهَا لَوْ تَصَدَّقَ عَلَى كَبِيرٍ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِالْحَوْزِ فِي الصِّحَّةِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَإِذَا وُجِدَتِ الْعَطِيَّةُ بِيَدِ الْمُعْطَى وَقَالَ حُزْتُهَا قَبْلَ الْمَوْتِ وَقَالَ الْوَرَثَةُ بَعْدَ الْمَوْتِ صَدَقَ الْمُعْطَى وَكَذَلِكَ الرَّهْنُ يُوجَدُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ وَضْعَ الْيَدِ مِنَ الْمُسْلِمِ بِوَضْعٍ شَرْعِيٍّ كَمَا إِذَا تَنَازَعَا فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ وَفَسَادِهِ صُدِّقَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِالْحَوْزِ فِي الْحَيَاةِ لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِصْحَابُ مِلْكِ مُورِثِهِمْ وَكَذَلِكَ فِي الْفَلَسِ فَرْعٌ - قَالَ إِذَا أَنْكَرَ الْمَوْهُوبُ الْإِثَابَةَ صُدِّقَ الْوَاهِبُ مَعَ يَمِينِهِ كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَامَ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَرْعٌ - قَالَ جَوَّزَ مَالِكٌ الصَّدَقَةَ بِمَالِهِ كُلِّهِ لِأَنَّ الصِّدِّيقَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَعَلَهُ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِنْ لَمْ يُبْقِ كِفَايَتَهُ صدقته لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا صَدَقَةَ إِلَّا عَنْ ظَهْرِ غِنًى وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ فَرْعٌ - كَرِهَ مَالِكٌ وَالْأَئِمَّةُ هِبَةَ مَاله كُله لأجل بَنِيهِ وَلَمْ يَقُلْ فِي الرَّدِّ شَيْئًا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حَدِيثٍ قَالَ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ أَنَّ أُمَّهُ سَأَلَتْ أَبَاهُ بَعْضَ الْمَوْهِبَةِ مِنْ مَالِهِ لِابْنِهَا فَالْتَوَى عَلَيْهَا بِهَا سَنَةً ثُمَّ بَدَا لَهُ فَقَالَتْ لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَى مَا وَهَبْتَ لِابْنِي فَأَخَذَ أَبِي بِيَدِي وَأَنَا يَوْمَئِذٍ غُلَامٌ

فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمَّ هَذَا أَعْجَبَهَا أَنْ أُشْهِدَكَ عَلَى الَّذِي وَهَبْتُ لِابْنِهَا فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " يَا بَشِيرُ أَلَكَ وَلَدٌ سِوَى هَذَا قَالَ نَعَمْ قَالَ كُلُّهُمْ وَهَبْتَ لَهُ مِثْلَ هَذَا قَالَ لَا قَالَ لَا أَشْهَدُ إِذًا فَإِنِّي لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ وَفِي الْمُوَطَّأِ فَارْتَجَعَهُ وَرُوِيَ أَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي ثُمَّ قَالَ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ أَيَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا فِي الْبِرِّ لَكَ سَوَاءٌ قَالَ بَلَى قَالَ فَلَا إِذًا وَفِي طَرِيقٍ اتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ فَرَجَعَ فَرَدَّ تِلْكَ الصَّدَقَةَ وَفِي طَرِيقٍ أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَمَرَهُ بِرَدِّهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تُكْرَهُ وَلَا ترد لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أشهد غَيْرِي وَهُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يَأْمُرُ بِالْإِشْهَادِ عَلَى الْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ أَنَّهُ فِرَارٌ مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَالَ أَصْبَغُ إِنْ حِيزَ عَنْهُ نَفَذَ وَإِنْ قصد الْفِرَار لِأَنَّهُ ملكه يتَصَرَّف فِيهِ بِمَا لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّهُ نَحَلَ مَالَهُ كُلَّهُ أَمَّا الْبَعْضُ فَجَائِز كَفعل الصّديق ذَلِك لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَقَالَهُ عُمَرُ وَعُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ كَرِهَ مَالِكٌ وَالْأَئِمَّةُ تَفْضِيلَ بَعْضِ الْوَلَدِ فَرْعٌ - قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا تَصَدَّقَ عَلَى امْرَأَتِهِ فأثابته بِوَضْع صَدَاقهَا لَا ثَوَابَ فِي الصَّدَقَةِ غَيْرَ أَنَّ الصَّدَاقَ يَسْقُطُ وَالصَّدَقَةُ لَهَا إِنْ حِيزَتْ نَظَائِرُ - قَالَ الْعَبْدِيُّ يَرْجِعُ الْإِنْسَانُ فِي مَالِهِ حَالَةَ قِيَامِهِ دُونَ ثَوَابِهِ إِذَا غَلِطَ فِي أَرْبَعِ مَسَائِلَ مَنْ أَثَابَ مِنْ صَدَقَةٍ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ وَالْأَخْذُ مِنْ طَعَامِ الْحَرْبِ ثُمَّ يَرُدُّهُ وَالْمُشْتَرِي لِرَجُلٍ جَارِيَةً فَيَقُولُ قَامَتْ عَلَيَّ بِدُونِ مَا قد قَامَتْ عَلَيْهِ بِهِ ثُمَّ يَظْهَرُ لَهُ الْغَلَطُ وَالْبَائِع ثوبا بِالْعشرَةِ فَيُعْطَى أَعْلَى مِنْهُ فِي الْقِيمَةِ

غَلَطًا وَاخْتُلِفَ فِي بَائِعِ الْجَارِيَةِ مُرَابَحَةً لِلْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ وَقَالَ قَامَتْ عَلَيَّ بِكَذَا ثُمَّ يَظْهَرُ أَنَّهُ أَكْثَرَ فَقِيلَ يَرْجِعُ فِي الْحَالَيْنِ هَهُنَا فَرْعٌ - قَالَ سُئِلَ مُحَمَّدٌ الصَّدَقَةُ أَفْضَلُ أَمِ الْعِتْقُ فَقَالَ ذَلِكَ عَلَى قَدْرِ سَدِّ حَاجَةِ الْمُعْطَى وَقَالَ قَالَ مَالِكٌ الْحَجُّ أَفْضَلُ مِنَ الْغَزْوِ لِأَنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ فَيُفَضَّلُ فَرْضُ الْكِفَايَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ خَوْفٌ وَالْحَجُّ أَفْضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ سَنَةَ مَجَاعَةٍ وَالصَّدَقَةُ أَفْضَلُ مِنَ الْعِتْقِ قِيلَ لَهُ فَالصَّدَقَةُ بِالدَّرَاهِمِ أَوْ إِطْعَامِ الطَّعَامِ قَالَ كُلٌّ حَسَنٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَوَّلَ هَذَا الْبَابِ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى وَتَقْرِيرُهُ فَرْعٌ - قَالَ لَا بَأْسَ بِقَبْضِكَ الْعَطِيَّةَ مِنَ الْخَلِيفَةِ وَأَكْرَهُهُ مِنَ النَّاسِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ لِأَنَّهُ مَهَانَةٌ وَمَا جُعِلَ فِي السَّبِيلِ مِنَ الْعَلَفِ وَالطَّعَامِ لَا يَأْخُذُ مِنْهُ إِلَّا أَهْلُ الْحَاجَةِ وَمَا جُعِلَ فِي الْمَسْجِدِ مِنَ الْمَاءِ فَلْيَشْرَبْ مِنْهُ كُلُّ أَحَدٍ لِأَنَّ الْمَقْصِدَ بِهِ عُمُومُ النَّاسِ وَلَا مَهَانَةَ فِيهِ وَأَكْرَهُ لِلْمُحْتَاجِ الْخُرُوجَ لِلْحَجِّ أَوِ الْغَزْوِ وَيَسْأَلُ النَّاسَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وتزودوا فَإِن خير الزَّاد التَّقْوَى} نَزَلَتْ فِي هَؤُلَاءِ أَيْ خَيْرُ الزَّادِ مَا وَقَاكُمُ السُّؤَالَ وَالسَّرِقَةَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ التَّقْوَى الْمَعْهُودَةَ فَرْعٌ - قَالَ قَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ بِشِرَاءِ كسر السُّؤَال لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حَدِيث

بَرِيرَةَ هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ وَلَنَا هَدِيَّةٌ فَرْعٌ - قَالَ مَالِكٌ إِذَا وَهَبَ شِقْصًا مِنْ دَارِهِ عَلَى عِوَضٍ سَمَّيَاهُ أَمْ لَا لَا يُؤْخَذُ بِالشُّفْعَةِ حَتَّى يُثَابَ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ ذَلِكَ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ لَهُ فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ إِذَا سَمَّيَا الثَّوَابَ فَلَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ لِكَمَالِ صُورَةِ الْبَيْعِ قَالَ سَحْنُونٌ هُوَ خِلَافٌ لِكَوْنِهَا لَا تَلْزَمُ بِالْقَبُولِ كَالْبَيْعِ وَقِيلَ وِفَاقٌ قَالَ وَهُوَ أظهر وَمعنى مسئلة الشُّفْعَةِ أَنَّهُ عَيَّنَ الثَّوَابَ الَّذِي يَبْذُلُهُ فَقَبِلَهُ الْمَوْهُوب لِأَنَّهُ بيع لم يبْق فِيهِ خِيَار وَهَهُنَا لَمْ يُعَيِّنِ الثَّوَابَ وَمَعْنَى سَمَّيَاهُ أَيْ ذَكَرَا لَفْظَ الْعِوَضِ وَلَمْ يُعَيِّنَاهُ وَلَا نَوْعَهُ قَالَهُ أَبُو عمرَان وَقيل مسئلة الشُّفْعَة رَضِي الْمَوْهُوب بِدفع الثَّوَاب وَهَهُنَا لَمْ يَلْزَمْهُ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ يُرِيدُ لَا يَأْخُذ الشَّفِيع وان فَاتَت حَتَّى يَقْتَضِي بِالْقِيمَةِ قَالَ التُّونُسِيُّ لَا يَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ إِلَّا بَعْدَ أَنْ يُثِيبَ الْمَوْهُوبَ فَإِنْ أَثَابَهُ قَبْلَ فَوْتِهَا أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا لَمْ يَأْخُذْ إِلَّا بِذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فَإِنْ أَثَابَهُ بَعْدَ فَوَاتِ الْهِبَةِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَأْخُذُ إِلَّا بِذَلِكَ لِأَنَّ النَّاسَ لَا يَهَبُونَ إِلَّا لِيَأْخُذُوا أَكْثَرَ وَقَالَ أَشْهَبُ يَأْخُذُ بِقِيمَةِ الْهِبَةِ لِأَنَّهَا الْوَاجِبُ عِنْدَ الْفَوْتِ وَالزَّائِدُ حِينَئِذٍ هِبَةٌ لَا تَلْزَمُ الشَّفِيعَ قَالَ وَيُلْزِمُ أَشْهَبُ هَذَا قَبْلَ الْفَوْتِ لِقُدْرَتِهِ على الِاقْتِصَار إِنَّمَا يَصِحُّ قَوْلُهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ لَهُ التَّمَسُّكَ بِهِبَتِهِ بَعْدَ دَفْعِ الْقِيمَةِ حَتَّى يَرْضَى مِنْهَا فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا أَخَذَ السَّيِّدُ الْهِبَةَ مِنَ الْعَبْدِ فَهِيَ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهَا فِي مَالِهِ

لِأَنَّ السَّيِّدَ أَقَرَّهَا كَالْبَيْعِ وَالْقِيمَةَ كَالثَّمَنِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ لَمْ يَقْبَلْهَا السَّيِّدُ وَهِيَ بِحَالِهَا لَمْ تُوطَأْ إِنْ كَانَتْ أَمَةً وَلَا نَقَصَتْ خُيِّرَ السَّيِّدُ بَيْنَ رَدِّهَا وَدَفْعِ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْهِبَةِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَإِنْ وَطِئَهَا السَّيِّدُ أَوْ نَقَصَتْ لَزِمَ الْعَبْدَ قِيمَتُهَا فِي مَالِهِ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ لِلْأَبِ أَنْ يَهَبَ مِنْ مَالِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ لِلثَّوَابِ وَيُعَوِّضُ عَنْهُ مَا وُهِبَ لِلثَّوَابِ لِأَنَّهُ تَنْمِيَةُ مَالِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ وَهَبَ مِنْ مَالِهِ أَوْ تَصَدَّقَ لِغَيْرِ ثَوَابٍ أَوْ فِي بَيْعٍ رُدَّ ذَلِكَ كُلُّهُ لِأَنَّ مَالَهُ مَعْصُومٌ بِخِلَافِ عِتْقِهِ عَبده ان كَانَ مَلِيًّا مضى الْعتْق وَغرم الْقيمَة لَهُ أوعد يمارد لِتَشَوُّفِ الشَّرْعِ لِمَصْلَحَةِ الْعِتْقِ فَرْعٌ - فِي النُّكَتِ إِذَا أُعْتِقَ الْعَبْدُ وَلَا مَالَ لَهُ رُدَّ لِلْوَاهِبِ وَإِنْ كَانَ لَوْ بِيعَ فِي ثَمَنِهِ فَضْلٌ عَنِ الْقِيمَةِ لَأَنَّ عُسْرَهُ يُصَيِّرُ الْهِبَةَ قَائِمَةً لَمْ تَفُتْ فَرْعٌ - قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذا وهب لعَبْدِهِ فَأَعْتَقَهُ فَاتَّبَعَتْهُ الْهِبَةُ كَمَالِهِ ثُمَّ اسْتَحَقَّ بِحُرِّيَّةٍ أَوْ مِلْكٍ لَمْ تَرْجِعِ الْعَطِيَّةُ وَلَوْ أَعْتَقَهُ قَبْلَ الْعَطِيَّةِ ثُمَّ أَعْطَاهُ ثُمَّ اسْتَحَقَّ بِحُرِّيَّةٍ أَوْ مِلْكٍ أَخَذَ الْعَطِيَّةَ لِأَنَّهُ ظَنَّهُ مَوْلًى لَهُ فَأَعْطَاهُ لِذَلِكَ وَقَالَ مُطَرِّفٌ لَيْسَ لَهُ أَخذ ذَلِك لِأَنَّهُ ملك مُقَرر فرع - فِي التَّنْبِيهَات إِن اسْتهْلك سِنِين مُسَمَّاة على ان عَلَيْهِ حرمتهَا فَهُوَ كِرَاء

مَجْهُولٌ أَوْ أَعْطَاهُ رَقَبَتَهَا عَلَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ فَهُوَ بَيْعٌ فَاسِدٌ وَالْغَلَّةُ لِلْمُعْطَى بِالضَّمَانِ وَتُرَدُّ لِرَبِّهَا وَيُتْبِعُهُ بِمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ فَرْعٌ - قَالَ الْأَبْهَرِيُّ إِذَا تَصَدَّقَ عَلَى وَلَدِهِ بِعَبْدٍ فَأَعْتَقَهُ وَعَوَّضَهُ غَيْرَهُ مِثْلَهُ أَوْ أَدْنَى جَازَ إِنْ كَانَ فِي وِلَايَتِهِ لِشُبْهَةِ الْوِلَايَةِ وَشُبْهَتِهِ فِي مَالِهِ فَإِنْ كَانَ كَبِيرًا امْتَنَعَ وَيَمْتَنِعُ ذَلِكَ مِنَ الْوَصِيِّ لِعَدَمِ الشُّبْهَةِ فِي الْمَالِ وَإِنْ تَصَدَّقَ بِغَنَمٍ عَلَيْهِ ثُمَّ تُصُدِّقَ بِهَا عَلَى غَيْرِهِ صَحَّ لِأَنَّهُ اعْتِصَارٌ فَرْعٌ - قَالَ لَا يَلْزَمُكَ مَا نَحَلَتِ امْرَأَتُكَ عِنْدَ الْخَلْوَةِ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ ذَلِكَ يُقَالُ لِتَوْطِئَةِ النُّفُوسِ لَا لِتَحَقُّقِ الْعَطَاءِ فَرْعٌ - قَالَ إِذَا أَعْطَيْتَ ابْنَتَكَ لِرَجُلٍ يَكْفُلُهَا لَا تَأْخُذْهَا عِنْدَ الْبُلُوغِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ إِلَّا أَن ترى اساءة تضربها وَنِكَاحُهَا لِلَّذِي وُهِبَتْ لَهُ إِنْ كُنْتَ جَعَلْتَ ذَلِكَ بِيَدِهِ وَدَعَا إِلَى سَدَادٍ وَإِنْ دَفَعْتَهَا إِلَى غَيْرِ ذِي مَحْرَمٍ امْتَنَعَ لِامْتِنَاعِ خَلْوَتِهِ بِهَا وَإِذَا مُتَّ فَهُوَ يُزَوِّجُهَا لَكِنْ بِرِضَاهَا فَرْعٌ - قَالَ إِذَا تَصَدَّقَتْ عَلَى ابْنِهَا بِجَارِيَةٍ على أَن لَا يَبِيع وَلَا تخرج عَنهُ لِيَكُونَ لَهَا تَسَلُّمُهَا أَبْطَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِلْحَجْرِ الْمُنَافِي لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ مَعَ الشَّرْطِ تَوْفِيَةً بِالشَّرْطِ فَرْعٌ - قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ صَدَقَةُ الْحَيِّ عَنِ الْمَيِّتِ جَائِزَةٌ نَافِذَةٌ إِجْمَاعًا وَفِي الْمُوَطَّأ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا وَأُرَاهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ

افأتصدق عَنْهَا فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَعَمْ فَائِدَةٌ افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا اخْتُلِسَتْ مَاتَتْ فَجْأَةً مِنْ مَجَازِ التَّشْبِيهِ كَأَنَّ الَّذِي يَطُولُ مَرَضُهُ وَطَّأَ نَفْسَهُ عَلَى الْمَوْتِ فَكَأَنَّهُ دَفَعَ نَفْسَهُ بِاخْتِيَارِهِ فَرْعٌ - قَالَ قَالَ مَالِكٌ وَ (ش) وَ (ح) إِذَا رَجَعَتِ الصَّدَقَةُ بِالْمِيرَاثِ فَحَسَنٌ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ رَجُلًا تَصَدَّقَ عَلَى ابويه بِصَدقَة فهلكا فورثهما فَقَالَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَو جرت فِي صَدَقَتِكَ وَخُذْهَا بِمِيرَاثِكَ نَظَائِرُ - قَالَ أَبُو عِمْرَانَ خَمْسُ مَسَائِلَ تَتَرَتَّبُ عَلَى الْمِيرَاثِ لَا تَرْجِعُ الْهِبَةُ إِلَّا بِالْمِيرَاثِ وَمَنْ حَلَفَ بِعِتْقِ عَبْدِهِ لَيَفْعَلَنَّ كَذَا فَبَاعَهُ فَإِنَّ الْيَمِينَ تَرْجِعُ عَلَيْهِ إِذَا مَلَكَهُ إِلَّا بِالْمِيرَاثِ وَيُخْتَلَفُ إِذَا بَاعه السُّلْطَان لنَفسِهِ وَيُكْمِلُ عِتْقَ الْقَرِيبِ إِذَا مَلَكَ بَعْضَهُ إِلَّا فِي الْمِيرَاثِ وَلَا يُشَفَّعُ فِيمَا بَاعَ إِلَّا فِي الْمِيرَاثِ بِأَنْ يَمُوتَ الشَّفِيعُ فَيَرِثُهُ الْبَائِعُ فَيَأْخُذُ مِنَ الْمُشْتَرِي بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِالْبَيْعِ لَهُ وَلَمْ يَرْضَ بِشَرِكَتِهِ وَلَا يَنْقُضُ الْبَائِعُ بَيْعه إِلَّا فِي الْمِيرَاث فَلهُ حل فعله نَفْسِهِ فَرْعٌ - قَالَ الْأَبْهَرِيُّ قَالَ مَالِكٌ إِذَا تَصَدَّقت بِقَلُوصِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ وَقَعَتِ الْهُدْنَةُ فَتُصُدِّقُ بِهَا عَلَى أَيْتَامٍ جَازَ لِأَنَّ الْجَمِيعَ سَبِيل الله وَبئسَ مَا صنع لوضعها فِي غَيْرِ مَا جُعِلَتْ لَهُ فَرْعٌ - قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا تَصَدَّقَ بِعَبْدٍ اشْتَرَاهُ فَظَهَرَ حُرًّا فَلَهُ الثَّمَنُ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَصَدَّقْ بِالثَّمَنِ بَلْ بِالْعَبْدِ وَقَدْ بَطَلَ الْمِلْكُ فِيهِ فَرْعٌ - قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا تَصَدَّقَ عَلَى وَلَدِهِ فَاعْتَقَدَ الذُّكُورُ أَنَّ صِيغَةَ الْوَلَدِ لَا

تتَنَاوَل الْإِنَاث فاغتلوا ازمانا ثُمَّ تَبَيَّنَ انْدِرَاجُهُنَّ أَخَذْنَ حَقَّهُنَّ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لِتَنَاوُلِ الِاسْمِ لَهُنَّ دُونَ الْمَاضِي لِأَنَّ إِخْوَتَهُنَّ أَخَذُوهُ بِالتَّأْوِيلِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ يَرْجِعْنَ بِالْمَاضِي لِثُبُوتِ الِاسْتِحْقَاقِ فِيهِ فَرْعٌ - قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا تَصَدَّقْتَ عَلَى غَائِبٍ وَبَعَثْتَ بِهَا إِلَيْهِ وَأَشْهَدْتَ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ الْوُصُولِ نَفَذَتْ لِوُجُوبِهَا بِالْإِشْهَادِ فَرْعٌ - قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ وَالْحَبْسُ مَتَى كَانَتْ عَلَى وَجْهِ الْيَمِينِ لِمُعَيَّنٍ أَمْ لَا لَا يُقْضَى بِهَا اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ لَمْ يُقْصَدْ بِهَا الْبِرُّ بَلِ اللَّجَاجُ وَدَفْعُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِ الْيَمِينِ يُقْضَى بِهَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى مُعَيَّنٍ فَإِنَّ الْحَقَّ لَهُ حَتَّى يَطْلُبَهُ فَرْعٌ - قَالَ إِذَا ادَّعَى هِبَةً فِي غَيْرِ الذِّمَّةِ فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ عَدَمُ تَحْلِيفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى لِضِعْفِ السَّبَبِ وَفِي الْجُلَّابِ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فَإِنْ أَبَى حَلَفَ الْآخَرُ وَأَخَذَهَا وَإِنْ كَانَتْ فِي ذِمَّةِ الْمَوْهُوبِ كَالدَّيْنِ يُدَّعَى الْإِبْرَاءُ مِنْهُ فَيَحْلِفُ أَنَّهُ مَا وَهَبَهُ لَهُ قَالَ وَعِنْدِي تَفْصِيلٌ إِنْ كَانَتْ فِي يَدِ الْوَاهِبِ فَلَا يَحْلِفُ أَوْ بِيَدِ الْمَوْهُوبِ لَا يَنْتَزِعُهَا الْوَاهِبُ إِلَّا بَعْدَ حلفه قَالَ شَارِح الْجلاب المسئلة تَتَخَرَّجُ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْيَمِينِ بِدُونِ خُلْطَةٍ فَإِن قُلْنَا تجب حَلَفَ وَإِلَّا فَلَا وَيَحْتَمِلُ قَوْلُ شَارِحِ الْجُلَّابِ حَلَفَ وَبَرِئَ إِذَا ثَبَتَتْ بَيْنَهُمَا خُلْطَةٌ أَوْ بَرى أَنَّ الْخُلْطَةَ إِنَّمَا تُشْتَرَطُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ دون المعينات

صفحة فارغة

- كتاب العدة

1 - كتاب الْعدة قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا سَأَلَكَ أَنْ تَهَبَ لَهُ دِينَارًا فَقُلْتَ نَعَمْ ثُمَّ بَدَا لَكَ قَالَ مَالِكٌ لَا يَلْزَمُكَ وَلَوْ كَانَ افْتِرَاقُ الْغُرَمَاءِ عَلَى وَعْدٍ وَإِشْهَادٍ لَزِمَكَ لِإِبْطَالِكَ مَغْرَمًا بِالتَّأْخِيرِ قَالَ سَحْنُونٌ الَّذِي يَلْزَمُ مِنَ الْعِدَةِ اهْدِمْ دَارَكَ وَأَنَا أُسَلِّفُكَ أَوِ اخْرُجْ إِلَى الْحَجِّ أَوِ اشْتَرِ سِلْعَةَ كَذَا أَوْ تَزَوَّجِ امْرَأَةً وَأَنَا أُسَلِّفُكَ لِأَنَّكَ أَدْخَلْتَهُ بِوَعْدِكَ فِي ذَلِك أما مُجَردا لوعد فَلَا يَلْزَمُ بَلِ الْوَفَاءُ بِهِ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَقَالَ أَصْبَغُ إِذَا قَالَ لَكَ أُرِيدُ أَتَزَوَّجُ فَأَسْلِفْنِي فَقُلْتَ نَعَمْ يُقْضَى عَلَيْكَ تَزَوَّجَ أَمْ لَا وَكَذَلِكَ أَعِرْنِي دَابَّتَكَ إِلَى مَوْضِعِ كَذَا لِحَاجَةٍ سَمَّاهَا أَوْ أَسْلِفْنِي كَذَا لِأَشْتَرِيَ سِلْعَةً فَقُلْتَ نَعَمْ لَزِمَكَ تَسَبَّبَ فِي ذَلِكَ أَمْ لَا وَكَذَلِكَ لَوْ سَأَلَكَ فِي دَيْنٍ تُعْطِيهِ لِغُرَمَائِهِ فَقُلْتَ نَعَمْ قَضَى بِذَلِكَ عُمَرُ بن الْعَزِيزِ وَالَّذِي لَا يَلْزَمُ أَنْ يَقُولَ أَسْلِفْنِي كَذَا وأعرني كَذَا مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ سَبَبٍ فَإِذَا قُلْتَ نَعَمْ لَا يَلْزَمُكَ وَإِذَا وَعَدْتَ غَرِيمَكَ بِتَأْخِيرِ الدَّيْنِ لَزِمَكَ سَوَاءٌ قُلْتَ أُؤَخِّرُكَ أَوْ أَخَّرْتُكَ وَإِذَا أَسْلَفْتَهُ أَخَّرْتَهُ مُدَّةً تَصْلُحُ لِذَلِكَ وَلَيْسَ لَكَ أَنْ تَأْخُذَهُ مِنْهُ فِي الْمَجْلِسِ قَالَ مَا لَك إِذَا قُلْتَ لِلْمُشْتَرِي بِعْ وَلَا نُقْصَانَ عَلَيْكَ لَزِمَكَ وَيُصَدَّقُ فِيمَا يُشْبِهُ مَعَ يَمِينِهِ إِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْبَيْعِ فَإِنِ اشْتَرَطَهُ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ قَالَ مَالِكٌ لَيْسَ بَيْعًا فَإِنْ بَاعَ فَلَهُ أُجْرَتُهُ لِأَنَّهَا إِجَارَةٌ فَإِنْ أَدْرَكَ قَبْلَ الْفَوْتِ فَسَخَ فَإِنْ فَاتَ الْمَبِيعُ فَمُصِيبَتُهُ مِنَ الْبَائِعِ وَإِنْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي نَفَذَ عِتْقُهُ بِالْقِيمَةِ أَوْ أَحْبَلَهَا فَهِيَ أَمُّ

وَلَدٍ وَمَضَى الْبَيْعُ بِالْقِيمَةِ لِأَنَّهَا مَوْضِعُ خِلَافٍ فَهُوَ شُبْهَةٌ وَقَدْ قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ وَغَيْرُهُ مَوْتُ الْعَبْدِ مُصِيبَتُهُ مِنَ الْمُبْتَاعِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا وَطِئَهَا حَبِلَتْ أَمْ لَا أَوْ أَعْتَقَهَا أَوْ وَهَبَ أَوْ تَصَدَّقَ فَهِيَ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْهُ رضى بِالثَّمَنِ وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنِّي إِنْ جَعَلْتُهُ أَجِيرًا امْتَنَعَ بَيْعُهُ وَهِبَتُهُ وَلَا تَكُونُ أَمَّ وَلَدٍ وَيحد وَإِن كَانَ الشَّرْطُ بَعْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ فَأَبَقَ الْعَبْدُ أَوْ مَاتَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُوضَعُ عَنِ الْمُشْتَرِي وَقِيلَ لَا أَمَّا ذَهَابُ الثَّوْبِ فَلَا يُصَدَّقُ فِيهِ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ وَيَحْرُمُ وَطْءُ الْمُشْتَرِي إِذَا رَضِيَ بِهَذَا الشَّرْطِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا قَالَ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ النَّقْدِ بِعْ وَلَا نُقْصَانَ عَلَيْكَ وَانَقُدِ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ قِيمَةُ عُيُوبٍ وَخُصُومَاتٍ لَا تُقَابَلُ بِالْأَعْوَاضِ وَيَجُوزُ بَعْدَ النَّقْدِ فَإِنْ وُجِدَ الطَّعَامُ مُسَوَّسًا فَسَخِطَهُ فَقُلْتَ بِعْ وَلَا نُقْصَانَ عَلَيْكَ فَحَمَلَهُ فِي سَفِينَتِهِ فَغَرِقَتْ فَهُوَ مِنَ الْبَائِعِ وَلِلْمُشْتَرِي أُجْرَتُهُ وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا كَانَ كَرْمًا فَخِفْتَ الْوَضِيعَةَ فَقُلْتَ بِعْ وَأَنَا أُرْضِيكَ إِنْ بَاعَ بِرَأْسِ الْمَالِ فَأَكْثَرَ فَلَا شَيْءَ لَهُ أَوْ بِنُقْصَانٍ فَعَلَيْكَ أَنْ تُرْضِيَهُ فَإِنْ زَعَمَ أَنَّهُ أَرَادَ شَيْئًا سَمَّاهُ فَهُوَ مَا أَرَادَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا أَرْضَاهُ بِمَا شَاءَ وَحَلَفَ مَا أَرَادَ أَكْثَرَ مِنْهُ يَوْمَ قَالَ ذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ يُرْضِيهِ بِمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ السِّلْعَةِ وَالْوَضِيعَةِ فِيمَا يُشْبِهُ الْوَضِيعَةَ فِي ثَمَنِ تِلْكَ السِّلْعَةِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا قَالَ أَعِرْنِي دَابَّتَكَ إِلَى مَوْضِعِ كَذَا وَسَمَّى الْحَاجَةَ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالْوَفَاءِ وَكَذَلِكَ وخرتك بِالدَّيْنِ وَأُؤَخِّرُكَ بِهِ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ لَكَ أَنْ تُسَلِّفَنِي كَذَا لِأَتَزَوَّجَ فُلَانَةً سَمَّى أَجَلًا لِلسَّلَفِ أَمْ لَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَتَى أَدْخَلْتَهُ بِوَعْدِكَ فِي لَازِمٍ لَزِمَكَ الْوَفَاءُ نَحْوَ زَوِّجِ ابْنَتَكَ مِنْ فُلَانٍ وَالصَّدَاقُ عَلَيَّ أَوِ احْلِفْ أَنَّكَ مَا شَتَمْتَنِي وَلَكَ كَذَا فَحلف

تَمْهِيدٌ - قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ الله أَن تَقولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} أَو الْوَعْد إِذا أخلف قَول لم يفعل وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " عَلَامَاتُ الْمُنَافِقِ إِذَا اؤْتُمِنُ خَانَ وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ " فَذِكْرُهُ فِي سِيَاقِ الذَّم دَلِيل التَّحْرِيم ويروى قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " وَأَيُّ الْمُؤْمِنِ وَاجِبٌ " وَهَذِهِ الْأَدِلَّةُ تَقْتَضِي وُجُوبَ الْوَفَاءِ مُطْلَقًا وَفِي الْمُوَطَّأِ قَالَ رَجُلٌ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أكذب لامرأتي فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " لَا خَيْرَ فِي الْكَذِبِ " فَقَالَ يَا رَسُولَ الله فأعدها وَأَقُول لَهَا فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا جنَاح عَلَيْك فَمِنْهُ الْكَذِب الْمُتَعَلّق بالمستقبل فَإِن رَضِي النِّسَاءِ إِنَّمَا يَحْصُلُ بِهِ وَنَفَى الْجُنَاحَ عَنِ الْوَعْدِ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ إِخْلَافَ الْوَعْدِ لَا يُسَمَّى كَذِبًا بِجَعْلِهِ قَسِيمَ الْكَذِبِ وَثَانِيهُمَا أَنَّ إِخْلَافَ الْوَعْدِ لَا حَرَجَ فِيهِ وَلَوْ كَانَ الْمَقْصُودُ الْوَعْدَ الَّذِي يَفِي بِهِ لَمَا احْتَاجَ لِلسُّؤَالِ عَنْهُ وَلَمَا ذَكَرَهُ مَقْرُونًا بِالْكَذِبِ وَلِأَنَّ قَصْدَهُ إِصْلَاحُ حَالِ امْرَأَتِهِ بِمَا لَا يَفْعَلُ فَتَخَيَّلَ الْحَرَجَ فِي ذَلِكَ فَاسْتَأْذن عَلَيْهِ وَفِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذَا وَعَدَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ وَمِنْ نِيَّتِهِ أَنْ يَفِيَ فَلَمْ يَفِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَهَذِهِ الْأَدِلَّةُ تَقْتَضِي عَدَمَ وُجُوبِ الْوَفَاءِ بِالْوَعْدِ مُطْلَقًا عَكْسَ الْأَدِلَّةِ الْأُولَى وَوَجْهُ الْجَمْعِ أَنْ يُحْمَلَ اللُّزُومُ عَلَى مَا إِذَا أَدْخَلَهُ فِي سَبَبٍ مُلْزِمٍ بِوَعْدِهِ كَمَا قَالَ سَحْنُونٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ أَوْ وَعْدُهُ مَقْرُونًا بِذِكْرِ سَبَبٍ كَمَا قَالَهُ أَصْبَغُ لِتَأَكُّدِ الْعَزْمِ عَلَى الدَّفْعِ حِينَئِذٍ وَيُحْمَلُ عَدَمُ اللُّزُومِ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ قد قِيلَ فِي الْآيَةِ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ كَانُوا يَقُولُونَ جَاهَدْنَا وَمَا جَاهَدُوا وَفَعَلْنَا أَنْوَاعًا مِنَ الْخَيْرَاتِ وَمَا فَعَلُوهَا وَلَا شَكَّ

أَنَّ هَذَا مُحَرَّمٌ لِأَنَّهُ كَذِبٌ وَتَسْمِيعٌ بِالطَّاعَةِ وَكِلَاهُمَا مَعْصِيَةٌ إِجْمَاعًا وَأَمَّا ذِكْرُ الْإِخْلَافِ فِي صفة الْمُنَافِق فَمَعْنَاه أَنَّهَا سجية وَمُقْتَضَى حَالِهِ الْإِخْلَافُ وَمِثْلُ هَذِهِ السَّجِيَّةِ يَحْسُنُ الذَّمُّ بِهَا فَمَا تَقُولُ سَجِيَّتُهُ تَقْتَضِي الْمَنْعَ وَالْبُخْلَ فَمَنْ كَانَتْ صِفَتُهُ تَحُثُّ عَلَى الْخَيْرِ مُدِحَ بِهَا أَوْ تَحُثُّهُ عَلَى الذَّمِّ ذُمَّ بهَا شرعا وَعرفا

- كتاب الوقف

1 - كِتَابُ الْوَقْفِ وَفِيهِ مُقَدِّمَةٌ وَثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ الْمُقَدِّمَةُ فِي لَفْظِهِ وَفِي الصِّحَاحِ وَقَفْتُ الدَّارَ لِلْمَسَاكِينِ وَقْفًا وَأَوْقَفْتُهَا بِالْأَلْفِ لُغَةٌ رَدِيئَةٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَقِفُوهُمَ إنَهُمُ مَسْئُولون} بِغَيْر ألف وَلَيْسَ فِي الْكَلَام وقفت إِلَّا كلمة وَاحِدَة أوقفت عَن الامراي أَقْلَعْتُ عَنْهُ وَعَنِ الْكِسَائِيِّ وَأَبِي عَمْرٍو مَا أوقفك هَهُنَا أَيْ أَيُّ شَيْءٍ صَيَّرَكَ وَاقِفًا وَتَقُولُ الْعَرَبُ وَقَفَتِ الدَّابَّةُ تَقِفُ وُقُوفًا وَوَقَفْتُهَا أَنَا وَقْفًا مُتَعَدٍّ وَقَاصِرٌ وَوَقَفْتُهُ عَلَى دَيْنِهِ أَيْ أَطْلَعْتُهُ عَلَيْهِ وَالْوَقْف سَوَاء مِنْ عَاجٍ وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ يُقَالُ أَوْقَفْتُ الرَّجُلَ عَلَى كَذَا إِذَا لَمْ تَحْبِسْهُ بِيَدِكَ وَوَقَّفْتَهُ عَلَى الْكَلِمَةِ تَوْقِيفًا وَوَقَّفْتَهُ بَيَّنْتَهُ لَهُ وَالْحُبْسُ بِسُكُونِ الْبَاءِ وَضَمِّ الْحَاءِ مِنَ الْحَبْسِ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَسُكُونِ الْبَاءِ وَهُوَ الْمَنْعُ وَالْمُحْبَسُ مَمْنُوع من البيع 2 - الْبَاب الأول فِي أَرْكَانه وَهِي أَرْبَعَة الرُّكْن الْأَوَّلُ الْوَاقِفُ وَشَرْطُهُ أَهْلِيَّةُ التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ

الرُّكْن الثَّانِي الْمَوْقُوف عَلَيْهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ تَصِحُّ عَلَى الْجَنِينِ وَمَنْ سَيُولَدُ وَقَالَ ش وَأَحْمَدُ لَا يَصِحُّ إِلَّا عَلَى مُعَيَّنٍ يَقْبَلُ الْمِلْكَ لِأَنَّ الْوَقْفَ تَمْلِيكٌ فَلَا يَصح على أحد هاذين الرَّجُلَيْنِ لِعَدَمِ التَّعْيِينِ وَلَا عَلَى الْحَمْلِ وَمَنْ سَيُولَدُ لِعَدَمِ قَبُولِهِمَا لِلْمِلْكِ وَلَا عَلَى الْمَسْجِدِ الَّذِي تبنيه لعدم التَّعْيِين بِخِلَاف على ولد وَوَلَدِ وَلَدِهِ فَإِنْ وُلِدَ الْوَلَدُ وَإِنْ لَمْ يُولَدْ فَهُوَ تَابِعٌ لِمُعَيَّنٍ يَقْبَلُ الْمِلْكَ وَهُوَ وَلَدُ الصُّلْبِ وَوَافَقَانَا فِي الْوَصِيَّةِ فَنَقِيسُ عَلَيْهَا وَلِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ فِي هَذِهِ الْجِهَاتِ وَيُشْرَعُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وافعلوا الْخَيْر} {إِن الله يَأْمر بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَان} ثُمَّ إِنَّا نَمْنَعُ قَاعِدَتَهُمَا أَنَّ الْوَقْفَ تَمْلِيكٌ عَلَى مَا سَيَأْتِي قَالَ وَيَصِحُّ عَلَى الذِّمِّيِّ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِأَمْرٍ بِيَدِهِ وَالْأَظْهَرُ مَنْعُهُ عَلَى الْكَنِيسَةِ وَقَالَهُ ش وَأَحْمَدُ لِأَنَّهُ عَوْنٌ عَلَى الْمَعْصِيَةِ كَصَرْفِهِ لِشِرَاءِ الْخَمْرِ وَأَهْلِ الْفُسُوقِ وَلَا يُقَاسُ عَلَى الْوَقْفِ عَلَى الْمَسْجِدِ بِسَبَبِ أَنَّ نَفْعَهُ عَائِدٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَكَذَلِكَ عَلَى الْكَنِيسَةِ لِأَن نَفعهَا يعود على الذِّمَّةِ وَالْوَقْفُ عَلَيْهِمْ جَائِزٌ لِأَنَّ الْفَرْقَ أَنَّهَا وُضِعَتْ لِلْكُفْرِ وَنَفْعُ الذِّمَّةِ عَارِضٌ تَابِعٌ وَالْمَسْجِدُ وُضِعَ لِلطَّاعَةِ فَافْتَرَقَا وَلَا يُصَحِّحُ الشَّرْعُ مِنَ التصدقات إِلَّا الْمُشْتَمِلَ عَلَى الْمَصَالِحِ الْخَالِصَةِ وَالرَّاجِحَةِ وَيُكْرَهُ إِخْرَاجُ الْبَنَاتِ مِنْهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْكَرَاهَة وَعَن مَالك إِن إخراجهن إِنْ تَزَوَّجْنَ بَطَلَ الْحَبْسُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ كَانَ الْمُحْبِسُ حَيًّا فَسَخَهُ وَأَدْخَلَ فِيهِ الْبَنَاتِ وَإِنْ حِيزَ أَوْ مَاتَ فَاتَ وَكَانَ عَلَى مَا حَبَسَهُ عَلَيْهِ وَقَالَ أَيْضًا إِنْ كَانَ حَيا فَسخه بعد الْجور لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي هِبَةِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ وَلِأَنَّ إِخْرَاجَ الْبَنَاتِ خِلَافُ الشَّرْعِ وَاتِّبَاعُ الْجَاهِلِيَّةِ قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ مَنْ أَخْرَجَ الْبَنَاتِ بَطَلَ حَبْسُهُ وَتَتَخَرَّجُ الصَّدَقَةُ عَلَى هَذَا الْخلاف

قَالَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ مَالِكٍ إِذَا حَبَسَ عَلَى وَلَدِهِ وَأَخْرَجَ الْبَنَاتَ إِنْ تَزَوَّجْنَ بَطَلَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا مَاتَ نَفَذَ عَلَى مَا حَبَسَ وَإِنْ كَانَ حَيًّا وَلَمْ يَخْرُجْ عَنْهُ رُدَّ وَأَدْخَلَ فِيهِ الْبَنَاتَ فَإِنْ حَيَّزَ أَو مَاتَ نفذ لِأَنَّهُ مَا لَهُ يَنْقِلُهُ لِمَنْ شَاءَ فَرْعٌ - يَمْتَنِعُ عَلَى الْوَارِثِ فِي مرض الْمَوْت لِأَنَّهُ وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ فَإِنْ شُرِكَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُعَيَّنِينَ لَيْسُوا وَارِثِينَ بَطَلَ نَصِيبُ الْوَارِثِ خَاصَّةً لِقِيَامِ الْمَانِعِ فِي حَقِّهِ خَاصَّةً فَإِنْ شُرِكَ مَعَهُ غَيْرُ مُعَيَّنٍ أَوْ مُعَيَّنٌ مَعَ التَّعْقِيبِ أَوِ الْمَرْجِعِ فَنَصِيبُ غَيْرِ الْوَارِثِ حَبْسٌ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانُوا جَمَاعَةً فَهُوَ بَيْنَهُمْ وَمَا خَصَّ الْوَارِثَ فَبَيْنَ الْوَرَثَةِ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ عَلَى الْفَرَائِضِ إِلَّا أَنَّهُ مَوْقُوفٌ بِأَيْدِيهِمْ - مَا دَامَ الْمُحْبَسُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْوَرَثَةِ أَحْيَاءً وَقَالَ (ش) يَصِحُّ الْوَقْفُ فَإِذَا وَقَفَ دَارَهُ عَلَى ابْنِهِ وَامْرَأَتِهِ وَلَهُ ابْنَانِ آخَرَانِ فَهِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ إِنْ أَجَازَ الِابْنَانِ الْآخَرَانِ وَإِلَّا فَمَا زَادَ عَلَى نَصِيبِهِ بَطَلَ وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ لَنَا أَنَّهَا وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ أَوْ تَحْجِيرٌ عَلَى الْوَارِثِ وَكَلَاهُمَا مَنْهِيٌّ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ وَلِقَوْلِهِ لَا ضَرَرَ وَلَا إِضْرَار فِي الْإِسْلَامِ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ حَبَسَ دَارَهُ عَلَى رَجُلٍ وَعَلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ وَاشْتَرَطَ عَلَى الَّذِي حَبَسَ عَلَيْهِ إِصْلَاحَ مَا رَثَّ مِنْهَا مِنْ مَالِهِ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ كِرَاءٌ مَجْهُولٌ وَأَمْضَى ذَلِكَ وَلَا مِرَمَّةَ عَلَيْهِمْ بَلْ تُرَمُّ مِنْ غَلَّتِهَا لِأَنَّهُ سَنَةُ الْحَبْسِ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ وَحْدَهُ لِاخْتِصَاصِهِ بِالْفَسَادِ لِقُوَّتِهِمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِخِلَاف الْبيُوع

وَكَذَلِكَ إِذَا حَبَسَ عَلَيْهِ الْفَرَسَ وَشَرَطَ عَلَيْهِ حَبْسَهُ سَنَةً وَعَلَفُهُ فِيهَا لِأَنَّهُ قَدْ يَهْلِكُ قبلهَا فَيذْهب علفه بَاطِلا قَالَه مَا لَك وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ لَمْ يَمْضِ الْأَجَلُ خُيِّرْتَ بَيْنَ تَرْكِ الشَّرْطِ أَوْ تَأْخُذُ الْفَرَسَ وَتُعْطَى لَهُ نَفَقَتُهُ وَإِنْ مَضَى الْأَجَلُ لَمْ يَرُدَّ وَكَانَ لِلَّذِي قِيلَ لَهُ بَعْدَ السَّنَةِ بِغَيْرِ قِيمَةٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ مَالِكٍ لَا يَبْطُلُ شَرْطُهُ فِي الْفَرَسِ كَمَنْ أَعَارَهُ لِرَجُلٍ يَرْكَبُهُ سَنَةً ثُمَّ هُوَ لِفُلَانٍ فَتَرَكَ الْمُعَارُ عَارِيَّتَهُ لِصَاحِبِ الْبَتْلِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ يَتَعَجَّلُ قَبْضَهُ وَإِذَا عَثَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ السَّنَةِ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي فَإِنْ أَسْقَطَ الشَّرْطَ وَأَنْفَذَ الْحَبْسَ فَلْيَدْفَعْ مَا أَنْفَقَ عَلَى الْفَرَسِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يُتِمُّ الْحَبْسَ قَالَ اللَّخْمِيُّ عَنْ مَالِكٍ إِذَا نَزَلَتْ مَسْأَلَةُ الْفَرَسِ جَازَتْ وَغَيْرُ هَذَا الشَّرْطِ أَفْضَلُ فَرْعٌ - قَالَ اللَّخْمِيُّ حَبَسَ عَلَى بَنَاتِهِ حَيَاتَهُنَّ فِي صِحَّتِهِ وَشَرَطَ مَنْ تَزَوَّجَتْ لَا حَقَّ لَهَا لَا يَعُودُ حَقُّهَا بَعْدَ تَأَيُّمِهَا بَعْدَ التَّزْوِيجِ لِانْقِطَاعِ عَقِبِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْصَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَى أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ مَا لَمْ يَتَزَوَّجْنَ وَلَوْ حَبَسَ وَلَهُ بَنَاتٌ مُتَزَوِّجَاتٌ لَمْ يَدْخُلْنَ فِي الْحَبْسِ وَقَالَ وَالْمَرْدُودَةُ تَدْخُلُ فِي حَبْسِي فَإِنَّهَا تَدْخُلُ مَتَى رَجَعَتْ مِنْ ذِي قَبْلُ وَإِنْ قَالَ مَنْ تَأَيَّمَتْ مِنْ بَنَاتِي فَلَهَا مَسْكَنٌ يُعَيِّنُهُ كَانَتْ أَحَقَّ بِهِ وَلَا حَقَّ لَهَا فِيمَا قَبْلُ وَإِذَا قَالَ مَنْ تَزَوَّجَتْ فَلَا حَقَّ لَهَا فَإِنْ رَجَعَتْ فَلَهَا مَسْكَنُ كَذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا حِينَ التَّزْوِيجِ شَيْءٌ حَتَّى تَرْجِعَ فَتَرْجِعُ فِيمَا مَضَى وَلَيْسَتْ كَالَّتِي لَمْ تُذْكَرْ رَجْعَتُهَا لِأَنَّهُ إِذَا سَمَّى رَجْعَتَهَا فَكَأَنَّهُ حَبَسَ عَلَيْهَا إِلَى رَجْعَتِهَا فَتَأْخُذُهُ فَإِنْ قَالَ إِنْ رَجَعَتْ دَخَلَتْ فِي حَبْسِي فَلَهَا مِنْ يَوْمِ تَرْجِعُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا شَرَطَ مَنْ تَزَوَّجَتْ فَلَا حَقَّ لَهَا مَا دَامَتْ عِنْدَ زَوْجٍ فَتَزَوَّجَتْ وَاحِدَةٌ فَنَصِيبُهَا لِمَنْ مَعَهَا فِي الْحَبْسِ مِنْ أَخَوَاتِهَا مَا دَامَتْ مُتَزَوِّجَةً فَإِنْ رَجَعَتْ أَخَذَتْهُ وَلَوْ تَزَوَّجْنَ كُلُّهُنَّ وَقَفَ عَلَيْهِنَّ لِلْغَلَّةِ فَإِنْ رَجَعَتْ وَاحِدَةٌ أَخَذَتْهَا كُلَّهَا مَا وَقَفَ وَمَا يَسْتَقْبِلُ وَعَلَى الْقَوْلِ الْمُتَقَدِّمِ لَا شَيْءَ لَهَا فِي الْمَاضِي وَهَذَا فِي

الْغَلَّةِ أَمَّا إِنْ كَانَ الْحَبْسُ سُكْنَى فَهُوَ أَبْيَنُ فِي سُقُوطِ الْمَاضِي وَلَوْ جَعَلَ الْمَاضِي لِغَيْرِهَا مُدَّةَ التَّزْوِيجِ لَمْ يَكُنْ لَهَا شَيْءٌ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا حَبَسَ فِي الْمَرَضِ دَارًا عَلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهَا وَمَاتَ وَتَرَكَ أُمًّا وَامْرَأَةً قُسِّمَ بَيْنَهُنَّ عَلَى عَدَدِ الْوَلَدِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ فَمَا صَارَ لِوَلَدِ الْوَلَدِ نَفَذَ لَهُمْ فِي الْحَبْسِ وَمَا صَارَ لِلْأَعْيَانِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْأُمِّ وَالزَّوْجَةِ عَلَى الْفَرَائِضِ مَوْقُوفًا بِأَيْدِيهِمْ حَتَّى يَنْقَرِضَ وَلَدُ الْأَعْيَانِ تَوْفِيَةً بِقَاعِدَةِ الْمِيرَاثِ وَصِيغَةِ الْحَبْسِ فَتَخْلُصُ الدَّارُ كُلُّهَا لَوَلَدِ الْوَلَدِ حَبْسًا تَوْفِيَةً بِالْحَبْسِ وَلَوْ مَاتَتِ الْأُمُّ وَالْمَرْأَةُ فَمَا بِأَيْدِيهِمَا لِوَرَثَتِهِمَا وَكَذَلِكَ يُوَرَّثُ يَقَعُ ذَلِكَ عَنْ وَارِثِهِمَا أَبَدًا مَا بَقِيَ أَحَدٌ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ فَإِنْ مَاتَ أَحَدٌ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ قُسِّمَ نَصِيبُهُ عَلَى مَنْ بَقِيَ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ وَعَلَى وَلَدِ الْوَلَدِ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا ثُمَّ تَدْخُلُ الْأُمُّ وَالْمَرْأَةُ وَوَرَثَةُ مَنْ هَلَكَ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ فِي الَّذِي أَصَابَ وَلَدُ الْأَعْيَانِ مِنْ ذَلِكَ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنْ هَلَكَتِ الْأُمُّ أَوِ الْمَرْأَةُ أَوْ هَلَكَا دَخَلَ وَرَثَتُهُمَا فِي نَصِيبِهِمَا مَا دَامَ أَحَدٌ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ فَإِذَا انْقَرَضَتِ الْأُمُّ وَالْمَرْأَةُ أَوَّلًا دَخَلَ وَرَثَتُهُمَا مَكَانَهُمَا لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُمَا فَإِنِ انْقَرَضَ أَحَدُ وَلَدِ الْأَعْيَانِ بَعْدَ ذَلِكَ قُسِّمَ نَصِيبُهُ عَلَى مَنْ بَقِيَ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ وَعَلَى وَلَدِ الْوَلَدِ وَرَجَعَ مَنْ وَرِثَ ذَلِكَ الْمَالِكَ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ وَوَرَثَةِ الزَّوْجَةِ وَوَرَثَةِ الْأُمِّ فِي الَّذِي أَصَابَ وَلَدُ الْأَعْيَانِ لِاشْتِرَاكِهِمْ فِي أَصْلِ الْمِيرَاث فَيكون بَينهم على القرائض فَإِنْ مَاتَ وَرَثَةُ الزَّوْجَةِ وَالْأُمِّ وَبَقِيَ وَرَثَةُ وَرَثَتِهِمْ دَخَلَ فِي ذَلِكَ وَرَثَةُ وَرَثَتِهِمْ وَمَنْ وَرِثَ مَنْ هَلَكَ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ أَبَدًا مَا بَقِيَ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ أَحَدٌ بِحَالِ مَا وَصَفْنَا فَإِنِ انْقَرَضَ وَلَدُ الْأَعْيَانِ وَوَلَدُ الْوَلَدِ رَجَعَتْ حَبْسًا عَلَى أَقْرَبِ النَّاسِ بِالْمُحْبِسِ تَوْفِيَةً بِمَقْصِدِهِ فِي الْحَبْسِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ قَلَّ مَنْ يَعْرِفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لِصُعُوبَتِهَا وَقَدْ وَقَعَتْ فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ خَطَأٍ لِدِقَّةِ مَعَانِيهَا وَتَقْرِيرُهَا أَنَّهُ حَبْسٌ عَلَى غَيْرِ وَارِث

وَهُوَ وَلَدُ الْوَلَدِ فَمَا كَانَ لَهُمْ أُجْرِيَ مَجْرَى الْأَوْقَافِ وَمَا نَابَ وَلَدَ الْأَعْيَانِ دَخَلَ فِي وَرَثَة الْمَيِّت من الْأُم وَالْمَرْأَة وَغَيرهم إِذا لَمْ يُجِيزُوا إِذْ لَيْسَ لِوَارِثٍ أَنْ يَنْتَفِعَ دُونَ وَارِثٍ مَعَهُ لِامْتِنَاعِ الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ فَكَأَنَّ الْمَيِّتَ تَرَكَ زَوْجَةً وَأُمًّا وَثَلَاثَ بَنِينَ وَثَلَاثًا مَنْ وَلَدِ الْوَلَدِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ وَلَدٌ فَيُقَسَّمُ الْحَبْسُ وَغَلَّتُهُ عَلَى سِتَّةٍ ثَلَاثَةٌ لَوَلَدِ الْوَلَدِ يَنْفُذُ لَهُمْ قَالَ سَحْنُونٌ وَمُحَمَّدٌ إِذَا اسْتَوَوْا وَإِلَّا فَعَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى سَوَاءٌ لِأَنَّ الْمُحْبِسَ حَبَسَ وَهُوَ يَتَوَقَّعُ فَقْرَهُمْ وَغِنَاهُمْ وَأَعْرَضَ عَنْ ذَلِكَ وَالْأَوَّلُ يَرَى أَنَّ مَقْصِدَ الْوَقْفِ الْمَعْرُوفُ وَسَدُّ خَلَّةِ الْحَاجَةِ وَتَأْخُذُ الْأُمُّ مِمَّا فِي يَدِ الْأَعْيَانِ السُّدُسَ وَالزَّوْجَةُ الثُّمُنَ وَيُقَسَّمُ مَا بَقِيَ عَلَى ثَلَاثَةٍ عَدَدِ وَلَدِ الْأَعْيَانِ لِأَنَّهُمْ ذُكُورٌ وَإِلَّا فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ الْأُنْثَيَيْنِ لِاحْتِجَاجِ الذَّكَرِ بِالْمِيرَاثِ كَمَا احْتَجَّتِ الزَّوْجَةُ وَالْأُمُّ اخْتَلَفَتْ حَاجَتُهُمْ أَمْ لَا لِأَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ بِالْمِيرَاثِ فَإِنْ مَاتَ أَحَدُ وَلَدِ الْأَعْيَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَنْتَقِضُ الْقَسْمُ كَمَا يَنْتَقِضُ لِحُدُوثِ وَلَدِ الْوَلَدِ لِلْأَعْيَانِ أَوْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ أَوْ وَلَدِ الْوَلَدِ وَيُقَسَّمُ جَمِيعُ الْحَبْسِ عَلَى خَمْسَةٍ بَقِيَّةِ الْوَلَدِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ فَمَا صَارَ لِوَلَدِ الْوَلَدِ نَفَذَ وَمَا صَارَ لِوَلَدِ الْأَعْيَانِ أَخَذَتِ الْأُمُّ سُدُسَهُ وَالزَّوْجَة ثمنه وَقسم مَا بَقِي على ثَلَاثَة عدد أَصْلِ وَلَدِ الْأَعْيَانِ فَيَأْخُذُ الْحَيَّانِ سَهْمَيْهِمَا وَوَرَثَةُ الْمَيِّتِ سَهْمًا يَدْخُلُ فِيهِ أُمُّهُ وَزَوْجُهُ وَوَلَدُهُ - وَهُوَ أَحَدُ وَلَدِ الْوَلَدِ فَيَصِيرُ بِيَدِ وَلَدِ هَذَا الْمَيِّتِ نَصِيبٌ - بِمَعْنَى الْحَبْسِ مِنْ جَدِّهِ فِي الْقَسْمِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَنَصِيبٌ - بِمَعْنَى الْمِيرَاثِ وَيُقَسَّمُ مَا أُخِذَ فِي الْقَسْمِ أَوَّلًا وَهُوَ سُدُسُ الْحَبْسِ يُؤْخَذُ مَا بِيَدِهِ يُضَمُّ إِلَيْهِ مَا يَخْرُجُ عَنْهُ لِلْأُمِّ وَالزَّوْجَةِ وَهُوَ ثُلُثُ مَا فِي أَيْدِيهِمَا يُكْمَلُ لَهُ السُّدُسُ وَيُقَالُ لَهُمَا قَدْ كُنْتُمَا تَحْتَجَّانِ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَا يَسْتَأْثِرُ عَلَيْكُمَا - وَأَنْتُمَا وَارِثَانِ مَعَهُ فَلَمَّا مَاتَ بَطَلَتْ هَذِهِ الْحُجَّةُ فِي بَقَاءِ مَا أَخَذْنَا مِنْهُ بِأَيْدِيكُمَا لِقِيَامِ وَلَدِ الْوَلَدِ فِيهِ وَلَا حُجَّةَ لَكُمَا عَلَى وَلَدِ الْوَلَدِ لِأَنَّهُ غَيْرُ

وَارِثٍ فَيُقَسَّمُ هَذَا السُّدُسُ عَلَى وَلَدِ الْوَلَدِ ثَلَاثَةً وَعَلَى مَنْ بَقِيَ مَنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ - وَهُمَا اثْنَانِ فَيُقَسَّمُ عَلَى خَمْسَةِ ثَلَاثَةٍ لَوَلَدِ الْوَلَدِ وَسَهْمَانِ لَوَلَدِ الْأَعْيَانِ فَمَا صَارَ لِوَلَدِ الْأَعْيَانِ قُسِّمَ عَلَيْهِمْ وَعَلَى وَرَثَةِ الْهَالِكِ مِنْهُمْ عَلَى الْفَرَائِضِ وَتَأْخُذُ الْأُمُّ لِلْهَالِكِ الْأَوَّلِ وَامْرَأَتُهُ مِنْ هَذَيْنِ السَّهْمَيْنِ اللَّذَيْنِ لِوَلَدِ الْوَلَدِ - السُّدُسِ وَالثُّمُنِ وَيُقَسَّمُ مَا بَقِيَ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةٍ عَدَدِ وَلَدِ الْأَعْيَانِ سَهْمَانِ لِلْحَيَّيْنِ وَسَهْمٌ يُنْسَبُ لِوَرَثَتِهِ فَيَصِيرُ بِيَدِ وَلَدِ هَذَا الْمَيِّتِ نَصِيبٌ وَقْفٌ مِنْ جَدِّهِ فِي الْقَسْمِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَنَصِيبٌ إِرْثٌ مِنْ أَبِيهِ هَذَا كَذَلِكَ فَسَّرَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَقَالَ سَحْنُونٌ مَا صَارَ لِوَلَدِ الْأَعْيَانِ ضُمَّ إِلَيْهِ السُّدُسَانِ اللَّذَانِ كَانَا بِأَيْدِيهِمَا مَعْدُودًا بِالزَّوْجَةِ وَالْأُمِّ مَا أَخَذَا مِنْهُمَا وَلِلزَّوْجَةِ ثُمُنُ الْجَمِيعِ وَلِلْأُمِّ سُدُسُهُ وَيُقَسَّمُ الْبَاقِي ثَلَاثَةٌ لِلْأَحْيَاءِ مِنَ الْأَعْيَانِ سَهْمَانِ وَسَهْمٌ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ يُوقَفُ وَسَهْمٌ عَلَى الْفَرَائِضِ أَوْ تَقُولُ مَا صَارَ لِوَلَدِ الْأَعْيَانِ مِنْ قَسْمٍ سُدُسٌ حَبَسَ الْمَيِّت - وهما خُمُسَانِ لِلْأُمِّ سُدُسُهُ وَلِلزَّوْجَةِ ثُمُنُهُ وَيُضَمُّ الْبَاقِي إِلَى الْبَاقِي فِي أَيْدِيهِمَا فِي سَهْمِ الْحَبْسِ أَوَّلًا - بَعْدَ أَخْذِ الْأُمِّ وَالزَّوْجَةِ سُدُسَهُ وَثُمُنَهُ يَقْتَسِمَانِ ذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةٍ لَهُمَا مِنْهَا سَهْمٌ وَلِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ سَهْمٌ عَلَى الْفَرَائِضِ وَهُوَ - مِثْلُ الْأَوَّلِ لِأَنَّ سُدُسَ الْخُمُسِ إِذَا قُسِّمَ عَلَى خَمْسَةٍ صَارَ سُدُسُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ وَلَدِ الْوَلَدِ خُمُسًا وَإِذَا رَدَّتِ الزَّوْجَةُ وَالْأُمُّ مَا كَانَتَا أَخَذَتَا مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ صَارَ بِأَيْدِيهِمُ الْخُمُسَانِ فَآلَ الْأَمْرُ إِلَى أَنَّ الْخُمُسَ يُقَسَّمُ عَلَى خَمْسَةٍ ثُمَّ تَدْخُلُ الْأُمُّ وَالْمَرْأَةُ وَبَاقِي وَلَدِ الْحَيَّيْنِ وَلَا مَعْنًى لِقَوْلِ سَحْنُونٍ وَقِسْمَةُ جَمِيعِ الْخُمُسِ عَلَى خَمْسَةٍ أَبْيَنُ وَإِنَّمَا قُسِّمَ سَهْمُ الْمَيِّتِ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ عَلَى خَمْسَةٍ لِقِيَامِ وَلَدِ الْوَلَدِ فِي ذَلِكَ وَقِسْمَةُ الْحَبْسِ بِوَصِيَّةِ الْمَيِّتِ لِتَوَفُّرِ سَهْمَانِهِمْ بِنُقْصَانِ عَدَدِ أَهْلِ الْحَبْسِ فَمَا وَصَلَ لِوَلَدِ الْأَعْيَانِ صَارَتِ الْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ فِيهِ لِمَنْ وَرِثَ الْمَيِّتَ الْأَوَّلَ مَعَهُمْ وَكَذَلِكَ صَارَتْ لِمَنْ يَرِثُ الْمَيِّتَ مَنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ حُجَّةُ أَنْ يَنَالُوا نَفْعَ مَا وَرِثَهُ وَلِيُّهُمْ مَا دَامَ أَحَدٌ مِنَ الْوَرَثَةِ يَنْتَفِعُ بِمَعْنَى الْمِيرَاثِ عَنِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ وَإِنَّمَا يَخْتَلِفُ نَقْضُ الْقَسْمِ مِنْ غَيْرِ نَقْضِهِ عَلَى وَلَدِ الْأَعْيَانِ وَعَلَى وَرَثَةِ الْمَيِّتِ مِنْهُمْ فَأَمَّا عَلَى وَلَدِ الْوَلَدِ أَوْ أُمِّ الْمُحْبِسِ وَامْرَأَتِهِ فَلَا قَالَ

سَحْنُونٌ وَالثِّمَارُ وَنَحْوُهَا مِنَ الْغَلَّاتِ تُقَسَّمُ عِنْدَ كُلِّ غَلَّةٍ عَلَى الْمَوْجُودِ يَوْمَئِذٍ مِنْ وَلَدِ الصُّلْبِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ وَيُجْمَعُ مَا لِوَلَدِ الصُّلْبِ فَيُقَسَّمُ عَلَى الْفَرَائِضِ وَأَمَّا الدُّورُ وَالْأَرْضُونَ فَلَا بُدَّ مِنْ نَقْضِ الْقَسْمِ فِي جَمِيعِ الْحَبْسِ فَيُقَسَّمُ عَلَى مَنْ بَقِيَ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ فَمَا صَارَ لِوَلَدِ الْأَعْيَانِ دَخَلَ فِيهِ أَهْلُ الْفَرَائِضِ وَمَا صَارَ لِوَلَدِ الْوَلَدِ أَخَذُوهُ وَهَذَا الْقَوْلُ إِنَّمَا يَصِحُّ عَلَى رَأْيِ مَنْ لَا يَرَى نَقْضَ الْقَسْمِ فِي جَمِيعِ الْحَبْسِ وَعَلَى نَقْضِ الْقَسْمِ يُقَسَّمُ جَمِيعُ الْحَبْسِ عَلَى أَرْبَعَةٍ فَمَا صَارَ لِوَلَدِ الْوَلَدِ أَخَذُوهُ حَبْسًا وَمَا لِوَلَدِ الْأَعْيَانِ أَخَذَتِ الْأُمُّ سُدُسَهُ وَالْمَرْأَةُ ثُمُنَهُ وَيُقَسَّمُ الْبَاقِي عَلَى ثَلَاثَةٍ وَيَحْيَا الْمَيِّتَانِ بِالذِّكْرِ فَمَا صَارَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَخَذَهُ عَلَى الْفَرَائِضِ مَوْقُوفًا وَمَا صَارَ لِحَيٍّ فَهُوَ لَهُ وَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى نَقْضَ الْقَسْمِ يَسْتَرْجِعُ مِنْ يَدَيْهِ وَوَرَثَةَ الْهَالِكِ أَوَّلًا من ولد الْأَعْيَان تَمام خُمُسِ جَمِيعِ الْحَبْسِ عَلَى مَا بَيْدَ الْهَالِكِ الثَّانِي لِيُكْمِلَ الْخُمُسَ وَهُوَ مَا كَانَ صَارَ فِي الْقَسْمِ الثَّانِي بَعْدَ مَوْتِ أَخِيهِ وَقَدْ أخذت الْأُم السدسو وَالْمَرْأَة ثمنه وَورث أَخُوهُ ثلث مابقي فِي يَدَيْهِ وَهُوَ تِسْعَةٌ وَثُمُنٌ مِنَ الْخُمُسِ فَيَأْخُذُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَيُكْمِلُ لَهُ الْخُمُسَ فَيُقَسِّمُهُ عَلَى أَرْبَعَةٍ لِوَلَدِ الْوَلَدِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْبَاقِي مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ سَهْمٌ تَأْخُذُ أُمُّ الْمُحْبِسِ مِنْ هَذَا السَّهْمِ سُدُسَهُ وَامْرَأَتُهُ ثُمُنَهُ وَيُقَسَّمُ الْبَاقِي ثَلَاثَةً يَحْيَا الْمَيِّتَانِ بِالذِّكْرِ فَمَا صَارَ لِلْحَيِّ أَخَذَهُ وَمَا صَارَ لِكُلِّ مَيِّتٍ وَرِثَهُ وررثته عَلَى الْفَرَائِضِ مَوْقُوفًا وَإِنْ مَاتَ الثَّالِثُ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ خَلَصَ الْجَمِيعُ لِوَلَدِ الْوَلَدِ وَإِنْ مَاتَ وَاحِدٌ مِنْ وَلَدِ الْوَلَدِ وَلَمْ يَمُتْ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ أَحَدٌ لَمْ يَأْخُذْ سَهْمَهُ ورثته لِأَنَّهُ حبس وينقض الْقسم بِمَوْتِهِ كمون وَلَدِ الْأَعْيَانِ وَيُقَسَّمُ جَمِيعُ الْحَبْسِ عَلَى خَمْسَةٍ فَمَا صَارَ لِوَلَدِ الْوَلَدِ نَفَذَ لَهُمْ حَبْسًا وَمَا صَارَ لِوَلَدِ الْأَعْيَانِ فَلِلْأُمِّ سُدُسُهُ وَلِلْمَرْأَةِ ثمنه وَقسم مَا بَقِي على ثَلَاثَة عدد وَلَدِ الْأَعْيَانِ وَدَخَلَتِ الْأُمُّ وَالْمَرْأَةُ فِيمَا رَدَّهُ وَلَدُ الْأَعْيَانِ مِنْ وَلَدِ الْوَلَدِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِم لَا

يَنْتَقِضُ الْقَسْمُ وَيُقَسَّمُ نَصِيبُ الْمَيِّتِ مِنْ وَلَدِ الْوَلَدِ وَهُوَ السُّدُسُ عَلَى خَمْسَةٍ عَدَدِ وَلَدِ الْوَلَدِ وَوَلَدِ الْأَعْيَانِ فَمَا صَارَ لِوَلَدِ الْوَلَدِ نَفَذَ لَهُمْ وَمَا لِوَلَدِ الْأَعْيَانِ دَخَلَتْ فِيهِ الْأُمُّ وَالْمَرْأَةُ أَوْ وَرَثَتُهُمَا إِنْ مَاتَتَا لِأَنَّ مَا رَجَعَ لِوَلَدِ الْأَعْيَانِ مِنْ نَصِيبِ وَلَدِ الْوَلَدِ بِالْوَصِيَّةِ لَا بِالْوِلَايَةِ لِأَنَّهُ عَلَى مَجْهُولِ من يَأْتِي وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا تَدْخُلُ الْأُمُّ وَالْمَرْأَةُ لِنُفُوذِ الْوَصِيَّةِ أَوَّلًا وَارْتَفَعَتِ التُّهْمَةُ بَلْ تَرْجِعُ إِلَيْهِمْ بِالْوِلَايَةِ وَيَلْزَمُهُ إِيثَارُ أَهْلِ الْحَاجَةِ مِنْ وَلَدِ الْمُوصِي لِأَنَّهَا سَنَةُ مَرَاجِعِ الْأَحْبَاسِ وَالْأَوَّلُ أَبْيَنُ فَإِنْ مَاتَ ثَانٍ مِنْ وَلَدِ الْوَلَدِ فَعَلَى نَقْضِ الْقَسْمِ يُقَسَّمُ الْحَبْسُ كُلُّهُ عَلَى عَدَدِ مَنْ بَقِيَ مِنْ وَلَدِ الْوَلَدِ وَالْأَعْيَانِ وَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ سَهْمٌ لِوَلَدِ الْبَاقِي وَثَلَاثَةٌ لِوَلَدِ الْأَعْيَانِ وَتَدْخُلُ الْأُمُّ وَالْمَرْأَةُ مَعَهُمْ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ دُونَ الْقَوْلِ الْآخَرِ فَإِنْ هَلَكَ الثَّالِثُ فَجَمِيعُ الْحَبْسِ لِوَلَدِ الْأَعْيَانِ لِأَنَّهُمُ الْأَقْرَبُ لِلْمُحْبِسِ قَالَ سَحْنُونٌ وَلَا تَدْخُلُ الْأُمُّ وَالزَّوْجَةُ لِأَنَّ وَصِيَّةَ الْمَيِّتِ قَدْ نَفَذَتْ أَوَّلًا وَارْتَفَعَتِ التُّهْمَةُ وَهُوَ إِنَّمَا يَرْجِعُ إِلَيْهِمَا بِالْوِلَايَةِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَا آلَ إِلَى وَلَدِ الْأَعْيَانِ مِنْ وَلَدِ الْوَلَدِ حَتَّى انْقَرَضُوا أَوْ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ تَدْخُلُ فِيهِ أُمُّ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ وَامْرَأَتُهُ قَالَ سَحْنُونٌ وَإِذَا آلَ مَا بِيَدِ وَلَدِ الْوَلَدِ لِلْأَعْيَانِ وَمَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَخَذَتِ الْأُمُّ وَالْمَرْأَةُ اللَّتَانِ لِهَذَا الْمَيِّتِ مِيرَاثَهُمَا مِمَّا فِي يَدَيْهِ مِنَ السُّدُسِ الَّذِي أُخِذَ أَوَّلًا مِمَّا آلَ إِلَيْهِ عَنْ وَلَدِ الْوَلَدِ فَمَا بَقِيَ قُسِّمَ بَيْنَ وَلَدِ الْأَعْيَانِ فَإِنْ مَاتَ أَوَّلًا أَحَدُ وَلَدِ الْأَعْيَانِ قُسِّمَ نَصِيبُهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ثمَّ مَاتَ أحد ولد الْوَلَد أَخذ مَا كَانَ بِيَدِ هَذَا الْمَيِّتِ الَّذِي هُوَ وَلَدُ الْوَلَدِ وَهُوَ الْخُمُسُ الْمَأْخُوذُ فِي قَسْمِ الْحَبْسِ مِنْ قِبَلِ جَدِّهِ وَمِنْ قِبَلِ مَوْتِ أَبِيهِ دُونَ مَا بِيَدِهِ عَنْ أَبِيهِ بِالْمِيرَاثِ فَيُقَسَّمُ أَرْبَعَةً لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ وَلَدِ الْوَلَدِ سَهْمٌ وَسَهْمَانِ لِلْحَيَّيْنِ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ تَأْخُذُ مِنْهُمَا أُمُّ الْجَدِّ وَامْرَأَتُهُ السُّدُسَ وَالثُّمُنَ وَيُقَسَّمُ الْبَاقِي مِنَ السَّهْمَيْنِ ثَلَاثَةً

سَهْمٌ لِوَلَدِ الْأَعْيَانِ الْحَيَّيْنِ وَسَهْمٌ لِوَرَثَةِ أَخِيهِمَا الْمَيِّتِ تَدْخُلُ فِيهِ أُمُّهُ بِالسُّدُسِ وَامْرَأَتُهُ بِالثُّمُنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْآنَ وَلَدٌ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُقَسَّمُ ذَلِكَ عَلَى قِسْمَةِ مَا وَرِثَ عَلَيْهِ يَوْمَ مَاتَ وَكُلُّ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ السِّهَامِ لَا يَنْتَقِضُ بِمَوْتِهِ قَسْمٌ وَيَصِيرُ مَا بِيَدِهِ لِوَرَثَتِهِ عَلَى الْمَوَارِيثِ وَكَذَلِكَ لِوَرَثَةِ وَرَثَتِهِمْ مَوْقُوفًا مَا بَقِيَ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ أَحَدٌ فَإِذَا انْقَرَضُوا رَجَعَ الْحَبْسُ إِلَى وَلَدِ الْوَلَدِ الْأَوَّلِ وَالَّذِينَ حَدَثُوا وَكَذَلِكَ إِنْ شَرَطُوا فِي حَبْسِهِ لَيْسَ لِمُتَزَوِّجَةٍ حَقٌّ إِلَّا أَنْ يَرُدَّهَا رَادٌّ مِنْ مَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ فَتَزَوَّجَتِ ابْنَةٌ لَهُ انْتَقَضَ الْقَسْمُ عِنْدَ الزَّوَاجِ وَلَا يُقَسَّمُ لَهَا فِي قِسْمَةِ الْحَبْسِ - تَوْفِيَةً بِالشَّرْطِ لَكِن مَا أصَاب ولد الْأَعْيَان مُنْذُ دَخَلَتْ فِيهِ بِالْمِيرَاثِ فَإِنْ رَجَعَتِ انْتَقَضَ الْقَسْمُ وَقُسِّمَ لَهَا فِي أَصْلِ الْحَبْسِ وَيَنْتَقِضُ الْقَسْمُ أَيْضًا بِتَزْوِيجِ وَاحِدَةٍ مِنْ بَنَاتِ الْوَلَدِ وَيَنْتَقِضُ بِرُجُوعِهَا إِذَا قَامَتْ وَمَا نَابَهَا مَعَ وَلَدِ الْوَلَدِ لَا يَدْخُلُ فِيهِ أَحَدٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا مَاتَتْ أُمُّ الْمُحْبِسِ لَا يَنْتَقِضُ الْقَسْمُ بِمَوْتِهَا فَإِنْ كَانَ لَهَا وَلَدٌ غَيْرَ الْمُحْبِسِ فَنَصِيبُهَا لَهُ وَلَا يُنْتَزَعُ مِنْهُ إِلَّا بِمَوْتِ وَلَدِ الْأَعْيَانِ أَوْ بِمَوْتِ أَحَدِهِمْ وَكَذَلِكَ إِنْ مَاتَتِ الزَّوْجَةُ وَلَا وَلَدَ لَهَا إِلَّا وَلَدُ الْأَعْيَانِ أَخَذُوا نَصِيبَهَا الَّذِي أَخَذَتْهُ مِنْهُ وَلَا حَقَّ لِوَلَدِ الْوَلَدِ فِيهِ فَإِنْ لَمْ يَحْمِلِ الثُّلُث الْوَلَد وَلَمْ يُجِزِ الْوَرَثَةُ أُجْبِرَ حَسْبَمَا قَالَهُ الْمَيِّتُ أَنْ لَوْ حَمَلَهَا الثُّلُثُ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقْطَعَ بِالثُّلُثِ شَائِعًا بَلْ يُجْمَعُ ثُلُثُهُ فِي الدَّارِ كَالْعِتْقِ إِذَا أَوْصَى بِهِ وَلَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ فَإِنَّهُ يُجْمَعُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْعَبْدِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا حَبَسَ دَارَهُ فِي مَرَضِهِ عَلَى جَمِيعِ وَرَثَتِهِ وَلَمْ يَدْخُلْ غَيْرُهُمْ مَعَهُمْ وَلَا بعدهمْ فَلَيْسَ بِحَبْس وَلَهُم بَيْعه وَكَذَلِكَ عَلَى وُلْدِي وَلَمْ يَدْخُلْ غَيْرُهُمْ وَقَالَهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ وَمَنْ مَاتَ فَنَصِيبُهُ لِمَنْ بَعْدَهُ مِيرَاثٌ فَيَصِيرُ مِيرَاثُ الْآخَرِ أَكْثَرَ وَهُوَ عَلَى الْقَوْلِ أَنَّ الْحَبْسَ عَلَى الْمُعَيَّنِ يَرْجِعُ مِيرَاثًا وَعَلَى الْقَوْلِ أَنَّهُ يَرْجِعُ مَرْجِعَ الْأَحْبَاسِ لَا يَبْطُلُ الْحَبْسُ وَيَصِيرُ كَمَنْ حَبَسَ عَلَى وَرَثَتِهِ وَغَيْرِهِمْ قَالَ

التُّونِسِيُّ إِذَا لَمْ يَخْرُجُ مِنَ الثُّلُثِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فَمَا خَرَجَ مِنَ الثُّلُثِ عَمِلَ بِهِ مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ لِأَنَّهُ وَصَّى لوَارث وَغَيره وَثمّ وَرَثَة آخَرُونَ فيتعاصون وَلَوْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ غَيْرَ الْمُوصَى لَهُمْ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَإِلَّا قَطَعُوا لَهُمْ مِنَ الدَّارِ مَا يَحْمِلُهُ الثُّلُثُ فَيَكُونُ حَبْسًا أَوْ تَسْقُطُ وَصِيَّتُهُمْ وَهُوَ كَمَنْ أَوْصَى لِوَارِثٍ وَأَجْنَبِيٍّ وَلَيْسَ ثَمَّ غَيْرُ الْوَارِثِ وَاخْتَلَفُوا فِي قَسْمِ الدَّارِ بَيْنَ الْوَلَدِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ فَقِيلَ عَلَى الْعَدَدِ وَقِيلَ بِالِاجْتِهَادِ فِي الْفَقْرِ عَلَى الْخِلَافِ إِذَا نَصَّ عَلَى الْوَلَدِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ لِأَنَّهُ سُوِّيَ بَيْنَهُمْ عِنْدَ أَشْهَبَ فَرْعٌ - فِي الْجَوَاهِرِ يَمْتَنِعُ وَقْفُ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَجَوَّزَهُ ابْنُ شُرَيْحٍ لِأَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يَأْكُلُ مِنْ ثَمَرِ صَدَقَتِهِ بِخَيْبَرَ وَلِأَنَّ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَفَ بِئْرًا وَقَالَ دَلْوِي فِيهَا كَدِلَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَلِأَنَّهُ يُنْتَفَعُ بِالْوَقْفِ الْعَامِّ فَكَذَلِكَ الْخَاصُّ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ أَكْلَهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِالشِّرَاءِ أَوْ بِحَقِّ الْقِيَامِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ وَقْفٌ عَامٌّ فَيَجُوزُ أَنْ يَدْخُلَ فِي الْعُمُومِ مَا لَا يدْخل فِي الْخُصُوص لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يُصَلِّي فِي مَسَاجِدِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُخَصَّ بِالصَّدَقَةِ وَهُوَ الْجَوَابُ عَنِ الثَّالِثِ لَنَا أَنَّ السَّلَفَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ لَمْ يُسْمَعْ عَنْهُمْ ذَلِكَ وَلِأَنَّ مَنْ مَلَكَ الْمَنَافِعَ بِسَبَبٍ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ مِلْكِهَا بِغَيْرِ ذَلِكَ السَّبَبِ كَمَنْ مَلَكَ بِالْهِبَةِ لَا يَمْلِكُ بِالْعَارِيَّةِ أَوِ الشِّرَاءِ أَوْ غَيْرِهِمَا فَكَذَلِكَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ تَمْلِيكِ نَفْسِهِ بِالْوَقْفِ وَلِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ أَنْ يعْتق عَبده وَيشْتَرط عَلَيْهِ خدمته حَيَاته وبالقياس عَلَى هِبَتِهِ لِنَفْسِهِ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ فَإِنْ حَبَسَ عَلَى نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ صَحَّ وَدَخَلَ مَعَهُمْ وَإِلَّا بَطَلَ لِأَنَّهُ مَعَهُمْ تَبَعٌ بِخِلَافِ الِاسْتِقْلَالِ

فَرْعٌ - قَالَ مَتَى كَانَ الْوَقْفُ عَلَى قُرْبَةٍ صَحَّ أَوْ مَعْصِيَةٍ بَطَلَ كَالْبَيْعِ وَقَطْعِ الطَّرِيقِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغي} وَقَالَهُ (ش) وَأَحْمَدُ فَإِنْ عَرَا عَنِ الْمَعْصِيَةِ وَلَا ظَهرت الْقُرْبَةِ صَحَّ لِأَنَّ صَرْفَ الْمَالِ فِي الْمُبَاحِ مُبَاحٌ وَكَرِهَهُ مَالِكٌ لِأَنَّ الْوَقْفَ بَابٌ مَعْرُوفٌ فَلَا يُعْمَلُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ فَرْعٌ - قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى لَوْ حَبَسَ ذِمِّيٌّ دَارَهُ عَلَى مَسْجِدٍ نَفَذَ وَقَالَ مَالِكٌ فِي ذِمِّيَّةٍ بَعَثَتْ بِذَهَبٍ للكعبة ترد إِلَيْهَا وَإِنَّمَا يُصْرَفُ فِي هَذِهِ الْجِهَاتِ أَطْيَبُ الْأَمْوَالِ وَأَمْوَالُ الْكُفْرِ يَنْبَغِي أَنْ تُنَزَّهَ عَنْهَا الْمَسَاجِدُ فَرْعٌ - قَالَ إِذَا لَمْ يَذْكُرْ مَصْرِفًا حَمَلَ عَلَى الْمَقْصُودِ بِأَحْبَاسِ تِلْكَ الْجِهَةِ وَوَجْهِ الْحَاجَةِ فِيهَا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِلْفُقَرَاءِ قِيلَ لَهُ أَنَّهَا بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ قَالَ يَجْتَهِدُ الْإِمَامُ الرُّكْنُ الثَّالِث الْمَوْقُوف وَفِي الْكِتَابِ وَقْفُ الرَّقِيقِ وَالدَّوَابِّ وَالثِّيَابِ وَالسُّرُوجِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَيُسْتَعْمَلُ وَلَا يُبَاعُ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْحَبْسُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ الْأَوَّلُ الْأَرْضُ وَنَحْوُهَا فالديار وَالْحَوَانِيتِ وَالْحَوَائِطِ وَالْمَسَاجِدِ وَالْمَصَانِعِ وَالْآبَارِ

والقناطر والمقابر والطرق فَيجوز وَالثَّانِي الْحَيَوَان كَالْعَبْدِ وَالْخَيْلِ وَغَيْرِهَا وَالثَّالِثُ السِّلَاحُ وَالدُّرُوعُ وَفِيهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ الْجَوَازُ فِي الْكِتَابِ وَقَالَهُ (ش) وَأَحْمَدُ لِأَنَّ كُلَّ عَيْنٍ يَصِحُّ الِانْتِفَاعُ بِهَا مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهَا صَحَّ وَقْفُهَا لِأَنَّهُ مُوفٍ بِحِكْمَةِ الْوَقْفِ وَقِيلَ يَمْتَنِعُ وَقَالَهُ (ح) وَمَنَعَ وَقْفَ الْمَنْقُولَاتِ لِأَنَّ وَقْفَ السَّلَفِ كَانَ فِي الْعَقَارِ وَقِيَاسًا عَلَى الطِّيبِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمِقْدَادَ حَبَسَ أَدْرُعَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَهِيَ مَنْقُولَاتٌ وَعَنِ الثَّانِي الْفَرْقُ بِأَنَّ الطِّيبَ لَا يَبْقَى عَيْنُهُ بِخِلَافِ صُورَةِ النِّزَاعِ وَقِيلَ يَجُوزُ فِي الْخَيْلِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي غَيْرِهَا وَعَنْ مَالِكٍ اسْتِثْقَالُ حَبْسِ الْحَيَوَانِ وَقَالَ فِي الرَّقِيقِ مَنْعَهُ مَا يُرْجَى لَهُ مِنِ الْعِتْقِ وَظَاهِرُهُ يَقْتَضِي تَخْصِيصَ الْكَرَاهَةِ لِلرَّقِيقِ وَفِي مُسْلِمٍ أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَصَابَ أَرْضًا بِخَيْبَرَ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَسْتَأْمِرُهُ فِيهَا فَقَالَ إِنِّي أَصَبْتُ أَرْضًا بِخَيْبَرَ لم أصب مَا لَا قَطُّ هُوَ أَنْفَسُ عِنْدِي مِنْهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا وَتَصَدَّقْتَ بِهَا فَتَصَدَّقَ بِهَا لَا تُبَاعُ وَلَا تُوهَبُ وَلَا تُورَّثُ فِي الْفُقَرَاءِ وَذِي الْقُرْبَى وَفِي الرِّقَابِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَالضَّيْفِ لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ وَيُطْعِمَ صَدِيقًا غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ فِيهَا وَفِي الْبُخَارِيِّ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْ حَبَسَ فَرَسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِيمَانًا بِاللَّهِ وَتَصْدِيقًا بِوَعْدِهِ فَإِنَّ شِبَعَهُ وَرَوَثَهُ فِي مِيزَانِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَفِيهِ أَنَّ خَالِدًا حَبَسَ دِرْعَهُ وَأَعْمَرَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَفِي مُسْلِمٍ إِذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ أَوْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ يُرِيدُ الْحَبْسَ وَوَقَفَ عُثْمَانُ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَزَيْدُ بْنُ ثَابت وَعَمْرو بن العَاصِي وَكُلُّ مَنْ لَهُ ثَرْوَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَقَفَ رَضِي اللَّهُمَّ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ وَقَالَ شُرَيْحٌ لَا حَبْسَ عَنْ فَرَائِضِ اللَّهِ فَقِيلَ لِمَالِكٍ ذَلِكَ فَقَالَ تَكَلَّمَ شُرَيْحٌ فِي بَلَدِهِ وَلَمْ يَقْدُمِ الْمَدِينَةَ فَيَرَى أحباس الصَّحَابَة وأزواجه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهَذِه أوقافه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تِسْعَة

فَوَائِد - إِحْدَاهَا قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - انْقَطَعَ عَمَلُهُ لَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ بَلِ الْمُرَادُ ثَوَابُ عَمَلِهِ إِذِ الْعَمَلُ عَرَضٌ لَا يَسْتَمِرُّ بَلْ يَذْهَبُ زَمَانُهُ بِهِ فَالْإِخْبَارُ عَنْهُ عَبَثٌ وَثَانِيهَا أَنَّهُ يُثَابُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ ثَوَابَ الْوَسَائِلِ فَإِنَّ تَعْلِيمَهُ وَإِقْرَاءَهُ وَتَصَانِيفَهُ أَسْبَابٌ لِلِانْتِفَاعِ بهَا بعد مَوته وَدُعَاء الْوَلَد ناشي عَن سَببه فِي النَّسْل والاتفاق بِالْوَقْفِ ناشى عَن تحبيسه فَالْكل فِي حَبسه وتسببه وَثَالِثهَا أَن الدُّعَاء لَيْسَ خَالِصا بِالْوَلَدِ بَلْ كُلُّ مَنْ دَعَا لِشَخْصٍ رَجَاءَ نَفْعِهِ بِدُعَائِهِ قَرِيبًا كَانَ أَوْ أَجْنَبِيًّا وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ ثَوَابَ الدُّعَاءِ يَحْصُلُ لِلْمَدْعُوِّ لَهُ بَلْ مُتَعَلِّقُ الدُّعَاءِ وَمَدْلُولُهُ لُغَةً فَصَارَ ذِكْرُ الْوَلَدِ مَعَهُمَا مُشْكِلًا وَجَوَابُهُ أَنَّ الْوَلَدَ أَكْثَرُ دُعَاءً لِأَنَّ دَاعِيَةَ الْقَرَابَةِ تَحُثُّهُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَلِذَلِكَ خَصَّصَهُ بِالصَّالِحِ لِأَنَّ الصَّلَاحَ مَعَ الْبُنُوَّةِ نظمة كَثْرَةِ الدُّعَاءِ وَإِجَابَتِهِ فَكَانَ أَوْلَى بِالذِّكْرِ مِنْ غَيْرِهِ فَرْعٌ - فِي الْجَوَاهِرِ يَصِحُّ وَقْفُ الشَّائِعِ وَقَالَهُ (ش) وَأَحْمَدُ وَمَنَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ لِتَعَذُّرِ الْقَبْضِ عِنْدَهُ فِيهِ لَنَا أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقَفَ مِائَةَ سهم من خَيْبَر بِإِذْنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلِأَنَّهُ مُمْكِنُ الْقَبْضِ اللَّائِقِ بِهِ كَالْبَيْعِ وَقِيَاسًا عَلَى الْعِتْقِ قَالَ اللَّخْمِيُّ فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ إِنْ كَانَتِ الدَّارُ تَحْمِلُ الْقَسْمَ جَازَ لِعَدَمِ تَضَرُّرِ الشَّرِيكِ إِنْ كَرِهَ قَاسِمٌ بَعْدَ الْحَبْسِ وَإِلَّا فَلَهُ رَدُّ الْحَبْسِ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْبَيْعِ لِجَمِيعِهَا فَإِنْ فَسَدَ فِيهَا شَيْءٌ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُصْلِحُ مَعَهُ وَإِذَا كَانَ عُلُوٌّ لِرَجُلٍ وَسُفْلٌ لِآخَرَ لِصَاحِبِ الْعُلُوِّ رَدُّ تَحْبِيسِ السُّفْلِ لِأَنَّهُ لَا يَجِدُ مَنْ يُصْلِحُ لَهُ السُّفْلَ إِذَا احْتَاجَ إِلَيْهِ وَمِنْ حَقِّهِ أَن يحمل لَهُ عُلُوُّهُ وَلِصَاحِبِ السُّفْلِ

رَدُّ تَحْبِيسِ الْعُلُوِّ لِأَنَّهُ قَدْ يَخْلَقُ فَيَسْقُطُ عَلَيْهِ وَلَا يَجِدُ مَنْ يُصْلِحُ وَتَحْبِيسُ شِرْكٍ مِنْ حَائِطٍ فَهُوَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الدَّارِ فَرْعٌ - قَالَ يَجُوزُ وَقْفُ الْأَشْجَارِ لِثِمَارِهَا وَالْحَيَوَانَاتِ لمنافعها وأوصافها وَأَلْبَانِهَا وَاسْتِعْمَالِهَا وَإِذَا قُلْنَا بِالْجَوَازِ فِي الْحَيَوَانِ وَقَعَ لَازِمًا أَوْ بِالْكَرَاهَةِ وَفِي اللُّزُومِ رِوَايَتَانِ فرع - قَالَ وَيمْتَنع وَقْفُ الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ لِاسْتِحْقَاقِ مَنَافِعِهَا لِلْإِجَارَةِ فَكَأَنَّهُ وَقْفَ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ وَوَقْفُ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ لَا يَصِحُّ وَيُمْتَنَعُ وَقْفُ الطَّعَامِ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ فِي اسْتِهْلَاكِهِ وَشَأْنُ الْوَقْفِ بَقَاءُ الْعَيْنِ الرُّكْنُ الرَّابِعُ مَا بِهِ يَكُونُ الْوَقْف فِي وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ الصِّيغَةُ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْوَقْفِيَّةِ عُرْفًا كَالْإِذْنِ الْمُطْلَقِ فِي الِانْتِفَاعِ عَلَى الْإِطْلَاقِ كَإِذْنِهِ فِي الصَّلَاةِ فِي الْمَكَانِ الَّذِي بَنَاهُ لَهَا إِذْنًا لَا يَخْتَصُّ بِشَخْصٍ وَلَا زَمَانٍ وَوَافَقَنَا (ح) وَأَحْمَدُ وَقَالَ (ش) لَا يُعْتَبَرُ إِلَّا بِالْقَوْلِ عَلَى قَاعِدَتِهِ فِي اعْتِبَارِ الصِّيَغِ فِي الْعُقُودِ لنا أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يُهْدِي وَيُهْدَى إِلَيْهِ وَوَقَفَ أَصْحَابُهُ وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ قَبِلَ وَلَا قُبِلَ مِنْهُ بَلِ اقْتَصَرَ عَلَى مُجَرَّدِ الْفِعْلِ وَلَوْ وَقَعَ ذَلِكَ اشْتهر وَلِأَن مَقْصُود الشَّرْع الرضي بانتقال الْأَمْلَاك لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسِهِ مِنْهُ فَأَيُّ شَيْءٍ دَلَّ عَلَى حُصُولِ مَقْصُودِ الشَّرْعِ كَفَى

فَرْعٌ - قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ لَا يُشْتَرَطُ فِي الصِّحَّةِ الْقَبُولُ إِلَّا إِذَا كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ مُعَيَّنًا أَهْلًا لِلْقَبُولِ وَالرَّدِّ فَيُشْتَرَطُ فِي نَقْلِ الْمِلْكِيَّةِ إِلَيْهِ الْقَبُولُ كَالْبَيْعِ وَإِلَّا فَلَا كَالْعِتْقِ وَاخْتُلِفَ هَلْ قَبُولُهُ شَرْطٌ فِي اخْتِصَاصِهِ خَاصَّةً أَوْ فِي أَصْلِ الْوَقْفِيَّةِ قَالَ مَالِكٌ إِذَا قَالَ اعْطُوا فَرَسِي لِفُلَانٍ إِنْ لَمْ يَقْبَلْ أُعْطِيَ لِغَيْرِهِ كَانَ حَبْسًا وَقَالَ مُطَرِّفٌ يَرْجِعُ مِيرَاثًا لِعَدَمِ شَرْطِ الْوَقْفِ وَقَالَ (ش) وَأَحْمَدُ لَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ فِي الْوَقْفِ قِيَاسًا عَلَى الْعِتْقِ فَرْعٌ - قَالَ الْأَلْفَاظُ قِسْمَانِ مُطْلَقَةٌ مُجَرَّدَةٌ نَحْوَ وَقَفْتُ وَحَبَسْتُ وَتَصَدَّقْتُ وَمَا يَقْتَرِنُ بِهِ مِمَّا يَقْتَضِي التأييد نَحْوَ مُحَرَّمٌ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَأَنْ يَكُونَ عَلَى مَجْهُولِينَ أَوْ مَوْصُوفِينَ كَالْعُلَمَاءِ وَالْفُقَرَاءِ فَيَجْرِي مَجْرَى الْمُحَرَّمِ بِاللَّفْظِ لِأَنَّ التَّعْيِينَ يُشْعِرُ بِالْعُمْرَى دُونَ الْحَبْسِ وَلَفْظُ الْوَقْفِ يُفِيدُ بِمَجْرَدِهِ التَّحْرِيمَ وَفِي الْحَبْسِ وَالصَّدَقَةِ رِوَايَتَانِ وَكَذَلِكَ فِي ضَمِّ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ خِلَافٌ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالصَّدَقَةِ هِبَةَ الرَّقَبَةِ فَلَا يَكُونُ وَقْفًا وَحَيْثُ قُلْنَا لَا يَتَأَبَّدُ يَرْجِعُ بَعْدَ الْوَجْهِ الَّذِي عَيَّنَ لَهُ حَبْسًا عَلَى أَقْرَبِ النَّاسِ بِالْمُحْبِسِ - كَانَ الْمُحْبِسُ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا - إِنْ كَانُوا فُقَرَاءَ فَإِنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ فَأَقْرَبُ النَّاسِ إِلَيْهِمْ مِنَ الْفُقَرَاءِ لِأَنَّ أَصْلَ الْحَبْسِ مَبْنِيٌّ عَلَى سَدِّ خَلَّةِ حَاجَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ كُلُّ مَا يَرْجِعُ مِيرَاثًا يُرَاعَى فِيهِ مَنْ يَرِثُ الْمُحْبِسَ يَوْمَ مَاتَ وَمَا يَرْجِعُ حَبْسًا فَلِأَوْلَاهُمْ بِهِ يَوْمَ الْمَرْجِعِ وَالْقَرَابَةُ الَّذِينَ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ هُمْ عَصَبَةُ الْمُحْبِسِ الْمَيِّتِ قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَرْجِعُ لِأَقْرَبِ النَّاسِ من ولد عصبته وَإِذَا قُلْنَا يَرْجِعُ لِلْعَصَبَةِ اخْتُلِفَ

هَلْ لِلنِّسَاءِ فِيهِ مَدْخَلٌ أَمْ لَا فَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ دُخُولُهُنَّ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَدَمُ دُخُولِهِنَّ وَقَالَ أَصْبَغُ الْبِنْتُ كَالْعَصَبَةِ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ رَجُلًا كَانَتْ عَصَبَةً وَعَنْ مَالِكٍ كُلُّ امْرَأَةٍ لَوْ كَانَتْ رَجُلًا كَانَتْ عَصَبَةً يَرْجِعُ إِلَيْهَا الْحَبْسُ وَإِذَا قُلْنَا بِالدُّخُولِ فَاجْتَمَعَ بَنَاتٌ وَعَصَبَةٌ فَهُوَ بَيْنَهُمْ إِنْ كَانَ فِيهِ سَعَةٌ وَإِلَّا فَالْبَنَاتُ أَوْلَى لِقُرْبِهِنَّ وَتَدْخُلُ مَعَ الْبَنَاتِ الْأُمُّ وَالْجَدَّةُ لِلْأَبِ دُونَ الزَّوْجَةِ وَالْجَدَّةِ أُمِّ الْأُمِّ لِعَدَمِ التَّعَصُّبِ لَوْ كَانَتَا رَجُلًا - قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِذَا انْقَرَضَ جَمِيعُ أَصْحَابِ الْمَرْجِعِ صَارَ حَبْسًا عَلَى الْمَسَاكِينِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ لَفْظُ الْحَبْسِ وَالْوَقْفِ سَوَاءٌ لَا يَفْتَرِقَانِ فِي وَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْحَبْسِ وَقَالَهُ (ش) وَأَحْمَدُ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ الْوَقْفُ لَا يَقَعُ إِلَّا محرما فَهُوَ أقوى لمساك وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ وَلِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ - بِحَسَبَ الْمحبس عَلَيْهِ الْحَال الْأُولَى أَنْ يَحْبِسَ عَلَى مُعَيَّنٍ فَهُوَ يَرْجِعُ بعد موت الْمحبس عَلَيْهِ حبسا على أقرب النَّاسِ بِالْمُحْبِسِ لِأَنَّهُ حَبْسٌ مُحَرَّمٌ أَوْ يَرْجِعُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُحْبَسِ عَلَيْهِ مِلْكًا لِأَقْرَبِ النَّاسِ بِالْمُحْبِسِ - بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا عُمْرَى قَوْلَانِ لِمَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ - وَسَوَاءٌ قَالَ حَيَاتَهُ أَوْ لَمْ يَقُلْ وَقِيلَ إِنْ قَالَ حَيَاتَهُ رَجَعَ بَعْدَ مَوْتِهِ إِلَى الْمُحْبِسِ مِلْكًا وَإِلَّا رَجَعَ مَرْجِعَ الْأَحْبَاسِ لِأَنَّ التَّحْدِيدَ يُشْعِرُ بِالتَّعْمِيرِ وَالتَّسْوِيَةُ هِيَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ أَكْرَهُ لِقَوْلِهِ صَدَقَةً مُحَرَّمَةً لَا تُبَاعُ فَحَكَى ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ فِي أَنَّهُ حَبْسٌ مُحَرَّمٌ يَرْجِعُ مَرْجِعَ الْأَحْبَاسِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ رَوَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ يَرْجِعُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُحْبِسِ مِلْكًا - إِذَا كَانَ عَلَى مُعَيَّنٍ الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ أَنْ يَحْبِسَ عَلَى مَجْهُولِينَ غَيْرِ مُعينين وَلَا مَحْصُورين نَحْو المساكن وَفِي السَّبِيل موقف مُحَرَّمٌ اتِّفَاقًا الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ يَحْبِسُ عَلَى مَحْصُورِينَ غَيْرِ مُعَيَّنِينَ نَحْوَ عَلَى وَلَدِ فُلَانٍ أَوْ عَقِبِهِ فَحَبْسٌ مُحَرَّمٌ اتِّفَاقًا وَيَرْجِعُ بَعْدَ انْقِرَاضِهِمْ حَبْسًا عَلَى أَقْرَبِ النَّاسِ بِالْمُحْبِسِ إِلَّا أَنْ يَقُولَ حَيَاتَهُمْ فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَرْجِعُ مِلْكًا إِلَيْهِ بَعْدَ انْقِرَاضِهِمْ وَأَمَّا لَفْظُ

- الباب الثاني في شرطه وهو الحوز

الصَّدَقَةِ فَلَهَا ثَلَاثُ حَالَاتٍ أَيْضًا إِنْ كَانَ عَلَى مُعَيَّنٍ فَلَهُ بَيْعُهَا وَتُورَثُ عَنْهُ وَهِيَ تملك اتِّفَاقًا الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ غَيْرُ مُعَيَّنِينَ وَلَا مَحْصُورِينَ فَتُبَاعُ وَيَتَصَدَّقُ بِهَا عَلَيْهِمْ بِالِاجْتِهَادِ إِلَّا أَنْ يَقُولَ يَسْكُنُونَهَا أَوْ يَسْتَغِلُّونَهَا فَيَكُونُ حَبْسًا عَلَى ذَلِكَ الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ عَلَى مَحْصُورِينَ غَيْرِ مُعَيَّنِينَ فَهَلْ يَكُونُ لِآخِرِهِمْ مِلْكًا أَوْ يَرْجِعُ مَرْجِعَ الْأَحْبَاسِ حَبْسًا عَلَى أَقْرَبِ النَّاسِ بِالْمُتَصَدِّقِ قَوْلَانِ لمَالِك أَو اعمار يَرْجِعُ بَعْدَ انْقِرَاضِهِمْ إِلَى الْمُتَصَدِّقِ قَوْلٌ ثَالِثٌ وَوَافَقَنَا (ش) وَأَحْمَدُ فِي أَنَّ لَفْظَ الْحَبْسِ وَالْوَقْفِ صَرِيحٌ وَزَادَا لَفْظَ السَّبِيلِ لِوَضْعِ الْأَوَّلَيْنِ لُغَةً لِذَلِكَ وَوَرَدَ الثَّالِثُ فِي السُّنَّةِ حَيْثُ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَبِّسِ الْأَصْلَ وَسَبِّلِ الثَّمَرَةَ 3 - الْبَابُ الثَّانِي فِي شَرْطِهِ وَهُوَ الْحَوْزُ وَقَدْ تَقَدَّمَ دَلِيلُ اعْتِبَارِهِ وَقَدْ أُلْحِقَ بِالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَالْحَبْسِ بِجَامِعِ الْمَعْرُوفِ وَقَالَ (ش) وَأَحْمَدُ لَا يُشْتَرَطُ الْحَوْزُ قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَلِأَنَّ عُمَرَ وَعَلِيًّا وَفَاطِمَة - رَضِي الله عَنْهُم - لم يزَالُوا يلوا صَدَقَاتِهِمْ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ الْفَرْقُ بِأَنَّهُ عَقْدٌ عرا عَن الْمُعَاوَضَةُ بِالْأَدِلَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الْهِبَةِ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا حَبَسَ نَخْلَ حَائِطٍ عَلَى الْمَسَاكِينِ فِي مَرَضِهِ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهُ وَلَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ يَدِهِ حَتَّى مَاتَ نَفَذَ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ لِقَرِينَةِ الْمَرَضِ لَا يُشْتَرَطُ حَوْزُهَا قَبْلَ الْمَوْتِ وَإِنْ حَبَسَ فِي صِحَّتِهِ مَا لَا غَلَّةَ لَهُ كَالسِّلَاحِ وَالْخَيْلِ وَلَمْ يُخْرِجْهَا حَتَّى مَاتَ بَطَلَتْ لِعَدَمِ الْحَوْزِ فِي الْحَيَاةِ وَإِنْ أَخْرَجَهَا فِي وَجْهِهَا وَعَادَتْ إِلَيْهِ نَفَذَتْ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ لِحُصُولِ الْحَوْزِ قَبْلَ الْمَوْتِ فَإِنْ أَخْرَجَ بَعْضَهَا نَفَذَ وَلَا يَجُوزُ مِنْ

فِعْلِ الصَّحِيحِ إِلَّا مَا حَيَّزَ قَبْلَ الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا تَصَدَّقَ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ فَحَوْزُهُ لَهُ حَوْزٌ إِلَّا أَنْ يَسْكُنَ فِي الدَّارِ أَوْ جُلِّهَا حَتَّى مَاتَ فَيَبْطُلُ جَمِيعُهَا لِعَدَمِ الْحَوْزِ بِاسْتِيفَائِهِ الْمَنْفَعَةَ وَلَوْ سَكَنَ أَقَلَّ الدَّارِ الْكَبِيرَةِ وَأَكْرَى لَهُمْ بَاقِيهَا نَفَذَ الْجَمِيعُ لِأَنَّ الْأَقَلَّ تَبَعٌ لِلْأَكْثَرِ وَقَدْ حَبَسَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ دَارَيْهِمَا وَسَكَنَا مَنْزِلًا حَتَّى مَاتَا فَنَفَذَ الْجَمِيعُ وَلَا تَكْفِي الشَّهَادَةُ فِي الْمَرَضِ أَنَّهُمْ حَازُوا بَلْ حَتَّى تُعَايِنَ الْحَوْزَ لِأَنَّ الِاعْتِرَافَ بِالشَّيْءِ إِنَّمَا يَقُومُ مَقَامَ الشَّيْءِ فِي حَقِّ الْمقر خَاصَّة وَهُوَ هَهُنَا مُتَعَلِّقٌ بِالْوَارِثِ وَكَذَلِكَ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ وَالرُّهُونُ وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا كَانَ يُخْرِجُ الْأَسْلِحَةَ وَغَيْرَهَا ثُمَّ تُرَدُّ إِلَيْهِ بَعْدَ الرُّجُوعِ فَيَعْلِفُ الْخَيْلَ مِنْ عِنْدِهِ وَتُرَمُّ السِّلَاحُ وَيَنْتَفِعُ بِذَلِكَ فِي حَوَائِجِهِ وَيُعِيرُهُ لِإِخْوَانِهِ ثُمَّ يَمُوتُ فَهُوَ مِيرَاثٌ لِأَنَّهُ حَائِزٌ لِمَنَافِعِهِ وَلَيْسَ تَفْرِيقُ الْغَلَّةِ كَالسِّلَاحِ لِأَنَّ أَصْلَ النَّخْلِ بِيَدِهِ وَلَمْ يَخْرُجْ قَطُّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِنْ جَعَلَهَا بِيَدِ غَيْرِهِ يَحُوزُهَا وَيَدْفَعُ غَلَّتَهَا لِلْوَاقِفِ يَلِي تَفْرِيقَهَا جَازَ وَأَبَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ لِبَقَاءِ يَدِهِ قَالَ مَالِكٌ إِنْ حَبَسَ عَلَى مَنْ يَحُوزُ لِنَفْسِهِ وَلَمْ يَحُزْ حَتَّى مَرِضَ الْوَاقِفُ امْتَنَعَ الْحَوْزُ لِلْحَجْرِ وَإِنْ مَاتَ فَهُوَ مِيرَاثٌ وَكَذَلِكَ سَائِرُ النِّحَلِ قَالَ مَالِكٌ إِذَا حَبَسَ دَارًا أَوْ غَيْرَهَا فِي السَّبِيلِ وَجَعَلَ رَجُلًا يَلِيهَا يُكْرِي وَيَرُمُّ وَيُنْفِقُ فِي السَّبِيلِ ثُمَّ أَكْرَاهَا مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ وَنَفَذَ الْكِرَاءُ هُوَ مِيرَاثٌ لِأَنَّ إِجَارَتَهُ لَهُ اسْتِيلَاءٌ يَمْنَعُ الْحَوْزَ عَنْهُ وَكَذَلِكَ لَوْ حَبَسَهَا عَلَى وَلَدِهِ ثُمَّ أَكْرَاهَا مِنْهُمْ بِكِرَاءٍ يَدْفَعُهُ إِلَيْهِمْ أَوْ يَعْمَلُ فِي الْحَائِطِ مُسَاقَاةً فَذَلِكَ يُبْطِلُهُ قَالَ مَالِكٌ فَإِنْ حَبَسَ فَرَسًا عَلَى رَجُلٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأَقَرَّهُ عِنْدَهُ لِيَعْلِفَهُ لَهُ وَيَقُومَ عَلَيْهِ حَتَّى يَغْزُوَ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ وَأَمْكَنَهُ مِنْ قَبْضِهِ فَتَرَكَهُ كَذَلِكَ حَتَّى مَاتَ الْمُعْطِي نَفَذَ لِأَنَّهُ كَانَ وَكِيلُهُ فَيَدُهُ يَدُهُ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَا يَصْلُحُ هَذَا إِلَّا فِي مِثْلِ الْفَرَسِ وَالسِّلَاحِ وَمَا لَا غَلَّةَ لَهُ قَالَ مَالِكٌ إِذَا حَيَّزَ عَنْهُ بَعْدَ سُكْنَاهُ زَمَانًا طَوِيلًا ثُمَّ رَجَعَ فَسَكَنَهُ بِكِرَاءٍ نَفَذَ إِنْ كَانَتِ الْحِيَازَةُ

قَدْ ظَهَرَتْ قَالَ مُحَمَّدٌ هَذَا إِذَا حَازَ الْمُحْبَسُ عَلَيْهِ نَفْسُهُ أَوْ وَكِيلُهُ وَلَمْ يَكُنْ فيهم صَغِير وَلَا من لم يحو بَعْدُ أَمَّا مَنْ جَعَلَ ذَلِكَ بِيَدِ مَنْ يجوزه عَلَى الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ حَتَّى يَقْدُمَ أَوْ يَكْبُرَ أَوْ يُولَدَ أَوْ كَانَ بِيَدِهِ هُوَ يُحَوِّزُهُ لِمَنْ يَجُوزُ حَوْزُهُ عَلَيْهِ ثُمَّ سَكَنَ قَبْلَ أَن يكبر الصَّغِير وَقبل أَن يجوز مَنْ ذَكَرْنَا بَطَلَتْ وَأَقَلُّ الْحِيَازَةِ عِنْدَ مَالِكٍ سنة قَالَ مَالك إِنْ حَبَسَ عَلَى عَبْدِهِ حَيَاتَهُ ثُمَّ عَلَى فُلَانٍ فَحَازَهُ الْعَبْدُ وَمَاتَ السَّيِّدُ لَا شَيْءَ لِلْأَجْنَبِيِّ لِأَنَّ عَبْدَهُ لَا يَحُوزُ عَنْهُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الِانْتِزَاعِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ وَكَذَلِكَ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ ثُمَّ عَلَى فُلَانٍ وَيُحَوِّزُهُ لِوَلَدِهِ ثُمَّ يَمُوتُ قَبْلَ بُلُوغِ الِابْنِ الْحَوْزَ بَطَلَ لِلْأَجْنَبِيِّ لِعَدَمِ الْحَوْزِ وَيَبْقَى لِلِابْنِ لِحَوْزِ أَبِيهِ لَهُ بِخِلَافِ حَبْسٌ عَلَيْكَ سِنِينَ ثُمَّ عَلَى فُلَانٍ فَحِيَازَةُ الْأَوَّلِ حِيَازَةٌ لِلثَّانِي لِخُرُوجِهِ عَنْ يَدِ الْوَاقِفِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا أَعْمَرَ لَهُ دَاره وَبعد الْحِيَازَة جعل مرجعها للْآخر لَا يكون حِيَازَة الأول حِيَازَة للثَّانِي إِن مَاتَ الْوَاقِفُ أَوْ فَلِسَ بِخِلَافِ إِذَا كَانَ ذَلِكَ فِي مُدَّةٍ حَتَّى يَكُونَ قَبْضُ الْأَوَّلِ قَبْضًا لِلْآخَرِ قَالَ مَالِكٌ حَبَسَ عَلَيْكَ حَيَاتَكَ ثُمَّ فِي السَّبِيلِ فَهُوَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ - إِنْ حَيَّزَ عَنْهُ وَقَوْلُهُ عَلَيْكَ حَيَاتِي ثُمَّ فِي السَّبِيلِ هُوَ مِنَ الثُّلُثِ لِجَعْلِهِ ذَلِكَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَعَنْهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّهُ لَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ وَلَا لِوَرَثَتِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ يَخْتَلِفُ إِذَا لَمْ يُمْكِنُهُ صَرْفُ الْحَبْسِ فِيمَا حَبَسَ حَتَّى مَاتَ هَلْ يَنْفُذُ أَمْ لَا وَالْحَبْس أَصْنَاف مَا لَا يحْتَاج إِلَى حِيَازَة وَلَا تَبْقَى يَدُ الْمُحْبَسِ عَلَيْهِ كَالْمَسَاجِدِ وَالْقَنَاطِرِ وَالْمَوَاجِلِ وَالْآبَارِ بَلْ يَكْفِي التَّخْلِيَةُ وَمَا لَا يَصِحُّ بَقَاءُ يَدِ الْوَاقِفِ عَلَيْهِ وَيَجِبُ تَحْوِيزُهُ - وَهُوَ مَا كَانَ عَلَى مُعَيَّنٍ إِذَا كَانَ يَنْتَفِعُ بِعَيْنِهِ كَدَارِ السُّكْنَى وَعَبْدِ الْخِدْمَةِ وَدَابَّةِ الرُّكُوبِ وَمَا يَصِحُّ بَقَاءُ يَدِهِ عَلَيْهِ - إِذَا أَنْفَذَهُ فِي وَجْهِهِ - كَالْخَيْلِ يُغْزَى عَلَيْهَا وَالسِّلَاحِ وَالْكُتُبِ يُقْرَأُ فِيهَا - إِذَا لَمْ يَكُنِ الْحَبْسُ عَلَى مُعَيَّنٍ يَصِحُّ عَوْدُهُ

إِلَيْهِ بَعْدَ قَبْضِهِ وَيَخْتَلِفُ إِذَا لَمْ يَأْتِ وَقْتٌ لِجِهَادٍ وَطَلَبِ الْغُزَاةِ حَتَّى مَاتَ هَلْ يَبْطُلُ أَمْ لَا وَلَوْ كَانَ يَرْكَبُ الدَّابَّةَ إِذَا عَادَتْ إِلَيْهِ لِيُرَوِّضَهَا لَمْ يَفْسُدْ حَبْسُهُ أَوْ يَرْكَبَهَا - كَمَا يَفْعَلُ الْمُلَّاكُ بَطَلَ حَبْسُهُ وَقِرَاءَةُ الْكُتُبِ إِذَا عَادَتْ إِلَيْهِ - خَفِيفٌ وَمَا اخْتَلَفَ هَلْ يَصِحُّ بَقَاءُ يَدِهِ عَلَيْهِ - وَهُوَ مَا عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَالْمُرَادُ غَلَّاتُهُ - كَالثِّمَارِ وَالْحَوَانِيتِ وَعَبِيدِ الْخَرَاجِ وَهَذَا الصِّنْفُ أَرْبَعَةُ أَصْنَافٍ فَإِنْ أَخْرَجَهُ مِنْ يَدِهِ وَأَقَامَ لِحَوْزِهِ وَإِنْفَاذِ غَلَّاتِهِ غَيْرَهُ صَحَّ وَإِنْ بَقِيَ فِي يَدِهِ - وَلَمْ يَعْلَمْ إِنْفَاذَ غَلَّاتِهِ بَطَلَ وَعَنْ مَالِكٍ النُّفُوذُ - وَهُوَ الْمُخْتَارُ - لِوُجُودِ الْحَوْزِ بِيَدِ الْغَيْرِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَصْنَافٍ فَرْعٌ - فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا صَرَفَ مَنْفَعَتَهُ فِي مَصْلَحَتِهَا فَفِي كَوْنِ ذَلِكَ حَوْزًا إِنْ وَلِيَهُ ثَالِثُهَا فِي الْكِتَابِ الْفَرْقُ بَيْنَ إِخْرَاجِ الْغَلَّةِ كَالثَّمَرَةِ وَكِرَاءِ الْأَرْضِ فَيَبْطُلُ وَبَيْنَ إِخْرَاجِ الْعَيْنِ نَفْسِهَا كَالْفَرَسِ وَالسِّلَاحِ يُقَاتَلُ بِهِمَا ثُمَّ يَرْجِعَانِ إِلَيْهِ فَيَصِحُّ فَرْعٌ - قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ إِنِ امْتَنَعَ الْمُحْبِسُ مِنَ الْحَوْزِ جُبِرَ عَلَيْهِ وَلَا يَبْطُلُ بِالتَّأْخِيرِ مَا لَمْ يَمُتْ أَوْ لِتَرَاخِي الْمُحْبَسِ عَلَيْهِ فِي الْقَبْضِ حَتَّى يَفُوتَهُ الْمُحْبِسُ نَظَائِرُ قَالَ الْعَبْدِيُّ يَتْبَعُ الْأَقَلُّ الْأَكْثَرَ فِي إِحْدَى عشرَة مسئلة إِذَا سَكَنَ أَقَلَّ الْحَبْسِ أَوِ الْهِبَةِ صَحَّ الْجَمِيعُ وَإِذَا اسْتَوَيَا صَحَّ فِي غَيْرِ الْمَسْكُونِ وَإِذَا اجْتَمَعَ الضَّأْنُ وَالْمَعْزُ أَخْرَجَ مِنَ الْأَكْثَرِ فِي زَكَاةِ الْإِبِلِ مِنْ غَالَبِ غَنَمِ الْبَلَدِ ضأنا كَانَ أَو معزا أَو السَّقْي والنضح يُزَكِّي عَلَى الْغَالِبِ وَإِذَا أَدَارَ بَعْضَ مَالِهِ حُكِمَ لِلْغَالِبِ فِي زَكَاةِ التِّجَارَةِ وَزَكَاةِ الْفِطْرِ مِنْ غَالِبِ عَيْشِ الْبَلَدِ وَالْبَيَاضُ فِي

- الباب الثالث في أحكامه

الْمُسَاقَاةِ تَبَعٌ - إِذَا كَانَ أَقَلَّ وَإِذَا نَبَتَ أَكْثَرُ الْغَرْسِ فَلِلْغَارِسِ الْجَمِيعُ وَإِذَا نَبَتَ الْأَقَلُّ فَلَا شَيْء لَهُ فِيهِمَا وَقِيلَ لَهُ سَهْمُهُ مِنَ الْأَقَلِّ وَإِذَا أَطْعَمَ أَكْثَرَ الْغَرْسِ سَقَطَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ أَوْ أَقَلَّهُ فَعَلَيْهِ الْعَمَلُ وَقِيلَ بَيْنَهُمَا وَإِذَا وَجَدَ الْمَسَاقِيَ أَكْثَرَ الْحَائِطِ سَقَطَ السَّقْيُ أَوْ أَقَلَّهُ فَعَلَيْهِ السَّقْيُ وَإِذَا أَبَّرَّ أَكْثَرَ الْحَائِطِ فَالْجَمِيعُ لِلْبَائِعِ وَإِذَا اسْتَحَقَّ الْأَقَلَّ أَوْ وُجِدَ بِهِ عَيْبٌ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّ مَا اسْتَحَقَّ وَلَا التَّسْلِيمُ بَلْ يَرْجِعُ بِقَدْرِهِ 3 - الْبَابُ الثَّالِثُ فِي أَحْكَامِهِ وَهُوَ مِنْ أَحْسَنِ أَبْوَابِ الْقُرَبِ لِمَا تقدم من الْأَحَادِيث وَيَنْبَغِي أَن يُخَفف شُرُوطه وَأَن يُضَيَّقَ عَلَى مُتَنَاوِلِهِ بِكَثْرَتِهَا فَإِنَّهُ وَسِيلَةٌ إِلَى أَكْلِ الْحَرَامِ بِمُخَالَفَتِهَا وَتَسْلِيمِهَا مِنْ بَابِ الْإِحْسَانِ فَيَكُونُ أَبْلَغَ فِي الْأَجْرِ وَلَا يُضَيَّقُ فِي ذَلِكَ مَا يُخَيَّلُ مِنَ التُّهْمَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ فِي تَوْسِعَةِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي وَقْفِهِ فَرْعٌ - وَحُكْمُهُ لُزُومٌ مِنْ غَيْرِ حُكْمِ الْحَاكِمِ وَقَالَهُ (ش) وَأَحْمَدُ وَقَالَ (ح) غَيْرُ صَحِيحٍ وَلَا يَلْزَمُ فِي حَالِ الْحَيَاةِ وَهُوَ مِلْكُهُ يُورَثُ عَنْهُ إِلَّا أَنْ يَحْكُمَ حَاكِمٌ بِصِحَّتِهِ أَوْ يُعَلِّقَهُ عَلَى مَوْتِهِ فَيَقُولُ إِذا مَاتَ فَدَارِي وَقْفٌ عَلَى كَذَا لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَحْنُ مُعَاشِرُ الْأَنْبِيَاءِ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَاه صَدَقَةٌ - يُرْوَى صَدَقَةً بِالنَّصْبِ وَتَقْدِيرُهُ لَا نُوَرَّثُ كُلُّ شَيْءٍ تَرَكْنَاهُ صَدَقَةً فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا تَرَكَهُ غَيْرُهُمْ صَدَقَةٌ يُوَرَّثُ وَلِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا حَبْسَ بَعْدَ سُورَةِ النِّسَاءِ - يُشِيرُ إِلَى آيَةِ الْمَوَارِيثِ وَلِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ وَقَفَ بُسْتَانًا عَلَى الْفُقَرَاءِ فَشَكَاهُ أَبَوَاهُ لِرَسُولِ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقَالَا مَا لَنَا غَيْرُهُ فَرَدَّ غَلَّتَهُ عَلَيْهِمَا فَلَمَّا مَاتَا ذَكَرَ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَجَعَلَهُ لَهُ وَلَمْ يَرُدَّهُ وَقْفًا وَقَالَ شُرَيْحٌ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ بِإِطْلَاقِ الْحَبْسِ

وَيُرْوَى بِبَيْعِ الْحَبْسِ وَمِثْلُ هَذَا لَا يُقَالُ إِلَّا عَنْ تَوْقِيفٍ وَلِأَنَّهُ لَوْ قَالَ حَوَانِيتَ الْبَيْعِ فِي مِلْكِي لَمْ يُوَرَّثْ وَكَذَلِكَ الْوَقْفُ إِلَى التَّصَرُّفِ أَعْظَمُ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْوَقْفِ عَلَى نَفْسِهِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ رُوِيَ بِالرَّفْعِ وَتَقْدِيرُهُ الَّذِي تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ وَقَدِ احْتَجَّ الصِّدِّيقُ بِهِ فَلَوْ صَحَّ مَا ذَكَرْتُمْ لَجَاوَبَتْهُ فَاطِمَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَالصَّحَابَةُ فَإِنَّ الَّذِي تَرَكَ غَيْرَ صَدَقَةٍ يَنْبَغِي أَنْ يُوَرَّثَ فَلَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْمِيرَاثِ بَلْ عَلَيْهِ بِالْمَفْهُومِ وَلِمَا حَسُنَ مِنْهُ الِاحْتِجَاجُ وَأَنَّهُ عَنْ أَفْصَحِ النَّاسِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْمُرَادَ الْحَبْسُ الْمُسْقِطُ لِلْمَوَارِيثِ - وَهُوَ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَإِنَّ الْفَرَائِضَ قُدِّرَتْ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ وَبَعْدَ الدُّيُونِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّهُ كَانَ لَهُمَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِالْحَبْسِ مِنْ غَيْرِ أَمْرِهِمَا - وَذَلِكَ بَاطِلٌ إِجْمَاعًا وَلَوْلَا أَنَّهُ لَهُمَا لَمَا وَرِثَهُ عَنْهُمَا وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ مُرَادَهُ مَا كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ تَحْبِسُهُ بِغَيْرِ إِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى كَالْبَحِيرَةِ وَالسَّائِبَةِ وَعَنِ الْخَامِسِ أَنَّهُ إِنْ أَرَادَ الْوَقْفَ كَانَ وَقْفًا وَمَنَعْنَا الْحُكْمَ وَإِلَّا فَهُوَ إِثْبَاتُ حُكْمِ الْمَنْعِ بِدُونِ سَبَب وَفِي صور لَا النِّزَاعِ لِسَبَبِهِ فَظَهَرَ الْفَرْقُ وَعَنِ السَّادِسِ أَنَّ الثُّلُثَ ثَابِتٌ لَهُ قَبْلَ الْوَقْفِ وَتَحْصِيلُ الْحَاصِلِ مُحَالٌ وَمَنْ يَمْلِكُ الْعَيْنَ وَالْمَنْفَعَةَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ تَمْكِينِ نَفْسِهِ بِسَبَبٍ آخَرَ كَمَا يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ أَنْ يَهَبَ نَفْسَهُ بِخِلَافِ الْغَيْرِ لِأَنَّ تَحْدِيدَ الِاخْتِصَاصِ لَمْ يَكُنْ وَلَا مَا يَقُومُ مَقَامَهُ لَنَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ حَبِّسِ الْأَصْلَ وَسَبِّلِ الثَّمَرَةَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ يَكُونُ مَحْبُوسًا مَمْنُوعًا بِالْعَقْدِ مِنْ غَيْرِ حُكْمِ حَاكِمٍ وَأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ الرُّجُوعُ فِيهِ وَلِأَنَّهُ كَتَبَ فِيهِ صَدَقَةٌ مُحَرَّمَةٌ لَا تُبَاعُ وَلَا تُوهَبُ وَلَا تُورَثُ وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا بأَمْره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِأَنَّهُ الْمُشِيرُ فِي الْقَضِيَّةِ وَالْمُدَبَّرُ لَهَا وَثَانِيهَا إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - لَهُ مَقْدِرَةٌ إِلَّا وَقَفَ وَقْفًا وَكَتَبُوا فِي ذَلِكَ كُتُبًا وَمَنَعُوا فِيهَا مِنَ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَأَوْقَافُهُمْ مَشْهُورَةٌ بِالْحَرَمَيْنِ بشروطها وَأَحْوَالهَا

يَنْقِلُهَا خَلَفُهُمْ عَنْ سَلَفِهِمْ فَهُمْ بَيْنَ وَاقِفٍ وَمُوَافِقٍ فَكَانَ إِجْمَاعًا وَلِذَلِكَ رَجَعَ أَصْحَابُ (ح) عَن مذْهبه فِي هَذِه المسئلة لما لم يُمكنهُم الطعْن فِي هَذِه النَّقْلِ وَبِهِ احْتَجَّ مَالِكٌ عَلَى أَبِي يُوسُفَ عِنْدَ الرَّشِيدِ فَرَجَعَ أَبُو يُوسُفَ لِمَالِكٍ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْمَسْجِدِ وَالْمَقْبَرَةِ فَإِنَّهُ وَافَقَ فِيهِمَا وَقِيَاسًا لِمَا يَقَعُ فِي الْحَيَاةِ عَلَى مَا يُوصَى بِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ لِتَسْوِيَةٍ بَيْنَ الْحَالَيْنِ - كَالْعِتْقِ فَرْعٌ - قَالَ اللَّخْمِيُّ الْحَبْسُ عَلَى الْمُعَيَّنِ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ يَرْجِعُ مِلْكًا فِي وَجْهَيْنِ وَاخْتُلِفَ فِي ثَلَاثَةٍ فَقَوْلُهُ عَلَى هَؤُلَاءِ النَّفَرِ أَوِ الْعِشْرَةِ وَضَرَبَ أَجَلًا أَوْ حَيَاتَهُ لَمْ تَرْجِعْ مِلْكًا اتِّفَاقًا فِي هَذَيْنِ لِأَنَّهُ إِسْكَانٌ بِلَفْظِ التَّحْبِيسِ وَاخْتُلِفَ إِذَا لَمْ يُسَمِّ أَجَلًا وَلَا حَيَاةً بَلْ قَالَ حَبْسًا صَدَقَةً لَا تُبَاعُ وَلَا تُورَثُ فَعَنْهُ يَكُونُ عَلَى مَرَاجِعِ الْأَحْبَاسِ نَظَرًا لِلَفْظِ الْحَبْسِ وَعَنْهُ يَرْجِعُ مِلْكًا لِقَرِينَةِ التَّعْيِينِ الدَّالَّةِ عَلَى الْعُمْرَى وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا حَبَسَ عَلَى مَخْصُوصِينَ فَهُوَ عُمْرَى وَإِنْ سَمَّاهُ صَدَقَةً نَظَرًا لِقَرِينَةِ التَّعْيِينِ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ إِذَا حَبَسَ عَلَى رَجُلٍ وَقَالَ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ ثُمَّ بَدَا لَهُ فَقَالَ هُوَ صَدَقَةٌ عَلَيْهِ يَصْنَعُ مَا شَاءَ مِنْ بَيْعٍ وَغَيْرِهِ وَيُلْغَى قَوْلُهُ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ هُوَ الْمَنْفَعَةَ فَلَا يَثْبُتُ الْحَبْسُ بِالشِّرْكِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِفُلَانٍ وَعَقِبِهِ تَجَرَ فِيهِ وَلَهُ رِبْحُهُ وَعَلَيْهِ خَسَارَتُهُ وَيَضْمَنُهُ فَإِنْ وُلِدَ لَهُ دَخَلَ مَعَهُ فَإِنِ انْقَرَضُوا وَالْآخَرُ امْرَأَةٌ أَخَذَتْهُ بِالْمِيرَاثِ لِحَمْلِهِ عَلَى الْمِلْكِ - وَلَوْ ذُكِرَ الْعَقِبُ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْهِبَةُ وَالْإِذْنُ دُونَ الْوَقْفِ فَلِلْأَوَّلِ هِبَةُ الْمَنْفَعَةِ وَلِلْآخَرِ الرَّقَبَةُ وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ حَبَسَ عَلَى وَلَدِهِ وَلَا وَلَدَ لَهُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ لِعَدَمِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَقَالَ ابْن الْقَاسِم لَا يَبِيع إِلَّا أَن ييئس مِنَ الْوَلَدِ وَلَوْ حَبَسَ عَلَى وَلَدِهِ ثُمَّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَمْ يُولَدْ لَهُ لَهُ أَن يَبِيع لِأَن الْقَصْد بِهِ الْوَلَدُ وَإِنَّمَا ذِكْرُ السَّبِيلِ مَرْجِعُهُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ حَبْسٌ فَإِنْ قَالَ عَلَى زَيْدٍ وَعَقِبِهِ ثُمَّ عَلَى عَمْرٍو بَتْلًا فَمَاتَ الَّذِي بَتَلَ أَيْ قَبْلُ ثُمَّ انْقَرَضَ زَيْدٌ وَعَقِبُهُ رَجَعَتْ مِيرَاثًا بَيْنَ وَرَثَةِ عَمْرٍو

يَوْمَ مَاتَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا حَبَسَ عَلَى وَلَدِهِ ثُمَّ عَلَى السَّبِيلِ قَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَبِيعُ حَتَّى يَيْأَسَ مِنَ الْوَلَدِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ هُوَ حَبْسٌ يَخْرُجُ مِنْ يَدِهِ إِلَى يَدِ ثِقَةٍ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُولَدَ لَهُ رَجَعَ إِلَى أَوْلَى النَّاسِ بِهِ يَوْمَ حَبَسَ وَإِنْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِعَقِبَيْ فُلَانٍ فَلَمْ يُولَدْ لَهُ وَلَدٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ عَلِمَ بِعَدَمِ الْوَلَدِ انْتَظَرَ وَإِلَّا بَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ مَاتَ الْمُوصِي قَبْلَ وُجُودِ وَلَدٍ أَوْ حَمْلٍ بَطَلَتْ فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا حَبَسَ عَلَى وَلَدِهِ وَقَالَ إِنْ أَحَبُّوا أَوْ أَجْمَعَ مِلَاؤُهُمْ عَلَى الْبَيْعِ بَاعُوا وَاقْتَسَمُوا الثَّمَنَ بِالسَّوِيَّةِ هُمْ وَأَبْنَاؤُهُمْ فَلَوْ هَلَكُوا إِلَّا وَاحِدًا لَهُ الْبَيْعُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا حَقَّ لِغَيْرِهِمْ مِنَ الْوَرَثَةِ لِأَنَّهُ بَتَلَهَا لِبَنِيهِ خَاصَّةً وَإِذَا قَالَ فِي حَبْسٍ إِنْ أَحَبُّوا بَاعُوا فَلِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَبِيعُوا فِي دُيُونِهِمْ لِأَنَّهُ إِنَّمَا نَقَلَهَا لَهُمْ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ فَرْعٌ - قَالَ قَالَ مُحَمَّدٌ دَارِي عَلَى عَقِبَيْ فُلَانٍ وَهِيَ لِلْآخَرِ أَوْ عَلَى الْآخَرِ مِنْهُمْ فَهِيَ لِلْآخَرِ مِنْهُمْ مُسَلَّمَةً وَقِيلَ ذَلِكَ حَبْسٌ فَإِنْ كَانَ آخِرَهُمُ امْرَأَةٌ لَهَا الْبَيْعُ أَوْ رَجُلٌ يُرْجَى لَهُ عَقِبٌ أُوقِفَتْ عَلَيْهِ فَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يُعَقِّبْ - وَرِثَهَا وَرَثَتُهُ وَإِنْ تَصَرَّفُوا وَجَعَلَهَا لِلْآخَرِ فَاجْتَمَعَ الْأَبْعَدُ وَالْأَقْرَبُ عَلَى بَيْعِهَا لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ غَيْرِهِمُ الْآخَرَ إِلَّا أَنْ يَنْقَرِضُوا كُلُّهُمْ فَلَوْ قَالَ عَبْدِي حَبْسٌ عَلَيْكُمَا هُوَ لِلْآخَرِ مِلْكٌ إِلَّا أَنْ يَقُولَ عَلَيْكُمَا حَيَاتَكُمَا - وَهُوَ لِلْآخَرِ مِنْكُمَا فَهُوَ حَبْسٌ عَلَى الْآخَرِ حَيَاتَهُ وَلَوْ قَالَ أَمَتِي صَدَقَةٌ حَبْسٌ عَلَى أُمِّهِ وَأُخْتِهِ لَا تُبَاعُ وَلَا تُورَثُ وَأَيُّهُمَا مَاتَ فَهِيَ لِلْآخَرِ مِنْهُمَا فَإِنْ عَيَّنَهَا لِلْآخِرَةِ مِنْهُمَا تَصْنَعُ مَا شَاءَتْ مِنَ الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ وَيَبْطُلُ حَبْسُهَا وَلَمْ يَرَهَا مِثْلَ الدُّورِ وَلَاحِظْ مَعْنَى الثَّمَنِ كَالْعَلَفِ فِي الْحَيَوَانِ دُونَ الرَّبَاعِ لِأَنَّهُ يُنْقَلُ الرَّقِيقُ إِلَى مَا هُوَ أَفْضَلُ لَهُ وينقله

إِلَى مَا يُمْكِنُ مَعَهُ الْعِتْقُ وَأَمَّا الرَّبَاعُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُبْتَلَ بَعْدَ التَّحْبِيسِ لِأَنَّهُ مُخَالَفَةٌ لِلْوَقْفِ مِنْ غَيْرِ مَصْلَحَةٍ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ أَنَّ مَرْجِعَهَا إِلَيْهِ قَالَ أَصْبَغُ إِذَا حَبَسَ دَارَهُ عَلَى رَجُلٍ وَقَالَ لَا تُبَاعُ وَلَا توهب ثمَّ بداله أَنْ يَبْتُلَهَا لَهُ وَقَالَ هِيَ عَلَيْكَ صَدَقَةٌ فَلهُ أَن يصنع مَا شَاءَ قَالَ أَولا حَبَسَ عَلَيْكَ حَيَاتَكَ أَمْ لَا وَقِيلَ بَلْ يَتَخَرَّجُ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْحَبْسِ عَلَى مُعَيَّنٍ هَلْ يَرْجِعُ مِلْكًا أَمْ لَا فَعَلَى أَنَّهُ يَرْجِعُ حَبْسًا يَمْتَنِعُ أَنْ يَمْلِكَهَا لَهُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ غَيْرِهِ بِهَا فَرْعٌ - فِي الْجَوَاهِرِ لَوْ شَرَطَ فِي الْوَقْفِ الْخِيَارَ فِي الرُّجُوعِ بَطَلَ شَرَطُهُ وَلَزِمَ الْوَقْفُ لَأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعُقُودِ اللُّزُومُ فَرْعٌ - قَالَ لَا يُشْتَرَطُ التَّنْجِيزُ بَلْ يَجُوزُ إِنْ جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ وَقَفْتَ يَصِحُّ إِنْ بَقِيَتِ الْعَيْنُ لِذَلِكَ الْوَقْتِ وَمَنَعَ ش وَأَحْمَدُ التَّعْلِيقَ عَلَى الشَّرْطِ قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ بِجَامِعِ نَقْلِ الْمِلْكِ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى الْعِتْقِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ قِيَاسِهِمَا لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَهُوَ أَشْبَهُ بِالْعِتْقِ وَأَخَصُّ بِهِ مِنَ الْبَيْعِ فَرْعٌ - قَالَ لَا يُشْتَرَطُ إِعْلَامُ الْمَصْرِفِ بَلْ لَوْ قَالَ وَقَفْتُ وَلَمْ يُعَيِّنْ مَصْرِفًا صَحَّ وَصُرِفَ لِلْفُقَرَاءِ - قَالَهُ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ قِيَاسًا عَلَى الْأُضْحِيَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ يُصْرَفُ فِي وُجُوهِ الْخَيْرِ وَالْبِرِّ فَرْعٌ - قَالَ وَيَجِبُ اتِّبَاعُ شُرُوطِ الْوَقْفِ وَقَالَهُ ش وَأَحْمَدُ فَلَوْ شَرَطَ مَدْرَسَةً أَوْ أَصْحَابَ مَذْهَبٍ معِين أَو قوم مَخْصُوصِينَ لَزِمَ لِأَنَّهُ مَالُهُ وَلَمْ يَأْذَنْ فِي صرفه إِلَّا

عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ وَالْأَصْلُ فِي الْأَمْوَالِ الْعِصْمَةُ وَلَوْ شَرَطَ أَنَ لَا يُؤَاجِرَ مُطْلَقًا أَوْ إِلَّا سَنَةً بِسَنَةٍ أَوْ يَوْمًا بِيَوْمٍ صَحَّ وَاتَّبَعَ الشَّرْطَ فَرْعٌ - قَالَ لَوْ قَالَ عَلَى زَيْدٍ وَعَمْرٍو ثُمَّ عَلَى الْمَسَاكِينِ بَعْدَهُمَا فَمَاتَ أَحَدُهُمَا فَإِنْ كَانَ يَنْقَسِمُ كَغَلَّةِ دَارٍ أَوْ غَلَّةِ عَبْدٍ أَوْ ثَمَرَةٍ فَحِصَّتُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ لِلْمَسَاكِينِ أَوْ لَا يَنْقَسِمُ كَعَبْدٍ يَخْدِمُ وَدَابَّةٍ تُرْكَبُ فَهَلْ هُوَ كَالَّذِي يَنْقَسِمُ لِتَنَاهِي الِاسْتِحْقَاقِ فِي حَقِّ الْمَيِّتِ أَوْ تَرْجِعُ حِصَّتُهُ لِلْحَيِّ مِنْهُمَا لِأَنَّ قَرِينَةَ تَعَذُّرِ الْقِسْمَةِ تَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَهُ بَعْدَهُمَا أَيْ بَعْدَ الْجَمِيعِ لَا بَعْدَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رِوَايَتَانِ فَإِذَا انْقَرَضَا صَارَ لِلْمَسَاكِينِ الْجَمِيعُ فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا حَبَسَ الْبَقَرَ لِيُقَسَّمَ لَبَنُهَا فَمَا وَلَدَتْ مِنَ الْإِنَاثِ حُبِسَ مَعَهَا أَوْ مِنَ الذُّكُورِ حُبِسَتْ لِنَزْوِهَا لِأَنَّهَا نَشَأَتْ عَنْ عَيْنٍ مَوْقُوفَةٍ فَتَتْبَعُ أَصْلَهَا كَتَبَعِ وَلَدِ الْمُكَاتَبِ وَالْمُدَبَّرِ لِأُصُولِهِ وَيُبَاعُ الْفَضْلُ مِنَ الذُّكُورِ لِتَعَذُّرِ النَّفْعِ بِهِ كَالْفَرَسِ الْوَقْفِ إِذَا هَرِمَ فَيُشْتَرَى بِهِ إِنَاثٌ وَكَذَلِكَ مَا كَبُرَ وَانْقَطَعَ لَبَنُهُ فَرْعٌ - فِي الْجَوَاهِرِ تَأْثِيرُ الْوَقْفِ بُطْلَانُ اخْتِصَاصِ الْمِلْكِ بِالْمَنْفَعَةِ وَنَقْلُهَا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَثَبَاتُ أَهْلِيَّةِ التَّصَرُّفِ فِي الرَّقَبَةِ وبالإتلاف وَالنَّقْلِ لِلْغَيْرِ وَالرَّقَبَةُ عَلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ وَقَالَ (ش) وَأَحْمَدُ يَبْطُلُ مِلْكُ الْوَاقِفِ ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَ (ش) فِي مَشْهُورِهِ يَنْقُلُهُ لِلَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ كَالْعِتْقِ وَقَالَ أَحْمَدُ يَنْقُلُهُ لِلْمَوْقُوفِ كَالْهِبَةِ قَاعِدَةٌ - التَّصَرُّفَاتُ تَنْقَسِمُ إِلَى النَّقْلِ وَالْإِسْقَاطِ فَالْأَوَّلُ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ فَإِنَّ الْمِلْكَ انْتَقَلَ لِلثَّانِي وَالْإِسْقَاطُ كَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ فَإِنَّ الْعِصْمَةَ

وَهِيَ التَّمْكِينُ مِنَ الْوَطْءِ وَالْمِلْكِ فِي الرَّقِيقِ لم ينْتَقل لِلْمُطَلِّقِ وَالْمُعْتِقِ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَمِنْهُ أَوْرَاقُ الرسائل قَالَ ظَاهِرَ حَالِ الْمُرْسِلِ أَنَّهُ أَعْرَضَ عَنْ مِلْكِهِ فِي الورقة كَمَا يعرض عَن العهة مِنَ الْبُرِّ أَوِ الزَّبِيبِ إِذَا وَقَعَتْ مِنْهُ وَلَمْ يَخْطُرْ لَهُ أَنْ يُمَلِّكَهَا الْمُرْسَلَ إِلَيْهِ بَلْ مَقْصِدُهُ مِنَ الْمُرْسَلِ إِلَيْهِ أَنْ يَقِفَ على مَا تساقط إِذَا تَقَرَّرَتِ الْقَاعِدَةُ فَحَكَى الِاجْتِمَاعَ فِي الْمَسَاجِدِ أَنَّ وَقْفَهَا إِسْقَاطٌ كَالْعِتْقِ فَإِنَّ الْجَمَاعَاتِ لَا تُقَامُ فِي الْمَمْلُوكَاتِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي غَيْرِهَا كَمَا تَقَدَّمَ قَاعِدَةٌ - إِذَا ثَبَتَ الْمِلْكُ فِي عين فَالْأَصْل استصحابه بِحَسب الْإِمْكَان وَإِذا اقْتَضَى سَبَبَ نَقْلِ مِلْكٍ أَوْ إِسْقَاطِهِ وَأَمْكَنَ قَصْرُ ذَلِكَ عَلَى أَدْنَى الرُّتَبِ لَا نُرَقِّيهِ إِلَى أَعْلَاهَا وَلِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ قُلْنَا أَنَّ الِاضْطِرَارَ يُوجِبُ نَقْلَ الْمِلْكِ مِنَ الْمُتَيَسِّرِ إِلَى الْمُضْطَرِّ إِلَيْهِ وَلَكِنْ يُمْكِنُ قَصْرُ ذَلِكَ عَلَى الْمَرْتَبَةِ الدُّنْيَا بِأَنْ يَكُونَ بِالثَّمَنِ وَلَا حَاجَةَ إِلَى الْمَرْتَبَةِ الْعُلْيَا - وَهِيَ النَّقْلُ بِغَيْرِ ثَمَنٍ كَذَلِكَ هَاهُنَا الْوَقْفُ يَقْتَضِي الْإِسْقَاطَ فَاقْتَصَرَ بِأَنَّهُ عَلَى الْمَرْتَبَةِ الدُّنْيَا وَهِيَ الْمَنَافِعُ دُونَ الرَّقَبَةِ تَوْفِيَةً بِالسَّبَبِ وَالْقَاعِدَةِ مَعًا وَيَتَخَرَّجُ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِي النَّخْلِ الْمَوْقُوفَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الزَّكَاة فرع - قَالَ إِذا حَبَسَ الْفَرَسَ أَوِ التَّيْسَ لِلضِّرَابِ فَانْقَطَعَ ذَلِكَ مِنْهُ وَكَبُرَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ يُبَاع صونا لما ليته عَنِ الضَّيَاعِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يُبَاعُ إِلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ ذَلِكَ فِي الْحَبْسِ لِأَنَّ بَيْعَ الْحَبْسِ حَرَامٌ

فَرْعٌ - قَالَ الْوِلَايَةُ فِيهِ لِمَنْ شَرَطَهُ الْحَاكِمُ فَإِنْ لَمْ يُوَلِّ وَلَّاهُ الْحَاكِمُ ضَبْطًا لِمَصْلَحَةِ الْوَقْفِ وَلَا يَتَوَلَّاهُ هُوَ بِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ مُنَافٍ لِلْحَوْزِ قَالَ (ش) وَ (ح) يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطه لِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ مَالُهُ يُخْرِجُهُ مِنْ يَدِهِ كَيْفَ يَشَاءُ فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ فَالْحَاكِمُ وَقَالَ أَحْمَدُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِطَهُ لِنَفْسِهِ لِأَنَّ الْحَوْزَ عِنْدَهُمَا لَيْسَ شَرْطًا فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ قَالَ أَحْمَدُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ كَانَ عَدْلًا أَمْ لَا لِأَنَّهُ مَلَكَهُ إِذَا كَانَ مُعَيَّنًا وَإِلَّا فَالْحَاكِمِ وَالْعَدَالَةُ شَرْطٌ فِي الْمُبَاشَرِ حِينَئِذٍ لَنَا أَنَّ الْحَوْزَ شَرْطٌ كَمَا تَقَدَّمَ وَالنَّظَرُ لِنَفْسِهِ وَإِنْ شَرَطَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ فِي الْحَبْسِ فَكَذَلِكَ - قَالَهُ ابْنُ الْقسم وَأَشْهَب فَإِن جعله بيد غَيره يجوز لَهُ وَيَجْمَعُ غَلَّتَهُ وَيَدْفَعُهَا لِلْوَاقِفِ يُفَرِّقُهَا أَجَازَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَمَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِبَقَاءِ تَصَرُّفِهِ ثُمَّ يُشْتَرَطُ فِي الْمُتَوَلِّي الْأَمَانَةُ وَالْكِفَايَةُ وتتولى الْعِمَارَة وَالْإِجَارَة وَتَحْصِيل الرّبع وَصَرْفُهُ بَعْدَ إِصْلَاحِ مَا يَحْتَاجُ إِلَى الْإِصْلَاحِ وَالْبِدَايَةُ بِالْإِصْلَاحِ مِنَ الرِّيعِ حِفْظًا لِأَصْلِ الْوَقْفِ بَلْ لَوْ شَرَطَ خِلَافَ ذَلِكَ بَطَلَ لِأَنَّهُ خِلَافُ سُنَّةِ الْوَقْفِ وَلَوْ شَرَطَ أَنَّ إِصْلَاحَ الدَّارِ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ امْتَنَعَ ابْتِدَاءً لِأَنَّهَا إِجَارَةٌ بِأُجْرَةٍ مَجْهُولَةٍ فَإِنْ وَقَعَ مَضَى الْوَقْفُ وَبَطَلَ الشَّرْطُ وَأَصْلَحَ مِنَ الْغَلَّةِ جَمْعًا بَيْنَ الْمَصَالِحِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يُرَدُّ الْوَقْفُ مَا لَمْ يُقْبَضْ لِفَسَادِهِ فَرْعٌ - قَالَ إِنْ عَلِمَ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ فِي الصَّرْفِ اتَّبَعَ فِي الْمُسَاوَاةِ وَالتَّفْضِيلِ وَإِلَّا صَرَفَ بِالسَّوِيَّةِ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ وَإِنْ جَهِلَ أَرْبَابُهُ فَهُوَ كَوَقْفٍ لَمْ يُعَيَّنْ مَصْرِفُهُ وَقَالَ (ش) وَأَحْمَدُ يَسْتَوِي الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ

فَرْعٌ - قَالَ إِذَا آجَرَهُ الْوَلِيُّ لِغِبْطَةٍ ثُمَّ ظَهَرَ طَالِبٌ بِزِيَادَةٍ لَمْ يَفْسَخْ لِأَنَّ عَقْدَ الْإِجَارَةِ وَقَعَ صَحِيحًا لَازِمًا فَرْعٌ - قَالَ يُمْنَعُ نَقْضُ بُنْيَانِ الْحَبْسِ لِتُبْنَى فِيهَا الْحَوَانِيتُ لِلْغَلَّةِ لِأَنَّهُ ذَرِيعَةٌ لِتَغَيُّرِهِ وَمَنْ هَدَمَ حَبْسًا مِنْ أَهله أومن غَيْرِهِمْ رَدَّ الْبُنْيَانَ كَمَا كَانَ وَلَا تُؤْخَذُ مِنْهُ الْقِيمَةُ وَقَالَ (ش) عَلَيْهِ الْقِيمَةُ لِأَنَّ الْبُنْيَانَ لَيْسَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ ثَلَاثُ صُوَرٍ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ الْبُنيان وَالثَّوْب يخرق خرقا يَسِيرا يجب رفده وَالرَّجُلُ يَشْتَرِي الشَّاةَ وَآخَرُ جِلْدَهَا فَيُؤْثِرُ صَاحِبُ الشَّاةِ الْإِحْيَاءَ فَعَلَيْهِ مِثْلُ الْجِلْدِ حَكَى هَذَا صَاحِبُ الْبَيَانِ ثُمَّ قَالَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لِأَنَّ عَوْدَ الْبُنْيَانِ عَلَى مِثْلِ مَا كَانَ فِي عتقه وهيأته مُتَعَذِّرٌ وَالْقِيمَةُ قَدْ لَا تُحَصِّلُ مِثْلَ ذَلِكَ الْبِنَاءِ وَالْقِيمَةُ إِنَّمَا جُعِلَتْ بَدَلَ الشَّيْءِ إِذَا كَانَت تَحْصِيل مثله وَهَهُنَا لَا تُحَصَّلُ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ وَأَمَّا الْحَيَوَانُ يُقْتَلُ فَقِيمَتُهُ يُشْتَرَى بِهَا مِثْلُهُ وَيُجْعَلُ مَكَانَهُ فَإِن تعذر يشقص مِنْ مِثْلِهِ وَقِيلَ إِذَا تَعَذَّرَ قُسِّمَ كَالْغَلَّةِ وَإِذا انْكَسَرَ من الْجذع امْتَنَعَ بَيْعُهُ وَاسْتُعْمِلَ فِي الْوَقْفِ وَكَذَلِكَ الْبَعْضُ وَقِيلَ يُبَاعُ وَلَا يُنَاقَلُ بِالْوَقْفِ وَإِنْ خَرِبَ مَا حَوَالَيْهِ وَبَعُدَتِ الْعِمَارَةُ عَنْهُ وَقَالَ (ش) وَأَحْمَدُ تُبَاعُ الدَّارُ وَيُصْرَفُ ثَمَنُهَا إِلَى وَقْفٍ آخَرَ وَكَذَلِكَ الْمَسْجِدُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا خَرِبَ مَا حَوْلَهُ عَادَ إِلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ لِأَنَّ الْوَقْفَ لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ عَبَثٌ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى الْعِتْقِ وَعَارَضُوهُ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْكَفَنِ إِذَا أَكَلَ الْمَيِّت السَّبع وَالْفرق أَن هَهُنَا يُرْجَى عَوْدُ الْمَنْفَعَةِ لِمَنْ يُشْرَعُ بِعِمَارَتِهِ وَيَعُودُ النَّاسُ حَوْلَهُ وَالْمَيِّتُ إِذَا أُكِلَ لَا يَعُودُ إِلَّا فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَيَوَانِ يُبَاعُ عِنْدَ الْهَرَمِ

فَرْعٌ - قَالَ يَجُوزُ بَيْعُ الدُّورِ الْمُحْبَسَةِ حَوْلَ الْمَسْجِدِ يُحْتَاجُ لِتَوْسِيعِهِ بِهَا وَكَذَلِكَ الطَّرِيقُ لِأَنَّ السّلف عمِلُوا ذَلِك فِي مَسْجده - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلِأَنَّ مَنْفَعَتَهُمَا أَهَمُّ مِنْ نَفْعِ الدُّورِ قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ ذَلِكَ فِي مِثْلِ الْجَوَامِعِ وَالْأَمْصَارِ وَمَسَاجِدِ الْقَبَائِلِ نَظَائِرُ - قَالَ الْعَبْدِيُّ يُجْبَرُ الْإِنْسَانُ عَلَى بَيْعِ مَالِهِ فِي سَبْعِ مَسَائِلَ مُجَاوِرُ الْمَسْجِدِ إِذَا ضَاقَ يُجْبَرُ مَنْ جَاوَرَهُ عَلَى الْبَيْعِ وَالْمَاءُ لِلْخَائِفِ مِنَ الْعَطَشِ فَإِن تعذر الثّمن أجبر بِغَيْر ثمن وَمن انْهَارَتْ بِئْرُ جَارِهِ وَعَلَيْهَا زَرْعٌ بِغَيْرِ ثَمَنٍ وَقيل بِالثّمن والمحتكر يجْبر على بيع طَعَامه وَجَارُ الطَّرِيقِ إِذَا أَفْسَدَهَا السَّيْلُ يُؤْخَذُ مَكَانُهَا بِالْقيمَةِ من جَار الساقية وَصَاحب الفران فِي قَرْنِ الْجَبَلِ إِذَا احْتَاجَ النَّاسُ إِلَيْهِ لِيُخَلِّصَهُمْ وَصَاحِبُ الْفَرَسِ أَوِ الْجَارِيَةِ يَطْلُبُهَا السُّلْطَانُ فَإِنْ لَمْ يَدْفَعْهَا لَهُ جَبَرَ النَّاسَ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ هُوَ دَفْعًا لِأَعْظَمِ الضَّرَرَيْنِ فَرْعٌ - فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَجُوزُ لِلنَّاظِرِ الْكِرَاءُ لِلسَّنَةِ وَالشَّهْرِ وَمَا يُرَى مِنَ النَّظَرِ مِمَّا يَجُوزُ مِثْلُهُ لِلْوَكِيلِ وَأَمَّا مَا يَطُولُ فَلَا لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَلِي مُدَّةَ حَيَاتِهِ وَيَمْتَنِعُ الْكِرَاءُ بِالنَّقْدِ لِأَنَّهُ قَدْ يَضِيعُ لِذَلِكَ وَلِأَنَّهُ لَا يُقَسَّمُ الْكِرَاءُ حَتَّى يَكْمُلَ السُّكْنَى وَقَدْ يَمُوتُ مَنْ أَخَذَ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ وَيَحْرُمُ مَنْ جَاءَ قَبْلَ الْوُجُوبِ مِمَّنْ يُولَدُ قَبْلَ الْقَسْمِ وَلَهُ كِرَاءُ مِثْلِ الْخَمْسِ سِنِينَ وَقَدِ اكْتَرَى مَالِكٌ مَنْزِلَهُ عَشْرَ سِنِينَ وَهُوَ صَدَقَةٌ وَأَنْكَرَ الْمُغِيرَةُ وَغَيْرُهُ عَشْرَ سِنِينَ فَرْعٌ - قَالَ مَنْ أَرَادَ الزِّيَادَةَ فِي وَقْفِ غَيْرِهِ أَوْ يُنْقِصُ مِنْهُ مَنَعَهُ الْوَاقِفُ أَوْ وَرَثَتُهُ أَوِ الْإِمَامُ إِنْ لَمْ يَمْنَعِ الْوَاقِفُ وَلَا الْوَارِثُ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ وَلِلْوَاقِفِ فَإِذَا تَرَكَ حَقَّهُ قَامَ

الْإِمَامُ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَلَوْ خَرِبَ فَأَرَادَ غَيْرُ الْوَاقِفِ إِعَادَتَهُ لِلْوَاقِفِ مَنَعَهُ وَلِوَارِثِهِ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِهِمْ فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا وَقَفَ الْحَيَوَانَ وَأَمْضَيْنَاهُ عَلَى شَرْطِهِ لَهُ تَغْيِيرُ الْوَقْفِ إِلَى مَا هُوَ أَفْضَلُ لِلْعَبْدِ وَلَوْ نَقَلَ الْحَيَوَانَ إِلَى مَا لَيْسَ أَفْضَلَ امْتَنَعَ لِأَنَّا جَوَّزْنَا النَّقْلَ مَعَ كَوْنِهِ عَلَى خِلَافِ وَضْعِ الْوَقْفِ لِأَجْلِ ضَعْفِ الْوَقْفِ فِيهِ وَالْمَصْلَحَةُ لِلْأَرْجَحِ فَرْعٌ - قَالَ قَالَ مَالِكٌ لَوْ حَبَسَ عَبْدَيْنِ عَلَى أُمِّهِ حَيَاتَهَا فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ أَعْتَقَ أَحَدَهُمَا امْتَنَعَ إِلَّا أَنْ تُجِيزَهُ أُمُّهُ لِأَنَّ النَّقْلَ إِلَى الْأَفْضَلِ جَائِزٌ وَلَمْ يبْق إِلَّا حَقّهَا فَيسْقط بالرضى فَرْعٌ - قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنَ الْحَبْس غلاته كالثمار وَعبيد الْإِجَارَة والحوانيت سوقيت الثِّمَار أَو يواجر عَلَيْهَا فَمَا اجْتَمَعَ قُسِّمَ أَوِ الْمُرَادُ غَيْرَ الْغَلَّةِ كَالدَّارِ لِلسَّكَنِ وَالْعَبْدِ لِلْخِدْمَةِ وَالْخَيْلِ لِلرُّكُوبِ انْتُفِعَ بِأَعْيَانِهَا فِي ذَلِكَ فَإِنْ كَانَتْ عَلَى مُعينين وَلم تسع لِجَمِيعِهِمْ وَهُمْ مِثْلَاهَا وَلَا الْعَشْرَةُ اسْتَوَوْا فِيهِ الْفَقِيرُ وَالْغَنِيُّ الْآبَاءُ وَالْأَبْنَاءُ فَإِنْ لَمْ تَحْمِلِ الدَّار الْجَمِيع أكريت وَقسمت الْغلَّة واقترعوا عَلَى السَّكَنِ وَدُفِعَ لِلْآخَرِ نَصِيبُهُ مِنِ الْكِرَاءِ فَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَقِبِ أَيْضًا

قَالَ مَالِكٌ يُؤْثَرُ الْفَقِيرُ عَلَى الْغَنِيِّ لِأَنَّ مَقْصِدَ الْأَوْقَافِ سَدُّ الْخِلَّاتِ وَالْآبَاءُ عَلَى الْأَبْنَاءِ سَوَاءٌ قَالَ وَلَدِي أَوْ وَلَدُ وَلَدِي وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يُفَضَّلُ إِلَّا بِشَرْطِ الْمُحْبِسِ لِأَنَّهُ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ مِنْهُمُ الْفَقِيرَ وَالْغَنِيَّ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِذَلِكَ فَهُوَ لَغْوٌ وَهُوَ قَاصِدٌ لِلتَّسْوِيَةِ فَسَوَّى وَعَنْ مَالِكٍ يَسْتَوِي الْآبَاءُ وَالْأَبْنَاءُ غَيْرَ أَنَّهُ يُفَضَّلُ ذُو الْعِيَالِ بِقَدْرِ عِيَالِهِ وَيُسَوَّوُا الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى قَالَ أَشْهَبُ إِنْ قَالَ وَلَدِي وَوَلَدُ وَلَدِي لَمْ يُقَدَّمْ أَحَدٌ لِاسْتِوَائِهِمْ فِي الذِّكْرِ وَإِلَّا قُدِّمَ الْآبَاءُ لِاسْتِحْقَاقِهِمْ إِذَا اسْتَوَتِ الْحَاجَةُ قَالَ وَالْمُسَاوَاةُ مُطْلَقًا أَحْسَنُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ عَادَةً وَإِذَا سَكَنَ الْجَمِيعُ ثُمَّ اسْتَغْنَى الْفَقِيرُ أَوْ مَاتَ بَعْضُ الْعِيَالِ أَوْ كَثُرَ عِيَالُ الْآخَرِ أَوْ كَبُرَ الصَّغِيرُ فَاحْتَاجَ إِلَى مَسْكَنٍ أَوْ غَابَ أَحَدُهُمُ افْتَرَقَ الْجَوَابُ قَالَ مَالِكٌ لَا يَخْرُجُ بِالْغِنَى وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَخْرُجُ وَيَرْجِعُ لِعَصَبَةِ الْمُحْبِسِ مِنَ الرِّجَالِ فَإِنِ افْتَقَرَ بَعْضُ الْمُحْبَسِ عَلَيْهِمُ انْتُزِعَ وَرُدَّ إِلَيْهِمْ قَالَ وَهَذَا الصَّوَابُ إِذَا كَانَ الْحُكْمُ أَنَّهُ لِلْفَقِيرِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْعَادَةُ أَنَّهُ مَتَى سَكَنَ أَحَدُهُمْ لَمْ يَخْرُجْ وَإِنِ اسْتَغْنَى وَإِنْ مَاتَ بَعْضُ الْعِيَالِ وَفَضَلَ مَسْكَنٌ انْتُزِعَ وَإِنْ كَثُرَ عِيَالُ أَحَدِهِمْ أَوْ بَلَغَ وَتَأَهَّلَ لَمْ يَخْرُجْ لَهُ أَحَدٌ وَلَمْ يُسْتَأْنَفِ الْقَسْمُ وَإِنَّمَا اسْتَوَى الْآبَاءُ وَالْأَبْنَاءُ فِي ابْتِدَاءِ الْقَسْمِ لعدم الِاسْتِحْقَاق بِالسَّبقِ وَهَهُنَا تَقَدَّمَ سَبْقٌ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ فِي ابْتِدَاءِ السُّكْنَى قَرِيبَ الْغَيْبَةِ وُقِفَ نَصِيبُهُ وَأُكْرِيَ لَهُ أَوْ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ وَلَا يُسْتَأْنَفُ الْقَسْمُ إِذَا قَدِمَ وَمِنْ غَابَ بَعْدَ الْقَسْمِ عَلَى وَجْهِ الْعَوْدِ فَهُوَ عَلَى حَقِّهِ فِي مَسْكَنِهِ وَيُكْرِيهِ إِنْ أَحَبَّ أَوْ لِيَنْقَطِعَ سَقَطَ حَقُّهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمَسْكَنُ فَاضِلًا عَنْ جَمِيعِهِمْ فَيَكُونُ عَلَى حُكْمِ الْغَلَّةِ يُقَسَّمُ كِرَاؤُهُ وَلَهُ نَصِيبُهُ مِنَ

الْكِرَاءِ وَأَمَّا الثِّمَارُ وَغَلَّةُ الْحَوَانِيتِ فَحَقُّ الْحَاضِرِ وَالْمُسَافِرِ وَالْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ وَالْمُنْتَقِلِ سَوَاءٌ لِأَنَّهُ لَيْسَتْ مُسْتَمِرَّةً وَيُقْصَدُ فِي أَوْقَاتٍ مَخْصُوصَةٍ فَلَمْ تَقْدَحْ فِيهَا الْغَيْبَةُ وَإِنْ كَانَ حِينَ الْحَبْسِ انْتَقَلَ إِلَى مَوْضِعٍ بَعِيدٍ لَمْ يُبْعَثْ لَهُ شَيْءٌ لِأَنَّ الْمُحْبِسَ لَمْ يَقْصِدْهُ فِي مَجْرَى الْعَادَةِ إِلَّا أَنْ يَقْدُمَ فَيَسْتَأْنِفَ لَهُ الْقَسْمَ وَعِنْدَ الْإِجَارَةِ أُجْرَتُهُ كَالثِّمَارِ وَعَبْدُ الْخِدْمَةِ كَدَارِ السَّكَنِ وَيُفَارِقُ الدَّارَ إِذَا ضَاقَتْ عَنْ جَمِيعِهِمْ بِأَنْ يُوَسِّعَ فِي الْأَيَّامِ فَإِنْ كَانُوا ثَلَاثِينَ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ يَوْمٌ مِنْ ثَلَاثِينَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُعْتَبَرُ فِي الْغَلَّةِ وَالسُّكْنَى كَثْرَةُ الْعَدَدِ بَلْ أَهْلُ الْحَاجَةِ وَفِي السُّكْنَى كَثْرَةُ الْعَائِلَةِ لِأَنَّهُمْ يَحْتَاجُونَ إِلَى سَعَةِ الْمَسْكَنِ وَالْمُحْتَاجُ الْغَائِبُ أَوْلَى مِنَ الْغَنِيِّ الْحَاضِرِ بِالِاجْتِهَادِ لِأَنَّ مَبْنَى الْأَوْقَافِ لِسَدِّ الْخِلَّاتِ وَلَا يَخْرُجُ أَحَدٌ لِمَنْ هُوَ أَحْوَجُ مِنْهُ وَلَا الْغَنِيُّ لِلْفَقِيرِ الْقَادِمِ لِأَنَّ الْحَوْزَ نَوْعٌ مِنَ التَّمَلُّكِ وَيَسْتَوِي فِي الْغَلَّةِ الْمُنْتَجِعُ وَالْمُقِيمُ وَإِنَّمَا سَقَطَ السُّكْنَى إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا فَضْلٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ ذَلِكَ إِذَا قَالَ عَلَى وَلَدِي أَوْ وَلَدِ فُلَانٍ فَأَمَّا عَلَى قَوْمٍ مُعَيَّنِينَ مُسَمَّيِنَ لَيْسَ عَلَى التَّعْقِيبِ فَحَقُّ الْمُنْتَجِعِ فِي السُّكْنَى وَقَسْمِ الْغَلَّةِ عَلَى أَهْلِ الْحَاجَةِ وَالْعِيَالِ فَإِنِ اسْتَوَتِ الْحَاجَةُ أَوِ الْعِيَالُ فَعَلَى الْعَدَدِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى سَوَاءٌ فَرْعٌ - قَالَ الْأَبْهَرِيُّ إِذا رَجَعَ الْوَقْف لأَقْرَب النَّاس بالواقف كَانَ أَقْرَبُهُمْ مَوَالِيَهُ فَهُوَ لَهُمْ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ فَرْعٌ - قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا حَبَسَ عَلَى مُعَيَّنِينَ فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ بَيْعُهُ إِلَّا مِنَ الْمُحْبِسِ أَوْ وَرَثَتِهِ لِأَنَّ مَرْجِعَهُ إِلَيْهِ فَهُوَ لَمْ يَشْتَرِ مِنْهُمْ شَيْئًا وَإِنَّمَا دَفَعَ لَهُمْ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ

بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ فَرْعٌ - قَالَ قَالَ مَالِكٌ مَنْ أَسْكَنَ قَوْمًا حَيَاتَهُمْ يَمْتَنِعُ أَنْ يُعْطِيَ أَحَدُهُمُ الْآخَرَ شَيْئًا وَيَخْرُجَ لَهُ لِأَنَّهَا إِجَارَةٌ مَجْهُولَةٌ فَرْعٌ - قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا حَبَسَ نَخْلًا فَأَرْدَمَهَا الرَّمْلُ إِلَى كَرَاسِعِهَا لَيْسَ لَهُ بَيْعُ مَائِهَا لِأَنَّهُ حُبِسَ مَعَهَا وَجَمِيعُ مَنَافِعِهَا فَرْعٌ - قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا حَبَسَ شَيْئًا فِي وَجْهٍ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْوَاقِفُ فِي ذَلِكَ الْوَجْهِ لِأَنَّهُ رُجُوعٌ فِي الْمَوْقُوفِ وَإِنْ كَانَ فِيمَا جَعَلَ فِيهِ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ ذَلِكَ حِينَ الْحَبْسِ وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْآثَارُ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا بِذَلِكَ فَرْعٌ - قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا أَخْدَمَ عَبْدَهُ رَجُلًا سِنِينَ ثُمَّ هُوَ حُرٌّ فَوَضَعَ عَنْهُ الرَّجُلُ الْعَمَلَ عُتِقَ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ وَرِثَهُ الْوَاهِبُ أَوْ وَرَثَتُهُ وَإِنْ قُتِلَ فَقِيمَتُهُ لَهُ لِأَنَّهَا بَدَلُ الرَّقَبَةِ وَهِيَ لَهُ وَإِنْ جَرَحَ الْعَبْدُ رَجُلًا فَأُعْطِيَ الْمُخْدَمُ الْعَقْلَ بَقِيَ عَلَى خِدْمَتِهِ وَإِلَّا خُيِّرَ السَّيِّدُ بَيْنَ الْعَقْلِ وَالتَّسْلِيمِ عَلَى قَاعِدَةِ جِنَايَةِ الْعَبِيدِ فَرْعٌ - قَالَ قَالَ مَالِكٌ وَلَدُ الْمُخْدِمِ مِنْ أَمَتِهِ بِمَنْزِلَتِهِ يَخْدِمُ لِأَنَّ ولد الْمكَاتب وَالْمُدبر كَذَلِك وَالْأمة يتبعهَا وَلَدهَا

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا أَخْدَمَ نِصْفَ عَبْدِهِ ثُمَّ نَصِفَهُ الْبَاقِي عُتِقَ وَأُخِذَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ فَاسْتُؤْجِرَ لِلْمُخْدَمِ مَنْ يَخْدِمُهُ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ رَجَعَ لِلسَّيِّدِ فَرْعٌ - قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا حَبَسَ عَلَى وَلَدِهِ حَتَّى يَسْتَغْنِيَ فَالِاسْتِغْنَاءُ أَنْ يَلِيَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ بِالْبُلُوغِ أَوْ مَا يقوم مقَامه من حدا لاحتلام وَيكون رَشِيدًا فَرْعٌ - قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا كَانَ الْحَبْسُ عَلَى مُعَيَّنِينَ بِصِفَاتِهِمْ وَأَشْخَاصِهِمْ فَمَنْ وُلِدَ بَعْدَ الْإِبَارِ أَخَذَ حَقَّهُ عِنْدَ الْقَسْمِ وَمَنْ مَاتَ مِنَ الْأَعْيَانِ بَعْدَ الثَّمَرَةِ كَبَقَائِهَا لِلْبَائِعِ فِي البيع فَإِنْ كَانَتْ عَلَى مَوْصُوفِينَ نَحْوِ الْعُلَمَاءِ وَالْفُقَرَاءِ فَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّونَ بِالْقَسْمِ وَمَنْ مَاتَ قَبْلَ الْقَسْمِ فَلَا حق لَهُ كَمَال المزكاة فَرْعٌ - قَالَ قَالَ مَالِكٌ مَنْ حَبَسَ حَائِطَهُ عَلَى الْمَسَاكِينِ اجْتَهَدَ الْإِمَامُ فِي قَسْمِ ثَمَرَتِهَا وَثَمَنِهَا فَرْعٌ - قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِذَا أَخَلَّ الإِمَام بِصَلَاة فِي الْمَسْجِد هَل ينْقض بِعَدَدِهَا كَمَنِ اسْتُؤْجِرَ عَلَى خَمْسَةِ أَثْوَابٍ فَخَاطَ أَرْبَعَةً قَالَ وَالْحَقُّ لَا لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ اتِّبَاعُ الْمَعَانِي فِي الْعُقُودِ وَالْمُعَاوَضَاتِ وَاتِّبَاعُ الْأَلْفَاظِ فِي الشُّرُوطِ وَالْوَصَايَا وَالْوَقْفُ مِنْ بَابِ الْإِصْدَاقِ وَالْإِرْفَادِ لَا مِنْ بَابِ الْمُعَاوَضَاتِ وَيُقَالُ شَرْطُ الْوَاقِفِ كَذَا وَلَا يُقَالُ عَقْدُ الْوَاقِفِ كَذَا وَالشَّرْطُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ عَدَمِ جُزْئِهِ أَوْ كُلِّهِ فَإِنَّ الْمَشْرُوطَ يَنْتَفِي وَلَوْ حَصَلَ أَكْثَرُ الشَّرْطِ كَمَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إِنْ أَعْطَيْتِنِي عَشَرَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَعْطَتْهُ تِسْعَةً فَلَا يَسْتَحِقُّ الْمُخِلُّ بِبَعْضِ الشَّرْطِ شَيْئًا مِنَ الْمُرَتَّبِ

أَلْبَتَّةَ وَكَذَلِكَ إِذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ أَوْ شَهِدَ الْعُرْفُ أَنَّ مَنِ اشْتَغَلَ فِي الْمَدْرَسَةِ شَهْرًا فَلَهُ دِينَارٌ فَاشْتَغَلَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ بِيَوْمٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ فَرْعٌ - قَالَ إِذَا شَرط فِي مدرسة أَن لَا يَشْتَغِلَ الْمُعِيدُ بِهَا أَكْثَرَ مِنْ عَشْرِ سِنِينَ فَفَرَغَتْ سُنُوهُ وَلَمْ يُوجَدْ فِي الْبَلَدِ مُعِيدٌ غَيْرَهُ جَازَ لَهُ تَنَاوُلُ الْجَامِكِيَّةِ لِأَنَّ الْعُرْفَ يَشْهَدُ بِأَنَّ الْوَاقِفَ لَمْ يَرِدْ شُغُورَ مَدْرَسَتِهِ وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّ هَذَا الْمُعِيدَ إِذَا انْتَفَعَ جَاءَ غَيره وَهَذَا ينطر فِي كُلِّ شَرْطٍ شَهِدَ الْعُرْفُ بِتَخْصِيصِهِ فَرْعٌ - قَالَ إِذَا وَقَفَ الْمُلُوكُ وَقْفًا عَلَى جِهَةٍ وَهُمْ مُتَمَكِّنُونَ مِنْ تَمْلِيكِهَا لِتِلْكَ الْجِهَةِ شَرْعًا جَازَ كَالرُّبَطِ وَالْمَدَارِسِ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مُتَمَكِّنِينَ كأنفاقهم على دراريهم لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ مَنْ تَعَذَّرَ تَمْلِيكُهُ تَعَذَّرَ إِنْفَاقُهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى فَإِنْ وَقَفُوا عَلَى مَدْرَسَةٍ أَكْثَرَ مِمَّا يَحْتَاجُ بَطَلَ فِيمَا زَادَ فَقَطْ لأَنهم معزولون عَن التَّصَرُّف الاعلى وَجْهِ الْمَصْلَحَةِ وَالزَّائِدُ لَا مَصْلَحَةَ فِيهِ فَهُوَ مِنْ غَيْرِ مُتَوَلٍّ فَلَا يَنْفُذُ وَإِنْ وَقَفُوا أَمْوَالَ الزَّكَاةِ عَلَى جِهَاتِهَا لَمْ يَجُزْ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّحْجِيرِ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَإِنْ غَصَبُوا أَمْوَالًا يوقفوها عَلَى الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ أَوِ الْخَاصَّةِ فَإِنْ وَقَفُوا عَيْنَ الْمَغْصُوبِ أَوِ اشْتَرَوْا بِهِ مُعَاطَاةً لَمْ يَصِحَّ الْوَقْفُ وَإِنْ كَانَ عَلَى الذِّمَّةِ لَمْ يضمن من انْتفع بذلك الْعَيْنِ الْمُشْتَرَاةِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ وَهَلْ يُغَرَّمُ السُّلْطَانُ لِأَنَّهُ أَفْسَدَ أَوْ لَا يُغَرَّمُ لِأَنَّهُ مَا انْتَفَعَ بِهِ فِي نَفْسِهِ فِيهِ نَظَرٌ وَهَذَا الْفَرْعُ يُخَالِفُ قَوَاعِدَنَا فِي بَيْعِ الْمُعَاطَاةِ فَإِنَّهُ عِنْدَنَا مَتَى كَانَ بِالدَّنَانِيرِ أَوِ الدَّرَاهِمِ فَإِنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ وَهُوَ كَالْعَقْدِ عَلَى الذِّمَّةِ سَوَاءٌ وَكَذَلِكَ إِذَا لَمْ يَنْتَفِعُ السُّلْطَانُ ضَمِنَ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ يَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يَنْتَفِعْ

فَرْعٌ - قَالَ إِذَا آجَرَ النَّاظِرُ الْوَقْفَ ثَلَاثِينَ سَنَةً وَقَبَضَ الْأُجْرَةَ فَهَلْ يُقَسِّمُهَا ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَوْقَافِ وَالْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ الْوَقْفُ لِقَوْمٍ وَمَنْ بَعْدَهُمْ لِغَيْرِهِمْ قُسِّطَتِ الْأُجْرَةُ عَلَى السِّنِينَ وَأُعْطِيَ كُلُّ وَاحِدٍ مَا يُعَيِّشُهُ مِنَ السِّنِينَ كَمَا يُفْعَلُ فِي سَائِرِ التَّعْمِيرَاتِ فَيَحْصُلُ لِلشَّابِّ أَكْثَرُ مِنَ الشَّيْخِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ إِنَّمَا يَسْتَحِقُّ حَيَاتَهُ فَلَوْ قَسَّمْنَا الْكُلَّ عَلَيْهِمْ سَوَاءً لَأَخَذَ مَا لَا يَسْتَحِقُّ وَلَا يُمْسِكُهُ النَّاظِرُ عِنْدَهُ خَشْيَةَ الضَّيَاعِ مَعَ إِمْكَانِ تَوْصِيلِهِمْ بِحَقِّهِمْ وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ مَدْرَسَةً وَنَحْوَهَا قُسِّمَتِ الْأُجْرَةُ عَلَى الشُّهُورِ فِي الثَّلَاثِينَ سَنَةً وَيُفَرَّقُ فِي كُلِّ شَهْرٍ حِصَّةُ ذَلِكَ الشَّهْرِ بِحَسَبَ الْجَامِكِيَّاتِ وَلَا يَجُوزُ تَسْلِيفُ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ جَامِكِيَّةَ شَهْرَيْنِ لِأَنَّ شَرْطَ الْوَاقِفِ غَيْرُ مَعْلُومِ الْحُصُولِ مِنْهُمْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَهُوَ لَا يَسْتَحِقُّ بِمُجَرَّدِ حَيَاتِهِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ وَهَذِهِ الْفُرُوعُ غَرِيبَةٌ حَسَنَةٌ وَلَمْ أَرَ فِيهَا مَا يُنَافِي قَوَاعِدَهَا إِلَّا مَا نَبَّهْتَ عَلَيْهِ وَهِيَ عَزِيزَةُ النَّقْلِ فَآثَرْتُ نَقْلَهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ فَتَاوَى أَصْحَابِنَا فَرْعٌ - قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى إِذَا حَبَسَ أَرْضًا لِدَفْنِ الْمَوْتَى فَضَاقَتْ بِأَهْلِهَا وَبِجَنْبِهَا مَسْجِدٌ يَجُوزُ الدَّفْنُ فِيهِ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي مَقْبَرَةٍ عَفَتْ يَجُوزُ بِنَاءُ مَسْجِد فِيهَا وكل مَا كَانَ لله استعين بِبَعْضِه على بَعْضٍ لِأَنَّ الْكُلَّ حَقٌّ لِلَّهِ وَيَمْتَنِعُ ذَلِكَ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ لِأَنَّ جِهَاتِهِمْ مُتَعَدِّدَةٌ فَهُوَ نَقْلُ الْحَبْسِ مِنْ مِلْكٍ إِلَى مِلْكٍ وَهُوَ مُمْتَنع فرع - قَالَ قَالَ التّونسِيّ لاتباع بَعْضُ الْوَقْفِ وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ يَرَى بَيْعَهُ وَلَسْتُ أَقُولُ بِهِ

فَرْعٌ - قَالَ إِذَا كَانَ الْحَبْسُ مَشَاعًا وَطَلَبَ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ الْقِسْمَةَ أَوِ الْبَيْعَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ كَانَ يَنْقَسِمُ قُسِّمَ فَمَا كَانَ الْحَبْسُ كَانَ حَبْسًا وَمَا كَانَ لَا يَنْقَسِمُ بِيعَ فَمَا وَقَعَ لِلْحَبْسِ اشْتَرَى بِثَمَنِهِ مِثْلَ ذَلِكَ وَيَكُونُ حَبْسًا لِأَنَّ الْمُحْبِسَ لَمَّا حَبَسَ مَا لَا يَنْقَسِمُ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِبْطَالُ حَقِّ شَرِيكِهِ فِي الْبَيْعِ وَوَافَقَ أَحْمَدُ فِي قِسْمَةِ الْوَقْفِ مِنَ الطَّلَقِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقِسْمَةَ لَيْسَتْ بَيْعًا بَلْ إِقْرَارَ حَقَّ تَنْبِيهٌ الْوَقْفُ يَنْقَسِمُ إِلَى مُنْقَطِعِ الْأَوَّلِ وَإِلَى مُنْقَطِعِ الْآخَرِ وَإِلَى مُنْقَطِعِ الطَّرَفَيْنِ وَإِلَى مُنْقَطِعِ الْوَسَطِ وَالطَّرَفَيْنِ فَهَذِهِ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ فَالْأَوَّلُ كَالْوَقْفِ عَلَى مَنْ لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ كَالْوَقْفِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَعْصِيَةٍ أَوْ مَيِّتٍ لَا يَنْتَفِعُ وَالثَّانِي عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى مَعْصِيَةٍ وَالثَّالِثُ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى مَيِّتٍ وَالرَّابِعُ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى مَعْصِيَةٍ كَالْكَنِيسَةِ أَوْ غَيْرِهَا ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْخَامِسُ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى الْمُحَارِبِينَ فِي جِهَةٍ مُعَيَّنَةٍ ثُمَّ عَلَى مَدْرَسَةٍ مُعَيَّنَةٍ ثُمَّ عَلَى الْكَنِيسَةِ وَالظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِنَا أَنَّ الْوَقْفَ يَبْطُلُ فِيمَا لَا يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ أَوْ يَتَعَذَّرُ وَيَصِحُّ فِيمَا يَصِحُّ إِذَا أَمْكَنَ الْوُصُولُ إِلَيْهِ وَلَا يَضُرُّ الِانْقِطَاعُ لِأَنَّ الْوَقْفَ نَوْعٌ مِنَ التَّمْلِيكِ فِي الْمَنَافِعِ أَوِ الْأَعْيَانِ فَجَازَ أَنْ يَعُمَّ أَوْ يَخُصَّ كَالْعَوَارِيَّ وَالْهِبَاتِ وَالْوَصَايَا وَقَالَ (ش) يَمْتَنِعُ مُنْقَطِعُ الِابْتِدَاءِ أَوِ الِانْتِهَاءِ وَمُنْقَطِعُ الِابْتِدَاءِ فَقَطْ لِأَنَّ أَوْقَافَ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا انْقِطَاعٌ فَمَا فِيهِ انْقِطَاعٌ يَكُونُ عَلَى خِلَافِ سُنَّةِ الْوَقْفِ فَيَبْطُلُ وَلِأَنَّ مُقْتَضَى الصِّيغَةِ الدَّوَامُ فَحَيْثُ لَا دَوَامَ يَكُونُ بَاطِلًا لِمُخَالَفَةِ مُقْتَضَى لَفْظِ الْعَقْدِ كَمَا لَوْ بَاعَ وَحَجَرَ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ لِكَوْنِهِ خِلَافَ مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَالْجَوَابُ

عَن الأول أَن فعلهم رَضِي الله عَلَيْهِم لَا يُنَافِي صُورَةَ النِّزَاعِ بَلْ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ أَصْلِ الْوَقْفِ وَأَنَّ الْمُتَّصِلَ جَائِزٌ كَمَا أَنَّهُمْ لَمَّا وَقَفُوا عَلَى جِهَاتٍ مَخْصُوصَةٍ مِنَ الْبِرِّ لَمْ يَمْتَنِعِ الْوَقْفُ عَلَى غَيْرِهَا لِكَوْنِهِمْ لَمْ يَقِفُوا عَلَيْهَا وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ مُقْتَضَى التَّحْبِيسِ وَالْوَقْفِ الدَّوَامُ وَهُوَ أَعَمُّ مِنَ الدَّوَامِ عَلَى شَخْصٍ مُعَيَّنٍ أَوْ عَلَى أَشْخَاصٍ أَوْ سَنَةٍ أَوِ الدَّهْرِ وَلِذَلِكَ يُقَالُ دَامَ بِدَوَامِ دَوْلَةِ بَنِي أُمَيَّةَ وَمُدَّةَ حَيَاةِ فُلَانٍ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ اللَّفْظَ وَقَالَ (ح) يَمْتَنِعُ مُنْقَطِعُ الِانْتِهَاءِ وَقَالَ أَحْمَدُ يَمْتَنِعُ مُنْقَطِعُ الِانْتِهَاءِ وَمُنْقَطِعُ الْوَسَطِ وَعِنْدَ (ش) مِنْ مُنْقَطِعِ الِابْتِدَاءِ الْوَقْفُ عَلَى رَجُلٍ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ أَوْ عَلَى وَلَدِهِ وَلَمْ يُولَدْ لَهُ فَرْعٌ - قَالَ الْأَبْهَرِيُّ إِذَا حَبَسَ سَبْعَةَ مَنَازِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَوْلَادٍ وَأَوْلَادِهِمْ مِنْ بَعْدِهِمْ فَتُوُفِّيَ أَحَدُهُمْ وَأَخَذَ وَلَدُهُ مَنْزِلَهُ فَكَانَ يُكْرِيهِ وَلَا يَسْكُنُهُ ثُمَّ سَافَرَ سَفَرَ انْقِطَاعٍ أُكْرِيَ وَقُسِّمَ بَيْنَهُمْ وَيُخَصُّ أَهْلُ الْحَاجَةِ مِنْهُمْ لِأَنَّ الْمُحْبِسَ إِنَّمَا قَصَدَ سُكْنَى وَلَدِهِ فِي بَلَدِهِ فَإِذَا خَرَجَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ وَيُكْرَى مَا فَضَلَ عَنْ سُكْنَاهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُنْقَطِعًا انْتَظَرَ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ لَا يَخْرُجُ مِنَ الْحَبْسِ أَحَدٌ لِأَحَدٍ لِلِاسْتِوَاءِ فِي السَّبَبِ وَمَنْ لَمْ يَجِدْ مَسْكَنًا فَلَا كِرَاءَ لَهُ وَمَنْ غَابَ غَيْبَةَ انْتِقَالٍ أَوْ مَاتَ اسْتَحَقَّ الْحَاضِرُ مَكَانَهُ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ أُرْصِدَتْ لِمَنْ تَيَسَّرَ انْتِفَاعُهُ وَمَنْ سَافَرَ لَا يُرِيدُ مَقَامًا فَهُوَ عَلَى حَقِّهِ إِذَا رَجَعَ قَاعِدَةٌ - مَنْ مَلَكَ الْمَنْفَعَةَ لَهُ الْمُعَاوَضَةُ عَلَيْهَا وَأَخْذُ عِوَضِهَا وَمَنْ مَلَكَ أَنْ يَنْتَفِعَ لَيْسَ لَهُ الْمُعَاوَضَةُ كَسُكْنَى الْمَدَارِسِ وَالرُّبَطِ وَالْجُلُوسِ فِي الْمَسَاجِدِ وَالطُّرُقِ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُؤَجِّرَ مَكَانَهُ فِي الْمَسْجِدِ أَوِ الْمَدْرَسَةِ أَوِ الطَّرِيقِ لِأَنَّهُ لَمْ يملك

الْمَنْفَعَةَ بَلْ يَمْلِكُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِنَفْسِهِ فَقَطْ فَلِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ لَمْ يُجْعَلْ لَهُ كِرَاءٌ إِذَا لَمْ يَجِدْ مَسْكَنًا لِأَنَّهُ لَمْ يُوقَفْ لِلْغَلَّةِ وَإِنَّمَا وُقِفَ لِلِانْتِفَاعِ بِالْأَنْفُسِ بِالسُّكْنَى كَالْمَسْجِدِ يُنْتَفَعُ بِهِ فِي الصَّلَاةِ فَرْعٌ - قَالَ اللَّخْمِيُّ غَلَّةُ الْحَبْسِ سِتَّةُ أَقْسَامٍ مَا نَفَقَتُهُ مِنْ غَلَّتِهِ كَانَ عَلَى مُعَيَّنٍ أَوْ مَجْهُولٍ كَدِيَارِ الْغَلَّةِ وَالْحَوَانِيتِ وَالْفَنَادِقِ فَإِنْ كَانَتْ لِلسُّكْنَى خُيِّرَ الْمُحْبَسُ عَلَيْهِ بَين الْإِصْلَاح وَالْخُرُوج حَتَّى بكرى بِمَا يَصْلُحُ بِهِ حِفْظًا لِأَصْلِ الْوَقْفِ ثُمَّ يَعُودُ وَمَا نَفَقَتُهُ مِنْ غَلَّتِهِ إِنْ كَانَ عَلَى مَجْهُولٍ وَعَلَى الْمُحْبَسِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مُعَيَّنًا كَالْبَسَاتِينِ وَالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَمَا نَفَقَتُهُ مِنْ غَيْرِ غَلَّتِهِ كَانَ عَلَى مُعَيَّنٍ أَوْ مَجْهُولٍ كَالْخَيْلِ لَا تُؤَاجَرُ فِي النَّفَقَةِ فَإِنْ كَانَتْ فِي السَّبِيلِ فَمِنْ ثُلُثِ الْمَالِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِيعَتْ وَاشْتُرِيَ بِالثَّمَنِ عَيْنًا مِنَ النَّفَقَةِ كَالسِّلَاحِ وَالدُّرُوعِ وَإِنْ كَانَتْ حَبْسًا عَلَى مُعَيَّنٍ أَنْفَقَ عَلَيْهَا فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهَا عَلَى ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَمَا نَفَقَتُهُ تَارَةً مِنْ غَلَّتِهِ وَتَارَةً مِنْ غَيْرِهَا عَلَى مَجْهُولٍ أَوْ مُعَيَّنٍ وَهُوَ الْعَبِيدُ فَإِنْ حُبِسُوا فِي السَّبِيلِ وَلَهُمْ صِيغَةٌ لِلسَّبِيلِ فَكَالْخَيْلِ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْهُمُ الْغَلَّةَ فَمِنْ غَلَّتِهِمْ كَانُوا فِي السَّبِيلِ أَوْ عَلَى الْفُقَرَاءِ عَلَى مَجْهُولٍ أَوْ مُعَيَّنٍ وَاخْتُلِفَ فِي الْمُخْدِمِ هَلْ يُنْفِقُ صَاحِبُهُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَالِكٌ الرَّقَبَةَ أَوَالْمُخْدِمَ وَهُوَ أَصْوَبُ لِأَنَّهُ مُنْقَطع إِلَيْهِ فَلَو كَانَ بِخِلَافِهِ نَهَارًا وَيَأْوِي لِسَيِّدِهِ لَيْلًا فَعَلَى سَيِّدِهِ كَالْمُسْتَأْجِرِ قَالَ وَلَوْ قِيلَ فِي النَّهَارِ عَلَى الْمُخْدِمِ وَعِنْدَ الْإِيوَاءِ عَلَى السَّيِّدِ كَانَ وَجْهًا وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ الْمُحْبِسُ عَلَى مُعَيَّنٍ لِلْخِدْمَةِ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ وَمَا هُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ أَنْ يَضْرِبَ الْمُحْبِسُ أَجَلًا يَخْدِمُ فِيهِ الْعَبْدُ وَيَنْتَفِعُ فِيهِ بِالْفَرَسِ فَيُخْتَلَفُ هَلِ النَّفَقَةُ عَلَى الْمُعْطِي أَوْ عَلَى الْمُعْطى لِأَنَّهُ الرَّقَبَة هَهُنَا فِيهِ عَلَى مِلْكِ الْمُحْبِسِ وَلِذَلِكَ يَنْبَغِي الْجَوَابُ إِذَا لَمْ يَضْرِبْ أَجَلًا عَلَى الْقَوْلِ أَنَّهُ يَعُودُ بَعْدَ الْمَوْتِ الْمُحْبَسُ عَلَيْهِ مِلْكًا لِصَاحِبِهِ فَهُوَ كَالْمُخْدِمِ وَمَا لَا نَفَقَةَ

لَهُ عَلَى أَحَدٍ إِنْ وُجِدَ مِنْ مَصْلَحَةٍ وَإِلَّا تُرِكَ كَالْمَسَاجِدِ وَالْقَنَاطِرِ نَفَقَتُهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ تَعَذَّرَ وَلَمْ يَتَطَوَّعْ أَحَدٌ بِذَلِكَ تُرِكَتْ حَتَّى تُمْلَكَ وَقَالَ (ش) نَفَقَةُ الْوَقْفِ مِنْ رِيعِهِ مُقَدَّمَةٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رِيعٌ فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّ الْمِلْكَ انْتَقَلَ لِلَّهِ تَعَالَى وَقَالَ أَحْمَدُ نَفَقَتُهُ مِنْ حَيْثُ شَرْطِ الْوَاقِفِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ غَلَّةٌ فَمِنَ الْمَوْقُوف عَلَيْهِ لانتقال الْملك إِلَيْهِ وَقَالَ (ح) فَرْعٌ - قَالَ إِذَا حَبَسَ الْفَرَسَ أَوِ الْعَبْدَ عَلَى مُعَيَّنٍ فَلَمْ يَقْبَلْهُ قَالَ مُطَرِّفٌ يَرْجِعُ مِيرَاثًا وَقَالَ مَالِكٌ يُعْطَى لِغَيْرِهِ تَوْفِيَةً بِالْحَبْسِ قَالَ وَأَنَا أَرَى إِنْ أَعْطَاهُ لِيَرْكَبَهُ لَا لِيَغْزُوَ عَلَيْهِ رَجَعَ مِيرَاثًا لِعَدَمِ الْقَبُولِ أَوْ لِيَغْزُوَ عَلَيْهِ فَهُوَ مَوْضِعُ الْخِلَافِ لِتَضَمُّنِهِ مَنْفَعَةَ الْمُحْبَسِ عَلَيْهِ وَالْقُرْبَةِ فَمُلَاحَظَتُهَا تُوجِبُ الْخِلَافَ كَمَنْ أَوْصَى بِالْحَجِّ عَنْهُ لِفُلَانٍ بِكَذَا أَوِ الْمُوصي لَيْسَ صرورة قَالَ ابْن الْقَاسِم المَال مِيرَاثا إِذَا امْتَنَعَ وَقِيلَ يُدْفَعُ لِغَيْرِهِ يَحُجُّ بِهِ عَنْهُ مُلَاحَظَةً لِلْقُرْبَةِ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ حَبَسَ عَلَى وَلَدِهِ وَأَعْقَابِهِمْ وَلَا عَقِبَ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَأَنْفَذَهُ فِي صِحَّتِهِ وَهَلَكَ هُوَ وَوَلَدُهُ وَبَقِيَ وَلَدُ وَلَدِهِ وَبَنُوهُمْ فَهُوَ بَيْنَهُمْ فِي الْحَالِ والمؤونة سَوَاء إِلَّا أَن الْأَوْلَاد مَا لَمْ يَبْلُغُوا أَوْ يَنْكِحُوا أَوْ تَكُونُ لَهُم مؤونة لَا يُقَسَّمُ لَهُمْ بَلْ يُعْطَى الْأَبُ بِقَدْرِ مَا يُمَوِّنُ لِأَنَّهُ الْمُحْتَاجُ إِلَيْهِ فَإِذَا بَلَغُوا وعظمت مؤونتهم فَهُوَ بِقَسْمٍ وَاحِدٍ مَعَ آبَائِهِمْ فَرْعٌ - قَالَ إِذَا بَنَى بَعْضُ أَهْلِ الْحَبْسِ فِيهِ أَوْ أَدْخَلَ خَشَبَةً أَوْ أَصْلَحَ ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ

يَذْكُرِ لِمَّا أَدْخَلَ ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ لِوَرَثَتِهِ فِيهِ لِأَن الظَّاهِر فِي الْخَلْط بالموقف الْوَقْفُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ قَالَ هُوَ لِوَرَثَتِي فَهُوَ لَهُمْ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ كَثُرَ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ لَا تَكُونُ وَقْفًا إِلَّا مَا لَا بَالَ لَهُ كَالْمَيَازِيبِ وَالْقَبْوِ وَمَا لَهُ بِمَال فَلِوَرَثَتِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عِصْمَةُ الْمَالِ عَنِ الْخُرُوجِ وَالْيَسِيرُ الظَّاهِرُ الْإِعْرَاضُ عَنْهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ لَيْسَ لِوَرَثَتِهِ فِي الْيَسِيرِ شَيْءٌ أَوْصَى أَمْ لَا قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ مَنْ سَكَنَ مَسْكَنًا فَبَنَى فِيهِ ثُمَّ مَاتَ وَصَارَ سُكْنَاهَا لِغَيْرِ وَرَثَتِهِ فَلَيْسَ لِلْبَانِي قِيمَةُ بِنَاءٍ وَلَا عِمَارَةٍ وَقَالَ مَالِكٌ إِذَا عَمَّرَ بَعْضُ أَهْلِ الْوَقْفِ فِي غَيْرِ حَيِّزِهِ الَّذِي بِيَدِهِ هُوَ كَالْأَجْنَبِيِّ حَقُّهُ فِيهِ قَالَ مَالِكٌ إِذَا حَبَسَ دَارًا أَوْ أَرْضًا حَيَاتَهُ فَبَنَى فِيهَا بَيْتًا أَوْ غَرَسَ نَخَلًا وَمَاتَ فَإِنْ صَارَتِ الدَّارُ لِوَرَثَةِ الْبَانِي فَذَلِكَ لَهُمْ وَإِلَّا قَلَعُوا الْبِنَاءَ وَالنَّخْلَ إِلَّا أَنْ يُعْطُوا قِيمَةَ ذَلِكَ مَقْلُوعًا قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا بَنَى الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ مَا يَرَى أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الْحَبْسَ فَلَا حَقَّ لَهُ أَوْصَى بِهِ أَمْ لَا وَمَا يَرَى أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ بِهِ الْوَقْفَ فَلِوَرَثَتِهِ قَالَ التُّونِسِيُّ لَعَلَّ ابْنَ الْقَاسِمِ تَكَلَّمَ عَلَى عَادَةٍ عِنْدَهُمْ وَإِلَّا فَالْأَصْلُ عِصْمَةُ الْأَمْوَالِ وَفِي الْمَجْمُوعَةِ إِذَا حَبَسَتْ دَارًا أَوْ قَاعَةً عَلَى قَبِيلٍ فَبَنَى فِيهَا رجل من الْقَبِيل حَوَانِيتَ وَبُيُوتًا لِلْغَلَّةِ يُقَاصُّ بِعَيْنِ مَا بَنَى بِمَا نَقَصَ مِنَ الْخَرَاجِ فِيمَا أَنْفَقَ فَإِذَا اسْتَوْفَى فَالْكِرَاءُ بَعْدَ ذَلِكَ لِجَمِيعِ أَهْلِ الْحَبْسِ فَإِنْ أَرَادَ غَيْرُهُ الدُّخُولَ مَعَهُ فِيمَا بَنَى لِلْغَلَّةِ غَرِمَ نِصْفَ مَا بَقِيَ لَهُ مِنْ حَقِّهِ وَدَخَلَ فَيَكُونُ نِصْفُهُ فِي يَدَيْهِ يُقَاصُّ نَفْسَهُ مِنْ غَلَّتِهِ بِمَا غَرِمَ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ ثُمَّ تَكُونُ الْغَلَّةُ بَيْنَ الْجَمِيعِ كَانَ لِلْقَاعَةِ قَبْلَ ذَلِكَ غَلَّةٌ أَمْ لَا قَالَ التُّونِسِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَا قَابَلَ الْقَاعَةَ مِنِ الْكِرَاءِ لِلْجَمِيعِ لِأَنَّ بِنَاءَهُ لَا يُسْقِطُ حُقُوقَهُمْ مِنَ الْحَبْسِ وَكِرَاءِ الْقَاعَةِ إِذَا كَانَ لَهَا كِرَاءٌ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَالزَّائِدُ عَلَى كِرَاءِ الْقَاعَةِ يُقَاصُّ بِهِ نَفْسَهُ وَلَمْ يَجْعَلْ جَمِيعَ غَلَّةِ الْبِنَاءُ لَهُ وَلَعَلَّ هَذِهِ سُنَّةٌ جَرَتْ فِي الْأَحْبَاسِ إِذَا بَنَى فِيهَا أَحَدٌ لِيَغْتَلَّ أَنَّهُ يُقَاصِصُ نَفْسَهُ بِمَا أَنْفَقَ وَيَكُونُ الَّذِي بَنَاهُ حبسا وَأما

إِنْ بَنَى الْمَسْكَنَ فَهُوَ أَوْلَى بِمَا بَنَى مِمَّا يَكْفِيهِ لِلسُّكْنَى فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ حَبَسَ حَائِطَهُ عَلَى رَجُلٍ حَيَاتَهُ وَكَانَ يَغْتَلَّهُ فَمَاتَ وَفِيهِ ثَمَرٌ فَلِوَرَثَتِهِ إِنْ طَابَ وَإِلَّا فَلِرَبِّ الْحَائِطِ تَبَعٌ لِلْأَصْلِ كَالْبَيْعِ وَلَوْ كَانُوا جَمَاعَةٌ يَلُونَهُ وَيَسْقُونَهُ فَنَصِيبُهُ لِوَرَثَتِهِ فَلَوْ أَبَرَتْ وَلَمْ تَطِبْ فَلِبَقِيَّةِ أَصْحَابِهِ لِأَنَّ أَكْثَرَ الْكُلَفِ بَقِيَتْ عَلَيْهِم وَإِن لم يلوا الْعَمَل بل يقسم عَلَيْهِمُ الْغَلَّةُ فَنَصِيبُهُ لِرَبِّ النَّخْلِ ثُمَّ رَجَعَ مَالِكٌ فَقَالَ يَرُدُّ ذَلِكَ عَلَى مَنْ بَقِيَ تَوْفِيَةً بِالْوَقْفِ وَغَلَّةُ الدَّارِ وَالْعَبْدُ كَالثَّمَرَةِ وَأَمَّا دَارٌ يَسْكُنُونَهَا وَعَبْدٌ يَخْدِمُهُمْ فَنَصِيبُ الْمَيِّتِ لِبَاقِيهِمْ لِأَنَّ سُكْنَاهُمْ وَخِدْمَتَهُمْ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمْ وَالثَّمَرَةُ أَبَرَتْ فَحَقُّهُ ثَابِتٌ قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الرُّوَاةِ وَقَالَهُ الْمُغَيِّرَةُ فِيمَا يَنْقَسِمُ وَفِيمَا لَا يَنْقَسِمُ لِأَنَّ التَّأْبِيرَ يَمْنَعُ الثَّمَرَةَ مِنَ التَّبَعِيَّةِ وَيُوجِبُ لَهَا تَحَقُّقًا فِي نَفْسِهَا كَمَا فِي الْبَيْعِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِذَا مَاتَ أَحَدُهُمْ قَبْلَ طِيبِ الثَّمَرَةِ وَقَدْ أَنْفَقَ فَلِوَرَثَتِهِ الرُّجُوعُ بِهَا فَإِنْ طَابَتِ الثَّمَرَةُ وَرَجَعُوا بِالْأَقَلِّ مِنْ نَفَقَةِ الْمَيِّتِ أَوْ مَا يَنُوبُهُ مِنَ الثَّمَرَةِ بَعْدَ مُحَاسَبَتِهِ بِنَفَقَتِهِمْ وَكَذَلِكَ لَوْ حُبِسَ عَلَيْهِ خَاصَّةً وَلَوْ أُجِيحَتْ لَمْ يَكُنْ لِوَرَثَتِهِ شَيْءٌ وَقِيلَ يَقُومُ أَصْحَابُهُ لَأَنَّ النَّفَقَةَ كَالِاسْتِحْقَاقِ وَالْأَوَّلُ الصَّحِيحُ وَلَوْ مَاتَ بَعْدَ الطِّيبِ فلورثته اتِّفَاقًا كَانُوا يبيعون الثَّمَرَة يَلُونَهَا أَمْ لَا إِنَّمَا الْخِلَافُ إِذَا مَاتَ قَبْلَ الطِّيبِ وَلَوْ حَبَسَ عَلَيْهِمْ مُكَيَّلَةً مَعْلُومَةً فَمَاتَ أَحَدُهُمْ قَبْلَ الطِّيبِ رَجَعَ لِلْمُحْبِسِ نَصِيبُهُ اتِّفَاقًا إِنَّمَا الْقَوْلَانِ إِذَا كَانَتْ جُمْلَةُ الثَّمَرَةِ لَهُمْ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ لَوْ وُلِدَ لِأَحَدِهِمْ وَلَدٌ بَعْدَ الْإِبَارِ أَوْ قَبْلَهُ فَلَهُ حَقُّهُ مِنَ الثَّمَرَةِ أَوْ بَعْدَ طِيبِهَا فَلَا شَيْءَ لَهُ فِي ثَمَرَةِ الْعَامِ بَلْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَالْمُشْتَرِي فِي الْبَيْعِ وَلَوْ

حُبِسَتْ حَيَاةَ صَاحِبِهَا فَمَاتَ صَاحِبُهَا بَعْدَ الطِّيبِ فَهِيَ لَهُم فَإِن أبزت وَلَمْ تَطِبْ فَلِوَرَثَتِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا كَانَتِ الدَّارُ لِلْغَلَّةِ وَالْعَبْدُ لِلْخَرَاجِ فَنَصِيبُ الْمَيِّتِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ هَلْ يَرْجِعُ إِلَى أَصْحَابِهِ أَوِ الْمُحْبِسِ وَعَنْ مَالِكٍ فِي عَبْدِ الْخِدْمَةِ وَدَابَّةِ الرُّكُوبِ أَنَّ نَصِيبَهُ لَا يَكُونُ لِأَصْحَابِهِ وَهُوَ أَقْيَسُ لِعَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ مَا يُرَادُ لِلْغَلَّةِ أَوِ السُّكْنَى لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ إِنَّمَا عُمِلَ لَهُ جُزْءٌ مَعْلُومٌ لَا يُزَادُ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانُوا خَمْسَةً فَقَدْ جُعِلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ الْخُمُسُ وَالْمُحْبِسُ أَوْلَى فِي اسْتِصْحَابِ مِلْكِهِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ عَادَةً وَإِنْ جُعِلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ سُكْنَى بِعَيْنِهِ أَوْ خِدْمَةُ الْعَبْدِ لِفُلَانٍ يَوْمًا بِعَيْنِهِ وَلِفُلَانٍ يَوْمَيْنِ وَفِي الثِّمَارِ لِفُلَانٍ وَسْقٌ وَلِفُلَانٍ ثَلَاثَةٌ لَمْ يَرْجِعْ نَصِيبُهُ إِلَى أَصْحَابِهِ بَلْ لِلْمُحْبِسِ لِأَنَّ قَرِينَةَ التَّحْوِيلِ تُصَيِّرُهُ أَحْبَاسًا مُتَبَايِنَةً فَلَوْ أَخْرَجَ الْحَائِطَ أَكْثَرَ مِنْ تِلْكَ التَّسْمِيَةِ فَالْفَاضِلُ لِلْمُحْبِسِ أَوْ أَقَلَّ تَحَاصَّوْا وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمْ وَلَمْ يُوَفِّ الْحَائِطُ حُوصِصَ بِنَصِيبِ الْمَيِّتِ وَلَا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَالَ مَالِكٌ إِنْ سَمَّى لِأَحَدِهِمْ دُونَ غَيْرِهِ بُدِئَ بِمَنْ سَمَّى لَهُ لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ دَلِيلُ الْعِنَايَةِ إِلَّا أَنْ يُعْمَلَ فِيهِ فَهُوَ أَوْلَى بِإِجَارَتِهِ قَالَ وَأَرَى إِنْ سَمَّى لِأَحَدِهِمْ مَكِيلَةً وَلِلْآخَرِ جُزْءًا نَحْوَ لِزَيْدٍ وَسْقٌ وَلِعَمْرٍو رُبُعُ الثَّمَرَةِ وَلِخَالِدٍ سُدُسُهَا وَلِبَكْرٍ نِصْفُ سُدُسِهَا فَجَمِيعُ الْأَجْزَاءِ النِّصْفُ فَجَاءَ نِصْفُهَا عَشَرَةَ أَوْسُقِ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ تَسْمِيَتَهُ أَوْ ثَلَاثِينَ أَخَذَ أَرْبَابُ الْأَجْزَاءِ نِصْفَ الثَّمَرَةِ وَالْأَجْزَاءُ عَشَرَةُ أَوْسُقِ وَالْبَاقِي لِلْمُحْبِسِ أَوْ لِمَنْ كَانَ الْمَرْجِعُ إِلَيْهِ فَإِنْ جَاءَتْ أَقَلَّ مِنْ عِشْرِينَ هَلْ يَتَحَاصَّوْنَ أَوْ يُسَلَّمُ النِّصْفُ لِلْمُوصَى لَهُ وَيَكُونُ النَّقْصُ عَلَى أَرْبَابِ الْأَوْسُقِ وَهُوَ أَحْسَنُ فَإِنْ قَالَ مَنْ مَاتَ فَنَصِيبُهُ فِي وَجْهِ كَذَا فَكَمَا قَالَ وَلَا يُنْظَرُ مَوْتُ أَحَدِهِمْ وَإِنْ قَالَ إِنِ انْقَرَضُوا رَجَعَ فِي وَجْهِ كَذَا فَمَاتَ أَحَدُهُمْ وَالْمُحْبِسُ هُوَ الَّذِي يَلِي السَّقْيَ وَالْعِلَاجَ هَلْ نَصِيبُهُ لِأَصْحَابِهِ أَوْ لِلْمُحْبِسِ حَتَّى يَمُوتَ آخِرُهُمْ فَيَكُونُ فِيمَا ذُكِرَ مَرْجِعًا أَوْ يُجْعَلُ مِنَ الْآنِ فِي ذَلِكَ وَإِلَى الْمُحْبِسِ

أَحْسَنُ لِأَنَّهُ اشْتَرَطَ انْقِرَاضَ الْجَمِيعِ فِي الْمَرْجِعِ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ مَا بَلِيَ مِنَ الثِّيَابِ حَتَّى لَا يُنْتَفَعَ بِهِ أَوْ ضَعُفَ مِنَ الدَّوَابِّ بِيعَ وَاشْتُرِيَ بِثَمَنِ الدَّوَابِّ فَرَسٌ أَوْ بِرْذَوْنٌ أَوْ هَجِينٌ فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ أُعِينَ بِهِ فِي فرس وَكَذَلِكَ الْفرس بكلب أَو بخبث يُبَاعُ وَيُشْتَرَى بِهِ فَرَسٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَمَّا الثِّيَابُ فَيُشْتَرَى بِهَا ثِيَابٌ يُنْتَفَعُ بِهَا فَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ فَيَتَصَدَّقُ بِهِ فِي السَّبِيلِ وَرَوَى غَيْرُ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُبَاعُ مَا حُبِسَ مِنْ عَبْدٍ أَوْ ثَوْبٍ كَمَا لَا تُبَاعُ الرَّبَاعُ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ خَبُثَ بِبَاءٍ وَاحِدَةٍ مِنْ تَحْتِهَا وَآخِرُهَا ثَاءٌ مُثَلَّثَةٌ وَمَعْنَاهُ فَسَدَ وَبَطَلَ وَرُوِيَ خَبِبَ بِالْبَاءِ الْمَكْسُورَةِ وَآخِرُهَا بَاءٌ بِوَاحِدَةٍ وَمَعْنَاهُ هَلَكَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْهَلَاكُ بِالْكُلِّيَّةِ وَإِلَّا تَعَذَّرَ بَيْعُهُ وَإِنَّمَا بَطَلَ مَا يُرَادُ مِنْهُ فِي الْجِهَادِ وَالْوَجْهِ الَّذِي حُبِسَ لَهُ وَكَلِبَ بِكَسْرِ اللَّامِ أَصَابَهُ دَاءُ الْكَلْبِ وَهُوَ السَّعَرُ وَاخْتُلِفَ فِي تَفْرِيقِهِ بَيْنَ الثِّيَابِ وَالْخَيْلِ فَقِيلَ لَيْسَ بِخِلَافٍ بَلْ بِحَسَبِ السُّؤَالِ فَقَالَ ذَلِكَ فِي الْخَيْلِ لِأَنَّهَا بَقِيَتْ فِيهَا منقعة الْحَمْلِ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَقِيلَ بَلِ الْمَقْصُودُ فِي الْخَيل الْمَنْفَعَة لِلْغَزْوِ لَا لِلْغُزَاةِ فَجُعِلَتْ أَثْمَانُهَا فِي مِثْلِهَا وَالثِّيَابُ الْمَنْفَعَةُ بِهَا لِلْإِنْسِ فَإِذَا بَلِيَتْ أُعْطِيَتْ أَثْمَانُهَا لَهُمْ عِوَضًا عَمَّا كَانَ لَهُمْ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ قِيلَ لَا فَرْقَ بَيْنَ الثَّوْبِ وَالْفَرَسِ يَخْلَقُ فَإِذَا لَمْ يَجِدْ ثِيَابًا يَشْتَرِي بِهَا اشْتَرَكَ بِهَا فِي ثَوْبٍ كَمَا فِي الْفَرَسِ فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ فِيهِمَا تَصَدَّقَ بِالثَّمَنِ وَإِنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي الْكِتَابِ لِافْتِرَاقِ السُّؤَالِ فَتَكَلَّمَ فِي الثَّوْبِ إِذَا تَعَذَّرَتِ الشَّرِكَةُ وَفِي الْفَرَسِ إِذَا وُجِدَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الدَّارِ إِذَا خربَتْ لإتباع وَبَيْنَ غَيْرِهَا وَالْعَرْصَةُ يُتَوَقَّعُ عِمَارَتُهَا بِأُجْرَتِهَا سِنِينَ بِخِلَافِ الْفَرَسِ وَالثَّوْبِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا انْقَطَعَتْ مَنْفَعَةُ الْحَبْسِ وَعَادَ بَقَاؤُهُ ضَرَرًا بَاعَهُ وَإِنْ رُجِيَ عَوْدُ مَنْفَعَتِهِ امْتَنَعَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ضَرَرًا وَلَا رَجَاءً أَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَيْعَهُ لِعَدَمِ الْمَنْفَعَةِ وَمَنَعَ غَيْرُهُ لِعَدَمِ الضَّرَرِ قَالَ أَشهب

إِذَا فَضَلَ عَنْ عَيْشِ الرَّقِيقِ الْمُحْبَسِ فِي السَّبِيلِ فَضْلٌ فُرِّقَ عَلَى فُقَرَاءِ ذَلِكَ الثُّغْرِ فَإِنْ فَضَلَ عَنْهُمْ فَفِي أَقْرَبِ الثُّغُورِ فَإِنِ انْقَطَعَتْ عَلَيْهِمْ وَخِيفَ هَلَاكُهُمْ بِيعُوا وَقُسِّمَتْ أَثْمَانُهُمْ فِي السَّبِيلِ أَوِ اشْتُرِيَ بِأَثْمَانِهِمْ سِلَاحُ السَّبِيلِ وَلَا يباعوا مَا دَامَ كَسْبُهُمْ يَقُومُ بِهِمْ قَالَ وَقَوْلُهُ ضَرَرًا إِذَا كَانَ النَّقْصُ لِلْكَسَادِ فِي صَنْعَتِهِمْ وَيُرْجَى عَوْدُ مَنْفَعَتِهِمْ وَإِنْ كَانَ لِأَنَّهُمْ أَسَنُّوا وَلَا يُرْجَى مَنْفَعَتُهُمْ بِيعُوا عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَأَمَّا الْفَرَسُ يَكْلِبُ إِنْ كَانَ يُعْلَفُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ بِيعَ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ أَوْ يُرْعَى فَفِي بَيْعِهِ الْقَوْلَانِ وَلِذَلِكَ تُبَاعُ الدَّارُ إِذَا بَعُدَتْ عَنِ الْعُمْرَانِ وَلَمْ يُرْجَ صَلَاحُهَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَيَنْبَغِي الْمَنْع سرا لِذَرِيعَةِ بَيْعِ الْوَقْفِ وَأَمَّا مَا فِي الْمَدِينَةِ فَقَدْ يَعْمُرُهُ أَحَدٌ احْتِسَابًا لِلَّهِ قَالَ وَمَنْ قَطَعَ النَّخْلَ أَوْ قَتَلَ الْعَبْدَ أَوِ الْفَرَسَ غَرِمَ الْقِيمَةَ فَإِنْ كَانَ فِي السَّبِيلِ وَعَلَى الْفُقَرَاءِ جُعِلَتْ تِلْكَ الْقِيمَةُ فِي بِنَاءِ تِلْكَ الدَّارِ وَكَذَلِكَ النَّخْلُ وَالْفَرَسُ وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ يُصْرَفُ فِيمَا يُرَى أَنَّهُ أَفْضَلُ فَإِنْ كَانَ الْحَبْسُ عَلَى مُعَيَّنٍ سَقَطَ حَقُّهُ عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ وَعَادَ لِحَقِّهِ فِي تِلْكَ الْقِيمَةِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا مَاتَ الْعَبْدُ أَخْلَفَ بِمَالِهِ مَكَانَهُ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ كَقِيمَتِهِ إِذَا قُتِلَ أَوْ ثَمَنِهِ إِذَا بِيعَ وَإِنْ حَبَسَهُ عَلَى رَجُلٍ حَيَاةَ الْعَبْدِ رَجَعَ مَالُهُ لِسَيِّدِهِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ مَنَافِعُهُ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ حَبَسَ دَارَهُ عَلَى فُلَانٍ وَعَقِبِهِ أَوْ عَلَى وَلَدِهِ أَوْ قَالَ عَلَى وَلَدِي وَلَمْ يَجْعَلْ لَهَا مَرْجِعًا فَهِيَ وَقْفٌ لَا تُبَاعُ وَلَا تُورَثُ وَتَرْجِعُ بَعْدَ انْقِرَاضِهِمْ حَبْسًا عَلَى أَوْلَى النَّاسِ بِالْوَقْفِ يَوْمَ الْمَرْجِعِ وَإِنْ كَانَ حَيًّا وَإِنْ قَالَ هِيَ صَدَقَةٌ عَلَى فُلَانٍ وَوَلَدِهِ مَا عَاشُوا وَلَمْ يَذْكُرْ مرجعا فانقرضوا رجعت موقفا على فُقَرَاء أقرب الْوَاقِفِ لِقَرِينَةِ الصَّدَقَةِ قَالَ غَيْرُ ابْنِ الْقَاسِمِ كُلُّ حَبْسٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ حَبْسٍ عَلَى مَجْهُولِ مَنْ يَأْتِي نَحْوَ عَلَى وَلَدِي وَلَمْ يُسَمِّهِمْ فَإِنَّهُ مَجْهُولٌ فَذَلِكَ كُلُّهُ حَبْسٌ

قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ فِيهَا أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ لِأَنَّ الْمُحْبَسَ عَلَيْهِ إِمَّا مُعَيَّنٌ أَوْ لَا وَالْمُعَيَّنُ إِمَّا مَحْصُور أَولا وَلِكُلِّ قِسْمٍ حُكْمٌ فَمَتَى عَيَّنَ شَخْصًا فَقَالَ عَلَى فُلَانٍ وَأَوْلَادِ فُلَانٍ وَعَيَّنَهُمْ فَهَلْ يَكُونُ مُؤَبَّدًا فَإِنْ مَاتَ رَجَعَ حَبْسًا عَلَى أَقْرَبِ النَّاسِ بِالْمُحْبِسِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَرَابَةٌ فَالْفُقَرَاءُ نَظَرًا لِلَفْظِ الْحَبْسِ أَوْ يَرْجِعُ مِلْكًا للْوَاقِف ولورثته كللعمرى قَوْلَانِ لِمَالِكٍ وَإِنْ حَبَسَ عَلَى مُعَيَّنِينَ مَحْصُورِينَ فَقَوْلَانِ لمَالِك كَمَا تقدم والمعينين غَيْرُ الْمَحْصُورِينَ نَحْوَ فِي السَّبِيلِ أَوْ وَقُودِ مَسْجِدِ كَذَا أَوْ إِصْلَاحِ قَنْطَرَةِ كَذَا فَهُوَ كالحبس الْمُبْهم الْمُتَقَدّم وَيُوقف على التأييد فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ الْوَجْهُ وَلَا يَطْمَعُ فِي بنائِهِ صُرِفَ فِي مِثْلِهِ وَفِي مَحْصُورِينَ غَيْرِ مُعَيَّنِينَ يُتَوَقَّعُ انْقِرَاضُهُمْ نَحْوَ بَنِي زَيْدٍ أَوْ عَقِبِهِ أَوْ فَرَسٍ حُبِسَ عَلَى مَنْ يَغْزُو فِي هَذِهِ الطَّائِفَةِ أَوْ طَلَبِ الْعِلْمِ بِمَدِينَةِ كَذَا فَكَالْحَبْسِ الْمُبْهَمِ الْمُطْلَقِ يَتَأَبَّدُ وَيَرْجِعُ بَعْدَ انْقِرَاضِ الْوَجْهِ مَرْجِعَ الْأَحْبَاسِ عَلَى مَذْهَبِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ ابْنُ الْجَلَّابِ يَعُودُ مِلْكًا وَاخْتُلِفَ هَلْ بني زَيْدٍ مِثْلُ وَلَدِ زَيْدٍ فِيمَنْ وَجَدَ وَمَنْ لَمْ يُوجَدْ يَتَأَبَّدُ أَمْ لَا وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنِينَ وَغَيْرُ الْمَحْصُورِينَ نَحْوُ بَنِي تَمِيمٍ أَوِ الْمُجَاهِدِينَ أَوْ إِصْلَاحِ الْمَسَاجِدِ أَوْ طَلَبِ الْعِلْمِ فيتكابد كَالْمُطْلَقِ وَإِنْ حَبَسَ عَلَى مَعْدُومٍ بَعْدَ وُجُودِ غَيْرِ مَحْصُورِينَ نَحْوَ عَلَى أَوْلَادِي وَبَعْدَهِمْ لِلْمَسَاكِينَ وَلَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا أَوِ أَيِسَ مِنَ الْوَلَدِ فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ يَرْجِعُ مِلْكًا وَعِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ يَرْجِعُ حَبْسًا لِلْمَسَاكِينِ وَإِنْ جَعَلَ مَكَانَ الْحَبْس للْوَقْف فَحَكَى الْبَغْدَادِيُّونَ أَنَّهُ يَنْفُذُ حَبْسًا - كَانَ عَلَى مُعَيَّنِينَ أَوْ مَجْهُولِينَ أَوْ مَحْصُورِينَ أَوْ غَيْرِ مَحْصُورِينَ وَأَنَّهُ لَا يُخْتَلَفُ فِيهِ وَقَالَ غَيْرُهُمْ اللَّفْظَانِ سَوَاءٌ فِي الْخِلَافِ وَالِاتِّفَاقِ فَأَمَّا إِنْ قَالَ صَدَقَةً وَعَيَّنَهَا لَشَخْصٍ فَهِيَ مِلْكٌ لَهُ أَوْ عَلَى مَجْهُولِينَ غَيْرِ مَحْصُورِينَ نَحْوِ الْمَسَاكِينِ قُسِّمَتْ عَلَيْهِمْ أَوْ ثَمَنُهَا أَوْ أُنْفِقَتْ فِيمَا يَحْتَاجُهُ ذَلِكَ الْوَجْهُ الْمَجْهُولُ وَلَا يَكُونُ حَبْسًا وَإِنْ قَالَ فِي

الصَّدَقَةِ عَلَى مَجْهُولِينَ مَحْصُورِينَ مِمَّا يَتَوَقَّعُ انْقِطَاعَهُمْ نَحْوَ وَلَدِ فُلَانٍ قَالَ فِي الْكِتَابِ حَبْسٌ مُؤَبَّدٌ وَيَرْجِعُ بَعْدَ انْقِرَاضِهِمْ مَرْجِعَ الْأَحْبَاسِ سَوَاءً قَالَ مَا عَاشُوا أَمْ لَا وَعَنْهُ يَرْجِعُ لِآخِرِ الْمُحْبَسِ عَلَيْهِمْ مِلْكًا وَقِيلَ حُكْمُهَا حُكْمُ الْعُمْرَى وَهَذَا كُلُّهُ إِذَا أَفْرَدَ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ فَمَتَى قَيَّدَهَا بِصِفَةٍ أَوْ أَجَلٍ أَوْ شَرْطٍ اخْتَلَفَ حُكْمُهَا فَمَتَى قَالَ حَبْسٌ أَوْ وَقْفٌ أَوْ صَدَقَةٌ سَنَةً أَوْ حَيَاتِي عَلَى مُعَيَّنِينَ أَوْ مَجْهُولِينَ أَوْ مَعْدُومٍ فَهِيَ هِبَةُ مَنْفَعَةٍ وعمرى إِلَى أجل اتِّفَاقًا وَترجع عِنْد انقاضاء الْأَجَلِ لِرَبِّهَا أَوْ لِوَرَثَتِهِ وَإِنْ قَالَ فِي الْمُعَيَّنِينَ حَيَاتَهُ أَوْ مَا عَاشَ اخْتَلَفَ حُكْمُ الْأَلْفَاظِ فَالصَّدَقَةُ عُمْرَى وَالْحَبْسُ مِثْلُ ذَلِكَ لَا يَتَغَيَّرُ حُكْمُهُ قَالَهُ سَحْنُونٌ وَقَالَ مُحَمَّدٌ هُوَ عُمْرَى اتِّفَاقًا وَأَمَّا الْمَجْهُولُ الْمَحْصُورُ إِنْ قَيَّدَهُ بِحَيَاتِهِمْ أَوْ مَا عَاشُوا فَفِي الْكِتَابِ حَبْسٌ مُؤَبَّدٌ وَقَالَ مُطَرِّفٌ عُمْرَى لِأَجَلِ التَّقْيِيدِ وَمَتَى قَالَ فِي جَمِيعِ هَذِهِ مُحَرَّمٌ لَا يُبَاعُ وَلَا يُورث تأبد اتِّفَاقًا لأجل هَذِه القرائين التَّأْكِيدِيَّةِ فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ أَقْرَبُ النَّاسِ بِالْمُحْبِسِ الَّذِي يَرْجِعُ الْحَبْسُ إِلَيْهِمْ بَعْدَ انْقِرَاضِ الْحَبْسِ قَالَ مَالِكٌ الْأَقْرَبُ مِنَ الْعَصَبَةِ وَمِنَ النِّسَاءِ مَنْ لَوْ كَانَتْ رَجُلًا كَانَتْ عَصَبَةً لِلْمُحْبِسِ وَلَا يَدْخُلُ وَلَدُ الْبَنَاتِ وَلَا بَنُو الْأَخَوَاتِ وَلَا الزَّوْجَاتُ بَلْ مِثْلُ الْعَمَّاتِ وَالْجَدَّاتِ وَبَنَاتِ الْأَخِ وَالْأَخَوَاتِ الشَّقَائِقِ أَوْ لِأَبٍ دُونَ الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ وَاخْتُلِفَ فِي الْأُمِّ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تَدْخُلُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا تَدْخُلُ الْأُمُّ وَلَا أَحَدٌ مِنِ الْإِنَاثِ إِلَّا مَنْ يَرِثُهُ مِنْهُنَّ كَالْبَنَاتِ وَبَنَاتِ الْأَبْنَاءِ وَالْأَخَوَاتِ وَأَمَّا الْأُمُّ فَلَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنَ النَّسْلِ وَلَا تَدْخُلُ الْعَمَّةُ وَلَا بِنْتُ الْعَمِّ وَلَا بِنْتُ الْأَخِ وَإِنْ كَانَ أَخًا وَأُخْتًا فَذَلِكَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ وَحْدَهَا أَخَذَتِ الْجَمِيعَ كَانَ فِي أَصْلِ الْحَبْسِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ أَمْ لَا فَإِنِ اجْتَمَعَ النِّسَاءُ الْمُعْتَبَرَاتُ وَالْعَصَبَةُ دُونَهُنَّ قَالَ مَالِكٌ يَدْخُلُونَ كُلُّهُمْ إِلَّا أَنْ لَا يَكُونَ سَعَةً فَيُبْتَدأُ بِإِنَاثِ ذُكُورِ وَلَدِهِ عَلَى الْعَصَبَةِ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ وَكَذَلِكَ الْعَصَبَةُ الرِّجَال

يَبْدَأُ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ وَيَدْخُلُ الْمَوَالِي إِذَا لَمْ تَكُنِ الْعَصَبَةُ أَقْرَبَ مِنْهُمْ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ وَإِذَا انْفَرَدَ النِّسَاءُ قَسَّمَ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ قَالَ وَلَا يُعْجِبُنِي قَوْلُهُ إِلَّا أَنْ يُفَضِّلَ عَنْهُنَّ وَمَا حَصَّلَ رَجَعَ عَلَيْهِنَّ لِأَنَّ أَهْلَ الْأَحْبَاسِ إِذَا اسْتَوَوْا فِي الْحَاجَةِ وَالْغِنَى لَمْ يُصْرَفْ إِلَى غَيْرِهِمْ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يُفَضَّلُ الْفَقِيرُ عَلَى الْغَنِيِّ إِلَّا بِشَرْطٍ مِنَ الْمُحْبِسِ لِأَنَّ الْوَاقِفَ عَلِمَ أَنَّ الْفَقِيرَ يَكُونُ فِيهِمْ وَالْغَنِيَّ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِذَلِكَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَنْظُرُ إِلَى أَوَّلِ حَبْسِهِ إِنْ أَرَادَ بِهِ الْمَسْكَنَةَ جَعَلَ مَرْجِعَهُ كَذَلِكَ وَأُحَرِّمُ الْغَنِيَّ مُلَاحَظَةً لِغَرَضِهِ وَإِلَّا أَعْطَى الْجَمِيعَ وَرَجَّحَ أَهْلَ الْحَاجَةِ قَالَهُ مَالِكٌ وَإِنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ قَدَّمَ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ وَإِنِ اشْتَرَطَ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ بَطَلَ الشَّرْطُ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَصَدَّقْ عَلَيْهِم وَلِأَنَّهُ لوكان لَهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ ابْنَةٌ أَوْ أُخْتٌ اخْتُصَّتْ بِالْجَمِيعِ قَالَ اللَّخْمِيُّ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا لَمْ يَتْرُكْ إِلَّا ابْنَةً لَمْ يَكُنْ لَهَا شَيْءٌ وَإِنَّمَا هُوَ لِلْعَصَبَةِ قَالَ وَالْأَصْوَبُ إِعْطَاءُ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ مِنَ النِّسَاءِ إِذَا كُنَّ فُقَرَاءَ مِنْ قِبَلِ الرِّجَالِ أَوِ النِّسَاءِ لِأَنَّ الْمَرْجِعَ لَيْسَ فِيهِ شَرْطٌ فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا حَبَسَ فَرَسًا عَلَى رَجُلٍ وَشَرَطَ عَلَى الْمُحْبَسِ عَلَيْهِ حَبْسَهُ سَنَةً وَعَلَفَهُ فِيهَا ثُمَّ هُوَ بَتَلَ بَعْدَهَا وَقَالَ أَيْضًا إِنْ دَفَعَهُ يَغْزُو عَلَيْهِ ثَلَاثُ سِنِينَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ فِيهَا ثُمَّ هُوَ لِلْمُعْطِي بَعْدَ الْأَجَلِ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ غَرَرٌ فقد يهْلك الْفرس قبل الْأَجَل فَيذْهب علفه بَاطِلا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَنَا أَرَى إِنْ لَمْ يَمْضِ الْأَجَلُ أَنْ يُخَيَّرَ الَّذِي حَبَسَ الْفَرَسَ بَيْنَ تَرْكِ الشَّرْطِ وَتَبْتِيلِهِ أَوْ أَخْذِهِ وَيَرُدُّ لِلرَّجُلِ مَا أَنْفَقَ وَإِنْ مَضَى الْأَجَلُ وَكَانَ الَّذِي يَبْتُلُ لَهُ بَعْدَ الْأَجَلِ بِغَيْرِ قِيمَةٍ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ جَوَابُ المسئلتين وَاحِدٌ وَالْفَرَسُ فِيهِمَا بَعْدَ الْأَجَلِ مِلْكٌ

وَقيل المسئلتان مفترقتان لذكر التَّخْيِير فِي الْأُولَى فَهِيَ بَعْدَ الْأَجَلِ حَبْسٌ عَلَى الْمُعْطِي لَا مِلْكٌ وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الثَّانِيَةِ فَيَكُونُ بَعْدَ الْأَجَلِ مِلْكًا لِلْمُعْطِي وَلَوْ لَمْ يَكُنِ الْأَوَّلُ حَبْسًا كَيْفَ أَسْقَطَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْقِيمَةَ بَعْدَ الْأَجَلِ لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ كِرَاءً فَاسِدًا كَيْفَ أَمْضَاهُ أَوْ بَيْعًا فَاسِدًا أَسْقَطَ الْقِيمَةَ فَكَيْفَ بِأَخْذِهِ بِغَيْرِ قِيمَةٍ بَلْ هُوَ بِيَدِهِ بعد السّنة حبسا تَوْفِيَة بِالشّرطِ فَيرجع الْمُعْطى على رب الْفرس بِمَا اتّفق عَلَيْهِ فِي السَّنَةِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ فَإِنْ أَدْرَكَ فِي الْأَوَّلِ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ خُيِّرَ الْمُحْبِسُ بَيْنَ تَنْفِيذِ الْحَبْسِ وَإِسْقَاطِ الشَّرْطِ وَيَدْفَعُ مَا أَنْفَقَ عَلَى الْفَرَسِ لِأَنَّ النَّفَقَةَ لِذَلِكَ الشَّرْطِ وَبَيْنَ أَخْذِ الْفَرَسِ وَدَفْعِ النَّفَقَةِ وَإِنَّمَا أَسْقَطَ الْقِيمَةَ بَعْدَ فَوْتِ الْأَجَلِ لِأَنَّ الْفَوْتَ مِنْ قِبَلِ الْمُحْبِسِ يُخَالِفُ الْعَبْدَ يَشْتَرِيهِ عَلَى أَنَّهُ مُدَبَّرٌ وَفَوْتُهُ مِنْ قِبَلِ الْمُشْتَرِي وَبِنَفْسِ الشِّرَاءِ يَكُونُ مُدَبَّرًا وَالْفَرَسُ بِتَمَامِ الْأَجَلِ يَكُونُ حبا قَالَ أَبُو الْحسن ومبنى الثَّانِيَةِ أَنَّ ثَوَابَ الْغَزْوِ لِلدَّافِعِ فَصَارَتِ النَّفَقَةُ فِي الْأَجَلِ ثَمَنَ الْمَبِيعِ بَعْدَ الْأَجَلِ فَإِنْ أَدْرَكَ قَبْلَ الْأَجَلِ خُيِّرَ الدَّافِعُ بَيْنَ الْإِمْضَاءِ بِغَيْرِ شَرْطٍ وَدَفْعِ النَّفَقَةِ وَبَيْنَ ارْتِجَاعِ فَرَسِهِ وَغَرِمَ النَّفَقَةَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى مَضَى الْأَجَلُ وَلَمْ يَتَغَيَّرِ الْفَرَسُ بِحَوَالَةِ سُوقٍ فُسِخَ الْبَيْعُ لِأَنَّهُ الْآنَ صَارَ بَيْعًا فَاسِدًا وَيُرَدُّ وَيُغْرَمُ النَّفَقَةَ وَإِنْ فَاتَ بِشَيْءٍ مِنْ وُجُوهِ الْفَوْتِ غَرِمَ الْقَابِضُ قِيمَتَهُ مِنْ حِينِ حَلَّ الْأَجَلُ لِأَنَّهُ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ ضَمِنَهُ وَإِنْ قَبَضَهُ لِلْغَزْوِ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ عَنِ الدَّافِعِ رَجَعَ عَلَيْهِ بِأُجْرَةٍ مِثْلِهِ إِنْ غَزَا عَنْهُ وَإِنْ غَزَا لِنَفْسِهِ إِلَّا أَنَّ أَجْرَ الْفَرَسِ لِلدَّافِعِ فَقَدِ انْتَفَعَ بِالرُّكُوبِ فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الرُّكُوبِ وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا كَانَ قَبْلَ الْأَجَلِ وَأَمَّا بَعْدَهُ فَالْأُجْرَةُ سَاقِطَةٌ فِيمَا اسْتَعْمَلَهُ بَعْدَ الْأَجَلِ لِأَنَّهُ ضَمِنَ الْفَرَسَ وَالْأُجْرَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ لَا تَسْقُطُ وَكَذَلِكَ يَرْجِعُ الْمُنْفِقُ بِالنَّفَقَةِ قَبْلَ الْأَجَلِ وَإِنْ فَاتَ الْأَجَلُ وَضَمِنَ الْقِيمَةَ لِتَقَرُّرِهَا قَبْلَ ذَلِكَ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ فِي اشْتِرَاطِ مِرَمَّةِ الدَّارِ إِنْ وَقَعَ مَضَى الْحَبْسُ وَسَكَنَ فَإِنِ احْتَاجَتْ إِلَى مِرَمَّةِ الدَّارِ إِنْ وَقَعَ مَضَى الْحَبْسُ

- (فصل في مقتضيات الألفاظ)

وَسَكَنَ فَإِنِ احْتَاجَتْ إِلَى مِرَمَّةِ أَخْرَجْنَاهُ مِنْهَا وَأَكْرَيْنَاهَا بِقَدْرِ مِرَمَّتِهَا ثُمَّ يَعُودُ إِلَّا أَنْ يَقُولَ أَنَا أَسْكُنُ وَأَرُمُّ بِقَدْرِ مَا يُكْتَرَى مِنْ غَيْرِي فَذَلِكَ لَهُ فَإِنْ رَمَّ وَبَنَى بِمُقْتَضى الشَّرْط قيل يُعْطَى مَا أَنْفَقَ أَيْضًا وَلَا يُعْطَى قِيمَةَ ذَلِكَ مَقْلُوعًا وَلَوْ قِيلَ لَهُ خُذْهَا عَلَى هَذَا وَعَلَى أَنْ تَبْنِيَ فِي مَوْضِعٍ مِنْهَا بنيانا كثيرا فههنا إِنَّمَا يُعْطَى مَا أَنْفَقَ أَيْضًا وَلَا يُعْطَى قِيمَةَ ذَلِكَ مَنْقُوضًا بِخِلَافِ إِذَا أَعَارَهُ بِشَرْطِ بَقَاءِ الْبِنَاءِ لَهُ بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنَ السُّكْنَى مَتَى شَاءَ يُعْطَى قِيمَةَ الْبِنَاءِ مَنْقُوضًا لِأَنَّهُ بَنَى لِنَفْسِهِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ إِذَا أَسْكَنَهُ سِنِينَ مُسَمَّاةً أَوْ حَيَاتَهُ عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ مِرَمَّتَهَا فَهُوَ كِرَاءٌ مَجْهُولٌ وَإِنْ أَعْطَاهُ رَقَبَتَهَا عَلَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ فَبَيْعٌ فَاسد وَالْغلَّة للمعطى بِالضَّمَانِ وَترد لِرَبِّهَا ويتبعه بِمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ 3 - (فَصْلٌ فِي مُقْتَضَيَاتِ الْأَلْفَاظِ) وَهِيَ سَبْعَةَ عَشَرَ لَفْظًا اللَّفْظُ الْأَوَّلُ لَفْظُ الْوَلَدِ فَفِي الْكِتَابِ قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ يَدْخُلُ فِي وَلَدِهِ وَلَدُ وَلَدِهِ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ إِلَّا أَنَّ وَلَدَهُ أَحَقُّ مِنْ أَبْنَائِهِمْ مَا عَاشُوا لِأَنَّهُمْ دَخَلُوا تَبَعًا لَهُمْ إِلَّا أَنْ يُفَضِّلَ فَيَكُونَ لَوَلَدِ الْوَلَدِ قَالَ مَالِكٌ يَدْخُلُ الْأَبْنَاءُ مَعَهُمْ وَيُؤْثَرُ الْآبَاءُ وَإِنْ قَالَ وَلَدِي وَولد وَلَدي بُدِئَ الْآبَاء وَالْفَضْلُ لِلْأَبْنَاءِ وَسَوَّى الْمُغِيرَةُ بَيْنَهُمْ قَالَ مَالِكٌ وَلَا يَدْخُلُ وَلَدُ الْبَنَاتِ لِعَدَمِ دُخُولِهِمْ فِي قَوْلهم تَعَالَى {يُوصِيكُم الله فِي أَوْلَادكُم} وَقَالَ الشَّاعِرُ (بَنُونَا بَنُو أَبْنَائِنَا وَبَنَاتُنَا ... بَنُوهُنَّ أَبْنَاءُ الرِّجَالِ الْأَبَاعِدِ ... ) وَلِأَنَّ الْعَادَةَ نِسْبَتُهُمْ إِلَى نَسَبِ أَبِيهِمْ دُونَ أُمِّهِمْ وَقَالَ (ش) وَأَحْمَدُ لَا يَنْدَرِجُ فِي الْوَلَدِ إِلَّا وَلَدُ الصُّلْبِ لِأَنَّهُ الْحَقِيقَةُ وَإِطْلَاقُ الْوَلَدِ عَلَى غَيْرِهِ مَجَازٌ

وَلذَلِك أَن بِنْتَ الِابْنِ إِنَّمَا وَرِثَتْ بِالسُّنَّةِ دُونَ قَوْله تَعَالَى {يُوصِيكُم الله فِي أَوْلَادكُم} قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ قَالَ ابْنَ فُلَانٍ وَلَمْ يَقُلْ وَلَدَ اخْتُصَّ بِالْمَوْجُودِ وَإِذَا قَالَ حَبْسٌ عَلَى وَلَدِ ظَهْرِي اخْتُصَّ بِالْوَلَدِ دُونَ بَنِيهِمْ وَإِنْ قَالَ عَلَى بَنِي ابْنِي كَانَ لِإِخْوَتِهِ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ وَلِإِخْوَتِهِ لِأَبِيهِ وَيُخْتَلَفُ فِي دُخُولِ بَنِيهِمْ وَلَا شَيْءَ لِإِخْوَتِهِمْ لِأُمِّهِمْ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ يَدْخُلُ وَلَدُ الْبَنَاتِ فِي لَفْظِ الْوَلَدِ لِانْدِرَاجِهِنَّ فِي قَوْله تَعَالَى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} فَحرمت بذلك بنت الْبِنْت إِجْمَاعًا وَلقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ يُصْلِحُ اللَّهُ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ يُشِيرُ لِلْحَسَنِ ابْنِ ابْنَتِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَلِأَنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ وَلَدِ آدَمَ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ ابْنُ ابْنَتِهِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنِ انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَلَى إِرَادَةِ الْمَجَازِ فِي صُورَةِ حَمْلِ اللَّفْظِ عَلَيْهِ فِي صُورَةٍ أُخْرَى وَالْحَمْلُ فِي آيَةِ التَّحْرِيمِ مَجَازٌ وَإِلَّا لَا طَرْدَ فِي آيَةِ الْمَوَارِيثِ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ إِنَّمَا تَرَكَ الْمَعَارِضَ وَالتَّعَارُضُ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ وَكَذَلِكَ الحَدِيث مَعْمُول عَلَى الْمَجَازِ وَإِلَّا لَزِمَ تَرْكُ الْعَمَلِ بِالدَّلِيلِ فِي آيَةِ الْمَوَارِيثِ وَعَنِ الثَّالِثِ إِنِ ادَّعَيْتُمْ أَنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ يُحْسَنُ إِطْلَاقُ لَفْظِ ابْنِ آدَمَ عَلَيْهِ فَمُسَلَّمٌ وَإِنِ ادَّعَيْتُمْ أَنَّ اللَّفْظَ وُضِعَ لَهُ لُغَةً فَمَمْنُوعٌ وَقَدْ ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ فِي ضَوَابِطِ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ أَنَّ كُلَّ لَفْظٍ يَصِحُّ سَلْبُهُ فَهُوَ مَجَازٌ فَإِنَّ مَنْ رَأَى شُجَاعًا فَقَالَ رَأَيْتُ أَسَدًا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ مَا رَأَيْتُ أَسَدًا وَلَوْ رَأَى الْحَيَوَانَ الْمُفْتَرِسَ مَا حَسُنَ أَنْ يُقَالَ مَا رَأَى أَسَدًا كَذَلِكَ فِي صُورَةِ النِّزَاعِ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ لَا أَبَ لِعِيسَى مُطْلَقًا وَإِنَّمَا لَهُ أُمٌّ فَقَطْ وَهُوَ يُنَاقِضُ قَوْلَنَا آدَمُ أَبُوهُ وَكَذَلِكَ يُقَالُ هَذَا لَيْسَ ابْنِي بَلِ ابْنُ فُلَانٍ مِنَ ابْنَتِي وَقَالَ (ح) وَلَدُ الْبَنَاتِ قطعى النِّسْبَة

إِلَيْهِنَّ وَوَلَدُ الِابْنِ مَظْنُونٌ وَالْمَقْطُوعُ أَوْلَى بِالدُّخُولِ مِنَ الْمَظْنُونِ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنَ الْقَطْعِ بِنِسْبَةِ الْوِلَادَةِ الْقَطْعُ بِوَضْعِ اللَّفْظِ بِإِزَاءٍ يَمْلِكُ النِّسْبَةَ فَأَيْنَ أَحَدُّ الْبَابَيْنِ مِنَ الْآخَرِ اللَّفْظُ الثَّانِي وَقَفْتُ عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي أَوْ أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الشُّيُوخِ يَدْخُلُ فِيهِ وَلَدُ الْبَنَاتِ وَهُوَ ظَاهِرُ اللَّفْظِ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى فَلَمَّا قَالَ وَوَلَدِ وَلَدِي كَأَنَّهُ قَالَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ وَعَنْ مَالِكٍ لَا يَدْخُلُونَ لِمَا تَقَدَّمَ فِي اللَّفْظِ الْأَوَّلِ وَعَنْهُ ذَلِكَ وَلَوْ قَالَ عَلَى أَوْلَادِي وَأَعْقَابِهِمْ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا أَوْصَى لِوَلَدِ فُلَانٍ اخْتَصَّتْ بِذُكُورِهِمْ دُونَ بَنَاتِهِ بِخِلَافِ مَا إِذَا أَوْصَى لِبَنِي فُلَانٍ يُدْخِلُ الْبَنَاتُ قَالَ وَفَائِدَةُ قَوْلِهِ وَوَلَدِ وَلَدِي عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ وَلَدُ الِابْنِ دَخَلَ فِي لَفْظِ وَلَدِي فَقَطْ فَفِي احْتِمَالِ الِاخْتِصَاصِ بِالْوَلَدِ قَالَ وَلَفْظُ الْوَلَدِ يَقَعُ حَقِيقَةً لُغَةً عَلَى أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ وَلَدِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَإِنَّمَا عُرْفُ الشَّرْعِ وَالنَّاسِ أَخْرَجَ وَلَدَ الْبَنَاتِ وَخَصَّصَ اللَّفْظَ لِمَنْ يَرِثُ قَالَ وَقَالَ جَمَاعَةٌ لَا يَتَنَاوَلُ غَيْرَ وَلَدِ الصُّلْبِ إِلَّا مَجَازًا وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ قُلْتُ وَهُوَ مَذْهَبُ ش وَأَحْمَدَ وَهُوَ الَّذِي يُعَضِّدُهُ قَوَاعِدُ أُصُولِ الْفِقْهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي اللَّفْظِ الْأَوَّلِ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ عَدَمُ دُخُولِ وَلَدِ الْبَنَاتِ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَكَانَتِ الْفَتْوَى بِقُرْطُبَةَ دُخُولَهُنَّ وَقَضَى بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بِفُتْيَا أَكْثَرِ أَهْلِ زَمَانِهِ اللَّفْظُ الثَّالِثُ عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِهِمْ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَعَنْ مَالِكٍ لَا يَدْخُلُ وَلَدُ الْبَنَاتِ لِمَا تقدم ان ولد الْبَنَات لَا يدْخلُونَ فِي لَفْظِ الْوَلَدِ وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى مَا لَا يَدْخُلْنَ فِيهِ فَلَا يَدْخُلْنَ فِي الضَّمِيرِ لِأَنَّهُ غَيْرُ الظَّاهِرِ وَمِنَ الشُّيُوخِ مَنْ أَدْخَلَهُمْ لِقَوْلِهِ عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي إِلَّا أَنْ يَزِيدَ دَرَجَةً فَيَقُولُ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي فَيَدْخُلُونَ فِي الدَّرَجَةِ الثَّانِيَةِ وَكَذَلِكَ كُلَّمَا زَادَ دَرَجَةً يَدْخُلُونَ إِلَى حَيْثُ يَنْتَهِي قَوْلُهُ وَقَضَى بِدُخُولِهِمْ بِهَذَا اللَّفْظ مُحَمَّد ابْن سُلَيْمٍ بِفَتْوَى أَكْثَرِ أَهْلِ

زَمَانِهِ وَدُخُولُهُمْ فِيهِ أَبْيَنُ مِنْ دُخُولِهِمْ فِي اللَّفْظِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ إِذَا أَتَى بِلَفْظٍ ظَاهِرٍ دَخَلَهُ تَخْصِيصُ الْعُرْفِ بِخِلَافِ الضَّمِيرِ لِأَنَّهُ لَا عُرْفَ فِيهِ يُخَصِّصُهُ وَقَوْلُ الشُّيُوخِ إِذَا كُرِّرَ دَخَلْنَ وَكَذَلِكَ إِنْ زَادَ دَرَجَةً يَدْخُلْنَ إِلَى حَيْثُ انْتَهَى مِنَ الدَّرَجَاتِ فَيَتَخَرَّجُ عَلَى اتِّبَاعِ اللُّغَةِ دُونَ الْعُرْفِ اللَّفْظُ الرَّابِعُ عَلَى أَوْلَادِي ذُكُورِهِمْ وَإِنَاثِهِمْ وَلَمْ يُسَمِّهِمْ بِأَسْمَائِهِمْ ثُمَّ قَالَ وَعَلَى أَعْقَابِهِمْ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ ظَاهِرُ مَذْهَبِ ذَلِك دُخُول ولد الْبَنَات كَمَا لوسمى وَلِأَنَّهُ نَصَّ عَلَى الْأُنْثَى ثُمَّ نَصَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ فَدَخَلَ وَلَدُ الْبَنَاتِ بِالنَّصِّ لَا بِالتَّأْوِيلِ وَخَرَجَ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ إِذَا حَبَسَ عَلَى وَلَدِهِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَلَدُهُ بِمَنْزِلَتِهِ قَالَ مَالِكٌ لَيْسَ لِوَلَدِ الْبَنَاتِ شَيْءٌ لِأَن ولد الْبَنَات لَا يدْخلُونَ هَهُنَا وَهُوَ تَخْرِيجٌ ضَعِيفٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ فَوَلَدُهُ بِمَنْزِلَتِهِ مَحْمُولٌ عَلَى الْبَنَاتِ لِمَنْ يَتَنَاوَلُهُ الْوَقْفُ اللَّفْظُ الْخَامِسُ عَلَى أَوْلَادِي وَيُسَمِّيهِمْ بِأَسْمَائِهِمْ ذُكُورِهِمْ وَإِنَاثِهِمْ ثُمَّ يَقُولُ وَعَلَى أَوْلَادِهِمْ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ يَدْخُلُ وَلَدُ الْبَنَاتِ عِنْدَ مَالِكٍ وَجَمِيعِ أَصْحَابِهِ لِنَصِّهِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ وَوَلَدِهِ وَمَعَ النَّصِّ لَا كَلَامَ وَعَنِ ابْنِ زَرْبٍ عَدَمُ الدُّخُولِ قَالَ وَهُوَ خَطَأٌ صُرَاحٌ لِأَنَّهُ قَاسَهُ عَلَى صُورَةِ عَدَمِ التَّنْصِيصِ وَهُوَ قِيَاسٌ فَاسِدٌ وَهَذَا اللَّفْظُ أَقْوَى مِنْ لَفْظِ الضَّمِيرِ لِاحْتِمَالِ عَوْدِهِ عَلَى بَعْضِ ظَاهِرِهِ وَهَذِهِ تَسْمِيَةٌ صَرِيحَةٌ وَلَوْ كُرِّرَ التَّعْقِيبُ لَدَخَلَ وَلَدُ الْبَنَاتِ إِلَى الدَّرَجَةِ الَّتِي انْتَهَى إِلَيْهَا الْمُحْبِسُ عَلَى مَا قَالَهُ الشُّيُوخُ خِلَافَ قَوْلِ مَالِكٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ اللَّفْظُ السَّادِسُ لَفْظُ الْعَقِبِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَهُوَ كَلَفْظِ الْوَلَدِ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ كُلُّ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى حَالَتْ دُونَهُ أُنْثَى فَلَيْسَ بِعَقِبٍ

وَقَالَ ش الْعَقِبُ وَالنَّسْلُ وَالذُّرِّيَّةُ وَالْعِتْرَةُ وَالْبَنُونَ وبنوا الْبَنِينَ كَذَلِكَ نَقَلَهُ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ وَثَعْلَبُ اللَّفْظُ السَّابِعُ لَفْظُ الذُّرِّيَّةِ وَالنَّسْلِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ قِيلَ كَالْوَلَدِ وَالْعَقِبِ لَا يَدْخُلُ وَلَدُ الْبَنَاتِ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ وَقِيلَ يَدْخُلُونَ لِتَنَاوُلِ اللَّفْظِ لَهُمَا لُغَةً وَفَرَّقَ ابْنُ الْعَطَّارِ بَيْنَ الذَّرِّيَّةِ فَيَدْخُلُ وَلَدُ الْبَنَاتِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُد وَسليمَان} إِلَى قَوْله {وَعِيسَى} فَجَعَلَهُ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَجْمَعِينَ وَهُوَ مِنْ وَلَدِ الْبَنَاتِ وَبَيْنَ النَّسْلِ فَلَا يَدْخُلُونَ حَتَّى يَقُولَ الْمُحْبِسُ نَسْلِي وَنَسْلِ نَسْلِي قَالَ وَهُوَ ضَعِيفٌ لِأَنَّ وَلَدَ الْبِنْتِ مِنَ الذُّرِّيَّةِ لِأَنَّهُ مِنَ الذَّرِّ الَّذِي هُوَ الرَّفْعُ وَمِنَ النَّسْلِ لِأَنَّهُ مِنِ الْإِخْرَاجِ لِقَوْلِ الشَّاعِرِ (فَسُلِّي ثِيَابِي مِنْ ثِيَابِكِ تَنْسُلِ) اللَّفْظُ الثَّامِنُ لَفْظُ الْبَنِينَ نَحْوَ عَلَى بَنِيَّ أَوْ عَلَى بَنِي بَنِيَّ فَكَالْوَلَدِ وَالْعَقِبِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ لَفْظِ جَمِيعِ الْمُذَكِّرِ يَدْخُلُ فِيهِ الْمُؤَنَّثُ وَإِلَّا فَالذُّكْرَانُ مِنْ بَنِيهِ وَبَنِي بَنِيهِ دُونَ الْإِنَاثِ وَقَالَهُ (ش) وَأَمَّا عَلَى بَنِي ذُكُورِهِمْ وَإِنَاثِهِمْ - سَمَّاهُمْ أَمْ لَا وَعَلَى أَعْقَابِهِمْ فَعَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْوَلَدِ وَالْعَقِبِ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْبَنُونَ يَتَنَاوَلُ عِنْدَ مَالِكٍ الْوَلَدَ وَوَلَدَ الْوَلَدِ - ذُكُورَهُمْ وَإِنَاثَهُمْ فَإِنْ قَالَ عَلَى بَنِيهِ وَبَنِي بَنِيهِ قَالَ مَالِكٌ يَدْخُلُ بَنَاتُهُ وَبَنَاتُ بَنِيهِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى بَنَاتِهِ يَدْخُلُ بَنَاتُ بنيه يدْخلُونَ مَعَ بَنَاتِ صُلْبِهِ وَالَّذِي عَلَيْهِ جَمَاعَةُ الْأَصْحَابِ عَدَمُ دُخُولِ وَلَدِ الْبَنَاتِ فِي الْبَنِينَ لِمَا تَقَدَّمَ اللَّفْظُ التَّاسِعُ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ إِذَا حَبَسَ عَلَى ذُكُورِ وَلَدِهِ يَدْخُلُ وَلَدُ وَلَدِهِ مَعَ وَلَدِهِ فَإِذَا انْقَرَضُوا فَلِبَنَاتِهِمْ وَلِلْعَصَبَةِ فَإِنْ ضَاقَ بُدِئَ ببنات الْبَنِينَ ولاحق لِبَنَاتِ الْبَنَاتِ لِأَنَّ بَنَاتِ الْبَنِينَ كَالْعَصَبَةِ لِوِرَاثَتِهِمْ مَعَ إِخْوَتِهِمْ بِالتَّعْصِيبِ

اللَّفْظُ الْعَاشِرُ لَفْظُ الْآلِ فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ ابْن الْقَاسِم وَآله وَأَهْلُهُ سَوَاءٌ وَهُمُ الْعَصَبَةُ وَالْأَخَوَاتُ وَالْبَنَاتُ وَالْعَمَّاتُ دُونَ الْخَالَاتِ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ مَعْنَاهُ الْعَصَبَةُ وَمن فِي قعددهم من النِّسَاء هُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ التُّونِسِيُّ يَدْخُلُ فِي الْأَهْلِ مَنْ هُوَ مِنْ جِهَةِ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ بَعُدُوا أَوْ قَرُبُوا اللَّفْظُ الْحَادِيَ عَشَرَ لَفْظُ الْآبَاءِ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى يَدْخُلُ الْآبَاءُ وَالْأُمَّهَاتُ وَالْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ والعمومات وَإِنْ بَعُدُوا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وإله آبَائِك إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل وَإِسْحَاق} وَاخْتُلِفَ فِي الْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ وَالِاخْتِيَارُ دُخُولُهُنَّ قَالَ وَهَذِهِ الْمَعَانِي مَجَازٌ وَمُقْتَضَى مَذْهَبِ مَالِكٍ اعْتِبَارُ الْحَقَائِقِ إِلَّا أَنْ يَغْلِبَ مَجَازٌ فِي الِاسْتِعْمَالِ اللَّفْظُ الثَّانِيَ عَشَرَ لَفْظُ الْقَرَابَةِ فَفِي الْجَوَاهِرِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إِذَا أَوْصَى لِأَقْرِبَائِهِ يُقَسَّمُ عَلَى الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ بِالِاجْتِهَادِ وَقَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَا يَدْخُلُ وَلَدُ الْبَنَاتِ وَوَلَدُ الْخَالَاتِ وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ يَدْخُلُ الْأَعْمَامُ وَالْعَمَّاتُ وَالْأَخْوَالُ وَالْخَالَاتُ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَعَنْ مَالِكٍ يَدْخُلُ أَقَارِبُهُ مِنْ أَبِيهِ وَأُمِّهِ وَقَالَ أَشْهَبُ كُلُّ ذِي مَحْرَمٍ مِنْهُ مِنْ قِبَلِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ مَحْرَمٌ مِنْهُ أَمْ لَا لِصِدْقِ اللَّفْظِ عَلَيْهِ وَقَالَ ش كُلُّ مَنْ يُعْرَفُ بِقَرَابَتِهِ اللَّفْظُ الثَّالِثَ عَشَرَ لَفْظُ الْقَوْمِ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ التُّونِسِيُّ الرِّجَالُ خَاصَّةً مِنَ الْعَصَبَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَا يسخر قوم من قوم} ثمَّ قَالَ {وَلَا نسَاء من نسَاء} وَقَالَ زُهَيْرٌ (وَمَا أَدْرِي وَسَوْفَ إِخَالُ أَدْرِي ... أَقْوَمٌ آلُ حِصْنٍ أَمْ نِسَاءُ ... )

فَلم يدْخل النِّسَاء فِي لفظ الْقَوْم وَاللَّفْظ الرَّابِعَ عَشَرَ لَفْظُ الْإِخْوَةِ فَفِي الْجَوَاهِرِ دَخَلَ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ كَانُوا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ} وَلَوْ قَالَ عَلَى رِجَالِ إِخْوَتِي وَنِسَائِهِمْ دَخَلَ الْأَطْفَالُ مِنَ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كَانُوا إخْوَة رجَالًا وَنسَاء} اللَّفْظُ الْخَامِسَ عَشَرَ لَفْظُ الْعَصَبَةِ فَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يَدْخُلُ فِيهِ أَحَدٌ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ لِأَنَّ التَّعْصِيبَ مِنَ النَّصْرِ وَالْمَعُونَةِ وَهُوَ خَاصٌّ بِالذُّكُورِ وَيَدْخُلُ نَسَبُ الِابْنِ مِنَ الذُّكُورِ وَإِنْ بَعُدُوا وَلَوْ قَالَ عَلَى أَعْمَامِي لَمْ يَدْخُلْ أَوْلَادُهُمْ مَعَهُمْ لِأَنَّ ابْنَ الْعَمِّ لَا يُسَمَّى عَمًّا كَمَا إِذَا قَالَ وَلَدُ ظَهْرِي لَا يَدْخُلُ وَلَدُ وَلَدِهِ فِيهِ ذُكُورُهُمْ وَلَا إِنَاثُهُمْ وَلَوْ قَالَ عَلَى بَنِي أَبِي دَخَلَ فِيهِ إِخْوَتُهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ وَإِخْوَتُهُ لِأَبِيهِ وَذُكُورُ أَوْلَادِهِمْ خَاصَّة مَعَ ذُكُور وَلَده مَعَ قَالَ وَهَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّهُ لَا يُرَادُ دُخُولُ الْإِنَاثِ تَحْتَ قَوْلِهِ بَنِي بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِي لَفْظِ الْبَنِينَ وَلَوْ قَالَ عَلَى أَطْفَالِ أَهْلِي تَنَاوَلَ مَنْ لَمْ يَبْلُغِ الْحُلُمَ وَلَا الْمَحِيضَ وَكَذَلِكَ عَلَى صِبْيَانِهِمْ أَوْ صِغَارِهِمْ وَأَمَّا شَبَابُهُمْ وَأَحْدَاثُهُمْ فَالْبَالِغُ الْحُلُمَ إِلَى أَرْبَعِينَ سَنَةً وَعَلَى الْكُهُولِ فَلِمَنْ جَاوَزَ الْأَرْبَعِينَ مِنَ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ إِلَى أَنْ يُجَاوِزَ السِّتِّينَ وَعَلَى شُيُوخِهِمْ فَعَلَى مَنْ جَاوَزَ السِّتِّينَ مِنَ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ لِقَوْلِهِ (وَتَضْحَكُ مِنِّي شَيْخَةٌ عَبْشَمِيَّةٌ ... وَإِنْ لَمْ تَرَ قبلي أشيرا يَمَانِيَا ... ) فَسَمَّى الْعَجُوزَ شَيْخَةً وَعَلَى أَرَمَلِهِمْ فَلِلرَّجُلِ وللمرأة الأرملين لقَوْل الحطيئة (هَا ذِي الْأَرَامِلُ قَدْ قَضَيْتُ حَاجَتَهَا ... فَمَنْ لِحَاجَةِ هَذَا الأرمل الذّكر) تنبه قَالَ أيمة اللُّغَةِ أَسْمَاءُ طَبَقَاتِ أَنْسَابِ الْعَرَبِ الشِّعْبُ ثُمَّ الْقَبِيلَة ثمَّ

الْعِمَارَةُ ثُمَّ الْبَطْنُ ثُمَّ الْفَخِذُ ثُمَّ الْفَصِيلَةُ فمضر شعب وكتانة قَبِيلَةٌ وَقُرَيْشٌ عِمَارَةٌ وَقُصَيٌّ بَطْنٌ وَهَاشِمٌ فَخِذٌ وَالْعَبَّاسُ فَصِيلَةٌ قَالَ تَعَالَى {وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ} قَالَ صَاحِبُ الصِّحَاحِ الشِّعْبُ ثُمَّ الْقَبِيلَةُ ثُمَّ الْفَصِيلَةُ ثُمَّ الْعِمَارَةُ ثُمَّ الْبَطْنُ ثُمَّ الْفَخِذُ فَقَدَّمَ الْفَصِيلَةَ فَخَالَفَ غَيْرَهُ مَعَ أَنَّهُ قَدْ نَقَلَ فِي أَنَّ فَصِيلَةَ الرَّجُلِ رَهْطُهُ الْأَقْرَبُونَ وَالرَّهْطُ قَبِيلَةُ الرَّجُلِ وَقَوْمُهُ الَّتِي تَنْصُرُهُ قَالَ الله تَعَالَى {وَلَوْلا رَهْطُك لَرَجَمْناكَ} وَأَصْلُ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ مُرَتَّبٌ عَلَى صُورَةِ الْإِنْسَانِ فَجَعَلُوا جُمْلَةَ الْعَرَبِ كَرَجُلٍ وَاحِدٍ فَأَوَّلُ ذَلِكَ الْجُمْجُمَةُ أَعْلَى مَا فِي الْإِنْسَانِ كَعَدْنَانَ فِي الْعَرَبِ ثُمَّ الشِّعْبُ لِأَنَّ عَظْمَ الرَّأْسِ يَتَشَعَّبُ قِطَعًا ثُمَّ الْقَبِيلَةُ مِنْ قَبَائِلِ الرَّأْسِ وَهِيَ الزُّرُورُ الَّتِي بَيْنَ قِطَعِ الْعِظَامِ وَيَنْفُذُ لِلشِّرُوتِ وَهِيَ مَجَارِي الْعُنُقِ ثُمَّ الْعِمَارَةُ وَهِيَ صَدْرُ الْإِنْسَانِ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ الْقِلَّةِ وَهُوَ عِمَارَةُ الْجَسَدِ وَمَلَلُهُ ثُمَّ الْبَطْنُ لِأَنَّ بَطْنَ الْإِنْسَانِ تَحْتَ صَدْرِهِ ثُمَّ الْفَخِذُ كَذَلِكَ ثُمَّ الْفَصِيلَةُ وَهُوَ مَا تَحْتَ الْفَخِذِ لِأَنَّهُ بِهِ يَنْفَصِلُ خَلْقُهُ مِنْ غَيْرِهِ وَيَنْقَطِعُ آخِرُهُ وَعَلَى رَأْيِ الْجَوْهَرِيِّ تَكُونُ الْفَصِيلَةُ كَالْعُنُقِ مِنَ الْإِنْسَانِ مِفَصَلٌ بَيْنَ الرَّأْسِ وَالْجَسَدِ وَأَمَّا الرَّحَى فَلَيْسَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ بَلِ الرَّحَى مِنَ الْعَرَبِ كُلُّ قَوْمٍ غَزَوْا لِقَوْمِهِمْ عَلَى أَنْ يَخْرُجُوا مِنْ أَرْضِهِمْ وَقَسَّمُوهَا أَرْبَعَةَ أَقْسَامٍ قِسْمٌ يُرَبِّعُونَ فِيهِ وَآخَرُ يُصَيِّفُونَ فِيهِ وَآخَرُ لِلْخَرِيفِ وَآخَرُ لِلشِّتَاءِ فَهُمْ يَدُورُونَ عَلَيْهَا دَوَرَانَ الرَّحَى وَيُقَالُ إِنَّ الَّذِي اتَّفَقَ لَهُمْ ذَلِكَ مِنَ الْعَرَبِ أَرْبَعَةٌ فَيُقَالُ لِذَلِكَ أَرْحَاءُ الْعَرَبِ وَالشِّعْبُ مَا تَفَرَّعَ مِنْ قَبَائِلِ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وقبائل} فَلَوْ عُلِّقَ الْوَقْفُ عَلَى لَفْظٍ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ اتُّبِعَتْ فِيهِ هَذِهِ النُّقُولُ فِي اللُّغَةِ وَاخْتُصَّ بِمَنْ تَنَاوَلَهُ اللَّفْظُ اللَّفْظُ السَّادِسَ عَشَرَ لفظ الموَالِي وَفِي الْجَوَاهِر تَشْمَل الذكران الْإِنَاث

وَرُوِيَ يَدْخُلُ فِيهِمْ مَوَالِي أَبِيهِ وَمَوَالِي ابْنِهِ وَمَوَالِي الْمَوَالِي وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ وَأَبْنَاءُ الْمَوَالِي يَدْخُلُونَ مَعَ آبَائِهِمْ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا كَانَ لَهُمْ أَوْلَادٌ وَلَهُ مَوَالٍ لِبَعْضِ أَقَارِبِهِ رَجَعَ إِلَيْهِ وَلَاؤُهُمْ وَلَا يَكُونُ الْحَبْسُ إِلَّا لِمَوَالِيهِ الَّذِينَ أُعْتِقُوا وَأَوْلَادُهُمْ يَدْخُلُونَ مَعَ آبَائِهِمْ فِي الْحَبْسِ إِلَّا أَنْ يَخُصَّهُمْ بِتَسْمِيَةٍ وَقَالَ مَالِكٌ بَعْدَ ذَلِكَ مَوَالِي الْأَبِ وَالِابْنِ يَدْخُلُونَ مَعَ مَوَالِيهِ لِأَنَّهُ يَرِثُهُمْ بِالْوَلَاءِ وَبُدِئَ بِالْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ مِنْ ذَوِي الْحَاجَةِ إِلَّا أَن يكون الأباعد أحوجوفي الْمُخْتَصَرِ الْكَبِيرِ أَبْنَاؤُهُمْ مَعَ أَبْنَائِهِمْ وَفِي دُخُولِ مَوَالِي الْأَبِ وَالِابْنِ خِلَافٌ وَالدُّخُولُ أَحْسَنُ وَإِذَا قُلْنَا يَدْخُلُونَ فَفِي الْمَجْمُوعَةِ يَدْخُلُ مَوَالِي وَلَدِ الْوَلَدِ وَالْأَجْدَادِ وَالْأُمِّ وَالْجَدَّةِ وَالْإِخْوَةِ دُونَ مَوَالِي بَنِي الْإِخْوَةِ وَالْعُمُومَةِ وَلَوْ دَخَلُوا دَخَلَ مَوَالِي الْقَبِيلَةِ وَإِذَا قُلْنَا بِدُخُولِ هَؤُلَاءِ فَفِي الْمَجْمُوعَةِ الْمَجْمُوعَةِ يَبْدَأُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ فَيُؤْثَرُ عَلَى الْأَبْعَدِ إِذَا اسْتَوَوْا فِي الْحَاجَةِ فَإِنْ كَانَ الْأَقْرَبُ غَنِيًّا أُوثِرَ الْمُحْتَاجُ الْأَبْعَدُ عَلَيْهِ وَقَالَهُ مَالِكٌ فِي مَوَالِي الْأَبِ وَالِابْنِ أَيْضًا وَقَالَ (ش) يَدْخُلُ الْأَعْلَى إِنْ فُقِدَ الْأَسْفَلُ أَوِ الْأَسْفَلُ إِنْ فُقِدَ الْأَعْلَى وَهُمَا إِنِ اجْتَمَعَا اللَّفْظُ السَّابِعَ عَشَرَ لَفْظُ السَّبِيلِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا حَبَسَ فَرَسًا أَوْ مَتَاعًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ لِلْغَزْوِ وَقَالَهُ (ش) وَأَحْمَدُ لِأَنَّ الطَّاعَاتِ كُلَّهَا سُبُلٌ وَطُرُقٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى غَيْرَ أَن الْغَزْو أشهر عرفا فنعين وَيَجُوزُ أَنْ يُصْرَفَ فِي مَوَاجِيزِ الرِّبَاطِ كَالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ وَنَحْوِهَا وَسَوَاحِلِ الشَّامِ وَمِصْرَ وَتُونِسَ بِالْمَغْرِبِ دُونَ جُدَّةَ لِأَنَّ نُزُولَ الْعَدُوِّ بِهَا كَانَ شَيْئًا خَفِيفًا وَكَذَلِكَ دَهْلَكُ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ مَوَاجِيزُ الْإِسْلَامِ رِبَاطَاتُهُ وَدَهْلَكُ بِفَتْحِ الدَّالِّ قِيلَ اسْمُ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ السُّودَانِ سُمِّيَتِ الْبَلْدَةُ بِهِ وَهِيَ جَزِيرَةٌ بِسَاحِلِ الْبَحْرِ مِنْ نَاحِيَةِ الْيَمَنِ قَالَ أَبُو عمر إِن دَهْلَكَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ يَدْخُلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ جَمِيعُ سُبُلِ الْخَيْرِ لِعُمُومِ اللَّفْظِ وَالْأَحْسَنُ الْغَزْوُ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ مَنْ حَبَسَ دَارَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَا يَسْكُنْهَا إِلَّا الْمُجَاهِدُونَ وَالْمُرَابِطُونَ وَمَنْ مَاتَ فِيهَا فَلَا تَخْرُجُ مِنْهَا امْرَأَتُهُ حَتَّى

تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ وَيَخْرُجُ مِنْهَا صِغَارُ وَلَدِهِ مَنْ لَيْسَ بِمُجَاهِدٍ وَلَا مُرَابِطٍ وَمَنْ حَبَسَ نَاقَتَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَا يَنْتَفِعُ بِهَا إِلَّا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَيَنْتَفِعُ بِلَبَنِهَا لِقِيَامِهِ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَ عَبْدٌ خَدَمَ الْغُزَاةَ وَيَعْمَلُ فِي طعامهم تمّ بِحَمْد الله تَعَالَى

(كتاب الوصايا)

(كِتَابُ الْوَصَايَا) وَفِيهِ مُقَدِّمَتَانِ وَقِسْمَانِ الْمُقَدِّمَةُ الْأُولَى فِي اشْتِقَاقِهَا وَلَفْظِهَا قَالَ الْجَوْهَرِيُّ أَوْصَيْتُ لَهُ إِذا جعلته وصيك وأوصيت لَهُ بِشَيْء وَالِاسْم والوصاية بِكَسْرِ الْوَاوِ وَفَتْحِهَا وَالْوَصَاةُ أَيْضًا وَوَصَّيْتُ وَأَوْصَيْتُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَوَصَيْتُ الشَّيْءَ بِالشَّيْءِ بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ أصيه إِذا أوصيته بِهِ وَأَرْضٌ وَاصِيَةٌ أَيْ مُتَّصِلَةُ النَّبَاتِ قَالَ صَاحب القبس الْوَصِيَّة قَول يلقيه أحد كَمَا لبر آخر لِيَعْمَلَ بِهِ وَهُوَ مَخْصُوصٌ بِالْغَائِبِ وَالْمَيِّتِ لِتَنْفِيذِ مَقَاصِدِهِمَا بِالْوَصِيَّةِ وَقَالَ غَيْرُهُ الْوَصِيَّةُ مِنْ وَصَيْتُ الشَّيْءَ بِالشَّيْءِ كَمَا تَقَدَّمَ كَأَنَّ الْمُوصِي وَصَلَ مَا بَعْدَ الْمَوْتِ بِمَا قَبْلَهُ فِي نُفُوذِ التَّصَرُّفِ الْمُقَدِّمَةُ الثَّانِيَةُ فِي مَشْرُوعِيَّتِهَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن ترك خيرا الْوَصِيَّة للْوَالِدين الْأَقْرَبين} الْآيَةَ وَقَالَ تَعَالَى {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دين} فتقدميها عَلَى الْمِيرَاثِ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ تَنْفِيذِهَا وَصِحَّتِهَا وَاخْتُلِفَ فِي الْأُولَى فَقِيلَ الْمُرَادُ مَنْ لَا يَرِثُ مِنَ الْأَقْرَبِينَ كَالْعَبِيدِ وَالْكُفَّارِ أَوْ مُسْلِمٌ غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ وَلَمْ تُنْسَخْ وَقِيلَ مَنْسُوخَةٌ فِي الْوَالِدين دون

الْأَقَارِبِ وَقِيلَ مَنْسُوخَةٌ فِي الْجَمِيعِ بِآيَةِ الْمَوَارِيثِ وَرجع الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ الْأَوَّلَ لِأَنَّ عَدَمَ النَّسْخِ أَوْلَى مَهْمَا أَمْكَنَ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَالْمَشْهُورُ النَّسْخُ قَالَه مَالك بِآيَة الْمَوَارِيثِ لِكَوْنِهَا بَعْدَهَا وَرُوِيَ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَتَوَارَثُونَ بِالْوَصِيَّةِ حَتَّى نَزَلَتْ آيَةُ الْمَوَارِيثِ وَهَذَا لَا يُعْلَمُ إِلَّا تَوْقِيفًا إِذْ لَيْسَ فِي آيَةِ الْمَوَارِيثِ مَا يَقْتَضِي النَّسْخَ لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالْوَصِيَّةِ وَيُمْكِنُ التَّمَسُّكُ فِي النَّسْخِ بقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ لِكُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ فَنَافَى بَيْنَ الْوَصِيَّةِ وَالْفَرْض وَقيل النَّاسِخ قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يُجِيزُ نسخ الْقرَان بِالسنةِ وَقَالَ مَالِكٌ أَيْضًا وَقَالَ عَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ الْمُرَادُ بِالْخَيْرِ الْمَالُ الْكَثِيرُ الَّذِي لَا ضَرَرَ عَلَى الْوَرَثَةِ فِيهِ وَأَمَّا السّنة قَالَ صَاحب القبس أحاديثهما كَثِيرَةٌ وَأُصُولُهَا أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ مَا فِي مُسْلِمٍ قِيلَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى هَلْ أَوْصَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لَا قُلْتُ فَكَيْفَ كَتَبَ الْوَصِيَّةَ أَوْ أَمَرَ بِالْوَصِيَّةِ قَالَ أَوْصَى بِكِتَابِ اللَّهِ الثَّانِي فِيهِ وَفِي الْمُوَطَّأِ مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلَّا ووصيته عِنْده مَكْتُوبَة زَاد مُسلم أَو ثَلَاث قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ وَيُرْوَى لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مَالٌ يُوصِي فِيهِ تَأْتِي عَلَيْهِ لَيْلَتَانِ إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ عِنْدَهُ وَالْجُمْهُورُ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ أَوْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَقَالَهُ ش وَأَوْجَبَهَا أَهْلُ

الظَّاهِرِ لِأَنَّ الْحَقَّ هُوَ الْحَقُّ هُوَ الثَّابِتُ فَصرحَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّه لَا يثبت للْمُسلمِ إِلَّا بِالْوَصِيَّةِ وَالنَّفْيُ كَالنَّهْيِ وَالنَّهْيُ لِلتَّحْرِيمِ وَإِذَا حَرُمَ التَّرْكُ وَجَبَ الْفِعْلُ وَيَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ قَوْله تَعَالَى فِي آيَةِ الْوَصِيَّةِ {بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} وَالْمَعْرُوفُ يَخْتَصُّ بِالْمَنْدُوبِ وَالْوَاجِبُ لَا يَخْتَصُّ بِالْمُتَّقِينَ ولكونه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَمْ يُوصِ وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ جَمِيعَ تَرِكَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَدَقَةٌ فَهُوَ يَكْفِي فِي الْوَصِيَّةِ وَاخْتُلِفَ فِي الْمَالِ الَّذِي تَنْدُبُ فِيهِ الْوَصِيَّةُ أَوْ تَجِبُ عَلَى الْخِلَافِ فَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَتَرْكُ الْيَسِيرِ لِلْوَرَثَةِ أَفْضَلُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِأَنْ تَدَعَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لَا يُوصِي فِي ثَلَاثَةِ آلَافٍ مَنْ لَهُ أَرْبَعَةُ أَوْلَادٍ وَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ إِجْمَاعًا لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ أَلَا لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ وَهُوَ الْحَدِيثُ الثَّالِثُ وَلِأَنَّهَا لَوْ جَازَتْ لَانْتَقَصَتْ قِسْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْمَوَارِيثِ فَإِنْ أَوْصَى لِغَيْرِ قَرَابَتِهِ ردهَا طأووس عَلَى قَرَابَتِهِ الَّذِينَ لَا يَرِثُونَ وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ مَنْ أَوْصَى لِغَيْرِ قَرَابَتِهِ خَتَمَ عَمَلَهُ بِمَعْصِيَةٍ وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ إِنْ أَوْصَى لِغَيْرِ قَرَابَتِهِ دُفِعَ لِقَرَابَتِهِ ثُلُثُ الثُّلُثِ وَيُمْضَى لِمَنْ أَوْصَى لَهُ وَقَالَ الْأَئِمَّة

إِذَا تَرَكَ قَرَابَتَهُ مُحْتَاجِينَ وَأَوْصَى لِغَيْرِهِمْ بِئْسَ مَا فعل ويمضي لِأَنَّهُ مَاله وَيفْعل فِيهِ مَا شَاءَ لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّ اللَّهَ تَصَدَّقَ عَلَيْكُمْ بِثُلُثِ أَمْوَالِكُمْ عِنْدَ وَفَاتِكُمْ زِيَادَةً فِي أَعْمَالِكُمْ الْحَدِيثُ الرَّابِعُ فِي مُسْلِمٍ قَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ عَادَنِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ مِنْ وَجَعٍ أَشْفَيْتُ مِنْهُ عَلَى الْمَوْتِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَلَغَ بِي مَا تَرَى مِنَ الْوَجَعِ وَأَنَا ذُو مَالٍ وَلَا يَرِثُنِي إِلَّا ابْنَةٌ لِي وَاحِدَةٌ أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي قَالَ لَا قَالَ أَفَأَتَصَدَّقُ بِشَطْرِهِ قَالَ لَا قُلْتُ فَالثُّلُثُ قَالَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ فِي الْحَدِيثِ الثَّانِي يُرِيدُ أَنْ يُوصِيَ فِيهِ وَتَفْوِيضُ ذَلِكَ إِلَى إِرَادَتِهِ يَقْتَضِي عَدَمَ الْوُجُوبِ وَمِنْهُمْ مَنْ خَصَّصَ الْوُجُوبَ بِمَا لَهُ بَالٌ وَجَرَتِ الْعَادَةُ بِالْوَصِيَّةِ فِيهِ لِأَنَّ تَكْلِيفَ الْوَصِيَّةِ كُلَّ يَوْمٍ شَطَطٌ وَخَصَّصَهُ بَعْضُهُمْ بِالْمَرَضِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ أَيْ مَشْهُودٌ عَلَيْهَا وَإِلَّا فَلَا تُمْضَى إِلَّا أَنْ يَكْتُبَهَا بِخَطِّهِ وَقَالَ إِذَا مِتُّ نَفِّذُوهَا فَتَنْفُذُ إِذَا عُرِفَ أَنَّهُ خطه قَالَ ابْنُ يُونُسَ قِيلَ مَعْنَى الْحَدِيثِ بَقَيْتُ مَوْعُوكًا قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ الْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ وَهُوَ فِي الصَّحِيحِ وَالْمَرِيضِ لِأَنَّ الصَّحِيحَ قَدْ يَمُوتُ فَجْأَةً وَهِيَ فِي الْمَرِيضِ آكَدُ وَمَتَى كَانَ الْمَالُ قَلِيلًا فَتَرْكُ الْوَصِيَّةِ وَإِبْقَاؤُهُ لِلْمَالِ أَفْضَلُ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْوَصِيَّةُ

خَمْسَةُ أَقْسَامٍ وَاجِبَةٌ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى كَالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَاتِ فَرَّطَ فِيهَا أَمْ لَا وَحُقُوقِ الْآدَمِيِّ كَالدَّيْنِ وَالْوَدِيعَةِ إِذَا لَمْ يَتَقَدَّمِ الْإِشْهَادُ بِهَا وَكَذَلِكَ الْغُصُوبُ وَالتَّعَدِّي وَمَنْدُوبَةٌ وَهُوَ فِيهِ مَا فِيهِ قُرْبَةٌ وَلَا يَضُرُّ الْوَارِثَ لِكَثْرَةِ الْمَالِ وَيُظَنُّ فِيهَا مِنَ الثَّوَابِ أَكْثَرُ مِنْ ثَوَابِ التَّرْكِ لِلْوَارِثِ وَمَكْرُوهَةٌ وَهِيَ الَّتِي يَكُونُ الثَّوَابُ فِي التَّرْكِ أَكْثَرَ وَمُبَاحَةٌ وَهِيَ إِذَا اسْتَوَيَا وَلَا تَتَعَلَّقُ بِهَا طَاعَةٌ وَلَا مَعْصِيَةٌ وَمُحَرَّمَةٌ وَهِيَ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِهَا مَعْصِيَةٌ وَتَنْقَسِمُ بِوَجْهٍ آخَرَ إِنْ كَانَ الْمُوصَى لَهُ مُوسِرًا فَهِيَ مُبَاحَةٌ أَوْ مُعْسِرًا فَمُسْتَحَبَّةٌ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا وَقَرِيبَ الْمُوصِي كَذَلِكَ اسْتُحِبَّتْ لِلْقَرِيبِ وَكُرِهَتْ لِلْأَجْنَبِيِّ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِأَنَّهَا فِي الْقَرِيبِ صِلَةٌ وَصَدَقَةٌ فَإِنِ اسْتَوَتِ الْقُرَابَاتُ دَرَجَةً وَإِعْسَارًا قُدِّمَ الْأَقْرَب وَالصَّغِير أولى من الْكَبِير لتوخر حَاجَةِ الصَّغِيرِ وَعَجْزِهِ وَمَتَى كَانَ قِبَلَ الصَّحِيحِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَجَبَ إِيصَالُهُ الْآنَ لِمُسْتَحَقِّهِ وَلَا يَجْعَلْهُ وَصِيَّةً وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ أَوْ قِرَاضٌ تَقَدَّمَ الْإِشْهَادُ فِيهِ اخْتُلِفَ فِي وُجُوبِ الْإِشْهَادِ وَاسْتِحْبَابِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ للْوُجُوب أم لَا ثُمَّ الْوَصِيَّةُ تَنْقَسِمُ إِلَى مَا يُفِيدُ الْأَمْرَ بِتَنْفِيذِ تَصَرُّفِ الْمُوصِي وَمَقَاصِدِهِ وَإِلَى مَا يُفِيدُ وِلَايَةً لِلْغَيْرِ فِي إِنْشَاءِ مَقَاصِدِ الْمُوصِي فِي مَالِهِ أَوْ وَلَدِهِ

(القسم الأول وهو الأمر بتنفيذ تصرف واقع قبل الموت وفيه بابان)

(الْقِسْمُ الْأَوَّلُ وَهُوَ الْأَمْرُ بِتَنْفِيذِ تَصَرُّفٍ وَاقِعٍ قَبْلَ الْمَوْتِ وَفِيهِ بَابَانِ) (الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهِ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ) الرُّكْنُ الْأَوَّلُ الْمُوصِي وَفِي الْجَوَاهِرِ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ مِنْ كُلِّ حُرٍّ مُمَيِّزٍ مَالِكٍ فَتَبْطُلُ وَصِيَّةُ الْعَبْدِ لِأَنَّ مَالَهُ لِلسَّيِّدِ وَالْحُرُّ جُعِلَ لَهُ ثُلُثُ مَالِهِ يُوصِي بِهِ وَتَبْطُلُ مِنَ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ لِأَنَّهُمَا مَسْلُوبَا الْعِبَارَةِ وَأَهْلِيَّةِ التَّصَرُّفِ قِيَاسًا عَلَى الْبَهَائِمِ وَتَصِحُّ مِنَ السَّفِيهِ الْمُبَذِّرِ وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ إِذَا عَقَلَ وَجْهَ الْفَرْقِ وَأَصَابَ الْوَصِيَّةَ بِأَن لَا يَكُونَ فِيهَا تَخْلِيطٌ وَتَنْفُذُ وَصِيَّةُ الْكَافِرِ كَمَا تَنْفُذُ صَدَقَتُهُ إِلَّا أَنْ يُوصِيَ بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ لِمُسْلِمٍ لِعَدَمِ قَبُولِ ذَلِكَ لِلْمِلْكِ وَلَا تَنْفُذُ وَصِيَّةُ الْمُرْتَدِّ وَإِنْ تَقَدَّمَتْ رِدَّتُهُ الْوَصِيَّةَ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ إِنَّمَا تُعْتَبَرُ زَمَنَ التَّمْلِيكِ وَهُوَ زَمَنُ الْمَوْتِ وَقَالَهُ ش فِي الْجَمِيعِ قَاعِدَةٌ تَنْفِيذ تصريفات الْمُكَلَّفِينَ إِنَّمَا هُوَ وَسِيلَةٌ لِبَقَاءِ نُفُوسِهِمْ فَإِنَّ بَقَاءَ الْعَيْنِ مَعَ تَعَذُّرِ كُلِّ الْمَقَاصِدِ مُحَالٌ وَالْمُرْتَدُّ أَسْقَطَ الشَّرْعُ حُرْمَةَ نَفْسِهِ وَدَمِهِ فَتَصَرُّفَاتُهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى قَاعِدَةٌ تُعْرَفُ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ بِجَمْعِ الْفَرْقِ وَهُوَ أَنْ يَقْتَضِيَ الْمَعْنَى الْوَاحِدُ حُكْمَيْنِ مُتَنَاقِضَيْنِ كَالسَّفَهِ يُوجِبُ رَدَّ تَصَرُّفَاتِ السَّفِيهِ وَالصَّبِيِّ صَوْنًا لِمَالِهِمَا عَلَى مَصَالِحِهِمَا وَتَنْفُذُ وَصِيَّتُهُمَا صَوْنًا لِمَالِهِمَا عَلَى مَصَالِحِهِمَا لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تُثْمِرُ خَيْرًا لَهما

(فرع)

فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ وَلَوْ رُدَّتْ لَأَخَذَ الْمَالَ الْوَارِثُ فَصَوْنُ الْمَالِ عَلَى الْمَصَالِحِ اقْتَضَى تَنْفِيذَ التَّصَرُّفِ وَرَدَّهُ وَهُمَا حُكْمَانِ مُتَنَاقِضَانِ وَفِي الْكِتَابِ تَنْفُذُ وَصِيَّةُ ابْنِ عَشْرِ سِنِينَ لِأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قِيلَ لَهُ عَنْ صَبِيٍّ ابْنِ عَشْرِ سِنِينَ غَرِيبٍ بِالْمَدِينَةِ وَمَعَهُ ابْنة عَمه وَله مَاله وَلَا وَارِثَ لَهُ فَأَمَرَهُ عُمَرُ أَنْ يُوصِيَ لِابْنَةِ عَمِّهِ فَأَوْصَى لَهَا بِبِئْرِ جُشَمَ فَبِيعَتْ بِثَلَاثِينَ أَلْفًا فَأَجَازَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مُحَمَّدٌ تَجُوزُ مِنِ ابْنِ عَشْرِ سِنِينَ وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا عَقَلَ الصَّلَاةَ وَقَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا كَانَ مُرَاهِقًا وَمَالَ إِلَى التَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى (فَرْعٌ) قَالَ التُّونُسِيُّ إِذَا ادَّانَ الْمُولَى عَلَيْهِ ثُمَّ مَاتَ لَمْ يَلْزَمْ إِلَّا أَنْ يُوصِيَ بِهِ وَقَدْ بَلَغَ مَالَ الْوَصِيَّةِ فَتَجُوزُ فِي ثُلُثِهِ لِعَدَمِ لُزُومِهِ وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ إِنْ لَمْ يُسَمِّ إِلَّا ذَلِكَ الدَّيْنَ فَمِنْ رَأْسِ مَالِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ رَدُّ الدُّيُونِ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى لَهُ الْوَصِيَّةُ بِهِ مِنْ ثُلُثِهِ وَيُقَدَّمُ على الْوَصَايَا قَالَ أبن كنَانَة إِن أوصى بِهِ فِي رَأْسِ الْمَالِ لَمْ تَمْضِ لِعُدُولِهِ بِهِ عَنِ الْوَصَايَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِلسَّفِيهِ تَدْبِيرُ عَبْدِهِ فِي الْمَرَضِ فَإِنْ صَحَّ بَطَلَ كَالْوَصِيَّةِ والتبرع وأبطله أشعب مُطْلَقًا لِأَنَّهُ لَيْسَ وَصِيَّةً بَلْ بَتْلًا وَتَبَتُّلُ السَّفِيهِ بَاطِلٌ وَجَوَّزَهُ ابْنُ كِنَانَةَ إِنْ قَلَّ الثَّمَنُ وَإِلَّا فَلَا (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ لَوْ أَوْصَى الصَّبِيُّ إِلَى غَيْرِ وَصِيَّهِ بِتَنْفِيذِ وَصَايَاهُ مُنِعَ ذَلِكَ وَيَتَوَلَّى

(فرع)

الْوَصِيُّ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ عَزْلِهِ (فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ سَحْنُونٌ لَيْسَ لِلنَّصْرَانِيِّ مِنْ أَهْلِ الْعَنْوَةِ وَلَا مِنْ أَهْلِ الصُّلْحِ الَّذِينَ عَلَيْهِمُ الْجِزْيَةُ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى جُمْجُمَتِهِ شَيْءٌ يُؤَدِّيهُ عَنْ نَفْسِهِ وَلَا يُؤْخَذُ غَنِيُّهُمْ بِمُعْدِمِهِمْ أَنْ يُوصِيَ إِلَّا بِثُلُثِهِ لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ وَرَثَتُهُ بِخِلَافِ الْمُصَالَحِينَ عَلَى أَنَّ عَلَى جُمْلَتِهِمْ شَيْءٌ مَعْلُومٌ لَا يَنْقُصُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمْ وَلَا بِعَدَمِهِ لِأَنَّ مَالَ الْمَيِّتِ لِأَهْلِ خَرَاجِهِ يَسْتَعِينُونَ بِهِ فِيهِ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَوْصَى لِلْكَنِيسَةِ بِمَالِهِ كُلِّهِ وَلَا وَارِثَ لَهُ دُفِعَ لِلْأَسَاقِفَةِ الثُّلُثُ يَجْعَلُونَهُ حَيْثُ أَوْصَى وَالثُّلُثَانِ لِلْمُسْلِمِينَ أَمَّا مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الصُّلْحِ الَّذِينَ الْمَالُ عَلَى جُمْلَتِهِمْ وَلَا يَنْتَفِعُونَ بِمَوْتِ مَنْ مَاتَ وَلَا إِعْدَامِ مَنِ افْتَقَرَ فَلَهُ الْوَصِيَّةُ بِمَالِهِ كُلِّهِ لِأَنَّ مِيرَاثَهُ لَهُمْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ مِيرَاثُهُ لِلْمُسْلِمِينَ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ مِنْ أَهْلِ دِينِهِ وَقَدْ قِيلَ فِي أَهْلِ الْعَنْوَةِ مَالُهُمْ لِلْمُسْلِمِينَ وَلَا وَصِيَّةَ لَهُمْ فِي ثُلُثٍ وَلَا غَيْرِهِ لِأَنَّهُمْ فِي حُكْمِ الْعَبِيدِ الْمَأْذُونِ لَهُمْ فِي التِّجَارَةِ نَظَائِرُ قَالَ صَاحِبُ الْخِصَالِ أَرْبَعَةٌ تَجُوزُ وَصَايَاهُمْ دُونَ تَصَرُّفَاتِهِمْ الصَّبِيُّ وَالصِّبْيَةُ وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ وَالْأَحْمَقُ وَالْمُصَابُ الَّذِي يُفِيقُ أَحْيَانًا فِي تِلْكَ الْحَالِ وَقَالَ ح وَصِيَّةُ الصَّبِيِّ غَيْرُ نَافِذَةٍ قِيَاسًا عَلَى تَصَرُّفَاتِهِ فِي الْحَيَاة وَهُوَ أحد قولي الشَّافِعِي وَالْفَرْقُ يُعْرُفُ مِمَّا تَقَدَّمَ وَخَالَفَنَا فِي الْعَبْدِ وَالْمُدَبَّرِ وَالْمُكَاتَبِ وَأُمِّ الْوَلَدِ لِأَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَ عِنْده

(فرع)

الرُّكْن الثَّانِي الْمُوصى لَهُ وَفِي الْجَوَاهِر يَصح لِكُلِّ مَنْ يَصِحُّ لَهُ الْمِلْكُ وَيُتَصَوَّرُ فَلَوْ أُوصِيَ لِحَمْلِ امْرَأَةٍ فَانْفَصَلَ حَيًّا صَحَتِ الْوَصِيَّةُ لِأَنَّ مَصَالِحَ الْمَالِ يُمْكِنُ حُصُولُهَا مِنَ الْحَمْلِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَمَا جُوِّزَ شِرَاءُ الْجَحْشِ الصَّغِيرِ وَإِنْ كَانَ فِي الْحَالِ لَا يَحْصُلُ مِنْهُ مَقْصُودُ الْمِلْكِ بَلْ بِاعْتِبَارِ الْمَآلِ وَلَوْ أَسْقَطَتْهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَلَمْ يَسْتَهِلَّ صَارِخًا بَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ لِانْكِشَافِ الْغَيْبِ عَنْ بُطْلَانِ أَهْلِيَّةِ الْمِلْكِ وَقَالَهُ فِي الْكِتَابِ وَلَوْ أَوْصَى لِحَمْلٍ سَيَكُونُ صَحَّ لِتَوَقُّعِ الِانْتِفَاعِ كَبَيْعِ الرَّضِيعِ (فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ تَجُوزُ وَصِيَّتُهُ لِعَبْدِهِ وَعَبْدِ وَارِثِهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَارِثٌ سِوَاهُ لِأَنَّهُ لَهُ انْتِزَاعُهُ فَلَيْسَ فِيهِ إِزْوَاءٌ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ وَصَايَا حَاصَّ بِوَصِيَّتِهِ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ وَصَايَا جَازَتْ فِيمَا قَلَّ نَحْوِ الثَّوْبِ وَالشَّيْءِ الْخَفِيفِ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ وَبِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لِقَضَاءِ دَيْنٍ عَلَيْهِ وَالْقَضَاءُ يَزِيدُ فِي ثَمَنِهِ الشَّيْءُ الْيَسِير لِأَنَّهُ لَا يتهم فِي الْوَصِيَّة لِسَيِّدِهِ الْوَارِثِ حِينَئِذٍ وَتَجُوزُ وَصِيَّتُهُ لِمُدَبَّرِهِ وَوَلَدِهِ وَأم وَلَده باليسير وللمكاتب بِالْكَثِيرِ لِكَوْنِهِ أَحْرَزَ مَالَهُ كَالْأَجْنَبِيِّ إِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى أَدَاءِ كِتَابَتِهِ مِنْ غَيْرِ الْوَصِيَّةِ قَالَ أَشْهَبُ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ إِلَّا مِنَ الْوَصِيَّةِ وَالْأَدَاءُ أَفْضَلُ لِسَيِّدِهِ امْتَنَعَ أَوِ الْعَجْزُ أفضل جَازَت لعدم التهمه قَالَ وأروى الْجَوَازَ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْقَصْدَ الْخُرُوجُ مِنَ الرِّقِّ فَقَدِ اخْتُلِفَ فِيمَنْ زَوَّجَ أَمَتَهُ فِي مَرَضِهِ وَضَمِنَ الصَّدَاقَ فَقِيلَ الضَّمَانُ جَائِزٌ وَهِيَ وَصِيَّةٌ لِلزَّوْجِ وَإِنْ كَانَتِ الْمَنْفَعَةُ تَصِيرُ لِلِابْنَةِ وَقِيلَ يَمْتَنِعُ وَقَالَ ش الْوَصِيَّةُ لِعَبْدِ الْوَارِثِ وَصِيَّةٌ لِلْوَارِثِ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ عِبْدَهُ فَتَمْتَنِعُ وَكَذَلِكَ الْوَصِيَّة لعبد نَفسه لِأَن وَقْتَ نُفُوذِ الْوَصِيَّةِ مِلْكٌ لِلْوَارِثِ بِخِلَافِ أُمِّ

(فرع)

الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبِ وَالْمُدَبَّرِ وَالْوَصِيَّةُ عِنْدَهُ لِعَبْدِ الْغَيْرِ وَصِيَّةٌ لِلسَّيِّدِ وَيَقْبَلُ الْعَبْدُ دُونَ إِذْنِ سَيِّدِهِ قِيَاسًا عَلَى تَمَلُّكِهِ بِالْأَسْبَابِ الْفِعْلِيَّةِ كَالصَّيْدِ وَالِاحْتِطَابِ قَالَ اللَّخْمِيّ وَإِذا أوصى لعَبْدِهِ أَوْ لِعَبْدِ وَارِثِهِ لَا يَنْتَزِعُ الْوَرَثَةُ وَلَا سَيِّدُ الْعَبْدِ الْوَصِيَّةَ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى بُطْلَانِهَا وَإِنْ يَبِعْ بِيعَ بِمَالِهِ وَلِلْمُشْتَرِي الِانْتِزَاعُ لِعَدَمِ مُنَافَاة الْوَصِيَّة وَقَالَ أَشهب بتفريد الْعَبْدِ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِهَا وَيَطُولَ زَمَانُ ذَلِكَ وَلَا يَنْتَزِعُونَهَا إِنْ بَاعُوهُ قَبْلَ الطُّولِ قَالَ وَالْأَحْسَنُ عَدَمُ الِانْتِزَاعِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ قَصْدُ الْمُوصِي قَالَ وَكَذَلِكَ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْبَيْعَ عَلَى أَنْ يَنْتَزِعَ كَانْتِزَاعِ الْوَارِثِ وَأَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أُوصِيَ لِعَبْدٍ أَجْنَبِيٍّ أَنْ يَنْتَزِعَ سَيِّدُهُ قَالَ وَالْقِيَاسُ عَدَمُ الِانْتِزَاعِ لِمَا تَقَدَّمَ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يَفْتَقِرُ فِي الْقَبُولِ إِلَى إِذْنِ سَيِّدِهِ لِأَنَّهُ صَحِيح الْعبارَة وَإِنَّمَا حجر على السَّيِّدُ (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِلْمَسْجِدِ وَالْقَنْطَرَةِ وَنَحْوِهِمَا وَإِنْ لَمْ يُمْلَكَا لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْمُسْلِمِينَ لِحُصُولِ تِلْكَ الْمَصَالِحِ لَهُمْ (فَرْعٌ) قَالَ تَصِحُّ لِلذِّمِّيِّ كَالصَّدَقَةِ عَلَيْهِ قَالَ وَكَرِهَهَا أَبُو الْحَسَنِ لِلْحَرْبِيِّ وَمَنَعَهَا ش لِلْحَرْبِيِّ وَلِكُلِّ مَا لَا قربه فِيهِ لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّ اللَّهَ أَعْطَاكُمْ ثُلُثَ أَمْوَالِكُمْ فِي آخِرِ أَعمالكُم زِيَادَةً فِي حَسَنَاتِكُمْ) وَمَا لَا قُرْبَةَ فِيهِ لَا حَسَنَةَ فِيهِ وَجَوَابُهُ لَهُ الصَّرْفُ لِلْحَرْبِيِّ وَفِي الْمُبَاحِ حَالَةَ الْحَيَاةِ وَلَوْ وَهَبَ الْحَرْبِيُّ ثُلُثَ مِلْكِهِ إِجْمَاعًا فَكَذَلِكَ بَعْدَ الْوَفَاةِ عَمَلًا بِالْقِيَاسِ وَالِاسْتِصْحَابِ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ لِلذِّمِّيِّ وَالْحَرْبِيِّ وَقِيلَ تَمْتَنِعُ وَقَالَهُ ح

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ التُّونُسِيُّ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ لَوْ أَوْصَى لِأَخِيهِ وَارِثِهِ فَوُلِدَ لَهُ ثَبَتَتِ الْوَصِيَّةُ لِصَيْرُورَتِهِ مَحْجُوبًا غَيْرَ وَارِثٍ وَكَذَلِكَ لَوْ ظَهَرَ لَهُ حَمْلٌ بَعْدَ مَوْتِهِ وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنَّمَا ثَبَتَتِ الْوَصِيَّةُ إِذَا عَلِمَ بِالْوَلَدِ حَتَّى يَكُونَ مَجِيزًا لَهَا وَأَمَّا إِقْرَارُهُ بِالدَّيْنِ لِغَيْرِ وَارِثٍ فَصَارَ وَارِثًا يَلْزَمُهُ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ عِنْدَ الْإِقْرَارِ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ لِأَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ عَنْهَا فَكَأَنَّهُ أَنْشَأَهَا بَعْدَ أَنْ صَارَ وَارِثًا وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ حَمَالَتُهُ فِي مَرَضِهِ عَنْ وَارِثِهِ جَائِزَةٌ صَحَّ أَمْ لَا وَوُلِدَ لَهُ فِي مَرَضِهِ وَلَوْ مَاتَ ذَلِكَ الْوَلَدُ فَعَادَ وَارِثًا عَلَى حَالِهِ ثَبَتَتِ الْحَمَالَةُ قَالَهُ أَشْهَبُ وَمَشْهُورُ ش أَنَّ الْمُعْتَبَرَ مَنْ هُوَ وَارِثٌ عِنْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ يَوْمِ الْوَصِيَّةِ وَرُوِيَ عَنْهُ الْوَصِيَّةُ للْوَارِث بَاطِلَة لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ وَعِنْدَ الصِّحَّةِ وَيَتَوَقَّفُ عَلَى إِجَازَةِ الْوَرَثَةِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا تجوز لوَارث وَصِيَّة إِلَّا أَن يَشَأْ الْوَرَثَةُ وَوَافَقَنَا فِي جَوَازِ الْبَيْعِ مِنَ الْوَارِثِ بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ كَالْأَجْنَبِيِّ وَمَنَعَ ح لِأَنَّهُ يَخُصُّهُ بِعَيْنِ الْمَبِيعِ وَالْوَرَثَةُ يَسْتَحِقُّونَ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ تَمْتَنِعُ الْوَصِيَّة لَهُ بِالثُّلُثِ وَإِنْ كَانَ يَمْلِكُ صَرْفَهُ لِلْأَجَانِبِ وَجَوَابُ الْأَوَّلِ لَا نُسَلِّمُ اسْتِحْقَاقَ الْوَرَثَةِ لِلْعَيْنِ بَلْ لَهُمُ الثُّلُثَانِ شَائِعَانِ فَقَطْ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْوَصِيَّةَ لَهُ بِالثُّلُثِ بِغَيْرِ الْفَرْضِ الْمُقَدَّرِ لَهُ شَرْعًا (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا أَوْصَى لِوَارِثٍ وأجنبي تحاصا وَحط الْوَارِث موروثاً إِلَّا أَن

يُجِيزَ الْوَرَثَةُ فَإِنْ لَمْ يَبْتَدِ إِلَّا هَذَا الْوَارِثُ لَمْ يُحَاصَصْ فِي ضِيقِ الثُّلُثِ وَبُدَّى الْأَجْنَبِيُّ قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ إِنْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ فِي السَّبِيلِ فَإِنْ أَرَادَ وَارِثُهُ الْغَزْوَ بِهِ وَلَهُ وَرَثَةٌ غَيْرُهُ يُرِيدُونَ الْغَزْوَ غَزَوْا فِيهِ بِالْحِصَصِ لَيْلًا يخْتَص بَعْضُ الْوَرَثَةِ بِشَيْءٍ مِنَ التَّرِكَةِ فَإِنْ لَمْ يَرِثْهُ غَيْرُهُ أَنْفَقَ مِنْهُ فِي ذَلِكَ قَالَ رَبِيعَةُ لَوْ أَوْصَتْ لِبَعْضِ الْوَرَثَةِ بِوَصِيَّةٍ وَفِي السَّبِيلِ بِوَصِيَّةٍ أُخْرَى فَأَجَازَ الزَّوْجُ ثُمَّ قَالَ إِنَّمَا أَجَزْتُهُ رَجَاءَ أَنْ يُعْطُونِي فِي وَصِيَّةِ السَّبِيل لِأَنَّهُ غاز لَيْسَ ذَلِك لَهُ وَبَعْدَمَا أَجَازَهُ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ فِي قَوْلِ سَعِيدٍ يَغْزُونَ بِالْحِصَصِ أَيْ بِقِدْرِ كِفَايَتِهِمْ فَإِنْ ضَاقَ الثُّلُثُ تَحَاصُّوا بِمَقَادِيرِ الْكِفَايَةِ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ أَوْصَى لِجَمِيعِ وَرَثَتِهِ وَأَجْنَبِيٍّ وَأَنْصِبَاؤُهُمْ فِي الْوَصِيَّةِ وَالْمِيرَاثِ سَوَاءٌ فَالْأَجْنَبِيُّ مُقَدَّمٌ لِتَقَدُّمِ الْوَصِيَّةِ عَلَى الْمِيرَاثِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَرَثَةُ ذُكُورًا وَإِنَاثًا وَسَوَّى بَيْنَهُمْ فِي الْوَصِيَّةِ فَيُعْلَمُ أَنَّهُ خَصَّ الْإِنَاثَ بِزِيَادَةٍ عَلَى مِيرَاثِهِمْ فَيُحَاصَصُ الْأَجْنَبِيُّ وَاخْتُلِفَ فِي صُورَتِهِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَوْصَى لِأَبِيهِ وَلِابْنَتِهِ وَأَجْنَبِيٍّ كُلَّ وَاحِدٍ بِمَائَةٍ تُحَاصَصُ الِابْنَةُ بِخَمْسِينَ لِأَنَّهَا الزِّيَادَةُ عَلَى مِيرَاثِهَا لَمَّا أُعْطِيَ الذَّكَرُ مِائَةً وَقَالَ غَيْرُهُ تُحَاصَصُ بِثُلُثِ الْمِائَةِ لِأَنَّ أَصْلَ مِيرَاثِهَا مِنْ مِائَتَيْنِ لِثَلَاثِمِائَةٍ فتحاصص بِالزَّائِدِ قَالَ بن وَهْبٍ إِنْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِإِخْوَتِهِ وَهُمْ شَقِيقَانِ وَأَخَوَانِ لِأُمٍّ وَأَخَوَانِ لِأَبٍ وَلَمْ يَدَعْ غَيْرَهُمْ قَسَّمَ الثُّلُثَ سِتَّةً فَحِصَّةُ أَخَوَيِ الْأَبِ لَهُمَا لِأَنَّهُمَا لَا يَرِثَانِ وَيُضَمُّ الْبَاقِي إِلَى ثُلُثَيِ الْمَالِ مِيرَاثًا وَلَوْ أَوْصَى لَهُمْ بِذَلِكَ وَلَهُ ابْنٌ فَمَاتَ الِابْنُ قَبْلَ مَوْتِهِ فَالْجَوَابُ سَوَاءٌ قَالَ مَالِكٌ إِذَا أَوْصَتْ لِبَعْضِ وَرَثَتِهَا فَقَالَ الزَّوْجُ بِئْسَتِ الْوَصِيَّةُ وَمَا عَلِمَتْ أَنَّهُ لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ يَحْلِفُ وَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ تَرَكَ وَارِثًا وَاحِدًا وَأوصى بِثُلثِهِ لِأَجْنَبِيٍّ ثُمَّ قَالَ ثُلُثِي لِوَارِثِي أَوْ عَكَسَ إِنْ تَأَخَّرَ الْأَجْنَبِيُّ فَلَهُ الثُّلُثُ أَوِ الْوَارِثُ فَلَهُ الثُّلُثُ لِأَنَّهُ انْتِزَاعٌ مِنَ الْأَجْنَبِيِّ فَجَعَلَ الثُّلُثَ كَالْعَبْدِ الْمُعَيَّنِ يُوصَى بِهِ مَرَّتَيْنِ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ إِذَا أَوْصَى لِوَارِثِهِ وَأَجْنَبِيٍّ فِيهِ تَفْصِيلٌ إِنْ كَانَ مَعَ الْوَارِث وَارِث آخر فَعَن مَالك يحاصص

(فرع)

الْأَجْنَبِيُّ فِي الثُّلُثِ فَمَا صَارَ لَهُ أَخَذَهُ أَوْ لِلْأَجْنَبِيِّ فَمِيرَاثٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَارِثٌ غَيْرُهُ يَعْلَمُ إِرَادَةَ تَفْضِيلِهِ عَلَيْهِ أَوْ أَوْصَى لِجَمِيعِ الْوَرَثَةِ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ وَقَدِ اسْتَوَوْا فِي الْوَصِيَّةِ وَسِهَامِ الْمِيرَاثِ فَلَا مُحَاصَّةَ (فَرْعٌ) قَالَ الْأَبْهَرِيُّ قَالَ مَالِكٌ إِذَا أَوْصَى لِوَارِثٍ فَبَاعَ الْوَارِثُ الْعَيْنَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي فَلِلْوَرَثَةِ الثَّمَنُ لَا الْقِيمَةُ إِذَا لَمْ يُحَابِ لِأَنَّهُ بَاعَ بشبهه فَإِنْ حَابَى فَلِكُلِّ وَارِثٍ رَدُّ مَا يَخُصُّهُ وَإِنْ فَاتَ لَزِمَ الْبَائِعَ فِي مَالِهِ فَلَوِ ابْتَاعَ مَا قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ بِعِشْرِينَ مِنْ وَارِثِهِ أَوْ بِالْعَكْسِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ لَمْ يُجِزِ الْوَرَثَةُ فُسِخَ الْبَيْعُ وَلَيْسَ لَهُ إِتْمَامُ الْفَضْلِ لِأَنَّ الْعَقْدَ عُدِلَ بِهِ عَنِ الْبَيْعِ إِلَى وَصِيَّةٍ لِوَارِثٍ وَقَالَ أَشْهَبُ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَنْعَ إِنَّمَا كَانَ لِأَجْلِ الْفَضْلِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ لِوَلَدِ الْوَلَدِ إِذَا لَمْ يَرِثْ فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمْ وَوَلَدَ غَيْرُهُمْ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَذَلِكَ كَقَوْلِهِ لِأَخْوَالِي وَأَوْلَادِهِمْ أَوْ بَنِي أَخِي أَوْ لِبَنِي فُلَانٍ فَهُوَ لِمَنْ حَضَرَ الْقَسْمَ وَلَا يُحْسَبُ مَنْ مَاتَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَلَا يُحْرَمُ الْمَوْلُودُ بَعْدَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ أَحَدًا وَكَذَلِكَ لِمَوَالِي فُلَانٍ فَيَمُوتُ الْبَعْضُ وَيُولَدُ الْبَعْضُ وَيُعْتَقُ آخَرُونَ وَإِنْ قَالَ لِهَؤُلَاءِ وَهُمْ عِشْرُونَ فَمَنْ مَاتَ فَنَصِيبُهُ لِوَرَثَتِهِ لِأَجْلِ التَّعْيِينِ قِيلَ لِابْنِ الْقَاسِمِ لَوْ قَالَ ثُلُثِي لِوَلَدِ فُلَانٍ وَهُمْ عَشَرَةٌ قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا أَوْصَى بِحَبْسِ دَارِهِ أَوْ ثَمَرَةِ حَائِطِهِ عَلَى وَلَدِ فُلَانٍ يُؤَثَرُ الْمُحْتَاجُونَ وَلَمْ أَسْمَعَ مِنْهُ فِي الْوَصِيَّةِ شَيْئًا وَأَرَاهُمَا سَوَاءً قَالَ سَحْنُونٌ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَنْ أَوْصَى لِأَخْوَالِهِ وَأَوْلَادِهِمْ وَقَدْ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ مِثْلَ

(فرع)

رِوَايَة أبن الْقَاسِم وَلَيْسَ الْوَصِيَّةُ لِأَخْوَالِهِ بِشَيْءٍ نَاجِزٍ كَوَصِيَّتِهِ بِغَلَّةٍ مَوْقُوفَةٍ تُقَسَّمُ إِذَا حَضَرَتْ كُلَّ عَامٍ وَوَصِيَّتِهِ لِأَخْوَالِهِ وَوَلَدِ فُلَانٍ بِمَالٍ نَاجِزٍ وَهُمْ مَعْرُوفُونَ لِقِلَّتِهِمْ وَيَعْلَمُ عَدَدَهُمْ كَالْوَصِيَّةِ لِلْمُعَيَّنِينَ بِخِلَافِ الْحَبْسِ عَلَى بَنِي تَمِيمٍ أَوِ الْمَسَاكِينِ فَهُوَ لِمَنْ حَضَرَ الْقِسْمَةَ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ تَأَوَّلَ سَحْنُونٌ أَنَّهُ اخْتِلَافٌ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِقَوْلِهِ أَوَّلًا إِنَّمَا تَكُونُ لِمَنْ أَدْرَكَ الْقَسْمَ فَجَعَلَهُمْ كَالْمَجْهُولِينَ وَلِقَوْلِهِ أَخِيرًا هُوَ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ أَنَّهُ جَعَلَهُمْ كالمعنيين المعروفين وَالْخلاف فِيهِ مَعْلُوم وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَحْمِلُ عَلَى التَّعْيِينِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ أَرَادَ التَّعْقِيبَ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لِبَنِي تَمِيمٍ وَلِأَشْهَبَ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا مِثْلُ هَذَا وَالْآخَرُ يُحْمَلُ عَلَى الْجَهَالَةِ وَيُقَسَّمُ عَلَى مَنْ حَضَرَ دُونَ مَنْ مَاتَ وَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَهُ مُحَمَّدٌ إِلَّا أَنْ يُسَمِّيَهُمْ أَوْ يَعْلَمَ أَنَّهُ قَصَدَ أَعْيَانَهُمْ وَقَالَ غَيْرُ سَحْنُونٍ مَا فِي الْكِتَابِ لَيْسَ بِخِلَافٍ وَإِنَّمَا تَكَلَّمَ على صِفَةِ اخْتِلَافِ الْقَسْمِ بَيْنَ الْوَصَايَا وَالْحَبْسِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ إِذَا أَوْصَى لِبَنِي فُلَانٍ فَعَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ إِنْ لَمْ يَنْضَبِطُوا لِكَثْرَتِهِمْ فَلِمَنْ حَضَرَ الْقَسْمَ اتِّفَاقًا أَوْ مَعْرُوفِينَ فَنَصِيبُ الْمَيِّتِ بَاقٍ اتِّفَاقًا وَيُقَسَّمُ بِالسَّوَاءِ بَيْنَهُمْ أَوْ يَنْحَصِرُوا بَعْدَ مَشَقَّةٍ فَهُوَ مَوْضِعُ الْخِلَافِ قَالَ التُّونُسِيُّ لَوْ أَوْصَى لِوَلَدِ فُلَانٍ وَلَا وَلَدَ لَهُ وَهُوَ يَعْلَمُ ثُمَّ وُلِدَ لَهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُوقِفَ ذَلِكَ حَتَّى يَكْبُرَ وَيَنْتَفِعَ وَيُوقِفَ لِغَيْرِهِ حَتَّى يَنْتَفِعُوا لِأَنَّهُ لَمَّا عَلِمَ عَدَمَ الْوَلَدِ فَقَدْ قَصَدَ نَفْعَ الذُّرِّيَّة بجملتهم فَلَا يخْتَص بِالِانْتِفَاعِ بَعضهم حَتَّى يَنْقَرِضُوا فَيَكُونُ لِوَرَثَتِهِمْ وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ النَّاسِ أَنَّهُ لِأَوَّلِ وَلَدٍ بَتْلًا (فَرْعٌ) قَالَ التُّونُسِيُّ إِنْ أَوْصَى لِقَرَابَتِهِ أَوْ لِأَهْلِهِ قِيلَ هُمْ عَصَبَتُهُ دُونَ أَخْوَالِهِ

(فرع)

وَأُخْته وأبن أُخْته إِلَّا إِن تكون لَهُ قَرَابَةٌ إِلَّا مِنْ جِهَةِ النِّسَاءِ فَذَلِكَ قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى إِرَادَتِهِمْ وَقَالَ أَشْهَبُ يَدْخُلُ مَنْ تَقَدَّمَ لِصِدْقِ الِاسْمِ عَلَيْهِ وَفِي الْمُنْتَقَى قَالَ أَشْهَبُ لَا يَدْخُلُ قَرَابَتُهُ الْوَارِثُونَ وَيَدْخُلُ النَّصَارَى لِأَنَّهُ عُرْفُ الِاسْتِعْمَالِ (فَرْعٌ) قَالَ إِنْ أَوْصَى لِمَوَالِيهِ حَمَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى الْأَسْفَلِينَ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ عِنْدَهُ وَقَسَّمَهُ أَشْهَبُ بَيْنَ الْأَعْلَيْنَ وَالْأَسْفَلِينَ نِصْفَيْنِ إِنْ كَانَ الْأَعْلَوْنَ ثَلَاثَةً فَأَكْثَرَ فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا ثَلَاثَةً وَالْآخَرُ عَشَرَةً وَقِسْمَتُهُ إِنَّمَا هِيَ مِنْ بَابِ الشَّكِّ بِأَنْ تَكُونَ لِهَؤُلَاءِ وَتَارَةً تَكُونُ لِهَؤُلَاءِ فَهُوَ كَمَال تداعياه الْجَمِيعُ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا ثَلَاثَةً وَالْآخَرُ أَقَلَّ فَهُوَ لِلثَّلَاثَةِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَا يُسَمَّى مُوَالٍ وَإِنْ كَانَا اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ أَوْ وَاحِدًا وَاحِدًا فَهُوَ لِجُمْلَتِهِمْ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي عَدَمِ صِدْقِ الِاسْمِ عِنْدَ الِانْفِرَادِ فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ جُمْلَتَهُمْ فَإِنْ كَانَ لَهُ إنصاف موَالِي أُعْطُوا نِصْفَ مَا يُعْطَى الْمَوْلَى الْحُرُّ كُلُّهُ وَقَالَ لَعَلَّه يُرِيدُ أَنَّهُ أَعْتَقَ نِصْفًا وَأَعْتَقَ غَيْرُهُ نِصْفًا وَإِذَا اجْتَمَعَ مَوَالٍ مِنْ قَبْلِ الْأَبِ وَمَوَالٍ مِنْ قَبْلِ الْأُمِّ قُدِّمَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ مِنْ موَالِيه ويعي الْآخَرُونَ مِنْهُ إِنْ كَانَ فِي الْمَالِ سِعَةٌ وَيُؤَثَرُ الْأَحْوَجُ وَإِنْ بَعُدَ وَقِيلَ يَدْخُلُ فِيهِ مَوَالِي الْمَوَالِي قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ يَدْخُلُ فِي مَوَالِيهِ أُمُّ وَلَدِهِ وَمُدَبَّرُهُ وَالْمُوصَى بِعِتْقِهِ إِذَا عَتَقُوا بَعْدَ مَوْتِهِ مِنَ الثُّلُثِ بِخِلَافِ الْمُعْتَقِ إِلَى أَجَلٍ وَالْمُكَاتَبِ إِنْ سَبَقَهُمُ الْقَسْمُ فَإِنْ أُدِّيتِ

(فرع)

الْكِتَابَةُ وَحَلَّ الْأَجَلُ قَبْلَ الْقَسْمِ دَخَلُوا لِتَنَاوُلِ الِاسْمِ لَهُمْ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَدْخُلَانِ وَتُوقَفُ لَهُمَا فَإِنْ عَتَقَا أَخَذَاهُ وَإِلَّا رَجَعَ إِلَى بَقِيَّةِ الْمَوَالِي وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا لَمْ يَحِلَّ أَجَلُ الْمُعْتَقِ لَا يَدْخُلُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَوْلًى عِنْدَ الْوَصِيَّةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ غَلَّةً تَتَكَرَّرُ نَحْوَ الثَّمَرَةِ فَيَأْخُذُ مَا وَافَقَ الْعِتْقَ لِتَحَقُّقِ الْوَصْفِ حِينَئِذٍ قَالَ مَالِكٌ وَيَدْخُلُ مَوَالِي الْمُوَالِي مَعَ الْمَوَالِي وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ قَالَ عَلَى مَوَالِي عِتَاقِي اخْتُصَّ بِمَنْ بَاشَرَ عتقه أَو قَالَ لموَالِي وَهُوَ يحرصون لقتلهم فَكَذَلِك وَإِلَّا وإندرج الْجَمِيعُ لِتَنَاوُلِ الِاسْمِ قَالَ اللَّخْمِيُّ أَدْرَجَ مَالِكٌ فِي لَفْظِ الْمَوَالِي مَوَالِيَ الْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ وَالْإِخْوَةِ دُونَ مَوَالِي بَنِي الْإِخْوَةِ وَالْعُمُومَةِ وَقَالَ قَبْلَ ذَلِك يخْتَص بمعتقيه وَأَوْلَادِهِمْ قَالَ وَهُوَ أَحْسَنُ حَتَّى يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ قَرِينَةِ حَالٍ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا أَوْصَى لِبَنِي فلَان وَهُوَ أَرْبَعَةٌ يُعْلَمُ عَدَدُهُمْ أَمْ لَا فَمَاتَ بَعْضُهُمْ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي وَوَلَدَ آخَرُونَ فَالْوَصِيَّةُ لِمَنْ بَقِيَ دُونَ الْمَوْلُودِ وَالْمَيِّتِ وَلَوْ سَمَّاهُمْ لَحُرِمَ الْمَوْلُود وَآخر وَارِثٌ الْمَيِّتُ لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ تَعْيِينٌ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذا كَانُوا مَعْنيين وَعُلِمَ أَنَّهُ قَصَدَهُمْ بِأَعْيَانِهِمْ لَا يُحْرَمُ الْمَيِّتُ دُونَ الْمَوْلُودِ قَالَهُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا أَوْصَى لِتَمِيمٍ لَا يَدْخُلُ الْمَوَالِي عِنْدَ مَالِكٍ لِأَنَّ الصِّفَةَ لَا تَتَنَاوَلُهُمْ وَخَالَفَهُ أَشْهَبُ لِأَن الْعَادَةُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لِبَنِي تَمِيمٍ فَهَذَا يَخْتَصُّ لِأَنَّ مَوَالِيَهُمْ لَيْسُوا مِنْ بَنِيهِمْ وَسَوَّى عَبْدُ الْمَلِكِ فِي الدُّخُولِ وَقَالَ قَدْ تَكُونُ قَبَائِلَ لَا يَحْسُنُ فِيهَا لَفْظُ بَنِي نَحْوَ قَيْسٍ وَرَبِيعَةَ وَمُزَيْنَةَ وَخُزَاعَةَ

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ قَالَ أَشْهَبُ وَلَدُ عَبْدِ اللَّهِ يخْتَص بالذكور وَبني فلَان تعم الذُّكُورَ وَالْإِنَاثَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِوَلَدِ فُلَانٍ وَهُمْ عَشَرَةُ ذُكُورٍ وَإِنَاثٍ هُوَ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَتَنَاوَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى وَلَفْظُ الِابْنِ يخْتَص بالذكور وَلِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادكُم} وَلم يقل فِي أَبْنَائِكُم لتعم وَقَالَ أَشْهَبُ يُقَسَّمُ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ وَإِذَا قَالَ لِبَنِي فُلَانٍ فَإِذَا هُمْ بَنَاتٌ كُلُّهُنَّ فَهُوَ بَينهُنَّ وَكَذَلِكَ لَو مَاتَ ذكورهن قبل بعد الْوَصِيَّة قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الْأُنْثَى يَتَنَاوَلُهَا لَفْظُ الْبَنِينَ وَلَا يَنْدَرِجُ الذُّكُورُ فِي لَفْظِ الْإِنَاثِ وَيَنْدَرِجُ بَنَاتُ الْبَنِينَ دُونَ أَبْنَائِهِمْ كَمَا يَدْخُلُ وَلَدُ الْوَلَدِ مَعَ الْوَلَدِ (فَرْعٌ) قَالَ وَلَا يَنْدَرِجُ وَلَدُ الصُّلْبِ فِي لَفْظِ الْأَقَارِبِ قَالَهُ مَالِكٌ فَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ غَيْرَ وَلَدِ الْبَنَاتِ وَوَلَدِ الْخَالَاتِ أُعْطُوا قَالَ أَشْهَبُ يَدْخُلُونَ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ فِي الْحَبْسِ وَذَوِي رَحِمِي وَقَرَابَتِي سَوَاءٌ يَدْخُلُ كُلُّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء كَانَ محرما أم لَا وَلَا يفضلوا بِالْقُرْبِ بَلْ بِالْحَاجَةِ وَلَا يَدْخُلُ الْوَارِثُونَ لِقَرِينَةِ حِرْمَانِ الشَّرْعِ لَهُمْ وَيَدْخُلُ قَرَابَتُهُ النَّصَارَى وَيَنْدَرِجُ الْمَوَالِي فِي لَفْظِ الْأَقْرَبِ وَيُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ وإلاخ اقْربْ من الْجد لِأَنَّهُ يُدْلِي بِالنُّبُوَّةِ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ وَمَتَى سَمَّاهَا صَدَقَةً فَلَا يُعْطِي إِلَّا الْمُحْتَاجَ وَيَدْخُلُ فِي لَفْظِ الْأَهْلِ وَالْقَرَابَةِ عِنْدَ مَالِكٍ وَلَدُ الْبَنَاتِ وَخَالَفَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ الطُّرْطُوشِيُّ إِذَا أَوْصَى لِأَقَارِبِهِ أَوْ قَرَابَتِهِ أَوِ الْأَقْرَبِينَ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ لَا يَدْخُلُ وَلَدُ الْبَنَاتِ وَوَلَدُ الْخَالَاتِ وَرَوَى غَيْرُهُ يَدْخُلُ جَمِيعُ قَرَابَتِهِ مِنَ الْأَبِ وَالْأُمِّ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَدْخُلُ الْقَرَابَةُ من قبل الْأُم وَلَا بنوا الْبَنَات قَالَ القَاضِي أَبُو الْحسن أبتي عِنْدَ مَالِكٍ لِوَلَدِي وَوَلِدِ وَلَدِي لَا يَدْخُلُ فِيهِ وَلَدُ الْبَنَاتِ وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ يَدْخُلُونَ وَقَالَ ح يَدْخُلُ كُلُّ ذِي

رَحِمٍ مُحَرَّمٍ إِلَّا الْوَالِدَيْنِ وَالْمَوْلُودِينَ وَابْنَ الْعَمِّ وَقَالَ ش يَدْخُلُ قَرَابَتُهُ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ وَقَالَ أَحْمَدُ يَدْخُلُ قُرَابَةُ الْأَبِ دُونَ الْأُمِّ وَلَا يَتَجَاوَزُ الْأَبَ الثَّالِثَ وَيَخْتَصُّ الْمُسْلِمُ بِهِ دُونَ الْكَافِرِ لَنَا عَلَى الْحَنَفِيَّةِ لَمَّا نزل قَوْله تَعَالَى {وأنذر عشيرتك الْأَقْرَبين} نَادَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَا عَبَّاسُ يَا فَاطِمَةُ لَا أُغْنِي عَنْكُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا فَدَلَّ عَلَى انْدِرَاجِ الْعَمِّ وَالْوَلَدِ فِي الْأَقْرَبِينَ وَلِأَنَّ عَمُودَ النَّسَبِ أَصْلُ الْقَرَابَةِ وَالْأَصْلُ أَوْلَى بِالِانْدِرَاجِ وَوَافَقَنَا ش عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَمِنَ فِي الْحَرْبِ الْقَرَابَةُ انْدَرَجُوا وَاحْتج بقوله تَعَالَى {الْوَصِيَّة للْوَالِدين والأقربين} فَأَفْرَدَهُمَا مِنَ الْأَقْرَبِينَ وَلِأَنَّ الْوَلَدَ وَالْوَالِدَ لَا يُفْهَمَانِ مِنْ لَفْظِ الْقَرَابَةِ فِي الْعُرْفِ فَلَا يُصْرَفُ إِلَيْهِمَا كَالْأَجْنَبِيِّ وَلِأَنَّهُ مَالٌ يَسْتَحِقُّ بِالْقَرَابَةِ فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ ابْنُ الْعَمِّ قِيَاسًا عَلَى النَّفَقَةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهَا أَصْلُ الْقُرْبِ والقرابة فَكَيْفَ لَا يَنْدَرِجَانِ وَإِنَّمَا أَفْرَدَهُمَا لِعِظَمِهِمَا كَمَا أُفْرِدَ جِبْرِيلُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَمَلَائِكَته وجِبْرِيلَ} وَكَمَا أُفْرِدَ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَكَقَوْلِه

(فرع)

وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ وَعَنِ الثَّانِي لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ دَلَالَةِ الْعُرْفِ عَلَيْهِمَا خُرُوجُهُمَا لِدَلَالَةِ اللُّغَةِ عَلَيْهِمَا كَمَا أَنَّ الْأَخَ لَا يُفْهَمُ مِنَ الْقَرَابَةِ فِي لَفْظِ الْعُرْفِ وَهُوَ يَنْدَرِجُ وَلَوْ صَحَّ قَوْلُكُمْ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْأَمَانِ وَابْنُ الْعَمِّ يَدْخُلُ فِي الْقَرَابَةِ عَادَةً وَلُغَةً فَلَا يَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ بِاسْمِ الْقَرَابَةِ وَعَنِ الثَّالِثِ إِنَّ الْإِخْوَةَ لَا نَفَقَةَ لَهُمْ مَعَ اخْتِلَاف الدّين وَمَعَ الْغِنَا وَيَدْخُلُونَ فِي الْوَصِيَّةِ ثُمَّ الْمُعَارَضَةُ بِأَنَّهُ مَالٌ مُسْتَحَقٌّ بِالْقَرَابَةِ فَيَدْخُلُ ابْنُ الْعَمِّ كَالْمِيرَاثِ وَهَذَا الْقِيَاسُ أَوْلَى لِأَنَّ الْمَوْتَ شَرْطٌ فِي الْمِيرَاثِ وَالْوَصِيَّةِ بِخِلَافِ النَّفَقَةِ (فَرْعٌ) فِي الْبَيَانِ إِذَا أَوْصَى لِابْنِ السَّبِيلِ قَالَ مَالِكٌ لَا يَنْدَرِجُ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى لِأَنَّ النَّاسَ لَا يَقْصِدُونَ بوصاياهم الْكفَّار وَالْوَصِيَّة للْكفَّار مَكْرُوهَةٌ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ أَوْلَى مِنْهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا فَلَا تُحْمَلُ الْوَصِيَّةُ عَلَى الْمَكْرُوهَاتِ (فَرْعٌ) قَالَ الْأَبْهَرِيُّ قَالَ مَالِكٌ إِذَا أَوْصَى لِلْفُقَرَاءِ وَلَهُ أَقَارِبُ فَقُرَاءُ لَا يَنْدَرِجُونَ لِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَهُمْ لَعَيَّنَهُمْ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَلَفْظُ الْجِيرَانِ لِمَنْ يُوَاجِهُهُ وَيَلْصَقُ بِمَنْزِلِهِ مِنْ وَرَائِهِ وَجَنْبِهِ دُونَ مَنْ بَيْنَهُمَا السُّوقُ الْمُتَّسِعُ وَيُقْتَصِرُ فِي الدَّارِ الْعَظِيمَةِ الْكَثِيرَةِ الْمَنَازِلِ إِذَا أَوْصَى بَعْضُ سُكَّانِهَا عَلَيْهَا فَإِنْ شَغَلَ الْمُوصِي أَكْثَرَهَا وَسَكَنَ مَعَهُ غَيْرُهُ فَالْوَصِيَّةُ لِمَنْ خَارِجَهَا لَا لِمَنْ فِيهَا وَإِنْ سَكَنَ أَقَلَّهَا اخْتَصَّتْ بِمَنْ فِيهَا قَالَ سَحْنُونٌ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ جِوَارُ الْبَادِيَةِ أَوْسَعُ مِنْ هَذَا وَقَدْ يَكُونُ الْجَارُ عَلَى أَمْيَالٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ

(فرع)

دُونَهُ غَيْرُهُ إِذَا جَمَعَهُمُ الْمَأْوَى وَالْمَسْرَحُ وَقَالَ سَحْنُونٌ كُلُّ قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ لَيْسَ لَهَا اتِّصَالٌ بِالْحَارَاتِ فَهُمْ جِيرَانٌ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَإِذَا أَوْصَى لِجِيرَانِهِ إِنَّمَا يُعْطَى الْجَارُ الَّذِي لَهُ الْمَسْكَنُ وَالزَّوْجَةُ وَوَلَدُهُ الْكَبِيرُ الْبَائِنُ عَنْهُ بِنَفَقَتِهِ وَلَا يُعْطَى الصَّغِيرُ وَالْبِنْتُ الْبِكْرُ وَلَا خَدَمُهُ وَلَا ضَيْفٌ يَنْزِلُ بِهِ وَيُعْطَى الْجَارُ الْمَمْلُوكُ إِذَا سَكَنَ بَيْتًا عَلَى حِدَةٍ كَانَ سَيِّدُهُ جَارًا أَمْ لَا وَقَالَ سَحْنُونٌ يُعْطَى الْوَلَدُ الصَّغِيرُ وَالْبِكْرُ بِالِاجْتِهَادِ (فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ أَوْصَى لِوَلَدِ فُلَانٍ وَلَا وَلَدَ لَهُ إِلَّا حَمْلٌ حُمِلَتِ الْوَصِيَّةُ عَلَيْهِ فَإِنْ أَسْقَطَتْهُ أَوْ وُلِدَ مَيِّتًا سَقَطَتِ الْوَصِيَّةُ وَلَا شَيْءَ لِمَنْ يُولَدُ بَعْدُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَمْلٌ وَالْمُوصِي يَظُنُّ أَنَّ لَهُ وَلَدًا بَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ لِعَدَمِ الْمَحَلِّ وَإِنْ كَانَ عَالِمًا حُمِلَتْ عَلَى مَنْ يُولَدُ بَعْدُ فَإِنْ كَثُرُوا فَمَنْ وُلِدَ تُجِرَ لَهُ بِذَلِكَ الْمَالِ وَإِنْ وُلِدَ آخَرُ تُجِرَ لَهُ مَعَ الْأَوَّلِ وَمَنْ بَلَغَ تَجَرَ لِنَفْسِهِ فَإِن حسن أوضاع مِنْهُ شَيْءٌ حَتَّى التَّجْرِبَةُ لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّ الْمَيِّتَ رَضِيَ بِالْوَصِيَّةِ مَعَ تَوَقُّعِ ذَلِكَ وَالصَّغِيرُ لَمْ يَضْمَنْ ذَلِكَ فَإِذَا بَلَغَ وَتَجَرَ لِنَفْسِهِ ضَمِنَ الْخَسَارَةَ وَالسَّلَفَ لِأَجْلِ وَضْعِ يَدِهِ (فَرْعٌ) قَالَ وَلَوْ أَوْصَى لِمَيِّتٍ لَا يَعْلَمُ بِمَوْتِهِ بطلت الْوَصِيَّة لعدم الْمحل أَو يعلم وَصِيّ وَفِي بهَا دينه ورثته عَنْهُ قَالَهُ مَالِكٌ لِأَنَّ ذَلِكَ مَقْصِدُ الْمُوصِي وَيُقَدَّرُ تَقَدُّمُ مِلْكِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ كَمَا يُقَدَّرُ ذَلِكَ فِي دِيَةِ الْخَطَأِ فَإِنَّهَا تُوَرَّثُ وَلَا يَمْلِكُهُ فِي الْحَيَاةِ لِبَقَاءِ الرُّوحِ وَعَنْهُ الْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ لِعَدَمِ مَنْ يَصْلُحُ لِلْمِلْكِ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ قِيَاسًا عَلَى الْوَصِيَّةِ لِلْجِهَادِ

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ إِذَا قَالَ لِآبَائِي دَخَلَتِ الْأَجْدَادُ وَالْأُمَّهَاتُ وَالْجَدَّاتُ كَمَا يُقَالُ لِلنَّاسِ أَوْلَادُ آدَمَ وَحَوَّاءَ فَإِنْ لَمْ يُجِزِ الْوَرَثَةُ لِلْآبَاءِ حُوصِصَ الْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ بِمَا يَنُوبُهُمْ وَكَانَ نَصِيبُهُمْ مِيرَاثًا وتندرج فِي الْأَعْمَام والعمات مِنْ كُلِّ جِهَةٍ كَالْأُمِّ مَعَ الْأَبِ لِأَنَّ هَذِه مجازات عالية وَالْأَلْفَاظُ تُحْمَلُ عَلَى الْعَوَائِدِ وَتَنْدَرِجُ فِي عَصَبَتَيْ نَسَبِ الْأَبِ الذُّكُورِ وَإِنْ بَعُدُوا دُونَ الْإِنَاثِ لِأَنَّ التَّعْصِيبَ مِنَ الْمُعَاوَضَةِ وَالتَّقْوِيَةِ وَمِنْهُ عَصَبُ الْحَيَوَانِ وَذَلِكَ مُخْتَصٌّ عَادَةً بِهَؤُلَاءِ دُونَ مَنْ هُوَ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ (فَرْعٌ) قَالَ وَالْأَهْلُ وَالْآلُ سَوَاءٌ لِأَنَّ الْهَمْزَةَ بَدَلٌ مِنَ الْهَاءِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {هَا ؤم اقرؤا كِتَابيه} أَيْ هَاكُمْ فَهُمُ الْعُصْبَةُ وَالْأَخَوَاتُ وَالْعَمَّاتُ دُونَ الْخَالَاتِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَجَعَلَهُ لِمَنْ كَانَ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ دُونَ مَنْ هُوَ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ وَقَالَ مُطَرِّفٌ يَدْخُلُ الْأَخْوَالُ وَالْخَالَاتُ وَبَنُوهُمُ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ وَبَنُو الْبَنَاتِ ذُكُورُهُمْ وَإِنَاثُهُمْ (فَرْعٌ) قَالَ وَقَوْلُهُ إِخْوَتِي يَتَنَاوَلُ الْأَشِقَّاءَ وَالْأَبَ وَالْأُمَّ لِأَنَّ الْأُخُوَّةَ هِيَ الْمُسَاوَاةُ فِي صِفَةٍ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {كُلَّمَا دَخَلَتْ أمة لعنت أُخْتهَا} أَيِ الْمُسَاوِيَةَ لَهَا

فرع

فِي صِفَةِ الْكُفْرِ وقَوْله تَعَالَى {وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا} لِاسْتِوَائِهِمَا فِي صفة الدّلَالَة وَتقول هَذِهِ النَّخْلُ أُخْتُ هَذِهِ وَالْأُخُوَّةُ مُسْتَوِيَةٌ إِمَّا فِي صِفَةِ الْخُرُوجِ مِنَ الظَّهْرِ أَوْ مِنَ الرَّحِمِ أَوْ مِنْهُمَا وَهُمُ الْأَشِقَّاءُ فَلَفْظُ الْأُخُوَّةِ يَشْمَلُ الْجَمِيعَ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ لِوَلَدِ فُلَانٍ عَالِمًا بِأَنَّهُ لَا وَلَدَ لَهُ يَنْتَظِرُ أَيُولَدُ لَهُ أم لَا ويساوى فِيهِ بَين الذُّكُور والآناث لِعَدَمِ اخْتِصَاصِ اللَّفْظِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَهِيَ بَاطِلَةٌ لِعَدَمِ مَنْ يَمْلِكُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا مَاتَ الْمُوصِي وَلَا وَلَدَ لِلْمُوصَى لِوَلَدِهِ بَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ عَلِمَ بِأَنَّ لَهُ ولدا أم لَا وَإِن ولد لَهُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ لَهُ حَمْلٌ يَوْمَ مَوْتِ الْمُوصِي لِأَنَّهُ مَاتَ وَلم يحرم بِنَقْلِ مَالِهِ لِأَحَدٍ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا أَوْصَى لِبَنِي فُلَانٍ فَلَمْ يُوجَدْ لَهُمْ وَلَدٌ رَجَعَتْ مِيرَاثًا لِعَدَمِ الْمَحَلِّ وَالْوَصِيَّةُ لِغَيْرِ شَيْءٍ بَاطِلَةٌ إِجْمَاعًا وَعَنْهُ إِذَا أَوْصَى لِفُقَرَاءِ بَنِي عَمِّهِ فَوُجِدُوا أَغْنِيَاءَ فَلْيُوقَفْ عَلَيْهِمْ فَمَنِ افْتَقَرَ دُفِعَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَفْتَقِرْ أَحَدٌ رَجَعَتْ مِيرَاثا (فَرْعٌ) قَالَ صَاحب البيإن الْفَخْذ أعلم مِنَ الْفَصِيلَةِ وَأَخَصُّ مِنَ الْبَطْنِ وَالْقَبِيلَةُ وَالْبَطْنُ أَخَصُّ مِنَ الْقَبِيلَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَعَامُلُ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ وَالْخِلَافُ فِيهَا فِي الْوَقْفِ وَالْوَصِيَّةُ تَتَخَرَّجُ عَلَيْهِ (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا أَوْصَى لِحَمْلِ فُلَانَةَ فَوَلَدَتِ اثْنَيْنِ وُزِّعَتْ عَلَيْهِمَا بِالسَّوِيَّةِ

(فرع)

وَإِن اخْتلفَا بالذكورة الْأُنُوثَة كمن أَوْصَى لِأَوْلَادِهَا الْمَوْجُودِينَ وَلَوْ قَالَ إِنْ كَانَ فِي بَطْنِهَا غُلَامٌ اسْتَحَقَّ دُونَ الْجَارِيَةِ وَلَوْ أَوْصَى لِلْفُقَرَاءِ دَخَلَ الْمَسَاكِينُ وَبِالْعَكْسِ لِإِطْلَاقِ الِاسْمِ عَلَيْهِمَا وَلقَوْله تَعَالَى {فإطعام سِتِّينَ مِسْكينا} وَتَجُوزُ لِلْفُقَرَاءِ إِجْمَاعًا وَلَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ وَلِلْفُقَرَاءِ لَا يَسْتَحِقُّ النِّصْفَ بَلْ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ فِي حَالِهِ لِأَنَّهُ لَوْ حَطَّتِ الشَّرِكَةُ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ شَيْءٌ لِأَنَّ عَدَدَ الْفُقَرَاءِ غَيْرُ مُتَنَاهٍ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَلَا شَيْءَ لِوَرَثَتِهِ لِأَنَّهُ أُسْوَةُ أَحَدِ الْفُقَرَاءِ قَالَهُ مُحَمَّدٌ (فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى لَا يَمِينَ عَلَى الْمُوصَى لَهُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لَيْسَتْ عَلَى وَجْهِ التَّوْلِيجِ وَوجه ذَلِك إِنَّهَا يَمِينُ تُهْمَةٍ وَإِذَا صَرَفَ الْوَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ جَازَ لِلْوَارِثِ أَخْذُهَا لِأَنَّهَا هِبَةٌ مِنْهُ قَالَهُ أَصْبَغُ سَوَاءٌ كَانَ الْمُوصَى لَهُ غَنِيًّا يَظُنُّ أَنَّ الْوَصِيَّةَ تَمَسُّهُ أَمْ لَا لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَكُونُ لِلْفَقِيرِ وَالْغَنِيِّ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَوْصَى لِأُمِّ وَلَدِهِ وَلَهُ مِنْهَا وَلَدٌ صَحَّ وَلَا تَكُونُ وَصِيَّةً لِوَلَدِهِ وَقَصْدًا مِنْهُ لِغِنَاهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَمُوتُ فَيَرِثُهُ وَكَذَلِكَ إِذَا أَوْصَتْ لِابْنِ زَوْجِهَا مِنْ غَيْرِهَا وَلَا يَرُدُّ الْوَصَايَا سُوءُ الظَّنِّ وَقَالَ أَصْبَغُ وَكَذَلِكَ وَصِيَّتُهُ لوَلَده ولد وَأَبُوهُ حَيٌّ وَارِثٌ وَلَا يَحْلِفُ مَا وَصَّى فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ لِلْوَارِثِ قَالَهُ أَصْبَغُ قَالَ وَيجْرِي فِيهَا الْخلاف فِي عين التُّهَمِ وَلَوْ حَقَّقَ وَارِثٌ عَلَيْهِ الدَّعْوَى حَلَفَ قَوْلًا وَاحِدًا (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ أَوْصَتْ لِزَوْجِهَا وَقَدْ طَلَّقَهَا إِنْ عَلِمَتْ بذلك جَازَ

(فرع)

وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهَا ظنت إِنَّه وارثها أجازها أَشْهَبُ مُطْلَقًا نَظَرًا لِظَاهِرِ الْوَصِيَّةِ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ النُّفُوذُ وَهُوَ الْأَصْلُ مِنَ الْعُقَلَاءِ (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا أَوْصَى لِوَارِثٍ فَحَجَبَ عَنْ مِيرَاثِهِ أَوْ لِغَيْرِ وَارِثٍ فَصَارَ وَارِثًا فَالِاعْتِبَارُ بِالْمَآلِ إِنْ كَانَ الْمُوصِي عَالِمًا بِتَغَيُّرِ حَالِ الْوَارِثِ لِأَن الْوَصَايَا إِنَّمَا تُعْتَبَرُ عِنْدَ الْمَوْتِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ صَحَّتْ عِنْدَ أَشْهَبَ دُونَ ابْنِ الْقَاسِمِ (فَرْعٌ) قَالَ الطُّرْطُوشِيُّ إِذَا أَوْصَى لِقَاتِلٍ بَعْدَ جَرْحِهِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً وَعَلِمَ أَنَّهُ الْجَانِي أَمْ لَا يَصِحُّ فِي الْخَطَأِ فِي الْمَالِ وَالدِّيَةِ وَفِي الْعَمْدِ فِي الْمَالِ دُونَ الدِّيَةِ لِأَنَّهَا فِي الْعَمْدِ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ لَهُ وَالْوَصِيَّةُ تخْتَص بالمعلوم فَلَو تَأَخَّرَتِ الْجِنَايَةُ الْعَمْدُ عَنِ الْوَصِيَّةِ بَطَلَتْ فِي الْمَالِ وَالدِّيَةِ مُعَاقَبَةً لَهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ وَإِنْ تاخرت الْجِنَايَة الْخَطَأُ فَالْوَصِيَّةُ فِي الْمَالِ دُونَ الدِّيَةِ وَقَالَ ح لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِلْقَاتِلِ عَمْدًا وَلَا خَطَأً وَعِنْدَ ش قَوْلَانِ لَنَا قَوْله تَعَالَى {فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذين يبدلونه} وَإِبْطَالُ الْوَصِيَّةِ تَبْدِيلٌ وَقِيَاسًا عَلَى غَيْرِهِ وَنَقْلُ مِلْكٍ فَيَنْعَقِدُ سَبَبُهُ لِلْقَاتِلِ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَاحْتَجُّوا بقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا وَصِيَّة لقَاتل لِأَن الْوَصِيَّةَ تَتَعَلَّقُ بِالْمَوْتِ فَيَمْنَعُهَا الْقَتْلُ كَالْمِيرَاثِ وَبِهِ يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ لِأَنَّهُمَا لَا يَتَعَلَّقَانِ بِالْمَوْتِ وَلِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ شَرِيكُ الْوَارِثِ لِأَنَّهُمَا نَصِيبُهُمَا يَزِيدَانِ بِزِيَادَةِ الْمَالِ وَيَنْقُصَانِ بِنُقْصَانِهِ فَيَكُونُ كَالْمِيرَاثِ فِي مَنْعِ الْقَتْلِ

إِيَّاهُ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ سلمنَا صِحَّته لَكِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْوَصِيَّةِ الشَّرْعِيَّةِ وَهِيَ الْمِيرَاثُ وَهُوَ يُسَمَّى وَصِيَّةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادكُم} صَوْنًا لِلْآيَةِ عَنِ التَّخْصِيصِ وَعَنِ الثَّانِي الْفَرْقُ بَين الْقَتْل والعمد وَالْمِيرَاث أما الْخَطَأ فَلَا يمْنَع عِنْده أَنَّ الْكُفْرَ وَالرِّقَّ يَمْنَعَانِ الْمِيرَاثَ دُونَ الْوَصِيَّةِ فَالْمِيرَاثُ أَقْوَى وَلِأَنَّهُ بِالْقَتْلِ مُسْتَعْجِلٌ لِلْمِيرَاثِ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ فَعُوقِبَ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ وَلِأَنَّ الْمِيرَاثَ مِلْكٌ ضَرُورِيٌّ فَلَوْ أَثْبَتْنَاهُ لِلْقَاتِلِ صَارَ مُكْتَسَبًا وَهُوَ الْجَوَابُ عَنِ الثَّالِثِ نَظَائِرُ قَالَ صَاحِبُ الْخِصَالِ خَمْسَةٌ تُبْطِلُ مَا وُصِّيَ لَهُمْ بِهِ الْوَارِثُ وَقَاتِلُ الْعَمْدِ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْمَقْتُولُ بِذَلِكَ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ وَالْقَاتِلُ خَطَأً تُبْطَلُ وَصِيَّتُهُ مِنَ الدِّيَةِ دُونَ الْمَالِ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْمُوصِي بِذَلِكَ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ فَتَجُوزُ فِي الْمَالِ وَالدِّيَةِ وَالْمُوصَى لَهُ يَمُوتُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي وَالْمُوصَى لَهُ يُرِيد فِي حَيَاةِ الْمُوصِي بَعْدَ الْوَصِيَّةِ الرُّكْن الثَّالِث الْمُوصَى بِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ كُلُّ مَقْصُودٍ يَقْبَلُ النَّقْلَ وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مَوْجُودًا أَوْ غَنِيا بل تصح بِالْحملِ وَثَمَرَة الشَّجَرَة الْمَنْفَعَة وَلَا كَوْنُهُ مَعْلُومًا أَوْ مَقْدُورًا عَلَيْهِ بَلْ تَصِحُّ بِالْحَمْلِ وَالْمَغْصُوبِ وَالْمَجْهُولِ وَلَا كَوْنُهُ مُعَيَّنًا بَلْ تَصِحُّ بِأَحَدِ الْعَبْدَيْنِ وَلَا تَصِحُّ بِمَا لَا يَقْبَلُ الْمِلْكَ كَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ لِعَدَمِ قَبُولِهِ للْملك وَالْوَصِيَّة بغلة الْمَوْت ووافقنا الشَّافِعِي وح فِي الْوَصِيَّةِ بِخِدْمَةِ الْعَبْدِ سَنَةً وَمَنَعَهُ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَجَمَاعَةٌ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ تَتَجَدَّدُ عَلَى مِلْكِ الْوَارِثِ وَمَنَعَ ح الْوَصِيَّةَ بِمَا لَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِهِ إِلَى الْمَوْتِ لِعَدَمِ قَبُولِ الْمحل

لِنُفُوذِ التَّصَرُّفِ وَنَحْنُ نُجِيزُهُ قِيَاسًا عَلَى النُّذُرِ قَاعِدَةٌ الْعُقُودُ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ قِسْمٌ مُشْتَمِلٌ عَلَى الْمُعَاوَضَةِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَغَيْرُ مُشْتَمِلٍ كَالْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَمُشْتَمِلٌ عَلَى طَرِيقِ التَّبَعِ لِمَقْصِدٍ آخَرَ كَالنِّكَاحِ مَقْصِدُهُ الْمَوَدَّةُ وَالِائْتِلَافُ وَاسْتِبْقَاءُ النَّوْعِ الْإِنْسَانِيِّ فِي الْوُجُودِ لِلْعِبَادَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَة} فَصَرَّحَ بِحِكْمَةِ الزَّوْجِيَّةِ وَغَيْرُ مَقْصُودٍ أَصْلًا فِي ذَلِكَ التَّصَرُّفِ كَالطَّلَاقِ فَإِنَّ الْعِوَضَ فِيهِ غَيْرُ مَقْصُود فِي اصله النِّيَّة وَيَقَعُ فِيهِ لِغَرَضِ الْفِدَاءِ مِنَ الضَّرَرِ لَا لِلطَّلَاقِ فَمَنَعَ الشَّرْعُ مِنَ الْغَرَرِ وَالْجَهَالَةِ فِي الْقسم الأول لِأَن مَقْصُوده تَنْمِيَةُ الْمَالِ وَهُمَا يُحَلَّانِ بِالْحَزْمِ بِضَبْطِهِمَا بَلْ هُمَا مَظِنَّةُ تَعَدُّدِهَا وَهَذَا الْقِسْمُ هُوَ الَّذِي ورد فِيهِ النَّهْي عَنْهُمَا كنهيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ وَبَيْعِ الْمَجْهُولِ وَالْقِسْمُ الثَّانِي يَجُوزُ فِيهِ الْغَرَرُ وَالْمَجْهُولُ إِذْ لَا غَبْنَ وَلَا يحسن لعدم الْمُعَارضَة وَأَقل الاحوال إِن لَا يَحْصُلَ لَهُ شَيْءٌ فَلَا ضَرَرَ وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ مُنِعَ فِيهِ مَا عَظُمَ مِنَ الْغَرَرِ دُونَ قَلِيلِهِ كَمَا تَقَدَّمَ بَسْطُهُ فِي النِّكَاحِ لِأَجْلِ اشْتِرَاطِهِ فِي أَصْلِهِ فَلَوْ جُوِّزَ الْغَرَرُ مُطْلَقًا أُهْمِلَ الشَّرْطُ وَالرَّابِعُ يَجُوزُ فِيهِ الْغَرَرُ أَكْثَرَ مِنَ الْأَوَّلِ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الْعِوَضِ فِي أَصْلِهِ

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا زَادَ عَلَى ثُلُثِهِ جَازَ مِنْهُ الثُّلُث لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ أَوَّلَ الْبَابِ الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ وَإِذَا زَادَتِ الْمَرْأَةُ عَلَى الثُّلُثِ فَرَدَّ الزَّوْجُ الزَّائِدَ بَطَلَ الْجَمِيعُ عِنْدَ مَالِكٍ لِفَسَادِ الْعَقْدِ وَالْفَرْقُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَنَّ الْمَرِيضَ غَالِبًا يَقْصِدُ الْبِرَّ لَا الضَّرَرَ بِخِلَافِهَا وَهِيَ مُتَمَكِّنَةٌ مِنْ إِنْشَاءِ عَقْدٍ آخَرَ بِخِلَافِهِ لِأَنَّهُ قَدْ مَاتَ وَإِنْ أَوْصَى بِعَبْدٍ قِيمَتُهُ أَلْفٌ وَلِآخَرَ بِدَارٍ قِيمَتُهَا أَلْفٌ وَتَرَكَ أَلْفًا وَلَمْ يُجِزِ الْوَرَثَةُ فَالثُّلُثُ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُمَا لِهَذَا نِصْفُ الْعَبْدِ وَلِهَذَا نِصْفُ الدَّارِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ لَا يُوصِي بِمَالِهِ كُلِّهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا ترك الوالدن وَالْأَقْرَبُونَ} فَلَيْسَ أَحَدٌ إِلَّا وَلَهُ وَارِثٌ عُرِفَ أَوْ جُهِلَ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ يُتَصَدَّقْ بِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَالِي عمر بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يُخْرِجُهُ مِنْ وَجْهِهِ فَيُدْفَعَ لَهُ نَظَائِرُ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ الثُّلُثُ فِي حَدِّ الْقِلَّةِ فِي سِتِّ مَسَائِلَ الْوَصِيَّةُ وَهِبَةُ الْمَرْأَةِ ذَاتِ الزَّوْجِ إِذَا لَمْ تُرِدِ الضَّرَرَ واستثناء ثُلُثِ الصُّبْرَةِ إِذَا بِيعَتْ وَكَذَلِكَ ثُلُثُ الثِّمَارِ وَالْكِبَاشِ وَالسَّيْفُ إِذَا كَانَ حِلْيَتُهُ الثُّلُثَ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِجِنْسِ الْحِلْيَةِ وَالثُّلْثُ فِي حَيِّزِ الْكَثْرَةِ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ جَائِحَةُ الثِّمَارِ وَحَمْلُ الْعَاقِلَةِ الدِّيَة ومعاقلة المراة للرِّجَال قَالَ الْعَبْدِيُّ وَهُوَ قَلِيلٌ فِي الطَّعَامِ يُسْتَحَقُّ مِنْهُ أَوْ يُنْقَصُ فِي الشِّرَاءِ عِنْدَ أَشْهَبَ وَكَذَلِكَ النِّصْفُ عِنْدَهُ وَفِي اسْتِثْنَاءِ الْأَرْطَالِ مِنَ الشَّاةِ وَفِي الدَّالِيَةِ تَكُونُ فِي دَارِ الْكِرَاءِ قَالَ اللَّخْمِيُّ اخْتُلِفَ إِذَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ يَسِيرًا فَقيل إِذا أوصى بِعَبْدِهِ وَإِن وَسِعَهُ الثُّلُثُ وَزَادَتْ قِيمَتُهُ عَلَى الثُّلُثِ وَلَا يتبع

بِشَيْءٍ وَقِيلَ يَكُونُ بِذَلِكَ الْقَدْرِ رَقِيقًا وَقِيلَ يَرِقُّ جَمِيعُهُ لِقَوْلِ الْمَيِّتِ إِنْ وَسِعَهُ الثُّلُثُ وَلَمْ يَسَعْهُ وَقِيلَ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ تمضى وَصيته بِكُل مَا لَهُ وَحُكْمُ الْوَارِثِ الْمَجْهُولِ حُكْمُ الْعَدَمِ وَالْخِلَافُ إِذَا أَوْصَى بِهِ لِلْأَغْنِيَاءِ أَوْ وَجْهٍ لَا يَصْرِفُهُ الْإِمَامُ فِيهِ أَمَّا لِلْفُقَرَاءِ وَمَا يَصْرِفُهُ الْإِمَامُ فِيهِ فَلَا تُغَيِّرِ الْوَصِيَّةَ لِأَنَّهَا جَائِزَةٌ وَاخْتُلِفَ إِذَا مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ هَلْ يَجْرِي مَجْرَى الْفَيْءِ وَتَحِلُّ لِلْفُقَرَاءِ وَالْأَغْنِيَاءِ قِيَاسًا عَلَى اللُّقَطَةِ أَوْ تَكُونُ مَقْصُورَةً عَلَى الْفُقَرَاءِ لِأَنَّ ثَمَّ وَارِثًا مَجْهُولًا يُتَصَدَّقُ بِهِ عَنْهُ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ إِذَا اشْتَرَى أَخَاهُ فِي مَرَضِهِ لَا يَعْتِقُ إِلَّا مَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ وَارِثٌ فَيَعْتِقَ مِنْ مَالِهِ كُلِّهِ وَيَأْخُذَ الْفَضْلَ وَأَبَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَرَأَى أَنَّهُ لَا يَرِثُ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ قَالَ الطُّرْطُوشِيُّ إِذَا أَوْصَى بِمَالِهِ كُلِّهِ وَلَا وَارِثَ لَهُ بَطَلَ الزَّائِدُ عَلَى الثُّلُثِ وَقِيلَ يَجُوزُ وَهَذَا كُلُّهُ إِذَا كَانَ لِلْمُسْلِمِينَ بَيْتُ المَال وَإِلَّا صَحَّتِ الْوَصِيَّةُ وَقِيلَ يَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ الثُّلُثُ وَالْبَاقِي لِلْفُقَرَاءِ وَقَالَ ش تُبْطَلُ وَهَلْ لِلْإِمَامِ إِجَازَتُهَا كَالْوَارِثِ قَوْلَانِ وَقَالَ ح تَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ فِي الْجَمِيعِ وَلِأَحْمَدَ قَوْلَانِ وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ هَلْ بَيْتُ الْمَالِ وَارِثٌ عِنْدَنَا أَوْ حَائِزٌ عِنْده لنا قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّ اللَّهَ أَعْطَاكُمْ ثُلُثَ أَمْوَالِكُمْ الْحَدِيثَ الْمُتَقَدِّمَ فَلَمْ يَجْعَلِ الْحَقَّ إِلَّا فِي الثُّلُثِ وَهُوَ عَامٌّ فِيمَنْ لَهُ وَارِثٌ وَمَنْ لَا وَارِثَ لَهُ وبالقياس على من لَهُ وَارِث لِأَنَّهُ جعل مَصْرَفًا كَالْوَارِثِ وَمَنْ أَتْلَفَ لَهُ شَيْئًا ضَمِنَهُ وَالْوَصِيَّةُ إِتْلَافٌ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ يَعْقِلُ كَالْوَارِثِ وَلِأَنَّ الْوَصِيَّة على الأَصْل خلاف لِأَنَّهَا فِيمَا بَعْدَ الْمَوْتِ خَالَفْنَاهُ فِي الثُّلُثِ فَيبقى على مُقْتَضَاهُ فِي

الزَّائِد وَلقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَا وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ أَعْقِلُ عَنْهُ وَأَرِثُهُ وَهُوَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ فَيَكُونُ الْمُرَادُ بَيْتَ الْمَالِ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ وَلِأَنَّ بَابَ الْمِيرَاثِ أَوْسَعُ مِنَ الْعَقْلِ لِأَنَّ الزَّوْجَيْنِ وَالنِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ يَرِثُونَ وَلَا يَعْقِلُونَ فَلَأَنْ يَرِثَ مَنْ يَعْقِلُ أَوْلَى وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ مَنْ قُتِلَ وَلَا وَارِثَ لَهُ اقْتصّ لَهُ الإِمَام احْتَجُّوا بقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ إِنَّكَ إِنْ تَدَعَ وَرَثَتَكَ الْحَدِيثَ الْمُتَقَدِّمَ فَعَلَّلَ الْمَنْعَ بِحَاجَةِ الْوَرَثَةِ فَحَيْثُ لَا وَارِثَ تَجُوزُ الزِّيَادَةُ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ لِمَالِهِ مُسْتَحِقٌّ مُعَيَّنٌ فَيَضَعُهُ حَيْثُ شَاءَ كَالصَّحِيحِ وَلِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَخْلُو مِنِ ابْنِ عَمٍّ فِي الْوُجُودِ غَيْرَ أَنَّهُ مَجْهُولٌ فَهُوَ كَلُقَطَةٍ جُهِلَ رَبُّهَا فَيَكُونُ بَيْتُ الْمَالِ غَيْرَ وَارِثٍ بَلْ يُجْعَلُ فِيهِ الْمَالُ لِلْمَصَالِحِ كَاللُّقَطَةِ الْمَجْهُولِ رَبُّهَا وَلِأَنَّ بَيْتَ الْمَالِ يَأْخُذُهُ الرَّجُلُ وَمَنْ يَحْجُبُهُ وَلَوْ كَانَ وَارِثًا لَامْتَنَعَ ذَلِكَ وَلِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لِآحَادِ الْمُسْلِمِينَ جَائِزَةٌ إِجْمَاعًا وَالْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ مَمْنُوعَةٌ وَلِلْإِمَامِ أَنْ يَقْتُلَ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ لِمَقْتُولِهِ وَيَأْخُذَ مَالَهُ وَالْقَاتِلُ لَا يَرِثُ وَالنِّسَاءُ لَا يُسَاوِينَ الرِّجَالَ فِي الْمِيرَاثِ بِخِلَافِ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ وَيُشْتَرَطُ وُجُودُ الْوَارِثِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ نصفه مَنْ يَرِثُ وَالْمِيرَاثُ يَعُمُّ الْوَرَثَةَ بِخِلَافِ بَيْتِ الْمَالِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ وَرَثَةٌ فَلَا يُعْدَلُ بِالْمَالِ عَنْهُمْ لِأَنَّهُ يَضُرُّ بِفَقِيرِهِمْ وَلِأَنَّ عِلَلَ الشَّرْعِ يَخْلُفُ بَعْضهَا بَعْضًا

وَالْجَوَاب عَن الثَّانِي إِن الْمُسلمين وَرَثَةٌ مُعَيَّنَةٌ لِأَنَّ الْجِهَةَ الْمُعَيَّنَةَ كَالْوَارِثِ الْمُعَيَّنِ وَإِذَا ثَبَتَ الدَّيْنُ لِلْمُسْلِمِينَ بِإِتْلَافِ شَيْءٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ حَصِيرِ الْمَسْجِدِ مَنَعَ ذَلِكَ الْوَصِيَّةَ فَكَذَلِكَ اسْتِحْقَاقُ الْإِرْثِ وَيُقْتَصُّ لِمَنْ لَا وَارِثَ لَهُ كَمَا يَقْتَصُّ الْوَارِثُ الْمُعَيَّنُ وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّالِثِ أَنَّ ذَلِكَ الْوَارِثَ سَاقِطٌ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ إِرْثِ النَّسَبِ معرفَة الْعَرَب وَلذَلِك يُورث الْمُعْتق حِينَئِذٍ واللقط يُرْجَى ظُهُورُ صَاحِبِهَا وَالْجَوَابُ عَنِ الرَّابِعِ أَنَّ الْكُلَّ وَرَثَةٌ بِالصِّفَةِ لَا بِالتَّعْيِينِ وَحُكْمُهَا مُخْتَلِفٌ بِدَلِيلِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْأَعْيَانِ تَقْتَضِي تَعْيِينَهُمْ كَأَوْلَادِ زَيْدٍ وَلِبَنِي تَمِيمٍ أَوْ لِلْفُقَرَاءِ لَا يَجِبُ التَّعْمِيمُ وَلَا وُجُودُ الصِّفَةِ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ بَلْ مَنْ وَلَدَ أَوِ افْتَقَرَ بَعْدَ ذَلِكَ اسْتَحَقَّ وَأَمَّا الْقَاتِلُ فَيَصِحُّ عِنْدَنَا أَنْ يُعْطِيَهُ الْإِمَامُ من مَال الْمَقْتُول اجْتِهَادًا وَهَاهُنَا لَا يهتم الْإِمَامُ فِي الْقَتْلِ بِخِلَافِ الْوَارِثِ يُتَّهَمُ فِي اسْتِعْجَالِ الْإِرْثِ وَأَمَّا الْوَصِيَّةُ لِآحَادِ الْمُسْلِمِينَ فَلِعَدَمِ تَعَيُّنِ أَخْذِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ بِخِلَافِ الْقَرِيبِ ومسأواه الذّكر والآنثى فَلَا يُنَافِي الْإِرْثَ كَإِخُوَّةِ الْأُمِّ وَمِيرَاثِ الْوَلَاءِ ولاستوائهما هَاهُنَا فِي صفه الِاسْتِحْقَاق وَهِي إلإسلام وَفِي القربه وَإِنِ اسْتَوَيَا فَتَوَقُّعُ النَّفْعِ لِلْمَوْرُوثِ مَعَ التَّعْيِينِ مِنَ الذَّكَرِ أَوْفَرُ وَعَدَمُ التَّعْمِيمِ لِعَدَمِ الْحَصْرِ شَاهِدُهُ الْغَنِيمَةِ لَمَّا كَانَتْ لِمُحْصَرِينَ عَمْدًا وَالْفَيْءُ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ فَلَمْ يَعُمَّ وَأَمَّا أَخْذُ الْإِنْسَانِ مَعَ من

(فرع)

يَحْجُبُهُ فَلِعَدَمِ تَعَيُّنِ أَخْذِ حَاجَتِهِ بِخِلَافِ الْإِرْثِ فِي الْجَوَاهِرِ اخْتُلِفَ هَلْ بَيْتُ الْمَالِ حَائِزٌ أَوْ وَارِثٌ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ انْصَرَفَ إِلَيْهِ أَوْ إِلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ وَهَلْ يُرَدُّ مَا فَضَلَ عَنْ ذَوِي السِّهَامِ عَلَيْهِمْ قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرٍ عَقِيبَ كَلَامِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَذَلِكَ إِذا كَانَ للْمُسلمين بَيت المَال فَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَحَّتِ الْوَصِيَّةُ مُطْلَقًا وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ لِلْمُوصَى لَهُ الثُّلُثُ وَالْبَاقِي لِلْفُقَرَاءِ (فَرْعٌ) قَالَ لَوْ أَوْصَى نَصْرَانِيٌّ بِجَمِيعِ مَالِهِ لِلْكَنِيسَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُدْفَعُ لِأَسَاقِفَتِهِمْ ثُلُثُهُ وَثُلُثَاهُ لِلْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهُمْ يَرِثُونَهُ كَمَا يُوَاسُونَهُ فِي فَقْرِهِ فَهُوَ حُكْمٌ بَيْنِهِمْ وَبَيْنَ نَاظِرِ الْكَنِيسَةِ فَيُحْكَمُ فِيهِ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ (فَرْعٌ) قَالَ الْأَبْهَرِيُّ يَجُوزُ الْعَفْوُ عَنْ قَتْلِ الْعَمْدِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَالًا وَعَنِ الْخَطَأِ إِنْ حَمَلَ الثُّلُثُ الدِّيَةَ وَإِلَّا فَمَا حَمَلَ الثُّلُثُ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مَالِ الْوَرَثَةِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ الْوَصِيَّةُ بِغَيْرِ متناهي كَوَقْدِ مَسْجِدٍ وَسَقْيِ مَاءٍ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يُفْعَلُ كُلَّ يَوْمٍ أَبَدًا وَوَصَّى مَعَ ذَلِكَ بِوَصَايَا تُحَاصَصُ لِلْمَجْهُولِ بِالثُّلُثِ لِأَنَّهُ أَقْصَى مَا يُمْكِنُ وَتُوقَفُ لَهُ حِصَّتُهُ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ قَالَ أَشهب يصرف بِالْمَالِ كُلِّهِ لِأَنَّهُ

أَعْظَمُ مِنَ الْمَالِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا اجْتَمَعَ مَجْهُولَانِ قُسِّمَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى السَّوَاءِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي عَدَمِ التَّنَاهِي وَقَالَ غَيْرُهُ يُقَسَّمُ عَلَى نِسْبَةِ مَا يُخْرَجُ كُلَّ يَوْمٍ لِأَنَّهُ سَبَبُ التَّفَاوُتِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا أَوْصَى أَنْ يُنْفَقَ عَلَى فُلَانٍ كُلَّ يَوْمٍ دِرْهَمٌ وَيتَصَدَّق كل يَوْم بدرهم وبعتق وَفرس فِي السَّبِيلِ عُمِّرَ صَاحِبُ النَّفَقَةِ وَحُوصِصَ لَهُ بِقَدْرِ نَفَقَتِهِ وَلِلْفَرَسِ وَالْعَبْدِ بِالْقِيمَةِ الْوَسَطِ وَلِلصِّدَقَةِ بِالثُّلُثِ كُلِّهِ أَوْ بِالْمَالِ كُلِّهِ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْمَجْهُولِ غَيْرِ الْمُتَنَاهِي فَإِنْ خَرَجَ نِصْفُ وَصَايَاهُمْ لَا تَنْقُصُ النَّفَقَةُ وَالصَّدَقَةُ عَلَى حَالِهِمَا فِي الْيَوْمِ وَإِنْ نَقَصَتْ حِصَّةُ الْعَبْدِ وَالْفَرَسِ أُعِينَ بِهِ فِيهِمَا قَالَ اللَّخْمِيُّ قِيلَ يُحْمَلُ الْمَجْهُولُ عَلَى أَنَّهُ وَصِيَّةٌ بِكُلِّ الْمَالِ فَإِنْ أَجَازُوهُ وَإِلَّا رَجَعَ الثُّلُثُ لِعَدَمِ تَنَاهِيهِ وَقِيلَ يحمل على الثُّلُث وَلَا تَرَ شَيْءٌ فَإِنِ اجْتَمَعَ مَجْهُولَانِ قِيلَ كَمَجْهُولٍ وَاحِدٍ يَجْتَمِعَانِ فِي الثُّلُثِ وَقِيلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثٌ فَيَخْرُجُ ثُلُثَا الْمَالِ فَإِنْ أَجَازَ الْوَرَثَةُ وَإِلَّا رُدَّ إِلَى الثُّلُثِ فَعَلَى الْأَوَّلِ نَقَصَ الثُّلُثُ عَلَى قَدْرِ مَا يَخْرُجُ كُلَّ يَوْمٍ وَعَلَى الثَّانِي الثُّلُث بَينهمَا نصفإن وَإِذا قَالَ يُنْفَقُ عَلَى زَيْدٍ وَأَطْلَقَ حُمِلَ عَلَى حَيَاة الْمُنْفَقِ عَلَيْهِ تَتِمَّةَ سَبْعِينَ سَنَةً أَوْ ثَمَانِينَ أَوْ تِسْعِينَ أَوْ مِائَةٍ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ مَبْنَاهَا قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَعْمَارُ أُمَّتِي مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى السَّبْعِينَ ونظرا لاقصى العوائد فَإِن وصّى لِجَمَاعَةٍ قَالَ مَالِكٌ ثَمَانُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ وَقَالَ مُحَمَّدٌ سَبْعُونَ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ يَحْمِلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَيَمُوتُ أَحَدُهُمْ قَبْلَ السَّبْعِينَ وَيَتَأَخَّرُ الْآخَرُ فَإِنْ كَانَ الْمُوصَى لَهُ ابْنَ سَبْعِينَ قَالَ مَالِكٌ يُزَادُ عَشَرَةً وَعَنْهُ يُزَادُ عَشَرَةً عَلَى الثَّمَانِينَ ثمَّ الْمَيِّت إِن

حدد النفقه تحددت أَو أَطْلَقَهَا حُمِلَتْ عَلَى نَفَقَةِ مِثْلِهِ مِنَ الطَّعَامِ وَالْكُسْوَةِ وَالْمَاءِ وَالْحَطَبِ وَالثِّيَابِ قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَازِمٍ بِسُقُوطِ الْكُسْوَةِ لِأَنَّ لَفْظَ النَّفَقَةِ لَا يَتَنَاوَلُهَا عُرْفًا وَلَا يَدْخُلُ عِيَالُهُ مَعَهُ لِاخْتِصَاصِهِ بِالذِّكْرِ وَاخْتُلِفَ فِيمَا يَصِيرُ فِي الْمُحَاصَّةِ إِذَا أَوْصَى كُلَّ شَهْرٍ بِدِينَارٍ مَعَ وَصَايَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ صَارَ لَهُ النِّصْفُ أُنْفِقَ عَلَيْهِ النِّصْفُ فِي كُلِّ شَهْرٍ وَقَالَ مُطَرِّفٌ يُكْمَلُ لَهُ لِأَنَّهُ لَفَظُ الْمُوصِي وَقَالَ أَصْبَغُ يُدْفَعُ لَهُ الْجَمِيعُ بتلاً قَالَ واروى أَنْ يُنْظَرَ قَصْدُ الْمَيِّتِ إِنْ أَرَادَ بِالتَّقْسِيطِ خَشْيَةَ تَبْذِيرِهِ قُسِّطَ لَهُ مُجْمَلًا لِأَنَّ الْمَيِّتَ قَصَدَ التَّوْسِعَةَ وَإِنْ قَصَدَ الرِّفْقَ بِالْوَرَثَةِ لِيُخْرِجُوهُ مُقَسَّطًا مِنْ غَلَّاتِ الرِّقَابِ وَلَا يَبِيعُونَهَا عُجِّلَ لَهُ الْجَمِيعُ وَإِنْ أَشْكَلَ لَمْ يُعَجَّلْ وَحُمِلَ عَلَى الظَّاهِرِ قَالَ مُحَمَّدٌ التَّعْمِيرُ وَالنَّفَقَةُ مِنْ يَوْمِ الْمَوْتِ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَجَلِ التَّعْمِيرِ قَالَ مُطَرِّفٌ يُكْمَلُ بِالْفَاضِلِ الْوَصَايَا لِانْكِشَافِ الْغَيْبِ عَنْ قِصَرِ عُمُرِهِ وَالْفَاضِلُ لِلْوَرَثَةِ عَلَى الْمِيرَاثِ وانتفض الْقَسْمُ وَأَرَى عَدَمَ الرُّجُوعِ لِلْوَرَثَةِ لِأَنَّهُ مِنَ الثُّلُثِ فَمُصِيبَتُهُ وَنُقْصَانُهُ عَلَى أَرْبَابِ الْوَصَايَا قَالَ شَارِح الْجلاب إِذا أوصى بِنَفَقَتِهِ رَجُلٍ مُدَّةً فَإِمَّا أَنْ يُسَمِّيَ سِنِينَ أَوْ حَيَاتَهُ أَوْ يُطْلِقَ فَفِي الْأَوَّلِ لَا يُوَرَّثُ بِخِلَافِ السُّكْنَى مُدَّةً مُعَيَّنَةً لِأَنَّ السُّكْنَى تُرَادُ لِلتَّمْلِيكِ وَالنَّفَقَةَ تُرَادُ لِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَالثَّانِي لَا يُوَرَّثُ وَالْإِطْلَاقُ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ إِذَا أَوْصَى أَنْ يُنْفَقَ عَلَى فُلَانٍ عَشْرَ سِنِينَ فَيُعْزَلُ لَهُ ذَلِكَ فَيَمُوتُ بَعْدَ سَنَةٍ يَرْجِعُ إِلَى وَرَثَةِ الْمُوصِي لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ تَمْلِيكَهُ جُمْلَةَ النَّفَقَةِ بَلْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ وَلَوْ أَوْصَى بِنَفَقَتِهِ وَكُسْوَتِهِ سَنَةً فَمَاتَ قَبْلَهَا بِشَهْرَيْنِ لَمْ يَرْجِعْ بِمَا تَخَلَّقَ بِخِلَافِ الطَّعَامِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْخَلْقَ تَبَعٌ لِأَصْلِهِ وَأَجْزَاءَ الطَّعَامِ مُسْتَقِلَّةٌ بِأَنْفُسِهَا

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا أَوْصَى بِمَا يَضُرُّ مِنْ غَيْرِ مَنْفَعَةٍ لَهُ كَثَوْبٍ أَنْ يُحْرَقَ أَوْ دَارٍ تُهْدَمُ أَوْ تَخَلَّى بِغَيْرِ سُكْنَى بطلت لقَوْله تَعَالَى {غير مضار} ولنهيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ فَإِنْ قَصَدَ الضَّرَرَ وَجَعَلَهَا فِي قُرْبَةٍ فَيُوصِي لِوَارِثٍ بِثُلُثِ مَالِهِ وَيَقُولُ إِنْ لَمْ يُجِزِ الْوَرَثَةُ فَهِيَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَطَلَ الْجَمِيعُ لِأَنَّهُ قَصَدَ الضَّرَرَ أَوَّلًا فَإِنْ قَالَ دَارِي فِي السَّبِيلِ إِلَّا أَنْ يَدْفَعُوهَا لِابْنِي نَفَذَتْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لِأَنَّ قَصْدَهُ الْأَوَّلَ قُرْبَةٌ فَإِنْ قَالَ عَبْدِي هَذَا لِابْنِي فَإِنْ لَمْ يُجِزْهُ ابْنِي الْآخَرُ فَهُوَ حُرٌّ فَهُوَ مِيرَاثٌ وَلَا يُعْتَقُ وَإِنْ قَالَ هُوَ حُرٌّ إِلَّا أَنْ يَنْفُذَ لِابْنِي فَهُوَ كَمَا قَالَ لِتَقَدُّمِ الْقُرْبَةِ وَقَالَ أَشْهَبُ يَبْطُلُ فِي الصُّورَتَيْنِ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ وَحَمَلَ قَوْله تَعَالَى {غير مضار} عَلَى الْعُمُومِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ غَيْرُ مُضَارٍّ بِالزِّيَادَةِ على الثُّلُث وَقَالَ أبن عبد الْحَكِيم يعْتق قدم ذَلِك أواخره لِأَنَّ الْعِتْقَ قُرْبَةٌ فَيَصِحُّ وَيَبْطُلُ غَيْرُهُ قَالَ إِن أَوْصَى لِمُوسِرٍ أَوْ فِيمَا لَا يُرَادُ بِهِ الْقُرْبَةُ فَالْأَشْبَهُ الْمَنْعُ إِذَا أَرَادَ ضَرَرَ الْوَرَثَةِ وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ عَبْدِي يَخْدِمُ وَلَدِي فُلَانًا حَتَّى يَبْلُغَ فَهُوَ حُرٌّ فَإِنْ لَمْ يُجِيزُوا فَثُلُثِي صَدَقَةُ الْخِدْمَةِ لِجَمِيعِهِمْ وَيُعْتَقُ إِذَا بَلَغَ الْوَارِثُ إِنْ حَمَلَ الثُّلُثَ لِأَنَّهُ عِتْقٌ مُعَلَّقٌ عَلَى شَرْطٍ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا أَوْصَى بِالْحَجِّ عِنْدَ مَوْتِهِ يَحُجُّ عَنْهُ مَنْ قَدْ حج أحب إِلَيّ وَغَيره يجزيء وَتَحُجُّ الْمَرْأَةُ عَنِ الرَّجُلِ وَبِالْعَكْسِ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ وَمَنْ فِيهِ بَقِيَّةُ رِقٍّ لِأَنَّهُ لَا حَجَّ عَلَيْهِمْ وَيَضْمَنُ الدَّافِعُ إِلَيْهِمْ إِلَّا أَنْ يَظُنَّ أَنَّ الْعَبْدَ حُرٌّ وَقَدِ اجْتَهَدَ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ الِاجْتِهَادُ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَسْقُطُ الضَّمَانُ بِالْجَهْلِ لِأَنَّ الْجَهْلَ

وَالْعِلْمَ فِي ضَمَانِ الْأَمْوَالِ سَوَاءٌ إِجْمَاعًا فَإِنْ أَوْصَى أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ عَبْدٌ أَوْ صَبِيٌّ نفذ كَمَا لَو أوصى لَهُ بِمَال وَلَو لم يكن ضَرُورَة نَفَذَتِ الْوَصِيَّةُ لِحَجَّةِ التَّطَوُّعِ وَيُدْفَعُ لَهُ ذَلِكَ إِنْ أَذِنَ السَّيِّدُ لِلْعَبْدِ وَالْوَالِدُ لِلْوَلَدِ وَيُمْتَنَعُ إِذْنُ الْوَصِيِّ إِنْ خِيفَ عَلَى الصَّبِيِّ ضَيْعَةٌ وَيجوز إِن كَانَ يظنّ كَإِذْنِهِ فِي الْمَتْجَرِ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَأْذَنُ لَهُ الْوَصِيّ فِي هَذَا لِقُوَّةِ الْغَرَرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ وَلِيُّهُ وُقِفَ الْمَالُ لِبُلُوغِهِ إِنْ حَجَّ بِهِ وَإِلَّا رَجَعَ مِيرَاثًا لِأَنَّهُ حَيْثُ أوصى لعَبْدِهِ أَوْ صَبِيٍّ لَمْ يُرِدِ الْفَرِيضَةَ بَلِ التَّطَوُّعَ فَلَو كَانَ ضَرُورَة فَسمى معينا حَجَّ عَنْهُ بِخِلَافِ التَّطَوُّعِ يَرْجِعُ مِيرَاثًا كَمَنْ رَدَّ وَصِيَّتَهُ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَرْجِعُ مِيرَاثًا كالضرورة لِأَنَّ الْمُوصِيَ إِنَّمَا يُرِيدُ فِي الْحَجِّ نَفْسَهُ بِخِلَاف الْوَصِيَّة فَإِن قَالَ أَحِجُّوا فُلَانًا وَلَمْ يَقُلْ عَنِّي أُعْطِيَ مِنَ الثُّلُثِ قَدْرَ مَا يَحُجُّ بِهِ فَإِنْ أَبَى الْحَجَّ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَإِنْ أَخَذَ شَيْئًا رَدَّهُ إِلَّا أَنْ يَحُجَّ بِهِ لِأَنَّهُ شَرْطٌ وَإِنْ أَوْصَى أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ وَارِثٌ أَوْ غَيْرُهُ نَفَذَتْ وَصِيَّتُهُ فِي حَجِّ الْفَرْضِ وَالتَّطَوُّعِ وَلَمْ يُزَدْ عَلَى النَّفَقَةِ وَالْكِرَاءِ شَيْئًا وَكَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُهُ وَلَوْ قَالَ أَعْطُوهُ ثُلُثِي يَحُجُّ بِهِ لَمْ يُزَدْ عَلَى النَّفَقَةِ وَالْكِرَاءِ خَشْيَةَ الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ وَالْأَجْنَبِيُّ لَهُ الْفَاضِلُ لِأَنَّهُ أَجِيرٌ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ إِذا لم ياذن السَّيِّد للْعَبد وَلَا يُنْتَظَرُ كَمَا يُنْتَظَرُ الصَّبِيُّ لِلْبُلُوغِ لِأَنَّ أَجَلَ الْبُلُوغِ مَعْرُوفٌ بِخِلَافِ الْعِتْقِ وَعَنْ أَشْهَبَ يُنْتَظَرُ حَتَّى يُؤْيَسَ مِنِ الْعِتْقِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَو كَانَ ضَرُورَة وَعَلِمَ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْفَرِيضَةِ وَظَنَّ أَنَّ الصَّبِيَّ وَالْعَبْدَ يُجْزِئُهُ قَالَ ابْنُ

(فرع)

الْقَاسِمُ يُدْفَعُ ذَلِكَ لِغَيْرِهِمَا وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ فِي الِانْتِظَارِ أَحْسَنُ وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ مَقْصُودُ الْمُوصِي قَالَ اللَّخْمِيُّ اخْتلف فِي جَوَاز العَبْد وَالصَّبِيّ فِي الضَّرُورَة (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا أَوْصَى بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهِ فِي مَرَضِهِ فَأَجَازَ وَرَثَتُهُ قَبْلَ مَوْتِهِ سَأَلَهُمْ ذَلِكَ أَمْ لَا فَمَنْ رَجَعَ بَعْدَ مَوته وَهُوَ مباين عَنهُ وَلَدٍ أَوْ أَخٍ أَوْ غَيْرِهِمَا لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ وَمَنْ هُوَ فِي عِيَالِهِ مِنْ وَلَدٍ بَالِغٍ وَبَنَاتٍ وَزَوْجَةٍ وَابْنِ عَمٍّ فَلَهُمْ ذَلِكَ لِأَنَّ إِذْنَهُمْ خَوْفٌ عَلَى رَدِّهِ وَرِفْدِهِ إِلَّا أَنْ يُمَيِّزُوا بَعْدَ الْمَوْتِ وَلَا يَنْفُذُ إِذْنُ الْبِكْرِ وَالسَّفِيهِ لِسُقُوطِ عِبَارَتِهِمَا وَإِن لم يرجعا قَالَ التّونسِيّ فِي الْجَواب على مَا إِذا استأذنهم وهم جائزوا إلأمر فَلَا رُجُوع لَهُم وَلَا يلْزم إِجَازَتُهُمْ وَهُوَ صَحِيحٌ وَاخْتُلِفَ فِي الْمُسَافِرِ الصَّحِيحِ فَقِيلَ يَلْزَمُهُمْ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الْعَطَبِ كَالْمَرَضِ وَقِيلَ لَا لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى إِتْلَافِ مَالِهِ كَالْمُقِيمِ قَالَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الصَّحِيحِ وَالْمَرِيضِ بَلْ هُمْ عَلَّقُوا ذَلِكَ بِمِلْكِهِمْ كَقَوْلِكَ إِنْ مَلَكْتُ هَذَا الْعَبْدَ فَهُوَ حُرٌّ وَلَوْ أَعْتَقَ أَحَدُ وَرَثَةِ الْمَرِيضِ قَبْلَ مَوْتِهِ أَحَدَ عَبِيدِ الْمَرِيضِ ثُمَّ مَاتَ الْمَرِيضُ فَوَرِثَهُ لَكَانَ حُرًّا لِتَقَدُّمِ سَبَب الآنتقال وَهُوَ الْمَرَض وَقَالَ لَو وَطِئَ جَارِيَةً مِنْ مَالِ أَبِيهِ وَهُوَ مَرِيضٌ لَمْ يَجُزْ قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ فِي مَسْأَلَةِ إلاستيذإن ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ إِنْ كَانَ فِي مَرَضِهِ وَهُمْ لَيْسُوا فِي عِيَالِهِ لَزِمَ الْإِذْنُ وَإِلَّا فَلَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَعَنْ مَالِكٍ

(فرع)

يلْزمهُم فِي الصِّحَّة كالمرض وَقَالَ ش وح لَا يَلْزَمُهُمْ لَا فِي الصِّحَّةِ وَلَا فِي الْمَرَضِ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَمُوتُ وَقَدْ يَمُوتُ الْآذِنُ فَلَا يَكُونُ وَارِثًا وَالْإِذْنُ فِي غَيْرِ حَقٍّ لَا يَلْزَمُ وَفِي الْمُنْتَقَى إِذَا أَذِنَ الْوَرَثَةُ حَالَةَ الْمَرَضِ فِي الْوَصِيَّةِ فَأَوْصَى ثُمَّ حج وَمرض وَمَات لايلزمهم إِذْنُهُمْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِانْتِفَاءِ السَّبَبِ الَّذِي أَوْجَبَ اعْتِبَارَ إِذْنِهِمْ وَعَلَيْهِمُ الْيَمِينُ مَا سَكَتُوا رضَا قَاعِدَةٌ إِذَا كَانَ لِلْحُكْمِ سَبَبٌ وَشَرْطٌ فَوَقَعَ الْحُكْمُ قَبْلَهُمَا لَا يَنْفُذُ إِجْمَاعًا أَوْ بَعْدَهُمَا أَوْ بَعْدَ السَّبَبِ وَقَبْلَ الشَّرْطِ فَمُخْتَلَفٌ فِيهِ كَأَدَاءِ الزَّكَاةِ قَبْلَ مِلْكِ النِّصَّابِ لَا يُجْزِئُ إِذَا مَلَكَ إِجْمَاعًا وَبَعْدَ الْمِلْكِ وَالْحَوْلِ يُجْزِئُ إِجْمَاعًا وَبَعْدَ الْمِلْكِ وَقَبْلَ الْحَوْلِ فِيهِ خِلَافٌ وَإِسْقَاطُ الشُّفْعَةِ قَبْلَ الْبَيْعِ لَا يَنْفُذُ وَبَعْدَهُ يَنْفُذُ لِأَنَّ الْبَيْعَ سَبَبٌ وَالْأَخْذَ شَرْطٌ وَالْعَفْوَ عَن عَنِ الْقَصَاصِ قَبْلَ الْجُرْحِ الَّذِي هُوَ سَبَبُ زُهُوقِ الرُّوحِ وَقَبْلَ الزُّهُوقِ الَّذِي هُوَ شَرْطٌ لَا ينفذ والتفكير فَبل الْيَمِينِ الَّذِي هُوَ سَبَبٌ وَقَبْلَ الْحِنْثِ الَّذِي هُوَ شَرط خلاف وَكَذَلِكَ هَاهُنَا سَبَبُ الْإِرْثِ الْقَرَابَةُ أَوِ النِّكَاحُ أَوِ الْوَلَاءُ بِشَرْطِ تَقَدُّمِ مَوْتِ الْمَوْرُوثِ وَالْمَرَضُ سَبَبُ هَذَا الشَّرْط غَالِبا فَجعل كسب الْحُكْمِ كَمَا كَانَ سَبَبَ شَرْطِهِ فَقَبْلَهُ لَا يُفِيدُ الْإِذْنُ وَبَعْدَهُ يُفِيدُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي نَظَائِرِ الْقَاعِدَةِ (فَرْعٌ) قَالَ التُّونُسِيُّ فَإِنْ أَجَازُوا الزِّيَادَةَ بَعْدَ الْمَوْتِ فَهِيَ كَالْهِبَةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِنْ مَاتَ الْوَارِثُ قَبْلَ قَبْضِ الْمُوصَى لَهُ بَطَلَتِ الْهِبَةُ كَمَوْتِ الْوَاهِبِ قَبْلَ قَبْضِ الْهِبَةِ وَعِنْدَ أَشْهَبَ تَمْضِي وَإِنْ مَاتَ لِأَنَّهَا تنفيد لِفِعْلِ الْمُوصِي وَكَذَلِكَ عِنْدَهُ لَوْ أَقَرَّ

الْوَارِثُ أَنَّ أَبَاهُ أَوْصَى لِفُلَانٍ فَلَيْسَ لِلْمُقَرِّ لَهُ الْوَصِيَّةُ إِنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً حَاضِرَةً فَإِنْ لم تكن معينه حَاضِرَة أَو لم يجد فِي تَرِكَةِ الْأَبِ حَاصَّ غُرَمَاءَ الِابْنِ مَعَ أَنَّ مَذْهَبَهُ إِذَا أَقَرَّ أَنَّ أَبَاهُ أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ وَعَلَى الِابْنِ دَيْنٌ يَبْطُلُ الْإِقْرَارُ بِخِلَافِ إِقْرَاره بدين على أَبِيه وَسَوَّى ابْنُ الْقَاسِمِ بَيْنَهُمَا فِي الصِّحَّةِ قَبْلَ قِيَامِ الْغُرَمَاءِ وَعِنْدَ ش هَلْ يَبْطُلُ الزَّائِدُ لِأَنَّ النَّهْيَ يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ أَوْ يُوقَفُ عَلَى إِجَازِةِ الْوَارِثِ لِأَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى الْخِلَافِ فِيهِ قَوْلَانِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ إِذَنُ الْبِكْرِ الْمُعَنَّسَةِ يَلْزَمُهَا وَلَيْسَ ابْتِدَاءُ الزَّوْجَةِ بِالْإِذْنِ كَمَنْ يَبْتَدِئُهَا هُوَ فَيُنْظَرُ فِي ذَلِكَ قَالَ أَشْهَبُ الزَّوْجَاتُ لَسْنَ سَوَاءً فَالَّتِي لَا تَهَابُهُ لَا تَرْجِعُ وَكَذَلِكَ الِابْنُ الْكَبِيرُ فِي عِيَالِهِ خِلَافًا لِابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَوْ أَذِنُوا لَهُ فِي مَرَضِهِ ثُمَّ صَحَّ فَأَقَرَّ وَصِيَّتَهُ ثُمَّ مَرِضَ وَمَاتَ لَا يَلْزَمُهُمْ إِذْنُهُمْ لِاسْتِغْنَائِهِمْ عَنْ اذنهم بِالصِّحَّةِ قَالَ أبن كنإنه ويحلفوا مَا سَكَتُوا رِضًا وَإِذَا أَذِنُوا لَهُ عِنْدَ خُرُوجِهِ لِلْغَزْوِ أَوِ السَّفَرِ قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ يَلْزَمُهُمْ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ لَا يَلْزَمُهُمْ فَإِنْ أَوْصَى بِوَصَايَا وَبِمِائَةٍ وَزَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَأَجَازُوا الْمِائَةَ ثُمَّ مَاتَ قَالَ مَالِكٌ يُحَاصُّ صَاحِبُ الْمِائَةِ أَهْلَ الْوَصَايَا فَمَا انْتَقَصَ فَعَلَى الْوَرَثَةِ تَمَامُهُ فِيمَا وَرِثُوا دُونَ أَمْوَالِهِمْ فَإِنْ كَانَتِ الْمِائَةُ أَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ وَأَجَازُوهَا ثُمَّ أَوْصَى بِوَصَايَا حَاصَّهُمْ صَاحِبُ الْمِائَةِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْوَرَثَةِ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ عَلِمُوا أَنَّ وَصَايَاهُ لِغَيْرِهِ فَرَضُوا أَوْ سَكَتُوا حَتَّى مَاتَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمُوا أَوْ عَلِمُوا وَقَالُوا لَا نُجِيزُ الَّذِي جَوَّزْنَا أَوَّلًا إِلَّا مَا زَادَتْ وَصِيَّتُهُ عَلَى الثُّلُثِ فَذَلِكَ لَهُمْ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِمْ إِلَّا بِمَا كَانَ تَنْقُصُهُ الْمِائَةُ مِنَ الثُّلُثِ قَبْلَ أَنْ يُوصِيَ بِمَا أَوْصَى بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ وَلَوِ اسْتَوْهَبَ الْمَرِيضُ مِنْ وَارِثِهِ مِيرَاثَهُ فَوَهَبَهُ وَلَمْ يقْض فِيهِ شَيْء رُدَّ إِلَى وَاهِبِهِ لِأَنَّهُ

أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ سَمَّى لَهُ مَنْ يَهَبُهُ لَهُ مِنْ وَرَثَتِهِ فَذَلِكَ مَاضٍ وَلَوْ أَنْفَذَ بَعْضَهُ رَدَّ الْبَاقِيَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ أَوْصَى الْمَرِيضُ بِجَمِيعِ مَالِهِ وَلَيْسَ لَهُ وَارِثٌ إِلَّا ابْنٌ مَرِيضٌ فَأَجَازَ وَقَالَ الأبن ثلث مَا لي صَدَقَةٌ عَلَى فُلَانٍ ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ ثُمَّ الأبن وَترك الْأَب ثلثمِائة لَا مَال لَهما غَيْرُ ذَلِكَ فَلِمُوصَى الْأَبِ مِائَةٌ ثُمَّ يَتَحَاصَصُ هُوَ وَالَّذِي أوصى لَهُ الأبن يصرب هَذَا بِالْمِائَتَيْنِ اللَّتَيْنِ أَجَازَهُمَا لَهُ الِابْنُ وَمَنْ أَوْصَى لَهُ الِابْنُ بِثُلُثِ الْمِائَتَيْنِ لِأَنَّهُمَا الْفَاضِلَتَانِ للأبن مِيرَاثا بعد وَصِيَّة أبنه قَالَ عِيسَى فَإِنْ أَجَازَ الِابْنُ ثُمَّ مَرِضَ فَأَوْصَى بِثُلُثِهِ فَلَيْسَ ذَلِكَ الْمَالُ مَالَهُ إِذَا قَبَضَهُ الْمُتَصَدِّقُ بِهِ عَلَيْهِ قَبْلَ مَوْتِ هَذَا وَمَرَضِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى مَرِضَ الِابْنُ فَلَا شَيْءَ لَهُ لِأَنَّهَا صَدَقَةٌ لَمْ تَجُزْ وَتَبْطُلُ وَصِيَّةُ الِابْنِ لَمَّا أَجَازَهُ وَيَجُوزُ مِنْ وَصِيَّةِ الْأَبِ الثُّلُثُ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَيُخْتَلَفُ فِي الْوَلَدِ الْكَبِيرِ السَّفِيهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَوْلًى عَلَيْهِ فَمن أبطل تَصَرُّفَاته أبطل اجازته وَلَوْ قَالَ كُلُّ مَالٍ أَرِثُهُ مِنْ فُلَانٍ صَدَقَةٌ عَلَيْكَ وَفُلَانٌ صَحِيحٌ لَزِمَهُ ذَلِكَ وَهُوَ أَقْيَسُ مِنَ الْمَشْهُورِ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ بِشَرْطِ الْمِلْكِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنَّمَا يَلْزَمُ إِذْنُ الْوَارِثِ فِي الْمَرَضِ الْمَخُوفِ وَالِابْنِ مِنْ قَطْعِ بِرِّهِ أَوْ مِنْ سُلْطَانٍ يَرْهَبُهُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا تَلْزَمُ الْإِجَازَةُ مُطْلَقًا إِلَّا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي فَلَوْ أَجَازُوا الْوَصِيَّةَ لِوَارِثٍ ثُمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ مَا عَلِمْتُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ لَا تَجُوزُ حَلَفَ مَا عَلِمَ ذَلِكَ وَلَهُ نَصِيبُهُ إِنْ كَانَ مِثْلُهُ يَجْهَلُ ذَلِكَ نَظَائِرُ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ سِتُّ مَسَائِلَ لَا يُعْتَبَرُ فِيهَا الْإِسْقَاطُ حَقُّ الشُّفْعَةِ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَالْمِيرَاثُ قَبْلَ الْمَوْتِ وَإِذْنُ الْوَارِثِ فِي الصِّحَّةِ فِي الْوَصِيَّةِ وَإِذْنُ الْوَارِثِ فِي الْمَرَضِ إِذَا كَانَ فِي الْعِيَالِ وَالْمَرْأَةُ تُسْقِطُ حَقَّهَا مِنْ لَيْلَتِهَا لِصَاحِبَتِهَا قَبْلَ مَجِيئِهَا وَالْأَمَةُ تَخْتَارُ نَفْسَهَا قَبْلَ الْعِتْقِ لَا يَلْزَمُهَا وَالْمَرْأَةُ تُسْقِطُ شُرُوطَهَا قَبْلَ الزَّوَاجِ وَقِيلَ لَا شَيْءَ لَهَا وَقِيلَ لَهَا الرُّجُوعُ فِي الْقرب

فرع

(فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِر يَنْبَغِي إِن لَا يَكُونَ الْمُوصَى بِهِ زَائِدًا عَلَى الثُّلُثِ لِلْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ أَوَّلَ الْكِتَابِ وَهَلْ ذَلِكَ شَرْطٌ فِي الصِّحَّةِ أَوِ النُّفُوذِ يَتَخَرَّجُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي إِجَازَةِ الْوَارِثِ هَلْ هِيَ هِبَةٌ أَوْ تَنْفِيذٌ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ أَوْصَى بِجَمِيعِ مَالِهِ وَلَهُ وَارِث وَاحِد فاجاز فلغرمائه رد الثُّلثَيْنِ أَو أَحدهمَا فِي الدَّيْنِ وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّ أَبَاهُ أَوْصَى بِثُلُثِهِ وَعَلَى الْأَبِ دَيْنٌ مُغْتَرِقٌ وَأَنْكَرَ الْغُرَمَاءُ بَعْدَ إِقْرَارِهِ قَبْلَ الْقِيَامِ عَلَيْهِ بِالدَّيْنِ لِعَدَمِ الْحَجْرِ لَا بَعْدَ الْقِيَامِ وَكَذَلِكَ إِقْرَارُهُ بِدَيْنٍ عَلَى أَبِيهِ أَوْ بِوَدِيعَةٍ عِنْدَ أَبِيهِ يَجُوزُ قَبْلَ الْقِيَامِ وَيَحْلِفُ الْمُقَرُّ لَهُ إِنْ كَانَ حَاضِرًا كَمَنْ شَهِدَ أَنَّ هَذَا الَّذِي فِي يَدِي تَصَدَّقَ بِهِ فُلَانٌ عَلَى فُلَانٍ وَتَرَكَهُ لَهُ فِي يَدِي وَأَنْكَرَ الَّذِي هُوَ لَهُ فَإِنْ حَضَرَ الْمَشْهُودُ لَهُ حَلَفَ وَأَخَذَهُ وَإِنْ غَابَ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ الْمُقِرَّ يُتَّهَمُ فِي بَقَاءِ ذَلِكَ الشَّيْءِ بِيَدِهِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ جُعِلَ تَنْفِيذُ الْوَارِثِ لِلْوَصِيَّةِ بِجُمْلَةِ الْمَالِ كَالْهِبَةِ وَكَذَلِكَ رد الْغُرَمَاء وَقَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ بَلْ تَنْفِيذٌ لِفِعْلِ الْمَيِّتِ فَهَلِ الْمُقِرُّ عَلَى أَبِيهِ بِدَيْنٍ وَعَلَى نَفْسِهِ سَوَاءٌ إِذَا أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ حَلِفِ الْمُقَرِّ لَهُ لِلتُّهْمَةِ فِي الْمُحَابَاةِ بِالْمُقَرِّ بِهِ وَقِيلَ لَا يَحْلِفُ فِي صُورَةِ الْمُقِرِّ عَلَى نَفْسِهِ لِأَنَّهُ سَوَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ غُرَمَائِهِ وَالْمُقِرُّ عَلَى أَبِيهِ قَدَّمَ الْمُقَرَّ لَهُ عَلَى غُرَمَائِهِ هُوَ فَيَحْلِفُ لِلتُّهْمَةِ وَالْحَاكِمُ يَلْزَمُ هَذِهِ الْأَيْمَانَ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ ذَلِكَ الْخَصْمُ وَلَيْسَ الْمقر هَاهُنَا كَالشَّاهِدِ وَكَذَلِكَ لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ الْعَدَالَةُ قَالَ صَاحب

(فرع)

النُّكَتِ لَمْ يَجْعَلْ مَالِكٌ عَلَى الْمَقِرِّ عَلَى نَفْسِهِ قَبْلَ قِيَامِ غُرَمَائِهِ يَمِينًا بِخِلَافِ الْمُقِرِّ عَلَى أَبِيهِ وَلَوْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِوَدِيعَةٍ قُدِّمَتْ عَلَى دَيْنِ الْغُرَمَاءِ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَحْلِفُ لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ إِذَا لَمْ تُوجَدْ وَجَبَ الْحِصَاصُ بِهَا كَالدَّيْنِ وَالدَّيْنُ الْمُقَرُّ بِهِ يُقَدَّمُ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَالَ التُّونُسِيُّ إِذَا أَقَرَّ الْوَارِثُ بِوَدِيعَةٍ عِنْدَ أَبِيهِ حَلِفَ الْمُقَرُّ لَهُ أَخذهَا فَإِنْ كَانَ مَعَهُ وَرَثَةٌ وَالْمَقِرُّ عَدْلٌ حَلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ وَإِلَّا أَعْطَاهُ نَصِيبَهُ مِنْهَا مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ أَقَرَّ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ أَنَّ أَبَاهُ أَوْصَى بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهِ وَأَنَّهُ أَجَازَ ذَلِكَ وَأَشْهَدَ ثُمَّ مَاتَ الِابْنُ مَدِينًا وَلَمْ يَقْبِضِ الْمُوصَى لَهُ وَصِيَّتَهُ قُدِّمَتْ وَصِيَّةُ الْأَبِ إِنْ عُرِفَ أَنَّهُ مَالُ الْأَبِ لِتَقَدُّمِ التَّصَرُّفِ عَلَى الْحَجْرِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ لِلْأَبِ شَيْءٌ مِنْ مَالِهِ وَعَلَى الْأَبِ دَيْنٌ حاصص غُرَمَاء الأبن موصى لَهُ فِي مَالِ الِابْنِ وَإِنْ وُجِدَ مِنْ مَالِ الْأَبِ شَيْءٌ أَخَذَهُ الْمُوصَى لَهُ خَاصَّةً فَمَا فَضَلَ حَاصَّ بِهِ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ صَارَتْ عَلَى الِابْنِ بِاسْتِهْلَاكِهِ مَالَ الْأَبِ قَالَهُ أَشْهَبُ قَالَ مُحَمَّدٌ كَذَلِكَ فِيمَا بَلَغَ ثُلُثَ الْأَبِ وَمَا جأوزه وَمَال الأبن بِيَدِ الِابْنِ حَتَّى مَاتَ بَطَلَ الزَّائِدُ لِأَنَّهُ هِبَةٌ لَهُ لَمْ تُقْبَضْ فَإِنْ كَانَ بِيَدِ غَيْرِهِ نَفَذَ لِلْمُوصَى لَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ كَالْحَوْزِ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي الْكِتَابِ إِذَا تَرَكَ ابْنَيْنِ وَأَلْفَيْنِ فَأَقَرَّ أَحَدُهَمَا أَنَّ عَلَى الْأَبِ أَلْفًا لِفُلَانٍ حَلَفَ مَعَهُ إِنْ كَانَ عَدْلًا وَإِلَّا أَخَذَ خَمْسَمِائَةٍ وَقَالَ أَشْهَبُ يَأْخُذُ الْأَلْفَ كُلَّهَا لِأَنَّهُ لَا مِيرَاثَ لِوَارِثٍ يَزْعُمُ إِن الْمَيِّت مديون بِخِلَاف الدّين إِقْرَارِهِ بِالْوَصِيَّةِ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمَالِ وَلَوْ أَقَرَّ كُلُّ وَاحِدٍ بِأَلْفٍ عَلَى أَبِيهِمَا لِغَيْرِ مَنْ أَقَرَّ لَهُ الْآخَرُ وَكِلَاهُمَا يُنْكِرُ قَوْلَ أَخِيهِ قُضِيَ بِالْأَلْفَيْنِ مَعَ حَلِفِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُقَرِّ لَهُ إِنْ

(فرع)

كَانَ الْمُقِرَّانِ عَدْلَيْنِ وَإِلَّا جَرَى الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ فَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكَلَ الْآخَرُ أَخَذَ الْحَالِفُ أَلْفَهُ وَالنَّاكِلُ خَمْسَمِائَةٍ مِنَ الْمُقَرِّ لَهُ وَيَحْلِفُ لَهُ الْأَخُ الْآخَرُ مَا يَعْلَمُ صِحَّةَ شَهَادَةِ أَخِيهِ وَلَوْ أَقَرَّ كُلُّ وَاحِدٍ بِثُلُثٍ فِي وَصِيَّةٍ غَيْرِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ الْآخَرُ وَهُمَا عَدْلَانِ فَالْحَلِفُ كَمَا تَقَدَّمَ فَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الَّذِي شَهِدَ لَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِيَدِهِ مِنَ الثُّلُثِ شَيْءٌ بِخِلَافِ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَالْوَصِيَّةُ من الثُّلُث لم يَبْقَ مِنَ الثُّلُثِ شَيْءٌ وَإِنْ نَكَلَا أَوْ كَانَ الْوَلَدَانِ غَيْرَ عَدْلَيْنِ أَعْطَى كُلُّ وَاحِدٍ للْمقر لَهُ ثلث مَا فِي يَدَيْهِ وَلَوْ رَجَعَا بَعْدَ الْحُكْمِ وَأَقَرَّ أَنَّ الَّذِي شَهِدَ بِهِ صَاحِبُهُ حَقٌّ بَعْدَ أَنْ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مَا شُهِدَ لَهُ بِهِ أَخَذَ كِلَاهُمَا مِنَ الَّذِي أَنْكَرَ وَصِيَّتَهُ ثُلُثَ مَا فِي يَدَيْهِ لِإِقْرَارِهِ بِإِتْلَافِ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ مِنَ الْوَرَثَةِ أَنَّ أَبَاهُمَا أَوْصَى لِفُلَانٍ بِالثُّلُثِ وَدَفَعَا ذَلِكَ إِلَيْهِ ثُمَّ شَهِدَا إِن كَانَ أَوْصَى بِهِ لِآخَرَ وَأَنَّهُمَا أَخْطَآ فَلَا يصدقا عَلَى الْأَوَّلِ لِلتُّهْمَةِ فِي الضَّمَانِ الَّذِي دَخَلَ عَلَيْهِمَا وَيَضْمَنَانِ لِلْآخَرِ الثُّلُثَ وَلَوْ لَمْ يَكُونَا دَفَعَاهُ صَحَّتْ شَهَادَتُهُمَا لِلْآخَرِ وَبَطَلَتِ الْأُولَى لِعَدَمِ التُّهْمَةِ الْمَذْكُورَةِ (فَرْعٌ) قَالَ لَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ يَغْتَرِقُ التَّرِكَةَ ثُمَّ أَقَرَّ لِآخَرَ بِمِثْلِهِ فَإِنْ لم يكن عدلا برِئ بِالْأولِ لتعذر أبطال إلإقرار أَو عدلا وذكرا عُذْرًا بَيِّنًا قُبِلَ قَوْلُهُ وَحَلَفَ لِلْآخَرِ فَإِنْ نَكَلَ فَهُوَ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا (فَرْعٌ) قَالَ لَوْ أَقَرَّ بِالْوَصِيَّةِ لِفُلَانٍ بِالثُّلُثِ وَأَعْتَقَ هَذَا الْعَبْدَ وَهُوَ الثُّلُثُ بِكَلَامٍ مُتَّصِلٍ قُدِّمَ الْعِتْقُ وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْوَلَدُ عَدْلًا أَوْ كَلَامٌ غَيْرُ مُتَّصِلٍ وَتَقَدَّمَتِ الْوَصِيَّةُ قُدِّمَتْ وَعَتَقَ الْعَبْدُ عَلَى الْوَارِثِ قَالَ مُحَمَّدٌ كَانَ عَدْلًا أَمْ لَا

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ تَصِحُّ بِالْحَمْلِ دُونَ الْأَمَةِ وَبِالْعَكْسِ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْغَرَرِ جَائِزَةٌ فَإِنْ أَطْلَقَ تَنَاوَلَ الْحَمْلَ بِلَفْظِ الْجَارِيَةِ كَالْبَيْعِ وَلَوْ أَوْصَى بِقَوْسٍ حُمِلَ عَلَى مَا يُرْمَى بِهِ النِّشَابُ دُونَ مَا يُرْمَى بِهِ الْبُنْدُقُ لِأَنَّهُ الْأَغْلَبُ إِلَّا أَن يكون لَهُ إِلَّا هُوَ فَيتَعَيَّن بقوسه الْحَال أَو تَعْيِينه قَرِينَةٌ أُخْرَى وَلَوْ أَوْصَى بِشَاةٍ مِنْ مَالِهِ شَارَكَ بِوَاحِدَةٍ مِنْ عَدَدِهَا ضَأْنِهَا وَمَعَزِهَا ذُكُورِهَا وَإِنَاثِهَا صِغَارِهَا وَكِبَارِهَا لِعَدَمِ اخْتِصَاصِ اللَّفْظِ فَلَوْ كَانَتْ عَشَرَةً فَلَهُ عُشْرُهَا فَلَوْ هَلَكَتْ كُلُّهَا فَلَا شَيْءَ لَهُ لِتَعَلُّقِ الْوَصِيَّةِ بِعَيْنِهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَنَمٌ فَلَهُ مِنْ مَالِهِ قِيمَةُ شَاةٍ مِنْ وَسَطِ الْغَنَمِ وَلَوْ قَالَ أَعْطُوهُ شَاةً مِنْ غَنَمِي فَمَاتَ وَلَا غَنَمَ لَهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ إِنَّمَا تُعْتَبَرُ عِنْدَ الْمَوْتِ أَوْ لَهُ شَاةٌ وَاحِدَةٌ دنيه عَلَيْهِ أَوْ عَلِيَّهٌ دُفِعَتْ لَهُ أَوْ ثُلُثُ غَنَمِي فَمَاتَتْ فَلَهُ ثُلُثُ مَا بَقِيَ فَلَوْ سَمَّى عَدَدًا مِثْلَ ثُلُثِ عَدَدِ الْغَنَمِ فَهَلْ هُوَ كَقَوْلِهِ ثُلُثُهَا فَيَكُونُ شَرِيكًا بِالثُّلُثِ فِيمَا زَادَ أَو نقص أَو لَهُ ذَلِك الْقدر وَإِن لَمْ يَبْقَ إِلَّا هُوَ أَوْ بَقِيَ أَكْثَرُ مِنْهُ أَخَذَ بِحِصَّةِ عَدَدِهِ كَمَا لَوْ كَانَتْ خَمْسِينَ فَأَوْصَى بِعَشَرَةٍ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَهُ خُمْسُهَا زَادَتْ أَوْ نَقَصَتْ وَعَلَى الثَّانِي إِنْ مَاتَتْ عَشَرَةٌ فَلَهُ الرُّبُعُ أَوْ عِشْرُونَ فَلَهُ الثُّلُثُ أَوْ أَرْبَعُونَ أَخَذَ الْبَاقِيَ كَانَ أَدْنَى أَوْ أَعْلَى وَلَوْ أَوْصَى بِتَيْسٍ مِنْ غَنَمِهِ شَارَكَ بِوَاحِدٍ مِنَ التُّيُوسِ وَلَا يَدْخُلُ مَعَ ذَلِكَ الْبُهْمُ وَالْإِنَاثُ أَوْ بِكَبْشٍ لَمْ يَدْخُلْ إِلَّا كِبَارُ ذُكُورِ الضَّأْنِ أَوْ بِنَعْجَةٍ فَكِبَارُ إِنَاثِ الضَّأْنِ وَلَوْ قَالَ بَقَرٌ مِنْ بَقَرِي دَخَلَ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ أَوْ ثَوْرٌ اخْتَصَّ بِكِبَارِ الذُّكُورِ أَو عجل اخْتصَّ بذكور العجول أَوْ بِقَرَةٌ مِنْ عُجُولِي فَفِي الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ من العجول أَوْ شَاةٌ مِنْ بَهْمِي أَوْ ضَايِنَةٌ مِنْ خِرْفَانِي لَمْ يَدْخُلِ الْكِبَارُ أَوْ رَأْسٌ مِنْ رَقِيقِي وَمَاتَ لَهُ وَاحِدَةٌ تَعَيَّنَتْ أَوْ عِدَّةٌ فَمَاتُوا أَوْ قُتِلُوا قَبْلَ مَوْتِهِ بَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ أَوْ بَعْدَ الْمَوْتِ انْتَقَلَتِ الْوَصِيَّةُ لِلْقِيمَةِ وَلَوْ قَالَ أَعْتِقُوا عَنِّي رَقِيقًا فَأَقَلُّهَا ثَلَاثٌ لِأَنَّهُ أَقَلُّ الْجَمْعِ وَمَدْرَكُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ كُلِّهَا مُقْتَضَى اللَّفْظِ لُغَةً أَوْ عُرْفًا وَفِي الْجَلَّابِ إِذَا أَوْصَى بِعَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ الْمُخْتَلِفَةِ الْقِيَمِ فَلَهُ جُزْء مِنْهُم إِن كَانُوا

(فرع)

عشرَة فعشرة م أَوْ لِعَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ وَهُمْ عَشَرَةٌ فَمَاتَ ثَمَانِيَةٌ فَلَهُ نِصْفُ الْبَاقِينَ إِنْ خَرَجَا مِنْ ثلثه وَإِن لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمَا فَثُلُثُهُمَا لَهُ وَلَوْ أَوْصَى بِعُشْرِهِمْ فَلَهُ عُشْرُ الْبَاقِي بَعْدَ الْمَوْتِ (فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَوْصَى بِأَحَدِ عَبِيدِهِ الثَّلَاثَةِ لِرَجُلٍ وَقَالَ لِفُلَانٍ أَحَدُهُمْ وَقِيمَتُهُمْ سَوَاءٌ وَلَا مَالَ لَهُ غَيرهم أَسْهَمَ لِلثَّانِي فَإِنْ وَقَعَ سَهْمُهُ فِي الْعَبْدِ الْمُوصَى بِهِ لِلْأَوَّلِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ أَوْ فِي غَيْرِهِ فَلَهُ نِصْفُهُ وَلِلْوَرَثَةِ نَصِفُهُ وَلِلْأَوَّلِ نَصِفُ الْمُوصَى بِهِ لَهُ وَنَصِفُهُ لِلْوَرَثَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُوصِيَ بِأَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ وَإِنِ اخْتَلَفَتْ قِيمَتُهُمْ أَسْهَمَ لِلثَّانِي أَيْضًا فَإِنْ خَرَجَ الْمُوصَى بِهِ لِلْأَوَّلِ وَقِيمَتُهُ الثُّلُثُ فَأَقَلُّ هُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ أَوْ أَكَثَرُ مِنَ الثُّلُثِ شَطَرَ بَيْنِهِمَا مَا يَحْمِلُ الثُّلُثُ مِنْهُ وَلِلْوَرَثَةِ بَاقِيهِ وَإِنْ خَرَجَ فِي غَيْرِهِ وَقِيمَتُهُ الثُّلُثُ فَأَقَلُّ اخذ العَبْد الَّذِي خرج وَله آخر الَّذِي أَوْصَى لَهُ بِهِ أَوْ أَكَثَرُ مِنَ الثُّلُث فَلَهُمَا ثلث الثَّلَاثَهْ وَإِن لم تجز الْوَرَثَةُ لِأَنَّ الْوَصَايَا إِذَا لَمْ يَحْمِلْهَا الثُّلُثُ صَارَتْ شَائِعَةً فِيهِ وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ مَنْ أُوصِيَ لَهُ بِعَبْدٍ مِنْ جُمْلَةِ عَبِيدِهِ يُعْطِي وَاحِدًا مِنْ جُمَلَةِ عَدَدِهِمْ بِالْقُرْعَةِ وَقِيلَ مِنْ عَدَدِهِمْ بِالْقِيمَةِ وَهُمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَعَلَى الثَّانِي سَهْمٌ عَلَى الثَّلَاثَةِ فَإِنْ حَمَلَ الثُّلُثُ الْوَصِيَّتَيْنِ أُخْرِجَتَا افْتَرَقَتَا فِي الْعَبِيدِ أَوِ اجْتَمَعَتَا وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهَا وَلَا أُجِيزَتَا تَحَاصَّا فِي الثُّلُثِ عَلَى قَدْرِ وَصَايَاهُمَا وَفِيهَا قَوْلٌ ثَالِثٌ إِن الْمُوصى لَهُ بِعَبْد من العبيد شَارك الْوَرَثَة فِي كل عبد بِالثُّلثِ وَإِن كَانُوا ثَلَاثَةً أَوْ بِالرُّبُعِ إِنْ كَانُوا أَرْبَعَةً وعَلى هَذَا يكون للْمُوصى لَهُ هَاهُنَا بِالْمُعَيَّنِ ثُلُثَا الْعَبْدِ الْمُوصَى لَهُ بِهِ وَثُلُثُهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْآخَرِ الْمُوصَى لَهُ بِالْمُنَكَّرِ لِأَنَّ وَصَايَاهُمَا قَدِ اجْتَمَعَتْ فِي ثُلُثِهِ وَلِلْآخَرِ ثُلُثُ كُلِّ عَبْدٍ مِنَ الْعَبْدَيْنِ الْآخَرَيْنِ أَيْضًا إِنْ حمل ذَلِك الثُّلُث وَإِلَّا يحاصصا فِيهِ عَلَى قَدْرِ وَصَايَاهُمَا

فرع

(فَرْعٌ) قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ وَلَدٌ لَا وَارِثَ مَعَهُ أَبِي أَوْصَى بِعِتْقِ هَذَا ثُمَّ قَالَ لَا لَكِنْ هَذَا ثُمَّ قَالَ لَا بل هَذَا من كل وَاحِد ثلث قِيمَته ثَلَاثَتهمْ فَإِن اسْتَوَت قيمتهم عتق الثَّلَاثَةُ أَوِ اخْتَلَفَتْ عَتَقَ مَنْ قِيمَتُهُ ثُلُثُ قيمَة ثلثهم وَمن قيمَة الْبر عتق مِنْهُ مَا حمله ثُلُثُ قِيمَتِهِمْ وَمَعْنَاهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ مَال غَيرهم فَوَاحِدَة للْوَارِث بِإِقْرَارِهِ مِثَاله قيمَة أحدهم عشرَة وَالْبَاقِي عِشْرُونَ وَالثَّالِثِ ثَلَاثُونَ فَيُعْتَقُ الْأَوَّلَانِ لِأَنَّ قِيمَةَ كُلِّ وَاحِدٍ إِمَّا ثُلُثُ الْمَالِ أَوْ أَقَلُّ وَثُلِّثَ الثَّالِثُ لِأَنَّ ذَلِكَ ثُلُثُ الْمَالِ وَإِنْ كَانَ مَالٌ ثَلَاثُونَ عَتَقَ الثَّالِثُ كُلُّهُ مَعَ الْأَوَّلَيْنِ لِأَنَّهُ ثُلُثُ الْمَالِ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِم اعطوا فلَانا مائَة وَلم يبين دَنَانِير أَو دَرَاهِم لَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ لِأَنَّهَا الْمُتَيَقَّنَةُ وَمَعْنَاهُ إِذَا كَانَ الْبَلَدُ إِنَّمَا تَجْرِي فِيهِ الدَّرَاهِمُ أَوِ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ وَلِفُلَانٍ عِشْرُونَ فَتَقَدَّمَ الْبُطْلَانُ فَالدَّنَانِيرُ قَرِينَةٌ تُعَيِّنُ لِلثَّانِي دَنَانِير (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ مَالِكٌ لِفُلَانٍ عَبْدِي سَعِيدٌ أَوْ حَبَشِيٌّ أَوْ خَشَبٌ مِنْ خَشَبِي الْأَحْمَرِ وَلَهُ عَبِيدٌ بِذَلِكَ الِاسْمِ أَوْ خَشَبٌ فَلَهُ ثُلُثُهُمْ إِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً وَيُعْطَى ثُلُثَ الْقِيمَةِ فِي العَبْد والحبشي بالقرعه وَمَا بَلَغَتْ وَلَوْ كَانَا عَبْدَيْنِ أَوْ خَشَبَيْنِ وَلَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ بِذَلِكَ عَلَيْهِ فِي صِحَّتِهِ وَلَمْ يُعَيِّنُوا الْمَشْهُودَ بِهِ بَطَلَتِ الشَّهَادَةُ لِعَدَمِ التَّعْيِينِ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ لِأَنَّهَا كَالصَّدَقَةِ عَلَى زَيْدٍ بِأَحَدِ العبيد وهم عشرَة فَهُوَ شريك بِعشْرَة م وَلَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ وَهُمْ عَشَرَةٌ عَتَقَ عُشْرُهُمْ

(فرع)

بِالْقُرْعَةِ وَفِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فِي الشَّهَادَةِ فِي الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ ثَالِثُهَا الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يعين فينسى أَو لَا يعين بِالْأَصَالَةِ وَلَوْ عَيَّنَهُ الْمُوصِي لِلشُّهُودِ فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ فَنَسُوهُ أَوْ عَيَّنَهُ الشُّهُودُ فِي غَيْرِ الْوَصِيَّةِ فَنَسُوهُ أَوْ شَكُّوا فِيهِ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ تَبْطُلُ الشَّهَادَةُ فِي الْوَصِيَّةِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَفِي الصِّحَّةِ فِي غَيْرِ الْوَصِيَّةِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَعَنْهُ يَصِحُّ فِي الْوَجْهَيْنِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ وَفِي الْعَبِيدِ وَالْخَشَبِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ يُعْتَقُ ثُلُثُهُمْ بِالْقُرْعَةِ مَا بَلَغَتْ كَمَا تَقَدَّمَ وَيُعْتَقُ وَاحِدٌ قَلَّتْ قِيمَتُهُ أَوْ كَثُرَتْ وَيُعْتَقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثُهُ إِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً أَوْ رُبُعُهُ إِنْ كَانُوا أَرْبَعَةً بِغَيْرِ قُرْعَةٍ وَمَنْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ اشْتَرُوا أَخِي أَوْ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَقُلْ فَأَعْتِقُوهُ يُشْتَرَى فَيُعْتَقُ لِأَنَّ الْعِتْقَ هُوَ الْمَقْصُودُ فِي مِثْلِ هَذَا وَإِنْ أَوْصَى بِثَمَنٍ مُعَيَّنٍ فَامْتَنَعَ السَّيِّدُ مِنَ الْبَيْعِ انْتُظِرَ حَتَّى يَتَيَسَّر وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ ثَمَنًا زِيدَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ ثُلُثِ قِيمَتِهِ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ خَيِّرُوا جَارِيَتِي بَيْنَ الْعِتْقِ وَالْبَيْعِ لَهَا اخْتِيَارُ الْعِتْقِ بَعْدَ اخْتِيَارِ الْبَيْعِ قَبْلَ أَنْ تُبَاعَ وَاخْتِيَارُ الْبَيْعِ بَعْدَ اخْتِيَارِ الْعِتْقِ قَبْلَ التَّقْوِيمِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِرُّهَا مَا لَمْ يَتَعَلَّقْ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ أَوْ لِلَّهِ فَإِنِ اخْتَارَتِ الْبَيْعَ وَقَالَتْ بِيعُونِي مِنْ فُلَانٍ فَلَهُمْ بَيْعُهَا فِي السُّوقِ وَلَا يُوضَعُ مِنْ ثَمَنِهَا شَيْءٌ لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْوَصِيَّةِ وَلَا لَهُمُ اقْتِنَاؤُهَا إِذَا اخْتَارَتِ الْبَيْعَ لِأَنَّهُ مُخَالَفَةٌ لِلْوَصِيَّةِ إِلَّا بِرِضَاهَا وَإِنْ رَضِيَتْ بِأَنْ تَكُونَ مِلْكًا لَهُم فَلهم بيعهَا لِأَنَّهُ شَأْنُ الْأَمْلَاكِ بِخِلَافِ تَخْيِيرِ الرَّجُلِ أَمَتَهُ بَيْنَ الْعِتْقِ وَالْبَيْعِ فَإِنِ اخْتَارَتِ الْعِتْقَ لَزِمَهُ أَوِ الْبَيْعَ لَزِمَهَا وَلَا رُجُوعَ

(فرع)

لَهَا فَإِنِ انْقَضَى الْمَجْلِسُ وَلَمْ يَخْتَرْ جَرَى عَلَى الْخِلَافِ فِي تَمْلِيكِ الزَّوْجَةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ شَيْءٌ وَاحِدٌ مَبْنَاهُ عَلَى الْمَعْرُوفِ فَلَوْ رُدَّتْ بِعَيْبٍ فَلَيْسَ لَهَا اخْتِيَارُ الْعِتْقِ لِأَنَّ الْبَيْعَ حُكْمٌ تَقَرَّرَ قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ ذَلِكَ لَهَا عَلَى الْخِلَافِ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ هَلْ هُوَ نَقْصٌ لِلْبَيْعِ أَوِ ابْتِدَاءُ بَيْعٍ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قِيلَ لَهُ أَوْصِ قَالَ عَبْدِي سَعِيدٌ حُرٌّ ثُمَّ قِيلَ لَهُ أَوْصِ فَقَالَ أَحَدُ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ حُرٌّ قِيلَ الشَّهَادَةُ بَاطِلَةٌ وَقِيلَ يُقْرَعُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ فَإِنْ خَرَجَ الْمُعَيَّنُ عَتَقَ أَوْ غَيْرُهُ بَطَلَتِ الشِّهَادَةُ لِعَدَمِ التَّعْيِينِ وَالْخِلَافُ فِي الشَّهَادَةِ هَاهُنَا يَتَخَرَّجُ فِي الشَّهَادَةِ إِذَا اخْتَلَفَ اللَّفْظُ وَالْمَعْنَى وَاتَّفَقَ مَا يُوجِبُهُ الْحُكْمُ نَحْوُ الشَّهَادَةِ بِمِائَةٍ مِنْ بَيْعٍ وَالشَّهَادَةُ عَلَى الْخِلَافِ فِي تَلْفِيقِ الشَّهَادَةِ بِمِائَةٍ مِنْ سَلَفٍ أَوِ امْرَأَتِي طَالِقٌ إِن بِعْت كَذَا وَله أمراتن (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَوْصَى لَهُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَقَالَ لِي عِنْدَهُ عِشْرُونَ فَاقْبِضُوهَا مِنْهُ فَأَنْكَرَ الْعِشْرِينَ لَا يَكُونُ لَهُ إِلَّا ثَمَانُونَ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَوْصَى لَهُ بِمَا زَادَ عَلَى الْعِشْرِينَ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ سَحْنُونٌ لَهُ عَبْدَانِ مَيْمُونٌ وَمَيْمُونٌ فَقَالَ عِنْدَ مَوْتِهِ مَيْمُونٌ حر وَمَيْمُون لميمون إِن حملهَا الثُّلُثُ أَسْهَمَ بَيْنَهُمَا بِالْقِيمَةِ فَأَيُّهُمَا خَرَجَ عَتَقَ واعطى الْبَاقِي لَهُ وَقِيلَ إِنَّمَا يُعْطَى نِصْفَ الثَّانِي لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ مَيْمُونٌ

(فرع)

لِمَيْمُونٍ أَيْ رَقَبَةُ مَيْمُونٍ لِنَفْسِهِ فَيَكُونَ أَوْصَى لِأَحَدِهِمَا بِنَفْسِهِ وَلِآخِرَ بِحُرِيَّتِهِ فَيَقَعَ التَّنَازُعُ فِي الْبَاقِي فَيقسم وَإِن لم يحمل الثُّلُث أَو أحدا عَتَقَ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَعْتِقُوا خِيَارَ رَقِيقِي يُعْتَقُ أَغْلَاهُمْ ثَمَنًا حَتَّى يَسْتَوْعِبَ الثُّلُثَ مِنْهُم إِلَّا أَن تدل فرينه على الدّين أوغيره لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَمَّا سُئِلَ أَيُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ قَالَ أَغْلَاهَا ثَمَنًا وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا فَإِنْ كَانُوا مُتَقَارِبِينَ قُدِّمَ الصُّلَحَاءُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} وَقَالَ ابْنُ زَرْبٍ إِنِ اسْتَوَتِ الْقِيمَةُ عَتَقُوا كُلُّهُمْ فِي الثُّلُثِ لِعَدَمِ الْأَوَّلِيَّةِ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَوْصَى لَهُ بِمِائَةٍ سَلَفٍ وَلِغَيْرِهِ بمائه ملك حاصص بِقِيمَة ربحا لِأَنَّ مَقْصُودَهُ التَّجْرُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ من نصف الثُّلُث قلا يُزَادُ وَلَا تَكُونُ الْمِائَةُ السَّلَفُ أَكْثَرَ مِنِ الْمِائَةِ الْمِلْكِ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ مَالِكٌ أَوْصَى لِثَلَاثَةٍ ثُمَّ قَالَ لِفُلَانٍ عِشْرُونَ وَلِفُلَانٍ عَشَرَةٌ وَسَكَتَ عَنِ الثَّالِثِ فَلِلثَّالِثِ ثُلُثُ الثُّلُثِ وَلِلْأَوَّلَيْنِ مَا سَمَّى لَهُمَا وَيُقَسَّمُ الْبَاقِي مِنَ الثُّلُثِ عَلَى قَدْرِ ثُلُثِ الثُّلُثِ وَالتَّسْمِيَتَيْنِ لِأَنَّ كَلَامَهُ آخِرًا تَفْسِيرٌ لِمَا أَجْمَلَهُ أَوَّلًا وَلَوْ لَمْ تَكُنِ التَّسْمِيَةُ عَلَى الْفَوْرِ لَحُمِلَتْ عَلَى أَنَّهَا وَصِيَّةٌ أُخْرَى وَضَرَبَ الْمُسَمَّى لَهُمَا فِي الثُّلُثِ بِالْأَكْثَرِ مِنْهُ أَوِ التَّسْمِيَةِ وَقَالَ أَصْبَغُ يُقَسَّمُ ثُلُثُ الثُّلُثِ عَلَى الْمُسَمَّى لَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَجْزَاءٍ لِأَنَّهَا نِسْبَةُ التَّسْمِيَتَيْنِ وَلِأَنَّ الْمَيِّتَ فَسَّرَ وَصِيَّتَهُ لَهُمَا كَيْفَ تُقَسَّمُ وَلَمْ يَزِدْ صَاحِبُهَا عَلَى ثُلُثِ الثُّلُثِ

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ قَالَ مَالِكٌ أَوْصَى بِتَخْيِيرِ أَمَتِهِ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْعِتْقِ فَأَعْتَقَهَا بَعْضُ الْوَرَثَةِ وَلَعَلَّهُ يُعَادِلُهَا بَطَلَ عِتْقُهُ وَتُبَاعُ إِنِ اخْتَارَتْ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ تَصَرَّفَ فِيهِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَلَيْسَ لِلْوَارِثِ إِبْطَالُهُ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ مَالِكٌ أَوْصَى بِعَبْدِهِ لِزَيْدٍ أَتْبَعَهُ مَالَهُ كَالْعِتْقِ وَكَانَ يَقُولُ لَا يَتْبَعُهُ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ لِأَنَّهُ انْتَقَلَ مِنْ مِلْكٍ إِلَى مِلْكٍ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِي الصَّدَقَةِ وَالْهِبَةِ أَنَّهُمَا كَالْبَيْعِ وَإِنْ كَانَ الْخِلَافُ يَدْخُلُ فِيهِمَا قِيَاسًا عَلَى الْوَصِيَّةِ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ مَالِكٌ وَلَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ رَقِيقِهِ وَلِرَقِيقِهِ رَقِيقٌ عَتَقَ رَقِيقُهُ فَقَطْ لِأَنَّ رَقِيقَ رَقِيقِهِ لَيْسَ رَقِيقه وَلَا يجْرِي هَاهُنَا الْخِلَافُ الَّذِي فِيمَا إِذَا مَلَكَ مَنْ يُعْتَقُ عَلَى سَيِّدِهِ أَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ أَوْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ دَابَّتَكَ فَرَكِبَ دَابَّةَ عَبْدِكَ أَنَّهُ يَحْنَثُ لِأَنَّ قُدْرَتَكَ عَلَى الِانْتِزَاعِ كَالْمِلْكِ مَعَ تَشَوُّفِ الشَّرْعِ إِلَى بِرِّ الْقَرَابَةِ وَإِلَى الْعِتْقِ وَالْأَيْمَانُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمَقَاصِدِ الْعُرْفِيَّةِ وَالْوَصَايَا عَلَى الْأَلْفَاظِ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ مَالِكٌ أَوْصَى لِفُلَانٍ بمائه ولفلا بِمِائَتَيْنِ وَقَالَ فُلَانٌ شَرِيكٌ لَهُمَا فَلِلْآخَرِ ثُلُثُ الْمُبَيَّنِ الثَّلَاثُمِائَةٍ وَيُقَسَّمُ الْأَوَّلَانِ الْبَاقِي أَثْلَاثًا وَعَنْهُ يَكُونُ لَهُ نِصْفُ وَصِيَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ مُقْتَضَى الشَّرِكَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِي الْمَجْمُوعِ أَوْ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا

فرع

(فَرْعٌ) قَالَ صَاحب الْمُنْتَقى قَالَ ابْن الْقَاسِم لِفُلَانٍ عَشَرَةٌ وَلِفُلَانٍ السُّدُسُ يُحْمَلُ السُّدُسُ عَلَى سُدُسِ الْمَالِ لِأَنَّهُ الْمُتَبَادَرُ لِلْفَهْمِ وَقِيلَ سُدُسُ الثُّلُثِ إِنْ كَانَ بَعْدَ وَصِيَّتِهِ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ فَيُقْصَرُ عَلَيْهِ وَسُدُسُ الْمَالِ إِنْ كَانَ بَعْدَ إِقْرَارِهِ بِدَيْنٍ وَسَوَّى ابْنُ الْقَاسِمِ (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِر إِذا ملك فرسه فِي مَرَضِ الْمَوْتِ بِالْإِرْثِ عَتَقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّهُ مِلْكٌ قَهْرِيٌّ أَوْ بِالشِّرَاءِ فَمِنَ الثُّلُثِ لِأَنَّهُ بِتَصَرُّفِهِ وَهُوَ تَبَرُّعٌ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَهُ شِرَاء الأبن خاصه وَلَو تحمله الْمَالِ لِأَنَّ لَهُ اسْتِحْقَاقَهُ بِخِلَافِ الْأَبِ وَالْهِبَةُ وَالْوَصِيَّةُ كَالْبَيْعِ فِي هَذَا الْبَابِ ثُمَّ إِذَا اعْتِقْ مِنَ الثُّلُثِ أَوْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَرِثَ لِزَوَالِ الْمَانِعِ قَبْلَ الْمَوْتِ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يَرِثُ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَقُ إِلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ والتقويم أَو لِأَنَّهُ احوج وَرَثَتِهِ بَعْدَ انْعِقَادِ النَّسَبِ لَهُمْ الرُّكْن الرَّابِع فِيمَا تكون بِهِ الْوَصِيَّة وَفِي الْجَوَاهِرِ تَكُونُ بِالْإِيجَابِ وَلَا يَكُونُ لَهَا مَخْصُوص بل كل لفظ مفهم قصد الْوَصِيَّة بِالْوَضْعِ أَوْ بِالْقَرِينَةِ نَحْوَ أَوْصَيْتُ أَوْ أَعْطُوهُ أَوْ جَعَلْتُهُ لَهُ أَوْ هُوَ لَهُ إِذَا فُهِمَتِ الْوَصِيَّةُ بِذَلِكَ وَلَوْ كَتَبَ وَصِيَّتَهُ بِخَطِّهِ فَوُجِدَتْ فِي تَرِكَتِهِ وَعُرِفَ أَنَّهُ خَطُّهُ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ فَلَا يثبت شَيْء مِنْهُمَا حَتَّى يُشْهِدَ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ قَدْ يَكْتُبُ وَلَا يَعْزِمُ رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَوْ قَرَأَهَا وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالشَّهَادَةِ عَلَيْهَا فَلَيْسَتْ بِشَيْءٍ حَتَّى يَقُولَ إِنَّهَا وَصِيَّةٌ وَإِنَّ مَا فِيهَا حَقٌّ وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْهَا لِأَنَّهُ صَرِيحٌ بِالْإِقْرَارِ بهَا وَكَذَلِكَ إِذا قَرَأَهَا وَقَالُوا تشهد أَنَّهَا وَصِيَّتُكَ وَأَنَّ مَا فِيهَا حَقٌّ فَقَالَ نَعَمْ أَوْ قَالَ بِرَأْسِهِ نَعَمْ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ جَازَ قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْهَا عَلَيْهِمْ فَلْيَشْهَدُوا أَنَّهَا وَصِيَّتُهُ أَشْهَدَنَا عَلَى مَا فِيهَا وَالْقَبُولُ شَرْطٌ لِأَنَّهُ نَقْلُ مِلْكٍ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالْإِجَارَةِ لَكِنْ لَا أَثَرَ لَهُ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ إِنَّمَا تَجِبُ بِمَوْتِهِ فَيَكُونُ قَبُولُ الْمُوصَى بَعْدَهُ وَقَالَهُ ش وَلِأَنَّ الْإِيجَابَ عُلِّقَ عَلَى الْمَوْتِ وَالْأَصْلُ مُقَارَبَتُهَا وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْفرق بِعَدَد قِيَاسًا عَلَى الْهِبَةِ

فرع

(فَرْعٌ) قَالَ إِنْ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي لَا يَنْتَقِلُ حَقُّ الْقَبُولِ لِلْوَارِثِ قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ يَنْتَقِلُ قَاعِدَةٌ يَنْتَقِلُ لِلْوَارِثِ كُلُّ مَا كَانَ مَالًا أَوْ مُتَعَلِّقًا بِالْمَالِ أَوْ فِيهِ ضَرَر عَلَيْهِ فلأول كَالْأَعْيَانِ الْمَمْلُوكَةٍ وَالثَّانِي خِيَارُ الْبَيْعِ وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ وَالْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ وَالثَّالِثُ كَحَدِّ الْقَذْفِ وَلَا يَنْتَقِلُ إِلَيْهِ مَا هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِجِسْمِ الْوَارِثِ كَالْوَصِيَّةِ لَهُ بغدائه مَا عَاشَ لَوْ بِمَلَاذِ نَفْسِهِ كَالنِّكَاحِ أَوْ بِفِعْلِهِ كَالْخِيَارِ الَّذِي اشْتُرِطَ لَهُ مِنْ مُتَبَايِعَيْنِ غَيْرِهِ وَكَاللِّعَانِ لِأَنَّ جِسْمَهُ وَنَفْسَهُ وَعَقْلَهُ لَا يُورَثُ فَلَا يُورَثُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَا وَلَمَّا وَرِثَ الْأَمْوَال ورث مَا يتَعَلَّق بهَا وَهَاهُنَا اجْتمع فِيهِ الشيان كَوْنُهُ مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ الْمَالِ فَيُورَثُ كَخِيَارِ الْبَيْعِ وَكَونه من الرَّأْي وَالنَّظَر فِي الْمصلحَة قد يُؤْثِرُ الْإِنْسَانُ حُدُوثَ هَذَا الْمِلْكِ بِهَذَا الطَّرِيقِ وَقَدْ لَا يُؤْثِرُهُ ثُمَّ يَتَأَيَّدُ بِقَاعِدَةٍ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ الْوَارِثَ إِنَّمَا يَنْتَقِلُ إِلَيْهِ مَا تحقق سَببه وَهَاهُنَا السَّبَبُ مَعْدُومٌ لِعَدَمِ جُزْئِهِ وَهُوَ الْقَبُولُ غَيْرَ أَنَّهُ يُلَاحَظُ أَنَّ سَبَبَ اسْتِحْقَاقِ الْقَبُولِ الْإِيجَابُ وَقَدْ تَحَقَّقَ وَقَدْ يُلَاحِظُ سَبَبُ الْمِلْكِ لَا سَبَبُ الْقَبُولِ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ فَهَذِهِ الْقَوَاعِدُ الْفِقْهِيَّةُ مَجَالُ النَّظَرِ بَيْنَ الْفِرَقِ (فَرْعٌ) قَالَ إِنْ أَوْصَى لِلْفُقَرَاءِ أَوْ لِمَنْ لَا يَتَعَيَّنُ لَا يشْتَرط الْقبُول لتعذره كالوقف (فَرْعٌ) قَالَ إِن مَاتَ الْمُوصِي وَقَفَ الْمُوصَى بِهِ إِنْ قَبِلَهُ الْمُوصَى لَهُ تَبَيَّنَ أَنَّ الْعَيْنَ لَهُ مِنْ

فرع

حِينِ الْمَوْتِ أَوْ رَدَّهَا تَبَيَّنَ عَدَمُ الدُّخُولِ وَقِيلَ الْمُوصَى بِهِ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ الْمَيِّتِ لعدم كَمَال السَّبَب الأول وَهُوَ كَمَالُ الْعَقْدِ بِالْقَبُولِ وَيَتَخَرَّجُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ إِذَا وَجَبَتْ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ الْقَبُولِ وَوَافَقَنَا ش عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ الرَّدِّ قَبْلَ الْإِيجَابِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ السَّبَبِ وَعَدَمِ اعْتِبَارِهِ بَعْدَ الْقَبُولِ وَالْقَبْضِ لِاسْتِقْرَارِ الْمِلْكِ وَلَهُ بَعْدَ الْإِيجَابِ وَالْمَوْتِ وَقَبْلَ الْقَبُولِ قَوْلَانِ قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ وَالْوَقْفِ وَإِذَا أَوْصَى لَهُ بِامْرَأَتِهِ الْأَمَةِ فَأَوْلَدَهَا ثُمَّ عَلِمَ فَقِيلَ مَا حُكْمُ الْوَلَدِ وَهَلْ تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ أَمْ لَا وَمَا أَفَادَهُ الرَّقِيقُ بَعْدَ الْمَوْتِ مِنَ الْمَالِ وَتَجَدُّدِ الْوَلَدِ وَثَمَرَةِ النخيل (فَرْعٌ) قَالَ إِذا فَرغْنَا عَلَى أَنَّ الْغَلَّاتِ تَبَعٌ لِلْأُصُولِ اخْتُلِفَ فِي كَيْفِيَّةِ التَّقْوِيمِ فَقِيلَ تُقَوَّمُ الْأُصُولُ بِغَيْرِ غَلَّاتٍ إِن خرجت من الثُّلُث تبعها الْغَلَّاتُ وَلَا تُقَوَّمُ الْغَلَّاتُ وَقِيلَ بِغَلَّاتِهَا قَالَ التّونسِيّ وَهُوَ الأشبة لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الْمَالِ وَلَمْ يُخْتَلَفْ أَنَّ نَمَاءَ العَبْد يقوم مَعَه وَكَذَلِكَ ولد إاأمه لِأَنَّهُ كَالْعَيْنِ

(البأب الثاني أحكأم الوصية)

(البأب الثَّانِي أحكأم الْوَصِيَّة) وَهِي ثَلَاثَة اقسأم لفظية وحسأبية ومعنوية الْقسم الأول الْأَحْكَام اللفظية وَفِي الْكتاب أوصبى بِعَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ فَمَاتُوا كُلُّهُمْ أَوْ بِعَبْدٍ فَمَاتَ بَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ قَالَ غَيْرُ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ مَا مَاتَ أَوْ تَلِفَ قَبْلَ النَّظَرِ فِي الثُّلُثِ كَأَنَّ الْمَيِّتَ لَمْ يَتْرُكْهُ وَلَمْ يُوصِ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ لَا يُقَوَّمُ مَيِّتٌ وَلَا عَلَى مَيِّتٍ وَإِنْ أَوْصَى بِعَشَرَةٍ مِنْ عَبِيدِهِ وَلَمْ يُعَيِّنْهُمْ وَهُمْ خَمْسُونَ فَمَاتَ عِشْرُونَ قَبْلَ التَّقْوِيمِ عَتَقَ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ ثَلَاثِينَ بِالسَّهْمِ خَرَجَ ذَلِكَ عَشَرَةً عَدَدًا أَمْ لَا لِأَنَّ الْبَاقِيَ عَبِيدُهُ وَالْمَيِّتُ لَا يُعْتَدُّ بِهِ وَإِنْ هَلَكُوا إِلَّا عِشْرِينَ عَتَقَ نِصْفُهُمْ فِي الثُّلُثِ أَوْ إِلَّا خَمْسَةَ عَشَرَ فَثُلُثَاهُمْ أَوْ إِلَّا عَشَرَةً فَجُمْلَتُهُمْ تَوْفِيَةٌ بِاللَّفْظِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْصَى بِعَشَرَةٍ مِنْ رَقِيقِهِ أَوْ إِبِلِهِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ قَوْلُهُ يُعْتَقُ ثُلُثُهُمْ بِالسَّهْمِ وَإِنْ خَرَجَ أَقَلُّ مِنَ الْعَدَدِ هَذَا أَصْلُهُ وَرَاعَى فِي الْعِتْقِ الْأَوَّلِ الْعَدَدَ فِيمَا يَحْمِلُهُ الثُّلُثُ وَاخْتَلَفَ هَلْ هُوَ وِفَاقٌ أَوْ خِلَافٌ وَقَوْلُهُ إِنْ لَمْ يُعَيِّينْهُمْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ عَيَّنَ عَتَقُوا بِالْحِصَصِ عِنْدَ ضِيقِ الثُّلُثِ كَمَا قَالَهُ مُحَمَّدٌ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِذَا قَالَ ثُلُثُ رَقِيقِي لِفُلَانٍ أَسْهَمَ بَيْنَهُمْ بِالْقُرْعَةِ بِخِلَافِ ثُلُثُ رَقِيقِي أَحْرَارٌ لِأَنَّ فُلَانًا يَصِيرُ شَرِيكًا فِي كل وَأحد وَمن لَهُ جُزْء تأبع رَجَعَ فِي مُعَيَّنٍ عِنْدَ الْقِسْمَةِ وَالْعِتْقُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِي جَمِيعِهِمْ قَالَ التُّونُسِيُّ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُعْتَقُ خُمُسُ مَنْ بَقِيَ من

الْخَمْسِينِ وَسَوَاءٌ قَالَ خُمُسُهُمْ أَوْ عَشَرَةٌ مِنْهُمْ لِأَنَّهُ لما قَالَ ذَلِك وَهُوَ خَمْسُونَ فَقَدْ أَرَادَ الشَّرِكَةَ فَالْهَالِكُ وَالْبَاقِي عَلَى الْقِسْمَةِ فَلَا يُعْتَقُ إِلَّا الْخُمُسُ وَلَوْ لَمْ يَبْقَ إِلَّا وَاحِدٌ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَوْ تمت وَهِيَ غَنَمٌ لَهُ خُمُسُ الْأَوْلَادِ وَقَالَهُ أَشْهَبُ فِيهِ فِي الْغَلَّةِ وَابْنُ الْقَاسِمِ يَرَاهُ قَصَدَ إِخْرَاجَ ذَلِكَ الْعَدَدِ فَلَوْ لَمْ يَبْقَ إِلَّا هُوَ أَخْرَجَهُ وَيلْزم عَلَيْهِ إِذا خرج بالأجزاء أقل من ذَلِك الْعدَد إِن يكمل الْعدَد وَقد قَالَه فِي كتاب الْعِتْقُ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا أَوْصَى بِعَشَرَةٍ مِنْ غَنَمِهِ وَمَاتَ وَهِيَ ثَلَاثُونَ وَصَارَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ بِأَوْلَادِهَا خَمْسِينَ لَهُ خُمُسُهَا نَظَرًا لِلتَّسْمِيَةِ وَقَالَهُ أَشْهَبُ وَقَالَ أَيْضًا لَهُ مِنَ الْأَوْلَادِ مِثْلُ مَا لَهُ مِنَ الْأُمَّهَاتِ فَيَأْخُذُ ثُلُثَهَا إِنْ حَمَلَهَا الثُّلُثُ أَوْ مَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ وَكَأَنَّ سَحْنُونًا أَجَابَ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَلَمَّا كَانَ لَا تُكْمَلُ إِذَا انْقَضَتْ لَا يُرَادُ إِذا زَادَت قَالَ وَفِي هَذَا نظر لِأَن من وصّى بِأَمَةٍ فَوَلَدَتْ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَلَدُهَا لَهُ إِذَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ فَكَانَ يَجِبُ أَنْ يُسْهِمَ فِي الْأُمَّهَاتِ فَمَا خَرَجَ مِنْهَا تَبِعَهَا أَوْلَادُهَا لِأَنَّ مَا أَخْرَجَهُ السَّهْمُ كَانَ هُوَ الْمُوصَى بِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْمُتَقَدِّمِ إِذَا سَمَّى عَشَرَةً فَقَدْ قَصَدَ الْعَدَدَ فَيَكُونُ الْوَرَثَةُ شُرَكَاءَ لِلْعَبِيدِ أَوْ لِلْمُوصَى لَهُ بِهِمْ فَتَتَعَيَّنُ الْقُرْعَةُ وَهِيَ تُسْقِطُ حُكْمَ الْعَدَدِ لِعَدَمِ اتِّفَاقِ الْغَنَمِ وَإِذَا لَمْ يَبْقَ إِلَّا الْعَدَدُ الَّذِي سَمَّى بَطَلَتِ الشَّرِكَةُ فَلَا يَضُرُّ هَلَاكُ الْبَعْضِ وَلَوْ قَالَ عِنْدَ مَوْتِهِ اثلاث رقيقي احرارا أَوْ أَنْصَافُهُمْ عَتَقَ ذَلِكَ فِي جُمْلَةِ الثُّلُثِ وَإِلَّا فَمَا حَمَلَهُ الثُّلْثُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ بِالْحِصَاصِ بِغَيْرِ سَهْمٍ لِأَنَّهُ عَيَّنَ ذَلِكَ وَقِيلَ لَوْ قَالَ أَثْلَاثُهُمْ لِفُلَانٍ لَهُ أَثْلَاثُهُمْ بِالْقُرْعَةِ لِأَنَّك شَرِيكٌ فِي كُلِّ وَاحِدٍ وَمَنْ لَهُ جُزْءٌ فِي رَقِيقٍ رَجَعَ مُعَيَّنًا عِنْدَ الْقَسْمِ بِخِلَافِ الْعِتْقِ لِاسْتِوَائِهِمْ فِي الْوَصِيَّةِ فَلَا يُفَضَّلُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْعِتْقِ وَفِي الْوَصِيَّةِ لِفُلَانٍ الْعَبْدُ حَيْثُ وَقَعَ رَقِيقًا فَلَا يُفَرَّقُ نَصِيبُهُ بِغَيْرِ مَنْفَعَةٍ لِلْعَبْدِ

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ ثُلُثُ رَقِيقِي أَحْرَارٌ يُعْتَقُ ثُلُثُهُمْ بِالسَّهْمِ لِأَنَّ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثُهُ تَوْفِيرًا لِمَصْلَحَةِ الْعِتْقِ بِكَمَالِ الْحُرِّيَّةِ فَيَخْلُصُ لِلْعِبَادَاتِ وَالْوِلَايَاتِ الشَّرْعِيَّةِ أَوْ قَالَ ثُلُثُهُمْ لِفُلَانٍ فَهَلَكَ بَعضهم أَو ثلث غنمي فَاسْتحقَّ ثلثهَا فَإِنَّمَا لَهُ ثُلُثُ مَا بَقِيَ لِأَنَّ الْبَاقِيَ هُوَ فِي غنمه فَإِن لم يقتسموا ففهو شَرِيكٌ بِالثُّلُثِ وَإِنْ أَوْصَى بِعَشَرَةٍ مِنْ غَنَمِهِ فَهَلَكَتْ إِلَّا عَشَرَةً فَهِيَ لَهُ بِمُقْتَضَى اللَّفْظِ وَإِنْ عَدَلَتْ نِصْفَ الْغَنَمِ وَإِنْ أَوْصَى بِعُشْرِ غَنَمِهِ فَهَلَكَتْ لَيْسَ لَهُ إِلَّا عُشْرُ الْبَاقِي لِأَنَّكَ شَرِيكٌ وَالْأَوَّلُ مُخْتَصٌّ (فَرْعٌ) قَالَ فِي الْكِتَابِ إِنْ مُتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا أَوْ مِنْ سَفَرِي هَذَا فَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ لِفُلَانٍ كَذَا فَهِيَ وَصِيَّةٌ تَنْفُذُ إِنْ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ أَوْ مِنْ سَفَرِهِ فَإِنْ صَحَّ أَوْ قَدَّمَ وَلَمْ يُغَيِّرْهَا حَتَّى مَاتَ لَا تنفذ لتقييده لما قد بَطل إِلَّا إِن يكْتب كتأبا ويصفه عَلَى يَدِ رَجُلٍ وَلَا يُغَيِّرُهَا بَعْدَ قُدُومِهِ أَو افاقته وَبعده حَتَّى يَمُوتَ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ كَالْإِنْشَاءِ فَإِنْ أَخَذَ الْكِتَابَ بَعْدَ إِفَاقَتِهِ أَوْ قُدُومِهِ وَأَقَرَّهُ بِيَدِهِ حَتَّى مَاتَ بَطَلَتْ وَإِنْ أَشْهَدَ عَلَيْهَا لِأَنَّ اسْتِرْجَاعَهَا دَلِيلُ رُجُوعِهِ عَنْهَا وَإِنَّمَا تَنْفُذُ إِذَا جَعَلَهَا عَلَى يَدِ رَجُلٍ وَإِنْ كَتَبَهُ عِنْدَ الْمَرَضِ أَوِ السَّفَرِ أَوْ فِي الصِّحَّةِ وَلَمْ يَقُلْ إِنْ مُتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا أَوْ سَفَرِي بَلْ كَتَبَ إِنْ حَدَثَ بِي حَدَثٌ نَفَذَتْ أَقَرَّهُ عِنْدَهُ أَمْ لَا مَاتَ مِنْ ذَلِكَ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ إِذَا أَشْهَدَ عَلَيْهِ ثلثه لِأَنَّهُ لَمْ يُقَيِّدْ وَصَرَّحَ بِالْإِطْلَاقِ قَالَ التُّونُسِيُّ إِذَا قَالَ إِنْ مُتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا أَوْ قَدِمْتُ مِنْ سَفَرِي هَذَا قَالَ أَشْهَبُ إِنْ مَاتَ مِنْ مَرَضٍ آخَرَ أَوْ سَفَرٍ آخَرَ نَفَذَتْ لِأَنَّ التَّنْفِيذَ لَا يَقْصِدُ بِهِ النَّاسُ خُصُوصَ مَرَضٍ دُونَ مَرَضٍ بَلِ الِاحْتِيَاطَ فَقَطْ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ مَاتَ قَبْلَ السّفر نفذت قَالَ وَإِن سَارَتْ فِي غَيْرِ سَفَرٍ أَوْ مَرَضٍ لَمْ يَنْفُذْ لبطلأن التَّقْيِيد بِلَا كُلية وَعَنْ مَالِكٍ إِنْ كَتَبَ إِنْ مُتُّ مِنْ سَنَتِي هَذِهِ فَعَاشَ بَعْدَهَا شَيْئًا ثُمَّ مَاتَ وَهِيَ بِيَدِهِ لَمْ يُغَيِّرْهَا

نَفَذَتْ وَإِذَا لَمْ يَقْرَأْهَا عَلَى الشُّهُودِ وَقَالَ اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا فِيهَا فَإِنْ تَيَقَّنُوا أَنَّهَا الْكِتَابُ بِعَيْنِهِ وَلَمْ يَشُكُّوا فِي الطَّابَعِ شَهِدُوا بِهِ وَإِنْ فَتَحُوهَا فَوَجَدُوا فِيهَا مَحْوًا لَمْ يُغَيِّرْ مَا قَبْلَهُ وَلَا مَا بَعْدَهُ لَمْ يَضُرَّ ذَلِكَ فَإِنْ غُيِّرَ الْبَعْضُ لَمْ يَنْفُذْ ذَلِكَ الْبَعْضُ فَقَطْ إِلَّا أَنْ يَعْرِفُوا الْمَحْوَ وَمَنْ شَكَّ فَلَا يَشْهَدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْوَصِيَّةُ عِنْدَهُ أَوْ يَتَحَقَّقَ خَاتَمَهُ بِعَيْنِهِ فِي الْغَيْبَةِ وَيَشْهَدُ مَنْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِهِ الْكِتَابُ بِمَبْلَغِ عِلْمِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ سَوَاءٌ قَالَ من مرض أَو من فِي مرض أَوْ مِنْ سَفَرِي أَوْ فِي سَفَرِي لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ عُرْفًا قَالَ مَالِكٌ إِذَا وَجَدُوا خَطَّهُ بَعْدَ مَوْتِهِ الَّذِي لَا يَشُكُّونَ فِيهِ لَا يَنْفُذُ إِلَّا أَنْ يَشْهَدَ فِيهَا عَلَى نَفْسِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَكْتُبُ مَا لَا يَعْزِمُ عَلَيْهِ وَلَوْ قَرَأَهَا عَلَى الشُّهُودِ لَا يَنْفُذُ إِلَّا أَنْ يَقُولَ اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا فِيهَا وَيَجُوزُ أَنْ يُشْهِدَهُمْ فِيهَا بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ قَالَهُ مَالِكٌ إِذَا طَبَعَ عَلَيْهَا وَقَالَ أَشْهَبُ كَانَتْ مَخْتُومَةً أَو منشورة إِذا قرأوها وَقَالَ يشْهد بِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ فَقَالَ بِرَأْسِهِ نَعَمْ فَإِنْ قَالَ اشْهَدُوا بِمَا فِيهَا وَمَا بَقِيَ مِنْ ثُلُثِي فلعمتي فَوُجِدَ بَعْدَ مَوْتِهِ وَمَا بَقِيَ مِنْ ثُلُثِي فَلِلْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْأَرَامِلِ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ يُقَسَّمُ بَقِيَّة الثُّلُث بَين العمه وَالْأَصْنَافِ نِصْفَيْنِ لِتَعَارُضِ السَّبَبَيْنِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا وجدوا محو الْغَيْر ارى أَن يمضى إِذَا كَانَتْ بِخَطِّ الْمَيِّتِ وَالْإِصْلَاحُ بِخَطِّهِ أَوْ بِخَطِّ كَاتِبِ الْوَصِيَّةِ وَهُوَ عَدْلٌ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ أَوْ مَجْهُولًا وَأَخْرَجَهَا الْوَرَثَةُ وَهُمْ جائزوا الْأَمْرِ حُكِمَ بِذَلِكَ الْحَقِّ إِنْ تَضَمَّنَ زِيَادَةً وَلَا يُحْكَمُ بِهِ إِنْ تَضَمَّنَ نَسْخَ بَعْضِهَا أَوْ رُجُوعَهُ إِلَيْهِمْ وَإِنْ كَانُوا غَيْرَ جَائِزِي الْأَمْرِ لَمْ يُحْكَمْ بِهِ وَإِنْ تَضَمَّنَ زِيَادَةً وَكُلُّ هَذَا اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ إِمْضَاؤُهَا مُطْلَقًا لِأَنَّهُ رَضِيَ بِمَا فِي الْمَخْتُومِ مُطْلَقًا وَإِنْ قَالَ إِنْ مُتُّ مِنْ مَرَضِي أَوْ مِنْ سَفَرِي هَذَا فَأَنْتَ حُرٌّ وَلَمْ يَكْتُبْ كِتَابًا فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَمْ يُعْتَقْ فَإِنْ كَتَبَهُ وَجَعَلَهُ عَلَى يَدِ غَيْرِهِ وَلَمْ يَأْخُذْهُ بَعْدَ صِحَّتِهِ وَقُدُومِهِ نَفَذَتْ وَإِلَّا فَلَا إِنْ كَانَ الْكِتَابُ من الأول عِنْده وَعَن مَالك ينفذ لِأَنَّ النَّاسَ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ وَعَنْهُ أَنَّهَا بَاطِلَةٌ لِذَهَابِ الشَّرْطِ قَالَ التُّونُسِيُّ إِذَا قَالَ فُلَانٌ

فرع

وَصِيٌّ فَصَدِّقُوهُ صُدِّقَ كَقَوْلِهِ وَصِيَّتِي عِنْدَ فُلَانٍ فَنَفِّذُوهَا وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَصِيَّتِي عِنْدَ فُلَانٍ فَأَنْفِذُوا مَا فِيهَا إِنْ كَانَ عَدْلًا أُنْفِذَتْ وَقَالَ سَحْنُونٌ تَنْفُذُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ لِأَنَّهُ رضيه وائتمنه قَالَ وَهُوَ الْأَشْبَهُ كَقَوْلِهِ مَا ادَّعَى عَلَيَّ فُلَانٌ فَصَدِّقُوهُ وَلَوْ قَالَ إِنَّمَا أَوْصَى بِالثُّلُثِ لِابْنِي أَوْ لِي لَمْ يُصَدِّقْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِلتُّهْمَةِ وَصَدَّقَهُ غَيْرُهُ لِأَنَّهُ ائْتَمَنَهُ فَإِنْ قَالَ يَجْعَلُ ثُلُثِي حَيْثُ يَرَى فَأَعْطَاهُ لِوَلَدِ نَفْسِهِ وَلذَلِك وَجْهٌ جَازَ وَإِلَّا فَلَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا قَالَ عَلَيَّ دُيُونٌ وَابْنِي يَعْلَمُ أَهْلَهَا وَصَدَّقُوهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ كَالشَّاهِدِ إِنْ كَانَ عَدْلًا يَحْلِفُ مَعَهُ الْمُدَّعِي وَقَالَ أَصْبَغُ يُصَدَّقُ مَنْ جَعَلَ إِلَيْهِ الْمَيِّتُ التَّصْدِيقَ كَانَ عَدْلًا أَمْ لَا كَقَوْلِ مَالِكٍ مَنِ ادَّعَى عَلَيَّ مِنْ دِينَارٍ إِلَى عَشَرَةٍ فَأَعْطُوهُ بِلَا بَيِّنَةٍ وَتُعْزَلُ الْعَشَرَةُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَتُوقَفُ حَتَّى يَعْلَمَ مَنْ يَدَّعِي فَلَوِ ادَّعَى جَمَاعَةٌ فِيهَا وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ أَقَلَّ مِنَ الْعَشَرَةِ فَلَا شَيْءَ لِمَنِ ادَّعَى عَشَرَةً فَأَكْثَرَ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ فَيُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ وَعَنْ مَالِكٍ يَتَحَاصُّ مُدَّعِي الْعَشَرَةِ فَأَقَلَّ وَمُدَّعِي الْأَكْثَرِ لَا شَيْءَ لَهُ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلِ الْغَايَةُ تَدْخُلُ فِي الْمَعْنى أم لَا وَقد جعل الْعشْرَة غَايَةً وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَنِ ادَّعَى مِثْلَ مَا قَالَ الْمَيِّتُ أُعْطِيهِ مَعَ يَمِينِهِ فَإِنْ قَالَ من ادّعى دِينَارًا فَحَلِّفُوهُ وَأَعْطُوهُ بِغَيْرٍ بَيِّنَةٍ أَوْ بِلَا يَمِينٍ وَلَا بَيِّنَةٍ وَلَمْ يُحَدِّدْ لِلدَّيْنِ نِهَايَةً فَهُوَ من ثلثه بِخِلَاف الْمُؤَقت لِأَنَّهُ بيع من الْبيُوع وَإِنْ قَالَ كُنْتُ أُعَامِلُ فُلَانًا فَمَهْمَا قَالَ يُصَدَّقُ قَالَ مَالِكٌ يُصَدَّقُ فِي مُعَامَلَةِ مِثْلِهِ لِقَرِينَةِ ذِكْرِهِ الْمُعَامَلَةَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَإِنِ ادَّعَى مَا لَا يشبه بَطَلَتْ دَعْوَاهُ وَقَالَ أَيْضًا يَبْطُلُ مَا زَادَ على مُعَاملَة مثله (فَرْعٌ) فِي الْكتاب يقدم فِي كُتُبِ الْوَصِيَّةِ التَّشَهُّدُ قَبْلَهَا وَلَمْ يَذْكُرْ مَالِكٌ كَيْفَ هُوَ وَقَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ كَانُوا يُوصُونَ أَنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا

(فرع)

شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَأُوصِي مَنْ تَرَكْتُ مِنْ أَهْلِي أَنْ يَتَّقُوا اللَّهَ رَبَّهُمْ وَيُصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِهِمْ إِنْ كَانُوا مُسْلِمِينَ وَأُوصِيهِمْ بِمَا أَوْصَى بِهِ إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تموتن إِلَّا وَأَنْتُم مُسلمُونَ وأوصي وَإِن مُتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا بِكَذَا (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ فِي مَرَضِهِ إِنْ مُتُّ فَكُلُّ مَمْلُوكٍ لِي مُسْلِمٌ حُرٌّ وَلَهُ عَبِيدٌ مُسْلِمُونَ وَنَصَارَى فَأَسْلَمَ بَعْضُهُمْ قَبْلَ مَوْتِهِ لَمْ يُعْتَقْ إِلَّا مَنْ هُوَ مُسْلِمٌ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ وَلَمْ يَخْطُرْ إِسْلَامُ هَذَا بِبَالِهِ قَالَ ابْنُ يُونُس قَالَ بعض الْقرَوِيين لَعَلَّه فهم من إِرَادَة عتق هَؤُلَاءِ فَإِن لم يكن مقصد فَالْأَشْبَهُ عِتْقُ الْجَمِيعِ لِأَنَّ الْمُوصِيَ إِنَّمَا يُوصِي بِمَا يَكُونُ يَوْمَ الْمَوْتِ لِأَنَّهُ إِذَا قَالَ إِذَا مُتُّ فَعَبِيدِي أَحْرَارٌ فَبَاعَ عَبِيدَهُ وَاشْتَرَى غَيرهم ثمَّ مَاتَ عتق الَّذِي مَاتَ عَنْهُمْ وَاخْتُلِفَ إِنِ اشْتَرَى بَعْدَ الْوَصِيَّةِ مُسْلِمِينَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَدْخُلُونَ فِي الْوَصِيَّةِ خِلَافًا لِأَصْبَغَ قَالَ مُحَمَّدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فيهم يَوْم الْوَصِيَّة مُسلمُونَ فها هُنَا مَنْ أَسْلَمَ أَوِ اشْتَرَاهُ يَدْخُلُ لِتَجَرُّدِ اللَّفْظِ عَنْ قَرِينَةِ التَّخْصِيصِ فَيَبْقَى عَلَى عُمُومِهِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ أَعْتِقُوهُ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ أَوْ هُوَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ سَوَاءٌ إِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَعِتْقِ مَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ الْآنَ فَإِنْ أَجَازُوهُ خَدَمَهُمْ شَهْرًا ثُمَّ عَتَقَ الْجَمِيعُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فَلَوْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ خَدَمَهُمْ شَهْرًا وَعَتَقَ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى لَفْظِ الْوَصِيَّةِ

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ أَوْصَى لَهُ بِدِينَارٍ ثُمَّ بِالثُّلُثِ فَلَهُ الْأَكْثَرُ جَمْعًا بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ أَوْ بِقدر عشْرين أردباً من أرضه وَهُوَ مبذر مِائَةٍ فَلَهُ خُمْسُهَا بِالسَّهْمِ وَإِنْ كَانَ دُونَ الْعِشْرِينَ لِجَوْدَتِهِ أَوْ زَادَ لِدَنَاءَتِهِ لِأَنَّهُ الْمَعْلُومُ عِنْد الْوَصِيَّة أَو بدار ثمَّ بِعشْرَة أأدر فَلَهُ الْأَكْثَرُ إِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ أَوْ مَا حَمَلَهُ إِلَّا أَنْ يُجِيزُوا وَإِنْ كَانَتِ الدُّورُ فِي بُلْدَانٍ شَتَّى أُخِذَ النِّصْفُ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ بِالسَّهْمِ عَدْلًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَرَثَةِ وَمَنْ أوصى بِوَصِيَّة بعد أُخْرَى وَلم يتناقصا وَهُمَا مِنْ صِنْفَيْنِ نَفَذَتَا أَوْ مِنْ صِنْفٍ فَالْأَكْثَرُ حَمْلًا لِلثَّانِيَةِ عَلَى الزِّيَادَةِ كَانَتِ الْأُولَى أَو الْأَخِيرَة فَإِن تناقصتا أُنْفِذَتِ الْأَخِيرَةُ فَقَطْ لِأَنَّهَا النَّاسِخَةُ وَإِنْ أَوْصَى بِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ ثُمَّ أَوْصَى بِهِ لِآخَرَ فَهُوَ بَيْنُهُمَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرُّجُوعِ كَمَا لَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِهِ وَلِآخَرَ بِجَمِيعِ مَالِهِ فَالثُّلُثُ بَينهمَا أَربَاع وَلَو أوصى بِثلث ثَلَاث أدر فَاسْتُحِقَّ دَارَانِ أَوْ بِثُلُثِ دَارِهِ فَاسْتُحِقَّ ثُلُثَاهَا فَلِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُ مَا بَقِيَ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أُوصِيَ لَهُ بِالثُّلُثِ وَلَوْ قَالَ الْعَبْدُ الَّذِي أَوْصَيْتُ بِهِ لِزَيْدٍ أَوْصَيْتُ بِهِ لِعَمْرٍو فَهُوَ رُجُوعٌ أَوْ أَوْصَى بِعِتْقِهِ ثُمَّ لِرَجُلٍ أَوْ بِالْعَكْسِ فَهُوَ رُجُوعٌ عَنِ الْأَوَّلِ لِتَعَذُّرِ الشَّرِكَةِ مَعَ الْعِتْقِ قَالَ اللَّخْمِيُّ لَهُ الْوَصِيَّتَانِ إِنْ كَانَتَا فِي مُعَيَّنٍ نَحْوِ سَعْدٍ وَسَعِيدٍ أَوْ إِحْدَاهُمَا غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ نَحْوَ لِسَعِيدٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ عبد عَبِيدِي قَالَهُ أَشْهَبُ قَالَ وَهُوَ يَتَّجِهُ إِذَا كَانَتَا بِكِتَابٍ وَاحِدٍ أَوْ نَسَقٍ وَاحِدٍ مِنْ كَلَامِهِ بَعْدَ كِتَابٍ وَإِنْ ذَكَرَهُمَا فِي يَوْمَيْنِ بِغَيْرِ كِتَابٍ فَفِيهِ نَظَرٌ لِاحْتِمَالِ الْإِخْبَارِ عَمَّا مَضَى وَإِنْ قَدَّمَ النَّكِرَةَ فَهُوَ أَشْكَلُ لِاحْتِمَالِ بَيَانِ الْمُبْهَمِ وَاخْتُلِفَ إِذَا كَانَتَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ نَحْوِ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ ثُمَّ قَالَ عِشْرُونَ أَوْ بِالْعَكْسِ فَفِي الْكِتَابِ

لَهُ عِشْرُونَ تَقَدَّمَتْ أَوْ تَأَخَّرَتْ حَمْلًا لِلثَّانِيَةِ عَلَى تَأْكِيدِ الْبَعْضِ إِنْ تَأَخَّرَ الْقَلِيلُ أَوِ الزِّيَادَة وَإِن تَأَخّر فَلهُ ثَلَاثُونَ لِأَنَّ الْأَصْلَ اعْتِبَارُ الْأَلْفَاظِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الثَّانِيَ تَأْكِيدٌ مَحْضٌ وَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ وَالْأَوَّلُ فِيهِ إِنْشَاءُ الزِّيَادَةِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا كَانَتْ بِكِتَابَيْنِ فَلَهُ الْأَكْثَرُ كَانَتِ الْأُولَى أَوِ الْأَخِيرَةَ أَوْ فِي كِتَابٍ وَقَدَّمَ الْأَكْثَرَ كَانَتَا لَهُ أَو تاخرتا فَهُوَ لَهُ لِأَنَّ اتِّحَادَ الْكِتَابِ يَقْتَضِي اتِّحَادَ الْعَطِيَّة فا اسْتَوَى الْعَدَدَانِ قَالَ مُحَمَّدٌ لَهُ أَحَدُهُمَا قِيَاسًا عَلَى الْإِقْرَارِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ هُمَا لَهُ بِكِتَابٍ أَوْ كِتَابَيْنِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّأْكِيدِ قَالَ واروى إِنْ كَانَتَا بِكِتَابٍ أَوْ كَلَامِ نَسَقٍ فَلَهُ أَحدهمَا كَانَتِ الْأَخِيرَةُ الْأَقَلَّ أَمْ لَا لِأَنَّ الِاتِّحَادَ يَقْتَضِي الْجَمْعَ وَإِنْ لَمْ يَكُونَا نَسَقًا أُعْطِيَ الْأَخِيرَةُ أَكْثَرَهُمَا لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يُوصِي بِالشَّيْءِ ثُمَّ يَسْتَقِلُّهُ وَإِنِ اسْتَوَتَا بِكِتَابٍ فَهُمَا لَهُ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِي إِبْطَالِ عَشَرَةٍ بِعَشَرَةٍ وَإِنْ كَانَتَا فِي كِتَابَيْنِ وَفِي الْوَصِيَّةِ الثَّانِيَةِ زِيَادَاتٌ لِأَقْوَامٍ اجريت هَذِه كَذَلِك أَو تنتقص لِأَقْوَامٍ اقْتَصَرَ عَلَى وَاحِدَةٍ طَرْدًا لِلْمُنَاسَبَةِ وَكَذَلِكَ الْعَبِيدُ وَالدُّورُ وَكُلُّ جِنْسٍ مُتَّحِدٍ يَجْرِي فِيهِ الْخلاف الْمُتَقَدّم فِي الْعين والحران كَالْعَدَدَيْنِ فَإِنِ اسْتَوَيَا فَهُمَا لَهُ عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ وَأَحَدُهُمَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَإِنِ اخْتَلَفَا نَحْوُ الثُّلُثِ وَالسُّدُسِ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ جَرَى فِيهِ الْخِلَافُ فِي الْعَدَدَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ وَاخْتُلِفَ إِذَا كَانَتِ التَّرِكَة عينا أَو ثيانا أَوْ عَبِيدًا أَوْ دِيَارًا فَقَالَ لَهُ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ ثُمَّ قَالَ ثُلُثُ مَالِي فَقِيلَ ثُلُثُ مَا سِوَى الْعَيْنِ وَلَهُ مِنَ الْعَيْنِ الْأَكْثَرُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ إِذَا أَوْصَى بِعَشَرَةٍ ثُمَّ عِشْرِينَ فَإِنْ كَانَ الثُّلُثُ أَكْثَرَ مِنَ الْعَشَرَةِ أَخَذَهُ إِنْ أَجَازَ الْوَرَثَةُ وَقِيلَ لَهُ الْعَشَرَةُ وَثُلُثُ التَّرِكَةِ قَبْلَ إِخْرَاجِ الْعَشَرَةِ إِنْ أَجَازُوا كَمَا لَو كَانَت الوصيات لِرَجُلَيْنِ وَكَذَلِكَ دَارٌ مِنْ دُورِي أَوْ عَبْدٌ مِنْ عَبِيدِي ثُمَّ قَالَ لَهُ ثُلُثُ مَالِي فَإِنْ أَوْصَى بِدَنَانِيرَ ثُمَّ بِدَرَاهِمَ قَالَ مُحَمَّدٌ يَأْخُذُهُمَا لِبَيَانِهِمَا وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ هُمَا لَهُ كَمَا لَوْ كَانَا دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ وَالْقَمْحُ وَالشَّعِيرُ وَالدَّرَاهِمُ وَالسَّبَائِكُ أَجْنَاسٌ لِتَبَايُنِ الصُّورَةِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ جِنْسٌ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَيْهِ فَأَوْصَى بِأَحَدِهِمَا لِزَيْدٍ ثُمَّ بِالْآخَرِ فَعَنْ مَالِكٍ يُعْطَى الْأَكْثَر بِالصرْفِ

قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مُحَمَّدٌ فَإِنْ كَانَتَا دَرَاهِمَ وَسَبَائِكَ فِضَّةً أَوْ قَمْحًا أَوْ شَعِيرًا أَخَذَهَا وَلَو أوصى بِعَبْد لفُلَان ثمَّ قَالَ بعده فَهُوَ رُجُوع وَلَو قَالَ لفُلَان وَبعده لفُلَان فِي كلأم وَأحد كَبيع مِنْ هَذَا بِثُلُثَيْ ثَمَنِهِ وَأُعْطِيَ ذَانِكَ الثُّلُثَانِ فُلَانًا وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِهِ أَعْطَى ثُلُثَ ثَمَنِهِ للْوَرَثَة وَلَو أوصى بِهِ لِفُلَانٍ وَبِعِتْقِهِ فِي كِتَابَيْنِ أَوْ كِتَابٍ فَالْمُعْتَبِرُ الْأَخِيرُ وَقَالَ أَشْهَبُ الْعِتْقُ أَوْلَى تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ لِشَرَفِهِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ مَاتَ عَنْ وَارِثٍ وَاحِدٍ وَأَوْصَى بِثُلُثِهِ لَهُ ثُمَّ قَالَ ثُلُثِي لِفُلَانٍ الْأَجْنَبِيِّ ثُمَّ قَالَ لِفُلَانٍ وَهُوَ الْوَارِثُ فَهُوَ لِلْأَخِيرِ مِنْهُمَا وَيَلْزَمُ عَلَى قَوْلِهِ إِذَا كَانَا أَجْنَبِيَّيْنِ أَنْ يَكُونَ رُجُوعًا عَنِ الْأَوَّلِ وَقَالَ فِيمَنْ قَالَ عَبْدِي مَرْزُوقٌ لِمُحَمَّدٍ وَلِسَعِيدٍ مِثْلُهُ يُعْطَى لِمُحَمَّدٍ وَيُشْتَرَى لسَعِيد مثله وَلَو قَالَ لسَعِيد مِثْلُهُ بِغَيْرِ لَامٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ أَيْ مِثْلُهُ فِي الْوَصِيَّةِ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى وَكَذَلِكَ فِي مِائَةِ دِينَارٍ مُعَيَّنَةٍ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنَةِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِائَةُ دِينَارٍ مُعَيَّنَةٌ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنَةِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِائَةٌ مُطْلَقًا لِعَدَمِ الْحَصْرِ بِالتَّعْيِينِ قَالَ التُّونُسِيُّ إِذَا أَوْصَى بِمِائَةٍ ثُمَّ بِخَمْسِينَ يُحْتَمَلُ الرُّجُوعُ عَنِ الْمِائَةِ وَعَدَمُ الرُّجُوعِ فَيُقَسَّمُ نِصْفُهَا مَعَ الْخَمْسِينَ فَيَكُونُ لَهُ مِائَةٌ وَلَمْ يَقْصِدِ ابْنُ الْقَاسِمِ هَذَا فِي قَوْلِهِ ياخذ الْأَكْثَر وَيلْزم أَنْ يَأْخُذَ مِائَةً وَخَمْسَةً وَعِشْرِينَ إِذَا تَأَخَّرَتِ الْمِائَةُ وَلَمْ يَقُلْهُ بَلْ أَعْطَاهُ الْمِائَةَ لِأَنَّهُ لَاحَظَ أَنَّ الْأَخِيرَةَ إِذَا كَانَتْ أَكْثَرَ فَالْعَادَةُ أَنَّهُمَا زِيَادَةٌ وَأَبْطَلَ الْأُولَى لِأَنَّهَا بَقِيَتْ مَسْكُوتًا عَنْهَا أَوِ الْأَقَلَّ فَهُوَ لَمْ يُصَرِّحْ بِالرُّجُوعِ عَنْهَا وَلَا بِزِيَادَةِ الْخَمْسِينَ عَلَيْهَا فَلَهُ الْمِائَةُ فَقَطْ وَإِنْ أَوْصَى بِدَنَانِيرَ ثُمَّ بِدَرَاهِمَ أَوْ بِعَرَضٍ فَلَهُ الْوَصِيَّتَانِ وَقِيلَ أَكْثَرُهُمَا قِيمَةً وَلَوْ قَالَ عَبْدِي لِفُلَانٍ ثُمَّ قَالَ هُوَ حُرٌّ وَجُهِلَ أَيُّ الْقَوْلَيْنِ أَوَّلُ الْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ نِصْفُهُ حُرًّا وَنِصْفُهُ لِفُلَانٍ وَقِيلَ الْحُرِّيَّةُ أَوْلَى وَإِنْ قَالَ هُوَ لِفُلَانٍ ثُمَّ قَالَ بِيعُوهُ لِفُلَانٍ قِيلَ رُجُوعٌ وَقِيلَ يُبَاعُ مِنْ فُلَانٍ بِنِصْفِ ثُلُثِ ثَمَنِهِ وَقِيلَ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَرْبَعَةِ أَجْزَاءِ لِلْمُوصَى لَهُ ثَلَاثَةٌ كَمَا لَوْ

(فرع)

وصّى بِمَالِه لفُلَان وَثلثه لفُلَان قَالَ ابْن يُونُس قَوْله فِي كتاب أَوْصَى بِثَلَاثِينَ دِينَارًا ثُمَّ أَوْصَى لَهُ بِالثُّلُثِ يضْرب بِالْأَكْثَرِ قَالَ سَحْنُونٌ مَعْنَاهُ التَّرِكَةُ كُلُّهَا عَيْنٌ فَلَوْ كَانَتْ عَيْنًا وَعَرَضًا ضَرَبَ بِثُلْثِ الْعَرَضِ وَبِالْأَكْثَرِ مِنْ ثُلُثِ الْعَيْنِ أَوِ التَّسْمِيَةِ وَإِنْ كَانَتْ كُلُّهَا عَرَضًا ضَرَبَ بِالثُّلُثِ وَالتَّسْمِيَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَصَايَا فَإِنَّمَا لَهُ الثُّلُثُ إِلَّا أَنْ يُجِيزُوا فَلَهُ الْوَصِيَّتَانِ وَإِنْ أَوْصَى بِعَشَرَةِ شِيَاهٍ ثُمَّ بِعِشْرِينَ فَلَهُ الْأَكْثَرُ كَالدَّنَانِيرِ فَإِنْ كَانَتِ الْغَنَمُ مِائَةً فَلَهُ خُمْسُهَا بِالسَّهْمِ كَانَ أَقَلَّ مِنِ الْعِشْرِينَ أَوْ أَكْثَرَ وَكَذَلِكَ العبيد وَإِذَا قَالَ ثُلُثِي لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ وَفُلَانٍ ثُمَّ قَالَ وَأَعْطُوا فُلَانًا مِائَةَ دِينَارٍ لِأَحَدِ الثَّلَاثَةِ ضَرَبَ بِأَكْثَرِ الْوَصِيَّتَيْنِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ وَإِنَّمَا يَصِحُّ ذَلِكَ إِذَا كَانَ مَالُهُ كُلُّهُ عينا أما الْعين وَالْعرض فَلهُ تسع الْعرض وَالْأَكْثَرُ مِنْ تُسُعِ الْعَيْنِ أَوِ التَّسْمِيَةِ وَإِنْ أوصى بمائه مبدأة وبوصاياثم لِصَاحِبِ الْمِائَةِ بِأَلْفٍ قَالَ مَالِكٌ يُحَاصُّ بِالْأَلْفِ إِنْ وَقَعَ لَهُ أَكْثَرُ مِنِ الْمِائَةِ وَأَخَذَهُ فَقَط أَو ياخذ الْمِائَة المبداه وَيُحَاصُّ بِالْأَلْفِ فِي بَقِيَّةِ الثُّلُثِ وَإِنْ قَالَ ثُلُثِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ يَوْمَيْنِ يُقَسَّمُ ثُلُثِي أَثْلَاثًا ثُلُثٌ لِلْمَسَاكِينِ وَثُلُثٌ فِي الرِّقَابِ وَثُلُثٌ يُحَجُّ بِهِ عَنِّي قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ نِصْفُ ثُلُثِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَنِصْفُهُ أَثْلَاثٌ عَلَى مَا نَصَّ وَإِذَا قَالَ غَلَّةُ عَبْدِي لِفُلَانٍ ثُمَّ قَالَ خِدْمَتُهُ لِفُلَانٍ قَالَ أَشْهَبُ لَيْسَ بِرُجُوعٍ بَلْ يَسْتَخْدِمَانِهِ أَوْ يَسْتَغِلَّانِهِ بِالسَّوَاءِ فَإِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ وَإِلَّا خُيِّرَ الْوَرَثَةُ بَيْنَ الْإِجَازَةِ أَوْ إِسْلَامِ ثُلُثِ الْمَيِّتِ وَإِن قَالَ يخْدم فلَانا سِنِين ثُمَّ هُوَ حُرٌّ ثُمَّ قَالَ يَخْدِمُ فُلَانًا سنتَيْن يحاصا فِي سَنَةٍ أَثْلَاثًا (فَرْعٌ) فِي الْجَلَّابِ أَوْصَى بمائه وَلآخر بِخَمْسِينَ وَلآخر بِمثل أحدى الوصيتين

(فرع)

رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ نِصْفُ الْأُولَى وَنِصْفُ الْآخِرَةِ لِعَدَمِ الِاخْتِصَاصِ وَرُوِيَ مِثْلُ الْآخِرَةِ تَرْجِيحًا لِلْقُرْبِ وَقَالَ أَشْهَبُ مِثْلُ أَقَلِّهِمَا لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ (فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى قَالَ ابْنُ وَهْبٍ لِفُلَانٍ وَلِفُلَانٍ عَشَرَةٌ وَلَا يَنْقُصُ صَاحِبُ الثُّلُثِ شَيْئًا فَلَهُ الثُّلُثُ لِتَعَذُّرِ مَا عَدَاهُ وَكَذَلِكَ لِفُلَانٍ عَشَرَةٌ وَلِفُلَانٍ ثُلُثِي وَلَا يَنْقُصُ صَاحِبُ الْعَشَرَةِ شَيْئًا وَالثُّلُثُ عَشَرَةٌ يَأْخُذُهَا صَاحِبُ الْعَشَرَةِ فَقَطْ وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ التَّقْدِيمُ فِي اللَّفْظِ وَالتَّأْخِيرُ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ أَصْبَغُ لِفُلَانٍ عَبْدِي سَعِيدٌ أَو بدر يَتَخَيَّرُ الْوَرَثَةُ فِي أَيِّهِمَا يُعْطَى كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ دِينَارٌ أَوْ دَابَّةٌ لِأَنَّ أَوْ لِلتَّخْيِيرِ (فَرْعٌ) قَالَ تَرَكَ أَخَاهُ وَجَدَّهُ وَعَمَّهُ وَأوصى بِثُلثِهِ لأقاربه وَالْأَقْرَب فَالْأَقْرَبِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُبْدَأُ بِأَخِيهِ فَيُعْطَى اكثر من الْجد لِأَنَّهُ يُدْلِي بالنبوه وَهِيَ أَقْرَبُ مِنَ الْأُبُوَّةِ ثُمَّ يُعْطَى الْجَدُّ أَكْثَرَ مِنَ الْعَمِّ لِأَنَّهُ يُدْلِي بِالْجَدِّ فَيُقَدَّمُ الْجَدُّ عَلَيْهِ وَلَا يُخَصَّصُ الْأَخُ بِالدَّفْعِ لِقَوْلِهِ لِأَقَارِبِي فَهَذَا طَرِيقُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْعِبَارَةِ الْأُولَى وَالْأَخِيرَةِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ أَوْصَى لَهُ بِمِثْلِ نصيب بنيه وَهُمْ ثَلَاثَةٌ فَلَهُ الثُّلُثُ لِأَنَّهُ الْمِثْلُ أَوْ مِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِ وَرَثَتِي وَهُمْ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ قسم على عدد رؤوسهم وَلَهُ مِثْلُ أَحَدِهِمْ إِذْ لَيْسَ الذَّكَرُ أَوْلَى مِنَ الْأُنْثَى قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ ابْنُ أَبِي أنيس إِن كَانُوا

ثَلَاثَةً لِأَنَّهُ جَعَلَهُ وُلَدًا مِنْ أَوْلَادِهِ فَيَكُونُوا أَرْبَعَةً وَلَوْ قَالَ أَنْزِلُوهُ مَنْزِلَةَ أَحَدِ وَلَدِي أَوِ اجْعَلُوهُ كَأَحَدِهِمْ فَالرُّبُعُ اتِّفَاقًا وَكَذَلِكَ إِنْ قَالَ لَهُ نَصِيبُ أَحَدِ وَلَدِي وَلَمْ يَقُلْ مثله وَقَالَ عبد الْملك إِذا كَانُوا ذُكُورا إِنَاثًا لَهُ نِصْفُ نَصِيبِ ذَكَرٍ وَنِصْفُ نَصِيبِ أُنْثَى كَالْخُنْثَى وَعَلَى قَوْلِهِ إِذَا أَوْصَى بِنَصِيبِ أَحَدِ وَرَثَتِهِ وَهُمْ عَشَرَةُ بَنِينَ وَزَوْجَاتٌ وَأَبَوَانِ يُعْطَى رُبُعَ نَصِيبِ ذَكَرٍ وَرُبُعَ نَصِيبِ أُنْثَى وَرُبُعَ نَصِيبِ زَوْجَةٍ وَرُبُعَ نَصِيبِ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ وَارِثٌ مَعَ وَلَدِي أَوْ مَعَ عدد وَلَدي وألحقوه بِوَلَدِي أَوْ بِمِيرَاثِي أَوْ وَرِّثُوهُ فِي مَالِي أَوْ يَقُولُ فِي ابْنٍ مَاتَ أَبُوهُ وَرِّثُوهُ مَكَانَ أَبِيهِ هُوَ فِي هَذَا كُلِّهِ رَابِعٌ إِن كَانُوا ثَلَاثَة وَلَو كَانَ لَهُ ثَلَاثَةُ ذُكُورٍ وَثَلَاثُ إِنَاثٍ فَهُوَ رَابِعُ الذُّكُورِ وَلَوْ كَانَتِ الْوَصِيَّةُ لِأُنْثَى فَهِيَ رَابِعَةُ الْإِنَاثِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ مَالِكٌ إِذَا أَوْصَى بِنَصِيبِ أَحَدِ أَوْلَادِهِ فَمَاتَ بَعْضُهُمْ اعْتُبِرَ مِثْلُ نَصِيبِ أَحَدِهِمْ يَوْمَ يَمُوتُ أَحَدُهُمْ لِأَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ وَجَعَلَ نَصِيبَ الْوَلَدِ تَقْدِيرًا لَهُ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ فَيُعْتَبَرُ يَوْمُ الْمَوْتِ لَا يَوْمُ الْوَصِيَّةِ لِأَنَّ الْوَصَايَا إِنَّمَا تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْمَوْتِ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ إِنْ عَلِمَ الْمُوصِي التَّعْبِيرَ وَإِلَّا فَيَوْمُ الْوَصِيَّةِ قَالَ شَارِحُ الْجَلَّابِ سَوَاءٌ يَمُوتُ بَعضهم أَو يتوالد بعض يعْتَبر نَصِيبُ أَحَدِهِمْ يَوْمَ يَمُوتُ الْمُوصِي وَإِنْ لَمْ يبْق إِلَّا وَاحِد رَجَعَ الثُّلُث وَإِن لَمْ يُجِزِ الْوَرَثَةُ فَإِنْ أَوْصَى بِذَلِكَ وَمَاتَ وَلَمْ يُولَدْ لَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا شَيْءَ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى إِذَا أَوْصَى بِسَهْمٍ أَوْ نَصِيبٍ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ قَالَ مُحَمَّدٌ هُوَ سَهْمٌ مِمَّا انْقَسَمَتْ عَلَيْهِ الْفَرِيضَةُ مِنْ عَدَدِ السِّهَامِ قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الحكم الثّمن لانه يعقل الْفَرَائِضَ وَقِيلَ سَهْمٌ مِنْ سِهَامِ الْفَرِيضَةِ إِنْ كَانَتْ تَنْقَسِمُ مِنْ سِتَّةٍ فَأَقَلَّ مَا لَمْ يتَجَاوَز الثُّلُث فَيرد إِلَى الثُّلُث وَإِذا لَمْ يُجِزِ الْوَرَثَةُ وَلَا يَنْقُصُ مِنَ السُّدُسِ وَاخْتَارَهُ مُحَمَّدٌ وَعَلَيْهِ جَمَاعَةُ الْأَصْحَابِ وَعِنْدَ ابْنِ عبد الحكم يُسهم مِمَّا يقسم على الْفَرِيضَةِ قَلَّتِ السِّهَامُ أَوْ كَثُرَتْ وَقَالَ ش مَا

يَخْتَارُهُ الْوَرَثَةُ وَقَالَ ح أَقَلُّ سِهَامِ الْوَرَثَةِ إِلَّا أَنْ يَزِيدَ عَلَى السُّدُسِ فَيُعْطَاهُ وَإِذَا قُلْنَا يُسْهِمُ مِمَّا تَنْقَسِمُ عَلَيْهِ الْفَرِيضَةُ وَكَانَ أَصْلُهَا سِتَّةً وَتَعُولُ إِلَى عَشَرَةٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَهُ سَهْمٌ مِنْ عَشَرَةٍ لِأَنَّهُ أَقَلُّ سِهَامِ الْفَرِيضَةِ قَالَ الطُّرْطُوشِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ يُعْطَى شَيْئًا يَقَعُ عَلَيْهِ سَهْمٌ أَوْ حَظٌّ أَوْ نَصِيبٌ إِذَا أَوْصَى لَهُ بِأَحَدِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ وَقَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ إِلَّا فِي نَحْوِ الدِّرْهَمِ بَلْ عَلَى حَسَبِ قِلَّةِ التَّرِكَةِ وَكَثْرَتِهَا وَقَالَ ش مَا يَقَعُ عَلَيْهِ ذَلِكَ الِاسْمُ وَإِنْ قَلَّ وَقَالَهُ ح نَصِيبُ أَحَدِ الْوَرَثَةِ مَا لَمْ يَنْقُصْ مِنَ السُّدُسِ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ أَنَّ السَّهْمَ مَجْهُولٌ يَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ أَوْ هُوَ مُقَدَّرٌ بِمَا تَقَدَّمَ فِي حِكَايَةِ الْمَذَاهِبِ وَالْأَوَّلُ الصَّحِيحُ لِأَنَّهُ يُقَالُ سَهْمٌ مِنِ اثْنَيْنِ وَمِنْ عَشَرَةٍ وَمِنْ أَلْفٍ وَلَيْسَ تَحْدِيدُهُ بِمِقْدَارٍ أَوْلَى مِنْ خِلَافِهِ وَالْأَصْلُ أَن لَا يُخْرَجَ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ إِلَّا مَا يُتَيَقَّنُ احْتَجَّ ح بِأَنَّ رَجُلًا جَعَلَ لِرَجُلٍ سَهْمًا من مَاله على عَهده - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَجَعَلَ لَهُ السُّدُسَ وَجَوَابُهُ مَنْعُ الصِّحَّةِ فَلَوْ قَالَ أَعْطُوهُ ضِعْفَ نَصِيبِ ابْنِي قَالَ أَصْحَابُنَا يعْطى مثل نصيب الأبن وَقَالَ ح وش يُعْطَى مِثْلَهُ مَرَّتَيْنِ إِنْ كَانَ نَصِيبُ الِابْنِ مِائَةً أُعْطِي مِائَتَيْنِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ مِنَّا لَنَا قَوْلُ الْخَلِيلِ ضِعْفُ الشَّيْءِ مِثْلُهُ وَضِعْفَاهُ مِثْلَاهُ وَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضعفبن} أَيْ تُعَذَّبْ ثَلَاثَةَ أَمْثَالِ عَذَابِ غَيْرِهَا وَقِيلَ مِثْلَيْنِ وَلِأَنَّهُ لَوْ أَوْصَى بِضِعْفَيْ نَصِيبِ ابْنِهِ فَعِنْدَنَا يُعْطَى مِثْلَيْهِ وَعِنْدَهُمْ ثَلَاثَةَ أَمْثَالِهِ مَعَ أَنَّهُ لَفْظُ نَفْسِهِ فَيَلْزَمُهُمْ مُخَالَفَةُ ظَاهِرِ اللَّفْظِ احْتَجُّوا بِأَنَّ أَصْلَ الْكَلِمَةِ التَّضْعِيفُ وَالزِّيَادَةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَأُولَئِك لَهُم جَزَاء الضعْف} وَالضِّعْفُ أَكْثَرُ مِنَ الْوَاحِدِ وَتَقُولُ الْعَرَبُ أَضْعَفْتُ الثَّوْبَ إِذَا طَوَيْتَهُ

(فرع)

طَاقَتَيْنِ وَالْوَرْدُ الْمُضَاعَفُ وَالنَّرْجِسُ أَيْ كُلَّ وَرَقَةٍ وَرَقَتَيْنِ وَأَضْعَفَ الْعَطَاءَ أَيْ مِثْلَهُ مَرَّتَيْنِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ التَّرَادُفِ بَيْنَ الْمِثْلِ وَالضِّعْفِ وَالْجَوَابُ أَنَّ مُقْتَضَى هَذِهِ النُّقُولِ أَنْ يَكُونَ الضِّعْفُ مُشْتَرِكًا بَيْنَ الْمِثْلِ وَالْمِثْلَيْنِ لِأَنَّهُ اسْمٌ يَقْتَضِي الْإِضَافَةَ لَا يُقَالُ ضِعْفٌ إِلَّا مَعَ غَيْرِهِ نَحْوَ لَفْظِ ثَانِي يَقْتَضِي أَوَّلًا وَمِثْلٌ يَقْتَضِي مِثْلًا آخَرَ وَزَوْجٌ يَقْتَضِي فَرْدًا آخَرَ مَعَهُ ثُمَّ إِذَا ازْدَوَجَ اثْنَانِ قِيلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا زَوْجٌ وَلَهُمَا جَمِيعًا زَوْجٌ وَزَوْجَانِ أَيْضًا فَبَطَلَ قَوْلُهُمْ أَوْ نَقُولُ مُقْتَضَى نَقْلِنَا وَنَقْلِكُمْ أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ مُشْتَرِكًا وَالْأَصْلُ عِصْمَةُ الْمَالِ إِلَّا فِي الْمُتَيَقَّنِ (فَرْعٌ) فِي الْبَيَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ ثُلُثُ مَالِي حُرٌّ وَغُلَامِي فُلَانٌ حُرٌّ بُدِئَ بِالْغُلَامِ مِنَ الثُّلُثِ لِتَعَيُّنِهِ فَإِنْ فَضَلَ فَضْلٌ اشْتُرِيَ بِهِ رَقِيقٌ فَأُعْتِقَ وَإِنْ كَانَ لَهُ رَقِيقٌ عَتَقَ ثُلُثُهُمْ بِالْقُرْعَةِ لِوَصْفِهِ ثُلُثَ مَالِهِ بِالْحُرِّيَّةِ (فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ أَوْصَى لِفُلَانٍ وَلِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِين بِثُلثِهِ اعطي فلَان حَاجته بالإجتهاد وَقَالَ ح لَهُ الثُّلُثُ وَلِلْفُقَرَاءِ الثُّلُثُ وَلِلْمَسَاكِينِ الثُّلُثُ لِأَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي الشَّرِكَةَ وَالشَّرِكَةَ تَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْعَطْفَ إِنَّمَا يَقْتَضِي الشَّرِكَةَ فِي أَصْلِ الْحُكْمِ وَهُوَ كَوْنُهُ مُوصًى لَهُ وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ وَعَلَى الْمَذْهَبِ لَوْ مَاتَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ لَا شَيْءَ لِوَرَثَتِهِ كَمَوْتِ أَحَدِ الْمَسَاكِينِ وَقَالَهُ مُحَمَّدٌ وَإِنْ قَالَ لِقَرَابَتِي وَلِلْمَسَاكِينِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ نِصْفَانِ كَمَا لَوْ أَوْصَى لِشَخْصَيْنِ مُعَيَّنَيْنِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي عَدَمِ التَّعْيِينِ كَاسْتِوَاءِ الشَّخْصَيْنِ فِي التَّعْيِينِ وَهُوَ الْفَرْقُ بَينه وَبَين الأولى ويحاص فُقَرَاء

قَرَابَتِهِ لِقَرِينَةِ اقْتِرَانِهِمْ بِالْمَسَاكِينِ وَعَنْ مَالِكٍ ثُلُثِي لِلْيَتَامَى والفقراء والسبيل يقسم بِالِاجْتِهَادِ بَين إخوتي وَبَين بني أَخِي وَبَيْنَ وَلَدِ فُلَانٍ يُقَسَّمُ أَثْلَاثًا عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ وَالْعَدَدِ بِخِلَافِ لَوْ قَالَ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو وَأَحَدُهُمَا فَقِيرٌ فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ الْقسم الثَّانِي فِي الاحكام الحسابية قَالَ اللَّخْمِيّ إِذا أَوْصَى بِجَمِيعِ مَالِهِ وَلِآخَرَ بِثُلُثِ مَالِهِ وَلَمْ يجز الْوَرَثَةُ فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمَا أَرْبَاعٌ لِأَنَّهُ نِسْبَةُ الثُّلُثِ إِلَى جملَة المَال وَإِن اجازوا تحاصوا كَذَلِك فِي المَال أَو بِنصْف مَاله وَلآخر ثُلثي مَالِهِ فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمَا أَسْبَاعٌ أَوِ الْمَالُ فَيُجْعَلُ النِّصْفُ ثَلَاثَةً فَيَكُونُ الثُّلُثَانِ أَرْبَعَةً أَوْ نَقُولُ أَقَلُّ عَدَدٍ لَهُ نِصْفٌ وَثُلْثَانِ سِتَّةٌ فَيُجْعَلُ الثُّلُثُ سِتَّةً وَجُمْلَةُ الْمَالِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَوْ نقُول مخرجه النِّصْفَ مِنِ اثْنَيْنِ وَالثُّلُثَيْنِ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَهُمَا متباينان فَيضْرب ثَلَاثَة فِي اثْنَيْنِ تكون سته وَهُوَ جُمْلَةُ الثُّلُثِ فَيَكُونُ الْمَالُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَالْوَصَايَا وَإِنْ سُمِّيَتْ مِنَ الْمَالِ فَالْحَجْرُ الشَّرْعِيُّ يَرُدُّهَا لِلثُّلُثِ فَكَأَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِنِصْفِ الثُّلُثِ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَبِثُلُثَيْهِ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ فَذَلِكَ سَبْعَةٌ وَيَنْتَقِلُ جُمْلَةُ الْمَالِ إِلَى أَحَدٍ وَعِشْرِينَ لِأَنَّهُ الْمُتَحَصِّلُ مِنْ ضَرْبِ ثَلَاثَةٍ فِي سَبْعَةٍ وَلَوْ أَوْصَى بِالسُّدُسِ وَالرُّبُعِ فَخَرَجَ الرُّبُعُ أَرْبَعَةً وَالسُّدُسُ سِتَّةً فَكَأَنَّهُ أَوْصَى لَهُمَا بِالْمَخْرَجَيْنِ فَيَكُونُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى عَشَرَةٍ لِصَاحِبِ الرُّبُعِ سِتَّةٌ وَلِصَاحِبِ السُّدُسِ مَخْرَجُهُ لِأَنَّهُ قَدْ صَرَّحَ أَنَّ صَاحِبَ الرُّبُعِ يَفْضُلُ صَاحِبَ السُّدُسِ بِمِثْلِ نِصْفِ السُّدُسِ وَهُوَ مَا ذَكَرْنَاهُ وَكَذَلِكَ النِّصْفُ وَالثُّلُثُ مَخْرَجُ النِّصْفِ اثْنَانِ وَمَخْرَجُ الثُّلُثِ ثَلَاثَةٌ فَكَأَنَّمَا أَوْصَى لَهُمَا بِالْمَخْرَجَيْنِ لَكِنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَخْرَجُ صَاحِبِهِ لِأَنَّ النِّصْفَ أَكْثَرُ مِنَ الثُّلُثِ بِمِثْلِ نِصْفِ الثُّلُثِ وَهُوَ زِيَادَةُ مَخْرِجِ الثُّلُثِ عَلَى مَخْرَجِ النِّصْفِ فَيَكُونُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا خَمْسَةً وَجُمْلَةُ الْمَالِ

خَمْسَةَ عَشَرَ وَلَوْ أَوْصَى بِالنِّصْفِ وَالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ لِلنِّصْفُ سِتَّةٌ وَالثُّلُثِ اربعة وَالرّبع ثَلَاثَةٌ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَعْدَادَ تُثْبِتُ هَذِهِ الْوَصَايَا وَهَذَا الْبَابُ كَثِيرُ الْفُرُوعِ فَقِسْ غَيْرَ هَذِهِ عَلَيْهَا وَاخْتُلِفَ إِذَا أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ وَلِآخَرَ بِعَبْدٍ قِيمَتُهُ الثُّلُثُ وَأَجَازَ الْوَرَثَةُ قِيلَ يَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ ثُلُثَا الثُّلُثِ وَلِصَاحِبِ الْعَبْدِ ثُلُثَا الْعَبْدِ وَثُلُثُ الْعَبْدِ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ لِأَنَّهُ وَصَّى بِثُلُثِهِ مَرَّتَيْنِ وَقِيلَ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ جَمِيعُ الثُّلُثِ وَلِلْآخَرِ جَمِيعُ الْعَبْدِ لِصِحَّةِ إِنْفَاذِ الْوَصِيَّتَيْنِ وَإِنْ لَمْ يُجِيزُوا فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ لِاسْتِوَائِهِمَا وَقِيلَ يُبْدَأُ بِصَاحِبِ الثُّلُثِ وَلَا شَيْءَ لِلْآخَرِ لِأَنَّ الْمَيِّتَ إِنَّمَا أَوْصَى لَهُ مِنْ ثُلُثَيِ الْوَرَثَةِ وَإِنْ قَالَ لِفُلَانٍ هَذَا وَقِيمَتُهُ ثُلُثُ مَالِهِ وَلِفُلَانٌ خِدْمَةُ هَذَا الْآخَرِ وَأَجَازَ الْوَرَثَةُ لصَاحب الْخدمَة فَلهُ إِن يَخْدمه وَيقوم الْوَرَثَةُ مَقَامَهُ فِي الْمُحَاصَّةِ فَمَا نَابَهُ أَخَذُوهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ فِيمَنْ أَوْصَى بِخِدْمَةِ عَبْدٍ وَلِآخَرَ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَلَا مَالَ لَهُ سِوَى الْعَبْدِ وَأَجَازَ الْوَرَثَةُ لِلْمُخْدَمِ الْخِدْمَةَ فَإِنَّهُ يُبَاعُ ثُلُثُ الْعَبْدِ مُحَاصًّا فِيهِ هَذَا بِالْعَشَرَةِ وَالْآخَرُ بِقِيمَةِ الْخِدْمَةِ فَمَا صَارَ لِلْمُخْدَمِ أَخَذُهُ ثُمَّ يَخْتَدِمُ ثُلُثَيِ الْعَبْدِ حَتَّى يَمُوتَ فَيَرْجِعُ الْعَبْدُ لِلْوَرَثَةِ إِنْ صَارَ لَهُ فِي الْمُحَاصَّةِ ثُلُثَ الْخِدْمَةِ فَأَقَلُّ وَإِنْ صَارَ لَهُ أَكْثَرُ سُلِّمَ الْفَاضِلُ لِلْوَرَثَةِ وَلَا يُزَادُ عَلَى وَصِيَّتِهِ وَهُوَ كَرَجُلٍ وَصَّى لِرَجُلَيْنِ بِثُلُثِ مَالِهِ وَلِآخَرَ بِنِصْفِ مَالِهِ فَأَجَازَ الْوَرَثَةُ لِلْمُوصَى لَهُ بِالنِّصْفِ فَإِنَّهُ يُحَاصُّ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ بِجَمِيعِ النِّصْفِ وَيُعْطِيهِ الْوَرَثَةُ تَمام النّصْف

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِمَالِهِ وَلآخَرَ بِثُلثِهِ وِلآخَرَ بِعِشْرِينَ دِينَارًا وَالتَّرِكَةُ سِتُّونَ فِلِصَاحِبِ الْمَالِ سِتَّةُ أَجْزَاءٍ وَلِلنَّصْفِ ثَلَاثَةٌ وَلِلثُّلُثِ اثْنَانِ وَالْعِشْرُونَ اثْنَانِ لِأَنَّ الثُّلُثَ عِشْرُونَ فَذَلِكَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ يُقَسَّمُ عَلَيْهَا الثُّلُثُ وَكَذَلِكَ لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ وَلآخر بسدسه وَلآخر بربعه يَتَحَاصُّونَ فِي الثُّلُثِ مِنْ عَيْنٍ وَدَيْنٍ وَغَيْرِهِمَا عَلَى حِسَابِ عَوْلِ الْفَرَائِضِ سَوَاءٌ وَإِنْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ وَلِآخَرَ بِعَبْدِهِ وَقِيمَتُهُ الثُّلُثُ فَهَلَكَ الْعَبْدُ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ قِيلَ النَّظَرُ فِي الثُّلُثِ فللموصى لَهُ بِالثُّلثِ مَا بَقِيَ لِأَنَّهُ لَمْ يُوقَفْ إِلَّا لَهُ وَإِنْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ وَرُبُعِهِ وَشَيْءٍ بِعَيْنِهِ ضُرِبَ فِي الثُّلُثِ بِالتَّسْمِيَاتِ وَقِيمَةِ الْمُعَيَّنِ فَمَا صَارَ لِصَاحِبِ الْمُعَيَّنِ حِصَّتُهُ فِي ذَلِكَ الْمُعَيَّنِ وَمَا صَار للاخوين شَارك بِهِ الْوَرْثَةُ فَإِنْ هَلَكَ الْمُعَيَّنُ بِطَلَتِ الْوَصِيَّةُ فِيهِ وَالْبَاقِي بَيْنَ أَصْحَابِ الْوَصَايَا الْأُخَرِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ إِنْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ وَبِنِصْفِهِ فَأَجَازُوا لِصَاحِبِ النِّصْفِ وَحْدَهُ أَخْذَ النِّصْفِ وَالْآخَرِ خُمُسَ الثُّلُثِ الَّذِي كَانَ يَحْصُلُ لَهُ لَو لم يجيزوا لِصَاحِبِ الثُّلُثِ وَحْدَهُ أَخَذَهُ وَأَخَذَ الْآخَرُ ثَلَاثَةَ أَخْمَاسِ الثُّلُثِ وَقَالَ أَشْهَبُ يَتَحَاصَّانِ فَمَا صَارَ للمجاز لَهُ اتموا لَهُ من مواريثهم لِأَنَّهَا لَا تسْتَحقّ الثُّلُثَ قَبْلَ الْإِجَازَةِ وَإِنْ أَجَازَ بَعْضُهُمْ دُونَ بَعْضٍ عُمِلَ مَخْرَجُهَا بِغَيْرِ إِجَازَةٍ فَمَا حَصَلَ لِمَنْ لَمْ يُجِزْ لَهُ أَخَذَهُ وَمَخْرَجُهَا مَعَ الْإِجَازَةِ فَمَا وَقَعَ لِلْمُجَازِ أَخَذَهُ وَالْفَاضِلَ عَنْ حِصَّتِهِ لَوْ لَمْ يُجِزْ لِلْمُوصَى لَهُ وَبِمَذْهَبِنَا فِي التراجم فِي الثُّلُثِ عِنْدَ عَدَمِ الْإِجَازَةِ قَالَ ش وَقَالَ ح إِذَا أَوْصَى بِالنِّصْفِ وَالثُّلُثِ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَتَسْقُطُ الزَّوَائِدُ عَلَى الثُّلُثِ وَكَأَنَّهُ أَوْصَى لِكُلِّ وَاحِدٍ بِالثُّلُثِ وَنَقَصَ أَصْلُهُ فَيُقَسَّمُ عَلَى التَّفَاوُتِ إِذَا أَجَازَ الْوَرَثَةُ وَإِذَا أَوْصَى بِالثُّلُثِ وَبِالرُّبُعِ أَوْ بِالسُّدُسِ لَنَا قَوْله تَعَالَى {فَمن بدله بعد مَا سَمعه فَإِنَّمَا إثمه على الَّذين يبدلونه} والمخالف بَدَّلَ لِأَنَّ الْمَيِّتَ فَاوَتَ وَهُوَ سَوَاءٌ

بل نقُول إِذا أوصى بِمَالِه وَقد أَوْصَى بِجَمِيعِ ثُلُثِهِ وَإِذَا أَوْصَى بِنِصْفِ مَالِهِ فَقَدْ أَوْصَى بِنِصْفِ ثُلُثِهِ وَإِذَا أَوْصَى بِرُبُعِ مَالِهِ فَقَدْ أَوْصَى بِرُبُعِ ثُلُثِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَسَّمُوا عَلَى هَذِهِ النِّسْبَةِ أَوْ نَقُولُ مَا قُسِّمَ عَلَى التَّفَاضُلِ عِنْدَ السِّعَةِ قُسِّمَ عَلَى التَّفَاضُلِ عِنْدَ الضِّيقِ قِيَاسًا عَلَى الْمَوَارِيثِ لِأَنَّهَا وَصِيَّة لقَوْله تَعَالَى {يُوصِيكُم الله فِي أَوْلَادكُم} فَكَمَا عمل فِي الْعَوْل يعْمل هَاهُنَا احْتَجُّوا بِأُمُورٍ أَحَدُهَا قَلْبُ الْقِيَاسِ الْمُتَقَدِّمِ فَقَالُوا وَصِيَّة لَا يزاحم فِيهَا باكثرها وَهُوَ الثُّلُثَانِ وَهُوَ الثُّلُثُ كَالْمِيرَاثِ لَا يُزَاحَمُ فِيهِ بِأَكْثَرِهِ وَهُوَ الثُّلُثَانِ وَثَانِيهَا الزَّوَائِدُ لَا تُسْتَحَقُّ بِالْوَصِيَّةِ فَلَا يُضْرَبُ بِهِ كَمَالُ الْفَقِيرِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الشَّرْعَ مَا سَمَّى أَكْثَرَ مِنَ الثُّلثَيْنِ وَهَاهُنَا سَمَّى أَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ وَلَا يُتَصَوَّرُ هُنَاكَ الْخمس والسبع وَنَحْوهمَا بِخِلَاف هَاهُنَا فَدلَّ على اتساعه وَالْجَوَاب عَن الثَّانِي أَنَّ مَالَ الْغَيْرِ غَيْرُ قَابِلٍ بِخِلَافِ مَاله الْقِسْمُ الثَّالِثُ فِي الْأَحْكَامِ الْمَعْنَوِيَّةِ فَفِي الْكِتَابِ أَوْصَى بِشِرَاءِ عَبْدٍ فَيُعْتَقُ لَمْ يَكُنْ بِالشِّرَاءِ حرا حَتَّى يعْتق لِأَنَّهُ لَو قبل فِيهِ الْقِيمَةَ وَجَمِيعُ أَحْوَالِهِ أَحْوَالُ الْعَبِيدِ فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَقَبْلِ الْعِتْقِ عَلَيْهِمْ شِرَاءُ رَقَبَةٍ أُخْرَى مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَبْلَغِ الثُّلُثِ لِعَدَمِ تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ وَلَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدٍ يُشْتَرَى وَلَمْ يُسَمِّ ثَمَنًا أُخْرِجَ بِقَدْرِ قِلَّةِ الْمَالِ وَكَثْرَتِهِ وَكَذَلِكَ إِنْ قَالَ عَنْ ظِهَارِي لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْإِنْسَانِ بِقَدْرِ مَالِهِ وَإِنْ سَمَّى ثَمَنًا لَا يَسَعُهُ الثُّلُثُ اشْتُرِيَ الثُّلُثُ فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ رَقَبَةً شُورِكَ بِهِ فِي رَقَبَةٍ فَإِنْ لَمْ يَبْلَغْ أُعِينَ بِهِ مُكَاتَبٌ فِي آخِرِ نُجُومِهِ وَإِنْ سَمَّى ثَمَنًا قُدِّرَ الثُّلُثُ فَاشْتُرِيَ وَأُعْتِقَ عَنْهُ ثُمَّ لَحِقَ الْمَيِّتَ دَيْنٌ يَغْتَرِقُ الْمَالَ رَجَعَ الْعَبْدُ رَقِيقًا لِظُهُورِ بُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ أَوْ يَغْتَرِقُ بَعْضَ الْمَالِ عَتَقَ مِنْهُ مَا بَقِيَ بَعْدَ الدَّيْنِ وَلَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ بِالدَّيْنِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا مَاتَ قَبْلَ الْعِتْقِ وَبَعْدَ الشِّرَاءِ قَالَ مُحَمَّدٌ يَشْتَرِي الْوَرَثَةُ مِنْ ثُلُثِ مَا بَقِيَ

أَبَدًا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ مُحَمَّدٌ مَا لَمْ يَمُتْ بَعْدَ قِسْمَةِ الْمِيرَاثِ فَيُشْتَرَى مَا بَقِيَ مِنَ الثُّلُثِ الْأَوَّلِ شَيْءٌ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ مَوْتُهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَقَبْلَهَا سَوَاءٌ وَيَشْتَرُونَ مَا بَقِيَ مِنَ الثُّلُثِ الْأَوَّلِ شَيْءٌ وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ لَوْ أَخْرَجَ الثَّمَنَ فَسَقَطَ اشْتَرَوْا مِنْ ثُلُثِ مَا بَقِيَ مَا لَمْ يُتْلَفْ بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَمِنْ بَقِيَّةِ الثُّلُثِ كَمَوْتِ الْعَبْدِ سَوَاء وَلَو هلك الثَّانِي بعد الْقسم لعتقوا أبدا من ثلثه مَا بَقِيَ أَبَدًا مَا لَمْ يَنْفُذِ الْعِتْقُ أَوْ يُقَسَّمِ الْمَالُ فَإِنْ قُسِّمَ وَقَدْ أَخْرَجَ ثَمَنَهُ فَذَهَبَ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْوَرَثَةِ لِحُصُولِ الْمُفَاصَلَةِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمَيِّتِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ وَصَايَا نَفَذَتْ فَلْيُؤْخَذْ مِمَّا أَخَذُوا ثَمَنَ رَقَبَةٍ لِتَقْدِيمِ الْعِتْقِ عَلَى الْوَصَايَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْوَصَايَا مَا هُوَ مِثْلُهُ فَيَكُونَانِ فِي الثُّلُثِ سَوَاءً وَلَوْ بَقِيَ بِيَدِ الْوَرَثَةِ مِنَ الثُّلُثَيْنِ شَيْءٌ فِيهِ ثَمَنُ رَقَبَةٍ أُخِذَ ذَلِكَ مِنْهُمْ بَعْدَ الْقَسْمِ وَاشْتُرِيَ بِهِ رَقَبَةٌ وَنَفَذَتِ الْوَصَايَا قَالَ مُحَمَّدٌ لَوْ جُنَّ الْعَبْدُ قَبْلَ الْعِتْقِ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ بَيْنَ إِسْلَامِهِ وَشِرَاءِ غَيْرِهِ مِنْ ثُلُثِ الْبَاقِي وَفَدَاهُ وَعَتَقَهُ هُوَ أَو غَيره فَإِن اسلموه عتقوا غَيره من ثلث الْبَاقِي وَإِن فدوه فَمن ثلث الْبَاقِي لَا اكثر كانهم أبتدؤا شِرَاءَهُ وَذَلِكَ إِنْ لَمْ يَكُنْ قُسِّمَ بِالثُّلُثِ قَالَ أَصْبَغُ وَيُرْجَعُ فِي هَذَا إِلَى بَاقِي الثُّلُثِ الْأَوَّلِ إِذَا كَانَ قَدْ قُسِّمَ وَيُقَسِّمُ الْوَرَثَة بِالثُّلُثَيْنِ فَيَنْفُذُ لَهُمْ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِمْ بِشَيْءٍ فِي مَوْتِ الرَّقَبَةِ وَلَا إِسْلَامِهَا لِأَنَّهُ صَارَ ضَمَانُ كُلِّ قَسْمٍ مِنْ أَهْلِهِ وَعَنْ أَصْبَغَ إِذَا مَاتَ قَبْلَ الْعِتْقِ أَوْ ضَاعَ الثَّمَنُ وَلَمْ يُفَرِّطِ الْوَصِيُّ فِي تَنْفِيذِ الْعِتْقِ وَلَا فِي الشِّرَاءِ بِالثَّمَنِ الْمَعْزُولِ لَمْ يَضْمَنْ وَلَا يَرْجِعْ فِي الثُّلُثِ بِشَيْءٍ إِنْ فُرِّقَ فِي أَهْلِ الْوَصَايَا وجنايته كموته أَوْ جَنَى عَلَيْهِ جِنَايَةً لَا يَجْرِي مِثْلُهَا فِي الرِّقَابِ بِيعَ وَاشْتُرِيَ بِثَمَنِهِ مَعَ أَرْشِ رَقَبَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهَا عَتَقَ وَأُعِينَ فِي الْأَرْشِ فِي رَقَبَةٍ وَإِنْ فَرَّطَ فِي الْعِتْقِ أَوْ فِي الشِّرَاءِ حَتَّى مَاتَ أَوْ تَلَفَ الثّمن أَو جنى

ضمن الثّمن لتَفْرِيطه وَلَو كَانَ الْوَارِثُ الْوَصِيَّ فَسَوَاءٌ فَرَّطَ أَمْ لَا إِنْ مَاتَ أَوْ جُنِيَ عَلَيْهِ أَوْ جَنَى فَلَا بُدَّ أَنْ يُعْتِقُوا مِنْ ثُلْثِ مَالِهِ رَقَبَةً أُخْرَى لِأَنَّهُ لَا مِيرَاثَ إِلَّا بَعْدَ الْوَصِيَّةِ وَهُوَ الَّذِي تَوَلَّى ذَلِكَ وَلَوْ كَانَتْ رَقَبَة بِعَينهَا فَسَوَاء أوصى لصبي أَو وَارِث لَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ إِذَا مَاتَ فَرَّطُوا أَمْ لَا لِقَصْرِهِ الْوَصِيَّةَ عَلَى ذَلِكَ الْمُعَيَّنِ وَإِنْ جَنَى وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهُ فَهُوَ دَيْنٌ عَلَيْهِ وَهُوَ حُرٌّ فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهَا قُسِّمَتِ الْجِنَايَةُ عَلَى مَا اعْتِقْ مِنْهَا وَمَا رَقَّ وَإِنْ جُنِيَ عَلَيْهِ فَالْأَرْشُ لَهُ وَهُوَ حُرٌّ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ كُلَّهُ وَقَالَ أَشهب إِذا لَمْ يُسَمَّ الثَّمَنُ لَا يُنْظَرُ إِلَى مِقْدَارِ الْمَالِ بَلْ يُشْتَرَى رَقَبَةٌ وَسَطٌ كَمَا قِيلَ فِي الْعدة فَإِنْ عَجَزَ الثُّلُثُ عَنِ الْوَسَطِ اشْتُرِيَ بِهِ وَيُحَاصَصُ أَهْلُ الْوَصَايَا بِبَقِيَّةِ الْوَسَطِ وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ مُحَاصَصَتُهُمْ بِقِيمَةٍ أَدْنَى مَا يُجْزِئُ عَنِ الْمَظَاهِرِ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ كَالْمُتَزَوِّجَةِ عَلَى خَادِمٍ لَهَا الْوَسَطُ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ قَالَ إِنِ اشْتَرَيْتُمُوهُ فَهُوَ حُرٌّ عَتَقَ بِنَفْسِ الشِّرَاءِ وَإِنْ قَالَ أَعْتِقُوهُ فَهَلَكَ قَبْلَ الْعِتْقِ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فَفِي الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ إِلَى مَبْلَغِ ثُلُثِ الْمَيِّتِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ ثُلُثِ مَا بَقِيَ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ إِلَّا مَا بَقِيَ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَرْجِعَ فِي بَقِيَّةِ الثُّلُثِ بِشَيْءٍ وَالرُّجُوعُ اسْتِحْسَانٌ وَإِذَا قَالَ اشْتَروا رَقَبَة عَن ظهاري وَلَمْ يُوجَدْ إِلَّا مَا يُشْتَرَى بِهِ رَضِيعٌ اشْتُرِيَ أَوْ مَعِيبٌ اشْتُرِيَ فِي التَّطَوُّعِ دُونَ الظِّهَارِ وَإِنْ لَمْ يُبْلُغِ الْعِتْقَ عَنِ الظِّهَارِ أَطْعَمَ عَنْهُ وَفِي الْإِطْعَامِ أَوْ بَعْضِهِ فَإِنْ كَانَ فَوْقَ الْإِطْعَامِ وَدُونَ الْعِتْقِ أَطْعَمُوا وَالْفَضْلَةُ لَهُمْ وَالْقِيَاسُ أَنْ يَتَصَدَّقُوا بِهَا لِأَنَّهَا بَقِيَّةُ الْوَصِيَّةِ الْمُخْرَجَةِ عَنْهُمْ وَإِذَا طَرَأَ الدَّيْنُ بَعْدَ الْعِتْقِ فَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ يَمْضِي الْعِتْقُ وَيُغَرَّمُ الْوَصِيّ

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ اشْتَرُوا عَبْدَ فُلَانٍ لِفُلَانٍ أَوْ فَأَعْتِقُوهُ أَوْ بِيعُوا عَبْدِي مِنْ فُلَانٍ أَوْ مِمَّنْ أَحَبَّ أَوْ مِمَّنْ يُعْتِقُهُ فَامْتَنَعَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ أَوِ الْبَائِعُ أَن يَبِيعهُ فِي الشِّرَاءِ أَوْ نَقَصَ فِي الْبَيْعِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ ثُلُثِ قِيمَتِهِ إِلَى ثُلُثِ الْمَبِيعِ كانه أوصى لَهُ بِأحد الثُّلُثَيْنِ فَإِنِ امْتَنَعَ الْمُشْتَرِي أَوِ الْبَائِعُ مِنَ الْمُوصي بِتِلْكَ الزِّيَادَةِ أَوِ النُّقْصَانِ انْتَظَرَ الْمُشْتَرِي لِلْعِتْقِ إِنْ رَضِيَ بَائِعُهُ وَإِلَّا رَجَعَ ثَمَنُهُ مِيرَاثًا لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمُمْكِنُ رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وروى ابْن وهب ينظر مَا رجى بَيْعه إِلَّا أَنْ يَفُوتَ بِمَوْتٍ أَوْ عِتْقٍ وَأَمَّا الَّذِي يَشْتَرِي لِفُلَانٍ فَيَدْفَعُ ثَمَنَهُ وَثُلُثَ ثَمَنِهِ لِلْمُوصِي أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ لِأَنَّهُ الْقَدْرُ الَّذِي وَصَّى بِهِ لَهُ إِنْ كَانَ السَّيِّدُ امْتَنَعَ طَلَبًا لِلزِّيَادَةِ وَإِنِ امْتَنَعَ مُطْلَقًا غِبْطَةً بِالْعَبْدِ رَجَعَ الثَّمَنُ مِيرَاثًا كَمَا لَوْ أَوْصَى بِمُعَيَّنٍ فَهَلَكَ وَقَالَ غَيْرُهُ هُمَا سَوَاءٌ وَيُوقَفُ الثَّمَنُ وَثُلُثُهُ حَتَّى يُؤْيَسَ مِنَ الْعَبْدِ فَيُورَثَ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ الْمُوصَى لَهُ بِالْعَبْدِ بَعْدَ شِرَائِهِ إِلَّا بِعَبْدٍ فَلَا يَأْخُذُ مَالًا كَمَا لَوْ أَوْصَى لَهُ بِعَبْدٍ فَمَاتَ وَأَمَّا الَّذِي أَوْصَى لَهُ بِأَنْ يُبَاعَ مِنْهُ فَطَلَبَ زِيَادَةً وَضِيعَةً عَلَى الثُّلُثِ فَيُخَيَّرُ الْوَرَثَةُ بَيْنَ بَيْعِهِ بِمَا سُئِلُوا أَوْ يُعْطُوهُ ثُلُثَ الْعَبْدِ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْبَيْعِ مِنْهُ عَلَى التَّعْيِينِ مَظِنَّةَ الْوَصِيَّةِ لَهُ بِبَعْضِ الْعَبْدِ وَالثُّلُثُ أَصْلٌ فِي الْوَصِيَّةِ فَيُرْجَعُ إِلَيْهِ وَأَمَّا الَّذِي يُبَاعُ مِمَّنْ أَحَبَّ دُونَ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ وَطَلَبَ الْمُشْتَرِي وَضِيعَةً أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ الثَّمَنِ يُخَيَّرُ الْوَرَثَةُ بَيْنَ بَيْعِهِ بِمَا سُئِلُوا أَوْ يُعْتِقُوا ثُلُثَ الْعَبْدِ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَهُ فِي الْمَعْنَى رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَرَوَى غَيْرُهُ لَيْسَ عَلَى الْوَرَثَةِ غَيْرُ بَدَلِ ثُلُثِ الثَّمَنِ \ فَإِنْ لَمْ يَجِدُوا مَنْ يَشْتَرِي بِهِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ إِنَّمَا تُشْعِرُ بِخَلَاصِهِ مِنْ مِلْكِهِمْ إِنْ أَحَبَّ لَا بِالْعِتْقِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِي الْمُشْتَرِي لِلْعِتْقِ وَأَمَّا الَّذِي يُبَاعُ مِمَّنْ يُعْتِقُهُ فَيُخَيَّرُ الْوَرَثَةُ بَيْنَ بَيْعِهِ بِمَا أَعْطَى فِيهِ أَوْ يُعْتِقُوا ثُلُثَهُ لِأَنَّ الْعِتْقَ الْمَقْصُودُ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِذَا لم يَجدوا

مَنْ يَشْتَرِي الْعَبْدَ بِمَا يَلْزَمُهُمْ مِنَ الْوَضِيعَةِ وَالثلث يحمل العَبْد فها هُنَا يُقْطَعُ بِثُلُثِ الْعَبْدِ وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ قُطِعَ بِثُلُثِ الثُّلُثِ وَلَا يُقْتَصَرْ عَلَى ثُلُثِ الْعَبْدِ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا قَالَ بِيعُوا مِنْ فُلَانٍ فَعَلَيْهِمْ إِعْلَامُهُ بِالْوَصِيَّةِ لِأَنَّهُ لَهُ فَإِنْ بَاعُوهُ بِأَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ رَجَعَ عَلَيْهِمْ إِذَا عُلِمَ بِالزَّائِدِ لِأَنَّهُ حَقُّهُ بِالْوَصِيَّةِ وَكَانَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَقُولُ لَا يَرْجِعُ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْوَصِيَّةِ قَدْ نَفَذَتْ وَإِذَا اشْتَرَاهُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ بِكَثِيرٍ رَجَعَ بَعْدَ عِلْمِهِ بِثُلُثِ الْقِيمَةِ لَا ثُلُثِ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ الَّذِي اقْتَضَتْهُ الْوَصِيَّةُ قَالَ أَشْهَبُ وَإِنْ قَالَ بِيعُوهُ مِمَّنْ يُعْتِقُهُ أَوْ مِمَّنْ أَحَبَّ لَيْسَ عَلَيْهِمُ إِعْلَامُ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْعَبْدِ وَلَيْسَ عَلَيْهِمْ وَضْعُ شَيْءٍ مِنْ ثَمَنِهِ إِذَا وَجَدُوا مَنْ يُعْطِي وَإِذَا اشْتَرَاهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثَيِ الْقِيمَةِ وَلَمْ يَعْلَمْ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ وَلَوْ بَذَلَ لَهُمْ ثُلُثَيِ الثَّمَنِ فَأكْثر لَزِمَهُم بَيْعه إِن حمله الثُّلُث قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ بِيعُوهُ مِمَّنْ أَحَبَّ أَوْ مِنْ فُلَانٍ أَوْ مِمَّنْ يُعْتِقُهُ يَلْزَمُهُمْ بَيْعُهُ بِثُلُثَيْ قِيمَتِهِ إِنَّمَا ذَلِكَ إِذَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ قَالَ أَشْهَبُ لَوْ كَانَ الْعَبْدُ المَال كُله أَولا يَخْرُجُ مِنَ الثُّلُثِ لَمْ يَلْزَمْهُمْ بَيْعُهُ بِوَضِيعَةٍ وَلَا بِثَمَنِهِ كُلِّهِ بَلْ يُخَيَّرُوا بَيْنَ بَيْعِهِ بِثُلْثَيْ ثَمَنِهِ أَوْ يُعْتِقُوا مِنْهُ مَا يَحْمِلُهُ الثُّلُثُ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَهُ وَأَمَّا بِيعُوهُ مِنْ فُلَانٍ فَيُخَيَّرُوا بَيْنَ بَيْعِهِ بِثُلُثَيْ ثَمَنِهِ أَوْ يُعْطوا لفُلَان الثُّلُث الْمَيِّتَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَهُ قَالَ سَحْنُونٌ لَيْسَ لِلْمَرِيضِ أَنْ يُوصِيَ بِبَيْعِهِ مِنْ أَحَدٍ إِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ وَإِنْ لم تكن فِيهِ محأباة لِأَن الْوَرَثَة قد مَلَكُوا الثُّلُثَيْنِ بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَيْسَ لَهُ الْوَصِيَّةُ بِبيعِهِ قَالَ أَشهب وَكَذَلِكَ لَو لم يملك غير عبد فأوصى بِثُلثِهِ لرجل وَإِن يُبَاع ثُلُثَاهُ بقيمتهما فَلَا وَصِيَّةَ لَهُ فِي الثُّلُثَيْنِ قَالَ أَشْهَبُ فَإِنْ أَوْصَى أَنْ يُبَاعَ وَلَمْ يَقُلْ مِنْ فُلَانٍ وَلَا مِمَّنْ أَحَبَّ وَلَا مِمَّنْ يُعْتِقُهُ إِنْ شَاءَ الْوَرَثَةُ بَاعُوهُ أَوْ تَرَكُوهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَقٌّ لِأَحَدٍ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ إِذَا أَوْصَى أَنْ يُبَاعَ مِنْ رِجْلٍ سَمَّاهُ جُعِلَتْ قِيمَةُ رَقَبَتِهِ فِي الثُّلُثِ فَإِنْ حَمَلَهَا جَازَتْ بِخِلَافِ لَوْ بَاعَ عَبَدًا وَحَابَى فِيهِ فِي مَرَضِهِ يَجْعَلُ فِي الثُّلُثِ الْمُحَابَاةَ خَاصَّةً لِأَنَّهُ مِثْلُ الْبَيْعِ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى الْوَرَثَةِ وَالَّذِي أَوْصَى أَنْ يُبَاعَ يُلْزِمُ الْوَرَثَةَ دُونَ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ لَوْ بَاشَرَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ قَالَ التُّونُسِيُّ إِذَا أَوْصَى أَنْ يُبَاعَ عَبْدُهُ مِنْ فُلَانٍ عَلَيْهِمْ إِعْلَامُ فُلَانٍ عِنْدَ أَشْهَبَ دُونَ ابْنِ

الْقَاسِمِ فَإِنْ أَبَى شِرَاءَهُ بِوَضِيعَةِ الثُّلُثِ أُعْطِيَ الثُّلُثَ عِنْدِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَا شَيْءَ لَهُ عِنْدَ غَيْرِهِ كَأَنَهُ رَدَّ الْوَصِيَّةَ وَلَمْ يَقُلِ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الَّذِي أَوْصَى أَنْ يَشْتَرِيَ عَبده فاتنع مِنْ بَيْعِهِ إِنَّهُ يُعْطَى ثُلُثَ الثَّمَنِ كَمَا قَالَ فِي الَّذِي أَوْصَى أَنْ يُبَاعَ مِنْهُ وهما سَوَاء قَالَ مَالِكٌ إِنْ أَوْصَى أَنْ يُشْتَرَى عَبْدُ فُلَانٍ لِفُلَانٍ فَامْتَنَعَ مِنْ بَيْعِهِ بِقَدْرِ زِيَادَةِ ثُلُثِ الثَّمَنِ يُعْطَى الثَّمَنُ وَثُلُثُهُ لِمَنْ أَوْصَى لَهُ بِالْعَبْدِ بَعْدَ شِرَائِهِ قَالَ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِعَبْدٍ لَا بِثَمَنٍ وَلَوْ بَاعَ الْبَائِعُ الْعَبْدَ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهُ فَإِذَا امْتَنَعَ الْبَائِعُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ لِلْبَائِعِ الثُّلُثُ الزَّائِدُ كَالَّذِي يَمْتَنِعُ مِنَ الشِّرَاءِ أَوْ يَكُونَ الثُّلُثُ الزَّائِدُ لِلْوَرَثَةِ فَلَوْ كَانَ ثَمَنُ الْعَبْدِ ثَلَاثِينَ فَهُوَ بِزِيَادَةِ الثُّلُثِ أَرْبَعُونَ وَثُلُثُ الْمَيِّتِ عِشْرُونَ فَيَقُولُ الْبَائِعُ أَبِيعُ نِصْفَهُ لِتَحْصُلَ زِيَادَةُ خَمْسَةٍ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لَهُ ثُمَّ يُسَلَّمُ ذَلِكَ لِلْمُوصِي فَإِنِ امْتَنَعَ لِشَرِكَةٍ فِي الْعَبْدِ لَا ضَنًّا مِنْهُ بِالْعَبْدِ يَنْبَغِي عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ تَسْلِيمُ الْعِشْرِينَ لَهُ إِنْ يطْلب الْبَائِعُ الْخَمْسَةَ وَحْدَهَا وَيَمْتَنِعُ مِنَ الْبَيْعِ خَشْيَةَ الشّركَة فِي العَبْد يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لَهُ كَقَوْلِهِ فِي الَّذِي امْتَنَعَ مِنَ الشِّرَاءِ إِنَّ لَهُ ثُلُثَ الْعَبْدِ وَهَاهُنَا أَوْلَى لِأَنَّهُ امْتَنَعَ خَشْيَةَ الضَّرَرِ بِالشَّرِكَةِ لَا ضَنًّا مِنْهُ بِالْقِيمَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا أَوْصَى بِوَصَايَا وَأَنْ يُشْتَرَى عَبْدُ فُلَانٍ لِفُلَانٍ بِحِصَّةٍ أَقَلَّ مِنْ ثَمَنِهِ وَثُلُثِ ثَمَنِهِ وَامْتَنَعَ الْبَائِعُ مِنْ بَيْعِهِ رَجَعَ لِلْوَرَثَةِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَلَا يُقَسَّمُ مِنْهُ لِأَهْلِ الْوَصَايَا كَرَدِّ بَعْضِ أَهْلِ الْوَصَايَا وَهُوَ الْأَشْبَهُ قَالَ أَشْهَبُ إِذا أوصى بِبيعِهِ مِمَّن احب ووصايا وَضَاقَ الثُّلُثُ إِنْ أَجَازَ الْوَرَثَةُ وَإِلَّا جَعَلُوا الثُّلُثَ فَيَدْخُلُ الْعِتْقُ وَيُبْدَأُ بِهِ فِيهِ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِلْوَصَايَا وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ يُحَاصُّ بِثُلُثِ ثَمَنِهِ ذَلِكَ وَذَلِكَ الَّذِي يُوضَعُ لِمَنْ أَحَبَّ الْعَبْدُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ أَو رَضِيَ الْوَرَثَةُ لِأَنَّ بَقِيَّتَهُ لَا يَلْزَمُهُمْ بَيْعُهُ وَيَنْبَغِي عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ لَمْ يشتره أحد يعْتق ثلثه وَيبدأ عَلَى الْوَصَايَا فَيُعْتَقُ مَا حَمَلَ الثُّلُثُ وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا أَوْصَى أَنْ يُبَاعَ مِمَّنْ أَحَبَّ وَبِوَصَايَا يُوضَعُ ثُلُثُ ثَمَنِهِ وَلَا يُبْدَأُ عَلَيْهَا قَالَ أَشْهَبُ وَإِذَا بِيعَ لِلْعِتْقِ وَظَهَرَتْ وَصَايَا لَا تَضُرُّ وَلَوْ قَالَ يُبَاعُ مِمَّنْ أَحَبَّ أَو من

فلَان خَاصَّة بِهِ أَهْلُ الْوَصَايَا قَالَ وَلَوْ طَرَأَ دَيْنٌ لَرَدَّ عتقه أَو بَيْعه مِمَّنْ أَحَبَّ إِلَّا أَنْ يَسَعَ الثُّلُثَ وَإِنْ لَمْ يَسَعِ الثُّلُثَ وَقَدْ بِيعَ مِمَّنْ أَحَبَّ فَأَعْتَقَهُ رَجَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِمَا وَضَعَ لَهُ وَنَفَذَ الْعِتْقُ قَالَ مَالِكٌ وَإِذَا قَالَ بِيعُوهُ وَلَمْ يَقُلْ لِلْعِتْقِ وَلَا مِنْ فُلَانٍ وَلَا مِمَّنْ أَحَبَّ لَهُمْ عَدَمُ بَيْعِهِ لِعَدَمِ تَعَلُّقٍ حَقٍّ بِالْمَبِيعِ لِأَحَدٍ وَلَوْ قَالَ يُخَيَّرُ فِي البيع والبقا لبيع إِنْ خَرَجَ مِنَ الثُّلُثِ وَشَاءَ الْعَبْدُ لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ لَهُ وَلَا يُوضَعُ لِمُشْتَرِيهِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ بيع غير متقرر وَلم يخص أحد بِعَيْنِهِ وَإِذَا أَوْصَى بِبَيْعِهِ مِمَّنْ أَحَبَّ أَوْ مِنْ فُلَانٍ فَأَعْتَقَهُ الْوَرَثَةُ فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُمْ ويبيعوه بِوَضِيعَةِ الثُّلُثِ وَلَوْ قَالَ مِمَّنْ يُعْتِقُهُ فَأَرَادَ الْوَرَثَةُ كُلُّهُمْ عِتْقَهُ كَانَ ذَلِكَ لَهُمْ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْعِتْقُ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ فِي الَّذِي يُبَاعُ مِمَّنْ أَحَبَّ لَا يُقَامُ لِلْمُزَايَدَةِ بَلْ يَجْمَعُ لَهُ الْإِمَامُ ثَلَاثَةً أَوْ أَرْبَعَةً فَيَقُومُ وَيَحُطُّ ثُلُثَ الْقِيمَةِ فَإِنْ أَحَبَّ رَجُلَيْنِ تَزَايَدَا عَلَيْهِ عَلَى أَنْ يَحُطَّ الثُّلُثَ فَمَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ وَضَعَ ثُلُثَ ذَلِكَ الثَّمَنِ عَنْهُ فَإِنْ أَحَبَّ رَجُلًا فَاشْتَرَاهُ قَالَ أَشْهَبُ لَهُ الِانْتِقَالُ إِلَى غَيْرِهِ وَثَالِثٌ وَرَابِعٌ مَا لَمْ يُطِلْ حَتَّى يَضُرَّ بِالْوَرَثَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا قَالَ بِيعُوهُ مِمَّنْ أَحَبَّ فَأَحَبَّ أَحَدًا بِيعَ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِهِ بِقِيمَتِهِ حُطَّ إِلَى مَبْلَغِ ثُلُثِ قِيمَتِهِ فَإِنْ لَمْ يَرْضَ فَقَوْلَانِ لِمَالِكٍ يُخَيَّرُ الْوَرَثَةُ بَيْنَ بَيْعِهِ بِذَلِكَ وَعِتْقِ ثُلُثِهِ وَعَنْهُ يَكُونُ رَقِيقًا لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَمْ تَقْتَضِ أَكْثَرَ مِمَّا فَعَلُوهُ قَالَ وَيُزَادُ الثُّلُثُ وَيُنْقَصُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ إِلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ بِيعُوهُ مِنْ فُلَانٍ لِلْعِتْقِ أَوْ بِيعُوهُ لِلْعِتْقِ وَلَمْ يُسَمِّ فُلَانًا وَأَمَّا الِانْتِظَارُ فَيَخْتَلِفُ إِنْ كَانَ الِامْتِنَاعُ مِنَ الْمُوصَى لَهُ لَمْ يُنْتَظَرْ نَحْوَ اشْتَروا عبد فلَان فيأبى البَائِع أَو بيعووا عَبْدِي مِنْ فُلَانٍ فَيَأْبَى الشِّرَاءَ فَلَا انْتِظَارَ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ رَضِيَ بِتَرْكِ الْوَصِيَّةِ وَإِنْ كَانَ الِامْتِنَاعُ مِنْ غَيْرِ الْمُوصَى لَهُ نَحْوَ اشْتَرُوهُ لِلْعِتْقِ فَيَأْبَى سَيِّدُهُ بَيْعَهُ فَالْعَبْدُ لَهُ حَقٌّ فِي الْعِتْقِ وَلَمْ يَكُنِ الِامْتِنَاعُ مِنْهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الثَّمَنُ مِيرَاثٌ بَعْدَ الِانْتِظَارِ وَلَمْ يُجِزْهُ وَفِي كِتَابِ الْوَصَايَا الثَّانِي بَعْدَ الْيَأْسِ وَقِيلَ لَا يُنْتَظَرُ وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ إِذَا قَالَ بِيعُوهُ مِنْ فُلَانٍ لِلْعِتْقِ فَامْتَنَعَ فُلَانٌ مِنَ الشِّرَاءِ وَاخْتَلَفَ إِذَا قَالَ اشْتَرُوا عَبْدَ وَلَدِي فَأَعْتِقُوهُ وَمَعَهُ وَرَثَةٌ فَقَالَ مَرَّةً لَا يُزَاد

(فرع)

عَلَى قِيمَتِهِ وَعَنْهُ يُزَادُ ثُلُثُ قِيمَتِهِ لِأَنَّهُ قد يَعْلَمُ هَذِهِ الزِّيَادَةَ حَتَّى يَكُونَ وَصِيَّةً لِوَارِثٍ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدٍ فَلَمْ يَقْبَلْ فَلَا قَوْلَ لَهُ لِأَنَّ الْعِتْقَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَيُعْتَقُ مَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ وَإِن أوصى أَنْ تُبَاعَ جَارِيَةٌ مِمَّنْ يُعْتِقُهَا فَأَبَتْ وَهِيَ من جواري الْوَطْء ذَلِك لما يدخهل عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ مِنَ الضَّرَرِ وَلَا يَتَزَوَّجُهَا بَعْدَ ذَلِكَ إِلَّا أَوْبَاشُ النَّاسِ فَهُوَ كَمَنْ أَوْصَى بِضَرَرٍ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ جَوَارِي الْوَطْءِ بِيعَتْ مِمَّنْ يُعْتِقُهَا وَقِيلَ تُبَاعُ لِلْمُعْتِقِ مُطْلَقًا تَحْصِيلًا لِمَصْلَحَةِ الْعِتْقِ وَلَا يُلْتَفَتُ إِلَى قَوْلِهَا قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِذَا أَوْصَى بِعِتْقِهَا لَمْ يُقْبَلْ مِنْهَا كَانَتْ مِنْ جَوَارِي الْوَطْءِ أَمْ لَا بِخِلَافِ وَصِيَّتِهِ بِبَيْعِهَا مِمَّنْ يُعْتِقُهَا وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْعِتْقِ مَصْلَحَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ نَفَاذِهَا وَفِي الْبَيْعِ أَرَادَ مَصْلَحَةَ الْوَرَثَةِ بِالثَّمَنِ وَالْجَارِيَةِ بِالْبَيْعِ فَلَهَا كَرَاهَةُ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَصْبَغُ إِذَا قَالَ لِوَرَثَتِهِ أَعْتِقُوهَا فَقَالَتْ لَا أُحِبُّ فَهُوَ مِثْلُ بِيعُوهَا مِمَّنْ يُعْتِقُهَا فِي الْقِيَاسِ وَاسْتُحْسِنَ عِتْقُهَا إِنْ حَمَلَهَا الثُّلُثُ وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهَا أَوْ كَانَ أَوْصَى بِعِتْقِ بَعْضِهَا قَبْلَ قَوْلِهَا أَمَّا لَوْ قَالَ إِنْ مُتُّ فَهِيَ حُرَّةٌ نَفَذَ الْعِتْقُ كَمَا لَوْ بَاشَرَ عِتْقَهَا قَالَ مَالِكٌ وَإِذَا أَوْصَى بِتَخْيِيرِهِ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْعِتْقِ فَلَهُ اخْتِيَارُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَعْدَ اخْتِيَارِ الْآخَرِ مَا لم يبع أَو تقوم لِأَنَّ الْأَصْلَ إِبْقَاءُ تَخْيِيرِهِ مَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لِلَّهِ أَوْ لِآدَمِيٍّ فَإِنْ قَالَ بِيعُونِي مِنْ فُلَانٍ فَلَهُمْ بَيْعُهُ فِي السُّوقِ تَوْفِيرًا لِلثَّمَنِ الَّذِي هُوَ حَقُّهُمْ وَلَا يُوضَعُ مِنْهُ شَيْء وَإِن أَرَادَ البيع وَأَرَادُوا قِيمَته لَيْسَ ذَلِكَ لَهُمْ إِلَّا بِرِضَاهُ فَإِنَّ الْمُوصِيَ قَدْ يَقْصِدُ بِالْبَيْعِ تَخْلِيصَهُ مِنْ عَدَاوَتِهِمْ وَإِنْ رَضِي بترك البيع وَالْقيمَة لَهُمْ بَيْعُهُ لِأَنَّهُ شَأْنُ الْأَمْلَاكِ \ وَرَوَى عَنْهُ أَبُو زَيْدٍ إِنِ اخْتَارَ الْعِتْقَ أَوِ الْبَيْعَ لَهُ الرُّجُوع مالم يُوقِفْهُ السُّلْطَانُ وَشَهِدَ الْعُدُولُ بِذَلِكَ

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ شِرَاؤُهُ ابْنَهُ فِي مَرَضِهِ إِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ وَيُعْتَقُ وَيَرِثُ لِتَقَدُّمِ حُرِّيَّته الْمَوْت فَإِن اعْتِقْ عَبده وَاشْترى أبنه وَقِيمَته الثُّلُث بُدِئَ الِابْنُ لِجَمْعِهِ بَيْنَ قُرْبَتِيِ الْعِتْقِ وَصِلَةِ الرَّحِمِ وَإِنْ أَوْصَى بِشِرَاءِ ابْنِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ اشْتَرَى وعتف فِي ثُلُثِهِ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ فَاعْتِقُوهُ لِدُخُولِهِ فِي ملكه فِي الْوَصِيَّة وَلَوْ كَانَ عَبْدًا كَانَ وَلَاؤُهُ لَهُ وَالْوَلَاءُ فَرْعُ الْمِلْكِ قَالَ التُّونُسِيُّ إِنْ قِيلَ إِذَا اشْتَرَى ابْنَهُ كَيْفَ يَرِثُهُ وَهُوَ إِنَّمَا يُعْتَقُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالتَّقْوِيمِ قَالَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْقِيَاسُ عَدَمُ الْإِرْثِ وَمَنَعَ أَصْبَغُ إِرْثَهُ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ وَاعْتِبَارَ الْوَصَايَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَمَالِكٌ يَرَاهُ لَمَّا خَرَجَ مِنَ الثُّلُثِ لِأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ حُرًّا كَمَا أَنَّ غَلَّةَ الْمُبَتَّلِ وَثَمَرَةَ النَّخْلِ لَا تقوم بل الاصول وتتبعها الْغَلَّاتُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ كَانَ الْحُكْمُ تَقَدَّمَهَا وَيلْزم على قَوْلِ مَالِكٍ فِي تَقْدِيمِ الِابْنِ عَلَى عِتْقِ الْعَبْدِ كَمَا لَوِ اشْتَرَاهُ صَحِيحًا أَنَّهُ لَوْ تَقَدَّمَ شِرَاءُ الْعَبْدِ عَلَى شِرَاءِ الِابْنِ أَنْ يُقَدَّمَ الِابْنُ وَهُوَ بَعِيدٌ لِأَنَّ الِابْنَ إِذَا قُلْنَا يُعْتَقُ مِنَ الثُّلُثِ فَلَا بُدَّ مِنَ التَّرْتِيب فَكَيْفَ يَبْطُلُ شِرَاءُ الِابْنِ عِتْقًا مُتَقَدِّمًا قَالَ أَشْهَبُ وَلَوِ اشْتَرَى ابْنَهُ وَأَخَاهُ فِي مَرَضِهِ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ فَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِتَقَدُّمِ اسْتِحْقَاقِهِ أَوْ فِي صَفْقَةٍ فَقِيَاسُ قَوْلِ مَالِكٍ يَتَحَاصَّانِ قَالَ وَأَرَى تَبْدِئَةَ الِابْنِ وَعِتْقَهُ وَتَوْرِيثَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنِ اشْتَرَى ابْنَهُ بِمَالِهِ كُلِّهِ عَتَقَ مِنْهُ مَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ يعْتق على الْوَارِث عتق الْبَاقِي عَنهُ وَقَالَ ابْن وهب إِن اشْترى من يحجب ابْن الْوَارِثِ وَرِثَ جَمِيعَ الْمَالِ فَإِنْ كَانَ لَا يَرث غَيره جَازَ شِرَاؤُهُ لكل المَال وَيعتق وَيَرِث مَا بَقِي وَإِن كَانَ لَا يَحْجُبُ وَشَارَكَ فِي الْمِيرَاثِ لَا يَشْتَرِيهِ إِلَّا بِالثُّلُثِ وَلَا يَرِثُهُ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يعْتق بعد الْمَوْت وَقد جَازَ الْمَالُ لِغَيْرِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَشْتَرِيهِ إِلَّا بِالثُّلُثِ كَانَ يَحْجُبُ أَمْ لَا وَلَا يَرِثُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ كُلُّ مَنْ يَجُوزُ لَهُ اسْتِلْحَاقُهُ يَجُوزُ لَهُ شِرَاؤُهُ بِجَمِيعِ الْمَالِ شَارَكَ فِي الْمِيرَاثِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ لَوِ اسْتَلْحَقَهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ وَمِيرَاثُهُ وَيُمْتَنُعُ

(فرع)

شِرَاؤُهُ غَيْرَ الِابْنِ وَالْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ وَالْأَخَوَاتِ وَالْأُخْوَةِ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَلْحِقُهُمْ وَقَالَهُ الْمَدَنِيُّونَ وَعَنْ مَالِكٍ يَشْتَرِي الْأَبَ وَغَيْرَهُ مِنَ الثُّلُثِ وَيَرِثُهُ وَعَنْ أَشْهَبَ لَيْسَ لَهُ شِرَاءُ ابْنِهِ بِمَالِهِ كُلِّهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مُشَارِكٌ فِي الْمِيرَاثِ أَوْ يَكُونُ مَنْ يَرِثُ فِي رِقِّ الْوَلَدِ وَيَحْجُبُهُ الْوَلَدُ الْحُرُّ فَأَمَّا مَعَ الْمُشَارِكِ فَلَا يَشْتَرِيهِ إِلَّا بِالثُّلُثِ وَكَذَلِكَ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَأَنْكَرَ قَوْلَ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَشْتَرِيهِ إِلَّا بِالثُّلثِ وَلم يقْصد قَالَ اللَّخْمِيُّ اخْتُلِفَ فِي الْآبَاءِ وَالْأَبْنَاءِ وَالْأُمِّ وَالْأُخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ وَالْجَدَّاتِ كَالِاخْتِلَافِ فِي الْوَلَدِ هَلْ يُعْتَقُونَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ مِنَ الثُّلُثِ فَعَنْ أَشْهَبَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَعَنْهُ ذَلِكَ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَارِثٌ لِأَنَّهُمْ أَوْلَى بِمَالِهِ وَخَصَّصَ عَبْدُ الْمَلِكِ هَذَا بِالِابْنِ فَيُعْتَقُ من رَأس المَال فيرث لِأَنَّهُ لَهُ اسْتِلْحَاقُهُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَقِيلَ يَخْتَصُّ بِرَأْسِ الْمَالِ الْوَلَدُ وَوَلَدُ الْوَلَدِ كَانَ لَهُ وَلَدٌ آخَرُ أَمْ لَا (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ أَوْصَى بِعِتْقِ أَمَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهَا فَمَا وَلَدَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَبْلَ السَّنَةِ يُعْتَقُونَ بِعِتْقِهَا وَكَذَلِكَ الْمُكَاتَبَةُ وَالْمُدَبَّرَةُ بَعْدَ الْعَقْدِ وَأَرْشُ خراجها وَقِيمَةُ مِثْلِهَا قَبْلَ السَّنَةِ لِلْوَرَثَةِ لِأَنَّهَا مِلْكُهُمْ فِيهَا وَمَا أَفَادَتْ بِعَطِيَّةٍ أَوْ كَسْبٍ لَا يُنْزَعُ مِنْهَا كَالْمُعْتَقَةِ إِلَى أَجَلٍ يَتْبَعُهَا مَالُهَا وَقيل ينْزع إِذَا لَمْ يَقْرُبِ الْأَجَلُ لِأَنَّهَا رَقِيقٌ فَإِنْ جَنَتْ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ فِي فِدَاءِ الْخِدْمَةِ بِجَمِيعِ الْجِنَايَةِ أَوْ يُسَلِّمُوا الْخِدْمَةَ لِلْمَجْنِي عَلَيْهِ وَيُقَاصُّ بِهَا فِي الْجِنَايَةِ فَإِنْ وَفَتْ قَبْلَ السَّنَةِ رَجَعَتْ لِلْخِدْمَةِ بَقِيَّةَ السَّنَةِ وَإِنْ بَقِيَ مِنَ الْأَرْشِ شَيْءٌ بَعْدَ السَّنَةِ عَتَقَتْ وَأُتْبِعَتْ بِهِ وَلِلْوَارِثِ عِتْقُهَا قَبْلَ السَّنَةِ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ فِي الْخِدْمَةِ وَالْوَلَاءَ لِلْمُوصِي لِأَنَّهُ الْمُنْشِئُ لِلْعِتْقِ مِنْ ثُلُثِهِ وَإِنْ كَانَا وَارِثَيْنِ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا سَقَطَ حَقُّهُ مِنِ الْخِدْمَةِ وَحْدَهُ وَبَقِيَّتُهُ حُرٌّ وَيُخْدَمُ الْآخَرُ إِلَى تَمَامِ الْأَجَلِ قَالَ التُّونُسِيُّ مَنْ أَعْتَقَ فِي صِحَّتِهِ إِلَى أَجَلٍ ثُمَّ مَاتَ فَالْأَقْرَبُ أَنَّ لِلْوَارِثِ انْتِزَاعَ الْمَالِ

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ أَوْصَى لِعَبْدِهِ بِثُلُثِ مَالِهِ وَقِيمَتُهُ الثُّلُثُ عَتَقَ جَمِيعُهُ لِأَنَّهُ مَلَّكَهُ ثُلُثَ نَفْسِهِ فَيُعْتَقُ عَلَى نَفْسِهِ كَمَا يُعْتَقُ عَلَى الشَّرِيكِ الْمُعْتِقِ وَمَا فَضَلَ مِنَ الثُّلُثِ فَلِلْعَبْدِ وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ عَتَقَ مِنْهُ مَا يَحْمِلُهُ وَلَهُ مَالٌ اسْتَتَمَّ مِنْهُ عِتْقَهُ كَمَا يُقَوَّمُ عَلَى غَيْرِهِ وَكَذَلِكَ إِنْ أَوْصَى لَهُ بِالسُّدُسِ وَقَيِمَتُهُ السُّدُسُ عَتَقَ رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ لَا يُعْتَقُ فِيمَا بِيَدِهِ وَيُوقَفُ بِيَدِهِ لِأَنَّ الْعِتْقَ عَلَى الْغَيْرِ لِنَفْيِ الضَّرَرِ عَنِ الشَّرِيكِ وَهُوَ لَا يَضُرُّ نَفْسَهُ قَالَ قَالَ مَالِكٌ فَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ غَيْرَ الْعَبْدِ وَأَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ وَبِيَدِ الْعَبْدِ أَلْفُ دِينَارٍ لَا يعْتق إِلَّا بِثُلثِهِ وَلَا يُعْتَقُ فِيمَا بِيَدِهِ بَلْ يُوقَفُ بِيَدِهِ لِأَنَّ الْمُوصِيَ أَوْصَى بِعِتْقِ ثُلُثِهِ فَالتَّكْمِيلُ إِنَّمَا يَتَعَيَّنُ عَلَى السَّيِّدِ وَهُوَ مُعْسِرٌ بِخِلَافِ إِذَا كَانَ لَهُ مَالٌ وَأَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ الْمَالِ وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ لِلْعَبْدِ امْرَأَةٌ حُرَّةٌ وَوَلَدُهَا مِنْهُ أَحْرَارٌ فَأَوْصَى السَّيِّدُ لِجَمِيعِهِمْ بِثُلُثِ مَالِهِ عَتَقَ الْعَبْدُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ وَلَدَهُ مَلَكَ بَعْضَهُ لِكَوْنِهِ مِنْ جُمْلَةِ الثُّلُثِ وَمَلَكَ هُوَ مِنْ نَفْسِهِ لِلْبَعْضِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ فِي مَسْأَلَةِ الْوَصِيَّةِ لِأَوْلَادِ الْعَبْدِ إِنْ لَمْ يَقْبَلِ الْأَوْلَادُ عِتْقَ مَا أَوْصَى لَهُمْ بِهِ مِنْ أَبِيهِمْ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلُوهُ عَلَى الِاخْتِلَافِ وَإِنْ قَبِلُوا مَا أُوصِيَ لَهُمْ بِهِ من أَبِيهِم دون المَال كَمَا عِتْقُهُ فِي ذَلِكَ الْمَالِ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِمْ دَيْنٌ فَالْمَالُ فِي دَيْنِهِمْ أَمَّا لَوْ أُوصِيَ لَهُمْ مِنْ أَبِيهِمْ فَالْعِتْقُ أَوْلَى مِنَ الدَّيْنِ قَالَ ابْنُ أَبِيِ زَيْدٍ يَنْبَغِي عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ إِنْ لَمْ يَقْبَلِ الْوَلَدُ الْوَصِيَّةَ مِنْ أَبِيهِمْ وَقَبِلُوا الْوَصِيَّةَ فِي بَقِيَّةِ الثُّلُثِ أَنْ يُعْتَقَ عَلَيْهِمْ مَا وَقَعَ لَهُمْ مِنْ ثُلْثِ أَبِيهِمْ وَلَا يُكْمَلُ عَلَيْهِمْ وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ لَا يُعْتِقُ حِصَّتَهُمْ مِنْ رَقَبَتِهِ إِلَّا أَنْ يَقْبَلُوهَا فَيَتِمُّ عَلَيْهِمْ بَاقِيهِ قَالَ التُّونُسِيُّ إِذَا أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ تَرِكَتِهِ عَتَقَ ثُلُثُهُ فِي نَفْسِهِ وَيُكْمَلُ عِتْقُهُ فِيمَا أَوْصَى لَهُ بِهِ مِنْ بَقِيَّةِ مَالِهِ وَيُبْدَأُ عَلَى الْوَصَايَا إِلَى تَمَامِ رَقَبَتِهِ وَمَا فَضَلَ فَهُوَ لَهُ وَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ

نَصِيبِهِ وَمِائَةِ دِينَارٍ لَمْ يَبْدَأْهَا فِي الثُّلُثِ وَحَاصَّ بِهَا أَهْلَ الْوَصَايَا قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ سَحْنُون لَا يبْدَأ إِلَّا فِي الْوَجْهَيْنِ إِلَّا بِثُلُثِ نَفْسِهِ وَيُحَاصُّ بِمَا سِوَى ذَلِكَ لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ كَغَيْرِهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَوْصَى لِعَبْدِهِ بِثُلُثِ مَالِهِ وَلِأَجْنَبِيٍّ بِثُلُثٍ يَتَحَاصَّانِ فَمَا صَارَ لِلْعَبْدِ عَتَقَ فِيهِ أَو أَخَذَهُ وَلَا يُبْدَأُ الْعَبْدُ لِأَنَّهُ عَتَقَ عَلَى نَفْسِهِ قَالَ التُّونُسِيُّ وَلَا فَرْقَ فِي الْحَقِيقَةِ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ لَهُ بِثُلُثِهِ أَوْ بِثُلُثِ نَفْسِهِ وبمائه دِينَار بل يَنْبَغِي التبدئه فِيهِمَا لِأَجْلِ الْعِتْقِ وَبَدَأَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ فِي نَفْسِهِ فِي الثُّلُثِ وَلَمْ يَبْدَأْهُ فِي الْمِائَةِ وَلَمْ يَبْدَأْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي بَقِيَّةِ الثُّلُثِ مَعَ قَوْلِهِ إِنَّهُ يُعْتَقُ فِيهِ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ جِهَةِ الْمَيِّتِ فَلِهَذَا عَتَقَ عَلَى الْعَبْدِ وَهُوَ غَيْرُ قَادِرٍ على رد عتق ثلث نَفسه وَإِذا أجَاز ذَلِكَ وَأَجَازَ عِتْقَهُ فِي بَقِيَّةِ الثُّلُثِ لِأَنَّهُ عَتَقَ عَلَى نَفْسِهِ لَزِمَ عَلَيْهِ إِذَا وَهَبَ رَجُلٌ لِعَبْدِهِ نِصْفَهُ وَعَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ مَا يَسْتَغْرِقُ النِّصْفَ الْآخَرَ أَنْ يُقَوَّمَ النِّصْفُ عَلَى العَبْد إِن كَانَ لَهُ مَال وَلَو أَوْصَى لَهُ بِنِصْفِ نَفْسِهِ أَنْ يُكْمَلَ وَقَالَ أَصْبَغُ وَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِرُبْعِ نَفْسِهِ وَثُلُثِ مَا يَبْقَى مِنْ مَالِهِ سِوَى الْعَبْدِ فَإِنْ قَالَ لَمْ يُعْتَقْ إِلَّا رُبُعُ الْعَبْدِ وَلَا يُعْتَقُ نَفْسَهُ فِي بَقِيَّةِ الثُّلُثِ وَإِنْ لَمْ يقل دخل فِي ذلم بَقِيَّةُ رَقَبَتِهِ ثُمَّ يُقَوَّمُ عَلَى الْعَبْدِ مَا بَقِيَ مِنْ رَقَبَتِهِ إِنْ عَجَزَ مِنْهَا شَيْءٌ فِي مَالِ نَفْسِهِ فَقَدْ بَيَّنَ أَنَّهُ إِذَا قَالَ سِوَى الْعَبْدِ أَنَّهُ كَالْمُوصَى لَهُ بِمَالٍ مَعَ ثُلُثِ رَقَبَتِهِ وَأَنَّهُ لَا يُقَوَّمُ فِي ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَقُل يُقَوَّمُ فِي مَالِ نَفسه وَبَقِيَّة الثُّلُث وَيَنْبَغِي على قَوْله إِن لَا يُقَوَّمَ فِي مَالِ نَفْسِهِ لِأَنَّ مَالَ نَفْسِهِ لَيْسَ هُوَ الْوَصِيَّةَ فَإِنْ أَوْصَى لِعَبْدِهِ بِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ فَلَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ قُطِعَ لَهُ فِيهِ وَلَمْ يُعْتَقْ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَإِذَا أَوْصَى لَهُ بِخِدْمَةٍ أَوْ سُكْنَى وَلَمْ يَحْمِلْهَا الثُّلُثُ قَطَعَ لَهُ بِالثُّلُثِ شَائِعًا وَعَتَقَ فِي ذَلِكَ فَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِدَنَانِيرَ تَخْرُجُ مِنَ الثُّلُثِ حَاضِرَةً لَا يَحْتَاجُ إِلَى بَيْعِ الْعَبْدِ أَخَذَهَا إِذَا حَمَلَهَا الثُّلُث

وَإِنْ لَمْ تَحْضُرْ كُلُّهَا وَاحْتِيجَ إِلَى بَيْعِ الْعَبْدِ لِتَكْمِيلِهَا وَلَا يَتِمُّ الثُّلُثُ الْآنَ لِلْعَبْدِ رَجَعَ ذَلِكَ كُلُّهُ عِتْقًا فَيُعْتَقُ مِنَ الْعَبْدِ ثُلُثُ جَمِيعِ الْمَيِّتِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْصَى لَهُ بِدَرَاهِم ودنانير وَلم تقل مِنْ ثَمَنِهِ وَلَيْسَ لَهُ إِلَّا الْعَبْدُ عَتَقَ مِنْهُ بِقَدْرِ ذَلِكَ وَلَيْسَ لِلْوِرْثَةِ إِعْطَاءُ ذَلِكَ وَلَا يُعْتَقُ الْعَبْدُ وَإِنْ وَصَّى لَهُ بِثُلُثِ دين عَلَيْهِ شَاهِدٌ حَلَفَ مَعَهُ كَحَلِفِ الْوَرَثَةِ وَلَوْ أوصى لَهُ بِعِتْقِهِ لم يحلف لَهُ مَعَ شَاهِدٍ يُقَوَّمُ لِلْمَيِّتِ لِيُعْتَقَ فِيهِ وَالصُّورَتَانِ تولان إِلَى عِتْقٍ وَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ فِي عَبْدٍ لَهُ امْرَأَةٌ وَأَرْبَعَةٌ أَوْلَادٍ أَحْرَارٍ أَوْصَى سَيِّدُهُ بِثُلُثِ مَالِهِ لِجَمِيعِهِمْ تُطَلَّقُ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ إِنْ قَبِلَتْ وَالثُّلُثُ بَيْنَ الْوَلَدِ وَالْأَبَوَيْنِ أَسْدَاسٌ لِلْعَبْدِ الثُّلُثُ مِنْ نَفْسِهِ وَلِبَنِيهِ أَرْبَعَةُ أَسْدَاسٍ وَيُعْتَقُ نَصِيبُهُ وَنَصِيبُهُمْ وَبِيَدِ الزَّوْجَةِ سُدُسُ ثُلُثٍ يَنْضَم إِلَى مَا يَقَعُ لَهُ وَلِبَنِيهِ مِنْ بَقِيَّةِ الثُّلُثِ فَإِنْ وَسِعَ بَقِيَّةَ الْعَبْدِ عَتَقَ وَإِلَّا فَمَا وَسِعَ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ فِيهِ وَمَا عَتَقَ فِي سَهْمِهِ وَسَهْمِ بَنِيهِ وَيَبْقَى سَهْمُ الْمَرْأَةِ فَإِنْ بَقِيَ لِلْعَبْدِ وَلِبَنِيهِ مِنَ الثُّلُثِ بَقِيَّةٌ فَهِيَ عَلَى خَمْسَةِ أَجْزَاءٍ عَتَقَ سُدُسُ الْمَرْأَةِ فِيمَا لِلْعَبْدِ مِنْ بَقِيَّةِ الثُّلُثِ فَإِنْ لَمْ يَفِ عَتَقَ بَاقِيهِ عَلَى بَنِيهِ فِيمَا لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ وَغَيْرِهِ إِنْ قَبِلُوا الْوَصِيَّةَ وَلَا يَقُوَّمُ عَلَى الْعَبْدِ بَاقِيهِ فِي مَالٍ إِنْ كَانَ لَهُ عَلَى مُقْتَضَى رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ جَعَلَ ثُلُثَيِ الْوَرَثَةِ مِنَ الْعَبْدِ تُقَوَّمُ عَلَى الْعَبْدِ وَعَلَى بَنِيهِ وَلَمْ يَبْدَأْ بِالتَّقْوِيمِ عَلَى الْعَبْدِ فَإِنْ عَجَزَ قُوِّمَ عَلَى بَنِيهِ فِيمَا وَرِثُوا فِي غَيْرِهِ وَالتَّحْقِيقُ لَا فَرْقَ بَيْنَ ثُلُثَيِ الْوَرَثَةِ وَسُدُسِ الْمَرْأَةِ وَيَنْبَغِي عَلَى مَذْهَب ابْن الْقَاسِم لَو لَمْ يَقْبَلِ الْوَلَدُ الْوَصِيَّةَ فِي رَقَبَةِ أَبِيهِمْ إِن يعْتق ذَلِك عَلَيْهِم وَإِن لَا يُقَوَّمَ عَلَيْهِمْ فِي بَقِيَّةِ الثُّلُثِ كَمَنْ أَوْصَى لِوَلَدِهِ بِمَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يُعْتَقُ وَلَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ وَعَلَى قَوْلِ غَيْرِهِ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِمْ مِنْهُ شَيْءٌ قَالَ سَحْنُونٌ فَإِنْ أَوْصَى لِعَبْدِهِ بِثُلُثِ مَالِهِ وَلِلْعَبْدِ وَلَدٌ رَقِيقٌ لِلسَّيِّدِ فَالْأَبُ أَوْلَى بِالثُّلُثِ يُعْتَقُ فِيهِ فَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ دَخَلَ فِيهِ الِابْنُ بِالْعِتْقِ مَا بَلَغَ الثُّلُثَ ثُمَّ قَالَ الَّذِي يُعْتَقُ عَلَى بنيه مَا صَار لَهُم مِنْهُم فِي الْوَصِيَّة وَيَأْخُذُ مَا بَقِيَ مَالًا مَعَ أَنَّ مَذْهَبَهُ أَنَّهُ إِذَا أَوْصَى لِعَبْدِهِ بِثُلُثِهِ إِنَّمَا يُعْتَقُ ثُلُثُهُ بِلَا تَقْوِيمٍ عَلَى نَفْسِهِ فَكَيْفَ قَالَ

(فرع)

هَاهُنَا يستتم فِي بَقِيَّة الثُّلُث وَإِذا حمل عَلَيْهِ فِي بَقِيَّةِ الثُّلُثِ عَلَى قَوْلِهِ كَمُلَ عَلَيْهِ ابْنُهُ فِي بَقِيَّةِ الثُّلُثِ قَالَ ابْنُ يُونُس قَالَ ابْن كنَانَة أَوْصَى بِأَنْ يُبَاعَ مِنْهُ بِعَشَرَةٍ لِأَخِيهِ وَلِلْعَبْدِ بَقِيَّةُ نَفْسِهِ بِيعَ مِنْهُ بِمَا ذَكَرَ لِأَخِيهِ وَعَتَقَ بَاقِيهِ إِنْ حَمَلَ الثُّلُثَ وَيُقَوَّمُ فِي ذَلِكَ بِمَالِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَوْصَى أَنْ يُبَاعَ بِثَلَاثِينَ مِنْهَا لِفُلَانٍ عَشَرَةٌ فَبِيعَ بِذَلِكَ فَأَكْثَرَ لَا يُزَادُ عَلَى الْعَشَرَةِ أَوْ بِأَقَلَّ وَأَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ فَلَهُ مَا زَادَ عَلَى عِشْرِينَ أَوْ بِعِشْرِينَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَوْصَى لَهُ بِالزَّائِدِ عَلَيْهَا وَقِيلَ لَهُ ثُلُثُ مَا بِيعَ بِهِ مُطْلَقًا بِأَقَلَّ من ثَلَاثِينَ لِأَنَّهُ لَهُ بِثُلُثٍ ثَلَاثِينَ وَقَالَ أَشْهَبُ لَهُ عَشَرَةٌ وَلَوْ لَمْ يُبَعْ إِلَّا بِهَا فَأَقَلَّ لِأَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِهَا قَالَ مَالِكٌ وَإِذَا قَالَ ثُلُثُ عَبْدِي لَهُ وَلَهُ مِائَةُ دِينَارٍ لَيْسَ لَهُ أَن يَأْخُذ بِالْمِائَةِ فِي نَفْسِهِ عِتْقًا لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَوْصَى لَهُ بِهَا مَالًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَوْ أَوْصَى لَهُ بِثلث مَاله وَأوصى بِعِتْق عبد آخر بيد الْمُوصى بِعِتْقِهِ لِأَنَّهُ عَتَقَ عَلَى الْمَيِّتِ وَذَلِكَ عِتْقٌ عَلَى نَفْسِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِابْنِ عَبْدِهِ وَالِابْنُ حُرٌّ كَبِيرٌ وَقَبِلَ الْوَصِيَّةَ عَتَقَ عَلَيْهِ أَبُوهُ أَوْ لَمْ يَقْبَلْ عَتَقَ ثُلُثُ الْأَبِ لِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ فَهُوَ أَولا يَفْتَقِرُ إِلَى الْقَبُولِ وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا عَتَقَ ثُلُثُهُ فَقَطْ وَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ مَالِهِ وَفِي التَّرِكَةِ أَخُوهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْكَبَّ عَنْهُ حَذِرَ الْعِتْقِ بَلْ إِنْ قَبِلَ عَتَقَ عَلَيْهِ كُلُّهُ وَرُدَّ لِلْوَرَثَةِ بَقِيَّةُ الْقِيمَةِ وَلَهُ قَبُولُ الْوَصِيَّةِ إِلَّا ثُلُثَ أَخِيهِ وَلَا يَلْزَمُهُ عِتْقُ بَاقِيهِ بَلْ يُعْتَقُ ثُلُثُهُ لِدُخُولِهِ فِي مَاله (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ أَوْصَى بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ سَنَةً لَا يَبِيعُهُ الْوَرَثَةُ عَلَى الْقَبْضِ بَعْدَ سَنَةٍ لِأَنَّهُ معِين بتأخر قَبضه فَهُوَ غرر وَإِذا أَوْصَى بِخِدْمَةٍ أَوْ غَلَّةِ نَخْلٍ أَوِ السُّكْنَى سَنَةً جَعَلَ فِي الثُّلُثِ قِيمَةَ الرِّقَابَ فَإِنْ حَمَلَهَا نَفَذَتِ الْوَصَايَا وَإِلَّا خُيِّرَ الْوَرَثَةُ فِي إِجَازَةِ ذَلِكَ أَوْ يَقْطَعُ الْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْمَيِّتِ فِي كُلِّ شَيْءٍ بَتْلًا قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ لَوْ لَمْ يَعْلَمِ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ حَتَّى انْقَضَتِ السَّنَةُ بِأَنْ يَشْتَرِيَهُ وَيُودِعَهُ فَيُسَافِرَ ثُمَّ يَقْدُمُ فَيَعْلَمُ وَيَرْضَى قِيلَ يَفْسُدُ لِوُقُوعِهِ أَوَّلًا فَاسِدًا عَلَى الْخِلَافِ فِي

عِلْمِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِالْفَسَادِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِهِ يُخَيَّرُ فِي التَّمَسُّكِ وَلَا كِرَاءَ لَهُ فِي السَّنَةِ أَوْ يُقَسَّمُ الْبَيْعُ لِأَنَّهُ عَيْبٌ قَالَ التُّونُسِيُّ إِنَّمَا جُعِلَتِ الرَّقَبَةُ فِي الثُّلُثِ لِأَنَّ الْمَيِّتَ أَخْرَجَهَا عَنِ الْوَرَثَةِ مَعَ الْخِدْمَةِ مَعَ إِمْكَانِ عَدَمِ الرُّجُوعِ إِلَيْهِمْ وَأَوْصَى مَعَ ذَلِكَ بِوَصَايَا قَوِّمَتِ الْخِدْمَةُ بِقَدْرِهَا وَحُوصِصَ بِهَا لِأَنَّ الرَّقَبَة هَاهُنَا سقط إخْرَاجهَا عَن الْوَرَثَة وَيصير إِنَّمَا لَهُ مَال يحاصص بِهِ وَهُوَ قِيمَةُ الْخِدْمَةِ وَهُوَ حُكْمُ الْغَلَّاتِ كُلِّهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ لَوْ قَالَ عَبْدِي لِفُلَانٍ بَعْدَ سَنَةٍ أَوْ يَخْدِمُ فُلَانًا سَنَةً أَوْ هُوَ لِفُلَانٍ فَأَصْلُ مَالِكٍ أَنَّهُ مَتَى زَادَ عَلَى ثُلُثِهِ وَأَبَى الْوَرَثَةُ الْإِجَازَةَ فَإِنَّهُمْ يُخْرِجُونَ لِأَرْبَابِ الْوَصَايَا مِنْ ثُلُثِ الْمَيِّتِ مِنْ عَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ أَوْ غَيْرِهِمَا إِلَّا فِي خَصْلَةٍ وَاحِدَةٍ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِيهَا دَابَّةٌ بِعَيْنِهَا أَوْ عَبْدٌ بِعَيْنِهِ وَضَاقَ الثُّلُثُ فَقَالَ مَرَّةً كَمَا تَقَدَّمَ وَعَنْهُ يُعْطَى مَبْلَغَ ثُلُثِ التَّرِكَةِ فِي ذَلِكَ الْمُعَيَّنِ لِاخْتِصَاصِ الْوَصِيَّةِ بِهِ قَالَ وَهُوَ الصَّوَابُ الَّذِي يَثْبُتُ عَلَيْهِ قَوْلُ مَالِكٍ وَمَنْ قَالَ يَخْدِمُ فُلَانًا سَنَةً ثُمَّ هُوَ حُرٌّ فَلَمْ يَقْبَلْ فُلَانٌ خَدَمَ الْوَرَثَةَ ثُمَّ عَتَقَ وَلَوْ وَهَبَهَا الْعَبْدَ أَوْ بَاعَهَا مِنْهُ فَهُوَ قَبُولٌ وَيُعْتَقُ مَكَانَهُ لِسُقُوطِ الْخِدْمَةِ الْمَانِعَةِ مِنَ الْعِتْقِ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا أَجَّرَهُ لَهُ السُّلْطَانُ وَعَتَقَ بَعْدَ الْأَجَلِ إِلَّا أَن يُرِيد فِي الْكَفَالَةِ وَالْحَضَانَةِ فَيُنْتَظَرُ وَيُكْتَبُ إِلَيْهِ أَوْ يَخْرُجُ الْعَبْدُ إِلَيْهِ فَإِنِ انْقَضَتِ السَّنَةُ مِنْ يَوْمِ مَوْتِ الْمُوصِي عَتَقَ خَدَمَ أَمْ لَا كَمَا لَوْ قَالَ مَالِكٌ لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ اخْدِمْنِي سنه وَأَنت حرفأبق أَوْ مَرِضَ حَتَّى مَضَتِ السَّنَةُ عَتَقَ أَوْ قَالَ عَبْدِي حُرٌّ بَعْدَ عِشْرِينَ سَنَةً فَإِنَّمَا يُحْسَبُ مِنْ يَوْمِ الْمَوْتِ دُونَ الْوَصِيَّةِ وَإِذَا أَوْصَى بِخِدْمَتِهِ لِرَجُلٍ وَبِرَقَبَتِهِ لِآخَرَ بَعْدَ مَوْتِهِ فَنَفَقَتُهُ عَلَى الْمُخْدَمِ لِأَنَّهُ الْحَائِزُ لَهُ وَلِمَنَافِعِهِ الْآنَ وَكَذَلِكَ مَا تَلِدُهُ جَارِيَتُهُ فِي حَيَاتِهِ لِرَجُلٍ وَبِرَقَبَتِهَا لِآخَرَ فَالنَّفَقَةُ عَلَى مَنْ لَهُ الْوَلَدُ وَزَكَاةُ الْفِطْرِ هَلْ هِيَ عَلَى الْمُخْدَمِ أَوْ صَاحِبِ الرَّقَبَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْكِتَابِ قَوْلَانِ قَالَ اللَّخْمِيُّ حِسَابُ السَّنَةِ فِي الْغَائِبِ مِنْ يَوْم الْمَوْت مَحْمُول على أَن المموصي اعْتَقَدَ أَنَّهُ حَاضِرٌ وَإِلَّا فَالسَّنَةُ مِنْ يَوْمِ وُصُولِ الْعَبْدِ إِلَيْهِ

(فرع)

وَخَدَمَهُ مَا بَيْنَ وُصُولِهِ إِلَيْهِ لِلْوَرَثَةِ وَنَفَقَتُهُ عَلَيْهِم والموصي يخْدم فُلَانًا حَيَاتَهُ يُخْدَمُ وَلَدُهَا مَعَهَا وَكَذَلِكَ وَلَدُ الْمُخْدَمِ مِنْ أَمَتِهِ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ لِأَنَّ الْخِدْمَةَ تَقْرِيرٌ لِمَا أَوْصَى بِهِ وَأَمَّا نَحْوُ ثَلَاثِ سِنِينَ وَهُوَ يَرْضَعُ لَا يَبْلُغُ الْخِدْمَةَ قَبْلَ الْحُرِّيَّةِ عَتَقَ الْوَلَدُ الْآنَ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِي إيقافه إِذا لَا خِدْمَةَ لَهُ فِي ذَلِكَ الْأَجَلِ وَإِنْ كَانَ الْمَرْجِعُ لِرَجُلٍ فَالْوَلَدُ لَهُ مِنَ الْآنَ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ عَنْ مَالِكٍ فِي نَفَقَةِ الْمُخْدَمِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ عَلَى الْمُخْدَمِ فِي مَالِ نَفْسِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَعَلَى مَنْ لَهُ الْخِدْمَةُ وَفِي الْكِتَابِ زَكَاةُ الْفِطْرِ عَلَى رَبِّهِ وَإِنْ جَعَلَ رَقَبَتَهُ لِآخَرَ فَعَلَى صَاحِبِ الرَّقَبَةِ وَقَالَ أَشْهَبُ عَلَى مَنْ لَهُ الْخِدْمَةُ فِيهِمَا (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ وَلَدُ الْأَمَةِ لِلْمُوصَى بِعِتْقِهَا قَبْلَ مَوْتِ سَيِّدِهَا رَقِيقٌ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ إِنَّمَا تُعْتَبَرُ بَعْدَ الْمَوْتِ لِأَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ قَبْلَ ذَلِكَ وَبَعْدَ مَوْتِهِ حُرٌّ مَعَهَا فِي الثُّلُثِ أَوْ مَا حَمَلَ الثُّلُثُ بِغَيْرِ قرعَة قَالَ التّونسِيّ لم يذكر هَاهُنَا خِلَافًا كَالثَّمَرَةِ تَحْدُثُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي فَقَالَ مَرَّةً تُقَوَّمُ الْأُصُولُ وَحْدَهَا فَإِنْ خَرَجَتْ مِنَ الثُّلُثِ تَبِعَهَا الثَّمَرَةُ وَقَالَ مَرَّةً يُقَوَّمُ الْجَمِيعُ وَأَمَّا إِنْ أَوْصَى بِحَمْلِ الْأَمَةِ فَإِنْ خَرَجَتِ الْأُمُّ مِنَ الثُّلُثِ عَتَقَ الْوَلَدُ إِذَا خَرَجَ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنَ الثُّلُثِ عَتَقَ مِنْهُمَا مَا حَمَلَ الثُّلُثُ وَلَمْ يَقْطَعْ بِالثُّلُثِ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْجَنِينِ كَمَا قَالَ فِي السُّكْنَى وَالْخِدْمَةِ لِأَنَّ الْجَنِينَ كَأَنَّهُ بَعْضُ الْأَمَةِ فَقَطَعَ لَهُ فِي جِنْسِهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَوْ مَاتَتِ الْأُمُّ قَبْلَ الْقِيَامِ فِي الثُّلُثِ عَتَقَ وَلَدُهَا بَعْدَ الْمَوْتِ مِنَ الثُّلُثِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْصَى بِعِتْقِهَا وَهِيَ حَامِلٌ وَقَالَ وَلَدُهَا مَمْلُوكٌ فَوَلَدَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ عَتَقَ وَلَا يَنْفَعُ اسْتِثْنَاؤُهُ لِأَنَّهُ على خلاف عِنْد الْوَصِيَّةِ قَالَ مَالِكٌ وَلَوْ أَوْصَى أَنْ تُبَاعَ مِمَّن أحبت وَكَانَت حَامِلا فَتَأَخر ذَلِكَ حَتَّى وَلَدَتْ فَوَلَدُهَا مَعَهَا حُرٌّ لِلْوَصِيَّةِ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ كُلَّ ذَاتِ رَحِمٍ فَوَلَدُهَا

(فرع)

بِمَنْزِلَتِهَا وَيُرْوَى ذَلِكَ حَدِيثًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَو أَوْصَى أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ بِثَمَنِ جَارِيَةٍ فَوَلَدَتْ بَعْدَ الْمَوْتِ دَخَلَ وَلَدُهَا مَعَهَا وَإِنْ أَوْصَى أَنَّهَا حُرَّةٌ إِنْ أَسْلَمَتْ فَغَفَلَ عَنْهَا بَعْدَ مَوْتِهِ حَتَّى وَلَدَتْ ثُمَّ أَسْلَمَتْ دَخَلَ وَلَدُهَا مَعهَا وَكَذَلِكَ إِن ودت عَشَرَةَ دَنَانِيرَ أَوْ إِنْ رَضِيَ أَبِي فَهِيَ حُرَّةٌ فَغَفَلَ عَنْهَا حَتَّى وَلَدَتْ ثُمَّ كَانَ ذَلِك وَلَا يَجْعَل بَيْعُهَا إِنْ أَبَتْ أَنْ تَبْذُلَ عَشَرَةً حَتَّى يَرْدُدَ عَلَيْهَا فَتَأْبَى وَلَهَا الرُّجُوعُ مَا لَمْ يَنْفُذْ فِيهَا حُكْمُ بَيْعٍ أَوْ قِسْمَةٍ لِأَنَّهُ حَقُّهَا حَتَّى تُمَكَّنَ مِنْ تَعَلُّقِ حَقِّ غَيْرِهَا وَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِعَشَرَةٍ مِنْ غَنَمِهِ فَمَاتَ وَهِيَ ثَلَاثُونَ فَصَارَتْ خَمْسِينَ قَالَ سَحْنُونٌ لَهُ خُمْسُهَا وَقَالَهُ أَشْهَبُ وَقَالَ مَرَّةً لَهُ مِنَ الْأَوْلَادِ بِعَدَدِ الْأُمَّهَاتِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ أَوْصَى بِحَمْلِ أَمَةٍ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ ثُمَّ أَعْتَقَهَا هُوَ أَوْ وَرِثَتُهُ عَتَقَ وَبَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ وَغَيْرُهَا لِأَنَّهُ لَوْ وَهَبَهَا ثُمَّ فَلَسَ بِيعَتْ وَمَا فِي بَطْنِهَا لِلْمُشْتَرِي قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ إِذَا أَعْتَقَهَا الْوَارِثُ قَبْلَ الْوَضْعِ فَوَلَاؤُهَا لِلْوَارِثِ الْمُعْتِقِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا أَوْصَى بِجَنِينِ أمة لزيد جعل فِي الثُّلُث الْأُم لِامْتِنَاعِ الْوَرَثَةِ مِنَ التَّصَرُّفِ فِيهَا فَإِنْ لَمْ يحملهَا الثُّلُث وَلم يجيزوا الْوَصِيَّة بِالْعِتْقِ جعل فِي الثُّلُث الْأَمَةِ وَعَتَقَ مِنْهَا وَمِنْ وَلَدِهَا مَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ وَإِنْ كَانَتِ الْوَصِيَّةُ لِرَجُلٍ قُطِعَ لَهُ بِثُلُثِ الْمَيِّتِ سَابِقًا لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِهِ مُعَاوَضَةٌ مِنَ الْمَيِّتِ لِأَخْذِهِ سَهْمًا أَقَلَّ مِنَ الثُّلُثِ وَهُوَ الْجَنِينُ وَوَقَفَ عَلَيْهِمُ التَّصَرُّفُ فِي الْأُمِّ بِخِلَافِ إِذَا أَوْصَى بِعِتْقِهِ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ الْوَصِيَّةِ بِالْعِتْقِ جَمْعُ ثُلُثِ الْمَيِّتِ فِي عَيْنِ الْمُعْتِقِ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ لَمَّا تَعَذَّرَ جَعْلُ الثُّلُثِ فِي الْجَنِينِ جُعِلَ فِي الْأُمِّ لِيَنَالَ مِنِ الْعِتْقِ أَكْثَرَ مِمَّا يَكُونُ لَوْ كَانَ شَائِعا فَإِن أَوْصَى بِالْجَنِينِ لِرَجُلٍ وَبِالْأُمِّ لِآخَرَ فَأَعْتَقَ الْأُمَّ الْمُوصَى لَهُ بِهَا فَفِي الْكِتَابِ يُمْضَى عِتْقُ الْأُمِّ وَيَسْقُطُ حَقُّ الْمُوصَى لَهُ بِالْوَلَدِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُوقَفُ عِتْقُ الْأَمَةِ حَتَّى تَضَعَ فَيُقَوَّمُ الْوَلَدُ عَلَى أَنْ يُعْتِقَ الْأُمَّ فَيُعْتِقَانِ وَعنهُ أَيْضا

(فرع)

يُوقَفُ عِتْقُهَا حَتَّى تَضَعَ فَيَأْخُذَ الْوَلَدُ الْمُوصَى لَهُ بَعْدُ وَيَمْضِي عِتْقُ الْأُمِّ بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَهُوَ أَحْسَنُ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ عِتْقَ الْوَلَدِ لَا يُسْرَى لِلْأُمِّ وَلَيْسَ لِمَنْ أَعْتَقَ بَعْضَ الْأُمِّ وَإِنْ وَهَبَهُ ثُمَّ أَعْتَقَ الْأُمَّ قَبْلَ الْحَوْزِ مَضَى الْعِتْقُ وَسَقَطَ حَقُّ الْمَوْهُوبِ مِنَ الْوَلَدِ وَبَعْدَ الْحَوْزِ امْتَنَعَ عِتْقُ الْأُمِّ حَتَّى تَضَعَ (فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا أَوْصَى لِبِكْرٍ لَا وَلِيَّ لَهَا وَدَفَعَ الْوَرَثَةُ ذَلِكَ لَهَا بِغَيْر اذن الإِمَام برأوا لِأَنَّهُ أَوْصَى بِدَفْعِ ذَلِكَ إِلَيْهَا قَالَ وَأَرَى إِنْ كَانَ لَهَا وَصِيٌّ أَنْ يُدْفَعَ إِلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْمَيِّتَ أَرَادَ دَفْعَ ذَلِكَ إِلَيْهَا تَوْسِعَةً فِي مَطْعَمِهَا (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا أَوْصَى بِشِرَاءِ عَبْدِ ابْنِهِ لَا يُزَاد على قِيمَته لِئَلَّا يكون وَصِيَّة للْوَارِث بِخِلافِ الْأَجْنَبِيِّ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا قَتَلَ الْمُوصَى لَهُ الْمُوصِي خَطَأً جَازَتِ الْوَصِيَّةُ فِي المَال دون الدِّيَة لِأَن الْوَصِيَّة إِنَّمَا تخل فِيمَا عَلِمَهُ الْمُوصِي أَوْ عَمْدًا فَلَا فِي الْمَالِ وَلَا فِي الدِّيَةِ قِيَاسًا عَلَى الْوَارِثِ وَإِنْ أَوْصَى لَهُ بَعْدَ أَنْ ضَرَبَهُ خَطَأً وَعَلِمَ بِهِ جَازَتْ فِي الْمَالِ وَالدِّيَةِ لِعِلْمِهِ بِهَا وَيَجُوزُ فِي الْمَالِ دُونَ الدِّيَةِ فِي الْعَمْدِ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يُصَالِحُ عَلَيْهَا فَهِيَ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ لَهُ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ إِذَا حَيِيَ حَيَاةً بَيِّنَةً وَعُرِفَ مَا هُوَ فِيهِ وَالْوَصِيَّةُ مُقَدَّمَةٌ وَلَمْ يُغَيِّرْهَا وَلَا جَدَّدَ أَمْرًا فَقيل ينفذ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي كِتَابِ الدِّيَاتِ وَتَدْخُلُ الْوَصَايَا فِي ذَلِكَ عَلَى الْعُمُومِ وَقِيلَ لَا تدخل إِلَّا إِن ينص عَلَيْهَا وَلَو قبله الْمُوصَى لَهُ عَمْدًا قَالَ فِي الْهِبَاتِ تَبْطُلُ الْوَصِيَّة وَلم بفصل عَلِمَ أَمْ لَا وَلَا يَتْرُكُونَهَا فِي مَالٍ وَلَا دِيَةٍ وَعَنْهُ إِنْ قَتَلَهُ عَمْدًا بَعْدَ الْوَصِيَّة بطلت لإرادته بتعجيل مَا أَحَلَّهُ اللَّهُ تَعَالَى وَعَنْهُ تَبْطُلُ فِي الْمَالِ وَالدِّيَةِ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ قَتَلَهُ عَمْدًا فَيُوصِيَ لَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ فَيَجُوزُ فِي الْمَالِ دُونَ الدِّيَةِ إِنْ قُبِلَتْ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَجُوزُ فِي الْمَالِ دُونَ الدِّيَةِ عَلِمَ أَمْ لَا لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ بِتَعْجِيلِ الْوَصِيَّةِ وَجَعَلَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ هَذَا مَعْنَى مَا

فِي الْكِتَابِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ قَالَ بَعْضُ الصَّقَلِّيِّينَ قَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ إِذَا قَتَلَهُ خَطَأً الْوَصِيَّةُ فِي الْمَالِ دُونَ الدِّيَةِ مَعْنَاهُ إِذَا مَاتَ بِالْفَوْرِ أَمَّا لَوْ حَيِيَ وَعَرَفَ مَا هُوَ فِيهِ كَانَتْ فِي الْمَالِ وَالدِّيَةِ قَالَ التُّونُسِيُّ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ إِنْ قَالَ إِنْ قَبِلَ وُلَاتِي الدِّيَةَ فَالْوَصَايَا فِيهَا لَمْ تَدْخُلِ الْوَصَايَا فِي الدِّيَةِ إِنْ قَبِلُوهَا لِأَنَّ عَفْوَهُمْ مَشْكُوكٌ فِيهِ قَالَ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ لَوْ قِيلَ غَرِقَتْ سَفِينَتُكَ فَقَالَ إِنْ سَلِمَتْ فَالْوَصَايَا فِيهَا هَلْ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ لَا تَدْخُلُ الْوَصَايَا فِيهَا وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ إِنْ أَوْصَى لِمُكَاتَبٍ فَقَتَلَهُ سَيِّدُ الْمُكَاتَبِ إِنْ كَانَ ضَعِيفًا عَنِ الْأَدَاءِ وَالْأَدَاءُ أَحَبُّ لِلسَّيِّدِ امْتَنَعَتِ الْوَصِيَّةُ لَهَا تهمامه فِي تَعْجِيلِ مَنْفَعَتِهِ أَوْ قَوِيًّا عَلَى الْأَدَاءِ وعجزه احب لسَيِّده جَازَت فِي الثُّلُثِ وَإِنْ كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً جَازَتْ مُطلقًا والمستحسن هَاهُنَا أَنْ تَكُونَ مِنَ الثُّلُثِ وَالدِّيَةِ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ غَيْرُ الْقَاتِلِ فَالْآخِذُ غَيْرُ الْغَارِمِ وَإِنْ أَوْصَى لِعَبْدِ رَجُلٍ أَوْ مُدَبَّرِهِ أَوْ مُعَتَقِهِ إِلَى أَجَلٍ فَقَتَلَهُ سَيِّدُ الْمُوصَى لَهُ بَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ إِلَّا فِي التَّافِهِ الَّذِي لَا يُتَّهَمُ فِيهِ وَإِنْ كَانَتْ خَطَأً جَازَتْ وَاسْتُحْسِنَ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ مِنَ الثُّلُثِ وَالدِّيَةِ فَلَوْ قَتَلَهُ أَبُو الْمُوصي أَوِ ابْنُهُ أَوِ امْرَأَتُهُ أَوْ عَبْدُهُ جَازَتِ الْوَصِيَّةُ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ فَلَوْ وَهَبَ فِي مَرَضِهِ فَقَتَلَهُ الْمَوْهُوبُ بَعْدَ الْقَبْضِ أَوْ قَبْلَهُ نَفَذَتْ مِنَ الثُّلُثِ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ لَهُ بدين فَقتله وَلَو كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا أَخَذَهُ حَالًّا وَلَا يُتَّهَمُ فِي تَعْجِيلِ الدَّيْنِ كَأُمِّ الْوَلَدِ إِذَا قَتَلَتْ سَيِّدَهَا فَعَفَا عَنْهَا عُجِّلَ عِتْقُهَا وَقَدْ قِيلَ إِذَا عَلَّقَ عِتْقَ عَبْدِهِ عَلَى مَوْتِ دَابَّةٍ فَقَتَلَهَا الْعَبْدُ عُدْوَانًا تُعَمَّرُ وَيُعْتَقُ بَعْدَ تَعْمِيرِهَا وَلَوْ قَامَتِ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْقَتْلِ فَعَفَا الْوَلَدُ عَنْهُ صَحَّ عَفْوُهُ وَلَا يَرِثُهُ لِاتِّهَامِهِ فِي الْعَفْوِ عَلَى الْمِيرَاثِ بَلْ لَهُ أَنْ يُوصِيَ لَهُ بِقَدْرِ إِرْثِهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ وَارِثٍ بِخِلَافِ الْإِبْرَاءِ إِلَّا أَنْ يَجْعَلَ وَصِيَّتَهُ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ

(فرع)

فَأَشْبَهَ قَوْلَهُ أَعْتَقْتُ هَذَا فِي صِحَّتِي تَبْطُلُ وَلَا تَكُونُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَلَا ثُلُثَ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَقِيلَ مِنَ الثُّلُثِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَوْ أُنْفِذَتْ مُقَاتِلُهُ وَقَبِلَتْ وُلَاتُهُ الدِّيَةَ وَهُوَ حَيٌّ فَعَلِمَ بِهَا فَأُوصِيَ فِيهَا دَخَلَتْ فِيهَا وَصَايَاهُ لِعِلْمِهِ بِهَا وَلَوْ أَوْصَى لِمَعْتُوهٍ نَفَذَتِ الْوَصِيَّةُ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ لِعَدَمِ الْقَوْلِ الْمُرْشِدِ لَهَا وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ قَالَهُ أَشْهَبُ وَفِي الْكِتَابِ أَوْصَى لِامْرَأَتِهِ فِي صِحَّتِهِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ مَاتَ بَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ وَفِي الْمَجْمُوعَةِ أَوْصَى لِابْنِهِ الْعَبْدِ أَوِ النَّصْرَانِيِّ فَعَتَقَ أَوْ أَسْلَمَ قَبْلَ الْمَوْتِ بَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ لِأَنَّ الْوَصَايَا إِنَّمَا تُعْتَبَرُ عِنْدَ الْمَوْتِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ أَوْصَى لَهُ بَعْدَ الْجِنَايَةِ وَلَمْ يَعْلَمْ قَاتِلَهُ لَا شَيْءَ لَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ عَلِمَ وَأَوْصَى لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا أَوْصَى لَهُ بَعْدَ الْجِنَايَةِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ نَفَذَتِ الْوَصِيَّةُ وَقَاسَ مَالِكٌ الْقَتْل عَلَى الْمِيرَاثِ وَهُمَا مُخْتَلِفَانِ لِأَنَّهُ لَوْ أَوْصَى أَنْ يُورَثَ مِنَ الدِّيَةِ مَا جَازَ وَلَوْ أَوْصَى لِغَيْرِ الْوَارِثِ بِثُلُثِ الدِّيَةِ جَازَ وَتَعَلُّقُهُمْ بِأَنَّ الدِّيَةَ تَجِبُ عَلَيْهِ فَلَا يَأْخُذْ مِنْهَا لِئَلَّا يُؤَدِّيَ لِعَدَمِ الْقِيَامِ بِالْوَاجِبِ يَبْطُلُ فَإِذَا أَوْصَى لِغَرِيمِهِ بِثُلُثِ مَالِهِ فَلِلْغَرِيمِ مِنَ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ ثُلُثُهُ وَلَوْ جَنَى عَلَى عَبْدٍ مَرِيضٍ فَلِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُ قِيمَةِ ذَلِكَ الْعَبْدِ وَلَوْ أَوْصَى لِامْرَأَةٍ فِي صِحَّتِهِ فَتَزَوَّجَهَا فِي صِحَّتِهِ بَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ لِأَنَّهَا وَارِثَةٌ أَوْ تَزَوَّجَهَا فِي مَرَضِهِ لَمْ تَبْطُلْ وَلَوْ أَوْصَى لَهَا فِي الْمَرَضِ وَتَزَوَّجَهَا فِي الْمَرَضِ فَكَذَلِكَ لِأَنَّ النِّكَاح فَاسد وَإِن تزَوجهَا فِي الصِّحَّة وطلقا فِي الْمَرَضِ ثُمَّ أَوْصَى بَطَلَتْ لِأَنَّ الطَّلَاقَ فِي الْمَرَضِ لَا يُبْطِلُ الْمِيرَاثَ طَلَّقَهَا بِرِضَاهَا أم لَا قَالَ وَأرى إِن سَأَلَهَا أَن لَا تَرِثَ وَلَهَا الْوَصِيَّةُ إِنْ كَانَتْ مِثْلَ مِيرَاثِهَا فَأَقَلَّ وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ لَمْ تُعْطَ الزَّائِدَ لاتهامها فِي الْعَمَل على ذَلِك وَلَو هَب أَخَاهُ فِي مَرَضِهِ هِبَةً فَقَبَضَهَا ثُمَّ مَاتَ بَطَلَتْ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ مِنَ الثُّلُثِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا مَاتَ الْمُوصَى لَهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي فَالْوَصِيَّةُ لِوَرَثَتِهِ عَلِمَ بِهَا أَوْ لَا لِأَنَّهَا حَقُّ مَوْرُوثِهِمْ وَلَهُمْ عَدَمُ الْقَبُولِ كَالشُّفْعَةِ وَخِيَارِ الْبَيْعِ إِذَا انْتَقَلَ إِلَيْهِمْ قَالَ

(فرع)

اللَّخْمِيُّ إِذَا مَاتَ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي بَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ لِأَنَّهَا إِنَّمَا تُعْتَبَرُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَعِنْدَ موت الْمُوصي هَل هُوَ غَيْرُ أَهْلٍ وَوَافَقَنَا ش فِي الْمَوْتِ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَهَا أَنَّهَا تَبْطُلُ أَوَّلًا فَتُنْقَلُ لِلْوَرَثَةِ فِي الثَّانِي وَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ الْأَشْبَهُ إِذَا مَاتَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي أَنْ تَكُونَ لِوَرَثَةِ الْمُوصِي لِأَنَّهَا عَلَى مِلْكِ مَوْرُوثِهِمْ حَتَّى تَخْرُجَ بِالْقَبُولِ مِنَ الْمُوصَى لَهُ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ تَبَيَّنَ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْقَبُولَ لَا يُشْتَرَطُ قبل مَوته وَلَا علمه وَقَالَ الْأَبْهَرِيّ وَتَكون لِوَرَثَتِهِ إِذَا قَبِلَهَا وَقِيلَ تُورَثُ عَنْهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَيْسَ لِوَرَثَتِهِ رَدُّهَا وَلَا يَحْتَاجُونَ لِقَبُولٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا مَاتَ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي وَبَطَلَتْ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ هَلْ يُحَاصُّ بِهَا وَرَثَةُ الْمُوصِي أَهْلَ الْوَصَايَا أَمْ لَا (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ لَا تَدْخُلُ الْوَصِيَّةُ إِلَّا فِيمَا عَلِمَهُ الْمَيِّتُ لِأَنَّهُ الَّذِي تَوَجَّهَ إِلَيْهِ الْقَصْدُ وَالْوَصَايَا وَيَدْخُلُ الْمُدَبَّرُ فِي الصِّحَّةِ فِيمَا عَلِمَ وَمَا لَمْ يَعْلَمْ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ تَمْلِيكٌ فَافْتَقَرَتْ لِلْوَصِيِّ وَالْمُدَبَّرُ يَخْرُجُ مِنَ الثُّلُثِ بِحُكْمِ الشَّرْعِ دُونَ السَّيِّدِ وَإِنْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ أَوْ عِتْقٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَا مَالَ لَهُ أَوْ كَانَ لَهُ ثُمَّ هَلَكَ عَنْ مَالٍ مُسْتَفَادٍ أَوْ مَوْرُوثٍ وَعَلِمَ بِذَلِكَ الْمَالِ قَبْلَ مَوْتِهِ دَخَلَتْ فِيهِ الْوَصَايَا وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلَا وَكُلُّ مَا يَرْجِعُ بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْ عُمْرَى أَوْ غَيْرِهَا تَدْخُلُ فِيهِ الْوَصَايَا لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ وَيَرْجِعُ فِيهِ مَنِ انْتُقِصَ مِنْ وَصِيَّتِهِ شَيْءٌ وَإِنْ أَوْصَى بِعِتْقِ كُلِّ مَمْلُوكٍ لَهُ وَقد ورث رَقِيقا لَا يعلم بهم لم يعتقوا وَلَا يُعْتَقُ إِلَّا مَنْ عَلِمَهُ مِنْهُمْ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ ظَاهِرُ الْكِتَابِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُدَبَّرَ فِي الْمَرَضِ وَالْمُبَتَّلَ فِيهِ لَا يَدْخُلَانِ فِي الْمَجْهُولِ وَعَلِيهِ حمله الْمُحَقِّقُونَ وَفِي الْمُوازِية الْمُدبر فِيهَا سَوَاءٌ يَدْخُلَانِ فِي الْمَعْلُومِ وَالْمَجْهُولِ وَاخْتُلِفَ فِي الْمُبَتَّلِ فِي الْمَرَضِ فَفِي الْكِتَابِ لَا يَدْخُلُ وَخَرَّجَ الشُّيُوخُ عَلَى مَا فِي

الْمَوَّازِيَّةِ دُخُولُ الْمُبَتَّلِ لِأَنَّهُ أَقْوَى وَهُوَ بَعِيدٌ لِنَصِّهِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ عَلَى الْفَرْقِ وَلَا قِيَاسَ مَعَ النَّصِّ قَالَ اللَّخْمِيُّ أَرَى إِنْ كَانَت الْوَصِيَّة بِالثُّلثِ لَا ينفذ الْمَعْلُومُ وَصَّى لِوَاحِدٍ أَوْ لِجَمَاعَةٍ مُعَيَّنِينَ أَمْ لَا لِأَنَّهُ الْقَدْرُ الَّذِي وَصَّى بِهِ فَلَوْ وصّى بزكاه أَو كَفَّارَات أَو هذي وضاق الثُّلُث تمت مِمَّا لَا يَعْلَمُ بِهِ لِقَصْدِهِ تَنْفِيذَ ذَلِكَ عَنْهُ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ ذَلِكَ يَخْرُجُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ عِنْدَ ابْنِ شِهَابٍ فَإِنْ أَوْصَى بِتَطَوُّعٍ وَعِدَّةِ وَصَايَا مُخَالِفَةٍ وَضَاقَ الثُّلُثُ فَذَلِكَ أَشْكَلُ وَقَدْ قِيلَ إِنْ قَصَدَ الْمَيِّتُ إِنْفَاذَ جَمِيع ذَلِك من ثُلثي الْوَرَثَة وَلِهَذَا يخيروا بَين الْإِجَازَة والمحاصة فِي الثُّلُث والتبدئه بِالْآكَدِ إِنْ لَمْ يُجِيزُوا فَعَلَى هَذَا تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ فِيمَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ لِأَنَّهُ إِذَا رَغِبَ فِي إِتْمَامِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ مَالِهِ وَهُوَ مَالُ الْوَرَثَةِ فَأَوْلَى مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَقِيلَ الْوَصِيَّةُ عَلَى ثُلُثِهِ لَا غَيْرُ فَعَلَى هَذَا لَا يُخَيَّرُ الْوَرَثَةُ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُمْ وَلَا تَدْخُلِ الْوَصَايَا فِي الْمَجْهُولِ وَاخْتُلِفَ فِي الدَّيْنِ فِي الصِّحَّةِ وَالَّذِي ثَبَتَ عَلَيْهِ مَالِكٌ الدُّخُولُ فِي الْمَعْلُومِ وَالْمَجْهُولِ كَمَا اخْتُلِفَ فِي مُدَبَّرِ الْمَرَضِ وَالَّذِي ثَبَتَ عَلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ عَدَمُ الدُّخُولِ فِي الْمَجْهُولِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الصَّحِيحَ يَجْهَلُ مَا يَمُوتُ عَلَيْهِ فَقَدْ قَصَدَ بِمُدَبَّرِهِ الْمَجْهُولَ وَالْمَرِيضُ يَتَوَقَّعُ الْمَوْتَ فَمَا قَصْدُهُ إِلَّا مَا يَعْلَمُهُ حِينَئِذٍ وَهَذَا مَاتَ مِنْ هَذَا الْمَرَضِ فَإِنْ مَاتَ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِ مَرْضٍ فَكَالصَّحِيحِ وَمَا ذَهَبَ لَمْ يَقْطَعْ بِعَدَمِهِ فَهُوَ كَالْمَعْلُومِ فَإِذَا عَادَ الْآبِقُ دَخَلَتْ فِيهِ الْوَصَايَا وَإِنْ أَيِسَ مِنْهُ وَإِنْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ مُتَّهَمٍ فِيهِ وَلَمْ يُجِزْهُ الْوَرَثَةُ لَمْ تَدْخُلْ فِيهِ الْوَصَايَا لِإِخْرَاجِهِ مِنْ مَالِهِ وَقِيلَ تَدْخُلُ لِتَوَقُّعِهِ عَدَمَ الْإِجَازَةِ وَهَذَا إِذَا كَانَ جَاهِلًا أَمَّا الْعَالِمُ فَإِنَّ حُكْمَ الْوَرَثَةِ التَّخْيِيرُ تَدْخُلُ فِيهِ الْوَصَايَا قَالَ الْأَبْهَرِيُّ إِذَا أَوْصَى بِثُلُثِهِ وَحَدَثَ مَالٌ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ فَعَلِمَ بِهِ حَصَلَتِ الْوَصِيَّةُ فِيهِ وَإِنْ تَقَدَّمَتْ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ ثُلُثُ الْمَالِ عِنْدَ الْمَوْتِ وَلَوْ وهب هبة فَلم تحز عَنْهُ حَتَّى مَاتَ لَا تَدْخُلُ فِيهِ الْوَصِيَّةُ وَإِنْ رَجَعَتْ مِيرَاثًا لِأَنَّهُ أَرَادَ الْوَصِيَّةَ فِيمَا عَداهَا وَفِي شرح الجلأب تدخل فِي الموئس مِنْهُ كَالْعَبْدِ الْآبِقِ عِنْدَ مَالِكٍ لِعِلْمِهِ بِهِ وَعنهُ وَعنهُ عدم الدُّخُول للإياس وَقَالَ ش وح تَدْخُلُ الْوَصَايَا فِي الْمَجْهُولِ مُطْلَقًا لِأَنَّ لَفْظَ الْمَالِ يَتَنَاوَلُهُ وَقَدْ قَالَ ثُلُثُ مَالِي وَانْعَقَدَ إلاجماع على الْجَهَالَة لأننا فِي الْوَصِيَّةِ وَأَنَّ الْوَصِيَّ لَا يَشْتَرِطُ فِي تَفَاصِيلَ بِدَلِيلِ دُخُولِ الْوَصِيَّةِ فِيمَا

(فرع)

يَحْدُثُ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ وَأَنَّ الْجَاهِلَ بِتَفَاصِيلِ مَالِهِ عِنْد الْوَصِيَّة تنفذ وَصيته فِي جملَة مَاله والجوأب قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسِهِ وَالْمَجْهُولُ لَمْ تَطِبْ بِهِ نَفْسُهُ خَالَفْنَاهُ فِي تَفَاصِيلِ الْمَعْلُومِ لِتَوَجُّهِ الْقَصْدِ إِلَيْهَا مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ فَإِنَّهُ دَخَلَ فِي وَصِيَّتِهِ عَلَى ثُلُثِ مَا يَتَجَدَّدُ وَعَلَى مَا هُوَ الْآنَ فِي مِلْكِهِ وَرَضِيَ بِمِقْدَارِ ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ أَمَّا الْمَجْهُولُ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَلَمْ يَخْطُرْ لَهُ بِبَالٍ وَالْأَصْلُ اسْتِصْحَابُ مِلْكِهِ وَإِعْمَالُ ظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ إِجْمَاعِنَا عَلَى الْجَهَالَةِ الَّتِي اشْتَمَلَ عَلَيْهَا الْمَعْلُومُ وَقَصَدَ إِلَيْهَا مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ تَجْوِيزُنَا الْمَجْهُولَ الْمُطْلَقَ كَمَا أَجْمَعْنَا عَلَى جَوَازِ السَّلَمِ اقْتِصَارًا عَلَى الْأَوْصَافِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْجَهَالَةِ بِخُصُوصِ الْعَيْنِ وَمَنَعْنَا جَهَالَةً لم يشملها الْعلم من وَجه فَكَذَلِك هَاهُنَا وَأَصْلُ نَقْلِ الْأَمْلَاكِ الرِّضَا بِالْإِجْمَاعِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُوصِ لَمْ يَنْتَقِلْ مَلِكُ الْمُوصَى لَهُ اجماعا فالمهول مُطْلَقًا كَمَا لَمْ يُوصَ فِيهِ (فَرْعٌ) فِي الْكتاب أَو مَا يَبْدَأُ بِهِ مِنَ الثُّلُثِ الْمُدَبَّرُ فِي الصِّحَّةِ عَلَى الْوَصَايَا وَالْعِتْقِ الْوَاجِبِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ فِي الْعِتْقِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْوَصَايَا دُونَهُ وَالتَّدْبِيرُ عَلَى الْمُبَتَّلِ فِي الْمَرَضِ وَمَا أَوْصَى بِهِ مِنَ الزَّكَاةِ وَفَرَّطَ فِيهِ مِنْ كَفَّارَةٍ أَوْ زَكَاةٍ لِأَنَّ الْمُبَتَّلَ فِي الْمَرَضِ كَالْوَصِيَّةِ وَكَذَلِكَ مَا فَرَّطَ فِيهِ هُوَ فِي الثُّلُثِ وَأَمَّا مَا تَحِلُّ زَكَاتُهُ فِي مَرَضِهِ أَو مَال يقدم عَلَيْهِ وَقَدْ حَالَ حَوْلُهُ فَفِي رَأْسِ الْمَالِ وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْ بِهِ لَمْ يُقْضَ بِهِ عَلَى الْوَرَثَةِ بَلْ يُؤْمَرُ بِهِمَا احْتِمَالُ دَفْعِهِ إِيَّاهُ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى وَإِذَا أَقَرَّ الْمَرِيضُ بدين أَو أوصى بِزَكَاة فرط فِيهَا وبتل فِي الْمَرَض دبر فِيهِ وَأوصى بِعِتْق عينه وَشِرَاءِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ لِيُعْتَقَ وَبِكِتَابَةِ عَبْدٍ لَهُ وبحجه الْإِسْلَام وبعتق عبد غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَالدَّيْنُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إِنْ لَمْ يَتَّهِمْ فِيهِ لِأَنَّهُ

مُسْتَحَقٌّ قَبْلَ الْإِرْثِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دين} وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَصِيَّةِ إِجْمَاعًا وَمَا ذُكِرَ فِي ثلث مَا يَبْقَى فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ لِمَنْ يَجُوزُ إِقْرَارُهُ لَهُ أَخَذَهُ وَإِلَّا رَجَعَ مِيرَاثًا ثُمَّ يَبْدَأُ بِالزَّكَاةِ لِوُجُوبِهَا ثُمَّ الْمُبَتَّلِ وَالْمُدَبَّرِ مَعًا فِي الْمَرَضِ لِأَنَّهُ نَجَّزَهُمَا ثُمَّ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ الْمُعَيَّنُ وَالْمُشْتَرَى بِعَيْنِهِ مَعًا ثُمَّ الْمُكَاتَبُ لِتَوَقُّفِ عِتْقِهِ عَلَى أَمْرٍ مِنْ جِهَتِهِ بِخِلَافِهِمَا ثُمَّ غَيْرُ الْمُعَيَّنِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُعَيَّنِ لِتَعَيُّنِهِ وَتَضَرُّرِهِ بِفَوَاتِ الْعِتْقِ وَغَيْرُ الْمُعَيَّنِ لَا يَتَضَرَّرُ وَغَيْرُ الْمُعَيَّنِ وَالْحَجُّ مَعًا وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ يَبْدَأُ بِالْعِتْقِ لِضَعْفِ الْحَجِّ وَيُقَدَّمُ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ عَلَى الْمُشْتَرَى لِلْعِتْقِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ لِتَأَكُّدِ ضَرَرِ الْمُعَيَّنِ بِالْفَوَاتِ وَإِذَا أَوْصَى بِشَيْءٍ فِي السَّبِيلِ بُدِئَ بِذِي الْحَاجَةِ وَإِنْ قَالَ ثُلُثُ مَالِي لِفُلَانٍ وَالْمَسَاكِينِ أَوْ فِي السَّبِيلِ وَالْفُقَرَاءِ وَالْيَتَامَى قَسَّمَ بَيْنَهُمْ بِالِاجْتِهَادِ وَلَا أَثْلَاثًا وَلَا أَنْصَافًا وَإِنْ أوصى بِعِتْق عَبده بعد مَوته وَلِفُلَانٍ بِثُلُثِهِ أَوْ مِائَةِ دِينَارٍ وَالْعَبْدُ هُوَ الثُّلُث بديء بِالْعَبْدِ لِشَرَفِ الْعِتْقِ وَقُوَّةِ التَّعْيِينِ وَلَا يُعْتَقُ إِلَّا بَعْدَ سَنَةٍ وَيُخَيَّرُ الْوَرَثَةُ بَيْنَ إِعْطَاءِ الْمِائَةِ أَوِ الثُّلُثِ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ وَيَأْخُذُونَ الْخِدْمَةَ أَوْ إِسْلَامَهَا لِلْمُوصَى لَهُ لِأَنَّهَا بَقِيَّةُ الثُّلُثِ فَإِنْ أَسْلَمُوهَا فَمَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ السَّنَةِ عَنْ مَالٍ فَهُوَ لِأَهْلِ الْوَصَايَا لِإِسْلَامِهِ لَهُمْ وَإِنْ لَمْ يَحْمِلِ الْعَبْدُ الثُّلُثَ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ بَيْنَ إِجَازَةِ الْوَصِيَّةِ أَوْ يُعْتَقُ مِنَ الْعَبْدِ مَبْلَغُ الثُّلُثِ بَتْلًا وَتَسْقُطُ الْوَصَايَا لِتَقْدِيمِ الْعِتْقِ عَلَى الْوَصَايَا لِتَشَوُّفِ الشَّرْعِ لَهُ وَقَالَهُ جَمِيعُ الرُّوَاةِ إِلَّا أَشْهَبَ وَإِنْ قَالَ إِنْ مُتُّ فَأَنْتَ حُرٌّ قُدِّمَ الْمُدَبَّرُ فِي الْمَرَضِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ وَقَالَهُ الرُّوَاةُ كُلُّهُمْ إِلَّا أَشْهَبَ فَإِنْ بَاعَ عَبْدًا فِي مَرَضِهِ بِمُحَابَاةٍ وَقِيمَتُهُ الثُّلُث واعتق آخر قِيمَته الثُّلُث بديء بالمعين كَالْعِتْقِ مَعَ الْوَصِيَّة وَإِن قَالَ إِن من فَمَرْزُوقٌ حُرٌّ وَمَيْمُونٌ حُرٌّ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَا إِلَى ذُرِّيَّتِي مِائَةَ دِينَارٍ فَإِنْ عَجَّلَ مَيْمُونٌ الْمِائَةَ تَحَاصَّا لِكَوْنِهِمَا عَتَقَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَإِلَّا

بديء بمرزوق أَبَت عِتْقَهُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ فَإِنْ بَقِيَ مِنَ الثُّلُثِ مَا لَا يَحْمِلُ مَيْمُونًا خُيِّرَ الْوَرَثَةُ بَيْنَ إِمْضَاءِ الْوَصِيَّةِ أَوْ تَعْجِيلِ بَقِيَّةِ الثُّلُثِ مِنْ عِتْقِهِ وَقِيلَ يَبْدَأُ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ عَلَى الَّذِي قَالَ يُؤْخَذُ مِنْهُ مَالٌ لِكَوْنِهِ مِنْ بَابِ الْمُعَاوَضَةِ وَهُوَ أَقْوَى مِنَ التَّبَرُّعِ الْمَحْضِ وَإِنْ أَوْصَى بِكِتَابَةِ هَذَا وَبِعِتْقِ آخِرَ قُدِّمَ الْعِتْقُ لِتَحَقُّقِهِ وَيُتَحَاصُّ الْعِتْقُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْمُوصَى بِعِتْقِهِ إِلَى شهر بَعْدَ الْمَوْتِ لِقُرْبِ الْأَجَلِ وَلَوْ بَعُدَ كَالسَّنَةِ بديء الْمُعَجل وَيُتَحَاصُّ الْوَصِيَّةُ بِالْمَالِ وَالْحَجِّ بِمَالٍ وَهُوَ غَيْرُ مُعَيَّنٍ فَإِنْ حَمَلَ الثُّلُثُ الرَّقَبَةَ وَتَعَيَّنَ الْحَجُّ بديء بِالرَّقَبَةِ وَحُجَّ عَنْهُ بِالنَّفَقَةِ مِنْ حَيْثُ تَبْلُغُ وَلَو مِنْ مَكَّةَ جَمْعًا بَيْنَ الْمَصَالِحِ وَعَتَقَ عَبْدُهُ الْمُعَيَّنُ فِي الْمَرَضِ أَوْ يُوصِي بِعِتْقِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ بِشِرَاءٍ مُعَيَّنٍ فَيُعْتَقُ فَذَلِكَ كُلُّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَصَايَا وَالْوَصِيَّةُ بِدَنَانِيرَ فِي رَقَبَةٍ يُحَاصُّ بِهَا أَهْلُ الْوَصَايَا لِقُوَّةِ شَبَهِهَا بِالْوَصِيَّةِ وَعنهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَمْرُهُ بِتَقْدِيمِ الْعِتْقِ عَلَى الْوَصَايَا وَقَالَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَلَا يُقَدَّمُ مَا قَدَّمَ الْمَيِّتُ أَوَّلَ الْكِتَابِ وَلَا يُؤَخَّرُ بَلِ الْآكَدُ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ إِلَّا أَنْ ينص على تقدين غَيْرِهِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دين} وَالدّين مقدم على الْوَصِيَّة اجماعاً وَقَالَ الشَّافِعِي إِذَا ضَاقَ الثُّلُثُ بَسَطَ عَلَى الْمُسْتَوِيَةِ فِي الْمُغْنِي وَالزَّمَانِ فَإِنْ قَدَّمَ بَعْضَهَا قَدَّمَ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ كَانَتْ جِنْسًا وَاحِدًا أَمْ لَا لِأَنَّ التَّقْدِيم يُوجب

الِاسْتِحْقَاقَ قَبْلَ صُدُورِ الثَّانِي قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ قَوْلُهُ فِي الْمُوصَى بِعِتْقِهِ إِلَى أَجَلٍ وَالْآخَرِ بِمَال عَلَيْهِ الرواه وَإِلَّا أَشْهَبَ قَالَ أَشْهَبُ إِمَّا أَنْ يُجِيزُوا الْعِتْقَ إِلَى أَجَلِهِ ثُمَّ يُخَيَّرُوا فِي دَفْعِ الْوَصِيَّةِ لِلْمُوصَى لَهُ أَوْ إِسْلَامِ خِدْمَةِ مَا يَخْرُجُ من الثُّلُث أَو يعتقوا مُحَمَّد الثُّلُثَ مِنَ الْعَبْدِ بَتْلًا وَعَنْ مَالِكٍ يَخْدِمُ ثُلُثَ السَّنَةِ ثُمَّ يُعْتَقُ إِذَا لَمْ يَتْرُكْ سِوَاهُ لِأَنَّ الْخِدْمَةَ مَبْدَأَةٌ فِي عِتْقِهِ كُلِّهِ فَكَذَلِكَ فِي عِتْقِ ثُلُثِهِ أَوْ مَا يُحْمَلُ مِنْهُ الثُّلُثُ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى تَبْدِئَةِ الْعِتْقِ عَلَى الْخِدْمَةِ لَمَّا حَالَتْ وَصِيَّةُ الْمَيِّتِ وَقَالَهُ فِي الْمُدَبَّرِ فِي الْمَرَضِ وَمَنْ قَالَ لَهُ إِن مت فَأَنت فحر يُبْدَأُ بِالْمُدَبَّرِ إِلَّا أَشْهَبَ يَعْنِي قَالَ هَذَا إِذَا بَدَأَ بِلَفْظِ التَّدْبِيرِ وَلَوْ عَكَسَ تَحَاصَّ وَقَدْ رَجَعَ مَالِكٌ إِلَى تَحَاصُصِهِمَا وَاخْتِلَافُ قَوْلِهِ فِي الْحَجِّ مَعَ الْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ وَالْوَصَايَا هَلْ يَبْدَأُ أَوْ يُحَاصِصُ قَالَ الشُّيُوخُ ذَلِكَ فِي الضَّرُورَة وَاخْتلف فِي صفة التبدئه قيل إِذا بديء بِالْعِتْقِ أُضِيفَ لِوَصِيَّةِ الْمَالِ فَمَا صَارَ يُنْفَقُ فِي الْحَجِّ يُبْدَأُ مِنْهُ الْعِتْقُ فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ فَلَهُ وَإِلَّا سَقَطَ لِأَنَّهُ قَالَ الْوَصِيَّةُ مُبَدَّأَةٌ عَلَى الْحَجِّ وَلَمْ يَقُلْ عَلَى الْوَصَايَا وَقِيلَ يُبْدَأُ الْعِتْقُ وَيُتَحَاصَصُ الْحَجُّ وَالْمَالُ لِأَنَّهُ لم يفرق بَين الضَّرُورَة وَغَيْرِهِ وَقِيلَ يَبْدَأُ الْحَجَّ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ وَيَتَحَاصَصُ الْعِتْقَ وَالْمَالَ لِأَنَّ الْعِتْقَ مِثْلُ الصَّدَقَةِ وَلِمَ يَخْتَلِفْ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَالِكٍ أَن يعْتق مُقَدَّمٌ عَلَى وَصِيَّةِ الْحَجِّ التَّطَوُّعِ وَهَلْ يُتَحَاصُّ المَال وَالْحج إِن يقدم المَال قولأن وَقَالَ اصبغ الضَّرُورَة وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ فِي الْمُحَاصَّةِ مَعَ الْعِتْقِ بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَالْوَصَايَا وَقَوْلُهُ فِي الْمُوصَى بِعِتْقِهِ مُعَيَّنًا وَشِرَاءُ رَقَبَةٍ لِلْعِتْقِ يَتَحَاصَّانِ وَكَذَلِكَ الْمُبَتَّلُ وَالْمُدَبَّرُ وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ فِي عَبْدِ الظِّهَارِ وَالْقَتْلِ وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ التَّحَاصُصُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ بِالِاقْتِرَاعِ لِأَنَّهُ يُعْتَقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَا يُعْتَقُ مِنَ

الْآخَرِ وَقَالَ غَيْرُهُ الْحِصَاصُ عَلَى ظَاهِرِهِ بِغَيْرِ قُرْعَةٍ وَقَوْلُهُ يُقَدَّمُ الْآكَدُ فَالْآكَدُ إِلَّا أَنْ يَنُصَّ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ مَعْنَاهُ فِي كُلِّ وَصِيَّةٍ يَجُوزُ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا فَأَمَّا الْعِتْقُ وَالتَّدْبِيرُ وَالْعَطِيَّاتُ الْمُبَتَّلَاتُ فَلَا يُبْدَأُ عَلَيْهَا غَيْرُ الْمُبَتَّلَاتِ لِقَوْلِهِ بَدْؤُهُ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا إِذَا أَتَى كَذَلِكَ فِي أَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ إِمَّا بِلَفْظٍ وَاحِدٍ أَوْ كِتَابٍ وَاحِدٍ وَوَصَلَ بِكَلَامِهِ التَّبْدِئَةَ فَهَذَا لَيْسَ بَتْلًا مِنْهُ بل أبقى النّظر فِيهِ بعد الْمَوْت مَا قَالَ يُقَدَّمُ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ قَوْلُهُ إِذَا بَاعَ عَبْدًا فِي مَرَضِهِ بِمُحَابَاةٍ يُقَدَّمُ على الْعِتْقِ الْمُبَتَّلِ قَالَ أَشْهَبُ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَخْذُهُ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ لِأَجْلِ اسْتِيفَاءِ الْمَيِّتِ ثُلُثَهُ وَأَمَّا إِنْ بَدَأَ بِأَحَدِهِمَا قُدِّمَ وَإِنْ كَانَتِ الْعَطِيَّةُ الْمُبَتَّلَّةَ وَيَجْعَلُ مَا يُؤْخَذُ مِنْ بَاقِي ثَمَنِهِ فِي عتق الْعتْق وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا دِرْهَمًا لِتَعَذُّرِ الرُّجُوعِ فِي الْمُبَتَّلِ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي تَقْدِيمِ الْمُدَبَّرِ فِي الصِّحَّةِ عَلَى صَدَاقِ الْمَرِيضِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قَدَّمَهُ فِي الْكِتَابِ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الصِّحَّةِ مُقَدَّمٌ عَلَى تَصَرُّفِ الْمَرَضِ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ ياتي بِمَا يبطل تَدْبيره وَيقدم الصَدَاق لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ وَلَوْ صَحَّ كَانَ دَيْنًا ثَابِتًا وَالتَّدْبِيرُ فِي الثُّلُثِ وَيَتَحَاصَّانِ لِتَعَارُضِ الْأَدِلَّةِ ثُمَّ يُقَدَّمُ بَعْدَ ذَلِكَ الزَّكَاةُ الْمُفَرَّطُ فِيهَا لِأَنَّهَا لَا تُعْلَمُ إِلَّا مِنْ قَوْلِهِ وَمَا عُلِمَ مِنْ غَيْرِ جِهَتِهِ أَقْوَى وَلِأَنَّ صَدَاقَ الْمَرِيضِ التَّدْبِيرَ يُقَامُ بِهِمَا وَيُحَاصَصُ بِهِمَا فَهُمَا أَقْوَى مِنْ حق الْمَسَاكِين ثمَّ الْعتْق عَن الظِّهَار وَالْعِتْق لِأَنَّهُمَا لَهُمَا بَدَلٌ عِنْدَ عَدَمِهِمَا بِخِلَافِ الزَّكَاةِ فَإِن ضَاقَ الثُّلُث عَن العتقبين أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِهِ فِي الْكِتَابِ وَقِيلَ يَتَحَاصَّا فَمَا وَقَعَ لِلْعِتْقِ شُورِكَ بِهِ فِي رَقَبَةٍ وَقِيلَ يُقَدَّمُ الْقَتْلُ لِأَنَّهُ لَا إِطْعَامَ فِيهِ بِخِلَافِ الظِّهَارِ ثُمَّ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ لِأَنَّهَا عَلَى التَّخْيِيرِ بِخِلَافِهِمَا ثُمَّ إِطْعَامُ رَمَضَانَ لِوُجُوبِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ بِالْقُرْآنِ وَالْإِطْعَامِ بِالسَّنَةِ وَالْمَقْطُوعُ بِوُجُوبِهِ أَقْوَى ثُمَّ النَّذْرُ لِأَنَّهُ أَدْخَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَالْإِطْعَامُ وَاجِبٌ فِي أَصْلِ الشَّرْعِ ثُمَّ الْعِتْقُ الْمُبَتَّلِ فِي الْمَرَضِ وَالتَّدْبِيرِ فِيهِ عِنْدَ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ خِلَافًا لِابْنٍ مُنَاسٍ لِوُجُوبِ النَّذْرِ حَالَةَ الصِّحَّةِ وَهُمَا وَاجِبَانِ حَالَةَ الْحَجْرِ

وَيُتَحَاصُّ التَّدْبِيرُ وَالْعِتْقُ الْوَاقِعَانِ فِي الْمَرَضِ إِذَا ضَاقَ الثُّلُثُ إِنْ كَانَا فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ فَإِنْ تَقَدَّمَ أَحَدُهُمَا ثُمَّ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ الْمُعَيَّنِ وَالْمُوصَى بِشِرَائِهِ لِلْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ وَالْمُوصَى بِعِتْقِهِ إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ كَالشَّهْرِ أَوْ يُعْتَقُ عَلَى مَالٍ يُعَجِّلُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ فِي هَؤُلَاءِ بِخِلَافِ الْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ الْمُبَتَّلَيْنِ فِي الْمَرَض فَإِن ضَاقَ الثُّلُث عَن هَؤُلَاءِ يحاصوا لِتَسَاوِي الرُّتْبَةِ ثُمَّ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ إِلَى أَجَلٍ بِعِيدٍ كَالسَّنَةِ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَقَعُ ثُمَّ الْمُوصَى إِنْ يُكَاتِبْ أَوْ يُعْتِقْ عَلَى مَالٍ وَلم يَجعله لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعِتْقٍ صَرِيحٍ وَيُتَحَاصُّ الْمُوصَى بِكِتَابَتِهِ وَالْمُعْتَقُ إِلَى عَشْرِ سِنِينَ لِتَسَاوِيهِمَا ثُمَّ النَّذْرُ فِي الْمَرَضِ عِنْدَ ابْنِ مُنَاسٍ عَلَى الْمُوصَى بِعِتْقِهِ غير معِين بِالْمَالِ وَبِالْحَجِّ وَيَتَحَاصَصُ هَذِهِ فِيمَا نَابَ الْحَجَّ فَالرَّقَبَةُ أَوْلَى بِهِ قَالَ التُّونُسِيُّ زَكَاةُ الْفِطْرِ مُؤَخَّرَةٌ عَنْ زَكَاةِ الْأَمْوَالِ لِوُجُوبِهَا بِالسَّنَةِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا تقدم الزَّكَاة على الْوَصَايَا بِشِقْصِ عَبْدٍ فِي مَرَضِهِ ثُمَّ أَعْتَقَ الْحُرُّ قُدِّمَ الْأَوَّلُ لِبَتْلِهِ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقِيلَ يُقَدَّمُ الْعِتْقُ عَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ لقَوْله المبتل وَالْمُوصى بِعِتْقِهِ يتحاصان لقَوْله إِنْ مُتُّ فَأَنْتَ حُرٌّ وَإِنْ عِشْتُ فَأَنْتَ حُرٌّ وَقَالَ لِآخَرَ إِنْ مُتُّ فَأَنْتَ حُرٌّ فَسَوَّى بَيْنَهُمَا فِي الْمَرَضِ وَفَضَّلَ أَحَدَهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ هُمَا كَالَّذِي بَتَّلَ وَوَصَّى يعْتق فَإِنَّ الْمَقُولَ لَهُ إِنْ مُتُّ فَأَنْتَ حُرٌّ وَيَلْزَمُهُ إِنْ عِشْتُ فَأَنْتَ حُرٌّ فَإِذَا لَمْ يَصِحَّ فَهُوَ كَالْمُوصَى بِعِتْقِهِ وَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْهُ فَلَوْ قَالَ اشْهَدُوا إِنْ مُتُّ فَقَدْ رَجَعْتُ عَنِ الْوَصِيَّةِ بِعِتْقِهِ رَقَّ لِوَرَثَتِهِ عَلَى هَذَا وَلَو بَاعَهُ فِي مَرَضِهِ بَطَلَ عِتْقُهُ إِذَا صَحَّ وَقِيلَ كَفَّارَةُ الْقَتْلِ تُقَدَّمُ عَلَى كَفَّارَةِ الظِّهَارِ بِنَاءً عَلَى الْخِلَافِ فِي الْعَوْدِ مَا هُوَ وَإِن لم يكن فِي ملكه إِلَّا رَقَبَة وَاحِدَة على من لم يبْدَأ الْقَتْل أَعْتَقُوهَا عَنْ أَيِّهِمَا شَاءُوا وَلَوْ كَانَ مَعَ الرَّقَبَةِ مَا يُطْعِمُ عَنِ الظِّهَارِ عَتَقَتْ عَنِ الْقَتْلِ وَكَفَّرَ بِالْإِطْعَامِ عَنِ الظِّهَارِ وَالرَّقَبَةُ غَيْرُ الْمُعَيَّنَةِ مُبَدَّاةٌ عَلَى الْحَجِّ وَقِيلَ الْوَصَايَا كُلُّهَا مُبَدَّاةٌ عَلَى الْحَجِّ وَسَوَاءٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ الضَّرُورَة وَغَيْرُهُ وَيُقَدَّمُ الْحَجُّ عِنْدَ ابْنِ وَهْبٍ عَلَى الرَّقَبَة المعينه فِي الضَّرُورَة وَإِلَّا قُدِّمَتْ وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ أَوْصَى بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ لِرَجُلٍ وَبِرَقَبَتِهِ لِآخَرَ وَلَمْ يُوَقِّتْ ضَرَبَ صَاحِبُ الْخِدْمَةِ بِخِدْمَةِ الْعَبْدِ وَصَاحِبُ الرَّقَبَةِ بِمَرْجِعِ الرَّقَبَةِ فَيَأْخُذَانِ ذَلِكَ مُعَجَّلًا تُعَجَّلُ الْخِدْمَةُ حَيَاةَ الرَّجُلِ لَا حَيَاةَ الْعَبْدِ

وَالْمَعْرُوفُ تَبْدِئَةُ الْخِدْمَةِ وَلَوْ أَوْصَى بِخِدْمَتِهِ لِفُلَانٍ حَيَاتَهُ ثُمَّ هُوَ حُرٌّ وَبِمِائَةٍ لِفُلَانٍ وَالْعَبْدُ هُوَ الثُّلُثُ قُوِّمَتْ خِدْمَتُهُ عَلَى غَرَرِهَا فَإِنْ كَانَتْ مِائَةً فَالْخِدْمَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ لِأَنَّهُ بَقِيَّةُ الثُّلُثِ فَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ وَتَرَكَ دَنَانِيرَ فَهِيَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالدَّنَانِيرِ لَا لِصَاحِبِ الْخِدْمَةِ لِأَنَّ وَصِيَّتَهُ فِي شَيْءٍ بِعَيْنِهِ مَاتَ وَلَوْ كَانَ فِي الثُّلُثِ زِيَادَةُ عَشَرَةٍ عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ أَخَذَهَا صَاحِبُ الْمِائَةِ لِيُحَصِّلَ عُشْرَ وَصَّيْتِهِ وَصَاحِبُ الْخدمَة عشر الْخدمَة ويقسمإن بَقِيَّةَ الْخِدْمَةِ عَلَى جُزْءِ بَقِيَّةِ الْخِدْمَةِ مِنْ بَقِيَّةِ الْمِائَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ أَوَّلُ مَا يُبْدَأُ بِهِ مِنَ التَّرِكَةِ أَسْبَابُ مُوَارَاتِهِ إِلَى دُخُولِهِ قَبْرَهُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ لِأَنَّ سَتْرَةَ الْمُفْلِسَ وَقُوَّتَهُ مُقَدَّمَانِ عَلَى الدَّيْنِ وَغَيْرِهِ فِي الْحَيَاةِ فَكَذَلِكَ فِي الْمَمَاتِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ أَعْتَقَ عَبَدَهُ فِي مَرَضِهِ وَاشْتَرَى ابْنَهُ فَأعْتقهُ وَقِيمَته الثُّلُث قدم الْآن وَإِنِ اشْتَرَى ابْنَهُ وَأَخَاهُ فِي مَرَضِهِ وَاحِدًا بعد وَاحِد قدم الْآن أَوْ فِي صَفْقَةٍ فَقِيلَ يُقَدَّمُ الِابْنُ لِشَرَفِهِ وَقِيلَ يَتَحَاصَّانِ لِاتِّحَادِ الْعَقْدِ وَتُقَدَّمُ الصَّدَقَةُ الْمُبَتَّلَةُ عَلَى الْوَصَايَا قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ ابْنُ دِينَارٍ يُقَدَّمُ عَلَى الْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ لِأَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ فِيهِ بِخِلَافِهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَيُقَدَّمُ الْعِتْقُ الْمُبَتَّلُ عَلَيْهَا قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا أَعْتَقَ عَبده فِي الْمَرَض واعتق من آخر نصف عَتَقَ جَمِيعُهُ وَيُبْدَأُ ذَلِكَ النِّصْفُ عَلَى الْمُوصَى بِعِتْقِهِ لِأَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ فِيهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْوَاجِبُ ثَلَاثَةٌ أَحَدُهَا مَا يَخْرُجُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ بِغَيْرِ وَصِيَّةٍ وَمَا اخْتُلِفَ فِيهِ هَلْ يَخْرُجُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ بِغَيْرِ وَصِيَّةٍ وَمَا يَخْرُجُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ بِغَيْرِ وَصِيَّةٍ وَمَا يَخْرُجُ مِنَ الثُّلُثِ إِنْ وُصِّيَ بِهِ وَيَجْتَمِعُ فِي الزَّكَاة قَالَ لَمْ يُفَرِّطْ فِيهَا وَهِيَ زَكَاةُ حَبٍّ أَوْ ثِمَارٍ فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ بِغَيْرِ وَصِيَّةٍ وَكَذَلِكَ الْمَاشِيَةُ إِنْ لَمْ تَكُنْ بِسَاعٍ وَاخْتُلِفَ فِي زَكَاةِ الْعَيْنِ إِذَا عَلِمَ وُجُوبَهَا وَلَمْ يُفَرِّطْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ أَوْصَى أُخْرِجَتْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِوُجُوبِهَا كَالدَّيْنِ قَالَ وَهُوَ أَحْسَنُ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى زَكَاةِ الْحَبِّ وَالثِّمَارِ أَنَّهَا تَخْرُجُ وَإِنْ لَمْ يُوصِ وَلِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنَّهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ وَإِنْ أَوْصَى بِزَكَاة فرط

فِيهَا فَمن الثُّلُث وَقَالَ أبن شهَاب مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ مَنْ عُلِمَ مِنْهُ التَّفْرِيطُ فِيهَا وَلَمْ يُوصِ أُخْرِجَتْ مِنَ الثُّلُثِ قَالَ وَالْقِيَاسُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ إِذَا مَاتَ الْمُتَمَتِّعُ عِنْدَ قَضَاءِ حَجِّهِ وَبعده وَلم يهد عَن متعته أُخْرِجَ الْهَدْيُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَإِنْ فَرَّطَ سَقَطَ مُطْلَقًا وَيُقَدَّمُ الْهَدْيُ فِي الثُّلُثِ عَلَى كَفَّارَةِ رَمَضَانَ لِوُجُوبِهِ بِالْقُرْآنِ وَيُقَدَّمُ هَدْيُ التَّمَتُّعِ عَلَى الْفِدْيَةِ لِعَدَمِ التَّخْيِيرِ فِيهِ وَالْفِدْيَةُ عَلَى هدي الْفساد لِأَنَّهَا بِالْقُرْآنِ وَلِأَنَّهَا جبر الْحَج وَالْحَجُّ الْفَاسِدُ يُؤْتَى بِبَدَلِهِ وَإِنْ قَالَ أَعْتِقُوا هَذَا وضعُوا عَن هَذَا كِتَابَة تحاصا أَو ضَعُوا عَن هَذَا كِتَابَة وَكَاتِبُوا قُدِّمَ الْأَوَّلُ أَوْ كَاتِبُوا هَذَا وَأَعْتِقُوا الْآخَرَ إِلَى سَنَةٍ قِيلَ يَتَحَاصَّانِ وَقِيلَ يُقَدَّمُ الْعِتْقُ لِتَوَقُّعِ عَجْزِ الْمُكَاتَبِ وَيُقَدَّمُ مَا فِي مِلْكِهِ عَلَى مَا وَصَّى بِشِرَائِهِ لِلْعِتْقِ لِتَوَقُّعِ الِامْتِنَاعِ مِنَ الْبَيْعِ قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَقَالَ مَالِكٌ يَتَحَاصَّانِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ يُقَدَّمُ مَا يَخْرُجُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ عَلَى مَا يَخْرُجُ مِنَ الثُّلُثِ كَأُمِّ الْوَلَدِ وَالزَّكَاةِ الْحَاضِرَةِ وَمَا أَقَرَّ بِهِ مِنَ الْمُعَيَّنَاتِ أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ وَالرَّهْنُ وَغَيْرُ الْمُعَيَّنِ إِنْ كَانَ فِي التَّرِكَةِ وَفَاءٌ بِهِ وَإِلَّا قُدِّمَ الْآكَدُ فَالْآكَدُ وَالْمُسْتَوِيَةُ يتحاص فالآكد تجهيز الْمَيِّت لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَمر بقتلى أحد فزملوا بثيأبهم وَلم يعتبروا وَرَثَتَهُمْ وَلَا دُيُونَهُمْ ثُمَّ حُقُوقُ الْآدَمِيِّينَ كَالدَّيْنِ بِالْإِقْرَارِ أَوِ الْبَيِّنَةِ ثُمَّ حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى كَالزَّكْوَاتِ وَالْكَفَّارَاتِ وَالنُّذُورِ إِذَا أَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ فِي صِحَّتِهِ يُقَدَّمُ الْآكَدُ فَالْآكَدُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَمَا يُبْدَأُ الْآكَدُ فَالْآكَدُ مِنْ ذَلِكَ فِي ثُلُثِهِ إِذَا فَرَّطَ فِيهِ وَأَوْصَى بِهِ وَإِذَا مَاتَ عَنِ الْمَاشِيَةِ وَلَيْسَ فِيهَا السِّنُّ الْوَاجِبُ فَهِيَ كَالزَّكَاةِ الْمُفَرَّطِ فِيهَا وَإِنَّمَا تَخْرُجُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إِذَا كَانَ فِيهَا السِّنُّ وَخَالف عبد الْملك أبن الْقَاسِمِ فِي التَّبْدِئَةِ فِي الثُّلُثِ فَقَالَ الْمُقَدَّمُ التَّدْبِيرُ فِي الصِّحَّةِ ثُمَّ الْعِتْقُ الْمُبَتَّلُ فِي الْمَرَضِ ثُمَّ الْعَطِيَّةُ الْمُبَتَّلَةُ فِي الْمَرَضِ ثُمَّ التَّدْبِيرُ فِي الْمَرَضِ ثُمَّ الزَّكَاةُ الْمُفَرَّطُ فِيهَا ثُمَّ كَفَّارَةُ الْقَتْلِ ثُمَّ الظِّهَارُ قَالَ وَهُوَ أَحْسَنُ لِأَنَّ لِلْمُوصِي

(فرع)

أَنْ يَرْجِعَ فِيمَا أَوْصَى بِهِ مِنَ الزَّكَاةِ دون البتل وَالتَّدْبِير فِي الْمَرَض وَلِأَنَّهُ بتهم فَيُوصِي بِزَكَاةٍ لَيْسَتْ عَلَيْهِ وَفِي الْمَعُونَةِ الْوَصِيَّةُ بِالْعِتْقِ الْمعِين مُقَدّمَة على الزَّكَاة لأَمره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِتَبْدِئَةِ الْعِتْقِ عَلَى الْوَصَايَا وَهُوَ بَعِيدٌ فِي الْقِيَاسِ وَقَدَّمَ أَبُو عُمَرَ الْإِشْبِيلِيُّ الْوَصِيَّةُ بِفِدَاءِ الْأَسَارَى عَلَى جَمِيعِ الْوَصَايَا وَالْمُدَبَّرِ فِي الصِّحَّةِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ الشُّيُوخُ أَجْمَعُوا عَلَى ذَلِكَ (فَرْعٌ) قَالَ وَصَايَاهُ مَوْقُوفَةٌ إِنْ مَاتَ فَمِنَ الثُّلُثِ أَوْ صَحَّ فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ لَهُ أَمْوَالٌ مَأْمُونَةٌ يَنْفُذُ عِتْقُهُ مُعَجَّلًا وَتُقْبَضُ الْهِبَاتُ وَالصَّدَقَاتُ قَبْلَ الْمَوْتِ وَقَالَهُ فُقَهَاءُ الْأَمْصَار وَقَالَ دَاوُود تَصَرُّفُهُ كَتَصَرُّفِ الصِّحَّةِ وَلِلْجَمَاعَةِ حَدِيثُ السِّتَّةِ الْأَعْبُدِ لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّ اللَّهَ أَعْطَاكُمْ ثُلُثَ أَمْوَالِكُمْ الْحَدِيثَ تَنْبِيهٌ وَتَمْهِيدٌ قَدْ تَقَدَّمَ تَقْدِيمُ بَعْضِ الْأَنْوَاعِ عَلَى بعض التراجم الْفِقْهِيَّةِ وَإِفْرَادُ النَّوْعِ الْوَاحِدِ هَلْ يُقَدَّمُ مِنْهَا مَا تقدم سَببه بِالزَّمَانِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ التَّدْبِيرِ مَنْ مَاتَ وَمُدَبَّرَيْنِ فِي صِحَّةٍ أَوْ مَرَضٍ أَو فِي مرض ثمَّ صَحَّ مُدبرا وَمَرِضَ مُدَبَّرٌ فَلِذَلِكَ سَوَاءٌ يُبْدَأُ الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ إِلَى الثُّلُثِ وَمَا بَقِيَ رَقَّ فَإِنْ دَبَّرَهُمْ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ فِي صِحَّةٍ أَوْ مَرَضٍ عَتَقَ جَمِيعُهُمْ إِنْ حَمَلَهُمُ الثُّلُثُ وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُمْ لَا يُقَدَّمُ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ بَلْ يُفَضُّ الثُّلُثُ عَلَى جَمِيعِهِمْ بِالْقِيمَةِ وَإِنْ لَمْ يَدَعْ غَيْرَهُمْ عَتَقَ ثُلُثُ كُلِّ وَاحِدٍ وَلَا يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ بِخِلَافِ الْمُبَتَّلِينَ فِي الْمَرَضِ فِي الثُّلُثِ قَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ يَتَحَاصُّ الْمُدَبَّرُ وَالْمُبَتَّلُ يُرِيدُ إِذَا كَانَا فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ وَإِلَّا بُدِئَ الأول لِأَنَّهُ تَقَرَّرَ حَقُّهُ فَلَيْسَ لَهُ إِبْطَالُهُ وَيُرَاعَى سَبْقُ الزَّمَانِ فِي الزَّكَاةِ وَالْمُبَتَّلِ فَقَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ تُبْدَأُ الزَّكَاةُ مَعْنَاهُ إِذَا كَانَ الْجَمِيعُ فِي فَوْرٍ أَوْ قَدَّمَ الْوَصِيَّةَ بِالزَّكَاةِ وَإِنْ

فرع

تَقَدَّمَ الْعِتْقُ قُدِّمَ عَلَى الزَّكَاةِ لِتَقَرُّرِهِ فَلَيْسَ لَهُ إِبْطَالُهُ فَقَدْ حَصَلَ النَّقْلُ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ أَنْوَاعٍ التَّدْبِيرُ وَالتَّبْتِيلُ وَالزَّكَاةُ مَعَهُمَا فَهَلْ تَجْرِي عَلَى ذَلِكَ كَفَّارَةُ الْقَتْلِ وَالظِّهَارِ وَسَائِرِ الْأَنْوَاعِ بِطَلَبِ النَّقْلِ فِيهِ أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ مورد النَّقْل بالفروق الْفِقْهِيَّة فرع فِي الْكتاب إِذا شهد أَنَّ أَبَاهُمَا أَعْتَقَ هَذَا الْعَبْدَ وَهُوَ الثُّلُثُ وَشَهِدَ أَجْنَبِيَّانِ أَنَّهُ أَوْصَى بِالثُّلُثِ إِنِ اتُّهِمَا فِي جر وَلِأَنَّهُ سَقَطَتْ شَهَادَتُهُمَا وَجَازَتِ الْوَصِيَّةُ وَإِلَّا جَازَتْ كَمَا إِذَا كَانَ مَعَهُمَا مِنَ الْوَرَثَةِ نِسَاءٌ قَالَ التُّونُسِيُّ إِذَا كَانَ مَعَهُمْ مِنَ الْوَرَثَةِ نِسَاءٌ وَوَصِيَّة يتهمان لاختصاصهما بجر الْوَلَاء إِن كَانَ الْعَبْدُ يُتَّهَمُ فِي مِثْلِهِ وَتَبْقَى تُهْمَتُهُمْ عَلَى الْوَصِيَّةِ فَإِنَّهَا لَا يَعُودُ عَلَيْهَا مِنْهَا شَيْءٌ بِخِلَافِ الْوَلَاءِ وَنَفَّذَهَا مُحَمَّدٌ مُطْلَقًا لِأَنَّ لِلْمَيِّتِ الْعِتْقَ فِي الْمَرَضِ فَيَتَخَصَّصُ الذُّكْرَانُ بِالْوَلَاءِ وَإِذا رد أبن الْقَاسِم شَهَادَتهمَا عتق عَلَيْهَا لِإِقْرَارِهِمَا بِحُرِّيَّتِهِ وَأَنَّهُمَا غَصَبَا الثُّلُثَ وَلَمْ يَجْعَلْهُمَا كَمَا إِذَا غُصِبَ مِنَ الْمَالِ شَيْءٌ أَوْ ضَاعَ لَا يعْتق إِلَّا فِي ثلث الْبَاقِي إِنْ حَمَلَهُ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُعْتَقُ إِلَّا ثُلُثَاهُ وَجَعَلَ الثُّلُثَ الْمَأْخُوذَ لِلْوَصِيَّةِ كَجَائِحَةٍ أَتَتْ عَلَى الْمَالِ قَالَ وَهُوَ الْأَشْبَهُ وَنَحْوُ هَذَا إِقْرَارُ أَحَدِهِمَا بِمِائَةٍ وَقَدْ تَرَكَ مِائَتَيْنِ لَهُمَا وَالْمُقِرُّ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ فَعِنْدَ أَشْهَبَ تُعْطَى مِائَةٌ الدَّيْنِ وَمَا أَخَذَهُ أَخُوهُ كَجَائِحَةٍ طَرَأَتْ عَلَى الْمَالِ وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ يُعْطَى خمسين للدّين وَيُعَدُّ مَا أُخِذَ بِالْحُكْمِ كَأَنَّهُ قَائِمٌ وَيَقُولُ إِنَّمَا لَكَ عِنْدِي خَمْسُونَ وَخَمْسُونَ غَصَبَهَا أَخِي فَخُذْهَا مِنْهُ فَإِنْ كَانَ الْمُقِرُّ عَدْلًا حَلَفَ مَعَهُ صَاحِبُ الدَّيْنِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وعَلى

(فرع)

مَذْهَب أَشهب لَا يَنْبَغِي إِن يحلف لاستتحقاقه الْمِائَةَ بِالْإِقْرَارِ فَهُوَ غَيْرُ مُنْتَفِعٍ بِيَمِينِهِ بَلْ هُوَ يَحْلِفُ لِيَأْخُذَ غَيْرَهُ وَهُوَ نَحْوُ قَوْلِهِمْ فِي الشَّهَادَةِ فِي عَدَمِ الْغَرِيمِ يَحْلِفُ صَاحِبُ الدَّيْنِ مَعَهُ وَهُوَ لَوْ شَاءَ أَخَذَ الْحَمِيلَ لَمَّا أَنْكَرَ الْمَدْيُونُ فَصَارَ الْمُنْتَفِعُ الْحَمِيلَ فَإِنْ شَهِدَتْ بَيْنَةٌ بِالثُّلُثِ لِزَيْدٍ وَأُخْرَى بِالثُّلُثِ لِعَمْرٍو فِي مَوْطِنَيْنِ قُسِّمَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا لِإِمْكَانِ كَوْنِهِ وَصَّى بِهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ فِي مَوْطِنٍ وَاحِدٍ فَهُوَ تَكَاذُبٌ يُحْكَمُ بِأَعْدَلِ الْبَيِّنَتَيْنِ فَإِنْ كَانَ الْمَرْدُود شَهَادَتهمَا وَلدين فَلَيْسَ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِمَا بِالثُّلُثِ شَيْءٌ لِأَنَّهُمَا يَقُولَانِ غَصَبَ الثُّلُثَ الْمُوصَى بِهِ لَكَ وَلَيْسَ عَلَيْنَا تَعْوِيضُكَ وَإِنْ تَكَافَأَتَا فِي الْعَدَالَةِ سَقَطَتَا وَصُدِّقَ الْوَرَثَةُ لمن اقروا لَهُ عِنْد ابْن الْقَاسِم الْقَاتِل إِنَّ الْبَيِّنَتَيْنِ إِذَا تَكَافَأَتَا فِي شَيْءٍ ادَّعَاهُ رَجُلٌ فِي يَدِ ثَالِثٍ هُوَ لِلَّذِي هُوَ فِي يَدَيْهِ إِنِ ادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِمَنْ أَقَرَّ لَهُ بِهِ مِنْهُمَا وَعِنْدَ مَنْ يَقُولُ لَا يَكُونُ لِمَنْ هُوَ فِي يَدَيْهِ لِاتِّفَاقِ الْبَيِّنَتَيْنِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ وَأَنَّهُ يَكُونُ لَهما بعد أيمانهما فعلى هَذَا يَتَحَالَفَانِ وَيكون لَهما الإتفاق الْبَيِّنَتَيْنِ عَلَى إِخْرَاجِهِ مِنْ مِلْكِ الْمَيِّتِ وَلَوْ شَهِدَ الْوَارِثَانِ بِعَبْدٍ لِزَيْدٍ وَصَّى بِهِ الْمَيِّتُ هُوَ الثُّلُث وَشهد أجنبيان بِوَصِيَّة الثُّلُث لِعَمْرٍو وَلَيْسَ الْوَارِثَانِ عَدْلَيْنِ أَوْ يُتَّهَمَانِ لِمَنْ شَهِدَا لَهُ يَخْرُجُ الثُّلُثُ بِشَهَادَةِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ وَدَفَعَا الْعَبْدَ لِزَيْدٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ كَالْعِتْقِ سَوَاءٌ وَعِنْدَ أَشْهَبَ ثُلُثُهُ كَمَا لَوْ ذَهَبَ الثُّلُثُ بِجَائِحَةٍ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ يَخْدِمُ عَبْدِي فُلَانًا سَنَةً ثُمَّ هُوَ حُرٌّ وَلَمْ يَتْرُكْ سِوَاهُ وَلم تجز الْوَرَثَة بُدِئَ بِعِتْق العَبْد بتلا وَسَقَطت الْخدمَة وَعَلِيهِ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ فَإِنْ أَوْصَى بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ سَنَةً أَوْ سُكْنَى دَارِهِ سَنَةً وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُ مَا أَوْصَى فِيهِمَا وَمَا لَا يَخْرُجُ مِنْهُ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ فِي الْإِجَازَةِ أَوْ يُقْطَعُ ثُلُثُ الْمَيِّتِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ لِلْمُوصَى لَهُ لِأَنَّهُ مرجع الْوَصَايَا عِنْدَ عَدَمِ الْإِجَازَةِ وَأَمَّا إِنْ أَوْصَى بِرَقَبَةِ عَبْدٍ أَوْ دَارٍ لَا يَحْمِلُهَا الثُّلُثُ فَلهُ محمل الثُّلُث من تِلْكَ الْأَعْيَان لتَعلق اللَّفْظ بهما فَإِن أوصى

بِخِدْمَتِهِ سَنَةً أَوْ حَيَاتَهُ ثُمَّ هُوَ لِفُلَانٍ فَإِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ بُدِئَ بِالْخِدْمَةِ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى اللَّفْظِ اتِّفَاقًا فَإِنِ انْقَضَتِ الْخِدْمَةُ أَخَذَهُ صَاحِبُ الرَّقَبَةِ زَادَتِ الْقِيمَةُ أَمْ نَقَصَتْ وَإِنْ حَمَلَ الثُّلُثُ بَعْضَهُ خَدَمَ ذَلِكَ الْبَعْضُ إِنْ كَانَ نصفه خدم يَوْمًا للْوَرَثَة وَيَوْما الْمُوصى لَهُ حَتَّى يَنْقَضِيَ فَهُوَ لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ وَلِلْوَرَثَةِ بَيْعُ حِصَّتِهِمْ قَبْلَ السَّنَةِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ قَالَ فَضْلٌ يَنْبَغِي أَنْ يَنْظُرَ قِيمَةَ الْخِدْمَةِ وَقِيمَةَ الرَّقَبَةِ بَعْدَ مَرْجِعِهَا فَتَكُونُ قِيمَةُ الْخِدْمَةِ لِلْمُوصَى لَهُ بِهَا شَائِعَةً فَإِنِ اغْتَرَقَتِ الثُّلُثَ فَلَا شَيْءَ لِصَاحِبِ مَرْجِعِ الرَّقَبَةِ لِتَبْدِئَةِ هَذَا عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ فَضْلًا فَلَهُ فِي الْعَبْدِ وَبَقِيَّتُهُ لِلْوَرَثَةِ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَيَضْرِبُ صَاحِبُ الْخِدْمَةِ بِقَدْرِهَا وَصَاحِبُ الرَّقَبَةِ بِقِيمَتِهَا عَلَى أَنَّهَا لَا خِدْمَةَ فِيهَا وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِم وَقَالَ غَيره إِنَّمَا يتحاصص بِقِيمَةِ مَرْجِعِ الرَّقَبَةِ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِنَّمَا أُعْتِقَ ثُلُثُهُ بَتْلًا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى إِذَا لَمْ يُجِزِ الْوَرَثَةُ وَلَمْ يَتَأَخَّرْ إِلَى الْأَجَلِ لِأَنَّ غَرَضَ السَّيِّدِ أَنْ يُعْتِقَ جُمْلَتَهُ إِلَى الْأَجَلِ فَإِذَا بطلت غَرَضُهُ نَفَذَتَا الْآنَ مَا كَانَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ فِي الْوَصِيَّةِ قَالَ التُّونُسِيُّ مُقْتَضَى وَصَّيْتِهِ تَقْدِيمُ الْخِدْمَةِ عَلَى الْوَصِيَّةِ فَكَيْفَ سَقَطَتْ وَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ يَخْدِمُ بِثُلُثِهِ الْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ سَنَةً ثُمَّ يُعْتَقُ ذَلِكَ الثُّلُثُ نَظَرًا لِلَفْظِ الْوَصِيَّةِ عَلَى أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ كَانَ يَقُولُ كَانَ الْمَيِّت إِذا لم يجيزوا يَقُول نفذوا ثُلُثِي فِي الْوَصَايَا الَّتِي أَوْصَيْتُ بِهَا مُنْجَزًا فَصَارَ فِي الْوَصَايَا مَالٌ وَعِتْقٌ فَيُقَدَّمُ الْعِتْقُ فَإِن قَالَ الْوَرَثَة يجيزوا الْعِتْقَ دُونَ الْخِدْمَةِ بَقِيَ مُعْتَقًا إِلَى أَجَلٍ وَلِلْمُوصَى لَهُ خِدْمَةُ ثُلُثِهِ فَقَطْ لِأَنَّهُ مَحْمَلُ الثُّلُثِ وَلَا حُجَّةَ لَهُ لِقُدْرَةِ الْوَرَثَةِ عَلَى تَعْجِيلِ الْعِتْقِ فَتَسْقُطُ الْخِدْمَةُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَوْ أَجَازُوا الْخِدْمَةَ دُونَ الْعِتْقِ عَتَقَ ثُلُثُهُ بَتْلًا وَخَدَمَ بَاقِيهِ بَقِيَّةَ الْأَجَلِ لِلْعَبْدِ يَوْمٌ وَلِلْمَخْدُومِ يَوْمَانِ فَإِذَا

انْقَضَتِ الْخِدْمَةُ رَجَعَ ثُلُثَاهُ لِلْوَرَثَةِ رِقًّا فَإِنْ قَالَ يَخْدِمُ فُلَانًا سَنَةً ثُمَّ هُوَ كَذَلِكَ بَعْدَ سَنَتَيْنِ قَالَ أَشْهَبُ إِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ خَدَمَ الْأَوَّلَ سَنَةً ثُمَّ الْوَرَثَةَ سَنَتَيْنِ ثُمَّ أَخَذَهُ الْآخَرُ فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ ثُلُثَيِ الْمَيِّتِ تَحَاصَّا فِي الثُّلُثِ هَذَا بِخِدْمَتِهِ سَنَةً وَهَذَا بِمَرْجِعِ الرَّقَبَةِ عَلَى غَرَرِهَا يُشَارِكَانِ الْوَرَثَةَ فِيمَا أَصَابَهُمَا فِي جَمِيعِ التَّرِكَةِ هَذَا إِذَا لَمْ يُجِزِ الْوَرَثَةُ قَالَ اللَّخْمِيُّ عَنْ مَالِكٍ إِذَا أَوْصَى بِخِدْمَتِهِ سَنَةً ثُمَّ هُوَ حُرٌّ وَلَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ وَلَمْ يُجِيزُوا يَنْظُرُ إِلَى مَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ يَخْدِمُ فُلَانًا سَنَةً ثُمَّ يُعْتِقُ الْجُزْءَ بَعْدَ انْقِضَائِهَا وَهُوَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَمْ يُخْتَلَفْ إِذَا جَعَلَ الْمَرْجِعَ بَعْدَ الْخِدْمَةِ لِفُلَانٍ لَا يُبْدَأُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ لَهُمَا مِنْهُ مَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ يَخْدِمُ الْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ ذَلِكَ الْجُزْءَ فَإِذَا انْقَضَتْ عَادَ لِمَنْ لَهُ الْمَرْجِعُ لِأَنَّهُ قَصَدَ قِسْمَةَ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا قَال قَالَ يَخْدِمُ فُلَانًا سَنَةً وَلَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ وَلَمْ يُجِيزُوهُ قَطَعَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ شَائِعًا وَإِنْ قَالَ لَهُ خِدْمَتُهُ حَيَاةَ الْعَبْدِ قَطَعَ لَهُ فِي عَيْنِ الْعَبْدِ بِخِلَافِ الأول لِأَنَّهُ هَاهُنَا أَخْرَجَ الْعَبْدَ جُمْلَةً عَنِ الْوَرَثَةِ فَأَشْبَهَ الْوَصِيَّةَ بِرَقَبَتِهِ وَبِمَا عَاوَضَهُمْ عَلَى نَصِيبِهِ بِمَا أَخَذَهُ مِنْ خِدْمَةِ الْعَبْدِ عَلَى أَنْ أَعْطَاهُمْ مَا لَهُ فِيهِ مِنَ الْمَرْجِعِ وَكَذَلِكَ إِذَا قَالَ يَخْدِمُ وَرَثَتِي سَنَةً ثُمَّ هُوَ لِفُلَانٍ فِيهِ مُعَاوَضَةً مِنَ الثُّلُثِ فَإِنْ لَمْ يُجِيزُوا قُطِعَ لَهُ بِالثُّلُثِ وَإِنْ قَالَ يَخْدِمُ فُلَانًا سَنَةً ثمَّ ورثتني سَنَةً ثُمَّ مَرْجِعُهُ لِفُلَانٍ وَلَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ قُطِعَ لِلْمُوصَى لَهُمَا بِالثُّلُثِ شَائِعًا لِهَذَا بِقِيمَةِ خِدْمَتِهِ سَنَةً وَلِلْآخَرِ بِقِيمَةِ الْمَرْجِعِ بَعْدَ سَنَتَيْنِ وَإِنْ قَالَ يَخْدِمُ فُلَانًا عَشْرَ سِنِينَ ثُمَّ هُوَ لِفُلَانٍ وَجَعَلَ آخَرَ لِفُلَانٍ تَحَاصَّا فَمَا صَارَ لَهُمَا بِالْخِدْمَةِ وَالْمَرْجِعِ بِقِيمَةِ ذَلِكَ الْعَبْدِ يُبْدَأُ الْآنَ لِأَنَّهُ أَخْرَجَ جَمِيعَهُ لَهُمَا فَمَا نَالَ الْمُخْدَمَ خَدَمَ الْمُوصَى لَهُ مِمَّا حَمَلَ الثُّلُثُ مِنْهُ وَمَرْجِعُ ذَلِكَ الْقَدْرِ لِمَنْ جُعِلَ لَهُ وَمَا نَابَ الْآخَرَ أَخَذَهُ فِي عَيْنِ ذَلِك العَبْد

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ ثَلَاثَةُ أَعْبُدٍ قِيمَتُهُمْ سَوَاءٌ أوصى بأحدهم لرجل وبخدمة الْآخَرِ لِآخَرَ حَيَاتَهُ فَإِنْ لَمْ يُجِيزُوا أَسْلَمُوا الثُّلُثَ يَضْرِبُ فِيهِ صَاحِبُ الرَّقَبَةِ بِقِيمَتِهَا وَصَاحِبُ الْخِدْمَةِ بِقِيمَتِهَا عَلَى غَرَرِهَا عَلَى أَقَلِّ الْعُمْرَيْنِ عُمْرِ الْعَبْدِ وَالْمُخْدَمِ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْأَجَلِ بَطَلَ حَقُّهُ وَمَا صَارَ لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ أَخَذَهُ فِيهَا أَوْ لِصَاحِبِ الْخِدْمَةِ شَارَكَ بِهِ فِي سَائِرِ التَّرِكَةِ بَتْلًا وَكَذَلِكَ إِنْ وَصَّى مَعَ ذَلِك الآخر بِالثُّلثِ يتحاصون فِي الثُّلُث كَمَا تَقَدَّمَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَيُخَيَّرُ الْوَرَثَةُ فِي حِصَّةِ صَاحِبِ الْخِدْمَةِ بَيْنَ مُشَارَكَتِهِ وَبَيْنَ إِسْلَامِ الْعَبْدِ بِخِدْمَةِ الْأَجَلِ وَإِنْ أَوْصَى بِالثُّلُثِ مَعَ ذَلِكَ وَكَانَ الثُّلُثُ ثَلَاثِينَ وَلَمْ يُجِيزُوا وَالْعَبْدُ الْمُوصَى بِهِ قِيمَتُهُ ثَلَاثُونَ وَقِيمَةُ الْخِدْمَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمْ عَلَى خَمْسَة لصَاحب العَبْد جزءان وَلِصَاحِب الثُّلُث جزآن وَلِصَاحِبِ الْخِدْمَةِ جُزْءٌ وَلَوْ وَصَّى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ كُلِّ عَبْدٍ مِنْهُمْ بَتْلًا وَلِآخَرَ بِثُلُثٍ وَاحِدٍ بِعَيْنِهِ بَتْلًا فَلِكُلِّ وَاحِدٍ ثَلَاثَةٌ إِنْ كَانُوا ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ وَصِيَّتِهِ فَيَصِيرُ لِلْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ كُلِّ عَبْدٍ رُبُعُ كُلِّ عَبْدٍ وَلِلْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْعَبْدِ رُبُعُ ذَلِكَ الْعَبْدِ وَيَبْقَى نِصْفُهُ لِلْوَرَثَةِ مَعَ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الْآخَرِينَ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَلِآخَرَ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ حَيَاتَهُ ثُمَّ هُوَ حُرٌّ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ الثُّلُثُ تَقُومُ خِدْمَةُ الْعَبْدِ إِلَى أَقْصَرِهِمَا عُمْرًا الْعَبْدُ أَوِ الْمُوصَى لَهُ وَيُحَاصُّ بِتِلْكَ الْقِيمَةِ هُوَ وَصَاحِبُ الْمِائَةِ فِي خِدْمَةِ الْعَبْدِ فَإِنْ هَلَكَ الْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ عَتَقَ الْعَبْدُ وَإِنْ لَمْ يَحْمِلِ الْعَبْدُ الثُّلُثَ وَلَمْ يُجِزِ الْوَرَثَةُ عَتَقَ مِنْهُ مَبْلَغُ الثُّلُثِ وَسَقَطَتِ الْوَصَايَا الْخِدْمَةُ وَغَيْرُهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ أَقَلَّ مِنَ الثُّلُثِ قُدِّمَ الْعِتْقُ إِلَى أَجَلٍ ثُمَّ تَحَاصَّ الْخِدْمَةَ بِقِيمَتِهَا وَأَهْلُ الْوَصَايَا فِي بَقِيَّةِ الثُّلُثِ وَفِي الْخِدْمَةِ فَيَأْخُذُ أَهْلُ الْوَصَايَا مَا صَارَ لَهُمْ فِي التَّرِكَةِ وَفِي الْخِدْمَةِ

(فرع)

وَيَأْخُذُ أَهْلُ الْخِدْمَةِ مَا صَارَ لَهُمْ فِي الْخِدْمَةِ وَإِنْ كَانَتِ الْوَصَايَا فِي شَيْءٍ بِعَيْنِهِ أَخَذُوا فِيهِ مَا نَابَهُمْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَضْرِبُ الْمُخْدَمُ بِقِيمَةِ الْخِدْمَةِ فِي الْخِدْمَةِ وَفِي بَقِيَّةِ الثُّلُثِ وَلَا يُجْمَعُ لَهُ حَقُّهُ فِي أَصْلِ الْخِدْمَةِ قَالَ أَصْبَغُ إِنْ كَانَ الْعَبْدُ مَعَ عشرَة دَنَانِير هُوَ الثُّلُث اخذ الْعشْرَة الْمُوصَى لَهُ بِالْمِائَةِ وَأَخَذَ صَاحِبُ الْخِدْمَةِ عَشَرَةً فَإِنْ كَانَ قِيمَةُ الْخِدْمَةِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَقَدْ صَارَ عُشْرُهَا لِلْمُخْدَمِ وَيَتَحَاصَّانِ فِي تِسْعَةِ أَعْشَارِهَا على أحد عشرَة جُزْءًا عَشَرَةِ أَجْزَاءٍ لِصَاحِبِ الْمِائَةِ وَجُزْءٍ لِصَاحِبِ الْخِدْمَةِ وَلَوْ كَانَ بَاقِي الثُّلُثِ خَمْسِينَ أَخَذَهَا صَاحب المَال فِي نِصْفِ وَصِيَّتِهِ وَأَخَذَ صَاحِبُ الْخِدْمَةِ نِصْفَهَا ثُمَّ يَتَحَاصَّانِ فِي نِصْفِهَا فَمَا بَقِيَ لَهُمَا فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْخِدْمَةِ كُلُّهَا خَمْسِينَ تَحَاصَّا فِي نِصْفِهَا عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ وَتُقَوَّمُ الْخِدْمَةُ عَلَى غَرَرِهَا بِاعْتِبَارِ أَقْصَرِ الْعُمْرَيْنِ فَإِنِ انْكَشَفَ الْغَيْبُ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ التَّعْمِيرِ قَالَ أَشْهَبُ يُوقَفُ لِلْحِصَاصِ مَرَّةً أُخْرَى لِيُتَبَيَّنَ الْخَطَأُ وَخَالَفَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ حُكْمٌ مَضَى مَعَ تَوَقُّعِ هَذِهِ الْحَالَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ مَاتَ الْعَبْدُ وَخَلَفَ مِائَةَ دِينَارٍ أَخَذَهَا الْمُوصَى لَهُ بِالْعَيْنِ وَرَجَعَ الْمُخْدَمُ عَلَى صَاحِبِهِ بِقِيمَةِ مَا أَخَذَ مِنَ الْخِدْمَةِ وَإِنْ خَلَّفَ الْعَبْدُ خَمْسِينَ أَخَذَهَا الْمُوصَى لَهُ بِالْمِائَةِ وَهِيَ نِصْفُ وَصِيَّتِهِ وَيَكُونُ لِلْمُخْدَمِ نِصْفُ الْخِدْمَةِ بِاعْتِبَارِ نِصْفِ مَا بَقِيَ مِنَ الْأَجَلِ وَيَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ بِقِيمَةِ مَا أَخَذَ مِنَ الْخِدْمَةِ وَإِنْ خَلَّفَ الْعَبْدُ خَمْسِينَ أَخَذَهَا الْمُوصَى لَهُ بِالْعَيْنِ وَهِيَ نِصْفُ وَصِيَّتِهِ وَيَكُونُ لِلْمُخْدَمِ بِاعْتِبَارِ نِصْفِ مَا بَقِيَ مِنَ الْأَجَلِ وَيَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ بِنِصْفِ الْأَجَلِ الْآخَرِ يَتَحَاصَّانِ فِيهِ هَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِنَقْضِ الْحُكْمِ (فَرْعٌ) قَالَ فِي الْكِتَابِ لِفُلَانٍ مِائَةُ دِينَارٍ وَلِفُلَانٍ خِدْمَةُ عَبْدِي هَذَا حَيَاتَهُ ثُمَّ هُوَ

(فرع)

لِفُلَانٍ وَضَاقَ الثُّلُثُ وَلَمْ يُجِيزُوا يَضْرِبُ فِي الثُّلُثِ صَاحِبُ الْمِائَةِ بِمِائَةٍ وَلَا يَضْرِبُ مَعَهُ صَاحب الرَّقَبَة إِلَّا بِبَقِيَّةِ الرَّقَبَةِ فَمَا صَارَ لَهُمَا أَخَذَاهُ فِي الْعَبْدِ وَمَا صَارَ لَهُمَا فِي الْعَبْدِ يبْدَأ فِيهِ المخدم بِالْخدمَةِ فَإِذا مَاتَ الْمُخْدَمُ رَجَعَ مَا كَانَ مِنَ الْعَبْدِ وَالْخِدْمَةِ لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ وَمَا صَارَ لِصَاحِبِ الْمِائَةِ شَارَكَ بِهِ جَمِيعَ الْوَرَثَةِ فِي جَمِيعِ التَّرِكَةِ وَلَا يُعْمَرُ الْمُخْدَمُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِخِلَافِ الَّتِي قَبْلَهَا وَإِنْ قَالَ يَخْدِمُ فُلَانًا وَلَمْ يَقُلْ حَيَاتَهُ وَلَا أَجَلًا وَرَقَبَتُهُ لِفُلَانٍ وَلَمْ يَقُلْ بَعْدَهُ قُوِّمَتِ الرَّقَبَةُ وَقُوِّمَتِ الْخِدْمَةُ عَلَى غَرَرِهَا حَيَاةَ الَّذِي أُخْدِمَ وَتَحَاصَّا فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ بِقَدْرِ ذَلِكَ وَقَالَ أَشْهَبُ بَلْ هِيَ وَصِيَّةٌ وَاحِدَةٌ وَالْخِدْمَةُ حَيَاةَ فُلَانٍ ثُمَّ يَرْجِعُ لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ قَوْلُ أَشْهَبَ أَحْسَنُ لِأَنَّكَ إِنْ حَمَلْتَهُ عَلَى حَيَاةِ الْعَبْدِ فَهِيَ رَقَبَةٌ أَوْصَى بِهَا لِرجلَيْنِ فَهِيَ بَينهمَا وَلَا معنى لحصاص الرَّقَبَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَهَذَا أَصْلُ مَالِكٍ قَالَ التُّونُسِيُّ كَأَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يُرِيدُ أَنَّ الْخِدْمَةَ تقوم حَيَاة وَتُقَوَّمُ رَقَبَةُ الْعَبْدِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا لَمْ يُوقف الْخِدْمَةَ حُمِلَتْ عَلَى حَيَاةِ الْمُخْدَمِ إِذَا قَالَ يَخْدِمُ عَبْدِي فُلَانًا وَإِنْ قَالَ خِدْمَةُ عَبْدِي اخْتُلِفَ فِيهِ حَمَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى حَيَاةِ الْعَبْدِ وَأَشْهَبُ عَلَى حَيَاةِ الْمُخْدَمِ وَلَوْ أَرَادَ حَيَاةَ الْعَبْدِ لَأَعْطَاهُ الْعَبْدَ بَتْلًا وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ وَيَصِحُّ إِعْطَاءُ الْخِدْمَةِ دُونَ الرَّقَبَةِ لِيَبْقَى مِيرَاثُهُ وَجِنَايَتُهُ لَهُ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا مَاتَ الْمُخْدَمُ أَجَلًا مُسَمًّى قَبْلَ الْأَجَلِ خَدَمَ الْوَرَثَةَ بَقِيَّتَهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ عَبِيدِ الْحَضَانَةِ وَالْكَفَالَةِ بَلْ مِنْ عَبِيدِ الْخِدْمَةِ لِأَنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ حَقٍّ مَالِيٍّ أَوْ مُتَعَلِّقٍ بِالْمَالِ فَلِوَرَثَتِهِ قِيَاسًا عَلَى الْمَالِ وَلَوْ وَهَبَ خِدْمَةَ عَبْدِهِ لِفُلَانٍ فَمَاتَ فُلَانٌ فَلِوَرَثَتِهِ خِدْمَةُ الْعَبْدِ مَا بَقِيَ إِلَّا أَنْ يُفْهَمَ أَنَّهُ أَرَادَ حَيَاةَ الْمُخْدَمِ وَقَالَ أَشْهَبُ يُحْمَلُ

(فرع)

عَلَى حَيَاةِ فُلَانٍ وَلَوْ أَرَادَ حَيَاةَ الْعَبْدِ كَانَ هِبَةً لِلرَّقَبَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَقَوْلُ مَالِكٍ أَبْيَنُ لِأَنَّهُ يَهَبُ الْخِدْمَةَ وَيَتْرُكُ الرَّقَبَةَ ليَأْخُذ مِيرَاثهَا وجنايتها أَوْ يُرِيدَ انْتِفَاعَ الْمُخْدَمِ بِالْعَبْدِ وَلَا يَبِيعُهُ وَلَوْ وَهَبَهُ لَبَاعَهُ وَلَوْ قَالَ يَخْدِمُ عَبْدِي فلَانا وَلم يؤقت ثُمَّ مَاتَ اتَّفَقَ الْأَصْحَابُ أَنَّهُ حَيَاةَ الْمُخْدَمِ وَفَرَّقُوا بَيْنَ الْمَصْدَرِ وَالْفِعْلِ الْمُضَارِعِ وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ حَيَاتَهُ وَأَوْصَى بِوَصَايَا لِغَيْرِهِ وَلَمْ يَتْرُكْ غَيْرَ الْعَبْدِ وَأَجَازَ الْوَرَثَةُ الْخِدْمَةَ بِيعَ ثُلُثُ الْعَبْدِ وَيُحَاصُّ فِي ثَمَنِهِ أَهْلُ الْوَصَايَا وَصَاحِبُ الْخِدْمَةِ بِالتَّعْمِيرِ بِثُلُثِ الْخِدْمَةِ فَمَا صَارَ لَهُ أَخَذَهُ بَتْلًا وَيَسْتَخْدِمُ ثُلُثَيِ الْعَبْدِ حَيَاتَهُ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى الْوَرَثَةِ قَالَهُ مُحَمَّدٌ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ وَصَّى بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ لِرَجُلٍ حَيَاته وَمَا بَقِي من الثُّلُث فلفلان وَالْعَبْدُ ثُلُثٌ بُدِئَ بِالْخِدْمَةِ وَالرَّقَبَةِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْخِدْمَةِ لِلْآخَرِ زَادَتْ قِيمَتُهُ الْآنَ أَوْ نَقَصَتْ وَكَذَلِكَ دَاري حبس فُلَانٍ حَيَاتَهُ وَمَا بَقِيَ مِنْ ثُلُثِي لِفُلَانٍ وَالدَّارُ الثُّلُثُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَوْ مَاتَ العَبْد قبل التَّقْوِيم لاحي بِالذِّكْرِ وَأُضِيفَتْ قِيمَتُهُ إِلَى مَا بَقِيَ فَإِنْ كَانَ الثُّلُثَ فَلَا شَيْءَ لِلْمُوصَى لَهُ فِي بَقِيَّةِ الثُّلُثِ وَلَوْ وَصَّى مَعَ ذَلِكَ بِوَصَايَا أخرجت من بَقِيَّة مَا بَقِي ثمَّ احي الْمَيِّتُ بِالذِّكْرِ وَحُسِبَ مَعَ الْوَصَايَا فَإِنْ بَقِيَتْ بَقِيَّةٌ مِنَ الثُّلُثِ بَعْدِ ذَلِكَ أُنْفِذَتْ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْبَقِيَّةِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا كَانَ الْعَبْدُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَقَلَّ مِنَ الثُّلُثِ يَوْمَ الْحُكْمِ كَانَ لِلْمُوصَى لَهُ بِبَقِيَّة مَا فَضَلَ عَنِ الثُّلُثِ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَمَرْجِعُ الْعَبْدِ أَيْضًا مَتَّى رَجَعَ إِنْ كَانَ بَاقِيًا أَوْ لِوَرَثَتِهِ وَإِنْ كَانَ يَوْمَ الْحُكِمِ أَكْثَرَ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ بَيْنَ إِجَازَةِ الْعَبْدِ كُلِّهِ لِلْمُخْدَمِ يَخْدِمُهُ حَيَاتَهُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا

رَجَعَ بِمَا حَمَلَهُ مِنَ الثُّلُثِ الْيَوْمَ لَا يَوْم يرجع أَو يقطعوا لِلْمُخْدَمِ بِثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ بَتْلًا مِنْ جُمْلَةِ التَّرِكَة وَتسقط لوَصِيَّة بِبَاقِي الثُّلُثِ وَلَوْ أَوْصَى أَنْ يُكَاتَبَ عَبْدُهُ بِسِتِّينَ دِينَارًا وَبِبَاقِي ثُلُثِهِ لِفُلَانٍ وَالْعَبْدُ الثُّلُثُ فَأَقل وَرَضي العَبْد بِالْكِتَابَةِ قبل الْكِتَابَةِ لِصَاحِبِ بَقِيَّةِ الثُّلُثِ وَإِنْ بَقِيَ بَعْدَ قِيمَةِ الْعَبْدِ مِنَ الثُّلُثِ شَيْءٌ هُوَ لَهُ تَبَعٌ لِلْكِتَابَةِ لِأَنَّ الْعَبْدَ إِذَا كَانَ الثُّلُثَ فَقْدِ اسْتَوْفَى الْمَيِّتُ ثُلُثَهُ وَالْوَرَثَةُ الثُّلُثَيْنِ فَلَا شَيْءَ لَهُمْ مِنَ الْكِتَابَةِ وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ إِن الْمَيِّت اخْرُج اكثر من الثُّلُث لِأَنَّ الْكِتَابَةَ عِلَّةُ ذَلِكَ الثُّلْثِ فَهِيَ كَنَفْسِهِ لِأَنَّ الْمَرِيضَ إِذَا كَاتَبَ بِأَلْفٍ وَقِيمَةُ الرَّقَبَةِ مِائَةٌ وَهِيَ الثُّلُثُ وَأَوْصَى بِالْكِتَابَةِ لِرَجُلٍ نَفَذَتِ الْكِتَابَةُ وَالْوَصِيَّةُ وَقِيلَ يَجْعَلُ قِيمَةَ الْكِتَابَةِ فِي الثُّلُثِ وَلَوْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الرَّقَبَةِ فَإِذَا حَمَلَهَا بَعْدَ إِسْقَاطِ قِيمَةِ الرَّقَبَةِ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ جَازَتِ الْوَصِيَّةُ وَالْكِتَابَةُ بِالسِّتِّينَ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ أَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ قَالَ مَالك إِذا أوصى بوصايا وَبَقِيَّة ثُلُثِهِ لِوَاحِدٍ وَأَقَامَ أَيَّامًا فَأَوْصَى بِعِتْقِ رَقِيقٍ لَهُ وَبِوَصَايَا لِقَوْمٍ آخَرِينَ وَلَمْ يُقَيِّدْ مِنَ الْأُولَى شَيْئًا يُبْدَأُ بِالْعِتْقِ وَوَصَايَا الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ سَوَاءٌ فَإِنْ ضَاقَ تَحَاصُّوا لِأَنَّ الْعِتْقَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَصَايَا لِشَرَفِهِ وَلِلْحَدِيثِ وَالْوَصَايَا كُلُّهَا سَوَاءٌ لَا يَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ بِبَقِيَّةِ الثُّلْثِ شَيْءٌ إِلَّا بَعْدَ الْعِتْقِ وَالْوَصَايَا الْأُوَلِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ مَاتَ أَحَدُ الْعَبِيدِ أَوِ اسْتُحِقَّ واخذت لَهُ وَرَدَّ أَحَدُ مَنْ لَهُ الْوَصَايَا وَصِيَّتَهُ وَلَا ياخذ من أوصى لَهُ بَقِيَّة الثُّلُثِ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا وَيَدْخُلُ فِي الثُّلُثِ قِيمَةُ الْمَيِّتِ وَالْمُسْتَحَقُّ وَالْوَصِيَّةُ الْمَرْدُودَةُ وَهُوَ كُلُّهُ لِلْوَرَثَةِ وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِعَشَرَةٍ وَلِآخَرَ بِعَبْدِهِ أَوْ بِعِتْقٍ وَلِآخَرَ بِبَقِيَّةِ الثُّلُثِ فَمَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ النَّظَرِ فِي

(فرع)

الثُّلُثِ فَإِنْ كَانَ الثُّلُثُ بِالْعَبْدِ قَدْرَ الْعَبْدِ وَالْعَشَرَةِ فَلَا شَيْءَ لِصَاحِبِ بَقِيَّةِ الثُّلُثِ وَإِنْ كَانَ الثُّلُثُ قَدْرَ الْعَبْدِ فَقَطْ زَالَ صَاحِبُ بَقِيَّةِ الثُّلُثِ وَأَخَذَ صَاحِبُ الْعَشَرَةِ مِنْ ثُلُثِ مَا بَقِيَ بَعْدَ الْعَبْدِ لِأَنَّ الْهَالِكَ مِنَ التَّرِكَةِ كَمَا لَمْ يَكُنْ وَلَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ عَبده لرجل بِبَقِيَّةِ الثُّلُثِ فَمَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ النَّظَرِ فِي الثُّلُثِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُقَوَّمُ وَتُضَمُّ قِيمَتُهُ إِلَى بَاقِي الْمَالِ ثُمَّ يُنْظَرُ ثُلُثُ ذَلِكَ فَيُطْرَحُ مِنْهُ قِيمَةُ الْعَبْدِ فَمَا بَقِيَ فَلِلْمُوصَى لَهُ بِبَقِيَّةِ الثُّلُثِ وَلَوْ أَوْصَى مَعَ ذَلِكَ بِعشْرَة لرجل حملت قِيمَته الْعَبْدِ عَلَى بَقِيَّةِ الْمَالِ وَأُزِيلَ مِنَ الْجَمِيعِ قِيمَةُ الْعَبْدِ ثُمَّ الْعَشَرَةُ فَمَا بَقِيَ فَلِصَاحِبِ بَقِيَّةِ الثُّلُثِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ بَعْدَ الْعَبْدِ عَشَرَةٌ نُظِرَ إِلَى ثُلُثِ الْمَالِ مِنْ غَيْرِ الْعَبْدِ فَأُعْطِيَ لِصَاحِبِ الْعَشَرَةِ عَشَرَةٌ وَالْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ مَوْتُ الْعَبْدِ فِي الْوَصَايَا من راس المَال وَفِي الدّين لَهُ بَاقِي الثُّلُثِ مِنَ الثُّلُثِ قَالَ ابْنُ يُونُس والمعتد إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا مَاتَ كَأَنَّهُ لَمْ يُوصَ فِيهِ وَبَقِيَ مِنْ وَصَايَاهُ لِفُلَانٍ كَذَا وَلِفُلَانٍ كَذَا فَلِلْمُوصَى لَهُ بِبَقِيَّةِ الثُّلُثِ مَا بَقِيَ مِنَ الثُّلُثِ بَعْدَ الْعَبْدِ وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِمَالٍ وَلِآخَرَ بِبَقِيَّةِ الثُّلُثِ فَمَاتَ الْمُوصَى لَهُ بِالتَّسْمِيَةِ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي وَلَمْ يَعْلَمْ قَالَ مَالِكٌ إِنَّمَا لِصَاحِبِ بَقِيَّةِ الثُّلُثِ مِمَّا يَبْقَى بَعْدَ إِخْرَاجِ التَّسْمِيَةِ مِنَ الثُّلُثِ ثُمَّ تُقَوَّمُ التَّسْمِيَةُ مِيرَاثًا فَإِنْ أَوْصَى بِعِتْقِ أَمَةٍ وَبِعَشَرَةٍ لِفُلَانٍ وَخَمْسَةٍ لِفُلَانٍ وَبَقِيَّةِ الثُّلُثِ لِفُلَانٍ ثُمَّ صَحَّ فَأَعْتَقَ الْأَمَةَ وَمَاتَ الْمُوصَى لَهُمَا ثُمَّ مَاتَ هُوَ لصَاحب بَقِيَّةِ الثُّلُثِ الْبَاقِي بَعْدَ قِيمَةِ الْأَمَةِ وَالْخَمْسَةَ عَشَرَ قَالَ مَالِكٌ وَلَوْ قَالَ اكْتُبُوا بَاقِيَ ثُلُثِي الثُّلُثُ لِفُلَانٍ فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُوصِيَ غَدًا فَمَاتَ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ لَا شَيْءَ لِفُلَانٍ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي لَوْ أَوْصَى هَلْ يَبْقَى لَهُ شَيْءٌ أَمْ لَا وَقَالَ أَشْهَبُ لَهُ الثُّلُثُ كُلُّهُ لِعَدَمِ الْمُزَاحِمِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَقَالَ أُرِيدُ أَنْ أُوصِيَ غَدًا فَاشْهَدُوا أَنَّ مَا بَقِيَ لِزَيْدٍ فَمَاتَ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ لَا شَيْءَ لِزَيْدٍ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا أَوْصَى بِسُكْنَى دَارِهِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا أُسْلِمَتْ إِلَيْهِ السُّكْنَى

(فرع)

يُقْطَعُ لَهُ بِثُلُثِهَا لِأَنَّهَا ثُلُثُ مَالِهِ وَإِنْ أَوْصَى أَنْ تُؤَاجَرَ أَرْضُهُ مِنْهُ سِنِينَ مُسَمَّاةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَقِيمَةُ الْأَرْضِ أَكْثَرُ مِنَ الثُّلُثِ إِمَّا أَنْ يُجِيزُوا أَوْ يُعَجِّلُوا لَهُ ثُلُثَ الْمَيِّتِ بِغَيْرِ ثَمَنٍ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ مَعْنَى كِرَاءِ الْأَرْضِ أَنَّهُ حَابَى وَلَوْ لَمْ يُحَابِ لَزِمَ الْوَرَثَةَ كَبَيْعِهِ إِلَّا أَنْ يَقُولَ أَكْرُوهَا وَلَمْ يُسَمِّ أُجْرَةً فَهِيَ وَصِيَّةٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا لَمْ يُسَمِّ وَالثُّلُثُ لَهُ بِحَطِيطَةِ ثُلُثِ الْكِرَاءِ فَلَمْ يَقْبَلْ فَلَهُمْ مُوَافَقَتُهُ أَوْ يُعْطُوهُ ثُلُثَ الْأَرْضِ يَزْرَعُهَا بِغَيْرِ كِرَاءٍ وَلَوْ لم يحملهَا الثُّلُث وَأَبُو أَنْ يَحُطُّوا ثُلُثَ الْكِرَاءِ وَأَنْ يَكْرُوَهَا مِنْهُ فَعَلَيْهِمْ ثُلُثُ الْمَيِّتِ مِنْ جُمْلَةِ التَّرِكَةِ قَالَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ لِأَنَّ الثُّلُثَ مَرْجِعُ الْوَصَايَا وَهُوَ أَقَلُّ أَحْوَالِهَا مَعَ الْمُشَاحَّةِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ وَمَالٌ غَائِبٌ وَلَا تَخْرُجُ الْوَصَايَا مِنَ الْحَاضِرِ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ بَيْنَ إِخْرَاجِهَا مِنْهُ أَوْ إِسْلَامِ ثُلُثِهِ وَثُلُثِ الْغَائِبِ لِأَنَّهُ ثُلُثُ مَالِهِ وَإِنْ كَانَ لَهُ مِائَةٌ عَيْنٌ وَمِائَةٌ دَيْنٌ فَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ الْعَيْنِ وَلِآخَرَ بِثُلُثِ الدَّيْنِ اخْتَصَّا بِمَا عُيِّنَ لَهُمَا مِنْ غير خصاص وَلِهَذَا بِخَمْسِينَ مِنَ الْعَيْنِ وَلِآخَرَ بِأَرْبَعِينَ مِنَ الدَّيْنِ وَلَمْ يُجِيزُوا سَلَّمُوا ثُلُثَ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ لَهُمَا تحاصا بِقِيمَةِ الْعَيْنِ مَعَ الدَّيْنِ وَإِنْ أَوْصَى بِدَيْنٍ لَا يحملهُ الثُّلُث وَله عين حَاضر فَإِمَّا أَنْ يُجِيزُوا أَوْ يُعْطُوهُ ثُلُثَ الدَّيْنِ وَالْعَيْنِ وَكَذَلِكَ إِنْ أَوْصَى مِنَ الْعَيْنِ بِأَكْثَرَ من ثلثهَا أَوله عَقَارٌ وَعُرُوضٌ كَثِيرَةٌ وَلَمْ يَخْرُجْ عَنْ هَذَا الْأَصْلِ إِلَّا إِذَا أَوْصَى بِعَبْدٍ بِعَيْنِهِ أَوْ دَابَّةٍ وَضَاقَ الثُّلُثُ وَلَمْ يُجِيزُوا فَقَالَ مَرَّةً اعطوه الثُّلُثَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَقَالَ مَرَّةً يُقْطَعُ الثُّلُثُ مِنْ جَمِيعِ التَّرِكَةِ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ بِعَيْنِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَوْصَى بِاثْنَيْ عَشَرَ دِينَارًا لِمَنْ هِيَ عَلَيْهِ وَهُوَ مُعْسِرٌ وَلِآخَرَ بِاثْنَيْ عَشَرَ وَلَمْ يَتْرُكْ غَيْرَهَا حَاضِرَةً وَلَمْ يُجِيزُوا قُوِّمَ الدَّيْنُ مَثَلًا بِأَرْبَعَةٍ وَتَحَاصَّا فِي ثُلُثِ الْحَاضِرَةِ

هَذَا بِأَرْبَعَةٍ وَهَذَا بِاثْنَيْ عَشَرَ فَيَحْصُلُ لِلْأَوَّلِ دِينَار وَلِهَذَا ثَلَاثَةٌ لِأَنَّهَا نِسْبَةُ وَصِيَّتِهِمَا وَيُوقَفُ دِينَارُهُ وَيُطْرَحُ عَنْهُ مِثْلُهُ مِنَ الدَّيْنِ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى ثُلُثِ الِاثْنَيْ عَشَرَ الدَّيْنِ فَيَضْرِبُ فِيهَا هَذَا بِاثْنَيْ عَشَرَ وَهَذَا بِأَرْبَعَةٍ كَمَا عُمِلَ فِي الْعين فيطرح عَنهُ دِينَار وَهَذَا بأَرْبعَة كَمَا عمل آخَرُ فَتَبْقَى عَشَرَةٌ ثُمَّ يَتَحَاصَصُ الْوَرَثَةُ وَالْمُوصَى لَهُ بِالْعَيْنِ يَتَحَاصُّونَ فِي الدِّينَارِ الْمَوْقُوفِ فَمَا نَابَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الِاثْنَيْ عَشَرَ الدَّيْنِ بِقَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ وَبِالثَّلَاثَةِ الَّتِي صَارَتْ لَهُ بِالْعَيْنِ وَلَا يُضْرَبُ الْمُوصَى لَهُ بِالدَّيْنِ لِأَنَّهُ ضُرِبَ فِيهِ مرّة ثمَّ اقْتَضَى مِنَ الْعَشَرَةِ الْبَاقِيَةِ فَعَلُوا فِيهِ ذَلِكَ وَلَا يَدْخُلُ صَاحِبُ الدَّيْنِ مَعَهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ لَهُ مِائَةٌ عَلَى معدم وَمِائَة على ملئ وَمِائَة عين أوصى لِكِلَا الْغَرِيمَيْنِ بِمَا عَلَى صَاحِبِهِ وَلَمْ يُجِيزُوا تحاصا فِي الثُّلُث الْمِائَة الْحَاضِرَة وَثلث الْمِائَتَيْنِ الدّين فينظروا إِلَى قِيمَةِ الْمِائَةِ الَّتِي عَلَى الْمَلِيءِ إِنْ كَانَتْ مُؤَجَّلَةً فَقِيلَ سِتِّينَ وَقِيمَةِ الْمِائَةِ الَّتِي عَلَى الْمُعْدَمِ فَقِيلَ ثَلَاثِينَ فَلِلْمُعْدَمِ الثُّلُثُ وَلِلْمَلِيءِ ثُلُثُ الثُّلُثِ مِنْ عَيْنٍ وَغَيْرِهِ فَيَصِيرُ لِلْمُعْدَمِ عَلَى الْمَلِيءِ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ وَتُسْعَانِ وَلِلْمَلِيءِ عَلَى الْمُعْسِرِ ثُلُثُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ أَحَدَ عَشَرَ وَتُسْعٌ وَلَا يُحَاصُّهُ بِهَا لِأَنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا لِلْوَرَثَةِ فَيُؤْخَذُ مِنَ الْمُوسِرِ مَا كَانَ لِلْمُعْسِرِ فَيُضَمُّ إِلَى مَا لِلْمُعْسِرِ بِالْحِصَاصِ مِنَ الْمِائَةِ النَّاضَّةِ وَذَلِكَ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ وَتُسْعَانِ فَالْجَمِيعُ أَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَأَرْبَعَةُ أَتْسَاعٍ فَيَتَحَاصَصُ فِي ذَلِكَ الْوَرَثَةُ وَالْمُوسِرُ بِقَدْرِ مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ عِنْدَ الْمُعْسِرِ وَالَّذِي لِلْمُوسِرِ عَلَى الْمُعْسِرِ أَحَدَ عَشَرَ وَتُسْعٌ وَلِلْوَرَثَةِ تِسْعَةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ ثُلُثَا الْمِائَةِ الَّتِي عَلَيْهِ فَيَقْتَسِمُونَ ذَلِكَ عَلَى سَبْعَةِ أَجْزَاءٍ لِلْوَرَثَةِ سِتَّةُ أَجْزَاءٍ وَلِلْمَلِيءِ جُزْءٌ فَيَقَعُ لِلْوَرَثَةِ ثَمَانِيَةٌ وَثَلَاثَةُ اسباع تسع وَلِلْمَلِيءِ سِتَّةٌ وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعٍ

وَتُسْعُ سُبْعٍ يُسْقِطُ عَنِ الْمُعْدَمِ جَمِيعَ مَا أَوْصَى لَهُ بِهِ وَذَلِكَ سُبْعَا كُلِّ مِائَةٍ وَهُوَ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ وَيَبْقَى عَلَيْهِ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ فَمَا اقْتَضَى بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ شَيْء قسمه الْوَرَثَة على سِتَّةِ أَجْزَاءٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَوْ كَانَتْ مائَة للمليء حَالَةَ ضَرْبِ الْمُعْسِرِ فِي الْحِصَاصِ بِعَدَدِهَا وَيُؤْخَذُ مِنَ الْمَلِيءِ وَيُضَمُّ إِلَى الْمِائَةِ الْأُخْرَى وَيَكُونُ كَمَنْ تَرَكَ مِائَتَيْنِ عَيْنًا وَمِائَةً عَلَى مُعْدَمٍ وَأَوْصَى بِمِائَةِ الدَّيْنِ لِرَجُلٍ وَبِمِائَةِ الْعَيْنِ عَلَى مَا مَضَى فَيُعْمَلُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَهَذَا الْمُوَافق للْمُدَوّنَة وَقَالَ مُحَمَّد إِذَا كَانَتْ لَهُ مِائَةٌ عَلَى مَلِيءٍ وَمِائَةٌ عَلَى مُعْدَمٍ فَأَوْصَى لِكُلِّ وَاحِدٍ بِمَا عَلَى صَاحِبِهِ إِنْ حَمَلَ ذَلِكَ الثُّلُثُ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِائَتُهُ الَّتِي أَوْصَى لَهُ بِهَا بِعَيْنِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَيْرُهَا وَاسْتَوَتْ وَصِيَّتُهُ مِنْ كُلِّ مِائَةٍ بِالْعَدَدِ وَالْجُزْءِ وَهُوَ أَكْثَرُ مِنَ الثُّلُثِ قطع لكل وَأحد مِنْهُمَا بِثلث مائته الَّتِي أوصت لَهُ بِهَا وَلَا يَشْتَرِكَانِ فِي كُلِّ مِائَةٍ وَلَا حِصَاصَ بَيْنَهُمَا وَإِنَّمَا يَشْتَرِكَانِ أَنْ لَوْ كَانَ لِلْمَيِّتِ شَيْءٌ آخَرُ سِوَى مِائَتَيِ الدَّيْنِ وَلَا تَحْمِلُ وَصِيَّتُهُ الثُّلُثَ قَالَ مُحَمَّدٌ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُقَوَّمُ الدَّيْنُ الْمُوصَى لَهُ بَلْ يَحْسِبُ عَدَدَهُ فَإِنْ خَرَجَ مِنَ الثُّلُثِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ قَطْعِ الثُّلُثِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا أَنْ يُجِيزُوا وَإِنَّمَا اسْتُحْسِنَ إِذَا قُوِّمَ خَرَجَ مِنَ الثُّلُثِ فَيُقَوَّمُ بِالنَّقْدِ وَيَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِائَتُهُ بِعَيْنِهَا وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ لَهُمْ أُقَوِّمْهُ وَمَذْهَبُ ابْنِ وَهْبٍ وَالْمُغِيرَةِ يُقَوَّمُ الدَّيْنُ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَإِنْ خَرَجَ وَإِلَّا فَالْمُحَاصَّةُ عَلَى الْقِيَمِ وَسُوِّيَا فِي الْوَصِيَّةِ بِالدَّيْنِ لَهُمَا أَوْ لِغَيْرِهِمَا قَالَ مُحَمَّد واراه مفترقاً إِن أوصِي بِهِ لغيره مَنْ هُوَ عَلَيْهِ قُوِّمَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَصِيَّةٌ لِأَنَّ الدَّيْنَ كَالْعَرَضِ أَوْ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ وَهُوَ حَالٌّ وَلَا وَصِيَّةَ مَعَهُ لَا يُقَوَّمُ بَلْ يُحْسَبُ عَدَدُهُ فِي الثُّلُثِ لِأَنَّهُ كَالْحَاضِرِ لِأَنَّهُ يَتَعَجَّلُ لِنَفْسِهِ فَإِنْ كَانَ مَعَهُ وَصِيَّةٌ لِغَيْرِهِ وَهُوَ عَلَى عَدِيمٍ فَلَا بُدَّ مِنَ التَّقْوِيمِ لِأَنَّهُ كَالْأَجَلِ وَكَذَلِكَ الْمُؤَجَّلُ يُقَوَّمُ فَإِنْ خَرَجَ مِنَ الثُّلُثِ وَإِلَّا خُلِعَ الثُّلُثُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِذَا لَمْ يُجِيزُوا فَإِنْ أَوْصَى بِدَيْنِهِ عِشْرِينَ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ وناضة ثَلَاثُونَ

أُسْقِطَ عَنِ الْغَرِيمِ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ ثُلُثُ الْجَمِيعِ فَإِنْ كَانَ لَمْ يَحِلَّ قُوِّمَ لِأَنَّهُ كَالْعَرَضِ فَإِنْ خَرَجَ مِنَ الثُّلُثِ نَفَذَتِ الْوَصِيَّةُ وَإِلَّا خُيِّرَ الْوَرَثَةُ بَيْنَ إِنْفَاذِهَا أَوِ الْقَطْعِ بِثُلُثِ الْمَيِّتِ فَيَأْخُذُ ثُلُثَ الْحَاضِرِ مُعَجَّلًا وَيَسْقُطُ ثُلُثُ الدَّيْنِ عَنْهُ فَإِنْ وَصَّى مَعَهُ لِغَيْرِهِ بِثُلُثِ مَالِهِ وَالثُّلُثُ حَالٌّ عَلَى مُوسِرٍ أُخِذَ مِنْهُ بِغَيْرِ تَقْوِيمٍ أَوْ مُعْسِرٍ فَهُوَ كَالْمُؤَجَّلِ فَلَا بُدَّ مِنَ التَّقْوِيمِ بِالْعَرَضِ أَوْ بِالطَّعَامِ نَقْدًا ثُمَّ يُقَوَّمُ ذَلِكَ بِالْعَيْنِ فَقَطْ إِنْ كَانَتْ قِيمَةُ ذَلِكَ خَمْسَةَ عَشَرَ وَقِيمَةُ الدَّيْنِ الْمُوصَى بِتَرْكِهِ خَمْسَةَ عَشَرَ فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَيُتْرَكُ لِلْمَدْيُونِ نِصْفُ مَا عَلَيْهِ وَيُشَارِكُ صَاحِبُ الثُّلُثِ الْوَرَثَةَ فِي جُمْلَةِ مَالِ الْبَيْتِ فَمَا بَقِيَ عَلَى الْمَدْيُونِ وَغَيْرِهِ عَلَى خَمْسَةِ أَجْزَاءٍ فَلِلْمُوصَى لَهُ جُزْءٌ إِذَا لَمْ يَحِلَّ الدَّيْنُ وَلَمْ يُجِيزُوا قَطَعُوا لَهُمَا بِثُلُثِ الدَّيْنِ وَالْعَيْنِ فَمَا صَارَ لِلْمَدْيُونِ سُلِّمَ إِلَيْهِ فَإِذَا حَلَّ مَا عَلَيْهِ اتَّبَعَهُ الْوَرَثَةُ وَالْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ مَا بَقِيَ لَهُمْ عَلَيْهِ وَذَلِكَ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ فَقَسَّمُوهَا عَلَى خَمْسَةِ أَجْزَاءٍ لِلْمُوصَى لَهُ سَهْمٌ وَلَوْ كَانَ لَهُ عَشَرَةٌ عَلَى مُوسِرٍ وَعَشَرَةٌ عَلَى مُعْسِرٍ وَعَشَرَةٌ نَاضَّةٌ فَأَوْصَى بِمَا عَلَى الْمُوسِرِ لِرَجُلٍ وَبِمَا عَلَى الْآخَرِ لِآخَرَ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُ الْعِشْرِينَ لَكَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثُ عَشَرَتِهِ لِاسْتِوَاءِ وَصِيَّتِهِ مِنْ كُلِّ عَشَرَةٍ أَمَّا إِذَا كَانَ لَهُ سِوَاهُمَا مِمَّا يَخْرُجُ الْعَشَرَتَانِ مِنَ الثُّلُثِ وَلَمْ يُجِيزُوا فَلَا بُدَّ مِنْ قَطْعِ ثُلُثِ الْعَشَرَاتِ لَهُمَا يَقْتَسِمَانِهِ عَلَى قَدْرِ قِيمَةِ عَشَرَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَيَبْقَى لِلْوَرَثَةِ ثُلُثَا كُلِّ عَشَرَةٍ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَتِ الْعَشَرَتَانِ مُؤَجَّلَتَيْنِ يَقْتَسِمَانِ ثُلُثَ النَّاضَّةِ عَلَى الْقِيَمِ وَكُلَّمَا حَلَّتْ عَشَرَةٌ أَخَذَ الْوَرَثَةُ ثُلُثَهَا وَقَسَمَا ثُلُثَيْهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَإِنْ كَانَتْ لَهُ مِائَةُ دِينَارٍ وَأَوْصَى بِعَشَرَةٍ فَقَبَضَ مِنْهَا عَشَرَةً فَلَا يُخَيَّرُ الْوَرَثَةُ فِي دَفْعِهَا وَلَا قَطْعِ ثُلُثِ الْمَيِّتِ لِأَنَّ الْمَيِّتَ قَدْ عَلِمَ أَنَّ جَمِيعَ مَالِهِ دَيْنٌ فَقَدْ أَشْرَكَهُ فِي الْمِائَةِ بِعَشَرَةٍ وَلَمْ يَقُلْ مِنْ أَوَّلِهَا وَلَا من اخرها وَلَوْ وُجِدَ مِنَ الْمَيِّتِ شَيْءٌ يَدُلُّ عَلَى قِيمَةٍ فِيهِ وَقَعَ التَّخْيِيرُ وَلَوْ قَبَضَ الْمَيِّتُ مِنْهَا خَمْسَةَ عَشَرَ قَبْلَ الْمَوْتِ وَكَانَ عِنْدَهُ خَمْسَةٌ مِنْ غَيْرِهَا خُيِّرَ الْوَرَثَةُ بَيْنَ دَفْعِ الْخَمْسَةِ وَيَكُونُ شَرِيكًا

فِيمَا بَقِيَ بِخَمْسَةٍ وَبَيْنَ الْقَطْعِ لَهُ بِالثُّلُثِ بَتْلًا قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا كَانَتِ التَّرِكَةُ صِنْفًا عَبِيدًا أَوْ غَيْرَهَا فَوَصَّى بِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ هُوَ الثُّلُثُ فَأَقَلُّ لَيْسَ لِلْوَرَثَةِ إِعْطَاءُ الثُّلُثِ شَائِعًا وَكَذَلِكَ إِذَا أَرَادَ أَخْذَ أَحَدِ الصِّنْفَيْنِ وَهُمَا فِي نجاز البيع سَوَاء وَلَا يَقُولُوا نَأْخُذُ ثُلُثَ كُلِّ صِنْفٍ لِعَدَمِ الضَّرَرِ عَلَيْهِم وَكَذَلِكَ إِن كَانَتْ عَيْنًا فَوَصَّى بِالدَّرَاهِمِ دُونَ الدَّنَانِيرِ أَوْ بِالْعَيْنِ وَهُوَ الثُّلُثُ فِي الْقِيمَةِ أَوْ دَنَانِيرُ مُخْتَلِفَةُ السِّكَّةِ وَلَهُ تَرْكُ فَضْلِ السِّكَّةِ لِمَكَانِ الْجَوْدَةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ رِبًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَرَثَةِ لِأَن الْوَصِيَّة بَاب مَعْرُوف كالقرض وَلَوْ تَرَكَ عَيْنًا وَدَيْنًا دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ فَأَوْصَى بِالدَّيْنِ جَازَ إِنْ حَمَلَ الثُّلُثُ عَدَدَهُ فَإِنْ كَانَ الْعَدَدُ أَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ وَقِيمَتُهُ الثُّلُثُ فَأَقَلُّ فَقِيلَ يَجُوزُ لِأَنَّ الدَّيْنَ كَعَرَضٍ وَلَوْ وَصَّى بِعَرَضٍ وَلَهُ عَيْنٌ جَازَ إِذَا حَمَلَ الثُّلُثُ قِيمَتَهُ وَقِيلَ يُعَجَّلُ فِي الثُّلُثِ الْعَدَدُ قَالَ مَالِكٌ لَا يُوصَى بِالْعَيْنِ وَيُتْرَكُ لَهُمُ الدَّيْنُ قَالَ وَأَرَى إِذَا كَانَ الدَّيْنُ حَالا عَليّ مُوسر حَاضر غير ملد وَهُوَ مُؤَجَّلٌ لَا يَتَعَذَّرُ بَيْعُهُ وَقِيمَتُهُ إِنْ بِيعَ الثُّلُثَانِ فَأَكْثَرُ أَنْ تَجُوزَ الْوَصِيَّةُ وَإِنْ كَرِهَ الْوَرَثَةُ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِالْعَيْنِ وَتَرَكَ لَهُمُ الْعرض وَلَوْ تَرَكَ دُورًا وَغَيْرَهَا فَلَهُ جَعْلُ ثُلُثِهِ فِي أَيِّهَا أَحَبَّ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْوَرَثَةُ إِلَّا أَنْ يَتْرُكَ لَهُمْ مَا يَتَأَخَّرُ بَيْعُهُ بِالْأَمَدِ الْبَيِّنِ وَغَرَضُهُمُ الْبَيْعُ دُونَ الِاقْتِنَاءِ فَإِنْ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فِي وَصِيَّتِهِ بِحَيْثُ يَجُوزُ لَهُ كَمَا تَقَدَّمَ صَحَّ فِي الصِّنْفِ الَّذِي جَعَلَهُ فِيهِ وَمَقَالُهُمْ فِي الزَّائِدِ فَإِنْ كَانَ فِي التَّرِكَة رَبًّا نَحْو مائَة شَعِيرًا أَو مائَة قَمْحًا فَرَضِيَ بِالشَّعِيرِ وَهُوَ الثُّلُثُ صَحَّ وَلِلْوَرَثَةِ الْقَمْح وَإِن أوصِي بِالثُّلثِ فَأَقل فَمَا يضر

بِالْوَرَثَةِ فَيُوصِي بِالْحَاضِرِ وَيَتْرُكُ لَهُمُ الْغَائِبَ خُيِّرُوا بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَبَيْنَ إِعْطَائِهِ ثُلُثَ الْحَاضِرِ وَثُلُثَ الْغَائِبِ فَإِنْ تَرَكَ عَيْنًا وَعَقَارًا وَعَبِيدًا فَأَوْصَى بِالْعينِ متعهُ مَالِكٌ وَجَوَّزَهُ أَشْهَبُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ كَانَ بيع الْعقار يُبْطِئُ خُيِّرُوا بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَدَفْعِ ثُلُثِ الْجَمِيعِ وَإِن وصّى لهَذَا بعده وَلِهَذَا بِدَارٍ وَضَاقَ الثُّلُثُ تَحَاصُّوا فِيهِ بِالْقِيَمِ وَإِنْ كَانَ وَصَّى بِجُزْءٍ نَحْوِ السُّدُسِ أَوْ بِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ فَثَلَاثُ رِوَايَاتٍ فِي الْكِتَابِ يَتَحَاصَّانِ فِي الثُّلُثِ وَرُوِيَ يُبْدَأُ بِالْجُزْءِ لِأَنَّ الثُّلُثَ حَقٌّ لَهُ وَهُوَ الْحُرِّيَّةُ وَالْإِعْتَاقُ لِلْوَرَثَةِ وَلِأَنَّهَا مُحْتَمِلَةٌ لِلزِّيَادَةِ بِخِلَافِ التَّسْمِيَةِ وَرُوِيَ التَّسْمِيَةُ لِقُوَّتِهَا بِالتَّعْيِينِ وَمَنْعِهَا مِنَ النُّقْصَانِ بِخِلَافِ التَّجْزِئَةِ فَلَوْ أَوْصَى بِسُدُسٍ وَلِآخَرَ بِدَارٍ وَهِيَ ثُلُثُهُ بُدِئَ بِالسُّدُسِ وَخُيِّرُوا بَيْنَ إِجَازَةِ الدَّارِ أَوْ يُعْطُوا لَهُ مِنْهَا تَمَامَ الثُّلُثِ وَإِذَا أَوْصَى بِثُلُثِهِ لرجل وبعبده لآخر فقد رَضِي بِثُلُثِ الْعَبْدِ مَرَّتَيْنِ فَيَكُونُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَإِنْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ وَلِآخَرَ بِنِصْفِهِ فَأَجَازُوا النِّصْفَ دُونَ الثُّلُثِ قِيلَ يَقْتَسِمَانِ الثُّلُثَ عَلَى خَمْسَةٍ لِلنِّصْفِ ثَلَاثَةٌ وَيُتِمُّ لَهُ الْوَرَثَةُ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ النِّصْفَ فَإِنْ أَجَازُوا النِّصْفَ وَلَمْ يَعْلَمُوا بِالْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ فَلِصَاحِبِ النِّصْفِ ثُلُثُ الْمَالِ بِإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ ثُمَّ يَضْرِبُ هُوَ وَالْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ فِي الثُّلُثِ النِّصْفُ بِثَلَاثَةٍ وَالثُّلُثُ سَهْمَان فَيَصِيرُ لَهُمَا خُمْسَا الثُّلُثِ وَفِي الْجَوَاهِرِ أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدٍ وَلَهُ مَالٌ حَاضِرٌ وَمَالٌ غَائِبٌ وَلَا يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ الْحَاضِرِ فَرِوَايَةُ أَشْهَبَ يُوقف لِاجْتِمَاع المَال وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهَذَا إِذَا كَانَ يَقْبِضُ إِلَى اشهر يسيرَة أَي عَرَضٌ يُبَاعُ وَإِلَّا عَجَّلَ الْعِتْقَ فِي ثُلُثِ الْحَاصِل ثُمَّ إِذَا قَبَضَ مَا بَقِيَ أَتَمَّ فِيهِ وَعَنْ أَشْهَبَ يَتَعَجَّلُ مِنْهُ ثُلُثَ الْحَاضِرِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَحْضُرْ غَيْرُهُ عَتَقَ ثُلُثُهُ تَنْفِيذًا للْوَصِيَّة

(فرع)

بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ وَكُلَّمَا حَصَّلَ زِيدَ فِيهِ ثُلُثُهُ حَتَّى يتم أَو يويس وَقَالَ سَحْنُون إِنَّمَا يَجْعَل مَا حَضَرَ إِذَا أَضَرَّ ذَلِكَ بِالْمُوصِي وَالْمُوصَى لَهُ بِطُولِ ذَلِكَ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ أَوْصَى بِعِتْقِ عَبده وَلَا يخرج من ثلثه الْحَاضِرِ وَلَهُ مَالٌ غَائِبٌ يَخْرُجُ مِنْهُ يُوقَفُ الْعَبْدُ فَإِذَا اجْتَمَعَ الْمَالُ قُوِّمَ حِينَئِذٍ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ أَعْتِقُوا مِنِّي ثُلُثَ الْحَاضِرِ الْآنَ لِأَنَّ تَنْفِيذَ الْوَصِيَّةِ فَرْعُ التَّقْوِيمِ فِي الثُّلُثِ إِلَّا أَنْ يَضُرَّ ذَلِكَ بِهِ وَبِالْوَرَثَةِ بطول الْجمع قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ إِذَا طَالَ نَحْوُ الشَّهْرِ وَالسَّنَةِ أُنْفِذَ الثُّلُثُ قَالَ أَشْهَبُ يُعْتَقُ مِنْهُ ثُلُثُ الْحَاضِرِ ثُمَّ إِذَا اقْتَضَى شَيْءٌ عَتَقَ بِقَدْرِ ثُلُثِهِ وَهُوَ تَفْسِيرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا طَالَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَلَوْ كَانَ مَعَ ذَلِكَ وَصَايَا خُيِّرَ الْوَرَثَةُ فِي إِنْفَاذِ الْوَصَايَا أَوِ الْقَطْعِ بِثُلُثِ الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ وَبُدِئَ بِالْعِتْقِ فِي الْحَاضِر وَالْبَاقِي للوصايا وَإِنْ أَوْصَى بِعِتْقٍ وَجَمِيعُ مَالِهِ عُرُوضٌ حَاضِرَةٌ أَوْ دُورٌ حَاضِرَةٌ أَوْ غَائِبَةٌ وَالرَّقِيقُ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ ذَلِكَ لَوْ بِيعَ لَعَجَّلَ عِتْقَهُمْ قَالَ مَالِكٌ وَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ تَأْخِيرُ الْعِتْقِ لِلْبَيْعِ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ تَرَكَتْ زَوْجَهَا وَابْنَهَا مُدبرَة مُوصَى بِعِتْقِهَا قِيمَتُهَا مِائَةٌ وَلَهَا عَلَى زَوْجِهَا مِائَةٌ وَهُوَ عَدِيمٌ فَالْمَالُ بَيْنَهُمْ عَلَى سِتَّةِ اسهم سَهْمَان للْأمة وَربع الْبَاقِي للزَّوْج وَثلثه لِلِابْنِ فَإِذَا سَقَطَ سَهْمُ الزَّوْجِ لِأَنَّ عِنْدَهُ أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ تَبْقَى خَمْسَةٌ يُقْسَمُ عَلَيْهَا مَا حَضَرَ وَهُوَ قِيمَةُ الْأَمَةِ لِلِابْنِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأَمَةِ سَهْمَانِ فَيُعْتَقُ خُمْسَا الْأَمَةِ وَسَقَطَ عَنِ الزَّوْجِ مِمَّا عَلَيْهِ مَا يَخُصُّهُ وَهُوَ ثُلُثُ الْأَمَةِ لِأَنَّ لَهُ سُدُسَ

جَمِيعِ التَّرِكَةِ فَيَسْقُطُ ذَلِكَ مِمَّا عَلَيْهِ وَيَبْقَى مَا زَادَ عَلَى مِيرَاثِهِ وَهُوَ ثُلُثَا الْمِائَةِ الَّتِي عَلَيْهِ وَكُلَّمَا قَبَضَ مِنَ الزَّوْجِ مِنْ ثُلُثَيِ الْمِائَةِ الْبَاقِي عِنْدَهُ فَلِلِابْنِ مِنْهُ ثَلَاثَةُ أَخْمَاس خمس يُعْتَقُ فِيهِ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَمَةِ حَتَّى يُكْمِلَ عتق ثلثيها وتكمل الإبن الْمِائَةَ فَهِيَ الَّتِي لَهُ مِنَ التَّرِكَةِ وَيَبْقَى لِلزَّوْجِ ثُلُثُ الْمِائَةِ وَهُوَ حَقُّهُ قَالَ أَصْبَغُ فَإِنْ تُرِكَتْ مَعَ ذَلِكَ مِائَةٌ عَتَقَ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ الْأَمَةِ لِأَنَّ الْفَرِيضَةَ مِنْ سِتَّةٍ سَهْمَانِ لِلْأَمَةِ وَثَلَاثَةٌ لِلِابْنِ وَسَهْمٌ لِلزَّوْجِ يَسْقُطُ وَيُقْسَمُ مَا حَضَرَ وَهُوَ مِائَتَانِ بَيْنَ الْأَمَةِ وَالِابْنِ على خَمْسَة للْأمة خمْسا الْمِائَتَيْنِ تعْتق فِيهَا أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهَا وَلِلِابْنِ الْمِائَةُ الْبَاقِيَةُ وَعِشْرُونَ فِي الْأَمَةِ وَيَسْقُطُ عَنِ الزَّوْجِ مِمَّا عَلَيْهِ مِقْدَارُ إِرْثِهِ مِنَ الْمِائَتَيْنِ وَهُوَ ثُلُثُ الْمِائَتَيْنِ ثُمَّ مَا قَبَضَ مِنَ الزَّوْجِ عَتَقَ مِنَ الْمُدَبَّرَةِ مَا يَخُصُّ خُمْسَهُ وَقَبَضَ الِابْنُ أَخْمَاسَهُ فَإِذَا تَمَّ عِتْقُ الْأَمَةِ بَقِيَ لِلزَّوْجِ خَمْسُونَ مِمَّا عَلَيْهِ وَهُوَ حَقُّهُ وَحَصَلَ لِلْوَلَدِ خَمْسُونَ وَمِائَةٌ وَهُوَ حَقُّهُ قَالَ مُحَمَّدٌ فَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ غَيْرَ الْمُدَبَّرَةِ وَقِيمَتُهَا مِائَةٌ وَعَلَى الزَّوْجِ أَرْبَعُمِائَةٍ عَجَّلَ عِتْقَ خُمْسَيِ الْمُدَبَّرَةِ وَلَوْ كَانَتِ الْأَرْبَعُمِائَةٍ عَلَى الِابْنِ عَجَّلَ عِتْقَ ثُلُثِ الْمُدَبَّرَةِ لِأَنَّ مَا حَضَرَ مِنَ التَّرِكَةِ بَيْنَ الزَّوْجِ وَالْمُدَبَّرَةِ سَهْمَان لَهَا ووسهم لَهُ وَلَو ورثهَا أبنإن وَزوج وعَلى الِابْنَيْنِ دَيْنٌ قَلَّ أَوْ كَثُرَ عَجَّلَ مِنْ عِتْقِ الْأَمَةِ أَرْبَعَةَ أَتْسَاعِهَا لِأَنَّ الْفَرِيضَةَ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ لِلْأَمَةِ الثُّلُثُ وَرُبْعُ الْبَاقِي لِلزَّوْجِ وَلِكُلِّ ابْنِ ثَلَاثَةٌ يَسْقُطُ سَهْمُ الِابْنِ الْمِدْيَانِ تَبْقَى تِسْعَةٌ أَرْبَعَةٌ مِنْهَا لِلْأَمَةِ وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَى الزَّوْجِ عَجَّلَ عِتْقَ خُمُسِهَا وَلَوْ تَرَكَتِ ابْنًا عَلَيْهِ مِائَةٌ وَزَوْجَهَا عَتَقَ ثُلُثَا الْأمة وَيبقى ثلثا لِلزَّوْجِ وَقَدْ أَخَذَ الِابْنُ حَقَّهُ وَلَوْ كَانَ عَلَى الزَّوْجِ لِأَجْنَبِيٍّ دَيْنٌ مِثْلُ مَا لِلزَّوْجَةِ عَلَيْهِ فَمُصَابُهُ مِنَ الْأَمَةِ وَهُوَ السُّدُسُ نِصْفُهُ

فِي دَيْنِ الْأَجْنَبِيِّ وَنِصْفُهُ بَيْنَ الْأَمَةِ وَالِابْنِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا تُرِكَتْ مُدَبَّرَةٌ قِيمَتُهَا مِائَةٌ وَخَمْسُونَ وَلَهَا عَلَى الزَّوْجِ مِثْلُهَا وَتَرَكَتْ زَوْجَهَا وَأَخَاهَا يُعَجَّلُ عِتْقُ نِصْفِ الْأَمَةِ لِأَنَّ لَهَا ثُلُثَ نَفْسِهَا وَثُلُثٌ لِلزَّوْجِ وَثُلُثٌ لِلْأَخِ يُؤْخَذُ ثُلُثُ الزَّوْجِ فِيمَا عَلَيْهِ من الدّين فَيكون بَين الْأمة وَالْأَخ نِصْفَيْنِ وَيَبْقَى عَلَى الزَّوْجِ فَاضِلًا عَنْ حَقِّهِ خَمْسُونَ بَيْنَ الْأَخِ وَالْمُدَبَّرَةِ نِصْفَيْنِ وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ لَا يُعْلَمُ حَالُهُ لَمْ يَبِعْ مِمَّا عَلَيْهِ شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَرِيبا يعرف ملاوه مِنْ عَدَمِهِ وَإِذَا لَمْ يُبَعْ مِمَّا عَلَيْهِ شَيْءٌ وَلَا أَيْسَرَ حَتَّى حَالَتْ قِيمَةُ الْمُدَبَّرَةِ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ ثُمَّ أَيْسَرَ لَمْ تُؤْتَنَفْ فِيهَا قِيمَةٌ عَنِ الْقِيمَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ لِأَنَّهُ حُكْمٌ نفذ وَلَوْ مَاتَتِ الْأَمَةُ قَبْلَ ذَلِكَ وَقَدْ تَرَكَتِ المراة مِمَّا على الزَّوْج الإبن كُلَّهُ وَلَوِ اسْتَوْفَى مِنَ الزَّوْجِ وَقَدْ زَادَتْ قِيمَةُ الْأَمَةِ لَمْ يُنْظَرْ إِلَى ذَلِكَ وَلَمْ يُعْتَقْ غَيْرُ مَا عَتَقَ وَلَوْ قُبِضَ مِنَ الزَّوْجِ بَعْدَمَا نَقَصَتْ فَلْيُعْتِقْ مِنْهَا تَمَامَ الثُّلُثَيْنِ زَادَتْ قِيمَتُهَا أَوْ نَقَصَتْ وَلَوْ يَئِسَ مِمَّا عَلَيْهِ الزَّوْجُ فَبَاعَ الِابْنُ ثَلَاثَةَ أَخْمَاسِهَا ثُمَّ أَيْسَرَ الزَّوْج نقص من ذَلِك البيع تمأم ثلثهَا وَعتق زَادَتْ قِيمَتُهَا أَوْ نَقَصَتْ وَيَرُدُّ الِابْنُ عَلَى الْمُشْتَرِي حِصَّةَ ذَلِكَ وَلَا يُمْنَعُ الِابْنُ أَوِ الْأَخُ مِنْ بَيْعِ مَا بِيَدِهِ مِنْهَا وَإِنْ لَمْ يُؤْيَسْ مِنَ الزَّوْجِ بِعَدَمٍ أَوْ مَوْتٍ وَلَكِن إِن شَاءَ البيع بدىء بَيْعُ مَا لِلْمُدَبَّرَةِ عَلَى الزَّوْجِ يَتَعَجَّلُ مِنْهُ عتقا وَيَأْخُذُ الِابْنُ ثَمَنَهُ ثُمَّ يُطْلِقُ يَدَهُ عَلَى جَمِيعِ مَا بَقِيَ لَهُ فِيهَا إِلَّا أَنْ يويس الزَّوْج بِعَدَمِ أَو موت فالإبن يَجْعَل بيع جَمِيع مَا بِيَدِهِ مِنْهَا وَإِن طراللزوج مَالٌ نَقَصَ مِنْ ذَلِكَ الْبَيْعِ مَا يَتِمُّ بِعْ عتق ثلثيها وَلَو لم يكن وَكَانَت وَصيته بِمَال لرجل أَو صَدَقَة على وَارِث دَيْنٍ فَالْجَوَابُ مِثْلُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْعِتْقِ ويحاص ذُو الْوَصِيَّة الوراث الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فِيمَا حَصَّ سَوَاءٌ كَانَت الْوَصِيَّة دَنَانِير بِعَينهَا أوبغير عينهَا عِنْد ملك وَأَصْحَابِهِ إِلَّا أَصْبَغَ

فرع

(فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا رَدَّ مَا أَوْصَى لَهُ بِهِ رَجَعَ مِيرَاثًا وَيُحَاصُّ بِهِ أَرْبَابُ الْوَصَايَا لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَوْصَى لَهُمْ بِوَصْفِ مُزَاحَمَتِهِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ يُرِيدُ رَدَّ الْوَصِيَّةَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَلَوْ رَدَّ قَبْلَ مَوْتِهِ لَكَانَ كَمَوْتِهِ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ مَوْتُهُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي وَقَدْ ضَاقَ الثُّلُثُ خِلَافُهُ يَجْرِي فِيمَا إِذَا مَاتَ الْعَبْدُ الْمُوصَى بِهِ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ قبل قسْمَة المَال فيحيا الْعَبْدُ بِالذِّكْرِ وَيُحَاصُّ بِهِ أَرْبَابُ الْوَصَايَا لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَوْصَى لَهُمْ مَعَ هَذَا فَقَامَ الْوَرَثَةُ مَقَامَهُ وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ يُجْعَلُ نَسْيًا مَنْسِيًّا (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ أبن يُونُس قَالَ أبن عَبدُوس لَو أَوْصَى بِعَبْدٍ لَا يَحْمِلُهُ الثُّلُثُ وَقَالَ الرَّجُلُ أَنَا أُعْطِي بَقِيَّةَ ثَمَنِهِ وَيَكُونُ لِي وَقَالَ الْوَرَثَةُ نُعْطِيكَ قِيمَةَ حَقِّكَ لَيْسَ ذَلِكَ لِلْجَمِيعِ لأَنهم شُرَكَاء بل يتقأومونه أَو يَبِيعُونَهُ (فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا تَرَكَ امْرَأَةً حَامِلًا لَا وَلَدَ لَهَا اخْتُلِفَ هَلْ تُعْطَى الْآنَ الثَّمَنُ فَإِنْ أَسْقَطَتْهُ أَوْ وَلَدَتْهُ مَيِتًّا أَتَمَّ الرُّبُعَ فَإِنَّ فِيهِ تَعْجِيلَ حَقٍّ مُتَيَقَّنٍ أَوْ لَا تُعْطَى شَيْئًا حَتَّى تَضَعَ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ فَرْعُ تَيَقُّنِ الشَّرِكَةِ وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَتْ حَامِلًا وَلَهَا وَلَدٌ قِيلَ لَا تُعْطَى هِيَ وَلَا أَوْلَادُهَا حَتَّى تَضَعَ وَقِيلَ تُعْطَى الثُّمُنَ وَالْوَلَدُ نِصْفَ الْبَاقِي لِإِمْكَانِ كَوْنِ الْحَمْلِ ذَكَرًا وَقِيلَ ثُلُثُهُ لِإِمْكَانِ أَنْ يَكُونَ غُلَامَيْنِ وَقِيلَ الرّبع لِإِمْكَان إِن يكون ثَلَاثَةً وَقِيلَ الْخُمُسُ لِإِمْكَانِ أَنْ يَكُونُوا خَمْسَةً وَالنِّصْفُ أَحْسَنُ لِأَنَّهُ غَالِبٌ

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ أَوْصَى بِدَنَانِيرَ مِنْ غَلَّةِ دَارِهِ أَوْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنْ ثَمَرِهِ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُ الدَّارَ وَالْحَائِطَ فَأَخَذَ ذَلِكَ عَامًا ثُمَّ بَارَ ذَلِكَ أَعْوَامًا لَهُ أَخْذُ نَصِيبِهِ كُلَّ عَامٍ مَا بَقِيَ مِنْ غَلَّةِ الْعَامِ الْأَوَّلِ شَيْءٌ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْهُ شَيْءٌ أَخَذَ ذَلِكَ لِلْأَعْوَامِ الَّتِي لَمْ يَأْخُذْ فِيهَا لِأَنَّهُ حَقٌّ يَتَأَخَّرُ لَهُ وَلَوْ أُكْرِيَتِ الدَّارُ أَوَّلَ سَنَةٍ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَضَاعَتْ إِلَّا دِينَارٌ فَهُوَ لَهُ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْمِيرَاثِ وَكَذَلِكَ الْغَلَّةُ وَلَوْ قَالَ مِنْ غَلَّةِ كُلِّ سَنَةٍ خَمْسَة أَو سُقْ أَوْ مِنْ كِرَاءِ الدَّارِ كُلَّ سَنَةٍ عَشَرَةٌ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ سَنَةٍ عَنْ سَنَةٍ أُخْرَى لَمْ تَغُلَّ لِأَنَّ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ فَقَدْ نَصَّ على بعض كل سنه هَاهُنَا بِخِلَافِ الْأُولَى وَلَوْ أُكْرِيَتْ بِأَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ أَو غلت أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ لَا يَرْجِعُ بِتَمَامِ ذَلِكَ فِي عَامٍ آخَرَ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِذا مَاتَ الْمُوصى لَهُ نِصْفِ السَّنَةِ لَهُ نِصْفُ الْوَصِيَّةِ وَكَذَلِكَ الثُّلُثُ وَغَيْرُهُ عَلَى قَدْرِ مَوْتِهِ وَإِذَا أَرَادَ تَعْجِيلَ عَشَرَتِهِ وَشَاحَّهُ الْوَرَثَةُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بِحِسَابِ مَا مَضَى مِنَ السَّنَةِ كَكِرَاءِ الدُّورِ وَالدَّوَابِّ وَإِذَا لَمْ يَحْمِلِ الثُّلُثَ وَلَمْ يُجِيزُوا دَفَعُوا لَهُ ثُلُثَ الْمَيِّتِ شَائِعًا لِأَنَّهُ حَقُّ الْمَيِّتِ وَلَوْ جُعِلَ ذَلِكَ لَهُ وَلِعَقِبِهِ مُؤَبَّدًا فَهُوَ كَالْوَصِيَّةِ بِالْحَائِطِ لِلْمَسَاكِينِ يَقْطَعُ فِي الثُّلُثِ وَإِنْ قَالَ ادفعوا لي بَقِيَّةَ الثَّمَرَةِ فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ لِئَلَّا يَهْلِكَ النَّخْلُ فِي الْعَامِ الثَّانِي نَظَرَ السُّلْطَانُ فَإِنْ كَانَتْ مَأْمُونَةً لَا تَخَافُ أَوْ غَيْرَ مَأْمُونَةٍ حُبِسَ قَدْرُ مَا يُخَافُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ وَيمْتَنع بَيت السلطإن لَا يُشْتَرَطُ عَلَى الْمُشْتَرِي حَقُّ الْمُوصَى لَهُ وَهُوَ غَرَرٌ فَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِقَدْرٍ مَعْلُومٍ لَمْ يُعينهُ فِي جِهَة جازالبيع إِذَا كَانَ الْوَرَثَةُ أَمْلِيَاءَ ثِقَاةً وَحَمَلُوا ذَلِكَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَوْ أَكْرُوهَا بِالنَّقْدِ فَضَاعَ إِلَّا نَصِيبُهُ أَعْطَوْهُ لَهُ وَلَوْ بَقِيَ عَجَّلُوا لَهُ نَصِيبَهُ وَلَوِ انْهَدَمَتْ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَخَذَهُ مِمَّا مَضَى وَلَوْ قَالَ مِنْ

كُلِّ سَنَةٍ دِينَارٌ أَوْ وَسْقٌ فَأَكْرَوْهَا نِصْفَ سَنَةٍ فَلَهُ نِصْفُ دِينَارٍ لِأَنَّهُ أَوْصَى بِدِينَارٍ مِنَ السَّنَةِ كُلِّهَا وَإِنْ جَاءَ الْحَائِطُ بِأَقَلَّ لَمْ يَرْجِعْ بِهِ فِي عَامٍ آخَرَ وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ وَلِآخَرَ بِدِرْهَمٍ كُلَّ شَهْرٍ مِنْ غَلَّةِ عَبْدِهِ وَلَمْ يَدَعْ غَيْرَهُ قَالَ مُحَمَّدٌ يُحَاصُّ الثُّلُثُ بِثُلُثِ قِيمَتِهِ وَالْآخَرُ بِتَعْمِيرِهِ لِكُلِّ شَهْرٍ دِرْهَمٌ فَمَا أَصَابَهُ وُقِفَ لَهُ بِيَدِ عَدْلٍ يُنْفِقُ عَلَيْهِ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ عَاد لِصَاحِبِ الثُّلُثِ وَإِنْ فَنِيَ وَهُوَ حَيٌّ رَجَعَ عَلَى صَاحِبِ الثُّلُثِ بِمَا يَرَى أَنَّهُ بَقِيَ لَهُ مِنْ عُمُرِهِ لَوْ حُوصِصَ لَهُ بِذَلِكَ وَفِي رُجُوعِهِ خِلَافٌ وَلَوْ أَوْصَى بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ وَلِآخَرَ بِدِرْهَمٍ مِنْ غَلَّةِ ذَلِكَ الْعَبْدِ كُلَّ شهر وَالْعَبْد ثلث بديء بِصَاحِب الدِّرْهَم كمن أوصى بِثُلثِهِ لرجل وَلآخر بِمِائَةٍ مِنْ ثُلُثِهِ فَإِنْ شَاءَ الْمُخْدَمُ أَعْطَى الدِّرْهَمَ كُلَّ شَهْرٍ وَحَازَ الْخِدْمَةَ وَإِلَّا اسْتُؤْجِرَ الْعَبْدُ وَبُدِئَ بِالدِّرْهَمِ مِنْ أُجْرَتِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْصَى بِثَمَرَةِ حَائِطِهِ وَلِآخَرَ بِعَشَرَةِ آصُعٍ مِنْ ثَمَرَتِهِ كُلَّ سَنَةٍ قُدِّمَتِ الْآصُعُ وَمَا فَضَلَ لِلْآخَرِ فَلَوْ فَضَلَ أَقَلُّ مِنْ عَشَرَةٍ أُخِذَ التَّمَامُ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُوصَى لَهُ مِنْ غَلَّةِ حَائِطِهِ أَوْ مِنْ عَبْدِهِ بِدِينَارٍ كُلَّ شَهْرٍ حَيَاتَهُ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُ ذَلِكَ إِنْ ضَمِنَ لَهُ الْوَرَثَةُ ذَلِكَ إِلَّا وَقْفَ الْعَبْدِ وَالْحَائِطِ وَإِنْ لَمْ يَحْمِلِ الثُّلُثَ وَقعت النحاصة بِالتَّعْمِيرِ فِي الْعَبْدِ عَلَى أَقَلِّ الْعُمْرَيْنِ لِلْعَبْدِ أَو الْمُوصى لَهُ قَالَ أبنن الْقَاسِمِ وَلَوْ أَوْصَى بِوَصَايَا وَلِرَجُلٍ بِنَفَقَتِهِ حَيَاتَهُ مِنْ بَقِيَّةِ الثُّلُثِ وَلَمْ يَنْظُرْ فِي ذَلِكَ حَتَّى مَاتَ الْمُوصَى لَهُ بِالنَّفَقَةِ فَإِنْ فَضَلَ مِنَ الثُّلُثِ شَيْءٌ أَعْطَى مِنْهُ وَرَثَتَهُ قَدْرَ مَا عَاشَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي لِاسْتِحْقَاقِهِ بِالْمَوْتِ وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَمُتْ إِنَّمَا تُحْسَبُ لَهُ مِنْ يَوْمِ مَوْتِ الْمُوصِي قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لم يقل

يُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ بَقِيَّةِ الثُّلُثِ بَلْ يُنْفَقُ عَلَيْهِ حَيَاتَهُ حَاصَصَ وَرَثَتُهُ أَهْلَ الْوَصَايَا فِي جَمِيع الثُّلُث بِنَفَقَتِهِ مَا عَاشَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي فَإِنْ أَوْصَى بِعِشْرِينَ دِينَارًا وَلِآخَرَ بِعَشَرَةٍ وَلِآخَرَ بِدِينَارٍ كُلَّ شَهْرٍ حَيَاتَهُ فَكَانَ تَعْمِيرُهُ يَقْتَضِي ثَلَاثِينَ وَالثُّلُثُ أَرْبَعُونَ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ يَأْخُذُ كُلَّ وَاحِدٍ ثُلُثَيْ وَصِيَّتِهِ وَيُنْفَقُ عَلَى صَاحِبِ النَّفَقَةِ ثُلُثَا دِينَارٍ كُلَّ شَهْرٍ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْأَجَلِ رَجَعَ الْفَاضِلُ لِأَرْبَابِ الْوَصَايَا وَلَوْ أَوْصَى بِنَفَقَةِ رجل عشر سِنِين فَمَاتَ فالفاضل لوَرَثَة الْمُوصِي كَمَا لَوْ أَوْصَى لَهُ حَيَاتَهُ وَلَوْ أَوْصَى لِجَمَاعَةٍ بِنَفَقَتِهِمْ حَيَاتَهُمْ وَجَعَلَ نَفَقَتَهُمْ بِيَدِ عَدْلٍ فَإِنْ مَاتَ بَعْضُهُمْ قَبْلَ أَجَلِ التَّعْمِيرِ رَجَعَ الْبَاقِي لِنَفَقَتِهِمْ فَإِنْ مَاتُوا كُلُّهُمْ رَجَعَ الْبَاقِي لِأَهْلِ الْوَصَايَا فَإِنِ اسْتُوفِيَتِ الْوَصَايَا فَلِلْوَرَثَةِ وَإِنْ نَابَهُمْ نِصْفُ وَصَايَاهُمْ لَمْ تَنْقُصْ نَفَقَتُهُمْ كُلَّ شَهْرٍ قَالَ مَالِكٌ وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْصَى بِكُل دِينَار كُلَّ شَهْرٍ فَوَقَعَ لَهُ نِصْفُ دِينَارٍ لِأَنَّ الْمَيِّتَ قَصَدَ التَّوْسِعَةَ عَلَيْهِ خِلَافًا لِابْنِ نَافِعٍ قَالَ مَالِكٌ لَوْ أَوْصَى لِخَمْسِ أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ بعطية كل سنة عشر لكل وَاحِدَة بِعَدَد مُسَمّى فَمن مَاتَت رَجَعَ نَصِيبُهَا لِلْوَرَثَةِ دُونَ صَوَاحِبِهَا لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ لَا يُزَاد عَلَيْهَا قَالَ مُحَمَّد وَلَو لَمْ يُسَمِّ رَجَعَ لِصَوَاحِبِهَا كَأَنَّهُمْ رَجُلٌ وَاحِدٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَوْ وَصَّى بِمِائَةِ دِينَارٍ تنْفق عَلَى رَجُلٍ مِنْهَا كُلَّ سَنَةٍ كَذَا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَقَالَ غُرَمَاؤُهُ عَمِّرُوهُ لِنَأْخُذَ الْفَضْلَ لَمْ يُجَابُوا لِأَنَّ الْفَضْلَ لِوَرَثَةِ الْمُوصِي وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِدِينَارٍ كُلَّ شَهْرٍ يُنْفَقُ عَلَيْهِ فَلَهُمْ أَخْذُ الْفَضْلِ عَنْ نَفَقَتِهِ لِأَنَّهُ مَالُهُ وَقَالَ عبد الْملك فِي الْمُوصي بِالنَّفَقَةِ وَالْخِدْمَةِ وَالسُّكْنَى فَفَلَّسَ إِنْ كَانَ الْفَضْلُ بَيِّنًا نَحْوَ خَمْسَةِ دَنَانِيرَ فِي الشَّهْرِ فَهِيَ وَصِيَّةٌ بِالنَّفَقَةِ وَبِغَيْرِهَا فَلَهُمُ الْفَضْلُ فَإِنْ سَمَّى مَا بَيْنَ ضِيقِ النَّفَقَةِ وَسِعَتِهَا فَلَا قَالَ التّونسِيّ لَو أوصى بغلة ثلث حَائِطه لأوقفت الْحَائِطُ إِذْ لَا تَخْتَصُّ الْغَلَّةُ بِثُلُثٍ مُعَيَّنٍ وَلِلْوَرَثَةِ قِسْمَةُ الْحَائِطِ وَإِيقَافُ ثُلُثِهِ كَمَا لَوْ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِهِ وَقِيلَ يُوقَفُ

جَمِيعُ الْحَائِطِ وَلِلْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ حَيَاتَهُ بَيْعُهَا من الْوَرَثَة لتخلص الرَّقَبَة لَهُم وَتجوز اجارتهم لَهُ السِّنِينَ وَالْأَمَدَ الْمَأْمُونَ دُونَ الْعَشْرِ سِنِينَ وَإِنْ جَازَتْ إِجَارَةُ الْعَبْدِ عَشْرَ سِنِينَ لِأَنَّ الْإِجَارَة تبطل هَاهُنَا بِمَوْتِ الْعَبْدِ وَبِمَوْتِ الْمُخْدَمِ بِخِلَافِ إِجَارَةِ الرَّقِيقِ تبطل بِمَوْتِهِ فَقَط فلغرر أَكْثَرُ وَلَوْ أَجَّرْتَ عَبْدَكَ بِشَرْطٍ إِنْ مُتُّ بطلت الاجارة وفسدت وَمُقْتَضى ذَلِك الْفساد هَاهُنَا فِي الْقَلِيلِ لَكِنَّهُ اسْتَخَفَّ فِي الْمَأْمُونِ مِنَ الْمُدَّةِ أَمَّا إِذَا أَوْصَى بِخِدْمَةِ عَشْرِ سِنِينَ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَنْتَقِضُ بِمَوْتِ غَيْرِ الْعَبْدِ وَإِذَا أَوْصَى بِثَمَرَةِ حَائِطِهِ جَازَتْ مُصَالَحَةُ الْوَرَثَةِ عَلَى ذَلِكَ وَتُتْرَكُ الْوَصِيَّةُ وَإِنْ كَانَ بَيْعَ مَجْهُولٍ لِأَنَّ الْحَيَاةَ مَجْهُولَةٌ لِأَنَّهُ تَخْلِيصٌ لِلرِّقَابِ فَكَأَنَّهُمُ اشْتَرَوُا الرِّقَابَ لَمَّا كَانُوا مَمْنُوعِينَ مِنْهَا فَلَو أوصى بثمرة سنة وَاحِدَة وَلم يؤبر امْتَنَعَ شِرَاءُ الثَّمَرَةِ لِتَمَكُّنِهِمْ مِنْ بَيْعِ الْأَصْلِ لِأَن أبن الْقَاسِم يُجَوِّزُ فِي الْمُسَاقَاةِ بَيْعَ الْحَوَائِطِ بِالْمُسَاقَاةِ قَبْلَ التَّأْبِيرِ وَتَبْقَى الثَّمَرَةُ مِلْكًا لِصَاحِبِهَا وَأَمَّا قَوْلُ غَيْرِهِ إِنَّهُ يَمْتَنِعُ الْبَيْعُ إِلَّا بَعْدَ إِبَارِ الثَّمَرَة سنة فَيجوز لَهُم الشِّرَاء هَاهُنَا لِتَعَذُّرِ التَّصَرُّفِ وَإِنْ أُبِّرَتْ وَهِيَ سَنَةٌ وَاحِدَةٌ فَيَمْتَنِعُ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْقَائِلِ إِنَّ شِرَاء اصل فِيهِ ثمرو بِطَعَام وَلَا تَجُوزُ إِلَّا عَلَى الْجِذَاذِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا أَوْصَى بِدِينَارٍ مِنْ دَارِهِ كُلَّ سَنَةٍ وَأَكَرَاهَا الْمَيِّتُ سَنَةً بِالنَّقْدِ لَيْسَ لِلْمُوصَى لَهُ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ لِتَعَلُّقِ الْوَصِيَّةِ بِمَا يُكْرَى بَعْدُ وَإِنْ أَكْرَاهَا بِغَيْرِ النَّقْدِ دَخَلَتِ الْوَصِيَّةُ فِيمَا يَقْبِضُ مِنْ ذَلِكَ لِتَأَخُّرِهِ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ فَإِنْ أَكْرَاهَا الْوَرَثَةُ كُلَّ شَهْرٍ بِدِينَارٍ فَلَهُ مِنْ كُلِّ دِينَارٍ نِصْفُ سُدُسِهِ وَيُسَلِّمُ الْبَاقِيَ لِلْوَرَثَةِ إِنْ كَانُوا مَأْمُونِينَ وَإِلَّا أَخْرَجَ الدِّينَارَ لِأَنَّ وَقْفَ بَقِيَّتِهِ ضَرَرٌ عَلَى جَمِيعِهِمْ وَإِنِ اخْتَلَفُوا هَلْ يُكْرَى بِالنَّقْدِ أَوْ مُؤَجَّلًا حَمْلًا عَلَى الْعَادَةِ فِي تِلْكَ الدَّارِ فَإِنْ عُدِمَتِ الْعَادَةُ أُكْرِيَتْ مُشَاهَرَةً لِأَنَّ كِرَاءَ جَمِيعِ السَّنَةِ يُحْبَسُ فَإِنْ أُكْرِيَتْ سَنَةً فَانْهَدَمَتْ بَعْدَ نِصْفِهَا فَلَهُ الدينارإن قَالَ يُعْطَى مِنَ الْغَلَّةِ كُلَّ سَنَةٍ دِينَارًا أَو نصفه إِن قَالَ مِنْ غَلَّةٍ كُلِّ سَنَةٍ دِينَارٌ عَلَى مُرَاعَاةِ الْأَلْفَاظِ إِلَّا أَنْ

(فرع)

يُفْهَمَ عَنْهُ خِلَافُ ذَلِكَ فَإِنْ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ بَعْدَ شَهْرٍ فَلَهُ نِصْفُ سُدُسِ دِينَارٍ أَوْ مَاتَ وَفِي الْحَائِطِ ثَمَرٌ مُزْهٍ فَلَيْسَ لِلْمُوصَى لَهُ مِنْهُ شَيْءٌ بَلِ الْمُزْهِي لِلْوَرَثَةِ كَالْبَيْعِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ أَوْصَى بِدِينَارٍ من غلَّة دَاره أَو حَائِطه لِرَجُلٍ حَيَاتَهُ إِنْ ضَمِنَ الْوَرَثَةُ لَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا وقف الْحَائِط أَو بآصع لَيْسَ لَهُ ضَمَانُ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَرْضَى لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالثِّمَارِ كَالسِّلْعَةِ الْمُعَيَّنَةِ لَيْسَ لَهُمْ بَدَلُهَا بِغَيْرِهَا بِخِلَافِ الدِّينَارِ لَا تَخْتَلِفُ فِيهِ الْأَغْرَاضُ وَلَوْ عُلِمَ أَنَّ قَصْدَ الْمُوصِي الْحِفْظُ عَلَيْهِ مِنَ التَّلَفِ إِنْ أَخَذَهُ جُمْلَةً لَمْ يَجُزْ رِضَاهُ وَعَلَيْهِمْ غُرْمُ الْوَصِيَّةِ كُلَّ سَنَةٍ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنِ انْهَدَمَتْ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي وَهِيَ تَخْرُجُ مِنَ الثُّلُثِ فَمَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ مِيرَاثٌ وَالْوَصِيَّةُ عَلَى حَالِهَا فِي الْقَاعَةِ وَإِنْ هَدَمَهَا أَحَدٌ بعد الْمَوْت غرم ذَلِكَ وَبُنِيَتْ لَهُ وَالْوَصِيَّةُ عَلَى حَالِهَا وَكَذَلِكَ لَوْ قَطَعَ نَخْلَ الْحَائِطِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ حَقِّهِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا أَعْمَرَكَ أَوْ أَخْدَمَكَ أَوْ أَسْكَنَكَ أَوْ أَعْطَاكَ ثَمَرَةَ حَائِطِهِ جَازَ شِرَاؤُهُ مِنْكَ كُلِّهِ هُوَ أَوْ وَرَثَتِهِ ويصالحوك على مَال وَلَو لم يتم النَّخْلُ لِأَنَّهُ تَخْلِيصٌ لِلرِّقَابِ وَلِأَنَّ أَصْلَهُ مَعْرُوفٌ وَإِنْ أَوْصَى لَكَ حَيَاتَهُ جَازَ لِلْوَرَثَةِ بِنَقْدٍ أَو دين كَشِرَاء العربة بِخَرْصِهَا وَلَوْ صَالَحُوكَ عَلَى مَالٍ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ وَأَنْتَ حَيٌّ لَا يَرْجِعُونَ عَلَيْكَ لِدُخُولِكَ لَهُمْ عَلَى الْغَرَرِ وَيَمْتَنِعُ بَيْعُ هَذِهِ الْخِدْمَةِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ لِأَنَّهُ غَرَرٌ سُوِّغَ لِضَرُورَةِ تَخْلِيصِ الرَّقَبَةِ لِلتَّصَرُّفِ فِيهَا وَهُوَ مَنْفِيٌّ فِي حَقِّ الْأَجْنَبِيّ وَلَك إِعَارَةُ مَا أَوْصَى بِهِ لَكَ مِنَ السُّكْنَى وَإِخْدَامِ الْعَبْدِ إِلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ أَرَادَ الْحَضَانَةَ وَالْكَفَالَةَ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مَلَّكَكَ أَنْ تَنْتَفِعَ لَا الْمَنْفَعَةَ كَتَمْلِيكِ الشَّرْعِ الْمُكَلَّفَ أَنْ يُنْتَفَعَ بِالْمَسْجِدِ وَالْمَدْرَسَةِ وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ وَلَيْسَ لَكَ

الْمُعَاوَضَةُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ مُتَّ قَبْلَ الْأَجَلِ عَتَقَ الْعَبْدُ إِنْ جُعِلَ حُرًّا بَعْدَ الْأَجَلِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ عَبِيدِ الْخِدْمَةِ أَوْ مِمَّنْ أُرِيدَ بِهِ الْخِدْمَةُ فَإِنَّهُ يَخْدِمُ الْوَرَثَةَ بَقِيَّةَ الْأَجَلِ لِأَنَّهُ بَقِيَّةُ حَقِّهِ يُورث عَنْك وَإِنْ قَالَ الْمُوصِي اخْدُمْ ابْنِي فَإِذَا تَزَوَّجَ فَأَنْتَ حُرٌّ فَبَلَغَ النِّكَاحَ مُوسِرًا عَتَقَ لِأَنَّهُ أَرَادَ بُلُوغَ أَمَدِهِ وَالْإِعَانَةَ مُدَّةَ الضَّعْفِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الشُّيُوخِ لَوْ بَلَغَ الِابْنُ مُعْسِرًا لَمْ يُعْتَقْ حَتَّى يَكُونَ لَهُ مَالٌ يَتَزَوَّجُ فِي مِثْلِهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ رَفْعُ كُلْفَةِ الْخِدْمَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا أَوْصَى بَغَلَّةِ دَارِهِ أَوْ جِنَانِهِ لِلْمَسَاكِينِ وَلَمْ يَحْمِلِ الثُّلُثُ الدَّارَ أَوِ الْجِنَانَ قَالَ أَشْهَبُ يَخْرُجُ مِنْهَا مَحْمَلُ الثُّلُثِ وَلَا يُخَيَّرُ الْوَرَثَةُ فِيهَا لِأَنَّهُ لَا يُرْجَى مَرْجِعُهُ لِلْوَرَثَةِ وَلَوْ كَانَ عَلَى أَقْوَامٍ بِأَعْيَانِهِمْ وَلَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ وَلَمْ يُجِيزُوا قَطَعَ لَهُمْ بِثُلُثِ التَّرِكَةِ بَتْلًا لِأَنَّ الْمرجع للْوَرَثَة إِذا هَلَكُوا وَلَوْ أَوْصَى لِلْمَسَاكِينِ بِعِدَّةِ أَوْسُقٍ مِنْ بُسْتَانِهِ أَوْ عِدَّةِ دَنَانِيرَ مِنْ دَارِهِ كُلَّ عَامٍ فَهَذَا يُخَيَّرُ فِيهِ الْوَرَثَةُ بَيْنَ الْإِجَازَةِ أَوِ الْقَطْعِ بِالثُّلُثِ بَتْلًا قَالَ اللَّخْمِيُّ أَشْهَرُ قَوْلَيْ مَالِكٍ إِنَّ لِلْمُوصَى لَهُ شِرَاءَ الرَّقَبَةِ لِيَتَصَرَّفَ فِيهَا بِالْبَيْعِ وَعَنْهُ الْمَنْعُ قَالَ سَحْنُونٌ لَا يَجُوزُ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا لِلضَّرُورَةِ مِنْ فَلَسٍ وَنَحْوِهِ لِأَنَّهُ شِرَاءُ عَيْنٍ لَمْ يُبْقِ فِيهَا مَنْفَعَةً قَالَ وَكَذَلِكَ أَرَى فِي شِرَاءِ الْوَرَثَةِ الْخِدْمَةَ لَا يَجُوزُ إِلَّا لِلضَّرُورَةِ وَيَجُوزُ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ شِرَاءُ بَعْضِ الْوَرَثَةِ نَصِيبَهُ مِنِ الْخِدْمَةِ دُونَ نَصِيبِ شَرِيكِهِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِيَ جَمِيعَ الْخِدْمَةِ لِلسَّنَةِ وَالسَّنَتَيْنِ كَمَا يَجُوزُ لِلْأَجْنَبِيِّ فَإِنْ هَلَكَ الْعَبْدُ قَبْلَ الْأَجَلِ رَجَعَ بَقِيَّةُ الْإِجَارَةِ فَلَوْ كَانَتِ الْوَصِيَّةُ بِالْخِدْمَةِ عَشْرَ سِنِينَ جَازَ أَنْ يَشْتَرِطُوا تِلْكَ الْمُدَّةَ وَإِنْ هَلَكَ الْعَبْدُ قَبْلَهَا رَجَعُوا عَلَيْهِ بِالْبَقِيَّةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَصْدُهُمْ بِالشِّرَاءِ التَّحَلُّلَ فِي الرِّقَابِ لِأَنَّ الثَّمَنَ لِهَذَا الْعَرْضِ وَإِذَا

كَانَتْ خِدْمَةُ الْعَبْدِ مُوَفِّيَةً جَازَ بَيْعُهَا مَا لم يبعدالأجل وَأَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا كَانَ الْأَجَلُ عَشْرَ سِنِينَ أَنْ يُكْرِيَهُ بِالنَّقْدِ فِيهَا لِأَنَّهُ إِذَا مَاتَ الْمُخْدَمُ قَبْلَ الْعَشْرِ خَدَمَ الْوَرَثَةَ بَقِيَّةَ الْأَجَل وَمنعه ابْن نَافِع لِأَن العَبْد عِنْده بعد الْمَوْتِ يَرْجِعُ لِسَيِّدِهِ وَإِنْ أَخْدَمَهُ حَيَاةَ الْمُخْدَمِ أجره الأمد الْقَرِيب لِأَن الْغرَر من حَيَاة العَبْد وَحَيَاةِ الْمُخْدَمِ وَإِنْ كَانَتِ الْخِدْمَةُ بِحَيَاةِ الْعَبْدِ جَازَ على أصل ابْن الْقَاسِم اجازة عَشْرَ سِنِينَ لِأَنَّ الْغَرَرَ مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ مَوْتُ الْعَبْدِ كَمَا لَوْ أَجَّرَ عَبْدٌ نَفْسَهُ وَقَالَ فِي الدَّارِ الْمُوصَى لَهُ بِسُكْنَاهَا لَا يكريها إِلَّا الأمد الْقَرِيب نَحْو السِّتين وَكَرِهَ ابْنُ مُيَسَّرٍ لِأَرْبَعٍ قَالَ وَلَوْ كَرِهْتُ هَذِهِ لَكَرِهْتُ إِجَارَةَ عَبْدِهِ سَنَتَيْنِ لِأَنَّ الْغَرَرَ فِي الدَّارِ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ لِأَنَّهَا مَأْمُونَةٌ وَيَجُوزُ النَّقْدُ لِلْأَمَانِ وَيَجُوزُ فِي الدَّارِ وَالْعَبْدِ الْعَشْرَ سِنِينَ بِغَيْرِ نَقْدٍ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَأَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِلْمُوصَى لَهُ أَنْ يُؤَاجِرَ الْعَبْدَ وَهُوَ مِنْ عَبِيدِ الْحَضَانَةِ إِنْ لَمْ يَحْتَجْ لِلْحَضَانَةِ فَإِنِ احْتَاجَ مَنَعَهُ وَجَوَّزَهُ أَشْهَبُ فِي مِثْلِ تِلْكَ الْحَضَانَةِ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ لِلْمَنْفَعَةِ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ لِأَنَّ الْمُوصِيَ بِمِثْلِ تِلْكَ يَكْرَهُ إِجَارَةَ عَبْدِهِ قَالَ وَكَذَلِكَ أَرَى الَّذِي يُوصِي بِخِدْمَة عَبده فلَانا أَوْ يَخْدِمُهُ إِيَّاهُ مِنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ أَجَلًا مَعْلُومًا وَكَذَلِكَ إِذْنُهُ فِي رُكُوبِهِ وَسُكْنَى دَارِهِ وَقَالَهُ ابْنُ نَافِعٍ وَإِذَا مَاتَ الْعَبْدُ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ لَا يَبْقَى لِلْوَرَثَةِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ مَلَّكَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ دُونَ الْمَنْفَعَةِ وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ يَسْكُنُ دَارَهُ صِهْرُهُ سَنَةً فَيُطَلِّقَ ابْنَتَهُ فِي بَعْضِهَا أَوْ يَمُوتُ وَإِذَا ضَرَبَ أَجَلًا لِلثَّمَرَةِ فإنقضى وَقتهَا مُدَّة لَمْ تُؤَبَّرْ فَلِوَرَثَتِهِ أَوْ أَزْهَتْ فَلِلْمُوصَى لَهُ لِأَنَّهَا كملت

(فرع)

فِي أَجَلِهِ وَاخْتَلَفَ إِذَا أُبَرَّتْ هَلْ لِلْوَرَثَةِ أَمْ لِلْمُوصَى لَهُ لِأَنَّهَا حَالَةٌ مُتَوَسِّطَةٌ بَيْنَ الْبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ قَالَ وَأَنْ لَا شَيْءَ لَهُمْ أَحْسَنُ إِلَّا أَنْ تُزْهَى فَإِنْ كَانَتِ الْوَصِيَّةُ بِمَا تَلِدُهُ أَمَتُهُ فَانْقَضَى الْأَجَلُ وَهِيَ حَامِلٌ فَلِوَرَثَتِهِ لِأَنَّهُ أَوْصَى بِمَا تَلِدُهُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ وَهَذَا وُلِدَ فِي غَيْرِهَا قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ أَوْصَى بِثَمَرَةِ حَائِطِهِ الْآنَ لِرَجُلٍ وَالْمُسْتَقْبِلَةِ لِآخَرَ وَالْحَائِطُ لَا يَخْرُجُ مِنَ الثُّلُثِ إِنْ أُبِّرَتْ قُوِّمَتْ ثُمَّ قُوِّمَتِ الْمُسْتَقْبِلَةُ إِلَى حَيَاةِ الْمُوصَى لَهُ فَإِنِ اسْتَوَتِ الْقِيمَتَانِ فَلِصَاحِبِ الْمَأْبُورَةِ شَطْرُ ثُلُثِ الْمَيِّتِ فِي عَيْنِ الثَّمَرَةِ وَلِلْآخَرِ الشَّطْرُ شَائِعًا فِي جُمْلَةِ التَّرِكَةِ فَإِنْ لَمْ تؤبر فَلَهُمَا ثلث مَال الْمَيِّتِ عَلَى قَدْرِ وَصَايَاهُمَا (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ أَوْصَى بِرَقَبَةِ بُسْتَانِهِ أَوْ أَمَتِهِ فَأَثْمَرَ الْبُسْتَانُ أَوْ وَلَدَتِ الْأَمَةُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي وَالثُّلُثُ يحمل الْبُسْتَان وَالثَّمَرَة وَالْأمة وَوَلدهَا وَالثَّمَرَة وَالْوَلَدُ لِلْوَرَثَةِ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ إِنَّمَا تُسْتَحَقُّ بَعْدَ موت الْمُوصي قَبْلَ النَّظَرِ فِي الثُّلُثِ فَلِلْمُوصَى لَهُ لِتَقَدُّمِ سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ وَلَا تُقَوَّمُ الثَّمَرَةُ مَعَ الْأَصْلِ بَعْدَ الْمَوْتِ بِخِلَافِ الْوِلَادَةِ وَشِبْهِهَا وَالثَّمَرَةُ كَالْغَلَّةِ وَالْخَرَاجِ وَالْوِلَادَةُ كَالْأَجْزَاءِ وَلَا يُقَوَّمُ مَا أَفَادَ المؤبر وَالْمُوصَى بِعِتْقِهِ وَالْمُوصَى بِهِ لِرَجُلٍ بَعْدَ الْمَوْتِ قَبْلَ النَّظَرِ فِي الثُّلُثِ لِحُدُوثِهَا بَعْدَ سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ بِخِلَافِ أَمْوَالِهِمُ الَّتِي مَاتَ السَّيِّدُ عَنْهَا بايديهم أَو نما مِنْ رِبْحِهَا بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَيْسَ لَهُمُ التَّجْرُ فِيهِ بعد مَوته فَإِن فعلوا فالريح كَرَأْسِ الْمَالِ وَلَا يُقَوَّمُ مَعَ الْمُبَتَّلِ فِي الْمَرَضِ مَا أَفَادَ بَعْدَ عِتْقِهِ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ بَلْ هِيَ

فَوَائِدُ لَهُمْ وَالْمُوصَى لَهُ بِالْعَبْدِ إِنْ حَمَلَ الثُّلُثُ رِقَابَهُمْ وَإِنْ حَمَلَ بَعْضَهَا وُقِفَ الْمَالُ بِأَيْدِيهِمْ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِذَا اكْتَسَبَ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ مَالًا قَبْلَ الْمَوْتِ وَمَالًا بَعْدَهُ لِسَيِّدِهِ قُوِّمَ مَا هُوَ قَبْلُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَلَا يقوم مَا بعد عَلَى الْقَوْلِ الْوَاحِدِ إِذَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ لِأَنَّهُ ظَهَرَتْ حُرِّيَّتُهُ مِنْ حِينِ الْمَوْتِ وَمَالُ الْحُرِّ لَهُ فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ قُوِّمَ لِأَنَّهُ مَوْقُوفٌ بِيَدِهِ وَقَدْ وَجَبَ الشَّرِكَةُ فِيهِ قَالَ التُّونُسِيُّ الْعَبْدُ لِلْمُوصَى بِهِ لِرَجُلٍ لَا يَتْبَعُهُ الْعَبْدُ فِي الصِّحَّةِ وَالْبَيْعِ وَقِيلَ يَتْبَعُهُ كَالْعِتْقِ وَمَا أَغْلَتِ النَّخْلُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي أَوِ اكْتَسَبَهُ الْعَبْدُ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ أَوِ الْمُوصَى بِهِ لِرَجُلٍ وَالْمُدَبَّرُ أَوِ الْمُبَتَّلُ قَبْلَ الْمَوْت وَإِن وهب فَفِي ذَلِك خلاف فيل تُقَوَّمُ الْأُصُولُ بِغَيْرِ غَلَّاتٍ لِحُدُوثِهَا بَعْدَ الْمَوْتِ فَإِن خرجت تبعها الْغَلَّاتُ وَقِيلَ بِغَلَّتِهَا وَهُوَ أَشْبَهُ قِيَاسًا عَلَى نَمَاءِ الْعَبْدِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَوَلَدُ الْأَمَةِ لَمْ يَخْتَلِفْ فِيهِمَا كَأَعْضَائِهِمَا وَإِذَا قُوِّمَتِ الْأُصُولُ وَحْدَهَا فَخرجت من الثُّلُث وتبعتها الغلات وَقد اتّفق عَلَيْهَا مِنْ مَالِ السَّيِّدِ إِلَى أَنْ نَمَتْ انْظُرُ هَلْ يَرْجِعُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ لِعَدَمِ نَفْعِ الْمَيِّتِ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ مِنَ الثُّلُثِ فَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ مِنَ الثُّلُثِ نَصِفُهُ هَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ النَّفَقَةِ وَلَوْ مَاتَ الْمُوصَى بِهِ لِرَجُلٍ وَتَرَكَ مَالًا قُوِّمَ مَالُهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَتْبَعُهُ فَإِنْ خَرَجَ مِنَ الثُّلُثِ أَخَذَهُ الْمُوصَى لَهُ وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ إِنَّمَا اكْتَسَبَهُ لِوَرَثَتِهِ إِذَا مَاتَ وَلَمْ تَكُنْ أَمْوَالٌ مَأْمُونَةً وَلَوْ جُنِيَ عَلَى عَبْدِهِ فَأَخَذَ أَرْشًا فَهُوَ لِوَرَثَةِ سَيِّدِهِ أَوْ قُتِلَ فَقِيمَتُهُ لِوَرَثَتِهِ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِعِتْقِهِ لِعَدَمِ تَمَامِ الْحُرِّيَّةِ فِيهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ النَّفَقَةُ عَلَى الْغَلَّاتِ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ وَعَلَى عَدَمِ تَقْوِيمِهَا فَنَفَقَتُهَا عَلَى الْمُوصَى لَهُ وَولد العَبْد الْأمة يَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ قَوْلًا وَاحِدًا إِنْ حَدَثَ الْحَمْلُ بَعْدَ الْمَوْتِ اتِّفَاقًا فَإِنْ حَدَثَ الْحَمْلُ فِي الْحَيَاةِ وَالْوِلَادَةُ بَعْدَ الْوَفَاةِ فَوَلَدُ الْأَمَةِ لِلْمُوصَى لَهُ وَوَلَدُ الْعَبْدِ مِنْ أَمَتِهِ لِلْوَرَثَةِ أُوصِيَ بِعِتْقِهِمَا أَوْ لِفُلَانٍ وَالْجِنَايَةُ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ لِلْوَرَثَةِ يَكْثُرُ بِهَا مَالُ الْمَيِّتِ وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَدْ وَصَّى بِعِتْقِهِ لِأَنَّهُ جُنِيَ عَلَيْهِ وَهُوَ عَبْدٌ فَإِنْ قَالَ إِنْ مُتُّ فَهُوَ حُرٌّ عَتَقَ بِنَفْسٍ وَالْجِنَايَةُ عَلَيْهِ جِنَايَةُ حُرٍّ لَهُ وَلِوَرَثَتِهِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ الْمُوصَى بِهِ لِرَجُلٍ حَيَاتَهُ لِوَرَثَةِ السَّيِّدِ كَالْمُوصَى بِعِتْقِهِ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِلْمُوصَى لَهُ لِأَنَّ الْمَيِّتَ أَخْرَجَهُ عَنِ الْوَرَثَةِ

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ اسْتِحْدَاثُ الدَّيْنِ فِي الْمَرَضِ يَرُدُّ مَا بَتَلَ مِنِ الْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ وَيَضُرُّ ذَلِكَ بِالْعَبْدِ كَمَا يَضُرُّ بِهِ مَا تَلَفَ وَقَدْ قَالَ غَيْرَ هَذَا (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ وَهْبٍ إِذَا أَوْصَى بِمَا تَلِدُهُ بَقَرَتُهُ هَذِهِ أَبَدًا إِنْ كَانَتْ حَامِلًا يَوْمَ الْوَصِيَّةِ فَهُوَ لَهُ وَإِلَّا فَلَا شَيْء وَلَوْ حَدَثَ حَمْلٌ وَلِرَبِّهَا بَيْعُهَا لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ يُرْجَعُ فِيهَا وَقَالَ أَشْهَبُ بَلْ لَهُ مَا تَلِدُهُ أِبَدًا وَهُوَ أَصْوَبُ لِأَنَّهُ ظَاهِرُ اللَّفْظِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَهَذَا إِذَا لَمْ تَكُنْ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ حَامِلًا وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا حَمْلُهَا وَإِذَا أَوْصَى بِصُوفِ غَنَمِهِ وَلَبَنِهَا لِرَجُلٍ وَبِهَا لِآخَرَ فَالنَّفَقَةُ عَلَى صَاحِبِ الْغَلَّةِ وَلَهُ مَا كَانَ تَامًّا فِي الصُّوفِ يَوْمَ مَاتَ وَمَا فِي ضُرُوعِهَا مِنَ اللَّبَنِ وَمَا فِي بُطُونِهَا مِنْ وَلَدٍ وَمَا تَلِدُ حَيَاتَهُ يُرِيدُ إِذَا لَمْ تَكُنْ حَوَامِلَ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ وَإِنَّمَا حَمَلَتْ يَوْمَ الْمَوْتِ وَلَوْ كَانَتْ حَوَامِلَ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهُ إِلَّا أَنْ يُوصِيَ بِمَا تَلِدُهُ حَيَاتَهُ أَوْ يَعْلَمُ أَنَّهُ أَرَادَ ذَلِكَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا أَوْصَى بِمَا فِي بَطْنِ أَمَتِهِ أَوْ غَنَمِهِ أَوْ ثَمَرَةِ نَخْلِهِ وَبِوَصَايَا فَوُلِدَتْ قَبْلَ النَّظَرِ حُوصِصَ بِالْوَلَدِ عَلَى حُسْنِهِ وَقُبْحِهِ وَقِيمَتِهِ وَإِلَّا حُوصِصَ بِقِيمَةِ الْأُمَّهَاتِ فَإِنْ تَبَيَّنَ عَدَمُ الْحَمْلِ رَدَّ مَا وَقَفَ عَلَى أَهْلِ التَّلَفِ فَإِنْ مَاتَتِ الْأُمَّهَاتُ وَخَفِيَ أَمْرُهَا وَكَانَ الْحَمْلُ بَيِّنًا مَضَى الْحِصَاصُ عَلَى عُشْرِ قِيمَةِ الْأُمَّهَاتِ وَقِيلَ تُبَاعُ الْأُمَّهَاتُ وَلَا تُنْتَظَرُ وَلَا تَكُونُ أَقْوَى حَالًا مِمَّنْ يُعْتِقُ مَا فِي بَطْنِهَا ثُمَّ يَمُوتُ فَإِنَّهَا تُبَاعُ فِي دَيْنِهِ وَإِذَا أَثْمَرَتِ النَّخْلُ فَيُنْظَرُ كم يسوى الْمُؤَجل تبعهما يحاصص بِذَلِكَ وَكَذَلِكَ يُحَاصِصُ فِي

(فرع)

الْعَبْدِ الْآبِقِ يَرْضَى بِقِيمَتِهِ عَلَى غَرَرِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُوقِفُ الزَّرْعَ الْمُوصَى بِهِ حَتَّى يحل بَيْعه فيحاص بِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ أَوْصَى بِحَمْلِ أَمَتِهِ إِن حَمَلَ الْأُمَّ الثُّلُثُ حَامِلًا وَقَفَتْ حَتَّى تَضَعَ فَتَقُومَ الْوَصِيَّةُ عَلَى وَجْهِهَا وَلَا ضَرُورَةَ فِي الْغَرَرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ قَالَ ثَمَرَةُ حَائِطِي وَلَمْ يُبَيِّنْ أَيَّ ثَمَرَةٍ وَلَا الْمُدَّةَ إِنْ كَانَ فِيهَا يَوْمَ الْوَصِيَّةِ ثَمَرَةٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهَا لِأَنَّهَا الْمَوْجُودَةُ الَّتِي تُسَمَّى ثَمَرَة وَإِلَّا فَلهُ ثمره حَيَاتَهُ وَإِنْ أَوْصَى بِثَمَرَةِ حَائِطِهِ وَلَمْ يَدَعْ غَيره وَلم تؤبر لَمْ يَلْزَمْهُمْ إِيقَافُ الْحَائِطِ حَتَّى يُؤَبَّرَ بَلْ إِمَّا أَجَازُوا أَوْ قَطَعُوا لَهُ الثُّلُثَ مِنَ التَّرِكَةِ وَلَوْ أَوْصَى بِغَلَّةِ ثُلُثِ حَائِطِهِ لَزِمَ الْوَرَثَةَ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ حَائِطِهِ مِلْكًا لِأَن ثلث غَلَّته إيقاف لجملته وَلَا يَصح فِي الْقَسْمُ وَالْآخَرُ يَصِحُّ فِيهِ الْقَسْمُ قَالَ سَحْنُونٌ لَوْ أَوْصَى بِغَلَّةِ حَمَّامِهِ لِلْمَسَاكِينِ لَيْسَ لِلْوَرَثَةِ قِسْمَتُهُ وَإِنْ خَرَجَ الْحَمَّامُ مِنَ الثُّلُثِ بَلْ يَبْقَى الثُّلُثُ مَوْقُوفًا حَتَّى تَحْصُلَ غَلَّةُ جَمِيعِهِ فَيُعْطَى ثُلُثَهَا كَمَا أَوْصَى فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ بَيْنَ إِيقَافِهِ كُلِّهِ وَإِعْطَاءِ ثُلُثِ الْمَيِّتِ لِلْمَسَاكِينِ وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ فِي الْحَمَّامِ لِأَنَّهُ لَا يَنْقَسِمُ وَلَوْ كَانَ دَارًا تَحْمِلُ الْقَسْمَ لِفَرْقٍ بَيْنَ قَوْلِهِ غَلَّةُ ثُلُثِ دَارِي وَثُلُثُ غَلَّةِ دَارِي كَمَا تَقَدَّمَ لِأَشْهَبَ فِي الْحَائِطِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا أَوْصَى لِبَنِي فُلَانٍ قَسَمَ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ لَا بِحَسْبِ الْحَاجة بِخِلَاف الْحَبْس فَإِنَّهُ يجْرِي مجْرى الصداقة (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا مَاتَ الْمُوصَى لَهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي فَهِيَ لِوَرَثَةِ الْمُوصَى لَهُ عَلِمَ بِهَا أَمْ لَا لِمَوْتِهِ بَعْدَ تَقَرُّرِ حَقِّهِ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ بَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ عَلِمَ الْمُوصِي بِمَوْتِهِ أَمْ

(فرع)

لَا لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ إِنَّمَا تُعْتَبَرُ عِنْدَ الْمَوْتِ فَإِذَا ظَهَرَ أَنَّهَا لَا مَحَلَّ لَهَا حِينَئِذٍ بَطَلَتْ وَيُحَاصُّ بِهَا وَرَثَةُ الْمُوصِي أَهْلَ الْوَصَايَا فِي ضيق الثُّلُث لِأَن موروثهم إِنَّمَا أوصى لأهل الْوَصَايَا بِصفة كَونهم بضايقوا بِوَصِيَّةِ الْمَيِّتِ وَعَنْهُ إِذَا عَلِمَ بِمَوْتِهِ بَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ وَعَلَيْهِ الرُّوَاةُ لِأَنَّهُ إِذَا عَلِمَ فَقَدْ أَقَرَّ وَصِيَّتَهُ لِمَنْ بَقِيَ مِنْ أَهْلِ الْوَصَايَا وَإِلَى الْأَوَّلِ رَجَعَ مَالِكٌ وَبِهِ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا رَدَّ أَحَدُ أَرْبَابِ الْوَصَايَا وَصِيَّتَهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي حَاصَصَ بِهَا الْوَرَثَةَ كَالْمَيِّتِ فَيُقَسِّمُهَا الْوَرَثَةُ مَعَ مِيرَاثِهِمْ فَلَوْ رَدَّ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي فَهِيَ كوته قبل موت الْمُوصي وَيجْرِي فِيهَا اخْتِلَاف قَول مَالِكٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ فِي مُحَاصَّةِ الْوَرَثَةِ إِذَا مَاتَ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي وَالْوَصَايَا أَكْثَرُ مِنَ الثُّلُث أَقْوَال لمَالِك ثلثهَا إِنْ عَلِمَ لَمْ يُحَاصِصُوا وَإِلَّا حَاصَصُوا فَالْمُحَاصَّةُ وَإِنْ عَلِمَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَحَدِ أَقْوَالِهِ إِنَّ الْمَيِّتَ إِذَا زَادَ عَلَى ثُلُثِهِ فَقَدْ قَصَدَ دُخُولَ أَرْبَابِ الْوَصَايَا بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ وَعَدَمِ الْمُحَاصَّةِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ إِمَّا عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي دُخُولِ الْوَصَايَا فِيمَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَوْ لِأَنَّهُ يُتَوَقَّعُ رَدُّهُ وَالتَّفْرِقَةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ عِلْمَهُ إِقْرَارٌ لِأَصْحَابِهِ أَمَّا إِنْ أَوْصَى لَهُ بِالثُّلُثِ فَلَمْ يَقْبَلْ أَحَدُهُمْ أَوْ مَاتَ حَاصَّ الْوَرَثَةَ بِنَصِيبِهِ قَوْلًا وَاحِدًا لِأَنَّ الْمُوصِيَ إِنَّمَا أَعْطَى بِصِفَةِ الْمُحَاصَّةِ فَلَا يُؤْخَذُ أَكْثَرُ مِنْهَا (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ يَحْيَى إِذَا تَرَكَ زَرْعًا أَخْضَرَ وَثَمَرَةً لَمْ تَطِبْ وَرَقِيقًا وَأَوْصَى بِمَا يَضِيقُ عَنْهُ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ بِمَالٍ بِيعَ رَقِيقُهُ وَنَفَذَتِ الْوَصِيَّةُ وَانْتَظَرَ حَالَةَ جَوَازِ بَيْعِ الزَّرْعِ بِيعَ وَدُفِعَ لَهُمْ ثُلُثُ الثَّمَنِ فَإِنْ أَوْصَى بِعِتْقٍ أَوْ بِبَعْضِ الرَّقِيقِ فَلَا يُبَاعُ

(فرع)

فِيهِ بل إِذا حل بيع الزَّرْع بَيْعُ الزَّرْعِ وَلَا يُقَسَّمُ شَيْءٌ حَتَّى يُبَاعَ الزَّرْعُ إِلَّا أَنْ يُجِيزَ الْوَرَثَةُ فَيَقْتَسِمُونَ بَقِيَّةَ الْمَالِ وَيَبْقَى الزَّرْعُ لَهُمْ وَقَالَ أَصْبَغُ إِنْ كَانَ الزَّرْعُ فِي أَوَّلِ بَذْرِهِ وَفِي ذَلِكَ عَطَبَ الْحَيَوَانُ وَالضَّرَرُ عَلَى الْعَبْدِ عَتَقَ مَحْمَلُ الثُّلُثِ (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ كُلُّ تَبَرُّعٍ فِي الْمَرَضِ الْمَخُوفِ فَهُوَ مَحْسُوبٌ فِي الثُّلُثِ وَإِنْ كَانَ مُنْجِزًا وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِحَدِيثِ الْمُعْتِقِ سِتَّةَ أعبد فأقرع - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَيْنَهُمْ فَأُعْتِقَ ثُلُثُهُمْ وَرُقَّ ثُلُثَاهُمْ وَكَذَلِكَ إِنْ وَهَبَ فِي الصِّحَّةِ وَقَبَضَ فِي الْمَرَضِ لِأَنَّ الْقَبْضَ مُعْتَبَرٌ فِي الْهِبَةِ وَيُحْجَرُ عَلَيْهِ إِلَّا فِي الثُّلُثِ وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَرَضُ مَخُوفًا لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ وَالْمَخُوفُ كُلُّ مَا لَا يُؤمن فِيهِ الْمَوْت كالحمى الْحَادَّةِ وَالسُّلِّ وَالْقُولَنْجِ وَذَاتِ الْجَنْبِ وَالْإِسْهَالِ الْمُتَوَاتِرِ مَعَ الدَّمِ وَمَا يَقُولُ الْأَطِبَّاءُ إِنَّهُ سَبَبُ الْهَلَاكِ غَالِبًا وَمَا دُونَ الْجَرَبِ وَوَجِعِ الضِّرْسِ وَحُمَّى يَوْمٍ وَالرَّمَدِ وَالْبَرَصِ وَالْجُنُونِ وَحُمَّى الرِّبْعِ وَكُلِّ مَا أَشْكَلَ أَخَذَ فِيهِ بِقَوْلِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالطِّبِّ كَمَا فِي الْعُيُوبِ وَأَمَّا الْمَفْلُوجُ وَالْمَجْذُومُ إِنْ لَزِمَا الْفِرَاشَ فَكَالْمَرَضِ وَإِلَّا فَلَا وَيلْحق بلمخوف الْحَامِلُ فِي سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَالْمَحْبُوسُ لِلْقَتْلِ فِي قِصَاصٍ أَوْ حَدٍّ وَالْحَاضِرُ فِي صَفِّ الْقِتَالِ مُتَعَرِّضًا لِلْقَتْلِ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ يَغْلِبُ فِي حَقِّهِمُ الْمَوْتُ كَالْمَرَضِ الْمَخُوفِ وَأَلْحَقَ ابْنُ وَهْبٍ وَأَشْهَبُ الْمُلَجِّجُ فِي الْبَحْرِ وَقْتَ الْهَوْلِ وَخَالَفَهُمَا ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ فِي الْقُوتِ وَالْكُسْوَةِ وَالتَّدَاوِي وَمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ الْأَشْرِبَةِ وَأُجْرَةِ الطَّبِيبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ الْمُعَاوَضَةُ كَالتِّجَارَةِ بِغَيْرِ محاباه إلاجارة وَالرَّهْنُ وَالْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ فَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا ضَرَر على الْوَرَثَة فِيهِ وَمَا عدا ذَلِك من التَّبَرُّعَات مَوْقُوف وَإِن مَاتَ فَمِنَ الثُّلُثِ أَوْ عَاشَ نَفَذَتْ وَإِنْ أَجَّرَ بِأَقَلَّ مِنَ الْأُجْرَةِ

(فرع)

فَالْمُحَابَاةُ فِي الثُّلُثِ وَفِي الْمُنْتَقَى قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ يُحْجَرُ عَلَى الْمَرِيضِ فِيمَا زَادَ عَلَى حَاجَتِهِ فِي الدَّوَاءِ وَالْكُسْوَةِ وَالْإِدَامِ وَمَا خَرَجَ عَنِ الْعَادَةِ قَالَ وَمُحَابَاةُ الْمَرِيضِ مَوْقُوفَةٌ فَلَوْ بَاعَ ذَهَبًا بِوَرَقٍ وَحَابَى فِيهِ صَحَّ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدِ الْإِتْلَافَ بَلْ هُوَ يُنْجَزُ حَتَّى يَرُدَّ الْوَرَثَةُ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَوَافَقَنَا أَحْمَدُ فِي الْحَامِل وَخَالَفنَا ش وح حَتَّى تبلغ الْمَخَاض لِأَنَّهَا صَحِيحَة وجوابهما إِنَّهَا فِي الْعَادة ينْدَفع حلهَا وَهِيَ أَيْضًا تَتَغَيَّرُ صِحَّتُهَا وَتَتَعَلَّلُ وَيُشِيرُ إِلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {حَمَلَتْ حَمْلا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالحا لنكونن من الشَّاكِرِينَ} فَدَلَّ عَلَى أَنَّ زَمَنَ الثِّقَلِ هُوَ الزَّمَنُ الْمُرَجَّى لِلْوَضْعِ وَمَظِنَّتُهُ وَلِذَلِكَ دَعَوْا وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا فِي السِّتَّة مثقلة وَخَالف الشَّافِعِي فِي الزَّاحِفِ فِي الصَّفِّ حَتَّى يَتَصَدَّى لِلْجِرَاحِ لِيَشْرَعَ فِي الْمُطَاعَنَةِ لَنَا قَوْله تَعَالَى {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فقد رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُم تنْظرُون} وَإِنَّمَا رَأَوُا الْقِتَالَ وَهُوَ الَّذِي كَانُوا يَتَمَنَّوْنَهُ فَجَعَلَهُ مَوْتًا لِوُجُودِ مَظِنَّتِهِ (فَرْعٌ) قَالَ الْوَصِيَّةُ بِالْعِتْقِ لَا تَفْتَقِرُ إِلَى قَبُولِ الْعَبْدِ لِأَنَّ الْعِتْقَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْصَى بِرَقَبَتِهِ وَوَقَعَ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَوْصَى بِبَيْعِ أَمَتِهِ مِمَّنْ يُعْتِقُهَا لَهَا الِامْتِنَاعُ إِنْ كَانَتْ مِنْ جَوَارِي الْوَطْءِ حَيْثُ يَكُونُ الْعِتْقُ هَدَرًا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ كَمَنْ أَوْصَى بِضَرَرٍ وَأَنْفَذَ غَيْرُهُ عِتْقَهَا لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ يُثَابُ عَلَيْهَا (فَرْعٌ) قَالَ لَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ فَاسْتَحَقَّ ثُلُثَا مَالِهِ فَالْوَصِيَّة فِي ثلث الثُّلُث شَائِعا ووافقنا الشَّافِعِي عَلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي قَدْرِ الْمَالِ بِحَالِ الْمَوْتِ دُونَ يَوْمِ الْوَصِيَّةِ

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ إِذَا أَعْتَقَ عَبِيدًا وَضَاقَ الْمَالُ أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ مَالِكٌ تَقَعُ الْقُرْعَةُ فِي الْمُوصَى بِعِتْقِهِمْ وَفِي الْمُبَتَّلِينَ فِي الْمَرَض إِذَا أَوْصَى بِعَدَدٍ مِنْهُمْ أَوْ جُزْءٍ أَوْ يجمعهُمْ وَلَا يَحْمِلُهُمُ الثُّلُثُ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ سِتَّةَ أَعْبُدٍ عِنْدَ مَوْتِهِ فَأَسْهَمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ ثُلُثَهُمْ وَرَقَّ الْبَاقِيَ قَالَ مَالِكٌ وَبَلَغَنِي أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ وَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ عَتَقَ مِنْهُمْ بِالْقُرْعَةِ مَحْمِلُ الثُّلُثِ عِنْدِ مَالِكٍ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ تُخْتَصُّ الْقُرْعَةُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ فِي الْعِتْقِ عِنْدَ الْمَوْتِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ لِأَنَّهَا تُذْهِبُ مَا ثَبَتَ لِجَمِيعِهِمْ مِنِ الْعِتْقِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُقْرَعُ إِلَّا فِي الْمُوصَى بِعِتْقِهِ لعدم ثبون الْعِتْقِ لِأَنَّ الْوَصَايَا تَقْبَلُ الرُّجُوعَ بِخِلَافِ الْمُبَتَّلِينَ فِي الْمَرَضِ فَلَوْ قَال أَحَدُ عَبْدَيَّ هَذَيْنِ حُرٌّ وَنِصْفُهُمَا أُعْتِقَ نِصْفُ قِيمَتِهَا بِالْقُرْعَةِ عِنْدَ الْجَمِيع بِأَن يقوم كل وَأحد عل حِدَتِهِ وَيُقْرَعُ عَلَيْهِمَا فَإِنْ خَرَجَ الْعِتْقُ لِلْأَوَّلِ عَتَقَ مِنَ الْآخَرِ بَقِيَّةُ نِصْفِ الْجَمِيعِ وَإِنْ خَرَجَ الْأَكْثَرُ خَرَجَ مِنْهُ قَدْرُ نَصِفِهِمَا دُونَ بَاقِيَة وَجَمِيع الآخر وَلَو قَالَ أَنْصَاف عَبدِي حُرَّةٌ أَوْ أَنْصَافُ عَبْدَيَّ عَتَقَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُهُ قَال ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ قَال فِي رَقِيقِهِ لَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرهُ بِيعُوا رَأْسًا مِنْهُ فِي الدَّيْنِ وَالْبَقِيَّةُ أَحْرَارٌ بِيعَ وَاحِدٌ بِالْقُرْعَةِ فَإِنْ فَضَلَ مِنَ الثُّلُثِ شَيْءٌ أُسْهِمَ بَيْنَ الْبَاقِي فَمَنْ خَرَجَ عَتَقَ مِنْهُ بِقَدْرِ الْبَاقِي (فَرْعٌ) قَال صَاحِب الْبَيَانِ قَال مَالِك إِذَا أَوْصَى بِعَبْدٍ بِعَيْنِهِ فَمَاتَ الْعَبْدُ عَنْ مَالٍ قَبْلَ النَّظَرِ فِي مَالِ الْمَيِّتِ الْمَالُ لِلْمُوصَى لَهُ وَيَتَخَرَّجُ فِيهِ الْخِلَافُ فِي بَيْعِ مَالِ الْعَبْدِ فِي الْوَصِيَّةِ وَيَخْرُجُ الْمَالُ مِنْ ثُلُثِ مَا بَقِيَ بَعْدَ مَوْتِ الْعَبْدِ كَأَنَّ الْعَبْدَ لَمْ يَكُنْ

(فرع)

(فَرْعٌ) قَال قَال ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ أَنَّ عَبْدِي هَذَا حَرٌّ وَكُنْتُ اغْتَصَبْتُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَهُوَ حُرٌّ الْأَصْلُ إِنْ كَانَ يُورَثُ كَلَالَةً لَا يُصَدَّقُ لِلتُّهْمَةِ فِي إِزْوَائِهِ عَنِ الْوَرَثَةِ وَلَا يُعْتَقُ مِنَ الْمَالِ وَلَا غَيْرهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَعْتَقْتُهُ وَإِنْ وَرِثَهُ وَلَدُهُ عَتَقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ مَعَ الْوَلَدِ وَهَذَا التَّفْصِيلُ فِيمَنْ قَال أَوْلَدْتُ أَمَتِي هَذِهِ وَفِي الْمَسْأَلَتَيْنِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ إِنْ لَمْ يُورَثْ كَلَالَةً يُعْتَقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّهُ إِقْرَارٌ صَحِيحٌ لَا يُعْتَقُ مُطْلَقًا قَالهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّ الْحَالَةَ حَالَةُ حَجْرٍ وَلَمْ يُخْرِجْهُ مَخْرَجَ الْوَصَايَا وَيُعْتَقُ مِنَ الثُّلُثِ لِأَنَّ أَقَلَّ أَحْوَالِهِ يَكُونُ وَصِيَّةً وَإِنْ وَرِثَ كَلَالَةً فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ يُعْتَقُ مُطْلَقًا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَيُعْتَقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَرُوِيَ إِقْرَارُهُ نَافِذٌ مُطْلَقًا وَرِثَ كَلَالَةً أَمْ لَا فَتَجْتَمِعُ فِي الْمَسْأَلَةِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ لَا يُعْتَقُ مُطْلَقًا وَرِثَ كَلَالَةً أَمْ لَا وَيُعْتَقُ مُطْلَقًا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فِي كَلَالَةٍ وَغَيْرهَا وَيُعْتَقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إِنْ لَمْ يَكُنْ كَلَالَةً وَإِلَّا لَمْ يُعْتَقْ مُطْلَقًا (فَرْعٌ) قَال قَال مَالِك إِذَا أَوْصَى أَنَّ رُبُعَ عَبْدِهِ حُرٌّ لَمْ يُقَوَّمْ عَلَى الْعَبْدِ بَاقِيهِ لِأَنَّ السَّيِّدَ هُوَ الْمُعْتِقُ وَلَوْ أَوْصَى لِعَبْدِهِ بِرُبُعِ نَفْسِهِ عَتَقَ وَقُوِّمَ عَلَيْهِ بَاقِيَة كَانَ العَبْد ملك بعض نصِيبه فَأعْتقهُ بالتقويم عَلَيْهِ أولى من الشَّرِيك الْمُعْتق (فَرْعٌ) قَال قَال ابْنُ الْقَاسِمِ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِصُوفِهَا وَلِآخَرَ بِلَحْمِهَا وَلِآخَرَ بِجِلْدِهَا فَتُرِكَتْ حَتَّى وَلَدَتِ الْأَوْلَادَ فَلَا شَيْءَ لِلْأَوَّلَيْنِ مِنَ الْوَلَدِ وَلِصَاحِب الْجِلْدِ قِيمَتُهُ لِأَنَّ الْوَلَدَ تَابِعٌ لِأُمِّهِ وَالْأُمُّ دَاخِلُ الْجِلْدِ وَالصُّوفِ وَالْجِلْدُ تَبَعٌ فَيُعْطَى قِيمَتَهُ إِذَا اسْتُحْيِيَتْ

(فرع)

(فَرْعٌ) قَال قَال ابْنُ الْقَاسِمِ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِعَشَرَةٍ وَلِآخَرَ بِعِشْرِينَ وَلِآخَرَ بِثَلَاثِينَ وَقَال فِي آخَرَ هُوَ شَرِيكُهُمْ يُعْطَى نِصْفَ وَصِيَّةِ كُلِّ وَاحِد مِنْهُم مِمَّا أوصى لَهُ بِهِ لَان مِنْ بَقِيَّةِ الثُّلُثِ بَعْدِ الْوَصَايَا لِأَنَّهُ شِرْكٌ وَلَمْ يُبَيِّنْ فَإِنْ قَال هُوَ شَرِيكٌ مَعَهُمْ بِالتَّسْوِيَةِ فَقَدْ وَصَّى لَهُ بِرُبُعِ كُلِّ وَصِيَّةٍ إِنْ كَانُوا أَرْبَعَةً فَهُوَ رَابِعُهُمْ أَوْ خَمْسَةً فَلَهُ الْخُمُسُ (فَرْعٌ) قَال قَال ابْنُ الْقَاسِمِ أَعْطُوا فُلَانًا هَذَا الْفَرَسَ وَخَيِّرُوا فُلَانًا فِي الْفَرَسَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ وَادْفَعُوا الْبَاقِيَ لِفُلَانٍ فَاخْتَلَطَ الْمُعَيَّنُ فَلَمْ يُعْرَفْ يُعْطَى صَاحِبهُ الثُّلُثَ مِنْ كُلِّ فرس وللمخير ثلث الأعلا وَثُلُثُ الْوَسَطِ وَلِلْآخَرِ ثُلُثُ الدَّنِيِّ وَالْوَسَطِ فَيَصِيرُ لِكُلِّ وَاحِدٍ فَرَسٌ وَتَجُوزُ شَهَادَةُ الشُّهُودِ فِيهَا مَعَ اللّبْس كَمَا لَو طلق إِحْدَاهمَا وَشَكوا فِيهَا (فَرْعٌ) قَال قَال مَالِك إِذَا جَهِلَ سَبَقِيَّةَ مَوْتِ الْمُوصِي وَالْمُوصَى لَهُ لَا شَيْءَ لِوَرَثَةِ الْمُوصَى لَهُ كَمَا لَا يُورَثُ بِالشَّكِّ إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ (فَرْعٌ) قَال ابْنُ الْقَاسِمِ أَوْصَى لَهُ بِمِائَةٍ سَلَفًا إِلَى أَجَلٍ ثُمَّ هِيَ لِآخَرَ يَضْمَنُ الْأَوَّلُ مَا

فرع

نَقَصَ مِنْهَا لِأَنَّهُ الْمُتَصَرِّفُ فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهَا الثُّلُثُ أَخْرَجَ مَا حَمَلَهُ عَلَى الشَّرْطِ الْمَذْكُور (فَرْعٌ) قَال ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ مُتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَعَبْدِي مُدَبَّرٌ فَهِيَ وَصِيَّةٌ إِنْ عَاشَ اتِّفَاقًا وَإِنْ مَاتَ فَلَهُ فِي كَوْنِهَا وَصِيَّةً أَوْ تَدْبِيرًا قَوْلانِ نَظَرًا لِلَفْظِ التَّدْبِيرِ أَوِ التَّعْلِيقِ عَلَى الْمَوْتِ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ التَّقْدِيمُ عَلَى الْوَصِيَّةِ (فَرْعٌ) قَال قَال ابْنُ الْقَاسِمِ كُنْتُ حَلَفْتُ بِعِتْقِ رَقِيقِي إِنْ لَمْ أَتَصَدَّقْ بِمِائَةٍ فَأَخْرِجُوهَا مِنْ ثُلُثِي إِنْ حَمَلَ الثُّلُثُ الْمِائَةَ بَرَّ لِأَنَّ حَالَ الثُّلُثِ بَعْدِ مَوْتِهِ كَحَالِ مَالِهِ فِي حَيَاتِهِ بِخِلَافِ قَوْلهِ كُنْتُ حَنَثْتُ فِي صِحَّتِي (فَرْعٌ) قَال قَال مَالِك إِذَا أَوْصَى بِعِتْقِ بَعْضِ رَقِيقِهِ فَمَرِضَ بَعْضُهُمْ قُوِّمَ مَرِيضًا وَلَا يُنْتَظَرُ بِهِ الصِّحَّةُ خَوْفَ الْمَوْتِ لِأَنَّ تَنْفِيذَ الْوَصِيَّةِ وَاجِبٌ عَلَى الْفَوْرِ (فَرْعٌ) قَال قَال ابْنُ الْقَاسِمِ أَوْصَى لِفُقَرَاءِ بَنِي عَمِّهِ وَلَمْ يَشْهَدْ بِذَلِكَ إِلَّا أَغْنِيَاؤُهُمْ تُرَدُّ الشَّهَادَةُ لِلتُّهْمَةِ فِي صَيْرُورَتِهِمْ مُحْتَاجِينَ لِلْمَشْهُودِ بِهِ إِلَّا فِي الشَّيْءِ الْيَسِيرِ (فَرْعٌ) قَال قَال ابْنُ الْقَاسِمِ الْوَصِيَّةُ بِالْغَائِبِ جُعِلَ إِحْضَارُهُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَلَهُ نَفْعُهُ وَيُقَوَّمُ بِذَلِكَ الْمَوْضِعِ فِي رِفْعَتِهِ وَخِسَّتِهِ وَلَا يُجْلَبُ (فَرْعٌ) قَال قَال ابْنُ الْقَاسِمِ بِيعُوا عَبْدِي هَذَا بِعِشْرِينَ وَأَعْطُوا فُلَانًا مِنْهَا خَمْسَةَ

(فرع)

عشر فحبس عَنِ الْعِشْرِينَ أُعْطِيَ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْمُتَحَصَّلِ لِأَنَّهَا نِسْبَةُ الْوَصِيَّةِ وَعَنْهُ لَهُ مَا زَادَ عَلَى الْخَمْسَةِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لِلْوَرَثَةِ إِلَّا خَمْسَةٌ فَلَا تَنْقُصُ (فَرْعٌ) قَال قَال ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تَدْخُلُ بِئْرُ الْمَاشِيَةِ فِي الْوَصِيَّةِ لِأَنَّهَا لَا تُبَاعُ وَلَا تُورَثُ وَلَا لِلْمُوصَى لَهُ شِرْبٌ مَعَ الْوَرَثَةِ لِعَدَمِ تَنَاوُلِ الْوَصِيَّةِ إِيَّاهَا (فَرْعٌ) قَال قَال مَالِكٌ أوصى أَن يعْتق إِن حمله الثُّلُث فَلم يَسَعْهُ لَمْ يُعْتَقْ إِلَّا أَنْ يَنْقُصَ الشَّيْءَ الْيَسِيرَ فَيُعْتَقَ كُلُّهُ لِاشْتِرَاطِهِ السِّعَةَ وَظَاهِرِ قَوْلهِ أَنَّهُ لَا يُغَرَّمُ ذَلِكَ الْيَسِيرَ وَالَّذِي فِي الْكَفَالَةِ مِنَ الْمُدَوَّنَةِ الْيَسِيرَ مِثْلَ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ وَقَال ابْنُ الْقَاسِمِ يُغَرَّمُهُ مُوسِرًا وَيَتْبَعُهُ الْوَرَثَةُ مُعْسِرًا لِأَنَّهُ يُكْمِلُ عَلَى نَفْسِهِ مُرَاعَاةً لِقَوْل رَبِيعَةَ أَنَّهُ يُقَوَّمُ بِمَالِهِ فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ قُوِّمَ بِمَا يَحْمِلُهُ مِنْ مَالِهِ وَيَكُونُ الْبَاقِي الْيَسِيرُ مُضَافًا لِلْمَالِ الْيَسِيرِ وَابْتَاعَهُ مُرَاعَاةً لِلْقَوْل بإلاستسعاء وَقَالَ سَحْنُون يرق البافي لِيَسَارَتِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ غُرْمٌ وَوَجْهُ قَوْل مَالِك بِالْعِتْقِ إِذَا بَقِيَ الشَّيْءُ الْيَسِيرُ أَنَّ الزِّيَادَةَ غَيْر مُحَقَّقَةٍ لِأَنَّهُ تَقْوِيمٌ بِالِاجْتِهَادِ (فَرْعٌ) قَال قَال مَالِك إِذَا ادَّعَتِ الْمَرْأَةُ حَمْلًا أُخِّرَتِ الْوَصَايَا حَتَّى يتَبَيَّن أمرهَا لَيْلًا توخذ الْوَصَايَا وَيقف الثُّلْثَانِ فَرُبَّمَا هَلَكَ فَيَرْجِعُ الْوَرَثَةُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِثُلُثَيْ مَا أَخَذَ وَلَعَلَّهُ يَفُوتُ فِي يَدِهِ أَوْ يُعْدَمُ وَقَال أَشْهَب تَنْفُذُ الْوَصَايَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ

(فرع)

الْهَلَاكِ وَالْخِلَافُ أَيْضًا جَارٍ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ يَطْرَأُ عَلَى الْوَرَثَةِ هَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ الْوَارِثِ يَطْرَأُ عَلَى الْوَرَثَةِ أَوْ حكم الْغَرِيم أَو حكم الْوَارِث فَعَلَى الْأَوَّلِ تُعْطَى الْوَصَايَا وَيُوقَفُ لِلْوَرَثَةِ ثُلُثَاهُمْ لَهُمُ النَّمَاءُ وَعَلَيْهِمُ النَّقْصُ وَلَا يَرْجِعُونَ بِشَيْءٍ وَلَا يَرْجِعُ صَاحِب الثُّلُثِ بِشَيْءٍ إِنْ نَمَا المَال وعَلى الثُّلثَيْنِ وقف جَمِيع المَال وَلَا يَجْعَل لَهُ الثُّلُث كَمَا لَا يَجْعَل السُّدُسُ حَتَّى يُوضَعَ وَعَلَى هَذَا لَوْ عَجَّلَ لَهُ الْوَرَثَةُ الثُّلُثَ وَتَلِفَ بَقِيَّةُ الْمَالِ قَبْلَ وَضْعِ الْحَمْلِ رَجَعُوا بِثُلُثَيِ الثُّلُثِ وَيَرْجِعُ هُوَ عَلَيْهِمْ بِثُلُثِ النَّمَاءِ وَعَلَى الْقَوْل الثَّانِي لَا يَرْجِعُ وَلَوْ كَانَتِ الْوَصِيَّةُ بِعَدَدِ دَنَانِيرَ عَجَّلَ وَوَقَفَ الْبَاقِيَ اتِّفَاقًا لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْعَدَدِ وَاجِبَةُ الْإِخْرَاجِ كَالدَّيْنِ (فَرْعٌ) قَال قَال مَالِك أَوْصَى أَنْ يُشْتَرَى عَبْدٌ بِعَشَرَةٍ فَيُعْتَقَ عَنْهُ فَوُجِدَ عَبْدٌ بِعِشْرِينَ فَقَال أَخُو الْعَبْدِ لِلسَّيِّدِ وَهُوَ حُرٌّ بِعْهُ بِعَشَرَةٍ وَأَنَا أُعْطِيكَ عَشَرَةً فَبَاعَهُ بِعَشَرَةٍ وَلَمْ يَعْلَمِ الْوَصِيُّ فَهُوَ عَيْبٌ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ مِنَ الثَّمَنِ لِأَنَّ الْأَخَ قَدْ شَارَكَ فِي الْعِتْقِ فَمَا دَفَعَ فَكَأَنَّهُ أَعْتَقَ النِّصْفَ وَالْوَصِيُّ النِّصْفَ قَال ابْنُ الْقَاسِمِ وَتنظر قِيمَتُهُ بِغَيْر شَرْطِ الْعِتْقِ وَبِشَرْطِهِ وَيَرْجِعُ بِمَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ قَال وَلَيْسَ بِصَوَابٍ بَلْ هُوَ كَالَّذِي اسْتَحَقَّ نِصْفَهُ وَيُجْعَلُ ذَلِكَ فِي رَقَبَةٍ أُخْرَى فَإِنْ كَانَتِ الْوَصِيَّةُ فِي عِتْقٍ وَاجِبٍ لَمْ يَجُزْ وَضِمَنَ الْمُوصِي عِنْدَ أَشْهَب لِأَنَّ الْخَطَأَ فِي الضَّمَانِ كَالتَّفْرِيطِ وَيَشْتَرِي رَقَبَةً أُخْرَى فَيُعْتِقُهَا عَنِ الْمُوصِي وَلَا يَضْمَنُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِعَدَمِ عِلْمِهِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْوَرَثَةِ فِي بَاقِي الثُّلُثَيْنِ (فَرْعٌ) قَال مَالِك أَوْصَى بِوَصَايَا وَمَالُهُ دَيْنٌ فَاسْتَأْجَرَ الْوَصِيُّ عَلَى تَخْلِيصِهِ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمُوصَى لَهُمْ شَيْءٌ مِنَ الْأُجْرَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يُوصِ لَهُمْ بِدَيْنٍ بَلْ بِمَا يَتَخَلَّصُ وَقَال ابْنُ نَافِعٍ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الثُّلُثِ فَضْلٌ فَعَلَيْهِمْ حِصَّتُهُمْ لِأَنَّ الْوَصَايَا لَا تَزِيدُ عَلَى الثُّلُثِ (فَرْعٌ) قَال قَال ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَوْصَى بِرَقِيقِهِ أَوْ غَيْرهِ فَبَدَّلَهُ فَلَهُ مَا يُوجَدُ عِنْدَ الْمَوْتِ

(فرع)

مِنَ الْبَدَلِ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ إِنَّمَا يُقْصَدُ بِهَا حَالَةُ الْمَوْتِ أَمَّا لَوْ عَيَّنَهُ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ يَتَعَيَّنُ الْعَبْدُ وَالزَّرْعُ تَوْفِيَةً بِاللَّفْظِ لَا يَتَعَيَّنَانِ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْوَصِيَّةِ إِنَّمَا هُوَ عِنْدَ الْمَوْتِ فَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ وَالِاسْتِبْدَالَ يَتَعَيَّنُ الْعَبْدُ دُونَ الزَّرْعِ وَنَحْوِهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْعَبْدِ وَالْجهَاد لَا حَقَّ لَهُ وَاخْتُلِفَ هَلْ يَتَعَيَّنُ الْعَبْدُ بِالتَّسْمِيَةِ وَالصِّفَةِ عَيَّنَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ نَظَرًا لِلَّفْظِ وَقِيلَ لَا يَتَعَيَّنُ لِأَنَّ مَقْصُودَ هَذِهِ التَّعْيِنَاتِ الْإِشَارَةُ لِلنَّوْعِ دُونَ الشَّخْصِ (فَرْعٌ) قَال قَال مَالك أوصى إِن يشترى عبد وَارِثٌ لَهُ فَيُعْتَقُ عَنْهُ فَزَادَ الْوَارِثُ مِثْلَ ثلث الثّمن لِأَن الْوَصِيَّة مقصدها الْمَعْرُوفُ وَالْإِيثَارُ فَتُحْمَلُ هَاهُنَا عَلَيْهِ وَالثُّلُثُ أَصْلٌ فِي الْوَصَايَا وَلَمْ يَتَّهِمْهُ وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَاتَّهَمَهُ فِي الْوَصِيَّةِ لِوَارِثِهِ وَلَوْ فَرَّقَ بَيْنَ الْعَالِمِ بِوَجْهِ الْحُكْمِ لَكَانَ وَجْهًا (فَرْعٌ) قَال قَال مَالِك أَوْصَى بِعِتْقِ نَصِيبِهِ مِنْ عَبْدٍ وَعِتْقِ نَصِيبِ شَرِيكِهِ لَزِمَ ذَلِكَ شَرِيكَهُ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّقْوِيمِ وَعَنْهُ لَا يُجْبَرُ وَيُعْتَقُ نَصِيبُهُ وَحْدَهُ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ وَقَال ش يُكْمَلُ عَلَى الْمَيِّتِ فِي ثُلُثِهِ قِيَاسًا عَلَى الْحَيِّ وَالْفَرْقُ عِنْدَنَا انْتِقَال الْمَالِ وَبُطْلَانُ الْمِلْكِ وَالْأَهْلِيَّةِ (فَرْعٌ) قَال الْأَبْهَرِيُّ قَال مَالِك سِلَاحِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَجْعَلُهُ الْوَصِيُّ حَبْسًا بَلْ يَجْتَهِدُ فِيهِ فَيُمَلِّكُهُ مَنْ يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى

فرع

(فَرْعٌ) قَالَ قَالَ مَالك أوصى بِثُلثِهِ فِي سَبِيل الْخَيْر فَقضى الْوَصِيّ مِنْهُ دينا بِغَيْر بَينه ضمنه لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِعَدَمِ البينه (فَرْعٌ) قَال قَال مَالِك مَا اكْتَسَبَهُ الْعَبْدُ الْمُوصَى بِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ الْجَمْعِ لِلتَّرِكَةِ فَلِلْمُوصَى لَهُ لِأَنَّهُ بِالْمَوْتِ صَارَ عَلَى مِلْكِهِ (فَرْعٌ) قَالَ صَاحب الْمُنْتَقى قَالَ ابْن الْقَاسِم هُوَ مُدَبَّرٌ وَإِنْ لَمْ أُحْدِثْ فِيهِ حَدَثًا فَهُوَ وَصِيَّةٌ وَكَذَلِكَ عَبْدِي مُدَبَّرٌ بَعْدَ مَوْتِي لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ غَيْر مَبْتُوتٍ الْآنَ وَإِنْ مُتُّ مِنْ مَرَضِي فَعَبْدِي مُدَبَّرٌ لَا يَرْجِعُ فِيهِ لِأَنَّ شَأْنَ التَّدْبِيرِ التَّعَلُّقُ بِالْمَوْتِ وَإِنْ قَال هُوَ حُرُّ يَوْمَ أَمُوتُ قَال مَالِك إِنْ أَرَادَ التَّدْبِيرَ فَهُوَ تَدْبِيرٌ وَإِلَّا فَوَصِيَّةٌ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ (فَرْعٌ) قَال قَال مَالِك إِذَا أَعْتَقَ الْمَرِيضُ أَوِ الْحَامِلُ أَوْ تَصَدَّقَا وَلَمْ يَقُلْ إِنْ مُتُّ ثُمَّ صَحَّ فَقَال أَرَدْتُ إِنْ مُتُّ فَيُسْتَدَلُّ بِالْقَرِينَةِ عَلَى قَصْدِهِ وَقَال فِي مَرِيضٍ قِيلَ لَهُ أَوْصِ فَقَال فُلَانٌ حُرٌّ ثُمَّ صَحَّ فَقَال أَرَدْتُ بَعْدَ مَوْتِي يُصَدَّقُ لِقَرِينَةِ تَقَدُّمِ الْأَمْرِ بِالْوَصِيَّةِ وَمَتَى عُدِمَتِ الْقَرَائِنُ فَهُوَ بَتْلٌ لِأَنَّهُ ظَاهِرُ اللَّفْظِ (فَرْعٌ) شَرْعَ اللَّهُ تَعَالَى الْوَصِيَّةَ وَشَرَعَ الرُّجُوعَ فِيهَا لُطْفًا بِالْعِبَادِ بِتَوْفِيرِ عُزُومِهِمْ عَلَى

تَكْثِيرِ الْوَصَايَا وَقَالهُ الْأَئِمَّةُ فَلَوِ اعْتَقَدَ الْمَرِيضُ تَعَذُّرَ الرُّجُوعِ لَامْتَنَعَ مِنَ الْوَصِيَّةِ خَشْيَةَ الصِّحَّةِ فَيَذْهَبُ عَلَيْهِ مَالُهُ فَإِذَا عَلِمَ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ صَحِيحًا وَمَرِيضًا اسْتَكْثَرَ مِنَ الْوَصَايَا حَتَّى لَوْ أَمْكَنَهُ اسْتِيعَابُ مَالِهِ اسْتَوْعَبَهُ بِتَقْدِيمِ مَالِهِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَيَسْعَدُ الْمُوصَى لَهُ بِالْوَصَايَا قَال صَاحِب الْمُقَدِّمَات لَهُ الرُّجُوعُ فِي وَصِيَّةِ الصِّحَّةِ وَالْمَرَض فِي الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي التَّدْبِيرِ وَاخْتُلِفَ إِذَا قَال إِنْ مُتُّ فَعَبْدِي حُرٌّ هَلْ هُوَ وَصِيَّةٌ حَتَّى يُعْلَمَ التَّدْبِيرُ قَالهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَوْ تَدْبِيرٌ حَتَّى تُعْلَمَ الْوَصِيَّةُ قَالهُ أَشْهَب ثُمَّ الرُّجُوعُ قَدْ يَكُونُ بِالصَّرِيحِ وَقد يكون بالمحتمل فتقسم التَّصَرُّفَاتُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ مِنْهَا مَا يَدُلُّ عَلَى الرُّجُوعِ وَمَا لَا يَدُلُّ وَمَا هُوَ مُتَرَدِّدٌ وَيَتَّضِحُ ذَلِكَ بِسَرْدِ فِرُوعِ الْمَذْهَبِ وَقَال ابْنُ يُونُسَ إِذَا أَوْصَى بِدَيْنٍ ثُمَّ اقْتَضَاهُ فَأَنْفَقَهُ أَوْ أَوْدَعَهُ فَهُوَ رُجُوعٌ قَالهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَو أوصى بزرع فحصده أَو بِتَمْر فجذه أَوْ بِصُوفٍ فَجَزَّهُ لَيْسَ بِرُجُوعٍ لِأَنَّهُ مِنْ مَصَالِحِ ذَلِكَ لِهَلَاكِهِ بِالتَّأْخِيرِ إِلَّا أَنْ يَدْرُسَهُ وَيَشِيلَهُ إِلَى بَيْتِهِ فَهُوَ رُجُوعٌ وَرَهْنُ الْعَبْدِ لَيْسَ بِرُجُوعٍ وَكَذَلِكَ الْإِجَارَةُ وَالْأُجْرَةُ لِلْمُوصَى لَهُ لِأَنَّ الرَّهْنَ قَدْ يَكُونُ بِالْعَارِيَةِ وَإِجَارَةُ الْفُضُولِيِّ صَحِيحَةٌ قَالهُ مَالِك وَإِنْ صَبَغَ الثَّوْبَ فَهُوَ بِصِبْغِهِ لِلْمُوصَى لَهُ وَكَذَلِكَ غَسْلُهُ وَيُحْمَلُ عَلَى زِيَادَةٍ فِي الْوَصِيَّةِ وَكَذَلِكَ تَجْصِيصُ الدَّارِ وَزِيَادَةُ الْبِنَاءِ لِعَدَمِ تَغْيِيرِ الِاسْمِ عَنْ حَالِهِ قَال أَشْهَب وَبِنَاءُ الْعَرْصَةِ دَارًا رُجُوعٌ لِتَغْيِيرِ الِاسْمِ وَلَوْ هَدَمَ الدَّارَ حَتَّى بَقِيَتْ عَرْصَةً فَلَيْسَ بِرُجُوعٍ لِأَنَّهَا مُوصًى بِهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي النَّقْض وَقَالَ ابْن الْقَاسِم الْعَرَصَة وَالنَّقْص لِلْمُوصَى لَهُ لِأَنَّ الْجَمِيعَ مُوصًى بِهِ قَال وَإِذَا لَتَّ السَّوِيقَ وَصَبَغَ الثَّوْبَ فَهُمَا شَرِيكَانِ بِقَدْرِ الصَّبْغِ وَاللَّتِّ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُمَا عَلَى مِلْكِهِ قَال ابْنُ الْقَاسِمِ نَسْجُ الْغَزْلِ وَقَطْعُ الثَّوْبِ رُجُوعٌ لِتَغْيِيرِ الِاسْمِ قَال أَشْهَب قَطْعُ الْقَمِيصِ قَبَاءً أَوِ الْجُبَّةِ قَمِيصًا وَالْبِطَانَةُ يُبَطَّنُ بِهَا أَوِ الظِّهَارَةُ يُبَطِّنُهَا

بِبِطَانَةٍ أَوِ الْقُطْنُ يُحْشَى بِهِ أَوِ الْغَزَلُ يُنْسَجُ أَوِ الْفِضَّةُ تُصَاغُ أَوِ الشَّاةُ تُذْبَحُ رُجُوعٌ لِقُوَّةِ هَذَا التَّصَرُّفِ وَتَغْيِيرِ الِاسْمِ فِي بَعْضِهَا وَإِذَا اشْتُرِيَ الْمُوصَى بِهِ قَبْلَ الْمَوْتِ عَادَتْ الْوَصِيَّة فللموصي لَهُ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ إِنَّمَا تُعْتَبَرُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِعَبْدٍ فِي غَيْر مَالِهِ إِن يشترى لع فَمَلَكَهُ بِمِيرَاثٍ أَوْ هِبَةٍ نَفَذَتِ الْوَصِيَّةُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَحْصِيلُهُ لَهُ وَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ فِي مَرَضِهِ فَقِيلَ لَهُ جَهْلًا لَا يَجُوزُ مِنْهُ إِلَّا الثُّلُثُ فَقَال أَعْتِقُوا ثُلُثَهُ هُوَ رُجُوعٌ وَلَا يُعْتَقُ إِلَّا الثُّلُثَ لِأَنَّ الرُّجُوعَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مُوجِبِهِ شَرْعًا وَلَوْ كَانَ لَا يَجُوزُ فَأَعْتَقُوا ثُلُثَهُ عَتَقَ كُلُّهُ قَالهُ أَصْبَغُ وَلَوْ أَوْصَى بِثِيَابِهِ فَبَاعَ بَعْضَهَا وَأَخْلَفَ ثِيَابًا أَوْ بِمَتَاعِ بَيْتِهِ فَتَكَسَّرَ بَعْضُهُ فَأَخْلَفَهُ أَوْ بِسِلَاحِهِ فَتَكَسَّرَ أَوْ ذَهَبَ دِرْعُهُ فَأَخْلَفَهُ أَوْ بِحَائِطِهِ فَيَكْسِرُ مِنْهُ النَّخَلَاتِ وَيَغْرِسُ غَيْرهَا أَوْ يَزْرَعُ فِيهِ زَرْعًا فَذَلِكَ كُلُّهُ لِلْمُوصَى لَهُ لِأَنَّهُ مُرَادُ الْمُوصِي قَالهُ مَالِك بِخِلَافِ الْعَبْدِ يَمُوتُ فَيُخْلَفُ غَيْرهُ لِأَنَّهُ عَيْنُهُ وَلَوْ قَال رَقِيقُهُ لِفُلَانٍ فَأَفَادَ رَقِيقًا فَهُوَ لِلْمُوصَى لَهُ كَمَا لَوْ قَال إِذَا مُتُّ رَقِيقِي أَحْرَارٌ عَتَقَ رَقِيقُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَالْوَصِيَّةُ أَيْضًا لَا تُعْتَبَرُ إِلَّا عِنْدَ الْمَوْتِ لِسَلْطَنَةِ الرُّجُوعِ قَبْلَهُ وَلَوْ قَال رَأْسٌ مِنْ رَقِيقِي أَوْ مِنْ إِبِلِي فَمَاتَ بَعْضُهُمْ وَأَخْلَفَ غَيْرهُ فَالْوَصِيَّةُ فِيمَا أَخْلَفَ وَلَوْ قَال ثَوْبَيِ الْخَزِّ لِفُلَانٍ فَيَذْهَبُ وَيُخْلِفُ غَيْرهُ فَلَا شَيْءَ لِلْمُوصَى لَهُ تَنْزِيلًا لِلصِّفَةِ مَنْزِلَةَ التَّعْيِينِ وَقَال أَشْهَب إِذَا وَصَفَ ثِيَابَهُ بِصِفَتِهَا وَأَلْوَانِهَا وَأَجْنَاسِهَا وَرَقِيقَهُ لَا يَكُونُ الْخلف للْمُوصي إِلَّا أَنْ يُوَافِقَ الْأُولَى فِي الِاسْمِ وَالْجِنْسِ وَالصِّفَةِ نَحْوِ قَوْلهِ عَبْدِي مُبَارَكٌ النَّوْبِيُّ وَقَمِيصِي المرزوي وَيكون الثني مِثْلَهُ فَهُوَ لِلْمُوصَى لَهُ وَفُرِّقَ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ وَالْخلف بِالْعِتْقِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا وَلَوْ حلف بِعِتْق رقيقَة إِنَّمَا يَلْزَمُهُ فِي رَقِيقِهِ يَوْمَ الْحَلِفِ وَالْوَصِيَّةُ إِنَّمَا تَلْزَمُ يَوْمَ الْمَوْتِ وَقَاسَ مَالِك عَلَى الْحَلِفِ وَلَوْ قَال فِي وَصِيَّتِهِ عَبْدِي حُرٌّ وَلَهُ عَبْدٌ وَاحِدٌ فَاشْتَرَى غَيْرهُ ثُمَّ مَاتَ فَالْأَحْسَن

(فرع)

عتق نصفهَا بِالسَّهْمِ لتناول الِاسْم اياها وَقَال مُحَمَّدٌ لَا يُعْتَقُ إِلَّا الْأَوَّلُ لِتَعَيُّنِهِ بِالْمِلْكِ قَال أَشْهَب لَوْ قَال أَحَدُهُمَا حُرٌّ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا وَاشْتَرَى آخَرَ فَهُمَا حُرَّانِ قَال مُحَمَّد لَا يُعْتَقُ الثَّانِي فَقَطْ لِأَنَّهُ بَقِيَّةُ مَا تَنَاوَلَهُ اللَّفْظُ قَال ابْنُ الْقَاسِمِ وَطْءُ الْجَارِيَةِ لَيْسَ بِرُجُوعٍ لِأَنَّ الْمِلْكَ إِنَّمَا يَنْتَقِلُ عِنْدَ الْمَوْتِ فَإِذا وقفت بَعْدَ الْمَوْتِ لِتَبَيُّنِ الْحَمْلِ مِنْهُ فَقُتِلَتْ قِيمَتُهَا للْمَيت لِأَنَّهَا قد تكون حَامِلا واشتشكله ابْنُ عَبْدُوسٍ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْحَمْلِ قَال صَاحِب الْمُنْتَقَى قَال مَالِك رَهْنُ الْعَبْدِ وَالْجَارِيَةِ لَيْسَ بِرُجُوعٍ وَيُفْدَى الْمَرْهُونُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِبَقَاءِ الِاسْمِ وَالصُّورَةِ عَلَى مِلْكِهِ وَلَوْ أَوْصَى بِعَبْدٍ بِعَيْنِهِ ثُمَّ أَمَرَ بِبَيْعِ كُلِّ عَبْدٍ لَهُ قَال ابْنُ الْقَاسِمِ كَمَا لَوْ تَصَدَّقَ بِكُلِّ عَبْدٍ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَوْ أَعْتَقَ كُلَّ عَبْدٍ لَهُ وَقَال ابْنُ وَهْب تَبْقَى الْوَصِيَّةُ لِأَنَّ اللَّفْظَ الْخَاصَّ يُقَدَّمُ عَلَى الْعَامِّ وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى مَذْهَبِ ح أَنَّ الْعَامَّ الْمُتَأَخِّرَ يَرْفَعُ الْخَاصَّ الْمُتَقَدِّمَ قَال الْبَصْرِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ إِذَا أَوْصَى بِعَبْدٍ بِعَيْنِهِ ثُمَّ أَوْصَى بِهِ لِآخَرَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا وَقَالهُ الْأَئِمَّةُ وَلَيْسَ رُجُوعًا عَنِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ إِنَّمَا تُمْلَكُ بِالْمَوْتِ فَكَأَنَّهُ مَلَكَهُمْ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ (فَرْعٌ) فِي الْمُنْتَقَى أَوْصَى أَنْ يُشْتَرَى عَبْدٌ بِثَلَاثِينَ فَيعتق عَنهُ فَفعل وَاسْتحق نصفه خير الْمُسْتَحِقُّ بَيْنَ إِجَازَةِ الْبَيْعِ وَأَخْذِ نِصْفِ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فُضُولِيٌّ أَوْ أَخْذِ النِّصْفِ فَيُقَوَّمُ على الْوَصِيّ فِي مَالِهِ دُونَ الْوَرَثَةِ لِإِتْلَافِهِ ذَلِكَ خَطَأً وَهُوَ فِي الْإِتْلَافِ كَالْعَمْدِ وَقَال أَصْبَغُ بَلْ عَلَى الْوَرَثَةِ فِي ثُلُثِ الْمَيِّتِ نَظَرًا لِأَصْلِ الْإِذْنِ وَإِذَا قُوِّمَ عَلَى الْمُوصِي وَفِيهِ فَضْلٌ رُدَّ عَلَى الْوَرَثَةِ لِأَنَّهُ مِنْ نَمَاءِ التَّرِكَةِ أَوْ نُقْصَانٍ فَعَلَيْهِ لِأَنَّهُ بِإِتْلَافِهِ كَمَا أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْبَائِعَ فَالْمُصِيبَةُ مِنْهُ (فَرْعٌ) قَال أَوْصَى بِوَصَايَا أَوْ بِنَفَقَةِ رَجُلٍ عُمَرَهُ فَلَمْ يَنْفُذْ ذَلِكَ حَتَّى مَاتَ الْمُوصَى لَهُ بِالنَّفَقَةِ حَاصَّ وَرَثَتُهُ أَرْبَابَ الْوَصَايَا بِقَدْرِ مَا عَاشَ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّهُ

(فرع)

(فَرْعٌ) قَال ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا قَال رَقِيقِي أَحْرَارٌ فَوَجَدُوا الثُّلُثَ فَأَعْتَقُوا ثُمَّ طَرَأَ دَيْنٌ وَقَدْ قُسِمَ الْمَالُ فَثُلُثُهُ عَلَى الْعَبِيدِ يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ فَيُبَاعُ الثُّلُثُ لِلدَّيْنِ وَالثُّلُثَانِ عَلَى الْوَرَثَةِ كَانُوا أَمْلِيَاءَ أَمْ لَا لِأَخْذِهِمْ مَصْرِفَ الدَّيْنِ وَهُوَ التَّرِكَةُ (فَرْعٌ) قَال قَال ابْنُ الْقَاسِمِ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ قَال إِنْ مُتُّ مِنْ مَرَضِي فَغُلَامِي سَعِيدٌ حُرٌّ وَأَنَّهُ مَاتَ فِي مَرَضِهِ وَشَهِدَ آخَرَانِ إِنْ صَحَحْتُ مِنْ مَرَضِي فَبَدْرٌ حُرٌّ وَأَنَّهُ صَحَّ فِي مَرَضِهِ يُعْتَقُ نصف كل وَاحِد مِنْهُمَا لتكافئ البيتنين كَمَا لَوْ تَرَكَ وَلَدًا نَصْرَانِيًّا وَوَلَدًا مُسْلِمًا وَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ مَاتَ نَصْرَانِيًّا وَشَهِدَتْ أُخْرَى أَنَّهُ مَاتَ مُسْلِمًا يَقْتَسِمَانِ الْمَالَ وَلَوْ كَانَتْ أحداهما اعْدِلْ قدم عبدهما وَقَالَ اصبغ تقدم بَيِّنَة الصة لِإِثْبَاتِ مَا لَمْ تَعْلَمْهُ الْأُخْرَى كَمَا لَوْ حضر الْبَيِّنَتَانِ مَوْتَ الْمُتَنَازِعِ فِي إِسْلَامِهِ فَشَهِدَا بِذَلِكَ وَلَمْ يُعْرَفْ أَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ مُسْلِمًا أَمْ لَا حُكِمَ بِأَعْدَلِهِمَا وَلَوْ عُلِمَ أَنَّ أَصْلَهُ كَافِر فَقَالَت الْأُخْرَى إِنَّه اسْلَمْ ونفت الْأُخْرَى فَقدمت الْأُولَى لِاِطْلَاعِهَا عَلَى مَا جَهِلَتْهُ الْأُخْرَى (فَرْعٌ) فِي الِاسْتِذْكَارِ إِذَا أَوْصَى بِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ فَادَّعَى الْوَرَثَةُ أَنَّهُ أَكْثَرُ مِنَ الثُّلُثِ قَال مَالِك وَأَصْحَابُهُ يُخَيَّرُونَ بَيْنَ دَفْعِهِ أَوْ دَفْعِ جَمِيعِ ثُلُثِ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ مَرْجِعُ الْوَصَايَا وَخَالَفَهُ الْأَئِمَّةُ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ مَلَّكَتْهُ ذَلِكَ بِالْمَوْتِ فَيُفْتَقَرُ أَخْذُهُ مِنْهُ لِلْمُعَاوَضَةِ عَلَيْهِ وَيُمْتَنَعُ أَخْذُهُ بِغَيْر رِضَاهُ وَجَوَابُهُمْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْوَصَايَا تَنْفُذُ مِنْ غَيْر الثُّلُثِ وَلَا يَتَقَرَّرُ مِلْكٌ فِي غَيْرهِ قَال وَأَرَى أَنْ يَلْزَمَ الْوَرَثَةَ تَحْقِيقُ دَعْوَاهُمْ فَإِنْ تَحَقَّقَتْ فَهُمْ شُرَكَاءُ مَعَهُمْ فِي تِلْكَ الْعَيْنِ لِأَنَّ التَّعْيِينَ يُوجِبُ تَعَلُّقَ الْحَقِّ بِهِ وَإِلَّا خُيِّرُوا وَهَذِهِ

الْمَسْأَلَةُ تُعْرَفُ بِخُلْعِ الثُّلُثِ قَال الطُّرْطُوشِيُّ فَلَوْ كَانَ لَهُ الثُّلُثُ فَأَقَلُّ فَقَال الْوَرَثَةُ لَا نُعْطِيهِ لِأَنَّهُ ثُلُثُ الْجَمِيعِ وَقَدْ يُعْطَبُ بَعْضُ الْمَالِ قَبْلَ جَمْعِهِ فَيَفُوزُ بِالْعَيْنِ دُونَنَا خُيِّرُوا أَيْضًا وَإِنْ كَانَتِ التَّرِكَةُ كُلُّهَا حَاضِرَةً عُرُوضًا وَأَوْصَى بِدَنَانِيرَ قَال ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُخَيَّرُوا بَلْ تُبَاعُ الْعُرُوضُ وَيُعْطَى وَلَوْ تَرَكَ مِائَةَ دِينَارٍ وَعُرُوضًا وَأَوْصَى بِمِائَةٍ عُجِّلَتْ قَبْلَ الْبَيْعِ قَال أَشْهَب كَانَتِ الدَّنَانِيرُ مُعَيَّنَةً أَمْ لَا وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا لَمْ يَتْرُكْ إِلَّا ثَلَاثَةَ دُورٍ وَأَرْضًا وَأَوْصَى بِخَمْسَةِ دَنَانِيرَ يُعْطُوهُ إِيَّاهَا وَثُلُثَ الْمَيِّتِ وَلَا يَبِيعُ السُّلْطَانُ مِنَ الدُّورِ بِخَمْسَةِ دَنَانِيرَ وَإِذَا أَوْصَى بِمُعَيَّنٍ أَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ فَاخْتِيَارُ ابْنِ الْقَاسِمِ يُقْطَعُ لَهُ بِثُلُثِ الْمَيِّتِ فِي ذَلِكَ الْمُعَيَّنِ وَعَنْ مَالِك ثلث الْمَيِّت وَقَالَ ش وح إِنَّمَا لَهُ ثُلُثُ ذَلِكَ الشَّيْءِ وَهُوَ شَرِيكٌ بِقِيمَةِ ثُلُثِهِ مِنَ التَّرِكَةِ لِأَنَّ لِلْمَيِّتِ أَنْ يُوصِيَ بِالثُّلُثِ شَائِعًا وَأَنْ يُعَيَّنَهُ وَيَنْقُلَ حَقَّ الْوَرَثَةِ مِنْ ذَلِكَ إِلَى غَيْرهِ مِنَ الْأَعْيَانِ وَيُسْقِطَ حَقَّهُمْ مِنَ الْأَعْيَانِ بِبَيْعِهَا بِثَمَنِ الْمِثْلِ فَلَمْ يُغَيِّرْ وَصِيَّتَهُ فَتَنْفُذَ وَلِأَنَّهُ لَوْ أَعْطَى ثُلُثَ الْمَيِّتِ لَظَلَمَ لِأَنَّهُ غَيْر مَا وَصَّى لَهُ بِهِ وَلِأَنَّ خِلَافَ ذَلِكَ يُؤَدِّي لِلرِّبَا فَإِنَّهُ إِذَا أَوْصَى لَهُ بِمِائَةٍ مُعَيَّنَةٍ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ ثُلُثَهَا فَإِذَا أَخَذَهُ وَمَعَهُ أَكْثَرُ مِنْهُ صَارَ رِبًا وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ إَنَّا نَمْنَعُ أَنَّ لَهُ أَنْ يُعَيِّنَ الثُّلُثَ فِي شَيْءٍ بِعَيْنِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِمْ قَالهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ فَحَقُّهُ شَائِعٌ لَيْسَ فِي شَيْءٍ بِعَيْنِهِ وَإِذَا عَيَّنَ مَا قِيمَتُهُ أَقَلُّ مِنَ الثُّلُثِ فَإِنَّمَا تَرَكَ بَعْضَ حَقِّهِ مِنَ الثُّلُثِ لِيَسْلَمَ لَهُ التَّعْيِينُ فَإِذَا لَمْ يَسْلَمْ رَجَعَ إِلَى مَا كَانَ مِنَ الثُّلُثِ وَهُوَ لَمْ يُرِدْ غَيْر هَذَا الْمُعَيَّنِ فَفِي إِعْطَائِهِ الْقِيمَةَ مِنْ غَيْرهَا تَبْدِيلٌ لِلْوَصِيَّةِ وَأَمَّا دَفْعُ الثُّلُثِ فَأَدَّى إِلَيْهِ مَنْعُ الْوَرَثَةِ مَا أَوْصَى بِهِ فَلَوْ لَمْ يُعْطِ ذَلِكَ لَمْ يَبْقَ لَهُ شَيْءٌ وَعَنِ الثَّانِي إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمُوهُ بِإِعْطَائِهِ الْقِيمَةَ عَنِ الثُّلُثَيْنِ مِنْ بَقِيَّةِ التَّرِكَةِ وَهُوَ غَيْر الْمُوصَى بِهِ أَوْ نَقُولُ الْمُوصِي تَعَدَّى فِي تَعْيِينِ

(فرع)

مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنَ الثُّلُثِ فَيُرَدُّ فِي تَعَدِّيهِ إِلَى الثُّلُثِ كَمَا لَوْ تَعَدَّى بِالزِّيَادَةِ على الثُّلُث وَبَقِي الْعُدْوَانُ لَيْسَ ظُلْمًا وَعَنِ الثَّالِثِ أنَّ الرِّبَا بِأَخْذِ شَيْءٍ وَدَفْعِ أَكْثَرَ مِنْهُ وَالْمُوصَى لَهُ وَجب لَهُ اخذ الْأَمْرَيْنِ وَالْخِيَارُ لِلْوَرَثَةِ عَلَيْهِ فِيهِمَا كَسَيِّدِ الْعَبْدِ الْجَانِي يُخَيَّرُ بَيْنَ إِسْلَامِهِ وَالْجِنَايَةِ وَلَيْسَ رِبًا (فَرْعٌ) قَال الطُّرْطُوشِيُّ قَال شُيُوخُنَا الْمُوصَى بِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ مَوْقُوفٌ إِنْ قَبِلَهَا الْمُوصَى لَهُ تَبينا دُخُولهَا فِي ملكه بِالْمَوْتِ أَو ردهَا تبيناُ أَنَّهَا لَمْ تَزَلْ عَلَى مِلْكِ الْمُوصَى وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَال لَمْ تَزَلْ عَلَى مِلْكِ الْمَيِّتِ وَقَال ح تَدْخُلُ بِالْمَوْتِ فِي مِلْكِ الْوَرَثَةِ فَإِنْ قِيلَ لَمْ أَفْسَخْ مِلْكَ الْوَرَثَةِ وَتَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ مِنْ يَوْمِ الْقَبُولِ قَال صَاحِب الْمُقَدِّمَات قِيلَ تَجِبُ بِمَوْتِ الْمُوصِي قَبْلَ الْقَبُولِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَاخْتُلِفَ عَلَى هَذَا الْقَوْل إِذَا مَاتَ الْمُوصَى لَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ قَبْلَ الْقَبُولِ قَال مَالِك فِي الْمُدَوَّنَةِ لِوَرَثَتِهِ الْقَبُولُ وَقِيلَ لَيْسَ لَهُمْ وَتَبْطُلُ وَتَرْجِعُ مِيرَاثًا قَالهُ الْأَبْهَرِيُّ وَقِيلَ تَجِبُ بِنَفْسِ الْقَوْل دُونَ قَبُولٍ فعلى هَذَا لَو كَانَت وَجَبَتْ لِلْوَرَثَةِ وَلَيْسَ لَهُمْ رَدُّهَا إِلَّا عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ لِوَرَثَةِ الْمُوصِي إِنْ قَبِلُوهَا وَقَال ش يَمْلِكُهَا بِنَفْسِ الْمَوْتِ لَنَا أَنَّهُ عَقْدٌ فِيهِ إِيجَابٌ وَقَبُولٌ فَلَا يُمَلَّكُ قَبْلَ الْقَبُولِ كَالْبيع وَلِأَنَّهُ عَلَى مِلْكِ الْمَيِّتِ إِلَى الْمَوْتِ وَالْمَوْتُ يَمْنَعُ الْمِلْكَ وَمِلْكُ الْوَارِثِ إِنَّمَا أَثْبَتَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِيمَا عَدَا الْوَصِيَّةَ فَيَكُونُ مَوْقُوفًا وَلَا عَجَبَ فِي اقْتِضَاءِ الْقَبُولِ أَثَرًا قَبْلَهُ كَمَا لَوْ قَال إِنِ اخْتَرْتِنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ بِشَهْرٍ فَاخْتَارَتْ طُلِّقَتْ قَبْلَ ذَلِك بِشَهْرٍ وَلَوْ مَاتَ الْمُوصِي وَارْتَدَّ وَارِثُهُ وَلَمْ يَقْبَلِ الْمُوصَى لَهُ الْوَصِيَّةَ رَجَعَتْ لِلْمُرْتَدِّ فَلَوْ كَانَ إِنَّمَا يَمْلِكُ بِالرَّدِّ لَمْ يَمْلِكْ هَذَا لِرِدَّتِهِ فَلَمَّا مَلَكَ هَاهُنَا عَلِمَ أَنَّ مِلْكَهُ مِنْ يَوْمِ الْمَوْتِ

وَقَدْ سَلَّمَ الْحَنَفِيَّةُ هَذِهِ الصُّورَةَ أَوْ نَقُولُ مَالِك يَشْتَرِطُ فِيهِ الْمَوْتَ وَيَتَوَقَّفُ عَلَى شَرْطٍ بَعْدَ الْمَوْتِ فَلْيُسْتَنَدْ إِلَى وَقْتِ الْمَوْتِ كَالْمِيرَاثِ فَإِنَّ التَّرِكَةَ إِذَا كَانَ فِيهَا دَيْنٌ لَا يُحْكَمُ فِيهَا بِالْمِلْكِ لِلْوَرَثَةِ عِنْدَهُمْ فَإِذَا أَدَّى الْغُرْمَ اسْتَنَدَ الْمِلْكُ إِلَى وَقْتِ الْمَوْتِ فَكَذَلِكَ إِذَا أَوْصَى بِعَبْدٍ فَلَمْ يَقْبَلْهُ الْمُوصَى لَهُ وَلَا يَلْزَمُ إِذَا أَوْصَى أَنْ يُبَاعَ مِنْهُ ملكه بعد الْمَوْت لِأَن التَّمْلِيك بِالْعَقْدِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْمَوْتِ وَلَا يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمِيرَاثَ قَهْرِيٌّ وَالْوَصِيَّةَ تَفْتَقِرُ لِلْقَبُولِ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَة لأَنا نُجِيبُ بِأَنَّ مِلْكَ الْبَائِعِ وَالْوَاهِبِ ثَابِتٌ إِلَى قَبْلَ الْقَبُولِ وَمِلْكُ الْمَيِّتِ زَائِلٌ بِالْمَوْتِ وَلَيْسَتْ بِالْوَصِيَّةِ كَالْعُقُودِ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْقَبُولِ عَنِ الْإِيجَابِ يَجُوزُ فِيهَا عِنْدَنَا بِنَحْوِ الشَّهْرَيْنِ بِخِلَافِ غَيْرهَا احْتَجَّ ش عَلَى دُخُولِهَا بِالْمَوْتِ مِنْ غَيْر قَبُولٍ بِالْقِيَاسِ على الْمِيرَاث بطرِيق الأولى لِأَنَّ الثُّلُثَ الْمُوصَى بِهِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَرَثَةِ وَلِأَنَّ بَقَاءَهَا عَلَى مِلْكِ الْمَيِّتِ مُتَعَذِّرٌ لِأَنَّهُ جماد عَلَى مِلْكِ الْوَرَثَةِ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَيْهِمْ فَتَعَيَّنَ الْمُوصَى لَهُ أَوْ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْوَصِيَّةِ لِلْفُقَرَاءِ وَالْوَقْفِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ تَبْطُلُ بِالرَّدِّ فَلَهُ اخْتِيَارٌ فِيهَا كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالْمِيرَاث قهري فالشبه بِالْبيعِ اقوى وَالْجَوَاب عَن الثَّانِي مَنْعُ الْحَصْرِ أَنْ يَكُونَ مَوْقُوفًا لَيْسَ على ملك أحد والجوأب عَن الثَّالِث الْفرق قَبُولُ الْمَحَلِّ لِصُدُورِ الْقَبُولِ بِخِلَافِ الْفُقَرَاءِ وَالْوَقْفِ على الْمَسْجِد

(فرع)

(فَرْعٌ) قَال ابْنُ يُونُسَ تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ لِلصَّدِيقِ الْمُلَاطِفِ بِالثُّلُثِ وَيَمْتَنِعُ بِأَكْثَرَ إِلَّا أَنْ يُجِيزُوهُ وَإِقْرَارُهُ لَهُ بِالدَّيْنِ جَائِزٌ إِنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ وَلَدٍ بِخِلَافِ الْأَبَوَيْنِ وَالزَّوْجَةِ وَالْعَصَبَةِ لِقُوَّةِ التُّهْمَةِ حِينَئِذٍ وَقَال سَحْنُون لَا تَنْفُذُ فِي الثُّلُثِ وَلَا غَيْرهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْهُ وَصِيَّةً فَتَخْرُجُ مِنَ الثُّلُثِ وَالتُّهْمَةُ تَمْنَعُ كَوْنَهُ غَيْر وَصِيَّةٍ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَغْتَرِقُ مَاله بَطل إِقْرَاره للملاطف وَالْوَصِيَّة لَهُ وَالْكَفَالَة عَنهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِقُوَّةِ الدَّيْنِ وَتَقْدِيمِهِ عَلَى الْإِرْثِ وَإِنْ أَقَرَّ لِفُلَانٍ عِنْدَهُ مِائَةَ دِينَارٍ وَالْمُقِرُّ يَرِثُهُ وَلَدُهُ كَانَتْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ لِفَرْطِ الشَّفَقَةِ عَلَى الْوَلَدِ أَوْ كَلَالَةً بَطَلَ إِقْرَارُهُ وَلَوْ صَدَّقَهُ فُلَانٌ أَوْ وَرِثَةُ جَازَ إِقْرَارُهُ أَوْ كَذَّبُوهُ بَطَلَ إِقْرَارُهُ لِقُوَّةِ التُّهْمَةِ بِالتَّكْذِيبِ قَال شَارِحُ الْجَلَّابِ تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ لِلْمُلَاطِفِ بِشَرْطَيْنِ عَدَمُ الدَّيْنِ لِأَجْنَبِيٍّ وَأَنْ يَرِثَهُ بَنُوهُ الذُّكُورُ أَوِ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ فَمَتَى فَقَدَ أَحَدَهُمَا بَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ لِلتُّهْمَةِ وَإِذَا وَرِثَهُ إِنَاثٌ أَوْ إِنَاثٌ وَعَصَبَةٌ أَوْ أَبُوهُ اخْتَلَفَ الْجَوَابُ والسقوط أبطل الْقَاسِمُ الْإِقْرَارَ إِنْ وَرِثَهُ أَبَوَاهُ أَوِ الْعَصَبَةُ وَاخْتُلِفَ إِذَا بَطَلَ مَعَ الْعَصَبَةِ هَلْ يَجُوزُ إِذَا حَمَلَ ذَلِكَ الثُّلُثُ لِأَنَّهُ لَوْ شَاءَ جَعَلَهُ وَصِيَّةً أَوْ يُرَدُّ لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ الثُّلُثَ وَحَيْثُ أَبْطَلْنَا الْإِقْرَارَ إِنْ صَحَّ صِحَّةً بَيِّنَةً ثُمَّ مَاتَ ثَبَتَ الْإِقْرَارُ لِأَنَّهُ لَمْ يُخْرِجْهُ مَخْرَجَ الْوَصِيَّةِ وَإِذَا صَحَّ انْتَقَلَ إِلَى رَأْسِ الْمَالِ قَال الطُّرْطُوشِيُّ الْإِقْرَارُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ لِلْوَارِثِ بِالدَّيْنِ يَصِحُّ إِنْ لَمْ يُتَّهَمْ وَإِلَّا فَلَا كَمَا لَوْ وَرِثَهُ ابْنُهُ وَابْن عَم فَأقر لَهُ صَحَّ أَولهَا فَلَا لِلتُّهْمَةِ فِي الْإِزْوَاءِ عَنْهُ وَقَال ح يَمْتَنِعُ إِقْرَارُهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَلَا يَصِحُّ وَعِنْدَ ش قَولَانِ يَصح فِي الْمَوْضِعَيْنِ يَبْطُلُ فِيهِمَا نَظَرًا إِلَى أَنَّ الْمَرَضَ هَلْ يُؤَثِّرُ فِي الْإِقْرَارِ وَيَجْعَلُهُ كَالْإِنْشَاءِ أَمْ هُوَ كَحال الصِّحَّةِ وَنَحْنُ نَعْتَبِرُ مَعَ ذَلِكَ قُوَّةَ التُّهْمَةِ قِيَاسًا عَلَى الشَّهَادَةِ وَلِأَنَّ الْمَرَضَ حَالَةٌ

تَمْنَعُ التَّبَرُّعَ فَتُؤَثِّرُ فِي الْإِقْرَارِ كَالْجُنُونِ وَالصِّبَا أَوْ نَقُولُ مُوجِبُ الْمَالِ لِوَارِثٍ لَا يُعْلَمُ إِلَّا مِنْ جِهَتِهِ مَعَ التُّهْمَةِ فَيَبْطُلُ كَالْهِبَةِ وَإِنْ كَانَ هِبَةُ الزَّائِدِ عَلَى الثُّلُثِ لَا يجوز للاجنبي وَيصِح الْإِقْرَار بِهِ فَذَلِك لِقُوَّةِ التُّهْمَةِ هاهُنَا بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ احْتَجُّوا بِقَوْلهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفسكُم} وَشَهَادَة الانسان على نَفسه إِقْرَاره إِذا وَجَبَ عَلَيْهِ الِاعْتِرَافُ وَجَبَ الْعَمَلُ بِهِ عَلَيْنَا قِيَاسًا عَلَى الشَّهَادَةِ وَلِأَنَّهُ يَصِحُّ إِقْرَارُهُ بِالْوَارِثِ فَيَصِحُّ لَهُ كَالصَّحِيحِ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالْوَارِثِ يَتَضَمَّنُ الْإِرْثَ وَالنَّفَقَةَ وَغَيْرهُمَا مِنَ الْمَالِيَّاتِ وَالْإِضْرَارِ بِالْوَرَثَةِ فَالْإِقْرَارُ بِمُجَرَّدِ الْمَالِ أَوْلَى وَلِأَنَّ قَبُولَ الْإِقْرَارِ فِي الْمَرَض أولى من الصِّحَّة لِأَنَّهَا حَال اضطرار للقدوم على الله تَعَالَى فَهِيَ أَحْوَجُ وَأَبْعَدُ عَنِ الْكَذِبِ أَوْ نَقُولُ صَحَّ إِقْرَارُهُ لِلْأَجْنَبِيِّ فَيَصِحُّ لِلْوَارِثِ كَالصَّحِيحِ عَكْسُهُ الْمَجْنُونُ والمحجور وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ لَا نُسَلِّمُ أِنَّ مَا وَجَبَ إِظْهَارُهُ وَجَبَ الْعَمَلُ بِهِ لِأَنَّ الْفَاسِقَ تَجِبُ عَلَيْهِ الشَّهَادَةُ بِمَا يَعْلَمُهُ وَلَا يَجِبُ الْعَمَلُ بِهَا وَكَذَلِكَ السَّفِيهُ وَالْعَبْدُ يُقِرَّانِ بِمَا عَلَيْهِمَا وَالْجَوَاب عَن الثَّانِي أَنَّ الْإِقْرَارَ بِالْوَارِثِ لَا يَجُوزُ مَعَ التُّهْمَةِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ وَلَهُ عَبْدٌ مِنْ بَلَدٍ لَمْ يَدْخُلْهُ السَّيِّدُ فَأَقَرَّ أَنَّهُ وَلَدُهُ لِمَيْلِهِ إِلَيْهِ امْتَنَعَ ثُمَّ الْفَرْقُ بإن الْإِقْرَار بِالنّسَبِ المَال فِيهِ تبع وفاسدة عَظِيمَةٌ عَلَى تَقْدِيرِ كَذِبِهِ مِنْ تَزْوِيجِ الْبَنَاتِ

(فرع)

وَالدُّخُول عَلَيْهِم وَحَجْبِ كَثِيرٍ مِنَ الْوَرَثَةِ وَانْتِشَارِ هَذِهِ الْمَفَاسِدِ إِلَى قيأم السَّاعَة فتضعف التُّهْمَة فِيهِ وَالْجَوَاب عَن الثَّالِثِ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ مَزِيدِ حَاجَتِهِ لِلْإِقْرَارِ قَبُولُنَا نَحْنُ لَهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْفَاسِق والمحجور وَالْجَوَاب عَن الرَّابِعِ نَقُولُ بِمُوجِبِهِ حَيْثُ لَا تُهْمَةَ كَمَا فِي حَدِّ الْقَذْفِ ثُمَّ الْفَرْقُ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ تَجُوزُ هِبَتُهُ لَهُ فِي الثُّلُثِ بِخِلَافِ الْوَارِثِ (فَرْعٌ) قَال صَاحِب الْمُقَدِّمَات الْوَصِيَّةُ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ أَحَدُهَا مَا يَجِبُ تَنْفِيذُهُ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ مَا فِيهِ قربَة وَفِي تَرْكِهِ حَرَجٌ كَالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَاتِ أَوْ مَثُوبَةٌ بِلَا حَرَجٍ كَالصَّدَقَةِ وَمَا يُخْتَلَفُ فِي كَوْنِهِ قُرْبَةً وَثَانِيهَا مَا يَحْرُمُ تَنْفِيذُهُ كَالْمُحَرَّمَاتِ وَثَالِثُهَا مَا يُخْتَلَفُ فِي وُجُوبِ تَنْفِيذِهِ وَهُوَ نَوْعَانِ مَا يُخْتَلَفُ فِي كَوْنِهِ قُرْبَةً عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرَاهُ كَالْوَصِيَّةِ بِالْحَجِّ أَوْجَبَ مَالِك وَأَكْثَرُ أَصْحَابِهِ التَّنْفِيذَ وَلَمْ يُوجِبْهُ ابْنُ كِنَانَةَ وَالنَّوْعُ الثَّانِي أَنْ يُوصِيَ بِمَا لَا قُرْبَةَ فِيهِ كَالْوَصِيَّةِ بِبَيْعِ مِلْكٍ قَال وَانْظُرْ هَلْ يَأْتِي عَلَى هَذَا اخْتِلَافُهُمْ فِي الْوَصِيَّةِ بِسَرَفٍ فِي الإتفاق وَالْحَنُوطِ فَقَدْ جَعَلَهُ سَحْنُون مِنَ الثُّلُثِ وَأَبْطَلَهُ مَالِك وَابْنُ الْقَاسِمِ وَرَابِعُهَا مَا لَا يَلْزَمُ تَنْفِيذُهُ وَهُوَ نَوْعَانِ الْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ وَمَا زَادَ على الثُّلُث وخامسها لَا يَنْبَغِي تَنْفِيذُهُ وَهُوَ الْوَصِيَّةُ بِالْمَكْرُوهِ كَاللَّهْوِ فِي عرس مِمَّا يستخف يَنْعَدِم تَنْفِيذُهُ مَعَ جَوَازِ تَنْفِيذِهِ

(القسم الثاني من الوصية)

(الْقسم الثَّانِي من الْوَصِيَّة) فِيمَا يُفِيد ولَايَة التَّصَرُّف للْغَيْر وَفِيه بَابَانِ (الْبَاب الأول فِي أَرْكَانِهِ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ) الرُّكْنُ الْأَوَّلُ الْمُوصِي وَفِي الْجَوَاهِر هُوَ كُلُّ مَنْ كَانَتْ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى التَّصَرُّفِ عَلَى الْمِلْكِ أَوِ الْأَطْفَالِ كَالْأَبِ وَالْوَصِيِّ دُونَ الْأُمِّ وَرُوِيَ تَصْحِيحُهَا فِي الْيَسِيرِ كَالْخَمْسِينَ دِينَارًا أَوْ نَحْوِهَا قَال ابْنُ الْقَاسِمِ وَذَلِكَ من مَالك اسْتِحْسَان وَلَيْسَ بِقِيَاسٍ قَال وَذَلِكَ عِنْدِي فِيمَنْ لَيْسَ لَهُ أَبٌ وَلَا وَصِيٌّ وَمَنَعَهَا أَشْهَب لِعَدَمِ الْوِلَايَةِ فِي الْحَيَاةِ الَّتِي تُسْتَفَادُ مِنْهَا الْوِلَايَةُ بَعْدَ الْوَفَاةِ لِلْغَيْر وَفِي الْكِتَابِ لِلْمَرْأَةِ أَنْ توصي فِي مَا لَهَا وَإِنْفَاذِ وَصَايَاهَا وَوَفَاءِ دُيُونِهَا قِيَاسًا عَلَى الرَّجُلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا دَيْنٌ فَلَا تُوصِي بِمَال وَلَدهَا الْأَطْفَالِ لِعَدَمِ الْوِلَايَةِ لَهَا فِي الْحَيَاةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ وَصِيَّةَ الْأَبِ وَإِلَّا امْتَنَعَ إِذَا كَانَ الْمَالُ كَثِيرًا وَيَنْظُرُ فِيهِ الْإِمَامُ وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا نَحْوَ سِتِّينَ فَيَجُوزُ فِيمَنْ لَا أَبَ لَهُمْ وَلَا وَصِيَّ نَظَائِرُ قَال الْعَبْدِيُّ مَسَائِلُ الْخَمْسِينَ إِلَى السِّتِّينَ خَمْسٌ الْحِيَازَةُ عَلَى الْأَقَارِبِ وَاخْتُلِفَ فِي إِلْحَاقِ الْأَصْهَارِ وَالْمَوَالِي بِهِمْ وَتَعْنِيسِ الْبِنْتِ وَقِيلَ أَرْبَعُونَ وَقِيلَ ثَلَاثُونَ وَالْأَرْبَعُونَ إِلَى الْخَمْسِينَ قِرَاضًا فِيهَا النَّفَقَةُ وَالْكُسْوَةُ

(فرع)

وَكَذَلِكَ الْبِضَاعَةُ وَالْخَمْسُونَ ثَمَنُ الرَّابِعَةِ وَوَصِيَّةُ الْأُمِّ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ لَا تَجُوزُ وَصِيَّةُ الْجَدِّ وَالْأَخِ لِعَدَمِ الْوِلَايَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَب وَلَا وَصِيّ وَإِن قَالَ الْمَالُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ وَصِيًّا بِخِلَافِ الْأُمِّ وَقَال ش الْجَدُّ كَالْأَبِ لِانْدِرَاجِهِ فِي آيَةِ الْمِيرَاثِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدس} وَتَحْرِيمُ الْمُصَاهَرَةِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} وَالْجَوَابُ لَا نِزَاعَ أَنَّهُ أَخْفَضُ رُتْبَةً مِنْهُ فِي الْحَجْبِ لِأَنَّهُ لَا يَحْجُبُ الْإِخْوَةَ الْأَشِقَّاءَ وَالْأَبُ يَحْجُبُهُمْ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْوِلَايَةِ عَلَى الْغَيْر خَالَفنَا الأَصْل بِالْأَبِ الَّذِي هُوَ اعلا رُتْبَةً وَأَتَمَّ شَفَقَةً فَيَبْقَى فِيمَا عَدَاهُ عَلَى وَفْقِ الْأَصْلِ وَلَيْسَ فِي الْجَدِّ نَصٌّ فَيُتَّبَعَ وَالْقِيَاسُ لِهَذَا الْفَارِقِ مُنْدِفِعٌ وَمَنَعَ ش نُفُوذَ وَصِيَّةِ الْأُمِّ وَالْأَبِ الْفَاسِقِ الرُّكْن الثَّانِي الْوَصِيُّ وَفِي الْجَوَاهِر شُرُوطُهُ أَرْبَعَةٌ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ التَّكْلِيفُ فَلَا تصح الْوَصِيَّة لِلْمَجْنُونِ وَلِلصَّبِيِّ لِعَدَمِ الْأَهْلِيَّةِ لِتَحْصِيلِ مَصَالِحِ هَذِهِ الْوِلَايَةِ وَكُلُّ مَسْلُوبِ الْأَهْلِيَّةِ فِي وِلَايَةٍ لَا تَنْعَقِدُ لَهُ الشَّرْطُ الثَّانِي الْإِسْلَامُ فَيُعْزَلُ الْكَافِرُ وَلَو ولي إِن كَانَ ذِمِّيا خلافًا لح لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} وَهِي ضيغة حَصْرٍ فَلَا يَتَوَلَّى الْمُسْلِمُ غَيْر مُسْلِمٍ قَال ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ قَدْ مَنَعَ مَالِك الْمَسْخُوطَ وَالذِّمِّيُّ أَوْلَى وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِلَّا أَنْ يَرَى الْإِمَامُ لِذَلِكَ وَجْهًا وَعَنْ مَالِك كَرَاهَةُ الْيَهُودِيِّ أَوِ النَّصْرَانِيِّ وَالْجَوَازُ أَيْضًا إِنْ كَانَ قَرِيبا كَالْأَبِ وَالْأَخ

وَالْخَال الْمولى وَالزَّوْجَةِ وَمَنْ يُرَى لَهُ حُسْنُ النَّظَرِ لِلْوَلَدِ مِنْ أَقَارِبِهِ أَوْ أَوْلِيَائِهِ وَيُجْعَلُ مَعَهُ غَيْرهُ وَيَكُونُ الْمَالُ بِيَدِ الْمَجْعُولِ مَعَهُ بِخِلَافِ أَبَاعِدِ الْقَرَابَةِ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْوَصِيَّةِ ضَبْطُ الْمَصْلَحَةِ الْمُوَلَّى عَلَيْهَا فَالْوَصِيُّ كَالْوَكِيلِ وَتَجُوزُ وَكَالَةُ الْكَافِرِ اتِّفَاقًا غَيْر أَنَّ الْمُوصِيَ مَفْقُودٌ لَا يَتَعَقَّبُ مَنْ وَلَّاهُ بِخِلَافِ الْمُوَكَّلِ فَلِذَلِكَ شُدِّدَ فِي الْوَصِيِّ قَال ابْنُ يُونُسَ تَجُوزُ وَصِيَّةُ الذِّمِّيِّ لِلذِّمِّيِّ مِثْلِهِ قَال مُحَمَّدٌ وَلَا يُوصِي ذِمِّيٌّ لِحَرْبِيٍّ وَلَوْ كَانَ مُسْتَأْمَنًا قَالهُ أَشْهَب وَلَوْ أَوْصَى الْحَرْبِيُّ لِلْمُسْتَأْمَنِ جَازَ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْهُ وَتَجُوزُ وَصِيَّةُ الْحَرْبِيِّ وَالذِّمِّيِّ لِلْمُسْلِمِ الشَّرْطُ الثَّالِثُ الْعَدَالَةُ وَفِي الْجَوَاهِر فِي الْكِتَابِ لَا يُوصَى لِمَنْ لَيْسَ بِعَدْلٍ لِأَنَّ الْعَدَالَةَ وَازِعٌ عَنِ الْفَسَادِ فَعَدَمُهَا يُبْطِلُ الْوِلَايَةَ وَقَال ابْنُ حَبِيب تَصِحُّ الوصيل لِلْفَاسِقِ وَيُزِيلُهَا الْحَاكِمُ مِنْهُ فَلَوْ كَانَ عَدْلًا لَأَنْفَذَ تَصَرُّفَهُ قَاعِدَةٌ الْمَصَالِحُ الشَّرْعِيَّةُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ مَا هُوَ فِي مَحَلِّ الضَّرُورَاتِ وَمَا هُوَ فِي مَحَلِّ الْحَاجَاتِ وَمَا هُوَ فِي مَحَلِّ التَّتِمَّاتِ فَالْعَدَالَةُ ضَرُورِيَّةٌ فِي الشَّهَادَاتِ لِعُمُومِ الْبَلْوَى وَعِظَمِ مَفْسَدَةِ شَهَادَةِ الزُّورِ وَفِي مَحَلِّ الْحَاجَاتِ الْوَصِيَّة كحاجة الْإِنْسَانِ لِوُثُوقِهِ بِوَصِيَّهٍ بَعْدَ مَوْتِهِ وَالْفَاسِقُ خَائِنٌ لِرَبِّهِ لِفَسَادِهِ فَلِعِبَادِهِ أَوْلَى وَفِي مَحَلِّ التَّتِمَّاتِ فِي وِلَايَةِ النِّكَاحِ وَهُوَ أَخْفَضُ رُتْبَةً لِأَنَّ وَازِعَ الْقَرَابَةِ يَقُومُ مَقَامَ الْعَدَالَةِ فِي دَفْعِ الْعَار وَالسَّعْي فِي الأضرار لَكِن الْقَرَابَةَ مَعَ الْعَدَالَةِ أَتَمُّ عَلَى الْخِلَافِ فِي ذَلِك وَلَا يشْتَرط فِي الْأَقَارِبِ إِجْمَاعًا لِأَنَّ الْإِقْرَارَ عَلَى خِلَافِ الْوَازِعِ الطَّبِيعِيِّ فَاكْتُفِيَ بِالطَّبْعِ عَنِ الْعَدَالَةِ فَإِنَّ الْإِنْسَان مَحْمُول على جلب النَّفْع لنَفسِهِ وَدفع الضَّرَر عَنْهَا فَلَا يَعْدِلُ عَنْ ذَلِكَ إِلَّا لِمَا هُوَ حَقٌّ فِي ظَاهِرِ الْحَالِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُ هَذِهِ الْقَوَاعِدِ فِي الْقِيَاسِ مِنْ مُقَدِّمَةِ الْكِتَابِ

فرع

(فَرْعٌ) قَالَ مُحَمَّد بن يُونُسَ قَال مُحَمَّدٌ لَا يُوصَى لِمَأْبُونٍ لِأَنَّ الْأُبْنَةَ دَاءٌ فِي الدُّبُرِ يُشْعِرُ بِسُوءِ الْحَالِ وَجَوَّزَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَب الْمَحْدُودَ فِي الْقَذْفِ إِذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ فَلْتَةً وَهُوَ مَرْضِيُّ الْحَالِ وَكَانَ يَوْمَ حُدَّ غَيْر مَسْخُوطٍ فَإِنَّ السِّبَابَ رُبَّمَا صَدَرَ مِنَ الْعُدُولِ وَالصُّلَحَاءِ نَادِرًا وَلَا يُخِلُّ ذَلِكَ بِحَالِهِمْ فِي الْعَدَالَةِ بِخِلَافِ الزِّنَا وَغَيْرهِ لَا يُقْدِمُ عَلَيْهِ إِلَّا السِّفْلَةُ إِلَّا أَن يَتُوب وتحسن حَاله (فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيّ إِذا وصّى غَيْر عَدْلٍ فَادَّعَى ضَيَاعَ الْمَالِ لَمْ يُصَدَّقْ إِذَا كَانَ غَيْر مَأْمُونٍ وَالْوَصِيَّةُ لِغَيْر الْعَدْلِ تَجُوزُ بِمَا يَخُصُّ الْمَيِّتَ كَالْوَكَالَةِ نَحْوُ الْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ أَوِ الْعِتْقِ أَوْ بِشَيْءٍ فِي السَّبِيلِ (فَرْعٌ) قَال إِذَا لَمْ يَكُنِ الْوَصِيُّ وَارِثًا لَمْ يَكْشِفِ الْوَرَثَةُ عَنْ شَيْءٍ إِلَّا فِيمَا يَبْقَى لِلْوَرَثَةِ مَنْفَعَتُهُ مِثْلِ وَلَاءِ الْعِتْقِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَصِيُّ سَفِيهًا سَارِقًا فَيُكْشَفُ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ فَرُبَّ وَصِيٍّ لَا يُنْفِذُ مِنَ الْوَصِيَّةِ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ الْوَصِيُّ وَارِثًا فَلِبَاقِي الْوَرَثَةِ الْكَشْفُ عَنْهُ لِاحْتِمَالِ الْإِزْوَاءِ لِنَفْسِهِ فَتَكُونُ وَصِيَّة لوَارث الشَّرْط الرّبع فِي الْجَوَاهِر الْكِفَايَةُ وَالْهِدَايَةُ فِي التَّصَرُّفِ دُونَ الذُّكُورَةِ وَالْحُرِّيَّةِ لِأَنَّ الْجَاهِلَ بِتَنْمِيَةِ الْأَمْوَالِ وَتَفَاصِيلِ أَحْوَالِ النَّاسِ رُبَّمَا أَفْسَدَ أَكْثَرَ مِمَّا يُصْلِحُ وَقَدْ يَكُونُ الْإِنْسَانُ يَصْلُحُ لِقَضَاءِ الْإِقْلِيمِ وَهِدَايَةِ أَهله بالفتيا وَهُوَ لَا

يصلح للتصرق فِي يسير المَال وَلَا كَثِيره فَلَا يغتر بظاهرة حَتَّى تثبت أَهْلِيَّتُهُ قَال اللَّخْمِي يَجُوزُ لِلْعَبْدِ الْمَأْمُونِ الْكَافِي كَانَ مِلْكًا لِلْمَيِّتِ أَوْ لِغَيْرهِ إِذَا رَضِيَ سَيِّدُهُ وَلَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ السَّيِّدُ عَلَى مَا فِي يَدَيْهِ لِأَنَّهُ صَحِيحُ التَّصَرُّفِ وَإِنَّمَا حَجَرَ عَلَيْهِ لِأَجْلِ سَيِّدِهِ فَإِذَا أَذِنَ سَقَطَ حَقُّهُ قَال أَشْهَب إِنْ سَافَرَ سَيِّدُهُ أَوْ مُشْتَرِيهِ جَعَلَ الْإِمَامُ وَصِيًّا غَيْرهُ وَالْمَعْرُوفُ مِنْ قَوْلهِ إِن للْعَبد أَن يُقيم مقَامه فَلَا يجد وَإِذَا أَوْصَى بِبَنِيهِ الصِّغَارِ لِعَبْدِهِ فَطَلَبَ الْكِبَارُ أَنْصِبَائَهُمْ مِنَ الْغُلَامِ خَاصَّةً جَازَ وَبَقِيَ الْغُلَامُ على حَاله أَو بيع الْجَمِيع خشيَة النجش بِالتُّجَّارِ جَازَ عِنْدَ مَالِك إِلَّا أَنْ يَرَى أَنَّ أَخْذَ بَقِيَّتِهِ حَسَنٌ نَظَرًا لِلْأَيْتَامِ أَوْ يَدْفَعَ لِلشُّرَكَاءِ بِقَدْرِ ذَلِكَ الْبَخْسِ فَلَا تُبَاعُ عَلَى الصِّغَارِ أَنْصِبَاؤُهُمْ لِأَنَّهُ مَالُهُمْ أَصْلَحُ لَهُمْ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا أَرَادَ الْأَكَابِرُ بَيْعَ نَصِيبِهِمْ اشْتُرِيَ لِلْأَصَاغِرِ إِنْ كَانَ لَهُمْ مَالٌ يَحْمِلُ ذَلِكَ وَإِلَّا إِنْ أَضَرَّ بِهِمْ بَيْعُهُ بَاعَ الْأَكَابِرُ حِصَّتَهُمْ خَاصَّةً إِلَّا أَنْ يَضُرَّ ذَلِكَ بِالْأَكَابِرِ فَيُقْضَى عَلَى الْأَصَاغِرِ هُنَا لِلضَّرَرِ وَقَال صَاحِب النُّكَتِ قَال بَعْضُ الشُّيُوخِ إِذَا بِيعَ كَمَا قَال فِي الْكِتَابِ انْفَسَخَتْ وَصِيَّتُهُ فِي الْبَيْعِ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ مَصَالِحِ الْوَصِيَّةِ وَفِي مُخْتَصر حميدس لِمُشْتَرِيهِ فَسْخُ الْوَصِيَّةِ إِنْ كَانَتْ تَشْغَلُهُ وَتَضُرُّ بِهِ قَال وَفِيهِ نَظَرٌ وَفِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيب إِذَا بِيعَ جَمِيعُهُ انْفَسَخَتِ الْوَصِيَّةُ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَوْصَى لَهُ بِنَاءً عَلَى بَقَائِهِ عَلَى ملكه قَالَ صَاحب البيلن قَال مَالِك إِذَا أَوْصَى لِعَبْدِهِ فَأَرَادَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ بَيْعَ نَصِيبِهِ أُعْطِيَ نَصِيبَهُ مِنْ مَالِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِمْ بِقِيمَةِ الْعَدْلِ لِيَخْلُصَ لَهُمْ كَمَا لَو أوصى بِعِتْقِهِ فَإِنْ كَانَ فِي التَّقْوِيمِ عَلَى الْأَصَاغِرِ ضَرَرٌ أَوْ لَيْسَ لَهُمْ مَالٌ بِيعَ نَصِيبُ الْأَكَابِرِ وَبَقِيَ نَصِيبُ الْأَصَاغِرِ يُنْظَرُ لَهُمْ فِي آبَائِهِمْ فَإِنْ كَانَ عَلَى الْأَكَابِرِ ضَرَرٌ فِي التَّقْوِيمِ على

الْأَصَاغِرِ يُبَاعُ وَتُفْسَخُ الْوَصِيَّةُ وَقَال سَحْنُون إِنَّمَا يَكُونُ الْعَبْدُ وَصِيًّا عَلَيْهِمْ إِذَا اسْتَوَتْ كُلْفَتُهُمْ أَمَّا أَحَدُهُمْ لَهُ مَالٌ دُونَ غَيْرهِ فَلَا لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ عَلَى قَدْرِ الْأَمْلَاكِ قَال سَحْنُون وَإِذَا كَانَ فِيهِمْ كَبِيرٌ فَهِيَ وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ إِنْ أَجَازَهَا الْكِبَارُ وَإِلَّا بَطَلَتْ وَقَوْل مَالِك أَصَحُّ إِذَا قُلْنَا إِنَّهُ إِنَّمَا يُحْرَمُ الْأَصَاغِرُ فِي آبَائِهِمْ قَال ابْنُ كِنَانَةَ إِنْ وَافَقَ الْأَكَابِرُ عَلَى عَدَمِ اشْتِمَالِهِ عَلَى الْأَصَاغِرِ وَإِلَّا اشْتُرِيَ لِلْأَصَاغِرِ نَصِيبُ الْأَكَابِرِ تَنْفِيذًا لِلْوَصِيَّةِ قَال أَشْهَب تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ لِلْمُكَاتَبِ وَالْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُعْتَقِ بَعْضُهُ وَالْمُعْتَقِ إِلَى أَجَلٍ وَمَنَعَ سَحْنُون الْمُعْتَقَ إِلَى أَجَلٍ إِلَّا أَنْ يَرْضَى الْأَكَابِرُ لِأَنَّهُ يَشْتَغِلُ عَلَى خِدْمَتِهِمْ قَال أَشْهَب وَإِذَا أَوْصَى لِعَبْدِ غَيْرهِ وَأَجَازَهُ السَّيِّدُ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ وَقَال ح تُوقَفُ الْوَصِيَّةُ لِعَبْدِ الْغَيْر عَلَى إِذْنِ سَيِّدِهِ كَمَا قُلْنَا وَأَمَّا عَبْدُ نَفْسِهِ وَفِي الْوَرَثَةِ كَبِيرٌ يَلِي نَفْسَهُ لَمْ يَصِحَّ وَالْأَصَحُّ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى الْحُرِّ بِجَامِعِ الْعَدَالَةِ وَحُسْنِ النَّظَرِ فِي نحصيل الْمصلحَة وَقِيَاسًا على الْوكَالَة لَا يُلْزَمُ الْكَافِرُ لِأَنَّ نَظَرَهُ عَامٌّ فِي تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَغَيْرهِ مِنْ آدَابِ الْبَدَنِ وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ مِنَ الْكَافِرِ احْتَجُّوا بِالْقِيَاسِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَبِقَوْلهِ تَعَالَى {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يقدر على شَيْء} فَلَا يَقْدِرُ عَلَى التَّصَرُّفِ الْخَاصِّ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ شَهَادَتَهُ لَهُ مَظِنَّةُ التُّهْمَةِ وَعَنِ الثَّانِي إِن المُرَاد ضرب الْمثل للْكفَّار بإن الاصنام ملكتهم وَهُوَ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ فَالْعَبْدُ يَقْدِرُ عَلَى الْخدمَة اجماعاً الرُّكْن الثَّالِث الْمُوصَى بِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ التَّصَرُّفُ الْمَالِيُّ فِي قَضَاءِ الدُّيُونِ وَتَفْرِيقِ الثُّلُثِ وصغار الْوَلَد بِالْولَايَةِ عَلَيْهِم وينكاح كِبَارِ وَلَدِهِ وَمَنَعَ ش تَصَرُّفَ الْوَصِيِّ فِي إِنْكَاحِ الْبَنَاتِ لِأَنَّ الْأَبَ جُعِلَتْ لَهُ الْوِلَايَةُ حَالَة الْحَيَاة

لِمَعْنًى فِيهِ وَهُوَ مَزِيدُ الشَّفَقَةِ فَإِنْ مَاتَ انْقَطَعَتْ وِلَايَتُهُ فَلَا حَقَّ لَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ يُوصِي فِيهِ بِخِلَافِ ثُلُثِهِ وَالنَّظَرِ الْمَالِيِّ لَنَا أَنه حق كَانَ لَهُ حَال الْحَيَاة فيوصي بِهِ بعد المماة قِيَاسًا عَلَى الْمَالِ وَعَلَى الْوَكَالَةِ فِيهَا حَالَةَ الْحَيَاة الرُّكْن الرَّابِع الصِّيغَة وَفِي الْجَوَاهِر هِيَ الصِّيغَةُ الدَّالَّةُ عَلَى تَفْوِيضِ الْأَمْرِ إِلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ نَحْوُ وَصَّيْتُ إِلَيْكَ وفوضت إِلَيْك أَمر أَمْوَالِي وأولادي واسندت أَمْرَهُمْ إِلَيْكَ أَوْ أَقَمْتُكَ مَقَامِي وَنَحْوِ ذَلِكَ وَإِطْلَاقُ لَفْظِ الْوَصِيَّةِ يَتَنَاوَلُ النَّوْعَيْنِ وَجَمِيعَ الْحُقُوقِ وَالتَّخْصِيصُ يَقْتَضِي الِاقْتِصَارَ عَلَى الْمَذْكُورِ وَأَمَّا إِنْ أَوْصَى بِنَوْعٍ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ مَقْصُورٌ عَلَيْهِ بَلْ سَكَتَ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ التَّخْصِيصَ بِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْمَنْعُ حَتَّى يَتَّفِقَ الْإذِنُ وَقَالهُ ش وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِذَا قَال أَنْت وَصِيّ فِي هَذَا لِأَحَدِ النَّوْعَيْنِ أَوْ لِشَيْءٍ مِمَّا يَدْخُلُ تَحْتَ أَحَدِهِمَا فَهُوَ وَصِيَّةٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ كَمَا لَوْ أَطْلَقَ أَمَّا لَوْ أَوْصَى لِأَحَدِ وَصِيَّيْنِ بِأَمْرٍ خَاصٍّ نَحْوِ قَضَاءِ الدَّيْنِ وَلِآخَرَ بِأَمْرٍ خَاصٍّ نَحْوِ النَّظَرِ فِي أُمِّ وَلَده فَلَيْسَ لأَحَدهمَا النّظر فِيمَا جعل اللآخر اتِّفَاقًا لِأَنَّ أَحَدَ الشَّخْصَيْنِ قَدْ يَصْلُحُ لِمَا جُعِلَ لَهُ دُونَ غَيْرهِ وَقَدْ عُيِّنَ غَيْرهُ لِغَيْر مَا عُيِّنَ لَهُ فَكَانَ كَالْعَزْلِ عَنْهُ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ وَقَال ح إِذَا أَوْصَى بِمَخْصُوصٍ عَمَّ وَلَوْ نَهَاهُ عَنْ غَيْرهِ وَلَوْ عَيَّنَ لِوَصِيَّيْنِ كُلِّ وَاحِدٍ نَوْعًا لِكُلِّ وَاحِدٍ التَّصَرُّفُ الْعَام فِيمَا بَين صحابه وَغَيْرهِ وَلَوْ وَصَّاهُ بِدَيْنِ بَعْضِ الْأَوْلَادِ عَمَّ نظره الْأَوْلَاد وَلَا نَص فَإِنَّهُ لَوْ وَصَّى بِرَدِّ الْوَدَائِعِ وَالْغُصُوبِ وَالْعَوَارِيِّ اخْتَصَّ وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ هَلْ هِيَ وَكَالَةٌ تَقْبَلُ التَّجْزِئَةَ أَوْ خِلَافَةٌ وَوِلَايَةٌ فَلَا تتجزأ

لَنَا قَوْله تَعَالَى {فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذين يبدلونه} وَقِيَاسًا على الوكاله فِي الْحَيَاة لِأَنَّهُ يَمْلِكُ التَّزْوِيجَ بِالْوَصِيَّةِ وَلَا يَمْلِكُ بِالْخِلَافَةِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا وَكَالَةٌ لَا خِلَافَةٌ وَإِمَامَةٌ وَقِيَاسًا على ولَايَة الحكم إِذَا خُصِّصَتِ اخْتُصَّتْ احْتَجُّوا عَلَى أَنَّهَا وِلَايَةٌ لَا نيأبة إِن النيأبة تخْتَص بِمَا يملكهُ المستنيب فَكيف لَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ وَلِهَذَا إِذَا جُنَّ الْمُوكِّلُ بَطَلَتِ الْوَكَالَةُ لِعَدَمِ أَهْلِيَّةِ الْمُوَكِّلِ وَلِأَنَّ الْوَكَالَةَ لَا تُعْتَبَرُ فِيهَا الْعَدَالَةُ بِخِلَافِهَا فَتَكُونُ وِلَايَةً لَا نِيَابَةً وَلِأَنَّ الْوَصِيَّ يَتَعَذَّرُ عَزْلُهُ إِلَّا بِالْخِيَانَةِ وَالْوَكِيلُ يُعْزَلُ مُطْلَقًا وَلَوْ جُنَّ الْوَصِيُّ لَا يَنْعَزِلُ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ وَلِأَنَّهَا لَا تَثْبُتُ إِلَّا عَلَى عَاجِزٍ بِخِلَافِ الْوَكَالَةِ وَلِأَنَّهُ يَمْلِكُ أَنْ يُوَكِّلَ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ وَلِأَنَّ الشَّرْعَ لَوْ نَصَّ عَلَى شَيْءٍ وَسَكَتَ عَمَّا عَدَاهُ عَمَّ فَكَذَلِك هَاهُنَا وَلِأَنَّهُ تصوف بِولَايَة فَلَا تخْتَص كَالْأَبِ وَلِأَنَّهُ يُسْتَفَادُ مِنَ الْمَوْتِ فَلَا يَتَجَزَّأُ كَالْمِيرَاثِ وَلِأَنَّ قَوْلهُ أَنْتَ وَصِيِّي يَعُمُّ فَقَوْلهُ فِي قَضَاءِ دَيْنِي تَأْكِيدٌ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمَوْتَ لَا يُنَافِي صِحَّةَ الْإِذْنِ وَنُفُوذَ التَّصَرُّفِ كَقَوْلهِ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي إِنْ دَخَلْتَ الدَّارَ يُعْتَقُ وَالْفِقْهُ أَنَّ التَّصَرُّفَ الْمُعَلَّقَ قَبْلَ الْمَوْتِ لَا يُنَافِيهِ الْمَوْتُ بِخِلَافِ الْمُعَلَّقِ عَلَى الْحَيَاةِ وَلَا تَزُولُ وِلَايَةُ الْمَيِّتِ إِلَّا فِيمَا لَمْ يَسْتَبِقْهِ أَمَّا مَا اسْتَبْقَاهُ فَلَا وَإِنْ قَال اعْتِقُوا عَنِّي هَذَا بَقِيَ عَلَى مِلْكِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ حَتَّى يُعْتَقَ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهَا ثَابِتَةٌ فِي حَقِّ الْغَيْر وَالنِّيَابَةُ فِي حَقِّ الْغَيْر تُشْتَرَطُ فِيهَا الْعَدَالَةُ وَعَنِ الثَّالِثِ إِنَّه تَبْطُلُ بِالْقَاضِي يُعْزَلُ بِغَيْر جِنَايَةٍ ثُمَّ الْفَرْقُ أَن الْمَيِّت يتَعَذَّر مِنْهُ الْعَزْل بِخِلَاف الْمَوْت الرُّكْن الرَّابِعُ أَنَّ الْوَصِيَّ لَيْسَ نَائِبًا عَنِ الطِّفْلِ وَالْوكَالَة تكون عَن الْعَاجِز

(فرع)

والجماد وَعَنِ الْخَامِسِ أَنَّ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَ فِيمَا لَا يَتَوَلَّاهُ بِنَفْسِهِ وَهَاهُنَا هُوَ عَاجِزٌ بَعْدَ الْمَوْتِ فَيُوصِي وَعَنِ السَّادِسِ أَنَّ الشَّرْعَ إِذَا نَهَى عَنْ شَيْءٍ لَا يَنْدَرِجُ فِيمَا أَذِنَ فِيهِ وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ هَاهُنَا فَحَدِيثُ الشَّرْعِ حُجَّةٌ عَلَيْكُمْ وَعَنِ السَّابِعِ أَنَّ تَصَرُّفَ الْأَبِ بِالْوِلَايَةِ وَشَأْنُهَا عَدَمُ الِاخْتِصَاصِ كَالْخِلَافَةِ وَالْإِمَامَةِ الْعُظْمَى وَالْوَصِيَّةُ ولَايَة خَاصَّة تَخْصِيص فِيهِ كَصِيغَةِ الْإِطْلَاقِ فِي الْوَصِيَّةِ وَالنِّزَاعِ فِي التَّخْصِيص وَعَن السَّابِع أَنَّهُ لَوْ قَال أَنْتَ وَصِيِّي فِي كَذَا وَلَسْتَ وَصِيِّي فِي كَذَا ثُمَّ يَنْتَقِضُ ذَلِكَ بِالْوَكَالَةِ فَإِنَّهَا لَا تُعْلَمُ مَعَ وُجُودِ غَيْر مَا ذَكَرْتُمُوهُ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ فُلَانٌ وَصِيِّي عَلَى كَذَا لِشَيْءٍ عَيَّنَهُ اخْتَصَّ بِمَا سَمَّاهُ أَوْ عَلَى قَبْضِ دُيُونِي وَبَيْعِ تَرِكَتِي أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ لَا يُزَوِّجَ بَنَاتِهِ حَتَّى يَرْفَعَ لِلسُّلْطَانِ فَإِنْ لَمْ يَرْفَعْ رَجَوْتُ أَنْ يَجُوزَ وَلَوْ قَال فُلَانٌ وَصِيِّي حَتَّى يَقْدَمَ فُلَانٌ فَيَكُونَ وَصِيِّي جَازَ قَال صَاحِب النُّكَتِ إِنْ قَدِمَ فَلَمْ يَرْضَ أَوْ مَاتَ فِي غَيْبَتِهِ بَقِيَ الْأَوَّلُ عَلَى وَصِيَّتِهِ لِأَنَّهُ مُغَيًّا بِغَايَةٍ لَمْ تَحْصُلْ قَال التُّونُسِيُّ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فِي الْمَوْتِ أَمَّا إِنْ قَدِمَ فَلَمْ يَقْبَلْ فَظَاهِرُ الْأَمر سُقُوط الْوَصِيَّة لايقافه عَلَى الْغَيْبَةِ وَقَدْ قَدِمَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَفْهُومُ إِذَا قَدِمَ وَقَبِلَ قَال اللَّخْمِي قَال أَشْهَب إِذَا مَاتَ فِي غَيْبَتِهِ لَا وَصِيَّةَ

لِلْحَاضِرِ وَيَنْظُرُ السُّلْطَانُ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى فِعْلِ الْمَيِّتِ قَال ابْنُ يُونُسَ إِذَا قَال عَلَى قَبْضِ دُيُونِي وَبَيْعِ تَرِكَتِي قَال أَشْهَب لَهُ أَنْ يُزَوّج وَلَا يُرْفَعُ لِلسُّلْطَانِ لِأَنَّ النَّاسَ إِنَّمَا يَقْصِدُونَ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ التَّنْبِيهَ عَلَى أَصْلِ الْوَصِيَّةِ لَا سِيَّمَا وَهِيَ تَقَعُ فِي الْأَمْرَاضِ وَأَوْقَاتِ الضَّرُورَاتِ المانعه من اسْتِيفَاء الْعبارَات قَال مَالِك لَوْ أَوْصَى بِمِيرَاثِ ابْنَتِهِ فُلَانَةَ الصَّغِيرَة أَن يرفع اليه لَهُ تولى بَعْضهَا وَحسن رَفعه للْإِمَام

(الباب الثاني في الحكام)

(الْبَاب الثَّانِي فِي الْحُكَّام) وَفِي الْكِتَابِ يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُوصِيَ غَيْرهُ عِنْدَ مَوْتِهِ وَيَكُونُ بِمَنْزِلَتِهِ فِي النِّكَاحِ وَغَيْرهِ وَقَالهُ ح وَقَال ش لَيْسَ لَهُ أَنْ يُوصِيَ كَمَا لَا يُوكِلُ الْوَكِيلُ وَلَا يُودِعُ الْمُودَعُ وَلَا يُقَارِضُ الْمُقَارِضُ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمَفْرُوضَ فِي هَذِه الصُّور لم يوص بِغَيْر الْأَوَّلِ وَفِي الْوَصِيَّةِ فَوَّضَ إِلَيْهِ مُطْلَقًا ثُمَّ الْفَرْقُ أَنَّ فِي تِلْكَ الصُّوَرِ أَنَّ الْمُفَوَّضَ حَيٌّ يُمْكِنُهُ نِيَابَةُ الْغَيْر بِحُسْنِ نَظَرِهِ فَلَا ينفذهُ نَظَرُ غَيْرهِ وَهُوَ هَاهُنَا مَيِّتٌ عَدِيمُ النَّظَرِ فَلَوْ لَمْ يَثْبُتْ نَظَرُ الْمُوصَى مِنْ قِبَلِهِ لَضَاعَتِ الْمَصَالِحُ وَلَهُ أَنْ يُقَدِّمَ فِي مَصَالِحِهِ عُمُومًا فَتَكُونُ لَهُ النِّيَابَةُ كَالْإِمَامِ بَلْ هَاهُنَا أَوْلَى لِأَنَّهُ مُوصًى مِنْ جِهَةِ الْمُوصِي قَال يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ فَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً فَأَوْصَى أَحَدُهُمْ عِنْدَ مَوْتِهِ بِمَا أُوصِيَ بِهِ إِلَيْهِ لِغَيْر شَرِيكَيْهِ فِي الْوَصِيَّةِ جَازَ لِمَا تَقَدَّمَ وَأَبَاهُ سَحْنُون لِأَنَّهُ اسْتِقْلَالٌ بِالتَّصَرُّفِ وَمُقْتَضَى الشَّرِكَةِ عَدمه قالر أبن يُونُس قَالَ سَحْنُون لايوصي أَحَدُهُمْ لِأَحَدٍ بَلْ لِلْحَاكِمِ جَعْلُ رَجُلٍ مَعَ الْوَصِيَّيْنِ بَدَلَ الْمَيِّتِ أَوْ يُقِرُّهُمَا مُنْفَرِدَيْنِ

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا قَبِلَ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بَعْدَ مَوْتِهِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ لَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ لِأَنَّ الْمَوْتَ يَمْنَعُ مِنِ اسْتِدْرَاكِ الْمَصْلَحَةِ وَقَاسَهُ ش عَلَى الْوَكِيلِ وَالْفَرْقُ مَا ذَكَرْنَاهُ قَال التُّونُسِيُّ لَهُ الرُّجُوعُ مَا لَمْ يَمُتِ الْمُوصِي وَعَنْ أَشْهَب لَيْسَ لَهُ وَكَأَنَّهُ وَهَبَ مَنَافِعَهُ وَنَظَرَهُ لِلْأَطْفَالِ لِلْبُلُوغِ وَالرُّشْدِ وَالْوَاهِبُ لَا يَرْجِعُ فِي هِبَتِهِ قَال ابْنُ يُونُسَ قَال أَشْهَب إِنْ قَبِلَهَا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي أَوْ صَدَرَ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى رِضَاهُ كَالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ لَزِمَتْهُ وَإِنِ امْتَنَعَ مِنْ قَبُولِهَا فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَمَاتِهِ لَيْسَ لَهُ الْقبُول إِلَّا أَن ينصه السُّلْطَانُ لِحُسْنِ نَظَرِهِ قَال أَصْبَغُ فِي الرَّجُلِ يَجْعَلُهُ السُّلْطَانُ يَنْظُرُ لِلْيَتِيمِ لَيْسَ لَهُ الْعَزْلُ عَزَلَ ذَلِكَ السُّلْطَانُ أَمْ لَا إِلَّا أَنْ يُزِيلَهُ السُّلْطَانُ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ وَخَالَفَهُ أَشْهَب فَإِنَّهَا نِيَابَةٌ وَلَيْسَتْ وَصِيَّةً قَال ابْنُ وَهْب إِذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِوَصِيَّةٍ وَبِمَا هُوَ وَصِيٌّ فِيهِ فَقَبِلَ وَصِيَّتَهُ فِي نَفْسِهِ دُونَ مَا هُوَ وَصِيٌّ فِيهِ لِلْإِمَامِ أَنْ يَلِيَ أَمْرَ الأول لعدم وَصِيّ وَقَالَ أَشهب يَقْبَلُ الْجَمِيعَ أَوْ يَتْرُكُهُ لِأَنَّ الْجَمِيعَ مُتَعَلِّقٌ بِمَنْ وَصَّاهُ قَال اللَّخْمِي لَيْسَ لِلْوَصِيِّ الرُّجُوعُ إِلَّا أَنْ تَطُولَ مُدَّةُ السَّفَهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمِ النَّظَرَ إِلَّا إِلَى الْوَقْتِ الْمُعْتَادِ وَفِي الْجَوَاهِر الْوَصِيَّةُ عَقْدٌ جَائِزٌ قَبْلَ الْمَوْتِ لَا بَعْدَهُ فَلِلْمُوصِي عَزْلُ الْوَصِيِّ وَلِلْوَصِيِّ عَزْلُ نَفْسِهِ بَعْدَ الْقَبُولِ قَبْلَ الْمَوْتِ وَظَاهِرُ إِطْلَاقِ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَابْنِ الْجَلَّابِ مَنْعُهُ مِنَ الرُّجُوعِ بَعْدَ الْقَبُولِ مُطْلَقًا إِلَّا أَنْ يَعْجِزَ أَوْ يَكُونَ لَهُ عُذْرٌ فِي تَرْكِهَا وَقَال ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ لَمْ يَقْبَلْهَا قَبْلَ الْمَوْتِ فَلَهُ الرُّجُوعُ وَخَالَفَهُ أَشْهَب فَإِنِ امْتَنَعَ مِنَ الْقَبُولِ قَبْلَ الْمَوْتِ وَبَعْدَهُ فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ قَبُولِهَا إِلَّا أَنْ يَجْعَلَهَا لَهُ السُّلْطَانُ لِإِعْرَاضِهِ عَنِ الْعَقْدِ بِالْكُلِّيَّةِ فَيَفْتَقِرَ إِلَى إِنْشَاءِ إِيجَابٍ

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ قَبُولُ الْمُسْلِمِ وَصِيَّةَ الذِّمِّيِّ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي تَرِكَتِهِ خَمْرٌ أَوْ خِنْزِيرٌ وَأَمِنَ مِنْ إِلْزَامِهِ الْجِزْيَةَ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ لَيْسَ لِأَحَدِ الْوَصِيَّيْنِ بَيْعٌ وَلَا شِرَاء ولأنكاح وَلَا غَيْر ذَلِكَ دُونَ صَاحِبهِ إِلَّا أَنْ يُوَكِّلَهُ لِأَنَّ الْمُوصِيَ لَمْ يَرْضَ بِنَظَرِ أَحَدِهِمَا فَإِن اخْتلفَا نظر السلطإن وَلَا يقسم الْمَالُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ خِلَافُ نَظَرِ الْمُوصِي وَلَكِنْ عِنْدَ أَعْدَلِهِمَا فَإِنِ اسْتَوَيَا فِي الْعَدَالَةِ فَعِنْدَ أَتْقَاهُمَا وَلَوِ اقْتَسَمَا الصِّبْيَانَ فَلَا يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ حِصَّةَ صِبْيَانِهِ وَلَا يُخَاصِمُ أَحَدُهُمَا غَرِيمًا إِلَّا مَعَ صَاحِبهِ فَإِنِ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى الْمَيِّت وَأَحَدهمَا حَاضر خاصمه وَيقْضى لَهُ وَالْغَائِب عَلَى حُجَّتِهِ لِلْمَيِّتِ إِذَا قَدِمَ قَال ابْنُ يُونُسَ قَال عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا اقْتَسَمَا الْوَصِيَّةَ وَالْمَالَ ضَمِنَاهُ لِتَعَدِّيهِمَا فَإِنْ هَلَكَ مَا بِيَدِ أَحَدِهِمَا ضَمِنَهُ صَاحِبهُ حِينَ أَسْلَمَهُ إِلَيْهِ لِتَعَدِّيهِ وَقَالَ أَشهب لَا يضمناه لِأَن الْمُوصي على أنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَلِيَهُ أَحَدُهُمَا قَال اللَّخْمِي إِذَا تَصَرَّفَ أَحَدُهُمَا وَأَرَادَ الْآخَرُ رَدَّ فعله وفعه لِلسُّلْطَانِ فَإِنْ رَآهُ صَوَابًا أَمْضَاهُ وَإِلَّا فَلَا فَإِن فَاتَ المُشْتَرِي بِالْمَبِيعِ فَعَلَى الْبَائِعِ الْأَقَلُّ مِنَ الثَّمَنِ أَوِ الْقِيمَةِ وَإِنِ اشْتَرَى وَفَاتَ الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ فَالسِّلْعَةُ لَهُ وَيَغْرَمُ الثَّمَنَ قَال أَشْهَب إِلَّا فِي الشَّيْءِ الْيَسِيرِ التَّافِهِ الَّذِي لَا بُدَّ لِلْيَتِيمِ مِنْهُ مثل إِن يَبْعَثهُ أَحَدُهُمَا يَشْتَرِي لِلْآخَرِ طَعَامًا وَكُسْوَةً لِلْيَتِيمِ وَمَا يَضُرُّ بِهِ تَأْخِيرُهُ وَعَنْ مَالِك إِذَا اخْتَلَفُوا فِي الْمَالِ طُبِعَ عَلَيْهِ وَجُعِلَ عَلَى يَدِ غَيْرهِمْ لِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ أَحَدَهُمَا لِعَدَالَتِهِ وَالْآخَرَ لِكِفَايَتِهِ وَالْآخَرَ لِرَأْيِهِ وَقَال ابْنُ زِيَادٍ إِنْ تشاحوا اقتسموه

(فرع)

لِأَنَّهُمْ أَوْلَى مِنَ الْأَجْنَبِيِّ وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا مِنْ غَيْر وَصِيَّةٍ لَمْ يَكُنْ لِلْحَيِّ التَّصَرُّفُ وَحده وَينظر السُّلْطَان إِمَّا لغيره أَو يُشَارك مَعَهُ غَيْرهُ فَإِنْ مَاتَ عَنْ وَصِيَّةٍ وَجَعَلَ مَعَهُ لِغَيْرهِ النَّظَرَ لِلْحَيِّ وَحْدَهُ وَرَضِيَ الْحَيُّ بِذَلِكَ جَازَ وَكَذَلِكَ إِنْ أَقَامَ آخَرَ مَعَهُ وَوَافَقَهُ عَلَيْهِ الْحَيُّ جَازَ مِنْ غَيْر مُؤَامَرَةِ حَاكِمٍ وَإِنْ خَالَفَهُ رُفِعَ لِلسُّلْطَانِ فَيُثْبِتُهُ مَعَهُ وَإِنْ كَرِهَ أَوْ يَعْزِلُهُ وَيُقِيمُ غَيْرهُ أَوْ يُقِرُّهُ وَحْدَهُ إِنْ رَضِيَ الْحَيُّ لِأَنَّهُ يَقُولُ لَمْ أَلْتَزِمِ النَّظَرَ وَحْدِي وَكَذَلِكَ إِنْ مَرِضَ أَحَدُهُمَا أَوْ سَافَرَ لَمْ يَلْزَمِ الْآخَرَ النَّظَرُ وَحْدَهُ وَيَحْرُمُ اجْتِمَاعُ رَأْيِهِمَا عَلَى نَظَرِ هَذَا وَحْدَهُ أَوْ عَلَى آخَرَ يَكُونُ مَعَ الْمُقِيمِ أَوِ الصَّحِيحِ فَإِنْ رَأَى ذَلِكَ الْمُسَافِرُ وَحْدَهُ أَوِ الْمَرِيضُ وَخَالَفَهُ الْآخَرُ نَظَرَ السُّلْطَانُ وَكَذَلِكَ إِنْ لَمْ يُنْظَرِ الْمُسَافِرُ أَوِ الْمَرِيضُ فِي شَيْء من ذَلِك فعلى الآخر الرّفْع إِلَى السلطإن وَفِي الْجَوَاهِر إِذَا أَوْصَى لِرَجُلَيْنِ نَزَلَ الْإِطْلَاقُ عَلَى التَّعَاوُنِ إِلَّا إِذَا صَرَّحَ بِالِاسْتِقْلَالِ وَإِذَا لَمْ يَثْبُتِ الِاسْتِقْلَالُ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا اسْتَقَلَّ الْآخَرُ إِلَّا أَنْ يُخْشَى عَجْزُهُ فَيُقَامَ مَعَهُ غَيْرهُ وَكَذَلِكَ إِذَا لَمْ يَكُنْ ظَاهِرَ الْعَدَالَةِ اسْتَظْهَرَ مَعَهُ بِغَيْرهِ وَإِذَا أَوْصَيَا جَمِيعًا عِنْدَ الْمَوْتِ إِلَيْهِمَا صَحَّ وَمَهْمَا اخْتَلَفَا فِي التَّصَرُّفِ أَوْ حط المَال تولى الْحَاكِم التَّنَازُع فِيهِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ لَا يَبِيعُ الْوَصِيُّ عَقَارَ الْيَتَامَى وَلَا الْعَبْدَ الَّذِي يُحْسِنُ الْقِيَامُ بِهِمْ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لِبَيْعِ الْعَقَارِ وَجْهٌ نَحْوُ الْغِبْطَةِ فِي الثَّمَنِ أَوْ لَا كِفَايَةَ فِي غَلَّتِهِ أَوْ حَاجَةٍ لِلنَّفَقَةِ وَلَا يَشْتَرِي لِنَفْسِهِ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ وَلَا يُوصِي فِي ذَلِكَ لِلتُّهْمَةِ فِي الْمُحَابَاةِ فَإِنْ فَعَلَ تَعَقَّبَهُ الْإِمَامُ وَأَرْخَصَ مَالِك فِي حِمَارَيْنِ مِنْ حُمُرِ الاعراب قيمتهمَا ثَلَاثَة دَنَانِير اجْتهد فِيهَا لَهُ أَخْذُهُمَا بِالْعَطَاءِ لِقِلَّةِ الثَّمَنِ قَال صَاحِب التبيهات قَوْله إِذا

اشْتَرَى لِنَفْسِهِ نَظَرَ السُّلْطَانُ ظَاهِرُهُ يَنْظُرُ الْآنَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَضْلٌ نَظَرَ يَوْمَ البيع بِالْقيمَةِ والسداد وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَنْظُرُ فِيهِ يَوْمَ الشِّرَاءِ قَال ابْنُ يُونُسَ لَا يُبَاعُ الرُّبُعُ إِلَّا فِي ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ دَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ أَوْ حَاجَةٍ لَهُمْ أَوْ خَوْفِ الْخَرَابِ لِأَنَّ الْعَقَارَ مَأْمُونٌ يُنْتَفَعُ بِهِ عَلَى وَجْهِ الْأَبَدِ فَتَبْدِيلُهُ بِالنَّقْدِ مَفْسَدَةٌ وَقَال بَعْضُ أَصْحَابِنَا لِلْأَبِ بَيْعُ عَقَارِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ لِمَزِيدِ الشَّفَقَةِ كَمَا يُزَوَّجُ الصَّغِيرُ دُونَ غَيْرهِ وَلَا يَهَبُ الْوَصِيُّ رُبُعَ الصَّبِيِّ لِلثَّوَابِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَلِأَنَّهُ لَوْ فَاتَ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ إِلَّا الْقِيمَةُ وَلِلْأَبِ هِبَةُ مَالِ وَلَدِهِ لِلثَّوَابِ لِمَا تَقَدَّمَ قَال ابْنُ يُونُسَ الْوَصِيُّ الْعَدْلُ كَالْأَبِ يَجُوزُ لَهُ مَا يَجُوزُ لِلْأَبِ لِأَنَّهُ خَلِيفَتُهُ وَلَا يَبِيعُ الْأَبُ الْعَقَارَ إِلَّا عَلَى وَجْهِ نَظَرٍ قَال ابْنُ بَشِيرٍ لَا يُوكِلُ الْحَاكِمُ مَنْ يَبِيعُ مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ سَبْعَةِ شُرُوطٍ يُتْمِهِ وَأَنَّهُ نَاظِرٌ وَحَاجَتِهِ وَأَنَّهَا لَا تَنْدَفِعُ إِلَّا بِالْبَيْعِ وَأَنَّهُ مِلْكُ الْيَتِيمِ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ يَدِهِ وَأَنَّ الْمَبِيعَ أَحَقُّ مَا يُبَاعُ عَلَيْهِ وَحُصُولِ السِّدَادِ فِي الثَّمَنِ وَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ بَيْعُ عَقَارِ الْيَتِيمِ إِلَّا لِأَحَدِ سِتَّةِ أَوْجُهٍ الْحَاجَةِ وَالْغِبْطَةِ فِي الثَّمَنِ الْكَثِيرِ أَوْ بَيْعِهِ لِمَنْ يَعُودُ عَلَيْهِ بِنَفْعٍ أَوْ لَهُ شِقْصٌ فِي دَارٍ لَا تَحْمِلُ الْقِسْمَةَ فَدَعَاهُ شُرَكَاؤُهُ إِلَى الْبَيْعِ أَوْ دَارٍ وَاهِيَةٍ وَلَا يَكُونُ لَهُ مَا يُقَوَّمُ بِهِ أَوْ لَهُ دَارٌ بَيْنَ أَهْلِ الذِّمَّةِ قَال اللَّخْمِي يُنْفِقُ الْوَصِيُّ بِحَسَبِ كَثْرَةِ الْمَالِ وَقِلَّتِهِ وَلَا يُضَيِّقُ عَلَى مَنْ مَالُهُ كَثِيرٌ بَلْ نَفَقَةُ مِثْلِهِ وَكُسْوَتُهُ وَيُوَسِّعُ عَلَيْهِ فِي الْأَعْيَادِ وَيُضَحِّي عَنْهُ مِنْ مَالِهِ إِلَّا أَنْ يَضُرَّ ذَلِكَ بِمَالِهِ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ من خِتَانِهِ وَعُرْسِهِ وَلَا حَرَجَ عَلَى مَنْ دُعِيَ فَأَكَلَ لِأَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ تَصَرُّفُ الرَّشَادِ وَالْحَاجَةِ دَاعِيَةٌ إِلَيْهَا عَادَةً وَشَرْعًا وَيُضَمَّنُ مَا أَنْفَقَ فِي ذَلِكَ وَغَيْرهِ مِنَ الْأَلْفَاظِ وَيَجُوزُ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ مِنَ النَّفَقَةِ نَحْوِ الشَّهْرِ فَإِنْ خِيفَ مِنْهُ الْإِتْلَافُ فَيَوْمٌ بِيَوْمٍ وَيَجُوزُ أَنْ يَتَّجِرَ لَهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أحسن} مَفْهُومُهُ أَنَّ مَا لَيْسَ بِأَحْسَنَ لَا يَجُوزُ وَمَا هُوَ أَحْسَنُ يَجُوزُ وَلَهُ إِعْطَاءُ مَالِهِ قِرَاضًا لِأَنَّهُ مِنْ سَدَادِ الْعُقَلَاءِ وَأَنْ

يُسْلِمَ لَهُ وَيُدَايِنَ وَلَا يُسْلِفَ مَالَهُ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ لَا تَنْمِيَةَ فِيهِ إِلَّا أَنْ يَتَّجِرَ لَهُ فَيُسْلِفَ الْيَسِيرَ مِمَّا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مَعَ النَّاسِ وَلَهُ السَّلَفُ إِذَا رَأَى ذَلِكَ نَظَرًا لِتَغَيُّرِ السُّوقِ فِيمَا يُبَاعُ لَهُ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَتَكُونُ الْمُدَايَنَةُ مُعَلَّقَةً بِعَيْنِ ذَلِكَ الْمَالِ قَال ابْنُ يُونُسَ قَال مَالِك وَيَحُجُّ بِهِ قَبْلَ الْبُلُوغِ لِأَنَّهُ تَحْصِيلُ أُجُورٍ مَطْلُوبَةٍ لِلْعُقَلَاءِ وَله احجاجهم بعد حجَّة الْإِسْلَام بعد بلوغهم وَيُزَكَّى مَالُ الْيَتِيمِ وَيُخْرَجُ عَنْهُ وَعَنْ عَبْدِهِ زَكَاةُ الْفِطْرِ وَيُضَحَّى عَنْهُ قَال أَبُو مُحَمَّدٍ وَهَذَا إِذَا أَمِنَ أَنْ يُتَعَقَّبَ بِأَمْرٍ مِنِ اخْتِلَافِ النَّاسِ وَفِي الْجَوَاهِر لَهُ إِبْضَاعُ مَالِ الْيَتِيمِ بَرًّا وَبَحْرًا وَمَنَعَ أَشْهَب أَنْ يَكُونَ هوعامل قِيَاسًا عَلَى بَيْعِهِ مِنْ نَفْسِهِ بِجَامِعِ التُّهْمَةِ وَأَجَازَهُ غَيْرهُ بِمَا يُشْبِهُ قِرَاضَ مِثْلِهِ كَشِرَائِهِ لَهُ وَكُلُّ مَا فَعَلَهُ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ جَازَ أَوْ عَلَى غَيْر وَجْهِ النَّظَرِ لَا يجوز وَيَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِيَ مِمَّا تَحْتَ يَدِهِ شَيْئًا لِلتُّهْمَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ فِي ذَلِكَ بَيْعَ السلطإن فِي ملك النَّاسِ وَقَال ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يَشْتَرِي وَيَدُسُّ مَنْ يَشْتَرِي إِذَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ مِنْ قِبَلِهِ وَمَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ إِلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ وَلَا يُقْسَمُ عَلَى الْكِبَارِ إِذَا كَانُوا أَغْنِيَاءَ حَتَّى يَأْتِيَ السُّلْطَانُ لِاحْتِمَالِ التَّلَفِ وَأَجَازَهُ أَشْهَب فِي غَيْبَتِهِمْ وَرَدَّهُ سَحْنُون قَال ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْسِمَ عَلَى الْأَطْفَالِ وَلَكِنْ يَأْتِي السُّلْطَانُ فَيَقْسِمُ عَلَيْهِمْ فَإِنْ لَمْ يَأْتِهِ وَفَعَلَ جَازَ إِذَا عَدَلَ وَإِذا قضى بعض الْغُرَمَاءِ مِنَ التَّرِكَةِ وَبَقِيَ مَا يَفِي بِبَقِيَّةِ الدَّيْنِ جَازَ فَإِنْ تَلَفَ بَاقِي الْمَالِ فَلَا شَيْءَ لِبَاقِي الْغُرَمَاءِ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى الَّذِينَ أَخَذُوهُ فَإِنْ قَضَى الْغُرَمَاءُ جَمِيعَ الْمَالِ ثُمَّ أَتَى غَرِيمٌ وَكَانَ عَالِمًا بِهِ أَوْ كَانَ الْمَيِّتُ مَوْصُوفًا بِالدَّيْنِ ضَمِنَ مَا كَانَ يَحْصُلُ لَهُ فِي الْمُحَاصَّةِ لِتَفْرِيطِهِ وَيَرْجِعُ عَلَى الَّذِينَ اقْتَسَمُوا وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا وَلَا الْمَيِّتُ مَوْصُوفًا بِالدَّيْنِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَمَتَى دَفَعَ الدَّيْنَ بِغَيْر إِشْهَادٍ ضُمِّنَ فَإِنْ شَهِدَ وَطَالَ الزَّمن

(فرع)

حَتَّى مَاتَ الشُّهُودُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ نَظَائِرُ قَالَ الْعَبْدي يعْتَبر الْيَسِيرُ فِي نَيِّفٍ وَعِشْرِينَ مَسْأَلَةً هِبَةُ الْوَصِيِّ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ إِذَا كَانَ نَظَرًا وَالْعَبْدِ مِنْ مَالِهِ وَالْغَرَرُ فِي الْبَيْعِ وَفِي الْعَمَلِ فِي الصَّلَاةِ وَالنَّجَاسَةُ تَقَعُ فِي الْإِنَاءِ عَلَى الْخِلَافِ وَفِي الطَّعَامِ وَفِي الْمَاءِ الْيَسِيرِ وَلَمْ يتَغَيَّر وَفِي نِصَاب الزَّكَاة لايمنع وُجُوبهَا وَفِي الضحك فِي الصَّلَاة ونقصان سَببهَا وَفِي الْمَرَضِ لَا يَمْنَعُ التَّصَرُّفَ وَفِي الْعَيْبِ لَا يُرَدُّ بِهِ وَكَذَلِكَ إِنْ حَدَثَ عِنْدَ المُشْتَرِي لَا يردهُ إِذا رد وَإِذا زَاده الْوَكِيل على مَا اقر بِهِ لَزِمَ الْأَمْرُ وَإِذَا زَادَهُ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ على صَاحبه لَا تفِيد الشَّرِكَةُ سِوَى الْأَمْوَالِ وَالْأَعْمَالِ وَإِذَا كَانَ التَّفَاوُتُ بَين السكتين يَسِيرا لَا تمنع الشّركَة وَينفذ شِرَاء السَّفِيه ليسير لِنَفْسِهِ وَيَقْرَأُ الْجَنْبَ الْيَسِيرَ وَيَكْتُبُ يَسِيرَ الْقُرْآنِ إِلَى الْعَدُوِّ وَيَقْرَأُ الْمُصَلِّي كِتَابًا فِي الصَّلَاةِ لَيْسَ قُرْآنًا إِذَا لَمْ يَنْطِقْ بِهِ وَكَذَلِكَ انصاته للمخبر فِي الصَّلَاة وَفِي بدل الناقض بِالْوَازِنِ وَفِيمَا إِذَا بَاعَ سِلْعَةً بِدِينَارٍ إِلَّا دِرْهَمَيْنِ إِلَى أَجَلٍ وَفِي الصَّرْفِ فِي الْمَتْجَرِ وَوَصِيُّ الْأُمِّ يَصِحُّ فِيهِ دُونَ الْكَثِيرِ وَيُغْتَفَرُ عِنْدَ انْفِصَالِ الشَّرِيكَيْنِ إِذَا بَقِيَ ثَوْبٌ عَلَى أَحَدِهِمَا يَسِيرُ الْقِيمَةِ وَكَذَلِكَ عَامِلُ الْقِرَاضِ وَالزَّوْجُ تَجِبُ عَلَيْهِ الْكُسْوَةُ إِذَا كَانَ بَقِيَ عَلَى الْمَرْأَةِ يَسِيرُ الثَّمَنِ وَيُشْتَرَطُ عَلَى الْمُغَارِسِ الْعَمَلُ الْيَسِيرُ دُونَ الْكَثِيرِ وَكَذَلِكَ الْمُسَاقِي وَعَامِلُ الْقِرَاضِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَفِي الْأَخْذِ مِنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ إِذَا لَمْ يَضُرَّ وَيُتْرَكُ لِلْمُفْلِسِ مِنْ مَالِهِ نَحْوُ نَفَقَةِ الشَّهْرِ (فَرْعٌ) فِي الْبَيَانِ قَال ابْنُ وَهْب يَكْسِرُ الْوَصِيُّ الشِّطْرَنْجَ وَيَبِيعُهَا حَطَبًا إِنْ كَانَ السُّلْطَانُ عَالِمًا وَإِنْ خَافَ شاوروه

(فرع)

(فَرْعٌ) قَال قَال ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أُنْفِقَتِ التَّرِكَةُ عَلَى الْأَيْتَامِ ثُمَّ طَرَأَ دَيْنٌ وَلَهُمْ مَالٌ آخَرُ وَرِثُوهُ مِنْ أُمِّهِمْ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَتَعَدَّوْا قَال أَصْبَغُ تُفَضُّ النَّفَقَةُ كَالْمَالِ فَتَسْقُطُ حِصَّةُ مَالِ أَبِيهِمْ لِأَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِمْ فِيمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِمْ فِي جَمِيعِ أَمْوَالِهِمْ وَفِيهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ قَوْل ابْنِ الْقَاسِمِ الْمُتَقَدِّمُ وَهُوَ السُّقُوطُ مُطْلَقًا وَيرجع عَلَيْهِمْ فِيمَا أَنْفَقَ الْوَصِيُّ مِنَ التَّرِكَةِ لِأَنَّ الْمِيرَاثَ بَعْدَ الدَّيْنِ وَيُتْبَعُونَ بِهِ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَالٌ قَالهُ الْمَخْزُومِيُّ وَمِنَ التَّرِكَةِ إِنْ كَانَ لَهُمْ مَالٌ وَإِلَّا فَلَا وَقَوْل أَصْبَغَ الْمُتَقَدِّمُ وَقَوْل ابْنِ الْقَاسِمِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَتَعَيَّنُ فِي التَّرِكَةِ بَلْ فِي الذِّمَّةِ وَقَوْل الْمَخْزُومِيِّ عَلَى أَنَّهُ مُتَعَيِّنٌ وَالْآخَرَانِ اسْتِحْسَانٌ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ لِلْوَصِيِّ تَسْلِيفُ الْأَيْتَامِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِمْ إِنْ كَانَ لَهُمْ يَوْمَ السَّلَفِ عَرَضٌ أَوْ عَقَارٌ ثُمَّ يَبِيعُ وَيَسْتَوْفِي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَالٌ وَقَال أَتَسَلَّفُ وَأُرْجِعُ إِذَا أَفَادُوا مَالًا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَنَفَقَتُهُ حِسْبَةٌ لَا يُرْجَعُ بِهَا وَإِنْ أَفَادُوا مَالًا (فَرْعٌ) قَال قَال أبن دِينَار إِذا اشْترى الْوَصِيّ بِمَال الْيَتَامَى مَنْزِلًا لَهُمْ ثُمَّ يَمُوتُ فَيَقُولُ الذُّكُورُ يُقْسَمُ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَكَذَلِكَ اشْتُرِيَ لَنَا وَيَقُولُ الْإِنَاثُ سَوَاءٌ وَجُهِلَ الْحَالُ إِنِ اشْتَرَى لَهُمْ مِنْ عَرَضِ أَمْوَالِهِمْ صُدِّقَ الْإِنَاثُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّفَاضُلِ أَوْ بِجَمِيعِ الْمَالِ صُدِّقَ الذُّكُورُ لِأَنَّهُمْ كَذَلِكَ وَرِثُوهُ وَإِنْ كَانَ الْوَصِيُّ حَيًّا قَبْلَ قَوْلهِ بَيْنَهُمْ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ الْأَمِينُ وَقَدْ يَتَسَلَّفُ مِنْ مَالِ أَحَدِ

(فرع)

الْفَرِيقَيْنِ لِلْآخَرِ وَذَكَرَ ابْنُ زَرْبٍ خَمْسَةَ أَقْوَالٍ كَالْخِلَافِ فِيمَنْ أَوْصَى لِحَمْلٍ فَوَلَدَتْ ذَكَرًا وَأُنْثَى تَصِفِينَ بِحَسَبِ الْمِيرَاثِ سَبْعَةُ أَسْهُمٍ لِلْأُنْثَى ثَلَاثَةٌ وَلِلذَّكَرِ أَرْبَعَةٌ لِأَنَّ أَقْصَى مَا يَكُونُ لِلذَّكَرِ الثُّلُثَانِ وَلِلْأُنْثَى النِّصْفُ وَخَمْسَةُ أَسْهُمٍ لِلذَّكَرِ ثَلَاثَةٌ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يكون لَهُ ثَلَاثَة أَو سِتَّةٍ وَلَهَا اثْنَانِ مِنْ سِتَّةٍ وَيَقْتَسِمَانِ السَّادِسَ نِصْفَيْنِ عَلَى سَبِيلِ التَّدَاعِي إِنِ ادَّعَيَا الْعِلْمَ أَوِ الظَّنَّ أَوْ أَحَدَهُمَا وَهَذَا الْخِلَافُ إِنَّمَا يَحْسُنُ إِذَا جُهِلَتْ كَيْفِيَّةُ الشِّرَاءِ أَمَّا لَوِ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ الشِّرَاءَ عَلَى دَعْوَاهُ فَلَا يحسن إِلَّا قَولَانِ يقسم اسباعاً بعد ايمانها لِمُدَّعِي الثُّلُثَيْنِ أَرْبَعَةٌ وَهُوَ الْمَشْهُورُ لِمَالِك أَوْ لِلذَّكَرِ النِّصْفُ لِأَنَّهَا لَا تُنَازِعُ فِيهِ وَلَهَا الثُّلُثُ لِعَدَمِ الْمُنَازَعَةِ فِيهِ وَيَقْتَسِمَانِ السُّدُسَ نِصْفَيْنِ بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ (فَرْعٌ) قَال إِذَا كَانَ الْوَصِيُّ وَارِثًا فَلِلْوَرَثَةِ النَّظَرُ مَعَهُ خَشْيَةَ أَنْ تَكُونَ وَصِيَّةً لِوَارِثٍ وَمَتَى كَانَ غَيْر وَارِثٍ فَلَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ إِلَّا فِيمَا تَبْقَى عَلَقَتُهُ لِلْوَارِثِ كَالْوَلَاءِ فِي الْعِتْقِ فَقَدْ يَرِثُ مَنْ لَا وَلَاءَ لَهُ كَالْبَنَاتِ وَالْأَخَوَاتِ وَالزَّوْجَاتِ وَالْأُمَّهَاتِ وَالْجَدَّاتِ وَيَكُونُ الْوَلَاءُ لمن ينجز إِلَيْهِ الْوَلَاءُ كَانَ وارثاُ أَمْ لَا وَيَلْحَقُ بِالْعِتْقِ الْإِخْدَامُ وَالتَّعْمِيرُ وَالْحَبْسُ فَحَقُّ الْأَوَّلَيْنِ لِجَمِيعِ الْوَرَثَةِ لِأَنَّ الْمَرْجِعَ إِلَيْهِمْ وَحَقُّ الْحَبْسِ لِأَقْرَبِ النَّاسِ بِالْمُحْبِسِ لِأَنَّهُ الَّذِي يَرْجِعُ إِلَيْهِ الْحَبْسُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ تَفْصِيلُهُ فِي كِتَابِ الْحَبْسِ وَهَذَا فِي الْوَصِيِّ الْمَأْمُونِ أَمَّا غَيْرهُ فَيَكْشِفُ عَنِ الْوَصَايَا كُلِّهَا (فَرْعٌ) قَال إِذَا قَال الْمُوصِي اجْعَلْ وَصِيَّتِي حَيْثُ شِئْتَ فَلَهُ جَعْلُهَا فِي أَقَارِبِ نَفْسِهِ

(فرع)

دُونَ ذُرِّيَّةِ الْمُوصِي لِئَلَّا تَكُونَ وَصِيَّةً لِوَارِثٍ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ قَال مَالِك تَرْجِعُ مِيرَاثًا وَلَا يُجْبِرُهُ الْإِمَامُ عَلَى جَعْلِهَا فِي وَجْهٍ آخَرَ لِأَنَّهُ خَيَّرَهُ (فَرْعٌ) قَال قَال مَالِك إِذَا أَوْصَى لَهُ بِوَلَدِهِ وَتَرَكَ ثَلَاثَمِائَةِ دِينَارٍ فَصَارَتْ سِتَّمِائَةٍ بِالتَّجْرِ ثُمَّ ظَهَرَ دَيْنٌ أَلْفٌ يَدْفَعُ السِّتَّمِائَةِ فِي الدَّيْنِ لِأَنَّ الْوَصِيَّ لَوْ أنفقها قبل لَمْ يَضْمَنْهُ وَلَوْ كَانَ الْوَرَثَةُ كِبَارًا غَيْر مُوَلًّى عَلَيْهِمْ فَلَهُمُ النَّمَاءُ وَعَلَيْهِمُ النُّقْصَانُ وَكَذَلِكَ مَا غَابُوا عَلَيْهِ مِنَ الْعَيْنِ لِأَنَّهُمْ ضَامِنُونَ بِخِلَاف الْوَصِيّ وَلَا يضمون الْحَيَوَان كالرهان والعواري وَقَالَ الْمَخْزُومِيُّ النَّمَاءُ لِلْأَيْتَامِ وَالضَّمَانُ عَلَيْهِمْ كَالْمَتْرُوكِ عَيْنًا أَوْ عَرَضًا لِظُهُورِ التَّعَدِّي وَفَرَّقَ عَبْدُ الْمَلِكِ بَيْنَ الْعَيْنِ فَيُضَمَّنُونَ وَبَيْنَ الْعَرَضِ فَلَا يُضَمَّنُونَ وَالْخلاف يَنْبَنِي على الْخلاف فِي الدّين الطاريء هَلْ هُوَ فِي عَيْنِ التَّرِكَةِ أَمْ لَا (فَرْعٌ) قَال قَال مَالِك أَوْصَى أَنْ يَجْعَلَ ثُلُثَهُ حَيْثُ يَرَاهُ اللَّهُ فَيَجْعَلُهُ فِي وَجْهٍ فلعه إلاخذ إِن اتّصف بِصفة ذَاك الْوَجْهِ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَتِهِمْ وَلَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ إِن اتّصف بغَيْرهَا لِأَنَّهُ اداه اجتهادها إِلَيْهِ فَتَعَيَّنَ فَلَيْسَ لَهُ الْعُدُولُ عَنْهُ إِلَى غَيْرهِ وَإِنْ كَانَ الْوَصِيُّ وَارِثًا فَلَا يَصْرِفْ شَيْئًا حَتَّى يُعْلِمَ الْوَرَثَةَ وَيَحْصُرَهُمْ (فَرْعٌ) قَال قَال مَالِك إِذَا وَجَدَ الصَّبِيُّ فِي التَّرِكَةِ خَمْرًا فَلَا يَكْسِرْهَا حَتَّى يُعْلِمَ الْإِمَامَ لِأَنَّهَا مَسْأَلَةُ اجْتِهَادٍ فِي التخلِيلِ أَمَّا الْخِنْزِيرُ فَيَقْتُلُهُ بِغَيْر اذن الْإِمَامَ لِأَنَّهَا مَسْأَلَةُ اجْتِهَادٍ فِي التخلِيلِ أَمَّا الْخِنْزِيرُ فَيَقْتُلُهُ بِغَيْر إِذْنِ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ يُقْتَلُ إِجْمَاعًا وَقِيلَ يُخَلَّلُ الْخَمْرُ

(فرع)

(فَرْعٌ) قَال قَال مَالِك لَا يَثْبُتُ الْإِيصَاءُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَالْوَكَالَةِ وَشَاهِدِ الْفَرْعِ وَكَذَلِكَ لَا تَثْبُتُ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ بِامْرَأَتَيْنِ وَرَجُلٍ نَظَائِرُ قَال الْعَبْدِيُّ الَّذِي لَا يَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ وَالْوَلَاءُ وَالْأَحْبَاسُ وَالْوَصَايَا لِغَيْر الْمُعَيَّنِ وَهِلَالُ رَمَضَانَ وَذِي الْحِجَّةِ وَالْمَوْتُ وَالْقَذْفُ وَالْإِيصَاءُ وَنَقْلُ الشَّهَادَةِ وَتَرْشِيدُ السَّفِيهِ وَالَّتِي تَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ أَرْبَعَةٌ الْأَمْوَالُ وَالْخُلْطَةُ وَالْكَفَالَةُ وَالْقَصَاصُ فِي جِرَاحِ الْعَمْدِ وَالَّتِي اخْتُلِفَ فِيهَا هَلْ تَثْبُتُ بِهَا أَمْ لَا خَمْسَةٌ الْوَكَالَةُ وَنِكَاح امْرَأَة قد مَاتَت وَنسب الرجل إِذا مَاتَ وَثُبُوتُ مَالِ الرَّجُلِ عَلَى وَلَائِهِ وَالتَّجْرِيحُ وَالتَّعْدِيلُ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ لَا يَبِيعُ الْوَصِيُّ عَلَى الْأَصَاغِرِ التَّرِكَةَ إِلَّا بِحَضْرَةِ الْأَكَابِرِ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِمْ فَإِنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُمْ وَالتَّرِكَةُ عَرَضٌ أَوْ حَيَوَانٌ رَفَعَهُ لِلْإِمَامِ فَيَأْمُرُ مَنْ يَلِي مَعَهُ الْبَيْعَ لِأَنَّهُ وَكِيلُ الْغَائِبِينَ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ لَا يُؤَخِّرُ الْوَصِيُّ الْغَرِيمَ بِالدَّيْنِ إِنْ كَانَ الْوَرَثَةُ كِبَارًا لِأَنَّهُ مِنْ نَوْعِ التَّبَرُّعِ كَالْقَرْضِ وَيَجُوزُ إِنْ كَانُوا صِغَارًا عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ وَمَنَعَ ذَلِكَ غَيْرهُ مُطْلَقًا لِمَا تَقَدَّمَ وَلِأَنَّ ذِمَّةَ الْغَرِيمِ قَدْ تَخْرَبُ قَال صَاحِب النُّكَتِ قَال بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ إِنَّمَا يَكُونُ لَهُ تَأْخِيرُ الْغَرِيم الْحَالِف وَالْوَرَثَة صغَار إِن كَانَ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ مِثْلِ أَنْ يَكُونَ الْحَالِف لَا بَيِّنَة عَلَيْهِ يخَاف جَحده أَوْ كَثِيرَ الدَّيْنِ إِنْ طُلِبَ

(فرع)

قَامَ غرماؤه وَوَقع الحصاص وَإِذا اخره رجا أَخْذَ جُمْلَةِ الدَّيْنِ فَإِنْ أَخَّرَهُ لِحَلِفِهِ فَقَطْ امْتَنَعَ وَلَا يَبْرَأُ بِذَلِكَ الْحَالِفُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِيهِ مَنْفَعَةٌ وَلَا ضَرَرٌ بَرَّ وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ التَّأْخِيرُ مُخْتَلَفًا فِيهِ هَلْ فبه حُسْنُ نَظَرٍ أَمْ لَا فَيَجُوزُ قَالهُ مُحَمَّدٌ وَشُيُوخُنَا قَال ابْنُ يُونُسَ قَال يَحْيَى لَا يجوز تَأْخِير الْغُرَمَاء إِلَّا إِن يبرؤا ذِمَّةَ الْمَيِّتِ وَيَتَّبِعُوا غَرِيمَهُ قَال أَبُو مُحَمَّدٍ وَإِنَّمَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْوَصِيِّ لِلْحَالِفِ لَأَقْضِيَنَّكَ إِنْ تُؤَخِّرْنِي إِذَا كَانَ الْوَرَثَةُ صِغَارًا وَيُبَرَّأُ الْحَالِفُ بِذَلِكَ وَهُوَ نَظَرٌ لِلصِّغَارِ وَلِلْوَصِيِّ الْبَيْعُ بِالدَّيْنِ وَيَحْتَالُ بِدَيْنِ الْيَتِيمِ لِلْمَصْلَحَةِ وَلَا يَأْكُلُ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ إِلَّا أَنْ يُصِيبَ مِنَ اللَّبَنِ أَوِ التَّمْرِ قَال مَالِك وَغَيْر ذَلِكَ يُكْرَهُ وَقِيلَ إِنْ كَانَ مَشْغُولًا بِمَالِهِ فَلْيَأْكُلْ بِقَدْرِ عَمَلِهِ إِنْ كَانَ مُحْتَاجًا وَالتَّرْكُ خَيْرٌ وَلِلْأَبِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ مَا يَحْكُمُ لَهُ بِهِ وَلَا يَرْكَبْ دَابَّةَ الْيَتِيمِ وَلَا يُسْلِفْ مَالَهُ (فَرْعٌ) قَال ابْنُ يُونُسَ إِذَا أَوْصَى أَنْ يَجْعَلَ ثُلُثَهُ حَيْثُ شَاءَ فَأَعْطَاهُ لأبنه واقاربه كَمَا يعْطى النَّاس جَازَ واكره أَنْ يَأْخُذَ لِنَفْسِهِ قَالهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَال مَالِك لَا يَأْخُذُ وَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا بِخِلَافِ وَلَدِهِ الْمُحْتَاجِ لِأَنَّ قَرِينَةَ الْخِطَابِ بِخُرُوجِهِ دُونَ غَيْرهِ قَال مَالِك وَلَا يُعْطَى أَقَارِبُ الْمَيِّتِ إِلَّا كَمَا يُعْطَى النَّاسُ لِئَلَّا يَكُونَ وَصِيَّةً لِوَارِثٍ فَإِنْ صَرَفَ الْمَيِّتُ إِلَى أَقَارِبِهِ أَوِ إِخْوَتِهِ فَلَمْ يُجِزِ الْوَرَثَةُ رَجَعَ مِيرَاثًا فَإِنْ أَوْصَاهُ بِصَرْفِهِ فِي أَفْضَلِ مَا يَرَاهُ وَأَقْرَبِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى قَال أَصْبَغُ يَتَصَدَّقُ بِهِ وَقَال مَالِك الصَّدَقَةُ أَفْضَلُ مِنَ الْعِتْقِ وَالْعِتْقُ أَفْضَلُ مِنَ الْحَجِّ إِنْ كَانَ صَرُورَةً قَال اللَّخْمِي إِذَا قَال ثُلُثِي يُجْعَلُ حَيْثُ يَرَى زَيْدٌ فَمَاتَ زَيْدٌ قَبْلَ إِنْفَاذِ ذَلِكَ أَقَامَ الْحَاكِمُ مَنْ يَرْضَاهُ يَضَعُهُ حَيْثُ يَرَى

فرع

(فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيّ يعْزل الْوَصِيّ إِذا طلع مِنْهُ عَلَى خِيَانَةٍ أَوْ بَلَهٍ أَوْ تَفْرِيطٍ أَمَّا الْعَجْزُ لِكَثْرَةِ الْمَالِ فَيَقْوَى فَإِنْ كَانَتِ أمراة تزوجت لَا تُنْزَعُ بِنَفْسِ التَّزْوِيجِ وَيُكْشَفُ عَنْ حَالِهَا وَحَالِ الزَّوْجِ وَالْمَالِ وَالْأَيْتَامِ قَال مَالِك إِنْ عزلت الْوَلَد فِي بَيت وأقامت لَهُمْ بِمَا يُصْلِحُهُمْ فَهِيَ أَوْلَى فَإِنِ امْتَنَعَتْ نَزَعُوا مِنْهَا وَلَوْ قَال الْمَيِّتُ إِنْ تَزَوَّجَتْ فانزعوهم فَتَزَوَّجَتْ لَمْ يَنْزِعُوا مِنْهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ فَلَا وَصِيَّة لَهَا قَال ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْمَالُ إِنْ كَانَ يَسِيرا وَهِي مستورة الْحَال لم ينْزع فِيهَا أَوْ كَثِيرًا وَهِيَ مُقِلَّةٌ يُخَافُ مِنْهَا أُخِذَ مِنْهَا وَهِيَ عَلَى الْوَصِيَّةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ إِلَّا إِن كَانَت مأمونه بارزة وَيُؤْمَنُ عَلَى الْمَالِ عِنْدَهَا فِي تَزْوِيجِهَا فِي الْحَزْمِ وَالدَّيْنِ وَالسِّتْرِ فَيُقَرُّ فِي يَدِهَا وَإِنْ كَانَتْ عَلَى غَيْر ذَلِكَ انْتُزِعَ وَوُقِفَ عَلَى يَدِ عَدْلٍ وَتَبَقَى وَصِيَّةً وَيُرَاعَى حَالُ الزَّوْجِ فَلَيْسَ الْمُوسِرُ كَالْفَقِيرِ وَلَا الْمَعْرُوفُ بِالنَّزَاهَةِ كَغَيْرهِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا شَهِدَ الْوَارِثَانِ أَنَّ أَبَاهُمَا أَوْصَى لِفُلَانٍ جَازَ قَال غَيْرهُ إِذَا لَمْ يَجُرَّا بِذَلِكَ نَفْعًا لِأَنْفُسِهِمَا وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ شَهِدَ امْرَأَتَانِ وَرَجُلٌ عَلَى الْمَوْتِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ زَوْجَةٌ وَلَا أَوْصَى بِعِتْقِ عَبِيدِهِ وَلَيْسَ إِلَّا قِسْمَةَ الْمَالِ جَازَ ذَلِكَ لِأَن الْقَاعِدَة إِن الشَّهَادَة عَلَى أَحْكَامِ الْأَبْدَانِ إِذَا كَانَ مَقْصُودُهَا الْأَمْوَالَ عَلَى الْمَذْهَبِ وَقَال غَيْرهُ لَا تَجُوزُ لِأَنَّ الْمَوْتَ حُكْمٌ بَدَنِيٌّ قَال صَاحِب التَّنْبِيهَات مَعْنَاهُ أَنَّ الْمَوْتَ ثَبَتَ بِشَهَادَةِ غَيْرهِمْ وَإِنَّمَا شَهِدُوا بِالْمُوَارَثَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَقَرَّ وَارِثٌ بِوَصِيَّةٍ لِرَجُلٍ حَلِفَ مَعَهُ إِنْ كَانَ عَدْلًا وَأَخَذَهَا وَإِلَّا أَخَذَ مِنْ حِصَّةِ الْمُقِرِّ مَا يَنُوبُهُ إِنْ كَانَ غَيْر مولى عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ إِقْرَاره إِن هَذَا وَدِيعَةٌ عِنْدَ مَوْرُوثِهِ فَإِنْ أَقَرَّ عُدِلَ وَعَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ مَا يَغْتَرِقُ مَالَهُ فَأَنْكَرَ غُرَمَاؤُهُ الْوَصِيَّةَ إِنْ كَانَ

(فرع)

إِقْرَارُهُ قَبْلَ الْقِيَامِ عَلَيْهِ بِالدَّيْنِ جَازَ لِعَدَمِ الْحَجْرِ وَكَذَلِكَ إِقْرَارُهُ بِالْوَدِيعَةِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ أَوْصَى لِأُمِّ وَلَدِهِ بِشَرْطِ عَدَمِ الزَّوَاجِ فَإِنْ تَزَوَّجَتْ عُزِلَتْ وَكَذَلِكَ إِنْ أَوْصَى لَهَا بِأَلْفٍ على إِن لَا تَتَزَوَّجَ فَتَزَوَّجَتْ تَرُدَّهَا قَال صَاحِب التَّنْبِيهَات عَلَى مَا فِي السلمإنية لَا يجوز أَن يُوصي لَهَا على أَن لَا تَتَزَوَّجَ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ وَإِذَا شَرَطَ إِنْ تَزَوَّجَتْ سَقَطَ إِيصَاؤُهَا يَسْقُطُ بِالْعَقْدِ دُونَ الدُّخُولِ لِأَنَّهُ زَوَاجٌ قَال صَاحِب النُّكَتِ إِذَا بَاعَتْ أَوْ أَعْتَقَتْ رَجَعَ عَلَيْهَا بِالْقِيمَةِ كَالزَّوْجَةِ تَفْعَلُ ذَلِك ثمَّ يطلقهَا قبل الْبناء وَقيل الثّمن إِن ضَاعَ بِأَمْر من الله تَعَالَى لم يضمنهُ قَال التُّونُسِيُّ لَمْ يَجْعَلِ الْإِيصَاءَ بِالْأَلِفِ بَيْعًا وَسَلَفًا لِأَنَّهَا تَنْتَفِعُ بِالْمَالِ عِوَضَ امْتِنَاعِهَا مِنَ الزَّوَاجِ وَمَتَى شَاءَتْ تَزَوَّجَتْ وَرَدَّتْ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا قَال الْوَصِيُّ دَفَعْتُ لِلْأَيْتَامِ أَمْوَالَهُمْ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَالرُّشْدِ لَمْ يُصَدَّقْ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَجْعَلْهُ أَمِينًا عَلَى الدَّفْعِ بَلْ عَلَى الْحِفْظِ فَقَطْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِم} فَلَو كَانَ أَمينا لَا يَسْتَغْنِي عَنِ الْبَيِّنَةِ وَلِأَنَّهُ دَفَعَ إِلَى غَيْر مَنِ ائْتَمَنَهُ وَهُوَ الْوَارِثُ وَيُصَدَّقُ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَى مَنْ كَانَ فِي حِجْرِهِ فِيمَا يُشْبِهُ لِأَنَّهُ أَمِينٌ عَلَيْهِ فَإِنْ وَلَّي النَّفَقَةَ غَيْرهُ لَمْ يُصَدَّقْ فِي دَفْعِ النَّفَقَةِ إِلَى مَنْ يَلِيهِمْ إِلَّا بِبَيِّنَة لِأَنَّهُ لَيْسَ أَمينا على الخاضن قَال ابْنُ يُونُسَ قَال مَالِك إِذَا طَالَ الزَّمَان بعد الرشد نَحْو عشْرين سنة وَهُوَ مُقِيمُونَ مَعَهُ لَا يُطَالِبُونَهُ وَلَا يَسْأَلُونَهُ عَنْ شَيْءٍ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ الْعَادَةَ تُصَدِّقُهُ قَال مُحَمَّدٌ فَإِنْ كَانُوا عِنْدَ غَيْرهِ أَوْ هم اغنياء وريئ يُنْفِقُ عَلَيْهِمْ صُدِّقَ فِي الزِّيَادَةِ الْيَسِيرَةِ دُونَ السَّرف

(فرع)

مَعَ يَمِينِهِ فَإِنِ ادَّعَى سَرَفًا حُسِبَ مِنْهُ السَّدَادُ كَمَا لَوْ شَهِدَتْ بِالسَّرَفِ بَيِّنَةٌ وَوَافَقَنَا ش فِي عَدَمِ التَّصْدِيقِ عَلَى الدَّفْعِ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَصَدَّقَهُ ح قِيَاسًا عَلَى تَلَفِ الْمَالِ وَلِأَنَّهُ أَمِين وَقِيَاسًا على الْإِنْفَاق وَالْجَوَاب عَن الْأَوَّلِ أَنَّهُ أَمِينٌ عَلَى الْحِفْظِ فَائْتُمِنَ عَلَى التَّلَفِ لِأَنَّهُ فَائِدَةُ الِائْتِمَانِ عَلَى الْحِفْظِ وَلَيْسَ فَائِدَة الْحِفْظ الدّفع لغير من ائتمنه وَالْجَوَاب عَن الثَّانِي أَنَّ أَمَانَتَهُ مَقْصُورَةٌ عَلَى الْحِفْظِ بِدَلِيلِ إلأمر بإلاشهاد على الدّفع والجوأب عَن الثَّالِث إِنَّه فِي اللإتفاق مُتَعَذِّرٌ بِخِلَافِ الدَّفْعِ (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِر إِنْ نَازَعَهُ الْوَلَدُ فِي تَارِيخِ مَوْتِ الْأَبِ لِأَنَّ بِهِ تَكْثُرُ النَّفَقَةُ صُدِّقَ الصَّبِيُّ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ إِنْفَاقِ مَا يَدَّعِيهِ الْوَصِيُّ مِنَ النَّفَقَةِ وَإِقَامَة الْبَيِّنَة عَلَيْهِ مُمكنَة (فَرْعٌ) قَال الْبَصْرِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ إِذَا كَانَ الْوَصِيُّ عَدْلًا لَا يَفْتَقِرُ تَنْفِيذُ وَصِيَّتِهِ إِلَى حُكْمِ حَاكِمٍ وَجَمِيعُ تَصَرُّفِهِ صَحِيحٌ وَقَالهُ ش وَقَال ح إِنْ لَمْ يَحْكُمْ حَاكِمٌ فَبَيْعُهُ وشراؤه للصَّبِيّ منقوض وَيقبل قَوْله فير الْإِنْفَاقِ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى النَّفَقَةِ وَلِأَنَّهُ يُوَكَّلُ بِغَيْر حَاجَة إِلَى الْحَاكِم فَكَذَلِك بَيْعه

فارغة

(كتاب القسمة)

(كتاب الْقِسْمَة) وَأَصلهَا قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْمُوَطَّأ أَيّمَا دَار أَو أَرض قسمت فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهِيَ عَلَى قَسْمِ الْجَاهِلِيَّةِ وَأَيُّمَا دَار أَو ارْض ادركها الْإِسْلَام فَهِيَ على قسم الْإِسْلَام وَقَوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الشُّفْعَةُ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ وَصُرِفَتِ الطُّرُقُ فَلَا شُفْعَةَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَقَسَمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْغَنَائِم وَقَالَ تَعَالَى {إِذا حضر الْقِسْمَة أولُوا الْقُرْبَى واليتامى وَالْمَسَاكِين فارزقونهم مِنْهُ وَقُولُوا لَهُم قولا مَعْرُوفا} وقَوْله تَعَالَى {أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شرب مُخْتَصر} والاجماع على جَوَازهَا فِي الْجُمْلَة} وَفِيهِ نَظَرَانِ النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي الْأَرْكَانِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ الرُّكْنُ الْأَوَّلُ الْقَاسِمُ وَفِي الْكِتَابِ الْحَاكِمُ يقاسم عل الْغَائِب مَعَ الْحَاضِر فِي جَمِيع الاشياء وَيجوز نَصِيبُهُ بِخِلَافِ الدَّعْوَى عَلَيْهِ فِي رُبُعِهِ كَانَ الْحَاضِرُ شَرِيكًا أَوْ مُوصًى لَهُ لِأَنَّ لِلْحَاكِمِ النَّظَرَ فِي الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ وَصَوْنَ أَمْوَالِ الْغَائِبِينَ وَلَا

(فرع)

يَجُوزُ قَسْمُ صَاحِب الشُّرَطِ لِعَدَمِ وِلَايَتِهِ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ كَالْأَجْنَبِيِّ قَال ابْنُ يُونُسَ قَال أَشْهَب يُوَكَّلُ الْقَاضِي فِي ذَلِكَ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ لِأَنَّهُ قَدْ تَتَوَقَّفُ الْمَصْلَحَةُ عَلَيْهِ وَعَنْ مَالِك جَوَازُ قَسْمِ صَاحِب الشُّرَطِ الْعَدْلِ لِأَنَّهُ والٍ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ يُقَاسِمُ عَلَى الصَّغِيرِ الْأَبُ وَالْوَصِيُّ كُلَّ شَيْءٍ وَلَا يقسم الْوَصِيّ بَين الصاغر حَتَّى يَرْفَعَهُ لِلْإِمَامِ فَيَرَاهُ نَظَرًا لِعِظَمِ الْخَطَرِ فِي الْقِسْمَةِ مِنْ غَيْر ضَرُورَةٍ فَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ أَكَابِرُ اسْتُحِبَّ الرَّفْعُ لِلْإِمَامِ احْتِيَاطًا لِلصِّغَارِ فَإِنْ قَاسَمَ الْكِبَارَ دُونَ الْإِمَامِ جَازَ إِذَا اجْتهد واحضر الْأَصَاغِرُ أَمْ لَا لِسُلْطَانِ الْأَكَابِرِ عَلَى إِقْرَارِ مِلْكِهِمْ مَعَ عَدَمِ الضَّرَرِ وَلَوْ غَابَ أَحَدُ الْأَكَابِرِ امْتَنَعَ قَسْمُ الْوَصِيِّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ تَحْتَ نَظَرِهِ وَلَا يَقْسِمُ لِلْغَائِبِ إِلَّا الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ لِأَنَّهُ النَّاظِرُ فِي الْأُمُورِ الْعَامَّةِ ويجعله تَحْتَ يَدِ أَمِينٍ فِي التَّنْبِيهَات فِي الْوَاضِحَةِ تَجُوزُ مُقَاسَمَةُ الْوَصِيِّ كَالْأَبِ وَلَا مَدْخَلَ لِلْقَاضِي مَعَهُ وَقَال أَشْهَب إِذَا لَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِمُ الْوَصِيُّ مُرْتَفِقًا لَا يَقْسِمُ فَإِنْ فَعَلَ مَضَى وَفِي الْكِتَابِ مُقَاسَمَةُ الْوَصِيِّ لِلصِّغَارِ مَعَ الْكِبَارِ تَمْضِي عَلَى الِاجْتِهَادِ كَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ وَالْأَحْسَنُ الرَّفْعُ لِلْقَاضِي فَيَبْعَثُ مَنْ يَقْسِمُ وَقَال فِي آخِرِ الْكِتَابِ يَقْسِمُ الْوَصِيُّ عَلَى الصِّغَارِ كُلَّ شَيْءٍ فَقَوْلهُ عَلَى الصِّغَارِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مَعَ أَجْنَبِيٍّ لِذِكْرِهِ أَوَّلَ الْمَسْأَلَةِ إِيَّاهُمْ مُفْرَدِينَ وَقَال ابْنُ شَبْلُونَ مَذْهَبُهُ فِي الْكِتَابِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ الصِّغَارُ وَحْدَهُمْ لَا يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ إِلَّا بِأَمْرِ السُّلْطَانِ أَوْ مَعَهُمْ كِبَارٌ اسْتُحِبَّ الِاسْتِئْذَانُ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَضَى أَوْ مَعَ أَجْنَبِيٍّ جَازَ الْقَسْمُ مِنْ غَيْر اسْتِئْذَانٍ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا قَسَمَ لِلصَّغِيرِ أَبُوهُ فَحَابَى امْتَنَعَتْ مُحَابَاتُهُ وَهِبَتُهُ وَصَدَقَتُهُ فِي مَالِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ لِأَنَّ مَالَهُ مَعْصُومٌ وَإِنَّمَا جُعِلَ لَهُ النَّظَرُ بِالْمُصْلِحَةِ لعَجزه بالصغر

(فرع)

وَيَرِدُ ذَلِكَ بِعَيْنِهِ وَإِنْ كَانَ صَدَقَةً وَالْأَبُ مُوسِرٌ فَإِنْ فَاتَ بِيَدِ الْمُعْطَى لَهُ وَتَلِفَ ضَمِنَهُ الْأَبُ إِنْ كَانَ مُوسِرًا يَوْمَ الْخِصَامِ لِأَنَّهُ الْمُتَعَدِّي وَلَا يَرْجِعْ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ تَمْلِيكَهُ فَإِنْ كَانَ مُعْدَمًا رَجَعَ الْوَلَدُ عَلَى الْمُعْطِي لِتَلَفِ الْمَالِ تَحْتَ يَدِهِ بِغَيْر سَبَبٍ شَرْعِيٍّ فَإِنْ كَانَ الْأَبُ وَالْمُعْطِي مُعْدَمَيْنِ اتَّبَعَ الْوَلَدُ أَوَّلَهُمَا يُسْرًا بِالْقِيمَةِ لِوُجُودِ السَّبَبِ مِنَ الْوَالِدِ وَوَضْعِ الْيَدِ مِنَ الْأَجْنَبِيِّ وَهُمَا سَبَبَا ضَمَانٍ وَلَا يَرْجِعُ الْمُؤَدِّي مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبهِ لِأَنَّهُ غَرِمَ عَنْ نَفْسِهِ وَلَوْ أَيْسَرَ الْأَبُ أَوَّلًا لَمْ يَتْرُكْهُ الِابْنُ وَيَتَّبِعُ الْأَجْنَبِيَّ كَمَا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فِي يَسَارِهِمَا لِأَنَّهُ الْمُتَعَدِّي الْأَوَّلُ وَلَوْ أَعْتَقَ الْأَبُ غُلَامَ ابْنِهِ الصَّغِيرِ مُوسِرًا يَوْمَ الْعِتْقِ جَازَ وَعَلَيْهِ الثَّمَنُ فِي مَالِهِ لِتَشَوُّفِ الشَّرْعِ إِلَى الْعِتْقِ وَحَمْلِ تَصَرُّفَاتِ الْعُقَلَاءِ عَلَى الصِّحَّةِ مَا أَمْكَنَ فَكَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنِ ابْنِهِ لِلْعِتْقِ وَلِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ حَصَلَتْ لَهُ وَلِأَنَّ الْعِتْقَ بِخِلَافِ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ فَإِنْ كَانَ مُعسرا يَوْم الْعتْق رُدَّ صَوْنًا لِلْمَالِ عَنِ الضَّيَاعِ إِلَّا أَنْ يَتَطَاوَلَ ذَلِكَ وَتَتَزَوَّجَ الْحَرَائِرُ وَتَجُوزَ شَهَادَتُهُ فَيَتَّبِعَ الْأَبَ بِالْقِيمَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِثْلُ الْفَوَاتِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ قَال ابْنُ يُونُسَ أَمْضَى ابْنُ الْمَاجشون الصَّدَقَة إِن كات مُوسِرًا وَيُغَرَّمُ الْقِيمَةَ وَيَرُدُّ إِنْ كَانَ مُعْسِرًا وَرَدُّ الْعِتْقِ إِنْ طَالَ لِبُطْلَانِ التَّصَرُّفِ فِي أَصْلِهِ وَعَدَمِ الرُّجُوعِ لِلْعِتْقِ بِخِلَافِ الصَّدَقَةِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْر بِهَا وَأَمْضَى أَصْبَغُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا وَيَتَّبِعُ بِالْقِيمَةِ حَمْلًا لِتَصَرُّفِهِ عَلَى الصِّحَّةِ بِالضَّمَانِ وَالْقَاعِدَةُ الْمَشْهُورَةُ حَمْلُ تَصَرُّفَاتِ الْعُقَلَاءِ عَلَى الصِّحَّةِ مَا أَمْكَنَ لِأَنَّهُ ظَاهِرُ حَالِهِمْ وَقَوْلهُ أَعْتَقَ غُلَامَ ابْنِهِ يُرِيدُ عَلَى نَفْسِهِ لَا عَنِ الصَّبِيِّ (فَرْعٌ) لَا يَنْفُذُ قَسْمُ وَصِيِّ الْمَرْأَةِ عَلَى ابْنِهَا لِأَنَّ وَصِيَّتَهَا عَلَيْهِ بَاطِلَةٌ فَهُوَ أَجْنَبِيٌّ قَال

(فرع)

ابْنُ يُونُسَ عَنْ مَالِك أَيْتَامٌ لَا وَصِيَّ لَهُمْ وَلَهُمْ أُمٌّ أَوْ عَمَّةٌ أَوْ أَخٌ رَشِيدٌ أَوْ غَيْرهُ مِمَّنِ احْتُسِبَ فِيهِمْ مِنَ الأجنبيين فكفلهم بِغَيْر أَمر سُلْطَان يَجُوزُ مِنْهُ مَا يَجُوزُ مِنَ الْوَصِيِّ مِنَ الْمُقَاسَمَة وَالْبيع وَالتَّزْوِيج والآنفاق وَالتَّضْحِيَةِ وَحِيَازَةِ الصَّدَقَةِ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرهِ وَقَالَهُ ابْن الْقَاسِم فِيمَن يَلِي اللَّقِيطَ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ يَمْتَنِعُ قَسْمُ الْأَبِ عَلَى ابْنِهِ الْكَبِيرِ وَإِنْ غَابَ لِاسْتِقْلَالِهِ بِنَفْسِهِ وَأَمْرُ الْغَائِبِ لِلْإِمَامِ لِأَنَّهُ النَّاظِرُ فِي الْأُمُورِ الْعَامَّة لعُمُوم سُلْطَانه وَلَا لأم عَلَى الصَّغِيرِ لِعَدَمِ وِلَايَتِهَا عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ تكون وَصِيَّة وَلَا لكَافِر عَلَى ابْنَتِهِ الْبِكْرِ كَمَا لَا يُزَوِّجُهَا وَيَجُوزُ قَسْمُ مُلْتَقِطِ اللَّقِيطِ لِقُوَّةِ سَبَبِهِ بِالِالْتِقَاطِ فَهُوَ إِجْبَار كالإيجار من الْأَب بِخِلَاف الاخ المكتشف لِأَخِيهِ الصَّغِيرِ فَإِنَّهُ كَالْأَجْنَبِيِّ وَلَا الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ البكرلعدم الْوِلَايَةِ قَال صَاحِب التَّنْبِيهَات قَال سَحْنُون قَوْلهُ فِي مُلْتَقِطِ اللَّقِيطِ وَالْأَخِ خِلَافٌ عَنْ مَالِك وَعَنْ مَالِك يَقْسِمُ الْأَخُ لِإِخْوَتِهِ الْأَيْتَامِ فَلَا تَكُونُ أَقْوَالُهُ اخْتِلَافًا بَلِ الْجَوَابُ فِيهَا وَاحِدٌ إِذا كَانَت الصّفة وَأحد مِنْ وُجُودِ الْحَضَانَةِ وَعَدَمِهَا (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ تَجُوزُ أَرْزَاقُ الْقُضَاةِ وَالْعُمَّالِ إِذَا عَمِلُوا عَلَى الْحَقِّ وَمَا تَعِبَ فِيهِ الْإِمَامُ مِنْ أُمُورِ النَّاسِ فَالرِّزْقُ فِيهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّهُ مُعَدٌّ لِلْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ وَأَكْرَهُ لِقَاسِمِ الْقَاضِي وَالْمَغْنَمِ أَجْرًا لِأَنَّهُ يُفْرَضُ لَهُمْ مِنْ أَمْوَالِ الْأَيْتَامِ وَسَائِرِ النَّاسِ كَمَا أَكْرَهُ

ارتزاق صَاحب السُّوق من أَمْوَال النَّاس وَيجوز أرْزَاقُ الْقَسَّامِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَاسْتِئْجَارِ الشَّرِكَةِ أَو أهل الْمغنم لَهُم وَقَالَهُ ش وح وَالْأُجْرَةُ عَلَى جَمِيعِ مَنْ طَلَبَ الْقَسْمَ وَمَنْ أَبَاهُ وَقَالهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَال ح يَخْتَصُّ الطَّالِبُ لِاخْتِصَاصِ الْغَرَضِ وَالْمَصْلَحَةِ وَجَوَابُهُ أَنَّ لتبي يَجِبُ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ مَا اخْتَلَطَ بِمِلْكِهِ مِنْ مِلْكِ الطَّالِبِ وَالتَّسْلِيمُ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَسْمِ وَمَا تَوَقَّفَ عَلَيْهِ الْوَاجِبُ وَاجِبٌ فَتَجِبُ أُجْرَةُ الْقَسْمِ وَكَذَلِكَ أُجْرَةُ كَاتِبِ الْوَثِيقَةِ فِي التَّنْبِيهَات ذَلِكَ كُلُّهُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ يَجُوزُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَتَحْرُمُ بِقَرْضٍ مِنْ أَمْوَالِ الْيَتَامَى وَالنَّاسِ قَسَمُوا أَمْ لَا وَبِهِ عِلَلٌ فِي الْكِتَابِ وَاسْتِئْجَارُ مَنْ يَحْتَاجُهُمْ مِنَ النَّاسِ جَائِزٌ وَعَنْهُ الْكَرَاهَةُ فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيب وَرَأَى الْأَفْضَلَ التَّبَرُّعَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْكِتَابِ لِقَوْلهِ وَقَدْ كَانَ خَارِجَةُ وَمُجاهد يقسمان بِغَيْر اجْرِ وَقد تكون كَرَاهَة لِقُسَّامِ الْغَنَائِمِ وَالْقُضَاةِ مِنْ هَذَا وَأُجْرَةُ الْوَثِيقَةِ على الرؤس قَالهُ فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ لِأَنَّ ضَبْطَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ مُسْتَوٍ فِي الْكِتَابَةِ وَقَال أَصْبَغُ عَلَى قَدْرِ الْأَنْصِبَاءِ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ وَسِيلَةٌ وَالْوَسَائِلُ تَتْبَعُ الْمَقَاصِدَ وَفِي الْكِتَابِ مِنْهَا عَلَى الْمَوْضُوعِ عَلَى يَدَيْهِ الْمَالُ وَعَنْهُ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ قَال سَحْنُون الْجَعْلُ عَلَيْهِ دُونَهُمْ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَهُ وَمَعْنَى الْمَسْأَلَةِ إِنْ كَانَ فِيهَا عَمَلُ الْفَرِيضَةِ وَحِسَابٌ وَقَبْضٌ يَجِبُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمُ اتِّفَاقًا لِأَنَّ الْمَنْفَعَة للْجَمِيع وَلَوْلَا عمل الْحساب لم تحقق الْأَنْصِبَاءُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا مُجَرَّدُ الْقَبْضِ فَهَذَا مَوْضِعُ الْخِلَافِ لِمَنْفَعَةِ الْقَابِضِينَ بِالْإِشْهَادِ أَنَّهُ كَانَ وَدِيعَةً أَوْ قِرَاضًا حَتَّى لَا تَتَوَجَّهَ دَعْوَاهُ عَلَيْهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ وَانْتِفَاعُهُ بِالْإِبْرَاءِ فَكَانَ عَلَى جَمِيعِهِمْ وَعَلَى مَذْهَبِ سَحْنُون لَا يُلْتَفَتُ إِلَى مَنْفَعَتِهِ بِالْإِبْرَاءِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا أُرْزِقَ الْقَاسِمُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ حَرُمَ أَخْذُهُ مِنَ الْمَقْسُومِ لَهُ كَالْقَاضِي الْمُرْتَزِقِ وَلِأَنَّهُ عَمَلٌ وَجَبَ عَلَيْهِ

(فرع)

بِالْإِرْزَاقِ وَأُجْرَةُ الْوَاجِبِ حَرَامٌ نَظَائِرُ قَال ابْنُ عمرإن سِتَّة مسَائِل تخْتَص بالرؤس دُونَ الْأَنْصِبَاءِ أُجْرَةُ الْقَاسِمِ وَكَنْسُ الْمَرَاحِيضِ وَحَارِسُ أَعْدَالِ الْمَتَاعِ وَبُيُوتُ الْغَلَّاتِ وَإِجَارَةُ السَّقْيِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَحَارِسُ الدَّابَّةِ وَالصَّيْدُ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ كَثْرَةُ الْكِلَابِ وَثَلَاثُ مَسَائِلَ تُعْتَبَرُ فِيهَا الْأَنْصِبَاءُ الشُّفْعَةُ وَالْفِطْرَةُ عَنِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ وَالتَّقْوِيمُ فِي الْعِتْقِ وَزَادَ الْعَبْدِيُّ فِي الْأُولَى كَنْسَ السَّوَاقِي وَوَافَقَنَا الْأَئِمَّةُ فِي الْقَاسِمِ وَلِلشَّافِعِيَّةِ قَوْلانِ وَمَنْشَأُ الْخلاف هَل يلْحق بالشفقة عَلَى الْمِلْكِ وَهِيَ عَلَى الْأَنْصِبَاءِ اتِّفَاقًا كَالْعِمَارَةِ وَغَيرهَا وَلِأَن الاجرة قد تكون مائَة دِرْهَمٍ وَالْأَرْضُ لِاثْنَيْنِ لِأَحَدِهِمَا نِصْفُ ذِرَاعٍ فَيَنُوبُهُ خَمْسُونَ لَعَلَّهَا أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ الذِّرَاعِ الَّذِي يَنُوبُهُ أَوْ يُلَاحَظُ الِاسْتِوَاءُ فِي الْعَمَلِ وَالْحِسَابِ وَأَنَّ قِلَّةَ النَّصِيبِ تُوجِبُ كَثْرَةَ الْعَمَلِ لِأَنَّهَا تَقَعُ عَلَى أَقَلِّ السِّهَامِ وَفِي الْجَوَاهِر أُجْرَةُ الْوَثِيقَة على الرؤس الطَّالِبِ لَهَا وَالْآبِيِّ وَقَال أَصْبَغُ عَلَى الْحِصَصِ (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِر يَكْفِي فِي الْقَسْمِ وَاحِدٌ وَالْأَفْضَلُ اثْنَانِ وَاشْتَرَطَهُمَا أَبُو إِسْحَاقَ وَلِلشَّافِعِيَّةِ قَوْلانِ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلِ الْقَاسِمُ يَجْرِي مَجْرَى الْحَاكِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَهُمْ وَعِنْدَنَا وَالْحَاكِمُ يَكْفِي مِنْهُ وَاحِدٌ إِجْمَاعًا أَوْ يَجْرِي مَجْرَى الشَّهَادَةِ وَلَا بُدَّ فِيهَا مِنَ الْعَدَدِ (فَرْعٌ) فِي النَّوَادِرِ قَال ابْنُ حَبِيب لَا يَأْمُرُ الْحَاكِمُ بِالْقَسْمِ إِلَّا مَنْ هُوَ عِنْدَهُ مَأْمُونٌ بَصِيرٌ وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَابْنُ حَنْبَلٍ يُشْتَرَطُ فِي مَنْصُوبِ الْإِمَامِ الْحُرِّيَّة وَالْعَدَالَة

(فرع)

وَالتَّكْلِيفُ وَالذُّكُورَةُ لِأَنَّهُ حَاكِمٌ وَعِلْمُهُ بِالْمِسَاحَةِ وَالْحِسَابِ وَالتَّقْوِيمِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي مَنْصُوبِ الشُّرَكَاءِ الْعَدَالَةُ وَالْحُرِّيَّةُ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ وَلَمْ أَرَ لِأَصْحَابِنَا مَا يُخَالِفُ هَذَا قَال ابْنُ حَبِيب فِي النَّوَادِرِ وَإِذَا أَخْبَرَ الْحَاكِمَ بِمَا فَعَلَ قَبِلَهُ مِنْهُ بِغَيْر بَيِّنَة إِذا رَآهُ صَوَابا ينفذهُ عَلَى الصَّغِيرِ وَالْغَائِبِ بِقَوْلهِ وَحْدَهُ لِأَنَّهُ حَاكِمٌ لِنِيَابَتِهِ عَنِ الْحَاكِمِ وَلَا يَبْعَثْ مَنْ لَا ترْضى حَاله وَيبْعَث مَعَهُ مِنَ الْمَرْضِيِّينَ مَنْ لَا يَدْرِي صَوَابَ الْقَسْمِ فَإِنَّ شَهَادَتَهُمْ عَلَى فِعْلٍ لَا يَعْلَمُونَ صَوَابَهُ فَلَا يُسَوَّغُ تَنْفِيذُهُ وَلَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَأْمُرَ الْقَاسِمَ الْمَرْضِيَّ بِالْإِشْهَادِ عَلَى الْقَسْمِ حَتَّى ياتيه مَكْتُوبًا وَيَنْظُرَ فِيهِ فَإِنْ رَآهُ صَوَابًا سَأَلَ الْأَكَابِرَ عَنْ عَمَلِهِ فَإِنْ عَارَضُوا فِيهِ بِشَيْءٍ نَظَرَ فِيهِ وَإِلَّا أَمْضَاهُ (فَرْعٌ) فِي النَّوَادِرِ عَنْ مَالِك إِذَا قَسَمَ بِأَمْرِ الْقَاضِي فَأَنْفَذَهُ الْقَاضِي أَوْ أَشْهَدَ بِهِ تَجُوزُ شَهَادَةُ هَذَا الْقَاسِمِ بَيْنَهُمْ إِذَا اخْتَلَفُوا إِنْ ذَكَرَ الْحَاكِمُ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِذَلِكَ وَتَكْفِي شَهَادَتُهُ وَحْدَهُ وَقَالهُ ش وَقَال عَبْدُ الْمَلِكِ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا لَا يُبَاشِرُهُ الْقَاضِي مِنَ الْفِعْلِ كَالْإِحْلَافِ وَالْكِتَابَةِ وَالنَّظَرِ لِلْغَائِبِينَ لِأَنَّ فِعْلَ نَائِبِهِ كَفِعْلِهِ كَانُوا مُرْتَزَقِينَ أَمْ لَا قَال ابْنُ حَبِيب فَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْحَاكِمُ أَمَرَهُ وَإِنَّمَا أَمَرَهُ مَنْ خرج من الْحَاكِم أَو الشّركَة اكتنعت شَهَادَتُهُ وَلَوْ مَعَ غَيْرهِ وَقَالهُ ش لِأَنَّهَا عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَسَمِعَ ح شَهَادَتَهُ دُونَ قَوْله وَقَال ابْنُ حَنْبَلٍ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ إِلَّا أَنْ يكون تَاجِرًا فَتَتَأَكَّدَ التُّهْمَةُ بِتَحْصِيلِ الْأُجْرَةِ وَتَنْفُذُ عَنِ الْحَاكِمِ وَيحْتَاج عندنَا إِلَى اثْنَيْنِ غَيره إِن الْقَاضِي أَمَرَهُ أَوِ ارْتَضَاهُ الْوَرَثَةُ وَأَلْزَمُوا أَنْفُسَهُمْ قَسْمَهُ بَعْدَ الْقَسْمِ وَكَذَلِكَ الْعَاقِدُ وَالْمُحَلِّفُ وَمَنْ ذكر مَعَهم وَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ عِنْدَ غَيْر الَّذِي أَمَرَهُمْ وَلَا وَحْدَهُمْ وَلَا مَعَ غَيْرهِمْ لِلتُّهْمَةِ فِي تَصْحِيحِ أَفْعَالِهِمْ كَمَا لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْقَاضِي الْمَعْزُول فِيمَا يذكر أَنه حكم بِهِ فلَان وهذ تَفْسِيرُ قَوْل مَالِك وَقَال سَحْنُون تُمْتَنَعُ شَهَادَةُ قَاسِمِينَ وَإِنِ اسْتَنَابَهُمُ الْحَاكِمُ لِلتُّهْمَةِ

فرع

(فَرْعٌ) قَالَ الْأَبْهَرِيّ يُخَيّر الإِمَام الشّركَة فِيمَن يقسم بَينهم وَيقدم من يرضوه إِنْ كَانَ رِضًى لِأَنَّهُ أَصْلَحُ لِذَاتِ الْبَيْنِ واقرب لمصلحتهم الرُّكْن الثَّانِي الْمَقْسُوم وَفِي الْكِتَابِ يُقْسَمُ الْعَبِيدُ إِذَا انْقَسَمُوا وَإِنْ أَبَاهُ بَعْضُهُمْ وَالْجِذْعُ وَالثَّوْبُ الْوَاحِدُ وَالثَّوْبُ الْمُلَفَّقُ مِنَ الْمَعْدِنِيِّ وَغَيْرهِ قِطْعَتَيْنِ وَالْبَابُ وَالْمَصْرَعَانِ وَالْخُفَّانِ وَالنَّعْلَانِ وَالرَّحَى لَا يَنْقَسِمُ ذَلِكَ إِلَّا بِالتَّرَاضِي لِأَنَّ الْإِجْبَارَ عَلَى الْفَسَادِ غَيْر مَشْرُوعٍ وَالسَّاعِدَانِ والساقان وَالْيَدَانِ والفص واليوقوته وَاللُّؤْلُؤَةُ وَالْخَاتَمُ لَا يُقْسَمُ هَذَا كُلُّهُ لِمَا فِي تَفْرِيقِهِ مِنَ الْفَسَادِ فَإِنِ اجْتَمَعَ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ عَدَدٌ يَحْتَمِلُ الْقَسْمَ قُسِمَ كُلُّ صِنْفٍ وَحْدَهُ وَالْغِرَارَتَانِ إِنْ كَانَ قَسْمُهُمَا فَسَادًا لم يقسما وَإِلَّا قسما والخرج والخبا إِذَا أَبَى أَحَدُهُمَا قَسْمَهُ لَمْ يُقْسَمْ وَالْمَحْمَلُ إِذَا نَقَصَ قِسْمَه ثَمَنِهِ لَمْ يُقْسَمْ إِلَّا بِالتَّرَاضِي وَتُقْسَمُ الْجُبَّةُ وَإِنْ أَبَى أَحَدُهُمَا كَالطَّعَامِ فِي التَّنْبِيهَات قَوْلهُ فِي الْجِذْعِ لَا يُقْسَمُ يَعْنِي وَإِنِ احْتَمَلَ الْقَسْمَ وَانْتُفِعَ بِهِ وَقِيلَ بَلْ لِأَنَّهُ يُحَوَّلُ عَنْ حَالِهِ وَإِنَّمَا يَكُونُ الْقَسْمُ فِيمَا لَا يُحَوَّلُ وَإِنَّمَا يُقْسَمُ بِالْعَدَدِ وَالْمِقْدَارِ وَأَمَّا مَا يَتَغَيَّرُ بِالنَّقْضِ وَالتَّفْرِيقِ وَيُحَوَّلُ عَنْ حَالِهِ فَلَا إِلَّا فِي الرِّبَاعِ وَالْأَرْضِ قَالهُ أَشْهَب قَال وَلَوْ كَانَ الْقَطْعُ يَصْلُحُ للثوب والخشية لم يقسمها قَال حَمْدِيسٌ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْخَشَبَةُ نَخِرَةً لَا تَصْلُحُ إِلَّا لِلْحَطَبِ فَهَذَا لَا يُخْتَلَفُ فِيهِ لِعَدَمِ الْفَسَادِ قَال ابْنُ يُونُسَ جَوَّزَ أَشْهَب قَسْمَ الْخَرْجِ وَالْحَبْلِ وَالسَّاعِدَيْنِ وَنَحْوِهِمَا عَلَى التَّرَاضِي وَالْفَصِّ الْكَبِيرِ بِالتَّرَاضِي قَال اللَّخْمِي إِنَّمَا

(فرع)

يَصِحُّ قَوْلهُ فِي الْجِذْعِ وَالثَّوْبِ وَالْمِصْرَاعَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ عَلَى أَحَدِ قَوْليْهِ فِي مَنْعِ قَسْمِ الْحَمَّامِ وَعَلَى قَوْلهِ بِالْجَوَازِ تُقْسَمُ وَلَا يُرَاعَى فَسَادًا وَلَا نَقْصًا فِي الثَّمَنِ وَلَا تَعْطِيلَ الِاسْتِعْمَالِ لِأَنَّ فَسَادَ الْحَمَّامِ وَانْتِقَالهُ عَنْ مَقْصُوده أَشد وَمَنْعُ الْجَمِيعِ أَحْسَنُ صَوْنًا لِلْمَالِيَّةِ عَنِ الضَّيَاعِ أما الْيَاقُوتَةُ وَنَحْوُهَا فَيَمْتَنِعُ وَإِنْ تَرَاضَوْا لِأَنَّهُ مِنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ قَاعِدَةٌ يَمْتَنِعُ الْقَسْمُ تَارَةً بِحَقِّ اتعالى كالغرر فِي مَشْرُوعِيَّة الْقرعَة فِي المتخلفات فَإِن الضَّرَر يعظم أَو الرِّبَا كَقَسْمِ الثِّمَارِ بِشَرْطِ التَّأْخِيرِ إِلَى الطِّيبِ لِمَا يَدْخُلُهُ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ غَيْر مَعْلُومِ التَّمَاثُلِ فَإِنَّ الْقِسْمَةَ بَيْعٌ أَوْ نَسِيئَةٌ فَإِنَّ تَبَايُنَ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ فَفِي جَوَازِهِ بِالْقَرْعَةِ قَوْلانِ حَكَاهُمَا اللَّخْمِي أَوْ لِإِضَاعَةِ الْمَالِ كالياقوته وَتارَة بِحَق آدَمِيّ كقسم الدَّار اللطيفو وَالْحَمَّامِ وَالْخَشَبِ وَالثَّوْبِ وَالْمِصْرَاعَيْنِ وَلِذَلِكَ يَجُوزُ بِالتَّرَاضِي لِأَنَّ لِلْآدَمِيِّ إِسْقَاطَ حَقِّهِ بِخِلَافِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَمَنَعَ الْأَئِمَّةُ قَسْمَ مَا فِيهِ ضَرَرٌ أَوْ بِغَيْر نَوْعِ الْمَقْسُومِ وَمَنَعَ ح قَسْمَ الرَّقِيقِ خِلَافًا لِ ش لِأَنَّ مَنَافِعَهُ مُخْتَلِفَةٌ بِالْفِعْلِ وَغَيْرهِ فَلَا يُمْكِنُ فِيهِ التَّعْدِيلُ وَجَوَابُهُ لَوِ امْتَنَعَ تَعْدِيلُهُ لَامْتَنَعَ بَيْعُهُ وَتَقْوِيمُهُ فِي الْإِتْلَافِ لِأَنَّهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى مَعْرِفَةِ الْقِيَمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَفِي النَّوَادِرِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ لَا يُقْسَمُ حَيَوَانٌ وَلَا عَرَضٌ بِالْقِيمَةِ بَلْ يُبَاعُ وَيُقْسَمُ ثَمَنُهُ وَعَنْهُ الْجَوَازُ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا دُعِيَ أَحَدُهُمَا لِقَسْمِ الثَّوْبِ لَمْ يُقْسَمْ بَلْ يَتَقَاوَمَاهُ وَإِلَّا بِيعَ تَحْصِيلًا لِمَقْصُودِ كُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا من ملكه بِحَسب إلامكان فَإِذا اسْتَقَرَّ عَلَى ثَمَنٍ فَلِمَنْ أَبَى الْبَيْعَ أَخْذُهُ وَإِلَّا بيع

(فرع)

(فَرْعٌ) تُقَسَّمُ الصُّبْرَةُ الْمَغْلُوثَةُ بِخِلَافِ صُبْرَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ لِلْغَرَرِ فِي الْغَلْثِ وَاخْتِلَافِهِ فِي الْقَسْمِ وَالْقَسْمُ بَيْعٌ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ بَيْنَهُمَا نَقْضٌ دُونَ الْقَاعَةِ تَجُوزُ قِسْمَتُهُ تَرَاضِيًا وَبِالْقَرْعَةِ وَيُخَيَّرُ الْمُمْتَنِعُ لِأَنَّهُ كَذَلِك فَإِن أَرَادَ هَذَا النَّقْضَ وَرَبُّ الْقَاعَةِ غَائِبٌ رُفِعَ ذَلِكَ لِلْإِمَامِ فَإِنْ رَأَى شِرَاءَ ذَلِكَ لِلْغَائِبِ بِقِيمَةِ النَّقْضِ مَنْقُوضًا فَعَلَ لِأَنَّهُ النَّاظِرُ فِي أَمْوَالِ الْغَائِبِينَ وَإِلَّا تَرَكَهُمْ وَتَلَوَّمَ لِلْغَائِبِ مَا أَرَادَ فَإِنْ نُقِضَ دُونَ الْإِمَامِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُ مَالهمَا وَإِذا بَنَيَا فِي عَرْصَتِكَ بِإِذْنِكَ ثُمَّ أَرَدْتَ إِخْرَاجَ أَحَدِهِمَا بَعْدَ مُدَّةِ الْعَارِيَةِ إِنْ قَدَرَا عَلَى قَسْمِ الْبِنَاءِ قَسْمًا وَخُيِّرَتْ فِي الْمَخْرَجِ بَيْنَ إِعْطَائِهِ قِيمَةَ حِصَّتِهِ أَوْ أَمْرِهِ بِقَلْعِهِ وَإِنْ لم يَنْقَسِم تقاوماه أَو يبيعائه فَإِذَا بَلَغَ الثَّمَنَ فَلِلْمُقِيمِ فِي الْعَرْصَةِ أَخْذُ ذَلِكَ بِشُفْعَتِهِ بِمَا بَلَغَ قَال ابْنُ يُونُسَ قَال سَحْنُون كَيْفَ يَشْتَرِي السُّلْطَانُ لِلْغَائِبِ وَلَيْسَ مَجْنُونا ومحجوراً عَلَيْهِ وَلَعَلَّه يكره ذَلِك وَمن ايْنَ بعطى الثَّمَنَ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ لَا تُقْسَمُ الطَّرِيقُ إِذَا امْتَنَعَ بَعْضُهُمْ نَفْيًا لِلضَّرَرِ وَيُقْسَمُ الْجِدَارُ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ وَقِيلَ لَا يُقْسَمُ وَإِنْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ عَلَيْهِ جُذُوعٌ لَمْ يُقْسَمْ وَتَقَاوَمَاهُ وَتَأَوَّلَ مَالِك قَوْله تَعَالَى {مِمَّا قل مِنْهُ أَو كثر} قَال وَيُقْسَمُ الْبَيْتُ الصَّغِيرُ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ لِأَحَدِهِمْ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَالْأَرْضُ الْقَلِيلَةُ وَالدُّكَّانُ الصَّغِيرُ فِي السُّوقِ إِنْ كَانَ أَصْلُ الْعَرْصَةِ بَينهمَا وَالْحمام الماجل وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ يَنْقَسِمُ خِلَافًا لِ ش وح قَال ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنَّمَا لَمْ يُقْسَمِ الطَّرِيقُ وَالْجِدَارُ مَعَ الضَّرَرِ

لِأَنَّهُ لَا كَبِيرَ عَرْصَةٍ لَهُمَا فَلَا يُقْسَمَانِ إِلَّا بِالتَّرَاضِي أَوْ عَلَى غَيْر ضَرَرٍ قَال وَأَنَا أَرَى مَا لَا يَنْقَسِمُ إِلَّا بِضَرَرٍ وَلَا يَحْصُلُ مِنْهُ مُنْتَفَعٌ مِنْ دَارٍ أَوْ أَرْضٍ أَوْ غَيْرهِمَا لَا يُقْسَمُ وَيُبَاعُ فَيُقْسَمُ ثمنه لقَوْل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ وَكَذَلِكَ الْمَاجِلُ إِلَّا أَنْ يَصِيرَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مَاجِلٌ يُنْتَفَعُ بِهِ وَلَا يقسم اصل الْعُيُون والأبار قبل شربهما بِالْقَلْدِ فِي النُّكَتِ قِيلَ فِي الْجِدَارِ سُتْرَةٌ بَينهمَا لَا يقتسمان أَعْلَاهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَقَعُ لِأَحَدِهِمَا مَا هُوَ قُبَالَةُ صَاحِبهِ فَلَا يُنْتَفَعُ بِهِ وَإِنَّمَا يَبْنِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ جَمِيعِ الْحَائِطِ قَال صَاحِب التَّنْبِيهَات إِنَّمَا تُكُلِّمَ فِي الْآبَارِ وَالْعُيُونِ عَلَى الْوَاحِدِ فَإِنْ أَمْكَنَ قَسْمُ الْجَمَاعَةِ وَاعْتَدَلَتْ قُسِمَتْ وَقَالهُ سَحْنُون وَتَأَوَّلَهُ عَلَى الْكِتَابِ وَحَمَلَهُ ابْنُ لَبَابَةَ عَلَى الْعُمُومِ وَاسْتَدَلَّ بِمُخَالَفَتِهِ فِي الْجَوَابِ فِي الْمَوَاجِلِ وَحَكَى عَنْ مَالِك الْمَنْعَ ثُمَّ قَال وَأَمَّا أَنَا فَلَا أَرَى ذَلِكَ لِلضَّرَرِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مَاجِلٌ قَال الْقَاضِي وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ لِأَنَّهُ إِنَّمَا تَكَلَّمَ على ماجل وَاحِد إِذا كَانَ كَبِيرًا يَصِيرُ مِنْهُ مَوَاجِلُ وَالْبِئْرُ لَا تَكُونُ مِنْهَا آبَارٌ وَلَا الْعَيْنُ عُيُونًا وَقِيلَ إِنَّمَا رَأَى ذَلِكَ مَالِك فِي الْمَاجِلِ لِأَنَّ لَهَا عَرْصَةً وَلَا كَبِيرَ عَرْصَةٍ لِلْآبَارِ وَالْعُيُونِ من الارض وَإِذا قَال فِي الْحَائِطِ وَقَدْ يَكُونُ مَنْعُ قَسْمِ الْبِئْرِ اتِّبَاعًا لِلْعَمَلِ لِأَنَّهُ لَمْ يُسْمَعْ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يُقْسَمُ الْجِدَار إِلَّا عَن ترَاض صَدرا كَانَ أَوْ حَامِلًا قَال مُطَرِّفٌ فَإِنْ كَانَ بَعضهم ينْتَفع بسعة سَهْمه من الْبَيْت ويضيف سَهْمَ غَيْرهِ قُسِمَ كَمَا قَال مَالِك وَلَا يُمْنَعُ أَحَدٌ الِانْتِفَاعَ بِمِلْكِهِ لِتَضَرُّرِ غَيْرهِ وَإِنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ أَحَدٌ لِلْقِلَّةِ بِيعَ وَقُسِمَ ثَمَنُهُ نَفْيًا لِلضَّرَرِ وَمَنَعَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ ضَاقَ عَلَى أَحَدِهِمْ نَفْيًا لِمُطْلَقِ الضَّرَرِ وَإِنِ انْتَفَعَ أَقَلُّهُمْ نَصِيبًا بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ النَّفْعِ قسم قَالَ

(فرع)

اللَّخْمِي إِذَا اقْتَسَمَا وَتَرَكَا الطَّرِيقَ لَا يُقْسَمُ إِلَّا أَنْ يَحْصُلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا طَرِيقٌ مُعْتَبَرٌ لِمِثْلِ تِلْكَ الدَّارِ وَقَوْلهُ لَا يُقْسَمُ الْجِدَار إِن كَانَ لكل وَاحِد عَلَيْهِ ذوع لَيْسَ يبين لِأَنَّ الْحَمْلَ لَا يَمْنَعُ الْقَسْمَ كَمَا لَا يَمْنَعُ قَسْمَ الْعُلُوِّ السُّفْلُ وَحَمْلُ الْعُلُوِّ عَلَى السّفل قَالَ وارى قسْمَة طائفين عَلَى أَنَّ مَنْ صَارَتْ لَهُ طَائِفَةُ الْآخَرِ عَلَيْهِ الْحَمْلُ بِأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا الْجِهَةَ الشَّرْقِيَّةَ وَالْآخَرُ الْغَرْبِيَّةَ لَا الْقِبْلِيَّةَ وَالشَّمَالِيَّةَ لِئَلَّا يَعُمَّ الْحمل وَإِن أَرَادَ يقسم إلاعلى إِن تكون أرضه شبرين قبل كل وَأحد شبر وَحمل الْحَائِط على الشّركَة أَوْ يُرِيدُ قَسْمَهُ بَعْدَ الْهَدْمِ فَيُقَسِّمُ أَرْضَهُ فَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مَا يَلِيهِ وَلَا يُقْسَمُ الْمَاجِلُ إِلَّا إِذَا اتَّسَعَ بِأَنْ يَصِيرَ لِكُلِّ وَاحِد مَا ينْتَفع بِهِ قَالَ أَشهب إِذا قُسِمَتِ الدَّارُ وَتُرِكَ الْمَاجِلُ لَا يُقْسَمُ وَإِنْ لم يقسم قسم مَعهَا يُرِيد إِن صَارَ الْمَاجِلُ فِي أَحَدِ النَّصِيبَيْنِ وَلَمْ يَرَ فِي ذَلِكَ ضَرَرًا إِذَا اعْتَدَلَتِ الْقِيمَةُ وَاخْتَلَفَ قَوْل مَالِك فِي الْحَمَّامِ وَعَدَمُ الْقَسْمِ أَحْسَنُ وَلَوْ رَضِيَا مَنَعَهُمَا الْإِمَامُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فِي إِضَاعَةِ الْمَالِ وَالْخِلَافُ فِي الدَّارِ إِنَّمَا هُوَ إِذَا كَانَتْ مِيرَاثًا أَوْ لِلْقُنْيَةِ أَمَّا لِلتِّجَارَةِ فَلَا تُقُسَمُ اتِّفَاقًا لِتَنْقِيصِهِ الثَّمَنَ وَهُوَ خِلَافُ مَا دَخَلَا عَلَيْهِ وَيُخْتَلَفُ فِي السَّاحَةِ كَالْبَيْتِ أَصْلًا أَوْ تُرِكَتْ بَعْدَ الْقَسْمِ قَال صَاحِب الْمُقَدِّمَات لَمْ يُتَابِعْ مَالِك عَلَى قَسْمِ الدَّارِ وَإِنْ لَمْ يَصِرْ فِي نَصِيبِ كُلِّ وَاحِدٍ إِلَّا قَدْرُ قَدَمٍ إِلَّا ابْنُ كِنَانَةَ وَرَاعَى ابْنُ الْقَاسِمِ انْتِفَاعَ كُلِّ وَاحِدٍ بِنَصِيبِهِ لِلسَّكَنِ وَلَمْ يُرَاعِ نُقْصَانَ الثَّمَنِ وَإِنَّمَا يُرَاعَى ذَلِكَ فِي الْعُرُوضِ وَقِيلَ لَا تُقْسَمُ إِلَّا أَنْ يَدْعُوَ إِلَى ذَلِكَ صَاحِب النَّصِيبِ الْقَلِيلِ وَقَالَهُ ش وح لِإِسْقَاطِهِ حَقَّهُ وَقِيلَ يُجْبَرُ عَلَيْهِ (فَرْعٌ) قَال قِيلَ يُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ مِنْ قَسْمِ الْحَبْسِ عَلَيْهِ من الْأَعْيَان وَينفذ بَينهم إِلَى إِن

(فرع)

يَحْدُثَ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْوِلَادَةِ مَا يُغَيِّرُهُ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ مُسْتَدِلًّا بِقَوْلهِمْ إِنَّ الْمُحَبِّسَ فِي مَرَضِهِ عَلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ أَنَّ الْحَبْسَ يُقْسَمُ عَلَى عَدَدِ الْوَلَدِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ وَظَوَاهِرُ كَثِيرَةٌ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَقِيلَ لَا يَقُول مَالِك فِي الْكِتَابِ لَا يُقْسَمُ الْحَبْسُ وَلَا يُجَزَّأُ وَقِيلَ لَا يُقْسَمُ إِلَّا أَنْ يَتَرَاضَى الْمُحَبِّسُ عَلَيْهِمْ عَلَى قَسْمِهِ قَسْمَ اغْتِلَالٍ وَقَال الشَّافِعِيَّةُ إِذَا فَرَّعْنَا عَلَى أَنَّ الْقَسْمَ بَيْعٌ امْتَنَعَ قَسْمُ الْوَقْفِ مَعَ الْمُطْلَقِ وَإِلَّا جَازَ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ قَسْمُ نَخْلَةٍ وَزَيْتُونَةٍ إِذا اعتدلتا ورضيا فَيَأْخُذ هَذَا نَخْلَة الآخر الْأُخْرَى مِنْ غَيْر إِجْبَارٍ وَلِأَنَّهُمَا جِنْسَانِ وَإِنْ لَمْ يَعْتَدِلَا تَقَاوَمَاهُمَا أَوْ بَاعَاهُمَا مِثْلَ مَا لَا يَنْقَسِمُ مِنْ ثَوْبٍ أَوْ عَبْدٍ وَمَنْ دُعِيَ مِنْهُمَا لِلْبَيْعِ جَبَرَ الْآخَرَ تَحْصِيلًا لِلِاخْتِصَاصِ بِالْمِلْكِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فَإِذَا اسْتَقَرَّا عَلَى ثَمَنٍ فَلِكَارِهِ الْبَيْعِ أَخْذُهُمَا بِذَلِكَ قَال صَاحِب التَّنْبِيهَات قِيلَ هَذَا نُزُوعٌ مِنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِلَى مَذْهَب أَشهب فِي جَمِيع الصِّنْفَيْنِ بِالسَّهْمِ عَلَى التَّرَاضِي وَابْنُ الْقَاسِمِ يَمْنَعُهُ وَقَدْ يَكُونُ هَذَا مِثْلَ الثِّمَارِ الْمُخْتَلِفَةِ وَقَدْ أَنْكَرَ سَحْنُون الْمَسْأَلَتَيْنِ مَعًا وَقِيلَ الْمُرَادُ هُنَا قَسْمُ الْمُرَاضَاةِ وَقِيلَ إِنَّمَا جَازَ ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ فِيمَا قَلَّ كَمَا جَازَ فِي الْأَرْضِ الْوَاحِدَةِ بَعْضُهَا رَديءٌ بِخِلَافِ الْأَرَاضِي الْمُفْتَرِقَةِ وَالدَّارِ بَعْضُهَا جَدِيدٌ وَبَعْضُهَا رَثٌّ بِخِلَافِ الدُّورِ وَكَذَلِكَ قَال ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ بِقَوْلهِ رَضِيَا أَيْ بِالْقُرْعَةِ وَلِذَلِكَ شَرَطَ الِاعْتِدَالَ (فَرْعٌ) فِي النَّوَادِرِ عَنِ ابْنِ حَبِيب يَجُوزُ قَسْمُ الدَّيْنِ إِذَا كَانَ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ حَضَرَ الْغَرِيمُ أَمْ لَا كَمَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَمَنَعَ ش ذَلِكَ قَال لِأَنَّهُ بيع للدّين مِنْ غَيْر مَنْ هُوَ

(فرع)

عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ وَإِنْ قُلْنَا الْقسم إِقْرَار فإقرار الذمم محَال لعدم تعْيين مَا فِي الذِّمَّةِ وَمِنْ هَذَا فِي صِفَةِ الْقِسْمَة بغية (فَرْعٌ) فِي النَّوَادِرِ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَهُمْ قَسْمُ الدَّارِ الْمُكْتَرَاةِ وَالْكِرَاءُ الْمَوْرُوثُ مَاضٍ وَيُقَوَّمُ كل وَأحد مَا يصير لَهُ إِنْ لَمْ يَضُرَّ بِالْمُكْتَرِي وَلَا يُضَيَّقْ عَلَيْهِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ سُكْنَى نَصِيبِهِ إِنْ لَمْ يَضُرَّ بالمكتري وَلَا يضيق عَلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُم إِخْرَاجه حَتَّى يتم لِتَقَدُّمِ حَقِّهِ قَبْلَ الِانْتِقَال إِلَيْهِمْ فَمَا انْتَقَلَ إِلَيْهِمْ إِلَّا نَاقِصًا كَبَيْعِ الدَّارِ الْمُكْتَرَاةِ (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِر إِذَا تَنَازَعَ الشُّرَكَاءُ فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ فَمَنْ طَلَبَ الْبَيْعَ أُجْبِرَ الْبَاقُونَ إِلَّا أَن يكون بيع حِصَّته مفرزة لَا تنقض كالفنادق والدور الْكِبَار وَقَالَ ش وح لَا يُجْبَرَانِ عَلَى الْبَيْعِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُم} فَالرِّضَا شَرْطٌ وَالْجَبْرُ يُنَافِيهِ وَجَوَابُهُمَا أَنَّ نَفْيَ الضَّرَرِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الرِّضَا فَإِنَّ الْقَسْمَ عِنْدهمَا بيع ويدخلها الْجَبْرُ وَالشُّفْعَةُ يَدْخُلُهَا الْجَبْرُ وَالْإِنْسَانُ مُحْتَاجٌ لِلِاخْتِصَاصِ بِملكه وَلَا يحصل ذَلِك بِقَسْمِ الْعَيْنِ أَوْ بَدَلِهَا وَهُوَ الثَّمَنُ الرُّكْن الثَّالِث صفة الْقِسْمَة قَالَ صَاحب الْمُقدمَات الْقسم أما إِن يتبع فِي رِقَاب أَو مَنَافِع وَقسم رِقَاب أَمْوَال ثَلَاثَةٌ قُرْعَةٌ بَعْدَ التَّقْوِيمِ وَتَعْدِيلٌ وَمُرَاضَاةٌ بَعْدَ تَعْدِيلٍ وَتَقْوِيمٍ وَمُرَاضَاةٌ بِغَيْر تَقْوِيمٍ وَلَا تَعْدِيلٍ وَلِكُلِّ صِفَةٍ أَحْكَامٌ تَخُصُّهَا

فَيَخُصُّ الْأَوَّلَ إِجْبَارُ الْمُمْتَنِعِ عَنْهَا عَلَيْهَا وَتَخْتَصُّ بِالْجِنْسِ الْوَاحِدِ مِنَ الْعَقَارِ أَوِ الْحَيَوَانِ أَوِ الْعُرُوضِ لِئَلَّا يَعْظُمَ الْغَرَرُ بِالْقُرْعَةِ فِي الْمُخْتَلِفَاتِ دُونَ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَلَا يُجْمَعُ سَهْمُ اثْنَيْنِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَوَقُّعِ تَكَرُّرِ الْقُرْعَةِ وَزِيَادَةِ الْغرَر وَيرجع فِيهَا بِالْعينِ لِعَدَمِ الدُّخُولِ عَلَى التَّفَاوُتِ وَلَا تَدَخُلْ فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ لِإِمْكَانِ قَسْمِهِ بِغَيْر غَرَرِ الْقُرْعَةِ بِالْمِكْيَالِ وَالْمِيزَانِ وَيَخُصُّ الثَّانِيَةَ جَوَازُهَا فِي الْأَجْنَاسِ وَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ لِعَدَمِ الْقُرْعَةِ إِلَّا فِي صِنْفٍ يَمْتَنِعُ التَّفَاضُلُ فِيهِ فَإِنَّ الرِّضَا فِيهِ بِغَيْر الْمُمَاثِلِ حَرَامٌ وَيَرْجِعُ فِيهَا بِالْغَبْنِ لِمَا تَقَدَّمَ وَتَخْتَصُّ الثَّالِثَةُ بِعَدَمِ الرُّجُوعِ بِالْغَبْنِ مَعَ جَوَازِهَا فِي مَوَارِدِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّ الْتِزَامَ عَدَمِ التَّعْدِيلِ رضَا بالتفاوت وَهِي بيع اتِّفَاقًا ويجكم فِيهَا بِحُكْمِ الْبَيْعِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَسَائِرِ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْبَيْعِ وَاخْتُلِفَ فِي الْأَوَّلَيْنِ فَالْمَشْهُور إنَّهُمَا بيع وَقَالَهُ ش وح لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُعَوَّضُ عَنِ الشَّافِعِ فِيمَا أَخَذَهُ شَرِيكُهُ الشَّافِعُ مِمَّا أَخَذَهُ لِشَرِيكِهِ وَهَذَا هُوَ حَقِيقَةُ الْبَيْعِ وَقَال سَحْنُون وَابْنُ حَنْبَلٍ تَمْيِيزُ حَقٍّ قَال صَاحِب التَّنْبِيهَات وَهُوَ الصَّحِيحُ من مَذْهَبنَا واقوال أئتمنا وَإِن كَانَ وَمَالك اطلق عَلَيْهِمَا بيع واضطراب فِيهَا رَأْيُ ابْنِ الْقَاسِمِ لِقَسْمِ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ الْبَقَرَ وَالْإِبِلَ الْمَذْبُوحَةَ عَنْ سَبْعٍ وَبَيْعُ لُحُومِ الْقُرَبِ حَرَامٌ وَلِأَنَّ الْقُرْعَةَ وَالْإِجْبَارَ يُنَافِيَانِ الْبَيْعَ لِاشْتِرَاطِ الرِّضَا فِيهِ وَلِأَنَّ تَعْوِيضَ الْمُعَيَّنِ عَنِ الشَّائِعِ لَوْ كَانَ بَيْعًا لَكَانَ قَبْضُ طَعَامِ السَّلَمِ وَالدُّيُونِ بَيْعًا فَيَلْزَمُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَبَيْعُ الْمُؤَجَّلِ فِي الذِّمَمِ بِالْمُعَجَّلِ وَصَرْفُ مَا فِي الذِّمَمِ قَبْلَ حُلُولِهِ بِجَوَاز تَعْجِيلِ الدَّيْنِ قَبْلَ أَجَلِهِ بَلْ هَذَا أَوْلَى بِالْبَيْعِ فَإِنْ عَيَّنَ مَا أَخَذَ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ مِلْكٌ وَالْمُقَاسِمُ كَانَ يَمْلِكُ فِيمَا أَخَذَ نَصِيبًا وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنَ الْقَسْمِ لِلضَّرُورَةِ وَتَوْسِعَةٍ عَلَى النَّاسِ فِي التَّقْرِيب

وَالْجَوَاب عَن الثإني إِن الرِّضَا قَول يُشْتَرَطُ فِيهِ الْبَيْعُ لِدَفْعِ الضَّرَرِ كَالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ وَبَيْعِ مَالِ الْمُفْلِسِ تَنْبِيهٌ لَا يُمْكِنُ الْقَوْل بِأَنَّهَا بَيْعٌ مُطْلَقًا فَإِنْ عَيَّنَ مَا أَخَذَ لَهُ فِيهِ حِصَّةٌ قَبْلَ الْقَسْمِ وَهِيَ الْآنَ بَاقِيَةٌ لَهُ فَلَمْ يُعَاوِضْ فِيهَا نَظَائِرُ قَال الْعَبْدِيُّ يُجْبَرُ الْإِنْسَانُ عَلَى بَيْعِ مَالِهِ فِي سَبْعِ مَسَائِلَ الْمَاءُ لِلْعَطْشَانِ فَإِنْ تَعَذَّرَ الثَّمَنُ أُجْبِرَ بِغَيْر ثَمَنٍ وَمَنِ انْهَارَتْ بِئْرُهُ وَخَافَ عَلَى زَرْعِهِ الْهَلَاكَ يُجْبَرُ جَارُهُ عَلَى سَقْيِهِ بِغَيْر ثمن وَقيل بِالثّمن والمحتكر يجْبر على بيع طَعَامه وجار الطَّرِيق إِذا أفسدها السَّيْل وَكَذَلِكَ السَّاقِيَةُ إِذَا أَفْسَدَهَا السَّيْلُ يُؤْخَذُ مَكَانَهَا بِالْقِيمَةِ مِنْ جَارِ السَّاقِيَةِ وَإِذَا ضَاقَ الْمَسْجِدُ يُجْبَرُ مَنْ قَارَبَهُ عَلَى الْبَيْعِ لِيُوَسِّعَ لِلنَّاسِ وَصَاحِب الْفَدَّانِ فِي فَدَنِ الْجَبَلِ إِذَا احْتَاجَ النَّاسُ إِلَيْهِ لِيُخَلِّصَهُمْ لِأَجْلِ وَعْرِهِ وَصَاحِب الْفَرَسِ أَو الْجَارِيَة يُبْطِلهَا السُّلْطَانُ فَإِنْ لَمْ يَدْفَعْهَا إِلَيْهِ جُبِرَ النَّاسُ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ هُوَ تَغْلِيبًا لِأَحَدِ الضَّرَرَيْنِ وَالْإِنْسَانُ مُضْطَرٌّ لِلْخَلَاصِ مِنْ سُوءِ الشَّرِكَةِ وَالِاسْتِقْلَالِ بِمِلْكِهِ من غير مُزَاحم فَتعين الْإِجْبَارُ وَإِنْ كَانَ الْقَسْمُ بَيْعًا وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الْمُسْتَحَقَّ فِي السَّلَمِ وَالدُّيُونِ حَقِيقَةٌ مُطْلَقَةٌ تَجِبُ عَلَى الْمَدْيُونِ بِعَيْنِهَا فِي مُعَيَّنٍ لِيَحْصُلَ الْإِقْبَاضُ وَهَذِهِ الْحَقِيقَةُ لَمْ يُنْتَقَلْ عَنْهَا إِلَى غَيْرهَا فَمَا وَجَدَ مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ وَفِي الْقَسْمِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ نِصْفَيِ الدَّارِ لِزَيْدٍ فِيهِ حق شَائِع

(فرع)

عَاوَضَ عَنْ أَحَدِ الشَّائِعَيْنِ بِالْآخَرِ فَتَقَرَّرَ مَعْنَى الْمَبِيع قَالَ وَالْأَظْهَر أَن الأولى تميز بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ وَدَلِيلُ الْقُرْعَةِ قَوْله تَعَالَى {فَسَاهَمَ فَكَانَ من المدحضين} وقَوْله تَعَالَى {وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أقلامهم أَيهمْ يكفل مَرْيَم} وَفِي مُسْلِمٍ أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ سِتَّةَ أَعْبُدٍ بِمَوْتِهِ فاسهم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَينهم فاعتق ثلثهم وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَيْهِ السَّلَامُ لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَن يستهموا لاستهموا وَإِنَّمَا وَقَعَتِ الْقُرْعَةُ فِي تِلْكَ الصُّوَرِ تَطْيِيبًا للقلوب وإقراراً لحق الْوَرَثَةِ عَنِ الْمُعْتِقِ وَهَذَا مُتَحَقِّقٌ فِي الْقَسْمِ وَمَا يُوجِبهُ الحكم التَّرَاضِي عَلَيْهِ مِنْ غَيْر حُكْمٍ (فَرْعٌ) قَال الْمَكِيلُ وَالْمَوْزُونُ يُجْبَرُ فِيهِ عَلَى التَّعْدِيلِ بِالْكَيْلِ وَالْوَزْن لَا بِمِكْيَال مَعْلُوم أَو بصحفة مَجْهُولَةٍ كَانَ رِبَوِيًّا أَمْ لَا اتِّفَاقًا كَمَا يَمْتَنِعُ اتِّفَاقًا تَحَرِّيًا أَوْ جُزَافًا لِلْمُخَاطَرَةِ وَيَدْخُلُهُ عَدَمُ الْمُمَاثَلَةِ فِي الرِّبَوِيِّ هَذَا فِي الْمَكِيلِ بِخِلَافِ الْمَوْزُونِ يَجُوزُ تَحَرِّيًا وَفِيهِ خِلَافٌ هَذَا إِذَا كَانَ صُبْرَةً فَإِنْ كَانَ صُبْرَتَيْنِ رِبَوِيًّا كَقَمْحٍ وَشَعِيرٍ وَنَقِيٍّ وَمَغْلُوثٍ فَلَا يَجُوزُ إِلَّا الِاعْتِدَالُ بِالْمِكْيَالِ الْمَعْلُومِ أَوِ الصَّنْجَةِ الْمَعْرُوفَةِ فِي

(فرع)

الْمَوْزُونِ لِأَنَّهَا مُبَادَلَةٌ بِالْمِكْيَالِ الْمَجْهُولِ لِأَنَّ آخِذَ الشَّعِيرِ يَقُولُ لَوْ عَلِمْتُ وُصُولَ الشَّعِيرِ لِهَذِهِ الْغَايَةِ لَمْ آخُذْهُ وَلَوِ اقْتَسَمَا الْقَمْحَ عَلَى حِدَةٍ وَالشَّعِيرَ عَلَى حِدَةٍ جَازَ بِالْمَجْهُولِ وَالْمَعْلُومِ وَغَيْر الرِّبَوِيِّ بِالْحِنَّاءِ يَجُوزُ مُتَفَاضِلًا بِالْمَعْلُومِ دُونَ الْمَجْهُولِ مِنَ الْكَيْلِ وَالصَّنْجَةِ لِلْخَطَرِ وَجَازَ قَسْمُ الصُّبْرَة الْوَاحِدَة بالمعلوم والمجهول لِأَن قسمهما لَيْسَ بَيْعًا بَلْ تَمْيِيزُ حَقٍّ (فَرْعٌ) قَال وَأَمَّا الْمَنَافِعُ فَلَا تَجُوزُ الْقُرْعَةُ فِيهَا عِنْدَ أبن الْقَاسِم وَلَا يجْبر مَنْ أَبَاهَا لِأَنَّ الْمَنَافِعَ مَعْدُومَةٌ فَقَدْ لَا تحصل فيغظم الْغَرَرُ بِالْقُرْعَةِ بَلْ يَتَرَاضَيَانِ بِاسْتِغْلَالِ الْعَبْدِ أَوِ الدَّابَّة مُدَّة وَالْآخر مثلهَا وَكَذَلِكَ الإستخدام والروكوب أَوِ السُّكْنَى أَوْ يُزْرَعُ هَذَا مَرَّةً وَالْآخَرُ أُخْرَى وَقَالَهُ ش وح وَيُمْتَنَعُ الِاغْتِلَالُ فِي الْمُدَّةِ الْكَثِيرَةِ اتِّفَاقًا وَجَوَّزَهُ مَالِك فِي الْيَوْمِ وَمَنَعَ الِاسْتِخْدَامَ فِيمَا زَادَ عَلَى الشَّهْرِ قَال ابْنُ الْقَاسِمِ وَيَجُوزُ أَكْثَرَ مِنَ الشَّهْرِ وَخَصَّصَهُ مُحَمَّدٌ بِمِثْلِ خَمْسَةِ أَيَّامٍ وَكُلُّ ذَلِكَ تَحْوِيمٌ عَلَى الْغَلَّةِ وَالْمَنْعُ فِي الْكَثْرَةِ مُلَاحَظَةٌ لِلْغَرَرِ فِي الْحَيَوَانِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الِاسْتِغْلَالِ أَنَّ الِاسْتِغْلَالَ فِي مَعْنَى بَيْعِ مَا لَا يَمْلِكُ مِنَ الْغَلَّةِ لِأَنَّهُ بَيْعُ أَعْيَانٍ مَجْهُولَةٍ وَالِاسْتِخْدَامُ بَيْعُ مَنَافِعَ وَهِيَ جَائِزَةٌ فِي الْمَعْدُوم بِدَلِيل الاجارة هَذَا فِي التهايوء فِي الْعَيْنِ الْوَاحِدَةِ أَمَّا فِي الْعَيْنَيْنِ بِأَنْ يَقْبَلَ هَذَا عَبْدًا وَهَذَا عَبْدًا أَوْ دَارًا وَدَارًا أَوْ أَرْضًا وَأَرْضًا يَزْرَعُهَا وَالْأُخْرَى أَرْضٌ يَزْرَعُهَا فَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَجُوزُ فِي السُّكْنَى وَالزِّرَاعَةِ دُونَ الْغَلَّةِ وَالْكِرَاءِ وَهُوَ عَلَى قِيَاسِ التهايئ فِي الْأَزْمَانِ يَجُوزُ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ عَلَى قَوْل مَالِك وَيُمْنَعُ فِي الْأَكْثَرِ لِلْغَرَرِ وَاسْتِخْدَامُ الْعَبِيدِ وَالدَّوَابِّ يَجْرِي عَلَى الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ فِي تهايئ الْأَزْمَانِ فِي الْعَيْنِ الْوَاحِدَةِ وَجَوَّزَ

(فرع)

ح الْإِجْبَارُ عَلَى قَسْمِ الْمَنَافِعِ فِي سُكْنَى الدَّار ولباس الثَّوْب واستخدام الْبَلَد لِمَا رُوِيَ فِي مُسْلِمٍ أَنَّ امْرَأَةً وَهَبَتْ نَفسهَا للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ لَهُ رجل زوجنيها إِن لم يكنلك بهَا حَاجَة فَطلب مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الصَدَاق فَقَالَ لَا اجد إِلَّا ازراي هَذَا لَهَا نصفه فَقَالَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَمَا تصنع بازراك إِنْ لَبِسَتْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا مِنْهُ شَيْءٌ وَإِنْ لَبِسْتَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ مِنْهُ شَيْءٌ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ لِبْسَهُ حَالَةَ اسْتِحْقَاقِهِ وَهُوَ عَيْنُ الْقَسْمِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْحَدِيثَ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْإِجْبَارِ وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِيهِ لَا فِي تَوْزِيعِ اللِّبْسِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذا اقْتَسمَا ارضاً على إِن لَا طَرِيقَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَلَا طَرِيقَ إِلَّا عَلَيْهِ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ قَسْمِ الْمُسْلِمِينَ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ لَا تُقَسَّمُ الْمُخْتَلَفَاتُ بِالْقُرْعَةِ كَالدُّورِ وَالْأَرَضِينَ أَوِ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَتَجُوزُ فِي دَارَيْنِ فِي مَوْضِعِ جَدِيدَةٍ وَرَثَّةٍ أَوْ دَارٍ بَعْضُهَا جَدِيدٌ وَبَعْضُهَا رَثٌّ لِأَنَّهُ صِنْفٌ وَاحِدٌ كَالرَّقِيقِ فِيهِ الْعَلِيُّ وَالدَّنِيُّ فَإِنْ كَانَ الصِّنْفُ الْوَاحِدُ لَا يَحْمِلُ الْقَسْمَ بِيعَ عَلَى الْجَمِيعِ إِلَّا أَنْ يَتَرَاضَوْا بِغَيْر قُرْعَةٍ وَإِنْ كَانَ مَتَاعٌ وَحُلِيٌّ قُسِّمَ الْمَتَاعُ بِالْقِيمَةِ وَالْحُلِيُّ بِالْوَزْنِ إِلَّا أَن يكون فِيهِ جَوَاهِر لَا تقارنه وَالْفِضَّةُ أَوِ الذَّهَبُ قَدْرَ الثُّلْثِ فَأَدْنَى أَوْ كَانَتْ سُيُوفًا مُحَلَّاةً حِلْيَةُ كُلُّ سَيْفٍ الثُّلْثُ قسم بِالْقيمَةِ تغلبياً لِلْعُرُوضِ كَالْبَيْعِ وَإِلَّا فَلَا

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ يُمْتَنَعُ فِي قَسْمِ التَّمْرِ تَفْضِيلُ أَحَدٍ فِي الْكَيْلِ لِرَدَاءَةِ حَظِّهِ أَوِ المساواه فِي الْمِقْدَار وَلَا يُؤَدِّي آخِذُ الْجَيِّدِ ثَمَنًا لِأَنَّهُ بَيْعُ طَعَامٍ غَيْر مُتَمَاثِلٍ فَإِنْ أَخَذَ أَحَدُهُمَا جُمْلَةَ الدَّرَاهِمِ وَثُلُثَ الطَّعَام وَالْآخر ثُلُثَاهُ وَهِي سمرا وَمَحْمُولَةٌ أَوْ نَقِيٌّ وَمَغْلُوثٌ امْتَنَعَ لِمَا تَقَدَّمَ أَوْ مُتَسَاوِي النَّقَاءِ وَالْجَوْدَةِ وَالْجِنْسِ أَوْ مِنْ صبرَة ينْفق أَعْلَاهَا وَأَسْفَلُهَا جَازَ بِخِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ لِأَنَّ هَاهُنَا لَمْ يَأْتِ أَحَدُهُمَا بِطَعَامٍ وَالْآخَرُ بِطَعَامٍ وَدَرَاهِمَ وَلَوْ أَخَذَ ثُلُثَيِ الْقَمْحِ وَثُلُثَ الشَّعِيرِ وَالْآخَرُ ثُلُثَيِ الشَّعِيرِ وَثُلُثَ الْقَمْحِ جَازَ لِأَنَّهُمَا جِنْسٌ وَإِنْ أَخَذَ الْقَمْحَ وَالْآخَرُ الْقُطْنِيَّةَ يَدًا بِيَدٍ جَازَ كَالْبَيْعِ وَلَوْ كَانَا زَرْعًا امْتَنَعَ إِلَّا عَلَى الْحَصْدِ مَكَانَهُمَا خَشْيَةَ النَّسَاءِ وَلَوْ كَانَ الزَّرْعُ صِنْفًا وَاحِدًا امْتَنَعَ الْقَسْمُ حَتَّى يُدْرَسَ فَيُقَسَّمَ كَيْلًا خَشْيَةَ التَّفَاضُلِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا اقْتَسَمَا صُبْرَةَ قَمْحٍ وَصُبْرَةَ شَعِيرٍ وَالْقَمْحُ أَكْثَرُ بِأَمْرٍ بَيِّنٍ فَأَخَذَهُ أَحَدُهُمَا وَالْآخَرُ الشَّعِيرَ امْتَنَعَ لِلتَّفَاضُلِ وَإِنْ تَرَكَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنَ الْقَمْحِ وَاقْتَسَمَا الشَّعِيرَ جُزَافًا أمتنع لعد تَحْقِيقِ التَّمَاثُلِ وَكَأَنَّهُ خَاطَرَهُ بِمَا تَرَكَ مِنَ الْقَمْح وَيجوز كَيْلا قَالَ أَشهب إِذا اخذا الشّعير والقمح أَوْ ثُلُثَيْهِ جَازَ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ قَال مُحَمَّدٌ وَكُلُّ مَا يُكَالُ مِنْ طَعَامٍ أَوْ غَيْرهِ لاقسم تَحَرِّيًا نَفْيًا لِلْغَرَرِ وَمَا يَتَعَذَّرُ فِيهِ غَيْر الْوَزْنِ كَالْقَمْحِ يُقَسَّمُ وَيُبَاعُ تَحَرِّيًا قَال ابْنُ الْقَاسِمِ ذَلِكَ فِي الْقَلِيلِ وَذَكَرَ ابْنُ حَبِيب الْبَيْضَ فِي هَذَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْوَزْنِ وَالْكَيْلِ عَدَمُ تَعَذُّرِ الْكَيْلِ وَلَوْ بِالْحَفْنَةِ وَالْوَزْنُ يَتَعَذَّرُ فَسُومِحَ فِيهِ وَأَمَّا مَا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ فَيَجُوزُ التَّحَرِّي عَلَى التَّمَاثُلِ وَالتَّفَاضُلِ كَالْبَيْعِ وَيَمْتَنِعُ عَلَى الشَّكِّ فِي التَّعْدِيلِ قَالهُ مَالِك لِأَنَّهُ بَيْعُ مَجْهُولٍ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُقَسَّمُ مَا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ تَحَرِّيًا إِلَّا عَلَى التَّفَاضُلِ حَذَرًا مِنَ الْغَبْنِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ دَارٌ بَيْنَهُمَا وَلِأَحَدِهِمَا دَارٌ تَلَاصُقُهَا فَأَرَادَ فَتْحَ بَاب فِي

(فرع)

الْمُشْتَرَكَةِ لِلْآخَرِ مَنْعُهُ لِحَقِّهِ فِي مَوْضِعِ الْفَتْحِ وَإِنْ أَرَادَ فِي الْقَسْمِ جَعْلَ نَصِيبِهِ إِلَى جِهَةِ دَارِهِ حَتَّى يَفْتَحَ الْبَابَ مُنِعَ بَلْ حَيْثُ وَقَعَ سَهْمُهُ أَخَذَهُ فَإِنِ اشْتَرَى أَحَدَ النَّصِيبَيْنِ مَنْ لَهُ دَارٌ تُلَاصِقُهُ فَلَا يَفْتَحُ بَابَهُ إِلَى طَرِيقِ هَذَا لِيَصِيرَ هُوَ وَمَنِ اكترى مِنْهَا وَليكن مَعَهُ إِنْ أَرَادَ رِفْقًا إِلَّا أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ سِكَّةً نَافِذَةً لِمَمَرِّ النَّاسِ يَدْخُلُونَ مِنْ بَابِ دَارِهِ وَيَخْرُجُونَ كَالزُّقَاقِ فَلَا لِلضَّرَرِ قَال ابْنُ يُونُسَ قَال مُحَمَّدٌ صَوَابُهُ مَا لَمْ يُفْتَحْ مِنْ حَائِطِ الشَّرِكَةِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ يجوز التَّفَاضُل فِي الْقسم التَّرَاضِي وَزِيَادَةُ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ عُرُوضًا نَقْدًا أَوْ مَوْصُوفًا إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ أَوْ عَيْنًا نَقْدًا أَوْ مُؤَجَّلًا أَوْ عَلَى أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ صَاحِبهُ أَوْ يَهَبَهُ هِبَةً مَعْلُومَةً كَالْبَيْعِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ قَسْمُ الدَّارِ الْمُسْتَوِيَةِ مُذَارَعَةً بِالْقُرْعَةِ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا أَجْوَدَ أَوْ كُلُّهَا سَوَاءً وَجُعِلَا فِي نَاحِيَةٍ أَكْثَرَ إِلَّا إِنْ تَرَاضَيَا نَفْيًا لَغَرَرِ الْقُرْعَةِ وَيُقَسَّمُ الْبِنَاءُ بِالْقِيمَةِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا طَلَبَ بَعْضُهُمْ قَسْمَ الْبِنَاءِ وَالسَّاحَةِ مَعًا فَإِنْ كَانَ يَصِيرُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ السَّاحَةِ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ فِي مَدْخَلِهِ وَمَخْرَجِهِ وَمَرْبِطِ دَابَّتِهِ وَغَيْر ذَلِكَ أُجِيبَ وَإِنْ كَانَ يَصِيرُ لِأَقَلِّهِمْ نَصِيبًا مَا لَا يَنْتَفِعُ بِهِ إِلَّا فِي دُخُولِهِ وَخُرُوجِهِ فَقَطْ قسم

الْبِنَاءُ وَحْدَهُ وَتُرِكَتِ السَّاحَةُ لِانْتِفَاعِهِمْ نَفْيًا لِلضَّرَرِ ويتنفع الْأَقَلُّ مِثْلَ الْأَكْثَرِ نَصِيبًا سَكَنَ أَمْ لَا وَلَهُمْ مَنْعُ مَنْ يَبْنِي فِي السَّاحَةِ مِنْهُمْ لِئَلَّا يُضَيِّقَ عَلَى غَيْرهِ قَال صَاحِب الْمُقَدِّمَات إِذَا احْتَمَلَتْ سَاحَةُ الدَّارِ وَبُيُوتُهَا الْقَسْمَ قُسِّمَتْ كُلُّهَا قَسْمًا وَاحِدًا وَجُعِلَ لِكُلِّ نَصِيبٍ مِنَ الْبُيُوتِ مَا يُقَابِلُهُ مِنَ السَّاحَةِ وَعَدْلُ ذَلِكَ بِالْقِيمَةِ ثُمَّ أُسْهِمَ عَلَيْهَا وَإِنِ احْتَمَلَتِ الْبُيُوتُ فَقَط قسمت واقرت الساحة يتفرقون بِهَا كَالْفِنَاءِ إِلَّا أَنْ يَتَّفِقُوا عَلَى قَسْمِهَا وَإِنِ احْتَمَلَتِ السَّاحَةُ فَقَطْ فَاللَّائِقُ بِمَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا تُقَسَّمُ إِلَّا بِالتَّرَاضِي لِأَنَّ جَمْعَهَا فِي الْقُرْعَةِ يُخْرِجُ سَهْمَ بَعْضِهِمْ فِي الْبُيُوتِ وَالْآخَرِ فِي السَّاحَةِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ كَالصِّنْفَيْنِ وَقَال ابْنُ حَبِيب يُضَمَّانِ وَإِنْ وَقَعَ سَهْمُ أَحَدِهِمَا فِي الْبُيُوتِ فَقَطْ لِأَنَّهُمَا كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ قَال وَهُوَ بَعِيدٌ لِأَنَّ فِيهِ جَمْعَ الصِّنْفَيْنِ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ مَعَ تَرَاضِيهِمْ فَيَتَخَرَّجَ عَلَى مَذْهَبِ أَشْهَب فِي جَمْعِهِمَا وَعَلَى قَوْل ابْنِ الْقَاسِمِ فِي مَسْأَلَةِ النَّخْلَةِ وَالزَّيْتُونَةِ وَقِيلَ إِنَّ السَّاحَةَ لَا تُقَسَّمُ وَإِنْ صَارَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ قَالهُ مُطَرِّفٌ وَتَأَوَّلَ قَوْل مَالِك عَلَى سَاحَةِ الْبِنَاءِ أَوْ عَلَى سَاحَةِ الدَّارِ إِذَا بَنَوْهَا وَقَسَّمُوا الْبُيُوتَ وَقَال سَحْنُون إِنْ كَانَ عَلَى الْبُيُوتِ حِجْرٌ لَمْ تُقَسَّمِ السَّاحَةُ وَإِلَّا قُسِّمَتْ فَجَعَلَهَا إِذَا كَانَتْ لِلْبُيُوتِ حِجْرًا كَالْفِنَاءِ لَا يُقَسَّمُ إِلَّا بِالتَّرَاضِي وَالْأَفْنِيَةُ تَنْقَسِمُ إِلَى مَا يَكُونُ أَمَامَ دُورِ الْقَوْمِ إِلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ فَلَا يُقَسَّمُ وَإِنِ اجْتَمَعُوا عَلَى قسمه لحق عَامَّة النَّاس فِيهِ عِنْدَ الزِّحَامِ وَغَيْرهِ فَإِنْ قُسِّمَ رُدَّ الْقَسْمُ وَقَال أَصْبَغُ يُمْنَعُ ابْتِدَاءً وَلَا يُنْقَضُ لِأَنَّ حَقَّ الْمَالِك أَقْوَى وَإِلَى مَا يَكُونُ بَيْنَ دُورِ الْقَوْمِ فَيَجُوزُ قَسْمُهُ بِالتَّرَاضِي قَال ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى مَا تَرَاضَوْا عَلَيْهِ كَالْبَيْعِ وَعَنْ مَالِك عَلَى حَالِ مَنَازِلِهِمْ فَإِنِ امْتَنَعَ بَعْضُهُمْ لَمْ يُحْكَمْ بِالْقَسْمِ وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي الْأَنَادِرِ وَالْمَسَارِحِ هَلْ تُقَسَّمُ أَمْ لَا وَهِيَ كَالْفِنَاءِ بَيْنَ دُورِ الْقَوْمِ وَفِي النَّوَادِرِ تُقَسَّمُ السَّاحَةُ الْوَاسِعَةُ إِنْ أَرَادُوا أَنْ يَتَّخِذُوا حِجْرًا عَلَى بُيُوتِهِمْ وَإِنَّمَا لَا تُقَسَّمُ الْعَرْصَةُ الَّتِي لِبُيُوتِهَا حِجْرٌ فَتَبْقَى مِرْفَقًا قَال أَشْهَب تُتْرَكُ إِن ضَاقَتْ

(فرع)

بِالْقَسْمِ وَإِذَا كَانَتْ وَاسِعَةً فَأَرَادَ أَحَدُهُمْ بَيْعَ نَصِيبِهِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إِلَّا مَعَ نَصِيبِهِ من الْبُيُوتِ أَوْ بِإِذْنِ الشُّرَكَاءِ مَتَى اجْتَمَعُوا عَلَى قَسْمِ الْعَرْصَةِ الْوَاسِعَةِ أَوِ الضَّيِّقَةِ قَبْلَ الْقَسْمِ أَوْ بَعْدَهُ قَال مُحَمَّدٌ يَجُوزُ وَإِنْ ضَاقَ الْبُنْيَانُ عَنِ الْقَسْمِ وَاتَّسَعَتِ السَّاحَةُ قُسِّمَا بِالِاجْتِهَادِ وَلَيْسَ عَلَى أَنْ تَقَعَ السِّهَامُ كُلُّهَا فِي الْبُنْيَانِ إِنْ ضَاقَ عَنْهَا لَكِنْ يُجْتَهَدُ فَتَضُمُّ الساحة حصصاً مِنْهَا وَإِنْ حَمَلَ الْبُنْيَانُ وَضَاقَتِ السَّاحَةُ قُسِّمَ الْبُنْيَانُ وَتُرِكَتْ مِرْفَقًا (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ دَارٌ فِيهَا بُيُوتٌ وَسَاحَةٌ وَلَهَا غُرَفٌ وَسُطُوحٌ بَيْنَ يَدَيْهَا قُسِّمَ الْبِنَاءُ عَلَى الْقِيمَةِ وَأَبْقَوُا السَّاحَةَ فالسطح يقوم مَعَ الْبناء تقوم الْغُرْفَةُ بِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا مِنَ الْمُرْتَفَقِ وَلِصَاحِب الْعُلُوّ الارتفاق بِسَاحَة السّفل كارتفاق صَاحب السّفل فِي سَطْحِ الْأَعْلَى إِذْ لَيْسَ مِنَ الْأَفْنِيَةِ وَيُضِيفُ الْقَاسِمُ قِيمَةَ خَشَبِ السَّطْحِ وَالْغُرَفِ مَعَ قِيمَةِ الْبُيُوتِ الَّتِي تَحْتَ ذَلِكَ وَمَا رَثَّ مِنْ خَشَبِ الْعُلُوِّ الَّذِي هُوَ أَرْضُ الْغُرَفِ وَالسَّطْحِ فَإِصْلَاحُهُ عَلَى رَبِّ السُّفْلِ وَلَهُ مُلْكُهُ كَمَا عَلَيْهِ إِصْلَاحُ جُدْرَانِ الْأَسْفَلِ وَإِذَا سَقَطَ الْعُلُوُّ عَلَى الْأَسْفَلِ فَهَدَمَهُ جُبِرَ صَاحِب السُّفْلِ عَلَى بِنَائِهِ أَوْ بَيْعِهِ مِمَّنْ يَبْنِي حَتَّى يبْنى على رَبِّ الْعُلُوِّ عُلُوُّهُ لِالْتِزَامِ صَاحِب السُّفْلِ تَمْكِينَ الْأَعْلَى مِنَ الِانْتِفَاعِ فَإِنْ بَاعَهُ مِمَّنْ يَبْنِيهِ فَامْتَنَعَ جُبِرَ الْمُبْتَاعُ عَلَى الْبِنَاءِ أَوِ الْبَيْعِ مِمَّنْ يَبْنِي تَوْفِيَةً بِالشَّرْطِ قَال ابْنُ يُونُسَ قَال ابْنُ شَعْبَانَ إِذَا خِيفَ سُقُوطُ السُّفْلِ فَقِيلَ إِنَّ تَعْلِيقَ الْأَعْلَى عَلَى صَاحِب الْأَعْلَى لِأَنَّ عَلَيْهِ حِفْظَ مِلْكِهِ وَقِيلَ عَلَى صَاحِب السّفل لِأَن عليع حَمْلَهُ بِالْبِنَاءِ قَال وَبِالْأَوَّلِ أَقُولُ إِلَّا أَنْ يهدمه من غير حَاجَة وَقَوله قبل هَذَا يُجْبَرُ صَاحِب السُّفْلِ عَلَى الْبِنَاءِ أَوِ الْبَيْعِ مِمَّنْ يَبْنِي إِذَا سَقَطَ الْأَعْلَى عَلَى الْأَسْفَلِ إِنَّمَا ذَلِكَ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْر الْقَاعَةِ فَلَا يَقْدِرُ عَلَى أَكْثَرَ من بيعهَا

عَلَيْهِ وَأَمَّا إِذَا كَانَ لَهُ مَالٌ جُبِرَ عَلَى الْبِنَاءِ لِأَنَّ عَلَى صَاحِب الْعُلُوِّ فِي انْتِظَارِ الْبَيْعِ ضَرَرًا وَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ امْتَنَعَ الْبَيْعُ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ قَالهُ سَحْنُون وَقَالَ وَكَذَلِكَ يَحْرُمُ بِإِذْنِ سَيِّدِهَا ثُمَّ يَطَؤُهَا عَلَيْهِ أَنْ يَحْجُبَهَا فَإِنْ فَلَسَ بِيعَتْ عَلَيْهِ مِمَّنْ يَحْجُبُهَا لِضَرُورَةِ التَّفْلِيسِ وَكَذَلِكَ الْأَمَةُ لَهَا وَلَدٌ صَغِير يعْتق السَّيِّد أَحدهمَا لَا يُبَاع الرقيف مِنْهَا إِلَّا لِفَلَسٍ أَوْ ضَرُورَةٍ فَيُبَاعُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيَشْتَرِطُ عَلَى الْمُشْتَرِي عَدَمَ التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا قَال الْلَخْمِيّ لِصَاحِب الْعُلُوِّ الِانْتِفَاعُ بِسَاحَةِ السُّفْلِ لِأَنَّهَا الْعَادَةُ وَالْعَادَةُ اخْتِصَاصُ صَاحِب السُّفْلِ بِالسَّاحَةِ وَعَلَى ذَلِكَ تُقَوَّمُ وَخَشَبُ الْأَجْنِحَةِ لِصَاحِب الْعُلُوِّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَمْدُودًا إِلَى سَقْفِ صَاحِب السُّفْلِ فَيَنْتَفِعَ بِهَا كَأَخْذِ خَشَبِهِ فَمَا خَرَجَ مِنْهَا لِصَاحِب الْعُلُوِّ وَمَا دَخَلَ لِصَاحِب السُّفْلِ وهذ إِذَا كَانَ الْمِلْكُ وَاحِدًا فَيَبِيعُ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ لِدُخُولِ الْمُشْتَرِي عَلَى ذَلِكَ وَمَا نَقَلَ الْعَقْدَ إِلَّا ذَلِكَ وَأَمَّا إِنْ أَحْدَثَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ الْخَشَبَ فَإِنَّ جَمِيعَهَا لَهُ وَإِنْ كَانَ لِصَاحِب الْعُلُوِّ خَشَبٌ يَصْعَدُ عَلَيْهَا لِلْعُلُوِّ وَيَبْنِي عَلَيْهَا دَرَجًا أَوْ كَانَ سَطْحًا لَهُ فَخَشَبُهَا لَهُ وَإِذَا تَهَدَّمَتِ الدَّارُ فَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُجْبَرُ صَاحِب السُّفْلِ عَلَى بِنَائِهِ أَوِ الْبَيْعِ مِمَّنْ يَبْنِي وَقَال سَحْنُون إِنَّمَا يَجُوزُ الْبَيْعُ عَلَى هَذَا إِذَا كَانَ لَا مَالَ لَهُ وَقَال ابْنُ الْقَصَّارِ يُجْبَرُ صَاحِب السُّفْلِ عَلَى الْبناء إِلَّا إِن يخنار صَاحِب الْعُلُوِّ بِنَاءَهُ مِنْ مَالِهِ وَيُمْنَعُ صَاحِب السُّفْلِ مِنَ الِانْتِفَاعِ حَتَّى يُعْطِيَهُ مَا أَنْفَقَ قَال وَأَرَى أَنْ يُخَيَّرَ صَاحِب السُّفْلِ بَيْنَ الْبِنَاءِ أَوِ الْبَيْعِ مِمَّنْ يَبْنِي أَوْ تَمْكِينِ صَاحِب الْعُلُوِّ مِنَ الْبِنَاءِ إِذَا رَضِيَ بِذَلِكَ ثُمَّ يَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ فِي السُّفْلِ هَذَا بِقِيمَةِ كِرَاءِ الْقَاعَةِ وَالْآخَرُ بِقِيمَةِ كِرَاءِ الْبِنَاءِ إِلَّا أَنْ يُعْطِيَهُ بَعْدَ ذَلِكَ قِيمَةَ الْبِنَاءِ يَوْمَ يَأْخُذُهُ قَائِمًا فَإِنْ كَانَ سَبَبُ الِانْهِدَامِ ضَعْفَ الْعُلُوِّ وَصَاحِب السُّفْلِ حَاضِرٌ عَالِمٌ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَضْمَنْهُ وَإِنْ كَانَ صَاحِب السُّفْلِ غَائِبًا وَوَهَى الْعُلُوُّ مِمَّا لَا يَخْفَى سُقُوطُهُ فَهَلْ يَضْمَنُ أَمْ لَا لِأَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ إِلَيْهِ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ وَإِنْ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ وَلَمْ يَفْعَلْ ضَمِنَ قَوْلا وَاحِدًا وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ سَبَبُ الِانْهِدَامِ وِهَاءَ السُّفْلِ وَصَاحِب الْعُلُوِّ حَاضِرٌ أَوْ لَمْ يَقْدَمْ إِنْ كَانَ غَائِبًا وَاخْتُلِفَ إِذَا وَهَى السُّفْلُ هَلْ تَعْلِيقُهُ عَلَى الْأَعْلَى أَوِ الْأَسْفَلِ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ لِأَنَّ الْبَيْعَ فِيمَا كَانَ عَلَى السَّلَامَةِ وَعَلَى أَنَّ الْحَمْلَ على بِنَاء

(فرع)

بِعَيْنِه والمالكان لَا يعلمإن مَا تُؤَدِّيه الْأَحْكَامُ عِنْدَ فَسَادِ الْبِنَاءِ فَإِذَا رَثَّ ذَلِكَ الْمُعَيَّنُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَحْمِلَهُ عَلَى خَشَبٍ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ أَنْ يُعَلِّقَهُ حَتَّى يَحْمِلَ عَلَيْهِ وَوَافَقْنَا ش فِي قَسْمِ الْعُلُوِّ وَالسُّفْلِ بِالْقِيمَةِ وَقَال ح يُقَسَّمُ كُلُّ ذِرَاعٍ مِنَ السُّفْلِ بِذِرَاعَيْنِ مِنَ الْعُلُوِّ لِأَنَّ صَاحِب الْعُلُوِّ لَا يَنْتَفِعُ بِالْهَوَاءِ وَصَاحِب السُّفْلِ يَنْتَفِعُ بِالْقَرَارِ بِالْحَفْرِ وَالْحَمْلِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْقِيمَةَ تَأْتِي عَلَى جَمِيعِ الْأَغْرَاضِ فَلَا حَاجَةَ لِهَذَا التَّحَكُّمِ (فَرْعٌ) لِرَجُلٍ خَمْسَةُ أَمْدَادِ تَمْرٍ وَلِآخَرَ ثَلَاثَةٌ فَمَرَّ بِهِمَا آخَرُ فَأَكَلُوا كُلُّهُمْ سَوَاءً فَلَمَّا فَرَغَ الْمَارُّ دَفَعَ ثَمَانِيَةَ دَرَاهِمَ فَقَال اقْتَسِمَاهَا عَلَى قَدْرِ مَا أَكَلْتُ لَكُمَا قَال صَاحِب الثَّلَاثَةِ آخُذُ نِصْفَهَا لِأَنَّهُ أَكَلَ مِنْ تَمْرِي مِثْلَ مَا أَكَلَ مِنْ تَمْرِكَ وَقَال الْآخَرُ بَلْ لَكَ ثَلَاثَةٌ تَوْزِيعًا لِلْأَكْلِ عَلَى الْمِلْكِ فَحَلَفَ صَاحب الثَّلَاثَة إِن لَا يَأْخُذَ إِلَّا مَا حَكَمَ بِهِ الشَّرْعُ فَتَرَافَعَا لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَضَى لِصَاحِب الثَّلَاثَةِ بِدِرْهَمٍ فَقَطْ وَتَقْرِيرُهُ أَنَّهُمْ أَكَلُوا بِالسَّوِيَّةِ فَأَكَلَ وَأحد من الثَّمَانِية ثَلَاثَة إِلَّا ثلث لكل صَاحب الثَّلَاثَة من ثلاثته ثَلَاثَة إِلَّا ثلث فَبَقِيَ لَهُ ثُلُثٌ أَكَلَهُ الْوَارِدُ عَلَيْهِمْ وَأَكَلَ صَاحب الْخَمْسَة ثَلَاثَة إِلَّا ثلث تبقى لَهُ اثْنَانِ وَثُلُثٌ هِيَ سَبْعَةُ أَثْلَاثٍ أَكَلَهَا الْوَارِدُ عَلَيْهِمْ فَلَا جَرَمَ أَخَذَ سَبْعَةً وَأَخَذَ صَاحِب الثَّلَاثَةِ دِرْهَمًا وَالثَّمَانِيَةُ هِيَ ثَلَاثَةٌ إِلَّا ثُلُثَ الَّتِي أَكَلَهَا الْوَارِدُ عَلَيْهِمْ فَصَحَّتِ الْقِسْمَةُ عَلَى مَا أَكَلَ وَهُوَ الْحَقُّ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا أَخَذَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ الْعُرُوضَ وَالْآخَرُ الدُّيُونَ إِنْ كَانَ الْغُرَمَاءُ حُضُورًا وَجُمِعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ جَازَ وَإِلَّا فَلَا لِامْتِنَاعِ بَيْعِ دَيْنٍ على غَائِب وَيمْتَنع الدَّيْنُ بِالْغُرَمَاءِ لِأَنَّهُ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ بَلْ يُقَسَّمُ مَا عَلَى كُلِّ رَجُلٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا فِي الرُّكْنِ الثَّانِي

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ دَارٌ لِثَلَاثَةٍ رَضُوا بِأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمْ بَيْتًا مِنْهَا وَالْآخَرَانِ بَقِيَّتَهَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَإِنَّمَا يَمْتَنِعُ جَمْعُ رَجُلَيْنِ فِي الْقَسْمِ بِالسَّهْمِ لِأَنَّ قَسْمَ السَّهْمِ غَرَرٌ وَالْجَمْعَ تَكْثِيرٌ لَهُ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ قَسْمُ الدَّار على إِن الطَّرِيق لأَحَدهمَا وَلآخر فِي الْمَمَرُّ أَوْ لِأَحَدِهِمَا الْغُرَفُ وَلِلْآخَرِ السُّفْلُ وَيَلْزَمُهُمَا ذَلِك لِأَنَّهُ بيع وَيجوز شِرَاء تمر فِي دَارٍ دُونَ بَقِيَّتِهَا قَال صَاحِب النُّكَتِ إِنَّمَا يجوز إِذا كَانَ فضل مِنَ الْمَمَرِّ إِلَى مَوْضِعٍ لَهُ أَوْ يَنْتَفِعُ بِهِ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ أَكْلُ مَالٍ بِالْبَاطِلِ فَإِن كَانَ يصل إِلَى دَار لَهُ اسْتحقَّت دَارُهُ فَيَبْقَى الْمَمَرُّ بِلَا مَنْفَعَةٍ قِيلَ لَا يتنقض الْبَيْعُ لِوُقُوعِهِ جَائِزًا وَلَوِ اشْتَرَى طَرِيقَ الْمَمَرِّ جَازَ مُطلقًا لِأَنَّهُ لما ملك الْمرْفق يقدر يغرسها شَجرا وَينْتَفع بهَا وَفرض الْكِتَابُ إِذَا لَمْ يَشْتَرِ الرَّقَبَةَ قَال صَاحِب التَّنْبِيهَات قيل إِنَّمَا يجوز قسم السّفل والعلو عِنْد الْملك مُرَاضَاةً دُونَ الْقُرْعَةِ لِأَنَّهُ كَصِنْفَيْنِ إِذْ لَا سَاحَةَ لِلْعُلُوِّ وَجَوَّزَهُ الْأَكْثَرُونَ بِالسَّهْمِ وَالْمُرَاضَاةِ لِأَنَّ الدَّارَ وَاحِدَةٌ وَتَجْوِيزُهُ الْقَسْمَ عَلَى أَنْ لَيْسَ لأَحَدهمَا حَمَلَهُ سَحْنُون عَلَى الْمُرَاضَاةِ دُونَ الْقُرْعَةِ لِأَنَّهُ يجب عَلَيْهِ قبل الْقسم اخراج الطَّرِيق وتأولها أَبُو عمر ابْن الْمَكْوِيِّ عَلَى الْقُرْعَةِ وَالْمُرَاضَاةِ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَحْتَاجُ إِلَى إِخْرَاجِ الطَّرِيقِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ لِكَوْنِ الطَّرِيقِ مُحِيطًا فَحَيْثُ أَخْرَجَ نَصِيبَهُ أَخْرَجَ بَابَهُ مِنَ الْمَحَجَّةِ وَقَدْ يُضْطَرُّ إِلَى الْخُرُوجِ مِنْ بَابِ الدَّارِ وَلَا يُقَسِّمُ الْبَابَ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا أَرَادَ أَحَدُهُمَا جَمْعَ الدُّورِ أَوِ الْحَوَائِطِ أَوِ الْأَقْرِحَةِ فِي الْقَسْمِ

ليجتمع لَهُ حَظه فِي مَوضِع وأبى الْآخرَانِ اسْتَوَتِ الرَّغَبَاتُ فِي ذَلِكَ وَقَرُبَتْ مَوَاضِعُهَا جُمِعَتْ وَإِلَّا فَلَا نفيا للغرر فَإِنِ اتَّفَقَتِ الرَّغَبَاتُ فِي بَعْضِهَا جُمِعَ الْمُتَّفِقُ فِي الْقَسْمِ وَيُقَسَّمُ غَيْرهُ كُلُّ مُبَايِنٍ عَلَى حِدة وإنذاران بِنَاحِيَتَيْنِ مِنَ الْمِصْرِ إِنِ اسْتَوَتِ الرَّغَبَاتُ فِيهِمَا جُمِعَتَا وَإِنِ اخْتَلَفَتِ الرَّغَبَاتُ وَبَيْنَهُمَا يَوْمٌ لَمْ يجمعا نفيا للغرر وَإِذَا أَرَادَ الْوَرَثَةُ قَسْمَ دَارٍ كَانُوا يُسْكُنُونَهَا وَلِلْمَيِّتِ دُورٍ بِالْبَلَدِ مُسْتَوِيَةُ الرَّغَبَاتِ فِي غَيْر مَوْضِعِ هَذِهِ الدَّارِ قُسِّمَتْ هَذِهِ وَحْدَهَا وَجُمِعَتْ تِلْكَ فِي الْقسم وَتجمع الْقرى والأرضون وَالْحَوَائِطُ الْمُتَقَارِبَةُ الْمَوْضِعِ وَالرَّغَبَاتِ وَالْمَيْلُ قَرِيبٌ وَإِنْ تَبَاعَدَتْ نَحْوَ الْيَوْمِ لَمْ تُجْمَعْ فَائِدَةٌ قَال صَاحِب التَّنْبِيهَات الْأَقْرِحَةُ الْفَدَادِينُ وَاحِدُهَا قَرَاحٌ بِالْفَتْحِ كزمان وازمنة وَذَلِكَ فِي الْكِتَابِ وَاحِدُهَا قَرِيحٌ كَقَفِيزٍ وَأَقْفِزَةٍ وَبَعِيرٍ وَأَبْعِرَةٍ قَال الْخَلِيلُ الْقَرَاحُ مِنَ الْأَرْضِ كُلُّ قِطْعَةٍ عَلَى حِيَالِهَا مِنْ مَنَابِتِ النَّخْلِ وَغَيْرهِ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ مَا خَلُصَ طِينُه مِنَ السَّبْخِ وَغَيْرهِ وَأَصْلُهُ الْخَالِصُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ قُلْتُ وَمِنْهُ الْمَاءُ الْقَرَاحِ أَيْ لَمْ يُخَالِطْهُ شَيْءٌ وَاللَّفْظَةُ بِالْقَافِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا تَرَكَ دُورًا غَيْر دُورِ السُّكْنَى فِي الْقُرْبِ قُسِّمَتْ تِلْكَ وَحْدَهَا وَعَمَلَ فِي غَيْرهَا مَا يَنْبَغِي فِي الْقَسْمِ وَقَال ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ ظَاهِرُ الْكِتَابِ إِنَّ دَارَ السُّكْنَى لَيْسَ لَهُ مَعَهَا غَيْرهَا فِي رَبَضٍ وَاحِدٍ وَلَوْ كَانَتْ لَجُمِعَتْ وَلَا كَلَامَ لِلْوَرَثَةِ بِخِلَافِ قَوْل ابْنِ حَبِيب قَال أَشْهَب تُجْمَعُ الدَّارَانِ فِي نَمَطٍ وَاحِدٍ وَإِنْ كَانَ بعضهما أَعْمَرَ كَمَا تُجْمَعُ الْأَرَضُونَ وَبَعْضُهَا أَكْرَمَ قَال سَحْنُون لَيْسَتِ الدُّورُ كَالْأَرْضِينَ فَقَدْ تَكُونُ الدَّارُ فِي نَمَطٍ وَاحِدٍ وَالرَّغْبَةُ مُخْتَلِفَةٌ وَأَمَّا الْأَرْضُونَ فِي نَمَطٍ فَتُجْمَعُ كَالْحَوَائِطِ فِيهَا أَلْوَانُ الثَّمَرِ وَقَال أَشْهَب إِنْ كَانَتِ الْأَرْضُ مُتَقَارِبَةً وَبَعْضُهَا أَكْرَمَ جُمِعَتْ لِلْقُرْبِ وَإِنْ طَلَبَ بَعْضُهُمْ جَمْعَ نَصِيبِهِ فِي مَوْضِعٍ وَقَال غَيْرهُ يُقَسَّمُ فِي كُلِّ أَرْضٍ جُعِلَ نَصِيبُ مُرِيدِي التَّفْرِقَةِ وَمُرِيدِي الْجمع بَينهمَا

وَيَضْرِبُ بِالسِّهَامِ عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ مَجْمُوعَةٌ فَإِنْ خَرَجَ سَهْمُ مُرِيدِي التَّفْرِقَةِ جَمَعَ إِلَيْهِمْ حُقُوقَهُمْ فَصَارَ كَأَنَّهُ حَقُّ رَجُلٍ وَاحِدٍ ثُمَّ تُقَسَّمُ كُلُّ أَرْضٍ مِمَّا طَابَ لَهُمْ بَيْنَهُمْ عَلَى حِدَتِهَا وَجَمَعَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ مُرِيدِي الْجَمْعِ حَقَّهُ حَيْثُ خَرَجَ وَإِنْ كَانَتِ الْأَرْضُ مُتَبَاعِدَةً لَا يُجْمَعُ فِي الْقَسْمِ جَعَلَ نَصِيبَ مُرِيدِي الْجَمْعِ سَهْمًا وَاحِدًا وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ مُرِيدِي التَّفْرِقَةِ سَهْمٌ ثُمَّ يَضْرِبُ بِالسِّهَامِ بَيْنَهُمْ فِي كُلِّ أَرْضٍ عَلَى حِدَتِهَا فَإِنْ خَرَجَ سَهْمُ مُرِيدِي الْجَمْعِ جَمَعَ لَهُمْ حُقُوقَهُمْ كَأَنَّهُمْ رَجُلٌ وَاحِدٌ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ عَلَى حِدَتِهَا وَأُعْطِيَ مُرِيدُو التَّفْرِقَةِ كُلُّ وَاحِدٍ نَصِيبَهُ حَيْثُ طَابَ لَهُ ثُمَّ تُعْمَلُ كُلُّ أَرْضٍ كَذَلِكَ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى مُرِيدِي الْجَمْعِ فَيَجْمَعُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُم مِمَّا طَابَ لَهُم من إنصابهم مِنْ تِلْكَ الْأَرْضِ الْمُفْتَرِقَةِ تَعْدِلُ بَيْنَهُمْ بِالْقِيمَةِ قَال الْلَخْمِيّ إِنْ كَانَتِ الدُّورُ مُتَقَارِبَةً جُمِعَتْ كَانَتْ فِي وَسَطِ الْبَلَدِ أَوْ طَرَفِهِ فَإِنْ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا فِي وَسَطِ الْبَلَدِ وَالْأُخْرَى فِي طَرَفِهِ أَوْ هُمَا فِي طَرَفَيْهِ لَمْ يُجْمَعَا وَإِذا اخْتَلَفَ الْوَرَثَةُ فِي دَارِ سُكْنَى الْمَيِّتِ هَلْ تُجْمَعُ مَعَ غَيْرهَا بِالْقُرْعَةِ إِنْ كَانَ الْجَمِيعُ مَحَلَّةٍ وَاحِدَةٍ جُمِعَتْ وَإِلَّا فَلَا وَقُسِّمَتْ مُفْتَرِقَةً إِنْ حَمَلَهَا الْقَسْمُ وَإِلَّا تَبَايَعُوهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَرَثَةُ عَصَبَةً وَلَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُمْ سُكْنَى فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ بِسَكَنِ الْمَيِّتِ شَرَفٌ فَتِلْكَ الدُّورُ وَغَيْرهَا سَوَاءٌ وَالْمُعْتَبَرُ أَبَدًا فِي الدُّورِ وَجْهَانِ مَوْضِعُهَا وَصِفَتُهَا فَإِنْ كَانَ فِيهَا الْجَدِيدُ وَالرَّثُّ وَهِيَ ذَاتُ عَدَدٍ قُسِّمَ الْجَدِيدُ عَلَى حِدَةٍ وَالرَّثُّ عَلَى حِدَةٍ كَانَت جَدِيدَة قديمَة جُمِعَتَا فِي الْقُرْعَةِ لِلضَّرُورَةِ بِخِلَافِ الْأَرْضِ الْوَاحِدَةِ بَعْضهَا كريم دون غَيره تقسم قَسْمًا وَاحِدًا كَمَا قَال فِي الْكِتَابِ فِي الْوَصَايَا إِذَا حَصَلَ لِأَحَدِهِمَا قَدْرُ قَفِيزٍ وَلِلْآخَرِ عَشَرَةُ أَقْفِزَةٍ لِكَرَمِ الْأَرْضِ وَدَنَاءَتِهَا قُسِّمَتْ بِالْقُرْعَةِ وَكَذَلِكَ الدُّورُ وَالِاخْتِلَافُ الْيَسِيرُ بَيْنَ الدُّورِ كَقِيمَةِ أَحدهمَا مائَة وَالْأُخْرَى تسعين لَا تمْتَنع الْقُرْعَةُ عَلَى أَنَّ مَنْ صَارَتْ لَهُ دَارُ الْمِائَة اعطى خَمْسَة لِأَنَّهُ لابد مِنْهُ فِي الْقسم لتعذر التَّسَاوِي مُطلقًا غَالِبا وَتجمع الْحَوَانِيتُ فِي سُوقٍ أَوْ سُوقَيْنِ مُتَقَارِبِي الرَّغَبَاتِ وَإِلَّا فَلَا نفيا لمزيد الْغرَر

فِي الْقُرْعَةِ وَلَا تُجْمَعُ الدُّورُ إِلَى الْحَوَانِيتِ وَلَا إِلَى الْفَنَادِقِ وَلَا إِلَى الْحَمَّامَاتِ وَتُجْمَعُ الْفَنَادِقُ وَالْحَمَّامُ إِنْ قَال أَهْلُ الْعُرْفِ بِاكْتِسَابِ الرِّبَاعِ هِيَ مُتَقَارِبَةٌ لِأَنَّهَا مُسْتَقِلَّاتٌ كُلُّهَا وَإِلَّا فَلَا وَلَا تُجْمَعُ الْحَوَانِيتُ إِلَى الْفَنَادِقِ لِقُوَّةِ التَّبَايُنِ وَقَدْ تُسْتَحَقُّ الْحَوَانِيتُ مَعَ دِيَارِ الْغَلَّةِ إِذَا قِيلَ التَّفَاوُتُ يَسِيرٌ قَال التُّونِسِيُّ قَال سَحْنُون إِذَا كَانَتْ إِحْدَى الدَّارَيْنِ قَاعَةً لَمْ يُجْمَعَا فِي الْقَسْمِ قَالهُ سَحْنُون لِأَنَّ عَدَمَ الْبِنَاءِ فِي أَحَدِهِمَا يُصَيِّرُهَا أَرْضًا وَالدُّورُ وَالْأَرَضُونَ لَا تُجْمَعُ وَأَمَّا السُّفْلُ مَعَ الْعُلُوِّ فَقَدْ يُقَال إِنَّ سَقْفَ الْعُلُوِّ كَالْقَاعَةِ إِذِ الْغَرَضُ بِالْقَاعَةِ الِاسْتِقْرَارُ وَفَوَاتُ يَسِيرِ مَنَافِعِ الْقَاعَةِ لَا يَمْنَعُ الْجَمْعَ وَلَكِنْ كَثْرَةُ الْبِنَاءِ فِي إِحْدَى الدَّارَيْنِ يَزِيدُ فِي ثَمَنِهَا عَلَى الْقَلِيلَةِ الْبِنَاءِ فَيَصِيرُ عِوَضُ كَثْرَةِ الْبِنَاءِ قَاعَةً مِنَ الْأُخْرَى وَكَذَلِكَ الْجَدِيدَةُ مَعَ الرَّثَّةِ عِوَضٌ عَنِ الْجِدَّةِ قَاعَةً فَإِنْ قِيلَ جُوِّزَ هَذَا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَابَهُ قَاعَةٌ فَأَشْبَهَ الْحَائِطَ فِيهِ أَنْوَاع مُخْتَلفَة لَا يقدر على الْقسم كُلِّ نَوْعٍ مِنْهَا فَإِنَّهُ يُجْمَعُ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَحْصُلُ لَهُ بَعْضُ تِلْكَ الْأَصْنَافِ وَإِنْ قَلَّ وَلَوْ كَانَتْ نَخْلَةً وَزَيْتُونَةً امْتَنَعَ قُلْنَا الْفَرْقُ أَنَّ الْعُلُوَّ حَصَلَ لَهُ مَا يُشْبِهُ الْقَاعَةَ وَصَاحِب النَّخْلَةِ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ شِبْهُ الزَّيْتُونَةِ قَال ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تُقَسَّمُ ذَاتُ الْعين مَعَ النَّضْح وَلَا الْبَعْلُ مَعَ السَّقْيِ وَإِنْ تَقَارَبَتِ الْحَوَائِطُ إِلَّا بِالتَّرَاضِي نَفْيًا لِلْغَرَرِ فِي الْقُرْعَةِ لِأَنَّ أَصْلَهَا غَرَرٌ اغْتُفِرَ لِتَطْيِيبِ الْقُلُوبِ فَلَا يَتَعَدَّى الْمُتَمَاثِلَاتِ وَرَوَى ابْنُ وَهْب يُقَسَّمُ الْبَعْلُ مَعَ الْعُيُونِ إِذَا اسْتَوَتْ فِي الْفَضْلِ إِذْ هُوَ الْمَقْصُودُ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ الْمَنْعُ لِتَبَايُنِ نَوْعِ الْمَنْفَعَةِ قَال الْلَخْمِيّ قَال مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ يُقَسَّمُ الْبَعْلُ مَعَ الْعُيُونِ دُونَ الْبَعْلِ مَعَ النَّضْحِ إِلَّا أَنْ يَرْضَى أَهْلُهُ وَلَا وَجْهَ لَهُ بَلِ الْبَعْلُ مَعَ النَّضْحِ أَقْرَبُ وَإِذَا كَانَتِ الْأَرَاضِي مُتَقَارِبَةً مُخْتَلِفَةً لَمْ يَجْمَعْهَا ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْقَسْمِ لِتَفَاوُتِهَا وَكَذَلِكَ إِنْ تَبَاعَدَتْ مَوَاضِعُهَا كَالْيَوْمِ وَتَقَارَبَتْ صِفَاتُهَا لِبُعْدِ الْمَوَاضِعِ وَجَمَعَهَا أَشْهَب لِمَنْ طَلَبَ حِصَّتَهُ فِي مَكَانٍ إِذَا كَانَتْ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ وَنَمَطٍ وَاحِدٍ وَبَعْضُهَا اكرم أَو

(فرع)

بَعْضُ الدُّورِ أَعْمَرُ إِلَّا أَنْ تَكْثُرَ حِصَّتُهُ مِنْ دَارٍ أَوْ أَرْضٍ فَتُجْمَعُ لَهُ فِي دَارٍ أَوْ أَرْضٍ أُخْرَى ثُمَّ يَقْسِمُ الَّذِينَ أَرَادُوا التَّفْرِقَةَ عَلَى مَا تَرَاضَوْا عَلَيْهِ فَإِنْ تَبَاعَدت الدّور قسم مريدوا التَّفْرِقَةِ حَظَّهُمْ مِنْ كُلِّ دَارٍ أَوْ أَرْضٍ ثمَّ يقسم مريدوا الْجمع ان شاؤا وَمُرَادُهُ إِذَا كَانَتْ مُتَقَارِبَةً يُبْدَأُ بِالْقَسْمِ لِمُرِيدِي الْجَمْعِ لِأَنَّ ذَلِكَ الْحُكْمُ وَتَسْقُطُ مَقَالةُ الْآخَرِينَ فَإِن كَانَ مريدوا الْجمع وَاحِدًا كتبت اسماء الدَّار وضبطت فَأَيُّهَا خَرَجَ أَوَّلًا فَهُوَ لَهُ ثُمَّ يُقْسَمُ للآخرين كل دَار أَو أَرض عَلَى سِهَامِهِمْ بِالْقُرْعَةِ فَإِذَا أَخَذُوا ذَلِكَ بَقِيَ بَقِيَّةُ تِلْكَ الدَّارِ وَالْأَرْضِ عَلَى مَا كَانَتِ الشَّرِكَةُ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ هَذَا نَصِيبَهُ ثُمَّ يَجْمَعُ الْبَاقُونَ بِالتَّرَاضِي لِأَنَّ مِنْ أَصِلِهِ أَنْ يَجُوزَ فِي مِثْلِ هَذَا التَّرَاضِي بِالْقُرْعَةِ وَأَخَذَ سَحْنُون بِقَوْل أَشْهَب فِي الْأَرْضِ دُونَ الدُّورِ لِأَنَّ الدِّيَارَ فِي لفظ وَاحِدٍ وَهِيَ مُخْتَلِفَةُ النَّفَاقِ وَقَال الْأَئِمَّةُ لَا تقسم دَارٌ مَعَ دَارٍ وَإِنْ تَقَارَبَتْ كَمَا تَكُونُ الشُّفْعَةُ فِيهَا دُونَ غَيْرهَا تُقَسَّمُ وَحْدَهَا وَلِأَنَّ فِي الْجَمْعِ زِيَادَةَ غَرَرٍ فِي الْقُرْعَةِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْ جُمْلَةِ إِحْدَى الدَّارَيْنِ بِغَيْر رِضَاهُ وَالْجَوَاب عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الشَّرِكَةَ إِذَا عَمَّتْ فِيهِمَا وَالْبَيْعَ عَمَّتِ الشُّفْعَةُ فَنَقِيسُ الْقَسْمَ عَلَى الشُّفْعَةِ فَيَنْقَلِبُ الدَّلِيلُ وَلِأَنَّ اسْتِقْلَال كل وَاحِد باحداها اتم فِي الِانْتِفَاع من الإنتفاع بِبَعْض دَاره وَالْجَوَاب عَن الثَّانِي الْمُعَاوضَة وَالنَّقْص بِالِاخْتِلَافِ فِي الدَّارِ الْوَاحِدَةِ بَلْ هَاهُنَا أَوْلَى لانا انما نجمع المتقارب وَفِي هذاك نَجْمَعُ الْمُخْتَلِفَ جِدًّا (فَرْعٌ) قَرْيَةٌ ذَاتُ دُورٍ وَأَرْضٍ بَيْضَاءَ وَشَجَرٍ تُقَسَّمُ الدُّورُ وَالْأَرْضُ كَمَا تَقَدَّمَ وَالْأَشْجَارُ الْمُخْتَلِفَةُ كَالتُّفَّاحِ وَالرُّمَّانِ فِي جَنْيَةٍ وَاحِدَةٍ تُقَسَّمُ مُجْتَمِعَةً بِالْقِيمَةِ كَالْحَائِطِ فِيهِ أَصْنَافُ الثَّمَرِ الْمُخْتَلِفَةِ وَيُجْمَعُ لِكُلِّ وَاحِدٍ حَظُّهُ مِنَ الْحَائِطِ فِي مَوْضِعٍ أَوْ فِي جَنْيَتَيْنِ قُسِّمَتْ كُلُّ جَنْيَةٍ وَحْدَهَا بِالْقِيمَةِ إِنِ انْقَسَمَتْ فِي النُّكَتِ قَال ابْنُ

عَبْدُوسٍ الْحَائِطُ فِيهِ أَصْنَافُ الثَّمَرِ إِنَّمَا يُقَسِّمُهُ من هُوَ اهل معرفَة ذَلِك الْموضع فَيقوم نَخْلَةً نَخْلَةً عَلَى مَا عَرَفَ مِنْ حَمْلِهَا لِأَنَّ الشَّجَرَةَ الْحَسَنَةَ الْمَنْظَرِ قَدْ يَقِلُّ ثَمَرُهَا وَبِالْعَكْسِ فَإِذَا فَرَغَ مِنَ الْقِيمَةِ جَمَعَهَا وَقَسَّمَهَا عَلَى قَدْرِ السِّهَامِ فَيَعْرِفُ مَا يَنُوبُ كُلَّ سَهْمٍ ثُمَّ يُقْرِعُ عَلَى أَيِّ الطَّرَفَيْنِ يَبْدَأُ فاذا عرفه كتب اسماء الِاشْتِرَاك كُلَّ وَاحِدٍ فِي رُقْعَةٍ ثُمَّ يَخْلِطُهَا فِي ويعطيها نصِيبهَا من النَّاحِيَة الَّتِي أَقرع الله عَلَيْهَا أعطَاهُ شَجَرَة شَجَرَة حَتَّى يكمل لَهُ مَا يَحْصُلُ لَهُ فِي الْقِيمَةِ وَأَعْطَى الثَّانِي كَذَلِكَ وَالثَّالِثَ حَتَّى يَنْقَضِيَ الْحَائِطُ فَإِنْ بَقِيَ لِلْأَوَّلِ بَعْضُ شَجَرَةٍ اشْتَرَكَ مَعَ الثَّانِي فِيهَا بِحِصَّتَيْهِمَا كَذَا تُقَسَّمُ النَّخْلُ وَإِنْ فَضَلَ بَعْضُهَا إِلَّا بمتباين جِدًّا فَيُقَسَّمُ كُلٌّ عَلَى حِدَتِهِ نَفْيًا لِلْغَرَرِ قَال الْأَبْهَرِيُّ يُقَسَّمُ النَّخْلُ وَالْعِنَبُ بِالْخَرْصِ بِخِلَافِ غَيرهمَا من الثِّمَار دون غَيْرهِمَا لَا يَخْرُصُ فِي الْعَادَةِ فَيُعْرَفُ بِالْخَرْصِ وَلِتَمْيِيزِ ثَمَرَةِ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ عَنْ أَصْلَيْهِمَا فَيُعَايَنُ بِخِلَافِ غَيْرهِمَا قَال التُّونِسِيُّ أَجَازَ فِي الْكِتَابِ قَسْمَ الْأَرْضِ الْوَاحِدَةِ وَإِنِ اخْتَلَفَتْ نَفْيًا لِلضَّرَرِ وَكَذَلِكَ الشَّجَرِ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ بَعْضُهَا أَكْرَمُ مِنْ بَعْضٍ قَال الْلَخْمِيّ النَّخْلُ وَالْأَعْنَابُ وَالزَّيْتُونُ وَالْفَوَاكِهُ لَا تُجْمَعُ لِتَفَاوُتِ الْغَرَضِ فَيَكْثُرُ غَرَرُ الْقُرْعَةِ فَإِنْ تَرَاضَوْا بِالْقُرْعَةِ مَنَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الرِّضَا بِالْغَرَرِ حَرَامٌ وَأَجَازَ أَشْهَب لِأَنَّ الرِّضَا مِمَّا يُسْقِطُ الْحَقَّ وَأَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَرَّةً فِي نَخْلَةٍ وَزَيْتُونَةٍ يُعْدَلَانِ وَيُقَسَّمَانِ بِالتَّرَاضِي وَإِنْ لَمْ يَعْتَدِلَا تَقَاوَمَاهُمَا أَوْ بَاعَاهُمَا فَجَوَّزَهُ لِلضَّرُورَةِ فِيمَا قَلَّ كَمَا جَوَّزَهُ فِي الْأَرْضِ الْوَاحِدَةِ بِخِلَافِ الْأَرَاضِي وَالشَّجَرِ وَالنَّخْلِ كُلُّ صِنْفٍ وَاحِدٍ يُجْمَعُ وَيُسْتَحْسَنُ إِذَا كَانَ الْجَيِّدُ نَاحِيَةً وَكِلَاهُمَا يَحْمِلُ الْقَسْمَ أَنْ يُقَسَّمَ مُفْرَدًا وَالزَّيْتُونُ صِنْفٌ وَإِنِ اخْتَلَفَ وَكَذَلِكَ الْعِنَبُ وَاسْتَحْسَنَ إِفْرَادَ الْمُخَالِفِ إِذَا حَمَلَ الْقَسْمَ وَجَعَلَ ابْنُ عَبْدُوسٍ تَبَايُنَهُمَا فِي الْأَرْضِ كَتَبَايُنِ الْأَرْضِ فِي الْكَرَمِ وَقَدْ يُحْمَلُ قَوْلهُ عَلَى الِاسْتِحْسَانِ

(فرع)

وَجَعَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ الْفَوَاكِهَ كَالتُّفَّاحِ وَالرُّمَّان والخوخ وَنَحْوهمَا صِنْفًا وَقَال عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ كَانَتْ مُتَسَاوِيَةً جمعت لعدم الْمرجع أَوْ صُنِّفَ أَكْثَرُهَا قُسِّمَ ذَلِكَ الصِّنْفُ عَلَى السِّهَامِ وَقُسِّمَ غَيْرهُ مُخْتَلِطًا وَحَكَاهُ عَنْ مَالِك (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ الْأَرْضُ فِيهَا الشَّجَرُ الْمُفْتَرِقُ تُقَسَّمُ مَعَ الشَّجَرِ لِئَلَّا يَحْصُلَ شَجَرُ أَحَدِهِمْ فِي أَرْضِ غَيْرهِ وَتُقَسَّمُ الْأَرْضُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ دُونَ مَجْرَى مَائِهَا وَتَبْقَى بَيْنَهُمْ عَلَى مَوَارِيثِهِمْ وَإِذَا بَاعَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ مِنْهَا فَشُرَكَاؤُهُ دِنْيَةً أَحَقُّ بِالشُّفْعَةِ مِنْ شُرَكَائِهِ فِي الْمَاءِ وَالدِّنْيَةُ اهل وراثة وَإِنِ اقْتَسَمُوا الْأَرْضَ خَاصَّةً فَبَاعَ أَحَدُهُمْ حِصَّتَهُ مِنَ الْمَاءِ فَلَا شُفْعَةَ لِأَنَّهَا فِيمَا يُقَسَّمُ خَاصَّةً فَائِدَةٌ فِي التَّنْبِيهَات دِنْيَةٌ بِكَسْرِ الدَّالِّ وَسُكُونِ النُّونِ وَبِضَمِّ الدَّالِّ وَكَسْرِهَا مَقْصُورٌ بِغَيْر هَاءٍ وَظَاهِرُ قَوْلهِ أَنَّ الشَّرِكَةَ فِي الْقِلْدِ وَإِنِ اقْتَسَمُوا الْأَرْضَ وَمَذْهَبُهُ هُنَا وَفِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ أَنَّ مَنْ بَاعَ أَرْضًا أَوْ قَاسَمَ وَبَقِيَ بِئْرُهَا لَا شُفْعَةَ لَهُ فِي الْبِئْرِ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ لَهُ الشُّفْعَةُ وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّهُ خِلَافٌ وَقِيلَ لَا بَلْ عَدَمُ الشُّفْعَةِ فِي الْبِئْرِ الْمُفْرَدَةِ الَّتِي لَا أَرْضَ لَهَا وَلَا حَرِيمَ وَالشُّفْعَةُ فِي الْمُحْتَمِلَةِ لِلْقَسْمِ عَلَى مَذْهَبِ سَحْنُون أَوْ فِيمَا تَعَلَّقَتْ بِهِ الْأَرْضُ حَرِيمًا لَهَا وَفِيهَا قَالهُ ابْنُ لُبَابَةَ قَال سَحْنُون وَمَسْأَلَةُ الْقِلْدِ هَاهُنَا الْمَاءُ مُشْتَرَكٌ لِقَوْمٍ شُرَكَاءَ فِي الارض وَلَوْلَا ذَلِك لم تكن لَهُمْ شُفْعَةٌ لِأَنَّهَا بِئْرٌ وَاحِدَةٌ وَتَكُونُ الْأَرْضُ بَيْنَ طَوَائِفَ لِكُلٍّ حِصَّةٌ مُشْتَرَكَةٌ وَالْمَاءُ بَيْنَ الْجَمِيعِ فَتَكُونُ الشُّفْعَةُ بَيْنَ أَشْرَاكِ الْأَرْضِ وَهُمْ أَهْلُ قِلْدٍ وَاحِدٍ وَالْآخَرُونَ أَهْلُ قِلْدٍ آخَرَ وَلَا شَرِكَةَ لَهُمْ مَعَهُمْ بَلْ هُمْ شُرَكَاءُ فِي ارْض

(فرع)

أُخْرَى قَال الْقَاضِي وَقَدْ يُحْمَلُ كَلَامُهُ فِي الْكِتَابِ عَلَى هَذَا أَوْ يَكُونُ الْأَشْرَاكُ قَدِ اقْتَسَمُوا ثُمَّ مَاتَ مَنْ لَهُ بَعْضُ شِرْكٍ فِي ذَلِكَ فَبَاعَ بَعْضُ وَرَثَتِهِ نَصِيبَهُ مِنَ الْمَاءِ فَأَهْلُ مُورِثِهِ أَحَقُّ لِأَنَّهُمْ شُرَكَاءُ مَعَهُ فِي أَرْضِهِمْ وَقِلْدِهِمْ (فَرْعٌ) قَال الْلَخْمِيّ أَجَازَ ابْن الْقَاسِم ان تقتسم الدَّارُ الْغَائِبَةُ عَلَى الصِّفَةِ كَالْبَيْعِ عَلَى الصِّفَةِ وَمَنَعَ سَحْنُون لِلْغَرَرِ قَال وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ إِنْ كَانَ الْبَابُ لَا يَتَغَيَّرُ وَإِنْ كَانَ يُفْتَحُ لِحَارَةٍ أُخْرَى امْتَنَعَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَاسِمُ عَالما بِقِيمَة الديار الْمحلة الْأُخْرَى لِاخْتِلَافِ قِيَمِ الدُّورِ بِاخْتِلَافِ الْمَحَلَّاتِ وَاشْتَرَطَ ابْنُ عَبْدُوسٍ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِقِيمَةِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ لَا تقسم الثِّمَار مَعَ الأَصْل وان كَانَ التَّمْر بَلَحًا أَوْ طَعَامًا وَلَا الزَّرْعَ مَعَ الْأَرْضِ بَلْ تُقَسَّمُ الْأَرْضُ وَالْأُصُولُ وَيُتْرَكُ الثَّمَرُ وَالزَّرْعُ حَتَّى يَحِلَّ بَيْعُهَا فَيَقْتَسِمَانِ عَيْنَهُمَا أَوْ ثَمَنَهُمَا حَذَرًا مِنْ طَعَامٍ وَأَرْضٍ بِطَعَامٍ وَأَرْضٍ قَاعِدَةٌ إِذا اتخذ جِنْسُ الرِّبَا مِنَ الطَّرَفَيْنِ وَكَانَ مَعَهُمَا أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا عَيْنٌ أُخْرَى رِبَوِيٌّ أَمْ لَا امْتَنَعَ الْبَيْعُ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ التَّمَاثُلِ بِإِمْكَانِ التَّوْزِيعِ عَلَى وَجْهٍ يُنَافِيهِ وَالْقَسْمُ بَيْعٌ فَرُوعِيَ حَالَةُ كَمَالِ الزَّرْعِ قَال وَلَا يُقَسَّمُ الزَّرْعُ فَدَادِينَ وَلَا مُزَارَعَةً وَلَا قَتًّا وَلَكِنْ كَيْلًا وَإِنَّمَا يَجُوزُ بَيْعُ الزَّرْعِ مَعَ الْأَصْلِ بِعَيْنٍ أَوْ عَرَضٍ كَانَ الزَّرْعُ أَقَلَّ مِنْ ثُلُثِ قِيمَةِ الْأَرْضِ أَمْ لَا فَإِذَا حَلَّ بَيْعُ ثَمَرِ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ جَازَ فِي الْقَسْمِ كَيْلًا لَا خَرْصًا تَحْقِيقًا لِلتَّمَاثُلِ إِلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ حَاجَتُهُمْ فَيُرِيدُ أَحَدُهُمُ الْأَكْلَ وَالْآخَرُ التَّجْفِيفَ فَيَجُوزُ الْخَرْصُ مِمَّنْ يَعْرِفُهُ وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ سَقْيُ نَخْلِهِ وَإِنْ كَانَ ثَمَرُهَا لِغَيْرهِ إِذَا كَانُوا قَدِ اقْتَسَمُوا الْأَصْلَ قَبْلَ الثَّمَرِ لِأَنَّ عَلَى صَاحِب الْأَرْضِ سَقْيَهُ إِذَا بَاعَ ثَمَرَتَهُ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ ثَمَرَ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ لَا يُقَسَّمُ بِالْخَرْصِ بَلْ يُجَذُّ وَيُقَسَّمُ كَيْلًا تَحْقِيقًا لِلتَّمَاثُلِ وَلَا يُقَسَّمُ الْبَقْلُ بِالْخَرْصِ وَلَا فَوَاكِهُ الشَّجَرِ وَإِنِ اخْتلفت لعدم الانضباط فِيهَا بالخرض

فَائِدَةٌ فِي التَّنْبِيهَات الْقَتُّ بِفَتْحِ الْقَافِ الْحَزْمُ وَالْقَبْضُ وَأَصْلُهُ الْجَمْعُ وَكُلُّ مَا جَمَعْتَهُ فَقَدْ قَتَتَّهُ وَالْخَرْصُ بِالْفَتْحِ اسْمُ الْفِعْلِ وَالْمَصْدَرُ وَبِالْكَسْرِ اسْمُ الْمَخْرُوصِ وَقَال حَمَلَ سَحْنُون مَنْعَهُ قَسْمَ الزَّرْعِ وَالْبَلَحِ خَرْصًا مُطْلَقًا وَأَنْكَرَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ وَقَال إِنَّمَا مَنَعَهُ عَلَى التَّأْخِيرِ دُونَ الْجَذِّ لِقَوْلهِ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِالْخَرْصِ عَلَى الْجِذَاذِ وَفِي النُّكَتِ الْبَقْلُ الْقَائِمُ وَالزَّرْعُ الْقَائِمُ وَالْبَلَحُ الصَّغِيرُ أَلْفَاظُ الْكِتَابِ فِيهَا مُخْتَلِفَةٌ وَهِيَ سَوَاءٌ تَنْقَسِمُ على التَّفْصِيل الْبَين جذاذ بَينهم فِي قَسْمِ الثَّمَرَةِ بِالْخَرْصِ وَهِيَ مُزْهِيَةٌ أَوْ بَلَحٌ كَبِير دون غَيره تحصيلاً لمصلحته فِي تَمْيِيز حَقه والا أقدم طَالِبَ الْبَقَاءِ وَلَا يُقَسَّمُ بِالْخَرْصِ إِلَّا عِنْدَ التَّرَاضِي وَالْفَرْقُ أَنَّ طَالِبَ الْبَقَاءِ فِي الْمُزْهِيَةِ يقدر عَلَيْهِ بعد الْبَقَاءِ إِلَى الْكَمَالِ يُفْسِدُ الْقَسْمَ قَالهُ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ وَلَوِ اقْتَسَمَا الْبَلَحَ الصَّغِيرَ ثُمَّ أَكَلَ أَحدهمَا حِصَّته أَو بعضهما وازهى نصيب الاخرى انتقضت الْقِسْمَة وَيُرِيد الْأَوَّلُ قِيمَةَ مَا قَبَضَ عَلَى الْجَذِّ لَا عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ بِخِلَافِ مَنِ اشْتَرَى بَلَحًا عَلَى أَنْ يَتْرُكَهُ حَتَّى يَطِيبَ وَكَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا ثُمَّ جَذَّهُ هَذَا عَلَيْهِ قِيمَتُهُ عَلَى الرَّجَاء وَالْخَوْف لِأَنَّهُ عَليّ التّرْك دخل وَالقَاسِم دَخَلَ عَلَى الْجَذِّ وَإِنِ اقْتَسَمَا الْبَلَحَ الصَّغِيرَ ثمَّ تركاه حَتَّى يكبر فَفِي الْكِتَابِ إِنِ اقْتَسَمَاهُ عَلَى تَفَاضُلٍ أَوْ كَانَ إِذَا كَبُرَ تَفَاضَلَ فَسَدَ الْقَسْمُ لِأَنَّهُ بَيْعُ طَعَامٍ بِطَعَامٍ مُتَفَاضِلًا وَلَوِ اقْتَسَمَا الْبَلَحَ الصَّغِيرَ وَأَكَلَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ وَبَقِيَ نَصِيبُ الْآخَرِ حَتَّى صَارَ كَبِيرًا لَا يَنْتَقِضُ الْقَسْمُ لِأَنَّ الْبَلَحَ الصَّغِيرَ وَالْكَبِيرَ مُتَفَاضِلًا جَائِزٌ اقْتَسَمَا عَلَى تُفَاضِلٍ أَمْ لَا بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ تَرَكَاهُ جَمِيعًا حَتَّى صَارَ بَلَحًا كَبِيرًا فَآلَ الْأَمْرُ إِلَى كَوْنِهِ بَلَحًا كَبِيرًا وَهُوَ لَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِيهِ يَفْسَدُ الْقَسْمُ إِذَا اقْتَسَمَا أَوَّلًا عَلَى التَّفَاضُلِ أَوْ كَانَ إِذَا كَبُرَ تَفَاضَلَ قَال التُّونِسِيُّ عَنْ مَالِك تُقَسَّمُ الثِّمَارُ كُلُّهَا بِالْخَرْصِ إِذَا وُجِدَ مَنْ يَعْرِفُ ذَلِكَ وَطَابَ وَحَلَّ بَيْعُهُ وَاخْتَلَفَتِ الْحَاجَةُ وَمَنَعَ ابْنُ عَبْدُوسٍ قِسْمَةَ الثَّمَرِ بِالْخَرْصِ

لِتَوَقُّعِ الرِّبَا وَقَال عَبْدُ الْمَلِكِ أَجَازَ أَصْحَابُنَا قَسْمَ الثِّمَارِ الَّتِي يَسْتَعْجِلُهَا أَهْلُهَا بِالْخَرْصِ وَكُرِهَ قِسْمَةُ الثِّمَارِ الْكَثِيرَةِ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ وَأَنْكَرَ سَحْنُون قَسْمَ الْبَلَحِ الْكَبِيرِ خَرْصًا إِذَا أَرَادَ أَحَدُهُمْ بَيْعَهُ وَالْآخَرُ أَكْلَهُ وَلَمْ يَرَهُ اخْتِلَافَ حَاجَةٍ لَان الَّذِي يَبِيع يجذ فقد اجْتَمَعنَا عَلَى الْجَذِّ لِأَنَّ تَرْكَهُ يُبْطِلُ الْقَسْمَ وَخَالَفَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَب قَال التُّونِسِيُّ يَجُوزُ قَسْمُ الْبَلَحِ الْكَبِيرِ بِالتَّرَاضِي مَعَ اخْتِلَافِ الْحَاجَةِ بِخِلَافِ الرُّطَبِ لِأَنَّ الرُّطَبَ يُتْرَكُ حَتَّى يُثْمِرَ فَلَا فَسَادَ فِي ذَلِكَ وَالْبَلَحُ لَا يَقْدِرُ مَنْ لَمْ يُرِدِ الْأَكْلَ أَنْ يَتْرُكَهُ حَتَّى يُيَبِّسَهُ فَكَانَ ذَلِكَ فَسَادًا فَلَمْ يُلْزَمْ مَنْ أَبَى الْقَسْمَ بِذَلِكَ وَأَجَازَ التَّرَاضِي فِي ذَلِكَ وَهُوَ طَعَامٌ بِطَعَامٍ لِلضَّرُورَةِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ تَمْيِيزُ حَقٍّ لَمْ يُنْقَضِ الْقَسْمُ بِالزَّهْوِ وَقَدْ نُقِضَ إِذَا أُزْهِيَ وَانْظُرْ هَلْ فِيهِ جَائِحَةٌ لَوْ أُجِيحَ نَصِيبُ أَحَدِهِمَا نَقَلَهَا عَبْدُ الْمَلِكِ وَمَالِك ابْن الْقَاسِمِ سَلَكَا بِالْقَسْمِ تَارَةً الْبَيْعَ وَتَارَةً التَّمْيِيزَ فَأَجَازَا قَسْمَ النَّخْلِ دُونَ زَهْوِهَا وَفِيهَا ثَمَرَةٌ لَمْ تُؤَبَّرْ وَلَوْ كَانَ بَيْعًا امْتَنَعَ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ بَاعَ نِصْفَهُ بِنِصْفِ صَاحِبهِ عَلَى أَنِ اسْتَثْنَى ثَمَرَتَهُ الَّتِي لَمْ تُؤَبَّرْ وَقَال فِي الْبَلَحِ الْكِبَارِ يَنْتَقِضُ قَسْمُهُ بِالْإِزْهَاءِ وَكَذَلِكَ الصَّغِيرُ وَلَوْ كَانَ تَمْيِيزَ حَقٍّ لَمَا انْتَقَضَ لَان كل انسان أَخذ ملكه يفتصل بِهِ وَأَجَازَ قَسْمَ الْبَلَحِ الصَّغِيرِ بِالتَّحَرِّي لِتَعَذُّرِ كَيْلِهِ وَهُوَ مِمَّا أَصْلُهُ الْخَرْصُ فَإِذَا خَرَجَ مِنْ حَدِّ الْخِطَارِ جَازَ وَإِنْ فَضَّلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبهُ بِالْأَمْرِ الْبَيِّنِ جَازَ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِطَعَامٍ وَلَا يَبْقَى حَتَّى يَصِيرَ طَعَامًا قَال ابْنُ يُونُسَ إِذَا اقْتَسَمَا الثَّمَرَةَ كَمَا تَقَدَّمَ لَا بَعْدَ قَسْمِ الْأُصُولِ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ سَقْيُ نَخْلِهِ وَإِنْ كَانَ ثَمَرُهَا لِغَيْرهِ وَقَال سَحْنُون السَّقْي على

رَبِّ الثَّمَرَةِ لِأَنَّ الْقَسْمَ تَمْيِيزُ حَقٍّ لَا كَالْبَيْعِ فَكَانَ مَا طَابَ لَهَا هُوَ نَصِيبُهُ وَإِنَّمَا كَانَ السَّقْيُ فِي بَيْعِ الثَّمَرَةِ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّهُ بَاعَهَا عَلَى حَيَاتِهَا مِنَ الْمَاءِ وَلِأَنَّهُ يَسْقِي نَخْلَهُ وَأَمَّا مَنْ قَاسَمَ أَصْلَ حَائِطِهِ دُونَ شِرْبِهِ فَالسَّقْيُ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّ الْمُبْتَاعَ لَا يُسَلَّمُ لَهُ الْأَصْلُ حَتَّى يَجُذَّ الْبَائِعُ ثَمَرَتَهُ قَالهُ مَالِك وَقَال الْمَخْزُومِيُّ عَلَى المُشْتَرِي للْأَصْل لانع يَسْقِي نَخْلَهُ فَتَشْرَبُ ثَمَرَةُ هَذَا قَال ابْنُ حَبِيب تُقَسَّمُ الثِّمَارُ كُلُّهَا بِالْخَرْصِ إِذَا بَدَا صَلَاحهَا إِذا اخْتَلَفَتِ الْحَاجَةُ إِلَيْهَا وَإِنْ لَمْ تَخْتَلِفْ أَوْ يَبِسَتْ فِي شَجَرِهَا فَلَا تُقَسَّمُ إِلَّا كَيْلًا قَالهُ مَالِك وَأَصْحَابُهُ إِلَّا ابْنَ الْقَاسِمِ لَمْ يُجِزِ الْخَرْصَ إِلَّا فِي النَّخْلِ وَالْكَرْمِ وَإِنَّمَا كَرِهَ مَالِك قَسْمَ مَا لَا يُدَّخَرُ مِنَ الْفَوَاكِهِ خَرْصًا فِي شَجَرِهِ لِعَدَمِ التَّقَابُضِ فِي الْوَقْتِ فَيُجْمَعُ هَذَا الْيَوْمَ وَهَذَا غَدًا فَيَلْزَمُ غَدًا رِبَا النَّسْأِ فَلَوْ جَذَّاهُ جَمِيعًا قَبْلَ التَّرَاضِي جَازَ بِالتَّحَرِّي فِي شَجَرِهِ بِالتَّعْدِيلِ وَالتَّفَاضُلِ لِجَوَازِ التَّفَاضُلِ فِيهِ وَلِذَلِكَ مَنَعَ مِنْ قَسْمِ الْبَقْلِ قَبْلَ الْجَذِّ خَرْصًا لِعَدَمِ الْقَبْضِ فَيَصِيرُ طَعَامًا بِطَعَامٍ لَا يَدًا بِيَدٍ فَلَوْ جَذَّاهُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ جَازَ وَقَالهُ سَحْنُون لِقَوْلهِ فِي قَسْمِ الزَّرْعِ الْأَخْضَرِ وَبَيْعُ فَدَّانِ كُرَّاثٍ بِفَدَّانَيْنِ قَال ابْنُ حَبِيب إِلَّا الْبَصَلَ وَالثَّومَ لِأَنَّهُمَا يدخران فَيمْنَع فِيهَا التَّفَاضُلُ فَلَا يُقَسَّمَانِ تَحَرِّيًا أَخْضَرَيْنِ وَلَا يَابِسَيْنِ وَيُقَسَّمَانِ يَابِسَيْنِ عَدَدًا وَكَيْلًا قَال ابْنُ يُونُسَ لَيْسَ قَسْمُهُ عَدَدًا يَدْخُلُهُ التَّفَاضُلُ وَالصَّوَابُ قَسْمُهُ وَزْنًا قَال ابْنُ حَبِيب إِنِ اخْتَلَفَتْ حَاجَاتُهُمْ إِلَيْهِ وَهُوَ أَخْضَرُ قَائِمٌ بَلَغَ الِانْتِفَاعَ قُسِّمَ خَرْصًا كمدخر الثَّوَاب قَالَ الْلَخْمِيّ يَجُوزُ الْقَسْمُ عَلَى التَّعْدِيلِ فِي الثِّمَارِ والتفاضل على وَجه المكارمة فيذكر أَحَدُهُمَا خَمْسَةَ أَوْسُقٍ وَالْآخَرُ عَشَرَةً كَمَا يَأْخُذُ أَحَدُهُمَا مِنْ صُبْرَتِهِمَا سِتِّينَ وَالْآخَرُ أَرْبَعِينَ إِلَّا ان يكون

فَضْلُ الْكَيْلِ لِمَكَانِ الزِّيَادَةِ وَجَعَلَ مَالِك الْبَلَحَ الصَّغِيرَ كَالْعَلَفِ فَيَجُوزُ مُتَفَاضِلًا وَجَعَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ كالبقل قَالَ وَأرى اعْتِبَار الْعدَد فِي ذَلِك الْموضع ان كَانَ الْعلف والاكل قَلِيلا فَهُوَ كالعروض أَو للاكل غَيره نَادرا وَكِلَاهُمَا كثير فكالطعام واذا كَانَ كالحلف جَازَتِ الْمُقَاسَمَةُ وَإِنْ لَمْ تَخْتَلِفِ الْحَاجَةُ أَوْ لِلطَّعَامِ فَلَا إِلَّا أَنْ يُجَذَّا مَعًا وَيَجُوزُ مُتَسَاوِيًا وَمُتَفَاضِلًا إِلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ الْحَاجَةُ فَيُجَذُّ إِحْدَاهمَا دُونَ الْآخَرِ وَالِاخْتِلَافُ فِي قَسْمِ الْفَوَاكِهِ بِالْخَرْصِ اخْتِلَاف فِي عَادَة لافقه فَمَتَى كَانَ قَوْمٌ لَهُمْ عَادَةٌ بِخَرْصِهَا جَازَ وَإِلَّا فَلَا وَمَنَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَسْمَ الْبَقْلِ إِذَا اخْتَلَفَتِ الْحَاجَةُ فِيهِ كَمَنْعِ مَالِك الْخَرْصَ فِيمَا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ كَالتُّفَّاحِ وَأَجَازَهُ أَشْهَب إِذَا بَدَا صَلَاحُهُ وَلَيْسَ مِثْلَ الزَّرْعِ لِدُخُولِ التَّفَاضُلِ فِيهِ وَلَا يُحَاطُ بِهِ فَمَنَعَهُ ابْنُ قَاسم إِذَا لَمْ يُعْرَفِ الْخَرْصُ وَأَجَازَهُ أَشْهَب إِذَا تبَاين الْفضل وخرجا من حد الْخطر وَهُوَ قَول ابْن قَاسم فِي قَسْمِ اللَّبَنِ يَحْلُبُ كُلُّ وَاحِدٌ غَنَمًا نَاحِيَةً إِذَا فَضَّلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ وَمَنَعَ سَحْنُون لِأَنَّهُ بَيْعُ طَعَامٍ بِطَعَامٍ وَلَيْسَ يدا بيد وَلَو طلباه قَبْلَ التَّفَرُّقِ جَازَ وَالْأَوَّلُ الصَّحِيحُ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ يُسْقِطُ الرِّبَا كَالْقَرْضِ فِي النَّقْدَيْنِ إِلَى أَجَلٍ إِجْمَاعًا قَال مَالِك كُلُّ مَا يُحْرُمُ فِيهِ التَّفَاضُلُ لَا يُقَسَّمُ بِالتَّحَرِّي رَطْبًا وَلَا يَابِسًا حَذَرًا مِنَ الرِّبَا وَمِنْهُ السَّمْنُ وَالْعَسَلُ وَالْبَيْضُ لِأَن التَّحَرِّي يُحِيطُ بِهِ وَكُلُّ مَا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ يَجُوزُ تَحَرِّيهِ فِي شَجَرِهِ وَعَلَى الْأَرْضِ وَقَال أَشْهَب يَجُوزُ التَّحَرِّي فِي كُلِّ مَا يُوزَنُ كَالْخُبْزِ وَاللَّحْمِ لِأَنَّ الْمِكْيَالَ لَا يُفْقَدُ غَالِبًا وَلَوْ بِالْأَكُفِّ وَلَا يَصِحُّ قَوْلهُ لِأَنَّهُ لَوْ بَاعَ عَشْرَ حَفْنَاتٍ بِكَذَا امْتَنَعَ وَقَسْمُهُ جُزَافًا أَقَلُّ ضَرَرًا مِنَ الْحَفْنَاتِ وَمَتَى كَانْتِ الثِّمَارُ غَيْر مَأْبُورَةٍ لَمْ يَجُزِ الْقَسْمُ بِحَالٍ لِأَنَّ اطلاقه يدْخل الثِّمَار وَهِي تؤل إِلَى الطَّعَامِ وَيَمْتَنِعُ اسْتِثْنَاؤُهَا عَلَى الْبَقَاءِ بِالْإِبَّارِ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ مَا لَمْ يُؤَبَّرْ فِي الْبَيْعِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَتْ مَأْبُورَةً أَوْ بَلَحًا صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا أَوْ زَهْوًا فَإِطْلَاقُ الْقَسْمِ عَلَى الْجَوَازِ لِعَدَمِ دُخُولِهَا وَبَقَائِهَا عَلَى الشَّرِكَةِ وَيمْتَنع اشْتِرَاط دُخُولهَا لِأَنَّهَا تؤل إِلَى الطَّعَامِ فَهِيَ طَعَامٌ بِطَعَامٍ نَسِيئَةً وَمَعَ التَّفَاضُل البلح

(فرع)

الْكَبِيرُ فَإِنِ اسْتُثْنِيَ أَحَدُهُمَا وَالْآخَرُ بَلَحٌ صَغِيرٌ أَو كَبِير أَو زهواً أَو أَحدهمَا بلح كَبِير والاخرى زَهْوٌ فَإِطْلَاقُ الْقَسْمِ عَلَى الْجَوَازِ وَالثِّمَارُ غَيْر دَاخِلَةٍ فِي الْقَسْمِ فَإِنِ اشْتَرَطَ دُخُولَهَا فِي الْقسم امْتنع وَإِن اشْترط إِحْدَاهُمَا وَبَقِيَتِ الْأُخْرَى عَلَى الشَّرِكَةِ جَازَ وَإِنْ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا مَأْبُورَةً وَالْأُخْرَى غَيْر مَأْبُورَةٍ لِأَنَّ إِطْلَاقَ الْقَسْمِ عَلَى الْجَوَازِ وَغَيْر الْمَأْبُورَةِ دَاخِلَةٌ فِي الْقَسْمِ لِمَنْ هِيَ فِي نَخْلِهِ وَالْمَأْبُورَةُ مبقاة على الشّركَة وان اسْتثِْنَاء مَا لَمْ يُؤَبَّرْ وَلَمْ يُدْخِلَاهَا فِي الْقَسْمِ امْتَنَعَ وَإِنِ اشْتُرِطَتِ الْمُؤَبَّرَةُ وَأَدْخَلَاهَا فِي الْقَسْمِ امْتَنَعَ هَذَا كُلُّهُ عِنْدَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقِيلَ يَجُوزُ جَمِيعُ ذَلِكَ وَهُوَ أَحْسَنُ إِذَا لَمْ تَبْلُغْ إِلَى حَدِّ تَحْرِيمِ التَّفَاضُلِ كَالْبَلَحِ الْكَبِيرِ وَالزَّهْوِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ قَسْمُ الزَّرْعِ قبل بَدو صَلَاحه تحرياً على جُزْء مَكَانِهِ إِنْ أَمْكَنَ الْعَدْلُ فِي التَّحَرِّي وَكَذَلِكَ الْقَصَبُ وَالتِّبْنُ فَإِنْ تَرَكَ الزَّرْعَ حَتَّى صَارَ حَبًّا انْتَقَضَ الْقَسْمُ وَاقْتَسَمَاهُ كَيْلًا فَإِنْ حَصَدَ احدهما حِصَّته وَترك الآخر حَتَّى تححبب انتفض لِامْتِنَاعِ بَيْعِ ذَلِكَ عَلَى التَّرْكِ إِلَى الطِّيبِ وَيَرُدُّ الْحَاصِدُ قِيمَةَ مَا حَصَدَ فَيُجْعَلَ مَعَ الزَّرْعِ الْقَائِمِ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الْقَسْمَ هَاهُنَا بَيْعٌ والبلح الْكَبِير ان اخْتلفت حاجاتهم إِلَيْهِ بِأَنْ يَبِيعَ أَحَدُهُمَا وَيَأْكُلَ الْآخَرُ قُسِّمَ تَحَرِّيًا وَمَنْ عَرَفَ مَا حَصَلَ لَهُ فَهُوَ قبض وان لم يجده مَا لَمْ يَتْرُكْهُ حَتَّى يُزْهِيَ فَإِنْ تَرَكَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ أَوْ تَرَكَاهُ جَمِيعًا حَتَّى أَزْهَى بَطَلَ الْقَسْمُ لِامْتِنَاعِ بَيْعِهِ عَلَى التَّرْكِ حَتَّى يُزْهِيَ بِخِلَافِ الرُّطَبِ لِجَوَازِ بَيْعِهِ عَلَى التَّرْكِ قَال ابْنُ يُونُسَ قَوْلهُ يَرُدُّ الْحَاضِرُ قِيمَةَ مَا حصد قَالَ أَشهب يَوْم اخذه لَا عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ وَلَوْ أَكَلَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ وَالْآخَرُ نِصْفَ حِصَّتِهِ وَبَقِيَ نِصْفُهَا حَتَّى أَزْهَى بَطَلَ الْقَسْمُ فِيمَا أَزْهَى وَرَدَّ الْآكِلُ جَمِيعَ حِصَّتِهِ نِصْفَ قِيمَةِ مَا صَارَ لَهُ قَالَ أَشهب يَوْم جذه لَا على الرَّجَاء وَالْخَوْفِ فَيَقْسِمَانِ ذَلِكَ مَعَ مَا أَزْهَى بِخِلَافِ مَنِ اشْتَرَى نَخْلًا عَلَى أَنْ يَتْرُكَهُ حَتَّى يَطِيبَ فَيَجُذُّهُ بَعْدَ إِزْهَائِهِ فَهَذَا بَيْعٌ فَاسِدٌ يُرَدُّ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ لِدُخُولِهِ عَلَى التَّرْكِ وَدُخُولِ الْقَاسِمِ عَلَى الْجَذِّ

(فرع)

(فَرْعٌ) قَال الْلَخْمِيّ قَسْمُ الْأَرْضِ بِمَا فِيهَا من بذر وَزرع يَمْتَنِعُ عِنْدَ مَالِك وَابْنِ الْقَاسِمِ سَوَاءٌ خَرَجَ مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَا إِلَّا أَنْ يَبْلُغَ حد الْإِطْعَام وَعَلَى قَوْل ابْنِ مَسْلَمَةَ يَجُوزُ وَيَخْتَلِفُ إِذَا قُسِّمَ عَلَى اسْتِثْنَاءِ مَا غَابَ بِهَا جَعَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ كَالَّذِي لَمْ يُؤَبَّرْ إِنْ لَمْ يَبْرُزْ مِنَ الْأَرْضِ وَكَالْمُؤَبَّرِ إِنْ بَرَزَ وَجَعَلَهُ مُحَمَّدٌ كَغَيْر الْمُؤَبَّرِ وَإِنْ خَرَجَ مَا لَمْ يسْتَقلّ كالشجرة والزهو وَقَالَ عبد وهاب كَالْمُؤَبَّرِ وَإِنْ لَمْ يَبْرُزْ لِأَنَّهُ حَبٌّ كَامِلٌ فِي نَفْسِهِ وَلَاحَظَ الْأَوَّلُ أَنَّ الْأَرْضَ كَالشَّجَرِ وَالزَّهْوِ فَعَلَى قَوْل ابْنِ الْقَاسِمِ يَمْتَنِعُ الْقَسْمُ قَبْلَ الْبُرُوزِ لِامْتِنَاعِ اسْتِثْنَائِهِ وَلَا يَدْخُلُ فِي الْمُقَاسَمَةِ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ إِنْ لَمْ يسبل وَسَوَاء اسْتثْنى أَو دخل فِي الْمُقَاسَمَةِ فَإِنْ أَسْبَلَ جَازَ اسْتِثْنَاؤُهُ وَامْتَنَعَ إِدْخَالُهُ فِي الْقَسْمِ لِاسْتِقْلَالِهِ وَعَلَى قَوْل عَبْدِ الْوَهَّابِ يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ وَإِنْ لَمْ يَبْرُزْ لِأَنَّهُ عين مُجَاوَرِهِ وَيَخْتَلِفْ إِذَا اقْتَسَمَا وَلَمْ يَشْتَرِطَا فِي الْبَذْرِ وَلَا فِي الزَّرْعِ فَعَلَى هَذَا الْقَوْل يُحْمَلُ الْقَسْمُ عَلَى الْجَوَازِ وَعَلَى أَنَّ الْبَذْرَ بَاقٍ عَلَى الشَّرِكَةِ وَإِنْ لَمْ يَبْرُزْ وَعَلَى قَوْل مُحَمَّدٍ يَكُونُ مَحْمَلُهَا قَبْلَ الْبُرُوزِ عَلَى الْفَسَادِ وَبَعْدَ الْبُرُوزِ عَلَى الْجَوَازِ وَعَلَى أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى الشَّرِكَةِ وَإِنْ لَمْ يَبْرُزْ وَعَلَى قَوْل مُحَمَّدٍ مَحْمَلُهَا عَلَى الْفَسَادِ وَإِنْ بَرَزَ وَلَمْ يَسْبُلْ قَال وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ لِأَنَّ الْبُذُورَ كالسلعة أُودِعَتْ فِي الْأَرْضِ فَيُحْمَلُ الْقَسْمُ عَلَى الْأَرْضِ دُونَ مَا فِيهَا فَإِنْ كَانَتْ أَرْضَانِ وَبَرَزَ زَرْعُ أَحَدِهِمَا دُونَ الْأُخْرَى لِأَنَّ مُطْلَقَ الْبَيْعِ عَلَى الْجَوَازِ وَيَكُونُ مَا لَمْ يَبْرُزْ لِمَنْ صَارَت لَهُ تِلْكَ الأَرْض وَمَا يبرز عَلَى الشَّرِكَةِ فَإِنِ اسْتَثْنَى مَا بَرَزَ مِمَّا فِي أَرْضِهِ ذَلِكَ الزَّرْعُ أَوْ نَصِيبَهُ مَا لَمْ يَبْرُزِ امْتَنَعَ الْقَسْمُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ يُقَسَّمُ الْبُسْرُ أَوِ الرُّطَبُ بَعْدَ الْجِذَاذِ كَيْلًا وَإِنْ كَانَ يَخْتَلِفُ نُقْصَانُهُ عِنْدَ يَبَسِهِ لِجَوَازِ بَيْعِهِ كَذَلِكَ (فَرْعٌ) فِي الْكتاب يقسم الصُّوف على الظّهْر ان جزاه إِلَى أَيَّامٍ قَرِيبَةٍ يَجُوزُ بَيْعُهُ إِلَيْهَا وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ بَيْعُ مَجْهُولٍ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ يُجْمَعُ الْبَزُّ كُلُّهُ الدِّيبَاجُ وَثِيَابُ الْكِتَّانِ وَالْقُطْنِ وَالْحَرِيرِ وَالصُّوفِ وَالْأَفْرِيَةِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي كل صنف مَا يحمل الْقسم مُفردا وَلَا يقسم مُفْرَدًا نَفْيًا لِلْغَرَرِ وَقَال أَيْضًا يُجْعَلُ الْجَمِيعُ نوعا وَاحِدًا وَيقسم بِالْقيمَةِ كَمَا يقسم الْعَبِيدُ وَفِيهَا الْعَلِيُّ وَالدَّنِيُّ وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَكَذَلِكَ الابل وَالْبَقر وَتجمع الْقَصَص والجبات وَالْأَرْدِيَةُ وَالسَّرَاوِيلَاتُ فِي الْقَسْمِ وَلَا تُضَمُّ الْبُسُطُ وَالْوَسَائِدُ مَعَ الْأَمْتِعَةِ وَالثِّيَابِ وَلَا تُجْمَعُ الْخَيْلُ وَالْبَرَاذِينُ وَالْحَمِيرُ وَالْبِغَالُ فِي الْقَسْمِ بِالسَّهْمِ بَلْ كُلُّ صِنْفٍ عَلَى حِدَةٍ وَالْخَيْلُ وَالْبَرَاذِينُ صِنْفٌ وَالْبِغَالُ صِنْفٌ وَالْحَمِيرُ صِنْفٌ فِي التَّنْبِيهَات اخْتُلِفَ فِي تَأْوِيلِ كَلَامِهِ فَقِيلَ اخْتِلَافٌ قَال يُقَسَّمُ كل صنف وَحده ان حمل الْقسم كَانَا ثِيَابًا أَوْ عَبِيدًا أَوْ حَيَوَانًا فَتَكُونُ التَّفْرِقَةُ عَلَى هَذَا اسْتِحْسَانًا وَمَذْهَبُهُ الْآخَرُ يُجْمَعُ الْجِنْسُ كُلُّهُ فِي الْقَسْمِ وَإِنِ احْتَمَلَ كَمَا قَال فِي الثِّيَابِ وَالْعَبِيدِ وَمَذْهَبُهُ الثَّالِثُ لَا يُجْمَعُ شَيْءٌ إِلَى غَيْرهِ وَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلِ الْقَسْمَ كَانَ ثيابًا أَو دَوَاب وَرَاعَى أَشْهَب فِي الْجَمِيعِ مَا يَمْتَنِعُ سَلَمُ بَعْضِهِ فِي بَعْضٍ وَرَاعَى ابْنُ حَبِيب التَّشَابُهَ فِي الْأَصْلِ وَالصَّفْقَةِ كَالْكَتَّانِ مَعَ الْقُطْنِ وَالصُّوفِ مَعَ الْمعز وَالْحَرِير مَعَ الْخَزّ لَان الْقرعَة غرر فَتبقى بِحَسْبِ الْإِمْكَانِ فَتُجْعَلُ فِي الْمُتَقَارِبِ

دُونَ الْمُتَبَاعِدِ قَال ابْنُ يُونُسَ لَا يُجْمَعُ اللُّؤْلُؤُ مَعَ الْيَاقُوتِ وَالزَّبَرْجَدُ مَعَ الْيَاقُوتِ إِلَّا بِالتَّرَاضِي وَقَال ابْنُ حَبِيب الْحَرِيرُ صِنْفٌ وَلَا يقسم الديباج مَعَ الْحَرِير والخز وفراء الخراف لَا تجمع كالفراء القلينات لِتَبَايُنِهَا وَلَا فِرَاءٌ مَعْمُولَةٌ إِلَى غَيْر مَعْمُولَةٍ قَال الْلَخْمِيّ اتَّفَقَ الْمَذْهَبُ عَلَى قَسْمِ الدِّيَارِ وَالْأَرْضِ بِالْقُرْعَةِ وَاخْتَلَفَ فِي غَيْرهَا مِنَ الْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ وَمَنَعَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَقَال يُبَاعُ وَيُقَسَّمُ ثمنه لَان الأَصْل منع الْقُرْعَةِ لِتَضَمُّنِهَا نَقْلَ مِلْكِ الْإِنْسَانِ بِغَيْر رِضَاهُ وَلِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدْ يَكُونُ غَرَضُهُ فِيمَا صَارَ لِشَرِيكِهِ وَيَرْجُو حُصُولَهُ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَرْضَ وَالضَّرَرُ فِي خُرُوجِ الْعَقَارِ عَنِ الْمِلْكِ بِالْبَيْعِ لَيْسَ كَغَيْرهِ يَجُوزُ قَسْمُهُ بِالْقُرْعَةِ وَلِذَلِكَ أَجَزْنَا لَهُ الشُّفْعَةَ دُونَ غَيْرهِ وَقَال ش يُجْبَرُ عَلَى الْقَسْمِ فِي الْمِثْلِيَّاتِ وَالْأَرْضِ لِقِلَّةِ الْغَرَرِ بِخِلَافِ الدَّارَيْنِ وَالْحَانُوتَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ وَيُجْبَرُ فِي الْعَبِيدِ وَالدَّوَابِّ الْمُسْتَوِيَةِ الْقِيمَةِ خِلَافًا لِ ح وَلَا يُجْبَرُ فِي الْمُخْتَلِفَاتِ كَالتُّرْكِيِّ مَعَ الزنْجِي والعلو مَعَ الاسفل لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ هَذَا مَذْهَبُ ش قَال الْلَخْمِيّ وَجَعَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْخَيْلَ وَالْبَرَاذِينَ صِنْفًا وَالْبِغَالَ وَالْحمير صنفين وَمنع أَشهب الْخَيل والبراوين صنفا لإسلام بَعْضهَا ي بَعْضٍ فَإِنْ كَانَ كُلُّ قَسْمٍ لَا يَحْمِلُ الْقَسْمُ مُفْرَدًا بِيعَ إِلَّا أَنْ يَتَرَاضَوْا فَيَجُوزُ وان كَانَ بِالْقُرْعَةِ وَكَذَلِكَ الْخَيل إِذا كَانَ فرسا سَابِقًا لَا يجمع قَوْلهُ بِالْقُرْعَةِ جَبْرًا وَقَال ابْنُ الْقَاسِمِ الْبِغَالُ وَالْحَمِيرُ صِنْفٌ لَا يُسَلَّمُ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ وَإِذَا امْتَنَعَ السَّلْمُ فَالْقَسْمُ أَوْلَى بِالْجَمْعِ لِأَنَّهُ جَمْعٌ فِي السَّهْمِ مَا يُسَلَّمُ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ وَتُجْمَعُ الْإِبِلُ فِي الْقَسْمِ إِذَا تَقَارَبَتْ صفاتها

(فرع)

يجوز اسلام بَعْضهَا بَعْضٍ وَيَخْتَلِفُ إِذَا تَبَايَنَتْ فَعَلَى أَحَدِ قَوْليِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَجُوزُ اخْتِيَارًا وَإِنْ كَانَ الْجَيِّدُ يَحْمِلُ الْقَسْمَ مُفْرَدًا وَعَلَى قَوْلهِ الْآخَرِ يَمْتَنِعُ الا ان لَا يَحْمِلَ كُلُّ صِنْفٍ الْقَسْمَ مُفْرَدًا وَعَلَى قَوْل أَشْهَب يَمْتَنِعُ جَبْرًا وَإِنْ لَمْ يَحْمِلِ الْقَسْمَ مُفردا قَالَ صَاحب الْمُقدمَات اخْتلف فِيمَا يجمع فِي الْقَسْمِ مَجْرَى الْبَيْعِ فَمَا جَازَ إِسْلَامُ بَعْضِهِ فِي بَعْضٍ امْتَنَعَ جَمْعُهُ فِي الْقُرْعَةِ وَمَا امْتَنَعَ إِسْلَامُ بَعْضِهِ فِي بَعْضِ جَازَ جمعه وَابْن الْقَاسِم لم يجز جَعْلَ الْقَسْمِ تَارَةً بَيْعًا وَتَارَةً أَخَفَّ مِنَ الْبَيْعِ فَجَمَعَ مَا يَمْتَنِعُ إِسْلَامُ بَعْضِهِ فِي بَعْضٍ كَجَمْعِهِ الْبَزَّ وَهُوَ أَصْنَافٌ فِي الْبَيْعِ وَتَارَةً أَشَدُّ مِنَ الْبَيْعِ كَمَنْعِهِ مِنْ جَمْعِ الْخَيْلِ وَالْبَرَاذِينِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ إِلَّا أَنْ يَتَأَوَّلَ أَنَّهُ أَرَادَ إِذَا كَانَ فِي كُلِّ صِنْفٍ مَا يَحْمِلُ الْقَسْمَ وَهُوَ أَوْلَى مَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ قَوْلهُ فَتَحَصَّلَ مِنْ مَذْهَبِهِ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ تُجْمَعُ الْخَيْلُ وَالْبَرَاذِينُ وَالْبِغَالُ وَالْحَمِيرُ إِنْ كَانَ فِي كُلِّ صِنْفٍ مَا يَحْمِلُ الْقَسْمَ وَلَا تُجْمَعُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ كُلُّ صِنْفٍ مِنْهَا لَا يَحْمِلُ الْقَسْمَ وَلَا تُجْمَعُ مُطْلَقًا وَكَذَلِكَ الْبَزُّ وَالثِّيَابُ عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ يَكُونُ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ وَأَجَازَ أَشْهَب جَمْعَ الصِّنْفَيْنِ تَرَاضِيًا وَمِثْلُهُ مَوْجُودٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ فِي النَّخْلَةِ وَالزَّيْتُونَةِ وَهُوَ مُشكل لِأَنَّهُ ان كَانَ غرراً امْتنع من الرِّضَا بِهِ وَإِلَّا لَزِمَ الْجَبْرُ فِيهِ وَمَدَارُ الْعُلَمَاءِ فِي هَذَا الْبَابِ كُلِّهِ عَلَى التَّقَارُبِ وَنَفْيِ الْغَرَرِ وَفِي الْجَوَاهِر قَال مُطَرِّفٌ الْبَزُّ صُنُوفٌ لَا يُقْرَعُ إِلَّا فِي صِنْفٍ مُتَشَابِهٍ وَإِنْ عُدِلَ بِالْقِيمَةِ فَالْحَرِيرُ أَوِ الْخَزُّ أَوِ الصُّوف أَو المرعز لَا يضم مَعَ التِّبْن وَالْكَتَّانِ وَلَا مَعَ الْبَزِّ وَلَا مَعَ الدِّيبَاجِ وَقَال عَبْدُ الْمَلِكِ الْقُطْنُ وَالْكَتَّانُ مِنَ الْبَيَاضِ صنف وان كَانَت قُمُصًا وَأَرْدِيَةً وَعَمَائِمَ وَجَبَايَا (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ يُقَوِّمُ الْمُقَوِّمُ قِيمَةَ الْعَدْلِ ثُمَّ يُسْهِمُ عَلَيْهِ وَمَا خَرَجَ لَزِمَ بِحُكْمِ

الْحَاكِمِ لِأَنَّ الْقَاسِمَ حَاكِمٌ أَوْ لِأَنَّهُمْ تَرَاضَوْا بِهِ فَهُوَ كَالرِّضَا بِالْبَيْعِ يُلْزِمُ وَيُقَسِّمُ عَلَى أَقَلِّ السِّهَامِ لِأَنَّهُ يُغْنِي عَنْ إِعَادَةِ الْقَسْمِ فَمن خرج سَهْمُهُ جَمَعَ لَهُ تَمَامَ نَصِيبِهِ وَلَا يُفَرِّقُ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ فَإِنْ تَشَاحُّوا فِي الْبِدَايَةِ بِأَيِّ الطَّرَفَيْنِ أَسْهَمَ عَلَيْهَا ثُمَّ مَا خَرَجَ أَسْهَمَ بَعْدَ ذَلِكَ فَمَنْ خَرَجَ جَعَلَ مِنْ تِلْكَ الْجِهَاتِ وَضَمَّ إِلَيْهِ فِيهَا سِهَامَهُ ثُمَّ يَضْرِبُ الْبَيْضَاء بِالسِّهَامِ لِلْبَاقِينَ فَإِنْ تَشَاحُّوا فِي أَيِّ الطَّرَفَيْنِ يَبْدَأُ فَكَمَا تَقَدَّمَ فَإِنْ بَقِيَ اثْنَانِ فَتَشَاحَّا فِي الطَّرَفَيْنِ لَمْ يُنْظَرْ إِلَى قَوْلهِمَا وَضَرَبَ على أَي الْجِهَات شَاءَ الْقَاسِم فَإِذا تَكُ امْرَأَتَهُ وَابْنًا أَوْ عَصَبَةً لَمْ يُسْهِمْ لِلْمَرْأَةِ إِلَّا عَلَى أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ لَا فِي الْوَسَطِ فَتَأْخُذُ أَحَدَ الطَّرَفَيْنِ وَالْبَاقِي لِلْوَلَدِ أَوِ الْعَصَبَةِ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ الْوَلَدُ أَوِ الْعَصَبَةُ عَدَدًا وَلَا يُسهم رَجُلَيْنِ فِي الْقَسْمِ وَإِنْ رَأَى ذَلِكَ الْبَاقُونَ إِلَّا فِي مِثْلِ هَذَا لِأَنَّ فِي الْجَمْعِ زِيَادَة عذر فِي الْقُرْعَةِ وَقَال صَاحِب التَّنْبِيهَات فَأَوَّلَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَوْل مَالِك نَصِيبُ اثْنَيْنِ فِي الْقَسْمِ اخْتَلَفَا أَوِ اتَّفَقَا رَضِيَا أَوْ كَرِهَا جَمَعَهُمْ سهم أَو فرقهم وَغَيره يرى جمع كُلِّ سَهْمٍ فِي سَهْمٍ وَاحِدٍ رَضُوا أَوْ كَرهُوا فَإِن شاؤا بقوا شُرَكَاء تَقَاسَمُوا وَقَوْلهُ يُسْهَمُ لِلزَّوْجَةِ قَال ابْنُ كِنَانَةَ مَذْهَبُهُ فِي الزَّوْجَةِ وَغَيْرهَا يُبْدَأُ بِالسَّهْمِ لِصَاحِب السَّهْمِ الْقَلِيلِ وَيُجْعَلُ فِي طَرَفٍ وَقَال الْمُغِيرَةُ يُسهم للزَّوْجَة حَيْثُ خرج بَينهمَا لِأَنَّ الْأَغْرَاضَ تَتَعَلَّقُ بِالْجِهَاتِ لِمَصَالِحَ تَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ قُرْبِ الْمَاءِ وَغَيْرهِ وَلَيْسَ إِجَابَةُ مَنْ غَرَضُهُ فِي المشَّرْقِ أَوْلَى مِمَّنْ غَرَضُهُ فِي الغرب وَلَا مَعْنَى لِقَوْل ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالطَّرَفَيْنِ السِّهَامُ لِأَنَّ السِّهَامَ إِنِ اخْتَلَفَتْ فَالْمُعْتَبَرُ الْأَقَلُّ أَوِ اسْتَوَتْ فَالضَّرْبُ لِأَحَدِهِمْ ضَرْبٌ لِلْجَمِيعِ قَال الْلَخْمِيّ إِنْ كَانَ مَعَ الزَّوْجَةِ ابْنٌ وَاحِدٌ فَكَمَا قَال فِي الْكِتَابِ فَإِنْ كَثُرَ الْأَوْلَادُ فَهُمْ كَالْوَاحِدِ يُسْهَمُ لَهُمْ سَهْمٌ يَقْتَسِمُونَ ان شاؤا وَعَنْهُ كُلُّ وَاحِدٍ صَاحِب سَهْمٍ وَقَال ابْنُ الْقَاسِمِ يَتَرَاضَوْنَ وَيُسْهَمُ لَهُمْ سَهْمٌ وَاحِدٌ لِلْخِلَافِ فِي ذَلِكَ وَالْخِلَافُ فِي الْأَخِ وَابْنِ الْعَمِّ مَعَ الزَّوْجَةِ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ كَانَ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ ضُرِبَ لَهُنَّ سَهْمٌ وَاحِدٌ اتِّفَاقًا فَإِنِ اجْتَمَعَ زَوْجَاتٌ وَجَدَّاتٌ وَبَنَاتٌ وَعَصَبَةٌ قُسِمَ عَلَى سهم العاصب لِأَن اقلهم جُزْء مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ وَاسْتُحْسِنَ إِذَا كَانَتْ تَنْقَسِمُ

أَثْلَاثًا وَالثُّلُثُ لَا يَقْبَلُ الْقَسْمَ أَنْ يُقَسَّمَ فَتَأْخُذُ الْبَنَاتُ نَصِيبَهُنَّ وَيُشْتَرَكُ فِي الْبَاقِي بِخِلَافِ إِذَا كَانَ الْقَسْمُ عَلَى جَمِيعِهِمْ إِلَّا الْعَاصِبَ يَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ يَبْقَى الْعَاصِبُ مَعَ غَيْري فَتَبْقَى الشَّرِكَةُ عَلَى حَالِهَا لِعَدَمِ الْمُرَجَّحِ إِلَّا أَنْ يَرْضَى أَحَدُهُمْ بِضَمِّهِ إِلَيْهِ وَلَا يُقْرَعَ عَلَى مَنْ يُضَمُّ إِلَيْهِ لِئَلَّا تَتَعَدَّى الْقَرْعَةُ مَحَلَّ مَشْرُوعِيَّتِهَا فَإِنِ اجْتَمَعَ لِأَحَدِهِمْ سَهْمٌ مِنْ مِيرَاثٍ بَعْدَ مِيرَاثٍ أَوْ مِيرَاثٍ وَشِرَاءٍ مِنْ وَارِث أَو من مَالك مُتَقَدِّمٍ عَلَى الْإِرْثِ أَوْ مِيرَاثٍ وَهِبَةٍ جُمِعَ ذَلِكَ كُلُّهُ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَيُضْرَبُ لَهُ عَلَيْهَا بِالسَّهْمِ وَفِي الْقَسْمِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ بِقَدْرِ السِّهَام لَا على عدد الرؤس فَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ أَهْلِ سَهْمٍ فِي الْقَسْمِ وَيُقَسَّمُ لِأَهْلِ كُلِّ سَهْمٍ نَصِيبُهُمْ فِي حَيِّزٍ ثمَّ يقتسمونه قسْمَة ثَانِيَة ان شاؤوا أَوْ يَتْرُكُونَهُ وَفِي النَّوَادِرِ إِنْ طَلَبَ أَحَدُ الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ إِفْرَادَ نَصِيبِهِ فِي الْقَسْمِ لَا يُجَابُ إِلَى ذَلِكَ حَتَّى يُقْسَمَ لِإِخْوَتِهِ قَسْمًا وَاحِدًا لِأَنَّ شُفْعَتَهُ لِأَهْلِ سَهْمِهِ فَيُفْرَدُوا بِالْقَسْمِ فِي حَيِّزٍ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْقَسْمِ إِنَّمَا هُوَ إِخْرَاجُ السِّهَامِ وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ كَلَامِ الْلَخْمِيّ أَنَّ الْقِسْمَةَ تَقَعُ مَعَ الْجَدَّاتِ وَالْبَنَاتِ وَالزَّوْجَاتِ أَوْ عَاصِبٍ قُسِّمَ عَلَى سَهْمِ الْعَاصِبِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ فَقَدْ أُفْرِدَتْ كُلُّ زَوْجَةٍ وَكُلُّ جَدَّةٍ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْل ابْنِ الْجَلَّابِ مَعَ أَنَّ قَوْلهُ مَنْقُولٌ فِي الدَّوَاوِينِ وَالظَّاهِرُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إِذا انْفَرد ذووا الْفَرَائِضِ دُونَ عَاصِبٍ يَقْتَضِي التَّوْزِيعَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ تِلْكَ السِّهَامِ وَفِي الْجَوَاهِر صِفَةُ الْقُرْعَةِ تُكْتَبُ أَسْمَاءُ الشُّرَكَاءِ فِي رِقَاعٍ وَتُجْعَلُ فِي بناديق طين أَو غَيره وترمى كل بندقة فَمن حصل سَهْمه فِي سَهْمه أَخَذَ حَقَّهُ مُتَّصِلًا فِي تِلْكَ الْجِهَةِ وَقِيلَ تُكْتَبُ الْأَسْمَاءُ وَالْجِهَاتُ ثُمَّ تُخْرَجُ الْبُنْدُقَةُ مِنَ الْأَسْمَاءِ ثُمَّ أَوَّلُ بُنْدُقَةٍ مِنَ الْجِهَاتِ فَيُعْطَى من خرج سَهْمه فِي تِلْكَ الْجِهَةِ وَفِي النَّوَادِرِ تَرَكَ ابْنًا وَثَلَاث بَنَات ودارين ووهبت احداهن لأَخِيهَا مِيرَاثهَا

(فرع)

لأختها مِنْ إِحْدَى الدَّارَيْنِ قَال سَحْنُون تُقَسَّمُ الدَّارُ خَمْسَةَ أَجْزَاءٍ فَإِذَا خَرَجَ سَهْمُ الْغُلَامِ جُمِعَ لَهُ سَهْمَان فَإِن خَرَجَ سَهْمُ إِحْدَاهُنَّ أُخِذَ الثَّالِثُ ثُمَّ يُسْهَمُ فَيَأْخُذ للثَّانِيَة الْخُمُسُ الرَّابِعُ ثُمَّ الْبَاقِي لِلثَّالِثَةِ فَإِنْ خَرَجَ أَوَّلًا لِإِحْدَاهُنَّ خَرَجْنَ قَبْلَهُ فَلَهُ الْبَاقِي فَإِنْ وَقع سهم الواهبة فِي الدوار الْمَوْهُوبَة فسهمها للْمَوْهُوب أَو فِي الدَّار الخرى بطلت بَينهمَا فَإِن اخْتلفت الداران مَبْنِيَّة وقاعة قُسِّمَتَا مُفْرَدَتَيْنِ فَإِنْ كَانَتِ الْهِبَةُ فِي الْمَبْنِيَّةِ جمع للموهوبة فِيهَا سَهْمَانِ مِنْ خَمْسَةٍ بِالْقِيمَةِ أَوْ فِي الْقَاعَةِ فَكَذَلِكَ وَمَتَى كَانَتِ الدَّارَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ فِي الْقسم جمع للموهبة سَهْمَانِ فِي مَوْضِعٍ إِلَّا أَنْ يَقْتَسِمُوا الَّتِي لَيْسَتِ الْهِبَةُ فِيهَا (فَرْعٌ) قَال صَاحِب التَّنْبِيهَات يُقَسَّمُ الْمَاءُ بِالْقِلْدِ فَائِدَةٌ قَال الْقِلْدُ بِكَسْرِ الْقَافِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَهُوَ الْقِدْرُ الَّتِي يُقَسَّمُ بِهَا الْمَاءُ قَالهُ جَمَاعَةٌ وَقَال ابْنُ دُرَيْدٍ هُوَ الْحَظ من المَاء يُقَال سقينا أَرْضنَا بِقِلْدِنَا أَيْ بِحَظِّنَا وَقَال ابْنُ قُتَيْبَةَ هُوَ سَقْيُ الزَّرْعِ وَقْتَ حَاجَتِهِ تَمْهِيدٌ قَال صَاحِب التَّنْبِيهَات اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ فِي ضَبْطِ الْقِلْدِ فَذَكَرُوا صِفَاتٍ وَأَوْرَدَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ أَسْئِلَةً كَثِيرَةً وَقَدْ جَمَعْتُ ذَلِكَ مُحَرَّرًا فَقَال عَبْدُ الْمَلِكِ وَأَصْبَغُ وَغَيْرهُمَا يُثْقَبُ أَسْفَلَ قِدْرٍ بِمِثْقَبٍ يَمْسِكُهُ الأمنيان عِنْدَهُمَا وَتُعَلَّقُ عَلَى قَصْرِيَّةٍ وَيُصَبُّ الْمَاءُ فِيهَا مَعَ الْفَجْرِ وَكُلَّمَا قَرُبَ فَرَاغُهُ صُبَّ إِلَى الْفجْر من الْغَد وَيُقَسَّمُ الْمَاءُ الْمُجْتَمِعُ عَلَى أَقَلِّهِمْ سَهْمًا أَوْ كَيْلًا أَوْ وَزْنًا ثُمَّ يُجْعَلُ لِكُلِّ شَرِيكٍ قِدْرٌ يَحْمِلُ سَهْمَهُ وَيُثْقَبُ بِالْمِثْقَبِ الْأَوَّلِ وَيُعَلَّقُ بِمَائِهِ وَيُصَرَّفُ الْمَاءُ كُلُّهُ إِلَيْهِ فَيَسْقِي مَا دَامَ الْمَاءُ يَسِيلُ مِنَ الْقِدْرِ فَإِنْ تَشَاحُّوا فِي التَّبْدِئَةِ اسْتَهَمُوا وَقِيلَ هَذَا فَاسِدٌ إِذَا كَانَ بَعْضُهُمْ أَكْثَرَ سَهْمًا لِأَنَّ كِبَرَ الْقِدْرِ

يُوجِبُ الثِّقَلُ وَشِدَّةُ الْجَرْيَةِ أَمْثَالَ غَيْرهِ بِضَغْطِ الْمَاءِ فَيُعِينُ صَاحِبهُ وَإِنَّمَا يَصِحُّ مِنْ تَسَاوِي الأنضباء بَلْ تُجْعَلُ الْقُدُورُ مُسْتَوِيَةً وَيُأْخَذُ السَّهْمُ الْكَثِيرُ عددا من الْقُدُور وَأَيْضًا قَوْلهم بصب الْمَاءِ عِنْدَ الْفَرَاغِ بَاطِلٌ لِأَنَّ جَرْيَةَ الْمَاءِ عِنْدَ امْتِلَاءِ الْقِدْرِ أَشَدُّ بَلْ يَنْبَغِي صَبُّ المَاء عِنْد أول النَّقْص وايضاً يقْضِي اللَّيْل وَالنَّهَار فِي الْقُدُور المتفرقة قَبْلَ تَمَامِ الْمَاءِ فِي الْقِدْرِ الْوَاحِدَةِ وَيَزِيدَانِ مَعَ الْقُدُورِ لِأَجْلِ ثِقَلِ الْمَاءِ فِي الْوَاحِدَةِ فَيَفْضُلُ مَعَ الْقُدُورِ مِنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فَضْلٌ وَمِنَ الْأَشْرَاكِ مَنْ لَمْ يَسْقِ وَقَال ابْنُ الْعَطَّارِ بَلْ يَكْفِي نَصِيبُ الْأَقَلِّ فِي الْقِلْدِ وَيَسْقِي إِلَى أَنْ يَذْهَبَ فَيُلْقَى فِيهِ مَكِيلَةٌ لِلْآخَرِ كَذَلِكَ حَتَّى يَنْقَضِيَ الْيَوْمُ وَاللَّيْلُ وَالسُّؤَالُ الْأَخِيرُ وَارِدٌ عَلَى ابْنِ الْعَطَّارِ فَيَأْخُذُ صَاحِب الْمَاءِ الْقَلِيلِ أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ لِضَعْفِ جَرْيَةِ مِائَهِ وَيَفْضُلُ مِنَ الزَّمَانِ وَالْأَشْرَاكِ كَمَا تَقَدَّمَ وَقَال غَيْر ابْنِ الْعَطَّارِ مِنَ الصِّقَلِّيِّينَ لَا يلْتَزم اللَّيْلَة وَالْيَوْمَ بَلْ يَبْتَدِئُ أَيَّ وَقْتٍ شَاءَ أَوْ يُقْرِعُوا إِذَا فَرَغَتْ نُوَبُهُمْ وَإِنْ زَادَ عَلَى الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ وَقَالهُ ابْنُ يُونُسَ فَسَلَمَ مِنَ السُّؤَالِ الْأَخِيرِ وَمِنْ سُؤَالٍ آخَرَ سَيَأْتِي فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لِدَوَرَانِ النُّوَبِ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فَمَنْ سَقَى بِاللَّيْلِ مَرَّةً سَقَى بِالنَّهَارِ أُخْرَى وَقَال ابْنُ لُبَابَةَ تُؤْخَذُ قِدْرٌ مُسْتَوِيَةٌ يُثْقَبُ فِي جَانِبِهَا ثُقْب بِقَدْرِ الْأَنْصِبَاءِ لِكُلِّ قِسْطٍ ثُقْبٌ بِقَدْرِ مَبْلَغِ مَاءِ الْقِسْطِ الْأَوَّلِ فِي جَانبهَا ويثقب لِلثَّالِثِ آخِرَ الثَّانِي هَكَذَا فَمَنْ خَرَجَ سَهْمُهُ أُلْقِيَ مَاؤُهُ فِي الْقِلْدِ فَإِنْ أَخْرَجَتِ الْقَرْعَةُ من لَهُ ثَلَاثَة اقساط فنح الثُّقْبُ الْأَوَّلُ فَإِذَا انْقَضَى الْقِسْطُ الَّذِي فَوْقَ فُتِحَ الثَّانِي ثُمَّ كَذَلِكَ الثَّالِثُ فَإِذَا تَمَّ انْقَضَى سَهْمُهُ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ خُرُوجَ قِسْطِ مَاءٍ مِنْ ثُقْبٍ تَحْتَهُ فِي جَانِبِ الْقَدْرِ

لَيْسَ كَقُوَّةِ خُرُوجِهِ أَوَّلًا مِنْ أَسْفَلِ الْقِلْدِ وَهُوَ مملوؤ وَقَال ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ بَلْ يُثْقَبُ لِصَاحِب الثُّلُثِ ثُقْبٌ فِي ثُلُثِ الْقِدْرِ وَلِصَاحِب النِّصْفِ فِي نصفهَا على قدر سِهَامهمْ وَيرد على الْوَارِدِ عَلَى ابْنِ لُبَابَةَ قَال الْقَاضِي وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي مَا يَسْلَمُ مِنْ هَذِهِ الْأَسْئِلَةِ وَهُوَ أَقَلُّ عَمَلًا وَأَوَانِي وَهُوَ أَنْ يَنْصَبَّ مَعَ الْفَجْرِ وَلَا يَتْرُكَهُ يَنْقُصُ ثُمَّ يُقْسَمُ مَاءُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ أَوْ تُجْعَلُ أَوَانِي تَحْتَهُ عَرَفْنَا وَزْنَهَا أَوْ كَيْلَهَا كُلَّمَا امْتَلَأَتْ أَزَلْنَاهَا وَنَصَبْنَا أُخْرَى مِثْلَهَا وَأَرَقْنَا الْأَوَّلَ وَأَدْرَكْنَا بِهَا نَقْصَ الْقِلْدِ ثُمَّ هَكَذَا يُتَنَاوَلُ بَيْنَ اثْنَيْنِ حَتَّى يَمْضِيَ النَّهَارُ وَاللَّيْلُ وَقَدْ عَرَفْنَا عَدَدَ مَا مَلَأْنَاهُ مِنَ الْأَوَانِي وتستغني بذلك من أَعْدَادِ الْمَاءِ فِي الْجَرَّارِ لِلسَّكْبِ فِي الْقِلْدِ وَعَنْ إعْدَادِ الْقَصَارِي لِجَمْعِ الْمَاءِ ثُمَّ نُقَسِّمُ ذَلِكَ وَعَرَفْنَا مَا يَقَعُ لِكُلِّ سَهْمٍ بِتِلْكَ الْإِثْنَيْنِ ويحفظها ثمَّ يعلق الْقِلْدُ مَمْلُوءًا كَمَا فَعَلْنَا أَوَّلًا وَنَصَبْنَا تَحْتَهُ الْآنِيَةَ مَعَ الْفَجْرِ وَبَدَأْنَا بِالْأَوَّلِ كَمَا تَقَدَّمَ وفتحنا الثقب وَكلما نقص مِنْهَا شَيْءٌ عَوَّضْنَاهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ حَتَّى يَعْتَدِلَ عِنْد السَّقْي كَمَا اعتدلت هَذِهِ الْآنِيَةُ فَمَنْ كَانَتْ قِدْرُ نَصِيبِهِ حَوْلَ الْمَاءِ وَجُعِلَتِ الْأُخْرَى لِغَيْرهِ وَأُرِيقَتْ هَذِهِ وَاسْتُدْرِكَتْ مِنْهَا مَا تصب من مَاء القلد وَمن لَهُ اثْنَان أَبَدًا وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى غَيْرهِمَا وَيَتَعَاهَدُ الْقِدْرَ فِي كُلِّ ذَلِكَ فَتَذْهَبُ الِاعْتِرَاضَاتُ كُلُّهَا إِلَّا وَاحِدًا وَهُوَ أَنَّ السَّقْيَ بِاللَّيْلِ قَدْ يُرْغَبُ فِيهِ لِكَثْرَةِ الْمَاءِ فِيهِ وَسُرْعَةِ جَرْيَتِهِ لِغَلَبَةِ الرُّطُوبَةِ عَلَى الْأَرْضِ وَالْهَوَاءِ لَيْلًا وَالرَّاحَةِ مِنْ حَرِّ الشَّمْسِ وَأَنَّهُ أَحْسَنُ لِلشَّجَرِ وَالنَّبَاتِ وَقَدْ يُرْغَبُ فِي النَّهَارِ لِقِلَّةِ مُؤْنَتِهِ وَالرَّاحَةِ مِنَ الظَّلَامِ وَالسَّهَرِ وَلَا يَصِحُّ جَمْعُهُمَا فِي قُرْعَةٍ لِلِاخْتِلَافِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُفَرَّقَ الْقِلْدُ فَيُجْعَلَ سَهْمُ اللَّيْلِ وَحْدَهُ وَالنَّهَارِ وَحْدَهُ إِلَّا أَنْ يُقَال ان هَذَا تدعوا اليه الضَّرُورَة كقسم الدَّار فِيهَا بِنَا آن عَتِيقٌ وَجَدِيدٌ وَالْأَرْضُ فِيهَا خَسِيسٌ وَنَفِيسٌ وَقَال ابْنُ لُبَابَةَ أَحَبُّ إِلَيَّ قَسْمُ مَاءِ كُلِّ لَيْلَة وَفِي كل يَوْمٍ عَلَى شُهُورِ الْعَجَمِ لِاخْتِلَافِ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ قَال الْقَاضِي وَهَذَا شَاقُّ لِاحْتِيَاجِ كُلِّ لَيْلَةٍ أَوْ يَوْمٍ لِمِقْيَاسٍ أَوْ نِصْفِ السَّنَةِ وَيُلْحَقُ بِهِ

النِّصْفُ الْآخَرُ قَال ابْنُ الْعَطَّارِ يُنْظَرُ إِلَى بَعِيدِ الْأَرْضِ وَقَرِيبِهَا إِنْ كَانَ أَصْلُ اشْتِرَاكِهِمَا بِمِيرَاثٍ أَوْ غَيْرهِ ثُمَّ تَقَاسَمُوا اسْتَوَى الْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ وَلَيْسَ لِلْبَعِيدِ أَنْ يَقُولَ لَا يُحْسَبُ عَلَيَّ الْمَاءُ حَتَّى يَدْخُلَ أَرْضِي لِأَنَّ أَرْضَهُ عِنْدَ الْقَسْمِ قُوِّمَتْ بِبُعْدِهَا عَنِ الْقِلْدِ بِقِيمَةٍ أَقَلَّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْأَرَضِينَ قَسْمٌ وَلَا اشْتِرَاكٌ وَلَا كَيْفَ مَلَكَهَا إِلَّا أَنَّهُمْ شُرَكَاء وَفِي الْمَاءِ فَلَا يُحْسَبُ عَلَى الْبَعِيدِ حَتَّى يَدْخُلَ ارضه وَعَن عَبْدِ الْمَلِكِ فِي الْقَوْمِ يَرِثُونَ الْأَرْضَ عَلَيْهَا مَاءٌ مَأْمُونٌ كَثِيرٌ يَقْتَسِمُونَ الْأَرْضَ وَبَعْضُهُمْ أَقْرَبُ للعين فَقيل الْمَاءُ فَيَصِيرُ يُقَوَّمُ بِالْقَرِيبِ دُونَ الْبَعِيدِ فَأَرَادُوا إِعَادَةَ الْقَسْمِ فَيُمْضَى قَسْمُ الْأَرْضِ وَيُعَادُ قَسْمُ الْمَاءِ فَيُزَادُ لِلْبَعِيدِ عَلَى الْقَرِيبِ حَتَّى يَسْتَوُوا فِيهِ فَيعْطى الْبعيد اكثر كَمَا لَو قسكت بِالْمَاءِ أَوَّلًا قَال الْقَاضِي وَعَلَى هَذَا لَا يَصِحُّ قَسْمُ مَاءِ الْقِلْدِ وَلَا قِيَاسُهُ وَلَا جَمْعُ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ حَتَّى يُطْلَقَ أَوَّلًا المَاء الى الأَرْض وَمَاء ثقب الْقِلْدِ يَجْرِي حِينَئِذٍ فِي الْأَرْضِ مُرَاقًا غَيْر مَجْمُوعٍ وَلَا مَحْسُوبٍ فَإِذَا وَرَدَ أَرْضَهُ أَشْهَدَ الشُّهُودَ بِبُلُوغِهِ بِصَوْتٍ أَوْ ضَرَبَ بِشَيْءٍ يَبْلُغُهُمْ صَوْتُهُ لِوَقْتِهِ فَيَبْتَدِرُونَ بِجَمْعِ الْمَاءِ فِي الْآنِيَةِ وَحِسَابِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ قَال الْقَاضِي وَهَذَا يجمع فِي أَمْرِ الْقِلْدِ لَا يَكَادُ يُوجَدُ فِي كِتَابٍ مَجْمُوعًا هَكَذَا النَّظَرُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْقِسْمَةِ وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ فِي التداعي فِي الْقِسْمَة فِي الْكِتَابِ إِذَا ادَّعَى بَعْدَ الْقَسْمِ غَلَطًا مَضَى الْقَسْمُ وَيَحْلِفُ الْمُنْكِرُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْغَلَطِ إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ أَوْ يَتَفَاحَشَ الْغَلَطُ فَيَنْتَقِضُ لِعَدَمِ الرِّضَا بِهِ وَقَال الشَّافِعِيَّةُ إِذَا قُلْنَا هِيَ بَيْعٌ لَا تَنْفَعُ دَعْوَى الْغَلَطِ وَلَوِ ادَّعَى دُخُولَ ثَوْبٍ فِي قَسْمِهِ لم ينتفض إِذَا أَشْبَهَ قَسْمَ النَّاسِ وَحَلَفَ الْمُنْكِرُ وَكَذَلِكَ إِذا تكافأت بينتهما لَان الأَصْل عد الإختلاط والغلط

وَلَيْسَ كَمَنْ بَاعَ عَشَرَةً فَقَبَضَهَا الْمُبْتَاعُ ثُمَّ ادَّعَى الْبَائِعُ الْغَلَطَ بِالْعَاشِرِ إِنْ كَانَتْ قَائِمَةً انتفض الْبَيْعُ بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا بِخِلَافِ الْقَسْمِ لِاتِّفَاقِهِمَا فِي الْبَيْعِ عَلَى عَدَمِ دُخُولِهِ فِي الْبَيْعِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْعُدْوَانِ وَلَوِ اقْتَسَمَا دَارًا فَتَدَاعَيَا بَيْتًا لَيْسَ بِيَدِ أَحَدِهِمَا تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا لِعَدَمِ تَعَيُّنِهِ لِأَحَدِهِمَا وَمَنْ حَازَ الْبَيْتَ أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً صُدِّقَ لِرُجْحَانِ حُجَّتِهِ وَمَنْ لَزِمَتْهُ يَمِينٌ فَنَكَلَ لَمْ يُقْضَ لِغَرِيمِهِ حَتَّى يَحْلِفَ لِيُكْمِلَ السَّبَبَ وَلَوْ قَال كُلُّ وَاحِدٍ السَّاحَةُ مِنْ هُنَا وَرفع إِلَى جِهَةِ صَاحِبهِ إِنِ اقْتَسَمَا الْبُيُوتَ عَلَى حِدَةٍ وَالسَّاحَةَ عَلَى حِدَةٍ تَحَالَفَا وَفُسِخَ قَسْمُ الساحة وَحدهَا لعدم تعين الْقَسْمِ فِيهَا عَلَى حَالَه وَإِنْ جَمَعَهَا الْقَسْمُ تَرَاضيا فسخ الْجَمِيع ان حلفا لِعَدَمِ رُجْحَانِ أَحَدِهِمَا قَال ابْنُ يُونُسَ قَال أَشْهَب لَا يَمِينَ عَلَى مُنْكِرِ الْغَلَطِ كَالْكَاتِبِ على نَفسه ذِكْرَ حَقٍّ ثُمَّ يَدَّعِي الْغَلَطَ فِي الْمُحَاسَبَةِ قَال ابْنُ حَبِيب إِذَا ادَّعَى الْغَلَطَ بَعْدَ الْقسم وان اقتسموا بِالتَّرَاضِي بِغَيْر سهم وهم جائزوا الْأَمْرِ لَا يُنْظَرُ إِلَى دَعْوَى الْغَلَطِ كَانَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِغَيْرهَا لِأَنَّهُ كَبَيْعِ التَّسَاوُمِ وَيَلْزَمُ فِيهِ الْغَبْنُ فَإِنِ اقْتَسَمُوا بِالْقُرْعَةِ قُبِلَ قَوْلهُ بِالْبَيِّنَةِ وَبِتَفَاحُشِ الْغَلَطِ وَيُرَدُّ الْقَسْمُ كَبَيْعِ الْمُرَابَحَةِ وَلَا يعدلُوا الْأَنْصِبَاء على الْبَقَاء على سهامهمن لَكِنْ يُقَسَّمُ ثَانِيَةً وَلَوْ لَمْ يَكُنِ الْغَلَطُ إِلَّا فِي نَصِيبٍ وَاحِدٍ بِزِيَادَةٍ لَنَقَضَ الْقَسْمُ فَإِنْ فَاتَ نَصِيبُهُ بِالْبِنَاءِ رَجَعَ عَلَيْهِ مَنْ نَقَضَ سَهْمَهُ بِقِيمَةِ ذَلِكَ مَالًا فَإِنْ فَاتَ بِبيع وَلم يبين الْمُبْتَاعُ نُقِضَ بَيْعُهُ وَرُدَّ الْقَسْمُ فَإِنْ بَنَى رَجَعَ نَاقِصُ السَّهْمِ عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ ذَلِكَ مَالًا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ عِنْدَهُ شَيْئًا رَجَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ مَالًا وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ فِي ذِمَّتِهِ قَال أَبُو مُحَمَّدٍ كَيْفَ يُرْجَعُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَبِمَاذَا يُرْجَعُ بِحِصَّةِ الثَّمَنِ أَوِ الْقِيمَةِ فَالَّذِي أَرَادَ ابْنُ حَبِيب الرُّجُوعُ بِقِيمَةِ نَقْصِ سَهْمِهِ قَال ابْنُ حَبِيب وَإِنْ بَنَى الَّذِي لَمْ تَقَعِ الزِّيَادَةُ فِي سَهْمِهِ وَلَا الَّذِي الزِّيَادَةُ عِنْدَهُ انْتَقَضَ الْقَسْمُ فِيمَا لم يبْق مِنَ السِّهَامِ لِعَدَمِ الْفَوْتِ فِيهَا وَفِي السَّهْمِ الَّذِي فِيهِ الزِّيَادَةُ وَمَا فَاتَ بِالْبِنَاءِ فَمَا لَمْ يَقَعْ فِيهِ غَلَطٌ مَضَى وَإِنَّمَا

قَال فِي مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ إِذَا كَانَتِ الثِّيَابُ قَائِمَة تحَالفا وتفاسخا لِأَن الشقق الآخر اخْتَلَفَا فِي ثَمَنِهَا فَيَقُولُ الْمُبْتَاعُ ثَمَنُهَا تِسْعَةُ أَعْشَارِ الثَّمَنِ وَيَقُولُ الْبَائِعُ بَلْ جَمِيعُ الثَّمَنِ فَإِنْ فَاتَتِ الثِّيَابُ بِحَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ حَلَفَ الْمُبْتَاعُ أَنَّهُ مَا ابْتَاعَ إِلَّا عَشَرَةً وَالْبَائِعُ مَا بَاعَ إِلَّا تِسْعَةً وَيَأْخُذُ ثَوْبًا مِنْهَا شَقَّةً بِحِصَّتِهَا مِنَ الثَّمَنِ الْمُصَادَقِ عَلَيْهِ فَإِنْ فَاتَتْ بِذَهَابِ أَعْيَانِهَا فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ مِنْهَا اكثر مِمَّا يَخُصهَا من الثّمن فَأَقل حَلَفَ الْمُبْتَاعُ وَلَزِمَهُ مَا يَخُصُّ تُسْعَهُ وَحَلَفَ البَائِع واخذ قيمَة الثَّوْب وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَ حِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ فَأَقل حلف الْمُبْتَاع وبريء قَالَ ابْن عَبدُوس قَالَ أَشْهَب فِي الْقَسْمِ يَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ قَال وَأَنَا أَقُولُ يَقْتَسِمَانِ هَذَا الثَّوْبَ نِصْفَيْنِ بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا قَال الْلَخْمِيّ دَعْوَى الْغَلَطِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ أَحَدُهَا أَنْ يَعْدِلَا ذَلِكَ بِالْقِيمَةِ وَالْقُرْعَةِ أَوْ بِغَيْر قُرْعَةٍ فَإِنْ قَال أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ كَانَ ذَلِكَ سَوَاء أَو قَرِيبا فَلَا ينْتَقض الْقَسْمُ وَصُدِّقَ مُدَّعِي الْوَهْمِ أَوِ الْغَلَطِ وَثَانِيهَا أَنْ يَقُولَا هَذِهِ الدَّارُ تُكَافِئُ تِلْكَ الدَّارَ أَوِ الْعَبْدُ يُكَافِئُ ذَلِكَ الْعَبْدَ مِنْ غَيْر ذكر قيمَة بِقرْعَة أَمْ لَا فَكَالْأَوَّلِ لِأَنَّ مَقْصُودَ ذَلِكَ التَّعْدِيلُ وَعَدَمُ الرِّضَا بِالْغَبْنِ وَكَذَلِكَ هَذِهِ الدَّارُ تُكَافِئُ هَذَا الْمَتَاع أَو هَذَا العَبْد هَذَا وَثَالِثهَا خُذ هَذِه الدَّار وَالْعَبْد وانا هَذِه الدَّار وَالْعَبْد مِنْ غَيْر تَقْوِيمٍ وَذِكْرِ مُكَافَأَةٍ فَإِنْ كَانَ الْقَسْمُ بِالتَّرَاضِي مَضَى الْقَسْمُ بِالْغَبْنِ كَالْبَيْعِ إِلَّا عَلَى مَنْ قَال الْغَبْنُ فِي الْبَيْعِ يُرَدُّ وَإِنِ اقْتَسَمَا بِالْقُرْعَةِ عَالِمَيْنِ بِالتَّفَاوُتِ فَسَدَ الْقَسْمُ لِاشْتِمَالِ الْقُرْعَةِ عَلَى الْغَبْنِ وَفُسِخَ قَهْرًا وَإِنْ لَمْ يَدْعُ لِذَلِكَ فَإِنْ طَلَبَا التَّسَاوِي جَازَ وَالْقِيَامُ فِي ذَلِكَ كَالْعَيْبِ فَإِنْ قَامَ بِهِ مَنْ عِنْدَهُ الْغَبْنُ فُسِخَتِ الْقِسْمَةُ وَإِنْ رَضِيَ بِهِ مَضَت وَرَابِعهَا الإختلاف فِي الْقِسْمَة الَّتِي وَقَعَ عَلَيْهَا الْقَسْمُ يَقْتَسِمَانِ عَشَرَةَ أَثْوَابٍ يَقُولُ أَحَدُهُمَا سِتَّةٌ لِي بِالْقَسْمِ وَيَقُولُ الْآخَرُ بل خَمْسَة وَخَمْسَة سلمته

فرع

غَلَطًا فَيُصَدَّقُ الْحَائِزُ لَهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ يَمِينِهِ إِذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ لِإِقْرَارِهِ بِدُخُولِهِ فِي الْقسم وَالْأَصْل عدم الْغَلَط وَلَا دُعَائِهِ وُقُوعَ الْقُرْعَةِ فَاسِدَةً وَتَصَرُّفَاتُ الْعُقَلَاءِ مَحْمُولَةٌ عَلَى الصِّحَّةِ فَيُصَدَّقُ مُدَّعِيهَا كَالْبَيْعِ وَقَال أَشْهَب لَا يَمِين عَلَيْهِ ان قَالَ الآخر سَلَّمْتُهُ غَلَطًا وَإِنْ قَال سَلَّمْتُهُ وَدِيعَةً صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهُ قَاسَمَ خَمْسَةً وَخَمْسَةً وَخُيِّرَ الْآخَرُ بَيْنَ إسْلَامِهِ أَوْ يَحْلِفُ أَنَّهُ قَاسَمَهُ سِتَّةً وَأَرْبَعَةً وَيَتَفَاسَخَانِ ذَلِكَ الثَّوْبَ وَحْدَهُ قَال ابْنُ حَبِيب إِنِ اقْتَسَمَا بِالتَّرَاضِي لَمْ يُنْظَرْ الى غَيره وَإِنْ كَثُرَ الْغَلَطُ كَبَيْعِ الْمُسَاوَمَةِ يَلْزَمُ أَوْ بِالْقُرْعَةِ بِتَعْدِيلِ الْقَسْمِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلهُ إِلَّا بِتَفَاحُشِ الْغَلَطِ وَيُرَدُّ الْقَسْمُ قَال الْلَخْمِيّ فَإِنْ أُشْكِلَ الْقَسْمُ صُدِّقَ مَنْ بِيَدِهِ السَّادِسُ إِنْ أَقَرَّ الْآخَرُ أَنَّهُ سَلَّمَهُ غَلَطًا أَوْ لِلْإِيدَاعِ تحَالفا وتقاضى الْقَسْمَ كُلَّهُ وَإِنْ حَازَ أَحَدُهُمَا صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْآخَرُ وَأَخَذَهُ وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمَا فِي حَدِّ الْجِدَارِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا الْحَدُّ مِنْ هَاهُنَا وَدَفَعَ عَنْ جَانِبِهِ وَقَال الْآخَرُ مِنْ هَاهُنَا وَدَفَعَ إِلَى جَانِبِ صَاحِبهِ فَقَدْ تَقَدَّمَ فَإِنِ ادَّعَى أَحَدُهُمَا مَعْرِفَةَ الْحَدِّ وَشَكَّ الْآخَرُ صُدِّقَ مُدَّعِي الْعِلْمِ وَاخْتُلِفَ فِي يَمِينِهِ فَإِنْ شَكَّا قَسَّمَا الْمَشْكُوكَ فِيهِ لِعَدَمِ رُجْحَانِ احدهما (فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيّ إِن الْقَسْمَ وَوَكَلَّا ثُمَّ ادَّعَيَا غَلَطَ الْقَاسِمِ أَوْ جَوْرَهُ رَجَعَ الْأَمْرُ إِلَى السُّلْطَانِ فَإِنْ وَجَدَهُ عَلَى التَّعْدِيلِ مَضَى فَإِنْ رَضِيَا بِالنَّقْضِ اسْتَأْنَفَا الْقرعَة أَو التَّرَاضِي بالقسم امْتَنَعَ لِانْتِقَالهِمْ مِنْ مَعْلُومٍ مُعَيَّنٍ إِلَى مَجْهُولٍ مُسْتَقْبَلٍ وَإِنْ تَرَاضِيَا بِالنَّقْضِ لِيَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ شَيْئا معينا جَازَ وان وجدوا عَلَى غَيْر تَعْدِيلِهِ نَقْضً كَانَ الْقَسْمُ بِرِضَا الْوَرَثَةِ أَوْ بِبَعْثِهِ مِنَ السُّلْطَانِ وَلَمْ يَرَ مَالِك قَسْمَ الْقَاسِمِ كَحُكْمِ الْحَاكِمِ وَإِنْ كَانَا مَعًا مُجْتَهِدَيْنِ فَالْحَاكِمُ لَا يُنْقَضُ اجْتِهَادُهُ بِاجْتِهَادِ غَيْرهِ وَاخْتُلِفَ فِي نَقْضِهِ هُوَ إِذَا تَبَيَّنَ الْخَطَأَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَنْقُضُهُ هُوَ وَغَيْرهُ إِذَا كَانَ خطأ

بَيِّنًا لِمُخَالَفَةِ النَّصِّ لِأَنَّهُ إِنَّمَا دُعِيَ إِلَى الْقَسْمِ بِالتَّعْدِيلِ وَالْغَلَطُ يُعْرَفُ قَطْعًا وَقَال أَشْهَب هُمَا سَوَاءٌ إِذَا تَبَيَّنَ الْغَلَطَ يُرَدُّ وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَكُونُ مِنَ الْقَسَّامِ جَازَ عَلَى مَنْ أَسْهَمَ لَهُ يَنْظُرُ فِي الْحِصَصِ الْبَاقِيَةِ فَإِنْ كَانَتْ إِذَا أُعِيدَتْ خَرَجَ عَلَى مَا هُوَ أَحْسَنُ أُعِيدَ الْقَسْمُ وَيُنْقَضُ الْأَوَّلُ وَكَذَلِكَ قَال فِي الْقَاضِي إِذَا حَكَمَ بِشَاذٍّ مُبَايِنٍ لِلْحَقِّ نَقَضَهُ غَيْرهُ أَوْ قَرِيبٌ لَمْ يَنْقُضْ وَإِنْ لَمْ يُبَايِنْ لَمْ يَكُنْ لِغَيْر الْقَاسِمِ نقضه وَلَا ينْتَقض اجْتِهَاده بِاجْتِهَاد غَيره وَاخْتلف هَلْ يَنْقُضُهُ الْقَاسِمُ نَفْسُهُ إِذَا تَبَيَّنَ لَهُ ان غير الأول الصَّوَاب وان كَانَت عَلَى السِّهَامِ فَأُعْطِيَ بَعْضُهُمْ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ غير ذَلِك احسن اعيد الْقسم فِيمَا اقترع عَلَيْهِ وَيَخْتَلِفُ فِيمَا مَضَى هَلْ يُنْقَضُ أَمْ لَا وَإِذَا لَمْ يَتَبَيَّنِ الْغَلَطُ حَتَّى وَقَعَ هدم أَو بِنَاء على مَنْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ فِي الْهَدْمِ شَيْءٌ وَيَخْتَلِفُ هَل بِقِيمَة الْبِنَاءِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ بِإِذْنِ الشَّرِيكِ قَاعِدَةٌ الْمُدَّعِي ابراء من خَالف اصلاً كمدعي شَغْلِ الذِّمَمِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَتُهَا لِوِلَادَةِ كُلِّ وَاحِد بَرِيئًا كَمُدَّعِي رَدِّ الْوَدِيعَةِ بِغَيْر بَيِّنَةٍ وَقَدْ أَخَذَهَا بِبَيِّنَة فَإِن الْعَادة تَقْتَضِي انه ان أُشْهِدَ عَلَيْهِ أُشْهِدَ وَكَالْوَصِيِّ يَدَّعِي إِنْفَاقَ مَا يُخَالف الْعَادة وَالْمُدَّعِي عَلَيْهِ قَوْله مُوَافق للْأَصْل كَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ شَغْلُ ذِمَّتِهِ أَوْ عُرْفًا كَالْيَتِيمِ إِذَا بَلَغَ فِيمَا تَقَدَّمَ فَيَصِيرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الطَّالِبَ لَا الْمَطْلُوبَ وَقِيلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَرْجَحُ الْمُتَدَاعِيَيْنِ سَبَبًا وَهُوَ نَحْوُ الْأَوَّلِ وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ تَقْرِير قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَوْ أُعْطِيَ النَّاسُ بِدَعَاوِيهِمْ لَادَّعَى قَوْمٌ دِمَاءَ قوم اموالهم وَلَكِنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَنِ ادَّعَى وَالْيَمِينَ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ فَعَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ يَتَخَرَّجُ مَنْ يَحْلِفُ وَمَنْ يُطَالِبُ بِالْبَيِّنَةِ فِي هَذَا الْبَابِ وَفِي غَيْرهِ مِنْ أَبْوَابِ الْفِقْهِ

فرع

(فَرْعٌ) قَالَ مطرف فَإِذا اخطأوا فِي الْقسم فِي الارض فسخ وَلَا يعْمل بَينهم وَلَا يقرونَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إقَامَةُ عَلَى تَصَرُّفٍ فَاسِدٍ كَإِقْرَارِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَقَعْ إِلَّا فِي نَصِيبٍ وَاحِدٍ لَأُعِيدَ مَا لَمْ يَفُتْ بِبِنَاءٍ مِنَ الَّذِي وَقَعَ ذَلِكَ فِي سَهْمِهِ فَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ نَقْضِهِ مَالًا وَلَوْ بَاعَ وَلَمْ يبين رُدَّ الْبَيْعُ وَفُسِخَ الْقَسْمُ فَإِنْ بَنَى الْمُشْتَرِي رَجَعَ نَاقِضُ السَّهْمِ عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ ذَلِكَ وَرجع عَلَى الْمُشْتَرِي مَالًا أَيْضًا وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ فِي ذِمَّتِهِ فَلَوْ بَنَى غَيْر الزَّائِدِ السهْم انْتقض الْقسم فِيمَا لم يبين وَفِي السهْم فِيهِ الزِّيَادَةُ كَمَا تَقَدَّمَ وَمَا فَاتَ بِالْبِنَاءِ مِمَّا لَمْ يَقَعْ فِيهِ الْغَلَطُ يُمْضَى الْقِسْمُ الثَّانِي فِي الطوارئ وَهِي خَمْسَة بعد الْقِسْمَة وَهِي الطَّارِئ الأول الِاسْتِحْقَاق وَفِي الْكِتَابِ إِذَا وَجَدَ بِنَصِيبِهِ عَيْبًا وَهُوَ وَجْهُهُ أَوْ أَكْثَرُهُ رُدَّ الْجَمِيعُ كَالْعَبِيدِ فِي الْبَيْعِ وَإِذَا اسْتَحَقَّ الْيَسِيرَ كَبَيْتٍ مِنْ دَارٍ عَظِيمَةٍ رَجَعَ بِحِصَّتِهِ فِي الثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ وَالْقَسْمِ وَلَزِمَ الْبَاقِي أَوِ الْكَثِيرَ رُدَّ الْجَمِيعُ نَفْيًا لِلضَّرَرِ قَال صَاحِب التَّنْبِيهَات جَاءَتِ الْأَلْفَاظُ مُشْكِلَةً فِي الْعَيْبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ فَقِيلَ مَرْدُودَةٌ إِلَى جَادَّةِ الْمَذْهَبِ وَقِيلَ أَقْوَالٌ مُخْتَلَفَةٌ وَقِيلَ اخْتَلَفَتْ لِاخْتِلَافِ الْأَسْئِلَةِ وَقِيلَ أَغْلَاطٌ وَأَوْهَامٌ وَقَعَتْ فِي الْكِتَابِ لِأَنَّ سَحْنُون لَمْ يُصْلِحْ كِتَابَ الْقَسْمِ بَلْ تَرَكَهُ عَلَى أَسْئِلَةِ أَسَدِ بْنِ الْفُرَاتِ وَقِيلَ مَذْهَبُهُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَالْعَيْبِ فِي الْقَسْمِ لَا يَنْتَقِضُ غَيْر مَذْهَبِهِ فِي الْبَيْعِ يَنْتَقِضُ فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلهُ اقْتَسَمَا عَبْدَيْنِ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَاحِدًا فَاسْتَحَقَّ نِصْفَ أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ قَال يَرْجِعُ صَاحِبهُ عَلَى الْآخَرِ بِرُبْعِ الْعَبْدِ الَّذِي فِي يَدَيْهِ أَوْ بِقِيمَتِهِ إِنْ فَاتَ لِأَنَّهُ

ثَمَنُ مَا اسْتَحَقَّ مِنَ الْعَبْدِ الَّذِي فِي يَدَيْهِ مِنْ نَصِيبِ صَاحِبهِ لِأَنَّهُ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ كُلِّ عَبْدٍ نِصْفُهُ فَلَمَّا اسْتُحِقَّ يقسم هَذَا الِاسْتِحْقَاقُ عَلَى النِّصْفِ الَّذِي كَانَ لَكَ وَعَلَى النِّصْفِ الَّذِي اشْتَرَيْتَ مِنْ صَاحِبكَ فَيَكُونُ نِصْفُ النِّصْفِ الَّذِي يُسْتَحَقُّ مِنْ نَصِيبِكَ وَنِصْفُ النِّصْفِ مِنْ صَاحِبكَ وَهُوَ الرُّبْعُ فَرَجَعَ بِهِ فَلَمْ يُفْسَخِ الْقَسْمُ وَالْمُسْتَحَقُّ نِصْفُ حِصَّتِهِ وَهُوَ كَثِيرٌ عَلَى أَصْلِهِ قِيلَ إِنَّمَا قَال ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ يُفْسَخُ بِالنِّصْفِ لِأَنَّ الْمَرْدُودَ الرُّبْعُ هَاهُنَا وَهُوَ من جملَة صَفْقَة الْقسم فَهُوَ قَلِيل وبالحقيقة الرّبع هَاهُنَا نصف الْمُعَارضَة وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلهُ اشْتَرَى عَبْدًا فَبَاعَ نِصْفَهُ فَاسْتَحَقَّ رُبْعَهُ يُخَيَّرُ الْمُبْتَاعُ الثَّانِي بَيْنَ الرَّدِّ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ عَلَى بَائِعِهِ بِمَا اسْتَحَقَّ عَلَيْهِ مِمَّا اشْتَرَى وَهُوَ ثَمَنُ الرُّبْعِ لِأَنَّ الرُّبْعَ الْمُسْتَحَقَّ مِنْهُمَا وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ أَيْضًا وَيَكُونُ مُخَيَّرًا فَجَعَلَهُمَا يَرْجِعَانِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِنَّمَا اسْتَحَقَّ مِمَّا فِي يَدَيْهِ الْأَقَلَّ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ الثَّانِيَ إِنَّمَا اسْتَحَقَّ مِنْهُ الثَّمَنَ وَالْأَوَّلُ كَذَلِكَ إِنْ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ وَالرُّبْعُ إِنْ رَدَّهُ عَلَيْهِ فَهُوَ خِلَافُ قَوْلهِ أَوَّلًا هُنَا عَلَى أَصْلِهِ فِي اسْتِحْقَاقِ الْعَبْدِ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ رَدِّ الْيَسِيرِ نَفْيًا لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ فَقَدْ فَرَّقَ فِي اسْتِحْقَاقِ الْيَسِيرِ مِنَ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَى أَنْ لَهُ الرَّدَّ لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْقَسْمِ وَذَكَرَ أَنَّهُ إِنْ رَدَّ فِي الْقَسْمِ رَجَعَ عَلَى الشَّرِكَةِ فَقِيلَ اخْتِلَافٌ لِمَسْأَلَةِ الْعَبْدَيْنِ إِذْ لَمْ يُجْعَلُ لَهُ الرَّدُّ وَقِيلَ بَلِ الْفرق ان الْعَبْدَيْنِ إِنَّمَا الشَّرِكَةُ بَيْنَ الْمُتَقَاسِمَيْنِ فِي كُلِّ وَجْهٍ وَفِي مَسْأَلَةِ مُشْتَرِي النِّصْفِ مَعَهُمْ شَرِيكٌ ثَالِثٌ وَهُوَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ فَزَادَ الضَّرَرُ وَقُسِّمَتْ خدمَة الْعَبْدَيْنِ ثَلَاثَة وَقِيلَ بَلْ لِمَزِيدِ الضَّرَرِ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ مِنْهُ نصف صفته وَهُوَ كَثِيرٌ كَطَعَامٍ اسْتَحَقَّ نِصْفَهُ بِخِلَافِ الْعَبْدَيْنِ قَال وَهُوَ غَلَطٌ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لِلنِّصْفِ إِنَّمَا اسْتَحَقَّ مِنْهُ رُبْعَ صَفْقَتِهِ كَمَسْأَلَةِ الْعَبْدَيْنِ وَأَمَّا الدَّارُ أَوِ الدُّورُ يُسْتَحَقُّ بَعْضُهَا فَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلهُ إِنَّ فِي اسْتِحْقَاقِ الْيَسِيرِ يَرْجِعُ بِحِصَّتِهِ من

الثَّمَنِ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً لَا فِيمَا بِيَدِهِ إِلَّا عَلَى مَا ذَكَرَهُ فَضْلٌ أَنَّهُ يرجع يسير فِي الثَّمَنِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلهُ إِنَّ الْقَسْمَ لَا يَنْتَقِضُ وَاخْتَلَفَ قَوْلهُ فِي صِفَةِ الرُّجُوعِ فَقَال مَرَّةً يَرْجِعُ بِقِيمَةِ نِصْفِ الْمُسْتَحَقِّ مِنْ يَدِهِ وَقَال مَرَّةً قِيمَةُ نِصْفِ مِثْلِ ذَلِكَ الْجُزْءِ مِمَّا بِيَدِهِ وَهُوَ أَصْلُ مَذْهَبِهِ وَهُوَ عَدْلٌ وَقَال أَشْهَب يَرْجِعُ فِي الْعَيْبِ بِالْيَسِيرِ مِمَّا بِيَدِهِ شَرِيكًا وَقَال عَبْدُ الْمَلِكِ يُنْتَقَضُ قَسْمُ السِّهَامِ بِاسْتِحْقَاقِ الْيَسِيرِ فَإِنِ اسْتَحَقَّ مِنَ الدَّار والدور مَا فِيهِ ضَرَرٌ وَلَيْسَ بِالْجُلِّ اضْطَرَبَ جَوَابُهُ فَقَال مَرَّةً إِنِ اقْتَسَمَا دَارًا فَأَخَذَ أَحَدُهُمَا ربعهما مِنْ مُقَدِّمِهَا فَاسْتَحَقَّ نِصْفَهَا بِيَدِهِ رَجَعَ بِرُبْعِ قِيمَةِ مَا بِيَدِهِ فَإِنِ اسْتَحَقَّ نِصْفَ مَا بِيَدِهِ الآخر وَهُوَ الثَّلَاثَة الارباع فَكَذَلِك وَصرح بَان اسْتِحْقَاق النّصْف لَا ينْتَقض الْقَسْمَ وَأَنَّهُ فِي حَيِّزِ الْيَسِيرُ ثُمَّ قَال بِأَثَرِ الْمَسْأَلَةِ لَا يُنْتَقَضُ الْقَسْمُ بِالْيَسِيرِ إِنَّمَا يُنْتَقَضُ بِالْجُلِّ وَقَال ابْنُ الْقَاسِمِ يُنْتَقَضُ بِالثُّلُثِ وَجَعَلَهُ كَثِيرًا فَقِيلَ رُجُوعٌ عَمَّا تَقَدَّمَ وَقِيلَ لَا وَالثُّلُثُ وَالنِّصْفُ كَثِيرٌ وَفَرَّقَ ابْنُ لُبَابَةَ بَيْنَ الدَّارِ وَالدُّورِ فَلَا يُرَاعَى فِي الدُّورِ الْكَثِيرَةِ إِلَّا الْجُلُّ وَجَعَلَهُ مَذْهَبَ الْكِتَابِ وَسَوَّى غَيْرهُ وَقَال ابْنُ أَبِي زَيْدٍ مَذْهَبُ الْكِتَابِ لَا يُنْتَقَضُ الْقَسْمُ إِلَّا بِالْجُلِّ مِنَ النَّصِيبِ أَوْ مَا فِيهِ ضَرَرٌ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَقَوْلهُ يُرَدُّ الْقَسْمُ إِلَّا أَنْ يَفُوتَ مَا بِيَدِ صَاحِبهِ بِبَيْعٍ أَوْ هَدْمٍ وَذَكَرَ الْبِنَاءَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْيَدَ يَدُ ضَمَانٍ وَأَمَرَ سَحْنُون بِطَرْحِ لَفَظِ الْبَيْعِ وَقَال إِذَا بَاعُوا فَعَلَيْهِمُ الثَّمَنُ وَعَنْهُ أَنَّهُ فَوت وَعند الْهَدْمِ لَيْسَ فَوْتًا وَيُقَال جَرَّ الثُّلُثُ مَهْدُومًا قَال سَحْنُون هُوَ اخْتِلَافٌ مِنْ قَوْلهِ وَعِنْدَ سَحْنُون لَا يُضَمَّنُ فِي الْقَسْمِ مَا هُوَ بِأَمْرٍ مِنَ اللَّهِ وَلَا مِنْ سَبَبِهِ مِنْ بَيْعٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ هِبَةٍ وَإِنَّمَا يَطْلُبُ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ وَعَيْنِ الْعَبْدِ فَيُشَارِكُ بِمَا يُصِيبُهُ فِيهِ إِنْ كَانَ مَوْهُوبًا وَبِقِيمَةِ مَا يَجِبُ لَهُ مِنَ الشِّقْصِ يَقُومُ عَلَى مُعْتِقِهِ إِنْ عَتَقَ وَيُضَمِّنُهُ أَشْهَب بِكُلِّ مَا يَكُونُ مِنْ سَبَبِهِ دُونَ الْمُسَاوِي وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي كَوْنِ الْهَدْمِ وَالْبَيْعِ فَوْتًا فِي الْقَسْمِ قَوْلانِ وَالْأَشْبَهُ بِأُصُولِهِمْ الْفَوْتُ وَلَمْ يَرَ سَحْنُون الْهَدْمَ

وَالْبيع وَالْبناء فوتاً وَقَالَ فِي ام ولد الْمُسْتَحِقَّةِ يَأْخُذُهَا وَقِيمَةَ وَلَدِهَا لِأَنَّهُ قَدْ يَمِيلُ إِلَيْهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا وَقَال أَيْضًا لَا يَأْخُذُهَا بَلْ قِيمَةَ وَلَدِهَا وَقِيمَتَهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ مِنْ عَارٍ أَوْ غَيْرهِ قَال ابْنُ يُونُسَ قَوْل أَبِي مُحَمَّدٍ يَفُوتُ الْعَيْبُ بِاخْتِلَافِ الْأَسْوَاقِ لَيْسَ لِمُلْكٍ بَلْ فَوْتُ عِوَضِهِ وَالْعِوَضُ فِي الْقَسْمِ أَقَامَهُ ابْنُ حَبِيب مَقَامَهُ فِي الْبَيْعِ وَقَوْلهُ فِي الْكِتَابِ لَا يَأْتِي بحنطة مُعينَة فِي الْقَسْمِ إِذَا اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ بَعْدَ الطَّحْنِ لِعَدَمِ الْإِحَاطَةِ بِمِقْدَارِهِ بَلْ يَرُدُّ الْقِيمَةَ وَيَرُدُّ الْآخَرُ الطَّعَامَ الَّذِي أَخَذَهُ أَوْ مَكِيلَتَهُ ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ ذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِنصْف قيمَة الْعَيْب فِي حِنْطَة صَاحبه لَيْلًا يُدْخُلَهُ التَّفَاضُلُ فِي الطَّعَامِ وَقَال أَشْهَب يَرُدُّ الْحِنْطَةَ ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ ذَلِكَ وَحِصَّةَ الْآخَرِ وَعَنْ سَحْنُون يَشْتَرِكَانِ بِقِيمَةِ الطَّحِينِ فِي الدَّقِيقِ وَمَا بَقِيَ وَحِصَّةُ الْآخَرِ بَيْنَهُمَا قَال الْلَخْمِيّ إِذَا كَانَ الْمَعِيبُ النِّصْفَ لَيْسَ لَهُ رَدُّ السَّالِمِ عِنْد ابْن الْقَاسِم فِي مَسْأَلَةِ الْجَارِيَتَيْنِ يَسْتَحِقُّ نِصْفَ مَا فِي يَدِ أَحَدِهِمَا وَخَيَّرَهُ أَشْهَب بَيْنَ التَّمَسُّكِ بِالْبَاقِي أورد الْجَمِيعِ فَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ بِأَيْسَرِ مَا فِي يَدِهِ لَهُ الرَّدُّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيَرْجِعُ بِمَا يَنُوبُهُ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ وَجَعَلَهُمَا أَشْهَب شَرِيكَيْنِ وَنَقَضَ مُحَمَّدٌ الْقَسْمَ بِالِاسْتِحْقَاقِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ قَال وَأَرَى إِنْ كَانَ الْقَسْمُ بِالتَّرَاضِي فَمَا قَال ابْنُ الْقَاسِمِ فِي جَمِيعِ الْوُجُوهِ أَوْ بِالْقُرْعَةِ قُدِّمَ طَالِبُ نَقْضِ الْقَسْمِ وَإِنْ قَلَّ الْمَعِيبُ وَالْمُسْتَحَقُّ لِأَنَّ تِلْكَ الْقُرْعَةَ غَيْر مَشْرُوعَةٍ وَحَيْثُ لَهُ الرُّجُوعُ فِي السَّالِمِ وَالْقَسْمِ بِتَرَاضٍ فَمَا قَالهُ ابْنُ الْقَاسِمِ مِنَ الْفَوْتِ بحوالة الْأَسْوَاق فَمَا فَوتهَا مِنْ تَغَيُّرٍ أَوْ زِيَادَةٍ إِلَّا الدِّيَارُ فَلَا تُفِيتُهَا حَوَالَةُ الْأَسْوَاقِ لِأَنَّ الدِّيَارَ لَا تُطْلَبُ لِلتَّجَرِ غَالِبًا وَلَا تُعْرَضُ لِلْأَسْوَاقِ فَلَا تُؤَثِّرُ فِيهَا وَيُفِيتُ الْجَمِيعَ الْبَيْعُ وَالْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ وَالْحُبَّسُ وَالْقسم وَإِنْ كَانَ الْقَسْمُ بِالْقُرْعَةِ فَقِيلَ بَيْعٌ وَالْجَوَابُ كَالْأولِ وَقَالَ أَشهب فَلَا تفيتها حَوَالَةُ الْأَسْوَاقِ وَلَا النَّمَاءُ وَالنَّقْصُ بَلِ الْبَيْعُ وَالْحُبَّسُ يُفِيتَانِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْر وَيُرْجَعُ بِالْقِيمَةِ يَوْم الْقسم

(فرع)

بِخِلَاف البيع لضمان البَائِع الْمَبِيع وَالْمُقَاسِمُ غَيْر ضَامِنٍ وَيُرَدُّ عَلَى أَشْهَب الْفَوْتُ بِذَهَابِ الْيَدِ بَعْدَ الْقَسْمِ قَال سَحْنُون إِنْ بَاعَ احدهما وَاسْتحق عبد الآخر فالثمن بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ بَدَلُ الْعَيْنِ وَقَدْ تَعَلَّقَ حَقُّ الْغَيْر بِهَا وَإِنْ حَمِلَتِ الْأَمَةُ ضُمِّنَ يَوْمَ الْحَمْلِ لِأَنَّهُ وَقْتُ سَبَبِ الْفَوَاتِ وَعِنْدَ أَشْهَب يَوْمَ الْقَسْمِ لِأَنَّهُ يَوْمَ وَضْعِ الْيَدِ وَإِنْ وَهَبَ أَوْ حَبَسَ جَازَ فِي نَصِيبِهِ عَلَى أَصْلِ سَحْنُون وَيَأْخُذُ شَرِيكُهُ نَصِيبَهُ مِنَ الْمَوْهُوبِ لَهُ إِنْ كَانَ مِمَّا يَنْقَسِمُ قَاسَمَهُ وَإِنْ اعْتِقْ ضمن قيمَة نصِيبه يَوْم الْقسم على أَصْلِ سَحْنُون يُقَوَّمُ نَصِيبُهُ لِيُقَوِّمَ عَلَيْهِ شَرِيكُهُ يَوْم التَّقْوِيم ان كَانَ مَلِيًّا وَاتَّفَقَ أَشْهَب وَسَحْنُون إِذَا لَمْ يَخْرُجْ مِنَ الْيَدِ أَنَّ النَّمَاءَ وَالنُّقْصَانَ بَيْنَهُمَا وَلَيْسَ بِفَوْتٍ فَإِنْ خَرَجَ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ عِتْقٍ فَعِنْدَ أَشْهَب فَوْتٌ وَالْقِيمَةُ يَوْمَ الْقَسْمِ لِأَنَّ الشَّرِيكَ سُلْطَةٌ وَقَال سَحْنُون فَوت وَالْقِيَام يَوْمَ الْفَوْتِ وَعَنْهُ يَرْجِعُ فِي الْهِبَةِ إِنْ وَهَبَ أَوْ تَصَدَّقَ كَالْمُسْتَحَقِّ وَإِنْ أَعْتَقَ فَالِاسْتِكْمَالُ فِي الْعِتْقِ يَوْمَ الرُّجُوعِ فَإِنْ فَاتَ بَعْدَ الْعِتْقِ وَقَبْلَ الرُّجُوعِ لَمْ يُضَمَّنْ صَاحِبهُ عَلَى أَحَدِ قَوْليْ سَحْنُون (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا بَنَى أَحَدُهُمَا أَوْ غَرَسَ ثُمَّ اسْتَحَقَّ نِصْفَ نَصِيبِهِ فَذَلِكَ فَوْتٌ وَكَذَلِكَ إِنِ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الَّذِي لَمْ يَبْنِ وَيَرُدُّ غَيْر الْبَانِي مَا بَقِي وَالثَّانِي قيمَة جَمِيع نصِيبه ويقسمان ذَلِكَ إِنْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ كَثِيرًا وَإِلَّا تَرَكَ الْقَسْمَ وَرَجَعَ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ لِبَقَاءِ وَجْهِ الصَّفْقَةِ وَنَقَضَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ مُطْلَقًا لِوُقُوعِ الْقَسْمِ عَلَى غَيْر مُعْدِلٍ وَقَال ح لَا يُنْتَقَضُ مُطْلَقًا بَلْ يُخَيَّرُ الْمُسْتَحِقُّ مِنْهُ بَيْنَ فَسْخِ الْقَسْمِ لِكَوْنِهِ عَلَى مُعْدِلٍ وَبَيْنَ الرُّجُوعِ عَلَى الشُّرَكَاء توفيه لحقه وَلَا يتَعَيَّن الْفَسْخ

(فرع)

لِعَدَمِ دُخُولِهِمَا عَلَى عَدَمِ التَّعْدِيلِ ابْتِدَاءً لَنَا أَنَّ التَّفْرِقَةَ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ جَمْعٌ بَيْنَ الْمَدَارِكِ فَتَكُونُ أَوَّلًا وَلَوْ وَقَعَ فِي نَصِيبِ الثَّانِي فَإِمَّا يَدْفَعُ الْمُسْتَحِقُّ قِيمَةَ الْبِنَاءِ قَائِمًا لِأَنَّهُ وَضعه غير مُتَعَدٍّ الا رَجَعَ الاخر بِقِيمَة الأَرْض لِأَنَّهُ لَيْسَ بغاصب قَالَ بن الْقَاسِمِ مَتَى اسْتَحَقَّ كَثِيرً رَجَعَ بِنِصْفِ قِيمَةِ ذَلِكَ فِيمَا بِيَدِ صَاحِبهِ شَرِيكًا فِيهِ فَإِنْ لَمْ يَفُتْ أَوْ يَسِيرً رَجَعَ بِنِصْفِ قِيمَةِ ذَلِكَ ثَمَنًا نَفْيًا لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ وَإِنِ اقْتَسَمَا دوراً بأسهم أَوْ بِالتَّرَاضِي فَاسْتُحِقَّتْ وَاحِدَةٌ أَوْ وُجِدَ بِهَا عَيْبٌ وَهِيَ جُلُّ النَّصِيبِ أَوْ أَكْثَرُهُ ثَمَنًا انْتَقَضَ الْقَسْمُ كَالْبَيْعِ وَإِنْ كَانَتِ الْعُشْرَ رَجَعَ بِنِصْفِ عُشْرِ قَيِمَةِ مَا بِيَدِ الْآخَرِ ثَمَنًا وَلَا يَرْجِعُ فِيهِ عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ وَيَرُدُّهَا فِي الْعَيْبِ وَيَرُدُّ الْآخَرُ عُشْرَ قِيمَةِ مَا بِيَدِهِ يكون ذَلِك مَعَ الدَّار الْمعينَة بَيْنَهُمَا (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ اقْتَسَمَا جَارِيَتَيْنِ فَاسْتُحِقَّتْ إِحْدَاهُمَا بَعْدَ الِاسْتِيلَادِ فَلِرَبِّهَا أَخْذُهَا لِأَنَّهَا عَيْنُ مَالِهِ وَقِيمَةُ وَلَدِهَا لِأَنَّهُ نَشَأَ عَنْ مَالِهِ وَتَخَلَّقَ عَلَى الْحُرِّيَّةِ فَامْتَنَعَ أَخْذُ عَيْنِهِ وَقِيمَتُهُ تَقُومُ مَقَامَهُ وَيَرْجِعُ الشَّرِيكُ عَلَى صَاحِبهِ بِنِصْفِ الْجَارِيَة الآخر فَإِن فَاتَت بِغَيْر سُوقٍ فَمَا فَوْقَهُ فَنِصْفُ قِيمَتِهَا يَوْمَ قَبْضِهَا وَبِهِ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْبَيْعِ ثُمَّ رَجَعَ مَالِك فِي الْبَيْعِ إِلَى هَذَا وَمَنَعَ أَخْذَهَا لِتَضَرُّرِ الْمُشْتَرِي بِالْعَارِ بِأَخْذِ فِرَاشِهِ وَلَكِنْ قِيمَتُهَا وَقِيمَةُ وَلَدِهَا قَال ابْنُ الْقَاسِمِ لَوْ رَضِيَ الْمُسْتَحِقُّ بِقِيمَتِهَا لَيْسَ لِلْوَلَدِ الِامْتِنَاعُ عَلَى قَوْل مَالِك صَوْنًا لِلْحُرِّيَّةِ فِيهَا وَلِلْمَالِيَّةِ عَنِ الذّهاب

(فرع)

وَيُعْطَى قِيمَةَ وَلَدِهَا وَقِيمَتَهَا يَوْمَ الِاسْتِحْقَاقِ لِأَنَّهَا لَوْ مَاتَتْ قَبْلَهُ لَمْ يَلْزَمِ الْمُبْتَاعُ قِيمَتَهَا لِأَنَّهُ لَوْ لَزِمَتْهُ لَكَانَتْ مِلْكَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ قِيمَةُ وَلَدِهَا قَال الْلَخْمِيّ يَعُودُ الْمَقَال بَيْنَهُمَا فِي الْجَارِيَةِ الثَّانِيَةِ فَإِنْ كَانَ الْقَسْمُ بِالتَّرَاضِي أَوْ بِالْقُرْعَةِ عَلَى الْقَوْل أَنَّهَا بَيْعٌ فَعَلَى مَنْ هِيَ فِي يَدَيْهِ نِصْفُ قِيمَتِهَا يَوْمَ قَاسَمَ وَاخْتُلِفَ عَلَى أَنَّهَا تَمْيِيزُ حَقٍّ قَال بن الْقَاسِمِ يَوْمَ قَاسَمَ وَقَال سَحْنُون يَوْمَ حَمِلَتْ إِنْ كَانَ مُوسِرًا فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَعَلَى قَوْل ابْنِ عَبْدُوسٍ فِي الْعَبْدِ يُعْتَقُ يَكُونُ عَلَى الشَّرِيكِ قِيمَتُهُ يَوْمَ التَّقْوِيمِ يَكُونُ لِلشَّرِيكِ أَخْذُ نِصْفِ الْأَمَةِ وَيُتْبِعُ بِقِيمَةِ نِصْفِ الْوَلَدِ لِأَنَّهُ أَنْزَلَهُ فِي الْعِتْقِ مَنْزِلَةَ نِصْفِ قِيمَةِ الْمُسْتَحَقِّ وَيَكُونُ لَهُ نِصْفُهُ فِي الْعِتْقِ عَلَى أَصْلِهِ فِي الْعِتْقِ إِذَا كَانَ مُعْسِرًا وَكَذَلِكَ الْأَمَةُ قَال صَاحِب التَّنْبِيهَات اخْتُلِفَ فِي قَوْلهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ ضَرَرٌ فَقِيلَ عَلَى الْمُسْتَحَقِّ مِنْهُ وَقَدْ وَقَعَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي الْأَسَدِيَّةِ فَقَال إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي إِسْلَامِهَا ضَرَرٌ وَقَالهُ أَشْهَب وَقِيلَ عَلَى الْمُسْتَحَقِّ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ يُحِبُّهَا أَوْ يَكُونُ الْمُسْتَحَقُّ مِنْهُ مُعْدَمًا (فَرْعٌ) قَال ابْنُ يُونُسَ جَعَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا اقْتَسَمَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَبْدًا فَاسْتَحَقَّ نِصْفَ عَبْدِ أَحَدِهِمَا رَجَعَ عَلَى صَاحِبهِ بِرُبْعِ عَيْنِهِ إِنِ اسْتَحَقَّ نِصْفَهُ إِنْ كَانَ قَائِما وَإِلَّا فربع قِيمَتِهِ بِخِلَافِ الْمُبْتَاعِ يَرُدُّ بِاسْتِحْقَاقِ الْيَسِيرِ لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ فِي مَنْعِ السَّفَرِ وَالْوَطْءِ وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي قَسْمِ الْعَبْدَيْنِ لَمْ يَبِعْ أَحَدُهُمَا عَبْدًا كَامِلًا بَلْ ضَرَرُ الشَّرِكَةِ كَانَ قَبْلَ الْقَسْمِ قَال ابْنُ عَبْدُوسٍ جَعَلَ كُلُّ وَاحِدٍ يَضْمَنُ مَا بِيَدِهِ أَنْ لَوْ مَاتَ عَبْدُ أَحَدِهِمَا وَاسْتَحَقَّ الْآخَرَ لِتَغْرِيمِهِ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْقَبْضِ كَمَنْ بَاعَ عَبْدًا بِعَبْدٍ قَال سَحْنُون وَهَذَا خِلَافُ أَصْلِ مَالِك وَالْقَسْمُ خِلَافُ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ لَوْ طَرَأَ دين لم يضمن من مَاتَ عِنْده قَال ابْنُ عَبْدُوسٍ إِذَا جُعِلَ لَهُ الرُّجُوعُ على من مَاتَ عِنْده

ثُمَّ طَرَأَ دَيْنٌ فَإِنْ أَمَرْتَ أَخْذَ نِصْفِ الْقيمَة ان يُعْطِيهِ فِي الدّين ضمن من مَاتَ عبد فِي يَدَيْهِ لرب الدّين واصله عَدَمُ ضَمَانِ الْمَيِّتِ بِيَدِهِ لِأَهْلِ الدَّيْنِ وَإِلَّا وُرِّثَتْ مَعَ قِيَامِ الدَّيْنِ وَلَوْ كَانَ الْقَسْمُ بيعا لَكَانَ لمستحق العَبْد إجَازَة البيع فِي نصفه واخذه نِصْفَ الْآخَرِ لِأَنَّهُ ثَمَنُ نِصْفِ عَبْدِهِ قَال سَحْنُون إِنْ بَاعَ أَحَدُهُمَا عَبْدَهُ وَاسْتَحَقَّ عَبْدَ الْآخَرِ فَالثَّمَنُ بَيْنَهُمَا وَلَوْ أَحَبَلَ الْأَمَةَ ضَمِنَ قِيمَتَهَا يَوْمَ حَمِلَتْ لِأَنَّهُ يَوْمُ تَعَيُّنِ الْفَوَاتِ وَعِنْدَ أَشْهَب يَوْمَ قَاسَمَ لِأَنَّهُ يَوْمُ وَضْعِ الْيَدِ وَإِنْ بَنَى ضَمِنَ نِصْفَ قِيمَةِ مَا قبض عِنْد ابْن الْقَاسِم وَقَالَ سَحْنُون يَقْتَضِي قَول ابْن الْقَاسِم يُشَارِكهُ فِي قاعة مَا بَنَى ثُمَّ يَتَعَامَلَانِ فِي الْبِنَاءِ فَلَوْ قَسَّمَا خَشَبًا فَعَمِلَ نَصِيبَهُ أَبْوَابًا قَال سَحْنُون لَيْسَ بِفَوْتٍ لِأَنَّ مَالِكا قَال النَّسْجُ فِي الْغَزْلِ وَالطَّحْنُ فِي الدَّقِيقِ لَيْسَ فَوْتًا وَقَال فِيمَا إِذَا اغْتَلَّ الْعَبْدَ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْآخَرَ وجع فِي العَبْد الآخر وَفِي غَلَّته قَالَ بن عَبْدُوسٍ إِنْ كَانَ بِأَيْدِيهِمَا بِغَصْبٍ فَغَلَّتُهُ لِلْمُسْتَحِقِّ أَوْ بِشِرَاءٍ خَيَّرَ الْمُسْتَحِقُّ مَنْ بِيَدِهِ فِي التَّمَسُّكِ فِيمَا بِيَدِهِ مِنَ الْغَلَّةِ وَعَدَمِ الرُّجُوعِ عَلَى شَرِيكِهِ وَلَا يَرْجِعُ الْآخَرُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ وَبَيْنَ رَدِّ الْغَلَّةِ فَكَانَتْ مَعَ الْعَبْدِ الْبَاقِي فَغَلَّتُهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَعَنْ مَالِك ثَلَاثَةُ إِخْوَةٍ اقْتَسَمُوا ثَلَاثَةَ أَعْبُدٍ فَمَاتَ أَحَدُهُمْ وَاسْتُحِقَّ الْآخَرُ فَالْهَالِكُ عَبْدُهُ لَا يَرْجِعُ وَلَا يُرْجَعُ عَلَيْهِ والمستحق عَبْدُهُ عَلَى الثَّالِثِ بِثُلُثِ عَبْدِهِ وَلِلْبَاقِي عَبْدُهُ الثُّلْثَانِ قَال أَشْهَب فَلَوْ كَانَ الْقَسْمُ بَيْعًا لَرَجَعَ مَنِ اسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ عَلَى الْهَالِكِ عَبْدُهُ بِثُلُثِ قِيمَتِهِ قَال أَشْهَب فَإِنْ رَجَعَ الْعَبْدُ الْمُسْتَحَقُّ عَلَى بَائِعِهِ بِثَمَنٍ فَثُلُثَا ذَلِكَ الثَّمَنِ وَثُلُثُ الْعَبْدِ الْبَاقِي لِلْمُسْتَحَقِّ مِنْهُ وَثُلُثُ الثّمن الْبَاقِي لِلَّذِي الْعَبْدُ فِي يَدَيْهِ قَال ابْنُ عَبْدُوسٍ هَذَا إِذَا كَانَ الثَّمَنُ مِثْلَ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْقَسْمِ فَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ فَالزَّائِدُ يَرْجِعُ فِيهِ الْهَالِكُ عَبْدُهُ بِثُلُثِهِ وَلَا حُجَّةَ لَهُ فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ لِأَنَّ مُصِيبَتَهُ مِنْهُ

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا أَخَذَ الْمُوصَى لَهُ ثُلُثَ الدَّارِ فَبَنَاهُ ثُمَّ اسْتُحِقَّ فَلِلْمُسْتَحِقِّ إِعْطَاؤُهُ بنايته وَإِلَّا أَعْطَاهُ هَذَا قِيمَةَ أَرْضِهِ فَإِنْ أَعْطَاهُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ وَهُوَ أَقَلُّ مِمَّا أَنْفَقَ لِحَوَالَةِ سُوقٍ لَمْ يُرْجَعْ بِنَقْضِ ذَلِكَ عَلَى الْوَرَثَةِ وَلَا غَيرهم وينتقض الْقسم فيقاسم بِقِيمَة الدَّارِ إِلَّا أَنْ يَفُوتَ بِبِنَاءٍ أَوْ بَيْعٍ فَيُرْجَعَ عَلَيْهِمْ بِقِيمَةِ الدَّارِ قَبَضُوهَا يَقْتَسِمُونَ تِلْكَ الْقِيمَةَ فَإِنْ فَاتَتْ بِهَدْمٍ فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا ثُلُثُ ذَلِكَ مَهْدُومًا مَعَ ثُلُثِ النَّقْضِ وَإِنْ بِيعَ مِنَ النَّقْضِ شَيْءٌ فَلَهُ ثُلُثُ ثَمَنِهِ دُونَ الْقِيمَةِ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ فِي الْبَيْعِ لَا يَتْبَعُ الْمُبْتَاعَ إِذَا هَدَمَ إِلَّا أَنْ يَبِيعَ النَّقْضَ فَعَلَيْهِ الثَّمَنُ وَكَذَلِكَ الْأَمَةُ إِذَا عَمِيَتْ قَال ابْنُ يُونُسَ قَال أَبُو مُحَمَّدٍ انْظُرْ قَوْلهُ إِلَّا أَنْ يَفُوتَ مَا بِيَدِ الْوَرَثَةِ بِبَيْعٍ يُرْجَعُ عَلَيْهِمْ بِقِيمَةِ الدَّارِ ثُمَّ قَال ان بيع النَّقْض قَائِما يُرَدُّ الثَّمَنُ وَقَال قَبْلَ هَذَا إِذَا أَصَابَ بِنَصِيبِهِ عَيْبًا وَهُوَ جُلُّ مَا بِيَدِهِ يَرُدُّهُ وَفَاتَ مَا بيد أَصْحَابه بيع رُدُّوا إِلَى الْقِيمَةِ فَمَا الْفَرْقُ وَقَال سَحْنُون الْأَصْلُ الرَّدُّ إِلَى الثَّمَنِ فِي هَذَا كُلِّهِ وَقَالَ صَاحب الْمُقدمَات إِذا قسموا بِالْقُرْعَةِ ثُمَّ طَرَأَ اسْتِحْقَاقٌ عَلَى أَحَدٍ أَوْ وَجَدَ مَعِيبًا فَقَال عَبْدُ الْمَلِكِ يُنْتَقَضُ الْقَسْمُ قبل الِاسْتِحْقَاقِ أَمْ كَثُرَ فَاتَتِ الْأَنْصِبَاءُ أَوْ هِيَ قَائِمَةٌ وَمُصِيبَةُ التَّالِفِ مِنْ جَمِيعِهِمْ كَلُحُوقِ الدَّيْنِ وَقَال ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يُنْتَقَضُ إِلَّا أَنْ يُسْتَحَقَّ الْجُلُّ مِنَ النَّصِيبِ أَوْ مَا فِيهِ ضَرَرٌ وَيَرْجِعُ الْمُسْتَحَقُّ مِنْهُ عَلَى إِشْرَاكِهِ عَلَى حُكْمِ الْبَيْعِ فِي الْقِيَامِ وَالْفَوَاتِ كَانَ الْفَوَاتُ بِاسْتِهْلَاكٍ أَوِ اسْتِحْقَاقٍ أَوِ إِخْرَابٍ أَوْ أَمْرٍ سَمَاوِيٍّ وَالْقَوْل لِأَشْهَب لَا يُضَمَّنُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ فِي الْأَمْرِ السَّمَاوِيِّ وَفِي الْجَوَاهِر إِذَا اسْتَحَقَّ بَعْضَ الْمَالِ شَائِعًا لَمْ يُنْتَقَضِ الْقَسْمُ وَاتُّبِعَ كُلُّ وَارِثٍ بِقَدْرِ مَا حَازَ إِلَيْهِ مِنْ حَقِّهِ إِنْ قَدَرَ عَلَى قَسْمِ مَا بِيَدِهِ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يُتْبَعُ الْمَلِيءُ بِمَا عَلَى الْمُعْدَمِ وَإِنِ اسْتُحِقَّ بَعْضٌ مُعَيَّنٌ فَقَال ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ كَانَ كَثِيرًا رَجَعَ بِقَدْرِ نِصْفِ ذَلِكَ فِيمَا بِيَدِ صَاحِبهِ يَكُونُ بِهِ شَرِيكًا فِيمَا بِيَدِهِ إِذَا لَمْ يَفُتْ وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ يَسِيرًا رَجَعَ بِنِصْفِ قِيمَةِ ذَلِكَ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ وَلَا يُشَارِكُ صَاحِبهُ وَهَذَا قَوْل مَالِك وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا اقْتَسَمُوا الدُّورَ فَاسْتُحِقَّ مِنْ نَصِيبِ أَحَدِهِمْ شَيْءٌ فَإِنْ كَانَ الَّذِي اسْتُحِقَّ أَوْ وُجِدَ بِهِ عَيْبٌ هُوَ جُلُّ مَا فِي يَدَيْهِ أَوْ أَكْثَرُ ثَمَنًا انْتُقِضَ الْقَسْمُ وَإِلَّا

رَدَّهَا وَحْدَهَا وَرَجَعَ عَلَى شَرِيكِهِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ بِنِصْفِ قِيمَةِ ذَلِكَ مِمَّا فِي يَدِ صَاحِبهِ ثُمَّ قَال ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الدَّارِ الْوَاحِدَةِ مُخَالَفَةٌ فِي الْقَسْمِ لِلدُّورِ الْكَثِيرَةِ لِدُخُولِ الضَّرَرِ فِيهَا فِي السَّكَنِ وَالْبِنَاءِ وَقَال أَشْهَب إِذَا اسْتُحِقَّ بَعْضُ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا أَكْثَرُهُ أَوْ أَقَلُّهُ فِيهِ مَضَرَّةٌ أَمْ لَا رَجَعَ عَلَى صَاحِبهِ بِنِصْفِ مَا اسْتَحَقَّ فِيمَا فِي يَدِ صَاحِبهِ فَكَانَ شَرِيكًا بِهِ وَلَا يُنْتَقُضُ الْقَسْمُ إِذَا فَاتَ الْبَاقِي فِي يَدِ الْمُسْتَحَقِّ مِنْهُ بِالْبِنَاءِ لَا يقدر على رده الطاريء الثَّانِي الْعَيْبُ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا وَجَدَ بِنَصِيبِهِ عَيْبا وَهُوَ وَجهه أَو كثره رد الْجَمِيع كَالْبيع وابتدئ الْقسم وَقَالَهُ الشَّافِعِي وَابْنُ حَنْبَلٍ قَال يُخَيَّرُ بَيْنَ الْأَرْشِ وَالنَّقْضِ كَالْبَيْعِ عِنْدَهُ إِلَّا أَنْ يَفُوتَ مَا بِيَدِ صَاحبه بِبيع أَو هبه أَو بِنَاء أَو حبس أَو صَدَقَة أَو هدم أَو لَا فَيرد قِيمَته يَوْم الْقَبْض فتقسم الْقيمَة مَعَ الردود وَلَا تقيت حِوَالَة الْأَسْوَاق وَالدَّار كَالْبيع وان كَانَ الْمَبِيع الْأَقَل لم ينْقض فَإِنْ كَانَ سُبُعَ مَا بِيَدِهِ رَجَعَ بِقِيمَةِ نِصْفِ سُبُعِ مَا أَخَذَ ثَمَنًا ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ هَذَا الْمَعِيبَ وَكَذَلِكَ لَوِ اقْتَسَمَا عَلَى التَّرَاضِي جِنْسًا أَوْ أَجْنَاسًا الطَارِئُ الثَّالِثُ الدَّيْنُ فِي الْكِتَابِ إِذَا قَسَّمَ بَيْنَ الْوَرَثَةِ الْحَاكِمُ لَا يَأْخُذُ كَفِيلًا بِمَا يَلْحَقُ مِنْ دَيْنٍ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ فَلَا يَلْزَمُهُمْ مَا لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ فَإِنْ طَرَأَ دَيْنٌ انْتَقَضَتِ الْقِسْمَةُ بِغَيْر قَاضٍ لِوُقُوعِهَا غَيْر مُحَرَّرَةٍ لِأَنَّ الْمِيرَاثَ بَعْدَ الدّين وَقَالَ ابْن حَنْبَل لَا ينْتَقض بطرؤ الدَّيْنِ لِأَنَّ تَعَلُّقَ الدَّيْنِ لَا يَمْنَعُ تَصَرُّفَ الْوَرَثَةِ كَتَعَلُّقِ دَرْكِ الْجِنَايَةِ بِرَقَبَةِ الْجَانِي فَإِنْ كَانَ صَاحب الدّين غَائِبا فاقتسموا أَو جهلوا الدَّيْنَ أَوْ تَقْدِيمَهُ عَلَى الْقَسْمِ رُدَّ الْقَسْمُ حَتَّى يُوَفَّى الدَّيْنُ إِنْ كَانَ الْمَقْسُومُ قَائِمًا فَإِنْ أَتْلَفَ بَعْضُهُمْ حَظَّهُ قَال ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ أَوْ عُدِمَ فَلِرَبِّ الدَّيْنِ أَخْذُهُ مِنَ الَّذِي بَقِيَ حَظُّهُ وَيَتْبَعُ الْوَارِثُ بَقِيَّةَ الْوَرَثَةِ بِبَقِيَّةِ إِرْثِهِ وَيَضْمَنُ كُلُّ وَارِثٍ مَا

أَكَلَ أَوِ اسْتَهْلَكَ وَمَا بَاعَ فَعَلَيْهِ ثَمَنُهُ إِنْ لَمْ يُحَابِ وَمَا مَاتَ بِأَيْدِيهِمْ أَوْ هَلَكَ بِأَمْرٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا ضَمَانَ لِأَنَّ أَيْدِيَهُمْ مُؤَمَّنَةً شَرْعًا وَإِذَا جُنِيَ عَلَى الرَّقِيق بعد الْقسم قَبْلَ لُحُوقِ الدَّيْنِ ثُمَّ لَحِقَ اتَّبَعُوا كُلُّهُمُ الْجَانِيَ لِانْتِقَاضِ الْقَسْمِ بِلُحُوقِ الدَّيْنِ قَاعِدَةٌ أَسْبَابُ الضَّمَانِ ثَلَاثَةٌ الْإِهْلَاكُ كَإِحْرَاقِ الثَّوْبِ أَوِ التَّسَبُّبُ لِلْهَلَاكِ كَحَفْرِ الْبِئْرِ أَوْ وَضْعِ يَدٍ غَيْرِ مُؤَمَّنَةٍ كَيْدِ الْغَاصِبِ أَوْ قَابِضِ الْمَبِيعِ الْفَاسِدِ وَقَوْلنَا غَيْر مُؤَمَّنَةٍ خَيْرٌ مِنْ قَوْلنَا الْيَدُ المتعدية حذار مِنَ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَغَيْرهِ قَال ابْنُ يُونُسَ قَال أَشْهَب مَا يُغَابُ عَلَيْهِ يُضَمَّنُ لِلتُّهْمَةِ وَقَال سَحْنُون لُحُوقُ الدَّيْنِ لَا يَنْقُضُ الْقَسْمَ لِأَنَّهُ تَمْيِيزُ حَقٍّ لَا بَيْعٍ وَالدَّيْنُ شَائِعٌ فِيمَا بِأَيْدِيهِم وَهُوَ على قدر مواريثهم لِأَنَّهُ أَحَدَهُمْ قَدْ يَكُونُ غَبِنَ فِي الْقَسْمِ أَوْ تَغَيَّرَ سُوقُ مَا بِيَدِهِ فَيُؤَدِّي أَكْثَرَ مِمَّا بِيَدِهِ بَلْ يُقَوَّمُ مَا بِيَدِ كُلِّ وَاحِدٍ يَوْمَ الْبَيْعِ لِلدَّيْنِ وَيُقَسَّمُ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ افْتِكَاكُ مَا يُبَاعُ عَلَيْهِ بِدَفْعِ مَا ينوبه لِأَنَّهُ الْمَقْصُود دفع الدّين وَلَهُم أغرض فِي أَمْلَاك مُورثهم فَيُقَدَّمُونَ عَلَى الْبَيْعِ وَقَالهُ ش وَإِذَا كَانَ فِي الْبَيْعِ مِنْ نَصِيبِ كُلِّ وَاحِدٍ ضَرَرٌ عَلَى صَاحِب الدَّيْنِ لِطُولِهِ وَمَا بِيَدِ أَحَدِهِمْ أحضر ثَمَنًا بِيعَ مَا هُوَ أَنْجَزُ وَرَجَعَ عَلَى أخواته بنائهم من الدّين يَوْم قَضَاهُ قَال أَشْهَب إِنَّمَا يُتْبِعُ الْوَرَثَةُ الْجَانِيَ إِنْ أُخِذَ الدَّيْنُ مِنْ جَمِيعِهِمْ فَإِنْ أُخِذَ مِنْ أَحَدِهِمْ رَجَعَ وَحْدَهُ عَلَى الَّذِي صَارَ لَهُ ذَلِكَ الْعَبْدُ بِمَا يُصِيبُهُ مِنَ الْعَبْدِ وَلَهُ مِنَ الْجِنَايَةِ بِقَدْرِ مُصَابِهِ مِنَ الْعَبْدِ مِثْلَ أَنْ يَتْرُكَ ثَلَاثَةَ بَنِينَ وَثَلَاثَةَ أَعْبُدٍ قِيمَةُ كُلِّ عَبْدٍ مِائَةٌ فَقُتِلَ عَبْدُ أَحَدِهِمْ فَبَاعَ الْغَرِيم اُحْدُ الباقيين رَجَعَ مَنْ بِيعَ عَبْدُهُ عَلَى أَخِيهِ الْقَائِمِ وَعَلَى الْجَانِي بِثُلُثِ قِيمَةِ الْعَبْدِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَرَجَعَ عَلَيْهِ صَاحِب الْعَبْدِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِثُلُثَيْ قِيمَتِهِ وَلَوْ أَخَذَ الْغَرِيمُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ من الأوخوين نِصْفَ الدَّيْنِ لَرَجَعُوا كُلُّهُمْ عَلَى الْجَانِي أَثْلَاثًا فَهَذَا

الْقَوْل جَعَلَ الدَّيْنَ كَالِاسْتِحْقَاقِ وَمَذْهَبُ سَحْنُون أَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ يَأْخُذُ مَا بِيَدِ الْوَرَثَةِ وَلَا يَرْجِعُوا عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَى عَبْدِهِ بِشَيْءٍ بَلْ عَلَى الْجَانِي بِحِصَّةِ مَا يَلْحَقُ قِيمَةَ الْعَبْدِ الْمَجْنِيِّ إِذَا فَضَّ عَلَى جَمِيعِ مَا بِأَيْدِيهِمْ وَيَرْجِعُ الْمَجْنِيُّ عَلَى عَبْدِهِ عَلَى الْجَانِي بِمَا بَقِيَ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ قِيمَةُ الْمَقْتُولِ يَوْمَ الْقَتْلِ خَمْسِينَ وَقِيمَةُ كُلِّ عَبْدٍ بِيَدِ إِخْوَتِهِ مِائَةً وَالدَّيْنُ مِائَتَانِ فَيَبِيعُ الْعَبْدَيْنِ اللَّذَيْنِ بِيَدِ الْأَخَوَيْنِ فَإِنَّ الْأَخَوَيْنِ يَأْخُذَانِ مِنَ الْجَانِي أَرْبَعِينَ وَأَخُوهُمَا عَشَرَةً وَلَوْ كَانَ كَالِاسْتِحْقَاقِ رَجَعَ الْجَمِيعُ أَثْلَاثًا قَال الْلَخْمِيّ وَإِنْ طَرَأَ وَارِثٌ عَلَى وَرَثَةٍ أَخَذَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ قَدْرَ مَا يَصِيرُ عَلَيْهِ مِنْ مِيرَاثِهِ وَلَيْسَ لَهُ عَلَى هَذَا الَّذِي بَقِيَ فِي يَدَيْهِ مَالُ الْمَيِّتِ إِلَّا مَا يُصِيبُهُ لَوْ لَمْ يَتْلِفْ مَا أَخذ اصحابه قَالَ ابْن الْقَاسِم وَجعل الْجَواب فِي غَرِيمٍ عَلَى الْغُرَمَاءِ كَذَلِكَ لَيْسَ عَلَى الْمُوسِرِ إِلَّا مَا يَنُوبُهُ لَوْ كَانَ بَقِيَّةُ الْغُرَمَاءِ مَيَاسِيرَ وَالطَارِئُ ثَلَاثَةٌ غَرِيمٌ وَوَارِثٌ وَمُوصًى لَهُ فَالْغَرِيمُ يَصِحُّ رُجُوعُهُ عَلَى كُلِّ مَنْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى تَرِكَةِ الْمَيِّتِ مِنْ غَرِيمٍ وَوَارِثٍ وَمُوصًى لَهُ وَالْوَارِثُ عَلَى الْوَرَثَةِ وَعَلَى الْمُوصَى لَهُمْ وَكَذَلِكَ الْمُوصَى لَهُ وَأَمَّا الْغَرِيمُ فَإِنْ طَرَأَ عَلَى الْغُرَمَاءِ بِانْفِرَادِهِمْ لِتَقَدُّمِهِمْ وَلَمْ يَفَضِلْ عَنْهُمْ شَيْءٌ أَوْ عَلَى الْوَرَثَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْهُ غَرِيمٌ أَوْ تَقَدَّمَ وَفَضَلَ عَنْهُ مَا يُوَفِّيهِ بِيَدِ الْوَارِثِ أَوْ عَلَى الْوَرَثَةِ وَالْغُرَمَاءِ لِأَنَّ الْبَاقِيَ لَا يُوَفِّي دَيْنَهُ فَالْأَوَّلُ يَرْجِعُ عَلَى أُولَئِكَ الْغُرَمَاءِ دُونَ الْوَرَثَةِ إِنْ لَمْ يعملوا بدين طَارِئ وَلَا كَانَ مَوْصُوفًا فَإِنْ أُعْسِرَ بَعْضُهُمْ أَوْ غَابَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُوسِرِ الْحَاضِرِ إِلَّا بِمَا يَنُوبُهُ إِنْ كَانَ الْغُرَمَاءُ حُضُورًا مَيَاسِيرَ وَالْغَرِيمُ الطَّارِئُ عَلَى وَرَثَةٍ فَإِنِ اغْتَرَقَ الدَّيْنُ التَّرِكَة وَهِي عين قَائِم بيد الْوَرَثَة أَخَذَهُ فَإِنْ أَكَلَ ضَمِنَ أَوِ ادَّعَوُا الضَّيَاعَ لَمْ يُصَدَّقُوا لِأَنَّ الْعَيْنَ يُغَابُ عَلَيْهِ فَإِنْ قَامَت بَيِّنَة برأهم ابْن الْقَاسِم لانتقاء التُّهْمَةِ وَضَمَّنَهُمْ أَشْهَب عَلَى أَصْلِهِ فِي الْعَوَارِي أَنَّ الْيَدَ يَدُ ضَمَانٍ قَال وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ لِأَنَّ هَذَا اسْتِحْقَاقٌ

والإستحقاق لَا يضمن مَعَ البيئة إِلَّا أَن يحسبوا ذَلِك لأَنْفُسِهِمْ مَعَ علمهمْ بِالدّينِ وَالْمَيِّت مَوْصُوف بِالدّينِ فَإِن أوفقوا ذَلِكَ لِلْغُرَمَاءِ عِنْدَ أَمِينٍ أَوْ أَحَدِ الْوَرَثَةِ وَهُوَ مَأْمُونٌ بَرِئُوا وَإِنْ لَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةٌ بِالْأَصْلِ فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ يَغْتَرِقُ بَعْضَ التَّرِكَةِ وَكُلُّهُمْ حَاضر مُوسر غَيره أُخِذَ مِنْ يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مَا يَنُوبُهُ لَا الْجَمِيعُ مِنْ وَاحِدٍ فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا أَوْ غَائِبًا أَوْ مُلَدًّا أَخَذَ الْجَمِيعُ مِنَ الْحَاضِرِ الْمُوسِرِ غَيْر الْمُلَدِّ وَاتَّبَعَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ أَصْحَابَهُ فَإِنْ كَانَتِ التَّرِكَةُ دِيَارًا وَاقْتَسَمُوا عَالِمِينَ بِالدَّيْنِ قَال مَالِك فَسَدَتِ الْقِسْمَةُ وَنُقِضَتْ رَضِيَ الْوَرَثَةُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ أَمْ لَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دين} وَقبل الْقسم جَائِز يتَعَلَّق بِهِ حق آدَمِيٍّ فَإِذَا رَضُوا بِقَضَاءِ الدَّيْنِ لَمْ يَنْقَضِ وَإِنْ رَضِيَ أَحَدُهُمْ بِبَقَاءِ الْقَسْمِ وَقَضَاءِ مَا يَنُوبُهُ وَامْتَنَعَ غَيْرهُ نُقِضَ الْقَسْمُ وَاسْتُؤْنِفَ فِي الْبَاقِي فَإِنْ كَانَ لَا يَبْقَى بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ شَيْءٌ قُدِّمَ مَنْ طَلَبَ قَضَاءَ مَا يَنُوبُهُ إِذْ لَا قَسْمَ صَحِيحَ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ يَرْجِعُ بِهِ وَقَال أَشْهَب وَسَحْنُون الْقَسْمُ جَائِزٌ إِذَا كَانَ الْمَقْسُومُ مَوْجُودًا وَيُفَضُّ الدَّيْنُ عَلَى مَا فِي أَيْدِيهِمْ بِالْحِصَصِ وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ يَغْتَرِقُ نِصْفَ التَّرِكَةِ وَفِي يَدِ أَحَدِهِمْ ثُلُثُ التَّرِكَةِ وَفِي يَدِ الْآخَرِ الثُّلُثَانِ بِيعَ نِصْفُ مَا فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى الْغَرِيمِ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ لِقِلَّةِ الرَّغْبَةِ فِي شِرَاءِ الْبَعْضِ أَوْ يَكُونَ نَائِب أحدهم احضرها فينقض الْقَسْمُ قَال الْلَخْمِيّ وَعَلَى قَوْلهِ لَوْ بَنَى أَحَدُهُمْ فِي نَصِيبِهِ وَقِيمَتُهُ مِائَةٌ فَصَارَتْ مِائَتَيْنِ لَبِيعَ مِنْهُ لِلْغَرِيمِ رُبُعُهُ لِأَنَّهُ نِصْفُهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ الرُّجُوعَ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْمُقَاسَمَةِ وَقِيلَ يَوْمَ بَنَى لِأَنَّ الْبِنَاءَ فَوت فَإِن انهدام مَا فِي يَدِ أَحَدِهِمْ وَلَمْ يَبْنِ الْآخَرُ نُقِضَ الْقَسْمُ وَلَيْسَ الِانْهِدَامُ فَوْتًا وَإِنْ قَال أَحَدُهُمْ لَا أَرُدُّ الْقَسْمَ وَأَقْضِي جَمِيعَ الدَّيْنِ قُدِّمَ وَلَا يَنْقُضُ كَالْأَجْنَبِيِّ فَإِنِ اغْتَرَقَ الدَّيْنُ جَمِيعَ التَّرِكَةِ وَقَدْ هَلَكَ مَا فِي يَدِ أَحَدِهِمَا لَمْ يُضَمَّنْ قَسَمَا بِالْقُرْعَةِ أَمْ لَا لِأَنَّ مَقَال الْغَرِيمِ مِنْ بَابِ نَقْضِ الْقَسْمِ وَهُوَ كَالِاسْتِحْقَاقِ فَلَا يُضَمَّنُ وَلَا يُضَمَّنُ الْأَخُ لِأَخِيهِ شَيْئًا لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ مِيرَاثًا

إِلَّا بَعْدَ الدَّيْنِ فَلَوْ رَجَعَ الْأَخُ عَلَى أَخِيهِ بِقِيمَةِ نِصْفِ مَا قَبَضَهُ إِنِ اقْتَسَمَا بِالتَّرَاضِي رَجَعَ الْغَرِيمُ أَخَذَهُ مِنْهُ لِتَقْدِيمِ الدَّيْنِ عَلَى الْمِيرَاثِ وَكَذَلِكَ إِذَا اغْتَرَقَ الدَّيْنُ جَمِيعَ الْبَاقِي وَبَعْضَ الْهَالِكِ لَمْ يُضَمَّنْ مَنْ هَلَكَ بِيَدِهِ شَيْئًا فَإِنِ اغْتَرَقَ بَعْضَ الْحَاضِرِ وَالْقَسْمُ بِالْقُرْعَةِ فَقَال لَا يَرْجِعُ مَنِ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ بِيَدِهِ وَلَا يُرْجَعُ عَلَيْهِ وَأَرَى أَنَّ الْقَسْمَ تَمْيِيزُ حَقٍّ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَضَى ذَلِكَ الدَّيْنَ أَجْنَبِيٌّ وَقِيلَ يُرْجَعُ عَلَيْهِ وَلَا يَرْجِعُ وَقِيلَ هُوَ بَيْعٌ فَيَرْجِعُ وَلَا يُرْجَعُ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَتِ التَّرِكَةُ عَيْنًا وَدِيَارًا أَوْ كَانَ فِي الْعَيْنِ وَفَاءٌ بِدَيْنِ الطَّارِئِ قُضِيَ الدَّيْنُ مِنَ الْعَيْنِ وَمَضَى الْقَسْمُ فِي الدَّارِ وَلَا قَوْل لِمَنْ أَرَادَ نَقْضَهُ وَإِنْ كَانَتْ عَيْنًا وَعُرُوضًا وَدِيَارًا وَقُسِّمَتْ قُضِيَ الدَّيْنُ مِنَ الْعَيْنِ وَالْعُرُوضِ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ بَيْعًا وَمِنْ حَقِّ الْغَرِيمِ تَبْدِئَتُهُ بِالْأَسْرَعِ وَمَضَى الْقَسْمُ فِي الدِّيَارِ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ لِلنَّقْضِ وَإِنِ اقْتَسَمُوا دِيَارًا أَوْ عَبِيدًا فَانْهَدَمَ مَا أَخَذَ أَحَدُهُمْ أَوْ حَدَثَ بِالْعَبْدِ عَيْبٌ بِيعَ جَمِيعُ السَّالِمِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ بَيْعًا وَرَجَعَ عَلَى أَخِيهِ فَقَاسَمَهُ تِلْكَ الدَّارَ وَالْعَبْد عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنِ انْهِدَامٍ أَوْ عَيْبٍ قَوْلا وَاحِدًا وَإِنْ بِيعَ نِصْفُ السَّالِمِ فَكَانَ رَدُّ النِّصْفِ الْبَاقِي وَانْتِقَال النِّصْفِ أَفْضَلَ لَهُ وَأَرَادَ رَدَّ ذَلِكَ لِغَرَضٍ لَهُ فِي الرَّدِّ أَوِ اخْتَارَ التَّمَسُّكَ لِأَنَّ ذَلِكَ أَفْضَلُ فَلَهُ ذَلِكَ عَلَى أَحَدِ الْقَوْليْنِ وَقِيلَ لِأَخِيهِ الرُّجُوع عَلَيْهِ قَالَ صَاحب الْمُقدمَات طرؤا لغريم على الْغُرَمَاء وَالْوَارِث على الْوَرَثَة وَالْمُوصى لَهُ عَلَى الْمُوصَى لَهُمْ حُكْمُهُمْ سَوَاءٌ يُتْبِعُ الطَّارِئُ كل وَاحِد مِنْهُم بنائبه وَلَا يَأْخُذُ الْمَلِيءَ بِالْمُعْدِمِ وَإِنْ كَانَ الْمَقْسُومُ لَمْ يَفُتْ مِنْهُ شَيْءٌ لَمْ يَنْتَقِضِ الْقَسْمُ فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ لِلنَّقْضِ وَيُنْقَضُ فِي الْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ لِمَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ مِنَ الضَّرَر بتبعيض حَقِّهِ وَفِي ضَمَانِ كُلِّ وَاحِدٍ لِلطَّارِئِ مَا يَنُوبُهُ مِمَّا قَبَضَ إِنْ قَامَتِ الْبَيِّنَةُ عَلَى التَّلَفِ مِنْ غَيْر سَبَبِهِ قَوْلانِ وَعَلَى الضَّمَانِ

فَالْقِيمَةُ يَوْمَ الْقَبْضِ بِالتَّفْوِيتِ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعِتْق نَحوه وَعَلَى عَدَمِ الضَّمَانِ لَا يُضَمَّنُ بِهَذِهِ الْأَسْبَابِ وَيَلْزَمُهُ الثَّمَنُ فِي الْبَيْعِ وَيُصَدَّقُ فِي تَلَفِ مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ دُونَ مَا يُغَابُ مَعَ يَمِينِهِ وَعَلَى مَذْهَبِ أَصْبَغَ يُضَمَّنُ فِي الْعَيْنِ وَحْدَهُ فَتَكُونُ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ وَطُرُوءُ الْغَرِيمِ عَلَى الْوَرَثَةِ أَوْ عَلَى الْمُوصَى لَهُمْ بِالثُّلُثِ وَعَلَى الْوَرَثَةِ وَطُرُوءُ الْمُوصَى لَهُ بَعْدُ عَلَى الْوَرَثَةِ فَهُمْ سَوَاءٌ فَيُنْتَقَضُ الْقَسْمَ عِنْدَ مَالِك لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا يُنْتَقَضُ عِنْدَ أَشْهَب وَاخْتَلَفَ قَوْل ابْنِ الْقَاسِمِ فَعَنْهُ يُنْتَقَضُ بَيْنَ جَمِيعِهِمْ وَيُخْرَجُ الدَّيْنُ ثُمَّ يُقَسَّمُ الْبَاقِي وَيَكُونُ النَّقْضُ بِالْمَوْتِ أَوِ الْجِنَايَةِ أَوْ حَوَالَةِ سُوقٍ أَوْ غَيْرهِ مِنَ الْجَمِيعِ أَوْ يُخْرِجُوا الدَّيْنَ مِنْ عِنْدِهِمْ فَيَتِمُّ الْقَسْمُ أَوْ يَتَطَوَّعُ أَحَدُهُمْ بِجُمْلَةِ الدَّيْنِ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمْ إِخْرَاجُ نَائِبِهِ مِنَ الدَّيْنِ وَيَتَمَسَّكُ بِنَصِيبِهِ مِنَ الْقَسْمِ إِلَّا بِرِضَاهُمْ لِتَحَقُّقِ الْغَبْنِ فِي الْقَسْمِ إِلَّا أَنْ يُثْبَتَ الدَّيْنُ بِشَهَادَةِ أَحَدِهِمْ مَعَ يَمِينِ الطَّالِبِ فَلِبَقِيَّةِ الْوَرَثَة إِخْرَاج الدّين من عِنْدهم ويقرون الْقسم لِتُهْمَتِهِمْ إِيَّاهُ فِي نَقْضِ الْقَسْمِ لِيَزْدَادَ حَظُّهُ أَوْ لَغَبْنٍ حَصَلَ لَهُ أَوْ نَقْضِهِ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ قَال مُطَرِّفٌ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ التُّهْمَةَ تُبْطِلُ شَهَادَتَهُ وَقَالهُ أَشْهَب وَعَنْهُ إِنَّمَا يُنْتَقَضُ بيد مَنْ بَقِيَ حَظُّهُ أَوْ بَعْضُهُ بِيَدِهِ أَوِ اسْتَهْلَكَهُ أَوْ شَيْئًا مِنْهُ وَأَمَّا مَنْ تَلِفَ جَمِيعُ حَظِّهِ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ فَلَا يُرْجَعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنَ الدَّيْنِ وَلَا يَرْجِعُ هُوَ مَعَ سَائِر الْوَرَثَة فِيمَا بَقِي من التَّرِكَة بعد الدّين وَوَافَقَ ابْنُ حَبِيب قَوْل ابْنِ الْقَاسِمِ الْأَوَّلَ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ أَحَدُهُمْ فَكَّ نَصِيبِهِ بِنَائِبِهِ مِنَ الدَّيْنِ إِلَّا أَنْ يَتْلَفَ شَيْءٌ مِمَّا بيد بَقِيَّة الْوَرَثَة الا ان يتركهم فِي ضَمَان التَّالِف نفيا للغبن فِي الْقسم وَاتفقَ أَشهب وَسَحْنُون وَاخْتلفَا فِي فض الدَّيْنِ فَقَال سَحْنُون عَلَى قِيمَةِ مَا بِيَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ

يَوْمَ الْحُكْمِ وَقَال أَشْهَب فِي أَحَدِ قَوْليْهِ على الْأَجْزَاء الَّتِي اقتسموا زَادَت أَو تقصت مَا لم تتْلف وَعَلَى قَوْلهِمَا يُثْبَتُ الدَّيْنُ بِشَهَادَةِ أَحَدِهِمْ مَعَ يَمِينِ الطَّالِبِ أَمْ لَا لِعَدَمِ انْتِفَاعِ الشَّاهِدِ بِشَهَادَتِهِ وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْوَرَثَةَ لَا يُضَمَّنُونَ بِالْقَسْمِ التَّالِفِ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ إِذَا لَحِقَ الدَّيْنَ فَيَلْزَمُهُمْ أَنْ يَرُدُّوا وَيُضَمَّنُونَ أَكْلَهُمْ وَمَا اسْتَهْلَكُوهُ وَأَنْفَقُوهُ وَاخْتُلِفَ فِي ضَمَانِهِمْ بِالْإِحْدَاثِ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعِتْقِ فَضَمَّنَهُمُ ابْنُ حَبِيب فَيُرَدُّوا وَلَا يَرْجِعُوا عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ وَلَمْ يُضَمِّنْهُمْ أَشْهَب فَيَرْجِعُ صَاحِب الدَّيْنِ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ وَلَا لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يُحَابَى فَحُكْمُ الْمُحَابَاةِ حُكْمُ الْهِبَةِ وَيُصَدَّقُوا فِي تَلَفِ الْحَيَوَان الَّذِي لَا يُغَاب عَلَيْهِ يعْدم التُّهْمَةُ فِي أَيْمَانِهِمْ بِخِلَافِ الْعُرُوضِ الَّتِي يُغَابُ عَلَيْهَا وَاخْتلف فِي الْعين والمكيل وَالْمَوْزُون من الطَّعَامِ إِذَا شُهِدَ بِتَلَفِهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ الْبَرَاءَةُ وَعَدَمُهَا وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْل ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعَيْنِ وَالْمِكِيلِ وَالْمَوْزُونِ تَنْبِيهٌ قَال وَالِاخْتِلَافُ فِي انْتِقَاضِ الْقَسْمِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي الدَّيْنِ الطَّارِئِ هَلْ يَتَعَيَّنُ فِي عَيْنِ التَّرِكَةِ أَوْ هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِذِمَّةِ الْمَيِّتِ نَظَرًا الى خراب الذِّمَّة بِالْمَوْتِ وصون الدّين الدَّيْنِ عَنِ الضَّيَاعِ أَوْ نَظَرًا لِلِاسْتِصْحَابِ وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ اخْتِلَافُ قَوْل مَالِك فِيمَنْ يَبْدَأُ بِالْيَمِينِ فِي دَيْنِ الْمُتَوَفَّى هَلِ الْوَرَثَةُ أَوِ الْغُرَمَاءُ قُلْتُ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ إِذَا تَرَكَ مَالًا وَدَيْنًا فَقِيلَ عَلَى مِلْكِهِ حَتَّى يُوَفَّى الدَّيْنُ وَقِيلَ عَلَى مِلْكِ الْوَرَثَةِ لِأَنَّ سَبَبَ الْمِلْكِ الْحَاجَةُ الْعَامَّة إِذا لَوْ بَقِيَتِ الْأَشْيَاءُ شَائِعَةً لَتَقَاتَلَ النَّاسُ عَلَيْهَا فَجَعَلَ الشَّرْعُ تَرَتُّبَ الْأَمْلَاكِ عَلَى الْأَسْبَابِ الْخَاصَّةِ دَافِعًا لِهَذِهِ الْفِتَنِ فَالْجَنِينُ لَمَّا كَانَ مَيِّتًا شَرْعًا وَهُوَ بِصَدَدِ الْحَاجَةِ فِي حَيَاتِهِ مَلَكَ الصَّدَقَةَ وَالْأَمْوَالَ إِجْمَاعًا وَالْمَيِّتُ لَمْ تَبْقَ لَهُ حَاجَّةٌ عَامَّةٌ فَلَا مِلْكَ حُجَّةُ الْأَوَّلِ قَوْله تَعَالَى {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دين} فَجعل مِلْكَ الْوَرَثَةِ بَعْدَ الدَّيْنِ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُغَيَّا هُوَ الْمَقَادِيرُ لَا الْمُقَدَّرَ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ لما يبين أَنَّ لِلزَّوْجَةِ الثُّمُنَ مَثَلًا قَال لَا تَعْتَقِدُوا أَنَّهُ

(فرع)

مِنْ أَصْلِ الْمَالِ بَلْ مِنَ الَّذِي يَفْضُلُ بَعْدَ الدَّيْنِ وَهَذِهِ قَاعِدَةٌ وَهِيَ أَنَّ اللَّفْظَ إِذَا سِيقَ لِأَجْلِ مَعْنًى حُمِلَ عَلَى الَّذِي سبق لَهُ لَا عَلَى غَيْرهِ كَمَا قَال مَالِك وَالشَّافِعِيّ لابي حنيفَة رَضِي الله عَنْهُم فِي قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ الْعُشْرُ قَال ح فِي الْخُضْرَوَاتِ الزَّكَاةُ قَالا لَهُ هَذَا خَرَجَ مَخْرَجَ بَيَانِ الْجُزْءِ الْوَاجِبِ لَا الْوَاجِبَ فِيهِ (فَرْعٌ) قَال صَاحِب الْمُقَدِّمَات طُرُوءُ الْغَرِيمِ عَلَى الْغُرَمَاءِ وَالْوَرَثَة ينظر ان كَانَ فيهمَا أَخذه الْوَرَثَة كفاف الْغَرِيم الطاريء رَجَعَ عَلَيْهِمْ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ رُجُوعِ الْغَرِيمِ عَلَى الْغُرَمَاءِ (فَرْعٌ) قَال طُرُوءُ الْغَرِيمِ عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِأَقَلَّ مِنَ الثُّلُثِ وَعَلَى الْوَرَثَةِ إِنْ كَانَ مَا قَبَضَ الْمُوصَى لَهُ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَا بَقِيَ بَعْدَ دَيْنِ الْغَرِيمِ الطَّارِئِ فَلَا رُجُوعَ لِلْغَرِيمِ عَلَيْهِ لِتَعَيُّنِ حَقِّهِ فِي جِهَةِ غَيْرهِ إِلَّا فِي عَدَمِ الْوَرَثَة ان كَانَ لَا يخرج من ثلث ذَلِك فَيَرْجِعُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الثُّلُثِ عَلَى مَنْ وَجَدَ مِنْهُم مَلِيًّا فَإِن حَقه تَعْجِيل دينه فَلَا يتبع المعدم واما قلد الثُّلُثِ فَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمُوصَى لَهُ إِلَّا فِي عَدَمِ الْوَرَثَةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ قَال وَمَسَائِلُ الطَّوَارِئِ إِحْدَى عَشْرَةَ مَسْأَلَةً الْغَرِيمُ على الْغُرَمَاء وَالْوَارِث على الْوَرَثَة وَالْمُوصى لَهُ عَلَى الْمُوصَى لَهُمْ وَالْغَرِيمُ عَلَى الْوَرَثَةِ وَالْغَرِيمُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ وَعَلَى الْوَرَثَةِ وَالْمُوصَى لَهُ بِعَدَدٍ عَلَى الْوَرَثَةِ وَالْغَرِيمُ عَلَى الْغُرَمَاءِ

(فرع)

وَالْمُوصَى لَهُ بِعَدَدٍ عَلَى الْمُوصَى لَهُمْ وَعَلَى الْوَرَثَةِ وَالْمُوصَى لَهُ بِجُزْءٍ عَلَى الْمُوصَى لَهُمْ بِجُزْءٍ وَعَلَى الْوَرَثَةِ وَالْغَرِيمُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِأَقَلَّ مِنَ الثُّلُثِ وَعَلَى الْوَرَثَةِ وَالْمُوصَى لَهُ بِجُزْء على الْوَرَثَة وَقد تقدم اكثرها وَتَأْتِي بَقِيَّتُهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى نَظَائِرُ قَال الْعَبْدِيُّ يَلْزَمُ الضَّمَانُ إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ فِي سِتِّ مَسَائِلَ الْمَقْسُومُ مِنَ التَّرِكَةِ بَيْنَ الْوَرَثَة ثمَّ ينْتَقض الْقسم بِالدّينِ أَو بغلط وَقد تلف وَهُوَ مِمَّا يُغَاب عَلَيْهِ وَالصُّنَّاعُ وَعَارِيَةُ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَالْمَبِيعُ بِالْخَيَارِ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَنَفَقَةُ الْوَلَدِ عِنْدَ الْحَاضِنَةِ وَالصَّدَاقُ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَادَّعَتِ الْمَرْأَةُ تَلَفَهُ وَوَقَعَتْ فِيهِ الشَّرِكَةُ بِالطَّلَاقِ (فَرْعٌ) فِي النَّوَادِرِ عَنْ مَالِك التَّرِكَةُ أَلْفٌ وَالدَّيْنُ مِائَتَانِ بَاعَ وَارِثٌ بَعْضَ التَّرِكَةِ رُدَّ بَيْعُهُ لِتَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالْجَمِيعِ تَعَلُّقَ الرِّهَانِ وَقَال سَحْنُون يَنْفَذُ إِنْ وَفَى الْبَاقِي الدَّيْنَ وَقَدْ قَال مَالِك إِنْ حَلَفَ بِحُرِّيَّةِ رَقِيقِهِ لَيَقْضِيَنَّ دَيْنَهُ إِلَى شَهْرٍ فَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ بَيْعِهِمْ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْحُرِّيَّةِ لَهُمْ فَإِنْ بَاعَهُمْ وَقَضَى الدَّيْنَ قَبْلَ الْأَجَلِ نَفَذَ الْبَيْعُ لِأَنَّ مَا مِنْ أَجْلِهِ يُرَدُّ البيع فقد زَالَ بِالْقَضَاءِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا أَقَرَّ أَحَدُهُمْ بَعْدَ الْقَسْمِ بِدَيْنٍ إِنْ كَانَ عَدْلًا حَلَفَ الطَّالِبُ وَاسْتَحَقَّ فَإِنِ اتَّهَمَهُ الْوَرَثَةُ فِي نَقْضِ الْقَسْمِ دَفَعُوا الدَّيْنَ وَتَمَّ الْقَسْمُ وَإِلَّا نُقِضَ وَأَعْطَى الدَّيْنَ وَقَسَّمَ الْبَاقِي فَإِنْ أَخْرَجُوا نائبهم وابى الْمقر الا النَّقْض لزمَه اخراج نَائِبِهِ أَوْ بَيْعُ نَصِيبِهِ لِأَنَّ غَرَضَهُمْ صَحِيحٌ فِي اسْتِيفَاء عين مَال الْمَوْرُوث وَإِنْ أَقَرَّ قَبْلَ الْقَسْمِ حَلَفَ الطَّالِبُ وَامْتَنَعَ الْقَسْمُ إِلَّا بَعْدَ الدَّيْنِ وَعَنْ مَالِك فِي

الْوَرَثَة يَبِيع بَعضهم من بعض فللإبن مَا بِيَدِ الْوَرَثَةِ وَلَا يَأْخُذُ مَا اشْتَرَى بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ لِضَمَانِهِمْ ثَمَنَ ذَلِكَ حَتَّى يُسْتَوْفَى الدَّيْنُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ شَيْءٌ اتَّبَعُوا بِهِ دَيْنًا الطَّارِئُ الرَّابِعُ الْوَارِثُ بَعْدَ الْقَسْمِ فِي الْجَوَاهِر ان كَانَ الْوَرَثَة أملياء والتركة عين أَخَذَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مَا يَنُوبُهُ فَإِنْ وَجَدَ أَحَدَهُمْ مُعْسِرًا قَال ابْنُ الْقَاسِمِ لَيْسَ لَهُ أَخْذُ الْمُوسِرِ بِالْمُعْسِرِ قِيَاسًا عَلَى وَضْعِ يَدِ الْأَجْنَبِيِّ وَقَال أَشْهَب يُقَاسِمُ الْمُوسِرَ فِي جَمِيع مَا صَار لَهُ ان لَو لم يتْرك الْمَيِّت غَيرهمَا ويتبعان المعسرورأى أَنَّ الْقَسْمَ فَاسِدٌ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمُوا بِالطَّارِئِ وَظَاهِرُ مَذْهَبِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَنَّهُ جَائِزٌ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَا بِالطَّارِئِ فَيَفْسِدُ لِدُخُولِهِمْ عَلَى عَدَمِ تَحْرِيرِ الْقَسْمِ وَأَصْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ لَيْسَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ قَسْمُ الْعَيْنِ دُونَ شَرِيكِهِ وَأَمْضَى الْقَسْمَ هَاهُنَا لَمَّا كَانَ غَيْر عَالِمٍ وَلَوْ كَانَ عَالِمًا لَمْ يَجُزْ وَأَصْلُ أَشْهَب الْجَوَازُ فَإِنْ كَانَتِ التَّرِكَةُ عَقَارًا دَارًا وَاحِدَةً اقْتَسَمَاهَا نِصْفَيْنِ خُيِّرَ بَيْنَ إِجَازَةِ الْقَسْمِ وَمُشَارَكَتِهِمَا وَبَيْنَ رَدِّهِ فَيُجْمَعُ لَهُ سَهْمُهُ وَإِنْ كَانَتْ دَارَيْنِ فَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ دَارًا فَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الْقَسْمِ بَلْ يُشَارِكُ كُلَّ وَاحِدٍ فِي دَارِهِ فَإِنِ اغترق بعض الْحَاضِر وَالْقسم بِالْقُرْعَةِ فَقَالَ لَا يَرْجِعُ مَنِ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ بِيَدِهِ وَلَا يُرْجَعُ عَلَيْهِ وَأَرَى أَنَّ الْقَسْمَ تَمْيِيزُ حَقٍّ لِأَنَّهُ لَو حضر الْقسم لَمْ يَكُنْ لَهُ إِلَّا الْمُشَارَكَةَ وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ دَارَيْنِ اسْتُؤْنِفَ الْقَسْمُ لِيُجْمَعَ لَهُ سَهْمُهُ فَيَسْلَمَ مِنْ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ الطَّارِئُ الْخَامِسُ طروء الْمُوصى لَهُ فَفِي الْجَوَاهِر جَعَلَهُ ابْنُ حَبِيب كَالْغَرِيمِ لِتَقَدُّمِ الْوَصِيَّةِ على الْمِيرَاث وَقَالَ ابْن الْقَاسِم ان أتوصى لَهُ بِالثُّلُثِ فَكَالْوَارِثِ لِأَنَّهُ ذُو

سَهْمٍ مِثْلُهُ أَوْ بِدَنَانِيرَ أَوْ طَعَامٍ فَكَالْغَرِيمِ قَال صَاحِب الْمُقَدِّمَات الْمُوصَى لَهُ بِعَدَدٍ إِنْ كَانَ مَا أَخَذَهُ الْوَرَثَةُ زِيَادَةً عَلَى الثُّلُثَيْنِ وَهُوَ كَفَافُ الْوَصِيَّةِ الطَّارِئَةِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمُوصَى لَهُمْ وَإِنْ لَمْ تَكْفِ وَصِيَّتُهُ رَجَعَ بِتَمَامِهَا عَلَى الْمُوصَى لَهُمْ كَمَا تَقَدَّمَ فِي رُجُوعِ الْوَارِثِ عَلَى الْوَرَثَةِ وَطُرُوءِ الْمُوصَى لَهُ بِجُزْءٍ وَعَلَى الْوَرَثَةِ قَال إِنْ أَخَذَ الْوَرَثَةُ زِيَادَةً عَلَى الثُّلُثَيْنِ تَكْفِ الطَّارِئُ لَمْ يَرْجِعْ إِلَّا عَلَى الْوَرَثَةِ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي أَيْدِيهِمْ وَفِيهِ خِلَافُ ابْنُ حَبِيب وَابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا كَفَافُ الطَّارِئِ رَجَعَ بِالْبَاقِي عَلَى الْمُوصَى لَهُمْ لِأَنَّ بَقِيَّةَ حَقِّهِ فِي أَيْديهم وَقَالَ الشَّافِعِيَّة الْوَصِيَّة بِغَيْر الْعين كَالدَّيْنِ تُوجِبُ النَّقْضَ إِلَّا أَنْ يُوَفُّوهُ وَبِالْمُعَيَّنِ كَالِاسْتِحْقَاقِ وَالِاسْتِحْقَاقُ مِنْ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا يُبْطِلُ الْقَسْمَ فِي النَّصِيبَيْنِ أَوْ فِي أَحَدِهِمَا أَكْثَرُ فَيَخْرُجُ الصَّفْقَةَ عِنْدَهُمْ الْقِسْمُ الثَّالِثُ فِي أَحْكَامٍ مُتَفَرِّقَةٍ قَالَ صَاحب الإستذكار عَن مَالك ان الْكِتَابَيْنِ إِذَا أَسْلَمُوا اقْتَسَمُوا عَلَى مَوَارِيثِهِمْ فِي الْكُفْرِ وان كَانَت ظلما وَغير الْكِتَابَيْنِ يَنْتَقِلُ حُكْمُهُمْ بِالْإِسْلَامِ وَعَنْهُ انْتِقَال الْجَمِيعِ وَقَالهُ ش وح وَالْجُمْهُور لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْمُوَطَّأ أَيّمَا دَار أَو أَرض قسمت فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهِيَ عَلَى قَسْمِ الْجَاهِلِيَّةِ وَأَيُّمَا دَار أَو ارْض ادركهما الْإِسْلَام وَلم تقسم فَهِيَ على قسم الْإِسْلَام فَهَل يخص بقرينه قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْجَاهِلِيَّةِ أَوْ يَعُمُّ الْكُفَّارَ لِعُمُومِ اللَّفْظِ

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ يُقَسَّمُ عَلَى الْغَائِبِ مَعَ الْحَاضِرِ لِأَنَّ الْقَسْمَ عَلَى مُقِرٍّ بِخِلَافِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ وَيُقَسِّمُ الْقَاضِي دُونَ صَاحِب الشُّرْطَةِ لِأَنَّهُ النَّاظِرُ فِي أَمْوَالِ الْغَائِبِينَ قَال الْلَخْمِيّ قَال أَشْهَب إِنْ أَصَابَ وَجْهَ الْحُكْمِ جَازَ لِأَنَّهُ حَاكِمٌ كَالْقَاضِي وَيُقِيمُ الْحُدُودَ وَقَالَ مَالك فِي بعض وُلَاة الْمِيَاه ضَرَبَ لِامْرَأَةِ الْمَفْقُودِ ثَلَاثَ سِنِينَ ثُمَّ أَمَرَهَا بِالنِّكَاحِ ثُمَّ جَاءَتْ إِلَى وَالِي الْمَدِينَةِ قَال فَضَرَبَ لَهَا سَنَةً تَمَامَ الْأَرْبَعِ وَنَفَّذَ حُكْمَ الأول قَالَ وَالْأول اظهر لِأَنَّهُ لَيْسَ بسؤال لِذَلِكَ فَهُوَ كَالْأَجْنَبِيِّ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ الْحَالِفُ لَيُقَاسِمَنَّ أَحَبُّ إِلَيَّ الرَّفْعُ لِلْقَاضِي يُقَسِّمُ بَيْنَهُمْ خَوْفًا مِنَ الدَّلْسَةِ فِي النُّكَتِ قِيلَ الدَّلْسَةُ إِظْهَارُ الْقَسْمِ لِلْخُرُوجِ مِنَ الْيَمِينِ فَإِذَا قُسِّمَ انْتَفَتْ وَقِيلَ خَوْفًا مِنْ غَبْنِ الْحَالِفِ فَيُؤَدِّي إِلَى النَّقْضِ فَلَا تُبَرُّ الْيَمِينُ إِنْ كَانَ لِأَجَلٍ أَوْ نَحْوَهُ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا قَلَعَتِ الرِّيحُ نَخْلَةً لَكَ فِي أَرْضِ رَجُلٍ أَوْ قَلَعْتَهَا أَنْتَ فَلَكَ غَرْسُ نَخْلَةٍ أَوْ نَحْوَهَا مِنْ سَائِرِ الشَّجَرِ لَا تَكُونُ أَكْثَرَ اسْتِيلَاءً أَوْ ضَرَرًا عَلَى الْأَرْضِ لِأَنَّ لَكَ مَنْفَعَةَ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَلَكَ أَخْذُهُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي اسْتَحْقَقْتَهُ وَلَا تَغْرِسْ نَخْلَتَيْنِ لِأَنَّهُ غَيْر الْمُسْتَحَقِّ وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُكَ أَوْ وَكِيلِكِ مِنَ الدُّخُولِ لِلْجِذَاذِ أَوْ غَيْرهِ لِدُخُولِهِ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ أَرْضُهُ مَزْرُوعَةً فَلَكَ السُّلُوكُ مَعَ مَنْ يَجُذُّهَا مِنْ غَيْر ضَرَرٍ وَلَا تَجْمَعُ نَفَرًا يَطَأُونَ زَرْعَهُ وَلَوْ كَانَ لَكَ فِي وَسَطِ أَرْضِهِ الْمَزْرُوعَةِ أَرْضٌ فِيهَا رَعْيٌ لَمْ تُسْلَكْ بِمَا يَشْتَدُّ لِعِظَمِ الضَّرَرِ وَلَكَ الدُّخُولُ للاحتشاش لعدم الضَّرَر وان كَانَ لكل نَهْرٍ مَمَرُّهُ فِي أَرْضِ قَوْمٍ لَا تَمْنَعُهُمْ غَرْسَ حَافَّتَيْهِ شَجَرًا لِأَنَّهُ لَا

(فرع)

ضَرَرَ عَلَيْكَ فَمَنْعُهُ ضَرَرٌ وَإِذَا كَنَسْتَ بِئْرَكَ حُمِلْتَ عَلَى سُنَّةِ الْبَلَدِ فِي طَرْحِ الْكُنَاسَةِ فَإِنْ كَانَ الطَّرْحُ بِضَفَّتَيْهِ لَمْ تَطْرَحْ ذَلِكَ عَلَى شَجَرِهِمْ إِنْ وَجَدْتَ مَكَانًا وَإِلَّا فَبَيْنَ الشَّجَرِ فَإِنْ ضَاقَ فَفَوْقَ شَجَرِهِمْ لِتَعَيُّنِ ضَرَرِكَ وَصَاحِب الْحَقِّ مُقَدَّمٌ عَلَى الطَّارِئِ قَال الْلَخْمِيّ يُرِيدُ يَغْرِسُ مَكَانَ النَّخْلَةِ نَخْلَةً أَوْ غَيْرهَا مَا لَا يَضُرُّ بِبَاطِنِ الْأَرْضِ بِانْتِشَارِ الْعُرُوقِ أَوْ أَقْوَى فَيَهْلَكُ مَا يُجَاوِرُهُ وَلَا يَضُرُّ بِأَعْلَاهُ بِكَثْرَةِ الْفُرُوعِ فَيَمْنَعُ الشَّمْسَ عَنِ الْأَرْضِ فَتَقِلُّ مَنْفَعَتُهَا وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ خَرَجَ فِي أَرْضِهِ عِرْقُ شَجَرَةِ غَيْرهِ فِي مَكَانٍ آخَرَ إِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ فِيهِ مَنْفَعَةٌ وَلَا مَضَرَّةٌ بَقِيَ لِصَاحِب الْأَرْضِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَوْ قَلَعَ لَهُ ثَمَنُ الْخَشَبِ أَوِ الْحَطَبِ فَيَأْخُذُ قِيمَتَهُ مَقْلُوعًا قَال عِيسَى وَإِنْ كَانَ إِقْرَارُهُ مُضِرًّا بِأَصْلِ شَجَرَتِهِ الَّتِي هُوَ مِنْهَا لَمْ يُقِرَّهُ إِلَّا أَنْ يَرْضَى صَاحِب الشَّجَرَةِ قَال الْلَخْمِيّ فَإِنْ لَمْ يَرْضَ وَكَانَ إِنْ قَطَعَ فِي الْأَرْضِ بَيْنَ الْفَرْعِ وَالشَّجَرَةِ نَبَتَ قَطَعَ وَأَعْطى قِيمَتَهُ مَقْلُوعًا وَإِنْ كَانَ بنبت قَطَعَ وَأَخَذَهُ صَاحِبهُ وَجَعَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ حَقَّ صَاحِب النَّهْرِ فِي مَوْضِعِ جَرَيَانِ الْمَاءِ خَاصَّةً وَالْحَافَّتَيْنِ مِلْكًا لِصَاحِب الْأَرْضِ يَغْرِسُهَا إِنْ أَحَبَّ وَلَا يَطْرَحُ الْآخَرُ عَلَيْهَا إِلَّا الْعَادَةَ وَلِصَاحِب النَّهر منع صَاحب الأَرْض من غرس حافتي النَّهْرِ إِذَا أَضَرَّ بِشُرْبِهِ لِلْمَاءِ لِأُصُولِ الشَّجَرِ بِغَوْصِ عُرُوقِ الشَّجَرَةِ فِي النَّهْرِ فَتَضُرُّ بِجَرَيَانِهِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ يُبَاعُ مِنَ الدَّارِ بِقَدْرِ الدَّيْنِ قَبْلَ الْقَسْمِ لِتُقَدُّمِ الدَّيْنِ عَلَى الْمِيرَاثِ إِلَّا أَنْ يُعْطَى الْوَرَثَةُ الدَّيْنَ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِمْ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ وَحَقُّ الْغَرِيمِ إِنَّمَا تَعَلَّقَ بِالْمَالِيَّةِ فَهُمْ مُقَدَّمُونَ فِي الْعَيْنِ وَهُوَ مُقَدَّمٌ فِي الْمَالِيَّة

(فرع)

(فَرْعٌ) قَال ابْنُ يُونُسَ لَا يُقَسِّمُ الْقَاضِي حَتَّى يَثْبُتَ عِنْدَهُ الْمَوْتُ وَحَصْرُ الْوَرَثَةِ وَمِلْكُ الْمَيِّتِ لِلْمَقْسُومِ كَانَ فِيهِمْ صَغِيرٌ أَمْ لَا وَلَا يقْضِي بالقسم بتقاررهم وان كَانُوا بالغين ولادين عَلَى الْمَيِّتِ وَكَذَلِكَ غَيْر الْوَرَثَةِ مِنَ الشُّرَكَاءِ ومشهور الشَّافِعِيَّة مثلنَا وَلَهُم الْقسم بِإِقْرَارِهِمْ وَيَكْتُبُ لَهُمُ الْقَسْمَ بِقَوْلهِمْ وَقَال ح بِالْقَوْل الثَّانِي فِي غَيْر الْعَقَارِ وَفِي الْعَقَارِ ان نسبوه الى غير وَارِث فَإِنْ نَسَبُوهُ إِلَى إِرْثٍ فَلَا بُدَّ مِنَ الْبَيِّنَةِ لِاعْتِرَافِهِمْ بِأَنَّهُ انْتَقَلَ مِنْ يَدِ الْغَيْر وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ صِحَّةَ تِلْكَ الْيَدِ وَلَا صِحَّةَ قَوْلهِمْ لِلْمَيِّتِ لِاعْتِرَافِهِمْ حَتَّى يَثْبُتَ مَوْتُهُ اما إِذا اقتصروا على يدهم فَالْيَدُ ظَاهِرَةٌ فِي الْمِلْكِ فَتَكْفِي وَجَوَابُهُ أَنَّ الْيَدَ قَدْ تَكُونُ بِإِجَارَةٍ فَيَتَصَرَّفُ الْحَاكِمُ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ بِغَيْر مُسْتَنَدٍ شَرْعِيٍّ وَهُوَ فَسَادٌ عَظِيمٌ وَقَال ابْنُ حَنْبَلٍ لَا يُشْتَرَطُ الثُّبُوتُ إِلَّا فِي قَسْمِ الْجَبْرِ لِأَنَّهُ حُكْمٌ وَالْحُكْمُ بالجبر يُعْتَمَدُ مُسْتَنَدًا شَرْعًا (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا لَمْ يَرْضَ أَحَدُهُمْ بِمَا خَرَجَ لَزِمَهُ لِأَنَّ قَسْمَ الْقَاسِمِ كَحُكْمِ الْحَاكِمِ لَا يُنْتَقَضُ وَإِنْ كَرِهَ الْخُصُومُ وَإِنْ قَالوا غَلِطْتَ أَوْ لَمْ تَعْدِلْ أَتَمَّ قَسْمَهُ وَنَظَرَ الْإِمَامُ فَإِنْ وَجَدَهُ صَوَابا وَإِلَّا رَدَّهُ وَلَمْ يَرَ مَالِك قَسْمَ الْقَاسِمِ كَحُكْمِ الْحَاكِمِ قَال صَاحِب الْمُقَدِّمَات الْقَسْمُ مِنَ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ إِذَا وَقَعَ فِيمَا يَجُوزُ قَسْمُهُ عَلَى التَّرَاضِي أَوِ الْقُرْعَةِ بِوَجْهٍ صَحِيحٍ وَلَا يَنْقُضُهَا أَحَدُهُمْ وَلَا يَرْجِعُ عَنْهَا (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا وَرِثَا نَخْلًا وَكَرْمًا لَمْ يَعْرِفَاهُ أَو عرفه أَحدهمَا لم يجز التَّرَاضِي

(فرع)

يَأْخُذ أَحَدَهُمَا وَالْآخَرُ الْآخَرَ إِلَّا أَنْ يُوصَفَا لَهُمَا لِأَنَّ هَذَا بَيْعٌ يَمْنَعُهُ الْغَرَرُ وَيَجُوزُ قَسْمُ الدَّارِ وُصِفَتْ لَهُمَا لِجَوَازِهَا بَيْعًا فَأَوْلَى الْقَسْمُ لِجَوَازِهِ بِالْقُرْعَةِ وَيُمْتَنَعُ شِرَاءُ مَا تُخْرِجُهُ الْقُرْعَةُ قَال ابْنُ يُونُسَ قَال سَحْنُون لَا يُقَسَّمُ الا بِالتَّرَاضِي لَيْلًا يَنْضَمَّ غَرَرُ الْغَيْبَةِ لِغَرَرِ الْقُرْعَةِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فِيهِ غَرَرٌ وَاحِدٌ وَالْقَسْمُ يَعْتَمِدُ التَّقْوِيمَ فَكَيْفَ يَقُومُ بِالْبَلَدِ الْبَعِيدِ وَقَدْ تَكُونُ السُّوقُ حَالَتْ أَو انْهَدَمت (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ اشْتِرَاطُ الْخِيَارِ فِي الْقَسْمِ فِيمَا يَجُوزُ فِيهِ الْبَيْعُ وَكَثْرَةُ الْخِيَارِ وَقِلَّتُهُ وَهُوَ لَازِمٌ وَيُبْطَلُ بِالتَّصَرُّفِ كَالْبَيْعِ (فَرْعٌ) قَال دَارٌ دَاخِلُهَا لِقَوْمٍ وَخَارِجُهَا لِقَوْمٍ وَلِلدَّاخِلِينَ الْمَمَر فاراد الخارجين تَحْوِيلَ الْبَابِ إِلَى مَا لَا ضَرَرَ عَلَى الدَّاخِلِينَ مَعَهُ لِقُرْبِهِ فَذَلِكَ لَهُمْ وَإِنْ بَعُدَ مُنِعُوا وَلَهُمْ مَنْعُهُمْ مِنْ تَضْيِيقِ الْبَابِ نَفْيًا لِلضَّرَرِ وَلَوْ قَسَّمَ الدَّاخِلُونَ فَأَرَادَ أَهْلُ كُلِّ نَصِيبٍ فَتْحَ بَابٍ لِنَصِيبِهِ إِلَى الْخَارِجِينَ مَنَعَهُمُ الْخَارِجُونَ إِلَّا مِنَ الْبَابِ الْأَوَّلِ قَال ابْنُ يُونُسَ مَنَعَ سَحْنُون تَغْيِيرَ الْبَابِ مُطْلَقًا إِلَّا مَنْعَهُمُ الْأَبْوَابَ كَانَ الْحَائِطُ الَّذِي تُغْلَقُ فِيهِ الْأَبْوَابَ لَهُمْ أَوْ لِلْخَارِجِينَ لِأَنَّهُ خِلَافَ مَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ الْقِسْمَةُ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا اقْتَسَمَا كُلُّ وَاحِدٍ طَائِفَةً مِنَ الدَّارِ فَمَنْ صَارَتْ لَهُ الْأَجْنِحَةُ فَهِيَ لَهُ وَلَا تُعَدُّ مِنَ الْفَنَاءِ وَإِنْ كَانَتْ فِي هَوَاءِ الْأَفْنِيَةِ بَلْ تُعَدُّ مِنَ الْبِنَاءِ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَاهُ وَفِنَاءُ الدَّارِ لَهُمْ أَجْمَعِينَ يَرْتَفِقُونَ فِيهِ

(فرع)

(فَرْعٌ) قَال إِذَا اقْتَسَمُوا الدَّارَ وَتَرَكُوا السَّاحَةَ مُرْتَفَقًا فَكُلُّ وَاحِدٍ أَوْلَى بِمَا بَيْنَ يَدَيْ بَابِ بَيْتِهِ وَلَا يَطْرَحُ حَطَبَهُ وَلَا عَلَفَ دَوَابِّهِ بَيْنَ يَدَيْ بَابِ غَيْرهِ إِنْ كَانَ فِي الدَّار سَعَة وان وَقع بعد ذَلِكَ جَازَ إِلَّا أَنْ يُضَرَّ (فَرْعٌ) قَال إِذَا اقْتَسَمُوا الْفِنَاءَ وَالسَّاحَةَ رَفَعُوا الطَّرِيقَ وَلَا يَعْرِضُ فِيهَا أَحَدُهُمْ لِصَاحِبهِ لِأَنَّهَا مِنَ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ وَإِنِ اقْتَسَمُوا عَلَى أَنْ يُصَيِّرَ كُلُّ وَاحِدٍ بَابَهُ نَاحِيَةً أُخْرَى وَلَا يَدَعُوا طَرِيقًا بِتَرَاضٍ جَازَ لِأَنَّهُ حَقُّهُمْ وَإِنِ اقْتَسَمُوا الْبِنَاءَ ثُمَّ قَسَّمُوا السَّاحَةَ وَلَمْ يَذْكُرُوا رَفْعَ الطَّرِيقِ فَوَقَعَ بَابُ الدَّارِ فِي حَظِّ أَحَدِهِمْ وَرَضِيَ فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطُوا فِي الْقَسْمِ أَنَّ طَرِيقَ كل حِصَّة فِيهَا الطَّرِيق بَينهمَا على حَالهَا لانه الْعَادة وَمَالك بَابِ الدَّارِ لِمَنْ وَقَعَ فِي نَصِيبِهِ وَلِبَاقِيهِمْ فِيهِ الْمَمَرُّ لِأَنَّهُ عَادَتُهُمْ لَمْ يَنْقُضُوهَا بِشَرْطٍ فَإِنِ اقْتَسَمُوا السَّاحَةَ وَهِيَ وَاسِعَةٌ يَقَعُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مَا يَرْتَفِقُ بِهِ وَلَا يَخْرُجُ إِلَّا مِنْ بَابِ الدَّارِ وَاخْتَلَفُوا فِي سِعَةِ الطَّرِيقِ جُعِلَتْ سِعَةَ الْحُمُولَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا لَمْ يَذْكُرُوا الطَّرِيقَ عِنْدَ الْقَسْمِ أُعِيدَ الْقَسْمُ عَلَى مَعْرِفَةِ مَخْرَجِ كُلِّ سهم وَمَا لَمْ يَشْتَرِطُوا قَطْعَ الطَّرِيقِ لِأَنَّ الْقَسْمَ حِينَئِذٍ لَيْسَ مِنْ قَسْمِ النَّاسِ وَكَذَلِكَ لَوِ اقْتَسَمُوا دَارًا بِتَرَاضٍ بِلَا سَهْمٍ أَوْ بِهِ فَصَارَ مَجْرَى مَائِهَا فِي نَصِيبِ أَحَدِهِمْ قَال الْلَخْمِيّ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمْ مَكَانٌ يَفْتَحُ فِيهِ امْتُنِعَتِ الْقِسْمَةُ بِالْقُرْعَةِ وَبِالتَّرَاضِي إِلَّا عَلَى بَقَاءِ الطَّرِيقِ لِأَنَّهَا قِسْمَةُ الْمُسْلِمِينَ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذا تَرَاضَيَا بِأَنَّ لِأَحَدِهِمَا دُبُرَ الدَّارِ وَلِلْآخَرِ مُقَدَّمَهَا على عدم

(فرع)

الطَّرِيقِ لِلدَّاخِلِ عَلَى الْخَارِجِ جَازَ إِنْ كَانَ لَهُ مَوْضِعٌ يَصْرِفُ لَهُ بَابَهُ وَإِلَّا فَلَا للضَّرَر وَكَذَلِكَ أَخْذُ الْعُلُوِّ عَلَى أَنْ لَا طَرِيقَ فِي السُّفْلِ (فَرْعٌ) قَال يُخَيَّرُ الْمُمْتَنِعُ مِنَ الْقَسْمِ فِيمَا يَنْقَسِمُ وَإِنْ لَمْ يَنْقَسِمْ خُيِّرَ الْمُمْتَنِعُ مِنَ الْبَيْعِ وَلَهُ أَخْذُ الْجَمِيعِ بِمَا يُعْطَى فِيهِ لِأَنَّ مِنْ حَقِّ الشَّرِيكِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِمِلْكِهِ سَالِمًا عَنْ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ أَصْلًا أَوْ ثَمَنًا وَقَدْ تَقَدَّمَ خِلَافُ ش (فَرْعٌ) فِي النَّوَادِر قَالَ ابْن الْقَاسِم وَجَدَ أَحَدُهُمَا فِي نَصِيبِهِ جُبًّا يُعَادُ الْقَسْمُ لِعَدَمِ تَعْدِيلِ الْمِلْكِ فَإِنْ فَاتَ بِبِنَاءٍ فَلِلْآخَرِ قِيمَةُ نِصْفِ ذَلِكَ كَبُيُوتٍ وَجَدَهَا أَسْفَلَ بُيُوتٍ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا وَقَال سَحْنُون إِذَا وَجَدَ بِئْرًا عَادِيَّةً فَهِيَ لَهُ دُونَ شَرِيكِهِ وَكَذَلِكَ الْغِمْدُ وَالصَّخْرُ وَكَذَلِكَ الْمُشْتَرِي قَال سَحْنُون كُلُّ مَا وُجِدَ قَدِيمًا لَيْسَ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ فَلِوَاجِدِهِ وَالذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَالنُّحَاسُ كَالْكَنْزِ إِنْ كَانَ بِأَرْضِ الْعَرَبِ فَلِوَاجِدِهِ أَوْ عُنْوَةً فَلِلْفَاتِحِينَ لَهَا فَإِن جهلوا فللمساكين من تِلْكَ الْبَلَدِ أَوْ صُلْحًا فَلِلَّذِينَ صُولِحُوا وَقَال ابْنُ نَافِعٍ الْكَنْزُ كُلُّهُ لِوَاجِدِهِ وَهَذَا الْفَرْعُ يَنْبَنِي عَلَى أَنَّ مَنْ مَلَكَ ظَاهِرَ الْأَرْضِ هَلْ مَلَكَ بَاطِنَهَا أَمْ لَا وَفِيهِ قَوْلانِ فِي الْمَذْهَبِ (فَرْعٌ) قَال قَال مَالِك لَا تُقَسَّمُ التَّرِكَةُ حَتَّى يُوضَعَ الْحَمْلُ لِيُعْلَمَ عَلَى أَيِّ جُزْءٍ تُقَسَّمُ وَكَمِ التَّرِكَةُ وَلَا يَنْظُرُ لِلِاسْتِبْرَاءِ بَلْ حَتَّى يَظْهَرَ وَلَوْ أَبْطَأَ الْحَيْضُ وَمضى الِاسْتِبْرَاء لَا تقسم حَتَّى يتَبَيَّن فَإِن الْحَامِل قد تحيض فَيَضَع نَصِيبُ الْجَنِينِ مِنْ غَيْر ضَرُورَةٍ

(كتاب الشفعة)

(كتاب الشُّفْعَة) قَال صَاحِب التَّنْبِيهَات هِيَ بِسُكُونِ الْفَاءِ مُشْتَقَّةٌ من الشفع ضد الوثر لِأَنَّهُ يَضُمُّ الْمَأْخُوذَ لِمِلْكِهِ وَقِيلَ الشُّفْعَةُ الزِّيَادَةُ وَالْآخِذُ يَزِيدُ مَالُهُ بِالْمَأْخُوذِ قَال اللَّهُ تَعَالَى {من يشفع شَفَاعَة حَسَنَة} أَيْ مَنْ يَزْدَدْ عَمَلًا صَالِحًا إِلَى عَمَلِهِ وَقيل منم الشَّفَاعَةِ لِأَنَّهُ يَسْتَشْفِعُ بِنَصِيبِهِ إِلَى نَصِيبِ صَاحِبهِ وَقِيلَ بَلْ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا بَاعَ أَحَدُهُمْ حِصَّتَهُ أَوْ أَصْلَهُ أَتَى الْمُجَاوِرُ شَافِعًا إِلَى الْمُشْتَرِي لِيُوَلِّيَهُ إِيَّاهُ وَأَصْلُهَا مَا فِي الصِّحَاح قضى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالشُّفْعَة فِي كل مَا لم يقسم فَإِذا وَقَعَتِ الْحُدُودُ وَصُرِّفَتِ الطُّرُقُ فَلَا شُفْعَةَ وَفِيهِ ثَلَاث مَقَاصِدَ الشُّفْعَةُ فِي الْمُشْتَرَكِ وَسُقُوطُهَا فِي الْجِوَارِ لِأَنَّ الْحَدَّ بَيْنَ الْجَارَيْنِ حَاصِلٌ وَأَنَّهَا فِي الرِّبَاعِ دُونَ الْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانِ وَفِي مُسْلِمٍ الشُّفْعَةُ فِي كل شرك لم يقسم ربع أَو حَائِط لَا يحل لَهُ أَن يَبِيع حَتَّى يُؤْذِنَ شَرِيكَهُ فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ فَإِنْ بَاعَ وَلَمْ يُؤْذِنْهُ فَهُوَ أَحَقُّ فَجَعلهَا قبل البيع وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ

(الباب الأول في الأركان)

(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي الْأَرْكَانِ) وَهِيَ أَرْبَعَةٌ الْآخِذُ وَالْمَأْخُوذُ وَالْمَأْخُوذُ مِنْهُ وَمَا بِهِ الْأخِذُ الرُّكْنُ الْآخِذُ وَهُوَ كُلُّ شَرِيكٍ فِي الْمِلْكِ وَفِي الْكتاب للذِّمِّيّ والآخذ بَاعَ الْمُسْلِمُ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ كَالْمُسْلِمِ فَإِنْ كَانَ الشَّرِيكَانِ ذِمِّيَّيْنِ لَمْ أَتَعَرَّضْ لَهُمَا الا أَن يترافعوا إِلَيْنَا لِأَنَّا لَا نَتَعَرَّضُ لِلذِّمَّةِ إِلَّا فِي التَّظَالُمِ وَهَذَا سَبَبُ مِلْكٍ كَالْبَيْعِ وَوَافَقَنَا ش وح فِي اسْتِوَاءِ الذِّمِّيِّ وَالْمُسْلِمِ فِي الشُّفْعَةِ وَخَالَفَنَا أَحْمَدُ لَنَا عُمُومُ النُّصُوصِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَلِأَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَ شِقْصًا مِنْ عَبْدٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُسْلِمٍ قُوِّمَ عَلَيْهِ كَالْمُسْلِمِ فَيَسْتَوِيَانِ هَاهُنَا بِجَامِعِ أَحْكَامِ الْمِلْكِ وَقِيَاسًا عَلَى الرَّدِّ بِالْعَيْبِ فِي الْبَيْعِ بِجَامِعِ نَفْيِ الضَّرَرِ وَلِأَنَّهَا مِنْ حُقُوقِ الْمَالِ فَيَسْتَوِي فِيهَا الذِّمِّيُّ وَغَيْرهُ كَخِيَارِ الشَّرْطِ وَإِمْسَاكِ الرَّهْنِ وَالْمُطَالَبَةِ بِالْأَجَلِ فِي السَّلَمِ وَغَيْرهِ احْتَجَّ بقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا شُفْعَةَ لِنَصْرَانِيٍّ وَلِقَوْلهِ تَعَالَى {وَلَنْ يَجْعَلَ الله للْكَافِرِينَ

على الْمُؤمنِينَ سَبِيلا} وَشُفْعَتُهُ سَبِيلٌ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ إِحْيَاءَ الْأَرْضِ الْمَوَاتِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ الرَّقَبَةِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَأن لَا يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ أَوْلَى لِأَنَّ الْإِحْيَاءَ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ مُعَيَّنٌ وَالشُّفْعَةُ ثَبَتَ الْمِلْكُ فِيهَا لِمُعَيَّنٍ وَالجواب عَنِ الْأَوَّلِ مَنْعُ الصِّحَّةِ سَلَّمْنَا صِحَّتَهُ لَكِنْ يُحْمَلُ عَلَى الْجَارِ أَوْ عَلَى شَفَاعَته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَالجواب عَنِ الثَّانِي أَنَّ مَعْنَاهُ بِغَيْر سَبَبٍ شَرْعِيٍّ أَمَّا بِالسَّبَبِ الشَّرْعِيِّ فَلَهُ الْمُطَالَبَةُ إِجْمَاعًا كَقَبْضِ الْمَبِيعِ مِنَ الْمُسْلِمِ وَالدَّيْنِ وَغَيْرهِمَا وَالجواب عَنِ الثَّالِثِ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْإِحْيَاءَ تَفْوِيتُ الرَّقَبَةِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِغَيْر بَدَلٍ وَالشُّفْعَةُ بَدَلُهَا الثَّمَنُ مَعَ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ مَالِك لَهُ الْإِحْيَاءُ فِي بَلَدِ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا جَزِيرَةَ الْعَرَبِ تَفْرِيعٌ قَال التُّونِسِيُّ قَال ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا بَاعَ الْمُسْلِمُ مِنْ ذِمِّيٍّ لَا يَأْخُذُ الذِّمِّيُّ فَإِنْ بَاعَ نَصْرَانِيٌّ مِنْ نَصْرَانِيٍّ فَلِلْمُسْلِمِ الْأَخْذُ لِأَنَّهُ حُكْمٌ لِمُسْلِمٍ فَإِنْ بَاعَ بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ فَبِقِيمَةِ الشِّقْصِ عِنْدَ أَشْهَب لِتَعَذُّرِ رَدِّ الثَّمَنِ وَلَا قِيمَةَ لِلْخَمْرِ وَبِقِيمَةِ الْخَمْرِ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَهُوَ أَشْبَهُ بِمَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ مِمَّا يُضَمَّنُ بِالْقِيمَةِ عِنْدَ اسْتِهْلَاكِهِ لِلنَّصْرَانِيِّ وَعِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ إِذَا اسْتَهْلَكَهُ الْمُسْلِمُ لِنَصْرَانِيٍّ لَا قِيمَةَ عَلَيْهِ قَال ابْنُ يُونُسَ قَال أَشْهَب إِذَا كَانَ الثَّلَاثَةُ ذِمَّةً لَا شُفْعَةَ وَإِنْ تَرَافَعُوا إِلَيْنَا لِأَنَّ الشُّفْعَةَ لَيْسَتْ مِنْ بَابِ التَّظَالُمِ عِنْدَهُمْ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمْ مُسْلِمًا قَال صَاحِب النَّوَادِرِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ قَال ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا كَانَ الشَّرِيكَانِ نَصْرَانِيَّيْنِ فَبَاعَ احدهما حِصَّته قضينا بِالشُّفْعَة ان ترافعوا إِلَيْنَا قَال سَحْنُون إِذَا حُبِسَ الْمُرْتَدُّ فَإِنْ تَابَ فَلَهُ الشُّفْعَةُ وَإِنْ قُتِلَ فَهِيَ لِلسُّلْطَانِ يَأْخُذُهَا إِنْ شَاءَ لِبَيْتِ الْمَالِ أَوْ يَتْرُكُ وَقَبْلَ التَّوْبَةِ هُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ ثَلَاثَةُ إِخْوَةٍ أَحَدُهُمْ لِأَبٍ بَاعَ أَحَدُ الشَّقِيقَيْنِ فَهِيَ لِلْأَخَوَيْنِ لِأَنَّ مِيرَاثَهُمْ كلهم بِالنُّبُوَّةِ وَلَوْ وَلَدَ أَحَدُهُمْ أَوْلَادًا ثُمَّ مَاتَ فَشُفْعَةُ الْأَوْلَادِ بَيْنَهُمْ دُونَ الْأَعْمَامِ لِأَنَّهُمْ أَهْلُ مِيرَاثٍ وَاحِدٍ فَإِنْ سَلَّمُوا فَهِيَ لِلْأَعْمَامِ فَإِنْ بَاعَ أَحَدُ الْأَعْمَامِ فَهِيَ لِبَقِيَّتِهِمْ مَعَ بَنِي أَخِيهِمْ لِدُخُولِهِمْ مُدْخَلَ سَهْمٍ وَإِنْ تَرَكَ ابْنَتَيْنِ وَعَصَبَةً قُدِّمَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْعَصَبَةِ لِأَنَّهُمَا أَهْلُ سَهْمٍ فَإِنْ سَلَّمَتْ فَلِلْعَصَبَةِ وَلَوْ بَاعَ أَحَدُ الْعَصَبَةِ فَهِيَ لِبَقِيَّتِهِمْ وَلِلْبَنَاتِ وَالْأَخَوَاتِ مَعَ الْبَنَاتِ كَالْعَصَبَةِ فَإِنْ كَانَتِ الدَّارُ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا وَتَرَكَ عَصَبَةً فَبَاعَ أَحَدُهُمْ فَبَقِيَّتُهُمْ أَحَقُّ مِنَ الْأَجْنَبِيِّ لِأَنَّهُمْ أَهْلُ سَهْمٍ فَإِنْ سَلَّمُوا فَهِيَ لِلشَّرِيكِ فَإِنْ تَرَكَ أُخْتًا شَقِيقَةً وَأُخْتَيْنِ لِأَبٍ فَأَخَذَتِ النِّصْفَ وَالْأُخْرَيَانِ السُّدُسَ فَهِيَ لِأُخْتِهَا الشَّقِيقَةِ لِأَنَّهُمَا أَهْلُ سَهْمٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الثُّلْثَانِ وَالْإِخْوَةُ أَوْلَى بِهَا بَيْنَهُمْ إِذَا بَاعَ أَحَدُهُمْ وَكَذَلِكَ الْجَدَّاتُ قَال التُّونِسِيُّ قَال مَالِك وَأَصْحَابُهُ أَهْلُ كُلِّ سَهْمٍ أَوْلَى إِلَّا ابْنُ دِينَارٍ وَمَتَى سَلَّمَ أَهْلُ السَّهْمِ الشُّفْعَةَ فَأَهْلُ السِّهَامِ وَالْعَصَبَةُ سَوَاءٌ لِأَنَّ سَبَبَهُمْ عُمُومُ الْمُورِثِ لَا خُصُوصَ سَبَبٍ فَيَسْتَوُونَ فَإِنْ سَلَّمَ جُمْلَةُ الْوَرَثَةِ فَالشُّرَكَاءُ بَعْدَهُمْ وَلَوْ بَاعَ أَحَدُ الْعَصَبَةِ لَدَخَلَ أَهَلُ السِّهَامِ مَعَ بَقِيَّةِ الْعَصَبَةِ وَلَمْ يَرَ الْعَصَبَةَ أَهْلَ سَهْمٍ وَجَعَلَهُمْ أَشْهَب كَأَهْلِ سَهْمٍ يَخْتَصُّونَ بِهَا وَالْمُوصَى لَهُمْ بِالثُّلُثِ أَوْ بِجُزْءٍ مُسَمًّى عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَدْخُلُونَ مَعَ الْوَرَثَةِ وَيَدْخُلُ الْوَرَثَةُ مَعَهُمْ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ وَأَشْهَب كَأَهْلِ سَهْمٍ وَإِذَا أَوْصَى أَحَدُ وَلَدِ الْمَيِّتِ لِرَجُلٍ وَاحِدٍ فَبَاعَ إِخْوَةُ الْمُوصِي قَال مُحَمَّدٌ يَدْخُلُ الْمُوصَى لَهُ مَعَهُمْ لِأَنَّهُ كَأَهْلِ سَهْمٍ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُوصَى لَهُ جَمَاعَةً شَافَعُوا بَيْنَهُمْ دُونَ الْوَرَثَةِ فَمَنْ كَانَ شَافِعًا مَعَ أَصْحَابِهِ لَا يَدْخُلُ عَلَى مَنْ لَا يُشَافِعُهُمْ وَلَوْ كَانَ أَصْحَابُهُ يُشَافِعُونَ الْوَرَثَةَ دَخَلَ عَلَى الْوَرَثَةِ قَال وَهَذَا لَا يَصِحُّ لِأَنَّ أَهْلَ السَّهْمِ الْوَاحِدِ يَتَشَافَعُونَ بَيْنَهُمْ وَلَا يَمْنَعُهُمْ ذَلِكَ مِنَ

الدُّخُولِ عَلَى بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ الَّذِينَ لَا يُشَافِعُونَهُمْ وَلَوْ كَانَ أَهْلُ السَّهْمِ وَاحِدًا لَيْسَ لَهُ مَنْ يُشَافِعُهُ شَافَعَهُ جُمْلَةُ الْوَرَثَةِ لِعَدَمِ مَنْ يَمْنَعُهُمْ وَإِذَا بَاعَ أَهْلُ سَهْمٍ مَعْلُومٍ فَسَلَّمَ بَقِيَّتُهُمْ وَبَقِيَّةُ الشُّرَكَاءِ ثُمَّ بَاعَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ الَّذِينَ لَيْسُوا بِأَهْلِ سَهْمٍ وَاحِدٍ فَلِلْمُشْتَرِي النَّصِيبُ وَلِشُرَكَائِهِ وَبَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ التَّحَاصُصُ فِي هَذَا الْمَبِيعِ لِأَنَّهُ حَلَّ مَحَلَّ الْبَائِعِ مِنْهُ لَمَّا سَلَّمَ لَهُ بَقِيَّةُ شُرَكَائِهِ وَبَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ وَإِنْ وَرِثَهُ ابْنُهُ وَامْرَأَتُهُ فَمَاتَ الِابْنُ عَنْ أُخْتِهِ وَأُمِّهِ وَعَصَبَةٍ فَبَاعَ بَعْضُ الْعَصَبَةِ فَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ تُشَافِعُ الْأُخْتُ وَالْأُمُّ الْعَصَبَةَ لِمَا وَرِثَا مِنَ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي قَال وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مَوْتَ الِابْنِ يُوجِبُ وِرَاثَةً ثَانِيَةً فَلَا يَضْرِبُوا مَعَ بَقِيَّةِ الْعَصَبَةِ إِلَّا بِالْقَدْرِ الَّذِي وَرِثُوهُ مَعَهُمْ لِأَنَّ الضَّرْبَ بِالْمِيرَاثِ الْأَوَّلِ إِضْرَارٌ بِالْعَصَبَةِ وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ إِذَا وَرِثَهُ أَوْلَادُهُ فَمَاتَ أَحَدُهُمْ عَنْ إِخْوَتِهِ وَوَرَثَةٍ أَنْ يَدْخُلَ وَرَثَتُهُ فِيمَا بَاعَ أَحَدُ وَرَثَةِ الِابْنِ إِذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ عَدَمِ مِيرَاثِهِمْ فِي الثَّانِي أَوْ يَكُونُونَ يَتَحَاصُّونَ بِمَا وَرِثُوهُ مِنْ غَيْرهِ وَيَلْزَمُ أَنَّ شُرَكَاءَ الْمَيِّتِ يُحَاصُّونَ بَقِيَّةَ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ فِي مَبِيعِ أَحَدِهِمْ وَالْمَعْرُوفُ خِلَافُهُ وَأَمَّا الشَّقِيقَةُ مَعَ أَخَوَاتِ الْأَبِ فَأَشْهَب يَرَى عَدَمَ دُخُولِ الشَّقِيقَةِ لِاخْتِصَاصِهِنَّ بِالسُّدُسِ دُونَهَا قَال ابْنُ يُونُسَ ثَلَاثَةٌ اشْتَرَوْا دَارًا أَوْ وَرِثُوهَا فَبَاعَ أَحَدُهُمْ مِنْ نَفَرٍ وَسَلَّمَ الشَّرِيكَانِ فَبَاعَ أَحَدُ النَّفَرِ فَبَقِيَّةُ النَّفَرِ أَشْفَعُ مِنْ شَرِيكَيِ الْبَائِعِ وَلَوْ بَاعَ أَحَدُ شَرِيكَيِ الْبَائِعِ لَدَخَلَ شَرِيكُهُ الَّذِي لَمْ يَبِعْ وَسَائِرُ النَّفَرِ فَلَهُمُ النِّصْفُ وَلِشَرِيكِهِمُ الَّذِي لَمْ يَبِعِ النِّصْفُ وَخَالَفَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَال لَا يَكُونُ النَّفَرُ أَشْفَعَ فِيمَا بَاعَ بَعْضُهُمْ بَلْ هُمْ كَبَائِعِهِمْ يَقُومُونَ مَقَامَهُ بِخِلَافِ وَرَثَةِ الْوَارِثِ أَوْ وَرَثَةِ الْمُشْتَرِي وَالْفَرْقُ أَنَّ السَّهْمَ الْمَوْرُوثَ لَا شُفْعَةَ بِهِ لِشُرَكَاءِ الْمَيِّتِ مَعَ الْوَرَثَةِ وَإِذَا بَاعَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ فَبَقِيَّتُهُمْ أَشْفَعُ مِنْ شُرَكَاءِ الْمَيِّتِ وَشُرَكَاءَ الْبَائِعِ لَهُمُ الشُّفْعَةُ

وَالتَّسْلِيمُ فَلَهُمُ الدُّخُولُ فِيمَا بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ كَمَا لَهُمُ الدُّخُولُ فِيمَا اشْتَرَوْا قَال ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ بَاعَ أَحَدُ شَرِيكَيِ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ لدُخُول الْمُشْتَرُونَ مَعَ مَنْ بَقِيَ مِنْ شُرَكَاءِ بَائِعِهِمْ بِقَدْرِ حِصَصِ بَائِعِهِمْ وَقَال أَصْبَغُ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّ أَهْلَ السَّهْمِ الْمَفْرُوضِ هُمُ الَّذِينَ يَتَشَافَعُونَ خَاصَّةً وَعَلَيْهِ جَمَاعَةُ النَّاسِ قَال الْلَخْمِيّ الدَّارُ فِي مَسْأَلَةِ الْإِخْوَةِ إِذَا خَلَّفَ أَحَدُهُمْ أَوْلَادًا إِنِ انْقَسَمَتْ أَسْبَاعًا فَمَا قَال ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الدَّارَ تَنْقَسِمُ قِسْمَيْنِ فَتُقَسَّمُ أَوَّلًا أَثْلَاثًا فاذا صَار لبني الْبَنِينَ سهم قَسَّمُوهُ أَثْلَاثًا كَدَارٍ قَائِمَةٍ بِنَفْسِهَا فَبَعْضُهُمْ أَحَقُّ مِمَّنْ لَا يَصِيرُ لَهُ فِي ذَلِكَ الثُّلُثُ شِرْكٌ يَنْتَفِي الضَّرَرُ وَإِنْ كَانَتْ لَا تَنْقَسِمُ بِحَالٍ شَفَعَ كُلُّ مَنْ لَهُ فِيهَا شِرْكٌ بوارثة أَوْ غَيْرهَا لِاشْتِرَاكِهِمْ فِي الضَّرَرِ فِيهَا إِذَا ادَّعَى أَحَدُ الشُّرَكَاءِ الْبَيْعَ لِأَنَّهَا لَا تَنْقَسِمُ وَخُرُوجُ الدَّارِ مِنَ الْمِلْكِ أَشَدُّ مِنْ ضَرَرِ الْمُقَاسَمَةِ وَإِنْ كَانَتْ تَنْقَسِمُ أَثْلَاثًا خَاصَّةً فَبَاعَ أَحَدُ الْأَعْمَامِ شَفَعَ جَمِيعُهُمْ لِأَنَّ بَنِي الْإِخْوَةِ شَرِكَتُهُمْ مَعَ أَعْمَامِهِمْ فِيمَا يَنْقَسِمُ وَإِنْ بَاعَ أَحَدُ بَنِي الْإِخْوَةِ فَعَلَى قَوْل مَالِك الشُّفْعَةُ فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ يَتَشَافَعُونَ دُونَ أَعْمَامِهِمْ وَعَلَى قَوْلهِ الْآخَرِ فَهِيَ لِلْأَعْمَامِ خَاصَّةً لِأَنَّ بَنِي الْأَعْمَامِ يَقُولُونَ نَحْنُ نَشْفَعُ فِيمَا يَقْبَلُ الْقَسْمَ وَلَا شُفْعَةَ لِبَعْضِكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِأَنَّ نَصِيبَكُمْ لَا يَقْبَلُ الْقَسْمَ وَلَوْ كَانَتِ الدَّارُ فِيهَا شرك بِغَيْر وَارثه بعد وَارثه فَعَلَى قَوْلهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إِنْ بَاعَ أَحَدُ الْوَرَثَة السُّفْلى كَانَت الشُّفْعَة لبقيتهم سلمُوا لأهل الوارثة الْأُولَى فَإِنْ سَلَّمُوا فَلِلشُّرَكَاءِ وَإِنْ بَاعَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ الْأُولَى شَفَعُوا أَجْمَعُونَ بَقِيَّةُ الشُّرَكَاءِ وَأَهْلُ الوارثتين وعَلى الرِّوَايَة الْأُخْرَى يشْتَرك الشُّرَكَاء واهل الوارثتين بَاعَ اُحْدُ الشُّرَكَاء أَو اهل الوارثة الْأُولَى أَوِ الْآخِرَةِ قَال وَأَرَى أَنْ تُعْتَبَرَ صِفَةُ الْقِسْمَةِ هَلْ تَنْقَسِمُ أَسْبَاعًا

أَو اثلاثاً أَو لَا تَنْقَسِم الى نِصْفَيْنِ عَلَى أَصْلِ الشَّرِكَةِ قَبْلَ الْوِرَاثَةِ أَوْ لَا تَنْقَسِمُ بِحَالٍ وَكُلُّ مَوْضِعٍ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَدْعُوَ لِلْقِسْمَةِ اسْتُشْفِعَ مِنْهُ أَوْ لَهُ أَنْ يَدْعُوَ لِلْبَيْعِ فَقَطْ يَخْتَلِفُ هَلْ تَكُونُ شُفْعَةً أَمْ لَا وَكُلُّ مَوْضِعٍ لَيْسَ لَهُ طَلَبُ الْقَسْمِ وَلَا الْبَيْعُ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ بِأَنْ يَكُونَ لَا يَقْبَلُ الْقَسْمَ وَلَوْ بَاعَ هَذَا نَصِيبَهُ لَمْ يَنْقُصْ عَنْ بَيْعِ الْجُمْلَةِ وَلَوْ كَانَتْ دَارًا بَيْنَ ثَلَاثَةٍ لِأَحَدِهِمُ النِّصْفُ وَلِاثْنَيْنِ النِّصْفُ وَهِيَ تَنْقَسِمُ نِصْفَيْنِ وَلَا تَنْقَسِمُ أَرْبَاعًا وَإِنْ بَاعَ أَحَدُ صَاحِب النِّصْفِ فَاسْتَشْفَعَ الِاثْنَانِ أَوْ أَحَدُ الِاثْنَيْنِ شَفَعَ صَاحِب الرُّبْعِ عَلَى أَحَدِ قَوْليْ مَالِك وَعَلَى الْقَوْل الْآخَرِ لِصَاحِب النِّصْفِ دُونَهُ وَقَال ابْنُ الْقَاسِمِ فِي ثَلَاثَةِ شُرَكَاءَ بَاعَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ مِنْ ثَلَاثَةٍ ثُمَّ بَاعَ أَحَدُ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ نَصِيبَهُ مِنْ ذَلِكَ الثُّلُثِ إِنَّ الشُّفْعَةَ لِجَمِيعِهِمْ وَقَال أَشْهَب لِبَقِيَّةِ أَصْحَابِ الثُّلُثِ قَال وَأَرَى أَنَّ الشَّرِكَةَ بِمِيرَاثٍ أَوْ غَيْرهِ سَوَاءٌ وَإِنَّمَا تُرَاعَى صِفَةُ الْقَسْمِ لِاخْتِصَاصِ الضَّرَرِ بِهَا وَإِذَا كَانَتِ الدَّارُ بِوِرَاثَةٍ وَاحِدَةٍ مُخْتَلِفِينَ فِي الْمَنَازِلِ زَوْجَاتٌ وَبَنَاتٌ وَأَخَوَاتٌ وَعَصَبَةٌ فَبَاعَتْ إِحْدَى الزَّوْجَاتِ فَالشُّفْعَةُ لِبَقِيَّتِهِمْ فَإِنْ سَلَّمْنَ فَلِبَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ أَهْلِ السِّهَامِ الْآخَرِينَ وَغَيْرهِمْ فَإِنْ بَاعَ أَحَدُ الْبَنَاتِ شَفَعَ بَقِيَّتُهُنَّ فَإِنْ سَلَّمْنَ فَلِجَمِيعِ الْوَرَثَةِ الزَّوْجَاتِ وَالْجَدَّاتِ وَاخْتُلِفَ إِذَا بَاعَ أَحَدُ الْعَصَبَةِ فَقَال مَالِك مَرَّةً هُمْ كَأَهْلِ سَهْمٍ الشُّفْعَةُ لِبَقِيَّتِهِمْ وَقَال أَيْضًا لِجَمِيعِ الْوَرَثَةِ وَكَذَلِكَ إِذَا خَلَّفَ بَنَاتٍ وَأَخَوَاتٍ فَبَاعَتْ إِحْدَى الْبَنَاتِ شَفَعَ بَقِيَّتُهُنَّ فَإِنْ سَلَّمْنَ شَفَعَ الْأَخَوَاتُ وَاخْتُلِفَ إِذَا بَاعَتْ إِحْدَى الْأَخَوَاتِ هَلْ يَشْفَعُ بَقِيَّتُهُنَّ فَقَطْ أَوِ الْجَمِيعُ لِأَنَّ الاخوات هَا هُنَا عَصَبَةُ الْبَنَاتِ فَعَلَى الْقَوْل أَنَّهُنَّ كَأَهْلِ سَهْمٍ يَكُونُ مِنْ حَقِّ الْبَنَاتِ أَنْ تُقَسَّمَ الدَّارُ أَثْلَاثًا ثُمَّ يُقَسِّمُ الْأَخَوَاتُ ثُلُثَهُنَّ إِنْ كُنَّ ثَلَاثًا أَثْلَاثًا وَعَلَى الْقَوْل الْآخَرِ مِنْ حَقِّ

الْأَخَوَاتِ أَنْ يُقَسَّمَ مِنَ الْأَوَّلِ أَسْبَاعًا وَقَال ابْنُ الْقَاسِمِ فِي شَقِيقَةٍ وَأَخَوَاتٍ لِأَبٍ فَبَاعَتْ إِحْدَى الْأَخَوَاتِ شَفَعَ جَمِيعُهُنَّ وَقَال أَشْهَب بَلْ يَشْفَعُ بَقِيَّةُ الْأَخَوَاتِ لِلْأَبِ فَإِنْ سَلَّمْنَ شَفَعَتِ الشَّقِيقَةُ قَال وَهُوَ أَحْسَنُ لِأَنَّ مِنْ حَقِّهَا أَنْ يُقَسَّمَ لَهَا مِنَ الْأَوَّلِ النِّصْفُ ثُمَّ يُقَسِّمُ أُولَئِكَ بَيْنَهُنَّ السُّدُسَ فَهُوَ سَهْمٌ يُسَلَّمُ إِلَيْهِنَّ وَهَذَا إِذَا كَانَ السُّدُسُ يَحْمِلُ الْقَسْمَ وَإِذَا أَوْصَى الْمَيِّتُ أَنْ يُبَاعَ نَصِيبٌ مِنْ دَارِهِ مِنْ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهُ لَمْ يَشْفَعِ الْوَرَثَةُ فِيهِ لِأَنَّ قَصْدَ الْمَيِّتِ تَمْلِيكُهُ إِيَّاهُ وَجَعَلَ سَحْنُون مِثْلَهُ إِذَا أَوْصَى بِبَيْعِ نَصِيبٍ يُصْرَفُ ثَمَنُهُ فِي الْمَسَاكِينِ كَأنَ الْمَيِّتُ بَاعه قَالَ وَالْقِيَاس ان يشفعوا لتأخير الْبَيْعِ بَعْدَ الْمَوْتِ بَعْدَ تَحَقُّقِ الشَّرِكَةِ وَلَوْ أَوْصَى أَنْ يُبَاعَ مِنْ مُعَيَّنٍ وَالشَّرِيكُ أَجْنَبِيٌّ شَفَعَ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُنْكَرُ عَلَى الْوَصِيَّةِ بِخِلَافِ الْوَارِثِ وَفِي الْمَجْمُوعَةِ لَوْ بَاعَ الْإِمَامُ أَرْضَهُ مُزَايَدَةً فِي دَيْنِهِ فَقَال أَحَدُ الْوَرَثَةِ بَعْدَ الْبَيْعِ أَنَا أُؤَدِّي مِنَ الدَّيْنِ بِقَدْرِ مَا عَلَيَّ وَآخُذُ نَصِيبَ شُرَكَائِي بِالشُّفْعَةِ فَلَهُ ذَلِكَ إِذَا كَانَ فِي بَقِيَّةِ مَا يُبَاعُ مِنَ الْأَرْضِ تَمَامُ الدَّيْنِ وَقَال صَاحِب النَّوَادِرِ قَال مَالِك إِذَا أَوْصَى بِدَارٍ لِخَمْسَةَ عَشَرَ رَجُلًا لِعَشَرَةٍ سَمَّاهُمْ ثُلُثَاهَا لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ مِنْهُمُ السُّدُسُ وَلِلسَّبْعَةِ مِنْهُمُ النِّصْفُ وَبَقِيَّةُ الدَّارِ لِلْخَمْسَةِ الْآخَرِينَ فَإِنْ بَاعَ أَحَدُ الْخَمْسَةِ فَبَاقِيهُمْ أَشْفَعُ فَإِنْ سَلَّمُوا فَلِجَمِيعِ الْعَشَرَةِ فَإِنْ بَاعَ أَحَدُ السَّبْعَةِ فَبَقِيَّةُ السَّبْعَةِ أَحَقُّ مِنَ الْخَمْسَةِ وَعَنْ مَالِك فِي إِخْوَةٍ وَرِثُوا فَبَاعَ أَحَدُهُمْ فَسَلَّمَ إِخْوَتُهُ ثُمَّ بَاعَ أَحَدُهُمْ شَفَعَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ مَعَ مَنْ لَمْ يَبِعْ وَمَتَى سَلَّمَ بَقِيَّةُ أَهْلِ سَهْمٍ فَالشُّفْعَةُ لِبَقِيَّةِ أَهْلِ الْمِيرَاثِ فَإِنْ سَلَّمُوا كُلُّهُمْ ثُمَّ بَاعَ أَحَدُ الْمُشْتَرِينَ نَصِيبَهُ مِمَّا اشْتَرَى اسْتَوَى بَقِيَّةُ أَهْلِ ذَلِكَ السَّهْمِ وشركاء البَائِع

الْمُشْتَرُونَ مَعَهُ وَبَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ وَلَيْسَ الْمُشْتَرِي كَالْوَرَثَةِ فَيَدْخُلُ أَهْلُ السِّهَامِ عَلَى الْعَصَبَةِ وَالْمُشْتَرِينَ مِنْ أَهْلِ السِّهَامِ وَلَا يَدْخُلُ الْمُشْتَرُونَ وَلَا الْعَصَبَةُ عَلَيْهِمْ وَقَال أَشْهَب فِي ثَلَاثَةٍ وَرِثُوا دَارًا أَوِ اشْتَرَوْهَا فَبَاعَ أَحَدُهُمْ مِنْ نَفَرٍ فَسَلَّمَ الشَّرِيكَانِ ثُمَّ بَاعَ أَحَدُ الْمُشْتَرِينَ نَصِيبَهُ فَبَقِيَّةُ الْمُشْتَرِينَ أَشْفَعُ مِنْ شَرِيكَيِ الْبَائِعِ وَلَوْ بَاعَ أَحَدُ شَرِيكَيِ الْبَائِعِ لَدَخَلَ شَرِيكُهُ وَالْمُشْتَرُونَ وَجَعَلَ الْمُشْتَرِي مِنَ الشَّرِيكِ كَوَرَثَتِهِ وَخَالَفَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَال لَا يَكُونُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ أَشْفَعَ فِيمَا بَاعَ بَعْضُهُمْ دُونَ شُرَكَاءِ بَائِعِهِ بِخِلَافِ وَرَثَةِ الْوَارِثِ أَوْ وَرَثَةِ الْمُشْتَرِي وَذَكَرَهُ مَالِك وَجَعَلَ الْمُشْتَرِي كَبَائِعِهِ وَالْمُوصَى لَهُمْ كَالْعَصَبَةِ مَعَ أَهْلِ السِّهَامِ قَال الْأَبْهَرِيُّ أَهْلُ كُلِّ سَهْمٍ أَحَقُّ بِالشُّفْعَةِ بَيْنَهُمْ فِيمَا وَرِثُوا أَمَّا مَا اشْتَرَوْا أَوْ وُهِبَ لَهُمْ أَوْ وَصَلَ إِلَيْهِمْ بِغَيْر الْإِرْثِ فَلَا بَلْ يَسْتَوُونَ فَإِنْ بَاعَ الْمُشْتَرِي مِنَ الْمِيرَاثِ مِنْ أَهْلِ السِّهَامِ دَخَلَ أَهْلُ السِّهَامِ مَعَ الْمُشْتَرِينَ مِنْهُمْ وَلَا يَكُونُ الْمُشْتَرُونَ أَوْلَى بِالشُّفْعَةِ فِيمَا اشْتَرَوْا مِنْ بَعْضِ أَهْلِ السِّهَامِ لِأَنَّ حُرْمَةَ السِّهَامِ آكَدُ مِنْ حُرْمَةِ الشِّرَاءِ لِأَنَّ الشِّرَاءَ قَدْ لَا يَقَعُ وَالْمِيرَاثُ لَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِهِ وَفِي الْجَوَاهِر كُلُّ صَاحِب شِرْكٍ أَخَصُّ يُقَدَّمُ عَلَى الْأَعَمِّ فَإِنْ سَلَّمَ أَخَذَ الَّذِي يَلِيهِ فَإِنْ سَلَّمَ الَّذِي يَلِيهِ فَالَّذِي يَلِيهِ فَإِنْ بَاعَتْ إِحْدَى الْأُخْتَيْنِ شَفَعَتْ أُخْتُهَا فَإِنْ سَلَّمَتْ فَأَهْلُ السِّهَامِ وَالْعَصَبَةُ فَإِنْ سَلَّمُوا فَالشُّرَكَاءُ الْأَجَانِبُ وَيَدْخُلُ أَهْلُ السِّهَامِ عَلَى الْعَصَبَةِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ لِأَنَّ الْعَصَبَةَ لَيْسُوا أَهْلَ سَهْمٍ وَقَال أَشْهَب لَا يَدْخُلُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ وَجَعَلَهُمْ كَأَهْلِ سَهْمٍ وَعَنْ مَالِك الْأَخَصُّ وَالْأَعَمُّ سَوَاءٌ فَكُلُّ مَنْ لَهُ مِلْكٌ فِي الْمَبِيعِ يَشْفَعُ قَال الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ وَهُوَ الْقِيَاسُ وَالْأَوَّلُ اسْتِحْسَانٌ وَاخْتَلَفَ قَوْل ش كَمَالِك وَسَوَّى أَبُو حَنِيفَةَ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ لَنَا أَنَّ مِلْكَ الْأَخِ أَقْرَبُ إِلَى مِلْكِ الْأَخِ مِنْ مِلْكِ الْعَمِّ لِحُصُولِهِمَا بِسَبَبٍ وَاحِدٍ وَجَمْعُهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ فَيَكُونُ أَوْلَى بِدَلِيلِ تَقَدُّمِ الشَّرِيكِ عَلَى الْجَارِ الْمُقَابِلِ وَلِأَنَّ نَصِيبَ الْأَخَوَيْنِ فِي حُكْمِ النَّصِيبِ الْوَاحِدِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ أَنَّ الْأَبَ غَصَبَ شَيْئًا اسْتُحِقَّ مِنْ نَصِيبِهِمَا دُونَ نَصِيبِ الْعَمِّ فَيُقَدَّمُ أَحَدُهُمَا

(فرع)

على الْعم احْتج بظواهر النُّصُوص كَقَوْلِه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الشُّفْعَةُ لِلشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يُقَاسِمْ وَهُوَ عَامٌ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى ثَلَاثَةٍ مَلَكُوا مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ هِبَةً أَوْ غَيْرهَا وَلِأَنَّهَا لِأَجْلِ الضَّرَرِ وَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ وَالجواب عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهَا مَخْصُوصَةٌ بِمَا ذَكَرْنَا جَمْعًا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَعْنَى الْمُنَاسِبِ وَالجواب عَنِ الثَّانِي الْفَرْقُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ مَعْنَى الْقُرْبِ وَالجواب عَنِ الثَّالِثِ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهَا لِمُطْلَقِ الضَّرَرِ بَلْ لِلضَّرَرِ مَعَ قُوَّةِ الْمِلْكِ الَّذِي هُوَ سَبَبُ الْأَخْذِ جَمْعًا بَيْنَ الْمُنَاسَبَتَيْنِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ إِلْغَاءِ أَحَدِهِمَا (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا اقْتَسَمُوا الدَّارَ دُونَ السَّاحَةِ فَبَاعَ أَحَدُهُمْ مَا صَارَ لَهُ مِنَ الدَّارِ فَلَا شُفْعَةَ لِعَدَمِ الشَّرِكَةِ وَلَا شُفْعَةَ بِالْحَرِيمِ وَلَا بِالشَّرِكَةِ فِي الطَّرِيقِ وَلَكِنْ لَهُ طَرِيقٌ فِي دَارٍ فَبِيعَتِ الدَّارُ لِبُعْدِ هَذِهِ الْأُمُورِ عَنِ الْبَيْعِ قَال ابْنُ يُونُسَ عَنْ مَالِك إِذَا قُسِّمَتِ النَّخْلُ وَبَقِيَ مَحَلُّهَا أَوْ مَاؤُهَا مِنْ بِئْرٍ أَوْ عَيْنٍ أَوْ نَهْرٍ فَلَا شُفْعَةَ وَقَالهُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ لِأَصْلٍ لَا شُفْعَةَ فِيهِ وَبَقَاءُ الْمُشْتَرِي بِلَا مَحَلِّ وَلَا بِئْرٍ أَشَدُّ مِنْ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ وَقَال الْلَخْمِيّ لِلشُّرَكَاءِ رَدُّ الْمَبِيعِ فِي السَّاحَةِ إِذَا كَانَ الْبَائِعُ يَتَصَرَّفُ إِلَى الْبُيُوتِ لِلضَّرَرِ وَإِنْ كَانَ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ عِنْدِهِ وَجَمِيعِ بُيُوتِهِ إِلَى حَقٍّ آخَرَ وَفَتَحَ لَهُ مِنْ دَارٍ أُخْرَى وَكَانَ بَيْعُهُ مِنْ أَهْلِ الدَّارِ جَازَ ذَلِكَ وَكَانَ لِبَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ الشُّفْعَةُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْليْنِ فِي وُجُوبِ الشُّفْعَةِ فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ وَإِنْ بَاعَ مِنْ غَيْر أَهْلِ الدَّارِ رَدُّوا بَيْعَهُ لِلضَّرَرِ وَلَهُمُ الْإِجَازَةُ وَالْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ يَقُومُ بِشُفْعَةِ الصَّغِيرِ أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ لِأَنَّهَا مِنْ بَابِ تَنْمِيَةِ الْمَالِ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا فَالْأُمُّ تَنْظُرُ لَهُ وَإِلَّا أُخِذَ لِلْجَدِّ بَلْ يَرْفَعُهُ لِلْإِمَامِ لِأَنَّهُ النَّاظِرُ لِمَنْ لَا نَاظِرَ لَهُ فَإِنْ عُدِمَ الْأَبُ وَالْوَصِيُّ بِمَوْضِعٍ لَا إِمَامَ بِهِ أَخَذَ إِذَا بَلَغَ لِأَنَّهَا حَقُّهُ وَلَمْ يُسْقِطْهَا وَلَوْ سَلَّمَهَا الْأَبُ أَوِ الْوَصِيُّ أَوِ السُّلْطَانُ امْتَنَعَ أَخْذُهُ إِذَا بَلَغَ لِنُفُوذِ تَصَرُّفِهِمْ عَلَيْهِ وَلَوْ أَهْمَلَ الْأَبُ حَتَّى بَلَغَ وَقَدْ مَضَى لِذَلِكَ عَشْرُ سِنِينَ فَلَا شُفْعَةَ لِأَنَّ إِهْمَالَ أَبِيهِ كَإِهْمَالِهِ قَال التُّونِسِيُّ لِلْمَأْذُونِ لَهُ الشُّفْعَةُ لِأَنَّهَا مِنْ ضَبْطِ الْمَالِ فَإِنْ تَرَكَ سَيِّدُهُ قَبْلَ أَخْذِهِ أَوْ أَخَذَ قَبْلَ تَرْكِهِ مَضَى لِأَنَّ السَّيِّدَ الْأَصْلُ فَإِنْ سَبَقَ الْعَبْدُ بِالْأَخْذِ أَوِ التَّرْكِ مَضَى لِأَنَّهُ مُقْتَضَى الْإِذْنِ فَإِنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ فَلَا أَخْذَ لِسَيِّدِهِ وَلَا تَرْكَ لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يَضُرُّ بِغُرَمَائِهِ وَجُعِلَ تَرْكُ السَّيِّدِ شُفْعَةَ الْعَبْدِ الْمِدْيَانِ لَا يَلْزَمُ الْعَبْدَ بِخِلَافِ تَحْجِيرِهِ عَلَيْهِ التِّجَارَةَ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ كَالْأَمْرِ الْوَاجِبِ لَهُ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ إِبْطَالُهُ وَإِذَا اطَّلَعَ السَّيِّدُ عَلَى غَبْنِ عَبْدِهِ فِي الْإِسْلَامِ أَوِ الْأَخْذِ أَوْ أَنَّ ذَلِكَ مُحَابَاةٌ لِلْمُشْتَرِي لَمْ يُجَزْ ذَلِكَ وَلَا يُعْتَبَرُ سَبْقُ السَّيِّدِ الْمُكَاتَبَ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى انْتِزَاعِ مَالِهِ وَلَهُ نَقْضُ الْأَخْذِ وَالْإِسْلَامُ لِأَنَّهُ قَدْ يُفْضِي إِلَى عَجْزِهِ قَال أَشْهَب إِلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ مِنَ الْمُكَاتَبِ مُحَابَاةٌ بِالْهَوَاءِ فِي الْمُسَلَّمِ إِلَيْهِ أَوِ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ بِحَطِيطَةٍ وَلَوْ أَخَذَ السَّيِّدُ فَسَلَّمَ الْمُكَاتَبَ ثُمَّ عَجَزَ فَلَا أَخْذَ لِلسَّيِّدِ لِأَنَّ الْمُسَلِّمَ كَانَ نَافِذَ التَّصَرُّفِ وَالْمُعْتَقَ بَعْضُهُ لَا يَأْخُذُ إِلَّا بِإِجْمَاعٍ مِنْهُ وَمِمَّنْ لَهُ فِيهِ رِقٌّ لِاجْتِمَاعِ السَّبَبَيْنِ فِيهِ فَإِنْ أَسْلَمَهَا أَحَدُهُمَا ثُمَّ عَتَقَ بَقِيَّتَهُ لَا أَخْذَ لَهُ لِأَنَّ مُسَلِّمَهَا نَافِذُ التَّصَرُّفِ عَلَيْهِ حِينَ تَصَرَّفَ وَيُحْسَبُ لِلصَّغِيرِ بعد بُلُوغه رشده مُدَّةُ سَنَةٍ عِنْدَ أَشْهَب لِأَنَّهُ يَقْطَعُهَا بِهَا وَكَذَلِكَ الْغَائِبُ إِذَا قَدُمَ عَلِمَ فِي غَيْبَتِهِ بِهَا أَمْ لَا وَكَذَلِكَ الْمَرِيضُ وَقَالهُ عَبْدُ الْمَلِكِ لَهُمْ بَعْدَ الْقُدُومِ وَالْكِبَرِ وَالصِّحَّةِ وَالتَّأْخِيرِ إِلَى مَا تَنْقَطِعُ بِهِ لِلْحَاضِرِ وَلَمْ يَقُلْ بِأَنَّ السَّنَةَ تَقْطَعُ وَقَال أَصْبَغُ الْمَرِيضُ كَالصَّحِيحِ إِلَّا أَنْ يَشْهَدَ فِي مَرَضِهِ قَبْلَ مُضِيِّ وَقْتِ الشُّفْعَةِ أَنَّهُ عَلَى شُفْعَتِهِ

وَأَنَّهُ إِنَّمَا تَرَكَ التَّوْكِيلَ عَجْزًا وَإِذَا لَمْ يَأْخُذِ الْوَصِيُّ عِنْدَ مُدَّةِ انْقِطَاعِهَا بَطَلَتْ وَسَوَاءٌ رَأَى الْأَخْذَ خَطَأً أَوِ التَّرْكَ لِأَنَّهَا قَدْ تَكُونُ مُرْبِحَةً وَغَيْرهَا أَكْثَرُ رِبْحًا مِنْهَا وَلَوْ رَشَدَ قَبْلَ مُدَّةِ الْأَخْذِ حُسِبَتْ مُدَّةُ الْأَخْذِ مِنْ يَوْمِ وَجَبَتْ لِأَنَّهُ يَبْنِي عَلَى مَا كَانَ وَإِنِ اخْتَلَفَ الْوَصِيَّانِ نَظَرَ الْإِمَامُ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنَ الْآخَرِ فَإِنْ أَخَذَ أَحَدُهُمَا وَسَلَّمَ الْآخَرُ وَلَمْ يَنْظُرِ الْإِمَامُ حَتَّى رَشَدَ وَقَدْ مَضَى مُدَّةُ الشُّفْعَةِ وَاسْتَضَرَّ بِذَلِكَ الْمُشْتَرِي بَطَلَتْ أَوْ تُرِكَ الصَّبِيُّ الَّذِي يَأْخُذُ خُيِّرَ بَعْدَ رُشْدِهِ فِي الْأَخْذِ وَالْإِسْلَامِ لِأَنَّ فِعْلَ أَحَدِ الْوَصِيَّيْنِ لَا يَلْزَمُهُ وَإِنْ رَفَعَتِ الْأُمُّ بَعْدَ طُولٍ وَهُوَ لَمْ يَرْشُدْ فَكَمَا إِذَا رَشَدَ وَلَمْ يَجْعَلْ سَحْنُون الْأَخْذَ وَالشِّقْصَ فِي يَدِ الْآخِذِ بِالشُّفْعَةِ مِنَ الْوَصِيَّيْنِ رِضًا مِنْهُ وليستعين الْقَاضِي بِأَهْلِ الْمَشُورَةِ وَلَا يَمْطُلُ الْمُشْتَرِي إِلَى أَنْ يُوَلِّيَ الصَّبِيُّ رَجُلًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى ثِقَةٍ مِنْ وُجُودِ ذَلِكَ عَاجِلًا نَحْوَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَيْسَ لِغُرَمَاءِ الْمَدْيُونِ أَخْذُ شُفْعَتِهِ لِيَأْخُذُوا مِنْهَا دُيُونَهُمْ بَلْ يُخَيَّرُ الْوَرَثَةُ فِيهَا كَمُورُوثِهِمْ فَإِنْ أَخَذُوا بِيعَتْ فِي الدَّيْنِ فَإِنْ أَخَذُوا بِمَالِ الْمَيِّتِ فَلِلْغُرَمَاءِ الثَّمَنُ وَالْفَضْلُ فَإِنْ أَخَذُوا لَهُمْ بِيعَ عَلَيْهِمْ فَإِنْ كَانَتْ إِنْ بِيعَتْ لَمْ يَحْصُلْ إِلَّا مَا أَخْرَجُوهُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ لَمْ يَبِعْ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ وَلَا يَلْزَمُ الْمُفْلِسَ الْأَخْذُ وَلَا لِغُرَمَائِهِ أَخْذٌ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الِاكْتِسَابُ قَال أَشْهَب إِنِّي أَخَافُ أَنْ لَا تَكُونَ لَهُ شُفْعَةٌ إِنْ كَانَ إِنَّمَا يَأْخُذُ لِيُبَاعَ لِلْغُرَمَاءِ وَالشُّفْعَةُ إِنَّمَا شُرِّعَتْ لِيَنْتَفِعَ بِهَا الْآخِذُ لِنَفْيِ الضَّرَرِ فَلَا يَضُرُّ الْمُشْتَرِيَ لِلْغَيْر وَلَوْ قَال ذَلِكَ قَائِلٌ مَا رَدَدْتُهُ وَأَمَّا الْمَرِيضُ وَإِنْ أَخَذَ لِغَيْرهِ فَلِأَنَّهُمْ وَرَثَتُهُ وَلَهُمُ الْأَخْذُ بَعْدَ مَوْتِهِ قَال ابْنُ يُونُسَ قَال مُحَمَّدٌ الشُّفْعَةُ لِلْمُوَلَّى عَلَيْهِ وَالصَّغِيرِ أَبَدًا حَتَّى يُقِيمَا بَعْدَ زَوَالِ الْوِلَايَةِ سَنَةً لِعَدَمِ الْأَهْلِيَّةِ قَبْلَ ذَلِكَ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ قَال مَالِك لَا يَأْخُذُ الْوَصِيُّ لِلْحَمْلِ حَتَّى يَسْتَهِلَّ لِعَدَمِ تَوْرِيثِهِ قَبْلَ ذَلِكَ وَقَال الْلَخْمِيّ إِذَا رَشَدَ الصَّبِيُّ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَخْذُ مَا تَرَكَ وَلِيُّهُ وَلَا رَدُّ مَا أَخَذَ إِلَّا أَنْ يُثْبِتَ أَنَّ الْأَخْذَ لَيْسَ حُسْنَ نَظَرٍ أَوْ أَنَّ التَّرْكَ مُحَابَاةٌ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يول على قرْبَان

مَالِهِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَهُوَ مَعْزُولٌ عَنْ غَيْر ذَلِكَ وَعَنْ مَالِك إِذَا عَلِمَ أَنَّ تَرْكَهُ سُوءُ نَظَرٍ لَا شُفْعَةَ كَمَا لَوْ تَرَكَ شِرَاءَ مَا فِيهِ غِبْطَةٌ وَإِذَا حُكِمَ بِرُشْدِهِ فَلَهُ تَمَامُ السَّنَةِ مِنْ يَوْمِ وَجَبَتْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَاظِرٌ وَلَا وَصِيٌّ اسْتُوفِيَتِ السَّنَةُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ مِنْ يَوْمِ وَلِيَ أَمْرَهُ وَعِنْدَ ابْنِ حَبِيب مِنْ يَوْمِ الْبُلُوغِ نَظَرًا إِلَى التَّمَكُّنِ مِنَ التَّصَرُّفِ أَوْ يَكْفِي حُصُولُ سَبَبِهِ وَالْبِكْرُ مِنْ يَوْمِ الدُّخُولِ وَالْغَائِبُ مِنْ يَوْمِ الْقُدُومِ وَالْمَرِيضُ مِنْ يَوْمِ الصِّحَّةِ فَإِنْ بَلَغَ سَفِيهًا وَقَامَ بَعْدَ مُدَّةٍ بَعْدَ الرُّشْدِ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَخْذُ قَبْلَ ذَلِكَ حُسْنَ نَظَرٍ وَأَمَّا الْمَرِيضُ فَإِنْ كَانَ يَنْظُرُ فِي أَمْرِ دُنْيَاهُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَهُوَ كَالصَّحِيحِ وَإِنْ أَعْرَضَ عَنْ ذَلِكَ ثُمَّ قَال كُنْتُ تَرَكْتُ لَهُ قُبِلَ قَوْلهُ وَلَيْسَ مَنْ يَكُونُ وَرَثَتُهُ وَلَدًا وَيُعْلَمُ مِنْهُ الِاجْتِهَادُ كَمَنْ يَرِثُهُ عَصَبَةٌ فَلَا يُصَدَّقُ إِنْ كَانُوا عَصَبَةً وَقَال مُحَمَّدٌ إِنْ قَرُبَتْ غَيْبَةُ الْغَائِبِ وَلَا مُؤْنَةَ عَلَيْهِ فِي الشُّخُوصِ فَهُوَ كَالْحَاضِرِ وَقَال غَيْرهُ لَيْسَ عِلْمُ الْمَرْأَةِ الضَّعِيف وَمَنْ تَعْسُرُ عَلَيْهِ الْحَرَكَةُ كَغَيْرهِ وَإِنَّمَا يَجْتَهِدُ فِي ذَلِكَ الْإِمَامُ وَلَيْسَ الْمُجْتَهِدُ فِي رِبَاعِهِ وَتَقَاضِي أَكْرِيَتِهِ كَالْمُتَرَاخِي فِي أُمُورِهِ وَالْغَيْبَةُ الْبَعِيدَةُ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ تَغَيُّبُ الشَّفِيعِ وَحْدَهُ أَوِ الْمُشْتَرِي أَوْ كِلَاهُمَا وَاحِدًا أَوْ مُفْتَرِقَيْنِ فَإِنْ غَابَ الشَّفِيعُ فَهُوَ عَلَيْهَا بَعْدَ الْقُدُومِ وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا ثُمَّ غَابَ وَعَادَ قَبْلَ الْمُدَّةِ أَوْ مَنَعَهُ مَانِعٌ حَتَّى مَضَتِ الْمُدَّةُ فَهُوَ عَلَيْهَا بَعْدَ خَلْفِهِ وَإِنْ كَانَ السَّفَرُ بَعِيدًا لَا يَرْجِعُ حَتَّى تَمْضِيَ السَّنَةُ فَقَطَعَهُ قَاطِعٌ عَنِ التَّمَادِي فَلَا شُفْعَةَ لَهُ لِرِضَاهُ أَوَّلًا بِذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنْ تَرَكَ الْغَائِبُ وَكِيلًا فَأَكْرَى وَهَدَمَ وَبَنَى بِحَضْرَةِ الشَّفِيعِ فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ لِاسْتِثْقَالِ النَّاسِ التَّرَدُّدَ لِلْقُضَاةِ قَالَ وَهَذَا يَحْسُنُ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَنْ يُعْلَمُ مِنْهُ ثِقَلُ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَمَّا مَنْ يُعَلَمُ مِنْهُ الدُّخُولُ لِلْقَاضِي فَتَبْطُلُ شُفْعَتُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْوِكَالَةِ تَسْلِيمُ الشُّفْعَةِ وَالْإِشْهَادُ بِبَيِّنَةٍ عَادِلَةٍ فَلَا شُفْعَةَ وَإِنْ كَانَا مُجْتَمِعَيْنِ فِي بَلَدٍ وَغَائِبَيْنِ عَنْ مَوْضِعِ الشِّقْصِ فَلَا شُفْعَةَ بَعْدَ الْمُدَّةِ لِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِغَيْبَةِ الدَّارِ لِأَنَّهُ يَأْخَذُ عَلَى شِرَاءِ الْمُشْتَرِي وَإِنْ قَالَ أَخِّرُونِي حَتَّى أَرَى لَمْ يُؤَخَّرْ إِلَّا

(فرع)

أَنْ يَكُونَ الشِّقْصُ عَلَى سَاعَةٍ مِنْ نَهَارٍ قَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ قَالَ مَالِكٌ الْغَائِبُ عَلَى شُفْعَتِهِ إِلَّا أَنْ يَقُومَ بَعْدَ طُولٍ يُجْهَلُ فِي مِثْلِهِ أَصْلُ الْبَيْعِ وَيَمُوتُ الشُّهُودُ وَأَمَّا مَعَ قُرْبِ الْأَمَدِ مِمَّا يَرَى أَنَّ الْبَائِعَ أَخْفَى الثَّمَنَ لِيَقْطَعَ الشُّفْعَةَ فَيَأْخُذُ عَلَى مَا يَرَى مِنْ ثَمَنِهَا يَوْمَ الْبَيْعِ وَإِنْ مَاتَ الْغَائِبُ فِي غَيْبَتِهِ فَلِلْوَرَثَةِ الْأَخْذُ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي وَالشَّفِيعُ غَائِبَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ بِمَوْضِعٍ فَقَدِمَ الشَّفِيعُ عَلَى الْمُبْتَاعِ وَأَقَامَ مَعَهُ مَا تَنْقَطِعُ فِيهِ الشُّفْعَة لَا يُبطلهُ بَطَلَتِ الشُّفْعَةُ لِتَفْرِيطِهِ قَالَ أَشْهَبُ وَلَا تَسْلِيمَ لِأَحَدٍ مِنْ أَقَارِبِ الصَّبِيِّ إِلَّا أَبٌ أَوْ وَصِيٌّ أَوْ مَنِ اسْتَخْلَفَهُ السُّلْطَانُ وَإِذَا اخْتَلَفَ الْوَصِيَّانِ وَلَمْ يُرْفَعْ لِلْإِمَامِ حَتَّى تَمَّتِ السَّنَةُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِيَدِ الْمُبْتَاعِ زَالَتِ الشُّفْعَةُ أَوْ بِيَدِ الْآخَرِ خُيِّرَ الصَّبِيُّ بَعْدَ الْبُلُوغِ فِي الْأَخْذِ فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ نَظَرَ لَهُ السُّلْطَانُ أَيْضًا (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ لَهُ التَّوْكِيلُ فِي الْأَخْذِ غِبْتَ أَمْ حَضَرْتَ قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ وَلَا يَلْزَمُكَ تَسْلِيمُ الْوَكِيلِ إِلَّا أَنْ تُفَوِّضَ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ أَقَرَّ الْوَكِيلُ أَنَّكَ سَلَّمْتَ فَهُوَ كَشَاهِدٍ يَحْلِفُ مَعَهُ الْمُبْتَاعُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفْتَ وَأَخَذْتَ وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ فُلَانًا وَكَّلَهُ الْغَائِبُ فِي الْأَخْذِ مُكِّنَ مِنْ ذَلِكَ كَالْبَيْعِ (فَرْعٌ) قَالَ الشَّفِيعُ مُقَدَّمٌ عَلَى غُرَمَاءِ الْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَ فِي الشِّقْصِ فَضْلٌ كَالْمُرْتَهِنِ فِي الرَّهْنِ وَالْبَائِعِ فِي السِّلْعَةِ لِأَنَّهُ يُعْطِي الثَّمَنَ بِفَضْلِهِ فَلَا ضَرَرَ عَلَى الْفَرِيقَيْنِ وَلَا يُجْبِرُهُ غُرَمَاؤُهُ عَلَى الْأَخْذِ كَشِرَاءِ السِّلَعِ للريح بَلْ لَهُ الْأَخْذُ وَالتَّرْكُ وَإِنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِه قَالَ التّونسِيّ لَيْسَ لغرماء الْمَيِّت اخذها لِيَفُوا دَيْنَهُمْ وَالْفَضْلُ لِلْوَرَثَةِ بَلْ يُخَيُّرُ الْوَارِثُ لِأَنَّ إِنْشَاءَ الْبَيْعِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ لِمَنْ

(فرع)

احاط الدّين بِمَا لَهُ الْأَخْذُ مَا لَمْ يُفْلِسْ فَيَمْنَعُوهُ إِنْ كَانَ نَظَرًا لَهُمْ وَلَيْسَ لَهُمْ إِلْزَامُهُ الْأَخْذَ وَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ كَمَا لَا يَعْتَصِرُ مَا وَهَبَ وَلِمَالِكٍ تَفْصِيلٌ حَسَنٌ فِي الْوَرَثَةِ لَمْ يَقِفْ عَلَيْهِ أَشْهَبُ وَكَانَ يُحِبُّ سَحْنُونٌ أَنْ يَبْدَأَ بِالْوَرَثَةِ فَيُقَالُ لَهُمْ إِنْ قَضَيْتُمُ الدَّيْنَ فَلَكُمُ الشُّفْعَةُ لِأَنَّ الْمِيرَاثَ بَعْدَ الدَّيْنِ فَإِنْ أَبَوْا بِيعَ مِيرَاثُ الْمَيِّتِ لِلدَّيْنِ وَلَا شُفْعَةَ لَهُمْ لِأَنَّ النَّصِيبَ الَّذِي يُسْتَشْفَعُ بِهِ قَدْ بِيعَ قَالَ الْلَخْمِيُّ إِذَا اخْتَلَفَ الشَّفِيعُ وَغُرَمَاؤُهُ قُدِّمَ طَالِبُ التَّرْكِ لِأَنَّهُمْ لَا يُجْبِرُوهُ عَلَى التِّجَارَةِ إِنْ تَرَكَ وَمِنْ حَقِّهِمْ أَخْذُ النَّاضِّ بِالْحَضْرَةِ وَلَا يَتَأَخَّرُوا لِبَيْعِ الشِّقْصِ وَيَتَوَقَّعُونَ الِاسْتِحْقَاقَ وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ وَالِاسْتِحْسَانُ إِنْ كَانَ فَضْلٌ وَالْبَيْعُ لَا يَتَرَاخَى إِلَى الْيَوْمَيْنِ وَاتَّفَقُوا عَلَى الْأَخْذِ جَازَ لِعَدَمِ الضَّرَرِ وَلِنُدُورِ الِاسْتِحْقَاقِ وَإِنْ مَاتَ الشَّفِيعُ بِغَيْرِ وَارِثٍ وَالْمَالُ لَا يُوَفِّي وَفِي الْأَخْذِ فَضْلٌ فَلِغُرَمَائِهِ الْأَخْذُ وَمَتَى اتَّفَقَ وَرَثَتُهُ عَلَى أَخْذٍ أَوْ تَرْكٍ قُدِّمُوا فَإِنِ اخْتَلَفُوا قُدِّمَ طَالِبُ الْأَخْذِ مِنْ غَرِيمٍ أَوْ وَارِثٍ إِلَّا أَنَّ ذَلِكَ لِلْغُرَمَاءِ مَعَ الْفَضْلِ فَإِنْ بَقِيَ مِنَ الْفَضْلِ شَيْءٌ فَهُوَ مِيرَاثٌ وَإِذَا قَالَ الْغُرَمَاءُ لَا تُدْفَعُ أَمْوَالُنَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْفَضْلُ لَنَا مُكِّنُوا قَالَ وَكُلُّ هَذِهِ الْفُرُوعِ بِالِاسْتِشْفَاعِ لِلْبَيْعِ قَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ قَالَ الْمُغِيرَةُ إِذَا أَبَى الْوَرَثَةُ قَضَاءَ الدَّيْنِ وَقَالُوا يُبَاعُ الْمَالُ فَإِنْ كَانَ فَضْلٌ وَرِثْنَاهُ لَا شُفْعَةَ لَهُمْ وَلَا لِلْغُرَمَاءِ لِأَنَّ الْغُرَمَاءَ لَا يَمْلِكُونَ الشِّقْصَ الَّذِي بِهِ الشُّفْعَةُ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ الشُّفْعَةُ تُوَرَّثُ عَلِمَ بِهَا الْمَوْرُوثُ أَمْ لَا وَقَالَهُ ش خِلَافًا لِ ح لَنَا قَوْله تَعَالَى {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ} وَقَوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الشُّفْعَةُ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ وَقِيَاسًا عَلَى الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَحَقِّ الرَّهْنِ وَالْكَفِيلِ

(فرع)

احْتَجَّ بِأَنَّ الدَّيْنَ الْمُؤَجَّلَ يَحِلُّ بِالْمَوْتِ وَلَا يَرِثُ الْوَارِثُ الْأَجَلَ وَقِيَاسًا عَلَى قَبُولِ الْبَيْعِ إِذَا مَاتَ قَبْلَهُ وَبَعْدَ الْإِيجَابِ وَقِيَاسًا عَلَى نَفْيِ الْوَلَدِ بِاللِّعَانِ وَلِأَنَّ مِلْكَ الْوَارِثِ مُتَجَدِّدٌ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ بَاعَ مَا بِهِ يَشْفَعُ لَمْ يَنْتَقِلِ الْمِلْكُ لِلْمُشْتَرِي وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْحَقَّ إِنَّمَا ثَبَتَ لِمَوْرُوثِهِ فِي ذِمَّتِهِ وَقَدْ خَرِبَتْ فَتَعَذَّرَ بَقَاؤُهُ وَعَنِ الثَّانِي عَدَمُ تَقَرُّرِ الْمِلْكِ قَبْلَ الْقَبُولِ وَالْقَبُولُ مِنْ رَأْيِهِ لَا مِنْ مَالِهِ وَالْوَارِثُ إِنَّمَا يَنْتَقِلُ إِلَيْهِ مَالٌ أَوْ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَالِ وَهُوَ الْجَوَابُ عَنِ الثَّالِثِ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ التَّجَدُّدَ مُفَسَّرٌ بِالِانْتِقَالِ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ جَمِيعِ الْجِهَاتِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِلْأَجْنَبِيِّ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ يُمْتَنَعُ إِعْطَاءُ أَجْنَبِيٍّ مَالًا لِلشَّفِيعِ عَلَى أَنْ يَقُومَ بِالشُّفْعَةِ وَيُرْبِحَهُ ذَلِكَ الْمَالَ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الشّقص قبل الْأَخْذ لنَهْيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يَمْلِكْ وَلَا يَأْخُذُ لِغَيْرِهِ لِأَنَّ إِضْرَارَ الْمُشْتَرِي إِنَّمَا جَازَ لِنَفْيِ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ عَنْهُ وَفِي النُّكَتِ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا تَرَكَ إِرْبَاحَ الْأَجْنَبِيِّ رَدَّ الْمُشْتَرِي لِلْمَأْخُوذِ مِنْهُ ثُمَّ الشَّفِيعُ عَلَى شُفْعَتِهِ إِنْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ إِمَّا بِإِقْرَارِ الشَّفِيعِ فَيُتَّهَمُ فِي فَسْخِ الْأَخْذِ وَبِإِقْرَارِ الْمُشْتَرِي مِنَ الشَّفِيعِ فَيُتَّهَمُ عَلَى النَّدَمِ فِي الشِّرَاءِ وَقَالَ ابْنُ شَبْلُونَ إِنْ أَخَذَ الشَّفِيعُ لِغَيْرِهِ وَهِيَ أَرْضٌ فَبَنَى فِيهَا الْمَأْخُوذُ لَهُ وَغَرَسَ وَلَمْ يَعْلَمِ الْمُشْتَرِي ثُمَّ عَلِمَ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْأَرْضِ أَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ الَّذِي أَخَذَهَا بِهِ الرَّجُلُ أَخَذَ الْمُشْتَرِي مِنْهُ تَمَامَ الْقِيمَةِ وَإِلَّا مَضَتْ بِالثَّمَنِ وَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ لِأَنَّ لَهُ شُبْهَةً فِي الْأَخْذِ وَلَهُ أَنْ يَبِيعَ بَعْدَ الْأَخْذِ إِجْمَاعًا قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ يَرْجِعُ الشِّقْصُ لِلْمُشْتَرِي فِيهِ فَضْلٌ أَمْ لَا وَالْبِنَاءُ كَبِنَاءِ الْمُسْتَحَقِّ مِنْهُ فِي بِنَاءِ شُبْهَةٍ لِأَنَّ الزَّرْعَ يَطُولُ أَمْرُهُ وَالثَّمَرَةُ تَتَأَخَّرُ مَعَ الْمُشْتَرِي

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا حَبَسَ أَحَدُهُمَا ثُمَّ بَاعَ الْآخَرُ فَلَا أَخْذَ لِلْمُحَبَّسِ عَلَيْهِ وَلَا لِلْمُحَبِّسِ إِلَّا أَنْ يَأْخُذَهُ الْمُحَبِّسُ فَيَجْعَلَهُ فِي مِثْلِ مَا جَعَلَ فِيهِ نَصِيبَهُ وَلِلشَّافِعِيَّةِ فِي أَخْذِ صَاحِبِ الْوَقْفِ وَجْهَانِ قَالَ الْلَخْمِيُّ قِيلَ لَيْسَ لِلْمُحَبِّسِ شُفْعَةٌ وَإِنْ أَرَادَ جَعَلَهُ فِي مِثْلِ الْأَوَّلِ قَالَ وَهُوَ أَقْيَسُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ يُسْتَشْفَعُ بِهِ وَلَوْ كَانَ الْحُبْسُ عَلَى مُعَيَّنَيْنِ جَرَى عَلَى الْقَوْلَيْنِ فَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ لَا يَرْجِعُ بَعْدَ انْقِرَاضِ الْمُعَيَّنَيْنِ إِلَى الْمُحَبِّسِ فَالْجَوَابُ كَمَا تَقَدَّمَ وَعَلَى الْقَوْلِ بِرُجُوعِهِ مِلْكًا يَشْفَعُ وَإِنْ لَمْ يُلْحِقْهُ بِالْمُحَبِّسِ قَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ قَالَ مُطَرِّفٌ إِنْ كَانَ مَرْجِعُ الْحَبْس للمحبس عَلَيْهِ إِلْحَاقُهُ بِالْحُبْسِ وَقَالَ أَصْبَغُ إِنْ حَبَّسَ عَلَى الْمَسَاكِينِ أَوْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُ الْأَخْذُ إِنْ جَعَلَهُ فِيمَا جُعِلَ فِيهِ وَإِلَّا فَلَا شُفْعَةَ إِنْ أَخَذَهُ لِيُمْسِكَهُ (فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ الْخِصَالِ أَرْبَعَةٌ لَا شُفْعَةَ لَهُمْ إِذَا بَاعَ أحد المتعاوصين حِصَّتَهُ مِنْ دَارٍ مِنْ شَرِكَتِهِمَا أَوِ الْوَصِيُّ مِنْ دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْيَتِيمِ أَوِ الْأَبُ لِابْنٍ لَهُ صَغِيرٍ مِنْ شَرِكَةٍ بَيْنَهُمَا وَإِذَا وُكِّلَ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ حِصَّتِهِ فِي دَارٍ هُوَ شَفِيعُهَا وَقِيلَ لَهُ الشُّفْعَةُ نَظَائِرُ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ إِنَّ خَمْسَ مَسَائِلَ تَتَرَتَّبُ عَلَى الْمِيرَاثِ مَنْ بَاعَ لَا يُشَفَّعُ فِي عَيْنِ مَا بَاعَ إِلَّا بِالْمِيرَاثِ بِأَنْ يَرِثَ الشَّفِيعَ فَيَنْتَقِلَ إِلَيْهِ الْحَقُّ فَيَأْخُذَ لِأَنَّهُ قَدْ يَرْضَى بِالْبَيْعِ لِلْمُشْتَرِي وَلَا يَرْضَى شَرِكَتَهُ وَلَا تَرْجِعُ الْهِبَةُ إِلَّا بِالْمِيرَاثِ وَمَنْ

(فرع)

حَلَفَ بِعِتْقِ عَبْدِهِ لَيَفْعَلَنَّ كَذَا فَبَاعَهُ فَإِنَّ الْيَمِينَ تَرْجِعُ عَلَيْهِ إِذَا مَلَكَهُ وَيُكْمِلُ عِتْقَ الْقَرِيب يملك بَعْضِهِ إِلَّا بِالْمِيرَاثِ وَلَا يَنْقُضُ بَيْعَ نَفْسِهِ إِلَّا بِالْمِيرَاثِ فَيَحِلُّ بَيْعَ نَفْسِهِ بِنَفْسِهِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ لِأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبِ الشُّفْعَةُ وَكَذَلِكَ الْمَأْذُونُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا فَذَلِكَ لِسَيِّدِهِ وَإِنْ أَسْلَمَهَا الْمَأْذُونُ فَلَا قِيَامَ لِسَيِّدِهِ وَإِنْ أَرَادَهَا الْمَأْذُونُ وَسَلَّمَهَا السَّيِّدُ وَلَيْسَ الْعَبْدُ مِدْيَانًا جَازَ تَسْلِيمُ السَّيِّدِ وَإِنْ كَانَ مِدْيَانًا وَلَهُ فِيهِ فَضْلٌ فَلَا تَسْلِيمَ وَيُقَدَّمُ تَسْلِيمُ الْمُكَاتَبِ عَلَى أَخْذِ السَّيِّدِ لِاسْتِقْلَالِهِ بِتَصَرُّفِ مَالِهِ وَلِذَاتِ الزَّوْجِ تَسْلِيمُ شُفْعَتِهَا لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الشِّرَاءِ لَا مِنْ بَابِ التَّبَرُّعِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ سَبَقَ الْمَأْذُونُ بِالْأَخْذِ أَوِ التَّسْلِيمِ قَبْلَ عِلْمِ السَّيِّدِ لَزِمَهُ وَلَا مَقَالَ لِلسَّيِّدِ بَعْدَ ذَلِكَ لِاسْتِقْلَالِهِ بِالتَّصَرُّفِ وَإِنْ سَبَقَ السَّيِّدُ لَا مَقَالَ لِلْمَأْذُونِ لِأَنَّ تَصَرُّفَ السَّيِّدِ كَالْحَجْرِ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى الْمَأْذُونِ دَيْنٌ فَلَا يَلْزَمُ تَسْلِيمُ السَّيِّدِ وَإِنْ غُبِنَ الْمَأْذُونُ فِي الْأَخْذِ غَبْنًا شَدِيدًا أَوْ فِي التَّسْلِيمِ وَعَلِمَ أَنَّ فِيهِ مُحَابَاةً بَيِّنَةً فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ قَالَ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَكُلُّ مَنْ لِلسَّيِّدِ انْتِزَاعُ مَالِهِ مِثْلَ الْمَأْذُونِ مَنْ سَبَقَ مِنْهُمْ أَوْ مِنَ السَّيِّدِ لِلتَّسْلِيمِ أَوِ الْأَخْذِ نَفَذَ رَضِيَ الْآخَرُ أَوْ كَرِهَ وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ فَلَهُ نَقْضُ تَسْلِيمِ سَيِّدِهِ وَأَخْذِهِ لِإِحْرَازِهِ مَالَهُ قَالَ أَشْهَبُ إِلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ مِنْ أَخْذِ الْمُكَاتَبِ أَوْ تَرْكِهِ مُحَابَاةً بَيِّنَةً فَلِلسَّيِّدِ نَقْضُهُ قَالَ مُحَمَّدٌ وَالْمُكَاتَبُ وَالْمُعْتَقُ بَعْضُهُ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرُ وَالْمُعْتَقُ إِلَى أَجَلٍ وَالْعَبْدُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ مَالٌ يَأْخُذُ بِهِ وَطَلَبُوا الْأَخْذَ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ

الْأَخْذُ لِنَفْسِهِ لِوُجُوبِهَا لِغَيْرِهِ فَإِمَّا أَنْ يَأْخُذَ لِلْمَالِكِ أَوْ يَتْرُكَ فَيَأْخُذَ بِسَلَفٍ أَوْ هِبَةٍ لِعَبْدِهِ وَمُدَبَّرِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ وَمُعْتَقِهِ إِلَى سِنِينَ أَحَبُّوا أَوْ كَرِهُوا وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْتَرِي بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ وَالْمُعْتَقِ بَعْضُهُ لَا بُدَّ مِنْ رِضَاهُمَا لِعَجْزِهِ عَنِ انْتِزَاعِ مَالِهِمَا قَالَ الْلَخْمِيُّ الْعَبْدُ مِثْلُ الْحُرِّ فِي الشُّفْعَةِ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَأْذُونٍ لَهُ فَالْمَقَالُ لَهُ وَلِسَيِّدِهِ فَإِنْ أَخَذَ الْعَبْدُ أَوْ تَرَكَ قَبْلَ نَظَرِ سَيِّدِهِ فَلَا مَقَالَ لِسَيِّدِهِ وَإِنْ سَبَقَ السَّيِّدُ لِلْأَخْذِ أَوِ التَّرْكِ مَضَى فِعْلُهُ وَلَا مَقَالَ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَإِنْ أَضَرَّ أَخْذُهُ بِالْغُرَمَاءِ كَانَ لَهُمْ وَلِلْعَبْدِ الرَّدُّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إِذَا تَرَكَ لَا مَقَالَ لِلْغُرَمَاءِ كَحَالِهِمْ مَعَ الْحر وَلِلْعَبْدِ الْأَخْذ ليبريء ذِمَّتَهُ إِلَّا أَنْ يَحْجُرَ السَّيِّدُ عَلَيْهِ التَّجْرَ جُمْلَةً وَالْمُدَبَّرُ إِنْ وَجَبَتْ لَهُ فِي صِحَّةِ السَّيِّدِ فَكَالْعَبْدِ أَوْ فِي مَرَضِهِ فَإِنِ اتَّفَقَا عَلَى شَيْءٍ فَمَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ وَإِلَّا فَمَا قَالَهُ السَّيِّدُ إِنْ صَحَّ وَمَا قَالَهُ الْعَبْدُ إِنْ مَاتَ السَّيِّدُ لِكَشْفِ الْعَاقِبَةِ عَنِ اسْتِقْلَالِهِ لِنَفْسِهِ فَإِنِ امْتَنَعَ الْمُشْتَرِي مِنَ الصَّبْرِ إِلَى صِحَّةِ السَّيِّدِ أَوْ مَوْتِهِ أَوْقَفَ الْحَاكِمُ السَّيِّدَ وَالْمُدَبَّرَ فَيَتَّفِقَانِ عَلَى أَخْذٍ أَوْ تَرْكٍ وَإِلَّا اسقظ الشُّفْعَةَ إِلَّا أَنْ يَرَى أَنَّ أَمْرَهُ لَا يَطُولُ فَيُوقَفُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَالْمُعْتَقُ إِلَى أَجَلٍ إِنْ كَانَ غَيْرَ مَأْذُونٍ لَهُ وَلَمْ يَضْرِبْ أَجَلًا فَالْأَمْرُ لِسَيِّدِهِ وَإِنْ ضَرَبَ أَجَلًا وَصَارَ بِمَوْضِعٍ لَا يُنْزَعُ مَالُهُ فَالْأَمْرُ لِلْعَبْدِ دُونَهُ وَإِذَا لَمْ يَأْخُذِ الْمُكَاتَبُ حَتَّى عَجَزَ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ فَالْأَمْرُ لِسَيِّدِهِ فِيمَا بَقِيَ مِنَ السَّنَةِ كَالْحُرِّ إِذَا مَاتَ قَبْلَ السَّنَةِ لِوَرَثَتِهِ بَقِيَّةُ السَّنَةِ وَالْمُعْتَقُ بَعْضُهُ إِنْ كَانَ مَأْذُونًا فَمَا اخْتَارَهُ أَوْ غَيْرَ مَأْذُونٍ فَلَا بُدَّ مِنَ الِاجْتِمَاعِ فَإِنِ اخْتَلَفَا رُدَّ قَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ إِذَا لَمْ يَأْخُذِ الْعَبْدُ وَلَا الْمُعْتَقُ بَعْضُهُ وَلَا الْمُكَاتَبُ وَلَا سَلَّمُوا حَتَّى عَتَقُوا وَلَمْ يَطُلِ الزَّمَانُ فَلَهُمُ الْأَخْذُ إِلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَ الْمُعْتَقُ الشِّقْصَ قَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ فَلَا أَرَى ذَلِكَ لَهُ وَلَوْ أَرَاهُ أَخَذَ لَمْ أَعِبْهُ لِوُجُوبِهَا لَهُ

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا بَاعَ بَعْضَ حِصَّتِهِ لَا يَأْخُذُ مَعَ الشَّرِيكِ بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّ بَيْعَهُ رَغْبَةٌ فِي الْبَيْعِ وَإِنَّمَا الشُّفْعَةُ لِلضَّرَرِ وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ السُّلْطَانُ بَعْضَ نَصِيبِهِ فِي دَيْنٍ وَهُوَ غَائِبٌ ثُمَّ قَدِمَ لِأَنَّ يَدَهُ كَيَدِهِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ لَوْ بَاعَ شِقْصَهُ ثُمَّ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي لَهُ الشُّفْعَةُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ ثَانٍ فَلَعَلَّهُ يَرْضَى بِالْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي الرُّكْن الثَّانِي الْمَأْخُوذ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا شُفْعَةَ فِي غَيْرِ الدُّورِ وَالْأَرَضِينَ وَالنَّخْلِ وَالشَّجَرِ وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ مِنْ بِنَاءٍ أَوْ ثَمَرَةٍ وَلَا شُفْعَةَ فِي دَيْنٍ وَلَا حَيَوَانٍ وَلَا سُفُنٍ وَلَا بَزٍّ وَلَا طَعَامٍ وَلَا عَرَضٍ وَلَا غَيْرِهِ انْقَسَمَ أَمْ لَا وَقَالَهُ ش وح لما فِي الصِّحَاح قضى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالشُّفْعَة فِي كل مَا لم يقسم فَإِذا وَقَعَتِ الْحُدُودُ وَصُرِّفَتِ الطَّرْقُ فَلَا شُفْعَةَ وَهُوَ يَدُلُّ بِالْمَفْهُومِ عَلَى عَدَمِ الشُّفْعَةِ فِي الْمَنْقُولَاتِ لتعذر الْحُدُود والطرق فِيهَا وَلقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي مُسْلِمٍ الشُّفْعَةُ فِي كُلِّ شِرْكٍ لَمْ يقسم ربع أَو حَائِط لَا يحل لَهُ أَنْ يَبِيعَ حَتَّى يُؤْذِنَ شَرِيكَهُ الْحَدِيثَ وَالْمُبْتَدَأُ يَجِبُ انْحِصَارُهُ فِي الْخَبَرِ فَلَا تُشْرَعُ فِي الْمَنْقُولَاتِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ مَالِكٍ إِلَّا أَنْ يَبِيعَ الدَّيْنَ مِنْ عَدُوِّهِ أَوْ نَحْوَهُ فَهُوَ أَحَقُّ لِنَفْيِ الضَّرَرِ وَلِأَنَّ الْمُكَاتَبَ أَحَقُّ بِمَا يُبَاع من كِتَابَته وَعنهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ أَحَقُّ بِمَا بِيعَ مِنْ مُشْتَرِيهِ قَالَ مَالِكٌ هُوَ أَحَقُّ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ عَلَيْهِ قَالَ الْلَخْمِيُّ اخْتُلِفَ فِي الشُّفْعَةِ فِي اثْنَيْ عَشَرَ مَوْضِعًا فِيمَا لَا يَجُوزُ التَّرَاضِي بِقَسْمِهِ كَالنَّخْلَةِ الْوَاحِدَةِ وَالشَّجَرَةِ وَفَحْلِ النَّخْلِ إِذا بيع مُفردا وَمَا لَا يَحْمِلُ الْقَسْمَ إِلَّا بِضَرَرٍ كَالْحَمَّامِ وَالدَّارِ الصَّغِيرَةِ وَفِي السَّاحَةِ وَالطَّرِيقِ وَالْجِدَارِ وَإِنْ حَمَلَ الْقَسْمَ إِذَا بِيعَ بَعْدَ قَسْمِ الْأُصُولِ وَفِي الْأَنْقَاضِ إِذَا بِيعَتْ بِغَيْرِ أَرْضٍ وَفِي الْمَاجِلِ وَالْبِئْرِ وَالْعَيْنِ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا جُبَاةٌ وَقُسِّمَتْ أَوْ بِيعَتْ مُفْرَدَةً وَفِي الثِّمَارِ إِذَا بِيعَتْ مَعَ

الْأُصُولِ أَوْ مُفْرَدَةً وَالزَّرْعِ إِذَا بِيعَ مَعَ الْأَصْلِ فِي الْمُسَاقَاةِ وَفِي رَحَا الْمَاءِ وَرَحَا الدَّوَابِّ بِيعَتْ بِانْفِرَادِهَا أَوْ مَعَ الْأَرْضِ وَيُخْتَلَفُ عَلَى هَذَا فِي رَقِيقِ الْحَائِطِ وَدَوَابِّهِ إِذَا بِيعَتْ مَعَ الْأَصْلِ أَوْ مُفْرَدَةً وَالثَّامِنُ الْمُنَاقَلَةُ وَالتَّاسِعُ بَيْعُ مَنَافِعِ مَا فِيهِ شُفْعَةٌ وَهُوَ الْكِرَاءُ وَالْعَاشِرُ مَا يُوصِي الْمَيِّتُ بِبَيْعِهِ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ وَالْحَادِي عَشَرَ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ الثَّانِي عَشَرَ شُفْعَةُ مَنْ شَرِيكُهُ بِغَيْرِ الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الْمَبِيعُ فَمَنَعَ مَالِكٌ فِي النَّخْلَةِ الْوَاحِدَةِ وَالشَّجَرَةِ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ إِنَّمَا شُرِّعَتْ لِخَوْفِ قِلَّةِ السَّهْمِ فِي الْقَسْمِ أَوْ تَغَيُّرِ الْبُنْيَانِ وَضِيقِ الْمَمَرِّ وَتَضْيِيقِ الْوَاسِعِ وَخَرَابِ الْعَامِرِ وَلَوْ وَجَبَتْ لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ لَوَجَبَتْ فِي الْجَارِيَةِ لِدُخُولِ ضَرَرِ مَنْعِ الْوَطْءِ بِالشَّرِكَةِ وَأَوْجَبَهَا أَشْهَبُ فِي النَّخْلَةِ وَالشَّجَرَةِ وَاخْتُلِفَ عَنْ مَالِكٍ فِي الدَّارِ الَّتِي لَا تَنْقَسِمُ وَهَذَا إِنَّمَا يَحْسُنُ إِذَا كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَدْعُوَ إِلَى بَيْعِ الْجَمِيعِ أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ مَنِ اشْتَرَى نَصِيبًا بِانْفِرَادٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْعُوَ إِلَى بَيْعِ الْجَمِيعِ لَا يَكُونُ لِلْآخَرِ عَلَيْهِ شُفْعَةٌ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَتْ تِلْكَ الدَّارُ إِنْ بِيعَ ذَلِكَ النَّصِيبُ بِانْفِرَادِهِ لَا يَزِيدُ عَلَى بَيْعِ الْجُمْلَةِ فَلَا شُفْعَةَ إِذْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْعُوَ إِلَى بَيْعِ الْجَمِيعِ وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ بَيْعُ الْجَمِيعِ أَتَمَّ وَقَالَ الْمُشْتَرِي الْآنَ أَنَا أُسْقِطُ مَقَالِي وَلَا أَدْعُو إِلَى بَيْعِ الْجَمِيعِ وَمَتَى أَرَدْتُ الْبَيْعَ بِعْتُ نَصِيبِي إِلَّا أَنْ يُقَالَ إِنَّ الشُّفْعَةَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ الْمُتَوَقَّعِ فِي طُولِ أَمَدِ الشَّرِكَةِ وَإِنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى إِصْلَاحٍ وَلَا جِذَاذٍ وَلَا حَرْثٍ إِلَّا بِرِضَا صَاحِبِهِ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الْحَمَّامِ الشُّفْعَةُ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ وَهُوَ اخْتِلَافٌ مِنْ قَوْلِهِ فِي النَّخْلَةِ وَلَا فَرْقَ وَأَمَّا الْجِدَارُ يَكُونُ بَيْنَ الدَّارَيْنِ فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهِ الشُّفْعَةُ وَعَلَى أَصْلِ أَشْهَبَ لَا شُفْعَةَ لِأَنَّهُ مَنَعَ مِنْ قِسْمَتِهِ وَإِنْ حَمَلَ الْقَسْمَ وَأَبْقَاهُ مِرْفَقًا بَيْنَهُمَا لِخَشَبِهِمَا وَأَوْتَادِهِمَا وَكَذَلِكَ قَالَ فِي الْمَاجِلِ إِذَا اقْتَسَمَا مَا سِوَاهُ وَإِنْ حَمَلَ الْقَسْمَ وَفِي الْمُنَاقَلَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ بَاعَ نِصْفَ أَرْضِهِ بِأَرْضٍ

أُخْرَى وَزِيَادَةِ دَنَانِيرَ فِيهِ الشُّفْعَةُ وَكَانَ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ إِنْ عَلِمَ أَنَّهُ أَرَادَ الْمُنَاقَلَةَ وَالسُّكْنَى دُونَ الْبَيْعِ فَلَا شُفْعَةَ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِالْخُرُوجِ مِنْ دَارِهِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنَّمَا قَالَ مَالِكٌ لَا شُفْعَةَ فِي دَارَيْنِ أَوْ حَائِطَيْنِ بَيْنَ أَشْرَاكٍ يُنَاقِلُ أَحَدُهُمْ بَعْضَ أَشْرَاكِهِ حِصَّتَهُ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ بِحِصَّتِهِ مِنَ الدَّارِ الْأُخْرَى أَوِ الْحَائِطِ فَيُجْمَعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ تَوْسِعَةَ حَظِّهِ وَجَمْعَهُ وَأَمَّا إِنْ نَاقَلَ بِنَصِيبِهِ مِنْ دَارٍ أُخْرَى لَا نَصِيبَ لَهُ فِيهَا فَفِيهَا الشُّفْعَةُ عَامَلَ بِذَلِكَ بَعْضَ أَشْرَاكِهِ أَوْ أَجْنَبِيًّا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ الشُّفْعَةَ قَالَ الْلَخْمِيُّ عَدَمُهَا إِنْ أَرَادَ جَمْعَ نَصِيبِهِ أَحْسَنُ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ كُلَّ ذِي مِلْكٍ أَحَقُّ بِمِلْكِهِ وَإِنَّمَا وَرَدَتِ السُّنَّةُ بِتَغْلِيبِ أَحَدِ الضَّرَرَيْنِ بِأَنْ يُعَادَ لِلْمُشْتَرِي مِثْلَ دَنَانِيرِهِ وَخُصَّتِ الرِّبَاعُ بِذَلِكَ لِأَنَّ ضَرَرَهَا أَشَدُّ فَإِذَا خَرَجَ مَنْ رَبْعِهِ لِدَفْعِ مَضَرَّةٍ مِنْ رَبْعٍ آخَرَ فَهُوَ أَحَقُّ بِمَا رَفَعَ الْمَضَرَّةَ مِنْهُ وَبِمَا خَرَجَ مِنْ مِلْكِهِ لِأَجْلِهِ وَكَذَلِكَ إِذَا أَخَذَ نَصِيبًا مِنْ دَارٍ لَا شِرْكَ لَهُ فِيهَا وَالْأَمْرُ فِي الْأَوَّلِ أَبْيَنُ وَعَنْ مَالِكٍ لَا شُفْعَةَ لِمَنْ لَمْ يَسْكُنْ لِأَنَّ الضَّرَرَ الْأَعْظَمَ مَنْعُهُ مِنَ السَّكَنِ فَعَلَى هَذَا لَا يُشْفَعُ فِي الْحَمَّامِ وَلَا الْفُنْدُقِ وَلَا فِيمَا يُرَادُ لِلْغَلَّةِ وَلَا يُسْكَنُ وَأَمَّا النَّقْضُ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ إِذَا أَذِنْتَ لَهُمَا فِي الْبِنَاءِ فِي عَرْصَتِكَ ثُمَّ بَاعَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ لَكَ أَخْذُهَا بِالْقِيمَةِ دُونَ مَا بِيعَتْ بِهِ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا لِأَنَّ لَكَ أَخْذَ النَّقْضِ بِالْقِيمَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ فَتَأْخُذُ بِمَا بِيعَ بِهِ لِأَنَّ الْبَائِعَ رَضِيَ بِذَلِكَ فَإِنْ لَمْ تَأْخُذْ فَالشَّرِيكُ أَوْلَى مِنَ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ هَدْمَ نِصْفِ كُلِّ بَيْتٍ ضَرَرٌ قَالَ الْلَخْمِيُّ النَّقْضُ قِسْمَانِ لِرَجُلٍ دَارٌ يَبِيعُ نَقْضَهَا دُونَ أَرْضِهَا أَوِ الْأَرْضُ لَكَ وَالنَّقْضُ لِآخَرَ وَقَدْ أَعَرْتَهَا لِأَجَلٍ وَانْقَضَى وَاخْتُلِفَ فِي الْبَيْعِ فِي هَذَيْنِ السُّؤْلَيْنِ هَلْ يَصِحُّ ام لَا

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ الْأَبْهَرِيُّ قَالَ مَالِكٌ إِذَا اكْتَرَيَا أَرْضًا لِلزَّرْعِ فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا كِرَاءَ نَصِيبِهِ فَالْآخَرُ أَحَقُّ بِهِ لِنَفْيِ الضَّرَرِ لَا لِأَنَّهُ شُفْعَةٌ فَإِنَّ الزَّرْعَ لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا فَبَاعَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَشْفَعِ الْآخَرُ وَكَذَلِكَ لَوْ وُهِبَتْ لَهُمَا ثَمَرَةُ شَجَرَةٍ عِشْرِينَ سَنَةٍ حُبْسًا عَلَيْهِمَا فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا بَيْعَ نَصِيبِهِ بَعْدَ الطِّيبِ فَالْآخَرُ أَوْلَى وَلَوْ أَجَّرَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنَ الدَّارِ لَمْ يَكُنْ لِلْآخَرِ شُفْعَةٌ لِاخْتِصَاصِهِمَا بِالْأُصُولِ دُونَ الْمَنَافِعِ وَإِنَّمَا وَجَبَتْ فِيمَا تَقَدَّمَ لِأَنَّ الزَّرْعَ يَطُولُ أَمْرُهُ وَالثَّمَرَةُ تَتَأَخَّرُ مَعَ الْمُشْتَرِي قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ فِيمَا هُوَ مُتَشَبِّثٌ بِالْأُصُولِ كَالثَّمَرَةِ وَالزَّرْعِ وَالْكِرَاءِ وَرَقِيقِ الْحَائِطِ إِذَا بِيعُوا مَعَهُ وَالرَّحَا إِذَا بِيعَتْ مَعَ الْأَصْلِ وَالْمَاءُ وَالنَّقْضُ إِذَا بيع دُونَ الْأَصْلِ فَأَوْجَبَهَا مَرَّةً وَمَرَّةً جَعَلَ هَذِهِ كَالْعُرُوضِ نَظَائِرُ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ إِنَّ الدُّورَ والأرضون تُخَالِفُ الْأَمْوَالَ فِي إِحْدَى عَشْرَةَ مَسْأَلَةً الشُّفْعَةُ وَلَا يُحْكَمُ عَلَى الْغَائِبِ فِيهَا وَلَا يَحْلِفُ مُسْتَحِقُّهَا وَتُؤَخَّرُ إِذَا بِيعَ مَالُ الْمُفْلِسِ الشَّهْرَ وَالشَّهْرَيْنِ وَخِيَارُهَا فِي الْبَيْعِ أَكْثَرَ نَحْوَ الشَّهْرَيْنِ وَإِذَا بِيعَتْ يُسْتَثْنَى مِنْهَا سُكْنَى السَّنَتَيْنِ وَالْيَوْمَانِ فِي الْحَيَوَانِ وَلَا تُرَدُّ بِالْعَيْبِ الْيَسِيرِ وَتُرَدُّ غَلَّتُهَا مِنَ الْغَاصِبِ وَلَا تُقَسَّمُ فِي الْغَنَائِمِ وَلَا يَبِيعُهُمَا الْوَصِيُّ وَيَبِيعُ غَيْرَهَا وَيَجُوزُ النَّقْدُ فِي غَائِبِهَا الْبَعِيدِ وَالتَّأْجِيلُ فِي خُصُومَتِهَا (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا بَنَى قَوْمٌ فِي دَارٍ حُبْسٍ عَلَيْهِمْ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمْ فَبَاعَ بَعْضُ وَرَثَتِهِ نَصِيبَهُ مِنَ الْبِنَاءِ شَفَعَ إِخْوَتُهُ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ مَعْنَاهُ أَنِ الْمَيِّتَ الثَّانِي أَوْصَى بِأَنْ يَمْلِكَ مَا بَنَى وَأَنَّهُ لَمْ يُرِدِ الْحُبْسَ وَلَوْ لَمْ يُوصِ بِذَلِكَ امْتَنَعَ بَيْعُ الْوَرَثَةِ لَهُ كَمَا قَالَهُ فِي كِتَابِ الْحُبْسُ فَلَا يَتَنَاقَضُ قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْحُبْسُ عَلَيْهِم

(فرع)

لِلسَّكَنِ خَاصَّةً كَالتَّعْمِيرِ لَا حُبْسَ وَقِيلَ مَعْنَاهُ بَنَى شَيْئًا مُنْفَرِدًا بِنَفْسِهِ وَمَنْ بَنَى كَذَلِكَ فَهُوَ عَلَى مِلْكِهِ حَتَّى يُصَرِّحَ بِالْحُبْسِ وَالَّذِي فِي كِتَابِ الْحُبْسِ مَعْنَاهُ بُنِيَ مُخْتَلِطًا بِالْحُبْسِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ بَنَى فِي عَرْصَتِكَ بِإِذْنِكَ ثُمَّ أَرَادَ الْخُرُوجَ فَلَكَ إِعْطَاءُ قِيمَةِ النَّقْضِ مَقْلُوعًا كَاسْتِحْقَاقِ الْقَلْعِ شَرْعًا أَوْ يَأْمُرُهُ بِالْقَلْعِ فَإِنْ كَانَا اثْنَيْنِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ فَلَكَ أَخْذُهَا بِالْأَقَلِّ مِنَ الثَّمَنِ أَوِ الْقِيمَةِ فَإِنْ أَبَيْتَ فَلِلشَّرِيكِ الشُّفْعَةُ نَفْيًا لِضَرَرِ الْقَسْمِ فِي التَّنْبِيهَاتِ إِنْ بِيعَ مَبْنِيًّا مَعَ الْأَصْلِ فَفِيهِ الشُّفْعَةُ اتِّفَاقًا وَفِي بَيْعِ حِصَّتِهِ مِنَ النَّقْضِ خِلَافٌ كَانَ الْأَصْلُ لَهُمَا أَوْ لِغَيْرِهِمَا قَائِمًا فِي الْبُنْيَانِ أَوْ نَقْضًا وَهُمَا شَرِيكَانِ فِي الْأَصْلِ وَقِيلَ يَأْخُذُ صَاحِبُ الْعَرْصَةِ بِالثَّمَنِ فَقَطْ وَقِيلَ يَأْخُذُهُ مَقْلُوعًا بِالْقِيمَةِ فَقَطْ وَقِيلَ يَأْخُذُهُ مِنَ الْمُبْتَاعِ وَقِيلَ مِنَ الْبَائِعِ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ مَقْلُوعًا أَوِ الثَّمَنِ وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ فِيهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُبْتَاعِ قَالَ التُّونِسِيُّ أَجَازَ الْبَيْعَ مَعَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَأْخُذُ تَارَةً النَّقْضَ وَتَارَةً قِيمَتَهُ وَلِهَذَا مَنَعَ أَشْهَبُ الْبَيْعَ كَبَيْعِ بَقِيَّةِ الْعَبْدِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ وَالْمُعْتِقُ مُوسِرٌ قَبْلَ التَّقْوِيمِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَدْرِي أَيَحْصُلُ لَهُ نِصْفُ الْعَبْدِ أَوْ قِيمَةٌ وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْعَبْدَ لَا بُدَّ مِنْ تَقْوِيمِهِ مَعَ يُسْرِ الْمُعْتِقِ وَالنَّقْضِ قَدْ لَا يَرْضَى رَبُّ الْعَرْصَةِ بِأَخْذِهِ فَهُوَ كَبَيْعِ الشِّقْصِ الَّذِي لَهُ شَفِيعٌ فَإِنَّهُ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْمَبِيعِ وَثَمَنِهِ قَالَ وَكَيْفَ جُعِلَ لَهُ الْأَخْذُ مَعَ عَدَمِ شَرِكَتِهِ فِي النَّقْضِ مَعَ أَنَّهُ قَدْ قَالُوا لَوْ بَاعَ نَقْضَ دَارٍ عَلَى أَنْ يَقْلَعَهُ فَاسْتَحَقَّتِ الْعَرْصَةُ فَأَرَادَ الْمُسْتَحق أَخذ الشقض يَأْخُذُهُ مِنَ الْمُشْتَرِي بِالْقِيمَةِ مَنْقُوضًا لَا بِالثَّمَنِ لِأَنَّهُ لَا شَرِكَةَ فِي النَّقْضِ فَالْأَشْبَهُ أَنْ لَا يَأْخُذَ بِالثَّمَنِ وَلَعَلَّ الْمُسَامَحَةَ فِي هَذَا بِسَبَبِ أَنَّ ثَمَّ مَنْ يَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ وَهُوَ الشَّرِيكُ فِي النَّقْضِ وَهَذَا مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ فَحَلَّ مَحَلَّهُ وَلِهَذِهِ الْعِلَّةِ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ شَرِيكٌ لَمْ يَشْفَعْ صَاحِبُ الْأَرْضِ قَالَ الْلَخْمِيُّ تَارَةً يَكُونُ النَّقْضُ لِرَجُلٍ وَالْأَرْضُ لِآخَرَ وَتَارَةً تَكُونُ دَارٌ لِرَجُلٍ فَيَبِيعُ نَقْضَهَا دُونَ أَرْضِهَا فَاخْتُلِفَ فِي بَيْعِ النَّقْضِ فِي

(فرع)

الصُّورَتَيْنِ وَيُشْبِهُ ذَلِكَ بَيْعُ شِقْصٍ فِيهِ شُفْعَةٌ وَشِقْصٍ عِنْدَ مُعْتِقٍ بَعْضُهُ وَالْمُعْتِقُ مُوسِرٌ وَقَالَ ش وح لَا شُفْعَةَ فِي الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ إِذَا بِيعَ وَحْدَهُ لِأَنَّهُمَا يَصِيرَانِ مِنْ بَابِ الْمَنْقُولَاتِ كَالْعُرُوضِ وَالْفَرْقُ أَنَّ هَذِهِ تَبَعٌ لِمَا فِيهِ الشُّفْعَةُ فَأُعْطِيَتْ حُكْمَ مُتْبُوعَاتِهَا بِخِلَافِ الْعُرُوضِ (فَرْعٌ) فِي الْكتاب بَينهمَا أَرْضٌ وَنَخْلٌ لَهَا عَيْنٌ فَاقْتَسَمْتُمَا الْأَرْضَ وَالنَّخْلَ ثمَّ بَاعَ احدكما نصِيبه من الْعِيد فَلَا شُفْعَةَ وَكَذَلِكَ الْبِئْرُ لِمَا جَاءَ لَا شُفْعَةَ فِي بِئْرٍ وَإِنْ لَمْ يَقْتَسِمُوا وَبَاعَ أَحَدُهُمْ حِصَّتَهُ مِنَ الْعَيْنِ أَوِ الْبِئْرِ خَاصَّةً أَوْ بَاعَ حِصَّتَهُ مِنَ الْعَيْنِ وَالْأَرْضِ مَعًا فَقِيه الشُّفْعَةُ تَبَعًا وَيُقْسَمُ شُرْبُ الْعَيْنِ بِالْقِلْدِ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَرْضٌ وَنَخْلٌ فَاقْتَسَمَا الْأَرْضَ خَاصَّةً فَلَا شُفْعَةَ لِأَحَدِهِمَا فِيمَا بَاعَ الْآخَرُ مِنَ النَّخْلِ لِأَنَّ الْقَسْمَ يَمْنَعُ الشُّفْعَةَ وَإِنِ اشْتَرَيْتَ نَخْلَةً فِي جِنَانِ رَجُلٍ فَلَا شُفْعَةَ لِرَبِّ الْبُسْتَانِ لِأَنَّهُ لَيْسَ شَأْنُهَا الْقَسْمَ فَائِدَةٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ الْقِلْدُ بِكَسْرِ الْقَافِ وَسُكُونِ اللَّامِ الْقِدْرُ الَّذِي يُقْسَمُ بِهَا الْمَاءُ قَالَهُ الْأَكْثَرُونَ وَقَالَ ابْن دُرَيْد هُوَ الْحَظ من المَاء يُقَال سَقَيْنَا أَرْضَنَا قِلْدَنَا أَيْ حَظَّنَا وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ هُوَ سَقْيُ الزَّرْعِ وَقْتَ حَاجَتِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُهُ فِي كِتَابِ الْقِسْمَةِ وَفِي النُّكَتِ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ إِنَّمَا يَصْلُحُ قَسْمُ النَّخْلِ دُونَ الْأَرْضِ إِذَا اقْتَسَمَاهُ عَلَى التَّرَاضِي مَعَ مَوَاضِعِهَا مِنَ الْأَرْضِ وَيُتْرَكُ مَا بَيْنَ النَّخْلِ شَائِعًا وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ إِفْرَادَ النَّخْلِ بِالْقَسْمِ لَا يَصِحُّ فِي مَذْهَبِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ الشُّفْعَةُ فِي الْمَاءِ الَّذِي يَقْتَسِمُهُ الْوَرَثَةُ بَيْنَهُمْ بِالْأَقْلَادِ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا شُرَكَاءَ فِي الْأَرْضِ وَالْحَوَائِطِ وَأَهْلُ كُلِّ قِلْدٍ يَتَشَافَعُونَ بَيْنَهُمْ دُونَ أَشِرَاكِهِمْ نَظَرًا لِلْقِسْمَةِ وَقَوله

اقْتَسَمَا النَّخْلَ دُونَ الْأَرْضِ يُرِيدُ اقْتَسَمَاهُ عَلَى الْقَلْعِ وَيَمْتَنِعُ عَلَى الْبَقَاءِ إِلَّا أَنْ يُقَسَّمَ بِالْأَرْضِ إِذْ لَوْ قُسِّمَتِ الْأَرْضُ وَالنَّخْلُ كُلُّ وَاحِدٍ وَحْدَهُ صَارَ لِكُلِّ وَاحِدٍ نَخْلَةٌ فِي أَرْضِ صَاحِبِهِ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ مُحَمَّدٌ لَوْ قُسِّمَتِ النَّخْلُ وَحْدَهَا بِلَا أَرْضٍ بِشَرْطٍ فُسِخَ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا نَخْلَةٌ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ فَلَا شُفْعَةَ قَالَهُ فِي الْكِتَابِ لِأَنَّهَا لَا تَقْبَلُ الْقَسْمَ وَلَوْ بِيعَتْ بِثَمَرِهَا لِأَنَّ الثَّمَرَةَ تَبَعٌ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ فِيهَا الشُّفْعَةُ لِأَنَّ جِنْسَهَا فِيهِ الشُّفْعَةُ قَالَ الْلَخْمِيُّ إِنْ بَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنَ الْحَائِطِ وَالْمَاءُ صَفْقَةٌ فَالشُّفْعَةُ فِيهِمَا فَهِيَ فِي الْمَاءِ تَبَعٌ لِأَنَّهُ مِنْ مَصْلَحَتِهِ أَوْ صَفْقَتَيْنِ وَتَقَدَّمَ الْمَاءُ فَلَهُ الشُّفْعَةُ فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا أَوْ تَقَدَّمَ الْحَائِطُ وَبِيعَ الْمَاءُ مِنْ غَيْرِ مُشْتَرِي الْحَائِطِ شَفَعَ الْحَائِطَ دُونَ الْمَاءِ لِانْفِرَادِهِ فَإِنْ بَاعه من مُشْتَرِي الْحَائِط أَو استحلقه بِهِ قَبْلَ أَخْذِ الْأَصْلِ أَوْ تَرْكِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ كَبَيْعِهِمَا مَعًا فَلَا يَأْخُذُ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ وَيَتَخَرَّجُ أَخْذُهُ الْأَوَّلُ دُونَ الثَّانِي لِأَنَّهُمَا عَقْدَانِ كَقَوْلِهِمْ إِذَا اشْتَرَى الْأُصُولَ ثُمَّ الثِّمَارَ أَوِ الْعَبْدَ ثُمَّ مَالَهُ أَوِ الْأَرْضَ ثُمَّ النَّخْلَ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَشْفَعَهُمَا لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَصَدَ إِلْحَاقَ ذَلِكَ بِالْعَقْدِ أَوْ يَشْفَعُ الْأَوَّلُ وَحْدَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْ حَقِّهِ قَبْلَ شِرَاءِ الْمَاءِ فَشِرَاءُ الْمَاءِ لَا يُسْقِطُ حَقَّهُ وَإِذَا تَقَدَّمَ بَيْعُ الْمَاءِ خُيِّرَ فِي أَخْذِ أَحَدِهِمَا مُنْفَرِدًا لِأَنَّهُ بِيعَ فِي حَيِّزِ الشَّرِكَةِ وَفِي أَخْذِهِمَا لِأَنَّهُ كَالصَّفْقَةِ الْوَاحِدَةِ وَفِي أَخْذِ الْحَائِطِ وَحْدَهُ لِاسْتِقْلَالِهِ بِالْعَقْدِ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْمَاءَ بِالْحَائِطِ وَلَا يَسْتَحِقُّ الْحَائِطَ بِالْمَاءِ كَمَا لَا يَسْتَحِقُّ الْعَبْدَ بِمَالِهِ وَلَوْ بِيعَ الْحَائِطُ وَحْدَهُ وَلَمْ يُوقَفِ الشَّفِيعُ فَيُتْرَكُ ثُمَّ اسْتَلْحَقَ الْمَاءَ كَانَ لِلشَّفِيعِ أَخْذُ الْجَمِيعِ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ بِعَدَمِ الْمَاءِ أَوَّلًا وَهُمَا يَعْمَلَانِ عَلَى ذَلِكَ وَإِذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا رُبْعُ الْحَائِطِ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَاءِ فَبَاعَ

(فرع)

الْأَوَّلُ حِصَّتَهُ مِنَ الْحَائِطِ وَالْمَاءِ فَلِلْآخَرِ رُبْعُ الْحَائِطِ وَمَا يَسْتَحِقُّ مِنَ الشِّرْبِ لِأَجْلِ الثَّلَاثَةِ الأرباع لِأَنَّ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْحَائِطِ إِذَا سَقَاهَا صَاحِبُهَا رُبُعَ الْمَاءِ لَمْ يَجِبْ عَلَى الْآخَرِ أَنْ يَسْقِيَ إِلَّا مِنْ هَذِهِ النِّسْبَةِ فَيَكُونُ مَاءُ الَّذِي لَهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْحَائِطِ ثَلَاثَةُ أَجْزَاءٍ وَمِنَ الْآخَرِ جُزْءٌ وَإِذَا بَاعَ صَاحِبُ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الْحَائِطِ شَفَعَ الْآخَرُ الْجَمِيعَ لِأَنَّ جَمِيعَهُ شِرْبُ الْجَمِيعِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا بَاعَ نَصِيبَهُ مِنْ ثَمَرِ الشَّجَرِ الْمُزْهِي قَبْلَ قَسْمِ الْأَصْلِ بَيْنَهُمْ فِي مُسَاقَاةٍ أَوْ حُبْسٍ اسْتَحْسَنَ مَالِكٌ فِيهِ الشُّفْعَةَ مَا لَمْ يَيْبَسْ قَبْلَ قِيَامِ الشَّفِيعِ أَوْ يُبَاعُ يَابِسًا فَلَا شُفْعَةَ وَكَذَلِكَ الزَّرْعُ قَالَ مَالِكٌ وَلَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ قَبَلِي اسْتِحْسَانًا وَقِيَاسًا عَلَى الْعَرَايَا الَّتِي جُوِّزَتْ مِنْ أَجْلِ الرِّفْقِ وَقَطْعِ وَاطِئَةِ الرَّجُلِ فَالشُّفْعَةُ فِي الثِّمَارِ كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ هَذِهِ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَهُ ح خِلَافًا ل ش لَنَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الشُّفْعَةُ فِي كُلِّ شِرْكٍ وَهُوَ عَامٌّ وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الشَّرِيكُ شَفِيعٌ وَهُوَ عَامٌّ وَلِأَنَّ الشُّفْعَةَ فِي أُصُولِهَا فَتَكُونُ فِيهَا كَأَغْصَانِهَا وَوَرَقِهَا احْتَجَّ بِأَنَّ الثَّمَرَةَ لَا تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ إِلَّا بِشَرْطٍ فَهِيَ مُبَايِنَةٌ لَهَا فَلَا يُشْفَعُ فِيهَا كَالطَّعَامِ الْمَوْضُوعِ فِي الدَّارِ وَلِأَنَّهَا لَا تُرَادُ لِلْبَقَاءِ وَالتَّأْبِيدِ وَالشُّفْعَةُ إِنَّمَا هِيَ فِيمَا هُوَ كَذَلِكَ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ الْفَرْقُ لِاتِّصَالِهَا بِمَا فِيهِ الشُّفْعَة

(فرع)

وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي أَنَّهَا تَبْقَى لِأَنَّهَا تُؤْخَذُ شَيْئًا فَشَيْئًا فَيَطُولُ الضَّرَرُ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَلَا فَرْقَ فِي وُجُوبِ الشُّفْعَةِ فِيهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِيعَتْ دُونَ الْأَصْلِ بَعْدَ زَهْوِهَا أَوْ مَعَهَا بَعْدَ الزَّهْوِ أَوْ قَبْلَهُ بَعْدَ الْإِبَّارِ أَمَّا قَبْلَ الْإِبَّارِ فَلَا شُفْعَةَ إِذْ لَا حِصَّةَ لَهَا مِنَ الثَّمَنِ وَإِنَّمَا يَأْخُذُهَا على رَأْي ابْن الْقَاسِم مَا لم تَجِد أَوْ تَيْبَسْ إِذَا بِيعَتْ قَبْلَ الْإِبَّارِ مِنْ جِهَةِ الِاسْتِحْقَاقِ لَا بِالشُّفْعَةِ قَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ أُجِيحَتْ رَجَعَ عَلَى مَنِ اسْتَشْفَعَ عَنْهُ قَالَ عِيسَى وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ وَعَنْ مَالِكٍ فِي ثَمَرَةِ الْعِنَبِ الشُّفْعَةُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْمَقَاثِي عِنْدِي كَالْأُصُولِ فِيهَا الشُّفْعَةُ لِأَنَّهَا ثَمَرَةٌ بِخِلَافِ الْبُقُولِ قَالَ أَشْهَبُ الشُّفْعَةُ فِي الثَّمَرَةِ كَانَ الْأَصْلُ لَهُمَا أَمْ لَا وَلَهُمَا الثَّمَرَةُ فَقَطْ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْأَصْلُ لِوَاحِدٍ فَبَاعَ الثَّمَرَةَ أَوْ نِصْفَهَا مِنْ رَجُلَيْنِ فَالشُّفْعَةُ بَيْنَهُمَا دُونَ رَبِّ الْأَرْضِ وَقَالَ لَوْ لَمْ يُقَسِّمَا شَيْئًا فَبَاعَ نَصِيبَهُ مِنَ الْأَصْلِ دُونَ الثَّمَرَةِ أَوِ الْعَيْنِ ثُمَّ بَاعَ نَصِيبَهُ مِنَ الثَّمَرَةِ أَوِ الْعَيْنِ فَلَا شُفْعَةَ كَانَ الشَّفِيعُ أَخَذَ الْأَصْلَ بِالشُّفْعَةِ أَمْ لَا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُشْفَعُ فِي الثَّمَرَةِ دُونَ الْعَيْنِ وَالْبِئْرِ وَلَا لِمُشْتَرِي حِصَّتِهِ إِنْ لَمْ تُؤْخَذْ مِنْهُ الْأَرْضُ بِالشُّفْعَةِ قَالَ مَالِكٌ إِذَا أَجَّرَهُ بِثَمَرَةِ نَخْلَتَيْنِ عَلَى إِبَّارِ حَائِطِهِ فَبَاعَ الْأَجِيرُ ثَمَرَتَهَا فَلَا شُفْعَةَ وَهِيَ إِجَارَةٌ فَاسِدَةٌ وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ لَا شُفْعَةَ فِي رَحَا الْمَاءِ وَلَيْسَ مِنَ الْبِنَاءِ بَلْ هِيَ حَجَرٌ مُلْقًى فَإِنْ بِيعَتْ مَعَ الْأَرْضِ أَوِ الْبَيْتِ الَّذِي تُنْصَبُ فِيهِ فَفِيهِ الشُّفْعَةُ دُونَ الرَّحَا بِحِصَّةِ ذَلِكَ أَجْرَاهَا الْمَاءُ أَوِ الدَّوَابُّ وَفِي الْحَمَّامِ الشُّفْعَةُ لِأَنَّهَا بِنَاءٌ وَلَا شُفْعَةَ فِي بِئْرٍ لَا بَيَاضَ لَهَا وَلَا نَخْلَ وَإِنْ سُقِيَ بِهَا زَرْعٌ أَوْ نَخْلٌ وَكَذَلِكَ النَّهْرُ وَالْعَيْنُ وَلَوْ أَنَّ لَهَا أَرْضًا أَوْ نَخْلًا لَمْ يُقَسَّمْ فَبَاعَ حِصَّتَهُ مِنَ النَّهْرِ أَوِ الْعَيْنِ خَاصَّةً فَفِيهِ الشُّفْعَةُ بِخِلَافِ بَيْعِهِ لِمُشَاعِ الْبِئْرِ بَعْدَ قَسْمِ الْأَصْلِ أَوِ الْأَرْضِ لِانْتِفَاءِ التَّبَعِيَّةِ فِي التَّنْبِيهَاتِ يَعْنِي

بِالرَّحَا الْمَبْنِيَّةُ وَمَوْضِعُهَا مِنَ الْأَرْضِ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لَا شُفْعَةَ فِيهِمَا قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ سَوَاءٌ الْعُلْيَا أَوِ السُّفْلَى وَقَوْلُهُ يُشْفَعُ فِي بَيْتِهَا دُونَهَا إِذَا بِيعَتْ مَعَهُ قِيلَ مَعْنَاهُ فِي الْعُلْيَا لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْحَجَرُ الْمُلْقَى وَأَمَّا السُّفْلَى فَدَاخِلَةٌ فِي الْبُنْيَانِ وَمِنْ جُمْلَةِ الْأَرْضِ الْمَشْفُوعِ فِيهَا قَالَ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ خِلَافُ هَذَا وَعَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْعُلْيَا وَالسُّفْلَى عِنْدَ مَنْ شَفَعَ وَعِنْدَ مَنْ لَا يَشْفَعُ لِأَنَّ أَشْهَبَ الَّذِي يَرَى فِيهَا الشُّفْعَةَ يَقُولُ هِيَ كَبَابِ الدَّارِ وَرَقِيقِ الْحَائِطِ يُحْكَمُ لَهُ بِالِاتِّصَالِ وَهُوَ مُنْفَصِلٌ وَقَالَ أَشْهَبُ الشُّفْعَةُ فِي الْجَمِيعِ كَبَابِ الدَّارِ وَآلَةِ الْحَائِطِ بِيعَتْ مُفْرَدَةً أَوْ مَعَ الْحَائِطِ إِلَّا أَنْ يَنْصِبُوهَا فِي غَيْرِ أَرْضِهِمْ فَلَا شُفْعَةَ وَهِيَ الَّتِي تُجْعَلُ وَسَطَ الْمَاءِ عَلَى غَيْرِ أَرْضٍ وَأَمَّا مَا رُدِمَ حَتَّى يَتَّصِلَ بِالْأَرْضِ فَفِيهِ الشُّفْعَةُ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْأَرْضِ وَعَنْ مَالِكٍ الشُّفْعَةُ فِي الرَّحَا إِذَا بِيعَتْ مِنْ أَصْلِهَا وَفِي كُلِّ مَا هُوَ فِيهَا مَبْنِيٌّ فَإِنْ بِيعَتِ الْحِجَارَةُ وَحْدَهَا فَلَا شُفْعَةَ وَعَنْهُ أَيْضًا يُشْفَعُ فِي الْبَيْتِ وَمَوْضِعِ الرَّحَا دُونَ الْحِجَارَةِ وَإِذَا بِيعَتِ الدَّارُ وَفِيهَا مَطَاحِينُ إِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَبْنِيَّةٍ اتَّفَقَ الشُّيُوخُ أَنَّهَا لِلْبَائِعِ أَوْ مَبْنِيَّةً فَالسُّفْلَى لِلْمُشْتَرِي وَفِي الْعُلْيَا خِلَافٌ وَهُوَ يُبْطِلُ قَوْلَ مَنْ جَعَلَهَا كَعَرَضٍ مُلْقًى قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ الْخِلَافُ فِيهَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي شُفْعَةِ مَا لَا يَنْقَسِمُ إِلَّا بِفَسَادٍ كَالْحَمَّامِ وَالْآبَارِ وَكَذَلِكَ يُخْتَلَفُ إِذَا بِيعَ حَجَرُهَا وَهُوَ مَبْنِيٌّ وَكَذَلِكَ الْخِلَافُ فِي رَقِيقِ الْحَائِطِ إِذَا بِيعَ مُفْرَدًا وَقِيلَ لَا خِلَافَ فِيهِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ إِذَا بِيعَ الْحَائِطُ وَقَالَ ش لَا شُفْعَةَ فِي الطَّاحُونِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ أَحْجَارًا تَقْبَلُ الْقِسْمَةَ وَكَذَلِكَ الْحَمَّامُ إِلَّا أَنْ يُمْكِنَ قِسْمَتُهَا حَمَّامَيْنِ وَأَوْجَبَهَا ح وَإِنْ لَمْ تَقْبَلِ الْقِسْمَةَ قِيَاسًا عَلَى مَا يَقْبَلُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ رَحَا الْمَاءِ وَالدَّوَابُّ سَوَاءٌ إِذَا نُصِبَا مَعًا فِيمَا يَمْلِكَانِ فَإِذَا بَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ فَفِيهِ الشُّفْعَةُ وَلِلشَّفِيعِ فَسْخُ الْبَيْعَ إِلَّا أَنْ يَدْعُوَ الْبَائِعُ لِلْقَسْمِ فَإِنْ قَاسَمَ وَصَارَ مَوْضِعُ الرَّحَا لِلْبَائِعِ جَازَ الْبَيْعُ أَوْ لِشَرِيكِهِ انْتَقَضَ وَالْحَمَّامُ أَوْلَى بِالشُّفْعَةِ مِنَ الدَّارِ لِمَا فِي قِسْمَتِهَا من

الضَّرَرِ قَالَهُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ أَجْمَعُونَ وَعَنْهُ لَا شُفْعَةَ فِي الْحَمَّامِ لِأَنَّهُ لَا يُقَسَّمُ قَالَ سَحْنُونٌ لَا شُفْعَةَ فِي الْأَنْدَرِ قِيَاسًا عَلَى الْأَفْنِيَةِ وَخَالَفَهُ ابْنُ وَهْبٍ قِيَاسًا عَلَى غَيْرِهِ مِنَ الْأَرْضِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ فِي شُفْعَةِ مَا لَا يَنْقَسِمُ كَالنَّخْلَةِ وَالشَّجَرَةِ قَوْلَانِ الثُّبُوتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ وَلِأَشْهَبَ لِأَنَّهُمَا مِنْ جِنْسِ مَا يَنْقَسِمُ وَالنَّفْيُ لِمُطَرِّفٍ وَعَلَى هَذَا اخْتِلَافُ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي غَلَّةِ الشُّفْعَةِ فَمَنْ خَصَّصَهَا بِمَا يَنْقَسِمُ عَلَّلَ بِضَرَرِ الشَّرِكَةِ لِإِمْكَانِ انْفِصَالِهَا بِالْقِسْمَةِ بَلِ الْعِلَّةُ ضَرَرُ الْقِسْمَةِ لِأَنَّهَا قد تنقض الْقيمَة وَقد تخرج إِلَى اسْتِحْدَاثِ مَرَافِقَ وَأُجْرَةِ الْقَاسِمِ وَمَنْ لَمْ يُخَصِّصْ عَلَّلَ بِالشَّرِكَةِ فَإِنَّهَا تُوجِبُ تَوَقُّفَ الشَّرِيكِ فِي تَصَرُّفِهِ عَلَى إِذْنِ الشَّرِيكِ وَلَا يَنْتَقِضُ بِالْعُرُوضِ لِعَدَمِ تَشَاحِّ النَّاسِ فِي بَيْعِهَا فَيَنْعَدِمُ الضَّرَرُ بِخِلَافِ الْعَقَارِ وَقَالَ ح الشُّفْعَةُ فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ مِنَ الْعَقَارِ كَالْحَمَّامِ خِلَافًا لِ ش لَنَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ الشَّرِيكُ شَفِيعٌ وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ الشُّفْعَةُ فِي كُلِّ شِرْكٍ وَقَوله عَلَيْهِ السَّلَام وَقِيَاسًا لِضَرَرِ الشِّرْكِ عَلَى ضَرَرِ الْقِسْمَةِ وَلِأَنَّ الشُّفْعَةَ لَمَّا تَعَلَّقَتْ بِالْعَقَارِ اسْتَوَى فِيهِ مَا يَنْقَسِمُ وَمَا لَا يَنْقَسِمُ كَمَا أَنَّهَا لَمَّا لَمْ تَتَعَلَّقْ بِغَيْرِهِ اسْتَوَى مَا يَنْقَسِمُ وَمَا لَا يَنْقَسِمُ وَلِأَنَّ الشُّفْعَةَ فِي الْعَرْصَةِ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَتَجِبُ بَعْدَهُ عَمَلًا بِالِاسْتِصْحَابِ احْتُجَّ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ الشُّفْعَةُ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ وَذَلِكَ فَرْعُ إِمْكَانِ الْقِسْمَةِ وَبِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يحل مَال امريء

(فرع)

مُسْلِمٍ إِلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسِهِ وَالْمُشْتَرِي لَمْ تَطِبْ نَفْسُهُ وَبِقَوْلِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا شُفْعَةَ فِي نَهْرٍ وَلَا نَخْلٍ وَلَا مُخَالِفَ لَهُ فَكَانَ إِجْمَاعًا وَقِيَاسًا عَلَى النَّخْلَةِ الْوَاحِدَةِ وَلِأَنَّ الشُّفْعَةَ إِنَّمَا وَجَبَتْ حَيْثُ يَرْتَفِعُ الضَّرَرُ عَنِ الْبَائِعِ وَهَاهُنَا لَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِ الثَّمَنِ مِنَ الشَّرِيكِ كَمَا يُرِيدُ وَلَا مِنَ الْأَجْنَبِيِّ لِعِلْمِهِ بِأَنَّهُ يُؤْخَذُ بِالشُّفْعَةِ وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنَ الْقِسْمَةِ بِخِلَافِ مَا يَنْقَسِمُ يَتَمَكَّنُ مِنَ الْقِسْمَةِ وَلِأَنَّ الشُّفْعَةَ وَجَبَتْ لِضَرَرِ الْقِسْمَةِ وَهَذَا لَا يَنْقَسِمُ فَلَا شُفْعَةَ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ هَذَا لَمْ يُقْسَمْ فَتَجِبُ فِيهِ الشُّفْعَةُ وَهَذَا عِنْدَنَا يُقْسَمُ بِالتَّرَاضِي إِنَّمَا الَّذِي لَا يقسم كَالْجِرِيدَةِ وَالنَّخْلَةِ الَّتِي تُؤَدِّي إِلَى إِفْسَادٍ وَلَوْ تَرَاضَيَا كَانَا شَفِيعَيْنِ وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي أَنَّ عِدَّةً مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ خَالَفَهُ وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الشِّقْصَ مَالٌ لِلشَّفِيعِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ الشُّفْعَةُ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ وَالْجَوَابُ عَنِ الرَّابِعِ الْفَرْقُ أَنَّ النَّخْلَةَ لَا تَنْقَسِمُ بِالتَّرَاضِي بِخِلَافِ الْحَمَّامِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْخَامِسِ أَنَّهُ قَائِمٌ فِيمَا إِذَا كَانَ يَنْقَسِمُ بِمُدَافَعَةِ الشَّرِيكِ فِي الْقِسْمَةِ فَيَضْطَرُّهُ لِلْبَيْعِ بِالْبَخْسِ أَوْ كَانَ الْحَاكِمُ يَرَى الشُّفْعَةَ لِلْجَارِ وَالْجَوَابُ عَنِ السَّادِسِ أَنَّ سَبَبَ الشُّفْعَةِ ضَرَرُ الشَّرِكَةِ وَهُوَ مَوْجُودٌ وَنَقُولُ الْحُكْمُ مُعَلَّلٌ بِعِلَّتَيْنِ فَأَيَّتُهُمَا وُجِدَتْ تَرَتَّبَ الْحُكْمُ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا ابْتَاعَ نَخْلًا لِيَقْلَعَهَا ثُمَّ ابْتَاعَ الْأَرْضَ فَأَقَرَّ النَّخْلَ ثمَّ اسْتحق

نِصْفَ جَمِيعِ ذَلِكَ كُلِّهِ أَخَذَ نِصْفَ النَّخْلِ وَالْأَرْضِ بِالشُّفْعَةِ بِنِصْفِ ثَمَنِهَا لَا بِالْقِيمَةِ لِأَنَّهَا كَالصَّفْقَةِ الْوَاحِدَةِ فَإِنْ لَمْ يَشْفَعْ خُيِّرَ الْمُبْتَاعُ بَيْنَ التَّمَسُّكِ بِالْبَاقِي لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَكَذَلِكَ لَوِ اشْتَرَى عَرْصَةً فِيهَا بُنْيَانٌ عَلَى أَنَّ النَّقْضَ لِرَبِّ الدَّارِ ثُمَّ اشْتَرَى النَّقْضَ أَوِ اشْتَرَاهُ أَوَّلًا ثُمَّ الْعَرْصَةَ فَالشُّفْعَةُ فِي الْعَرْصَةِ وَالنَّقْضِ الْعَرْصَةُ بِالثَّمَنِ وَالنَّقْضُ بِقِيمَتِهِ قَائِمًا لِكَشْفِ الْغَيْب خِلَافَ مَا دَخَلَ عَلَيْهِ أَوَّلًا وَيَمْتَنِعُ شِرَاءُ بَعْضِ شِقْصٍ شَائِعٍ أَوْ حِصَّةٍ مِنْ نَخْلٍ عَلَى الْقَلْعِ إِذَا كَانَ شَرِيكُ الْبَائِعِ غَائِبًا لِعَجْزِهِمَا عَنِ الْقَلْعِ إِلَّا بَعْدَ الْقَسْمِ وَيَمْتَنِعُ أَنْ يُقَاسِمَ الْبَائِعُ شَرِيكَهُ النَّخْلَ لِيَقْلَعَهَا إِلَّا مَعَ الْأَرْضِ وَلَوِ اشْتَرَيْتَ نَقْضَ دَارٍ قَائِمَةٍ عَلَى الْقَلْعِ ثُمَّ اسْتُحِقَّ نِصْفُ الدَّارِ فَلَكَ رَدُّ بَقِيَّةِ النَّقْضِ لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَلَا شُفْعَةَ لِلْمُسْتَحِقِّ لِأَنَّهُ بِيعَ عَلَى الْقَلْعِ وَلَمْ تَبِعْ أَنْتَ وَلَوِ اسْتَحَقَّ جَمِيعَ الْأَرْضِ دُونَ النَّقْضِ أَوْ كَانَتْ نَخْلًا بِيعَتْ لِلْقَلْعِ فَاسْتُحِقَّتِ الْأَرْضُ دُونَ النَّخْلِ صَحَّ الْبَيْعُ فِي النَّقْضِ وَالنَّخْلِ وَلِلْمُسْتَحِقِّ أَخْذُ ذَلِكَ مِنَ الْمُبْتَاعِ بِقِيمَتِهِ مَقْلُوعًا لَا بِالثَّمَنِ لَا بِالشُّفْعَةِ وَلَكِنْ لِلضَّرَرِ فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ أَضَرَّ الْمُبْتَاعَ بِقَلْعِهِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ قَوْلُهُ ابْتَاعَ نَخْلًا لِيَقْلَعَهَا إِلَى قَوْلِهِ أَخَذَهَا بِنِصْفِ الثَّمَنِ أَمَرَ سَحْنُونٌ بِطَرْحِهَا وَاخْتُلِفَ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ نِصْفُ الثَّمَنِ فَقِيلَ نِصْفُ ثَمَنِ النَّخْلِ وَنِصْفُ ثَمَنِ الْأَرْضِ وَهُوَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَقَالَ أَشْهَبُ الشُّفْعَةُ فِي الْأَرْضِ دُونَ الْبِنَاءِ وَالنَّخْلِ وَقَالَ سَحْنُونٌ يُخَيِّرُ الْمُسْتَحِقَّ أَوَّلًا فَإِنْ أَجَازَ بَيْعَ نَصِيبِهِ وَدَفْعَ الثَّمَنِ لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي كَلَامٌ وَإِنْ أَخَذَ مَا اسْتَحَقَّ رَجَعَ الْمُبْتَاعُ عَلَى الْبَائِعِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَيَنْظُرُ إِلَى النَّخْلِ فَإِنْ تَفَاضَلَ جِنْسُهَا وَقَدْرُهَا فَسَخَ الْبَيْعَ فِي نِصْفِ الْبَائِعِ لِأَنَّهُ لَمَّا بَاعَ عَلَى الْقَلْعِ صَارَ

الثَّمَنُ مَجْهُولًا لَا يَعْرِفُ مَاذَا يَقَعُ لَهُ فِي الْقَسْمِ لِأَنَّ الْأَرْضَ تُقَسَّمُ مَعَ النَّخْلِ فَيَقَعُ فِي نَصِيبٍ كَثِيرٌ مِنَ النَّخْلِ مَعَ قَلِيلٍ مِنَ الْأَرْضِ فَإِنْ لَمْ تَخْتَلِفِ الْأَرْضُ وَلَا النَّخْلُ حَتَّى تَنْقَسِمَ عَلَى الِاعْتِدَالِ صَحَّ الْبَيْعُ فِي نِصْفِ الْبَائِعِ وَيَبْدَأُ بِالْمُشْتَرِي فِي رَدِّ مَا بِيَدِهِ أَوْ حُبْسِهِ فِي قَوْلِ أَشْهَبَ فَإِنْ حُبِسَ شُفِّعَ فِي الْأَرْضِ وَالنَّخْلِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَبْدَأُ بِالشَّفِيعِ وَقَلَّ أَنْ تُوجَدَ أَرْضٌ وَنَبَاتُهَا مُتَّفِقٌ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِنَّمَا أُخِذَ النَّقْضُ بِقِيمَتِهِ لِأَنَّ مُشْتَرِيَهُ اشْتَرَاهُ عَلَى الْقَطْعِ لَا عَلَى الْبَقَاءِ وَالْأَرْضُ قَدْ خَرَجَتْ عَنْهُ بِالِاسْتِحْقَاقِ فَلَا سَبِيلَ إِلَى بَقَاءِ النَّقْضِ أَمَّا إِذَا تَقَدَّمَ شِرَاءُ الْأَرْضِ فَمَا اشْتَرَى النَّقْضُ إِلَّا لِيُبْقِيَهُ فَإِذَا اسْتَحَقَّ الْعَرْصَةَ أَخَذَ النَّقْضَ بِالْقِيمَةِ قَائِمًا كَمَا لَوْ أَحْدَثَ الْمُشْتَرِي هَذَا الْبِنَاءَ لِأَنَّهُ زَادَ فِي ثَمَنِهِ لِأَجْلِ بَقَائِهِ وَلَوِ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْعَرَصَة خَاصَّة وَقد اشْترى النَّقْص أَوَّلًا لِلْقَلْعِ ثُمَّ الْعَرْصَةَ فَإِمَّا يَأْخُذُ الْمُسْتَحِقُّ مَا قَابَلَ مَا اسْتَحَقَّ مِنَ الْأَنْقَاضِ بِقِيمَتِهِ مَقْلُوعًا كَمَا إِذَا اسْتُحِقَّتِ الْعَرْصَةُ كُلُّهَا يَأْخُذُ النَّقْضَ بِقِيمَتِهِ مَقْلُوعًا وَالنِّصْفُ الْآخَرُ الَّذِي لَمْ يُسْتَحَقَّ يَأْخُذُهُ بِالثَّمَنِ لِأَنَّهُ أَخَذَ شُفْعَتَهُ لِأَنَّهُ جُعِلَ شَرِيكًا فِي الْجُمْلَةِ بِهَذَا الْمُسْتَحَقِّ قَالَ التُّونِسِيُّ إِذَا اشْتَرَى أَرْضًا بِعَبْدٍ فَاسْتُحِقَّ نِصْفُ الرض يَبْدَأُ بِالشَّفِيعِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ أَخَذَ النِّصْفَ الْبَاقِي بِالشُّفْعَةِ رَجَعَ بَائِعُ الْعَبْدِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ وَكَانَ مُشْتَرِي الْعَبْدِ فَوَّتَ نِصْفَهُ لَمَّا أُخِذَ مِنْ يَدَيْهِ نِصْفُ الْعَبْدِ لَوْ لَمْ يَرُدَّ نِصْفَ الْمُقَابِلِ لِلِاسْتِحْقَاقِ وَأَضَرَّ بِالشَّرِكَةِ وَغَرِمَ نِصْفَ الْعَبْدِ مَعَ أَنَّهُ مَجْبُورٌ عَلَى أَخْذِ نِصْفِ الْأَرْضِ مِنْ يَدَيْهِ وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا اشْتَرَى النَّقْضَ ثُمَّ الْأَرْضَ أَوْ بِالْعَكْسِ يَأْخُذُ النَّقْضَ بِقِيمَتِهِ قَائِمًا لَا بِالثَّمَنِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلِأَشْهَبَ لَا شُفْعَةَ فِي النَّخْلِ وَلَا فِي النَّقْضِ وَفَرَّقَ مُحَمَّدٌ إِنْ تَقَدَّمَ النَّقْضُ فَالشُّفْعَةُ فِي ذَلِكَ أَوْ تَقَدَّمَ الْأَرْضُ لَا شُفْعَةَ فِي النَّقْضِ وَبِالثَّمَنِ اصح لِأَنَّهَا كَالصَّفْقَةِ الْوَاحِدَةِ لَمَّا لَحِقَ بَعْضُهَا بَعْضًا وَلِأَنَّ

النَّقْضَ إِذَا كَانَ تَقَدَّمَ بِأَخْذِهِ بِالْقِيمَةِ يُوجِبُ الزِّيَادَةَ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ تَقَدَّمَ الْأَرْضَ زَادَ فِي ثَمَنِ النَّقْضَ وَقَدْ لَا تَبْلُغُ الزِّيَادَةُ قِيمَةَ النَّقْضِ قَائِمًا فَإِنْ أَعْطَيْنَاهُ الْقِيمَةَ قَائِمًا انْتَفَعَ الْآخِذُ أَيْضًا فَالْأَعْدَلُ الثَّمَنُ وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ إِذَا اشْتَرَى النَّخْلَ عَلَى الْقَلْعِ ثُمَّ الْأَرْضَ فَاسْتَحَقَّ نِصْفَهَا فَالشُّفْعَةُ فِي الْأَرْضِ خَاصَّةً وَيُؤْمَرُ صَاحِبُ النَّخْلِ بِالْقَلْعِ قَالَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ نِصْفِ النَّخْلِ بِالشُّفْعَةِ وَيَتْرُكُ نِصْفَ الْأَرْضِ فَجَعَلَ الشُّفْعَةَ فِيمَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى بَقَائِهِ بَلْ يَأْخُذُهُ لِلْقَلْعِ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ وَإِنَّمَا شَبَّهَهُ بِالنَّقْضِ فِيهِ الشُّفْعَةُ وَلَا يَمْلِكُ بَقَاءَهُ فِي قَاعَةِ مَنْ لَا يُسْكُنُهَا إِلَّا بِرِضَاهُ وَيَمْتَنِعُ بَيْعُ نِصْفِ النَّخْلِ عَلَى الْقَلْعِ دُونَ الْأَرْضِ الْمُشْتَرَكَةِ لِتَعَذُّرِ قِسْمَةِ النَّخْلِ إِلَّا بِالْأَرْضِ فَيَصِيرُ الْمَبِيعُ مَجْهُولًا إِلَّا أَنْ تَسْتَوِيَ أَجْزَاءُ الْأَرْضِ وَأَفْرَادُ النَّخْلِ وَكَذَلِكَ لَوِ اشْتَرَى بِنَاءَ الدَّارِ ثُمَّ اشْتَرَى الدَّارَ ثُمَّ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْأَرْضِ وَالْبِنَاءِ يَفْسَخُ بَيْعَ الْمُشْتَرِي نِصْفَ الْأَرْضِ لِتَعَذُّرِ وُصُولِهِ لِمَا اشْتَرَاهُ لِأَنَّهُ إِنْ قَاسَمَ الْبَائِعَ وَمَكَّنَهُ مِنْ نِصْفِ النَّقْضِ فَالنِّصْفُ الَّذِي هُوَ لِلْبَائِعِ قَدْ صَارَ يَقِلُّ بِجَوْدَةِ الْبِنَاءِ أَوْ يَكْثُرُ بِزِيَادَةِ الْبِنَاءِ فَيَصِيرُ مَجْهُولًا إِذْ لَا يُضَمُّ إِلَّا مَعَ غَيْرِهِ وَلَوْ أَمْكَنَ مُسَاوَاةُ الْبناء للقاعة كَمَا صَحَّ فِي الْأَرْضِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا اشْتَرَى النِّصْفَ لِلْقَلْعِ فَاسْتُحِقَّ نِصْفُ الْأَرْضِ فَلِمُشْتَرِي النَّقْضِ بِقِيمَتِهِ مَقْلُوعًا أَنْ يَأْمُرَهُ بِقَلْعِهِ وَأَنْكَرَهَا سَحْنُونٌ لِأَنَّ الْبَائِعَ إِنْ كَانَ غَصَبَ الْأَرْضَ فَأَعْطَى الْغَاصِبَ قِيمَةَ النَّقْضِ مَنْقُوضًا وَانْتَقَضَ شِرَاءُ الْمُشْتَرِي وَإِنْ شَاءَ سَلَّمَهُ لِلْمُشْتَرِي بِنَقْضِهِ وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ لِلنَّقْضِ اشْتَرَى الْأَرْضَ أَعْطَاهُ قِيمَةَ النَّقْضِ قَائِمًا وَانْتَقَضَ الْبَيْعُ فِي النَّقْضِ وَلَا يَقُولُ الْمُشْتَرِي خُذ هَذِه

الْقِيمَةَ الَّتِي أَخَذَهَا الْبَائِعُ مِنِّي كَمَنْ بَاعَ سِلْعَةً بِمِائَةٍ ثُمَّ بَاعَهَا آخَرُ بِتِسْعِينَ لَيْسَ لِلْأَوَّلِ أَخْذُهَا بِتِسْعِينَ وَإِنْ قَالَ مُسْتَحِقُّ الْأَرْضِ لَا أُعْطِيهِ قِيمَةَ الْبِنَاءِ أَعْطَاهُ بَائِعُ النَّقْضِ قِيمَةَ أَرْضِهِ وَيَجُوزُ بَيْعُهُ فِي النَّقْضِ قِيمَةَ أَرْضِهِ فَإِنِ امْتَنَعَ كَانَا شَرِيكَيْنِ وَيَنْتَقِضُ بَيْعُ الْمُشْتَرِي فِيمَا صَارَ مِنْ نِصْفِ النَّقْضِ لِمُسْتَحِقِّ الْأَرْضِ وَيَجُوزُ بَيْعُهُ فِيمَا صَارَ لِبَائِعِ النَّقْضِ لِأَنَّهُ صَارَ كَمُشْتَرِي النَّقْضِ مَقْلُوعًا لِيَشْتَرِيَ أَكْثَرَ قَالَ الْلَخْمِيُّ فِي الثِّمَارِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فِيهَا الشُّفْعَةُ بِيعَتْ مَعَ الْأَصْلِ أَوْ مُفْرَدَةً كَانَ الشَّفِيعُ شَرِيكًا فِي الْأَصْلِ أَمْ لَا لِمَالِكٍ وَلَا شُفْعَةَ فِيهَا مُطْلَقًا بِيعَتْ مَعَ الْأَصْلِ أَوْ مُفْرَدَةً لِعَبْدِ الْمَلِكِ وَفِيهَا إِنْ بِيعَتْ مَعَ الْأَصْلِ وَإِلَّا فَلَا لِأَشْهَبَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّهَا مَحَلُّ ضَرُورَةٍ كَالْعَرَايَا أَوْ هِيَ مَنْقُولَةٌ كَالْعُرُوضِ أَوْ يُنْظَرُ تَبَيعَتُهَا فِي الْعَقْدِ لِمَا فِيهِ الشُّفْعَةُ فَإِنْ بَاعَ نَصِيبَهُ مِنَ الثَّمَرَةِ وَالْحَائِطَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ اسْتَشْفَعَ الشَّفِيعُ فِيهِمَا فَإِنْ سَلَّمَ ثُمَّ بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ أَوْ مِنَ الثِّمَارِ مُفْرَدَةً ثُمَّ بَاعَ بَعْدَ ذَلِكَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الثَّمَرَةِ نَصِيبَهُ فَالشُّفْعَةُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِشَرِيكِهِ فِي الثَّمَرَةِ لَمْ يَكُنْ بَاعَ وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ لِشَرِيكِهِ فِي الثَّمَرَةِ لِأَنَّهُ مَعَهُ كَأَهْلِ سَهْمٍ فَإِنْ سَلَّمَ فَلِمَنْ لَهُ الْأَصْلُ وَإِنْ بَاعَ مَنْ لَهُ الْأَصْلُ نَصِيبَهُ مِنَ الثَّمَرَةِ فَالشُّفْعَةُ لِلَّذِينَ اشْتَرَوُا الثَّمَرَةَ وَإِنْ بَاعَ نَصِيبَهُ مِنَ الْأَصْلِ وَالثَّمَرَةِ فَالشُّفْعَةُ وَلَا يَقُولُ مُشْتَرِي الْأَصْلِ يَأْخُذُ الْجَمِيعَ أَوْ يَتْرُكُ الْجَمِيعَ وَلَا يَعَضُّ عَلَى الصَّفْقَةِ لِأَن لَا شَرِكَةَ لَهَا فِي الْأَصْلِ وَكَذَلِكَ إِنْ سَاقَى أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ فِي الْحَائِطِ فَلِشَرِيكِهِ الشُّفْعَةُ فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ ثُمَّ بَاعَ أَخَذَ الْمُسَاقِي نَصِيبَهُ بَعْدَ الطِّيبِ فَلِلشَّرِيكِ الشُّفْعَةُ فَإِنْ سَلِمَ فَهِيَ لِصَاحِبِ الْأَصْلِ فَإِنْ بَاعَ صَاحِبُ الْأَصْلِ فَالشُّفْعَةُ لِلْمُسَاقَاةِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا سَاقَى أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ لَا شُفْعَةَ لِلشَّرِيكِ وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا سَاقَى حَائِطَهُ لِلْعَامِلِ الرُّبْعُ فَبَاعَ رَبُّ الْحَائِطِ نَصِيبَهُ مِنَ الثَّمَرَةِ بَعْدَ طِيبِهَا لِلْمُسَاقِي الشُّفْعَةُ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ وَكُلُّ مَنْ لَهُ شَرِيكٌ شَافَعَهُ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ لَا خِلَافَ فِي الشُّفْعَةِ فِي النَّقْضِ إِذَا بِيعَ مَعَ الْأَصْلِ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لَهُ فَإِنْ بِيعَ ثُمَّ طَرَأَ اسْتِحْقَاقٌ يُوجِبُ الشَّرِكَةَ أَوْ بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ مِنْهُ دُونَ الْأَصْلِ وَهُوَ مُتَسَاوِي الصِّفَةِ يَجُوزُ فِيهِ الْبَيْعُ لِوُجُوبِ قِسْمَتِهِ مَعَ الْأَصْلِ فَفِي الشُّفْعَةِ فِيهِ قَوْلَانِ مِنَ الْمُدَوَّنَةِ وَكَذَلِكَ النَّقْضُ الْقَائِمُ وَالْعَرْصَةُ لِغَيْرِهِمَا فَبَاعَ أَحَدُهُمَا فَالْخِلَافُ كَذَلِكَ إِنْ أَبَى صَاحِبُ الْعَرْصَةِ أَنْ يَأْخُذَهُ لِأَنَّهُ مُبْدَأٌ عَلَيْهِ لَا لِأَنَّهُ شَفِيعٌ بَلْ لِنَفْيِ الضَّرَر وَاخْتلف هَا هُنَا مِمَّنْ يَأْخُذُ رَبُّ الْعَرْصَةِ النَّقْضَ وَبِمَا يَأْخُذُهُ فَقِيلَ مِنَ الْمُبْتَاعِ بِقِيمَتِهِ مَقْلُوعًا وَقِيلَ بِالثَّمَنِ وَقِيلَ بِالْأَقَلِّ مِنْهُمَا وَقِيلَ بِالْقِيمَةِ مِنَ الْبَائِعِ مَقْلُوعًا أَوْ بِالْأَقَلِّ مِنْهُمَا وَيَفْسَخُ الْبَيْعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُبْتَاعِ فَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَ إِلَيْهِ وَكُلُّ ذَلِكَ قَدْ تَأَوَّلَ عَلَى الْمُدَوَّنَة وَالْأَظْهَر مِنْهَا الْأَخْذ من البَائِع بِأَقَلّ مِنْهُمَا وَالْأَظْهَرُ فِي الْقِيَاسِ الْأَخْذُ مِنَ الْمُبْتَاعِ بِالْقِيمَةِ مَقْلُوعًا وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ بِيعِ النَّقْضِ قَائِمًا عَلَى الْقَلْعِ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَسَحْنُونٍ وَفِي شِرَاءِ النَّقْضِ عَلَى الْهَدْمِ أَوِ النَّخْلِ عَلَى الْقَلْعِ وَشُفْعَتِهِمَا مَسَائِلُ سِتَّةٌ الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى شِرَاءُ النَّخْلِ عَلَى الْقَلْعِ ثُمَّ تُسْتَحَقُّ الْأَرْضُ فَفِي الْكِتَابِ لِلْمُسْتَحِقِّ أَخْذُ النَّخْلِ مِنَ الْمُبْتَاعِ بِقِيمَتِهَا مَقْلُوعَةً لِلضَّرَرِ لَا لِلشُّفْعَةِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِمَنْعِ الْبَيْعِ يَفْسَخُ وَتَرْجِعُ لِبَائِعِهَا وَلَا يَأْخُذُهَا الْمُسْتَحِقُّ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ شِرَاءُ النَّخْلِ عَلَى الْقَلْعِ ثُمَّ شِرَاءُ الْأَرْضِ فَيَسْتَحِقُّهَا رَجُلٌ رَجَعَ الْمُبْتَاعُ عَلَى الْبَائِعِ بِثَمَنِ الْأَرْضِ الْمُسْتَحَقَّةِ ثُمَّ الْحُكْمُ بَيْنَ مُبْتَاعِ النَّخْلِ وَالْمُسْتَحَقِّ فِي النَّقْضِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ تُشْتَرَى الْأَرْضُ أَوَّلًا ثُمَّ الْأَنْقَاضُ فَتُسْتَحَقُّ الْأَرْضُ فَلِلْمُسْتَحِقِّ أَخْذُ النَّقْضِ بِقِيمَتِهِ قَائِمًا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ زَادَ فِي ثَمَنِ النَّقْضِ لِيُبْقِيَهُ فِي أَرْضِهِ

وَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا إِنِ امْتَنَعَ مِنْ دَفْعِ الْقِيمَةِ قَائِمًا أَنَّ لِلْمُشْتَرِي إِعْطَاءَ قِيمَةِ الْأَرْضِ بَرَاحًا فَإِنْ أَبَى اشْتَرَكَا وَيَنْبَغِي عَلَى مَذْهَبِ سَحْنُونٍ إِنْ كَانَ الْبَائِعُ غَصَبَ فَلِلْمُسْتَحِقِّ دَفْعُ قِيمَةِ النَّقْضِ مَنْقُوضًا وَيُنْتَقَضُ الْبَيْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ فَإِنْ أَبَى مَضَى النَّقْد لِلْمُشْتَرِي بِشِرَائِهِ وَالْمُسْتَحِقُّ لِلْأَرْضِ عَلَى حَقِّهِ فَإِنْ لَمْ يَتَّفِقَا فِي ذَلِكَ عَلَى شَيْءٍ بِيعَتِ الدَّارُ وَقُسِّمَ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ النَّقْضِ قَائِمًا وَقِيمَةِ الْعَرْصَةِ بَرَاحًا وَإِنْ كَانَ بَائِعُ النَّقْضِ مُشْتَرِيًا دَفَعَ الْمُسْتَحِقُّ قِيمَةَ النَّقْضِ وَانْتَقَضَ الْبَيْعُ فَإِنِ امْتَنَعَ دَفَعَ لَهُ الْبَائِعُ قِيمَةَ الْعَرْصَةِ بَرَاحًا وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى مَا يَجُوزُ بِيعَتِ الدَّارُ وَقُسِّمَ الثَّمَنُ فِي الْقِيَمِ فَإِنِ امْتَنَعَا مِنْ ذَلِكَ اشْتَرَكَا وَانْتَقَضَ الْبَيْعُ فِيمَا صَارَ مِنَ النَّقْضِ لِلْمُسْتَحِقِّ وَمَضَى فِيمَا صَارَ مِنْهُ لِلْبَائِعِ الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ يَشْتَرِي النَّخْلَ أَوَّلًا عَلَى الْقَلْعِ ثُمَّ الْأَرْضَ فَيَسْتَحِقُّ نِصْفَ الْأَرْضِ وَالنَّخْلِ الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ يَشْتَرِي الْأَرْضَ ثُمَّ النَّخْلَ فَيَسْتَحِقُّ نِصْفَ الْأَرْضِ وَالنَّخْلِ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لَا شُفْعَةَ فِي النَّخْلِ قَالَهُ أَشْهَبُ وَابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ وَفِيهَا الشُّفْعَةُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالشُّفْعَةُ فِيهَا إِنِ اشْتَرَاهَا قَبْلَ الْأَرْضِ وَلَا شُفْعَةَ إِنْ تَقَدَّمَتِ الْأَرْضُ قَالَهُ مُحَمَّدٌ الثَّانِي يَأْخُذُ الْمُسْتَحِقُّ نِصْفَ الْأَرْضِ وَنِصْفَ النَّخْلِ شُفْعَةً بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَلَهُ أَخْذُ نِصْفِ الْأَرْضِ وَيَقْلَعُ الْمُبْتَاعُ النَّخْلَ فِي الْمَسْأَلَةِ الرَّابِعَةِ وَيَبْقَى عَلَى حَقِّهِ فِيهَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْخَامِسَةِ إِذَا لَمْ يَشْتَرِهَا عَلَى الْقَلْعِ وَلَهُ أَخْذُ النَّخْلِ وَتَرْكُ الْأَرْضِ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَاخْتُلِفَ هَلْ يَأْخُذُهَا بِالْقِيمَةِ لِنَفْيِ الضَّرَرِ قَوْلَانِ وَإِذَا قُلْنَا بِأَخْذِهَا فَالْقِيمَةُ قَائِمًا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ عَلَى مَا فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْمُدَوَّنَةِ وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ عَبْدِ الْحَقِّ الَّذِي حَكَاهُ لَا يَأْخُذُ إِلَّا بِالْقِيمَةِ إِلَّا فِي الْمَسْأَلَةِ الْخَامِسَةِ

(فرع)

الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ يَشْتَرِي النَّخْلَ خَاصَّةً عَلَى الْقَلْعِ فَيَسْتَحِقُّ نِصْفَ الْأَرْضِ وَالنَّخْلِ انْتَقَضَ الْبَيْعُ فِيمَا بَقِيَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي مِنَ النَّخْلِ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى مَا اشْتَرَاهُ إِلَّا بِمُقَاسَمَةِ الْبَائِعِ لِمُسْتَحِقِّ الْأَرْضِ مَعَ النَّخْلِ وَإِذَا قَاسَمَهُ قَدْ يَقِلُّ مَا يَحْصُلُ لَهُ بِجَوْدَةِ الْأَرْضِ فَيَصِيرُ الْمُتَمَسَّكُ بِهِ مَجْهُولًا عَلَى أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إِذَا اشْتَرَى نَقْضَ دَارٍ عَلَى الْقَلْعِ ثُمَّ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الدَّارِ لَهُ رَدُّ مَا بَقِيَ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ أَنَّ لَهُ التَّمَسُّكَ وَفِيهِ نَظَرٌ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ النَّقْضَ وَالْأَرْضَ الْمُسْتَوِيَيْنِ (فَرْعٌ) قَالَ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الشُّفْعَةِ فِي الزَّرْعِ وَلَا فَرْقَ عِنْدَ مَنْ رَأَى فِيهِ الشُّفْعَةَ أَنْ يُبَاعَ دُونَ الْأَصْلِ إِذَا حَلَّ بَيْعُهُ أَوْ مَعَ الْأَصْلِ بَعْدَ النَّبَاتِ أَوْ قَبْلَ النَّبَاتِ وَقِيلَ مَا لم يَنْبُتْ لَا شُفْعَةَ لِعَدَمِ حِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ كَالثَّمَرَةِ الَّتِي لَمْ تُؤَبَّرْ وَالْخِلَافُ فِي شُفْعَتِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِتَعْلِيلِهِ عَدَمَ الشُّفْعَةِ بِامْتِنَاعِ بَيْعِهِ حَتَّى يَيْبَسَ فَعَلَى هَذَا فِيهِ الشُّفْعَةُ إِذَا بِيعَ قَبْلَ الْيُبْسِ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يُجِيزُ ذَلِكَ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَمَنْ يَرَى مِنْ أَصْحَابِنَا الْعَقْدَ فَوْتًا أَوْ إِذَا بِيعَ الْأَصْلُ وَعَلَى هَذَا الْخلاف يَتَرَتَّب طرؤ الشَّفِيعِ عَلَى الْأَرْضِ الْمَبْذُورَةِ قَبْلَ طُلُوعِ الْبَذْرِ أَوْ بَعْدَ طُلُوعِهِ فَإِنْ طَرَأَ قَبْلَ الطُّلُوعِ فَثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ إِنْ كَانَ الْمُبْتَاعُ هُوَ الْبَاذِرُ فَيَأْخُذُهَا الشَّفِيعُ وَيَبْقَى الْبَذْرُ لِبَاذِرِهِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يُجْرِي أَخْذَ الشُّفْعَةِ مَجْرَى الِاسْتِحْقَاقِ وَعَلَى قَوْلِ مَنْ يُجْرِيهِ مَجْرَى الْبَيْعِ يُمْتَنَعُ الِاسْتِشْفَاعُ إِلَّا بَعْدَ طُلُوعِ الْبَذْرِ وَقِيلَ يَأْخُذُهُ بِقِيمَةِ الْبَذْرِ وَالْعَمَلِ وَقِيلَ بِقِيمَتِهِ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ كَالسَّقْيِ وَالْعِلَاجِ فِي الثَّمَرَةِ وَإِنْ كَانَ الْبَاذِرُ الْبَائِعُ أَخَذَهَا الشَّفِيعُ مَبْذُورَةً بِجَمِيعِ الثَّمَنِ عَلَى الْقَوْلِ فِي الزَّرْعِ الشُّفْعَةُ وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ بِمَا يَنُوبُهَا مِنَ الثَّمَنِ إِذَا أُجْرِيَ أَخْذُ الشُّفْعَةِ مَجْرَى الِاسْتِحْقَاقِ وَعَلَى قَوْلِ مَنْ يُجْرِيهِ مَجْرَى الْبَيْعِ لَا يَأْخُذُ حَتَّى يَبْرُزَ الزَّرْعُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُمَا الْبَاذِرُ أَخَذَ الْأَرْضَ

(فرع)

بِالشُّفْعَةِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ دُونَ الْبَذْرِ فَإِنْ طَرَأَ بَعْدَ النَّبَاتِ فَالثَّلَاثَةُ الْأَحْوَالُ غَيْرَ أَنَّ الْوَجْهَيْنِ مِنَ الثَّلَاثَةِ أَوْجُهٍ لِيَسْتَوِيَ الْحُكْمُ فِيهِمَا أَنْ يَبْذُرَ الْمُبْتَاعُ أَوِ الْأَجْنَبِيُّ فَيَشْفَعَ فِي الْأَرْضِ دُونَ الزَّرْعِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ عَلَى الْقَوْلِ بِالشُّفْعَةِ فِي الزَّرْعِ وَيَأْخُذُ الْأَرْضَ دُونَ الزَّرْعِ بِمَا يَنُوبُهَا مِنَ الثَّمَنِ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الشُّفْعَةِ فِي الزَّرْعِ وَإِنْ طَرَأَ الشَّفِيعُ بَعْدَ يَبْسِ الزَّرْعِ فَلَا شُفْعَةَ وَيَأْخُذُ الْأَرْضَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ إِذَا كَانَ الْبَذْرُ لِلْمُبْتَاعِ أَوْ لِلْأَجْنَبِيِّ وَإِنْ كَانَ لِلْبَائِعِ أَخَذَ الْأَرْضَ بِمَا يَنُوبُهَا مِنَ الثّمن وَأما طرؤ الْمُسْتَحِقِّ فَإِنِ اسْتَحَقَّ الْأَرْضَ وَالزَّرْعَ مِثْلَ أَنْ يَزْرَعَ الرَّجُلُ أَرْضَهُ فَيَبِيعَهَا غَيْرَهُ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ إِجَازَةِ الْبَيْعِ أَوْ يَأْخُذُهُمَا وَإِنِ اسْتَحَقَّ الْأَرْضَ فَقَطْ فَثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ إِنْ كَانَ الْبَذْرُ لِلْمُسْتَحَقِّ مِنْهُ وَهُوَ غَاصِبٌ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْغَاصِبِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَاصِبًا فَلَا شَيْءَ لِلْمُسْتَحِقِّ فِي الزَّرْعِ وَلَا لَهُ قَلْعُهُ وَإِنَّمَا لَهُ الْكِرَاءُ إِنْ لَمْ يَفُتِ الْإِبَّانُ وَإِنْ بَذَرَ أَجْنَبِيٌّ بِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهُوَ لَهُ وَيَأْخُذُ الْمُسْتَحِقُّ أَرْضَهُ وَلَهُ عَلَى الزَّارِعِ الْكِرَاءُ إِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ هُوَ الَّذِي أَكْرَى مِنْهُ فَلَهُ الْكِرَاءُ أَيْضًا إِنْ لَمْ يَفُتِ الْإِبَّانُ وَإِنْ فَاتَ الْإِبَّانُ جَرَى عَلَى الْخِلَافِ فِي غَلَّةِ الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ وَإِنْ كَانَ الْبَاذِرُ الْبَائِعَ فَيَأْخُذُ الْمُسْتَحِقُّ أَرْضَهُ وَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ فِي الزَّرْعِ وَيَرْجِعُ الْمُبْتَاعُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ يَبْقَى الزَّرْعُ لِلْمُبْتَاعِ وَهُوَ بَعِيدٌ فَهَذَا القَوْل فِي طرؤ كُلِّ وَاحِدٍ مُنْفَرِدًا وَهُوَ يُغْنِي عَنِ الْقَوْلِ فِي اجْتِمَاعِهِمَا (فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ إِنِ اشْتَرَى الْأَرْضَ أَوَّلًا ثُمَّ النَّخْلَ فَلَا شُفْعَةَ إِلَّا فِي الأَرْض لِأَن النّخل بِيعَتْ ولاحق لِلْبَائِعِ فِي الْأَرْضِ كَمَا إِذَا بَاعَ نَصِيبَهُ مِنَ النَّخْلِ دُونَ الْعَيْنِ وَالْبِئْرِ وَرَقِيقِ الْحَائِطِ ثُمَّ بَاعَ نَصِيبَهُ مِنْ ذَلِكَ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ قَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إِنِ اشْتَرَى أَرضًا يَزْرَعهَا الأَرْض فَاسْتحقَّ الْأَرْضَ وَالزَّرْعُ أَخْضَرُ فَالشُّفْعَةُ فِي الْأَرْضِ دُونَ الزَّرْعِ وَيَفُضُّ الثَّمَنَ عَلَيْهَا ثُمَّ قَالَ فَإِنِ اسْتَحَقَّ نِصْفَهَا شَفَعَ بَلْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا إِلَّا بِزَرْعِهَا فَإِنْ كَرِهَ الْمُشْتَرِي بَقِيَّةَ الصَّفْقَةِ لِكَثْرَةِ الْمُسْتَحَقِّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَبْدَأُ بِتَخْيِيرِ الشَّفِيعِ فَإِنْ لَمْ يَشْفَعْ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي فِي الرَّد وَبَدَأَ أَشهب للْمُشْتَرِي وَحُجَّةُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَيْسَ بَيْعَ خِيَارٍ بَلْ بَتْلٍ وَجَبَتْ فِيهِ الشُّفْعَةُ فَهُوَ كَعَيْبٍ يَرْضَى بِهِ الشَّفِيعُ فَهُوَ الْمَبْدَأُ وَأَنْكَرَ سَحْنُونٌ قَوْلَ أَشْهَبَ فِي الزَّرْعِ وَقَالَ بِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا شُفْعَةَ فِي الزَّرْعِ قَالَ سَحْنُونٌ بِخِلَافِ رَقِيقِ الْحَائِطِ وَالْبِئْرِ وَآلَاتِهِ تُبَاعُ من الْحَائِطِ لِأَنَّ هَذِهِ صَلَاحٌ لِلْحَائِطِ وَالْبِنَاءُ صَلَاحٌ لِلدَّارِ وَالزَّرْعُ لَا تَقُومُ بِهِ الْأَرْضُ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِنِ اشْتَرَاهَا قَبْلَ ظُهُورِ زَرْعِهَا فَهُوَ كَغَيْرِ الْمَأْبُورِ مِنَ الثِّمَارِ يَشْفَعُهَا بِالثَّمَنِ وَالنَّفَقَةِ فَإِنْ لَمْ يَقُمْ حَتَّى ظَهَرَ صَارَ كَمَأْبُورِ الثِّمَارِ يَأْخُذُهَا بِثَمَرِهَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ يَأْخُذُهَا دُونَ الثَّمَرَةِ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ بَيْعٌ ومأبور الثِّمَار للْبَائِع وَيَأْخُذ النّخل وَالْأَرْض وَحْدَهَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ بَعْدَ وَضْعِ قِيمَةِ الطَّلْعِ وَقِيمَةُ الْبَذْرِ عَلَى غَرَرِهِ وَلَوِ اشْتَرَاهَا بِزَرْعِهَا الْأَخْضَرِ وَالزَّرْعُ بَعْدَهَا فَاسْتُحِقَّ نِصْفُ الْأَرْضِ فَسَخَ عَنِ الْمُبْتَاعِ نِصْفَ ثَمَنِ الزَّرْعِ وَالْأَرْضِ وَبَقِيَ الْبَائِعُ شَرِيكًا فِي الزَّرْعِ وَالْمُسْتَحِقُّ شَرِيكًا فِي الْأَرْضِ فَإِنْ شَفَعَ نِصْفَ الْأَرْضِ انْفَسَخَ بَقِيَّةُ الزَّرْعِ وَصَارَ كُلُّهُ لِلْبَائِعِ وَعَلَى الْبَائِعِ الْكِرَاءُ فِي النِّصْفِ الْمُسْتَحَقِّ مِنَ الْأَرْضِ وَقَالَ سَحْنُونٌ تَنْفَسِخُ الصَّفْقَةُ لِجَمْعِهَا حَلَالًا وَحَرَامًا لِبَقَاءِ نِصْفِ الزَّرْعِ الْأَخْضَرِ بِلَا أَرْضٍ

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ قَالَ أَشْهَبُ لَا شُفْعَةَ فِي جَرِيدِ النَّخْلِ وَسَعْفِهَا لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ بَيْعُهُ قَبْلَ إِبَّانِ قَطْعِهِ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا اشْتَرَى أُصُولًا فِيهَا ثَمَرٌ مُؤَبَّرٌ بِغَيْرِ ثَمَرهَا جَازَ شِرَاؤُهُ الثَّمَرِ قَبْلَ طِيبِهَا وَكَأَنَّهُمَا صَفْقَةٌ وَاحِدَةٌ وَشَفَعَ فِيهَا الشَّرِيكُ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ فَإِنِ اشْتَرَى النِّصْفَ مِنَ الْأُصُولِ ثُمَّ نَصِفَ الثَّمَرِ بَعْدَ طِيبِهَا لَهُ إِشْفَاعُ أَحَدِهِمَا وَكِلَيْهِمَا فَإِنِ اشْتَرَاهُمَا بَعْدَ الطِّيبِ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَا يَأْخُذُهُمَا إِلَّا جَمِيعًا كَقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْجَائِحَةِ إِذَا اشْتَرَاهُمَا بَعْدَ الطِّيبِ فِي صَفْقَةٍ لَا جَائِحَةَ فِيهِمَا وَإِنِ اشْتَرَى الْأَصْلَ ثُمَّ الثَّمَرَةَ فَفِيهَا الْجَائِحَةُ عِنْدَهُ وَإِنِ اشْتَرَاهَا بَعْدَ طِيبِهَا بَعْدَ شِرَاءِ الْأَصْلِ أَوْ مَعَهُ فَلَا جَائِحَةَ قَالَ أَشْهَبُ لَوْ بَاعَا حَائِطَهُمَا وَفِيهِ ثَمَرَةٌ ثُمَّ بَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْهَا فَلَا شُفْعَةَ لِعَدَمِ شَرِكَتِهِمَا فِي الْأَرْضِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَوِ اشْتَرَى ثَمَرَةً قَبْلَ زَهْوِهَا ثُمَّ اشْتَرَى الرِّقَابَ بَعْدَ طِيبِ الثَّمَرَةِ فَالشُّفْعَةُ فِي الْأُصُولِ فَقَطْ وَيُفْسَخُ بَيْعُ الثَّمَرَةِ وَتُرَدُّ لِأَنَّهَا إِنَّمَا فَاتَتْ بِالطِّيبِ فِي نَخْلِ الْبَائِعِ وَلَوْ جَذَّهَا الْمُبْتَاعُ يَابِسَةً أَوْ رَطْبَةً رَدَّهَا أَوْ مِثْلَهَا إِنْ فَاتَتْ أَوْ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْجِذَاذِ إِنْ جُهِلَتِ الْمَكِيلَةُ وَلَوِ اشْتَرَى الْأُصُولَ قَبْلَ طِيبِ الثَّمَرَةِ فَطِيبُهَا فِي الشَّجَرِ فَوْتٌ لِأَنَّهَا فَاتَتْ فِي نَخْلِ الْمُبْتَاعِ وَيَرُدُّ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْعَقْدِ فِي الْأُصُولِ وَيَوْمَئِذٍ تَجِبُ فِيهَا الشُّفْعَةُ بِالْقِيمَةِ وَفِي الْأُصُولِ بِالثَّمَنِ لِأَنَّ الثَّمَرَةَ إِنَّمَا وَجَبَتْ بِمِلْكِهِ الْأَصْلَ فَهِيَ كَصَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَيْسَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى شُفْعَةٌ لِطِيبِهَا فِي يَدِ الْبَائِعِ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْمَقَاثِي كَالْأُصُولِ فِيهَا الشُّفْعَةُ لِأَنَّهَا ثَمَرَةٌ بِخِلَافِ الْبُقُولِ

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ قَالَ مَالِكٌ لَا شُفْعَةَ فِي الدَّيْنِ إِلَّا لِضَرُورَةِ عَدَاوَةٍ أَوْ نَحْوَهَا كَالْمُكَاتَبِ وَعَنْهُ حَسَّنَ أَنْ تَكُونَ لَهُ مُطْلَقًا وَلَا يَقْضِي بِهِ إِذَا بِيعَ مِنَ الْكِتَابَةِ مَا يُعْتَقُ بِهِ الْمُكَاتَبُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ وَأَمَّا بَيْعُ الشَّرِيكِ نَصِيبَهُ مِنَ الْكِتَابَةِ لَا يَشْفَعُ الْآخَرُ وَلَا الْمُكَاتَبُ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَقُ بِهِ (فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَاخْتُلِفَ فِي الشُّفْعَةِ فِي الْكِرَاءِ إِذَا انْفَرَدَ عَنْ بَيْعِ الْأَرْضِ لَا يُتَصَوَّرُ الْخِلَافُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ كَمَا أَنَّ الْخِلَافَ فِي رَقِيقِ الْحَائِطِ إِنَّمَا هُوَ إِذَا بِيعَ مَعَ الْأَصْلِ أَمَّا وَحْدَهُ فَلَا شُفْعَةَ اتِّفَاقًا قَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ الرِّوَايَتَانِ فِي الْكِرَاءِ رَوَاهُمَا ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ أَشْهَبُ إِنْ أَحَبَّ الشَّرِيكُ سَلَّمَ شُفْعَتَهُ وَقَاسَمَهُ السُّكْنَى وَلَهُ طَلَبُ قِسْمَةِ الدَّارِ فَإِنْ وَقَعَ نَصِيبُ الْمَكْرِي عَلَى غَيْرِهِ هُوَ خُيِّرَ الْمُكْتَرِي فِي الْفَسْخِ وَذَلِكَ إِذَا دَفَعَ لَهُ أَقَلَّ مِنَ النِّصْفِ فِي الِانْتِفَاعِ لَا فِي الْقِيمَةِ وَإِلَّا فَلَا حُجَّةَ لَهُ وَالَّذِي أَخَذَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ فِي الْكِرَاءِ الشُّفْعَةَ وَالدُّورَ وَالْمَزَارِعَ سَوَاءٌ وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا أَكْرَى أَحَدُ المكترين نَصِيبَهُ فَلِصَاحِبِهِ الشُّفْعَةُ وَعُهْدَتُهُ عَلَى الْمُكْتَرِي مِنْ صَاحِبِهِ ثُمَّ عُهْدَتُهُمَا عَلَى رَبِّ الدَّارِ وَلَوْ أكرى أحد المكترين نَصِيبَهُ مِنْ رَبِّ الدَّارِ أَوْ مِنْ مُكْتِرٍ مِنْهُ ثُمَّ أَقَالَهُ مِنْ مُصَابَتِهِ فَلِشَرِيكِهِ الشُّفْعَةُ عَلَى رَبِّ الدَّارِ الْمُسْتَقِيلِ قَالَ مُحَمَّدٌ بَلْ تُؤْخَذُ مِنَ الْمُكْتَرِي الَّذِي أَقَالَ كَالْإِقَالَةِ فِي الشِّرَاءِ وَإِذَا أَكْرَيَا يَعْنِي الشَّرِيكَيْنِ دَارَهُمَا أَوْ سَاقَيَا نَخْلَهُمَا مِنْ رَجُلَيْنِ فَأَكْرَى أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ أَوْ كِلَاهُمَا الْأَرْضَ وَالدَّارَ أَوْ سَاقَى أَحَدُهُمَا النَّخْلَ مِنْ غَيْرِهِمَا فَلَيْسَ لِصَاحِبَيِ الْأَصْلِ شُفْعَةٌ فِي كَرَاءٍ وَلَا سِقَاءٍ وَلَا لِأَحَدِهِمَا كَانَ شَائِعا أَو مقسوماً وَلَو أَن أحد المكترين أَوِ الْمُسَاقِيَيْنِ سَاقَى أَوْ أَكْرَى فَلِشَرِيكِهِ الشُّفْعَةُ وَلَيْسَ صَاحِبُ الْأَصْلِ أَحَقَّ مِنَ الشَّرِيكِ فِي الْكِرَاءِ فَإِنْ سَلَّمَ فَلِصَاحِبِ الْأَصْلِ

(فرع)

شُفْعَةُ الْمُسَاقَاةِ لِشَرِكَتِهِمَا فِي الثَّمَنِ وَلَا شَرِكَةَ لَهُمَا فِي الْكِرَاءِ وَلَوْ سَاقَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ شَفَعَ الْآخَرُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ دُونَ أَشْهَبَ وَلَوْ أَكْرَيْتَ نِصْفَ دَارِكَ مُشَاعًا ثُمَّ أَكْرَى الْمُكْتِرِي غَيْرَهُ أَوْ سَاقَى فِي النَّخْلِ فَلَكَ الشُّفْعَةُ وَلَوْ أَكْرَى شَيْئًا بِعَيْنِهِ أَوْ سَاقَى فَلَا شُفْعَةَ لَكَ وَلَوْ سَاقَيْتَ نِصْفَ نَخْلِكَ مِنْ رَجُلَيْنِ فَسَاقَى أَحَدُهُمَا رَجُلًا فَشَرِيكُهُ أَوْلَى كَأَهْلِ سِهَامِ الْمِيرَاثِ فَإِنْ سَلَّمَ فَلَكَ كَمَا لَو بعتها فَبَاعَ أَحَدُهُمَا فَشَرِيكُهُ الْمُبْتَاعُ مَعَهُ أَوْلَى مِنْهُ فَإِنْ سَلَّمَ فَلَكَ الشُّفْعَةُ (فَرْعٌ) قَالَ وَالْمَاءُ فِيهِ الشُّفْعَةُ اتِّفَاقًا إِذَا بِيعَ شِقْصٌ مِنْهُ مَعَ الْأَصْلِ أَوْ دُونَهُ وَلَمْ يُقَسِّمِ الْأَرْضَ وَاخْتُلِفَ إِذَا قُسِّمَتْ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ لَا شُفْعَةَ فِيهِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهِ الشُّفْعَةُ فَقَالَ سَحْنُونٌ لَيْسَ بِاخْتِلَافٍ بَلْ مَحْمِلُ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى أَنَّهَا بِئْرٌ وَاحِدَةٌ لَا شُفْعَةَ فِيهَا وَيُرِيدُ ابْنُ الْقَاسِمِ آبَارًا لِأَنَّهَا تُقَسَّمُ وَقَالَ ابْنُ لُبَابَةَ بَلْ مَعْنَى الْمُدَوَّنَةِ بِئْرٌ لَا فِنَاءَ لَهَا وَلَا أَرْضَ وَمَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَهَا فِنَاءٌ وَأَرْضٌ مُشْتَرَكَةٌ فِيهَا قِلْدٌ وَقِيلَ اخْتِلَافُ قَوْلٍ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ (فَرْعٌ) قَالَ وَاخْتُلِفَ فِي الشَّرِكَةِ الَّتِي يُوجِبُهَا الْحُكْمُ هَلْ تَجِبُ الشُّفْعَةُ قِيلَ تَجِبُ لَهَا قَبْلَ تَقَرُّرِ حُكْمِهَا فَعَنْ مَالِكٍ لَا شُفْعَةَ وَقَالَ أَشْهَبُ فِيهَا الشُّفْعَةُ فَسُئِلَ مَالِكٌ إِذَا أُعْطِيَ فِي خَيْفٍ مِنْ وَادٍ خَمْسِينَ وَمِائَةَ قَفِيزٍ بَيْنَ كُلِّ قَفِيزَيْنِ عَشَرَةُ

(فرع)

أَذْرُعٍ ثُمَّ أَكْرَى بَعْضَ أَهْلِ ذَلِكَ الْخَيْفِ فَهَلْ لِلْمُعْطَى شُفْعَةٌ فِيمَا بَاعُوا فَقَالَ لَا فَقِيلَ إِنَّهُمْ لَمْ يُجَوِّزُوهُ لِلْمُعْطَى وَلَمْ يُقَسِّمُوهُ وَلَمْ يُسَمُّوهُ فِي أَيِّ جِهَةٍ هُوَ مِنَ الْحَائِطِ أَعْلَاهُ أَوْ أَسْفَلَهُ فَقَالَ لَا شُفْعَةَ إِذَا قَسَّمُوا لَهُ أَذْرُعًا مُسَمَّاةً وَقَالَ أَشْهَبُ هَذَا شَرِيكٌ بِأَذْرُعِهِ كَالشَّرِيكِ بِنَخْلَاتٍ وَقَدْ نَزَلَتْ هَذِه المسالة للفقيه أبي الْقَاسِم اصبغ ابْن مُحَمَّدٍ فِي قَرْيَةٍ تُوُفِّيَ صَاحِبُهَا فَابْتَاعَ مِنْ بَعْضِ وَرَثَتِهِ نصِيبَهُ وَقَدْ بَاعَ مَوْرُوثُهُمْ قَبْلَ مَوْتِهِ مَبْذَرَ زَوْجَيْنِ مُشَاعًا فَطَلَبَهُ بِالشُّفْعَةِ فَأَفْتَى بِعَدَمِ الشُّفْعَةِ وَهُوَ النَّظَرُ وَالْقِيَاسُ وَأَفْتَى الْقَاضِي بِالْبَلَدِ بِالشُّفْعَةِ وَلَمَّا بَيَّنَّا لَهُ الْوَجْهَ رَجَعَ وَأَفْتَى بِفَسَادِ الْبَيْعِ فِي الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ لِلْجَهْلِ بِمَبْلَغِ أَرْضِ الْقَرْيَةِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ الْمُشْتَرَى لَا يَزِيدُ بِزِيَادَةِ الْقَرْيَةِ وَلَا يَنْقُصُ بِنَقْصِهَا بَلْ يَكْفِي الْعِلْمُ بِكَرِيمِ الْأَرْضِ وَخَسِيسِهَا وَلَمْ تَكُنْ لَهُ شُفْعَةٌ لِأَنَّ الشَّفِيع هُوَ الشَّرِيكُ يُشَارِكُ فِيمَا يَطْرَأُ عَلَى الْأَرْضِ مِنْ ضَمَانِ هَلَاكٍ أَوْ غَصْبٍ أَوِ اسْتِحْقَاقٍ وَمُشْتَرِي مَبْذَرِ الزَّوْجَيْنِ لَيْسَ شَرِيكًا فِي الْقَرْيَةِ بَلْ هُوَ كَمُبْتَاعِ ثَوْبٍ مِنْ ثِيَابٍ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ وَلَا اشْتَرَطَ الْخِيَارَ وَإِنْ كَانَ عِنْدَ التَّشَاحِّ تُكَسَّرُ جَمِيعُ أَرْضِ الْقَرْيَةِ فَيَأْخُذُ مَبْذَرَ الزَّوْجَيْنِ حَيْثُ مَا وَقَعَ بِالْقَرْيَةِ وَلَوْ غُصِبَ مِنْهَا شَيْءٌ أَوْ وُهِبَ أَخَذَ الْمُبْتَاعُ الْمَبِيعَ مِمَّا بَقِيَ وَيُشَارِكُ الْبَائِعَ بِقَدْرِ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ أَحَدُهُمَا وَيُرِيدُ رَدَّ الْبَيْعِ لِأَنَّ الْمُبْتَاعَ يَقُولُ الْمُسْتَحَقُّ أَفْضَلُ فَلَا أَرْضَى آخُذُ مِنَ الْبَاقِي وَيَقُولُ الْبَائِعُ الْبَاقِي أَفْضَلُ فَلَا أَرْضَى آخُذُكَ مِنْهُ (فَرْعٌ) فِي النَّوَادِرِ قَالَ مَالِكٌ إِذَا بَقِيَتْ بَعْدَ الْقَسْمِ فَبَاعَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ مِنَ الْبُيُوتِ وَالْعَرْصَةِ فَلَا شُفْعَةَ فِي الْعَرْصَةِ بِهَا وَلَا فِيهَا لِأَنَّهَا بَقِيَتْ لِانْتِفَاعٍ عَامٍ لَا لِلشَّرِكَةِ وَقَالَ ش رَحِمَهُ اللَّهُ الشُّفْعَةُ فِي الْعَقَارِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ مِنْ بِنَاءٍ أَو غرس دون

(فرع)

المنقولات لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا شُفْعَةَ إِلَّا فِي رَبْعٍ أَوْ حَائِطٍ قَالَ ش وَإِذَا بِيعَ الْغَرْسُ أَوِ الْبِنَاءُ مَعَ الْأَصْلِ أَوْ نَاعُورَةٍ أَوْ دُولَابٍ أُخِذَ الْجَمِيعُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَإِنْ بِيعَ الْغَرْسُ وَالْبِنَاءُ وَحْدَهُ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ مَنْقُولٌ وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي النَّخْلِ إِذَا بِيعَتْ مَعَ قَرَارِهَا دُونَ مَا يَتَخَلَّلُهَا مِنَ الْبَيَاضِ قِيَاسًا عَلَى بَيْعِهَا مَعَ الْبَيَاضِ أَوْ قِيَاسًا عَلَى بَيْعِهَا وَحْدَهَا وَقَالَ وَإِذَا بِيعَ الزَّرْعُ مَعَ الْأَرْضِ أَوِ الثَّمَرَةُ الظَّاهِرَةُ عَلَى الشَّجَرِ لَا تَشْفَعُ مَعَ الْأَصْلِ بَلِ الْأَرْضُ وَالشَّجَرُ بِحِصَّتِهِمَا وَأَثْبَتَهَا ح لِاتِّصَالِهَا بِالْمَشْفُوعِ كَمَا قُلْنَاهُ وَقَالَ ح لَا شُفْعَةَ فِي الْمَنْقُولَاتِ إِلَّا فِي الْبِنَاءِ وَالنَّخْلِ إِذَا بِيعَتْ دُونَ الْعَرْصَةِ الرُّكْن الثَّالِثُ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ كُلُّ مَنْ تَجَدَّدَ مِلْكُهُ اللَّازِمُ بِاخْتِيَارِهِ وَفِي اشْتِرَاطِ الْمُعَاوَضَةِ فِي التَّجْدِيدِ رِوَايَتَانِ ثَمَرَتُهُمَا ثُبُوتُهَا فِي الصَّدَقَةِ وَالْهِبَةِ وَقَيْدُ التَّجَدُّدِ احْتِرَازٌ مِنْ رَجُلَيْنِ اشْتَرَيَا دَارًا مَعًا فَلَا شُفْعَةَ لِأَحَدِهِمَا وَاللَّازِمُ احْتِرَازٌ مِنْ بَيْعِ الْخِيَارِ وَقَيْدُ الِاخْتِيَارِ احْتِرَازٌ مِنَ الْإِرْثِ (فَرْعٌ) وَفِي الْكِتَابِ لَا تُؤْخَذُ مِنَ الْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا لِأَنَّ عَقْدَهُ يُفْسَخُ وَلَوْ أُخِذَ بِالشُّفْعَةِ يُفْسَخُ أَيْضًا لِأَنَّ الشَّفِيعَ تَنَزَّلَ مَنْزِلَةَ الْمُشْتَرِي وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي بَيْعًا فَاسِدًا إِلَّا أَنْ يَفُوتَ بِمَا تَقَدَّمَ فِي الْبُيُوعِ فَلَا يُرَدُّ وَتَجِبُ الْقِيمَةُ وَيَشْفَعُ بِتِلْكَ الْقِيمَةِ لِتَقَرُّرِ مِلْكِ الْمُشْتَرِي بِهَا فَإِنْ فَاتَ بِبِنَاءٍ زَادَهُ الْمُبْتَاعُ فَعَلَى الشَّفِيعِ قِيمَةُ مَا انفق المُشْتَرِي لَيْلًا يَذْهَبَ مَالُهُ مَجَّانًا وَإِنْ تَهَدَّمَتْ لَمْ يَنْقُضِ الشَّفِيعُ شَيْئًا لِأَنَّهُ شَيْءٌ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ الْمُشْتَرِي وَلَا ضَرَرَ عَلَى الشَّفِيعِ لِأَنَّهُ مُخَيَّرٌ وَإِنْ فَاتَتْ بِالْبَيْعِ الصَّحِيحِ أَخَذَ بِثَمَنِ ذَلِكَ الْبَيْعِ الصَّحِيحِ وَيَتَرَادَّ الْأَوَّلَانِ الْقِيمَةَ لِأَنَّهَا الَّتِي تقررت

وَلَا يَأْخُذُ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ لِأَنَّهُ يَزُولُ الْبَيْعُ الصَّحِيحُ وَيَبْقَى الْفَاسِدُ بِغَيْرِ فَوْتٍ فَإِنْ كَانَ بَنَى وَهَدَمَ فَلَهُ الْأَخْذُ بِالثَّمَنِ الصَّحِيحِ وَبِالْقِيمَةِ فِي الْفَاسِد لَمْ تَفُتْ بِهَذَا فَإِنْ تَرَادَّ الْمُتَبَايِعَانِ الْقِيمَةَ بَعْدَ الْبَيْعِ الثَّانِي فَلَهُ الْأَخْذُ بِالْقِيمَةِ الَّتِي تراداها بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ أَوْ بِالثَّمَنِ لِأَنَّ مبتاع الصِّحَّة لورد ذَلِكَ لِعَيْبٍ بَعْدَ تَرَادِّ الْأَوَّلَيْنِ الْقِيمَةَ لَمْ يَكُنْ لِلْمُبْتَاعِ الْأَوَّلِ رَدُّهَا عَلَى الْبَائِعِ بَيْعًا فَاسِدًا لِصِحَّتِهِ بِأَخْذِ الْقِيمَةِ وَلَكِنْ يَرُدُّ بِالْعَيْبِ وَيَأْخُذ بِالْقيمَةِ الَّتِي دَفَعَ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِذَا أَخَذَ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَفَاتَ عِنْدَهُ فَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ يَوْمَ قَبَضَهُ هُوَ لِأَنَّ أَخْذَهُ كَانَ فَاسِدًا وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ إِذَا وَلَّاهُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ بِاشْتِرَاطِ السَّلَفِ عَلَى الْمُشْتَرِي فَيَنْبَغِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا فَاتَتْ بِيَدِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ أَنَّ عَلَيْهِ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا أَوِ الثَّمَنَ وَإِنْ فَاتَتْ بِيَدِ الْأَوَّلِ فَإِنْ كَانَ إِنَّمَا وَلَّاهُ عَلَى نَحْوِ مَا كَمَا هُوَ عَلَيْهِ مِنَ الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ لَزِمَ الْمُوَلَّى مَا يَلْزَمُ الْمُبْتَاعَ وَهُوَ الْأَوَّلُ وَإِنْ وَلَّاهُ بِالثَّمَنِ وَهُوَ مَائَةٌ مَثَلًا وَسَكَتَ عَنِ السَّلَفِ فَفَاتَتْ بِيَدِ الْمُوَلَّى وَقِيمَتُهَا يَوْمَ الْبَيْعِ الْأَوَّلِ بِلَا سَلَفٍ خَمْسُونَ وَبِالسَّلَفِ سِتُّونَ فَعَلَى الْمُبْتَاعِ الثَّانِي قِيمَتُهَا يَوْمَ قَبَضَهَا مِنَ الْأَوَّلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ أَقَلَّ مِنْ خَمْسِينَ فَلَا يَنْتَقِصُ أَوْ أَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ إِذَا سَكَتَ عَنِ السَّلَفِ فَأَخَذَهَا الثَّانِي بِالثَّمَنِ يُخَيَّرُ الثَّانِي فَإِنْ رَدَّهَا عَلَى الْأَوَّلِ خُيِّرَ الْأَوَّلُ بَيْنَ إِسْقَاطِ السَّلَفِ وَالتَّمَسُّكِ بِالْبَيْعِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ اشْتَرَى عَلَى أَنْ يُسَلَّفَ وَالثَّانِي كَذَبَ فِي الثَّمَنِ لَمَّا لَمْ يَذْكُرِ السَّلَفَ فَإِنْ فَاتَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْعِلْمِ بِهَا فَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهَا أَوِ الْمَائَةُ هَذَا الَّذِي فِي الْكِتَابِ وَقَوْلُ أَبِي مُحَمَّدٍ فِي قِيمَةِ السِّلْعَةِ بِالسَّلَفِ لَا يُفِيدُ هَذِهِ الْقِيمَةَ شَيْئًا لِأَنَّهُ إِنَّمَا جَعَلَ عَلَيْهِ الْقِيمَةَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ أَقَلَّ مِنْ قيمتهَا بِلَا سلف فَلَا ينقص أَو كثر فَلَا يَغْرَمُ فَصَارَتِ الْقِيمَةُ بِالسَّلَفِ مُلْغَاةً فَهُوَ مَعِيبٌ مِنْ كَلَامِ أَبِي مُحَمَّدٍ وَأَمَّا بَاقِي كَلَامِهِ فَيُمْكِنُ صِحَّتُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إِنْ لَمْ يُفْسَخْ بَيْعُ الشُّفْعَةِ حَتَّى فَاتَ بَيْنَ الشَّفِيعِ بِمَا يَفَوَتُ بِهِ الرَّبْعُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ رَجَعَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِقِيمَتِهِ يَوْمَ قَبَضَهُ وَلَزِمَ الشَّفِيعُ مَا

(فرع)

لَزِمَ الْمُشْتَرِي مِنْ تِلْكَ الْقِيمَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ أَكْثَرَ مِمَّا أَخَذَ بِهِ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ إِنْ فَاتَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي أَخَذَهُ بِالْقِيمَةِ فَإِن لم يعلم وَأَخذه بِالْبيعِ الْفَاسِد رد إِلَّا أَنْ يَفُوتَ عِنْدَ الشَّفِيعِ فَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ من قِيمَته يَوْم قَبضه هُوَ أَو الْقيمَة الَّتِي وَجَبَتْ عَلَى الْمُشْتَرِي لِعَجْزِهِ عَنْ رَدِّهِ بِفَوَاتِهِ عِنْدَهُ فَإِنْ قَالَ لَا آخُذُ بِالشُّفْعَةِ رَدَّ قِيمَةَ مَا نَقَصَ وَلَوْ أَخَذَ قَبْلَ الْفَوَاتِ فَفَاتَ عِنْدَهُ فَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ كَمَا تَقَدَّمَ وَهُوَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ لِمُحَمَّدٍ قَالَ وَهَذَا أَبْيَنُ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ كَالشِّرَاءِ فَإِذَا فَاتَتْ لَزِمَتِ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْقَبْضِ فَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ قَالَ آخُذُ بِمَا لَزِمَ الْمُشْتَرِي قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ الْأَخْذُ بَعْدَ الْفَوْتِ إِلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ الْقِيمَةِ اللَّازِمَةِ لِلْمُشْتَرِي وَإِلَّا فَسَدَ الْأَخْذُ كَالْجَهْلِ بِالثَّمَنِ قَالَ سَحْنُونٌ كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ رَدُّهَا بِالْعَيْبِ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ وَالْبَيْعُ الْأَوَّلُ قَدِ انْتَقَضَ وَوَجَبَتْ فِيهِ الْقِيمَةُ لِفَوْتِهِ وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ بِفَضْلِ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ صَحِيحَةً وَمَعِيبَةً فَيَصِيرُ عَلَى الْمُشْتَرِي غَرْمُ قِيمَةِ مَا فَاتَ فِي يَدَيْهِ وَلَا رَدَّ لَهُ كَمَا قَالُوا إِذَا تَعَدَّى عَلَى دَابَّةٍ فَضَلَّتْ فَغَرِمَ قِيمَتَهَا بَعْدَ أَنْ وَصَفَهَا وَحَلَفَ ثُمَّ وُجِدَتْ عَلَى خِلَافِ مَا وَصَفَ لَيْسَ لِرَبِّهَا أَخْذُهَا بَلْ تَمَامَ الْقِيمَةِ قَالَ الْلَخْمِيُّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَفُوتُ الرَّبْعُ بِحَوَالَةِ سُوقٍ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَلَا شُفْعَةَ وَقَالَ أَشْهَبُ فَوَاتٌ وَفِيهِ الشُّفْعَةُ قِيَاسًا عَلَى غَيْرِهِ وَإِذَا أَخَذَ قَبْلَ الْفَوْتِ وَفَاتَ عِنْدَهُ قَالَ مُحَمَّدٌ يَلْزَمُ الشَّفِيعَ مَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِي إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِمَّا أَخَذَ بِهِ الْمُشْتَرِي فَيُخَيَّرُ بَيْنَ رَدِّ الشُّفْعَةِ أَوِ التَّمَسُّكِ بِتِلْكَ الْقِيمَةِ وَيَسْقُطُ الْأَخْذُ كَالشُّفْعَةِ وَيَكُونُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ قَبضه لَيْلًا يَقْبِضَ صَحِيحًا وَيَرُدَّ غَيْرَهُ وَإِنْ أَخَذَ بِثَمَنٍ صَحِيح وَجَهل الْفساد خُيِّرَ بَيْنَ التَّمَسُّكِ بِذَلِكَ الثَّمَنِ فَيَكُونُ بَيْعًا حَادِثًا وَبَيْنَ الرَّدِّ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى فَاتَ عِنْدَهُ فَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنَ الْقِيمَةِ لِأَنَّهَا ثَمَنُهُ أَوِ الثَّمَنُ الَّذِي أَخَذَ بِهِ الْمُشْتَرِي (فَرْعٌ) قَالَ الْلَخْمِيُّ إِذَا أَوْصَى أَنْ يُبَاعَ مِنْ فُلَانٍ بِكَذَا فَلَمْ يَقْبَلْ فُلَانٌ فَلَا شُفْعَةَ لِعَدَمِ الِانْتِقَالِ وَكَذَلِكَ اشْهَدُوا أَنِّي بِعْتُهُ بِكَذَا إِنْ قَبِلَ فَلَمْ يَقْبَلْ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا أَوْصَى بِثُلُثِ دَارِهِ يُبَاعُ فَبِيعَ لَا شُفْعَةَ لِلْوَرَثَةِ كَأَنَّ مَوْرُوثَهُمْ بَاعَهُ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي هِبَةِ غَيْرِ الثَّوَابِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِي عَدَمِ الشُّفْعَةِ فِي الْمِيرَاثِ فَقَاسَهَا مَرَّةً عَلَى الْمِيرَاثِ بِجَامِعِ عَدَمِ الْعِوَضِ وَمَرَّةً عَلَى الْبَيْعِ بِجَامِعِ نَفْيِ الضَّرَرِ خِلَافًا لِ ش وح لنا ظواهر النُّصُوص الْمُتَقَدّمَة احْتَجُّوا بقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الشُّفْعَةُ فِي كُلِّ شِرْكٍ رَبْعٍ أَوْ حَائِطٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَبِيعَ حَتَّى يَعْرِضَهُ على شَرِيكه فَإِذا بَاعَ فَشَرِيكُهُ أَحَقُّ بِهِ فَعَلَّقَ حَقَّ الشُّفْعَةِ بِالْبَيْعِ وَقِيَاسًا عَلَى الْإِرْثِ وَلِأَنَّ الضَّرَرَ فِي صُورَةِ النِّزَاعِ عَظِيمٌ بِإِبْطَالِ التَّمْلِيكِ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَيَبْطُلُ مَقْصُودُ الْوَاهِبِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ الْقَوْلُ بِالْمُوجِبِ لِأَنَّ عُمُومَهُ يُوجِبُ الشُّفْعَةَ فِي الْهِبَةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي أَنَّ الْوَارِثَ غَيْرُ مُخْتَارٍ فَلَمْ يُتَّهَمْ فِي الضَّرَرِ بِخِلَافِ الْمَوْهُوبِ وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّالِثِ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمَوْهُوبِ لِأَنَّ الشَّفِيعَ عِنْدَنَا يُعْطِيهِ الْقِيمَةَ فَيَدْفَعُ الضَّرَرَ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ لَا شُفْعَةَ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ حَتَّى يَتِمَّ الْبَيْعُ وَقَالَهُ ح وَأَحْمَدُ خِلَافًا لِ ش احْتُجَّ بِأَنَّ الْخِيَارَ حَقٌّ للْمُشْتَرِي أَو البَائِع وَالشَّفِيع مقدم عَلَيْهَا وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمَبِيعَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ فَلَمْ يَتَحَقَّقِ الِانْتِقَالُ الَّذِي تَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ

الشُّفْعَةُ وَهَذِهِ قَاعِدَةٌ مُخْتَلَفٌ فِيهَا هَلِ الْمِلْكُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ أَوِ الْمُشْتَرِي فَالْخِلَافُ فِي الشُّفْعَةِ مَبْنِيٌّ عَلَيْهِ قَالَ التُّونِسِيُّ إِنْ بَاعَ بِالْخِيَارِ فَبَاعَ الثَّانِي بَيْعَ بَتٍّ إِنْ رَضِيَ مُشْتَرِي الْخِيَارِ الشِّرَاءَ كَانَ لَهُ الشُّفْعَةُ عَلَى مُشْتَرِي الْبَتِّ كَأَنَّ بَيْعَ الْخِيَارِ لَمْ يَزَلْ مَاضِيًا قَبْلَ بَيْعِ الْبَتِّ قَالَ وَلَا يُقَال يلْزم أَن يكون لمشتري الْخِيَارِ عَلَى بَائِعِ الْبَتِّ لِأَنَّا نَقُولُ إِذَا جَعَلْنَا الْأَوَّلَ كَأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ كَانَ كَمَنْ بَاعَ الشُّفْعَةَ أَوْ يَكُونُ ابْنُ الْقَاسِمِ فَرَّعَ هَا هُنَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ مَنْ بَاعَ شُفْعَتَهُ بَعْدَ وُجُوبِ الشُّفْعَةِ سَقَطَتْ وَفِيهِ قَوْلَانِ وَقَالَ أَشْهَبُ يَجْعَلُ بَيْعَ الْخِيَارِ كَأَنَّهُ إِنَّمَا أُمْضِيَ يَوْمَ اخْتَارَ الْمُشْتَرِي إِنْفَاذَهُ فَصَارَ مُشْتَرِي الْخِيَارِ قَدْ وَجَبَتْ لَهُ الشُّفْعَةُ فِي بَيْعِ الْبَتْلِ قَبْلَ أَنْ يَبِيعَ فَلَيْسَ بَيْعُهُ بِالَّذِي يُسْقِطُ شُفْعَتَهُ وَقَالَ مُطَرِّفٌ إِذَا بَاعَ نِصْفَ دَارٍ بِالْخِيَارِ لِأَحَدِهِمَا ثُمَّ بَاعَ بَاقِيهَا بَيْعَ بَتْلٍ فَإِنِ اخْتَارَ رَبُّ الْخِيَارِ تَنْفِيذَ الْبَيْعِ وَهُوَ الْمُبْتَاعُ شَفَعَ مُشْتَرِي الْبَتْلِ فَإِنْ رَدَّ الْبَيْعَ فَلَا يَشْفَعُهُ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ الَّذِي بَاعَ قَالَ الْلَخْمِيُّ قَالَ بَعْضُ النَّاسِ تَجِبُ الشُّفْعَةُ إِذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْبَيْعَ انْعَقَدَ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ بِخِلَافِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ وَإِذَا بَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ بِالْخِيَارِ وَبَاعَ الْآخَرُ نَصِيبَهُ بَتْلًا فَالشُّفْعَةُ لِمُشْتَرِي الْخِيَارِ عَلَى مُشْتَرِي الْبَتْلِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ غَيْرُهُ لِمُشْتَرِي الْبَتْلِ عَلَى مُشْتَرِي الْخِيَار هَذَا فِي المشترين وَاخْتُلِفَ فِي الْبَائِعَيْنِ فَقِيلَ لَا شُفْعَةَ لَهُمَا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ بَاعَ مَا يَشْفَعُ بِهِ وَقِيلَ هِيَ لِمَنْ بَاعَ بَتْلًا عَلَى مُشْتَرِي الْخِيَارِ لِأَنَّ بَيْعَهُ تَأَخَّرَ فَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ أَنَّ بَيْعَ الْخِيَارِ إِذَا أُمْضِيَ كَأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُنْعَقِدًا مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ يَشْفَعُ بَائِعُ الْخِيَارِ مِنْ بَائِعِ الْبَتْلِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُرَاعَى يَوْمَ التَّمَامِ وَالْقِيَاسُ عَدَمُ الشُّفْعَةِ كَبَيْعِ مَا يَشْفَعُ بِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ اخْتُلِفَ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ إِذَا أُمْضِيَ هَلْ يُعَدُّ مَاضِيًا مِنْ حِينِ عَقْدِهِ أَوْ مِنْ حِينِ إِمْضَائِهِ وَعَلَى هَذَا يَتَرَكَّبُ الْخِلَافُ فِيمَنْ بَاعَ نِصْفَ دَارٍ بِالْخِيَارِ ثُمَّ بَاعَ

(فرع مرتب)

النّصْف الآخر بتلا هَل الشُّفْعَة لذا وَلذَلِك وَاخْتُلِفَ فِي بَيْعِ الْحِصَّةِ الَّتِي يَشْفَعُ بِهَا هَلْ تُسْقِطُ حَقَّ الشُّفْعَةِ أَمْ لَا وَعَلَى الْأَوَّلِ هَلْ يَسْقُطُ الِاسْتِشْفَاعُ فِي بَعْضِ الْحِصَّةِ الْمُشْتَرَاةِ بِبَيْعِ بَعْضِ الْحِصَّةِ الْمُسْتَشْفَعِ بِهَا خِلَافٌ وَتَتَرَكَّبُ عَلَى الْخِلَافِ فِي مَسْأَلَةِ الْخِيَارِ مَسْأَلَةُ بَيْعِ الْحِصَّةِ وَالْخِلَافُ فِي فُرُوعٍ إِذَا بَاعَ حِصَّتَهُ بَيْعَ خِيَارٍ ثُمَّ بَاعَ الْآخَرُ بَتْلًا فَفِي تَعَيُّنِ الشَّفِيعِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ مَبْنِيَّةٍ عَلَى أُصُولِ الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ لِأَنَّا إِذَا فَرَّعْنَا عَلَى أَنَّ بَيْعَ الْحِصَّةِ الْمُسْتَشْفَعِ بِهَا يُسْقِطُ الشُّفْعَةَ انْحَصَرَتِ الشُّفْعَةُ لِمَنِ ابْتَاعَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ ثُمَّ هَلْ هُوَ مُبْتَاعُ الْخِيَارِ أَوِ الْبَتْلِ خِلَافٌ عَلَى الْخِلَافِ فِي إِمْضَاءِ بَيْعِ الْخِيَارِ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ فَرَّعْنَا عَلَى أَنَّ بَيْعَهَا لَا يُسْقِطُ فَالشُّفْعَةُ لِمَنْ بَاعَ وَفِي تَعْيِينِ بَائِعِ الْخِيَارِ أَوِ الْبَتْلِ قَوْلَانِ أَيْضًا عَلَى الْخِلَافِ فِي إِمْضَاءِ بَيْعِ الْخِيَارِ هَلْ يُقَدَّرُ مِنْ حِينِ الْإِمْضَاءِ أَوْ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ (فَرْعٌ مُرَتَّبٌ) فِي النَّوَادِرِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِذَا سَلَّمَ شُفْعَتَهُ قَبْلَ تَمَامِ الْخِيَارِ لَهُ الْقِيَامُ إِذَا تَمَّ الْخِيَارُ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا بِيعَتْ فَبَاعَ الْمُشْتَرِي مِنْكَ لِغَيْرِكَ لَكَ الْأَخْذُ لِأَنَّكَ قَدْ لَا تَرْضَى بِالشَّرِيكِ الثَّانِي بِخِلَافِ الْأَوَّلِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ لَا تَجُوزُ هِبَةُ الْوَصِيِّ شِقْصَ الْيَتِيمِ إِلَّا لِنَظَرٍ كَبَيْعِهِ لِرَبْعِهِ لِغِبْطَةٍ فِي الثَّمَنِ أَوْ لِأَنَّ غَلَّتَهُ لَا تَكْفِيهِ أَوْ لِوَجْهِ نَظَرٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا

(فرع)

تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} وَفِيهِ الشُّفْعَةُ وَقَالَهُ ش بِجَامِعِ نَفْيِ الضَّرَرِ وَهِبَةُ الْمُكَاتَبِ وَالْمَأْذُونِ عَلَى الْعِوَضِ تَجُوزُ بِلَا مُحَابَاةٍ لِقُدْرَتِهِمَا عَلَى التَّصَرُّفِ وَفِيهِ الشُّفْعَةُ (فَرْعٌ) قَالَ الشُّفْعَةُ فِي الْغِيَاضِ وَالْآجَامِ وَإِنْ كَانَتِ الأَرْض بَينهمَا فَائِدَة فِي التبيهات الْغِيَاضُ وَالْآجَامُ الشَّجَرُ الْمُلْتَفُّ أَوِ الْقَصَبُ وَنَحْوُهُ (فَرْعٌ) قَالَ لَيْسَ لِأَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ فِيمَا بَاعَ الْآخَرُ شُفْعَةٌ لِأَنَّ مَبِيعَ أَحَدِهِمَا يَلْزَمُ الْآخَرَ بِخِلَافِ الْمُتَقَارِضَيْنِ إِذَا اشْتَرَى الْعَامِلُ شِقْصًا هُوَ شَفِيعُهُ أَخَذَ وَلَا يَمْنَعُهُ رَبُّ الْمَالِ وَإِذَا كَانَ رَبُّ الْمَالِ الشَّفِيعَ أَخَذَ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا أَخَذَ الْعَامِلُ فَعُهْدَتُهُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ فِي مَالِ الْقِرَاضِ قَالَ الْلَخْمِيُّ قِيلَ لَا شُفْعَةَ لِلْعَامِلِ قَالَ وَهُوَ أَبْيَنُ إِذَا قَالَ اشْتَرَيْتُ لِلْقِرَاضِ وَهُوَ عَالِمٌ بِوُجُوبِ الشُّفْعَةِ لِلشَّرِيكِ لِأَنَّ ذَلِكَ إِقْرَارٌ مِنْهُ أَنَّهُ قصد الرّيح وَالشُّفْعَة لَا ريح فِيهَا فَهُوَ خلاف مَا أقربه وَإِنْ جَهِلَ فَأُعْلِمَ بَعْدَ الشِّرَاءِ حَلَفَ وَأَخَذَ وَإِنْ قَالَ قَصَدْتُ بِالشِّرَاءِ نَفْسِي وَتَعَدَّيْتُ عَلَى الْمَالِ كَانَ لِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يُبَاعَ لَهُ وَيَأْخُذَ جُزْءًا مِنْ رِبْحِهِ وَهَذَا حُكْمُ كُلِّ مَنْ أَخَذَ مَالًا لِيَتَّجِرَ فِيهِ لِصَاحِبِهِ فَتَعَدَّى وتجر فِيهِ لنَفسِهِ أَن الرّيح لِصَاحِبِ الْمَالِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْعٌ فِيهِ ريح أَوْ خَسَارَةٌ فَيُتْرَكُ وَلَا يُبَاعُ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ لتعين مِقْدَار الرّيح قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِنَّمَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُقَارِضِ عُهْدَةٌ عَلَى رَبِّ الْمَالِ إِنَّمَا أَذِنَ لَهُ فِي جَرِّ الْمَنَافِعِ إِلَيْهِ وَهَذَا لَيْسَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ سِلْعَتَهُ بِثَمَنِهَا وَلَا عُهْدَةَ لِرَبِّ الْمَالِ عَلَى الْعَامِلِ لِأَنَّ الْعُهْدَةَ فِي الْأَصْلِ عَلَى الْمَالِ الْمُقْتَرَضِ وَالْمَالُ لِصَاحِبِ مَالِ الْقِرَاضِ فَلَا عُهْدَةَ لَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنَّمَا قَالَ فِي الْكِتَابِ مَا وَقَعَ لِأَنَّ مَالِكًا

(فرع)

قَالَ إِذَا اشْتَرَيْتَ مَا أَنْتَ شَفِيعُهُ مَعَ أَحَدٍ ضَرَبْتَ بِالشُّفْعَةِ بِقَدْرِ نَصِيبِكَ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَلَا تَضْرِبُ بِمَا اشْتَرَيْتَ وَقَالَ أَشْهَبُ عُهْدَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُقَارِضِ وَرَبِّ الْمَالِ عَلَى الْبَائِعِ وَقَالَ ش لِلْعَامِلِ أَخْذُ مَا بِيعَ فِي شَرِكَةِ مَالِ الْقِرَاضِ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِمَا اشْتَرَى بِمَالِ الْقِرَاضِ فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ فَلِرَبِّ الْمَالِ الْأَخْذُ قَالَ فَإِنِ اشْتَرَى بِمَالِ الْقِرَاضِ شِقْصًا فِي شَرِكَةِ رَبِّ الْمَالِ لَا أَخْذَ لَهُ كَمَا لَوِ اشْتَرَاهُ وَكِيلُهُ وَقَالَ ح لَهُ الْأَخْذُ لِأَنَّ لِلْعَامِلِ حَقًّا فَأَشْبَهَ الْأَجْنَبِيَّ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ إِنِ ادَّعَيْتَ سُدُسَ دَارٍ فَأَنْكَرَ وَصَالَحَكَ عَلَى شِقْصٍ دَفَعَهُ إِلَيْكَ مِنْ دَارٍ لَهُ فَالشُّفْعَةُ فِي الدَّارِ الَّتِي لَا دَعْوَى فِيهَا لِأَنَّ قَابِضَهُ مُقِرٌّ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ وَدَفَعَ فِي ثَمَنِهِ السُّدُسَ الْمُدَّعَى فِيهِ وَلَا شُفْعَةَ فِي الشِّقْصِ الْمُدَّعَى فِيهِ لِأَنَّ قَابِضَهُ يَقُولُ إِنَّمَا أَخَذْتُ حَقِّي وافتديته بِمَا دفعت فِيهِ وَلَمْ أَشْتَرِهِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ وَلَوْ كَانَ الصُّلْحُ عَلَى إِقْرَارٍ كَانَتِ الشُّفْعَةُ فِي الشّقص فَلَو صالحته مِنْهُ على عوض أَوْ دَرَاهِمَ عَلَى إِقْرَارٍ فِيهِ الشُّفْعَةُ بِقِيمَةِ الْعِوَضِ وَقِيلَ الدَّرَاهِمُ أَوْ عَلَى إِنْكَارٍ فَلَا شُفْعَةَ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ انْتِقَالِ الْمِلْكِ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ قَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ فِي الْمَصَالِحِ فِي دَعْوَى فِي سُدُسِ دَارٍ تُقَيَّدُ الشُّفْعَةُ فِي الْمُنَاقَلَةِ عَلَى إِحْدَى الرِّوَايَاتِ فِي مَنْعِ ذَلِكَ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَالْمُتَعَاوِضِ كَانَ الْمُتَنَاقِلَانِ شَرِيكَيْنِ فِي الْأَصْلِ أَوْ فِي أَحَدِهِمَا أَوْ لَا إِذْ لَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ هُنَا بَيْنَهُمَا شُفْعَةٌ لَكَانَ مِنْ حُجَّةِ دَافِعِ السُّدُسِ أَنْ يَقُولَ لَمْ أَبِعْ أَصْلًا إِلَّا بِأَصْلٍ لَا بِثَمَنٍ فَلَا شُفْعَةَ عَلَيَّ فِيمَا أَخَذْتُ فِيهِ وَقَدْ قِيلَ فِي هَذَا الْبَابِ كُلِّهِ لَا شُفْعَةَ كَانَ مَا نَاقَلَهُ بِهِ فِيهِ شِرْكٌ مَعَ الْمُشْتَرِي أَوْ غَيْرِهِ وَهِيَ

(فرع)

رِوَايَة ابْن الْقَاسِم إِذا قصد المناقلة والكسنى دُونَ الْبَيْعِ وَعَنْ مَالِكٍ الْمُنَاقَلَةُ الَّتِي لَا شُفْعَةَ فِيهَا بَيْعُ حِصَّتِهِ مِنْ شَرِيكِهِ بِأَصْلٍ آخَرَ مِنْهُ فِيهِ شِرْكٌ أَيْضًا لِيُوَسِّعَ حَظَّهُ بِمَا صَارَ لَهُ مِنْ حَظِّ شَرِيكِهِ فَلَا تَكُونُ الْمُنَاقَلَةُ عَلَى هَذَا إِلَّا بِشَرْطِ شَرِكَتِهِمَا فِي الْأَصْلَيْنِ الْمُتَنَاقَلِ بِهِمَا وَهُوَ بَيِّنٌ فِي عَدَمِ الشُّفْعَةِ وَقَالَ مُطَرِّفٌ لَا شُفْعَةَ إِذَا كَانَتْ شَرِكَةً مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ فِي الْبَيْعِ الْوَاحِدِ فَتُسْقَطُ فِي الْجِهَةِ الَّتِي أَخَذَ مِنْ شَرِيكِهِ لِيُوَسِّعَ بِهِ فِي مَنْزِلِهِ دُونَ مَا دَفَعَ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا أُعْمِرَتْ عَلَى عِوَضٍ فَسَدَ لِأَنَّهَا إِجَارَةٌ مَجْهُولَةُ الْمَنَافِعِ وَلَا شُفْعَةَ وَيَرُدُّ الْمُعْمِرُ الدَّارَ وَإِنِ اسْتَغَلَّهَا رَدَّ غَلَّتهَا وَعَلِيهِ أُجْرَة سكانها لِأَنَّ ضَمَانَهَا مِنْ رَبِّهَا وَيَأْخُذُ عِوَضَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ الصَّوَابُ الْغَلَّةُ لِلْمُسْتَغِلِّ وَفِي الْكِتَابِ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ مَعْنَى يَرُدُّ غَلَّتَهَا أَيْ كِرَاءَ مُغَلِّ الدَّارِ وَأَمَّا الْغَلَّةُ فَلَا وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ لَيْسَ خِلَافًا لِلْمُدَوَّنَةِ حِينَئِذٍ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ لَا شُفْعَةَ لِمَنْ لَهُ حِمْلٌ عَلَى جِدَارٍ إِذَا بِيعَ لِأَنَّهُ غَيْرُ شَرِيكٍ وَلَا لِصَاحِبِ عُلُوٍّ عَلَى سُفْلٍ وَلَا لِصَاحِبِ سُفْلٍ عَلَى عُلُوٍّ لِعَدَمِ الشَّرِكَةِ وَقَالَ ش إِذَا بَاعَ أَحَدُ شُرَكَاءِ الْعُلُوِّ وَالسَّقْفُ لِصَاحِبِ السُّفْلِ فَلَا شُفْعَةَ لِأَنَّهُ بِنَاءٌ مُجَدَّدٌ وَإِنْ كَانَ السَّقْفُ لِلْعُلُوِّ لَا شُفْعَةَ لِصَاحِبِ السُّفْلِ لِأَنَّهُ مُجَاوِرٌ لَا شَرِيكٌ وَهَلْ لِشُرَكَاءِ الْعُلُوِّ لِأَنَّ السَّقْفَ عَلَى مِلْكِهِمْ أَوْ لَا تَثْبُتُ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَرْضًا وَجْهَانِ لَهُمْ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ لَا شُفْعَةَ فِي أَرْضِ الْعَنْوَةِ لِعَدَمِ الْمِلْكِ بَلْ هِيَ وَقْفٌ لِلْمُسْلِمِينَ

(فرع)

وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَإِنْ بِيعَتْ أَرْضُ الصُّلْحِ على أَن الْخراج على الَّذِي جَازَ فِيهَا الشُّفْعَة لأَنهم مالكون الْأَرْضِ فَإِنْ شَرَطَ عَلَى الْمُبْتَاعِ الْمُسْلِمِ امْتَنَعَ لِأَنَّ بِإِسْلَامِ الذِّمِّيِّ يَنْقَطِعُ الْخَرَاجُ عَنِ الْأَرْضِ فَهُوَ مَجْهُولٌ وَغَرَرٌ (فَرْعٌ) قَالَ إِنِ اشْتَرَى بِعَبْدٍ مَغْصُوبٍ فَلَا يَأْخُذُ الشَّفِيعُ حَتَّى يَفُوتَ الْعَبْدُ فَيَأْخُذُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ يَوْمَ الْعَقْدِ لِأَنَّهَا المتعينة ثمنا حِينَئِذٍ وَلَو اشْترى بدارهم مَغْصُوبَةٍ صَحَّ الشِّرَاءُ لِأَنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ وَأُخِذَتُ الشُّفْعَةُ وَعَلَى الْغَاصِبِ مِثْلُهَا وَإِنْ وَجَدَهَا الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِعَيْنِهَا بِيَدِ الْبَائِعِ بِبَيِّنَةٍ أَخَذَهَا وَرَجَعَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُبْتَاعِ بِمِثْلِهَا وَفِي التَّنْبِيهَاتِ قَوْلُهُ هُنَا دَلِيلٌ عَلَى شِرَاءِ مَا اشْتَرَى بِالثَّمَنِ الْحَرَامِ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ سَحْنُونٍ وَغَيْرُهُ وَفَرَّقَ ابْنُ عَبْدُوسٍ بَيْنَ عِلْمِ الْبَائِعِ وَجَهْلِهِ لِأَنَّهُ إِذَا عَلِمَ بِهِ رَضِيَ بِدَفْعِ سِلْعَتِهِ بِغَيْرِ ثَمَنٍ أَوْ بِثَمَنٍ مَعِيبٍ قَالَ الْلَخْمِيُّ إِذَا غَصَبَ عَبْدًا فَاشْتَرَى بِهِ فَقَامَ الشَّفِيعُ وَهُوَ قَائِمٌ أَوْ بَعْدَ تَغَيُّرِ سُوقِهِ أَوْ تَغَيُّرِهِ فِي نَفْسِهِ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ فَلَا شُفْعَةَ لِحَقِّ الْبَائِعِ وَحَقِّ الْمُشْتَرِي أَمَّا الْمُشْتَرِي فَلِأَنَّ صَاحِبَ الْعَبْدِ إِنْ لَمْ يَجِدْ يُؤْخَذُ الشِّقْصُ أَوْ يُجِيزُ فِعْلَهُ بِكُتُبِ الْعُهْدَةِ وَأَمَّا الْبَائِعُ فَيَقُولُ إِنْ لَمْ يُجِزِ الْعَبْدَ أَخَذْتُ الشِّقْصَ وَكُلُّ هَذَا يُمْكِنُ مَعَ وُجُودِ عَيْنِ الْعَبْدِ أَمَّا إِذَا تَغَيَّرَ فَالشُّفْعَةُ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْعَقْدِ لِأَنَّ رَبَّهُ لَا يَخْتَارُهُ حِينَئِذٍ وَلِرَبِّهِ أَكْثَرُ الْقِيمَتَيْنِ يَوْمَ الْغَصْبِ أَوْ يَوْمَ الشِّرَاءِ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنَ الشَّفِيعِ وَفِي النَّوَادِرِ إِذَا ابْتَاعَ بِحِنْطَةٍ شِقْصًا فَأَخَذَهُ الشَّفِيعُ بِمِثْلِهَا ثُمَّ اسْتُحِقَّتِ الْحِنْطَةُ الْأُولَى قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِمِثْلِهَا قَالَ مُحَمَّدٌ وَهَذَا غَلَطٌ بَلْ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ شِقْصِهِ وَلَوْ لَمْ يُؤْخَذْ بِالشُّفْعَةِ لَأَخَذَهُ بِعَيْنِهِ وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِيمَنِ ابْتَاعَ حِنْطَةً بِعَيْنِهَا فَاسْتُحِقَّتْ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِمِثْلِهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ

(فرع)

فَإِنِ اشْتَرَى بِعَبْدٍ قِيمَتُهُ أَلْفَانِ شِقْصًا قِيمَتُهُ أَلْفٍ فَأَخَذَهُ الشَّفِيعُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ ثُمَّ اسْتُحِقَّ الْعَبْدُ رَجَعَ الْبَائِعُ بِقِيمَةِ شِقْصِهِ وَلَوْ كَانَ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفًا وَقِيمَةُ الشِّقْصِ أَلْفَيْنِ ثُمَّ اسْتُحِقَّ الْعَبْدُ رَجَعَ الْبَائِعُ بِقِيمَةِ شِقْصِهِ وَلَا رُجُوعَ لِلشَّفِيعِ وَلَا عَلَيْهِ شَيْءٌ وَقَالَهُ مُحَمَّدٌ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الشِّقْصِ أَكْثَرَ لَهُ الِاسْتِشْفَاعُ بِذَلِكَ وَلَهُ الرَّدُّ أَوْ أَقَلَّ رَجَعَ الشَّفِيعُ بِمَا بَقِيَ لَهُ وَقَالَهُ سَحْنُونٌ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا غَصَبَ عَبْدًا فَاشْتَرَى بِهِ لَا شُفْعَةَ لَهُ حَتَّى يَفُوتَ بِالْمَوْتِ وَلَا تُفِيتُهُ الْعُيُوبُ لِأَنَّ لِرَبِّهِ أَخْذَهُ مَعِيبًا وَكَذَلِكَ لَوِ اشْتَرَى الْعَبْدَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْغَصْبِ حَتَّى ابْتَاعَ بِهِ الشِّقْصَ قَالَ سَحْنُونٌ لَيْسَ هَذَا جَوَابُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْغَصْبِ وَإِنَّمَا يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ مُشْتَرِي الْعَبْدِ عَالِمًا بِغَصْبِهِ ثُمَّ أَجَازَ رَبُّهُ الْبَيْعَ ثَبَتَتِ الشُّفْعَةُ وَإِلَّا انْفَسَخَ الْبَيْعُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَوْ عَلِمَ فِي قِيَامِ الشَّفِيعِ فَإِنْ كَانَ رَبُّ الْعَبْدِ قَرِيبَ الْغَيْبَةِ انْتَظَرَ حَتَّى يَقْدُمَ فَيُجِيزَ أَوْ بعيدها فللمبتاع فسخ البيع وان لم يعم حَتَّى أَخَذَ الشَّفِيعُ مَضَتِ الشُّفْعَةُ (فَرْعٌ) فِي النُّكَتِ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ فِي الْحَائِطِ بَيْنَ الدَّارَيْنِ لِرَجُلَيْنِ وَالْحَائِطُ خَاصَّةً مُشْتَرَكٌ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا دَارَهُ بِحُقُوقِهَا فَدَخَلَ الْحَائِطُ فِي الشِّرَاءِ فَلِشَرِيكِهِ الشُّفْعَةُ فِيهِ تُقَوَّمُ الدَّارُ بِغَيْرِ اشْتِرَاطِ الْحَائِطِ وَيُقَوَّمُ الْحَائِطُ فَيَأْخُذُهُ بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ كَمَا إِذَا بِيعَ مَا فِيهِ الشُّفْعَةُ وَمَا لَا شُفْعَةَ فِيهِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نِصْفَهَا مَعِيبًا قَبْلَ الْقَسْمِ بِغَيْرِ أَمْرِ شَرِيكِهِ ثُمَّ قَدِمَ شَرِيكُهُ إِنْ أَجَازَ الْبَيْعَ وَإِلَّا أَخَذَ حِصَّتَهُ وَبَاقِيهِ بِالشُّفْعَةِ وَدَفَعَ نِصْفَ الثَّمَنِ قِيلَ أَفَلَا يُقَاسِمُ الَّذِي لَمْ يَبِعْ شَرِيكَهُ الَّذِي بَاعَ فَإِنْ وَقَعَ النِّصْفُ الْمَبِيعُ فِي حِصَّةِ الْبَائِعِ مُضِيَ عَلَيْهِ بِثَمَنِهِ قَالَ لَا بَلْ يَفْعَلُ مَا تَقَدَّمَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ إِنْ

شَاءَ لَمْ يُجِزْ بَيْعَ حِصَّتِهِ وَأَخَذَهَا وَسَلَّمَ وَأَخَذَ الشُّفْعَةَ وَقَاسَمَ شَرِيكَهُ بَقِيَّةَ الدَّارِ وَيُخَيَّرُ الْمُبْتَاعُ فِي التَّمَسُّكِ أَوِ الرَّدِّ فَتَرْجِعُ الدَّارُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ كَمَا كَانَتْ وَإِنْ شَاءَ جَعَلَ بيع شَرِيكه وَأَمْضَى ذَلِكَ وَلَا شُفْعَةَ وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ بَيْعَ شَرِيكِهِ كُلَّهُ وَقَاسَمَهُ لِأَنَّهُ يَقُولُ أُدْخِلَ الْبَائِعُ عَلَى مُقَاسَمَةِ بَعْضِ الدَّارِ دُونَ بَعْضٍ إِذْ لَمْ آخُذْ بِالشُّفْعَةِ وَلَمْ أَرْضَ شَرِكَةَ مَنْ بَاعَ مِنْهُ وَلَهُ أَنْ يَقُولَ أَنَا أُقَاسِمُ هَذَا ثُمَّ أُقَاسِمُكَ أَيُّهَا الشَّرِيكُ فَأُؤَدِّي أُجْرَةَ الْقَاسِمِ مَرَّتَيْنِ وَهُوَ ضَرَرٌ وَلَكِنِ افْسَخْ وَأُقَاسِمُكَ مَرَّةً وَاحِدَةً وَقَدْ تَكُونُ تَنْقَسِمُ اثْنَيْنِ وَلَا تَنْقَسِمُ أَرْبَعَةً إِلَّا بِضَرَرٍ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِذَا لَمْ يُجِزْ بَيْعَ نَصِيبِهِ وَلَا جَازَ بَيْعُ نَصِيبِ شَرِيكِهِ وَلَا أَخَذَ بِالشُّفْعَةِ فَلَيْسَ لَهُ فَسْخُ الْبَيْعِ حَتَّى يُقَاسِمَ شَرِيكَهُ الْبَائِعَ الدَّارَ نِصْفَيْنِ فَإِنْ وَقَعَ مَا بَاعَ فِي سَهْمِ الْبَائِعِ نَفَذَ الْبَيْعُ وَإِلَّا انْتُقِضَ وَكَذَلِكَ قَالَ أَشْهَبُ فِي بَيْعِ أَحَدِهِمَا بَيْتًا مِنَ الدَّارِ بِعَيْنِهِ أَوْ بَيْعِ حِصَّتِهِ مِنْ فَحْلِ النَّخْلِ وَلَا سَلَّمَ وَلَا أَخَذَ بِالشُّفْعَةِ وَلَا سَلَّمَ بِيعَ نَصِيبُ شَرِيكِهِ كَمَا بَاعَ فَلَا يَفْسَخُ حَتَّى يُقَاسِمَهُ شَرِيكُهُ لِأَنَّ فَحْلَ النَّخْلِ يَنْقَسِمُ مَعَهَا وَقَدْ يَقَعُ فِي الْقَسْمِ لِأَحَدِهِمَا قَالَ أَشْهَبُ وَأَمَّا لَوْ بَاعَ نَصِيبَهُ مِنْ حِصَّةِ الدَّارِ فَلَهُ إِذَا امْتَنَعَ بِمَا ذَكَرْنَا الْفَسْخُ قَبْلَ الْمُقَاسَمَةِ لِأَنَّ الْعَرْصَةَ لَا تَنْقَسِمُ إِلَّا بِالتَّرَاضِي وَبَيْعُ الشَّرِيكِ نَصِيبَهُ قِسْمَةً فَإِنْ رَضِيَ شَرِيكُهُ نَفَذَهُ لَهُ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِالشُّفْعَةِ وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ بَيْعَهُ قَالَ أَشْهَبُ وَبَيْعُهُ لِنَصِيبِهِ مِنْ بِئْرِ الْأَرْضِ أَوْ غَلَّتِهَا فَلَيْسَ لِلْآخَرِ فَسْخٌ إِنَّمَا لَهُ الشُّفْعَةُ أَوْ تَرْكُهَا أَوْ بَيْعُهُ جَائِزٌ لِأَنَّهَا لَا تَنْقَسِمُ مَعَ الْحَائِطِ وَلَا تَصِيرُ فِي أَحَدِ النِّصْفَيْنِ بَلْ تُتْرَكُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ يُقْسَمُ مَاؤُهَا بِالْقِلْدِ وَأَمَّا إِنْ بَاعَ أَحَدُهُمَا شِرْبَ يَوْمٍ أَوْ أَقَلَّ فَلِصَاحِبِهِ الشُّفْعَةُ إِنْ أَجَازَ بَيْعَهُ وَلَهُ رَدُّ بَيْعِهِ إِنْ كَانَتِ الْأَرْضُ تَحْتَاجُ لِلْبِئْرِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ مَاءٌ يُقَسِّمُوا فِيهِ الْأَرْضَ فَيَبْقَى فِي ذَلِكَ شِرْبٌ مِنْ مَاءِ هَذَا خَاصَّةً وَفِي النَّوَادِرِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَمُطَرِّفٌ إِذَا بَاعَ نَصِيبَهُ مِنَ الْأَرْضِ مُعَيَّنًا وَفِي شُرَكَائِهِ حَاضِرٌ أَوْ غَائِبٌ أَوْ صَغِيرٌ أَوِ الْمُبْتَاعُ يَظُنُّ أَنَّهُ بَاعَهُ حَقَّهُ وَحْدَهُ فَلَمْ

يُحْدِثْ فِيهِ شيئاَ حَتَّى قَامَ الْحَاضِرُ وَقِدَمَ الْغَائِبُ وَكَبِرَ الصَّغِيرُ فَإِنْ قَامَ الْحَاضِرُ بِحِدْثَانِ الْبَيْعِ قَبْلَ انْقِطَاعِ حُجَّتِهِ بِطُولِ حِيَازَتِهَا فَالْكُلُّ سَوَاءٌ يُخَيَّرُونَ فِي الْإِجَازَةِ وَأَخْذِ الثَّمَنِ أَوِ الرَّدِّ وَيَأْخُذُونَ عِوَضَهَا فِيمَا بَقِيَ مِنَ الْأَرْضِ الْمُشْتَرَكَةِ وَيَكُونُ حَظُّ الشَّرِيكِ فِيمَا بَاعَ لِأَنَّهُ على ذَلِك بَاعَ وَإِن شاؤا أَخَذُوا نَصِيبَهُمْ مِنَ الْمَبِيعِ وَشَفَعُوا مَا بَقِيَ فَإِنْ بَنَى الْمُبْتَاعُ الْعَرْصَةَ أَوْ طَالَتْ حِيَازَتُهُ بِمَحْضَرِ الشُّرَكَاءِ الْحُضُورِ فَلَا قِيَامَ لَهُمْ عَلَى الْمُبْتَاعِ وَكَلَامُهُمْ مَعَ الْبَائِعِ فَإِنِ اعْتَرَفَ أَنَّ حَقَّهُمْ فِي الْمَبِيعِ خُيِّرُوا فِي الْإِمْضَاءِ أَوْ أَخْذِ نَصِيبِهِمْ مِنَ الْأَرْضِ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ قَالَ مَا بِعْتُ ذَلِكَ مِنَ الْأَرْضِ حَتَّى صَارَ لِي دُونَكُمْ حَلَفَ وَانْقَطَعَ حَقُّهُمْ فِي الْمَبِيعِ وَكَانُوا عَلَى حَقِّهِمْ فِيمَا بَقِيَ مِنَ الْأَرْضِ وَأَمَّا الْغُيَّبُ وَالصِّغَارُ فَيُخَيَّرُونَ فِي الثَّلَاثَةِ أوجه الْمُتَقَدّمَة اخذ نصِيبهم وَقد بنى ويعطون قِيمَةَ نَصِيبِهِمْ مِنَ الْبُنْيَانِ قَائِمًا لِبُنْيَانِهِ بِشُبْهَةٍ أَوْ أَخْذُ مَا بَقِيَ بِالشُّفْعَةِ مِنْ حَظِّ البَائِع وحظ الْحَاضِر الَّذِي انْقَطَعت حجَّته ويؤدوا مَا زَادَ بِنَاؤُهُ فِي عَرْصَتِهِمْ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا بَاعَ فَدَّانًا مِنْ أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ أَوْ بُقْعَةٍ فِي أَرْضٍ لِرَجُلٍ فِيهَا شِرْكٌ بِحَضْرَةِ الشَّرِيكِ وَعِلْمِهِ فَبَنَى وَغَرَسَ سَقَطَتِ الشُّفْعَةُ بِخِلَافِ بَيْعِ الشَّائِعِ لِأَنَّ سُكُوتَهُ فِي الْمُعَيَّنِ رِضًا بِالْبَيْعِ كَمَا لَوْ بَاعَ ثَوْبًا بَيْنَهُمَا وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ بِيعَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ مَالِهِ وَهُوَ حَاضِرٌ لَا يُنْكِرُ لَزِمَهُ الْبَيْعُ وَلَوْ بَاعَ شَائِعًا نَفِذَ الْبَيْعُ وَشَفَعَ قَالَ الْلَخْمِيُّ إِذَا بَاعَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ مُعَيَّنَةً خُيِّرَ شَرِيكُهُ فِي خَمْسَةِ أَوْجُهٍ أَنْ يَضْمَنَهَا الْمُشْتَرِي وَيَبِيعَ لَهُ مَا بِيعَ أَوْ يَكُونَ مَا لم يبع مُشْتَركا بَينهمَا وَيُخَير الْبَيْعَ فِي الْمَبِيعِ أَوْ يَكُونَ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا أَوْ يَرُدَّ الْبَيْعَ فِي نَصِيبِهِ وَلَا يَسْتَشْفِعُ أَو يستشفع أَو يدعوا إِلَى الْمُقَاسَمَةِ فَإِنْ صَارَ الْمَبِيعُ لِلْبَائِعِ مَضِيَ البيع أَوله خُيِّرَ فِي إِجَازَةِ الْبَيْعِ فِي نَصِيبِهِ وَكَانَ لِلْمُشْتَرِي رَدُّ الْبَيْعِ فِي الْبَاقِي إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَرْدُودُ يَسِيرًا فَإِنْ قَالَ الْبَائِعُ يَبْقَى مَا لَمْ يَبِعْ شِرْكَةً وَنَتَسَاوَى

(فرع)

فِي الْمَبِيع وَلَكِن نَتَقَاسَمُ فَيَصِيرُ ذَلِكَ لِي أَوْ لَكَ فَقِيلَ لَا مَقَالَ لَهُ وَالْمُبْدِأُ الشَّرِيكُ الَّذِي لَمْ يَبِعْ حَسْبَمَا تَقَدَّمَ وَقِيلَ لَهُ وَهُوَ أَحْسَنُ لِأَن كَون مَا لم يبع شركَة ضَرَر عَلَيْهِ وَإِنَّمَا رَضِيَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْمُقَاسَمَةِ فَإِمَّا رَضِيَ بِإِمْضَاءِ ذَلِكَ أَوْ يَرُدُّهُ وَيَرْجِعَانِ إِلَى الْمُقَاسَمَةِ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ لَا شُفْعَةَ لِلْجَارِ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَأَوْجَبَهَا ح لِلْجَارِ بِالشَّرِكَةِ فِي الطَّرِيقِ الْمُشْتَرَكَةِ فِي الدَّرْبِ الَّذِي لَا يَنْفَذُ لِلْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ وَيُقَدَّمُ شَرِيكُ الْمِلْكِ عَلَى الْكُلِّ لَنَا قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الشُّفْعَةُ فِي كُلِّ شِرْكٍ رَبْعٍ أَوْ حَائِطٍ وَالْمُبْتَدَأُ يَجِبُ انْحِصَارُهُ فِي الْخَبَرِ فَتَنْحَصِرُ الشَّرِكَةُ فِي الرّبع والطرق دون الطَّرِيق وَلقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْمُوَطَّأِ الشُّفْعَةُ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ فَإِذَا وَقعت الْحُدُود وصرفت اطرق فَلَا شُفْعَةَ وَيَدُلُّ مِنْ وُجُوهٍ الْأَوَّلُ حَصْرُ الشُّفْعَةِ فِيمَا هُوَ قَابِلٌ لِلطُّرُقِ وَالْحُدُودِ وَالْجَارِ لَا يَقْسِمُ الثَّانِي قَوْلُهُ فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ وَالطُّرُقُ لَيْسَ شَأْنُهَا أَنْ تُعْمَلَ فِيهَا حُدُودٌ الثَّالِثُ قَوْلُهُ وَصُرِّفَتِ الطُّرُقُ وَالطَّرِيقُ لَا يُوضَعُ فِيهَا طُرُقٌ وَقِيَاسًا عَلَى الْجَارِ الَّذِي دَارُهُ قُبَالَةَ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ وَبَيْنَهُمَا طَرِيقٌ نَافِذٌ وَلِأَنَّ ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَى الْبَائِعِ بِأَنْ يَبِيعَ الْجَارُ بِمَا أَرَادَ وَإِلَّا أَخَذَ بِالشُّفْعَةِ فَيَتَوَقَّفُ الْمُشْتَرِي الْأَجْنَبِيُّ فَلَا يَتَخَلَّصُ مِنْ ضَرَرِ الْجَارِ أَصْلًا بِخِلَافِ الشَّرِيكِ يُتَخَلَّصُ مِنْهُ بِالْقِسْمَةِ وَلِأَنَّهَا وَجَبَتْ لِضَرَرِ الْقِسْمَةِ وَالْجَارُ لَا يُقَاسِمُ احْتُجُّ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْجَار أَحَق

بسقبه وَبِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جَار الدَّار أَحَق بدار الْجَار وَالْأَرْض وَبِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْجَارُ أَحَقُّ بِالشُّفْعَةِ وَيَنْتَظِرُ بِهَا ثَلَاثًا وَإِنْ كَانَ غَائِبًا إِذَا كَانَ الطَّرِيقُ وَاحِدًا خَرَّجَ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْخَلِيطُ أَحَقُّ مِنَ الشَّفِيعِ وَالشَّفِيعُ أَحَقُّ مِنْ غَيْرِهِ وَالْخَلِيطُ هُوَ الشَّرِيكُ فَيَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ الشَّفِيعُ الْجَارَ وَقَالَ عُمَرُ بْنُ شَرِيكٍ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرْضٌ لَا شَرِيكَ لِي فِيهَا وَلَا قِسْمَةَ إِلَّا الْجِوَارَ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْجَارُ أَحَقُّ بِشُفْعَتِهِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الشَّرِيكِ بِجَامِعِ الضَّرَرِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الصَّقْبَ الْقُرْبُ وَنَحْنُ نَقُولُ بِمُوجِبِهِ لِأَنَّهُ أَحَقُّ بِمَعُونَتِهِ وَالْعَرْضِ عَلَيْهِ قَبْلَ الْبَيْعِ فَلِمَ قُلْتُمْ إِنَّ ذَلِكَ هُوَ الشُّفْعَة وَالْجَوَاب عَن الثَّانِي أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْعَرْضِ لِأَنَّهُ مَتْرُوكُ الظَّاهِر اجماعاً وَالْجَوَاب عَن الثَّالِث منع الصِّحَّة سلمناها لَكِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْعَرْضِ عَلَيْهِ قَبْلَ الْبَيْعِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ يَنْتَظِرُ بِهَا ثَلَاثًا وَالشَّفِيعُ الْغَائِبُ لَا يَتَقَيَّدُ بِالثَّلَاثِ وَلِأَنَّ الشَّرِيكَ يُسَمَّى جَارًا لمخالطة بِمِلْكِهِ وَمِنْهُ تَسْمِيَةُ الزَّوْجَةِ جَارَةً كَقَوْلِ

الْأَعْشَى (أَجَارَتَنَا بِينِي فَإِنَّكِ طَالِقَةٌ ... كَذَلِكَ أَمْرُ النَّاسِ عادٍ وَطَارِقَةٌ) فَهُوَ لَمْ يُسَمِّهَا جَارَّةً لِقُرْبِهَا فَيَلْحَقُ بِهَا الْجَارُ بَلْ لِلْمُخَالَطَةِ فَإِنَّهَا تسمى جَارة وان بَعدت دارها وَالْجَوَاب عَن الرَّابِعِ مَنْعُ الصِّحَّةِ سَلَّمْنَا صِحَّتَهُ لَكِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْعَرْضِ فَنَقُولُ بِمُوجَبِهِ وَلَيْسَ فِي اللَّفْظِ مَا يَقْتَضِي غَيره وَالْجَوَاب عَن الْخَامِسِ الْفَرْقُ بِأَنَّ الشَّرِيكَ يُمْكِنُ التَّخَلُّصُ مِنْ ضَرَرِهِ بِالْقِسْمَةِ الرُّكْن الرَّابِعُ مَا بِهِ الْأَخْذُ وَفِي الْكتاب بِعْت نصف دَار وَعرض بِأخذ نِصْفَ الدَّارِ بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ مِنْ قِيمَةِ الْعَرَضِ يَوْمَ الصَّفْقَةِ تَغَيَّرَتِ الدَّارُ بِسُكْنَاهُ أَمْ لَا لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ حَقِّهِ فِي شُفْعَةِ الشّقص وَقَالَ ش وح إِذَا بِيعَ شِقْصٌ وَعَرَضٌ أَخَذَ الشِّقْصَ بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ لَا يَجُوزُ الْأَخْذُ إِلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ حِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ لَيْلًا يَكُونَ شِرَاءَ مَجْهُولٍ فَإِنْ فَعَلَ مَعَ الْجَهْلِ فَسَخَ وَاسْتَأْنَفَ الْأَخْذَ قَالَ التُّونِسِيُّ انْظُرْ إِذَا كَانَ الشِّقْصُ الْجُلَّ هَلْ لَهُ رَدُّ الْعَرَضِ لِأَنَّ الْأَخْذَ كَالِاسْتِحْقَاقِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَمَّا إِنْ جَعَلْنَاهُ كَالْبَيْعِ فَلَا رَدَّ قَالَ مُحَمَّدٌ كُلُّ مَا بِيعَ مَعَ الشِّقْصِ مِمَّا لَا شُفْعَةَ فِيهِ لَمْ يَجُزِ الْأَخْذُ قَبْلَ مَعْرِفَةِ الثَّمَنِ وَأَمَّا دَوَابُّ الْحَائِطِ وَعَبِيدُهُ فَذَلِكَ كَبَعْضِهِ إِلَّا أَنْ يُضَافَ إِلَيْهِ يَوْمَ الصَّفْقَةِ وَقَدْ كَانَ أُخْرِجَ مِنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَيُفَضُّ الثَّمَنُ وَلَا شُفْعَةَ فِيهِ قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ فِي شِقْصٍ وَبَعِيرٍ بِعَبْدٍ وَالْبَعِيرُ الثُّلُثُ مِنَ الشِّقْصِ يَوْمَ الْبَيْعِ أَخَذَ بِثُلُثَيْ قِيمَةِ الْعَبْدِ أَوْ شِقْصٍ وَقَمْحٍ بِدَنَانِيرَ فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْوِيمِ الْقَمْحِ وَالشِّقْصِ فَيَأْخُذُ الشِّقْصَ بِحِصَّتِهِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ دَخَلَ عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ حَيْثُ جَمَعَهُمَا فَلَا يَمْنَعُ الشَّفِيعَ مِنَ الْأَخْذِ

(فرع)

بِخِلَافِ أَشْقَاصٍ شَفِيعُهَا وَاحِدٌ فَالتَّفْرِيقُ مِنْ جِهَةِ الشَّفِيعِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا كَانَ الثَّمَنُ عَبْدًا مُعَيَّنًا فَمَاتَ بِيَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ دَفْعِهِ ضَمِنَهُ الْبَائِعُ وَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ وَعُهْدَتُهُ عَلَى الْمُبْتَاعِ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ وَجَبَتْ بِعَقْدِ الْبَيْعِ فَإِنْ وَجَدَ بِالْعَبْدِ عَيْبًا رَدَّهُ وَأَخَذَ مِنَ الْمُبْتَاعِ قِيمَةَ الشِّقْصِ لِتَعَذُّرِهِ بِنُفُوذِ الشُّفْعَةِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ الَّذِي تَبْطُلُ فِيهِ الشُّفْعَةُ لِتَعَذُّرِ الرِّضَا بِهِ بِخِلَافِ الْعَيْبِ وَلَوِ اسْتَحَقَّ الْعَبْدُ قَبْلَ قِيَامِ الشَّفِيعِ بَطَلَ الْبَيْعُ وَالشُّفْعَةُ لِبُطْلَانِ أَرْكَانِهِ وَهُوَ الْعِوَضُ أَوْ بَعْدَ أَخْذِ الشَّفِيعِ نَفَذَ وَرَجَعَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُبْتَاعِ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ كَانَتْ أَكْثَرَ مِمَّا أَخَذَ فِيهِ مِنَ الشَّفِيعِ أَوْ أَقَلَّ وَلَا تَرَاجُعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّفِيعِ كَبَيْعٍ ثَانٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَنْتَقِضُ مَا بَيْنَ الشَّفِيعِ وَالْمُشْتَرِي شِقْصُ مَا بِيَدِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي ثُمَّ إِنْ شَاءَ الشَّفِيعُ أَخَذَ ثُمَّ يُجْعَلُ بِيَدِ الْبَائِعِ مِمَّا تَرَاجَعَا إِلَيْهِ وَيُتْرَكُ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الشِّقْصِ أَكْثَرَ لَهُ الْأَخْذُ بِهَا أَوْ أَقَلَّ رَجَعَ الشَّفِيعُ بِمَا بَقِيَ مِثَالُهُ قِيمَةُ الْعَبْدِ خَمْسُونَ أَخَذَ بِهَا الشَّفِيعُ فَلَمَّا اسْتُحِقَّ رَجَعَ الْبَائِعُ بِقِيمَة شِقْصِهِ سِتِّينَ فَلَا تَرَاجُعَ بَيْنَهُمْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِلْفَوْتِ بِأَخْذِ الشَّفِيعِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الشِّقْصِ أَرْبَعِينَ وَعَبْدُ الْمَلِكِ يُخَيِّرُ الشَّفِيعَ بَيْنَ أَدَاءِ عَشَرَةٍ تَمَامَ الشِّقْصِ أَوْ رَدِّ الشِّقْصِ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الشِّقْصِ أَرْبَعِينَ اسْتَرْجَعَ عَشَرَةً لِكَشْفِ الْغَيْبِ أَنْ قَيَّمَتَهُ هِيَ ثَمَنُهُ فَبِهَا يَجِبُ أَنْ يَأْخُذَ الشَّفِيعُ قَالَ الْلَخْمِيُّ إِنْ تَغَيَّرَ الشِّقْصُ بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ مِمَّا يَرُدُّ بِهِ رَجَعَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِقِيمَتِهِ وَكَانَتِ الشُّفْعَةُ لِلشَّفِيعِ بِمِثْلِ تِلْكَ الْقِيمَةِ وَإِنِ اسْتَحَقَّ الْعَبْدَ أَوْ رَدَّهُ بِعَيْبٍ بَعْدَ الْإِشْفَاعِ وَقَبْلَ الْفَوْتِ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَالشَّفِيعِ لِأَنَّهُ لَا يَرُدُّ الشِّقْصَ وَاخْتُلِفَ بِمَاذَا يَشْفَعُ فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ كَمَا لَوْ كَانَ قَائِمًا بِيَدِ مُشْتَرِيهِ لَمْ يَرُدَّهُ لِأَنَّ الْأَخْذَ بَيْعٌ حَادِثٌ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَسَحْنُونٌ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ لِأَنَّ الْقِيمَةَ عَادَتْ ثَمَنًا وَهِيَ الَّتِي وَزَنَ الْمُشْتَرِي وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْبَيْعُ بِطَعَامٍ فَاسْتُحِقَّ أَوْ رُدَّ بِعَيْبٍ بَعْدَ الْأَخْذِ يَرْجِعُ الْبَائِعُ بِقِيمَةِ شَقْصِهِ وَتَبْقَى الشُّفْعَةُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِمِثْلِ الْقَمْحِ وَعَلَى قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ وَهُوَ

أَحْسَنُ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الشِّقْصِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ خُيِّرَ الشَّفِيعُ بَيْنَ الْأَخْذِ وَالتَّسْلِيمِ كَمَنْ أَخَذَ بِثَمَنٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَكْثَرُ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ قَالَ فِي الْكِتَابِ مَنِ اشْتَرَى شِقْصًا بِحِنْطَةٍ فَاسْتُحِقَّتْ بَعْدَ أَخْذِ الْبَيْعِ لَمْ يَرُدَّ الْبَيْعَ وَالْتَزَمَ لَهُ مِثْلَ طَعَامِهِ أَوْ قَبْلَ الْأَخْذِ فَلَا شُفْعَةَ كَذَا رَوَاهُ جَمَاعَةٌ وَرَوَاهُ ابْنُ وَضَّاحٍ يَغْرِمُ لَهُ قِيمَةَ الشِّقْصِ وَكَذَا أَصْلَحَهَا سَحْنُونٌ وَقَالَ الرِّوَايَةُ الْأُولَى غَلَطٌ وَقَالَ الْقَابِسِيُّ قَوْلُهُ وَيَغْرِمُ لَهُ مِثْلَ طَعَامِهِ يَرْجِعُ عَلَى الشَّفِيعِ لَا عَلَى الْمُشْتَرِي وَعَلَى هَذَا لَا يَحْتَاجُ إِلَى إِصْلَاحٍ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ إِنْ بَاعَ مِنْ شَرِيكِهِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ بِشِقْصٍ مِنْ أَصْلٍ لَهُ فِيهِ شُرَكَاءُ أَوْ لَا شَرِكَةَ لَهُ فِيهِ فَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ الشُّفْعَةُ وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ إِذا أَرَادَ المناقلة وَالسُّكْنَى لم يُرِدْ بِهِ الْبَيْعَ لَا شُفْعَةَ وَقَالَ مُطَرِّفٌ الْمُنَاقَلَةُ الَّتِي قَالَ مَالِكٌ لَا شُفْعَةَ فِيهَا أَن يَبِيع شقصه من شَرِيكه بشقص من أصل لَهُ فِيهِ شَرِيكٌ فَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِنَّمَا أَرَادَ التَّوْسِعَةَ فِي حَظِّهِ بِمَا صَارَ إِلَيْهِ فَعَلَى هَذَا الْمُنَاقَلَةُ إِنَّمَا تَكُونُ فِي هَذَا الْوَجْهِ وَعَنْ مُطَرِّفٍ إِذَا بَاعَ أَحَدُهُمَا شِقْصَهُ مِنْ شَرِيكِهِ بِشِقْصٍ مِنْ أَصِلٍ لَهُ مَعَ شَرِيكٍ آخَرَ لَا شُفْعَةَ لِهَذَا الشَّرِيكِ الْآخَرِ فِي هَذَا الشِّقْصِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدِ الْبَيْعَ بَلِ التَّوَسُّعَ فِي حَظِّهِ وَعَلَى قَوْلِ مُطَرِّفٍ هَذَا لَوْ كَانَتْ دَارٌ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ فَبَاعَ أَحَدُهُمْ حَظَّهُ مِنْ شَرِيكِهِ بِأَصْلٍ فَلَا شُفْعَةَ لِلشَّرِيكِ الثَّالِثِ لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدِ الْبَيْعَ بَلِ التَّوْسِعَةَ فِداءَ أَصْلِهِ تَكُونُ الْمُنَاقَلَةُ الْمُخْتَلَفُ فِيهَا فِي ثَلَاثَةِ وُجُوهٍ وَأَصْلُهُ مَتَى وَجَدْتَ أَحَدَ الْمُتَعَامِلِينَ فِي الْأُصُولِ قَدْ أَخَذَ مِنْ صَاحِبِهِ شِقْصًا فَمَا لَهُ فِيهِ شِقْصٌ فِي الْمُنَاقَلَةِ الَّتِي لَا شُفْعَةَ فِيهَا وَعَلَى تَأْوِيلِ مُطَرِّفٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْمُعَامَلَةَ فِي الْأُصُولِ لَا تَكُونُ مُنَاقَلَةً حَتَّى يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ صَاحِبِهِ شِقْصًا فِيمَا لَهُ فِيهِ شِقْصٌ وَعَلَى ظَاهِرِ مَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْمُعَامَلَةَ فِي الْأُصُولِ كَيْفَمَا وَقَعَتْ فَهِيَ مُنَاقَلَةٌ فَلَا شُفْعَةَ فَيَحْصُلُ فِي تَعْيِينِ الْمُنَاقَلَةِ الَّتِي لَا شُفْعَةَ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا بَاعَ قِيمَتُهُ أَلْفٌ بِأَلْفٍ وَشِقْصٌ قِيمَتُهُ أَلْفٌ فَالشُّفْعَةُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَقَالَ ش يَأْخُذُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ إِنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَإِلَّا بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْبَيْعِ أَوْ لُزُومُهُ فِي الْخِيَارِ وَإِنْ كَانَ أَجْرُهُ أَخَذَ بِمِثْلِ تِلْكَ الشُّفْعَةِ قَالَ وَفِي الْخُلْعِ تَمَيُّزُ الْمِثْلِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا وَهَبَ لِلثَّوَابِ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى عِوَضٍ أَوْ وَصَّى بِهِ عَلَى عِوَضٍ فَهُوَ بَيْعٌ فِيهِ الشُّفْعَةُ بِقِيمَةِ الْعِوَضِ إِنْ سَمَّاهُ وَهُوَ مُتَقَدِّمٌ أَوْ مِثْلِهِ مِقْدَارًا وَصِفَةً إِنْ كَانَتْ عَيْنًا أَوْ طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ كَانَتِ الْهِبَةُ قَبْلَ الْوَاهِبِ أَوْ دَفَعَهَا وَإِنْ وَهَبَهُ لِمَا يَرْجُوهُ وَلَمْ يُسَمِّهِ فَلَا قِيَامَ لِلشَّفِيعِ إِلَّا بَعْدَ الْعِوَضِ لِيَتَحَقَّقَ الْبَيْعُ وَإِنْ تَغَيَّرَتْ فِي بَدَنِهَا قُضِيَ عَلَى الْمَوْهُوبِ بِقِيمَتِهَا يَوْمَ قَبْضِهَا فَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ حِينَئِذٍ بِالْقِيمَةِ الْمَقْضِيِّ بِهَا لِأَنَّهُ الثَّمَنُ هَاهُنَا فَلَوْ أَثَابَهُ بَعْدَ تَغَيُّرِهَا أَضْعَافَ الْقِيمَةِ قَبْلَ قِيَامِ الشَّفِيعِ لَمْ يُشَفَّعْ إِلَّا بِذَلِكَ كَالثَّمَنِ الْغَالِي وَإِنَّمَا يَهَبُ النَّاسُ لِيُثَابُوا أَكْثَرَ فِي التَّنْبِيهَاتِ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ لَيْسَ هَذَا عَلَى أَصْلِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عِوَضًا مُعَيَّنًا وَالَّذِي يَجِبُ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ أَنْ يَشْفَعَ بِمِثْلِ الْعِوَضِ وَقَالَهُ أَبُو عِمْرَانَ وَقَوْلُهُ إِذَا سَمَّى فَلِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ وَفِي كِتَابِ الْهِبَاتِ لَا يَأْخُذُ حَتَّى يُثَابَ سَمَّى أَمْ لَا فَقِيلَ هُوَ خِلَافٌ وَقِيلَ وِفَاقٌ قَالَ التُّونِسِيُّ إِنْ أَثَابَهُ قَبْلَ الْفَوْتِ أَكْثَرَ مِنَ الْقِيمَةِ اتَّفَقَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ إِلَّا بِالْجَمِيعِ مَعَ أَنَّهُ كَانَ قَادِرًا عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ الْقِيمَةَ وَلَا يَقْدِرُ الْوَاهِبُ عَلَى الِامْتِنَاعِ عِنْدَهُمَا وَاخْتُلِفَ إِذَا فَاتَتْ فَأَثَابَهُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَأْخُذُ إِلَّا بِالْجَمِيعِ وَسَوَاءٌ بَيْنَ فَوْتِهَا وَقِيَامِهَا وَقَالَ أَشْهَبُ بِالْأَقَلِّ مِنَ الثَّوَابِ أَوْ قِيمَةِ الْهِبَةِ لِأَنَّهُ عِنْدَهُ كَالْوَاهِبِ لِلزَّائِدِ عَلَى قِيمَةِ الْهِبَةِ وَإِذَا قَالَ أَشْهَبُ إِنَّ لَهُ قَبْلَ الْفَوْتِ الْقِيَامَ بِالْقِيمَةِ وَلَا كَلَامَ لِلْوَاهِبِ وَجَبَ أَن لَا يفْتَرق فيامها وَفَوَاتُهَا إِلَّا عَلَى

مَذْهَبِ مَنْ يَرَى أَنَّ الْهِبَةَ إِذَا لَمْ تَفُتْ لَمْ تَلْزَمِ الْوَاهِبَ قِيمَتُهَا وَأَنَّهُ عَلَى هِبَتِهِ مَا لَمْ يَرْضَ مِنْهَا فَعَلَى هَذَا لَا يَأْخُذُ إِلَّا بِجَمِيعِ مَا أَثَابَهُ قَبْلَ الْفَوْتِ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ لَا يُجْبَرُ عَلَى أَخْذِهَا إِلَّا بِمَا دَفَعَ وَإِنْ فَاتَتِ اسْتَشْفَعَ بِالْأَقَلِّ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ فِي الْحُكْمِ بَعْدَ الْفَوْتِ إِلَّا الْقيمَة قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَعَبْدُ الْمَلِكِ لَا يَشْفَعُ حَتَّى يَدْفَعَ الثَّوَابَ وَيَقْضِيَ بِهِ وَيَعْرِفَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذْ لَعَلَّهُ يَقُولُ لَمْ أُرِدْ ثَوَابًا وَلَا أَسْمَعْ قَوْلَ الشَّفِيعِ إِنَّكَ أَرَدْتَ إِبْطَالَ شُفْعَتِي وَإِذَا رُؤِيَ أَنَّهُ قَبَضَ الثَّوَابَ وَكَتَمَهُ أَحْلَفَهُ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا وُهِبَ لِغَيْرِ ثَوَابٍ فَعُوِّضَ عَنْهُ فَقِيلَ إِنْ رَأَى أَنَّ الْهِبَةَ كَانَتْ لِصِلَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ فَلَا شُفْعَةَ لِأَنَّ الْعِوَضَ كَهِبَةٍ أُخْرَى قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَوْ أَثَابَهُ شِقْصًا فِي دَارٍ لَمْ يُشَفَّعْ فِيهِ لِأَنَّهُ هِبَةٌ أُخْرَى لِغَيْرِ فَوَاتٍ لَهُ لِدَفْعِهِ لِمَا لَا يَلْزَمُهُ قَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا تَصَدَّقَ عَلَى أُخْتِهِ بِشِقْصٍ لِأَنَّهُ أَخَذَ مِنْ مِيرَاثِهَا مَا لَا يَصْلُحُ مِقْدَارُهُ لَا شُفْعَةَ لِعَدَمِ مَعْرِفَةِ الَّذِي وَهَبَ لِأَجْلِهِ قَالَ سَحْنُونٌ لَوْ كَانَتْ تَدَّعِيهِ فَصَالَحَهَا يَشْفَعُ بِالْقِيمَةِ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ مَا أَصَابَ مِنَ الْمِيرَاثِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ وَهَبَ دَارًا فَاسْتُحِقَّ نِصْفُهَا وَشَفَعَ الْمُسْتَحِقُّ فَجَمِيعُ الثَّمَنِ لِلْوَاهِبِ وَلَوْ وَهَبَ شِقْصًا اشْتَرَاهُ فَأَخَذَهُ الشَّفِيعُ مِنَ الْمَوْهُوبِ فَلَهُ الثَّمَنُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ لَهُ شَفِيعًا وَقَالَ أَشْهَبُ الثَّمَنُ لِلْوَاهِبِ فِي الشُّفْعَةِ وَالِاسْتِحْقَاقِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيْنَا لِأَنَّهُ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ يَأْخُذُهُ فَهُوَ يَفْسَخُ مَا بَعْدَهُ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ قَالَ مَالِكٌ إِذَا وَهَبَ أَوْ تَصَدَّقَ عَلَى بَعْضِ إِخْوَانِهِ صِغَارًا وَوَهَبَ لِقَرَابَةٍ بَيْنَهُمْ صِلَةً لَمْ يَحْلِفْ أَبُو الْمَوْهُوبِ لَهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنِ الْهِبَةُ لِقَرَابَةٍ وَلَا صَدَقَةٍ وَلَا لِحَاجَةٍ حَلَفَ فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمْ إِخَاءٌ أَوْ صَدَاقَةٌ وَلَا قَرَابَةَ بَيْنَهُمْ فَإِنْ ظَنَّ أَنَّهُ إِنَّمَا وَهَبَ لِلثَّوَابِ لِأَنَّهُ مُحْتَاجٌ وَهُمْ أَغْنِيَاءٌ أُحْلِفَ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَهِبْ لِلثَّوَابِ وَكَانَ مُسْتَغْنِيًا عَنْ ثَوَابِهِمْ لَمْ يَحْلِفْ وَمَتَى كَانَ الْوَلَدُ كَبِيرًا لَمْ يَحْلِفِ الْأَبُ بَلِ الْوَلَدُ لِأَنَّهُ الْقَابِلُ لِلْهِبَةِ وَالْمُطَّلِعُ عَلَيْهَا وَضَابِطُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ النَّظَرُ إِلَى قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ وَالْغَالِبِ عَلَى الْحَالِ وَلَيْسَ الَّذِي هُوَ دَيْنٌ لِغَيْرِهِ وَقَالَ ش الشُّفْعَةُ فِي هِبَةِ الثَّوَابِ دُونَ غَيْرِ الثَّوَابِ وَلَا يُشْتَرَطُ التَّقَابُضُ قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ وَالْفَرْقُ عِنْدَنَا تَعَيُّنُ الثَّمَنِ فَأَمْكَنَ الْأَخْذُ بِهِ بِخِلَافِ الثَّوَابِ وَوَافَقَنَا ح وَلِأَنَّ عَدَمَ اللُّزُومِ فِيهَا يُلْحِقُهَا بِبَيْعِ الْخِيَارِ

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا دَفَعَهُ فِي خُلْعٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ دَمِ عَمْدٍ أَخَذَ بِالْقِيمَةِ لِتَعَذُّرِ الثَّمَنِ أَوْ دَمِ خَطَأٍ فَبِالدِّيَةِ لِأَنَّهَا مُقَرَّرَةٌ فَإِنْ كَانَتِ الْعَاقِلَةُ أَهْلَ إِبِلٍ فَبِقِيمَةِ الْإِبِل أَو أهل ورق وَذهب فَبِذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ يُنَجَّمُ عَلَى الشَّفِيعِ كَمَا يُنَجَّمُ عَلَى الْعَاقِلَةِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ قَوْلُهُ أَخَذَ بِقِيمَةِ الْإِبِلِ قَالَ سَحْنُونٌ مَعْنَاهُ تُقَوَّمُ الْإِبِلُ عَلَى أَنْ تُقْبَضَ فِي آجَالِهَا وَقَبَضَ الْقِيمَةَ الْآنَ نَقْدًا وَقِيلَ مَتَى حَلَّتْ سَنَةٌ قَوَّمَ ثُلُثَ الْإِبِلِ حِينَئِذٍ وَقَبَضَ وَاعْتَرَضَهُ سَحْنُونٌ بِأَنَّهُ يَبِيعُ الدَّيْنَ بِالدَّيْنِ وَعَنْ سَحْنُونٍ أَيْضًا تُؤْخَذُ بِمِثْلِ الْإِبِلِ عَلَى آجَالِهَا لَا بِقِيمَتِهَا لِأَنَّهَا أَسْنَانٌ مَعْلُومَةٌ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِنْ كَانَتِ الدِّيَةُ عَيْنًا قُوِّمَتْ بِالْعَرَضِ الَّذِي قُوِّمَتْ بِهِ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ بَلْ تَشْفَعُ بِالْعَرَضِ الَّذِي قُوِّمَتْ بِهِ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ يَشْفَعُ بِمِثْلِ الْعَيْنِ وَلَا يُقَوِّمُ إِنْ كَانَ عَدِيمًا إِلَّا بِحَمِيلٍ ثِقَةٍ كَمَا قَالَ فِيمَنِ اشْتَرَى بِالدَّيْنِ يُشَفَّعُ فِيهِ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِحَمِيلٍ ثِقَةٍ فَعَلَى قَوْلِهِ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ لَا يُشَفَّعُ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ نَافِع يشفع مالم يَنْقَضِ الْأَجَلُ وَقَالَ فِي الْكِتَابِ لَا أَرَى الصُّلْحَ عَلَى الْقَذْفِ لِأَنَّ الْحُدُودَ الَّتِي هِيَ فِيهِ إِذَا بَلَغَتِ السُّلْطَانَ لَا يُعْفَى عَنْهَا وَلَا يصلح فِيهَا الصُّلْح على مَال انْتَهَى بِهَا لِلسُّلْطَانِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ قَالَ سَحْنُونٌ بَلْ يَجُوزُ الصُّلْحُ قَالَ فَضْلٌ وَيَكُونُ فِيهِ الشُّفْعَةُ قَبْلَ انْتِهَائِهِ عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ فِي جَوَازِ الْعَفْوِ بَعْدَ الْبُلُوغِ إِلَى السُّلْطَانِ قَالَ حَمْدِيسُ لَا فَرْقَ بَيْنَ حُقُوقِ بَدَنِهِ وَعِرْضِهِ وَإِنْ مَنَعَتْ مَكَارِمُ الْأَخْلَاقِ مِنْ ثَمَنِ الْعِرْضِ وَقَالَ أَشْهَبُ الْحُدُودُ الَّتِي لَا يُشْرَعُ فِيهَا الصُّلْحُ هِيَ الَّتِي لَا يُشْرَعُ فِيهَا الْعَفْوُ كَالسَّرِقَةِ وَالزِّنَا وَمَا عُفِيَ فِيهِ صُولِحَ فِيهِ لِأَنَّهُ حَقٌّ فَيَتَمَكَّنُ مِنَ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِالْعَفْوِ فَيَتَصَرَّفُ فِيهِ بِالْعِوَضِ كَإِبْرَاءِ الدَّيْنِ وَفِي النُّكَتِ قَالَ الْفَرْقُ بَيْنَ أَخْذِهِ عَنْ دِيَةِ الْخَطَأِ وَبَيْنَ ذَهَبٍ وَوَرِقٍ إِنَّمَا يَأْخُذُ بِالدِّيَةِ وَبَيْنَ أَخْذِهِ عَنِ الدِّيَةِ وَهِيَ إِبِلٌ إِنَّمَا يَأْخُذُ بِقِيمَةِ الْإِبِلِ بِخِلَافِ مَنِ اشْتَرَى شِقْصًا بِعُرُوضٍ مَضْمُونَةٍ إِنَّمَا يَأْخُذُ بِمِثْلِ تِلْكَ الْعُرُوضِ أَنَّ الدِّيَةَ فِي الْإِبِلِ غَيْرُ مُحَصَّلَةٍ فِي الصِّفَةِ وَالْمِقْدَارِ وَإِنَّمَا هِيَ أَسْنَانٌ فَكَانَ الْغَرَرُ أَكْثَرَ قَالَ التُّونِسِيُّ لَمْ يَتَكَلَّمْ سَحْنُونٌ عَلَى الْقَاتِلِ خَطَأً يُصَالِحُ بِشِقْصٍ عَلَى أَنْ تَكُونَ لَهُ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَهُوَ غَرَرٌ لِعَدَمِ ضَبْطِ صِفَاتِهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ فِي دَمِ الْعَمْدِ لَا يَجُوزُ الْإِشْفَاعُ إِلَّا بَعْدَ معرفَة

الْقيمَة وَقَالَ الشَّافِعِي الْإِشْفَاعُ بِالنِّكَاحِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ لَنَا أَنَّ النِّكَاحَ لَا يَنْضَبِطُ فِي زِيَادَتِهِ وَنُقْصَانِهِ لِلْمُكَارَمَةِ فَيُلْغَى وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ وَقَدْ يَكُونُ مَهْرُ الْمِثْلِ أَلْفَيْنِ فَتَسَامِحُهُ الزَّوْجَةُ فَتَأْخُذُ مَا قِيَمَتُهُ مِائَةٌ يُجْحِفُ بالشفيع وَعَكسه بجحف بِالْمَرْأَةِ وَقِيمَةُ الشِّقْصِ لَا قِيمَةَ فِيهَا عَلَى أَحَدٍ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَجُوزُ أَخْذُ شِقْصٍ فِي نِصْفِ الدِّيَةِ وَلَا غَيْرِهِ حَتَّى يَحْكُمَ فِيهِ حَاكِمٌ لِأَنَّهُ مُفَوَّضٌ إِلَيْهِ لِتَرَدُّدِهِ فِي تَأْجِيلِهِ بَيْنَ السَّنَةِ وَالسَّنَتَيْنِ لِأَنَّ الْجَمِيعَ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَقَالَ فِي التَّصَالُحِ عَنْ جَمِيعِ الدِّيَةِ عَلَى شِقْصٍ وَالْعَاقِلَةُ أَهْلُ ذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ يَجُوزُ وَيَرْجِعُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَةٍ أَوِ الدِّيَةِ إِنْ كَانَ صُلْحُهُ عَلَيْهِمْ أَوْ أَهْلَ إِبِلٍ فَإِنْ كَانَ الْقَاتِلُ يُعْطِي الشِّقْصَ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْعَاقِلَةِ جَازَ أَوْ يَرْجِعُ عَلَيْهِمُ امْتَنَعَ لِأَنَّهُمْ مُخَيَّرُونَ فِي ذَلِكَ قَالَ التُّونِسِيُّ إِذَا صَالَحَ عَلَى مُوضِحَتَيْنِ عَمْدٍ وَخَطَأٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَأْخُذُهُ بِدِيَةِ الْخَطَأِ وَهِيَ خَمْسُونَ دِينَارًا وَنِصْفُ قِيمَةِ الشِّقْصِ فَقَسَّمَ الشِّقْصَ عَلَى الْمُوضِحَتَيْنِ وَالْعَمْدُ لَا دِيَةَ لَهُ إِلَّا مَا اصْطَلَحُوا عَلَيْهِ وَهُوَ غَيْرُ مُنْضَبِطٍ وَإِنْ صَالَحَهُ عَلَى شِقْصٍ وَعَشَرَةِ دَنَانِيرَ عَلَى هَذَا كَانَتِ الْعَشَرَةُ مِنَ الْخَطَأِ مَحْطُوطَةً وَبَقِيَ مِنْهُ أَرْبَعُونَ وَالْعَمْدُ خَمْسُونَ وَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ بِأَرْبَعِينَ وَخَمْسَةِ أَتْسَاعِ قِيمَةِ الشِّقْصِ لِأَنَّهُ بَقِيَ مِنَ الْخَطَأِ أَرْبَعُونَ مَعَ الْخَمْسِينَ فِي الْعَمْدِ وَذَلِكَ تِسْعَةٌ لِلْعَمْدِ خَمْسَةٌ وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى عرض وشقي فَالْعَرَضُ مِنَ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ إِذْ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ مَا يَجِبُ فِي الْخَطَأِ وَلَمْ يَخْتَصَّ بِأَحَدِهِمَا فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ عِشْرِينَ فَأَرْبَعِينَ وَنِصْفُ قِيمَةِ الشِّقْصِ قَالَهُ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ وَقَالَ أَصْبَغُ إِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَرَضِ مِثْلَ قِيمَةِ الشِّقْصِ فَالشِّقْصُ عَنْ نِصْفِ الْمُوضِحَتَيْنِ فَيَأْخُذُهُ بِنِصْفِ مُوضِحَةِ الْخَطَأِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ وَنِصْفَ قِيمَةِ الشِّقْصِ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ خَمْسِينَ فَأَقَلَّ أَخَذَهُ بِخَمْسِينَ مُوضِحَةَ الْخَطَأِ وَإِنْ كَانَ الْعَمْدُ عِنْدَهُ لَمْ يَأْخُذْ عَنْهُ شَيْئًا لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَجْعَلُ الزَّائِدَ عَلَى ذَلِكَ الْخَطَأِ وَهُوَ الْمَأْخُوذُ عَنِ الْعَمْدِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ سِتِّينَ أَخَذَهُ بِخَمْسِينَ وَسُدُسِ قِيمَةِ الشِّقْصِ لِأَنَّ الْعَمْدَ عِنْدَهُ إِنَّمَا يَكُونُ لَهُ الْفَضْلُ وَعَلَى مَذْهَبِ الْمَخْزُومِيِّ الشِّقْصُ

كُلُّهُ لِلْعَمْدِ وَقَوْلُ ابْنِ نَافِعٍ لَمْ يُحْمَلْ عَلَى دِيَةِ الْمُوضِحَةِ الْخَطَأُ فَإِنَّ قِيمَتَهُ حَمَلَ عَلَيْهِ مُوِضِحَةَ الْخَطَأِ وَذَلِكَ خَمْسُونَ فَصَارَ الْعَمْدُ ثُلُثَا الشِّقْصِ فَيُؤْخَذُ الشِّقْصُ عِنْدَهُ بِخَمْسِينَ وَثُلْثَيْ قِيمَتِهِ وَإِنَّمَا شَبَّهَهُ بِالْمَجْهُولَاتِ الَّتِي تَكُونُ فِي الْوَصَايَا وَيَحْمِلُ عَلَى ذَلِكَ الْمَعْلُومَاتِ وَجَعَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ مَأْخُوذًا عَنِ الْجُمْلَةِ لَوْ كَانَتْ قَدْ صُولِحَ عَلَيْهَا فَجَعَلَهُ كَالْمَعْلُومَاتِ وَيَلْزَمُ عَلَى قَوْلِهِ لَوْ صَالَحَ بِهِ عَلَى مُوضِحَةٍ خَطَأً وَنَفْسٍ عَمْدًا أَنْ يَأْخُذَ بِخَمْسِينَ دِينَارًا دِيَةَ الْخَطَأِ وَبِقِيمَةِ عِشْرِينَ جُزْءًا مِنَ الشِّقْصِ مِنْ أَحَدٍ وَعِشْرِينَ وَيُضِيفُ إِلَيْهَا مُوضِحَةَ الْخَطَأِ وَهِيَ خَمْسُونَ فَيجمع ذَلِكَ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ وَلَوْ دَفَعَ الْجَارِحُ عَبْدًا وَأَخَذَ مِنَ الْمَجْرُوحِ مُوضِحَتَيْنِ شِقْصًا فَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِ إِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الشِّقْصِ خَمْسِينَ صَارَ الْمَجْرُوحُ دَفَعَ مُوضِحَةَ خَطَأٍ بِخَمْسِينَ وَمُوضِحَةً عَمْدًا بِمِثْلِ ذَلِكَ لِتَسَاوِيهِمَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَشِقْصًا بِخَمْسِينَ وَأَخَذَ مِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ عَبْدًا فَيُؤْخَذُ الشِّقْصُ بِثُلُثِ قِيمَةِ الْعَبْدِ سَاوَى الْعَبْدُ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ وَعَلَى مَذْهَبِ ابْنِ نَافِعٍ تُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْعَبْدِ إِنْ كَانَتْ مِائَةً فَأَقَلَّ فَلَيْسَ لِلْعَمْدِ شَيْءٌ وَكَانَ الْعَبْدُ مَأْخُوذًا عَنِ الشِّقْصِ وَمُوضِحَةَ الْخَطَأِ خَاصَّةً فَيُؤْخَذُ الشِّقْصُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ مِائَةً وَخَمْسَةً وَعِشْرِينَ فَلِلْعَمْدِ خُمُسُ الْعَبْدِ وَلِلشِّقْصِ خُمُسَاهُ فَيَأْخُذُهُ بِخُمُسَيْ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَعَلَى قَوْلِ الْمَخْزُومِيِّ إِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِائَةً كَانَ عَنْ مُوضِحَةِ الْعَمْدِ خَاصَّةً وَيُحْمَلُ عَلَيْهِ مُوضِحَةُ الْخَطَأِ وَقِيمَةُ الشِّقْصِ وَهِيَ خَمْسُونَ صَارَ الْجَمِيعُ مِائَتَيْنِ فَالَّذِي يَنُوبُ الشِّقْصُ رُبُعَ قِيمَةِ الْعَبْدِ فَيَشْفَعُ بِذَلِكَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ جَعَلَ الْمَخْزُومِيُّ الشِّقْصَ فِي الْمُوضِحَتَيْنِ يَحْمِلُ دِيَةَ الْخَطَأِ عَلَى قِيمَةِ الشِّقْصِ فَإِنْ كَانَتْ ثُلُثَ الْجَمِيعِ شَفَعَ بِخَمْسِينَ وَثُلْثَيْ قِيمَةِ الشِّقْصِ وَكَذَلِكَ فِيمَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ مِنَ الْأَجْزَاءِ لِأَنَّهُ لَوْ صَالَحَ عَنْ مُوضِحَةٍ عَمْدًا فَقَطْ كَانَ الْأَخْذُ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ فَصَارَتْ قِيمَتُهُ كُلُّهَا قِيمَةَ مُوضِحَةِ الْعَمْدِ وَلَوْ دَفَعَهُ عَنْ مُوضِحَةِ الْخَطَأِ أَخَذَ بِخَمْسِينَ دِينَارًا دِيَةَ الْخَطَأِ فَلَمَّا اجْتَمَعَتَا ضَرَبَ فِي قِيمَتِهِ لِمُوضِحَةِ الْخَطَأِ بِدِيَتِهَا وَلِمُوضِحَةِ الْعَمْدِ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ كَمَنْ أَوْصَى بِمَعْلُومٍ وَمَجْهُولٍ فَإِنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ فِي الثُّلُثِ وَيُضْرَبُ لِلْمَعْلُومِ وَيُقَدَّرُ الْمَجْهُولُ الثُّلُثَ وَيُلْزِمُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنْ يُعْطَى الْمَجْهُولُ فِي الْوَصَايَا كَوَقِيدِ الْمَسْجِدِ نِصْفَ الثُّلُثِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَوْ أَخَذَ مِنْ مُوضِحَةِ خَطَأٍ شِقْصًا وَدَفَعَ

خَمْسِينَ فَالْأَخْذُ بِمِائَةٍ وَإِنْ أَعْطَى الْمَجْرُوحَ فِي دِيَةِ الْعَمْدِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ خَمْسِينَ فَعَلَى الشَّفِيعِ عَشَرَةٌ وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ قِيمَةِ الشِّقْصِ أَوْ سِتِّينَ فَعَشَرَةٌ وَخَمْسَةُ أَسْدَاسِ قِيمَةِ الشِّقْصِ وَكَذَلِكَ مَا لَمْ تَنْتَقِضِ الْقِيمَةُ مِنَ الْعَشَرَةِ فَلَا تَنْتَقِضُ وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ وَمَتَى وَقَعَ مَعَ الشِّقْصِ عَرَضٌ أَوْ مَالٌ فِي النِّكَاحِ أَوِ الْخُلْعِ أَوْ دَمٍ لَمْ يَأْخُذْ إِلَّا بِقِيمَةِ الشِّقْصِ مَا بَلَغَ إِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ رُبُعَ مَا وَقَعَ مَعَهُ أَوْ أَقَلَّ وَقَالَ ش لَا يَصِحُّ الصُّلْحُ عَلَى دَمِ الْعَمْدِ أَوِ الْخَطَأِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْإِبِلُ مَوْجُودَةً وَمَعْرُوفَةَ السِّنِّ فَإِذًا صَحَّ فِيهِ الشُّفْعَةُ تَمْهِيدٌ قَالَ الْلَخْمِيُّ الشُّفْعَةُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ فِي الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ وَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَأَمَّا الْعَرَضُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ الْمِثْلِيَّاتِ فَإِنَّهُ أَقْسَامٌ الْأَوَّلُ عَرَضٌ أَوْ عَبْدٌ بِعَيْنِهِ فَقِيمَتُهُ يَوْمَ الْبَيْعِ لَا يَوْمَ الْإِشْفَاعِ الثَّانِي مَوْصُوفٌ فِي الذِّمَّةِ حَالٌّ فَبِمِثْلِهِ الْآنَ الثَّالِثُ الصَّدَاقُ قِيلَ بِالْقِيمَةِ وَقِيلَ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ قِيَاسًا عَلَى اسْتِحْقَاقِ الشِّقْصِ قِيلَ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ أَوْ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ الرَّابِعُ الْخُلْعُ وَدَمُ الْعَمْدِ فَبِالْقِيمَةِ الْخَامِسُ صَالَحَ عَنْ دَعْوًى فِي دَارٍ أَوْ عَبْدٍ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُنْكِرٌ فَبِقِيمَةِ الْمُدَّعَى فِيهِ وَقِيلَ لَا شُفْعَةَ لِأَنَّ الْمَدْفُوعَ بِهِ خُصُومَةٌ لَا عِوَضٌ مُحَقَّقٌ قَالَ وَالْقِيَاسُ الِاسْتِشْفَاعُ بِقِيمَتِهِ لِأَنَّ قِيمَةَ الْمُدَّعَى فِيهِ ظُلْمٌ عَلَى الشَّفِيعِ لِأَنَّ الْعَادَةَ فِي الصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ لَا يُؤْخَذُ مَا يُسَاوِي الْمُدَّعَى فِيهِ وَالْمُسَامَحَةُ فِيهِ أَكْثَرُ مِنَ النِّكَاحِ فَإِذَا لَمْ تَأْخُذِ الْمَرْأَةُ صَدَاقَ الْمِثْلِ فَهَذَا أَوْلَى السَّادِسُ هِبَةُ الثَّوَابِ وَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُهَا السَّابِعُ ثَمَنٌ جُزَافٌ قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْحُلِيِّ الْجُزَافُ بِقِيمَتِهِ الذَّهَبُ بِالْفِضَّةِ وَالْفِضَّةُ بِالذَّهَبِ يَوْمَ الْعَقْدِ لَا يَوْمَ الْأَخْذِ وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْجُزَافِ الثَّامِنُ مَا لَهُ مِثْلٌ فَيَتَعَذَّرُ ذَلِكَ الْمِثْلُ فَيَرْجِعُ إِلَى الْقِيمَةِ وَقَالَ مَالِكٌ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الْقِيمَةِ وَالصَّبْرِ حَتَّى يَتَيَسَّرَ وَفِي النَّوَادِرِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا تَزَوَّجَهَا بِشِقْصٍ وَأَخَذَ مِنْهَا دِينَارًا وَفِي ذَلِكَ فَضْلُ مَا لَا ينقص النِّكَاحَ ضَمَّ الدَّيْنَارَ إِلَى قِيمَةِ الشِّقْصِ فَإِنْ كَانَ من جمعية الْعُشْرُ شَفَعَ بِدِينَارٍ وَتِسْعَةِ أَعْشَارِ قِيمَةِ الشِّقْصِ وَكَذَلِكَ بِقِيمَةِ الْأَجْزَاءِ فَإِنْ أَصْدَقَهَا شِقْصًا وَعَبْدًا وَأَخَذَ مِنْهَا عَبْدًا وَعَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَفِي ذَلِكَ فَضْلٌ مِمَّا لَا يُفْسِدُ النِّكَاحَ ضَمَّتِ الْعَشَرَةَ إِلَى قِيمَةِ الشِّقْصِ وَالْعَبْدِ فَإِنْ كَانَتِ الْعَشَرَةُ السُّدُسَ فَقَدْ شَغَلَتْ مِنَ الْعَبْدِ بِسُدُسٍ مِنَ الشِّقْصِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الشِّقْصِ

أَرْبَعِينَ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ عَشَرَةً فَذَلِكَ مَعَ الْعَشَرَةِ الَّتِي اخذ سِتُّونَ فَيشفع بِأَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ الْعَشَرَةِ وَبِخَمْسَةِ أَسْدَاسِ قِيمَةِ الشِّقْصِ وَقَالَهُ سَحْنُونٌ فِي الْخُلْعِ وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ خَالَعَتْهُ عَلَى دَنَانِيرَ عَلَى إِنْ أَعْطَاهَا شِقْصًا فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنَ الدَّنَانِيرِ أَخَذَهُ بِمِثْلِ تِلْكَ الدَّنَانِيرِ أَوْ أَقَلَّ شَفَعَ بِالْأَقَلِّ وَكَذَلِكَ لَوْ دَفَعَتْ لَهُ عَرَضًا وَإِنْ كَانَتِ الدَّنَانِيرُ مِنْهُ وَالشِّقْصُ مِنْهَا فَعَلَى الشَّفِيعِ الْأَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ الشِّقْصِ أَوِ الدَّنَانِيرِ وَكَذَلِكَ إِذَا أَخَذَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عَمْدًا شِقْصًا وَدَفَعَ مَالًا شَفَعَ بِالْأَكْثَرِ وَإِنْ أَعْطَى شِقْصًا وَأَخَذَ مَالًا شَفَعَ بِالْأَقَلِّ وَلَوْ جَرَحَتْ زَوْجَهَا مُوضِحَةً خَطَأً وَدَفَعَتْ لَهُ عَنِ الْمُوضِحَةِ وَعَنِ الْخُلْعِ شِقْصًا شَفَعَ بِالْأَكْثَرِ مِنْ دِيَةِ الْمُوضِحَةِ الْخَطَأِ أَوْ قِيمَةِ الشِّقْصِ وَلَوْ دَفَعَ الْجَارِحُ أَوِ الْمُخْتَلِعَةُ شِقْصًا وَمَالًا أَوْ شِقْصًا وَعَرَضًا أَوْ شِقْصًا وَجُرْحًا فَالشُّفْعَةُ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ مَا بَلَغَتْ وَقَالَ ح لَا شُفْعَةَ فِي شِقْصٍ تَزَوَّجَ أَوْ خَالَعَ أَوِ اسْتَأْجَرَ بِهِ دَارًا أَوْ غَيْرَهَا أَوْ صَالَحَ بِهِ عَنْ دَمِ عَمْدٍ أَوْ أَعْتَقَ عَلَيْهِ عَبْدًا وَلَا يَشْفَعُ إِلَّا فِي مُبَادَلَةِ الْمَالِ بِالْمَالِ وَلَا فِي الْمُصَالَحِ بِهِ عَلَى إِنْكَارٍ وَوَافَقَنَا ش فِي الْإِجَارَةِ وَالنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ لَنَا ظَوَاهِرُ النُّصُوصِ الْمُتَقَدَّمَةِ وَلِأَنَّهُ جَعَلَ بَدَلَ الشِّقْصِ مَا يُضَمَّنُ بِالْعَقْدِ وَالْإِتْلَافِ فَأَشْبَهَ الْإِرْث أَو المعأوض عَلَيْهِ بحمر أَو الْهِبَة فَهِيَ ثَلَاث اقيسة وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْإِرْثَ لَا يُتَّهَمُ بِإِدْخَالِ الضَّرَرِ بِخِلَافِ صُورَةِ النِّزَاعِ وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي أَنَّ الْبَيْعَ فِي تِلْكَ الْمُعَاوَضَةِ بَاطِل وَهَا هُنَا الْمُعَاوَضَةُ ثَابِتَةٌ وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الشُّفْعَةَ فِي الْهِبَةِ عِنْدَنَا وَلَوْ سَلَّمْنَا عَدَمَهَا لَكِنَّ الْمُعَاوَضَةَ فِي صُورَةِ النِّزَاعِ بِخِلَافِ الْهِبَةِ فَصُورَةُ النِّزَاعِ أَشْبَهُ بِالْبَيْعِ مِنَ الْهِبَةِ فَتُلْحَقُ بِهِ أَوْلَى وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُ تَقْوِيمُ الْبِضْعِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ وَهُوَ ضَرَرٌ بِالشَّفِيعِ فَإِنَّهُ حَدٌّ

(فرع)

تَسَامَحَ فِيهِ وَأَجَابُوا عَنْ هَذَا الْوَجْهِ بِأَنَّهُ يَقُومُ عَلَى الْمُكْرَهِ وَالرَّاجِعِ عَنِ الشَّهَادَةِ بِالطَّلَاقِ مَعَ قِيَامِ مَا ذَكَرْتُمْ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا أَكْرَى بِشِقْصٍ أَخَذَ بِمِثْلِ الْكِرَاءِ لِتِلْكَ الدَّارِ مِنْ مِثْلِ صَاحِبِهَا إِنْ مَضْمُونٌ فَمَضْمُونٌ أَوْ مُعَيَّنٌ فَمُعَيَّنٌ فَإِنْ أَخَذَ بِذَلِكَ ثُمَّ مَاتَ الْآجر أَوِ انْهَدَمَ الْمَسْكَنُ بَعْدَ مُضِيِّ نِصْفِ السُّكْنَى أَوِ الْعَمَلِ إِنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ أَجِيرًا رَجَعَ بِقِيمَةِ نِصْفِ شُفْعَتِهِ لِأَنَّ أَخْذَ الشَّفِيعِ فَوْتٌ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا مَاتَتِ الْإِبِلُ الْمُسْتَأْجَرَةُ فِي نِصْفِ الدَّارِ رَجَعَ الْمُكْرِي عَلَى الشَّفِيعِ بِمَا رَجَعَ بِهِ رَبُّ الشِّقْصِ عَلَيْهِ فَيُقَاصُّهُ بِنِصْفِ مَا كَانَ مِنْهُ مِنْ قيمَة كِرَاء الْإِبِل إِلَّا أَن يكون كراؤها أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الشِّقْصِ فَيَكُونَ الشَّفِيعُ هُوَ الرَّاجِعَ عَلَيْهِ بِنِصْفِ كِرَاءِ إِبِلِهِ وَيَدَعَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ نِصْفَ قِيمَةِ الشِّقْصِ وَهُوَ عَلَى أَصْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ إِذَا اشْتَرَى شِقْصًا بِعَبْدٍ فَيَشْفَعُ بِقِيمَتِهِ ثُمَّ اسْتُحِقَّ الْعَبْدُ (فَرْعٌ) فِي الْكتاب إِن تكلفت بِهِ فَغَابَ فَصَالَحْتَ الطَّالِبَ عَلَى شِقْصٍ جَازَ إِنْ عَرَفْتُمَا مَبْلَغَ الدَّيْنِ وَالشُّفْعَةُ فِيهِ بِمِثْلِ الدَّيْنِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْمَطْلُوبِ بِالْأَقَلِّ مِنَ الدَّيْنِ أَوْ قِيمَةِ الشِّقْصِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ إِنْ صَالَحْتَ وَأَنْتَ لَا تَعْرِفُ مَا يثبت الَّذِي تكلفت لَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَدْ سَمَّاهُ لَكَ فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يُجِيبَهُ إِنَّ دَيْنَهُ كَذَا ثُمَّ يَأْخُذُ بِهِ فَإِنْ أَخَذَ بِهِ ثُمَّ جَاءَ الْغَرِيمُ فَلَمْ يَسْتَحِقَّ عَلَيْهِ شَيْءٌ لَمْ يَرْجِعِ الْكَفِيلُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ وَرَجَعَ عَلَى الْمُتَحَمِّلِ لَهُ بِالثَّمَنِ الَّذِي أُخِذَ مِنَ الشَّفِيعِ لِأَنَّهُ الَّذِي رَضِيَ أَنْ يَبِيعَ بِهِ شِقْصَهُ وَهَذَا إِنْ كَانَ صُلْحًا بِغَيْرِ إِقْرَارٍ مِنْكَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ وَالشُّفْعَةُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ إِنَّمَا أَخَذَ مَا بِهِ ثَبَتَ الْحَقُّ أَمْ لَا وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا تَحَمَّلَ بِالْوَجْهِ فَصَالَحَ بِشِقْصٍ فَالشُّفْعَةُ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَةِ الشِّقْصِ أَوْ بِمَا عَلَى الْغَرِيمِ وَقَالَ أَصْبَغُ إِذَا صُولِحَ فِي الْإِنْكَارِ لَا شُفْعَةَ لِأَنَّهُ كَالْهِبَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنِ ادَّعَيْتَ حَقًّا فِي دَارِ رَجُلٍ غَائِبٍ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُنْكِرٌ فَصُولِحْتَ عَلَى شِقْصٍ فَلَا شُفْعَةَ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الْمُعَاوَضَةِ فَإِنِ ادَّعَيْتَ أَنَّهُ قَتَلَ دَابَّتَكَ فَصَالَحَكَ عَلَى

(فرع)

شِقْصٍ فَالشُّفْعَةُ بِقِيمَةِ الدَّابَّةِ وَالْقَوْلُ قَوْلُكَ فِي قِيمَتِهَا وَتُكَلَّفُ صِفَتَهَا فَإِنِ ادَّعَيْتَ مَا لَا يُشْبِهُ صُدِّقَ الشَّفِيعُ فِيمَا يُشْبِهُ كَقَوْلِ مَالِكٍ فِيمَنِ اشْتَرَى شِقْصًا بِعَرَضٍ فَفَاتَ الْعَرَضُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُشْتَرِي (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا اخْتَلَفَ الْمُبْتَاعُ وَالشَّفِيعُ فِي قِيمَةِ الْعَرَضِ الْمُشْتَرَى بِهِ فَاتَ بِيَدِ الْبَائِعِ أَمْ لَا يُنْظَرُ لِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ مَقْصُودُ الْمُعَاوَضَةِ فَإِنْ هَلَكَ بِيَدِ الْمُبْتَاعِ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ فَإِنْ جَاءَ بِمَا لَا يُشْبِهُ صُدِّقَ الشَّفِيعُ فِيمَا يُشْبِهُ فَإِنْ أَتَيَا بِمَا لَا يُشْبِهُ وَصْفُهُ الْمُبْتَاعَ وَحَلَفَ عَلَى صِفَتِهِ وَأَخَذَ الشُّفْعَةَ بِقِيمَةِ تِلْكَ الصِّفَةِ يَوْمَ الْبَيْعِ فَإِنْ نَكَلَ الْمُبْتَاعُ حَلَفَ الشَّفِيعُ عَلَى مَا يَصِفُهُ هُوَ وَأَخَذَ بِقِيمَةِ صِفَتِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ هَلَكَ الْعَرَضُ الَّذِي هُوَ ثَمَنٌ فَأَتَيَا جَمِيعًا بِمَا لَا يُشْبِهُ حَلَفَ الْمُبْتَاعُ وَلَهُ مَا لَا يَتَبَيَّنُ فِيهِ كَذِبُهُ فَإِنِ امْتَنَعَ حَلَفَ الشَّفِيعُ وَكَانَ عَلَيْهِ أَدْنَى مَا لَا يَظْهَرُ فِيهِ كَذِبُهُ فَإِنْ نَكَلَ فَإِنِ ادَّعَى أَنَّهُ حَضَرَ أَوْ عَلِمَ الثَّمَنَ وَنَكَلَ لَمْ يَأْخُذْهُ إِلَّا بِأَكْثَرِ مَا لَا يَتَبَيَّنُ فِيهِ كَذِبُهُ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ مَا يَعْلَمُ مَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي قَالَ مُحَمَّدٌ فَإِنْ حَلَفَ فَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُحْبَسَ الْمُشْتَرِي حَتَّى يَحْلِفَ فَإِنِ ادَّعَى الشَّفِيعُ الْعِلْمَ وَنَكَلَ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا هَلَكَ الْعَرَضُ فَزَعَمَ الْمُشْتَرِي أَنَّ قِيمَتَهُ أَلْفٌ وَقَالَ الْبَائِعُ الْأَقَلُّ فَلْيَحْلِفِ الْمُشْتَرِي عَلَى مَا قَالَ ثُمَّ إِنْ شَاءَ الشَّفِيعُ أَخَذَ بِذَلِكَ أَوْ تَرَكَ إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِخِلَافِ ذَلِكَ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا نَكَلَ الْمُشْتَرِي قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَقْبِضُ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ إِنْ شَاءَ وَيُقَالُ لِلْمُشْتَرِي مَتَى أَحْبَبْتَ حَقَّكَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ حَلِفِكَ فَلَكَ الْقِيمَةُ يَوْمَ سَلَّمْتَهُ لِلْبَائِعِ قَالَ فَإِنِ امْتَنَعَ الشَّفِيعُ مِنَ الْقَبْضِ لِتَوَقُّعِ الْكَثْرَةِ فَلَا بُدَّ حِينَئِذٍ مِنْ حَلِفِ الْمُشْتَرِي عَلَى مَا يَعْلَمُهُ أَوْ يُسْجَنُ وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي قَوْلِهِ يَتَحَالَفَانِ إِنَّمَا يَعْنِي أَنَّ الْمُبْتَاعَ وَحْدَهُ يحلف فَإِذا حلف بَرِيء قَالَ مُحَمَّدٌ فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الشِّرَاءُ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُ ذَلِكَ وَيَدْفَعُ الثَّمَنَ للْبَائِع لَمْ يُقِرَّ بِقَبْضِهِ وَلَا عُهْدَةَ عَلَى الْبَائِعِ إِلَّا فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَيَكْتُبُ الْعُهْدَةَ

(فرع)

لِلْغَائِبِ فِي كُلِّ شَيْءٍ فَإِنْ قَدِمَ الْغَائِبُ فَأَقَرَّ كُتِبَتْ عَلَيْهِ الْعُهْدَةُ وَإِنْ أَنْكَرَ حَلَفَ وَرَجَعَ الشِّقْصُ عَلَى بَائِعِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ لَا يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ إِذَا رَضِيَ أَنْ يَأْخُذَهُ بِغَيْرِ كِتَابَةِ عُهْدَةٍ وَلَكِنْ يَشْهَدُ عَلَى الْبَائِعِ بِقَبْضِ الثَّمَنِ وَتَلْزَمُهُ عُهْدَتُهُ فَقَطْ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ مَيْسِرٍ إِذَا لَمْ يَثْبُتِ الْبَيْعُ إِلَّا بِإِقْرَارِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فَلَا شُفْعَةَ (فَرْعٌ) فِي النَّوَادِرِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنِ اشْتَرَاهُ بِدَيْنٍ شَفَعَ عَلَى الْبَائِعِ كَانَ لِلْمُشْتَرِي فَالشُّفْعَةُ بِقِيمَةِ الدَّيْنِ عَرَضًا نَقْدًا يَدْفَعُهُ الْآنَ لِأَنَّ الدَّيْنَ عَرَضٌ مِنَ الْعُرُوضِ وَكَذَلِكَ إِنْ لَمْ يَقُمِ الشَّفِيعُ حَتَّى حَلَّ الدَّيْنُ فَلَا يَنْظُرُ فِي وَقْتِهِ بَعْدَ الِاسْتِشْفَاعِ وَعَنْ سَحْنُونٍ يُقَوَّمُ الدَّيْنُ بِعَرَضٍ ثُمَّ يُقَوَّمُ الْعَرَضُ بِعَيْنٍ فَيَأْخُذُ بِهَا وَعَنْ مَالِكٍ لَا يَأْخُذُ إِلَّا بِمِثْلِ ذَلِكَ الدَّيْنِ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ الْبَائِعُ عَدِيمًا بِذَلِكَ الدَّيْنِ لِأَنَّ الْقِيَمَ فِي الْعُرُوضِ لَا فِي النفدين فَإِنْ كَانَ حَالًّا أَخَذَ بِهِ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا فَإِلَى أَجَلِهِ قَالَ أَصْبَغُ إِنَّمَا يَشْفَعُ بِمِثْلِ الدَّيْنِ نَقْدًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ يُهْضَمُ لَهُ فِيهِ هَضْمَةً بَيِّنَةً فَيَأْخُذُ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ قَالَ مُطَرِّفٌ بَلْ يَشْفَعُ بِجَمِيعِهِ وَإِنْ كَانَ يَهْضِمُ فِيهِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ فَإِنِ اشْتَرَى بِكِتَابَةِ مُكَاتَبٍ فَبِقِيمَةِ الْكِتَابَةِ عَرَضًا يُقَوَّمُ عَلَى أَنه يعجز أَو يُؤَدِّي فَإِن عجز فَهُوَ رَقِيقٌ لِبَائِعِ الشِّقْصِ (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا اشْتَرَى بِكَفٍّ مِنَ الدَّرَاهِمِ لَا يُعْرَفُ وَزْنُهُ أَخَذَ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ وَتَبْطُلُ الشُّفْعَةُ كَمَا لَوْ جَهِلَ الثَّمَنَ بِالْكُلِّيَّةِ

(الباب الثاني في صفة الآخذ)

(الْبَابُ الثَّانِي فِي صِفَةِ الْآخِذِ) وَفِي الْكِتَابِ الشُّفْعَةُ عَلَى قَدْرِ الْأَنْصِبَاءِ دُونَ الْعَدَدِ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح عَلَى عَدَدِ الرؤس لَنَا أَنَّهَا سَبَبُ الْمِلْكِ فَتَتْبَعُهُ كَكَسْبِ الْعَبْدِ وَثَمَرِ الثَّمَرَةِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ وَأُجْرَةِ الدَّارِ احْتُجَّ بِأَنَّهَا لِلضَّرَرِ الْمُسْتَمِرِّ فَتُسْتَحَقُّ بِالْمِلْكِ وَالضَّرَرِ مُسْتَوٍ وَلِأَنَّ الشُّفْعَةَ تُسْتَحَقُّ بِالْقَلِيلِ كَمَا تُسْتَحَقُّ بِالْكَثِيرِ إِذَا انْفَرَدَ إِجْمَاعًا فَكَذَلِكَ إِذَا اجْتَمَعَا وَلِأَنَّ الدِّيَة على عدد رُؤْس الجانين لَا بِقدر الْجِنَايَات وَالْغنيمَة بِقدر الرؤس لَا بِقَدْرِ الْقِتَالِ فَكَذَلِكَ هَاهُنَا وَلِأَنَّ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْجَار أَحَق بسقبه يَقْتَضِي التَّسْوِيَة بَين المتجاورين وَقَوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الشُّفْعَةُ لِلشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يُقَاسِمْ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ لِاسْتِوَائِهِمْ فِي هَذَا الْوَصْفِ كَمَا لَوْ قُلْنَا الدَّار لإخوتك استوو فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الشَّرِيكَ إِذَا بَاعَ مِلْكَهُ سَقَطَتْ شُفْعَتُهُ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ نَصِيبَهُ هُوَ الْمُوجِبُ لِشُفْعَتِهِ فَتُقْسَمُ عَلَى قَدْرِ الْأَنْصِبَاءِ وَلِأَنَّ الضَّرَرَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَنْصِبَاءِ فِي الْمُطَالَبَةِ بِالْقِسْمَةِ فَيَفْتَرِقُ الْمِلْكُ وَيَنْقُصُ وَغَرِمَ أُجْرَةَ الْقَاسِمِ فَالْأَكْثَرُ يَتَضَرَّرُ أَكْثَرَ

(تفريع)

وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي أَنَّهُ يَبْطُلُ بِالِابْنِ وَابْنِ الِابْنِ يَسْتَوِيَانِ إِذَا انْفَرَدُوا فِي أَخْذِ جَمِيعِ الْمَالِ وَإِذَا اجْتَمَعَا سَقَطَ ابْنٌ وَاخْتَلَفَ الْحُكْمُ وَكَذَلِكَ الِابْنُ وَالْأَبُ وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّالِثِ أَنَّ السَّبَبَ ثَمَّةَ زَهُوقُ الرُّوحِ لَا مِلْكُهُمْ لِأَمْوَالِهِمْ وَنِسْبَةُ هَذَا السَّبَبِ إِلَيْهِمْ نِسْبَةٌ مُسْتَوِيَةٌ فَيَسْتَوُونَ وَالْغَنِيمَةُ لَا تُسْتَحَقُّ إِلَّا بِالْقِتَالِ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يُقَاتِلْ يُسَاوِي الْمُقَاتِلَ بِخِلَافِ الشُّفْعَةِ فَتُسْتَحَقُّ بِالْمِلْكِ كَمَا تَقَدَّمَ وَالْجَوَابُ عَنِ الرَّابِعِ أَنَّ الْحَدِيثَيْنِ وَرَدَا فِي مَعْرِضِ بَيَانِ مَنْ لَهُ الشُّفْعَةُ لَا بَيَانِ أَحْوَالِ الشُّفْعَةِ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ النُّصُوصَ إِذَا وَرَدَتْ لِمَعْنًى لَا يُسْتَدَلُّ بِهَا فِي غَيْرِهِ لِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَمْ يَقْصِدْهُ كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ الْعُشْرُ لَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّ فِي الْخُضَرِ الزَّكَاةَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بَيَانُ الْجُزْءِ الْوَاجِبِ لَا مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَهِيَ قَاعِدَةٌ جَلِيلَةٌ لَا يَنْبَغِي لِلْفَقِيهِ أَنْ يُهْمِلَهَا نَظَائِرُ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ ثَلَاثَةُ مسَائِل تخْتَص بالأنصباء دون الرؤس الشُّفْعَةُ وَزَكَاةُ الْفِطْرِ عَلَى الْعَبْدِ الْمُشْتَرَى وَالتَّقْوِيمُ فِي الْعتْق وَسِتَّة مسَائِل تخْتَص بالرؤس دُونَ الْأَنْصِبَاءِ أُجْرَةُ الْقَاسِمِ وَكَنْسُ الْمَرَاحِيضِ وَحِرَاسَةُ أَعْدَالِ الْمَتَاعِ وَبُيُوتُ الْغَلَّاتِ وَأُجْرَةُ السَّقْيِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَحَارِسُ الدَّابَّةِ وَالصَّيْدُ لَا تُعْتَبَرُ كَثْرَةُ الْكِلَابِ زَادَ الْعَبْدِيُّ فِي نَظَائِرِهِ كَنْسُ السَّوَاقِي (تَفْرِيعٌ) قَالَ الْلَخْمِيُّ قَالَ مُحَمَّدٌ الشُّفْعَةُ كَعَبْدٍ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ الثُّلُثُ وَالسُّدُسُ وَالنِّصْفُ فَأَعْتَقَ صَاحِبُ النِّصْفِ وَالسُّدُسِ مَعًا فَإِنَّهُ يُقَوَّمُ عَلَيْهِمَا أَرْبَاعًا عَلَى الْأَنْصِبَاءِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بَلْ بِالسَّوِيَّةِ لِأَنَّهُ لَوِ اعْتُبِرَ كَثْرَةُ النَّصِيبِ لَقُوِّمَ جَمِيعُ الرَّقِيق مِنْهُ على الْقَلِيل وَكثر النَّصِيب وعَلى هَذَا تكون السفعة لِأَن الضَّرَر اللَّاحِق لقيل النَّصِيبِ أَكْثَرُ فِي الْمُقَاسَمَةِ فَإِنَّ نَصِيبَهُ قَدْ يَقِلُّ فَلَا يَشْفَعُ بِهِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَهَذَا إِذَا كَانَتْ فِيمَا يَنْقَسِمُ وَإِنْ كَانَتْ فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ وَحُكِمَ بِهَا فِيهِ فَهِيَ عَلَى الْعَدَدِ وَلَا تُرَاعَى الْأَنْصِبَاءُ لِأَنَّهَا إِنَّمَا

(فرع)

جُعِلَتْ لِدَفْعِ الضَّرَرِ فِي طَلَبِ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الْقَلِيلُ وَالْكَثِيرُ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَات وَعَن مَالك هِيَ على عدد الرؤس يتَحَصَّل ثَلَاثَة أَقْوَال قَولَانِ لمَالِك فِي الرؤس وَالْأَنْصِبَاءِ وَتَفْرِقَةُ الْلَخْمِيِّ فِيمَا يَنْقَسِمُ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ صُدِّقَ الْمُبْتَاعُ لِأَنَّهُ مُدَّعًى عَلَيْهِ إِخْرَاجُ مِلْكِهِ بِمَا لَا يَرْضَى إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِمَا لَا يُتَغَابَنُ بِمِثْلِهِ فَلَا يُصَدَّقُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِلْكًا ولعلها مَالِكًا يَرْغَبُ فِي الدَّارِ الْمُجَاوِرَةِ لَهُ فَيُصَدَّقُ لِأَنَّ شَأْنَهُ أَنْ يُبَدِّلَ كِبَرَ الْعَرْصَةِ فَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَةً وَكَانَا فِي الْعَدَالَةِ سَوَاءً سَقَطَتَا وَصُدِّقَ الْمُبْتَاعُ لِأَنَّهُ صَاحِبُ الْيَدِ فِي التَّنْبِيهَاتِ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ صَاحِبُ الْيَدِ قِيلَ مَفْهُومُهُ لَوْ كَانَتْ فِي يَدِ الشَّفِيعِ كَانَ خِلَافَ ذَلِكَ فَاتَتْ أَمْ لَا وَقَالَ فِي كِتَابِ الرَّوَاحِلِ يُصَدَّقُ الْمُكْتَرِي لِقَبْضِهِ الرَّاحِلَةَ وَلِأَنَّ تَسْلِيمَ الشِّقْصِ لِلشَّفِيعِ كَتَسْلِيمِ الشُّفْعَةِ لِلْمُشْتَرِي وَيُخْتَلَفُ هَلْ يُصَدَّقَ بِنَفْسِ تَسْلِيمِهَا أَوْ حَتَّى يُبَيِّنَ بِهَا أَوْ حَتَّى تَفُوتَ قَالَ التُّونِسِيُّ يُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَقِلْ يَحْلِفُ أَمْ لَا قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا ادَّعَى الشَّفِيعُ حُضُورَ الْمُبَايَعَةِ حَلَفَ الْمُشْتَرِي وَإِنْ لَمْ يُحَقِّقْ لَا يَحْلِفُ لِأَنَّ أَيْمَانَ التُّهَمِ لَا تَلْزَمُ إِلَّا مَنْ تَلِيقُ بِهِ التُّهْمَةُ وَقَالَ أَشْهَبُ يُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي بِغَيْرِ يَمِينٍ إِذَا أَتَى بِمَا ينْسبهُ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ وَإِنِ اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي الثَّمَنِ تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا وَبَطَلَتِ الشُّفْعَةُ وَيَشْبِهُ إِنْ رَضِيَ الشَّفِيعُ بِكَتْبِ عُهْدَتِهِ عَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَ شِقْصَهُ كَمَا قِيلَ لَوْ بَاعَ الشِّقْصَ مِنْ غَائِبٍ أَخَذَ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ مِنْهُ فَإِنْ جَاءَ الْمُشْتَرِي فَأَنْكَرَ قِيلَ تَبْقَى عُهْدَتُهُ عَلَى الْبَائِعِ إِنْ شَاءَ وَاسْتَحْسَنَهُ مُحَمَّدٌ وَقِيلَ يَرُدُّ الشِّقْصَ قَالَ التُّونِسِيُّ إِنْ نَكَلَ الْمُشْتَرِي لِمَا حَلَفَ الْبَائِعُ وَجَبَ الْبَيْعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِمَا قَالَ الْبَائِعُ وَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ بِقَوْلِ الْمُشْتَرِي مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إِنَّمَا خَلَّصَ الشِّقْصَ بِزِيَادَةِ الْبَائِعِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِي لَوْ حَلَفَ انْتَقَضَ الْبَيْعُ فَكَأَنَّهُ ابْتَدَأَ الْبَيْعَ بِالْأَكْثَرِ وَلَوْ غَرِمَ الْمُشْتَرِي عَلَى

الشِّقْصِ غَرْمًا قَالَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَأْخُذَ الشَّفِيعُ بِالثَّمَنِ وَالْغَرْمِ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيمَنْ فَدَى شَيْئًا مِنَ اللُّصُوصِ هَلْ يَأْخُذُهُ رَبُّهُ بِالْغَرْمِ أَمْ لَا وَإِذَا اخْتَلَفَ الشَّفِيعُ وَالْمُشْتَرِي لَا يَشْفَعُ لِتَصْدِيقِ الْبَائِعِ لِأَحَدِهِمَا لِاتِّهَامِهِ فِي نَقْلِ الْعُهْدَةِ عَنْ نَفْسِهِ إِذَا اسْتَحَقَّ الشِّقْصَ وَلَوْ شَهِدَ لِلْمُشْتَرِي فَلَا تُهْمَةَ إِلَّا مِنْ بَابِ شَهَادَتِهِ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ لِتَضَرُّرِهِ بِإِقْرَارِهِ أَنَّ الَّذِي يَرْجِعُ عَلَيْهِ مِنْ عُهْدَةِ الشِّقْصِ أَكْثَرُ مِمَّا قَالَ الشَّفِيعُ فَإِنْ أَتَى الشَّفِيعُ وَالْمُشْتَرِي بِمَا لَا يُشْبِهُ فَأَعْدَلُ الْأَقْوَالِ يَحْلِفَانِ لِتَسَاوِيهِمَا وَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ بِالْقِيمَةِ فَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا صُدِّقَ الْحَالِفُ فَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ حَتَّى نَسِيَا الثَّمَنَ وَقَالَ الْمُشْتَرِي لَا أَعْرِفُهُ لِطُولِ الزَّمَانِ وَغَيْبَةِ الشَّفِيعِ سَقَطَتِ الشُّفْعَةُ لِلتَّعَذُّرِ وَلَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي بِمِائَةٍ وَبَيِّنَةُ الشَّفِيعِ بِخَمْسِينَ فَإِنْ كَانَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ تَكَاذَبَا عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فَيَقْضِي بِأَعْدَلِهِمَا وَإِنْ تَكَافَأَتَا سَقَطَتَا وَصُدِّقَ الْمُشْتَرِي وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهَا زَادَتْ مَا لَمْ تَعْلَمْهُ الْأُخْرَى أَوْ فِي مَجْلِسَيْنِ كَانَا بَيِّنَتَيْنِ يَشْفَعُ بِمَا يُرِيدُ وَلَهُ الْأَخْذُ بِالْخَمْسِينَ لِأَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ أَقَالَهُ ثُمَّ اشْتَرَى ثَانِيًا مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَلَوْ كَانَتْ دَارٌ فِي يَدِ رَجُلٍ وَأَقَامَ غَيْرُهُ بَيِّنَةً بِشِرَائِهَا مِنَ الْمُدَّعِي فَإِنْ وُقِّتَتَا حُكِمَ بِأَقْرَبِهِمَا وَقْتًا وَإِلَّا تَحَالَفَا وَقُسِّمَتْ بَيْنَهُمَا إِنْ لَمْ تَكُنْ فِي يَدِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَإِلَّا هِيَ لِصَاحِبِ الْيَدِ بَعْدَ حَلِفِهِ فَإِنْ كَانَ شِقْصًا وَهُوَ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا فَحَلَفَ أَخَذَ الشَّفِيع بِالثّمن الَّذِي أقربه أَوْ بِأَيْدِيهِمَا أَخَذَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفَهُ بِالثَّمَنِ الَّذِي أَقَرَّ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ إِذَا تَكَافَأَتِ الْعَدَالَةُ سَقَطَتَا قَالَ سَحْنُونٌ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْمُبْتَاعِ لِأَنَّهَا زَادَتْ كَاخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي الثَّمَنِ قَالَ سَحْنُونٌ وَإِذَا لَمْ يُقِيمَا بَيِّنَةً وَظَهَرَ لِلْحَاكِمِ مُجَاوَزَةُ الثَّمَنِ إِلَى حَدِّ الْحِيلَةِ لِقَطْعِ الشُّفْعَةِ رَدَّ إِلَى الْأَشْبَهِ وَإِنِ ادَّعَى الشَّفِيعُ عِلْمَ الثَّمَنِ قُضِيَ لَهُ مَعَ يَمِينِهِ إِلَى أَنْ يَأْتِيَ بِأَقَلَّ مِنَ الْقِيمَةِ وَإِذَا قَالَ الْبَائِعُ بِعْتُ بِمِائَتَيْنِ وَقَالَ الْمُبْتَاعُ مَائَةٍ وَقَالَ الشَّفِيعُ خمسين أم لَمْ يَدَّعِ شَيْئًا وَلَمْ يَفُتْ بِطُولِ الزَّمَانِ أَوْ تَغَيُّرِ سُوقٍ أَوْ هَدْمٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَهِيَ بِيَدِ الْمُبْتَاعِ أَوِ الْبَائِعِ فَفِي الْكِتَابِ يُصَدَّقُ الْبَائِعُ وَيَتَرَادَّانِ بَعْدَ التَّحَالُفِ وَتَبْطُلُ الشُّفْعَةُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِمِائَتَيْنِ وَتُمْنَعُ مِنْ رَدِّ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ لَا شُفْعَةَ حَتَّى يَتِمَّ الْبَيْعُ فَتَكُونُ الْعُهْدَةُ عَلَى الْمُبْتَاعِ وَهَاهُنَا هِيَ عَلَى

الْبَائِعِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا شُفْعَةَ فِي هِبَةِ الثَّوَابِ إِلَّا بَعْدَ الْعِوَضِ وَقِيلَ لَوْ رَضِيَ بِالْعُهْدَةِ عَلَى الْبَائِعِ شَفَعَ قَالَ الْلَخْمِيُّ إِذَا كَانَ الثَّمَنُ عَرَضًا وَاخْتَلَفَا فِي قِيمَتِهِ وَصَفَهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ وَأَخَذَ بِتِلْكَ الْقِيمَةِ وَإِنْ نَقَصَ سُوقُهُ أَوْ زَادَ فَالْقِيمَةُ يَوْمَ الشِّرَاءِ وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ نَقْصِ السُّوقِ أَوْ زِيَادَتِهِ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي وَمَتَى أُشْكِلَ أَمْرُ التَّغَيُّرِ صُدِّقْ مُدَّعِي تَبْقِيَتِهِ عَمَلًا بِالِاسْتِصْحَابِ وَإِنْ هَلَكَ الْعَرَضُ وَاخْتَلَفَا فِي صِفَتِهِ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِمَا لَا يُشْبِهُ فَيُصَدَّقُ الشَّفِيعُ وان اتى بمالا يُشْبِهُ قَالَ ابْنُ دِينَارٍ وَمَنِ اشْتَرَى أَرْضًا فَقَامَ الشَّفِيعُ وَادَّعَى عَدَمَ الْقِسْمَةِ صُدِّقَ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْمِلْكِ مُشْتَرَكًا وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ اشْتَرَيْتُ بَعْدَ الْقَسْمِ وَإِذَا اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي قَدْرِ الثَّمَنِ فِي خَمْسِينَ وَمِائَةٍ تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا وَسَقَطَتِ الشُّفْعَةُ فَإِنْ نَكَلَ الْبَائِعُ وَحَلَفَ الْمُشْتَرِي غَرِمَ خَمْسِينَ وَشَفَعَ بِهَا الشَّفِيعُ فَإِنْ نَكَلَ الْمُشْتَرِي وَحَلَفَ الْبَائِعُ أَخَذَ بِمِائَةٍ وَاخْتُلِفَ بِمَا يَشْفَعُ فَقَالَ أَشْهَبُ بِخَمْسِينَ لِأَنَّهَا الَّتِي اقربها الْمُشْتَرِي وَيَقُولُ ظَلَمَنِي الْبَائِعُ بِيَمِينِهِ وَلَوْ رَجَعَ الْمُشْتَرِي إِلَى مَا قَالَهُ الْبَائِعُ مَا قُبِلَ مِنْهُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بِمِائَةٍ لِأَنَّهُ الثَّمَنُ الْمَحْلُوفُ بِهِ فَإِنْ أَحَبَّ الشَّفِيعُ قَبْلَ فَسْخِ الْعَقْدِ الْأَخْذَ بِمِائَةٍ فَلَهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ أَشْهَبَ قِيَاسًا عَلَى قَوْلِهِمْ إِذَا اسْتُحِقَّ بَعْضُ الْأَرْضِ وَكَانَ ذَلِكَ عَيْبًا يُوجِبُ لِلْمُشْتَرِي الرَّدَّ قَالَ الشَّفِيعُ أَنَا آخُذُهُ وَقَالَ الْمُشْتَرِي أَرُدُّ قَدَّمَ ابْنُ الْقَاسِمِ الشَّفِيعَ وَأَشْهَبُ الْمُشْتَرِي لِلْعُهْدَةِ الَّتِي تُكْتَبُ عَلَيْهِ وَلَهُ الشُّفْعَةُ قَبْلَ التَّحَالُفِ أَوْ بَعْدَ يَمِينِ أَحَدِهِمَا وَبَعْدَ أَيْمَانِهِمَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْبَيْعَ مُنْعَقِدٌ حَتَّى يُحْكَمَ بِفَسْخِهِ وَلَوِ اخْتَلَفَا بَعْدَ فَوْتِ الشِّقْصِ صَدَّقَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْمُشْتَرِي وَأَشْفَعَهُ بِخَمْسِينَ وَقَالَ أَشْهَبُ يَتَحَالَفَانِ وَيَغْرَمُ الْمُشْتَرِي قِيمْتَهُ يَوْمَ الْبَيْعِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِمَّا ادَّعَى الْبَائِعُ أَوْ أَقَلَّ مِمَّا قَالَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ يَشْفَعُ بِمَا يَسْتَقِرُّ مِنَ الْقِيمَةِ فَجَعَلَ الشُّفْعَةَ بِالْقِيمَةِ لِأَنَّ أَيْمَانَهُمَا عِنْدَهُ فَسْخٌ لِلْعَقْدِ وَالْقِيمَةَ بَدَلٌ مِنْ رَدِّ الْعَيْنِ فَهِيَ الثَّمَنُ بِخِلَافِ إِذَا حَلَفَ وَنَكَلَ الْمُشْتَرِي

لِبَقَاءِ الْعَقْدِ وَإِذَا قَالَ الْمُشْتَرِي نَسِيَتُ الثَّمَنَ لِطُولِ الْمُدَّةِ أَوْ مَاتَ الْمُشْتَرِي وَقَالَتِ الْوَرَثَةُ لَا عِلْمَ عِنْدِنَا أَوْ كَانَ الشَّفِيعُ غَائِبًا أَوْ صَغِيرًا سَقَطَتِ الشُّفْعَةُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَالشُّفْعَةُ بِالْقِيمَةِ عِنْدَهُ إِذَا لَمْ يَعْقِدْ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا جَاءَ الشَّفِيعَ إِلَى وَلَدِ الْمُبْتَاعِ بَعْدَ طُولِ الْمُدَّةِ حَلَفَ الْوَلَدُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَشَفَعَ بِالْقِيمَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ صَبِيًّا وَقَالَ لَا أَدْرِي الثَّمَنَ حَلَفَ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الشَّفِيعُ إِنْ شَاءَ وَقِيلَ لِلْمُبْتَاعِ مَتَى أَحْبَبْتَ حَقَّكَ فَخُذْهُ وَإِنْ حَلَفَ فَلَهُ الْقِيمَةُ يَوْمَ أَسْلَمَهُ إِلَى الشَّفِيعِ وَإِنْ قَالَ الشَّفِيعُ لَا أَقْبِضُهُ لِاحْتِمَالِ كَثْرَةِ ثَمَنِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِ الْمُبْتَاعِ أَنَّهُ مَا عَلِمَ وَقِيلَ إِذَا اخْتَلَفَا فَجَاءَ الْمُشْتَرِي بِمَا لَا يُشْبِهُ أَوْ جَهِلَ الثَّمَنَ شَفَعَ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْبَيْعِ وَإِنْ أَقَرَّ الْمَالِكُ بِالْبَيْعِ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ الشِّرَاءَ صُدِّقَ فِي عَدَمِ الشِّرَاءِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَلَا شُفْعَةَ وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ بِعْتُ مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ إِنْ بَعُدَتِ الْغَيْبَةُ شَفَعَ لِإِقْرَارِهِ أَنَّهُ أَوْلَى مِنْهُ فَإِنْ قَدِمَ وَأَقَرَّ كُتِبَتِ الْعُهْدَةُ عَلَيْهِ وَإِنْ أَنْكَرَ حَلَفَ وَرَجَعَ الشِّقْصُ لِلْبَائِعِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ لَا يَرْجِعَ لِإِقْرَارِ الْبَائِعِ أَنَّ الشَّفِيعَ أَحَقُّ مِنْهُ وَتُكْتَبُ عُهْدَةُ الثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ قَالَ الْلَخْمِيُّ وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ أَصْوَبُ وَالْحَاضِرُ مِثْلُهُ لَهُ الشُّفْعَةُ لِأَنَّ الْمَالِكَ مُقِرٌّ بِانْتِقَالِ مِلْكِهِ وَأَنَّ الشُّفْعَةَ وَاجِبَةٌ لِلشَّفِيعِ وَأَنَّ الْمُشْتَرِي ظَلَمَهُ بِجُحُودِهِ وَخَالَفَنَا ح فَقَالَ إِذا اقر الْمَالِك بِالْبيعِ أنكر المُشْتَرِي واشار النَّاسِخ بالهامش إِلَى انه سقط من هُنَا شَيْء لَنَا أَنَّ الْمُشْتَرِي أَصْلُ الشَّفِيعِ وَلَمْ يَثْبُتْ فَلَا يثبت أحتج بِأَن إِقْرَارِهِ حَقًّا لِلْمُشْتَرِي وَالشَّفِيعِ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلِ الْمُشْتَرِي حَقَّهُ بَقِيَ حَقُّ الشَّفِيعِ وَلِأَنَّ الْفَرْعَ قَدْ يَثْبُتُ حَيْثُ لَا يَثْبُتُ أَصْلُهُ كَإِقْرَارِ أَحَدِ الْأَخَوَيْنِ بِأَخٍ ثَالِثٍ يَثْبُتُ الْإِرْثُ دُونَ النَّسَبِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الَّذِي لَمْ يثبت اصل لما بَقِي فَيَنْتَفِي الْبَاقِي لانتقاء أَصْلِهِ بِخِلَافِ إِذَا أَقَرَّ لِرَجُلَيْنِ فَكَذَّبَهُ أَحَدُهُمَا وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي أَنَّ إِقْرَارَ الْأَخِ مَعْنَاهُ أَنْتَ مُسْتَحِقٌّ لِمَا فِي يَدِي فَقَبِلَ

(فرع)

وَالْبَائِعُ يَقُولُ أَنْتَ تَسْتَحِقُّ عَلَى الْمُشْتَرِي فَهُوَ مُقِرٌّ عَلَى الْغَيْرِ فَافْتَرَقَا (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ الْعُهْدَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَحْدَهُ لِلشَّفِيعِ وَإِلَيْهِ يَدْفَعُ الثَّمَنَ قَبَضَهُ الْبَائِعُ قَبْلُ أَمْ لَا وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَلَا شَيْءَ لِلشَّفِيعِ عَلَى الْبَائِعِ وَقَالَهُ ش وَقَالَ ح إِذَا أَخَذَ مِنَ الْمُشْتَرِي أَمَّا مِنَ الْبَائِعِ عَلَى أَصْلِهِ قَبْلَ الْمُشْتَرِي فَالْعُهْدَةُ عَلَيْهِ وَهُوَ بَاطِلٌ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَوْ أَخَذَ مِنْهُ لَكَانَ مَالِكًا وَلَوْ كَانَ مَالِكًا انْفَسَخَ الْعَقْدُ فَتَسْقُطُ الشُّفْعَةُ احْتُجَّ بِأَنَّ الْبَيْعَ يَنْفَسِخُ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي لِلِانْتِقَالِ لِلشَّفِيعِ كَمَا لَوْ هَلَكَ قَبْلَ الْقَبْضِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمَبِيعَ يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي بِنَفْسِ الْعَقْدِ وَالْهَلَاكُ مِنْهُ قَالَ مَالِكٌ فِي الْكِتَابِ لَوْ غَابَ الْمُبْتَاعُ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ وَلَمْ يَقْبِضِ الدَّارَ نَظَرَ الْإِمَامُ لِأَنَّهُ مَحَلُّ اجْتِهَادٍ فِي مَالِ الْغَائِبِ وَلِلْبَائِعِ مَنْعُ الشِّقْصِ حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ وَلِلشَّفِيعِ دَفْعُهُ لَهُ وَقَبْضُ الْمَبِيعِ لِأَنَّهُ عَنْهُ أَدَّى وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي دَيْنٌ فَقَامَ غُرَمَاؤُهُ قَبْلَ النَّقْدِ وَقَبْضِ الْمَبِيعِ فَلِلشَّفِيعِ الدَّفْعُ عَنِ الْمُبْتَاعِ لِلْبَائِعِ وَأَخْذُ الْمَبِيعِ وَلَا شَيْءَ لِلْغُرَمَاءِ لِأَنَّ الْبَائِعَ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِمْ وَلِأَنَّ الشَّفِيعَ لَوْ تُرِكَ بِيعَتِ الدَّارُ وَأُعْطِيَ الْبَائِعُ الَّذِي بِيعَتْ بِهِ إِلَّا أَنْ يُفْلِسَ الْمُبْتَاعُ فَالْبَائِعُ أَوْلَى بِالدَّارِ إِلَّا أَن يضمن الْغُرَمَاءُ الثَّمَنَ قَالَ التُّونِسِيُّ إِنْ غَابَ الْمُشْتَرِي غَيْبَةً بَعِيدَةً رَفَعَ الشَّفِيعُ الْأَمْرَ لِلْإِمَامِ فَلَوْ مَاتَ الْمُشْتَرِي وَقَدْ قَبَضَ الشِّقْصَ قَبْلَ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ دَفَعَ الشَّفِيعُ الثَّمَنَ وَأَخَذَ وَيَكُونُ الْبَائِعُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ لِأَنَّهُ قَدْ سَلِمَ وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ هُوَ أَحَقُّ بِثَمَنِهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَإِذَا كَانَ الشَّفِيعُ غَائِبًا فَقَاسَمَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ قَدِمَ فَلَهُ رَدُّ الْقَسْمِ وَالْأَخْذُ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ قَبْلَ الْقَسْمِ وَمَنَعَ أَشْهَبُ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَاسَمَ مَنْ تَجُوزُ مُقَاسَمَتُهُ وَقَالَ سَحْنُونٌ يَمْضِي الْقَسْمُ وَيَأْخُذُ مَا صَارَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ جَمْعًا بَيْنَ الْمَصَالِحِ وَفِي النَّوَادِرِ قَالَ أَشْهَبُ إِنْ قَرُبَتْ غَيْبَةُ الْغَائِبِ كَتَبَ الْإِمَامُ إِلَيْهِ لِيَقْدِمَ فَإِنْ تَعَذَّرَ قَضَى بِالشُّفْعَةِ وَالْبَائِعُ يَقْبِضُ الثَّمَنَ مِنْهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ قَبَضَهُ وَإِنْ كَانَ قَبَضَهُ أَخَذَهُ الْإِمَامُ مِنَ الشَّفِيعِ وَوَقَفَهُ لِلْمُبْتَاعِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ الْعُهْدَةَ فَإِذَا قَدِمَ أَشْهَدَ بِذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ فَإِنْ مَاتَ فَالْعُهْدَةُ عَلَى تَرِكَتِهِ وَإِنْ قَبَضَ الْمُبْتَاعُ الشِّقْصَ وَسَكَنَهُ ثُمَّ

(فرع)

مَاتَ وَقَامَ غُرَمَاؤُهُ وَقَامَ الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ وَقَامَ الشَّفِيعُ فَالْبَائِعُ أَحَقُّ بِالثَّمَنِ مِنْ غُرَمَاءِ الْمُشْتَرِي قَالَ مُحَمَّد وَلَو فلس الْمُبْتَاع فالشفيع وَالْبَائِع أَحَق بِالثّمن من غُرَمَاء الشَّفِيع قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَوْ فَلَّسَ الْمُبْتَاعُ فَالشَّفِيعُ أَحَقُّ بِالشِّقْصِ وَيَدْفَعُ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ (فَرْعٌ) قَالَ التُّونِسِيُّ لَوِ اشْتَرَى بِنَقْدٍ فَبَاعَ بِدَيْنٍ وَلَهُ شَفِيعَانِ فَطَلَبَ أَحَدُهُمَا بِالنَّقْدِ وَالْآخَرُ بِالدَّيْنِ لَيْسَ لَهُمَا الِافْتِرَاقُ لِضَرَرِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَلَوْ كَانُوا جَمَاعَةً غَائِبِينَ إِلَّا وَاحِدًا فَلَهُ أَخْذُ الْجَمِيعِ أَوِ التَّرْكُ نَفْيًا لِضَرَرِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فَإِنْ تَرَكَ ثُمَّ قَدِمَ آخَرُ فَلَهُ أَخْذُ الْجَمِيعِ وَلَا يَدْخُلُ الشَّفِيعُ الْأَوَّلُ مَعَهُ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ وَلَوْ أَخَذَ الْأَوَّلُ ثُمَّ جَاءَ الثَّانِي شَارَكَهُ بِقَدْرِ نَصِيبِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ حَقِّهِ وَإِنِ امْتَنَعَ بَعْضُهُمْ مِنَ الْأَخْذِ أَخَذَ الْبَاقُونَ بِقَدْرِ حِصَصِهِمْ مِنْ حِصَصِ جَمِيعِ الشُّرَكَاءِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ قَالَ الْآخِذُ لِلْجَمِيعِ لِلْقَادِمِ بَعْدِهِ أَنَا أُسَلِّمُ الْجَمِيعَ إِلَيْكَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إِلَّا بِرِضَا الْقَادِمِ فَإِنْ رَضِيَا ثُمَّ قَدِمَ ثَالِثٌ فَإِنْ كَانَ مَا يَنْزِعُ بِهِ الْأَوَّلُ لِلثَّانِي فَوْقَ مَا يَلْزَمُهُ فَهُوَ بَيْعٌ يَأْخُذُ الثَّالِثُ مِنَ الثَّانِي بِالشُّفْعَةِ إِلَّا أَنْ يُشْرِكَ الثَّانِي فِيهِ بِقَدْرِ حَقِّهِ فِيمَا يُصِيبُهُ فِي ذَلِكَ مِنَ الشُّفْعَةِ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي هُوَ التَّارِكَ ذَلِكَ كُلَّهُ لِلْأَوَّلِ إِلَّا قَدْرَ مَا يُصِيبُهُ مِنْ جَمِيعِ شُرَكَائِهِ فَلَيْسَ بِبَيْعٍ وَلَا شُفْعَةَ إِلَّا الشُّفْعَةُ الْأَوْلَى يَأْخُذُ مِنْهَا الثَّالِثُ بِقَدْرِ حَقِّهِ لَوْ حَضَرَ مَعَهُمَا وَإِنْ أَخَذَ الْجَمِيعَ وَبَاعَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ ثُمَّ قَدِمَ شَفِيعٌ قَالَ سَحْنُونٌ لَهُ أَخْذُ نِصْفِ هَذَا الشِّقْصِ مِنَ الْمُبْتَاعِ الْأَوَّلِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَالنِّصْفِ الْآخَرِ مِنَ الْمُشْتَرِي الشَّفِيعِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ أَوْ بِالَّذِي اشْتَرَى بِهِ هَذَا الثَّانِي وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ إِنْ بَاعَ رُبْعَ الدَّارِ ثَلَاثَ صَفَقَاتٍ وَالْغُيَّبُ ثَلَاثَةٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ رُبْعٌ فَقَدِمَ وَاحِدٌ فَإِنْ أَخَذَ بِالصَّفْقَةِ الْأُولَى لَمْ يَدْخُلْ مَعَهُ الْمُشْتَرِيَانِ الْآخَرَانِ لِتَقَدُّمِ الشُّفْعَةِ عَلَيْهِمَا اَوْ بالصفقة الْآخِرَة دَخَلَ مَعَهُ الْمُشْتَرِيَانِ الْأَوَّلَانِ لِتَقَدُّمِ حَقِّهِمَا وَكَانَ ثُلُثُ الرُّبْعِ مَقْسُومًا عَلَى خَمْسَةٍ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهِ للقادم

(فرع)

لِأَنَّهُ يَأْخُذهُ وللغائبين وخمساه للمشترين فَإِنْ قَدِمَ آخَرُ فَسَلَّمَ أَيْضًا الصَّفْقَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ قُسِّمَ ثُلُثُ الرُّبُعِ بَيْنَهُمْ عَلَى ثَمَانِيَةٍ لِلْمُشْتَرِي سَهْمَانِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْقَادِمِينَ ثَلَاثَةٌ ثَلَاثَةٌ فَإِنْ جَاءَ ثَالِثٌ فَسَلَّمَ الْأُولَيَيْنِ ضَرَبَ مَعَهُمْ بِثَلَاثَةٍ يَنْقَسِمُ ثُلُثُ الرُّبُعِ أَحَدَ عَشَرَ فَإِنْ أَخَذَ هَذَا الثَّالِثُ السَّهْمَيْنِ اللَّذَيْنِ سَلَّمَهُمَا الْأَوَّلُ أَضَافَهُمَا لِسِهَامِهِ بِسَهْمٍ لِخَمْسَةٍ وَإِخْوَتُهُ ثَلَاثَةً ثَلَاثَةً وَإِنْ أَخَذَهَا الِاثْنَانِ ضَرَبَ بِأَرْبَعَةٍ أَرْبَعَةٍ وَضَرَبَ الَّذِي سَلَّمَهَا مَعَهُ بِثَلَاثَةٍ وَإِنْ كَانَ الثَّالِثُ إِنَّمَا أَخَذَ الثَّانِيَةَ ضَرَبَ هُوَ بِأَرْبَعَةٍ وَأُولَئِكَ بِثَلَاثَةٍ ثَلَاثَةٍ وَالْمُشْتَرِي بِوَاحِدٍ وَكَذَلِكَ إِنْ أَخَذَ الْأَوَّلَانِ ضَرَبَ هُوَ بِأَرْبَعَةٍ وَالْبَاقُونَ بِثَلَاثَةٍ وَالْمُشْتَرِي بِوَاحِدٍ وَهِيَ الصَّفْقَةُ الثَّانِيَةُ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ لَوْ بَاعَ بِثَمَنٍ إِلَى أَجَلٍ فَلِلشَّفِيعِ الْأَخْذُ بِالثَّمَنِ إِلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ إِنْ كَانَ مَلِيًّا اَوْ ضمنه ثِقَة ملي وَقَالَ ش وح لَهُ تَعْجِيلُ الثَّمَنِ وَيَأْخُذُ أَوْ الِانْتِظَارُ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ فَيُعْطَى وَيَأْخُذُهُ لَا يَأْخُذُ بِالْمُؤَجَّلِ لَنَا أَنَّهُ يَأْخُذُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ جِنْسًا وَمِقْدَارًا فَكَذَلِكَ تَأْجِيلًا وَلِأَنَّ لِلْأَجَلِ قِسْطًا مِنَ الثَّمَنِ فَلَمَّا وَجَبَ الْأَخْذُ بِالْمِقْدَارِ الْمُعَيَّنِ فِي الْعَقْدِ وَجَبَ الْأَخْذُ بِالْمُؤَجَّلِ لِيَنْضَبِطَ الْمِقْدَارُ لِأَنَّهُ لَوْ أَخَذَ بِالْحَالِ أَضَرَّ بِهِ فَكَانَ فِيهِ رَفْعُ الضَّرَرِ بِالضَّرَرِ بِزِيَادَةِ الثَّمَنِ وَالشَّفِيعُ لَا يُزَادُ عَلَيْهِ فِي الثَّمَنِ احْتَجُّوا بِأَنَّ الثَّمَنَ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ وَمَنْ لَهُ ثَمَنٌ فِي ذِمَّةٍ لَا يَتَمَكَّنُ أَحَدٌ مِنْ نَقْلِهِ إِلَى ذِمَّةٍ أُخْرَى إِلَّا بِرِضَاهُ فَفِي التَّخْيِيرِ نَفْيُ الضَّرَرِ عَنِ الْجَمِيعِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَالشَّفِيعِ وَلِأَنَّ الْأَجَلَ ثَبَتَ لِلْبَائِعِ بِالشَّرْطِ فَلَا يَسْتَحِقُّهُ غَيْرُ الْمُشْتَرِطِ وَلِأَنَّ الْبَائِعَ إِنَّمَا رَضِيَ بِذِمَّةِ الْمُشْتَرِي فَلَا يَلْزَمُهُ غَيْرُهَا وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْبَائِعَ لَمَّا بَاعَ مَا فِيهِ الشُّفْعَةُ دَخَلَ عَلَى الِانْتِقَالِ مَعَ أَنَّا لَا نَنْقُلُ حَقَّهُ بَلْ حَقُّهُ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي وَحَقُّ الْمُشْتَرِي فِي ذِمَّةِ الشَّفِيعِ

(تفريع)

وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي أَنَّ الشَّرْطَ يَنْتَقِلُ لِمَنْ لَهُ الْمِلْكُ بِدَلِيلِ الْوَارِثِ يَنْتَقِلُ لَهُ الْبَيْعُ بِالثَّمَنِ الْمُؤَجَّلِ وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّالِثِ أَنَّهُ رَضِيَ بِذِمَّةِ الشَّفِيعِ قَبْلَ الْعَقْدِ (تَفْرِيعٌ) فِي الْكِتَابِ إِنْ رَضِيَ الْبَائِعُ فَابْتَاعَ الشَّفِيعُ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنِ مَا لَمْ يَحِلَّ فِي دَيْنٍ وَإِنْ عَجَّلَ الشَّفِيعُ الثَّمَنَ لِلْمُبْتَاعِ جَازَ لِأَنَّ الْأَجَلَ حَقٌّ لِلْمُشْتَرِي فَلَهُ إِسْقَاطُهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ هُوَ تَعْجِيلُهُ لِلْبَائِعِ تَوْفِيَةً بِالْعَقْدِ وَلَا لِلْبَائِعِ مَنْعُهُ مِنْ قَبْضِ الدَّارِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشهب أَن لم يكن مِثَال الْمُشْتَرِي فِي الْمَلَاءِ أَتَى بِحَمِيلٍ مِثْلَ الْمُشْتَرِي تَوْفِيَة بمصلحة البَائِع وَمنع مُحَمَّد إِذا أَن كَانَ مَلِيًّا ثِقَة لحُصُول الْمَقْصُود أَن اتفقَا فِي الْعَدَم امْتنع الْمُشْتَرِي مِنَ التَّسْلِيمِ إِلَّا بِحَمِيلٍ مُحْتَجًّا بِحَمِيلِ الْبَائِعِ بِعَدَمِهِ فَلَا حُجَّةَ لَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ أَعْدَمَ مِنْهُ أَتَى بِحَمِيلٍ فِي مِثْلِ عَدَمِ الْمُبْتَاعِ أَوْ أَمْلَى لِأَنَّهُ الصِّفَةُ الْوَاقِعَةُ فِي الْعَقْدِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ كَانَ الشَّفِيعُ عَدِيمًا لَا شُفْعَةَ لَهُ إِلَّا بِحَمِيلٍ ثِقَةٍ كَانَ الْمُبْتَاعُ عَدِيمًا أَمْ لَا صَوْنًا لِمِلْكِ الْمُشْتَرِي عَنِ الضَّيَاعِ لِأَنَّ عَدَمَهُ لَا يُخِلُّ بِمِلْكِهِ وَلَوِ اشْتَرَى إِلَى أَجَلٍ بِحَمِيلٍ وَالشَّفِيعُ أَمْلَى مِنْهُ قَالَ أَشْهَبُ إِنْ لَمْ يَأْتِ بِحَمِيلٍ أَوْ رَهْنٍ مِثْلِهِ فَلَا شُفْعَةَ وَلَا يُفِيدُ رَهْنٌ فِيهِ وَقَايَلَ مِثْلَ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ الْوَاقِعُ فِي الْعَقْدِ وَلَوْ كَانَ بِرَهْنٍ وَحَمِيلٍ فَلَا بُدَّ مِنْهَا لِأَنَّهُمَا الْوَاقِعَانِ فِي الْعَقْدِ وَلِأَشْهَبَ إِنْ كَانَ أَمْلَى مِنَ الْحَمِيلِ وَالْغَرِيمِ أَخَذَ بِغَيْرِ رَهْنٍ وَحَمِيلٍ لِحُصُولِ مَقْصُودِ ضَبْطِ الْمَالِيَّةِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى عِنْدَنَا قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ قَامَ الشَّفِيعُ بَعْدَ حُلُولِ الدَّيْنِ وَدَفْعِ الثَّمَنِ اسْتُؤْنِفَ لِلشَّفِيعِ مِثْلُ أَجَلِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ صِفَةُ الْعَقْدِ فَإِنْ كَانَ ثِقَةً دَفَعَ إِلَيْهِ وَإِلَّا فَحَمِيلٌ ثِقَةٌ فَإِنْ عَجَزَ وَلَمْ يَكُنْ ثِقَةً أَبْطَلَ السُّلْطَانُ شُفْعَتَهُ وَإِنْ وَجَدَ ثِقَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ حُلُولِ أَجْلِ الثَّمَنِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا شُفْعَةَ لِعَجْزِهِ عَنِ الثَّمَنِ إِذَا أَوْقَفَهُ السُّلْطَانُ وَقَالَ أَصْبَغُ إِذَا قَدِمَ بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ فَلَا يَأْخُذ إِلَّا

(فرع)

بِنَقْدٍ لِأَنَّ الْأَجَلَ بَطَلَ وَصَارَ الثَّمَنُ حَالًّا وَالْأَوَّلُ قَوْلُ مَالِكٍ وَهُوَ أَصْوَبُ لِيَنْتَفِعَ الشَّفِيعُ بِالْأَجَلِ كَمَا انْتَفَعَ الْمُشْتَرِي وَإِنِ اشْتَرَى بِدَيْنٍ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ إِلَى سَنَةٍ أَخَذَ بِقِيمَةِ الدَّيْنِ عَرَضًا يَدْفَعُهُ الْآنَ لِأَنَّ الدَّيْنَ عَرَضٌ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ وَذَلِكَ إِنْ لَمْ يَقُمْ حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ قَالَهُ عَبْدُ الْمِلْكِ وَقَالَهُ سَحْنُونٌ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ يُقَوِّمُ الدَّيْنَ بِعَرَضٍ نَقْدًا ثُمَّ يُقَوِّمُ الْعَرَضَ بِعَيْنٍ ثُمَّ يَأْخُذُ بِذَلِكَ وَقَالَ مَالِكٌ لَا يَأْخُذُ إِلَّا بِمِثْلِ ذَلِكَ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ الثَّمَنُ وَلِأَنَّهُ لَا قِيمَةَ لِلنَّقْدَيْنِ بَلْ فِي الْعُرُوضِ قَالَ مُحَمَّدٌ فَلَوِ اشْتَرَى بِهِ بَعْدَ حُلُولِهِ لَمْ يَأْخُذْ إِلَّا بِذَلِكَ الْقَدْرِ بِعَيْنِهِ لِأَنَّهُ الثَّمَنُ فَإِنِ اشْتَرَى بِكِتَابَة مكَاتب فَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ يَأْخُذُ بِقِيمَةِ الْكِتَابَةِ عَرَضًا يقوم على أَنه يعجز أَو يُؤَدِّي فَإِن عَجَزَ فَهُوَ رَقِيقٌ لِلْبَائِعِ لِأَنَّ الرَّقَبَةَ عِوَضُ الْكِتَابَةِ قَالَ أَشْهَبُ إِنِ اشْتَرَاهُ بِعَرَضٍ مَوْصُوفٍ أَخَذَ بِقِيمَتِهِ إِلَى أَجَلِهِ عَلَى مِثْلِ مَنْ هُوَ مِثْلُهُ فِي يُسْرِهِ وَعُسْرِهِ وَلَدَدِهِ وَيَمْتَنِعُ أَخْذُهُ قَبْلَ مَعْرِفَتِهِمَا بِالْقِيمَةِ لَا كَبَيْعٍ مَجْهُولٍ قَالَ مُحَمَّدٌ وَهَذَا غَلَطٌ بَلْ بِمِثْلِ الْعَرَضِ إِلَى أَجَلِهِ وَإِنَّمَا يَأْخُذُ بِالْقِيمَةِ نَقْدًا إِذَا اشْتَرَى بِعَرَضٍ مُعَيَّنٍ لِتَعَذُّرِ الْمِثْلِ وَلِأَنَّهُ إِذَا اسْتَحَقَّ الْعَيْنَ قَبْلَ قِيَامِ الشَّفِيعِ انْتَقَضَ الْبَيْعُ وَفِي اسْتِحْقَاقِ الْمَوْصُوفِ لَا يَنْتَقِضُ وَالشُّفْعَةُ قَائِمَةٌ قَالَ الْلَخْمِيُّ إِذَا اشْتَرَى بِثَمَنٍ إِلَى أَجَلٍ أَوْ أَخَذَهُ مِنْ دَيْنٍ مُؤَجَّلٍ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ يَأْخُذُ بِمِثْلِ ذَلِكَ مُؤَجَّلًا فِي الْوَجْهَيْنِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَبِالْقِيمَةِ فِي الْوَجْهَيْنِ وَبِمِثْلِهِ إِنْ كَانَ ثَمَنًا وَبِقِيمَتِهِ إِنْ أَخَذَهُ فِي دَيْنٍ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَسَحْنُونٌ لِأَنَّ الْأَجَلَّ صِفَةُ الثَّمَنِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا اشْتَرَى حِصَّتَيْنِ مِنْ دَارَيْنِ فِي صَفْقَةٍ وَشَفِيعُ كُلِّ دَارٍ عَلَى حِدَةٍ فَسَلَّمَ أَحَدُهُمْ فَلِلْآخَرِ أَنْ يَأْخُذَ شُفْعَتَهُ فِي الَّتِي هُوَ شَفِيعُهَا دُونَ الْأُخْرَى لِعَدَمِ ضَرَرِ التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا وَإِنِ اشْتَرَى ثَلَاثَ حِصَصٍ فِي صَفْقَةٍ مِنْ دَارٍ أَوْ دُورٍ فِي بَلَدٍ أَوْ بَلَدَيْنِ مِنْ رَجُلٍ أَوْ رِجَالٍ وَشَفِيعُهَا وَاحِدٌ فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا أَخْذُ الْجَمِيعِ أَوِ التَّرْكُ نَفْيًا لِضَرَرِ التَّفْرِيقِ وَكَذَلِكَ إِنِ اشْتَرَى مِنْ أَحَدِهِمْ حِصَّتَهُ فِي نخل وَمن الآخر حِصَّته فِي قربَة وَمِنَ الْآخَرِ حِصَّتَهُ مِنْ دَارٍ فِي صَفْقَةٍ أَوْ بَاعَ ذَلِكَ كُلَّهُ وَشَفِيعُهُ

وَاحِدٌ وَلَوِ ابْتَاعَ ثَلَاثَةً مِنْ وَاحِدٍ أَوْ مِنْ ثَلَاثَةٍ فِي صَفْقَةٍ وَالشَّفِيعُ وَاحِدٌ فَلَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ مِنْ أَحَدِهِمْ دُونَ الْآخَرِ بَلِ الْجَمِيعِ أَوْ يَتْرُكُ وَقَالَهُ ح خِلَافًا لِ ش لَنَا أَنَّهُ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ فَيَمْتَنِعُ لِلضَّرَرِ احْتُجَّ بِأَنَّ عَقْدَهُمَا مَعَ الْمُشْتَرِي كَالْعَقْدَيْنِ فَلَا تَفْرِيقَ وَالْجَوَابُ لَا نُسَلِّمُ بَلْ صَفْقَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَوِ اشْتَرَى حِصَّةَ ثَلَاثَةٍ فِي ثَلَاثِ صَفَقَاتِ فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ بِأَيِّ صَفْقَةٍ شَاءَ لِعَدَمِ الضَّرَر فَإِن اخذ الأول لَمْ يَشْفَعْ مَعَهُ الْمُبْتَاعُ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ فِيهَا أَوِ الثَّانِيَةَ فَلَهُ فِيهَا بِقَدْرِ صَفْقَتِهِ لِتَقَدُّمِ شَرِكَتِهِ عَلَيْهِمَا أَوِ الثَّالِثَةَ اسْتَشْفَعَ بِالْأُولَى أَوِ الثَّانِيَةِ وَإِنِ ابْتَاعَ مَا هُوَ شَفِيعُهُ مَعَ شَفِيعٍ تَحَاصَّا فِيهِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِمَا يَضْرِبُ فِيهِ الْمُبْتَاعُ بِقَدْرِ نَصِيبِهِ مِنَ الدَّارِ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَلَا يَضْرِبُ بِمَا اشْتَرَى وَإِذَا حَضَرَ بَعْضُ الشُّفَعَاءِ فَقَالَ آخُذُ حِصَّتِي فَإِذَا قَدِمَ أَصْحَابِي فَإِنْ أَخَذُوا وَإِلَّا أَخَذْتُ حِصَّتَهُمْ مُنِعَ بَلْ يَأْخُذُ الْجَمِيعَ أَوْ يَتْرُكُ نَفْيًا لِضَرَرِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فَإِنْ سَلَّمَ لَمْ يَأْخُذْ مَعَ أَصْحَابِهِ لِإِسْقَاطِ حَقِّهِ وَلَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا الْجَمِيعَ أَوْ يتْركُوا فَإِن سلمُوا إِلَّا وَاحِد قِيلَ لَهُ خُذِ الْجَمِيعَ أَوِ اتْرُكْ وَإِذَا أَخَذَ الْحَاضِرُ الْجَمِيعَ شَارَكَهُ الْغَائِبُ إِذَا قَدِمَ بِقَدْرِ مَا كَانَ لَهُ فَإِنْ أَخَذَ بَعْضُ الْقَادِمِينَ وَأَبَى الْبَعْضُ لَمْ يَكُنْ لِلْآخَرِ أَخْذُ حِصَّتِهِ فَقَطْ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ قَوْلُهُ فِي حِصَصٍ ثَلَاثَةٍ نَخْلٍ وَقَرْيَةٍ وَدَارٍ قَالَ أَشْهَبُ هَذَا إِذَا كَانُوا مُتَفَاوِضِينَ يَعْنِي الْمُشْتَرِينَ وَإِلَّا فَلْيَأْخُذْ مَا شَاءَ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمُشْتَرِي فِيمَا يَأْخُذُ مِنَ الْآخَرِ وَحَمَلَ الْبَاجِيُّ قَوْلَ أَشْهَبَ عَلَى التَّفْسِيرِ قَالَ وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِثُبُوتِ الشُّفْعَةِ وَحَمَلَهُ غَيْرُهُ عَلَى الْخِلَافِ قَالَ التُّونِسِيُّ إِذَا اشْتَرَى اثْنَانِ شِقْصًا مِنْ رَجُلٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ مِنْ أَحَدِهِمَا بَلْ مِنْهُمَا أَوِ التَّرْكُ نَظَرًا لِاتِّحَادِ الْبَائِعِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَهُ الْأَخْذُ مِنْ أَحَدِهِمَا لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا بَلْ مِنْهُمَا فِي الْأَخْذِ مِنَ الْآخَرِ وَلَا مِنْهُ قَالَ وَقَوْلُ أَشْهَبَ إِلَّا أَنْ يَكُونَا مُتَفَاوِضَيْنِ وَلَوْ أَخْبَرَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ اشْتَرَى الْجَمِيعَ فَسَلَّمَ لَهُ ثُمَّ إِنَّهُ اشْتَرَى مَعَ غَيْرِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ وَلَهُ أَخْذُ الْبَقِيَّةِ لِأَنَّهُ يَقُولُ إِنَّمَا تَرَكْتُ لِمَنْ يُشَافِعُنِي وَأُشَافِعُهُ وَأَمَّا مَنْ يُشَافِعُهُ دُونِي فَلَمْ أَتْرُكْ لَهُ قَالَ

وَهَذِهِ الْعِلَّةُ تُوجِبُ أَنَّ مَنْ بَاعَ لِرَجُلَيْنِ أَنَّهُمَا يَتَشَافَعَانِ دُونَ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ وَأَنَّهُمَا لَهُمَا أَنْ يَحِلَّا مَحَلَّ الْبَائِعِ مِنْهُمَا وَعَنْ أَشْهَبَ أَنَّهُمَا كَأَهْلِ سَهْمٍ وَاحِدٍ يَتَشَافَعَانِ دُونَ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ وَعَنْ أَشْهَبَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا سَلَّمَ لِمَنْ سُمِّيَ ثُمَّ قَالَ وَيَكُونُ مَنْ أَخَذَ مِنْهُ شَرِيكًا لِلَّذِي سَلَّمَ لَهُ إِنْ شَاءَ أَنْ يَلْزَمَ مَا أَخَذَ بِالْقِيمَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا كَانَا مُتَفَاوِضَيْنِ قَالَ التُّونِسِيُّ جَعَلَ أَشْهَبُ لِمَنْ عَلِمَ بِهِ كَتَسْلِيمِهِ نِصْفَ الْمُشْتَرَى شَائِعًا فَذَلِكَ لَازِمٌ لَهُ وَهُوَ الْبَاقِي بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ إِنْ رَضِيَا وَإِنْ قَالَ أَنَا آخُذُ الْجَمِيعَ أَوْ أَتْرُكُ فَذَلِكَ لَهُمَا لِلضَّرَرِ الدَّاخِلِ عَلَيْهِمَا وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ بَيِّنٌ لِأَنَّهُ إِنَّمَا سَلَّمَ لِمَنْ ظَنَّ أَنَّهُ اشْتَرَى الْجَمِيعَ فَلَمَّا تَبَيَّنَ أَنَّ غَيْرَهُ اشْتَرَى كَانَ لَهُ أَخْذُ مَا لَمْ يُسَلِّمْهُ وَهُوَ نِصْفُ الْأَخْذِ وَلَهُ الرُّجُوعُ فِي نَصِيبِ هَذَا لِلضَّرَرِ الدَّاخِلِ عَلَيْهِ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فَإِنْ قِيلَ اشْتَرَى النِّصْفَ فَسَلَّمَ فَظَهَرَ أَنَّهُ اشْتَرَى الْجَمِيعَ فَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ يَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ وَيَأْخُذُ النِّصْفَ الْآخَرَ إِنْ رَضِيَ قَالَ وَالْأَشْبَهُ أَنَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ لِأَنَّهُ يَقُول أَنْ أَبْقَى شَرِيكًا مَعَ الْبَائِعِ فَأَمَّا إِذَا بَاعَ الْجَمِيعَ فَأَنَا آخُذُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَإِذَا سَلَّمَ وَلَمْ يُذْكَرْ لَهُ أَخْذٌ لَزِمَهُ عَرَفَ الثَّمَنَ أَمْ لَا وَإِذَا أَخَذَ لِمَا سُمِّيَ لَهُ أَخَذَ فَوَجَدَ غَيْرَهُ لَزِمَهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ أَمْرِهِ أَنَّهُ لَمَّا أَخَذَ فَقَدْ رَغِبَ فِي الشُّفْعَةِ وَلَمْ يَقْصِدِ الْأَخْذَ مِمَّنْ سمي غَيْرِهِ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْنَى الْأَخْذِ أَنَّهُ أَرَادَ نَفْسَهُ لَا رَغْبَةً فِيمَنْ سُمِّيَ لَهُ فَإِنْ أَخَذَ قَبْلَ مَعْرِفَةِ الثَّمَنِ فَهُوَ فَاسِدٌ فَإِنْ قِيلَ لَهُ بِدَنَانِيرَ فَوَجَدَهُ بِعَرَضٍ لَزِمَهُ التَّسْلِيمُ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَدْفَعُ دَنَانِيرَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الْعَرَضِ أَقَلَّ مِمَّا سُمِّيَ لَهُ مِنَ الدَّنَانِيرِ وَكَذَلِكَ إِذَا قِيلَ بِدَنَانِيرَ فَوَجَدَهُ بِقَمْحٍ أَوْ زَيْتٍ فَلَهُ الْأَخْذُ لِأَنَّهُ يَقُولُ كَرِهْتُ غُرْمَ مِثْلِ الْقَمْحِ لِأَنَّهُ أَثْقَلُ عَلَيَّ وَكَذَلِكَ إِذَا قِيلَ بِقَمْحٍ فَوَجَدَهُ بِدَنَانِيرَ أَوْ قَمْحٍ فَوَجَدَهُ زَيْتًا لِأَنَّ الزَّيْتِ أَخَفُّ مِنْ كَيْلِ الْقَمْحِ وَخَالَفَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي ذَلِكَ دُونَ أَشْهَبَ فَإِنْ قِيلَ بِعَرَضٍ فَوَجَدَهُ دَنَانِيرَ لَزِمَهُ التَّسْلِيمُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الدَّنَانِيرُ يَسِيرَةً لَا تَكُونُ ثَمَنَ الْعَرَضِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا سَلَّمَ لِتَوَهُّمِ الْكَثْرَةِ فَإِنْ قِيلَ بِقَمْحٍ فَأَخَذَ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَصِفِ الْقَمْحَ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ وَسَطًا أَوْ دُونَ الْوَسَطِ لَزِمَهُ وَإِلَّا خُيِّرَ وَلَا يَلْزَمُهُ بِرِضَا الْمُشْتَرِي بِالْوَسَطِ لِكَرَاهَةِ الْمِنَّةِ عَلَيْهِ وَلَا يَجُوزُ الْأَخْذُ قَبْلَ مَعْرِفَةِ الْقِيمَةِ لِلْبِنَاءِ الَّذِي أَحْدَثَهُ فِي الشِّقْصِ وَأُجِيزَ قَبْلَ

مَعْرِفَتِهِ بِقِيمَةِ السِّلْعَةِ الَّتِي اشْتَرَى بِهَا الشِّقْصَ إِذَا رَآهَا لِأَنَّ الْجَهَالَةَ بِالْقِيَمِ لَا تُبْطِلُ الْبَيْعَ لِأَنَّهَا رَغَبَاتُ النَّاسِ خَارِجَةٌ عَنِ السِّلَعِ قَالَ وَالْأَشْبَهُ الْمَنْعُ لِأَنَّهُ مُشْتَرٍ لِلشِّقْصِ بِقِيمَةٍ مَجْهُولَةٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا سَلَّمَ أَحَدُهُمَا عَلَى سَبِيلِ الْهِبَةِ أَوِ الصَّدَقَةِ عَلَى الْمُبْتَاعِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَيْسَ لِلْآخِذِ إِلَّا بِقَدْرِ سَهْمِهِ أَوْ تَرْكًا لِلشُّفْعَةِ فَلِلْمُتَمَسِّكِ أَخْذُ الْجَمِيعِ لِلْقَادِمِ الْجَمِيعُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إِلَّا بِرِضَا الْقَادِمِ فَإِنْ رَضِيَ ثُمَّ قَدِمَ ثَالِثٌ فَمَا تَبَرَّعَ بِهِ الْأَوَّلُ لِلثَّانِي مِمَّا لَا يَلْزَمُهُ بَيْعٌ يَأْخُذُهُ الثَّالِثُ مِنَ الثَّانِي بِالشُّفْعَةِ إِلَّا أَنْ يُشْرِكَهُ الثَّانِي فِيهِ بِقَدْرِ حَقِّهِ مِنَ الشُّفْعَةِ قَالَ الْلَخْمِيُّ إِذَا طَلَبَ الشَّفِيعُ جَمِيعَ الصَّفْقَةِ وَقَالَ الْمُشْتَرِي لَا أُسَلِّمُ إِلَّا نَصِيبَكَ قَالَ أَشْهَبُ لَهُ الْأَخْذُ بِجَمِيعِ ذَلِكَ النَّصِيبِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ أَرَادَ سُقُوطَ حَقِّهِ وَجْهَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَشْفَعْ إِلَّا بِنَصِيبِهِ أَوْ كَرَاهَةَ الْأَخْذِ أَخَذَ جَمِيعَ النَّصِيبِ وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَقَّارِ لَيْسَ لِمَنْ يُجِزْ إِلَّا نَصِيبُهُ وَهُوَ أَقْيَسُهَا لِأَنَّ الَّذِي كَانَ لَهُ مِنَ الشُّفْعَةِ فَضْلُهَا وَالْفَاضِلُ لَا شَيْءَ لَهُ فِيهِ وَإِذَا أَسْقَطَ الْآخَرُ حَقَّهُ فَهُوَ لِمَنْ تَرَكَهُ لَهُ وَإِذَا كَانَتِ الدَّارُ بَيْنَ أَرْبَعَةٍ وَبَاعَ اثْنَانِ نَصِيبَهُمَا صَفْقَةً لِلثَّالِثِ أَخَذَ الْجَمِيعَ دُونَ نَصِيبِ أَحدهمَا إِلَّا أَن يرضى المُشْتَرِي لَيْلًا تَتَفَرَّقَ صَفْقَتُهُ وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ وَاحِدًا وَالشَّفِيعُ وَاحِدًا وَالْمُشْتَرِي اثْنَانِ اشْتَرَيَا صَفْقَةً وَاحِدَةً لَا يَشْفَعُ مِنْ أَحَدِهِمَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ نَظَرًا لِاتِّحَادِ الصَّفْقَةِ وَلَهُ عِنْدُ أَشْهَبَ وَسَحْنُونٍ لِأَنَّ الْأَخْذَ مِنْ أَحَدِهِمَا لَا يَضُرُّ بِالْآخَرِ وَإِنِ اشْتَرَى رَجُلٌ وَالشَّفِيعُ وَاحِدٌ وَالْبَائِعُ اثْنَانِ بَاعَا نَصِيبَهُمَا صَفْقَةً لَيْسَ لِلشَّفِيعِ إِلَّا أَخْذُ الْجَمِيعِ أَوِ التَّرْكُ لِضَرَرِ التَّفْرِيقِ وَكَذَلِكَ إِنْ بَاعَا نَصِيبَهُمَا مِنْ دَارَيْنِ أَوْ دَارٍ أَوْ بُسْتَانٍ صَفْقَةً فَإِنْ كَانَتْ شَرِكَةُ أَحَدِهِمْ فِي دَارٍ وَالْآخَرِ فِي حَمَّامٍ وَالْآخَرِ فِي بُسْتَانٍ فَبَاعُوا صَفْقَةً عَلَى الْقَوْلِ بِجَمْعِ السِّلْعَتَيْنِ وَالشَّفِيعُ وَاحِدٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَيْسَ لَهُ إِلَّا أَخْذُ الْجَمِيعِ أَوِ التَّرْكُ وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي الصَّفْقَةِ لِمَالِكِينَ هَلْ هِيَ كَالصَّفْقَةِ لِمَالِكٍ إِذَا عَقَدَ أَحَدُهُمَا عَقْدًا حَلَالًا وَالْآخَرُ حَرَامًا مَا قيل يفْسخ

(فرع)

الْعَقْدَانِ وَقِيلَ الْحَرَامُ فَقَطْ فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ الِاسْتِشْفَاعُ مِنْ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ وَإِذَا اسْتُحِقَّ أَحَدُهُمَا وَهُوَ وَجْهُ الصَّفْقَةِ لَا يَرُدُّ الْمُشْتَرِي وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَخْذِ الْجَمِيعِ يُقَدَّرُ فِي فَسَادِ أَحَدِهِمَا الْآخَرُ وَإِذَا اسْتُحِقَّ الْوَجْهُ رُدَّ وَكَوْنُهُمَا كَالْعَقْدَيْنِ أَحْسَنُ وَإِنْ كَانَ الشُّفَعَاءُ ثَلَاثَةً فَأُشْفِعَ أَحَدُهُمْ فِي الدَّارِ وَالْآخَرُ فِي الْحَمَّامِ وَالْآخَرُ فِي الْبُسْتَانِ جَازَ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي شَيْءٌ تَمْهِيدٌ فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا اتَّحَدَتِ الصَّفْقَةُ وَالشَّفِيعُ لَا يُنْظَرُ إِلَى تَعَدُّدِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَالْأَشْقَاصِ بَلْ مَا أَخَذَ الْجَمِيعَ أَوْ تَرَكَهُ وَإِنِ اتَّحَدَتِ الصَّفْقَةُ وَالْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي وَإِنْ تَعَدَّدَ الشَّفِيعُ وَقَالَ سَحْنُونٌ وَأَشْهَبُ إِذَا تَعَدَّدَتِ الْأَشْقَاصُ وَالْمُشْتَرُونَ وَاتَّحَدَ الشَّفِيعُ فَلَهُ الْأَخْذُ مِنْ أَحَدِهِمْ وَإِنِ اتَّحَدَتِ الصَّفْقَةُ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ وَلَوْ تَعَدَّدَتِ الشُّفَعَاءُ وَالْأَشْقَاصُ لَكَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَخْذُ مَا هُوَ شَفِيعٌ فِيهِ خَاصَّةً (فَرْعٌ) فِي النَّوَادِرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ قَدِمَ الْغَائِبُونَ وَقَدْ أَخَذَ الْحَاضِر الْجَمِيع دخلُوا مَعَه بِقدر سُهْمَانهمْ قَالَ أَشْهَبُ وَيُخَيَّرُونَ فِي الْعُهْدَةِ بَيْنَ الْحَاضِرِ لِأَنَّهُ أَخَذَ لِنَفْسِهِ أَوْ بَيْنَ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ وَلَا تكتبوها عَلَيْهِمَا فان أَبى بَعضهم فَلِلْآخَرِينَ بِقَدْرِ حِصَصِهِمْ مِنْ حِصَصِ مَنْ أَخَذَ فَإِنْ أَبَوْا إِلَّا وَاحِدًا نَصِيبُهُ مِثْلُ نَصِيبِ الْآخِذِ فَالْمَأْخُوذُ بَيْنَهُمَا شَطْرَانِ قَالَ أَشْهَبُ وَيُخَيَّرُ فِي الْعُهْدَةِ كَمَا تَقَدَّمَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ فَإِنْ لَمْ يُقَدَّمْ إِلَّا وَاحِدٌ فَلَيْسَ لَهُ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ مِنْ حِصَصِ أَصْحَابِهِ لَكِنْ نِصْفُ مَا أَخَذْتَ إِنْ كَانَ نَصِيبُهُ مِثْلَ نَصِيبِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا سَاوَى نَصِيبُ الْأَوَّلِ الثَّانِيَ وَاقْتَسَمَا الشُّفْعَةَ نِصْفَيْنِ فَقَدِمَ ثَالِثٌ لَهُ مِثْلُ أَحَدِهِمَا أَخَذَ ثُلُثَ مَا فِي أَيْدِيهِمَا فَيَصِيرُ لِكُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثٌ قَالَ أَشْهَبُ وَيُخَيَّرُ فِي الْعُهْدَةِ بَيْنَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَالشَّفِيعِ الْأَوَّلِ أَوْ هُمَا وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ ثُلُثَ مَا بَقِيَ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا وَتَرَكَ مَا فِي يَدِ الْآخَرِ وَلَيْسَ لَهُ هَاهُنَا عُهْدَةٌ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ بَعْضًا وَيَدَعَ بَعْضًا بَلْ عُهْدَتُهُ عَلَى مَنْ أَخَذَ مِنْهُ إِنْ كَانَ الْأَوَّلُ دُونَ الثَّانِي وَإِنْ أَخَذَ مِنَ

فرع

الثَّانِي خَاصَّةً فَلَهُ الْعُهْدَةُ عَلَى أَيِّ الشَّفِيعَيْنِ شَاءَ فَإِنْ قَدِمَ رَابِعٌ لَهُ مِثْلُ أَحَدِهِمْ فَلَهُ أَخْذُ رُبُعِ مَا بِيَدِ كُلِّ وَاحِدٍ وَيُخَيَّرُ فِي الْعُهْدَةِ بَيْنَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَالْآخَرِينَ أَوْ عَلَيْهِ وَعَلَى الثَّانِي أَوْ عَلَى جَمِيعِهِمْ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ رُبُعَ مَا فِي يَدِ أَيِّهِمْ شَاءَ وَتَرَكَ غَيْرَهُ وَلَا عُهْدَةَ لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي بَلِ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ إِنْ كَانَ الْأَوَّلَ وَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ كَتَبَ ذَلِكَ عَلَى أَيِّ الشَّفِيعَيْنِ الْأَوَّلِينَ شَاءَ وَإِنْ أَخَذَ مِنَ الثَّالِثِ كَتَبَ عَلَى أَيِّ الشُّفَعَاءِ الثَّلَاثَةِ شَاءَ (فَرْعٌ) قَالَ إِذا حَضَرَ أَحَدُهُمْ فَأَخَذَ الْجَمِيعَ وَبَاعَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ ثُمَّ قَدِمَ الشَّفِيعُ قَالَ سَحْنُونٌ لَهُ أَخْذُ نِصْفِ هَذَا الشِّقْصِ مِنَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَالنِّصْفِ الْآخَرِ مِنَ الْمُشْتَرِي مِنَ الشَّفِيعِ بِالَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ هَذَا الثَّانِي قَالَ مُحَمَّدٌ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي صَفَقَاتٍ فَلِلْحَاضِرِ الْأَخْذُ بايها شَاءَ فَإِنْ قَدِمَ ثَانٍ شَرَكَهُ فِيهَا وَكَانَ أَخْذُ بَقِيَّةِ الصَّفَقَاتِ أَوْ مَا شَاءَ مِنْهَا مِثْلَ كَوْنِ الشُّفَعَاءِ ثَلَاثَةً وَالصَّفَقَاتِ ثَلَاثَةً فَأَخَذَ الْحَاضِرُ الصَّفْقَةَ وَهِيَ ثُلُثُ رُبُعٍ وَسَلَّمَ غَيْرَهَا فَلِلْمُشْتَرِي الدُّخُولُ مَعَهُ إِلَّا بِالصَّفْقَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ وَذَلِكَ ثُلُثَا الرُّبُعِ وَلِلشَّفِيعِ رُبُعُ كُلِّ مَا يُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا فَهَذِهِ الصَّفْقَةُ وَهِيَ ثُلُثُ الرُّبُعِ خَمْسَةُ أَجْزَاءٍ فَإِنْ قَدِمَ فَإِنْ سَلَّمَ لِلْمُشْتَرِي مَا سَلَّمَ لَهُ الْأَوَّلُ كَانَ رُبُعُ الصَّفْقَةِ لِلْمُبْتَاعِ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا مِنَ الشَّفِيعَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ لَهُ الثَّانِي شَيْئًا فَلِلثَّانِي أَخْذُ الصَّفْقَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ وَحْدَهُ وَعُهْدَتُهُمَا عَلَى الْمُشْتَرِي ثُمَّ لَهُ الدُّخُولُ مَعَ الْأَوَّلِ فِي الصَّفْقَةِ الْأُخْرَى وَهِيَ ثُلُثُ الرُّبُعِ يَدْخُلُ فِيهَا الثَّانِي بِخَمْسَةِ أَثْمَانِهَا وَلِلْأَوَّلِ ثَلَاثَةُ أَثْمَانِهَا لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَهُ الرُّبُعُ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَجْزَاءٍ وَلِلثَّانِي الرُّبُعُ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ وَلَهُ ثُلُثُ الرُّبُعِ بِالصَّفْقَتَيْنِ اللَّتَيْنِ أَخَذَهَا هُوَ خَاصَّةً الَّتِي سَلَّمَهَا الْأَوَّلُ فَإِنْ قَدِمَ ثَالِثٌ فَلَهُ نِصْفُ الصَّفْقَتَيْنِ اللَّتَيْنِ سَلَّمَهُمَا الْأَوَّلُ فَتَصِيرُ لَهُ أَرْبَعَةٌ وَلِلثَّانِي أَرْبَعَةٌ وَلِلْأَوَّلِ ثَلَاثَةٌ فَيَقْسِمُونَ الرُّبُعَ وَهُوَ الصَّفْقَةُ الثَّالِثَةُ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا لِلْأَوَّلِ ثَلَاثَةٌ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ أَرْبَعَةٌ

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ ثَلَاثَةٌ بَيْنَهُمْ أَرْضٌ بَاعَ أَحَدُهُمْ فَلَمْ يَعْلَمِ الْبَاقِيَانِ فَلَمْ يَقُومَا بِالشُّفْعَةِ وَلَمْ يَفُتْ وَقْتُهَا حَتَّى بَاعَ أَحَدُهُمَا فَالشُّفْعَةُ فِي مَبِيعِ الْأَوَّلِ فَلَا يُبْطِلُهَا بَيْعُهُ فَإِنْ تَرَكَ الْبَائِعُ الثَّانِي الشُّفْعَةَ مَعَ الشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يَبِعْ فَالشُّفْعَةُ كُلُّهَا لِلثَّالِثِ الْمُتَمَسِّكِ بِحَظِّهِ فِيمَا بَاعَ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي فَإِنْ سَلَّمَ مَا بَاعَ الْأَوَّلُ وَطَلَبَ مَبِيعَ الثَّانِي صَارَ الْمُشْتَرِي مِنَ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ شَفِيعًا مَعَ الثَّالِثِ الَّذِي لَمْ يَبِعْ حَظَّهُ فِي مَبِيعِ الثَّانِي لينزله منزلَة بَائِعه إِذا لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ فَصَارَ شَرِيكًا لِلْبَائِعِ الثَّانِي وَلِصَاحِبِهِ الَّذِي لَمْ يَبِعْ فَبَاعَ الثَّانِي حِينَ بَاعَ وَالْمُشْتَرِي مِنَ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ شَرِيكٌ تَجِبُ لَهُ الشُّفْعَةُ وَقَالَ ش لَا يَجُوزُ أَخْذُ بَعْضِ الشُّفْعَةِ وَإِنْ كَانَا حِصَّتَيْنِ مِنْ دَارَيْنِ وَإِذَا بَاعَ ثُمَّ بَاعَ مِنَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ قَالَ ش لِلشَّفِيعِ الْأَخْذُ بِأَحَدِ الْعَقْدَيْنِ أَوْ كِلَيْهِمَا وَقَالَ ح لَا يَأْخُذُ الصَّفْقَتَيْنِ بَلْ بِالْأُولَى وَنِصْفِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ صَارَ شَرِيكًا وَإِذَا بَاعَ مِنْ رَجُلَيْنِ قَالَ ش لَهُ الْأَخْذُ مِنْهُمَا وَمِنْ أَحَدِهِمَا إِذْ لَا تَفْرِيقَ عَلَى أَحَدِهِمَا فِي صَفْقَتِهِ وَقَالَ ح يَجُوزُ ذَلِكَ بَعْدَ الْقَبْضِ وَيُمْنَعُ قَبْلَهُ وَإِنْ بَاعَ شَرِيكَانِ لِرَجُلٍ فَلَهُ أَخْذُ نَصِيبِهِمَا وَنَصِيبِ أَحَدِهِمَا قَالَهُ ش لِأَنَّ الْعَقْدَ فِي أَحَدِ طَرَفَيْهِ عَاقِدَانِ فَجَازَ تَفْرِيقُهُ كَتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي وَقَالَ ح يَمْتَنِعُ لِضَرَرِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ قَالَ ش وَمَتَى سَلَّمَ أَحَدُهُمَا أَخَذَ الثَّانِي الْجَمِيعَ وَلَا يَأْخُذُ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ وَإِنْ حَضَرَ أَحَدُهُمْ وَغَابَ غَيْرُهُ أَخَذَ الْحَاضِرُ الْجَمِيعَ وَلَا تُفَرَّقُ الصَّفْقَةُ قَالَهُ ش فَإِنْ عَفَا الْحَاضِرُ فَعَلَى الْغَائِبِ إِذَا قَدِمَ أَخْذُ الْجَمِيعِ قَالَهُ ش وَقَالَ وَهُوَ وح إِذَا كَانَ الْمُشْتَرِي شَفِيعًا وَهُمْ ثَلَاثَةٌ اقْتَسَمَا الْمَبِيعَ نِصْفَيْنِ قَالَ الْقَاضِي فِي الْإِشْرَافِ أَخَذَ الثَّلَاثَةُ الشُّرَكَاءُ مِنْ آخَرَ حِصَّتَهُ فَالْمَبِيعُ بَيْنَ الَّذِي لَمْ يَبِعْ وَشَرِيكِ الْمُشْتَرِي إِنْ طُلِبَتِ الشُّفْعَةُ عَلَى قَدْرِ أَمْلَاكِهِمَا وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ جَمِيعه

(فرع)

للشَّرِيك الثَّالِث لنا قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الشَّرِيكُ شَفِيعٌ وَقِيَاسًا عَلَى مَا إِذَا كَانَ الْمُشْتَرِي أَجْنَبِيًّا (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ قَالَ الْبَائِعُ الثَّمَنُ مِائَتَانِ وَقَالَ الْمُشْتَرِي مِائَةٌ وَقَالَ الشَّفِيعُ خَمْسُونَ أَوْ لَمْ يَدَّعِ شَيْئًا فَإِنْ لَمْ تَفُتِ الدَّارُ بِطُولِ الزَّمَانِ أَوْ هَدْمٍ أَوْ تَغَيُّرِ الْمَسَاكِنِ أَوْ بَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ نَحْوِهِ وَهِيَ بِيَدِ الْبَائِعِ أَوِ الْمُبْتَاعِ صُدِّقَ الْبَائِعُ وَيَتَرَادَّانِ بَعْدَ التَّحَالُفِ وَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَقُولَ آخُذُ بِالْمِائَتَيْنِ وَلَا يَفْسَخُ الْبَيْعَ لِأَنَّهُ لَا شُفْعَةَ حَتَّى يَتِمَّ الْبَيْعُ فَتَصِيرُ الْعُهْدَةُ عَلَى الْمُبْتَاعِ وَهَاهُنَا عَلَى الْبَائِعِ وَإِنْ تَغَيَّرَتْ بِمَا تَقَدَّمَ وَهِيَ فِي يَدِ الْبَائِعِ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ وَأَخَذَهَا الشَّفِيعُ بِذَلِكَ فِي التَّنْبِيهَاتِ قَوْلُهُ يُصَدَّقُ الْبَائِعُ يُرِيدُ وَيَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ وَقَوْلُهُ بِطُولِ زَمَانٍ قَالَ بَعْضُهُمْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حَوَالَةَ الْأَسْوَاقِ فِي الْبَيْعِ فَوْتٌ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ كَمَا قَالَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ خِلَافَ قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَدْ يُقَالُ إِنَّ الْمُرَادَ طُولٌ تَتَغَيَّرُ فِي مِثْلِهِ الدَّارُ وَتَنْهَدِمُ لِضَعْفِ بِنَائِهَا وَتَخْصِيصُهُ بِتَغْيِيرِهَا بِيَدِ الْمُشْتَرِي قَالُوا لَوْ تَغَيَّرَتْ بِيَدِ الْبَائِعِ تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَلَو تَغَيَّرَتْ بِيَدِ الْبَائِعِ تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ وَلَوْ تَغَيَّرَتْ بِيَدِ الْبَائِعِ بِهَدْمٍ أَوْ بِنَاءٍ نُظِرَ إِلَى قِيمَةِ الدَّارِ مَبْنِيَّةً وَمَهْدُومَةً وَلَا يَنْقُصُ مِنَ الْمُشْتَرِي وَيَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ وَيَغْرَمُ المُشْتَرِي للْبَائِع النَّقْص من الثّمن الَّذِي أقربه فَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكَلَ الْآخَرُ لَزِمَهُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ لَا شُفْعَةَ فِي هِبَةِ الثَّوَابِ إِلَّا بَعْدَ الْعِوَضِ حَتَّى يَتَحَقَّقَ الْبَيْعُ قَالَ الْلَخْمِيُّ فَاتَتِ الشُّفْعَةُ أَمْ لَا وَتَجِبُ قَبْلَ الثَّوَابِ وَقَبْلَ الْفَوْتِ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ التَّمَسُّكِ وَالرَّدِّ وَاخْتُلِفَ فِي الشُّفْعَةِ بَعْدَ الْفَوْتِ وَقَبْلَ الثَّوَابِ نَفَاهَا ابْنُ الْقَاسِمِ حَتَّى يَثْبُتَ أَوْ يَقْضِيَ بِهَا عَلَيْهِ وَيُغَرَّمَ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا فَاتَ الشِّقْصَ

(فرع)

وَجَبَتِ الشُّفْعَةُ بِالْقِيمَةِ وَالشُّفْعَةُ إِذَا أَثَابَ قَبْلَ الْفَوْتِ بِمِثْلِ الثَّوَابِ إِنْ كَانَ عَيْنًا أَوْ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَإِنْ كَانَ عَرَضًا فَبِقِيمَتِهِ فَإِنْ أَثَابَ بَعْدَ الْفَوْتِ فَبِمِثْلِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ كَانَ عيناَ أَوْ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ إِنْ كَانَ عَرَضًا قَلَّتِ الْقِيمَةُ أَوْ كَثُرَتْ إِنْ كَانَتِ الْهِبَةُ قَائِمَةً قَالَ أَشْهَبُ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ قِيمَةِ الْهِبَةِ لِأَنَّ الْفَوْتَ عِنْدَهُ مِنَ الْعَيْنِ وَلَا يُجْبَرُ الْوَاهِبُ عَلَى قَبُولِ الْعِوَضِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الشِّقْصِ أَقَلَّ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ غَيْرُهَا أَوِ الْعَرَضُ أَقَلَّ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ غَيْرُهُ كَمَنْ دَفَعَ عَرَضًا عَنْ دَيْنٍ فِيهِ هَضْمٌ مِنَ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً بِذَلِكَ الدَّيْنِ قَالَ وَالْقِيَاسُ الْأَخْذُ بِالْأَكْثَرِ مِنْ قِيمَةِ الْهِبَةِ أَوْ قِيمَةِ الثَّوَابِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الثَّوْب أَكْثَرَ قَالَ هُوَ الَّذِي كَانَ يَرْجُو مِنِّي وَلِمِثْلِ هَذَا وَهَبَ أَوِ الْقِيمَةُ أَقَلَّ قَالَ إِنَّمَا أَخَذَ ذَلِكَ بِدَيْنِهِ عَلَيَّ وَهِيَ الْقِيمَةُ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَاسْتَوْفَيْتُ مِنْهُ الْقِيمَةَ عَيْنًا إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ مَالِكٌ وَإِنْ أَخَذَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ التَّخْلِيصِ مِنْهُ أَوْ يَرَى أَنَّ قِيمَتَهُ أَقَلُّ بِالشَّيْءِ الْكَثِيرِ مِثْلَ أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهَا مِائَةً وَقِيمَةُ الثَّوَابِ عِشْرِينَ فَاخْتُلِفَ هَلْ يَشْفَعُ بِعِشْرِينَ أَوْ تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ وَيَغْلِبُ حُكْمُ الْهِبَةِ بِغَيْرِ عِوَضٍ كَالْمُوصِي بِشِقْصٍ أَنْ يُبَاعَ مِنْ فُلَانٍ بِعِشْرِينَ وَقِيمَتُهُ مِائَةٌ وَعَكْسُهُ أَنْ يَهَبَهُ عَبْدًا وَيُثِيبَ شِقْصًا فَإِنْ كَانَ الثَّوَابُ قَبْلَ فَوْتِ الْعَبْدِ أَخَذَ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ بِالْأَقَلِّ وَالْقِيَاسُ بِالْأَكْثَرِ كَمَا تَقَدَّمَ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا وَضَعَ الْبَائِعُ عَنِ الْمُشْتَرِي مِنَ الثَّمَنِ بَعْدَ أَخْذِ الشَّفِيعِ أَوْ قَبْلَ فَإِنْ صَلَحَ مَا بَقِيَ ثَمَنًا يَتَغَابَنُ بِمِثْلِهِ وَضَعَ ذَلِكَ عَنِ الشَّفِيعِ لِأَنَّ مَا أَظْهَرَ أَوَّلًا كَانَ لِقَطْعِ الشُّفْعَةِ وَإِلَّا لَمْ يَحُطُّ وَهُوَ هِبَةٌ لِلْمُشْتَرِي وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ إِنْ حَطَّ عَنِ الْمُبْتَاعِ مَا يُشْبِهُ حَطَّ الْبَيْعِ وَضَعَ عَنِ الشَّفِيعِ وَإِلَّا فَلَا فِي النُّكَتِ قَوْلُهُ قَالَ فِي مَوْضِعٍ لَيْسَ اخْتِلَافًا قَالَ التُّونِسِيُّ جَعْلُهُ مِثْلَ مَا إِذَا أَشْرَكَهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَحُطَّ عَنْ شَرِيكِهِ مَا حَطَّ الْبَائِعُ عَنْهُ مِمَّا يُشَبِّهُ أَنْ يَحُطَّ فِي الْبَيْعِ بِخِلَافِ بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَلَعَلَّهُ فَهِمَ فِي الشَّرِيكِ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَهُ مَحَلَّهُ وَإِلَّا فَمَا الْفَرْقُ إِلَّا أَنْ يَرَى أَنَّ ذَلِكَ

(فرع)

فِي الشّركَة مُوجب الحكم رَضِي الشمتري أَمْ لَا كَأَهْلِ سُوقٍ حَضَرُوا فَاشْتَرَى وَاحِدٌ مِنْهُمْ سِلْعَةً مِنْ سِلَعِ السُّوقِ فَإِنَّهُمْ كُلُّهُمْ شُرَكَاءٌ فِيهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ الْقِيَاسُ أَنَّ مَا وُضِعَ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ وُضِعَ عَنِ الشَّفِيعِ كَمَا لَوْ بَاعَهُ ابْتِدَاءً بِمَا لَا يُبَاعُ بِمِثْلِهِ عَلَى التَّكَايُسِ صِلَةً وَمَعْرُوفًا فَالشَّفِيعُ أَوْلَى بِذَلِكَ وَقَالَهُ ح وَقَالَ ش لَا يُوضَعُ عَنِ الشَّفِيعِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ بَيْعٌ جَدِيدٌ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ نَفْيُ الضَّرَرِ عَنِ الشَّفِيعِ بِدَفْعِ الشَّرِكَةِ وَعَنِ الْمُشْتَرِي بِأَنْ لَا يغرم شَيْئا لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ أَحَقُّ بِالثَّمَنِ فَإِذَا حَطَّ عَلِمْنَا أَنَّ الَّذِي بَذَلَهُ لَيْسَ ثَمَنًا أَمَّا إِذَا كَانَ لَا يُشْبِهُ عِلْمَنَا أَنَّ الْحَطِيطَةَ هِبَةٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ حَابَى فِي مَرَضِهِ فَالْمُحَابَاةُ فِي ثُلُثِهِ وَيُؤْخَذُ بِذَلِكَ الثَّمَنِ وَكَذَلِكَ الصَّحِيحُ إِلَّا أَنْ لَا يَصْلُحَ لِقِلَّتِهِ ثَمَنًا فَلَا شُفْعَةَ صَحِيحًا أَوْ مَرِيضًا (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا قَاسَمَ الْمُشْتَرِي فَلِلشَّفِيعِ الْغَائِبِ نَقْضُ الْقِسْمَةِ كَمَا لَوْ نَقَضَ الْبَيْعُ وَلَوْ بَنَى بَعْدَ الْقَسْمِ مَسْجِدًا هَدَمَهُ وَأَخَذَهُ لَتَقَدُّمِ حَقِّهِ وَكَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ وَالثَّمَنُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ أَوِ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْوَاهِبَ عَلِمَ الْعَاقِبَةَ فَهُوَ وَاهِبٌ لِلثَّمَنِ وَفِي النُّكَتِ إِنَّمَا قَالَ يَنْقُضُ الْقَسْمَ إِذَا وَقَعَ بِغَيْرِ حَاكِمٍ أَمَّا مَعَ الْحُكْمِ فَهُوَ مَاضٍ وَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ مَا وَقَعَ لَهُ فِي الْقَسْمِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ لَيْسَ لَهُ رَدُّ الْقَسْمِ وَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ مَا وَقَعَ لِلْمُبْتَاعِ خِلَافًا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَقَوْلُهُ كَأَنَّهُ وَهَبَ الثَّمَنَ هُوَ بِخِلَافِ الِاسْتِحْقَاقِ وَقَالَ أَشْهَبُ الثَّمَنُ لِلْوَاهِبِ وَالْمُتَصَدِّقِ كَالِاسْتِحْقَاقِ وَاخْتَارَهُ مُحَمَّدٌ وَسَحْنُونٌ لِأَنَّ عَلَيْهِ يَكْتَبُ الْعُهْدَةَ وَلَوْ جَعَلْتَهُ لِلْمَوْهُوبِ لَكَانَتِ الْعُهْدَةُ عَلَيْهِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا تَكَرَّرَتِ الْبِيَاعَاتُ أَخَذَ بِأَيِّ صَفْقَةٍ شَاءَ وَنَقَضَ مَا بَعْدَهَا لِتَقَدُّمِ أَخْذِهِ عَلَيْهَا وان اخذ بالاخيرة ثبتَتْ الْبياعَات كُلُّهَا وَكَذَلِكَ إِنْ بِيعَ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي دَيْنٍ فِي حَيَاتِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ أَخَذَ مِنَ الْأَوَّلِ كَتَبَ الْعهْدَة عَلَيْهِ

(فرع مرتب)

وَدَفَعَ مِنَ الثَّمَنِ لِلثَّالِثِ مَا اشْتَرَاهُ بِهِ لِأَنَّ لَهُ الْمَنْعَ مِنَ التَّسْلِيمِ حَتَّى يَقْبِضَ مَا دَفَعَ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِلْأَوَّلِ وَإِنْ فَضَلَ لِلثَّالِثِ شَيْءٌ مِنْ صَفْقَتِهِ رَجَعَ بِهِ عَلَى الثَّانِي وَلَهُ حَبْسُهُ حَتَّى يَدْفَعَ إِلَيْهِ بِقِيمَةِ ثَمَنِهِ ثُمَّ يَرْجِعُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ بِتَمَامِ مَا اشْتَرَى بِهِ الشِّقْصَ مِنْهُ وَإِنْ أَخَذَهَا مِنَ الثَّانِي كَتَبَ الْعُهْدَةَ عَلَيْهِ وَيَدْفَعُ مِنْ ثَمَنِ الشِّقْصِ إِلَى الثَّالِثِ مَا اشْتَرَاهُ بِهِ وَإِنْ كَانَ فَضْلٌ فَلِلثَّانِي وَإِنْ فَضَلَ لِلثَّالِثِ مِمَّا اشْتَرَاهُ بِهِ شَيْءٌ رَجَعَ بِهِ عَلَى الثَّانِي وَلَا تَرَاجُعَ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي لِتَمَامِ بَيْعِهِمَا وَإِنْ أَخَذَ مِنَ الثَّالِثِ فَالْعُهْدَةُ عَلَيْهِ وَتَقَرَّرَ مَا قَبْلَهُ فِي شَرْحِ الْجَلَّابِ إِذَا بِيعَ مِرَارًا وَهُوَ حَاضِرٌ عَالِمٌ وَلَمْ يَقُمْ حَتَّى يَرُدَّ الْبَيْعَ سَقَطَتْ شُفْعَتُهُ فِي الْبياعَات كُلِّهَا إِلَّا مِنْ آخِرِ بَيْعٍ أَوْ حَاضِرٌ غَيْرُ عَالِمٍ أَوْ غَائِبٌ خُيِّرَ فِيهَا قَالَ الْلَخْمِيُّ فَإِنْ كَانَ الْعَقْدَانِ بَيْعًا وَنِكَاحًا وَتَقَدَّمَ الْبَيْعُ خُيِّرَ بَيْنَ الْأَخْذِ مِنَ الزَّوْجِ بِالثَّمَنِ وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى الزَّوْجَةِ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ وَلَا يُفْسَخُ النِّكَاحُ أَوْ يَأْخُذُ مِنَ الْمَرْأَةِ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ وَتُكْتَبُ الْعُهْدَةُ عَلَيْهَا وَإِنْ تَقَدَّمَ النِّكَاحُ وَبَاعَتِ الْمَرْأَةُ أَخَذَ مِنَ الزَّوْجَةِ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ أَوْ مِنَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ وَتُكْتَبُ الْعُهْدَةُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ نِكَاحٌ ثُمَّ خُلْعٌ أَخَذَ مِنَ الْمَرْأَةِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ النِّكَاحِ وَيَرْجِعُ الزَّوْج عَلَيْهَا بِقِيمَتِه يَوْم النِّكَاح وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى الزَّوْجَةِ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ وَلَا يفْسخ اَوْ يَأْخُذ من المراة بِقِيمَتِه الشّقص وَيكْتب الْعُهْدَةُ عَلَيْهَا وَإِنْ تَقَدَّمَ النِّكَاحُ وَبَاعَتِ الْمَرْأَةُ أَخَذَ مِنَ الزَّوْجَةِ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ اَوْ من المُشْتَرِي بِالثّمن وَيكْتب الْعُهْدَةُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ نِكَاحٌ ثُمَّ خُلْعٌ أَخَذَ مِنَ الْمَرْأَةِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ النِّكَاحِ وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْخُلْعِ وَإِنْ كَانَ بَيْعٌ ثُمَّ هِبَةٌ أَخَذَ مِنَ الْمُشْتَرِي وَاخْتُلِفَ لِمَنْ يَكُونُ الثَّمَنُ فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِلْمَوْهُوبِ (فَرْعٌ مُرَتَّبٌ) قَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ فِي الْمَجْمُوعَةِ إِذَا اشْتَرَى شِقْصًا بِمِائَةٍ ثُمَّ بَاعَ نِصْفَهُ بِمِائَةٍ فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُ الشِّقْصِ كُلِّهِ مِنَ الَّذِي اشْتَرَاهُ أَوَّلًا بِمِائَةٍ أَوْ أَخْذُ نِصْفِهِ مِنَ الثَّانِي بِمِائَةٍ وَنِصْفِهِ مِنَ الْأَوَّلِ بِخَمْسِينَ

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ قَالَ أَشْهَبُ لَوْ قَالَ الشَّفِيعُ أَنَا آخُذُ بِالصَّفْقَةِ الْأُولَى وَأُجِيزُ بَيْعَ الثَّانِي وآخذ الثّمن امْتنع لِأَنَّهُ ريح مَا لَمْ يَضْمَنْ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّفِيعُ أَوْجَبَهَا عَلَى نَفْسِهِ قَبْلَ بَيْعِ الْأَوَّلِ وَأَشْهَدَ فَيُخَيَّرُ فِي الْبَيْعِ الثَّانِي فِي إِجَازَتِهِ وَأَخْذِ الثَّمَنِ وَفَسْخِهِ وَأَخْذِ الشِّقْصِ وَلَا لَهُ دَفْعُ مَا اشْتَرَاهُ الْأَوَّلِ بِهِ إِلَيْهِ إِلَّا مَا فَضَلَ عَمَّا أَبْرَأَهُ الْآخَرُ اخْتَارَ الشِّقْصَ أَوِ الثَّمَنِ وَلَا لَهُ الْأَخْذُ بِالْآخِرِ إِنْ أَخْذَ بِالْأَوَّلِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا زَادَ الْمُبْتَاعُ الْبَائِعَ فِي الثَّمَنِ فَنَقَدَ الثَّمَنَ فَالْأَخْذُ بِالثَّمَنِ الأول لِأَنَّهُ بيع تَعَيَّنَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ لِلْمُبْتَاعِ الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا زَادَ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ مَا زَادَهُ إِلَّا حِذَارًا مِنَ الشُّفْعَةِ وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ لَهُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ كَذَلِكَ فِي الْوَضِيعَةِ وَأَمَّا فِي زِيَادَةِ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ هِيَ لِلشَّفِيعِ فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ بِمَا زَادَ أَوْ سَلَّمَ وَلَا يَتَّهِمُ الْمُشْتَرِي أَنْ يَزِيدَ لِإِصْلَاحِ الْبَيْعِ قَالَ الْلَخْمِيُّ لَا أَعْلَمُ لِقَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَجْهًا لِأَنَّ الْمُشْتَرِي فِي مَنْدُوحَةٍ عَنْ تِلْكَ الزِّيَادَةِ وَقَدِ اسْتَحَقَّ الشَّفِيعُ الْأَخْذَ بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَزِدْهُ لَادُّعِيَ عَلَيْهِ مَا يُفَاسِخُهُ بِهِ الْبَيْعَ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا أَقَالَ الْمُشْتَرِي لِلشَّفِيعِ نَقْضُ الْإِقَالَةِ وَالْأَخْذُ وَلَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ بِعُهْدَةِ الْإِقَالَةِ وَالْإِقَالَةُ بَيْعٌ حَادِثٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا هَاهُنَا فِي التَّنْبِيهَات قَالَ ابْن دِينَار إِذا ثَبت الْإِقَالَةُ لِلشَّفِيعِ الْأَخْذُ مِنَ الْمُشْتَرِي بِعُهْدَةِ الْبَيْعِ وَمِنَ الْبَائِعِ بِعُهْدَةِ الْإِقَالَةِ لِأَنَّهُمَا يُتَّهِمَانِ عَلَى حَلِّ الْبَيْعِ لِإِبْطَالِ الشُّفْعَةِ وَفِي النُّكَتِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنَّمَا لَمْ يَجْعَلْ مَالِكٌ الْإِقَالَةَ فِي الشُّفْعَةِ بَيْعًا لِاتِّهَامِهِمَا فِي نَقْضِ الْبَيْعِ فِرَارًا مِنَ الشُّفْعَةِ فَجَعَلَ الشُّفْعَةَ فِي الْبَيْعِ الْأَوَّلِ الثَّابِتِ وَتَرَكَ الْإِقَالَةَ لِلشَّكِّ قَالَ أَشْهَبُ سَوَاءٌ كَانَ الْبَائِعُ الْمُسْتَقِيلُ أَوِ الْمُشْتَرِي وَلَوْ سَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ ثُمَّ اسْتَقَالَ الْمُشْتَرِي فَأَقَالَهُ

(فرع)

الْبَائِعُ قَالَ مُحَمَّدٌ لِلشَّفِيعِ الْأَخْذُ مِنَ الْبَائِعِ لِانْقِطَاعِ التُّهْمَةِ عَنْهُ فَتَكُونُ الْإِقَالَةُ بَيْعًا كَمَا لَوْ وَلَّاهُ غَيْرُهُ لِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ عَلَى مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا قَالَ أَشْهَبُ الْقِيَاسُ إِذَا اسْتَقَالَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِي فَأَقَالَهُ بِغَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ فِي الثَّمَنِ مِنْ قَبْلِ تَسْلِيمِ الشَّفِيعِ الشُّفْعَةَ أَنَّ لِلشَّفِيعِ الْأَخْذَ مِمَّنْ شَاءَ مِنْهُمَا وَلَكِنَّ الِاسْتِحْسَانَ فِيهِ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ الْأَخْذُ إِلَّا مِنَ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ يَتْرُكُ فِرَارًا وَأَمَّا الْإِقَالَةُ بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ فَلَهُ الْأَخْذُ مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ لِأَنَّهُمَا بَيْعَانِ لِتَغَيُّرِ الثَّمَنِ قَالَ أَشْهَبُ وَلَوْ قِيلَ يَأْخُذُ فِي الْإِقَالَةِ بِلَا زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ صَحَّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنِ رَأَى أَنَّ الْإِقَالَةَ لِقَطْعِ الشُّفْعَةِ أَخَذَ بِعُهْدَةِ الشِّرَاءِ أَوْ رَأَى أَنَّ الْإِقَالَةَ لِوَجْهِ الصِّحَّةِ فَهُوَ بَيْعٌ حَادِثٌ يَأْخُذُ بِأَيِّهِمَا شَاءَ وَلِمَالِكٍ فِي بُطْلَانِ الْإِقَالَةِ وَالْعُهْدَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي أَوْ تَصِحُّ وَيُخَيَّرُ فِيهِمَا قَوْلَانِ وَفِي الْجَلَّابِ إِذَا اسْتَقَالَ الْمُشْتَرِي لَا تُسْقِطُ الْإِقَالَةُ الشُّفْعَةَ وَهَلْ عُهْدَتُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَالْإِقَالَةُ بَاطِلَةٌ أَوْ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي رِوَايَتَانِ قَالَ شَارِحُ الْجَلَّابِ لِأَنَّ الْعَقْدَ أَثْبَتَ حَقَّهُ عَلَى الْمُشْتَرَى فَالْإِقَالَةُ بَعْدَ ذَلِكَ لَا تُؤَثِّرُ وَلَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ بِعُهْدَةِ الْإِقَالَةِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بَيْعًا هَاهُنَا لِاتِّهَامِ الْمُشْتَرِي فِي الْهُرُوبِ مِنَ الْعُهْدَةِ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ مَعْنَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إِذَا قَصَدَ بِالْإِقَالَةِ قَطْعُ الشُّفْعَةِ فَالْإِقَالَةُ بَاطِلَةٌ وَيَأْخُذُ مِنَ الْمُشْتَرِي وَالْعُهْدَةُ عَلَيْهِ وَأَمَّا إِنْ لَمْ يُرِدْ بِهَا ذَلِكَ صَحَّتْ وَأَخَذَ إِمَّا بِالصَّفْقَةِ الْأُولَى وَالْعُهْدَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَوْ بِالثَّانِيَةِ وَالْعُهْدَةُ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّهُ صَارَ مُشْتَرِيًا فَإِنْ سَلَّمَ الشَّفِيعُ شُفْعَتَهُ صَحَّتِ الْإِقَالَةُ وَتَرَدُّدُ الرِّوَايَتَيْنِ عَلَى صِحَّةِ الْإِقَالَةِ وَعَدَمِهَا وَيَأْخُذُ فِي الشَّرِكَةِ وَالتَّوْلِيَةِ كَمَا يَأْخُذُ فِي ابْتِدَاءِ الْبَيْعِ نَظَائِرُ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ الْإِقَالَةُ بَيْعٌ إِلَّا فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ فِي الشُّفْعَةِ وَالْمُرَابَحَةِ وَالْإِقَالَةِ فِي الطَّعَامِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا لَمْ يَحْضُرِ الشَّفِيعُ الثَّمَنَ انْتَظَرَ إِلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ قَالَ التُّونِسِيُّ اخْتُلِفَ فِي تَأْخِيرِ الْمُشْتَرِي فَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ لَا يُؤَخَّرُ فِي النَّقْدِ وَعَنْهُ يُؤَخَّرُ إِلَى الثَّلَاثِ وَإِذَا تَلَوَّمَ فِي النَّقْدِ فَلَمْ يَأْتِ قَالَ أَشْهَبُ يُبَاعُ الشِّقْصُ وَغَيْرُهُ فِي الثَّمَنِ

وَقِيلَ يَرْجِعُ إِلَى رَبِّهِ وَالْأَشْبَهُ تَخْيِيرُ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ إِنْ شَاءَ أَخَّرَهُ عَلَى أَخْذِ الثَّمَنِ مِنْهُ لِأَنَّهُ قَدِ اشْتَرَى مِنْهُ فَهُوَ مَطْلُوبٌ بِالثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَرْضَ بِالْبَيْعِ مِنْهُ وَإِنَّمَا لَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ بِشَرْطِ مَجِيئِهِ بِالثَّمَنِ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ وَهِيَ مُدَّةُ التَّلَوُّمِ ثَلَاثًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنَّمَا يُؤَخَّرُ إِلَى الثَّلَاثِ إِذَا أَخَذَ أَمَّا إِذَا وَقَفَهُ الْإِمَامُ فَقَالَ أَخِّرُونِي لِأَنْظُرَ فِي ذَلِكَ فَلَا بَلْ يَأْخُذُ شُفْعَتَهُ فِي مَقَامِهِ وَإِلَّا فَلَا شُفْعَةَ لَهُ وَقَالَ مَالِكٌ يُؤَخِّرُهُ الْإِمَامُ إِلَى الثَّلَاثِ لِيَسْتَشِيرَ وَيَنْظُرَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنْ وَقَفَهُ غَيْرُ الْإِمَامِ فَذَلِكَ بِيَدِهِ حَتَّى يُوقِفَهُ الْإِمَامُ وَإِذَا أَخَذَ وَأُخِّرَ بِالثَّمَنِ فَمَضَتِ الثَّلَاثُ وَلَمْ يَأْتِ بِالثَّمَنِ فَالْمُشْتَرِي أَحَقُّ لِعَجْزِ الشَّفِيعِ وَإِنْ أَخَذَ أَوْ أَخَّرَ لِيَأْتِيَ بِالثَّمَنِ ثُمَّ يَبْدُو لَهُ وَيَأْبَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَقْبَلَهُ لَزِمَهُ الْأَخْذُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ بِيعَ عَلَيْهِ مَا شَفَعَ فِيهِ وَحِصَّتُهُ الْأَصْلِيَّةُ حَتَّى يُوفِيَ الْمُشْتَرِي إِلَّا أَنْ يَرْضَى الْمُشْتَرِي بِالْإِقَالَةِ قَالَ الْلَخْمِيُّ لِلْمُشْتَرِي الْقِيَامُ عَلَى الشَّفِيعِ فَيَأْخُذُ أَوْ يَتْرُكُ وَإِلَّا رَفَعَهُ إِلَى السُّلْطَانِ فَأَلْزَمَهُ مِثْلَ ذَلِكَ وَاخْتُلِفَ إِذَا كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا قِيلَ كَالْأَوَّلِ وَقِيلَ يُمْهَلُ إِلَى الثَّلَاثِ قَالَهُ مَالِكٌ وَعَنْهُ إِلَى الْعَشَرَةِ وَعَنْ أَصْبَغَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ إِلَى الْعِشْرِينَ بِقَدْرِ الشِّقْصِ وَمَا يَحْتَاجُ مِنْ جَمْعِ الْمَالِ وَالشَّهْرُ إِنْ رَأَى ذَلِكَ الْحَاكِمُ وَإِذَا أَخَذَ وَلَمْ يَأْتِ بِالْمَالِ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ إِمْضَاءِ الْأَخْذِ وَيُبَاعُ ذَلِكَ الشِّقْصُ وَغَيْرُهُ فِي الثَّمَنِ أَوْ يُرَدُّ وَكَذَلِكَ إِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ الثَّمَنَ لِذَلِكَ الْأَجَلِ وَلَمْ يَزِدْهُ عَلَيْهِ أَمَّا إِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ إِنْ لَمْ يَحْضُرْهُ فَلَا شُفْعَةَ فَعَجَزَ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُسَلِّمَهُ لِيُبَاعَ عَلَيْهِ فِي الثَّمَنِ لِسُقُوطِ الْحَقِّ عَنْهُ بِالتَّسْلِيمِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَوْ طَلَبَ الْمُهْلَةَ لِيَتَرَوَّى فَفِي وُجُوبِ إِسْعَافِهِ لِذَلِكَ خِلَافٌ وَيَمْلِكُ الشَّفِيعُ تَسْلِيمَ الثَّمَنِ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْمُشْتَرِي وَيَقْضِي لَهُ الْقَاضِي بِالشُّفْعَةِ عِنْدَ الطَّلَبِ وَبِمُجَرَّدِ الْإِشْهَادِ عَلَى الْأَخْذِ وَبِقَوْلِهِ أَخَذْتُ وَتَمَلَّكْتُ ثُمَّ تَلْزَمُهُ إِنْ عَلِمَ بِقَدْرِ الثَّمَنِ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ وَفِي النَّوَادِرِ أَجْمَعَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ أَنَّ عُهْدَةَ الشَّفِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي قَالَ أَشْهَبُ وَإِلَيْهِ يَدْفَعُ الثَّمَنَ إِنْ كَانَ الْمُبْتَاعُ قَدْ دَفَعَهُ لِلْبَائِعِ وَعَلَى الْمُشْتَرِي قَبْضُ الشِّقْصِ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي حَاضِرًا وَلَمْ يَدْفَعِ الثَّمَنَ دَفَعَ الشَّفِيعُ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ وَعَلَى الْمُشْتَرِي قَبْضُ الشِّقْصِ لِلشَّفِيعِ وَإِنْ شَاءَ الشَّفِيعُ قَبَضَهُ مِنَ الْبَائِعِ وَالْعُهْدَةُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى الْمُبْتَاعِ فَإِنْ غَابَ الْمُبْتَاع

(فرع)

قَبْلَ أَنْ يُنْقَدَ فَمَنَعَ الْبَائِعُ الشِّقْصَ لِأَجْلِ الثَّمَنِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَنْظُرُ السُّلْطَانُ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ عُرِفَتْ غَيْبَتُهُ كَتَبَ إِلَيْهِ أَنْ يَقْدِمَ لِيَكْتُبَ عَلَيْهِ الْعُهْدَةَ وَإِنْ بَعُدَتْ قُضِيَ لِلشَّفِيعِ بِشُفْعَتِهِ وَلِلْبَائِعِ بِقَبْضِ الثَّمَنِ مِنْهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ قَبْضَهُ وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ قَدْ قَبَضَهُ أَخَذَهُ الْإِمَامُ مِنَ الشَّفِيعِ فَوَقَفَهُ لِلْمُبْتَاعِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ الْعُهْدَةَ فَإِنْ قَدِمَ أَشْهَدَ بِذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ فَإِنْ مَاتَ فَالْعُهْدَةُ عَلَى تَرِكَتِهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَإِذَا حَكَمَ عَلَى الْمُبْتَاعِ بِالشُّفْعَةِ فَأَبَى مَنْ أَخَذَ الثَّمَنَ فَأَرَى أَنْ يُحْكَمَ لَهُ بِهَا وَتُكْتَبَ الْعُهْدَةُ عَلَى الْمُبْتَاعِ وَيَأْخُذ الثّمن فيوفقه لَهُ وَقَدْ بَرِئَ مِنْهُ الشَّفِيعُ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِنْ قَبَضَ الْمُبْتَاعُ الشِّقْصَ وَسَكَنَهُ ثُمَّ مَاتَ وَقَامَ غُرَمَاؤُهُ وَقَامَ الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ وَقَامَ الشَّفِيعُ فَالْبَائِعُ أَحَقُّ بِالثَّمَنِ مِنْ غُرَمَاءِ الْمُشْتَرِي قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا فِي الْفَلَسِ لَا فِي الْمَوْتِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَوْ فَلَّسَ الْمُبْتَاعُ فَالشَّفِيعُ أَحَقُّ بِالشِّقْصِ وَيَدْفَعُ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ لِثُبُوتِ حَقِّهِ بِالْعَقْدِ (فَرْعٌ) فِي شَرْحِ الْجَلَّابِ إِذَا اشْتَرَى حَظَّ ثَلَاثَةِ رِجَالٍ فِي ثَلَاثِ صَفَقَاتٍ فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُ ذَلِكَ بِأَيِّ صَفْقَةٍ شَاءَ فَإِنْ أَخَذَ بِالْأُولَى لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ شُفْعَةٌ لِعَدَمِ بَقَاءِ شَرِكَتِهِ أَوْ بِالثَّانِيَةِ فَالْأَوَّلُ فِي الثَّانِيَةِ وَمَا بَعْدَهَا بِقَدْرِ حِصَّتِهِ فِيمَا اشْتَرَاهُ أَوْ بِالثَّالِثَةِ اسْتَشْفَعَ بِالْأُولَى وَالثَّانِيَةِ فَإِنْ كَانَتِ الصَّفْقَةُ وَاحِدَةً فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ بَعْضِهِمَا لِتَضَرُّرِ الْمُشْتَرِي بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا أَخَذَ وَلَمْ يَقْبِضْ حَتَّى انْهَدَمَتْ فَالضَّمَانُ مِنَ الشَّفِيعِ لِانْتِقَالِ الْمِلْكِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ لَا يَضْمَنُ الْمُبْتَاعُ لِلشَّفِيعِ مَا حَدَثَ عَنْهُ مِنْ هَدْمٍ أَوْ حَرْقٍ أَوْ غَرَقٍ أَوْ مَا غَارَ مِنْ بِئْرٍ أَوْ عَيْنٍ وَلَا يَحُطُّ الشَّفِيعُ لِذَلِكَ شَيْئًا مِنَ الثَّمَنِ لَيْلًا تتفرق

الصَّفْقَةُ وَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يُخَيَّرُ إِمَّا يَأْخُذُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوْ يَتْرُكُ وَكَذَلِكَ لَوْ هَدَمَ الْمُبْتَاعُ الْبِنَاءَ لِيَبْنِيَهُ أَوْ يُوَسِّعَ فِيهِ فَإِمَّا أَخَذَهُ مَهْدُومًا مَعَ نَقْضِهِ بِالثَّمَنِ أَوْ يتْرك لَيْلًا يَتَضَرَّرَ الْمُبْتَاعُ بِغَيْرِ عِوَضٍ يَحْصُلُ لَهُ وَلَوْ هَدَمَ ثُمَّ بَنَى يَأْخُذُ الشَّفِيعُ بِالثَّمَنِ وَقِيمَةِ مَا عُمِّرَ وَإِلَّا فَلَا يُقَامُ الضَّرَرُ وَلَوْ هَدَمَهَا وَبَاعَ النَّقْضَ ثُمَّ اسْتَحَقَّ رَجُلٌ نَصِفَهَا وَقَدْ فَاتَ النَّقْضُ عِنْدَ مُبْتَاعِهِ فَإِنْ لَمْ يُجِزِ الْمُسْتَحِقُّ الْبَيْعَ فِي نَصِيبِهِ أَخَذَ نِصْفَهَا وَنِصْفَ ثَمَنِ النَّقْضِ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَلَهُ بَقِيَّتُهَا بِالشُّفْعَةِ فَإِنْ أَخَذَهُ قُسِّمَ ثَمَنُ نِصْفِ الدَّارِ عَلَى قِيمَةِ نِصْفِ الْأَرْضِ وَقِيمَةِ نِصْفِ النَّقْضِ يَوْمَ الصَّفْقَةِ ثُمَّ أَخَذَ نِصْفَ الْأَرْضِ بِمَا يَنُوبُهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَى ثَمَنِ مَا بَاعَ مِنْهُ وَأَمَّا مَا قَابَلَ ذَلِكَ مِنَ النَّقْضِ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ لِفَوَاتِهِ وَثَمَنُهُ لِلْمُبْتَاعِ وَلَوْ وَجَدَ الْمُسْتَحِقُّ النَّقْضَ لَمْ يَبِعْ أَوْ بِيعَ وَهُوَ حَاضِرٌ لَمْ يَفُتْ فَلَهُ نِصْفُهُ مَعَ نِصْفِ الْعَرْصَةِ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَبَاقِيهَا بِالشُّفْعَةِ وَلَا يَضْمَنُ الْمُبْتَاعُ فِي الْوَجْهَيْنِ هَدْمَهُ وَإِنِ امْتَنَعَ مِنْ أَخْذِ مَا يَسْتَحِقُّ مِنَ الدَّارِ مَهْدُومًا فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ الَّذِي بَاعَ بِهِ حِصَّتَهُ وَلَوْ هَدَمَ الدَّارَ أَجْنَبِيٌّ وَأَتْلَفَ النَّقْضَ فَلَمْ يَقُمِ الْمُبْتَاعَ حَتَّى قِيَامَ الْمُسْتَحِقِّ وَاسْتَشْفَعَ فَلَهُ الشُّفْعَة فِيمَا بَقِي بِحِصَّتِهِ بالتقديم ثُمَّ يَفُضُّ الثَّمَنَ عَلَى قِيمَةِ مَا هُدِمَ وَمَا بَقِيَ فَيَأْخُذُهُ بِحِصَّتِهِ ثُمَّ يَتْبَعُ الْمُشْتَرِي الْهَادِمَ بِنِصْفِ قِيمَةِ مَا هَدَمَ وَيَتْبَعَهُ الْمُسْتَحِقُّ بِمِثْلِ ذَلِكَ وَلَوْ تَرَكَ الْمُبْتَاعُ لِلْهَادِمِ قِيمَةَ مَا هَدَمَ فَلِلْمُسْتَحِقِّ طَلَبُ الْهَادِمِ بِنِصْفِ قِيمَةِ ذَلِكَ مِنَ النِّصْفِ الْمُسْتَحَقِّ وَتَسْقُطُ عَنْهُ حِصَّةُ الْمُبْتَاعِ وَإِنْ كَانَ الْهَادِمُ عَدِيمًا اتَّبَعَهُ الْمُسْتَحِقُّ دُونَ الْمُبْتَاعِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمَوْهُوبِ فِي الدَّار الْمَوْهُوبَة كالمشتري وَلَو وهب الدَّار متباعها ثُمَّ اسْتُحِقَّ نِصْفُهَا أَخَذَ بَاقِيهَا بِالشُّفْعَةِ وَثَمَنُ النِّصْفِ الْمُسْتَشْفَعِ لِلْوَاهِبِ بِخِلَافِ مَنْ وَهَبَ شِقْصًا ابْتَاعَهُ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ لَهُ شَفِيعًا قِيمَتُهُ لِلْمَوْهُوبِ إِذَا أَخَذَهُ الشَّفِيعُ وَمَنْ وَهَبَ أَمَةً ثُمَّ اسْتُحِقَّتْ بُحُرِّيَّةٍ أَوْ أَنَّهَا مَسْرُوقَةٌ فَمَا رَجَعَ بِهِ مِنْ ثَمَنِهَا فَلِلْوَاهِبِ دُونَ الْمَوْهُوبِ قَالَ التُّونِسِيُّ إِذَا بَاعَ النَّقْضَ وَكَانَ قَائِمًا فَأَحْسَنُ الْأَقْوَالِ أَنَّهُ لَا شُفْعَةَ إِلَّا بِأَنْ يَنْقُضَ بَيْعَ النَّقْضِ وَيَأْخُذَهُ إِذْ هُوَ قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ الْعَرْصَةِ بِمَا يَنُوبُهَا مِنَ الثَّمَنِ مَعَ وُجُودِ النَّقْضِ فَإِنْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ قِيلَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ أَخَذَ الْعَرْصَةَ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ لَمَّا كَانَ قَادِرًا عَلَى أَخْذِ النَّقْضِ فَإِنْ عَرَفَ

مَا يَنُوبُ النَّقْضُ مِنَ الثَّمَنِ وَمَا يَنُوبُ الْعَرْصَةَ قِيلَ لَا يَلْزَمْ ذَلِكَ الْبَائِعُ لِلنَّقْضِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا رَضِيَ بِبَيْعٍ يُرَخَّصُ لِبَقَاءِ الْأَصْلِ فَإِذا اخذ فَلَا ترضي بِثَمَنِ النَّقْضِ فَالْقَوْلُ لَهُ فَإِنْ رَضِيَ الْبَائِعُ لِلنَّقْضِ بِذَلِكَ قِيلَ ذَلِكَ جَائِزٌ وَهُوَ بَيِّنٌ لِأَنَّهُ كَمَنْ رَاضَاهُ عَلَى أَخْذِ بَعْضِ مَا لَهُ مِنَ الشُّفْعَةِ وَيُسَلِّمُ بَعْضَهَا فَأَمَّا لَوْ أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ بَيْعَ نَصِيبِهِ مِنَ النَّقْضِ فِي نَصِيبِهِ الَّذِي اسْتَحَقَّهُ وَأَخَذَ النِّصْفَ الْآخَرَ مَعَ نِصْفِ الْعَرْصَةِ بِالشُّفْعَةِ دُونَ الْأَنْقَاضِ يُخَيِّرُ الْمُشْتَرِي فِي النِّصْفِ لِمُسْتَحَقٍّ مِنَ النَّقْضِ فَإِنْ قِيلَ لِمَ جَعَلْتُمْ لَهُ الْخِيَارَ وَهُوَ لَوِ اسْتُحِقَّ عَلَيْهِ نِصْفُ النَّقْضِ لَمْ يَكُنْ لَهُ خِيَارٌ قُلْنَا لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ هَاهُنَا لِنِصْفِ النَّقْضِ قَادِرٌ عَلَى إِجَازَةِ جُمْلَةِ الْمُسْتَحَقِّ وَالْمَأْخُوذُ بِالشُّفْعَةِ إِذَا أُخِذَ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ النَّقْضِ كَمَنِ اشْتَرَى جُمْلَةَ سِلْعَةٍ بِالصِّفَةِ لَيْسَ لَهُ إِمْضَاءُ بَعْضِهَا دُونَ الْبَعْضِ إِلَّا قَوْلٌ لِأَصْبَغَ فَإِنْ فَاتَ النَّقْضُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَلَهُ نِصْفُ ثَمَنِهِ فِي النِّصْفِ الْمُسْتَحَقِّ وَيَفُضُّ الثَّمَنَ عَلَى قِيمَةِ الْقَاعَةِ يَوْمَ الْبَيْعِ وَعَلَى النَّقْضِ مَنْقُوضًا وَيَحُطُّ مِنْ ذَلِكَ مَا قَابَلَ النَّقْضَ فِي نِصْفِ الشُّفْعَة وَيَأْخُذ بالقاعة مَا يَنُوبُهَا وَجَعَلَتُ ذَلِكَ كَسِلْعَةٍ جُمِعَتْ مَعَ النَّقْضِ فَتُمْضَى بِمَا يَنُوبُهَا مِنَ الثَّمَنِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنَّمَا يَحْسُبُ الْأَقَلَّ مِمَّا أَخَذَ مِنْ ثَمَنِ النَّقْضِ أَوْ مَا يَنُوبُ ذَلِكَ مِنَ الثَّمَنِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْمُشْتَرِي إِذَا بَاعَ النَّقْضَ بِأَقَلَّ مِمَّا يَنُوبُهُ مِنَ الثَّمَنِ مَنْقُوضًا كَمَا إِذَا نُقِضَ عِنْدَهُ فَلَمَّا لَمْ يُحَاسَبْ بِهَا إِذَا هَلَكَتْ وَكَذَلِكَ إِذَا أَخَذَ فِيهَا مِنَ الثَّمَنِ مِثْلَ نِصْفِ قِيمَتِهَا قَبْلُ وَكَانَ يَجِبُ إِنْ بَاعَهُ بِأَكْثَرِ مِمَّا يَنُوبُهُ مِنَ الثَّمَنِ أَنْ يَحُطَّ ذَلِكَ عَنِ الشَّفِيعِ أَيْضًا لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَخْسَرْ لَمْ يَرْبَحْ وَإِنَّمَا ضمنه بن الْقَاسِمِ بِقَدْرِ مَا يَنُوبُهُ مِنَ النَّقْضِ لِأَنَّهُ لَوْ وَهَبَ النَّقْضَ عِنْدَهُ فَانْتَفَعَ بِهِ الْمَوْهُوبُ وَأَفَاتَهُ فَضَّ الثَّمَنَ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِثْلَ هَلَاكِهَا عِنْدَهُ لِأَنَّ هَلَاكَهَا عِنْدَ الْمَوْهُوبِ بِأَمْرٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَرَأَى أَشْهَبُ أَنَّ ثَمَنَ الْأَنْقَاضِ يُؤْخَذُ بِالشُّفْعَةِ لَمَّا كَانَتْ فِي حُكْمِ الْمَبِيعِ وَإِنَّهَا لَوْ هَلَكَتْ بِأَمْرٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لَأَخَذَ الشَّفِيعُ الثَّمَنَ وَكَذَلِكَ لَوْ بَنَاهَا بِنَقْضِهَا لَكَانَ عَلَيْهِ فِي النِّصْفِ

الْمُسْتَشْفَعِ قِيمَةُ الْبِنَاءِ قَائِمًا وَحَطَّ عَنْهُ قَدْرَ مَا يَنُوبُ النَّقْضُ مِنَ الْعَرْصَةِ يَوْمَ الْبَيْعِ وَأَمَّا فِي النِّصْفِ الْمُسْتَحَقِّ فَلَهُ قِيمَةُ الْبِنَاءِ قَائِمًا وَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَةِ النَّقْضِ يَوْمَ بِنَائِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ أَفَاتَهُ وَإِذَا هَدَمَ الدَّارَ فَبَنَاهَا بِنَقْضِهَا فَجَاءَ مُسْتَحِقٌّ لِنِصْفِهَا أَخَذَ مِنْهُ نِصْفَ قِيمَةِ النَّقْضِ الْمُسْتَحَقِّ يَوْمَ بِنَائِهِ وَقِيلَ لَهُ ادْفَعْ قِيمَةَ نِصْفِ الْبِنَاءِ قَائِمًا فَإِنِ امْتَنَعَ قِيلَ لِلْمُشْتَرِي ادْفَعْ إِلَيْهِ قِيمَةَ الْقَاعَةِ فَإِنْ فَعَلَ فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ النِّصْفَ الثَّانِي بِالشُّفْعَةِ فَضَّ الثَّمَنَ عَلَى قِيمَةِ النَّقْضِ مَنْقُوضًا وَقِيمَةِ الْعَرْصَةِ يَوْمَ الْبَيْعِ يَأْخُذُ بِذَلِكَ وَبِقِيمَةِ نِصْفِ الْبِنَاءِ قَائِمًا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ رَأَى أَنَّهُ إِذَا بَاعَ فَإِنَّهُ يَسْتَشْفِعُ وَلَا تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ وَأَمَّا مَنْ قَالَ إِذَا بَاعَ الشِّقْصَ الَّذِي يَسْتَشْفِعُ بَعْدَ وُجُوبِ الشُّفْعَةِ سَقَطَتْ شُفْعَتُهُ لَهُ هَاهُنَا وَإِذَا جَنَى عَلَى الدَّارِ رَجُلٌ فَهَدَمَهَا ثُمَّ لَمْ يُؤْخَذْ وَجَاءَ الشَّفِيعُ فَمَا قَابَلَ نِصْفَهُ مِنْ ذَلِكَ اتَّبَعَ بِهِ الْهَادِمَ وَمَا قَابَلَ النِّصْفَ الْمُسْتَشْفَعَ فَذَكَرَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ أَنَّ الشَّفِيعَ إِذَا أَخَذَ فَضَّ الثَّمَنَ عَلَى قِيمَةِ النَّقْضِ مَنْقُوضًا وَعَلَى قِيمَةِ الْعَرْصَةِ فَيَأْخُذُ ذَلِكَ الشَّفِيعُ بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ ذَلِكَ وَيَتْبَعُ بِهِ الْمُشْتَرِي الْهَادِمَ بِقِيمَةِ ذَلِكَ فَإِنَّهَا كَالْبَيْعِ سَوَاءٌ وَلَا يُشَبَّهُ ذَلِكَ بِالْبَيْعِ لِأَنَّ الْبَائِعَ إِنَّمَا بَاعَ مَهْدُومًا وَمَا أَحْدَثَ هُوَ مِنَ الْهَدْمِ لَا يَضْمَنُهُ فَلَمْ يُحْسَبْ عَلَيْهِ فَالْجَانِي هَاهُنَا مُتَعَدٍّ فِي الْهَدْمِ وَهُوَ يُتْبَعُ بِمَا هَدَمَ قَائِمًا فَكَيْفَ يَرْبَحُ الْمُشْتَرِي وَأَمَّا مُحَمَّدٌ فَجَعَلَ الشَّفِيعَ يَأْخُذُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ إِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْأَخْذِ مِنَ الْهَادِمِ وَهُوَ أَبْيَنُ لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْأَخْذِ مِنْهُ لَمْ يَنْتَفِعِ الْمُشْتَرِي بِشَيْءٍ فَأَشْبَهَ الْهَدْمَ مِنَ السَّمَاءِ وَالْبِنَاءُ يُفِيتُ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ فَإِنْ فَاتَ النَّقْضُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَخَذَ الشَّفِيعُ بِالْقِيمَةِ فَإِن لم يعلم وَأَخذه بِالْبيعِ الْفَاسِد رد ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَفُوتَ عِنْدَ الشَّفِيعِ وَيَكُونُ عَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ قَبْضَهُ هُوَ أَوِ الْقِيمَةُ الَّتِي وَجَبَتْ عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى رَدِّهِ لِفَوَاتِهِ عِنْدَهُ فَإِنْ قَالَ فَإِنِّي لَا آخُذُ بِالشُّفْعَةِ رَدَّ قِيمَةَ مَا قَبَضَ وَإِنْ أَخَذَ بِالشُّفْعَةِ أَخَذَ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ الَّتِي وَجَبَتْ عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَوْ كَانَ أَخَذَ الشِّقْصَ بِالشُّفْعَةِ قَبْلَ فَوَاتِهِ لَرَدَّ إِنْ لَمْ يَفُتْ عِنْدَهُ فَإِنْ فَاتَ عِنْدَهُ فَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ كَمَا تَقَدَّمَ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ اشْتَرَى بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ أَسْلَفَ عَشَرَةً وَأَخَذَهُ الشَّفِيعُ بِمَائَةٍ فَلَهُ رَدُّهُ وَإِذَا رَدَّهُ انْفَسَخَ الْأَوَّلُ وَكَذَلِكَ إِنِ اشْتَرَى سِلْعَةً بِمَائَةٍ عَلَى أَنْ أَسْلَفَ عَشَرَةَ الشَّفِيعِ وَقَالَ اشْتَرَيْتُهَا بِمِائَةٍ فَبَاعَهَا على

ذَلِكَ فَإِنْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي بِالْمِائَةِ أَخَذَهَا وَإِلَّا رَدَّهَا فَإِنْ فَاتَتْ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا مَا لَمْ تَزِدْ عَلَى الْمِائَةِ أَوْ تَنْقُصْ عَنِ التِسْعِينَ وَقِيلَ تُقَوَّمُ الْعَشَرَةُ السَّلَفُ فَإِنْ كَانَ قِيمَتُهَا خَمْسَة كَانَ ثمنهَا خَمْسَة وَتِسْعين فَلَا ينْقض مِنْ ذَلِكَ وَلَا يُزَادُ عَلَى الْمِائَةِ وَهَذَا الْبَيْعُ الثَّانِي لَيْسَ بِبَيْعٍ فَاسِدٍ بَلْ بَيْعُ تَدْلِيسِ كَالْكَذِبِ فِي الْمُرَابَحَةِ وَتَقْوِيمُ السَّلَفِ أَوْجُهٌ لِأَنَّهُ مَتَى لَمْ يُقَوِّمِ السَّلَفَ وَكَانَتْ قِيمَتُهَا تِسْعِينَ أَضَرَّ ذَلِكَ بِالْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ يَقُولُ أَخْرَجْتُ مِائَةً وَإِنَّمَا دَفَعَ إِلَيَّ عَشَرَةً لِأَرُدَّهَا فَأَنَا لِي فِيهَا الِانْتِفَاعُ فَهُوَ الَّذِي يَحُطُّ مِنَ الْمَائَةِ وَإِذَا تَمَسَّكَ بِهَا الْمُشْتَرِي كَانَ ذَلِكَ فَوْتًا لِلْبَيْعِ الْفَاسِدِ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ الثَّانِي كَمَنِ اشْتَرَى شِرَاءً فَاسِدًا فَبَاعَ وَدَلَّسَ بِعَيْبٍ فَرَضِيَ الْمُشْتَرِي بِالْعَيْبِ وَإِذَا اشْتَرَى شِقْصًا بِعَبْدٍ فَأَخَذَ الشَّفِيعُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ ثُمَّ اسْتَحَقَّ رَجَعَ بَائِعُ الشِّقْصِ عَلَى مُشْتَرِيهِ بِقِيمَةِ شِقْصِهِ فَكَانَ ثَمَنُ شِقْصِهِ سِتِّينَ فَلَا تَرَاجُعَ بَيْنَهُمْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ أَخْذَ الشَّفِيعِ تَفْوِيتٌ وَقَدْ مَضَى الْحُكْمُ بِأَخْذِهِ بِالْقِيمَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ قِيمَةُ الشِّقْصِ أَرْبَعِينَ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الشِّقْصِ سِتِّينَ فَالْآخِذُ مُخَيَّرٌ إِنْ شَاءَ أَدَّى عَشَرَةً تَمَامَ قِيمَةِ الشِّقْصِ أَوْ يَرُدُّ الشِّقْصَ فَيَرْجِعُ إِلَى بَائِعِهِ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَرْبَعِينَ اسْتَرْجَعَ عَشَرَةً لِأَنَّهُ قَدْ كَشَفَ الْغَيْبُ أَنَّ قِيمَتَهُ هُوَ ثَمَنُهُ فِيهِ وَأَمَّا حِنْطَةٌ بِعَيْنِهَا فَاسْتُحِقَّتْ قَبْلَ أَخْذِ الشَّفِيعِ انْتَقَضَ الْبَيْعُ وَلَا شُفْعَةَ وَهُوَ الْأَشْهَرُ وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ يُؤْتَى بِمِثْلِ الطَّعَامِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ لَمْ يُرَدَّ وَغَرِمَ مِثْلَ طَعَامِهِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يُغَرَّمُ مُشْتَرِي الشّقص وَأول بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ الشَّفِيعَ هُوَ الَّذِي يَغْرَمُ مِثْلَ الطَّعَامِ فَإِنْ بَايَعَ الشِّقْصَ بِمِثْلِ الطَّعَامِ بِخِلَافِ اسْتِحْقَاقِ الطَّعَامِ قَبْلَ أَخْذِ الشَّفِيعِ وَكَأَنَّهُ يَرَى أَنَّهُ لَمَّا فَاتَ بِالْأَخْذِ وَكَانَ لَا بُدَّ مِنْ إِتْمَامِ الْبَيْعِ فِيهِ كَانَ غَرْمُ مثل الطَّعَام اهون غَرْمِ قِيمَتِهِ وَفِي هَذَا نَظَرٌ لِأَنَّ الطَّعَامَ لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ لَا يُرَادُ بِعَيْنِهِ فَيُشْبِهُ الذَّهَبَ فَيُؤْتَى بِمِثْلِهِ قَبْلَ أَخْذِ الشَّفِيعِ أَوْ بَعْدَهُ وَفِي النَّوَادِرِ لَوْ تَصَرَّفَ الْمُبْتَاعُ فِي رَقِيقِ الْحَائِطِ وَوَهَبَهُمْ فَهُوَ كَالْبَيْعِ يَأْخُذُ الْحَائِطُ بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ وَأَمَّا فِي الْمَوْتِ إِمَّا أَنْ يَأْخُذَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوْ يَدَعَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ أَشْهَبُ وَلَوِ اشْتَرَى أَشْقَاصًا فَانْهَدَمَ بَعْضُهَا فَلَا يَأْخُذُ إِلَّا الْجَمِيعُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوْ يَتْرُكُ انْهَدَمَ أَوْ هَدَمَهُ الْمُشْتَرِي وَلَوْ بَاعَ الْمُبْتَاعُ حِصَّتَهُ مِنْ رَقِيقِ الْحَائِطِ وَآلَتِهِ لَيْسَ

(فرع)

لِلشَّفِيعِ تَسْلِيمُ بَيْعِ الرَّقِيقِ وَآلَاتِهِ وَأَخْذُ الشِّقْصِ مِنَ الْحَائِطِ لِأَنَّهُ بِيعَ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ إِلَّا أَنْ يَفُوتَ ذَلِكَ الرَّقِيقَ وَكَذَلِكَ النَّقْضُ مَعَ الْعَرْصَةِ وَلَوْ بَاعَ الْمُبْتَاعُ الشِّقْصَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَمَنِهِ فَقَالَ الشَّفِيعُ أُسَلِّمُ بَيْعَ النَّقْضِ وَآخُذُهُ مِنْ مُبْتَاعِهِ بِالشُّفْعَةِ امْتَنَعَ لِأَنَّ تَسْلِيمَ بَيْعِ النَّقْضِ يُصَيِّرُهُ شَرِيكًا لِمُبْتَاعِ النَّقْضِ فِي نَقْضٍ مُفْرَدٍ وَلَا شُفْعَةَ فِي النَّقْضِ الْمُفْرَدِ قَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ وَغَيْرُهُ إِذَا اشْتَرَى نَصِيبَكَ مِنْ ثَمَرَةٍ فَلَمْ يَأْتِ الشَّفِيعُ حَتَّى فَاتَتْ فَلَا شُفْعَة وَبَاعَ مِنْهَا يَسِيرًا بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ أَوْ نَحْوَهَا فَالشَّفِيعُ أَحَقُّ بِمَا أَدْرَكَ مِنْهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يَحُطُّ الشَّفِيعُ لِأَجْلِ هَدْمٍ شَيْئًا وَكَذَلِكَ لَوْ سَكَنَ حَتَّى تَهَدَّمَ الْبِنَاءُ تَمْهِيدٌ تُتَصَوَّرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَإِنْ كَانَ التَّصَرُّفُ بِغَيْرِ عِلْمِ الشَّفِيعِ غَصْبًا وَإِنَّمَا يُبْنَى وَيُغْرَسُ بَعْدَ الْقَسْمِ وَحِينَئِذٍ لَا شُفْعَةَ وَقَدْ صَوَّرَهَا فِي صُوَرٍ وَقَعَتْ فِيهَا الْقِسْمَةُ بَعْدَ الشِّرَاءِ مِنْ غَيْرِ إِسْقَاطِ شُفْعَةٍ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ الشَّفِيعُ غَائِبًا فَيَطْلُبُ الْمُشْتَرِي الْقِسْمَةَ فَيُقَاسِمُهُ الْقَاضِي عَلَى الْغَائِبِ أَوْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي كَذَبَ فِي الثَّمَنِ فَتَرَكَ الِاسْتِشْفَاعَ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ فَطَلَبَ أَوْ يَكُونَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ غَائِبًا وَوَكَّلَ فِي مُقَاسَمَةِ شَرِيكِهِ وَلَمْ يَأْخُذْ بِالشُّفْعَةِ أَوْ يَكُونَ الشَّفِيعُ غَائِبًا وَلَهُ وَكِيلٌ حَاضِرٌ عَلَى التَّصَرُّفِ فَبَاعَ الشَّرِيكُ فَلَمْ يَرَ الْوَكِيلُ الْأَخْذَ وَقَاسَمَ أَوْ يَقُولُ اسْتَوْهَبْتُهُ لِغَيْرِ ثَوَابٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ خِلَافُهُ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِنْ زَرَعَ الْمُشْتَرِي الْأَرْضَ أَخَذَهَا الشَّفِيعُ وَالزَّرْعُ لِلزَّارِعِ وَيُؤَدِّي قِيمَةَ الشَّجَرِ وَالنَّخْلِ قَائِمًا مَعَ ثَمَنِ الْأَرْضِ وَإِلَّا فَلَا شُفْعَةَ لَهُ نَفْيًا لِلضَّرَرِ وَلِأَنَّهُ غَرَسَ بِشُبْهَةٍ وَلَا كِرَاءَ لِلْمُسْتَحَقِّ فِي الزَّرْعِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي إِبَّانِ الزِّرَاعَةِ فَلَهُ كِرَاءُ الْمِثْلِ وَإِنِ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْأَرْضِ وَأَشْفَعَ فَلَهُ كِرَاءُ مَا اسْتَحَقَّ إِنْ قَامَ فِي الْإِبَّانِ لِبَقَاءِ الْمَنْفَعَةِ وَلَا كِرَاءَ لَهُ فِيمَا أَشْفَعَ وَإِنِ ابْتَاعَ أَرْضًا بزرعها الْأَخْضَر

فَاسْتَحَقَّ رَجُلٌ نِصْفَ الْأَرْضِ وَأُشْفِعَ بَطَلَ الْبَيْعُ فِي النِّصْفِ الْمُسْتَحَقِّ وَفِي نِصْفِ الْأَرْضِ لِانْفِرَادِهِ بِغَيْرِ أَرْضٍ وَيَرُدُّ الْبَائِعُ نِصْفَ الثَّمَنِ وَلَهُ نِصْفُ الزَّرْعِ وَإِنْ أَخَذَ الشَّفِيعُ نِصْفَ الْأَرْضِ لَمْ يَشْفَعْ فِي نِصْفِ الزَّرْعِ وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ خُيِّرَ الْمُبْتَاعُ بَيْنَ رَدِّ مَا بَقِيَ بِيَدِهِ وَأَخْذِ الثَّمَنِ لِذَهَابِ مَا لَهُ بَالٌ مِنَ الصَّفْقَةِ وَبَيْنَ التَّمَسُّكِ بِنِصْفِ الْأَرْضِ وَنِصْفِ الزَّرْعِ وَيَرْجِعُ بِنِصْفِ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ حَقُّهُ فِي التَّنْبِيهَاتِ قَوْلُهُ إِذَا اشْتَرَى أَرْضًا بِزَرْعِهَا أَخْضَرَ إِلَى قَوْلِهِ وَلَا يَشْفَعُ فِي نِصْفِ الزَّرْعِ هُوَ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ قَالَ الْأُصَيْلِيُّ وَلَمْ يقراها اسْتحق وَهُوَ قَوْلُهُ وَيَرُدُّ الزَّرْعَ كُلَّهُ إِلَى بَائِعِهِ وَنَظَرَ قِيمَةَ الزَّرْعِ مِنْ قِيمَةِ الْأَرْضِ فَإِنْ كَانَ رُبْعَ قِيمَةِ الثَّمَنِ فَلِلْمُسْتَحِقِّ أَخْذُ نِصْفِ الْأَرْضِ بِالشُّفْعَةِ بِرُبْعِ الثَّمَنِ وَنِصْفِ الرُّبْعِ لِأَنَّ الزَّرْعَ إِذَا بِيعَتِ الْأَرْضُ لَا يَتْبَعُهَا إِلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ فَهُوَ غَيْرُ الْأَرْضِ وَكَذَلِكَ قُسِّمَتِ الْقِيمَةُ بَيْنَ الْأَرْضِ وَالزَّرْعِ أَلَا تَرَى لَوْ بِيعَتِ الْأَرْضُ بِزَرْعِهَا صَغِيرًا فَاسْتُحِقَّتْ كُلُّهَا مِنْ غَيْرِ شُفْعَةٍ فَالزَّرْعُ كُلُّهُ لِلْبَائِعِ وَالثَّمَنُ كُلُّهُ لِلْمُشْتَرِي وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ يَرْجِعُ الزَّرْعُ كُلُّهُ لِلْبَائِعِ وَهُوَ غَلَطٌ وَالصَّوَابُ تَمَسُّكُ الْمُشْتَرِي بِنِصْفِ الزَّرْعِ الْمُقَابِلِ لِنِصْفِ الشُّفْعَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْقُضْ فِيهِ الْبَيْعُ لِأَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ بَيْعٌ جَدِيدٌ وَعَلَيْهِ حَمَلُوا مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ وَسَحْنُونٌ يَرَى أَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْأَرْضِ وَفَسْخَ الْبَيْعِ فِي الْمُسْتَحَقِّ مِنْهَا وَيبقى الزَّرْع لصفقة جَمَعَتْ حَلَالًا وَحَرَامًا وَكَرَجُلٍ بَاعَ أَرْضًا وَزَرْعَهَا الَّذِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ مِنْ آخَرَ فِي صَفْقَةٍ فَإِنَّهُ يَفْسَدُ كُلُّهُ وَاسْتَدَلَّ شُيُوخُنَا مِنْ قَوْلِهِ فِي الْكِرَاءِ لِلْمُسْتَحَقِّ فِي الزِّرَاعَةِ أَنَّ مُشْتَرِي الشِّقْصِ إِذَا أَكْرَاهُ لِمُدَّةٍ طَوِيلَةٍ ثُمَّ اسْتَشْفَعَ أَنَّ الْكِرَاءَ لِلْمُكْتَرِي إِلَى مُدَّتِهِ وَيُخَيَّرُ الشَّفِيعُ بَيْنَ الرِّضَا بِذَلِكَ كَعَيْبٍ حَدَثَ أَوْ يَتْرُكُ الشُّفْعَةَ أَفْتَى بِهِ ابْنُ مُغِيثٍ وَغَيْرُهُ مِنْ فُقَهَاءِ طُلَيْطِلَةَ وَأَفْتَى ابْنُ عَتَّابٍ وَغَيْرُهُ مِنْ فُقَهَاءِ قُرْطُبَةَ أَنَّ لَهُ فَسْخَ الْكِرَاءِ لِقَوْلِهِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ أَنَّ لِلْمُسْتَحِقِّ فَسْخَ الْكِرَاءِ وَلِابْنِ عَتَّابٍ أَيْضًا إِنْ أَكْرَى عَالِمًا بِالشَّفِيعِ فُسِخَ إِلَّا فِي الْمُدَّةِ الْيَسِيرَةِ كَالشَّهْرِ بِخِلَافِ الطَّوِيلَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُكْتَرِي زَرَعَ فَحَتَّى يَحْصُدَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ لَمْ يَفْسَخْ إِلَّا فِي الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ بِخِلَافِ سَنَةٍ وَنَحْوَهَا لِقَوْلِهِ فِي كِتَابِ الْجُعْلِ فِي كِرَاءِ الْوَصِيِّ أَرْضٌ يَتِيمَةٌ لِمُدَّةٍ فَتُجْعَلُ احْتِلَامَهُ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِذَا اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْأَرْضِ وَأَخَذَ النِّصْفَ

الْآخَرَ بِالشُّفْعَةِ لِلْمُشْتَرِي أَخْذُ الزَّرْعِ الْمُقَابِلِ لِلنَّصِيبِ الْمُسْتَشْفَعِ بِهِ لِعَدَمِ نَقْضِ الْعَقْدِ فِيهِ وَعُهْدَتُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَبْطُلُ الْبَيْعُ فِي الزَّرْعِ كُلِّهِ وَيُرَدُّ لِلْبَائِعِ وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَأْخُذُ مُسْتَشْفَعٌ الْأَرْضَ إِلَّا بِزَرْعِهَا وَلَا النَّخْلَ إِلَّا بِمَا فِيهِ مِنَ الطَّلْعِ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ بَيْعٌ مِنَ الْبُيُوعِ وَلَا يَحِلُّ بَيْعُ الْأَرْضِ وَاسْتِثْنَاءُ ذَلِكَ لِلْبَائِعِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا أَرَادَ الْأَخْذَ أَخَذَهَا بِمَا فِيهَا مِنَ الْبَذْرِ بِثَمَنِ الشِّقْصِ وَقِيمَةِ الزَّرْعِ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ وَإِلَّا فَلَا شُفْعَةَ لَهُ فَإِنْ بَرَزَ الزَّرْعُ مِنَ الْأَرْضِ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ بَلْ يَأْخُذُهَا إِذَا لَمْ يَبْرُزْ زَرْعُهَا بِالثَّمَنِ وَقِيمَةِ مَا أَنْفَقَ فِي الْبَذْرِ وَالْعِلَاجِ وَإِنِ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْأَرْضِ وَنِصْفَ الزَّرْعِ الْأَخْضَرِ فَالشُّفْعَةُ فِيهِمَا وَلَا يَأْخُذُهَا بِغَيْرِ زَرْعِهَا قَالَ أَشْهَبُ وَهُوَ كَآلَةِ الْحَائِطِ وَرَقِيقِهِ وَمَنْ قَالَ خِلَافَ ذَلِكَ فَهُوَ غَيْرُ صَوَابٍ وَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا اشْتَرَى الْأَرْضَ بَعْدَ بُرُوزِ الزَّرْعِ وَبَعْدَ إِبَّارِ الثَّمَرَةِ أَنَّ الشُّفْعَةَ فِي الْجَمِيعِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَيْضًا قَبْلَ الْبُرُوزِ وَالْإِبَّانِ أَنَّ ذَلِكَ لِلشَّفِيعِ وَيَغْرَمُ الثَّمَنَ وَالنَّفَقَةَ وَإِنْ كَرِهَ الْمُشْتَرِي بَقِيَّةَ الصَّفْقَةِ لِكَثْرَةِ مَا اسْتُحِقَّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَبْدَأُ بِتَخْيِيرِ الشَّفِيعِ فَإِنْ لَمْ يَشْفَعْ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي وَأَشْهَبُ يَبْدَأُ بِتَخْيِيرِ الْمُشْتَرِي فَإِنْ تَمَاسَكَ فَفِيهِ الشُّفْعَةُ وَأَنْكَرَ ابْنُ عَبْدُوسٍ قَوْلَ أَشْهَبَ فِي الزَّرْعِ الشُّفْعَةُ كَآلَةِ الْحَائِطِ وَقَالَ بِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا شُفْعَةَ فِي الزَّرْعِ وَفَرَّقَ بِأَنَّ الزَّرْعَ لَيْسَ مِمَّا يُقَوِّمُ الْأَرْضَ وَفِي النَّوَادِرِ قَالَ أَصْبَغُ لَوْ حَفَرَ فِي الدَّارِ بِئْرًا فَلَمْ يَخْرُجِ الْمَاءُ فَسَرَبَ سِرْبًا فَلَمْ يَجِدِ الْمَاءَ لَمْ يَكُنْ عَلَى الشَّفِيعِ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ فِيمَا هُوَ زِيَادَةٌ فِي الدَّارِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ إِنِ اشْتَرَى وَدِيًّا صِغَارًا فَقَامَ الشَّفِيعُ وَقَدْ صَارَتْ بَوَاسِقَ فَلَهُ الشُّفْعَةُ بِالثَّمَنِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَهُ الثَّمَرَةُ إِنْ لَمْ تَتَبَيَّنْ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ السَّقْيِ وَالْعِلَاجِ فَإِنِ اسْتَغَلَّهَا سِنِينَ فَإِنَّمَا عَلَى الشَّفِيعِ السَّقْيُ فِي السَّنَةِ الَّتِي قدم فِيهَا

(فرع)

إِنْ لَمْ تَيْبَسْ وَوَجَبَتْ لَهُ شُفْعَتُهُ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَيْسَ عَلَيْهِ غَرْمُ شَيْءٍ إِلَّا الثَّمَنُ لِأَنَّ الْمُنْفِقَ أَنْفَقَ عَلَى مَالِ نَفْسِهِ وَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ مِمَّا أَنْفَقَ مِمَّا لَيْسَ بِقَائِمٍ فِي النَّخْلِ نَظَائِرُ قَالَ الْعَبْدِيُّ تُؤْخَذُ الثَّمَرَةُ فِي خَمْسِ مَسَائِلَ فِي الشُّفْعَةِ وَالْمُسْتَحَقِّ مَعَ الْأَرْضِ إِلَى الْيُبْسِ فَإِذَا يَبِسَتْ فَلَا يَأْخُذَانِهَا وَكَذَلِكَ إِذَا تَوَلَّدَتْ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَتُرَدُّ فِي الْفَاسِدِ وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ مَا لَمْ تَطِبْ فَإِذَا طَابَتْ فَلِلْمُبْتَاعِ وَتُؤْخَذ فِي الْفلس مالم تُزَايِلِ الْأُصُولَ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا اسْتَحَقَّ نِصْفَ النَّخْلِ بَعْدَ أَنْ أَبَّرَهَا الْمُبْتَاعُ وَعَمِلَ وَفِيهَا بَلَحٌ أَوْ ثَمَرَةٌ مُزْهِيَةٌ لَمْ تَيْبَسْ أَخَذَ الْأَصْلَ بِثَمَرَتِهِ وَلِلْمُبْتَاعِ قِيمَةُ سَقْيِهِ وَعِلَاجِهِ فِي الْمُسْتَحَقِّ وَاسْتَشْفَعَ وَإِنْ لَمْ يَسْتَشْفِعْ فَذَلِكَ عَلَيْهِ فِيمَا اسْتَحَقَّ فَقَطْ فَإِنْ أَبَى أَنْ يُغْرَمَ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ وَلْيَرْجِعْ إِنْ شَاءَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ وَيُجِيزُ الْبَيْعَ وَإِنْ أَقَامَ بَعْدَ يَبِسِ الثَّمَرَةِ أَوْ جِذَاذِهَا لَمْ يَشْفَعْ فِي الثَّمَرَةِ بَلْ فِي نِصْفِ الْأُصُولِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَلَا يَحُطُّ عَنْهُ شَيْءٌ لِلثَّمَرَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهَا يَوْمَ الْبَيْعِ حِصَّتُهُ مِنَ الثَّمَنِ وَقِيلَ إِنْ قَامَ الشَّفِيعُ وَقَدْ أُبِّرَتِ الثَّمَرَةُ وَأَبَاهُ مَالِكٌ قِيَاسًا عَلَى الْعَارِيَةِ بِجَامِعِ الضَّرَرِ فِي الدُّخُولِ وَإِذَا ابْتَاعَهَا مَأْبُورَةً أَوْ مُزْهِيَةً فَاشْتَرَطَهَا فَلَهُ نِصْفُهَا وَنِصْفُ ثَمَرَتِهَا بِالِاسْتِحْقَاقِ وَلِلْمُبْتَاعِ قِيمَةُ مَا سَقَى وَعَالَجَ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ وَلَهُ عَلَى الْبَائِعِ بَقِيَّةُ الثَّمَنِ وَلِلْمُسْتَحِقِّ الشُّفْعَةُ فِي النِّصْفِ الثَّانِي بِثَمَرَتِهِ مَا لَمْ تَيْبَسْ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْعِلَاجِ أَيْضًا وَبَعْدَ الْيُبْسِ لَا شُفْعَةَ لَهُ لِعَدَمِ الضَّرَرِ وَلِاسْتِغْنَائِهَا عَنِ الْأَصْلِ بَلْ يَأْخُذُ الْأَصْلَ فَقَطْ بِالشُّفْعَةِ بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ بِقِيمَتِهِ مِنْ قِيمَةِ الثَّمَرَةِ يَوْمَ الصَّفْقَةِ لِأَنَّ الثَّمَرَةَ وَقَعَ لَهَا حِصَّةٌ وَمَنِ ابْتَاعَ نَخْلًا لَا ثَمَرَ فِيهَا أَوْ ثَمَرًا أُبِّرَ أم لَا ففلس وَفِي النَّخْلِ ثُمَّ حَلَّ بَيْعُهَا فَالْبَائِعُ أَحَقُّ بِالْأَصْلِ وَالثَّمَرَةِ مَا لَمْ تُجَذَّ إِلَّا أَنْ يُعْطِيَهُ الْغُرَمَاءُ الثَّمَنَ بِخِلَافِ الشَّفِيعِ وَمَنِ ابْتَاعَ أَرْضًا بِزَرْعِهَا الْأَخْضَرِ ثُمَّ قَامَ شَفِيعٌ بَعْدَ طِيبِهِ

فَإِنَّمَا لَهُ الشُّفْعَةُ فِي الْأَرْضِ دُونَ الزَّرْعِ بِحِصَّتِهَا مِنَ الثَّمَنِ بِقِيمَتِهَا مِنْ قِيمَةِ الزَّرْعِ عَلَى غَرَرِهِ يَوْمَ الصَّفْقَةِ لِأَنَّ لَهُ حِصَّةً مِنَ الثَّمَنِ فِي الصَّفْقَةِ وَلَيْسَ كَنَخْلٍ بِيعَتْ وَفِيهَا ثَمَرٌ لَمْ يُؤَبَّرْ ثُمَّ قَامَ الشَّفِيعُ يَوْمَ الْيُبْسِ لَا شَيْءَ لَهُ فِي الثَّمَرَةِ وَلَا يَنْقُصُ مِنَ الثَّمَنِ لِأَنَّهَا لَمْ يَكُنْ لَهَا حِصَّةٌ فِي الْعَقْدِ وَلِأَنَّ النَّخْلَ إِذَا بِيعَتْ وَفِيهَا طَلْعٌ لَمْ يُؤَبَّرْ فَاسْتَثْنَاهُ الْبَائِعُ امْتَنَعَ اسْتِثْنَاؤُهُ وَالْأَرْضُ إِذَا بِيعَتْ بِزَرْعٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ فَهُوَ لِلْبَائِعِ فَافْتَرَقَا وَلَوْ كَانَتِ الثَّمَرَةُ يَوْمَ الْبَيْعِ مَأْبُورَةً وَقَامَ بَعْدَ يُبْسِهِا لَسَقَطَ عَنْهُ حِصَّتُهَا مِنَ الثَّمَنِ فَظُهُورُ الزَّرْعِ مِنَ الْأَرْضِ كَإِبَّارِ الثَّمَرَةِ فِي هَذَا وَفِي أَنَّ ذَلِكَ لِلْبَائِعِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ فَيَصِيرُ لَهُ بِالِاشْتِرَاطِ حِصَّةٌ مِنَ الثَّمَنِ وَلَمْ يَكُنْ لِلشَّفِيعِ فِي الزَّرْعِ شُفْعَةٌ لِأَنَّهُ غَيْرُ ولادَة وَالثَّمَر ولادَة فَيشفع فِيهَا قَبْلَ الْيُبْسِ فِي التَّنْبِيهَاتِ قَوْلُهُ إِذَا اشْترى النّخل فِي رؤسها ثَمَرٌ أُزْهِيَ أُشْفِعَ فِيهَا الشَّفِيعُ إِنْ أَدْرَكَهَا قَالَ وَبَعْضُهُمْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا إِذَا اشْتَرَاهَا مَعَ الْأَصْلِ فَقَالَ يَأْخُذُهَا مَا لَمْ تُجَذَّ فَإِذَا اشْتَرَاهَا بِغَيْرِ أَصْلٍ أُشْفِعَ فِيهَا مَا لَمْ تَيْبَسْ وَعَلَى هَذَا تَأَوَّلَ مَذْهَبُهُ فِي الْكِتَابِ وَقَالَ آخَرُونَ اخْتِلَافٌ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْوَجْهَيْنِ فَمَرَّةً يَقُولُ فِي الْوَجْهَيْنِ حَتَّى تَيْبَسَ وَمَرَّةً يَقُولُ حَتَّى تُجَذَّ وَظَاهِرُ اخْتِصَارِ ابْنِ أَبَى زَمَنِينَ وَابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَغَيْرِهِمُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ هَذِهِ الْوُجُوهِ وَأَنَّ الشُّفْعَةَ فِيهَا مَا لَمْ تَيْبَسْ لَكِنَّ ابْنَ أَبَى زَمَنِينَ قَالَ وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ يَبِسَ الثَّمَرَةِ وَجِذَاذِهَا فَنَبَّهَ عَلَى الْخِلَافِ فِي الرِّوَايَةِ بِمَا ذَكَرَهُ لَا غَيْرَ فَائِدَةٌ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ الْوَدِيُّ بِكَسْرِ الدَّالِّ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ الصِّغَارُ الَّتِي تُنْقَلُ وَتُغْرَسُ بَاعَهَا وَقَدْ أُبِّرَتْ فَأَكَلَهُ الْمُشْتَرِي الثَّانِي ثُمَّ أَتَى الْمُسْتَحِقُّ فَاسْتَحَقَّ نِصْفَ الْأُصُولِ فَإِنَّ الثَّمَرَةَ هَاهُنَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ لِلْمُسْتَحِقِّ وَلَا تَكُونُ لِلْأَوَّلِ وَلَا لِلثَّانِي لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ تَصِرْ غَلَّةً عِنْدَهُ وَلِأَنَّ الثَّانِي لَمْ تَتَكَوَّنْ عِنْدَهُ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُعْطَاهَا بِحِصَّتِهَا مِنَ الثَّمَنِ فَتَصِيرُ كَبَيْعٍ لَهَا قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَأْخُذَهَا

(فرع)

وَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ فَيَصِيرُ أَخْذُ الثَّمَنِ وَالثَّمَرَةِ وَإِذَا لم يَأْخُذهَا أَخَذَهَا الْمُسْتَحِقُّ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَغْرَمُ الْمُسْتَحِقُّ السَّقْيَ وَالْعِلَاجَ وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ مِنْ هَذَا الْمُشْتَرِي قَدْ تَقَدَّمَ لَهُ سَقْيٌ وَعِلَاجٌ غَرِمَ ذَلِكَ لَهُمَا جَمِيعًا إِذَا لَمْ يَكُنِ الْبَائِعُ مِنْ هَذَا الْمُشْتَرِي غَاصِبًا (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا أَقَرَّ أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ لَا يَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى الشِّرَاءِ لِأَنَّ الْغَائِبَ قَدْ يُنْكِرُ فَيَأْخُذُ دَارَهُ وَيَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْأُجْرَةِ إِلَّا أَنْ يَقْضِيَ قَاضٍ بِإِقْرَارِهِ فَيُبْطِلُ حَقَّهُ فِي الْغَلَّةِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي الْوَكَالَةِ عَلَى الْأَمْوَالِ بِخِلَافِ الْوَكَالَةِ عَلَى الْأَبْدَانِ وَتَجُوزُ شَهَادَتُهُنَّ عَلَى الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ أَوْ تَسْلِيمِهَا أَوْ عَلَى أَنَّهُ شَفِيعٌ أَوْ عَلَى الْمُبْتَاعِ أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّ فُلَانًا شَفِيعٌ لِأَنَّ ثَمَرَةَ هَذِهِ الشَّهَادَاتِ أَمْوَالٌ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ لِلشَّفِيعِ أَخْذُ بَيِتٍ بِمَا يَنُوبُهُ مِنَ الثَّمَنِ يَصْطَلِحَانِ عَلَى ذَلِكَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ أَنَّهُ عَلِمَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ بِمَا يَنُوبُهُ مِنَ الثَّمَنِ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ لَهُ لِأَنَّهُ شِرَاءٌ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ إِلَّا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يُجِيزُ جَمْعَ سِلْعَتَيْنِ فِي الْبَيْعِ (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ لَيْسَ لِلشَّفِيعِ غَلَّةُ دَارٍ أَوْ أَرْضٍ أَوْ ثَمَرَةُ نَخْلٍ قَبْلَ قِيَامِهِ لِأَنَّ الْغَلَّةَ بِالضَّمَانِ وَالْمُشْتَرِي ضَامِنٌ مَالك (فَرْعٌ) قَالَ لَوْ وَجَدَ الْمُبْتَاعُ بِالشِّقْصِ عَيْبًا فَأَرَادَ رَدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ قَبْلَ أَخْذِ الشَّفِيعِ فَذَلِكَ لَهُ وَكَذَلِكَ إِنْ وَجَدَ الْبَائِعُ بِالْعَبْدِ الَّذِي عو عَوَّضَ الشِّقْصَ عَيْبًا فَأَمَّا بَعْدَ أَخْذِهِ

(فرع)

فَلَا لَيْلًا تُبْطَلَ صَفْقَتُهُمْ ثُمَّ هَلِ الْأَخْذُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ أَوِ الشِّقْصِ قَوْلَانِ الْأَوَّلُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالثَّانِي لعبد الْملك وَسَحْنُون شبهه ابْنُ الْقَاسِمِ بِمَا إِذَا كَانَ قَائِمًا بِيَدِ مُشْتَرِيهِ وَلَمْ يَرُدَّهُ لِأَنَّ ذَلِكَ الْأَخْذَ بَيْعٌ حَادِثٌ وَرَأَى عَبْدُ الْمَلِكِ الْقِيمَةَ صَارَتْ ثَمَنًا وَهِيَ الَّتِي قَرَّرَ الْمُشْتَرِي وَعَلَى قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الشِّقْصِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ خُيِّرَ الشَّفِيعُ بَيْنَ الْأَخْذِ بِذَلِكَ وَالرَّدِّ كَمَا لَوِ اسْتَشْفَعَ عَلَى ثَمَنٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ الثَّمَنَ أَكْثَرَ مِنْهُ وَلَوْ وَجَدَ الْمُشْتَرِي بِالشِّقْصِ عَيْبًا بَعْدَ أَخْذِ الشَّفِيعِ لَمْ يكن لَهُ آرش الِانْتِقَال بِالثَّمَنِ فَإِنْ رَدَّ الشَّفِيعُ عَلَيْهِ رَدَّ هُوَ عَلَى الْبَائِعِ وَلَوِ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ قَبْلَ أَخْذِ الشَّفِيعِ وَقَدْ حَدَثَ عِنْدَهُ عَيْبٌ يَمْنَعُ الرَّدَّ فَأَخَذَ أَرْشُهُ فَذَلِكَ الْأَرْشُ يُحَطُّ عَنِ الشَّفِيعِ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا اسْتَحَقَّ بَعْدَ أَخْذِ الشَّفِيعِ فَهُوَ فَوْتٌ وَيُمْضَى الْبَيْعُ وَالشُّفْعَةُ وَلِبَائِعِ الشِّقْصِ عَلَى مُبْتَاعِهِ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ أَوْ أَقَلَّ ثُمَّ لَا تَرَاجُعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّفِيعِ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِنْ غَرِمَ أَقَلَّ رَجَعَ عَلَيْهِ بِمَا بَقِيَ أَوْ أَكْثَرَ خُيِّرَ الشَّفِيعُ بَيْنَ غَرْمِ الزَّائِدِ أَوْ رَدِّ الشِّقْصِ وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا وَاسْتُحِقَّ بَعْدَ أَخْذِ الشَّفِيعِ رَجَعَ الْبَائِعُ بِمِثْلِ ذَلِكَ وَقَالَ سَحْنُونٌ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ لِفَوَاتِهِ وَإِنْ خَرَجَ ثَمَنُ الشَّفِيعِ مُسْتَحَقًّا لَزِمَهُ الْإِبْدَالُ وَلَمْ يَبْطُلْ مِلْكُهُ وَكَذَلِكَ الزُّيُوفُ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا سَاوَى الشَّرِيكَانِ بِمَجْلِس الْحَاكِم وَزعم كل وَاحِد أَنَّ شِرَاءَ الْآخَرِ مُتَأَخِّرٌ وَأَنَّهُ الشَّفِيعُ صُدِّقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي عِصْمَةِ مِلْكِهِ عَنِ الشُّفْعَةِ فَإِنْ تَحَالَفَا أَوْ تَنَاكَلَا تَسَاقَطَ الْقَوْلَانِ وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكَلَ الْآخَرُ أَخَذَ الْحَالِفُ بِالشُّفْعَةِ (فَرْعٌ) فِي النَّوَادِرِ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا ظَهَرَ لِلْحَاكِمِ فِي ثَمَنِ الشِّقْصِ الْمُجَاوَزَةُ إِلَّا مَا لَا يُشْبِهُ وَغَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ حِيلَةٌ لِقَطْعِ الشُّفْعَةِ رَدَّهُ إِلَى مَا يُشْبِهُ فَإِنِ ادَّعَى الشَّفِيعُ

(فرع)

عِلْمَ الثَّمَنِ قَضَى لَهُ بِهِ مَعَ يَمِينِهِ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الشِّقْصِ وَعَنْ مَالِكٍ يُصَدَّقُ الْمُبْتَاعُ فِيمَا يُشْبِهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَفِيمَا لَا يُشْبِهُ مَعَ الْيَمِينِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ مُجَاوَزَةَ سُلْطَانٍ أَوْ نَحْوَهُ فَيُصَدَّقُ فِيمَا لَا يُشْبِهُ بِلَا يَمِينٍ وَلَوْ أَتَى الْمُبْتَاعُ بِبَيِّنَةٍ فَقَالَتْ شَهِدْنَا عَلَى إِقْرَارِهِمَا رُدَّ إِلَى الْقِيمَةِ فِي السَّرَفِ وَإِنْ قَالَتْ عَلَى مُعَايَنَةِ النَّقْدِ صُدِّقْتَ وَخُيِّرَ الشَّفِيعُ فِي الْأَخْذِ بِذَلِكَ وَقَالَ مُطَرِّفٌ يُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي فِي السَّرَفِ مِنَ الثَّمَنِ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا أَوْصَى بِبَيْعِ مَا يسوى ثَلَاثِينَ مِنْ رَجُلٍ بِعَشَرَةٍ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرَهُ ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ تُجِزِ الْوَرَثَةُ قِيلَ لِلْمُبْتَاعِ إِنْ زِدْتَ عَشَرَةَ أَجْزَاءِ الشِّقْصِ فَإِنْ فَعَلَ أَخَذَ الشَّفِيعُ بِعِشْرِينَ وَإِنْ أَبَى قَطَعُوا لَهُ ثلث الشّقص وَلَا شُفْعَة قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنَّمَا أَعْطَاهُ لِلشَّفِيعِ بِعِشْرِينَ وَقَدْ حُوبِيَ الْمُشْتَرِي بِعَشَرَةٍ كَمَا لَوِ اشْتَرَاهُ بِعِشْرِينَ فَهُوَ لِلشَّفِيعِ بِعِشْرِينَ وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَهُ فِي مَرَضٍ وَحَابَى الْمُحَابَاةُ فِي الثُّلُثِ وَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ بِذَلِكَ الثَّمَنِ وَكَذَلِكَ فِي الصِّحَّةِ إِلَّا أَنْ يُبْقِيَ مَا لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا لِقِلَّتِهِ فَتَبْطُلُ الشُّفْعَةُ لِأَنَّهُ هِبَةٌ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا قَالَ الْبَائِعُ بَعْدَ الْبَيْعِ اسْتَرْخَصْتَ فَزِدْنِي فَزَادَهُ فَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ الشَّفِيعَ بِخُرُوجِهِ عَنِ الثَّمَنِ وَقَالَهُ أَشْهَبُ وَقَالَ وَلِلْمُبْتَاعِ الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالزِّيَادَةِ بَعْدَ حَلِفِهِ مَا زَادَ إِلَّا فِرَارًا مِنَ الشُّفْعَةِ وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَأْخُذُ الشَّفِيعُ بِالزِّيَادَةِ وَالتَّنْقِيصِ وَلَا يُتَّهَمُ الْمُبْتَاعُ أَنْ يَزِيدَ إِلَّا بِصَلَاحِ الْبَيْعِ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا عَقَدَ بِدَنَانِيرَ فَأُعْطِيَ عَرَضًا أَوِ الْعَكْسَ أَخَذَ الشَّفِيعُ بِمَا حَصَلَ لِلْبَائِعِ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ لِأَنَّهُ الَّذِي تَحَقَّقَ ثَمَنًا وَقَالَ مُحَمَّدٌ الْأَحْسَنُ الْأَخْذُ بِمَا عَقَدَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الِانْتِقَالَ صَفْقَةٌ ثَانِيَةٌ وَقِيلَ بِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ أَصْلُ الشِّرَاءِ أَوْ قِيمَتُهُ إِنْ كَانَ عَرَضًا

قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِلَّا أَنْ يَدْفَعَ ذَهَبا عَن ورق اَوْ وورقاً عَنْ ذَهَبٍ فِيمَا وَقَعَ كَالْمُرَابَحَةِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ دَفَعَ وَرِقًا أَوْ طَعَامًا عَنْ ذَهَبٍ أَخَذَ بِأَقَلِّ ذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيْنَا قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا أَخَذَ عَرَضًا عَنْ دَنَانِيرَ بِقِيمَةِ الْعَرَضِ وَقَالَ غَيْرُهُ بِالْأَقَلِّ مِنْهُمَا

(الباب الثالث في مسقطات الشفعة)

(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي مُسْقِطَاتِ الشُّفْعَةِ) وَفِي الْجَوَاهِرِ لسقوطها ثَلَاث أَسْبَابٍ الْأَوَّلُ التَّرْكُ بِصَرِيحِ الْقَوْلِ الثَّانِي مَا يدل عَلَيْهِ كالمقاسمة وَالسُّكُوت مَعَ رُؤْيَةِ الْمُشْتَرِي يَهْدِمُ وَيَبْنِي وَيَغْرِسُ وَقِيلَ لَا يُسْقِطُهَا ذَلِكَ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ لَا تُسْقِطُ السَّنَةُ الشُّفْعَةَ وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِالشِّرَاءِ وَشَهِدَ فِيهِ بَلْ يَحْلِفُ مَا تَأَخَّرَ تَرْكًا فَإِنْ جَاوَزَ السَّنَةَ بِمَا يُعَدُّ بِهِ تَارِكًا فَلَا شُفْعَةَ وَقَالَ ش غَيْرُ الْعَالِمِ بِالْبَيْعِ حَقُّهُ أَبَدًا كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ إِذَا لَمْ يَعْلَمُ بِهِ وَالْعَالِمُ عَلَى الْفَوْرِ وَأَخَّرَهُ ح إِلَى انْقِضَاء الْمجْلس فَقَط لنا قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الشُّفْعَةُ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ وَلَمْ يُعَيِّنْ وَقْتًا وَلِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُ فَلَا يَتَعَيَّنُ مُعَجَّلًا كَسَائِرِ الْحُقُوقِ مِنَ الدُّيُونِ وَغَيْرِهَا وَلِأَنَّ الْمُشْتَرِي إِنْ تَضَرَّرَ رَفَعَ لِلْحَاكِمِ وَلِأَنَّ فِي حَصْرِهَا فِي الْفَوْرِ ضَرَرًا عَلَى الشَّفِيعِ بِأَنْ يَكُونَ مُعْسِرًا وَلِأَنَّهُ قَدْ لَا يُعْلَمُ إِلَّا بَعْدَهَا الْمُشْتَرِيَ فَلَا يَجِدُ قِيمَةَ بِنَائِهِ فَيَنْتَظِرُ حَتَّى يَتَيَسَّرَ لَهُ ذَلِك احْتَجُّوا بقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الشُّفْعَة كشنطة عقال فان

(فرع)

أَخَذَهَا مَكَانَهَا وَإِلَّا بَطَلَتْ وَلِأَنَّ عَدَمَ الْفَوْرِيَّةِ يضر بالمشري فَلَا يُعَمِّرُ مِلْكَهُ وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ وَلَا سُكُوتُهُ مَعَ اطِّلَاعِهِ رِضًا فَيَبْطُلُ حَقُّهُ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ مُطْلَقٌ فِي الْأَحْوَالِ فَيُحْمَلُ عَلَى مَا إِذَا وَقَفَهُ الْحَاكِمُ وَإِذَا عُمِلَ بِالْمُطْلَقِ فِي صُورَةٍ سَقَطَ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ فِيمَا عَدَاهَا وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي أَنَّ الضَّرَرَ مَدْفُوعٌ بِالرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّالِثِ يَتَرَوَّى فِي الْأَخْذِ أَوْ يُحَصِّلُ الثَّمَنَ فَلَا يَسْقُطُ حَقُّهُ بِغَيْرِ سَبَبٍ ظَاهِرٍ نَظَائِرُ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ مسَائِل السّنة أَرْبَعَة عشر مَسْأَلَةُ الشُّفْعَةُ عَلَى رَأْيِ أَشْهَبَ وَابْنِ الْقَاسِمِ يَزِيدُ الشَّهْرَ وَالشَّهْرَيْنِ وَاللُّقَطَةُ وَالْعَبْدُ الْآبِقُ يُحْبَسُ سَنَةً ثُمَّ يُبَاعُ وَالْمَجْنُون تستم لَهُ سَنَةٌ وَالْعَنِّينُ لِتَمْضِيَ عَلَيْهِ الْفُصُولُ الْأَرْبَعَةُ وَالْعُهْدَةُ لِلْجِرَاحِ وَالْجُنُونِ وَالْبَرَصِ وَعِدَّةُ الْمُسْتَحَاضَةِ وَالْمُرْتَابَةِ وَالْمَرِيضَةِ وَالْيَتِيمَةُ تَمْكُثُ سَنَةً فِي بَيْتِهَا قَبْلَ اخْتِبَارِهَا لِزَوَالِ الْحَجْرِ وَالْجُرْحُ لَا يُحْكَمُ فِيهِ إِلَّا بَعْدَ سَنَةٍ مِنْ يَوْمِ الْبُرْءِ وَلِتَمْضِيَ عَلَيْهِ الْفُصُولُ وَيَأْمَنَ الِانْتِقَاضَ وَالسَّرَايَةُ لِلنَّفْسِ وَشَاهِدُ الطَّلَاقِ إِذَا أَبَى أَنْ يَحْلِفَ يُحْبَسُ سَنَةً وَالْهِبَةُ تَصِحُّ بِحِيَازَةِ السَّنَةِ وَلَا تُبْطَلُ إِذَا عَادَتْ لِيَدِ الْوَاهِبِ بِخِلَافِ الرَّهْنِ وَالْمُوصَى بِعِتْقِهِ امْتنع أَهْلُهُ مِنْ بَيْعِهِ يَنْتَظِرُ سَنَةً فَإِنْ بَاعُوهُ عَتَقَ بِالْوَصِيَّةِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا كَانَتِ الدَّارُ بِغَيْرِ الْبَلَدِ فَهُوَ كَالْحَاضِرِ مَعَ الدَّارِ فِيمَا تَنْقَطِعُ بِهِ الشُّفْعَةُ وَلَا حُجَّةَ لَهُ إِلَّا بِنَقْدٍ حَتَّى يَقْبِضَهَا لِجَوَازِ النَّقْدِ فِي الرُّبْعِ فِي الْغَائِبِ وَالْغَائِبُ عَلَى شُفْعَتِهِ وَإِنْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ وَهُوَ عَالِمٌ بِالشِّرَاءِ وَإِنْ لَمْ يعلم فاولى وَلَو كَانَ حَاضرا وسافر بِحِدْثَانِ الشِّرَاءِ سِنِينَ كَثِيرَةً سَفَرًا يُعْلَمُ مِنْهُ عَدَمُ الْأَوْبَةِ إِلَّا بَعْدَ مُدَّةِ الشُّفْعَةِ لِلْحَاضِرِ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ بَعْدَهَا وَالْآنَ فَإِنْ عَاقَهُ عُذْرٌ حَلَفَ مَا تَرَكَهَا

وَأَخَذَهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ حَقِّهِ وَاكْتِرَاؤُكَ الشِّقْصَ وَمُسَاوَمَتُكَ إِيَّاهُ لِلشِّرَاءِ وَمُسَاقِيكَ لِلنَّخْلِ تَقْطَعُ شُفْعَتَكَ لِأَنَّهُ ظَاهِرُ حَالِكَ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ السَّنَةُ تَقْطَعُهَا فَيَحْتَمِلُ مُخَالَفَتُهُ لِرِوَايَتِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمُوَافَقَتُهُ لِرِوَايَةِ أَشْهَبَ لِأَنَّ السَّنَةَ حَدٌّ فِي الْأَحْكَامِ كَمَا قَالَ أَوْ مُوَافَقَتُهُ لِلْمُدَوَّنَةِ أَيِ السَّنَةَ وَمَا قَارَبَهَا كَمَا قَالَ فِي الرَّضَاعِ وَالزَّكَاةِ وَنَحْوِهِمَا قَالَ فِي الْوَثَائِقِ نَحْوَ الشَّهْرَيْنِ بَعْدَ السَّنَةِ وَقَالَ الصَّدَفِيُّ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ وَقَالَ أَصْبَغُ ثَلَاثُ سِنِينَ وَعَنْ مَالِكٍ فِي أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِ سِنِينَ لَأُرَاهُ طُولًا وَعَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَشْرَ سِنِينَ وَعَنْهُ أَيْضًا أَرْبَعِينَ سَنَةً كَأَنَّهَا مِنْ بَابِ الْحِيَازَةِ الَّتِي حَدُّهَا عَشْرٌ وَأَرْبَعُونَ سَنَةً بَيْنَ الْأَشْرَاكِ وَعَنْ مَالِكٍ لَا تَنْقَطِعُ حَتَّى يُوقَفَ أَوْ يُصَرِّحَ بِالتَّرْكِ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ مَتَى عَلِمَ وَتَرَكَ فَلَا شُفْعَةَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَوْلُهُ إِذَا تَبَاعَدَ يَحْلِفُ عَنْهُ فِي تِسْعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ خَمْسَةٍ وَلَا يَحْلِفُ فِي شَهْرَيْنِ وَإِنْ كَتَبَ شَهَادَتَهُ فِي الشِّرَاءِ ثُمَّ قَامَ بَعْدَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ فَيَحْلِفُ مَا كَانَ ذَلِكَ تَرْكًا لَهَا وَيَأْخُذُ وَقِيلَ تَبْطُلُ بِمُجَاوَزَةِ السَّنَةِ بِالْقَرِيبِ إِلَّا أَنْ يَقُولَ أَنَا عَلَى شُفْعَتِي وَيَشْهَدُ عَلَى الْبَائِعِ بِذَلِكَ فَلَهُ الشُّفْعَةُ إِلَّا أَنْ يُوقِفَهُ الْإِمَامُ فَلَا يَأْخُذُ وَيَشْهَدُ عَلَيْهِ فَلَا يَنْفَعُهُ وَعَنْ مَالِكٍ لَا يَقْطَعُهَا عَنِ الْحَاضِرِ طُولٌ إِلَّا أَنْ يُوقِفَهُ الْإِمَامُ أَوْ يَتْرُكَهَا طَوْعًا أَوْ يَأْتِيَ مِنْ طُولِ الزَّمَانِ مَا يَدُلُّ عَلَى التَّرْكِ أَوْ يُحْدِثُ الْمُبْتَاعُ بِنَاءً أَوْ غَرْسًا أَوْ هَدْمًا وَهُوَ حَاضِرٌ فَتَسْقُطُ إِلَّا أَنْ يَقُومَ بِقُرْبِ ذَلِكَ وَعَنْ مَالِكٍ الْخَمْسُ سِنِينَ لَيْسَتْ طُولًا مَا لَمْ يُحْدِثِ الْمُشْتَرِي تَغْيِيرًا وَهُوَ حَاضِرٌ وَعَنْ أَشْهَبَ إِذَا أَحْدَثَ الْمُبْتَاعُ هَدْمًا أَوْ مَرَمَّةً انْقَطَعَتْ قَبْلَ السَّنَةِ وَإِلَّا فَسَنَةٌ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ بِالْبَيْعِ وَهُوَ بِالْبَلَدِ صُدِّقَ وَلَوْ بَعْدَ أَرْبَعِ سِنِينَ وَإِنْ غَابَ الْمُبْتَاعُ بَعْدَ الشِّرَاءِ أَوِ اشْتَرَاهَا فِي غَيْبَتِهِ أَوِ اشْتَرَاهَا وَكِيلُهُ لَمْ تَبْطُلْ وَإِنْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُنْتَظَرُ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ وَكِيلُهُ يَهْدِمُ وَيَبْنِي بِحَضْرَةِ الشَّفِيعِ مَا لَمْ يَكُنْ مُوَكَّلًا يَدْفَعُ الشُّفْعَةَ عَنْهُ بِبَيِّنَةٍ عَادِلَةٍ حَاضِرَةٍ عَلِمَ بِهَا الشَّفِيعُ فَيَنْقَطِعُ الْعُذْرُ حِينَئِذٍ وَلَوْ أَرَادَ الْأَخْذَ وَالْمُبْتَاعُ غَائِبٌ وَلَا وَكِيلَ لَهُ

(فرع)

فَلهُ ويؤكل الْإِمَامُ مَنْ يَقْبِضُ الثَّمَنَ لِلْغَائِبِ وَيُمَكِّنُهُ مِنْ هَذَا وَلَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ إِذَا أَخَّرَ الطَّلَبَ لِصُعُوبَةِ الرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ قَالَ مُحَمَّدٌ فَإِنْ أَخَذَهَا فِي غَيْبَتِهِ فَلَا تُكْتَبُ الْعُهْدَةَ عَلَى وَكِيلِهِ بَلْ عَلَى الْغَائِبِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَيَدْفَعُ الثَّمَنَ لِوَكِيلِ الشِّرَاءِ إِنْ وَكَّلَهُ عَالِمًا بِأَنَّ لَهَا شَفِيعًا وَإِلَّا فَلَا يَدْفَعُ لَهُ الثَّمَنَ لِعَدَمِ تَوْكِيلِهِ عَلَى الْقَبْضِ بَلْ لِلْحَاكِمِ وَإِنَّمَا لَا تُكْتَبُ عَلَى الْوَكِيلِ إِذَا ثَبَتَ أَنَّ الدَّارَ لِلْغَائِبِ لَوْ يَثْبُتُ قَبْلَ عَقْدِ الْبَيْعِ أَنَّهُ يَشْتَرِي لِفُلَانٍ فَأَمَّا عَلَى إِقْرَارِهِ فَلَا لِلتُّهْمَةِ فِي نَقْلِ الْعُهْدَةِ عَنْهُ بَلْ تُكْتَبُ عَلَيْهِ فَإِنْ قَدِمَ الْغَائِبِ فَأَقَرَّ خُيِّرَ الشَّفِيعُ فِي نَقْلِهَا عَلَى الْمُوَكِّلِ ثُمَّ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْوَكِيلِ فِي اسْتِحْقَاقٍ وَلَا غَيْرِهِ لِأَنَّهُ أَبْرَأَهُ وَبَيْنَ إِبْقَائِهَا عَلَى الْوَكِيلِ وَيَتْبَعُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ أَيَّهُمَا شَاءَ مُؤَاخَذَةً لِلْمُوكِلِ بِالْإِقْرَارِ فَإِنْ غَرِمَ الْوَكِيلُ رَجَعَ عَلَى الْمُوكِلِ لِإِقْرَارِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَضُرُّ الشَّفِيعَ كِرَاءُ الشِّقْصِ مِنَ الْمُبْتَاعِ وَلَا مُسَاوَمَتُهُ وَلَا مَسَاقَاتُهُ لِأَنَّهُ يَقُولُ فَعَلْتُ ذَلِكَ كَمَا يَفْعَلُهُ غَيْرِي بِحَضْرَتِي وَسَاوَمْتُهُ لِأَعْلَمَ الثَّمَنَ وَكَذَلِكَ لَوْ حَضَرَ وَهُوَ يُبَاعُ فِي الْمُزَايَدَةِ فَزَايَدَ ثُمَّ بِيعَ بِحَضْرَتِهِ قَالَ أَشْهَبُ وَلَوْ قَاسَمَ الْمُشْتَرِي الشَّفِيعَ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ قَالَ صَاحِبُ الْخِصَالِ الْغَائِبُ عَلَى شُفْعَتِهِ حَتَّى يَقْدِمَ أَوْ يَطْلُبَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَكْتُبَ لَهُ الْقَاضِي إِلَى قَاضِي مَوْضِعِ الْغَائِبِ بِمَا يَثْبُتُ لَهُ عِنْدَهُ مِنَ ابْتِيَاعِهِ فَيُوقِفُهُ عَلَيْهِ الْقَاضِي فَيُوقِفُ الْقَاضِي ذَلِكَ الْغَائِبَ إِمَّا يَأْخُذُ أَوْ يَتْرُكُ وَقِيلَ لَا يَكْتُبُ السُّلْطَانُ فِي ذَلِكَ بَلْ إِنْ أَحَبَّ الْمُشْتَرِي أَنْ يَشْخُصَ فَيَرْفَعَهُ فَيَأْخُذَ أَوْ يَتْرُكَ وَلَيْسَ لِغَيْبَتِهِ الْقَاطِعَةِ عِنْدَ مَالِكٍ بَلْ يَجْتَهِدُ فِيهَا الْحَاكِمُ فَقَدْ لَا يَنْهَضُ الضَّعِيفُ عَلَى الْبَرِيدِ (فَرْعٌ) قَالَ وَالصَّغِيرُ عَلَى شُفْعَتِهِ حَتَّى يَبْلُغَ وَيَمْلِكَ أَمْرَهُ وَحَتَّى تُنْكَحَ الْبِكْرُ وَيَدْخُلَ بِهَا زَوْجُهَا أَوْ تَمْلِكَ أَمْرَ نَفْسِهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا وَصِيٌّ نَظَائِرُ قَالَ الْلَخْمِيُّ يُسْقِطُهَا سَبْعَةٌ إِسْقَاطُهُ بِالْقَوْلِ وَالْمُقَاسَمَةُ اتِّفَاقًا وَمُضِيُّ

طُولِ الزَّمَانِ يَدُلُّ عَلَى إِعْرَاضِهِ وَالرَّابِعُ إِحْدَاثُ الْمُشْتَرِي الْبِنَاءَ وَالْغَرْسَ وَالْهَدْمَ وَالْخَامِسُ خُرُوجُهُ عَنِ الْيَدِ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالسَّادِسُ مُسَاوَمَتُهُ أَوْ مَسَاقَاتُهُ أَوْ كِرَاؤُهُ وَالسَّابِعُ بَيْعُ الشِّقْصِ الَّذِي يَسْتَشْفِعُ بِهِ وَالْخَمْسَةُ الْخِلَافُ فِيهَا وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْهِبَةِ أَوِ الصَّدَقَةِ رَدَّهَا وَالثَّمَنُ لِلْمُشْتَرِي إِن لم يعلم للشَّفِيع وَإِنْ عَلِمَ بِالْمَوْهُوبِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ عِلْمَهُ رِضًا بِذَلِكَ وَكَأَنَّهُ وَهَبَ الثَّمَنَ وَقَالَ أَشْهَبُ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مِلْكِهِ عَلَيْهِ وَالْخِلَافُ فِي الْكِرَاءِ وَالْمُسَاقَاةِ إِنَّمَا هُوَ فِي أَقَلَّ مِنْ سَنَةٍ أَمَّا السَّنَةُ فَأَكْثَرُ فَيُبْطِلُهَا وَلَوِ اكْتَرَى وَسَاقَى غَيْرُ الشَّفِيعِ فَلَهُ رَدُّ ذَلِكَ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ بَيْعَ حِصَّتِهِ الَّتِي هِيَ سَبَبُ شَرِكَتِهِ وَشُفْعَتِهِ تَسْقُطُ إِذَا بَاعَ بَعْضَهَا فَهَلْ يَسْقُطُ مِنَ الشُّفْعَةِ بِقَدْرِ ذَلِكَ قَالَ وَعَدَمُ السُّقُوطِ أَوْلَى لِاسْتِوَاءِ الْجُزْءِ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فِي الشُّفْعَةِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِلشَّفِيعِ الْغَائِبِ إِبْطَالُ قِسْمَةِ الْمُشْتَرِي مِنَ الْبَائِعِ وَالْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ وَلَوْ قَسَمَ الْحَاكِمُ لِتَقَدُّمِ حَقِّهِ عَلَى الْقَسْمِ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَرُدُّ وَيَأْخُذُهُ مَقْسُومًا كَمَا لَوْ بِيعَ وَإِذَا دَخَلَ عَلَى أَنْ لَهُ شَفِيعًا لَيْسَ لَهُ طَلَبُ الْقَسْمِ وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ مَعَهُ شَرِيكٌ سِوَى الْغَائِبِ لِأَنَّهُ يَدْعُو لِلْقَسْمِ بَلْ لِشُرَكَائِهِ ذَلِكَ وَيُجْمَعُ نَصِيبُ الْغَائِبِ مَعَ نَصِيبِ الْمُشْتَرِي وَيَبْقَى عَلَى حَقِّهِ فِي الشُّفْعَةِ إِذَا قَدِرَ فَإِذَا جَهِلَ الْقَاسِمُ قَسْمَ نَصِيبِهِ لِلْغَائِبِ فَلِلْغَائِبِ رَدُّ الْقَسْمِ لِأَنَّ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يُجْمَعَ نَصِيبُهُ مَعَ مَا يَأْخُذُهُ بِالشُّفْعَةِ وَقَالَ ش لِلشَّفِيعِ رَدُّ وَقْفِ الْمُشْتَرِي وَتَصَرُّفَاتِهِ إِلَّا تَصَرُّفًا يَسْتَحِقُّ بِهِ الشُّفْعَةَ نَحْوَ الْبَيْعِ وَالْإِصْدَاقِ فِي النِّكَاحِ وَيُخَيَّرُ الشَّفِيعُ فِي الْعُقُودِ فَيَأْخُذُ بِأَيِّهَا أَحَبَّ قَالَ وَلَهُ فَسْخُ إِقَالَةِ الْمُشْتَرِي وَرَدُّهُ بِالْغَيْبِ لِتَقَدُّمِ حَقِّهِ قَالَ وَإِذَا قَاسَمَ وَكِيلُ الشَّفِيعِ الْغَائِبِ فَبَنَى الْمُشْتَرِي وَغَرَسَ فَلِلشَّفِيعِ قَلْعُ ذَلِكَ وَأَخْذُهُ بِالْقِيمَةِ وَكَذَلِكَ إِذَا قَاسَمَهُ الشَّفِيعُ لِأَجْلِ أَنَّهُ أَظْهَرَ مِنَ الثَّمَنِ أَكْثَرَ مِمَّا فِي الْعَقْدِ وَقَالَ ح يجْبرهُ على الْقلع وَقُلْنَا نَحن وش وَأَحْمَدُ لَا يُجْبِرُهُ عَلَى الْقَلْعِ وَالْهَدْمِ لَنَا قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَيْسَ لِعَرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ مَفْهُومُهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ ظَالِمًا لَهُ الْحَقُّ وَالْمُشْتَرِي لَيْسَ بِظَالِمٍ وَلِأَنَّ لَهُ أَنْ

(فرع)

يَبِيعَ وَيَهَبَ فَلَهُ الْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ احْتُجَّ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْبِنَاءِ فِي الرَّهْنِ مِنْ جِهَةِ الرَّاهِنِ وَقِيَاسًا عَلَى الْأَرْضِ الْمُسْتَحَقَّةِ بِجَامِعِ تَقَدُّمِ الْحَقِّ عَلَى حَقِّهِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى مَنْ بَاعَ وَفَعَلَ ذَلِكَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الرَّاهِنَ مَمْنُوعٌ مِنَ التَّصَرُّفِ فِي الرَّهْنِ بِخِلَافِ الشَّفِيعِ وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي أَنَّ الْغَيْبَ انْكَشَفَ عَنْ عَدَمِ الْمِلْكِ بِخِلَافِ الشُّفْعَةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّالِثِ أَنَّهُ بَنَى فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِخِلَافِ الشَّفِيعِ وَقَالَ ش إِذَا بَاعَ نَصِيبَهُ الَّذِي يَسْتَشْفِعُ بِهِ لَا شُفْعَةَ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا سَلَّمَ ثُمَّ ظَهَرَ قِلَّةُ الثَّمَنِ لَهُ الْأَخْذ وَقَالَ ش وح وَيَحْلِفُ مَا سَلَّمَ إِلَّا لِكَثْرَةِ الثَّمَنِ وَإِنْ قِيلَ ابْتَاعَ نِصْفَ النَّصِيبِ فَسَلَّمَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ الْجَمِيعُ فَلَهُ الْأَخْذُ لِأَنَّهُ قَدْ رَغِبَ فِي الْجَمِيعِ دُونَ بَعْضِهِ وَإِنْ قِيلَ لَهُ الْمُشْتَرِي فُلَانٌ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ مَعَ غَيْرِهِ لَهُ أَخْذُ حِصَّتِهِمَا لِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُهُ مُسْتَقِلًّا لَا شَرِيكًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَشْهَبَ فِي كَثْرَةِ الثَّمَنِ لِظُهُورِ سَبَبِ التَّسْلِيمِ فَإِنْ قِيلَ لَهُ الثَّمَنُ قَمْحٌ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ دَرَاهِمُ أَوْ دَنَانِيرُ لَهُ الْأَخْذُ وَإِنْ كَانَتِ الدَّنَانِيرُ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْقَمْحِ لِعُذْرِهِ فِي نُزُلِ الْقَمْحِ بِسَبَبِ الْكَيْلِ وَالْحَمْلِ وَيَحْلِفُ مَا كَانَ إِسْلَامُهُ إِلَّا لِذَلِكَ وَأَمَّا أَخْذُهُ بِالْقَمْحِ ثُمَّ يَطَّلِعُ عَلَى الدَّنَانِيرِ فَلَا رد لَهُ لانتقاء الْعُذْرِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الدَّنَانِيرُ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْقَمْحِ بِأَمْرٍ بَيِّنٍ وَلَوْ سَلَّمَ فِي الدَّنَانِيرِ أَنَّهُ قَمْحٌ لَزِمَهُ التَّسْلِيمُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَمْحُ أَقَلَّ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ أَخَذَ أَوَّلًا لَمْ تَلْزَمْهُ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ وَلَوْ سَلَّمَ فِي الْقَمْحِ ثُمَّ ظَهَرَ عَدَسًا أَوْ تَمْرًا أَوْ مَا يُكَالُ وَقِيمَةُ الْأَوَّلِ أَكْثَرُ فَلَهُ الْأَخْذُ لِعُذْرِ الْكَثْرَةِ وَلَوْ سَلَّمَ فِي الْمَكِيلِ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ مَوْزُونٌ لَهُ الْأَخْذُ لِأَنَّ الْوَزْنَ أَخَفُّ وَيَحْلِفُ وَلَوْ قِيلَ جَارِيَةٌ قِيمَتُهَا كَذَا وَصِفَتُهَا كَذَا أَوْ بِعَرَضٍ كَذَلِكَ فَسَلَّمَ أَوْ أَخَذَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ دَنَانِيرُ لَزِمَهُ التَّسْلِيمُ وَالْأَخْذُ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي الْقِيمَةَ مَا لَمْ تَكُنْ قِيمَةُ ذَلِكَ أَكْثَرَ وَكَذَلِكَ لَوْ سَمَّى دَنَانِيرَ فَأَخَذَ وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ

عَرَضٌ أَوْ حَيَوَانٌ لَزِمَ الْأَخْذُ وَيَدْفَعُ قِيمَةَ ذَلِكَ مَا لَمْ تَكُنِ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ وَإِنْ سَلَّمْتَهُ لَزِمَ مَا لَمْ تَكُنِ الْقِيمَةُ أَقَلَّ وَلَوْ قِيلَ بِجَارِيَةٍ أَوْ عَرَضٍ وَلَمْ يَصِفْهُ فَسَلَّمْتَ فَظَهَرَ دَنَانِيرُ لَزِمَكَ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ مَعَ جَهْلِ الثَّمَنِ لَازِمٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِلَّا أَنْ يَذْكُرَ مَا لَا يَكُونُ مِثْلُهُ ثَمَنًا لِمَا سَمَّى مِنَ الْجَارِيَةِ أَوِ الْعَرَضِ لِقِلَّتِهِ فَلَكَ الْأَخْذُ لِلتُّهْمَةِ وَلَوْ قِيلَ بِمِائَةِ دِينَارٍ أَوْ مِائَةِ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَذْكُرْ وَزْنَهَا لَزِمَكَ الْأَخْذُ أَوِ التَّرْكُ لِشُهْرَةِ ذَلِكَ وَإِنْ سَمَّى قَمْحًا بِمَكِيلَةٍ وَلَمْ يُوصَفْ فَهُوَ خَفِيفٌ فَإِنْ أَخَذَ لَزِمَ إِنْ كَانَ بِالْوَسَطِ مِنْهُ أَوْ دونه وان كَانَ باعلاه مِنَ الْوَسَطِ خُيِّرَ بَيْنَ الْأَخْذِ وَالتَّرْكِ وَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِيَ أَدِّهِ الْوَسَطَ لَمْ يَلْزَمْكَ لِمَا فِيهِ من الْمِنَّة وَكَذَلِكَ وَلَو قِيلَ مِائَةٌ فَأَخَذْتَ ثُمَّ ظَهَرَ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ فَأَسْقَطَ الْخَمْسِينَ وَلَا يَجُوزُ الْأَخْذُ إِذَا قَالَ بِجَارِيَةٍ وَلَمْ يَصِفْ أَوْ وَصَفَ وَلَمْ يَعْرِفِ الْقِيمَةَ وَيُنْقَضْ إِنْ فَعَلَ لِأَنَّهُ شِرَاءُ مَجْهُولٍ وَلَا يُقَرُّ بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ لِفَسَادِ الْأَصْلِ فِي الْأَخْذ وَفِي كتب مُحَمَّدٍ لَا يَضُرُّ الْجَهْلُ بِالْقِيمَةِ إِذَا عَرَفَاهُ وَأَمَّا إِذَا كَانَتِ الشُّفْعَةُ إِنَّمَا تَجِبُ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ فَلَا يَلْزَمُ الْأَخْذُ إِلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ الْقِيمَةِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ إِذَا قِيلَ لَكَ ابْتَاعَ فُلَانٌ نِصْفَ نَصِيبِ شَرِيكِكَ لَهُ فَسَلَّمْتَ ثُمَّ ظَهَرَ شِرَاؤُهُ لِلْجَمِيعِ فَلَكَ الْقِيَامُ وَلَا يَلْزَمُكَ تَسْلِيمُ النِّصْفِ الَّذِي سَلَّمْتَ أَوَّلًا لِأَنَّكَ تَقُولُ تَرَكْتَ لِبَقَاءِ شَرِكَتِهِ فَلَا يَنْدَفِعُ ضَرَرُهُ أَمَّا الْآنَ فَانْدَفَعَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ بل يلزمك سَلام النِّصْفِ نَظَرًا لِتَسْلِيمِكَ وَلَوْ أَخَذْتَ أَوَّلًا النِّصْفَ ثُمَّ ظَهَرَ الْجَمِيعُ أَخَذْتَ بَاقِيهِ فَإِنِ امْتَنَعْتَ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي فِي أَخْذِ النِّصْفِ أَوْ تَرْكِ الْجَمِيعِ نَفْيًا لِضَرَرِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَقَالَ أَشْهَبُ فِيمَا إِذَا ظَهَرَ أَنَّ الْمُشْتَرِي اثْنَانِ بَعْدَ أَنْ سَلَّمَ بِالْوَاحِدِ يَلْزَمُكَ التَّسْلِيمُ وَتَكُونُ تِلْكَ الْحِصَّةُ بَيْنَ الْمُشْتَرِيَيْنِ لِأَنَّهُمَا شَرِيكَانِ فِي الشِّرَاءِ وَعُهْدَتُكَ عَلَيْهِمَا قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِذَا كَانَا مُتَفَاوِضَيْنِ فَلَيْسَ لَكَ إِلَّا الْأَخْذُ مِنْهُمَا أَوِ التَّسْلِيمُ لَهُمَا وَلَوْ سَمَّيَا لَكَ قَالَ أَشْهَبُ وَلَكَ الْأَخْذ من أَحدهَا فَقَطْ قَالَ مُحَمَّدٌ وَهَذَا إِذَا لَمْ يَكُونَا مُتَفَاوِضَيْنِ قَالَ مُحَمَّدٌ فَلَوْ سُمِّيَ لَكَ زَيْدٌ فَظَهَرَ عَمْرٌو لَكَ الْأَخْذُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ دُونَ التَّسْلِيمِ بَعْدَ الْأَخْذِ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ قَدْ يَكُونُ لِصَدَاقَةٍ فِي الْأَوَّلِ فَإِنْ لَمْ يُسَمِّ لَكَ أَحَدٌ فَسَلَّمْتَ ثُمَّ تَبَيَّنَ فَلَكَ الْأَخْذُ لِأَنَّ تَسْلِيمَكَ لَمْ يَكُنْ لِصِفَةٍ قَالَ الْلَخْمِيُّ اخْتُلِفَ فِي الْأَخْذِ قَبْلَ مَعْرِفَةِ الثَّمَنِ فَظَاهِرُ

(فرع)

الْكِتَابِ جَوَازُهُ لِقَوْلِهِ إِذَا أَشْهَدَ وَقَبْلَ مَعْرِفَةِ الثَّمَنِ بِالْأَخْذِ ثُمَّ قَالَ قَدْ بَدَا لِي لَهُ الْأَخْذُ إِنْ أَحَبَّ فَخَيَّرَهُ فِي التَّمَسُّكِ وَالْفَاسِدُ لَا يُخَيِّرَهُ فِيهِ وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ فَاسِدٌ وَيُجْبَرُ عَلَى الرَّدِّ وَفِي اشْتِرَاطِ مَعْرِفَةِ قِيمَةِ مَا اشْتَرَى بِهِ قَوْلَانِ وَمِثْلُهُ الشُّفْعَةُ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ الْمَشْفُوعِ بِهِ فَإِنْ كَانَ صَدَاقًا أَوْ فِي خُلْعٍ أَوْ دَمٍ فَعَلَى الْقَوْلَيْنِ وَاسْتُحْسِنَ أَيْضًا ذَلِكَ فِي كُلِّ مَا لَا تَتَبَايَنُ فِيهِ قِيمَةُ الْقَسْمِ وَتَنْقُصُ فِيمَا لَا يُعْلَمُ بِفَوَاتِهَا وَاسْتُحِقَّ فِي الطَّعَامِ يُسَمَّى كَيْلُهُ دُونَ وَصْفِهِ وَيَلْزَمُ التَّسْلِيمُ وَالْأَخْذُ قَبْلَ مَعْرِفَةِ الْمُشْتَرِي قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنْ كَانَ عَدُوًّا أَوْ شِرِّيرًا أَوْ مُضَارًّا قَالَ وَالصَّوَابُ لَهُ الرُّجُوعُ إِذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ عَلَى أَحَدِ هَذِهِ الْحَالَاتِ وَمَنْ يَرَى أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ لَمْ يُسَلِّمْ لَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إِذَا أَخَذَ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ رَغْبَتَهُ فِي الثَّانِي أَوْلَى وَأَنْ لَا يَكُونَ شَرِيكًا لَهُ وَقَالَ ش إِذَا قَالَ الْمُشْتَرِي فِي الثَّمَنِ آخُذُ النَّقْدَيْنِ فَسَلَّمَ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ النَّقْدُ الْآخَرُ لَهُ الْأَخْذُ لِتَفَاوُتِ الْأَغْرَاضِ وَكَذَلِكَ إِذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ مُؤَجَّلٌ قَالَ ح إِذَا سَلَّمَ لِتَعَذُّرِ الْجِنْسِ الَّذِي بَلَغَهُ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا أَشْهَدَ بِالْأَخْذِ لَزِمَهُ إِنْ عَرَفَ الثَّمَنَ وَالْأَخْذَ لِأَنَّهُ قَدْ يَظْهَرُ مَا يُرَغِّبُهُ أَوْ يُنَفِّرُهُ وَمَتَى سَلَّمَ بَعْدَ الْبَيْعِ فَلَا قِيَامَ لَهُ لِإِسْقَاطِهِ حَقَّهُ وَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرِ فَقَدْ أَسْقَطْتُ شُفْعَتِي فَلَا تَسْقُطُ وَقَالَهُ ش قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا لَمْ يُعْرَفِ الثَّمَنُ إِلَّا بَعْدَ الْأَخْذِ فَسَخَ لِأَنَّهُ شِرَاءُ مَجْهُولٍ وَتَسْلِيمُ الشُّفْعَةِ بَعْدَ الشِّرَاءِ لَازِمٌ وَإِنْ جُهِلَ الثَّمَنُ إِلَّا أَنَّ تَبْيِينَ مَا لَا يَكُونُ ثَمَنًا لِذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِذَا سَلَّمَ الشَّفِيعُ بَعْدَ الشِّرَاءِ فِي عَقْدِ خِيَارٍ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ بِعِوَضٍ أَوْ بِغَيْرِ عِوَضٍ لَمْ يَلْزَمْ وَلَوِ انْقَضَى أَجَلُ الْخِيَارِ لَمْ يَجُزِ الرِّضَا بِمَا تَقَدَّمَ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ بَيْعٌ يُحِلُّهُ مَا يُحِلُّ الْبَيْعَ وَيُحَرِّمُهُ مَا يُحَرِّمُهُ فَإِنْ فَسَخَا ذَلِكَ بِقَاضٍ أَوْ بِغَيْرِهِ اسْتَأْنَفَا مَا أَحَبَّا قَاعِدَةٌ مَتَى كَانَ لِلْحُكْمِ سَبَبٌ وَشَرْطٌ فَأُخِّرَ عَنْ سَبَبِهِ وَشَرْطِهِ صَحَّ إِجْمَاعًا أَوْ قُدِّمَ عَلَيْهِمَا بَطَلَ إِجْمَاعًا أَوْ تَوَسَّطَ بَعْدَ السَّبَبِ فَقَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ كَالزَّكَاةِ سَبَبُهَا النِّصَابُ وَشَرْطُهَا الْحَوْلُ فتقديمها عَلَيْهِمَا لَا يجزيء اجماعاً وبعدهما

(تفريع)

تجزي اجماعاً وَبعد ملكه النَّصَّابَ وَقَبْلَ الْحَوْلِ قَوْلَانِ وَكَفَّارَةُ الْيَمِينِ سَبَبُهَا الْيَمين وَشَرطهَا الْحِنْث فقبلهما لَا تجزيء اجماعاً وبعدهما تجزيء إِجْمَاعًا وَبَعْدَ الْيَمِينِ وَقَبْلَ الْحِنْثِ خِلَافٌ وَالْقَصَاصُ فِي النَّفْسِ سَبَبُهُ الْجِرَاحَةُ وَشَرْطُهُ الزُّهُوقُ فَالْعَفْوُ قَبْلَهُمَا لَا يَنْفُذُ إِجْمَاعًا وَبَعْدَهُمَا يَنْفُذُ إِجْمَاعًا مِنَ الْأَوْلِيَاءِ وَبَعْدَ الْجِرَاحَةِ وَقَبْلَ الزُّهُوقِ لَمْ يَقَعِ الْخِلَافُ كَمَا وَقَعَ فِي نَظَائِرِهِ بَلْ يَنْفُذُ اتِّفَاقًا فِيمَا عَلِمْتُهُ لِأَنَّ مَا عَدَا هَذِه الصُّورَة المكلفة مُتَمَكِّنٌ مِنِ اسْتِدْرَاكِ وُجُوهِ الْبِرِّ لِبَقَاءِ الْحَيَاةِ وَهَاهُنَا لَوْ لَمْ يُمَكِّنْهُ الشَّرْعُ مِنْ تَحْصِيلِ قُرْبَةِ الْعَفْوِ عَنْ دَمِهِ لَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ بِمَوْتِهِ وَإِذْنُ الْوَرَثَةِ لِمُورُوثِهِمْ قَبْلَ مَرَضِهِ الْمَخُوفِ لَا يُعْتَبَرُ لِأَنَّهُ سَبَبُ زُهُوقِ الرُّوحِ الَّذِي هُوَ شَرْطٌ فِي الْإِرْثِ وَبَعْدَ الزُّهُوقِ وَيَنْفُذُ تَصَرُّفُهُمْ فِي التَّرِكَةِ اتِّفَاقًا وَبَيْنَهُمَا لَا أَعْلَمُ أَيْضًا فِيهِ خِلَافًا وَلَعَلَّهُ لِتَحْصِيلِ مَصْلَحَةِ الْمَوْرُوثِ قَبْلَ الْفَوْتِ بِالْمَوْتِ وَهُوَ أَوْلَى بِمَا لَهُ مَا دَامَ حَيًّا وَمِنْهُ إِسْقَاطُ الشُّفْعَةِ قَبْلَ عَقْدِ الْبَيْعِ لَا يَنْفُذُ لِأَنَّهُ السَّبَبُ وَبَعْدَ الْعَقْدِ وَالْأَخْذِ يَنْفُذُ وَكَذَلِكَ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْأَخْذِ فَهَذِهِ قَاعِدَة شريفة يتَخَرَّج عَلَيْهَا فروع كثير فِي أَبْوَابِ الْفِقْهِ وَبِهَا يَظْهَرُ فَسَادُ قِيَاسِ الزَّكَاةِ عَلَى الصَّلَاةِ فِي امْتِنَاعِ التَّقْدِيمِ عَلَى الْوَقْتِ لِأَنَّ أَوْقَاتَ الصَّلَوَاتِ أَسْبَابٌ وَالتَّقْدِيمُ عَلَى الزَّوَالِ مَثَلًا تَقْدِيمٌ عَلَى السَّبَبِ وَأَمَّا تَقْدِيمُ الزَّكَاةِ عَلَى الْحَوْلِ فَبَعْدَ السَّبَبِ وَقَبْلَ الشَّرْطِ فَلَيْسَ الْمَوْضُوعَانِ سَوَاءٌ نَظَائِرُ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ سِتُّ مَسَائِلَ لَا يُعْتَبَرُ فِيهَا إِسْقَاطُ الْحَقِّ الشُّفْعَة قبل الشِّرَاء وَالْمِيرَاث قبل الْمَوْت وَإِذن الْوَارِثِ فِي الصِّحَّةِ بِأَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ وَإِذْنُ الْوَارِثِ إِذَا كَانَ مِنَ الْعِيَالِ فِي مَرَضِ الْمُوصِي وَالْمَرْأَةُ تُسْقِطُ حَقَّهَا مِنْ أَيَّامِهَا لِصَاحِبَتِهَا قَبْلَ مَجِيئِهَا وَالْأَمَةُ تَخْتَارُ نَفْسَهَا قَبْلَ الْعِتْقِ وَالْمَرْأَةُ تُسْقِطُ شُرُوطَهَا قَبْلَ الزَّوَاجِ وَقِيلَ لَا شَيْءَ لَهَا وَقِيلَ لَهَا الرُّجُوعُ فِي الْقُرْبِ (تَفْرِيعٌ) قَالَ يَجْرِي فِي التَّسْلِيمِ قَبْلَ الشِّرَاءِ قَوْلٌ قِيَاسًا عَلَى مَنْ قَالَ إِنِ اشْتَرَيْتُ عَبْدَ فُلَانٍ فَهُوَ حُرٌّ وَإِنْ تَزَوَّجْتُ فُلَانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ قَبْلَ الْمِلْكِ وَقَالَ فِيمَن جعل

(فرع)

لِامْرَأَتِهِ إِنْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَأَسْقَطَتْهُ قَبْلَ الزَّوَاجِ لَزِمَهَا ذَلِكَ وَهُوَ فِي الشُّفْعَةِ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَدْخَلَ الْمُشْتَرِي فِي الْمُشْتَرَى كَمَا لَوْ قَالَ اشْتَروا الثّمن عَلَيَّ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّمَنُ لِأَنَّهُ أَدْخَلَهُ فِي الشِّرَاءِ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَإِنْ تَرَكَهَا قَبْلَ الشِّرَاءِ بِعِوَضٍ امْتَنَعَ لِلْجَهْلِ بِمَا يُقَابِلُ الْعِوَضَ هَلْ يَحْصُلُ أَمْ لَا فَإِنْ قَالَ إِنِ اشْتَرَيْتُ فَقَدْ سَلَّمْتُ لَكَ بِدِينَارٍ وَإِنْ لَمْ يَبِعْ صَحَّ لِعَدَمِ الْغَرَرِ وَلَوْ شَرَطَ النَّقْدَ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ سَلَفٌ تَارَةً وَثَمَنٌ تَارَةً وَلَوْ سَلَّمَ لِغَيْرِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الشِّرَاءِ بِعِوَضٍ أَمْ لَا امْتَنَعَ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ فَيَبِيعُ وَلِأَنَّ الشُّفْعَةَ لَا تَكُونُ لِلْبَيْعِ وَلَوْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ فَلَمْ يُسْقِطِ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ إِلَّا بِعِوَضٍ مِنَ الْمُشْتَرِي أَوْ مِنَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي جَازَ خِلَافًا لِ ش لَنَا أَنَّهُ مَلَكَ الْأَخْذَ فَجَازَتِ الْمُعَاوَضَةُ عَلَيْهِ كَالْعَقَارِ وَقِيَاسًا عَلَى تَمْلِيكِ الزَّوْجَةِ أَمْرَهَا وَقِيَاسًا عَلَى أَخْذِ الْأَمَةِ الْعِوَضَ إِذَا عَتَقَتْ عَلَى أَنْ لَا تُوقَعَ طَلَاقًا قَالَ مُطَرِّفٌ إِنْ صَالَحَ عَلَى أَنَّهُ مَتَى أَذِنَ الْمُشْتَرِي لِوَلَدِهِ فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَلَهُ الشُّفْعَةُ مَا لَمْ يَطُلِ الزَّمَانُ شُهُورًا كَثِيرَةً وَقَالَ أَصْبَغُ يَلْزَمُ الصُّلْحُ تَوْفِيَةً بِالْعَقْدِ وَالْمَقَالُ فِي ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي دُونَ الشَّفِيعِ لِأَنَّ تَرْكَ الشُّفْعَةِ هِبَةٌ وَيَتَضَرَّرُ الْمُشْتَرِي بِالْبَقَاءِ عَلَى ذَلِكَ فِي الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ وَالْحُبْسِ فَيُهْدَمُ وَيُعْطَى الْقِيمَةَ لِمَا أَحْدَثَ وَمِنْ حَقِّهِ أَنْ يَقُولَ إِمَّا أَنْ تُسْقِطَ حَقَّكَ مَرَّةً فَأَتَصَرَّفَ آمِنًا وَإِمَّا أَنْ تَأْخُذَ وَقَالَ مُطَرِّفٌ لِلشَّفِيعِ أَيْضًا مَقَالٌ وَفِي الْجَوَاهِرِ يَجُوزُ أَخْذُهُ مِنَ الْمُشْتَرِي عِوَضًا دَرَاهِمُ أَوْ غَيْرُهَا عَلَى تَرْكِ الشُّفْعَةِ إِنْ كَانَ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ بَطَلَ وَرَدَّ الْعِوَضَ وَكَانَ عَلَى شُفْعَتِهِ (فَرْعٌ) فِي الْمُقَدِّمَاتِ إِنْ سَكَتَ الْحَاضِرُ حَتَّى غَرَسَ الْمُشْتَرِي أَوْ بَنَى أَوْ طَالَتِ الْمُدَّةُ أَكْثَرَ مِنَ الْمُدَّةِ الْمُعْتَبَرَةِ عَلَى الْخِلَافِ بَطَلَ حَقُّهُ وَلَا يُعْذَرُ بِالْجَهْلِ نَظَائِرُ قَالَ الْمَسَائِلُ الَّتِي لَا يُعْذَرُ فِيهَا بِالْجَهْلِ سَبْعٌ عَلَى مَا قَالَهُ أَبُو عُمَرَ الْإِشْبِيلِيُّ وَلَمْ يَكُنْ يُفَسِّرُهَا إِذَا سُئِلَ عَنْهَا قَالَ ابْنُ عَتَّابٍ فَاسْتَقْرَأْتُهَا فَوَجَدْتُهَا الشُّفْعَةَ وَالْمَرْأَةَ تَقْضِي بِالثَّلَاثِ فِي الْمَجْلِسِ فَلَا يُنَاكِرُهَا الزَّوْجُ لِجَهْلِهِ وَالسَّارِقَ لِثَوْبٍ لَا يُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ يَحْمِلُهَا وَوَطْءَ الْمُرْتَهِنِ الْجَارِيَةَ

الْمَرْهُونَةَ قَالَ ابْنُ عَتَّابٍ وَوَجَدْتُ غَيْرَهَا كَثِيرًا يُخَيِّرُ امْرَأَتَهُ فَتَقْضِي بِوَاحِدَةٍ فَيُقَالُ لَهَا لَيْسَ لَكِ ذَلِكَ وَتُرِيدُ أَنْ تَقْضِيَ مَرَّةً أُخْرَى بِالثَّلَاثِ وَتَدَّعِي الْجَهْلَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْمُسْتَحْلِفُ أَبَاهُ فِي حَقٍّ لَهُ عَلَيْهِ أَنَّ شَهَادَتَهُ تَسْقُطُ وَإِنْ جَهِلَ الْعُقُوقَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ قَاطِعُ الدَّنَانِيرِ جَهْلًا بِكَرَاهِيَتِهِ وَفِي الدِّمْيَاطِيَّةِ وَالْمُرْتَهِنُ يُرَدُّ الرَّهْنَ لِلرَّاهِنِ يَبْطُلُ الرَّهْنُ وَلَا يُعْذَرُ بِالْجَهْلِ وَفِي الْوَاضِحَةِ بَاعَ جَارِيَةً وَقَالَ كَانَ لَهَا زَوْجٌ فَطَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا وَوَافَقَتْهُ الْجَارِيَةُ يُحَرَّمُ وَطْؤُهَا عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَا تَتَزَوَّجُ حَتَّى يَشْهَدَ بِالطَّلَاقِ أَوِ الْوَفَاةِ فَإِنْ أَرَادَ رَدَّهَا وَادَّعَى أَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ قَوْلَ الْبَائِعِ وَالْجَارِيَةِ فِي ذَلِكَ مَقْبُولٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يُجْهَلُ مَعْرِفَتُهُ وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ وَوَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ وَادَّعَى الْجَهْلَ إِنَّهُ يُحَدُّ كَمَا لَو ادّعى الزَّانِي الْجَهْل بِتَحْرِيم الزِّنَا وَفَرَّقَ بَيْنَ الْمُعْتِقِ وَالْمُطَلِّقِ ثَلَاثًا يَطَأُ فِي الْعِدَّةِ أَوْ وَاحِدَةً قَبْلَ الدُّخُولِ فَيَلْحَقُهُ الْوَلَدُ وَلَا يُحَدُّ لِأَنَّهَا شُبْهَةٌ لِأَهْلِ الْجَهْلِ وَحَكَى ابْن حبيب أَن الْمظَاهر إِذا وطيء قَبْلَ الْكَفَّارَةِ يُؤَدَّبُ وَلَا يُعْذَرُ بِالْجَهْلِ وَمَنْ قَذَفَ عَبْدًا فَظَهَرَ أَنَّهُ حُرٌّ قَدْ عَتَقَ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَمْ يَعْلَمِ الْقَاذِفُ وَكَذَلِكَ إِذَا شَرِبَ هُوَ أَوْ زَنَى وَلَمْ يَعْلَمْ بِعِتْقِ نَفْسِهِ وَمَنِ اشْتَرَى مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَالْبُيُوعُ الْفَاسِدَةُ الْجَاهِلُ فِيهَا كَالْعَالِمِ إِلَّا فِي الْإِثْمِ وَالْوُضُوءُ وَالصَّلَاةُ يَسْتَوِي فِيهَا الْعَامِدُ وَالْجَاهِلُ وَكَذَلِكَ الْحَجُّ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَحْكَامِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ قَدْ تَرَكْتُ مَسَائِلَ كَثِيرَةً مِنْهَا حَمْلُ امْرَأَتِهِ وَلَمْ يُنْكِرْهُ ثُمَّ أَرَادَ نَفْيَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَالشَّاهِدُ يَرَى الْفَرْجَ يُسْتَبَاحُ أَوِ الْحُرُّ يُسْتَخْدَمُ فَلَا يَقُومُ بِشَهَادَتِهِ وَكَذَلِكَ اكل مَال الْيَتِيم وَالْغَاصِب الْمُحَارب وَالْمُتَصَدِّرِ لِلْفَتْوَى بِغَيْرِ عَلَمٍ وَالطَّبِيبُ يَقْتُلُ بِمُعَانَاتِهِ وَهُوَ غير عَالم بالطب وَالشَّاهِد يخطيء فِي شَهَادَتِهِ فِي الْحُدُودِ وَالْأَمْوَالِ وَهَذَا الْبَابِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُحْصَى وَكَانَ أَبُو عُمَرَ الْإِشْبِيلِيُّ أَجَلَّ مِنْ أَنْ يَعْتَقِدَ الْحَصْرَ فِي سَبْعٍ لَكِنْ أَظُنُّ مُرَادَهُ مَا يَكُونُ مُجَرَّدُ السُّكُوتِ فِيهِ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ مُسْقِطًا حَقَّ السَّاكِت اتِّفَاقًا فَوجدَ فَوَجَدْتُ مِنْ هَذَا النَّوْعِ سَبْعًا لَا ثَامِنَ لَهَا الشُّفْعَةُ وَمَا فِي مَعْنَاهَا كَالْغَرِيمِ يُعْتَقُ بِحَضْرَة

(فرع)

غُرَمَائِهِ فَيَسْكُتُونَ أَوْ يَبِيعُ الْعَبْدَ قَبْلَ الْخِيَارِ فيتركه حَتَّى يَنْقَضِي امد الْخِيَار وَشبهه الثَّانِيَة مَنْ حَازَ مِلْكَ رَجُلٍ فِي وَجْهِهِ مُدَّةً مُعْتَبَرَةً ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ ابْتَاعَهُ مِنْهُ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ وَلَا يُعْذَرُ صَاحِبُ الْمَالِ بِالْجَهْلِ وَأَن سُكُوته مُبْطل الثَّالِثَة الْمُمَلَّكَةُ تَقْضِي بِالثَّلَاثِ فَلَا يُنْكِرُ الزَّوْجُ ثُمَّ تُرِيدُ الْمُنَاكَرَةَ أَوْ لَا تَقْضِي بِشَيْءٍ وَتَسْكُتُ حَتَّى يَطَأَهَا أَوْ يَنْقَضِيَ الْمَجْلِسُ عَلَى الْخِلَافِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ كَالْأَمَةِ تُعْتَقُ فَلَا تَقْضِي حَتَّى يَطَأَهَا الزَّوْجُ الرَّابِعَةُ الشَّاهِدُ يَرَى الْفَرْجَ يُسْتَبَاحُ وَالْعَبْدَ يُسْتَخْدَمُ وَنَحْوَهُ مِنَ الْحُقُوقِ الْوَاجِبَةِ لِلَّهِ تَعَالَى الْخَامِسَةُ الْمُطَلَّقَةُ يُرَاجِعُهَا زَوْجُهَا فَتَسْكُتُ حَتَّى يَطَأَهَا ثُمَّ تَدَّعِي انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ السَّادِسَةُ الْمَرْأَةُ تُزَوَّجُ وَهِيَ حَاضِرَةٌ فَلَا تُنْكِرُ حَتَّى يَدْخُلَ بِهَا الزَّوْجُ ثُمَّ تُنْكِرُ النِّكَاحَ وَالرِّضَا بِهِ وَتَدَّعِي الْجَهْلَ فِي سُكُوتِهَا السَّابِعَةُ الرَّجُلُ يُبَاعُ عَلَيْهِ مَالُهُ وَيَقْبِضُهُ الْمُشْتَرِي وَهُوَ حَاضِرٌ لَا يُنْكِرُ ثُمَّ يُنْكِرُ الرِّضَا بِالْبَيْعِ وَيَدَّعِي الْجَهْلَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ سَبْعَ مَسَائِلَ مِنْ نَوْعِ الطَّلَاقِ أَحَدُهَا يَمْلِكُ امْرَأَتَهُ فَتَقْبَلُ ثُمَّ تصاحبه بَعْدَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تَسْأَلَ مَا قَبِلَتْ ثُمَّ تَقُولُ كُنْتُ أَرَدْتُ الثَّلَاثَ لِتَرْجِعَ فِيمَا صَالَحْتَ بِهِ الثَّانِيَةُ السَّامِعُ لِامْرَأَتِهِ تَقْضِي بِالثَّلَاثِ فيسكت ثمَّ يُنكر الثَّالِثَة المخيرة تخْتَار ثُمَّ تُرِيدُ تَخْتَارُ بَعْدَ ذَلِكَ ثَلَاثًا وَتَقُولُ ظَنَنْتُ أَنَّ لِيَ الْخِيَارَ الرَّابِعَةُ الْمُمَلَّكَةُ وَالْمُخَيَّرَةُ لَا تَقْضِي حَتَّى يَنْقَضِيَ الْمَجْلِسُ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ الْأَوَّلِ ثُمَّ تُرِيدُ الْقَضَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ وَتَقُولُ ظَنَنْتُ أَنَّ ذَلِكَ بِيَدِي أَبَدًا الْخَامِسَةُ الْمَقُولُ لَهَا إِنْ غِبْتُ عَنْكِ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ فَأَمْرُكِ بِيَدِكِ فَتُقِيمُ بَعْدَ السَّنَةِ الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّهَا عَلَى حَقِّهَا ثُمَّ تُرِيدُ الْقَضَاءَ وَتَقُولُ جَهِلْتُ وَظَنَنْتُ أَنَّ الْأَمْرَ بِيَدِي مَتَى مَا شِئْتُ السَّادِسَةُ الْأَمَةُ تُعْتَقُ فَتُوطَأُ ثُمَّ تُرِيدُ الْخِيَارَ وَتَقُولُ جَهِلْتُ أَنَّ لِيَ الْخِيَارَ السَّابِعَةُ الرَّجُلُ أَمْرُ امْرَأَتِهِ بِيَدِ غَيْرِهَا فَلَا تَقْضِي الْمُمَلَّكَةُ حَتَّى يَطَأَهَا ثُمَّ تُرِيدُ الْقَضَاءَ وَتَقُولُ جَهِلْتُ قَطْعَ الْوَطْءِ مَا مُلِّكْتُهُ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ التَّسْلِيمُ قَبْلَ مَعْرِفَةِ الثَّمَنِ جَائِزٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ ظَاهِرُ الْكِتَابِ الْإِطْلَاقُ وَاخْتُلِفَ فِي تَأْوِيلِهِ فَقِيلَ جَائِزٌ مَاضٍ مُطْلَقًا وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّ ذَلِكَ

الْفِعْلَ لَا يَلْزَمُهُ لِفَسَادِهِ بِجَهْلِهِ بِمَا يَأْخُذُ وَكَذَلِكَ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي الشُّفْعَةِ وَالثَّمَنِ عَرَضٌ لَا مِثْلَ لَهُ قَبْلَ مَعْرِفَةِ قِيمَتِهِ كَالْجَوَاهِرِ الْغَرِيبَةِ هَلْ يَفْسُدُ أَوْ يَجُوزُ وَقِيلَ ذَلِكَ كُلُّهُ إِذَا تَقَارَبَتِ الْقِيَمُ جَازَ وَإِلَّا فَلَا قَالَ الْلَخْمِيُّ تَسْلِيمُهَا قَبْلَ مَعْرِفَةِ الثَّمَنِ جَائِزٌ لِأَنَّهُ تَرْكٌ لَا مُعَاوَضَةٌ وَاخْتُلِفَ فِي أَخْذِهَا قَبْلَ مَعْرِفَتِهِ وَظَاهِرُ الْكِتَابِ الْجَوَازُ تَنْبِيهٌ الْحِيلَةُ فِي إِسْقَاطِ الشُّفْعَةِ أَنْ يَبِيعَ إِلَّا مِقْدَارَ ذِرَاعٍ فِي طُولِ الْحَدِّ الَّذِي يَلِي الشَّفِيعَ فَلَا شُفْعَةَ لِانْقِطَاعِ الْجِوَارِ وَكَذَلِكَ إِذَا وَهَبَ مِنْهُ مِنَ الْمِقْدَارِ وَسَلَّمَهُ إِلَيْهِ وَإِذَا ابْتَاعَ سَهْمًا ثُمَّ بَقِيَّتَهَا فَالشُّفْعَةُ لِلْجَارِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ فِي الثَّانِي شَرِيكٌ مُقَدَّمٌ عَلَى الْجَارِ وَمِمَّا يَعُمُّ الْجِوَارَ وَالشَّرِكَةَ أَنْ يُبَاعَ بِأَضْعَافِ قِيمَتِهِ وَيُعْطَى بِهَا ثَوْبًا بِقَدْرِ الْقِيمَةِ قَالُوا وَلَا تُكْرَهُ الْحِيلَةُ فِي إِسْقَاطِ الشُّفْعَةِ لِأَنَّهَا تَمْنَعُ مِنْ ثُبُوتِ الْحَقِّ فَلَا ضَرَرَ لِعَدَمِ الْحَقِّ قَالَهُ أَبُو يُوسُفَ وَتُكْرَهُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ لِأَنَّهَا تَمْنَعُ مِنْ تَمْكِينِ الشَّرِيكِ مِنْ دَفْعِ ضَرَرِهِ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافُ فِي إِسْقَاط الزَّكَاة تمّ الْجُزْء السَّابِع من الذَّخِيرَة يَلِيهِ الْجُزْء الثَّامِن واوله كتاب الْوكَالَة

(كتاب الوكالة)

(كِتَابُ الْوَكَالَةِ) وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ: (الْبَابُ الْأَوَّلِ فِي أَرْكَانِهَا) وَهِيَ أَرْبَعَةٌ: الرُّكْنُ الْأَوَّلُ: الموكِّل وَفِي الْجَوَاهِرِ كُلُّ مَنْ جَازَ لَهُ التصرفُ لِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ يجوزُ لَهُ الاستنابةُ وَأَصْلُ هَذَا الْكِتَابِ قَوْله تَعَالَى {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَة} وَهَذِه وكَالَة وَقَوله تَعَالَى {فأشهدوا عَلَيْهِم} وَفِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ أُضْحِيَّةً بِدِينَارٍ فَاشْتَرَى لَهُ شَاتَيْنِ بِدِينَارٍ وَبَاعَ وَاحِدَةً بِدِينَارٍ وَأَتَاهُ بِشَاةٍ وَدِينَارٍ فَدَعَا لَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْبَرَكَةِ الرُّكْنُ الثَّانِي: الْوَكِيلُ فِي الْجَوَاهِرِ: مَنْ جَازَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ لِنَفْسِهِ فِي الشَّيْءِ جَازَ لَهُ أَنْ يَنُوب فِيهِ " عَنْ " غَيْرِهِ إِذَا كَانَ قَابلا للاستنسابة إِلَّا أَنْ يَمْنَعَ مَانِعٌ فَقَدْ مُنِعَ فِي الْكِتَابِ مِنْ تَوْكِيلِ الذِّمِّيِّ عَلَى مُسْلِمٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوِ اسْتِئْجَارٍ أَوْ يُبضع مَعَهُ وَكَرِهَهُ وَلَوْ كَانَ عَبْدًا لَهُ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَمَا ذَلِكَ إِلَّا أَنه قد يٌ غلظ عَلَى الْمُسْلِمِينَ إِذَا وُكِّل عَلَيْهِمْ قَصْدًا لِأَذَاهُمْ فَيَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمِ إعانتُه عَلَى ذَلِكَ قَالَ الإِمَام: وَأما البيع وَالشِّرَاء فلِيَلا يَأْتِيَهُ بِالْحَرَامِ وَلِهَذَا مَنَعَ الذِّمِّيُّ عَامِلًا لَيْلًا يُعَامِلُ بِالرِّبَا وَبِمَا لَا تحلُّ المعاوضةُ بِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ: فَإِنْ نَزَلَ هَذَا تَصَدَّقَ الْمُسْلِمُ بِالرِّبْحِ قَالَ الْإِمَامُ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ مُحَمَّدٌ إِنَّمَا يَتَخَلَّصُ مِمَّا يَتَخَوَّفُ مِنَ الْحَرَامِ بِأَنْ يَكُونَ مَا فَعَلَهُ الذِّمِّيُّ مِنَ الرِّبَا فَيَتَصَدَّقُ بِمَا زَادَ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِن تُبتُم فلكم رُؤْس أموالكُم لَا تََظلِمون وَلَا تُظلمون} قَالَ: وَأَمَّا الْوَاقِعُ بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ وَأَتَى الْمُوَكِّلَ بِثَمَنِ ذَلِكَ فَيَتَصَدَّقُ بِجَمِيعِهِ لِأَنَّهُ كُلَّهُ ثَمَنُ خَمْرٍ فَهُوَ حرامٌ كلُّه وَفِي الرِّبَا إِنَّمَا تَحْرُمُ الزِّيَادَةُ فَرْعٌ قَالَ مِنَ الْمَوَانِعِ العداوةُ فَلَا يُوَكَّلُ الْعَدُوُّ عَلَى عَدُوِّهِ وَبَقِيَّةُ فُرُوعِ هَذَا الرُّكْنِ تَقَدَّمَتْ فِي الرُّكْنِ الْأَوَّلِ فِي الْبَيْعِ الرُّكْنُ الثَّالِثُ: مَا فِيهِ التَّوْكِيلُ فِي الْجَوَاهِرِ: لَهُ شَرْطَانِ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ قَالَ أَنْ يَكُونَ قَابِلًا لِلنِّيَابَةِ وَهُوَ مَا لَا يَتَعَيَّنُ بِحُكْمِهِ مُبَاشَرَةً كَالْبَيْعِ وَالْحِوَالَةِ وَالْكَفَالَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالْوَكَالَةِ وَالْمُصَارَفَةِ وَالْجَعَالَةِ وَالْمُسَاقَاةِ وَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالْخُلْعِ وَالسَّلَمِ وَسَائِرِ الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ دُونَ الْعِبَادَاتِ غَيْرِ الْمَالِيَّةِ مِنْهَا كَأَدَاءِ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ عَلَى خِلَافٍ فِيهِ وَيَمْتَنِعُ فِي الْمَعَاصِي كَالسَّرِقَةِ وَالْقَتْلِ العُدْوان بَلْ تَلْزَمُ أحكامُ هَذِهِ متعاطَِيها وَيَلْحَقُ بِالْعِبَادَاتِ الأيمانُ وَالشَّهَادَاتُ وَاللِّعَانُ وَالْإِيلَاءُ وَيَلْحَقُ بِالْمَعَاصِي الظِّهَارُ لِأَنَّهُ مُنكر وزرور وَيَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِقَبْضِ الْحُقُوقِ وَاسْتِيفَاءِ الْحُدُودِ وَالْعُقُوبَاتِ وَفِي الْخُصُومَات فِي الْإِقْرَار وَالْإِنْكَار بِرِضَى الْخصم وَبِغير رِضَاهُ فِي حُضُور المستحٍ قّ وَغَيْبَتِهِ تَمْهِيدٌ الْأَفْعَالُ قِسْمَانِ مِنْهَا مَا لَا تحصلُ مصلحتُه إِلَّا لِلْمُبَاشِرِ فَلَا يَجُوزُ التَّوْكِيلُ

فرع

فِيهَا لِفوات الْمَصْلَحَةِ بِالتَّوْكِيلِ كَالْعِبَادَةِ فَإِنَّ مَصْلَحَتَهَا الخضوعُ وَإِظْهَارُ الْعُبُودِيَّةِ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا يلزمُ مِنْ خُضُوعِ الْوَكِيلِ خضوعُ الموكِّل فَتَفُوتُ الْمَصْلَحَةُ وَمَصْلَحَةُ الْوَطْءِ الْإِعْفَافُ وَتَحْصِيلُ وَلَدٍ يُنْتَسَبُ إِلَيْهِ وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ لِلْمُوَكَّلِ بِخِلَافِ عَقْدِ النِّكَاحِ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ تَحَقُّقُ سَبَبِ الْإِبَاحَةِ وَقَدْ تَتَحَقَّقَ مِنَ الْوَكِيلِ وَمَقْصُودُ اللِّعَانِ وَالْأَيْمَانِ كُلِّهَا إِظْهَارُ دَلِيلِ الصِّدْقِ فِيمَا ادَّعَى وحلِفُ زيدٍ لَيْسَ دَلِيلًا عَلَى صِدْقِ عَمْرٍو وَكَذَلِكَ الشَّهَادَاتُ مَقْصُودُهَا الْوُثُوقُ بِعَدَالَةِ المتحِّمل وَذَلِكَ فَائِتٌ إِذَا ادَّعَى غَيْرُهُ وَمَقْصُودُ الْمَعَاصِي إعدامُها وشَرْعُ التَّوْكِيلِ فِيهَا فَرْعُ تَقْرِيرِهَا فَضَابِطُ هَذَا الْبَابِ مَتَى كَانَ الْمَقْصُودُ يحصلُ مِنَ الْوَكِيلِ كَمَا يَحْصُلُ مِنَ الموكِّل جَازَتِ الْوَكَالَةُ وَإِلَّا فَلَا 3 - (فَرْعٌ) قَالَ: لَوْ قَالَ لِوَكِيلِهِ قِرَّ عَنِّي لِفُلَانٍ بِأَلْفٍ فَهُوَ مُقِرٌّ بِهَذَا الْقَوْلِ قَالَ الْمَازِرِيُّ اسْتِقْرَاؤُهُ مِنْ نَصِّ بَعْضِ الْأَصْحَابِ الشَّرْطُ الثَّانِي: قَالَ أَنْ يَكُونَ مَا بِهِ التَّوْكِيلُ مَعْلُومًا بِالْجُمْلَةِ نُصَّ عَلَيْهِ أَوْ دَخل تَحْتَ عُمُومِ اللَّفْظِ أَوْ عُلم بِالْقَرَائِنِ أَوِ الْعَادَةِ فَلَوْ قَالَ وكَّلْتُك أَوْ فلانٌ وَكِيلِي لَمْ يَجُزْ حَتَّى يَقُولَ بِالتَّفْوِيضِ أَوْ بِالتَّصَرُّفِ فِي بَعْضِ الْأَشْيَاءِ لِأَنَّهُ عقدٌ يفْتَقر إِلَى الرضى فيُنافيه الْجَهْلُ الْمُطْلَقُ كَسَائِرِ الْعُقُودِ وَلَوْ قَالَ وَكَّلْتُكَ بمَا لِي مِنْ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ جَازَ وَاسْتَرْسَلَتْ يَدُ الْوَكِيلِ عَلَى جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ ومَضَى فعلُه فِيهَا إِذَا كَانَ نَظَرًا لِأَنَّهُ مَعْزُولٌ عَنْ غَيْرِ النَّظَرِ عَادَةً إِلَّا أَنْ يَقُولَ لَهُ افْعَلْ مَا شِئْتَ كَانَ نَظَرًا أَمْ لَا لِأَنَّهُ حَقُّهُ فَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَأَمَّا إِنْ قيَّد بِبَعْضِ الْأَشْيَاءِ دُونَ بَعْضٍ اتُّبع مُقْتَضَى اللَّفْظِ أَوِ الْعَادَةِ وَلَوْ قَالَ اشترِ لِي عَبْدًا جَازَ أَوْ عَبْدًا تُرْكِيًا بِمِائَةٍ فَأَوْلَى بِالْجَوَازِ لِذِكْرِ النَّوْعِ وَالثَّمَنِ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ: التَّوْكِيلُ بِالْإِبْرَاءِ لَا يَسْتَدْعِي عِلْمَ الموكِّل بالمبلغ المبراء عَنْهُ وَلَا عِلْمَ الْوَكِيلِ وَلَا عِلْمَ مَنْ عَلَيْهِ الْحق لِأَن مَقْصُود رضى الْوَكِيلِ عِلْمُ مَا يُشْبِهُ الْمُوَكِّلَ

- (فرع)

مِنَ الْعِلْمِ إِجْمَالًا وَذَلِكَ حَاصِلٌ حينئذٍ وَلَوْ قَالَ بِعْ بِمَا بَاعَ بِهِ فُلَانٌ فَرَسَهُ والعلمُ بِمَا بَاعَ بِهِ فُلَانٌ فَرَسَهُ مشترطٌ لِيَجْتَهِدَ إِلَى تِلْكَ الْغَايَةِ وَلَوْ قَالَ وَكَّلْتُكَ لِمخاصمة خصمِ جازَ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ لِأَنَّ الْمُخَاصَمَةَ لَا يُعْلَمُ غَايَتُهَا فَاعْتُبِرَ جنسُها خَاصَّةً 3 - (فَرْعٌ) قَالَ عَلِيُّ الْبَصْرِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ: يَصِحُّ التَّوْكِيلُ عَلَى الْخَصْمِ وَإِنْ لَمْ يرضَ وَقَالَهُ (ش) وَقَالَ (ح) كَذَلِكَ إِنْ غَابَ وَإِنْ حَضَرَ اشْتَرَطَ رِضَاهُ لِأَنَّهُ يَقُولُ لِلْمُوَكِّلِ لَمْ أَرض غلا بِمَقَالَتِكَ وَجَوَابُهُ أَنَّ عَلِيًّا وَكَّلَ عَقِيلًا عِنْدَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِيُخَاصِمَ عَنْهُ وَقَالَ هَذَا عقيلُ أَخِي مَا قُضي لَهُ فَلِي وَمَا قُضي عَلَيْهِ فَعَلَيَّ وَلِأَنَّ الموكِّل قَدْ يَعْجِزُ عَنِ الْحِجَاجِ مَعَ الْحَاضِرِ وَرُبَّمَا كَانَ مِمَّنْ تَشِينُهُ الْخُصُومَاتُ لِعُلُوِّ مَنْصِبِهِ وَقَدْ قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَنْ بَالَغَ فِي الْخُصُومَةِ أَثِمَ وَمَنْ قصَّر فِيهَا خُصِمَ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ لَا يُقبل قَوْلُ الْوَكِيلِ فِي قَبْضِ الْحق الَّذِي وُكل فِي قَبضه وَقَالَ (ش) وَقَالَ (ح) : يُقْبَلُ عَلَى تَلَفِهِ لِأَنَّهُ أَمِينُهُ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ وكَّله عَلَى الْقَبْضِ دُونَ الْإِقْرَارِ وَلَوْ وَكَّلَهُ عَلَى الْقَبْضِ وَأَبْرَأَ لَمْ يَصِحَّ فَكَذَلِكَ هَاهُنَا بِجَامِعِ عَدَمِ التَّوْكِيلِ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ وَلَوْ وَكَّلَهُ بِالْبَيْعِ لَمْ يَصِحَّ إِبْرَاؤُهُ وَقَالَ (ش) وَقَالَ (ح) : يَصِحُّ وَيُغَرَّمُ الْوَكِيلُ للموكِّل لِأَنَّهُ أقامهُ مَقَامَهُ وَجَوَابُهُ أَنَّمَا أَقَامَهُ فِي هَذَا خَاصَّةً دُونَ الْإِبْرَاءِ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ: إِذَا بَاعَ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِهِ رُدِّ وَقَالَ (ش) لغزله عَنْ ذَلِكَ عَادَةً وَقَالَ (ح) يَصِحُّ لِأَنَّ اسْمَ الْبَيْعِ يتناولُه لِأَنَّهُ أَعَمُّ وَجَوَابُهُ عُمُومٌ مُقَيَّدٌ بِالْعَادَةِ وَكَذَلِكَ مَنَعَ مَالِكٌ وَ (ش) بَيْعَهُ بِالدِّينِ وَجَوَّزَهُ (ح) مِنَ الْإِطْلَاقِ وَجَوَابُهُ مَا تقدم. الْكن الرَّابِع: الصغة وَمَا يَقُومُ مَقَامَهَا فِي الدَّلَالَةِ قَالَ فِي الْجَوَاهِر: وَلَا

بُدَّ مِنَ الْقَبُولِ فَإِنْ تَرَاخَى زَمَانًا طَوِيلًا يَتَخَرَّجُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي تَخْيِيرِ الْمَرْأَةِ إِذَا قَامَتْ وَلَمْ تَخْتَرْ فِي الْمَجْلِسِ قَالَ وَالتَّحْقِيقُ فِي هَذَا يَرْجِعُ إِلَى الْعَادَةِ هَلِ الْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا اللَّفْظِ جَوَابُهُ عَلَى الْفَوْرِ أَمْ لَا فِي الْجَوَاهِرِ: حُكْمُ الْوَكَالَةِ اللُّزُومُ مِنَ الْجَانِبَيْنِ إِذَا كَانَتْ بِغَيْرِ أُجرة قَالَهُ أَبُو الْحسن وَقيل اللُّزُوم من جَانب الوكِّل قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِنَاءً عَلَى لُزُومِ الْهِبَةِ وَأَن لم يتعض وَبِالْأُجْرَةِ لَازِمَةً مِنَ الطَّرَفَيْنِ لِأَنَّهَا إِجَارَةٌ وَيَجِبُ أَن يكون الْعَمَل مَعْلُوما كَمَا فِي الْإِجَازَة وَإِن كَانَت على سَبِيل الْجعَالَة فَفِي اللزو م ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: اللُّزُومُ مِنَ الطَّرَفَيْنِ وَعَكْسُهُ وَمِنْ جِهَةِ الْجَاعِلِ فَقَطْ وَإِذَا فرَّعنا عَلَى الْجَوَازِ فينعزلُ بِعَزْلِ الموكِّل إِيَّاهُ فِي حَضْرَتِهِ مَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِوَكَالَتِهِ حَقٌّ كَمَا إِذَا نَشِبَ مَعَهُ فِي الْخُصُومَةِ أَوْ وَكَّلَهُ فِي قَضَاءِ دَيْنٍ عَلَيْهِ وَهَلْ يَنْعَزِلُ قَبْلَ بُلُوغِ الْخَبَرِ إِلَيْهِ رِوايتان وَيَنْعَزِلُ بِبَيْعِ الْعَبْدِ الموكِّل فِي بَيْعِهِ وَبِإِعْتَاقِهِ وَيَنْعَزِلُ بِعَزْلِهِ نفسَه فِي حُضُورِ الموكِّل وغيبته على القَوْل ابجواز وَقِيلَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فِي غَيْبَتِهِ وَيَنْعَزِلُ بِمَوْتِ الموكِّل وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَإِنْ كَانَ مُفَوَّضًا إِلَيْهِ فَهُوَ عَلَى وَكَالَتِهِ حَتَّى يَعْزِلَهُ الْوَرَثَةُ وَإِذَا فرَّعنا عَلَى الْأَوَّلِ فَمَتَى يُعتبر الْعَزْلُ فِي حَقِّ مَنْ عَامَلَهُ؟ أَقُولُ حَالَةُ الْمَوْتِ حَالَةُ الْعِلْمِ فَمَنْ عَلِمَ انْتُسِخَ فِي حَقِّهِ دُونَ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ وَالْقَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى النَّسْخِ فِي الشَّرْعِ هَلْ حِينَ النُّزُولِ أَوِ الْبُلُوغِ؟ قَوْلَانِ لِلْأُصُولِيِّينَ فَالْمَوْتُ كَالنُّزُولِ الْقَوْلُ الثَّالِثُ عَلَى الْوَكِيلِ خَاصَّةً فَيَنْتَسِخُ بِعِلْمِهِ لَا بِعِلْمِ الَّذِي يُعَامِلُهُ لَكِنَّ مَنْ دَفَعَ إِلَيْهِ شَيْئًا بَعْدَ عِلْمِهِ بِعَزْلِهِ لِأَنَّهُ دَفَعَ إِلَى مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ بِوَكِيلٍ وَفِي النَّوَادِرِ: إِذَا مَاتَ الْبَاعِثُ بِالْبِضَاعَةِ قَبْلَ وُصُولِهَا إِنْ كَانَ للرسول بَيِّنَة بالإررسال فَعَلَيْهِ دَفْعُهَا وَإِلَّا فَلَا حَتَّى يُصَدِّقَهُ وَرَثَةُ الْبَاعِثِ وَيَكُونَ شَاهِدًا لِلْمَبْعُوثِ إِلَيْهِ وَإِنْ كَانَ الْمَبْعُوثُ إِلَيْهِ صِلَةٌ أَوْ هَدِيَّةٌ رُدت لِلْوَرَثَةِ لبطلانها بِالْمَوْتِ قبل القبص إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ أَشْهَدَ عَلَيْهَا عِنْدَ الْإِرْسَالِ وَلَوْ مَاتَ الْمَبْعُوثُ إِلَيْهِ قَبْلَ خُرُوجِ الصِّلَةِ مِنْ يَدِ الْبَاعِثِ بَطَلَتْ أَشْهَدَ أَمْ لَا نَظَائِرُ: قَالَ أَبُو عِمْرَانَ: خَمْسَةُ عُقُودٍ عَلَى الْجَوَازِ دُونَ اللُّزُومِ الْوَكَالَةُ وَالْجَعَالَةُ وَالْمُغَارَسَةُ والتحكيم والقراض

(الباب الثاني في أحكامها)

(الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهَا) وَفِي الْجَوَاهِرِ: حُكْمُهَا صِحَّةُ مَا وَافَقَ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ وَفَسَادُ مَا خَالَفَ اللَّفْظَ أَوِ الْعَادَةَ مِمَّا يَعُودُ بِنَقْصٍ وَأما يَعُودُ بِزِيَادَةٍ فَقَوْلَانِ بَنَاهما أَبُو الطَّاهِرِ عَلَى شَرط مَا لَا يُفيد هَل يلْزم الْوَفَاء بِهِ أَوْ لَا وَلَهُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ مَنْ أَقَاربه إِذا لم يُجَاب وَلَا يَبِيعُ مِنْ نَفْسِهِ لِخُرُوجِهِ عَنِ اللَّفْظِ عادةَ وَكَذَلِكَ وَلَدُهُ أَوْ يَتِيمُهُ وَقِيلَ لَهُ ذَلِكَ وَحَيْثُ قُلْنَا لَهُ ذَلِكَ بِمُطْلَقِ الْإِذْنِ أَوْ أُذن لَهُ فِيهِ فَإِنَّهُ يَتَوَلَّى طَرَفَيِ الْعَقْدِ إِذَا بَاعَ أَوِ اشْتَرَى مِنْ نَفْسِهِ أَو وَلَده الصَّغِير أَو يتيمه كَا يَتَوَلَّى ابْنُ الْعَمِّ طَرَفَيْ عَقْدِ النِّكَاحِ وتولَّى مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ استيفاءَهُ مِنْ نفسهِ بِالْوَكَالَةِ وَكَذَلِكَ الْوَكِيلُ مِنَ الْجَانِبَيْنِ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ وَالْبَيْعِ وَمَهْمَا عُلم أَنَّ الشِّرَاءَ لِلْمُوَكَّلِ فالمُلْك يَنْتَقِلُ للموكَّل لَا إِلَى الْوَكِيلِ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ: لَا يُسَلِّمُ الْمَبِيعَ قَبْلَ تَوْفِيَةِ الثَّمَنِ فَإِنْ سَلَّمَ وَلَمْ يُشهِد فَجَحَدَ الثَّمَنَ ضَمِنَهُ لتغريره وَيملك الْمُطَالبَة بِالثّمن وَالْقَبْض لِأَن مِنْ تَوَابِعِ الْبَيْعِ وَيُقَاصُّ الْوَكِيلَ وَالشُّرَكَاءَ وَيَمْلِكُ قَبْضَ الْمَبِيعِ وَأَمَّا مُطَالَبَتُهُمَا بِالثَّمَنِ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهُ وَكِيلٌ طُولِبَ بِتَسْلِيمِ الثَّمَنِ أَوِ المُثْمَن وَكَانَتِ الْعُهْدَةُ عَلَيْهِ وَإِنْ بَيَّن أَنَّهُ وَكيل وتبرأ من الثّمن أَن المُثْمَن لَمْ يَكُنْ لَهُ أَدَاءٌ وَلَا عُهْدَةٌ وَإِنْ صَرَّحَ بِالِالْتِزَامِ لَزِمَهُ مَا صَرَّحَ بِالْتِزَامِهِ وَثَمَّنَ " مَا " لَمْ يُصَرِّحْ بأَحد الْأَمْرَيْنِ فَإِنْ كَانَ الْعَقْدُ عَلَى شِرَاءٍ بِنَقْدٍ أَوْ بَيْعٍ بِهِ فالمنصوص فِي الْمَذْهَب مطالبتُه بِالثّمن والمثمون وَفِي النَّوَادِرِ: عَنْ مَالِكٍ

- (فرع)

إِذَا أبضَع مَعَهُ سِلْعَةً لِيَدْفَعَهَا لِرَجُلٍ فَعَلَيْهِ الْإِشْهَادُ عَلَى الدَّفْعِ وَإِلَّا ضمِن إِنْ أَنْكَرَ الْقَابِضُ وَلَوِ اشْتَرَطَ عَدَمَ الْإِشْهَادِ نَفَعَهُ شَرْطُهُ إِلَّا أَنْ يَحْلِفَ فَإِنِ اشْتَرَطَ عَدَمَ الْحَلِفِ بَطل الشَّرْط لأنّ الْأَحْدَاث تحدُث والتهم تجدّد بِخِلَاف الْإِشْهَاد وَقَالَ عبد الْمَالِك: يُصدّق وَلَا إِشْهَادَ عَلَيْهِ عَلَى الدَّفْعِ إِلَّا أَنْ يَقُولَ الآمرُ لَهُ اقْضِ هَذَا عَنِّي فُلَانًا فَهُوَ ضَامِنٌ إِنْ لَمْ يُشهد لِأَنَّهُ وَكَّلَ إِلَيْهِ الْقَضَاءَ والقضاءُ لَا يَكُونُ إِلَّا بِالْإِشْهَادِ قَالَ مَالِكٌ: فَلَوْ قَالَ الْمَبْعُوثُ إِلَيْهِ قَبَضْتُهَا وَضَاعَتْ مِنِّي ضمِن الرَّسُولُ لِتعدِّيهِ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ قَالَ مُحَمَّدٌ: إِلَّا أَنْ يَكُونَ دَيْنًا لِلْمَبْعُوثِ إِلَيْهِ عَلَى الْمُرْسِلِ فيبرأُ الْبَاعِثُ إِلَيْهِ وَالرَّسُولُ وَلَا يَنْتَفِعُ الرَّسُولُ بِشَهَادَةِ الْمَبْعُوثِ إِلَيْهِ لِأَنَّ لَهُ عَلَيْهِ الْيَمِينَ عَلَى ضَيَاعِهَا فَلَوْ جَازَتْ شَهَادَتُهُ لَمْ يَحْلِفْ وَكَذَلِكَ إِنْ لَمْ يُشهد فِي دَفْعِ الثَّوْبِ للقصَّار ضمِن قَالَهُ سَحْنُونٌ وَفِي الْمُوَازِيَةِ: إِنْ بَعَثَ بِالثَّمَنِ فَأَنْكَرَهُ الْبَائِعُ حَلَفَ الرَّسُولُ وَبَرِئَ وَلَا يَبْرَأُ الْمُشْتَرِي إِلَّا بِبَيِّنَةٍ قَالَهُ مَالِكٌ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ: إِذَا اشْتَرَى بِثَمَنِ المِثْل وَجَهِلَ الْعَيْبَ وَقَعَ عَنِ الموكِّل وَلِلْوَكِيلِ الردُّ عَلَى ضَمَانِهِ بِمُخَالَفَةِ الصِّفَةِ وَإِنْ عَلِمَ وَقَعَ عَنْهُ وَلَمْ يُرَد لِرِضَاهُ وَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ يَسِيرًا وَاشْتَرَاهَا بِذَلِكَ نَظَرًا لِلْآمِرِ لَزِمَ الْآمِرَ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَعَلِمَ لَمْ يَقَعْ عَنِ الْمُوَكِّلِ وَلَوْ جَهِلَ وَقَعَ عَنْهُ وَمَهْمَا جَهِلَ الْوَكِيلُ فَلَهُ الردُّ إِلَّا إِذَا كَانَ الْعَيْبُ عَيْنًا مِنْ جِهَةِ الْمُوَكِّلِ فَلَا رَدَّ لِلْوَكِيلِ وَقَالَ أَشْهَبُ الْمُوَكِّلُ مُقَدَّمٌ فَإِنْ كَانَتِ السِّلْعَةُ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ فَلَهُ الرَّدُّ بَعْدَ اسْتِرْجَاعِ الْوَكِيلِ لَهَا إِذَا لَمْ يُمض رَدَّهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا مُفَوَّضًا فَلَهُ الرَّدُّ وَالْقَبُولُ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَاهُ عَلَى الِاجْتِهَادِ مِنْ غَيْرِ مُحَابَاةٍ وَحَيْثُ يَكُونُ الْوَكِيلُ عَالِمًا فَلَا ردَّ لَهُ وَلَا يَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَيْبُ يَسِيرًا فَإِنْ كَانَ كَثِيرًا أَلْزَمَهَا الْوَكِيلُ لِلْمُوَكِّلِ إِنْ شَاءَ. 3 - (فَرْعٌ) فِي النَّوَادِرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِنْ وكَّلك فِي دَيْنٍ فَادَّعَى المطلوبُ دَفْعَ بَعْضِهِ لِرَبِّهِ لَا يُسمع ذَلِكَ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ فَإِنْ قَبَضْتَ مِنْهُ الْجَمِيعَ ثُمَّ قَدِمَ الطالبُ فَأَقَرَّ رَجَعَ

فرع

الْمَطْلُوبُ عَلَيْهِ لِتَفْرِيطِهِ فِي عَدَمِ إِخْبَارِكَ بِمَا قَبَضَ وَلَوْ قَالَ الْمَطْلُوبُ اكْتُبُوا لِلطَّالِبِ فَإِنْ صدَّقني بَرِئْتُ لَا يُسْمَعُ مِنْهُ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ مَتَى تَوَجَّهَتِ الْيَمِينُ عَلَى وَكِيلٍ أَوْ وَصِيٍّ فِي اخْتِلَافِ ثَمَنِ مَبِيعٍ أَوْ وَفَاءِ دَيْن فِي يَمِينٍ مَرْدُودَةٍ فَلَمْ يحْلفْ ضَمِن لتعدِّيه بِالنُّكُولِ وَعَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ شاهدٍ إِنْ أَقامه قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلِلْمُبْتَاعِ تحليفُه فِي الْعَيْبِ يَدَّعي حدوثَه 3 - (فَرْعٌ) قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إِذَا أَسْلَفْتَهُ دِينَارًا فَرَدَّهُ لأمرٍ كَرِهَهُ فَقُلْتَ لَهُ ادْفَعْهُ لِفُلَانٍ فتلِف ضمِنه إِنْ كَانَ لَمْ يُرَدَّ إِلَيْهِ وَإِنْ كَانَ رَدَّهُ فَلَا لِأَنَّهُ وَكِيلٌ أَمِينٌ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِذَا عَرَفَ الَّذِي عِنْدَهُ الدَّيْنُ أَو الْوَدِيعَة أَن هَذَا حظك وَأُمِرَ بِالدَّفْعِ وَالتَّسْلِيمِ لِوَكِيلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ الدَّفْعُ لِأَنَّهُ لَا يَبْرَأُ بِذَلِكَ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ: يَتَصَرَّفُ بِغَيْرِ مُعِين وَلَا يوكِّل إِذَا كَانَ مِمَّنْ يَلِي ذَلِكَ عَادَةً إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ وَلَوْ وكَّله فِي تَصَرُّفَاتٍ كَثِيرَةٍ وَأَطْلَقَ فِيهِ التَّوْكِيلَ إِنْ عَلِمَ عَجْزَهُ عَنِ الِانْفِرَادِ بِهَا ثُمَّ لَا يوكِّل إِلَّا أَمِينًا عَارِفًا بِالْمَصْلَحَةِ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ: إِذَا وكَّل بِإِذْنِ الْمُوَكِّلِ ثُمَّ مَاتَ الموكَّل قَالَ الْمَازِرِيُّ الْأَظْهَرُ أَنَّ الثَّانِيَ لَا يَنْعَزِلُ بِخِلَافِ انْعِزَالِ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ تَوْكِيلَ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ كَتَوْكِيلِ موكِّله لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ لازمٌ لَهُ كَتَصَرُّفِهِ بِنَفْسِهِ وَقَعَ لِابْنِ الْقَاسِمِ مَا يُشير ظاهُره إِلَى ذَلِكَ وَهُوَ إِمْضَاءُ تَصَرُّفِ مَنْ أَبْضَعَ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ بعد مفاصلتهما

- (فرع)

3 - (فَرْعٌ) فِي الْجَلَّابِ: إِذَا بَاعَ الْآمِرُ وَبَاعَ الْوَكِيلُ فَأَوَّلُ الْبَيْعَتَيْنِ أَحَقُّ لِمُصَادَفَتِهِ قَبُولَ الْمَحَلِّ بِخِلَافِ مَا بَعْدَهُ إِلَّا أَنْ يَقْبِضَ الثَّانِي السِّلْعَةَ فَهُوَ أَحَقُّ كَإِنْكَاحِ الْوَلِيَّيْنِ وَفِي شَرْحِ الْجَلَّابِ: هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَعَنِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ: الْأَوَّلُ أَحَقُّ مُطْلَقًا لِأَنَّ الثَّانِيَ إِنَّمَا قَبَضَ مِلكَ غَيْرِهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ النِّكَاحَ كَشْفَتُهُ عَظِيمَةٌ فَلِذَلِكَ جُعِلَ الثَّانِي إِذَا دَخَلَ مفوِّتاً وَامْتِهَانُ الْحَرَائِرِ ضَرَرٌ مَعَ الرَّدِّ بِخِلَافِ الشُّفْعَةِ 3 - (فَرْعٌ) فِي النَّوَادِرِ: أَبْضَعَ مَعَهُ جَمَاعَةٌ لِشِرَاءِ رَقِيقٍ فَخَلَطَهَا وَاشْتَرَى لَهُمْ رَقِيقًا وَأَعْطَى كُلَّ إِنْسَانٍ بِقَدْرِ بِضَاعَتِهِ وَأُعْطِيَ لِوَاحِدٍ مَرِيضَةً اشْتَرَاهَا كَذَلِكَ فَهَلَكَتْ وأقرَّ بِمَا صَنَعَ ضَمِنَ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي أَصْلِ شِرَائِهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ رَأْسًا بِعَيْنِهِ وَإِنْ قَالَ اشْتَرَيْتُهَا لِصَاحِبِهَا مُفْرَدَةً صُدِّق مَعَ يَمِينِهِ وَقَالَ سَحْنُونٌ: لَا يَحْلِفُ وَلَا يَضْمَنُ الْآخَرُونَ فِي الْمَرِيضَةِ شَيْئًا قَالَ مَالك: ولوأمروه بِشِرَاءِ طَعَامٍ فَجَمَعَ مَا لَهُمْ فِي شِرَاءِ الطَّعَامِ لَا يَضْمَنُ مَا هَلَكَ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا يَنْقَسِمُ بِالْكَيْلِ أَوِ الْوَزْنِ لَهُ شراؤُه مُشَاعًا ثُمَّ يُقَسِّمُهُ لِلتَّفَاوُتِ فِي ذَلِكَ وَيُضَمِّنُ مَا يَنْقَسِمُ بِالْقِيمَةِ بِخِلَافِ الْعَامِلِ فِي الْقِرَاضِ يَخْلِطُ أَمْوَالَ الْمُقَارِضِينَ لِأَنَّ لَهُ الْبَيْعَ بِخِلَافِ هَذَا 3 - (فَرْعٌ) قَالَ لَوْ قَالَ لَهُ بعْ مِنْ زيدٍ لَمْ يَبِعْ مِنْ غَيْرِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ خصَّص زَمَانًا أَوْ سُوقًا تَتَفَاوَتُ فِيهِ الْأَغْرَاض أوثمناً فَلَهُ الْبَيْعُ بِمَا فَوْقَهُ دُونَ مَا دُونَهُ لِأَن الْعَادة الرضى بِذَلِكَ بِطَرِيقِ الأَوْلَى ويُخَيَّر الموكِّل فِي الْأَدْنَى لِأَنَّهُ كَبَيْعٍ فُضُولِيٍّ أَوْ فسخِه فَإِنْ فَسَخَ والسلعةُ قَائِمَةٌ أَخَذَهَا وَقِيلَ: لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِمَا سمَّي مِنَ الثَّمَنِ أَوْ فَاتَتْ طالَبَهُ بِالْقِيمَةِ إِنْ لَمْ يُسمِّ ثَمَنًا فَإِنْ سمَّى فَهَلْ لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِمَا سَمَّى أَوْ بِالْقِيَمَةِ؟ قَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَنْ أَتْلَفَ سِلْعَةً وَقَفَت عَلَى ثَمَنٍ وَهَذَا فِي مَا عَدَا الرِّبويَّات فَإِنْ كَانَ الْعَقْدُ عَلَى رِبَوِيٍّ بِرِبَوِيٍّ كعين

- (فرع)

بِعَيْنٍ أَوْ طَعَامٍ بِطَعَامٍ فَهَلْ لَهُ أَنْ يَرْضَى بِفِعْلِهِ؟ قَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْخِيَارِ الْحُكْمِيِّ هَلْ هُوَ كالشَّرطي أَمْ لَا وَلَوْ قَالَ الْوَكِيلُ أَنَا أُتم مَا نَقَصَت فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ وَيُمْضِي الْبَيْعَ؟ قَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مَقْصُودُ الْآمِرِ وَقَدْ حَصَلَ أَوْ هُوَ مُتَعدٍ فِي الْبَيْعِ فَلَا يُلتفت إِلَى قَوْلِهِ وَيَجِبُ الرَّدُّ وَلَوْ قَالَ اشْتَرِ بِمِائَةٍ فَلَهُ الشِّرَاءُ بِمَا دُونَهَا لَا بِمَا فَوْقَهَا إِلَّا الْيَسِيرَ الْمُعْتَادَ كَالثَّلَاثَةِ فِي الْمِائَةِ وَنَحْوِهِ ويُقبَل قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ قَبْلَ تَسْلِيمِ السِّلْعَةِ أَوْ قُرْبَ التَّسْلِيمِ بِخِلَافِ إِذَا طَالَ الزَّمَانُ فَإِنْ كَانَ زَادَ كَثِيرًا خُيِّرَ المُوكِّل فِي الْإِمْضَاءِ وتركِ السِّلْعَةِ لَهُ وَلَوْ قَالَ بِعْ بِمِائَةِ نَسِيئَةً فَبَاعَ بِمِائَةٍ نَقْدًا أَوِ اشتَرِ بمائةٍ نَقْدًا فَاشْتَرَى بِمِائَةِ نَسِيئَةً لَزِمَ الْآمِرُ قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَقَالَ خَالَفَنِي فِيهَا أَبُو بكر ابْن اللبّاد واحتجتُ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْمُبْتَاعَ لَوْ عَجَّلَ الثَمن المُؤجل لَزِمَ الْقَبُولَ وَلَوْ قَالَ بعْ بِالدَّنَانِيرِ فَبَاعَ بِالدَّرَاهِمِ أَوْ بِالْعَكْسِ فَفِي اللُّزُومِ قَوْلَانِ بِناءً عَلَى أَنَّهُمَا كَنَوْعٍ وَاحِدٍ أَوْ كَنَوْعَيْنِ وَلَوْ سلَّم لَهُ دِينَارًا يَشْتَرِي بِهِ شَاةً فَاشْتَرَى بِهِ شَاتَيْنِ وَبَاعَ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ وَرَدَّ الدِّينَارَ وَالشَّاةَ صَحَّ عَقْدُ الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ وَلَزِمَ بِإِجَازَةِ الْمِلْكِ لِلْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ وَلِأَنَّهُ أصلُنا فِي تصرُّف الْفُضُولِيِّ وَلَوْ قَالَ بِعْ بِعَشَرَةٍ فَبَاعَ بِعَشَرَةٍ مِنْ غَيْرِ اجْتِهَادٍ فَقَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى حُصُولِ المسمَّى أَوِ الْمَقْصُودُ أَنْ لَا تَنْقُصَ الْعَشَرَةُ وَأَنْ يَجْتَهِدَ فِي الزَّائِدِ قَالَ بَعْضُ المُتأخرين: وَلَو ظهر أجد الْقَصْدَيْنِ ارْتَفَعَ الْخِلَافُ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ: الْوَكِيلُ بِالْخُصُومَةِ لَا يُقِرُّ عَلَى مُوَكِّلِهِ كَمَا لَا يُصالِحُ وَلَا يُبرئ إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَا يَشْهَدُ لِمُوَكِّلِهِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا وَإِنْ شَرَعَ لَمْ يُوَكِّلْ

- (فرع)

تَنْجِيزًا لِرفع ظُلْمِ الْمُعْتَدِي إِلَّا أَنْ يَخَافَ مِنْ خَصْمِهِ اسْتِطَالَةً بِسَبَبٍ وَنَحْوِهِ فَيَجُوزُ لِلضَّرُورَةِ وَلَا يَعْزِلُ الْوَكِيلُ حَيْثُ وكِّل بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْخُصُومَةِ تَنْجِيزًا لِرَفْعِ الْعُدْوَانِ فَإِنَّ أَحَدَ الْخَصْمَيْنِ ظَالِمٌ والمنكَرُ وَالْفَسَادُ تَجِبُ إِزَالَتُهُ عَلَى الْفَوْرِ وَقَالَ أَصْبَغُ: لَهُ عزلُهُ مَا لَمْ تُشْرِفْ حُجَّتُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ مُبَاشَرَتُهُ لِنَفْسِهِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عَزْلُهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ هُوَ عَزلُ نَفْسِهِ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ: إِذَا وُكِّلَ رَجُلَيْنِ لِكل وَاحِدٍ الاستبدادُ إِلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ الِاجْتِمَاعُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الشَّرْطِ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ: وَكَمَا لَا يُفتَقَر إِلَى حُضُورِ الْخَصْمِ فِي عَقْدِ الْوَكَالَةِ لَا يُفتَقر إِلَى إِثْبَاتِهَا عِنْدَ الْحَاكِمِ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ: إِنْ سَلَّمَ إِلَيْهِ أَلفاً وَقَالَ اشتَرِ بِعَيْنِهِ شَيْئًا فَاشْتَرَى فِي الذِّمَّة وَنَقَدَ الْأَلْفَ صَحَّ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ اشترِ فِي الذِّمَّةِ وسلِّم الْأَلْفَ فَاشْتَرَى بِعَيْنِهِ وَأَوْلَى بِالصِّحَّةِ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ: مَهْمَا خَالَفَ فِي الْبَيْعِ وُقف عَلَى إِجَازَةِ الْمُوَكِّلِ وَرَدِّهِ وَمَهْمَا خَالَفَ فِي الشِّرَاءِ وَقَعَ عَنِ الْوَكِيلِ إِنْ لَمْ يَرْضَ الموكِّل 3 - (فَرْعٌ) قَالَ: الْوَكِيلُ أمينٌ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ فَلَا يُضَمَّنُ إِلَّا بِالتَّعَدِّي أَوِ التَّفْرِيطِ كَانَ وَكِيلًا بِجُعْلٍ أَمْ لَا ثُمَّ إِنْ سلَّم إِلَيْهِ الثَّمَنَ فَهُوَ مطالبٌ بِهِ مَهْمَا وُكِّل بِالشِّرَاءِ فَإِنْ

- (فرع)

لَمْ يسلِّم إِلَيْهِ الثَّمَنَ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ كَوْنَهُ وَكِيلًا طَالَبَهُ وَإِنِ اعْتَرَفَ بِوَكَالَتِهِ فَلَيْسَ لَهُ مطالبتهُ ثُمَّ حَيْثُ طُولِبَ الوكيلُ رَجَعَ عَلَى الموكِّل وَلَوْ وَكَّلَ بِشِرَاءِ عَبْدٍ فَاشْتَرَاهُ وَقَبَضَهُ فَتَلِفَ فِي يَدَيْهِ أَوِ اسْتَحَقَّ فَالْمُسْتَحِقُّ يُطَالِبُ الْمُوَكِّلَ وَكَذَلِكَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إِذَا قَبَض الثَّمَنَ وتلِف فِي يدهع فاستُحِق المبيعُ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْمُوَكِّلِ دُونَ الْوَكِيلِ وَفِي الْجَلَّابِ: إِذَا دُفِعَ لَهُ الثَّمَنُ لِمُعَيَّنٍ فَضَاعَ مِنْهُ بَعْدَ أَنْ عَقَدَ عَلَيْهِ فَضَاعَ لَزِمَهُ دَفع غَيْرِهِ مِرَارًا حَتَّى يَصِلَ إِلَى الْبَائِعِ وَلَوْ دَفَعَ الموكَّل الثَّمَنَ قَبْلَ الشِّرَاءَ فَضَاعَ بَعْدَ الشِّرَاءِ لَمْ يُعطِ غَيْرَهُ إِنِ امْتَنَعَ وَيَلْزَمُ الْوَكِيلُ السِّلْعَةَ وَعَلَيْهِ الثَّمَنُ لِأَنَّهُ مالٌ مُعَيَّنٌ ذَهَبَ وَلَمْ يَتَنَاوَلِ العقدُ غَيْرَهُ 3 - (فَرْعٌ) فِي النَّوَادِرِ: دَفَعَ إِلَيْكَ أَرْبَعِينَ لِتَشْتَرِيَ بِهَا رَأْسَيْنِ وَتَبِيعَهُمَا وَتُحْرِزَ رِبحهما وَآخَرُ دَفَعَ ثَمَانِينَ لِتَشْتَرِيَ رَأْسًا وَتَبِيعَهُ وَتُحْرِزَ الْفَضْلَ فَاشْتَرَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مَا أَمَرَهُ وَبَاعَ رَأْسًا بِمِائَةٍ وَآخَرَ بِسِتِّينَ وَآخَرَ بِأَرْبَعِينَ وَلَمْ يدرِ لِمَنْ كَانَ الرَّقِيقُ مِنْهُمَا وتداعَيَا الْأَرْفَعَ قِيلَ يَضْمَنُ مِائَةً لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا وَيُقَالُ لِصَاحِبِ الرَّأْسَيْنِ أَيُّهُمَا لَكَ؟ فيحلفُ وَيَأْخُذُهُ وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ وَيَتَحَالَفَانِ عَلَى الْمِائَةِ فَيَقْتَسِمَانِهَا وَيُقَال لصَاحب الرأسين مَا الَّذِي كل أَصَاحِبُ السِّتِّينَ أَوْ صَاحِبُ الْأَرْبَعِينَ فَيَحْلِفُ عَلَيْهِ وَيَأْخُذهُ ثمَّ يكون الْبَاقِي بيهما لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يزعمُ أَنَّهُ بَقِيَ لَهُ مِنْ مَالِهِ خَمْسُونَ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِيَا ذَلِكَ فَلِصَاحِبِ الرَّأْسَيْنِ أَرْبَعُونَ وَمِائَةٌ وَلِصَاحِبِ الرَّأْسِ سَبْعُونَ وَلَو دفع أَحدهمَا دَنَانِير وَآخر دَرَاهِم لشرائين فَصَرَفَ هَذِهِ بِهَذِهِ بِصَرْفِ النَّاسِ جَازَ

الباب الثالث في النزاع)

(17 الْبَابُ الثَّالِثُ فِي النِّزَاعِ) وَفِي الْجَوَاهِرِ: يَقَعُ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ: الْمَوْضِعُ الْأَوَّلُ فِي الْإِذْنِ وَصِفَتِهِ وَقَدْرِهِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الموكِّل لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوَصِيَّةِ بوجهٍ مِنَ الْوُجُوهِ فَلَوْ تَنَازَعَا فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ حَلَفَ الموكِّل وَغُرِّمَ الْوَكِيلُ لِلْمُشْتَرِي أَنْكَرَ البائعُ الْوَكَالَةَ أَوِ اعْتَرَفَ بِهَا وَلَوْ بَاعَ بِعَشَرَةٍ فَقَالَ مَا أَمَرْتُكَ إِلَّا بِاثْنَيْ عشر صُدِّق الْآمِرُ إِنْ لَمْ تَفُتِ السِّلَعُ فَإِنْ فَاتَتْ صُدق الْمَأْمُورُ لِأَنَّهُ غَارِمٌ مَا لَمْ بيع بِمَا يُستنكر الْمَوْضِعُ الثَّانِي: التَّصَرُّفُ الْمَأْذُونُ فِيهِ فَإِذَا قَالَ تصرفتُ كَمَا أَذِنْتَ صُدِّق الْوَكِيلُ لِأَنَّهُ أَمِين ويَلزَمُ الْآمِر ذَاك التَّصَرُّفُ مِنْ بَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ لِإِقْرَارِهِ بِالْوَكَالَةِ وَكَذَلِكَ لَوِ ادَّعى تَلَفَ رَأْسِ الْمَالِ صُدِّق لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ شَغْلِ ذِمَّتِهِ بِالضَّمَانِ وَكَذَلِكَ لم أدَّعى ردَّ الْمَالِ سواءٌ كَانَ بِجُعلٍ أَمْ لَا وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ قبضتُ الثَّمَنَ وتلِف إِنْ ثَبَتَ الْقَبْضُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ صدَّقَهُ الموكِّل فِيهِ وَإِلَّا لَمْ يَبْرَأِ الْغَرِيمُ مِنَ الدِّين إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَابِضُ وَكِيلًا مُفَوَّضًا أَوْ وَصِيًّا فَيبرأ باعترافه من غير بِبَيِّنَة بِخِلَافِ الْوَكِيلِ الْمَخْصُوصِ وَفِي كِلَا الْوَجْهَيْنِ لَا غُرْمَ عَلَى الْوَكِيلِ الْمَوْضِعُ الثَّالِثُ إِذَا وكَّله فِي قَضَاءِ الدَّيْن فَلْيُشْهِد وَإِلَّا ضَمِنَ بِتَرْكِ الْإِشْهَاد وَقبل لَا يَضْمَنُ إِنْ كَانَتِ الْعَادَةُ تَرْكَ الْإِشْهَادِ وَكَذَلِكَ وَصِيُّ الْيَتِيمِ لَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى رَدِّ الْمَالِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالهم فأشهدوا عَلَيْهِم}

- (فرع)

3 - (فَرْعٌ) قَالَ: مَنْ يُصَدَّق بالرَّدِّ إِذَا طُلب بِالرَّدِّ لَيْسَ لَهُ التَّأْخِيرُ بِعُذْرِ الْإِشْهَادِ إِذَا تَحَقَّقَتِ الْوَكَالَةُ أَوْ باشَرَهُ الْمُسْتَحِقُّ وَلِمَنْ عَلَيْهِ الحقُّ بشهادةٍ أَلَّا يسلِّم إِلَى الْمُسْتَحِقِّ أَوْ وَكِيلِهِ إِلَّا بِشَهَادَةٍ وَإِنِ اعْتَرَفَ بِهِ فَإِنْ كَانَ فِي يَدِهِ تَرِكَةٌ فَاعْتَرَفَ لِإِنْسَانٍ بِأَنَّهُ وارثُ صاحِبها لَا وَارِثَ لَهُ سِوَاهُ لَزِمَهُ التسلمي وَلَا يكلِّفه بِشَهَادَةٍ عَلَى أَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ سِوَاهُ وَلَوِ اعْتَرَفَ أَنَّهُ اسْتَحَقَّ أَلْفًا عَنْ جِهَةِ حَوَالَةٍ وَلَكِنْ خَافَ إِنْكَارَ الْوَكِيلِ فَهُوَ كَخَوْفِ المُحيل إِنْكَارَ الموكِّل وَلَوِ ادعَّى عَلَى الْوَكِيلِ قَبْضَ الثَّمَنِ فَجَحَدَهُ فأُقيمت عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِالْقَبْضِ فادَّعى تَلَفًا أَوْ رَدًّا قَبْلَ الْجَحَدِ لَمْ تُسمع دَعْوَاهُ قَالَ مُحَمَّدٌ: الَّذِي يُبَيِّنُ أَنَّهُ لَوْ صرَّح بِالْإِنْكَارِ وَقَالَ مَا دَفَعَ إلىَّ شَيْئًا لِغُرْمٍ قَامَتِ الْبَيِّنَةُ أَوْ أَقَرَّ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِيمَنْ عَلَيْهِ دَيْن فَدَفَعَهُ أَوْ وديعةٌ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ فردَّها وَأَشْهَدَ بَيِّنَةً لِذَلِكَ فطُولب فَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ كَانَ عَلَيْهِ دينٌ أَوْ قَالَ مَا أودعنى شياً ثُمَّ أَقَرَّ أَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَصْلِ الْحَقِّ فَأَخْرَجَ الْبَرَاءَةَ بِالْعُدُولِ لَا تَنْفَعُهُ شهادةُ الْبَرَاءَةِ لِأَنَّهُ كذّبهم بجحده الأَصْل وبقة فُرُوعِ هَذَا الْكِتَابِ مَعَ جَمِيعِ فُرُوعِ التَّهْذِيبِ تَقَدَّمَتْ فِي الرُّكْنِ الْأَوَّلِ مِنَ الْبَيْعِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ 3 - (فَرْعٌ) إِذَا ادَّعَى الْوَكِيلُ المُفوّض إِلَيْهِ أَوْ غَيْرُ الْمُفَوَّضِ أَنَّهُ دَفَعَ لَكَ مَا قَبَضَهُ مِنْ غُرمائكَ صَدَّقَهُ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَعَنْهُ لَا يُصدّق بِحَضْرَةِ قَبَضِ الْمَالِ أَوْ بِقُرْبِهِ بِالْأَيَّامِ الْيَسِيرَةِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ عِنْدَهُ وَتَحْلِفُ أَنْتَ وتصدَّق وَهُوَ مَعَ يَمِينِهِ فِي نَحْوِ الشَّهْرِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ قبضُك لِمَالِكَ حِينَئِذٍ وَإِنْ طَالَ جِدًّا لَمْ يَحْلِفْ وَفَرَّقَ أَصْبَغُ بَيْنَ المفوَّض إِلَيْهِ فَفِي الْقُرْبِ يَبرأُ مَعَ يَمِينِهِ وَفِي الْبُعْدِ جِدًّا يَبْرَأُ بِغَيْرِ يمينٍ وَأَمَّا الْوَكِيلُ عَلَى شيءٍ بِعَيْنيهِ قَالَ فَهُوَ غَارِمٌ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ وَإِنْ مَاتَ الْوَكِيلُ بِالْقُرْبِ قَالَ عَبْدُ الْمَالِكِ ذَلِكَ فِي مَالِهِ إِذَا عُرِف الْقَبْضُ وجُهل الدَّفْعُ وَلم يذكرهُ (كتاب الشّركَة) قَالَ الْجَوْهَرِي: شاركتُ فلَانا صٍ رْتُ شَرِيكا لَهُ واشتركنا وتشاركنا وشرِكتُه فِي البع وَالْمِيرَاثِ - بِكَسْرِ الرَّاءِ - أَشرَكَهُ - بِفَتْحِهَا - شِركَةً - بِكَسْرِ الشِّينِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَالِاسْمُ الشِّرك - بِكَسْرِ الشِّينِ وَسُكُون الرَّاء - وَأَصلهَا قَوْله تَعَالَى {وَإِن تخالطوهم فإخوانكم} وَقَالَ: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} الْآيَةَ قَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - هِيَ الْيَتِيمَة تشاركه فِي مَاله وَقَوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الشُّفعة فِي مَا لم يُقسم وَقَوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَن أَعْتَقَ شِركاً لَهُ فِي غَيْرِ الْحَدِيثِ وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ فِي الصِّحَاحِ وقَوْله تَعَالَى {فَابْعَثُوا أحدكُم بورقكم هَذِه إِلَى الْمَدِينَة} مُقْتَضَاهُ الشّركَة فِي الطَّعَام المُشترى بالورق وَفِي الْكِتَابِ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ:

(الباب الأول في الأركان)

(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي الْأَرْكَانِ) وَهِيَ أَرْبَعَةٌ: الرُّكْنُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي الْمُتَعَاقِدَانِ وَفِي الْجَوَاهِرِ: لَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا إِلَّا أَهْلِيَّةُ التَّوْكِيلِ وَالتَّوَكُّلِ فَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ يتصرَّف لِنَفْسِهِ وَلِصَاحِبِهِ بِإِذْنِهِ قَالَ الْلَخْمِيُّ قَالَ مَالِكٌ: لَا يَنْبَغِي مُشَارَكَةُ مَنْ يُتهم فِي دينه ومعاملته وَلَا يَهُودِيًّا وَلَا نصرانياُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ الَّذِي يُعَامِلُ وَقَالَهُ (ح) وَ (ش) 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ تجوز شركَة العبيد إِذْ أُذن لَهُمْ فِي التِّجَارَةِ وَلَا يُشَارِكُ مُسلم ذِمِّيًّا إِلَّا أَنْ لَا يَغِيبَ الذِّمِّيُّ عَلَى بَيْعٍ وَلَا شِرَاءٍ وَلَا قَضَاءٍ وَلَا اقْتِضَاءٍ إِلَّا بِحَضْرَةِ الْمُسْلِمِ وَتَجُوزُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ غَيْرَ مَأْذُونٍ لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَالْعَبْدُ الْمُتَوَلِّي الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ لَمْ يَكُنْ عَلَى الحرِّ فِي ذَلِكَ مطالبةٌ إِنْ هَلَكَ الْمَالُ أَوْ خَسِرَ وَكَذَلِكَ إِنْ تولَّيا جَمِيعًا الشِّرَاءَ وَوَزَنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَائِبه وأعلقاه عَلَيْهِمَا وَلَمْ يَنْفَرِدِ الحرُّ بِهَا وَإِنْ كَانَ الحرُّ الْمُتَوَلِّيَ ضَمِنَ رَأْسَ الْمَالِ إِنْ هَلَكَ أَوْ خَسِرَ لوَضع يَدِهِ مُسْتَقِلًا فَإِنْ شَارَكَ نَصْرَانِيًّا وَغَابَ عَنِ الْمُعَامَلَةِ اسْتُحِبَّ لَهُ التَّصَدُّقُ بِنَصِيبِهِ مِنَ الرِّبْحِ لِاحْتِمَالِ مُعَامَلَتِهِ بِالرِّبَا فَإِنْ شَكَّ فِي التِّجَارَةِ فِي الْخَمْرِ تَصَدَّقَ بِالْجَمِيعِ اسْتِحْبَابًا وَإِنْ عَلِمَ سَلَامَتَهُ مِنْ ذَلِكَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيُرِيدُ مَالِكٌ إِذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ مُتَجَالَّةً أَوْ شَابَّةً لَا تُبَاشِرُهُ وَوَافَقَنَا (ش) وَقَالَ (ح) تُمنع مُشَارَكَةُ الْحُرِّ لِلْعَبْدِ لِأَنَّ أَصْلَ الشَّرِكَةِ التَّسَاوِي وَالْحُرُّ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ بِنَفْسِهِ وَالْعَبْد لَا

يَمْلِكُهُ إِلَّا مِنْ قِبَلِ السَّيِّدِ وَبَيْنَ الْعَبْدَيْنِ وَالْمُكَاتَبَيْنِ لِانْتِفَاءِ صِحَّةِ الْوَكَالَةِ وَنَحْنُ نَمْنَعُ اعْتِبَارَ التَّسَاوِي إِلَّا فِي الرِّبْحِ مَعَ الْمَالِ وَنَمْنَعُ اشْتِرَاطَ صِحَّةِ الْكَفَالَةِ بَلْ صِحَّةِ التَّصَرُّفِ الرُّكْنُ الثَّالِث: الصِّيغَة الدَّالَّةُ عَلَى الْإِذْنِ فِي التَّصَرُّفِ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا فِي الدَّلَالَةِ لِأَن الْمَقْصُود حُصُول الرضى بِكُلِّ مَا دَلَّ عَلَيْهِ وَيَكْفِي اشْتَرَكْنَا إِنْ فُهم الْمَقْصُودُ عَادَةً الرُّكْنُ الرَّابِعُ: الْمَحَلُّ وَفِي الْجَوَاهِرِ: هُوَ الْمَالُ وَالْأَعْمَالُ فَعَقْدُ الشَّرِكَةِ فِي الْمَالِ بَيْعٌ لِبَيْعِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ مَتَاعِهِ بِنِصْفِ مَتَاعِ صَاحِبِهِ لَكِنَّهُ بيعُ لَا مُنَاجَزَةَ فِيهِ لِبَقَاءِ يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى مَالِهِ بِسَبَبِ الشَّرِكَةِ لَكِنَّ الْإِجْمَاعَ منعقدٌ عَلَى جَوَازِ الشَّرِكَةِ بِالدَّنَانِيرِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ وَالدَّرَاهِمِ مِنْهُمَا عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ وَفِي الْقِيَاسِ عَلَيْهِ خلاف قَاس ابْن الْقَاسِم الطَّعَام على العَبْد الْمُتَّفق كَيْلا وَصفَة وَمَنَعَ فِي الدَّنَانِيرِ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالدَّرَاهِمِ مِنْ عِنْدِ الْآخَرِ وَالطَّعَامَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ وَتَجُوزُ بِالْعَرْضَيْنِ المُتَّفقين فِي الصِّفَةِ قَوْلًا وَاحِدًا وَمَنَعَ مَالِكٌ الطَّعَامَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ وَتَجُوزُ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَشَرَطَ فِي الذَّهَبَيْنِ اتِّفَاقَ الصَّرْفِ وَإِنِ اخْتَلَفَتِ السِّكَّةُ وَلَا يضرُّ اخْتِلَافُ الْعَرْضَيْنِ وَلَا فِي الْقِيمَةِ وَرَأْسُ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا قُوِّم بِهِ عرضُه وَلَوْ وَقَعَتْ بِالْعَرْضَيْنِ فَاسِدَةً لَكَانَ رَأْسُ مَالِ كُلِّ واحدٍ مَا بيع بِهِ عرضه وَمَعَهَا (ش) بِغَيْرِ الْمِثْلِيَّاتِ وَلَا يَنْفَعُ التَّقْوِيمُ عِنْدَهُ وَمِنْهَا السَّبَائِكَ وَالنَّقَّارَ لِلرُّجُوعِ فِيهَا إِلَى الْقِيمَةِ وَتَجُوزُ فِي المثلين من الْحَيَوَان والأقطار وَالْأَدْهَانِ وَمَنَعَهُ (ح) قِيَاسًا عَلَى الْقِرَاضِ وَالْفَرْقُ احْتِيَاجُ الْقِرَاضِ إِلَى رَدَّ عَيْنِ رَأْسِ الْمَالِ وَرُبَّمَا غَلَا فَيَسْتَغْرِقُ الرِّبْحَ فَيَذْهَبُ عَمَلُ الْعَامِلِ بِخِلَافِ الشَّرِكَةِ قَالَ (ش) وَ (ح) : إِنِ احْتَاجَا إِلَى الشَّرِكَةِ بِالْعَرْضَيْنِ بَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ نِصْفَ عَرْضِهِ بِنِصْفِ عَرْضِ صَاحِبِهِ فَيَصِيرُ الْجَمِيعُ مُشْتَرِكًا وَيُشْتَرَطُ الْقَبْضُ حَذَرًا مِنَ التَّلَفِ فَيُنْقَضُ الْبَيْعُ وَقَالَ (ح) : لَا يَجُوزُ إِلَّا بِالنَّقْدَيْنِ وَالْفُلُوسِ تَمْهِيدٌ مَنْشَأُ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ مُلَاحَظَةُ قَوَاعِدَ:

- (فرع)

أَحَدُهَا: أَنَّ الرُّخَصَ هَلْ يُقاس عَلَيْهَا أَمْ لَا وَهِيَ مَسْأَلَةُ قَوْلَيْنِ فِي الْأُصُولِ فَمَنْ مَنَعَ لَمْ يُلحق بِالنَّقْدَيْنِ غَيْرَهُمَا وَثَانِيهَا: قَاعِدَةُ سَدِّ الذَّرَائِعِ فَإِنَّ الْغَالِبَ عَلَى الْعُقَلَاءِ عَدَمُ الْقَصْدِ إِلَى الْمُعَاوَضَةِ بَيْنَ المِثليات إِلَّا لِغَرَضٍ فَإِذَا اشْتَرَكَا بِمِثْلَيْنِ كَانَ الْغَرَضُ الْإِرْفَاقَ بِالشَّرِكَةِ لَا الْمُعَاوَضَةَ وَإِنِ اشْتَرَكَا بِمُخْتَلِفَيْنِ كَانَ الْغَرَضُ الْمُبَايعَة وَهُوَ مَمْنُوع من الشّركَة لعد التَّأْخِيرِ وَعَدَمِ الْقَبْضِ وَدُخُولِ النَّسَاءِ فِي النَّقْدَيْنِ فَمن لَا حَظّ هَذِهِ مَنَعَ إِلَّا فِي الْمِثْلِيَّاتِ وَمَنْ لَمْ يُلَاحِظْ وَلَاحَظَ أَنَّ الضَّرُورَةَ قَدْ تَدْعُو لِلشَّرِكَةِ بِقَسْمِ الْمُخْتَلِفَاتِ عَلَيْهِ جوَّزه وَثَالِثُهَا مُلَاحَظَةُ الْقِيَاسِ عَلَى الْقِرَاضِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ الْقَاعِدَةُ الرَّابِعَةُ: مُلَاحَظَةُ رِبْحِ مَا لَمْ يُضَمَّنْ فِي الْعُرُوضِ لِتَوَقُّعِ تَأْخِيرِ بَيْعِ عَرْضٍ أَحَدِهِمَا فَيَغْلُو فَيُبَاعُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ وَقْتَ الشَّرِكَةِ فَإِنْ أَعْطَيْنَا رِبْحَ الزَّائِدِ لِصَاحِبِهِ فَقَدْ أَفْرَدْنَا أَحَدَهُمَا بربج وَهُوَ خلاف عقد الشّركَة أَولا كَانَ قَلِيلُ الْمَالِ مِثْلَ كَثِيرِهِ فِي الرِّبْحِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُتَمَيِّزِ لَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ غَلَاءٌ وَلَا رُخْصٌ فَائِدَةٌ: قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الْعَرْضُ - بِسُكُونِ الرَّاءِ - مَا لَيْسَ مَوْزُونًا وَلَا مَكِيلًا وَلَا حَيَوَانًا وَلَا عَقَارًا 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ لَا تَجُوزُ إِلَّا بِالْأَمْوَالِ وَعَمَلِ الْأَبْدَانِ إِنْ كَانَت صَنْعَة وَاحِدَة وتمتنع بِالذِّمَمِ بِغَيْرِ مَالٍ وَعَلَى أَنْ يَضْمَنَا مَا ابْتَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَانَا فِي بَلَدٍ أَوْ فِي بَلَدَيْنِ يُجْهِزُ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى صَاحِبِهِ تَفَاوُضًا كَذَلِكَ فِي تِجَارَةِ الرَّقِيقِ أَوْ فِي جَمِيع التِّجَارَات أَو بعضهما. وَكَذَلِكَ إِنِ اشْتَرَكَا بِمَالٍ قَلِيلٍ عَلَى أَنْ يَتَدَايَنَا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَقُولُ احْمِلْ عَنِّي نِصْفَ مَا اشْتَرَيْتُ عَلَى أَنْ أَحْمِلَ عَنْكَ نِصْفَ مَا اشْتَرَيْتَ إِلَّا أَنْ يَجْتَمِعَا فِي شِرَاء سلْعَة مُعينَة حَاضِرَة أَو علئبة فَيَشْتَرِيَانِهَا بِدَيْنٍ فَيَجُوزُ ذَلِكَ إِنْ كَانَا حَاضِرَيْنِ لِوُقُوعِ الْعُهْدَةِ عَلَيْهِمَا وَإِنْ ضَمِنَ أحدُهما عَنْ صَاحبه فَذَلِك جَائِز قَالَ صَاحب النكث: الْفَرْقُ بَيْنَ شَرِيكَيِ الْمَالِ يَجُوزُ افْتِرَاقُهُمَا فِي موضِعين

وَامْتِنَاعُ افْتِرَاقِ شَرِيكَيِ الْبَدَنِ أَنَّ شَرِيكَيِ الْمَالِ حَصَلَتِ الشَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا فِيهِ فَلَا يضرُّ افْتِرَاقُهُمَا وشريكا الْبدن إِذا افْتَرقَا لم يبْق بيهما شَرِكَةٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي آخِرِ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ: إِنَّمَا يَجُوزُ ذَلِكَ إِذَا كَانَتْ أَنْصِبَاؤُهُمَا مُتَّفِقَةً فَإِنِ اخْتَلَفَتْ فَلَا يَضْمَنُ صَاحِبُ النَّصِيبِ الْأَقَلِّ إِلَّا مِثْلَ مَا يَضْمَنُ عَنْهُ صَاحِبُ الْأَكْثَرِ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ وَيتبع البَائِع كل وَاحِد مِنْهُمَا بِالنِّصْفِ إِذْ لَمْ يَكُنْ عَلِمَ أَنَّهُمَا اشْتَرَكَا عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ وَيَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا وَإِنْ عُلِمَ اتَّبَعَهُمَا بِحِصَّتِهِمَا وَإِنَّمَا يحمل كل واحج عَنْ صَاحِبِهِ إِذَا اسْتَوَتْ أَجْزَاؤُهُمَا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَحْمِلُ مِثْلَ مَا يَحْمِلُ عَنْهُ الْآخَرُ وَيَمْتَنِعُ ذَلِكَ فِي سِلْعَتَيْنِ يُخْتَصُّ كُلُّ وَاحِدٍ بسلعة أَو تحمَّل أَحدهمَا عَن الآخر على أَن تحمَّل الْآخَرُ عَنْهُ كَمَا يَمْتَنِعُ أَسلِفني بِشَرْطِ أَنْ أُسلِفَك وإنمما أُجيز فِي الشَّرِكَةِ لِلْعَمَلِ قَالَ أَصْبَغُ إِذَا وَقَعَتِ الشَّرِكَةُ بِالذِّمَمِ فَمَا اشْتَرَيَا بَيْنَهُمَا عَلَى مَا عَقَدَا وتُفسخ الشَّرِكَةُ وَكَرِهَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَن يُخرجا مالأً أَنْ يَتَّجِرَا بِهِ بِالدَّيْنِ مُفَاوَضَةً فَإِنْ فَعَلَا قَالَ فَمَا اشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيْنَهُمَا وَإِن جَاوز رُؤْس أموالهما قَالَ بعض القوريين: إِنَّمَا لزم كل وَاحِد مِنْهُمَا مَا اشرتى صَاحِبُهُ فِي شَرِكَةِ الذَّمَمِ لِأَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُ مِنْ بَابِ الْوَكَالَةِ الْفَاسِدَةِ وَقِيَاسُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ اخْتِصَاصُ كُلِّ وَاحِدٍ بِمُشْتَرَاهُ وَهُوَ تَأْوِيلُ سَحْنُونٍ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ: يلزمُني نِصْفُ مُشَتَرَاكَ وَبِالْعَكْسِ فَأَشْبَهَ الْمُعَاوَضَةَ بِالسِّلْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ يَشْتَرِيَانِ فَلَمْ يَلْزَمْ ذَلِكَ شَرِيكَهُ كَمَا إِذَا تَشَارَكَا بِسِلْعَتَيْنِ شَرِكَةً فَاسِدَةً لَا يَكُونُ الْبَيْعُ فِيهَا فَوْتًا يُوجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفَ سِلْعَةِ صَاحِبِهِ لِأَنَّ يَد كل وَاحِد على سلْعَته فَكَذَلِك هَا هُنَا قَالَ اللَّخْمِيُّ تَجُوزُ بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ بِخَمْسَةِ شُرُوطٍ: اسْتِوَاءِ الصِّنْفِ مِنَ الْعَيْنِ وَالرِّبْحِ وَالْخَسَارَةِ عَلَى قَدْرِ الْأَمْوَالِ وَأَنْ يَكُونَ الْمَالُ بَيْنَهُمَا عَلَى الْأَمَانَةِ وَاخْتُلِفَ فِي اشْتِرَاطِ الْخَلْطِ فَلَمْ يَرَهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْمُبَايَعَةُ وَقِيلَ يُشْتَرَطُ لِأَنَّهُ مُبَايَعَةٌ تَفْتَقِرُ إِلَى مُنَاجَزَةٍ فِي النَّقْدَيْنِ وَإِن اخْتَلَفَتِ السِّلْعَةُ وَالْقِيمَةُ لَمْ يَشْتَرِكَا بِالْقِيمَةِ لِأَنَّهُ رِباً وَبِالْمُسَاوَاةِ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ فِي الشَّرِكَةِ مِنْ أَحَدِهِمَا وَأَجَازَهَا ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْيَسِيرِ وَالْقِيَاسُ الْمَنْع كالمبادلة فِي الدَّنَانِيرِ بِشَرْطِ السَّلَفِ وَمَنَعَ

- (فرع)

مُحَمَّدٌ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ قَائِمَةً وَمِنَ الْآخَرِ عَشَرَةً تَنْقُصُ حَبَّتَيْنِ لِأَنَّهُ لَمْ يَرُدَّ الْمَعْرُوفَ وَلَوْلَا مُقَارَنَةُ الشَّرِكَةِ جَازَ لِأَنَّ نِصْفَ ذَلِكَ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهَا فَمَا وَقَعَتِ الْمُبَادَلَةُ إِلَّا فِي خَمْسَةٍ فَإِنْ عَقَدَا عَلَى سلعةٍ وَاحِدَةٍ ووزنٍ وَاحِدٍ ثُمَّ أَحْضَرَ أَحَدُهُمَا أَجْوَدَ أَوْ كَانَا قَبْلَ ذَلِكَ يَتَكَارَمَانِ جَازَ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ: لِأَحَدِهِمَا تبرٌ وَلِلْآخَرِ مَسْكُوكٌ وَتَسَاوَى الذَّهَبَانِ فَإِنْ كثُر فَضْلُ السُّكَّةِ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ كَافَأَتْ جَوْدَةُ الْيَسِيرِ السُّكَّةَ فَقَوْلَانِ كَدَرَاهِمَ لِأَحَدِهِمَا وَدَنَانِيرَ لِلْآخَرِ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ مُبَايَعَةٌ فَتَجُوزُ إِذَا تَقَابَضَا التِّبْرَ وَالدَّنَانِيرَ نَظَائِرٌ: قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: الْيَسِيرُ مُغْتَفَرٌ فِي نَحْوِ عِشْرِينَ مَسْأَلَةً: فِي الْغَرَرِ فِي الْبَيْعِ وَالْعَمَلِ فِي الصَّلَاةِ وَالنَّجَاسَةِ إِذَا وَقَعَتْ فِي إِنَاءٍ عَلَى الْخِلَافِ وَفِي الطَّعَامِ إِذَا وَقَعَ فِي الْمَاءِ الْيَسِيرِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ وَلَا يمْنَع الْوُجُوب فِي نِصَاب الزَّكَاة فِي الضَّحِكِ فِي الصَّلَاةِ وَفِي نُقْصَانِ سُنَنِهَا وَلَا يَمْنَعُ مِنْ تَصَرُّفِ الْمَرِيضِ وَفِي الْعَيْبِ لَا يردُّ بِهِ وَكَذَلِكَ إِذا حدث عد المُشْتَرِي لَا يردهُ إِذا رد وَإِذا زَاده الْوَكِيلُ عَلَى مَا أُمر لزِم وَإِذَا زَادَهُ أحد الشُّرَكَاء عل صَاحِبِهِ لَا يُفسد الشَّرِكَةَ سِوَى الْأَمْوَالِ وَالْأَحْمَالِ وَالتَّفَاوُتِ الْيَسِيرِ بَيْنَ السُّكَّتَيْنِ لَا يَمْنَعُ الشَّرِكَةَ وَفِي هِبَةِ الْعَبْدِ مِنْ مَالِهِ وَالْوَصِيِّ مِنْ مَال يتيمه وعَلى وَجْهِ الْمَصْلَحَةِ وَتَنْفِيذِ شِرَاءِ السَّفِيهِ الْيَسِيرِ لِبَنِيهِ وَفِي قِرَاءَةِ الجُنب وَفِي الْكِتَابَةِ إِلَى الْكُفَّارِ بِالْقُرْآنِ وَفِي قِرَاءَةِ الْمُصَلِّي كِتَابًا فِي الصَّلَاةِ لَيْسَ قُرْآنًا إِذَا لَمْ يَنْطِقْ بِهِ وَكَذَلِكَ إِنْصَاتُهُ لمُخبر فِي الصَّلَاةِ وَفِي بَدَلِ النَّاقِصِ بِالْوَازِنِ وَفِيمَا إِذَا بَاعَ سِلْعَةً بِدِينَارٍ إِلَّا دِرْهَمَيْنِ إِلَى أَجَلٍ وَفِي الصَّرْفِ فِي الْمَسْجِدِ وَوَصِيِّ الْأُمِّ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ دُونَ الْكَثِيرِ وَيُغْتَفَرُ عِنْدَ انْفِصَالِ الشَّرِيكَيْنِ إِذَا بَقِيَ ثَوْبٌ عَلَى أَحَدِهِمَا يَسِيرُ الْقِيمَةِ وَكَذَلِكَ عَامِلُ الْقِرَاضِ وَكَذَلِكَ الزَّوْجُ تَجِبُ عَلَيْهِ الْكُسْوَةُ إِذَا كَانَ الَّذِي بَقِيَ عَلَيْهَا يَسِيرَ الثَّمَنِ وَيُشْتَرَطُ عَلَى الْمُغَارِسِ الْعَمَلُ الْيَسِيرُ وَكَذَلِكَ الْمُسَاقِي وَعَامِلُ الْقِرَاضِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَفِي الْأَخْذِ مِنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ إِذَا كَانَ لَا يَضُرُّ ويُترك لِلْمُفْلِسِ مِنْ مَالِهِ نَحْوُ نَفَقَةِ الشَّهْرِ

- (فرع)

3 - (فَرْعٌ) قَالَ: فَإِنْ شَرَطَا الْعَمَلَ نِصْفَيْنِ وَالرِّبْحَ وَالْخَسَارَةَ أَثْلَاثًا وَالْمَالَ مِائَةٌ لِأَحَدِهِمَا وَمِائَتَانِ لِلْآخَرِ رَجَعَ صَاحِبُ الْمِائَةِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ فِي خَمْسِينَ وكا الرِّبْح والخسارة أَثلَاثًا فَإِن شرطا الْعَمَل حَاشِيَة فَسَدَتْ سَوَاءٌ كَانَتِ الْخَسَارَةُ أَثْلَاثًا أَوِ الرِّبْحُ وَالْخَسَارَةُ أَثْلَاثًا فَتَكُونُ الْخَمْسُونَ عِنْدَ صَاحِبِ الْمِائَةِ عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ أَوْ عَلَى وَجْهِ السَّلَفِ فَإِنْ كَانَ لَهُ رِبْحُهَا وَخَسَارَتُهَا عَلَى صَاحِبِهَا فرِبحُها لِرَبِّهَا اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ عَمِلَ فِيهَا عَلَى أَنَّهَا باقيةٌ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهَا لَمَّا كَانَتْ خَسَارَتُهَا وَمُصِيبَتُهَا مِنْهُ وَإِنْ جَعَلَ خَسَارَتَهَا مِنَ الْآخَرِ فَتَكُونُ سَلَفًا أَوْ هِبَةً وَلَا تَرْجِعُ بعد الْيَوْم قَولَانِ: ضَمَانُهَا مِنَ الْمُسَلِّفِ أَوِ الْمَوْهُوبِ وَرِبْحُهَا لَهُ وَالثَّانِي ضَمَانهَا من صَاحبهَا وربحها لَهُ لأ الْآخَرَ لَمْ يُمكن مِنْهَا تَمْكِينًا صَحِيحًا لَمَّا اشْترط أَن تيجربها فِي جُمْلَةِ الْمَالِ وَلَا يَبِينُ بِهَا وَالتَّحْجِيرُ يَمْنَعُ انْتِقَالَ ضَمَانِهَا وَعَلَى هَذَا انْتِقَالُ ضَمَانِهَا وَعَلَى هَذَا يَتَخَرَّجُ قَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَسْلَفَهُ الْخَمْسِينَ عَلَى أَنْ أَعَانَهُ بِالْعَمَلِ فَأَرَاهُ مَفْسُوخًا وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَضَمَانُهَا مِنْ صَاحبهَا وربحها لَهُ ووضعيتها عَلَيْهِ وَيُرِيد أَنَّهُ إِنْ قَصَدَ أَنْ تَكُونَ سَلَفًا فَلَا يكون ذَلِك لِأَن مَضْمُون سلفه أَن يتجربها فِي الْمَالِ وَلِأَنَّ يَدَ صَاحِبِ الْمِائَتَيْنِ مُطْلَقَةٌ فِي جَمِيعِ الْمَالِ وَيُخْتَلَفُ فِي رُجُوعِ الْعَامِلِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فِي الْخَمْسِينَ الزَّائِدَةِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ يَرْجِعُ وَإِنْ خَسِرَ الْمَالَ وَعَنْ مَالِكٍ لَا وَهُوَ أَحْسَنُ لِأَنَّ صَاحِبَ الْمِائَةِ اسْتَأْجَرَهُ وَإِنْ كَانَ جَمِيعُ الْعَمَلِ عَلَى صَاحِبِ الْمَالِ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ وَالْخَسَارَةَ نِصْفَانِ فَيُخْتَلَفُ فِي ضَمَانِهِ خَمْسِينَ فَإِنْ ضمنَّاه فَلَهُ رِبْحُهَا وَإِلَّا فلِرَبِّها وَيَرْجِعُ الْعَامِلُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فِي مِائَةٍ وَخَمْسِينَ لِأَنَّهُ عَمِلَهَا لِرَبِّهَا وَيُخْتَلَفُ فِي الْإِجَارَةِ عَنْ خَمْسِينَ لِأَنَّهُ عَمِلَهَا لِرَبِّهَا وَإِنْ شَرِطَا الرِّبْحَ نِصْفَيْنِ وَالْخَسَارَةَ أَثْلَاثًا جَازَ وَالْمِائَتَانِ قراضٌ عَلَى الرُّبُعِ وَلَمْ يَضُرَّهُ شَرْطُ خَلْطِ الْمِائَتَيْنِ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ مَالِكٍ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ مَالِكٌ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بَلْ إِذَا شَرَطَ الرِّبْحَ وَالْخَسَارَةَ نِصْفَيْنِ وَلَوْ عُلم أَنَّ صَاحِبَ

فرع

الْمِائَتَيْنِ قَصَدَ الْمَعْرُوفَ أَوْ صَدَقَةً أَوْ نَحْوَهَا وَإِلَّا لَمْ يجُز ثُمَّ يُخْتَلَفُ هَلْ يَضْمَنُ ذَلِكَ السَّلَفَ أَوِ الْهِبَةَ أَمْ لَا لِأَجْلِ التَّحْجِيرِ وَيَسْقُطُ الضَّمَانُ عَنْهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَإِنِ انْفَرَدَ بِالْعَمَلِ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ مَالِكٌ: شَارَكَ بِمِائَتَيْ دِينَارٍ مَنْ لَهُ مائةٌ وَلِصَاحِبِ الْمِائَتَيْنِ غُلَامَانِ يَعْمَلَانِ مَعَهُ فَدَخَلَ عَلَيْهِمَا نَقْصٌ فَهُوَ عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ وَلَا لِلشَّرِيكِ فِي ذَلِكَ أُجْرَةٌ لِاعْتِدَالِ الْأَبْدَانِ وَعَنْهُ قَدِيمًا: لَهُ أجرةُ مِثْلِهِ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ إِنْ كَانَ الْغُلَامَانِ يُحْسِنَانِ التِّجَارَةَ فَإِنْ كَانَا يَخْدِمَانِ فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِي الْمِائَتَيْنِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْغُلَامَيْنِ فِيمَا ينويه من خدمتهما 3 - (فَرْعٌ) قَالَ: إِذا لم يخلط فَثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ يَجْمَعَانِ الْمِائَتَيْنِ بِمَوْضِعٍ وَيَشْتَرِيَانِ بِهِمَا أَوْ يَشْتَرِيَانِ قَبْلَ الْجَمْعِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مُتَمَكِّنٌ مِنَ الشِّرَاءِ بِمَالِ صَاحِبِهِ أَوْ يَشْتَرِطَانِ أَلَّا يَجْمَعَا وَأَنْ يَكُونَ الشِّرَاءُ بِهِمَا عَلَى الِانْفِرَادِ فَالشَّرِكَةُ فِي الْقِسْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ إِذَا اشْتَرَيَا قَبْلَ الْجَمْعِ وَالْخَلْطِ جَائِزَةٌ وَكُلُّ شَيْءٍ اشتُريَ بِمَالِ أَحَدِهِمَا شركةٌ بَيْنَهُمَا وَمُصِيبَةُ مَا هَلَكَ مِمَّا اشتُري من مَال أحدما مِنْهُمَا لِأَنَّهُ فِعْلُ مَا أمَرَه بِهِ فَهُوَ مِلْكُهُ وَالضَّائِعُ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَقَبْلَ الْجَمْعِ فَمِنْ صَاحِبِهِ قَالَهُ مَالِكٌ إِذَا بَقِيَ فِي المشتَرى حَقٌّ تُوُفِّيهِ مِنْ وَزْنٍ وَنَحْوِهُ أَمَّا لَوْ تَلَفَ الْمُشْتَرَى عِنْدَ صَاحِبِهِ عَلَى وَجْهِ الشَّرِكَةِ لَكَانَ مِنْهُمَا لِأَنَّ الْخَلْطَ لَيْسَ بِشَرْطِ الصِّحَّةِ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا تَنْعَقِدُ إِلَّا بِخَلْطِ الْمَالَيْنِ وَحَمْلِ أَمْرِهِمَا فِيمَا أَخْرَجَا مِنَ الدَّنَانِيرِ عَلَى الْمُبَايَعَةِ بَاعَ كِلَاهُمَا نِصْفَ مِلْكِهِ بِنِصْفِ مِلْكِ صَاحبه فَهِيَ مصارفة فَإِذا خلط كَانَ ذَلِكَ قَبْضًا وَفَوْتًا وَقِيَاسُ قَوْلِهِ إِذَا قَبَضَ كِلَاهُمَا دَنَانِيرَ صَاحِبِهِ فَهُوَ قبضٌ وَمُنَاجَزَةٌ وَإِن لم يخلط لِأَنَّ الْمَقْبُوضَ نصفُه صرفٌ ونصفُه وَدِيعَةٌ وَلَوْ صَرَفَ رَجُلٌ مِنْكَ دَنَانِيرَ لِيَكُونَ لَكَ نصفُها ونصفُها وَدِيعَةٌ جَازَ وَلَوْ قَبَضَ الشَّرِيكُ دَنَانِيرَ صَاحِبِهِ وَلَمْ يَقْبِضِ الْآخَرُ شَيْئًا لَمْ تَصِحَّ الشَّرِكَةُ عَلَى أَصْلِهِ وَقَوْلُ

فرع

مَالك أحسن لِأَن الْقَصْد التّجربها دُونَ الْمُبَايَعَةِ فِيهِمَا وَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ إِنَّ هَلَاكَ المشتَرى مِنْهُمَا لَوْ لَمْ يَهْلِكْ وَفِيهِ رِبْحٌ فَهُوَ لَهُمَا إِذَا أَخْرَجَ الْآخَرُ مِثْلَ دَنَانِير صَاحبه وَإِن عجز عَن الهلف فَلَا رِبْحَ لَهُ لِأَنَّ شَرِيكَهُ لَمْ يرضَ أَنْ يَكُونَ لِلْآخَرِ فِي مَالِهِ رِبْحٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْآخَرِ فِي مَالِهِ رِبْحٌ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ رِبْحَ الْمَالِ الْغَائِبِ لَهما على قدر مالته فِيهِ وَإِنْ شَرَطَا أَنْ يَشْتَرِيَ كُلُّ وَاحِدٍ بِمِائَة بانفراد مِنْ غَيْرِ خَلْطٍ فَسَدَتِ الشَّرِكَةُ وَمَا اشْتَرَاهُ أَحَدُهُمَا فَلَهُ رِبْحُهُ وَعَلَيْهِ وَضِيعَتُهُ وَإِنْ جَالَتْ أَيْدِيهِمَا فِي الْمَالِ وَاشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ بِمَالِ الْآخَرِ فَهَلْ تَكُونُ شَرِكَةً أَوْ لِمَنِ اشتُري بِمَالِهِ قَوْلَانِ وَقَالَ (ش) : يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ السِّكَّةِ فِي النَّقْدَيْنِ وَلَمْ يَشْتَرِطْهُ (ح) لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ وَعَارَضَتْهُ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهُ لَا يُقضى بِأَحَدِهِمَا عَنِ الْآخَرِ فِي الْإِتْلَافِ وَالْأَثْمَانِ وَاشْتَرَطَ أَيْضًا الْخَلْطَ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ فِي الْفَرْعِ الَّذِي هُوَ الرِّبْح ُ فَرْعُ الشَّرِكَةِ فِي الْأَصْلِ الَّذِي هُوَ الْمَالُ وَمَعَ الِامْتِيَازِ لَا شَرِكَةَ وَلَمْ يَشْتَرِطْهُ (ح) قِيَاسًا عَلَى الْمُضَارَبَةِ وَالْوَكَالَةِ وَلِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الرِّبْحِ مُضَافٌ لِلْعَقْدِ وَهُوَ حَاصِلٌ لَا لِلْخَلْطِ نَظَائِرٌ: قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ لِلشَّرِكَةِ بِالْعَيْنِ خَمْسَةُ شُرُوطٍ: اشتواء صِفَةِ الْعَيْنِ وَاسْتِوَاءُ الْعَمَلِ وَالرِّبْحِ وَالْخُسْرَانِ عَلَى قَدْرِ الْأَمْوَالِ وَالْمَالُ بَيْنَهُمَا عَلَى الْأَمَانَةِ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ: اخْتُلِفَ فِي الشَّرِكَةِ بِمَالَيْنِ حَاضِرٍ وَغَائِبٍ أجازهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَمَنَعَهُ سَحْنُونٌ عل أَصْلِهِ أَنَّهَا مُبَايَعَةٌ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ وَلَوْ كَانَتْ مُبَايَعَةً امْتَنَعَ إِخْرَاجُ أَحَدِهِمَا مِائَةَ دِينَارٍ وَأَلْفَ دِرْهَمٍ وَالْآخَرِ مِثْلَهَا وَفِي الْمُزَارَعَةِ كِلَاهُمَا الْبَذْرُ وَأَحَدُهُمَا الْعَمَلُ وَالْآخَرُ الْأَدَاةُ لِأَنَّهُ طَعَامٌ بِطَعَامٍ مَعَهُمَا شَيْءٌ آخَرُ قَالَ مَالِكٌ إِذَا أَخْرَجَ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ وَالْآخَرُ خَمْسَمِائَةٍ وَلَهِ أَلْفٌ غَائِبٌ فاشتُري بِالْأَلْفَيْنِ فَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا أَرْبَاعٌ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: إِنْ كَانَ كَذَبه وَخَدَعَهُ فَإِنْ بَاعَ أَوَّلًا فَعَلَى النِّصْفِ قَالَ: وَأَرَى أَنْ يُسأل الْعَامِلُ عَنِ الْوَجْهِ الَّذِي اشتُري عَلَيْهِ فَإِنْ قَالَ عَلَى الْأَرْبَاعِ عَلَى قَدْرِ أَمْوَالِنَا قُبِلَ قَوْلُهُ وَلَهُ حِينَئِذٍ رُبُعُ الرِّبْحِ قَوْلًا وَاحِدًا وَإِنْ هَلَكَ المَال قبل وصولها وخسر فِيهِ بَعْدَ بَيْعِهِ لَمْ يُضَمَّنِ الْعَامِلُ بِالْمَالِ الْمُقِيمِ شَيْئًا وَإِنْ قَالَ اشْتَرَيْتُ لِيَكُونَ

- (فرع)

نِصْفَيْنِ قُبل قَوْلُهُ فَإِنْ هَلَكَ قَبْلَ بُلُوغِهِ أَوْ خَسِرَ ضَمِنَ لِلْمُقِيمِ خَمْسَمِائَةٍ إِنْ هَلَكَ المَال وَمَا ينويها مِنَ الْخَسَارَةِ وَإِنْ رَبِحَا فَالرِّبْحُ أَرْبَاعٌ وَيَخْتَلِفُ أَمْرُ الْخَسَارَةِ وَالرِّبْحِ فَإِنْ خَسِرَ قَالَ الْمُقِيمُ أَنَا أَمْضِي ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي حَسْبَمَا أَلْزَمْتَ نَفْسَكَ وَاشْتَرَيْتَ عَلَيْهِ وَإِنْ رَبِحَ قَالَ لَمْ أَرْضَ أَنْ يَكُونَ لَكَ فِي مَالِي نَصِيبٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لِي فِي مَالِكَ مِثْلُهُ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ غَيْرُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَى الْقَوْلِ إِن الرِّبْحَ أَرْبَاعٌ اختُلف فِي الْأُجْرَةِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا شَيْءَ لِلَّذِي يُسافر مِنَ الْأُجْرَةِ وَهُوَ مُتَطَوّع وقا سَحْنُونٌ لَهُ الْأَقَلُّ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَالرِّبْحِ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِنْ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا دَنَانِيرَ وَالْآخَرُ دَرَاهِمَ مَنَعَهُ مَالِكٌ فِي الْكِتَابِ وَأَجَازَهُ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ إِذَا تَنَاجَزَا بِالْحَضْرَةِ فَأَخَذَ مُخْرِجُ الدَّنَانِيرِ الدَّرَاهِمَ وَأَخَذَ الْآخَرُ الدَّنَانِيرَ لِأَنَّهَا مُصَارَفَةٌ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْمَنْعِ إِنِ اشْتَرَى بِالْمَالَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً كَانَتْ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ مَا أَخْرَجَاهُ يَوْمَ الشِّرَاءِ لَا يَوْمَ الْمُفَاصَلَةِ فَإِنْ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا أَلْفَ دِرْهَمٍ وَالْآخِرُ مِائَةَ دِينَارٍ وَالصرْف وَقت الشِّرَاء عشْرين دِرْهَمًا بِدِينَارٍ فَالْمُشْتَرَى بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا وَإِنِ اشْتَرَى بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ الصَّرْفِ يَوْمَ الشِّرَاءِ كَالْأُولَى وَإِنْ عُلِمَ مَا اشْتُرِيَ بِكُلِّ مَالٍ لَمْ تَكُنْ بَيْنَهُمَا شَرِكَةٌ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مَا اشْتَرَى بِمَالِهِ لَهُ رِبْحُهُ وَعَلَيْهِ خَسَارَتُهُ وَمَحْمَلُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى الشِّرَاءِ بِالْمَالَيْنِ جملَة وَاخْتَلَطَ عَلَيْهَا وَمَحْمَلُ قَوْلِهِ يُعْطَى هَذَا بِقَدْرِ دَنَانِيرِهِ وَالْآخَرُ بِقَدْرِ دَرَاهِمِهِ أَنَّ ذَلِكَ إِذَا لَمْ يَتَغَيَّرِ الصَّرْفُ وَإِلَّا اقْتَسَمَا أَثْلَاثًا حَسْبَمَا كَانَ وَقْتُ الشِّرَاءِ لِأَنَّ التِّجَارَةَ وَالْمَبْلَغَ الَّتِي اشْتَرَيَا كَانَتْ بَينهمَا كَذَلِك (كَذَا) فَلَوْ غَلَتِ الدَّرَاهِمُ حَتَّى صَارَتِ الْأَلْفُ تَعْدِلُ الْمِائَةَ لَمْ يَكُنِ الثَّمَنُ الَّذِي يَبِيعُهَا بِهِ أَنْصَافًا لِأَنَّ السِّلَعَ كَانَتْ أَثْلَاثًا وَلَوْ فَعَلَا ذَلِك لَا ختص صَاحِبُ الدَّرَاهِمِ بِبَعْضِ مَالِ صَاحِبِهِ 3 - (فَرْعٌ) فِي التَّنْبِيهَاتِ: شَرِكَةُ الذِّمم ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ:

أَوَّلُهَا فِي شِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ فَتَجُوزُ اعْتَدَلَا أَوِ اخْتَلَفَا وَيَتْبَعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ ثَمَنِ تِلْكَ السِّلْعَةِ بِقَدْرِ نَصِيبِهِ وَثَانِيهَا: اشْتِرَاكُهُمَا فِي مُعَيَّنٍ عَلَى أَنْ يَتَحمَّل كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لصَاحبه فَيجوز مَعَ الِاعْتِدَال فَقَط وثالثهما الشَّرِكَةُ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَلَا تَجُوزُ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ اضْمَنِّي وَأَضْمَنُكَ وَأَسْلِفْنِي وَأُسْلِّفُكَ فَإِنْ وَقَعَتْ فَالْمُشْتَرَى بَيْنَهُمَا لِأَنَّ غَيْرَ الْمُشْتَرِي أَذِنَ لِلْمُشْتَرِي قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ. وَقَالَ سَحْنُونٌ لِكُلِّ وَاحِد مَا اشْتَرَاهُ لفساد العقد وَفِي النكث: قِيلَ إِذَا نَزَلَتْ فَاسِدَةً إِنَّمَا يَكُونُ مَا اشْتُرِيَ بَيْنَهُمَا إِذَا تَجَمَّعَا فِي شِرَاءِ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلِلْمُشْتَرِي وَعُهْدَتُهُ عَلَيْهِ وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ حمديس: إِذا لم تعقع عُهْدَةُ مَا ابْتَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَيْهِمَا جَمِيعًا فَرِبْحُ مَا ابْتَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ وَضَمَانُهُ عَلَيْهِ. وَظَاهِرُ الْمُوَازِيَةِ إِذَا اشْتَرَكَا بِوُجُوهِهِمَا بِغَيْرِ مَالٍ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَا بِالدَّيْنِ وَيَبِيعَا وَفَاتَ ذَلِكَ أَنَّ شِرَاءَ كُلِّ وَاحِدٍ بَيْنَهُمَا قَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ: شَرِكَةُ الْوُجُوهِ تَمْتَنِعُ وَقَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَجَوَّزَهُ أَبُو حَنِيفَةَ. لَنَا أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ شرعيتها وَلِأَن حَقِيقَة الشّركَة أَن يشتركا فَبِي شَيْءٍ عِنْدَ الْعَقْدِ إِمَّا مَالٍ أَوْ بَدَنٍ وَلَا وَاحِدَ فَلَا يَصِحُّ وَلَا يَكْفِي الْعَقْدُ لِأَنَّهُمَا لَوْ جَعَلَا الرِّبْحَ كُلَّهُ لِأَحَدِهِمَا لَامْتَنَعَ احْتج بِالْقِيَاسِ على شركَة الْأَبدَان وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْفوا بِالْعُقُودِ} وَبِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ وَلِأَنَّهُمَا عَقَدَا عَلَى الْوَكَالَةِ وَالشِّرَاءِ لِلْآخَرِ وَذَلِكَ جَائِزٌ حَالَةَ الِانْفِرَادِ فَيَجُوزُ عِنْد الِاجْتِمَاعِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْبَدَنَ وَالصَّنْعَةَ كَالْعَيْنِ الْمَوْجُودَةِ بِخِلَافِ الْوُجُوهِ وَعَنِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ الْمُعَارضَة بنهيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الْغرَر وَهَذَا غرر وَعَن الرَّابِع تمنع هَذِه الْوكَالَة على الِانْفِرَاد لِأَن الَّذِي يَشْتَرِيهِ أَحَدُهُمَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ

- (فرع)

الْآخَرُ وَمِثْلُ هَذَا فِي الْوَكَالَةِ يَمْتَنِعُ وَإِنَّمَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الشَّرِكَةِ لِوُجُودِ الرِّفْقِ المنفيِّ هَاهُنَا 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: إِذَا أقعدتَ صَانِعًا عَلَى أَنْ تَتَقَبَّلَ عَلَيْهِ الْمَتَاعَ وَيَعْمَلَ هُوَ بِمَا رَزَقَ اللَّهُ بَيْنَكُمَا نِصْفَانِ امْتَنَعَ وَلَا تَمْتَنِعُ الشَّرِكَةُ فِي عَمَلِ الْأَبْدَانِ بِأَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ نَوْعًا وَاحِدًا فِي حَانُوتٍ وَاحِدٍ كَالصَّبَّاغِينَ وَالْخَيَّاطِينَ وَإِنْ فُضِّلَ أَحَدُهُمَا فِي الْعَمَلِ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ وَلَوِ اشْتَرَكَا بِغَيْرِ رَأس مَال على أنّ على لأَحَدهمَا ثُلُثَ الصُّنْعِ وَلَهُ ثُلُثُ الْكَسْبِ وَعَلَى الْآخَرِ الثُّلُثَانِ وَلَهُ الثُّلُثَانِ صَحَّ كَالْأَمْوَالِ وَكَذَلِكَ الْجَمَاعَةُ وَإِنِ احْتَاجَا إِلَى رَأْسِ مَالٍ أَخْرَجَاهُ بِالسَّوِيَّةِ وَعَمِلَا جَمِيعًا فَإِنْ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا ثُلُثَ رَأْسِ الْمَالِ وَالْآخَرُ الثُّلُثَيْنِ وَيَعْمَلَانِ وَالرِّبْحُ نِصْفَانِ امْتَنَعَ لِأَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ فِي رِبْحِ الزَّائِدِ فِي أَحَدِ الْمَالَيْنِ وَيَجُوزُ إِذَا اسْتَوَوْا فِي الْجَمِيعِ وَيَمْتَنِعُ لِأَحَدِهِمَا الحانوتُ وَلِلْآخَرِ الْأَدَاةُ أَوْ دَابَّةٌ وَللْآخر رَحًى إِنْ كَانَتِ الْإِجَارَةُ مُخْتَلِفَةً لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ وَإِنْ تَطَاوَلَ أَحَدُ الْقَصَّارِينَ بِمَاعُونٍ تَافِهٍ كَالْقُصْرِيَّةِ المدقة جَازَ وَيمْتَنع مَاله قدرٌ حَتَّى يَشْتَرِكَا فِي مِلْكِهِ أَوْ يَكْرِيَهُ مِنَ الْآخَرِ فَائِدَةٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ: المُدقَّة - بِضَمِّ الْمِيمِ وَالدَّالِ - والمِدَقَّة - بِفَتْحِ الدَّالِّ وَكَسْرِ الْمِيمِ - وَهِيَ الْإِرْزَبَّةُ - بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ - الَّتِي يُدَقُّ بِهَا الثِّيَابُ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: يُشْتَرَطُ فِي الشَّرِكَةِ التَّقَارُبُ فِي الْقُدْرَةِ وَالْمَعْرِفَةِ بِذَلِكَ الْعَمَلِ وَقَدْ تَأَوَّلَ مَا وَقَعَ فِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ جَوَازِ الِافْتِرَاقِ بِأَنَّهُمَا يَتَعَاوَنَانِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ سَوَاءً وَعَلَى هَذَا يَكُونُ مُوَافِقًا لِلْمُدَوَّنَةِ وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ فِي الْمَوْضِعِ الْوَاحِدِ إِلَّا اتِّفَاقَ نَفَاقِ السُّوقِ وَمَنَافِعِهِ وَإِذَا تَبَاعَدَا رُبَّمَا كَانَتِ الْمَنْفَعَةُ لِأَحَدِهِمَا فَقَطْ فَيكون غرراً وأكلاً لمَال بِالْبَاطِلِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ المنعُ إِلَّا بِالشَّرِكَةِ فِي الْآلَةِ بِالْكِرَاءِ مِنْ غَيْرِهِمَا أَوْ بِالْمِلْكِ وَلَا يواجر أَحَدُهُمَا نِصْفَ الْآلَةِ مِنَ الْآخَرِ وَهُوَ يَمْلِكُ الْجَمِيع وَظَاهر الْكتاب جَوَازه وَفِي النكث: الْفَرْقُ بَيْنَ شَرِكَةِ الْأَبْدَانِ يُشترط اتِّحَادُ الْمَكَانِ بِخِلَاف الْأَمْوَال أَنَّهُمَا إِذا افْتَرقَا بنيهما رَابِطٌ وَهُوَ الْمَالُ وَلَا يَضُرُّ بِخِلَافِ

الِافْتِرَاقِ بِالْأَبْدَانِ يَبْتَدِئُ كُلُّ وَاحِدٍ بِعَمَلِهِ فَتَبْطُلُ الشَّرِكَةُ وَقَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ: لَا يَجُوزُ قَصَّارٌ وَحَدَّادٌ مَعْنَاهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَا يَتَّجِرَانِ بِأَمْوَالِهِمَا بضعتيهما فَيجوز وَالَّذِي يُعقد رَجُلًا فِي حَانُوتٍ لَهُ ثَلَاثُ حَالَاتٍ: أَنْ يَقْبَلَ صَاحِبُ الْحَانُوتِ الْمَتَاعَ وعهدتُه عَلَيْهِ فَالْغَلَّةُ لَهُ وَالضَّمَانُ عَلَيْهِ دُونَ الصَّانِعِ وَلِلصَّانِعِ أجرُ مِثله أَوِ الصَّانِعُ كَذَلِكَ فَالْغَلَّةُ لَهُ وَلِصَاحِبِ الْحَانُوتِ أُجْرَةُ حَانُوتِهِ وَلِصَاحِبِ الْحَانُوتِ أَيْضًا أُجْرَةُ الْمِثْلِ إِنْ كَانَ يتولَّى الْأَخْذَ لَهُ عَلَى أَنَّ الضَّمَانَ عَلَى الْعَامِلِ خَاصَّةً أَوْ يَتَقَبَّلَانِ جَمِيعًا اشْتَرَكَا فِي الْغَلَّةِ وَالضَّمَانِ وَيَتَرَاجَعَانِ فِي الْأُجْرَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: شَرِكَةُ الْأَبْدَانِ تَجُوزُ بِخَمْسَةِ شُرُوطٍ: اتِّحَادِ الصَّنْعَةِ وَتَسَاوِي السُّرْعَةِ وَالْإِبْطَاءِ وَالْجَوْدَةِ الرداءة أَو يتقاربان واتحاد الْموضع وَالشَّرِكَة فِي الأداة وَإِنَّمَا أُجِيزَتْ لِلْمُعَاوَنَةِ وَإِذَا اخْتَلَفَتِ الصَّنْعَةُ " انْتَفَتِ " المعاونة وَيكون كل وَاحِد بَاعَ نصف كَسبه بِنِصْفِ كَسْبِ صَاحِبِهِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَكَذَلِكَ افْتِرَاقُ الْمَكَانِ وَإِنِ اخْتَلَطَا كَانَ بَيْعَ مَنَافِعَ بِمَنَافِعَ وَهُوَ جَائِزٌ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَسْرَعَ بِالْأَمْرِ الْبَيِّنِ جَازَتْ عَلَى التَّفَاضُلِ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمَا دُونَ الْمُسَاوَاةِ لِأَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ وَإِنْ تَبَايَنَا فِي الْجَوْدَةِ وَأَكْثَرُ مَا يَصْنَعَانِهِ الدَّنِيءُ جَازَتْ لِأَنَّ الْأَعْلَى يَعْمَلُ أَدْنَى وَلَا حُكْمَ لِلْقَلِيلِ أَو كَثْرَة الْأَعْلَى أَو كل وَاحِد كثيرا امْتنعت للغرر وَفِي العتيبة إجَازَة افْتِرَاق الْمَكَان وَقد اختُلف فِي الأَصْل فِيمَن اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا عَلَى أَنْ يَجِيئَهُ بِالْغَلَّةِ فَعَلَى الْجَوَازِ يَجُوزُ افتراقُهما فِي مَوْضِعَيْنِ وَالصَّنْعَةُ وَاحِدَةٌ أَوْ مُخْتَلِفَةٌ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ بَاعَ نِصْفَ مَنَافِعه على أَن يَبِيعهَا لمشتريها من وَلَا فَرْقَ بَيْنَ اسْتِئْجَارِهِ عَلَى أَنْ يَجِيئَهُ بالغّلة بِدَرَاهِم أَو بِنصْف مَنَافِعه وَإِن اشْتَركَا بِأَمْوَالِهِمَا وأحدُهما يَعْمَلُ وَالْآخِرُ يخدُم وَيَشْتَرِي وَيَبِيعُ وَلَا يُحسن النسج وَقِيمَته الْعَمَلِ وَالْخِدْمَةِ سَوَاءٌ جَازَ وَكَذَلِكَ بِغَيْرِ رَأْسِ مَالٍ فَيَسْتَقْبِلَانِ الْعَمَلَ لِيَعْمَلَ أَحَدُهُمَا وَيَخْدِمَ الْآخَرُ وَتَسَاوَتِ الْقِيمَةُ بِخِلَافِ مُخْتَلِفَيِ الصَّنْعَةِ لِعَدَمِ مُسَاعَدَةِ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ فِي عَيْنِ تِلْكَ الصَّنْعَةِ وَمَتَى جَاءَ لِلْحَائِكَيْنِ شُغُلٌ عَمِلَا جَمِيعًا وَإِلَّا تعطَّلا جَمِيعًا

وَلِذَلِكَ أُجِيزَتْ فِي طَلَبِ اللُّؤْلُؤِ أَحَدُهُمَا يَغُوصُ وَالْآخَرُ يَغْرِفُ وَاشْتَرَطَا التَّسَاوِيَ فِيمَا يَخْرُجُ وَإِنْ كَانَتْ أُجْرَةُ المُخرج أَكْثَرَ امْتَنَعَتْ إِلَّا عَلَى قَدْرِ أُجْرَتِهِ وَإِنْ كَانَا صَبَّاغَيْنِ وَرَأْسُ الْمَالِ فِيمَا يَصْبُغَانِ بِهِ مِنْ نِيلٍ أَوْ غَيْرِهِ وَالْعَمَلُ عَلَى جُزْءٍ واحدٍ نصفٌ أَوْ ثلثٌ جَازَ وَإِنْ خَالَفَا الْأَجْزَاءَ وَجَعَلَا الْعَمَلَ نِصْفَيْنِ وَمَا يَصْبُغَانِ ثُلُثًا وَثُلُثَيْنِ فَنِصْفُ مَا أَصَابَا لِصَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ وثلثٌ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ وَيَبْقَى سُدُسٌ لوَاحِد فِيهِ رَأس المَال وَالْآخر الْعَمَلُ فَنِصْفُ مَا أَصَابَا فِيهِ عَلَى قَدْرِ مالَهما فِيهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَالْعَمَلِ لِأَنَّ ذَلِكَ الْجُزْءَ الْفَاضِلَ هبةٌ أَوْ سَلَفٌ بِشَرْطِ الشَّرِكَةِ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْوَاهِبَ والمسلِّف لَمْ يُمكَّن مِنْ ذَلِكَ لَمَّا كَانَا بِشَرْطِ أَن يصل الْآخَرُ مَعَهُ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَمْكِينٌ فَمُصِيبَتُهُ مِنْ صَاحِبِهِ وَمَا بِيعَ بِهِ لَهُ وَيُشَارِكُ الْآخَرَ بِقَدْرِ عَمَلِهِ فِيهِ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ ذَلِكَ قبضُ بِمَا أَصَابَا بَيْنَهُمَا بِالسَّوَاءِ وَيَرْجِعُ صَاحِبُ الْكَثِيرِ عَلَى صَاحِبِهِ بِمِثْلِ مَا أَسْلَفَهُ أَوْ وَهَبَهُ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الزَّائِدُ لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ وَلَا السَّلَفِ وَإِنَّمَا وَهَبَهُ الرِّبْحَ فَقَالَ إِنْ خَسِرْنَا اقْتَسَمْنَا رَأْسَ الْمَالِ أَثْلَاثًا وَإِنْ رَبِحْنَا فَالرِّبْحُ نِصْفَانِ لَكَانَتْ هِبَةُ الرِّبْحِ لِلْوَاهِبِ وَحْدَهُ لِأَنَّ مُصِيبَةَ ذَلِكَ الزَّائِدِ مِنْ صَاحِبِهِ قَوْلًا وَاحِدًا لِأَنَّ الْعَامِلَ عمل فِيهِ عمل مِلْكِ صَاحِبِ الْأَكْثَرِ وَلِلْآخَرِ الرِّبْحُ وَهِيَ هِبَةٌ فَاسِدَةٌ تُرَّد لِلْوَاهِبِ وَيُقَسَّطُ مَا بِيعَ بِهِ ذَلِكَ الزَّائِدُ عَلَى قَدْرِهِ مِنْ قَدْرِ الْعَمَلِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِنِ اشْتَرَكُوا فِي الطَّحِينِ لأَحَدهم الْبَيْت وَللْآخر الرَّحا وَلِلْآخَرِ الدَّابَّةُ اقْتَسَمُوا مَا أَصَابُوا أَثْلَاثًا لِأَنَّ رُؤُوس أَمْوَالهم علم أَيْديهم فَإِن اسْتَوَت أُجْرَة الْبَيْت والرحا وَالدَّابَّةِ فَلَا تَرَاجُعَ وَإِلَّا رَجَعَ مَنْ لَهُ فَضْلٌ عَلَى صَاحِبِهِ وَلَوْ لَمْ يُصِيبُوا شَيْئًا لترادُّوا وَأفضل الْكِرَاءِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَقْتَسِمُونَ مَا أَصَابُوا عَلَى قدر أكرية مَا لَهُم فَإِن فضلٌ قُسم عَلَى أُجْرَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَإِنْ فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ نُظِرَ إِلَى جُمْلَةِ مَا اجْتمع لكل وَاحِد فيُقسم لفضل عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ قَالَ: وَإِنْ لَمْ يُصيبوا إِلَّا مِثْلَ مَا يَعْلِفُونَ وَيُنْفِقُونَ رَجَعَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَيُخْرِجُونَ ذَلِكَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَلَيْسَ هَذَا بِحَسَنٍ قَالَ: وَأَرَى أَنَّ رَأْسَ الْمَالِ الرّحا وَالدَّابَّة لِأَن الْإِجَارَة وَالثمن الْمَأْخُوذ إِنَّمَا هُوَ عَنْهُمَا وَلَيْسَ عَنِ الْبَيْتِ وَالْعَمَلِ وَلَيْسَ لِلشُّرَكَاءِ فِي ذَلِك إِلَّا رِبَاط الدَّابَّة والمعونة اللطيقة وَلَا تَرَاجُعَ فِي عَمَلِ أَيْدِيهِمْ لِاسْتِوَائِهِمْ فِيهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ كَانَ الْعَامِلُ صَاحِبَ

الدَّابَّةِ وَحْدَهُ فَلَهُ مَا أَصَابَ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْبَيْت والرحا وَإِنْ لَمْ يُصب شَيْئًا قَالَ كَمَنْ دَفَعَ دَابَّتَهُ أَوْ سَفِينَتَهُ عَلَى أَنَّ لَهُ نِصْفَ مَا يَكْسِبُ عَلَيْهَا قَالَ: وَلَيْسَ هَذَا بالبيِّن بَلْ بَعْضُ مَا أَصَابَ عَلَى قَدْرِ إِجَارَةِ الرحا وَالدَّابَّة فَمَا نَاب الرحا مِنَ الْعَمَلِ رَجَعَ عَلَيْهِ الْعَامِلُ فِيهِ بِأُجْرَةِ الْمثل لِأَن صَاحب الرحا لَمْ يَبِعْ مِنَ الْعَامِلِ مَنَافِعَهَا وَإِنَّمَا أّذِن لَهُ فِي إِجَارَتِهَا وَلَهُ بَعْضُ الْأُجْرَةِ ثُمَّ يُغَرَّمَانِ جَمِيعًا إِجَارَةَ الْبَيْتِ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ الْعَامِل صَاحب الرحا فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَهُ مَا أَصَابَ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَالْقِيَاسُ الْفَضْلُ كَمَا تَقَدَّمَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الَّذِي يَطْحَنُ عَلَيْهَا طَعَامَ نَفْسِهِ وَلَا يؤجِّرها مِنَ النَّاسِ وَكَذَلِكَ الدَّابَّةُ إِنْ قَالَ لَهُ أجِّرها فَبَاعَ مَنَافِعَهَا مِنَ النَّاسِ فَالْأُجْرَةُ لِصَاحِبِهَا وَلِلْمُؤَجَّرِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَإِنْ قَالَ اعْمَلْ عَلَيْهَا فَحَمَلَ عَلَيْهَا تِجَارَةً أَوْ مَا يَحْتَطِبُهُ فَمَا بَاعَ مِنْ ذَلِكَ لِلْعَامِلِ وَللْآخر أُجْرَة الْمثل وَكَذَلِكَ الرحا وَالدَّابَّة إِن دخل على أَن يواجرهما مِنَ النَّاسِ فَالْأُجْرَةُ لِأَصْحَابِهَا وَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ المِثل وَإِنْ دَخَلَ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ فِيهَا طَعَامَهُ فَرَبِحَ مَالًا لَهُ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ تَمْهِيدٌ وافَقَنا (ح) فِي شَرِكَةِ الْأَبْدَانِ وَزَادَ عَلَيْنَا بِجَوَازِ افْتِرَاقِ مَوْضِعِهِمَا وَاخْتِلَافِ صَنْعَتِهِمَا وَجَعْلِهِ مِنْ بَابِ التَّوْكِيلِ وَخَالَفَنَا (ش) مُطْلَقًا لِأَنَّهُ يَشْتَرِطُ كَوْنَ رَأْسِ الْمَالِ مَوْجُودًا وَمَعْلُومًا وَأَنْ يُخلط الْمَالَانِ وَكُلُّ ذَلِكَ مَعْدُومٌ هَاهُنَا وَنَحْنُ نَقُولُ: هَذِهِ الصَّنَائِعُ فِي حُكْمِ الْمَوْجُودِ لِصِحَّةِ عَقْدِ الْإِجَارَةِ عَلَيْهَا وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمتُم مِنْ شيءٍ فَأَنَّ لله خُمسَه} الْآيَةَ فَجَعَلَ الْغَانِمِينَ شُرَكَاءَ فِيمَا غَنِمُوا بِقِتَالِهِمْ وَهِيَ شَرِكَةُ الْأَبْدَانِ ورُوي أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ شَارَكَ سَعْدًا يَوْمَ بَدْرٍ فَأَصَابَ سعدٌ فَرَسَيْنِ وَلَمْ يُصِبِ ابْنُ مَسْعُودٍ شَيْئًا وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمَا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَوِ الْقِيَاسُ عَلَى الْمُضَارَبَةِ وَلِأَنَّ مَقْصُودَ شَرِكَةِ الْأَمْوَال الرِّبْح وَهَذَا مِمَّا يَحْصُلُ لِأَنَّهُمَا لَوْ شَرَطَا الْعَمَلَ مِنْ عِنْدِ أَحَدِهِمَا امْتَنَعَ

- (فرع)

وَلَوْ شُرط الْمَالُ مِنْ عِنْدِ أَحَدِهِمَا وَالْعَمَلُ مِنَ الْآخَرِ صَحَّ وَكَانَ مُضَارَبَةً بِالْعَمَلِ الْأَصْلِ وَهُوَ نَظِيرُ الْمَالِ لِمُقَابَلَتِهِ لَهُ وَلِأَنَّ الْمَنَافِعَ وَالْأَعْيَانَ سَوَاءٌ فِي جَوَازِ الْعَقْدِ عَلَيْهِمَا فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَبِهِ يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَرِكَةِ الْوُجُوهِ لِأَنَّ فِي الْوُجُوهِ لَا مَالَ وَلَا صَنْعَةَ تَقُومُ مَقَامَهُ أَوْ نَقُولُ أَحَدُ أَصْلَيِ الْقِرَاضِ فَجَازَتْ بِهِ كَالْقِرَاضِ بَلْ أَوْلَى لِاتِّفَاقِهِمَا هَاهُنَا فِي الْعَمَلِ وَثَمَّ عَمَلٌ وَمَالٌ وَأَصْلُ الشَّرِكَةِ التَّسَاوِي أَوْ نَقُولُ: إِذَا أَخَذَ ثَوْبًا لِيَخِيطَهُ بِعَشَرَةٍ فأجَّر غَيْرَهُ لِيَخِيطَهُ بِخَمْسَةٍ صحَّ فَقَدْ أَخَذَ خَمْسَةً بِعَمَلِ غَيْرِهِ فَكَذَلِكَ هَا هُنَا أَوْ نَقُولُ إِذَا اشْتَرَكَا بِالْمَالِ ضَمِنَ كلُّ وَاحِدٍ نِصْفَ مَا يَشْتَرِيهِ الْآخَرُ فَقَدْ صَارَ الضَّمَانُ سَبَبًا لِاسْتِحْقَاقِ الرِّبْحِ فَكَذَلِكَ هَاهُنَا لِأَنَّ الصُّنَّاعَ يَضْمَنُونَ عِنْدَنَا احْتَجُّوا بِالْقِيَاسِ عَلَى شَرِكَةِ الْوُجُوه لِأَن كل وَاحِد ممنفردٌ بِعَمَلِ نَفْسِهِ أَوِ الْمَنَافِعَ الْحَاصِلَةَ مِنْهُمَا مَجْهُولَةٌ فَتَمْتَنِعُ كَالشَّرِكَةِ بِالْمَالِ الْمَجْهُولِ أَوْ لِأَنَّ كُلَّ أحدٍ بَاعَ نِصْفَ كَسْبِهِ بِنِصْفِ كَسْبِ صَاحِبِهِ فَيَمْتَنِعُ وَبَيْعُ الْكَسْبِ بِالْكَسْبِ حَرَامٌ أَوْ يَمْتَنِعُ بِالْقِيَاسِ عَلَى مَا اشْتَرَكَا بِجَمَلَيْنِ وَعَلَيْهِمَا كُلَفُ الجمّالين وَالْكَسْبُ بَيْنَهُمَا وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ الْفَرْقَ وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي منعُ الْجَهَالَةِ وَذَلِكَ مَعْلُومٌ بِالْعَادَةِ بِدَلِيلِ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ وَالْمُضَارَبَةِ عَلَى الْمَنَافِعِ وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّالِثِ: أَنَّ ذَلِكَ لازمٌ فِي شَرِكَةِ الْمَالِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ بَاعَ نِصْفَ رِبْحِهِ بِنِصْفِ رِبْحِ صَاحِبِهِ وَذَلِكَ مُغْتَفَرٌ فِي الصُّورَتَيْنِ لِلرِّفْقِ وَالْجَوَابُ عَنِ الرَّابِعِ أَن شركَة الدَّوَابّ وَالْحمل على الرؤوس تَجُوزُ إِذَا اشْتَرَكَا فِي شَيْءٍ بِعَيْنِهِ لَا يَفْتَرِقَانِ فِيهِ فَأَمَّا إِذَا افْتَرَقَا فَلَا رِفْقَ لِأَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ عَنْ مَالِكٍ الْمَنْعُ مِنْ شَرِكَةِ الْحَرْثِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِكَا فِي رِقَابِ

- (فرع)

الدَّوَابِّ وَالْآلَةِ لِيَضْمَنَا مَا هَلَكَ وَعَنْهُ إِنْ سَاوَى مَا يُخرج مِنَ الْبَقَرِ وَالْآلَةِ كِرَاءَ مَا يُخرج الْآخَرُ مِنَ الْأَرْضِ وَالْعَمَلِ وَاعْتَدَلَا فِي الْبَذْرِ جَازَ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُهُ فِي الْمُزَارَعَةِ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ: لِأَحَدِهِمَا رحَّى وَلِلْآخَرِ دابةٌ وَللْآخر بيتٌ على أَن يعلمُوا بِأَيْدِيهِمْ والكسبُ أَثْلَاثٌ وَعَمِلُوا عَلَى ذَلِكَ وَجَهِلُوا الْمَنْعَ فَمَا أَصَابُوا أَثْلَاثًا إِنِ اسْتَوَتْ أَكْرِيَةُ الثَّلَاثَةِ وَتَصِحُّ الشَّرِكَةُ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ أَكْرَى مَتَاعه بمتاع صَاحبه وَإِن اخْتلفت أكريه مَا قسموا أَثلَاثًا لِأَن رُؤْس أَمْوَالِهِمْ عَمَلُ أَيْدِيهِمْ وَهُوَ مُستو وَيَرْجِعُ مَنْ لَهُ أفضل كِرَاءٍ عَلَى صَاحِبِهِ وَإِنْ لَمْ يُصِيبُوا شَيْئًا كَالْكِرَاءِ الْفَاسِدِ وَلَا تَرَاجُعَ فِي كِرَاءِ الْأَيْدِي لتساويهم فِيهِ وَإِن اشْترط صاحبا الْبَيْت والرحا الْعَمَلَ عَلَى رَبِّ الْبَغْلِ فَعَمِلَ فَلَهُ الرِّبْحُ وَعَلَيْهِ الْوَضِيعَةُ لِأَنَّ غَلَّةَ دَابَّتِهِ رَأْسُ الْمَالِ وَعَلِيهِ أُجْرَة الرحا وَالْبَيْتِ وَإِنْ لَمْ يُصِيبُوا شَيْئًا كَالدَّابَّةِ يَعْمَلُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ الْكَسْبِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: ظَاهِرُ الْكِتَابِ الْمَنْعُ حَتَّى يَكْتَرِيَ كُلُّ وَاحِدٍ نَصِيبَهُ بِنَصِيب صَاحِبِهِ إِذَا كَانَ مُسْتَوِيًا وَأَجَازَهُ سَحْنُونٌ إِذَا اسْتَوَيَا قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: مَعْنَى قَوْلِهِ الشَّرِكَةُ صَحِيحَةٌ أَيْ آلَتْ إِلَى الصِّحَّةِ لَا أَنَّهَا تَجُوزُ ابْتِدَاءً لِلْجَهْلِ بِالْأَكْرِيَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: صِفَةُ التَّرَاجُعِ مَعَ الِاخْتِلَافِ: كِرَاءُ الْبَيْتِ ثَلَاثَةُ دَرَاهِم وَالدَّابَّة دِرْهَمَانِ والرحا دِرْهَمٌ فَاسْتَوَوْا فِي دِرْهَمٍ فَلَا يَتَرَاجَعُوا فِيهِ وَلِصَاحِبِ الْبَيْتِ فضلٌ دِرْهَمَانِ لَهُ مِنْهُمَا ثُلُثَا دِرْهَمٍ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ صَاحِبَيْهِ وَلِصَاحِبِ الدَّابَّةِ فضلٌ دِرْهَمٍ لَهُ ثُلُثُ دِرْهَمٍ عَلَى كل وَاحِد من صَاحِبيهِ فَإِذا فَإِذَا طَالَبَ صَاحِبُ الْبَيْتِ صَاحِبَ الدَّابَّةِ بِثُلُثَيْ دِرْهَمٍ طَالَبَهُ صَاحِبُ الدَّابَّةِ بِثُلُثِ دِرْهَمٍ فَيَبْقَى لَهُ ثلث دجرهم وَلِصَاحِب الدَّابَّة ثلث دِرْهَم وعَلى صَاحب الرحا وَلِصَاحِب الْبَيْت ثلثا دِرْهَم وعَلى صَاحب الرحا أَيْضًا يُغَرَّمُ لِكُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثَ دِرْهَمٍ فَيَدْفَعُهُ صَاحِبُ الدَّابَّةِ إِلَى صَاحِبِ الْبَيْتِ فَيَحْصُلُ لَهُ دِرْهَم ويستزن " كَذَا " إِنْ لَمْ يَزِدْ شَيْئًا مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ وَإِذَا حَضَرُوا كُلُّهُمْ وَهُمْ أَمْلِيَاءُ وَطَلَبُوا الْمُحَاسَبَةَ دفع صَاحب الرحا

لِصَاحِبِ الْبَيْتِ دِرْهَمًا ثُلُثُهُ عَنْ صَاحِبِ الدَّابَّةِ وَثُلُثَانِ مِمَّا لَهُ قَبْلَهُ لِأَنَّ جَمِيعَ إِجَارَةِ الْبَيْت وَالدَّابَّة والرحا سِتَّةُ دَرَاهِمَ فَلِلدَّابَّةِ دِرْهَمَانِ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَا عَلَيْهِ وَيَرْجِعُ صَاحِبُ الْبَيْتِ عَلَى صَاحِبِ الرحا بدرهم فيعتدلوا وَقَالُوا مُحَمَّدٌ: إِذَا فَاتَ ذَلِكَ بِالْعَمَلِ قَسَّمُوا مَا أَصَابُوا عَلَى قَدْرِ قِيمَةِ كِرَاءِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ قَسَّمُوا ذَلِكَ عَلَى قَدْرِ إِجَارَةِ كُلِّ وَاحِدٍ بِيَدَيْهِ وَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ قُسم عَلَى مَا حَصَلَ بِيَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِأَنْ يَكُونَ المُصاب ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَيَكُونُ كِرَاء الْبَيْت ثَلَاثَة وَالدَّابَّة دِرْهَمَانِ والرحا دِرْهَمٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ كِرَاءُ مَالِهِ وَكِرَاءُ يَدِهِ أَيْضا وَهُوَ مِثْلًا لِكُلِّ وَاحِدٍ دِرْهَمٌ فَيَبْقَى مِنَ الْمُصَابِ تِسْعَةٌ يَقْتَسِمُونَهَا عَلَى التِّسْعَةِ الْأُولَى فَيَصِيرُ لِصَاحِبِ الْبَيْتِ ثَمَانِيَةٌ وَلِصَاحِبِ الدَّابَّةِ سِتَّةٌ وَلِصَاحِبِ الرحا أَرْبَعَةٌ وَقَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ: الْأَشْبَهُ أَنْ يَكُونَ عمل أَيْديهم وكراء آلتهم رُؤُوس أَمْوَالِهِمْ فَيُضِيفُ كُلُّ وَاحِدٍ عَمَلَ يَدِهِ إِلَى كِرَاءِ مَا أَخْرَجَ وَيُجْمَعُ ذَلِكَ كُلُّهُ ويُقسم المُصاب عَلَى ذَلِكَ فَلَا يَخْتَصُّ بِرَأْسِ الْمَالِ عَمَلُ الْبَدَنِ دُونَ عَمَلِ الْآلَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ كُله رَأس مَال لَهُ فَإِنْ عَجَزَ الْمُصَابُ عَنْ كِرَاءِ الْآلَةِ فَيَنْبَغِي أَلَّا يَتَرَاجَعَا فِي الذِّمم بِمَا فَضَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ لِأَنَّ يَدَ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى مَا أَكْرَاهُ كِرَاءً فَاسِدًا فَلَا يَضْمَنُ شَرِيكُهُ لَهُ كَمَا إِذَا اشْتَرَكَا سِلْعَتَيْنِ شَرِكَةً فَاسِدَةً فَبَاعُوا لَمْ يَضْمَنْ واحدٌ لِصَاحِبِهِ قِيمَةَ نَصِيبِهِ وَإِنَّمَا رُؤْس أَمْوَالِهِمَا مَا بَاعُوا بِهِ وَهُوَ قَوْلٌ حَسَنٌ رَاجِعٌ إِلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ إِذَا كَانَ مَا أَصَابُوهُ قَدْرَ كِرَاءِ آلَتِهِمْ وَعَمَلِ أَيْدِيهِمْ فَأَكْثَرَ لَا يستخلِفُ ذَلِكَ فِي الْقِسْمَةِ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ اخْتُلِفَ وَوَقَعَ الظُّلْمُ بَيْنَهُمْ إِذَا بُدئ بِأَكْرِيَةِ الْآلَةِ أَوْ بِأَكْرِيَةِ الْأَيْدِي إِذا قَدْ يَكُونُ كِرَاءُ آلَةِ أَحَدِهِمْ عَشَرَةً وَأُجْرَةُ يَدِهِ عَشَرَةً فَإِذَا أَصَابُوا قَدْرَ أُجْرَةِ الْآلَةِ وبُدىء بِالْقِسْمَةِ عَلَيْهَا ظُلم مَنْ أُجرة آلَتِهِ قَلِيلَةٌ وَأُجْرَةُ يَدِهِ كَثِيرَةٌ وَإِنْ بُدئ بِالْقِسْمَةِ عَلَى أُجْرَةِ الْأَيْدِي ظُلِمَ صَاحِبُ الْآلَةِ فأعدَلُ الْأَقْوَالِ جمعُ أَكْرِيَةِ الْجَمِيعِ ويُقسم مَا أَصَابُوا عَلَيْهِ وَلِأَنَّ مَا أَخْرَجُوا مِمَّا يُكرى فَيَكُونُ كِرَاؤُهُ رَأْسَ الْمَالِ كَثَمَنِ السِّلْعَتَيْنِ فِي الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ فَإِن رَأس المَال مَا يبيعا لَهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ: أَرَى أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ الرحا وَالدَّابَّة لِأَن الْإِجَارَة وَالثمن الْمَأْخُوذ إِنَّمَا هُوَ عَنْهُمَا دُونَ الْبَيْتِ وَعَمَلِ

- (فرع)

الْيَدِ وَلَيْسَ لِلشُّرَكَاءِ فِي ذَلِكَ إِلَّا رَبْطُ الدَّابَّةِ وَهُوَ يَسِيرٌ وَلَا يَتَرَاجَعُونَ فِي عَمَلِ أَيْدِيهِمْ لِأَنَّهُ يَسِيرٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ عَمِلَ صَاحِبُ الدَّابَّةِ وَحْدَهُ فَلَهُ مَا أَصَابَ وَعَلِيهِ أُجْرَة الْبَيْت والرحا وَإِنْ لَمْ يُصِبْ شَيْئًا وَلَيْسَ بالبيِّن وَأَرَى مَا أصَاب مفوضاً على أُجْرَة الرحا وَالدَّابَّة فَمَا نَاب الرحا مِنَ الْعَمَلِ رَجَعَ عَلَيْهِ الْعَامِلُ فِيهِ بأُجرة الْمثل لِأَن صَاحب الرحا لَمْ يَبِعْ مِنَ الْعَامِلِ مَنَافِعَهَا وَإِنَّمَا وَكَّلَهُ فِي إِجَارَتِهَا وَلَهُ بَعْضُ الْأُجْرَةِ فَهُوَ يُوَاجِرُهَا عَلَى صَاحِبِهَا ثُمَّ يَغْرَمَانِ جَمِيعًا أُجْرَةَ الْبَيْتِ وَكَذَلِكَ إِذا كَانَ الْعَامِل صَاحب الرَّحا فَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَا عَلَيْهِ وَالْمُخْتَارُ مَا تَقَدَّمَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الَّذِي يَطْحَنُ عَلَيْهِمَا طَعَامَ نَفْسِهِ فَيَكُونَ كَمَنْ قَالَ لَكَ مَا تَكْسِبُ عَلَيْهَا وَكَذَلِكَ الدَّابَّةُ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُ هَذَا الْبَحْثِ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: إِذَا مَرِضَ أحدُ شَرِيكَيِ الصَّنْعَةِ أَوْ غَابَ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ فَعَمِلَ صَاحِبُهُ فَالْعَمَلُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ عادةُ الشُّرَكَاءِ وَمَا تَفَاحَشَ وَطَالَ إِنْ أَحَبَّ الْعَامِلُ أَعْطَاهُ نِصْفَ مَا عَمِلَ جَازَ إِنْ لَمْ يَعْقِدْ فِي أَصْلِ الشَّرِكَةِ عَلَى ذَلِكَ فَيَمْتَنِعُ لِلْغَرَرِ فَإِنْ نَزَلَ فَمَا اشْتَرَكَا فِيهِ بَيْنَهُمَا وَمَا اخْتَصَّ بِذِي الْعَمَلِ لِصَاحِبِهِ قَالَ ابْنُ يُونُس قَالَ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ: إِنْ لَمْ يَعْقِدَا عَلَى ذَلِكَ يَنْبَغِي أَنَّ الْقَدْرَ الَّذِي لَوْ صحَّ ذَلِكَ كَانَ بَيْنَهُمَا أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا وَالزَّائِدُ لِلْعَامِلِ وَحْدَهُ ويُتسامح فِي الشَّرِكَةِ الصَّحِيحَةِ عَنِ التَّفَاضُلِ الْيَسِيرِ بِخِلَافِ الْفَاسِدَةِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: هَذَا فِي شَرِكَةِ الْأَبْدَانِ أَمَّا فِي شَرِكَةِ الْأَمْوَالِ فَلِلَّذِي عَمِلَ نِصْفُ أُجْرَتِهِ عَلَى صَاحِبِهِ وَالْفَضْلُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الْمَالَ أَخَذَهُ وَإِذَا تَقَبَّلَ أَحَدُهُمَا شَيْئًا بَعْدَ طُولِ مَرَضٍ أَوْ غَيْبَةٍ فَهُوَ لَهُ قَالَه بعض الْقرَوِيين إِذا تقبًّلا جَمِيعًا ثمَّ غَابَ أَحدهَا طَوِيلًا فَالْإِجَارَةُ بَيْنَهُمَا وَيَرْجِعُ الْعَامِلُ عَلَى شَرِيكِهِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ لِأَنَّهُ تحمَّل عَنْ صَاحِبِهِ بِالْعَمَلِ بِخِلَافِ حَافِرَيِ الْعَيْنِ يُستأجران فَيَمْرَضُ أَحَدُهُمَا فَلَا يلْزم الثَّانِي أَن يعْمل لصَاحبه فَإِنْ عَمِلَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ متطِّوع كَمَنْ خَاطَ لِإِنْسَانٍ ثَوْبًا بِغَيْرِ إِذْنِهِ لَا غُرْمَ عَلَيْهِ لِصَاحِبِهِ

- (فرع)

وَمَنْ رَأَى أَنَّهُ مُتَطَوِّعٌ لِرَبِّ الدَّيْنِ رَأَى أَنَّ بِالْمَرَضِ انْفَسَخَتِ الْإِجَارَةُ لِلضَّرَرِ عَلَيْهِ كَمَرَضِ الدَّابَّةِ فِي السَّفَرِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الدَّين وَمَا يَتَقَبَّلَانِهِ مِنَ الْمَتَاعِ أَنَّ الْمَتَاعَ مِمَّا يُضمن إِذَا ضَاعَ مَا تَحَمَّلَا ضمِنا وَوَجَبَ عَلَيْهِمَا عمله والبير مِمَّا لَا يُضمن فَلَمْ يَجِبْ عَلَى الصَّحِيحِ حفرُ نَائِبِ الْمَرِيضِ فَصَارَ مُتَطَوِّعًا بِالْحَفْرِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا مَرِضَ أَحَدُهُمَا أَوْ مَاتَ أَوْ غَابَ فَعَلَى الْآخَرِ جَمِيعُ الْعَمَلِ كَانَ فِي الذِّمَّةِ أَوْ عَلَى أَعْيَانِهِمَا لِأَنَّهُمَا اشْتَرَكَا عَلَى ذَلِكَ وَعَلَيْهِ دَخْلُ مُسْتَأْجِرِهِمَا لِأَنَّهُ رُبَّمَا جَالَتْ أَيْدِيهِمَا فِي عَمَلِ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ بِخِلَافِ غَيْرِ الشَّرِيكَيْنِ إِذَا كَانَتِ الْإِجَارَةُ عَلَى عَمَلِ رجلٍ الا يَضْمَنُ أَحَدٌ عَنْهُ ذَلِكَ الْعَمَلَ وَلَوْ أجَّر رَجُلَانِ أَنْفُسَهُمَا فِي عَمَلِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ أَوْ كَانَت الْإِجَازَة فِي الذِّمَّةِ لَا يَلْزَمُ أَحَدُهُمَا أَنْ يُوفي عَنِ الْآخَرِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُمَا مُتَفَاوِضَانِ وَيَلْزَمُ أَحَدُهُمَا مَا يَلْزَمُ الْآخَرَ وَإِذَا عَقَدَا فِي الصِّحَّةِ ثُمَّ حَدَثَ مَرَضٌ خَفِيفٌ أَوْ طَوِيلٌ أوغاب أَحَدُهُمَا " قَرِيبًا " أَوْ بَعِيدًا فَعَلَى الصَّحِيحِ وَالْحَاضِرِ الْقيام بِجَمِيعِ الْعَمَل وَكَذَلِكَ إِذا عقد الْإِجَازَة عَلَى شَيْءٍ فِي أَوَّلِ الْمَرَضِ ثُمَّ بَرِئَ قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا أَوْ فِي سَفَرِ أَحَدِهِمَا إِلَى قُرب ثُمَّ رَجَعَ عَنْ قُرْبٍ أَوْ بُعد فَعَلَى الصَّحِيحِ وَالْحَاضِرِ الْقِيَامُ بِجَمِيعِ الْعَمَلِ هَذَا فِي حَقِّ الَّذِي لَهُ الْعَمَلُ وَكَذَلِكَ فِي المسمِّى الَّذِي عقدا عَلَيْهِ هُوَ بنيهما نِصْفَانِ وَإِنْ طَالَ الْمَرَضُ أَوِ السَّفَرُ رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِأُجْرَةِ المِثل وَإِلَّا فَلَا جَرْيًا عَلَى الْعَادَةِ وَلَوِ اشْتَرَكَا عَلَى عَدَمِ التَّرَاجُعِ فِي الْكَثِيرِ فَسَدَتْ لِأَنَّهُ غَرَرٌ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ مَا تقبَّل أحدُ شَرِيكَيِ الصَّنْعَةِ لَزِمَ الْآخَرَ عَمَلُهُ وَضَمَانُهُ يُؤْخَذُ بِذَلِكَ وَإِنِ افْتَرَقَا لِأَنَّهُ عقد الشّركَة 3 - (38 قَالَ: تجوز شركَة) قَالَ تَجُوزُ شَرِكَةُ الْمُعَلِّمِينَ فِي مَكْتَبٍ وَاحِدٍ لَا مَوْضِعَيْنِ وَالْأَطِبَّاءِ إِنِ اشْتَرَكُوا فِي ثَمَنِ الدَّوَاء وَلَا يشْتَرك الحمَّالان على رؤسهما وَدَوَابِّهِمَا لِافْتِرَاقِهِمَا إِلَّا أَنْ يَجْتَمِعَا فِي شَيْءٍ بِعَيْنِه إِلَى غَايَة فَيجوز على الرؤس أَوِ الدَّوَابِّ وَإِنْ جَمَعَا

- (فرع)

دَابَّتَيْهِمَا عَلَى أَنْ يُكرياهما وَالْكِرَاءُ بَيْنَهُمَا امْتَنَعَ لِأَنَّهُ قَدْ يُكري أحدُهما دُونَ الْآخَرِ فَهُوَ غَرَرٌ وَكَذَلِكَ عَلَى رِقَابِهِمَا وَقَدْ تَخْتَلِفُ الْغَايَاتُ إِلَّا فِيمَا يَفْتَرِقَانِ فِيهِ فَيَجُوزُ لِعَدَمِ الْغَرَرِ قَالَ ابْنُ يُونُس لايكون علمهما مِنَ الْكَسْبِ بِقَدْرِ عِلْمِهِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِيمَا يعلِّمانه الصِّبْيَانَ قَالَ اللَّخْمِيُّ: لَا يَشْتَرِكُ طَبَائِعِيٌّ وَجَوَائِجِيٌّ وَلَا أَحَدُهُمَا وَكَحَّالٌ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ غَرَرٌ مِنْ غير رفق مُعْتَبر وَيصير كسبٌ بِكَسْبٍ وَيَجُوزُ طَبَائِعِيٌ كَحَّالٌ مَعَ كَحَّالٍ إِذَا اخْتَصَّ الطَّبَائِعِيُّ بِمَا يَدْخُلُ مِنْ قِبَلِ الطَّبَائِعِ وَإِلَّا لَمْ يَجُز وَيَمْتَنِعُ طبُّهما واحدٌ وَحِصَّتُهُمَا مِنَ الْكَسْبِ مُخْتَلِفَةٌ وَكَذَلِكَ لَا يَخْتَلِفُ رَأْسُ الْمَالِ وَشَرِكَةُ الْمُعَلِّمِينَ جَائِزَةٌ إِنِ اتَّحد صِنْفُ مَا يُعَلِّمَانِهِ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا قُرْآنًا وَالْآخَرُ نَحْوًا أَوْ غَيْرَهُ امْتَنَعَ لِعَدَمِ التَّعَاوُنِ وَإِنْ كَانَا يعلِّمان الْقُرْآنَ وَيَزِيدُ أَحَدُهُمَا نَحْوًا أَوْ حِسَابًا وَتَعْلِيمُ الزَّائِدِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ تبعٌ لَا يُزاد لأَجله فِي الْأُجْرَة وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ يَسِيرًا وَإِنْ كَانَ لَهُ قَدْرٌ امْتَنَعَتِ الشَّرِكَةُ إِلَّا أَنْ يَخْتَصَّ صَاحِبُهُ بِأُجْرَتِهِ وَإِذَا لَمْ تَكُنِ الدَّوَابُّ مُشْتَرَاةً تَمْتَنِعُ لِأَنَّهُ يُرِيدُ رَاحَةَ دَابَّتِهِ وَيَحْمِلُ عَلَى دَابَّةِ شَرِيكِهِ وَإِنِ اشْتَرَكَا فِيهِمَا جَازَتِ اتَّفَقَ الْحَمْلُ أَمْ لَا لِأَنَّ صُحْبَةَ أَحَدِهِمَا الدَّابَّةَ وَجُلُوسَ الْآخَرِ تبعٌ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يَجُوزُ ذَلِكَ وَإِنِ افْتَرَقَا فِي البُلدان وَإِنْ بعُد أَحَدُ الْمَوْضِعَيْنِ وَقَرُبَ الْآخَرُ وَإِنْ كَانَتِ الدَّوَابُّ لِأَحَدِهِمَا فَاسْتَأْجَرَ الْآخَرُ نِصْفَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا بِإِجَارَتِهِ جَازَ لِأَنَّهُ يجوز أَن يسْتَأْجر دَابَّة ليواجرها مَعَ إِمْكَانِ تَيَسُّرِ إِجَارَتِهَا وَتَعَسُّرِهَا وَلَا تَفْسُدُ الْإِجَارَةُ لِذَلِكَ وَكَذَلِكَ إِنِ اسْتَأْجَرَاهَا جَمِيعًا مِنْ ثَالِثٍ لِيَشْتَرِكَا فِي مَنَافِعِهَا وَإِيجَارِهَا إِذَا عَقَدَا الْإِجَارَةَ عَقْدًا وَاحِدًا وَإِنِ اسْتَأْجَرَ كُلُّ وَاحِدٍ دَابَّةً لِنَفْسِهِ امْتَنَعَ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: تَجُوزُ فِي الِاحْتِطَابِ وَالِاحْتِشَاشِ وَأَنْ يَحْمِلَا عَلَى رِقَابِهِمَا ثمار

- (فرع)

الْبَرِّيَّةِ أَوْ دَوَابِّهِمَا إِذَا كَانَ جَمِيعُ ذَلِكَ مِنْ مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَإِلَّا فَلَا وَفِي صَيْدِ السَّمَكِ وَغَيْرِهِ وَلَا يَفْتَرِقَانِ لِأَنَّهُ تعاونٌ يُضطر إِلَيْهِ وَلَا يَشْتَرِكَانِ بِالْكَلْبَيْنِ إِلَّا أَنْ يَمْلِكَا رِقَابَهُمَا وَلَا يَفْتَرِقَ الْكَلْبَانِ أَوِ الْبَازِيَانِ فِي طَلَبٍ وَلَا أَخْذٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا اشْتَرَكَا فِي الْكِلَابِ والبُزاة جَازَ وَإِنِ افْتَرَقَا فِي الِاصْطِيَادِ لِأَنَّ الْبَازِيَّ كَرَأْسِ الْمَالِ فَأَشْبَهَ الِاشْتِرَاكَ فِي الْأَمْوَالِ فَيَجُوزُ الِافْتِرَاقُ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِكَا بِالْبُزَاةِ جَازَتْ إِنِ اجْتَمَعَا لِيَتَعَاوَنَا وَإِلَّا فَلَا وَتَجُوزُ بِالشِّبَاكِ إِذَا طَرَحَاهَا مَرَّةً وَاحِدَةً عَلَى السَّمَكِ وَكَذَلِكَ إِنْ نَصَبَ هَذَا مَرَّةً وَهَذَا مَرَّةً لِلضَّرُورَةِ وَيَمْتَنِعُ مَعَ عَدَمِ الضَّرُورَةِ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ فِي الِاحْتِطَابِ وَإِنْ لَمْ يَجْتَمِعَا فِي مَوْضِعِ الْبَيْعِ إِذَا اجْتَمَعَا فِي الِاحْتِطَابِ وَإِنِ افْتَرَقَا فِي الْأَصْلِ امْتَنَعَ وَإِنِ اجْتَمَعَا فِي حَمْلِ ذَلِكَ أَوْ بَيْعِهِ لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ عَمِلٌ بِعَمَلٍ وَفِي الثَّانِي كَسْبٌ بِكَسْبٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْكَسْبُ وَالِاحْتِطَابُ فِي مَوْضِعٍ وَيَشْتَرِطُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ الْبَيْعَ فِي مَوْضِعِ كَذَا عَلَى بُعْدٍ وَالْآخَرُ عَلَى قُرْبٍ فَيَمْتَنِعُ وَمَا وُجد قِيمَتُهُ بَيْنَهُمَا عَلَى السَّوَاءِ وَيَرْجِعُ مَنْ أبعدَ عَلَى صَاحِبِهِ بِأُجْرَةِ المِثل فِيمَا عَمِلَ وَمَنَعَ (ش) وَ (ح) الشَّرِكَةَ فِي الِاحْتِطَابِ وَالِاصْطِيَادِ وَسَائِرِ الْمُبَاحَاتِ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ تبعٌ لِلْوَكَالَةِ وَالْوَكَالَةُ فِي الْمُبَاحِ تَمْتَنِعُ وَجَوَابُهُ بَلِ الْوَكَالَةُ لِلرِّفْقِ وَهُوَ حَاصِلٌ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: تَجُوزُ فِي حَفْرِ الْقُبُورِ وَالْمَعَادِنِ وَالْآبَارِ وَعَمَلِ الطِّينِ وَقَطْعِ الْحِجَارَةِ إِذَا لَمْ يَفْتَرِقَا خِلَافًا (ش) وتمتنع فِي مَوْضِعَيْنِ هُوَ أَوْ هَذَا فِي غَارٍ وَهَذَا فِي غَار الْغرَر وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ إِدْرَاكِ النَّيْلِ فَالسُّلْطَانُ يُقطعه لِمَنْ يَرَى وَالْمَعَادِنُ كُلُّهَا سَوَاءٌ النَّقْدَانِ وَغَيْرُهُمَا فِي التَّنْبِيهَاتِ قَالَ سَحْنُونٌ: الْإِقْطَاعُ بَعْدَ النَّيْلِ وَمَوْتِ الْعَامِلِ إِنْ لَمْ تَكُنْ سَنَةً فَلَا يَنْبَغِي وَقَالَ غَيْرُهُ لَعَلَّهُ يُرِيدُ فِي الْكِتَابِ إِذَا لَمْ يُدْرِكْ نَيْلًا وَقَالَ أَشْهَبُ النَّيْلُ لِوَارِثِ الْعَامِلِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْهُ وَقَالَ غَيْرُهُ إِنْ قَدَرَ

- (فرع)

ورثته على عمل فهم أَحَق وَفِي النكث قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ: مَعْنَى مَا فِي الْكِتَابِ أَنَّهُمَا أَخْرَجَا النَّيْلَ فَاقْتَسَمَاهُ وَلَيْسَ لِلْوَارِثِ التَّمَادِي عَلَى الْعَمَلِ إِلَّا بِقَطِيعَةٍ مِنَ الْإِمَامِ وَكَرِهَ مَالِكٌ طَلَبَ الْكُنُوزِ فِي قُبُورِ الْجَاهِلِيَّةِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلَاءِ المعذَّبين إِلَّا وَأَنْتُمْ بَاكُونَ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَلَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ أَوْ خَشْيَةَ مُصَادَفَةِ قَبْرِ نَبِيٍّ أَوْ رَجُلٍ صَالِحٍ وَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَاسْتَخَفَّ غَسْلَ تُرَابِهِمْ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: تَجُوزُ بِعَرْضَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ أَوْ مُتَّفِقَيْنِ أَوْ طَعَامٍ وَعَرْضٍ عَلَى قِيمَةِ مَا أَخْرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ يَوْمَئِذٍ وَبِقَدْرِهِ الرِّبْحُ وَالْعَمَلُ خِلَافًا (ش) فِي تَخْصِيصه بالنقدين وَإِن اتّفق قِيمَةُ الْعَرْضَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ وَعَرَفَا ذَلِكَ عِنْدَ الْعَقْدِ وَاشْتَرَكَا بِهِمَا جَازَ لِأَنَّهُ بَيْعٌ لِنِصْفِ هَذَا بِالنِّصْفِ الْآخَرِ فَإِذَا قَوَّمَا وَأَشْهَدَا جَازَ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرَا بَيْعًا وَلَوِ اشْتَرَطَا التَّسَاوِيَ فِي الشَّرِكَةِ بِالسِّلَعِ فَلَمَّا قُوِّمَا تَفَاضَلَتِ الْقِيَمُ فَإِنْ لم يعلمَا أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ سِلْعَتَهُ وَبَطَلَتِ الشَّرِكَةُ فَإِنْ فَاتَتِ السِّلْعَتَانِ وَعَمِلَا عَلَى ذَلِكَ فَرَأْسُ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مَا بِيعَتْ بِهِ سِلْعَتُهُ وَبِقَدْرِ ذَلِكَ الرِّبْحُ وَالْخَسَارَةُ وَيَرْجِعُ مَنْ قلَّ مَالُهُ بِفَضْلِ عَمَلِهِ عَلَى صَاحِبِهِ وَلَا يَضْمَنُ صَاحِبُ السِّلْعَةِ الْقَلِيلَةِ فَضْلَ حِصَّةِ صَاحِبِهِ لِأَنَّ فَضْلَ سِلْعَتِهِ لَمْ يَقَعْ فِيهِ بَيْنَهُمَا بَيْعٌ وَمَتَى وَقَعَتْ فَاسِدَةً فَرَأْسُ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مَا بِيعَتْ بِهِ سِلْعَتُهُ لَا مَا قُوِّمت وَالرِّبْحُ يُقسم عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ وَالصَّحِيحَةُ رَأْسُ مَالِهِمَا مَا قُوِّمَا بِهِ يَوْمَ اشْتَرَكَا دُونَ مَا بِيعَ بِهِ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ أَوْلًا فَصَارَ كُلُّ وَاحِدٍ بَاعَ نِصْفَ عَرْضِهِ بِالنِّصْفِ الْآخَرِ حِينَئِذٍ وَالْفَاسِدَةُ لَمْ يَبعهُ مَا يُوجِبُ ضَمَانًا فِي التَّنْبِيهَاتِ: لَا يَخْتَصُّ الْفَوَاتُ فِي الْفَاسِدَةِ بِالْبَيْعِ بَلْ بِحَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ لِأَنَّهَا بَيْعٌ فِي النكث: إِنْ جَهِلَا مَا بِيعَتْ بِهِ السِّلَعُ رُجع للقيمة يَوْم

- (فرع)

الْبَيْعِ بِخِلَافِ الْفَاسِدِ إِذَا قُبض لِأَنَّ أَيْدِيَهُمَا عَلَى السِّلْعَتَيْنِ وَلَمْ يُجْعَلْ لِكُلِّ وَاحِدٍ ثَمَنُ السِّلْعَةِ الَّتِي اشتُريت بِمَا لَهُ فِي الشَّرِكَةِ بِالدَّنَانِيرِ مِنْ عِنْدِ هَذَا وَبِالدَّرَاهِمِ مِنْ عِنْدِ هَذَا وجُعل لكل وَاحِد هَا هُنَا ثَمَنُ سِلْعَتِهِ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ قَدْ فَاتَ الْأَمْرُ فِيهِمَا لَمَّا تَصَرَّفَا فِيهِمَا بِالشِّرَاءِ وَالْعَرْضَانِ لَمْ يَحْصُلْ فِيهِمَا فَوْتٌ لِأَنَّ ثَمَنَهُمَا مَعْلُومٌ وبيد كل وَاحِد سلْعَته قَالَ اللَّخْمِيّ: إِذا اشْتَرَكَا وَالْقَصْدُ بَيْعُ بَعْضِ أَحَدِهِمَا بِبَعْضِ الْآخَرِ وَلَا يَتَحَرَّيَانِ الْأَثْمَانَ إِذَا بِيعَا فَجَائِزَةٌ وَإِنْ كَانَ فِيهِمَا تغابُنٌ مِنْ فَضْلِ أَحَدِهِمَا عَلَى الآخر أَو الْقَصْد تَحَرِّي أَثْمَانِهِمَا جَازَتْ عَلَى أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ قِيمَةَ سِلْعَتِهِ وَإِنِ اشْتَرَكَا عَلَى الْمُسَاوَاةِ وَالْقِيَمُ مُخْتَلِفَةٌ امْتَنَعَ وَحِينَئِذٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مَا بِيعَتْ بِهِ سِلْعَتُهُ لِأَنَّ لِلشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَتَصَرَّفَا فَقَبْضُ الْمُشْتَرِي كَلَا قبضٍ وَقِيلَ ذَلِكَ قَبْضٌ وَقَالَهُ مَالك فِيمَا إِذا أخرج أَحدهَا ذَهَبًا وَالْآخِرُ فِضَّةً فَإِنَّ الشَّرِكَةَ صَحِيحَةٌ وَالْقَبْضَ صَحِيحٌ تَصِحُّ بِهِ المُتاجرة فِي الصَّرْفِ وَعَلَى هَذَا قَبَضَ كُلُّ وَاحِدٍ سِلْعَةَ صَاحِبِهِ يَضْمَنُهُ نِصْفَ قِيمَتِهَا يَوْمَ قَبَضَهَا وَيَصِيرُ مَا يَجْرِي بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَإِنْ بَاعَ السِّلْعَةَ قَبْلَ قَبْضِهَا فَهَلْ بَيْعُ الْمُشْتَرِي كَالْقَبْضِ يُوجِبُ عَلَيْهِ نِصْفَ الْقِيمَةِ وَيَكُونُ لَهُ نِصْفُ الثَّمَنِ أَوْ لَيْسَ بِقَبْضٍ وَالثَّمَنُ لِمَنْ كَانَتْ لَهُ السِّلْعَةُ؟ وَإِنْ بَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ سِلْعَةَ نَفْسِهِ قَبْلَ قَبْضِهَا مِنْهُ أَوْ بَعْدَ قَبْضِهَا وَقَبْلَ وُقُوعِهَا عِنْدَ الْقَابِضِ بِحَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ أَوْ جِسْمٍ فَالثَّمَنُ لَهُ دُونَ الشَّرِيكِ وَإِنْ كَانَ بَيْعُهُ لَهَا بَعْدَ الْقَبْض والفوت بِتَغَيُّر جسم فَالثَّمَنُ بَيْنَهُمَا وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُ قِيمَةِ سِلْعَةِ صَاحِبِهِ وَإِنْ قَبَضَ أَحَدُهُمَا سِلْعَةَ صَاحِبِهِ ثُمَّ بَاعَهُمَا جَمِيعًا فَثَمَنُ سِلْعَتِهِ لَهُ وَثَمَنُ سِلْعَةِ صَاحِبِهِ بَيْنَهُمَا وَعَلَيْهِ لِصَاحِبِهِ نِصْفُ قِيمَتِهَا فَإِنْ تَجَرَا بَعْدَ ذَلِكَ فَالْمُشْتَرَى بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ لِأَحَدِهِمَا بِقَدْرِ ثَمَنِ سِلْعَتِهِ وَنِصْفِ ثَمَنِ سِلْعَةِ صَاحِبِهِ وَلِلْآخَرِ قَدْرُ نِصْفِ ثَمَنِ سِلْعَةِ صَاحِبِهِ فَإِنْ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا عُرُوضًا وَالْآخَرُ عَيْنًا أَوْ حَيَوَانًا أَوْ طَعَامًا جَازَتْ إِنِ اعْتَدَلَتِ الْقِيَمُ وَإِنِ اخْتَلَفَتِ امْتَنَعَ عَلَى الْمُسَاوَاةِ فِي الْقِيَمِ فَإِنْ تَرَكَ ذَلِكَ فَكَمَا تَقَدَّمَ فِي الْعَرْضَيْنِ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: تَجُوزُ بِالْعُرُوضِ الْمُمَاثِلَةِ وَالْمُتَقَوِّمَةِ مِنْ صِنْفٍ أَوْ صِنْفَيْنٍ إِذَا انفقت الْقيم وبطعام ودراهم وبعين وَعرض إِذْ اتَّفَقَتِ الْقِيَمُ وَبِقَدْرِ ذَلِكَ الرِّبْحِ وَالْعَمَلِ وَتَمْتَنِعُ بِالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ كَانَ مِثْلِيًّا أَمْ لَا صِنْفٌ وَاحِدٌ أَمْ لَا عِنْدَ مَالِكٍ وَأَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْمُتَّفِقَ الصِّفَةِ وَالْجَوْدَةَ عَلَى الْكَيْلِ قَالَ: وَلَا أعلم للْمَنْع وَجها وَيمْتَنع سَمْرَاءُ وَمَحْمُولَةٌ وَإِنِ اتَّفَقَتِ الْقِيَمُ كَمَا تَمْتَنِعُ بِدَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ تَتَّفِقُ قِيمَتَاهُمَا لِأَنَّ مَعَ التَّمَاثُلِ يَكُونُ الْقَصْدُ الرِّفْقَ بِالشَّرِكَةِ وَمَعَ الِاخْتِلَافِ يُتوقع الْقَصْد للمبايعة مَعَ عدم المتاجرة وَإِذَا وَقَعَتْ فَاسِدَةً بِالطَّعَامِ فَرَأْسُ مَالِ كُلِّ وَاحِد مَا بيبع بِهِ طَعَامُهُ إِذْ هُوَ فِي ضَمَانِهِ حَتَّى يُباع وَلَوْ خَلَطَاهُ قَبْلَ الْبَيْعِ فَقِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ يَوْمَ خَلَطَا وَتَجُوزُ بِدَنَانِيرَ أَوْ بِدَرَاهِمَ مِنْهُمَا مُتفقة النِّفَاقِ وَالْعَيْنِ وَالرِّبْحِ وَالْوَضِيعَةِ وَالْعَمَلُ عَلَى ذَلِكَ وَإِلَّا امْتَنَعَ لِلْغَبْنِ وَالْغَرَرِ فَإِنْ نزل فَالرِّبْح والخسارة على قدر رُؤْس الأمول وَكَذَلِكَ لَوْ لَحِقَهُمَا دَيْنٌ مِنْ تِجَارَتِهِمَا بَعْدَ أَن خسرا المَال كُله ويرج مَنْ لَهُ فَضْلُ عملٍ عَلَى صَاحِبِهِ وَيَبْطُلُ الشَّرْط وَلَا يضمن قَلِيل المَال لصَاحبه وَمَا فَضلَهُ بِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِسَلَفٍ لِأَنَّ رِبْحَهُ لِرَبِّهِ وَلَوْ صَحَّ عَقْدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ فِي الْمَالِ فَتَطَوَّعَ صَاحِبُ الْأَقَلِّ بِالْعَمَلِ فِي جَمِيعِ الْمَالِ جَازَ وَلَا أُجْرَة لَهُ فِي النكث: مَنْعُ مَالِكٍ الطَّعَامَ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ بَاعَ نِصْفَ طَعَامِهِ بِنِصْفِ طَعَامِ صَاحِبِهِ وَيَدُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى مَا بَاعَا فَإِذَا تَصَرَّفَا وَبَاعَا كَانَ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَبَيْعُ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ إِلَى أَجَلٍ لِأَنَّ يَدَ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى طَعَامِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ أَنَّهَا مُسْتَوِيَةٌ فِي الْمَقَاصِدِ فَلَوْ كَانَ فِيهَا شَيْءٌ لَهُ فضلٌ امْتَنَعَتْ بِهِ الشَّرِكَةُ إِذَا ضُمَّ إِلَى مَا لَيْسَ مِثْلَهُ وَالشَّرِكَةُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنَ الِاسْتِوَاءِ فِي الصِّفَةِ وَالْقِيمَةِ وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ فِي ذَلِكَ بَلِ الْغَالِبُ الِاخْتِلَافُ فِي الطَّعَامِ وَإِنَّمَا يَغْرَمُ المُتلف المِثل لِلضَّرُورَةِ بِخِلَافِ الشَّرِكَةِ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ: تَجُوزُ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ الشَّرِكَةُ بِالطَّعَامِ الْمُخْتَلِفِ يَسِيرًا كَمَا جَازَتْ يَزِيدِيَّةً وَمُحَمَّدِيَّةً مُخْتَلِفَةَ النِّفاق شَيْئًا يَسِيرا قَالَ ابْن يُونُس على

تَعْلِيل النكث الْأَوَّلُ يلزُم جَوَازُهَا بِالطَّعَامَيْنَ الْمُخْتَلِفَيْنَ اللَّذَيْنَ يَجُوزُ التَّفَاضُلُ بَيْنَهُمَا إِذَا اسْتَوَتِ الْقِيمَةُ وَقَدْ مَنَعَهُ مَالك وَابْن الْقَاسِم بالعلّة الْأُخْرَى هِيَ الْحق قَالَ سَحْنُونٌ: كَيْفَ يلحقهُما دينٌ بَعْدَ خَسَارَةِ الْمَالِ وهما لايشتريان بِالدَّيْنِ؟ قَالَ وَلَكِنَّهُمَا اشْتَرَيَا عَلَى الْمَالِ الَّذِي بِأَيْدِيهِمَا فَتَلَفَ قَبْلَ دَفْعِهِ فِي الثَّمَنِ ثُمَّ تَلِفَتِ السِّلْعَةُ قَالَ مُحَمَّدٌ فَإِنْ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا مِائَةً وَالْآخِرُ مِائَتَيْنِ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَاشْتَرَيَا بِأَرْبَع مائَة عَلَى أَنْ يَنقُدا ثَلَاثَمِائَةٍ وَتَبْقَى مِائَةٌ دَيْنًا عَلَيْهِمَا فَيَقْتَسِمَانِ رِبْحَ الْمِائَةِ وَوَضِيعَتَهَا عَلَى قَدْرِ مَالَيْهِمَا وَإِنْ كَانَتِ الشَّرِكَةُ فَاسِدَةً لِأَنَّهُمَا اشْتَرَكَا عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ وَالْوَضِيعَةَ نِصْفَانِ وَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ أُجْرَتُهُ فِيمَا فَضَّلَهُ بِهِ صَاحِبُهُ وَإِنْ عَلِمَ الْبَائِعُ أَنَّ شَرْكَتَهُمَا عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ تَبِعَهُمَا كَذَلِك وَإِلَّا اتبعهما نِصْفَيْنِ قَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ أَشْرَكَهُ وَأَسْلَفَهُ بَقِيَّةَ الْمَالِ طَلَبًا لِرِفْقَهٍ وَصِلَتِهِ جَازَ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ صِحَّةِ الْعَقْدِ وَمِنْ غَيْرِ عادةٍ جَازَ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ وَمَنِ ابْتَاعَ سِلْعَةً فَقَالَ لَهُ أَشْرِكْنِي وَأَنَا أَنْقُدُ عَنْكَ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ وَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي لِرَجُلٍ تعالَ اشترِ لَكَ وَأَنْقُدُ عَنْكَ وَأُؤْجِرُكَ وَالسِّلْعَةُ حَاضِرَةٌ جَازَ بِخِلَافِ الْمَضْمُونِ لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ وَإِنْ سَأَلَكَ أَنْ تُشركه وَيَنْقُدَ عَنْكَ قَبْلَ عَقْدِ الْبَيْعِ جَازَ لِأَنَّ قَبْلَ عَقْدِ الْبَيْعِ لَا يَجُر بِنَقْدِهِ نَفْعًا قَالَ اللَّخْمِيُّ: لِلشَّرِكَةِ بِالطَّعَامِ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ: إِمَّا صنفٌ بعضه أفضل أَولا أَو جنس كقمح وشعير أَو جِنْسَانِ كَقَمْحٍ وَتَمْرٍ وَفِي كُلِّهَا خِلَافٌ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ لَوِ اشْتَرَكَا بِمَا يَمْتَنِعُ فِيهِ النَّسَاءُ كَالدِّينَارَيْنِ وَالطَّعَامَيْنِ مَنَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِاجْتِمَاعِ عِلَّتَيْنِ النَّسَاءِ وَبَيْعٍ وَصَرْفٍ وَعَدَمِ الْمُنَاجَزَةِ وَأَجَازَهُ سَحْنُونٌ وَأَحَدُ قَوْلَيْ مَالِكٍ أَمَّا مَا يَجُوزُ فِيهِ النَّسَاءُ كَصِنْفَيْنِ مِنَ الْعُرُوضِ أَوِ الْعُرُوضِ وَأَحَدِ النَّقْدَيْنِ أجَازه ابْن الْقَاسِم لانفراد إِحْدَى الْعِلَّتَيْنِ وَهِيَ الْبَيْعُ وَالشَّرِكَةُ وَأَشَارَ لِلْمَنْعِ تَارَةً لِلْبَيْعِ وَالشَّرِكَةِ وَلَمْ يُرَاعِ سَحْنُونٌ الْبَيْعَ وَالشَّرِكَةَ أَصْلًا إِذَا كَانَ الْبَيْعُ دَاخِلًا فِيهَا فَإِنْ خَرَج مُنِع

- (فرع)

3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: تَجُوزُ بِالْمَالِ الْغَائِبِ إِذَا أَخْرَجَا غَيْرَهُ لِتَحَقُّقِ الشَّرِكَةِ فَإِنْ أَخْرَجَ أَلْفًا وَالْآخُرُ أَلْفًا نصفُه غَائِبٌ فَخَرَجَ لِيَأْتِيَ بِهِ وَمَعَهُ جَمِيعُ الْحَاضِرِ فَلَمْ يَجِدِ الْغَائِبَ فَاشْتَرَى بِمَا مَعَهُ فَلَهُ ثُلْثُ الْفَضْلِ لِأَنَّهُ الَّذِي تَحَقَّقَ وَلَا يَرْجِعُ بِأَجْرٍ فِي فَضْلِ الْمَالِ كَشَرِيكَيْنِ عَلَى التَّفَاضُلِ يَتَطَوَّعُ أَحَدُهُمَا بِالْعَمَلِ وَفِي النكث: قِيلَ إِنَّمَا تَجُوزُ بِالْمَالِ الْغَائِبِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا جِدًّا وَيَمْتَنِعُ عِنْدَ سَحْنُونٍ وَإِنْ قَرُبَ وَإِنَّمَا تَجُوزُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا لَمْ يَّتجر إِلَّا بَعْدَ قيض الْغَائِبِ وَلَا غَرَرَ وَإِلَّا فَتَمْتَنِعُ لِلْغَرَرِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ: إِنْ تَبَيَّنَ أَنَّ ذِكْرَ الْغَائِبِ خديعةٌ فَلَهُ رِبْحُ مَالِهِ وَإِلَّا فَلَهُ النِّصْفُ وَلَا أُجرة لَهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنَّمَا يَصِحُّ هَذَا إِذَا اشْتَرَى بِالْحَاضِرِ قَبْلَ عِلْمِهِ فَضَاعَ الْغَائِبُ لِأَنَّهُ اشْتَرَى عَلَى أَنَّ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَعَلَى أَنَّ ضَيَاعَهُ مِنْهُمَا أَمَّا لَوِ اشْتَرَى بَعْدَ عِلْمِهِ بِضَيَاعِ الْمَالِ الْغَائِبِ فَلَا لِأَنَّ الشَّرِكَةَ لَمْ تَقَعْ بَعْدُ لِأَنَّ ضَمَانَ الدَّنَانِيرِ الْغَائِبَةِ مِنْ رَبِّهَا مَا لَمْ تَقْبِضْ بَلْ لَو اشْترى بهَا فَهِيَ فِي ضَمَان بائهما فَكَيْفَ الشَّرِكَةُ؟ وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ شِرَاؤُهُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِذَهَابِ الْمَالِ وَعِنْدَ سَحْنُونٍ الشَّرِكَةُ فَاسِدَةٌ لِغَيْبَةِ نِصْفِ الْأَلْفِ وَلَهُ أُجْرَةُ مَثْلِهِ فِي الزِّيَادَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُتَطَوِّعًا لِأَنَّ الشَّرِكَةَ عِنْدَهُ لَا تَتِمُّ إِلَّا بِالْخَلْطِ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: دَنَانِيرُ هَاشِمِيَّةٌ وَالْأُخْرَى وَزْنُهَا دِمَشْقِيَّةٌ أَوْ دَرَاهِمُ يَزِيدِيَّةٌ وَالْأُخْرَى وَزْنُهَا مُحَمَّدِيَّةٌ وَصَرْفُهَمَا مُخْتَلِفٌ تَمْتَنِعُ إِلَّا فِي الِاخْتِلَافِ الْيَسِيرِ لِأَنَّ التَّسَاوِيَ فِي الْمِقْدَارِ والقيم شَرط نقياً لضياع المَال بِالْبَاطِلِ وَيمْتَنع الرِّبْح وَالْعَمَل بَيْنَهُمَا بِقَدْرِ فَضْلِ السُّكَّتَيْنِ لِأَنَّهُمَا صَرَفَاهَا إِلَى الْقِيَمِ وحكمُهما الْوَزْنُ فَإِنِ اسْتَوَيَا يَوْمَ الْعَقْدِ لَا يَوْمَ الِافْتِرَاقِ اقْتَسَمَا بِالسَّوِيَّةِ عَرْضًا كَانَ أَو طَعَاما أَو عينا نظرا للْعقد وَيمْتَنع دَرَاهِمُ وَمِنَ الْآخَرِ دَنَانِيرُ لِأَنَّهُ صرفٌ وَشَرِكَةٌ وَلَا يَجُوزُ مَعَ الشَّرِكَةِ صَرْفٌ وَلَا قِرَاضٌ وَلِأَنَّهُمَا لَا يَقُومَانِ فَإِنْ عَمِلَا فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مثل رَأس

مَالِهِ وَالرِّبْحُ لِكُلِّ عَشَرَةٍ دِينَارٌ وَلِكُلِّ عَشَرَةٍ دَرَاهِمُ وَكَذَلِكَ الوَضيعة وَكَذَلِكَ إِنْ عَرَفَ كُلُّ وَاحِدٍ السِّلْعَةَ الَّتِي اشتُريت بِمَالِهِ إِنْ عُرِفَتْ وَلَا شَرِكَةَ فِي السِّلْعَةِ الْأُخْرَى وَإِنْ تَفَاضَلَ الْمَالُ فلأقلِّهما مَالًا أُجْرَةُ مُعَاوَنَةِ الْآخَرِ وَإِنْ لَمْ تُعلم السِّلَعُ فَالرِّبْحُ وَالْخَسَارَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى قِيمَةِ الدَّرَاهِمِ مِنَ الدَّنَانِيرِ يَوْمَ اشْتَرَكَا وَلِأَقَلِّهِمَا مَالًا أُجْرَةُ مُعَاوَنَةِ صَاحِبِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَوْلُهُ إِذَا جَعَلَا الْعَمَلَ وَالرِّبْحَ بِقَدْرِ فَضْلِ مَا بَين السكتين امْتنع إِذا صرفاها على الْقِيَمِ وحكمُها الْوَزْنُ فِي الْبَيْعِ وَالشَّرِكَةِ قَالَ: فَإِنْ نَزَلَ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِثْلَ رَأْسِ مَالِهِ بِعَيْنِهِ فِي سِكَّتِهِ وَلَهُ مِنَ الرِّبْحِ بِقَدْرِ وَزْنِ رَأْسِ مَالِهِ لَا عَلَى السِّكَّتَيْنِ وَقَالَهُ مَالِكٌ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ: لَعَلَّ مُحَمَّدًا يُرِيدُ إِذَا لَمْ يَخْتَلِفِ السُّوقُ وَالسِّكَّتَانِ مِنْ يَوْم الشّركَة غلى يَوْمِ القَسم وَإِلَّا فيُظلم أَحَدُهُمَا إِذَا أُعطي مِثْلَ رَأْسِ مَالِهِ وفضتُه أَفْضَلُ مِمَّا كَانَ دَفَعَ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ: مَا قَالَهُ غَيْرُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ السِّلْعَةُ الَّتِي اشتُريت بِمَالِهِ صَوَابٌ وَهُوَ الْجَارِي عَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ الْفَاسِدَةَ لَا يضمنُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ فِيهَا شَيْئًا كَمَا إِذَا اشْتَرَكَا بِعَرْضَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فِي الْقِيمَةِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا عَرْضَ صَاحِبِهِ فَإِنَّهُ قَالَ لَا يَضْمَنُ وَثَمَنُ مَا بِيعَ بِهِ عَرْضُهُ لَهُ وَبِهِ يَكُونُ شَرِيكًا إِنْ عَمِلَا بَعْدَ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ إِذا اشتريا بِالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِم عَرْضًا وَقَوْلُهُ إِذَا لَمْ يُعرف يُنظر إِلَى قِيمَةِ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ فَيُقَسِّمُ مَا بِأَيْدِيهِمَا عَلَى ذَلِكَ صَوَابٌ لِأَنَّهُ قَدِ اخْتَلَفَ الثَّمَنُ فَأَشْبَهَ الطَّعَامَيْنِ إِذَا اخْتَلَطَا وَفِي الْقِسْمَةِ نظرٌ فِي قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ إِذَا اسْتَوَتْ قِيمَةُ الدَّنَانِير يَوْم الْقسم فاعطيناه مثلهَا انْظُر صَاحِبُ الدَّرَاهِمِ وَكَذَلِكَ إِنْ زَادَتْ قِيمَةُ الدَّرَاهِمِ فأعطيناه مثلهَا انْظُر صَاحِبُ الدَّنَانِيرِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ثَمَنُهَا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَإِنَّمَا لَا يَجُوزُ صرفٌ وَشَرِكَةٌ إِذَا كَانَ خَارِجًا عَنِ الشَّرِكَةِ وَأَمَّا فِيهَا فَيَجُوزُ وَعَنْ مَالِكٍ جَوَازُ هَذَا دَنَانِيرَ وَهَذَا بِقِيمَتِهَا رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ كَرَاهِيَتَهُ قَالَ مُحَمَّدٌ وإجازتُه غلطٌ لِأَنَّهُ صرفٌ مَعَ بَقَاءِ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى نَقْدِهِ

- (فرع)

3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ هَذَا ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ وَالْآخَرُ مِثْلُهُ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ: إِذَا صرَّ كُلُّ واحدٍ مَالَهُ عَلَى حِدَةٍ وَجَعَلَاهُمَا عِنْدَ أَحَدِهِمَا فَضَاعَ أَحَدُهُمَا هُوَ مِنْهُمَا وَلَوْ بَقِيَ مَالُ كُلِّ وَاحِدٍ بِيَدِهِ فَضَمَانُهُ مِنْهُ حَتَّى يَخْلِطَا أَو يجعلاهما عِنْد الشّركَة وَالذَّهَب مِنْ صَاحِبِهِ لِعَدَمِ الْعَقْدِ شَرْعًا وَإِنْ بَقِيَتْ كُلُّ صُرَّةٍ بِيَدِ صَاحِبِهَا حَتَّى ابْتَاعَ بِهَا أمة للشَّرِكَة وَتَلفت الصرة الْأُخْرَى المالان مُتَّفِقَانِ فَالْأَمَةُ بَيْنَهُمَا وَالصُّرَّةُ مِنْ ربِّها بَعْدَ الْعَقْدِ فِيهَا وَشِرَاءُ الْأَمَةِ بِقَصْدِ الشَّرِكَةِ مَعَ الْإِذْنِ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا تَنْعَقِدُ الشَّرِكَةُ حَتَّى يخلطا قَالَ ابْن الْقصار: فمالكٌ يَقُول لابد أَن يكون نوعا وَاحِدًا وَلَا يَتَمَيَّزُ لَنَا عَلَى (ح) أَنَّ الشَّرِكَةَ الِاخْتِلَاطُ فَإِذا لم يخلط لَمْ يَحْصُلْ مُسمَّى الشَّرِكَةِ وَالشَّرِكَةُ كَمَا تَحْتَاجُ لِلْقَوْلِ وتحتاج المَال لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا فَقَطِ الْمَالُ لَامْتَنَعَ وَلِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ لِأَحَدِهِمَا جملٌ وَلِلْآخَرِ حِمَارٌ يَعْمَلَانِ بِهِ عَلَى الشَّرِكَةِ فَكَذَلِكَ هَاهُنَا وَلَنَا عَلَى (ش) فِي جَوَازِ الدَّرَاهِمِ الْبِيضِ مَعَ السُّودِ صِدْقُ الْمُسَمَّى بِذَلِكَ كَمَا لَوِ اخْتَلَطَا بِعَرْضَيْنِ بِأَنْ يَبِيعَ كُلُّ وَاحِدٍ نِصْفَ عَرْضِهِ بِنِصْفِ عَرْضِ الْآخَرِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ صُورَةِ النِّزَاعِ وَبَيْنَ أَحَدِهِمَا دَرَاهِمٌ وَالْآخِرُ دَنَانِيرُ قُرْبُ اتِّحَادِ الْجِنْسِ فَيَكُونُ مَقْصُودُهُمَا الشَّرِكَةَ وَثَمَّ يُرجح قَصْدُ الصَّرْفِ احْتَجَّ بِأَنَّ فِي النَّوْعِ الْوَاحِدِ تَتَحَقَّقُ الشَّرِكَةُ وَبِالنَّوْعَيْنِ يَبْقَيَانِ مُتَمَيِّزَيْنَ فَلَا تَتَحَقَّقُ الشَّرِكَةُ وَجَوَابُهُ الْمَنْعُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ: إِذَا اشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ بِصُرَّتِهِ سِلْعَةً قَبْلَ الْخَلْطِ فَلِكُل وَاحِد مَا اشْتَرَاهُ لَهُ ربحه وخسارته وَكَذَلِكَ لَوْ تَلِفَتْ صُرَّتُهُ حَتَّى يَجْمَعَا الْمَالَيْنِ أَوِ الصُّرَّتَيْنِ فِي خُرْجِ أَحَدِهِمَا أَوْ فِي يَدِهِ وَقِيلَ إِذَا كَانَتْ

- (فرع)

صُرَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ بِيَدِهِ فَتَلِفَتْ إِحْدَاهُمَا فَاشْتَرَى أَمَةً بَعْدَ التَّلَفِ عَالِمًا بِهِ خُيِّر شَرِيكُهُ فِي شَرِكَتِهِ فِيهَا أَوْ تَرَكَهَا لَهُ إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَ شِرَاءَهَا لِنَفْسِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالتَّلَفِ فَهِيَ بَيْنَهُمَا كَشِرَائِهَا قَبْلَ التَّلَفِ فِي الصُّرَّةِ الْأُخْرَى وَهُوَ أَصْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ: لِأَحَدِهِمَا حَمَام ذَكَرٌ وَلِلْآخَرِ أُنْثَى عَلَى أَنَّ مَا أَفْرَخَا بَيْنَهُمَا أَجَازَهُ مَالِكٌ لِأَنَّهُمَا يَتَعَاوَنَانِ فِي الْحَضَانَةِ وَلِأَحَدِهِمَا بيضٌ يَجْعَلُهُ الْآخَرُ تَحْتَ دَجَاجَتِهِ وَالْفِرَاخُ بَيْنَهُمَا فَالْفِرَاخُ لِصَاحِبِ الدَّجَاجَةِ وَعَلَيْهِ لِصَاحِبِ الْبَيْضِ مِثْلُهُ كَمَنْ جَاءَ بقمح ليزرعه فِي أَرض بَيْنَكُمَا فَإِنَّمَا لَهُ مِثْلُهُ وَالزَّرْعُ لَكَ قَالَهُ مَالِكٌ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ: تَمْتَنِعُ شَرِكَةُ الْوُجُوهِ وَقَالَهُ (ش) وَجَوَّزَهَا (ح) قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مِثْلَ أَنْ يَبِيعَ الْوَجِيهُ مَالَ الْخَامِلِ بِزِيَادَةِ رِبْحٍ لِيَكُونَ لَهُ نِصْفُهُ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ هِيَ أَنْ يَشْتَرِيَا عَلَى الذَّمَمِ بِغَيْرِ مَالٍ وَلَا وَضِيعَةٍ حَتَّى إِذَا اشْتَرَيَا شَيْئًا كَانَ فِي ذممهما فَإِذا بيع قسما رِبْحَهُ وَهِيَ بَاطِلَةٌ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ عِنْدَنَا وَفَسرهُ الشَّافِعِي بِأَنْ يُشَارِكَهُ عَلَى أَنْ يُربحه فِيمَا يَشْتَرِيهِ بِوَجْهِهِ أَيْ بِجَاهِهِ فِي الذِّمَّةِ أَوْ يَقُولُ لَهُ اشترِ عَلَى جَاهِي وَالرِّبْحُ بَيْنَنَا أَوْ يَقُول عليَّ أَن أَشْتَرِي أَرضًا وَتَبِيعَ أَنْتَ لِأَنِّي بِالشِّرَاءِ أَعْرَفُ وَعِنْدَ التُّجَّارِ أَوْجَهُ لَنَا: أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مَشْرُوعِيَّتِهَا وَلِأَنَّ حَقِيقَةَ الشَّرِكَةِ أَنْ يَشْتَرِكَا فِي شَيْءٍ عِنْدَ الْعَقْدِ إِمَّا مَالٍ أَوْ بَدَنٍ وَلَا وَاحِدَ مِنْهُمَا وَلَا يَكْفِي الْقَوْلُ فِي الشَّرِكَةِ لِأَنَّهُمَا لَوْ جَعَلَا الرِّبْحَ كُلَّهُ لِأَحَدِهِمَا امْتَنَعَ وَلِأَنَّهَا أَكْلُ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ وَأَخْذُ الرِّبْحِ بِغَيْرِ سَبَبٍ شَرْعِيٍّ احْتُجَّ بِالْقِيَاسِ عَلَى شَرِكَةِ الْأَبْدَانِ وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْفوا بِالْعُقُودِ} وَبِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ وَلِأَنَّهَا تَنْعَقِدُ عَلَى الْوَكَالَةِ بِالشِّرَاءِ لِلْآخَرِ وَهِيَ تَجُوزُ حَالَةَ الِانْفِرَادِ فَتَجُوزُ حَالَة الِاجْتِمَاع

وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْبَدَنَ وَالصَّنْعَةَ كَالْعَيْنِ الْمَوْجُودَةِ بِخِلَافِ الْوُجُوهِ؛ وَعَنِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ الْمُعَارَضَةُ بِنَهْيِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنِ الْغَرَرِ وَهَذَا غَرَرٌ؛ وَعَنِ الرَّابِعِ مَنْعُ هَذِهِ الْوَكَالَةِ عَلَى الِانْفِرَادِ لِأَن الَّذِي يَشْتَرِيهِ أَحدهمَا يجوز أَن يَشْتَرِيهِ الْآخَرُ وَمِثْلُ هَذَا فِي الْوَكَالَةِ لَا يَجُوزُ وَإِنَّمَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الشَّرِكَةِ لِوُجُودِ الرِّفْقِ الْمَنْفِيّ هَا هُنَا ثُمَّ نَقُولُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْوَكَالَةِ أَن هَا هُنَا اشْتَرَاهُ لنَفسِهِ ولشريكه وَذَلِكَ لمُوكلِه وَهَا هُنَا اشْتَرَى مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ الْوَكَالَةِ قَالَ الشَّافِعِيَّةُ وَإِنَّمَا تَصِحُّ شَرِكَةُ الْوُجُوهِ إِذَا أَذِنَ كُلُّ وَاحِدٍ لِصَاحِبِهِ فِي التَّصَرُّفِ وَأَنْ يُمَيِّزَ الْجِنْسَ المُشْتَرِي فَقَط نخطر لَهُ الْأَشْيَاء المحقة فيشتري الْعَالِيَة وَأَنْ يَذْكُرَ الْقَدْرَ الْمُشْتَرَى إِلَيْهِ

(الباب الثاني في الأحكام)

(الْبَابُ الثَّانِي فِي الْأَحْكَامِ) وَهِيَ سِتَّةٌ: الْأَوَّلُ قَالَ اللَّخْمِيُّ: عَقْدُ الشَّرِكَةِ قَدْ يَلْزَمُ وَقَدْ لَا يَلْزَمُ إِنْ أَخْرَجَا دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ لِيَشْتَرِيَا مُعَيَّنًا لَا يَسْتَقِلُّ بِهِ أَحَدُهُمَا لَزِمَتْ لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ حَقًّا فِي هَذَا الْعَقْدِ وَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى شِرَائِهِ وَحْدَهُ وَإِنْ كَانَ شِرَاءُ الْكُلِّ أَرْخَصَ فَكَذَلِكَ وَإِنِ اسْتَوَى الشِّرَاءُ جُمْلَةً وَانْفِرَادًا فَعَلَى الْقَوْلَيْنِ فَيمَنْ شَرَطَ مَا لَا يُفِيدُ هَلْ يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ أَمْ لَا وَإِنِ اشْتَرَكَا لِيَتَّجِرَا فِي غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَمَا لَا أَمَدَ لِانْقِضَائِهِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ الرُّجُوعُ وَلَكِنَّ لَهُ عَيْنَ دَنَانِيرِهِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا رَضِيَ بِالصَّرْفِ لِأَجْلِ الشَّرِكَةِ وَيَتَخَرَّجُ فِيهِ قَوْلٌ بِلُزُومِ الصَّفْقَةِ الْأُولَى كَقَوْلِ مَالِكٍ فِي الْإِجَارَةِ مُشَاهَرَةً يَلْزَمُهُ الشَّهْرُ الْأَوَّلُ وَإِنْ كَانَتِ الشَّرِكَةُ فِي سِلَعٍ أَخْرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ سِلْعَةً فَثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ: إِنْ قُصد بَيْعُ نِصْفِ أَحَدِهِمَا بِنِصْفِ الآخر لَا أَكثر من ذَلِك لَزِمت أوالتربص بِهَا لِمَا يُرجى مِنْ حَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ دَعَا إِلَى تَأْخِيرِ الْمُفَاصَلَةِ إِلَى وَقْتٍ اعْتِيدَ فِيهِ حَوَالَةُ السُّوقِ كَالْقَرْضِ لَا يُمْكِنُ أَحَدُهُمَا الْبَيْعَ قَبْلَ الْأَوَانِ إِلَّا أَنْ يَنْقَسِمَ مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ وَلَا مَضَرَّةٍ فَيُقَسَّمُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ أَوِ الْقَصْدُ تَمَادِي التَّجْرِ بِأَثْمَانِهِمَا يُقدَّم من دَعَا إِلَى ترك التَّدجر فِي الْمُسْتَقْبَلِ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ مَالِكٍ فِي الْكِرَاءِ وَلِمَنْ أَحَبَّ التَّمَادِيَ الْخِيَارُ فِي نَقْضِ الشَّرِكَةِ فِي الْعَرْضَيْنِ لِأَنَّهُ يَقُولُ لَمْ أَقْصِدْ إِلَّا التَّجر فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَإِذَا لَمْ أُمكن لَمْ أَسْتَمِرَّ وَلَا مَقَالَ لِمُرِيدِ عَدَمِ التَّمَادِي لِأَنَّ الْآخَرَ قَدْ مَلَكَ عَلَيْهِ نِصْفَ عَرْضِهِ ومكَّنه مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي قَصَدَ الشَّرِكَةَ لِأَجْلِهِ

وَلَو اخرجنا دَنَانِيرَ ثُمَّ سَافَرَ أَحَدُهُمَا بِالْمَالِ لَزِمَتِ الشَّرِكَةُ وَلَا يوكِّل الْحَاضِرُ مَنْ يَأْخُذُهَا مِنَ الْغَائِبِ لِحَقِّ الْغَائِبِ بِغَيْبَتِهِ وَلَيْسَ لِلْغَائِبِ التَّرْكُ وَيُوقَفُ لَهُ مَالُهُ هُنَاكَ لِأَنَّهُ تعريضٌ لِلْمَالِ لِلتَّلَفِ وَإِن سافرا لِأَجْلِ التَّعَاوُنِ بِمَا لَا يَقْدِرُ أَحَدُهُمَا أَنْ يَتَّجِرَ فِيهِ عَلَى الِانْفِرَادِ لَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ من دعما إِلَى التَّمَادِي لِأَوَّلِ نَضّة وَاخْتُلِفَ فِي شَرِكَةِ الْحَرْثِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَحَدِهِمَا النُّزُوعُ قَبْلَ الْحَرْثِ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ وَإِنْ كَانَا قَدْ بَذَرَا لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ النُّزُوعُ اتِّفَاقًا لِتَعَذُّرِ قِسْمَةِ الْبَذْرِ فِي الْأَرْضِ وَإِنْ لم يبرز وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إِنْ ذَهَبَ السَّيْلُ بِذَلِكَ الزَّرْعِ لَمْ يُجْبَرْ أَحَدُهُمَا عَلَى أَنْ يُعِيدَ بَذْرًا آخَرَ وَإِنْ هَلَكَ ثَوْرُ أَحَدِهِمَا أَوْ غُلَامُهُ أَوْ بَعْضُ أَدَاتِهِ خُيِّر الْآخَرُ لِأَنَّ الْبَذْرَ بِالْمَالِ فَتَجِبُ الْمُعَاوَنَةُ قَبْلَ عَدَمِهِ دُونَ عَدَمِهِ هَذَا إِذَا اشْتَرَكَا لِيَعْمَلَا بَطْنًا وَاحِدًا فَإِنْ كَانَ لِيَعْمَلَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَلَمْ يُسميا لَزِمَ أَوَّلُ بَطْنٍ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ: الشَّرِكَةُ عَقْدٌ جَائِزٌ مِنَ الطَّرَفَيْنِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ الِانْفِصَالُ مَتَى شَاءَ وَلِهَذَا لَمْ تجُز إِلَّا عَلَى التَّكَافُؤِ فَمَتَى فَضَلَ أَحَدُهُمَا فِي قِيمَةِ مَا أَخْرَجَهُ فَإِنَّمَا جَعَلَهُ لِيَبْقَى مَعَهُ عَلَى الشَّرِكَةِ فَتَصِيرُ غَرَرًا وَجَازَ فِي الْمُزَارِعَةِ إِخْرَاجُ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ قِيمَةً عِنْدَ سَحْنُونٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ لِلُزُومِ الْعَقْدِ وَيَمْتَنِعُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِم فِي الْمُدَوَّنَة لعدم لُزُوم العقد عل هَذَا الْقَوْلِ مَا لَمْ يَبْذُرْ وَعِنْدَ ابْنِ كِنَانَةَ لَا تَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ وَلَا بِالْعَمَلِ وَإِنَّمَا اخْتلف فِي الْمُزَارعَة لِأَنَّهَا شركَة وَإِجَارَة أَلْزَمَ وَأَجَازَ التَّفَاضُلَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: مَا لَمْ يَتَفَاحَشْ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ فِي الْبُيُوعِ وَجَوَّزَ سَحْنُونٌ التَّفَاحُشَ فِي الْعِوَضِ أَمَّا مُفْرَدًا فَلَا قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: الشَّرِكَةُ عَقْدٌ لَازِمٌ كَالْمُعَاوَضَاتِ وَعِنْدَ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَلْزَمُ إِلَّا بِالْخَلْطِ تَنْبِيهٌ: انْظُرْ هَذَا الِاخْتِلَافَ الشَّدِيدَ أَحَدُهُمْ يَحْكِي اللُّزُومَ مُطْلَقًا وَالْآخِرُ الْجَوَازَ مُطْلَقًا وَالْآخَرُ يُفَصِّلُ نَظَائِرٌ: الْأَوَّلُ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ: الْعُقُودُ الْجَائِزَةُ خَمْسَةٌ الْقِرَاضُ وَالتَّحْكِيمُ

مَا لَمْ يَشْرَعَا فِي الْحُكُومَةِ وَالْوَكَالَةِ وَالْجَعَالَةِ وَالْمُغَارَسَةِ وَهَذَا يُؤَيِّدُ قَوْلَ الْقَاضِي عِيَاضٍ بِاللُّزُومِ لِأَنَّ أَبَا عِمْرَانَ قَصَدَ الْحَصْرَ وَمَا عدَّ الشّركَة الثَّانِي: فِي الْجَوَاهِرِ: تَوْزِيعُ الرِّبْحِ عَلَى قَدْرِ الْأَمْوَالِ وَكَذَلِكَ الْعَمَلُ وَإِلَّا فَسَدَتْ لِأَنَّهُ أَكْلُ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ وَفِي الْكِتَابِ: إِنْ تَسَاوَيَا فِي الْمَالِ وَالرِّبْحِ عَلَى أَنْ يُمْسِكَ أَحَدُهُمَا رَأْسَ الْمَالِ مَعَهُ فَإِنْ كَانَ الْمُتَوَلِّي التِّجَارَةَ دُونَ الْآخَرِ امْتَنَعَ أَوْ يَتَوَلَّيَانِهَا جَازَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ: لِأَحَدِهِمْ عَشَرَةٌ وَلِلْآخَرِ خَمْسَةٌ وَالثَّالِثُ لَا مَالَ لَهُ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ أَثْلَاثٌ فَسَدَ وَالرِّبْحُ وَالْوَضِيعَةُ عَلَى صَاحِبَيِ الْمَالِ وَلِلثَّالِثِ أُجْرَةُ عَمَلِهِ عَلَى الْمَالَيْنِ وَلِلْقَلِيلِ الْمَالِ أُجرته فِيمَا عمل فِي الْخَمْسَة الفاصلة مِثَالُهُ عَمِلُوا سَوَاءً فَتَحَصَّلَ تِسْعَةٌ تُقَسَّمُ سِتَّةً وَثَلَاثَةً عَلَى الْمَالَيْنِ فَيَأْخُذُ الثَّالِثُ مِنْهُمَا ثَلَاثَةً من صَاحب الْعشْرَة دِرْهَمَانِ وَيَقُولُ صَاحِبُ الْقَلِيلِ لِصَاحِبِ الْعَشَرَةِ عَمِلَ فِي الْخَمْسَةِ الْفَاضِلَةِ نَحْنُ الثَّلَاثَةُ عَلَى ثُلُثِ رِبْحِهَا وَهُوَ دِرْهَمٌ فَيَحْصُلُ لَهُ ثَلَاثَةٌ وَبِيَدِ الْكَثِيرِ ثَلَاثَةٌ وَبِيَدِ الَّذِي لَا مَالَ لَهُ ثَلَاثَةٌ وَهَذَا هُوَ الْفِقْه فِي العتيبة والعدم واللدد (كَذَا) أَمَّا لَوْ حَضَرُوا وَصَاحِبَا الْمَالِ مليَّان مُفْرَدَانِ لقُوّمت إِجَارَاتُهُمْ فِي الْمَالِ وَإِذَا كَانَتْ سِتَّةً قُسِّمَتْ أَثْلَاثًا ثُمَّ قُسِّمَ مَا بَقِيَ مِنَ المَال أَثلَاثًا بِي صَاحِبَيِ الْمَالِ كَمَا لَوِ اسْتَأْجَرُوا عَلَى الْعَمَلِ ثَلَاثَةً غَيْرَهُمْ فَإِنَّهُمْ يُقَسِّمُونَ الْفَاضِلَ بَعْدَ إِخْرَاجِ الْأُجْرَةِ وَهَذَا الضَّابِطُ يطَّرِد فِي جَمِيعِ الْوُجُوهِ قَالَ مُحَمَّد: وَلَو أَخْرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِائَةً فَخَرَجَ اثْنَانِ بِالْمَالِ فَاخْتَصَمَا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ فَاقْتَسَمَا الْمَالَ نِصْفَيْنِ فَتَجَرَا فربح أَحدهمَا وخسر الآخر لَا تنفُذُ مقايمتُهما عَلَى الثَّالِثِ الْمُقِيمِ بَلْ عَلَى أَنْفُسِهِمَا فَيَضُمُّ المَال حَتَّى يصير للْغَائِب ثُلة كُلُّهُ مُشَاعًا بِرِبْحِهِ وَخَسَارَتِهِ ثُمَّ يَتَرَادَّ الْمُقْتَسِمَانِ فَيحصل لهَذَا بَقِيَّة ربحه وَلِهَذَا بَقِيَّة ربحه وَكَذَلِكَ الخسارة يُرِيد مُحَمَّد أَن يَكُونُ لَهُ ثُلُثُ رِبْحِ أَحَدِهِمَا وَعَلَيْهِ ثُلُثُ خسارة الآخر قَالَ مُحَمَّد لِأَنَّهُ قدد رَضِيَ بِالْمُقَاسَمَةِ وَفِي الْمُسْتَخْرَجَةِ إِنْ كَانَ نَهَاهُمَا عَنِ الْقِسْمَةِ لَا يَلْزَمُهُ مِنَ الْخَسَارَةِ شَيْءٌ وَلَهُ نِصْفُ الرِّبْحِ لِأَنَّهُ لَمَّا نُهِيَ عَنِ الْقَسْمِ لَمْ يَلْزَمْ شَرِيكَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ متعدٍّ بِالْمُقَاسَمَةِ وَلِأَنَّهُ لَوْ وَجَدَ الْخَاسِرَ مَعَهُ مَا رَجَعَ على الآخر وَقيل الرِّبْح بَينهمَا الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ نَظَرًا لِأَصْلِ الْمَالِ وَقَالَ بَعْضُهُمُ الْأَشْبَه

- (فرع)

أَنَّهُمَا مُتَعَدِّيَانِ وَإِنْ لَمْ يُتَّهَمَا وَيَكُونُ الرِّبْحُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّابِحِ أَثْلَاثًا لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِي يَدَيْهِ إِلَّا خَمْسُونَ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الرِّبْحَ نِصْفَانِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ يَقُولُ تِلْكَ الْقِسْمَةُ لَا تَلْزَمُنِي وَجَمِيعُ مَا بِيَدِكَ بَيْنَنَا فَكَذَلِكَ الرِّبْحُ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا صَحَّ عَقْدُ الْمُتَفَاضِلَيْنَ فِي الْمَالِ فَتَطَوَّعَ ذُو الْقَلِيلِ فِي الْجَمِيعِ جَازَ لِأَنَّهُ حَقُّهُ فَلَهُ إِسْقَاطُهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا سَافَرَ أَحَدُهُمَا فَلَمَّا بَلَغَ الْبَلَدَ قَسَّمَ وَاشْتَرَى لِنَفْسِهِ وَشَرِيكِهِ عَلَى الِانْفِرَادِ فَهَلَكَ أَحَدُ الْمَالَيْنِ أَوْ سَلَّمَا أَوِ اخْتَلَفَ الرِّبْحُ فَلِلْمُقِيمِ أَفْضَلُ ذَلِكَ وَلَهُ أَخْذُ السَّالِمِ وَالرِّبْحُ إِنْ وَقَعَا فِيمَا جَعَلَهُ الشَّرِيكُ لِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ لَا يُجِيزُ الْقِسْمَةَ وَإِنْ كَانَا فِي نَصِيبِ الْمُقِيمِ وَالسَّالِمِ فربحُه بَيْنَهُمَا وَلَا يَضْمَنُ الْمُقِيمُ شَيْئًا لِأَنَّهُ لَمْ يتعدَّ إِلَّا فِي النِّيَّةِ خَاصَّةً وَالنِّيَّةُ لَا تُضْمَنُ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ إِذَا وَضَعَ يَدَهُ عَلَى نَصِيبِ صَاحِبِهِ لَوْ جَعَلَ يَد غَيره عَلَيْهِ الثَّالِثُ: قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ: تَجُوزُ الْمُفَاوَضَةُ وَهِيَ أَنْ يُفوِّض كل وَاحِد التَّصَرُّف فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالضَّمَانِ وَالْكَفَالَةِ وَالتَّوْكِيلِ وَالْقِرَاضِ وَمَا فَعَلَهُ لَزِمَ الْآخَرَ إِنْ كَانَ عَائِدًا إِلَى تِجَارَتِهِمَا وَلَا يَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ إِلَّا فِيمَا يَعْقِدَانِ عَلَيْهِ الشَّرِكَةَ مِنْ أَمْوَالِهِمَا دُونَ مَا يَنْفَرِدُ بِهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ مَالِهِ سواءٌ اشْتَرَكَا فِي كُلِّ مَا يَمْلِكَانِهِ أَوْ بَعْضِهِ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مُتَفَاضِلًا أَمْ لَا إِذَا كَانَ الرِّبْحُ وَالْعَمَلُ عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ وجوَّزها (ح) وخالَفَنا فِي أَنَّهَا لَا تَصِحُّ إِلَّا بالنقدين والفلوس الرائجة ولابد أَنْ يُخرج عِنْدَهُ كُلُّ وَاحِدٍ جَمِيعَ مَا يَمْلِكُهُ مِنْ ذَلِكَ وَمَنَعَ تُفَاضُلَ رَأْسِ الْمَالِ وَلَا تَصِحُّ إِلَّا مِنْ مُسْلِمَيْنِ حُرَّيْنِ أَوْ مُكَاتَبَيْنِ وَلَا تَصِحُّ مِنْ حرٍّ وَمَكَاتَبٍ وَلَا مسلمٍ وَكَافِرٍ وَلَا صَبِيٍّ وَبَالِغٍ وَاشْتُرِطَ التَّسَاوِي فِي الرِّبْحِ وَالْخُسْرَانِ وَفِيمَا يَحْصُلُ

لِأَحَدِهِمَا مُنْفَرِدًا كَأُجْرَةِ خِيَاطَةٍ وَيَلْزَمُهُ مَا يَلْزَمُ الْآخَرَ مِنْ ضَمَانٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ سَرِقَةٍ أَوْ عَقْدٍ فَاسِدٍ وَفِيمَا يَشْتَرِيهِ الْآخَرُ بِخَالِصِ مَالِهِ يُشَارِكُهُ الْآخَرُ فِيهِ دُونَ مَا يَرِثُهُ وَيُوهَبُ لَهُ مِمَّا لَا تَصِحُّ فِيهِ الشَّرِكَةُ كَالْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانِ عِنْدَهُ فَخَالَفَنَا فِي هَذِهِ الْأَحْكَامِ وَقَالَ (ش) شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ فَاسِدَةٌ وَإِنَّمَا تَجُوزُ شَرِكَةُ العِنان بِأَرْبَعَةِ شُرُوطٍ: الْأَوَّلُ اسْتِوَاءُ الْمَالَيْنِ فِي الْجِنْس وَالصّفة وَالثَّانِي خلطُها وَالثَّالِثُ إِذْنُ كُلِّ وَاحِدٍ فِي التَّصَرُّفِ وَالرَّابِعُ اتِّفَاقُهُمَا عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ وَالْخُسْرَانَ عَلَى قَدْرِ المَال ومنشأ الْخلاف اشتمالهما عَلَى المُفسد والمُصحح فَنَحْنُ غَلَّبنا المصحِّح وَهُوَ غلَّب المُفسد حَتَّى قَالَ هِيَ أشدُّ مِنَ الْقِمَارِ وَلَا يَبْقَى شَيْءٌ فاسدٌ إِذَا أُجيزت لنا قَوْله تعال {أَوْفوا بِالْعُقُودِ} وَقَوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ ورُوي إِذَا تَفَاوَضْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْمُفَاوَضَةَ ورُوي تَفَاوَضُوا فَإِنَّ الْمُفَاوَضَةَ أَعْظَمُ اليُمن واعظم الْبركَة وَهُوَ غير مَعْرُوف الصِّحَّة وباللقياس عَلَى شَرِكَةِ الْعِنَانِ وَلِأَنَّهَا وَكَالَةٌ وَكَفَالَةٌ فَيَصِحَّانِ مُجْتَمعين كَمَا صحّا منفردين أَو تَقول: الضَّمَانُ يُوجِبُ ثُبُوتَ الْمَالِ فِي الذِّمَّةِ فَيَثْبُتُ مَعَ الشَّرِكَةِ كَالْبَيْعِ وَيُؤَكِّدُهُ أَنَّ الشَّرِكَةَ مُنْعَقِدَةٌ على الرِّبْح وَهُوَ غرزٌ لَا يُدري حُصُولُهُ وَضَمَانُ أَحَدِهِمَا وَكَفَالَتُهُ لَيْسَ بِمَعْقُودٍ عَلَيْهِ فَإِذَا لَمْ يَمْنَعِ الْغَرَرَ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ أَوْلَى أَلَّا يَمْتَنِعَ فِي غَيْرِ الْمَعْقُود عَلَيْهِ الَّذِي يَأْتِي بِالْفَرْضِ وَلِأَنَّ الرِّبْحَ يَكُونُ قُبَالَةَ الْمَالِ كَشَرِكَةِ الْعِنَانِ وَقُبَالَةَ الْعَمَلِ كَالْقِرَاضِ فَيَصِحُّ اجتماعُهما فِي الْمُفَاوَضَةِ احْتج بنهيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنِ الْغَرَرِ وَهَذَا غَرَرٌ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا رُبَّمَا ضمن مَا يَأْتِي على الْمَالَيْنِ وَبِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ": كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ وَهَذِهِ لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ أَوْ لِأَنَّهَا تَضَمَّنَتْ أَخْذَ ربح مَا لَا نفرد بِهِ أَحَدُهُمَا فَتَمْتَنِعُ كَمَا إِذَا انْفَرَدَ جَمَعُ الْمَالَيْنِ أَوْ نَقُولُ: تَضَمَّنَتْ أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مَا اسْتَفَادَهُ الْآخَرُ فَتَبْطُلُ كَمَا لَوِ اشْتَرَطَ مَا يَرِثُهُ الْآخَرُ فَهُوَ لَهُ

وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْغَرَرَ الْغَالِبَ عَلَيْهِ عَدَمُ الْحُصُولِ وَالْغَالِبُ عَلَى الشَّرِكَةِ السَّلَامَةُ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ هَذِهِ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنمتم مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لله خُمسة} وقَوْله تَعَالَى: {إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُم} وَهَذِهِ تِجَارَةٌ وَغَنِيمَةٌ وَعَنِ الثَّالِثِ مَنْعُ الْحُكْمِ فِي الْأَصْلِ ثُمَّ الْفَرْقُ حُصُولُ الرِّفْقِ هَاهُنَا وَإِنَّمَا يَأْخُذُ أَحَدُهُمَا رِبْحَهُ لَهُ مِلْكُهُ وَحُصُولُ رِبْحِ الْمِلْكِ جَائِزٌ بِخِلَافِ رِبْحٍ بِغَيْرِ مِلْكٍ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّهُ يُنْتَقَضُ بِشَرِكَةِ الْعِنَانِ ثُمَّ الْفَرْقُ بِرِفْقِ التَّعَاوُنِ هَاهُنَا بِخِلَافِ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ وَاحْتَجَّ (ح) بِأَنَّ الْمُفَاوَضَةَ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْمُسَاوَاةِ لقَوْل الشَّاعِر: (لايصلحُ النَّاسُ فَوضي لَا سراةَ لَهُمْ ... وَلَا سَرَاةَ إِذَا جُهَّالُهُم سَادُوا) فَيَسْتَوِيَانِ فِي جَمِيعِ الْوُجُوهِ قُلْنَا بجملة الْمُسَاوَاة فِيمَا يحصل الرِّفْقُ وَلَا ضَرُورَةَ إِلَى تَكْثِيرِ الْغَرَرِ وَاعْلَمْ أَن مَذْهَبنَا متوسط فالشافعي مَنَعَ غَرَرَهَا جُمْلَةً وَ (ح) جَوَّزَهُ جُمْلَةً وَنَحْنُ أَجَزْنَا مَا تَدْعُو إِلَيْهِ حَاجَةُ الِارْتِفَاقِ وَالْغَرَرُ لَا تَكَادُ تُعَرَّى عَنْهُ الْبِيَاعَاتُ فَكَيْفَ الشَّرِكَةُ الَّتِي خَالَفَتِ الصَّرْفَ وَالْبَيْعَ فِي عَدَمِ الْمُنَاجَزَةِ وَالتَّسْلِيمِ لِبَقَاءِ يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى مَا شَارَكَ بِهِ تَفْرِيعٌ فِي الْجَوَاهِرِ: إِنْ كَانَ الْعَمَل مِنْهُمَا جَمِيعًا وَلَا يستد بِهِ أَحَدُهُمَا سُمِّيَ عِنَانًا وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا يَجُوزُ لَهُ الِاسْتِبْدَادُ فِي جَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ حَضَرَ الآخر أَو غَابَ وَيلْزمهُ تصرفه فِي الْمُفَاوضَة قَالَ فِي الْكتاب: لَا أعرف الشّركَة لبعدين مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَلَا غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْحجاز فَائِدَة: اشتقاقهما قَالَ الطرطوشي: لِأَنَّهُمَا يَسْتَوِيَانِ فِي التَّصَرُّفِ وَالْأَرْبَاحِ كَالْفَارِسَيْنِ إِذَا اسْتَوَيَا فِي السَّيْرِ فَإِنَّ عِنَانَيْهِمَا يَكُونَانِ سَوَاءً وَقيل من عَن الشَّيْء إِذا اعْترض عنت لِي حَاجَةٌ إِذَا اعْتَرَضَتْ وَمِنْهُ عَنَانُ السَّمَاءِ - بِفَتْحِ الْعَيْنِ - جَمْعُ عَنَانَةَ وَهِيَ السَّحَابَةُ الْمُعْتَرِضَةُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنَّ لَهُ أَنْ يُشَارِكَ صَاحِبَهُ أَوْ لِأَنَّهَا شَرِكَةٌ ظَاهِرَةٌ عَنَّ الشَّجَرِ إِذَا ظَهَرَ وَلَيْسَ فِي الشَّرِكَاتِ مَا يَثْبُتُ فِي أَمْرٍ ظَاهِرٍ إِلَّا هِيَ لِأَنَّهَا فِي مَالَيْنِ ظَاهِرَيْنِ مَوْجُودَيْنِ وَالْمُفَاوَضَةُ تَكُونُ فِيمَا لَمْ يَظْهَرْ وَكَذَلِكَ الْأَبْدَانُ وَالْوُجُوهُ أَوْ لِأَنَّ الْفَارِسَ يُمْسِكُ بِأَحَدِ يَدَيْهِ عِنَانَ الْفَرَسِ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى يَتَصَرَّفُ فِيهَا كَيْفَ شَاءَ وَهُوَ هَا هُنَا تَنْفِيذٌ فِي مَالِ الشَّرِكَةِ وَيَتَصَرَّفُ فِي مَالِهِ كَيفَ أحب فِي الْمُفَاوضَة لَيْسَ لأَحَدهمَا الِانْفِرَاد أَو من المعاينة يُقَال عَايَنت فُلَانًا إِذَا عَارَضْتُهُ بِمِثْلِ مَالِهِ وَهَاهُنَا عَارَضَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بِمِثْلِ مَالِهِ وَهِيَ لَفْظَةٌ عَرَبِيَّةٌ لِقَوْلِ الشَّاعِرِ: (وَشَارَكْنَا قُرَيْشًا فِي عُلَاهَا ... وَفِي أَحْسَابِهَا شِرْكَ الْعِنَانِ) وَالْمُفَاوَضَةُ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: مِنَ التَّفْوِيضِ لِتَفْوِيضِ كُلِّ وَاحِدٍ الْأَمْوَالَ لِصَاحِبِهِ كَقَوْلِه تَعَالَى: {وأفوض أَمْرِي إِلَى الله} وَقِيلَ مِنَ التَّسَاوِي كَقَوْلِهِ تَفَاوَضْنَا فِي الْحَدِيثِ وَشَرِكَةُ الْعِنَانِ مُتَّفَقٌ عَلَى جَوَازِهَا وَلَمْ يُعْرَفْ مَالِكٌ مَرَّةً اسْمُهَا أَوْ تَخْصِيصُهَا بِالْجَوَازِ وَيُقَالُ عِنَانٌ - بِكَسْرِ الْعَيْنِ - وَهُوَ الْأَكْثَرُ لِمَنِ اشْتَقَّهُ مِنْ عِنَانِ الدَّابَّةِ وَبِالْفَتْحِ إِذَا أُخِذَ مِنْ عَنَّ لِي الشَّيْءُ إِذَا اعْتَرَضَ وَفِي الْكِتَابِ: إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ مُفَاوِضُكُمَا عَلَى الثُّلُثِ أَوِ الثُّلُثَيْنِ صَحَّ وَيَتَفَاوَضَانِ لِأَحَدِهِمَا عينٌ أَوْ عَرْضٌ دُونَ الْآخَرِ وَإِنْ قَامَتْ أَنَّهُ مُفَاوِضُكَ فَلَا يَخْتَصُّ أَحَدُهُمَا وَجَمِيعُ مَا بِأَيْدِيكُمَا بَيْنَكُمَا إِلَّا بِبَيِّنَةٍ تخصُّه وَمَا ابْتَاعَ أَحَدُكُمَا بَيْعًا صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا لَزِمَ الْآخَرَ وَيَتْبَعُ الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ أَوِ الْقِيمَةِ أَيَّكُمَا شَاءَ وَلِأَحَدِكُمَا قَضَاءُ مَا يَخْتَصُّ بِالْآخَرِ مِنْ دَيْنٍ وَلِلْمَأْذُونِ مُفَاوَضَةُ الحُّر قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِنَّمَا يَكُونُ جَمِيعُ مَا بأيديهما بَينهمَا إِذا أنكر المشهودُ عَلَيْهِ

- (فرع)

الفاوضة فَلَوْ أَقَرَّ وَقَالَ الثُّلُثَ وَالثُّلُثَيْنِ اقْتَسَمَا السُّدُسَ نِصْفَيْنِ عَلَى أَصْلِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَوْمٌ لَا يَتَفَاوَضُونَ إِلَّا سَوَاءً وَلَوْ قَامَتِ الْبَيِّنَةُ على أَن شَرِيكه لم يفض بِالشَّرِكَةِ فِي جَمِيعِ أَمْلَاكِهِمَا لَصَدَق الِاسْمُ عَلَى بَعْضِ الْمَالِ وَلَوْ أقرَّ إِنِّي شَرِيكُ فُلَانٍ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فَكَالْمُتَفَاوِضَيْنِ وَلَا يُقبل إِقْرَارُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ بِدَيْنٍ وَلَا وَدِيعَةٍ وَإِذَا تَقَارَرَا بِالشَّرِكَةِ فَمَا فِي أَيْدِيهِمَا مِنَ التِّجَارَةِ بَيْنَهُمَا دُونَ مَسْكَنٍ وَخَادِمٍ وَطَعَامٍ وَإِذَا قَالَ أَحَدُهُمَا هَذَا لَيْسَ مِنَ الشَّرِكَةِ بَلْ وِرَاثَةٌ أَوْ هِبَةٌ أَوْ بِضَاعَةٌ لِرَجُلٍ أَوْ وَدِيعَةٌ صُدِّق مَعَ يَمِينِهِ إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ أَوْ كَانَ فِي يَدِهِ يَوْمَ أَقَرَّ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: تَجُوزُ الْمُفَاوَضَةُ إِمَّا فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ أَوْ فِي نَوْعٍ كَالرَّقِيقِ أكرَهُ أَنْ يُخرِجا مَالًا يَتَّجِرَانِ بِهِ وَبِالدَّيْنِ مُفَاوَضَةً فَإِنْ فَعَلَا فَمَا اشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيْنَهُمَا وَإِنْ جَاوَزَ رَأْسَ مَالَيْهِمَا وَلَوْ تَفَاوَضَا وَلَمْ يَذْكُرَا فِي الْعَقْدِ الدَّين فَبَاعَ أحدُهما بِهِ جَازَ عَلَى شَرِيكِهِ لِأَنَّهُ مِمَّا يَعْرِضُ فِي الْمُفَاوَضَةِ وَلَوْ تَفَاوَضَا بِأَمْوَالِهِمَا فِي جَمِيعِ التِّجَارَاتِ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا مَالٌ يَخُصُّهُ فَاشْتَرَى أَحَدَهُمَا مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ جَارِيَةً لِنَفْسِهِ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ خُيِّر شَرِيكُهُ فِي إِجَازَتِهَا وردِّها لِلشَّرِكَةِ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: يُرِيدُ يُخَّير مَا لَمْ يَطَأْهَا بِخِلَافِ الْغَاصِبِ والمتعدي فِي وَدِيعَةٍ ابْتَاعَ بِهَا سِلْعَةً لَا يدفعُ إِلَّا مِثْلَ الدَّنَانِيرِ لِأَنَّ الشَّرِيكَ مأذونٌ لَهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْتَصَّ بِالرِّبْحِ بَلْ هُوَ كَمِبْضَعٍ مَعَهُ بِشِرَاءِ سلعةٍ أَوْ مُفَاوِضٍ أَوْ وَكِيلٍ يُخِّير رَبُّ الْمَالِ فِي الْأَخْذِ لِأَنَّهُمْ مَأْذُونٌ لَهُمْ فِي عَيْنِ ذَلِكَ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: لَا خَيْرَ فِي أَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ يَبْتَاعُ الْأَمَةَ فَيَطَؤُهَا وَيَرُدُّ ثَمَنَهَا فِي رَأْسِ الْمَالِ ويتقاومانها فَمَنْ صَارَتْ لَهُ فَهِيَ لَهُ وَحَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا قَالَهُ مَالِكٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَكَ إِبْقَاؤُهَا لِلْوَاطِئِ بِالَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ وَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْهَا لَيْسَ لَهُ الِامْتِنَاعُ مِنَ الْمُقَاوَاةِ وَرَدِّهَا للشَّرِكَة وَقَالَ غَيره: ذَلِك لَهُ وَفِي النكث: إِن

اشْتَرَاهَا لِلتِّجَارَةِ فَوَطِئَهَا فَهَاهُنَا يُخَيَّرُ الشَّرِيكُ بَيْنَ مُطَالَبَتِهِ بِالْقِيمَةِ وَتَرْكِهَا بَيْنَهُمَا أَوِ اشْتَرَاهَا لِنَفْسِهِ لِيَطَأَهَا وَعَلَى أَنَّ الْخَسَارَةَ فِيهَا وَالرِّبْحَ عَلَى الْمَالِ فَهِيَ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ الَّتِي فِيهَا الْمُقَاوَاةُ وَلَوِ اشْتَرَاهَا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ عَلَى أَنْ يَضْمَنَهَا إِن حبس وَلَو رِبْحُهَا فَهُوَ كَسَلَفٍ أَسْلَفَهُ شَرِيكُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِنَّمَا يَتَقَاوَيَانِ إِذَا أَرَادَ الْوَطْءَ قَبْلَ الْوَطْءِ أَمَّا بَعْدَهُ فَتَلْزَمُ الْقِيمَةُ إِنْ شَاءَ شَرِيكُهُ وَبَعْدَ الْحَمْلِ فَتُعَيَّنُ الْقِيمَةُ شَاءَ شَرِيكُهُ أَمْ لَا لِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ قَالَهُ مُحَمَّدٌ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ قَوْلُهُ لَزِمَتِ الْقِيمَةُ إِنْ شَاءَ شَرِيكُهُ فَيَجِبُ إِنْ كَانَ تَكَلَّمَ عَلَى إِذن وَاحِدٍ لِصَاحِبِهِ فَتَجِبُ الْقِيمَةُ شَاءَ شَرِيكُهُ أَمْ لَا لِأَنَّهُ تَحْلِيلٌ لِمَا أَذِنَ فِيهِ كُلُّ وَاحِدٍ لِصَاحِبِهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ حَلَّلَهَا لَهُ فَفَاتَتْ بِالْوَطْءِ فَلَا خِيَارَ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ مِنْ عَارِيَةِ الْفُرُوجِ فَأَمَّا بِغَيْرِ إِذَنٍ فَهُوَ مُتَعَدٍّ إِنْ شَاءَ أَمْضَاهَا لَهُ لِأَنَّهُ اشْتَرَاهَا لِنَفْسِهِ أَوْ قَاوَاهُ بَعْدَ الْوَطْءِ وَإِنَّمَا لَمْ يُبْقِهَا ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى الشَّرِكَةِ لِأَنَّهُ خَشِيَ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَأْمُونٍ عَلَى بَقَائِهَا عِنْدَهُ بِخِلَاف لأمة بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ إِذْ هَذَا الشَّرِيكُ يَغِيبُ عَلَى مَا اشتُري وَيَتَصَرَّفُ فِي الْجَمِيعِ فَخَالَفَ مَنْ شَاركهُ فِي أمةٍ فَقَط وَغَيره أجازردها للشَّرِكَة لِأَنَّهَا كالأمة بَينهمَا وَإِذا لم يُومَن عَلَيْهَا مُنع مِنَ الْخَلْوَةِ بِهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ: لَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا وَطْءُ جَارِيَةٍ مِنَ الشَّرِكَةِ وَلَا أَنْ يَشْتَرِيَ مِنَ الْمَالِ لِيَطَأَ أَذِنَ الشَّرِيكُ أَمْ لَا لِأَنَّ حِلَّ الْوَطْءِ يُشترط فِيهِ الْمِلْكُ الْمَحْضُ قَالَ وَأَرَى إِنْ كَانَ الواطء جَاهِلًا جَازَ بَقَاؤُهَا تَحْتَ أَيْدِيهِمَا أَوْ عَالِمًا لَمْ تَبْقَ وَيَحُوزُهَا عَنْهُ الشَّرِيكُ الْآخَرُ إِنْ كَانَ مَأْمُونًا وَلَهُ أَهْلٌ وَإِلَّا فَعَلَى يَدِ عَدْلٍ حَتَّى تُباع وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا وَطِئَ أُخْتَهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ تُباع عَلَيْهِ إِن كَانَ عَالما بالترحيم وَإِلَّا فَلَا يومن عَلَيْهِ الْعَوْدَةُ وَإِنِ اشْتَرَاهَا لِلتِّجَارَةِ وَلِيُصِيبَهَا وَشِرَاءُ مثلهَا للتِّجَارَة حُسن النّظر وَعلم بذك قَبْلَ الْإِصَابَةِ لَا يَضْمَنُ الثَّمَنَ وَتَبْقَى شَرِكَةٌ وَلَوْ وَطِئَ بِإِذْنِ الشَّرِيكِ لَزِمَتِ الْقِيمَةُ حَمَلَتْ أَمْ لَا لِأَنَّهُ تَحْلِيلٌ وَمَتَى فَعَلَ أَحَدُهُمَا ذَلِكَ فحكمُه حُكْمُ فِعْلِ أَحَدِهِمَا فِي الْوَطْءِ أَو غَيره

فرع

3 - (فَرْعٌ) فِي الْكتاب: إِذا وَخَّز أَحَدُهُمَا غَرِيمًا بِدَيْنٍ أَوْ وَضَعَ لَهُ مِنْهُ اسْتِلَافًا لِيُعَامِلَهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ جَازَ كَالْوَكِيلِ الْمُفَوَّضِ بِخِلَافِ الْمَعْرُوفِ يَخْتَصُّ بِحِصَّتِهِ وَيَرُدُّ مِنَ الْآخِذِ مِنَ الْوَكِيلِ إِلَّا أَنْ يَهْلِكَ فَيَضْمَنَ الْوَكِيلُ فِي النكث: لَيْسَ الدّفع للاستيلاف سلفا لنفع لِأَنَّهُ قَدْ لَا يُعَامِلُهُ بَلْ يَفْعَلُ ذَلِكَ لِحسن السُّمْعَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا أخَّر الْغَرِيمُ فَالتَّأْخِيرُ فِي نَصِيبِهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي قِسْمَةِ الدَّيْنِ ضررٌ وَإِلَّا فَإِنْ قَالَ مَنْ أخَّر الْغَرِيمُ فَالتَّأْخِيرُ فِي نَصِيبِهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي قِسْمَةِ الدَّيْنِ ضَرَرٌ وَإِلَّا فَإِنْ قَالَ مَنْ أخَّر لَمْ أظنَّ أَنَّ ذَلِكَ يُفسد شَيْئًا مِنَ الشَّرِكَةِ رَدَّ جَمِيعَ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُؤخره حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ سَقَطَ الرُّجُوعُ لِعَدَمِ الْمَفْسَدَةِ فَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْغَرِيمُ بَعْدَ التَّأْخِيرِ ضَمِنَ لِشَرِيكِهِ نَصِيبَهُ وَإِنْ كَانَ التَّأْخِير استيلافاً لم يضمن الموخِّر وَإِن أغر الْغَرِيمُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْغَرِيمُ مِمَّنْ يُخشى عَدَمُهُ عِنْدَ الْأَدَاءِ فيُرد فِي التَّأْخِيرِ وَيُعَجِّلُ جَمِيع الْحق وَإِن لم يرد حَتَّى أغر ضَمِنَ الشَّرِيكُ إِذَا كَانَ عَالِمًا بِذَلِكَ وَقِيلَ يمْتَنع التَّأْخِير وَإِرَادَة الاستيلاف لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ وَإِنْ وَضع أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فَعَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي التَّأْخِيرِ وَيَجُوزُ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ ثُمَّ يُنظر هَلْ يَمضي نَصِيبُ الْوَاضِع وَتجوز إِن أَرَادَ الاستيلاف إِلَّا أَنْ يَكْثُرَ فَيَرُدَّ الزَّائِدَ عَلَى مَا يُرَاد بِهِ الاستيلاف 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: إِذَا أَبْضَعَ أَحَدُهُمَا مَعَ رَجُلٍ فَعَلِمَ الرَّجُلُ بِمَوْتِ الْبَاعِثِ أَوْ بِمَوْتِ شَرِيكِهِ وَأَنَّ مَا مَعَهُ مِنَ الشَّرِكَةِ لَمْ يُشتَرَ وردَّه عِلّة الحيِّ مِنْهُمَا وَالْوَرَثَة إِن بلغَة اقترافهما لِأَنَّ الْوَارِثَ لَمْ يَأْذَنْ فِي الشِّرَاءِ وَقَدِ انْتَقَلَ الْمَالُ إِلَيْهِ أَوْ بَعْضُهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ: فَإِن علم الَّذِي أبضع مَعَه باقترافهما مِنْ غَيْرِ مَوْتٍ فَلَهُ الشِّرَاءُ بِخِلَافِ الْمَوْتِ وَإِنْ عَلِمَ فِي الْمَوْتِ أَنَّ الْمَالَ مِنْ غَيْرِ الْمُفَاوَضَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ الشِّرَاءُ إِذَا مَاتَ المُبضع مَعَهُ وَإِنْ مَاتَ مَنْ لَمْ يُبضع فَلَهُ الشِّرَاءُ وَإِنْ شَكَّ هَلْ هُوَ مِنَ الْمُفَاوَضَةِ لَمْ يَشْتَرِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ سَبَبُ الْإِقْدَامِ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: لِأَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ أَنْ يُبْضِعَ ويُقارض دُونَ إِذْنِ الْآخَرِ وَإِنْ

- (فرع)

أودَع بِغَيْرِ عُذْرٍ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا كَالْمُودِعِ وَإِنْ رَدَّهَا الْمُودَعُ إِلَى غَيْرِ المودِع بَرِئَ إِنْ صدَّقه الْقَابِضُ وَإِلَّا فَلَا يَبْرَأُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتَمِنْهُ وَكَذَلِكَ دفعُك ثَمَنَ مَا ابْتَعْتَهُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَإِنْ أَوْدَعَكَ أَحَدُهُمَا فَأَوْدَعْتَ شَرِيكَهُ ضَمِنَ لِعَدَمِ الْإِذْنِ فِي ذَلِكَ إِلَّا أَن يكون لعورة مِنْ هَزْلٍ أَوْ سفرٍ فَإِنْ أُودِعَتْ أَحَدَهَمَا فَهِيَ بِيَدِهِ دُونَ صَاحِبِهِ لِأَنَّكَ لَمْ تَأْمَنْ صَاحِبَهُ فَإِنْ مَاتَ وَلَمْ تَعْرِفْ بِعَيْنِهَا فَهِيَ دَيْنٌ فِي حِصَّتِهِ دُونَ حِصَّةِ شَرِيكِهِ لِأَنَّهَا مِنْ غَيْرِ التِّجَارَةِ وَإِنْ عَمِلَ بِوَدِيعَتِكَ تَعَدِّيًا وَعَلِمَ شَرِيكُهُ بِالْعُدْوَانِ وَرَضِيَ بِالتِّجَارَةِ فَلَهُمَا الرِّبْحُ وَعَلَيْهِمَا الضَّمَانُ لِرِضَاهُ وَإِلَّا فَالرِّبْحُ لِلْمُتَعَدِّي وَعَلَيْهِ الضَّمَانُ خَاصَّةً لِعَدَمِ الْمُشَارَكَةِ وَقَالَ غَيْرُهِ: إِنْ رَضِيَ وَعَمِلَ فَإِنَّمَا لَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِيمَا أَعَانَ لِأَنَّهُ لَمْ يَغْصِبْ بَلْ عَمِلَ فِي الْمَغْصُوبِ وَإِنْ رَضِيَ وَلَمْ يَعْمَلْ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَا ضَمَان عله قَالَ ابْنُ يُونُسَ: لَا يُقَارِضُ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ أَحَدًا إِلَّا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ لِأَنَّهُ وَضْعُ يدٍ عَلَى الْمَالِ لَمْ يَرْضَهَا وَيَجُوزُ فِي سِلْعَةٍ بِعَينهَا كالبضاعة قَالَ اللَّخْمِيّ: لَو تجر فِيهَا أُودع عِنْدَهُ وَنَوَى أَنْ يَكُونَ تَجْرُهُ فِيهَا لَهما فلشركة نَصِيبُهُ مِنَ الرِّبْحِ دُونَ الْخَسَارَةِ لِأَنَّهُ يَخْتَارُ الْإِجَارَةَ فِي الرِّبْحِ فَقَطْ إِذَا أَخَذَ أَحَدُهُمَا قِرَاضًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَهُ الرِّبْحُ وَحْدَهُ لِعَدَمِ انْدِرَاجِهِ فِي الْعَقْدِ وَقَالَ أَشْهَبُ: بَيْنَهُمَا نَظَرًا لِلْمُفَاوَضَةِ فَإِنْ أَجَّرَ نَفْسَهُ أَوْ تَسَلَّفَ مَالًا فَهُوَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهَا إِنَّمَا سُميت مُفَاوَضَةً لِتَفْوِيضِ كُلِّ وَاحِدٍ النَّظَرَ فِيمَا يجرُّ نَفْعًا وَقَالَ أَصْبَغُ: الرِّبْحُ لَهُ وَلِلْآخَرِ الْأُجْرَةُ إِذَا حَلَفَ لَمْ يَعْمَلْ مُتَطَوِّعًا قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِنْ عَمِلَ فِي وَقْتٍ لَمْ يَتَوَجَّهْ عَلَيْهِ فِيهِ عَمَلٌ اخْتَصَّ بِالرِّبْحِ وَإِنِ احْتِيجَ قِيَامُهُ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَعَمِلَ صَاحِبُهُ فَلِصَاحِبِهِ الْأَكْثَرُ مِنَ الْأُجْرَة فِيمَا عمل أونصف مَا أَخَذَ فِي الْقِرَاضِ وَإِنِ اسْتَأْجَرَ مَكَانَهُ رَجَعَ عَلَيْهِ بِتِلْكَ الْأُجْرَةِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمِ الشَّرِيكُ الْآخَرُ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ غَائِبًا فَفَسَدَ شَيْء رَجَعَ عَلَيْهِ بِمَا ينويه مِمَّا فَسَدَ وَكَذَلِكَ لَوْ نَزَلَ سُوقُهُ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: إِنِ اسْتَعَارَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ بِغَيْرِ إِذا صَاحِبِهِ مَا يَحْمِلُ عَلَيْهِ لِنَفْسِهِ

- (فرع)

أَو لمَال الشّركَة فَتلف فضمنانه مِنَ الْمُسْتَعِيرِ فَقَطْ لِأَنَّ شَرِيكَهُ يَقُولُ كُنْتَ تَسْتَأْجِرُ وَقَالَ غَيْرُهُ: يَضْمَنُ فِي التَّعَدِّي دُونَ الْعَارِيَةِ لِأَنَّهَا مِنْ جِدَّةِ الْمَنْظَرِ وَإِنِ اسْتَعَارَا جَمِيعًا فَتَعَدَّى عَلَيْهَا أَحَدُهُمَا اخْتَصَّ بِالضَّمَانِ وَإِنِ اسْتَعَارَهَا أَحَدُهُمَا لِلشَّرِكَةِ فَعَمِلَ عَلَيْهَا الْآخَرُ ذَلِكَ بِعَيْنِه فعطبت لم يضمن لِأَنَّهُ الْمَأْذُونُ فِيهِ وَشَرِيكُهُ كَوَكِيلِهِ وَإِنِ اسْتَعَرْتَ دَابَّةً لِتَحْمِلَ عَلَيْهَا فَحَمَلَ عَلَيْهَا غَيْرُكَ ضَمِنَ لِعَدَمِ إِذن رَبهَا لَهُ وَلَا وكًّلته وَفِي النكث قَالَ الشيح أَو الْحَسَنِ: إِذَا اسْتَعَارَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِغَيْرِ إِذْنِ شَرِيكِهِ إِنَّهُ يَضْمَنُ الدَّابَّةَ وَحْدَهُ مَعْنَاهُ إِنْ قَضَى بِهَا قاضٍ لِأَنَّ أَصْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْحَيَوَانَ مِمَّا لَا يُغاب عَلَيْهِ فَلَا يَضْمَنُ قَالَ اللَّخْمِيُّ: يُحْمَلُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي ذِكْرِ الدَّابَّةِ تَقْرِيرًا لِلْقِيمَةِ لِأَنَّهَا مَضْمُونَةٌ وَقَدْ يَكُونُ مَذْهَبُ الْحَاكِمِ فِي الْمَوْضِعِ تَضْمِينَ العواري وَإِن لم يُغَب عَلَيْهَا ففإن كَانَ الْحَاكِمُ لَا يَرَى ذَلِكَ فعُزل قَبْلَ النَّظَرِ فِي ذَلِكَ لَكَانَ الضَّمَانُ عَلَيْهِمَا وَقِيلَ يَضْمَنُهُ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ الْأَوَّلُ يَضْمَنُ وَالْمُسْتَعِيرُ يَجْهَلُ ذَلِكَ عَلَى اخْتِلَافٍ فِيهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَيْسَ كُلُّ النَّاسِ فُقَهَاءَ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي تضمين الْوَكِيل إِذا اجْتهد فَأَخْطَأَ وَهَذَا عُذْرٌ وَالْغَالِبُ عَلَى النَّاسِ الرَّغْبَةُ فِي الْعَارِيَةِ تَوْفِيرًا لِلْأُجْرَةِ وَالْغَالِبُ السَّلَامَةُ قَالَ: فَأَرَى الضَّمَانَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ كَانَتْ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: عبدُ أَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ لَا يَأْذَنُ لَهُ أَحَدُهُمَا فِي تِجَارَةٍ وَلَا يُعتقه عَلَى مَالٍ يتعجَّله مِنْهُ وَلَا يُكاتبه بِغَيْرِ إِذْنِ شَرِيكِهِ إِلَّا أَنْ يَأْخُذَ مَالًا مِنْ أَجْنَبِيٍّ عَلَى عِتْقِهِ مِثْلَ قِيمَتِهِ فَأَكْثَرَ فَيَجُوزُ وَهُوَ كَبَيْعِهِ فِي النكث لِأَنَّ الْعَبْدَ قَدْ يَلْحَقُهُ دينٌ فَيَصِيرُ عَيْبًا وَلِأَنَّ الْإِذْنَ لَهُ تفويضٌ وَلَيْسَ لَهُ الْمُفَاوَضَةُ بِغَيْرِ إِذْنِ شَرِيكِهِ وَهُوَ بِخِلَافٍ إِذَا قَارَضَ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: لَا يَلْزَمُ أَحَدَهُمَا كَفَالَةُ الْآخَرِ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ وَمَا جنى أَحدهمَا أَو غصب أَو استهلكت أَوْ أَصْدَقَ أَوْ آجَرَ فِيهِ نَفْسَهُ لَا يلْزم شَرِيكه فِيهِ شَيْء لِأَنَّهُ غيُ مُقْتَضَى عَقْدِ الشَّرِكَةِ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ: ويُرد بِالْعَيْبِ على البَائِع مِنْهُمَا إِن كَانَ حَاضرا أَو إِن كَانَ غَائِبًا كَالْيَوْمِ ويُنتظر لَعَلَّ لَهُ حُجَّةً فَإِنْ بَعُد وَأَقَامَ الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةَ بِبَيْعِ الْإِسْلَامِ وَعَهده رُدَّ عَلَى الشَّرِيكِ الْآخَرِ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَإِنِ احْتَمَلَ الْحُدُوثَ فَعَلَى الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ حَادِثٌ عِنْدَ الْبَائِعِ إِلَّا إِذَا حَلَفَ الشَّرِيكُ مَا عَلِمَ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُبْتَاعُ وَرَدَّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: فَلَوْ حَضَرَ الْغَائِبُ حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ فِي الظَّاهِرِ وَعَلَى الْعِلْمِ فِي الْخَفِيِّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِنْ نَكَلَ قَالَ أَبُو مُحَمَّد: يحلف الْمُبْتَاع على الْبَتّ وَفِي الْكتاب مُحَمَّدٍ إِنَّمَا يَحْلِفُ كَمَا يَحْلِفُ بَائِعُهُ عَلَى الْبَتِّ فِي الظَّاهِرِ وَفِي الْخَفِيِّ عَلَى الْعِلْمِ فَلَوْ جَاءَ الْغَائِبُ وَأَقَرَّ أَنَّهُ كَانَ عَالِمًا لَزِمَ الشَّرِيكَ وَلِلْحَالِفِ الرَّدُّ وَإِنْ أَنْكَرَ الْغَائِبُ فَإِن نكل فَهَل يردّ عَلَيْهِ جَمِيعًا أونصفه ليمين شركه وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ لِأَنَّ نُكُولَهُ كَإِقْرَارِهِ لِأَنَّهُ الْمُعَامِلُ وَلَا يَضُرُّهُ يَمِينُ الشَّرِيكِ الْحَاضِرِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ فَلَوْ نَكَلَ الشَّرِيكُ الَّذِي لم يبع فَحلف الْمُبْتَاع وردهَا قُم قَالَ الْغَائِبُ لَمَّا قَدِمَ أَنَا أَحْلِفُ وَأَنْقُضُ الرَّدَّ فَالْأَظْهَرُ أَنَّ ذَلِكَ لَهُ لِأَنَّ تَوَقُّفَ صَاحِبِهِ لِعَدَمِ عِلْمِهِ وَهَذَا عَلِمَ وَقَدْ يُقَالُ لَهُ فِي ذَلِكَ نِصْفُهُ وَيَقَعُ الرَّدُّ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ لِنُكُولِهِ ومتولِّي الْبَيْعِ كَوَكِيلِهِ وَالْيَمِينُ عَلَى الْوَكِيلُ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا حَضَرَ الْبَائِعُ بُدئ بِالْخُصُومَةِ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِمَا عَقَدَ عَلَيْهِ فَإِنْ عَجَزَ الْبَائِعُ فَلِلْمُشْتَرِي تحليفُهما جَمِيعًا إِذَا أَشْبَهَ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الْآخَرِ عِلْمٌ وَإِذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَى عَلَى عُهْدَةِ الْإِسْلَامِ أَخَذَ الثَّمَنَ مِنَ الْحَاضِرِ وَإِنْ لَمْ يُقم بَيِّنَةً وَاخْتَلَفَتِ الْعَادَةُ حَلَفَ أَنَّهُ اشْتَرَى عَلَى الْعُهْدَةِ وَإِنْ شُكَّ فِي قِدَم الْعَيْبِ وَكَانَ شِرَاءُ الْبَائِعِ لِذَلِكَ فِي غَيْبَةِ الْحَاضِرِ أَوْ فِي حُضُورِهِ وَبَاعَهُ بِالْحَضْرَةِ قَبْلَ عِلْمِ الْآخَرِ لَمْ يَحْلِفِ الْحَاضِرُ وَلَوْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا

- (فرع)

وَنَكَلَ الْآخَرُ رُدَّ جَمِيعُهُ وَعِنْدَ أَشْهَبَ الْيَمِينُ عَلَى الْعِلْمِ فِي الْجَلِيِّ وَالْخَفِيِّ لِأَنَّ الْعُيُوبَ شَأْنُهَا الْخَفَاءُ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ: لَوْ وَجَدَ أَحَدُهُمَا عَيْبًا فَرَدَّ بِهِ أَوْ قَبِله وَخَالَفَهُ الْآخَرُ فَالْحُكْمُ لِلسَّابِقِ مِنْهُمَا وَيُخَيَّرُ الْبَائِعُ فِيمَا أَرَادَهُ الْآخَرُ فَإِنْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا بِقَبُولِهِ ثُمَّ رَدَّ الْآخَرُ سَقَطَ الْقِيَامُ بِالْعَيْبِ وخُيّر الْبَائِعُ فِي الرَّدِّ وَإِنْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا بِالرَّدِّ ثَبَتَ الرَّدُّ وخُيّر الْبَائِعُ إِنْ قَبِلَهَا لَمْ يَكُنْ لِلْآخَرِ رَدُّهَا وَإِنِ اخْتَارَ الرَّدَّ لَمْ يَكُنْ لِمَنْ سَبَقَ بِالرَّدِّ الِامْتِنَاعُ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الَّذِي فَعَلَهُ أَحَدُهُمَا فِيهِ ضَرَرٌ فَيَمْضِي ذَلِكَ فِي نَصِيبِ مَنْ رَضِيَ وَحْدَهُ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: إِذَا ابْتَعْتَ مِنْ أَحَدِهِمَا فَأَقْبَضْتَ الثَّمَنَ بَعْدَ افْتِرَاقِهِمَا لِلْبَائِعِ أَوْ شَرِيكِهِ وَلَمْ تعلم افتراقهما فَلَا شَيْءَ عَلَيْكَ لِأَنَّهُ مِمَّا يَخْفَى عَلَيْكَ وَإِنْ عَلِمْتَ ضَمِنْتَ حِصَّةَ الْآخَرِ بِخِلَافِ قَضَاءِ الْوَكِيلِ الْمُفَوَّضِ إِذَا أُشْهِدَ عَلَى الْخُلْعِ وَلَا يَبْرَأُ مَنْ دُفِعَ إِلَيْهِ ثَمَنُ مَا بَاعَ أَوْ غَيْرِهِ قَالَ غَيْرُهُ: إِنْ لَمْ يَعْلَمِ الْوَكِيلُ وَلَا الْغَرِيمُ بِالْحِجْرِ بَرِئَ الْغَرِيمُ لِأَنَّ عِلْمَ ذَلِكَ قَدْ يَخْفَى وَإِنْ عَلِمَ بِذَلِكَ أَحَدُهُمَا وَالْآخَرُ عَالِمٌ أَمْ لَا لَمْ يَبْرَأِ الْغَرِيم قَالَ فِي النكث: الْفَرْقُ أَنَّ الشَّرِكَةَ بَاقِيَةٌ فِي الدَّيْنِ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ وَالْعَزْلُ يَرْفَعُ يَدَ الْوَكِيلِ مُطْلَقًا وَقَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ قَوْلُ الْغَيْرِ إِذَا خَلَعَهُ وَقَبَضَ وَقَدْ عَلِمَ أَحَدُهُمَا بِالدَّفْعِ يَضْمَنُ الدَّافِعُ يُرِيدُ لِأَنَّ الْغَرِيمَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَالْوَكِيلُ لَمَّا عَلِمَ بِالْخُلْعِ تَعَدَّى فِي الْقَبْضِ فَهُوَ ضَامِنٌ لما أتلف فَيَرْجِعُ الدَّافِعُ عَلَيْهِ وَلَا ضَرَرَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ الْأَشْبَهُ أَلَّا يَضْمَنَ الْغَرِيمُ كَمَا فِي الشَّرِيكَيْنِ يَفْتَرِقَانِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَكِيلُ صَاحِبِهِ عَلَى الْقَبْضِ وَقَدْ فرًّطا إِذْ لم يعلمَا وَقَول الْغَيْر فِي إِلْزَامِ الْغَرِيمِ بِعِلْمِ الْوَكِيلِ مُشْكَلٌ وَفِي الْمُوَازِيَةِ: لَوْ عَلِمَ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ بِبَيِّنَةٍ فَحُكِمَ عَلَيْهِ بِالدَّفْعِ لِلْوَكِيلِ بَرِئَ لِأَنَّهُ مكره

- (فرع)

3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ شِرَاءُ أَحَدِهِمَا مِنَ الْآخَرِ سِلْعَةً لِنَفْسِهِ أَوْ لِلتِّجَارَةِ كَالْمُقَاسَمَةِ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ: يَلْزَمُ إِقَالَةُ أَحَدِهِمَا فِيمَا بَاعَهُ هُوَ أَوْ شَرِيكُهُ وَتَوَلِيَتُهُ إِلَّا بِمُحَابَاةٍ فَهُوَ حِينَئِذٍ كَالْمَعْرُوفِ لَا يَلْزَمُ إِلَّا أَنْ يَجِدَ نَقْصًا لِلتِّجَارَةِ وَإِلَّا لَزِمَهُ قَدْرُ حِصَّتِهِ مِنْهُ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ: إِقْرَارُ أَحَدِهِمَا بِدَيْنٍ مِنْ شَرِكَتِهِمَا لِأَبِيهِ أَوْ وَلَدِهِ أَوْ جَدِّهِ أَوْ جَدَّتِهِ أَوْ زَوجته أَو صديقه الملاطف أَو من يُتّهم عَلَيْهِ لَا يَلْزَمُ شَرِيكَهُ لِلتُّهْمَةِ بِخِلَافِ مَنْ لَا يُتهم عَلَيْهِ وَلَوْ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا فِي دَارٍ أَوْ غَيْرِهَا مِنَ الْعُرُوضِ أَنَّ نِصْفَهَا لِأَجْنَبِيٍّ حَلَفَ الْمُدَّعِي مَعَهُ وَاسْتَحَقَّ لِأَنَّهُ شَاهِدٌ كَإِقْرَارِ وَارِثٍ بَدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: كَذَلِكَ كُلُّ مَنْ يُدخل الضَّرَرَ بِإِقْرَارِهِ عَلَى غَيْرِهِ يَمْتَنِعُ إِقْرَارُهُ لِمَنْ يُتًّهم عَلَيْهِ كَالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ وَالْمَرِيضِ وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ فَإِنْ جَوَّزْنَا قُلْنَا بَقِيَّةُ الدَّيْنِ فِي ذِمَّتِهِ فَلَمْ يُتهم وَإِنْ مَنَعْنَا قُلْنَا لِإِضْرَارِهِ بِالْغُرَمَاءِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: يَجْرِي فِي إِقْرَارِهِ بِالتُّهَمِ النقوذ كَإِقْرَارِ مَنْ تَبَيَّنَ فَلَسُهُ لِمَنْ يُتهم عَلَيْهِ وَفِيهِ قَوْلَانِ وَهَاهُنَا أَوْلَى لِانْتِزَاعِ مَالِ الْمُفْلِسِ ويقي مُحْتَاجًا فَيُوَزَّعُ مَا يَعِيشُ بِهِ وَلَا حَاجَةَ هَاهُنَا لِدَيْنٍ فِي الذِّمَّةِ وَإِقْرَارُ أَحَدِهِمَا عِنْدَ إِرَادَةِ الِافْتِرَاقِ جَائِزٌ فَإِنِ افْتَرَقَا ثُمَّ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا لَمْ يُقْبَلْ إِقْرَارُهُ إِذَا طَالَ الِافْتِرَاقُ فَإِنْ قَرُبَ وَادَّعَى أَنَّهُ نَسِيَ فَخِلَافٌ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي عَامِلِ الْقِرَاضِ يَدَّعي بَعْدَ الْمُقَاسَمَةِ أَنَّهُ أَنْفَقَ وَنَسِيَ الْمُحَاسَبَةَ بِذَلِكَ مَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ مَالِكٌ يَحْلِفُ وَلَهُ ذَلِكَ وَالشَّرِيكُ مِثْلُهُ فَإِنْ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بَعْدَ مَوْتِ الْآخَرِ فَجَعَلَهُ فِي الْكِتَابِ شَاهِدًا وَلَمْ يَقْبَلْ قَوْلَهُ وَقَالَ سَحْنُونٌ يُصَدَّقُ الشَّرِيكُ وَيَلْزَمُ الْوَرَثَةَ وَهُوَ أَصْوَبُ لِأَنَّ الْمَوْتَ لَيْسَ بِافْتِرَاقٍ لِعَدَمِ الْمُحَاسَبَةِ وَصَوْنًا لِأَمْوَالِ النَّاسِ واختُلف فِي الْعَبْدِ يُحْجَرُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْإِذْنِ وَالْمَكَاتَبِ يَعْجِزُ وَالْقَبُولُ أَوْلَى لِأَنَّ تَصَرُّفَاتِهِمَا لَا تُعلم إِلَّا مِنْ قبَلهما وَلَيْسَ الْعَادَةُ الْإِشْهَادَ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَإِنَّمَا أَجَازَ فِي الْكِتَابِ شَهَادَتَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَرَ عَلَيْهِ بَعْدَ النُّكُولِ إِلَّا نِصْفَ الْحَقِّ فَلَمْ تجب شَهَادَته

- (فرع)

نَفْعًا وَلَا دَفَعَتْ ضَرَرًا وَكَذَلِكَ اخْتُلِفَ فِي شَهَادَةِ الْحَمِيلِ عَلَى مَنْ تحمَّل عَنْهُ وَالْجَوَازُ أَحْسَنُ وَإِذَا كَانَا شَرِيكَيْنِ فِي شَيْءٍ بِعَيْنِهِ امْتَنَعَ إِقْرَارُ أَحَدِهِمَا عَلَى صَاحِبِهِ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: إِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا لَا يُحدث الْآخَرُ فِي الْمَالِ وَلَا فِي السِّلْعَةِ شَيْئًا إِلَّا برضى الْوَرَثَةِ لِانْقِطَاعِ الشَّرِكَةِ فَإِنْ أَقَامَ أَجْنَبِيٌّ بَيِّنَةً أَنَّ مِائَةَ دِينَارٍ مِنَ الشَّرِكَةِ كَانَتْ عِنْدَ الْمَيِّتِ فَلَمْ تُوجَدْ وَلَا عَلِمَ مَصْرِفَهَا وَمَوْتُهُ قَرِيبٌ مِنْ أَخْذِهَا ويُظن أَنَّهُ لَمْ يَشْغَلْهَا فَهِيَ فِي حِصَّتِهِ وَإِنْ تَطَاوُلَ وَقْتُهُ لَمْ يَلْزَمْهُ لِأَنَّ شَأْنَ الشَّرِيكِ الْحَوْزُ وَالتَّصَرُّفُ فَلَا يَضْمَنُ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الْعُدْوَانِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ: إِنْ أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِأَخْذِ الْمِائَةِ لَمْ يَبْرَأْ إِلَّا بِشَاهِدَيْنِ عَلَى الرَّدِّ طَالَ أَمْ لَا لِأَنَّ قَرِينَةَ الْإِشْهَادِ تَقْتَضِي الِالْتِزَامَ وَأَمَّا الْإِقْرَارُ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ إِشْهَادٍ فَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الرَّابِعُ فِي إِلْغَاءِ الْكَلَفِ فِي الْكِتَابِ إِذَا كَانَ مَالُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ كثيرا وهما فِي بلدين على أَن يجوز كل وَاحِد على صَاحبه ويلغيان نَفَقَتَهُمَا كَانَا فِي بَلَدٍ أَوْ بَلَدَيْنٍ وَإِنِ اخْتلف سعراهما كَانَا ذَوي عِيَال أَولا عِيَالَ لَهُمَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ الْعَادَةُ وَهُوَ مَعْلُومٌ مُتَقَارَبٌ فَإِنْ كَانَ الْعِيَالُ لِأَحَدِهِمَا حَسَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مَا أَنْفَقَ وَمَا اشْتَرَاهُ لِعِيَالِهِ وَلِلْبَائِعِ ابْتِيَاعُ أَيِّهِمَا شَاءَ بِثَمَنِ مَا يَبِيعُ لِذَلِكَ مِنْ كُسْوَةٍ لَهُمَا أَوْ لِعِيَالِهِمَا مِمَّا يُلْغَى وَهِيَ مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ إِلَّا كُسْوَةً لَا يَتَبَدَّلُ مِثْلُهَا فَلَا تُلْغَى وَمَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا أَوْ كُسْوَةً لَهُ أَوْ لِعِيَالِهِ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ الْآخَرُ إِذْ لَا بُدَّ لَهُمَا مِنْ ذَلِكَ وَعَلَيْهِ عَقَدَا قَالَ اللَّخْمِيُّ: الْقِيَاسُ إِذَا كَانَ الْبَلَدُ قَرَارًا لَهُمَا أَنْ يُحَاسَبَ مَنْ فِي الْبَلَد الغالي بَيْنَ السِّعْرَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فِي قَرَارِهِ فَلَا يُحَاسَبُ بِمَا بَيْنَ السِّعْرَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا فِي قَرَارِهِ وَهُوَ أَغْلَاهُمَا حُوسِبَ بِمَا بَيْنَ السِّعْرَيْنِ أَوِ الْآخَرُ أَغْلَاهُمَا لَمْ يُحَاسَبْ بِذَلِكَ الْفَضْلِ لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ سَبَبِ الْمَالِ وَلَهُ مَنْدُوحَةٌ عَنْ ذَلِكَ الْغَلَاءِ وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ فِي قَرَارِهِ أَوْ أَغْلَاهُمَا فِي قَرَارِهِ حَاسَبَ أَقَلَّهُمَا سِعْرًا لِأَنَّ الْأَصْلَ نَفَقَةُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى نَفْسِهِ وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ عَلَى الْعَادَةِ وَإِنْ كَانَتِ الْعَادَةُ

- (فرع)

الْإِنْفَاقَ مِنَ الْوَسَطِ جَازَ عَلَى مَا تَجُوزُ عَلَيْهِ الشَّرِكَةُ مِنَ الْمُسَاوَاةِ فِي الِانْتِقَالِ وَأَنْ يكون الرِّبْح على قدر رُؤُوس الْأَمْوَالِ وَكُلُّ مَوْضِعٍ تُلْغَى فِيهِ النَّفَقَةُ تُلْغَى فِيهِ الْكُسْوَةُ وَإِنْ تَسَاوَى الْعِيَالُ فِي الْعَدَدِ دُونَ السِّنِّ تَحَاسَبَا بِذَلِكَ كَاخْتِلَافِ الْعَدَدِ وَالْكُسْوَةُ الَّتِي لَا تبتدل رِبْحُهَا لَهُمَا وَخَسَارَتُهَا عَلَى مُشْتَرِيهَا وَيُحَاسَبُ بِمَا وَزَنَ فِيهَا وَإِنْ عَلِمَ بِذَلِكَ قَبْلَ دَفْعِ الثَّمَنِ خُيِّرَ الشَّرِيكُ الْآخَرُ فِي رَدِّهَا لِلشَّرِكَةِ أَوْ يُمْضِيهَا لَهُ خَاصَّةً وَيَمْنَعُهُ مِنْ وَزْنِ ثَمَنِهَا مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ إِلَّا أَنْ يُسْقِطَ مِنْ نَصِيبِهِ مِنَ الْمَالِ قَدْرَهَا وَإِنْ غَابَ الْمُشْتَرِي وَطَالَبَ الْبَائِعُ الشَّرِيكَ الْآخَرَ بِالثَّمَنِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ وَإِنْ قَالَ مُشْتَرِيهَا اشْتَرَيْتُهَا عَلَى غَيْرِ مَالِ الشَّرِكَةِ لِاسْتِقْرَاضِ الثَّمَنِ أَوْ لِأَخْذِهِ مِنَ الشَّرِكَةِ وَتَسْقُطُ الشَّرِكَةُ فِيمَا يَنُوبُ ثَمَنُهَا فَلَهُ ذَلِكَ وَرِبْحُهَا لَهُ وَإِنِ اخْتَلَفَ رَأْسُ الْمَالِ وَتَسَاوَى الْعِيَالُ أَنْفَقَ صَاحِبَ الْقَلِيلِ بِقَدْرِ مَالِهِ لَا بِقَدْرِ عِيَالِهِ لِيُحَاسَبَ بِذَلِكَ فِي الْمُسْتَقْبل لَيْلًا يَأْخُذَ مِنَ الْمَالِ أَكْثَرَ مِمَّا يَأْخُذُ صَاحِبَهُ الْخَامِسُ فِي الْجَوَاهِرِ: يَدُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الشَّرِيكَيْنِ يَدُ أَمَانَةٍ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ تَلَفٍ أَوْ خُسْرَانٍ مَا لَمْ يَظْهَرْ كَذِبُهُ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ وَكِيلٌ لِلْآخَرِ فَإِنِ اتُّهِمَ اسْتُحْلِفَ وَإِنْ قَالَ ابْتَعْتُ سِلْعَةً وَهَلَكَتْ صُدِّقَ وَيُصَدَّقُ فِي أَنَّهُ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ خَاصَّةً أَوْ لِلشَّرِكَةِ فَإِن هَذَا الْمَالُ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ حَصَلَ لِي بِالْقِسْمَةِ صُدِّقَ شَرِيكُهُ فِي إِنْكَارِ الْقِسْمَةِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا 3 - (فَرْعٌ) إِذَا كَانَا شَرِيكَيْنِ فِي حَيَوَانٍ مَثَلًا بِمِيرَاثِ أَوْ غَيْرِهِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ إِلَّا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ فَلَوْ بَاعَ نَصِيبَهُ وَسَلَّمَ الْجَمِيعُ لِلْمُشْتَرِي بِغَيْرِ إِذَنْ شَرِيكِهِ فَمُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ أَنَّ الشَّرِيكَ يَضْمَنُ وَبِهِ أَفْتَى شُيُوخُنَا وَالشَّافِعِيَّةُ لِأَنَّ أَحْسَنَ أَحْوَالِهِ أَنْ يَكُونَ فِي الْأَمَانَةِ كَالْمُودَعِ عِنْدَهُ وَالْمُودِعِ إِذَا وَضَعَ يَدُ الْأَجْنَبِيِّ ضَمِنَ بِتَعَدِّيهِ فَإِنْ قِيلَ: يَلْزَمُ عَدَمُ صِحَّةِ الْبَيْعِ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى التَّسْلِيمِ شَرْعًا قُلْنَا: إِنْ كَانَ شَرِيكُهُ حَاضِرًا سَلَّمَ الْمَبِيعَ لَهُ وَتَقَعُ الْحُكُومَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي أَوْ غَائِبًا رَفَعَ أَمْرَهُ إِلَى الْحَاكِمِ يَأْذَنُ لَهُ فِي الْبَيْعِ مِمَّنْ شَأْنُ الْحَاكِمِ وَضْعُ مَالِ الْغَائِبِ

تَحْتَ يَدِهِ وَيَصِحُّ الْبَيْعُ وَلَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ نَقْلًا غَيْرَ أَنَّهُ مُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ مَعَ أَنَّ الشَّيْخَ أَبَا عَمْرِو بْنِ الْحَاجِبِ قَالَ فِي مُخْتَصَرِهِ فِي كِتَابِ الرَّهْنَ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ فِي رَهْنِ الْمُشَاعِ إِلَى إِذْنِ الشَّرِيكِ وَلَهُ أَنْ يُقَسِّمَ وَيَبِيعَ وَيُسَلِّمَ وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ قَوْلَانِ لِتَأْخِيرِ التَّسْلِيم السَّادِسُ فِي الْعُهْدَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ: مَا يُقْضَى فِيهِ بِالشَّرِكَةِ كَأَهْلِ الْأَسْوَاقِ فَالْعُهْدَةُ عَلَى الْبَائِعِ وَكَذَلِكَ إِنْ أَشْرَكَهُ بَعْدَ تَمَامِ الْبَيْعِ بِحَضْرَةِ ذَلِكَ وَلَوِ اشْتَرَطَهُ أَمْ لَا إِنْ بَاعَهُ بَيْعًا بِحَضْرَةِ الْبَيْعِ فَعَلَى الْبَائِعِ الثَّانِي إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ عَلَى الْأَوَّلِ إِلَّا أَنْ يَبْقَى وَقْتُ الْبَيْعِ الْأَوَّلِ فَلَا يَلْزَمُ هَذَا الشَّرْطُ وَالْعُهْدَةُ عَلَى الثَّانِي وَحَدُّ ذَلِكَ الِافْتِرَاقُ مِنَ الْأَوَّلِ افْتِرَاقًا بَيِّنًا وَانْقِطَاعُ مُذَاكَرَةِ الْبَيْعِ الَّذِي كَانَا فِيهِ ثُمَّ يُبَاعُ الثَّانِي فَلَا يُنْتَفَعُ بِاشْتِرَاطِهِ عَلَى الْأَوَّلِ قَالَ مُحَمَّدٌ: هَذَا فِيمَا يُشْتَرَى بِعَيْنِهِ أَمَّا مَا يُسَلَّمُ فِيهِ فَعُهَدَتُهُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ إِذَا بِيعَ قَبْلَ قَبْضِهِ مِمَّا يَجُوزُ بَيْعُهُ

(الباب الثالث في التنازع)

(الْبَاب الثَّالِث فِي التَّنَازُع) وَهُوَ إِمَّا بَيْنَهُمَا أَوْ بَيْنَ أَجْنَبِيٍّ وَبَيْنَهُمَا فَهَذِهِ فَصْلَانِ 3 - (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي التَّنَازُعِ بَيْنَهُمَا) وَفِيهِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ فَرْعًا: الْأَوَّلُ فِي الْجَوَاهِرِ: أَصْلُ الْمُتَفَاوِضَيْنَ أَنَّ مَا بِأَيْدِيهِمَا عَلَى مَا شَهِدَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ مِنَ الْأَجْزَاءِ فَإِنْ لَمْ تُعَيِّنْ جُزْءًا حُمِلَ عَلَى النِّصْفِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الِاخْتِصَاصِ الثَّانِي فِي الْجَوَاهِرِ: لِكُلِّ وَاحِدٍ الْبَيْعُ بِالدَّيْنِ وَالِابْتِيَاعُ مَا لَمْ يَحْظُرِ الْآخَرُ عَلَيْهِ الثَّالِثُ " مَا " بِيَدِهِ مَتَاعٌ مِنْ مَتَاعِ التِّجَارَةِ لِأَنَّهُ مِنْ مَتَاعِهَا وَلَوْ قَالَ فُلَانٌ شَرِيكِي ثُمَّ قَالَ حَدَثَتْ لِي هَذِهِ الدَّارُ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ لِصِدْقِ الِاسْمِ بِدُونِهَا وَإِنْ قَالَ فِي كُلِّ التِّجَارَةِ وَقَالَ الْآخَرُ بَلْ فِيمَا فِي يَدِيكَ دُونَ مَا فِي يَدِي صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ اخْتِصَاصُهُ بِمِلْكِ مَا فِي يَدَيْهِ وَإِنْ قَالَ فِي حَانُوتٍ فِي يَدَيْهِ فُلَانٌ شَرِيكِي فِيمَا فِيهِ ثُمَّ أَدْخَلَ فِيهِ عَدْلَيْنِ وَقَالَ لَيْسَا مِنَ الشَّرِكَةِ وَقَالَ الْآخَرُ قَدْ كَانَا فِي الْحَانُوتِ يَوْمَ إِقْرَارَهِ صُدِّقَ هَذَا لِأَنَّ الْإِقْرَارَ مُسْتَصْحَبٌ عَلَى مَا فِي الْحَانُوتِ إِلَّا أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةٌ بِخِلَافِهِ وَعَنْ أَشْهَبَ يُصَدَّقُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ تَنَاوُلِ الْإِقْرَارِ لَهُ

الرَّابِع فِي الْكتاب: إِن ادَّعَى شِرَاءَ سِلْعَةٍ ثُمَّ ضَيَاعَهَا صُدِّقَ لِأَنَّهُ أَمِين الْخَامِس قَالَ: إِذا جحد أحد المفاوضين الْمَالَ وَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً فَهَلَكَ الْمَالُ بِيَدِ الْجَاحِدِ فِي الْخُصُومَةِ ضَمِنَ حِصَّةَ الْآخَرِ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ بِمَنْعِهِ السَّادِسُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا قَدَّمَ شَرِيكٌ بِيَدِهِ أَمْوَالٌ يَقُولُ هِيَ وَدَائِعُ أَوْ هِيَ عُرُوضٌ فَقَالَ دُفِعَتْ لِي لِأَبِيعَهَا فَقُلْتُ لَهُ اذْكُرِ اسْمَ أَرْبَابِهَا فَإِنْ سَمَّاهُمْ وَحَلَفُوا أَخَذُوا وَإِنْ نَكَلُوا أخذُوا نصيب الْمقر وَحده مواخذة لَهُ بِإِقْرَار وَإِن لم يسم فَذَلِك بَيْنكُمَا قَالَ بغض الْقَرَوِيِّينَ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ أَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى عَدَالَةِ الْمُقِرِّ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ شَاهِدًا وَيَنْبَغِي قَبُولُ إِقْرَارِهِ لمن لَا يتهم عَلَيْهِ وَيحْتَمل التَّحْلِيف اسْتِبْرَاء وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا قَالَ عِنْدَ الْمُحَاسَبَةِ جَعَلْتُ فِي مَالِ الشَّرِكَةِ مَالًا يَحْلِفُ شَرِيكُهُ عَلَى الْبَتّ مَاله فِيهِ شَيْءٌ وَلَا جَعَلَ فِيهِ شَيْئًا وَالْمَالُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِصْحَابُ الْمُفَاوَضَةِ عَلَى جَمِيعِ مَا بِيَدِهِ السَّابِعُ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا ادَّعَى الْمُفَاضَلَةَ فَقَالَ لَكَ الثُّلُثُ وَلِي الثُّلُثَانِ وَقُلْتَ النِّصْفَ وَلَيْسَ الْمَالُ بِيَدِ أَحَدِكُمَا دُونَ الْآخَرِ لَهُ النِّصْفُ لِأَنَّكَ سَلَّمْتَهُ وَلَكَ الثُّلُثُ لِأَنَّهُ سَلَّمَهُ وَتَقْتَسِمَانِ السُّدُسَ نِصْفَيْنِ لِوُقُوعِ التَّنَازُعِ فِيهِ وَقَالَ أَشْهَبُ: الْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا لِأَنَّهُ ظَاهِرُ الْمُفَاوَضَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانُوا ثَلَاثَة فَادّعى الثَّالِث الثُّلُث يقسم بَينهم المَال أَثْلَاثًا عِنْدَهُ لِتَسَاوِيهِمْ فِي الْحِيَازَةِ وَالْأَيْمَانِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَتِ الدَّعَاوِي قَالَ مُحَمَّدٌ: فَلَوِ ادَّعَى أَحَدُهُمُ الثُّلُثَيْنِ وَقَالَ لَكُمَا الثُّلُثُ وَقَالَ الْآخَرُ لِي النِّصْفُ وَلَكُمَا النِّصْفُ وَقَالَ الْآخَرُ لِكُلِّ وَاحِدٍ منا الثُّلُث يضْرب كل وَاحِدٍ بِحِصَّةِ دَعْوَاهُ فَيُقَسَّمُ الْمَالُ عَلَى تِسْعَةٍ لِمُدَّعِي الثُّلُثَيْنِ أَرْبَعَةٌ وَلِمُدَّعِي النِّصْفِ ثَلَاثَةٌ وَلِمُدَّعِي الثُّلُثِ اثْنَانِ وَالَّذِي يَجْرِي عَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنْ يُسَلِّمَ صَاحِبُ النِّصْفِ وَصَاحِبُ الثُّلُثِ السُّدُسَ لِصَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ لِعَدَمِ الْمُنَازَعَةِ فِيهِ وَتَبْقَى خَمْسَةُ أَسْدَاسٍ ادَّعَى صَاحِبُ الثُّلُثَيْنِ ثَلَاثَةَ أَسْدَاسٍ وَصَاحِبُ النِّصْفِ وَصَاحِبُ الثُّلُثِ يَدَّعِيَانِ الْجَمِيعَ فَتُقَسَّمُ هَذِه الْخَمْسَة الأسداس نِصْفَيْنِ لِصَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ سَهْمَانِ

وَنِصْفُ سُدُسٍ وَذَلِكَ عَشَرَةُ أَسْهُمٍ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ وَيَبْقَى مِنَ الْمَالِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ سَهْمًا يَدَّعِي صَاحِبُ النِّصْفِ أَنَّ لَهُ مِنْهَا اثْنَيْ عَشَرَ الَّتِي هِيَ نِصْفُ جَمِيعِ الْمَالِ وَأَنَّ السَّهْمَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ لَا شَيْءَ فِيهِمَا لَهُ فَيُدْفَعَانِ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ وَيَدَّعِي صَاحِبُ الثُّلُثِ أَنَّ لَهُ مِنَ الْأَرْبَعَةِ عَشَرَ ثَمَانِيَةٍ الَّتِي هِيَ ثُلُثُ جَمِيعِ الْمَالِ وَأَنَّ السِّتَّةَ الْبَاقِيَةَ لِصَاحِبِ النِّصْفِ لَا شَيْءَ لَهُ فِيهَا فَتُدْفَعُ السِّتَّةُ لِصَاحِبِ النِّصْفِ فَتَبْقَى سِتَّةٌ يَدَّعِيهَا صَاحِبُ الثُّلُثِ مَعَ الِاثْنَيْنِ الَّتِي بِيَدِهِ وَيَدَّعِيهَا صَاحِبُ النِّصْفِ مَعَ السِّتَّةِ الَّتِي سَلَّمَهَا لَهُ صَاحِبُ الثُّلُثِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَّعِي هَذِهِ السِّتَّةُ فَتُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ يَحْصُلُ لِمُدَّعِي النِّصْفِ تِسْعَةُ أَسْهُمٍ وَلِمُدَّعِي الثُّلُثِ خَمْسَةُ أَسْهُمٍ وَلِمُدَّعِي الثُّلُثَيْنِ عَشَرَةُ أَسْهُمٍ فَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ سَهْمًا فَلَوِ ادَّعَى أَحَدُهُمْ جَمِيعَ الْمَالِ وَالْآخَرُ النِّصْفَ وَالْآخَرُ الثُّلُثَ قَالَ مُحَمَّدٌ: يُسَلِّمُ مُدَّعِي الثُّلُثِ وَمُدَّعِي النِّصْفِ السُّدُسَ لِصَاحِبِ الْكُلِّ ثُمَّ صَارَ الْكُلُّ يَدَّعِي الْخَمْسَةَ الْبَاقِيَةَ وَالْآخَرَانِ يَدَّعِيَانِهَا فَتُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ نِصْفَيْنِ لِصَاحِبِ الْكُلِّ عَشَرَةُ قَرَارِيطَ وَلِلْآخَرَيْنِ عَشَرَةُ قَرَارِيطَ وَصَاحِبُ الثُّلُثِ لَا يَدَّعِي فِي هَذِهِ الْعَشَرَةِ إِلَّا ثَمَانِيَةً فَسَلَّمَ اثْنَيْنِ لِصَاحِبِ النِّصْفِ ثُمَّ تُقَسَّمُ الثَّمَانِيَةُ بَيْنَ الْآخَرَيْنِ نِصْفَيْنِ لِتَسَاوِي دَعْوَاهُمَا وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ سَلَّمَ مُدَّعِي الثُّلُثِ لِصَاحِبِ الْكُلِّ الثُّلُثَيْنِ ثُمَّ نَازَعَ الْآخَرُ فِي الثُّلُثِ فَيُقَسَّمُ بَينهمَا نِصْفَيْنِ ثمَّ يَقُول صَاحب النِّصْفِ سَلِّمْ لِي مَا زَادَ عَلَى النِّصْفِ وَهُوَ الثُّلُث لأخذ السُّدُسِ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: يُقَسَّمُ الْمَالُ بَيْنَهُمْ عَلَى سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ لِمُدَّعِي الْكُلِّ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَلِمُدَّعِي النِّصْفِ سَبْعَةُ أَسْهُمٍ وَلِمُدَّعِي الثُّلُثِ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ لِأَنَّ مُدَّعِيَ النِّصْفِ وَالثُّلُثِ أَقَرَّا بِتَسْلِيمِ النِّصْفِ لِصَاحِبِ الْكُلِّ وَأَقَرَّ صَاحِبُ الثُّلُثِ بِتَسْلِيمِ السُّدُسِ فَيِتَدَاعَيَاهُ مُدَّعِي الْكُلِّ وَمُدَّعِي النِّصْفِ فَيُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَيَصِيرُ لِمُدَّعِي الْكُلِّ سَبْعَةٌ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ وَلِمُدَّعِي النِّصْفِ سَهْمٌ ثُمَّ يُقَسَّمُ الثُّلُثُ بِالسَّوِيَّةِ فَيَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ سَهْمٌ وَثُلُثٌ فَيَصِيرُ لِمُدَّعِي الْكُلِّ ثَمَانِيَةٌ وَثُلُثٌ وَلِمُدَّعِي النِّصْفِ سَهْمَانِ وَثُلُثٌ وَلِمُدَّعِي الثُّلُثِ سَهْمٌ وَثُلُثُ فَتَضْرِبُ الِاثْنَيْ عَشَرَ فِي

مَخْرَجِ الثُّلُثِ لِتَسْلَمَ السِّهَامُ فَتَكُونَ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ وَطَرِيقُ مُحَمَّدٍ أَبْيَنُ لِأَنَّ مُدَّعِيَ النِّصْفِ وَمُدَّعِيَ الثُّلُثِ لَا يُسَلِّمَانِ لِمُدَّعِي الْكُلِّ إِلَّا السُّدُسَ وَقَالَ ابْنُ مُيَسِّرٍ: لِصَاحِبِ الْكُلِّ سِتَّةُ أَسْهُمٍ وَلِصَاحِبِ النِّصْفِ ثَلَاثَةٌ وَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ سَهْمَانِ فَيُقَسَّمُ الْمَالُ بَيْنَهُمْ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا وَهُوَ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ وَهُوَ عَلَى عَوْلِ الْفَرَائِضِ وَالْوَصَايَا كَمَنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِمَالِهِ وَلِآخَرَ بِبَعْضِ مَالِهِ وَلِآخَرَ بِثُلُثِهِ فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمْ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا بِاتِّفَاقٍ فَكَذَلِكَ هَاهُنَا الثَّامِنُ قَالَ سَحْنُونٌ: إِذَا قَالَ فُلَانٌ شَرِيكِي وَلَمْ يَقُلْ فِي جَمِيعِ الْمَالِ وَلَا مُفَاوِضٌ فَإِنْ خَصَّصَ مَالًا فِي الْإِقْرَارِ وَكَانَ كَلَامًا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى شَيْءٍ أُتْبِعَ ذَلِكَ وَإِلَّا شَرِكَهُ فِي جَمِيعِ الْمَالِ لِأَنَّ ظَاهِرَ الشَّرِكَةِ التَّسَاوِي التَّاسِعُ قَالَ إِذا قَالَ شركك فِي هَذِهِ السِّلْعَةِ وَلَمْ يُسَمِّ ثُمَّ اخْتَلَفَا بَعْدَ الْخَسَارَةِ فَالْمُشْتَرِي مُدَّعٍ وَيُصَدَّقُ الْآخَرُ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ مُدَعًى عَلَيْهِ الْخَسَارَةُ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِمَا لَا يَعْرِفُ وَإِنْ رَبِحَا فِيهَا فَقَالَ الْمُشْتَرِي أَشْرَكْتُكَ بِالسُّدُسِ وَقَالَ الْآخَرُ بِالنِّصْفِ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ الْآخَرَ مُدَّعٍ نَقْلَ مَالِ الْآخَرِ إِلَيْهِ قَالَهُ مَالِكٌ فَإِنْ قَالَا لَمْ نَنْوِ شَيْئًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَنِصْفَانِ فَإِنْ كَانَتِ السِّلْعَةُ قَائِمَةً قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي فِيمَا يَدَّعِيهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عدم انْتِقَال ملكه وَفِي الْوَاضِحَة: عَن سَأَلَهُ مَنْ يَلْزَمُهُ أَنْ يُشْرِكَهُ صُدِّقَ مُدَّعِي النِّصْفِ كَانَتْ قَائِمَةً أَوْ فَائِتَةً بِزِيَادَةٍ أَوْ خُسْرَانٍ فَإِنْ كَانَ لَا يَلْزَمُهُ إِشْرَاكُهُ فَكَمَا تَقَدَّمَ يُصَدَّقُ مُدَّعِي الْأَقَلِّ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْعُهْدَةَ فِي الْأُولَى عَلَى الْبَائِعِ وَفِي الثَّانِيَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي الْعَاشِرُ قَالَ: إِذَا أَرَادَ شِرَاءَ سِلْعَةٍ لِلتِّجَارَةِ فَوَقَفَ آخَرٌ سَاكِتًا فَلَمَّا وَجَبَ الْبَيْعُ طَلَبَ الدُّخُولَ مَعَهُ فَأَبَى قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ: إِنْ كَانَ شِرَاؤُهُ لِلْبَعْضِ أُجْبِرَ عَلَى الشَّرِكَةِ بِخِلَافِ مَنِ اشْتَرَى بِمَنْزِلِهِ أَو ليخرج بهَا إِلَى بلد آخر لَيْلًا يَفْسُدَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِذَا لَمْ يقْض بِهَذَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إِنَّمَا قَالَ

- (الفصل الثاني في المنازعة بينهما وبين أجنبي)

مَالك فِي تجار أهل تِلْكَ السعلة وَأَهْلِ سُوقِهَا كَانَ مُشْتَرِيهَا مَنْ أَهَلِ التِّجَارَةِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ إِذَا اشْتَرَاهَا لِلتِّجَارَةِ وَقَدْ قَضَى عُمَرٌ بِذَلِكَ الْحَادِيَ عَشَرَ قَالَ: إِذَا سُئِلَ الشَّرِكَةَ عِنْدَ الْبَيْعِ وَسَكَتَ لَا يُحْتَجُّ عَلَيْهِ بِسُكُوتِهِ وَيُصَدَّقُ وَلَوْ قَالَ لَا أَفْعَلُ فَسَكَتُوا وَقَالُوا أَرَدْنَا بِسُكُوتِنَا تَخْفِيضَ السِّعْرِ لَا يَنْفَعُهُمْ ذَلِكَ قَالَ أَصْبَغُ: وَمَتَى يُسْتَدَلُّ عَلَى كذبه بِكَثْرَة تِلْكَ السعلة وَأَنَّ مِثْلَهَا تُشْتَرَى لِلتِّجَارَةِ قُبِلَ قَوْلُ مَنِ ادَّعَى أَنَّهَا لِلتِّجَارَةِ دُونَ الْقِنْيَةِ الثَّانِيَ عَشَرَ قَالَ قَالَ سَحْنُونٌ: لَكُمَا سَفِينَةٌ تُرِيدُ حَمْلَ مَتَاعِكَ وَلَيْسَ لِصَاحِبِكَ مَا يَحْمِلُهُ فَلَكَ الْحَمْلُ وَلَا يُقْضَى لَهُ بِكِرَاءٍ وَلَوْ طَلَبَهُ بَلْ يَحْمِلُ مِثْلَ مَا حَمَلْتَهُ وَإِلَّا بِيعَ الْمَرْكَبُ عَلَيْكُمَا لِأَنَّ مُقْتَضَى الشَّرِكَةِ الِانْتِفَاعُ بِالْعَيْنِ الْمُشْتَرَكَةِ لَا لُزُومُ كِرَاءٍ الثَّالِثَ عَشَرَ قَالَ ضَاعَ الْمَالُ مِنِّي ثَمَّ قَالَ دَفَعْتُهُ لِلشَّرِيكِ ثُمَّ " قَالَ " إِنَّ مَا دَفَعْتُهُ مِنْ مَالِي بَعْدَ الضَّيَاعِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُصَدَّقُ وَأَرَاهُ ضَامِنًا لِأَنَّ اضْطِرَابَهُ تُهْمَةٌ وَلَوْ قَالَ لَهُ شركاؤه أَعْطَانَا ثَمَنَ مَا بِعْتَ فَقَالَ هُوَ فِي كُمِّي فَذَهَبَ ثُمَّ أَتَى فَقَالَ قُطِعَ مِنْ كُمِّي قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَضْمَنُ إِذَا سَأَلُوهُ فَلَمْ يُعْطِهِمْ لِأَنَّهُ فَرَّطَ 3 - (الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْمُنَازَعَةِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ أَجْنَبِيٍّ) وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُرُوعٍ: الْأَوَّلُ فِي الْجَوَاهِر: مهما قضى أَحدهمَا الْغَرِيم بَرِيء وَإِنْ كَانَ غَيْرَ الَّذِي عَامَلَهُ لِأَنَّ يَدَهُمَا كَيَدِ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَكَذَلِكَ إِذَا رَدَّ لَهُ مَا أَوْدَعَهُ شَرِيكُهُ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ وَلِلْبَائِعِ اتِّبَاعُ أَيِّهِمَا شَاءَ بِالثَّمَنِ أَوِ الْقِيمَةِ فِي فَوْتِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَإِنِ افْتَرَقَا

قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِ دَيْنِهِ عَلَيْهِمَا وَإِنْ قَضَى أَحَدُهُمَا بَعْدَ الِافْتِرَاقِ عَالِمًا بِهِ لَمْ يَبْرَأْ من حِصَّة الآخر أَو غير عَالم بَرِيء مِنْهُمَا جَمِيعًا الثَّانِي فِي الْكِتَابِ: إِذَا مَاتَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ فَأَقَرَّ الْحَيُّ أَنَّهُمَا رَهَنَا مَتَاعًا مِنَ الشَّرِكَةِ عِنْدَ فُلَانٍ وَقَالَ وَرَثَةُ الْهَالِكِ بَلْ أَوْدَعْتَهُ أَنْتَ إِيَّاهُ بَعْدَ الْمَوْتِ فَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ شَاهِدِهِ الْحَيِّ فَإِنْ نَكَلَ فَلَهُ حِصَّةُ الْمُقِرِّ رَهْنًا كَمَا إِذَا أَقَرَّ أَحَدُ الْوَرَثَةِ بِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ فَإِنَّ صَاحِبَ الدَّيْنِ يَحْلِفُ فَإِنْ نَكَلَ أَخَذَ مِنَ الْمَقَرِّ مَا يَنُوبُهُ مِنَ الدَّيْنِ مُوَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: يُصَدَّقُ الشَّرِيكُ وَكَذَلِكَ إِقْرَارُ أَحَدِهِمَا بِدَيْنٍ بَعْدَ التَّفَرُّقِ وَيَلْزَمُهُمَا فِي أَمْوَالِهِمَا لِأَنَّهُمَا كَالرَّجُلِ الْوَاحِدِ وَقَوْلُ ابْنُ الْقَاسِمِ تَلْزَمُ الْمُقِرُّ حِصَّتَهُ يُرِيدُ إِذَا لَمْ يَحْلِفِ الْمَشْهُودُ لَهُ وَقَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ: اخْتُلِفَ فِي شَهَادَةِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فَأَجَازَهَا هَاهُنَا مَعَ أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ لَغُرِّمَ جَمِيعَ الْمَالِ الَّذِي أَقَرَّ أَنَّ الْمَتَاع رَهْنٌ فِيهِ لِأَنَّهُ حَمِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ بِنِصْفِهِ وَإِذَا كَانَ صَاحِبُ الدَّيْنِ يَقْدِرُ عَلَى الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ مَيْتًا جَازَتْ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَطْلُوبٍ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ مَطْلُوبٌ وَلَيْسَ هَذَا بِبَيِّنٍ لِأَنَّ الطَّالِبَ يَقُولُ لَا يَلْزَمُنِي أَنْ أَحْلِفَ لِأَنَّنِي يُمْكِنُنِي أَخْذُ حَقِّي بِغَيْرِ يَمِينٍ وَقِيلَ إِقْرَارُهُ بَعْدَ الْمَوْتِ جَائِزٌ عَلَى الشَّرِيكِ الثَّالِثُ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا كَانَ بِيَدِهِمَا دَارٌ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا لِثَالِثٍ بِنِصْفِهَا وَأَنْكَرَ الْآخَرُ وَقَالَ هِيَ بَيْننَا نِصْفَانِ أولى ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا وَلَكَ الرُّبُعُ أَوْ جَمِيعُهَا لِي فَإِن قَالَ نصفهَا حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ وَكَانَ نِصْفُهَا لَهُ وَنِصْفُهَا لِلْمُقِرِّ وَلِلْمُقَرِّ لَهُ وَإِنْ قَالَ لَكَ رُبُعُهَا وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا لِي حَلَفَ الْمُقِرُّ وَلَهُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ وَلَا شَيْءَ لِلْمُقَرِّ لَهُ لِأَنَّ مَا أَقَرَّ لَهُ بِهِ لَا شَيْءَ لَهُ فِيهِ وَلَا يَدَ لَهُ عَلَيْهِ فَشَرِيكُهُ أَحَقُّ بِهِ إِذَا ادَّعَاهُ لِأَنَّ يَدَهُ عَلَيْهِ؛ وَإِنْ قَالَ جَمِيعُهَا لِي دُونَكُمَا فَلِلْمُقرِّ حَظُّ الْمُقَرِّ لَهُ وَهُوَ النِّصْفُ ثُمَّ يُقَسِّمُ الشَّرِيكَانِ النِّصْفَ الْآخَرَ بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا وَفِي صِفَةِ الْقِسْمَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ عَلَى قَدْرِ الدَّعْوَى أَثْلَاثًا وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَرْبَاعًا لِلْمُنْكِرِ نصف النّصْف بِإِقْرَار شَرِيكه لَهُ ثمَّ يقسمان النِّصْفَ الْآخَرَ بَيْنَهُمَا بِالسَّوَاءِ لِتَسَاوِي دَعْوَاهُمَا فَلِلْمُقِرِّ ثَمَنُ جَمِيعِ الدَّارِ وَالْبَاقِي لِلْمُنْكِرِ وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ النِّصْفُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ لِأَنَّ يَدَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى مَا يَدَّعِيهِ فَإِنْ قَالَ النِّصْفُ لِي وَالنِّصْفُ لِفُلَانٍ وَيَدَكَ مَعِي

عَارِيَةٌ مِنْهُ أَوْ بِإِجَارَةٍ وَقَالَ الْآخَرُ لَا شَيْء لفُلَان وَهِي بَيْننَا نِصْفَانِ أولي ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا أَوْ هِيَ لِي دُونَكُمَا صُدِّقَ الْمُنْكِرُ مَعَ يَمِينِهِ وَلَيْسَ لِلْمُقَرِّ لَهُ فِي جَمِيع هَذِه الأسولة (كَذَا) شَيْءٌ لِأَنَّ الْمُقِرَّ لَمْ يُقِرَّ لَهُ بِشَيْءٍ مِمَّا فِي يَده بَلْ بِمَا فِي يَدِ غَيْرِهِ وَالْإِقْرَارُ عَلَى الْغَيْرِ غَيْرُ مَقْبُولٍ ثُمَّ يَعُودُ الْمَقَالُ فِيمَا بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ فَإِنْ قَالَ الْمُنْكِرُ بَلِ الدَّارُ بَيْنَنَا نِصْفَانِ حَلَفَ الْمُنْكِرُ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَكَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُقِرِّ نِصْفَيْنِ وَإِنْ قَالَ إِنَّمَا لَك ربعهَا حلف يمينين يَمِينا للْمقر أَلا سيء لَهُ فِيهَا وَيَكُونُ لَهُ نِصْفُ الْمُقِرِّ لَهُ وَيكون ربعهَا للْآخر لَا تقاقهما أَنَّهُ لَهُ وَيَبْقَى رُبُعٌ يَتَحَالَفَانِ وَيُقَسِّمَانِهِ فَإِنْ قَالَ الْمُنْكِرُ بَلْ جَمِيعُهَا لِي حَلَفَ أَيْضًا يَمِينًا لِلْمُقَرِّ لَهُ وَيَكُونُ لَهُ نِصْفُهُ ثُمَّ يَتَحَالَفَانِ فِي نِصْفٍ وَيَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَمَتَى كَانَ الْمَقِرُّ عَدْلًا جَازَتْ شَهَادَتُهُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَا يَدْفَعُ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ

كتاب الرهون

( كتاب الرهون) فِي التَّنْبِيهَاتِ: الرَّهْنُ اللُّزُومُ وَكُلُّ شَيْءٍ مَلْزُومٌ فَهُوَ رَهْنٌ وَهَذَا رَهْنٌ أَيْ مَحْبُوسٌ دَائِمٌ لَكَ وَكُلُّ شَيْءٍ ثَبَتَ وَدَامَ فَقَدْ رُهِنَ وَيُسَمَّى آخِذُ الرَّهْنِ مُرْتَهِنًا - بِكَسْرِ الْهَاءِ - وَيَنْطَلِقُ عَلَى الرَّاهِنِ لِأَنَّهُ سَبِيلُ الرَّهْنِ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: يَجُوزُ رَهَنْتُهُ وَأَرْهَنْتُهُ رَهْنًا وَجَمْعُهُ رِهَانٌ كَحَبْلٍ وحبال وَيُقَال رهن - بضَمهَا - جَمْعًا لِرِهَانٍ مِثْلَ فِرَاشٍ وَفُرُشٍ وَرَهَنَ مَعْنَاهُ دَامَ وَثَبت والراهن الثَّابِت والراهن الْمَعْزُول مِنَ الْإِبِلِ وَالنَّاسِ وَأَرْهَنْتُ فِي السِّلْعَةِ غَالَيْتُ فِيهَا وَأَرْهَنْتُ فِيهَا أَيْ أَسْلَفْتُ فِيهَا وَأَصْلُهُ قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجدوا كَانَتَا فرهان مَقْبُوضَة} وَعَلَى جَوَازِهِ فِي الْحَضَرِ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ اشْتَرَى طَعَامًا بِثَمَنٍ إِلَى أَجَلٍ وَرَهَنَ فِيهِ دِرْعَهُ وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْإِجْمَاعُ عَلَيْهِ سَفَرًا وَحَضَرًا إِلَّا مُجَاهِدٌ مَنَعَهُ فِي الْحَضَرِ بِمَفْهُومِ قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ كُنْتُم على سفر} فَشَرَطَ السَّفَرَ وَجَوَابُهُ إِنَّمَا خَصَّصَ السَّفَرَ لِغَلَبَةِ فِقْدَانِ الْكَاتِبِ الَّذِي هُوَ الْبَيِّنَةُ فِيهِ تَنْبِيهٌ إِنَّمَا رَهَنَ عِنْدَ الْيَهُودِيِّ حَذَرًا مِنْ مُسَامَحَةِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ إِبْرَائِهِمْ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الشِّرَاءِ بِالنَّسِيئَةِ وَعَلَى جَوَازِهِ فِي الدُّيُونِ وَعَلَى جَوَازِ مُعَامَلَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَإِنْ كَانَتْ أَمْوَالُهُمْ لَا تَخْلُو عَنْ ثَمَنِ الْخُمُورِ وَالرِّبَا قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ: لَمْ يَصِحَّ إِلَّا حَدِيثَانِ: هَذَا وَفِي البُخَارِيّ الرَّهْن محلوب ومركوب ويركب بِنَفَقَتِهِ

وَيُحْلَبُ بِنَفَقَتِهِ وَآخَرُ أَرْسَلَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: لَا يُغْلَقُ الرَّهْنُ غَيْرَ أَنَّ الْفُقَهَاءَ اتَّفَقُوا عَلَى الْأَخْذِ بِهِ وَزَادَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِيهِ لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ الرَّهْنُ مِنْ رَاهِنِهِ الَّذِي رَهَنَهُ لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ ويعارض حَدِيثَ الْبُخَارِيِّ الْمُتَقَدِّمِ حَيْثُ جَعَلَهُ مَحْلُوبًا وَمَرْكُوبًا بِنَفَقَتِهِ وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَنَافِعَ الرَّاهِنِ وَقَالَ (ح) هِيَ عُطْلٌ لِلْحَيْلُولَةِ بَيْنَ الرَّاهِنِ وَالرَّهْنِ وَعَدَمِ مِلْكِ الْمُرْتَهِنِ فَلَا تَكُونُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَيرد عَلَيْهِ حَدِيث البُخَارِيّ: لَهُ غُنْمُهُ الْحَدِيثَ وَنَهْيُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ وَلِأَنَّ الرَّاهِنَ مَالِكٌ إِجْمَاعًا فَهُوَ أَحَقُّ بِمَنَافِعِ مِلْكِهِ وَقَالَ (ش) يَسْتَوْفِيهِمَا الرَّاهِنُ عِنْد نَفسه وَقَوله عَلَيْهِ السَّلَام يركب بنفقتها وَيُحْلَبُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ عَادَتَهُمْ أَوْ برضى المتراهنين وَمعنى لَا يغلق الرَّهْن لَا يَذْهَبُ هَدَرًا لِقَوْلِ الشَّاعِرِ وَهُوَ زُهَيْرٌ: (وَفَارَقَتْكَ بِرَهْنٍ لَا فِكَاكَ لَهُ ... يَوْمَ الْوَدَاعِ فَأَمْسَى الرَّهْنُ قَدْ غَلِقَا) أَيْ ذَهَبَ بِغَيْرِ جَبْرٍ وَفِي ذَلِكَ أَحْوَالٌ: أَحَدُهَا تَفْسِيرُ مَالِكٍ هَذَا وَثَانِيهَا يَهْلِكُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ فَهَلْ يَضْمَنُ بِقِيمَتِه؟ قَالَ (ح) أَوْ لَا؟ قَالَهُ (ش) أَوْ يُفَرَّقُ بَين مَا يغيب عله وَغَيْرِهِ قَالَهُ مَالِكٌ قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ: مُرْسَلُ الْمُوَطَّأ مُتَّصِل من طرق ثَابِتَة وَرِوَايَته يضم الْقَافِ عَلَى الْخَبَرِ أَيْ لَا يَذْهَبُ بَاطِلًا فَيَقُولُ إِنْ لَمْ آتِكَ بِالدَّيْنِ فَالرَّهْنُ لَكَ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ لَا تُجِيزُ الْعَرَبُ غَلِقَ ضَاعَ بَلْ إِذَا اسْتَحَقَّهُ الْمُرْتَهِنُ فَذَهَبَ بِهِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَجَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ قَالَ أَحْمَدُ: لِلْمُرْتَهِنِ حَلْبُ الرَّهْنِ وَرُكُوبُهُ بِقَدْرِ النَّفَقَةِ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: إِنْ لَمْ يُنْفِقِ الْمُرْتَهِنُ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَعَلَى الَّذِي يَرْكَبُ وَيَحْلِبُ نَفَقَتُهُ وَقَالَ (ش) الْمَنَافِعُ

لِلرَّاهِنِ اتَّفَقَ أَمْ لَا وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ عَارِيَةَ الرَّهْنِ لَا تُبْطِلُ الرَّهْنَ لِصِحَّتِهِ أَوْلًا وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ دَوَامَ الْقَبْضِ لَيْسَ شَرْطًا فَائِدَةٌ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: يَغْلَقُ الرَّهْنُ - بِفَتْحِ اللَّامِ - فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَكَسْرِهَا فِي الْمَاضِي وَغَلَقًا بِفَتْحِ اللَّامِ فِي الْمَصْدَرِ قَالَ الْخَطَابِيُّ أَيْ لَا يَنْغَلِقُ وَيَعْقِدُ حَتَّى لَا يَقْبَلَ الْفَكَّ بَلْ مَتَى أَدَّى الْحَقَّ انْفَكَّ بِخِلَافِ الْمَبِيعِ لَا يَرْجِعُ أَصْلًا تَنْبِيهٌ يَجُوزُ الرَّهْنُ وَلَا يَجِبُ خِلَافًا لِلظَّاهِرِيَّةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَته} وَلِأَنَّهُ جَعَلَهُ بَدَلَ الشَّهَادَةِ وَهِيَ لَا تَجِبُ فَلَا يَجِبُ وَفِي الْكِتَابِ أَرْبَعَةُ أَبْوَابٍ

(الباب الأول في أركانه)

(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهِ) الرُّكْنُ الْأَوَّلُ الْعَاقِدُ وَفِي الْجَوَاهِرِ: يَصِحُّ مِمَّنْ يَصِحُّ مِنْهُ الْبَيْعُ لِأَنَّهُ عَقْدٌ فَلَا يَرْهَنُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ وَلِلْمُكَاتَبِ والمأذون أَن يرهنا لِأَن لَهما مُطلق الصّرْف وَلَا يَرْهَنُ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ إِلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ تَحْقِيقًا لِلْمَصْلَحَةِ فَإِنِ اخْتَلَفَا نَظَرَ الْإِمَامُ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي رَهْنِ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنَ بِمَالِهِ وَهُوَ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ التَّفْلِيسِ: قَالَ فِي كِتَابِ التَّفْلِيسِ: مَا لَمْ يُفْلِسْ وَالْمُرْتَهِنُ أَحَقُّ بِالرَّهْنِ مِنَ الْغُرَمَاءِ وَعَنْ مَالِكٍ الْكُلُّ سَوَاءٌ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَمَّدْ ضَرَرَ الْغُرَمَاءِ وَقَدْ دَخَلُوا عِنْدَ الْمُعَامَلَةِ عَلَى ذَلِكَ 3 - (فَرْعٌ) لِلْوَصِيِّ أَنْ يَرْهَنَ مَتَاعَ الْيَتِيمِ فِيمَا يَبْتَاعُ لَهُ مِنْ كُسْوَةٍ أَوْ طَعَامٍ كَمَا يَسْتَلِفُ لَهُ حَتَّى يَبِيعَ بَعْضَ مَتَاعِهِ وَذَلِكَ لَازِمٌ لِلْيَتِيمِ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ عُرُوضِهِ بِمَا أَسْلَفَهُ رَهْنًا إِلَّا أَنْ يتسلف لَهُ مَنْ غَيْرِهِ خَاصَّةً وَلَا يَكُونُ أَحَقَّ مِنَ الْغُرَمَاءِ لِأَنَّهُ حَائِزٌ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ عَلَى الْبَيْعِ أَخْذُ رهنٍ بِالثَّمَنِ كَمَا لَيْسَ لَهُ الْبَيْعُ بِالدَّيْنِ إِلَّا

- (فرع)

بِأَمْرِكَ فَإِنْ أَذِنْتَ لَهُ فِي الْبَيْعِ فَارْتَهَنَ رهنا لَك قبُوله وتضمنه إِنْ تَلَفَ وَلَكَ رَدُّهُ لِأَنَّهُ عَقْدٌ آخَرٌ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ الْإِذْنُ وَيَبْقَى الْبَيْعُ وَإِنْ تَلَفَ قَبْلَ عِلْمِكَ ضَمِنَهُ وَلَا يَشْتَرِي عَامِلُ الْقِرَاضِ بالدَّين عَلَى الْقِرَاضِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ فَإِنِ اشْتَرَى بِجَمِيعِ الْمَالِ عَبْدًا ثُمَّ اشْتَرَى عَبْدًا بِدَيْنٍ فَرَهَنَ فِيهِ الْأَوَّلُ امْتَنَعَ لِعَدَمِ الْإِذْنِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ أَشْهَبُ: إِنِ اشْتَرَى الثَّانِي لِنَفْسِهِ أَتَاهُ برهنٍ غَيْرِهِ إِنْ لَمْ يَشْتَرِكْ عَيْنُهُ أَوْ لِلْقِرَاضِ فَلِرَبِّ الْمَالِ إِجَازَتُهُ رَهْنًا أَوْ يَرُدُّ فَيَسْقُطُ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْبَيَان: إِذا ارْتهن من عِنْده فَقَامَ غُرماء الْعَبْدِ فَهُوَ أَحَقُّ بِالرَّهْنِ إِنْ ثَبَتَ تَنْبِيهٌ: وَالدَّيْنُ قدرُ مَالِ الْعَبْدِ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ لَضَعُفَ الرَّهْنُ لِكَوْنِهِ مَالَهُ الرُّكْنُ الثَّانِي الْمَرْهُونُ: وَفِي الْجَوَاهِرِ: شَرْطُهُ إِمْكَانُ الِاسْتِيفَاءِ مِنْهُ أَوْ مِنْ ثَمَنِهِ أَوْ مِنْ ثَمَنِ مَنَافِعِهِ الدَّيْنَ الَّذِي رُهِنَ بِهِ أَوْ بَعْضِهِ لِأَنَّهُ حِكْمَةُ الرَّهْنِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ عَيْنًا فَيَصِحُّ رَهْنُ الدَّيْنِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَيَجُوزُ رَهْنُ الْمَشَاعِ وَلَا يُشْتَرَطُ صِحَّةُ بَيْعِهِ فِي الْحَالِ كَالثَّمَرَةِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ أَخْذُ الْحَقِّ عِنْدَ الْأَجَلِ وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ يَمْتَنِعُ مَا يَفْسُدُ بِنَفْسِهِ كَالْوَرْدِ وَمَا لَا يَصح بَيْعه وَإِلَّا فيحوز قَالُوا وَيَمْتَنِعُ كَوْنُ الْمَبِيعِ رَهْنًا سَوَاءٌ قُبِضَ وَرُهِنَ أَمْ لَا لِأَنَّهُ عِنْدَ الشَّرْطِ لَيْسَ ملك الرَّاهِن وَلَهُم فِي الدَّين قَوْلَانِ عَلَى جَوَازِ بَيْعِهِ أَوْ هُوَ غَرَرٌ لِتَوَقُّعِ عَدَمِ الدَّفْعِ وَالْإِعْسَارِ وَمَنَعُوا رَهْنَ مَنْفَعَةِ الدَّارِ وَنَحْوِهَا لِتَلَفِهَا قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَكَذَلِكَ فِي الدّين الْحَال لتوقع تَأْخِير الْقَضَاءِ وجوَّزوا الْأُصُولَ دُونَ الثِّمَارِ وَبِالْعَكْسِ بِجَوَازِ الْبَيْعِ فِيهِمَا وَمَنَعَهَا (ح) لِاتِّصَالِ الثَّمَرَةِ بِمَا لَيْسَ بِرَهْنٍ وَهُوَ الْأُصُولُ فَأَشْبَهَ الْمُشَاعَ وَلِأَنَّ الْأُصُولَ مَشْغُولَةٌ بِمِلْكٍ وَجَوَّزُوا الْأَمَةَ دُونَ وَلَدِهَا لِبَقَاءِ الْمِلْكِ وَلَا تَفْرِقَةَ وَمَنَعُوا الْمُصْحَفَ وَكُتُبَ الحَدِيث وَالْفِقْه وَالْعَبْد الْمُسلم من الْكَافِر وَكَذَلِكَ الْكُرَاعُ وَالسِّلَاحُ مِنَ الْحَرْبِيِّ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَمَسَّ مُصْحَفًا وَلَا هَذِهِ الْأُمُورُ لِتَوَقُّعِ الْفَسَادِ بِسَبَبِهَا وَمَنَعَ (ح) الْمُسْتَعَارَ قِيَاسًا على

- (فرع)

الْبَيْعِ وَجَوَّزَهُ (ش) مَعَنَا لِأَنَّ الْمُعِيرَ أَذِنَ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْبَيْعَ يَعْتَمِدُ مَا يَسْتَقِرُّ فِيهِ الْمِلْكُ وَلَا اسْتِقْرَارَ فِي الْمُعَارِ بِخِلَافِ الرَّهْنِ وَأَنَّ مَقْصُودَهُ التَّرَفُّقُ قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ: يَجُوزُ رَهْنُ مَا يَفْسَدُ مِنَ الْأَطْعِمَةِ الرَّطِبَةِ فَإِذَا خِيفَ عَلَيْهَا بِيعَتْ وَأُقِيمَ ثَمَنُهَا مَقَامَهَا 3 - (فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ: يُرْهَنُ الدَّيْنُ وَحِيَازَتُهُ بِحِيَازَةِ ذُكْرِ الْحَقِّ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغَرِيمِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذُكْرُ حَقٍّ فَالْجَمْعُ كَافٍ وَيُشْهِدُ لَا يَقْضِيهِ غَرِيمُهُ حَتَّى يَصِلَ الْمُرْتَهِنُ إِلَى حَقِّهِ وَأَنَّهُ إِنْ فَعَلَ كَانَ مُتَعَدِّيًا وَيُغَرَّمُ الدَّيْنَ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ حَقُّهُ أَقَلَّ فَإِنْ كَانَ الْغَرِيمُ غَائِبًا وَلَا ذُكْرَ حَقٍّ كَفَى الْإِشْهَادُ وَفِيهِ خِلَافٌ وَيَصِحُّ رَهْنُكَ دَيْنًا فِي ذِمَّتِكَ وَتَحُوزُهُ مِنْ نَفْسِكَ لِنَفْسِكَ وَلَا يَدْفَعُ إِلَيْكَ ذُكْرُ الْحَقِّ لِأَنَّهُ يَخْشَى أَنْ يَجْحَدَهُ وَإِنْ بِعْتَهُ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ وَأَرْهَنْتَ دَيْنًا وَأَجَلُهُمَا سَوَاءٌ جَازَ الْبَيْعُ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ حُلُولُ الْأَخِيرِ قَبْلُ فَإِنْ وَفَّى الرَّاهِنُ وَإِلَّا بِيعَ الدَّيْنُ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ طَعَامًا مِنْ سلم وَهُوَ حر لِأَنَّهُ بيع الطَّعَام قبل قَبضه فَإِن كَانَ يحل أَجله قبل وَشرط بَقَاءَهُ لِحُلُولِ الدَّيْنِ الْآخَرِ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ وَإِنْ شَرَطَ إِيقَافَهُ عِنْدَ عَدْلٍ جَازَ وَإِنْ سَكَتَا عَنْ إِخْرَاجِهِ وَإِيقَافِهِ جَازَ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ الْمُشَاعُ مُطْلَقًا انْقَسَمَ أَمْ لَا وَقَالَهُ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ وَمَنَعَهُ (ح) مِنَ الشَّرِيكِ وَغَيْرِهِ وَمُدْرَكُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ دَوَامَ الْيَدِ هَلْ هِيَ لَيْسَتْ شَرْطًا - قَالَهُ (ش) - فَلَا يَضُرُّ رُجُوعُ الْمُشْتَرِكِ لِلشَّرِيكِ أَوْ هُوَ شَرْطٌ فَهَلْ يَضُرُّ كَأَخْذِ الشَّرِيكِ الْعَيْنَ الْمُشْتَرَكَةَ فِي نَوْبَتِهِ قَالَهُ (ح) أَوْ لَا يَضُرُّ لِأَنَّهُ يَجُوزُ الْجَمِيعُ إِنْ رَهَنَ عِنْدَ الشَّرِيكِ وَيَحِلُّ مَحَلَّهُ إِنْ رَهَنَ عِنْدَ غَيْرِهِ قَالَهُ مَالِكٌ لَنَا: عُمُومُ الْآيَةِ فِي الْمُشَاعِ وَغَيْرِهِ فَإِنْ قيل: قَوْله تَعَالَى {فرهان} نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الثُّبُوتِ فَلَا تَعُمُّ

قلت: سُؤال صَحِيح لَكِن نَعْنِي بِالْعُمُومِ أَنَّهُ لَا فَارِقَ بَيْنَ الْمُشَاعِ وَغَيره إِلَّا الإشاعة وَهِيَ لَا تَصْلُحُ فَارِقًا لِتَصَوُّرِ الْقَبْضِ بِمَا ذَكَرْنَاهُ وَقِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ أَمَّا التَّمَسُّكُ بِالْعُمُومِ الْوَضْعِيِّ فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ لَا يزِيد فِي الْعين على الْحق الْمَالِكِ فَكَمَا لَا تُنَافِي الْإِشَاعَةُ الْمِلْكَ لَا تُنَافِي الرَّهْنَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَلِأَنَّهُمْ وَافَقُوا عَلَى رَهْنِ الْجَمِيعِ مِنِ اثْنَيْنِ فِي عَقْدٍ فَيَجُوزُ فِي عَقْدَيْنِ كَعَيْنَيْنِ احْتَجُّوا بِالْقِيَاسِ عَلَى النِّكَاحِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ زَوَاجُ امْرَأَةٍ دُونَ جُزْئِهَا وَلِأَنَّ مَقْصُودَ الرَّهْنِ التَّوَثُّقُ بِدَوَامِ الْيَدِ وَالْإِشَاعَةُ تَمْنَعُ فَإِنَّ الْمُهَايَأَةَ مُسْتَحَقَّةٌ عِنْدَنَا بِالْإِجَازَةِ مِنَ الْحَاكِمِ عَلَيْهَا عِنْدَنَا وَعِنْدَكُمْ بِأَنْ يَبْدَأَ صَاحِبُهَا فنزول الْيَدُ فَلَا يَصِحُّ كَمَا لَوْ شَرَطَهُ يَوْمًا رَهْنًا وَيَوْمًا لَا أَوْ نَقُولُ هُوَ غَيْرُ مُتَمَيِّزٍ فَلَا يَصِحُّ كَمَا إِذَا رَهَنَهُ أَحَدَ الْعَبْدَيْنِ وَلِأَنَّ عُقُودَ الرِّفْقِ تُفْسِدُهَا الْإِشَاعَةُ كَالْقَرْضِ وَالْقِرَاضِ وَقِيَاسًا عَلَى الْكَفَالَةِ بِجَامِعِ التَّوَثُّقِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ مَقْصُودَ النِّكَاحِ الْحِلُّ وَالْإِشَاعَةُ تُنَافِيهِ وَلَا تُنَافِي التَّوَثُّقَ الَّذِي هُوَ مَقْصُودُ الرَّهْنِ لِأَنَّ زَوَاجَ امْرَأَةٍ لِرَجُلَيْنِ بَاطِلٌ بِخِلَافِ رَهْنِ عَبْدٍ عِنْدَ اثْنَيْنِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْيَدَ مُسْتَمِرَّةٌ عِنْدَنَا بِمَنْعِ الرَّاهِنِ رَهْنَ مَنْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى الْجَمِيعِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الْفَرْقَ تَعَذُّرُ الْبَيْعِ عِنْدَ حُلُولِ الدَّيْنِ فِي أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ وَقَبُولُ الْمُشَاعِ لَهُ وَعَنِ الرَّابِعِ الْفرق يتَعَذَّر الْمُطَالَبَةِ وَلَا يَتَعَذَّرُ الْبَيْعُ فَإِنْ قَالُوا بَلْ نَقِيسُ عَلَى الْكَفَالَةِ بِنِصْفِ الْبَدَنِ قُلْنَا: تَصِحُّ الْكَفَالَةُ قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ لَوْ تَكَفَّلَ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا كَفِيلًا لِلْآخَرِ فَأَحْضَرَهُ أَحَدُهُمَا لَمْ يَبْرَأِ الْآخَرُ تَفْرِيعٌ: قَالَ فِي الْكِتَابِ: يَقْبِضُ الْمُرْتَهِنُ الْجَمِيعَ وَيَحِلُّ مَحَلَّ الرَّاهِنِ وَيَجُوزُ أَنْ يَضَعَاهُ عَلَى يَدَيِ الشَّرِيكِ فَإِنْ أَرَادَ الشَّرِيكُ الْبَيْعَ قَاسَمَهُ الرَّاهِنُ وَهُوَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنُ فَإِنْ غَابَ الرَّاهِنُ قَسَّمَ الْإِمَامُ عَنْهُ لِأَنَّ لَهُ الْوِلَايَةَ فِي أَمْوَالِ الْغَيْبِ قَالَ التُّونِسِيُّ: إِذَا ارْتَفَعَتْ يَدُ الرَّاهِنِ وَصَارَتْ يَدُ الْمُرْتَهِنِ مَعَ الشَّرِيكِ صَحَّ الْحَوْزُ وَقَالَ أَشْهَبُ: مَا يَنْتَقِلُ كَالْعَبْدِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ كُلِّهِ أَوْ عَلَى يَدِ

- (فرع)

الشَّرِيكِ أَوْ غَيْرِهِمَا بِخِلَافِ مَا لَا يَنْتَقِلُ لِعُسر حَوْزِهِ وَمَنَعَ أَشْهَبُ رَهْنَ الْمُشَاعِ إِلَّا بِإِذْنِ الشَّرِيكِ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَدْعُوهُ إِلَى بَيْعِ الْجَمِيعِ فَإِنْ كَانَتِ الدَّارُ كُلُّهَا لِلرَّاهِنِ فَقِيلَ يُمْنَعُ حَتَّى يَقْبِضَ الْمُرْتَهِنُ الْجَمِيعَ أَوْ يَكُونَ عَلَى يَدِ عَدْلٍ تَحْقِيقًا لِلْحَوْزِ وَقِيلَ تَكُونُ يَدُ الْمُرْتَهِنِ مَعَ الرَّاهِنِ كَمَا يَقْبِضُ فِي الْبَيْعِ وَقَالَ أَشْهَبُ: إِذَا رَهَنْتَ نَصِيبَكَ مِنَ الدَّارِ وَجَعَلْتَهُ عَلَى يَدِ الشَّرِيكِ وَرَهَنَ الْآخَرُ نَصِيبَهُ وَجَعَلَهُ عَلَى يَدِ الشَّرِيكِ الرَّاهِنِ بَطَلَ رهنُهما لِرُجُوعِ أَيْدِيهِمَا عَلَى الدَّارِ وَلَوْ جَعَلَ الثَّانِي نَصِيبَهُ عَلَى يَدِ أَجْنَبِيٍّ بَطَلَ نَصِيبُ الَّذِي بَقِيَتْ يَدُهُ عَلَى الدَّارِ وَعَلَى القَوْل الثَّانِي يتم نصِيبه لحوز أَجْنَبِي مَعَه وَعَلَى هَذَا إِذَا رَهَنَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ ثُمَّ أَكْرَى نَصِيبَ شَرِيكِهِ فَإِنْ بَقِيَتْ يَدُهُ مَعَ الْمُرْتَهِنِ بَطَلَ الرَّهْنُ وَلَكِنْ يُقَاسِمُهُ وَيَكُونُ مَا أَكْرَى عَلَى يَدِ الْحَائِزِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنِ ارْتَهَنَ الدَّارَ فَأَكَرَاهَا مِنْ رَجُلٍ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ فَأَكَرَاهَا الْمُكْتَرِي مِنَ الرَّاهِنِ فَإِنْ كَانَ الْمُكْتَرِي مِنْ نَاحِيَةِ رب الدَّار فسد الرَّاء وَالرَّهْنُ أَوْ أَجْنَبِيًّا صَحَّ كَمَا تَقَدَّمَ حَوْزَهُ للرَّهْن وَهُوَ مقلوب عَلَى رَدِّهِ لِيَدِ صَاحِبِهِ كَالْعَبْدِ إِذَا أَبِقَ بَعْدَ الْحَوْزِ فَأَخَذَهُ الرَّاهِنُ واختُلف فِي رَهْنِ مَا أُكري هَلْ تَصِحُّ حِيَازَتُهُ أَمْ لَا؟ وَفِي الْمُدَوَّنَة: إِذا شَرط الِانْتِفَاعَ بِالرَّهْنِ لَا يَبْطُلُ الْحَوْزُ مَعَ أَنَّهُ مكتر لكنه فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ فَيَصِحُّ فِي عَقْدَيْنِ قَالَ صَاحب المتقى قَالَ أَشْهَبُ: لَا يَجُوزُ رَهْنُ الْمُشَاعِ فِي المتنقل إِلَّا بِإِذن الشَّرِيك كَالثَّوْبِ وَالسَّلَف وكل مَا لَا يَنْقَسِم لِأَنَّهُ يَمْنَعُ صَاحِبَهُ بَيْعَ نَصِيبِهِ فَإِنْ لَمْ يَأْذَنِ انْتَقَضَ الرَّهْنُ فَإِنْ أُذِنَ فَلَا رُجُوعَ وَلَا بَيْعَ إِلَّا بِشَرْطِ بَقَاءِ الْجَمِيعِ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ وَلَا يَفْسُدُ بِذَلِكَ الْبَيْعُ وَإِنْ بَعُدَ الْأَجَل لِأَنَّهُ يقدر على تسلميه كَالثَّوْبِ الْغَائِبِ إِذَا بِيعَ عَلَى الصِّفَةِ قَالَ: وَمَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ الرَّهْنَ لَا يَمْنَعُ مِنْ بَيْعِ الشَّرِيكِ نَصِيبَهُ بِأَنْ يُفْرِدَهُ بِالْبَيْعِ أَوْ يَدْعُوهُ الرَّاهِنُ إِلَى الْبَيْعِ مَعَهُ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْجَلَّابِ: يَجُوزُ رَهْنُ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ (ش) لَنَا: الْقِيَاسُ عَلَى اشْتِرَاطِ الشُّهُودِ وَلَهُ الْقِيَاسُ عَلَى الْأَجَلِ وَالثَّمَنِ بِجَامِعِ

- (فرع)

اخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأَجَلَ رَاجِعٌ إِلَى الثَّمَنِ وَهُوَ رُكْنٌ وَالْجَهْلُ بِالرُّكْنِ مُفْسِدٌ وَالرَّاهِنُ أَجْنَبِيٌّ كَالشَّاهِدِ فَإِلْحَاقُهُ بِهِ أَوْلَى 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكتاب: يجوز تمر النّخل قبل بذوّ صَلَاحِهَا إِنْ حِيزَتْ ويتولَّى الْحَائِزُ السَّقْيَ وَالْعَمَلُ وَأُجْرَةُ السَّقْيِ عَلَى الرَّاهِنِ كَنَفَقَةِ الدَّابَّةِ وَكُسْوَةِ الْعَبْدِ وكفنِه إِنْ مَاتَ وَلِلْمُرْتَهِنِ أَخْذُ النَّخْلِ مَعَهُمَا وَقَبْضُ الْأَرْضِ مَعَ الزَّرْعِ لِيَتِمَّ الْحَوْزُ وَلَا يَكُونُ رَهْنًا عِنْدَ قِيَامِ الْغُرَمَاءِ إِلَّا الثَّمَرَةَ وَالزَّرْعَ وَتَرَدَّدَ (ش) فِيهِمَا لِتَعَذُّرِ الْبَيْعِ فِي الْحَالِ أَوْ خِفَّةِ الْغَرَرِ لِرُجُوعِهِ للتوثُّق دُونَ الْحَقِّ بِخِلَافِ الْبَيْعِ يَرْجِعُ الْغَرَرُ إِلَى نَفْسِ الْمَقْصُودِ الْأَعْظَمِ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ فِي الْكِتَابِ: حِمْلُ الْأَمَةِ وَمَا تَلِدُهُ بَعْدُ وَنِتَاجُ الْحَيَوَانِ يَدْخُلُ فِي الرَّهْنِ بِخِلَافِ مَا فِي النَّخْلِ من تمر أُيّر أَمْ لَا إِلَّا أَنْ يَنْدَرِجَ لِانْدِرَاجِ الْوَلَدِ فِي البيع دون التمرة وَكَذَلِكَ غَلَّةُ الدَّوْرِ وَالْعَبِيدُ لِلرَّاهِنِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهَا الْمُرْتَهِنُ وَكَذَا صُوفُ الْغَنَمِ ولبنُها إِلَّا لِحَمْلِ نَبَاتِهِ يَوْمَ الْعَقْدِ وَمَالُ الْعَبْدِ لَا يَتْبَعُهُ كَالْبَيْعِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ فَيَنْدَرِجَ وَإِنْ كَانَ مَجْهُولا وَمَا وُهب للبعد كَمَا لَهُ موقوفٌ بِيَدِهِ إِلَّا أَنْ يَنْزِعَهُ سَيِّدُهُ وَوَافَقَنَا (ح) وَخَالَفَنَا (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ فِي النَّمَاءِ المتميز وَوَافَقَ فِي السّمن احْتج بقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَهُ غُنمه وَعَلِيهِ غُرمه الحَدِيث وَبِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الرَّهْنُ مَحْلُوبٌ وَمَرْكُوبٌ وَمَعْنَاهُ لِلرَّاهِنِ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَا يحل لَهُ الِانْتِفَاع بِالرَّهْنِ وَلِأَنَّهُ الْأَصْلُ عَدَمُ تَنَاوُلِ الْعَقْدِ لِذَلِكَ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّ الشَّيْءَ إِذَا أُضِيفَ بِاللَّامِ لِمَن يَقْبَلُ الْمِلْكَ كَانَ مَعْنَاهُ الْإِخْبَارَ عَنِ الْمِلْكِ وَلِذَلِكَ قُلْتُمْ إِنَّ الزَّكَاةَ مِلْكٌ لِلْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ فَيُفِيدُ الْحَدِيثُ أَنَّهُ مِلْكٌ لِلْغَنَمِ وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ وَعَنِ الثَّانِي بِأَنَّ اللَّبَنَ وَالرُّكُوبَ لَا يندرجان عندنَا إِنَّمَا ينْدَرج مَا تبقى عَنهُ مِمَّا تَقَدَّمَ فَنَقُولُ بِهِ

وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الدَّلِيلَ دلَّ عَلَى مُخَالَفَةِ الْأَصْلِ وَهُوَ الْقِيَاسُ عَلَى الْبَيْعِ وَالْكِتَابَةِ وَالِاسْتِيلَادِ وَالْأُضْحِيَّةِ بِأَنَّ الْوَلَدَ يَتْبَعُ تَنْبِيهٌ: هَذِهِ الْعُقُودُ الْمُتَقَدِّمَةُ انْتَقَلَ فِيهَا الْمِلْكُ فِي الْأَصْلِ فَقَوِيَ الِاسْتِتْبَاعُ وَثَمَّ عُقُودٌ لَا تُسْتَتْبَعُ لِعَدَمِ نَقْلِ الْمِلْكِ فَلَهُمُ الْقِيَاسُ عَلَيْهَا كَالْإِجَارَةِ وَالْجُعَالَةِ وَالْقِرَاضِ وَالرَّهْنُ لَمْ يَزُلِ الْمِلْكُ فِيهِ فَيَكُونَ قِيَاسُهُمْ أَوْلَى تَفْرِيعٌ: فِي الْكِتَابِ: لَمْ يَجْعَلِ الثَّمَرَ إِذَا حُمِلَ مَعَ الرَّهْنِ وَجَعَلَ الصُّوفَ الْكَامِلَ لِأَنَّ كَامِلَ الثَّمَرِ لِلْبَائِعِ وَكَامِلَ الصُّوفِ لِلْمُشْتَرِي والمرة تَكَوَّنَتْ بِنَفَقَةِ الْبَائِعِ وَعَمَلِهِ بِخِلَافِ الصُّوفِ وَقِيلَ يَلْحَقُ الثَّمَرُ الْيَابِسُ بِالصُّوفِ التَّامِّ لِأَنَّهُ إِنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الثَّمَرَ يُترك لِيَزْدَادَ طِيبًا وَالصُّوفُ كَمُلَ فَلَمَّا سَكَتَ عَنْهُ تَبِعَ فَإِذَا يَبِسَ الثَّمَرُ وسُكت عَنْهُ تَبِعَ كَسِلْعَةٍ مَعَ الرَّهْنِ قَالَ التُّونِسِيُّ: لَمْ يُجِيزُوا رَهْنَ الْوَلَدِ دُونَ أُمِّهِ وَهِيَ حَامِلٌ بِخِلَافِ مَا لَمْ يُؤبَّر مِنَ الثِّمَارِ وَلَا فَرْقَ وَأَجَازَ ابْنُ مُيَسِّرٍ رَهْنَ الْأَجِنَّةِ كَرَهْنِ مَا يَأْتِي مِنَ الْغَلَّةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ: لَوْ شَرَطَ أَنَّ مَا تَلِدُ لَيْسَ بِرَهْنٍ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ شَرْطٌ عَلَى خِلَافِ مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَيَجُوزُ رَهْنُهَا دُونَ وَلَدِهَا الصَّغِيرِ وَتُبَاعُ مَعَهُ وَهُوَ أَوْلَى بِحِصَّتِهَا وَهُوَ فِي الْفَاضِلِ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ وَفِي الْمَجْمُوعَةِ: يَجُوزُ رَهْنُ مَالِ الْعَبْدِ دُونَهُ فَيَكُونُ لَهُ مَعْلُومُهُ وَمَجْهُولُهُ يَوْمَ الرَّهْنِ إِنْ قَبَضَهُ لِجَوَازِ الْغَرَرِ فِي الرَّهْنِ وَمَا وُهب للبعد لَا يَتْبَعُهُ بِخِلَافِ مَا رَبِحَهُ فِي مَالِهِ الْمُشْتَرط لِأَنَّ الْهِبَةَ مِلْكٌ أَجْنَبِيٍّ كَمَا يَدْخُلُ فِي الْوَصَايَا رِبْحُ مَا عُلِمَ قَبْلَ الْمَوْتِ وَبَعْدَهُ دُونَ مَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَقِيلَ الْمَوْهُوبُ ل كَمَالِهِ كَمَا إِذَا بِيعَ بِالْخِيَارِ وَاشْتَرَطَ مَالَهُ انْدَرَجَ مَا وُهب لَهُ أَوْ تُصُدِّق بِهِ عَلَيْهِ أَوْ أُوصي بِهِ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ وَقَالَ أَشْهَبُ: إِنِ ارْتَهَنَ نَصِيبَكَ مِنْ رَقَبَةِ بير فغلة البير لَكَ أَوْ مِنَ الْمَاءِ فَالْغَلَّةُ لَهُ وَلَهُ أَخْذُهَا مِنَ الْحَقِّ إِنْ كَانَ قَرْضًا وَإِنْ كَانَ إِلَى أَجَلٍ وَأَمَّا مِنْ بَيْعٍ فَلْيَكُنْ ذَلِكَ بِيَدِ مَنْ كَانَ الرَّهْنُ بِيَدِهِ إِلَى الْأَجَلِ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ أَنْ يُبايعك عَلَى أَنْ يَأْخُذَ حَقَّهُ مِنَ الْمَاءِ بِجَهَالَةِ آجَالِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِنْ زُرع الزَّرْعُ بَعْدَ الْعَقْدِ فَهُوَ غَلَّةٌ أَوْ قَبْلَهُ وَبَرَزَ لَمْ يَدْخُلْ إِلَّا بِشَرْطٍ لِاسْتِقْلَالِهِ أَوْ فِيهِ وَلَمْ يَبْرُزْ دَخَلَ فِي الرَّهْنِ إِنْ قَامَ بِالْبَيْعِ

- (فرع)

قَبْلَ بُرُوزِهِ وَيَخْتَلِفُ إِذَا بَرَزَ قَبْلَ الْبَيْعِ هَلْ يَدْخُلُ فِي الرَّهْنِ وَالصُّوفُ الْحَادِثُ بَعْدَ الرَّهْنِ غَلَّةٌ إِذَا جُزَّ قَبْلَ بَيْعِ الرَّهْنِ ويُختلف إِذَا قَامَ بِالْبَيْعِ قَبْلَ جِزَازِهِ هَلْ هُوَ غَلَّةٌ أَوْ حِينَ يُغْسَلُ أَوْ حِينَ يُجز؟ قَالَ صَاحِبُ شَرْحِ الْجَلَّابِ: يَجُوزُ رَهْنُ الْمَجْهُولِ مَا لَمْ يَكُنْ فِي أَصْلِ عَقْدِ الْبَيْعِ لِتَرْكِ الْبَائِعِ جُزءاً مِنَ الثَّمَنِ لِأَجْلِهِ وَفِي شَرْحِ الْجَلَّابِ: إِذَا كَمُلَ نَبَاتُ الصُّوفِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَدْخُلُ فِي الرَّهْنِ وَقَالَ أَشهب لَا كاللبن فِي الضَّرع 3 - (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ: يَجُوزُ رَهْنُ غَلَّةِ الدَّارِ وَالْغُلَامِ وَرَهْنُ الْأُمِّ دُونَ وَلَدِهَا وَيُبَاعُ الصَّغِيرُ مَعَهَا والمرتهِن أَوْلَى بِحِصَّتِهَا مِنَ الثَّمَنِ وَرَهْنُهُ دُونَهَا وَتَكُونُ مَعَ الصَّغِيرِ عِنْدَ المرتهِن لِيُتْمَّ رَهْنَهُ وَقِيلَ لَا يُرْهَنُ حَتَّى يَبْلُغَ حَدَّ التَّفْرِقَةِ إِلَّا مَعَ أُمِّهِ قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ لِأَنَّهُ حَوْزٌ مُفْتَرَقٌ وَيَجُوزُ رَهْنُ المدَّبر ويُستوفي الدّين من خراجه وَإِن تَأَخّر الْوَفَاء على مَوْتِ السَّيِّدِ بِيعَ فِي الدَّيْنِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ مَالِكٌ: لَا يُرهن الْوَلَدُ دُونَ أُمِّهِ كَالْبَيْعِ إِنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي الْحَوْزِ بِشَرْطٍ وَيُفْسَخُ الرَّهْنُ بِخِلَافِ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ وَكُرِهَ رَهْنُهُ بِشَرْطِ جَمْعِهِمَا فِي حَوْزٍ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ كَأَنَّهُ مَالِكٌ لما كَانَ أحقَّ من الْغُرَمَاء أَو لَا لِأَنَّهُ لَا يُباع إِلَّا مَعَ أُمِّهِ فَلَا يَدْرِي الْمُرْتَهِنُ مَا يَخُصُّهُ فَهُوَ كَرَهَنِ الْغَرَرِ وَهُوَ مُخْتَلف فِيهِ فَإِن سكتا عَنِ الِاشْتِرَاطَيْنِ جُبر عَلَى الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا وَهَذَا تَفْصِيلُ مَا تَقَدَّمَ مُجملاً لِصَاحِبِ الْجَوَاهِرِ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: إِذَا ارْتَهَنْتَ مَا قِيَمَتُهُ مِائَةٌ عَلَى خَمْسِينَ لَمْ يَجُزْ رَهْنُ الْفَضْلَةِ لِغَيْرِكَ إِلَّا بِإِذْنِكَ فَتَكُونُ حَائِزًا لِلْمُرْتَهِنِ الثَّانِي فَإِنْ هَلَكَ مَا يُغاب عَلَيْهِ بَعْدَ ارْتِهَانِ الثَّانِي

- (فرع)

ضَمِنْتَ مَبْلَغَ دَينك وَكُنْتَ أَمِينًا فِي الْبَاقِي لِأَنَّكَ وَكِيلٌ لِلثَّانِي وَالْوَكِيلُ أَمِينٌ وَيَرْجِعُ الْمُرْتَهِنُ الثَّانِي بِدَيْنِهِ لِأَنَّ فَضْلَةَ الرَّهْنِ عَلَى يَدِ عَدْلٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِنَّمَا يَصِحُّ أَلَّا يَضْمَنَ الْأَوَّلُ الْفَضْلَةَ إِذَا أَحْضَرَ الثَّوْبَ وَقْتَ ارْتِهَانِ الثَّانِي أَوْ عُلم بِالْبَيِّنَةِ وُجُودَهُ حِينَئِذٍ وَإِلَّا ضَمِنَ الْجَمِيعَ لِاحْتِمَالِ تَلَفِهِ قَبْلَ ذَلِكَ وَقَالَ أَشْهَبُ: ضَمَانُهُ كُلُّهُ مِنَ الْأَوَّلِ كَمَا لَوْ كَانَ بِيَدِ الثَّانِي وَغَيْرِهِ الْمَبْدَأُ عَلَيْهِ فَضَاعَ لن يَضْمَنْهُ لِأَنَّهُ رَهْنُ الْأَوَّلِ وَإِنَّمَا لِهَذَا فَضْلَةٌ إِن كَانَت وَأما لَو رهنته لِرَجُلَيْنِ فَكَانَ عَلَى يَدِ أَحَدِهِمَا لَمْ يَضْمَنِ الَّذِي هُوَ عَلَى يَدَيْهِ إِلَّا نَصِيبَهُ وَعَنْ مَالِكٍ لَا يَصِحُّ رَهْنُ الثَّانِي حَتَّى يَحُوزَهُ لَهُ غَيْرُ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ حَازَ لِنَفْسِهِ فَلَا يَحُوزُ لِغَيْرِهِ قَالَ أَصْبَغُ: لَوْ جَعَلَهُ بِيَدِ غَيْرِ الْمُرْتَهِنِ جَازَ رَهْنُ الْفَضْلِ لِلثَّانِي وَإِنْ كَرِهَ الْأَوَّلُ إِذَا عَلِم بِذَلِكَ الْمَوْضُوعِ عَلَى يَدَيْهِ لِتَتِمَّ حِيَازَتُهُ لَهُمَا إِذْ لَا ضَرَرَ عَلَى الْأَوَّلِ إِذْ هُوَ مَبْدَأٌ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إِنَّمَا اشْتَرَطَ مَالِكٌ رِضَاهُ لِيَحُوزَ لِلثَّانِي فَإِذَا لَمْ يَرْضَ لَمْ يَقَعْ حَوْزٌ وَلَوْ كَانَ دَيْنُ الْأَوَّلِ لِسَنَةٍ ثُمَّ رَهَنَ فَضْلَتَهُ فِي آخِرِ أَشْهُرٍ عَلَى أَنَّ الْأَوَّلَ مَبْدَأٌ فَحَلَّ الْآخَرُ قَبْلَ الْأَوَّلِ قَالَ مَالِكٌ: إِنْ لَمْ يَعْلَمِ الْآخَرُ أَجَلَ الْأَوَّلِ بِيعَ الرَّهْنُ وعُجل لِلْأَوَّلِ حَقُّهُ كُلُّهُ قَبْلَ مَحَلِّهِ ويُعطى الثَّانِي مَا فَضَلَ فِي دَيْنِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَهَذَا إِنْ بِيعَ بِعَيْنٍ أَوْ بِمَا يُقضى بِمِثْلِهِ وَحَقُّ الْأَوَّلِ مِثْلُهُ فَأَمَّا بِعَرْضٍ وَالدَّيْنُ مِثْلُهُ أَوْ بِدَنَانِيرَ وَالدَّيْنُ دَرَاهِمُ أَوْ بِطَعَامٍ مُخَالِفٍ لِمَا عَلَيْهِ فَيُوضَعُ لَهُ رَهْنٌ إِلَى حُلُولِ حَقِّهِ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ: عَلِم الْأَوَّلُ أَنَّ حَقَّ الثَّانِي يَحِلُّ قَبْلَهُ أَمْ لَا فَإِنَّهُ إِنْ بِيعَ بِمِثْلِ حَقِّهِ عُجّل لَهُ لتقدُّم حَقِّهِ وَعَنْهُ أَيْضًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ حَقُّهُ طَعَامًا مِنْ بَيْعٍ فَيَأْبَى أَنْ يَتَعَجَّلَهُ فَذَلِكَ لَهُ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: إِنْ حَلَّ أَجَلُ الثَّانِي وَلَيْسَ فِيهِ فَضْلَةٌ لَمْ يَدْفَعْ إِلَّا إِلَى أَجَلِ الْأَوَّلِ أَوْ فِيهِ فضلٌ بِيعَ الْآنَ وعُجّل لِلْأَوَّلِ حَقُّهُ وَأَخَذَ الثَّانِي مَا فَضَلَ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَمَنْ رَهَنَ وَاشْتَرَطَ لِلرَّاهِنِ فِيهِ مِائَةً مُبْدَأَه فَيَمُوتُ الرَّاهِنُ أَوْ يُفلس يُبدأ الْغُرَمَاءُ بِتِلْكَ الْمِائَةِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَمْتَنِعُ هَذَا الرَّهْنُ لِمُخَالَفَتِهِ قَاعِدَةَ الرُّهُونِ بِتَبْدِئَةِ الرَّاهِنِ إِذِ الْقَاعِدَةُ تبدئُه الْمُرْتَهِنِ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: إِذَا شَرَطَ الْمُرْتَهِنُ مَنْفَعَةَ الرَّهْنِ وَالدَّيْنُ قَرْضٌ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ قَرْضٌ لِلنَّفْعِ أَوْ م بَيْعٍ وَشَرَطَ لِلرَّاهِنِ أَجَلًا مُعَيَّنًا جَازَ فِي الدُّورِ وَالْأَرَضِينَ وَكُرِهَ فِي

فرع

الْحَيَوَانِ وَالثِّيَابِ إِذْ لَا يَدْرِي كَيْفَ تَرْجِعُ إِلَيْهِ قَالَهُ مَالِكٌ وَأَجَازَ ذَلِكَ كُلَّهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ عَلَى التَّعْلِيلِ بِالتَّغْيِيرِ يُمْنَعُ رَهْنُ الثَّمَرِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ وَالْآبِقُ فِي البيع وَفِي كتاب الْحمالَة: إِذْ وَقَعَ فِي الْبَيْعِ حَمَالَةُ غَرَرٍ فَسَدَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيَجُوزُ الْبَيْعُ عِنْدَ أَصْبَغَ وَقَدْ قِيلَ إِذَا رَهَنَ مِنْ ذِمِّيٍّ خَمْرًا فِي الْبَيْعِ لَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ وَتُرَدُّ الْخَمْرُ لِلذِّمِّيِّ فَلَوْ غُفِلَ عَنْهَا حَتَّى تَخَلَّلَتْ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا تَوْفِيَةً بِالْعَقْدِ فَإِنْ بَاعَ الرَّهْنَ الْمُشْتَرَطَ منفعَته وَهُوَ مِمَّا يُغَاب عَلَيْهِ قبل يضمنهُ لِأَنَّهُ رهن يُغَاب عَلَيْهِ وَقبل لَا كَالْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ وَهُوَ مُسْتَأْجَرٌ وَقِيلَ يَنْظُرُ مَا يَنْقُصُ بِالْإِجَارَةِ إِنْ كَانَ يَوْمًا مَثَلًا اسْتُؤْجِرَ شَهْرًا فَقِيلَ يُنْقَصُ الرُّبُعُ فَرُبُعُهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ فَإِنْ قَامَ بِدَعْوَى الضَّيَاعِ سَقَطَ ضَمَانُ ذَلِكَ الْقَدْرِ وَإِنْ لَمْ يَقُمْ إِلَّا عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ لَا يَضْمَنُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الضَّيَاعَ قَبْلَ قِيَامِهِ لِلتُّهْمَةِ وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الضَّمَانِ وَأَجَازَ فِي الْكِتَابِ إِجَارَةَ الْمُصْحَفِ فَيَجُوزُ اشْتِرَاطُ مَنْفَعَتِهِ قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُوَسِّعَ لَهُ فِي الِانْتِفَاعِ بَعْدَ تَمَامِ الْبَيْعِ وَلَا بَعْدَ الِارْتِهَانِ لِأَنَّهُ رِشْوَةٌ لِرَبِّ الدَّيْنِ لِيُؤَخِّرَ عَنْهُ دَيْنَهُ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكتاب: لَا يبرهن مَا لَا يعرف بِعَيْنِه من طَعَام وَغَيره مِنَ الْمِثْلِيَّاتِ إِلَّا أَنْ يُطْبَعَ عَلَيْهِ خَشْيَةَ انْتِفَاعِ الْمُرْتَهِنِ وَيُرَدُّ مِثْلُهُ وَلَا يُطْبَعُ عَلَى الْحُلِيِّ حَذَرًا مِنَ اللُّبْسِ كَمَا يُفْعَلُ ذَلِكَ فِي سَائِرِ الْعُرُوضِ لِأَنَّهُ يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَجَوَّزَ الأيمة الْكُلَّ مُطْلَقًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَعَنْ أَشْهَبَ يُمْتَنَعُ رَهْنُ الدَّنَانِيرِ بِغَيْرِ طَبْعٍ فَإِنْ فَعَلَ طَبَعَ عَلَيْهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا يَفْسُدُ الرَّهْنُ وَلَا الْبَيْعُ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْفَسَادِ وَمَا بِيَدِ أَمِينٍ لَا يُطْبَعُ عَلَيْهِ وَمَا أَرَى ذَلِكَ عَلَيْهِ فِي الطَّعَامِ وَالْإِدَامِ وَمَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَلَوِ اعْتُبِرَتِ التُّهْمَةُ مُطْلَقًا اطَّرَدَتْ فِي الْحلِيّ لجَوَاز لبسه فِي الْعِيد. 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: لَا يَرْهَنُ مُسْلِمٌ مِنْ ذمِّي خمرًا وَلَا خنزيراً وَقَالَ الأيمة لِأَنَّهُ

- (فرع)

لَا يَسْتَوْفِي مِنْهُ الْحَقَّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ: إِنْ قَبَضَهُ ثُمَّ فَلَسَ الذِّمِّيُّ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ لِبُطْلَانِ الْحَوْزِ شَرْعًا إِلَّا أَنْ يَتَخَلَّلَ وَلَوْ أَرَادَ الْمُسْلِمُ إِيقَافَ الْخَمْرِ بِيَدِ النَّصْرَانِيِّ أُرِيقَتْ وَلَا يَلْزَمُهُ إِخْلَافُ الرَّهْنِ لِصُدُورِهِ عَلَى مُعَيَّنٍ وَإِنِ ارْتَهَنَ مُسْلِمٌ عَصِيرًا فَصَارَتْ خَمْرًا دَفَعَهَا لِلسُّلْطَانِ فَتُرَاقُ إِنْ كَانَ الرَّاهِنُ مُسْلِمًا وَإِلَّا رُدَّتْ لِلذِّمِّيِّ لِأَنَّ مِلْكَهُ مَعْصُومٌ فِيهَا 3 - (فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ حَمْلٍ فِي الرَّهْنِ وَلَيْسَ بِالْبَيِّنِ لِامْتِنَاعِ الْغَرَرِ فِي الْبَيْعِ دُونَ الرَّهْنِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُعَلَّلَ بِأَنَّهُ لَمَّا امْتَنَعَ الْجَنِينُ دُونَهَا اتِّبَاعًا لِلْعَمَلِ بِغَيْرِ قِيَاسٍ امْتَنَعَتْ دُونَهُ بِغَيْرِ قِيَاسٍ وَالْقِيَاسُ الْجَوَازُ فِيهِمَا كَالثَّمَرَةِ الَّتِي لَمْ تُؤَبَّرُ دُونَ أَصْلِهَا وَأَصْلُهَا دُونَهَا 3 - (فَرْعٌ) قَالَ: أَرْشُ جِرَاحِ الْعَبْدِ يَدْخُلُ فِي الرَّهْن اتِّفَاقًا لِأَنَّهَا بدل جزئه وَمَا نتقص قِيمَتِهِ كَالْمَأَمُومَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ وَالْجَائِفَةِ وَالْمُوَضِّحَةِ فَلِلسَّيِّدِ إِلَّا أَنْ يُنْقِصَ ذَلِكَ قِيمَتَهُ فَلِلْمُرْتَهِنِ أَخْذُ الْيَسِيرِ بِقَدْرِ مَا نَقَصَتْ قِيمَتُهُ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ: إِذَا بِعْتَ بَقَرَةً إِلَى شَهْرٍ وَارْتَهَنْتَ عَبْدًا عَلَى أَنْ تَأْخُذَ كُلَّ يَوْمٍ غَلَّتَهُ دِرْهَمًا مِنَ الثَّمَنِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ بَيْعٌ بِثَمَنٍ غَرَرٍ إِلَّا أَنْ يَضْمَنَ السَّيِّدُ إِنْ تَعَذَّرَ دَفْعُهُ مِنْ قَبْلِهِ أَوْ يَتَطَوَّعَ بِالرَّهْنِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَيَجُوزُ وَيَجُوزُ فِي السَّلَفِ مُطْلَقًا إِلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ بِذَلِكَ عَلَى أَنْ يُرَدَّ عَلَيْهِ الْعَبْدُ فَيُمْنَعَ فِي الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ وَإِنْ ضَمِنَهُ السَّيِّدُ 3 - (88 قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَمْتَنِعُ أَنْ تَرْتَهِنَ) قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَمْتَنِعُ أَنْ تَرْتَهِنَ دَيْنًا عَلَيْكَ فِي ثَمَنِ سِلْعَةٍ بِعَيْنِهَا إِلَى أَجَلٍ أَبْعَدَ مِنْ أَجْلِ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الدَّيْنِ بَعْدَ حُلُولِهِ.

- (فرع)

سَلَفٌ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ وَضْعَ الدَّيْنِ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَفَاتَتِ السِّلْعَةُ فَالْأَقَلُّ مِنَ الْقِيمَةِ أَوِ الثَّمَنِ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ: لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الرَّهْنُ مِلْكًا لِلرَّاهِنِ بَلْ يَسْتَعِيرُ لِيَرْهَنَ وَقَالَهُ (ش) فَإِنِ اسْتَوْفَى مِنْ ثَمَنِ الرَّهْنِ الْمُعَارِ رَجَعَ الْمُعِيرُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِقِيمَةِ الْمَرْهُونِ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ الْعَيْنَ فَيَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا وَقَالَ أَشْهَبُ و (ش) بَلْ بِمِثْلِ مَا أُدِّيَ عَنْهُ مِنْ ثَمَنِهِ لِأَنَّ عَقْدَ الْعَارِيَةِ يَنْقُلُ مَنْفَعَةَ الْعَيْنِ وَالْمَنْفَعَةُ هَاهُنَا التَّوَثُّقُ وَوَفَاءُ الدَّيْنِ فَيَضْمَنُ الدَّيْنَ وَاشْتَرَطَ (ش) عِلْمَ الْمُعِيرِ بِقَدْرِ الدَّيْنِ وَجِنْسِهِ وَمَحَلِّهِ لِامْتِنَاعِ ضَمَانِ الْمَجْهُولِ عِنْدَهُ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: فَلَوْ فَضَلَتْ مِنَ الدَّيْنِ فَضْلَةٌ بَعْدَ قَضَاءِ السُّلْطَانِ بِالْبَيْعِ وَالْوَفَاءِ فَأَوْقَفَهَا فَضَاعَتْ فَمِنْ رَبِّهَا وَلَيْسَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ إِلَّا مَا قُضِيَ عَنْهُ فَلَوْ هَلَكَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ لَا يَتْبَعُ الْمُعِيرُ الْمُسْتَعِيرَ بِقِيمَتِهِ إِنْ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ تَحْتَ يَدِ غَيْرِهِ وَقَاصَّ الْمُسْتَعِيرُ الْمُرْتَهِنَ كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَلَا قِيمَةَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَلَا عَلَى الْمُسْتَعِيرِ وَلَوْ أَعَرْتَهُ عَبْدًا لِيَرْهَنَهُ فِي دَرَاهِمَ فَرَهَنَهُ فِي طَعَامٍ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهُ لِتَعَدِّيهِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَيَكُونُ هُنَا فِي عَدَدِ الدَّرَاهِمِ الَّتِي رَهَنَ بِهَا رَبَّهُ تَمَسُّكًا بِأَصْلِ الْإِذْنِ وَعُمُومِهِ وَإِنْ تَعَذَّرَ خُصُوصُهُ وَفِي الْكِتَابِ: لَوْ كَانَ " عَبْدًا " فَأَعْتَقَهُ الْمُعِيرُ وَأَنْتَ مَلِيءٌ بَعْدَ الْعِتْقِ عَجَّلْتَ الدَّيْنَ لِرَبِّهِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنَ الدَّيْنِ فَلَا يَلْزَمُكَ إِلَّا تَعْجِيلُ قِيمَتِهِ وَيَرْجِعُ عَلَيْكَ الْمُعِيرُ بِذَلِكَ بَعْدَ أَجَلِ الدَّيْنِ لَا قَبْلَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ مَالِكٍ: إِذَا بِيعَتِ الْعَارِيَةُ يَتْبَعُهُ بِقِيمَتِهَا وَقَوْلُ مَالِكٍ فِي الْكِتَابِ ضَمِنْتَ قِيمَتَهَا يُرِيدُ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُ الْمُرْتَهِنَ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ إِذَا رَهَنَ فِي عَيْنِ الْمُسْتَعَارِ لَهُ إِذَا أَقَرَّ لَهُ الْمُسْتَعِيرُ بِذَلِكَ وَخَالَفَهُمَا الْمُرْتَهِنُ وَامْتَنَعَ الْمُعِيرُ مِنَ الْحَلِفِ فَيَكُونُ رَهْنُهُ رَهْنًا فِيمَا أَقَرَّ بِهِ فَإِنْ نكل ضمن تعديه وَقَوْلُهُ فِي الْعِتْقِ خَالَفَهُ أَشْهَبُ وَقَالَ يَحْلِفُ الْمُعِيرُ مَا أَعْتَقَهُ لِيُؤَدِّيَ الدَّيْنَ وَيَبْقَى رَهْنُهُ حَتَّى يَقْبِضَ مِنْ ثَمَنِهِ إِنْ بِيعَ أَوْ يَفِيَ فَيَنْفُذُ الْعِتْقُ فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ

فرع

الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ أَوِ الدَّيْنُ وَنَفَذَ الْعِتْقُ وَلَمْ يَرَهُ مِثْلَ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ نَفْسُهُ يَعْتِقُ عَبْدُهُ بَعْدَ رَهْنِهِ بَلْ مِثْلُ مَنْ أُعْتِقَ بَعْدَ الْجِنَايَةِ وَالْفَرْقُ أَنَّهَا أَخْرَجَتْهُ مِنْ مِلْكِ رَبِّهِ إِلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ وَالْعَارِيَةُ بَاقِيَةٌ على مَالك رَبِّهَا 3 - (فَرْعٌ) فِي الْجَلَّابِ: إِذَا اشْتَرَطَ أَنَّ الْمَبِيعَ رَهْنٌ بِالثَّمَنِ لِأَجْلِهِ جَازَ إِلَّا فِي الْحَيَوَان لِأَنَّهُ مَبِيع يتَأَخَّر قَبْضِهِ وَالْحَيَوَانُ سَرِيعُ التَّغَيُّرِ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ: وَمَتَى كَانَ الْأَجَلُ تَتَغَيَّرُ فِي مِثْلِهِ السِّلْعَةُ امْتَنَعَ لِلْغَرَرِ وَبَيْعِ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ وَيَجُوزُ فِي الْحَيَوَانِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِلْأَمْنِ عَلَيْهِ غَالِبًا فِي ذَلِكَ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْبَيَانِ: لَكَ أَذْهَابٌ لِآجَالٍ مُخْتَلِفَةٍ فَبِعْتَهُ عَلَى أَنْ يُرْهَنَ بِالثَّمَنِ وَالْأَذْهَابِ وَيَتَّحِدُ أَجَلُهَا يَمْتَنِعُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ لِأَنَّهُ إِنْ شَرَطَ الْحُلُولَ أَوْ أَقْرَبَ الْآجَالِ فَالْمُبْتَاعُ الْمُسَلَّفُ أَوْ أَبْعَدَهَا وَمُؤَخَّرَةٌ كُلُّهَا فَالسَّلَفُ مِنَ الْبَائِعِ وَلَوْ بَقَّاهَا عَلَى آجَالِهَا وَكَذَلِكَ يَمْتَنِعُ إِنْ دَفَعَتْ لَهُ شَيْئًا أَوْ أَسْقَطَتْ عَنْهُ بَعْضَ الدَّيْنِ لِيَرْهَنَ لِأَنَّكَ فِي الْبَيْعِ أَسْقَطْتَ بَعْضَ الثَّمَنِ لِأَجْلِ الرَّهْنِ وَعَنْ مَالِكٍ جَمِيعُ ذَلِكَ جَائِزٌ وَهُوَ الْأَظْهَرُ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ: ابْتَاعَ عَلَى أَنْ يَتْرُكَ الْمَبِيعَ رَهْنًا بِثَمَنِهِ إِلَى أَجَلِ الثَّمَنِ امْتَنَعَ وَإِنْ جَعَلَهُ بِيَدِ أَجْنَبِيٍّ جَازَ لِأَنَّهُ اشْتَرَى شَيْئًا لَا يَدْرِي مَتَى يَقْبِضُهُ وَلَعَلَّهُ يَطُولُ مُدَّةً طَوِيلَةً وَجَوَّزَهُ ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْعَقَارِ أَنْ يَبْقَى بِيَدِ الْبَائِعِ بِخِلَافِ الْعَبْدِ إِلَّا أَنْ يُوضَعَ عَلَى يَدِ أَجْنَبِيٍّ فَأَجَازَهُ ابْنُ الْجَلَّابِ فِي غَيْرِ الْحَيَوَانِ وَلَمْ يُرَاعَ مَنْ يُوضَعُ عَلَى يَدِهِ وَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَصَّارِ مُطْلَقًا كَمَا لَوْ رَهَنَهُ غير مَبِيع 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكتاب: إِذا أرهنت عَبْدَهُ مَيْمُونًا فَفَارَقْتَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ لَكَ أَخْذُهُ مَا لم

- (فرع)

يَقُمِ الْغُرَمَاءُ فَتَكُونُ أُسْوَتَهُمْ فَإِنْ بَاعَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ مَضَى الْبَيْعُ وَلَيْسَ لَكَ مُطَالَبَتُهُ بِرَهْنِ غَيْرِهِ لِأَنَّ تَرْكَكَ إِيَّاهُ حَتَّى بَاعَهُ كَبَيْعِكَ إِيَّاهُ وَبَيْعَكَ إِيَّاهُ مَاضٍ بِخِلَافِ لَوْ شَرَطْتَ رَهْنًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَلَمْ يُجِزْهُ لَكَ نَقْضُ بَيْعِكَ وَتَرْكُهُ بِغَيْرِ رَهْنٍ وَهَذَا إِذَا سَلَّمْتَ السّلْعَة الْمَبِيعَة فَإِن لن تدفعها فَبَاعَ المُشْتَرِي الرَّهْن قَبْلَ الْقَبْضِ أَنَّهُ لَا تَكُونُ الْخِدْمَةُ رَهْنًا لِأَنَّهَا غَلَّةٌ قَالَ أَشْهَبُ: سَوَاءٌ اشْتَرَطَ رَهْنًا أَوْ حَمِيلًا يُجْبَرُ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ إِلَّا أَنْ يَعْجِزَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنِ اشْتَرَطَ عَبْدًا غَائِبًا جَازَ وَيُوقَفُ الْمَبِيعُ حَتَّى يَقْدَمَ الْعَبْدُ فَإِنْ هَلَكَ لَمْ يَكُنْ لِلرَّاهِنِ الْإِتْيَانُ برهن مَكَانَهُ إِلَّا برضى الْبَائِعِ قَالَ أَشْهَبُ: إِنْ بَعُدَتِ الْغَيْبَةُ امْتَنَعَ الْبَيْعُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الرَّهْنُ عَقَارًا أَوْ يَقْبِضَ الْمَبِيعَ لِأَنَّ الْبُعْدَ فِي بَيْعِ الْعَقَارِ لَا يَصح وَجوز فِي العَبْد الْيَوْمَيْنِ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِذَا اسْتَحَقَّ الْمُعَيَّنُ وَاتُّهِمَ أَنَّهُ غَرَّهُ حَلَفَ أَنَّهُ مَا عَلِمَ بِذَلِكَ وَإِنْ قَامَتْ بِعِلْمِهِ بَيِّنَةٌ فَعَلَيْهِ الْبَدَلُ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مَالِكٌ: إِذَا اسْتَحَقَّ بَعْضُ الثِّيَابِ الرَّهْنَ فَالْبَاقِي رَهْنٌ بِجَمِيعِ الْحَقِّ لِأَنَّ الرَّهْنَ تَعَلَّقَ الْحَقُّ بِهِ وَبِأَجْزَائِهِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِشِدَّةِ الْحَاجَةِ حِينَئِذٍ لِلتَّوَثُّقِ فَإِنْ ضَاعَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ ضَمِنَ نِصْفَهُ لِلرَّاهِنِ وَإِنْ وَضَعَهُ عَلَى يَدِ الْمُسْتَحِقِّ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَضْمَنْ لِعَدَمِ يَدِهِ عَلَيْهِ وَلَوْ غَابَ الرَّاهِنُ وَقَالَ الْمُسْتَحِقُّ يَكُونُ عَلَى يَدَيْ أَوْ عَلَى يَدِ فُلَانٍ لَمْ يَكُنْ لِلْمُرْتَهِنِ ذَلِكَ دُونَ نَظَرِ الْحَاكِمِ وَإِنِ ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ ضَيَاعَهُ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ ضَمِنَ نَصِيبَ الرَّاهِنِ وَضَمَّنَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ نَصِيبَ الْمُسْتَحِقِّ وَقِيلَ يَحْلِفُ لَقَدْ ضَاعَ وَيَبْرَأُ قَالَ مَالِكٌ: فَإِنْ قَالَ الْمُسْتَحِقُّ أَنا أبيع نَصِيبي فلبيع الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ مَعَهُ وَلَا يُسَلَّمِ الْمُرْتَهَنَ فَيَكُونَ ثَمَنُهُ رَهْنًا فِي يَدِهِ بِجَمِيعِ حَقِّهِ وَقَالَ أَشْهَبُ: إِنْ بِيعَ قَبْلَ الدَّيْنِ يُعَجَّلُ ذَلِكَ الثَّمَنُ مِنْ دَيْنِهِ لِعَدَمِ انْتِفَاعِ الرَّاهِنِ بِإِيقَافِهِ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ الرَّاهِنُ بِرَهْنٍ آخَرَ أَوْ يَقُولَ آتِي بِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَوْ يَكُونَ الدَّيْنُ مُخَالِفًا لِمَا بِيعَ فَلَا يُعَجَّلُ

- (فرع)

3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ رَهْنُ جُلُودِ السِّبَاعِ الْمُذَكَّاةِ وَبَيْعُهَا دُبِغَتْ أَمْ لَا لِذَهَابِ الْفَضَلَاتِ الْمُسْتَقْذَرَةِ الْمُوجِبَةِ لِلنَّجَاسَةِ وَمَنْعِ الْبَيْعِ بِالذَّكَاةِ وَتُمْنَعُ جُلُودُ الْمَيْتَةِ وَبَيْعُهَا لِمَا فِي الصَّحِيحِ آخِرُ مَا كَتَبَ بِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ لَا يُنْتَفَعَ مِنَ الْمِيتَةِ بِشَيْءٍ. وَيَجُوزُ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ كَزَرْعٍ أَوْ ثَمَرٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ فَإِنْ مَاتَ الرَّاهِنُ قَبْلَ أَجْلِ الدَّيْنِ وَلَمْ يَبْدُ صَلَاحُ الزَّرْعِ أَوِ الثَّمَرِ فَحَلَّ الدَّيْنُ الَّذِي عَلَيْهِ عُجِّلَ مِنْ مَالِهِ وَيُسَلَّمُ الرَّهْنُ لِرَبِّهِ وَإِنْ لَمْ يَدَعْ مَالًا انْتُظِرَ وَقْتُ جَوَازِ بَيْعِ الزَّرْعِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ: جَوَازُ ارْتِهَانِ الْغَلَّاتِ بِخِلَافِ الْأَجِنَّةِ قَالَ مُحَمَّدٌ: يَجُوزُ الْبَعِيرُ الشَّارِدُ وَالْعَبْدُ الْآبِقُ إِنْ قَبَضَهُ قَبْلَ مَوْتِ صَاحِبِهِ أَوْ فَلَسِهِ خِلَافًا لِ (ش) لِأَنَّ الثَّمَنَ بِإِزَاءِ الْمَبِيعِ وَالرَّهْنُ لَمْ يُبَدَّلْ بِهِ ثَمَنٌ فَلَا يَضُرُّ الْغَرَرُ فِيهِ لِعَدَمِ إِخْلَالِهِ بِالْمَالِيَّةِ الَّذِي هُوَ عِلَّةُ الْمَنْعِ وَفِي مَوْرِدِ النَّصِّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: يَجُوزُ ارْتِهَانُ مَا تَلِدُ هَذِهِ الْجَارِيَةُ أَوْ هَذِهِ الْغَنَمُ وَجَوَّزَ أَحْمَدُ بْنُ مُيَسِّرٍ الْأَجِنَّةَ كَالْآبِقِ وَكَرِهَهُ ابْتِدَاءً قَالَ اللَّخْمِيُّ الْأَعْيَانُ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ: مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَمِلْكُهُ فَيَجُوزُ رَهْنُهُ مُطْلَقًا شُرِطَ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ أَمْ لَا؛ وَمَا يَجُوزُ مِلْكُهُ وَيَمْتَنِعُ بَيْعُهُ لِعُذْرٍ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ كَالثَّمَرِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ وَالْآبِقِ وَالشَّارِدِ وَالْجَنِينِ فَيَجُوزُ رَهْنُهُ فِي أَصْلِ الْقَرْض وَبعد تقرره فِي الذِّمَّة فِي الْبَيْعِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَاخْتُلِفَ فِيهِ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ وَمَا يَجُوزُ مِلْكُهُ وَيَمْتَنِعُ بَيْعُهُ لَا لِعُذْرٍ كَأُمِّ الْوَلَدِ وَجُلُودِ الْمَيْتَةِ قَبْلَ الدِّبَاغِ وَعِظَامِ الْفِيلِ وَمَا لَا يُمَلَّكُ كَالْخَمْرِ وَالسُّمِّ وَنَحْوِهِمَا فَهَذَانِ لَا يُرْهَنَانِ لِامْتِنَاعِ الْبَيْعِ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَمَا اخْتُلِفَ فِي جَوَازِ بَيْعِهِ كَجُلُودِ الْمَيْتَةِ بَعْدَ الدِّبَاغِ وَجُلُودِ السِّبَاعِ قَبْلَ الدِّبَاغِ وَبَعْدَهُ وَالْكَلْبِ الْمَأْذُونُ فِيهِ فَمَنْ جَوَّزَ بَيْعَهَا جَوَّزَ رَهْنَهَا وَمَنْ لَا فَلَا وَإِنْ رَهَنَ خدمَة الْمُدبر مُدَّة مَعْلُومَة يجوز بيعهَا ليواجر الْمُرْتَهِنُ تِلْكَ الْمُدَّةَ جَازَ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ جَمِيعِ خِدْمَتِهِ جَازَ بَعْدَ الْعَقْدِ وَاخْتُلِفَ إِنْ رَهَنَ فِي الْعَقْدِ وَإِنْ رَهَنَ رَقَبَتَهُ عَلَى إِنْ مَاتَ الرَّاهِنُ وَلَا

- (فرع)

مَالَ لَهُ بَيِعَ وَكَانَ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ فَعَلَى الْخِلَافِ فِي رَهْنِ الْغَرَرِ لِأَنَّهُ لَا يُبَاعُ لَهُ الْآنَ وَلَا يُدْرَى مَتَى يَمُوتُ السَّيِّدُ وَهَلْ يَبْقَى الْمُدَبَّرُ أَمْ لَا وَإِنْ رَهَنَ رَقَبَتَهُ لِيُبَاعَ الْآنَ امْتَنَعَ وَيُخْتَلَفُ هَلْ يَعُودُ حَقُّهُ فِي الْخِدْمَةِ وَتُبَاعُ لَهُ وَقْتًا بَعْدَ وَقْتٍ حَسَبَ مَا يَجُوزُ مَنْ بِيعِهَا وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيمَنْ رَهَنَ دَارًا ثُمَّ أَظْهَرَ أَنَّهَا حَبْسٌ فَقِيلَ لَا شَيْءَ لَهُ مِنْ غَلَّتِهَا لِأَنَّهُ إِنَّمَا رَهَنَهُ الرَّقَبَةَ وَقِيلَ يَكُونُ لَهُ مَا يَصِحُّ لِلرَّاهِنِ مِلْكُهُ وَهُوَ الْمَنَافِعُ الْمُحْبَسَةُ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْمُدَبَّرُ وَاخْتُلِفَ فِي رَهْنِ الْغَرَرِ وَالْجَهَالَةِ إِلَى أَجَلٍ غَيْرِ مُحَقَّقٍ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ فَمُنِعَ لِأَنَّ لَهُ حِصَّةً مِنَ الثَّمَنِ وَأُجِيزَ لِخُرُوجِ ذَلِكَ عَنْ أَرْكَانِ الْعَقْدِ وَيَجْرِي ثَالِثٌ أَنَّهُ إِنْ رَضِيَ الْبَائِعُ بِإِسْقَاطِهَا جَازَ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ إِنْ رَهَنَهُ عَلَى أَنَّهُ إِنْ مَضَتْ سَنَةٌ خَرَجَ مِنَ الرَّهْنِ لَا يَكُونُ رَهْنًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَيخْتَص بِهِ الرَّاهِنُ دُونَ الْغُرَمَاءِ لِفَسَادِهِ بِالشَّرْطِ الْمُخَالِفِ لِعَقْدِ الرَّهْنِ الرُّكْنُ الثَّالِثُ الْمَرْهُونُ بِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ: لَهُ شَرْطَانٌ: الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنَ الرَّهْنِ فَلَا يُرْهَنُ فِي عَيْنٍ مُشَارٍ إِلَيْهَا وَلَا مَنَافِعَ مُعَيَّنَةٍ وَحَيْثُ وَقَعَ فِي الْمَذْهَبِ فِي مُعَيَّنٍ فَالْمُرَادُ قِيمَتُهُ كَمَا وَقَعَ فِي الْعَارِيَةِ فَفَصَلَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَضَمَانُ الْقِيمَةِ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ دُونَ مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ الشَّرْطُ الثَّانِي: اللُّزُومُ أَوِ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ كَالْجُعْلِ بَعْدَ الْعَمَلِ وَقَالَ (ش) يَجُوزُ فِي كُلِّ ذِي لَازِمٍ دُونَ الْمَجْهُولِ ودية الْعَاقِلَة قبل حول الْحَوْلِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ صِفَاتِ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ عِنْد الْحول مِنَ الْغِنَى وَغَيْرِهِ وَدُونَ الْقِصَاصِ وَالْقَذْفِ لِتَعَذُّرِ أَخذهَا من الرَّهْن وَدين الْكِتَابَة خلاف لِ (ح) لِأَنَّ عِوَضَ دَيْنِ الْكِتَابَةِ الرَّقَبَةُ وَعَمَلُ الْإِجَارَةِ لِتَوَقُّعِ الْفَسْخِ وَلَا قَبْلَ عَقْدِ الْبَيْعِ بَلْ إِنَّمَا يَجُوزُ مَعَ الْمُقَارَنَةِ خِلَافًا لَنَا وَ (ح) لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلدَّيْنِ عِنْدَهُ فَلَا يَكُونُ قَبْلَهُ كَالْخِيَارِ وَالْأَجَلِ وَمَنَعُهُ فِي الْأَعْيَان

كَالْمَغْصُوبِ وَالْمَسْرُوقِ وَالْعَارِيَةِ وَنَحْوِهَا لِأَنَّ الْوَاجِبَ الْقِيمَةُ عِنْدَ التَّلَفِ فَهُوَ رَهْنٌ قَبْلَ الْحَقِّ وَجَوَّزَهُ (ح) وَفِي التَّلْقِينِ: يَصِحُّ قَبْلَ الْحَقِّ وَبَعْدَهُ وَمَعَهُ وَوَافَقَنَا فِي أَنَّهُ إِذَا وَقَعَ الْقَبْضُ لَزِمَ وَصَارَ رَهْنًا بِذَلِكَ الشَّرْطِ الْمُتَقَدِّمِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَكُونُ رَهْنًا لِأَنَّ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَتَحَقَّقُ رَهْنٌ عِنْدَهُ وَلَا عِنْدَ (ش) لِأَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ بِالْقَوْلِ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لَنَا وَعِنْدَ (ش) اتِّصَالُ الْقَبْضِ بِمَا اشْتَرَطَ قَبْلَ الْعَقْدِ لَا يُصَيِّرُهُ رَهْنًا لِفَسَادِ الْأَصْلِ عِنْدَهُ فَالْحَاصِلُ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ مُوَافِقٌ لَنَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إِنَّمَا خَالَفَنَا فِي انْعِقَادِ الرَّهْنِ بالْقَوْل فعندنا يلْزم التَّسْلِيم فِي هَذِه الصُّور كُلِّهَا وَيُقْضَى بِهِ وَعِنْدَهُمَا لَا لَنَا: قَوْله تَعَالَى {رهان مَقْبُوضَة} وَلَمْ يُفَرِّقْ لَا يُقَالُ تَقَدَّمَ فِي صَدْرِ الْآيَة {إِذا تداينتم بدين} فَمَا صَرَّحَ بِمَشْرُوعِيَّةِ الرَّهْنِ إِلَّا بَعْدَ تَحَقُّقِ الدَّيْنِ لِأَنَّا نَقُولُ: وَقَدْ صَرَّحَ بِالسَّفَرِ وَعَدَمِ الْكَاتِبِ وَقَدْ سَقَطَا عَنِ الِاعْتِبَارِ فَيَسْقُطُ اعْتِبَارُ تَقَدُّمِ الدَّيْنِ بِالْقِيَاسِ عَلَيْهِمَا وَالْجَامِعُ أَنَّ الْكُلَّ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَإِنَّ الْغَالِبَ وُقُوعُهُ بَعْدَ الدَّيْنِ فَلَا يَكُونُ لَهُ مَفْهُومٌ إِجْمَاعًا وَيَتَأَكَّدُ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ فَإِنْ قِيلَ: يَصِحُّ إِنْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَلَا يَصِحُّ إِنْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَقَدْ رَهَنْتُكَ فَعَلِمْنَا اخْتِلَافَ النَّاسِ فِي قَبُولِ التَّعْلِيقِ قُلْنَا: لَا يَقْبَلُ الطَّلَاقُ عِنْدَنَا هَذَا التَّعْلِيقَ بَلْ يَتَنَجَّزُ الطَّلَاقُ وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ مِنْ أَصْحَابِنَا مُقْتَضَى أُصُولِنَا صِحَّةُ التَّعْلِيقِ الْمَذْكُورِ فِي الرَّهْنِ فَلَا شَيْءَ مِمَّا ذَكَرْتُمُوهُ أَوْ نَقُولُ عَقْدٌ فَيَلْزَمُ مَعَ تَعْلِيقِهِ عَلَى الشَّرْطِ كَالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ وَغَيْرِهِمَا وَلِأَنَّ مَقْصُودَ الرَّهْنِ اسْتِيفَاءُ الْحَقِّ عِنْدَ تَعَذُّرِهِ وَتَعَذُّرُهُ مُسْتَقْبَلٌ فَيَتَعَلَّقُ عَلَى مُسْتَقْبَلٍ آخَرٍ وَهُوَ أَصْلُ الْمُعَامَلَةِ إِلْحَاقًا لِأَحَدِ الْمُسْتَقْبَلَيْنِ بِالْآخَرِ أَوْ نَقُولُ: لَوْ قَالَ

فرع

أَلْقِ مَتَاعَكَ فِي الْبَحْرِ وَعَلَيَّ دَرَكُهُ وَإِنْ جَاءَ مَتَاعِي غَدًا فَاقْبِضْهُ صَحَّ إِجْمَاعًا مَعَ التَّعْلِيقِ عَلَى أَمْرٍ مُسْتَقْبَلٍ اتِّفَاقًا فَيَجُوزُ هَاهُنَا كَمَا صَحَّ فِي ضَمَانِ الدَّرْكِ أَوَّلًا وَفِي الْوَدِيعَةِ ثَانِيًا أَوْ قِيَاسًا عَلَى مَا إِذَا شَرَطَهُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ أَوْ قِيَاسًا عَلَى مَا إِذَا ضَمِنَ نَفَقَةَ زَوْجَةِ ابْنِهِ عَشْرَ سِنِين وَاحْتَجُّوا بِالْقِيَاسِ على مَا تَقَدُّمِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمَشْهُودِ بِهِ بِجَامِعِ التَّبَعِيَّةِ للحق وَالْجَوَابُ: أَنَّ مَقْصُودَ الشَّهَادَةِ الْمُشَاهَدَةُ وَحُصُولُ الْعِلْمِ وَهُوَ مُتَعَذَّرٌ قَبْلَ الْمَشْهُودِ بِهِ وَمَقْصُودُ الرَّهْنِ التَّوَثُّقُ وَهُوَ حَاصِلٌ إِذَا تَقَدَّمَ الْحَقُّ وَيَنْتَقِضُ بِضَمَانِ الدَّرَكِ الْمُتَقَدَّمِ وَبِالْوَدِيعَةِ وَالطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ وَغَيْرِهَا 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكتاب يجوز قي دَمِ الْخَطَأِ إِنْ عَلِمَ الرَّاهِنُ أَنَّ الدِّيَّةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَلَوْ ظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ وَحْدَهُ امْتَنَعَ وَلَهُ رَدُّ الرَّهْنِ وَكَذَلِكَ الْكَفَالَةُ لِأَنَّهُ خِلَافُ مَا رَضِيَ بِهِ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ إِنِ ارْتَهَنْتَ دَابَّةً عَلَى أَنَّهَا مَضْمُونَةً عَلَيْكَ لَمْ تَضْمَنْهَا لِأَنَّهَا لَا يُغَابُ عَلَيْهَا وَإِنْ رَهَنْتَهُ بِهَا رَهْنًا لَمْ يَجُزْ وَإِنْ ضَاعَ ضَمِنَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْهُ عَلَى الْأَمَانَةِ وَيَجُوزُ بالعارية الَّتِي يُغَاب عَلَيْهَا لِأَنَّهَا مَضْمُونَة 3 - (95 قَالَ إِن دعيت دينا فأعطاك بِهِ رهنا) قَالَ إِنِ ادَّعَيْتَ دَيْنًا فَأَعْطَاكَ بِهِ رَهْنًا يُغَابُ عَلَيْهِ فَضَاعَ عِنْدَكَ ثُمَّ تَصَادَقْتُمَا عَلَى بُطْلَانِ دَعْوَاكَ أَوْ أَنَّهُ قَضَاكَ ضَمِنْتَ الرَّهْنَ لِأَنَّكَ لَمْ تَأْخُذْهُ عَلَى الْأَمَانَةِ بِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَعْطَاهُ دَنَانِيرَ حَتَّى يُصَارِفَهُ بِهَا فَضَاعَتْ وَكَذَلِكَ مَا عَمِلَهُ الصُّنَّاعُ بِغَيْرِ أَجْرٍ أَوْ قَبَضَ الْمُرْتَهِنُ أَوْ وَهَبَهُ لِلرَّاهِنِ ثُمَّ ضَاعَ الرَّهْنُ ضَمِنَهُ وَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهُ عَلَى الدَّيْنِ أَوْ وَقَعَ فِي الصَّرْفِ رَهْنٌ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ جهلا أَو أَخذ رهنا بالقراض لِأَن كُلَّهُ مَمْنُوعٌ فَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَى الْأَمَانَةِ بِخِلَافِ إِعْطَائِكَ رَهْنًا لَهُ بِكُلِّ مَا أَقْرَضَ

- (فرع)

فُلَانًا قَالَ التُّونِسِيُّ قَالَ أَشْهَبُ فِي عَارِيَةِ الدَّابَّةِ بِشَرْطِ الضَّمَانِ يَصِحُّ الرَّهْنُ وَلَهُ الْكِرَاءُ وَكَأَنَّهُ آجَرَهُ إِيَّاهَا عَلَى أَنَّهَا إِنْ هَلَكَتْ ضَمَّنَهُ مَا لَا يَلْزَمُهُ فَهِيَ كَالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ وَقَالَ إِذَا تَصَادَقْتُمَا عَلَى عَدَمِ الدَّيْنِ تَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ لَا يُغَابُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَالْغَاصِبِ قَالَ: فَانْظُرْ لَوْ كَانَ قَدْ نَسِيَ اقْتِضَاءَ الدَّيْنِ ثُمَّ تَذَكَّرَ بَعْدَ الرَّهْنِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ فِي رَهْنِ الصَّرْفِ جَهْلًا هُوَ رَهْنٌ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَةِ الدَّنَانِيرِ أَوِ الدَّرَاهِمِ وَمَا زَادَ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ ورهنك بِمَا يُقْرِضُ فُلَانٌ قِيلَ يَكُونُ الرَّهْنُ بِمَا دَايَنْتَهُ مَا لَمْ يُجَاوِزْ قِيمَةَ الرَّهْنِ وَلَا يُرَاعِي مَا يُشَبَّهُ أَنْ يُدَايَنَ بِهِ بِخِلَافِ حَمَالَتِكَ بِمَا يُدَايِنُهُ لِأَنَّكَ لَمَّا أَعْطَيْتَ رَهْنًا بَيَّنْتَ لَهُ الْمِقْدَارَ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ بِجَمِيعِ الصَدَاق قبل لبِنَاء لِأَنَّ الْعَقْدَ يُوجِبُ الصَّدَاقَ كُلَّهُ فَإِنْ طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ بَقِيَ الْجَمِيعُ رَهْنًا بِالنِّصْفِ كَمَنْ قَضَى بَعْضَ الدَّيْنِ أَوْ وُهِبَ لَهُ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ: يَجُوزُ أَخْذُ دَيْنٍ عَلَى الرَّهْنِ وَيَصِيرُ رَهْنًا بِهِمَا وَمَنَعَ (ح) وَأَصَحُّ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ لَنَا: عُمُومُ الْآيَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ السُّؤَالُ عَلَيْهَا وَالْجَوَابُ الْقِيَاسُ عَلَى الْحَمَالَةِ وَالشَّهَادَةِ بِجَامِعِ التَّوَثُّقِ فَإِنْ فَرَّقَ بِأَنَّ الشَّهَادَةَ عِلْمٌ وَالْعِلْمُ لَا يَجِبُ حَصْرَ مُتَعَلِّقِهِ وَالْكَفَالَةُ ذِمَّةٌ وَهِيَ قَابِلَةٌ لِأُمُورٍ كَثِيرَةٍ وَالتَّعَلُّقِ فِي الرَّهْنِ بِعَيْنِهِ وَهُوَ لَا يَقْبَلُ الزِّيَادَةَ عَلَى قِيمَتِهِ فَإِنَّهُ يُنْتَقَضُ بِالْجِنَايَةِ الَّتِي لَا تَسَعُ رَقَبَةُ الْعَبْدِ غَيْرَهَا ثُمَّ إِذَا جَنَى جِنَايَةً أُخْرَى تَعَلَّقَتْ بِرَقَبَتِهِ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْحَقِيقَةِ إِنَّمَا هُوَ ذِمَّةُ الرَّاهِنِ وَلِأَنَّ الرَّهْنَ يَقْبَلُ النُّقْصَانَ بِبَقَائِهِ مَرْهُونًا عَلَى بَقِيَّةِ الْحَقِّ بَعْدَ قَضَاءِ الْأَكْثَرِ فَيَقْبَلُ الزِّيَادَةَ قِيَاسًا عَلَى النُّقْصَانِ احْتَجُّوا بِأَنَّ الرَّهْنَ وَجَمِيعَ أَجْزَائِهِ تَعَلَّقَ بِهِ الْحَقُّ بِدَلِيلِ لَوْ أَوْفَى أَكْثَرَ الْحَقِّ بَقِيَ الرَّهْنُ رَهْنًا بِبَقِيَّتِهِ وَلَوْ قَلَّ وَلَوْ تَلِفَ أَكْثَرُ الرَّهْنِ بَقِيَتْ بَقِيَّتُهُ مَرْهُونَة بحملة الْحَقِّ وَإِذَا كَانَ الرَّهْنُ وَأَجْزَاؤُهُ مَشْغُولَةً بِجُمْلَةِ الْحَقِّ اسْتَحَالَ أَنْ يَشْغَلَهُ غَيْرُهُ وَلِأَنَّهُ

- (فرع)

عَقْدٌ لَا يَجُوزُ مَعَ غَيْرِ الْعَاقِدِ فَلَا يَجُوزُ مَعَ الْعَاقِدِ كَالنِّكَاحِ وَلِأَنَّ الرَّهْنَ تَابِعٌ للحق فَلَا يكون تَابعا لحق آخَرَ كَحَقِّ الدَّارِ مِنَ الطَّرِيقِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ مَنْقُوضٌ بِالْعَبْدِ إِذَا جَنَى ثُمَّ جني فَإِنَّهُ يصبر مَشْغُولًا بِالْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ بَعْدَ أَنِ اشْتَغَلَ هُوَ وَأَجْزَاؤُهُ بِالْجِنَايَةِ الْأُولَى؛ وَعَنِ الثَّانِي الْفَرْقُ أَنَّ مَقْصُودَ النِّكَاحِ الْإِبَاحَةُ وَضَبْطُ النَّسَبِ وَلَا ضَبْطَ مَعَ الشَّرِكَةِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّهُ مَقْلُوبٌ عَلَيْهِمْ فَنَقُولُ تَابِعٌ أَضْعَفُ مِنَ الْمَتْبُوعِ فَيَصِيرُ تَابِعًا لِمَتْبُوعٍ آخَرَ كَمَا إِذَا تَجَدَّدَ حَوْلَ الدَّارِ دُورٌ أُخَرُ فَإِنَّ الطَّرِيقَ يَصِيرُ حَقًّا لِلْجَمِيعِ فَكَذَلِكَ الرَّهْنُ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: إِنْ تَكَفَّلْتَ عَنْهُ بِحَقٍّ وَأَخَذْتَ مِنْهُ رَهْنًا جَازَ لِأَنَّهُ آيِلٌ إِلَى حَقٍّ لَكَ عَلَيْهِ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا رَهَنَهُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ رَهْنًا صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا فَقَبَضَهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنَ الْغُرَمَاءِ لِوُقُوعِ الْبَيْعِ عَلَيْهِ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ مُحَمَّدٌ: إِذَا سَأَلْتَهُ تَأْخِيرَ دَيْنِهِ بَعْدَ الْأَجَلِ شَهْرًا وَتُعْطِيهِ رَهْنًا أَوْ حَمِيلًا امْتنع وَسَقَطت لحمالة وَيُرَدُّ الرَّهْنُ لِأَنَّهُ سَلَفٌ حَرَامٌ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: لَا يُعْطِيكَ أَجْنَبِيٌّ رَهْنًا بِكِتَابَةِ مُكَاتَبِكَ لِامْتِنَاع الْحِوَالَة بِهَا 3 - (فَرْعٌ) قَالَ: يَجُوزُ بِدَيْنَيْنِ لَكُمَا مُخْتَلِفَيْنِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا قَرْضًا بِشَرْطِ أَنْ يَبِيعَ الْآخَرُ وَيَأْخُذَ رَهْنًا لِأَنَّهُ سَلَفٌ لِنَفْعٍ وَيَجُوزُ أَنْ يُقْرِضَا مَعًا بِشَرْطِ أَنْ يَرْهَنَكُمَا لِجَوَازِ أَخْذِ الرَّهْنِ ابْتِدَاءً عَنِ الْقَرْضِ

- (فرع)

3 - (فَرْعٌ) قَالَ: إِذَا أَقْرَضْتَهُ مِائَةً أُخْرَى عَلَى أَنْ يَرْهَنَكَ بِهَا وَبِالْأَوْلَى يَمْتَنِعُ وَالرَّهْنُ بِالدَّيْنِ الْأَخِيرِ عِنْدَ قِيَامِ الْغُرَمَاءِ وَيَسْقُطُ الشَّرْطُ الْمُتَضَمِّنُ لِلْفَسَادِ وَقِيلَ: بَلْ نِصْفُهُ بِالْمِائَةِ الْأَخِيرَةِ وَتَبْطُلُ حِصَّته الْأُخَر كَمَا لَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَامْرَأَةَ غَيْرِهِ وَقَدْ أَجَازَ أَشْهَبُ أَسْقِطْ عَنِّي بَعْضَ الدَّيْنِ عَلَى أَنْ أُعْطِيَكَ رَهْنًا أَوْ أَبِيعَكَ عَلَى أَنْ تَرْهَنَ بِهَذَا الثَّمَنِ وَبِثَمَنِ السِّلْعَةِ الْأُولَى رَهْنًا وَكَرِهَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: أَجَازَ مُحَمَّدٌ زِدْنِي فِي الْأَجَلِ وَأَزِيدُكَ رَهْنًا إِنْ كَانَ الرَّهْنُ الْأَوَّلُ يُوَفِّي الْحَقَّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ: إِنْ كَانَ الدَّيْنُ الْأَوَّلُ فِي أصلة الْمَسْأَلَةِ حَالًّا جَازَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَدِيمًا لِتَمَكُّنِهُ مِنْ قَبْضِ الْحَالِّ فَكَأَنَّهُ أَسْلَفَهُ الْآنَ على أَن أعطَاهُ وَثِيقَة نَظَائِر قَالَ: يَجُوزُ الرَّهْنُ إِلَّا فِي أَرْبَعِ مَسَائِلَ: الصَّرْفِ وراس مَال السّلم الدِّمَاء الَّتِي فِيهَا الْقِصَاصُ وَالْحُدُودِ الرُّكْنُ الرَّابِعُ الصِّيغَةُ وَفِي الْجَوَاهِرِ: لَا يَتَعَيَّنُ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ بَلْ كُلُّ مَا يُشَارِكُهُمَا فِي الدَّلَالَةِ وَقَالَ (ش) لَا يَنْعَقِدُ إِلَّا بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ عَلَى الْفَوْرِ لَنَا أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْعُقُودِ إِنَّمَا هُوَ الرضى فَمَا دلّ عَلَيْهِ كف وَفِي هَذَا الرُّكْنِ أَرْبَعَةُ فُرُوعٍ: الْأَوَّلُ فِي الْجَوَاهِرِ: كُلُّ شَرْطٍ يُوَافِقُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ كَقَوْلِهِ بِشَرْطِ أَنْ يُبَاعَ فِي الدَّيْنِ أَوْ يُقْبَضَ لَا يَقْدَحُ لِاسْتِلْزَامِ الْعَقْدِ لَهُ عِنْدَ السُّكُوتِ عَنْهُ وَكَذَلِكَ كُلُّ شَرْطٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ غَرَضٌ لِعَدَمِ الْمُنَافَاةِ فَأَمَّا مَا يُنَاقِضُ كَقَوْلِهِ بشترط عَدَمِ الْقَبْضِ أَوْ لَا يُبَاعُ فَهُوَ مُفْسِدٌ الثَّانِي فِي الْجَوَاهِرِ: لَوْ شَرَطَ أَنَّ ثَمَرَةَ الشَّجَرِ رَهْنٌ صَحَّ لِعَدَمِ الْمُنَافَاةِ لِمُقْتَضَى الرَّهْنِ

الثَّالِثُ فِي الْجَوَاهِرِ لَوْ شَرَطَ الرَّهْنَ فِي بَيْعٍ فَاسِدٍ فَظَنَّ لُزُومَ ذَلِكَ فَلَهُ الرُّجُوعُ كَمَا لَوْ ظَنَّ أَنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا فَوَفَّاهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ بَرَاءَتُهُ الرَّابِعُ فِي الْجَوَاهِرِ: إِذَا رَهَنْتَ أَرْضًا فِيهَا نَخْلٌ انْدَرَجَ وَبِالْعَكْسِ قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ وَالْوَصِيَّةِ وَقَالَهُ فِي الْكِتَابِ بِخِلَافِ الثِّمَارِ مَعَ الْأَشْجَارِ ارْتُهِنَتْ يَوْمَ أَزْهَتْ أَمْ لَا أُبِّرَتْ أَمْ لَا إِلَّا بِشَرْطٍ بِخِلَافِ الْجَنِينِ يَنْدَرِجُ حَصَلَ يَوْمَ الرَّهْنِ الْحَمْلُ بِهِ أم لَا

(الباب الثاني في القبض)

(الْبَابُ الثَّانِي فِي الْقَبْضِ) وَفِي الْجَوَاهِرِ: فِي الْأَعْيَانِ الْمُشَارِ إِلَيْهَا كَالْمَنْقُولِ وَالْعَقَارِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ وَفِي الدَّيْنِ بِتَسْلِيمِ ذُكر الْحَقِّ وَالْإِشْهَاد وَالْجمع بَين العزيمين وَالْجَمْعِ فَقَطْ إِنْ لَمْ يَكُنْ ذُكر حَقٍّ وَتقدم إِلَه بِحَضْرَةِ الْبَيِّنَةِ أَلَّا يُعْطِيَهِ إِيَّاهُ حَتَّى يَصِلَ إِلَى حَقِّهِ الْمُرْتَهَنِ وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فَهُوَ قَابِضٌ لَهُ وَأَصْلُهُ قَوْله تَعَالَى {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَة} فَشُرِطَ فِي وَصْفِ كَوْنِهِ رَهْنًا الْقَبْضُ لِأَنَّ الصِّفَةَ قَائِمَةٌ مَقَامَ الشَّرْطِ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ: الْقَبْضُ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي انْعِقَادِ الرَّهْنِ وَصِحَّتِهِ وَلَا فِي لُزُومِهِ بَلْ يَنْعَقِدُ وَيَصِحُّ وَيَلْزَمُ ثُمَّ يُطَالَبُ المُرتهن بِالْإِقْبَاضِ ويُجبر الرَّاهِنُ عَلَيْهِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِي اسْتِقْرَارِ الْوَثِيقَةِ لِيَكُونَ أَوْلَى من الْغُرَمَاء فِي الْفلس الْمَوْت كَمَا يَتَأَخَّرُ اللُّزُومُ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ وَانْتِقَالِ الضَّمَانِ فِي الْبَيْعِ حَتَّى يَقْبِضَ الْمَبِيعَ وَيَصِحُّ التَّحَمُّلُ فِي الشَّهَادَةِ وَتَتَوَقَّفُ ثَمَرَتُهَا عَلَى الْعَدَالَةِ وَقَالَ (ش) (ح) لَا يَلْزَمُ شَيْءٌ بِالْعَقْدِ بَلْ بِالْقَبْضِ وَلَهُ أَنْ لَا يسلِّم قَبْلَ الْقَبْضِ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ: إِنْ كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا لَزِمَ بِالْعَقْدِ وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ (ش) الْعِتْقُ وَالْبَيْعُ وَالرَّهْنُ فِي الرَّهْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ يُبْطِلُ الرَّهْنَ بِخِلَافِ تَزْوِيجِ الْأَمَةِ وَإِنْ أجَّر الدَّارَ مُدَّةً دُونَ أَجَلِ الدَّيْنِ لَا يَبْطُلُ لِإِمْكَانِ بيعهَا لنا: قَوْله تَعَالَى {فرهان مَقْبُوضَة} فَجَعَلَ الْقَبْضَ صِفَةً لِلرَّهْنِ وَالصِّفَةُ غَيْرُ

الْمَوْصُوفِ وَلَيْسَتْ صِفَةً لَازِمَةً وَإِلَّا لَما صَحَّ قَوْلُهُ أَرْهَنُكَ هَذَا وَلَمْ يُسَلِّمْهُ إِلَيْهِ وَإِذَا كَانَ الرَّهْنُ يَتَحَقَّقُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَجَبَ الْوَفَاءُ بِالْقَبْضِ لقَوْله تَعَالَى {أَوْفوا بِالْعُقُودِ} وَلقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ وَقِيَاسًا عَلَى سَائِرِ الْعُقُودِ احْتَجُّوا بِأَنَّهُ عَقْدُ إِرْفَاقٍ فَيُشْتَرَطُ الْقَبْضُ فِي لُزُومِهِ كَالْقَرْضِ وَلَا يَلْزَمُ بِمُجَرَّدِ الْقَوْلِ حَتَّى يَنْضَافَ إِلَيْهِ غَيْرُهُ كَالْوَصِيَّةِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنَ الْمَوْتِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ الْمَنْعُ بَلِ الْقَرَاض يلْزم بالْقَوْل وَعَن الثَّانِي الْقلب فَنَقُول لايشترط فِيهِ الْقَبْضُ قِيَاسًا عَلَى الْوَصِيَّةِ تَفْرِيعٌ: فِي الْجَوَاهِرِ: لَوْ تَرَاخَى فِي طَلَبِ الْقَبْضِ حَتَّى مَاتَ أَوْ فَلَسَ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ بِخِلَافِ المُجد فِي الطَّلَبِ إِلَى حينئذٍ وَلَوْ عَجَزَ كالهبات وَظَاهر الْكتاب هُوَ كَغَيْر المُجد لإِطْلَاق القَوْل من غير تَفْضِيل وَلَا يَبْطُلُ الْحَوْزُ بِخُرُوجِهِ عَنْ يَدِهِ عَلَيْهِ وَلَوْ وُجد بَعْدَ الْمَوْتِ أَوِ الْفَلَسِ بِيَدِ أَمِين أَو الْمُرْتَهن قَالَ عبد الْمَالِك: لَا يَنْفَعُ ذَلِكَ حَتَّى تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ بِحَوْزِهِ قَبْلَ الْمَوْتِ أَوِ الْفَلَسِ لِاحْتِمَالِ طَرَيَانِ الْقَبْضِ بِعَدَهُمَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ: صَوَابُهُ لَا يَنْفَعُ إِلَّا مَعَانِيه الْحَوْز لهَذَا الإرهان وَلَا يُفسخ عقد الإرهان بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَلَا جُنُونِهِمَا وَلَا الْحَجْرِ عَلَيْهِمَا قَاعِدَةٌ: كُلُّ مَا كَانَ مَالًا أَوْ مُتَعَلِّقًا بِالْمَالِ كَالرَّهْنِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ وَإِمْضَاءِ الْخِيَارِ انْتَقَلَ لِلْوَارِثِ لِأَنَّهُ يَرِثُ الْمَالَ فَيَرِثُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَكُلُّ مَا يَرْجِعُ إِلَى النَّفْسِ وَالرَّأْيِ وَالْمَلَاذِ لَا يَنْتَقِلُ لِلْوَارِثِ لِأَنَّهُ لَا يَرث النَّفس كاللعان وَالْإِيلَاء وَخيَار من اشْتَرَطَ خِيَارَهُ لِأَنَّهُ رَأْيُهُ نَظَائِرٌ: قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ سَبْعَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً لَا تَتِمُّ إِلَّا بِالْقَبْضِ: الرَّهْنُ وَالْحَبْسُ وَالصَّدَقَةُ وَالْهِبَةُ والعُمرى وَالْعَطِيَّةُ وَالنُّحْلُ وَالْعَرِيَّةُ وَالْمِنْحَةُ وَالْهَدِيَّةُ وَالْإِسْكَانُ وَالْعَارِيَةُ وَالْإِرْفَاقُ والعِدة وَالْإِخْدَامُ وَالصِّلَةُ وَالْحِبَاءُ

- (فرع)

3 - (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ: يَجُوزُ الْوَضْعُ عَلَى يَدِ الثَّالِث يَتَوَكَّلُ وَلَيْسَ لَهُ التَّسْلِيمُ لِأَحَدِهِمَا دُونَ إِذْنِ الْآخَرِ فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ لتعدَّيه وَلَوْ تَغَيَّرَ حَالُهُ لَكَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ طَلَبُ التَّحْوِيلِ إِلَى عَدْلٍ آخَرَ صَوْنًا لَهُ عَنِ الضَّيَاعِ فَإِنِ اخْتَلَفَا فِي عَدْلَيْنِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: يَجْعَلُهُ الْقَاضِي عَلَى يَدِ عَدْلٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَلَيْسَ ببيِّن بَلْ يقدِّم قَوْلُ الرَّاهِنِ إِذَا دَعَا إِلَى ثِقَةٍ لِأَنَّهُ مَالُهُ فَهُوَ أَنْظَرُ لِنَفْسِهِ فَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ عدلٍ وَقَالَ الْآخَرُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ قُدم طَالِبُ الْعَدْلِ لِأَنَّهُ أَعْدَلُ وَأَبْعَدُ عَنِ التُّهَمِ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: إِذَا اكْتَرَى حِصَّةَ شَرِيكِهِ وَسَكَنَ بَطَلَ حَوْزُ الْمُرْتَهِنِ إِنْ لم يقم الْمُرْتَهِنُ بِقَبْضِ حِصَّةِ الرَّاهِنِ مِنَ الدَّارِ وَيُقَاسِمُهُ وَلَا يمْنَع الشَّرِيكَ مِنْ كِرَاءِ نَصِيبِهِ مِنَ الرَّاهِنِ لِأَنَّهُ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ وَلَكِنْ تُقَسَّمُ الدَّارُ فَيَحُوزُ الْمُرْتَهِنُ رَهنه ويُكري الشَّرِيك نصِيبه قَالَ التّونسِيّ عَن ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا ارْتَهَنَ دَارًا فَأَكْرَاهَا مِنْ رجل بِإِذن الرَّاهِن فأكراها الْمُرْتَهن مِنَ الرَّاهِنِ فَإِنْ كَانَ الْمُكْتَرِي مِنْ نَاحِيَةِ رَبِّ الدَّارِ فَالْكِرَاءُ فاسدٌ وَفَسَدَ الرَّهْنُ أَوْ أَجْنَبِيًّا جَازَ لِأَنَّهُ لَمَّا تَقَدَّمَ حَوْزُهُ لِلرَّهْنِ ثُمَّ غُلب عَلَى رَدِّهِ إِلَى يَدِ صَاحِبِهِ لَمْ يَنْتَقِضِ الْحَوْزُ كَالْعَبْدِ إِذَا أَبِقَ بَعْدَ الْحَوْزِ وَأَخَذَهُ الرَّاهِنُ وَاخْتُلِفَ فِي رَهْنِ مَا أُكْرِيَ هَلْ تَصِحُّ حِيَازَتُهُ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ فِي اشْتِرَاطِ الِانْتِفَاعِ بِالرَّهْنِ أَنَّهُ حوزٌ وَهُوَ مُرْتَهَنٌ مُكترى إِلَّا أَنَّ ذَلِكَ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ وَإِذَا جَوَّزَ الْكِرَاءَ وَالرَّهْنَ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ وَيَصِحُّ الْحَوْزُ فَيَصِحُّ مَا تَقَدَّمَ الْكِرَاءُ الرَّهْنَ كَمَا أَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ هِبَةَ مَا تَقَدَّمَتْ فِيهِ الْخِدْمَةُ وَأَجَازَ الْإِخْدَامَ وَالْهِبَةَ وَالرَّقَبَةَ فِي مُدَّة وَاحِدَةٍ وَإِنْ كَانَ مَالِكٌ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَلَا يَتِمُّ حَوْزُ الصَّدَقَةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَا تَقَدَّمَتْ فِيهِ الْإِجَارَةُ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ لَمَّا كَانَ المتصدَّق يَأْخُذُ كِرَاءَهَا فَكَانَتْ يَدُهُ بَاقِيَةً وَعَلَى هَذَا يَجِبُ أَلَّا يَتِمَّ الرَّهْنُ وَالْإِجَارَةُ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ: إِذَا سَاقَى حَائِطًا ثُمَّ رَهَنَهُ فَلْيَجْعَلِ الْمُرْتَهِنُ مَعَ الْمُسَاقِي رَجُلًا أَوْ يَجْعَلَانِهِ عَلَى يَدِ رَجُلٍ يَرْضَيَانِ بِهِ فَإِنْ جَعَلَاهُ عَلَى يَدِ الْمُسَاقِي أَوْ أجيرٍ لَهُ فِي

الْحَائِط فَلَيْسَ برهن قَالَ: وَلَا وَجْهَ لِقَوْلِهِ يَجْعَلُ مَعَ الْمُسَاقِي رَجُلًا آخَرَ لِبَقَاءِ يَدِ الْمُسَاقِي وَيُقْضَى بِكَوْنِهِ لِلرَّاهِنِ لِعَمَلِ الْمُسَاقِي بِجُزْئِهِ الَّذِي يَأْخُذُهُ وَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا اكْتَرَى دَارًا سَنَةً وَأَخَذَ حَائِطًا مُسَاقَاةً فَرَهَنَهُ قَبْلَ وَفَاءِ السَّنَةِ لَا يَكُونُ مُحَازًا لِحَوْزِهِ قَبْلَ ذَلِكَ بِالسَّقْيِ بِخِلَافِ ارْتِهَانِ فَضْلَةِ الرَّهْنِ لِأَنَّ الْفَضْلَةَ مَحُوزَةٌ عَنْ صَاحِبِهَا فَلَمْ يحز هَاهُنَا مَا تَقَدَّمَ سِقَاءً وَلَا كِرَاءً بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِيهِ رهنُ وَمَنَعَهُ أَشْهَبُ وَهُوَ الْأَشْبَه وحوّز رَهْنَ نِصْفِ الدَّارِ وَهِيَ " لَهُ " كُلُّهَا وَيَقُومُ بِذَلِكَ الْمُرْتَهِنُ مَعَ الرَّاهِنِ أَوْ يَضَعَانِهَا عَلَى يَدِ غَيْرِهِمَا مَا لَمْ يَكُنِ الْمَوْضُوعُ عَلَى يَده قيِّماَ لَهُ مثل عَبده وأجيره وَلَوْ رَهَنَ الْجَمِيعَ جَازَ وضعُه عَلَى يَدِ الآخر لِأَن الْمُرْتَهن القيا بِجَمِيعِهِ وَصَارَ قيِّمه حَائِزًا لِلْمُرْتَهِنِ بِخِلَافِ الْعَبْدِ لِأَنَّ الْعَبْدَ يَدُهُ يَدُ السَّيِّدِ وَيَدُ القيِّم الْمُرْتَهِنِ مَا لَمْ يَبْقَ لِلرَّاهِنِ فِيهِ شَيْءٌ وَإِذَا رَهَنَ النِّصْفَ بَقِيَتْ يَدُ الْقَيِّمِ عَلَى النِّصْفِ لِلرَّاهِنِ فَهُوَ كَمَنِ ارْتَهَنَ نِصْفَ دَارٍ وَبَقِيَتْ يَدُهُ مَعَ الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّ الْقَيِّمَ هَاهُنَا حائزٌ لِلْمُرْتَهِنِ بِخِلَافِ مَا لَوْ رَهَنَ دَارًا عَلَى أَنْ يَجْعَلَاهَا عَلَى يَدِ أَجْنَبِيٍّ لِزَوَالِ يَدِ الرَّاهِنِ وَإِذَا وَضَعَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ عِنْدَ ابْنِ الرَّاهِنِ عَلَى يَدِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ وَالِابْنُ مُبَايِنٌ لَهُ لَمْ يَفْسُدِ الرَّهْنُ وَكَذَلِكَ الزَّوْجَةُ بِخِلَاف الابْن الصَّغِير واختُلف إِذْ سلف من امْرَأَته ورهنها جَارِيَة لَهُ جعله أَصْبَغُ حَوْزًا وَكُلُّ مَا فِي بَيْتِهَا مَا خَلَا رَقَبَةَ الدَّارِ إِذَا ارْتَهَنَتْهَا مِنْ زَوْجِهَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ حَوْزًا وَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ بِخِلَافِ صَدَقَتِهَا هِيَ عَلَيْهِ بِالدَّارِ فَتَسْكُنُ فِيهَا مَعَهُ لِأَنَّ عَلَيْهِ السُّكْنَى لَهَا قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ وَفِي الْحَقِيقَةِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الدَّارِ وَالْخَادِمِ وَهُوَ بِيَدِهِ وَجَمِيعُ مَا فِي الْبَيْتِ مِنْ رَهْنِهِ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ فَذَلِكَ حَوْزٌ وَعَلَيْهِ إخدامُها كَمَا عَلَيْهِ إِسْكَانُهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّد: إِذا ارْتهن نصف دَار فَجَعَلَهَا عَلَى يَدِ شَرِيكٍ ثُمَّ ارْتَهَنَ نَصِيبَ الشَّرِيكِ فَجَعَلَهُ عَلَى يَدِ الشَّرِيكِ الْأَوَّلِ بَطَلَ رَهْنُ جَمِيعِ الدَّارِ لِرُجُوعِهَا كَمَا كَانَتْ بِيَدِ صَاحِبِهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ نَصِيبُهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا رَهَنَهَا خَادِمًا فِي صَدَاقِهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَحَازَتْهَا شَهْرًا ثُمَّ بَنى بِهَا فَخَدَمَتْهُمَا خَرَجَتْ من

- (فرع)

الرَّهْنِ بِخِدْمَتِهِمَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَكُلُّ أَمْرٍ إِذَا ابْتُدِئَ فِي الرَّهْنِ لَا يَكُونُ حَوْزًا يَخْرُجُ عَنِ الْحَوْزِ وَلَا يَبْطُلُ الْحَوْزُ فِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْحَبْسِ إِذَا طَالَ الْحَوْزُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الرَّهْنَ وَثِيقَةٌ فِي الْحَقِّ فَإِذَا عَادَ لِلرَّاهِنِ بَطَلَ حَقُّهُ وَرَجَعَ الرَّاهِنُ لِمَلِكِهِ وَحَوْزِهِ وَالْمِلْكُ مُنْتَقِلٌ فِي أُولَئِكَ فَلَا يَضُرُّ الرُّجُوعُ كَمَا لَوْ رَجَعَتْ بَعْدَ الْبَيْعِ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ إِذَا حُزْتَ سَنَةً ثُمَّ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ غَيْرَكَ ارْتَهَنَهُ قَبْلَكَ وَحَازَهُ وَقَالَ لَمْ أَعْلَمْ بِيَدِ الْأَوَّلِ قُدمت حِيَازَتُهُ وَمَا فَضَلَ لَكَ دُونَ الْغُرَمَاءِ وَعَنْ مَالِكٍ: إِذَا حُزتَ الْحَائِطَ تَحْتَ يَدِ أَمِينٍ فَأَخَذَهُ رَبُّهُ مُسَاقَاةً مِنَ الْأَمِينِ ضَعُفَ الرَّهْنُ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَرْهَنْهُ وَيَحُوزُ مَا فَاتَهُ مِنَ الَّذِي لَهُ الدَّيْنُ وَلَا يَأْخُذُهُ الْأَمِينُ مُسَاقَاةً إِلَّا بِإِذْنِكُمَا 3 - (فَرْعٌ) قَالَ التُّونِسِيُّ: لَا يَنْفَعُ إِقْرَارُ الْمُتَرَاهِنَيْنِ بِأَنَّ الرَّهْنَ حِيزَ حَتَّى تُعَايِنَ الْبَيِّنَةُ حَوْزَهُ لِاتِّهَامِهِمَا عَلَى الْغُرَمَاءِ وَلَوْ وُجد فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ الْفَلَسِ أَوِ الْمَوْتِ مَا نَفَعَ ذَلِكَ وَفِيهِ خِلَافٌ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِذَا مَاتَ الرَّاهِنُ فَأَكَرَاهُ الْمُرْتَهِنُ مِنْ بَعْضِ وَرَثَتِهِ ثُمَّ قَامَ الْغُرَمَاءُ لَا شَيْءَ لِلْغُرَمَاءِ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْجِعْ لِلرَّاهِنِ قَالَ مُحَمَّدٌ: صوابُه أَنَّ الِابْنَ لَا مِيرَاثَ لَهُ فِيهِ لِاسْتِغْرَاقِ الدَّيْنِ التَّرِكَةَ وَظَاهِرُ قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ خِلَافُ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِذَا مَاتَ الرَّاهِنُ وَقَدْ أَكْرَيْتَهُ بَعْدَ الْحَوْزِ فِي حَيَاتِهِ مِنْ وَارِثِهِ لَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ لِأَنَّ الدَّيْنَ اسْتَغْرَقَهُ فَلَا مِيرَاثَ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: إِذَا لَمْ يَقْبِضْ حَتَّى مَاتَ الرَّاهِن أَو أفلس فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ فِي الرَّهْنِ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يُوضَعُ الرَّهْنُ عَلَى يَدِ ابْنِ صَاحِبِ الرَّهْنِ إِذَا كَانَ

- (فرع)

فِي عِيَالِهِ وَلَا امْرَأَتِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: ويُفسخ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْأَخِ وَكَذَلِكَ امْرَأَتُهُ الْبَائِنَةُ عَنْهُ فِي دَارِهَا وَحَوْزِهَا قَالَ: عَبْدُ الرَّاهِنِ الْمَأْذُونُ وَغَيْرُهُ حَوْزٌ بَاطِلٌ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْمُنْتَقَى: إِذا رهن بَيْتا من دَار وَنِصْفهَا مشَاعا فَالْغَلْقُ عَلَى الْبَيْتِ حِيَازَةً لَهُ وَلِنِصْفِ الدَّارِ والكراء يشْتَمل الْجَمِيعَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَهُوَ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْبَيْتَ مُعْظَمُ الرَّهْنِ أَوْ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى جَوَازِ حِيَازَةِ الْمُشَاعِ مَعَ غَيْرِ الرَّاهِنِ بِأَنْ يَكُونَ بَقِيَّةُ الدَّارِ لِغَيْرِ الرَّاهِنِ وَلَوْ حَازَ الدَّارَ وَفِيهَا طَرِيقٌ يَمُرُّ فِيهَا الرَّاهِنُ وَغَيْرُهُ لِأَنَّ الطَّرِيقَ حَقُّ النَّاسِ كُلِّهِمْ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِم فراعى الْبيُوت دون المساحة وَيَحْتَمِلُ الْوَجْهَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْبَيَانِ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا قَالَ لَكَ رَجُلٌ فِي عَبْدٍ ارْتَهَنْتَهُ أَنَا آخُذُهُ عِنْدِي وَأَضْمَنُهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا الْمَوْتَ وَأُعْطِيكَ حَقَّكَ عِنْدَ الْأَجَلِ فأخَّره الْحَمِيلُ عِنْدَ الرَّاهِنِ وَلَمْ يَقْبِضْهُ فَلَيْسَ للحميل بَيْعه عِنْد الْأَجَل لبطلانه بِعَدَمِ الْحَوْزِ وَيُغَرَّمُ الْحَمِيلُ الدَّيْنَ وَيَرْجِعُ بِهِ وَلَوْ أَخَّرَ الْعَبْدَ أَيَّامًا فَلَهُ الْقِيَامُ بِأَخْذِهِ لِأَنَّهُ يُعذر بِشُغْلٍ يَمْنَعُهُ مِنَ الْحَوْزِ أَمَّا إِذَا طَالَ حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ فَلَا 3 - (فَرْعٌ) فِي الْجَلَّابِ: إِذَا اشْتَرَطَ رَهْنًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَامْتَنَعَ الرَّاهِنُ مِنَ الْإِقْبَاضِ خُيِّر الْبَائِعُ بَيْنَ إِمْضَاءِ الْبَيْعِ وَفَسْخِهِ وَقَالَهُ (ش) لِفَوَاتِ مَا رَضِيَ لِأَجْلِهِ وَفِي شَرْحِ الْجَلَّابِ: يُعْطَى فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ الدَّوْرُ وَالثِّيَابُ وَالْحُلِيُّ لِصِدْقِ الْمُسَمَّى وَلَا يُلزَم الْعَبْدُ وَالدَّابَّةُ لِلْمَشَقَّةِ فِي الْكُلْفَةِ وَمَتَى تنَازعا فِيمَا يُغاب عَلَيْهِ أوما لَا يُغاب عَلَيْهِ لَزِمَ الْقَبُولُ لِصِدْقِ المسمَّى 3 - (فَرْعٌ) قَالَ الْبَصْرِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ: لَوْ رَهَنَهُ دَارَيْنِ فَأَقْبَضَهُ إِحْدَاهُمَا كَانَتْ رَهْنًا بِجَمِيعِ

- (فرع)

الْحَقِّ وَقَالَهُ (ش) وَقَالَ (ح) بِنِصْفِ الْحَقِّ قِيَاسًا عَلَى قَبْضِ الْبَيْعِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الرَّهْنَ يَتَعَلَّقُ بِهِ وَبِكُلِّ جُزْءٍ مِنْهُ لِمُنَاسَبَةِ التَّوَثُّقِ لِذَلِكَ الْمَقْصُودِ وَمَقْصُودُ الْبَيْعِ الْمَالِيَّةُ وَنِسْبَتُهَا فِي التَّوْزِيعِ بِدَلِيلِ لَوْ وَفَّاهُ الحقَّ إِلَّا دِرْهَمًا بَقِيَ الرَّهْنُ رَهْنًا بِهِ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى الضَّامِنَيْنِ يَمُوتُ أَحَدُهُمَا فَلَهُ مُطَالَبَةُ الْحَيِّ بِجَمِيعِ الْحَقِّ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْجَلَّابِ: إِذَا رَهَنَ نَصِيبُهُ لَيْسَ لَهُ اسْتِئْجَارُ نَصِيبِ شَرِيكِهِ مِنَ الدَّارِ إِلَّا بَعْدَ الْقِسْمَةِ لِيَتَحَقَّقَ الْحَوْزُ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْبَيَانِ: إِذَا قَالَ لَكَ رَجُلٌ قَدْ حِزْتُ الرَّهْنَ لَكَ فعامِله فدَفعتَ بِقَوْلِهِ قَالَ مَالِكٌ: ضمن مَا أردتَ أَنْ يَكُونَ رَهْنًا لِغُرُورِهِ لَكَ بِعَدَمِ الْحَوْزِ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى: إِذَا وَقَعَ مَا يُبْطِلُ الْحِيَازَةَ فَلِلْمُرْتَهِنِ الْقِيَامُ بِرَدِّ ذَلِكَ قَالَ أَشْهَبُ: إِلَّا أَنْ يَفُوتَ بِحَبْسٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ تَدْبِيرٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ قِيَامِ غُرَمَاءَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِلَّا فِي الْعَارِيَةِ غَيْرِ الْمُؤَجَّلَةِ فَلَيْسَ لَهُ الِارْتِجَاعُ إِلَّا أَن يعيره على ذَلِك أما الموجلة فَلهُ أَخذهَا بعد الْأَجَل كالإجازة وَعَن ابْن الْقَاسِم تبطل الْإِجَارَة إِذَا عَلِمَ بِهَا وَتَرَكَ الْفَسْخَ وَعِنْدَ أَشْهَبَ لَا يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ عَلَى الْفَوْرِ كَمَا لَوْ تَرَكَهُ عِنْدَ الرَّاهِنِ ثُمَّ قَامَ يَقْبِضُهُ وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ هُوَ حَقُّ الرَّاهِنِ فَإِذَا رَدَّهُ وَتَرَكَ حَقَّهُ فَلَا رُجُوعَ وَمَتَى فَاتَ بِالْعِتْقِ أَو حبس وَنَحْوه أَو يحوزه وَالرَّاهِنُ مُعْدَمٌ رُدّ لِعَدَمِهِ وَلَا يُرّد الْبَيْعُ وَلَا يعجل من ثمنه الَّذين وَلَا يوضع لَهُ الثّمن لِأَن قَدْ رَدَّهُ كَمَا لَوْ بَاعَهُ قَبْلَ حِيَازَةِ الْمُرْتَهن

(الباب الثالث في حكم المرتهن بعد القبض)

(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي حُكْمِ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ الْقَبْضِ) قَالَ فِي الْكِتَابِ: إِذَا ارْتَهَنَ نِصْفَ ثَوْبٍ فَهَلَكَ الثَّوْبُ عِنْدَهُ لَمْ يَضْمَنْ إِلَّا نِصْفَهُ كَالْمُعْطِي لِغَرِيمِهِ دِينَارًا لِيَسْتَوْفِيَ مِنْهُ نِصْفَ دِينَارٍ لَهُ عَلَيْهِ وَيَرُدَّ الْبَاقِيَ فَزَعَمَ أَنَّهُ ضَاعَ ضَمِنَ النِّصْفَ وَهُوَ أَمِينٌ فِي الْبَاقِي وَلَا يحلف إِلَّا أَن يُتهم 3 - (فَرْعٌ) قَالَ: إِذْ استُحق نِصْفَ الدَّارِ أَوِ الدَّابَّةِ أَوِ الثَّوْبِ مِنْ يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَبَاقِيهِ رَهْنٌ بِجَمِيعِ الْحَقِّ لِتَنَاوُلِ عَقْدِ الرَّهْنِ الرَّهْنَ وَأَجْزَاءَهُ كَتَنَاوُلِ الْإِيدَاعِ وَالْغَصْب وَالْعَارِية بِالْجُمْلَةِ وَالْأَجْزَاءِ وَإِنْ أَرَادَ الْمُسْتَحِقُّ الْبَيْعَ بَاعَ الرَّاهِنُ الْمُرْتَهن مَعَهُ وَلَا يُسَلِّمُ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ لَكِنْ يُبَاعُ وَهُوَ بِيَدِهِ فَتَصِيرُ حِصَّةُ الرَّاهِنِ مِنَ الثَّمَنِ رَهْنًا بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ بِجَمِيعِ الْحَقِّ أَوْ بِيَدِ مَنْ كَانَ الرَّهْنُ عَلَى يَدِهِ وَلَوْ تَرَكَ الْمُسْتَحِقُّ حِصَّتَهُ بَيْدِ الْمُرْتَهِنِ وَهُوَ ثَوْبٌ ثُمَّ ضَاعَ لَمْ يَضْمَنِ الْمُرْتَهِنُ إِلَّا نِصْفَ قِيمَتِهِ لِأَنَّهُ أَمِين الْمُسْتَحق وَلَو وضع الرَّاهِن وَالْمُرْتَهن عَلَى يَدِ الْمُسْتَحِقِّ أَوْ غَيْرِهِ فَضَاعَ لَمْ يَضْمَنْ لِخُرُوجِهِ مِنْ يَدِهِ وَبَقِيَ دِينُهُ بِحَالِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: يراعَى فِي اسْتِحْقَاقِ الرَّهْنِ هَلْ مَضْمُونٌ أَوْ مُعَيَّنٌ؟ وَهَلِ الْمُسْتَحَقُّ قَبْلَ الْقَبْضِ أَو بعده؟ هَل غير الْمُرْتَهِنَ أَمْ لَا؟ فَغَيْرُ الْمُعَيَّنِ إِذَا أَتَى الرَّاهِنُ بَرْهَنٍ وَرَضِيَ الْمُرْتَهِنُ بِهِ فَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى استُحق أُجْبِرَ الرَّاهِنُ عَلَى أَنْ يَأْتِيَ بِغَيْرِهِ وَإِنِ استُحق بَعْدَ الْقَبْضِ فَعَلَيْهِ إِخْلَافُهُ عِنْدَ سَحْنُونٍ كَمَوْتِهِ وَقِيلَ لَا كَالْبَيْعِ وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ لِأَنَّ لِلْمُرْتَهِنِ رَهْنًا فِي الذِّمَّةِ وَالْغَرَرُ فِي

- (فرع)

الْمَضْمُونِ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ فَإِنْ كَانَ مُعيَّناً وَاسْتُحِقَّ قَبْلَ الْقَبْضِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُخَيَّرُ الْبَائِعُ فِي سِلْعَتِهِ فِي إِمْضَائِهَا بِغَيْرِ رَهْنٍ وَرَدِّهَا إِنْ كَانَتْ قَائِمَةً أَوْ يَأْخُذُ قِيمَتَهَا فَائِتَةً سَوَاءٌ أَتَى بِرَهْنٍ آخَرَ أَمْ لَا وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِنْ تَطَوَّعَ بِرَهْنٍ أُجبر عَلَى قَبُولِهِ وَإِلَّا خُيِّرَ عَلَى سِلْعَتِهِ وَعَلَى قَوْلِ مالكٍ لَا مَقَالَ لَهُ فِي سِلْعَتِهِ وَلَا قِيمَتِهَا إِنْ فَاتَتْ وَلَا رَهْنٌ وَلَا غَيْرُهُ لِقَوْلِهِ: إِنْ تَعدَّى الرَّاهِنُ فَبَاعَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا مقَالا للْمُرْتَهن وَإِذا سقط مقَال فِي الْبَيْعِ فَأَوْلَى فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَإِنِ استُحق بَعْدَ الْقَبْضِ فَلَا مَقَالَ لَهُ إِذَا لَمْ يغًّيره وَإِلَّا اسْتَوَى قَبْلُ وَبَعْدُ وَاخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُجبَر الرَّاهِنُ عَلَى خَلَف وَلِلْمُرْتَهِنِ مقالٌ فِي إِمْضَاءِ سِلْعَتِهِ وَرَدِّهَا وَأَلْزَمَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ الْخُلْفَ وخيَّره مُحَمَّدٌ فَإِنْ أَخْلَفَ أُجبر الْآخَرُ عَلَى الْقَبُولِ وَإِنْ لَمْ يُخْلِفْ عَادَ مَقَالُهُ فِي سِلْعَتِهِ وَأَلْزَمَهُ سَحْنُونٌ تَعْجِيلَ الْحَقِّ وَرَأَى أَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ سَوَاءٌ وَالِاسْتِحْقَاقُ قَبْلَ الْقَبْضِ مُخَالِفٌ لِلْمَوْتِ لِأَنَّ الْمَوْتَ طَرَأَ بَعْدَ صِحَّتِهِ وَالِاسْتِحْقَاقُ نَقْصٌ لَهُ مِنْ أَصْلِهِ وَمَتَى غَرَّهُ خُيِّر بَيْنَ إِجْبَارِهِ عَلَى مِثْلِهِ أَوْ يَكُونُ مَقَالُهُ فِي سِلْعَتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَاخْتُلِفَ فِيمَا يُفيت السِّلْعَةَ فَالْمَشْهُورُ حَوَالَةُ الْأَسْوَاقِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يُفيتها إِلَّا الْعُيُوبُ الْمُفْسِدَةُ وَيَلْزَمُهُ إِنْ بَاعَ سِلْعَتَهُ بِسِلْعَةٍ فَاسْتُحِقَّتْ إِحْدَاهُمَا أَنْ لَا يُفيت الْأُخْرَى إِلَّا الْعُيُوبُ وَلَيْسَ الْمُرْتَهِنُ أَقْوَى مِنَ الْمُشْتَرِي وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُ فُرُوعِ الِاسْتِحْقَاقِ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: مَا وَقَعَ عَلَى يَدِ عَدْلٍ فَضَمَانُهُ مِنَ الرَّاهِنِ وَمَا قَبَضَهُ الْمُرْتَهِنُ مِمَّا لَا يُغاب عَلَيْهِ مِنْ ربعٍ أَوْ حَيَوَانٍ لَا يَضْمَنُهُ الْمُرْتَهِنُ وَيُصَدَّقُ فِي هَلَاكِهِ وَعَطَبِهِ وَإِبَاقِهِ أَوْ حُدُوثِ عَيْبٍ وَمَا يُغَابُ عَلَيْهِ يَضْمَنُهُ بِالْقَبْضِ إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ عَلَى هَلَاكِهِ مِنْ غَيْرِ سَبَبِهِ بِأَمْرٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ بتعدِّي أَجْنَبِيٍّ فَذَلِكَ مِنَ الرَّاهِنِ وَلَهُ طَلَبُ الْمُتَعَدِّي بِالْقِيمَةِ وَمَتَى أَتَى الرَّاهِنُ بِرَهْنٍ ثِقَةً أَخَذَ الْقِيمَةَ وَإِلَّا جُعلت الْقِيمَةُ رَهْنًا فِي التَّنْبِيهَاتِ قَالَ ابْنُ زِمْنِينَ: يَحْلِفُ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ لَقَدْ ضَاعَ بِغَيْرِ دُلْسَةٍ دَلَّسَهَا فِيهِ وَمَا يَعْلَمُ مَوْضِعَهُ مُنْذُ ضَاعَ وَوُجِّهَ يَمِينه مَعَ ضَمَانه فَإِن كَانَ

الْغرم الْيَمِينَ اتِّهَامَهُ عَلَى الرَّغْبَةِ فِيهِ وَعَلَيْهِ حَمَلَ بعض شيوخيا الْمُدَوَّنَةَ وَقَالَ الْعُتْبِيُّ: لَا يَمِينَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يُضَمَّنُ فَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْغُرْمِ وَالْحَلِفِ كَالدُّيُونِ إِلَّا أَنْ يَقُولَ الرَّاهِنُ أَخْبَرَنِي صادقٌ بِكَذِبِهِ وَأَنه عِنْده وَمَا لايغاب عَلَيْهِ فَقِيلَ يَحْلِفُ عَلَى كُلِّ حَالٍ بِخِلَافِ الْمُودَعِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ وَقِيلَ كَالْمُودَعِ تَجْرِي فِيهِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ الْمَعْلُومَةُ وَقِيلَ يَحْلِفُ إِنْ كَانَ غَيْرَ مُتَّهَمٍ مَا فَرَّطْتُ وَلَا ضَيَّعْتُ وَيَزِيدُ الْمُتَّهم لقد ضَاعَ قَالَ صَاحب النكث: يحلف فِيمَا لايُغاب عَلَيْهِ إِذَا لَمْ يُعْلَمْ إِلَّا بِقَوْلِهِ اتُهم أَمْ لَا وَكَذَلِكَ عَارِيَةُ مَا لَا يُغاب عَلَيْهِ وَبيع الْخِيَار وضياع المشايد ((كَذَا) لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ إِنَّمَا أَخَذَهَا لِمَنْفَعَةِ نَفْسِهِ بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ الْمَنْفَعَةِ لِغَيْرِهِ وَلَا يُشكل عَدَمُ تَحْلِيفِ عَامِلِ الْقِرَاضِ فِي دَعْوَى الضَّيَاعِ إِلَّا أَن يكون مُتَّهمًا وَإِن قبض بِمَنْفَعَة نَفْسِهِ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ غَيْرُ مُتَيَقَّنَةٍ لِتَوَقُّعِ عَدَمِ الرِّبْح وَرَأس المَال الَّذِي يردُّه مَنْفَعَةَ لَهُ فِيهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَا يغلَق الرَّهْنُ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ مَعْنَاهُ إِنْ لَمْ أقضِك إِلَى الْأَجَلِ فَالرَّهْنُ لَكَ بِمَا فِيهِ وَفِي الْمُوَازِيَةِ: إِنْ ضَاعَ مَا يُغاب عَلَيْهِ وَلَمْ تُعلم صِفَتُهُ وَلَا قِيمَتُهُ لَا بِقَوْلِ الرَّاهِنِ وَلَا بِقَوْلِ الْمُرْتَهِنِ وَلَا غَيْرِهِمَا فَلَا طَلَبَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ لِأَنَّهُ قَدْ يُرْهَنُ فِي قِيمَتِهِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فَالْعَدْلُ حَمْلُهُ عَلَى قِيمَتِهِ لِأَنَّهُ الْوَسَطُ وَالْقِيَاسُ جعلُ قِيمَتِهِ مِنْ أَدْنَى الرُّهُونِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ وَقَالَهُ أَشْهَبُ قَالَ أَصْبَغُ: إِنْ جَهِلَ الْمُرْتَهِنُ صِفَتَهُ وَوَصَفَهُ الرَّاهِنُ حَلَفَ فَإِنْ نَكَلَ بَطَلَ حَقُّهُ وَكَانَ لِلرَّاهِنِ لما فِيهِ فَلَوْ شَرَطَ عَدَمَ ضَمَانِ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ بَطَلَ لِمُنَافَاتِهِ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ كَمَا لَوْ شَرط الضَّمَانَ فِي الْوَدِيعَةِ وَفِي النِّكَاحِ عَدَمَ الْوَطْء وجوَّزه أَشهب فِي الْعَارِية لقولة - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ فَإِنْ شَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ بِهَلَاكِ مَا يُغاب عَلَيْهِ لايضمن عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِظُهُورِ الْبَرَاءَةِ وَيَضْمَنُ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَشْهَبَ وَكَذَلِكَ الْعَارِيَةُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي سِلَاحِ صَفْوَانَ عَارِيَةٌ مَضْمُونَةٌ مُؤَدَّاةٌ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ أَدَائِهَا وَإِنْ شَهِدَ بِهَلَاكِهَا وَلَوْ شَرَطَ عَدَمَ ضَمَانِهِ نَفْعَهُ

قَاعِدَةٌ: أَسْبَابُ الضَّمَانِ ثَلَاثَةٌ: الْإِتْلَافُ كَحَرْقِ الثَّوْبِ وَالسَّبَبُ لِلْإِتْلَافِ كَحَفْرِ الْبِئْرِ فَيَقَعُ فِيهَا مَا يملك أَوْ وَضْعُ الْيَدِ غَيْرِ الْمُؤْمَنَةِ كَيَدِ الْغَاصِبِ أَوِ الْقَابِضِ الْمَبِيعَ الْفَاسِدَ فَتَضْمِينُ الرَّهْنِ اخْتُلِفَ فِي يَمِينِهِ فَقِيلَ وَضْعُ الْيَدِ لِظَاهِرِ نَصِّ صَفْوَانَ فَلَا يَسْقُطُ الضَّمَانُ بِقِيَامِ الْبَيِّنَةِ كَالْغَاصِبِ يُقِيمُ بَيِّنَةً وَقِيلَ اتِّهَامُهُ فِي الْإِتْلَافِ فَتَزُولُ التُّهْمَةُ بِالْبَيِّنَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنَّمَا يَضْمَنُ قِيمَةَ مَا ضَاعَ وَقْتَ ضَيَاعِهِ لَا وَقْتَ ارْتَهَنَ لِأَنَّ يَدَهُ غَيْرُ يَدِ ضَمَانٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ: يَضْمَنُ كُلَّ مَا يُغاب عَلَيْهِ أَوْ لَا يَسْتَقِلُّ بِنَفْسِهِ وَغَيْرُ الْمَضْمُونِ أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ: مَا يُغاب عَلَيْهِ وَدَخَلَ على أَلا يغيب عَلَيْهِ وَيبقى فِي مَوْضِعه كثمار رُؤُوس النَّخْلِ وَالشَّجَرِ وَالزَّرْعِ الْقَائِمِ وَمَا هُوَ فِي الْجَرِينِ وَالْأَنْدَرِ لِغَيْبَةِ الْمُرْتَهِنِ عَنْهُ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَار الثَّانِي: مَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَهُوَ مستقلٌ بِنَفْسِهِ كَالْحَيَوَانِ عَلَى اخْتِلَافِهِ نَحْوَ الْفَرَسِ وَالطَّيْرِ وَيَلْزَمُ عَلَى الْقَوْلِ بِضَمَانِ عَارِيَةِ الْحَيَوَانِ ضَمَانُ الرَّهْنِ قَالَ: وَأرى ضَمَان مَا يستخفّ ذبحه وَأكله الثَّالِث: مَا يُبان بِهِ وَلَا يُغاب عَلَيْهِ كَالسُّفُنِ تُرْهَنُ فِي سَاحِلِ الْبَحْرِ صَغِيرِهَا وَكَبِيرِهَا وَكَذَلِكَ آلتها من الصاري وَالرجل وَالْمَرِّيِ إِذَا دَخَلَ عَلَى بَقَائِهَا فِي مَوْضِعِهَا عَلَى السَّاحِلِ أَوْ غَيْرِهِ كَالطَّعَامِ فِي الْمَخْزَنِ وَكَذَلِكَ أَعْدَالُ الْكِتَّانِ فِي قَاعَاتِ الْفَنَادِقِ فَإِنْ كَانَ طَعَامًا وَزَيْتًا مَخْزُونًا فِي دَارِ الرَّاهِنِ وَمِفْتَاحُهُ بِيَدِهِ أَوْ طَابَعُهُ عَلَيْهِ فَهُوَ فِي ضَمَانِ الرَّاهِنِ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ فِي دَارِ غَيْرِهِ أَوْ فِي مَخْزَنٍ فِي الْفُنْدُقِ لَمْ يَضْمَنْهُ وَإِنْ كَانَ مِفْتَاحُهُ بِيَدِهِ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ كَانَ يَتَصَرَّفُ إِلَيْهِ فَيَنْظُرُ هَلْ أَخْذُ مِثْلِ ذَلِكَ ممكنٌ فِي تَكَرُّرِهِ إِلَيْهِ أَمْ لَا وَإِنْ كَانَ فِي مَخْزَنِ الْمُرْتَهِنِ لَمْ يُصدق فِي ضَيَاعِهِ وَالرَّابِعُ: مَا لَا يُبان بِهِ وَهُوَ الْعَقَارُ عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِ فَإِنْ فُقِدَ شَيْءٌ مِنْ آلَةِ الدَّارِ صُدق فِي أَنَّهُ لَمْ يَخُنْ

نَظَائِرٌ: قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَاخْتُلِفَ فِي خَمْسِ مَسَائِلَ فِي سُقُوط الضَّمَان قيام الْبَيِّنَةِ وَشَرْطِ عَدَمِ الضَّمَانِ أَوِ اشْتَرَطَ الرَّاهِنُ الضَّمَانِ فِيمَا لَا يُغاب عَلَيْهِ فَأَسْقَطَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَضَمَانِ مَا أَصَابَ الرَّهْنَ مِنْ سُوسٍ أَوْ قَرْضِ فَأْرٍ أَوْ حَرْقِ نَارٍ فَأَسْقَطَهُ مَالِكٌ فِي سُوسِ السَّجَّةِ قَالَ وَيَحْلِفُ مَا أضعت وَلَا أردْت فَسَادًا وَإِن أغلفه وَلم ينفضه ضمنه ابْن الْقَاسِم وَأرى أَنَّ عَلَيْهِ نَفْضَهُ قَالَ وَالْقِيَاسُ عَدَمُ الضَّمَانِ لِأَنَّ النَّفْضَ لَمْ يَقْتَضِهِ عَقْدُ الرَّهْنِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ عَادَةً وَأَمَّا الْخَشَبُ وَنَحْوُهُ فَضَمَانُهُ مِنَ الرَّاهِنِ لِأَنَّ سُوسَهُ لَا مِنْ عَدَمِ التَّفَقُّدِ تَمْهِيدٌ قَالَ (ح) يَضْمَنُ مُطْلَقًا مِمَّا يُغَاب أَمْ لَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَمْ لَا هَلَكَ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ وَضَعُوهُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ وَيَضْمَنُ الْأَقَلَّ مَنْ قِيمَتِهِ أَوِ الدَّيْنَ وَنَقَضَ أَصْلَهُ بِقَوْلِهِ وَلَدُ الْمَرْهُونَةِ الْمُتَجَدِّدُ بَعْدَ الرَّهْنِ مَرْهُونٌ وَهُوَ غَيْرُ مَضْمُونٍ وَبِقَوْلِهِ الرَّهْنُ فِي ضَمَانِ الدَّرَكِ لَا يُضمن وَبِقَوْلِهِ الرَّهْنُ بِأُجْرَةِ النَّائِحَةِ غَيْرُ مَضْمُونٍ وَبِقَوْلِهِ لَوْ رَهَنَ مِنْ غَاصِب لم يعلم لَهُ لَمْ يَضْمَنْ وَنَقَضَ هَذِهِ النُّقُوضَ بِقَوْلِهِ الْمَقْبُوضُ عَلَى حُكْمِ الرَّهْنِ الْفَاسِدِ مَضْمُونٌ كَمَا لَوْ قَبَضَ رَهْنًا بِدَيْنٍ مَجْهُولٍ عَلَى أَصْلِهِ وَقَالَ (ش) لَا يَضْمَنُ مَا يَخْفَى وَلَا مَا لَا يَخْفَى قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَمْ لَا فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ أَمْ لَا وَجَعَلَهُ أَمَانَةً مُطْلَقًا إِلَّا فِي دَعْوَى الرَّدِّ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ عِنْدَ (ش) تَوْثِيقٌ مَحْضٌ وَعِنْدَ (ح) تَوْثِيقٌ وَتَعْلِيقٌ لِلدَّيْنِ بِالرَّهْنِ وَلَمَّا فَرَّقَ أَصْحَابُنَا بَيْنَ مَا يُغاب عَلَيْهِ وَغَيْرِهِ كَانَ عَسِيرًا لِقِيَاسِ الشَّافِعِيَّةِ مَا يُغَابُ عَلَى غَيْرِهِ وَقِيَاسُ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى الْعَكْسِ فَتَعَيَّنَ الِاسْتِدْلَالُ وَلَنَا عَلَى (ش) قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى ترُدَّه وَعَلَى ظَاهِرِهِ فِي اللُّزُومِ خُصَّ بِمَا أَجْمَعْنَا عَلَى عَدَمِ الضَّمَانِ فِيهِ فَيَبْقَى حُجَّةً فِي صُورَة

النزاع وَقَوله حَتَّى ترُدَّه أَي إِنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَالْقِيمَةُ تَقُومُ مَقَامَهُ وَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ قِيمَةً وَإِلَّا فَالْمَضْمُونُ لَا يُرَدُّ إِذِ الْمَرْدُودُ غَيْرُ مَضْمُونٍ مَعَ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ ضَعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ ومُعارضٌ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ الرهنُ مِنْ رَاهِنِهِ لَهُ غُنمه وَعَلَيْهِ غُرمه فَيَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الضَّمَانِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِقَوْلِهِ مِنْ رَاهِنِهِ وَالْمَفْهُومُ مِنْ ذَلِكَ أَيْ مِنْ ضَمَانِهِ وَبِقَوْلِهِ عَلَيْهِ غُرمه وَهُوَ عَامٌ فِي ذَاتِهِ وَأَجْزَائِهِ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْغُرْمِ النَّفَقَةُ لِكَوْنِهِ جُعل قُبالة الْغَلَّةِ إِذْ قُبَالَةُ الْعَدَمِ الْوُجُودُ وَقُبَالَةُ الْغَلَّةِ النَّفَقَةُ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْغُرْمَ لَا يَصْدُقُ عَلَى الْهَلَاكِ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ مِنْهُ أَي كُلفت مأخوذةٌ مِنْهُ أَوْ مَعْنَاهُ مِنْ مِلْكِ الرَّاهِنِ حَذَرًا مِنْ قَوْلِهِمْ إِنَّهُ انْتَقَلَ لِمَلِكِ الْمُرْتَهِنِ بِالدَّيْنِ فَنَفَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ويفسِّره قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ وَيَظْهَرُ بِمَجْمُوعِ الْحَدِيثَيْنِ مَذْهَبُنَا فَنَحْمِلُ أَحَدَهُمَا عَلَى مَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَالْآخَرَ عَلَى مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَيَكُونُ قَوْلُنَا أَوْلَى وَيَتَأَكَّدُ هَذَا الْجَمْعُ بِأَنَّ خِلَافَهُ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ فَيَتَعَيَّنُ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ قَالَ بِالْجَمْعِ قَالَ بِهِ وَلِأَنَّ الْمَقْبُوضَاتِ مِنْهَا مَا هُوَ أَمَانَةٌ مَحْضَةٌ وَضَابِطُهُ مَا كَانَ الْمَنْفَعَةُ فِيهِ لِلْمَالِكِ كَالْوَدِيعَةِ أَوْ جُلُّ النَّفْعِ لَهُ كَالْقِرَاضِ وَمِنْهَا مَا هُوَ مَضْمُونٌ لَا أَمَانَةَ فِيهِ وَضَابِطُهُ مَا كَانَ النَّفْعُ فِيهِ لِلْقَابِضِ كَالْقَرْضِ وَالْمَبِيعِ أَوْ تَعَدِّيًا كَالْغَصْبِ وَمِنْهَا مَا هُوَ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْقِسْمَيْنِ كَالرَّهْنِ فَنَفْعُ الرَّاهِنِ الصَّبْرُ عَلَيْهِ لِأَجْلِهِ وَنَفْعُ الْمُرْتَهِنِ التوثُّق وَشَبَهُ الضَّمَان أقوى بِوُجُوه: مِنْهُمَا أَنَّ الْمُرْتَهِنَ أَحَقُّ بِهِ وَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ التَّصَرُّفُ فِيهِ وَمِنْهَا أَنَّ تَعَلُّقَ الْحَقِّ بِرَقَبَتِهِ كَالْجَانِي وَمِنْهَا حَبْسُهُ لِلِاسْتِيفَاءِ وَالْبَيْعِ كَالْمَبِيعِ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَمِنْهَا أَنَّهُ لَا يُقبل قَوْلُهُ فِي رده كَالْغَاصِبِ بِخِلَاف الْمُودع وَمِنْهَا لَا يثبُت إِلَّا عَنْ مَالٍ فِي

الذِّمَّةِ كَالْمُعَاوَضَاتِ وَمِنْهَا أَنَّهُ شَرْطٌ فِي أَصْلِ الْبَيْعِ كَالثَّمَنِ فَهَذِهِ سِتَّةُ أَوْجُهٍ وَشَبَهُ الْأَمَانَةِ نَفْعُ الرَّاهِنِ وَالصَّبْرُ إِلَى الْأَجَلِ وَإِبَاحَتُهُ لَهُ بِغَيْر عوض وَإِذا تَقَرَّرَ هَذَا فَنَحْنُ نَجْعَلُ كَوْنَهُ مَغِيبًا عَلَيْهِ مُرَجِّحًا لِلضَّمَانِ لِكَوْنِهِ مَظِنَّةَ التُّهْمَةِ فَهُوَ مُنَاسِبٌ وَلَاحِظِ الْقِيَاسَ عَلَى الشَّهَادَةِ بِجَامِعِ التَّوَثُّقِ وَالْقِيَاسَ عَلَى الْوَدِيعَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ وَالْوَكَالَةِ فَالْقَبْضُ فِي هَذِهِ كُلِّهَا لَا يُوجِبُ ضَمَانًا وَجَوَابُهُ أَنَّ الشَّاهِد لم يقبض شَيْئا يضمنهُ فَافْتَرقَا وَعَن الثَّانِي الْفَرْقُ بِأَنَّ الْقَبْضَ هُنَاكَ فِي تِلْكَ الصُّوَرِ لِحَقِّ الدَّافع وَاحْتَجَّ (ح) بِأَنْ رَجُلًا رَهَنَ فَرَسًا لَهُ فَنَفَقَ عِنْدَ المُرتهن فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ ذَهَبَ حقُّك وَلَا يُرِيدُ ذَهَبَ حقُّك مِنَ التَّوَثُّقِ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ بِالْمُشَاهَدَةِ فَيَتَعَيَّنُ الدَّيْنُ وَلِأَنَّهُ إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: الرَّهْنُ مضمونٌ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ وَقَالَ عَلَيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: يترادَّان الْفَضْلَ بَيْنَهُمَا وَقَالَ أَنَسٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: الرَّهْنُ بِمَا فِيهِ وَلِأَنَّهُ مَحْبُوسٌ بِحَقٍّ فَسَقَطَ الدَّيْنُ بِتَلَفِهِ كَالْمَبِيعِ فِي يَدِ الْبَائِعِ لِيَقْبِضَ الثَّمَنَ أَوْ قِيَاسًا عَلَى مَوْتِ الْجَانِي بَعْدَ تَعَلُّقِ الْجِنَايَةِ بِهِ ومقبوضُ يَضْمَنُ فِيهِ مَا يُغاب فَيَضْمَنُ غَيْرَهُ كَالْبَيْعِ وَالْجَوَاب عَن الأول منع الصِّحَّة فقد صعفَّه الْمُحَدِّثُونَ سَلَّمْنَا الصِّحَّةَ لَكِنْ ذَهَبَ حَقُّهُ مِنَ التَّوَثُّقِ أَيْ لَا يَجِبُ الإتيانُ بِرَهْنٍ آخَرَ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ قَوْلَهُمْ معارَضٌ بِقَوْلِ غَيْرِهِمْ أَوْ يُحمل عَلَى مَا يُغاب عَلَيْهِ وَعَنِ الثَّالِث أَنه ينْقض بِالْعينِ الْمُسْتَأْجرَة فَإِنَّهَا محبوسة بِحَق مَالِكِهَا وَلَا ضَمَانَ وَعَنِ الرَّابِعِ نَقْضُهُ بِالْكَفِيلِ فَإِنَّ الْحَقَّ تَعَلَّقَ بِهِ وَمَوْتُهُ لَا يُسقط الْحَقَّ ثُمَّ الْفَرْقُ أَنَّ الْجَانِيَ تَعَلَّقَ الْحَقُّ بِعَيْنِهِ وَفِي الرَّهن بِالذِّمَّةِ بِدَلِيلِ لَوْ زَادَتِ الْجِنَايَةُ عَلَى قِيمَةِ الرَّقَبَةِ لَمْ يَكُنْ لِلْمَجْنِيِّ الْمُطَالَبَةُ بِالْفَضْلِ وَعَنِ الْخَامِسِ الْفَرْقُ أَنَّ الْمَبِيعَ أَخَذَهُ الْمُشْتَرِي لِمَنْفَعَةِ نَفْسِهِ فَقَطْ وَالرَّهْنُ فِيهِ الشَّائِبَتَانِ كَمَا تَقَدَّمَ نَظَائِرٌ لِلْعَبْدِيِّ قَالَ: يَلْزَمُ الضَّمَانُ إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ فِي سَبْعِ مَسَائِلَ: الرَّهْنُ فِيمَا يُغاب عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْعَارِيَةُ وَالْمَبِيعُ بِالْخِيَارِ إِذَا كَانَ يُغاب عَلَيْهِ وَنَفَقَةُ الْوَلَدِ عِنْدَ

(فرع)

الْحَاضِنَةِ وَالصَّدَاقُ إِذَا كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وادّعت الْمَرْأَة لتفه وَوَقَعَتْ فِيهِ الشَّرِكَةُ بِالطَّلَاقِ وَالْمَقْسُومُ مِنَ التَّرِكَةِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ ثُمَّ انْتَقَضَتِ الْقِسْمَةُ وَوَقَعَتْ فِيهِ الشّركَة بِالدَّيْنِ أَوْ بِالغَلَطٍ وَقَدْ تَلِفَ وَهُوَ مِمَّا يُغَاب عَلَيْهِ والصناع تَفْرِيعٌ: قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى: إِذَا أَتَى بِالثَّوْبِ مُحْتَرِقًا ضَمِنَ إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ أَوِ اشْتهر احتراق حانوته وَبَعض مَتَاعِهِ مُحْتَرِقًا ضَمِنَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ ثَبَتَ احْتِرَاقُ حَانُوتِهِ وَلَمْ يَأْتِ بِبَعْضِ الثَّوْبِ فَظَاهِرُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ غَيْرُ مُصَدَّقٍ قَالَ: وَالَّذِي أرَاهُ إِنْ كَانَتْ عَادَتُهُ الدَّفْعَ فِي حَانُوتِهِ صُدِّق وَحَيْثُ ضَمِنَ فَالْقِيمَةُ يَوْمَ الضَّيَاعِ لَا يَوْمَ الِارْتِهَانِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الِارْتِهَانَ لَا يُوجب ضمانا بل الضَّيَاعِ فَإِنْ جُهلت فَيَوْمَ الرَّهْنِ وَهَذَا إِذَا لم قوم الرَّهْنُ يَوْمَ الِارْتِهَانِ فَإِنْ قوِّم لَزِمَتْ تِلْكَ الْقِيمَةُ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ زِيَادَتَهَا وَنُقْصَانَهَا فيقوَّم بِمَا صَارَتْ إِلَيْهِ قَالَهُ مَالِكٌ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ يَوْم الارتهان اتِّفَاق على الْقيمَة فحملان عله إِلَّا أَنْ يَثْبُتَ خِلَافُهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ: يُصدَّق الْمُرْتَهِنُ فِيمَا لَا يُغاب عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَدعِي موت الدَّابَّة فِي مَوضِع يشتهرلو وَقَعَ وَلَمْ يُذكر (فَرْعٌ) قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ: رَهْنُ الْمَغْصُوبِ مِنْ غَاصِبِهِ يُسقط عَنْهُ ضَمَانَهُ وَقَالَهُ (ح) وَقَالَ (ش) لَا يَسْقُطُ ضَمَانُ الْغَصْبِ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى مَا إِذَا بَاعَهُ مِنْهُ أَوْ وَهَبَهُ مِنْهُ وَالْجَامِعُ الْإِذْنُ فِي الْإِمْسَاكِ الْمُنَاقِضِ لِمَنْعِ الْغَصْبِ وَإِذَا تَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِعِلَّةٍ زَالَ بِزَوَالِهَا وَلَا يَلْزَمُنَا إِذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي الْقَبْضِ فَإِنَّ الرَّهْنَ يَصِحُّ وَيَسْقُطُ ضَمَانُ الْغَصْبِ لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ عِنْدَهُ قَبْلَ الرَّهْنِ وَلَنَا أَيْضًا الْقِيَاسُ عَلَى مَا إِذَا أَوْدَعَهُ أَو حكم من أَحْكَام (كَذَا) فَيَسْقُطُ قِيَاسًا عَلَى وُجُوبِ الرَّدِّ وَسُقُوطِ الْإِثْمِ وَالتَّفْسِيقِ احْتَجُّوا بِأَنَّهُ إِحْدَى حَالَتَيِ الرَّهْنِ فَلَا يُنَافِي ضَمَانَ الْغَصْبِ كَحَالَةِ الِاسْتِدَامَةِ أَوْ قِيَاسًا لِلنِّهَايَةِ عَلَى الْبِدَايَةِ أَوْ بِالْقِيَاسِ عَلَى الرَّهْنِ عَبْدَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَإِنَّ ضَمَانَ

(فرع)

الْجِنَايَةِ لَا يَسْقُطُ أَوْ عَقْدٌ لَا يَمْنَعُ طَرَيَانَ الضَّمَانِ عَلَيْهِ فَلَا يَمْنَعُهُ سَابِقًا كَالنِّكَاحِ وَالْإِجَارَةِ فِيمَا إِذَا غَصَبْتَ عَبْدًا ثُمَّ زَوَّجْتَهُ أَوْ غَصَبْتَهُ ثُمَّ اسْتَأْجَرْتَهُ عَلَى تَعَلُّمِهِ أَوْ غَصَبَ ثَوْبًا فَاسْتَأْجَرَهُ عَلَى خِيَاطَتِهِ وَبِهَذِهِ الْمَسَائِلِ يَبْطُلُ قولُكم الْإِذْنُ يُنَاقِضُ الضَّمَانَ وَأَنَّ الْبَيْعَ إِنَّمَا أَسْقَطَ الضَّمَانَ لِزَوَالِ الْمِلْكِ وَيَمْتَنِعُ أَنْ يَضْمَنَ مِلْكَهُ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: الْفَرْقُ بَيْنَ الِاسْتِدَامَةِ وَالِابْتِدَاءِ أَنَّ الِاسْتِدَامَةَ فِي النِّكَاحِ لَا تَمْنَعُهَا الْعِدَّةُ وَالِاسْتِبْرَاءُ وَيَمْنَعَانِ ابْتِدَاءً لِأَنَّ الْحَقَّ تَعَلَّقَ بِهِ وَمَوْتُهُ لَا يُسْقِطُ الْحَقَّ ثُمَّ الْفَرْقُ أَنَّ الْجَانِيَ تَعَلَّقَ الرَّهْنُ بِعَيْنِهِ وَفِي الرَّهْنِ بِالذِّمَّةِ بِدَلِيلِ الِاسْتِدَامَةِ بِرَدِّ الْمُنَافِي مِنْهَا بَعْدَ التَّقَرُّرِ وَالثُّبُوتِ بِخِلَافِ مُقَارَنَةِ الِابْتِدَاءِ وَهُوَ أَضْعَفُ لِعَدَمِ التَّقَرُّرِ وَعَنِ الثَّانِي الْفَرْقُ بِأَنَّ ضَمَانَ الْجِنَايَةِ مستقرٌ لِوُجُودِ سَبَبِهِ وَضَمَانُ الْغَصْبِ يَتَوَقَّفُ عَلَى هَلَاكِ الْمَغْصُوبِ وَمَا وُجد فَكَانَ ضَعِيفًا فَبَطَلَ بِالرَّهْنِ وَعَنِ الثَّالِثِ الْفَرْقُ أَنَّ كُلَّ الْأُمُورِ لَا تَسْتَلْزِمُ الْإِذْنَ فِي وَضْعِ الْيَدِ وَالرَّهْنُ يَسْتَلْزِمُهُ وَالْإِذْنُ فِي وَضْعِ الْيَدِ هُنَا يُناقض الْغَصْبَ لِأَنَّهُ وَضْعُ الْيَدِ بِغَيْرِ إِذَنٍ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّهُ كَمَا اسْتَحَالَ أَنْ يَضْمَنَ مِلْكَهُ اسْتَحَالَ اجْتِمَاعُ يدٍ بِغَيْرِ إِذَنٍ مَعَ الْإِذْنِ لِأَنَّهُمَا نَقِيضَانِ (فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ أَشْهَبُ: إِذَا اعْتَرَفَ الْمُرْتَهِنُ بِبُطْلَانِ دَعْوَاهُ الَّتِي قُضي بهالهُ عَلَيْكَ وَالرَّهْنُ حيوانٌ ضَمِنَه لِأَخْذِهِ عُدْوَانًا وَلَوْ أَقَمْتَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِبُطْلَانِهَا لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ عَلَى الْعُدْوَانِ بِخِلَافِ الْأَمَةِ الْمُشْتَرَكَةِ يَجْحَدُ أَحَدُهُمَا نَصِيبَ صَاحِبِهِ فَتَقُومُ الْبَيِّنَةُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَضْمَنُ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: إِذَا بَاعَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ بِغَيْرِ إِذْنِ المُرتهن امْتَنَعَ فَإِنْ أَجَازَهُ جَازَ وَيُعَجَّلُ حَقُّهُ لِأَنَّ الْمَنْعَ لِأَجْلِهِ وَلَمْ يَرْضَ ذِمَّةَ الرَّاهِنِ فَإِنْ أُذِنَ فِي الْبَيْعِ وَقَالَ لَمْ آذَنْ لِيَأْخُذَ الثَّمَنَ حَلَفَ فَإِنْ أَتَى الرَّاهن حينئذٍ برهنٍ يُشْبِهُ الْأَوَّلَ وَبِقِيمَتِهِ أَخَذَ الثَّمَنَ

وَإِلَّا بَقِيَ رَهْنًا وَلَا يُعَجَّلُ هَذَا إِذَا بِيعَ بِإِذْنِهِ وَلَمْ يُسَلِّمْهُ لِلْمُبْتَاعِ مِنْ يَدِهِ وَأَخَذَ الثَّمَنَ فَإِنْ سَلَّمَهُ لِلرَّاهِنِ فَبَاعَهُ خَرَجَ مِنَ الرَّهْنِ وَإِنْ بَاعَ الْمُرْتَهِنُ أَوْ وَهَبَ تَعَدِّيًا يَلْزَمُهُ رَدُّهُ وَيَدْفَعُ مَا عَلَيْهِ وَيَتَّبِعُ الْمُبْتَاعُ الْبَائِعَ فِي التَّنْبِيهَاتِ: هَذَا التَّصَرُّفُ كُلُّهُ بَعْدَ الْقَبْضِ وَعَنْ مَالِكٍ إِمْضَاءُ الْبَيْعِ وَتَعْجِيلُ الْحَقِّ تَوْفِيَةً بِالْعَقْدِ وَلَا خِيَارَ لِلْمُرْتَهِنِ إِلَّا أَنْ يَبِيعَهُ بِأَقَلَّ مِنَ الدَّيْنِ أَوْ بِخِلَافِهِ فَإِنْ بَاعَ قَبْلَ الْقَبْضِ مَضَى الْبَيْعُ وَخَرَجَ مِنَ الرَّهْنِ لِضَعْفِ الرَّهْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي لُزُومِهِ حينئذٍ وَلَا يُطَالِبُهُ بِرَهْنِ غَيْرِهِ لِأَنَّ إِهْمَالَهُ فِي يَدِهِ حَتَّى بَاعَ كَرَدِّهِ لَهُ وَلَا يُعجَّل الْحَقُّ وَلَا يَحْلِفُ الْمُرْتَهِنُ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَرُوِيَ يَحْلِفُ للتُهمة وَقَوْلُ مَالِكٍ لِتَمَكُّنِهِ مِنَ الْقَبْضِ يَدُلُّ على أَنه لَو بَادر يَبْطُلِ الرَّهْنُ وَمَضَى الْبَيْعُ وَبَقِيَ ثَمَنُهُ رَهْنًا قَالَهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ تَأْوِيلًا وَقَالَ غَيْرُهُ يَمْتَنِعُ الْبَيْعُ وَيُرَدُّ فَيَبْقَى رَهْنًا توفيةُ بِعَقْدِ الرَّهْن وعَلى قَوْلِهِمْ فِي حَوْزِ الْهِبَةِ إِذَا مَاتَ قَبْلَ التَّرَاخِي فِي الْحَوْزِ وَقِيلَ هَذَا إِذَا اشْتَرَطَ الرَّهْنَ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ فَبَاعَهُ الرَّاهِنُ بَعْدَ التَّرَاخِي أَمَّا لَوْ بَاعَهُ لِيُخْرِجَهُ مِنَ الرَّهْنِ انْتَقَضَ الْبَيْعُ فَإِنْ فَاتَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي بَقِيَ رَهْنًا وَأَمَّا مَا تَطَوَّعَ بِهِ الرَّاهِنُ بَعْدَ الْحُكْمِ فَبَيْعُهُ كَبَيْعِ الْهِبَةِ قَبْلَ قَبْضِهَا وَفِي الْمُوَازِيَةِ: ينفُذُ الْبَيْعُ قَرُبَ أَوْ بَعُدَ وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْهِبَةِ الْمَبِيعَةِ وَقِيلَ إِنَّمَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ إِذَا سلَّم الْمُشْتَرِي السِّلْعَةَ قَبْلَ بَيْعِ الرَّهْنِ أَمَّا وَسِلْعَتُهُ قَائِمَةٌ لَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمٌ حَتَّى يَدْفَعَ إِلَيْهِ رَهْنًا فرَّط فِي الْقَبْضِ أَمْ لَا وَمَعْنَى قَوْلِهِ قَائِمَةً بِمِثْلِهِ صِفَةً وَقِيمَةً أَنَّ السُّوقَ قَدْ ينحطُّ فَلَا يَفِي بِدَيْنِهِ أَوِ الْأَوَّلُ عَقَارٌ لَا يُضْمَنُ فيأتيه بِمَا يضمن فيضرر قَالَ ابْنُ يُونُسَ: فَإِنِ اسْتَهْلَكَ الرَّهْنَ قَبْلَ دَفْعِهِ لِلْمُرْتَهِنِ وَعِنْدَهُ وفاءٌ وَفَّاهُ وَتَمَّ الْبَيْعُ وَإِلَّا فَلِلْمُرْتَهِنِ ردُّ الْبَيْعِ وَلَوْ دَفَعَهُ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ وَقَالَ إِنَّمَا دَفَعْتُهُ لَكَ لِتُعَجِّلَ لِي حَقِّي فَأَنْكَرَ قَالَ أَشْهَبُ يَحْلِفُ الْمُرْتَهِنُ وَلَا يَضُرُّهُ قِيَامُ الْغُرَمَاءِ إِنْ قَرُبَ دَفْعُهُ إِلَيْهِ وَإِلَّا فالغرماء أَحَق وَقَوله إِذا نقد الْمُرْتَهِنُ فِي الْبَيْعِ أَخَذَهُ رَبُّهُ وَدَفَعَ مَا عَلَيْهِ وَيُتْبِعُ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ فَيُلْزِمُهُ بِحَقِّهِ يُرِيدُ يَدْفَعُ الرَّاهِنُ مَا عَلَيْهِ لِلْمُشْتَرِي وَيَأْخُذُهُ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِمَّا دَفَعَهُ الْمُشْتَرِي يَرْجِعُ المُشْتَرِي بِبَقِيَّة

ثَمَنِهِ عَلَى بَائِعِهِ وَيُرِيدُ أَنَّهُ بَاعَهُ وَقَدْ حَلَّ الْأَجَلُ أَمَّا قَبْلَ الْحُلُولِ فَيُخَيَّرُ الرَّاهِنُ فِي إِجَازَةِ الْبَيْعِ وَقَبْضِ الثَّمَنِ وَلَا يَرُدُّهُ لِلْمُرْتَهِنِ وَيَجْعَلُهُ بِيَدِ عَدْلٍ رَهْنًا إِلَى أَجَلِهِ وَلَهُ قَبْضُ الثَّمَنِ وَيُوقَفُ لَهُ الرَّهْنُ وَكَذَلِكَ إِنْ رَدَّ الْبَيْعَ جُعل الرَّهْنُ بِيَدِ عَدْلٍ لَيْلًا يَعُودَ الْمُرْتَهِنُ لِلْبَيْعِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعِنْدَ أَشْهَبَ يَقْبِضُ الرَّاهِنُ الثَّمَنَ وَلَا يتعجَّله الْمُرْتَهِنُ من دينه لِأَنَّهُ فسخَ رَهنه قَالَ أَشْهَبُ فَإِنْ فَاتَ الرَّهْنُ غَرِمَ الْمُرْتَهِنُ الْأَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ أَوِ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْبَيْعِ لِوُجُودِ سَبَبَيْ ضَمَانِهِمَا مِنَ التَّعَدِّي وَأَخْذِ الثَّمَنِ وَلَا يَحْبِسُ الْمُرْتَهِنُ مِنْهُ شَيْئًا بِحَقِّهِ إِذَا كَانَ لَمْ يَحِلَّ لِأَنَّهُ فَسَخَ رَهْنَهُ وَلَوْ تعدَّى مَنْ وُضع عَلَى يَدَيْهِ غَرِمَ الْأَكْثَرَ مِنْهُمَا وتعجَّل الْمُرْتَهن إِنْ كَانَ كَصِفَةِ الدَّيْنِ وَإِنْ لَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ لِأَنَّ وَقْفَهُ ضَرَرٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ يَرَى فِي مِثْلِ إِيقَافِ الثَّمَنِ وَأَنْ يَقَعَ بِمِثْلِ الصِّفَةِ لَعَلَّ الرَّاهِنَ يَأْتِي بِرَهْنٍ مِثْلِ الرَّهْنِ وَيَأْخُذ الثّمن أما لَو أيس مِنْ ذَلِكَ فَلَا فَائِدَةَ فِي الْإِيقَافِ بَلْ ضَرَر عَلَيْهِمَا قَالَ اللَّخْمِيّ: إِن بيع بِغَيْر أَمَرَهُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ وَالدَّيْنُ عينٌ مَضَى الْبَيْعُ وعُجِّل الدَّيْنُ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ الدَّيْنُ عَرْضًا مِنْ قرضٍ فَرَضِيَ الرَّاهِنُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِثَمَنِهِ وَيُعَجِّلَهُ وَفِيهِ وفاءٌ بِالْعَرْضِ " وَإِنْ " لَمْ يَرْضَ الرَّاهِنُ بِتَعْجِيلِ الدَّيْنِ إِنْ كَانَ الدَّيْنُ عَرْضًا مِنْ قرضٍ وَلَمْ يَجْتَمِعَا عَلَى تَعْجِيلِ الدَّيْنِ امْتَنَعَ الْبَيْعُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ وَقْتَ نِفَاقِ ذَلِكَ الرَّهْنِ أَوْ مَوْسِمَ بَيْعِهِ لَمْ يُرِدَّ الْبَيْعُ وَإِنْ لَمْ يُوفِّ بِالدَّيْنِ لِأَنَّ الْمَنْعَ ضَرَر غير ضَرَر مَنْفَعَةٍ لِلْمُرْتَهِنِ وَإِنْ وَهَبَ المرتهِن الرَّهْنَ دَفَعَ الرَّاهِن الدّين للْمُرْتَهن وَأَخذه من الْمَوْهُوب وَلَا شَيْء للْمَوْهُوب عَلَى الْوَاهِبِ وَإِذَا بَاعَ الْمُرْتَهِنُ ثُمَّ غَابَ وَاخْتَلَفَ الدَّيْنُ وَالثَّمَنُ وَالدَّيْنُ أَكْثَرُ دَفَعَ لِلْمُشْتَرِي ثَمَنَهُ وَوَقَفَ السُّلْطَانُ الْفَضْلَ أَوِ الثَّمَنُ أَكْثَرُ أَخْذَ الدَّيْنَ وَاتَّبَعَ الْبَائِعَ بِالْفَضْلِ وَإِنْ بَاعَهُ بِمِثْلِيٍّ ثُمَّ غَابَ قَبَضَ السُّلْطَانُ الدَّيْنَ مِنَ الرَّاهِنِ وَدَفَعَ لَهُ الرَّهْنَ وَيَشْتَرِي مِنَ الدَّيْنِ بِمثل مَا قَبَضَهُ الْمُرْتَهِنُ مِنَ الْمُشْتَرِي فَإِنْ فَضَلَ لِلْغَائِبِ شيءٌ دَفَعَهُ لَهُ وَإِنْ فَضَلَ عِنْدَهُ شيءٌ اتُّبع بِهِ وَإِنْ كَانَ بَاعَهُ دَفَعَ إِلَيْهِ قِيمَتَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِنْ بَاعَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ وَلَا يَعْلَمُ الرَّاهِنُ وَلَا الْمُرْتَهِنُ صفته وَلَا

- (فرع)

قِيمَتَهُ يَحْلِفُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى مَا بَاعَهُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إِنْ فَاتَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ الْأَكْثَرُ من الْقيمَة أَو الثّمن وَقَالَ أصبغ إِذا كَانَت للْمُرْتَهن بَيِّنَة على الصّفة يَوْمَ بَاعَهُ وَلَا بِقِيمَتِهِ يَوْمَ بَاعَهُ عَلَى صِفَتِهِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا يَوْمَ ارْتَهَنَهُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ صِفَتُهُ يَوْمَ بَاعَهُ أَفْضَلَ فَقِيمَتُهُ يَوْمَ بَاعَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ نَظَرًا إِلَى وَضْعِ الْيَدِ وَالتَّعَدِّي بِالْبَيْعِ وَقَبْضِ الثَّمَنِ النَّاشِئِ عَنِ الرَّهْنِ وَكُلُّهَا أَسْبَابُ ضَمَانٍ فَعَلَيهِ أَكْثَرهَا هَذَا إِن كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَالْأَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ صِفَتِهِ يَوْمَ الْبَيْعِ أَوِ الثَّمَنِ الَّذِي بَاعَهُ بِهِ لِأَنَّ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ مَضْمُونٌ بِالْقَبْضِ فَلَا يُصَدَّقُ فِي نَقْصِ الْقِيمَةِ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: إِذَا تكفَّلت أَوْ أَعْطَيْتَ رَهْنًا فَهَلَكَ عِنْدَهُ وَهُوَ مِمَّا يُضمن وَقِيمَتُهُ كَفَافُ الدَّيْنِ فَقَدِ اسْتَوْفَى وَتَرْجِعُ أَنْتَ عَلَى الْمَكْفُولِ بِقِيمَتِه تكفَّلت أَو أَعْطَيْت الرَّهْن بأَمْره أَو لَا لِقِيَامِكَ عَنْهُ بِمَا شَابَهَ أَنْ يَفْعَلَهُ وَلَوْ رَهَنْتَهُ بِأَمْرِهِ وَقِيمَتُهُ أَكْثَرُ مِنَ الدَّيْنِ رجعتَ عَلَى الْمَكْفُولِ خَاصَّةً بِمَبْلَغِ الدَّيْنِ مِنْ رَهْنِكَ وَسَقَطَ دَيْنُ الْمُرْتَهِنِ لِهَلَاكِهِ عِنْدَهُ وَبِفَضْلِ قِيمَتِهِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّهُ ضَمِنَهُ أَوْ عَلَى الْمَكْفُولِ لِأَنَّهُ سَبَبُهُ وَتَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْمُرْتَهِنِ لِأَجْلِ ضَمَانِهِ وَإِنْ رَهَنْتَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ رَجَعْتَ عَلَيْهِ بِالدَّيْنِ فَقَطْ لِأَنَّهُ الَّذِي انْتَفَعَ بِهِ وبالزيادة على الْمُرْتَهن لضمانه إِيَّاه وَفِي النكث: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ مُعدِمٌ فَتَتَّجِهُ الْحَمَالَةُ وَيُسَوَّغُ الرَّهْنُ لِأَنَّ الْحَمَالَةَ لَا تَلْزَمُ الْمُوسِرَ وَيَجِبُ أَخْذُ الرَّهْنِ فَلَا يتم قَوْله إِلَّا برضى الَّذِي لَهُ الرَّهْنُ فَإِنْ لَمْ يَرْضَ فَلَهُ اتِّباع الَّذِي ضَاعَ الرَّهْنُ عِنْدَهُ بِقِيمَتِهِ لِاتِّهَامِهِ فِي حَبْسِهِ وَاسْتِعْجَالِ حَقِّهِ مِنْ هَذَا دُونَ غَرِيمِهِ وَقِيلَ: إِذَا ضَاعَ قَبْلَ حُلُولِ الدَّين وَالرَّهْنُ كَفَافُ الدَّيْنِ إِنَّ الْمُرْتَهِنَ قَدِ اسْتَوْفَى حَقَّهُ وَلَا حُجَّةَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَمُقْتَضِي دينٍ قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِهِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا اتُّهم بِغَيْبَتِهِ وَلَا يُعلم أَن حَسبه تعدٍّ قَالَ التُّونِسِيُّ: انْظُرْ كَيْفَ أَلْزَمَ فِي الْكتاب الَّذِي عَلَيْهِ غرمُ الفضلة إِذا رهن بِإِذْنِهِ وصاب الرَّهْنِ يَعْلَمُ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَمْ يَسْتَهْلِكْهَا وَالْمُسْتَعِيرُ إِنَّمَا يَضْمَنُ إِذَا اتُّهم عَلَى الْعَيْنِ الْمُسْتَعَارَةِ وَلكنه جعل حكم الرَّاهِن كَأَنَّهُ وَكيله

- (فرع)

الْتَزَمَ بِأَنَّ مَا وَجَبَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فَهُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ فَعَلَى هَذَا أَعَارَهُ وَلَوْ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ قَبَضَ الرَّهْنَ وَقِيَمَتُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ دَفَعَهُ هُوَ إِلَى الْمُرْتَهِنِ وَقِيَمَتُهُ عَشَرَةً بِحَضْرَةِ بَيِّنَةٍ فادَّعى ضَيَاعَهُ لَغَرِمَ الْمُسْتَعِيرُ خَمْسَةَ عَشَرَ لِأَنَّهُ عَلَى ذَلِكَ أَخَذَهُ وَقَدْ قِيلَ إِذَا اسْتَعَارَ شَيْئًا فَرَبَا عِنْدَهُ بَعْدَ الْعَارِيَةِ شَهْرًا ثُمَّ ادَّعَى ضَيَاعَهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ يَوْمَ اسْتَعَارَهُ وَفِيهِ خِلَافٌ وَلِأَشْهَبَ فِي الْمُتَعَدِّي عَلَى الرَّهْنِ يَبِيعهُ هَلْ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ يَوْمَ رَهَنَهُ أَوْ يَوْمَ بَاعَهُ أَمَّا إِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ اسْتَعَارَهُ عَشَرَةً وَيَوْمَ رَهَنَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ فَإِنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَا يَرْبَحُ كَمَا لَوْ بَاعَهُ الْمُسْتَعِيرُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْعَارِيَةِ فَإِنَّ للمُعير الثَّمَنَ وَكَمَا لَوْ بَاعَهُ الْمُرْتَهِنُ لَكَانَ لِلْمُعِيرِ الثَّمَنُ الَّذِي بِيعَ بِهِ لِأَنَّهُ كَالْإِذْنِ فِي بَيْعِهِ فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا الثَّمَنُ فَقَطْ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: إِذَا اشْتَرَطْتُمَا إِنْ لَمْ يَأْتِ بِالْحَقِّ إِلَى أَجَلِهِ فَلِمَنْ عَلَى يَدَيْهِ الرَّهْنُ مِنْ عَدْلٍ أَوْ مُرْتَهِنٍ بَيْعُهُ فَلَا يَبِيعُهُ إِلَّا بِإِذْنِ السُّلْطَانِ لِافْتِقَارِ بَيْعِهِ إِلَى إِثْبَاتِ غَيْبَتِكَ وَإِعْسَارِكَ وَبَقَاءِ الْحَقِّ عِنْدَكَ إِلَى حِينِئِذٍ فَإِنْ بَاعَ بِغَيْر إِذْنه نقض بَيْعُهُ لِإِذْنِكَ لَهُ وَإِنْ لَمْ تَأْذَنْ لَهُ فِي بَيْعِهِ دَفَعَهُ إِذَا حَلَّ الْأَجَلُ لِلسُّلْطَانِ فَإِنْ أَوْفَاهُ وَإِلَّا بَاعَ لَهُ الرَّهْنُ فِي النكث قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا: إِذَا قَالَ السُّلْطَانُ لِلْعَدْلِ الَّذِي بِيَدِهِ الرَّهْنُ بِعْهُ لِيَأْخُذَ الْمُرْتَهِنُ حَقَّهُ فَقَالَ ضَاعَ الثَّمَنُ وَلَمْ يُعلم بَيْعُهُ إِلَّا مِنْ قَوْلِهِ لَا يَبْرَأُ الرَّاهِنُ مِنَ الدَّيْنِ لِأَنَّ صَاحِبَ الدَّيْنِ لَمْ يَأْتَمِنْهُ عَلَى هَذَا الْبَيْعِ وَلَا الثَّمَنِ وَلَا يَضْمَنُ لِتَوْكِيلِ السُّلْطَانِ إِيَّاهُ فَلَا يَزُولُ الدَّيْنُ مِنْ ذِمَّةِ الرَّاهِنِ حَتَّى يَبِيع الْعدْل بَيِّنَة وَقِيلَ بَلْ ضَمَانُ الثَّمَنِ مِنَ الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّ الْعَدْلَ جُعل وَكِيلًا لَهُ وَقَبْضُ الْوَكِيلِ كَقَبْضِ الْمُوَكِّلِ قَالَ التُّونِسِيُّ فِي الْمُوَازِيَةِ: الدُّورُ وَالْأَرْضُونَ وَالْعَبِيدُ وَمَا لَهُ بَالٌ يُردُّ مَا كَانَ قَائِمًا وَيَمْضِي الْفَائِتُ بِالثَّمَنِ إِنْ لَمْ يُحاب فِيهِ قَالَ أَشْهَبُ: وَأَمَّا مَثَلُ الْمِقْثَاةِ وَنَحْوُهَا فتباع بِغَيْر إِذن السُّلْطَان لَيْلًا تَفْسَدَ فِي إِيقَافِهِ عَلَى الْإِذْنِ فَإِنْ قِيلَ: لِمَ وُقِفَ فِي الْكِتَابِ عَلَى إِذْنِ الْإِمَامِ مَعَ أَنَّهُ وُكِّلَ فِي الْبَيْعِ وَمَنْ وُكِّلَ فِي بيع مَا لَهُ لَا يُوقف

- (فرع)

قيل تِلْكَ وكَالَة الِاخْتِيَار وَهَا هُنَا هِيَ اضطرارٌ لِمَا عَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ فَيَحْتَاجُ عِنْدَ الْأَجَلِ إِلَى بَحْثٍ عَنْ قُرْبِ غَيْبَتِهِ وَهَلْ لَهُ مَالٌ يُقبض مِنْهُ الدَّيْنُ أَمْ لَا لِأَنَّ الرَّهْنَ إِنَّمَا يُبَاعُ مَعَ الْعَدَمِ فَهُوَ من بَاب للغائبين قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَعَنْ مَالِكٍ أَمَّا التَّافِهُ فيمضي وَمَاله بالٌ يُرد إِنْ لَمْ يَفُتْ قَالَ أَشْهَبُ: أَمَّا بَلَدٌ لَا سُلْطَانَ فِيهِ أَوْ يَعْسُرُ الْوُصُولُ إِلَيْهِ فَيَجُوزُ الْبَيْعُ مُطْلَقًا قَالَ فَالْحَاصِلُ أَنَّ مَالِكًا وَابْنَ الْقَاسِمِ لَمْ يَخْتَلِفَا فِي التَّافِهِ وَاخْتَلَفَا فِيمَا لَهُ بَالٌ فَأَمْضَاهُ مَرَّةً وَرَدَّهُ مَرَّةً إِنْ لَمْ يَفُتْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ فَاتَ لَزِمَهُ الْأَكْثَرُ مِنَ الثَّمَنِ وَالْقيمَة وَإِذا أَمر الإِمَام بِالْبيعِ فاليسير بياع فِي الْمجْلس وَمَاله بَالٌ فَفِي أَيَّامٍ وَيُشْهَرُ وَيُسْمَعُ بِهِ كَالْجَارِيَةِ وَالدَّار وَالثَّوْب والنفيس وَرُبَّمَا نُودِيَ عَلَيْهِ الشَّهْرَيْنِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنَّ تَعَذَّرَ الرَّفْعُ لِلسُّلْطَانِ أَوْ عُدِمَ فَلِجَمَاعَةٍ عُدُولٍ يَحْضُرُهُمُ النِّدَاءُ وَيَجُوزُ اشْتِرَاطُ الْمُرْتَهِنِ أَوِ الْعَدْلِ الْبَيْعَ وَيَنْفُذُ الْبَيْعُ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ إِذَا تَطَوَّعَ بِهِ الرَّاهِنُ بَعْدَ الْعَقْدِ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى إِذَا بَاعَهُ الْإِمَامُ بِغَيْرِ الرَّهْنِ مِنْ عَرْضٍ أَوْ طَعَامٍ مَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ: بِمِثْلِ الدَّيْنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فضلٌ جَازَ أَو فِيهِ فضل امْتنع بيع بِكَذَا لفضله وَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ فِي التَّمَسُّكِ بِمَا بَقِيَ لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ مَا كَانَ مِثْلَ الثِّمَارِ وَغَيْرِهَا مَأْمُونًا لَا يُبَاعُ بِغَيْرِ أَمْرِ السُّلْطَانِ نَفْيًا لِلتُّهْمَةِ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْجَلَّابِ إِذَا وَكَّلْتَ فِي الْبَيْعِ لَيْسَ لَكَ عَزْلُ الْوَكِيلِ إِلَّا برضى الْمُرْتَهِنِ وَقَالَهُ (ح) خِلَافًا (ش) وَأَحْمَدَ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الْوِكَالَةَ عقدٌ جَائِزٌ مِنَ الْجَانِبَيْنِ مَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقٌّ لِلْغَيْرِ وَفِي الْمَبْسُوطِ: لَكَ الْعَزْلُ كَسَائِرِ الْوَكَالَاتِ

فرع

3 - (فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ: لَا يَبِيعُ السُّلْطَانُ حَتَّى يَثْبُتَ عِنْدَهُ الدَّيْنُ وَالرَّهْنُ وَفِي الْمِلْكِ قَوْلَانِ إِذَا أَشْبَهَ أَنْ يَمْلِكَهُ الرَّاهِنُ أَمَّا إِذَا لَمْ يُشبه الثَّوْبُ لِبَاسَهُ أَوْ ترهنُ الْمَرْأَة السِّلَاح فَلَا " بُد من " ثُبُوت الْملك 3 - (فَرْعٌ) إِذَا لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَبِيعُ الرَّهْنَ إِلَّا بِجُعْلٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: الْجُعْلُ عَلَى طَالِبِ الْبَيْعِ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ صَاحِبُ الْحَاجَةِ وَالرَّاهِنُ يَرْجُو دَفْعَ الْحَقِّ مِنْ غَيْرِ الرَّهْنِ وَقَالَ عِيسَى عَلَى الرَّاهِنِ لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا بَاعَ الْأَمِينُ الرَّهْنَ وَقَضَى الْغَرِيمَ ثُمَّ استُحق رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الرَّاهِنِ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا فَعَلَى الْبَائِعِ كَالْمُفْلِسِ يُبَاعُ مَالُهُ فيُستحق شَيْءٌ مِنْهُ فَالرُّجُوعُ عَلَى الْغُرَمَاءِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْغَرِيمِ مَالٌ وَقَالَ (ش) مَتَى استُحق الْمَبِيعُ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الرَّاهِنِ إِنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِالْوَكَالَةِ وَقَالَهُ أَحْمَدُ وَقَالَ (ح) الْعُهْدَةُ عَلَى الْوَكِيلِ وَيَرْجِعُ عَلَى الرَّاهِنِ قِيَاسًا عَلَى الْمُطَالَبَةِ بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا قَبَضَهُ وَكِيلُ الْمُرْتَهِنِ بِإِذْنِهِ فَهَلَكَ بِيَدِهِ مَا يُغاب عَلَيْهِ ضَمِنَ الْمُرْتَهِنُ لِأَنَّ قَبْضَ وَكَيْلِهِ كقبضه بِخِلَاف الْعدْل الَّذِي يَرْضَيَانِ بِهِ لَا اخْتِصَاصَ لَهُ بِهِ دُونَكَ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ: إِذَا دَفَعَهُ الْعَدْلُ لِلرَّاهِنِ أَوِ الْمُرْتَهن تَعَديا فَضَاعَ مَا يُغاب عَلَيْهِ للْآخر فَإِن كَفَافَ الدَّيْنِ سَقَطَ لِهَلَاكِهِ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ أَكْثَرَ ضَمِنَ الْعَدْلُ الْفَضْلَ

للرَّاهِن فَإِن مَاتَ الْعدْل لم يرض يوضع الرَّهْنِ عِنْدَ غَيْرِهِ بَلْ ذَلِكَ لِلْمُتَرَاهِنَيْنِ لِعَزْلِهِ عَمَّا عَدَا نَفْسَهُ قَالَ التُّونِسِيُّ: إِنْ دَفَعَهُ للرَّهْن فَفَلَسَ الرَّاهِنُ وَهُوَ قَائِمٌ بِيَدِهِ وَلَا مَالَ لِلْأَمِينِ قَالَ عِيسَى الْمُرْتَهِنُ أَحَقُّ تَوْفِيَةً بِعَقْدِ الرَّهْنِ مِثَالُ مَا تَقَدَّمَ: لِلَّذِي لَهُ الرَّهْنُ عشرُون وللغريم أحد وَعِشْرُونَ وُجِدَ عِنْدَ الْمَدْيُونِ عَشَرَةٌ وَالرَّهْنُ أَخَذَا عَشَرَةً عَشَرَةً وَأَخَذَ الْمُرْتَهِنُ مِنَ الْعَدْلِ ثَلَاثَةً وَثُلُثًا لِأَنَّ الرَّاهِنَ لَوْ كَانَ حَاضِرًا لَأَخَذَهُ وَبَقِيَ لَهُ عَشَرَةٌ يُحَاصِصُ بِهَا فِي الْعَشَرَةِ الْمَوْجُودَةِ عِنْدَ الْمَدْيُونِ وَيُحَاصِصُ الْغَرِيمُ الْآخَرُ فِيهَا بِعِشْرِينَ فَيَحْصُلُ لَهَا ثُلُثُهَا وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْعَدْلِ لِأَنَّهُ الَّذِي فَاتَ بِسَبَبِهِ وَلَوْ أَفَاتَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ وَوَجَدَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ فَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ عَشَرَةً لَرَجَعَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الْعَدْلِ بِثُلُثَيِ الْعَشَرَةِ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَوْ حَضَرَ لَأَخَذَهُ وَحَاصَصَ بِعَشَرَةٍ فِي الْعِشْرِينَ فَيَحْصُلُ لَهُ ثُلُثُ الْعِشْرِينَ فَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْعَدْلِ وَعَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ تُخَرَّجُ هَذِهِ الْمَسَائِلُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي الْكِتَابِ: إِذَا دَفَعَهُ لِلرَّاهِنِ ضَمِنَهُ لِلْمُرْتَهِنِ يُرِيدُ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ أَوِ الدَّيْنَ وَقَوْلُهُ إِنْ كَانَ كَفَافَ الدَّيْنِ سَقَطَ يُرِيدُ وَيَرْجِعُ بِهِ على الْمُرْتَهن قَالَ اللَّخْمِيّ: إِذا سلمه الْمُرْتَهن قَبْلَ الْأَجَلِ فَعَلِمَ بِذَلِكَ قَبْلَ الْأَجَلِ أُغْرِمَ الْقِيمَةَ أَيُّهُمَا شَاءَ لِتَعَدِّي هَذَا فِي الدَّفْعِ وَالْآخَرِ بِالْقَبْضِ وَتُوقَفُ الْقِيمَةُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ غَيْرِ الْأَوَّلِ خِيفَةَ أَنْ يَتَعَدَّى ثَانِيَةً وَلِلرَّاهِنِ أَنْ يَأْتِيَ بِرَهْنٍ غَيْرِ الْأَوَّلِ لِيَأْخُذَ الْقِيمَةَ فَإِنْ غَرِمَ الْعَدْلُ فَيَرْجِعُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّهُ سَلَّطَهُ وَهَذَا إِذَا عَلِمَ الضَّيَاعَ بِالْبَيِّنَةِ وَإِلَّا فَهَلْ يَغْرَمُ الْعَدْلُ لِلْمُرْتَهِنِ قِيمَتَهُ الْآنَ أَوْ يَكُونُ قِصَاصًا؟ لِأَنَّ الْعَدْلَ

- (فرع)

يَغْرَمُ بِالتَّعَدِّي حَقِيقَةً وَالْمُرْتَهِنُ بِالتُّهْمَةِ وَيُمْكِنُ صِدْقُهُ وَلَا خِلَافَ فِي الْمُرْتَهِنِ إِذَا غَرِمَ بِالتَّعَدِّي أَنْ تُؤْخَذَ مِنْهُ الْقِيمَةُ الْآنَ قَبْلَ الْأَجَلِ وَاخْتُلِفَ إِذَا غَرِمَ بِالتُّهْمَةِ هَلْ تُؤْخَذُ الْقِيمَةُ أَوْ يَكُونُ قِصَاصًا بِالدَّيْنِ؟ فَإِنْ أَسْلَمَهُ الْعَدْلُ لِلرَّاهِنِ فَلِلْمُرْتَهِنِ انْتِزَاعُهُ وَيُوقَفُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ فَإِنْ لَمْ يَنْزِعْ حَتَّى فَلَسَ الرَّاهِنُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْمُرْتَهِنُ أَحَقُّ أَنْ يُوَفِّيَهُ بِعَقْدِ الرَّهْنِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ لِزَوَالِ الْحَوْزِ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: إِذَا أَمَرَ السُّلْطَانُ بِبَيْعِ الرَّهْنِ رَجُلًا لِيَقْضِيَ الْمُرْتَهِنَ حَقَّهُ فَضَاعَ الثَّمَنُ لَمْ يُضَمِّنْهُ الْمَأْمُورُ وَيُصَدَّقُ فِي ضَيَاعِهِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فَإِنِ اتُّهِمَ أُحْلِفَ وَكَانَ الثَّمَنُ مِنَ الَّذِي لَهُ الدَّيْنُ كَضَيَاعِ مَا بَاعَهُ السُّلْطَانُ لِغُرَمَاءِ الْمُفْلِسِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَعَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ مِنْ رَبِّهِ حَتَّى يَصِلَ إِلَى الْغُرَمَاءِ لِأَنَّ السُّلْطَانَ وَكِيلُهُ دُونَهُمْ وَقَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ: إِنَّمَا يَكُونُ ضَيَاعُ الثَّمَنِ مِنَ الَّذِي لَهُ الدَّيْنُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا ثَبَتَ الْبَيْعُ بِبَيِّنَةٍ وَإِلَّا فَلَا يَبْرَأُ الرَّاهِنُ مِنَ الثَّمَنِ لِأَنَّ صَاحِبَ الثَّمَنِ لَمْ يَأْتَمِنْهُ عَلَى هَذَا الْبَيْعِ وَقِيلَ سَوَاءٌ وَهُوَ الصَّوَابُ وَظَاهِرُ الْكِتَابِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ مِنْ جِهَةِ السُّلْطَانِ فَلَوْ ضَاعَ الرَّهْنُ قَبْلَ بَيْعِهِ لَكَانَ مِنْ رَبِّهِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمِنَ الَّذِي لَهُ الدّين على قَول عبد الْمَالِك كَاخْتِلَافِهِمْ فِي ضَيَاعِ مَالِ الْمُفْلِسِ الْمَوْقُوفِ لِلْغُرَمَاءِ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: إِذَا بَاعَ السُّلْطَانُ ثُمَّ اسْتحق وَقد فَاتَ عِنْد الْمُبْتَاع وَغَابَ الْمُبْتَاعُ فَلَمْ يُوجَدْ فَلِلْمُسْتَحِقِّ إِجَازَةُ الْبَيْعِ وَأَخْذُ الثَّمَنِ مِنَ الْمُرْتَهِنِ وَيَرْجِعُ الْمُرْتَهِنُ بِحَقِّهِ عَلَى الرَّاهِنِ كَمَنِ اسْتَحَقَّ سِلْعَةً بَعْدَ بِيَاعَاتٍ فَإِنَّهُ يَأْخُذ الثّمن من أَيهمْ شَاءَ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ لَوْ بَاعَ الْمَأْمُورُ الرَّهْنَ بِحِنْطَةٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ عَرْضٍ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمُعْتَادِ فِي الْأَثْمَانِ فَإِنْ ضَاعَ مَا قَبَضَهُ ضَمِنَهُ لِتَعَدِّيهِ بِخِلَافِ الْعَيْنِ لَا يضمن وَكَذَلِكَ

- (فرع)

الْوَكِيلُ عَلَى بَيْعِ السِّلَعِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ أَشْهَبُ: إِذَا بَاعَ بِجِنْسِ مَا عَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ وَلَمْ يَكُنْ فِي ثَمَنِهِ فَضْلٌ جَازَ وَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ رَدَّ ذَلِكَ الْفَضْلَ وَخُيِّرَ الْمُشْتَرِي فِي الْبَاقِي فَإِنْ رَدَّهُ فَلَهُ لِلضَّرَرِ فِي الشَّرِكَةِ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: إِذَا قَبَضَ الرَّهْنَ ثُمَّ أَوْدَعَهُ الرَّاهِنُ أَوْ أَجَّرَهُ إِيَّاهُ أَوْ رَدَّهُ إِلَيْهِ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ خَرَجَ مِنَ الرَّهْنِ وَقَالَهُ (ح) إِلَّا فِي الْعَارِية والوديعة وَقَالَ (ش) لَا تشْتَرط اسْتِدَامَة الْقَبْض كمن يَخْدِمُ الرَّاهِنَ نَهَارًا وَيَرْجِعُ لِلْمُرْتَهِنِ لَيْلًا وَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَأْذَنَ لِلرَّاهِنِ فِي الِاسْتِيلَاءِ عَلَى الرَّهْنِ وَلَا يَقْدَحُ ذَلِكَ وَيَمْلِكُ الرَّاهِنُ التَّصَرُّفَ فِي الرَّهْنِ عِنْدَهُ بِمَا لَا يَضُرُّ الْمُرْتَهِنَ وَلَا يَنْقُضُ الْآجَالَ وَالْعِتْقَ عِنْدَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُوسِرًا وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ أَنَّ عَقْدَ الرَّهْنِ هَذَا أَفَادَ فَعِنْدَهُ أَفَادَ أَنَّهُ صَارَ بِبَيْعِهِ فِي دينه عِنْد الْأَجَل وَإِنَّمَا شرع الْقَبْض عِنْد لِيَلْزَمَ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ عِنْدَهُ لَا يَلْزَمُ إِلَّا بِالْقَبْضِ وَعِنْدنَا أَنَّهُ مَحْبُوسٌ بِالدَّيْنِ عِنْدَهُ فَيَكُونُ الِاخْتِصَاصُ قَائِمًا مَقَامَ مِلْكِ الْعَيْنِ فَهُنَا مَقْصُودَانِ حَبْسُهُ وَاسْتِحْقَاقُ الْبَيْعِ وَهُوَ أَعْظَمُهُمَا وَيَتَرَتَّبُ عَلَى الْأَوَّلِ كَالْوُضُوءِ مَقْصُودُهُ الْأَعْظَمُ إِبَاحَةُ الصَّلَاةِ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى غَسْلِ الْأَعْضَاءِ وَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ تَنْبَنِي أَكْثَرُ مَسَائِلِ الرَّهْنِ مِنْ رَهْنِ الْمُشَاعِ لِمَنْعِ الْإِشَاعَةِ دَوَامَ الْقَبْضِ بِالْمُهَايَأَةِ وَمَنَافِعُ الرَّهْنِ هَلْ لِلرَّاهِنِ أَمْ لَا؟ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ وَيُمَكَّنُ الرَّاهِنُ مِنْ مُبَاشَرَةِ الِاسْتِيفَاءِ فَهُوَ أَصْلٌ كَبِيرٌ فَاعْلَمْهُ لَنَا: قَوْله تَعَالَى {فرهان مَقْبُوضَة} قَاعِدَةٌ أُصُولِيَّةٌ الْمُشْتَقُّ إِطْلَاقُهُ قَبْلَ وُجُودِ الْمُشْتَقِّ مِنْهُ لَيْسَ حَقِيقَةً إِجْمَاعًا مِنْ بَابِ تَشْبِيهِ الشَّيْءِ بِمَا هُوَ آيِلٌ إِلَيْهِ نَحْوَ تَسْمِيَةِ الْعِنَبِ خَمْرًا وَإِطْلَاقِهِ عِنْدَ وُجُودِ الْمُشْتَقِّ مِنْهُ حَقِيقَةٌ إِجْمَاعًا نَحْوَ تَسْمِيَةِ الْخَمْرِ خَمْرًا أَوْ بَعْدَ وُجُودِهِ مَجَازًا عِنْدَ الْجُمْهُورِ نَحْوَ تَسْمِيَةِ النَّائِم يَقِظَانَ بِاعْتِبَارِ مَا مَضَى إِذَا تَقَرَّرَتْ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ فَإِذَا رَدَّ الرَّهْنَ

وَجَبَ أَلَّا يَصْدُقَ عَلَيْهِ مَقْبُوضًا فَيَكُونَ وَصْفًا لِقَبْضِ مَعْدُومٍ وَاللَّهُ تَعَالَى قَدِ اشْتَرَطَهُ فِي الرَّهْنِ لِأَنَّ الْوَصْفَ يَجْرِي مَجْرَى الشَّرْطِ وَيَلْزَمُ من عَدَمِ الشَّرْطِ عَدَمُ الْمَشْرُوطِ فَلَا يَكُونُ هَذَا رَهْنًا فَلَا يَسْتَحِقُّ بَيْعَهُ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ؛ وَلِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مَعْنَى الرَّهْنِ فِي اللُّغَةِ الْحَبْسُ وَالثُّبُوتُ فَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ وَيَدُمْ لَا يَكُونُ رَهْنًا لُغَةً فَلَا يَكُونُ رَهْنًا شَرْعًا وَهُوَ الْمَطْلُوبُ؛ وَلِأَنَّا أُمِرْنَا بِرَهْنٍ مَقْبُوضٍ إِجْمَاعًا وَأَجْمَعَنَا عَلَى أَنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ مُوفٍ بِمُقْتَضَى هَذَا الْأَمْرِ وَمُقْتَضَى الْمَشْرُوعِيَّةِ فِيهِ فَوَجَبَ أَلَّا يَكُونَ مَا ذَكَرْتُمُوهُ مَشْرُوعًا لِعَدَمِ مَا يَقْتَضِي الْعُمُوم فِي اليآية فَهِيَ مُطْلَقَةٌ وَالْقَاعِدَةُ الْأُصُولِيَّةُ أَنَّ الْمُطْلَقَ إِذَا عُمِلَ بِهِ فِي صُورَةٍ سَقَطَ اقْتِضَاؤُهُ فِيمَا عَدَا تِلْكَ الصُّورَةَ فَالْقَوَاعِدُ مَعَنَا وَالنَّصُّ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: الرَّهْنُ مَحْلُوبٌ وَمَرْكُوبٌ وَالْمُرَادُ إِمَّا الْمُرْتَهَنُ وَهُوَ بَاطِلٌ إِجْمَاعًا فَيَتَعَيَّنُ الرَّاهِنُ وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ مِنْ شَرْطِهِ الْقَبْضُ فَلَا يُشْتَرَطُ دَوَامُهُ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعَارِيَةِ وَلِأَنَّ الدَّوَامَ لَوْ كَانَ شَرْطًا لَبَطَلَ الرَّهْنُ إِذَا غُصِبَ مِنْهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ اتِّفَاقًا وَلِأَنَّ دَوَامَ الْقَبْضِ لَوْ كَانَ شَرْطًا لَبَطَلَ إِذَا أَذِنَ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ فِي بَيْعِ نِصْفِهِ وَهُوَ النُّكْتَةُ زَعَمُوا أَنَّهَا تبطل أَكثر أصولنا وَأَنا أَجْمَعَنَا أَنَّ الْقَبْضَ لَيْسَ شَرْطًا مِنْ حِينِ الْعَقْدِ إِلَى زَمَنِ الْبَيْعِ فَكَمَا لَا يَضُرُّ عَدَمُ الْيَدِ ابْتِدَاءً لَا يَضُرُّ انْتِهَاءً قِيَاسًا لِأَحَدِ الطَّرَفَيْنِ عَلَى الْآخَرِ وَلِأَنَّ لَفْظَ الْقَبْضِ مُطْلَقٌ وَالْمُطْلَقُ يَكْفِي فِيهِ صُورَةٌ فَتَعَيَّنَ مَا ذَكَرْتُمْ مِنَ الْقَاعِدَةِ فَلَا تَدُلُّ الْآيَةُ عَلَى الدَّوَامِ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْحَدِيثَ لَمْ يُعَيِّنِ الْحَالِبَ وَالرَّاكِبَ فَنَحْمِلُهُ عَلَى الْمُرْتَهَنِ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ وَالْمُطْلَقُ يَتَأَتَّى بِصُورَةٍ وَهَذِهِ الصُّورَةُ مُجْمَعٌ عَلَيْهَا فَيَسْقُطُ النَّصُّ مِنْ غَيْرِهَا وَعَنِ الثَّانِي الْقَلْبُ فِي النُّكْتَةِ فَنَقُولُ تَصَرُّفٌ مِنْ شَرْطِهِ الْقَبْضُ فَلَا يَكُونُ لِلدَّافِعِ فِيهَا بَعْدَ ذَلِكَ حَقٌّ كَالْوَاهِبِ فِي الْهِبَةِ ثُمَّ الْفَرْقُ أَنَّ مَقْصُودَ الْهِبَةِ الْمِلْكُ وَزَوَالُ الْيَدِ لَا يُنَافِيهِ وَمَقْصُودُ الرَّهْنِ التَّوَثُّقُ وَزَوَالُ الْيَدِ يُنَافِيهِ وَلَا سِيَّمَا وَالرَّهْنُ مَعْنَاهُ الِاحْتِبَاسُ وَالثُّبُوتُ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الْحُكْمَ الْقَهْرِيَّ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ شرعا بِخِلَاف الْإِكْرَاهُ وَالْجَبْرُ؛ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ يَدَ الْمُرْتَهِنِ تبقى على الْمَرْهُون وَهُوَ الرَّهْن فَلم يَبْطُلُ الْقَبْضُ؛ وَعَنِ الْخَامِسِ أَنَّ فِي الِابْتِدَاءِ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِالْقَبْضِ بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ فَمَا وُجِدَ تَفْرِيطٌ أَمَّا إِذَا رَدَّهُ

فَقَدْ فَرَّطَ فَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي الشَّرْطِ وَعَنِ السَّادِسِ أَنَّا بَيَّنَّا أَنَّ الْقَبْضَ صِفَةٌ لَازِمَةٌ لِأَنَّ الرَّهْنَ الِاحْتِبَاسُ وَالدَّوَامُ فَإِذَا بَطَلَ الْقَبْضُ بَطَلَ الرَّهْنُ فَكَمَا أَجْمَعْنَا عَلَى مَعْنَى الرَّهْنِ يَجِبُ دَوَامُهُ فَيَجِبُ دَوَامُ الْقَبْضِ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ تَفْرِيغ فِي الْكِتَابِ: لَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ فِي إِعَارَتِهِ إِيَّاهُ وَرَدِّهِ إِلَّا أَنْ يُعِيرَهُ عَلَى ذَلِكَ فَلَهُ إِلَّا أَنْ يَقُومَ الْغُرَمَاءُ أَوْ يَمُوتَ الرَّاهِنُ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ أَرْضًا فزرعتها الرَّاهِنُ بِإِذْنِكَ وَهِيَ بِيَدِكَ خَرَجَتْ مِنَ الرَّهْنِ وَكَذَلِكَ إِنْ أَكْرَى الدَّارِ بِإِذْنِكَ وَإِنَّ أَجَّرَهُ الْمُرْتَهِنُ أَوْ أَعَارَهُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ وَوَلِيَ الْمُرْتَهِنُ ذَلِكَ وَلَمْ يُسَلِّمْهُ لِلرَّاهِنِ فَلَيْسَ بِخُرُوجٍ لِبَقَاءِ الْيَدِ وَإِنْ ضَاعَ عِنْدَ الْمُسْتَأْجِرِ وَهُوَ يُغَابُ عَلَيْهِ فَهُوَ مِنَ الرَّاهِنِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَتَى قَامَ الْمُرْتَهِنُ بِرَدِّهِ قُضِيَ لَهُ إِلَّا أَنْ يَفُوتَ بِحَبْسٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ تَدْبِيرٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ قَامَ غرماؤه وسى أَشْهَبُ بَيْنَ الْعَارِيَةِ وَغَيْرِهَا فِي أَنَّ لَهُ الرَّدَّ مَا لَمْ يَفُتْ بِمَا تَقَدَّمَ وَسَوَّى فِي كتاب حَرِيم البير " بَيْنَ " أَنْ يَسْكُنَ أَوْ يَأْذَنَ لَهُ فِي السَّكَنِ أَوِ الْكِرَاءِ وَقَالَ أَشْهَبُ بَلْ حَتَّى يَكْرِيَهَا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَذِنَ لَهُ السَّقْيَ مِنَ الْبِئْرِ أَوِ الْعَيْنِ الْمُرْتَهِنَةِ خَرَجَتْ مِنَ الرَّهْنِ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَلَا يَكْرِي الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ إِلَّا بِإِذْنِ الرَّاهِنِ لِمِلْكِهِ الْمَنَافِعَ إِلَّا أَنْ يَرْتَهِنَهُ عَلَى ذَلِكَ قَالَ أَشْهَبُ: إِنْ شَرَطَ أَنَّ كِرَاءَهُ رَهْنٌ مَعَ رَقَبَتِهِ فَلَهُ أَنْ يَكْرِيَهُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ لِانْتِقَالِ الْمَنْفَعَةِ إِلَيْهِ وَعَنْ مَالِكٍ لَا يَحْتَاجُ إِذْنَهُ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْمَنَافِعَ تَابِعَةٌ لِلرَّقَبَةِ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى: إِنْ أَكْرَى الْمُرْتَهِنُ بِغَيْرِ إِذْنِ الرَّاهِنِ لَزِمَ الرَّاهِنُ لِأَنَّهُ صَارَ كَالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ فَإِنْ حَابَى ضَمِنَ الْمُحَابَاةَ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ تَعْجِيلُ الدَّيْنِ وَفَسْخِ الْكِرَاءِ إِنْ كَانَ بِلَا وَجِيبَةٍ وَإِلَّا فَلَهُ وَإِنْ كَانَ أَجَّلَهُ دُونَ أَجَلِ الدّين قَالَه عبد الْمَالِك وَقَالَ أَصْبَغُ: إِنْ كَانَتْ وَجِيبَةٌ إِلَى أَجَلِ الدّين أَو دون فَلَيْسَ أَو أبعد فَلَهُ الْفَسْخُ فِيمَا زَادَ إِذَا حَلَّ الْأَجَلُ وَإِنَّمَا فرق عبد الْمَالِك بَيْنَ الْوَجِيبَةِ وَغَيْرِهَا لِأَنَّ عَقْدَ الْكِرَاءِ إِذَا انْعَقَد على مُعَيَّنٍ يُقَدَّرُ بِنَفْسِهِ وَلَمْ يُفْسَخْ لِفَوَاتِ زَمَانٍ وَإِذَا عُلِّقَ بِزَمَنٍ مُعَيَّنٍ وَقُدِّرَ بِهِ انْفَسَخَ بِفَوَاتِ ذَلِكَ الزَّمَانِ وَوَجْهُ قَوْلِ أَصْبَغَ أَنَّ الْكِرَاء على اللُّزُوم فَيلْزم فميا لَا مَضَرَّةَ فِيهِ عَلَى الرَّاهِنِ. قَالَ أَصْبَغُ: وَلَيْسَ لَهُ فِي الدَّيْنِ كِرَاؤُهَا بِوَجِيبَةٍ طَوِيلَةٍ فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يَلْزَمِ الرَّاهِنُ إِذَا عُجِّلَ الدّين

- (فرع)

3 - (فَرْعٌ) فِي الْمُنْتَقَى قَالَ: إِنْ تَرَكَ الْمُرْتَهِنُ أَنْ يُكْرِيَ الدَّارَ الَّتِي لَهَا قَدْرٌ أَوِ الْعَبْدَ الْكَثِيرَ الْخَرَاجِ حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ ضَمِنَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ لِتَضْيِيعِهَا عَلَى الرَّاهِنِ وَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ أما الحقير فَلَا قَالَه عبد الْمَالِك وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يَضْمَنُ فِي الْوَجْهَيْنِ كَالْوَكِيلِ عَلَى الْكِرَاءِ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: إِذَا مَاتَ الرَّاهِنُ قَبْلَ أَجَلِ الدَّيْنِ بِيعَ الرَّهْنُ وَقُضِيَ الْحَقُّ لِأَنَّ مَنْ مَاتَ حَلَّتْ دُيُونُهُ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ: إِذَا جَنَى الْعَبْدُ خُيِّرَ السَّيِّدُ فَإِنْ فَدَاهُ بَقِيَ رَهْنًا وَإِنْ سَلَّمَهُ خُيِّرَ الْمُرْتَهِنُ فَإِنْ أَسْلَمَهُ فَهُوَ لِأَهْلِ الْجِنَايَةِ بِمَالِهِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَدَيْنُ الْمُرْتَهِنِ بِحَالِهِ وَإِنْ فَدَاهُ لَمْ يَكُنْ لِلسَّيِّدِ أَخْذُهُ حَتَّى يَدْفَعَ مَا فَدَاهُ مَعَ الدَّيْنِ وَلَا يَكُونُ بِمَالِهِ رَهْنًا بِدَيْنٍ وَلَا أَرْشٍ إِلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ فِي الدّين أَولا فَإِنِ امْتَنَعَ سَيِّدُهُ مَنْ أَخْذِهِ بِيعَ إِذَا حَلَّ الْأَجَلُ لَا قَبْلَهُ فَيَبْدَأُ بِمَا فَدَاهُ بِهِ مَعَ الدَّيْنِ وَلَا يَكُونُ بِمَالِهِ رَهْنًا بِدَيْنٍ وَلَا أَرْشٍ إِلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ فِي الدَّيْنِ أَولا فَإِنِ امْتَنَعَ سَيِّدُهُ مَنْ أَخْذِهِ بِيعَ إِذَا حل الْأَجَل لاقبله فَيبْدَأ بِمَا هداه بِهِ الْمُرْتَهِنُ لِتَعَلُّقِ الْفِدَاءِ بِالرَّقَبَةِ وَحَقُّ الرَّهْنِ إِنَّمَا هُوَ بِالتَّوَثُّقِ فَإِنْ سَاوَتْ رَقَبَتُهُ أَقَلَّ من الْفِدَاء لم يتبع السَّيِّد بِالْفَضْلِ فِي الدَّيْنِ وَإِنْ فَدَاهُ الْمُرْتَهِنُ بِأَمْرِ الرَّاهِنِ اتَّبَعَهُ الْمُرْتَهِنُ بِمَا فَدَاهُ بِهِ وَبِالدَّيْنِ فَإِنْ " قَالَ " الرَّاهِنُ أَنَّ الْعَبْدَ جَنَى جِنَايَةً وَهُوَ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ وَلَمْ تَشْهَدْ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ وَالرَّاهِنُ مُعْدِمٌ لم يصدق لتعدي إِقْرَاره بِبُطْلَان حَقِّ الْمُرْتَهِنِ أَوْ مَلِيءٌ فَإِنْ فَدَاهُ بَقِيَ رَهْنًا وَلَوْ أَسْلَمَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ فَيُؤَدِّيَ الدَّيْنَ وَيَدْفَعَ الْعَبْدَ بِجِنَايَتِهِ فَإِن قَبْلَ الْأَجَلَ فَالْمُرْتَهِنُ أَحَقُّ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْجِنَايَةِ لِتَقَدُّمِ حَقِّهِ بِخِلَافِ ثُبُوتِ الْجِنَايَةِ بِالْبَيِّنَةِ فِي النكث لِبَعْضِ شُيُوخِنَا: كَانَ يَنْبَغِي إِذَا افْتَكَّ الْعَبْدُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَبِيعَ بَعْدَ الْأَجَلِ أَنْ تَكُونَ نَفَقَتُهُ عَلَى السَّيِّدِ لِأَنَّهُ كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ أَوَّلًا وَإِذَا أَرَادَ

الْمُرْتَهِنُ دَفْعَ الْجِنَايَةِ مِنْ مَالِ الْعَبْدِ [فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ] وَأَمَّا الرَّهْنُ فَذَلِكَ لِلرَّاهِنِ اشْتَرَطَ الْمَالَ رَهْنًا أَمْ لَا لِأَنَّ الْمَالَ إِذَا قَبَضَهُ أَهْلُ الْجِنَايَةِ قَدْ يُسْتَحَقُّ فَيَلْزَمُ السَّيِّدُ غُرْمٌ مِثْلُهُ لِأَنَّ رِضَاهُ بِدَفْعِهِ كَدَفْعِهِ ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ وَلَوْ دَفَعَهُ مِنْ مَالِهِ وَاسْتَحَقَّ غُرِّمَ مِثْلَهُ فَإِذَا أَرَادَ الرَّاهِنُ ذَلِكَ وَأَبَى الْمُرْتَهِنُ فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطِ الْمُرْتَهِنُ الْمَالَ رَهْنًا فَلَا مَقَالَ لَهُ وَإِلَّا إِنْ دَعَا إِلَى فِدَاهُ فَذَلِكَ لَهُ وَإِنْ أَسْلَمَ الْعَبْدُ فَذَلِكَ لِلرَّاهِنِ لِسُقُوطِ حَقِّهِ بِإِسْلَامِهِ لِأَنَّ أَهْلَ الْجِنَايَةِ يَأْخُذُونَهُ بِمَالِهِ فَلَا حُجَّةَ لَهُ فِي مَالِهِ إِذَا رَضِيَ بِدَفْعِ الْأَرْشِ مَنْ مَالِ الْعَبْدِ قَالَ التُّونِسِيُّ: بَيْعُهُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ أَشْبَهُ لِأَن الْمُرْتَهن حل فِيهِ مَحل الْمَجْنِي وَقَوْلُهُ لَا يَكُونُ مَالُهُ رَهْنًا فِي الْجِنَايَةِ لَا يُفْهَمُ إِلَّا أَنْ يَظْهَرَ قَصْدُهُ لِبَقَائِهِ عَلَى مَا كَانَ وَعَنْ مَالِكٍ: إِذَا بِيعَ بِمَالِهِ أُخِذَتِ الْجِنَايَةُ مِنْ جَمِيعِ مَا بِيعَ بِهِ ثُمَّ يَنْظُرُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى قَدْرِ مَا زَادَ مَالُهُ فِي ثَمَنِهِ فَإِنْ كَانَ النِّصْفُ فَنِصْفُ الْبَاقِي بَعْدَ الْجِنَايَةِ لِلْمُرْتَهِنِ مِنْ دَيْنِهِ وَالْبَاقِي الزَّائِدُ مِنْ جِهَةِ الْمَالِ الَّذِي لَمْ يَكُنْ رَهْنًا مَعَهُ لِلْغَرِيمِ مَعَ بَقِيَّةِ الْغُرَمَاءِ وَهُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّ الْمَالَ وَالرَّقَبَةَ كَانَا مَرْهُونَيْنِ فِي الْجِنَايَةِ وَقَدْ فَدَاهُمَا الْمُرْتَهِنُ جَمِيعًا فَيبْدَأ من جملَة ثمنهَا وَإِذَا جَنَى فَخُيِّرَ سَيِّدُهُ فَأَسْلَمَهُ فَافْتَدَاهُ الْمُرْتَهِنُ بِدِيَةِ الْجِنَايَةِ أَوْ بِزِيَادَةٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ ثُمَّ جَنَى عَلَى آخَرَ بِمِثْلِ جِنَايَةِ الْأَوَّلِ فَإِنْ كَانَ زَادَ عَلَى الْجِنَايَةِ فَقَدْ صَار مَالِكًا لَهُ يُخَيّر هُوَ فِي إِسْلَامِهِ كُلِّهِ وَافْتِدَائِهِ وَأَمَّا إِنِ افْتَدَاهُ بِدِيَةِ الْجِنَايَةِ الْأُولَى وَلَمْ يَزِدْ شَيْئًا وَقَدْ كَانَ أَسْلَمَهُ لِسَيِّدِهِ ثُمَّ جُرِحَ آخَرُ فَإِن سَيّده يُخَيَّرُ فِي إِسْلَامِهِ كُلِّهِ وَافْتِدَائِهِ بِدِيَةِ هَذِهِ الْجِنَايَة الْأَخِيرَة فَإِن افتداه كَانَ مَرْهُونًا عَلَى حَالِهِ فَإِذَا بِيعَ فَقَدْ قِيلَ يَأْخُذُ مُرْتَهِنُهُ مِنْ ثَمَنِهِ مَا فَدَاهُ بِهِ مِنْ دِيَةِ الْجُرْحِ الْأَخِيرِ فَيَحْسُبُهُ مِنْ دَيْنِهِ لِأَنَّ جُرْحَهُ الْآخَرَ كَانَ أَوْلَى بِرَقَبَتِهِ مِنَ الْجُرْحِ الْأَوَّلِ وَالْجُرْحُ الْأَوَّلُ أُولَى مِنَ الرَّهْنِ فَيَأْخُذُ ذَلِكَ الْمُرْتَهِنُ مِنْ دَيْنِهِ وَمِنَ الدِّيَّةِ الْأَخِيرَةِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ ذَلِكَ الْجُرْحَ الْآخَرَ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ لَمْ يَسْتَوْفِ مِنَ الْفَضْلَةِ بَقِيَّةَ دَيْنِهِ الَّذِي ارْتَهَنَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ دِيَةَ الْجِنَايَةِ الْأُولَى فَإِنْ فَضَلَ مِنْهَا شَيْءٌ اسْتَوْفَى مِنْهُ بَقِيَّةَ رَهْنِهِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ دِيَةِ الأولى لم

يَتْبَعْهُ الْمُرْتَهِنُ بِذَلِكَ الْقَدْرِ مِنْ دِيَةِ جِنَايَتِهِ الَّتِي كَانَ أَدَّاهَا فَإِنَ فَضَلَ شَيْءٌ أَخَذَهُ مِنْ بَقِيَّةِ دَيْنِهِ وَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ أَتْبَعَهُ بِبَقِيَّةِ دَيْنِهِ خَاصَّةً وَكَذَلِكَ إِنْ عَجَزَ الثَّانِي عَنِ الَّذِي أَدَّاهُ الْمُرْتَهِنُ فِي الْجِنَايَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِلَّا الْبَاقِي بَعْدَ جَمِيعِ جِنَايَة وبحه (كَذَا) وَخَالَفَ أَشْهَبُ فَقَالَ يَأْخُذُ الْمُرْتَهِنُ إِذَا بِيعَ جَمِيعُ دَيْنِهِ لِأَنَّ الْجُرْحَ الْآخَرَ كَانَ أَوْلَى بِرَقَبَتِهِ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ أَخَذَهُ الْمُرْتَهِنُ فِيمَا كَانَ افْتَدَاهُ بِهِ فَإِنْ فَضَلَ عَنْ ذَلِكَ شَيْءٌ رُدّ إِلَى السَّيِّدِ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْجُرْحَ الْآخَرَ عِنْدَهُ اسْتَغْرَقَ قِيمَتَهُ لَهُ إِلَّا أَنْ يَفْضُلَ عَنِ الدَّيْنِ فَيَكُونَ لِلْجُرْحِ الْأَوَّلِ فَإِنْ فَضَلَ عَنْهُ شَيْءٌ فَهُوَ لِسَيِّدِهِ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَيْسَ لَهُ أَكْثَرُ مِمَّا خَرَجَ وَلَوْ أَقَرَّ الرَّاهِنُ أَنَّ عَبْدَهُ جَنَى بَعْدَ الرَّهْنِ فَإِنْ رَضِيَ بِإِسْلَامِهِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ إِلَّا أَنْ يَرْضَى بِأَدَاءِ الدَّيْنِ مُعَجَّلًا لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَا يَتَعَدَّى ضَرَرُهُ المقرَّ وَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَقُولُ إِنَّمَا تَعَدَّى بَعْدَ أَنْ رَهَنْتُهُ وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ جَنَى قَبْلَ الرَّهْنِ ثُمَّ رَهَنَهُ وَرَضِيَ بِافْتِكَاكِهِ بَقِيَ رَهْنًا وَإِنْ لَمْ يُفِدْهُ وَلَا تحمَّل الْجِنَايَةَ وَحَلَفَ أَنَّهُ مَا رَضِيَ بِتَحَمُّلِهَا أُجبر عَلَى إِسْلَامِهِ وَعُجِّلَ الدَّيْنُ كَمَنْ أَعْتَقَ الرَّهْنَ أَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ لِغَيْرِهِ وَالدَّيْنُ مِمَّا يَجُوزُ لَهُ تَعْجِيلُهُ وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ عُرُوضًا مِنْ بَيْعٍ وَلَمْ يَرْضَ مَنْ هِيَ لَهُ بتعجيلها مَا صَحَّ إِقْرَاره عَلَى الْمُرْتَهِنِ كَمَا لَوْ كَانَ مُعْسِرًا وَالدَّيْنُ مِمَّا لَهُ تَعْجِيلُهُ وَيُخَيَّرُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فِي إِغْرَامِهِ الْقِيمَةَ يَوْمَ رَهْنِهِ لِأَنَّهُ مَنَعَهُ غَلَّتَهُ فأشهب الْغَاصِبَ وَفِي عَبْدِهِ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ فَيُبَاعَ فِيهِ ويتبعونه بِثمنِهِ قَالَ وَانْظُر إِذا اعْتِقْ الْعَبْدُ وَالدَّيْنُ عُرُوضٌ مِنْ بَيْعٍ وَلَمْ يَرْضَ الْمُرْتَهِنُ تَعْجِيلَهَا هَلْ يُغَرَّمُ قِيمَتَهُ وَتُوقَفُ أَوْ يَأْتِي بِرَهْنٍ مِثْلِهِ أَوْ يَبْقَى رَهْنًا بِحَالِهِ؟ وَلَا يَجُوزُ عِتْقُهُ لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ فِي أَنْ لَا تَتَبَدَّلَ عَلَيْهِ الرِّهَانُ وَإِنْ كَانَ عَبْدُ الْملك قد قَالَ فِي الرَّهْن يسْتَحق وَقد غَيْرُهُ إِنَّ لِلرَّاهِنِ الْإِتْيَانَ بِرَهْنٍ وَلَا يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ وَأَمَّا إِذَا كَانَ لَهُ التَّعْجِيلُ فَقَالَ يَمْضِي الْعِتْقُ وَيُعَجَّلُ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ يُغَرَّمُ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ أَوِ الدَّيْنَ وَفِي بَعْضِ الْكُتُبِ يُعَجَّلُ الدَّيْنُ وَمَا بَيْنَهُمَا فَرْقٌ وَالْأَشْبَهُ الْقِيمَةُ إِلَّا أَنْ تُفْهِمَ إِرَادَتُهُ تَعْجِيلَ الدَّيْنِ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا جَنَى خُيِّرَ سَيِّدُهُ فِي فِدَائِهِ وَبَقَائِهِ رَهْنًا أَوْ يُسَلِّمُهُ فَيُخَيَّرُ الْمُرْتَهِنُ فِي ثَلَاثَة: إِسْلَامه وَاتِّبَاع غَرِيمه

- (فرع)

مِنَ الْجِنَايَةِ وَإِذَا خَافَ الرَّاهِنُ الْهَلَاكَ عَلَى الزَّرْعِ وَأَبَى الْمُرْتَهِنُ النَّفَقَةَ فَأَخَذَ مَالًا مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَأَنْفَقَهُ عَلَيْهِ فَالْأَجْنَبِيُّ أَحَقُّ بِمَبْلَغِ نَفَقَتِهِ من ثمن الزَّرْع من الْمُرْتَهن وَإِن فضل شَيْءٌ رَجَعَ الْمُرْتَهِنُ بِدَيْنِهِ عَلَى الرَّاهِنِ وَمَعْنَاهُ إِذَا شَرَطَ نَفَقَةَ الْأَجْنَبِيِّ فِيهِ وَإِلَّا فَفِي ذِمَّةِ الرَّاهِنِ وَفِي الْكِتَابِ: إِذَا ارْتَهَنْتَ أَرْضًا فَأخذ السُّلْطَان مِنْك خراجها لن تَرْجِعَ بِهِ عَلَى الرَّاهِنِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْخَرَاجُ حَقًّا وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا لم يجد مَنْ يَبِيعُ الرَّهْنَ إِلَّا بِجَعْلٍ الْجُعْلُ عَلَى طَالِبِ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ صَاحِبُ الْحَاجَةِ وَالرَّاهِنُ يَرْجُو الدَّفْعَ مِنْ عَيْنِ الرَّهْنِ وَقَالَ أَصْبَغُ: عَلَى الرَّاهِنِ لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا أكرى الدَّارَ ثُمَّ طَلَبَ أَجْرًا وَمِثْلُهُ يُوَاجِرُ نَفْسَهُ فَذَلِكَ لَهُ وَإِلَّا فَلَا وَفِي الْجَوَاهِرِ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي غَيْرِ الْكِتَابِ: يُجْبَرُ الرَّاهِنُ عَلَى إِصْلَاحِ الزَّرْعِ إِنْ كَانَ مَلِيًّا 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: إِذَا وَلَدَتِ الْأَمَةُ الرَّهْنُ ثُمَّ مَاتَتْ فَوَلَدُهَا بِجَمِيعِ الرَّهْنِ لِانْدِرَاجِهِ فِي الرَّهْنِ بِأَجْزَائِهَا 3 - (فَرْعٌ) قَالَ: إِذَا ارْتَهَنْتَ خُلْخَالَيْنِ ذَهَبًا فِي مِائَةِ دِرْهَمٍ فَاسْتَهْلَكْتَهُمَا قَبْلَ الْأَجَلِ أَوْ كَسَرْتَهُمَا وَقِيمَتُهُمَا مِائَةُ دِرْهَمٍ لَمْ تُقَاصِصْهُ بِدَيْنِكَ بل توخذ قيمتهمَا وتوضع عِنْد عدل مطبوع عَلَيْهَا رَهْنًا فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ أَخَذْتَهَا وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَا فِضَّةً فَلَزِمَتْكَ الْقِيمَةُ دَنَانِيرَ فَإِنْ أَوْفَاكَ أَخَذَ الدَّنَانِيرَ وَإِلَّا صُرِفَتْ لَكَ وَأَخَذْتَ ثَمَنَهَا مِنْ حَقِّكَ لِأَنَّهَا بَدَلُ الرَّهْنِ فَجُعِلَتْ كَالرَّهْنِ وَقَدْ كَانَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَقُولُ: إِذَا كُسِرَا فَفِيهِمَا نَقْصُ الصِّيَاغَةِ ثُمَّ رَجَعَ لِلْقِيمَةِ ويكونان لَهُ وَلَا يكونَانِ للرَّاهِن لَا يَكُونُ الرَّهْنُ بِمَا فِيهِ وَلَكِنَّ الْمُرْتَهِنَ ضَامِنٌ قِيمَتَهُ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ: رَوَيْنَا يُطْبَعُ عَلَى

- (فرع)

الْقيمَة أَو تُوضَع على يَد عدل بِأَو وَرَجَّحَهَا جَمَاعَةٌ عَلَى رِوَايَةِ الْوَاوِ لِأَنَّ وَضْعَهَا على يَد الْعدْل يغنيها على الطَّبْعِ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ عَلَى السَّلَفِ وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ تُوضَعُ عِنْدَ صَاحِبِهَا مَطْبُوعَةً لِنَفْيِ التُّهْمَةِ بِالطَّبْعِ وَلِأَنَّهَا لَا تُرَادُ لِعَيْنِهَا فَيُخْشَى سَلَفُهَا أَو يرغب فِي عينهَا فيحبسها ويودي ثمنهَا لَكِن يطبع عَلَيْهَا لَيْلًا يَتَعَجَّلَ حَقَّهُ قَبْلَ الْأَجَلِ وَقِيلَ تُدْفَعُ الْقِيمَةُ لِرَبِّ السُّوَارَيْنِ إِنْ جَاءَ بِرَهْنٍ ثِقَةٍ وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ عَلَيْهِ مَا نَقَصَتِ الصِّيَاغَةُ وَعَنْ مَالِكٍ عَلَيْهِ أَنْ يَصُوغَهُمَا قَالَ وَيُصَدَّقُ الْمُرْتَهِنُ فِيمَا كَانَ فِي الْخُلْخَالَيْنِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ فَإِنْ قَالَ لَا أَعْلَمُ وَقَالَ الرَّاهِنُ فِيهِمَا كَذَا حلف وَاسْتحق وَإِن كَانَ مِمَّا يخْشَى حلق أَنه دفع للصائع عَن الْعَمَل وَكَذَا وَأَنَّهُ أَخَذَهُ عَلَى ذَلِكَ قَالَهُ مَالِكٌ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكتاب: إِن لَمْ أَفْتَكَّهُ فَهُوَ بِالدَّيْنِ يَمْتَنِعُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ غرر وَقَالَهُ الأيمة وَيُنْقَضُ لِلرَّهْنِ وَلِلْمُرْتَهِنِ حَبْسُهُ بِحَقِّهِ وَهُوَ أَحَقُّ مِنَ الْغُرَمَاءِ فَإِنْ فَاتَ بِيَدِهِ بِمَا يَفُوتُ بِهِ الْبَيْعُ الْفَاسِدُ لَزِمَتْهُ قِيمَتُهُ يَوْمَ حُلُولِ الْأَجَلِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فَاسِدٌ وَيُقَاصِهِ بِالدَّيْنِ فَيَرُدُّ الْفَضْلَ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا شَرَطَ ذَلِكَ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ فَسَدَ الْبَيْعُ وَالرَّهْنُ وَاخْتَلَفَ إِذَا فَاتَ بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَهُوَ عَلَى يَدِ عَدْلٍ هَلْ مُصِيبَتُهُ مِنَ الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّ الْعَدْلَ قَابَضَهُ أَوْ مِنَ الرَّاهِنِ لِأَنَّ الْحُكْمَ أَنْ يرد ذَلِك الرضى (كَذَا) قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِنْ كَانَ الرَّهْنُ بَعْدَ الْبَيْعِ فَسَدَ الرَّهْنُ وَحْدَهُ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: إِذَا ضَمِنْتَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَقَامَ لَكَ غُرَمَاء وَلَا مَال لَك غير دينه فعلى غريمك غرم دينك وَله محاصة عزمائك بِقِيمَةِ رَهْنِهِ وَلَا يَكُونُ دَيْنُكَ عَلَيْهِ رَهْنًا لَهُ بِذَلِكَ لِأَنَّكَ لَمْ تَرْهَنْهُ وَلَا لَهُ الْمُحَاصَّةُ بِذَلِكَ وَكَذَلِكَ إِنْ أَسْلَفْتَهُ ثُمَّ ابْتَعْتَ مِنْهُ سلْعَة بِثمن وَلم يذكر أَنَّ ذَلِكَ فِي دَيْنِكَ ثُمَّ قَامَ الْغُرَمَاءُ على أَحَدكُمَا فَلَا يكون

وَطِئِهَا حَتَّى يَفْتَكَّهَا وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يُجِيزُ هَذَا النِّكَاحَ بِحَالٍ وَكَذَلِكَ نِكَاحُ الْمُسْتَأْجِرَةِ وَالظَّئْرِ اللَّائِي لَا يَقْدِرُ عَلَى وَطْئِهِنَّ وَكُلُّ مَنْ لَا يَجُوزُ وَطْؤُهَا لَا يَجُوزُ عَقْدُهَا كَالْمُعْتَدَّةِ وَالْمُحَرَّمَةِ وَقَدْ جَاءَ نِكَاحُ الْمُعْتَكِفَةِ مَعَ تَحْرِيمِهِ وَالصَّائِمَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا لَمْ يكن لَهُ مَالٌ وَثَمَنُ الْكِتَابَةِ إِذَا بِيعَتْ يُوَفِّي الْكِتَابَةَ بِيعَتْ وَلَعَلَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يُرِيدُ فِي التَّدْبِيرِ أَنه حل الْأَجَل وَهُوَ مُعسر بِيعَتْ الْمُدبرَة لَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: الْكِتَابَةُ مِثْلُ التَّدْبِيرِ لَا يَتَعَيَّنُ التَّعْجِيلُ وَقَالَ أَشْهَبُ: هُمَا مِثْلُ الْعِتْقِ يُعَجَّلُ الْحَقُّ فِي الْمِلَاءِ وَإِلَّا بَقِيَ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ فَإِنْ أَدَّى الدَّيْنَ نَفَذَ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِلَّا بِيعَ وَإِنْ كَانَ بعض الثّمن يَفِي عُتِقَ الْبَاقِي وَقَالَ أَشْهَبُ: يُبَاعُ الْجَمِيعُ فِي الْوِلَادَةِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ وَفَضْلُ ثَمَنِهِ لِسَيِّدِهِ لِتَعَذُّرِ كِتَابَةِ بَعْضِهِ أَوْ تَدْبِيرِهِ أَوْ أُمِّ وَلَدِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ: يَبْقَى فِي الْكِتَابَةِ وَالتَّدْبِيرِ رَهْنًا لِأَنَّ الْكِتَابَةَ مِمَّا تُبَاعُ فَإِنْ تَمَّ الْأَجَلُ وَفِيهَا وَفَاءٌ بِيعَتْ وَلَا يُبَاعُ الْفَضْلُ عَنِ الْوَفَاءِ إِعْمَالًا لِسَبَبِ الْعِتْقِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ وَإِنْ لَمْ تُوفِ إِلَّا بِالرَّقَبَةِ بِيعَتْ لِسَبْقِ حَقِّ الدَّيْنِ وَيُبَاعُ الْمُدَبَّرُ إِذَا حَلَّ الْأَجَلُ وَلَا يُبَاعُ بَعْضُهُ عَلَى أَنَّهُ مُدَبَّرٌ عَلَى حَالِهِ وَلَا عَلَى أَنْ يُقَاوِيَهُ لِلْغَرَرِ فِي الْبَيْعِ بِالْجَهْلِ بِمدَّة بَقَائِهِ مُدبرا أحبلها بيع بَعْضهَا وَيبقى ياقيها أَمَّ وَلَدٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: يُبَاعُ بَعْضُ الْمُدَبَّرِ عَلَى أَنَّهُ رَقِيقٌ لِلْمُبْتَاعِ وَبَقِيَّتُهُ مُدَبَّرٌ لِجَوَازِ تَدْبِيرِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ وَلَا ذَلِك فِي الْمكَاتب وَقَالَ أَشهب: إِن كَانَ هَذَا قَبْلَ حَوْزِ الرَّهْنِ نَفَذَ كُلُّهُ وَلَا رَهْنَ لَهُ فِي الْعِتْقِ وَحْدَهُ وَلَا يُعَجَّلُ لَهُ الْحَقُّ وَأَمَّا فِي التَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ فَلِلْمُرْتَهِنِ قَبْضُ رَهْنِهِ فَيَبْقَى رَهْنًا بِيَدِهِ وَهُوَ مُدَبَّرٌ وَمُكَاتَبٌ وَالْكِتَابَةُ مَعَهُ رَهْنٌ بِخِلَافِ خِدْمَةِ الْمُدبر إِلَّا أَن تشْتَرط فِي اصل الرَّهْن وَالْكِتَابَة كالرقبة كالغلة (كَذَا) وَقَالَ مُحَمَّدٌ: الْكِتَابَةُ كَالْغَلَّةِ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ رَهْنًا إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهَا فِي أَصْلِ الرَّهْنِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَوْ أُعْتِقَ بَعْدَ الْقَبْضِ وَلَيْسَ بِمَلِيءٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي ثَمَنِهِ فَضْلٌ لَمْ يُبَعْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَا يُعْتَقَ حَتَّى يَحُلَّ الْأَجَلُ وَقَالَهُ مَالِكٌ فَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلُ بَيْعٍ بِقَدْرِ الدَّيْنِ وَعِتْقِ الْبَاقِي وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَبْتَاعُ بَعْضُهُ بِيعَ كُلُّهُ وَمَا فَضَلَ عَنِ الدَّيْنِ يَصْنَعُ بِهِ السَّيِّدُ مَا شَاءَ لِبُطْلَانِ الْعِتْقِ بِالتَّعَذُّرِ قَالَ ابْنُ يُونُس:

لَا يُبَاعُ كُلُّهُ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ لَعَلَّ السَّيِّدَ يُفِيدُ مَالًا فَيُعْتَقُ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ قَالَ أَشْهَبُ: فَإِنْ كَانَ لِلسَّيِّدِ مَالٌ عَتَقَ مَكَانَهُ وَإِن لم يحل الْأَجَل وَقضى الدي الْآن لتعذر الرَّهْن وَلم يُؤَخر الْمُرْتَهن لِأَجْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَقَضَى الْعَبْدُ الدَّيْنَ مِنْ مَالِهِ عَتَقَ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى السَّيِّدِ لِأَنَّهُ صَرَفَهُ فِي مَصَالِحِهِ وَفِي الْكِتَابِ: إِذَا أَعْتَقَ الْمِدْيَانُ فَأَرَادَ الْغُرَمَاءُ رَدَّ الْعتْق وَبيع العَبْد فللعبد أَوْ أَجْنَبِيٍّ دَفْعُ الدَّيْنِ وَيَنْفُذُ الْعِتْقُ وَقَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: يَنْبَغِي لَوْ أَسْلَفَ سَيِّدُهُ أَنْ يَرْجِعَ لِأَنَّ لِلْغُرَمَاءِ الصَّبْرَ بِدَيْنِهِمْ وَإِجَازَةَ الْعِتْقِ وَلِأَنَّ السَّيِّدَ لَوْ أَعْتَقَهُ وَلِلْعَبْدِ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَمْ يَكُنِ اسْتَثْنَى مَالَهُ بَقِيَ دَيْنُهُ عَلَى سَيِّدِهِ وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا وَطِئَهَا وَهِيَ تَتَصَرَّفُ فِي حَوَائِجِ الْمُرْتَهِنِ فَحَمَلَتْ بِيعَتْ بَعْدَ الْأَجَلِ وَالْوَضْعِ دُونَ وَلَدِهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ وَالصَّوَابُ أَنَّ عَلَى الْمُرْتَهِنِ مَا نَقَصَهَا وطوه وَإِنْ طَاوَعَتْهُ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا وَهُوَ أَشَدُّ مِنَ الْإِكْرَاهِ لِأَنَّهَا فِي الْإِكْرَاهِ لَا تُعَدُّ زَانِيَةً وَفِي الْمُطَاوَعَةِ زَانِيَةً فَقَدْ دَخَلَهَا الْعَيْبُ وَعَنْ أَشْهَبَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي نَقْصِهَا وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا إِنْ طَاوَعَتْهُ كَالْحُرَّةِ لِأَنَّهُ مِنْ مَهْرِ الْبَغِيِّ وَجَوَابُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهَا كَالسِّلْعَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِنْ كَانَتْ عِنْدَ عَدْلٍ فَسَلَّمَهَا لِلرَّاهِنِ فَحَمَلَتْ مِنْهُ وَهُوَ فَقِيرٌ ضَمَّنَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْأَمِينَ قِيمَتَهَا يَوْمَ حَمَلَتْ وَيَتْبَعُ الْأَمِينُ السَّيِّدَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فَقِيرًا فالمرتهن أَحَق بالجارية إِذْ لَمْ يَعْلَمْ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا سَبِيلَ لِلْمُرْتَهِنِ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَا فَقِيرَيْنِ الرَّاهِنُ وَالْعَدْلُ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ: اخْتُلِفَ فِي إِعْتَاقِ الرَّاهِنِ فَفَصَلَ مَالِكٌ بَيْنَ الْمُوسِرِ وَالْمُعْسِرِ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ نَفَّذَ الْعِتْقَ مِنَ الْمُعْسِرِينَ فِي عِدَّةِ مَسَائِلَ وَإِنْ أَبْطَلَ حَقَّ الْغَيْرِ وَيَتَعَذَّرُ الْفَرْقُ وَتَتَشَعَّبُ الْفُرُوع وَالْأُصُول وَبَينهمَا (كَذَا) يُحْكَمُ عَلَى الرَّاهِنِ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ يُذْهِبُ مَالَهُ وَرَدُّ الْعِتْقِ لَا يَتَعَذَّرُ شَرْعًا فَكَمْ عِتْقٍ يُرَدُّ وَأُمُّ وَلَدٍ تُبَاعُ! قَالَ: وَالصَّحِيحُ عِنْدِي أَن لَا يُحْكَمَ بِنُفُوذِهِ إِلَّا بَعْدَ أَدَاءِ الْمَالِ وَقَبْلَ ذَلِكَ مَوْقُوفٌ وَالْعَجَبُ مِنْ أَصْحَابِنَا يُبْطِلُونَ الرَّهْنَ بِالْعِتْقِ ويضعفونه مَعَ سريانه للْوَلَد كَمَا يسري الْعتْق

- (فرع)

جَارِيَةٌ لِلْعَبْدِ الْوَطْءُ بِخِلَافِ رَهْنِهِ وَجَارِيَتِهِ وَهُوَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمُوَازِيَةِ وَلَا فَرْقَ لِشِبْهِ الِانْتِزَاعِ فِي الْوَجْهَيْنِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الحكم إِذْ زَوَّجَهَا وَلَمْ يَرْضَ الْمُرْتَهِنُ فُسِخَ النِّكَاحُ دَخَلَ أَمْ لَا لِتَضَمُّنِهِ النَّهْيَ وَلَوْ دَخَلَ بِغَيْرِ علم الْمُرْتَهن فاقتضها فَعَلَيْهِ صَدَاقُ الْمِثْلِ يُوقَفُ مَعَهَا فِي الرَّهْنِ كَالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا فَإِنْ نَقَصَهَا الِافْتِضَاضُ أَكْثَرَ مِنَ الصَّدَاقِ غُرِّمَ ذَلِكَ لِلسَّيِّدِ وَيُوقَفُ مَعَ الصَّدَاقِ وَلها الْأَكْثَر من الْمُسَمّى أَو صدق الْمثل لعدم تعْيين الصِّحَّة وَلَو افنكها السَّيِّدُ قَبْلَ الْبِنَاءِ انْفَسَخَ لِتَحْرِيمِهِ فِي أَصْلِهِ وَيَقُولُ سَحْنُونٌ أُبِينُهَا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلسَّيِّدِ مَالٌ فُسِخَ النِّكَاحُ وَإِنْ لَمْ يَشْعُرْ بِذَلِكَ حَتَّى بَنَى وَلَهُ مَالٌ تَعَجَّلَ الْمُرْتَهِنُ دَيْنَهُ وَثَبَتَ النِّكَاحُ وَإِلَّا فَسَخَ وَكَانَ عَلَى الزَّوْجِ الْأَكْثَر مِنَ الْمُسَمَّى وَصَدَاقُ الْمِثْلِ وَلَوْ دَفَعَ الزَّوْجُ لِلْمُرْتَهِنِ جَمِيعَ دَيْنِهِ لِيَبْقَى النِّكَاحُ أُجْبِرَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى ذَلِكَ جَمْعًا بَيْنَ تَصْحِيحِ عَقْدَيِ النِّكَاحِ وَالرَّهْنِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: لَا خِلَافَ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَطَؤُهَا وَهِيَ رَهْنٌ لِأَنَّهُ انْتِزَاعٌ أَوْ تَعْرِيضٌ لِلِانْتِزَاعِ عَلَى الْخِلَافِ وَإِذَا رُهِنَ دُونَهَا قَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ لَا يَطَؤُهَا لِأَنَّهُ انْتِزَاعٌ وَشَبَّهَهُ بِالْبَيْعِ وَإِذَا زُوِّجَتِ الْأَمَةُ الرَّهْنُ فَسَخَهُ يَحْيَى وَإِنْ أَجَازَهُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى أَنْ يُمْنَعَ مِنْهَا حَتَّى يَفْتَك لِأَنَّهُ نِكَاحٌ بِشَرْطِ عَدَمِ الْوَطْءِ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ: يَنْفَكُّ الرَّهْنُ بِأَحَدِ أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ: بِفَسْخِهِ أَوْ فَوَاتِ عَيْنِهِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ حَيْثُ يَضْمَنُهُ رَاهِنُهُ أَوْ يَجْنِي العَبْد ويسلمه فَيُبَاعُ فِي الْجِنَايَةِ وَبِقَضَاءِ كُلِّ الدَّيْنِ وَوَافَقَنَا (ش) وَ (ح) فِي أَنَّ الرَّهْنَ لَا يَنْفَكُّ بِدَفْعِ بَعْضِ الدَّيْنِ وَأَنَّ أَجْزَاءَهُ مَرْهُونَةٌ كَجُمْلَتِهِ بِجُمْلَةِ الدَّيْنِ قِيَاسًا عَلَى الشَّهَادَةِ بِجَامِعِ التَّوَثُّقِ وَكَذَلِكَ الْكَفَالَةُ يَتَعَلَّقُ بِالْكَفِيلِ الدَّيْنُ وَأَجْزَاؤُهُ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ: يَجُوزُ قَوْلُ الرَّاهِنِ بِعِ الرَّهْنَ وَاسْتَوْفِ الثّمن ثُمَّ اسْتَوْفِ لِنَفْسِكَ وَيَتَّحِدُ الْقَابِضُ وَالْمَقْبُوضُ كَاتِّحَادِ الْوَلِيِّ وَالزَّوْجِ إِذَا وَكَّلَتْهُ وَبَيْعِ الْأَبِ مَالَ نَفسه

- (فرع)

لِابْنِهِ وَهِبَتِهِ وَصَدَقَتِهِ وَوَقْفِهِ عَلَيْهِ وَهُوَ صَغِيرٌ وَقَالَهُ (ح) وَأحمد ابْن حَنْبَلٍ خِلَافًا (ش) مُحْتَجًا بِأَنَّهُ لَا يَبْذُلُ جُهْدَهُ فِي اسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ وَهُوَ حِكْمَةُ التَّوْكِيلِ وَجَوَابه الرضي بِاجْتِهَادِهِ كَمَا لَو كَانَ عَاجِزًا نَفَذَ إِجْمَاعًا 3 - (فَرْعٌ) فِي الْبَيَانِ: إِذَا اشْتَرَطَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الْعَدْلِ ضَمَانَ الْجَارِيَةِ فَقَالَ أَنَا ضَامِنٌ لِرَهْنِكَ لَا يَضْمَنُ مَا يَحْدُثُ بِهَذَا الرَّهْنِ مِنْ مَوْتٍ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ خَوْفُ تَدْلِيسِ الرَّاهِنِ مِمَّا يُخْرِجُهُ مِنْ يَدِهِ وَكَذَلِكَ إِذَا قَالَ أَضْمَنُ لَكَ كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا الْمَوْتَ وَالْإِبَاقَ إِلَّا أَنْ يَقُولَ ضَامِنٌ لَهُ لَمَّا نَقَصَ مِنْ حَقِّكَ فَيَضْمَنُ كُلَّ شَيْءٍ قَالَهُ مَالِكٌ وَرَجَعَ إِلَى أَنَّهُ يُضَمَّنُ كُلَّ شَيْءٍ فِي الصِّيغَتَيْنِ وَلَا فَرْقَ لِعُمُومِ الصِّيغَةِ وَقِيلَ لَا تَعُمُّ فِي الْوَجْهَيْنِ نَظَرًا لِلْمَقْصُودِ فَتَكُونَ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِي الْعُمُومِ إِذَا قَالَ أَنَا ضَامِنٌ لِمَا أَصَابَ الرَّهْنَ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ: الْمُرْتَهَنُ مُقَدَّمٌ عَلَى كَفَنِ الرَّاهِنِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهُ 3 - (141 قَالَ قَالَ مَالِكٌ: " إِنْ " تُوُفِّيَ وَتَرَكَ رُهُونًا) قَالَ قَالَ مَالِكٌ: " إِنْ " تُوُفِّيَ وَتَرَكَ رُهُونًا مَجْهُولَة الْأَصْحَاب تبَاع وَيتْرك ثمنهَا حَتَّى يويس مِنْهُمْ فَيُوَفَّى الْغُرَمَاءُ بِهَا فَإِنْ ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ رَجَعَ عَلَيْهِمْ وَذَلِكَ إِذَا خَشِيَ فَسَادَ الرَّهْنِ وَإِلَّا فَيُوقَفُ لِأَنَّهُ رَهْنُكَ إِنْ أَمِنَ الْفَسَادَ فَإِنْ خُشِيَ عَلَيْهِ بِيعَ وَجُعِلَ ثَمَنُهُ رَهْنًا وَلَا يُبَاعُ الْمَأْمُونُ إِلَّا بِرِضَاكُمَا بِخِلَافِ الْمُتَقَارِضَيْنِ يَخْتَلِفَانِ فِي مَبْلَغِ الْقِرَاضِ يَنْظُرُ السُّلْطَانُ لِأَنَّكَ مُخْتَصٌّ بِالرَّهْنِ بِخِلَافِ الْمُقَارِضِ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ: إِذَا قُلْتَ دَعِ الرَّهْنَ عِنْدِي إِلَى غَدٍ فَأُسَلِّفَكَ فَيَهْلِكَ قَبْلَ غَدٍ ضَمِنْتَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ لِأَنَّكَ لَمْ تُؤْتَمَنْ بَلْ أَخَذْتَهُ رَهْنًا

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ قَالَ مَالِكٌ: إِذَا قَامَ أَحَدُهُمَا بِبَيْعِ الرَّهْنِ وَالْآخَرُ قَدْ أَنْظَرَهُ سَنَةً بِحَقِّهِ إِنْ لَمْ تُنْقِصْ قِسْمَةُ الرَّهْنِ حَقَّ الْمُتَأَخِّرِ بِيعَ لِهَذَا نَصِفُهُ فَوَفِّي حَقَّهُ وَإِلَّا بِيعَ كُلُّهُ فَأُعْطِيَ هَذَا حِصَّتَهُ وَدُفِعَتِ الْبَقِيَّةُ لِلرَّاهِنِ إِنْ رَضِيَ الَّذِي أَنْظَرَهُ وَإِلَّا حَلَفَ الْمُرْتَهِنُ مَا أَنْظَرَهُ إِلَّا لِيُوقِفَ لَهُ رَهْنَهُ عَلَى هَيْئَتِهِ ثُمَّ أُعْطِيَ حَقُّهُ وَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا ارْتَهَنَا لَا يَقْضِي أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ وَإِنْ رَهْنَا لَا يَأْخُذُ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْمُرْتَهِنُ لِلضَّرَرِ فِي ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُونَا شَرِيكَيْنِ فِيهِ قَبَضَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ وَقَالَ (ح) الشَّرِيكَانِ وَغَيْرُهُمَا سَوَاءٌ فِي الْمَنْعِ نَفْيًا لِلضَّرَرِ مُطْلَقًا وَقَالَ (ش) الشَّرِيكَانِ وَغَيْرِهِمَا سَوَاءٌ فِي عَدَمِ الْمَنْعِ رَاهِنَانِ أَوْ مُرْتَهِنَانِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الِارْتِبَاطِ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْبَيَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا أَقَرَّ الرَّاهِنُ أَنَّ الْعَبْدَ الرَّهْنَ ابْنُهُ لَحِقَ بِهِ وَاتُّبِعَ بِالدَّيْنِ لِنَفْيِ التُّهْمَةِ فِي الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ حُرٌّ لَا يُقْبَلُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ فَيُعَجَّلَ الْحَقُّ وَإِنْ لَمْ يَحُلَّ لِانْخِرَامِ الرَّهْنِ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ الْبَصْرِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ: إِذَا اسْتَحَالَ الْعَصِيرُ خَمْرًا فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ ثُمَّ انْقَلَبَتْ خَلًّا بَقِيَ رَهْنًا وَقَالَ (ش) إِنْ صَارَ الْعَصِيرُ خَلًّا بَقِيَ رَهْنًا لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنِ الْمَالِيَّةِ وَإِنْ صَارَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ خَمْرًا زَالَ مِلْكُ الرَّاهِنِ وَبَطَلَ الرَّهْنُ كَالْحَيَوَانِ يَمُوتُ فَإِنْ تَخَلَّلَتْ عَادَ الْمِلْكُ كَجِلْدِ الْمَيْتَةِ يُدْبَغُ وَيَعُودُ الرَّهْنُ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ آخَرَ لِزَوَالِ الْمَانِعِ فَعَمِلَ لِلسَّبَبِ السَّابِقِ وَإِنْ صَارَ خَمْرًا قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ الرَّهْنُ فَإِنْ عَادَ لَمْ يَعُدِ الرَّهْنُ وَقَالَ (ح) لَا يَبْطُلُ الْمِلْكُ بِالْخَمْرِيَّةِ وَلَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ كَالْعَبْدِ يرْتَد

(الباب الرابع في النزاع)

(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي النِّزَاعِ) إِذَا قَالَ الْمَأْمُورُ بِبَيْعِ الرَّهْنِ مِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ سَلَّمْتَ الثَّمَنَ لِلْمُرْتَهِنِ وَجَحَدَ الْمُرْتَهِنُ [ضَمِنَ الْمَأْمُورُ] لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْقَبْضِ وَلَوْ قَالَ الْمَأْمُورُ بِعْتُ بِمِائَةٍ وَسَلَّمْتُهَا لَهُ وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ بَاعَ بِخَمْسِينَ وَقَبَضْتُهَا ضَمِنَ الْمَأْمُورُ خَمْسِينَ بِإِقْرَارِهِ كَمَأْمُورٍ يَدْفَعُ مِائَةً فَيَقُولُ لَمْ أَقْبِضْ إِلَّا خَمْسِينَ ضَمِنَ الْخَمْسِينَ قَالَ التُّونِسِيُّ: إِذَا غَرِمَ الْمَأْمُورُ خَمْسِينَ لَا يَكُونُ الْمُرْتَهِنُ أَحَقَّ بِهَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ رَهْنًا وَلَوْ قَالَ لَا أَدْرِي بِكَمْ بَاعَ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ إِلَّا خَمْسِينَ وَحَلَفَ وَأُغْرِمَ الْعَدْلُ الْخَمْسِينَ الْأُخْرَى لَكَانَ أَحَقَّ بِهَا مِنَ الْغُرَمَاءِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَلَوْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ هُوَ الْآمِرُ بِالْبَيْعِ لِصِدْقِ الْمَأْمُورِ مَعَ يَمِينِهِ فِي دَفْعِهِ لِلْمُرْتَهِنِ لِأَنَّ الْوَكِيلَ عَلَى الْبَيْعِ مُصَدَّقٌ فِي دَفْعِ الثَّمَنِ لِلْآمِرِ وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا يَضْمَنُ الْمَأْمُورُ الْخَمْسِينَ الْبَاقِيَةَ لِلْمُرْتَهِنِ لِاعْتِرَافِهِ أَنَّهُ بَاعَ بِخَمْسِينَ بَلِ الرَّاهِنُ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِنَّمَا يُصَدَّقُ الْعَدْلُ إِذَا لَمْ يَأْتِ بِمَا لَا يشبه 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكتاب: [إِن] قَالَ الرَّاهِنُ لَمْ يَحُلَّ الْأَجَلُ صُدِّقَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ حُلُولِهِ إِذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ وَإِلَّا فَلَا وَإِذَا قَالَ الْمُبْتَاعُ بَعْدَ فَوْتِ السِّلْعَةِ عِنْدَهُ الثَّمَنُ مُؤَجَّلٌ وَقَالَ الْبَائِعُ حَالَ صِدْقِ الْمُبْتَاعِ فِي الْأَجَلِ الْقَرِيبِ دُونَ الْبَعِيدِ قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُصَدَّقُ فِي الْأَجَلِ وَيُؤْخَذُ بِمَا أَقَرَّ بِهِ حَالًّا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّأْجِيلِ إِلَّا أَنْ يُقِرَّ بِأَكْثَرَ مِمَّا ادَّعَاهُ الْبَائِعُ فَلَا يَكُونُ لِلْبَائِعِ إِلَّا مَا ادَّعَى قَالَ التُّونِسِيُّ: اخْتِلَافُهُمْ بَعْدَ فَوَاتِ الْمَبِيعِ كَاخْتِلَافِهِمْ فِي قِلَّةِ الثَّمَنِ يُصَدَّقُ الْمَطْلُوبُ وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي إِذَا ادَّعَى الْبَائِعُ الْحُلُولَ أَنْ يُصَدَّقَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْفَوْتِ وَإِنْ رَأَى ابْن الْقَاسِم

أَحْكَامه وَهُوَ التَّوَثُّقُ وَلَمْ تَتَعَيَّنِ الشَّهَادَةُ لِأَنَّ الْبَدَلَ أَعَمُّ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَا يَتِمُّ أَيْضًا قَوْلُ الْفُقَهَاءِ الْبَدَلُ يَقُومُ مَقَامَ الْمُبْدَلِ مُطْلَقًا لِمَا قَدْ تَقَرَّرَ بَلْ فِي الْوَجْهِ الَّذِي جُعِلَ بَدَلًا فِيهِ فَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ لَا بُدَّ مِنْ تحقيقها فِي الْمقَام فعلَيْهَا مدَار بحثها مَعَ الْفَرْقِ وَهِيَ عَشَرَةٌ تَفْرِيعٌ فِي الْكِتَابِ: إِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ لَا يَوْمَ الرَّهْنِ مِثْلَ دَعْوَى الْمُرْتَهِنِ فَأَكْثَرَ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ وَإِنْ تَصَادَقَا أَنَّ قِيمَتَهُ يَوْمَ التَّرَاهُنِ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ فَزَادَ سُوقُهُ لَمْ يُنْظَرْ إِلَى قِيمَتِهِ الْآنَ لِأَنَّ الشَّاهِدَ إِنَّمَا يَعْتَبِرُ وُجُودَهُ وَقْتَ الشَّهَادَةِ وَيُصَدَّقُ الرَّاهِنُ فِيمَا زَادَ عَلَى قِيمَتِهِ الْآنَ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى دَعْوَاهُ وَيُبَرَّأُ مِنَ الزِّيَادَةِ وَإِنْ قُلْتَ رُهِنَتْ فِي مِائَةِ دِينَارٍ وَقَالَ هِيَ لَكَ عَلَيَّ وَإِنَّمَا رُهِنَتْ فِي خَمْسِينَ صُدِّقَتْ فِي قِيمَةِ الرَّهْنِ فَإِنْ كَانَتْ خَمْسِينَ لَهُ تَعْجِيلُهَا وَأَخْذُ رَهْنِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ارْتِهَانٍ فِي الزَّائِدِ فَإِنْ ضَاعَ عِنْدَكَ وَاخْتَلَفْتُمَا فِي قِيمَتِهِ تَوَاصَفْتُمَاهُ وَتُصَدَّقُ فِي الصِّفَةِ مَعَ يَمِينِكَ لِأَنَّكَ غَارِمٌ ثُمَّ تَقُومُ تِلْكَ الصِّفَةُ فَإِنِ اخْتَلَفْتُمَا صُدِّقْتَ فِي مَبْلَغِ قِيمَةِ تِلْكَ الصِّفَةِ فِي التَّنْبِيهَاتِ: يُرِيدُ بِتَصْدِيقِكَ فِي الصِّفَةِ إِذَا ادَّعَيْتَ ضَيَاعَهُ ثُمَّ يَخْتَلِفُ فِي قِيَامِهِ يَنْظُرُ لِلْقِيمَةِ يَوْمَ الْحُكْمِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَفِي ضَيَاعِهِ يَوْمَ الْقَبْضِ وَقَالَ غَيْرُهُ إِنَّمَا يُنْظَرُ فِي الْحَالَيْنِ يَوْمَ الْقَبْض لِأَنَّهُ يَوْم الرضى بِالتَّوَثُّقِ وَقَدْ تَخْتَلِفُ الْأَسْوَاقُ بَعْدَ هَذَا وَفِي الْمُوَازِيَةِ: مَتَى ثَبَتَ هَلَاكُهُ بِبَيِّنَةٍ وَهُوَ مِمَّا لَا يُضْمَنُ لَا يَشْهَدُ لَكَ وَلَا يَلْزَمُ الرَّاهِنُ إِلَّا مَا أَقَرَّ بِهِ لِأَنَّهُ لَا يَشْهَدُ إِلَّا عِنْدَ قِيَامِهِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي الْمُوَازِيَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّهُ إِنَّمَا يَشْهَدُ عَلَى نَفْسِهِ لَا عَلَى الذِّمَّةِ وَأَنَّ حَقَّهُ إِنَّمَا يَكُونُ فِي عَيْنِ الرَّهْنِ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَتَأْوِيلُ بَعْضِهِمْ عَلَى الْكِتَابِ أَنَّهُ شَاهِدٌ على الذِّمَّة يشْهد فِي قِيَامه وتلفه كإقراره وَاخْتلفت هَلْ يَلْزَمُ الرَّاهِنُ حَلِفٌ أَمْ لَا؟ وَالْحَلِفُ أَصَحُّ وَلَمْ يَخْتَلِفْ فِي أَيْمَانِهِمَا مَعًا إِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ دُونَ مَا ادَّعَاهُ وَفَوْقَ مَا أَقَرَّ بِهِ الرَّاهِنُ وَسُكِتَ فِي الْكِتَابِ عَنْ يَمِينِ الْمُرْتَهِنِ وَبَيَّنَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ فَقَالَ: يَحْلِفُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى مَا ادَّعَى مِنْ دَيْنٍ وَيُخَيَّرُ الرَّاهِنُ بَيْنَ إِعْطَاءِ ذَلِكَ وَأَخْذِ رَهْنِهِ أَوْ يَحْلِفُ وَتَبْطُلُ عَنْهُ الزِّيَادَةُ فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يُخَيَّرُ الْمُرْتَهِنُ بَيْنَ حَلِفِهِ عَلَى دَعْوَاهُ وَعَلَى قِيمَةِ الرَّهْنِ وَقِيلَ إِنَّمَا يَحْلِفُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّهْنِ إِذَا شهِدت

لَهُ عَلَى غَيْرِهِ: كَمَا لَوِ ادَّعَى عِشْرِينَ وَشَهِدَ لَهُ شَاهِدٌ بِخَمْسَةَ عَشَرَ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ: وَفَسَادُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ عَلَى عِشْرِينَ فَوَجَبَ لَهُ أَخْذُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَيُجْبِرُهُ الْمَطْلُوبُ عَلَى الْخَمْسَةِ الزَّائِدَةِ فَنَكَلَ الْمَطْلُوبُ أَلَيْسَ تُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الرَّاهِنِ فَيَصِيرُ يَحْلِفُ مَرَّتَيْنِ عَلَى دَعْوَى وَاحِدَةٍ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ وَقِيلَ يَحْلِفُ عَلَى جَمِيعِ دَعْوَاهُ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ أَقَلَّ وَإِنَّمَا يُصَدَّقُ الْمُرْتَهِنُ فِي قِيمَةِ الرَّهْنِ يَوْمَ الْحُكِمِ لَا يَوْمَ الرَّهْنِ لِأَنَّ الرَّهْنَ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ كَالشَّاهِدِ وَإِنَّمَا قَامَ بِشَهَادَتِهِ عِنْدَ الْحُكْمِ فَوَجَبَ النَّظَرُ إِلَيْهَا يَوْمَ الْحَاجَةِ فَأَمَّا إِذَا ضَاعَ فَيَوْمَ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ كَشَاهِدٍ شَهِدَ ثُمَّ ذَهَبَ فَيُنْظَرُ إِلَى شَهَادَتِهِ حِينَ أَدَائِهَا قَالَ التُّونِسِيُّ إِنَّمَا يَكُونُ شَاهِدًا إِذَا لَمْ يَفُتْ فَإِنْ فَاتَ وَهُوَ لَا ضَمَانَ فِيهِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ لَمْ يَشْهَدْ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَشْهَدُ عَلَى نَفْسِهِ لَا عَلَى ذِمَّةِ الرَّاهِنِ وَاخْتُلِفَ إِذَا كَانَ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ هَلْ يَكُونُ شَاهِدًا أَمْ لَا؟ فَفِي الْمُوَازِيَةِ: شَهِدَ عَلَى يَدَيِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوِ اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ الدَّيْنِ لَشَهِدَ بِمَا يَبْلُغُ قِيمَتَهُ كَقَوْلِهِ هُوَ عِنْدِي بِمِائَةِ دِينَارٍ وَيَقُولُ الرَّاهِنُ فِي مِائَةِ إِرْدَبٍّ قَمْحًا قَرْضًا وَكَانَتْ أَقَلَّ صُدِّقَ الْمُرْتَهِنُ مَعَ يَمِينِهِ فَلَوْ قَالَ الرَّاهِنُ فِي مِائَةٍ وَقُلْتَ فِي مِائَةٍ وَخَمْسِينَ وَالْقِيمَةُ مِائَةٌ حَلَفَ وَقِيلَ لِلرَّاهِنِ ادْفَعْ مِائَةً وَخَمْسِينَ وَخُذْ رَهْنَكَ أَوِ احْلِفْ وَابْرَأْ وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مِائَةً وَعشْرين بيَدي الْمُرْتَهِنِ فَحَلَفَ عَلَى مِائَةٍ وَخَمْسِينَ وَإِنْ شَاءَ حلف على مائَة وَعشْرين وانفك مَا زَادَ عَلَى الْقِيمَةِ وَلَا سَبِيلَ لِلرَّاهِنِ عَلَى الرَّهْنِ حَتَّى يَحْلِفَ عَلَى الْمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ فَإِنْ حَلَفَا جَمِيعًا لَمْ يَكُنِ الرَّهْنُ إِلَّا فِي قِيمَتِهِ لِتَسَاوِيهِمَا وَكَذَلِكَ إِنْ نَكَلَا جَمِيعًا لِعَدَمِ الْمُرَجِّحِ لِمَا زَادَ عَلَى الْقِيمَةِ. وَفِي الْمُوَازِيَةِ: لَهُ دَيْنٌ بِكِتَابٍ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ الرَّهْنَ فَقَالَ لَهُ عِنْدِي هَذَا الرَّهْنُ بِمِائَةٍ أُخْرَى غَيْرِ الْمَكْتُوبَةِ وَقَالَ الرَّاهِنُ بَلْ بِهَا فَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُصَدَّقُ الرَّاهِنُ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ هُوَ وَدِيعَةٌ صُدِّقَ وَفِيهِ خِلَافٌ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَدْ قَالَ إِذَا وُجِدَ الرَّهْنُ فِي التَّرِكَةِ وَقَالَ الْوَارِثُ لَا عِلْمَ لِي فِي كم رهن وَهُوَ يُسَوِّي خَمْسَةً وَقَالَ الرَّاهِنُ فِي دِينَارٍ يُصَدَّقُ الرَّاهِنُ وَلَا يكون إِقْرَاره بالرهينة دَلِيلا على أَنه فِي قِيمَته وَإِذا رهنته بِحَضْرَة بَيِّنَة ثمَّ قَالَ المترهن جَاءَنِي الرَّاهِنُ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَخَذَ مِنِّي غَيْرَ الَّذِي

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى: إِذَا قُلْتَ الدَّيْنُ ثَمَانِيَةُ أَرَادِبَّ وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ مِائَةُ دِينَارٍ قَالَ أَصْبَغُ: إِنْ كَانَ مَا أَقْرَرْتَ بِهِ أَكْثَرَ مِنَ الدَّنَانِيرِ صُدِّقْتَ أَوْ أَقَلَّ صُدِّقَ كَمَا يُصَدَّقُ فِي كَثْرَةِ النَّوْعِ (فَرْعٌ) قَالَ الْأَبْهَرِيُّ: إِذَا تَنَازَعَا تَلَفَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَقَالَ الْمُرْتَهن أَنْت خبيته صُدِّقَ الْمُرْتَهِنُ وَحَلَفَ إِنِ اتُّهِمَ كَالْوَدِيعَةِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعُدْوَانِ وَقِيلَ يَحْلِفُ مُطْلَقًا وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ قَبَضَ لِحَقِّ نَفْسِهِ وَفِيَ الْعُتْبِيَّةِ: لَا يَحْلِفُ لِأَنَّهُ يَغْرَمُ إِلَّا أَنْ يَقُولَ أَخْبَرَنِي مُخْبِرٌ صَادِقٌ أَنَّهُ عِنْدَكَ (فَرْعٌ) فِي الْجُلَّابِ: إِذَا تَنَازَعْتُمَا فِي رَدِّ الرَّهْنِ لَمْ تُصَدَّقْ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَدِيعَةِ أَنَّ الْمُودِعَ أَمِينٌ مُطْلَقًا وَالْمُرْتَهِنَ قَبَضَ لِحَقِّ نَفْسِهِ (فَرْعٌ) فِي الْبَيَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ أَنَّهُ ضَاعَ عِنْدَ الْأَمِينِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ عَلَى أَنَّهُ وَضَعَهُ عِنْدَ الْأَمِينِ إِلَّا بِتَصْدِيقِ الْأَمِينِ إِنْ كَانَ الْأَمِينُ عَدْلًا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّهُ لَمَّا رَهَنَ بِشَرْطِ وَضْعِهِ عَلَى يَدِ عَدْلٍ صَارَ الْمُرْتَهِنُ كَالرَّسُولِ أَوْ كَالْمُودِعِ يُؤْمَرُ بِإِيدَاعِ الْوَدِيعَةِ عِنْدَ غَيْرِهِ فَيَدَّعِي أَنَّهُ فَعَلَ وَضَاعَتْ هُنَالِكَ وَعَنْهُ لَا يَبْرَأُ فِي الرَّهْنِ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى الدَّفْعِ لِلْأَمِينِ وَالْفَرْقُ شَائِبَةُ الضَّمَانِ وَالتُّهْمَةِ فَإِنْ دَفَعَهَ لِغَيْرِ عَدْلٍ ضَمِنَ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَذِنَ لَهُ فِي الْعَدْلِ فَإِنْ شَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ وَادَّعَى عَدَمَ الْعِلْمِ بِعَدَمِ عَدَالَتِهِ صُدِّقَ إِلَّا فِي الْمَشْهُورِ بِالْفِسْقِ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْوَدِيعَةِ إِذَا أَذِنَ لَهُ فِي إِيدَاعِهَا فَضَاعَتْ

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: إِذَا ضَاعَ أَحَدُ الثَّوْبَيْنِ صدق الْمُرْتَهن مَعَ يمنيه فِي قِيمَتِهِ وَسَقَطَ مِنَ الدَّيْنِ قِيمَةُ الثَّوْبِ وَإِذا قلت هما رهن بِأَلف و " قَالَ " الْآخَرُ وَدِيعَةٌ أَوْ عَارِيَةٌ صُدِّقَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ رَهْنِهِ وَلَوْ كَانَا نَمَطًا وَجُبَّةً فَهَلَكَ النَّمَطُ فَقُلْتَ هُوَ وَدِيعَةٌ وَالْجُبَّةُ رَهْنٌ وَعَكَسَ الرَّاهِنُ فَلَا يُصَدَّقُ فِي تَضْمِينِهِ وَلَا أَنْتَ فِي الرَّهِينَةِ وَيَأْخُذُ الْجُبَّةَ رَبُّهَا قَالَ ابْنُ يُونُس: يُرِيد ويحلفان قَالَ ابْن يُونُس: إِنْ رَهَنَهُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ فَادَّعَى رَدَّهُ وَأَخَذَ دَيْنَهُ حَلَفَ الرَّاهِنُ وَضَمِنَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرَّد قَالَ المَخْزُومِي: إِن أعرته ليرهن نَفسه لَمْ يَكُنْ رَهْنًا إِلَّا بِمَا أَذِنْتَ لَهُ وَالْمُسْتَعِيرُ مُدَّعٍ لِأَنَّكَ فَعَلْتَ مَعْرُوفًا وَلَا تَكُونُ تشهد للْمُرْتَهن لِأَن اسْتَحْقَقْتَهُ وَبَقِيَ الدَّيْنُ كَدَيْنٍ لَا رَهْنَ فِيهِ فَيُصَدَّقُ الرَّاهِنُ إِلَّا فِي أَقَلَّ مِمَّا ادَّعَيْتَهُ فَيصدق الْمُرْتَهن حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ رهن لَهُ وَيُبَاعُ لَهُ إِنْ أُعْدِمَ الرَّاهِنُ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا أَرْسَلْتَهُ لِيَرْهَنَ ثَوْبًا فِي خَمْسَةٍ وَقُلْتَ وَصَلَتْ إِلَيْكَ وَقَالَ الرَّسُولُ بَلْ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ وَقَالَ المُرتهن فِي عِشْرِينَ وَقِيمَةُ الثَّوْبِ عَشَرَةٌ يَحْلِفُ الْمُرْتَهِنُ ثُمَّ أَنْت وتغرم عشر ة قِيمَةَ الثَّوْبِ إِنْ أَحْبَبْتَ أَخْذَهُ ثُمَّ يَحْلِفُ الرَّسُولُ يَمِينًا لَكَ لَقَدْ وَصَلَ إِلَيْكَ عَشَرَةٌ وَيَمِينًا لِلْمُرْتَهِنِ مَا رَهَنْتُهُ إِلَّا فِي خَمْسَةَ عَشَرَ وَيَغْرَمُ لَكَ خَمْسَةً وَلَوْ قَامَتْ لَكَ بَيِّنَةٌ وصدَّقك الرَّسُولُ أُعْطِيتَ خَمْسَةً وَأَخَذْتَ رَهْنَكَ وَحَلَفَ الرَّسُولُ لِلْمُرْتَهِنِ وَبَرِئَ وَلَمْ يُطَالِبْهُ الْمُرْتَهِنُ بِشَيْءٍ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ بِعَشَرَةٍ صُدِّق إِلَى قِيمَةِ الرَّهْنِ مَعَ يَمِينِهِ ثُمَّ تَفتَكُّ أَنْتَ رَهْنَكَ بِقِيمَتِهِ أَوْ تَتْرُكْهُ بِمَا فِيهِ وَإِنِ ادَّعَى [الْمُرْتَهِنُ] أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ حَلَفَ الرَّسُولُ مَا أَرْسَلَهُ إِلَّا بِخَمْسَةٍ وَبَرِئَ وَلَمْ " يُطَالِبْهُ " الْآمِرُ وَلَا الْمُرْتَهِنُ بِشَيْءٍ وَلَا يَرْجِعُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّسُولِ بِخَمْسَةٍ إِذَا كَانَ الرَّهْنُ يُسَاوِي عَشَرَةً إِذَا أَقَامَ الرَّاهِنُ بَيِّنَةً وَأَخَذَ رَهْنَهُ لِأَنَّ الرَّهْنَ الَّذِي كَانَ يُصدقه انتُزع بِالْبَيِّنَةِ فَلَا حُجَّةَ لَهُ بِقِيمَتِه

فرع

وَإِنِ ادَّعَى الْعِلْمَ بِخَمْسِينَ قَالَ أَشْهَبُ لَا يَضْمَنُ الْخَمْسِينَ لِلْمُرْتَهِنِ بَلْ لِلرَّاهِنِ لِتَصْدِيقِهِ إِيَّاهُ وتردّد اللَّخْمِيّ فِي أَخذه إِيَّاهَا مواخذة بِظَاهِرِ الْعَدْلِ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْمُقَدِّمَاتِ: لَوْ وُجد الرَّهْنُ بِيَدِهِ بَعْدَ التَّفْلِيسِ وَادَّعَى قَبْضَهُ قَبْلَ التَّفْلِيسِ وَجَحَدَهُ الْغُرَمَاءُ لَجَرَى الْقَوْلَانِ اللَّذَانِ فِي الصَّدَقَةِ تُوجَدُ بِيَدِ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُتَصَدِّقِ فَيَدَّعِي قَبْضَهَا فِي صِحَّتِهِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ دَلِيلٌ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَلَوْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ لِلْغُرَمَاءِ حقٌّ لصُدِّق وَشُهِدَ لَهُ بِقِيمَتِهِ عَلَى الرَّاهِنِ لِعَدَمِ الْمُزَاحِمِ (فَرْعٌ) فِي الْبَيَانِ: إِذَا انْهَدَمَتْ دَارٌ فَتَقُومُ عَلَيْهَا فَلَكَ الْأُجْرَةُ إِنْ كَانَ مِثْلُكَ يَعْمَلُ ذَلِكَ بِأُجْرَةٍ بَعْدَ أَنْ تَحْلِفَ مَا تبرَّعت (فَرْعٌ) قَالَ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا ادَّعى رَجُلٌ بَعْدَ حَوْزِكَ مُدَّةً أَنَّهُ ارْتَهَنَ قَبْلَكَ وَحَازَهُ وَقَامَتِ الْبَيِّنَةُ عَلَى الرَّهْنِ وَالْحِيَازَةِ وَأَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِرَهْنِكَ يبدأُ الْأَوَّلُ وَلَكَ مَا بَقِيَ دُونَ الْغُرَمَاءِ قَالَ لِأَنَّ الرَّهْنَ بَعْدَ حَوْزِهِ لَا يَبْطُلُ بِرُجُوعِهِ لِلرَّاهِنِ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْمُرْتَهِنُ فَيَسْكُتَ فَلَوْ علم الأول بَطل حَقه 3 - (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: رَهنتَ سوارَ امْرَأَتِكَ بِغَيْرِ أَمْرِهَا فعلِمَتْ أَوْ أَعْلَمْتَهَا إِنْ طَلَبَتْ بِالْقُرْبِ وَحَلَفَتْ مَا دَفَعْتُهُ لَكَ فَذَلِكَ لَهَا وَإِلَّا فَلَا لِرِضَاهَا بِالرَّهْنِ وَعَنْهُ لَهَا ذَلِكَ بَعْدَ الطُّولِ وَتَحْلِفُ مَا رَضِيتُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرضى وَهَذَا إِذَا لَمْ تَحْضُرْ الِارْتِهَانَ وَإِلَّا فَإِنْ بَادَرَتْ فَلَهَا وَإِنْ سَكَتَتْ وَأَنْكَرَتْ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمَجْلِسِ فَعَلَى الْخِلَافِ فِي السُّكُوتِ هَلْ هُوَ كَالْإِقْرَارِ أَمْ لَا وَإِنِ انْفَصَلَا عَنِ الْمَجْلِسِ لَزِمَهَا اتِّفَاقًا

(كتاب التفليس وديون الميت)

(كِتَابُ التَّفْلِيسِ وَدُيُونِ الْمَيِّتِ) وَفِيهِ نَظَرَانِ: النَّظَرُ الْأَوَّلُ: فِي التَّفْلِيسِ وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الْفُلُوسِ الَّتِي هِيَ أَحَطُّ النُّقُودِ كَأَنَّ الْإِنْسَانَ لَمْ يَتْرُكْ لَهُ شَيْئًا يَتَصَرَّفُ فِيهِ إِلَّا التَّافِهَ مِنْ مَالِهِ والمِديان مِنَ الدَّيْنِ أَيِ الطَّاعَةُ دَانَ لَهُ إِذَا طَاعَ وَفِي الْحَدِيثِ: الكَيّس مَنْ دانَ نَفْسَهُ أَيْ أَذَلَّهَا والدَّين مَذَلَّةٌ والدَّين مَاله أجل وَالْقَرْض مَالا أَجَلَ لَهُ ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي الْجَمِيعِ قَالَهُ صَاحب التَّنْبِيهَات ويتمهد هَذَا النّظر بتلخيص السَّبَبِ وَأَحْكَامِهِ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: السَّبَبُ وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ الْتِمَاسُ الْغُرَمَاءِ أَوْ بَعْضِهِمُ الْحَجْرَ فِي الدُّيُونِ الْحَالَّةِ الزَّائِدَةِ عَلَى قَدْرِ مَالِ الْمِدْيَانِ وَأَصْلُهُ مَا فِي مُسْلِمٍ: أُصيب رجلٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي ثِمَارٍ ابْتَاعَهَا فكثُر دينُه فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تصدَّقوا عَلَيْهِ فتصدَّق النَّاسُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ وَفَاءَ دَينه فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خُذوا مَا وَجدتُم فَلَيْسَ لَكُمْ إِلَّا ذَلِكَ وَلم يزدْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَى خَلْعِ مَالِهِ لَهُمْ وَلَمْ يحبِسه وَلَمْ يَبِعْهُ وَلَمْ يَسْتَسْعِهِ خِلَافًا لِابْنِ حَنْبَلٍ فِي اسْتِسْعَائِهِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فنظرة إِلَى ميسرَة} وَقَالَ شُرَيْحٌ: يُحْبَسُ وَالْآيَةُ إِنَّمَا وَرَدَتْ عِنْدَهُ فِي الرِّبَا لَو كَانَ كَذَلِكَ لَقَالَ تَعَالَى ذَا عُسرةٍ - بِالنَّصْبِ - حَتَّى يعود الضَّمِير على المُرابي وَمَا قُرئي إِلَّا بِالرَّفْع أَي إِن وُجد ذُو

فرع

3 - (فَرْعٌ) قَالَ: الْغُرَمَاءُ ثَلَاثَةٌ غنيٌ مطلُه حَرَامٌ لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " مطلُ الغنيِّ ظُلْمٌ " ومُعسرٌ وَهُوَ أَعْسَرُ مِنَ العُدم فَكُلُّ مُعدِم معسرٌ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ فَالْمُعْسِرُ الَّذِي لَيْسَ بمُعدم مَنْ يضرُّه تَعْجِيلُ الْقَضَاءِ فتأخيره مَنْدُوب ومطله هُوَ وَهُوَ مُجْتَهِدٌ فِي الْأَدَاءِ غَيْرُ حَرَامٍ قَالَهُ شُيُوخُ قُرْطُبَةَ وَقَالُوا لَا يَلْزَمُ بَيْعُ عُرُوضِهِ وَعَقَارِهِ فِي الْحَالِ تَدُلُّ الرِّوَايَاتُ بِخِلَافِ مَا أَفْتَى بِهِ فُقَهَاءُ الْأَنْدَلُسِ مِنَ التَّوْكِيلِ عَلَيْهِ وَإِلْزَامِهِ تَعْجِيلَ الْبَيْعِ وَالْمُعْسِرُ المُعدم يَجِبُ إِنْظَارُهُ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ الْغَرِيمُ مَحْمُولٌ عَلَى الْأَدَاءِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ عُدمُه فِي دَيْنِ الْمُعَاوَضَةِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ الْغَالِب على النَّاس الْكسْب وَالتَّحْصِيلُ وَيَجْرِي عِنْدِي فِي الدَّيْنِ الَّذِي لَمْ يَأْخُذْ لَهُ عِوَضًا خلافٌ مِنْ مَسْأَلَةِ الْغَائِبِ عَن امْرَأَته ثمَّ يَطْلُبهُ بِالنَّفَقَةِ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ: من أحَاط الدّين بِمَا لَهُ حُرمت هِبَتُهُ وَصَدَقَتُهُ وَعِتْقُهُ ورُدّ إِقْرَارُهُ لِمَنْ يُتَّهم عَلَيْهِ وَيَجُوزُ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ حَتَّى يُحجر عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْإِنْفَاقُ عَلَى امْرَأَتِهِ وَمَنْ يَلْزَمُهُ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ وَيَتَزَوَّجُ مِنْ مَالِهِ مَا لَمْ يُحجر عَلَيْهِ فِيهِ وَلَا يُصالح عَنْ جِنَايَةِ قِصَاصٍ مِمَّا بِيَدِهِ بِخِلَافِ الْخَطَأِ وَالْعَمْدِ " الَّذِي " لَيْسَ فِيهِ قِصَاصٌ وَتَبَرُّعَاتُهُ جَائِزَةٌ إِنْ شُك فِي اسْتِغْرَاقِ الدَّيْنِ حَتَّى تُعلَم إِحَاطَتُهُ وَقَالَ (ش) التَّبَرُّعَاتُ نَافِذَةٌ حَتَّى يُحجر عَلَيْهِ

فرع

لَنَا أَنَّهُ يَضِيعُ عَلَى الْغُرَمَاءِ الْمَالُ الْمُتَعَيَّنُ لَهُمْ فَيَمْتَنِعُ كَالتَّصَرُّفِ فِي الرَّهْنِ وَفِي النَّوَادِرِ عَنْ مَالِكٍ: إِذَا تَصَدَّقَ وَأَعْتَقَ ثُمَّ أَنْكَرَ الْغُرَمَاءُ فِعْلَهَ بَعْدَ مُدَّةٍ فَإِنْ ثَبَتَ أَنَّهُ حِينَ الصَّدَقَةِ لَا وَفَاءَ عِنْدَهُ فَلَهُمْ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَكُونُوا عَلِمُوا بِالصَّدَقَةِ وَإِنْ كَانَ فِيهَا فضلٌ لَمْ يُرَدَّ الْفَضْلُ وَلَا يُرَدُّ الْعِتْقُ وَإِنْ طَالَ زَمَانُهُ وَوَارَثَ الْأَحْرَارَ وَجَازَتْ شَهَادَتُهُ لِتَعَلُّقِ الْحُقُوقِ بِهِ وَلَا يُسمع إِقْرَارُهُ بِإِسْقَاطِ أَمَتِهِ مِنْهُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ مِنَ النِّسَاءِ أَوْ تَفْسِيرِ ذَلِكَ قَبْلَ دَعْوَاهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَالْمَهْرُ الْمُؤَجَّلُ الْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ يُحيط بِمَالِهِ يُمْنَعُ الْعِتْقَ وَالتَّبَرُّعَ كَسَائِرِ الدُّيُونِ وَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا فِيهِ فَضْلٌ عَنْ دَيْنِهِ ثُمَّ دَايَنَ رُدَّ لِلْأَوَّلِينَ بِقَدْرِ الَّذِي لَهُمْ وَيَدْخُلُ مَعَهُمُ الْغُرَمَاءُ الْآخَرُونَ وَلَا يُبَاعُ شَيْءٌ آخَرُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ: إِذَا حَاصَّ الْآخَرُونَ مَعَ الْأَوَّلِينَ بِيعَ لِلْأَوَّلِينَ ثَانِيَةً بِقَدْرِ مَا نَقَصَهُمُ الْآخَرُونَ ثُمَّ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْآخَرُونَ وَهَكَذَا حَتَّى يُبَاعَ الْعَبْدُ كُلُّهُ وَإِحَاطَةُ الدَّيْنِ يَمْنَعُ مِنْ تَحَمُّلِ الْحَمَالَةِ كَصَدَقَتِهِ وَلَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ: لَا يُكَلَّفُ الْغُرَمَاءُ حُجَّةً عَلَى عَدَمِ غَرِيمِهِمْ وَيَقُولُ على أَنه لَو كَانَ لظهر مَا اسْتَقَاضَةِ الْحَجْرِ وَيَكْفِي طَلَبُ الْبَعْضِ لِلْحَجْرِ وَإِنْ كَرِهَ الْآخَرُونَ وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ وَ (ش) خِلَافًا (ح) 3 - (فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا: إِذَا قَامَ صَاحِبُ الدَّيْنِ الْحَالِّ دُونَ صَاحِبِ الْمُؤَجَّلِ بِطَلَبِ التَّفْلِيسِ وَبِيَدِ الْمَطْلُوبِ كَفَافُ الْحَالِ فُلِّسَ حَتَّى يَكُونَ بِيَدِهِ فَضْلَةٌ عَنْهُ لِأَنَّ مِنْ حَقِّ الْمُؤَجَّلِ إِذَا لَمْ يَجِدْ فَضْلَةً أَنْ يَقُولَ خَرِبَتِ الذِّمَّةُ قَالَ التّونسِيّ: يُرِيد بالفضلة مَا يُمكن الْمُعَامَلَة بِهِ يُؤَدِّي مَا عَلَيْهِ مِنْهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا كَانَ مَا فِي يَدَيْهِ كَفَافًا لِمَنْ حَلَّ دَيْنُهُ وَلَهُ مُؤَجَّلٌ مِثْلُ الْمُؤَجَّلِ الَّذِي عَلَيْهِ فِي الْعَدَدِ وَالْأَجَلِ عَلَى مُوسِرٍ أَوْ يَحُلُّ دَيْنُهُ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ وَهُوَ أَكْثَرُ عَدَدًا فَإِنْ بِيعَ الْآنَ وَفَّى وَأُجِّلَ دَيْنُهُ قَبْلُ وَهُوَ أَقَلُّ وَيُرْجَى بَعْدَ قَبْضِهِ وَالتَّجْرِبَةُ أَنْ يُوَفِّيَ مَا عَلَيْهِ لَمْ يُفَلَّسْ

فرع

وَالْمَعْرُوفُ مِنَ الْمَذْهَبِ إِذَا كَانَ مَالُهُ وَفَاءً بِجَمِيعِ دينه وَلم يُفَلَّسْ وَإِلَّا فُلِّسَ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ: إِنْ كَانَ مَا فِي يَدَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ حَقِّ مَنْ حَلِّ فِيهِ لَمْ يُفَلِسْ وَلَيْسَ يُحْبَسُ وَإِذَا ظَهَرَ مِنْهُ إِتْلَافٌ وَخَشِيَ صَاحِبُ الْمُؤَجَّلِ أَلَّا يَجِدَ عِنْدَ الْأَجَلِ شَيْئًا فَلَهُ الْحَجْرُ عَلَيْهِ وَيَحِلُّ دَيْنُهُ إِلَّا أَنْ يُضْمَنَ لَهُ أَوْ يَجِدَ ثِقَةً يَتَّجِرُ وَيُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ: إِنْ كَانَ غَائِبًا وَلَهُ مَالٌ حَاضِرٌ فَعَنْ مَالِكٍ يُفَلَّسُ رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ وَمُطَرِّفٌ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ كُتِبَ إِلَيْهِ وَكُشِفَ عَنْ أَمْرِهِ لِيَظْهَرَ مِلَاؤُهُ مَنْ عَدَمِهِ وَالْبَعِيدُ الْغَيْبَةُ إِنْ جُهِلَ حَالُهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُفَلَّسُ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الضَّرَرِ لِأَنَّهُ لَا يُدْرَى مَا حَدَثَ عَلَيْهِ وَقَالَ أَشْهَبُ يُفَلَّسُ وَبِمَذْهَبِنَا قَالَ (ش) وَقَالَ (ح) لَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ فَإِنْ حُجِرَ عَلَيْهِ لَمْ يُنَفَّذْ حَجْرُهُ لِأَنَّ الْغَائِبَ لَهُ حُجَّتُهُ لَنَا أَنَّ ضَرَرَ الْغُرَمَاءِ قَدْ ظَهَرَ فَيُعْمَلُ بِهِ كَسَائِرِ الظَّوَاهِرِ وَفِي النَّوَادِرِ إِذَا قَالَ رَجُلٌ لِلْغَائِبِ عِنْدِي هَذَا الْمَالُ قَضَى الْحَاكِمُ الْغُرَمَاء مِنْهُ قَالَ سُحْنُونٌ مُوَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ وَلَوْ كَانَ حَاضِرًا مَا تَمَكَّنَ مِنْ رَدِّ هَذَا الْإِقْرَارِ لِحَقِّ الْغُرَمَاء فِيهِ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ: قَالَ مَالِكٌ إِذَا قَامَ غُرَمَاؤُهُ فَمَكَّنَهُمْ مِنْ مَالِهِ فَبَاعُوهُ وَقَسَّمُوهُ ثُمَّ دَايَنَ آخَرِينَ لَا يَدْخُلُ الْأَوَّلُونَ مَعَهُمْ وَتَمَكُّنُهُ كَتَفْلِيسِ السُّلْطَانِ وَلَوْ قَامُوا فَلَمْ يَجِدُوا مَعَهُ شَيْئًا فَتَرَكُوهُ فداينه آخَرُونَ لَيْسَ هَذَا بتفليس وَيَتَحَاصَّ الْأَوَّلُونَ وَالْآخَرُونَ بِخِلَافِ تَفْلِيسِ السُّلْطَانِ لِأَنَّهُ يَبْلُغُ مِنَ الْكَشْفِ مَا لَا يَبْلُغُهُ الْغُرَمَاءُ قَالَ وَلَو عملت بلوغهم كشف السُّلْطَان رَأَيْته تفليسه 3 - (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا قَالَ لَكَ فِي دَيْنِكَ الْحَالِّ أَنْظِرْنِي إِلَى الصَّوْمِ فَقُلْتَ أُنْظِرُكَ إِلَى أَنْ يَتَهَيَّأَ لَكَ فَإِنْ أَشْهَدْتَ لَهُ بِذَلِكَ لَزِمَكَ وَإِلَّا فَتَحْلِفُ مَا أردْت إِلَّا أَن يَتَهَيَّأَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّوْمِ قَالَ أَصْبَغُ وَلَيْسَ لَكَ قَبْلَ الصَّوْمِ طَلَبٌ إِذَا لم يتهيأ

لَهُ بِغَيْرِ مَوْتِهِ مِنْ بَيْعِ عَقَارٍ وَنَحْوِهِ وَإِنَّمَا اسْتَنْظَرَكَ مَخَافَةَ ذَلِكَ وَإِذَا حَلَّ الصَّوْمُ أَخَذْتَهُ بِهِ وَحَلَفْتَ وَأَمَّا التَّأْخِيرُ الْمُبْهَمُ إِلَى أَنْ يَتَهَيَّأَ فَإِلَى زَمَنِ التَّهَيُّؤِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ثَمَّ بِسَاطٌ فِي التَّأْخِيرِ لِزَمَنِ مُعَيَّنٍ فَلَا يتَجَاوَز وَأَمَّا أَحْكَامُهُ فَعَشَرَةٌ: الْحُكْمُ الْأَوَّلُ: جَمْعُ مَالِهِ وَبَيْعُهُ وَفِي الْكِتَابِ مَنْ قَامَ بِدَيْنٍ عَلَى غَائِبٍ وَلَعَلَّهُ كَثِيرُ الْمُدَايَنَةِ لِغَيْرِ مَنْ حَضَرَ بِيعَ عَرْضُهُ لِمَنْ حَضَرَ وَلَيْسَ كَالْمَيِّتِ فِي الِاسْتِينَاءِ لِاجْتِمَاعِ مَنْ يَطْرَأُ مِنْ غُرَمَائِهِ لِبَقَاءِ ذِمَّةِ هَذَا دُونَ الْمَيِّتِ قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ غَيْرُهُ يَسْتَأْنِي كَالْمَيِّتِ إِنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالدَّيْنِ لِتَوَقُّعِ الضَّرَرِ عَلَى الْغَائِبِ مِنَ الْغُرَمَاءِ فِيهِمَا قَالَ التُّونُسِيُّ قَرِيبُ الْغَيْبَةِ لَا يُفَلَّسُ وَبِعِيدُهَا مَجْهُولُ الْمَلَاءِ وَمَعْرُوفُهَا لَا يُفَلَّسُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَا يَحِلُّ الْمُؤَجَّلُ مِنْ دَيْنِهِ وَيَأْخُذُ مَنْ حَلَّ دَيْنُهُ مَا حَضَرَ وَيُحَاصُّ فِيهِ إِنْ لَمْ يَفِ بِالْمُؤَجَّلِ وَلَا يَكُونُ وَاجِدُ سِلْعَتِهِ أَحَقَّ بِهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّفْلِيسِ وَقَالَ أَشْهَبُ يُفَلَّسُ كَالْحَاضِرِ الْغَائِبِ مَالُهُ قَالَ أَصْبَغُ وَيُكْتَبُ تَفْلِيسُهُ حَيْثُ هُوَ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ أَشْهَبَ إِنَّمَا فَلَّسَهُ لِإِمْكَانِ تَلَفِ الْمَالِ فَإِذَا وَصَلَ إِلَيْهِ فَكَيْفَ يَحِلُّ عَلَيْهِ بَقِيَّةُ الْمُؤَجَّلِ وَقَدْ ذَهَبَتِ الْعِلَّةُ؟ قَالَ ابْنُ يُونُس: تبَاع دَاره وخاتمه وَسَرْجُهُ وَسِلَاحُهُ وَلَا تُبَاعُ ثِيَابُ جَسَدِهِ دُونَ ثَوْبَيْ جُمُعَتِهِ إِنْ كَانَتْ لَهُمَا قِيمَةٌ وَإِلَّا فَلَا وَيُبَاعُ سَرِيرُهُ وَسَيْفُهُ وَرُمْحُهُ وَمُصْحَفُهُ دُونَ كتب الْعلم فِي دين الْمَيِّت وَالْوَارِث غَيره فِيهَا سَوَاءٌ مِمَّنْ هُوَ لَهَا أَهْلٌ قَالَهُ سُحْنُونٌ وَخَالَفَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُ لِأَنَّهَا أَعْيَانٌ مَقْصُودَةٌ بِالْأَعْوَاضِ كَسَائِرِ الْمُتَمَوَّلَاتِ وَلَمْ تَتَمَحَّضْ لِلْقُرْبِ كَالْمَسَاجِدِ وَالرُّبُطِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَلَمْ يُخْتَلَفْ فِي جَوَازِ بِيعِ الْمُصْحَفِ بِخِلَافِ كُتُبِ الْعِلْمِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَلَيْسَ لِغُرَمَاءِ الْمُفُلَّسِ أَنْ يواجروا أم وَلَده ويواجروا مُدَبَّرَهُ وَيَبِيعُوا كِتَابَةَ مُكَاتَبِهِ لِقَبُولِ ذَلِكَ لِلْمُعَارَضَةِ وَهِيَ فِي حَوْزِهِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى اعْتِصَارِ مَا وهب لوَلَده وَلَا أَخذه شُفْعَتِهِ وَلَا قَبُولِ هِبَتِهِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي حَدِيثِ مُعَاذٍ " خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ لَيْسَ لَكُمْ إِلَّا ذَلِكَ "

وَإِذَا اشْتَرَى أَبَاهُ بِيعَ فِي الدَّيْنِ لِأَنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعِتْقِ وَبِرِّ الْوَالِدَيْنِ بِخِلَافِ لَوْ وُهِبَ لَهُ لِانْخِرَامِ مَقْصُودِ الْوَاهِبِ بِخِلَافِ الْبَائِعِ إِلَّا أَنْ يَجْهَلَ الْوَاهِبُ أَنَّهُ أَبُوهُ فَيُبَاع لعدم قَصده الْعتْق فِي النَّوَادِرِ: الْمِيرَاثُ كَالشِّرَاءِ يُبَاعُ أَيْضًا وَلَوْ دَبَّرَ وَلَدَ أَمَتِهِ الصَّغِيرَ ثُمَّ اسْتَدَانَ وَفُلِّسَ لَا تُبَاعُ الْأَمَةُ لِلتَّفْرِقَةِ لَكِنْ تُخَارَجُ وَيَأْخُذُ الْغُرَمَاءُ خَرْجَهَا إِلَى مَبْلَغِ حَدِّ التَّفْرِقَةِ فَتُبَاعُ وَيُبَاعُ مِنْهَا بِقَدْرِ الدَّيْنِ إِلَّا أَنْ يَمُوتَ السَّيِّدُ قَبْلَ ذَلِكَ فَتُبَاعُ الْأَمَةُ إِنْ وَفَتِ الدَّيْنَ وَيُعْتَقُ ثُلُثُ الْمُدَبَّرِ وَإِنْ وَفَى بَعْضَهَا عُتِقَ مِنْ بَاقِيهَا وَفِي بَقِيَّةِ مَبْلَغِ الثُّلُثِ مِنْ ذَلِكَ إِنْ لَمْ يَدَّعِ غَيْرَ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ هِيَ الْمُدَبَّرَةَ فَالْجَوَابُ سَوَاءٌ قَالَ سُحْنُونٌ: لَا يُجْبَرُ وَرَثَةُ الذِّمِّيِّ عَلَى بَيْعِ خَمْرِهِ وخنازيره وَإِن لم يَرك غَيْرَ ذَلِكَ بَلْ يَتَرَبَّصُ الطَّالِبُ فَإِنْ بَاعُوا وَصَارَ مَالًا طُلِبَ وقُضي لَهُ بِهِ وَكَذَلِكَ مركبٌ بِسَاحِلِنَا فِيهِ خَمْرٌ وَإِنْ قَالَتِ امْرَأَةُ الْمُفَلَّسِ هَذِهِ الْجَارِيَةُ لِي وَصَدَّقَهَا وَقَالَ الْغُرَمَاءُ بَلْ لَهُ قَالَ سُحْنُونٌ إِنْ كَانَتْ فِي حِيَازَةِ الْمَرْأَةِ وَالزَّوْجُ يَقُومُ بِهَا لَمْ تُصَدَّقْ بَعْدَ التَّفْلِيسِ وَعَلَى الْمَرْأَةِ الْبَيِّنَةُ لِلتُّهْمَةِ فِي الْحَوْزِ لَهَا عَنِ الْغُرَمَاءِ وَوَافَقَنَا (ش) فِي بَيْعِ دَارِهِ وَخَادِمِهِ قَالَ وَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا إِلَيْهِ وَخَالَفَ ابْنُ حَنْبَلٍ قَالَ مَالِكٌ: ويُستاني بِرُبُعِهِ الشَّهْرَ وَالشَّهْرَيْنِ لِتَوَقُّعِ الزِّيَادَةِ فِي الثَّمَنِ مَعَ الْأَمْنِ عَلَيْهِ وَالْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانِ مُدَّةً يَسِيرَةً وَالْحَيَوَانُ أَسْرَعُ لِقُرْبِ تَغَيُّرِهِ وَلَا يَبِيعُ السُّلْطَانُ إِلَّا بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِتَوَقُّعِ الزِّيَادَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِلَّا أَنْ يَكُونَ الرُّبُعُ أَعْظَمَهَا وَتَكُونَ الْمُبَادَرَةُ إِلَيْهِ مُتَعَيِّنَةً خَشْيَةَ الرُّجُوعِ عَنْهُ فَلَا يُؤَخَّرُ وَالْعَادَةُ أَنْ يَبِيعَ الْقَاضِي بَيْعَ خِيَارٍ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْمُشْتَرِي تِلْكَ الْعَادة فَلهُ الْقيام فِي تَنْجِيز البيع أَو الرَّد إِنْ كَرِهَ الْبَقَاءَ عَلَى الْخِيَارِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ مَالِكٌ: ويُترك لَهُ مَا يَعِيشُ بِهِ هُوَ وَأَهْلُهُ الْأَيَّامَ وَقَالَ نَحْوَ الشَّهْرِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ تُرك لِأَنَّ الْحَيَاةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْغَيْرِ إِزَالَةُ ضَرَرِهِ بِمَالِهِ فَأَوْلَى التَّأْخِيرُ بِمَا فِي الذِّمَّةِ وَقَالَ (ش) إِنْ كَانَ لَهُ كسب

فَنَفَقَتُهُ فِي كَسْبِهِ وَإِلَّا تُرك لَهُ مَا يَحْتَاجُهُ إِلَى انْفِكَاكِ الْحَجْرِ عَنْهُ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَل ينْفق على الْفلس وَمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ بِالْمَعْرُوفِ إِلَى حِينِ الْقِسْمَةِ فَإِنْ كَانَ يَكْتَسِبُ أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَسْبٌ أُنفق عَلَيْهِ مُدَّةَ الْحَجْرِ وَإِنْ طَالَتْ كَالْمَيِّتِ يُجهز وَضَرُورَةُ الْحَيِّ أَعْظَمُ لَنَا الْحَيُّ مَجْبُولٌ عَلَى طَلَبِ الْكَسْبِ وَالتَّسَبُّبِ غَالِبًا وحقُّ الْغَرِيمِ متعينٌ فيقدَّم وَالْمَيِّتُ يتَعَيَّن تَجْهِيزه فِي مَاله الْحَاضِر وأُيس من تَحْصِيله لما آخر وَأَهله عندنَا وَزَوجته وَولده الصغار فَيعْطى نَفَقَته وَكِسْوَتَهُ وَكِسْوَتَهُمْ لِأَنَّ الْغُرَمَاءَ عَامَلُوهُ عَلَى ذَلِكَ وَعَنْهُ لَا تُترك لَهُ كِسْوَةُ زَوْجَتِهِ لِبُعْدِ ضَرُورَتِهَا عَنْهُ فَلَهَا طَلَبُ طَلَاقِ نَفْسِهَا وَالصَّبْرُ مُدَّةً بِخِلَافِ نَفَقَتِهِ وَنَفَقَتِهَا وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِنْ بعث لَهَا أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ إِمَّا النَّفَقَةُ أَوِ الطَّلَاقُ فَإِنْ قَالَ الرَّسُولُ أوصلتُها لِأَهْلِهِ صُدِّق مَعَ يَمِينِهِ وَلَهُمْ أَخْذُهَا مِنْ عِيَالِهِ إِنْ قَامُوا بِحِدْثَانِ ذَلِكَ فَإِنْ تَرَاخَوْا مُدَّةً تُنفق فِي مِثْلِهَا فَلَا شَيْءَ لَهُمْ لِذَهَابِ عَيْنِ الْمَالِ فَإِنْ قَامُوا بِحِدْثَانِ ذَلِكَ فَقَالَ أَهْلُهُ قَضَيْنَا دَيْنًا فِي نَفَقَةٍ تَقَدَّمَتْ لَمْ يُصَدَّقُوا وَعَلَيْهِمُ الْبَيِّنَةُ إِلَّا أَنْ يَأْتُوا عَلَى ذَلِكَ بِلَطْخٍ أَوْ بِرِهَانٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ: يُجبر الْعَامِلُ عَلَى بَيْعِ قِراضِ الْمُفَلَّسِ إِنْ جَازَ بَيْعُهُ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ هُوَ الْمُفَلَّسَ وَفِيهِ فَضْلٌ وَإِنْ لَمْ يَجُزِ الْبَيْعُ لَمْ يُجبر قَالَ: وَأَرَى إِنْ رَضِيَ الْغُرَمَاءُ أَنْ يَضْمَنُوا لِلْعَامِلِ مَا يُرْبَحُ فِي مِثْلِهَا عِنْدَ أَوَانِ الْبَيْعِ أَنْ يُمكَّنوا الْآنَ مِنَ الْبَيْعِ وَيَدْفَعُوا ذَلِكَ إِلَيْهِ وَقْتَ الْبَيْعِ فَإِنْ لَمْ يَرْبَحْ فِي مِثْلِهَا ذَلِكَ الْوَقْتَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ وَقَالَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ: إِذَا خَرَجَ الْعَامِلُ إِلَى بَلَدٍ آخَرَ بِيعَ لِغُرَمَاءِ الْمَالِكِ وَلَا يُبَاعُ لِغُرَمَائِهِ حَتَّى يَحْضُرَ الْمَالِكُ لِأَنَّ غُرَمَاءَ الْمَالِكِ كَالْمَالِكِ وَهُوَ لَوْ لَقِيَهُ هُنَاكَ لَهُ الِانْتِزَاعُ فَكَذَلِكَ غَرِيمُهُ وَغَرِيمُ الْعَامِلِ كَالْعَامِلِ وَالْعَامِلُ لَيْسَ لَهُ التَّرْكُ هُنَاكَ بَلْ عَلَيْهِ إعادتُه إِلَى مَوْضِعِ قَبْضِهِ فَلَوْ عُلِم أَنَّهُ لَمْ يُسَافِرْ إِلَّا رَجَاءَ الرِّبْحِ لَمْ يَنْتَزِعْهُ ربُّ الْمَالِ وَلَا الْغُرَمَاءُ إِلَّا بَعْدَ الرُّجُوعِ وَإِنْ وُجد قَدِ اشْتَرَى بِثَمَنِ مَا بَاعَ لَمْ يَأْخُذُوهُ مِنْهُ حَتَّى يَقْدَمَ ربُّه وَهُوَ كَالَّذِي لَمْ يَحِلَّ بَيْعُهُ وَإِنْ كَانَ أَخْدَمَ عِنْدَهُ لَمْ يُبَعْ مَرْجِعُهُ كَانَتِ الْخِدْمَةُ حَيَاةَ المُخدم أَوْ

سِنِينَ مَعْلُومَةً وَإِنْ أَفْلَسَ المُخدم كَانَتِ الْخِدْمَةُ كَالْعَرَضِ إِنْ كَانَتْ مَعْلُومَةَ الْعَشْرِ سِنِينَ وَنَحْوِهَا وَإِنْ كَانَتْ حَيَاةُ المُخدم أَوِ المُخدَم بِيعَ مِنْهَا مَا قُرْبَ السَّنَةِ وَالسَّنَتَيْنِ وَإِنْ دَارًا وَنَقَدَ كِرَاءَهَا بِيعَتْ تِلْكَ الْمَنَافِعُ وَيُبَاعُ دينُه المؤجَّل عينا أوعرضاً أَوْ طَعَامًا مِنْ قَرْضٍ وَيُؤَخَّرُ إِنْ كَانَ مِنْ بَيْعٍ حَتَّى يحُل أَجْلُهُ لِامْتِنَاعِ بَيْعِ طَعَامِ السَّلم قَبْلَ قَبْضِهِ وَيُؤَخَّرُ بَيْعُ مَا لَمْ يبدُ صَلَاحُهُ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ وَتُبَاعُ خِدْمَةُ المُعتق إِلَى أَجَلٍ وَإِنْ طَالَتِ الْعَشْرَ سِنِينَ وَنَحْوِهَا وَلَا يُبَاعُ مَالُ مُدبره وَلَا مَالُ أمِّ وَلَدِهِ وَمُعْتَقِهِ إِلَى أَجَلٍ لِأَنَّهُ مِلْكُ غَيْرِهِ وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ: لَا يُترك لِلْمُفْلِسِ نَفَقَةٌ وَلَا كِسْوَةٌ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ الْغُرَمَاءَ وَغَيْرَهُمْ سَوَاءٌ فِي مُوَاسَاتِهِ وَأَرَى أَنْ يُعتبر مَا يَتْرُكُ لَهُ ثُلُثَ قَدْرِ الْمَالِ الَّذِي عَلَيْهِ وَعِيَالُهُ وَالسِّعْرُ مِنَ الرُّخْصِ وَالْغَلَاءِ فَإِنْ تُرِكَ لَهُ نَفَقَةُ الشَّهْرِ فِي غَلَاءٍ أَوْ كَثْرَةِ الْعِيَالِ أضرَّ بِالْغُرَمَاءِ أَوْ مَعَ كَثْرَةِ الْعِيَالِ وَرَخَاءِ السِّعْرِ لَمْ يَضُرَّ بِهِمْ وَأَمَّا مَعَ قِلَّةِ مَا فِي يَدَيْهِ فَالْخَمْسَةُ الْأَيَّامِ وَالْجُمُعَةُ حَسَنٌ ويصحُّ أَنْ لَا يُترك لَهُ شَيْءٌ بِأَنْ يَكُونَ ذَا صنعةٍ تَكْفِيهِ وَقِيلَ يُتْرَكُ لِلصَّانِعِ النَّفَقَةُ الْيَسِيرَةُ خَوْفَ الْمَرَضِ وَلَيْسَ بِبَيِّنٍ لُندرة الْمَرَضِ وَلِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْمُفَلَّسَ أَخْفَى شَيْئًا وَرَاءَهُ وَفِي النَّوَادِرِ: إِذَا كَانَ يَفْضُلُ عَنْ إِجَارَةِ نَفْسِهِ شَيْءٌ أُخذ قَالَه ابْن الْقَاسِم قَالَ سَحْنُون: والصناع إِن أَفْلَسُوا وَلَيْسَ لَهُمْ مَالٌ أُخذ فَضْلُ أَجْرِ عَمَلِهِمْ قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَإِذَا أَفْلَسَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ انتُزع مَا فِي يَدِهِ كَالْحُرِّ وَإِنْ كَانَ يُؤَدِّي لِسَيِّدِهِ خَرَاجًا فِي حَالِ تِجَارَتِهِ مِنْ رِبْحِهِ مَضَى لَهُ مَا أَخَذَ أَوْ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ رُدَّ وَإِنْ كَانَ صَانِعًا يَشْتَرِي الشَّيْءَ وَيَصْنَعُهُ فَالْغَرِيمُ أَحَقُّ بِمَا فِي يَدَيْهِ وَلَا مَقَالَ عَلَى السَّيِّدِ فِيمَا أُخِذَ مِنَ الْخَرَاجِ مِمَّا قَابَلَ صَنْعَتَهُ وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ فضلٌ أُخِذَ مِنْهُ وَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ كَانَ عَلَى خَسَارَةٍ انتُزع مِنَ السَّيِّدِ مَا أَخَذَ وَإِنْ أَبْقَى السَّيِّدُ فِي يَدِهِ شَيْئًا مِنْ خَرَاجِهِ لَمْ يَأْخُذْهُ الْغَرِيمُ وَإِنْ كَانَ فِي يَدِهِ مَالٌ وُهب لَهُ أَوْ تُصُدِّق بِهِ عَلَيْهِ أَوْ أُوصي لَهُ بِهِ قُضي مِنْهُ الدَّيْنُ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ المُعطي أَنْ يَتَّسِعَ فِيهِ الْعَبْدُ فَلَا يُقضى مِنْهُ

فرع

3 - (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: إِذَا فُلّست امْرَأَةٌ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ وَأَخَذَتْ مَهْرَهَا لَيْسَ لغرمائها فِيهِ قيام ليلاّ يَبْقَى زَوْجُهَا بِغَيْرِ جِهَازٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّيْءَ الْخَفِيفَ كَالدِّينَارِ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: يُجبر عَلَى انْتِزَاعِ مَالِ أمِّ وَلَدِهِ وَلَهُ انْتِزَاعُهُ إِلَّا أَنْ يَمْرَضَ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَنتزع لِلْوَرَثَةِ لَا لِنَفْسِهِ وَإِنْ فُلِّس الْمَرِيضُ لَا يَأْخُذُ مَالَ مُدبًّره لِلْغُرَمَاءِ وَإِنْ مَاتَ بيع بِمَالِه وَإِنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِهِ قَالَ التُّونُسِيُّ: إِنْ مَرِضَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَهُ مُدَبَّرٌ يردُّه الدَّيْنُ إِذَا مَاتَ لَا يُعجًّل بِأَخْذِ مَالِهِ لِدَيْنِ سَيِّدِهِ حَتَّى يَمُوتَ فَلَعَلَّهُ يُعْتَقُ بَعْضُهُ وَيُبَاعُ بَعْضُهُ فِي الدَّيْنِ وَقَدْ يَطُولُ الْمَرَضُ وَيُفِيدُ السَّيِّدُ مَالًا 3 - (فَرْعٌ) قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ: الْحَاكِمُ عِنْدَنَا يَتَوَلَّى بَيْعَ مَالٍه وَقَالَهُ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ وَيُسْتَحَبُّ حُضُورُهُ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِسِلَعِهِ وَمَيْلِ النَّاسِ لِمُعَامَلَتِهِ أَكْثَرَ وَقَالَ (ح) لَا يَبِيعُ الْحَاكِمُ وَإِنَّمَا يَأْمُرُ بِالْبَيْعِ وَيَحْبِسُهُ حَتَّى يَبِيعَ لَنَا أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاعَ مَالَ مُعَاذٍ وَقَوْلُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي حَدِيثِ الْأُسَيْفِعِ: إِنَّا بَائِعُو مَالِهِ غَدا على رَأس الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ فَكَانَ ذَلِكَ إِجْمَاعًا وَقِيَاسًا عَلَى الْمَيِّتِ وَعَلَى بَدَلِ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ بِالْآخَرِ فَإِنَّهُ سَاعَدَ عَلَيْهِ وَلَهُمُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْمَيِّتَ سَقَطَتْ أَهْلِيَّتُهُ بِخِلَافِ الْحَيِّ وَالنَّقْدَانِ فِي حُكْمِ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُم} وَبِقَوْلِهِ عَلَيْهِ

السَّلَامُ لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبِ نفسٍ مِنْهُ " وَهَذَا لَمْ تَطِبْ بِهِ نَفْسُهُ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى غَيْرِ الْمُفَلَّسِ وَلِأَنَّ تَصَرُّفَهُ لِنَفْسِهِ أتمُّ مِنَ الْغَيْرِ وَلِأَنَّهُ لَوْ جَازَ لَهُ بَيْعُ مَالِهِ لَجَازَ لَهُ بَيْعُ مَنَافِعِهِ لجريانها مجْرى الْأَمْوَال وَالْجَوَاب عَن الْأَوَّلِ الْقَلْبُ فَإِنَّ الْمُفَلَّسَ إِذَا امْتَنَعَ مِنَ الْبَيْعِ فَقَدْ أَكَلَ مَالَهُ بِالْبَاطِلِ ثُمَّ نَقُولُ هَذَا يَقْتَضِي مَنْعَ الْبَيْعِ إِذَا بَاعَ بِتَضْيِيقِ الْحَاكِمِ ثُمَّ نَقِيسُ عَلَى مَا أَجْمَعْنَا عَلَى تَخْصِيصِ هَذِهِ النُّصُوصِ بِهِ مِنْ بدلِ النَّقْدَيْنِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ وَنَفَقَاتِ الزَّوْجَاتِ وَالْمَيِّتِ وَعَنِ الثَّانِي الْفَرْقُ بِأَنَّ تَصَرُّفَ الْمُفَلَّسِ يَضُرُّ بِالْغُرَمَاءِ بِالْإِزْوَاءِ فِي الْأَثْمَانِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُفَلَّسِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الْحَاكِمَ قَدْ يَمْلِكُ الْإِنْسَانُ مَا لَا يَمْلِكُ هُوَ كَفُرْقَةِ الْعُنَّةِ وَعَنِ الرَّابِعِ الْفَرْقُ بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ بَذْلُ مَالِهِ لِلدَّيْنِ وَلَا يجب عَلَيْهِ أَن يُواجر نَفْسَهُ فَقَامَ الْحَاكِمُ مَقَامَهُ الْحُكْمُ الثَّانِي: الحجرُ عَلَيْهِ ونفوذ تَصَرُّفَاته أوردهَا وَبِه قَالَ (ش) وَابْن حَنْبَل وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يحْجر عَلَيْهِ لنا أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَجَرَ عَلَى مُعَاذٍ وَفِي الْكِتَابِ: لَيْسَ لَهُ الزواج فِي الْمَالِ الَّذِي فُلِّسَ فِيهِ دُونَ مَا أَفَادَهُ بَعْدَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ مَالِكٍ: لَوِ اشْتَرَى عَبْدًا فَتَزَوَّجَ بِهِ وَلَا مَالَ لَهُ يُعطيه فِي الثَّمَنِ وَقَدْ بَنَى أَمْ لَا الثَّمَنُ دينٌ عَلَيْهِ إِذَا لَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ خِلَافُهُ قَبْلَ شِرَائِهِ وَإِنْ عُلِمَ مِنْهُ الْخَدِيعَةُ أُخذ مِنْهُ وَاتَّبَعَتْهُ الْمَرْأَةُ بِقِيمَتِهِ وَلَوْ بَاعَهُ لَمْ يُفسخ بَيْعُهُ وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ فَتَزَوَّجَ بعبدٍ بِعَيْنِهِ ثُمَّ فُلِّس الْمَرْأَةُ إِسْوَةٌ إِلَّا أَنْ يُصدقها إِيَّاهُ بَعْدَ أَنْ وَقَفَ عَلَى الْفَلَسِ وَعَنْ مَالِكٍ إِنْ كَانَ دَيْنُهُ أَظَلَّهُ غُرْمُهُ وَلَزِمَ بِهِ فَالْمَرْأَةُ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يُظله وَلَمْ يُلْزَمْ بِهِ فَالْمَرْأَةُ أَحَقُّ بِهِ وَرَجَعَ مَالِكٌ عَنْ هَذَا قَالَ اللَّخْمِيُّ: تَصَرُّفَاتُهُ ثَلَاثَةٌ: جَائِزَةٌ وممنوعة ومختلف فِيهَا فَالْأول بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ وَهِبَتُهُ لِلثَّوَابِ وَنِكَاحُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مُعَاوَضَةٌ فَإِنْ بَاعَ قَبْلَ الْحَجْرِ

فرع

بمُحاباة رُدّت الْمُحَابَاةُ أَوْ بَعْدَ الْحَجْرِ بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ وُقف فَإِنْ كَانَ نَظَرًا أُمضي أَوْ فِيهِ بخسٌ رُدّ وَإِن شُك فِيهِ الزَّائِدُ فَإِنْ لَمْ يُوجد أُمْضِيَ وَهَذَا مَا لَمْ يَقْبِضِ الثَّمَنَ أَوْ قَبَضَهُ وَهُوَ قَائِمٌ بِيَدِهِ فَإِنْ أَنْفَقَهُ فَلَهُمُ الرُّجُوعُ فِي السِّلْعَةِ إِلَّا أَنْ يَرْضَى الْمُشْتَرِي بِدَفْعِ الثَّمَنِ مَرَّةً أُخْرَى فَإِنِ اشْتَرَى عَلَى أَنْ يَقْضِيَ مِمَّا حُجِرَ عَلَيْهِ فِيهِ الثَّمَنُ رُدَّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ فضلٌ وَيَفُوتَ بَيْعُهُ إِلَّا أَنْ يَرْضَى الْبَائِعُ أَنْ يُبَاعَ لَهُ وَلَا يَدْخُلَ مَعَ الْغُرَمَاءِ فَيَكُونَ بِمَنْزِلَةِ مُبَايَعَتِهِ بَعْدَ قَسْمِ مَا فِي يَدَيْهِ وَالنِّكَاحُ جَائِزٌ وَإِنَّمَا يخْتَلف فِي الصَدَاق عَن كَانَ النِّكَاحُ قَبْلَ الْحَجْرِ حُوصِصَ بِالصَّدَاقِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا وَلَكِنْ هُوَ فِيمَا يُفِيدُهُ بَعْدُ والمردود التعق وَالتَّدْبِيرُ وَالتَّبَرُّعَاتُ وَقَعَتْ قَبْلَ الْحَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ ووافقنا (ش) فِي الْقسمَيْنِ لِأَن الدن مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَعْرُوفِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي خِدْمَةِ المُعتق إِلَى أَجَلٍ وَفِيمَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْ خِدْمَةِ الْمُدَبَّرِ مَا يُوَفِّي الْعَاجِزُ مِنْ دَيْنِهِ وَإِنْ أَوْلَدَ أَمَتَهُ قَبْلَ الْحَجْرِ لَمْ تُبَع لتقدم حَقّهَا أوبعد الْحَجْرِ بِيعَتْ وَبَعْدَ الْوَضْعِ دُونَ وَلَدِهَا وَفِي الْكِتَابَةِ قَوْلَانِ قِيلَ كَالْعِتْقِ تُرَدُّ وَقِيلَ كَالْبَيْعِ يُنَفَّذُ قَالَ وَرَأَى إِنْ كَانَ قِيمَتُهُ مُكَاتَبًا قِيمَتُهُ رَقِيقًا مَضَتْ قَبْلَ الْحَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ لِعَدَمِ ضَرَرِ الْغُرَمَاءِ إِلَّا أَنْ يَتَعَذَّرَ بَيْعُ الْمَكَاتَبِ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مُكَاتَبًا أَقَلَّ وَهُوَ يُوفي بِالدَّيْنِ لَمْ يُردَّ أَوْ لَا يُوفي رُدّت إِن كَانَت بعد الْحجر أَو قبل وَالْحَبْسُ لِتَخْفِيفِ الْكِتَابَةِ لِمَا يَرْجُو مِنَ الْوَلَاءِ رُدّت وَإِنْ كَانَتْ عَلَى حُسْنِ النَّظَرِ مِنَ السَّيِّدِ وَمِنْ نَاحِيَةِ التِّجَارَةِ لِكَثْرَةِ النُّجُومِ مَضَتْ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي رَهْنِهِ وَقَضَائِهِ لِدَيْنِهِ فَأَمْضَاهُ مَرَّةً وَرَدَّهُ أُخْرَى وَجَعَلَ لِلْغُرَمَاءِ الدُّخُولَ على الْقَابِض أَو الْمُرْتَهن يُحاصوه وَالْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ وَرَجَعَ عَنْهُ " فِي " ذِكْرِ الرُّجُوعِ فِي الْكِتَابِ أَيْضًا 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: إِن أقرًّ قبل الفل بِمَالٍ دَخَلَ صاحبُه مَعَ مَنْ هُوَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بَعْدَ الْفَلَسِ لَا يَدْخُلُ فِيمَا بِيَدِهِ بَلْ هُوَ لِلْغُرَمَاءِ لِأَنَّهُ إِقْرَارٌ عَلَيْهِمْ فَلَا يُسْمَعُ فَإِنْ أَفَادَ بَعْدَ ذَلِكَ مَالًا دَخْلَ فِيهِ مَعَ مَنْ بَقِيَ لَهُ مِنَ الْأَوَّلِينَ شيءُ لِاخْتِصَاصِ التُّهْمَةِ بِالْأَوَّلِ وَإِنْ أَفَادَ مَالًا بَعْدَ الْفَلَسِ فَلَمْ يَقُمْ فِيهِ الْغُرَمَاءُ الْأَوَّلُونَ وَلَا المُقرُّ لَهُ حَتَّى أَقَرَّ

بِدَيْنٍ لِآخَرَ نفذَ إِقْرَارُهُ مَا لَمْ يَكُنْ عِنْد قيام نالأولين بِتَفْلِيسِهِ ثَانِيَةً فَإِنْ أَقَرَّ قَبْلَ ذَلِكَ جَازَ فَإِذَا فُلِّس ثَانِيَةً فالمُقرُّ لَهُمْ آخِرًا أَوْلَى بِمَا فِي يَدَيْهِ مِنَ الْغُرَمَاءِ الْأَوَّلِينَ إِلَّا أَنْ يَفْضُلَ شيءٌ عَنْ دَيْنِهِمْ لِأَنَّ مَا فِي يَدَيْهِ هُوَ مِنَ الْمُعَامَلَةِ الثَّانِيَةِ إِذَا كَانَ قَدْ عُومِلَ بَعْدَ الْفَلَسِ وَبَاعَ وَاشْتَرَى لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: إِذَا دَايَنَ النَّاسَ بَعْدَ الْفَلَسِ ثُمَّ فُلِّس ثَانِيَةً فالمُداين الْأَخِيرُ أَوْلَى من الأول لِأَنَّهُ مَا لَهُ فَإِنْ كَانَ إِنَّمَا أَفَادَ الْمَالَ الثَّانِيَ بِمِيرَاثٍ أَوْ صِلَةٍ أَوْ أَرْشِ جِنَايَةٍ وَنَحْوِهِ اسْتَوَى الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ فِيهِ وَمَا دَامَ قَائِمَ الْوَجْهِ فَإِقْرَارُهُ جَائِزٌ وَفِي النُّكَتِ لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِي إِقْرَارِ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ وَاخْتَلَفَ فِي قَضَائِهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْإِقْرَارَ يُوجِبُ المحاصَّة مَعَ الْغُرَمَاءِ فَهُوَ أَخَفُّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَوْلُهُ إِنْ أَقَرَّ قَبْلَ الْفَلَسِ يُرِيدُ وَقَبْلَ الْقِيَامِ عَلَيْهِ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَإِذَا قَامَ الْغُرَمَاءُ عَلَيْهِ وَلَا بِبَيِّنَة لَهُمْ نفَذَ إِقْرَارُهُ إِنْ كَانَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ وَقَرُبَ بَعْضُ ذَلِكَ مِنْ بَعْضِهِ أَوْ صَاحب الْبَيِّنَة لَا يسْتَغْرق مَاله فَيَنْفُذُ فَإِنَّ ذَا الْبَيِّنَةِ لَا يُفلس وَعَنْ مَالِكٍ إِنْ كَانَ المُقرُّ لَهُ مِنْ مُداينة وتقاضٍ وَخُلْطَةٍ يَحْلِفُ ويحاصِصُ مَنْ لَهُ الْبَيِّنَةُ وَكَذَلِكَ إِنْ عَلِمَ أَنَّهُ بَاعَ مِنْهُ سِلْعَةً لَا تعلمهَا الْبَيِّنَة فَقَالَ عِنْد التقليس هَذَا مَتَاعُ فُلَانٍ فَقِيلَ يَكُونُ أَوْلَى لِلْعِلْمِ بِتَقَدُّمِ الْمُعَامَلَةِ فِيهِ وَقِيلَ لَا يُقبل قَوْلُهُ فِي التَّعْيِينِ وَيَحْلِفُ الْغُرَمَاءُ عَلَى عِلْمِهِمْ لِأَنَّهُ قَدْ تَعَيَّنَ أَنْفَسُ مِنْهَا (كَذَا) فَإِنْ نَكَلُوا حَلَفَ الْبَائِعُ وَأَخَذَهَا وَكَذَلِكَ الْقِرَاضُ وَالْوَدِيعَةُ كَالسِّلْعَةِ يُقبل قَوْلُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ دُونَ أَشْهَبَ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُقبلُ قَوْلُهُ فِيهِمَا فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى أَصْلِهِمَا بينةٌ لِأَنَّهُمَا أَمَانَةٌ بِخِلَافِ الدَّيْنِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ فِي مَالِي ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ لِأَنَّهُمَا دينُ حِينَئِذٍ فَيحصل فيهمَا ثَلَاثَة أَقُول قَالَ اللَّخْمِيُّ إِقْرَارُهُ قَبْلَ الْحَجْرِ لِمَنْ لَا يُتًّهمُ عَلَيْهِ جَائِزٌ وَلِمَنْ يُتَّهم عَلَيْهِ كَالْأَبِ وَالزَّوْجِ خِلَافٌ وَالْأَحْسَنُ الْمَنْعُ لِيَلَّا يُوَاطِئَهُ لِيَرُدَّ إِلَيْهِ وَبَعْدَ الْقِيَامِ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ يَجُوزُ مَعَ الدُّيُونِ الَّتِي قُيِّمَ عَلَيْهِ بِهَا كلِّها بَيِّنَة أَوْ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ لَا تَسْتَغْرِقُ الْمَالَ أَوْ تَسْتَغْرِقُ وَيُعْلَمُ مُعَامَلَةُ المُقَرِّ لَهُ وأقرَّ لَهُ بِمَا يُشبه وَيَمْتَنِعُ الْإِقْرَارُ بَعْدَ الْحَجْرِ وَاخْتُلِفَ فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ بَعْدَ الْقِيَامِ وَقَبْلَ الْحَجْرِ وَالسَّجْنِ وَفِيمَا ثَبَتَتِ الْمُعَامَلَةُ بِالْبَيِّنَةِ وأقرَّ أَنَّ عَيْنَ المُشتري قَائِمَةٌ وَفِيمَا إِذَا أقرَّ بِأَمَانَةٍ كَالْقِرَاضِ وَيَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ يَبْتَدِئَ سُؤَالَهُ عَمَّا عَلَيْهِ

فرع

لِلنَّاسِ فَيُبَيِّنَهُ وَأَكْثَرُ النَّاسِ يَتَعَامَلُونَ بِغَيْرِ إِشْهَادٍ وَلَا يُعرفُ ذَلِكَ إِلَّا مِنْ قِبَلِهِ وَإِلَّا تَذْهَبُ أَمْوَالُ النَّاسِ وَلَوْ قَالَ بَعْدَ الْكَشْفِ عَنْ حَالِهِ فلانٌ نَسِيتُهُ قُبِل بِالْقُرْبِ وَإِذَا رُدَّ إِقْرَارَهُ بَعْدَ الْحَجْرِ ثُمَّ دَايَنَ لَمْ يَدْخُلِ المُقَرُّ لَهُ مَعَ الْمُدَايِنِ لِأَنَّهُ كَانَ رَضِيَ بِالتَّفْلِيسِ فَإِنْ صَحَّ إِقْرَارُهُ وَلَمْ يَرْضَ بِتَفْلِيسِهِ وَلَا دَخَلَ فِي المُحاصة قَالَ لَا يَدْخُلُ مَعَ الْآخَرِينَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَدْخُلُ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا حِينَ الْفَلَسِ لِأَنَّ الدُّخُولَ مَعَ الْأَوَّلِينَ كَانَ لَهُ وَلَهُ الدُّخُولُ مَعَ الْآخَرِينَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَمَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّهَا أَمْوَالُ الْآخَرِينَ لَا يُشَارِكُهُمُ الْأَوَّلُونَ وَهُوَ أَحْسَنُ وَاخْتُلِفَ إِذَا أَبْقَى أَحَدُ الْأَوَّلِينَ فِي يَدَيْهِ نُصِيبَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَضْرِبُ مَعَ الْآخَرِينَ بِقَدْرِ مَا أبقى كمدانية حَادِثَةٍ وَفِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ: يَضْرِبُ بِأَصْلِ دَيْنِهِ وَهُوَ أَحْسَنُ إِذَا لَمْ يَكُنْ أَرَادَ فَلَسَهُ وَإِنَّمَا قَامَ بِحَقِّهِ لِيَلَّا يَنْتَفِعَ بِهِ أَصْحَابُهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ كُلُّ إِقْرَارٍ رُدّ ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهِ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ: اخْتُلِفَ فِي عِتْقِهِ أمَّ وَلَدِهِ أَمْضَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ وَرَدَّهُ الْمُغِيرَةُ وَلَمْ يَجْعَلْهُ كَطَلَاقِ امْرَأَتِهِ وَإِذا أمضينا تَبِعَهَا مالُها عِنْدَ مَالِكٍ وَمَنَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا 3 - (فَرْعٌ) قَالَ وَمَا لَا يُصَادِفُ الْمَالَ ينفُذ كَالطَّلَاقِ وَالْخُلْعِ وَاسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ وَعُضْوِهِ وَاسْتِلْحَاقِ النَّسَبِ وَنَفْيِهِ بِاللِّعَانِ وَارْتِهَانِهِ وَقَبُولِ الْوَصِيَّةِ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ وَالْمَالُ الْمُتَجَدِّدُ بَعْدَ الْحَجْرِ لَا يَتَعَدَّى إِلَيْهِ الْحَجْرُ إِلَّا بِتَجْدِيدِهِ مَرَّةً أُخْرَى 3 - (فَرْعٌ) مَا يَتَعَلَّقُ بِمَصْلَحَةِ الْحَجْرِ كَأُجْرَةِ الْكَيَّالِ وَالْحَمَّالِ تُقدَّم عَلَى جَمِيعِ الدُّيُونِ لِأَنَّهَا أهم ن مصَالح الْغُرَمَاء

فرع

3 - (فَرْعٌ) قَالَ: يحلف المُحَجَّر عَلَيْهِ بالسلف مَعَ شَاهده وَيَأْخُذهُ دَيْنَهُ وَيَحْلِفُ إِذَا رَدَّ عَلَيْهِ الْيَمِينَ فَإِنْ نَكَلَ فَلِلْغُرَمَاءِ الحِلف قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا أَرَادَ المفلَّس سَفَرًا لِمَنْ بَقي لَهُ دينٌ حالُّ مَنْعُهُ وَلَا يَمْنَعْهُ صَاحِبُ الْمُؤَجَّلِ وَلَا يُطَالِبُهُ بِالْكَفِيلِ وَلَا الْإِشْهَادِ إِلَّا أَنْ يَحِلَّ فِي غَيْبَتِهِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ وَقَالَهُ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ لَا يحْبسهُ خوف الْقرب وَلَا يَمْنَعُهُ خَشْيَةَ الْمَوْتِ الْحُكْمُ الثَّالِثُ: حُلُولُ مَا عَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ وَفِي الْكِتَابِ: مُؤَجَّلُ دَيْنِ الْمَيِّتِ وَالْمُفَلَّسِ الَّذِي عَلَيْهِمَا يَحِلُّ بِالْمَوْتِ والفلس وَمَا لَهما يبْقى لأَجله وللغراماء بَيْعه إِن شاؤا وَوَافَقَنَا (ش) وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ لَا يَحِلُّ مَا عَلَى الْمُفَلَّسِ لِأَنَّ الْأَجَلَ حَقٌّ لَهُ فَلَا يَسْقُطُ كَسَائِرِ حُقُوقِهِ وَقِيَاسًا عَلَى الْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ وَلَهُ فِي الْمَوْتِ قَوْلَانِ إِذَا أُوثِقَ بِالْوَرَثَةِ لَنَا: أَنَّ الذِّمَّةَ خَرِبَتْ وَرَبُّ الدَّيْنِ إِنَّمَا رَضِيَ بِالتَّأْجِيلِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنَ الْمَالِ وَقَدْ زَالَتِ الْمُكْنَةُ بِالْحَجْرِ وَأَخْذِ الْمَالِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِغْمَاءِ الْمَالُ يَضُمُّهُ الْوَلِيُّ أَوِ الْحَاكِمُ وَهُوَ عِنْدَ إِفَاقَتِهِ وَالْغَالِبُ سُرْعَتُهَا بِخِلَافِ الْفلس الحكم الرَّابِع إِظْهَار الْحجر عَلَيْهِ وَفِي الْجَوَاهِر: إِذا فلس العريم أَوْ مَاتَ أَحَدٌ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَلْيَأْمُرِ الْقَاضِي مَنْ يُنَادِي عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ فِي مُجْتَمَعِ النَّاسِ إِنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ قَدْ مَاتَ أَوْ فُلِّسَ فَمَنْ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ عِنْدَهُ قِرَاضٌ أَوْ وَدِيعَةٌ فَلْيَرْفَعْ ذَلِكَ إِلَى الْقَاضِي كَمَا فَعَلَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَعَ الْأُسَيْفِعِ وَيُحَذِّرُ النَّاسَ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَالَهُ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ الْحُكْمُ الْخَامِسُ رُجُوعُ أَرْبَابِ السّلع وَغَيرهَا إِلَى مَا لَهُم قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ: إِذَا فُلِّسَ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنُ حَالٌّ أَوْ مُؤَجَّلٌ وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ بِيَدِهِ خُيِّرَ الْبَائِعُ فِي تَرْكِهَا وَمُحَاصَّةِ الْغُرَمَاءِ بِالثَّمَنِ وَفِي فَسْخِ الْبَيْعِ وَأَخْذِ عَيْنِ مَالِهِ إِلَّا أَنْ يَخْتَارَ الْغُرَمَاءُ دَفْعَ الثَّمَنِ إِلَيْهِ فَذَلِكَ لَهُمْ وَإِنْ مَاتَ مُفَلَّسًا فَلَا حَقَّ لِلْبَائِعِ فِي عَيْنِ سِلْعَتِهِ وَهُوَ أُسْوَةُ

الْغُرَمَاء وَقَالَ (ح) لَاحق لَهُ فِي عَيْنِ مَالِهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَبَعْدَ الْقَبْض إسوة الْغُرَمَاء وَقل الْقَبْضِ تُبَاعُ السِّلْعَةُ وَيُقْبَضُ حَقُّهُ مِنَ الثَّمَنِ وَقَالَ (ش) هُوَ أَحَقُّ بِهَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ إِنْ شَاءَ أَخَذَهَا أَوْ تَرَكَهَا وَحَاصَصَ بِالثَّمَنِ وَوَافَقَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الثَّمَنَ يَجْرِي مَجْرَى الْمُثَمَّنِ وَكَذَلِكَ يَقْبَلُ الْإِقَالَةَ وَالرَّدَّ بِالْعَيْبِ فَإِذَا تَعَذَّرَ بِالْفَلَسِ كَانَ كَتَعَذُّرِ تَسْلِيمِ الْمَبِيع للْمُشْتَرِي فسخ البيع وَعند أبي حنيفَة الثَّمَنُ مَعْقُودٌ بِهِ لَا مَعْقُودٌ عَلَيْهِ فَلَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِالْإِعْسَارِ بِهِ لَنَا مَا فِي الْمُوَطَّأِ وَالْبُخَارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: أَيُّمَا رَجُلٍ أَفْلَسَ فَأَدْرَكَ رَجُلٌ مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ وَرَوَى مَالِكٌ أَيْضًا أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: أَيُّمَا رَجُلٍ بَاعَ مَتَاعًا فَأَفْلَسَ الَّذِي ابْتَاعَهُ وَلَمْ يُعْطِ الَّذِي بَاعَهُ شَيْئًا فَوَجَدَهُ بِعَيْنِه فَهُوَ أَحَق بِهِ من غير فَإِنْ مَاتَ الْمُشْتَرِي فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ فَإِنْ قِيلَ أَرَادَ بِصَاحِبِ الْمَتَاعِ الْمُشْتَرِيَ لِأَنَّهُ صَاحِبُ الْمَتَاعِ حَقِيقَةً وَأَمَّا الْبَائِعُ فَهُوَ كَانَ صَاحب الْمَتَاع لَيْلًا يُظَنَّ أَنَّ الْإِفْلَاسَ يُضْعِفُ مِلْكَهُ قُلْنَا بَلِ المُرَاد الْمُبْتَاع لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَحَقُّ قَبْلَ الْإِفْلَاسِ فَاشْتِرَاطُ الْإِفْلَاسِ لَا يَتِمُّ إِلَّا عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ وَلِأَنَّ أَحَقَّ صِيغَةِ أَفْعَلَ يَقْتَضِي الِاشْتِرَاكَ وَعَلَى رَأْيِكُمْ لَا اشْتِرَاكَ بَلِ الْمُشْتَرِي مُتَعَيَّنٌ وَعَلَى رَأْيِنَا يكون الْحق للمشترك فِي الِانْتِزَاعِ وَلِلْبَائِعِ فِي أَصْلِ الْمِلْكِ فَيَتَعَيَّنُ مَا قُلْنَاهُ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى مَا قَبْلَ قَبْضِ السِّلْعَةِ لَهُ حَقُّ الْفَسْخِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ قَبْلَ الْقَبْضِ وَقَالَ بَقِيَّتُهُمْ يُبَاعُ وَيُخْتَصُّ بِالثَّمَنِ فَنَقُولُ فَلَا يَكُونُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ كَمَا قَبْلَ الْقَبْضِ وَالْجَامِعُ تَعَذُّرُ الثَّمَنِ وَكَمَا أَنَّ تَعَذُّرَ الْمَبِيعِ يُوجِبُ حَقَّ الْفَسْخِ فَكَذَلِكَ تَعَذُّرُ الثَّمَنِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ عِوَضٌ مَقْصُودٌ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُعَيَّنِ وَمَا فِي الذِّمَّةِ لِأَنَّ الْعَبْدَ الْمَبِيعَ إِذَا أَبَقَ ثَبَتَ حَقُّ الْفَسْخِ وَالْمُسَلَّمُ فِيهِ إِذَا تَعَذَّرَ ثَبَتَ حَقُّ الْفَسْخِ عِنْدَهُمْ وَهُوَ أحد أقوالنا وَأحد قولي الشَّافِعِي وَلَا يَلْزَمُنَا إِذَا بَاعَهُ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ وَأَعْسَرَ بِالثَّمَنِ فَإِنَّ الْبَائِعَ يَمْلِكُ الرُّجُوعَ وَلَا إِذَا وَهَبَهُ ثُمَّ أَفْلَسَ بِثَمَنِهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ وَكَذَلِكَ إِذَا مَاتَ مُفَلَّسًا لِأَنَّ الْمَوْتَ يَقْطَعُ الْأَمْلَاكَ

وَيَنْقُلُهَا لِلْوَارِثِ وَلَا إِذَا مَنَعَ الْمُبْتَاعُ الثَّمَنَ مِنْ غَيْرِ فَلَسٍ لِعَدَمِ التَّعَذُّرِ فَيَأْخُذُ الْحَاكِمُ الثَّمَنَ قَهْرًا ويُسلِّمه لَهُ أَوْ نَقُولُ أَحَدُ المُتبايعين يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ عِنْدَ التَّعَذُّرِ فِي حَقِّهِ كالمشتري إِذا طَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ تَعَذُّرَ الْكُلِّ أَعْظَمُ مِنْ تَعَذُّرِ الْوَصْفِ وَلِأَنَّ نِسْبَةَ الْعَقْدِ إِلَيْهِمَا نسبةٌ وَاحِدَةٌ فَوَجَبَ اسْتِوَاؤُهُمَا فِي آثَارِهَا وَلِأَنَّا فَسَخْنَا الْعَقْدَ بِأَجْنَبِيٍّ عَنْهُ إِذَا تَعَذَّرَ وَهُوَ الرَّهْنُ فَأَوْلَى تعذُّرُ الرُّكْنِ أَوْ نَقُولُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فيلحقُهُ الْفَسْخُ بِالْإِفْلَاسِ كَالْكِتَابَةِ وَلَا يَلْزَمُ إِذَا بَاعَ مِنْ نَفْسِهِ لِأَنَّهَا عَتَاقَةٌ وَلَا تَلْزَمُهُ الْحَوَالَةُ إِذَا وَجَدَ الْمُحَالَ عَلَيْهِ مُفَلَّسًا كَقَوْلِنَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ وَالْحَوَالَةُ نَقْلٌ لِلْحَقِّ مِنْ ذِمَّةٍ إِلَى ذِمَّةٍ وَلَا الْخُلْعَ إِذَا أَفْلَسَتِ الْمَرْأَةُ لِأَنَّ الطَّلَاقَ وَالْعَتَاقَ لَا يَقْبَلَانِ الْفَسْخَ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَلَا يُقَالُ رتَّبتم عَلَى الْعِلَّةِ ضدَّ مُقْتَضَاهَا لِأَنَّ الْمُعَاوَضَةَ مُقتضى اللُّزُومِ بِدَلِيلِ اعْتِصَارِ الْهِبَةِ دُونَ الْبَيْعِ وَثُبُوتِ الرَّجْعَةِ فِي الْمُطَلَّقَةِ بِغَيْرِ عِوَضٍ بِخِلَافِ الْخُلْعِ لِأَنَّا نَقُولُ بَلْ مُقْتَضَاهَا لِأَنَّ الْمُعَاوَضَةَ تَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمَا فَلَمَّا كَانَ لِأَحَدِهِمَا الْفَسْخُ يَكُونُ لِلْآخَرِ كَمَا تَقَدَّمَ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أيُّما امرئٍ هَلَكَ وَعِنْدَهُ مَتَاعُ امْرِئٍ بِعَيْنِهِ قَبَضَ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْئًا أَوْ لَمْ يَقْبِضْ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ وَهَذَا نَصٌّ وَلِأَنَّ الْإِفْلَاسَ لَوْ كَانَ سَبَبًا لِذَلِكَ لَكَانَ سَبَبًا مَعَ هَلَاكِ السِّلْعَةِ كالرَّد بِالْعَيْبِ وَلِأَنَّ حَقَّ الْجِنَايَةِ أَعْظَمُ مِنْ حَقِّ الْبَيْعِ لِتَرَتُّبِهِ فَهُوَ أَمْرٌ غير رَضِي المجِّني عَلَيْهِ وَهُوَ لَا يَتَعَلَّقُ بِأَعْيَانِ الْأَمْوَالِ فَالْبَيْعُ أَوْلَى وَبِالْقِيَاسِ عَلَى رَهْنِ الْمُشْتَرِيِ الْمَبِيعَ قَبْلَ فَلَسِهِ وَلِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ بِالتَّسْلِيمِ فِيهِ فَلَا يَرْجِعُ لِأَنَّهُ يُسَاوِي الْغُرَمَاءَ فِي سَبَبِ الِاسْتِحْقَاق وَلِأَنَّهُ من أَمْوَال فَلَا يَكُونُ لِأَحَدٍ فِيهِ سُلْطَانٌ وَلِأَنَّهُ لَوِ اشْتَرَى بِمُؤَجَّلٍ وَبَاعَ بحالٍّ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِمُؤَجَّلٍ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ آخَرَ بِحَالٍّ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِمُؤَجَّلٍ وَأَفْلَسَ بِجَمِيعِ الْأَثْمَانِ فَإِنْ لَمْ

يَثْبُتِ الرُّجُوعُ لَزِمَ مُخَالَفَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لرجوع الْمَبِيع بِحَالهِ مَعَ الْفلس وانتفضت قَاعِدَتُكُمْ وَإِنْ ثَبَتَ فَلَيْسَ أَحَدُهُمْ أَوْلَى مِنَ الآخر فَيلْزم التَّرْجِيح من غير مرجَّح أوالجمع بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ فِي رُجُوعِ الْكُلِّ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَكُونُ مُخْتَصًّا بِالْمَبِيعِ فَالْمَبِيعُ لَا يَكُونُ مُخْتَصًّا ولِأَنَّ الْمُثَمَّنَ مُبَايِنٌ لِلثَّمَنِ مِنْ وُجُوهٍ أَحدهمَا أَنَّ الثَّمَنَ فِي حُكْمِ الْمَقْبُوضِ وَلِهَذَا تَجُوزُ الْمُعَاوَضَةُ عَلَيْهِ دُونَ الْعَيْنِ الْمَبِيعَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَثَانِيهمَا إِذَا انْقَطَعَ جِنْسُ المُسلم فِيهِ ثَبَتَ الْفَسْخُ وَانْقِطَاعُ جِنْسِ الثَّمَنِ لَا يُثْبِتُهُ وَالْجَوَابُ: عَنِ الْأَوَّلِ الْقَوْلُ بِمُوجِبِهِ لِأَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عِنْدَنَا فِي الْهَلَاكِ وَنَحْنُ نَحْتَجُّ بِنَقْلِ (ش) وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي الْهَلَاكِ اشْتَدَّ بَابُ الِاكْتِسَابِ فَتَعَيَّنَتِ التَّسْوِيَة بَين الْغُرَمَاء ليلاَّ يَذْهَبَ بَعْضُ الْحَقِّ مُطْلَقًا أَمَّا فِي الْفَلَسِ مَعَ الْحَيَاةِ فَخَيْرُ الْجَمِيعِ مُتَوَقَّعٌ بِمَا تَعَيَّنَتِ الْمَفْسَدَةُ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْفَسْخَ فِي الْعَيْبِ عِنْدَ الْهَلَاكِ يحصِّل فَائِدَةً وَهُوَ قِيمَةُ السِّلْعَةِ كَامِلَةً وَالْكَامِلُ أَتَمُّ مِنَ النَّاقِصِ فِي قِيمَتِهِ وَهَا هُنَا لَوْ فُسخ رَجَعَ إِلَى ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي وَإِذَا لَمْ يُفْسَخْ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي مَعَ أَنَّ الْقِيمَةَ قَدْ تَكُونُ أَقَلَّ أَوْ مُسَاوِيَةً أَوْ أَكْثَرَ وَلَا مرجَّح قَبْلَ الْكَشْفِ عَنْ ذَلِكَ فَلَمْ يَكُنْ ثَمّ غالبٌ يُناط بِهِ الْحُكْمُ الْعَامُّ فَيَسْقُطُ اعْتِبَارُ الْفَسْخِ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ بِخِلَافِ الْعَيْبِ قَرِينَةُ التَّمَامِ دليلٌ ظَاهِرٌ عَلَى حُصُولِ الْفَائِدَةِ فَظَهَرَ الْفَرْقُ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ أَصْلَ الْجِنَايَةِ لَا يَتَعَلَّقُ بِأَعْيَانِ الْأَمْوَالِ وَالْبَيْعُ تَعَلُّقٌ بِأَعْيَانِ الْأَمْوَالِ فَكَانَ تعذُّرها مُؤَثِّرًا فِيهِ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ الرَّهْنَ يُوجِبُ تَعَلُّقَ حقِّ الْغَيْرِ بِغَيْرِ مَا تَعَلَّقَ بِهِ حقُّه بِخِلَافِ الْغُرَمَاءِ لَمْ يَتَعَلَّقْ حقُّهم إِلَّا بِالذِّمَّةِ دُونَ عَيْنِ الْمَبِيعِ فَظَهَرَ الْفَرْقُ وَعَنِ الْخَامِسِ إِسْقَاطُ الْحَقِّ بِالتَّسْلِيمِ لَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ كَمَا إِذَا اشْتَرَى عَبْدًا بِثَوْبٍ وَسَلَّمَ الثَّوْبَ فَأَبَقَ الْعَبْدُ أَوْ وَجَدَ أَحَدَ الْعَرْضَيْنِ مَعِيبًا قَبَضَ الْآخَرُ وَقَدْ رَجُحَ عَلَى الْغُرَمَاءِ بِوُجُودِ عَيْنِ مَالِهِ بِخِلَافِهِمْ وَعَنِ السَّادِسِ أَنَّ كَوْنَهُ مَالَهُ لَا يَمْنَعُ مِنْ سُلْطَانِ الْغَيْرِ عَلَيْهِ كَالْعَبْدِ إِذَا أَبَقَ بَعْدَ أَنْ صَارَ الثَّوْبُ مِنْ أَمْوَالِهِ وَعَنِ السَّابِعِ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ إِنَّهُ لَمْ يَجِدْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ نَقْلًا وَرَأَى أَنَّ الْآخَرَ أحقُّ لِأَنَّهُ كَالنَّاسِخِ فَمَا رَجَّحْنَاهُ إِلَّا بِمُرَجِّحٍ وَعَنِ الثَّامِنِ أَنَّ التَّصَرُّفَ يَجُوزُ عِنْدَنَا فِي الْمَبِيعِ إِلَّا فِي الطَّعَامِ تَعْظِيمًا لِقَدْرِهِ لِكَوْنِهِ سَبَبَ الْأَقْوَاتِ وَقِوَامَ الْحَيَاةِ فَهَذَا الْأَمْرُ يَخُصُّهُ لَا لِكَوْنِهِ ثَمَنًا أَوْ مُثَمَّنًا

وَلَنَا عَلَى (ش) مَا رَوَاهُ مَالِكٌ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: أيُّما رجلٍ بَاعَ مَتَاعًا فَأَفْلَسَ الَّذِي ابْتَاعَ مِنْهُ وَلَمْ يَقْبِضِ الَّذِي بَاعَ مِنْهُ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْئًا فَوَجَدَهُ بِعَيْنِهِ فَهُوَ أحقُّ بِهِ فَإِن مَاتَ الَّذِي ابتاعه فَصَاحب الْمُبْتَاع أُسْوَة الْغُرَمَاء احْتج بِمَا رَوَاهُ أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ أَيُّمَا رجلٍ مَاتَ أَوْ أَفْلَسَ فَصَاحِبُ الْمَتَاع أحقُّ بمتاعه إِذا وجده بِعَيْنِه فَلِأَن الرُّجُوعَ فِي الْمَوْتِ أَوْلَى بِخَرَابِ الذِّمَّةِ وَالْإِيَاسِ فَلَوْ عُكِسَ الْحَالُ لَكَانَ أَوْلَى وَلِأَنَّ الشَّفِيعَ يَثْبُتُ حَقُّهُ فِي الْحَيَاةِ وَفِي الْمَوْتِ مَعَ الْوَارِثِ فَأَوْلَى الْبَائِعُ لِأَنَّهُ كَانَ مَالِكًا لِغَيْرِ الْمَبِيعِ وَمَا رَضِيَ بِالنَّقْلِ إِلَّا بِشَرْطِ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ بِخِلَافِ الشَّفِيعِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ إِسْنَادَهُ ضَعِيفٌ وَعَنِ الثَّانِي تَقَدَّمَ الْفَرْقُ عَنْهُ وَعَن الثَّالِث أَن ضَرَر الشَّفِيع بالشريك والمتجدد لَمْ يَخْتَلِفْ فِي الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ وَتَعَذُّرَ الِاسْتِيفَاءِ فِي الْمَوْتِ مُتَعَيَّنٌ فَلَا يُسْقِطُ شَيْئًا مِنْ حُقُوقِ الْغُرَمَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ تَفْرِيعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذا فلس الْمُبْتَاع وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ بِيَدِهِ فَالْبَائِعُ أَوْلَى بِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُفْلِسِ مَالٌ غَيْرُهَا إِلَّا أَنْ يَرْضَى الْغُرَمَاءُ بِدَفْعِ ثَمَنِهَا إِلَيْهِ فَذَلِكَ لَهُمْ وَإِنْ مَاتَ الْمُبْتَاعُ قَبْلَ دَفْعِ الثَّمَنِ وَهِيَ قَائِمَةٌ بِيَدِهِ فَالْبَائِعُ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ وَإِنْ تَغَيَّرَتِ الْهِبَةُ لِلثَّوَابِ بِيَدِ الْمَوْهُوبِ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ فِي بَدَنٍ وَقَدْ فُلِّسَ فَلِلْوَاهِبِ أَخْذُهَا إِلَّا أَنْ يَرْضَى الْغُرَمَاءُ بِدَفْعِ ثَمَنِهَا فَذَلِكَ لَهُمْ فِي النُّكَتِ إِذَا كَانَتِ الْهِبَةُ لِلثَّوَابِ قَائِمَةً قِيلَ فَسَوَاءٌ قَبِلَ الْمَوْهُوبُ أَوْ مَاتَ الْوَاهِبُ أَوْلَى مِنَ الْغُرَمَاءِ وَأَمَّا إِنْ فَاتَتْ فَلَهُ أَخْذُهَا فِي الْفَلَسِ دُونَ الْمَوْتِ لِأَنَّهَا إِذَا فَاتَتْ وَجَبَتِ الْقِيمَةُ فِي الذِّمَّةِ فَصَارَتْ كَثَمَنِ الْمَبِيعِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ: فَإِنْ كَانَتْ بِيَدِ الْبَائِعِ فَهُوَ أَحَقُّ فِي الْفَلَسِ وَالْمَوْتِ اتِّفَاقًا لِأَنَّهَا كَالرَّهْنِ بِيَدِهِ وَكَذَلِكَ مَنِ اشْتَرَى سِلْعَةً بِسِلْعَةٍ فَاسْتَحَقَّتِ الَّتِي قَبَضَ فَهُوَ أَحَقُّ بَالَتِي دفع بِالدفع إِنْ وَجَدَ عَيْنَهَا فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ جَمِيعًا قَوْلًا وَاحِدًا وَلَوْ تَزَوَّجَ بِسِلْعَةٍ بِعَيْنِهَا فَفُلِّسَتْ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ ظَهَرَ فَسَادُ الْعَقْدِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا إِنْ فَسَدَ الْعَقْدُ أَوْ بِنِصْفِهَا إِنْ لَمْ يَفْسُدْ فِي الْفَلَسِ وَالْمَوْتِ قَوْلًا وَاحِدًا وَتَعَيَّنَ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمَبِيعُ إِمَّا بِالْبَيِّنَةِ وَإِمَّا بِإِقْرَارِ الْمُفَلَّسِ قَبْلَ

التَّفْلِيس أما بعده فأقوال أَحدهَا أَنَّ قَوْلَهُ مَقْبُولٌ مَعَ يَمِينِ صَاحِبِ السِّلْعَةِ وَقِيلَ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ وَيَحْلِفُ الْغُرَمَاءُ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّهَا سِلْعَتُهُ وَقِيلَ إِنْ كَانَتْ عَلَى الْأَصْلِ بَيِّنَةٌ قُبِلَ قَوْلُهُ فِي تَعَيُّنِهَا وَإِلَّا فَلَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَمَّا الْمُعَيِّنُ فَهُوَ أَحَقُّ بِمَا فِي يَدِهِ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ فَإِنْ سَلَّمَهَا لِلْبَائِعِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَحَقُّ فِي الْفَلَسِ دُونَ الْمَوْتِ كَالْعَرَضِ وَقِيلَ كَالْغُرَمَاءِ قَالَهُ أَشْهَبُ فَإِنْ لَمْ تُعْرَفْ بِعَيْنِهَا فَكَالْغُرَمَاءِ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ قَالَ التُّونُسِيُّ: إِنْ دَفَعَ لَهُ الْغُرَمَاءُ الثَّمَنَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: ضَمَانُهَا مِنَ الْمُفَلَّسِ لِأَنَّهُمْ نُوَّابٌ عَنْهُ وَقِيلَ مِنْهُمْ لِأَنَّ رَبَّهَا لَوْ أَخَذَهَا لَبَرِئَ هُوَ مِنْ ضَمَانِهَا وَإِذَا بَاعَ سِلْعَتَيْنِ فَفَاتَتْ إِحْدَاهَا فَلَهُ أَخْذُ الْبَاقِي وَإِنْ رَضِيَ الْغُرَمَاءُ بِدَفْعِ ثَمَنِهَا فَذَلِكَ لَهُمْ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَهُمْ نُوَّابُهُ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَهُم أَوْلَى بِهَا حَتَّى يَسْتَوْفُوا مِنْ ثَمَنِهَا مَا فَدَوْهَا لَهُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ يَدْخُلُ مَعَهُمْ فِي ثمنهَا بِثمن الْفَائِتَةِ كَأَنَّهُمْ أَسْلَفُوا ثَمَنَهَا وَمُحَمَّدٌ يَقُولُ هُمْ حلُّوا محلَّ صَاحِبِهَا وَلَوْ أَخَذَهَا صَاحِبُهَا لَمْ يُحاصِصهم إِلَّا بِمَا بَقِيَ مِنْ ثَمَنِ الْفَائِتَةِ كَذَلِكَ هُمْ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ ثَمَنُهَا مِائَةً وَهُمَا مُسْتَوَيَانِ فَانْتَقَدَ خَمْسِينَ فَفُلِّسَ الْمُشْتَرِي وَفَاتَتْ وَاحِدَةٌ وَأَرَادَ أَخْذَهَا دَفَعَ مَا نَابَهَا مِمَّا قبض وَهُوَ خَمْسَة وَعِشْرُونَ وخاص بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ ثَمَنِ الْفَائِتَةِ وَاخْتُلِفَ هَلْ يَكُونُ الْغُرَمَاءُ أَحَقَّ بِالسِّلْعَةِ حَتَّى يَأْخُذُوا مِنْهَا مَا فَدَوْهَا بِهِ وَهُوَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ قَالَهُ أَشْهَبُ أَوْ يَكُونُونَ كَالْمُسَلِّفِينَ وَذَلِكَ لِلْمُفْلِسِ فَلَا يَكُونُونَ أَحَقَّ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ وَجَدَهَا رَهْنًا لَمْ يَأْخُذْهَا الْبَائِعُ إِلَّا أَنْ يُعطي مَا رُهنت بِهِ ثُمَّ يحاصُّ بِمَا غَرِمَ وَكَذَلِكَ لَوْ جَنَى الْمَبِيعَ حَتَّى يَدْفَعَ الْجِنَايَةَ وَلَا يَرْجِعَ بِهَا كَالْعَيْبِ يُدْخُلُهَا وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهَا مَعِيبَةً وَإِلَّا حاصَّ بِالثَّمَنِ وَلَوْ وَجَدَهُ قَدْ صُبغ لَمْ يَأْخُذْهُ حَتَّى يَدْفَعَ الصَّبْغَ كُلَّهُ قَالَ أَشْهَبُ: ثُمَّ يُحَاصُّ بِهِ الْغُرَمَاءَ وَيَكُونُ الصَّبْغُ لِلْمُفْلِسِ وَيُشَارِكُ بِهِ وَيَنْبَغِي عَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ أَنْ يَكُونَ أَحَقَّ بِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مِنْهُ مَا دَفَعَ فِي إِجَارَتِهِ لِأَنَّهُ يَحِلُّ فِيهِ مَحَلَّ الصَّبَّاغِ فَيَكُونُ أَحَقَّ بِذَلِكَ مِنَ الْغُرَمَاءِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يُحَاصَّ بِمَا أَخْرَجَ فِيهِ مِنْ ثَمَنٍ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ أَنَّ قِيمَةَ الصَّبْغِ مِثْلَ مَا أَخْرَجَ فَلَا فَائِدَةَ لِرَبِّ الثَّوْبِ فِي الدَّفْعِ وَالشَّرِكَةِ وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ

أضرَّ وَاخْتُلِفَ إِنْ أَحَلْتَ قِيمَتَهَا عَلَى مُشْتَرِيهَا ففلِّس الْمُشْتَرِي فَقِيلَ يَكُونُ أحقَّ بِالْحَيْلُولَةِ محلَّك وَقِيلَ لَا لِأَنَّهُ لَمْ يَبِعْ وَاخْتَارَ مُحَمَّدٌ الأول وَالثَّانِي وَابْن الْقَاسِمِ وَهُوَ نَحْوٌ مِمَّا تَقَدَّمَ وَمَنِ ارْتَهَنَ زَرْعًا لَمْ يَبدُ صَلَاحُهُ ثُمَّ فُلِّس الرَّاهِنُ فحاصَّ الْغُرَمَاءُ مَنْ بِيَدِهِ الرَّهْنُ إِذْ لَا يَقْدِرُ عَلَى بَيْعِهِ فَيَبِيعُ الزَّرْعَ بَعْدَ أَنْ حلَّ بِمِثْلِ الثَّمَنِ فَأَكْثَرَ وَمَا وَقَعَ لَهُ فِي الْحِصَاصِ وَمَا فَضَلَ بِيَدِهِ عَنْ دَيْنِهِ وَقَدْ يَقَعُ أَقَلَّ وَأَحْسَنُ مَا يُقَالُ أَنْ ينظركم حاصَّ أَوَّلًا فَإِنْ قِيلَ بِمِائَةٍ وغريمٌ آخَرُ بِمِائَةٍ تُدْفَعُ لَهُ خَمْسُونَ فَإِنْ بِيعَ الزَّرْعُ بِخَمْسِينَ فَهَلِ الْوَاجِبُ أَنْ تَكُونَ الْمُحَاصَّةُ بِخَمْسِينَ وَيُضْرَبَ الْغَرِيمُ بِمِائَةٍ فَيَقَعَ لَكَ ثُلُثُ الْمِائَةِ وَلِلْغَرِيمِ ثُلُثَاهَا وَذَلِكَ ثُلُثَا خَمْسِينَ الَّذِي قَبَضْتَ ورد على صَاحبك ثلث الْخمسين وَلَوْ تَزَوَّجَهَا بِمِائَةٍ ففُلس قَبْلَ الدُّخُولِ فَضَرَبَتْ بِمِائَةٍ فَوَقَعَ لَهَا خَمْسُونَ ثُمَّ طلَّقها فَيُقَالُ انْظُرْ لَوْ حَاصَصْتَ بِخَمْسِينَ مَا الَّذِي كَانَ يَقَعُ لَهَا فَتَحْسَبُهُ وَتَرُدُّ الْبَقِيَّةَ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا فَدَفَعَ لَهَا خَمْسِينَ ثُمَّ فُلِّس فَضَرَبَتْ بِالْخَمْسِينَ الْبَاقِيَةِ وَقَعَ لَهَا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ ثُمَّ طَلَّقَهَا لرَدًّت مِنَ الْخَمْسِينَ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ وَيَنْظُرُ لَوْ ضَرَبَتْ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ فِي مَالِ الْمُفَلَّسِ وَفِي الْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ الَّتِي تَرُدُّهَا كَمْ ينوبُها فَتُمْسِكُهُ وَلَوْ دَفَعَ لَهَا خَمْسِينَ وطلَّقها ثُمَّ فُلِّسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ " تَرُدُّ " خَمْسَةً وَعِشْرِينَ وَتَضْرِبُ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ لِأَنَّهَا تَسْتَحِقُّهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ مَالِكٍ: إِنْ أَوْقَفَ السُّلْطَانُ الْغُلَامَ أَوِ الدَّابَّةَ بَعْدَ الْفَلَسِ لِيَنْظُرَ فَمَاتَ الْمُفَلَّسُ قَبْلَ قَبْضِ الْبَائِعِ فَهُوَ أَحَقُّ وَإِنْ لم يقبض لِأَنَّهُ أوقفهُ بِهِ وَكَانَ ابْن كنَانَة يَقُول للْغُرَمَاء فدَاء السّلْعَة من أَمْوَالهم بل يبدؤن الْبَائِعَ مِنْ مَالِ الْمُفَلَّسِ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَقَالَ أَشْهَبُ: لَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ أَخْذُهَا بِالثَّمَنِ حَتَّى يَزِيدُوا عَلَيْهِ حَطِيطَةً عَنِ الْمُشْتَرِي مِنْ دَيْنِهِمْ وَتَكُونُ السِّلْعَةُ لَهُمْ نَمَاؤُهَا وَعَلَيْهِمْ " خَسَارَتُهَا " وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مِنَ الْمُفَلَّسِ خَسَارَتُهَا وَلَهُ زِيَادَتُهَا وَإِذَا أَبْقَى بَعْضَ ثَمَنِ السِّلْعَةِ لَمْ

يَأْخُذْهَا إِلَّا بِرَدِّ جَمِيعِ مَا قَبَضَ وَمَتَى أَرَادَ الْغُرَمَاءُ تَكْمِيلَ الثَّمَنِ فَلَا مَقَالَ لَهُ وَمَتَى كَانَ الْمَبِيعُ سِلْعَةً مُخْتَلِفَةً أَوْ مُتَمَاثِلَةً وَقَبَضَ بَعْضَ الثَّمَنِ وَهَلَكَ بَعْضُ السِّلَعِ قُومت ورَدّ نَصِيبَ الْبَاقِي وَحَاصَصَ بِنَصِيبِ الْهَالِكِ وَقَالَ (ش) إِذَا وَجَدَ الْمَبِيعُ وَقَدْ قَبَضَ بَعْضَ الثّمن رَجَعَ بِحِصَّة مَا بَقِيَ مِنَ الثَّمَنِ وَلَا يُخيَّر بَيْنَ رَدِّ الْمَقْبُوضِ وَالضَّرْبِ مَعَ الْغُرَمَاءِ لَنَا أَنَّ ظَاهِرَ الْخَبَرِ أُثبت لَهُ أَخْذَ مَالِهِ إِذَا وجده وَقد وجده وَوَافَقَ إِذْ قَالَ بِأَخْذِ " أَحَدِ " الْعَبْدَيْنِ الْمُسْتَوِيَيْنِ بِمَا بَقِيَ مِنَ الثَّمَنِ وَوَافَقَ إِذَا وَجَدَ السِّلْعَةَ رَهْنًا لَا يَأْخُذُهَا لِتَقَدُّمِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ عَلَى الْمُشْتَرِي قبل التَّفْلِيس وَقَالَ إِذا وجد نخلةٍ بِثَمَرَةٍ ذَهَبَتْ ثَمَرَتُهَا خُيِّرَ الْبَائِعُ بَيْنَ الضَّرْبِ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِالثَّمَنِ وَبَيْنَ فَسْخِ الْبَيْعِ بِمَا بَقِيَ بِحِصَّتِهِ ومحاصَّه الْغُرَمَاءِ بِحِصَّةِ مَا تَلِفَ وَنَقْصًا لَا يَنْقَسِمُ عَلَيْهِ الثَّمَنُ كَذَهَابِ يدٍ أَوْ رِجْلٍ خيِّر بَيْنَ أَخْذِهِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوِ التَّرْكِ وَالضَّرْبِ بِالثَّمَنِ وَإِنْ زَادَ البيع زِيَادَةً غَيْرَ مُتَمَيِّزَةٍ كَالسِّمَنِ والكِبر وَاخْتَارَ الْبَائِعُ الْفَسْخَ تَبِعَتِ الزِّيَادَةُ الْأَصْلَ كالرَّد بِالْعَيْبِ أَوْ مُتَمَيِّزَةً كَالثِّمَارِ فِي النَّخْلِ رَجَعَ بِالْمَبِيعِ دُونَهَا قَالَ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا فَعَلَّمَهُ صِنَاعَةً أَوْ قُرْآنًا فَلَا شَيْءَ لِلْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ أَوْ قَمْحًا فَطَحَنَهُ أَوْ ثَوْبًا فَقَصَّرَهُ أَوْ خَاطَهُ وَلَمْ تَزِدْ قِيمَتُهُ فَكَذَلِكَ وَإِنْ زَادَتْ فَهَلْ يَكُونُ كَالْأَوَّلِ أَوْ يَكُونُ الْمُشْتَرِي شَرِيكًا قَوْلَانِ عِنْدَهُمْ وَمَتَى زَادَ الصَّبْغُ بِيعَ الثَّوْبُ وَأَخَذَ الْبَائِعُ بِقَدْرِ قِيمَةِ الثَّوْبِ وَإِنْ نَقَصَتْ خُيِّرَ بَيْنَ أَخْذِهِ نَاقِصًا أَوِ التَّرْكِ وَالْمُحَاصَّةِ وَمَتَى خُلِطَ الْمَبِيعُ الْمِثْلِيُّ بِجِنْسِهِ أَخَذَ مَكِيلَتَهُ هَذَا نَصُّ مَذْهَبِهِ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ غَيْرَ عَيْنِ شَيْئِهِ وَقَالَ هُوَ وَابْنُ حَنْبَلٍ لَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ بَذْلُ الْغُرَمَاءِ الثَّمَنَ تَمَسُّكًا بِظَاهِرِ الْخَبَرِ وَكَمَا إِذَا أَعْسَرَ الزَّوْجُ بِالنَّفَقَةِ فَبَذَلَ أَجْنَبِيٌّ تَمَسُّكًا أَوْ عَجَزَ الْمَكَاتَبُ فَبَذَلَ غَيْرُهُ الْكِتَابَةَ وَلَوْ دَفَعُوا الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ لَزِمَهُ قَبُولُهُ كَمَا لَوْ وَفَتِ الْأَمْوَالُ وَجَوَابُهُ: أَنَّ الْغُرَمَاءَ لَهُمْ حَقٌّ فِي أَمْلَاكِ الْمُفَلَّسِ وَأَمْوَالِهِ فَلَهُمْ تَحْصِيلُ مَصْلَحَتِهِمْ بِإِزَالَةِ ضَرَرِ الْبَائِعِ وَلَا مِنَّةَ عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُمْ سَاعُونَ لأَنْفُسِهِمْ بِخِلَاف

الْأَجْنَبِيِّ مَعَ الزَّوْجِ لَا حَقَّ لَهُ فِي بَقَاءِ عِصْمَةِ الْمَرْأَةِ وَتَلْحَقُ الْمِنَّةُ الزَّوْجَ بِقَبُولِ النَّفَقَةِ فَالزَّوْجُ مَعَ ذَلِكَ مَعِيبٌ عِنْدَ الْمَرْأَةِ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي مَعَ الْبَائِعِ وَظَاهِرُ الْخَبَرِ إِنَّمَا أَوْجَبَ أَخْذَ الْمَبِيعِ صَوْنًا لِلْمَالِيَّةِ فَإِذَا ضَيَّقَتْ عَمِلْنَا بِمُوجِبِ عَقْدِ الْبَيْعِ الْمُتَقَدَّمِ وَهُوَ أَوْلَى لِمَا فِيهِ مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمُوجِبَاتِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ: إِذَا اخْتَلَطَ عَسَلٌ أَوْ زَيْتٌ بِمِثْلِهِ أَخَذَ مَكِيلَتَهُ قَالَ ابْنُ " الْقَاسِمِ ": وَإِنْ خَلَطَهُ بِشَيْءٍ اشْتَرَاهُ مِنْ آخَرَ تَحَاصَّا فِيهِ قَالَ مُحَمَّدٌ: فَلَوْ صُبَّتْ زَيْتُ هَذَا فِي جَرِيرَةِ هَذَا فَهُمَا أَحَقُّ بِذَلِكَ من سَائِر الْغُرَمَاء يتحاصان فِي ثمنهَا بِقَدْرِ قِيمَةِ هَذَا مِنْ قِيمَةِ هَذَا لَيْسَ لَهُمَا غَيْرُهُ إِنْ أَحَبَّا إِلَّا أَنْ يُعْطَى الْغُرَمَاءُ ثَمَنَ الْجَمِيعِ أَوْ ثَمَنَ أَحَدِهِمَا وَيَدْخُلُونَ مَدْخَلَهُ مَعَ الْآخَرِ وَتَوَقَّفَ فِيهَا مُحَمَّدٌ قَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ أَخَذَ مِقْدَارَ دَنَانِيرِهِ أَوْ بَزِّهِ إِذَا رَقَّمَهُ وَخَلَطَ جَمِيعَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ بِجِنْسِهِ قَالَ أَشْهَبُ ذَلِكَ فِي الْعُرُوضِ مِنَ الْبَزِّ وَنَحْوِهِ وَهُوَ فِي الْعَيْنِ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ قَالَ أصبغ: إِلَّا أَن يخلطه بِغَيْر نوع كَصَبِّ زَيْتِ الزَّيْتُونِ عَلَى زَيْتِ الْفُجْلِ أَوِ الْقَمْحِ النَّقِيِّ بِالْمَغْلُوثِ أَوِ الْمُسَوَّسِ فَهُوَ فَوْتٌ قَالَ ابْن الْقَاسِم: لَو زَوجهَا بِعَبْدَيْنِ فَقَبَضَتْهُمَا ثُمَّ فُلِّسَتْ وَطَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَهُوَ شَرِيكٌ فِيهِمَا قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: إِنْ لَمْ يُوجَدْ إِلَّا نِصْفُ الْمَهْرِ فَإِنْ كَانَ هَلَاكُهُ بِغَيْرِ سَبَبِهَا فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا نِصْفُ مَا وَجَدَ وَلَا مُحَاصَّةَ لَهُ بِمَا بَقِيَ أَوْ بِسَبَبِهَا حَاصَصَ بِنِصْفِ مَا ذَهَبَ وَلَوْ بَاعَ أَمَةً فَجُنَّتْ لَمْ يَأْخُذْهَا حَتَّى يَدْفَعَ الْجِنَايَةَ وَلَا يَرْجِعَ بِهَا كَالْعَيْبِ يَدْخُلُهَا قَالَ مَالِكٌ وَلَوْ تَعَوَّرَتْ أَوِ اعْوَرَّتْ بِغَيْرِ جِنَايَةٍ يَأْخُذْهَا بِجَمِيعِ حَقِّهِ أَوْ يَتْرُكْ وَيُحَاصِصْ وَلَوِ اعْوَرَّتْ بِجِنَايَةِ جَانٍ فَأَخَذَ نِصْفَ قِيمَتِهَا لِيَأْخُذَهَا بِنِصْفِ حَقِّهِ إِلَّا أَنْ يُعْطِيَهُ الْغُرَمَاءُ نِصْفَ حَقِّهِ وَيُحَاصِصْ بِالنِّصْفِ الْآخَرِ فِي الْوَجْهَيْنِ أَوْ يَتْرُكْهَا وَيُحَاصِصْ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَكَذَلِكَ الثَّوْبُ يَخْلَقُ أَوْ يَدْخُلُهُ فَسَادٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فَاحِشًا جِدًّا فَلَا يَكُونُ لَهُ أَخْذُهُ قَالَ عبد الْمَالِك: أَمَّا الثِّيَابُ تَنْقَطِعُ لَا أَدْرِي وَأَمَّا الْجُلُودُ تقطع نعالاً فَهُوَ فَوت، قَالَ وَمَتى الشَّيْءُ هَكَذَا فَلَا أَرَى لَهُ

أَخَذَهُ وَلَوْ بُنِيَتِ الْعَرْصَةُ دَارًا أَوْ نُسِجَ الْغَزْلُ ثَوْبًا كَانَ شَرِيكًا لِلْغُرَمَاءِ بِقِيمَةِ الْعَرْصَةَ مِنْ قِيمَةِ الْبُنْيَانِ وَكَذَلِكَ الْغَزْلُ وَنَحْوُهُ بِأَنْ يَكُونَ قِيمَةُ الْعَرْصَةِ الثُّلُثَ وَالْبُنْيَانُ الثُّلُثَانِ يَكُونُ شَرِيكًا بِالثُلُثِ قَالَهُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ قَالَ أَصْبَغُ: مَنِ اشْتَرَى زُبْدًا فَعَمِلَهُ سَمْنًا أَوْ عَمِلَ الثَّوْبَ قَمِيصًا أَوِ الْخَشَبَةَ بَابًا أَوْ ذَبَحَ الْكَبْش وَذَلِكَ فوتٌ لَيْسَ لِلْبَائِعِ إِلَّا الْمُحَاصَّةُ بِخِلَافِ الْعَرْصَةِ وَالْغَزْلِ لِأَنَّهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ زِيدَ فِيهِ غَيْرُهُ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَالْجِلْدُ يُدبغُ وَالثَّوْبُ يُصبغ يَكُونُ شَرِيكًا لِلْغُرَمَاءِ بِقَدْرِ مَا زَادَ ذَلِكَ وَلَوْ رُقع الثَّوْبُ شَارَكَ بِمَا زَادَ التَّرْقِيعُ وَلَوْ كَانَتْ رُقْعَةً أَوْ رُقْعَتَيْنِ وَأَكْثَرُهُ خِيَاطَةُ فُتوق فَهُوَ بِذَلِكَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ وَقِيلَ لَوْ قِيلَ إِنَّ مَا قَابَلَ الصَّبْغَ يُشَارِكُ بِهِ وَمَا قَابَلَ أُجْرَةَ يَدِهِ يُحَاصِصُ بِهِ لَكَانَ أَشْبَهَ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَزِرَاعَةُ الْقَمْحِ وَطَحْنُهُ فَوْتٌ قَالَ أَشْهَبُ: إِذَا وَجَدَهُ عِنْدَ الصَّبَّاغِ أَوِ الْقَصَّارِ قَدْ فَرَغَ أَعْطَاهُ الْأُجْرَةَ وَأَخَذَهُ وَحَاصَصَ الْغُرَمَاءَ بِمَا أَعْطَى يَقُومُ مَقَامَ الصَّبَّاغِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَاشَيْءَ لَهُ فِيمَا فَدَاهُ بِهِ إِنْ سَلَّمَهُ إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ إِلَّا ثَوْبُهُ زَادَ الصَّبْغُ أَوْ نَقَصَ أَوْ يَتْرُكْهُ وَيُحَاصِصْ كَالْعَبْدِ يَجْنِي ثُمَّ يُفْلِسُ فَيَفْدِيهِ فَإِذَا بَاعَهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِمَّا فَدَاهُ بِهِ وَلَوْ وَجَدَ سِلْعَتَهُ مَرْهُونَةً خُيِّر بَيْنَ فِدَائِهَا وَأَخْذِهَا بِالثَّمَنِ كُلِّهِ وَيُحَاصِصْ بِمَا فَدَاهَا بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ الْغُرَمَاءُ أَخْذَهَا وَيُعْطُوهُ جَمِيعَ الثَّمَنِ وَيُحَاصِصَهُمْ بِمَا فَدَاهَا بِهِ فِيهَا وَفِي جَمِيعِ مَالِ الْمَيِّتِ أَوْ يَدَعُهَا وَيُحَاصِصُ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الرَّهْنَ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي وَالْجِنَايَةَ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِذِمَّتِهِ شيءٌ يَلْزَمُهُ قَالَ مُحَمَّدٌ: إِذَا جَنَى الْعَبْدُ فَالْغُرَمَاءُ مُخَيَّرُونَ فِي فِدَائِهِ بِدِيَةِ الْجِنَايَةِ وثمنه الَّذِي لبَائِعه ثمَّ يبيعون وَيَسْتَوْفُونَ مِنْ ثَمَنِهِ دِيَةَ الْجِنَايَةِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْهَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ بَقِيَّةِ الْجِنَايَةِ شَيْءٌ يَزِيدُ وَيَكُونُ لَهُمْ عَلَيْهِ ثَمَنُهُ الَّذِي دفعوه لبَائِعه قَالَ: فَإِن فضل بعددِية الْجِنَايَةِ شيءٌ أَخَذُوهُ فِي ثَمَنِهِ الَّذِي دَفَعُوهُ فِدَاءً فَإِنْ فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ فضلٌ فَبَيْنَ غُرَمَائِهِ مِنْ دَيْنِهِمْ فَإِنْ مَاتَ أَوْ نَقَصَ بَعْدَ أَنْ فَدَوْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُفَلَّسِ فِيمَا فدوه بِهِ وَإِن شاؤا افْتَكُّوهُ مِنْ بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ وَمِنَ الْمَجْرُوحِ بِالْجِنَايَةِ وَبِزِيَادَةٍ وَلَوْ دِرْهَمًا

يَحُطُّونَهُ عَنِ الْغَرِيمِ مِنْ دَيْنِهِمْ لِيَكُونَ الْعَبْدُ لَهُمْ فَإِنْ مَاتَ كَانَ دينُهم عَلَيْهِ إِلَّا الزِّيَادَةَ الَّتِي زِيدَتْ عَلَى الدِّيَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ أَبَقَ الْعَبْدُ فَأَرَادَ المحاصَّة بِالثَّمَنِ عَلَى أَنَّهُ إِنْ وَجَدَهُ أَخَذَهُ وَرَدَّ مَا حاصَّ بِهِ لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ إِمَّا أَنْ يَرْضَى بِطَلَبِ الْعَبْدِ وَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهُ أَوِ الْمُحَاصَّةِ إِلَّا أَنْ يَرْضَى الْغُرَمَاءُ بِدَفْعِ الثَّمَنِ وَيَطْلُبُوا الْآبِقَ وَلَيْسَ ذَلِكَ شِرَاءً لِلْآبِقِ لِأَن أداءهم على الْمُفلس وللمفلس نماؤه وَنقص قَالَ أَشْهَبُ: لَهُ تَرْكُ الْمُحَاصَّةِ وَطَلَبُ الْعَبْدِ فَإِنْ وَجَدَهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ وَإِلَّا رَجَعَ فحاصَّ الْغُرَمَاءَ وَقَالَ أَصْبَغُ: لَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ بِثَمَنِهِ لِأَنَّهُ شراءُ آبِقٍ فَإِنْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي وَسَلَّمَهُ فَحَاصَّ الْبَائِعَ بِالثَّمَنِ ثُمَّ رُدَّ بِعَيْبٍ فَلِلْبَائِعِ أَخْذُهُ وردُّ مَا أَخَذَ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِهِ وَلَوْ وَطِئَهَا الْمُشْتَرِي لَا يَمْنَعُ الْوَطْءُ الْأَخْذَ بِخِلَافِ الِاعْتِصَارِ وَهِبَةِ الثَّوَابِ لِتَعَيُّنِ الضَّرَرِ هَاهُنَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا رَدَّهُ الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ لَمْ يَقْبِضْ ثَمَنَهُ مِنَ الْبَائِعِ وَلَوْ وَجَدَ ثَمَنَهُ بِعَيْنِهِ بِأَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ كِتَابًا أَوْ طَعَامًا أَوْ نَحْوَهُمَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ وَقَالَ سُحْنُونٌ: إِذَا فُسخ الْبَيْعُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِد وفُلِّس البَائِع فالمتباع أحقُّ بِالسِّلْعَةِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ ثَمَنَهَا لِأَنَّهَا عَيْنُ مَالِهِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يَكُونُ أَحَقَّ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالْخِلَافِ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ لَوْ أَخَذَ سِلْعَةً بَدَيْنٍ أَخْذًا فَاسِدًا لَا يَكُونُ أحقُّ بِهَا قَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ تَأْخِيرُهُ لِمَكَانِ مَا أُخِذَ مِنْهُ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ أحقَّ بِهَا لِأَنَّهُ تَرَكَ الطَّلَبَ حِينَ الْمَلَاءِ لِظَنِّهِ الْوَفَاءَ بِمَا أَخَذَ واختُلف فِي الْمَحَالِّ بِثَمَنِ السِّلْعَةِ هَلْ يَكُونُ أحقَّ كَأَصْلِهِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ لَمْ يَبِعْ شَيْئًا وَاخْتَارَ مُحَمَّدٌ الْأَوَّلَ عَلَى قَاعِدَتِهِ أَنَّ مَنْ فَدَى شَيْئًا قَامَ مَقَامَهُ وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ لَا يَقُومُ مَقَامَهُ وَفِي الْإِقَالَةِ أَيْضًا خِلَافٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا كَانَتِ السِّلْعَةُ مِنْ قَرْضٍ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ لَا يَكُونُ أَحَقَّ لِأَنَّ الْحَدِيثَ إِنَّمَا جَاءَ فِي الْبَيْعِ وَقَالَ الْأَصِيلِيُّ أَحَقُّ كَالْبَيْعِ وَلَوِ اشْتَرَى رجلٌ الدَّيْنَ الَّذِي هُوَ ثَمَنُ السِّلْعَةِ ثُمَّ فُلِّس الْمُشْتَرِي لِلسِّلْعَةِ لَمْ يَكُنْ مُشْتَرِي الدَّيْنِ أَحَقَّ وَلَوْ تَصَدَّقَ بِالدَّيْنِ لَكَانَ الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ أَحَقَّ فَإِنْ بَاعَ ثَمَرَةً مُزْهِيَةً وَوَقَعَ الْفَلَسُ بَعْدَ يُبسها فَهَلْ يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا؟ خلافٌ عَنْ مَالِكٍ وَأَحَقُّ بِهَا أَحْسَنُ لِأَنَّهَا عَيْنُ مَالِهِ وَلِأَنَّهَا ضَمَانُ الْبَائِعِ حَتَّى تَصِيرَ إِلَى الْيُبْسِ

وَفِي الْجَوَاهِرِ: الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا الْأَخْذُ هَلْ هُوَ نقضٌ لِلْبَيْعِ مِنْ أَصْلِهِ أَوِ ابْتِدَاءٌ لِلْبَيْعِ؟ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَصِحُّ الْأَخْذُ وَعَلَى الثَّانِي يُختلف فِيهِ بِنَاءً عَلَى أَصْلٍ آخَرَ وَهُوَ مَا أَدَّتْ إِلَيْهِ الْأَحْكَامُ مِنَ الذَّرَائِعِ هَلْ يُعْتَبَرُ أَوْ لَا؟ قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَإِذَا وَجَدَ الْمُشْتَرِي عَيْبًا بِالْمَبِيعِ فَلَمْ يَسْتَرْجِعْ حَتَّى فُلّس الْبَائِعُ فاختُلف هَلْ يَكُونُ أَحَقَّ بِهِ يردُّه ويُباع لَهُ أَوْ يَكُونُ أُسْوَةً وَعَلَى أَنَّهُ أُسْوَةٌ قِيلَ يُخّير بَيْنَ حَبْسِهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنَ الْعَيْبِ أَوْ يَرُدُّ وَيُحَاصُّ وَقِيلَ لَهُ حَبْسُهُ وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ لِتَضَرُّرِهِ بِالرَّدِّ وَالْمُحَاصَّةِ وَهُوَ أَبْيَنُ وَإِنْ كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا وَلَمْ يَقْبِضِ الثَّمَنَ حَتَّى فُلِّس الْمُشْتَرِي فَإِنْ لَمْ يَفُتْ رُدّ الْبَيْعُ وَإِنْ فَاتَ بحوالة سوق أوعيب فَلِلْبَائِعِ أَخْذُهُ أَوْ يُحَاصُّ بِالْقِيمَةِ وَلَوْ قَبَضَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ ثُمَّ فُلِّسَ قَبْلَ فَوْتِ السِّلْعَةِ اختُلف هَلْ يَكُونُ الْمُشْتَرِي أَحَقَّ بِهَا أَوْ تُباع \ لَهُ فِي ثَمَنِهِ أَوْ يَكُونُ أُسْوَةً وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ يُخيَّر بَيْنَ الردِّ وَالْمُحَاصَّةِ بِثَمَنِهِ أَوْ يُمْسِكُ وَتَكُونُ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ أَوْ يقاص الثّمن وَمَتَّى نَقَصَ الْمَبِيعُ بِفِعْلِ آدَمِيٍّ وَأُخِذَ لَهُ أَرْشٌ ثُمَّ ذَهَبَ ذَلِكَ الْعَيْبُ كَالْمُوَضَّحَةِ أَخَذَ الْمَبِيعَ دُونَ الْأَرْشِ لِعَدَمِ النَّقْصِ قَالَ مُحَمَّدٌ: فَإِنْ يَعُدْ لِقِيمَتِهِ ردَّه وَأَخَذَ الْبَاقِيَ بِمَا يَنُوبُهُ مِنَ الثَّمَنِ يَوْمَ الْبَيْعِ وَحَاصَصَ بِنَقْصِ الْجِنَايَة كساعتين وُجِدَتْ إِحْدَاهُمَا فَإِنْ نَقَصَتْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فلمالكٍ قَوْلَانِ: أَخَذَ الْبَاقِيَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوْ يُحَاصِصُ وَيَأْخُذُهَا بِقِيمَتِهَا أَوْ يُحَاصُّ بِالثَّمَنِ فَإِنْ كَانَ مِنْ سَبَبِ الْمُشْتَرِي كَالثَّوْبِ يَخْلَقُ فَخِلَافٌ تَقَدَّمَ نَقْلُهُ وَالْقِيَاسُ فِيهِ فضٌّ الثَّمَنِ عَلَى الذَّاهِبِ وَالْبَاقِي وَسَقَطَ مَا يَنُوبُ الْمَوْجُودُ وَيَضْرِبُ بِمَا يَنُوبُ الذَّاهِبُ لِأَنَّهُ شَيْءٌ قَبَضَهُ مِنْهُ وَيَخْتَلِفُ إِذَا هَرِمَ الْعَبْدُ عِنْدَهُ هَلْ يَكُونُ لَهُ أَخْذُهُ قِيَاسًا عَلَى وِجْدَانِ الْعَيْبِ بَعْدَ الْهَرَمِ هَل يكون ذَلِك فوتاً أَو لَا؟ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَخْذِهِ يُختلف هَلْ يَضْرِبُ بِمَا نَقَصَ كَمَا قِيلَ فِي الْعَيْبِ؟ وكَبُر الصَّغِيرِ فوتٌ وَكُلُّ مَا يَمْنَعُ مِنَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ فَإِنَّهُ يَمْنَعُ الْأَخْذَ فِي الْفَلَسِ تَمْهِيدٌ: فِي الْجَوَاهِرِ: يُشْتَرَطُ فِي الْعِوَضِ تَعَذُّرُ أَخْذِهِ بِالْفَلَسِ فَمَتَى وفَّى

- (فرع)

المَال فَلَا رُجُوع وَقَالَ عبد الْمَالِك: مَتَى دَفَعَ إِلَيْهِ الْغُرَمَاءُ الثَّمَنَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ أَوْ مِنْ مَالِ الْمُفَلَّسِ فَلَا رُجُوعَ وَمَنَعَ ابْنُ كِنَانَةَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ بَلْ مِنْ مَالِ الْمُفَلَّسِ وَقَالَ أَشْهَبُ: لَيْسَ لَهُمْ أَخْذُهَا بِالثَّمَنِ حَتَّى يَزِيدُوا عَلَيْهِ زِيَادَةً يُحطونها عَنِ الْمُفَلَّسِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ وَلِلْمُعَوَّضِ شَرْطَانِ: وَجُودُهُ فِي مِلْكِ الْمُفَلَّسِ فَلَوْ هَلَكَ أَوْ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ بِكِتَابَةٍ فَلَا رُجُوعَ وَالثَّانِي عَدَمُ التَّغَيُّرِ فَلَوْ زرعت الْحِنْطَة أَو خلط جيد بردئ أَوْ مَغْلُوثٍ أَوْ مُسَوَّسٌ أَوْ يُعْمَلُ الزُّبْدُ سَمْنًا أَوْ يُقْطَعُ الثَّوْبُ قَمِيصًا أَوِ الْخَشَبَةُ بَابا أَو يذبح الكبس فَقَدْ فَاتَ وَلَوْ أُضيف إِلَيْهِ صَنْعَةٌ كَالْعَرْصَةِ تُبني وَالْغَزْلِ يُنسج لَا يُمْنَعُ الرُّجُوعَ وَيُشَارِكُ الْغُرَمَاءَ بِقَدْرِ قِيمَتِهِ مِنْ قِيمَةِ الْبُنْيَانِ وَالنَّسْجِ وَمن شَرط الْمُعَارضَة التَّمَحُّضُ لِلْمُعَاوَضَةِ فَلَا يَثْبُتُ الْفَسْخُ فِي النِّكَاحِ وَالْخلْع وَالصُّلْح لتعذر اسْتِيفَاء الْمقَال لَكِنْ لَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وفُلِّست وعُرِف الثَّمَنُ بِيَدِهَا أَخَذَ نِصْفَهُ وَيَثْبُتُ حَقُّ الزَّوْجِ فِي الْإِجَارَةِ وَالسَّلْمِ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: إِذَا ولدت الْأمة عِنْده ثمَّ مَاتَ وَبَقِيَ وَلَدُهَا ثُمَّ فُلِّسَ فَلِلْبَائِعِ الْمُحَاصَّةُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوْ أَخْذُ الْوَلَدِ بِجَمِيعِ دَيْنِهِ لِأَنَّهُ نَشَأَ عَنْ مَالِهِ وَلَيْسَ بَعْضُ الْمَبِيعِ حَتَّى يَتَقَسَّطَ الثَّمَنُ بِإِعْسَارِهِ إِلَّا أَنْ يُعْطِيَهُ الْغُرَمَاءُ جَمِيعَ الثَّمَنِ فَيَأْخُذُوا الْوَلَدَ لِانْدِفَاعِ الضَّرَرِ وَلَوْ وَجَدَ الْأَمَةَ أَوِ الْغَنَمَ تَنَاسَلَتْ فَلَهُ أَخْذُ الْأَوْلَادِ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالْغَلَّةُ لِلْمُبْتَاعِ كَصُوفٍ جَزَّهُ وَلَبَنٍ حَلَبَهُ وَثَمَرَةٍ جَنَاهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الصُّوفُ يَوْمَ الشِّرَاءِ عَلَى ظُهُورِ الْغَنَمِ قَدْ تَمَّ وَفِي النَّخْلِ ثَمَرٌ مُؤَبَّرٌ فَهُوَ كَالْمَبِيعِ لَهُ أَخْذُهُ وَقَالَ غَيْرُهُ: إِنْ جَذَّ تِلْكَ الثَّمَرَةَ وَجَزَّ ذَلِكَ الصُّوفَ فَهُمَا كَالْغَلَّةِ لِأَنَّ أَصْلَهُمَا غَلَّةٌ وَفِي النُّكَتِ يَسْتَوِي بَيْعُ الْوَلَدِ وَمَوْتُهُ بِخِلَافِ الْأُمِّ لِأَنَّهُ بَيْعٌ قَالَ التُّونُسِيُّ لَمْ يَذْكُرْ إِذَا أَخَذَ الصُّوفَ هَلْ يَغْرَمُ الْجَزَّازُ أَمْ لَا وَإِذَا أَخَذَ الثَّمَرَ فِي رُؤْس النَّخْلِ دَفَعَ السَّقْيَ وَالْعِلَاجَ وَفِيهِ اخْتِلَافٌ وَإِذَا بِيعَتْ وَحْدَهَا بِغَيْرِ أَصْلٍ بَعْدَ زَهْوِهَا ثُمَّ فُلِّسَ بَعْدَ يُبْسِهَا فَقِيلَ يَأْخُذُهَا لِأَنَّهَا مُعَيَّنَةٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ: سَوَاءٌ مَاتَتِ الْأُمُّ وَبَقِيَ الْوَلَدُ أَوْ مَاتَ الْوَلَدُ

وَبَقِيَتِ الْأُمُّ لَا يَأْخُذُ الْبَاقِيَ إِلَّا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوْ يَتْرُكُ وَيُحَاصُّ وَإِنْ بَاعَ الْمُشْتَرِي وَلَدَ الْأَمَةِ أَوِ الْفَرَسَ أَوْ غَيْرَهُمَا يَأْخُذُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوْ يُحَاصُّ لِأَنَّ الْأُمَّ هِيَ الْمَبِيعَةُ وَالْوَلَدَ كَالْغَلَّةِ وَإِنْ بَاعَ الْأُمَّ قُسِّمَ الثّمن عَلَيْهِمَا وَأخذ الْوَلَد بِحِصَّتِهِ ويحاص بِحِصَّة الْأُمِّ قَالَهُ كُلَّهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: يُقَوَّمُ الْوَلَدُ الْيَوْمَ أَنْ لَوْ كَانَ يَوْمَ الْعَقْدِ فَتُصْرَفُ حِصَّتُهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَوْ قُتِلَ أَحَدُهُمَا فَأَخَذَ لَهُ عَقَلٌ فَهُوَ كَالْمَوْتِ وَلَوْ بَاعَهَا بِوَلَدِهَا كَانَا كَسِلْعَتَيْنِ بِيعَتَا فِي صَفْقَة لي مَا وجد مِنْهُمَا قَالَهُ مَالِكٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ بِخِلَافِ الْفَلَسِ وَلَوْ بَاعَ الْوَلَدَ الْمُتَوَلِّدَ عِنْدَهُ وَرَدَّ الْأُمَّ بِعَيْبٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَرُدَّ مَعَهَا أَثْمَانَهُمَا وَلَوْ بَاعَ الْأَمَةَ وَبَقِيَ الْوَلَدُ ثُمَّ ظَهَرَ عَلَى عَيْبٍ كَانَ بِهَا لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ إِلَّا أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ أَوْ يَرْجِعَ إِلَيْهِ وَقَالَ يَحْيَى فِي التَّفْلِيسِ: إِنْ جَذَّ الْمُشْتَرِي تَمْرًا رد ملكيته أَوْ رُطَبًا رَدَّ قِيمَتَهُ يُرِيدُ إِذَا فَاتَ وَلَهُ أُجْرَةُ سَقْيِهِ وَعِلَاجِهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَا نَفَقَةَ لَهُ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَنْفَقَ عَلَى مَالِهِ وَمَا أَصَابَهُ مِنْهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَإِنَّمَا يَصِحُّ قَوْلُ يَحْيَى هَذَا فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَأَمَّا فِي التَّفْلِيسِ فَلَا يَكُونُ لِلْبَائِعِ مِثْلُهَا وَلَا قِيمَتُهَا لِأَنَّ عَيْنَ شَيْئِهِ قَدْ ذَهَبَ فَيَتَعَيَّنُ الثَّمَنُ وَيُحَاصُّ بِمَا يَنُوبُ الثَّمَرَةُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَوِ اشْتَرَى غَنَمًا عَلَيْهَا صُوفٌ ثَائِرَةٌ فَجَزَّهُ وَبَاعَهُ فَيَأْخُذُ الْبَائِعُ الْغَنَمَ وَيُقَوَّمُ الصُّوفُ بِقَدْرِهِ مِنَ الرِّقَابِ يَوْمَ الْبَيْعِ لَا بِمَا بِيعَ فَيُحَاصُّ الْغُرَمَاءَ بِذَلِكَ وَلَوْ بَاعَ شَجرا بِلَا ثَمَر أَو فِيهَا ثَمَر لم يوبر فَهُوَ لِلْبَائِعِ أَوْ أُبِّرَ فَلِلْمُبْتَاعِ وَإِذَا جَذَّ الثَّمَرَة افْتَرَقَ الْمَأبُورُ عَنْ غَيْرِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ الْمَأبورُ لِلْبَائِعِ أَخْذُهُ وَغَيْرُهُ كَالْغَلَّةِ لَا تُرَدُّ وَإِنِ ابْتَاعَ دَارًا فَدَخَلَتْ غَلَّتُهَا لَمْ تَكُنْ غَلَّتُهَا لَهُ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ: مَا اكْتَسَبَ الْعَبْدُ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ فَلَمْ يَنْتَزِعْهُ حَتَّى فُلِّسَ فَلِلْبَائِعِ أَخْذُهُ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا ابْتَاعَ عَبْدًا بِمَالِهِ إِلَى أَجَلٍ فَذَهَبَ مَالُهُ بِانْتِزَاعٍ مِنَ السَّيِّدِ أَوِ اسْتِهْلَاكٍ مِنَ الْعَبْدِ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنْ أَخَذَ الْعَبْدَ فَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهُ أَوْ يَتْرُكُهُ وَيُحَاصُّ وَإِنْ هَلَكَ الْعَبْدُ وَبَقِيَ الْمَالُ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ الْمَالِ وَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاء لضعف المَال العَبْد

فرع

وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: إِنْ ذَهَبَ مَالُ الْعَبْدِ فِي الثَّلَاثِ لَا يُرَدُّ بِذَلِكَ وَيُرَدُّ بِالْعَيْبِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنَ الْمَالِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ انْتَزَعَهُ مِنْهُ وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا بَاعَ ثَمَر حَائِطٍ [بِرُطَبٍ] فَيَبِسَ فِي النَّخْلِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لَا يَأْخُذُهُ الْبَائِعُ لِأَنَّهُ أَعْطَى رُطَبًا وَأَخَذَ ثمراً يُحَرَّمُ يَدًا بِيَدٍ فَكَيْفَ إِلَى أَجَلٍ وَقَالَ أَشْهَبُ: لَهُ أُخْذُهُ إِلَّا أَنْ يُعْطِيَهُ الْغُرَمَاءُ الثَّمَنَ عَلَى الْقَاعِدَةِ لِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ أَدَّتْ إِلَيْهِ الْأَحْكَامُ وَهُوَ عَيْنُ شَيْئِهِ كَمَا يَمْتَنِعُ بَيْعُ الْآبِقِ وَيَأْخُذُ الْعَبْدَ إِذَا أَبَقَ قَالَ وَكَذَلِكَ الْقَمْحُ يُطْحَنُ وَالشَّاةُ تُذْبَحُ وَالزُّبْدُ يُعْمَلُ سَمْنًا وَنَحْوُهُ يُمْنَعُ أَخْذُهُ كَالرُّطَبِ بِتَمْرٍ لِأَنَّهُ قَمْحٌ بِدَقِيقٍ وَزُبْدٌ بِسَمْنٍ وَفِي الْجَوَاهِرِ عَنِ الشَّيْخِ أَبِي الْقَاسِمِ السُّيُورِيِّ: إِذَا وَلَدَتِ الْأَمَةُ لَهُ أَخْذُ الْبَاقِي مِنْهُمَا بِحِسَابِهِ نَظَائِرُ: قَالَ الْعَبْدِيُّ تُؤْخَذُ الثَّمَرَةُ فِي خَمْسِ مَوَاطِنَ: فِي الْفَلَسِ مَا لَمْ تُزَايِلِ الْأُصُولَ وَالشُّفْعَةِ وَفِي الِاسْتِحْقَاقِ فَإِنْ يَبِسَتْ فَلَا تُؤْخَذُ فِيهِمَا وَالْبَيْعِ الْفَاسِد وَالرَّدّ بِالْعَيْبِ مَا لم تطلب للْمُبْتَاع نَظَائِرُ: الْغَلَّةُ لِلْمُشْتَرِي فِي خَمْسَةِ مَوَاضِعَ: فِي الْفَلَسِ وَالشُّفْعَةِ وَالِاسْتِحْقَاقِ وَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ 3 - (فَرْعٌ) فِي النَّوَادِرِ: إِذَا قَالَ الْمُشْتَرِي لِلْغُرَمَاءِ إِمَّا أَن تضمنوا السّلْعَة أودعوا البَائِع بأخذها لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ ضَمَانُهُ مِنْهُ وَعَنِ ابْنِ وَهْبٍ إِذَا قَالَ ذَلِكَ ثُمَّ حَبَسُوهَا وَدَفَعُوا الثَّمَنَ ضَمِنُوهَا وَيُحَاسِبُهُمْ بِهَا الْمُفَلَّسُ فِيمَا دَفَعُوا عَنْهَا وَإِنْ بِيعَتْ فَفَضْلُهَا لَهُ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ أَصْبَغُ إِذَا اشْتَرَى مِنَ الْغَنَمِ رَقِيقًا بِأَكْثَرَ مِنْ دَيْنِهِ ثُمَّ فُلِّسَ وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ الرَّقِيقِ فَلِلْغَانِمِينَ الَّذِينَ بَاعُوهُ مِنَ الرَّقِيقِ مِقْدَارُ مَا يَفْضُلُ عَنْ سَهْمِهِ أَحَقُّ مِنَ الْغُرَمَاءِ إِنْ كَانَ اشْتَرَى مِنْهُمْ مِقْدَارَ مَا صَارَ لَهُمْ أَمَّا لَوْ أُحِيلَ عَلَيْهِ بِمِقْدَارِ مَا زَادَ

فرع

عِنْدَهُ فَالْمُحَالُ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ إِذَا اشْتَرَى مِنْ قَوْمٍ مُعَيَّنِينَ مِمَّا صَارَ لَهُمْ خَاصَّةً بِالْقَسْمِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ سَلَفًا بِعَيْنِهَا إِنَّمَا هِيَ غَنَائِمُ يَبِيعُهَا السُّلْطَانُ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إِذَا اشْتَرَى طَعَامًا عَلَى الْكَيْلِ أَمْ لَا ثُمَّ فُلِّس الْبَائِعُ قَبْلَ قَبْضِهِ فَالْمُشْتَرِي أحقُّ بِالطَّعَامِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الذِّمَّةِ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: الْأَجِيرُ عَلَى سَقْيِ زَرْعٍ أَوْ نَخْلٍ أَوْ أَصْلٍ إِنْ سَقَاهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ فِي الْفَلَسِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ وَفِي الْمَوْتِ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ وَالْأَجِيرُ عَلَى رِعَايَةِ الْإِبِلِ أَوْ حِلَابِهَا أَوْ عَلْفِ الدَّوَابِّ هُوَ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ لِأَنَّ لِلْأَوَّلِ أَثَرًا ظَاهِرًا بِخِلَافِ الثَّانِي وَرَبَّ الْحَانُوتِ وَالدَّارِ كَغُرَمَاءِ مُكْتَرِيهَا فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ لِأَنَّ أُجْرَتَهُ فِي الذِّمَّةِ وَجَمِيعُ الصُّنَّاعِ أحقُّ بِمَا أُسلم إِلَيْهِمْ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ لِأَنَّ أَعْيَانَ صَنَائِعِهِمْ فِي الْمَتَاعِ وَكَذَلِكَ الْمُكْتَرِي عَلَى حَمْلِ مَتَاعٍ إِلَى بَلَدٍ أَسْلَمَ دَابَّتَهُ لِلْمُكْتَرِي أَوْ مَعَهَا وَرَبُّ الْمَتَاعِ مَعَهُ أَوْ لَا وَكَذَلِكَ الْمُكْتَرِي عَلَى حَمْلِ مَتَاعٍ وَهُوَ رَهْنٌ كَالرَّهْنِ وَلِأَنَّهُ وَصَلَ عَلَى دَوَابِّهِ لِلْبَلَدِ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ: قَوْلُهُ الصُّنَّاعُ أحقُّ بِمَا فِي أَيْدِيهِمْ مَفْهُومُهُ أَنَّهُمْ لَوْ دَفَعُوهُ لِأَرْبَابِهِ لَمْ يَكُونُوا أحقَّ هُوَ مَرْوِيٌّ عَنْهُ وَعَنْهُ أَنَّهُمْ أحقُّ وَإِنْ أَسْلَمُوهُ لِأَن فِي أَعْيَانَ أَعْمَالِهِمْ وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ وَصَلَ عَلَى دَوَابِّهِ إِلَى الْبَلَدِ يَقْتَضِي أَنَّ السَّفِينِيَّ كَذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَهُوَ أَحَقُّ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ وَالنَّخْلُ مِمَّا يَبْقَى لِلْمَسَاقِي فَهُوَ أَحَقُّ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ قَالَ التُّونُسِيُّ فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ: مَا وَضَعَهُ الصَّانِعُ مِنَ الرِّقَاعِ فِي الثَّوْبِ أَوْ خِيَاطَةِ فَتْقٍ إِنْ كَانَتِ الرِّقَاعُ الْجُلُّ فَهُوَ أَحَقُّ بِالثَّوْبِ يُقوِّم مَرْقُوعًا وَغَيْرَ مَرْقُوعٍ وَيَكُونُ شَرِيكًا وَكَذَلِكَ إِنْ تَنَصَّفَتِ الْخِيَاطَةُ وَالرِّقَاعُ وَإِلَّا فَهُوَ أُسْوَةٌ لِأَنَّ الْأَقَلَّ تَبَعٌ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: هُوَ أَحَقُّ بِمَا زَادَ مُطْلَقًا وَيَضْرِبُ بِبَقِيَّةِ الْأُجْرَةِ وَكُلُّ صِنَاعَةٍ لَيْسَ عَلَيْهَا عَيْنٌ قَائِمَةٌ كَالْخِيَاطَةِ بِغَيْرِ رِقَاعٍ وَالْقِصَارَةِ فَهُوَ كَالْغُرَمَاءِ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَالْأَجِيرُ يَدْرُسُ الزَّرْعَ بِبَقَرَةٍ أَحَقُّ بالاندُر لِأَنَّ الْأَنْدَرَ لَا

يَنْقَلِبُ بِهِ صَاحِبُهُ وَلَا يَحْتَوِي عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَنِ اسْتَعْمَلْتَهُ فِي حَانُوتِكَ وَيَنْصَرِفُ بِاللَّيْلِ لَيْسَ أَحَقَّ فِي الْمَوْتِ وَلَا فَلَسٍ وَاخْتُلِفَ فِي مُكْرِي الْأَرْضِ لِلزَّرْعِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ: أحقُّ فِي الْفَلَسِ خَاصَّةً لِأَنَّ الْأَرْضَ هِيَ المُنمِّية لِلزَّرْعِ فَأَشْبَهَ بَائِعَ الزَّرْعِ وَقِيلَ أَحَقُّ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ كَبَائِعِ سِلْعَةٍ لَمْ يُسَلِّمْهَا فَكَأَنَّ يَدَهُ مَا زَالَتْ عَنِ الْمَبِيعِ وَكَذَلِكَ أَجِيرُ الزَّرْعِ اخْتُلِفَ فِيهِ بِنَاءً عَلَى الْمُدْرَكِ الْمُتَقَدِّمِ لِأَنَّ يَدَهُ عَلَى مَا أَخْرَجَ لَمْ يسلِّمه أَوْ يُقَالُ سَلَّمَهُ فِي الْأَرْضِ وَقِيلَ بِالْفَرْقِ فربُّ الرض أَوْلَى فِيهِمَا وَالْأَجِيرُ فِي الْفَلَسِ خَاصَّةً لِقُوَّةِ اسْتِيلَاءِ الْأَرْضِ وَهُمَا يُقَدَّمَانِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فِي الْفَلَسِ وَإِنْ مَاتَ الْمُكْتِرِي قُدِّم عَلَيْهِمَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُمَا أُسوة فِي الْمَوْتِ وَانْظُرْ لَوِ اكْتَرَى الْأَرْضَ فَزَرَعَهَا بِنَفْسِهِ وَسَقَى ثُمَّ فُلِّس بِمَاذَا يَكُونُ رَبُّ الْأَرْضِ أَوْلَى بِجَمِيعِ الزَّرْعِ مَعَ الْمُكْتَرِي نَمَّاهُ أَمْ لَا وَلَوْ كَانَ مَوْضِعُهُ أَجِيرًا لَشَارَكَ رَبَّ الْأَرْضِ لِأَنَّ بِالْقَدْرِ الَّذِي لَوْ كَانَ مَعَهُ أَجِيرًا كَانَ لَهُ قَدْرُ تَنْمِيَةِ أَرْضِهِ وَيَأْخُذُ غُرَمَاءُ الْمُكْتَرِي مَا نمَّاه وَظُهُورُ الْإِبِلِ حَائِزَةٌ لِمَا عَلَيْهَا فِي فَلَسِ أَصْحَابِ الْمَتَاعِ كَانَ أَصْحَابُهَا مَعَهَا أَوْ لَا بِخِلَاف الدّور إِلَّا عِنْد عبد الْمَالِك لِأَنَّ الْإِبِلَ سَيْرُهَا بِالْمَتَاعِ إِلَى الْبِلَادِ تَنْمِيَةٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا اسْتَأْجَرَ لِزَرْعِهِ لِلسَّقْيِ فَعَجَزَ فَأَجَّرَ آخَرَ فربُّ الزَّرْعِ وَالْأَجِيرُ الثَّانِي أَوْلَى بِالزَّرْعِ يتحاصَّان وَمَا فَضَلَ فَلِلْأَجِيرِ الْأَوَّلِ دُونَ الْغُرَمَاءِ لِأَنَّ بِالثَّانِي ثمَّ الزَّرْعُ كَمَا لَوْ رَهَنَهُ فَأَحْيَاهُ الرَّاهِنُ بِمَالِهِ ثُمَّ عَجَزَ ثُمَّ اسْتَدَانَ ثُمَّ فُلِّسَ يَبْدَأُ الْأَخِيرُ فَالْأَخِيرُ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: إِذَا حَصَدَ الْوَارِثُ وَدَرَسَ وَزَرَعَ فَعَجَزَ فَقَامَ الْغُرَمَاءُ فَلَهُ أُجْرَتُهُ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ إِنِ اكْتَرَى دَابَّةً بِعَيْنِهَا فَلَهُ قبضُها بَعْدَ الْفَلَسِ كَعَبْدٍ اشْتَرَاهُ وَفِي الْكِرَاءِ الْمَضْمُونِ أسوةُ الْغُرَمَاءِ إِلَّا أَنْ يَقْبِضَهَا وَيَحْمِلَ عَلَيْهَا فَهُوَ أَوْلَى إِلَّا أَنْ يُرِيدَ الْغُرَمَاءُ بَيْعَ الظَّهْرِ وَيَضْمَنُونَ كِرَاءَهُ فِي ثِقَةٍ فَذَلِكَ لَهُمْ وَعَنْهُ كَذَلِكَ إِذَا تَكَارَوُا الْجِمَالَ وَهُوَ يُديُرها تَحْتَهُمْ أَمْ لَا هُمْ أحقُّ لِأَنَّهُ كَالتَّعْيِينِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَجِيرِ عُلُوفَةِ الدَّوَابِّ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِي عَيْنِ الدَّوَابِّ حَقٌّ بَلْ فِي الذِّمَّةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ أَجِيرِ الْعُلُوفَةِ وَأَجِيرِ السَّقْيِ أَنَّ الدَّوَابَّ قَدْ تَرْعَى وَتَرْتَحِلُ بِأَنْفُسِهَا وَالْأُصُولُ لَا تَشْرَبُ بِنَفْسِهَا

وَكُلُّ صَانِعٍ يُخْرِجُ عَيْنَ الْعَمَلِ كَالصَّبَّاغِ يُخْرِجُ الصَّبغ وَالصَّقِيلِ يُخْرِجُ حَوَائِجَ السَّيْفِ وَالْفَرَّاءُ يُرَقِّعُ الْفَرْوَ بِرِقَاعِهِ ثُمَّ يَقْبِضُ ذَلِكَ ربُّه ثُمَّ يُفْلِسُ فَيَنْظُرُ إِلَى قِيمَةِ الصَّبْغِ يَوْمَ الْحُكْمِ هَلْ نَقَصَ ذَلِكَ الثَّوْبُ بِذَلِكَ أَمْ لَا فَيُشَارِكُ بِذَلِكَ الصَّانِعُ الْغُرَمَاءَ أَنَّهَا سِلْعَتُهُ إِلَّا أَن يدْفع لَهُ الْغُرَمَاءِ وَإِذَا سَلَّمَ الصَّانِعُ أَحَدَ السُّوَارَيْنِ فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا حبسُ الْبَاقِي عَلَى أُجْرَةِ الْبَاقِي وَأُجْرَةُ الْآخَرِ بَقِيَتْ فِي الذِّمَّةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: فَإِن فُلِّس الصَّانِع والصباغ أوالحائك أَوِ الْخَيَّاطُ فلمُستأجره المحاصَّة بِقِيمَةِ تِلْكَ الصَّنْعَةِ فَمَا صَارَ لَهُ خُيِّر بَيْنَ أَنْ يَعْمَلَ لَهُ بِهِ وَيَتِمَّ مِنْ عِنْدِهِ وَيَتْبَعَ الصَّانِعَ بِالْبَاقِي أَوْ يَأْخُذَ ذَلِكَ مِنَ الْأُجْرَةِ الَّتِي أَسْلَمَهَا وَيَتْبَعَ بِالْبَاقِي وَتَنْفَسِخَ بِالْبَاقِي الْإِجَارَةُ لِأَنَّ تَبْعِيضَ الْخِيَاطَةِ وَالصَّبْغِ عَيْبٌ وَإِنْ كَانَتِ الْإِجَارَةُ فِي عَيْنِ الْأَجِيرِ فَمَنْ لَهُ عَلَيْهِ مالٌ أحقُّ بِمَالِهِ وَالْمُسْتَأْجِرُ أَحَقُّ بِصَنْعَتِهِ وَلَا يَدْخُلُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ ثُمَّ يَعْمَلُ لِمُسْتَأْجِرِيهِ الْأَوَّلَ فَالْأول إِلَّا أَن يكون ثمَّ عادةٌ بِتَأْخِير بَعضهم لدخولهم على ذَلِك أَو لجهل حَالِهِمْ فَيَقْتَرِعُونَ فَإِنْ فُلِّس الْمُسْتَأْجِرُ فَالْأَجِيرُ أحقُّ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ لِأَنَّهَا الْعَادَةُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَادَةٌ فَيُخْتَلَفُ هَلْ يَكُونُ أحقَّ بِصَنْعَتِهِ لِأَنَّهَا بِيَدِهِ وَلم يسلِّمها أَو كالغرماء أَنه سلَّمها فِي الثَّوْبِ وَفَاتَتْ فِيهِ وَيُخْتَلَفُ إِذَا مَاتَ وَلَا عَادَةَ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِذَا كَانَ الْفَلَسُ قَبْلَ أَنْ يَعْمَلَ خُيِّر بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْعَمَلِ وَيَكُونُ كَالْغُرَمَاءِ وَلَيْسَ لَهُ الْعَمَلُ لِيَكُونَ شَرِيكًا بِعَمَلِهِ فَإِنْ عَمِلَ وسلَّم فَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي نَحْوِ الْخِيَاطَةِ وَالْقِصَارَةِ وَالصَّبْغِ هُوَ كَالْغُرَمَاءِ لِتَسْلِيمِهِ وَعَنْهُ هُوَ أَحَقُّ بِصَنْعَتِهِ شريكٌ بِهَا لِوُجُودِهِ فِي عَيْنِ السِّلْعَةِ قَائِمَةً وَهَلْ يُشَارِكُ بِقِيمَةِ الصَّنْعَةِ وَبِمَا زَادَتْ فَإِنْ لَمْ تُرَفهو كَالْغُرَمَاءِ قَوْلَانِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَلَوْ وَجَدَ الْبَائِعُ السِّلْعَةَ فِي يَدِ الصَّانِعِ فَلَهُ دَفْعُ الْأُجْرَةِ وَأَخْذُ الثَّوْبِ قَالَ أَشْهَبُ: ويحاصُّ بِالْأُجْرَةِ وَيَكُونُ شَرِيكا بالصنعة وَعَن عبد الْمَالِك الْأَجِيرُ عَلَى رِعَايَةِ الْإِبِلِ وَفِي كُلِّ شَيْءٍ يخلُفُ الْأَجِيرَ بِهِ دُونَ صَاحِبِهِ وَيَقُومُ مَقَامَهُ وَهُوَ أَحَقُّ بِهِ فِي الْفَلَسِ وَالْمَوْتِ وَكَذَلِكَ المجاعل فِي الْآبِق وَالْبَعِير الشارد أومن تَوَكَّلَ لِيَأْتِيَ بِمَالٍ مِنَ الْعِرَاقِ وَإِذَا فُلِّس الْمُكْتَرِي وَالْكِرَاءُ عَلَى رُكُوبِهِ فالمُكري أحقُّ بِإِبِلِهِ فِي

الْفَلَسِ كَانَ الْكِرَاءُ بَعِيرًا بِعَيْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَيَخْتَلِفُ إِذَا كَانَ الْكِرَاءُ عَلَى حَمْلِ متاعٍ وَقَدْ أَبْرَزَهُ لَهُ وَلَمْ يَحْمِلْهُ فَفِي كِتَابِ الرَّوَاحِلِ: المُكري أحقُّ بِهِ وَعَلَى قَوْلِ غَيْرِهِ فِي الْإِبِلِ إِذَا كَانَتْ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ هُوَ كَالْغُرَمَاءِ لَا يَكُونُ أَحَقَّ بِالْمَتَاعِ لِأَنَّ الْمَتَاعَ لَا يَتَعَيَّنُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنْ فُلِّس بَعْدَ بُلُوغِ الْمَتَاعِ وَكَانَ صَاحِبُ الْإِبِلِ يَخْلُو بِالْمَتَاعِ وَيَحُوزُهُ فَهُوَ أحقُّ بِهِ فِي الْفَلَسِ وَالْمَوْتِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَحُوزُهُ فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ هُوَ أَحَقُّ بِهِ فِي الْفَلَسِ وَالْمَوْتِ إِنْ كَانَ صَاحِبُ الْإِبِلِ أَسْلَمَ إِبِلَهُ إِلَى الْمُكْتَرِي لِأَنَّهُ بَلَغ عَلَى إِبِلِهِ وَعَلَى قَول عبد الْمَالِك كالغرماء لِأَنَّهُ لم يَجُزه وَلَمْ يخْلُ بِهِ وَهُوَ أَبْيَنُ وَقَدْ يُحمل قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى زِيَادَةِ السَّوْقِ فِي الْبَلَدِ الَّذِي بَلَغَتْ إِلَيْهِ أَكْثَرُ مِنَ الْكِرَاءِ فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ لَمْ يَكُنْ أحقَّ إِلَّا بِتَلف الزِّيَادَةِ فِي الْفَلَسِ دُونَ الْمَوْتِ وَقَالَ (ش) الْمُسْتَأْجِرُ أَحَقُّ بِالدَّابَّةِ فِي الْفَلَسِ كَمَا قُلْنَاهُ وَفِي النَّوَادِرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا دَفَعَ غُلَامَهُ لِمَنْ يُعَلِّمُه إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ ففُلِّس السَّيِّدُ فالمُعلّم أَحَقُّ إِلَّا أَنْ يُعْطِيَهُ الْغُرَمَاءُ مَا شَرَطَهُ لَهُ السَّيِّدُ لِتَقَدُّمِ حَقِّهِ قَبْلَ الْفلس وَكَذَلِكَ لَو لم يعلِّمه شَيْئا يُبدَّأ إِلَّا أَنْ يَكُونَ يَنْقَلِبُ بِاللَّيْلِ إِلَى سَيِّدِهِ وَكَذَلِكَ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى بِنَاءِ عَرْصَتِكَ مِنْ عِنْدِهِ مُقَاطَعَةً لِأَنَّ مَا وَضَعَهُ فِي الْعَرْصَةِ كَسِلْعَةٍ بِعَيْنِهِا وَقَالَ سُحْنُونٌ أُجْرَةُ الْأَجِيرِ تُقدَّمُ فِي الْفَلَسِ عَلَى الدُّيُونِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَعْطُوا الْأَجِيرَ حَقَّهُ قَبْلَ أَنْ يجفَّ عَرَقُهُ وَإِذَا اكْتَرَى دَارًا بِدِينَارَيْنِ فَنَقَدَ دِينَارًا ثُمَّ فُلِّسَ السَّاكِنُ بَعْدَ سُكْنَى نِصْفِ سَنَةٍ إِنْ شَاءَ رَبُّ الدَّارِ تَرَكَهَا وحاصَّ بِدِينَارِهِ الْبَاقِيَ أَوْ يَأْخُذُ دَارَهُ وَيَرُدُّ نِصْفَ مَا انْتَقَدَ حِصَّةَ النِّصْفِ الْبَاقِي عَنِ السَّنَةِ وَيَأْخُذُ بَاقِيَ السُّكْنَى وَيُحَاصُّ بِنِصْفِ دِينَارٍ بِقِيمَةِ حِصَّةِ مَا مَضَى إِلَّا أَنْ يُعْطِيَهُ الْغُرَمَاءُ نِصْفَ دِينَارٍ حِصَّةَ بَاقِي السُّكْنَى وَيُحَاصُّ بِنِصْفِ دِينَارٍ بَاقِيَ كِرَاءٍ مَا مَضَى قَالَ الْأَبْهَرِيُّ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يُقْبَلُ إِقْرَارُ الصُّنَّاعِ بَعْدَ فَلَسِهِمْ هَذِهِ السِّلْعَةَ لفُلَان

أَوْ هَذَا الْغَزْلَ أَوْ هَذِهِ السَّبِيكَةَ لِإِخْلَالِهِ بحِجر الْفَلَسِ وَعَنْهُ يُقبل لِأَنَّهَا أَمَانَاتٌ فَلَا تُهْمَةَ كَمَالِ أَنْفُسِهِمْ وَإِذَا استَدان فَزَرَعَ ثُمَّ اسْتَدَانَ وَقَدِمَ الْآخَرُ فَالْآخَرُ قِدَمَ الْآخَرُ عَلَى الْجَمِيع كَانَ أول أَوَاخِر لِأَنَّ بِهِ حَصَلَتْ مَصْلَحَةُ الْمَالِ وَيُقَدَّمُ الْأَجِيرُ الْأَخِيرُ عَلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّ بِعَمَلِهِ وُجِدَ الزَّرْعُ فَهُوَ كَوَاجِدِ عَيْنِ مَالِهِ ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ فَلَوْ تَكَارَاهَا فَزَرَعَ وَاسْتَأْجَرَ ثُمَّ رَهَنَ الزَّرْعَ وَقَبَضَهُ المرتَهِن بُدِّئ بِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَالْأَجِيرِ يَتَحَاصَّانِ لِوِجْدَانِهِمَا عَيْنَ مَالِهِمَا وَالْفَضْلَةُ لِلْمُرْتَهِنِ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجد الرزع بِأَرْضِهِ وَلَا بِعَمَلِهِ ثُمَّ لِلْغُرَمَاءِ مَا فَضَلَ عَنِ الْمُرْتَهِنِ قَالَ مَالِكٌ: وَإِذَا فُلِّس عاملُ الْقِرَاضِ وَفِي يَدِهِ أَمْتِعَةٌ حاصَّ بِهَا الْغُرَمَاءُ إِلَّا أَنْ يُثْبِتَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ هَذَا عَيْنُ مَالِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ لِأَنَّ الْقِرَاضَ حَقٌّ مِنَ الْحُقُوقِ فِي يَدِ الْعَامِلِ كَحُقُوقِ الْغُرَمَاءِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ: الْأَجِيرُ أحقُّ بِمَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنَ الْعَمَلِ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ جَمِيعًا وَانْتَقَضَتِ الْإِجَارَةُ كَالسِّلْعَةِ بِيَدِ الْبَائِعِ الْحُكْمُ السَّادِسُ ضَمَانُ مَالِهِمْ بَعْدَ الْفَلَسِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ قَالَ أَشْهَبُ: مُصِيبَتُهُ مِنَ الْغَرِيمِ " كَانَ " عَيْنًا أَوْ عَرَضًا وَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَهُ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِهِ وَعَنْ مَالِكٍ ضَمَانه من الْغُرَمَاء إِذا اصتحبه (كَذَا) السُّلْطَان عينا كَانَ أَو عرضا وروى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ وَقَالَ بِهِ: الْعَيْنُ مِنَ الْغُرَمَاءِ إِنْ كَانَتْ دُيُونُهُمْ عَيْنًا وَإِنْ كَانَتْ دُيُونُهُمْ عَيْنًا وَمَالُهُ عَرُوضٌ فَمِنَ الْمُفَلَّسِ وَكَذَلِكَ الْعُرُوضُ الْمُخَالِفَةُ للدَّين وَالْمُمَاثِلَةُ مِنْهُمْ لِأَنَّهُمْ يَتَحَاصُّونَ فِيهَا مِنْ غَيْرِ بَيْعٍ وَقَالَ أَصْبَغُ مِنَ الْغُرَمَاءِ فِي الْمَوْتِ وَمِنَ الْمُفَلَّسِ فِي الْفَلَسِ فَالْأَوَّلُ مَقِيسٌ عَلَى الثَّمَنِ يَهْلِكُ فِي الْمُوَاضَعَةِ يَكُونُ مِمَّنْ تَكُونُ الْأَمَةُ لَهُ وَالثَّانِي مبنيُّ عَلَى أَنَّ السُّلْطَانَ وَكِيلٌ لَهُمْ وَقَبْضُ الْوَكِيلِ قبضٌ لِلْمُوَكِّلِ وَالرَّابِعُ مَبْنِيٌّ عَلَى تَعَذُّرِ غَيْرِ لغرماء فِي الْمَوْتِ فَيَتَعَيَّنُونَ وَفِي الْفَلَسِ الْأَصْلُ ضَمَانُ الْمُفَلَّسِ لِلدُّيُونِ حَتَّى تَصِلَ إِلَى أَرْبَابِهَا وَفِي الْجُلَّابِ: لَوْ بَاعَ الْحَاكِمُ مَالَهُ وَقَبَضَ ثَمَنَهُ فَتَلِفَ الثَّمَنُ " قَبْلَ " قَبْضِ

فرع

الْغُرَمَاءِ ضَمِنُوهُ لِتَعَيُّنِهِ لَهُمْ بِالْبَيْعِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ مِنَ الْمُفَلَّسِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَقَالَ عبد الْمَالِك ضَمَانُ الذَّهَبِ مِمَّنْ لَهُ عَلَيْهِ ذهبٌ وَضَمَانُ الْوَرِقِ مِمَّنْ لَهُ عَلَيْهِ وَرِقٌ وَبِالْجُمْلَةِ فَالْخِلَافُ مبنيُّ عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ ضمانُ الْمُفَلَّسِ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ أَوِ السُّلْطَانُ وكيلٌ لِلْغُرَمَاءِ أَوْ وَكِيلُهُ أَو إِذا كَانَ المَال يحْتَاج لبيع فعلق الْمُفلس بَاقِيَة (كَذَا) وَإِلَّا فَلَا وَفِي النكث قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا: إِنْ كَانَ الْمَوْقُوفُ دَنَانِيرَ وَحَقُّهُمْ دَرَاهِمُ لَمْ يَضْمَنِ الْغُرَمَاءُ مَا ضَاعَ وَإِنَّمَا مَعْنَى كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعَيْنِ الْمَوْقُوفِ إِذَا كَانَ مِنْ جِنْسِ حُقُوقِهِمُ الَّتِي يَقْبِضُونَهَا وَقَوْلُهُ وَلَا يَضْمَنُونَ الْعُرُوضَ يُرِيدُ إِذَا كَانَتْ خِلَافَ حُقُوقِهِمْ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهَا عَلَى مِلك الْغَرِيمِ حَتَّى تُبَاعَ الْحُكْمُ السَّابِعُ قِسْمَةُ مَالِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ: يُبَاعُ مِنْ مَالِهِ عَلَى نِسْبَةِ الدَّيْنِ فَإِنِ اخْتَلَفَتْ أَجْنَاسُهَا مِنَ الْعَيْنِ وَالْعَرُوضِ وَطَعَامِ السَّلَم قُوِّمَ لِكُلِّ وَاحِدٍ قِيمَةُ دَيْنِهِ بِثَمَنِهِ يَوْمَ الْفَلَسِ ويُقسم مَالُهُ بَيْنَهُمْ عَلَى تِلْكَ الحِصاص وَيَشْتَرِي لِكُلِّ وَاحِدٍ بِمَا صَارَ لَهُ سلعتُه أَوْ مَا بَلَغَ مِنْهَا وَلَا يَدْفَعُ لِأَرْبَابِ الطَّعَامِ ثَمَنَ الطَّعَامِ لِأَنَّهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَكَذَلِكَ أَرْبَابُ الْعُرُوضِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ السلَم عَرَضًا فِي عرضِ ليلاّ يدْخل سلفُ بِزِيَادَة أوضع وتعجَّل 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: يَتَأَنَّى فِي الْقَسَمِ إِنْ كَانَ مَعْرُوفًا وَكَذَلِكَ الْمَيِّتُ وَيَعْزِلُ لِمَنْ غَابَ نصيبُه وَضَمَانُهُ مِنَ الْغَائِبِ قَالَ ابْنُ يُونُس: هَذَا اتِّفَاقًا وَالْخِلَافُ إِنَّمَا هُوَ إِذَا وُقف الْمَالَ لِلْمُفْلِسِ لِيَقْضِيَ مِنْهُ غُرَمَاؤُهُ وَلَوْ طَرَأَ غَرِيمٌ لَمْ يَعْلَمْ بَعْدُ مَا وُقف لِلْأَوَّلِ لَضَمِنَ لَهُ الْأَوَّلُ قَدْرَ نَصِيبِهِ مِنَ الْمَوْقُوفِ وَإِنْ عُلم هَلَاكُهُ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ ضَامِنًا لَهُ فَكَأَنَّهُ قَبَضَهُ وَإِذَا غَرَم الطَّارِئُ بِحِصَّتِهِ رَجَعَ بِمِثْلِ ذَلِكَ عَلَى الْمُفَلَّسِ أَوِ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ قَدِ اسْتَحَقَّ مِنْهُ بِخِلَافِ وَارِثٍ يَطْرَأُ عَلَى وَارِثٍ وَقد هلك مَا بِيَدِهِ الْوَارِثِ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ وَثَبَتَ ذَلِكَ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ: وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْغَرِيمُ الْمَوْقُوفُ لايضمن أَيْضًا لِلطَّارِئِ شَيْئًا وَلَكِنْ يُحطُّ ذَلِكَ الْقَدْرُ مِنَ الدَّيْنِ الْمَوْقُوفِ وَيَرْجِعُ بِذَلِكَ الْغَرِيمِ الطَّارِئِ عَلَى الْمَيِّتِ وَالْمُفَلَّسِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْوَارِثِ وَالْغَرِيمِ أَنَّ الْغَرِيمَ دينُه مِنْ مُعَاوَضَةٍ فَمَا هَلَكَ فِي

فرع

يَدَيْهِ فَهُوَ مِنْهُ وَالْوَارِثُ لَمْ يَضْمَنْ فِي ذَلِكَ ثَمَنًا وَدَاهُ وَكَانَ ضَمَانُهُ مِنَ الْمَيِّتِ فَإِذَا طَرَأَ وَارِثٌ لَمْ يُرْجَعْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ شَيْئًا وَالْغَرِيمُ لَمَّا كَانَ هَلَاكُهُ فَهُوَ كَمَا لَوْ وكَّله فَوَجَبَ لِلْغَرِيمِ الرُّجُوعُ ثُمَّ يَتْبَعَانِ ذِمَّةَ الْمُفَلَّسِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: إِذَا أَرَادَ بَعْضُهُمْ إِيقَافَ مَا ينوبُه لَمْ يَأْخُذِ الْبَاقُونَ مِنْهُ شَيْئًا فِي بَقِيَّةِ دَيْنِهِمْ إِلَّا أَنْ يَرْبَحَ فِيهِ أَوْ يُفِيدَ مِنْ غَيْرِهِ فَيَضْرِبَ الْقَائِمُونَ عَلَيْهِ فِي الرِّبْحِ بِمَا بَقِيَ لَهُمْ وَالْآخَرُونَ بِمَا بَقِيَ لَهُمْ بَعْدَ الَّذِي أَبْقَوْا بِيَدِهِ بِقَدْرِ مَا دَايَنُوهُ بِهِ ثُمَّ يَتَحَاصُّونَ مَعَ الْآخِذِ أَوَّلًا فِي الرِّبْحِ وَالْفَائِدَةِ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَوْ كَانَ فِيمَا أَبْقَوْا فِي يَدِهِ وضيعةٌ وَطَرَأَتْ فائدةٌ مِنْ غَيْرِ الرِّبْحِ ضَرَبُوا فِيهَا بِالْوَضِيعَةِ وَبِمَا بَقِيَ لَهُمْ أَوَّلًا وَضَرَبَ فِيهَا الْآخِذُ أَوَّلًا بِمَا بَقِيَ لَهُ وَإِنْ كَانَ مَا بِيَدِهِ الْآنَ عُرُوضًا قوِّمت فَمَا فَضَلَ فِيهَا مِنْ ربح عَن قدر مَا ألقوا بِيَدِهِ تَحَاصَّوْا فِي ذَلِكَ الرِّبْحِ أَوَّلًا بِمَا بَقِيَ لَهُ وَالْآخَرُ بِمَا بَقِيَ لَهُ بَعْدَ الَّذِي أُوقِفَ بِيَدِهِ فَإِنْ هَلَكَ جَمِيعُ مَا وُقِفَ بِيَدِهِ وَطَرَأَتْ فَائِدَةٌ ضَرَبَ فِيهَا الْآخِذُ أَولا بِمَا بَقِي لَهُ وَهُوَ لَا بِجَمِيعِ دَيْنِهِمْ مَا أَوْقَفُوا بِيَدِهِ وَمَا بَقِيَ لَهُمْ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا كَانَ لِعَبْدِهِ عَلَيْهِ دينٌ لَا يُقسم لَهُ مَعَهُمْ لِأَنَّهُ يُباع لَهُمْ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى الْعَبْدِ دينٌ لِأَجْنَبِيٍّ فَيُقْسَمَ لَهُ وغُرماؤه أَحَقُّ بِمَا نَابَهُ وَمَا فِي يَدِهِ وَيَتْبَعُونَ ذِمَّتَهُ بِمَا بَقِيَ لَهُم وتباع رقبته لغرماء السَّيِّد فِي النكث قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ: إِنْ وَقَعَ لَهُ مِثْلُ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ فأقلُّ أَخَذَهُ أَوْ أَكْثَرُ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: إِذَا بِيعَ الْعَبْدُ لِغُرَمَاءِ سَيِّدِهِ دَخَلَ فِي ثَمَنِهِ غُرَمَاءُ السَّيِّدِ وَغُرَمَاءُ الْعَبْدِ لِأَنَّ الْعَبْدَ أَحَدُ غُرَمَاءِ السَّيِّدِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُقَالُ إِذَا بِيعَ دينُ السَّيِّدِ عِشْرُونَ لِلْعَبْدِ عَلَى السَّيِّدِ مثلُها وَعَلَيْهِ لِأَجْنَبِيٍّ مِثْلُهَا وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ إِلَّا الْعَبْدُ فَيُقَالُ مَنْ يَشْتَرِيهِ وَعَلَيْهِ عِشْرُونَ وَعَلَى أَنَّ مَا وَقَعَ لَهُ فِي الْحِصَاصِ مَعَ غَرِيمِ سَيِّدِهِ سَقَطَ عِنْدَ مِثْلِهِ مِنْ دَيْنِهِ فَإِنْ قَالَ رَجُلٌ بِعِشْرِينَ قِيلَ لَهُ يَقَعُ لَهُ فِي الْحِصَاصِ عشرةٌ يَقْضِيهَا وَتَبْقَى عَلَيْهِ عَشَرَةٌ فَإِنْ

فرع

قَالَ آخَرُ آخُذُهُ بِثَلَاثِينَ قِيلَ يَقَعُ لَهُ فِي الْحِصَاصِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَقْضِيهَا وَتَبْقَى عَلَيْهِ خَمْسَةٌ وَخَالَفَ ابْنُ شَبْلُونَ وَقَالَ يُباع لِغُرَمَاءِ السَّيِّدِ وَلَا يَدْخُلُ مَعَهُمْ غُرَمَاءُ الْعَبْدِ وَقِيلَ يَضْرِبُ الْعَبْدُ مَعَ غُرَمَاءِ سَيِّدِهِ بِجَمِيعِ دَيْنِهِ فَإِنْ وَقَعَ لَهُ مِثْلُ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ فَأَقَلُّ " أَخَذَهُ " غريمُه أَوْ أَكْثَرُ رُدَّ الزَّائِدُ لِغُرَمَاءِ سَيِّدِهِ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: يُقَسَّمُ للمجنيِّ عَلَيْهِ جِنَايَةَ خَطَأٍ لَا تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ وَإِنْ كَانَ عَنْ غَيْرِ مُعَاوَضَةٍ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ قِيلَ: الجراحُ الَّتِي لَا يُحَاصَصُ فِيهَا كَالْمَأْمُومَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ مَالِكٍ لَا تَلْحَقُ بِالْخَطَأِ وَنَحَا إِلَيْهِ أَبُو مُحَمَّدٍ وَقَالَ غَيْرُهُ: الْعَمْدُ وَالْخَطَأُ سَوَاءٌ وَهُوَ مَضْرُورٌ يَدْفَعُ الْقِصَاصَ عَنْ نَفْسِهِ كَالْخُلْعِ وَالنِّكَاحِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَفِي كِتَابِ الصُّلْحِ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ فَجَنَى جِنَايَةَ عَمدٍ فَصَالَحَ عَنْهَا بِمَالٍ لِلْغُرَمَاءِ ردُّه لِأَنَّهُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ: لَمْ يُنْكَرْ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ إِنْ صُولِحَ قَبْلَ قِيَامِهِمْ هَلْ لَهُمُ الرَّدُّ أَمْ لَا وَلَعَلَّهُ إِذَا وَقَعَ فَاتَ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ يُقَسَّمُ للْمُرْتَهن زرعا لم بيد صَلَاحُهُ وَلَمْ يَحِلَّ بَيْعُهُ عِنْدَ الْحِصَاصِ فَإِذَا حَلَّ بَيْعُهُ بِيعَ وأَخذ ثَمَنَهُ إِنْ كَانَ مِثْلَ الدَّيْنِ فَأَكْثَرَ وَيَرُدُّ الزِّيَادَةَ مَعَ مَا أَخَذَ فِي الْحِصَاصِ لِلْغُرَمَاءِ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ فَهُوَ الَّذِي كَانَ يَسْتَحِقُّ الْحِصَاصَ بِهِ وَيَرُدُّ الْفَاضِلَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَعَلَى هَذَا لَوْ تَزَوَّجَهَا بِمِائَةٍ ثُمَّ فُلّس قَبْلَ الدُّخُولِ فَضَرَبَتْ فَوَقَعَ لَهَا خَمْسُونَ فطلَّقها قَبْلَ الْبِنَاءِ فَعَلَى مَا تَقَدَّمَ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا بِمِائَةٍ خَمْسِينَ نَقْدًا وَخَمْسِينَ مُؤَجَّلَةً وَبِيَدِهِ مِائَةٌ وَعَلَيْهِ لِرَجُلٍ خَمْسُونَ فَدَفَعَ لَهَا الْخَمْسِينَ النَّقْدَ ثُمَّ فُلِّس فَضَرَبَتْ بِالْخَمْسِينَ الْبَاقِيَةِ فَوَقَعَ لَهَا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ لردَّت مِنَ الْخَمْسِينَ النَّقْدِ الَّتِي كَانَت قبضتها خَمْسَة عشْرين وَنَظَرَتْ لَوْ ضَرَبَتْ مَعَ الْغَرِيمِ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ الْبَاقِيَةِ لَهَا فِي مَالِ الْمُفَلَّسِ وَفِي هَذِهِ الْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ الَّتِي رَدَّتْ كَمْ كَانَ يَنُوبُهَا مِنْ ذَلِكَ مِثَالُهُ:

فرع

بِيَدِهِ مائةٌ أَعْطَاهَا الْخَمْسِينَ النَّقْدَ وَبَقِيَتْ بِيَدِهِ خَمْسُونَ ففُلِّس فَضَرَبَتْ فِيهَا بِخَمْسِينَ وَالْغَرِيمُ بِخَمْسِينَ فَوَقع لَهَا خَمْسَة وَعشْرين ثُمَّ طَلَّقَهَا فَرَدَّتْ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ وَتَسْتَحِقُّ أَيْضًا مِنَ الْمَهْرِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ وَقَدْ كَانَ يَجِبُ أَنْ يُضرب بِهَا فَيُنْظَرُ مَا كَانَ يَقَعُ لَهَا لَوْ ضَرَبَتْ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ وَالْغَرِيمُ بِخَمْسِينَ وَذَلِكَ خَمْسَة وَسَبْعُونَ فتأخذ فِي الْخَمْسَة وَالْعشْرُونَ الَّتِي بِيَدِهَا وَيَبْقَى لِلْغَرِيمِ الْخَمْسُونَ الَّتِي بِيَدِهِ وَلَا تَرُدُّ شَيْئًا 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: لِلسَّيِّدِ مُبَايَعَةُ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ وَيَضْرِبُ بِدَيْنِهِ مَعَ غُرَمَائِهِ وَكَذَلِكَ بِدَيْنِهِ عَلَى مُكَاتَبِهِ وَلَا يَضْرِبُ بِالْكِتَابَةِ فِي مَوْتٍ وَلَا فَلَسٍ لِضَعْفِهَا فِي أَصْلِ الْمُعَاوَضَةِ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا ارْتَدَّ ولحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَعَلَيْهِ دينٌ فقاتَل وقُتل وفُتحت الْبِلَادُ فَالْغَرِيمُ أحقُّ بِمَالِهِ مِنَ الْغَانِمِينَ لِأَنَّهُ متعدٍّ بِخُرُوجِهِ لِدَارِ الْحَرْبِ قَالَ التُّونُسِيُّ: جَعَلَ الْبَاقِيَ يُخَمّس وَلَمْ يَجْعَلْهُ كُلَّهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ كَمَالِ الْمُرْتَدِّينَ لِأَجْلِ الْقِتَالِ عَلَيْهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَأَشْبَهَ الْغَنَائِمَ وَلَوْ عَدَا الْعَدُوُّ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ غَنِمْنَا مَا عَدَا عَلَيْهِ يُخَمّس لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَالِكٌ مُعَيَّنٌ وَقِيلَ إِذَا قَدِمَ الْحَرْبِيُّ إِلَيْنَا فداينَ ثُمَّ مَضَى لِبَلَدِهِ ثُمَّ غُنم مَالُهُ إنَّ دَينه لَا يَكُونُ فِيمَا كَانَ بِبَلَدِ الْحَرْبِ بَلْ فِيمَا بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ لِأَنَّهُ عَلَى ذَلِكَ عُومِلَ وَيَصِيرُ مَا بِأَرْضِ الْحَرْبِ مَمْلُوكًا لِلْجَيْشِ بِقِيمَتِهِ فَإِنْ فَضَلَ عَنْ دَيْنِهِ شَيْءٌ مِنْ هَذَا الْمَالِ الَّذِي بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ بُعث عَلَى وَرَثَتِهِ إِذَا قُتل فِي دَارِ الْحَرْبِ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ رَقَبَتَهُ فَيَمْلِكَ مَالَهُ وَلَوْ أُسِرَ لَكَانَ مَالُهُ الَّذِي فِي بلد الْإِسْلَام فَيْئا للجيش الَّذِي أسروه

فرع

3 - (فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ: مَن لَهُ مؤجَّل حَاصَصَ بِعَدَدِهِ إِنْ كَانَ عَيْنًا وَإِلَّا بِمِثْلِهِ لَوْ كَانَ حَالًا وَمَا صَارَ لَهُ فِي الْحِصَاصِ اشتُري لَهُ بِهِ مِثْلُ صِفَةِ دَيْنِهِ وَإِنْ تَغَيَّرَ سُوقُهُ بِغَلَاءٍ قَبْلَ أَنْ يُشترى لَهُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى أَصْحَابِهِ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ لَوْ ضَاعَ جَمِيعُهُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِمْ وَإِنْ رَخُصَ السِّعْرُ اشْتَرَى الْجُزْءَ الَّذِي نَابَهُ فِي الْحِصَاصِ وَدَخَلَ مَعَهُ أَصْحَابُهُ فِي الْفَاضِلِ كَمَا طَرَأَ لِلْمُفْلِسِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: لَا يَدْخُلُونَ مَعَهُ لِأَنَّ مِنْ أَصْلِهِ أَنَّ الْمُصِيبَةَ مِنْهُ إِنْ هَلَكَ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا كَانَ الدَّيْنُ عَرَضًا وَقَالَ صَاحِبُهُ لَا أتعجًّلُه قَبْلَ الْأَجَلِ أُجْبِرَ عَلَى أَخْذِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ وَعَنِ ابْنِ نَافِعٍ إِنْ أعْطى حميلاً إِلَى الْأَجَل لَمْ يُقبل مِنْهُ وَقَدْ حَلَّ بِالتَّفْلِيسِ وَالْقِيَاسُ قَبُولُهُ لِحُصُولِ الْأَمْنِ وَمَنْ بِيَدِهِ رهنٌ يُوَفِّي حَقَّهُ لَا يحلُّ دَيْنُهُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: يُحَاصُّ صَاحِبُ الرَّهْنِ بِجَمِيعِ حَقِّهِ إِلَّا أَنْ يُتَابِعَ الرَّهْنَ يُرِيدُ إِذَا لَمْ يَجُزْ بَيْعُ الرَّهْنِ وَمَتَى كَانَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ كَالثَّمَرِ وَالزَّرْعِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ ضَرَبَ الْمُرْتَهِنُ بِدَيْنِهِ فَإِذَا بِيعَ وَفِيهِ وفاءٌ رَدَّ مَا أَخَذَ فَإِنْ كَانَ دينُه مِائَةً وَبِيعَ بِخَمْسِينَ وَالَّذِي أُخِذَ فِي الْحِصَاصِ خَمْسُونَ فَالْبَاقِي مِنْ دَيْنِهِ بَعْدَ ثَمَنِ الرَّهْنِ خَمْسُونَ فَيُمْسِكُ مِنَ الَّذِي أَخَذَ فِي الْمُحَاصَّةِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ لِأَنَّهَا الَّتِي كَانَتْ تنوبُه لَوْ بِيعَ الزَّرْعُ لَهُ وَيَرُدُّ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ فَيَضْرِبُ فِيهَا بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ لِأَنَّهَا الْبَاقِي من دينه 3 - (فَرْعٌ) إِذَا لَمْ يُقبل إِقْرَارُ الْمُفَلَّسِ ثُمَّ دايَن آخَرَ لَمْ يَدْخُلِ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِالتَّفْلِيسِ وحقُّه عَلَى زَعْمِهِ فِيمَا أَخَذَهُ أَصْحَابُهُ فَإِنْ صَحَّ إِقْرَارُهُ وَلَمْ يَرْضَ بِالتَّفْلِيسِ وَلَمْ يَدْخُلْ فِي المحاصة قَالَ مُحَمَّد يكون ذَلِك لَهُ وَقَالَ ابْن الْقَاسِم لايدخل مَعَ الْآخَرِ لِأَنَّهَا أَمْوَالُ الْآخَرِينَ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ إِنْ أَبْقَى أحدُ الْأَوَّلِينَ نَصِيبَهُ فِي يَدِ الْمُفَلَّسِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَضْرِبُ مَعَ

فرع

الْآخَرِينَ بِقَدْرِ مَا أَبْقَى كمُداينة حَادِثَةٍ وَفِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ بِقَدْرِ أَصْلِ دَيْنِهِ وَهُوَ أَحْسَنُ إِذَا لَمْ يَكُنْ أَرَادَ فَلَسَهُ وَإِنَّمَا قَامَ بِهِ لَيْلًا يَنْتَفِعَ بِهِ أَصْحَابُهُ (فَرْعٌ) قَالَ: إِذَا قُسم مَالُ الْمُفَلَّسِ ثُمَّ وُجد فِي يَدِهِ مَالٌ مِنْ مُعَامَلَةٍ وَقَالَ الْأَوَّلُونَ فِيهِ فَضْلٌ نأخُذه كَشَفَ السُّلْطَانُ فَإِنْ تَحَقَّقَ الْفَضْلُ أقَرَّ فِي يَدِهِ مَا يُوَفِّي الْآخَرِينَ وَقَضَى الْفَضْلَ الْأَوَّلِينَ وَإِنْ كَانَ مِنْ فَائِدَةٍ وَلَمْ يُعَامِلْ بعدَ الْفَلَسِ أَخَذَهُ الْأَوَّلُونَ وَإِنْ عَامَلَ اقْتَسَمَ الْفَائِدَةَ الْأَوَّلُونَ وَالْآخَرُونَ يُقَدَّرُ الْبَاقِي لَهُمْ وَإِنْ كَانَ قَائِمَ الْوَجْهِ لَمْ يفلِّس فَالْأَوَّلُونَ أحقُّ بِالْفَائِدَةِ لِأَنَّ مَحْمَلَهُ فِي الْمُعَامَلَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى الْوَفَاءِ وَإِنْ قَضَى الْفَائِدَةَ الْآخَرِينَ فَلِلْأَوَّلِينَ أَخْذُ مِثْلِ مَا قَضَى مِمَّا فِي يَدِهِ مِنَ الْمُعَامَلَةِ الثَّانِيَةِ وَإِنْ تَبَيَّنَ فَلَسُهُ فِي الْمَالِ الْبَاقِي تَسَاوَى الْأَوَّلُونَ وَالْآخَرُونَ فِي الْفَائِدَةِ إِنْ قَامُوا فَإِنْ لَمْ يَقُومُوا حَتَّى قَضَى أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ أَوْ بَعْضُهُمْ مَضَى عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ مَالِكٍ فِي قَضَاءِ مَنْ تَبَيَّنَ فَلَسُهُ لِأَنَّ الْحَجْرَ الْأَوَّلَ قَدْ ذَهَبَ وَبَقِيَتِ الْيَدُ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالِاقْتِضَاءِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِذَا داينَ آخَرِينَ ثُمَّ أَفَادَ مَالًا فَالْأَوَّلُونَ أَوْلَى بِهِ مَا لَمْ يَقَعْ فَلَسٌ ثَانٍ وَهُوَ فِي يَدَيْهِ لِأَنَّ مَحْمَلَهُ فِي الْمُدَايَنَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى الْوَفَاء قَالَ (ش) إِذَا فُكَّ حَجْرُهُ ثُمَّ دَايَنَ آخَرِينَ فحُجر عَلَيْهِ سُوِّي بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ وَخَالَفَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ وَخَصَّصَ الْآخَرِينَ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِهِمْ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: تَضْرِبُ الزَّوْجَةُ بِمَا أَنْفَقَتْ عَلَى نَفْسِهَا قَالَ سُحْنُونٌ فِي الدَّيْنِ الْمُسْتَحْدَثِ وَلَا تحاصُّ إِذَا كَانَ الدَّيْنُ قَبْلَ الْإِنْفَاقِ لِضَعْفِ الْمُعَاوَضَةِ فِي النَّفَقَةِ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ مُخَيَّرَةً بَيْنَ طَلَبِ الطَّلَاقِ وَبَيْنَهَا وَالدُّيُونُ عَيَّنَتْهَا أَسْبَابُهَا وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ: تَضْرِبُ فِي الْفَلَسِ دُونَ الْمَوْتِ لِإِمْكَانِ اسْتِدْرَاكِ بَقِيَّةِ الدَّيْنِ فِي الْفَلَسِ لِبَقَاءِ إِمْكَانِ الِاكْتِسَابِ وَقِيلَ لَا تَضْرِبُ فِيهِمَا لِضَعْفِ سَبَبِهَا وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ تَضْرِبُ بِصَدَاقِهَا فِي الْحَيَاةِ فَقَطْ

وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُضرب بِنَفَقَةِ الْأَبَوَيْنِ وَلَا بِنَفَقَةِ الْوَلَدِ فِي فَلَسٍ وَلَا مَوْتٍ لِسُقُوطِ نَفَقَةِ الْقَرَابَةِ بِالْإِعْسَارِ وَعَنْ أَشْهَبَ يُضرب لِلْوَلَدِ مَعَ الْغُرَمَاءِ وَقَالَهُ أَصْبَغُ فِي نَفَقَةِ الْأَبَوَيْنِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ جَرَتْ بِحُكْمٍ وَتَسَافُتٍ (كَذَا) وَهُوَ مَلِيءٌ فَيَضْرِبُ بِهَا فِيهِمَا وَيُخْتَلَفُ عَلَى هَذَا هَلْ يُحَاصُّ بِالْجِنَايَاتِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ يُحَاصُّ بِهَا وَيُحَاصُّ بِدِيَةِ الْخَطَأِ إِذَا فُلّس أَحَدُ الْعَاقِلَةِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ مَتَى كَانَ الدَّيْنُ فِي الذِّمَّةِ عَنْ عِوض قَبَضَ كَانَ يَتَمَوَّلُ أَمْ لَا (وَ) حُوصِصَ بِهِ كَأَثْمَانِ السِّلَعِ الْمَقْبُوضَةِ وأُروش الْجِنَايَاتِ وَنَفَقَاتِ الزَّوْجَاتِ لِلْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ وَمُهُورِ الزَّوْجَاتِ الْمَدْخُولِ بِهِنَّ وَمَا خُولِعَتْ عَلَيْهِ مِنْ شَيْءٍ مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ وَعَنِ الْمَقْبُوضِ الَّذِي لَا يُمْكِنُهُ دَفْعُ الْعِوَضِ عَنْهُ وَدَفْعُ مَا يُستوفي مِنْهُ كَكِرَاءِ دَارٍ بِالنَّقْدِ أَوْ يَكُونُ الْعُرْفُ النَّقْدَ ففُلس قَبْلَ قَبْضِ الدَّارِ أَوْ سَكَنَ بَعْضَ السُّكْنَى حَاصَصَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِكِرَاءِ مَا بَقِيَ مِنَ السُّكْنَى إِذَا شَاءَ أَنْ يُسْلِمَهُ وَقِيَاسُهُ إِنْ فُلس قَبْلَ السَّكَنِ فَلِلْمُكْرِي إِسْلَامُهَا وَيُحَاصُّ الْغُرَمَاءُ بِجَمِيعِ الْكِرَاءِ وَهَذَا إِنَّمَا يَصِحُّ عِنْدَ أَشْهَبَ أَنَّ قَبْضَ أَوَائِلِ الْكِرَاءِ قَبْضُ الْجَمِيع فيُخير أَخْذَ الدَّارِ الْمُكْتَرَاةِ مِنَ الدَّيْنِ وَقِيَاسُ أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُحَاصُّ بِمَا مَضَى وَيَأْخُذُ دَارَهُ وَلَوْ لَمْ يُشْتَرَطِ النَّقْدُ وَلَا كَانَ عُرْفًا لَوَجَبَ عَلَى الْمَذْهَبِ الْمُتَقَدِّمِ إِذَا حَاصَّ أَنْ يُوقِفَ مَا وَجَبَ لَهُ فِي الْمُحَاصَّةِ وَكُلَّمَا سَكَنَ شَيْئًا أَخَذَ بِقَدْرِهِ أَمَّا مَا يُمْكِنُهُ دَفْعُ الْعِوَضِ وَيَلْزَمُهُ كَرَأْسِ مَالِ السَّلَم إِذَا فُلس المُسلم إِلَيْهِ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ يَدْفَعُهُ وَيُحَاصُّ الْغُرَمَاءُ وَلَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهِ إِذْ لَيْسَ برهنٍ وَفِيه نظر لِأَن بالتقليس حَلَّ السلَمُ فَلِلْمُسْلَمِ إِلَيْهِ إِمْسَاكُ رَأْسِ الْمَالِ وَقِيَاسُ أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَلَّا يَلْزَمَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ وَيُحَاصَّ الْغُرَمَاءَ وَلَوْ كَانَ رَأْسُ مَالِ السلَم عَرَضًا لَكَانَ لَهُ أَنْ يُمْسِكَهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ أما مَا يُمكنه دَفْعُ الْعِوَضِ وَلَا يَلْزَمُهُ كَالسِّلْعَةِ إِذَا بَاعَهَا ففُلِّس الْمُبْتَاعُ قَبْلَ تَسْلِيمِهَا خُيِّر بَين إمْسَاك السّلْعَة أَو يسملها وَيُحَاصُّ الْغُرَمَاءُ بِثَمَنِهَا اتِّفَاقًا

وَأَمَّا مَا لَا يَكُونُ لَهُ تَعْجِيلُ الْعِوَضِ كَسَلَم دَنَانِيرَ فِي عرضٍ فَيُفَلَّسُ قَبْلَ دَفْعِ رَأْسِ الْمَالِ وَقَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ فَإِنْ رَضِيَ الْمُسلم إِلَيْهِ تَعْجِيل العَرض وَالْمُحَاصَّةَ جَازَ إِنْ رَضِيَ الْغُرَمَاءُ وَإِنِ امْتَنَعَ أَحَدُهُمْ حَاصَّ بِرَأْسِ الْمَالِ فِيمَا وَجَبَ لِلْغَرِيمِ مِنْ مَالٍ وَفِي الْعُرُوضِ الَّتِي عَلَيْهِ إِذَا حلّت فَإِن شاؤوا أَنْ يَبِيعُوهَا بِالنَّقْدِ وَيَتَحَاصُّوا فِيهَا الْآنَ جَازَ فَإِنْ فُلس المسلِم قَبْلَ حُلُولِ السَّلَمِ فَهُوَ بِرَأْسِ الْمَالِ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ بِمَا عَلَيْهِ مِنَ السَّلَمِ وَلَيْسَ لَهُ إِمْسَاكُهُ وَيَكُونُ أَحَقَّ بِهِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَهُ ذَلِكَ عَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ الَّذِي جَعَلَهُ كَالرَّهْنِ فَإِنْ فُلِس بَعْدَ دَفْعِ السَّلَم وَهُوَ قَائِمٌ جَرَى عَلَى خِلَافِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فِي الْعَيْنِ هَلْ يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا مِنَ الْغُرَمَاءِ أَمْ لَا وَيُحَاصُّ بِمُهُورِ الزَّوْجَاتِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَا تُخَّيرُ الْمَرْأَةُ كَمَا يُخَّير بَائِعُ السِّلْعَةِ فِي سِلْعَتِهِ إِذَا فُلس الْمُبْتَاعُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ لتعذُر الْخِيَارِ فِي النِّكَاحِ لِلْمَرْأَةِ فِي حَلِّهِ وَلِأَنَّ الصَّدَاقَ لَيْسَ بعوضٍ للبُضع حَقِيقَةً بَلْ شيءٌ أَوْجَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الرِّجَالِ بِدَلِيلِ وُجُوبِهِ أَجْمَعَ بِالْمَوْتِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَهَذَا أَصَحُّ الْأَقْوَالِ وَيَجِبُ أَلَّا تُحَاصَّ إِلَّا بِالنِّصْفِ عَلَى قَوْلِهِمْ لَا يَجِبُ بِالْعَقْدِ إِلَّا النِّصْفُ فَإِنْ حَاصَّتْ بِالْجَمِيعِ قَبْلَ الدُّخُولِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ قِيلَ نَرُد مَا زَادَ عَلَى النِّصْفِ وَقِيلَ تُحَاصُّ الْآنَ بِالنِّصْفِ فَيَكُونُ لَهَا نِصْفُ مَا صَارَ لَهَا بِالْمُحَاصَّةِ وَتَرُدُّ نِصْفَهُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْأَوَّلُ قَول ابْن دنيار فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ التَّفْلِيسِ وَلَمْ تَقْبِضْ مِنْ صَدَاقِهَا شَيْئًا فَإِنَّهَا تُحَاصُّ بِالنِّصْفِ وَإِنْ قَبَضَتْ جَمِيعَهُ رَدَّتْ نِصْفَهُ وَحَاصَّ الزَّوْجُ بِهِ غُرَمَاءَهَا وَإِنْ قَبَضَتِ النِّصْفَ قَبْلَ التَّفْلِيسِ وَطَلَّقَهَا قَبْلَهُ وَقَالَ عبد الْمَالِك لَا تَرُدُّ مِنْهُ شَيْئًا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَهَا مِنْهُ النِّصْفُ وَتَرُدُّ النِّصْفَ وَتُحَاصُّ بِهِ الْغُرَمَاءَ فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ التَّفْلِيسِ وَهُوَ قَائِمُ الْوَجْهِ ثُمَّ فُلس لَا تَرُدّ شَيْئًا لِأَخْذِهَا مَا تَسْتَحِقُّهُ قَبْلَ الْفَلَسِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ النّصْف الْمَدْفُوع معجلا وَالْآخر مُؤَجّلا فَترد مَا قَبَضَتْ وَإِنْ كَانَ طَلَّقَهَا قَائِمَ الْوَجْهِ مَا لَمْ يَتَأَخَّرْ فِي ذَلِكَ وَيَرْضَى الزَّوْجُ بِتَرْكِ الرُّجُوعِ عَلَيْهَا وَلَوْ دَفَعَهُ إِلَيْهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ فَلَا تردٌّ مِنْهُ شَيْئًا لِأَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْ لَهَا إِلَّا مَا وَجَبَ عَلَيْهِ وَأَمَّا الْهِبَاتُ وَالصَّدَقَاتُ وَنَحْوُهَا فَلَا تُحَاصُّ بِهَا لِأَنَّ الْفلس يُبْطِلهَا كالموت وَأما النِّحل الَّتِي تَنْعَقِدُ عَلَيْهَا الْأَنْكِحَةُ وَالْحَمَالَاتُ بِالْأَثْمَانِ فَيُحَاصُّ بهَا لِأَنَّهَا

فرع

بعوض وَفِي نحل النِّكَاحِ خِلَافٌ وَكَذَلِكَ فِي حَمْلِ الثَّمَنِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَالصَّدَاقِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَفِي الْجُلَّابِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: تُحَاصُّ الْمَرْأَةُ بِصَدَاقِهَا فِي الْحَيَاةِ دون الْمَمَات وَقَالَ غَيره تحاص فِيهَا وَفِي شَرْحِ الْجُلَّابِ قِيلَ لَا تُحَاصِصُ فِيهِمَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مُعَاوَضَةً حَقِيقَةً 3 - (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ: أُجْرَة الجمّال وَالْكَيَّالِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِمَصْلَحَةِ جَمْعِ الْمَالِ يقدَّم عَلَى جَمِيعِ الدُّيُونِ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ الْأَبْهَرِيُّ: قَالَ مَالِكٌ: تُحَاصُّ الْمَرْأَةُ بِمَا أَنْفَقَتْ فِي غَيْبَةِ زَوْجِهَا لِقِيَامِهَا عَنْهُ بِوَاجِبٍ دُونَ مَا أَنْفَقَتْهُ عَلَى وَلَدِهَا لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَلَيْسَ عَلَى الْوَلَدِ إِعْطَاؤُهَا النَّفَقَةَ مِنْ مَالِهِ لِأَنَّهُ كَانَ فَقِيرًا وَلَوْ كَانَ غَنِيًّا لَكَانَ غَيْرَ مُحْتَاج لنفقتها فَهِيَ متبرعة الحكم الثَّامِن طُرُوُّ غَرِيم بعد الْقِسْمَة فِي الْكِتَابِ: إِذَا طَرَأَ غَرِيمٌ بَعْدَ الْقِسْمَةِ لَمْ يُعلَم بِهِ رَجَعَ عَلَى الْغُرَمَاءِ بِنَصِيبِهِ فِي الْمُحَاصَّةِ يَتْبَعُ كُلُّ وَاحِدٍ فِي مَلَائِهِ وعُدمه وَالْمَوْتُ مِثْلُ الْفَلَسِ فِي ذَلِكَ لِمُسَاوَاتِهِ لَهُمْ فِي أَصْلِ الِاسْتِحْقَاقِ قَالَ التُّونُسِيُّ: وَلَوْ سَكَتَ بَعضهم هُوَ يَرَى الْمَالَ يُقَسَّمُ فَلَا قِيَامَ لَهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَدَيْنُهُ فِي الذِّمَّةِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ وَسَكَتَ الْغُرَمَاءُ وَلَوْ سَكَتَ بَعْضُ غُرَمَاءِ الْمَيِّتِ لَهُ الرُّجُوعُ وَالْفَرْقُ خَرَابُ ذِمَّةِ الْمَيِّتِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قِيلَ يُوقَفُ لِلسَّاكِتِ حَقُّهُ كالغائب إِلَّا إِن تبين تَرْكُهُ وَقِيلَ إِذَا كَانَ حَاضِرًا وَلَمْ يَشْهَدِ الْقِسْمَة فَلَو حضر وَشهد فَلَا رُجُوعَ اتِّفَاقًا قَالَ مَالِكٌ: إِذَا لَمْ يَقُمِ الْبَاقُونَ حَتَّى دَايَنَ آخَرِينَ فَلِمَنْ لَمْ يقُم مِنَ الْأَوَّلِينَ تفليسُه وَمُحَاصَّةُ مَنْ دَايَنَهُ بَعْدَ التَّفْلِيسِ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُفْلِسُوهُ أَوَّلًا فَأَشْبَهَ مَنْ دَايَنَ قَبْلَ التَّفْلِيسِ وَعَنْ مُطَرِّفٍ لَا يَقُومُ الْأَوَّلُونَ السَّاكِتُونَ لِأَنَّ سُكُوتَهُمْ إِسْقَاطُ حَقِّ الْمُطَالَبَةِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: إِذَا قَسَّمَ الْوَرَثَةُ وَالْغَرِيمُ حَاضِرٌ الْقِسْمَةَ لَا يَقُومُ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّ ذَلِكَ إِسْقَاطٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ عُذْرٌ وَفِي الْجَوَاهِرِ: يَرْجِعُ

فرع

الْغَرِيمُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ بِمَا ينوبُه لَا على ملئ بمُعدِم وَلَا حيٍّ بِمَيِّتٍ وَكَذَلِكَ يَسْتَحِقُّ الْمَبِيعَ هَذَا إِذَا كَانَ الْمَيِّتُ غَيْرَ مَشْهُورٍ بِالدَّيْنِ فَإِنْ كَانَ مَشْهُورًا بِذَلِكَ أَوْ عَلِمَ الْوَرَثَةُ بِالدَّيْنِ ثُمَّ بَاعُوا وَقَضَوْا بَعْضَ الْغُرَمَاءِ فَلِمَنْ بَقِيَ الرُّجُوعُ عَلَى الْوَرَثَةِ بِمَا يَخُصُّهُ ثُمَّ يَرْجِعُ الْوَرَثَةُ عَلَى الْآخِذِ وَحَيْثُ رَجَعَ الْوَرَثَةُ أُخذ الملئ عَنِ الْمُعْدِمِ مَا لَمْ تَتَجَاوَزْ حِصَّتُهُ مَا قَبَضَ الْوَارِثُ بِخِلَافِ الْغُرَمَاءِ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ: لَوْ تَرَكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ عَيْنًا وَعَبْدًا وَعَلَيْهِ لِغَرِيمَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَحَضَرَ أحدُهما فَأَخَذَ الْأَلْفَ فَقَدِمَ الْغَائِبُ وَقَدْ هَلَكَ الْعَبْدُ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَلْفًا فَلَا رُجُوعَ وَلَا يُنْظَرُ إِلَى قِيمَتِهِ يَوْمَ مَاتَ أَوْ مَاتَ السَّيِّدُ بَلْ أدوَن قيمةٍ مَضَتْ عَلَيْهِ مِنْ قَبْضِ الْغَرِيمِ إِلَى مَوْتِ الْعَبْدِ لِأَنَّ مِنْ يَوْمِ الْقَبْضِ تَعَيَّنَ الْغَرِيمُ وَضَمَانُهُ فَإِنْ كَانَتْ قيمتُه خَمْسَمِائَةٍ رَجَعَ عَلَى قَابِضِ الْأَلْفِ بِمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَحُسِبَ الْعَبْدُ عَلَى الْغَائِبِ وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي الْقِيمَةِ صُدِّق الطَّارِئُ لِأَنَّهُ مَحْسُوبٌ عَلَيْهِ فَلَوْ بَاعَ الوصيُّ الْعَبْدَ بِأَلْفٍ وَقَضَاهَا لِلْحَاضِرِ ثُمَّ تَلِفَتِ الْأَلْفُ الْعَيْنُ فَلَا رُجُوعَ لِلطَّارِئِ كَمَا لَوْ كَانَ الْمَالُ كُلُّهُ عَيْنًا فَوَقَفَ نَصِيبُ الْغَائِبِ فَلَوْ رُدَّ العبدُ بِعَيْب بعد تلاف الْأَلِفِ الَّتِي عَزَلَ فَقَدِمَ الْغَائِبُ بِيعَ الْعَبْدُ ثَانِيَةً لِلْحَاضِرِ فَإِنْ نَقَصَ ثَمَنُهُ رَجَعَ بِنَقْصِهِ عَلَى الْغَائِبِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَتَى لِلْعَبْدِ وقتٌ مِنْ يَوْمِ قَضَى بِثَمَنِهِ يَسْوِي فِيهِ بِالْعَيْبِ أَلْفًا فَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْغَائِبِ لِأَنَّهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ يُعْتَبَرُ مُسْتَوْفِيًا وَلَوْ بِيعَ بِأَلْفٍ فَأَخَذَهَا الْحَاضِرُ ثُمَّ أَخَذَ الْغَائِبُ الْأَلْفَ ثُمَّ رُدّ الْعَبْدُ بِعَيْبٍ فَإِنْ كَانَتْ بَلَغَتْ قِيمَتُهُ بِالْعَيْبِ أَلْفًا لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْقَادِمِ وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ خَمْسَمِائَةٍ رَجَعَ عَلَى الْقَادِمِ بِمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَإِنَّمَا جَعَلَ أَشْهَبُ مَوْتَ الْعَبْدِ وتلاف الْمَالِ مِنَ الْغَائِبِ فِي الْمَوْتِ وَأَمَّا فِي الْفَلَسِ فَمِنَ الْمُفَلَّسِ لِبَقَاءِ الْمَحَلِّ قَابِلًا لِلضَّمَانِ وَلَوْ طَرَأَ وَارِثٌ عَلَى وَارِثٍ فَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ كَالْغَرِيمِ يَطْرَأُ عَلَى الْغَرِيمِ وموصىً على الْمُوصَى لَهُ بِجَامِعِ الِاسْتِحْقَاقِ وَقَالَ ابْنُ عبد الحكم: يقاسم الطَّارِئ الملئ فِيمَا أَخَذَ كَأَنَّ الْمَيِّتَ لَمْ يَتْرُكْ غَيْرَهُمَا ثمَّ

فرع

يَرْجِعَانِ عَلَى سَائِرِ الْوَرَثَةِ بِمَا يَعْتَدِلُونَ بِهِ مَعَهُمْ فَمَنْ أَيْسَرَ مِنْهُمْ قَاسَمُوهُ ثُمَّ رَجَعُوا عَلَى الْبَاقِينَ هَكَذَا حَتَّى يَعْتَدِلُوا قَالَ مُحَمَّدٌ: وَالْغَرِيمُ يطرأُ عَلَى مُوصًى لَهُ كَذَلِكَ يَأْخُذُ الملئ إِلَى مَبْلَغِ حَقِّهِ لِأَنَّهُ مُبَدَّأٌ عَلَيْهِ لَيْسَ لَهُ مَعَهُ شَيْءٌ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ دَيْنَهُ بِخِلَافِ وَارِثٍ يَطْرَأُ عَلَى وَارِثٍ أَوْ غَرِيمٍ عَلَى غَرِيمٍ لِأَنَّهُ مساوٍ لِمَنْ يَطْرَأُ عَلَيْهِ وَرَوَى أَشْهَبُ أَنْ يُسَاوِيَهُ فِيمَا يَجِدُ بِيَدِهِ لِهَذَا وَرَأَى ابْنُ الْقَاسِمِ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ مَا أَخَذَ مِنْ حِصَّتِهِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا قَبَضَ غَيْرُهُ لِعَدَمِ تعدِّيه بِقَبْضِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ: إِذَا طَرَأَتِ امرأةٌ وَقَدْ أَخَذَتِ امْرَأَةٌ الثَّمَنَ وَالِابْنُ مَا بَقِيَ وَوُجِدَتِ الْمَرْأَةُ عَدِيمَةً وَالِابْنُ مَلِيًّا رَجَعَتْ عَلَى الِابْنِ بِثُلُثِ خُمُسٍ مَا صَارَ إِلَيْهِ لِأَنَّ مِيرَاثَهُ سَبْعَةُ أَثْمَانٍ وَلِلطَّارِئَةِ نِصْفُ الثَّمَنِ فَأَضْعَفَهَا تَصِيرُ خَمْسَةَ عَشَرَ لَهَا سَهْمٌ وَترجع هِيَ عَشَرَ وَلِلطَّارِئَةِ سَهْمٌ هَذَا عَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ يُقَسَّمُ سَهْمُهَا عَلَى ثَمَانِيَةٍ تَأْخُذُ مِنَ الِابْنِ سَبْعَةَ أَثْمَانِ نِصْفِ الثَّمَنِ وَمِنَ الْمَرْأَةِ ثَمَنَ نِصْفِ الثَّمَنِ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَلَوْ قَالَتِ الطَّارِئَةُ مَعِي نَصِيبِي أَوْ تَرَكْتُ حَقِّي لَكُمَا انْتَقَضَتِ الْقِسْمَةُ الْأُولَى بَيْنَ الِابْنِ وَالْمَرْأَةِ وَيَقْتَسِمَانِ مَا بِأَيْدِيهِمَا خَمْسَةَ عَشَرَ سَهْمًا لِلزَّوْجَةِ سَهْمٌ وَلِلِابْنِ مَا بَقِيَ وَإِذَا طَرَأَ وَارِثٌ أَوْ غَرِيمٌ عَلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ وَهُوَ مَلِيءٌ وَبَاقِيهِمْ مُعدمٌ فَقَالَ تَلِف مِنِّي مَا أخذت لَا يصدق فِيمَا يُغَاب إِلَيْهِ بِبَيِّنَةٍ لِلتُّهْمَةِ وَإِلَّا صُدق مَا لَمْ يُتَبَيَّنْ كَذِبُهُ مِثْلَ أَنْ يَذْكُرَ مَوْتَ الْعَبْدِ أَوِ الدَّابَّةِ بِمَوْضِعٍ لَا يَخْفَى بِخِلَافِ السَّرِقَةِ وَالْإِبَاقِ وَهَرَبِ الدَّابَّةِ يُصَدَّقُ مُطْلَقًا مَعَ يَمِينِهِ 3 - (فَرْعٌ) فِي النَّوَادِرِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِذَا أَخَذَ غُرماء الْمَيِّتِ أَوِ الْمُفَلَّسِ دينَهم وَبَقِيَ رَبعُ أَوْ غَيْرُهُ فَهَلَكَ ثُمَّ طَرَأَ غَرِيمٌ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْأَوَّلِينَ إِنْ كَانَ الَّذِي تَرَكَ وَفَاءً لِلطَّارِئِ وَلَوْ كَانَ الْوَرَثَةُ أَخَذُوهُ فِي الْمَوْتِ رَجَعَ الطَّارِئُ عَلَيْهِمْ أَمْلِيَاءَ أَوْ عُدَماء وَإِنْ كَانَ واحدٌ مَلِيئًا أُخِذَ مِنْهُ كُلُّ مَا أَخَذَ وَيَرْجِعُ هَذَا الْوَارِثُ عَلَى بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ بِبَقِيَّةِ حَقِّهِ عَلَى أَنَّ مَا تَرَكَهُ الْمَيِّتُ مَا أَخَذُوا وَمَا بَقِيَ بِيَدِ هَذَا إِن بَقِي شَيْء وَلَا يتبع الملئ المُعدم وَيَضْمَنُونَ مَا أَكَلُوا وَاسْتَهْلَكُوا بِخِلَافِ مَا

فرع

لَا سَبَبَ لَهُمْ فِي هَلَاكِهِ وَمَا بَاعُوهُ بِلَا مُحَابَاةٍ فَإِنَّمَا عَلَيْهِمُ الثَّمَنُ وَمَا جُنِيَ عَلَيْهِ عِنْدَهُمْ فَلَهُمْ أَجْمَعِينَ أَرْشُ ذَلِكَ كَانَتِ الْقِسْمَةُ بِأَنْفُسِهِمْ أَوْ بِحَاكِمٍ وَقَالَهُ كُلَّهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَوْ كَانَ الْقَاضِي أَمَرَ بِبَيْعِ الرَّقِيقِ الْوَصِيَّ أَوْ وَصِيَّ الْوَصِيِّ إِلَيْهِ فَاشْتَرَى الْوَرَثَةُ مِنْهُمْ كَغَيْرِهِمْ وَلَمْ يكن يمْضِي الْقِسْمَةَ ضَمِنَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ مَا فَاتَ وَاتَّبَعَهُمُ الْغُرَمَاءُ بِالْأَثْمَانِ وَلَوْ كَانَ قِسْمَةً لَمْ يَتَّبِعُوا قَالَ أَصْبَغُ: لَا أَرَى ذَلِكَ وَقِسْمَتُهُمْ وَقِسْمَةُ السُّلْطَان أَو الْوَصِيّ سَوَاء لقَوْل مَالك قَالَ فِي الْحَالِفَةِ بِعِتْقِ أَمَتِهَا فَبَاعَتْهَا ثُمَّ وَرِثَتْهَا هِيَ وَإِخْوَتُهَا فَاشْتَرَتْهَا فِي حَظِّهَا ثُمَّ فَعَلَتِ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ لَمْ تَحْنَثْ إِنْ كَانَ قَدْرُ مِيرَاثِهَا وَشِرَاؤُهَا كَالْقِسْمَةِ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ: إِذَا فُلِّسَ وَلَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَمِائَةُ دِرْهَمٍ فَأَخَذَ الْغُرَمَاءُ الْأَلْفَ وَأُوقِفَتِ الْمِائَةُ فَهَلَكَتْ ثُمَّ طَرَأَ غَرِيمٌ لَهُ مِائَتَانِ فَهِيَ مِنَ الطَّارِئِ وَإِنْ أَنْفَقَهَا الْمُفَلَّسُ فَهِيَ فِي ذِمَّتِهِ لَهُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْأَوَّلِينَ بِهَا وَيَرْجِعُ بِالْمِائَةِ الْأُخْرَى عَلَيْهِمْ فِي الْأَلْفِ بِجُزْءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ قَالَهُ عبد الْمَالِك وَهُوَ بَعِيدٌ بَلْ أَصْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ يَرْجِعُ فِي الْألف وَمِائَة بجزئين مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ فَيَأْخُذُ مِائَتَيْنِ إِلَّا سُدُسَ مِائَةٍ فَيُحْسَبُ عَلَيْهِ الْمِائَةُ الذَّاهِبَةُ وَيَرْجِعُ بِخَمْسَةِ أَسْدَاس مائَة قَالَه عبد الْمَالِك وَكَذَلِكَ لَوْ بِيعَ بَعْضُ مَالِهِ فَكَانَ كَفَافَ دَيْنِ الْغُرَمَاءِ وَكَانَ الظَّنُّ أَنَّ جَمِيعَ مَالِهِ لَا يَفِي بِدَيْنِهِمْ فَأُخِذَ مَنْ قَامَ حَقُّهُ وَبَقِيَ بِيَدِهِ الْبَاقِي فَلَا يَرْجِعُ الطَّارِئُ عَلَى الْأَوَّلِينَ وَإِنْ هَلَكَ الْبَاقِي إِنْ كَانَ كَفَافَ دَيْنِهِمْ وَقَالَ أَصْبَغُ: إِنَّمَا هَذَا فِي الْمَيِّتِ لِعَدَمِ ذِمَّتِهِ أَمَّا الْمُفَلَّسُ فَحَقُّ الطَّارِئِ فِي ذِمَّتِهِ لَا يَضْمَنُ الْهَالِكَ كَمَا لَوْ حَضَرَ وَامْتَنَعَ مِنَ الْقِيَامِ فَهَلَكَ مَا بِيعَ مِنَ الْإِيقَافِ لَضَمِنَ ذَلِكَ مَنْ قَامَ بِتَفْلِيسِهِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَلَوْ أَبَقَ عَبْدٌ فَاقْتَسَمَ الْغُرَمَاءُ ثُمَّ قَدِمَ الْآبِقُ فَمَاتَ أَوْ أَبَقَ ثَانِيَةً ثُمَّ طَرَأَ غَرِيمٌ حَاصَّ الْأَوَّلِينَ بِمَا بَقِيَ لَهُ بَعْدَ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَلَوْ لَمْ يَقْدَمِ الْعَبْدُ لَحَاصَّ بِجَمِيعِ دَيْنِهِ وَلَوْ رَجَعَ عَلَى الْأَوَّلِينَ فَلَمْ يَأْخُذْ مِنْهُمْ شَيْئًا ثُمَّ قَدِمَ العَبْد

لَرَجَعَ طَلَبُهُ فِي الْعَبْدِ دُونَهُمْ إِلَّا أَنْ يَبْقَى لَهُ شَيْءٌ بَعْدَ ثَمَنِ الْعَبْدِ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا يَظْهَرُ لِلْغَرِيمِ مِنْ عَطِيَّةٍ وَغَيْرِهَا قَبْلَ أَخْذِ الطَّارِئِ مِنَ الْغُرَمَاءِ شَيْئًا وَلَيْسَ هَذَا مِمَّا يَقْطَعُهُ الْحُكْمُ قَالَ أَصْبَغُ: إِذَا حَكَمَ بِالرُّجُوعِ عَلَى الْغُرَمَاءِ بِالْحِصَاصِ مَضَى وَلَمْ يرجع فِي الطَّارِئ كجميل الْوَجْهِ يُقْضَى عَلَيْهِ بِالْمَالِ ثُمَّ يَأْتِي الْغَرِيمُ قَبْلَ قَبْضِ الطَّالِبِ وَمَنَعَ ابْنُ حَبِيبٍ إِلْحَاقَهُ بِالْحَمِيلِ وَلَوْ وَهَبَ لَهُ أَبُوهُ بَعْدَ أَخْذِ الْغُرَمَاءِ أَوْ وَرِثَهُ فَعُتِقَ عَلَيْهِ لَرَجَعَ الطَّارِئُ الَّذِي دَيْنُهُ بِتَارِيخِ دَيْنِ الْأَوَّلِينَ عَلَيْهِمْ لِأَنَّ الْهِبَةَ لَا تُرَدُّ وَيُنَفَّذُ عِتْقُهُ عَلَى الْغُرَمَاءِ لَيْلًا يَبْطُلَ مَقْصُودُ الْوَاهِبِ بِخِلَافِ شِرَائِهِ أَوْ أَخْذِهِ فِي دَيْنِهِ فَإِنَّهُ يُبَاعُ لِلْغُرَمَاءِ وَلَوْ حَلَفَ بِحُرِّيَّةِ عَبْدٍ إِنِ اشْتَرَاهُ قَبْلَ الدَّيْنِ أَوْ بعده بعد اقْتِسَامِ مَالِهِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ فَعُتِقَ عَلَيْهِ إِنْ لم يكن يَوْم الْعتْق ملئاً بِحَقِّ الطَّارِئِ رُدَّ عِتْقُهُ وَأَخَذَ مِنْهُ الطَّارِئُ دَيْنَهُ وَعُتِقَ مَا فَضَلَ وَإِنْ نَقَصَ رَجَعَ بِمَا نَقَصَ عَلَى الْغُرَمَاءِ وَلَوْ مَلَكَهُ بِهِبَةٍ أَوْ مِيرَاثٍ فَكَمَا تَقَدَّمَ فِي الْأَبِ وَلَوْ ظَنَّ أَنَّ مَالَهُ كَفَافُ دَيْنِهِ فَقَسَّمَ فَحَدَثَ لَهُ هِبَةٌ أَوْ مِيرَاثٌ أَوْ دَيْنٌ أَقَرَّ لَهُ بِهِ ثُمَّ تَلِفَ ذَلِكَ مِنْ يَدَيْهِ فَلَا يَرْجِعُ الطَّارِئُ عَلَى الْأَوَّلِينَ لِاتِّسَاعِ مَالِهِ بِمَا هَلَكَ وَلَوِ اقْتَسَمُوا دَيْنَهُمْ بِبَيِّنَةٍ فَقَامَ الطَّارِئُ عَلَيْهِمْ بِمِائَةٍ فَرَجَعَ شَاهِدَانِ كَانَا شَهِدَا لِبَعْضِ الْأَوَّلِينَ بِمِائَةٍ لَرَجَعَ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ وَلَا يَخْتَصُّ بِمَنْ رَجَعَتْ بَيِّنَتُهُ ثُمَّ يَرْجِعُونَ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ الرَّاجِعَيْنِ بِالْمِائَةِ وَفِيهِمُ الَّذِي رَجَعَ شَاهِدَاهُ الْحُكْمُ التَّاسِعُ حَبْسُهُ إِذَا لَمْ يَثْبُتْ إِعْسَارُهُ وَفِي الْكتاب لَا يحبس إِلَّا المالئ الْمُتَّهَمُ بِتَغْيِيبِ مَالِهِ وَإِلَّا فَيُسْتَبْرَأُ وَلِلْحَاكِمِ حَبْسُهُ قَدْرَ اسْتِبْرَائِهِ أَوْ يَأْخُذُ لَهُ حَمِيلًا فَإِذَا ظَهرت بَرَاءَته أطلق وَمَتى تبين عدم الملئ أَوِ الْمُتَّهَمِ أُطْلِقَ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ وَلَا يلازمه رب الدّين وَقَالَهُ (ش) خلافًا (ح) وَكَذَلِكَ وَافَقَنَا (ش) فِي سَمَاعِ بَيِّنَةِ الْإِعْسَارِ فِي الْحَالِ وَقَالَ (ح) حَتَّى يُحْبَسَ مُدَّةً يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّ الْحَاكِمِ عَدَمُ مَالِهِ وَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ لَظَهَرَ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْبَيِّنَةَ لَا تُسْمَعُ إِلَّا إِذَا كَانَ تُعْلَمُ حَالُهُ بِالْخِبْرَةِ الْبَاطِنَةِ فَلَا

مَعْنًى لِحَبْسِهِ وَوَافَقَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ وَيُحْبَسُ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ لِصَاحِبِهِ وَالْوَلَدُ بِدَيْنِ أَبَوَيْهِ وَلَا يحبسان لَهُ أَنه عُقُوقٌ وَلَا يَحْلِفُ الْأَبُ فَإِنِ اسْتَحْلَفَهُ فَهُوَ جُرْحَةٌ عَلَى الِابْنِ وَيُحْبَسُ الْجَدُّ وَالْأَقَارِبُ وَالنِّسَاءُ وَالْعَبِيدُ وَالذِّمَّةُ وَالسَّيِّدُ فِي دَيْنِ مَكَاتَبِهِ وَلَا يُحْبَسُ الْمَكَاتَبُ بِالْعَجْزِ عَنِ الْكِتَابَةِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِي الذِّمَّةِ وَلَكِنْ يُتَلَوَّمُ لَهُ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ: الْإِلْدَادُ وَاللِّدَادُ: الْخُصُومَةُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَتُنْذِرَ بِهِ قوما لدا} مِنْ لَدِيدَيِ الْوَادِي وَهُمَا جَانِبَاهُ كَأَنَّهُ يَرْجِعُ مِنْ جَانِبٍ إِلَى جَانِبٍ لَمَّا كَانَ يَرْجِعُ مِنْ حُجَّةٍ إِلَى حُجَّةٍ وَقِيلَ مِنْ لَدِيدَيِ الْفَمِ وَهُمَا جَانِبَاهُ لِإِعْمَالِهَا فِي الْكَلَامِ فِي الْخُصُومَةِ أَوْ مِنَ التَّلَدُّدِ وَهُوَ التَّحَيُّرُ لِأَنَّهُ يُحَيِّرُ صَاحِبَهُ بِحَجَّتِهِ وَقَوْلُهُ حَمِيلًا بِالْوَجْهِ لَا بِالْمَالِ وَيُقْضَى عَلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ بِهِ وَالْمُتَّهَمِ بِإِخْفَاءِ الْمَالِ حَمِيلًا بِالْمَالِ دُونَ الْوَجْهِ إِلَّا أَنْ يَحْتَاجَ لِلْخُرُوجِ مِنَ السِّجْنِ لِمَنَافِعِهِ وَيَرْجِعُ فَيُؤْخَذُ بِالْوَجْهِ فَقَطْ وَمَنْ عُرِفَ بِالنَّاضِّ لَا يُؤَجَّلُ سَاعَةً وَيُؤَجَّلُ صَاحِبُ الْعُرُوضِ مَا يَبِيعُ عُرُوضَهُ عَلَى حَالِهَا وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَاتِ نَفْيًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ وَقِيلَ تُبَاعُ بِحِينِهَا تَغْلِيبًا لِحَقِّ الطَّالِبِ وَغَيْرُ الْمَعْرُوفِ بِالنَّاضِّ فِي تَحْلِيفِهِ عَلَى إِخْفَاءِ النَّاضِّ قَوْلَانِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ وَقِيلَ إِنْ كَانَ مِنَ التُّجَّارِ حَلَفَ وَإِلَّا فَلَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَشْرُوعِيَّة يَمِين التهم وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَلْزَمُهُ حَمِيلٌ حَتَّى يَبِيعَ وَلَا يُسْجَنَ وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى الْحَمِيلِ وَالسَّجْنِ وَقَالَهُ سُحْنُونٌ وَفِي النُّكَتِ: أَصْلُ السَّجْنَ إِجْمَاعُ الْأُمَّةِ وقَوْله تَعَالَى {وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِما} فَإِذَا كَانَ لَهُ مُلَازَمَتُهُ وَمَنْعُهُ مِنَ التَّصَرُّفِ كَانَ لَهُ حَبْسُهُ وَالْحَبْسُ ثَلَاثَةٌ: حَبْسُ التَّلَوُّمِ وَالِاخْتِبَارِ إِذَا لَمْ يُتَّهَمْ فِي تَغْيِيبِ الْمَالِ وَلِلتُّهْمَةِ أَوِ اللِّدَادِ فَحَتَّى يَتَبَيَّنَ عَدَمُهُ وَلِأَنَّهُ نَفَى مَعْلُومًا لَهُ فَحَتَّى يُخْرِجَ ذَلِكَ الْمَالَ وَيُعْطِيَ الدَّيْنَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: الْمَجْهُولُ الْعُدْمِ أَوِ الْمُتَّهَمُ بِتَغْيِيبِ

فرع

مَالِهِ أَقَلُّ حَبْسِهِ فِي الدُّرَيْهِمَاتِ الْيَسِيرَةِ نِصْفَ الشَّهْرِ وَلَا يُحْبَسُ فِي كَثِيرِ الْمَالِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَفِي الْمُتَوَسِّطِ شَهْرَانِ لِأَنَّ ثُلُثَ الْعَامِ اعْتُبِرَ فِي الْإِيلَاءِ فَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا: لَا يُحْبَسُ الْوَالِدُ إِلَّا فِي نَفَقَةِ الْوَلَدِ الصَّغِيرِ لِأَنَّ ذَلِكَ لِلْحَاكِمِ لَا لِلصَّغِيرِ فَلَا عُقُوقَ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ حَبْسُ التَّلَوُّمِ وَالِاخْتِبَارِ هُوَ الَّذِي قَالَ فِيهِ عَبْدُ الْمَلِكِ فِي الدُّرَيْهِمَاتِ نِصْفُ شَهْرٍ وَفِي الْكَثِيرِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَفِي الْمُتَوَسِّطِ شَهْرَانِ وَأَمَّا الْمَلِيءُ الْمُتَّهَمُ فَحَتَّى يَثْبُتَ عُدْمُهُ فَيَحْلِفَ وَيُسَرَّحَ وَأَمَّا مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ وَقَعَدَ عَلَيْهَا وَادَّعَى الْعُدْمَ فَتَبَيَّنَ كَذِبُهُ فَأَبَدًا حَتَّى يُؤَدِّيَ أَوْ يَمُوتَ فِي الْحَبْسِ وَقَالَ سُحْنُونٌ يُضْرَبُ بِالدِّرَّةِ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ حَتَّى يُؤَدِّيَ أَوْ يَمُوتَ لِأَنَّهُ الْجَانِي عَلَى نَفْسِهِ وَقَالَهُ مَالِكٌ وَالْقَضَاءُ عَلَيْهِ فِي هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَرْضَوْنَ بِالسَّجْنِ لِيَأْكُلُوا أَمْوَالَ النَّاسِ وَلَا يَلِيقُ خِلَافُ هَذَا وَقَدْ قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ تَحْدُثُ لِلنَّاسِ أَقْضِيَةٌ بِقَدْرِ مَا أَحْدَثُوا مِنَ الْفُجُورِ وَلَا يُمَكَّنُ الْمُلِدُّ الْمُتَّهَمُ مِنْ إِعْطَاءِ حميل غلا حَمِيلًا فَلَزِمَهُ الْغَرِيمُ وَلَا يُسْقِطُ الْغُرْمَ عَنْهُ إِثْبَات الملطوب الْعُدْمِ وَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِالْعُدْمِ لَمْ يُتْرَكْ قَالَه سَحْنُون وَإِن سَائل الطَّالِبَ أَنْ يُعْذَرَ إِلَيْهِ فِي الشُّهُودِ فَيُعَادَ لِلسِّجْنِ إِنْ قَدَحَ فِي الْبَيِّنَةِ وَيُسْتَحَلَفُ إِنْ لَمْ يَقْدَحْ ثُمَّ يُسْجَنُ وَلَيْسَ قَوْلُهُ مُخَالِفًا لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ قَالَ مَالِكٌ: إِذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ احْتج (كَذَا) يحبس وَلَا يعجل سراجه وَكَيْفَ يَعْرِفُونَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عِنْدَهُ؟ وَفِي التَّلْقِينِ وَفِي الْجَوَاهِرِ: مُدَّةُ الْحَبْسِ غَيْرُ مُقَدَّرَةٍ بَلْ لِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ: مَنْ حَلَّ دَيْنُهُ فَسَأَلَ التَّأْخِيرَ وَوَعَدَ بِالْقَضَاءِ قَالَ عبد الْمَالِك: يُؤَخِّرُهُ الْإِمَامُ حَسْبَمَا يُرْجَى لَهُ وَلَا يُعَجِّلُ عَلَيْهِ وَفِي كِتَابِ سُحْنُونٍ: إِنْ سَأَلَ أَنْ يُؤَخِّرَ الْيَوْمَ وَنَحْوَهُ وَيُعْطِيَ حَمِيلًا بِالْمَالِ فَعَلَ

فرع

3 - (فَرْعٌ) فِي الْمُقَدِّمَاتِ: يُحْبَسُ الْوَصِيُّ فِيمَا عَلَى الْأَيْتَامِ إِنْ كَانَ فِي يَدِهِ لَهُمْ مَالٌ وَكَذَلِكَ الْأَبُ إِنْ كَانَ عِنْدَهُ مَالُ ابْنِهِ لم يعلم نفاده لِادِّعَائِهِ خِلَافَ الظَّاهِرِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ: وَلَيْسَ لِمَنْ قَالَ لَا شَيْءَ لِي أَمَّا مَنْ قَالَ أَخِّرُونِي وَوَعَدَ بِالْقَضَاءِ أُخِّرَ قَدْرَ مَا يُرْجَى لَهُ فَإِنْ تَنَازَعَا فِي الْقُدْرَةِ عَلَى النَّاضِّ إِنْ حَقَّقَ الدَّعْوَى حلف اتِّفَاق وَإِلَّا فَعَلَى الْخِلَافِ فِي يَمِينِ الْمُتَّهَمِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الطَّالِبُ وَلَمْ يُؤْخَذِ الْمَطْلُوبُ قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا 3 - (فَرْعٌ) قَالَ: فَإِنْ طَلَبَ تَفْتِيشَ دره فَلِلْمُتَأَخِّرِينَ قَوْلَانِ وَمَا وُجِدَ فِي دَارِهِ فَهُوَ مِلْكُهُ حَتَّى يَثْبُتَ خِلَافُهُ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا ثَبت عدم الْغَرِيم أَو انْقِضَاء أمد سجه فَلَا يُطلق حَتَّى يسْتَحْلف مَاله مَالٌ ظَاهِرٌ وَلَا بَاطِنٌ وَلَئِنْ وَجَدَ مَالًا لِيُؤَدِّيَنَّ إِلَيْهِ حَقَّهُ وَيَحْلِفُ مَعَ ثُبُوتِ عَدَمِهِ لِأَنَّ الشُّهُودَ إِنَّمَا شَهِدُوا لَهُ عَلَى الْعِلْمِ كَالْمُسْتَحِقِّ لِلْعُرُوضِ بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ يَحْلِفُ مَا بَاعَ وَلَا وَهَبَ لِأَنَّ الشُّهُودَ لَمْ يَشْهَدُوا عَلَى الْقَطْعِ بَلْ بِاسْتِصْحَابِ الْمِلْكِ فَإِذَا حَلَفَ خُلِّيَ سَبِيلُهُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ إِفَادَتَهُ الْمَالَ فَإِنْ طَلَبَ تَحْلِيفَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يُفِدْ مَالًا لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدِ اسْتَحْلَفَهُ على ذَلِك ليلاّ يَغُشَّهُ بِالْيَمِينِ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَهَذَا فَائِدَةُ قَوْلِهِ فِي الْيَمِينِ لَئِنْ وَجَدْتُ لَوَفَّيْتُهُ حَقَّهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - يَسْتَحْلِفَانِ الْمُعْسِرَ الَّذِي لَا يُعْلَمُ لَهُ مَالٌ أَنَّهُ مَا يَجِدُ قَضَاءً فِي فَرْضٍ أَوْ عَرْضٍ وَأَنَّهُ إِنْ وَجَدَ قَضَاءً لَيَقْضِيَنَّ فَفِي التَّحْلِيفِ مَصْلَحَةُ الطَّالِبِ

فرع

بِالِاسْتِظْهَارِ وَمَصْلَحَةُ الْمَطْلُوبِ بِامْتِنَاعِ تَحْلِيفِهِ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ عُرِفَ مِلَاؤُهُ فِي الْجَامِع 3 - (فَرْعٌ) قَالَ فَإِن شهد بَيِّنَتَانِ بِعَدَمِهِ وَمَلَائِهِ وَلَمْ تُعَيِّنِ الْبَيِّنَةُ مَالًا فَفِي أَحْكَامِ ابْنِ زِيَادٍ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْمَلَاءِ وَإِنْ كَانُوا أَقَلَّ عَدَالَةً وَيُحْبَسُ بِشَهَادَتِهِمْ حَتَّى يشْهد أَنه أُعْدِمَ بَعْدَ ذَلِكَ وَهُوَ بَعِيدٌ وَالصَّحِيحُ رِوَايَةُ أَبِي زَيْدٍ أَنَّ ذَلِكَ تَكَاذُبٌ وَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْعَدَم لِأَنَّهَا أثبت حكما فَيحلف ويسرح الْأُخْرَى نَفَتِ الْحُكْمَ وَإِنَّمَا تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْمَلَاءِ إِذَا تَعَارَضَتَا بعد تَحْلِيفه وتسريحه لأها أَثْبَتَتْ حُكْمًا وَهُوَ سَجْنُهُ وَرَوَى أَبُو زَيْدٍ: تَسْقُطُ الْبَيِّنَتَانِ إِذَا اسْتَوَتَا فِي الْعَدَالَةِ ثُمَّ إِنْ كَانَ مُتَّهَمًا حُبِسَ حَتَّى يَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ عَلَى الْعُدْمِ أَعْدَلَ مِنْ بَيِّنَةِ الْمَلَاءِ وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا سُجِنَ تَلَوُّمًا أُطْلِقَ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ التُّونُسِيُّ: لَا يَخْرُجُ الْمَحْبُوسُ للجُمعة وَلَا الْعِيدَيْنِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَاسْتَحْسَنَ إِذَا اشْتَدَّ الْمَرَض بأبويه أَو وَلَده أَو أَخِيه مَنْ يَقْرُبُ مِنْ قَرَابَتِهِ وخِيف عَلَيْهِ الْمَوْتُ أَنْ يَخْرُجَ فيسلِّم عَلَيْهِ وَيُؤْخَذَ مِنْهُ حَمِيلٌ بِوَجْهِهِ وَلَا يُفْعَلُ ذَلِكَ فِي غَيْرِهِمْ مِنَ الْقَرَابَاتِ وَلَا يَخْرُجُ لِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ لِتَقَدُّمِ الدَّيْنِ عَلَى الْحَجِّ وَلَوْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ نَذَر فحنِث فَقُيِّمَ عَلَيْهِ بَدَيْنٍ حُبِس وَبَقِيَ عَلَى إِحْرَامِهِ وَلَوْ ثَبَتَ الدَّيْنُ يَوْمَ نُزُولِهِ بِمَكَّةَ أَوْ مِنًى أَوْ عَرَفَةَ استُحِبَّ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ كَفِيلٌ حَتَّى يَفْرُغَ مِنَ الْحَجِّ ثُمَّ يُحْبَسَ بَعْدَ النَّفْرِ الْأَوَّلِ وَلَا يخرُج لِيُعينَ عَلَى الْعَدُوِّ إِلَّا أَنْ يُخاف عَلَيْهِ الْأَسْرُ أَوِ الْقَتْلُ بِمَوْضِعِهِ فَيَخْرُجَ إِلَى غَيْرِهِ وَيَخْرُجُ لحدِّ الْقَذْفِ لِتَقَدُّمِ الْأَعْرَاضِ عَلَى الْأَمْوَال ثمَّ يُرَدُّ وَلَا يخرج إِنَّه مَرِضَ إِلَّا أَنْ يَذْهَبَ عَقْلُهُ فَيَخْرُجَ بِحَمِيلٍ حَتَّى يَعُودَ عَقْلُهُ وَيُحْبَسُ النِّسَاءُ عَلَى حِدَةٍ وَفِي النَّوَادِرِ: يُمنع الْمَحْبُوسُ مِمَّنْ يُسلِّم عَلَيْهِ ويُحدثِّه وَإِنِ اشْتَدَّ مَرَضُهُ وَاحْتَاجَ إِلَى أمةٍ مُباشرة جُعِلَتْ مَعَهُ حَيْثُ يَجُوزُ ذَلِكَ وَإِنْ حُبس الزَّوْجَانِ لَا يُفَرَّقَانِ إِنْ كَانَ الْحَبْسُ خَالِيا وَإِلَّا

فرع

فُرِّقا وَلَا يُفَرَّقُ الْأَبُ مِنِ ابْنِهِ وَلَا غَيْرِهِ مِنَ الْقَرَابَاتِ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ لِعِظَمِ النَّفْعِ بِهَا وَإِذَا أقرَّ فِي الْحَبْسِ أَنَّهُ أَجَّرَ نَفْسَهُ لِيُسَافِرَ مَعَ رَجُلٍ لَمْ يُخرج لِذَلِكَ وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ وَلِلْمُطَالَبِ فسخُ الْإِجَارَةِ لِلسَّجْنِ لِأَنَّهُ بِحكم حَاكم بِخِلَاف غَيره وَإِذ أَرَادَ الزَّوْجُ السَّفَرَ بِامْرَأَتِهِ فأقرَّت بدينٍ فَأَرَادَ الْغَرِيمُ حَبْسَهَا فِي هَذَا الْبَلَدِ حُبست فِي الْبَيِّنَةِ وَالْإِقْرَارِ إِلَّا أَنْ تُتَّهَمَ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ: الْمَعْرُوفُ مِنَ الْمَذْهَبِ حملُ الْغَرِيمِ عَلَى الْيَسَارِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِقَةٍ بَيْنَ الْأَحْوَالِ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ وَالنَّاسُ مَجْبُولُونَ عَلَى الْكَسْبِ وَالتَّحْصِيلِ وَعَنْ مَالِكٍ أنَّ مَنْ لَمْ يُتهم بِكَتْمِ مَالٍ وَلَيْسَ يتأجر لَا يُفلَّس وَلَا يُستَخلف يُرِيدُ مَنْ هُوَ معروفٌ بِقِلَّةِ ذَاتِ الْيَدِ وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يُعَامَلَ أَرْبَابُ الصَّنَائِعِ كَالْبَقَّالِ وَالْخَيَّاطِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَلَا يُحبس إِلَّا أَنْ يَكُونَ المُدعى بِهِ يَسِيرًا مِمَّا عُومِلَ عَلَيْهِ فِي صَنْعَتِهِ أَوْ أُخِذَ عَنْهُ عِوَضًا أَوْ حَمَالَةً لِأَنَّ الْحَمِيلَ قَائِلٌ أَنَا أَقْوَمُ بِمَا عَلَيْهِ فَهُوَ إِقْرَارٌ بِالْيُسْرِ وَكَذَلِكَ الصَّدَاقُ يُحْمَلُ فِيهِ الرَّجُلُ عَلَى حَالٍ مِثْلِهِ فَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يَتَزَوَّجُ وَلَيْسَ عِنْدَهُ مُؤَخَّرُ الصَّدَاقِ وَخُصُوصًا أَهْلُ الْبَوَادِي وَكَذَلِكَ جِنَايَةُ الْخَطَأِ الَّتِي لَا تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِذَا أَعْتَقَ بَعْضَ عبدٍ وَقَالَ لَيْسَ عِنْدِي قِيمَةُ الْبَاقِي يُسأل جِيرَانَهُ وَمَعَارِفَهُ فَإِنْ قَالُوا لَا نَعْلَمُ لَهُ مَالا أُحلف وتُرك وَقَالَ سُحْنُونٌ: جَمِيعُ أَصْحَابِنَا عَلَى ذَلِكَ فِي الْعِتْقِ إِلَّا فِي الْيَمِينِ فَإِنَّهُ لَا يُستحلف عِنْدَهُمْ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أصلٌ فِي كُلِّ مَالٍ مَا لَمْ يُؤْخَذْ لَهُ عوضٌ أَنَّهُ لَا يُحْمَلُ فِيهِ الْمَلَاءُ وَاللَّدَدُ فَإِنَّ الْغَالِبَ التَّحَيُّلُ لِلْوَلَدِ وَالْقِيَامُ بِهِ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ: إِذَا حُبس حَتَّى يثبت فقره ثمَّ أَتَى بِحمْل (لَهُ) ذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِثُبُوتِ الْإِعْسَارِ وَمَنَعَ سُحْنُونٌ لِأَنَّ السِّجْنَ أَقْرَبُ لِحُصُولِ الْحَقِّ وَإِذَا غَابَ المتحمَّل عَنْهُ وَأَثْبَتَ الْحَمِيلُ فَقْرَ الْغَرِيمِ بَرِئَ مِنَ الْحَمَالَةِ

فرع

3 - (فَرْعٌ) قَالَ تُسأل الْبَيِّنَةُ كَيْفَ عَمِلَتْ فِقْرَهُ فَإِنْ قَالُوا نَسْمَعُهُ يَقُولُ ذَهَبَ مَالِي وَخَسِرْتُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لَمْ تُسمع هَذِهِ الْبَيِّنَةُ وَإِنْ قَالُوا كُنَّا نَرَى تصرفَه فِي بَيْعِهِ وقدرَ أَرْبَاحِهِ أَوْ نُزُولِ الْأَسْوَاقِ وَنَقْصِ رَأْسِ مَالِهِ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ وَأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إِلَى مَا ادَّعَاهُ سُمعت وَلَوْ كَانَ الْمَطْلُوبُ فَقِيرًا فِي مَسَائِلَ: كَمَنْ طُولِبَ بِدَيْنٍ بَعْدَ مُناجمةٍ ويدَّعي الْعَجْزَ بَعْدَ قَضَاءٍ وَيَأْتِي بِمَنْ يَشْهَدُ بِفَقْرِهِ وَحَالُهُ لَمْ يَتَغَيَّرْ عَنْ يَوْمٍ وَمَنْ يُطالب بِرِزْقِ وَلَدِهِ بَعْدَ طَلَاقِ الْأُمِّ لَمْ تُسمع بَيِّنَتُهُ بِالْفَقْرِ لِأَنَّهُ بِالْأَمْسِ كَانَ يُنْفِقُ فَهُوَ الْيَوْمَ أَقْدَرُ لِزَوَالِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ إِلَّا أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةٌ بِمَا يَقِلُ حَالَهُ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ: الْأَمِينُ عَلَى النِّسَاءِ فِي الْحَبْسِ امْرَأَةٌ مَأْمُونَةٌ لَا زَوْجَ لَهَا أَوْ لَهَا زَوْجٌ مَعْرُوفٌ بِالْخَيْرِ مَأْمُونٌ ويُحبَسن فِي مَوْضِعٍ خالٍ مِنَ الرِّجَالِ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ يُحْبَسُ الْوَالِدُ لِلْوَلَدِ فِي صُورَتَيْنِ: نَفَقَةِ الْوَلَدِ الصَّغِيرِ وَدَيْنٍ عَلَى الْوَلَدِ وَلَهُ مَالٌ فِي يَدَيْهِ إِذَا ألَدَّ عَنْ تَسْلِيمِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَالُ عَيْنًا وَلَوْ مالٌ ظَاهِرٌ يُقَدَّرُ عَلَى الْأَخْذِ مِنْهُ فَيُؤْخَذُ وَلَا يُحْبَسُ وَإِنِ ادَّعَى الْفَقْرَ كُلِّف إِثْبَاتَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ حَبْسٍ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ ويُسأل عَنْهُ بِخِلَافِ إِنْ عُلم لَدَدُهُ وَالْمَالُ كَثِيرٌ وَلَمْ يُوجَدْ مَالٌ ظَاهِرٌ يَقْضِي مِنْهُ حُبس وَإِنْ أَشْكَلَ أَمْرُهُ أَوْ كَانَ الْمَطْلُوبُ يَسِيرًا أَوْ لَهُ قُدِّرَ وَهُوَ حَقِيرٌ فِي كَسْبِ الِابْنِ وَاخْتُلِفَ فِي تَحْلِيفِهِ لَهُ وحدِّه إِنْ قَذَفَهُ وَفِي الْقِصَاصِ إِنْ قَطَعه أَوْ قَتَلَهُ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يُحلَّف وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ وَهُوَ بِذَلِكَ عاقٌ وتُرَدُّ

فرع

شَهَادَتُهُ وَقَالَ أَرَى إِنْ كَانَتْ يَمِينَ تُهْمَةٍ بِأَنَّهُ أَخَذَ أَوْ كَتَم مِيرَاثَ أُمِّة لَا يَحْلِفُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ التُّهْمَةُ ظَاهِرَةً فِي ذِي بَالٍ يضرُّ بِالْوَلَدِ وَإِنْ كَانَتْ بِسَبَبِ أَنَّهُ يَجحد مَا دَايَنَهُ وَلَهُ قَدْرٌ أُحلف وَلَا يَحْلِفُ فِي الْيَسِيرِ وَلَا يَحْلِفُ مُطْلَقًا إِذَا كَانَ الْأَبُ ديِّناً فَاضِلًا ويُتهم الِابْنُ فِي أَذَاهُ بِسَبَبٍ تقدَّم قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: ويُحدُّ لَهُ وَيَجُوزُ عفُوه عَنْهُ وَإِنْ بُلِّغَ الإِمَام ويقتصُّ مِنْهُ فِي الْقطع وَالْقَتْل أَصْبَغُ كَذَلِكَ إِلَّا فِي الْقَتْلِ إِذَا كَانَ وَلِيُّ الدَّمِ ابْنَهُ وَهُوَ أَبْيَنُ وَأَرَى عَظِيمًا حَدُّهُ وَقَتْلُهُ وَقَطْعُهُ وَكَذَلِكَ إِنْ قَامَ بِالدَّمِ عَمُّ الْمَقْتُولِ أَوِ ابْنُ عَمِّهِ أَوْ يَكُونُ الْمَقْتُولُ لَيْسَ بِوَلَدٍ لِلْقَاتِلِ وَهِيَ مُخْتَلِفَةُ الْقُبْحِ وَأَشْكَلُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَقُومَ بِالْقِصَاصِ ابْنُ أَخِي الْقَاتِلِ فَيُرِيدُ الْقِصَاصَ مِنْ عَمِّهِ وَقَدْ قَالَه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: العمُّ صِنْوُ الْأَبِ وَعَدَمُ تَحْلِيفِ الجدِّ أَحْسَنُ خِلافاً لِلْمُدَوَّنَةِ وَاخْتُلِفَ فِي الْقِصَاصِ مِنْهُ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ: ويُحبس السَّيِّدُ فِي دَين مُكاتبه إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ حلَّ مِنْ نُجُومِهِ مَا يُوفِي بِدَيْنِهِ أَوْ يَكُونَ فِي قِيمَةِ الْمُكَاتَبِ إِنْ بِيعَ مَا يُوَفِّي ويُحبس الْمُكَاتَبُ فِي دين السَّيِّد إِذا كلن الدّين من غير الْكِتَابَة وَلَا يُحْبَسُ فِي الْكِتَابَةِ إِلَّا عَلَى الْقَوْلِ إِنَّهُ لَا يُعجزه إِلَّا السُّلْطَانُ وَلَهُ سَجْنُهُ إِذَا اتَّهَمَهُ بِكَتْمِ الْمَالِ طَلَبًا لِلْعَجْزِ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ: إِذَا أَقَرَّ بِالْمَلَاءِ ولدَّ عَنِ الْقَضَاءِ فَإِنْ وُجد لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ قُضي مِنْهُ إِذا سُجن وَإِذَا سَأَلَ الصَّبْرَ لِإِحْضَارِ النَّاضِّ وَقَالَ لَيْسَ لِي ناضٌُّ أُمهل وَاخْتُلِفَ فِي حَدِّ التَّأْخِيرِ وَأَخْذِ الْحَمِيلِ وَتَحْلِيفِهِ عَلَى الْعَجْزِ الْآنَ فَقَالَ سَحْنُون: يُؤَخر الْيَوْمَ وَيُعْطِي حَمِيلًا وَإِلَّا سُجن وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: ذَلِكَ عَلَى قَدْرِ الْمَطْلُوبِ مِنْ غَيْرِ

فرع

تَحْدِيدٍ قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ يَجْتَهِدُ فِي ذَلِكَ الْحَاكِمُ وَيُؤَخَّرُ الْمَلِيءُ نَحْوَ الْخَمْسَةِ الْأَيَّامِ وَلَمْ يَلْزَمْهُ حَمِيلًا وَهُوَ أَحْسَنُ وَمَتَى أَشْكَلَ الْأَمْرُ لَا يُحْمَلُ عَلَى اللَّدَدِ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْقَضَاءِ مِنْ يَوْمِهِ بِيعَ مَا شَقَّ عَلَيْهِ بَيْعُهُ وَخُرُوجُهُ مِنْ مِلْكِهِ كَعَبْدِهِ التَّاجِرِ وَمَرْكُوبِهِ وَمَا يُدْرِكُهُ مِنْ بَيْعِهِ مَضَرَّةٌ أَوْ مَعَرَّةٌ لَمْ يَلْزَمْهُ بَيْعُهُ لِأَنَّ الشَّأْنَ مِنْ غَيْرِ ذَلِك قَالَه مَالك 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكتاب إِذا أَرَادَ بَعْضُهُمْ حَبْسَهُ وَقَالَ غَيْرُهُ دَعْهُ يَسْعَى حُبِسَ لِمَنْ أَرَادَ حَبْسَهُ إِنْ تَبَيَّنَ لَدَدُهُ لِأَنَّ حَقَّ الطَّالِبِ مُسْتَقِلٌّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ: إِنْ قَلَّ دَيْنُ طَالِبِ السِّجْنِ وَكثر دين غَيره خير صَاحب لكثير بَيْنَ دَفْعِ الْيَسِيرِ لِصَاحِبِهِ وَبَيْنَ أَنْ يُبَاعَ لَهُ مِمَّا بِيَدِهِ مَا يُوَفِّي بِدَيْنِهِ وَإِنْ أَتَى عَلَى جَمِيعِهِ فَمَنْ شَاءَ حَاصَصَ مَعَ هَذَا الْقَائِمِ وَمَنْ أَخَّرَ فَلَا حِصَاصَ لَهُ وَإِذَا سُجِنَ لِمَنْ قَامَ وَلَهُ دَيْنٌ وَعُرُوضٌ أَكْثَرُ مِنْ دَيْنِ مَنْ قَامَ فَلَا يُفَلَّسُ وَلَا يُقْضَى إِلَّا لِمَنْ حَلَّ دَيْنُهُ ثُمَّ لَو تلف مَا بَقِي بِيَدِهِ وَثمّ غَرِيمٌ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى مَنْ أَخَذَ حَقَّهُ بِشَيْءٍ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: إِذَا أَخَّرَكَ بَعْضُ الْغُرَمَاءِ بِحِصَّتِهِ لَزِمَهُ ذَلِكَ فَإِنْ أُعْدِمْتَ وَقَدِ اقْتَضَى الْآخَرُ حِصَّتَهُ فَلَا رُجُوعَ لِصَاحِبِهِ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ وَدَخَلَ عَلَى الْغَرَرِ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ: إِذَا أَدَّيْتَ دَيْنَهُ جَازَ إِنْ فَعَلْتَهُ رِفْقًا بِهِ وَامْتَنِعْ إِنْ أَرَدْتَ الْإِضْرَارَ بِهِ وَكَذَلِكَ شِرَاؤُكَ دَيْنًا عَلَيْهِ تَعْنِيتًا يَمْتَنِعُ الْبَيْعُ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمِ الْمُشْتَرِي قَالَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ كَمَا إِذَا أَسْلَفْتَ قَاصِدًا النَّفْعَ وَالْمُتَسَلِّفُ غَيْرُ عَالِمٍ وَالْبَائِعُ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ دُونَ الْآخَرِ وَقِيلَ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ بِإِضْرَارِكَ صَحَّ الْبَيْعُ وَتَحَقَّقَ الْعَقْدُ وَيُبَاعُ الدَّيْنُ عَلَى الْمُشْتَرِي فَيَرْتَفِعُ الضَّرَرُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَهَذَا أَظْهَرُ

- (فرع)

3 - (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ مِنْ كِتَابِ الْوَدِيعَةِ: إِذَا ظَفِرَ صَاحِبُ الدَّيْنِ بِجِنْسِ حَقِّهِ وَقَدْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ أَخْذُ حَقِّهِ مِثْلَ أَنْ يَجْحَدَهُ وَدِيعَتَهُ ثُمَّ يُودِعَ عِنْدَهُ فَهَلْ لَهُ جَحْدُ هَذِهِ الْوَدِيعَةِ فِي الْأُولَى؟ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ: رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ الْمَنْعَ وَالْكَرَاهَةُ رَوَاهَا أَشْهَبُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَاسْتَحَبَّهُ عَبْدُ الْمَلِكِ تخليصاً للظالم من الظَّالِم وَالْخَامِسُ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَإِنْ كَانَ لَمْ يَأْخُذْ إِلَّا حِصَّتَهُ وَأَصْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جَاءَتْهُ هِنْد أم مُعَاوِيَة - رَضِي الله عَنهُ - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ وَغَنِيٌّ لَا يُعْطِينِي مَا يَكْفِينِي وَوَلَدِي إِلَّا مَا أَخَذْتُ مِنْهُ سِرًّا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ هَلْ عَلَيَّ فِي ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى ذِكْرِ الْعَيْبِ عِنْدَ الْحَاجَةِ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهَا ذَمَّ الشُّحِّ وَمَنْعَ الْحَقِّ وَعَلَى وُجُوبِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَالْوَلَدِ عَلَى الزَّوْجِ وَالْوَالِدِ قَدْرَ الْكِفَايَةِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ وَعَلَى جَوَازِ قَضَاءِ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ لِاكْتِفَائِهِ بِعِلْمِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنِ الْبَيِّنَةِ وَعَلَى الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا وَعَلَى أَخْذِ جِنْسِ الْحَقِّ وَغَيْرِ جِنْسِهِ إِذَا ظَفِرَ بِهِ مِنَ الْمِلْكِ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَذِنَ لَهَا فِي أَخْذِ مَا يَكْفِيهَا وَهُوَ أَجْنَاسٌ مِنْ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ وَغَيْرِهِمَا وَهَذَا إِذْنٌ فِي الْبَيْعِ وَاسْتِيفَاءِ الْحَقِّ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الشَّحِيحِ أَنَّ هَذِهِ الْأَجْنَاسَ لَيْسَتْ عِنْدَهُ وَوَافَقَنَا (ش) عَلَى أَخْذِ الْجِنْسِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ سُفْيَان وَغَيره لَا يَأْخُذ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ يُؤْخَذُ أَحَدُ النَّقْدَيْنِ عَنِ الْآخَرِ دُونَ غَيْرِهِمَا وَقِيلَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِنَّ قَوْلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ بَابِ الْفُتْيَا لَا مِنْ بَابِ الْقَضَاءِ لِأَنَّ الْقَضَاءَ يَتَوَقَّفُ عَلَى اسْتِيفَاءِ الْحِجَاجِ مِنَ الْخَصْمَيْنِ وَحُضُورِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِيُجِيبَ وَيُنَاضِلَ عَنْ نَفْسِهِ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَمَتَى دَارَ تَصَرُّفُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَيْنَ الْقَضَاءِ وَالْفُتْيَا فَالْفُتْيَا أَرْجَحُ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَسُولٌ مُبَلِّغٌ وَهُوَ الْغَالِبُ عَلَيْهِ وَالتَّبْلِيغُ فُتْيَا وَيَنْبَنِي عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ الْخِلَافُ فِي الْمَسْأَلَةِ فَإِنْ قُلْنَا تصرفه عَلَيْهِ السَّلَام هَا

هُنَا بِالْفُتْيَا جَازَ لِكُلِّ أَحَدٍ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ مِنْ غَيْرِ حَاكِمٍ وَإِنْ قُلْنَا إِنَّهُ تَصَرَّفَ بِالْقَضَاءِ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ إِلَّا بِالْقَضَاءِ لِأَنَّهُ كَذَلِكَ شَرْعٌ وَهَذِهِ قَاعِدَةٌ شَرِيفَةٌ بَسْطُهَا فِي بَابِ إِحْيَاءِ الْمَوَاتِ وَغَيْرِهِ يَتَخَرَّجُ عَلَيْهَا شَيْءٌ كَثِيرٌ فِي الشَّرِيعَةِ الْحُكْمُ الْعَاشِرُ فَكُّ الْحَجْرِ عَنْهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ: إِذَا لَمْ يَبْقَ لَهُ مَالٌ وَاعْتَرَفَ بِذَلِكَ الْغُرَمَاءُ انْفَكَّ الْحَجْرُ عَنْهُ وَلَا يُحْتَاجُ إِلَى فَكِّ الْقَاضِي لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى ميسرَة} وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ: لَا يَنْفَكُّ حَجْرُ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِحُكْمٍ أَوْ بِغَيْرِ حُكْمٍ إِلَّا بِحُكْمِ حَاكِمٍ لِاحْتِيَاجِ ذَلِكَ إِلَى الِاجْتِهَادِ الَّذِي لَا يَضْبُطُهُ إِلَّا الْحَاكِمُ النَّظَرُ الثَّانِي: فِي دُيُونِ الْمَيِّتِ وَأَحْكَامِ التَّرِكَاتِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الدُّيُونَ تَحِلُّ بِالْمَوْتِ بِخَرَابِ الذِّمَّةِ وَفِي الْكِتَابِ: إِذَا لَمْ تَفِ التَّرِكَةُ بِالدُّيُونِ فَأَخَذَهَا الْوَارِثُ أَوِ الْوَصِيُّ فَقَضَاهَا بَعْضُ الْغُرَمَاءِ وَلَمْ يُعْلَمْ بِبَقِيَّتِهِمْ وَالْمَيِّتُ غَيْرُ مَوْصُوفٍ بِالدَّيْنِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيَرْجِعُ الْقَادِمُ عَلَى الْآخِذِ بِنَصِيبِهِ مِنَ الْمُحَاصَّةِ لِأَنَّهُ بَذَلَ غَايَةَ جُهْدِهِ وَإِنْ عُلِمَ أَنَّ الْمَيِّتَ مَوْصُوفٌ بِالدَّيْنِ رَجَعَ الْقَادِمُ عَلَى الْوَارِثِ أَوِ الْوَصِيِّ بِحِصَّتِهِ لِأَنَّهُ الْمُتَعَدِّي وَيَرْجِعُ الْمُتَعَدِّي عَلَى الْآخِذِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَعَنْهُ إِذَا صَرَفَ لِبَعْضِهِمْ عَالِمًا بَدَيْنِ الْقَادِمِ وَوَجَدَ الْغَرِيمُ مُعْدِمًا رَجَعَ الْقَادِمُ عَلَى الْوَارِثِ بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ الْوَارِثُ عَلَى الْآخِذِ وَفِي النُّكَتِ قِيلَ هَذَا اخْتِلَافٌ مِنْ قَوْلِهِ فَرَأَى مَرَّةً الرُّجُوعَ عَلَى الْقَابِضِ وَمَرَّةً عَلَى الدَّافِعِ وَقِيلَ لَيْسَ اخْتِلَافًا بَلْ هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْوَارِثِ وَالْوَصِيِّ وَبَيْنَ الرُّجُوعِ عَلَى الْغُرَمَاءِ أَوْ لَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَيْسَ بِخِلَافٍ بَلْ هُوَ التَّخْيِيرُ الْمُتَقَدِّمُ وَعَلَى مَا رَوَاهُ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ فِي الدَّيْنِ عَزَلُوا لِلدَّيْنِ أَضْعَافَهُ وَبَاعُوا لِيَرِثُوا أَنَّ الْبَيْعَ بَاطِلٌ وَيُنْقَضُ وَإِنْ قُضِيَ الدَّيْنُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ قَبْلَ قَضَاءِ الدَّيْنِ فَأَشْبَهَ بَيْعَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَوْ تَلَقِّي الرُّكْبَانِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَعَ الْوَرَثَةِ ثَمَنٌ فَلِلْغُرَمَاءِ أَخْذُ السِّلَعِ مِنْ أَيْدِي الْمُشْتَرِينَ إِلَّا أَن يدفعوا

فرع

قِيمَتَهَا أَوْ ثَمَنَهَا أَوْ نَقْصَهَا إِنْ كَانَتْ قَائِمَةً لِأَنَّ الْغُرَمَاءَ لَا حَقَّ لَهُمْ فِي الْأَعْيَانِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمِ الْوَرَثَةُ وَلَا كَانَ مَوْصُوفًا بِالدَّيْنِ مُضِيَ الْبَيْعُ وَاتُّبِعَ الْوَرَثَةُ بِالْأَثْمَانِ دُونَ الْمُشْتَرِي وَإِذَا قُضِيَ الْوَارِثُ الْحَاضِرُ عَالِمًا بِالْعَيْبِ أَوْ كَانَ الْمَيِّتُ مَوْصُوفًا بِالدَّيْنِ وَخُيِّرَ الطَّارِئُ كَمَا تَقَدَّمَ فَيَرْجِعُ عَلَى الْوَارِثِ وَرَجَعَ عَلَى الْقَابِضِ رَجَعَ عَلَيْهِ الطَّارِئُ بِمَا يَنُوبُهُ فَوَجَدَ مَا قَبَضَ قَدْ هَلَكَ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ غَرَّمَهُ الطَّارِئُ قَدْرَ مَا يَنُوبُهُ كَمَا لَوْ وَقَفَ ذَلِكَ لِيَدْفَعَ لِلْحَاضِرِ وَلَمْ يَعْلَمْ غَيْرَهُ فَضَاعَ لَرَجَعَ الطَّارِئُ عَلَى الْمَوْقُوفِ لَهُ بِمَا يَنُوبُهُ عَلَى الْقَوْلِ بِضَمَانِ الْمَوْقُوفِ مِمَّنْ وُقِفَ لَهُ وَهُوَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَقَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ: ضَمَانُ مَا قَبَضُوهُ مِنْهُمْ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَسْقُطُ مِنْ دَيْنِهِمْ وَيَرْجِعُ الطَّارِئُ عَلَى ذِمَّةِ الْمَيِّتِ كَمَا لَوْ هَلَكَ بِيَدِ الْوَارِثِ وَهُوَ الْجَارِي عَلَى الْأُصُولِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا بَاعَ الْوَارِثُ لِقَضَاءِ مَنْ حَضَرَ عَالِمًا بِالْغَائِبِ مَضَى الْبَيْعُ وَالْقَضَاءُ فَاسِدٌ وَيُحَاصُّ الطَّارِئُ الْقَابِضَ وَلَا يَحْسَبُ عَلَيْهِ مَا نَقَصَ بِيَدِ الْوَارِثِ لِفَسَادِ الْقَضَاءِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا صَرَفَ الْوَارِثُ أَوِ الْوَصِيُّ عَالِمًا بِالطَّارِئِ وَالْمَيِّتُ مَوْصُوفٌ بِالدَّيْنِ فَرُجُوعُ الطَّارِئِ عَلَى الْقَابِضِ أَوْلَى بِخِلَافِ الْغَاصِبِ لِأَنَّ الْغَاصِبَ وَاهِبٌ وَمَتَى غَرِمَ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ شَيْءٌ وَالْوَارِثُ غَيْرُ وَاهِبٍ فَإِذَا غَرِمَ رَجَعَ فَالْبِدَايَةُ بِمَنْ لَا يَرْجِعُ أَوْلَى إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَارِثُ مَعَهُ نَاضٌّ وَالْآخَرُ يَطُولُ أَمَدُهُ أَوْ مُلِدٌّ أَوْ غَابَ فَيُبْتَدَأُ بِالْوَارِثِ وَالْوَصِيِّ اتِّفَاقًا 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: إِذَا كَانَتِ التَّرِكَةُ تُوفِي الدَّيْنَ فَقَضَى الْوَصِيُّ أَوِ الْوَارِثُ بَعْضَ الْغُرَمَاءِ ثُمَّ تَلِفَ مَا بَقِيَ لَا يَرْجِعُ الْبَاقُونَ عَلَى الْآخَرِينَ لِأَنَّ الْبَاقِيَ كَانَ وَفَاءً لَهُمْ وَلَوْ بَاعَ الْوَارِثُ التَّرِكَةَ وَقَضَى دُيُونَهُ وَفَضَلَتْ فَضْلَةٌ بِأَيْدِيهِمُ اتَّبَعَ الْقَادِمُ الْوَارِثَ دُونَ الْغُرَمَاءِ إِنْ كَانَتِ الْفَضْلَةُ كَفَافَ الدَّيْنِ وُجِدَ الْوَارِثُ مَلِيًّا أَوْ مُعْدِمًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَفَافَ دَيْنِ الْقَادِمِ اتَّبَعَ الْوَرَثَةُ بِمِثْلِ الْفَضْلَةِ فِي مَلَائِهِمْ وَعُدْمِهِمْ فَإِنْ كَانَ لَوْ حَضَرَ نَابَهُ فِي الْحِصَاصِ أَكْثَرُ مِنَ الْفَضْلَةِ اتَّبَعَ الْوَارِثُ بِبَقِيَّةِ مَا يَنُوبُهُ بِأَنْ تَكُونَ التَّرِكَةُ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَالدَّيْنُ ثَلَاثُمِائَةٍ لِثَلَاثَةٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِائَةٌ فَأَخَذَ الْحَاضِرَانِ

مِائَتَيْنِ وَالْوَارِثُ الْخَمْسِينَ فَلَوْ حَضَرَ الْغَائِبُ لَنَابَهُ ثَلَاثَةٌ وَثَمَانُونَ وَثُلُثٌ فَلَهُ خَمْسُونَ مِنْهَا فِي ذِمَّةِ الْوَرَثَةِ وَتَبَقَّى لَهُ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْغَرِيمَيْنِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَإِنْ كَانَتِ التَّرِكَةُ كَفَافَ دَيْنِهِمَا فَقَبَضَاهُ لَرَجَعَ عَلَيْهِمَا بحصاصة فِيهَا فَإِن ألفاهما معدمين اتبع ذمَّتهَا دُونَ الدَّافِعِ مِنْ وَارِثٍ أَوْ وَصَّى بِمَا دَفَعَهُ وَلَمْ يَعْلَمَا بِدَيْنِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ: لِلْمُفْلِسِ أَلْفٌ وَمِائَةٌ أَخَذَ الْغُرَمَاءُ الْأَلْفَ وَهَلَكَتِ الْمِائَةُ فِي الْإِيقَافِ أَوْ سُلِّمَتْ لَهُ فَأَنْفَقَهَا فَطَرَأَ غَرِيمٌ بِمِائَتَيْنِ فَإِنْ كَانَ تَلَفُهَا فِي الْإِيقَافِ فَهِيَ مِنَ الطَّارِئِ وَإِنْ أَنْفَقَهَا فَهِيَ فِي ذِمَّتِهِ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ مِنْهَا عَلَى الْأَوَّلِينَ وَيَرْجِعُ بِالْمِائَةِ الْأُخْرَى عَلَيْهِمْ فِي الْوَجْهَيْنِ عَلَى أَنْ يُحَاصِصَهُمْ فِيمَا قَبَضُوا بِجُزْءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ قَالَ: وَالصَّوَابُ مُحَاصَّتُهُمْ بِالْمِائَتَيْنِ كَمَا لَوْ كَانَتِ الْمِائَةُ الذَّاهِبَةُ حَاضِرَةً فَمَا وَقَعَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ مِائَتَانِ إِلَّا سُدُسَ مِائَةٍ فَيُحْسَبُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَبَضَ وَتُدْفَعُ إِلَيْهِ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ مِائَةٍ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ يَدْفَعُونَ أَحَدًا وَتِسْعِينَ إِلَّا جُزْءا من أحد وَعشر وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ تَدْخُلِ الْمِائَةُ الَّتِي كَانَتْ وُقِفَتْ بِالْحِصَاصِ وَذَلِكَ غَلَطٌ وَقَالَ أَصْبَغُ: إِنَّمَا يَكُونُ مَا وُقِفَ مِنَ الطَّارِئِ فِي حِصَّتِهِ وَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ مَا هَلَكَ كَمَا لَوْ حَضَرُوا بِالْقِيَامِ فَهَلَكَ مَا بِيعَ لَهُمْ فِي الْإِيقَافِ لَكَانَ ضَمَانُ ذَلِكَ مِمَّنْ قَامَ بِالتَّفْلِيسِ دُونَ مَنْ أَبَى أَنْ يَقُومَ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا خَلَّفَ مِائَتَيْنِ فَقَبَضَ الْحَاضِرُ مِائَةً وَبَقِيَتْ مِائَةٌ بِيَدِ الْوَارِثِ فَأَكَلَهَا ضَمِنَهَا وَإِنْ ضَاعَتْ وَكَانَ أَمْسَكَهَا لِنَفَسِهِ عَالِمًا بَدَيْنِ الطَّارِئِ ضَمِنَ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِضَيَاعِهَا أَمْ لَا وَإِنْ لَمْ يَعْلَمُوا بِدَيْنِهِ وَلَمْ يُعْلَمْ ضَيَاعُهَا إِلَّا مِنْ قَوْلِهِمْ فَتَكُونُ مِنَ الْمَيِّتِ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِمْ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ حَقِّ الْغَرِيمِ فِي عَيْنِ التَّرِكَةِ وَقَالَ أَشْهَبُ: يَضْمَنُونَ مَعَ الْبَيِّنَةِ لِأَنَّ الْمِيرَاثَ بَعْدَ الدَّيْنِ فَهُمْ فِي مَعْنَى الْمُتَعَدِّينَ وَإِنْ وُقِفَتْ لِلْغَرِيمِ فَهِيَ مِنَ الْمَيِّتِ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَعِنْدَ أَشْهَبَ مِمَّنْ وُقِفَتْ لَهُ وَإِنْ كَانَتِ التَّرِكَةُ مِائَةً وَخَمْسِينَ فَأَخَذَ الْحَاضِرُ مِائَةً رَجَعَ الطَّارِئُ عَلَى الْوَرَثَةِ بِخَمْسِينَ وَعَلَى صَاحِبِهِ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ ثُمَّ يُرَاعَى فِيهَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ كَوْنِهِمْ قَبَضُوا عَالِمِينَ أَمْ لَا وَهَلِ الْغَرِيمُ حَاضِرٌ أَوْ غَائِبٌ مُوسِرٌ أَوْ مُعْسِرٌ وَهَلِ الْخَمْسُونَ قَائِمَةٌ أَوْ فَائِتَةٌ أَكَلُوهَا أَوْ ضَاعَت

- (فرع) في الكتاب: ليس للمريض أن يقضي بعض غرمائه لأنه توليج ويرد إذا كان الدين يغترق ماله في التنبيهات: التوليج: المحاباة من الولوج لأنه

وَإِنْ كَانَتِ التَّرِكَةُ عُرُوضًا فَبَاعَهَا الْوَارِثُ لِلْقَضَاءِ مَضَى الْبَيْعُ وَيَبِيعُ الطَّارِئُ مَعَ صَاحِبِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَارِثُ عَالِمًا بِدَيْنِهِ أَوِ الْمَيِّتُ مَوْصُوفًا بِالدَّيْنِ فَالْجَوَابُ مَا تَقَدَّمَ وَإِنْ بَاعَ لِنَفْسِهِ عَالِمًا بِالطَّارِئِ أَوْ غَيْرَ عَالِمٍ وَالْمَيِّتُ مَوْصُوفٌ بِالدَّيْنِ وَبَادَرَ بِالْبَيْعِ فَلَهُ رَدُّ الْبَيْعِ قَالَ مُحَمَّدٌ: إِلَّا أَنْ يَدْفَعَ الْمُشْتَرِي قِيمَةَ مَا نَمَا عِنْدَهُ أَوْ نَقَصَ يَوْمَ قَبَضَهُ فَلَهُ ذَلِكَ وَيَتَّبِعُ الْمُشْتَرِي الْوَارِثَ قَالَ اللَّخْمِيُّ: أَوِ الْوَارِثُ مُوسِرٌ وَلَا بَخْسَ فِي الثَّمَنِ أَوْ فِيهِ بَعْدَ الْبَخْسِ مَا يُوفِي الدَّيْنَ فَلَا يُرَدُّ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمِ الْوَارِثُ بِدَيْنِ الطَّارِئِ وَلَا الْمَيِّتُ مَوْصُوفٌ بِالدَّيْنِ قَالَ مَالِكٌ: مَضَى الْبَيْعُ وَلَا مَقَالَ لِلْغَرِيمِ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي الْبَيْعِ وَلَا فِي قِيمَةٍ إِنْ فَاتَ بَلْ مَعَ الْوَارِثِ لِقُوَّةِ الْعَقْدِ بِعَدَمِ تَعَلُّقِ حَقِّ الْغَرِيمِ بِعَيْنِ الْمَبِيعِ وَعَدَمِ عِلْمِ الْوَارِثِ بِالْغَائِبِ وَعَنْ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ: لَهُ الْمَقَالُ فِي الْمَبِيعِ إِلَّا أَنْ يَفُوتَ بِعِتْقٍ وَنَحْوِهِ وَإِنْ فُقِدَ اتُّبِعَ بِهِ مَنْ أَخَذَهُ وَلَا يُفِيتُهُ حَوَالَةَ سُوقٍ وَإِنْ بَاعَ الْوَارِثُ لِلْقَضَاءِ ولنفسه قَالَ عبد الْمَالِك مَضَى الْبَيْعُ وَالْقَضَاءُ فَاسِدٌ وَيَرْجِعُ الطَّالِبُ عَلَى الْغَرِيمِ بِمَا يَنُوبُهُ وَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ مَا فِي يَدِ الْوَارِثِ وَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ: الْقَضَاءُ صَحِيحٌ فِيمَا يَنُوبُ الْحَاضِرُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ إِذَا بَاعَ التَّرِكَةَ وَالْمَيِّتُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ بِالدَّيْنِ اتَّبَعَ الْغَرِيمُ الْوَارِثَ بِالثَّمَنِ دُونَ الْمُشْتَرِي يُرِيدُ إِذَا لَمْ يُحَابِ وَعَنْ مَالِكٍ: إِذَا كَانَتِ التَّرِكَةُ أَلْفًا وَالدَّيْنُ مِائَتَيْنِ فَبَاعَ الْوَارِثُ بَعْضَ التَّرِكَةِ لِنَفْسِهِ وَقَالَ فِيمَا بَقِيَ كِفَايَةٌ فَهَلَكَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ لِأَنَّهُ إِنَّمَا بَاعَ لِنَفْسِهِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ تَجَرَ وَصِيُّ الْأَيْتَامِ فِي ثَلَاثِمِائَةِ تَرِكَةِ أَبِيهِمْ فَصَارَتْ سِتَّمِائَةٍ فَطَرَأَ دَيْنٌ أَلْفٌ تُدْفَعُ السِّتُّمِائَةِ فِي الدَّيْنِ لِأَنَّهُ لَوْ أَنْفَقَهَا لَمْ يُضَمِّنُوهُ وَلَوْ أَنَّ الْوَرَثَةَ كِبَارٌ لَا يُوَلَّى عَلَيْهِمْ فَتَجَرُوا فِي التَّرِكَةِ وَرَبِحُوا فَلَيْسَ عَلَيْهِمْ إِلَّا رَأْسُ الْمَالِ لَهُمُ النَّمَاءُ وَعَلَيْهِمُ النَّقْصُ وَفِي الْكِتَابِ: لَوْ عَزَلَ الْوَارِثُ الدَّيْنَ وَاقْتَسَمُوا فَضَاعَ رَجَعَ الْغَرِيمُ عَلَيْهِمْ فِيمَا قَبَضُوهُ وَلَوْ عَزَلَهُ الْقَاضِي لَكَانَ مِنَ الْغَرِيمِ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: لَيْسَ لِلْمَرِيضِ أَنْ يَقْضِيَ بَعْضَ غُرَمَائِهِ لِأَنَّهُ تَوْلِيجٌ وَيُرَدُّ إِذَا كَانَ الدَّيْنُ يَغْتَرِقُ مَالَهُ فِي التَّنْبِيهَاتِ: التَّوْلِيجُ: الْمُحَابَاةُ مِنَ الْوُلُوجِ لِأَنَّهُ

- (فرع) في الكتاب إذا عزل الورثة دين الغريم واقتسموا ما بقي فضاع رجع عليهم في المقسوم لتقدم الدين على الميراث ولو عزله القاضي وقسم بين ورثة وعزماء لم يرجع صاحبه لتعينه له بحكم الحاكم

يدْخل فِي ملك الآخر مَا لَيْسَ لَهُ أَوْ مِنَ الْأَوْلَجِ وَهِيَ مَا يُسْتَتَرُ بِهِ مِنَ الشِّعَابِ وَالْكُهُوفِ وَنَحْوِهَا فَهُوَ يَسْتَتِرُ بِظَاهِرٍ إِلَى بَاطِن لَهُ فِي النُّكَتِ: قَوْلُ غَيْرِهِ لَهُ قَضَاؤُهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ: قَضَاؤُهُ سِتَّةُ أَقْسَامٍ يَصِحُّ فِي خَمْسَةٍ وَيَخْتَلِفُ فِي وَاحِدٍ فَيَصِحُّ إِذَا قَضَى ثَمَنَ سِلْعَةٍ بِيَدِ بَائِعِهَا لَمْ يُسَلِّمْهَا بَعْدُ أَوْ أَسْلَمَهَا وَهِيَ قَائِمَةُ الْعَيْنِ لَوْ لَمْ يَقْبِضْهُ لَكَانَ أَحَقَّ بِهَا أَوْ مُسْتَهْلَكَةٌ وَالْغُرَمَاءُ عَالِمُونَ بِفَلَسِهِ وتاركونه لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَلَمْ يَقُومُوا عَلَيْهِ أَوْ كَانُوا عَلَى شَكٍّ مِنِ اخْتِلَالِ حَالِهِ لِأُمُورٍ حَدَثَتْ أَوْ كَانَ ظَاهِرَ الْيُسْرِ وَعَلِمَ غُرَمَاؤُهُ أَنَّهُمْ لَوْ عَلِمُوا بِفَلَسِهِ لَمْ يُفَلِّسُوهُ لِمَا يَرْجُونَ مِنْ مُعَامَلَتِهِ لِغَيْرِهِمْ وَيَقْضِي مِمَّا يَدْخُلُ عَلَيْهِ أَوْ لِيَجْبُرَ الْخَسَارَةَ وَيُخْتَلَفُ إِذَا كَانُوا لَا يَتْرُكُونَ الضَّرْبَ عَلَيْهِ لَوْ عَمِلُوا وَقَدْ قَالَ بن الْقَاسِمِ: إِذَا اجْتَمَعَ رَأْيُهُمْ عَلَى تَفْلِيسِهِ فَبَادَرَ أحدهم اقْتضى مِنْهُ لِبَقِيَّتِهِمْ مُشَارَكَتَهُ لِأَنَّهُ كَالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يُشَارِكُ لِعَدَمِ كَمَالِ الْحَجْرِ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا عَزَلَ الْوَرَثَةُ دَيْنَ الْغَرِيمِ وَاقْتَسَمُوا مَا بَقِيَ فَضَاعَ رَجَعَ عَلَيْهِمْ فِي الْمَقْسُومِ لِتَقَدُّمِ الدَّيْنِ عَلَى الْمِيرَاثِ وَلَوْ عَزَلَهُ القَاضِي وَقسم بَين وَرَثَة وعزماء لَمْ يَرْجِعْ صَاحِبُهُ لِتَعَيُّنِهِ لَهُ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ: إِذَا تَبَرَّعْتَ بِضَمَانِ دَيْنِ الْمَيِّتِ لزمك لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لما امْتنع من الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ لِأَجْلِ الدَّيْنِ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: دَيْنُهُ عَلَيَّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الْآنَ بَرُدَتْ أَوْ بَرَّدْتُمْ جِلْدَةَ صَاحِبِكُمْ فَلَوْ لَمْ يَلْزَمْهُ لَمَا بَرُدَتْ جِلْدَةُ الْمَيِّتِ فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ رَجَعَتْ بِذَلِكَ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَقَدْ عَلِمْتَ ذَلِكَ لَا تَرْجِعُ وَإِنْ ظَهَرَ لِلْمَيِّتِ مَالٌ لِأَنَّ ذَلِكَ قَرِينَةُ التَّبَرُّعِ وَالْمَعْرُوفُ كُلُّهُ مَتَى أَشْهَدْتَ لَزِمَكَ عِنْدَ مَالِكٍ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ كَانَ هِبَةً أَوْ غَيْرَهَا لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ

فرع

3 - (فَرْعٌ) قَالَ: مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فِي صِحَّتِهِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِإِقْرَارِهِ لَمْ يُقْبَلْ إِقْرَارُهُ فِي مَرَضِهِ بِدَيْنٍ لِوَارِثِهِ أَوْ ذِي قَرَابَةٍ أَوْ صديق ملاطف إِلَّا بِبَيِّنَة للتُّهمَةِ وَيجوز للأجنى لعدم التُّهْمَة ويحاص من داينه بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِإِقْرَارِهِ فِي الصِّحَّةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِنْ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ لِأَجْنَبِيٍّ بِمِائَةٍ وَلِابْنِهِ بِمِائَةٍ وَالتَّرِكَةُ مِائَةٌ تَحَاصَّا فَيَأْخُذُ الْأَجْنَبِيُّ حِصَّتَهُ وَيَدْخُلُ مَعَ الْوَارِثِ فِي حِصَّتِهِ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ إِلَّا أَنْ يُجِيزُوهُ لَهُ وَلَا حُجَّةَ لِلْأَجْنَبِيِّ إِنْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ لِأَنَّهُ هُوَ إِنَّمَا أَخَذَ بِإِقْرَارِهِ وَلَوْ كَانَ دَيْنُهُ بِبَيِّنَةٍ لَمْ يحاصصه الْوَارِث وَإِذا دخل مَعَ الْوَارِثِ [لَا يَرْجِعُ] عَلَى الْأَجْنَبِيِّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ أَخَذَ مَا يَسْتَحِقُّهُ بِمُقْتَضَى الْوَصِيَّةِ وَيَرْجِعُ عِنْدَ أَشْهَبَ فَمَا أَخَذَ 1 شَارَكَهُ الْوَرَثَةُ فِيهِ وَإِذَا شَارَكُوهُ رَجَعَ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ حَتَّى لَا يَبْقَى فِي يَدِ الْأَجْنَبِيِّ شَيْءٌ قَالَ: وَقَوْلُهُ لَا يَبْقَى فِي يَدِ الْأَجْنَبِيِّ شَيْءٌ لَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ لِقِلَّتِهِ وَيَقُولُ ابْنُ الْقَاسِمِ لَوْ رَجَعَ الْوَارِثُ لَرَجَعَ الْأَجْنَبِيُّ عَلَى بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ إِذَا رَجَعَ عَلَيْهِ الْوَارِثُ فَيَقُولُ لَا يَرِثُونَ وَلِي دَيْنٌ فَيَحْصُلُ الْمُحَالُ فَيَنْقَطِعُ أَصْلُ الرُّجُوعِ فَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ ثَالِثٌ دَيْنُهُ بِبَيِّنَةٍ سَقَطَ الْوَارِثُ وَاقْتَسَمَ الْأَجْنَبِيُّ وَالْمُقَرُّ لَهُ وَذُو الْبَيِّنَةِ الْمَالَ وَكَأَنَّهُمُ الثَّلَاثَةُ يَتَحَاصُّونَ فَمَا صَارَ لِلْوَارِثِ أَخَذَهُ ذُو الْبَيِّنَةِ فَشَارَكَهُ فِيهِ الْآخَرُ فَإِنْ أَقَرَّ لِمَنْ يُتَّهَمُ عَلَيْهِ وَلِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ وَلَا بَيِّنَةَ لِجَمِيعِهِمْ نُفِّذَ إِقْرَارُهُ فَإِنْ ضَاقَ مَالُهُ تَحَاصَّوْا فَمَا خَصَّ الْمُتَّهَمَ وَهُوَ وَارِثٌ شَرِكَهُ الْوَرَثَةُ أَوْ غَيْرُ وَارِثٍ كَانَ لَهُ إِنْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ وَلَدٌ وَإِنْ كَانُوا كَلَالَةً فَهُوَ لِلْوَرَثَةِ دُونَهُ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَيْهِمْ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ: وَذَلِكَ إِذَا أَقَرَّ لَهُ بِمَالِهِ كُلِّهِ أَوْ نَحَلَهُ أَمَّا لَوْ أَقَرَّ بِمَا أَوْصَى لَهُ بِهِ فَذَلِكَ جَائِزٌ لَهُ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ 3 - (فَرْعٌ) فِي النَّوَادِرِ قَالَ مَالِكٌ: إِذَا بَاعَ أَمِينُ الْوَصِيِّ لِلْغُرَمَاءِ فَتَلِفَ الثَّمَنُ عِنْدَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْوَصِيُّ إِذَا أَمَّرَهُ عَلَى الصِّحَّةِ فَإِنْ قَسَّمَ الْوَصِيُّ بَيْنَ الْوَرَثَةِ ثُمَّ طَرَأَ دَيْنٌ وَقَالَ الْوَرَثَةُ تَلِفَ مَا قَبَضْنَا ضَمِنُوا مَا يُغَابُ عَلَيْهِ دُونَ مَا لَا يُغَابُ إِلَّا أَنْ يَتْلَفَ بِسَبَبِهِمْ وَيَغْرَمُ الْكِبَارُ مَا أَنْفَقُوهُ لِتَقَدُّمِ الدَّيْنِ عَلَى الْمِيرَاثِ

فرع

وَمَا أُنْفِقَ عَلَى الصِّغَارِ لَا يُتَّبَعُونَ بِهِ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُبَاشِرُوا إِتْلَافَهُ وَمَا رَبِحَ الْوَصِيُّ لِلصِّغَارِ فِي ذَلِكَ دَخَلَ الْغُرَمَاءُ فِي أَصْلِهِ وَرِبْحِهِ وَمَا رَبِحَ الْكِبَارُ فِيهِ لَا يَدْخُلُ الْغُرَمَاءُ فِيهِ لِأَنَّهُمْ ضَمِنُوهُ وَلَا يَضْمَنُونَ الْحَيَوَانَ وَلَكِنْ إِنِ اشْتَرَوْا بِمَا قَبَضُوا مِنَ الْحَيَوَانِ أَوْ غَيْرِهِ حَيَوَانًا فَهَلَكَ ضَمِنُوهُ لِخَطَأِ تَصَرُّفِهِمْ فِي مَالِ الْغُرَمَاءِ وَلَوْ تَجَرَ الْوَصِيُّ لِلصِّغَارِ أَوِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِمْ فِيمَا وَرِثُوا فَطَرَأَ دَيْنٌ فَكُلُّهُ فِي الدَّيْنِ لِأَنَّهُ لَوْ أَنْفَقَهُ عَلَيْهِمْ لَمْ يَضْمَنُوهُ هُمْ وَلَا الْوَصِيُّ وَقَالَ أَشْهَبُ: يرجع عَلَيْهِم أجمع لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الصِّغَارِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ أَنْفَقَ عَلَيْهِمْ أَخَذَ مِنَ الْكِبَارِ وَرَجَعَ الْكِبَارُ عَلَى الصِّغَارِ بِحِصَّتِهِمْ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ عِنْدَ الْكِبَارِ أَيْضًا شَيْءٌ اتَّبَعَ الْغُرَمَاءُ الصِّغَارَ وَالْكِبَارَ بِقَدْرِ حِصَّتِهِمُ الَّتِي وَرِثُوا وَقَالَ أَشْهَبُ: لَوْ تَرَكَ مِائَتَيْنِ وَوَلَدَيْنِ صَغِيرَيْنِ فَدَفَعَ الْوَصِيُّ مِائَةَ كُلِّ وَاحِد قراضا فَصَارَت أربعماية فطرأ دين أربعماية فَلَا توخذ إِلَّا الْمِائَتَانِ اللَّتَانِ وَرِثَاهَا وَخَالَفَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَقَالَ: إِنْ تَرَكَ كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا فَأَكَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِائَتَهُ ثُمَّ أَفَادَا مَالًا وَطَرَأَتْ مِائَةٌ عَلَى الْمَيِّتِ أُخِذَتْ كُلُّهَا مِنَ الْكَبِيرِ وَلَا يَرْجِعُ الْكَبِيرُ عَلَى الصَّغِيرِ ثُمَّ إِنْ طَرَأَتْ مِائَةٌ لِلْمَيِّتِ أَخَذَهَا الْكَبِيرُ وَحْدَهُ لِيَسْتَوِيَا فِي الْمِيرَاثِ وَلَوْ تَجَرَ الْوَصِيُّ الصَّغِيرُ فِي مِائَتِهِ فَصَارَتْ أَرْبَعَمِائَةٍ ثُمَّ طَرَأَ دَيْنٌ على الْمَيِّت فَعَلَى الْكَبِيرِ خُمُسُهَا وَعَلَى الصَّغِيرِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهَا ثُمَّ إِنْ طَرَأَتْ مِائَةٌ لِلْمَيِّتِ جُعِلَتْ مَكَانَ الْمَأْخُوذ للكبير خمسها وباقيها للْغَيْر وَأَمَّا إِنْ طَرَأَ وَارِثٌ فَلَا يَتَّبِعُ كُلَّ وَاحِدٍ إِلَّا بِقَدْرِ حِصَّتِهِ وَلَا يَأْخُذُ أَحَدًا عَن أحد وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا بَاعَ الْوَارِثُ الدَّارَ رَجَعَ الْوَارِثُ الطَّارِئُ فِي الدَّارِ عَلَى الْوَارِثِ الْبَائِعِ مَلِيئًا أَوْ مُعْدِمًا عَالِمًا بِالْوَارِثِ أَمْ لَا وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ بِخِلَافِ الْغَرِيمِ يَطْرَأُ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي الدَّارِ عَيْنًا لِأَنَّ لِلْوَارِثِ إِعْطَاءَهُ الدَّيْنَ مِنْ غَيْرِ الدَّارِ أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي نُفِّذَ بَيْعُ الدَّارِ وَالْوَارِث مَالك لغير التَّرِكَة

فرع

قَاعِدَةٌ: اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمَيِّتِ إِذَا تَرَكَ مَالًا وَدَيْنًا فَقِيلَ هُوَ عَلَى مِلْكِهِ حَتَّى يُوَفَّى الدَّيْنُ وَقِيلَ عَلَى مِلْكِ الْوَارِثِ وَتَقْرِيرُهُ أَنَّ سَبَبَ الْمِلْكِ الْحَاجَةُ إِذْ لَوْ بَقِيَتِ الْأَشْيَاءُ فِي الدُّنْيَا شَائِعَةً لَتَقَاتَلَ النَّاسُ عَلَيْهَا فَالْجَنِينُ لَمَّا كَانَ مَيِّتًا شَرْعًا وَهُوَ بِصَدَدِ الْحَاجَةِ الْعَامَّةِ فِي حَيَاتِهِ مَلَكَ الصَّدَقَةَ وَالْأَمْوَالَ بِالْإِجْمَاعِ وَالْمَيِّتُ بَعْدَ الْحَيَاةِ لَمْ تَبْقَ لَهُ حَاجَةٌ عَامَّةٌ فَلَمْ يَمْلِكْ أَوْ يَمْلِكُ لِبَقَاءِ حَاجَةِ الدَّيْنِ احْتَجَّ النَّافِي بِقَوْلِهِ تَعَالَى {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دين} فَجَعَلَ الْمِلْكَ بَعْدَ الدَّيْنِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمُغَيَّا هُوَ الْمَقَادِيرُ لَا الْمُقَدَّرُ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَمَّا بَيَّنَ أَنَّ لِلزَّوْجَةِ الثَّمَنَ قَال لَا تَعْتَقِدُوا أَنَّهُ مِنْ أَصْلِ الْمَالِ بَلْ مِنَ الَّذِي يَفْضُلُ بَعْدَ الدَّيْنِ وَهَذِهِ قَاعِدَةٌ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ اللَّفْظَ إِذَا سِيقَ لِأَجْلِ مَعْنًى لَا يُحْتَجُّ بِهِ فِي غَيْرِهِ وَالْآيَةُ سِيقَتْ لِبَيَانِ الْمَقَادِيرِ لَا لِبَيَانِ الْأَمْلَاكِ وَقَالَ (ش) لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُ الْوَارِثِ قَبْلَ قَضَاءِ الدَّيْنِ كَالرُّهُونِ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ أَشْهَبُ: إِذَا تَرَكَ أَلْفَ دِرْهَم وعبداً وَعَلِيهِ دين الرجلَيْن لِكُلِّ وَاحِدٍ أَلْفٌ وَحَضَرَ أَحَدُهُمَا وَأَخَذَ الْأَلْفَ وَوُجِدَ الْغَائِبُ وَقَدْ هَلَكَ الْعَبْدُ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَلْفًا فِي أَعْظَمِ حَالَاتِهِ مِنْ يَوْمِ قَبَضَ الْأَلْفَ إِلَى مَوْتِ الْعَبْدِ لَا يَوْمَ الْقَبْضِ وَلَا يَوْمَ مَوْتِ السَّيِّدِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ وَإِنْ كَانَتْ أَوْفَرَ قِيمَةً مَضَتْ عَلَيْهِ خَمْسُمِائَةٍ رَجَعَ الْقَادِمُ عَلَى الْغَرِيمِ بِمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَحُسِبَ الْعَبْدُ عَلَى الْغَائِبِ وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي قِيمَتِهِ صُدِّقَ الطَّارِئُ إِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ وَلَوْ بَاعَ الْوَصِيُّ الْعَبْدَ بِأَلْفٍ فَقَضَاهَا الْحَاضِرُ ثُمَّ تَلِفَتِ الْأَلْفُ الْعَيْنُ فَلَا رُجُوعَ لِأَنَّ الْجَمِيعَ صَارَ عَيْنًا وَحِصَّةُ الْغَائِبِ مِنْهُ وَلَوْ رُدَّ بِعَيْبٍ بَعْدَ تِلَافِ الْأَلْفِ الَّتِي عُزِلَتْ للْغَائِب بيع ثَانِيَة لم نبيع لَهُ أَوَّلًا إِلَّا أَنْ يَنْقُصَ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْءٌ فَيَرْجِعَ الْغَائِبُ بِمَا يُصِيبُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَتَى عَلَى الْعَبْدِ وَقْتٌ بَعْدَ الْقَبْضِ يَسْوِي فِيهِ بِالْعَيْبِ أَلْفًا فَلَا يَرْجِعُ وَلَوْ أَخَذَ الْحَاضِرُ الْأَلْفَ الثَّمَنَ

فرع

وَالْغَائِبُ لَمَّا قَدِمَ الْأَلْفَ الْعَيْنَ ثُمَّ رُدَّ بِعَيْبٍ وَقَدْ بَلَغَتْ قِيمَتُهُ أَلْفًا لَمْ يَرْجِعِ الْحَاضِرُ بِشَيْءٍ وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ خَمْسَمِائَةٍ رَجَعَ الطَّارِئُ بِمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ: إِذَا أَخَذَ الْغُرَمَاءُ بِقَضَاءِ سُلْطَانٍ أَوْ وَصِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ رَجَعَ الطَّارِئُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِمَّا كَانَ يَنُوبُهُ بِقَدْرِ مَا عِنْدَهُ وَلَا يَتَّبِعُ مَلِيئًا بِمَا عِنْدَ الْمُعْدِمِ وَلَوْ بَقِيَتْ فَضْلَةٌ قَدْرَ حَقِّ الطَّارِئِ لَمْ يُرْجَعْ إِلَّا عَلَى الْوَرَثَةِ أَمْلِيَاءَ أَمْ لَا مِنْ كُلِّ وَارِثٍ كُلُّ مَا صَارَ إِلَيْهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ ثُمَّ يَرْجِعُ الْوَارِثُ عَلَى الْوَرَثَةِ عَلِمُوا بِالطَّارِئِ أَمْ لَا وَإِنْ كَانَتِ الْفَضْلَةُ لَا تَفِي بِدَيْنِهِ حُسِبَتْ عَلَيْهِ وَرَجَعَ عَلَى الْغُرَمَاءِ بِمَا بَقِيَ لَهُ مِمَّا يُصِيبُهُ فِي الْمُحَاصَّةِ لَوْ حَضَرَ وَلَا يَتَّبِعُ الْمَلِيءَ إِلَّا بِمَا عِنْدَهُ وَمَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْوَرَثَةِ فَيَأْخُذَ من الملي مِنْهُمْ حَقَّهُ مِنْ كُلِّ مَا صَارَ إِلَيْهِ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ وَكَذَلِكَ موصى لَهُ طَرَأَ مُوصًى لَهُمْ أَخَذُوا وَصَايَاهُمْ وَبَقِيَتْ فَضْلَةٌ فِيهَا نَصِيبُ الطَّارِئِ أَخَذَهَا الْوَرَثَةُ فَإِنَّهَا تُحْسَبُ عَلَيْهِ وَلَا يَتَّبِعُ بِهَا إِلَّا الْوَرَثَةَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيمَا صَارَ إِلَيْهِمْ وَفَاءُ وَصِيَّتِهِ رَجَعَ عَلَى أَصْحَابِهِ بِمَا بَقِيَ: يَتَّبِعُ كُلُّ وَاحِدٍ بِمَا يَصِيرُ عَلَيْهِ مِنْهُ لَا عَنِ الْمُعْدِمِ مثل أَن يُوصي لثَلَاثَة بِمِائَة ماية وَالثُلُثُ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ أَخَذَ الْحَاضِرَانِ مِائَتَيْنِ وَالْوَرَثَةُ خَمْسِينَ فَحِصَّةُ الطَّارِئِ ثَلَاثَةٌ وَثَمَانُونَ وَثُلُثٌ يُحْسَبُ عَلَيْهِ مِنْهَا عِنْدَ الْوَرَثَةِ خَمْسُونَ يَطْلُبُهُمْ بِهَا وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُوصَى لَهُمَا سَبْعَةَ عَشَرَ إِلَّا ثُلُثًا لَا يَأْخُذُ مَلِيئًا عَنْ معدم وَله أَخذ الْوَارِث الملي بِجَمِيعِ مَا أَخَذَ مِنَ الْخَمْسِينَ ثُمَّ يَتَّبِعَانِ جَمِيعًا بَقِيَّةَ الْوَرَثَةِ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ يَرْجِعُ عَلَى وَارِثٍ مِنْ غَرِيمٍ أَوْ مُوصًى لَهُ يَسْتَوْعِبُ مِنَ الْمَلِيءِ جَمِيعَ مَا صَارَ لَهُ وَأَمَّا غَرِيمٌ عَلَى غَرِيمٍ أَوْ مُوصًى لَهُ عَلَى مُوصًى لَهُ فَالْمَلِيءُ كَالْمُعْدِمِ وَلَا يُعْطِي الْمَلِيءُ حِصَّةَ الْمُعْدِمِ لِتَعَذُّرِ اسْتِحْقَاقِ كِلَيْهِمَا وَالْوَارِثُ لَا يَسْتَحِقُّ إِلَّا بَعْدَ الْوَصِيَّةِ فَقَبْضُهُ ضَعِيفٌ وَأَمَّا وَارِثٌ عَلَى وَارِثَيْنِ فَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِم

فرع

كغريم يطْرَأ على غُرَمَاء وموصى على موصى لِاسْتِوَاءِ الْجَمِيعِ فِي سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ يُقَاسِمُ الْوَارِثُ الطَّارِئُ مَنْ وَجَدَ مَلِيئًا بِجَمِيعِ مَا صَارَ إِلَيْهِ كَأَنَّ الْمَيِّتَ لَمْ يَتْرُكْ غَيْرَهُمَا ثُمَّ يَرْجِعَانِ عَلَى الْبَاقِينَ فَمَنْ أَيْسَرَ قَاسَمُوهُ ثُمَّ يَرْجِعُ هَذَا مَعَهُمْ هَكَذَا حَتَّى يَعْتَدِلُوا قَالَ مُحَمَّدٌ: وَالْغَرِيمُ يَطْرَأُ عَلَى مُوصًى لَهُمْ أَوْ وَرَثَةٍ يَأْخُذُ الْمَلِيءَ بِجَمِيعِ مَا صَارَ إِلَيْهِ وَمَتَى قَالَ الْوَارِثُ تَلِفَ مِنِّي مَا أَخَذْتُ صُدِّقَ فِيمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ إِلَّا إِنْ تَبَيَّنَ كَذِبُهُ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ: لَوْ تَرَكَ وَلَدَيْنِ وَعَبْدَيْنِ فَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ عَبْدًا إِمَّا قِسْمَةً أَوْ بَيْعًا فَمَاتَ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ ثُمَّ طَرَأَ أَخٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَمَّا الْقِسْمَةُ فَبَاطِلَةٌ وَيَدْخُلُ جَمِيعُهُمْ فِي الْعَبْدِ الْبَاقِي قَالَ مُحَمَّدٌ: وَأما لَو كَانَا أخذا هما بِشِرَاءٍ أَوْ مِنْ صَاحِبِهِ أَوْ مِنْ وَصِيٍّ مُصِيبَةُ نِصْفِ الْعَبْدِ الْمَيِّتِ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ وَهُوَ النِّصْفُ الَّذِي لَمْ يَشْتَرِهِ وَالنِّصْفُ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْهُ وَحْدَهُ ثُمَّ نِصْفُ الْعَبْدِ الْحَيِّ الَّذِي لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ الشِّرَاءُ الطَّارِئُ يُخَيَّرُ فِي إِمْضَاءِ بَيْعِ نَصِيبِهِ مِنْهُ وَهُوَ السُّدُسُ مِنْهُ فَإِنْ أَمْضَاهُ رَجَعَ بِثَمَنِهِ عَلَى مَنْ قَبَضَهُ وَنِصْفُ الْمَيِّتِ الْمُشْتَرَى ضَمَانُهُ مِنْ مُشْتَرِيهِ وَيَرْجِعُ الطَّارِئُ بِثَمَنِ مَا اسْتَحَقَّهُ مِنْ هَذَا النِّصْفِ الْمَبِيعِ عَلَى أَخِيهِ الْبَائِعِ وَيُخَيَّرُ أَيْضًا عَلَيْهِ فِي الْعَبْدِ الْحَيِّ الَّذِي بِيَدِهِ إِنْ شَاءَ أَخَذَ ثُلُثَهُ وَهُوَ سُدُسُ نِصْفِ الْعَبْدِ الَّذِي لَمْ يَبِعْ وَيَرْجِعُ هَذَا عَلَى الَّذِي مَاتَ الْعَبْدُ بِيَدِهِ بِثُلُثِ مَا كَانَ دَفَعَ إِلَيْهِ فِي ثَمَنِ الْعَبْدِ الْحَيِّ لِأَنَّ مُشْتَرِيَ الْعَبْدِ إِنَّمَا وَقَعَ شِرَاؤُهُ عَلَى نِصْفِهِ وَكَأَنَّ النِّصْفَيْنِ من الْعَبْدَيْنِ بيعا والنصفين قُسِّمَا فَمَا بِيعَ ضَمِنَهُ مُشْتَرِيهِ وَمَا قُسِّمَ فُسِخَ وَمُصِيبَتُهُ مِنْ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَا سَكَنَ الْوَارِثُ مِنَ الدُّورِ أَوِ اغْتَلَّ ظَانًّا أَلَّا وَارِثَ مَعَهُ لَا يُرْجَعُ عَلَيْهِ فِيمَا سَكَنَ وَكَذَلِكَ الْأَرْضُ وَيُرْجَعُ فِي الْغَلَّةِ عَلِمَ أَنَّ مَعَهُ وَارِثًا أَو لَا

فرع

3 - (فَرْعٌ) قَالَ: قَالَ ابْن الْقَاسِم: إِذا قُتِل عَمْدًا وتَرك وَلَدَيْنِ وَمِائَةَ دِينَارٍ وَعَلَيْهِ مِائَةُ دِينَارٍ بِبَيِّنَةٍ فَعَفَا أحدُهما عَنِ الدَّمِ مَجَّانًا وَأَخَذَ الْآخَرُ نِصْفَ الدِّيَةِ يُدفع الدَّيْنُ مِنْ نِصْفِ الدِّيَةِ وَسُدُسِ الْمِائَةِ فَيَبْقَى مِنَ الدِّيَةِ خَمْسَةُ أَسْدَاسِهَا بِيَدِ الْوَلَدَيْنِ نِصْفَيْنِ وَلِغَيْرِ الْعَافِي مَا بَقِيَ لَهُ مِنْ نِصْفِ الدِّيَةِ وَهُوَ أَرْبَعُمِائَةٍ وَسِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثٌ وَفِي رِوَايَةِ عِيسَى: تُقسم الْمِائَةُ الدينُ اثْنَيْ عَشَرَ جُزْءًا فَعَلَى غَيْرِ الْعَافِي أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا لِأَنَّ لَهُ خَمْسَمِائَةٍ مِنَ الدِّيَةِ وَنِصْفَ الْمِائَةِ التَّرِكَةِ وَلِلَّذِي عَفَا نِصْفُ الْمِائَةِ عَلَيْهِ فِيهَا نِصْفُ سُدُسِ الدَّيْنِ وَذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ وَثُلُثٌ وَيَبْقَى لَهُ أحدٌ وَأَرْبَعُونَ وَثُلُثٌ وَلِلْآخَرِ بَعْدَ الدَّيْنِ بِسَبَبِ الدِّيَةِ وَالْمِيرَاثِ أَرْبَعُمِائَةٍ وَثَمَانِيَةٌ وَخَمْسُونَ وَثُلُثٌ قَالَ سُحْنُونٌ: وَلَوْ تَرَكَ مدبَّراً عُتِقَ فِي جَمِيعِ هَذَا الْمَالِ حَتَّى يَبْلُغَ الثُّلُثَ بَعْدَ الدَّيْنِ وَلَوْ عُفِيَا وَلَا مَالَ لِلْمَيِّتِ فَلَا مَقَالَ لِلْغُرَمَاءِ وَنُفِّذَ إِلَّا فِي الْخَطَأِ يَمْتَنِعُ حَتَّى يَأْخُذَ الْغُرَمَاءُ دَيْنَهُمْ مِنَ الدِّيَةِ وَلَا يَجُوزَ عَفْوُ الْمَقْتُولِ فِي الْخَطَأِ إِلَّا فِي الثُّلُثِ وَيَجُوزُ فِي الْعَمْدِ لِأَنَّهُ قِصَاصٌ لَا مَالٌ وَيَجُوزُ عَفْوُ وَارِثِ الْمِدْيَانِ فِي الْعَمْدِ وَلَا يَجُوزُ عَفْوُ وَارِثٍ آخَرَ مِدْيَانٍ لِسُقُوطِ الدَّمِ بِالْأَوَّلِ وتعيُّنه مَالًا وَغُرَمَاءُ الثَّانِي أَحَقُّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَيِّتُ مِدْيَانًا وَلَوْ لَمْ يَعْفُ بَعْدَ عفوِ الْأَوَّلِ أحدٌ لَكَانَ غُرَمَاءُ الْمَقْتُولِ أَحَقَّ بِمَا بَقِيَ مِنَ الدِّيَةِ وَلِلْمَيِّتِ مَالٌ آخَرُ يُوَفِّي دَيْنَهُ قُضي دَيْنُهُ مِنْهُ وَمِنْ بَقِيَّةِ الدِّيَةِ بِالْحِصَاصِ فَلَوْ تَرَكَ أَلْفًا وَعَلَيْهِ دينٌ وَعَفَا أحدُهما فِي الْعَمْدِ وَأَخَذَ غَيْرُ الْعَافِي نِصْفَ الدِّيَةِ سِتَّةَ آلَافٍ تضمُّ إِلَى الْأَلْفِ التَّرِكَةِ ويُقضى الدَّيْنُ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ فَمَا وَقَعَ عَلَى الْأَلْفِ الَّتِي تَرَكَ خَرَجَ مِنْهَا وَبَاقِيهَا بَيْنَهُمَا وَيَرْجِعُ ذَلِكَ إِلَى أَنْ يُخْرَجَ الدَّيْنُ مِنَ الْجُمْلَةِ وَيُقَسَّمَ مَا بَقِيَ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ عَلَى أَرْبَعَةَ عَشَرَ لِلْعَافِي سهمٌ وَالْبَاقِي لِلْآخَرِ وَلَوْ أَنَّ الدَّيْنَ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَخَمْسُمِائَةٍ وَأَوْصَى بِأَلْفٍ فَنِصْفُ السَّبْعَةِ آلَافٍ فِي الدَّيْنِ فَيَصِيرُ عَلَى الْأَلْفِ التَّرِكَةَ نَصِفُهَا وَنِصْفُ الْبَاقِي فِيهِ الْوَصَايَا فِي ثُلُثُهِ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تَدْخُلُ إِلَّا فِيمَا عَلِم الْمَيِّتُ فَيَأْخُذُ الْمُوصَى لَهُ ثلث

فرع

الْخَمْسِمِائَةِ وَبَقِيَّةُ الْمَالِ كُلِّهِ بَيْنَ الْوَلَدَيْنِ عَلَى عِشْرِينَ لِلْعَافِي جُزْءٌ وَهُوَ نِصْفُ الْعَشْرِ وَلِغَيْرِ الْعَافِي تِسْعَةَ عَشَرَ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ: وَلَوْ تَرَكَ عَبْدًا يَسْوِي أَلْفًا وَعَلَيْهِ ألفٌ فَبَاعَهُ الْقَاضِي وَقَضَى دَيْنَهُ ثُمَّ عَفَا أَحَدُهُمَا وَأَخَذَ الْآخَرُ سِتَّةَ آلَافِ دِرْهَمٍ نِصْفَ الدِّيَةِ رَجَعَ أَخُوهُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ تُسعها: أَرْبَعُمِائَةٍ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ وَلَوْ لَمْ يَقُمِ الْغَرِيمُ حَتَّى قَبَضَ الِابْنُ السِّتَّةَ آلَافِ فَأَخَذَ مِنْهُ الْغَرِيمُ فَإِنَّ الْعَبْدَ بَيْنَ الْوَلَدَيْنِ نِصْفَيْنِ وَالْخَمْسَةُ آلَافِ الْبَاقِيَةُ لِلْأَخِ غَيْرِ الْعَافِي وَيَرْجِعُ عَلَى الْعَافِي بِنِصْفِ سُبُعِ الْأَلْفِ الدَّيْنِ: أحدُ وَتِسْعُونَ دِرْهَمًا وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ فَإِنْ وَدَاهَا وَإِلَّا بِيعَ من نصِيبه من نصف العَبْد بِقدر تِلْكَ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ: لَوْ تَرَكَ ابْنًا وَابْنَةً وَزَوْجَةً وَدَيْنًا أَلْفًا وَمَالًا أَلْفًا فَعَفَا الِابْنُ عَنِ الدَّمِ عَلَى الدِّيَةِ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ الِابْنَةُ وَالزَّوْجَةُ بِالْمِيرَاثِ وَالدَّيْنُ فِي الدِّيَةِ وَالْمَالِ وَمَا بَقِيَ قُسِّمَ عَلَى الْفَرَائِضِ قَالَ: لَوْ عَفَا أَحَدُهُمَا ثُمَّ لَحِقَ دينٌ اتُّبع بِهِ الَّذِي لَمْ يَعفُ فِي نِصْفِ الدِّيَةِ دُونَ الْعَافِي قَالَ: وَهَبَ المريضُ عَبْدَهُ وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ فقَتَلَ الْعَبْدُ المريضَ وَلَهُ ابْنَانِ فَهِبَتُهُ كَالْوَصِيَّةِ قُبضت أَمْ لَا فَلِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُ الْعَبْدِ فَإِنِ اسْتَحْيَوُا الْعَبْدَ عَلَى أَنْ يكون لَهُم فُضت الدِّيَةُ عَلَى الْعَبْدِ فَثُلُثَا الدِّيَةِ عَلَى ثُلُثَيِ الْوَرَثَةِ فيُسقط ذَلِكَ وَثُلُثُ الدِّيَةِ عَلَى ثُلُثِ العَبْد فَيُخَير الْمَوْهُوب لَهُ فِي فدائه بِثلث الدِّيَة أَو يُسلمه فَإِن أَجَازُوا الوجية صَار العَبْد للْمَوْهُوب لَهُ وَالدية فِي رقببته فإمَّا يفْدِيه

فرع

بِهَا أَوْ يُسلمه لِلْوَرَثَةِ فَإِنْ عَفَوْا عَلَى غَيْرِ دِيَةٍ وَقَدْ أَجَازُوا الْوَصِيَّةَ فَالْعَبْدُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَإِنْ عَفَوْا عَلَى غَيْرِ دِيَةٍ وَأَبَوْا مِنْ إِجَازَةِ الْوَصِيَّةِ فَثُلُثُ الْعَبْدِ لِلْمُوصَى لَهُ وَثُلُثُاهُ لِلْوَرَثَةِ وَإِنْ عَفَا أَحَدُ الِابْنَيْنِ عَلَى الدِّيَةِ فَكَمَا تَقَدَّمَ أَوْ أَحَدُهُمَا عَلَى غَيْرِ دِيَةٍ فَلِغَيْرِ الْعَافِي شَطْرُ الدِّيَةِ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ فَإِنْ أَجَازُوا الْوَصِيَّةَ فَهِيَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ فِي فِدَاءِ نِصْفِهِ مِنْ غَيْرِ الْعَافِي بِنِصْفِ الدِّيَةِ أَوْ يُسَلِّمُهُ عَلَيْهِ فَإِنْ فَدَى نِصْفَهُ بِنِصْفِ الدِّيَةِ لَمْ يَكُنْ لِغَيْرِ الْعَافِي مِنْ نِصْفِ الدِّيَةِ الْمَأْخُوذِ شَيْءٌ وَإِنْ مَنَعُوا الْوَصِيَّةَ فَالْعَبْدُ بَيْنَهُمْ أثلاثاُ وَإِنْ عَفَا أَحَدُهُمَا عَلَى الدِّيَةِ سَقَطَ عَلَى الْعَبْدِ ثُلُثَا الدِّيَةِ وَيُفْتَكُّ الْمَوْهُوب ثلثه بثلثها فَيكون هَذِه الثُّلُثُ بَيْنِ الِابْنَيْنِ شَطْرَيْنِ وَإِنْ عَفَا أَحَدُهُمَا عَلَى غَيْرِ دِيَةٍ وَجَبَ لِغَيْرِ الْعَافِي شَطْرُ الدِّيَةِ فِي الْعَبْدِ وَلَهُ مِنَ الْعَبْدِ ثُلُثُ الدِّيَة وَيسْقط على ثُلُثِهِ نِصْفُ ثُلُثِ الدِّيَةِ وَهُوَ السُّدُسُ فيخيَّر الْمَوْهُوبُ لَهُ فِي فِدَاءِ ثُلُثِ الْعَبْدِ بِثُلُثِ النّصْف سدس الدِّيَةِ فِي قَوْلِ الْمُغِيرَةِ وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي إِسْلَام نصف ثلث العَبْد الدِّيَةُ أَوْ يَفْتَكُّهُ بِهَا فَيَكُونُ ذَلِكَ لِغَيْرِ الْعَافِي فَإِنْ أَسْلَمَهُ إِلَيْهِ لَمْ يَكُنْ لِلْعَافِي شيءٌ وَكَذَلِكَ يخيَّر الْعَافِي فِيمَا صَارَ لَهُ مِنَ الْعَبْدِ ميراثاُ أَنْ يَفْدِيَهُ بِسُدُسِ الدِّيَةِ الَّتِي لِأَخِيهِ غَيْرِ الْعَافِي أَوْ يُسلمه عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْخِلَافِ وَإِنْ أَجَازَ الْعَافِي الْوَصِيَّةَ وَعَفَا عَنْ غَيْرِ دِيَةٍ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ من الْإِجَازَة صَار للْمَوْهُوب ثُلُثَا الْعَبْدِ وَثُلُثٌ لِلْأَخِ غَيْرِ الْعَافِي وَلِغَيْرِ الْعَافِي شَطْرُ الدِّيَةِ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ وَيَسْقُطُ مِنْ ذَلِكَ ثُلُثُ النِّصْفِ: سُدُسُ الدِّيَةِ ويُخيّر الْمَوْهُوبُ لَهُ فِي فِدَاءِ مَا صَارَ لَهُ وَإِسْلَامُهُ عَلَى الْخِلَافِ فرع قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا قُتل عَمْدًا وَتَرَكَ مِائَةَ دِينَارٍ وديناً مايةً وَوَصَايَا فعُفي عَلَى الدِّيَةِ فالدينُ فِي الْمِائَةِ وَالدِّيَةُ لِلْوَرَثَةِ وَتَبْطُلُ الْوَصَايَا وَلَوْ تَرَكَ مِائَةً دينا ومدبَّراً قمية مِائَةٌ قَالَ مُحَمَّدٌ: لِلْعَافِي نِصْفُ سُدُسِ أَرْبَعِمِائَةٍ مِنْ نِصْفِ الدِّيَةِ لِأَنَّ الْمُدَبَّرَ يَخْرُجُ وَيَأْخُذُ الْمِدْيَانُ مِائَةً وَتَبْقَى أَرْبَعُمِائَةٍ تُقسم بَيْنَهُمَا عَلَى مَا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَصْلِ الْمَالِ لَوْ لَمْ يَكُنْ دَيْنٌ وَلَا مدبَّر وَهُوَ سِتُّمِائَةٍ مِنْهَا خَمْسُمِائَةٍ لِغَيْرِ الْعَافِي وَنِصْفُ الْمِائَةِ الَّتِي تَرَكَهَا الْمَيِّتُ وَنِصْفُهَا لِأَخِيهِ وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ تُقَسَّمُ الْأَرْبَعُمِائَةِ عَلَى سَبْعَةَ عَشَرَ سَهْمًا لِلْعَافِي سَهْمٌ وَالْبَاقِي لِأَخِيهِ

فرع

فَرْعٌ قَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ: إِذَا مَاتَ عَنْ زَوْجَة وَأَخ وَلها عَلَيْهِ ماية وَتَرَكَ خَمْسِينَ وَمِائَةً فَأَقَرَّتْ لِفُلَانٍ " مِائَةً " عَلَى زَوْجِهَا فَيَنُوبُهَا مِنْهَا سَبْعَةٌ وَثَلَاثُونَ دِينَارًا وَنِصْفٌ لِأَن إِقْرَارهَا لايلزم أَخَاهُ وَتَبْقَى لَهُ عِنْدَ الْأَخِ سَبْعَةٌ وَثَلَاثُونَ وَنِصْفٌ لِأَنَّ الَّذِي لَهَا بِالْحِصَاصِ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ فَتَحْبِسُهَا وَقَدْ أَخَذَتْ مِائَةً بِالدَّيْنِ وَاثْنَيْ عَشَرَ وَنِصْفًا بِالْمِيرَاثِ فَتُعْطِي لِمَنْ أَقَرَّتْ لَهُ مِمَّا بِيَدِهَا مَا زَادَ عَلَى خَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ وَهُوَ مَا ذكرته وتحسب على الَّذِي أقرَّت مَا وَرِثَ الْأَخُ فَإِنْ طَرَأَ غريمٌ آخَرُ بِمِائَةٍ بِبَيِّنَةٍ دَخَلَ مَدْخَلَ الَّذِي أَقَرَّتْ لَهُ بَلْ أَوْلَى مِنْهُ لِأَنَّهُ بِبَيِّنَةٍ فَأَخَذَ مِمَّا بِيَدِهِ وَيُحْسَبُ عَلَى الطَّارِئِ مَا وَرِثَ الْأَخُ وَهُوَ بَقِيَّةُ حَقِّهِ وَيَأْخُذُ المُقَرُّ لَهُ مِنَ المُقِرة وَحْدَهَا خَمْسَةً وَعِشْرِينَ لِأَنَّهَا لَيْسَ لَهَا فِي الْحِصَاصِ الْآنَ إِلَّا خَمْسُونَ وَلِلْمُقَرِّ لَهُ خَمْسُونَ فَتَدْفَعُ لَهُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ وَفِي يَدِ الطَّارِئِ صَاحِبِ الْبَيِّنَةِ مَا فَضَلَ وَمَا حُسب عَلَيْهِ عِنْدَ الْأَخِ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ للمُقَرّ لَهُ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَرْأَةِ بينةٌ بَلْ أَخَذَتْ بِإِقْرَارِ الْمَيِّتِ أَخَذَ صَاحِبُ الْبَيِّنَةِ الْمِائَةَ وَالْمَرْأَةُ خَمْسِينَ وَسَقَطَ الَّذِي أَقَرَّتْ لَهُ الْمَرْأَةُ لِأَنَّهَا إِنَّمَا بِيَدِهَا مَا يَجِبُ لَهَا فِي الْحِصَاصِ وَجَمِيعُ حَقِّ المُقَرِّ لَهُ عِنْدَ صَاحِبِ الْبَيِّنَةِ (فَرْعٌ) قَالَ الْأَبْهَرِيُّ: قَالَ مَالِكٌ: إِذَا لَمْ يُعلم كَمْ دَيْنُ الْمَيِّتِ وَلَا مَالُهُ فَلِبَعْضِ الْوَرَثَةِ التَّحَمُّلُ بِالدَّيْنِ وَيَحِلُّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَالِ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِلْوَرَثَةِ أَوْ نَقَصَ فَعَلَيْهِ إِنْ كَانَ نَقْدًا وَإِنْ كَانَ الْفَضْلُ وَالنُّقْصَانُ عَلَيْهِ وَيَكُونُ غَيْرَ مُعَجَّلٍ امْتَنَعَ وَقِيلَ يَجُوزُ التَّأْخِيرُ لِأَنَّهُ إِذَا الْتَزَمَ النَّقْصَ فَقَطْ فَهُوَ مَعْرُوفٌ مَعَ الْوَرَثَةِ كَالْقَرْضِ فِي النَّقْدَيْنِ وَالطَّعَامِ إِلَى أَجَلٍ أَمَّا إِذَا كَانَ الْفَضْلُ لَهُ فَيَكُونُ إِنَّمَا أَخَّرَهُمْ لِلِانْتِفَاعِ مُدَّةَ التَّأْخِيرِ فَهُوَ قَرضٌ لِلْمَنْفَعَةِ وَوَجْهُ الْجَوَازِ أَنَّ الدَّيْنَ لَيْسَ فِي ذِمَّةِ الْوَرَثَةِ وَإِنَّمَا يَمْتَنِعُ ذَلِكَ بَيْنَ الْغَرِيمِ وَصَاحِبِ الدَّيْنِ وَلَوْ كَانَ الْوَارِثُ وَاحِدًا جَازَتْ حَالَتُهُ بِالدَّيْنِ وَلَيْسَ قَرْضًا للنَّفع لِأَنَّ لِلْوَارِثِ أَنْ يُوَفِّيَ الدَّيْنَ مِنْ غَيْرِ التَّرِكَةِ فَلَهُ شبهةُ مِلكٍ فِي التَّرِكَةِ فَلَو يُقْرِضْ لِلْغُرَمَاءِ شَيْئًا

فرع

(فَرْعٌ) قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إِذَا كَانَ لِلْمَيِّتِ شاهدٌ فَحَلِفَ الْغُرَمَاءُ وَأَخَذُوا لَا يَحْلِفُ الْوَرَثَةُ عَلَى الْفَضْلِ لِتَرْكِهِمُ الْأَيْمَانَ أَوَّلًا (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ مَالِكٌ: إِذَا بَادَرَ الِابْنُ فَأَحْبَلَ أمةَ أَبِيهِ الْمَيِّتِ مُرَاغَمَةً لِلْغُرَمَاءِ بِيعَتْ لَهُمْ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْوَلَدِ لِتَعَدِّيهِ فِي الوَطء وَلَهُ فِي الْوَلَدِ شبهةٌ أَنَّ لَهُ قَضَاءَ دَيْنِ أَبِيهِ مِنْ غَيْرِ ثَمَنِ الْجَارِيَةِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا لِلْغُرَمَاءِ (فَرْعٌ) قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إِذَا تَحَمَّلَ الِابْنُ بِدَيْنِ أَبِيهِ وَدَفَعَ الْمَالَ فِي الدَّيْنِ ثُمَّ طَرَأَ غَرِيمٌ فَقَالَ لَمْ أَعْلَمْ بِهَذَا أَخَذَ دَيْنَهُ مِنَ الِابْنِ لِرِضَاهُ بذلك الْحمالَة وَضَمَانُ الْمَجْهُولِ عِنْدَنَا لَازِمٌ (فَرْعٌ) قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إِذَا كَانَ الدَّيْنُ مِائَةً والتركةُ أَلْفًا فَبَاعَ الْوَارِثُ بَعْضَ التَّرِكَةِ اعْتِمَادًا عَلَى سَعَتِها فُسخ بَيْعُهُ لِتَوَقُّعِ هَلَاكِ بَقِيَّةِ الْمَالِ وَحَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ وَلِتَقَدُّمِ الدَّيْنِ عَلَى الْمِيرَاثِ فَيُقَدَّمُ عَلَى تصرفه (كتاب الْحجر) وَالْحَجْرُ الْمَنْعُ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورا} أَيْ تَحْرِيمًا مُحَرَّمًا وَمِنْهُ: حُجْرَةُ الدَّارِ لِمَنْعِهَا مِنَ الدُّخُولِ إِلَيْهَا وَيُسَمَّى الحِجر عَقلاً لِمَنْعِهِ صَاحِبَهُ مِنَ الرَّذَائِلِ وَهُوَ فِي الشَّرْعِ: الْمَنْعُ مِنَ التَّصَرُّفِ قَالَهُ فِي التَّنْبِيهَاتِ وأسبابُه ثَمَانِيَةٌ: الصِّبَا وَالْجُنُونُ وَالتَّبْذِيرُ وَالرِّقُّ والفلَس وَالْمَرَضُ وَالنِّكَاحُ وَالرِّدَّةُ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْمَرَضِ فِي الْوَصَايَا والتفليس وَهَا هُنَا الْكَلَامُ عَلَى سَبَبِهِ: السَّبَبُ الْأَوَّلُ الصِّبَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالهم} فَشَرَطَ الرُّشْدَ مَعَ الْبُلُوغِ وَفِي الْكِتَابِ: لَا يخرُجُ المُولى عَلَيْهِ بِأَبٍ أَوْ وَصِيٍّ وَإِنْ حَاضَتِ الْجَارِيَةُ وَتَزَوَّجَتْ وَاحْتَلَمَ الْغُلَامُ مِنَ الْوَلَايَةِ إِلَّا بِالرُّشْدِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ بَعْضُ البغدادين: لَا يَزُولُ حَجْرُ الصَّغِيرَةِ حَتَّى تَبْلُغَ وَتَتَزَوَّجَ ويَدخُلَ بِهَا زَوْجُهَا وَتَكُونَ مُصلحةً لِمَالِهَا وَقَالَ الْأَئِمَّةُ: يَنْفَكُّ الْحَجْرُ بِمُجَرَّدِ الْبُلُوغِ لِعُمُومِ الْآيَةِ لَنَا: أَنَّ مَقْصُودَ الرُّشْدِ مَعْرِفَةُ الْمَصَالِحِ وَقِيلَ اخْتِيَارُ الْأَزْوَاجِ يَكُونُ الْجَهْلُ

وَالنَّقْصُ فِي الْمَعْرِفَةِ حَاصِلَيْنِ وَعَنْ شُريح قَالَ: [كَتَبَ] إِلَيَّ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنْ لَا أُجِيزَ لِلْجَارِيَةِ عَطِيَّةً حَتَّى تُحَوَّلَ فِي بَيت زَوجهَا وتلد ولدا وَلِأَن الْإِجْبَار للْأَب باقِ وَهُوَ حِجر فَيَعُمُّ الْحَجْرُ وَمَنَعُوا صِحَّةَ الْأَوَّلِ وَفَرَّقُوا فِي الثَّانِي بِأَنَّ مَصْلَحَةَ النِّكَاحِ إِنَّمَا تُعْلَمُ بِالْمُبَاشَرَةِ وَهِيَ مُتَعَذِّرَةٌ وَمُبَاشَرَةُ الْبَيْعِ والمعاملة غير مُتَعَذر وَمَنَعْنَا نَحْنُ التَّمَسُّكَ بِالْآيَةِ أَيْضًا لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى {فَإِن آنستم مِنْهُم رشدا} مَعْنَاهُ إِصْلَاحُ الْمَالِ إِجْمَاعًا وَنَحْنُ نَمْنَعُ تَحَقُّقَهُ قَبْلَ الْغَايَةِ الْمَذْكُورَةِ وَأَمَّا الْجَارِيَةُ وَالْغُلَامُ اللَّذَانِ لَا وصيَّ لَهُمَا وَلَا جَعَلَهُمَا الْقَاضِي تَحْتَ وَلَايَةِ غَيْرِهِمَا فَبَلَغَا لَا يَخْرُجَانِ مِنَ الْوَلَايَةِ إِلَّا بِالرُّشْدِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ طَرْدًا لِلْعِلَّةِ تَقَدَّمَ الْحَجْرُ أَمْ لَا وَعِنْدَ أَكْثَرِ أَصْحَابِ مَالِكٍ: أفعالُهما نَافِذَةٌ بِمُجَرَّدِ الْبُلُوغِ لِعَدَمِ تَقَدُّمِ الحِجر وَالْبُلُوغُ مَظِنَّةُ الرُّشْدِ وَكَمَالِ الْعَقْلِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: اخْتُلِفَ فِي وَقْتِ الِابْتِلَاءِ لِمَنْ كَانَ فِي وَلَاءٍ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ: بَعْدَ الْبُلُوغِ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ قَبْلَهُ غَيْرُ صَحِيحٍ وَالِاخْتِبَارُ بَعْدَ وُجُودِهِ وَعِنْدَ الْأَبْهَرِيِّ: وَغَيْرِهِ يَصِحُّ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَقَالَهُ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذا بلغُوا النِّكَاح} فَجَعَلَ الْبُلُوغَ غَايَةً لِلِابْتِلَاءِ وَبَعْدَهُ وَعَقَّبَ الْبُلُوغَ بِالرَّفْع بِصِيغَة الْفَا وَقَالَ أَصْحَابُ ابْنِ حَنْبَلٍ: يُخْتَبَرُ أَوْلَادُ التُّجَّارِ بتعريضهم للْبيع وَأَوْلَاد الكبراء بِدفع نَفَقَة مُدَّة وَالْمَرْأَةُ بِالتَّوْكِيلِ فِي شِرَاءِ الْكَتَّانِ وَفِي كُلِّ أَحَدٍ بِمَا يَلِيقُ بِهِ وَمَا يَنْبَغِي مُخَالَفَتُهُمْ فِي هَذَا وَاخْتُلِفَ فِي اخْتِبَارِهِ بِمَالِهِ: فَظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ الْمَنْعُ لِقَوْلِهِ: إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ وَلَحِقَهُ دَيْنٌ لَمْ يَلْحَقْ ذَلِكَ الدَّيْنُ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِهِ وَجَوَّزَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ لوليِّه إِذَا قَارَبَ الْبُلُوغَ بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ يَخْتَبِرُهُ بِهِ إِذَا رَأَى دَلِيلَ الرُّشْدِ فَمَنْ جَعَلَ ذَلِكَ لِوَلِيِّهِ اكْتَفَى بِعِلْمِهِ وَمَنْ جَعَلَهُ لِلْحَاكِمِ لَمْ يَكْتَفِ بِقَوْلِ وَلِيِّهِ دُونَ أَنْ تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ عِنْدَهُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ حُكْمٌ حُكْمِيٌّ وَاخْتُلِفَ فِي الشَّهَادَةِ فَقِيلَ: يَكْفِي شَاهِدَانِ وَقَالَ أَصْبَغُ: لَا بُدَّ فِي الذكَر والأُنثى مِنَ الِاشْتِهَارِ مَعَ الشَّهَادَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَهُوَ صَوَابٌ فِي الذَّكَرِ لتيسُّر الِاشْتِهَارِ فِي حَقِّهِ والأُنثى لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهَا إِلَّا الْقَلِيل وَاخْتلف فِي الرشد فِي الْكِتَابِ: إِصْلَاحُ الْمَالِ وَصَوْنُهُ عَنِ الْمَعَاصِي قَالَهُ

أَشْهَبُ وَلَا يُعْتَبَرُ سَفَهُ الدِّين وَقَالَ (ش) : لَا بُدَّ فِي الرُّشْدِ مِنْ إِصْلَاحِ الْمَالِ والدِّين مَعًا وَوَافَقَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَخَالَفَهُ (ح) وَابْنُ حَنْبَلٍ لِأَنَّ مَنْ ضَعُفَ حَزْمُهُ عَنْ دِينه الَّذِي هُوَ أَعْظَمُ مِنْ مَالِهِ لَا يُوثَقُ بِهِ فِي مَالِهِ وَجَوَابُهُ: أَنَّ وَازِعَ الْمَالِ طَبِيعِيٌّ وَوَازِعُ الدِّين شَرْعِيٌّ وَالطَّبِيعِيُّ أَقْوَى بِدَلِيلِ قَبُولِ إِقْرَارِ الْفَاسِقِ الْفَاجِرِ لِأَنَّ وازعَه طَبِيعِيٌّ وردِّ شَهَادَتِهِ لِأَنَّ الْوَازِعَ فِيهَا شَرْعِيٌّ فَاشْتُرِطَتِ الْعَدَالَةُ فِيهَا دُونَ الْإِقْرَارِ تَمَسَّكُوا بِأَنَّ قَوْله تَعَالَى {فَإِن آنستم مِنْهُم رشدا} نكرةٌ فِي سِيَاقِ الثُّبُوتِ فَيَكُونُ مُطْلَقًا وَقَدْ أَجْمَعْنَا عَلَى اعْتِبَارِهِ فِي إِصْلَاحِ الْمَالِ والدِّين وَأَنَّهُ إِذَا أَصْلَحَهُمَا كَانَ رَشِيدًا وَالْمُطْلَقُ إِذَا عُمِلَ فِي صُورَةٍ سَقَطَ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ فِيمَا عَدَاهَا جوابُهم: أَنَّ النَّكِرَةَ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ تعُم وَإِنَّمَا تَكُونُ مُطْلَقَةً إِذَا لَمْ يَكُنْ شَرْطٌ نَحْوَ فِي الدَّارِ رجلُ وَإِذَا عَمَّتْ تَنَاوَلَتْ صُورَةَ النِّزَاعِ سَلَّمْنَا عَدَمَ الْعُمُومِ لَكِنْ أَجْمَعْنَا عَلَى أَنَّ إِصْلَاحَ الْمَالِ مُرادٌ وَاخْتُلِفَ هَلْ غَيْرُهُ مرادٌ أَمْ لَا وَالْأَصْلُ عَدَمُ إِرَادَتِهِ بَلِ الْآيَةُ تَقْتَضِي عَدَمَ اشْتِرَاطِهِ لِقَوْلِهِ: {حَتَّى إِذا بلغُوا النِّكَاح} وَالْبُلُوغُ مَظِنَّةُ كَمَالِ الْعَقْلِ وَنَقْصِ الدِّينِ بِحُصُولِ الشَّهْوَةِ وَتَوَفُّرِ الدَّاعِيَةِ عَلَى الْمَلَاذِّ حِينَئِذٍ فَلَمَّا اقْتُصِرَ عَلَى هَذِهِ الْغَايَةِ عَلِمْنَا أَنَّ الْمُرَادَ إِصْلَاحُ الْمَالِ فَقَطْ وَلِأَنَّا نَجِدُ الْفَاسِقَ شَدِيدَ الْحِرْصِ عَلَى مَالِهِ فِي كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا أَحْرَزَ مَالَهُ وَلَمْ يُحْسِنِ التَّنْمِيَةَ لَا يَضُرُّهُ لِأَنَّ الْوَلِيَّ إِذَا أَمْسَكَ الْمَالَ عِنْدَهُ لَمْ يُنمِّه وَلِإِجْمَاعِنَا عَلَى أَنَّ الْعَجْزَ عَنِ التَّجْرِ لَا يُوجِبُ الحِجر وَهَذَا إِذَا كَانَ عَيْنًا وَمَا لَا يُخشى فَسَادُهُ وَأَمَّا الرَّبع يُخشى خرابُه مَعَهُ فَلَا يُدْفَعُ إِلَيْهِ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى عَدَمِ الْإِحْرَازِ وَفَسَادُ الدَّين إِنْ كَانَ لَا يُفْسِدُ الْمَالَ كَالْكَذِبِ وَشَهَادَةِ الزُّورِ لَا يَمْنَعُ لِإِجْمَاعِنَا عَلَى أَنَّهُ لَا يسْتَأْنف عَلَيْهِ بذلك حجرا وَهُوَ يشرب الْخمر وَلَا يُدْفَعُ إِلَيْهِ مَالُهُ لِأَنَّهُ يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى ذَلِكَ وَكُلُّ مَنْ بَلَغَ مِنَ الْأَيْتَامِ بَعْدَ تَقَدُّمِ حَجْرٍ عَلَيْهِ فَهُوَ عَلَى السَّفَهِ حَتَّى يُخْتَبَرَ لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ أَمَّا مَنْ لَهُ أَبٌ أَوْ يَتِيمٌ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ: إِذَا احْتَلَمَ الْغُلَامُ ذَهَبَ

حَيْثُ شَاءَ وَلَا يَمْنَعُهُ الْأَبُ وَحَمَلَهُ عَلَى الرُّشْدِ لِوُجُودِ مَظِنَّتِهِ وَقَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْيَتِيمِ غَيْرِ الْمَحْجُورِ وَلِأَنَّ غَالِبَ بَنِي آدَمَ " مَجْبُولُونَ عَلَى " حُبِّ الدُّنْيَا وَالْحِرْصِ عَلَيْهَا فَيَلْحَقُ النَّادِرُ بِالْغَالِبِ وَقِيلَ: هُمَا عَلَى السَّفَهِ قِيَاسًا عَلَى الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْحَجْرَ لَا يُخِلُّ بِالْعَقْلِ وَقِيلَ يَكْفِي فِي الْإِنَاثِ الدُّخُولُ وَعَنْ مَالِكٍ فِي كِتَابِ الْحَبْسِ: يَكْفِي الْبُلُوغُ وَالْبِكْرُ الَّتِي لَا أَبَ لَهَا قِيلَ: هِيَ عَلَى السَّفَهِ حَتَّى يُثبت رشدُها وَعَنْ سُحْنُونٍ: هِيَ كَالصَّبِيِّ وَيُمْكِنُ رَدُّ الْخِلَافِ إِلَى الْخِلَافِ فِي السَّفِيهِ الْمُهْمَلِ وَمَشْهُورُ الْمَذْهَبِ إِذَا لَمْ يَتَقَدَّمْ عَلَيْهَا حَجْرٌ أَنَّ أَفْعَالَهَا عَلَى الْجَوَازِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ: الْأَحْوَالُ أَرْبَعَةٌ حَالَةٌ يُحْكَمُ فِيهَا بِالسَّفَهِ وَإِنْ ظَهَرَ الرُّشْدُ لِأَنَّ الْغَالِبَ السَّفَهُ فِيهَا وَحَالَةٌ يُحكم فِيهَا بِالرُّشْدِ وَإِنْ عُلم السَّفه وَحَالَة يحتملها وَالْأَظْهَرُ السَّفَهُ فَيُحْكَمُ بِهِ مَا لَمْ يَظْهَرِ الرشد وَحَالَة يحتملهما وَالْأَظْهَرُ الرُّشْدُ فَيُحْكَمُ بِهِ مَا لَمْ يَظْهَرِ السَّفَهُ أَمَّا الْحَالَةُ الْأُولَى: فَلَا يَخْتَلِفُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ أَنَّ الْإِنْسَانَ قَبْلَ الْبُلُوغِ مَحْمُولٌ عَلَى السَّفَهِ وَإِنْ ظَهَرَ رشدُه وَأَنَّ تَصَرُّفَاتِهِ مِنَ الصَّدَقَة وَغَيرهَا من الْمَعْرُوف مَرْدُودَة وَإِن فِيهَا الْأَبَ أَوِ الْوَصِيَّ وَتَصَرُّفُ الْمُعَاوَضَةِ مَوْقُوفٌ عَلَى إِجَازَةِ الْوَلِيِّ إِنْ رَآهُ مَصْلَحَةً وَإِلَّا ردَّه وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وليٌّ يُجعل لَهُ وليٌّ وَإِنْ غُفل عَنْ ذَلِكَ حَتَّى وَلِيَ أَمْرَ نَفْسِهِ فَلَهُ الْإِمْضَاءُ وَالرَّدُّ كَالْوَلِيِّ لِأَنَّهُ الْآنَ قَامَ مَقَامَهُ وَمَا كَانَ يَتَعَيَّنُ عَلَى الْوَلِيِّ إِمْضَاؤُهُ مِنَ السَّدَادِ هَلْ يَنْقُضُهُ إِذَا حَالَ سُوقُهُ أَوْ نَما بَعْدَ رَيْعِهِ إِيَّاهُ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ ذَلِكَ لَهُ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى النَّظَرِ الْآنَ وَقِيلَ لَا نَظَرًا لِلْحَالَةِ السَّابِقَةِ أَمَّا مَا كَسَرَ وَأَفْسَدَ فَفِي مَالِهِ مَا لم يؤتمن عله وَاخْتُلِفَ فِيمَا اؤْتُمِنَ عَلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَرُشْدِهِ عتقُ مَا حَلَف بِحُرِّيَّتِهِ وَحَنِثَ فِيهِ حَالَةَ صِغَرِهِ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ فِي الْمَالِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إِنْ حَنِثَ بَعْدَ رُشْدِهِ نَظَرًا لِوُقُوعِ السَّبَبِ فِي حَالَةِ عَدَمِ الِاعْتِبَارِ وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ: يَلْزَمُهُ نَظَرًا لِحَالَةِ الْحِنْثِ وَالْمَشْهُورُ لَا يَحْلِفُ إِذَا ادُّعي عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ إِنِ ادَّعى مَعَ شَاهِدٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيحلف الْمُدعى عَلَيْهِ فَإِن ادُّعي عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ إِنِ ادَّعى مَعَ شَاهِدٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ وَلَا يَحْلِفُ الصَّغِيرُ وَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ إِلَى بُلُوغ الصَّغِير فَيحلف وَيَأْخُذ

وَإِن نكَلا فَلَا لِأَنَّ الْوَازِعَ الدِّينِيَّ فِي الصَّغِيرِ مَنْفِيٌّ وَالْأَصْلُ اعْتِبَارُ الشَّاهِدِ وَلَا يَحْلِفُ المدعَى عَلَيْهِ ثَانِيَةً وَعَنْ مَالِكٍ: يَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ فَيَمْلِكُ بِهِ كَمَا يَمْلِكُ بِالْأَسْبَابِ الْفِعْلِيَّةِ كَالِاصْطِيَادِ وَالِاحْتِطَابِ وَغَيْرِهِمَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ مِنَ الْحُقُوقِ وَالْأَحْكَامِ لِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُ فِي الْحَدِيثِ النَّبَوِيِّ وَأَمَّا الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ الَّتِي يُحْكَمُ فِيهَا بِالرُّشْدِ وَإِنْ عُلِمَ السَّفَهُ فَهِيَ حَالَةُ الْمُهْمَلِ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ خِلَافًا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَحَالَةُ الْيَتِيمَةِ الْبِكْرِ الْمُهْمَلَةِ عِنْدَ سُحْنُونٍ وَأَمَّا الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ الَّتِي يُحْكَمُ فِيهَا بِالسَّفَهِ وَالظَّاهِرُ الرُّشْدُ فَحَالَةُ الِابْنِ بَعْدَ بُلُوغِهِ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَذَاتِ الْأَبِ الْبكر أَو الْيَتِيمَة لَا وَصِيَّ لَهَا إِذَا تَزَوَّجَتْ وَدَخَلَتْ مِنْ غَيْرِ حَدٍّ وَلَا تَفْرِقَةَ بَيْنَ ذَاتِ الْأَبِ وَبَيْنَهَا عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِمَنْ حَدَّدَ أَوْ فَرَّقَ بَيْنَ ذَاتِ الْأَبِ وَغَيْرِهَا وَأَمَّا الْحَالَةُ الرَّابِعَةُ الَّتِي يُحْكَمُ فِيهَا بِالرُّشْدِ مَا لَمْ يَظْهَرِ السَّفَهُ: فَالْمُعَنَّسَةُ الْبِكْرُ عِنْدَ مَنْ يَعْتَبِرُ تَعْنِيسَهَا وَاخْتُلِفَ فِي حَدِّهِ أَوِ الَّتِي دَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا الْعَامَ أَوِ الْعَامَيْنِ أَو السَّبْعَة عل الْخِلَافِ أَوِ الِابْنُ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَذَاتُ الْأَبِ بَعْدَ بُلُوغِهَا عَلَى رِوَايَةِ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ وَمَتَى بَلَغَ الصبيُّ مَعْلُومُ الرُّشْدِ لَيْسَ لِلْأَبِ رَدُّ فِعْلِهِ وَإِنْ لَمْ يُشهد عَلَى خُرُوجِهِ مِنَ الْوَلَايَةِ فَقَدْ خَرَجَ مِنْهَا بِبُلُوغِهِ مَعَ رُشْدِهِ أَوْ مَعْلُومُ السَّفَهِ رَدَّ فِعْلَهُ أَوْ مَجْهُول الْحل فَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُحْمَلُ عَلَى السَّفَهِ اسْتِصْحَابًا لَهُ حَتَّى يُرْشِدَهُ وَقَالَهُ مَالِكٌ وَعَنْ مَالِكٍ: يُحْمَلُ عَلَى الرُّشْدِ حَتَّى يَثْبُتَ السَّفَهُ وَكِلَاهُمَا فِي الْمُدَوَّنَة وَقيل لَا بَعْدَ الْبُلُوغِ مِنْ عَامٍ أَمَّا الصَّغِيرُ فَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ وَإِنْ أَذِنَ أَبُوهُ وَأَمَّا الموصَى عَلَيْهِ مِنْ قِبل أَبِيهِ أَوِ السُّلْطَانِ وَهُوَ صَغِيرٌ فَفِعْلُهُ مَرْدُودٌ وَإِنْ عُلِمَ رُشْدُهُ حَتَّى يُخرجهُ الْوَصِيّ أَو السُّلْطَان أوالقاضي إِنْ كَانَ الْوَصِيُّ مِنْ قِبله قَالَهُ ابْنُ زَرْبٍ وَقِيلَ: يُطْلِقُهُ مِنْ غَيْرِ إِذْنِ الْقَاضِي بِنَظَرِهِ قِيَاسًا عَلَى الْأَبِ وَقِيلَ: لَا بُدَّ مِنَ الْقَاضِي إِلَّا أَنْ يُعلم رُشْدُهُ بِعَقْدِ شُهُودٍ وَأَمَّا وَصِيُّ الْأَبِ يَجُوزُ إِطْلَاقُهُ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ وَقِيلَ: لَا إِلَّا أَنْ يُتَبَيَّنَ رُشْدُهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وردُّ أَفْعَالِهِ حَتَّى يُطْلَقَ وَإِنْ عُلم رُشده هُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ: حَالُهُ مَعَهُ كَحَالِهِ مَعَ الْأَبِ رُوي عَنْ مَالِكٍ وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا تُعْتَبَرُ الْوَلَايَةُ إِذَا ثَبَتَ الرُّشْدُ وَلَا يُؤَثِّرُ عَدَمُهَا إِذَا عُلِمَ السَّفَهُ فِي الْيَتِيمِ لَا فِي الْبِكْرِ ورُوي عَنْ مَالِكٍ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ ظُهُورَ الرُّشْدِ لَا يُعْتَبَرُ مَعَ الْوَلَايَةِ كَقَوْلِ مَالِكٍ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ: هَلْ رَدُّ التَّصَرُّفِ لِوَصْفِ السَّفَهِ أَوْ لِلْوَلَايَةِ وَالْحَجْرِ؟ وَإِذَا بَلَغَ الْمُهْمَلُ مِنَ الْوَلَايَةِ فَأَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: نُفُوذُ تَصَرُّفِهِ وَإِنْ أَعْلَنَ بِالسَّفَهِ استُصحب السَّفَهُ أَوْ طَرَأَ بَعْدَ أَنْ أُنِسَ مِنْهُ الرُّشْدُ قَالَهُ مَالِكٌ نَظَرًا لِعَدَمِ الْوَلَايَةِ مَعَ الْبُلُوغِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِنِ اتَّصَلَ السَّفَهُ رُد تصرفُه نَظَرًا لِلسَّفَهِ وَإِنْ سَفِهَ بَعْدَ أَنْ أُنِسَ رُشْدُهُ جَازَ فِعْلُهُ لِضَعْفِ السَّفه بطُروِّ الرُّشْدِ مَا لَمْ يَبِعْ بَيْعَ خَدِيعَةٍ بَيِّنَةٍ كَمَا يُسَاوِي أَلْفًا بِمِائَةٍ فَلَا يَنْفُذُ وَلَا يُتَّبَعُ بِالثَّمَنِ إِنْ أَفْسَدَهُ وَلَمْ يُعْتَبَرْ إِعْلَانُهُ بِالسَّفَهِ وَقَالَ أصبغ: ينفذ تصرفه إِلَّا أَن يعلم اتَّصل سفهُه أَمْ لَا لِأَنَّ الْإِعْلَانَ دليلُ قوةِ السَّفَهِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: تُعْتَبَرُ حَالَةُ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ إِنْ كَانَ رَشِيدًا نَفَذَ وَإِلَّا فَلَا وَاتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى جَوَازِ فعلِه وَنُفُوذِهِ إِذَا جُهل حَالُهُ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى النَّاسِ الْحِرْصُ عَلَى الدُّنْيَا وَضَبْطُهَا وَفِي ذَاتِ الْأَبِ ثَمَانِيَةُ أَقْوَالٍ: تَخْرُجُ مِنَ الْوَلَايَةِ بِالْبُلُوغِ وَالرُّشْدِ عَنْ مَالِكٍ وَعَنْهُ: حَتَّى يَدْخُلَ بِهَا زَوْجُهَا وَيَشْهَدَ الْعُدُولُ بِصَلَاحِ حَالِهَا قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَأَفْعَالُهَا قَبْلَ ذَلِكَ مَرْدُودَةٌ وَإِنْ عُلِمَ رُشْدُهَا وَتَخْرُجُ مِنَ الْوَلَايَةِ وَلَوْ بِقُرْبِ الدُّخُولِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَاسْتَحَبَّ مَالِكٌ تَأْخِيرَهَا الْعَامَ مِنْ غير إِيجَاب الثَّالِث: كَذَلِك مَا لم تعنس على فتُحمل عَلَى الرُّشْدِ إِلَّا أَنْ يُعْلَمَ السَّفَهُ وَقَبْلَهُ عَلَى السَّفَهِ وَإِنْ

(فرع)

عُلِمَ الرُّشْدُ وَإِنْ دَخَلَتْ قَبْلَ التَّعْنِيسِ بَيْتَهَا فَهِيَ عَلَى التَّعْنِيسِ عَلَى السَّفَهِ حَتَّى يُتَبَيَّنَ الرُّشْدُ وَبَعْدَ التَّعْنِيسِ عَلَى الرُّشْدِ حَتَّى يُعْلَمَ السَّفَهُ وَاخْتُلِفَ فِي حَدِّهِ: فَقِيلَ: أَرْبَعُونَ عَامًا وَقِيلَ مِنَ الْخَمْسِينَ إِلَى السِّتِّينَ فَتَكْمُلُ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ وَالسَّادِسُ: سَنَةٌ بَعْدَ الدُّخُولِ قَالَهُ مُطَرِّفٌ وَالسَّابِعُ: عَامَانِ وَالثَّامِنُ: سَبْعَةُ أَعْوَامٍ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَبِهِ جَرَى الْعَمَلُ عِنْدَنَا وَأَمَّا ذَاتُ الْوَصِيِّ مِنْ قِبل الْأَبِ أَوِ السُّلْطَانِ فَلَا تَخْرُجُ مِنَ الْوَلَايَةِ وَإِنْ عَنَّسَتْ أَوْ تَزَوَّجَتْ وَطَالَ زَمَانُ الدُّخُولِ وَحَسُنَ حَالُهَا مَا لَمْ تُطْلق مِنْ وَثاق الحِجر بِمَا يَصِحُّ إِطْلَاقُهَا بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَالْيَتِيمَةُ الْمُهْمَلَةُ فِيهَا قَوْلَانِ: تَخْرُجُ بِالْبُلُوغِ لَا تَخْرُجُ إِلَّا بِالتَّعْنِيسِ وَفِي تَعْنِيسِهَا خَمْسَةُ أَقْوَالٍ: ثَلَاثُونَ سَنَةً قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ: أَقَلُّ مِنَ الثَلَاثِينَ وَعِنْدَ مَالِكٍ: أَرْبَعُونَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مِنَ الْخَمْسِينَ إِلَى السِّتِّينَ وَعَنْ مَالِكٍ: حَتَّى تَقْعُدَ عَن الْمَحِيض أوتقيم بَعْدَ الدُّخُولِ مُدَّةً تَقْتَضِي الرُّشْدَ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: إِذَا قَالَ الْوَصِيُّ: قَبَضْتُ مِنْ غُرماء الْمَيِّتِ أَوْ قَبَضْتُ وَضَاعَ لَا مَقَالَ لِلْيَتِيمِ بَعْدَ الْبُلُوغِ عَلَى الْغَرِيمِ وَيُصَدَّقُ لِأَنَّهُ أَمِينٌ قَالَ ابْنُ هُرْمُزَ: إِنِ ادَّعَى الْغَرِيمُ الدَّفْعَ لِلْوَصِيِّ وَأَنْكَرَ حَلَفَ الْوَصِيُّ فَإِنْ نَكَل حَلَفَ الْغَرِيمُ وَأَمَّا مَالِكٌ فضمَّنه بِنُكُولِهِ فِي الْيَسِيرِ وَتَوَقَّفَ فِي الْكَثِيرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَالرَّأْيُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ هُرْمُزَ أَنَّهُ يَضْمَنُ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَإِنَّمَا تَوَقَّفَ مَالِكٌ فِي الْكَثِيرِ خَوْفًا مِنْ أَنْ تَبْطُلَ أَمْوَالُ الْيَتَامَى وَخَوْفًا مِنْ تَضْمِينِ الْوَصِيِّ وَهُوَ أَمِينٌ وَإِذَا قَضَى الْوَصِيُّ غُرماء الْمَيِّتِ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ فَأَنْكَرُوا ضَمِنَ إِنْ لَمْ يَأْتِ بِبَيِّنَةٍ فِي التَّنْبِيهَاتِ: إِنَّمَا ضَمِنَهُ لِأَنَّ شَأْنَ النَّاسِ الِاسْتِخْفَافُ فِي الدَّفْعِ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَالتَّوَثُّقُ فِي الْكَثِيرِ قَالَ التُّونُسِيُّ: إِذا قَالَ الْوَصِيّ قبضتُ الْيَتِيم فِي وِلَايَتِهِ صُدِّقَ أَوْ بَعْدَ الرُّشْدِ: فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ يَكُونُ شَاهِدًا لَهُمْ يَحْلِفُ الْيَتِيمُ مَعَهُ كَمَا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إِذَا أَقَرَّ أحدُ الشَّرِيكَيْنِ بَعْدَ الِانْفِصَالِ أنَّ هَذَا الْمَتَاعَ رَهَنَّاهُ عِنْدَ فُلَانٍ أَنَّهُ شَاهَدَ وَقَالَ سُحْنُونٌ: قَوْلُهُ مَقْبُولٌ مُطْلَقًا نَظَرًا لِأَمَانَتِهِ وَاخْتُلِفَ فِي شَهَادَةِ الْحَمِيلِ وَهُوَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ

فرع

(فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: لَا يَجُوزُ عتقُ المُوَلَّى عَلَيْهِ وَلَا هبتُه وَلَا صَدَقَتُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ بَعْدَ الْبُلُوغِ إِلَّا أَنْ يُجيزه الْآنَ وَاسْتُحِبَّ إِمْضَاؤُهُ مِنْ غَيْرِ إِيجَابٍ وَمَا لَيْسَ فِيهِ إِلَّا الْمَنْفَعَةُ يَنْفُذُ كَطَلَاقِهِ وعتقِه أمًَّ وَلَدِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَالًا وَيَمْتَنِعُ نكاحُه إِلَّا بِإِذْنِ وَلَيِّهِ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الْمَالِ وَمَا وُهِبَ لَهُ مِنْ مَالٍ يَدْخُلُ فِي الْحَجْرِ وَكَذَلِكَ إِن تجر فريح لِأَنَّهُ مَالُهُ وَلَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ إِلَّا فِيمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْ عَيْشِهِ كَالدِّرْهَمِ يَبْتَاعُ بِهِ وَنَحْوِهِ يَشْتَرِي ذَلِكَ لِنَفْسِهِ كَمَا يُدْفَعُ إِلَيْهِ مِنْ نَفَقَتِهِ فِي التَّنْبِيهَاتِ: ظَاهِرُ الْكِتَابِ اسْتِحْبَابُهُ إِمْضَاءَهُ جَمِيعَ تَصَرُّفَاتِهِ وَعَلَى ذَلِكَ اخْتَصَرَهُ الْمُخْتَصِرُونَ وَالصَّحِيحُ تَخْصِيصُهُ بِمَا فِيهِ قُوتُه (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: إِذَا عَقَلَ الصَّبِيُّ التِّجَارَةَ لَا يَجُوزُ إِذْنُ أَبِيهِ أَوْ وَصِيِّهِ فِي مَوْلًى عَلَيْهِ وَلَوْ دَفَعَا لَهُ بَعْدَ الْحُلُمِ بَعْضَ الْمَالِ لِلِاخْتِبَارِ لَا يَلْزَمَهُ دَيْنٌ فِيمَا دُفِعَ لَهُ وَلَا غَيْرُهُ لِبَقَاءِ الْوَلَايَةِ بِخِلَافِ الْإِذْنِ لِلْعَبْدِ لِأَنَّ الْمَنْعَ لِحق السَّيِّدِ وَقَالَ غَيْرُهُ: يَلْحَقُ الصَّبِيَّ فِيمَا أُذِنَ لَهُ فِيهِ خَاصَّةً قِيَاسًا عَلَى الْعَبْدِ وَعَمَلًا بِالْإِذْنِ وَلَوْ دَفَعَ أَجْنَبِيٌّ لِعَبْدٍ أَوْ صَبِيٍّ مَالَا يَتَّجِرُ فِيهِ فَالدَّيْنُ فِي ذَلِكَ الْمَالِ لِتَرَجُحِّ الْقَصْدِ لِلتَّجْرِ عَلَى الِاخْتِبَارِ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ الِاخْتِبَارُ فِي التَّنْبِيهَاتِ: ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْوَصَايَا جَوَازُ الدَّفْعِ لِلْيَتِيمِ إِذَا عَقَلَ التِّجَارَةَ وَقَالَهُ أَبُو عُمَرَ وَغَيْرُهُ لِأَنَّ الْغَالِبَ مِنَ الطِّبَاعِ الضَّبْطُ فِي النكث: إِذَا أَنْكَرَ الْيَتِيمُ الْمَالَ صُدِّقَ الْوَصِيُّ وَيُضَمُّ ذَلِكَ إِلَى مَا اتُّفِقَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ: لَا يُبَاعُ فِيهِ إِلَّا عَلَى النَّقْدِ فَمَنْ بَاعَهُ عَلَى غَيْرِ النَّقْدِ هُوَ الَّذِي لَا يَكُونُ لَهُ مِمَّا فِي يَدِهِ شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي يَدِ الْمَوْلَى عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِمَّا دَفَعَ إِلَيْهِ وَلَيُّهُ فَيَكُونَ حَقُّ مَنْ دَايَنَهُ فِي الزَّائِدِ إِنْ كَانَتِ الزِّيَادَةُ مِنْ مُعَامَلَتِهِ إِيَّاهُ

فرع

(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ: لَا يخرُج الْمَوْلَى عَلَيْهِ وَالْبِكْرُ الْمُعَنَّسَةُ مِنَ الْوَلَايَةِ إِلَّا بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ وَيَكُونُ أَمْرًا فَاشِيًا وَإِلَّا لَا تَنْفَعُ الشَّهَادَةُ فِي قَبْضِهَا لِمَالِهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ: زَوَالُ الْحجر للسُّلْطَان إِذا كَانَ الْمَحْجُور فِي ولَايَة فَإِنْ كَانَ فِي وَلَايَةِ وصيِّ الْأَبِ فَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: إِذَا تَبَيَّنَ لِلْوَصِيِّ رشدُه دَفَع إِلَيْهِ مَالَهُ وَإِنْ شَكَّ لَا يَدْفَعُهُ إِلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ قَالَ مَالِكٌ: إِذَا دَفَعَ لَكَ الْإِمَامُ مَالَ مَوْلًى عَلَيْهِ فَحَسُنَ حالُه دفعتَ إِلَيْهِ مَالَهُ وَأَنْتَ كَالْوَصِيِّ لِزَوَالِ سَبَبِ الْمَنْعِ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: لَا يَنْفَكُّ الحِجر بِحُكْمٍ أَوْ بِغَيْرِ حُكْمٍ إِلَّا بِحُكْمِ حَاكِمٍ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ وَالْبَالِغُ وَالْمُفْلِسُ وَبِقَوْلِ مَالِكٍ قَالَ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا} فَلَا يُحْتَاجُ لِلْحَاكِمِ وَجَعَلَ الدَّفْعَ لِمَنْ لَهُ الِابْتِلَاءُ قَالَ: وَالْقَوْلُ الْآخَرُ الْيَوْمَ أَحْسَنُ لِغَلَبَةِ فَسَادِ حَالِ مَنْ يَلِي فَيَقُولُ رَشَدَ وَلَمْ يَرْشُدْ وَلَا يَحْكُمُ الْقَاضِي فِي ذَلِكَ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ بَلْ حَتَّى يَثْبُتَ عِنْدَهُ قَالَ سُحْنُونٌ إِذَا لَمْ يَثْبُتْ كَتَب الْقَاضِي: إِنَّ فُلَانًا أَتَى بِفَتًى صفتُه كَذَا وَكَذَا وَزَعَمَ أَنَّ اسْمَهُ فُلَانٌ وَذَكَرَ أَنَّ أَبَاهُ أَوْصَى عَلَيْهِ بهع وَأَنَّهُ صَلُحَ لِلْأَخْذِ وَالْإِعْطَاءِ أَوْ بِامْرَأَةٍ صِفَتُهَا كَذَا وَزَعَمَ أَنَّ اسْمَهَا كَذَا وَأَنَّ أَبَاهَا أَوْصَى بِهَا إِلَيْهِ وَأَنَّهَا بَلَغَتِ الْأَخْذَ وَالْإِعْطَاءَ وَأَنَّهَا بَنَى بِهَا زَوْجُهَا وَسَأَلَنِي أَنْ أَدْفَعَ إِلَيْهِ مَالَهُ وَأَكْتُبَ لَهُ بَرَاءَةً فَأَمَرْتُهُ بِالدَّفْعِ وَحَكَمْتُ لَهُ بِالْبَرَاءَةِ وَلَمْ يَحْكُمْ بِالرُّشْدِ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ وَمَعْنَاهُ: حُكْمٌ بِالْقَدْرِ الَّذِي دَفَعَهُ لِأَنَّ دَفْعَهُ جَائِزٌ (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ: بُلُوغُ الذكَر بِالِاحْتِلَامِ أَوِ الْإِنْبَاتِ أَوْ بُلُوغِ سِنٍّ تَقْتَضِي الْعَادَةُ بُلُوغَ مَن بَلَغَهُ وَتَعْيِينُهُ: ثَمَان عَشَرَةَ سَنَةً لِابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ غَيْرُهُ: سَبْعَةَ عَشَرَ وَقَالَهُ (ح) وَخَمْسَةَ عَشَرَ لِابْنِ وَهْبٍ وَقَالَهُ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ وَيَزِيدُ الْإِنَاثُ بِالْحَيْضِ وَالْحَمْلِ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الِاحْتِلَامِ إِلَّا أَنْ يرتاب فِيهِ لِأَنَّهُ أم لَا يُعْرَفُ إِلَّا مِنْ قِبَله وَيُكْشَفُ لِلْإِنْبَاتِ وَيَسْتَدْبِرُهُ النَّاظِرُ وَيَسْتَقْبِلَانِ

جَمِيعًا الْمِرْآةَ وَيَنْظُرُ إِلَيْهَا النَّاظِرُ فَيَرَى الْإِنْبَاتَ أَوِ الْبَيَاضَ قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَجَوَّزَ (ش) النَّظَرَ لِلْعَانَةِ لِلْإِنْبَاتِ لِقَوْلِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (حَكَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي بَنِي قُريظة فكنَّا نكشفُ عَنْ مُؤْتَزَرِهِمْ فَمَنْ أَنْبَتَ قَتَلْنَاهُ وَمَنْ لَمْ يُنبت جَعَلْنَاهُ فِي الدراري) وَقَالَ أَيْضًا: لَا يُحْكَمُ بِأَنَّ الْحَمْلَ بُلُوغٌ حَتَّى يَنْفَصِلَ الْوَلَدُ قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ: وَالْمُرَادُ بِالْإِنْبَاتِ الإنبات الخشن على المذاكر ومرحلة (كَذَا) دُونَ الزَّغَبِ الضَّعِيفِ وَقَالَ (ح) : لَا يُعْتَبَرُ الْإِنْبَاتُ أَصْلًا لَنَا: حَدِيثُ سَعْدٍ الْمُتَقَدِّمُ وَقَالَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (لَقَدْ حكمتَ بِحُكْمِ اللَّهِ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سماوات) // (خرجه مُسْلِمٌ) // وَلِأَنَّهُ مَعْنًى يَعْرِضُ عِنْدَ الْبُلُوغِ فَيُحْكَمُ بِهِ كَخُرُوجِ الْمَنِيِّ احْتَجُّوا بِالْقِيَاسِ عَلَى شَعَرِ الْوَجْهِ وَالصَّدْرِ وَسَائِرِ الشُّعُورِ وَالزِّيَادَاتِ بَلْ شَعَرُ الْوَجْهِ أدلُّ وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُم الْحلم فليستأذنوا} فَعَلَّقَ الْبُلُوغَ وَالْحُكْمَ عَلَى الحُلُم فَلَا يَتَعَلَّقُ بِغَيْرِهِ وَبِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (رُفِع الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ: الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ) الْحَدِيثَ فَجَعَلَ الحُلُم مَنَاطَ الْأَحْكَامِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّهُ قِيَاسٌ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ فَلَا يُسْمَعُ سَلَّمْنَا صِحَّتَهُ لَكِنَّ الْفَرْقَ: أَنَّ تِلْكَ الشُّعُورَ لَا تَخْتَصُّ بِالْبُلُوغِ فَهِيَ كَالْبَوْلِ وَهَذَا كَالْحَيْضِ وَعَنِ الثَّانِي: أَنَّهُ اسْتِدْلَالٌ بِالْمَفْهُومِ وَأَنْتُمْ لَا تَقُولُونَ بِهِ سَلَّمْنَا صِحَّةَ التَّمَسُّكِ

فرع

بِهِ لَكِن الْمَفْهُوم هَا هُنَا عَارَضَهُ مَنْطُوقُ الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ وَالْمَنْطُوقُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَفْهُومِ إِجْمَاعًا وَهُوَ جَوَابُ الثَّالِثِ احْتَجَّ (ش) بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (إِذَا بَلَغَ الْمَوْلُودُ خَمْسَ عشرَة سنة كتب مَاله وَمَا عَلَيْهِ وَأُخِذَتْ مِنْهُ الْحُدُودُ) وَأَجَازَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي الْجِهَادِ ابْنَ خْمَسَ عَشَرَةَ سَنَةً وَلَا يُجَازُ إِلَّا بَالِغٌ وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ وَجَوَابُهُ: مَنْعُ الصِّحَّةِ فِي الْأَوَّلِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ هَذَا مِنْ كَلَامِ ابْنِ عُمَرَ فَلَعَلَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلِمَ بُلُوغَهُ عِنْدَ هَذَا السِّنِّ وَمَتَى عُلِمَ الْبُلُوغُ لَا نِزَاعَ فِيهِ وَلَيْسَ فِي الحَدِيث دلَالَة على أَنه أجَاز لِأَجْلِ الْخَمْسَ عَشَرَةَ سَنَةً فَهَذَا كَقَوْلِ الْقَائِلِ: قَرَأت الْفِقْه وَأَنا ابْن كَذَا ذكر التَّارِيخ لِأَن السن سَببه وَقد نزل ابْنُ الْقَاسِمِ قَوْله تَعَالَى: {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أشده} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْأَشُدُّ: ثَمَانِيَ عَشَرَةَ سَنَةً وَمِثْلُ هَذَا لَا يُقَالُ إِلَّا عَنْ تَوْقِيفٍ (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ: يُسْتَثْنَى مِنْ تَصَرُّفَاتِ الصَّبِيِّ وَصِيَّتُهُ فَتَنْفُذُ إِذَا لَمْ يَخْلِطْ فِيهَا قَاعِدَةٌ تُسَمَّى بِجَمْعِ الْفَرْقِ وَهِيَ أَنْ يُرَتَّبَ عَلَى الْمَعْنَى الْوَاحِدِ حُكْمَانِ مُتَضَادَّانِ فَالصَّبِيُّ أَبْطَلَ تَصَرُّفَهُ فِي حَيَاتِهِ صَوْنًا لِمَالِهِ عَلَى مَصَالِحِهِ وَنَفَذَتْ وَصيته صونا لمَاله على مَصَالِحه لِأَنَّهَا لوردت لَصُرِفَ الْمَالُ لِلْوَارِثِ فَفَاتَتْهُ مَصْلَحَةُ مَالِهِ

فرع

(فَرْعٌ) قَالَ: ووصي الصَّبِيِّ أَبُوهُ ثُمَّ وَصِيُّهُ ثُمَّ وَصِيُّ وَصِيِّهِ ثُمَّ الْحَاكِمُ دُونَ الْجَدِّ وَالْأُمِّ وَسَائِرِ الْقَرَابَاتِ وَقَالَ (ش) : الْأَبُ ثُمَّ الْجَدُّ أَبُو الْأَبِ وَإِنْ عَلَا ثُمَّ الْوَصِيُّ لَنَا: أَنَّ الْجَدَّ يُقَاسِمُهُ الْأَخُ فِي الْمِيرَاثِ بِخِلَافِ الْأَبِ فَيَكُونُ قَاصِرًا عَنِ الْأَبِ فَلَا يَلْحَقُ بِهِ (فَرْعٌ) قَالَ: لَا يتَصَرَّف الوفلي إِلَّا بِمَا تَقْتَضِيهِ الْمَصْلَحَةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} فَهُوَ مَعْزُولٌ بِظَاهِرِ النَّصِّ عَنْ غَيْرِ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ وَلَا يَبِيعُ عَقَارَهُ إِلَّا لِحَاجَةِ الْإِنْفَاق أَو لغبطة فِي الثّمن وخشية سُقُوطِهِ إِنْ لَمْ يُنْفِقْ عَلَيْهِ وَابْتِيَاعُ غَيْرِهِ بِثَمَنِهِ أَفْضَلُ أَوْ لِكَوْنِهِ فِي مَوْضِعٍ خَرِبٍ أَوْ يَخْشَى انْتِقَالَ الْعِمَارَةِ مِنْ مَوْضِعِهِ فَيَبِيعُهُ وَيَسْتَبْدِلُ بِثَمَنِهِ فِي مَوْضِعٍ أَصْلَحَ وَلَا يَسْتَوْفِي قِصَاصَهُ وَلَا يَعْفُو عَنْهُ لِأَنَّهُ إِذَا بَلَغَ يَقْتَصُّ أَوْ يُصَالَحُ عَلَى مَالٍ وَلَا يُعْتِقُ رَقِيقَهُ وَلَا يُطْلِقُ نِسَاءَهُ إِلَّا عَلَى عِوَضٍ فِيهِ الْمُصْلِحَةُ فِي غَيْرِ الْبَالِغِ مِنَ الذُّكُورِ أَوْ يَفْعَلُ ذَلِكَ الْأَبُ خَاصَّةً فِيمَنْ يُجْبَرُ مِنَ الْإِنَاثِ وَفِي مُخَالَعَتِهِ عَمَّنْ لَا يَجْبُرُ مِمَّنْ يَمْلِكُ أَمْرَهَا خِلَافٌ وَلَا يَعْفُو عَنْ شُفْعَتِهِ إِلَّا لِمَصْلَحَةٍ ثُمَّ إِذَا عَفَا لَيْسَ لِلصَّبِيِّ الطَّلَبُ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَوَافَقَنَا (ح) فِي الْعَفْوِ عَنْهَا قِيَاسًا عَلَى الشَّفِيعِ وَمَنَعَ (ش) لِأَنَّهُ تَضْيِيعُ مَالٍ وَجَوَابُهُ: إِنَّمَا نُجِيزُهُ إِذَا تَضَمَّنَ مَصْلَحَةً أَرْجَحَ وَمَنَعَ (ش) أَنْ يَبِيعَ لَهُ بِنَسِيئَةٍ وَأَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَهُ وَإِنْ كَانَ أَضْعَافَ الْقِيمَةِ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ الْعِوَضَ مِنْ كَسْبِهِ وَأَنْ يُسَافِرَ بِمَالِهِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ وَلَا يُودِعَهُ وَلَا يُقْرِضَهُ مَعَ إِمْكَانِ التَّجْرِ فِيهِ وَجَوَّزَ أَنْ يَقْتَرِضَ لَهُ وَيَرْهَنَ مَالَهُ وَأَنْ يَأْكُل الْأمين وَالْوَلِيّ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ إِلَّا أَنْ يَكُونَا غَنِيَّيْنِ لقَوْله تَعَالَى: {وَمن كَانَ غَنِيا فليستعفف}

فرع

(فَرْعٌ) قَالَ الْأَبْهَرِيُّ قَالَ مَالِكٌ: إِذَا بَلَغَ فَلَهُ الْخُرُوجُ عَنْ أَبِيهِ وَإِنْ كَانَ أَبُوهُ شَيْخًا ضَعِيفًا إِلَّا أَنْ يَسْتَحِقَّ الْحَجْرَ لِسَفَهٍ وَإِذَا تَزَوَّجَتِ الْمَرْأَةُ وَوَلَدَتْ وَأَرَادَ أَبُوهَا الْخُرُوجَ بِهَا وَكَرِهَتْ فِرَاقَ وَلَدِهَا فَذَلِكَ لَهَا كَخُرُوجِهَا مِنَ الْحَجْرِ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ مَالِكٌ: لَا يُقْضَى عَنِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ دَيْنُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ كَحَيَاتِهِ إِلَّا أَنْ يُوصِيَ بِذَلِكَ فِي ثُلُثِهِ إِذَا بَلَغَ مِثْلُهُ الْوَصِيَّةَ (فَرْعٌ) فِي الْجُلَّابِ: الْوَصِيُّ مُصَدَّقٌ فِي نَفَقَةِ الْيَتِيمِ وَوَلِيُّ السَّفِيهِ وَقَالَهُ الشَّافِعِي لِأَنَّهُمَا أَمِينَانِ وَيَعْسُرُ الْإِشْهَادُ مِنْهُمَا عَلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ رَدِّ الْمَالِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالهم فأشهدوا عَلَيْهِم} فَلَمَّا أَمَرَهُ بِالْإِشْهَادِ لَمْ يُؤْتَمَنْ عَلَى الرَّدِّ بِخِلَافِ الْمُودِعِ فَإِنَّهُ مُؤْتَمَنٌ فِي الرَّدِّ (فَرْعٌ) قَالَ: تَجُوزُ التِّجَارَةُ فِي مَالِ الْيَتِيمِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَصِيِّ فِي ذَلِكَ وَقَالَهُ (ش) لقَوْله عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: {اتَّجِرُوا فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى لَا تَأْكُلُهَا الزَّكَاةُ} وَرُوِيَ مَرْفُوعًا (فَرْعٌ) قَالَ: لَا بَأْسَ بِخَلْطِ الْوَصِيِّ نَفَقَةَ يَتِيمِه بِمَالِهِ إِذَا كَانَ رِفْقًا لِلْيَتِيمِ وَيَمْتَنِعُ رِفْقًا

فرع

لِلْوَلِيِّ وَقَالَهُ (ش) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فإخوانكم وَالله يعلم الْمُفْسد من المصلح} وَلِأَن الْإِفْرَاد قد يشق وخاصة فِي بَيت وَيَنْبَغِي لِلْوَلِيِّ أَنْ يُوَسِّعَ عَلَى الْيَتِيمِ فِي نَفَقَتِهِ وَكِسْوَتِهِ عَلَى قَدْرِ حَالِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} وَلَا بَأْسَ بِتَأْدِيبِهِ لِأَنَّهُ مِنْ أَفْضَلِ الْبِرِّ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (مَا نَحَلَ وَالِدٌ وَلَدًا أَفْضَلَ مِنْ أَدَبٍ حَسَنٍ) وَيُنْفِقُ عَلَى أُمِّ الْيَتِيمِ مِنْ مَالِهِ إِذَا كَانَتْ مُحْتَاجَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وبالوالدين إحسانا} وَيُخْرِجُ الزَّكَاةَ مِنْ مَالِهِ وَزَكَاةَ الْفِطْرِ وَيُضَحِّي عَنْهُ لِتَحَقُّقِ أَسْبَابِ هَذِهِ الْمَأْمُورَاتِ فِي حَقِّهِ (فَرْعٌ) فِي النَّوَادِرِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَمُطَرِّفٌ: مَا وهب الْأَب من مَاله وَلَدَهُ الصَّغِيرَ مِنْ عُرُوضٍ أَوْ رَقِيقٍ أَوْ عَقَارٍ وَهُوَ مَلِيءٌ نَفَذَ لِلْمَوْهُوبِ وَعَلَيْهِ لِلِابْنِ عِوَضُهُ شَرَطَ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا وَلَا سَبِيلَ لِلِابْنِ عَلَى الْهِبَةِ إِلَّا أَنْ يَعْسُرَ الْأَب بعد يسره فيأخذها لِابْنِ حَمْلًا لِتَصَرُّفِ الْأَبِ عَلَى الْتِزَامِ الْعِوَضِ كَمَا إِذَا زَوَّجَهُ صَغِيرًا فَقِيرًا يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ الْتِزَامُ الصَّدَاقِ فَإِنْ فَاتَتْ أُخِذَ قِيمَتُهَا مِنَ الْمَوْهُوبِ لِلْفَوَاتِ تَحْتَ يَدِهِ ثُمَّ يَرْجِعُ الْمَوْهُوبُ عَلَى الْأَبِ لِأَنَّ الْهِبَةَ عَقْدٌ لَازِمٌ وَقَدْ لَزِمَتْهُ الْقِيمَةُ لِابْنِهِ فَأَدَّاهَا عَنْهُ وَالْفَوْتُ: الْعِتْقُ وَالِاسْتِيلَادُ وَإِبْلَاءُ الثَّوْبِ وَأَكْلُ الطَّعَامِ وَبَيْعُ الْهِبَةِ وَأَكْلُ ثَمَنِهَا وَمَا كَانَ فَوْتُهُ بِسَبَبِهِ وَأَمَّا مَا هَلَكَ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ فَلَا يُضْمَنُ وَإِنْ كَانَ الْأَب يَوْم الْهِبَة بعد مَا ردَّتْ شَرط الْعِوَض أم لَا لتعيين ضَيَاعِ مَالِ الْوَلَدِ وَمَا فَاتَ أُخِذَ مِنَ الْأَبِ قِيمَتُهُ إِنْ كَانَ لَهُ شَيْءٌ يَوْمَ الحكم وَإِن اتَّصل

إِعْسَاره وداها الْمَوْهُوبُ وَلَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْأَبِ وَكَأَنَّهُ وَهَبَ مَالَ أَجْنَبِيٍّ وَإِنْ كَانَ يَوْمَ الْهِبَةِ مُعْسِرًا ثُمَّ أَيْسَرَ ثُمَّ أَعْسَرَ نُفِّذَتْ وَيَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْأَبِ وَكَأَنَّهُ وَهَبَ الْعَطِيَّةَ وَلَا يَأْخُذُهَا الِابْنُ وَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً إِنْ كَانَ الْأَب مليئاً وَإِلَّا أَخذهَا إِلَّا أَنْ تَفُوتَ فَيَأْخُذَ الْقِيمَةَ مِنَ الْمُعْطِي إِنْ فَاتَتْ بِسَبَبِهِ وَيَرْجِعَ بِهَا الْمُعْطِي عَلَى الْأَبِ قَالَا: وَمَا بَاعَ أَوْ رَهَنَ مِنْ مَتَاعِ وَلَدِهِ لِنَفْسِهِ فَهُوَ مَرْدُودٌ إِنْ عُرِفَ أَنَّهُ فَعَلَهُ لِنَفْسِهِ وَإِنْ جُهِلَ هَلْ لِنَفْسِهِ أَو لوَلَده وَلَا يُرَدُّ لِإِمْكَانِ صِحَّةِ التَّصَرُّفِ وَهَذَا فِي عَدَمِهِ وَأَمَّا فِي مَلَائِهِ فَيَمْضِي وَيَضْمَنُ الثَّمَنَ فِيمَا بَاعَ تَصْحِيحًا لِلتَّصَرُّفِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ قَالَا: وَأَمَّا مَا اشْتَرَى مِنْ رَقِيقِهِ وَعَقَارِهِ نَفَذَ إِلَّا بِبَخْسٍ يَسِيرٍ فَيُرَدُّ كُلُّهُ لِأَنَّهُ مَعْزُولٌ عَنْ غَيْرِ الْمَصْلَحَةِ وَمَا قَارَبَ الْأَثْمَانَ مُضِّيَ وَبَاعَ وَحَابَى وَقَلَّتِ الْمُحَابَاةُ مُضِّيَ ذَلِكَ وَكَانَتْ فِي مَالِ الْأَبِ كَالْعَطِيَّةِ وَإِنْ عَظُمَتِ الْمُحَابَاةُ رُدَّ كُلُّهُ لِتَمَكُّنِ الْفَسَادِ قَالَ مُطَرِّفٌ: وَمَا أُعْتِقَ مِنْ عَبِيدِهِ جَازَ فِي مَلَاءِ الْأَبِ وَحُمِلَ عَلَى الْتِزَامِ الْقِيمَةِ وَرُدَّ فِي عُدْمِهِ إِلَّا أَنْ يَطُولَ زَمَانُهُ وَيُولَدَ لِلْعَبِيدِ عَلَى الْحُرِّيَّةِ فَيُتَّبَعُ الْأَبُ بِالْقِيمَةِ قَالَهُ مَالِكٌ وَكَذَلِكَ مَا تَزَوَّجَ بِهِ مِنْ عَبْدٍ أَوْ غَيْرِهِ جَازَ فِي مَلَائِهِ وَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ أَوْ مُعْدِمًا رَدَّ مَا لم بَين بِامْرَأَتِهِ فَيُتَّبَعُ بِالْقِيمَةِ وَإِنْ لَمْ يَفُتْ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بَنَى أَمْ لَا طَالَ أَمَدُ الْعِتْقِ أَمْ لَا صَغُرَتِ الْمُحَابَاةُ فِيمَا أَعْطَى أَمْ لَا إِنْ كَانَ مُوسِرًا أُخِذَتْ مِنَ الْقِيمَةِ أَوْ مُعْدِمًا رُدَّ ذَلِكَ كُلُّهُ لِفَسَادِ أَصْلِ التَّصَرُّفِ وَأَجَازَ أَصْبَغُ هَذَا كُلَّهُ: هِبَتَهُ وَبيعه وعتقه وأصداقه مَلِيًّا أَو مَعْدُوما قَائِمًا أَوْ فَائِتًا طَالَ أَمَدُ الْعَبْدِ أَمْ لَا بَنَى بِالْمَرْأَةِ أَمْ لَا بَاعَ لِلِابْنِ أَوْ لِنَفْسِهِ وَيَلْزَمُهُ تَغْلِيبًا لِلْوَلَايَةِ إِلَّا أَنْ يَتَقَدَّمَ الْإِمَامُ فِي ذَلِكَ فَيَبْطُلَ كُلُّهُ قَالَ مَالِكٌ: إِذَا وَهَبَ عَبْدٌ ابْنَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ بَطل وَإِن كَانَ مَلِيًّا وَإِن أعْتقهُ عَن نَفسه مَلِيًّا نَفَذَ وَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ وَلَوْ كَانَ كَثِيرًا رُدَّ عِتْقُ الْأَبِ وَمَا تَزَوَّجَ بِهِ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَالْأَبُ مَلِيءٌ نَفَذَ بَنَى أَمْ لَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا تَصَدَّقَ عَلَى

(فرع)

ابْنه الصَّغِير بِغُلَام ثمَّ أوصى بِعِتْق عُتِقَ فِي ثُلُثِهِ وَلِلِابْنِ قِيمَتُهُ فِي رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّهُ كَانَ يَحُوزُ لِابْنِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْأَبِ مَالٌ بَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ وَلَوْ كَانَ الِابْنُ كَبِيرًا يَحُوزُ لِنَفْسِهِ وَلَمْ يَقْبِضْ حَتَّى مَاتَ بَطَلَتِ الصَّدَقَةُ وَنُفِّذَتِ الْوَصِيَّةُ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: لَا يُوَكِّلُ الْقَاضِي مَنْ يَبِيعُ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ إِلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ سِتَّةِ أُمُورٍ: يُتْمُهُ وَأَنَّهُ نَاظِرٌ لَهُ وَحَاجَتِهِ وَأَنَّهَا لَا تَنْدَفِعُ إِلَّا بِالْبَيْعِ وَأَنَّهُ مِلْكُ الْيَتِيمِ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ يَدِهِ وَأَنَّ الْمَبِيعَ أَحَقُّ مَا يُبَاعُ عَلَيْهِ وَحُصُولُ السَّدَادِ فِي الثَّمَنِ وَلَا يَبِيعُ الْوَصِيُّ الْعَقَارَ إِلَّا لِأَحَدِ سِتَّةِ أَوْجُهٍ: الْحَاجَةِ وَالْغِبْطَةِ فِي الثَّمَنِ الْكَثِيرِ أَو يَبِيعهُ لمن يعود عَلَيْهِ بِشَيْء أَوله شِقْصٌ فِي دَارٍ لَا تَحْمِلُ الْقِسْمَةَ فَدَعَاهُ شُرَكَاؤُهُ لِلْبَيْعِ أَوْ دَارٍ وَاهِيَةٍ وَلَا يَكُونُ لَهُ مَا تقوم بِهِ أَوله دَارٌ بَيْنَ أَهْلِ الذِّمَّةِ السَّبَبُ الثَّانِي الْجُنُونُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يمل هُوَ فليملل وليه بِالْعَدْلِ} وَالْمَجْنُونُ ضَعِيفٌ فَيَكُونُ مَسْلُوبَ الْعِبَارَةِ يُحْجَرُ عَلَيْهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ يُخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ: فَقِيلَ: لَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَحَبَّانَ بْنِ مُنْقِذٍ وَكَانَ يُخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ لِضَرْبَةٍ أَصَابَتْهُ فِي رَأْسِهِ: (إِذَا بِعْتَ فَقُلْ: لَا خِلَابَةَ) خَرَّجَهُ الصَّحِيحَانِ وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ: يُحْجَرُ عَلَيْهِ صَوْنًا لِمَالِهِ عَلَيْهِ كَالصَّبِيِّ قَالَ: وَأَرَى إِنْ كَانَ يُخْدَعُ بِالْيَسِيرِ أَوِ الْكَثِيرِ إِلَّا أَنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ بَعْدَ تَبَيُّنٍ لَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ وَيُؤْمَرُ بِالِاشْتِرَاطِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ وَيُشْهَدُ حِين البيع فيستغني بذلك عَن الْحجر أَولا يُتَبَيَّنُ لَهُ ذَلِكَ وَيَكْثُرُ تَكَرُّرُهُ فَيُحْجَرُ عَلَيْهِ وَلَا يُنْزَعُ الْمَالُ مِنْ يَدِهِ إِلَّا أَنْ يَنْزَجِرَ عَنِ التَّجْرِ وَيَزُولَ الْحَجْرُ عَنِ الْمَجْنُونِ بِإِفَاقَتِهِ إِنْ كَانَ الْجُنُونُ طَارِئًا بَعْدَ الْبُلُوغِ لِأَنَّهُ كَانَ عَلَى الرُّشْدِ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْبُلُوغِ فَبَعْدَ إِثْبَاتِ الرُّشْدِ وَالضَّعِيفُ التَّمْيِيزِ وَالَّذِي يُخْدَعُ لَهُ مَالُهُ إِذَا عُلِمَ مِنْهُ دُرْبَةُ الْبَيْعِ وَمَعْرِفَةُ وُجُوهِ الْخَدِيعَةِ

السَّبَبُ الثَّالِثُ: التَّبْذِيرُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحق سَفِيها أَو ضَعِيفا} الْآيَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ فَجَعَلَهُ تَعَالَى مَسْلُوبَ الْعِبَارَةِ فِي الْإِقْرَارِ وَمَنْ سَقَطَ إِقْرَارُهُ حُجِرَ عَلَيْهِ وَفِي الْكِتَابِ الْمُبَذِّرُ لِمَالِهِ سَرَفًا فِي لَذَّاتِهِ مِنَ الشَّرَابِ وَالْفِسْقِ وَغَيْرِهِمَا وَيَسْقُطُ فِي ذَلِكَ سُقُوطَ مَنْ لَا يَعُدُّ الْمَالَ شَيْئًا يُحْجَرُ عَلَيْهِ دُونَ الْمُصْلِحِ لِمَالِهِ الْفَاسِقِ فِي دِينِهِ وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ عِنْدَ وَصِيٍّ قَبَضَهُ لِأَنَّ أثر الْحجر صون المَال وَهُوَ مُصدق قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ: لَا يُحْجَرُ عَلَى الْكَبِيرِ إِلَّا فِي الْبَيِّنِ التَّبْذِيرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: بَلْ عَلَى الْكُلِّ مَنْ لَوْ كَانَ لَهُ وَصِيٌّ لَمْ يُعْطَ لَهُ مَالُهُ وَكَذَلِكَ مَنْ دُفِعَ إِلَيْهِ مَالُهُ ثُمَّ بَذَّرَ وَوَافَقَنَا (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ (ح) : لَا يُبْتَدَأُ الْحَجْرُ عَلَى بَالِغٍ عَاقِلٍ وَإِنْ بَلَغَ مُبَذِّرًا دُفِعَ إِلَيْهِ مَالُهُ بَعْدَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً وَلِلْمَسْأَلَةِ أَصْلَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ انْتِفَاءَ ثَمَرَةِ الْعَقْلِ كَانْتِفَائِهِ عِنْدَنَا وَعِنْدَهُ الْمُعْتَبَرُ أَصْلُ الْعَقْلِ وَثَانِيهِمَا: الْحَجْرُ يَثْبُتُ بِالشَّرْعِ تَارَةً وَبِحُكْمِ الْحَاكِمِ أُخْرَى كَالْوَلَايَةِ وَعِنْدَهُ بِالشَّرْعِ فَقَطْ لَنَا: الْآيَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ وَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُمْ: السَّفِيهُ الْمَجْنُونُ لِأَنَّ السَّفَهَ يُقَابَلُ بِالرُّشْدِ وَالْجُنُونَ يُقَابَلُ بِالْعَقْلِ وَالسَّفِيهُ لَيْسَ بِرَشِيدٍ وَالضَّعِيفُ الصَّبِيُّ وَالَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ: الْمَجْنُونُ نَفْيًا لِلتَّرَادُفِ وقَوْله تَعَالَى: {وَلَا تُؤْتوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُم} قَالَ الْمُفَسِّرُونَ قَوْلَيْنِ: أَمْوَالنَا وَأَمْوَالهمْ فعلى الأولى لَهُم أولى يَدُلُّ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِأَنَّا إِذَا حُجِرَ عَلَيْنَا فِي أَمْوَالِنَا لَهُمْ أَوْلَى أَمْوَالِهِمْ وَعَلَى الثَّانِي فَهُوَ الْمَقْصُودُ وَيَكُونُ مِثْلَ قَوْلِهِ: {وَلا تَقْتُلُوا أَنفسكُم} و {فَسَلمُوا على أَنفسكُم} أَيْ لَا يَقْتُلْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَيُسَلِّمُ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلِأَنَّهُ إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَقَدْ مَرَّ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِأَرْضٍ سَبِخَةٍ اشْتَرَاهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ بِسِتِّينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَالَ: مَا يَسُرُّنِي أَنْ تَكُونَ لِي بِنَعْلٍ

(ثُمَّ لَقِيَ عَلِيًّا فَقَالَ: أَمَا تَقْبِضُ عَلَى يَدِ ابْنِ أَخِيكَ؟ اشْتَرَى أَرْضًا مَا يَسُرُّنِي أَنْ أَتَمَلَّكَهَا بِنَعْلِي) فَقَالَ عَلِيٌّ: لَأَحْجُرَنَّ عَلَيْهِ فَفَزِعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ إِلَى الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ وَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ فَقَالَ لَهُ الزُّبَيْرُ: لَا تبالي وَأَنَا شَرِيكُكَ ثُمَّ جَاءَ عَلِيٌّ إِلَى عُثْمَانَ فَسَأَلَهُ الْحَجْرَ عَلَيْهِ فَقَالَ عُثْمَانُ: كَيْفَ أَحْجُرُ عَلَى رَجُلٍ شَرِيكُهُ الزُّبَيْرُ؟ وَلَمْ يُنْكِرْ مِنْهُمْ أَحَدٌ ذَلِكَ فَكَانَ إِجْمَاعًا وَهَذَا هُوَ الْمَعْهُودُ فِي السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَلَوْ صَحَّ مَا قَالَهُ (ح) لَقَالَ لَهُ الزُّبَيْرُ: لَا يُحْجَرُ عَلَى بَالِغٍ وَلَا يُقَالُ: هَذَا حُجَّةٌ عَلَيْكُمْ لِأَنَّ التَّبْذِيرَ وُجِدَ وَمَا حَصَلَ حَجْرٌ بَلْ يَنْبَغِي الْحَجْرُ عَلَى الزُّبَيْرِ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ لِمَا ذَكَرْتُمْ لِأَنَّا نَقُولُ: لَمَّا اقْتَسَمَا الْغَبْنَ صَارَ نصيب كل وَاحِد بعبن الرَّشِيدِ فِي مِثْلِهِ وَأَمَّا قَوْلُ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَا يَسُرُّنِي بِنَعْلٍ أَيْ مَا رَغِبْتُهُ وَالْعُقَلَاءُ الرُّشَدَاءُ تَخْتَلِفَ رَغَبَاتُهُمُ اخْتِلَافًا شَدِيدًا وَلِأَنَّهُ مَعْنِيٌّ لَوْ قَارَنَ الْبُلُوغَ مُنِعَ دَفْعَ الْمَالِ فَكَذَلِكَ إِذَا طَرَأَ بَعْدَهُ كَالْجُنُونِ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أحسن حَتَّى يبلغ أشده} وَالْأَشُدُّ: خَمْسٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً وَمَفْهُومُهُ: أَنَّهُ لَا يُقْرَبُ بَعْدَ الْأَشُدِّ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ وَلِأَنَّ حُقُوقَ الْأَبَد أَن تَتَعَلَّقَ بِهِ فَأَوْلَى الْأَمْوَالُ وَيُقْبَلُ إِقْرَارُهُ فِي نَفْسِهِ بِالْجِنَايَاتِ فَأَوْلَى فِي مَالِهِ وَلِأَنَّ الْآيَةَ الَّتِي تَمَسَّكَ بِهَا الْخَصْمُ تَدُلُّ لَنَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بدين إِلَى أجل مُسَمّى} إِلَى قَوْله تَعَالَى {فليملل وليه} فمقتضاها: أَنَّ السَّفِيهَ يُدَايِنُ وَيُعَامِلُ

فرع

وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّ الأشدُّ الْبُلُوغُ وَعَنِ الثَّانِي يَبْطُلُ فَالْعَبْدُ وَالْمَرِيضُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِمَا فِي الْمَالِ دُونَ النَّفْسِ وَالسِّرُّ أَنَّ الْوَازِعَ الطَّبِيعِيَّ يَمْنَعُ مِنَ الْإِقْرَارِ بِالْقِصَاصِ وَالْحُدُودِ وَيُحِثُّ عَلَى اللَّذَّاتِ وَالشَّهَوَاتِ فَلِذَلِكَ حُمِلَ إِقْرَارُهُ فِي الْأَبْدَانِ عَلَى تَحَقُّقِ السَّبَبِ الشَّرْعِيِّ بِخِلَافِ الْمَالِ وَعَنِ الثَّالِثِ: أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ أَخْرَجَ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةَ عَنِ الْمُدَايَنَةِ وَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُمْ: الْهَاءُ فِي (وَلِيُّهُ) لِلْحَقِّ لِأَنَّ إِقْرَارَ صَاحِبِ الْحَقِّ لَا يُوجِبُ شَيْئًا وَلِأَنَّهُ جَمَعَ الثَّلَاثَةَ بِحَرْفِ الْعَطْفِ وَالصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ يُقِرُّ عَنْهُ وَلِيُّهُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَقَبْضِ الثَّمَنِ وَالسَّلْمِ فَكَذَلِكَ الْمُبَذِّرُ لِأَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يَتَوَلَّى الْحَجْرَ إِلَّا القَاضِي دون صَاحب الشَّرْط أَمْرٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَيَحْتَاجُ إِلَى اجْتِهَادٍ فِي الِاخْتِبَارِ وَمَنْ أَرَادَ الْحَجْرَ عَلَى وَلَدِهِ أَتَى بِهِ الْإِمَامُ لِيَحْجُرَ عَلَيْهِ وَيُشْهِرَهُ فِي الْأَسْوَاقِ وَالْجَامِعِ ويُشهد عَلَى ذَلِكَ فَمَنْ عَامَلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ مَرْدُودٌ قَالَ بَعْضُ الْبَغْدَادِيِّينَ: وَلَا يَزُولُ الْحَجْرُ عَنْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِحُكْمٍ أَوْ بِغَيْرِ حُكْمٍ إِلَّا بِحُكْمِ حَاكِمٍ لِلْحَاجَةِ لِلِاخْتِبَارِ وَتَحَقُّقِ إِبْطَالِ سَبَبِ الْحَجْرِ وَفِي الْجَوَاهِرِ: يَزُولُ الْحَجْرُ عَنِ المبذِّر إِذَا عُرف مِنْهُ زَوَالُ ذَلِكَ (فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا تَصَرَّفَ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْحَجْرَ قَبْلَ الْحَجْرِ نَفَّذَهُ ابْنُ كِنَانَةَ وَابْنُ نَافِعٍ لِعَدَمِ حَجْرِ الْحَاكِمِ لِأَنَّهُ الْعِلَّةُ عِنْدَهُمْ وَأَبْطَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِوُجُودِ السَّفَهِ وَرَدَّهُ مُطَرِّفٌ إِنْ لَمْ يَأْتِ عَلَيْهِ حَالَةُ رُشْدٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ فِي وَلَايَةٍ وَإِلَّا نُفِّذَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْعَةَ خَدِيعَةٍ فَيَبِيعَ مَا يُسَوِّي أَلْفًا بِمِائَةٍ فَفَرَّقَ بَيْنَ هِبَتِهِ وَبَيْعِهِ قَالَ: وَالصَّوَابُ رَدُّ الْهِبَةِ وَيَضْمَنُهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ إِنْ صَوَنَ بِهَا مَالَهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ وَقِيلَ يُرَدُّ تَصَرُّفُهُ إِنْ كَانَ ظَاهِرَ التَّصَرُّفِ وَإِلَّا فَلَا لِقِلَّةِ الْفَسَادِ وَعَكْسُهُ لَوْ رَشَدَ وَلَمْ يَنْفَكَّ الْحَجْرُ عَنْهُ فَيُخْتَلَفُ فِيهِ هَلْ يُرَاعَى السَّفَهُ - وَقَدْ زَالَ - أَوْ حَجْرُ الْحَاكِمِ وَهُوَ بَاقٍ (فَرْعٌ) فِي الْمُقَدِّمَاتِ: السَّفِيهُ الْبَالِغُ يَلْزَمُهُ جَمِيعُ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي أَوْجَبَهَا عَلَى

عِبَادِهِ فِي بَدَنِهِ وَمَالِهِ مِنَ الْحَدِّ وَالْقِصَاصِ وَالطَّلَاقِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى: لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ لِأَنَّهُ أَمْرٌ تَقَعُ الْمُعَاوَضَةُ عَلَيْهِ فَهُوَ تَصَرُّفٌ فِي الْمَالِ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَينظر لَهُ وليه إِن رأى كفر عَنْهُ بِالْعِتْقِ وَيُمْسِكُ عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ فَعَلَ أَوْ يُعْتِقُ أَوْ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا وَلَا يُجِيزُهُ الصِّيَامُ وَلَا الْإِطْعَامُ إِنْ حَمَلَ مَالُهُ الْعِتْقَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: إِذَا لَمْ يَرَ لَهُ وَلِيُّهُ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْهُ بِالْعِتْقِ فَلَهُ هُوَ أَنْ يُكَفِّرَ بِالصِّيَامِ وَلَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ فِي مَذْهَبِهِ حَتَّى يَضْرِبَ لَهُ أَجَلَ الْإِيلَاءِ إِنْ طَلَبَتْهُ الْمَرْأَةُ وَلَا حَدَّ فِي ذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ: لَا يَعْتِقُ عَنْهُ وَلِيُّهُ إِلَّا فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ لِأَنَّ الْمَرَّةَ الْوَاحِدَةَ تَقَعُ لِلْعَاقِلِ وَالسَّفِيهِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: وَأَمَّا الْإِيلَاءُ إِن دخل عَلَيْهِ بِسَبَب يَمِين بِالطَّلَاق هُوَ فِيهَا عَلَى حِنْثٍ أَوْ بِامْتِنَاعِ وَلِيِّهِ مِنَ التَّكْفِيرِ فِي الظِّهَارِ لَزِمَهُ وَأَمَّا إِنْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ بِعِتْقٍ أَوْ صَدَقَةٍ مِمَّا يَدْخُلُ تَحْتَ الْحَجْرِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِيلَاءُ أَوْ بِاللَّهِ تَعَالَى لَزِمَهُ الْإِيلَاءُ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَلَمْ يَلْزَمْهُ إِنْ كَانَ لَهُ أَوْ بِصِيَامٍ أَوْ صَلَاةٍ مِمَّا يَلْزَمُهُ الْإِيلَاءُ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ: يَلْزَمُهُ الْإِيلَاءُ بِالْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَلَا يَلْزَمُهُ تَبَرُّعٌ وَلَا عِتْقٌ وَلَا مَعْرُوفٌ فِي مَاله إِلَّا أَن يعْتق أم ولد لِأَنَّهُ كَالطَّلَاقِ إِذا لَيْسَ فِيهَا إِلَّا الِاسْتِمْتَاعُ وَفِي تَبَعِيَّةِ مَالِهَا لَهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: يُتْبِعُهَا عِنْدَ مَالِكٍ وَأَشْهَبَ لَا يَرث بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ عَلَى النَّسَبِ فَلَا يَثْبُتُ الْأَصْلُ وَيَثْبُتُ الْفَرْعُ فَالتَّبَعُ أَمْرُهُ خَفِيفٌ وَلَا يَتْبَعُهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ لَا يَنْفُذُ فِي الْمَالِ وَيَتَّبِعُ الْقَلِيلَ فَقَطْ عِنْدَ أَصْبَغَ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ: لَا يَلْزَمُهُ عِتْقُهَا لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ نَشَأَ عَنِ الْمَالِ وَلَوْ قُتِلَتْ لَأَخَذَ قِيمَتَهَا وَلَا يَنْفُذُ إِقْرَارُهُ بِالدَّيْنِ إِلَّا فِي الْمَرَضِ فَيَكُونُ فِي الثُّلُثِ وَبَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ وَزَوَاجُهُ مِنَ الْمُعَاوَضَاتِ مَوْقُوفٌ عَلَى إِجَازَةِ وَلِيِّهِ وَرَدِّهِ وَيَجْتَهِدُ لَهُ فِي ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَلِيٌّ فَالْقَاضِي فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى رَشَدَ يُخَيَّرُ هُوَ فِي ذَلِكَ فَإِنْ رُدَّ بَيْعُهُ أَوْ شِرَاؤُهُ وَقَدْ تَلِفَ الثَّمَنُ لَمْ يُتْبَعْ مَالُهُ بِشَيْءٍ فَإِنْ أَوْلَدَ الْأَمَةَ فَقِيلَ: فَوْتٌ وَقِيلَ: لَا كَالْعِتْقِ وَتُرَدُّ وَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ شَيْءٌ فَإِنْ أَنْفَقَ الثَّمَنَ فِيمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ فَفِي اتِّبَاعِ مَالِهِ بِهِ قَولَانِ

فَإِنْ بَاعَ أَمَةً فَأَوَلَدَهَا الْمُشْتَرِي أَوْ أَعْتَقَهَا أَوْ غَنَمًا فَتَنَاسَلَتْ أَوْ بُقْعَةً فَبَنَاهَا أَوْ مَا يُغْتَلُّ فَاغْتَلَّهُ فَهُوَ كَمَنِ اسْتَحَقَّ مِنْ يَدِهِ بَعْدَ إِحْدَاثِ ذَلِكَ فِيهِ تُرَدُّ الْأَمَةُ وينقض الْعتْق وَيَأْخُذ الْأمة الَّتِي ولدت وفقيمة الْوَلَدِ عَلَى الْخِلَافِ الْمَعْلُومِ وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ مِنْ غَيْرِهِ بِتَزْوِيجٍ أَخَذَهُ مَعَ الْأُمِّ وَيَأْخُذُ الْغَنَمَ وَنَسْلَهَا وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْبِنَاءِ قَائِمًا فِي الْبُنْيَانِ وَتَكُونُ الْغَلَّةُ بِالضَّمَانِ هَذَا كُلُّهُ إِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مُوَلًّى عَلَيْهِ وَإِلَّا فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْغَاصِبِ يَرُدُّ الْغَلَّةَ وَلَهُ قِيمَةُ الْبِنَاءِ مَنْقُوضًا وَفِي رَدِّ مَا فَاتَ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالْعِتْقِ وَالصَّدَقَةِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ حَتَّى مَاتَ هَلْ يُرَدُّ بَعْدَ الْمَوْتِ؟ قَوْلَانِ وَإِنْ تَزَوَّجَ وَلَمْ يَعْلَمِ الْوَلِيُّ بِنِكَاحِهِ هَلْ تَرِثُهُ الْمَرْأَةُ وَتَأْخُذُ الصَّدَاقَ؟ أَقْوَالٌ لَا تَرِثُ وَلَا صَدَاقَ إِلَّا أَن يدْخل بِقدر مَا يَسْتَحِيل بِهِ فرجهَا وَتَأْخُذ الْمِيرَاث وَالصَّدَاق وترث وَإِنْ كَانَ النِّكَاحُ غِبْطَةً فَلَهَا الصَّدَاقُ دَخَلَ أَمْ لَا أَوْ عَلَى وَجْهِ الْغِبْطَةِ رَدَّتِ الصَّدَاقَ إِلَّا رُبُعَ دِينَارٍ إِنْ دَخَلَ بِهَا وَإِلَّا فَلَا قَالَهُ أَصْبَغُ وَالْقَوْلَانِ الْمُتَقَدِّمَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَذَلِكَ مَبْنِيٌّ هَلْ فِعْلُهُ عَلَى الْجَوَازِ حَتَّى يُرَدَّ أَوْ عَلَى الرَّدِّ حَتَّى يُجَازَ وَهَلْ يُزَوِّجُهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ كَالصَّغِيرِ أَوْ إِلَّا بِأَمْرِهِ؟ قَوْلَانِ مِنَ الْمُدَوَّنَةِ وَكَذَلِكَ الْمُخَالَعَةُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ أَوْ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَهُوَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَيلْزمهُ مَا أتلف اتِّفَاقًا فَإِن أُوتُمِنَ عَلَيْهِ فَخِلَافٌ وَلَا يَحْلِفُ إِذَا ادُّعِيَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ بِخِلَافِ مَا يَجُوزُ فِيهِ إِقْرَارُهُ وَيَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ وَيَسْتَحِقُّ وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبَرِئَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعِنْدَ ابْنِ كِنَانَةَ إِنْ نَكَلَ فَكَذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَحْسُنَ حَالُهُ فَيَكُونَ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ وَيَسْتَحِقَّ كَالصَّغِيرِ يَبْلُغُ وَيَعْقِلُ مَعَ الْمُعَامَلَةِ وَيَجُوزُ عَفْوُهُ عَنْ دَمِهِ خَطَأً أَوْ عَمْدًا لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالِهِ وَفِي دُونَ النَّفْسِ مِنَ الْجِرَاحِ نَفَّذَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّ أَصْلَهُ لَيْسَ بِمَالٍ وَرَدَّهُ عَبْدُ الْمَلِكِ لِأَنَّهُ يُصَالَحُ عَلَيْهِ بِالْمَالِ وَاخْتُلِفَ فِي شَهَادَتِهِ إِذَا كَانَ مِثْلُهُ لَوْ طُلِبَ مَالُهُ أَخَذَهُ وَهُوَ عَدْلٌ جَوَّزَهَا مَالِكٌ وَرَدَّهَا أَشهب

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ: إِذَا اسْتَدَانَ الْمَحْجُورُ بِغَيْرِ إِذْنِ الْوَلِيِّ ثُمَّ فُكَّ حَجْرُهُ لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ إِنْ حُجِرَ عَلَيْهِ لِحَقِّ نَفْسِهِ وَالصَّغِيرُ دُونَ مَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ لِغَيْرِهِ كَالْعَبْدِ يُعْتَقُ إِلَّا أَنْ يَفْسَخَهُ عَنْهُ سَيِّدُهُ قَبْلَ عِتْقِهِ (فَرْعٌ) قَالَ الْأَبْهَرِيُّ قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ عَلَى الْوَلِيِّ الْإِنْكَارُ عَلَى مَنْ يُعَامِلُ مَالَ الْمَحْجُورِ لِأَنَّ الْمُعَامِلَ إِنْ عَلِمَ فَهُوَ الْمُفَرِّطُ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ التَّعَرُّفُ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ مَالِكٌ: إِذَا بَاعَ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ ثَوْبًا فَتَدَاوَلَتْهُ الْأَمْلَاكُ فَصَبَغَهُ الْأَخِيرُ قُوِّمَ عَلَى الْمُبْتَاعِ أَبْيَضَ بِغَيْرِ صَبْغٍ وَيَتَرَاجَعُونَ الْأَثْمَانَ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَيُؤْخَذُ الثَّوْبُ إِنْ وُجِدَ لِأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ عَنْ مِلْكِهِ وَإِلَّا فَعَلَى الَّذِي تَلِفَ عِنْدَهُ قِيمَتُهُ إِنْ تَلِفَ بِصَبْغِهِ وَلَا يَلْزَمُ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ مِنْهُ أَتْلَفَ مَالَهُ وَالَّذِي صَبَغَ شَرِيكٌ فِي الثَّوْبِ بِمَا زَادَ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ مَالِكٌ: إِذَا اكْتَرَى دَابَّةً فَتَعَدَّى عَلَيْهَا فَتَلِفَتْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّ صَاحَبَهَا هُوَ مُتْلِفُهَا حَيْثُ سَلَّمَهَا لَهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَقَدْ فَرَّطَ فِي عَدَمِ التَّعَرُّفِ (فَرْعٌ) فِي النَّوَادِرِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِذَا بِعْتَ مَوْلًى وَأَخَذْتَ حَمِيلًا بِالثَّمَنِ فَرَدَّ ذَلِكَ السُّلْطَانُ واسقطه عَن الولى فَإِنْ جَهِلْتَ أَنْتَ وَالْحَمِيلُ حَالَهُ لَزِمَتِ الْحَمَالَةُ لِأَنَّهُ أَدْخَلَكَ فِيمَا لَوْ شِئْتَ كَشَفْتَهُ وَإِنْ دَخَلْتَ فِي ذَلِكَ بِعِلْمٍ سَقَطَتِ الْحَمَالَةُ عَلِمَ الْحَمِيلُ أَمْ لَا لِبُطْلَانِ أَصْلِهَا

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِذَا دَفَعْتَ إِلَى مُوَلًّى عَلَيْهِ دَنَانِيرَ سَلَمًا فِي سِلْعَةٍ فَاشْتَرَى بِهَا الْيَتِيمُ سِلْعَةً أَوْ وَهَبَهَا رَجُلًا فَلَكَ أَخْذُ الدَّنَانِيرِ بِعَيْنِهَا مِنَ الثَّانِي قَالَ عِيسَى: وَلَوِ اشْتَرَى بِهَا أَمَةً فَأَحْبَلَهَا فَهِيَ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ وَلَيْسَ لَكَ أَخْذُهَا فِي مَالِكَ وَتَرُدُّ أَنْتَ السِّلْعَةَ وَلَوِ ابْتَاعَ هُوَ أَمَةً فَأَوْلَدَهَا رَدَّهَا - وَالْوَلَدُ وَلَدُهُ - بِغَيْرِ قِيمَةٍ عَلَيْهِ السَّبَبُ الرَّابِعُ الرِّقُّ فِي الْجَوَاهِرِ: لِلسَّيِّدِ الْمَنْعُ مِنَ التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ مُعَاوَضَةً أَوْ غَيرهَا قَلِيل المَال وَكَثِيره كَانَ الرَّقِيق يحفط أَوْ يَضِيعُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ السَّيِّدِ بِهِ فِي زِيَادَةِ الْقِيمَةِ وَالِانْتِزَاعِ وَفِي الْكِتَابِ: لَكَ مَنْعُ أم ولدك من التِّجَارَة فِي مَالهَا كمالك انْتِزَاعِهِ السَّبَبُ الْخَامِسُ النِّكَاحُ وَأَصْلُهُ: قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَام: تنْكح الْمَرْأَة لأبع: لِدِينِهَا وَحَسَبِهَا وَمَالِهَا وَجَمَالِهَا وَإِذَا تَعَلَّقَ بِهِ حق الزَّوْجَة لبذله الصَدَاق فِيهِ كَانَ لحجر فِيمَا يُخِلُّ بِهِ وَخَالَفَنَا الْأَئِمَّةُ وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ أَنَّ امْرَأَةَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحُلِيٍّ لَهَا فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ عَطِيَّةٌ حَتَّى تَسْتَأْذِنَ زَوْجَهَا فَهَل اسْتَأْذَنت؟ فَقَالَت: نعم فَبِعْت عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى كَعْبٍ فَقَالَ: هَلْ أَذِنْتَ لَهَا أَنْ تَتَصَدَّقَ بِحُلِيِّهَا؟ فَقَالَ: نَعَمْ وَفِي أَبِي دَاوُدَ: لَا يَجُوزُ لِامْرَأَةٍ عَطِيَّةٌ إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء} وَقِيَاسًا على الْمَرِيض

احْتَجُّوا بِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ للنِّسَاء: تصدقن وَلَو من حليكن وَلم يسْأَل وَقِيَاسًا عَلَى الرِّجَالِ وَأَجَابُوا عَنْ قِيَاسِنَا بِوُجُوهٍ: أَحَدُهَا أَنَّ الْمَرَضَ يَقْضِي بِالْمَالِ لِلْوَارِثِ وَالزَّوْجِيَّةُ تَجْعَلُ الزَّوْجَ مِنْ أَهْلِ الْمِيرَاثِ فَهِيَ أَحَدُ وصفي الْعلَّة فال يَثْبُتُ الْحُكْمُ بِهَا كَمَا لَا يَثْبُتُ الْحَجْرُ لَهَا عَلَيْهِ وَثَانِيها: تبرع الْمَرِيض مَوْقُوف وَهَا هُنَا يَبْطُلُ مُطْلَقًا وَالْفَرْعُ لَا يَزِيدُ عَلَى الْأَصْلِ وَثَالِثُهَا انْتِفَاعُ الْمَرْأَةِ بِمَالِ زَوْجِهَا بِالنَّفَقَةِ وَغَيْرِهَا أَكْثَرُ مِنْ تَحَمُّلِ الزَّوْجِ وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ أولى وَالْجَوَابُ عَنْ نَصِّهِمُ الْقَوْلَ بِالْمُوجِبِ فَإِنَّا إِنَّمَا نَمْنَعُ التَّصَدُّقَ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ وَرَسُولُ لله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُعَيِّنْ ذَلِكَ وَعَنِ الْقِيَاسِ: الْفَرْقُ بِأَنَّ الرَّجُلَ بَذَلَ الصَّدَاقَ فِي الْمَالِ فَتَعَلَّقَ حَقُّهُ بِخِلَافِهَا تَفْرِيعٌ فِي الْجَوَاهِرِ: لِلزَّوْجِ مَنْعُهَا مِنَ التَّصَرُّفِ فِيمَا زَادَ عَنْ ثُلُثِهَا مِنْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَيْسَ بِمُعَاوَضَةٍ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تَقْضِي فِي ذِي بَالٍ مِنْ مَالهَا إِلَّا بِإِذن زَوجهَا وَالثلث ذُو بَال وَلَيْسَتْ أَسْوَأَ حَالًا مِنَ الْمَرِيضِ فَإِنْ تَبَرَّعَتْ بِأَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ أَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ حَتَّى يردهُ الزَّوْج كتعق الْمديَان وَرَوَاهُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: هُوَ مَرْدُودٌ فِي الْأَصْلِ لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْحَدِيثِ لَا يَجُوزُ لِامْرَأَةٍ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمِ الزَّوْجُ حَتَّى بَانَتْ بِمَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ أوعلم فَرَدَّهُ وَلَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ مِلْكِهَا حَتَّى تَأَيَّمَتْ نَفَذَ لِانْتِفَاءِ الضَّرَرِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: ذَلِكَ كَذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَرُدَّهُ الزَّوْجُ حِينَ عَلِمَ وَقَالَ أَصْبَغُ: أَقُولُ بِقَوْلِهِ فِي الْمَوْتِ وَفِي التأيُّم بِقَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَإِذَا تَبَرَّعَتْ بِمَا زَادَ عَلَى ثُلُثِهَا خُيِّرَ الزَّوْجُ بَيْنَ إِجَازَةِ الْجَمِيعِ وَرَدِّ الْجَمِيعِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الْمَمْنُوعِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: يَرُدُّ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَقَطْ كَالْمَرِيضِ لِأَنَّهُ الْمُحَرَّمُ إِلَّا الْعِتْقُ يَبْطُلُ جَمِيعُهُ لِأَنَّهُ لَا يَتَبَعَّضُ ثُمَّ لَيْسَ لَهَا التَّصَرُّفُ فِي بَقِيَّةِ الْمَالِ الَّذِي أَخْرَجَتْ ثُلُثَهُ لِاسْتِيفَائِهَا حَقَّهَا وَلَهَا ذَلِكَ فِي مَالٍ آخَرَ إِن طَرَأَ

فرع

(فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: لَهُ مَنْعُهَا مِنَ الْخُرُوجِ دُونَ التِّجَارَةِ (فَرْعٌ) فِي النَّوَادِرِ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا أَعْتَقَتْ ثُلُثَ عَبْدٍ لَا تَمْلِكُ غَيْرَهُ جَازَ وَلَوْ أَعْتَقَتْهُ كُلَّهُ لَمْ يَجُزْ مِنْهُ شَيْء لِأَن عتق لَا يَتَبَعَّضُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: يَبْطُلُ فِي الْوَجْهَيْنِ لِأَن عتق بعضه كتعق كُله لوُجُود التَّقْوِيمِ عَلَى مُعْتِقِ الْبَعْضِ وَقَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ أَصْبَغُ: إِذَا أَعْتَقَتْ ثُلُثَ عَبْدٍ لَهَا مُشْتَرَكٍ كَمُلَ عِتْقُهُ عَلَيْهَا إِلَّا أَنْ يردَّ ذَلِكَ الزَّوْجُ لِأَنَّ أَصْلَهُ أَنَّ فِعلها مَاضٍ حَتَّى يُرَدَّ وَإِنْ كَانَ لَهَا عَبِيدٌ فَأَعْتَقَتْ أَثَلَاثَهُمْ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: بَطَلَ وَلَوْ أَعْتَقَتْ ثُلُثَهُمْ فَإِنْ خَرَجَ عَبْدٌ وَبَقِيَ مِنَ الثُّلُثِ أَسْهَمَ حَتَّى يَتِمَّ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ تَمَامُهُ فِي أَقَلَّ مِنْ عَبْدٍ رُقَّ جَمِيعُهُ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَإِذَا دَبَّرَتْ عَبْدَهَا مَضَى وَلَا يَرُدُّهُ الزَّوْجُ لِبَقَاءِ رِقِّهِ وَإِنَّمَا مُنِعَتْ بَيْعَهُ وَلَهَا الِامْتِنَاعُ مِنَ الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ تَدْبِيرٍ وَقَالَهُ مَالك وَابْن الْقَاسِم وَقَالَ عبد الْملك: لايتم ذَلِكَ إِلَّا بِإِذْنِهِ كَعِتْقِهِ (فَرْعٌ) قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إِذَا تَصَدَّقَتْ بِالثُلُثِ فَأَقَلَّ عَلَى وَجْهِ الضَّرَرِ بِالزَّوْجِ ردَّه وَأَمْضَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ حَقُّهَا (فَرْعٌ) قَالَ: قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: لَهَا النَّفَقَةُ عَلَى أَبَوَيْهَا وَكِسْوَتُهَا وَإِنْ تَجَاوَزَ الثُّلُثَ وَلَا مقَال للزَّوْج لوُجُوبهَا عَلَيْهَا (فَرْعٌ) قَالَ: قَالَ أَصْبَغُ: إِذَا تَصَدَّقَتْ بِشَوَارِ بَيْتِهَا - وَهُوَ الثُّلُثُ - مَضَى وَإِنْ كَرِهَ الزَّوْجُ وَتُؤْمَرُ هِيَ بِتَعْمِيرِ بَيْتِهَا بِشُوَارٍ مِثْلِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ تَصَدَّقَتْ بِصَدَاقِهَا

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ: قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِذَا أَقَرَّتْ فِي الجهاز الْكثير أَنه لألها جمَّلوها بِهِ وَالزَّوْجُ يُكَذِّبُهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إِقْرَارُهَا بِمَعْنَى الْعَطِيَّةِ نَفَذَ أَوْ بِمَعْنَى الْعَطِيَّةِ رُد إِلَى الثُّلُثِ (فَرْعٌ) قَالَ: قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: لَيْسَ لِلْعَبْدِ مَنْعُ امْرَأَتِهِ الْحُرَّةِ مِثْلَ الْحُرِّ بَلْ لَهَا التَّصَدُّقُ بِمَالِهَا لِضَعْفِ مِلْكِهِ فِي مَاله فَكيف فِي مَالِ امْرَأَتِهِ وَلَا مَقَالَ لِلْحُرِّ فِي امْرَأَتِهِ الْأَمَةِ لِأَنَّ مَالَهَا لِسَيِّدِهَا وَقَالَ أَصْبَغُ: العَبْد كَالْحرِّ لِأَنَّهُ يتجمل بِالْمَالِ وَقَالَ مَالِكٌ (فَرْعٌ) قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: إِذَا أَرَادَ الزَّوْجُ الْخُرُوجَ بِامْرَأَتِهِ إِلَى بَلَدٍ وَلَهَا عَلَيْهِ دَيْنٌ حَلَّ أَوْ قَارَبَ الْحُلُولُ أم لم يُقَارب وَقَالَت: لَا أخرج هَا هُنَا بَيْتِي فَلهُ الْخُرُوج بهَا وتطلبه بالدّين حَيْثُمَا حَلَّ وَإِنْ طَلَبَتْ كِتَابًا مِنَ الْقَاضِي بِمَا ثَبَتَ مِنْ دَيْنِهَا فَذَلِكَ لَهَا إِنْ كَانَ قَرِيبا بِخِلَاف الْبعد نَظَائِرُ: قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: سَبْعَةٌ يَخْتَصُّ تَصَرُّفُهُمْ بِالثُلُثِ ذَاتُ الزَّوْجِ وَالْمَرِيضُ وَالْحَامِلُ فِي سِتَّةٍ وَالزَّاحِفُ فِي الصَّفِّ وَالْمَحْبُوسُ لِلْقَتْلِ وَالْمُقْتَصُّ مِنْهُ فِي جِرَاحٍ أَوْ سَرِقَةٍ أَوْ ضَرْبٍ مِمَّا يُخَافُ عَلَيْهِ الْمَوْتُ وَرَاكِبُ الْبَحْرِ عَلَى خِلَافٍ فِيهِ السَّبَبُ السَّادِسُ الرِّدَّةُ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِنْ قُتِلَ الْمُرْتَدُّ أَوِ الْمُرْتَدَّةُ لَمْ يُنَفَّذْ بيعُهما فِي زَمَنِ الرِّدَّةِ وَلَا شِرَاؤُهُمَا لِأَنَّ نُفُوذَ التَّصَرُّفِ إِنَّمَا هُوَ لِتَحْصِيلِ مَصَالِحِ الْحَيَاةِ وَالْمُرْتَدُّ مُرَاقُ الدَّمِ وَيُوقَفُ مَالُهُمَا وَيُطْعَمَانِ مِنْهُ وَإِنْ عَامَلَا بَعْدَ الْحَجْرِ فَلَحِقَهُمَا دَيْنٌ لَمْ يَلْحَقْ مَالَهُمَا وَلَا فِيمَا

فرع

مَلَكَاهُ بِهِبَةٍ أَوْ غَيْرِهَا إِنْ قُتِلَا بِالرِّدَّةِ وَإِنْ أَسْلَمَا كَانَ ذَلِكَ فِي مَالِهِ وَمَا رَبِحَ مِنْ تِجَارَتِهِ فِي الرِّدَّةِ فَفِي مَالِهِ فَإِنْ جُهِلَتْ ردتُه سِنِينَ وَدَايَنَ النَّاسَ جَازَ عَلَيْهِ لِطُولِ أَمْرِهِ قَالَ التُّونُسِيُّ: بَيْعُ الْمُرْتَدِّ وَشِرَاؤُهُ إِذَا لَمْ يُعلم بِهِ وَلَا حُجِرَ عَلَيْهِ جَائِزٌ حَتَّى يُوقَفَ وَيُحْجَرَ عَلَيْهِ فَيَكُونَ الْأَمْرُ مَوْقُوفًا فَإِنْ قُتِلَ رُدَّ فِعْلُهُ وَإِنْ أَسْلَمَ مَضَى وَفِي الْجَوَاهِرِ: يَجْرِي الْخِلَافُ فِي الْمُرْتَدِّ إِذَا بَاعَ قَبْلَ الْحَجْرِ قِيَاسًا عَلَى الْمُهْمَلِ (فَرْعٌ) قَالَ فِي النَّوَادِرِ قَالَ ابْنُ عبد الحكم: لَا يقْضِي الإِمَام على الْمُرْتَدِّ إِلَّا مَا حَلَّ مِنْ دُيُونِهِ فَإِذَا قُتل حَلَّ الْمُؤَجَّلُ ويُحاصص فِي مَالِهِ بِالْحَالِّ وَالْمُؤَجَّلِ وَلَوْ أَسْلَمَ بَقِيَ الْأَجَلُ عَلَى حَالِهِ وَلِمَنْ حَلَّ دَيْنُهُ قَبَضَهُ مِنْهُ بِخِلَافِ الْمُفَلَّسِ وَلَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ سُمِعَتِ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ وَلَا يَحِلُّ مُؤَجَّلُهُ بِخِلَافِ الْمُفَلَّسِ لِأَنَّ خَرَابَ الذِّمَّة هَا هُنَا بِطَرِيقِ الْعَرَضِ وَلَا يَكُونُ وَاجِدُ سِلْعَتِهِ أَحَقَّ بِهَا بِخِلَافِ الْمُفَلَّسِ لِذَلِكَ وَإِذَا مَاتَ مُرْتَدٌّ فَمَاله فَيْء بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم (كِتَابُ الْغَصْبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ) الْغَصْبُ لُغةً قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: أَخذ الشَّيْء ظلما تَقول: غَصَبَهُ مِنْهُ وَعَلَيْهِ سَوَاءٌ وَالِاغْتِصَابُ مِثْلُهُ وَفِي اصْطِلَاحِ الْعُلَمَاءِ: أَخْذُهُ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ: التَّعَدِّي عَلَى رِقَابِ الْأَمْوَالِ سَبْعَةُ أَقْسَامٍ لِكُلٍّ مِنْهَا حُكْمٌ يَخُصُّهُ وَهِيَ كُلُّهَا مُجْمَعٌ عَلَى تَحْرِيمِهَا وَهِيَ: الحِرابة وَالْغَصْبُ وَالِاخْتِلَاسُ وَالسَّرِقَةُ وَالْخِيَانَةُ وَالْإِدْلَالُ وَالْجَحْدُ فَجَعَلَ الظُّلْمَ فِي الْأَخْذِ أَنْوَاعًا مُتَبَايِنَةً وَيَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِهِ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أموالكن بَيْنكُم بِالْبَاطِلِ} وقَوْله تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سعيرا} وَقَوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي مُسْلِمٍ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فِي خُطْبَةِ يَوْمِ النَّحْرِ: (إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا) سُؤَالٌ: الْمُشَبَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ أَخْفَضَ رُتْبَةً مِنَ الْمُشَبَّهِ بِهِ فَكَيْفَ حُرْمَةُ الدِّمَاءِ وَمَا مَعَهَا بِحُرْمَةِ الْبَلَدِ مَعَ انْحِطَاطِهَا عَنِ الْمَذْكُورَاتِ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ بِكَثِيرٍ

جَوَابُهُ: أنَّ التَّشْبِيهَ وَقَعَ بِحَسَبِ اعْتِقَادِهِمْ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يعظمون الْبَلَد والشهر الْمشَار إِلَيْهِمَا ويحتقرون الامور الْمَذْكُورَة وَقَوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (مَنْ غَصبَ شِبْرًا مَنْ أَرْضٍ طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ) // (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) // فَائِدَةٌ: تَدُلُّ عَلَى أَن الْعقار يُمكن عصبه خِلَافًا لِ (ح) فَائِدَةٌ: قَالَ الْعُلَمَاءُ: لَمْ يَرِدْ فِي السَّمْعِيَّاتِ مَا يَدُلُّ عَلَى تَعَدُّدِ الْأَرَضِينَ إِلَّا قَوْله تَعَالَى {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سبع سماوات وَمن الأَرْض مِثْلهنَّ} وَهَذَا الحَدِيث قيل الْمِثْلِيَّةُ فِي الْعِظَمِ لَا فِي الْعَدَدِ فَلَا دَلَالَةَ إِذَنْ فِي الْآيَةِ فَائِدَةٌ: قَالَ الْبَغَوِيُّ: قِيلَ: طُوِّقَهُ أَيْ كُلِّفَ حَمَلَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا طَوْقُ التَّقْلِيدِ وَقِيلَ: تُخْسَفُ الْأَرْضُ بِهِ فَتَصِيرُ الْبُقْعَةُ الْمَغْصُوبَةُ فِي حَلْقِهِ كَالطَّوْقِ قَالَ: وَهَذَا أَصَحُّ لِمَا فِي الْبُخَارِيِّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (مَنْ أَخَذَ مِنَ الْأَرْضِ شِبْرًا بِغَيْرِ حَقِّهِ خُسِف بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى سَبْعِ أَرَضِينَ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: الْغَصْبُ لُغَةً أَخْذُ كُلِّ مِلْكٍ بِغَيْرِ رِضَا صَاحِبِهِ عَيْنًا أَوْ مَنْفَعَةً وَكَذَلِكَ التَّعَدِّي سِرًّا أَوْ جَهْرًا وَشَرْعًا: أَخْذُ الْأَعْيَانِ الْمَمْلُوكَاتِ بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِهَا قَهْرًا مِنْ ذِي الْقُوَّة وَالتَّعَدِّي عُرْفًا أَخْذُ الْعَيْنِ وَالْمَنْفَعَةِ كَانَ لِلْمُتَعَدِّي يَدٌ أَمْ لَا بِإِذْنٍ أَمْ لَا كَالْقِرَاضِ والوديعة والصاع والبضائع وَالْإِجَارَة والعواري وَالْفرق بنيهما فِي الْفِقْهِ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: الْغَاصِبُ يَضْمَنُ يَوْمَ وضعِ الْيَدِ وَالْمُتَعَدِّي يَوْمَ التَّعَدِّي وَإِنْ تَقَدَّمَتِ الْيَدُ وَثَانِيهَا: الْغَاصِبُ لَا يَضْمَنُ إِذَا رَدَّ الْعَيْنَ سَالِمَةً بِخِلَافِ الْمُتَعَدِّي وَإِنْ كَانَ ابْن الْقَاسِم

فرع

جَعَلَ الْغَاصِبَ كَالْمُتَعَدِّي إِذَا أَمْسَكَهَا عَنْ أَسْوَاقِهَا أَوْ حَتَّى نَقَصَتْ قِيمَتُهَا وَثَالِثُهَا: الْغَاصِبُ يَضْمَنُ الْفَسَادَ الْيَسِيرَ دُونَ الْمُتَعَدِّي وَرَابِعُهَا: عَلَى الْمُتَعَدِّي كراءُ مَا تعدَّى عَلَيْهِ عِنْدَ مَالِكٍ دُونَ الْغَاصِبِ وَقَالَ غَيْرُهُ: الْغَصْبُ: رَفْعُ الْيَدِ الْمُسْتَحَقَّةِ وَوَضْعُ الْيَدِ الْعَادِيَّةِ قَهْرًا وَقِيلَ: وَضْعُ الْيَدِ الْعَادِيَّةِ قَهْرًا وَيُبْنَى عَلَى التَّعْرِيفَيْنِ أَنَّ الْغَاصِبَ مِنَ الْغَاصِبِ غَاصَبَ عَلَى الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ لِكَوْنِهِ لَمْ يَرْفَعِ الْيَدَ الْمُسْتَحِقَّةَ (فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ: أَخْذُ الْمَالِ بِغَيْرِ حَقٍّ يُكَفِّرُ مُسْتَحِلَّهُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ لِكَوْنِهِ مُجْمَعًا عَلَيْهِ ضَرُورِيًّا فِي الدِّينِ وَيَسْتَوِي فِي الْغَصْبِ وَرَوَى مَالِكٌ مُرْسَلًا وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (من أحيى أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ وَلَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ) فَرُوِيَ بِالتَّنْوِينِ فِي (عِرْقٍ) عَلَى النَّعْتِ وَبِعَدَمِهِ عَلَى الْإِضَافَةِ قَالَهُ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ وَفِي النُّكَتِ عِرْقُ الظَّالِمِ مَا يُحْدِثُهُ فِي الْمَغْصُوبِ قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ: الْعُرُوقُ أَرْبَعَةٌ: ظَاهِرَانِ: الْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ وَبَاطِنَانِ فِي الْأَرْضِ: الْآبَارُ وَالْعُيُونُ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ: (لَا يحلبَن أَحَدُكُمْ مَاشِيَةَ أَخِيهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ أيُحب أَحَدُكُمْ أَنْ تُؤْتَى (مَشْرَبَتُهُ فَتُكْسَرَ) خزائنه فينقل طَعَامه؟ فَإِنَّهُم تَخزِن لَهُمْ ضُرُوعُ مَوَاشِيهِمْ أَطْعِمَتَهُمْ فَلَا يَحْلِبَنَّ أَحَدُكُمْ مَاشِيَةَ أَخِيهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ)

(الباب الأول في الضمان)

فَائِدَةٌ: الْمَشْرَبَةُ: الْغُرْفَةُ يُوضَعُ بِهَا الْمَتَاعُ وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ إِلَّا فِي حَالَةِ الِاضْطِرَارِ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ: يَجُوزُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ مُطْلَقًا لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَعَلَ ذَلِكَ فِي خُرُوجِهِ لِلْمَدِينَةِ وَهُوَ - عِنْدَنَا - مَحْمُولٌ عَلَى عَادَةٍ وَضَرُورَةٍ وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ: يُبَاحُ لِابْنِ السَّبِيلِ أَكْلُ ثِمَارِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ نَقَلَهُ صَاحِبُ التَّمْهِيدِ بِنَاءً عَلَى فعله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حَدِيثِ ابْنِ التَّيِّهَانِ الَّذِي قَالَ فِيهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (لَتُسْأَلُنَّ عَنْ نَعِيمِ يَوْمِكُمْ هَذَا) وَجَوَابُهُ: أَنَّ ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ لِأَنَّ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ أخرجه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِنْ بَيْتِهِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ: الْجُوعُ أَوْ لِقُوَّةِ إدلاله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَى صَاحِبِ الْمَكَانِ فَإِنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا رَضِيَ الله عَنْهُم مَعَه أعظم من ذَلِك وَفِي الْكِتَابِ بَابَانِ: (الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي الضَّمَانِ) وَأَرْكَانُهُ أَرْبَعَةٌ: الرُّكْنُ الْأَوَّلُ: الْمُوجِبُ وَفِي الْجَوَاهِرِ: أَسبَاب الضَّمَان ثَلَاثَة التفويت مُبَاشرَة والتسب وَالْيَدُ غَيْرُ الْمُؤْمَنَةِ فَيَنْدَرِجُ الْغَاصِبُ وَالْمُتَعَدِّي وَالْمُسْتَامُّ إِذَا تَلِفَ تَحْتَ يَدِهِ وَهِيَ خَيْرٌ مِنْ قَوْلِهِمْ: الْيَدُ الْعَادِيَّةُ لِأَنَّهَا لَا تَعُمُّ وَحَدُّ الْمُبَاشَرَةِ: اكْتِسَابُ عِلَّةِ التَّلَفِ وَهِيَ مَا يُقَالُ عَادَةً: حَصَلَ الْهَلَاكُ بِهَا مِنْ غَيْرِ تَوَسُّطٍ وَالسَّبَبُ: مَا يَحْصُلُ الْهَلَاكُ عِنْدَهُ بِعِلَّةٍ أُخْرَى إِذَا كَانَ السَّبَبُ هُوَ الْمُقْتَضِيَ لِوُقُوعِ

الْفِعْلِ بِتِلْكَ الْعِلَّةِ كَحَفْرِ الْبِئْرِ فِي مَحَلِّ عدوان فتتردى فِيهِ بهمية أَو غَيرهَا فَإِن أرادها غَيْرُ الْحَافِرِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُرْدِي تَقْدِيمًا لِلْمُبَاشَرَةِ عَلَى السَّبَبِ وَيُضْمَنُ الْمُكْرَهُ عَلَى إِتْلَافِ الْمَالِ لِأَن الْإِكْرَاه سَبَب وعَلى فاتح الفقص بِغَيْرِ إِذْنِ رَبِّهِ فَيَطِيرُ مَا فِيهِ حَتَّى لَا يُقْدَرَ عَلَيْهِ وَالَّذِي حَلَّ دَابَّةً مِنْ رِبَاطِهَا أَوْ عَبْدًا مُقَيَّدًا خَوْفَ الْهَرَبِ فَيَهْرُبُ لِأَنَّهُ مُتَسَبِّبٌ كَانَ الطَّيَرَانُ وَالْهَرَبُ عُقَيْبَ الْفَتْحِ وَالْحَلِّ أَوْ بَعْدَهُ وَكَذَلِكَ السَّارِقُ يَتْرُكُ الْبَابَ مَفْتُوحًا وَمَا فِي الدَّارِ أَحَدٌ وَالْفَاتِحُ دَارًا فِيهَا دَوَابُّ فَتَهْرُبُ وَلَيْسَ فِيهَا أَرْبَابُهَا ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا لِوُجُودِ الْحَافِظِ وَقَالَ أَشْهَبُ: إِنْ كَانَتِ الدَّوَابُّ مُسْرَجَةً ضَمِنَ وَإِنْ كَانَ رَبُّ الدَّارِ فِيهَا لِتَيَسُّرِ الْخُرُوجِ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْفَتْحِ وَفِي كِتَابِ اللُّقَطَةِ: لَوْ كَانَ رَبُّهَا فِيهَا نَائِمًا لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ تَرَكَ الْبَابَ مَفْتُوحًا فَخَرَجَتِ الدَّوَابُّ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا أَرْبَابُهَا قَالَ التُّونُسِيُّ: الضَّمَانُ وَإِنْ كَانَ أَرْبَابهَا فِيهَا لأهم اعْتَمَدُوا عَلَى الْبَابِ فَهُوَ الْمُتَسَبِّبُ فِي ذَهَابِ الدَّوَابِّ وَوَافَقَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ فِي هَذَا وَنَحْوِهِ وَقَالَ (ش) : إِذَا طَارَ الْحَيَوَانُ عُقَيْبَ الْفَتْحِ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ (ح) : لَا يَضْمَنُ إِلَّا فِي الزِّقِّ إِذَا حَلَّهُ فَيَتَبَدَّدُ مَا فِيهِ وَبِخِلَافِ الْمُتَرَدِّي فَإِنَّ الْمُتَرَدِّيَ فِي الْبِئْرِ لَا يَقْصِدُ التَّرَدِّيَ وَالْحَيَوَانُ مُسْتَقِلٌّ بِإِرَادَةِ الْحَرَكَةِ وَقَالَ (ش) : لَو حل وكاء الزق المنتصب فَطَرَحَتْهُ الرِّيحُ فَلَا ضَمَانَ لِأَنَّ الْإِتْلَافَ بِسَبَبِ الرِّيحِ وَهِيَ غَيْرُ مَعْلُومَةِ الْحَرَكَةِ فَلَا ضَمَانَ فِي أَي زمَان تكون وَإِذا تَحَرَّكَتْ فَغَيْرُ مَعْلُومَةِ النُّهُوضِ لِلْإِرَاقَةِ بِخِلَافِ حَرِّ الشَّمْسِ أَذَابَتَهَا فِي الزِّقِّ لِأَنَّهُ مَعْلُومُ الْحُصُولِ فَالتَّغْرِيرُ فِيهِ مُتَعَيَّنٌ فَيَضْمَنُ لَنَا: قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاس} وَهَذَا ظَالِمٌ فَيَكُونُ عَلَيْهِ السَّبِيلُ وَلَا سَبِيلَ بِالْإِجْمَاعِ إِلَّا الْغُرْمُ فَيَغْرَمُ أَوْ نَقُولُ: فَيَنْدَرِجُ الْغُرْمُ فِي عُمُومِ السَّبِيلِ فَيَغْرَمُ وقَوْله تَعَالَى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتدى عَلَيْكُم}

فمقتضاه: أَن لَهُ يفتح قَفَصًا كَمَا فَتَحَ فَيَذْهَبُ مَالُهُ لَكِنْ سَقَطَ فَتْحُ الْقَفَصِ بِالْإِجْمَاعِ وَبَقِيَ غُرْمُ الْمَالِ عَلَى أَصْلِ الْوُجُوبِ وَالْقِيَاسُ عَلَى حَلِّ الزِّقِّ وَالتَّرَدِّي فِي الْبِئْرِ أَوْ عَلَى مَا إِذَا فَتَحَ الْقَفَصَ وَهَيَّجَهُ فَطَارَ أَوْ فَتَحَ بَابَ مُرَاحِهِ فَخَرَجَتِ الْمَاشِيَةُ فَأَفْسَدَتِ الزَّرْعَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ احْتَجُّوا بِأَنَّهُ إِذَا اجْتَمَعَ السَّبَبُ وَالْمُبَاشَرَةُ اعْتُبِرَتِ الْمُبَاشَرَةُ دُونَهُ وَالطَّيْرُ مُبَاشِرٌ بِاخْتِيَارِهِ لِحَرَكَةِ نَفْسِهِ كَمَنْ حَفَرَ بِئْرًا عُدْوَانًا فَدَفَعَ غَيْرُ الْحَافِرِ فِيهَا إنْسَانا فَإِن لدافع يَضْمَنُ دُونَ الْحَافِرِ أَوْ طَرَحَ رَجُلٌ فِيهَا نَفْسَهُ وَالْحَيَوَانُ قَصْدُهُ مُعْتَبَرٌ بِدَلِيلِ جَوَارِحِ الصَّيْدِ إِنْ أَمْسَكَتْ لِأَنْفُسِهَا لَا يُؤْكَلُ الصَّيْدُ أَوْ لِلصَّائِدِ أُكِلَ وَالْجَوَابُ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الطَّائِرَ مُخْتَارٌ لِلطَّيَرَانِ وَلَعَلَّهُ حِينَئِذٍ كَانَ يَخْتَارُ لِانْتِظَارِ الْعلف أَو خوف الكواسر وَإِمَّا طَارَ خَوْفًا مِنَ الْفَاتِحِ فَيَصِيرُ مُلْجَأً لِلطَّيَرَانِ وَإِذَا جَازَ وَجَازَ وَالتَّسَبُّبُ مَعْلُومٌ فَيُضَافُ الضَّمَانُ إِلَيْهِ كَمَا يَجِبُ عَلَى حَافِرِ الْبِئْرِ يَقَعُ فِيهَا حَيَوَانٌ مَعَ إِمْكَانِ اخْتِيَارِهِ لِنُزُولِهَا لِتَفْرِيخِ خَلْقِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الصَّيْد يُؤْكَلُ إِذَا أَكَلَ مِنْهُ الْجَارِحُ سَلَّمْنَاهُ لَكِنَّ الضَّمَانَ يَتَعَلَّقُ بِالسَّبَبِ الَّذِي تَوَصَّلَ بِهِ الطَّائِرُ لِمَقْصِدِهِ كَمَنْ أَرْسَلَ بَازِيًّا عَلَى طَيْرِ غَيْرِهِ فَقَتَلَهُ الْبَازِيُّ بِاخْتِيَارِهِ فَإِنَّ الْمُرْسِلَ يَضْمَنُ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَقْتَضِي اعْتِبَارَ اخْتِيَارِ الْحَيَوَانِ ثُمَّ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْفَتْحَ سَبَبٌ مُجَرَّدٌ بَلْ هُوَ فِي مَعْنَى الْمُبَاشَرَةِ لِمَا فِي طَبْعِ الطَّائِرِ مِنَ النُّفُورِ مِنَ الْآدَمِيِّ وَأَمَّا إِلْقَاءُ غَيْرِ حَافِرِ الْبِئْرِ إِنْسَانًا أَوْ إِلْقَاؤُهُ هُوَ لِنَفْسِهِ فَالْفَرْقُ: أَنَّ قَصْدَ الطَّائِرِ وَنَحْوِهِ ضَعِيفٌ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (جُرْحُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ) وَالْآدَمِيُّ يَضْمَنْ قَصَدَ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ

فرع

(فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: مَوْتُ الْحَيَوَانِ وَانْهِدَامُ الْعَقَارِ بِفَوْرِ الْغَصْبِ أَوْ بَعْدَهُ بِغَيْرِ سَبَبِ الْغَاصِبِ يَضْمَنُهُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْغَصْبِ تَمْهِيدٌ وَفِيهِ قَاعِدَةٌ أُصُولِيَّةٌ وَهِيَ: أَنَّ تَرَتُّبَ الْحُكْمِ عَلَى الْوَصْفِ يدل على علية ذَلِك الْوَصْف لذَلِك الحكم وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تَرُدَّهُ) فِيهِ لَفْظُ عَلَى الدَّالُّ عَلَى اللُّزُومِ وَالْوُجُوبِ وَقَدْ رَتَّبَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى وَصْفِ الْأَخْذِ فَيَكُونُ وَضْعُ الْيَدِ لِلْأَخْذِ سَبَبَ الضَّمَانِ وَلَنَا: قَاعِدَةٌ أُخْرَى أُصُولِيَّةٌ فِقْهِيَّةٌ وَهِيَ: أَنَّ الْأَصْلَ: تَرَتُّبُ الْمُسَبَّبَاتِ عَلَى أَسْبَابِهَا مِنْ غَيْرِ تَرَاخٍ فَيَتَرَتَّبُ الضَّمَانُ حِينَ وَضْعِ الْيَدِ فَلِذَلِكَ ضَمِنَّا بِوَضْعِ الْيَدِ وَأَوْجَبْنَا الْقِيمَةَ حِينَئِذٍ (فَرْعٌ) قَالَ: اسْتَعَارَ دَابَّةً إِلَى منزله فبلغها ثُمَّ تَنَحَّى قُرْبَهَا فَنَزَلَ فِيهِ فَهَلَكَتْ فِي رُجُوعهَا فَإِنْ كَانَ مَا تَنَحَّى إِلَيْهِ مِنْ مُعَادِ النَّاسِ لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ جَاوَزَ مَنَازِلَ النَّاسِ ضَمِنَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ أَصْبَغُ: إِنْ كَانَتِ الزِّيَادَةُ لَا خِيَارَ لِرَبِّهَا فِيهَا إِذَا سَلِمَتْ ثُمَّ رَجَعَ بِهَا سَالِمَةً إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي تَكَارَى إِلَيْهِ فَمَاتَتْ أَوْ مَاتَتْ فِي الطَّرِيقِ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي تَكَارَى إِلَيْهِ فَلَيْسَ إِلَّا كَرَاءُ الزِّيَادَةَ لِاسْتِيفَائِهِ مَنْفَعَةَ الزِّيَادَةِ وَضَعُفَ التَّعَدِّي لِعَدَمِ الْخِيَارِ وَكَرَدِّهِ لِمَا تَلِفَ مِنَ الْوَدِيعَةِ وَلَوْ كَانَتِ الزِّيَادَةُ يَسِيرَةً لَمْ تُعِنْ عَلَى الْهَلَاكِ فَهَلَكَتْ بَعْدَ رَدِّهَا إِلَى الْمَوْضِعِ الْمَأْذُونِ بِغَيْرِ صُنْعِهِ فَهُوَ كَهَلَاكِ تَسَلُّفِ الْوَدِيعَةِ بَعْدَ رَدِّهِ وَإِنْ كَانَتِ الزِّيَادَةُ مِمَّا تُعِينُ على الْهَلَاك كَالْيَوْمِ فَإِن لَا يضمن فِي ذَلِك لَو

فرع

ردهَا لحالها فَإِنَّهُ يضمن هَا هُنَا لِإِعَانَتِهَا عَلَى الْهَلَاكِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: يُعَاقَبُ مُدَّعِي الْغَصْبِ عَلَى مَنْ لَا يُتَّهَمُ بِهِ لِجِنَايَتِهِ عَلَى عَرْضِهِ مَعَ تَكْذِيبِهِ بِظَاهِرِ الْحَالِ وَالْمُتَّهَمُ يَنْظُرُ فِيهِ الْإِمَامُ وَيُحَلِّفُهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَعْتَرِفَ فَإِنْ نَكَلَ لَمْ يَقْضِ عَلَيْهِ حَتَّى تُرَدَّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي كَمَا تُرَدُّ فِي الْحُقُوقِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: الَّذِي يَلِيقُ بِهِ ذَلِكَ يُهَدَّدُ وَيُسْجَنُ وَيَحْلِفُ وَلَا يُهَدَّدُ فِيمَا لَا يَعْرِفُ بِعَيْنِهِ لِأَنَّ إِخْرَاجَهُ لَا يُوجِبُ أَخْذَهُ حَتَّى يُقِرَّ آمِنًا وَإِذَا أَقَرَّ مُكْرَهًا فِي الْمعِين أَفَادَ لِأَنَّهُ مَعْرُوف فكيفما ظفر بِهِ أَخذ وَإِن مِنْ أَوْسَاطِ النَّاسِ لَا يَلِيقُ بِهِ ذَلِكَ لَا يُحَلَّفُ وَلَا يَلْزَمُ رَامِيَهِ بِذَلِكَ شَيْءٌ أَو من أجل الْخَيْرِ أُدِّبَ لِأَنَّهُ ظَاهِرُ الْحَالِ يُكَذِّبُهُ وَمَنَعَ أَشْهَبُ التَّأْدِيبَ وَالْيَمِينَ مُطْلَقًا إِذَا لَمْ يُحَقَّقْ عَلَيْهِ الدَّعْوَى لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ سَبَبِ ذَلِكَ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ قَالَ: غَصَبْتُكَ هَذَا الْخَاتَمُ وَفَصُّهُ لِي أَوْ هَذِهِ الْجُبَّةُ وَبِطَانَتُهَا لِي أَوْ هَذِهِ الدَّارُ وَبِنَاؤُهَا لِي لَمْ يُصَدَّقْ إِلَّا أَن يكون نسقاً ومؤاخذة لَهُ بِإِقْرَارِهِ وَالرُّجُوعُ عَنِ الْإِقْرَارِ غَيْرُ مَسْمُوعٍ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ مَالِكٌ: إِذَا بَنَيْتَ فِي أَرْضِهِ وَهُوَ حَاضِرٌ يَرَاكَ ثُمَّ نَازَعَكَ فَلَكَ قِيمَةُ مَا أَنْفَقْتَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عدم الرِّضَا قَالَ ابْن الْقَاسِم: ذَلِك فيا فِي أَرض وَحَيْثُ لَا يُظَنُّ أَنَّ تِلْكَ الْأَرْضَ لِأَحَدٍ وَلَوْ بَنَى أَيْضًا فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْمَكَانِ الَّذِي يَجُوزُ إِحْيَاءُ مِثْلِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ صَاحِبُهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِخْرَاجُهُ إِلَّا أَنْ يَغْرَمَ الْقِيمَةَ مَبْنِيَّةً وَأَمَّا الْمُتَعَدِّي فَيُهْدَمُ بِنَاؤُهُ وَيُقْلَعُ غَرْسُهُ إِلَّا أَنْ يُعْطِيَ الْمَالِكَ قِيمَتَهُ

فرع

مَقْلُوعًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَوْ بَنَى أَوْ غَرَسَ فِي أَرْضِ امْرَأَتِهِ أَوْ دَارِهَا ثُمَّ يَمُوتُ أَحَدُهُمَا فَلِلزَّوْجِ أَوْ لِوَرَثَتِهِ عَلَى الزَّوْجَةِ أَوْ وَرَثَتِهَا قِيمَةُ الْبِنَاءِ مَقْلُوعًا وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ فِيمَا غَرَسَ مِنْ مَالِ امْرَأَتِهِ حَالُ الْمُرْتَفِقِ بِالْعَارِيَةِ يَغْرِسُ فِيهَا أَوْ يَبْنِي إِلَّا أَنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِإِنْفَاقِهِ فِي ذَلِكَ مِنْ مَاله فَكَيْفَ الْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ فَإِنِ ادَّعَتْ أَنَّهُ مِنْ مَالِهَا مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ حَلَفَ أَوْ مَنْ يُظَنُّ بِهِ الْعِلْمُ مِنْ بَالِغِي وَرَثَتِهِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ دَعْوَاهَا وَأَخَذَ النَّقْضَ وَلَهَا إِعْطَاءُ قِيمَتِهِ مَقْلُوعًا (فَرْعٌ) قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إِذَا بَنَيْتَ فِي أَرْضِكَ الْمُشْتَرَكَةِ أَوْ غَرَسْتَ فَلْتَقْتَسِمَا فَإِنْ صَارَ بِنَاؤُكَ فِيمَا وَقَعَ لَكَ فَهُوَ لَكَ وَعَلَيْكَ كِرَاءُ حِصَّةِ شَرِيكِكَ فِيمَا خَلَا أَوْ فِيمَا وَقَعَ لَهُ خُيِّرَ فِي إِعْطَائِكَ قِيمَةَ ذَلِكَ مَقْلُوعًا أَوْ إِخْلَاءِ الْأَرْضِ وَلَهُ عَلَيْكَ مِنَ الْكِرَاءِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ خِلَافُ هَذَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَكَذَلِكَ لَوْ بَنَى أَحَدُ الْوَرَثَةِ قَبْلَ الْقَسْمِ وَإِنِ اسْتَغَلَّ الثَّانِي مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا قَبْلَ الْقَسْمِ وَهُمْ حُضُورٌ فَلَا شَيْءَ لَهُمْ وَكَانُوا أَذِنُوا لَهُ وَإِنْ كَانُوا غَيْبًا فَلَهُمْ بِقَدْرِ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْبِنَاءِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَكَذَلِكَ الشَّرِيكُ إِذَا كَانَ حَاضِرًا لَا يُنْكِرُ فَهُوَ كَالْإِذْنِ وَيُعْطِيهِ قِيمَةَ الْبِنَاءِ قَائِمًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: بَلْ مَقْلُوعًا ومنشأ الْخلاف: هَل السُّكُوت من الْحَاضِر الْعلم إِذْنٌ أَمْ لَا؟ وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي الْبَانِي فِي أَرْضِ زَوْجَتِهِ (فَرْعٌ) قَالَ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي رَجُلَيْنِ تَدَاعَيَا فِي أَرْضٍ فَزَرَعَهَا أَحَدُهُمَا فَنَبَتَتْ فَقَلَبَ الْآخَرُ مَا نَبَتَ وَزَرَعَ غَيْرُهُ ثُمَّ نَبَتَتْ لِلْأَوَّلِ فِي أَوَانِ الْحَرْثِ فَلَهُ الْكِرَاءُ عَلَى الثَّانِي لِأَنَّهُ غَيْرُ غَاصِبٍ وَالزَّرْعُ لِلثَّانِي وَعَلَيْهِ قِيمَةُ بَذْرِ الْأَوَّلِ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ وَإِنْ أَنْبَتَتِ الِاسْتِحْقَاقُ بَعْدَ الْإِبَّانِ فَلَا كِرَاءَ لَهُ عَلَى الثَّانِي وَالزَّرْعُ لِلثَّانِي وَعَلَى الثَّانِي قِيمَةُ بَذْرِ الْأَوَّلِ وَلَوْ كَانَ غَاصِبًا كَانَ لِرَبِّهَا فِي الْإِبَّانِ قَلْعُ الزَّرْعِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ أَخْذَ كِرَاءِ الْأَرْضِ إِذَا كَانَ قَدْ بَلَغَ النَّفْعُ بِهِ

فرع

(فَرْعٌ) قَالَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: فِي قَوْمٍ أَغَارُوا عَلَى مَنْزِلِ رَجُلٍ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ فَذَهَبُوا بِمَا فِيهِ وَلَا يشْهدُوا بِأَعْيَانِ الْمَنْهُوبِ لَكِنْ بِالْغَارَةِ وَالنَّهْبِ فَلَا يُعْطَى الْمُنْتَهَبُ مِنْهُ بِيَمِينِهِ وَإِنِ ادَّعَى مَا يُشْبِهُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ مُحْتَجًّا بِقَوْلِ مَالِكٍ فِي مُنْتَهِبِي الصُّرَّةِ يَخْتَلِفَانِ فِي عَدَدِهَا: إِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُنْتَهِبِ مَعَ يَمِينِهِ وَقَالَ مُطَرِّفٌ: يَحْلِفُ الْمُغَارُ عَلَيْهِ عَلَى مَا ادَّعَى إِنْ أَشْبَهَ أَنَّ مِثْلَهُ يَمْلِكُهُ وَإِذَا أَخَذَ وَاحِدٌ مِنَ الْمُغِيرِينَ ضَمِنَ جَمِيعَ مَا أَغَارُوا عَلَيْهِ مِمَّا تَثْبُتُ مَعْرِفَتُهُ أَوْ مَا حَلَفَ الْمُغَارُ عَلَيْهِ مِمَّا يُشْبِهُ مِلْكَهُ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ يُعِينُ بَعْضًا كَالسُّرَّاقِ وَالْمُحَارِبِينَ قَالَهُ مُطَرِّفٌ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: إِذَا أَقَرَّ بِغَصْبِ عَبْدٍ هُوَ وَرَجُلَانِ سَمَّاهُمَا فَصَدَّقَهُ رَبُّ الْعَبْدِ فَإِنَّ هَذَا يَضْمَنُ جَمِيعَ الْعَبْدِ وَلَا يَلْتَفِتُ إِلَى مَنْ غَصَبَ مَعَهُ إِلَّا أَنْ تَقُومَ عَلَيْهِمْ بَيِّنَةٌ أَوْ يُقِرُّوا وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ مَلِيًّا وَالْبَاقُونَ مَعْدُومُونَ أَخَذَ مِنَ الْمَلِيءِ جَمِيعَ الْعَبْدِ وَيَطْلُبُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: السُّلْطَانُ أَوِ الْوَالِي الْمَعْرُوفُ بِالظُّلْمِ فِي الْأَمْوَالِ يُدَّعَى عَلَيْهِ الْغَصْبُ لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ إِلَّا بِالْعُدُولِ كَغَيْرِهِ وَالْمَشْهُورُ بِالظُّلْمِ وَالِاسْتِطَالَةِ بِالسُّلْطَانِ عَلَى أَمْوَالِ النَّاسِ تَشْهَدُ الْبَيِّنَةُ الْعَادِلَةُ أَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ مَلَكَهُ وَأَنَّهُ فِي يَدِ هَذَا الظَّالِمِ وَلَا يَعْلَمُونَ بِأَيِّ طَرِيقٍ صَارَ إِلَيْهِ يَأْخُذُ الْمُدَّعِي إِلَى أَنْ يَشْهَدَ بِأَنَّهُ مِلْكُ الظَّالِمِ فَإِنْ شَهِدَ بِالْبَيْعِ وَقَالَ الْمُدَّعِي: بِعْتُ خَائِفًا وَهُوَ مِنْ أَهْلِ السَّطْوَةِ يُفْسَخُ الْبَيْعُ فَإِنِ ادَّعَى أَنَّهُ رد الثّمن مكْرها بالتهديد بَاطِنا يَحْلِفُ الظَّالِمُ وَيَبْرَأُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ذَلِكَ قَالَ سُحْنُونُ: إِذَا عَزَلَ الظَّالِمُ فِي الْأَمْوَالِ وَشَهِدَ بِمَا فِي يَدَيْهِ أَنَّهُ كَانَ مِلْكَ زَيْدٍ كُلِّفَ الظَّالِمُ الْبَيِّنَةَ بِمَا صَارَ إِلَيْهِ وَإِلَّا أَخذ مِنْهُ وَلَوْ شَهِدَ لِلظَّالِمِ

فرع

بِالْحِيَازَةِ عِشْرِينَ سَنَةً بِحَضْرَةِ الْمُدَّعِي لَا يُقْضَى لَهُ بذلك وَلَو مَاتَ أَقَامَ الْوَرَثَةُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ هَذِهِ الدُّورَ كَانَتْ لِأَبِيهِمْ لَا يُكَلَّفُوا الْبَيِّنَةَ بِأَيِّ طَرِيقٍ صَارَتْ إِلَيْهِ كَمَا كَانَ أَبُوهُمْ يُكَلَّفُ لِأَنَّهُ شَيْءٌ نَشَأَ فِي مِلْكِهِمْ كَالْغَاصِبِ فِي الْغَلَّةِ وَفِيمَا غَرَسَ حَتَّى تَقُومَ الْبَيِّنَةُ بِالْغَصْبِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ غَلَّةٌ وَيَأْخُذُ قِيمَةَ الْغَرْسِ قَائِمًا حَتَّى يَشْهَدَ بِالْغَصْبِ فَيَأْخُذَ قِيمَتَهُ مَقْلُوعًا وَيَرْجِعَ عَلَيْهِ بِالْغَلَّاتِ وَتَقْوَى أَمْرُ الْغَلَّةِ بِالْخِلَافِ فِيهَا (فَرْعٌ) قَالَ: قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: حِيَازَةُ الدَّارِ عِشْرِينَ سَنَةً مَعَ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ لَا يَمْنَعُ بَيِّنَةَ جَارِهِ أَنَّهُ غَصَبَهُ أَوْ عَلَى إِقْرَارِهِ بِالْغَصْبِ وَإِن كَانَ علما بِبَيِّنَة لِأَن الأَصْل هَذِهِ (الْحِيَازَة عُلِمَ فَإِنْ رَجَعَ الظَّالِمُ سَخِطَ الْقُدْرَةَ) يَقْدِرُ عَلَيْهِ أَوْ وَرِثَ ذَلِكَ وَرَثَتُهُ فَاقْتَسَمُوهُ بِحَضْرَتِهِ فَهُوَ عَلَى حَقِّهِ إِلَّا أَنْ يبيعوا أَو يصدقُوا أَو يهبوا وربه علام بِذَلِكَ لَا عُذْرَ لَهُ فَذَلِكَ إِذَا طَالَ مِنْ بَعْدِ هَذَا يَقْطَعُ حُجَّتَهُ وَلَا يَضُرُّ بَيِّنَةَ الْغَصْبِ تَرْكُ الْإِعْلَامِ بِمَا عِنْدَهُمْ بِالشَّهَادَةِ إِنْ كَانَ عَالِمًا بِهَا أَوْ غَيْرَ عَالِمٍ لَكِنَّ الظَّالِمَ لَا يُنْصَفُ مِنْهُ وَإِلَّا فَهِيَ سَاقِطَةٌ (فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا أَرْسَلَ نَارًا فِي أَرْضِهِ بِحَيْثُ لَا تَصِلُ فَوَصَلَتْ بِحَمْلِ الرِّيحِ لَمْ يَضْمَنْ لِعَدَمِ التَّغْرِيرِ أَوْ بِحَيْثُ تَصِلُ ضَمِنَ وَدِيَةُ مَنْ مَاتَ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَإِنْ أَغْفَلْتَ أَمْرَ مَاءِ أَرْضِكَ ضَمِنْتَ وَإِنْ كَانَ قَيِّمُكَ هُوَ الَّذِي يَلِي ذَلِكَ ضَمِنَ دُونَكَ وَإِنْ تَحَامَلَ الْمَاءُ عَلَى الْجُسُورِ بِغَيْرِ سَبَبٍ مِنْكَ لَمْ تَضْمَنْ قَالَ سُحْنُونٌ: إِنْ قَامُوا لِدَفْعِ النَّارِ عَنْ زَرْعِهِمْ فَمَاتُوا فَهُمْ هَدَرٌ

فرع

(فَرْعٌ) قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا شَهِدُوا بِغَصْبِ الْجَارِيَةِ دُونَ قِيمَتِهَا وَصَفَهَا الْغَاصِبُ وَقُوِّمَتْ قَالَ أَشْهَبُ: بِقِيمَتِهَا يَوْمَ الْغَصْبِ فَإِنْ لَمْ وصف بِصِفَةٍ جُعِلَتْ مِنْ أَوْضَعِ الْجَوَارِي لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنَ الزَّائِدِ وَإِذَا اخْتَلَفَا فِي الصِّفَةِ صُدِّقَ الْغَاصِبُ مَعَ يَمِينِهِ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِمَا يُشْبِهُ صُدِّقَ الْآخَرُ مَعَ يَمِينِهِ كَمَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُنْتَهِبِ لِلصُّرَّةِ فِي عَدَدِهَا قَالَ أَشْهَبُ: يُصَدَّقُ الْغَاصِبُ مَعَ يَمِينِهِ وَإِنِ ادَّعَى أَدْنَى الصِّفَاتِ إِنَّمَا يُرَاعِي الْأَشْبَهَ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي الثَّمَنِ وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ مَعْلُومَةُ الْحَالِ وَالْمَغْصُوبُ لَا يُعْلَمُ حَالُهُ إِلَّا بِمَا يُقِرُّ بِهِ الْغَاصِبُ (فَرْعٌ) قَالَ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: الشَّهَادَةُ بِغَصْبِ أَرْضٍ لَا يَعْرِفُونَ مَوْضِعَهَا بَاطِلَةٌ بِخِلَافِ التَّعْيِينِ مَعَ الْجَهْلِ بِالْحُدُودِ وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ حَتَّى يَبِينَ لَهُ حَقُّهُ وَلَا يُقْضَى لَهُ بَيِّنَة أَوْ إِقْرَار وَيَحْلِفُ الْمُقِرُّ أَنَّ هَذَا حَقُّكَ قَالَ أَصْبَغُ: أَوْ يَشْهَدُ غَيْرُهُمْ بِالْحُدُودِ فَيُقْضَى بِذَلِكَ فَإِنْ ضُيِّقَ عَلَيْهِ بِالسَّجْنِ وَغَيْرِهِ وَلَمْ يُقِرَّ بِشَيْءٍ حَلَفَ عَلَى الْجَمِيعِ كَمَا يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَتَسْقُطُ الشَّهَادَةُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِنْ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَانِ فِي الشِّرَاءِ وَالْغَصْبِ وَشُكَّتْ بَيِّنَةُ الشِّرَاءِ هَلْ هُوَ بَعْدَ الْغَصْب أم لَا تقدم الشِّرَاء لِأَنَّهُ كَانَ بَعْدَ فَقَدْ ثَبَتَ الْمِلْكُ أَوْ قَبْلُ فَشَهَادَةُ الْغَصْبِ بَاطِلَةٌ (فَرْعٌ) قَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ: إِذَا قُلْتَ لَهُ: أَغْلِقْ بَابَ دَارِي فَإِنَّ فِيهَا دَوَابِّي فَقَالَ: فَعَلْتُ وَلَمْ يَفْعَلْ مُتَعَمِّدًا لِلتَّرْكِ حَتَّى ذَهَبَتِ الدَّوَابُّ لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ امْتِثَالُ أَمْرِكَ وَكَذَلِكَ قَفَصُ الطَّائِرِ وَلَوْ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَدْخَلَ الدَّوَابَّ أَوِ الطَّائِرَ الْقَفَصَ وَتَرَكَهُمَا مَفْتُوحَيْنِ وَقَدْ قُلْتَ لَهُ: أَغْلِقْهُمَا لِضَمِنَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ نَاسِيًا لِأَنَّ مُبَاشَرَتَهُ لِذَلِكَ تُصَيِّرُهُ أَمَانَةً تَحْتَ حِفْظِهِ وَلَوْ قُلْتَ لَهُ: صُبَّ النَّجَاسَةَ مِنْ هَذَا الْإِنَاءِ فَقَالَ: فَعَلْتُ وَلَمْ يَفْعَلْ فَصَبَبْتَ مَائِعًا فَتَنَجَّسَ لَا يَضْمَنُ إِلَّا أَنْ يُصَبَّ هَذَا الْمَائِعُ لِمَا تَقَدَّمَ وَلَوْ قُلْتَ: احْرُسُ ثِيَابِي حَتَّى أَقُومَ مِنَ النَّوْمِ أَوْ أَرْجِعَ مِنَ

الْحَاجَةِ فَتَرَكَهَا فَسُرِقَتْ ضَمِنَ لِتَفْرِيطِهِ فِي الْأَمَانَةِ وَلَوْ غَلَبَ عَلَيْهِ نَوْمٌ قَهَرَهُ لَمْ يَضْمَنْ وَكَذَلِكَ لَوْ رَأَى أَحَدًا يَأْخُذُ ثَوْبَهُ غَصْبًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَا يَخَافُهُ وَهُوَ مُصَدَّقٌ فِي ذَلِك لِأَن بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ وَكَذَلِكَ يُصَدَّقُ فِي قَهْرِ النَّوْمِ لَهُ وَلَوْ قَالَ لَكَ: أَيْنَ أَصُبُّ زَيْتَكَ؟ فَقُلْتَ: انْظُرْ هَذِهِ الْجَرَّةَ إِنْ كَانَتْ صَحِيحَةً فَصُبَّ فِيهَا وَنَسِيَ النَّظَرَ إِلَيْهَا وَهِيَ مَكْسُورَةٌ ضَمِنَ لِأَنَّكَ لَمْ تَأْذَنْ لَهُ إِلَّا فِي الصَّبِّ فِي الصَّحِيحَةِ وَلَوْ قُلْتَ لَهُ: خُذْ هَذَا الْقَيْد فقيد هَذِهِ الدَّابَّةَ فَأَخَذَ الْقَيْدَ وَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى هَرَبَتِ الدَّابَّةُ لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّكَ لَمْ تَدْفَعِ الدَّابَّةَ بِخِلَافِ الطَّائِرِ هُوَ جَعْلُهُ فِي الْقَفَصِ فَلَوْ دَفَعْتَ إِلَيْهِ الدَّابَّةَ ضَمِنَ وَكَذَلِكَ لَوْ دَفَعْتَ إِلَيْهِ الْعَلَفَ وَالدَّابَّةَ فَتَرَكَ عَلَفَهَا ضَمِنَهَا وَلَوْ دَفَعْتَ إِلَيْهِ الْعَلَفَ وَحْدَهُ فَتَرَكَهَا بِلَا عَلَفٍ حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا وَعَطَشًا لَمْ يَضْمَنْ وَلَوْ قُلْتَ: تَصَدَّقْ بِهَذَا عَلَى الْمَسَاكِينِ فَتَصَدَّقَ بِهِ وَقَالَ: اشْهَدُوا أَنِّي تَصَدَّقْتُ بِهِ عَنْ نَفْسِي أَوْ عَنْ رَجُلٍ آخَرَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَشْهَبَ وَالصَّدَقَةُ عَنْكَ لِأَنَّهُ كَالْآلَةِ فَلَا تُعْتَبَرُ نِيَّتُهُ وَلَوْ قُلْتَ لَهُ شُدَّ حَوْضِي وصب فِيهِ رِوَايَة فَصَبَّهَا قَبْلَ الشَّدِّ ضَمِنَ لِأَنَّكَ لَمْ تَأْذَنْ لَهُ فِي الصَّبِّ إِلَّا بَعْدَ الشَّدِّ فَالصَّبُّ قَبْلَهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ بَعْدُ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ صَحِيحًا فَصَبَّ فِيهِ فَنَسِيَ أَوْ تَعَمَّدَ الصَّبَّ قَبْلَ النَّظَرِ وَكَذَلِكَ صَبَّ فِيهِ إِنْ كَانَ رُخَامًا فَصَبَّ فِيهِ وَهُوَ فَخَّارٌ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ: إِذَا قَالَ الصَّيْرَفِيُّ: هُوَ جَيِّدٌ وَهُوَ رَدِيءٌ ضَمِنَ لِأَنَّهُ غَرَرٌ وَلَمْ يُضَمِّنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ غَرَّ بِكَ يُؤَدَّبُ وَكَذَلِكَ يَجْرِي الْخِلَافُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِمَّا غَرَّ فِيهِ بِلِسَانِهِ وَلِمَالِكٍ فِي تَضْمِينِ الصَّيْرَفِيِّ إِذَا غُرَّ بِجَهْلِهِ قَوْلَانِ قَالَ سُحْنُونٌ: وَالصَّحِيحُ: التَّضْمِينُ إِذَا غر من نَفسه قَالَ ابْنُ دِينَارٍ: إِنْ أَخْطَأَ فِيمَا يُخْتَلَفُ فِيهِ لَمْ يَضْمَنْ أَوْ فِي الْبَيِّنِ الظَّاهِرِ ضَمِنَ لِتَقْصِيرِهِ وَلَوْ دَلَّ اللِّصَّ وَالْغَاصِبَ الْقَاهِرَ عَلَى مَالٍ فَلِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي تَضْمِينِ

فرع

الدَّارِ قَوْلَانِ وَإِنْ أَقَرَّ لَكَ بِالرِّقِّ وَالْمِلْكِ عَلَى أَنْ يُقَاسِمَكَ الثَّمَنَ فَفَعَلْتَ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ هَلَكَتْ ضَمِنَ هُوَ مَا أَتْلَفَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَقَالَهُ مُحَمَّدٌ فِي الْحُرِّ يُبَاعُ فِي الْمَغَانِمِ وَهُوَ سَاكِتٌ إِلَّا أَنْ يَجْهَلَ مِثْلُهُ ذَلِكَ وَاخْتُلِفَ فِيمَنِ اعْتَدَى عَلَى رَجُلٍ عِنْدَ السُّلْطَانِ الْمُتَجَاوِزِ إِلَى الظُّلْمِ فِي الْمَالِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَبْسُطْ يَدَهُ إِلَيْهِ وَلَا أَمَرَ بِشَيْءٍ بَلْ تَعَدَّى فِي تَقْدِيمِهِ إِلَيْهِ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ يَظْلِمُهُ (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ: لَوْ غَصَبَ السُّكْنَى فَقَطْ فَانْهَدَمَتِ الدَّارُ إِلَّا مَوْضِعَ سَكَنِهِ لَمْ يَضْمَنْ وَلَوِ انْهَدَمَ سَكَنُهُ ضَمِنَ الرُّكْنُ الثَّانِي: الْوَاجِبُ عَلَيْهِ وَهُوَ كُلُّ آدَمِيٍّ تَنَاوَلَهُ عَقْدُ الْإِسْلَامِ أَوِ الذِّمَّةُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تَرُدَّهُ) وَهُوَ عَامٌّ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ وَالْقَيْدُ الْأَوَّلُ احْتِرَازٌ مِنَ الْبَهِيمَةِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (جُرْحُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ) وَالْأَخِيرُ احْتِرَازٌ مِنَ الْحَرْبِيِّ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ الْمَغْصُوبُ فِي الْقَضَاءِ أَمَّا فِي الْفُتْيَا فَالْمَشْهُورُ مُخَاطَبَتُهُ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ فَيَضْمَنُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَيَبْقَى فِي الْحَدِّ الْعَامِدُ وَالْجَاهِلُ وَالْغَافِلُ وَالْعَبْدُ وَالْحُرُّ وَالذِّمِّيُّ لِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ عَلَى أَنَّ الْعَمْدَ وَالْخَطَأَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ سَوَاءٌ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ: يَسْتَوِي الْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ وَالْبَالِغُ وَالْأَجْنَبِيُّ وَالْقَرِيبُ إِلَّا الْوَالِدَ مِنْ وَلَدِهِ وَالْجَدَّ لِلْأَبِ مِنْ حَفِيدِهِ قِيلَ: لَا يُحْكَمُ لَهُ بِحُكْمِ الْغَصْبِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ) وَالْمُسْلِمُ مِنَ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ أَوِ الذِّمِّيُّ مِنَ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ ظَلَمَ

ذِمِّيًّا أَوْ مُعَاهَدًا لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ) وَيَجْتَمِعُ فِي الْغَصْبِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَحَقُّ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ إِلَّا الصَّغِيرُ لَا يُعَزَّرُ لِعَدَمِ التَّحْرِيمِ عَلَيْهِ وَقِيلَ: يُؤَدِّبُهُ الْإِمَامُ قَاعِدَةٌ: حَقُّهُ تَعَالَى: أَمْرُهُ وَنَهْيُهُ وَحَقُّ الْعَبْدِ مَصَالِحُهُ وَكُلُّ حَقٍّ لِلْعَبْدِ فَفِيهِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَهُوَ أَمْرُهُ بِإِيصَالِ ذَلِكَ الْحَقِّ لِمُسْتَحَقِّهِ هَذَا نَصُّ الْعُلَمَاءِ وَالْحَدِيثُ الصَّحِيحُ خِلَافُهُ (سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ؟ فَقَالَ: أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا) فَفُسِّرَ حَقُّهُ تَعَالَى بِالْمَأْمُورِ دُونَ الْأَمْرِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حَقِيقَةً فَيَتَعَيَّنَ الْمَصِيرُ إِلَى تَفْسِيرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُونَ الْعُلَمَاءِ وَيُحْتَمَلُ التَجَوُّزُ بِالْمَأْمُورِ عَنِ الْأَمْرِ فَيُوَافِقُ نُصُوصَ الْعُلَمَاءِ ثُمَّ قَدْ يَنْفَرِدُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى كَالْمَعْرِفَةِ وَالْإِيمَانِ وَقَدْ يَنْفَرِدُ حَقُّ الْعَبْدِ كَالدُّيُونِ وَالْأَثْمَانِ وَقَدْ يَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ إِذَا اجْتَمَعَا فِي أَيِّهِمَا يَغْلِبُ كَحَدِّ الْقَذْفِ من خَصَائِصِ حَقِّ الْعَبْدِ وَبِهِ يُعْرَفُ: تَمَكُّنُهُ مِنْ إِسْقَاطِهِ وَمِنْ خَصَائِصِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى: تَعَذُّرُ إِسْقَاطِ الْعَبْدِ لَهُ وَقَبُولُهُ لِلتَّوْبَةِ مَحْوًا وَالتَّفْسِيقُ إِثْبَاتًا قَاعِدَة: يعْتَمد الْمَصَالِحُ الْمَفَاسِدَ دُونَ التَّحْرِيمِ تَحْقِيقًا لِلِاسْتِصْلَاحِ وَتَهْذِيبًا

فرع

لِلْأَخْلَاقِ وَلِذَلِكَ تُضْرَبُ الْبَهَائِمُ إِصْلَاحًا لَهَا وَالصِّبْيَانُ تَهْذِيبًا لِأَخْلَاقِهَا وَلِذَلِكَ قِيلَ: يُهَذَّبُ الصَّبِيُّ عَلَى الْغَصْبِ وَكَذَلِكَ يُضْرَبُ عَلَى الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَغَيْرِهِمَا نَفْيًا لِلْفَسَادِ بَيْنَ الْعِبَادِ لَا لِلتَّحْرِيمِ وَلِذَلِكَ قَالَ (ش) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَحُدُّ الْحَنَفِيَّ عَلَى شُرْبِ النَّبِيذِ وَأَقْبَلُ شَهَادَتَهُ لِمَفْسَدَةِ السُّكْرِ وَإِفَسَادِ الْعَقْلِ الْمُتَوَقَّعِ إِذَا لَمْ يَسْكَرْ مِنَ النَّبِيذِ لِانْتِفَاءِ التَّحْرِيمِ بِالتَّقْلِيدِ وَقَالَ مَالِكٌ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ: أَحُدُّهُ وَلَا أَقْبَلُ شَهَادَتَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّقْلِيدَ فِي شُرْبِ النَّبِيذِ لَا يَصِحُّ لِكَوْنِهِ عَلَى خِلَافِ النَّصِّ وَالْقِيَاسِ وَالْقَوَاعِدِ (فَرْعٌ) فِي الْمُقَدِّمَاتِ: إِذَا كَانَ الْغَاصِبُ صَبِيًّا لَا يَعْقِلُ فَقِيلَ: مَا أَصَابَهُ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالدِّيَاتِ هَدْرٌ كَالْبَهِيمَةِ وَقِيلَ: الْمَالُ فِي مَالِهِ وَالدَّمُ عَلَى عَاقِلَتِهِ إِنْ كَانَ الثُّلُثَ فَصَاعِدًا كَالْخَطَأِ وَقِيلَ: الْمَالُ هَدْرٌ وَالدَّمُ عَلَى عَاقِلَتِهِ إِنْ كَانَ الثُّلُثَ فَصَاعِدًا تَغْلِيبًا لِلدِّمَاءِ عَلَى الْمَالِ وَحُكْمُ هَذَا حُكْمُ الْمَجْنُونِ الْمَغْلُوبِ عَلَى عقله وَأما حق الْمَغْصُوب فِيهِ: فَرد المعصوب إِنْ وُجِدَ أَوْ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْغَصْبِ إِنْ فُقِدَ وَهُوَ غَيْرُ مِثْلِيٍّ أَوْ مِثْلِهِ فِي الْمَوْزُونِ وَالْمَكِيلِ وَالْمَعْدُودِ الَّذِي لَا تَخْتَلِفُ آحَادُهُ كَالْبَيْضِ وَالْجَوْزِ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ مُحَمَّدٌ: غَاصِبُ السُّكْنَى فَقَطْ كَالْمُسَوِّدَةِ حِينَ دَخَلُوا لَا يَضْمَنُ الْمُنْهَدِمَ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِ بَلْ قِيمَةَ السُّكْنَى وَيَضْمَنُ مَا هُوَ بِفِعْلِهِ وَغَاصِبُ الرَّقَبَةِ يَضْمَنُهَا مُطْلَقًا مَعَ أُجْرَةِ السُّكْنَى قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا نَزَلَ السُّلْطَانُ عَلَى مُكْتَرٍ فَأَخْرَجَهُ وَسَكَنَ الْمُصِيبَةُ عَلَى صَاحِبِ الدَّارِ لِعَدَمِ وَضْعِ الْيَدِ عَلَى الرَّقَبَةِ بَلْ عَلَى الْمَنْفَعَةِ وَيَسْقُطُ عَنِ الْمُكْتَرِي مَا سَكَنَ السُّلْطَانُ لِعَدَمِ تَسْلِيمِهِ لِمَا اكْتَرَى وَعَدَمِ

فرع

التَّمَكُّنِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَغَيْرُ السُّلْطَانِ فِي الدَّارِ وَالْأَرْضِ يَزْرَعُهَا غَصْبًا مِنْ مُكْتَرِيهَا لَا يَسْقُطُ الْكِرَاءُ عَنِ الْمُكْتَرِي لِأَنَّهُ هُوَ الْمُبَاشِرُ بِالْغَصْبِ دُونَ الْمَالِكِ لِلرَّقَبَةِ إِلَّا السُّلْطَانَ الَّذِي لَا يَمْنَعُهُ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى لِأَنَّهُ كَالْأَمْرِ السَّمَاوِيِّ بِخِلَافِ مَنْ يَمْنَعُهُ مَنْ هُوَ فَوْقَهُ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: إِذَا وَهَبَ لَكَ طَعَامًا أَوْ إِدَامًا فَأَكَلْتَهُ أَوْ ثَوْبًا فَلَبِسْتَهُ حَتَّى أَبْلَيْتَهُ رَجَعَ مُسْتَحِقُّهُ عَلَى الْغَاصِبِ الْمَلِيءِ لِأَنَّهُ الْمُتَعَدِّي الْمُسَلِّطُ وَإِنْ كَانَ مُعْدَمًا أَوْ مَعْجُوزًا عَنهُ فَعَلَيْك لِأَنَّك المتنفع بِمَالِهِ وَلَا تَرْجِعُ أَنْتَ عَلَى الْوَاهِبِ بِشَيْءٍ لِعَدَمِ انْتِفَاعِهِ وَانْتِفَاعِكَ وَكَذَلِكَ لَوْ أَعَارَكَ الْغَاصِبُ فَنَقَصَتْ بِلُبُسِكَ فَلَا تَرْجِعُ عَلَى الْمُعِيرِ بِمَا تعزم فَلَوِ اكْتَرَيْتَهُ فَنَقَصْتَهُ بِاللُّبْسِ أَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ ثَوْبَهُ مِنْكَ وَمَا نَقَصَهُ اللُّبْسُ وَتَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِجَمِيعِ الْكِرَاءِ كَالْمُشْتَرِي قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا وَهَبَكَ الْغَاصِبُ فَأَبْلَيْتَ أَوْ أَكَلْتَ اتَّبَعَ أَيَّكُمَا شَاءَ لِوُجُودِ سَبَبِ الضَّمَانِ فِي حَقِّكُمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِنْ كَانَ الْوَاهِبُ غَيْرَ غَاصِبٍ لَمْ يَتَّبِعْ غَيْرَ الْمَوْهُوبِ الْمُنْتَفِعِ وَهُوَ خِلَافُ مَا لَهُ فِي كِتَابِ الِاسْتِحْقَاقِ فِي مُكْرِي الْأَرْضِ يُحَابِي فِي كِرَائِهَا ثُمَّ يَطْرَأُ أَخُوهُ وَسَوَاءٌ بَيْنَ الْمُتَعَدِّي وَغَيْرُهُ وَهُوَ أَصْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنْ يَبْدَأَ بِالرُّجُوعِ عَلَى الْوَاهِبِ فَإِنْ أُعْدِمَ فَعَلَى الْمَوْهُوبِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَاهِبُ عَالِمًا بِالْغَصْبِ فَكَالْغَاصِبِ فِي جَمِيعِ الْأُمُورِ وَيَرْجِعُ عَلَى أَيِّهِمَا شَاءَ وَقَوْلُ أَشْهَبَ أَقْيَسُ وَلَا يَكُونُ الْمَوْهُوبُ أَحْسَنَ حَالًا مِنَ الْمُشْتَرِي وَوَجْهُ التَّبْدِئَةِ بِالْغَاصِبِ: أَنَّ الظَّالِمَ أَحَقُّ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَوْهُوبِ وَالْمُشْتَرِي: أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إِذَا غَرِمَ رَجَعَ بِالثَّمَنِ وَالْمَوْهُوبُ لَا يَرْجِعُ قَالَ سُحْنُونٌ: إِذَا كَانَ الْمُعِيرُ غَاصِبًا لَا يُضَمِّنُهُ الْمَالِكُ النَّقْصَ بَلْ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ الْجَمِيعَ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ وَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ عَدِيمًا بِيعَ الثَّوْبُ فِي الْقِيمَةِ وَاتَّبَعَ الْمُسْتَعِيرُ بِالْأَقَلِّ مِنْ تَمَامِ الْقِيمَةِ وَمَا نَقَصَ لُبْسُ الثَّوْبِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ كَانَ لِلْغَاصِبِ مَالٌ وَقْتَ لِبَاسِ الْمُسْتَعِير ثمَّ

فرع

زَالَ االمال فَلَا يَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ شَيْئًا لِاتِّبَاعِهِ الْغَاصِبِ بِالْقِيمَةِ وَإِنْ شَاءَ الْمُسْتَحِقُّ أَخْذَ الثَّوْبِ أَوْ مَا نَقَصَهُ اللُّبس مِنَ الْمُسْتَعِيرِ فَذَلِكَ لَهُ فِي عَدَمِ الْغَاصِبِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَوْ أَكْرَى الْغَاصِبُ الدَّابَّةَ فَعَطِبَتْ تَحْتَ الْمُكْتَرِي فَلَا يُتَّبَعُ إِلَّا الْغَاصِبُ إِنْ لَمْ تَعْطَبْ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي بِخِلَافِ مَا أَكَلَهُ الْمُكْتَرِي أَوْ لَبِسَهُ حَتَّى أَبْلَاهُ يُغَرِّمُهُ الْمُكْتَرِي وَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْغَاصِبِ وَعَنْ مَالِكٍ: إِذَا آجَرْتَهُ لِيُبَلِّغَ لَكَ كِتَابًا وَلم يعلم أَنه عبد فَعَطب ضمنه مِثْلَمَا يتْلف المُشْتَرِي بِنَفسِهِ فَمن اشْتَرَاهُ أَنَّ لِمُسْتَحِقِّهِ تَضْمِينَهُ وَفَرَّقَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ الْمُكْتَرَاةِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَرْقٌ وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَرْكَبْهَا وَبَعَثَهَا مَعَ غَيْرِهِ إِلَى قَرْيَةٍ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَهُمَا سَوَاءٌ فِي الضَّمَانِ قِيلَ لِمُحَمَّدٍ: قَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُشْتَرِي يَهْدِمُ الدَّارَ: لَا يَضْمَنُ قَالَ: قَدْ قَالَ فِي قَطْعِ الثَّوْبِ: يَضْمَنُ وَالْفَرْقُ: أَنَّ الدَّارَ يَقْدِرُ عَلَى إِعَادَتِهَا بِخِلَافِ الثَّوْبِ وَكَسْرُ الْحُلِيِّ كَهَدْمِ الدَّارِ لِعَدَمِ التَّلَفِ وَقَاطِعُ الثَّوْبِ كَذَابِحِ الشَّاةِ وَكَاسِرِ الْعَصَا وَبَاعِثِ الْغُلَامِ فَيَهْلَكُ تَلَفٌ لَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: هَدْمُ الدَّارِ وَذَبْحُ الشَّاةِ وَكَسْرُ الْحُلِيِّ وَرُكُوبُ الدَّابَّةِ وَالْبَعْثُ بِهَا سَوَاءٌ لَمْ أَعِبْهُ لِاسْتِوَاءِ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ فِي الضَّمَانِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: إِذَا أَوْدَعَ الْمَغْصُوبَ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُودِعِ إِلَّا أَنْ يَتَعَدَّى لِأَنَّ يَدَ الْمُودِعِ كَصُنْدُوقِهِ وَامْرَأَتِهِ وَعَبْدِهِ الَّذِي يَشِيلُ مَتَاعَهُ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ سَحْنُونٌ: إِذَا قَالَ: كُنْتَ غَصَبْتَ أَلْفَ دِينَارٍ وَأَنَا صَبِيٌّ تَلْزَمُهُ (لِأَنَّ الصَّبِيَّ فِي نَدَمِ الضَّمَانِ كَالْبَالِغِ وَلَوْ قَالَ: أَقْرَرْتُ لَكَ بِأَلْفٍ وَأَنَا صَبِيٌّ تَلْزَمُهُ لِأَنَّ قَوْلَهُ) وَأَنَا صَبِيٌّ نَدَمٌ

فرع

(فَرْعٌ) قَالَ: قَالَ سُحْنُونٌ: إِذَا أَكْرَهَكَ الْعَامِلُ عَلَى دُخُولِ بَيْتِ رَجُلٍ لِتُخْرِجَ مِنْهُ مَتَاعًا لِتَدْفَعَهُ إِلَيْهِ وَفَعَلْتَ وَدَفَعْتَهُ إِلَيْهِ ثُمَّ عَزَلَ لِرَبِّ الْمَتَاعِ اتِّبَاعُ أَيِّكُمَا شَاءَ لِتَعَدِّيهِ بِالْأَمْرِ وَتَعَدِّيكَ بِالْمُبَاشَرَةِ فَإِنِ اتَّبَعَكَ رَجَعَتْ عَلَيْهِ فَإِنْ غَابَ رَبُّ الْمَتَاعِ وَعَزَلَ الْأَمِيرُ فَلَكَ مُطَالَبَتُهُ لِأَن رب الْمَتَاع قد يجِئ وَيُطَالِبُكَ وَقَالَ ابْنُ دِينَارٍ فِي ظَالِمٍ أَسْكَنَ مُعَلِّمًا دَارَكَ لِيُعَلِّمَ وَلَدَهُ ثُمَّ مَاتَ وَمِتَّ يُخير صَاحِبُ الدَّارِ بَيْنَ مَا لَكَ وَمَا لَهُ وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِي مُخْبِرِ اللُّصُوصِ بِمِطْمَرِكَ أَوْ غَاصِبٍ يَضْمَنُ الدَّالُّ وَقِيلَ: لَا لِضَعْفِ سَبَبِ الدَّلَالَةِ (فَرْعٌ) قَالَ: لَوِ اتَّفَقْتُمَا عَلَى أَنْ يُقِرَّ لَكَ بِرِقِّ نَفْسِهِ عَلَى أَنْ تَبِيعَهُ وَيُقَاسِمَكَ الثَّمَنَ فَفَعَلْتَ وَهَلَكْتَ ضَمِنَ الْمُقِرُّ بِالْمِلْكِ لِثَمَنِ الْبَائِعِ لِغُرُورِهِ بِذَلِكَ قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَكَذَلِكَ لَوْ بِيعَ فِي الْمَغَانِمِ وَهُوَ حُرٌّ فَسَكَتَ لِأَنَّ سُكُوتَهُ تَغْرِيرٌ وَقَالُوا فِي الْمُتَعَدِّي عَلَيْكَ عِنْدَ السُّلْطَانِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَتَجَاوَزُ فِيكَ إِلَى الظُّلْمِ فَقَالَ مَالِكٌ عَلَيْهِ الْأَدَبُ فَقَطْ وَقِيلَ: إِنْ كَانَ ظَالِمًا فِي شَكْوَاهُ ضَمِنَ أَوْ مَظْلُومًا لَا يَقْدِرُ عَلَى النَّصَفَةِ إِلَّا بِالسُّلْطَانِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِعُذْرِهِ فِي ذَلِكَ وَيَلْزَمُ السُّلْطَانُ الضَّمَانَ مَتَى قَدَرَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ رُسُلُ السُّلْطَانِ فِي هَذِهِ التَّفْرِقَةِ وَقِيلَ: يُنْظَرُ إِلَى الْقَدْرِ الَّذِي لَوِ اسْتَأْجر بِهِ عَلَى إِحْضَارِكَ فَهُوَ عَلَيْكَ وَيُفَرَّقُ فِيمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ بَيْنَ الْمَظْلُومِ وَالظَّالِمِ وَأَمَّا الَّذِي يَكْتُبُ لِلسُّلْطَانِ أَسْمَاءَ جَمَاعَةٍ فَيُقَدَّمُونَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَظْلِمُهُمْ بِذَلِكَ فَيَغْرَمُ مَعَ الْعُقُوبَةِ وَفِيه خلاف

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ: وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِذَا جَلَسْتَ عَلَى ثَوْبِ رَجُلٍ فِي الصَّلَاةِ فَيَقُومُ فَيَنْقَطِعُ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ مِمَّا يَعُمُّ فِي الصَّلَوَاتِ وَالْمَجَالِسِ الرُّكْنُ الثَّالِثُ: الْوَاجِبُ فِيهِ وَهُوَ الْأَمْوَالُ لِأَنَّهَا مُتَعَلَّقُ الْأَغْرَاضِ فَمَا لَا مَالِيَّةَ لَهُ لَا حُرْمَةَ لَهُ فَلَا يُوجِبُ الشَّرْعُ اخْتِصَاصَهُ بِأَحَدٍ فَلَا يُتَصَوَّرُ الْغَصْبُ وَعَدَمُ الْمَالِيَّةِ إِمَّا شَرْعًا فَقَطْ كَالْخِنْزِيرِ لِلْحَقَارَةِ الشَّرْعِيَّةِ أَوِ الْآدَمِيِّ الْحُرِّ الْمُشْرِفِ مِنَ الْأَعْيَانِ أَوْ مِنَ الْمَنَافِعِ كوطث الْبَهَائِمِ لِلْحَقَارَةِ الشَّرْعِيَّةِ أَوِ الْأَثْمَانِ لِلسَّرَفِ وَإِمَّا شَرْعًا وَعَادَةً كَالْقَمْلِ وَالْبَعُوضِ مِنَ الْأَعْيَانِ وَالِاسْتِظْلَالُ والاستصباح من الْمَنَافِع وَهَا هُنَا أُمُورٌ مُتَرَدِّدَةٌ بَيْنَ الْمَالِيَّةِ وَعَدِمِهَا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهَا فَأَذْكُرُهَا وَهِيَ ثَمَانِيَةُ فُرُوعٍ: الْفَرْعُ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ: إِذَا غَصَبَ مُسْلِمٌ مِنْ مُسْلِمٍ خَمْرًا فَخَلَّلَهَا فَلِرَبِّهَا أَخْذُهَا لِأَنَّهَا حَلَّتْ وَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ فِيهَا مِلْكٌ وَلَا صَنِيعٌ يَحْتَجُّ بِهِ بِخِلَافِ الصَّبْغِ أَوْ جِلْدِ مَيْتَةٍ غَيْرِ مَدْبُوغٍ ضَمِنَهُ كَمَا لَا يُبَاعُ كَلْبُ مَاشِيَةٍ أَوْ زَرْعٌ أَوْ ضَرْعٌ وَعَلَى قَاتِلِهِ قِيمَتُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ لَوْ كَانَتِ الْخَمْرُ الْمُتَقَدِّمُ ذِكْرُهَا لِذِمِّيٍّ يُخَيَّرُ فِي أَخْذِهَا خَلًّا أَوْ قِيمَتِهَا خَمْرًا يَوْمَ الْغَصْبِ لِأَنَّهُ يُقَرُّ عَلَى مِلْكِهِ الْخَمْرَ وَالْمُعَاوَضَةِ عَلَيْهَا مِنْ ذَمِّيٍّ وَنظر أَشهب أَيْضا بالزرع الَّذِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ وَبِئْرِ الْمَاشِيَةِ الَّتِي لَا يجوز بيعهَا إِذا اغتصبها فَسَقَى بِهَا زَرْعَهُ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ مَا سَقَى مِنْهَا قَالَ مَالِكٌ وَيَغْرَمُ قِيمَةَ الزَّرْعِ عَلَى مَا يُرْجَى مِنْ تَمَامِهِ وَيُخَافُ أَنْ لَوْ كَانَ يحل بَيْعه وَقَالَ أَن حَنْبَلٍ يُرَدُّ الْخَمْرُ إِذَا تَخَلَّلَتْ لِلْمُسْلِمِ كَمَا قُلْنَاهُ قَالَ وَيُرَدُّ الْكَلْبُ الْمُبَاحُ وَلَا يَضْمَنُ جلد الْميتَة

لَنَا قَضَاؤُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْغُرَّةِ فِي الْجَنِينِ مَعَ امْتِنَاعِ بَيْعِهِ وَهُوَ أَصْلُ تَضْمِينِ مَا يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ حَيْثُ ضُمِنَ وَعَنْ مَالِكٍ لَا شَيْءَ فِي جِلْدِ الْمَيْتَةِ غَيْرِ الْمَدْبُوغِ قِيَاسًا عَلَى غَيْرِ الْمُتَمَوَّلِ حَيْثُ كَانَ قَالَ إِسْمَاعِيلُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لِمَجُوسِيٍّ لِأَنَّهُ عِنْدَهُمْ يُؤْكَلُ فَهُوَ كَخَمْرِ الذِّمِّيِّ قَالَ اللَّخْمِيُّ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا شَيْءَ فِي غَيْرِ الْمَدْبُوغِ وَإِنْ دُبِغَ فَقِيمَةُ مَا فِيهِ مِنَ الدِّبَاغِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِنْ دُبِغَ فَقِيمَةُ جَمِيعِهِ وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ مَرَّةً: يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَيْسَ كُلُّ مَا يَثْبُتُ لَهُ ضَمَانُ الْمُتَعَدِّي جَازَ بَيْعُهُ وَيُخْتَلَفُ فِي جُلُودِ السِّبَاعِ قَبْلَ الدِّبَاغِ وَبَعْدَهُ إِذَا ذُكِّيَتْ: قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ: هِيَ مُذَكَّاةٌ وَيَجُوزُ بَيْعُهَا فَعَلَى هَذَا يَغْرَمُ الْغَاصِبُ قِيمَتَهَا وَعَلَى قَوْلٍ: هِيَ كَجُلُودِ الْمَيْتَةِ قَبْلَ الدِّبَاغِ وَإِنْ أَخَذَهُ مِنْ صَاحِبِهِ حَيًّا فَعَلَيْهِ قِيمَةُ جِلْدِهِ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ فِي عَدَمِ اعْتِبَارِهِ وَيُخْتَلَفُ فِي صِفَةِ تَقْوِيمِ الْكَلْبِ الْمُبَاحِ الِاتِّخَاذِ فَمَنْ أَجَازَ بَيْعَهُ قَوَّمَ عَلَى ذَلِكَ وَمَنْ مَنَعَ رَدَّهُ إِلَى أَحْكَامِ جلد الْميتَة للِانْتِفَاع لَا للْبيع وَلَا شَيْءَ فِي كَلْبِ الدَّارِ لِأَمْرِ النَّبِيِّ بِقَتْلِهَا وَإِذَا عَادَ الزَّرْعُ أَوِ الثَّمَرُ اللَّذَانِ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُمَا لِقِيمَتِهِمَا بَعْدَ الْحُكْمِ لَمْ ينْقض فَإِن عَاد قَبْلَ الْحُكْمِ فَعَنْ مَالِكٍ: تَسْقُطُ الْقِيمَةُ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَنْفَعَةٌ وَإِنْ كَانَتْ فِيهِ مَنْفَعَةُ قَوْمٍ عَلَى غَيْرِ الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ وَقَالَ أَصْبَغُ: عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ قَالَ: وَأَرَى أَنْ يُرْجَعَ إِلَى مَا يُكْشَفُ عَنْهُ مِنَ الْغَيْبِ حُكِمَ أَمْ لَا فَإِنْ تَرَاخَى الْحُكْمُ وَسَلَّمَ زَرْعَ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَقِيمَتُهُ عَلَى السَّلَامَةِ إِنْ كَانَ لَا يُسْقَى وَإِلَّا حَطَّ مَا يَنُوبُ أُجْرَةَ السَّقْيِ وَإِنْ هَلَكَ زَرْعُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ أَو

تمرهم فَالْقِيمَةُ عَلَى غَيْرِ الرَّجَاءِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ غَيره بَعْدَمَا انْتَقَلَ وَزَادَ فَالْقِيمَةُ عَلَى مَا انْتَقَلَ إِلَيْهِ الْفَرْع الثَّانِي: إِن غصب عصيراً فَصَارَ خَمْرًا كُسِرَتْ عَلَيْهِ وَغَرِمَ مِثْلَ الْعَصِيرِ فَإِنْ صَار الْعصير خلا خير بَيْنَ أَخْذِهِ أَوْ مِثْلَ الْعَصِيرِ لِفَوَاتِهِ بِالتَّغَيُّرِ وَفِي ثَمَانِيَةِ أَبِي زَيْدٍ: إِنْ كَسَرَ الْعَصِيرَ وَقَدْ دَخَلَهُ عِرْقُ خَلٍّ وَلَمْ يُخَلَّلْ فَالْقِيمَةُ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ كَالثَّمَرَةِ الْفَرْعُ الثَّالِثُ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إِنْ غَصَبَ حُرًّا فَبَاعَهُ ثُمَّ تَابَ يَطْلُبُهُ فَإِنْ أَيِسَ مِنْهُ وَدَى دِيَتَهُ إِلَى أَهْلِهِ الْفَرْعُ الرَّابِعُ: قَالَ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا مَاتَتْ أُمُّ الْوَلَدِ عِنْدَ غَاصِبِهَا غَرِمَ قِيمَتَهَا لِسَيِّدِهَا قِيمَةَ أُمِّ وَلَدٍ لَا عِتْقَ فِيهَا قِيَاسًا عَلَى تَضْمِينِ الْجَنِينِ بِالْغُرَّةِ وَمَنَعَ سُحْنُونٌ كَالْحُرَّةِ وَوَافَقَ الْمَشْهُورَ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ وَوَافَقَ سُحْنُون (ح) وَوَافَقَ سُحْنُون إِذَا جَنَى عَلَيْهَا قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ وَقَالَ: الْمُكَاتَبُ وَالْمُدَبَّرُ كَالْقِنِّ وَلَمْ يَحْكِ فِيهِمَا خِلَافًا لِقُوَّةِ شَائِبَةِ الرِّقِّ الْفَرْعُ الْخَامِسُ: فِي الْكِتَابِ: إِذَا غصب خمر الذِّمِّيّ فَأَتْلَفَهَا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا يُقَوِّمُهَا مَنْ يَعْرِفُ الْقِيمَةَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَقَالَهُ (ح) خِلَافًا لِ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ فِي خَمْرِ الذِّمِّيِّ وَخِنْزِيرِهِ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ: النَّظَرُ إِلَى اعْتِقَادِهِمْ وَمُقْتَضَى عَقْدِ الذِّمَّةِ أَوْ إِلَى شَرْعِنَا لَنَا: أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَتَبَ إِلَيْهِ عُمَّالُهُ يَسْأَلُونَهُ عَنِ الذِّمِّيِّ يَمُرُّ بِالْعَاشِرِ وَمَعَهُ خَمْرٌ فَكَتَبَ إِلَيْهِمْ: يبيعوها وَخُذُوا مِنْهُمُ الْعُشْرَ مِنْ أَثْمَانِهَا وَلَمْ يُخَالِفْهُ أَحَدٌ نَقَلَهُ أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الْأَمْوَالِ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى

أَنَّهَا من مَالهم من ثَلَاثَة أوجه: أحده: أَنَّ أَمْرَ الْإِمَامِ الْعَادِلِ بِالْبَيْعِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَبِيعَ مُتَمَوَّلٌ وَثَانِيهَا: إِيجَابُ الْعُشْرِ فِي ثَمَنِهَا وَلَا يَجِبُ إِلَّا فِي مُتَمَوَّلٍ وَثَالِثُهَا: تَسْمِيَةُ مَا يُقَابِلُهَا ثَمَنًا وَهُوَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي بَيْعٍ صَحِيحٍ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ إِلَّا فِي مُتَمَوَّلٍ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى سَائِر أشريتهم وَأَمْوَالِهِمْ لِأَنَّ الْقَضَاءَ عَلَيْهِمْ بِاعْتِقَادِهِمْ لَا بِاعْتِقَادِ القَاضِي أَنه لايوجب عَلَيْهِمُ الْحَدَّ فِيهَا وَيَقْضِي لَهُمْ بِثَمَنِهَا إِذَا بَاعَهَا مِنْ ذِمِّيٍّ وَيُقِرُّهُمْ عَلَى مَسِّهَا وَشُرْبِهَا وَجَعْلِهَا صَدَاقًا وَسَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ فِيهَا وَكَذَلِكَ نُقِرُّهُمْ عَلَى أَنْكِحَتِهِمُ الْفَاسِدَةِ عِنْدَنَا فَكَذَلِكَ كَوْنُهَا مَالًا وَمَضْمُونَةً وَلِأَنَّ عَقْدَ الذِّمَّةِ وَقَعَ عَلَى إِقْرَارِهِمْ على شربهَا وَالتَّصَرُّف فِيهَا بِسُقُوط تضمينها نقضا لأمانهم وحملاً لِلنَّاسِ عَلَى إِرَاقَتِهَا أَوْ نَقُولُ: إِنَّ الْخَمْرَ غَيْرُ مُحَرَّمَةٍ عَلَيْهِمْ فَتَكُونُ مُتَمَوَّلَةً أَمَّا عَدَمُ تَحْرِيمِهَا: فَلِأَنَّ الْخَمْرَ كَانَتْ مُبَاحَةً فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ نَزَلَ قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذين آمنُوا إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر - إِلَى قَوْله تَعَالَى - وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَن الصَّلَاة} فَخَصَّصَ بِخِطَابِ التَّحْرِيمِ الْمُؤْمِنِينَ وَلِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ وَلَا عَجَبَ فِي اسْتِثْنَاءِ بَعْضِ الْأَحْكَامِ عَنْهُمْ بِدَلِيلِ سُقُوطِ الضَّمَانِ وَالْأَدَاءِ عَنْهُمْ وَلِأَنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ عُصِمَتْ دِمَاؤُهُمْ عَنِ السَّفْكِ وَأَعْرَاضُهُمْ عَنِ الثَّلْمِ وَأَمْوَالُهُمْ عَنِ النَّهْبِ وَأَزْوَاجُهُمْ عَنِ الْوَطْءِ مَعَ وُجُودِ سَبَبِ عَدَمِ ذَلِكَ فِي الْجَمِيعِ وَهُوَ الْكُفْرُ فَكَذَلِكَ الْخَمْرُ لَا تَمْنَعُ مَفْسَدَةُ الْإِسْكَارِ تَمَوُّلَهَا وَعِصْمَتَهَا وَيُؤَكِّدُهُ الْإِجْمَاعُ عَلَى مَنْعِ إِرَاقَتِهَا وَوُجُوبِ رَدِّهَا مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهَا إِنَّمَا الْخِلَافُ إِذَا تَعَدَّى فَأَتْلَفَهَا وَلِأَنَّ الْخمر يتَعَلَّق بهَا عندنَا وجوب الحدا وَسُقُوطُ الضَّمَانِ وَقَدْ خَالَفَ الذِّمِّيُّ الْمُسْلِمَ فِي

الْحَدِّ فَيُخَالِفُهُ فِي سُقُوطِ الضَّمَانِ قِيَاسًا لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ احْتَجُّوا: بِأَنَّ الْإِسْلَامَ أَعْظَمُ مِنْ عَقْدِ الذِّمَّةِ وَالْإِسْلَامُ لَمْ يَجْعَلْهَا مَالًا فَعَقْدُ الذِّمَّةِ أَوْلَى وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ حَرَّمَ الْخَمْرَ وَثَمَنَهُ وَحَرَّمَ الْخِنْزِيرَ وَثَمَنَهُ وَحَرَّمَ الْكَلْبَ وَثَمَنَهُ) وَالْقِيمَةُ بَدَلَ الثَّمَنِ وَمَنْعُ الْأَصْلِ مَنْعٌ لِلْفَرْعِ وَقِيَاسًا عَلَى الْبَوْلِ وَالدَّمِ وَالْمَيْتَةِ وَلِأَنَّهُ سَاوَى الْمُسْلِمَ فِي عَدَمِ الْقَطْعِ فِي سَرِقَتِهَا مِنْهُ فَيُسَاوِيهِ فِي عَدَمِ ضَمَانِهَا لَهُ وَلِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَالًا مَعْصُومًا لَمَا أُرِيقَتْ إِذَا أَظْهَرُوهَا قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ الْأَمْوَالِ وَلِأَنَّ اعْتِقَادَ الذِّمِّيِّ تَمَوُّلَهَا كُفْرٌ فَلَا يُتْرَكُ اعْتِقَادُ الْإِسْلَامِ لِاعْتِقَادِ الْكُفْرِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ: أَنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ الْعَبْدَ الْمُرْتَدَّ مَالًا وَلَا يضمن بِالْإِتْلَافِ الْمُسْلِمُ لِلذِّمِّيِّ وَلَا ذِمِّيٌّ لِمُسْلِمٍ وَيَعْتَقِدُونَ الْمُصْحَفَ وَالشُّحُومَ لَيْسَ بِمَالٍ وَنَضْمَنُهَا لَهُمْ وَيَضْمَنُونَهَا لَنَا فَلَوْ ضَمَّنَّا الْمُسْلِمَ لَضَمِنَ بِالْمِثْلِ وَلَمَّا لَمْ يَضْمَنْهَا بِالْمِثْلِ لَمْ تَكُنْ مَضْمُونَةً وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّ عِظَمَ الْإِسْلَامِ أَوْجَبَ لَهُ الْكَمَالَ فَلَا تُقَرُّ مَعَهُ مَفْسَدَةٌ وَعَقْدُ الذِّمَّةِ لِنَقْصِهِ تَثْبُتُ مَعَهُ الْمَفَاسِدُ بِدَلِيلِ ثُبُوتِ الْكُفْرِ وَغَيْرِهِ وَعَنِ الثَّانِي: الْقَوْلُ بِالْمُوجِبِ فَإِنَّ الثَّمَنَ فِي الشَّرْعِ مَا نَشَأَ عَنِ الْعَقْدِ وَهُوَ مُحَرَّمٌ وَالْقِيمَةُ مَا نَشَأَ عَنِ الْإِتْلَافِ وَهِيَ الَّتِي أَوْجَبْنَاهَا دُونَ الثَّمَنِ فَلَمْ يَتَنَاوَلِ الْحَدِيثُ صُورَةَ النِّزَاعِ لِأَنَّ قِيمَةَ أُمِّ الْوَلَدِ حَلَالٌ وَثَمَنُهَا حَرَامٌ وَالْقِيمَةُ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ عَلَى الْمُحْرِمِ حَلَالٌ وَثَمَنُهُ حَرَامٌ وَمَهْرُ الْمَجُوسِيَّةِ حَرَامٌ وَمَهْرُ بُضْعِهَا بِالْإِتْلَافِ حَلَالٌ وَعَنِ الثَّالِثِ: أَنَّ الْبَوْلَ غير مُتَمَوّل لَهُم وَأما الْميتَة والندم فَمنع بالحكم فيهمَا بل يضمنَانِ لأنما مَالٌ لَهُمْ وَيَأْكُلُونَهُمَا وَلَوْ عَدُّوا أَيْضًا الْبَوْلَ مَالًا قَالَ أَصْحَابُنَا: نَضْمَنُهُ أَيْضًا وَعَنِ الرَّابِعِ: الْفَرْقُ أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَعُدُّهَا مَالًا بِخِلَافِهِ وَلِأَنَّهُ خَالَفَهُ فِي التَّمَكُّنِ مِنَ الشُّرْبِ وَالتَّصَرُّفِ فَيُخَالِفُهُ فِي الضَّمَانِ وَعَنِ الْخَامِسِ: لَوْ كَانَتْ لَهُمْ قَافِلَةٌ فِيهَا خَمْرٌ فَمَرَّ بِهَا قُطَّاعُ الطَّرِيق

وَجب على الإِمَام حمابتهم وَالذَّبُّ عَنْهُمْ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا كَأَنْفُسِهِمْ مَعْصُومَةٌ وَعَنِ السَّادِسِ: انْتِقَاضُهُ بِالْحَدِّ وَلِأَنَّ اعْتِقَادَهُمُ التَّثْلِيثَ وَالصَّاحِبَةَ وَالْوَلَدَ كُفْرٌ وَقَدْ نَزَلَ اعْتِقَادُ الْإِسْلَامِ وَأَقْرَرْنَاهُمْ عَلَى اعْتِقَادِهِمْ وَأَمَّا الْعَبْدُ الْمُرْتَدُّ: فَلِأَنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَى دِينِهِ وَلِأَنَّهُ أَبَاحَ دَمَ نَفْسِهِ بِالرِّدَّةِ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَبَاحَنَا الذِّمِّيُّ مَالِهِ أَوْ خَمْرِهِ فَإِنَّهُ لَا يُضْمَنُ وَأَمَّا الْمُصْحَفُ فَهُمْ يَعُدُّونَهُ مَالًا كَلَامًا حَسَنًا فَصِيحًا يَسْتَحْسِنُونَهُ وَيُعَلِّمُونَهُ أَوْلَادَهُمْ كَالشِّعْرِ الْحَسَنِ ثُمَّ الْمُصْحَفُ وَالشُّحُومُ حُجَّةٌ عَلَيْكُمْ لِأَنَّا غَلَّبْنَا فِي التَّضْمِينِ قَوْلَ مَنْ يَعْتَقِدُهُمَا مَالًا فَلْيَكُنِ الْخَمْرُ مِثْلَهُ وَعَنِ السَّابِعِ: أَنَّهَا حَرَامٌ عَلَى الْمُسْلِمِ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَمْلِكَ الْمِثْلَ حَتَّى يَبْذُلَهُ لِلذِّمِّيِّ كَمَا لَوْ قَتَلَهُ بِآلَةِ اللِّوَاطِ فَإِنَّ الْقِصَاصَ بِالْمِثْلِ وَمَعَ ذَلِكَ فَنَعْدِلُ إِلَى غَيْرِهَا فَهُوَ مِمَّا عُدِلَ فِيهِ عَنِ الْمِثْلِ إِلَى الْقِيمَةِ لِلضَّرُورَةِ كَالصَّبْرَةِ إِذَا جُهِلَ كَيْلُهَا فَإِنَّهَا تُضْمَنُ بِالْقِيمَةِ تَفْرِيعٌ: قَالَ فِي الْكِتَابِ: يُقْضَى بَيْنَ أهل الذِّمَّة فِي غصب الْخمر وإفساده وَلَا يُقْضَى بَيْنَهُمْ فِي تَظَالُمِهِمْ فِي الرِّبَا وَتَرْكُ الْحُكْمِ أَحَبُّ إِلَيَّ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فاحكم بَينهم أَو أعرض عَنْهُم} فِي التَّنْبِيهَات: وَقع فِي بعض الرِّوَايَات: بقومها أَهْلُ دِينِهِمْ وَعَلَى الْأَوَّلِ اخْتَصَرَ الْمُخْتَصِرُونَ وَاخْتُلِفَ فِي تَعْمِيمِ قَوْلِهِ: تَرْكُ الْحُكْمِ أَحَبُّ إِلَيَّ هَلْ يَخْتَصُّ بِالرِّبَا أَوْ يَعُمُّ؟ وَمُرَادُهُ: إِذَا طَلَبُوا الْحُكْمَ بَيْنَهُمْ بِغَيْرِ حُكْمِ الْإِسْلَامِ أَمَّا حُكْمُ الْإِسْلَامِ فَلَا نَكْرَهُهُ وَقِيلَ: نَكْرَهُهُ لِأَنَّ حُكْمَ الْإِسْلَامِ فِي حَقِّهِمْ غَيْرُ مُتَوَجِّهٍ كَحُكْمِ الطَّلَاقِ مَثَلًا وَفِي التَّلْقِينِ: اخْتُلِفَ فِي ضَمَانِ خَمْرِ الذِّمِّيِّ وَخِنْزِيرِهِ الْفَرْعُ السَّادِسُ: فِي الْجَوَاهِرِ: لَا يُضْمَنُ خَمْرُ الذِّمِّيِّ وَلَا مَا نَقَصَتِ الملاهي بِكَسْرِهَا وتغييرها عَن حَالهَا وَقَالَهُ الأيمة

الْفَرْعُ السَّابِعُ: قَالَ: مَنْفَعَةُ الْأَعْيَانِ لَا تُضْمَنُ بِالْفَوَاتِ تَحْتَ الْيَدِ الْعَادِيَّةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ وَغَيْرُهُ: عَلَيْهِ الْكِرَاءُ إِذَا غَلَّقَ الدَّارَ وَبَوَّرَ الْأَرْضَ وَلَمْ يَسْتَخْدِمِ الْعَبْدَ وَوَقَفَ الدَّابَّةَ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إِذَا بَاعَ الْغَاصِبُ أَوْ وَهَبَ غَرِمَ الْغَلَّةَ الَّتِي اغْتَلَّ الْمُشْتَرِيَ والموهوب فَإِن يَغْرَمُ مَا حَرَّمَ رَبُّهَا مِنْ تِلْكَ الْغَلَّاتِ بِغَصْبِهِ لِأَنَّهُ الْمُسْتَهْلِكُ وَوَافَقَ ابْنَ الْقَاسِمِ (ح) وَأَشْهَبَ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ وَأَصْلُ الْفَرْعِ: أَنَّ الْمَنَافِعَ هَلْ هِيَ مَالٌ فِي نَفْسِهَا فَتُضْمَنُ بِالْفَوَاتِ أَوْ لَا تَكُونُ مَالًا إِلَّا بِعَقْدٍ أَوْ شُبْهَةِ عَقْدٍ كَالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ فَإِنَّ فِيهَا أُجْرَةَ الْمِثْلِ فَلَا تُضْمَنُ بِالْفَوَاتِ وَنَقَضَ (ش) أَصْلَهُ بِمَنَافِعِ الْحُرِّ لَنَا: قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ وَالْأَعْيَانُ مَضْمُونَةٌ فَتَكُونُ مَنَافِعُهَا لِلضَّمَانِ فَلَا يَضْمَنُهَا وَهُوَ الْمَطْلُوبُ وَالْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا وَرَدَ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ فَالْعِبْرَةُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ وَالْقِيَاسُ عَلَى فَوَاتِ مَنَافِع بضع الْأمة إِذا حسبها عَنِ التَّزْوِيجِ وَعَلَى مَنَافِعِ الْحُرِّ وَفَرَّقَ (ش) بِأَنَّ مَنَافِعَ الْحُرِّ تَحْتَ يَدِهِ لِأَنَّهُ صَاحِبُ يَدٍ فَلَا تَتَحَقَّقُ يَدُ الْغَاصِبِ بِخِلَافِ الْعَقَارِ وَالْحَيَوَانِ الْبَهِيمِ لَا يَدَ فَقَبِلَتْ مَنَافِعَهُ يَدُ الْغَاصِبِ وَيَدُلُّنَا عَلَى الْمَنَافِعِ أَنَّهَا لَيْسَتْ مَالًا: خَمْسَة أوجه: أَحدهمَا: لَا تُقَوَّمُ عَلَى الْمُفَلَّسِ وَثَانِيهَا: لَا تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ وَثَالِثُهَا: لَوْ تَوَانَى الْوَصِيُّ فِي عَقَارِ الْيَتَامَى لَمْ يُؤَجِّرْهُ لَمْ يَضْمَنْ وَلَوْ تَسَبَّبَ أَوْ أَهْمَلَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ ضَمِنَهُ وَرَابِعُهَا عَلَى أَصْلِهِمْ: لَوْ قَالَ: خُذْ هَذِهِ الْحِنْطَةَ فَازْرَعْهَا لِنَفْسِكَ ضُمِنَتِ الْحِنْطَةُ دُونَ الْمَنْفَعَةِ وَخَامِسُهَا: أَنَّ الْمَرِيضَ إِذَا أَهْمَلَ دُورَهُ أَوْ عَبِيدَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ فِي الثُّلُثِ وَلِأَنَّ الضَّمَانَ يَتَعَلَّقُ بِالْإِتْلَافِ وَالْمَنَافِعُ قَبْلَ وُجُودِهَا يَسْتَحِيلُ إِتْلَافُهَا لِأَنَّهَا مَعْدُومَةٌ وَبَعْدَ وُجُودِهَا لَا

تَبْقَى لِأَنَّهَا أَعْرَاضٌ لَا تَبْقَى زَمَانَيْنِ فَهِيَ تَنْعَدِمُ بِنَفْسِهَا فَيُتَصَوَّرُ فِيهَا التَّلَفُ لَا الْإِتْلَافُ لِأَنَّ الْإِتْلَافَ قَطْعُ الْبَقَاءِ وَلَا بَقَاءَ فَلَا إِتْلَافَ بِخِلَافِ الْأَعْيَانِ فَإِنَّهَا بَاقِيَةٌ وَيُخَالِفُ ذَلِكَ الضَّمَان فِي الْإِجَارَة لِأَنَّهُ ضَمَان بِشَرْط ضَمَانُ إِتْلَافٍ وَبِخِلَافِ بَطْشِ الْيَدِ وَمَشْيِ الرِّجْلِ وَمَنَافِعِ الْأَعْضَاءِ لِأَنَّهُ عِنْدَنَا ضَمَانُ الْأَعْيَانِ الْقَائِمَةِ لَا الْأَعْرَاض الفانية وَمَنَافع الْبضْع لأَنا عِنْدَنَا فِي حُكْمِ الْأَجْزَاءِ وَلَا يَلْزَمُنَا غَاصِبُ السُّكْنَى دُونَ الرَّقَبَةِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا لِأَنَّهَا مُسْتَغَلَّةٌ وَكَلَامُنَا فِي الْبَائِعِ لِأَصْلٍ مَضْمُونٍ وَلَا مَا إِذَا غَصَبَ ثَوْبًا فَفَتَقَهُ وَأَخْرَجَ خُيُوطَهُ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ تَغْيِيرِ الْعَيْنِ لَا مِنْ بَابِ الْمَنَافِعِ وَلِأَنَّ الْقَابِضَ لِلسَّوْمِ يَضْمَنُ الْعَيْنَ دُونَ مَنْفَعَتِهَا فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَجْتَمِعُ ضَمَانُ الْعَيْنِ وَالْمَنْفَعَةُ لِمَالِكٍ وَاحِدٍ وَبِهَذِهِ النُّكْتَةِ تَنْدَفِعُ النُّقُوضُ احْتَجُّوا عَلَى أَنَّ الْمَنَافِعَ أَمْوَالٌ: بِأَنَّهَا تُمَلَّكُ الْإِرْث وَالْوَصِيَّةِ وَلِأَنَّ الْوَصِيَّ يَجُوزُ لَهُ بَذْلُ مَالِ الْيَتِيم فِيهَا وَلِأَنَّهَا مَال تُمَلَّكُ بِالْإِرْثِ وَالْوَصِيَّةِ وَلِأَنَّ الْوَصِيَّ يَجُوزُ لَهُ بَذْلُ مَالِ الْيَتِيمِ فِيهَا وَلِأَنَّهَا مَالٌ بِالْعَقْدِ وَالْعَقْدُ لَا يُصَيِّرُ مَا لَيْسَ بِمَالٍ مَالًا بَلْ صِحَّتُهُ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى الْمَالِيَّةِ فَلَوْ تَوَقَّفَتِ الْمَالِيَّةُ لَزِمَ الدَّوْرُ وَلِأَنَّهَا يَدْخُلُهَا الْإِذْنُ وَالْإِبَاحَةُ كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتدى عَلَيْكُم} وَالْقِيمَةُ مِثْلٌ فِي الْمَالِيَّةِ فَيَجِبُ تَوْفِيَةٌ بِالنَّصِّ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ وَلِأَنَّهَا تُضْمَنُ بِالْعَقْدِ وَشُبْهَةِ الْعَقْدِ فَتُضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ كَالْأَعْيَانِ وَلِأَنَّ الْعَيْنَ إِنَّمَا تُضْمَنُ لِتَضَمُّنِهَا الْمَنَافِعَ لِأَنَّ مَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ لَا يُضْمَنُ فَإِذَا كَانَتْ هِيَ أَصْلَ الضَّمَانِ فَهِيَ أَوْلَى أَنْ تُضْمَنَ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَالثَّالِثِ وَالرَّابِعِ: النَّقْضُ بِمَنْفَعَةِ الْبُضْعِ فَإِنَّهَا تَجْرِي مَجْرَى الْمَالِ فِي الضَّمَانِ بِالْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ الصَّحِيحِ وَبِالْمِثْلِ فِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا تُضْمَنُ بِالْغَصْبِ وَعَنِ الْخَامِسِ: أَنَّهَا وَارِدَةٌ فِي الدِّمَاءِ لِأَنَّهَا نَزَلَتْ فِي قِصَّةِ أُحُدٍ لَمَّا مَثَّلَ الْمُشْرِكُونَ بِالْمُسْلِمِينَ قَالَ الْمُسْلِمُونَ: لَنُمَثِّلَنَّ بِهِمْ مُثْلَةً مَا سُمِعَتْ فِي الْعَرَبِ فَنَزَلَتِ الْآيَةُ وَلِأَنَّ قَوْله تَعَالَى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُم} وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي نُفُوسِنَا دُونَ أَمْوَالِنَا فَلَا حُجَّةَ فِيهَا وَعَنِ السَّادِسِ: نَقْضُهُ بِمَنْفَعَةِ الْبُضْعِ فَإِنَّهُ يُضْمَنُ بِالْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ

الصَّحِيحِ وَبِالْمِثْلِ فِي الْفَاسِدِ وَلَوْ غَصَبَ أَمَةً أَوْ حَبَسَ حُرَّةً وَمَاتَتْ فِي يَدِهِ لَمْ يَجِبْ ضَمَانُ بُضْعِهَا وَبِالْحَرْبِيِّ يُضْمَنُ مَالُ الْمُسْلِمِ الْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ الصَّحِيحِ وَلَا يُضْمَنُ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ وَلَا شُبْهَةٍ وَبِالْبُضْعِ يَضْمَنُهُ الزَّوْجُ بِالْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ وَالْمَرْأَةُ تَضْمَنُهُ بِالْمُسَمَّى فِي الْخُلْعِ وَلَا يَضْمَنُهُ بِالرِّدَّةِ بَعْدَ الدُّخُولِ وَعَنِ السَّابِعِ: أَنَّ الْمَنَافِعَ هِيَ سَبَبُ صَيْرُورَةِ الْأَعْيَانِ بِسَبَبِ الضَّمَانِ عِنْدَ الْإِتْلَافِ وَسَبَبُ السَّبَبِ لِلشَّيْءِ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ سَبَبَ الشَّيْءِ لِأَنَّ الْأَعْضَاءَ سَبَبُ الطَّاعَةِ وَالطَّاعَةُ سَبَبُ دُخُولِ الْجَنَّةِ وَالْأَعْضَاءُ لَيْسَتْ سَبَبَ الْجَزَاءِ بِالْجَنَّةِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ كَسْبِ الْعَبْدِ وَمَا لَيْسَ مِنْ كَسْبِهِ لَا يُجَازَى عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْعَقْلُ سَبَبُ الْإِيمَانِ وَالْمَعَارِفِ وَالْعُلُومِ وَهِيَ سَبَبُ الْجَزَاءِ بِالسَّعَادَةِ الدَّائِمَةِ وَهُوَ لَا يَكُونُ سَبَبَ الْجَزَاءِ لِكَوْنِهِ لَيْسَ مِنْ كَسْبِهِ وَالصَّحِيحُ مِنْ أَصُولِ الْفِقْهِ: عَدَمُ التَّعْلِيلِ بِالْحِكْمَةِ مَعَ أَنَّهَا سَبَبُ عِلِّيَّةِ الْعِلَّةِ وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ الْفَرْعُ الثَّامِنُ: زَوَائِدُ الْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ فِي يَدِ الْغَاصِبِ كَالسَّمْنِ وَتَعَلُّمِ الصَّنْعَةِ وَعُلُوِّ الْقِيمَةِ ثُمَّ يَذْهَبُ ذَلِكَ لَا يَضْمَنُهُ الْغَاصِبُ وَتَأْخُذُ سِلْعَتَكَ وَلَا شَيْءَ لَكَ وَكَذَلِكَ الْوَلَدُ بِخِلَافِ مَا كَانَ عِنْدَ الْغَصْبِ وَقَالَ (ح) خِلَافًا لِ (ش) وَابْنِ حَنْبَلٍ وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْغَصْبَ هَلْ هُوَ إِثْبَاتُ الْيَدِ الْعَادِيَّةِ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ فَيُضْمَنُ أَوْ إِثْبَاتُهَا مَعَ رَفْعِ الْيَدِ الْمُحِقَّةِ وَلَمْ تَرْفَعْ عَنِ الزَّوَائِدِ يَدًا مُحِقَّةً فَلَا يُضْمَنُ لَنَا: أَنَّهُ حَصَلَ فِي يَدِهِ بِغَيْرِ شُبْهَةٍ فَلَمْ يَضْمَنْهُ قِيَاسًا عَلَى الثَّوْب تلقيه الرّيح فِي بَيته أَو حجر إِذَا قَعَدَ فِي الطَّرِيقِ عُدْوَانًا وَهُوَ يَكْتَسِبُ احْتَجُّوا: بِأَنَّ الْيَدَ تَثْبُتُ عَلَى الْوَلَدِ وَغَيْرِهِ تبعا لَان الْيَد فِي كل شَيْء عَلَى جِنْسِهِ عَادَةً كَمَا تَثْبُتُ يَدُ الْمُشْتَرِي وَغَيْرِهِ عَلَى وَلَدِ الْأَمَةِ تَبَعًا فِي سَائِرِ الْعُقُودِ وَقِيَاسًا عَلَى الزِّيَادَةِ الْحَاصِلَةِ عِنْدَ الْغَصْبِ وَلِأَنَّهُ غَاصِبٌ فِي الِاسْتِمْرَارِ كَمَا هُوَ غَاصِبٌ ابْتِدَاءً بِدَلِيلِ الْحَقِيقَةِ وَالْحُكْمِ وَالِاسْمِ

أَمَّا الْحَقِيقَةُ: فَالْغَصْبُ لِلِاسْتِيلَاءِ عَلَى مِلْكِ الْغَيْرِ قهرا وعدواناً وَهَذِه الْحَقِيقَة مستمرة بالفسيق وَالضَّمَانِ وَالْعُقُوبَةِ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا وَأَمَّا الِاسْمُ فَهُوَ يُسَمَّى غَاصِبًا انْتِهَاءً وَابْتِدَاءً وَلِأَنَّهَا إِذَا تَلِفَتْ تُقَوَّمُ حَامِلًا وَسَمِينَةً وَغَيْرَ ذَلِكَ وَلَوْلَا ثُبُوتُ الْيَدِ وَالضَّمَانِ لَمْ تُقَوَّمْ بِذَلِكَ وَلِأَنَّهُ إِنَّمَا حَدَثَ عَنْ أَصْلٍ مَضْمُونٍ بِيَدٍ عَادِيَّةٍ فَيُضْمَنُ كَنَمَاءِ الصَّيْدِ فِي حَقِّ الْمُحْرِمِ فَإِنَّهُ إِذَا سَمَّنَ الصَّيْدَ عِنْدَهُ أَوْ حَمَلَ ثُمَّ مَاتَ الْوَلَدُ أَوْ هَزَلَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ وَكِلَاهُمَا مَأْمُورٌ بِالتَّرْكِ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَلِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ تَحْتَ يَدِهِ فَيَضْمَنُهَا كَأُصُولِهَا وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: الْفَرْقُ بَيْنَ الْعُقُودِ تُشْتَرَى لِلزَّوَائِدِ تَبَعًا أَنَّهَا تَتَنَاوَلُ الْمِلْكَ وَالْغَصْبُ لَا يَتَنَاوَلُ الْمِلْكَ إِنَّمَا يَسْرِي لِلْمَنْعِ وَالْعُقُودُ تَقْتَضِي الْمَنْعَ وَالْمِلْكَ فَكَانَتْ أَقْوَى فَلِذَلِكَ امْتَنَعَتِ الزَّوَائِدُ وَعَنِ الثَّانِي: الْفَرْقُ بِأَنَّهَا تَتَنَاوَلُهَا بَعْدَ الْغَصْبِ وَلَمْ يَتَجَدَّدْ فِعْلٌ عِنْدَ حُدُوثِ هَذِهِ حَتَّى يَتَنَاوَلَهَا وَعَنِ الثَّالِثِ: أَنَّ الْغَصْبَ حَقِيقَةٌ كَالسَّرِقَةِ وَالشِّرَاءِ وَغَيْرِهَا فَكَمَا أَنَّ السَّارِقَ لَا يُعَدُّ سَارِقًا بِمَا فِي يَدِهِ فِي كُلِّ زَمَانٍ مَضَى عَلَيْهِ وَإِلَّا لَثَبَتَ الْحَدُّ عَلَيْهِ بَعْدَ سُقُوطِهِ كَمَا إِذَا سَرَقَ دُونَ النِّصَابِ ثُمَّ صَارَ نِصَابًا بِزِيَادَةِ الْقِيمَةِ فِي يَدِهِ وَالْمُشْتَرِي لَا يُعَدُّ مُشْتَرِيًا فِي كُلِّ زَمَانٍ بِدَلِيلِ أَنَّ أَهْلِيَّةَ الْعَقْدِ قَدْ تَنْفَكُّ عَنْهُ بِالْجُنُونِ وَغَيْرِهِ فَكَذَلِكَ الْغَاصِبُ فَإِنْ قِيلَ: الْغَصْبُ فِعْلٌ وَاسْتِدَامَةُ الْفِعْلِ فِعْلٌ كَمَنْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا وَهُوَ لَابِسٌ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ وَالشِّرَاءُ قَوْلٌ وَاسْتِدَامَةُ الْقَوْلِ لَيْسَتْ قَوْلًا قُلْنَا: يَبْطُلُ بِالسَّرِقَةِ وَالِاصْطِيَادِ وَالِاحْتِشَاشِ وَلَا يُسَمَّى صَائِدًا لِأَنَّهُ قَدْ يَصِيرُ مُحَرَّمًا فَلَا يَلْزَمُهُ جَزَاءٌ وَلَا مُحْتَشًّا لِأَنَّهُ قَدْ تَذْهَبُ قدرته وَلَا فعل مَعَ الْقُدْرَة فَتبْطل الْحَقِيقَة وَالِاسْم وَالْحكم إِلَّا مَا أَجْمَعْنَا عَلَيْهِ فَهُوَ بِالْإِجْمَاعِ لَا

بِمَا ذَكَرْتُمُوهُ وَعَنِ الرَّابِعِ: مَنْعُ الْحُكْمِ بَلِ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْغَصْبِ وَعَنِ الْخَامِسِ: مَنْعُ الْحُكْمِ أَيْضًا وَقَوْلُكُمْ: إِنَّهُ مَأْمُورٌ بِالرَّدِّ فَفِي الْأَصْلِ دون الزِّيَادَة كمن غصب درهما وَبِيَدِهِ دِرْهَم لِصَاحِبِهِ وَدِيعَةٌ فَإِنَّهُ مَأْمُورٌ بِالرَّدِّ وَلَا يَتَمَكَّنُ إِلَّا بِرَدِّ الْجَمِيعِ الْفَرْعُ التَّاسِعُ: الْعَقَارُ عِنْدَنَا يُضْمَنُ بِالْغَصْبِ وَكَذَلِكَ الْأَشْجَارُ مِنَ النَّخِيلِ وَغَيْرِهَا إِذَا تَلِفَتْ بِصَنْعَةٍ أَوْ بِغَيْرِ صَنْعَةٍ وَقَالَهُ (ش) وَابْن حَنْبَل وَقَالَهُ (ح) : لَا يُضْمَنُ بِالْغَصْبِ وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ: أَنَّ الْغَصْبَ عِنْدَنَا الِاسْتِيلَاءُ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ عُدْوَانًا وَعِنْدَهُ: لَا بُدَّ مَعَ ذَلِكَ مِنَ النَّقْلِ وَهُوَ مُتَعَذَّرٌ فِي الْعَقَارِ وَهَذَا الْفَرْعُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنَ الْمُتَرَدِّدِ بَيْنَ الْمَالِيَّةِ وَعَدَمِهَا لَكِنَّهُ مِمَّا يَخْتَصُّ بِهَذَا الرُّكْنِ لِكَوْنِهِ مِمَّا يَجِبُ فِيهِ لَنَا قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاس} وَهَذَا ظَالِمٌ فَعَلَيْهِ كُلُّ سَبِيلٍ لِأَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ لِلْعُمُومِ وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (مَنْ غَصَبَ شِبْرًا مِنَ الْأَرْضِ) الْحَدِيثَ فَسَمَّاهُ غَاصِبًا وَلِأَنَّ الْعَادَةَ أَنْ يَقُولَ الْقَائِلُ: غَصَبَنِي أَرْضِي وَالْأَصْلُ فِي الِاسْتِعْمَالِ الْحَقِيقَةُ وَلِأَنَّ الْغَصْبَ الْحَيْلُولَةُ وَقَدْ وجد فِي الْعَقَارِ كَالْمَنْقُولِ وَلِأَنَّ انْتِقَالَ ضَمَانِهَا لِلْمُشْتَرِي بِالْقَبْضِ فَتَكُونُ قَابِلَةً لِوَضْعِ الْيَدِ فَإِذَا كَانَتْ عُدْوَانًا فَهُوَ الْغَصْبُ وَكَذَلِكَ فِي الْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالرَّهْنِ وَبِجَعْلِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ وَهُوَ يَسْتَدْعِي انْتِقَالًا فِي الْأَيْدِي وَالْأَمْلَاكِ وَإِلَّا بَطَلَ السَّلَمُ وَلِأَنَّهُ يَجْرِي فِيهِ ضَمَانُ الرُّجُوعِ عَنِ الشَّهَادَةِ وَضَمَانُ الْجَحُودِ فِي الْوَدِيعَةِ وَضَمَانُ الْقَبْضِ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ وَهُوَ قَبْضٌ عُدْوَانِيٌّ وَلِأَنَّ الضَّمَانَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى النَّقْلِ لِأَنَّ الْمُلْتَقِطَ إِنْ أَخَذَ لِنَفَسِهِ ضَمِنَ أَوْ لِلتَّعْرِيفِ لَا يَضْمَنُ وَالصُّورَةُ وَاحِدَةٌ وَإِنَّمَا نَشَأَ الضَّمَانُ عَنِ الْقَصْدِ وَكَذَلِكَ حَائِزُ الْوَدِيعَةِ لَمْ يَنْتَقِلْهَا وَلِأَنَّهُ يُضْمَنُ بِالْعُقُودِ فَيُضْمَنُ بِالْغَصْبِ كَالْمَنْقُولِ أَوْ نَقُولُ: يُضْمَنُ

بِالْإِتْلَافِ فَيُضْمَنُ بِالْغَصْبِ كَالْمَنْقُولِ احْتَجُّوا: بِأَنَّهُ مَنَعَ الْمَالِكَ مِنْ مِلْكِهِ بِغَيْرِ نَقْلٍ فَلَا يُضْمَنُ كَمَا لَوْ حَبَسَهُ حَتَّى هَلَكَ مَالُهُ وَلَمْ يَكُنْ يَعْرِضُ لِمَالِهِ وَالْعَقَارُ لَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ إِلَّا الْحَيْلُولَةُ بَيْنَ الْمَالِكِ وَبَيْنَهُ وَلَوْ أَنَّهُ دَخَلَ دَارًا يَظُنُّهَا دَارَهُ لَمْ يَضْمَنْهَا مَعَ أَنَّهُ وَضَعَ يَدَهُ وَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا وَلَوْ نَقَلَ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الدَّارِ ضَمِنَهُ فَعَلِمَ أَنَّ سَبَبَ الضَّمَانِ: النَّقْلُ وَلِأَنَّ مَوْضِعَ الْإِجْمَاعِ فِي الْغَصْبِ حَيْثُ وُجِدَ وَضْعُ الْيَدِ عُدْوَانًا مَعَ النَّقْلِ وَهُوَ أَتَمُّ مِنْ وَضْعِ الْيَدِ مِنْ غَيْرِ نَقْلٍ لِأَنَّ النَّقْلَ يُوجِبُ التَّعَرُّضَ لِلتَّلَفِ وَالْقَاصِرُ عَنْ مَوْضِعِ الْإِجْمَاعِ لَا يَلْحَقُ بِهِ وَلِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ سَرِقَتُهُ فَلَا يَصِحُّ غَصْبُهُ كَالْحرِّ أَو لانه يُمْكِنُ نَقْلُهُ فَلَا يُمْكِنُ غَصْبُهُ كَمَنْعِهِ الْبُضْعَ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّ حَبْسَهُ عَنْ مَتَاعِهِ وِزَانُهُ حَبْسُهُ حَتَّى انْهَدَمَتْ دَارُهُ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِلدَّارِ وَلَا تَسَبُّبٍ وَأَمَّا فِي صُورَةِ النِّزَاعِ: فَاسْتَوْلَى وَقَصَدَ الْعَقَارَ بِوَضْعِ الْيَدِ وَالِاسْتِيلَاءِ وَفِعْلِ ذَلِكَ فَيُضْمَنُ كَالْمَنْقُولِ وَعَنِ الثَّانِي: أَنَّ قُصُورَ صُورَةِ النِّزَاعِ عَنْ صُورَةِ الْإِجْمَاعِ (لَا يَمْنَعُ مِنْ لُحُوقِهَا بِمَوْضِعِ الْإِجْمَاعِ) لِدَلَالَةِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ السَّبَبَ هُوَ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَهُمَا بِدَلِيلِ خَمْرِ الْوَدِيعَةِ وَمَا ذُكِرَ مَعَهَا فَإِنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ هُنَاكَ نَقْلٌ مَعَ صُورَةِ الضَّمَانِ وَعَنِ الثَّالِثِ: أَنَّ الْحُرَّ عِنْدَنَا تَصِحُّ سَرِقَتُهُ إِذَا كَانَ صَغِيرًا أَوْ نَائِمًا ثُمَّ الْفَرْقُ: أَنَّ الْحُرَّ لَيْسَ بِمَالٍ وَالْعَقَارَ مَالٌ وَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ: السَّرِقَةُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنَ الْإِخْرَاجِ مِنَ الْحِرْزِ وَهُوَ مُتَعَذَّرٌ فِي الْعَقَارِ وَالْغَصْبُ الِاسْتِيلَاءُ عُدْوَانًا وَهُوَ مُتَيَسَّرٌ فِيهِ وَعَنِ الرَّابِعِ: الْفَرْقُ أَنَّ مَنْفَعَةَ الْبُضْعِ لَيْسَ بِمَالٍ بِدَلِيلِ أَنَّهَا لَا تستباح بِالْإِبَاحَةِ وَلَا يملك بِالْإِذْنِ وَالْوَصِيَّةِ ثُمَّ نَقُولُ: كَمَا اسْتَوَتِ الْمَنْقُولَاتُ فِي النَّقْلِ وَاخْتَلَفَتْ فِي ضَمَانِ الْغَصْبِ فَتُضْمَنُ الْأَمَةُ الْقِنُّ دُونَ أُمِّ الْوَلَدِ عِنْدَكُمْ لِيَسْتَوِيَ الْبُضْعُ وَالْعَقَارُ فِي عَدَمِ النَّقْلِ وَيَخْتَلِفَانِ فِي الْغَصْب

الرُّكْن الرَّابِع: الْوَاجِب وَفِيهِ لِلْعُلَمَاءِ ثَلَاثُ طُرُقٍ مِنْهُمْ مَنْ أَوْجَبَ الْمِثْلَ مُطْلَقًا مُحْتَجًّا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} فَجَعَلَ النَّعَمَ مِثْلِيًّا وَبِأَنَّ بَعْضَ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ لله أَهَدَتْ إِلَيْهِ طَعَامًا فِي قَصْعَةٍ وَهُوَ فِي بَيْتِ غَيْرِهَا فَغَارَتْ صَاحِبَةُ الْبَيْتِ فَكَسَرَتْهَا فَأَمَرَ عَلَيْهِ السَّلَام بقصعة صَاحِبَة الْبَيْت لصاحبة الْقِصَّة الْمَكْسُورَةِ وَأُجِيبَ عَنِ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْمُرَادَ الْمِثْلُ فِي الصّفة دون الْمَالِيَّة والمقدار وَالْمَطْلُوب هَا هُنَا حِفْظُ الْمَالِيَّةِ أَلَا تَرَى أَنَّ النَّعَامَةَ يُحْكَمُ فِيهَا ببدنة وَهِي بعيدَة جدا من مَالِيَّتِهَا وَمِقْدَارِهَا وَعَنِ الثَّانِي: بِأَنَّ الْبَيْتَيْنِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ الْمُعَاوَضَةِ بَلْ مِنْ بَابِ جَبْرِ الْقُلُوبِ وَسِيَاسَةِ الْعِيَالِ وَمِنْهُمْ مَنْ أَوْجَبَ الْقِيمَةَ مُطلقًا مُحْتَاجا بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةَ الْعَدْلِ) الْحَدِيثَ وَقِيَاسًا لِلْبَعْضِ عَلَى الْبَعْضِ وَلِأَنَّ الْقِيمَةَ إِنَّمَا سُمِّيَتْ قِيمَةً لِأَنَّهَا تَقُومُ مَقَامَ الْمُقَوَّمِ وَهَذَا مَعْنًى عَامٌّ فِي سَائِرِ الصُّوَرِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَوْرِدَ الْحَدِيثِ فِي الْعَبْدِ وَهُوَ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ وَمِثْلُهُ مُتَعَذَّرٌ لِتَعَلُقِّ الْغَرَضِ بِخُصُوصِهِ بِخِلَافِ الْمَكِيلَاتِ وَنَحْوِهَا لَا يَتَعَلَّقُ الْغَرَضُ بِخُصُوصِهَا فَقَامَ كُلُّ فَرْدٍ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ مَقَامَ الْآخَرِ لِأَنَّ الْأَصْلَ رَدُّ عَيْنِ الْهَالِكِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تَرُدَّهُ) تَعَذَّرَ ذَلِكَ وَالْمِثْلُ أَقْرَبُ لِلْأَصْلِ لِجَمْعِهِ بَيْنَ الْجِنْسِيَّةِ وَالْمَالِيَّةِ وَالْقِيمَةُ لَيْسَ فِيهَا إِلَّا الْمَالِيَّةُ فَكَانَ الْمِثْلُ أَوْلَى إِذَا لَمْ يُفَوِّتْ غَرَضًا وَالْقِيمَةُ أَوْلَى حَيْثُ يَتَعَلَّقُ الْغَرَضُ بِخُصُوصِ الْهَالِكِ فَالْقِيمَةُ تَأْتِي عَلَيْهِ

وَتَخْلُفُهُ وَلَا يَخْلُفُهُ الْمِثْلُ وَلِأَنَّ الْمِثْلِيَّ جِنْسٌ قَطْعِيّ وَالْقيمَة ظَنِّي اجْتِهَادِيَّةٌ وَالْقَطْعُ مُقَدَّمٌ عَلَى الظَّنِّ فَكَانَ إِيجَابُ الْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيَّاتِ وَالْقِيمَةِ فِي غَيْرِهَا أَعْدَلُ وَأجْمع للأحاديث وَافق لِلْأَصْلِ وَهِيَ طَرِيقَتُنَا مَعَ الْأَئِمَّةِ قَالَ صَاحِبُ التَّلْقِينِ: إِتْلَافُ مَالِ الْغَيْرِ يُوجِبُ الْبَدَلَ إِمَّا مِثْلُ الْمُتْلَفِ فِي الْخِلْقَةِ وَالصُّورَةِ وَالْجِنْسِ وَالْمِثْلِيَّاتِ وَهِيَ الْمَكِيلَاتُ وَالْمَوْزُونَاتُ وَإِمَّا قِيمَتُهُ فِيمَا عَدَاهَا مِنْ سَائِرِ الْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانِ قَالَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ: وَمِنَ الْمِثْلِيِّ الْمَعْدُودِ الَّتِي اسْتَوَتْ آحَادُهُ فِي الصِّفَةِ غَالِبًا كَالْبَيْضِ وَالْجَوْزِ فَإِنْ فُقِدَ الْمِثْلُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا هُوَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: يُرِيدُ أَنَّهُ يَصْبِرُ حَتَّى يَجِدَهُ وَقَالَ أَشْهَبُ: يُخَيَّرُ بَيْنَ الصَّبْرِ وَأَخْذِ الْقِيمَةِ الْآنَ قَالَ ابْنُ عَبْدُوسَ: اخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ كالاختلاف فِي السّلم فِي لفاكهة بعد خُرُوج الإبان وَقَالَ الأيمة تتَعَيَّن الْقيمَة مِنْ يَوْمِ الِانْقِطَاعِ وَقَالَ (ش) وَ (ح) : يَوْمَ الْحُكْمِ لِأَنَّ الْحُكْمَ هُوَ الَّذِي يُقَدِّرُهَا فَلَوْ غَرِمَ الْقِيمَةَ ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْمِثْلِ لَمْ يَلْزَمْهُ دَفْعُهُ لِتَمَامِ الْحُكْمِ بِالْبَدَلِ وَقَالَ (ش) : تَتَعَيَّنُ الْقِيمَةُ وَفِي الْجُلَّابِ: إِذَا لَمْ يُخَاصِمْ فِي الْمِثْلِيِّ حَتَّى خَرَجَ إِبَّانُهُ فَقِيمَتُهُ يَوْمَ الْغَصْبِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَشَفَ الْغَيْبُ عَنْ تَعَذُّرِ الْمِثْلِ صَارَ كَأَنَّهُ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ وَقِيلَ: يَوْمَ الْعَقْدِ لِأَنَّ الْقِيمَةَ عِوَضٌ عَنِ الْمِثْلِ الْمُتَعَذَّرِ لَا عَنِ الْمَغْصُوبِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: لَوِ اسْتَهْلَكَ الطَّعَامَ فِي زَمَنِ الْغَلَاءِ ثُمَّ رَخُصَ يُخْتَلَفُ هَلْ تَجِبُ قِيمَتُهُ غَالِيًا لِأَنَّهُ فَوَّتَ عَلَيْهِ تِلْكَ الْقِيمَةَ عَلَى الْقَوْلِ بِمُرَاعَاةِ أَغْلَى الْقِيَمِ فِي الْمَغْصُوبِ أَوْ مِثْلِهِ لِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ وَإِنْ كَانَ جُزَافًا وَلَمْ يَعْلَمْ كَيْلَهُ فَقِيمَتُهُ يَوْمَ غَصَبَهُ لِتَعَذُّرِ الْمِثْلِ فَإِنْ قَالَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ: أُغَرِّمُهُ مِنَ الْمَكِيلَةِ مَا لَا أَشُكُّ أَنَّهُ كَانَ فِيهِ فَالْقَوْلُ بِأَنَّ ذَلِكَ لَهُ أَحْسَنُ لِأَنَّهُ لَمْ يُغَرِّمْهُ إِلَّا مِثْلَ مَا أَخَذَ وَتَرَكَ بَقِيَّتَهُ عِنْدَهُ وَقَالَ غَيْرُهُ: الْقِيمَةُ تَتَعَيَّنُ فِي

الرِّبَوِيِّ كَيْلَا يُؤَدِّيَ إِلَى التَّفَاضُلِ قَالَ مَالِكٌ: إِذَا لَمْ يَجِدْ مِثْلَ الطَّعَامِ بِمَوْضِعِ الطَّعَامِ لَزِمَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِمِثْلِهِ إِلَّا أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى أَمْرٍ جَائِزٍ يُرِيدُ بِالْجَائِزِ أَخْذَ مِثْلِهِ بِغَيْرِ الْبَلَدِ أَوِ الثَّمَنِ الَّذِي بِيعَ بِهِ الطَّعَامُ أَمَّا الطَّعَامُ يُخَالِفُهُ فَلَا قَاعِدَةٌ فِي الْجَوَابِرِ وَالزَّوَاجِرِ فَالْجَوَابِرُ مَشْرُوعَةٌ لِجَلْبِ الْمَصَالِحِ وَالزَّوَاجِرُ لِدَرْءِ الْمَفَاسِدِ وَالْغَرَضُ مِنَ الْجَوَابِرِ جَبْرُ مَا فَاتَ مِنْ مَصَالِحِ حُقُوقِ اللَّهِ أَوْ حُقُوقِ عِبَادِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مِنْ وَاجِبٍ عَلَيْهِ وَلِذَلِكَ شُرِّعَ الْجَبْرُ مَعَ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ وَالْجَهْلِ وَالْعِلْمِ وَالذِّكْرِ وَالنِّسْيَانِ وَعَلَى الْمَجَانِينِ وَالصِّبْيَانِ بِخِلَافِ الزَّوَاجِرِ فَإِنَّ مُعْظَمَهَا عَلَى الْعُصَاةِ زَجْرًا لَهُمْ عَنِ الْمَعْصِيَةِ وَقَدْ يُخْتَلَفُ فِي بَعْضِ الْكَفَّارَاتِ هَلْ هِيَ زَوَاجِرُ لِمَا فِيهَا مِنْ مَشَاقِّ تَحَمُّلِ الْأَمْوَالِ وَغَيْرِهَا أَوْ جَوَابِرُ لِأَنَّهَا عِبَادَاتٌ وَقُرُبَاتٌ لَا تَصِحُّ إِلَّا بِالنِّيَّاتِ وَلَيْسَ التَّقَرُّبُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى زَجْرًا بِخِلَافِ الْحُدُودِ وَالتَّعْزِيرَاتِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ فِعْلًا لِلْمَزْجُورِ بَلْ يَفْعَلُهَا الْأَئِمَّةُ فِيهِ وَالْجَوَابِرُ تَقَعُ فِي الْأَمْوَالِ وَالنُّفُوسِ وَالْأَعْضَاءِ وَمَنَافِعِ الْأَعْضَاءِ وَالْجِرَاحِ وَالْعِبَادَاتِ كَالْوُضُوءِ مَعَ التَّيَمُّمِ وَالسَّهْوِ مَعَ السُّجُودِ وَالْمُصَلِّي لِجِهَةِ السَّفَرِ أَوْ لِجِهَةِ الْعَدُوِّ مَعَ الْخَوْفِ وَصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ لِمَنْ صَلَّى وَحْدَهُ وَجَبْرِ مَا بَيْنَ السِّنِينَ بِالدَّرَاهِمِ أَوِ الذُّكُورَةِ مَعَ بِنْتِ الْمَخَاضِ وَهُوَ جَبْرٌ خَارِجٌ عَنِ الْقِيَاسِ وَالصِّيَامِ بِالْإِطْعَامِ لِمَنْ لَمْ يَصُمْ أَوْ لِتَأْخِيرِ الْقَضَاءِ ومناهي النّسك بِالدَّمِ ثمَّ الصّيام وَالصَّيْدِ الْمَمْلُوكِ لِمَالِكِهِ بِقِيمَتِهِ وَالْأَوَّلُ مُتْلَفٌ وَاحِدٌ جُبِرَ بِبَدَلَيْنِ وَاعْلَمْ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تُجْبَرُ إِلَّا بِعَمَلٍ بَدَنِيٍّ وَالْأَمْوَالُ لَا تُجْبَرُ إِلَّا بِالْأَمْوَالِ وَالنُّسُكَاتُ تَارَةً بِبَدَنِيٍّ وَتَارَةً بِمَالِيٍّ وَيُجْبَرُ الصَّوْمُ بِمِثْلِهِ فِي الْقَضَاءِ وَبِالْمَالِ فِي

فرع

الْعَاجِزِينَ وَالْمُؤَخِّرِينَ لِقَضَائِهِ وَلَا يُجْبَرُ الْمِثْلِيُّ بِغَيْرِ مِثْلِهِ إِلَّا فِي لَبَنِ الْمُصَرَّاةِ لِحِكْمَةٍ ذُكِرَتْ فِي الْبَيْعِ وَالْمُحَرَّمَاتُ لَا تُجْبَرُ احْتِقَارًا لَهَا كَالْمَلَاهِي وَالنَّجَاسَاتِ إِلَّا مَهْرَ الْمَزْنِيِّ بِهَا كَرْهًا فَيُجْبَرُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَلَا يُجْبَرُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي اللِّوَاطِ لِأَنَّهُ لَمْ يُقَوَّمْ قَطُّ فِي عَقْدٍ صَحِيحٍ فَأَشْبَهَ الْقُبَلَ وَالْعَنَاقَ وَمَنَافِعُ الْأَبْضَاعِ تُجْبَرُ بِالْعُقُودِ الصَّحِيحَةِ وَالْفَاسِدَةِ وَلَا تُجْبَرُ فِي الْيَدِ الْعَادِيَّةِ وَسَبَبُ ذَلِكَ: أَنَّ مُجَرَّدَ إِيلَاجِ الْحَشَفَةِ يُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ وَالسَّاعَةُ الْوَاحِدَةُ تَسَعُ عَدَدًا كَثِيرًا مِنَ الْإِيلَاجَاتِ فَلَوْ ضُمِنَتْ لَكَانَ الْيَوْمُ الْوَاحِدُ يُوجِبُ اسْتِحْقَاقَ عَظَائِمِ الْأَمْوَالِ وَهُوَ بَعِيدٌ عَنْ مَقَاصِدِ الشَّرْعِ وَحِكَمِهِ وَاسْتِقْرَاءُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ يَطُولُ فَلْنَقْتَصِرْ عَلَى هَذَا الْقَدْرِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى فَوَائِدِهَا (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: إِذَا تَعَدَّى عَلَى صَفْحَةٍ أَوْ عَصًا بِالْكَسْرِ أَوْ ثَوْبٍ بِالتَّحْرِيقِ وَكَثُرَ الْفَسَادُ خُيِّرْتَ فِي قِيمَةِ جَمِيعِهِ لِأَنَّ ذَهَابَ الْجُلِّ كَذَهَابِ الْكُلِّ أَوْ أَخَذَهُ وَمَا نَقَصَهُ لِأَنَّ الْبَاقِيَ عَيْنُ مَالِكِهِ أَوْ قَلَّ الْفَسَادُ فَمَا نَقَصَهُ بَعْدَ رَفْوِ الثَّوْبِ لِأَنَّ الْبَعْضَ مَضْمُونٌ كَالْكُلِّ وَقَدْ كَانَ يَقُولُ: يَضْمَنُ مَا نَقَصَ وَلَمْ يُفَصِّلْ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنْ لَا يَتَعَدَّى الضَّمَانُ مَوْرِدَ الْإِتْلَافِ ثُمَّ رَجَعَ لِلتَّفْصِيلِ وَكَذَلِكَ الْمُتَعَدِّي عَلَى عُضْوِ حَيَوَانٍ أَمَّا إِذَا لَمْ يَبْقَ فِي الرَّقِيقِ كَبِيرُ مَنْفَعَة ضمن جمعيه وَعُتِقَ عَلَيْهِ كَمَنْ مَثَّلَ بِعَبْدِهِ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ: رَاعُوا قَطْعَ يَدِ الْعَبْدِ الصَّانِعِ فَضَمِّنُوهُ وَإِنْ بقيت مَنَافِع بِخِلَافِ قَطْعِ ذَنَبِ الدَّابَّةِ أَوْ أُذُنِهَا وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: قَلْعُ عَيْنِ الْفَرَسِ الْفَارِهِ يَضْمَنُهُ وَإِنْ بَقِيَتْ مَنَافِعُ الْحَمْلِ وَالرُّكُوبِ لِغَيْرِ ذَوِي الهيآت لِفَسَادِ غَرَضِ صَاحِبِهِ وَكَذَلِكَ إِفَسَادُ ضَرْعِ الشَّاةِ الْمُرَادَةِ لِلَّبَنِ وَإِنْ بَقِيَ اللَّحْمُ وَالنِّتَاجُ وَلَا فرق بَين الْأذن وَالْعين عِنْد ذَوي الهيآت

وَفِي النُّكَتِ إِذَا كَثُرَ الْفَسَادُ وَاخْتَارَ أَخْذَهَا وَمَا نَقَصَهَا وَلَا بُدَّ مِنْ رَفْوِ الثَّوْبِ وَإِنْ قَبِلَ الرَّفْوَ أَوْ يُخَاطُ الثَّوْبُ إِنْ صَلُحَ ذَلِكَ فِيهِ وَتُشَعَّبَ الْقَصَّةُ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ الْفَسَادُ الْيَسِيرُ وَلَا تُدَاوَى الدَّابَّةُ وَالْفَرْقُ: أَنَّ نَفَقَةَ الْمُدَاوَاةِ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ وَعَاقِبَتُهَا غَيْرُ مَعْرُوفَةٍ بِخِلَافِ الْخِيَاطَةِ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا: إِذَا جُنِيَ عَلَى الْعَبْدِ جِنَايَةً مُفْسِدَةً كَقَطْعِ يَدِهِ فَلِرَبِّهِ الْقِيمَةُ وَيُعْتَقُ وَمَعْنَاهُ: إِذَا طَلَبَ ذَلِكَ السَّيِّدُ وَإِلَّا فَلَهُ أَخْذُهُ وَمَا نَقَصَهُ لِأَنَّهُ مَالُهُ وَإِذَا أَعْجَفَ الْغَاصِبُ الدَّابَّةَ بِرُكُوبِهِ وَلَمْ يَخْتَرْ رَبُّهَا الْقِيمَةَ وَأَخَذَهَا لَا يُطَالِبُهُ بِمَا نَقَصَ بِخِلَافِ قَطْعِ الْعُضْوِ وَلِأَنَّ الْعَجْفَ لَيْسَ بِأَمْرٍ ثَابِتٍ لِتَوَقُّعِ زَوَالِهِ وَلِأَنَّ الْقَطْعَ فِعْلُهُ وَالْعَجْفَ أَثَرُ فِعْلِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: مَا قِيلَ فِي الْفَسَادِ الْكَثِيرِ: يَأْخُذُ مَا نَقَصَهُ بَعْدَ الرَّفْوِ خِلَافُ ظَاهِرِ قَوْلِهِمْ وَفَسَادُهُ أَنَّهُ قَدْ يَغْرَمُ فِي الرَّفْوِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ صَحِيحًا وَذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ أَلَا تَرَى أَشْهَبَ وَغَيْرَهُ يَقُولُونَ: لَا يُغَرِّمُهُ إِلَّا مَا نَقَصَ إِذَا كَانَ لَهُ تَغْرِيمُهُ الْقِيمَةَ وَهُوَ الْقِيَاسُ فَكَيْفَ بِتَغْرِيمِهِ النَّقْصَ بَعْدَ الرَّفْوِ وَرُبَّمَا زَادَ وَلَوْ قِيلَ فِي الْيَسِيرِ: عَلَيْهِ النَّقْصُ فَقَطْ صَحَّ لِدُخُولِ الرَّفْوِ فِيهِ كَمَا قَالُوا: إِذَا وَجَدَ آبِقًا وَذَلِكَ شَأْنُهُ لَهُ جُعْلُ مِثْلِهِ وَالنَّفَقَةُ لَهُ لِدُخُولِ النَّفَقَةِ فِي جُعْلِ الْمِثْلِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فِي إِفَسَادِ الْمُتَعَدِّي الثَّوْبَ فَسَادًا يَسِيرًا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إِلَّا مَا نَقَصَهُ بَعْدَ الرَّفْوِ جنى عمد أَوْ خَطَأً وَقَوْلُ مَنْ قَالَ: الْعِتْقُ مَوْقُوفٌ عَلَى إِرَادَةِ السَّيِّدِ بِخِلَافِ ظَاهِرِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ إِمْسَاكُهُ وَأَخْذُ مَا نَقَصَهُ وَالصَّوَابُ: الْعِتْقُ وَإِنْ كَرِهَ لِقِيَامِ قِيمَتِهِ مَقَامَهُ فَهُوَ مُضَارٌّ فِي مَنْعِهِ الْعِتْقَ إِنْ كَانَ الْفَسَادُ كَثِيرًا وَيُخَيَّرُ إِنْ كَانَ يَسِيرًا كَفَقْءِ الْعَيْنِ الْوَاحِدَةِ وَقَطْعِ الْيَدِ الْوَاحِدَةِ مَعَ بَقَاءِ كَثِيرِ الْمَنَافِعِ لِأَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِمَا بَقِيَ فَإِنْ أَخَذَ الْقِيمَةَ عُتِقَ عَلَى الْجَانِي أَدَبًا لَهُ وَيَقَعُ الْعِتْقُ وَالْجِنَايَةُ مَعًا كَمَنْ حَلَفَ إِن بَاعَ عَبده فَهُوَ حر فَيَقَعُ الْبَيْعُ وَالْحِنْثُ مَعًا وَيَغْلِبُ الْعِتْقُ لِحُرْمَتِهِ وَإِنْ قَلَّتِ الْجِنَايَةُ جِدًّا كَجَذْعِ الْأَنْفِ وَقَطْعِ الإُصْبُعِ فَمَا نَقَصَ فَقَطْ قَالَ اللَّخْمِيُّ: التَّعَدِّي أَرْبَعَةٌ: يَسِيرٌ لَا يُبْطِلُ الْغَرَضَ الْمَقْصُودَ مِنْهُ وَيَسِيرٌ يُبْطِلُهُ وَكَذَلِكَ يُبْطِلُهُ وَلَا يُبْطِلُهُ وَالْأَوَّلُ

لَا يَضْمَنُ الْعَيْنَ وَكَذَلِكَ الرَّابِعُ وَيُخَيَّرُ فِي الثَّالِثِ كَمَا تَقَدَّمَ وَعَلَى الْقَوْلِ بِتَضْمِينِهِ قِيمَتَهُ فَأَرَادَ رَبُّهُ أَخْذَهُ وَمَا نَقَصَهُ فَذَلِكَ لَهُ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا شَيْءَ لَهُ لِأَنَّهُ مَلَكَ أَنْ يَضْمَنَهُ فَامْتَنَعَ فَذَلِكَ رِضًا بِنَقْصِهِ وَالثَّانِي يَضْمَنُ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ مَالِكٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ: كَقَطْعِ ذَنَبِ حِمَارِ الْقَاضِي وَالشَّاهِدِ وَنَحْوِهِ وَتَسْتَوِي الْمَرْكُوبَاتُ وَالْمَلْبُوسَاتُ هَذَا الْمَشْهُورُ وَعَنْ مَالِكٍ: لَا يَضْمَنُ الْعَيْنَ بِذَلِكَ وَضَمَّنَ ابْنُ حَبِيبٍ بِالذَّنَبِ دُونَ الْأُذُنِ لِاخْتِلَافِ الشَّيْنِ فِيهِمَا قَالَ: وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْمَذْهَبِ فَقَطْعُ أُنْمُلَةِ إُصْبُعِهِ فَبَطَّلَ ذَلِكَ صِنَاعَتَهُ ضَمِنَ جَمِيعَهُ أَمَّا قَطْعُ الْيَدِ أَوِ الرِّجْلِ فَيُضَمِّنُهُ الْجَمِيعُ وَإِنْ كَانَ مِنْ عَبِيدِ الْخِدْمَةِ لِذَهَابِ جُلِّ مَنَافِعِهِ وَالْعَرَجُ الْخَفِيفُ يَضْمَنُ النَّقْصَ فَقَطْ وَالْكَثِيرُ يَضْمَنُ جَمِيعَهُ وَالْخِصَاءُ يَضْمَنُ نَقْصَهُ فَإِن لم ينقصهُ وزادت قِيمَته لاشيء عَلَيْهِ وَعُوقِبَ وَقِيلَ: تُقَدَّرُ الزِّيَادَةُ نَقْصًا فَيَغَرَمُهَا لِأَنَّ الزِّيَادَةَ نَشَأَتْ عَنِ النَّقْصِ وَلَيْسَ بِالْبَيْنِ تَنْبِيهٌ: هَذَا الْفَرْعُ - وَهُوَ إِذْهَابُ جُلِّ الْمَنْفَعَةِ - مِمَّا اخْتَلَفَتْ فِيهِ الْمَذَاهِبُ وَتَشَعَّبَتْ فِيهِ الْآرَاءُ وَطُرُقُ الِاجْتِهَادِ فَقَالَ (ح) فِي الْعَبْدِ وَالثَّوْبِ كَقَوْلِنَا فِي الْأَكْثَرِ فَإِنْ ذَهَبَ النِّصْفُ أَوِ الْأَقَلُّ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ عَادَةً فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا مَا نَقَصَ فَإِنْ قَلَعَ عَيْنَ الْبَهِيمَةِ فَرُبُعُ الْقِيمَةِ اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ عِنْدَهُمْ: أَنْ لَا يَضْمَنَ إِلَّا النَّقْصَ وَاخْتَلَفُوا فِي تَعْلِيلِ هَذَا الْقَوْلِ فَقِيلَ: لِأَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِالْأَكْلِ وَالرُّكُوبِ فَعَلَى هَذَا يَتَعَذَّرُ الْحُكْمُ لِلْإِبِلِ وَالْبَقَرِ دُونَ الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: الرُّكُوبُ فَيَتَعَدَّى الْحُكْمُ لِلْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ فَيَضْمَنُ أَيْضًا بِرُبُعِ الْقِيمَةِ وَقَالَ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ: لَيْسَ لَهُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ إِلَّا مَا نَقَصَ فَإِنْ قَطَعَ يَدَيِ الْعَبْدِ أَوْ رِجْلَيْهِ فَوَافَقَنَا (ح) فِي تَخْيِيرِ السَّيِّدِ فِي تَسْلِيمِ الْعَبْدِ وَأَخْذِ الْقِيمَةِ وَبَيْنَ إِمْسَاكِهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَقَالَ (ش) : تَتَعَيَّنُ الْقِيمَةُ كَامِلَةً وَلَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُ الْعَبْدِ فَتَحْصُلُ لَهُ الْقِيمَةُ وَالْعَبْدُ خِلَافُ قَوْلِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَالْأَصْل

هَذَا الْفِقْهِ: أَنَّ الضَّمَانَ الَّذِي سَبَبُهُ عُدْوَانٌ لَا يُوجِبُ مِلْكًا لِأَنَّهُ سَبَبُ التَّغْلِيظِ لَا سَبَبُ الرِّفْقِ وَعِنْدَنَا الْمِلْكُ مُضَافٌ لِلضَّمَانِ لَا لِسَبَبِهِ وَهُوَ قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْعُدْوَانِ وَغَيْرِهِ فَانْبَسَطَتْ مَدَارِكُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى ثُمَّ الثَّانِيَةِ أَمَّا الْأُولَى: فَلَنَا: أَنَّهُ أَتْلَفَ الْمَنْفَعَةَ الْمَقْصُودَةَ فَيَضْمَنُ كَمَا لَوْ قَتَلَهَا أَوِ الْأُولَى فَإِنَّ ذَا الْهَيْئَةِ إِذَا قَطَعَ ذَنَبَ بَغْلَتِهِ لَا يَرْكَبُهَا بَعْدُ وَالرُّكُوبُ هُوَ الْمَقْصُودُ وَأَمَّا قِيَاسُ ذَلِكَ عَلَى قَتْلِهَا فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: إِذَا قَتَلَهَا ضَمِنَهَا اتِّفَاقًا مَعَ بَقَاءِ انْتِفَاعِهِ بِإِطْعَامِهَا لِكِلَابِهِ وَبِزَّاتِهِ وَيَدْفَعُ جِلْدَهَا يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ بِغَيْرِ دِبَاغٍ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَنَافِعِ الْمَقْصُودَةِ وَلَمَّا لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ مِنَ الضَّمَانِ عَلِمْنَا أَنَّ الضَّمَانَ مُضَافٌ لِلْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ ذَهَابُ الْمَقْصُودِ فَيَسْتَوِيَانِ فِي الْحُكْمِ عَمَلًا بِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْمُوجِبِ وَلِأَنَّهُ لَوْ غَصَبَ عَسَلًا وَشَيْرَجًا وَنَشَاءً فَعَقَدَ الْجَمِيعُ فَالُوذَجًا ضَمِنَ عِنْدَهُمْ مَعَ بَقَاء مَنَافِع كَثِيرَة مَعَ الْمَالِيَّة فَكَذَلِك هَا هُنَا وَلِأَنَّهُ لَو غصب عِنْدَهُمْ مَعَ بَقَاءِ مَنَافِعَ كَثِيرَةٍ مَعَ الْمَالِيَّةِ فَكَذَلِك هَا هُنَا وَلِأَنَّهُ لَوْ غَصَبَ عَبْدًا فَأَبَقَ أَوْ حِنْطَةً فبلَّها بَللاً فَاحِشًا ضَمِنَ الدَّرْكَ عِنْدَهُمْ مَعَ بَقَاءِ التَّقَرُّبِ فِي الْعِتْقِ فِي الْأَوَّلِ وَالْمَالِيَّةِ فِي الثَّانِي لَكِنَّ جُلَّ الْمَقْصُودِ ذَهَبَ فَكَذَلِكَ فِي مَسْأَلَتِنَا وَلَا يُقَالُ فِي الْآبِقِ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَمِيعِ الْعَيْنِ وَفِي الْحِنْطَةِ يَتَدَاعَى الْفَسَادُ إِلَيْهِما لِأَنَّهُ فِي صُورَةِ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَقْصُودِهِ وَأَفْسَدَهُ عَلَيْهِ نَاجِزًا مَعَ إِمْكَانِ تَجْفِيفِ الْحِنْطَةِ وَعَمَلِهَا سَوِيقًا وَغَيْرَ ذَلِكَ احْتَجُّوا بِقَوْلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتدى عَلَيْكُم} وَالِاعْتِدَاءُ حَصَلَ فِي الْبَعْضِ فَتَلْزَمُهُ قِيمَةُ الْبَعْضِ وَلِأَنَّ هَذِهِ الْجِنَايَةَ لَوْ صَدَرَتْ فِي غَيْرِ بَغْلَةِ الْأَمِيرِ لَمْ تَلْزَمْهُ الْقِيمَةُ فَكَذَلِكَ فِيهَا كَمَا لَوْ جَنَى عَلَى الْعَبْدِ وَالدَّارِ لَأَنَّ تَقْوِيمَ الْمُتْلَفَاتِ فِي غَيْرِ صُورَةِ النِّزَاعِ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ إِنَّمَا يَخْتَلِفُ بِالْبِلَادِ وَالْأَزْمَانِ وَيُؤَكِّدُهُ: أَنَّهُ لَوْ قَطَعَ ذنَب حِمَارِ التَّرَّابِ أَوْ خَرَقَ ثَوْبَ الحطَّاب لَا يَلْزَمُهُ جَمِيعُ الْقِيمَةِ مَعَ تَعَذُّرِ بَيْعِهِ مِنَ

الْأَمِير وَالْقَاضِي وَلِأَنَّهُمَا لَا يَلْبَسَانِهِ بِسَبَبِ ذَلِكَ الْقَطْعِ الْيَسِيرِ وَلَوْ قَطَعَ أُذُنَ الْأَمِيرِ نَفْسِهِ أَوْ أَنْفَ الْقَاضِي لَمَا اخْتَلَفَتِ الْجِنَايَةُ فَكَيْفَ بِدَابَّتِهِ مَعَ أَنَّ شَيْنَ الْقَاضِي بِقَطْعِ أَنْفِهِ أَعْظَمُ مِنَ الْعَامَّةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّهُ مَتْرُوكُ الظَّاهِرِ لِاقْتِضَائِهِ أَنْ يُعْوِرَ فَرَسَهُ مِثْلَ فِعْلِ الْجَانِي وَلَيْسَ كَذَلِكَ إِجْمَاعًا وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهَا وَرَدَتْ فِي الدِّمَاءِ لَا فِي الْأَمْوَالِ وَأَنَّ قَوْله تَعَالَى {عَلَيْكُم} إِنَّمَا يَتَنَاوَلُ نُفُوسَنَا دُونَ أَمْوَالِنَا وَعَنِ الثَّانِي: أَنَّ الدَّارَ جُلُّ مَقْصُودِهَا حَاصِلٌ بِخِلَافِ الدَّابَّةِ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: لَا يَخْتَلِفُ التَّقْوِيمُ بِاخْتِلَافِ الْمُلَّاكِ بَلْ يَخْتَلِفُ بِأَنَّ الدَّابَّةَ الصَّالِحَةَ لِلْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ كَالْقُضَاةِ والحطَّابين أَنْفَسُ قِيمَةً لِعُمُومِ الْأَغْرَاضِ وَلِتَوَقُّعِ الْمُنَافَسَةِ فِي الْمُزَايَدَةِ أَكْثَرَ مِنَ الَّتِي لَا تَصْلُحُ إِلَّا لِأَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ وَأَمَّا أُذُنُ الْأَمِيرِ وَأَنْفُ الْقَاضِي فَلِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ مَزَايَا الرِّجَالِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ فِي بَابِ الدِّمَاءِ وَمَزَايَا الْأَمْوَالِ مُعْتَبرَة فيأسر فَدِيَةَ أَشْجَعِ النَّاسِ وَأَعْلَمِهِمْ كَدِيَةِ أَجْبَنِ النَّاسِ وَأَجْهَلِهِمْ فَأَيْنَ أَحَدُ الْبَابَيْنِ مِنَ الْآخَرِ وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فَأَصْلُهَا أَنَّ الْقِيمَةَ عِنْدَنَا بدلُ الْعين فيستحيل أَن يجْتَمع الْعِوَض والمعوض وَعند بدل الْيَدَيْنِ فيجتمع المعوض بِقِيمَة الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الَّتِي لَمْ تَقَابَلْ بِعِوَضٍ لَنَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: مَا تَقَدَّمَ أَنَّ ذَهَابَ الْغَرَضِ الْمَقْصُودِ يُوجِبُ كَمَالَ الْقِيمَةِ فِي جَمِيعِ الْعَيْنِ وَلِأَنَّا إِنَّمَا نقوِّم الْعَيْنَ فَتَكُونُ الْقِيمَةُ عوضا وَلِأَن الْمَمْلُوك لاتضمن أَجْزَاؤُهُ بِالتَّلَفِ بِمَا تُضْمَنُ بِهِ جُمْلَتِهِ فِي غَيْرِ صُورَةِ النِّزَاعِ إِجْمَاعًا أَوْ نَقُولُ: لَا نُسَلِّمُ لَهُ جَمِيعَ الْقِيمَةِ مَعَ بَقَاءِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ كَمَا لَو جنى وَلِذَلِكَ سُميت قِيمَةً فَلَوْ حَصَلَ لَهُ الْقِيمَةُ مَعَ الْعَيْنِ لَمَا قَامَتْ مَقَامَهَا وَلَكَانَ لِلشَّيْءِ قِيمَتَانِ وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ

(فرع)

احْتَجُّوا بِأَنَّ دِيَةَ يَدِ الْحُرِّ والمدبِّر دِيَةٌ عَنْ يَدَيْهِ وَهِيَ مُسَاوِيَةٌ لِدِيَةِ النَّفْسِ فَكَذَلِكَ الْعَبْدُ القِن وَلِأَنَّهَا جِنَايَةٌ عَلَى مِلْكِ الْغَيْرِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْبَدَلِ تَسْلِيمُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَصْلُهُ إِذَا قَطَعَ الْيَدَ الْوَاحِدَةَ وَفِقْهُهُ: أَنَّ ضَمَانَ الْعَبْدِ ضَمَانُ الدِّمَاءِ وَخَرَاجُهُ مِنْ قِيمَتِهِ كَخَرَاجِ الْحُرِّ مِنْ دِيَتِهِ كَمَا فِي يَدَيِ الْحُرِّ دِيَةٌ كَامِلَةٌ فَفِي يَدِ الْعَبْدِ قِيمَةٌ كَامِلَةٌ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّ الْمُدَبَّرَ - عِنْدَنَا - لَا يَقْبَلُ انْتِقَالَ الْمِلْكِ لِمَا جَعَلَ فِيهِ مِنْ عَقْدِ الْعِتْقِ وَكَذَلِكَ الْحُرُّ لَا يَقْبَلُ الْمِلْكَ الْبَتَّةَ وَصُورَةُ النِّزَاعِ قَابِلَةٌ لِلْمِلْكِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ بَقَاءِ الْمُدَبَّرِ لِسَيِّدِهِ مَعَ الْأَرْشِ وَإِنْ عَظُمَ بَقَاءُ الْقِنِّ وَعَنِ الثَّانِي: أَنَّ جُلَّ الْمَنْفَعَةِ لَمْ يَذْهَبْ بِالْيَدِ الْوَاحِدَةِ وَإِنْ فَرَضْتُمُوهُ كَذَلِكَ مَنَعْنَا الْحُكْمَ وَأَوْجَبْنَا كَمَالَ الْقِيمَةِ أَمَّا الْيَدَانِ: فَمَذْهَبُنَا أَنَّ لِجُلِّ الْمَنْفَعَةِ كَمَسْأَلَةِ الْحِنْطَةِ الْمَبْلُولَةِ وَالْفَالُوذَجِ وَأَمَّا مَا ذَكَرْتُمْ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ: أَنَّ الْعُدْوَانَ لَا يَكُونُ سَبَبَ الْمِلْكِ فَيَبْطُلُ بِالِاسْتِيلَاءِ الْعُدْوَانُ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ فِي جَارِيَةِ ابْنِهِ وَأَمَّا قَوْلُكُمْ: إِنَّ الْعَبْدَ نِسْبَةُ أَطْرَافِهِ إِلَى قِيمَتِهِ كَنِسْبَةِ أَطْرَافِ الْحُرِّ إِلَى دِيَتِهِ فَغَيْرُ مسلَّم بَلِ الْعَبْدُ - عِنْدَنَا - يُضْمَنُ أَطْرَافُهُ بِمَا نَقَصَ تَغْلِيبًا لِشَائِبَةِ الْمَالِيَّةِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: إِذَا غَصَبَهَا فَزَادَتْ قِيمَتُهَا أَوْ نَقَصَتْ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْغَصْبِ وَهَذَا الْفَرْعُ يَرْجِعُ إِلَى أَنَّ الْغَاصِبَ يَضْمَنُ أَعلَى الْقيم وَهُوَ الْمَذْهَب الشَّافِعِي وَحَكَاهُ اللَّخْمِيُّ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا وَابْنِ حَنْبَلٍ أَوِ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْغَصْبِ فَقَطْ وَهُوَ مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ (ح) وَعَلَى الْأَوَّلِ: لَوْ تَعَلَّمَ العَبْد

صَنْعَةً ثُمَّ نَسِيَهَا ضَمِنَ الْغَاصِبُ قِيمَتَهَا لَنَا: أَنَّ وَضْعَ الْيَدِ هُوَ سَبَبُ الضَّمَانِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تَرُدَّهُ) وَتَرْتِيبُ الحكم على الْوَصْف يدل على علية ذَلِك الْوَصْفِ لِذَلِكَ الْحُكْمِ فَتَكُونُ الْيَدُ هِيَ سَبَبَ الضَّمَان فيترتب الضَّمَان عَلَيْهِ ويعد الضَّمَانُ لَا ضَمَانَ لِأَنَّهُ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ وَلِأَنَّ الضَّمَانَ يُصَيِّرُ الْمَضْمُونَ مِلْكَ الضَّامِنِ عَلَى مَا سَيَأْتِي وتجد يَد ضَمَانٍ فِي مِلْكِ الْإِنْسَانِ خِلَافَ الْإِجْمَاعِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {مَا على الْمُحْسِنِينَ من سَبِيل) وَالرَّادُّ لِلْمَغْصُوبِ مُحْسِنٌ بِفِعْلِهِ لِلْوَاجِبِ فَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ سَبِيلٌ وَلِأَنَّ الْغَصْبَ لَمْ يَتَنَاوَلِ الزِّيَادَةَ فَلَا تَكُونُ مَضْمُونَةً وَقِيَاسًا عَلَى زِيَادَةِ حَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ فَلِأَنَّهَا لَا تُضْمَنُ اتِّفَاقًا مِنْهُمْ وَقَدْ حَكَى اللَّخْمِيُّ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَحَكَى عَنْ أَشْهَبَ وَعَبْدِ الْمَلِكِ أَخْذُ أَرْفَعِ الْقِيَمِ إِذَا حَالَ السُّوقُ وَالْفَرْقُ عِنْدَهُمْ: أَنَّ حَوَالَةَ الْأَسْوَاقِ رَغَبَاتُ النَّاسِ وَهِيَ خَارِجَةٌ عَنِ السّلْعَة فَلَا يُؤمر فِيهَا بِخِلَافِ زِيَادَةِ صِفَاتِهَا احْتَجُّوا بِأَنَّ الْغَاصِبَ فِي كُلِّ وَقْتٍ مَأْمُورٌ بِالرَّدِّ فَهُوَ مَأْمُورٌ بِرَدِّ الزِّيَادَةِ وَمَا رَدَّهَا فَيَكُونُ غَاصِبًا لَهَا فَيَضْمَنُهَا وَلِأَنَّ الزِّيَادَةَ نَشَأَتْ عَنْ مِلْكِهِ فَتَكُونُ مِلْكَهُ وَيَدُ الْعُدْوَانِ عَلَيْهَا فَتَكُونُ مَغْصُوبَةً فَتُضْمَنُ كَالْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ وَالْجَوَابُ عَنْ جَمِيعِ مَا ذَكَرُوهُ: أَنَّا نُسَلِّمُ أَنَّهُ مَأْمُورٌ وَأَنَّ الزِّيَادَةَ مِلْكُهُ لَكِنْ لَا نُسَلِّمُ ضَمَانَهَا بِسَبَبِ أَنَّ أَسْبَابَ الضَّمَانِ ثَلَاثَةٌ: الْإِتْلَافُ وَالتَّسَبُّبُ لِلْإِتْلَافِ وَوَضْعُ الْيَدِ غَيْرِ الْمُؤْمَنَةِ وَلَا نُسَلِّمُ وُجُودَ وَاحِدٍ مِنْهَا أَمَّا الْأَوَّلَانِ فَظَاهِرٌ وَبِالْفَرْضِ وَأَمَّا الثَّالِثُ: فَلِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ وَضْعُ الْيَدِ إِلَّا فِي الْمَغْصُوبِ أَمَّا زِيَادَتُهُ فَلَمْ يُوجَدْ إِلَّا اسْتِصْحَابُهَا وَاسْتِصْحَابُ الشَّيْءِ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَقُومَ مَقَامَهُ بِدَلِيلِ: أَن اسْتِصْحَاب النِّكَاح لايقوم مَقَامَ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ لِصِحَّتِهِ مَعَ الِاسْتِبْرَاءِ

وَالْعَقْدُ لَا يُثْبَتُ مَعَ الِاسْتِبْرَاءِ وَكَذَلِكَ الطَّلَاقُ يُوجِبُ تَرَتُّبَ الْعِدَّةِ عُقَيْبَهُ وَاسْتِصْحَابُهُ لَا يُوجِبُ تَرَتُّبَ الْعِدَّةِ عُقَيْبَهُ وَوَضْعُ الْيَدِ عُدْوَانًا يُوجِبُ التَّفْسِيقَ وَالتَّأْثِيمَ وَلَوْ جَنَى بَعْدَ ذَلِكَ وَهِيَ تَحْتَ يَدِهِ لَمْ يُؤَثَّمْ حِينَئِذٍ وَلَمْ يُفَسَّقْ وَابْتِدَاءُ الْعِبَادَاتِ يُشْتَرَطُ فِيهَا النِّيَّاتُ وَغَيْرُهَا مِنَ التَّكْبِيرِ وَنَحْوِهِ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِي اسْتِصْحَابِهَا فَعَلِمْنَا أَنَّ اسْتِصْحَابَ الشَّيْءِ لَا يَلْزَمُ أَنْ يقوم مقَامه لاسيما وَمُوجِبُ الضَّمَانِ هُوَ الْأَخْذُ عُدْوَانًا وَلَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ بَعْدَ زَمَنِ الْأَخْذِ أَنَّهُ: أَخَذَ الْآنَ إِلَّا عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ فَحَقِيقَةُ الْأَخْذِ تَجْرِي مَجْرَى الْمُنَاوَلَةِ وَالْحَرَكَاتُ الْخَاصَّةُ لَا يَصْدُقُ شَيْءٌ مِنْهُ مَعَ الِاسْتِصْحَابِ فَعُلِمَ أَنَّ سَبَبَ الضَّمَانِ مَنْفِيٌّ فِي زمن الِاسْتِصْحَاب قطعا وَإِنَّمَا نُضَمِّنُهُ الْآنَ بِسَبَبِ تَقَدُّمٍ لَا بِسَبَبٍ مُقَارَنٍ فَانْدَفَعَ مَا ذَكَرُوهُ وَأَنَّ الْقِيمَةَ إِنَّمَا هِيَ يَوْمَ الْغَصْبِ زَادَتِ الْعَيْنُ أَوْ نَقَصَتْ تَفْرِيعٌ قَالَ فِي الْكِتَابِ: فَلَوْ بَاعَهَا فَلَمْ يُعْلَمْ مَوْضِعُهَا خُيِّرَتْ بَيْنَ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فُضُولِيٌّ لَك إِجَازَته وَبَين الْقيمَة لِأَنَّهُ غَاصِب فَإِنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهَا يَوْمَئِذٍ عَنْ يَوْمِ الْغَصْبِ رَجَعَتْ بِالتَّمَامِ عَلَى الْغَاصِبِ لِأَنَّ الْغَصْبَ أَوْجَبَ التَّمَامَ عَلَيْهِ قَالَ التُّونُسِيُّ: وَإِذَا كَثُرَتْ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْجِنَايَةِ وَرَجَعَتْ عَلَى الْغَاصِبِ رَجَعَ الْغَاصِبُ عَلَى الْجَانِي بِتَمَامِ الْقِيمَةِ لِأَنَّهُ بِالضَّمَانِ يَمْلِكُ بِالْجِنَايَةِ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى مِلْكِهِ فَيَرْجِعُ بِالزِّيَادَةِ كَمَا عَلَيْهِ النَّقْصُ وَقَالَ أَشْهَبُ: الزِّيَادَةُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ لِأَن الْغَاصِب عِنْده لَا يرجع وَيَلْزَمُ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَوْ كَانَ عَلَى الْغَاصِبِ غُرَمَاءُ لَمْ يَكُنْ أَحَقَّ بِمَا أَخَذَ مِنْ غُرَمَاءِ الْغَاصِبِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَخَذَ ذَلِكَ عَنِ الْغَاصِبِ مِنْ غَرِيمِ الْغَاصِبِ فَهُوَ أُسْوَةُ غُرَمَاءِ الْغَاصِبِ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنْ يَنْدَفِعَ الضَّمَانُ عَنِ الْغَاصِبِ فَلَا يَتْبَعُهُ بِبَقِيَّةِ الْقِيمَةِ وَيَكُونُ أَوْلَى بِمَا أَخَذَ مِنَ الْجَانِي من غُرَمَاء

الْغَاصِبِ وَإِذَا بَاعَ الْغَاصِبُ وَاسْتَهْلَكَ الْمُشْتَرِي فَأَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ الْبَيْعَ وَأَخَذَ الثَّمَنَ مِنَ الْغَاصِبِ فَذَلِكَ لَهُ فَإِن قَالَ: آخذه من الْمُشْتَرِي عَلَى الْغَاصِبِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ عِنْد ابْن الْقَاسِم لِأَنَّهُ إِذا جَازَ الْبَيْعَ صَارَ الْغَاصِبُ كَالْوَكِيلِ عَلَى الْبَيْعِ وَقِيلَ: لَهُ أَنْ يُغَرِّمَ الْمُشْتَرِيَ الثَّمَنَ ثَانِيَةً وَالْأَشْبَهُ الْأَوَّلُ وَإِنْ رَجَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِقِيمَةِ مَا اسْتَهْلَكَ وَلَهُ خَمْسُونَ وَالثَّمَنُ مِائَةٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ فَيَأْخُذُهُ مِنَ الْغَاصِبِ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ لَمَّا أَخَذَ قِيمَةَ مِلْكِهِ يَوْمَ الِاسْتِهْلَاكِ فَكَأَنَّهُ أَخَذَ عَيْنَ شَيْئِهِ فَانْتَقَضَ الْبَيْعُ مِنَ الْمُشْتَرِي وَالْغَاصِبِ فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ: يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِالْخَمْسِينَ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْهُ الْغَاصِبُ وَيَرْجِعُ الْمُسْتَحَقُّ بِالْخَمْسِينَ الْأُخْرَى تَمَامِ الثَّمَنِ لِأَنَّ الْغَاصِبَ لَا يَرْبَحُ قَالَ مُحَمَّد: فَإِن كَانَت قِيمَته يَوْم الْغَصْب ماية وَعِشْرِينَ وَثَمَنُ الْمَبِيعِ مِائَةً وَقِيمَتُهُ يَوْمَ الْجِنَايَةِ خَمْسِينَ فَأَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ خَمْسِينَ مِنَ الْمُشْتَرِي وَهُوَ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْجِنَايَةِ لَرَجَعَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ فَقَطْ عَلَى الْبَائِعِ وَرَجَعَ عَلَيْهِ الْمُسْتَحِقُّ بِتَمَامِ قِيمَةِ السِّلْعَةِ يَوْمَ الْغَصْبِ وَذَلِكَ سَبْعُونَ وَهَذَا أَيْضًا بَعِيدٌ فَإِنْ وَهَبَ الْغَاصِبُ الثَّوْبَ لِمَنْ أَبْلَاهُ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَرْجِعُ الْمُسْتَحِقُّ عَلَى الْوَاهِبِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ أَوْ كَانَ عَدِيمًا فَعَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ لُبْسِهِ ثُمَّ لَا تَرَاجُعَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّا مَتَى قَدَرْنَا عَلَى إِجَازَةِ هِبَةِ الْغَاصِبِ فَعَلْنَا وَيُبْدَأُ بِهِ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِخِلَافِ الْمَوْهُوبِ لَهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ إِلَّا عِنْدَ قِيَامِ عُذْرٍ لِأَنَّهُ وَضَعَ يَدَهُ خَطَأً فَيَضْمَنُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَرْجِعُ عَلَى أَيِّهِمَا شَاءَ وَعِنْدَهُ لَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ اللُّبْسِ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمِ الْغَصْبِ فَلَا تَرَاجُعَ بَيْنَهُمْ وَلَا لِلْمُسْتَحَقِّ الرُّجُوعُ عَلَى الْمَوْهُوبِ بِزِيَادَةِ الْقِيمَةِ وَعَنْ أَشهب: لَهُ الرُّجُوع وَبَدَأَ ابْن الْقَاسِم هَا هُنَا بِالْغَاصِبِ دُونَ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَقَالَ فِيمَنِ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا لِيُبَلِّغَ لَهُ كِتَابًا إِلَى بَلَدٍ فَعَطِبَ: إِنَّهُ يَضْمَنُ وَالْفَرْقُ: أَنَّ الْأَوَّلَ وَهَبَهُ الْغَاصِبُ رَقَبَةً فَاسْتَهْلَكَهَا وَالثَّانِيَ إِنَّمَا وَضَعَ يَدَهُ عَلَى الْمَنْفَعَةِ وَالْعَبْدُ لَا يَضْمَنُ مَنَافِعَهُ لِلسَّيِّدِ لِأَنَّهُ مَالُهُ فَيَضْمَنُ مَنْ

(فرع)

بَعَثَهُ لِأَنَّهُ وَضَعَ يَدَهُ مُخْطِئًا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيمَنِ اكْتَرَى دَابَّةً مِنْ غَاصِبٍ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَهَلَكَتْ: لَا يَضْمَنُ لِأَنَّ الْغَاصِبَ ضَامِنٌ لِلدَّابَّةِ فَلَا يَضْمَنُ وَاضِعُ يَدِهِ عَلَى الْمَنَافِعِ لِوُجُودِ مَنْ يَضْمَنُ الرَّقَبَةَ وَالْعَبْدُ لَا يَضْمَنُ لِسَيِّدِهِ فَلِذَلِكَ ضَمِنَ مُسْتَأْجِرُهُ وَسَوَّى بَيْنَهُمَا مُحَمَّدٌ فَإِنْ أَعْتَقَ الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ الْمُسْتَحَقَّ أَجَازَهُ الْبَائِعُ فَإِنْ أَجَازَهُ وَقَدْ نَكَحَ وَوَرِثَ نُفِّذَ جَمِيعُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمْ يَكُنْ أَصْلُ عِتْقِهِ عُدْوَانًا وَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ فِيمَا كَانَ أَصْلُ عِتْقِهِ عُدْوَانًا كَالْمُكَاتَبِ يَعْتِقُ عَبْدًا لَهُ فَيَمُوتُ فَيُرِيدُ الْمُشْتَرِي أَنْ يُجِيزَ عِتْقَهُ وَيَرِثَهُ: ذَلِكَ لَهُ وَيَنْبَغِي عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ: لَا يُورَثُ بِالْحُرِّيَّةِ لِأَنَّ أَصْلَ عِتْقِهِ عُدْوَانٌ كَعِتْقِ الْمِدْيَانِ وَانْظُرْ لَوْ أَعْتَقَهُ الْغَاصِبُ ثُمَّ جَار بِهِ فَلَمْ يَفُتْ فَأَرَادَ إِلْزَامَهُ الْقِيمَةَ وَقَالَ الْغَاصِب: لَا يَنْبَغِي أَن لَا يَلْزَمَ ذَلِكَ الْغَاصِبَ فَإِنَّ عِتْقَهُ بَاطِلٌ لِوُقُوعِهِ فِي غَيْرِ مِلْكٍ (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ: إِذَا قَدَّمَ الطَّعَامَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ بَرِئَ مِنْهُ وَكَذَلِكَ لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى الْأَكْلِ وَقَالَ (ح) : مَتَى فَعَلَ الْمَالِكُ فِي الْمَغْصُوبِ فِعْلًا لَوْ فَعَلَهُ الْغَاصِبُ ضَمِنَ سَقَطَ بِهِ ضَمَانُ الْغَصْبِ لَأَنَّ يَدَ الْمَالِكِ تُنَاقِضُ يَدَ الْغَاصِبِ عَلِمَ الْمَالِكُ أَمْ لَا كَلُبْسِ الثَّوْبِ وَرُكُوبِ الدَّابَّةِ وَأَكْلِ الطَّعَامِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَجَّرَ الْعَبْدَ مِنَ الْغَاصِبِ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ: إِذَا قَالَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ: كُلْهُ فَإِنَّهُ طَعَامِي اسْتَقَرَّ الضَّمَانُ عَلَى الْغَاصِبِ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ بَرِئَ مِنَ الضَّمَانِ وَعِنْدَ (ش) فِي سُقُوطِ الضَّمَانِ عَنِ الْغَاصِبِ قَوْلَانِ عَلِمَ أَمْ لَا أَكْرَهَهُ أَمْ لَا لَنَا: أَنَّ إِذْنَ الْغَاصِبِ كَغُرْمِهِ فَسَقَطَ الضَّمَانُ وَلِأَنَّ الْعِلْمَ وَعَدَمَهُ فِي الضَّمَانِ وَسُقُوطِهِ لَا أَثَرَ لَهُ لِأَنَّهُ لَوْ أَكَلَ طَعَامَ الْغَيْرِ يَظُنّهُ طَعَامه ضمنه أَو طَعَامه يضنه طَعَامَ الْغَرِيمِ يَضْمَنُهُ وَكَيْفَ يَلِيقُ أَنْ يَنْتَفِعَ إِنْسَانٌ بِطَعَامِهِ وَيَضْمَنَهُ لِغَيْرِهِ أَوْ نَقُولُ: رَجَعَ

(فرع)

الْمَغْصُوبُ إِلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَيَبْرَأُ الْغَاصِبُ كَمَا لَوْ بَاعَهُ مِنْهُ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ أَعَادَهُ أَوْ أَقْبَضَهُ لِأَنَّ مَنِ اسْتَحَقَّ قَبْضَ شَيْءٍ حَصَلَ قَبْضُهُ بِهَذِهِ الْوُجُوهِ كَمَا لَوِ اسْتَحَقَّ الْمُشْتَرِي قَبْضَ الْمَبِيعِ فَوَهَبَهُ الْبَائِعُ إِيَّاهُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ أَعَادَهُ وَلِأَنَّ صَاحِبَ الطَّعَامِ مُبَاشِرٌ للاتلاف وَالْغَاصِب سَبَب فِي التّلف الْعَادِيَّةِ وَالْمُبَاشَرَةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى السَّبَبِ كَحَافِرِ الْبِئْرِ وَالْمُلْقِي مُقَدَّمٌ فِي اسْتِقْرَارِ الضَّمَانِ احْتَجُّوا بِأَنَّهُ لَا يَبْرَأُ مِنَ الضَّمَانِ كَمَا لَوْ قَدَّمَ لَهُ الشَّاةَ بَعْدَ ذَبْحِهَا وَشَيِّهَا وَجَوَابُهُ: أَنَّ الشَّاة صَارَت ملكه عندنَا بِالذبْحِ فَلذَلِك استق الضَّمَان عَلَيْهِ لم يبر بِتَقْدِيمِ الشَّاةِ وَالطَّعَامُ لَمْ يَسْتَقِرَّ الضَّمَانُ فِيهِ وَهُوَ ملك الْمَغْصُوب مِنْهُ فَافْتَرقَا قالو: إِنَّمَا وَجَدَ مِنَ الْغَاصِبِ إِبَاحَةَ الْأَكْلِ وَالْإِبَاحَةُ لَيْسَتْ رَدًّا وَلَا تُزِيلُ الْيَدَ الْعَادِيَّةَ بِدَلِيلِ أَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا أَبَاحَ مِلْكَهُ لِلضَّيْفِ تَبْقَى يَدُهُ عَلَيْهِ يَتَصَرَّفُ فِيهِ كَيْفَ شَاءَ وَلَهُ نَزْعُهُ مِنَ الضَّيْفِ وَلَوْ بَاعَهُ لِلضَّيْفِ لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ حَمَلَهُ إِلَى مَنْزِلِهِ لَمَنَعَهُ وَالْإِبَاحَةُ لَيْسَتْ جِهَةَ ضَمَانٍ وَجَوَابُهُ: أَنَّا نَفْرِضُهُ خَلَّاهُ وَرَاحَ وَأَكَلَهُ وَحِينَئِذٍ لَمْ يَبْقَ لِلْغَاصِبِ يَدٌ الْبَتَّةَ ثُمَّ يَنْتَقِضُ مَا ذَكَرْتُمْ بِمَا إِذَا أَعَارَهُ إِيَّاهُ وَإِذَا دَفَعَ الْجَارِيَةَ الْمَغْصُوبَةَ لَهُ وَبِمَا إِذَا دَخَلَ الْمَالِكُ دَارَ الْغَاصِبِ فَأَكَلَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَبِمَا إِذَا قَالَ لَهُ: أَعْتِقْ هَذَا الْعَبْدَ وَاسْتَوْلِدْ هَذِهِ الْجَارِيَةَ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ مِنَ الضَّمَانِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ كُلِّهَا عَنْهُمْ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: إِذَا شَهِدُوا بِالْغَصْبِ مَعَ الْجَهْل بِالْقيمَةِ وَقد هَلَكت وصفتها الْبَيِّنَةُ وَتُقَوَّمُ الصِّفَةُ " فَإِنْ قَالُوا: غَصَبَهَا مِنْكَ وَلَا نَدْرِي لِمَنْ هِيَ قُضِيَ بِهَا لَكَ لِأَنَّ الْيَدَ ظَاهِرَةٌ فِي الْمِلْكِ وَمَتَى ادَّعَى هَلَاكَ الْمَغْصُوبِ وَخَالَفَ فِي صِفَتِهِ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ مُدَّعًى عَلَيْهِ الْغَرَامَةُ فَإِنِ ادَّعَى مَا لَا يُشْبِهُ صُدِّقْتَ مَعَ يَمِينِكَ لِثُبُوتِ الظُّهُورِ فِي جِهَتِكَ بِالْأَشْبَهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَعَنْ أَشْهَبَ لَا يُرَاعَى الْأَشْبَهُ وَيُصَدَّقُ الْغَاصِبُ قَالَ فِي النَّوَادِرِ: مُرَاعَاةُ الْأَشْبَهِ غَلَطٌ إِنَّمَا

(فرع)

ذَلِكَ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ وَكَثْرَةِ الثَّمَنِ وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ مَعْرُوفَةُ الْحَالِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: لَعَلَّهُ يُرِيدُ دَاخَلَهَا نَقْصٌ أَوْ حَوَالَةُ سُوقٍ فَرَاعَى الْأَشْبَه وَإِلَّا فقد قالو: لَا يُرَاعَى الْأَشْبَهُ وَيَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِي قِيَامِهَا قَوْلَانِ فِي الْأَشْبَهِ وَالْقِيَاسُ مُرَاعَاتُهُ وَقَالَهُ أَشْهَبُ هَاهُنَا (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا قَضَيْنَا عَلَى الْغَاصِبِ فِي الْقِيمَةِ ثُمَّ ظَهَرَ الْمَغْصُوبُ عِنْدَهُ فَلَكَ أَخْذُهُ إِنْ عَلِمْتَ أَنَّهُ أَخْفَاهُ وَتَرُدُّ الْقِيمَةَ لِأَنَّهُ مِلْكُكَ وَإِنْ لم تعلم فَلَا لَان الْقصر والرضى بِالْقِيمَةِ كَالْبَيْعِ إِلَّا أَنْ تَظْهَرَ أَفْضَلَ مِنَ الصِّفَةِ بِأَمْرٍ بَيِّنٍ فَلَكَ تَمَامُ الْقِيمَةِ نَفْيًا لِلظُّلَامَةِ وَكَأَنَّهُ لَزِمَتْهُ الْقِيمَةُ فَجَحَدَ بَعْضَهَا وَفِي التَّنْبِيهَاتِ: إِذَا ظَهَرَتْ مُخَالَفَةُ الصِّفَةِ فَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ يُخَيَّرُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بَيْنَ رَدِّ مَا أَخَذَ وَيَأْخُذُ جَارِيَتَهُ أَوْ حَبْسِهَا وَتَمَامِ الْقِيمَةِ قَالَهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ التُّونُسِيُّ: نَفَّذَ مَالِكٌ الْحُكْمَ عَلَيْهِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْإِمْسَاكِ حَتَّى يَجِدَ الْمَغْصُوبَ وَإِذَا عَلِمْتَ أَنَّهُ غَيَّبَهُ كُنْتَ كَالْمَجْبُورِ عَلَى بَيْعِهِ فَلَا يَلْزَمُكَ وَيَنْبَغِي لَوْ أَقَرَّ بِغَيْرِ الْمَغْصُوبِ فَيَقُولُ: جَارِيَةٌ وَتَقُولُ أَنْتَ: عَبْدٌ فَيُصَدَّقُ ثُمَّ يَظْهَرُ قَوْلُكَ يَنْبَغِي الرُّجُوعُ كَالَّذِي أَخْفَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ أَخْفَى الصِّفَةَ كُلَّهَا بِخِلَافِ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى الْعَبْدِ وَاخْتِلَافِهِمَا فِي الصِّفَةِ فَالْعَيْنُ هِيَ الْمَبِيعَةُ وَانْظُرْ لَوْ قَالَ: جَارِيَةٌ سَوْدَاءُ لِلْخِدْمَةِ قِيمَتُهَا عِشْرُونَ وَقُلْتَ: بَيْضَاءُ لِلْوَطْءِ قِيمَتُهَا مِائَةٌ وَهَلْ هُوَ مُخَالِفٌ لَجَحْدِهِ بَعْضَ الصِّفَةِ أَمْ لَا؟ قَالَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ أَشْهَبَ: يَحْلِفُ الْغَاصِبُ إِذَا لَمْ يُعْلَمْ أَنه أخفاها وَلَقَد كَانَتْ فَاتَتْ مِنْ يَدِي فَإِذَا حَلَفَ بَقِيَتْ لَهُ إِذَا كَانَتْ عَلَى الصِّفَةِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا وَهَذَا الْفَرْعُ هُوَ تَمْلِيكُ الْغَاصِبِ بِالتَّضْمِينِ وَيَمْلِكُ الْمُسْتَحِقُّ الْقِيمَةَ وَافَقَنَا فِيهِ (ح) إِلَّا فِي صُورَةٍ وَهِيَ: إِذَا اخْتَلَفَا فِي الْقِيمَةِ فَحَلَفَ الْغَاصِبُ وَغَرِمَ ثُمَّ وُجِدَ

الْمَغْصُوبُ وَقِيمَتُهُ أَكْثَرُ فَعِنْدَنَا يَغْرَمُ تَمَامَ الْقِيمَةِ وَعِنْدَهُ يَأْخُذُهُ وَيَرُدُّ الْقِيمَةَ وَقَالَ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ: الْمَغْصُوبُ عَلَى مِلْكِ الْمُسْتَحِقِّ مُطْلَقًا وَاتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى بَقَاءِ الْمِلْكِ إِذَا كَانَ الْغَاصِبُ كَتَمَهَا وَأَصْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: هَلْ يُلَاحَظُ الْعُدْوَانُ وَهُوَ لَا يُنَاسِبُ انْتِقَالَ الْأَمْلَاكِ وَالْمِلْكُ يَنْشَأُ عَنِ التَّضْمِينِ الْمُرَتَّبِ عَلَى الْعُدْوَانِ تَارَةً وَعَلَى غَيْرِهِ أُخْرَى فَلَا مُلَازَمَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعُدْوَانِ مَعَ أَنَّ الْعُدْوَانَ قَدْ يُوجِبُ الْمِلْكَ فِي وَطْءِ الْأَبِ جَارِيَةَ ابْنِهِ فَأَحْبَلَهَا وَلِذَلِكَ نَقُولُ أَخَذَ الْبَدَلَ هَاهُنَا فَيَمْلِكُ الْمُبْدَلَ بَاذِلُ الْبَدَلِ كَالْأَبِ مَعَ ابْنِهِ فِي إِجْبَارِ الْجَارِيَةِ أَوْ بِالْقِيَاسِ عَلَى مَا إِذَا غَصَبَ عِنَبًا وَشَيْرَجًا وَنَشَاءً وَعَمِلَ الْجَمِيعَ فَالُوذَجًا فَإِنَّهُ عِنْدَ الْجَمِيعِ يَمْلِكُ الْمَغْصُوبُ وَالْمُسْتَحِقُّ الْقِيمَةَ وَلِأَنَّ الْقِيمَةَ بَدَلٌ عَنِ الْعَيْنِ لَا عَنِ الْحَيْلُولَةِ كَمَا يَقُولُهُ الشَّافِعِي إِنَّ الْعَيْنَ تُقَوَّمُ وَتُوصَفُ وَيَحْلِفَانِ عَلَيْهَا وَأَمَّا الْحَيْلُولَةُ فَلَا قِيمَةَ لَهَا وَلِأَنَّ سَبَبَ التَّمْلِيكِ الْحُكْمِيَّ أَقْوَى مِنَ الْقَوْلِيِّ بِدَلِيلِ الْإِرْثِ فَإِنَّهُ يَنْقُلُ الْمِلْكَ قَهْرًا بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ وَلِأَنَّ الْقَوْلِيَّ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ إِلَّا بِفِعْلٍ أَوْ تَخْلِيَةٍ وَالْحُكْمِيَّ يُوجِبُ الضَّمَانَ بِمُجَرَّدِهِ فَيَكُونُ أَقْوَى فَيَنْقُلُ الْمِلْكَ قِيَاسًا عَلَى الْقَوْلِيِّ وَبِطَرِيقِ الْأَوْلَى أَوْ نَقُولُ: بَلْ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ رَدُّهُ فَيُمْلَكُ كَالْقَتْلِ أَو نقُول أَحَدِ الْمُقَابِلَيْنِ لِلْأَعْيَانِ فَيُوجِبُ أَنْ يَمْلِكَ الطَّرَفَيْنِ كَالثَّمَرَةِ وَالثَّمَنِ احْتَجُّوا: بِأَنَّ الْقِيمَةَ قُبَالَةُ الْحَيْلُولَةِ لَا قُبَالَةُ الْعَيْنِ لِأَنَّ الْآبِقَ مَثَلًا لَا تَصِحُّ مُقَابَلَتُهُ بِالْعِوَضِ وَلَوْ صَرَّحَا بِذَلِكَ وَيَأْخُذُ الْقِيمَةَ عَنِ الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَهُمَا لَا يُقَابَلَانِ بِالْأَعْوَاضِ وَلِأَنَّ الْآبِقَ لَوْ لَمْ يَعُدْ لِلْغَاصِبِ لَمَا كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي الْقِيمَةِ وَلَوْ كَانَتِ الْقِيمَةُ تُقَابِلُهُ لَرَجَعَ فِيهَا كَالثَّمَنِ إِذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنَ الْمُثَمَّنِ وَكَمَا إِذَا ذَهَبَ بَصَرُهُ تَجِبُ الدِّيَةُ لِلْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَصَرِهِ وَلِذَلِكَ إِذَا رَجَعَ

(فرع)

بَصَرُهُ رَدَّ الدِّيَةَ وَاسْتَقَرَّ الْبَصَرُ لِصَاحِبِهِ وَكَذَلِكَ الشُّهُودُ إِذَا رَجَعُوا عَنِ الشَّهَادَةِ يَغْرَمُونَ مَا حَالُوا بَيْنَ الْمَالِكِ وَبَيْنَهُ وَلَا يَمْلِكُونَهُ فَإِذَا تَقَرَّرَ بِهَذِهِ النَّظَائِرِ أَنَّ الْقِيمَةَ قُبَالَةُ الْحَيْلُولَةِ وَقَدِ ارْتَفَعَتِ الْحَيْلُولَةُ فَتُرَدُّ الْقِيمَةُ أَوْ نَقُولُ: لَا يُوجِبُ هَذَا التَّضْمِينُ الْمِلْكَ فِي الْمُدَبَّرِ فَلَا يُوجِبُهُ فِي الْقِنِّ كَمَا لَوْ قَطَعَ يَدَهُ وَالْجَوَابُ عَنِ الْوَجْهَيْنِ: أَنَّ بَيْعَ الْآبِقِ يَجُوزُ عِنْدَنَا مِنَ الْغَاصِبِ وَمِنْ غَيْرِهِ بِشَرْطِ عَدَمِ النَّقْدِ وَالْتِزَامِ الْإِتْيَانِ بِهِ فِي أَجَلٍ مَعْلُوم أَو نقُول: لَا يلْزم من غدم قبُول الْملك والمعاوضة صَرِيحًا أَن لَا يُقْبَلَ ذَلِكَ ضِمْنًا كَالْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ إِذَا أَبَقَ يَمْتَنِعُ بَيْعُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ مِنْ شَرِيكِهِ بِالتَّصْرِيحِ وَيَجُوزُ ضِمْنًا بِأَنْ يَعْتِقَ نَصِيبَهُ فَيَمْلِكَ نَصِيبَ صَاحِبِهِ فَيُعْتَقَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: أَعْتِقْ عَنِّي عَبْدَكَ الْآبِقَ بِأَلْفٍ صَحَّ مَعَ امْتِنَاعِ بَيْعِهِ وَلِأَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرَ فِي حَيِّزِ الْمُتْلَفَيْنِ فَقِيمَتُهُمَا كَدِيَةِ الْحُرِّ قُبَالَتُهُ لَا قبالة الحليولة بَيْنَ الْحُرِّ وَبَيْنَ زَوْجِهِ ثُمَّ هَذِهِ الصُّوَرُ كُلُّهَا مُنْدَفِعَةٌ بِأَنْ يُشْتَرَطَ فِي صُورَةِ النِّزَاعِ قَبُولُ الْمِلْكِ وَهَذِهِ الصُّورَةُ لَا تَقْبَلُ الْمِلْكَ فَلَا مَعْنَى لِذِكْرِهَا ثُمَّ يَنْتَقِضُ مَا ذَكَرْتُمْ بِمَا إِذا تَرَاضيا بِالْقيمَةِ ثمَّ للْملك اخْتِصَاصه بِمَا يقبل الْمِلْكَ وَالدَّمَ وَالْجُزْءُ الَّذِي أَوْجَبَ عَدَمَهُ الْعَيْبُ لَا يَقْبَلُ النَّقْلَ مِنْ مِلْكٍ وَلَوْ أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْمُكَاتَبَ ضَمِنَ نَصِيبَ شَرِيكِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ الْمِلْكَ وَأَمَّا ضَوْءُ الْعَيْنِ فَلِأَنَّهُ عرض فَلَو ذهب مَا عَاد فَمَا عَاد علمنَا أَنه لم يذهبأولاً بِخِلَافِ الْعَبْدِ إِذَا رَجَعَ لَمْ يُتَبَيَّنْ أَنْ لَمْ يَأْبَقْ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا خَالَفَكَ الْغَاصِبُ أَوِ الْمُنْتَهِبُ فِي عَدَدِ مَا فِي الصُّرَّةِ صُدِّقَ مَعَ

يَمِينِهِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ أَشْهَبُ: يُصَدَّقُ الْمُنْتَهِبُ مِنْهُ مَعَ يَمِينِهِ إِنِ ادَّعَى مَا يُشْبِهُ مِثْلَهُ وَالْمُنْتَهِبُ لَمْ يَطَّلِعْ بِأَنْ أَبْقَى الصُّرَّةَ فِي مَاءٍ وَيُخْتَلَفُ فِي يَمِينِهِ كَدَعْوَاكَ عَلَى رَجُلٍ مِائَةً فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي أَلَكَ عِنْدِي شَيْءٌ أَمْ لَا؟ فَقِيلَ: يَأْخُذُ بِغَيْرِ يَمِينٍ لِعَدَمِ تَحْقِيقِهِ بِالْمِلْكِ وَلِأَنَّ الشَّاكَّ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ مِنَ الْيَمِينِ قَالَ اللَّخْمِيُّ عَنْ مُطَرِّفٍ: يُصَدَّقُ الْمُنْتَهِبُ مِنْهُ مَعَ يَمِينِهِ بَعْدَ غَيْبَةِ الْغَاصِبِ عَلَيْهَا إِذَا أَعْجَزَهُ بِهَا وَادَّعَى مَعْرِفَةَ مَا وُجِدَ فِيهَا لِأَنَّ الْغَاصِبَ إِذَا فَعَلَ مِثْلَ هَذَا الْفِعْلِ لَا يُقَرُّ بِالْحَقِّ فَهُوَ كَمَنْ كَتَمَ وَلَمْ يُقِرَّ بِشَيْءٍ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ مَا لَمْ يَأْتِ بِمَا لَمْ يُشْبِهْ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ الْغَاصِبُ فَيَقْبَلَ قَوْلَ الْمُنْتَهِبِ مِنْهُ إِذَا طَرَحَهَا الْمُنْتَهِبُ قَبْلَ مَعْرِفَةِ مَا فِيهَا لِأَنَّ رَبَّهَا يَدَّعِي التَّحْقِيقَ وَالْآخَرَ التَّخْمِينَ هَذَا إِذَا تَقَارَبَا فِي الدَّعْوَى فَإِنْ قَالَ هَذَا: مِائَةٌ وَالْآخَرُ: ثَلَاثُمِائَةٍ صُدِّقَ الْمُنْتَهِبُ وَعَلَى قَوْلِ مُطَرِّفٍ: الْمُنْتَهَبُ مِنْهُ وَإِنْ قَالَ: غَصَبَنِي هَذَا الْعَبْدَ وَقَالَ الْآخَرُ بَلْ هَذَا وَقَالَ: بَلْ هَذَا الثَّوْبَ صُدِّقَ الْغَاصِبُ وَإِنِ اتَّفَقَا أَنَّهُ غَصَبَ عَبْدًا وَاخْتَلَفَا فِي صِفَتِهِ وَقَدْ هَلَكَ صُدِّقَ الْغَاصِبُ فِيمَا يُشْبِهُ أَمَّا مَا لَا يُشْبِهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ خِلَافًا لِأَشْهَبَ نَظَرًا لِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ وَالْأَشْبَهِ فَتَعَارَضَ أَصْلٌ وَظَاهِرٌ ابْنُ الْقَاسِمِ: يُقَدَّمُ الظَّاهِرُ وَإِنْ أَنْكَرَ الْغَصْبَ وَشَهِدَ بِاعْتِرَافِهِ أَوْ أَنَّهُ غَصَبَ عَبْدًا وَلَمْ يُثْبِتْ صِفَةً صُدِّقَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مَعَ يَمِينِهِ أَنَّ صِفَتَهُ كَذَا وَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ يَمِينِهِ إِلَّا الْوَسَطُ لِأَنَّهُ الْأَعْدَلُ بَيْنَ الْإِفْرَاطِ وَالتَّفْرِيطِ قَالَ: وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ لِأَنَّ عَلَى الْغَاصِبِ الْإِقْرَارَ بِالصِّفَةِ وَيَحْلِفُ عَلَيْهَا أَوْ يُشْكِلُ فَيَحْلِفُ الْآخَرُ وَلَوْ أَتَى بِالثَّوْبِ خَلَقًا وَقُلْتَ: كَانَ جَدِيدًا صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ فَإِنْ وَجَدْتَ بَعْدَ ذَلِكَ بَيِّنَةً أَنَّهُ غَصَبَهُ جَدِيدًا أَوِ الثَّوْبُ قَائِمٌ بِيَدِهِ أَوْ هَلَكَ أَوْ بَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ كَانَ عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ فَإِنْ كَانَ اخْتِلَافُكُمَا لِتُغَرِّمَهُ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ رَجَعْتَ عَلَيْهِ بِمَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ مِنْ مُرَاعَاةٍ لِحَالِ الثَّوْبِ فِي هَلَاكٍ أَوْ غَيْرِهِ وَإِن كَانَ اختلافكما لتضمينه فَقَالَ الْغَاصِبُ: لَا أَضْمَنُ لِأَنَّهُ كَانَ خَلَقًا فَلَكَ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْغَصْبِ جَدِيدًا ثُمَّ يُنْظَرُ فِي الثَّوْبِ إِنْ كَانَ قَائِمًا

(فرع)

رَدَّهُ وَإِنْ هَلَكَ فَمُصِيبَتُهُ مِنَ الْغَاصِبِ لِأَنَّهُ أَكْرَهَهُ عَلَى رَدِّهِ إِلَيْهِ وَالْقَوْلُ قَوْلُكُ مَعَ يَمِينِكَ أَنَّهُ هَلَكَ وَتَرْجِعُ بِالْقِيمَةِ وَإِنْ بِعْتَهُ سَلَّمْتَ الثَّمَنَ الَّذِي بِعْتَهُ لَهُ وَإِنْ لَبِسْتَهُ فَأَبْلَيْتَهُ غَرِمْتَ الْقِيمَةَ فَإِنْ وَهَبْتَهُ: قَالَ أَشْهَبُ: لَا شَيْءَ عَلَيْكَ لِأَنَّ الْغَاصِبَ أَبَاحَ لَكَ ذَلِك ظلما وعدوانا، ً وَلَكِنْ تَتْبَعُ الْمَوْهُوبَ لَهُ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا فَأَتَى بِهِ مَعِيبًا وَحَلَفَ: هَكَذَا غَصَبْتُهُ وَرَدَّهُ ثمَّ شهد بِأَنَّهُ كَانَ سليما رَجَعْتَ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْغَصْبِ وَكَانَتْ مُصِيبَتُهُ مِنَ الْغَاصِبِ وَإِنْ أَعْتَقَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَخَالَفَهُ مُحَمَّدٌ وَإِنْ أَخَذْتَ الْعَبْدَ جَاهِلًا بِعَيْبِهِ فَعَلِمْتَ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ إِبَاقِهِ أَوْ بَيْعِهِ أَوْ عِتْقِهِ رَجَعْتَ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ فَإِنْ قُلْتَ: أَرْجِعُ بِجَمِيعِ الْقِيمَةِ لِأَنِّي لَوْ عَلِمْتُ بِالْعَيْبِ ضَمِنْتُهُ فَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ لَا يُضْمَنُ لِأَجْلِهِ لِخِفَّتِهِ لَمْ يُوَافِقْ أَوْ مِثْلُ ذَلِكَ الْعَيْبِ لَا يَقْبَلُهُ صُدِّقْتَ وَرَجَعْتَ بِالْقِيمَةِ فَإِنْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ حَلَفْتَ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: إِذَا وَلَدَتِ الْأَمَةُ بِيَدِ الْغَاصِبِ مِنْ وَطْئِهِ أَوْ مِنْ زَوْجٍ عَلَى أَنَّهَا أَمَةٌ وَلَمْ يعلم بِالْغَصْبِ أَو من زنى فَلَكَ أَخْذُهَا وَأَخْذُ وَلَدِهَا رَقِيقًا وَيُحَدُّ الْغَاصِبُ لِوَطْئِهِ وَلَا يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ وَيَلْحَقُ بِالزَّوْجِ رَقِيقًا لِأَنَّهُ وطئ بِشُبْهَة الِاعْتِقَاد وَدخل على أَنه أَمَةٌ فَوَلَدُهُ رَقِيقٌ فَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْوَلَدِ رَقِيقًا لِنَشْأَتِهِ عَلَى الْحُرِّيَّةِ بِاعْتِقَادِهِ الْحُرِّيَّةَ وَقَالَ (ح) : إِذَا وَلَدَتْ مِنَ الْغَاصِبِ فَمَاتَ الْوَلَدُ غَرِمَ أَرْشَ بَعْضِ الْوِلَادَةِ لِأَنَّهُ جُلُّ الْمَغْصُوبِ ذَهَبَ دُونَ الْوَلَدِ فَوَافَقَنَا عَلَى أَنَّ الْوَلَدَ غَيْرُ مَضْمُونٍ وَقَالَ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ: عَلَى الْغَاصِبِ مَهْرُ الْمِثْلِ وَإِنْ كَانَتْ مُطَاوِعَةً لِأَنَّهُ حَقُّ السَّيِّدِ لَيْسَ لَهَا إِسْقَاطُهُ وَأَرْشُ الْبَكَارَةِ وَالْوَلَدُ حُرٌّ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْوِلَادَةِ إِنْ وُلِدَ حَيًّا اشْتَرَاهَا حَامِلًا أَوْ وَلَدَتْ عِنْدَهُ وَإِذَا اسْتَحَقَّتِ الْأَمَةُ الْمُشْتَرَاةُ غَرِمَ قِيمَةَ الْوَلَدِ وَنَقْصُ الْوِلَادَةِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَرَجَعَ بِذَلِكَ عَلَى الْغَاصِبِ

لَنَا: أَنَّ الْوَلَدَ أَمَانَةٌ شَرْعِيَّةٌ حَدَثَتْ فِي حَوْزِهِ كَالثَّوْبِ تُلْقِيهِ الرِّيحُ فِي دَارِهِ وَوَلَدُ الْعَارِيَةِ وَالْمُودَعَةِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الضَّمَانِ إِلَّا فِيمَا أَجْمَعْنَا عَلَى ضَمَانِهِ احْتَجُّوا: بِأَنَّهُ حَدَثَ عَنْ مَضْمُونٍ فَلُوحِظَ أَصْلُهُ بِخِلَافِ الثَّوْبِ تُلْقِيهِ الرِّيحُ وَقِيَاسًا عَلَى وَلَدِ الصَّيْدِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّهُ لَوْ جَلَسَ فِي الطَّرِيقِ عُدْوَانًا فَأَلْقَتِ الرِّيحُ إِلَيْهِ ثَوْبًا فَتَخَرَّقَ فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ كَانَ جُلُوسُهُ عُدْوَانًا وَعَنِ الثَّانِي: أَنَّ ولد الصَّيْد يتيعن إِطْلَاقُهُ فَحَبْسُهُ عُدْوَانٌ مَحْضٌ وَوَلَدُ الْأَمَةِ تَحْتَ حِفْظِهِ وَصَوْنِهِ عَلَى مَالِكِهِ فَفِيهِ شَائِبَةُ الْأَمَانَةِ تَفْرِيعٌ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: مَنِ اسْتَكْرَهَ حُرَّةً أَوْ أَمَةً فَعَلَيْهِ فِي الْحُرَّةِ صَدَاقُ مِثْلِهَا وَفِي الْأَمَةِ مَا نَقَصَهَا بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا تَغْلِيبًا لِشَائِبَةِ الْمَالِيَّةِ عَلَيْهَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِي مهر الْمثل تَغْلِيبًا لللآدمه وَقَالَ (ح) لَا صَدَاقَ عَلَيْهِ مَعَ الْحَدِّ قَالَ اللَّخْمِيُّ: يَضْمَنُ الرَّائِعَةَ بِالْغِيبَةِ عَلَيْهَا إِذَا أَشْكَلَ الْأَمْرُ هَلْ أَصَابَهَا أَمْ لَا وَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ بَتْلًا قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ قَالَ: وَأَرَى إِيقَافَ الْقِيمَةِ إِنْ كَانَ السَّيِّدُ مُقِرًّا بِالْإِصَابَةِ لِإِمْكَانِ أَنْ تَكُونَ حَامِلًا مِنْهُ وَأُمُّ الْوَلَدِ لَا تُضْمَنُ بِالْغِيبَةِ عَلَيْهَا وَإِلَّا أَخَذَتِ الْقِيمَةَ إِنْ أَنْكَرَ سَيِّدُهَا الْوَطْءَ أَوْ لَمْ يَظْهَرْ حَمْلٌ إِلَّا قَدْرَ عَيْبِ الْحَمْلِ فَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهَا غَيْرُ حَامِلٍ أَخَذَهُ وَإِنِ اغْتَصَبَ وَطْءَ أَمَةٍ دُونَ رَقَبَتِهَا وَخَاصَمَهُ قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ ضَمَّنَهُ جَمِيعَ الرَّقَبَةِ لِأَنَّهُ بِفِعْلِهِ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا أَنْ تَكُونَ فِي آخِرِ الطُّهْرِ فَيُنْتَظُرَ الْحَيْضُ وَمَتَى وَلَدَتْ مِنَ الْغَاصِبِ مِنْهُ أَو من زنى فَسَوَاءٌ يَأْخُذُ الْأَمَةَ وَالْوَلَدَ فَإِنْ مَاتَ لَمْ يَضْمَنْهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ: عَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ وُلِدَ لِأَنَّهُ مَغْصُوبٌ وَمَنْ قَالَ: يَلْزَمُ الْغَاصِبَ أَعْلَى الْقِيَمِ يَغْرَمُ قِيمَتَهُ يَوْمَ مَاتَ وَإِنْ كَانَتْ أَعْلَى مِنَ الْوِلَادَةِ وَكَذَا إِنْ مَاتَتِ الْأُمُّ فَقِيمَتُهَا وَحْدَهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِم يَوْم غصبهَا وَقِيمَته الْوَلَدِ يَوْمَ الْوِلَادَةِ مَعَ قِيمَتِهَا عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَإِنْ مَاتَتِ الْأُمُّ

وَحْدَهَا خُيِّرَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بَيْنَ قِيمَةِ الْأُمِّ يَوْمَ الْغَصْبِ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي الْوَلَدِ أَوْ يَأْخُذُ الْوَلَدَ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ قِيمَةِ الْأُمِّ لِأَنَّ الْوَلَدَ عُضْوٌ مِنْ أَعْضَائِهَا فَذَهَابُهَا دُونَ وَلَدِهَا كَذَهَابِ بَعْضِهَا وَهُوَ يُخَيَّرُ فِي الْبَعْضِ كَذَلِكَ وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ: يَأْخُذُ الْوَلَدَ وَقِيمَةَ الْأُمِّ يَوْمَ الْغَصْبِ وَالْقِيَاسُ أَخْذُ قِيمَتِهَا يَوْمَ مَاتَتْ وَأَخْذُ الْوَلَدِ فَإِنْ قُتِلَ الْوَلَدُ وَحْدَهُ خُيِّرَتْ فِي أَخْذِ الْأُمِّ وَقِيمَةِ الْوَلَدِ يَوْمَ (الْقَتْلِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنْ قُتِلَتْ أَخَذَ الْوَلَدَ وَقِيمَةَ الْأُمِّ يَوْمَ قُتِلَتْ) فَإِنْ قُتِلَا فَلَيْسَ لَكَ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إِلَّا قِيمَةُ الْأُمِّ يَوْمَ الْغَصْبِ وَعَلَى قَوْلِهِ فِي الدِّمْيَاطِيَّةِ يَأْخُذُ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْقَتْلِ وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ: إِذَا قُتِلَا أَوْ أَحَدُهُمَا فَسَوَاءٌ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْغَصْبِ وَإِنْ قُتِلَ الْوَلَدُ أَخَذَ الْأُمَّ وَقِيمَتَهُ (يَوْمَ وُلِدَ أَوِ) الْأُمُّ أَخَذَ الْوَلَدَ وَقِيمَتَهَا يَوْمَ الْغَصْبِ أَوْ قُتِلَا فَقِيمَةُ الْأُمِّ يَوْمَ الْغَصْبِ وَقِيمَةُ الْوَلَدِ يَوْمَ الْوِلَادَةِ وَعَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى عَنْهُ: يَأْخُذُهُ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْقَتْلِ إِنْ كَانَتْ أَرْفَعَ الْقِيَمِ وَإِنْ قُتِلَ أَحَدُهُمَا وَمَاتَ الْآخَرُ: فَالْقِيمَةُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْأُمِّ يَوْمَ غُصِبَتْ مَاتَتْ أَوْ قُتِلَتْ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي الْوَلَدِ مَاتَ أَوْ قُتِلَ عَلَى أَصْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وعَلى قَوْله الآخر: قيمَة الْأُم وَيَوْم قَتْلِهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي الْوَلَدِ لِأَنَّهُ مَاتَ فَإِنْ مَاتَتِ الْأُمُّ فَالْقِيمَةُ يَوْمَ الْغَصْبِ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي الْوَلَدِ لِأَنَّهُ حَدَثَ بَعْدَ أَخْذِ الْقِيمَةِ وَعَلَى غَيْرِ الْمُدَوَّنَةِ: قِيمَةُ الْوَلَدِ يَوْمَ قُتِلَ وَيُعْلَمُ مِنْ هَذَا الْبَيَانِ حكم مَا إِذا ولدت من زنى عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَوِ الْمَوْهُوبِ فَوَجَدَهُمَا أَوْ مَاتَا أَو أَحدهمَا أَو قتل أَحَدُهُمَا أَوْ قُتِلَ أَحَدُهُمَا وَمَاتَ الْآخَرُ وَكَانَ الْقَتْلُ مِنَ الْمُشْتَرِي أَوِ الْمَوْهُوبِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا أَوْ كَانَتْ جِنَايَةً دُونَ قَتْلٍ أَوْ دَخَلَ الْأُمَّ نَقْصٌ مِنَ الْوِلَادَةِ أَوْ غَيْرِهَا قَالَ صَاحِبُ الْخِصَالِ: إِنْ تَوَالَدَتِ الْغَنَمُ أَخَذَهَا وَأَوْلَادَهَا وَإِنْ مَاتَتْ وَبَقِيَ نَسْلُهَا خُيِّرَتْ بَيْنَ أَخْذِ نَسْلِهَا دُونَ قِيمَةِ الْأُمَّهَاتِ أَوْ قِيمَةِ الْأُمَّهَاتِ يَوْمَ الْغَصْبِ دُونَ النَّسْلِ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ الْغَاصِبُ اسْتَغَلَّهَا وَمَاتَتْ خُيِّرَتْ بَيْنَ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ

(فرع)

بِغَلَّتِهَا وَلَا شَيْءَ لَكَ فِي قِيمَتِهَا أَوْ قِيمَتُهَا يَوْمَ غَصْبِهَا وَلَا تَأْخُذُ الْغَلَّةَ وَالسَّارِقُ وَالْغَاصِبُ سَوَاءٌ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: إِذَا ابْتَعْتَ ثَوْبًا مِنْ غَاصِبٍ وَلَمْ تَعْلَمْ فَلَبِسْتَهُ حَتَّى أَبْلَيْتَهُ فَلِرَبِّهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ لَبِسْتَهُ لِأَنَّهُ يَوْمُ تَعَدِّيكَ أَوْ يَضْمَنُ الْغَاصِبُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْغَصْبِ لِأَنَّهُ يَوْمَ وَضَعَ يَدَهُ أَوْ يُجِيزُ الْبَيْعَ وَيَأْخُذُ الثَّمَنَ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فُضُولِيٌّ وَلَوْ تَلِفَ عِنْدَكَ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ لَمْ تَضْمَنْهُ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِوَضْعِ يَدِهِ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْكَ إِتْلَافٌ وَلَا تَسَبُّبٌ وَلَا يَدٌ عَادِيَّةٌ (فَرْعٌ) قَالَ: إِذَا اسْتَهْلَكَ الطَّعَامَ أَوِ الْإِدَامَ فَعَلَيْهِ مِثْلُهُ بِمَوْضِعِ غَصْبِهِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ هُنَاكَ مِثْلٌ لَزِمَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ بِمِثْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصْطَلِحَا عَلَى أَمْرٍ جَائِزٍ فَإِنْ لَقِيَهُ بِغَيْرِ الْبَلَدِ لَمْ يَقْضِ عَلَيْهِ بِمِثْلٍ وَلَا قِيمَةٍ إِنَّمَا عَلَيْهِ الْمِثْلُ بِمَوْضِعِ الْغَصْبِ لِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ وَالْمَوَاضِعُ تَخْتَلِفُ وَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ فِي الْعُرُوضِ وَالرَّقِيقِ وَالْحَيَوَانِ بِالْمَوْضِعِ وَغَيْرِهِ نَقَصَتِ الْقِيمَةُ بِغَيْرِ الْبَلَدِ أَوْ زَادَتْ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ: اخْتُلِفَ فِي نَقْلِ الْمَغْصُوبِ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: ذَلِكَ فَوْتٌ وَتُخَيَّرُ بَيْنَ أَخْذِ مَتَاعِكَ وَتَضْمِينِهِ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْغَصْبِ قَالَهُ أَشْهَبُ وَلَيْسَ بِفَوْتٍ وَلَيْسَ لَكَ إِلَّا مَتَاعُكَ قَالَهُ سُحْنُونُ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الْبُلْدَانِ كَاخْتِلَافِ الْأَسْوَاقِ لَيْسَتْ بِفَوْتٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعُرُوضِ فَتُفَوَّتُ وَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَخْذِهَا أَوْ يُضَمِّنُهُ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْغَصْبِ فِي البد الَّذِي غَصَبَهَا فِيهِ وَفِي الْحَيَوَانِ الْمُسْتَغْنَى عَنِ الْكِرَاءِ عَلَيْهِ كَالدَّوَابِّ وَوَخْشِ الرَّقِيقِ لَيْسَ بِفَوْتٍ فَلَيْسَ لَكَ إِلَّا أَخْذُهُ وَأَمَّا الْمُحْتَاجُ إِلَى الْكِرَاءِ مِنَ الرَّقِيقِ فَكَالْعُرُوضِ وَفِيهِمَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: قَوْلَانِ مُتَضَادَّانِ وَتَفْرِقَةٌ فَأَمَّا الطَّعَامُ: فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: لَيْسَ لَكَ إِلَّا

مِثْلُ طَعَامِكَ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ وَثَانِيهَا: يُخير بَيْنَ أَخْذِهِ وَتَضْمِينِهِ مِثْلَهُ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ أَوِ الْقَرِيبِ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَخْذِهِ أَوْ يُضَمِّنُهُ مِثْلَهُ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ وَقَالَ (ح) : إِنْ وُجِدَ أَحَدُ النَّقْدَيْنِ فِي غَيْرِ الْبَلَدِ فَلَهُ أَخْذُهُ دُونَ قِيمَتِهِ وَإِنِ اخْتَلَفَ صرفُها حَمْلًا لَهَا عَلَى الْغَالِبِ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي النَّقْدَيْنِ عَدَمُ الِاخْتِلَافِ وَغَيْرُ النَّقْدَيْنِ إِنِ اسْتَوَتِ الْقِيمَةُ أَوْ زَادَتْ فَكَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ أونقصت خُيِّرَ بَيْنَ قِيمَتِهِ بِبَلَدِ الْغَصْبِ نَفْيًا لِظُلَامَةِ تَنَقُّصِ الْقِيمَةِ وَبَيْنَ أَخْذِهَا لِأَنَّهُ مَالُهُ أَوْ يَنْتَظِرُ أَخْذَهَا بِبَلَدِ الْغَصْبِ بِخِلَافِ نَقْصِ قِيمَتِهَا فِي بَلَدِ الْغَصْبِ لِأَنَّ النَّقْصَ لَمْ يُتَبَيَّنْ عَنْ فِعْلِ الْغَاصِبِ وَهَاهُنَا تَنْشَأُ عَنْ فِعْلِهِ وَإِن هلك الْمَغْصُوب وَقِيمَته هَا هُنَا أَقَلُّ فَلَكَ أَخْذُ الْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيَّاتِ أَوْ قِيمَتِهِ بِبَلَدِ الْغَصْبِ أَوْ تَنْتَظِرُ أَخْذَهُ بِبَلَدِ الْغَصْبِ نَفْيًا لِظُلَامَةِ النَّقْصِ أَوْ زَادَتِ الْقِيمَةُ خُيِّرَ الْغَاصِبُ بَيْنَ دَفْعِ الْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيِّ أَوِ الْقِيمَةِ هَاهُنَا فِي الْمُقَوَّمِ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ نَشْأَتْ عَنْ فِعْلِهِ فَهِيَ مَالُهُ وَإِنِ اسْتَوَتْ فَلَكَ الْمُطَالَبَةُ لِعَدَمِ الضَّرَرِ عَلَيْكُمَا وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ: إِنْ كَانَ أَحَدَ النَّقْدَيْنِ أَخَذَهُ أَوْ مِثْلِيًّا وَاسْتَوَتِ الْقِيمَةُ أَوْ نَقَصَتْ رَدَّ مِثْلَهُ نفيا لظلامة النَّقْص وَمؤنَة لحمل أَوْ زَادَتْ وَالْمُؤْنَةُ خَفِيفَةٌ فَكَذَلِكَ رَدُّ الْمِثْلِيِّ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ أَوْ مُؤْنَةٌ كَثِيرَةٌ فَلَا لِضَرَرِ الْمُؤْنَةِ فِي نَقْلِهِ إِلَى بَلَدٍ لَا يَسْتَحِقُّ تَسْلِيمَهُ فِيهِ وَيُخَيَّرُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بَيْنَ الصَّبْرِ إِلَى أَخْذِهِ بِبَلَدِهِ وَبَيْنَ الْقِيمَةِ الْآنَ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ لِتَعَذُّرِ رَدِّهِ وَرَدِّ مِثْلِهِ وَقَالَ (ش) : أَمَّا الْمِثْلِيُّ فَإِنْ وَجَدَهُ فِي غَيْرِ الْبَلَدِ خُيِّرَ بَيْنَ أَخْذِهِ وَبَيْنَ إِلْزَامِهِ رَدَّهُ إِلَى بَلَدِ الْغَصْبِ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ حَمْلُهُ (إِلَى بَلَدِ الْغَصْبِ) فَتَرُدَّهُ لِلْغَاصِبِ (وَلَهُ إِلْزَامُهُ الْقِيمَةَ هَاهُنَا لِلْحَيْلُولَةِ فَإِذَا رَدَّهُ الْغَاصِبُ رُدّت الْقِيمَةُ وَلَوْ تَلِفَ فِي الْبَلَدِ الْمَنْقُولِ إِلَيْهِ

لَكَ طَلَبُهُ بِالْمِثْلِ حَيْثُ ظَفِرْتَ بِهِ وَإِنْ فُقِدَ الْمِثْلُ غَرَّمْتَهُ أَكْثَرَ قِيمَةِ الْبَلَدَيْنِ فَإِنْ تَلِفَ بِبَلَدِ الْغَصْبِ) فَلَكَ الْمُطَالَبَةُ فِي الْبَلَدِ الثَّانِي بِالْمُؤْنَةِ لِنَقْلِهِ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَإِلَّا فَلَا بَلْ لَكَ الْقِيمَةُ بِبَلَدِ التَّلَفِ وَلَوْ أَتْلَفَهُ الْمَاءُ فِي مَفَازَةٍ فَلَقِيَهُ عَلَى شَاطِئِ النِّيلِ أَوِ الْحِلِّ فِي الصَّيْفِ فَلَقِيتَهُ فِي الشِّتَاءِ فَلَيْسَ لَكَ إِلَّا الْقِيمَةُ وَأَمَّا الْقِيَمِيُّ: فَلَكَ أَخذه حَيْثُ وجدته هَذَا كُله كَلَام الشَّافِعِي قَالَ التُّونُسِيُّ: الْأَحْسَنُ فِي الرَّقِيقِ وَالْحَيَوَانِ أَنْ يَأْخُذَهُ لِأَنَّهَا تَمْشِي بِخِلَافِ الْعُرُوضِ وَالْأَحْسَنُ أَيْضًا مِنَ الْأَقْوَالِ: قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمِثْلِيَّاتِ أَن لَا يَأْخُذَهُ بَلْ مِثْلَهُ بِبَلَدِ الْغَصْبِ لِأَنَّ مِثْلَ الطَّعَامِ يَقُومُ مَقَامَهُ فَلَا يُظْلَمُ الْغَاصِبُ مَتَى قَدَرَ عَلَى غُرْمِ الْمِثْلِ كَمَا لَوْ غَصَبَ قَمْحًا فَطَحَنَهُ فَأَعْدَلُ الْأَقْوَالِ: يَرُدُّ مِثْلَ الْقَمْحِ دُونَ الدَّقِيقِ وَقَالَ أَصْبَغُ: إِنْ كَانَ قَرِيبًا فَلِرَبِّهِ أَخْذُهُ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْغَاصِبِ فِي مُؤْنَةِ مَا حَمَلَهُ بِهِ لِلْقَرِيبِ وَإِذَا أَعْطَى مِثْلَ مَا تَعَدَّى عَلَيْهِ فِي غَيْرِ الْبَلَدِ جَازَ وَإِنْ أَعْطَاهُ مِنْ غَيْرِ صِفَتِهِ طَعَامًا لَمْ يَجُزْ كَمَنْ أَعْطَى تَمْرًا مِنْ قَمْحٍ قَبْلَ الْأَجَلِ مِنْ قَرْضٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا لَقِيَهُ بِغَيْرِ بَلَدِ الْغَصْبِ وَأَرَادَ إِغْرَامَهُ الْمِثْلَ أَوِ الْقِيمَةَ فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بَلْ يَصِيرُ إِلَى بَلَدِ الْغَصْبِ فَيَغْرَمُ هُنَاكَ وَلَهُ ذَلِكَ عِنْدَ أَشْهَبَ فِي الْمِثْلِيِّ وَالْقِيمَةِ إِنِ اسْتَوَى سِعْرُ الْبَلَدَيْنِ أَوْ هُوَ هَاهُنَا أَرْخَصُ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْغَاصِبِ وَلَهُ أَنْ يُغَرِّمَهُ قِيمَتَهُ الْآنَ بِالْبَلَدِ أَوْ تَعَذَّرَ وُجُودُ الْمِثْلِ وَيُرْجَى وَجُودُهُ بَعْدُ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ جميعاُ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْغَاصِبِ وَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ مَقَالٌ فِي اسْتِعْجَالِ حَقِّهِ هَذَا إِذَا اسْتَهْلَكَهُ أَمَّا إِذَا وَجَدَهُ مَعَ

فرع

الْغَاصِبِ فَالْخِلَافُ مَشْهُورٌ قَالَ: وَأَرَى أَنْ يَأْخُذَ الْمِثْلِيَّ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ: إِذَا كَانَ الْغَاصِبُ مُسْتَغْرِقَ الذِّمَّةِ لِأَنَّهُ إِنْ تَرَكَ مَتَاعَهُ حَلَالًا أَخَذَهُ حَرَامًا وَإِذَا اسْتَوَى سِعْرُ الْبَلَدَيْنِ أَوْ هُوَ هَاهُنَا أَرْخَصُ لِعَدَمِ الضَّرَرِ عَلَى الْغَاصِبِ وَلَهُ غَرَضٌ فِي أَخْذِ عَيْنِ مَالِهِ وَإِذَا قَالَ: أَنَا أَدْفَعُ الْكِرَاءَ أَوْ مَا زَادَ سُوقُهُ الْأَقَلَّ مِنْهُمَا لِانْدِفَاعِ ضَرَرِ الْغَاصِبِ بِذَلِكَ قَالَ: وَالَّذِي أَرَاهُ فِي الْجَمِيعِ: أَنَّ الْعَبْدَ وَالدَّابَّةَ وَمَا يَصِلُ بِنَفْسِهِ أَوْ حُمُولَتُهُ خَفِيفَةٌ كَالثَّوْبِ وَنَحْوِهِ فَيَأْخُذُهُ وَإِنْ كَرِهَ الْغَاصِبُ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِهِ وَلِلْغَاصِبِ أَنْ يُجْبِرَهُ عَلَى قَبُولِهِ وَإِنْ كَرِهَ لِتَبْرَأَ ذِمَّتُهُ إِذَا كَانَ الطَّرِيقُ الَّتِي نَقَلَ مِنْهُ مَأْمُونًا وَإِلَّا لَمْ يُجْبَرْ عَلَى قَبُولِهِ وَضَمَّنَهُ الْقِيمَةَ وَإِنْ كَثُرَتْ مُؤْنَةُ نَقْلِهِ وَأَحَبَّ الْغَاصِبُ تَسْلِيمَهُ فَلَكَ عَدَمُ الْقَبُولِ لِأَنَّكَ قَدْ يَكُونُ غَرَضُكَ أَنْ يَكُونَ مَالُكَ بِبَلَدِكَ إِلَّا أَنْ يَقُولَ الْغَاصِبُ: أَنَا أَرُدُّهُ وَالطَّرِيقُ آمِنٌ فَإِنْ أَحْبَبْتَ أَخْذَهُ وَامْتَنَعَ الْغَاصِبُ لِأَجْلِ مَا يَتَكَلَّفُهُ مِنَ الْأُجْرَةِ فَذَلِكَ لَهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنْ دَفَعْتَ الْأُجْرَةَ سقط مقاله وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُ إِلَى مَكَانِ الْغَصْبِ وَقِيلَ: ذَلِك لَك (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ: حَيْثُ حُكِمَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ بِالْمِثْلِ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ إِمَّا لُزُومًا أَوِ اخْتِيَارًا عَلَى الْخِلَافِ فَلَا يُدْفَعُ الطَّعَامُ الْمَنْقُولُ إِلَى الْغَاصِبِ حَتَّى يَتَوَثَّقَ مِنْهُ لِأَنَّ أَقَلَّ أَحْوَالِ عَيْنِ مَالِهِ أَنْ يَكُونَ كَالرَّهْنِ قَالَ أَشْهَبُ: يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ حَتَّى يُوَفِّيَ مَا عَلَيْهِ تَمْهِيدٌ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ - وَهِيَ نَقْلُ الْمَغْصُوبِ - قَدْ تَشَعَّبَتْ فِيهَا الْمَذَاهِبُ وَاضْطَرَبَتِ

الْآرَاءُ وَتَبَايَنَتْ كَمَا تَرَى بِنَاءً عَلَى مُلَاحَظَةِ أُصُولٍ وَقَوَاعِدَ: أَحَدُهَا: أَنَّ الْغَاصِبَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَغْرَمَ كُلْفَةَ النَّقْلِ لِأَنَّ مَالَهُ مَعْصُومٌ كَمَالِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَهَذَا الْأَصْلُ لَاحَظَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيمَا إِذَا وَجَدَ الْمِثْلِيَّ بِغَيْرِ الْبَلَدِ كَمَا نَقَلَهُ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ فَيَقُولُ: لَا تَأْخُذْ هَذَا الْمَغْصُوبَ لِأَنَّ حَمْلَهُ بِأُجْرَةٍ وَلَا مِثْلُهُ هَاهُنَا إِذْ لَا فَرْقَ وَلَا الْقِيمَةُ لِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ فَيَتَعَيَّنُ الْمِثْلُ بِبَلَدِ الْغَصْبِ وَأَشْهَبُ أَطْرَحَ هَذَا الْأَصْلَ وَخَيَّرَهُ بَيْنَ أَخْذِهِ أَوْ مِثْلِهِ لِمَكَانِ الْغَصْبِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْجَوَاهِرِ: أَمَّا أَخْذُهُ: فَلِأَنَّهُ مَتَاعُهُ وَأَمَّا مِثْلُهُ بِبَلَدِ الْغَصْبِ فَلِأَنَّهُ قَدْ يَأْخُذُ هَذَا فَيَحْتَاجُ لَهُ كُلْفَةً فَلَاحَظَ مَصْلَحَةَ الْمُسْتَحِقِّ دُونَ الْغَاصِبِ وَتَفْرِقَةُ أَصْبَغَ بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ لِمُلَاحَظَةِ الشَّائِبَتَيْنِ فَيَحْصُلُ لَهَا ثَلَاثَةُ أُصُولٍ: مُلَاحَظَةُ مَصْلَحَةِ الْغَاصِبِ أَوْ مَصْلَحَةِ الْمُسْتَحِقِّ أَوْ يُلْغَى مَا خَفَّ دُونَ مَا عَظُمَ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: وَأَمَّا الْحَيَوَانُ فَيَأْخُذُهُ حَيْثُ وَجَدَهُ فَجَعَلَ هَذَا الْمَذْهَبَ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بِنَاءً عَلَى الْأَصْلِ الْأَوَّلِ وَهُوَ ظُلَامَةُ الْغَاصِبِ لِأَنَّهَا مَنْفِيَّةٌ هَاهُنَا وَعَلَى أَصْلٍ رَابِعٍ وَهُوَ تَعَلُّقُ الْحَقِّ بِعَيْنِ الْمَالِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ (ش) مَعَ أَصْلٍ آخَرَ يَأْتِي قَالَ: وَأَمَّا الْبَزُّ وَالْعُرُوضُ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَخْذِهِ بِنَاءً عَلَى الْأَصْلِ (الرَّابِعِ وَأَخْذِ قِيمَتِهِ فِي مَوْضِعِ الْغَصْبِ أَوِ السَّرِقَةِ بِنَاءً عَلَى أَصْلٍ) خَامِسٍ وَهُوَ أَنَّ الْقِيمَةَ قَدْ تَزِيدُ أَوْ تَنْقُصُ فَوَجَبَ سُقُوطُ الْقِيمَةِ بِاعْتِبَارِ هَذِهِ الْبَلْدَةِ وَاعْتَبَرْنَا الْقِيمَةَ بِبَلَدِ الْغَصْبِ وَلَهُ عَلَى الْقِيمَةِ أَخْذُ الْبَزِّ وَالْعُرُوضِ بِغَيْرِ الْبَلَدِ بِخِلَافِ الْمِثْلِيِّ وَالْفَرْقُ بِأَصْلٍ سَادِسٍ وَهُوَ: أَنَّ الْمِثْلِيَّ لَا غَرَض فِي خصوصه وكل مثل يَقُومُ مَقَامَهُ مِثْلُهُ وَهَذِهِ الْمُخْتَلِفَاتُ تَتَعَلَّقُ الْأَغْرَاضُ بِخُصُوصِهَا وَيَقَعُ الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْحَيَوَانِ: أَنَّ الحيون يَمْشِي بِنَفْسِهِ فَلَا كُلْفَةَ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ فِي رَدِّهِ بِخِلَافِ الْعُرُوضِ وَهُوَ الْأَصْلُ السَّابِعُ وَهَاهُنَا أَيْضًا أَصْلٌ ثَامِنٌ وَهُوَ: أَنَّ النَّقْلَ يُوجِبُ اخْتِلَافَ الْقِيَمِ فَهَلْ هُوَ كَتَغْيِيرِ الصِّفَاتِ الْمُوجِبَةِ لِاخْتِلَافِ الْقِيَمِ وَاخْتِلَافُ الصِّفَاتِ يُوجِبُ التَّخْيِيرَ لِلْمُسْتَحِقِّ فَكَذَلِكَ اخْتِلَافُ الْبِقَاعِ أَوَلَيْسَ كَذَلِكَ؟ وَاخْتِلَافٌ كَحَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ فَيَتَعَيَّنُ أَخْذُ الْعَرْضِ

(فرع)

مِنْ غَيْرِ تَخْيِيرٍ وَلَا يُجْعَلُ ذَلِكَ فَوْتًا إِلَّا إِذَا انْضَافَ إِلَيْهِ مُؤْنَةُ الْحَمْلِ فَيَكُونُ ذَلِكَ كَفِعْلٍ فَعَلَهُ الْغَاصِبُ فِي الْعَيْنِ فَغَيَّرَهَا وَعَلِيهِ يتَخَرَّج القَوْل بالخيير فِي الْعُرُوضِ دُونَ الْحَيَوَانِ وَأَصْلٌ تَاسِعٌ وَهُوَ مُطَالَبَةُ الْغَاصِبِ بِأَعْلَى الْقِيَمِ مِنْ يَوْمِ الْغَصْبِ إِلَى يَوْمِ الْحُكْمِ وَهَذَا الْأَصْلُ الْآخَرُ الَّذِي يَنْبَنِي عَلَيْهِ مَذْهَبُ (ش) وَأَصْلٌ عَاشِرٌ وَهُوَ أَن النَّقْدَيْنِ هَل يملك خصوصهما وَلَا يتعينان وَهُوَ مَذْهَبُ (ش) وَابْنِ حَنْبَلٍ وَغَيْرِهِمَا فَيَكُونُ لَهُ أَخْذُ عَيْنِ النَّقْدِ وَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ أَنْ يُعْطِيَهُ غَيْرَهُ قِيَاسًا لَهُمَا عَلَى سَائِرِ الْمِثْلِيَّاتِ أَولا يملك خصوصهما يَتَعَيَّنَانِ وَلِلْغَاصِبِ أَنْ يُعْطِيَ غَيْرَهُمَا مَا لَمْ يَخْتَصَّ أَحَدُهُمَا بِمَزِيَّةٍ وَهُوَ مَشْهُورُنَا وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمِثْلِيَّاتِ: أَنَّهُمَا وَسَائِلُ وَالْمِثْلِيَّاتُ مَقَاصِدُ تُبْذَلُ فِيهَا الْأَعْرَاضُ وَهِيَ مَنَاطُ الْأَغْرَاضِ وَأَمَّا النَّقْدَانِ: فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا إِلَّا التَّوَسُّلُ لِلْمَقَاصِدِ فَلَا يَلْزَمُ مِنِ اعْتِبَارِ خُصُوصِيَّاتِ الْمَقَاصِدِ اعْتِبَارُ خُصُوصِيَّاتِ الْوَسَائِلِ فَهَذِهِ عَشَرَةُ أُصُولٍ وَقَوَاعِدَ بُنِيَ عَلَيْهَا فِقْهُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَإِذَا أَحَطْتَ بِهَا عِلْمًا خَرَّجْتَ كُلَّ مَا فِيهَا مِنَ الْخِلَافِ عَلَيْهَا (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: يَرُدُّ الْغَاصِبُ مَا حَدَثَ عِنْدَهُ مِنْ ثَمَرَةٍ أَوْ نَسْلٍ أَوْ صُوفٍ أَوْ لَبَنٍ فَإِنْ أَكَلَهُ فَمِثْلَهُ أَوْ قِيمَتَهُ فِي غَيْرِ الْمِثْلِيِّ وَلَا نَفَقَةَ لَهُ عَلَيْكَ فِي سَقْيٍ أَوْ رَعْيٍ أَوْ غَيْرِهِ لَكِنْ يُقَاصُّ بِذَلِكَ فِيمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ غَلَّةٍ فَإِنْ عَجَزْتَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْكَ فَإِنْ مَاتَتِ الْأُمَّهَاتُ وَبَقِيَ الْوَلَدُ أَوِ الصُّوفُ أَوِ اللَّبَنُ خُيِّرْتَ فِي قِيمَةِ الْأُمَّهَاتِ وَلَا شَيْءَ لَكَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ وَلَدٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَا ثَمَنِهِ إِنْ بِيعَ أَوْ تَأْخُذُ الْوَلَدَ وَثَمَنَ مَا بِيعَ مِنْ صُوفٍ وَلَبَنٍ وَنَحْوِهِ وَمَا أَكَلَ أَوِ انْتَفَعَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ الْمِثْلُ أَوِ الْقِيمَةُ فِي غَيْرِ الْمِثْلِيِّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِ الْأُمَّهَاتِ لِأَنَّهُ لَوْ بَاعَ الْأَمَةَ فَوَلَدَتْ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ ثُمَّ مَاتَتْ فَلَيْسَ لَكَ الْوَلَدُ وَقِيمَةُ الْأُمِّ وَإِنَّمَا لَكَ الثَّمَنُ عَلَى الْغَاصِبِ أَوْ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْغَصْبِ وَالْوَلَدُ مِنَ الْمُبْتَاعِ وَلَا

شَيْءَ لَكَ عَلَى الْغَاصِبِ مِنْ قِيمَةِ الْأُمِّ وَلَكِنْ لِلْمُبْتَاعِ الرُّجُوعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِالثَّمَنِ وَلَا يَجْتَمِعُ عَلَى الْغَاصِبِ ثَمَنٌ وَقِيمَةٌ وَعَلَيْهِ كِرَاءُ مَا سَكَنَ وَزَرَعَ أَوِ اغْتَلَّ مِنْ رَبْعٍ أَوْ أَرْضٍ وَيَغْرَمُ مَا أَكْرَاهَا بِهِ من غير مَا لَمْ يُحَابِ وَإِنْ لَمْ يَسْكُنْ وَلَا انْتَفَعَ وَلَا اغْتَلَّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَمَا اغْتَصَبَ أَوْ سَرَقَ مِنْ دَوَابَّ أَوْ رَقِيقٍ فَاسْتَعْمَلَهَا شَهْرًا وَطَالَ مُكْثُهَا بِيَدِهِ أَوْ أَكْرَاهَا وَقَبَضَ كِرَاءَهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَلَهُ مَا قَبَضَ مَنْ كِرَاءٍ وَلَيْسَ عَلَى الْغَاصِبِ كِرَاءُ مَا رَكِبَ بِخِلَافِ مَا سَكَنَ مِنَ الرَّبْعِ أَوْ زَرَعَ لِأَنَّهُ أَنْفَقَ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ لَوْ أَنْفَقَ عَلَى الصَّغِيرِ مِنْ رَقِيقٍ أَوْ حَيَوَانٍ حَتَّى كَبِرَ فَلَكَ أَخْذُهُ بِزِيَادَةٍ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِمَّا أَنْفَقَ أَوْ عَلَفَ أَوْ كَسَا وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ رَبْعًا أَحْدَثَ فِيهِ عَمَلًا كَانَ لَهُ مَا أَحْدَثَ فاقترقا قَالَ فِي النُّكَتِ: إِنَّمَا فُرِّقَ بَيْنَ الْأَصْوَافِ وَالْأَلْبَانِ يَرُدُّهَا وَبَيْنَ غَلَّةِ الْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ لِأَنَّ غَلَّتَهُمَا مُتَكَوِّنَةٌ بِسَبَبِهِ وَفِعْلِهِ وَالصُّوفُ وَنَحْوُهُ تَحْدُثُ بِأَنْفُسِهَا وَلِأَنَّ الصُّوفَ وَنَحْوَهُ مُتَوَلِّدٌ عَنِ الْأَعْيَانِ فَلَهَا حُكْمُهَا وَإِنَّمَا فُرِّقَ بَيْنَ الرَّبْعِ وَالْحَيَوَانِ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْهِ لِأَنَّ الرِّبَاعَ مَأْمُونَةٌ فَلَا ضَمَانَ غَالِبًا وَلَا غَلَّةَ لَهُ وَقَالَ (ش) : يَرُدُّ سِمَنَ الشَّاةِ وَلَبَنَهَا وَصُوفَهَا قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ: الْغَلَّةُ فِي كَوْنِ حُكْمِهَا حُكْمَ الْمَغْصُوبِ أَمْ لَا قَوْلَانِ وَالثَّانِي لِأَشْهَبَ فَعَلَيْهِ تَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا يَوْمَ قَبْضِهَا أَوْ أَكْثَرُ مَا انْتَهَتْ إِلَيْهِ الْقِيمَةُ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي الشَّيْءِ الْمَغْصُوبِ وَالْقَائِلُونَ بِأَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُهُ أَجْمَعُوا إِنْ تَلْفِتْ بِبَيِّنَةٍ فَلَا ضَمَانَ فَإِنِ ادَّعَى تَلَفَهَا لَمْ ييصدق كَانَتْ يُغَابُ عَلَيْهَا أَمْ لَا وَضَبْطُ الْخِلَافِ فِي الْغَلَّةِ: أَنَّهَا ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: مُتَوَلِّدَةٌ عَنِ الْمَغْصُوب على خلفته كَالْوَلَدِ وَعَلَى غَيْرِ خِلْقَتِهِ كَالصُّوفِ وَعَلَى غَيْرِ خِلْقَتِهِ كَالْأُجْرَةِ فَالْأَوَّلُ يَرُدُّهُ اتِّفَاقًا مَعَ الْأُمَّهَاتِ فَإِنْ مَاتَتْ يُخَيَّرُ بَيْنَ قِيمَةِ الْأُمِّ وَالْوَلَدِ وَالثَّانِي فِي رَدِّهِ قَوْلَانِ وَعَلَى الرَّدِّ إِنْ تَلِفَ الْمَغْصُوبُ خُيِّرْتَ بَيْنَ تَضْمِينِهِ الْقِيمَةَ وَلَا شَيْءَ لَكَ فِي رَدِّ الْغَلَّةِ أَوْ تَأْخُذُهُ بِالْغَلَّةِ دُونَ الْقِيمَةِ وَالثَّالِثُ فِيهِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ: لِلْغَاصِبِ لَكَ الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يُكْرِيَ فِي ذَلِكَ أَوْ يَنْتَفِعَ أَوْ يُعَطِّلَ فَلَا شَيْءَ لَكَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يُكْرِيَ أَوْ يَنْتَفِعَ فَيَرُدَّ وَبَيْنَ التَّعْطِيلِ فَلَا يَرُدَّ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحَيَوَانِ وَالْأُصُولِ وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا اغْتَلَّ مِنَ الْعين مَعَ

بَقَائِهَا أَمَّا بِتَصْرِيفِهَا وَتَحْوِيلِ عَيْنِهَا كَالدَّنَانِيرِ فَيَتَّجِرُ فِيهَا وَالْحب يزرعه فالغلة لَهُ قولا وَاحِد فِي الْمَذْهَبِ وَأَمَّا إِنْ لَمْ يَقْصِدِ الرَّقَبَةَ بَلِ الْمَنْفَعَةَ ضَمِنَ الْغَلَّةَ الَّتِي قَصَدَ غَصْبَهَا أَكْرَى أَوِ انْتَفَعَ أَوْ عَطَّلَ وَفِي الْجَوَاهِرِ: عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: يَضْمَنُ غَلَّةَ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ دُونَ الْعَبِيدِ وَالدَّوَابِّ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ: الصَّحِيحُ أَنَّ الْمَنَافِعَ مَالٌ مَضْمُونٌ تَلِفَ تَحْتَ الْيَدِ الْعَادِيَّةِ أَوْ أَتْلَفَهَا الْمُتَعَدِّي فَأَمَّا مَنْفَعَةُ الْبُضْعِ: فَلَا تُضْمَنُ إِلَّا بِالتَّفْوِيتِ فَفِي الْحُرَّةِ صَدَاقُ الْمِثْلِ وَفِي الْأَمَةِ مَا نَقَصَهَا وَكَذَلِكَ مَنْفَعَةُ بَدَنِ الْحُرِّ مَا لَا تُضْمَنُ إِلَّا بِالتَّفْوِيتِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ: الْخِلَافُ الْمَشْهُورُ فِي الْخَرَاجِ وَالِاسْتِخْدَامِ وَأَمَّا الْمُتَوَلِّدُ عَنِ الشَّيْءِ كَاللَّبَنِ وَالصُّوفِ وَالثَّمَرَةِ: فَالْمَنْصُوصُ: الرَّدُّ إِنْ كَانَ قَائِمًا أَوِ الْمِلْكِيَّةُ وَالْخَرْصُ إِنْ كَانَ فَائِتًا وَرَوَى ابْنُ الْمُعَدَّلِ عَنْ مَالِكٍ: أَنَّ الْمُتَوَلَّدَ لَا يُرَدُّ أَيْضًا وَلَمْ أَرَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ فِي كِتَابٍ وَإِنَّمَا أَخْبَرَنِي بِهَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَلَا خِلَافَ فِي الضَّمَانِ بِشُبْهَةِ أَنَّ الْغَلَّةَ لَهُ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي غَيْرِ الشُّبْهَةِ قَالَ التُّونُسِيُّ: لَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى ضَيَاعِ الْغَلَّةِ لِأَنَّهُ غير مَأْمُون فَإِن ظهر هلاكها أخذت الرَّقَبَةُ لَمْ يَضْمَنْهَا لِأَنَّهَا غَيْرُ مَغْصُوبَةٍ وَلَوْ أَكَلَ الْغَاصِبُ الْوَلَدَ غَرِمَ قِيمَتَهُ يَوْمَ أَفَاتَهُ إِذَا أُخِذَتِ الْأُمَّهَاتُ وَإِنْ غَرِمَ قِيمَةَ الْأُمَّهَاتِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَا أَكَلَ مِنْ وَلَدٍ أَوْ غَلَّةٍ لِتَوَلُّدِهِ عَمَّا غَرِمَ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْغَصْب وَهَذَا هُوَ الْقيَاس أَن لَا يَضْمَنَ الْإِنْسَانُ مِلْكَهُ وَعِنْدَ أَشْهَبَ: لِلْغَلَّةِ وَالْوَلَدِ حُكْمُ الْمَغْصُوبِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ أُخِذَتِ الْغَلَّةُ وَعِنْدَهُ لَوْ أَغْرَمَهُ قِيمَةَ الْأُمَّهَاتِ لِفَوَاتِهَا لَا يُغَرِّمُهُ قِيمَةَ الْوَلَدِ إِنْ مَاتَ وَإِنْ كَانَ قَائِمًا أَخَذَهُ مَعَ قِيمَةِ الْأُمِّ وَهَلْ عَلَيْهِ السَّقْيُ وَالْعِلَاجُ الَّذِي تَنْشَأُ عَنْهُ الْغَلَّاتُ؟ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: ذَلِكَ عَلَيْكَ مَا لَمْ يَتَجَاوَزِ الثَّمَرَةَ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: لَا شَيْءَ عَلَيْكَ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ فَهُوَ كَخِيَاطَةِ الْغَاصِبِ الثَّوْبَ وَوَجْهُ الْأَوَّلِ كَأَنَّ الثَّمَرَةَ هِيَ السَّقْيُ فَكَأَنَّهُ بَاعَهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا فِي الْفَلَسِ وَأُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ فِي الْمَوْتِ وَكَذَلِكَ اللَّبَنُ وَالصُّوفُ وَعَلَى قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَهُوَ مُطَّرِدٌ فِي الشَّفِيعِ وَالْمُسْتَحِقِّ وَلَوِ اشْتَرَى دَارًا فَجَصَّصَهَا أَوْ بَيَّضَهَا أَوْ صَغِيرًا فَأَنْفَقَ عَلَيْهِ حَتَّى كَبِرَ فَلَا شَيْءَ لِعَدَمِ عَيْنٍ قَائِمَةٍ

- (فرع مرتب)

3 - (فَرْعٌ مُرَتَّبٌ) عَلَى الْخِلَافِ فِي رَدِّ الْغَلَّةِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِذَا حَضَنَ الدَّجَاجَةَ مِنْ بَيْضِ غَيْرِهَا أَنَّ عَلَيْكَ مَا نَقَصَتْ وَكِرَاءَ حَضَانَتِهَا وَقَالَ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ النَّقْصَ بِسَبَبِ الْحَضَانَةِ وَقَدْ أَغْرَمْتَهُ النَّقْصَ فَكَيْفَ لَكَ الْكِرَاءُ وَقَالَ إِذَا حَضَنَهَا مَنْ بَيَّضَهَا فَهُوَ مِثْلُ وِلَادَتِهَا وَلَكَ أَخْذُ الْجَمِيعِ وَإِنْ حَضَنَ بَيْضَهَا تَحْتَ غَيْرِهَا لَمْ يَكُنْ لَكَ إِلَّا مِثْلُ الْبَيْضِ كَالْقَمْحِ يُزْرَعُ وَقِيلَ تَأْخُذُ الْفِرَاخَ كَمَا إِذَا حَضَنْتَهَا 3 - (فَرْعٌ مُرَتَّبٌ) عَلَى الْخِلَافِ فِي رَدِّ العلاج وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا لَا شيئ فِي السَّقْيِ وَالْعِلَاجِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ وَلَا قِيمَةَ لَهُ بَعْدَ الْقَلْعِ كَمَا لَوْ غَصَبَ مَرْكِبًا خَرَابًا فَقَلْفَطَهُ وَزَفَّتَهُ وَكَمَّلَ آلَتَهُ ثُمَّ اغْتَلَّهُ فَلَكَ أَخْذُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْكَ فِيمَا أَنْفَقَ إِلَّا مِثْلَ الصَّارِي وَالْحَبْلِ وَمَا يَتَحَقَّقُ لَهُ ثَمَنٌ فَلِلْغَاصِبِ أَخْذُهُ وَإِنْ كَانَ بِمَوْضِعٍ لَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ إِمَّا لِعَدَمِ غَيْرِهِ أَوْ لِلْمَشَقَّةِ الْعَظِيمَةِ خُيِّرْتَ بَيْنَ قِيمَتِهِ بِمَوْضِعِهِ كَيْفَ كَانَ أَو تسلمه لَهُ (فَرْعٌ) قَالَ: إِذَا سَقَى وَعَالَجَ بِشُبْهَةٍ كَالْمُشْتَرِي وَالْمَوْهُوبِ فَعَلَيْكَ - عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ - قِيمَةُ ذَلِكَ وَمَنَعَ عَبْدُ الْمَلِكِ 3 - (فَرْعٌ آخَرُ مُرَتَّبٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا قُلْنَا: يَرُدُّ الْغَلَّةَ فَغَصَبَ خَرَابًا فَأَصْلَحَهُ فَهَل يرد جَمِيع الغلى؟ قَالَهُ مُحَمَّدٌ أَوْ مَا يَنُوبُ الْأَصْلُ قَبْلَ الْإِصْلَاحِ قَالَهُ أَشْهَبُ وَالْقَوْلَانِ فِي الدَّارِ الْخَرَابِ الَّتِي لَا تُسْكَنُ وَالْمَرْكِبِ الْخَرِبِ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا إِذَا بَنَى الْأَرْضَ ثُمَّ سَكَنَ أَوِ اسْتَغَلَّ أَنَّهُ لَا يَغْرَمُ سِوَى غَلَّةِ الْقَاعَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ: إِذَا أَصْلَحَ الْخَرَابَ

- (فرع آخر مرتب)

وَسَكَنَ وَاغْتَلَّ غَلَّةً كَثِيرَةً فَلَكَ أَخْذُهَا مُصْلَحَةً وَأَخْذُ غَلَّتِهَا وَكِرَاءُ مَا سَكَنَ وَلَيْسَ عَلَيْكَ مِمَّا أَصْلَحَ شَيْءٌ إِلَّا قِيمَةَ مَا لَوْ نَزَعَهُ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ قَالَهُ مُحَمَّدٌ 3 - (فَرْعٌ آخَرُ مُرَتَّبٌ) قَالَ: إِذَا قُلْنَا يَرُدُّ الْغَلَّةَ إِذَا غَصَبَ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ فَرَبِحَ فِيهَا فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ: لَا شَيْءَ لَكَ إِلَّا رَأْسُ الْمَالِ لِتَقَرُّرِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ بِالتَّصَرُّفِ اسْتَنْفَقَهَا أَوْ تَجَرَ فِيهَا وَعَنِ ابْنِ حَبِيبٍ: إِنْ تَجَرَ فِيهَا مُوسِرًا فَلَهُ الرِّبْحُ لِقَبُولِ ذِمَّتِهِ لِلضَّمَانِ أَوْ مُعْسِرًا فَلَكَ لِعَدَمِ قَبُولِهَا فِي الْوَلِيِّ يَتَّجِرُ فِي مَالِ يَتِيمِهِ وَعَنِ ابْنِ سُحْنُونَ: لَكَ مَا كُنْتَ تَتَّجِرُ فِيهَا أَنْ لَوْ كَانَتْ فِي يَدَيْكَ قَالَ: وَأَسْتَحْسِنُ أَنْ تُقَسَّمَ الْمَسْأَلَةُ أَرْبَعَةَ أَقْسَامٍ: إِنْ كُنْتَ لَا تَتَّجِرُ فِيهَا لَوْ كَانَتْ فِي يديدك وَلَمْ يَتَّجِرْ فِيهَا الْغَاصِبُ بَلْ قَضَاهَا فِي دَيْنٍ أَوْ أَنْفَقَهَا فَرَأْسُ الْمَالِ لِعَدَمِ تَعْيِينِ تَضْيِيعِ رِبْحٍ عَلَيْكَ وَإِنْ كُنْتَ تَتَّجِرُ فِيهَا وَلَمْ يَتَّجِرِ الْغَاصِبُ: فَلَكَ مَا كُنْتَ تَرْبَحُهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ لِأَنَّهُ حَرَمَكَ إِيَّاهُ كَمَا إِذَا أَغْلَقَ الدَّارَ إِلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ التِّجَارَةَ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ كَانَتْ غَيْرَ مُرْبِحَةٍ وَإِن كَانَت لَا تَتَّجِرُ فِيهَا وَتَجَرَ فِيهَا الْغَاصِبُ وَهُوَ مُوسر بغَيْرهَا وَلم يُعَامل لأَجلهَا لَهُ فَالرِّبْح لِتَقَرُّرِهَا فِي ذِمَّتِهِ بِالتَّصَرُّفِ وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا عُومِلَ لِأَجْلِهَا فَالرِّبْحُ لَكَ لِقُوَّةِ شُبْهَةِ تَحْصِيلِ ملك لِلرِّبْحِ كَالْوَلَدِ فِي الْحَيَوَانِ وَإِنْ كُنْتَ تَتَّجِرُ فِيهَا - وَهُوَ فَقِيرٌ - فَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ مِمَّا رَبِحَ أَوْ مَا كُنْتَ تَرْبَحُهُ 3 - (فَرْعٌ آخَرُ مُرَتَّبٌ) قَالَ صَاحِبُ الْخِصَالِ: إِذَا قُلْنَا: يَرُدُّ أَجْرَ الْعَقَارِ فَحَابَى فِي كِرَاءِ الْأَرْضِ أَوِ الدَّارِ فَعَلَيْهِ الْمُحَابَاةُ مَعَ الْكِرَاءِ تَنْبِيهٌ: قَدْ تَقَدَّمَ نَقْلُ الْمُقَدِّمَاتِ فِي النَّقْدَيْنِ وَأَنَّ الرِّبْحَ لَهُ اتِّفَاقًا وَهَذَا الْخِلَافُ

يَأْبَى ذَلِكَ الِاتِّفَاقَ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ: إِذَا غَصَبَ ذَهَبًا فَتَجَرَ فِيهِ أَوْ عَرَضًا فَبَاعَهُ وَتَجَرَ بِثَمَنِهِ فَذَلِكَ لِلْمَالِكِ وَالْمُشْتَرَى مِنَ السِّلَعِ لَهُ أَيْضًا وَالْأَرْبَاحُ لَهُ وَقَالَ (ش) وَ (ح) الرِّبْحُ لِلْغَاصِبِ تَنْبِيهٌ: قَوْلُ صَاحِبِ الشَّرْعِ وَالْعُلَمَاءِ: (الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ) لَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْغَاصِبَ وَغَيْرَهُ يَأْخُذُ الْغَلَّةَ بِسَبَبِ أَنَّهُ ضَمِنَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ الْعَيْنَ إِذَا لَمْ تَتَغَيَّرْ رَدَّهَا وَبَرِئَ مِنْ ضَمَانِهَا وَمَعَ ذَلِكَ فَلَهُ الْغَلَّةُ وَالْعَيْنُ لَا تُضْمَنُ إِلَّا إِذَا هَلَكَتْ أَوْ تَغَيَّرَتْ وَإِلَّا فَلَا وَمَعْنَى قَوْلِنَا الْمُتَعَدِّي ضَامِنٌ أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ التَّغَيُّرِ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ وَهَذَا التَّقْرِيرُ هُوَ أَحَدُ أَسْبَابِ الْخِلَافِ فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ تَوَقُّعُ الضَّمَانِ فِي الْعَقَارِ أَبْعَدَ لَمْ تَكُنِ الْغَلَّةُ لِلْغَاصِبِ لِضِعْفِ السَّبَبِ أَوْ يُلَاحَظُ أَنَّ الْغَلَّةَ مَغْصُوبَة فَيضمن كَمَا يضمن الأَصْل بِنَاء أَنَّ الْغَصْبَ وَضْعُ الْيَدِ الْعَادِيَّةِ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ أَوْ لَيْسَتْ مَغْصُوبَةً بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْغَصْبَ فِعْلٌ وَالْغَاصِبُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ فِعْلٌ فَلَا يَضْمَنُ وَقَالَهُ (ح) خِلَافًا لِ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ وَلِظَاهِرِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ) وَفِيهِ النَّظَرُ لِقَاعِدَةٍ أُخْرَى أُصُولِيَّةٍ وَهِيَ: أَنَّ اللَّفْظَ عَامٌّ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ فَهَلْ يُلَاحَظُ عُمُومُ اللَّفْظِ أَوْ يُلَاحَظُ خُصُوصُ السَّبَبِ؟ وَهُوَ إِنَّمَا وَرَدَ فِي الْمُشْتَرِي لِلْعَبْدِ فَوَجَدَهُ مَعِيبًا فَرَدَّهُ فَطَلَبَ الْبَائِعُ خَرَاجَ عَبْدِهِ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ذَلِكَ فَعَلَى هَذَا يَخْتَصُّ اسْتِحْقَاقُ الْخَرَاجِ بِالضَّمَانِ بِشُبْهَةٍ بِخِلَافِ الْعُدْوَانِ الصِّرْفِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ سَبَبَ الْمِلْكِ وَيُعَضِّدُهُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (لَيْسَ لِعَرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ) وَعِرْقُ الظَّالِمِ مَا يُحْدِثُهُ فِي الْمَغْصُوبِ أَوْ يُلَاحَظُ الْفُرُوقُ الْمُتَقَدِّمَةُ فَهَذِهِ مَدَارِكُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ

- (فرع)

نَظَائِرُ: قَالَ ابْنُ يُونُسَ: الْغَلَّةُ لِلْمُشْتَرِي فِي خَمْسَةِ مَوَاضِعَ: الِاسْتِحْقَاقُ وَالْبَيْعُ الْفَاسِدُ وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ وَالْفَلَسُ وَالْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: إِذَا تَعَدَّى الْمُكْتَرِي أَوِ الْمُسْتَعِيرُ الْمَسَافَةَ تَعَدِّيًا بَعِيدًا أَوْ حَبَسَهَا أَيَّامًا كَثِيرَةً وَلَمْ يَرْكَبْهَا فَرَدَّهَا بِحَالِهَا خُيِّرْتَ فِي قِيمَتِهَا يَوْمَ التَّعَدِّي لِأَنَّهُ فَوَّتَهَا أَسْوَاقَهَا فَصَارَ كَالْمُسَيِّرِ لَهَا أَوْ أَخَذَهَا مَعَ كِرَاءِ حَبْسِهَا بَعْدَ الْمَسَافَةِ وَلَكَ فِي الْوَجْهَيْنِ الْكِرَاءُ الْأَوَّلُ وَلَيْسَ عَلَى الْغَاصِبِ وَالسَّارِقِ فِي مِثْلِ هَذَا قِيمَةٌ إِذَا رَدَّهَا بِحَالِهَا وَإِذَا تَعَدَّى الْمُسْتَعِيرُ أَوِ الْمُكْتَرِي عَلَى الْمَسَافَةِ مِيلًا أَوْ أَكْثَرَ فَعَطِبَتْ خُيِّرْتَ فِي قِيمَتِهَا يَوْمَ التَّعَدِّي دُونَ كِرَاءِ الزِّيَادَةِ لِأَنَّ بِضَمَانِهَا يَوْمَ التَّعَدِّي لَا يُضْمَنُ مَا بَعْدَهُ لِدُخُولِهَا فِي ملكه بِالضَّمَانِ أَو كِرَاء الزِّيَادَةِ وَالْكِرَاءُ الْأَوَّلُ عَلَيْهِ لَا بُدَّ مِنْهُ وَلَوْ رَدَّهَا بِحَالِهَا وَالزِّيَادَةُ يَسِيرَةٌ مِثْلَ الْبَرِيدِ أَوِ الْيَوْمَ لَمْ تَلْزَمْهُ الْقِيمَةُ بَلْ كِرَاءُ الزِّيَادَةِ فَقَطْ لِعَدَمِ مُوجِبِ ضَمَانِ الرَّقَبَةِ وَهُوَ مُطْلَقُ التَّغَيُّرِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: عَلَى قَوْلِهِ فِي الْعَبْدِ فِي الرَّهْنِ يُعِيرُهُ لَمْ يَسْتَعْمِلْهُ: لَا يَضْمَنُ إِلَّا فِي عَمَلٍ يَعْطَبُ فِي مِثْلِهِ وَلَا يَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ فِي التَّعَدِّي الْيَسِيرِ قَالَ: وَالْأَرْض شِبْهُ الضَّمَانِ فِي الْكُلِّ وَقَالَهُ سُحْنُونُ فِي الْعَبْدِ الرَّهْنُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِنْ أَصَابَ الدَّابَّةَ مَعَ الْمُتَعَدِّي أَوِ الْمُكْتَرِي فِي التَّعَدِّي الْكثير من الْمسَافَة عيب مُفسد فلك تضمنه قِيمَتَهَا وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا لَمْ يَضْمَنْ إِلَّا النَّقْصَ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: يُرِيدُ مَعَ كِرَاءِ الزِّيَادَةِ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: يَنْقُصُ مِنْ كِرَاءِ الزِّيَادَةِ قَدْرُ نَقْصِهُا قَالَ: وَهُوَ حَقٌّ لِأَنَّ كِرَاء الْمثل ينْتَقض بِنَقْصِ الدَّابَّةِ وَلِأَنَّهُ ضَمِنَ ذَلِكَ لِلنَّقْصِ فَلَا يَضْمَنُ كِرَاءَهُ كَمَا لَوْ ضَمِنَ الدَّابَّةَ وَقَالَ بعض الْفُقَهَاء: إِن نقصب بِسَبَب السّير

- (فرع)

غَرِمَ النَّقْصَ فَقَطْ وَإِلَّا فَالْكِرَاءَ مَعَ النَّقْصِ وَعَلَى مَا تَقَدَّمَ ذَلِكَ سَوَاءٌ لِأَنَّ الضَّمَانَ يَوْمَ التَّعَدِّي فَقَدْ سَارَ عَلَى مَا ضَمِنَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ النَّقْصُ بِعُدْوَانٍ بَعْدَ الرُّجُوعِ لَرَجَوْتَ النَّقْصَ بَعْدَ وُجُوبِ الْكِرَاءِ وَعَلَى التَّفْرِيقِ يَبْقَى تَخْيِيرُهُ بَيْنَ أَخْذِ النَّقْصِ أَوِ الْكِرَاءِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ: إِذَا غَصَبَ الدَّجَاجَةَ فَحَضَنَ تَحْتَهَا بَيْضَ غَيْرِهَا عَلَيْهِ مَا نَقَصَتْ وَكِرَاءُ حَضَانَتِهَا قَالَ: وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ النَّقْصَ بِسَبَبِ الْحَضَانَةِ وَقَدْ غَرِمَ النَّقْصُ فَلَا يَغْرَمُ الْكِرَاءَ تَنْبِيهٌ: تَفْرِيقُهُ بَيْنَ الْغَاصِبِ لَا يَضْمَنُ الدَّابَّةَ إِذَا رَدَّهَا بِحَالِهَا وَبَيْنَ الْمُسْتَعِيرِ يَحْبِسُهَا أَيَّامًا ثُمَّ يَرُدُّهَا بِحَالِهَا يَضْمَنُ مُشْكِلٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنَّ عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تَرُدَّهُ وَقَدْ رَدَّ مَا أَخَذَ فَلَا يَضْمَنُ الثَّانِي: سَلَّمْنَا الضَّمَانَ لَكِنَّ الْغَاصِبَ ضَامِنٌ وَالظَّالِمُ أَوْلَى أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ وَقَدْ جَعَلَهُ أَسْعَدَ مِمَّنْ لَيْسَ بِظَالِمٍ فِي أَصْلِ وَضْعِ الْيَدِ وَقَدْ قِيلَ فِي الْجَوَابِ: إِنَّ الْمُعِيرَ وَالْمُكْرِيَ أَذِنَا فِي شَيْءٍ مَخْصُوصٍ وَمَفْهُومُهُ وَلَازِمُهُ: النَّهْيُ عَمَّا زَادَ عَلَيْهِ فَيَكُونُ النَّهْيُ فِيمَا زَادَ خَاصًّا بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ وَنَهْيُ الْغَاصِبِ نَهْيٌ عَامٌّ لَا يَخْتَصُّ بِمَسَافَةٍ وَلَا بِحَالَةٍ وَالْقَاعِدَةُ: أَنَّ النَّهْيَ الْخَاصَّ بِالشَّيْءِ أَقْوَى مِمَّا يَعُمُّهُ وَيَعُمُّ غَيْرَهُ يَشْهَدُ لِذَلِكَ ثَوْبُ الْحَرِيرِ وَالنَّجِسُ أَنَّ النَّجِسَ أَقْوَى فِي الْمَنْعِ لِاخْتِصَاصِهِ بِالصَّلَاةِ وَالصَّيْدِ وَالْمَيْتَةِ وَأَن الصَّيْد أقوى منعنَا لِاخْتِصَاصِهِ بِالْإِحْرَامِ وَنَحْوِ ذَلِكَ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: إِذَا قُلْنَا غَصَبَ جَدِيدًا وَقَالَ بَلْ خَلَقًا صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَتُرَدُّ بَيِّنَتُكَ إِذا أتيت بهَا بعد ذَلِك الَّتِي كُنْتَ تَعْلَمُ بِهَا وَإِلَّا رَجَعْتَ بِتَمَامِ الْقِيمَةِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ حَلَفَ عِنْدَ السُّلْطَانِ أَوْ غَيْرِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ: الْبَيِّنَةُ الْعَادِلَةُ أَوْلَى مِنَ الْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ وَقَالَهُ

- (فرع)

عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَخْذِهِ وَقِيمَة يَوْمِ الْغَصْبِ وَإِنْ بِعْتَهُ بَعْدَ أَخْذِكَ إِيَّاهُ خَلَقًا فَأَصَبْتَهُ فِي الْقِيمَةِ بِالثَّمَنِ وَإِنْ وَهَبْتَهُ لَا شَيْءَ عَلَيْكَ لِأَنَّ إِبَاحَةَ الْغَاصِبِ لَكَ ذَلِكَ ظُلْمٌ وَيَتَّبِعُ الْغَاصِبُ الَّذِي صَارَ إِلَيْهِ الثَّوْبُ فَيَأْخُذُهُ مِنْهُ أَوْ قِيمَتَهُ يَوْمَ لَبِسَهُ أَوْ أَبْلَاهُ وَإِنْ تَلِفَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ضَمَانٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ بِيَدِ ضَمَانٍ عَلَيْكَ بَلْ هُوَ أَكْرَهَكَ عَلَى أَخْذِهِ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: اسْتَهْلَكَ سِوَارَيْنِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُمَا مَصُوغَيْنِ مِنَ الدَّرَاهِمِ لِأَنَّ الذَّهَبَ لَا يُبَاعُ بِالذَّهَبِ ثَمَنًا فَلَا يُجْعَلُ قِيمَةً شَرْعِيَّةً وَالْقِيمَةُ قَدْ تَزِيدُ وَلَكَ تَأْخِيرُهُ بِتِلْكَ الْقِيمَةِ تَغْلِيبًا لِغَرَضِ الصِّيَاغَةِ وَلَيْسَ عَلَى كَاسِرِهِمَا إِلَّا قِيمَةُ الصِّيَاغَةِ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْنِ إِلَّا عَلَى الصَّنْعَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ مُحَمَّدٌ: بِخِلَافِ الْعُرُوضِ فِي الْفَسَادِ الْكَثِيرِ لِأَنَّهُ لَمْ يُفْسِدْ عَيْنَ الذَّهَبِ بَلْ صَنَعَهُ وَهُوَ لَمْ يَقْبِضْهَا فَيَضْمَنَ بِالْغَصْبِ قِيمَتَهَا وَالَّذِي رَجَعَ إِلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي كتاب الرَّهْن أَن فِي كسرهَا قيمتهَا وَيَبْقَيَانِ لَهُ وَقَالَ أَشْهَبُ: يَصُوغُهُمَا لَهُ وَقَالَهُ مَالِكٌ فِيهِمَا وَفِي الْجِدَارِ يَهْدِمُهُ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ يَصُوغُهُمَا فَعَلَيْهِ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِمَا مَصُوغَيْنِ ومكسورين وَلَا يُبَالِي قوما بِالذَّهَب أَو الْفضة وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ: إِنْ أَعَادَ الْحُلِيَّ إِلَى هَيْئَتِهِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ قَالَ: وَهُوَ صَوَابٌ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ لَا يَرَى أَنْ يَقْضِيَ بِمِثْلِ الصِّيَاغَةِ لِأَنَّ هَذِهِ الصِّيَاغَةَ غَيْرُ تِلْكَ فَكَأَنَّهُ أَفَاتَهُمَا وَعَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ يَأْخُذُهُمَا نَظَائِرُ: يُقْضَى بِالْمِثْلِ فِي غَيْرِ الْمِثْلِيَّاتِ فِي أَرْبَعِ مَسَائِلَ: مَسْأَلَةُ الْحُلِيِّ هَذِهِ وَإِذَا هَدَمَ بِنَاءً وَجَبَ عَلَيْهِ إِعَادَتُهُ وَإِنْ دَفَنَ فِي قَبْرِ غَيْرِهِ وَجَبَ عيه حفر مثله وَمن قطع ثوبا رفاه فِي الْكِتَابِ غَصَبَ لَكَ قَمْحًا وَلِآخَرَ شَعِيرًا فَخَلَطَهُمَا فَعَلَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ

مِثْلُ طَعَامِهِ لِتَعَذُّرِ رَدِّ الْعَيْنِ وَفِي النُّكَتِ: قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا: إِنْ كَانَ مُعْدِمًا بِيعَ الْمَخْلُوطُ وَاشْتَرَى لِكُلٍّ (طَعَامُهُ يُقَوَّمُ الْقَمْحُ غَيْرَ مَعِيبٍ وَيَشْتَرِي لِكُلِّ وَاحِدٍ بِمَا يَخُصُّهُ) وَمَا بَقِيَ فِي ذِمَّةِ الْغَاصِبِ أَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ مُعْتَدِيًا فَيُقَوَّمُ الْقَمْحُ مَعِيبًا وَيَجُوزُ بَيْعُهُ كَيْلًا وَجُزَافًا وَلَيْسَ كَصُبْرَةِ قَمْحٍ وَصُبْرَةِ شَعِيرٍ عَلَى أَنَّ كُلَّ قَفِيزٍ بِكَذَا لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ فِي الْجَمْعِ الَّذِي هُوَ خَطَرٌ قَالَ التُّونُسِيُّ: إِنْ لَتَّ الْغَاصِبُ السَّوِيقَ بِسَمْنٍ فَعَلَيْهِ مِثْلُهُ وَلَا يَلْزَمُكَ قِيمَةُ السَّمْنِ وَالْخِلَافُ فِي طَحْنِ الْقَمْحِ فَقِيلَ: مِثْلُهُ وَقِيلَ: يَأْخُذُهُ مَطْحُونًا وَلَا شَيْء عَلَيْك وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يَأْخُذُ الثَّوْبَ مَصْبُوغًا حَتَّى يَدْفَعَ قِيمَةَ الصَّبْغِ وَقَالَ أَشْهَبُ: يَأْخُذُهُ مَصْبُوغًا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَنْ بَنَى مَا لَا قِيمَةَ لَهُ بَعْدَ الْقَلْعِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ: إِذَا نَسَجَ الْغَزْلَ فَقِيمَتُهُ كَجَعْلِ الْخَشَبَةِ تَوَابِيتَ وَكُلُّ هَذَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَابْنُ الْقَاسِمِ يَرَى أَنَّ الْمِثْلَ فِي الْمِثْلِيِّ أَعْدَلُ لِسَدِّهِ مَسَدَّ مِثْلِهِ وَيَنْفِي الضَّرَرَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَأَمَّا الْعُرُوضُ فَلَا يَأْخُذُهُ إِلَّا بَعْدَ أَنْ يَدْفَعَ مَا أَخْرَجَهُ الْغَاصِبُ مِمَّا لَهُ عَيْنٌ كالصبغ لَيْلًا يَظْلِمَ الْغَاصِبَ وَمَا لَا عَيْنَ لَهُ كَالْخِيَاطَةِ فَيُؤْخَذُ بِغَيْرِ شَيْءٍ كَالْبِنَاءِ بِمَا لَا قِيمَةَ لَهُ إِذَا قُلِعَ وَإِنْ كَانَ مَا أَحْدَثَهُ الْغَاصِبُ غَيْرَهُ حَتَّى زَالَ الِاسْمُ عَنْهُ كَالْخَشَبَةِ أَبْوَابًا فَالْقِيمَةُ وَنَسْجُ الْغَزْلِ كَجَعْلِ الْخَشَبَةِ تَابُوتًا وَقَدْ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ كَخِيَاطَةِ الثَّوْبِ لِأَنَّ الْمُتَجَدِّدَ لَا قِيمَةَ لَهُ إِذَا أُزِيلَ كَمَا قَالُوا فِي قَطْعِ الثَّوْبِ أَقْمِصَةً وَتُخَاطُ فَهِيَ لَكَ بِلَا غُرْمٍ وَلَوْ أَرَادَ دَفْعَ الضَّمَانِ بِقَسْمِ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ كَيْلًا عَلَى كَيْلِ طَعَامِ كُلِّ وَاحِدٍ: أَجَازَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَمَنَعَهُ أَشْهَبُ لِأَنَّكَ لَوْ قُلْتَ: آخُذُهُ وَأَغْرَمُ لِصَاحِبِي مِثْلَ طَعَامِهِ امْتَنَعَ لِأَنَّكَ أَخَذْتَ بِمَا وَجَبَ لَكَ عَلَى الْغَاصِبِ قَمْحًا وَشَعِيرًا عَلَى أَنْ تُعْطِيَ عَنِ الْغَاصِبِ شَعِيرًا وَلِأَنَّكَ لَوِ اتَّبَعْتَ الْغَاصِبَ بِمِثْلِ طَعَامِكَ لَمْ يَكُنْ لِلْآخَرِ أَنْ يَقُولَ لِلْغَاصِبِ: أَنَا أُشَارِكُهُ وَلِأَنَّهُ لَمَّا اخْتَلَطَ مَتَاعُ كُلِّ وَاحِدٍ صَارَ كَأَنَّهُ فِي ذِمَّتِهِ وَوَجَبَ الْمُخْتَلط

لِلْغَاصِبِ فَلَيْسَ لَكَ أَنْ تَأْخُذَ الْقَمْحَ قَمْحًا وَشَعِيرًا وَقَدْ يُقَالُ: التَّضْمِينُ لَكُمَا فَإِذَا رَفَعْتُمَا التَّضْمِينَ فَلَكُمَا الْقَسْمُ بِالْكَيْلِ وَالتَّرَاضِي قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا بِيعَ الْمُخْتَلِطُ وَرَضِيَا بِقِسْمَةِ الثَّمَنِ جَازَ وَإِنِ اخْتَلَفَا فَمَنْ شَاءَ أَخَذَ حِصَّتَهُ مِنَ الثَّمَنِ أَخَذَهَا وَيَشْتَرِي الْآخَرُ بِحِصَّتِهِ طَعَامًا وَمَنْ رَضِيَ بِالثَّمَنِ لَمْ يَتْبَعْهُ بِمَا بَقِيَ وَلَا يَجُوزُ اقْتِسَامُكُمَا الْمُخْتَلِطَ عَلَى قِيمَةِ الطَّعَامِ وعَلى قَدْرِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا يَجُوزُ إِنْ رَضِيتُمَا قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَقَالَهُ أَشْهَبُ أَيْضًا وَقَالَ: يَقْسِمَانِ بِالسَّوَاءِ إِذَا كَانَتْ مَكِيلَتُهُمَا وَاحِدَةً وَيَمْتَنِعُ اقْتِسَامُكُمَا عَلَى الْقَيَمِ لِدُخُولِ التَّفَاضُلِ فِي الطَّعَامَيْنِ وَجَوَّزَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ مَذْهَبُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنَعَهُ سُحْنُونُ مُطْلَقًا لِأَنَّكَ لَوِ اتَّبَعْتَ بِمِثْلِ طَعَامِكَ لَمْ يَكُنْ لِلْآخَرِ أَنْ يَقُولَ: أَنَا آخُذُ مِنْ هَذَا الطَّعَامِ مِثْلَ مَكِيلَتِي لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَيْنِ طَعَامِهِ وَلَا لَكُمَا أَخْذُ الْمُخْتَلِطِ كَمَنْ غَصَبَ خَشَبَةً وَغَصَبَ نَجَّارًا عَمَلَهَا بَابًا لَمْ يَكُنْ لَهُمَا أَخْذُ الْبَابِ هَذَا بِقِيمَةِ الْخَشَبَةِ وَهَذَا بِقِيمَةِ الْعَمَلِ قَالَ أَشْهَبُ: لَوْ أَوْدَعَهُ هَذَا جَوَازًا وَهَذَا حِنْطَةً فَخَلَطَهُمَا ثُمَّ تَلِفَا لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا لِلْقُدْرَةِ عَلَى التَّخْلِيصِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ عَلَى الْقَمْحِ وَلَا عَلَى الْجَوْزِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا يُفْسِدُ الْآخَرَ وَقَالَ (ش) : إِذَا خَلَطَ الزَّيْتَ بِأَفْضَلَ مِنْهُ أَوْ مِثْلِهِ خُيِّرَ بَيْنَ الدَّفْعِ لَكَ مِنَ الْمَخْلُوطِ أَوْ مِثْلِ زَيْتِكَ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ بِدُونِهِ خُيِّرْتَ أَنْتَ لِأَنَّ الْخَلْطَ إِتْلَافٌ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يُقَالَ: مِلْكُ الْغَاصِبِ تَلِفَ بِالْخَلْطِ فَلَا يَمْلِكُ بِذَلِكَ قَالَ: وَكَذَلِكَ خَلْطُ الدَّقِيقِ بِالدَّقِيقِ قَالَ: فَإِنْ خَلَطَ الزَّيْتَ بألْبَانِ أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِهِ تَعَيَّنَ ضَمَانُ الْمِثْلِ وَكَذَلِكَ لَوْ خَلَطَهُ بِسَوِيقٍ بِخِلَافِ الْقَمْحِ بِالشَّعِيرِ تَحْتَ لَفْظِهِ لِأَنَّهُ مُمْكِنٌ وَقَالَ (ح) : خَلْطُ الطَّعَامِ بِمِثْلِهِ يُوجِبُ الْخِيرَةَ بَيْنَ الشَّرِكَةِ وَتَضْمِينِ الْمِثْلِ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ: خَلْطُ الْقَمْحِ بِالشَّعِيرِ يُوجِبُ التَّمْيِيزَ بَيْنَهُمَا أَوْ بِمِثْلِهِ رُدَّ مثله أَو بِدُونِهِ وأجود مِنْهُ فشريكان بياع وَيُدْفَعُ الثَّمَنُ لَهُمَا أَوْ بِمَا لَا قِيمَةَ لَهُ كَالزَّيْتِ بِالْمَاءِ وَتَعَذَّرَ تَخْلِيصُهُ فَمِثْلُهُ قَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ: لَوْ خَلَطَ زَيْتًا بِسَمْنٍ أَوْ سَمْنًا بِعَسَلٍ أَوْ سَمْنَ بَقَرٍ بِسَمْنِ غَنَمٍ: قَالَ

- (فرع)

أَشْهَبُ: يَضْمَنُ مَا ضَاعَ مِنْهُ وَمَا بَقِيَ أَوْ زَيْتًا بِزَيْتٍ أَوْ سَمْنًا بِسَمْنٍ فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا ضَاعَ وَمَا بَقِيَ وَلَكُمَا أَنْ تَقْتَسِمَا مَا بَقِيَ أَوْ تَدَعَاهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ: وَإِنْ خَلَطَ دَرَاهِمَكَ بِدَرَاهِمِهِ فَلَكَ مِثْلُهُ وَلَا شَرِكَةَ لَكَ مَعَهُ فِي ذَلِكَ وَلَوْ غَصَبَكَ دَرَاهِمَ فَجَعَلَهَا فِي قِلَادَةٍ وَجَعَلَ لَهَا عُرًى فَلَكَ أَخْذُهَا وَتَدَعُ عُرَاهُ 3 - (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: إِذَا غَصَبَ خَشَبَةً أَوْ حَجَرًا فَبَنَى عَلَيْهِمَا فَلَكَ أَخْذُهُمَا وَهَدُّ الْبِنَاءِ وَكَذَلِكَ إِنْ غَصَبَ ثَوْبًا فَجَعَلَهُ ظِهَارَةً لِجُبَّةٍ فَلَكَ أَخْذُهُ أَوْ تَضْمِينُهُ قِيمَةَ الثَّوْبِ وَلَوْ عَمِلَ الْخَشَبَةَ بَابًا أَوِ التُّرَابَ مِلَاطًا أَوْ زَرَعَ الْحِنْطَةَ فَحَصَدَ مِنْهَا حَبًّا كَثِيرًا أَوْ لَتَّ السَّوِيقَ بِسَمْنٍ أَوْ صَاغَ الْفِضَّةَ دَرَاهِمَ أَوِ الْحَدِيدَ قُدُورًا فَعَلَيْهِ مِثْلُ مَا غَصَبَ صِفَةً وَوَزْنًا أَوْ كَيْلًا أَوْ قِيمَةً فِيمَا لَا يُكَالُ أَوْ لَا يُوزَنُ كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَأَمَّا الْوَدِيُّ وَالشَّجَرَةُ الصَّغِيرَةُ يَقْلَعُهَا وَيَغْرِسُهَا فِي أَرْضِهِ فَتَصِيرُ بَوَاسِقَ فَلَكَ أَخْذُهَا كَصَغِيرٍ مِنَ الْحَيَوَانِ يَكْبَرُ فَائِدَةٌ: فِي التَّنْبِيهَاتِ: الْمِلَاطُ بِكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ عَمَلُ التُّرَابِ طِينًا قَالَ التُّونُسِيُّ: ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ لَكَ تَضْمِينَهُ قِيمَةَ الْخَشَبَةِ إِذَا أَدْخَلَهَا فِي بُنْيَانِهِ لِأَنَّ بِإِدْخَالِهَا رَضِيَ بِدَفْعِ الْقِيمَةِ وَقِيلَ: لَيْسَ لَكَ أَخْذُهَا إِنْ أَدَّى ذَلِكَ لِخَرَابِ بُنْيَانِهِ كَالْخَشَبَةِ يَعْمَلُهَا تَوَابِتَ فَخَرَابُ الْبُنْيَانِ أَعْظَمُ مِنْ مُؤْنَةِ التَّوَابِتِ وَمَنِ اسْتَدَلَّ عَلَيْكَ فَأَخَذَ مِنْ بُسْتَانِكَ غَرْسًا غَرَسَهُ فِي بُسْتَانِهِ فَلَكَ أَخْذُهُ بِحِدْثَانِ الْغَرْسِ وَإِنْ طَالَ زَمَانُ الْغَرْسِ فَلَا وَلَكَ قِيمَتُهُ قَائِمًا يَوْمَ الْقَلْعِ وَلَوْ لَمْ يُدَلَّ عَلَيْكَ أَخَذْتَهُ وَإِنْ طَالَ كَالصَّغِيرِ يَكْبَرُ لِعَدَمِ شُبْهَةِ الْإِدْلَالِ

وَلَكَ تَرْكُهُ وَأَخْذُ قِيمَتِهِ ثَابِتًا وَلَوْ كَانَ الْغَاصِبُ امْتَلَخَ ذَلِكَ مِنْ شَجَرَةٍ امْتِلَاخًا فَلَكَ أَخْذُهُ بِحِدْثَانِ ذَلِكَ بِخِلَافِ طُولِ الزَّمَانِ فَلَكَ قِيمَتُهُ يَوْمَ الِامْتِلَاخِ عُودًا مَكْسُورًا إِذَا كَانَ لَمْ يَضُرَّ بِالشَّجَرَةِ فَإِنْ أَضَرَّ فَمَا نَقَصَ الشَّجَرَةَ مَعَ الْقِيمَةِ لِأَنَّ الِامْتِلَاخَ كَحَبِّ الزَّرْعِ وَالْغَرْسِ الصَّغِيرِ يَكْبَرُ فَلَوِ امْتَلَخَ دَالَّةً لَا تَعَدِّيًا فَإِنَّهُ يَتَحَالَلُ مِنْكَ فَإِنْ حَالَلْتَهُ وَإِلَّا فَقِيمَةُ الْعُودِ مَكْسُورًا حَدَثَ الْقِيَامُ أَوْ تَأَخَّرَ وَلَوْ بَاعَ الْغَاصِبُ الْغَرْسَ فَغَرَسَهُ الْمُبْتَاعُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِالْغَصْبِ فَيَنْبُتُ خُيِّرْتَ بَيْنَ أَخْذِ الثّمن من الْغَاصِب أَو قيمَة قَائِمًا يَوْمَ اقْتَلَعَهُ أَوْ تَقْلَعُهُ مَا لَمْ يَطُلْ زَمَانُهُ وَتُتَبَيَّنْ زِيَادَتُهُ فَلَا تَقْلَعْهُ وَتَأْخُذُ مِنَ الْمُشْتَرِي قِيمَتَهُ يَوْمَ غَرْسِهِ فِي أَرْضِهِ لَا قِيمَتَهُ يَوْمَ التَّعَدِّي وَلَا قِيمَتَهُ الْيَوْمَ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ نَشَأَتْ عَلَى مِلْكِهِ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِهِ عَلَى الْغَاصِبِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ فَعَلَ بِشُبْهَةٍ فَلَا يُعْطِي إِلَّا مَعَ عَدَمِ الضَّرَرِ وَكَذَلِكَ يَجِبُ لَوْ غَصَبَ خَشَبَةً فَبَنَى عَلَيْهَا الْمُشْتَرِي لَضَمِنَ الْمُشْتَرِي قِيمَتَهَا إِذَا كَانَ الْأَخْذُ يُفْسِدُ بِنَاءَهُ أَوْ إِجَازَةُ الْبَيْعِ وَأَخْذُ الثَّمَنِ أَوْ أُغْرِمَ الْغَاصِبُ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْغَصْبِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: فَتْقُ الْجُبَّةِ وَهَدُّ الْبِنَاءِ عَنِ الْحَجَرِ عَلَى الْغَاصِبِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِذَا صَاغَ الْفِضَّةَ حُلِيًّا أَوْ صَبَغَ الثَّوْبَ أَوْ قَطَعَهُ أوخيطه أَوْ طَحَنَ الْقَمْحَ سَوِيقًا إِنَّ لَكَ أَخْذَهُ أَوْ تَضْمَنُ الْمِثْلَ فِي الْمِثْلِيِّ أَوِ الْقِيمَةَ فِي غَيْرِهِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ) فَلَا حُجَّةَ لَهُ بِالصَّنْعَةِ وَقَالَ سُحْنُونُ: كُلُّ مَا تَغَيَّرَ اسْمُهُ بِالصَّنْعَةِ فَهُوَ فَوْتٌ لَيْسَ لَكَ أَخْذُهُ وَحَيْثُ قَالَ سُحْنُونُ: يَأْخُذ الْوَدِيَّ إِذَا صَارَ بِوَاسِقَ فَهُوَ إِذَا كَانَ يَنْبُتُ فِي أَرْضٍ أُخْرَى وَقَالَ أَصْبَغُ: لَكَ أَخذه كَانَ ينبث أَمْ لَا وَلَكَ تَرْكُهُ وَأَخْذُ

الْقِيمَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: اخْتُلِفَ فِي الْمَوْزُونِ وَالْمَكِيلِ إِذَا كَانَ يُحَرَّمُ فِيهِ التَّفَاضُلُ كَالنَّقْدَيْنِ وَالْقَمْحِ أَوْ لَا يُحَرَّمُ كَالْحَدِيدِ وُضِعَ جَمِيعُ ذَلِكَ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ: كُلُّ ذَلِكَ فَوْتٌ أَمْ لَا وَإِذَا أَخَذَ هَلْ يَغْرَمُ لِلصَّنْعَةِ شَيْئًا أَمْ لَا؟ وَإِذَا غَرِمَ هَلْ قِيمَةَ الصَّنْعَةِ أَوْ مَا زَادَتْ وَإِذَا امْتَنَعَ هَلْ يَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ؟ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَيْسَ لَهُ إِلَّا مَا غَصَبَ وَقِيلَ: لَهُ أَخْذُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بِغَيْرِ شَيْءٍ لِأَنَّ الصَّنْعَةَ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لَيْسَتْ عَيْنًا قَائِمَةً فَهِيَ كَالْجَصِّ وَالتَّزْوِيقِ وَقِيلَ: إِن كَانَت قِيمَته الصَّنْعَةِ يَسِيرَةً فَلَا شَيْءَ لَهَا وَإِنْ كَانَ لَهَا قَدْرٌ وَزَادَتْ فِي الْقِيمَةِ فَلَا يَأْخُذُ إِلَّا بِقِيمَةِ الصَّنْعَةِ أَوْ يَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَقِيلَ إِنْ جَازَ التَّفَاضُلُ فِيهِ فَلَكَ الْأَخْذُ وَدَفْعُ الْأُجْرَةِ وَإِلَّا فَلَكَ الْمِثْلُ وَلَا تَأْخُذهُ لَيْلًا يظلم الْغَاصِب ونفياً للربا لَيْلًا يَصِيرَ فِضَّةً بِفِضَّةٍ وَزِيَادَةٍ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ: وَأَرَى أَنْ يُقَالَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ إِنِ اخْتَرْتَ فِي نَفْسِكَ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ: الْأَخْذَ أَوِ التَّضْمِينَ يَحْرُمُ عَلَيْكَ الِانْتِقَالُ إِلَى الْآخَرِ لِأَنَّهُ رِبًا وَيُوكَلُ فِي ذَلِكَ إِلَى أَمَانَتِهِ وَقَالَ (ش) لَكَ إِلْزَامُهُ بِرَدِّ اللَّبَنِ تُرَابًا وَالْفِضَّةِ المسبوكة مَسْبُوكَةً وَالتُّرَابِ إِلَى حُفَرِهِ وَإِنْ زَادَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ فِي الْمَغْصُوبِ بِخِلَافِ هَدْمِ الْجِدَارِ لِتَعَذُّرِ رَدِّهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُنَضَّدًا مِنْ غَيْرِ مِلَاطٍ وَلَوْ غَصَبَ بَيْضَةً فَحَضَنَهَا أَوْ عَصِيرًا فَصَارَ خَلًّا رَدَّ الْخَلَّ وَالْفَرْخَ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَفِي ضَمَانِ الْبَيْضَةِ عِنْدَهُمْ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا لَا يَجِبُ لِأَنَّ الْبَيْضَةَ صَارَتْ مَدَرَة لَا قِيمَةَ لَهَا وَالثَّانِي يَجِبُ لِلْيَدِ الْعَادِيَّةِ وَكَذَلِكَ يَأْخُذُ الزَّرْعَ وَفِي ضَمَانِ الْبَذْرِ عِنْدَهُمْ وَجْهَانِ وَلَوْ غَصَبَ خَمْرًا فَتَخَلَّلَ أَوْ جِلْدَ الْمَيْتَةِ فَدَبَغَهُ رَدَّ مَا غَصَبَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا لِأَن الْملك إِنَّمَا حصل فِي

مُدَّة وَلَا يَضْمَنُهُ عِنْدَهُمْ إِذَا تَلِفَ قَبْلَ الدِّبَاغِ وَيُرَدُّ عِنْدَهُمُ الْخَشَبَةُ الْمَبْنِيُّ عَلَيْهَا وَإِنْ هَدَمْتَ قَصْرًا وَوَافَقَهُمُ ابْنُ حَنْبَلٍ هَدْمًا لِلْعُدْوَانِ وَخَالَفَ أَبُو حنيفَة نَفْيًا لِضَرَرِ الْغَاصِبِ وَكَذَلِكَ اللَّوْحُ فِي السَّفِينَةِ يَأْخُذُهُ عِنْدَهُمْ إِذَا لَمْ يُؤَدِّ ذَلِكَ إِلَى غَرَقِهِ وَلَا غَرَقِ غَيْرِهِ وَلَا إِذْهَابِ مَالِ غَيْرِهِ وَإِنْ أَذْهَبَ أَمْوَالَ الْغَاصِبِ لِأَنَّهُ الْمُغَرِّرُ بِأَمْوَالِهِ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ: لَا يَأْخُذُهُ حَتَّى يَصِلَ إِلَى الْبَرِّ صِيَانَةً لِمَالِ الْغَاصِبِ وَقَالَ (ح) إِذَا صَارَ اللَّبَنُ الْحَلِيبُ مَخِيضًا أَوِ الْعَصِيرُ أَوِ الْعِنَبُ زَبِيبًا أَوِ الرُّطَبُ تَمْرًا خُيِّرْتَ بَيْنَ أَخْذِهِ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَتَضْمِينِهِ الْمِثْلَ وَلَا تَأْخُذْ أَرْشًا لِأَنَّهَا رِبَوِيَّاتٌ وَلَوْ ضَرَبَ الْعَيْنَ دَرَاهِمَ لَكَ أَخْذُهَا بِغَيْرِ أُجْرَةٍ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ وَإِذَا خَلَّلَ خَمْرَ الْمُسْلِمِ لَهُ أَخْذُهَا عِنْدَ (ح) لِأَنَّهَا تُمَلَّكُ عِنْدَهُ وَإِذَا وَكَّلَ ذِمِّيًّا فِي شِرَائِهَا أَوِ اشْتَرَاهَا عَبْدُهُ الْمَأْذُونُ لَهُ النَّصْرَانِي وَيَأْخُذهُ عِنْدَهُ جِلْدَ الْمَيْتَةِ وَيُعْطِي مَا زَادَ الدَّبَّاغَ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ: يُجْبَرُ عَلَى رَدِّ التُّرَابِ الْمُزَالِ مِنَ الْأَرْضِ وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْخَشَبَةِ وَاللَّوْحِ فِي السَّفِينَةِ: أَنَّهَا بِالْبِنَاءِ هَلِ انْتَقَلَتْ عَنْ حُكْمِ الْعَيْنِيَّةِ إِلَى أَنْ صَارَتْ وَصْفًا لِلْبِنَاءِ فَتَكُونُ تَبَعًا فَلَا تُرَدُّ أَوْ هِيَ بَاقِيَةٌ فَتُرَدُّ؟ وَأَصْلٌ آخَرُ عِنْدَ (ش) وَهُوَ أَنَّ الْمَغْصُوبَةَ لَا تَكُونُ سَبَبًا لِلْمِلْكِ وَبَنَى عَلَيْهِ عَدَمَ مِلْكِ الْغَلَّاتِ لَنَا: قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاس} وَالْغَاصِبُ ظَالِمٌ فَعَلَيْهِ السَّبِيلُ فِي الْقَلْعِ وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ) فَلَا يَسْتَحِقُّ بِهِ الْخَشَبَةَ أَوْ نَقُولُ تَصَرَّفَ فِي ملك الْغَيْر تَعَديا وَيحْتَمل النَّقْص وَالْإِبْطَالَ مِنْ غَيْرِ تَغْيِيرِ خَلْقِهِ وَاسْمِهِ فَلَا يَبْطُلُ حَقُّ الْمَالِكِ مِنَ الْعَيْنِ أَصْلُهُ: السَّاحَةُ إِذَا بُنِيَ فِيهَا وَلَا يَرُدُّ الْخَيْطَ يُخَاطُ بِهِ جُرْحُ الْحَيَوَانِ فَإِنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ لِأَنَّ لَهُ حُرْمَةً وَلَا إِذَا عَمِلَهَا بَابًا لِتَغَيُّرِ الِاسْمِ وَالْحَقِيقَةِ

احْتَجُّوا: بِأَنَّ التَّصَرُّفَ يَمْنَعُ الْأَخْذَ كَمَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ فِي الْهِبَةِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ) فَلَا يُضَرُّ الْغَاصِبُ بِهَدِّ بُنْيَانِهِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْخَيْطِ الَّذِي خَاطَ بِهِ جُرْحَ الْحَيَوَانِ أَوْ بَلَعَ لِغَيْرِهِ جَوْهَرَةً وَبِالْقِيَاسِ عَلَى مَا إِذَا بَنَى وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا لِغَيْرِهِ أَوْ بِالْقِيَاسِ عَلَى مَا إِذَا بَنَى حَوْلَهَا قُبَّةً فَإِنَّهُ بَنَى بِحَقٍّ لَمْ يَعْتَمِدْ عَلَى الْخَشَبَةِ فَلَا يُهَدُّ قِيَاسًا عَلَى بِنَاءِ الْقُبَّةِ حَوْلَهَا وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّ لِلْمَوْهُوبِ تصرف فِي مِلْكِهِ فَكَانَ تَصَرُّفُهُ مُعْتَبَرًا بِخِلَافِ الْغَاصِبِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ مُشْتَرَكُ الدَّلَالَةِ لِأَنَّ مَنْعَ الْمَالِكِ إِضْرَارٌ بِهِ بَلْ هُوَ أَوْلَى لِأَنَّهُ غَيْرُ ظَالِمٍ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ وَأَجْمَعْنَا عَلَى إِضْرَارِ الْغَاصِبِ فِي الْعَرْصَةِ إِذَا بَنَى فِيهَا وَغَيَّرَهَا فَيُحْمَلُ الْخَبَرُ عَلَى نَفْيِ الضَّرَرِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَلِأَنَّهُ مُعَارَضٌ بِمَا هُوَ أَخَصُّ مِنْهُ وَهُوَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ (لَيْسَ لِعَرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ) وَالْأَخَصُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ حُرْمَةَ الْحَيَوَانِ أَعْظَمُ مِنَ الْبُنْيَانِ وَكَذَلِكَ لَا يمْنَع فضل المَاء لأجل الْحَيَوَان وتحوز مِنْهُ لِأَجْلِ الْمَالِ مَعَ أَنَّ مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ بِرَدِّ الْخَيْطِ إِذَا خَاطَ بِهِ بَهِيمَةً وَأَمَّا إِنْ خَاطَ بِهِ خِنْزِيرًا أَوْ كَلْبًا عَقُورًا رُدَّ قَوْلًا وَاحِدًا فَإِنْ كَانَ مَأْكُولًا قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَحْتَمِلُ الرَّدَّ وَذَبْحَ الْحَيَوَانِ أَو يرد وَلَا يذبح لنَهْيه

- (فرع)

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ ذَبْحِ الْحَيَوَانِ لِغَيْرِ مَأْكَلَةٍ فَإِنْ خَيَّطَ بِهِ جُرْحَ آدَمِيٍّ فَاسْتَحَقَّ الْمُسْتَحِقُّ لِلْخَيْطِ عَلَيْهِ الْقصاص بالاحتمالان كَالْمَأْكُولِ اللَّحْمِ وَأَمَّا الْجَوْهَرَةُ فَإِنْ بَلَعَهَا بِغَيْرِ تَفْرِيطِ صَاحِبِهِ فَكَالْخَيْطِ فِي مَأْكُولِ اللَّحْمِ أَوْ بِغَيْر تَفْرِيط لايجب الرَّدُّ لِعَدَمِ التَّعَدِّي لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (جُرْحُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ) وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ فَلَهُ شُبْهَةٌ يَشْهَدُ لَهُ أَخْذُ الْبِنَاءِ بِقِيمَتِهِ قَائِمًا وَفِي الْغَصْبِ مَعَ الْعِلْمِ مَنْقُوضًا وَعَنِ الْخَامِسِ: أَنَّهُ يَجِبُ نَقْضُ الْقُبَّةِ لِأَنَّهُ قَصَدَ بِهَا الْحَيْلُولَةَ بَيْنَ الْمَالِكِ وَمِلْكِهِ كَمَا لَوْ بَنَى عَلَيْهِ الْبَابَ حَتَّى لَا يَخْرُجَ فَإِنَّهُ يَجِبُ هَدُّ الْبَابِ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ أَشْهَبُ: إِذَا غَصَبَ بَيْضَةً فَحَضَنَهَا تَحْتَ دَجَاجَةٍ لَهُ الْفَرْخُ وَعَلَيْهِ بَيْضَةٌ مِثْلُهَا كَغَاصِبِ الْقَمْحِ يَزْرَعُهُ قَالَ سُحْنُونُ الْفَرْخُ لِصَاحِبِ الْبَيْضَةِ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ مَا حَضَنَتْ دَجَاجَتُهُ لِأَنَّهُ نَشَأَ عَنْ مِلْكِهِ وَلَوْ غَصَبَ حَمَامَةً فَزَوَّجَهَا حَمَامًا لَهُ فَبَاضَتْ فَأَفْرَخَتْ فَلَكَ الْحَمَامَةُ وَالْفَرْخُ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي إِعَانَةِ حَمَامَةِ الذَّكَرِ وَلَك قيمَة حضانتها قيمًا حَضَنَتْ مِنْ بَيْضٍ غَيْرِهَا وَلَا شَيْءَ لَكَ فِيمَا حَضَنَهُ غَيْرُهَا مِنْ بَيْضِهَا مِثْلِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَيْكَ ضَرَرٌ فِي تَكَلُّفِ حَمَامٍ يَحْضُنُهُمْ فَتُغَرِّمَهُ الْقِيمَةَ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إِذَا تَسَوَّقَ بِسِلْعَةٍ فَأَعْطَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ ثَمَنًا ثُمَّ يَسْتَهْلِكُهَا رَجُلٌ ضَمِنَ مَا أُعْطِيَ فِيهَا وَلَا يَنْظُرُ لِقِيمَتِهَا إِذَا كَانَ الْعَطَاءُ قَدْ تَوَاطَأَ عَلَيْهِ النَّاسُ وَلَوْ أَرَادَ الْبَيْعَ بَاعَ لِأَنَّ هَذَا تَعْيِينُ قِيمَةٍ وَقَالَ سُحْنُونُ بَلْ قِيمَتُهَا لِأَنَّهُ الْقَاعِدَةُ وَقَالَ عِيسَى يَضْمَنُ الْأَكْثَرَ لوُجُود السببين

- (فرع)

3 - (فَرْعٌ) قَالَ: قَالَ أَشْهَبُ: إِذَا صَالَحْتَ الْغَاصِبَ لِلْبَصْرَةِ على كيل مثل الْقَمْح وَقد كَانَ الْتِزَام الْقِيمَةَ بِحُكْمٍ أَوْ بِصُلْحٍ جَازَ أَخْذُ كَيْلٍ بِالْقِيمَةِ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا غَصَبَ نَصْرَانِيٌّ سَفِينَةَ مُسْلِمٍ وَحَمَّلَ فِيهَا خَمْرًا أَخَذْتَ مِنْهُ الْكِرَاءَ وَتَصَدَّقْتَ بِهِ وَلَهُ عَلَى الْمُسْلِمِ كِرَاءُ السَّفِينَةِ فِيمَا أَبْطَلَهَا وَلَا يُنْظَرُ إِلَى كِرَاءِ الْخَمْرِ 3 - (فَرْعٌ) فِي التَّلْقِينِ إِنْ رَدَّهُ زَائِدَ الْبَدَلِ لَزِمَكَ أَخْذُهُ وَبَرِئَ الْغَاصِبُ كَالصَّغِيرِ يَكْبَرُ وَالْعَلِيلِ يَصِحُّ وَالْمَهْزُولِ يَسْمُنُ لِرَدِّهِ مَا أَخَذَ وَهُوَ الَّذِي يَلْزَمُهُ أَوْ نَاقِصًا خُيِّرْتَ بَيْنَ إِسْلَامِهِ وَتَضْمِينِهِ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْغَصْبِ لِأَنَّ هَذِهِ عَيْنٌ أُخْرَى أَوْ تَأْخُذُهُ لِأَنَّ الْبَاقِيَ عَيْنُ مِلْكِكَ ثُمَّ ذَلِكَ النَّقْصُ إِنْ كَانَ سَمَاوِيًّا لَا بِفِعْلِ الْغَاصِبِ لَمْ تَتْبَعْهُ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَهْلِكْ بِتَعَدِّيهِ أَوْ بِفِعْلِهِ فَهَل تتبعه بالارش لتعديه فِي التنقيص أَو لَيْسَ لَكَ إِلَّا أَخْذُهُ بِغَيْرِ أَرْشٍ أَوْ إِسْلَامُهُ وَأَخْذُ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْغَصْبِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِالْقِيمَةِ كُلِّهَا مِنْ غَيْرِ تَفْرِيقٍ عَلَى الْغَاصِبِ؟ رِوَايَتَانِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي زِيَادَةٍ طَرَأَتْ عِنْدَهُ ثُمَّ ذَهَبَتْ فِي بَدَنٍ أَوْ قِيمَةٍ وَلَا لَهُ قِيمَتُهَا كَتَعْلِيمِ صَنْعَةٍ أَوْ حَوَالَةِ سُوقٍ لِأَنَّ هَذِهِ لَمْ يَتَنَاوَلْهَا الْغَصْبُ إِنَّمَا تَنَاوَلَ الْأَصْلَ لِأَنَّ الْغَصْبَ فِعْلٌ وَلَمْ يَقَعْ فِي هَذِهِ الزَّوَائِدِ بَلْ هَذِهِ كَالثَّوْبِ تُلْقِيهِ الرِّيحُ فِي بَيْتِهِ قَالَ صَاحِبُ الْخِصَالِ إِنِ انْهَدَمَتِ الدَّارُ بِفِعْلِهِ أَوْ بِغَيْرِ فِعْلٍ ضَمِنَهَا لِأَنَّ الْيَد العادية مُوجبَة للضَّمَان حَتَّى ترد مَا رَدَّتْ فَيُضْمَنُ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنْ تَعَيَّبَ أَوْ زَالَت

- (فرع)

جَارِحَةٌ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ لَكَ أَخْذُهُ بِغَيْرٍ أَرْشٍ وَأخذ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْغَصْبِ أَوْ بِجِنَايَةِ الْغَاصِبِ فَقِيمَتُهُ يَوْمَ الْغَصْبِ أَوْ أَخْذُهُ مَعَ الْأَرْشِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ سُحْنُونُ هُوَ كَالْأَوَّلِ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ ثُمَّ ذَهَبَ فَلَا يُؤْخَذُ الْغَاصِبُ بِالنَّقْصِ بَلِ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْغَصْبِ وَيَتْبَعُ الْغَاصِبُ الْجَانِيَ بِالنَّقْصِ وَلَا يُرَاعِي حَوَالَةَ السُّوقِ أَصْلًا وَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ عَنْ مَالِكٍ إِنْ وَجَدْتَ الْمَغْصُوبَ عِنْدَ مُشْتَرِيهِ مِنَ الْغَاصِبِ حَالَتْ سُوقُهُ لَكَ تَضْمِينُ الْغَاصِبِ الْقِيمَةَ قَالَ التِّلْمِسَانِيُّ مَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ إِذَا هَلَكَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مِنَ الْغَاصِبِ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ خُيِّرْتَ بَيْنَ أَخْذِهِ نَاقِصًا بِغَيْرِ شَيْءٍ أَوِ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْغَصْبِ أَوِ الثَّمَنِ وَلَا ضَمَان على الْمُبْتَاع وَيصدق فِيهَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَيَحْلِفُ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ لَقَدْ هَلَكَ وَيَغْرَمُ الْقِيمَةَ إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِهَلَاكِهِ مِنْ غَيْرِ سَبَبِهِ 3 - (فَرْعٌ) فِي التَّلْقِينِ: يَقْلَعُ زَرْعَهُ إِلَّا أَنْ يَفُوتَ إِبَّانُهُ فَلَكَ الْأُجْرَةُ لِعَدَمِ فَائِدَتِكَ فِي أَخْذِ الْأَرْضِ لِفَوَاتِ الْإِبَّانِ وَقِيلَ لَكَ الْقَلْعُ لِأَنَّ الْأَرْضَ مِلْكُكَ قَالَ التِّلْمِسَانِيُّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا كَانَ الزَّرْعُ صَغِيرًا لَا يَنْتَفِعُ بِهِ مَقْلُوعًا أُخِذَ بِلَا ثَمَنٍ وَلَا زَرِيعَةٍ كَالنَّقْشِ وَالتَّزْوِيقِ فِي الْبِنَاءِ فَإِنْ فَاتَ الْإِبَّانُ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: مَا تَقَدَّمَ فِي التَّلْقِينِ وَالثَّالِثُ يَتَعَيَّنُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ بِالْأَرْضِ إِذَا أَخَذَهَا وَلَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ قَالَ مَالِكٌ فَإِنْ أَسْبَلَ فَلَا يُقْلَعُ لِأَنَّ قَلْعَهُ مِنَ الْفَسَادِ الْعَامِّ لِلنَّاسِ 3 - (فَرْعٌ) فِي النَّوَادِرِ: قَالَ مَالِكٌ وَجَمِيعُ أَصْحَابِهِ إِذَا غَابَ عَلَى الْأَمَةِ الرَّائِعَةِ وَلَا يَعْلَمُ أَوِطِئَهَا أَمْ لَا فَذَلِكَ فَوْتٌ وَيُخَيَّرُ فِي قِيمَتِهَا أَوْ أَخْذِهَا بِقِيمَتِهَا وَلَوْ وَجَدْتَهَا فِي يَدِ الْمُبْتَاعِ بِحَالِهَا أَوْ أَحْسَنَ فَلَكَ أَخْذُهَا أَوِ الثَّمَنُ مِنَ الْغَاصِبِ أَوْ

- (فرع)

قِيمَتُهَا وَإِنْ غَابَ عَلَيْهَا فَكَمَا تَقَدَّمَ لِأَنَّ الْغَيْبَةَ تُنْقِصُ الرَّغْبَةَ فِيهَا فَهُوَ نَقْصٌ وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَعَبْدُ الْمَلِكِ لَيْسَ لَهُ إِلَّا الْجَارِيَةُ لِضِعْفِ هَذِهِ التُّهْمَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْهَرَمُ فِي الْجَارِيَةِ عِنْدَ الْغَاصِبِ فَوْتٌ لَكَ أَخْذُهَا وَلَكَ تَضْمِينُ الْقِيمَةِ قَالَ أَشْهَبُ كَانَ الْكِبَرُ وَالْهَرَمُ يَسِيرًا أَوْ كَثِيرًا وَكَذَلِكَ لَوِ انْكَسَرَتْ ثَدْيَاهَا قَالَ مُحَمَّدٌ أَمَّا لَوْ كَبِرَتْ وَهَرِمَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَلَيْسَ لَكَ إِلَّا الْجَارِيَةُ مِنْ غَيْرِ خِيَارٍ أَوْ تَأْخُذُ الثَّمَنَ أَوِ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْغَصْبِ لِتَعَدِّيهِ 3 - (فَرْعٌ) قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إِذَا جَحَدَكَ شَرِيكُكَ الْأَمَةَ حَتَّى وَلَدَتِ الْأَوْلَادَ وَبَاعَ مِنْهُم وَأعْتق وَمَات بَعضهم ثمَّ ثبتَتْ الْحَقَّ فَلَكَ نِصْفُ قِيمَتِهِ الْيَوْمَ وَإِنْ كَانَ مُعْدِمًا تَمَسَّكْتَ بِنَصِيبِكَ مِنْهُ وَلَكَ نِصْفُ الثَّمَنِ الْمَبِيعِ إِنْ شِئْتَ وَإِنْ شِئْتَ الرَّأْسَ وَلَا شَيْءَ لَكَ فِيمَنْ مَاتَ مِمَّنْ أُعْتِقَ أَوْ لَمْ يُعْتَقْ وَلَمْ يَبِعْ وَقَالَ مُحَمَّدٌ هُوَ كَالْغَاصِبِ إِنْ تَمَسَّكْتَ بِالْأَمَةِ فَلَكَ حَقُّكَ فِي الْوَلَدِ إِلَّا مَنْ مَاتَ وَلَكَ نِصْفُ ثَمَنِ الْمَبِيع تمّ الْبَاب الأول من كتاب الْغَصْب وَبِه تمّ الْجُزْء الثَّامِن من الذَّخِيرَة يَلِيهِ الْجُزْء التَّاسِع وأوله الْبَاب الثَّانِي فِي الطوارئ على الْمَغْصُوب ... سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك ... ... نشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا أَنْت ... ... نستغفرك ونتوب إِلَيْك ...

(الباب الثاني في الطوارئ على المغصوب من نقصان وزيادة وتصريف واستحقاق)

(الْبَابُ الثَّانِي فِي الطَّوَارِئِ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْ نُقْصَان وَزِيَادَة وتصريف وَاسْتِحْقَاقٍ) فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ فُصُولٍ (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي النُّقْصَان) وَفِي الْمُقدمَات لَا تفتيه حِوَالَة الْأَسْوَاق ويفيته النُّقْصَان والعيوب إِن لَمْ تَكُنْ مَفْسَدَةً كَانَتْ بِأَمْرٍ مِنَ السَّمَاءِ أَو بِجِنَايَة من الْغَاصِب لِأَنَّ حَوَالَةَ الْأَسْوَاقِ رَغَبَاتُ النَّاسِ وَهِيَ أُمُورٌ خَارِجَةٌ عَنِ الْمَغْصُوبِ فَلَمْ تَنْقُصْ الْمَغْصُوبَ فَفِي السَّمَاوِيِّ لَيْسَ لَكَ إِلَّا أَخْذُهُ نَاقِصًا أَوْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْغَصْبِ لِأَنَّ التَّوْزِيعَ عَلَى الْغَاصِبِ ضَرَرٌ وَالْقِيمَةَ تَقُومُ مَقَامَ الْعَيْنِ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ فِي خُصُوصِهَا غَرَضٌ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِم يتَخَرَّج من مَذْهَبِ سَحْنُونٍ أَنَّكَ تَأْخُذُهُ مَعَ الْأَرْشِ يَوْمَ الْغَصْبِ لِأَن َّ الْجُزْءَ الْفَائِتَ يُضَمَّنُ بِالتَّعَدِّي كَجُمْلَةِ الْعين وَالنَّقْص بِجِنَايَة الْغَاصِب لَك فِي تَضْمِينُهُ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْغَصْبِ لِعُدْوَانِهِ أَوْ تُسْقِطُ عِنْد حُكْمَ الْغَصْبِ وَيَلْزَمُهُ مُقْتَضَى الْجِنَايَةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِم وخيرك سَحْنُون بَين الْقيمَة يَوْم الْغَضَب أَو تَأْخُذهُ وَمَا نقصته الْجِنَايَة يَوْم الْغَضَب تَغْلِيبًا للتضمين بِسَبَب الْغَضَب لسبقه

فَانْدَرَجَ مَا بَعْدَهُ فِيهِ وَخَيَّرَكَ أَشْهَبُ فِي الْقِيمَةِ يَوْمَ الْغَصْبِ وَأَخْذِهِ نَاقِصًا وَتَسْقُطُ الْجِنَايَةُ كالسماوى وَالنَّقْص بِجِنَايَة غير الْغَاصِب يُخَيّر فِي تَضْمِينِ الْغَاصِبِ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْغَصْبِ وَيَتْبَعُ الْغَاصِبُ الْجَانِيَ اعْتِبَارًا لِيَدِ الْعُدْوَانِ أَوْ تُسْقِطُ الْغَصْبَ وَتُتْبِعُ الْجَانِيَ بِحُكْمِ الْجِنَايَةِ لِأَنَّهُ حَقُّكَ لَكَ إِسْقَاطُهُ وَالْجَانِي جَنَى عَلَى مَالِكٍ فَلَكَ طَلَبُهُ وَقِيلَ لَكَ تَضْمِينُ الْغَاصِبِ فِي الْوُجُوهِ الَّتِي تُفِيتُ الْمَغْصُوبَ الْقِيمَةَ أَيَّ وَقْتٍ شِئْتَ فَتَلْزَمُهُ أَرْفَعُ الْقِيَمِ قَالَهُ أَشْهَبُ وَغَيْرُهُ لِأَنَّهُ فِي كُلِّ وَقْتٍ مُتَعَدٍّ فَيُضَمَّنُ الْعَيْنَ بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَهُوَ مَذْهَبُ ش وَقَدْ تَقَدَّمَ فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا جَنَى الْعَبْدُ الْمَغْصُوبُ فَقُتِلَ قِصَاصًا ضَمِنَ الْغَاصِبُ لِحُصُولِ الْفَوَاتِ تَحْتَ يَدِهِ وَإِنْ تَعَلَّقَ الْأَرْشُ بِرَقَبَتِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَكَ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْغَصْبِ كَدُخُولِ النَّقْصِ فِي تَحْتَ الْيَدِ الْعَادِيَّةِ أَوْ تَتْرُكُ لَهُ أَوْ تسلمه للْمَجْنِيّ عَلَيْهِ بِحَق الْجِنَايَة فَإِنْ أَخَذْتَ الْقِيمَةَ مِنَ الْغَاصِبِ فَلِلْغَاصِبِ تَسْلِيمُهُ للْمَجْنِيّ عَلَيْهِ بِحَق الْجِنَايَة أَو يفدله وَإِن أخذت خُيِّرْتَ بَيْنَ إِسْلَامِهِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ فِدَائِهِ لِأَن العَبْد فِيمَا جَنَى وَقَالَ أَشْهَبُ يُسَلَّمُ الْعَبْدُ إِلَى رَبِّهِ لِأَنَّهُ أَحَقُّ بِعَيْنِ مَالِهِ فَيُسَلِّمُهُ أَوْ يفتكه ثمَّ يرجع على الْغَاصِب فِي بِالْأَقَلِّ مِنْ جِنَايَتِهِ أَوْ قِيمَتِهِ لِحُصُولِ ذَلِكَ النَّقْصِ تَحْتَ الْيَدِ الْعَادِيَّةِ الْمُوجِبَةِ لِلضَّمَانِ وَفِي النَّوَادِر لَو أسلمه الْغَاصِب قبل أَن يسْتَحقّهُ فَلَكَ تَتْمِيمُ إِسْلَامِهِ وَتَأْخُذُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْغَصْبِ مِنَ الْغَاصِبِ وَإِنْ فَدَيْتَهُ رَجَعْتَ عَلَى الْغَاصِبِ بِالْأَقَلِّ لِأَنَّهُ الَّذِي أَتْلَفَهُ عَلَيْكَ وَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ فَدَاهُ أَخَذْتَهُ بِغَيْرِ خِيَارٍ إِنْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ خَطَأً أَوْ عَمْدًا وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ عِنْدَكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَّالًا لِذَلِكَ وَهِيَ عَمْدٌ خُيِّرْتَ بَيْنَ أَخْذِهِ بِغَيْرِ شَيْءٍ أَوْ تَرْكِهِ وَتَأْخُذُ قِيمَتَهُ مِنَ الْغَاصِبِ يَوْمَ الْغَصْبِ وَعَنْ أَشْهَبَ إِنْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ خَطَأً فَإِنْ فَدَاهُ الْغَاصِبُ فَلَهُ رَدُّهُ عَلَى سَيِّدِهِ بِخِلَافِ الْعمد وَلَا يردهُ إِن أَنْتَ لِأَنَّهُ عَيْبٌ دَخَلَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَكَ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَحْسَنُ لِأَن

جِنَايَتَهُ إِنْ كَانَتْ نَقْصًا فَكُلُّ نَقْصٍ لَيْسَ لَكَ أَخْذُهُ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ بَلْ نَاقِصًا أَوِ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْغَصْبِ وَلَوْ قَتَلَ رَجُلًا قبل الْغَصْب وَأخذ بعده فروى أَشهب لَك إِسْلَامه إِلَيْهِمَا وَيرجع عَلَى الْغَاصِبِ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْغَصْبِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ أَكْثَرَ مِنْ دِيَةِ جِنَايَتِهِ على الثَّانِي وَلَك فدائه بِدِيَةِ الْجِنَايَتَيْنِ وَأُخِذَتْ مِنَ الْغَاصِبِ دِيَةُ الْآخَرِ مِنْهُمَا إِلَّا أَنْ تَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ قِيمَةِ رَقَبَتِهِ يَوْمَ الْغَصْبِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ وَالصَّوَابُ إِذَا أَسْلَمْتَهُ إِلَيْهِمَا لَا تَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ كَانَ مُرْتَهِنًا بِجَرْحِ الْأَوَّلِ فَعَلَيْهِ وَقَعَ تَعَدِّيِ الْغَاصِبِ فَتَلِفَ عِنْدَ الْغَاصِبِ نِصْفُ الْعَبْدِ الَّذِي صَارَ مُرْتَهَنًا بِجِنَايَةِ الثَّانِي وَإِنَّمَا يَرْجِعُ بِذَلِكَ الْمَجْرُوحِ الْأَوَّلِ عَلَى الْغَاصِبِ وَالْعَبْدُ بَيْنَ أَوْلِيَاءِ الْقَتِيلَيْنِ وَيَرْجِعُ وَرَثَةُ الْأَوَّلِ عَلَى الْغَاصِبِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ دِيَةُ الْقَتِيلِ الْآخَرِ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ الْقِيمَةِ فَعَلَى الْغَاصِبِ فَيَصِيرُ لِأَوْلِيَاءِ الْأَوَّلِ نِصْفُ الْعَبْدِ مَعَ نِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ لِأَنَّ الْغَاصِبَ لَمْ يَتْلَفْ عِنْدَهُ إِلَّا نِصْفُ الْعَبْدِ وَلَوْ قَتَلَ عِنْدَكَ قَتِيلًا وَلَمْ يَقْتُلْ عِنْدَ الْغَاصِبِ حَتَّى بَاعَهُ فَقَتَلَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ قَامَ الْأَوْلِيَاءُ وَالسَّيِّدُ فَإِنْ وَدَى السَّيِّدُ لِأَوْلِيَاءِ الْأَوَّلِ دِيَةَ وَلِيِّهِمْ كَانَ لَهُ نِصْفُ الْعَبْدِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ إِنْ شَاءَ بِنِصْفِ الثَّمَنِ أَو بِنصْف الْعَبْدِ الَّذِي صَارَ مُرْتَهَنًا بِيَدِ أَوْلِيَاءِ الثَّانِي وَإِنْ شَاءَ سَيِّدُهُ تَرْكَهُ لَا يَفْدِيهِ وَلَا يَكُونُ لَهُ فِيهِ حَقٌّ وَيَكُونُ لِأَوْلِيَاءِ الْأَوَّلِ نصفه وَيَأْخُذ مِنَ الْغَاصِبِ نِصْفَ قِيمَةِ الْعَبْدِ أَوْ نِصْفَ ثَمَنِهِ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْغَاصِبِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ الَّذِي اسْتحق أَوْلِيَاءُ الْأَوَّلِ فَإِنْ فَدَاهُ السَّيِّدُ مِنْهُمَا جَمِيعًا فَلَا شَيْءَ عَلَى الْغَاصِبِ وَلَا عَلَى غَيْرِهِ وَإِنْ أَسْلَمَهُ لِأَوْلِيَاءِ الْقَتِيلَيْنِ لَمْ يُطْلَبِ الْغَاصِبُ وَلَا لأولياء الأول على الْغَاصِب قيمه فَيَصِيرُ لَهُمْ نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَنِصْفُ رَقَبَتِهِ وَلِوَرَثَةِ الْآخَرِ نِصْفُ الْعَبْدِ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْغَاصِبِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ فَرْعٌ قَالَ إِذَا حَفَرَ فِي الدَّارِ بِئْرًا رَدَمَ مَا حَفَرَ تَوْفِيَةً بِمَا أَخَذَ وَإِنْ بَنَاهَا فَعَلَيْهِ

نَقْضُهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ أَعْطَاهُ قِيمَةَ نَقْضِهِ مَقْلُوعًا بَعْدَ طَرْحِ الْأَجْرِ لِلنَّقْضِ وَالتَّنْظِيفِ إِذَا كَانَ لَا يُبَاشِرُ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ فَرْعٌ قَالَ إِذَا خَصَى الْعَبْدَ ضَمِنَ مَا نَقَصَهُ فَإِنْ لَمْ يَنْقُصْهُ ذَلِكَ أَوْ زَادَتْ قِيمَتُهُ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا لِبَقَاءِ الْمَالِيَّةِ وَعُوقِبَ لِتَفْوِيتِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى مِنَ الْعُضْوِ وَلَوْ هَزَلَتِ الْجَارِيَةُ ثُمَّ سَمِنَتْ أَوْ نَسِيَ الْعَبْدُ الصَّنْعَةَ ثُمَّ تَذَكَّرَ حَصَلَ الْجَبْرُ لِبَقَاءِ الْمَالِيَّةِ وَلَوْ غَصَبَ عَصِيرًا فَصَارَ خَمْرًا ضَمِنَ مِثْلَ الْعَصِيرِ لِذَهَابِ الْمَالِيَّةِ وَلَوْ صَارَ خَلًّا خُيِّرْتَ بَيْنَ أَخْذِهِ لِأَنَّهُ عَيْنُ مِلْكِكَ أَوْ مِثْلِهِ عَصِيرًا لِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ تَغَيَّرَ تَحْتَ الْيَدِ الْعَادِيَّةِ وَفِي الْكِتَابِ هرم الشَّابَّة فَوت لزم يُوجب قيمتهَا لِأَنَّهُ عيب مُفسد حدثت عِنْدَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ أَشْهَبَ لِرَبِّهَا أَخْذُهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي هَرَمِهَا كَالذَّهَابِ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ فِي بَعْضِ الْأَجْزَاءِ كَانَ الْهَرَمُ يَسِيرًا أَوْ كَثِيرًا وَكَذَلِكَ عُلُوُّ السِّنِّ كَانَ يَسِيرا كانكسار الثدي أوكثيرا لَك تضمين قيمتهَا بِحُصُول التَّغَيُّر فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَوْ أَخَذْتَ الْعَبْدَ وَلَمْ تَعْلَمْ بِنَقْصِهِ عِنْدَهُ وَتَعَيَّبَ عِنْدَكَ فَمَاتَ أَوْ وَهَبْتَهُ أَوْ بِعْتَهُ إِنْ ضَمَّنْتَهُ قِيمَتَهُ يَوْم الْغَصْب فَلَا شَيْء لَك بِحُصُول النَّقْصِ فِي مِلْكِهِ بَعْدَ زَمَنِ التَّضْمِينِ وَإِلَّا فَلَكَ الْأَقَلُّ مِنْ تَمَامِ الْقِيمَةِ لِفَوَاتِهِ عِنْدَهُ أَو قيمَة الْعَيْب بحصوله عِنْدَهُ وَلَكَ فِي الْمَوْتِ وَالْهِبَةِ قِيمَةُ الْعَيْبِ لِحُصُولِهِ عِنْدَهُ وَإِنْ كَانَ بَاقِيًا رَدَدْتَهُ وَقِيمَةَ الْعَيْب الْحَادِث عنْدك لتأخيره عَنْ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ بِالضَّمَانِ فَهُوَ فَائِتٌ عَلَيْهِ فَيَضْمَنُ لَهُ كَمَا يَضْمَنُ لَكَ وَتَأْخُذُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْغَصْبِ أَوْ تَحْبِسُهُ وَتَأْخُذُ قِيمَةَ الْعَيْب لِأَنَّهُ عين ملكه وَقَالَ ش إِذا اقْتصر من العَبْد فِي النَّفس أَو الطّرق غَرِمَ الْغَاصِبُ أَقْصَى الْقِيَمِ فِي النَّفْسِ وَالنَّقْصِ فِي الطَّرَفِ وَإِنْ جَنَى مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ فَتَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ خَلَّصَهُ الْغَاصِبُ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ حَصَلَ تَحْتَ يَدِهِ وَإِنْ جَنَى الْغَاصِبُ عَلَيْهِ فِي نَفْسِهِ فَأَعْلَى الْقِيَمِ أَوْ فِي طَرَفٍ فَقْدِ اجْتَمَعَ مُوجِبَانِ الْيَدُ وَالْجِنَايَةُ فَيَغْرَمُ أَكْثَرَ الْأَمْرَيْنِ وَإِنْ جَنَى أَجْنَبِيٌّ خُيِّرَ الْمَالِكُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغَاصِب

(الفصل الثاني في الزيادة)

لِأَنَّهُمَا مُتَعَدِّيَانِ وَقَالَ ح إِذَا قُتِلَ الْعَبْدُ الْمَغْصُوبُ عَمْدًا فَالْقِصَاصُ أَوْ خَطَأً فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ عَلَى أَصْلِهِ قَالَ وَيَضْمَنُ كُلَّ مَا حَدَثَ عِنْدَهُ مِنْ عَيْبِ السَّرِقَةِ أَوِ الزِّنَا أَوْ عَوَرٍ أَوْ غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ صُنْعِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ غَصَبَهَا مَرِيضَةً فَمَاتَتْ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ أَوْ حُبْلَى ضَمِنَهَا وَلَوْ جَنَى الْعَبْدُ رُدَّ إِلَى السَّيِّدِ لِأَنَّهُ مَاله فَقده أَوْ أَسْلَمَهُ فِي الْجِنَايَةِ وَرَجَعَ عَلَى الْغَاصِبِ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ أَوْ مَا أَدَّى عَنْهُ مِنَ الْمَالِ لِأَنَّهُ كُلَّهُ ضَرَرٌ حَصَلَ تَحْتَ الْيَدِ الْعَادِيَّةِ وَيُضَمَّنُ أَرْشَ الْهَرَمِ فِي الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ وَلَوْ قَتَلَهُ قَاتِلٌ خُيِّرْتَ فِي قِيمَتِهِ يَوْمَ الْغَصْبِ مِنَ الْغَاصِبِ وَقِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَتْلِ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَيَرْجِعُ الْغَاصِبُ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْقَتْلِ فَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ تَصَدُّقٍ بِالْفَضْلِ لِأَنَّ الضَّمَانَ سَبَبُ التَّمْلِيكِ وَيُضَمَّنُ الْجَارِيَةَ بِنَقْصِ ثَدْيِهَا وَمَا نَسِيَتْهُ مِنَ الصَّنَائِعِ وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ يُضَمَّنُ كُلَّ نَقْصٍ فِي الْعَيْنِ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ صَنْعَةٍ لِأَنَّ الْيَدَ الْعَادِيَّةَ مُضَمَّنَةٌ وَإِذَا جنى على العَبْد فِي يَد أَجْنَبِيٌّ تَخَيَّرْتَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ جَنَى الْعَبْدُ الْمَغْصُوبُ ضَمِنَ الْغَاصِبُ جِنَايَتَهُ وَلَا يَضْمَنُ نَقْصَ الْهَرَمِ وَنَحْوه (الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الزِّيَادَةِ) وَفِي الْكِتَابِ إِذَا كَبُرَتِ الصَّغِيرَةُ فَأَنْهَدَتْ فَعَلَتْ قِيمَتُهَا ثُمَّ مَاتَتْ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ قِيمَةُ يَوْمِ الْغَصْبِ لِأَنَّهُ يَوْمُ تَحَقُّقِ السَّبَبِ وَهُوَ الْأَخْذُ وَكَمَا لَوْ نَقَصَتْ لَا تنقص الْقِيمَةُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ كَمَا لَوْ جَرَحَ عَبْدًا قِيمَتُهُ مِائَةٌ فَيَمُوتُ وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ يَضْمَنُ مِائَةً وَالْأَمَةُ تُطَلَّقُ أَوْ يَمُوتُ زَوْجُهَا ثُمَّ تعْتق لَا تنْتَقل لعدة الْوَفَاء وَالسَّرِقَةُ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا يَوْمَ السَّرِقَةِ لَا يَوْمَ الْقَطْعِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ لَا يَضْمَنُ مَا مَاتَ عِنْدَهُ مِنَ الْوَلَدِ إِلَّا أَنْ يَقْتُلَهُ لِأَنَّهُ أَمَانَة

شَرْعِيَّة كَثوب تُلْقِيهِ الرِّيحُ فِي دَارِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قِيلَ إِذَا اشْتَرَاهَا صَغِيرَةً فَكَبِرَتْ لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهُ خيرا مِمَّا غَصَبَتْ فَإِنْ نَقَصَتْ بِكِبَرِ ثَدْيِهَا أَوْ شَبَهِهِ ضَمِنَ قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ انْظُرْ كَيْفَ لَمْ يُجْبَرِ النَّقْصُ بِالنَّمَاءِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَهُ أَخْذُهَا بِنَمَائِهَا بِغَيْرِ غُرْمٍ فَكَأَنَّهُ غَصَبَهَا كَذَلِكَ فَيَضْمَنُ نَقْصَهَا وَعَلَى هَذَا كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْقَتْلِ وَهُوَ مَذْهَبُ ش لِأَنَّهُ يَرَاهُ غَاصِبًا فِي كُلِّ وَقْتٍ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا صَبَغَهُ خُيِّرْتَ فِي الْقِيمَةِ يَوْمَ الْغَصْبِ لِتَغَيُّرِ الْمَغْصُوبِ أَوْ إِعْطَاءِ قِيمَةِ الصَّبْغِ وَأَخْذِ الثَّوْبِ لِأَنَّهُ مَالُكَ وَالصَّبْغُ مَالُهُ فَيَنْتَفِي الضَّرَرُ وَلَا يَشْتَرِكَانِ نَفْيًا لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ وَلَوْ طَحَنَ الْحِنْطَةَ ضَمِنَ مِثْلَهَا لِتَغَيُّرِهَا وَفِي التَّنْبِيهَاتِ عَنْ مَالِكٍ لَا يُخَيَّرُ فِي الصَّبْغِ بَلْ قِيمَةِ الثَّوْبِ وَيُلْزَمُ عَلَى قَوْلِهِ بِالتَّخْيِيرِ أَن يُخَيّر فِي الْحِنْطَة يطحنها وَفِي التسويق يَلُتُّهُ وَفِي الْخَشَبَةِ يَعْمَلُهَا مِصْرَاعَيْنِ وَفِي الْفِضَّةِ يَصُوغُهَا مَعَ أَنَّهُ إِنَّمَا أَفْتَى بِالْمِثْلِ فَقَطْ وَقَالَهُ ابْنُ لُبَابَةَ وَابْنُ الْقَاسِمِ يَقُولُ لَوْ أَجَزْتُ لَهُ أَخْذَ ذَلِكَ وَدَفْعَ ثَمَنِ الْعَمَلِ كَانَ من التَّفَاضُل فِي الطَّعَام وَالْفِضَّة وَهولا يَلْزَمُ لِأَنَّ الطَّعَامَ طَعَامُهُ وَالْفِضَّةَ فِضَّتُهُ وَقَالَ أَشْهَبُ يَأْخُذُ شَيْئَهُ وَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ فِي الْعَمَلِ مِنْ طَحِينٍ وَصَبْغٍ وَيَتَأَكَّدُ الْمَشْهُورُ بِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِهِ فَلَهُ أَخْذُهُ وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَأْخُذْهُ لَوَصَلَ أَرْبَابُ الْأَغْرَاضِ الْفَاسِدَةِ لِأَمْوَالِ النَّاسِ بتغيرها وَيُعْطَوْنَ الْقِيمَةَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ أَرْبَابِهَا قَالَ ح لَوْ طَحَنَ الْحِنْطَةَ مَلَكَهَا وَضَمِنَ مِثْلَهَا وَكَذَلِكَ الْغَزَلُ يُنْسَجُ وَالدَّقِيقُ يُخْبَزُ وَالْقُطْنُ يُغْزَلُ قَالَ وَالضَّابِطُ مَتَى زَالَ الِاسْمُ وَعَامَّةُ الْمَنَافِعِ بِزِيَادَةٍ مِنْ جِهَتِهِ مَلَكَ الْعَيْنَ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَضَافَهُ قدم من الْأَنْصَار فقدموا إِلَيْهِ شَاة مصلية فَأخذ مِنْهَا

لقيمه فمضغها وفلم يُسِغْهَا فَقَالَ أَمَا إِنَّ هَذِهِ الشَّاةَ لَتُخْبِرُنِي إِنَّمَا ذُبِحَتْ بِغَيْرِ حَقٍّ فَقَالَ الرَّجُلُ هَذِهِ شَاةُ أَخِي وَلَوْ كَانَ أَعْظَمُ مِنْهَا لَمْ يَنْفِسْ عَلَيْهِ وَسَأُرْضِيهِ بِخَيْرٍ مِنْهَا فَأَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى الْأَسْرَى وَلَوْلَا زَوَالُ الْمِلْكِ عَنْهَا لَأَمَرَ بِبَيْعِهَا وَحِفْظِ ثَمَنِهَا وَهُوَ خَبَرٌ صَحِيحٌ قَالَ وَلَكَ أَخْذُ الْمَغْسُولِ وَالْمَقْصُورِ بِغَيْرِ شَيْءٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ فِي الْمَقْصُورِ عَيْنٌ لِلْغَاصِبِ وَلَوْ بَيَّضَ الدَّارَ أَعْطَيْتَ قِيَمَهَ الجير أَو مَا زَاد التجصص إِلَّا أَنْ يَرْضَى بِأَخْذِ جَصِّهِ قَالَ وَإِذَا صَبَغَهُ وَزَادَ الصَّبْغَ خُيِّرْتَ فِي قِيمَةِ الثَّوْبِ لِلتَّغَيُّرِ وَأَخْذِهِ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِكَ وَدَفْعِ قِيمَةِ مازاد حِفْظًا لِمَالِ الْغَاصِبِ عَلَيْهِ وَبَيْنَ تَرْكِهِ عَلَى حَالِهِ وَيَكُونُ الصَّبْغُ لِلْغَاصِبِ فَإِذَا بِيعَ قُسِّمَ الثَّمَنُ وَإِنْ نَقَصَهُ الصَّبْغُ خُيِّرْتَ بَيْنَ الْقِيمَةِ للنقص وَأَخذه بِغَيْرِ شَيْءٍ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِكَ وَلَا مَالِيَّةَ فِيهِ لِلْغَاصِبِ وَقَالَ ش إِنْ عَسُرَ انْفِكَاكُ الصَّبْغِ فَأَنْتُمَا شَرِيكَانِ لِأَنَّ الصَّبْغَ عُيِّنَ وَهَذَا إِذَا كَانَ الثَّوْبُ يُسَاوِي عَشْرَةً وَبَعْدَ الصَّبْغِ يُسَاوِي عِشْرِينَ فَإِنْ لَمْ يُسَاوِ إِلَّا عَشْرَةً سقط الصَّبْغ وَأخذ الثَّوْبَ بِغَيْرِ شَيْءٍ أَوْ أَقَلَّ مِنْ عَشْرَةٍ أَخَذْتَهُ مَعَ الْأَرْشِ وَإِنْ كَانَ مُمْكِنَ الِانْفِصَالِ فَلهُ أَخذه وَيجْبر الْمَالِك على ذَلِك وَإِن نقص الثَّوْب وَالْأَرْش وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ إِنْ كَانَ يُسَاوِي عَشْرَةً وَبَعْدَ الصَّبْغِ عِشْرِينَ فَأَنْتُمَا شَرِيكَانِ أَوْ ثَلَاثِينَ لِزِيَادَةِ سِعْرِ الثَّوْبِ فَالزِّيَادَةُ لَكَ أَوْ لِزِيَادَةٍ للصبغ فَالزِّيَادَةُ لَهُ أَوْ لِزِيَادَتِهِمَا فَهِيَ بَيْنَهُمَا تَمْهِيدٌ قَالَ التّونسِيّ عَن أَشهب يَأْخُذ مَصْبُوغًا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَالْبَيَاضِ وَالتَّزْوِيقِ وَمَا لَا قِيمَةَ لَهُ بَعْدَ الْقَلْعِ وَضَابِطُ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ مَا يُوجَدُ لَهُ أَمْثَالٌ إِذَا أَحْدَثَ فِيهِ حَدَثًا فَإِنَّ غُرْمَ مِثْلِهِ أعدل وَلَا يظلم أَحدهمَا بمقاربة الْمِثْلِ لِلْعَيْنِ كَمَا يُقْضَى بِالْمِثْلِ فِي الْبُيُوعِ الْفَاسِدَة فَلذَلِك جعل فِي الْقَمْح والتسويق مِثْلُهَا وَلَا يَأْخُذُ الْقِيَمِيَّ إِلَّا بَعْدَ دَفْعِ مَا أَخْرَجَهُ الْغَاصِبُ مِنْ مَالِهِ لِأَنَّ الصَّبْغَ وَنَحْوه

غَرَضٌ آخَرُ فَلَا يُظْلَمُ وَإِنْ كَانَ مَا أَخْرَجَهُ الْغَاصِبُ مِنْ مَالِهِ لِأَنَّ الصَّبْغَ وَنَحْوَهُ غَرَضٌ آخَرُ فَلَا يُظْلَمُ وَإِنْ كَانَ مَا أَخْرَجَهُ الْغَاصِبُ لَا عَيْنَ لَهُ كَالْخِيَاطَةِ وَنَحْوِهَا أَخَذَهُ بِغَيْرِ غُرْمٍ كَالْبَيَاضِ وَالتَّزْوِيقِ وَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ قَدْ غَيَّرَ تَغْيِيرًا بَعِيدًا حَتَّى زَالَ الِاسْمُ بِمُؤْنَةٍ كَثِيرَةٍ كَجَعْلِ الْخَشَبَةِ أَبْوَابًا فَهُوَ فَوْتٌ وَتَتَعَيَّنُ الْقِيمَةُ وَلَا شَيْءَ لَكَ فِيهَا وَنَسْجُ الْغَزْلِ يَجْعَلُهُ كَالْخَشَبَةِ تُعْمَلُ تَابُوتًا وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ كَخِيَاطَةِ الثَّوْبِ لِأَنَّهُ لَا قِيمَةَ لَهُ إِذَا أُزِيلَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ لَكَ أَخْذُ الدَّقِيقِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْكَ فِي الطَّحْنِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَوْ طَحَنَهَا سويقا فلته فلك أَخذ السويق وَيُبَاع وفيشري لَكَ مِنْ ثَمَنِهِ مِثْلَ حِنْطَتِكَ وَيَجُوزُ لَكَ أَخذ السويق ملتويا فِي الْحِنْطَةِ إِذَا رَضِيتُمَا لِجَوَازِ بَيْعِ الْحِنْطَةِ بالسويق مُتَفَاضلا وَلَو غصب سويقا فلته اتبع التَّرَاضِي لِدُخُولِ التَّفَاضُلِ بَيْنَ الطَّعَامَيْنِ وَعَنْ أَشْهَبَ إِذَا طَحَنَ الْحِنْطَةَ وَلَتَّهَا سَوِيقًا لَيْسَ لَكَ أَخْذُهَا لِزَوَالِ الِاسْمِ بِسَبَبِ الْبُعْدِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَأَرَى التَّخْيِيرَ بَيْنَ تَضْمِينِ الْقِيمَةِ يَوْمَ الصَّبْغِ أَوْ يَوْمَ الْغَصْبِ إِنْ كَانَتِ الْقِيمَةُ يَوْمَ الصَّبْغِ أَكْثَرَ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَيْسَ لِلْغَاصِبِ إِلَّا قِيمَةُ مَا زَادَ الصَّبْغُ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ قِيمَةُ الصَّبْغِ نَفْسِهِ فَإِنْ نَقَصَهُ الصَّبْغُ غَرِمَ مَا نَقَصَ وَقَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ إِنْ نَقَصَهُ الصَّبْغُ غَرِمَ النَّقْصَ وَإِنْ زَادَ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ إِذَا غُسِلَ خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ لَهُ قِيمَةٌ فَيُخَيَّرُ صَاحِبُهُ بَيْنَ بَيْنَ إِعْطَاءِ الثَّوْبِ بِغَسْلِهِ أَوْ قِيمَةِ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ وَعَلَى قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ لَكَ أَخْذُهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ إِذَا كَانَتِ النَّفَقَةُ فِي الصَّبْغِ يَسِيرَةً وَإِلَّا أَعْطَاهُ قِيمَةَ ذَلِكَ أَوْ ضَمِنَهُ أَوْ يَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ وَقَوْلُ أَشْهَبَ وَابْنِ مَسْلَمَةَ أَصْوَبُ لِاتِّفَاقِهِمْ فِي الْجَصِّ وَالتَّزْوِيقِ أَنْ لَا شَيْءَ لَهُ وَإِنْ زَادَ فِي قِيمَةِ الدَّار كثيرا وفكذلك الصَّبْغُ وَإِنْ صَبَغَهُ الْمُشْتَرِي مِنَ الْغَاصِبِ خُيِّرْتَ بَيْنَ تَغْرِيمِ الْغَاصِبِ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْغَصْبِ أَوْ يَوْم البيع أَو يُجِيز البيع وَيَأْخُذ الثّمن لِأَنَّهُ

غَاصِبٌ وَبَائِعٌ فُضُولِيٌّ أَوْ يَكُونُ مَقَالُكَ مَعَ المُشْتَرِي فَإِن شِئْت أَخَذته وَدفعت قِيمَته قِيمَةَ الصَّبْغِ أَوْ تَبْقَى مَعَهُ شَرِيكًا وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ مَا زَادَ الصَّبْغُ قَالَ وَهُوَ أَحْسَنُ وَبِهِ يُشَارِكُ فَإِنْ نَقَصَهُ الصَّبْغُ فَاخْتُلِفَ هَلْ يُضَمِّنُهُ قِيمَةَ الثَّوْبِ إِذَا نَقَلَهُ عَنِ الْغَرَضِ الْمُرَادِ مِنْهُ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي مُشْتَرِي الْعَبْدِ يَقْتُلُهُ خَطَأً لِأَنَّهُ كَالصَّبْغِ وَالْقَتْلُ لَمْ يصون مَالَهُ بِخِلَافِ الْلِبَاسِ وَالْأَكْلِ وَالتَّضْمِينُ فِي كِلَا الْوَجْهَيْنِ أَحْسَنُ اخْتُلِفَ فِي الْمِثْلِيِّ الرِّبَوِيِّ كَالذَّهَبِ وَالْقَمْحِ وَغَيْرِ الرِّبَوِيِّ كَالْحَدِيدِ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ هَل تغير الْغَاصِبِ لَهُ بِصَبْغِهِ فَوْتٌ يَمْنَعُ أَخْذَهُ وَإِذَا قُلْنَا بِأَخْذِهِ هَلْ يَغَرَمُ لِلصَّنْعَةِ شَيْئًا وَإِذَا غَرِمَ فَهَلْ قِيمَةُ الصَّنْعَةِ أَوْ مَا زَادَتْ وَإِذَا لَمْ يَرْضَ أَنْ يَغْرَمَ الصَّنْعَةَ وَلَا يَضْمَنَ هَلْ يكون شَرِيكَيْنِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِذَا غَصَبَ قَمْحًا فَبَاعَهُ فطحنه المُشْتَرِي لصَاحبه أَخذه وَلَا غرم عَلَيْهِ للطحن وَتَرَكَهُ وَأَخْذُ مِثْلَهُ مِنَ الْغَاصِبِ أَوْ ثَمَنَهُ تَنْفِيذًا لِلْبَيْعِ قَالَ مُحَمَّدٌ الصَّوَابُ أَنْ لَا شَيْءَ لَهُ إِلَّا الثَّمَنُ مِنَ الْغَاصِبِ أَوِ الْمِثْلُ فَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ عَدِيمًا وَرَجَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّ غَرِيمَ الْغَرِيمِ غَرِيمٌ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ إِعْطَائِكَ الْمِثْلَ أَوْ يُسَلِّمُهُ دَقِيقًا لِأَنَّهُ طَحَنَ بِشُبْهَةٍ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ وَلَا يَأْخُذُ الدَّقِيقَ مِنَ الْمُشْتَرِي إِلَّا بِدَفْعِ الْأُجْرَةِ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ فَرْعٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إِذَا غَصَبَ حُلِيًّا فَكَسَرَهُ ثُمَّ أَعَادَهُ عَلَى حَالِهِ لَكَ أَخذه بِغَيْر غُرْمٍ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ عَنْ نَفْسِهِ الضَّمَانَ بِمَا أعَاد وَإِنْ أَعَادَهُ عَلَى غَيْرِ صِنَاعَتِهِ تَعَيَّنَتِ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْغَصْبِ نَفْيًا لِلرِّبَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَهَذَا قَوْلُهُمَا ثُمَّ قَالَ لَا أَرَى لَهُ إِلَّا قِيمَتَهُ وَإِنْ أَعَادَهُ بِحَالِهِ لِأَنَّ الْغَاصِبَ ضَمِنَ قِيمَتَهُ بِالتَّصَرُّفِ وَلَوْ كَانَ مُتَعَدِّيًا غَيْرَ غَاصِبٍ لَكَانَ لَهُ أَخْذُهُ إِذَا صَاغَهُ عَلَى حَالِهِ بِلَا غُرْمٍ وَلَوْ

كَسَرَهُ الْمُشْتَرِي مِنَ الْغَاصِبِ وَأَعَادَهُ إِلَى حَالِهِ لَمْ يَأْخُذْهُ إِلَّا بِدَفْعِ أُجْرَةِ الصِّيَاغَةِ لِأَنَّهُ غير مُتَعَدٍّ لمَفْهُوم قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لِعِرْقٍ غير الظَّالِم حق قَالَ اللَّخْمِيّ وَقَوله لَا يُعْطِي لِلْغَاصِبِ قِيمَةَ الصِّيَاغَةِ غَيْرُ بَيِّنٍ لِأَنَّ الصِّيَاغَةَ مِمَّا يُقْضَى فِيهَا بِالْمِثْلِيِّ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْغَاصِبِ يَكْسِرُ السُّوَارَيْنِ عَلَيْهِ قِيمَةُ الصِّيَاغَةِ وَقَالَ فِي الْخَشَبَةِ يَعْمَلُهَا مِصْرَاعَيْنِ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ وَلَا يذهب عمله مجَّانا فَمنع من أَخذهَا لَيْلًا عَمَلُهُ فَإِنْ رَضِيتَ بِدَفْعِ الْأُجْرَةِ فَلَكَ أَخْذُهَا وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ كَانَ لِعَمَلِهِ بَالٌ وَزَادَ فِي ثَمَنِهَا خُيِّرْتَ بَيْنَ إِعْطَائِهِ قِيمَةَ عَمَلِهِ وَتَأْخُذُهَا أَوْ تُسَلِّمُهَا وَتَأْخُذُ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْغَصْبِ أَوْ تَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ قَالَ وَكَذَلِكَ مَنْ غَصَبَ ذَهَبًا فَضَرَبَهُ دَنَانِيرَ إِذَا كَانَ لِصَنْعَتِهِ بَالٌ وَإِلَّا فَلَكَ أَخْذُ مَالِكَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَالَ وَهَذَا أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا غَرَسَ أَوْ بَنَى أَمَرَ بِقَلْعِهِ ذَلِكَ إِنْ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ الْآنَ نَفْيًا لِعِرْقِ الظَّالِمِ إِلَّا أَنْ تُرِيدَ إِعْطَاءَهُ الْقِيمَةَ مقلوعا فَذَلِك لَك لِأَن الْقلع مُسْتَحقّ فَإِن أَخَذْتَ بِالْقِيمَةِ تَصَوَّنَتِ الْمَالِيَّةُ فِي التَّنْفِيذِ عَنِ الضَّيَاعِ وَكُلُّ مَا لَا مَنْفَعَةَ لَهُ فِيهِ بعد الْقلع كالجص وَالنَّقْشِ لَا شَيْءَ لَهُ فِيهِ لِأَنَّ الْقَلْعَ مُسْتَحَقٌّ وَلَا مَالِيَّةَ بَعْدَهُ فَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ غَرَضٌ صَحِيحٌ فِي قَلْعِهِ بَلْ فَسَادٌ مَحْضٌ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْهُ وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ لَا يُجْبَرُ الْغَاصِبُ عَلَى أَخْذِ قِيمَةِ الْغَرْسِ لِأَنَّهَا أَعْيَانُ مِلْكٍ لَهُ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى إِخْرَاجِ مِلْكِهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ وَجَوَابُهُ مَا تَقَدَّمَ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ لَا يُجْبَرُ عَلَى قَلْعِ الزَّرْعِ مِنَ الْأَرْضِ بَلْ يُخَيَّرُ بَيْنَ تَرْكِهِ حَتَّى يُحْصَدَ أَوْ يُعْطِيَهُ نَفَقَتَهُ وَيَأْخُذَ الزَّرْعَ بِخِلَافِ الْغَرْس لما

فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْ زَرَعَ أَرْضَ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ فَلَيْسَ لَهُ فِي الزَّرْع شَيْء وَعَلِيهِ نَفَقَتُهُ وَفِي الْكِتَابِ مَا حُفِرَ مِنْ بِئْرٍ أَوْ مَطْمُورَةٍ كَالْبِنَاءِ لِأَنَّهُ مُسْتَحَقُّ الْإِزَالَةِ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ فِي بَعْضِ الْأُمَّهَاتِ لَيْسَ لَهُ تُرَابٌ رَدَمَ بِهِ حُفْرَةً فَيُحْتَمَلُ أَنَّ التُّرَابَ مِنْ تُرَابِ الْأَرْضِ فَلَا حَقَّ لَهُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ لَكَ بِالْحُفْرَةِ مَنْفَعَةٌ فَلَكَ إِلْزَامُهُ طَرْحَهُ كَانَ التُّرَاب لَك أَوله وَلَكَ إِلْزَامُهُ بِرَدِّهِ إِلَى مَوْضِعِهِ نَفْيًا لِضَرَرِ الْعُدْوَانِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَهُ الْقِيمَةُ بَعْدَ طَرْحِ أُجْرَةِ النَّقْلِ وَقَالَ ح لَيْسَ لَكَ إِلَّا الْقِيمَةُ لَنَا أَنَّ الْأَرْضَ مِلْكُكَ وَالْأَصْلُ بَقَاء ملكك عَلَيْهَا قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تَرُدَّهُ وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى مَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِنْ هَدَمَهَا خُيِّرْتَ بَيْنَ قِيمَةِ الدَّارِ يَوْمَ الْغَصْبِ أَوِ الْعَرْصَةِ وَالنَّقْضِ وَلَا تُتْبِعُهُ بِشَيْءٍ لِتَمَكُّنِكَ مِنْ أَخْذِ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْغَصْبِ وَلَوْ هَدَمَهَا ثُمَّ بَنَاهَا بِنَقْضِهَا كَمَا كَانَتْ بِنَفْسِهِ فَلِلْغَاصِبِ قِيمَةُ هَذَا النَّقْضِ الْمَبْنِيِّ مَنْقُوضًا الْيَوْمَ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ ذَلِكَ مَنْقُوضًا فَيَتَقَاصَّانِ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَشْهَبَ قَالَ وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ لِأَنَّهُ يَضْمَنُ النَّقْصَ لَمَّا هَدَمَ وَالضَّمَانُ لَا يُوجِبُ الْمِلْكَ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ أَوَّلًا وَلَهُ قِيمَتُهُ آخِرًا لِانْتِقَالِهِ لِمُلْكِهِ وَقَالَ ان الْقَاسِمِ يُحْسَبُ عَلَى الْهَادِمِ قِيمَةُ مَا هَدَمَ قَائِمًا وَتُحْسَبُ لَهُ قِيمَةُ مَا بَنَى مَنْقُوضًا لِأَنَّهُ أَفْسَدَ التَّنْضِيدَ عَلَى الْمَالِكِ وَلَكَ قَلْعُ الزَّرْعِ فِي إِبَّانِ الْحَرْثِ بَلْ قَلْعُهُ الْمُتَعَدِّي وَفِي غَيْرِ الْإِبَّانِ لَكَ الْكِرَاءُ فَقَطْ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِي الْقَلْعِ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْهُ كَمَا لَا يُمكن للْغَاصِب مِنْ قَلْعِ التَّزْوِيقِ وَمَا لَا يَنْتَفِعُ بِهِ بعد

الْقَلْعِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ صَغِيرًا لَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْغَاصِبُ فَهُوَ لَكَ بِغَيْر شَيْء كنبييض الدَّارِ وَلَا بَذْرَ عَلَيْكَ وَلَيْسَ لَكَ إِجْبَارُهُ فِي الْإِبَّانِ عَلَى بَقَاءِ الزَّرْعِ الصَّغِيرِ بِالْكِرَاءِ لِأَنَّهُ يقْضِي بِهِ لَك فَكَانَ بَيْعُ زَرْعٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ مَعَ كِرَاءِ الْأَرْضِ قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا كَانَ فِي الْإِبَّانِ وَهُوَ إِذَا قَلَعَ انْتَفَعَ بِهِ أَخَذَ الْكِرَاءَ مِنْهُ وَيَأْمُرُهُ بِقَلْعِهِ إِلَّا أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى أَمْرٍ جَائِزٍ فَإِنْ رَضِيَ بِتَرْكِهِ جَازَ إِذَا رَضِيتَ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي قَلْعِهِ نَفْعٌ تُرِكَ لِرَبِّ الْأَرْضِ إِلَّا أَنْ يَأْبَاهُ فَيَأْمُرُ بِقَلْعِهِ فَإِذَا فَاتَ الْإِبَّانُ وَلَا تَنْتَفِعُ بِأَرْضِكَ إِذَا قَلَعَ فَقِيلَ لَكَ قلعه لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ فَعَمَّ وَقِيلَ لَيْسَ لَكَ إِلَّا الْكِرَاءُ لِأَنَّ الْقَلْعَ ضَرَرٌ مَحْضٌ وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا أَسْبَلَ لَا يُقْلَعُ لِأَنَّهُ مِنَ الْفَسَادِ الْعَامِّ لِلنَّاسِ كَمَا يُمْنَعُ مِنْ ذَبْحِ مَا فِيهِ قُوَّةُ الْحَمْلِ مِنَ الْإِبِلِ وَذَوَاتِ الدُّرِّ مِنَ الْغَنَمِ وَمَا فِيهِ الْحَرْثُ مِنَ الْبَقَرِ وَتَلَقِّي الرُّكْبَانِ وَاحْتِكَارُ الطَّعَامِ وَإِنِ اقنعت مِنْ دَفْعِ قِيمَةِ بِنَاءِ الْبِئْرِ أَوِ الْمَطَامِيرِ قيل للْمُبْتَاع دفع قِيمَةَ الْأَرْضِ وَخُذْهَا وَاتْبَعْ مَنِ اشْتَرَيْتَ مِنْهُ بِالثَّمَنِ فَإِنْ أَبَى كُنْتُمَا شَرِيكَيْنِ بِقِيمَةِ الْعَرْصَةِ وَقِيمَة الْبناء وَقَالَ ابْن أبي زيد مَا لَك إِذَا كَانَ الْمُبْتَاعُ قَدْ طَوَى الْبِئْرَ بِالْآجُرِّ وَأَمَّا مُجَرَّدُ الْحَفْرِ فَلَا شَيْءَ لَهُ فِيهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَمَا ذَكَرَهُ إِنَّمَا يَكُونُ فِي الْغَاصِبِ وَأَمَّا الْمُبْتَاعُ فَلَهُ قِيمَةُ الْحَفْرِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا هَدَمَ الدَّارَ خُيِّرْتَ بَيْنَ مُؤَاخَذَتِهِ بِالْغَصْبِ فَتُغَرِّمُهُ قِيمَتَهَا قَائِمَة يَوْم الْغَصْب أَو تؤاخذه بالعدا فَتُغَرِّمُهُ قِيمَتَهَا قَائِمَةً يَوْمَ الْهَدْمِ لِأَنَّ الْيَدَ العادية والتعدي سيان أَنْت مُخَيّر

فِيهِمَا أَوْ تَأْخُذُ الْعَرْصَةَ وَتُغَرِّمُهُ مَا نَقَصَ الْهَدْمُ عَلَى أَنَّ الْأَنْقَاضَ لِلْغَاصِبِ أَوْ تَأْخُذُ الْعَرَصَة الأنقاض وَتُغَرِّمُهُ مَا نَقَصَ الْهَدْمُ لِصَاحِبِهَا يُقَالُ مَا قِيمَتُهَا قَائِمَةً وَمَهْدُومَةً عَلَى هَيْئَتِهَا فَيَغْرَمُ مَا بَيْنَهُمَا ثُمَّ يَخْتَلِفُ مَتَى تَكُونُ قِيمَةُ النَّقْضِ فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ يَوْمَ الْهَدْمِ لِأَنَّ الْإِتْلَافَ أَقْوَى فِي التَّضْمِينِ مِنْ يَدِ الْعُدْوَانِ لِأَنَّ الْإِتْلَاف يتعقبه الضَّمَان وَالْيَد لَا يضمن حَتَّى يتْلف الْعَيْنَ أَوْ تَتَغَيَّرَ وَمَا يَعْقُبُهُ مُسَبِّبُهُ أَقْوَى وَقَالَ سَحْنُونٌ يَوْمَ الْغَصْبِ لِأَنَّهُ السَّابِقُ يَنْدَرِجُ فِيهِ مَا بَعْدَهُ كَالْحَيْضِ بَعْدَ الْجَنَابَةِ وَالسَّرَايَةِ لِلنَّقْصِ بَعْدَ الْجِنَايَةِ عَلَى الطَّرَفِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَأَرَى أَنَّ عَلَيْهِ الْأَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْوَقْتَيْنِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِذَا هَدَمَهَا الْمُشْتَرِي لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَوَسَّعَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْهَدْمِ بِخِلَافِ الثَّوْبِ يَشْتَرِيهِ وَيَقْطَعُهُ لِأَنَّ هَدْمَ الدَّارِ لَيْسَ بمتلف للقدر عَلَى الرَّدِّ بِخِلَافِ الثَّوْبِ وَكَذَلِكَ الْحُلِيُّ يَشْتَرِيهِ ويكسره وَلَا شَيْءَ فِي الْكَسْرِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَلَيْسَ هَذَا الْفَرْقُ بِالْبَيِّنِ لِأَنَّ الْإِعَادَةَ تَتَوَقَّفُ عَلَى مَالٍ كَثِيرٍ بَلْ مَضَرَّةُ هَدْمِ الدَّارِ أَعْظَمُ مِنْ مَضَرَّةِ الْقَطْعِ لِلثَّوْبِ بِكَثِيرٍ فَإِنْ بَنَاهَا الْغَاصِبُ بِنَقْضِهَا خُيِّرْتَ فِي قِيمَتِهَا يَوْمَ الْغَصْبِ أَوْ يَوْمَ الْهَدْمِ أَوْ تَأْخُذُهَا أَوْ تُغَرِّمُهُ قِيمَةَ مَا هَدَمَ قَائِمًا يَوْمَ هَدَمَ عَلَى أَنَّ النَّقْض يبْقى لَهُ وتعطيه قيمَة الْيَوْم المهدوما أَو تغرمه قيمَة التلفيق وَحده وَيبقى النَّقْص لَك وَمن غصب نَخْلَة قَائِمَة وأقلها فَقِيمَتُهَا قَائِمَةٌ تَقُومُ بِأَرْضِهَا يَوْمَ تَقُومُ الْأَرْضُ وَيَسْقُطُ عَنِ الْغَاصِبِ مَا يَنُوبُ الْأَرْضَ لِأَنَّ أَرْضَهَا بَقِيَتْ لِصَاحِبِهَا وَكَذَلِكَ الْوَدِيُّ إِذَا أَتْلَفَهُ وَلم يغرسه وَلَو قيل يغرم قيمَة لِلْغِرَاسَةِ لَصَحَّ فَإِنْ بَاعَهُ فَغَرَسَهُ الْمُشْتَرِي وَاسْتَحَقَّ بفوز ذَلِك فللمستحق أَخذه وَعَلِيهِ قيمَة خدمته إِن كَانَتْ بُقْعَتَهُ وَنُقْلَتَهُ وَكَبُرَ وَكَانَ إِنْ قُلِعَ بنت كَانَ لمستحقه أَخذه وعَلى قَول

ابْن مسلمة ذَلِك وَلَك فَوْتٌ وَلَكَ قِيمَتُهُ يَوْمَ غَرْسِهِ وَإِنْ كَانَ إِنْ قُلِعَ لَمْ يَنْبُتْ لَمْ تَأْخُذْهُ وَيُخْتَلَفُ مَتَى تَكُونُ فِيهِ الْقِيمَةُ يَوْمَ غَرْسِهِ أَوِ الْيَوْمَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي النَّقْضِ إِذَا بَنَى بِهَا وَمَنْ حَفَرَ أَرْضًا عَلَيْهِ مَا نَقَصَهَا الْحَفْرُ إِلَّا أَنْ يُعِيدَهَا لِهَيْئَتِهَا وَإِنْ كَانَتْ محفورة فَهَدمهَا فَعَلَيْهِ إِزَالَةُ ذَلِكَ الرَّدْمِ مِنْهَا فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا اشْتَرَيْتَهَا فَحَفَرْتَ بِهَا بِئْرًا فَاسْتُحِقَّ نِصْفُ الْأَرْضِ وَأَرَادَ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ دَفَعَ لَهُ نِصْفَ قِيمَةِ الْعِمَارَةِ وَأَخَذَ نِصْفَ الْأَرْضِ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَلَا شُفْعَةَ لَهُ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ حَتَّى يَدْفَعَ نِصْفَ قِيمَةِ الْعِمَارَةِ فَإِنْ أَبَى مَنْ دَفَعَ ذَلِكَ فِيمَا اسْتَحَقَّ وَاسْتَشْفَعَ دَفَعْتَ لَهُ قِيمَةَ نِصْفِ الْأَرْضِ الْمُسْتَحَقِّ وَرَجَعْتَ عَلَى الْبَائِعِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ فَإِنْ أَبَيْتُمَا فَشَرِيكَانِ فِي الْمُسْتَحَقِّ يقدر الْمُسْتَحِقِّ وَقَدْرِ الْعِمَارَةِ وَيَكُونُ لِلْمُبْتَاعِ النِّصْفُ وَنِصْفُ مَا أَحْدَثَ فَإِنِ اسْتَحَقَّ جُمْلَتَهَا دَفَعَ قِيمَةَ الْعِمَارَةِ وَأَخَذَهَا فَإِنْ أَبَى أَعْطَيْتَهُ قِيمَةَ الْأَرْضِ فَإِنْ أَبَيْتَ كُنْتُمَا شَرِيكَيْنِ فِي الْأَرْضِ وَالْعِمَارَةِ وَهَذَا بِقِيمَة أرضه وَهَذِه قيمَة عِمَارَتِهِ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ أُخِذَ مَالُكَ بِقَضَاءِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَدْ أَقْطَعَ الصِّدِّيقُ أَرْضًا لِرَجُلٍ فَأَحْيَاهَا فَجَاءَ آخَرُونَ بقضية من النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَاخْتَصَمُوا لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَضَى لِلْأَوَّلِ بِقِيمَة مَا أحيى فَقَالَ لَا آخذ فَقَالَ الآخر أَعْطِهِ قِيمَةَ أَرْضِهِ بَيْضَاءَ فَلَمْ يَجِدْ فَقَضَى بِالشَّرِكَةِ كَمَا تَقَدَّمَ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ إِذَا أَبَى أَنْ يَدْفَعَ قِيمَةَ الْعِمَارَةِ لَمْ يُجْبَرْ الْعَامِرُ أَنْ يُعْطَى قِيمَةَ الْأَرْضِ بَلْ يَشْتَرِكَانِ حِينَئِذٍ هَذَا بِقِيمَة أرضه براحا وَهَذِه بِقِيمَة عِمَارَته قَائِما بِأَنْ تُقَوَّمَ الْأَرْضُ بَرَاحًا ثُمَّ تُقَوَّمُ بِعِمَارَتِهَا فَمَا زَادَتِ الْعِمَارَةُ عَلَى قِيمَتِهَا بَرَاحًا شَارَكَ بِهِ العامر رب الأَرْض إِن أحيى قسما أَو حسبا قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ فَقِيلَ هُوَ وِفَاقٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ وَظَاهِرُ الْكِتَابِ خِلَافُهُ بَلْ تُقَوَّمُ الْعِمَارَةُ عَلَى حِدَةٍ وَالْأَرْضُ بَرَاحًا وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ فَقَدْ لَا تزيد

الْعِمَارَةُ عَلَى حِدَةٍ وَالْأَرْضُ بَرَاحًا وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ فَقَدْ لَا تَزِيدُ الْعِمَارَةُ فِي مِثْلِ هَذِه الأَرْض لكَونهَا براحا أنْفق للبقول وَنَحْوه قَالَ أَبُو بكر ابْن الْجَهْمِ وَإِذَا دَفَعَ رَبُّ الْأَرْضِ قِيمَةَ الْعِمَارَةِ وَأَخَذَ أَرْضَهُ فَلَهُ كِرَاءُ مَا مَضَى مِنَ السِّنِينَ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِذَا امْتَنَعَ مُسْتَحِقُّ نِصْفِ الْأَرْضِ مِنْ قِيمَةِ نِصْفِ الْبِنَاءِ وَأَبَى الْبَانِي من قيمَة نصف الأَرْض واستواء القيمات شُرِكَ بَيْنَهُمَا لِلْمُسْتَحِقِّ رُبُعُ الدَّارِ لِأَنَّهُ بَاعَ نِصْفَ مَا اسْتَحَقَّ وَهُوَ الرُّبُعُ بِرُبُعِ الْبِنَاءِ وَلَهُ الشُّفْعَةُ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ وَعَلَى الْقَوْلِ أَنَّهُ إِذَا بَاعَ مَا بِهِ يَسْتَشْفِعُ سَقَطَتْ شُفْعَتُهُ يَسْقُطُ مِنْ شُفْعَتِهِ قَدْرُ النِّصْفِ وَاسْتُشْفِعَ فِي نِصْفِ النِّصْفِ وَتَصِيرُ الدَّارُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ نَظَائِرُ قَالَ الْعَبْدِيُّ الْمَسَائِلُ الَّتِي تُؤْخَذُ قِيمَةَ الْبناء مقلوعا سِتّ فِي الْغَصْبِ وَالْعَارِيَةِ وَالْكِرَاءِ أَوْ بَنَى فِي أَرْضِ امْرَأَتِهِ أَوْ شُرَكَاءَ أَوْ وَرَثَةٍ فَفِي هَذِه كلهَا يُؤْخَذ الْبناء بِقِيمَة مَقْلُوعًا بَنَى بِأَمْرِكَ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعِنْدَ الْمَدَنِيِّينَ إِنْ بَنَى بِأَمْرِكَ فَقِيمَتُهُ قَائِمًا وَإِلَّا فَمَقْلُوعًا فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ لَوْ غَصَبَ طِينًا فَضَرَبَهُ لَبِنًا لَكَ مِثْلُ الطين لانتقاله بالصنيعة فَرْعٌ قَالَ إِنْ ذَبَحَ الشَّاةَ وَشَوَاهَا فَلَكَ قِيمَتُهَا وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَشْوِهَا وَقَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ إِذَا لَمْ يَشْوِهَا فَلَكَ أَخْذُهَا مَذْبُوحَةً وَمَا نَقَصَهَا الذَّبْحُ قَالَ التِّلِمْسَانِيُّ وَقِيلَ يَأْخُذُ الْمَذْبُوحَةَ بِغَيْرِ شَيْءٍ قَالَهُ مَالِكٌ لِأَنَّهُ لَزِمَتْهُ الْقِيمَةُ فَلَا يَأْخُذُ غَيْرَهَا وَلَا يَأْخُذُ بَعْضَهَا وَبَقِيَّتُهَا سِلْعَةٌ إِلَّا بِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَمْرٍ جَائِزٍ وَيَمْتَنِعُ تَرَاضِيهِمَا بِأَخْذِهَا

لِوُجُوبِ الْقِيمَةِ فِي الذِّمَّةِ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ عَنِ الْقيمَة بِلَحْم شَاة ودراهم فَهِيَ مَسْأَلَة مدعوجه وَدِرْهَمٍ وَهَذَا مَوْضِعُ اضْطَرَبَتْ فِيهِ الْآرَاءُ وَاخْتَلَفَتْ فِيهِ الْمَذَاهِبُ وَصَعُبَتِ الْمَدَارِكُ وَكَثُرَ التَّشْنِيعُ حَتَّى قَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ إِذَا طَحَنَ الْقَمْحَ وَعَمِلَهَا خُبْزًا فَجَاءَ رَبُّهَا يَأْخُذُهُ وَهُوَ مُلْكُ الْغَاصِبِ عَلَى زَعْمِكُمْ فَلِلْغَاصِبِ مُقَاتَلَةُ رَبِّ الْحِنْطَةِ فَإِنْ قتل رب الْحِنْطَة قشر قَتِيلٍ لِأَنَّهُ صَارَ مُحَارِبًا عِنْدَكُمْ وَإِنْ قُتِلَ الْغَاصِبُ فَشَهِيدٌ لِأَنَّهُ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ وَهَذَا عَكْسٌ لِلْحَقَائِقِ وَقَلْبٌ لِلطَّرَائِقِ وَلِذَلِكَ قُلْنَا فِي الْحِنْطَةِ تُزْرَعُ أَوْ تُطْحَنُ أَوِ الْبَيْضُ يُحْضَنُ وَالْمَعَادِنُ تُعْمَلُ آنِيَةً أَوْ يُصَاغُ حُلِيًّا أَوْ دَرَاهِمَ أَوِ السَّاجَةُ تُشَقُّ وَتُعْمَلُ أَبْوَابًا أَوِ التُّرَاب يعمله طينا ويتملكه الْغَاصِبُ شَرْطَ تَغَيُّرِ اسْمِهِ وَإِبْطَالِ مُعْظَمِ مَنْفَعَتِهِ ثُمَّ لَا يَتَصَرَّفُ الْغَاصِبُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى يُؤَدِّيَ إِلَى الْمَالِكِ قِيمَتَهُ وَهَذَا حُكْمُ السَّرِقَةِ وَوَافَقَنَا ح وَخَالَفَنَا ش وَابْنُ حَنْبَلٍ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَقَالَا يَرُدُّ ذَلِكَ وَمَا نقص وَهَذَا هُوَ الْمَنْقُول عَن أبي حنيفَة غَيْرَ أَنِّي رَأَيْتُهُمْ فِي كُتُبِهِمْ يَسْتَثْنُونَ مِنْ هَذَا الْأَصْلِ ذَبْحَ الشَّاةِ وَيُوَافِقُونَنَا فِي غَيْرِهِ وَيَقُولُونَ فِيهِ بِأخذ الشَّاةِ إِذَا ذُبِحَتْ بِغَيْرِ شَيْءٍ أَوْ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْغَصْبِ مَعَ الْأَرْشِ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَهُ أَخْذُ الْفِضَّةِ الْمُصَاغَةِ وَالثَّوْبِ الْمَصْبُوغِ وَالْمَخِيطِ كَمَا قَالَهُ ش لَنَا أَنَّ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَضَافَهُ قَوْمٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فِي بُيُوتِهِمْ فَقَدَّمُوا لَهُ شَاةً مَصْلِيَّةً فَتَنَاوَلَ مِنْهَا لُقْمَةً فَجَعَلَ يمضغها فَلَا يسيغها فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّ هَذِهِ الشَّاةَ لَتُخْبِرُنِي أَنَّهَا أُخِذَتْ بِغَيْرِ حَقٍّ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ هِيَ لِجَارٍ لَنَا وَنَحْنُ نُرْضِيهِ مِنْ ثَمَنِهَا فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَطْعِمُوهَا الْأَسَارَى وَلَوْلَا أَنَّ الْمِلْكَ حَصَلَ لَهُمْ لَأَمَرَ بِرَدِّهَا إِلَى مَالِكِهَا قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ هَذَا الحَدِيث مُرْسل وَرِوَايَة عَاصِم ابْن كُلَيْب وَهُوَ ضَعِيف فِيمَا ينفرراوي وَقَدْ أَوْرَدُوا عَلَيْهِ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَام فعل ذَلِك نظرا

للْمَالِك لَيْلًا تفْسد الشَّاة عَلَيْهِ فَرَأى أَن يشد بِهَا خَلَّةَ الْأَسَارَى وَيُعَوِّضَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَلَو ملكهَا الذَّابِح لما انتزعها - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِنْهُ لِلْأَسَارَى وَالْجَوَابُ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ مَالِكَهَا كَانَ غَائِبًا حَتَّى يَنْظُرَ الْإِمَامُ فِي مَاله وَالْأَصْل عدم الْغَيْبَة وبل أَمر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَهُم بِالْإِطْعَامِ دَلِيل ملكهم وَإِلَّا كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُطْعِمُهَا مِنْ قَبْلُ نَفْسَهُ وَأَمْرُهُ لَهُمْ مَعَ أَنَّهُمْ مَالِكُونَ إِمَّا لِأَنَّهُمْ لَمْ يَدْفَعُوا الثَّمَنَ بَعْدُ كَمَا قَالَ ح أَوْ كَانُوا فُقَرَاءَ لَا يَمْلِكُونَ كَمَا قَالَ الْمَالِكِيَّةُ أَوْ عَلَى وَجْهِ الْكَرَاهَةِ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ أَكْلَهَا مَكْرُوهٌ لِلْخِلَافِ فِي انْتِقَالِ الْمِلْكِ وَيُؤَكِّدُ قَوْلَنَا أَنَّ الْغَاصِبَ عِنْدَهُمْ يَضْمَنُ مَا نَقَصَ وَرَسُولُ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَمْ يَتَعَرَّضْ لِتَقْوِيمِهَا لِيَعْلَمَ مَا نَقَصَتْ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الصَّدَقَةَ بِهَا كَانَتْ لِمَا ذَكرْنَاهُ وبالقياس على استيلاد الْأَب الْجَارِيَة ابْنه وَأحد الشَّرِيكَيْنِ لجارية الْمُشْتَرِكَةُ بِجَامِعِ إِذْهَابِ جُلِّ الْمَنَافِعِ وَلِأَنَّ الْخَشَبَةَ إِذَا عُمِلَتْ أَبْوَابًا ذَهَبَ جُلُّ مَقْصُودِهَا وَزَالَتْ تِلْكَ الْمَالِيَّةُ وَحَدَثَتْ مَالِيَّةٌ أُخْرَى كَمَا أَنَّ مَالِيَّةَ الْفَحْمِ تَجَدَّدَتْ وَعُدِمَتْ مَالِيَّةُ الْخَشَبَةِ وَهَذِهِ الْمَالِيَّةُ الْحَادِثَةُ مَنْسُوبَةٌ لِفِعْلِ الْغَاصِبِ فَيُنْسَبُ الْمِلْكُ لَهُ إِحَالَةً لِلْحُكْمِ عَلَى سَبَبِهِ كَالِاصْطِيَادِ بِكَلْبِ الْغَيْرِ وَالِاحْتِطَابِ بِفَأْسِهِ وَكَالْمَوْتِ بَعْدَ الْجِرَاحَةِ يُحَالُ عَلَى الْجِرَاحَةِ وَاتَّفَقْنَا أَنَّهُ لَوْ عَلَفَ دَوَابَّهُ الطَّعَامَ فَسَمِنَتِ انْتَقَلَ الْمِلْكُ فِي الطَّعَامِ وَكَذَلِكَ هَا هُنَا ثمَّ إِن نَفْرِضَ الْكَلَامَ فِي تَحْضِينِ الْبَيْضِ وَصَارَ دَجَاجًا وَالْحِنْطَةُ قَصِيلًا وَالنَّوَاةُ نَخْلَةً فَقَدِ اسْتُهْلِكَتِ الْأَعْيَانُ الأول وَحَدَثَتْ أَعْيَانٌ وَصُوَرٌ أُخْرَى وَأَحْكَامٌ أَمَّا الْأَوَّلُ فَبِالْحِسِّ وَأَمَّا الْأَحْكَامُ فَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ مِنْ هَذِهِ الْأَعْيَانِ لَمْ يَحْنَثْ بِهَذِهِ المتجددات وَلِأَن مذهبكم يُؤَدِّي إِلَى أَنَّهُ يَغْصِبُ جَمَادًا فَيُؤَدِّي حَيَوَانًا وَلَيْسَ عَيْنَ الْمَغْصُوبِ وَلَا مِثْلَهُ وَلَا قِيمَتَهُ لِأَنَّهُ لَوِ اسْتَقْرَضَ حِنْطَةً لَمْ يَرُدَّ دَقِيقَهَا وَالْكُلُّ بَابُ ضَمَانٍ فَلَوْ صَحَّ فِي أَحَدِهِمَا صَحَّ فِي الْآخَرِ وَإِذَا ظَهَرَ الدَّلِيلُ فِي هَذِهِ الصُّور ظهر فِيهِ بَقِيَّةُ صُوَرِ النِّزَاعِ لِأَنَّهُ لَا قَائِلَ بِالْفَرْقِ وَلِأَنَّهُ قبض

وَقَعَ فِي الْحِنْطَةِ فَلَا يُطْلَبُ بِرَدِّ الدَّقِيقِ كَمَا لَوْ غَصَبَهَا وَأَتْلَفَهَا أَوِ اشْتَرَاهَا فَطَحَنَهَا ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا فَلَا يَفْسَخُ الْعَقْدَ وَيَرُدُّ الدَّقِيقَ احْتَجُّوا بِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ وَلِأَنَّ مِلْكَ الْمَالِكِ مُعَلَّلٌ بِالْمَالِيَّةِ لَا بِالْحِنْطَةِ وَالطَّحْنُ لَمْ يُذْهِبِ الْمَالِيَّة وَلِأَنَّهُ فعل لَو فعله فِيهِ ملكه لم يزل ملكه عِنْده بِهِ فَإِذَا فَعَلَهُ الْغَيْرُ لَمْ يَزُلْ مُلْكُهُ وَكَمَا لَوْ فَعَلَهُ بِإِذْنِ الْمَالِكِ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ الْعُدْوَانَ يُنَاسِبُ عَدَمَ انْتِقَالِ الْمِلْكِ إِلَيْهِ وَالْإِذْنُ مُنَاسِبٌ لَهُ أَكْثَرُ فَإِذَا لَمْ يَنْتَقِلْ بِالْمُنَاسِبِ لَا يَنْتَقِلُ بِغَيْرِ الْمُنَاسِبِ لِأَنَّ الْمِلْكَ نِعْمَةٌ وَالْمَعْصِيَةَ لَا تُنَاسِبُ النِّعْمَةَ وَلِأَنَّ ذَبْحَ الْغَاصِبِ عُدْوَانٌ فَانْضَافَ عُدْوَانٌ إِلَى عُدْوَانٍ فَتَعَذَّرَتِ الْمُنَاسَبَةُ جِدًّا وَلِأَنَّ الْغَاصِبَ لَوْ كَانَ يَمْلِكُ بِهَذِهِ الْأَفْعَالِ لَمَلَكَ الْبَائِعُ بِهَا الْمُشْتَرِيَ إِذَا فَعَلَهَا قَبْلَ الْقَبْضِ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ مِلْكَ الْمُشْتَرِي غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ قَبْلَ الْقَبْضِ بِخِلَافِ مِلْكِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَلِأَنَّ ذِهَابَ جُلِّ الْمَنَافِعِ لَوْ كَانَ يُزِيلُ الْمِلْكَ بِفِعْلِ الْغَاصِبِ لَأَزَالَهُ بِغَيْرِ فِعْلِهِ كَذَهَابِ الرُّوحِ فَإِنَّهُ يُزِيلُ الْمِلْكَ حَصَلَ بِفِعْلِهِ أَمْ لَا وَلِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ إِلَّا تَفْرِيقُ الْأَجْزَاءِ فَلَا يُنْقَلُ الْمِلْكُ كَمَا لَوْ غَصَبَهَا مَقْلِيَّةً فَطَحَنَهَا أَوْ كَمَا لَوْ غَصَبَ رَغِيفًا وَفَتَّتَهُ لُبَابًا وَلِأَنَّهُ لَوْ مَلَكَ الْعَيْنَ لَمَلَكَ جَمِيعَ جِهَاتِ التَّصَرُّفِ عَمَلًا بِالْمِلْكِ السَّالِمِ عَنْ مُعَارَضَةِ الْحَجْرِ وَقَدْ مَنَعْتُمُ التَّصَرُّفَ حَتَّى يُعْطَى الْقِيمَةَ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ إِذَا بَقِيَ اسْمُ الْمَغْصُوبِ وَمَعْنَاهُ بِدَلِيلِ مَسْأَلَة الْعلف واستيلاد جَارِيَة الإبن عَن الثَّانِي أَنَّهُ مُعَلَّلٌ بِالْحِنْطَةِ وَمَالِيَّةِ الْحِنْطَةِ بِدَلِيلِ أَنَّ مَنْ أَتْلَفَ حِنْطَةً وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّ الِاسْمِ وَالْمَعْنَى وَلَوْ كَانَ مُعَلَّلًا بِمُطْلَقِ الْمَالِيَّةِ كَيْفَ كَانَتْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ مُعَلَّلٌ بِالْمَالِيَّةِ فَلِمَ قُلْتُمْ إِنَّهُ إِذَا فَوَّتَهَا بِالطَّحْنِ وَالْخَبْزِ يَجْبُرُ مَالِيَّةَ الْحِنْطَةِ بِمَالِيَّةِ

الْخَبْزِ ثُمَّ يَنْتَقِضُ بِمَنْ غَصَبَ عَسَلًا وَسَمْنًا وَأَذَابَهُ أَوْ خَلَطَ الزَّيْتَ بِأَجْوَدَ مِنْهُ أَوْ أردأ عَن الثَّالِثِ النَّقْضُ بِاسْتِيلَادِ الْأَبِ جَارِيَةَ ابْنِهِ وَبِالْعَلَفِ وَخَلْطِ الزَّيْتِ وَلِأَنَّهُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فِي مِلْكِهِ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يَزُولَ الْمِلْكُ لِأَنَّهُ لَو زَالَ لزال الهيه لِأَنَّهُ مَصْدَرُ السَّبَبِ وَلَوْ زَالَ إِلَيْهِ لَزِمَ تَحْصِيل الْحَاصِل لِأَنَّهُ مَالك قبل ذَلِك وَهَا هُنَا ينْتَقل الْملك إِلَى غَيرهَا لَك فَلَا يَلْزَمُ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ فَافْتَرَقَا عَنِ الرَّابِعِ وَهُوَ قَوْلُكُمْ الْمَعْصِيَةُ لَا تُنَاسِبُ نِعْمَةَ الْمِلْكِ فَيَنْتَقِضُ بِاسْتِيلَادِ الْأَبِ وَفِيهِ ضَمُّ عُدْوَانٍ إِلَى عدوان فَإِن الْأَب غَاصِب ووطئه حَرَامٌ وَمَعَ ذَلِكَ مَلَكَ أَمَةَ ابْنِهِ بِذَلِكَ عَنِ الْخَامِسِ أَنَّ الْبَائِعَ إِذَا قَصَدَ الْغَصْبَ مَنَعْنَا عَدَمَ انْتِقَالِ الْمِلْكِ ثُمَّ يُنْتَقَضُ بِالنُّقُوضِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَنِ السَّادِسِ أَنَّ فِعْلَ الْإِنْسَانِ يُنَاسِبُ أَنْ يَتَجَدَّدَ لَهُ بِهِ مِلْكُهُ أَمَّا غَيْرُ فِعْلِهِ فَلَا يَدْخُلُ إِلَّا قَهْرًا كَالْمِيرَاثِ عَنِ السَّابِعِ مَنْعُ الْحُكْمِ بَلْ يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ فِي الْحِنْطَةِ وَأَمَّا فَتُّ الْخُبْزِ لِأَنَّهُ لَمْ يُذْهِبِ الِاسْمَ وَمُعْظَمَ الْمَنَافِعِ عَنِ الثَّامِنِ أَنَّهُ مِثْلُ مَسْأَلَةِ الرَّهْنِ إِنْ أَيْسَرَ الرَّاهِنُ بِالدَّيْنِ انْفَكَّ وَإِلَّا فَلَا فَكَمَا أَنَّ الرَّهْنَ مِلْكٌ مَعَ الْمَنْع فَكَذَلِك هَا هُنَا وَلِذَلِكَ يَرِدُ عِتْقُ الْمَدِينِ مَعَ ثُبُوتِ الْمِلْكِ تَمْهِيدٌ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ زِيَادَةُ الْمَغْصُوبِ إِنْ كَانَتْ مِنْ فِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى كَالصَّغِيرِ يَكْبَرُ وَالْهَزِيلِ يَسْمَنُ أَوِ الْعَيْبِ يَذْهَبُ فَلَيْسَ بِفَوْتٍ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِهِ

وَلَمْ يَتَجَدَّدِ لِلْغَاصِبِ فِيهِ سَبَبٌ يُوجِبُ التَّضْمِينَ وَلَا التَّمْلِيكَ أَوْ أَحْدَثَهَا الْغَاصِبُ فَإِنَّهَا تَنْقَسِمُ فِي مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتِهِ عَنْ مَالِكٍ قِسْمَيْنِ مَا أَحْدَثَ فِيهِ الْغَاصِبُ مِنْ مَالِهِ عَيْبا قَائِمَة كالصبغ والنقض فِي الْبُنْيَانِ أَوْ مُجَرَّدِ الْعَمَلِ كَالْخِيَاطَةِ وَالنَّسْجِ وَطَحْنِ الْحِنْطَةِ وَالَّذِي لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ قِسْمَانِ مَا تُمْكِنُ إِعَادَتُهُ عَلَى حَالِهِ كَالْبُقْعَةِ يَبْنِيهَا وَمَا لَا يُمْكِنُ كَالثَّوْبِ يَصْبُغُهُ وَالْجِلْدِ يَدْبُغُهُ وَالسَّوِيقِ يَلُتُّهُ فَيُخَيَّرُ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ بَيْنَ إِلْزَامِهِ بِإِعَادَةِ الْبُقْعَةِ عَلَى حَالِهَا وَإِزَالَةِ مِلْكِهِ وَبَين إِعْطَائِهِ قيمَة مَاله فِيهَا مَقْلُوعًا بَعْدَ أَجْرِ الْقَلْعِ إِذَا كَانَ لَا يتَوَلَّى ذَلِك بِنَفسِهِ وَلَا يُعِيدهُ بَلْ يَسْتَأْجِرُ عَلَيْهِ قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَابْنُ شَعْبَانَ وَقِيلَ لَا يَحُطُّ أُجْرَةَ الْقَلْعِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَهُ ابْنُ دَحُونٍ وَعَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْغَاصِبَ لَوْ هَدَمَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَخْذُهُ بِالْقِيمَةِ بَعْدَ الْهَدْمِ وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي فَيُخَيَّرُ فِي الصَّبْغِ كَمَا تَقَدَّمَ وَنَحْوِهُ إِلَّا فِي السَّوِيقِ يُلَتُّ بِالسَّمْنِ وَنَحْوِهُ مِنَ الطَّعَامِ فَلَا يُخَيَّرُ لِمَا يَدْخُلُهُ مِنَ الرِّبَا بَلْ يُلْزَمُ الْمِثْلَ أَوِ الْقِيمَةَ فِيمَا لَا مِثْلَ لَهُ وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ أَصْلِ التَّقْسِيمِ وَهُوَ مُجَرَّدُ الْعَمَلِ فَهُوَ قِسْمَانِ يسير لَا ينْتَقل بِهِ الْمَغْصُوب عَن إسمه كعمل الْخَشَبَة أبوابا أَو تابوتا وطحن الْقَمْح ونسج الْغَزل وصوغ الْفضة حُلِيًّا أَوْ دَرَاهِمَ فَيَأْخُذُ الْأَوَّلَ مَعْمُولًا بِغَيْرِ شَيْءٍ لِأَنَّ الْيَسِيرَ مُغْتَفَرٌ وَالثَّانِي فَوْتٌ يُوجِبُ الْمِثْلَ أَوِ الْقِيمَةَ فِي غَيْرِ الْمِثْلِ يَوْمَ الْغَصْبِ هَذَا أَصْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ يَجْعَلُ الْبُنْيَانَ أَصْلًا لِهَذَا كُلِّهِ وَيَقُولُ لَا أَجْرَ لِلْغَاصِبِ فِيمَا لَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ مِنَ الصَّبْغِ وَالرَّفْوِ وَالدِّبَاغِ وَالطَّحْنِ وَعَمَلِ التَّابُوتِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ الصَّبْغُ تَفْوِيتٌ وَتَتَعَيَّنُ الْقِيمَةُ وَكَذَلِكَ شبع الصَّبْغَ وَقِيلَ يَشْتَرِكَانِ بِقِيمَةِ الصَّبْغِ وَقِيمَةِ الثَّوْبِ إِذا امتنعا من دفع مَا يتَوَجَّه عَلَيْهِمَا وَأنكر هَذَا القَوْل فِي الْمُدَوَّنَة وَقَالَ إِن الشُّبْهَة إِنَّمَا تَكُونُ فِيمَا كَانَ تَوَجَّهَ بِشُبْهَةٍ

(الفصل الثالث في تصرفات الغاصب)

(الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي تَصَرُّفَاتِ الْغَاصِبِ) وَفِي الْكِتَابِ إِذا بَاعَ الْأمة مِمَّن لم يعلم الْغَصْب يَوْمَ عُدْوَانِهِ فَمَاتَتْ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الْعُدْوَانِ وَضَمِنَ الْغَاصِبُ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْغَصْبِ لِأَنَّهُ يَوْمُ عُدْوَانِهِ وَتَحَقَّقَ سَبَبُ ضَمَانِهِ وَلَكَ أَخْذُ الثَّمَنِ وَتَنْفِيذُ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فُضُولِيّ وَالثمن بدل لمَالِك كَالْقِيمَةِ وَلَوْ قَتَلَتْ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ فَأَخَذَ أَرْشًا ثُمَّ اسْتَحَقَّتْ خُيِّرَتْ فِي قِيمَتِهَا يَوْمَ الْغَصْبِ من الْغَاصِب بِالثّمن لبُطْلَان الْبَيْعِ وَلَوْ قَتَلَهَا الْمُبْتَاعُ فَلَكَ أَخْذُ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْقَتْلِ مِنْهُ لِأَنَّهُ يَوْمُ عُدْوَانِهِ وَالْأَصْلُ تَرَتُّبُ الْمُسَبَّبِ عَلَى سَبَبِهِ وَيَرْجِعُ هُوَ عَلَى الْغَاصِبِ بِالثَّمَنِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنَّمَا ضَمِنَ الْمُبْتَاعُ قِيمَتَهَا لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِيمَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَأَكَلَهُ أَوْ ثِيَابًا فَلَبِسَهَا حَتَّى أَبْلَاهَا فَلَهُ عَلَى الْمُبْتَاعِ الطَّعَامُ وَقِيمَةُ الثِّيَابِ وَكُلُّ مَا عُرِفَ هَلَاكُهُ بِأَمْرٍ مِنَ اللَّهِ مِنْ مَوْتِ جَارِيَةٍ أَوِ الثِّيَابِ أَوِ الطَّعَامِ لَا يَضْمَنُهُ الْمُبْتَاعُ لِأَنَّ يَدَهُ يَدُ شُبْهَةٍ وَلَمْ يَتَعَدَّ وَلَوْ قَطَعَ الْمُبْتَاعُ يَدَهَا أَوْ فَقَأَ عَيْنَهَا فَلَهُ أَخْذُهَا وَتَضْمِينُهُ نَقْصَهَا لِذَهَابِهِ بِعُدْوَانِهِ وَيَرْجِعُ هُوَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْغَاصِبِ لِبُطْلَانِ الْبَيْعِ وَلَكَ إِجَازَةُ الْبَيْعِ وَأَخْذُ الثَّمَنِ مِنَ الْغَاصِبِ أَو الْقيمَة يَوْم الْغَصْب وَلَو أَبى الْمُبْتَاع الثَّوْب باللبس وكقطعه يَدَ الْأَمَةِ قَالَ التُّونِسِيُّ اخْتُلِفَ فِي جِنَايَةِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْعَبْدِ خَطَأً هَلْ يَضْمَنُهُ وَقِيلَ لَا يُضَمَّنُهُ لِأَنَّهُ أَخْطَأَ عَلَى مَالِ غَيْرِهِ فِي الظَّاهِرِ وَأَنْتَ قَادِرٌ عَلَى تَضْمِينِ الْغَاصِبِ وَإِجَازَةِ الْبَيْعِ وَأَخْذِ الثَّمَنِ وَإِذَا أَبْلَى الْمُشْتَرِي الثَّوْبَ بِاللُّبْسِ فَإِنَّ عَلَيْهِ قِيمَتَهُ يَوْمَ لُبْسِهِ وَانْظُرْ لَوْ ظَهَرَ الثَّوْبُ عِنْدَهُ بَعْدَ شَهْرَيْنِ مِنْ يَوْمِ الْبَيْعِ ثُمَّ ادَّعَى ضَيَاعَهُ لَمَا اسْتَحَقَّ هَلْ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الشِّرَاءِ كَالصُّنَّاعِ والرهان على أحد الْقَوْلَيْنِ أَو يَوْم رُؤِيَ بعد شَهْرَيْن

وَهُوَ الْأَشْبَه لِأَن الرَّهْن وَالصُّنَّاعَ إِنَّمَا ضَمِنُوا الْقِيمَةَ يَوْمَ التُّهَمِ لِإِمْكَانِ أَنْ يَكُونُوا لِمَا غَيَّبُوهُ بَعْدَ هَذَا فَكَأَنَّهُمْ قَبَضُوهُ لِيَسْتَهْلِكُوهُ وَلَا يَنْتَفِعُونَ بِرُؤْيَتِهِ عِنْدَهُمْ بَعْدَ شَهْرَيْنِ وَالْمُشْتَرِي إِنَّمَا قَبَضَهُ عَلَى أَنَّهُ مِلْكُهُ وَلَهُ إِتْلَافُهُ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ غَيْرُ ضَامِنٍ إِنْ ظَهَرَ هَلَاكُ الْعَيْنِ فَلَا تُهْمَة عَلَيْهِ فَإِنَّمَا لَك قِيمَته يَوْم رُؤِيَ عِنْدَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ وَلَوِ اسْتَحَقَّتِ الْأَمَةُ بِحُرِّيَّةٍ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهَا بِالثَّمَنِ وَكَذَلِكَ بِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ أَوْ مُعْتَقَةٌ إِلَى أَجَلٍ وَقَدْ مَاتَتْ عِنْدَهُ وَلَا يَرْجِعُ فِي الْمُدَبَّرَةِ بِشَيْءٍ قَالَ مُحَمَّدٌ وَالْمُكَاتَبَةُ عِنْدِي كَالْأَمَةِ وَعَنْ أَشْهَبَ إِذَا بَاعَهَا الْغَاصِبُ بِمِائَةٍ فَقَتلهَا الْمُبْتَاع وقمتها خَمْسُونَ فَأَغْرَمْنَا الْمُشْتَرِيَ خَمْسِينَ رَجَعَ بِهَا عَلَى الْغَاصِبِ وَرَجَعْتَ عَلَى الْغَاصِبِ بِخَمْسِينَ بَقِيَّةِ الثَّمَنِ الَّذِي أُخِذَ فِيهَا قَالَ وَالْقِيَاسُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّكَ لَمَّا أَغْرَمْتَ الْمُبْتَاعَ قِيمَتَهَا فَكَأَنَّكَ أَخَذْتَ عَيْنَ شَيْئِكَ وَانْتَقَضَ الْبَيْعُ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَالْغَاصِبِ فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِجَمِيعِ شَيْئِهِ وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْغَصْبِ مِائَةً وَعِشْرِينَ فَبَاعَهَا بِمِائَة فَقَتلهَا الْمُبْتَاع وَقيمتهَا خَمْسُونَ فَأخذ بِقِيمَتِهَا مِنَ الْمُشْتَرِي خَمْسِينَ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ عَلَى الْغَاصِبِ بِخَمْسِينَ وَأَنْتَ بِتَمَامِ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْغَصْبِ وَذَلِكَ سَبْعُونَ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَهُوَ مِائَةٌ وَتَرْجِعُ أَنْتَ عَلَى الْغَاصِبِ بِتَمَامِ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْغَصْبِ وَذَلِكَ عِشْرُونَ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ إِذَا جَنَى عَلَيْهَا خَطَأً فَهُوَ كَالْأَمْرِ السَّمَاوِيِّ وَقَالَ أَشهب هُوَ كالعمد وَلَك تصمينه الْقِيمَةَ لِأَنَّهَا جِنَايَتُهُ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ لَوِ ادَّعَى الْمُبْتَاعُ أَنَّهَا هَلَكَتْ صَدَقَ فِيمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ مِنْ رَقِيقٍ أَوْ حَيَوَانٍ وَيَحْلِفُ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ لَقَدْ هَلَكَتْ وَيَغْرَمُ الْقِيمَةَ إِلَّا أَنْ يَشْهَدَ بِأَنَّ الْهَلَاكَ مِنْ غَيْرِ سَبَبِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ فَلَوْ جَنَى عَلَيْهَا أَجْنَبِيٌّ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ تَخَيَّرْتَ بَيْنَ أَخْذِ الْقِيمَةِ مِنَ الْغَاصِبِ يَوْمَ الْغَصْبِ أَوِ الثَّمَنِ أَوْ

الْقِيمَةِ يَوْمَ الْبَيْعِ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ تَعَدٍّ ثَانٍ غَيْرُ الْغَصْبِ وَيَمْضِي الْبَيْعُ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْجَانِي وَعَلَى الْقَوْلِ بِمُخَالَفَةِ الْخَطَأِ لِلْعَمْدِ يَسْتَوِيَانِ إِذَا كَانَ أَجْنَبِيًّا وَمَتى أجزت لزم ذَلِك المُشْتَرِي غلا أَن ذِمَّتُكَ رَدِيَّةً لِكَسْبِكَ حَرَامًا أَوْ غَيْرِهِ وَاخْتُلِفَ إِذَا دَفَعَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ لِلْغَاصِبِ وَالْغَاصِبُ فَقِيرٌ وَقَدْ أَجَزْتَ الْبَيْعَ فَقِيلَ لَا شَيْءَ لَكَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَقِيلَ تَأْخُذُ الثَّمَنَ مِنْهُ ثَانِيَةً وَهُوَ يَصح على الْقَوْلِ أَنَّ الْبَيْعَ التَّقَابُضُ لَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَائِعَ غَاصِبٌ وَأَحَبَّ الرَّدَّ عَلَيْهِ قَبْلَ قُدُومِكَ فَذَلِكَ لَهُ إِنْ كُنْتَ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ لِتَضَرُّرِهِ بِانْتِظَارِكَ وَهُوَ فِي ضَمَانِهِ وَإِنْ كُنْتَ قَرِيبَ الْغَيْبَةِ فَلَا لِأَنَّ الْغَاصِبَ ظَالِمٌ يَجِبُ مَنْعُهُ فَلَا يُمَكَّنُ وَإِنِ اشْتَرَاهُ الْغَاصِبُ مِنْكَ بَعْدَ أَنْ بَاعَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَدُّ بَيْعِ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ أَرَادَ تَحَلُّلَ صَنِيعِهِ وَلَوْ صَرَّحَ قَبْلَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ يُرِيدُ مِلْكَهُ لَا تَحَلُّلَ صَنِيعِهِ لَكَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ وَلَوْ بَاعَ بِعَشَرَةٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ مِنْكَ بِثَمَانِيَةٍ رَجَعْتَ عَلَيْهِ بِدِينَارَيْنِ لِأَنَّكَ مُسْتَحِقٌّ لِلثَّمَنِ وَلَوْ أَعْلَمَكَ لَمْ تَتْرُكْهُ وَلَوْ بَاعَهُ بِثَوْبٍ خُيِّرْتَ بَيْنَ إِجَازَةِ الْبَيْعِ بِالثَّمَانِيَةِ أَو يردهَا وَتَأْخُذُ الثَّوْبَ وَلَوْ تَغَيَّرَ الثَّوْبُ بِنَقْصٍ فَلَكَ أَخْذُهُ لِأَنَّهُ غَصْبٌ ثَانٍ لَا يَمْنَعُ أَخْذَهُ النَّقْصُ وَلَوْ بِعْتَهُ مِنَ الْمُشْتَرِي بِثَمَنٍ يُخَالِفُ الْأَوَّلَ فِي الْقَدْرِ أَوِ الْجِنْسِ جَازَ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْغَاصِبِ بِمَا دَفَعَ إِلَيْهِ فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ عَرَضًا مِمَّا لَمْ يَتَغَيَّرْ سُوقُهُ بِرُجُوعِكَ وَرُجُوعُ الْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ الْعَرَضِ مُخْتَلِفٌ فَتُفِيتُهُ حَوَالَةُ السُّوقِ فِي رُجُوعِ الْغَاصِبِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ سُلِّطَ عَلَيْهِ فَإِنْ بِعْتَهُ مِنْ ثَالِثٍ جَازَ إِذَا كَانَ لَا يَحْتَاجُ إِلَى خُصُومَةٍ إِمَّا لِأَنَّ الْغَاصِبَ ذَهَبَتْ قُدْرَتُهُ أَوْ نَاب وَسَلِمَ وَكَانَ الَّذِي هُوَ فِي يَدِهِ مُتَمَكِّنًا مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ بَيْعُ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ وَإِنِ اعْتَرَفَ الْبَائِعُ بَعْدَ الْبَيْعِ بِالْغَصْبِ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى الْمُشْتَرِي إِذَا لَمْ يُعْرَفْ ذَلِكَ إِلَّا مِنْ قَوْلِهِ وَكَانَ مَقَالُكَ مَعَ الْغَاصِبِ فَتَأْخُذُهُ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ يَقُولُ

إِنَّه غصبه أَو يُجِيز البيع وَيَأْخُذ الثَّمَنَ وَيُخْتَلَفُ إِذَا كَانَتِ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْبَيْعِ أَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ هَلْ يُطَالِبُهُ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ تَعَدٍّ ثَانٍ وَإِذَا اشْتَرَاهُ بِخَمْسَةٍ لم يَقُلْ اشْتَرَيْتُهُ لِصَاحِبِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْخَمْسَةُ لَكَ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا شَيْءَ لَكَ فِي الْفَضِيلَة وَتَبْقَى لِلْغَاصِبِ وَقِيلَ تُرَدُّ إِلَى مَنْ كَانَ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِنِ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ أَو لمن أمره بِشِرَائِهِ فالفاضلة لِلْغَاصِبِ أَوْ لِيَرُدَّهُ عَلَيْكَ فَالْفَضْلَةُ لَكَ وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْغَاصِبَ لَا يَرْبَحُ وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فَيَأْخُذُ الْفَضْلَ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِ لَكَ وَوَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ وَمُحَمَّدٍ أَنَّ الْغَاصِب عَيْنًا وَقَدْ أَخَذَهَا وَلَا مَقَالَ لَهُ فِيمَا بَين ذَلِك كَالْبيع الْفَاسِد يُبَاع فِي بعض ذَلِكَ بَيْعًا صَحِيحًا ثُمَّ يَعُودُ لِمُشْتَرِيهِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ يُرَدُّ لِبَائِعِهِ الْأَوَّلِ وَلَا مَقَالَ لَهُ وَلَا لِلْمُشْتَرِي فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ مِنْ رِبْحٍ أَوْ خُسَارَةٍ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْخَمْسَةَ لِمَنِ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ أَحْسَنُ لِأَنَّكَ تَأْخُذُهُ بِالِاسْتِحْقَاقِ بِمِلْكٍ مُتَقَدِّمٍ يُوجِبُ نَقْضَ مَا وَقَعَ مِنَ الْعُقُودِ بَعْدَ الْغَصْبِ فَإِنْ وَهَبَهُ لَمْ يَكُنْ لَكَ إِلَّا أَخْذُهُ فَإِنْ نَقَصَ سُوقُهُ عِنْدَ الْغَاصِبِ أَلْزَمْتُهُ أَعْلَى الْقِيَمِ إِنْ كَانَ عَبْدًا لِلتِّجَارَةِ وَتَمْضِي الْهِبَةُ فَإِنِ ارْتَفَعَ سُوقُهُ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ ثُمَّ نقص هَل يغرم ذك الْغَاصِبُ خِلَافٌ فَقَدْ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَغْرَمُ الْغَاصِبُ مَا اغْتَلَّهُ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ غَرَمَكَ ذَلِكَ وَلَوْ غَصَبَكَ وَقِيمَتُهُ مِائَةٌ فَصَارَتْ مِائَةً وَثَلَاثِينَ فَنزلت بِمِائَة وَعِشْرِينَ وَبَاعَهُ بِمِائَةٍ وَعَشَرَةٍ ثُمَّ مَاتَ وَقِيمَتُهُ مِائَةٌ فَعَلَى قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَكَ الثَّمَنُ لَا غَيْرَ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ مِنَ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْغَصْبِ وَعَلَى قَوْلِهِ فِي الدِّمْيَاطِيَّةِ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ تَعَدٍّ ثَانٍ كَمَا قَالَهُ إِذَا قَتَلَهُ وَعَلَى قَوْلِ مِائَةٌ وَثَلَاثُونَ لِأَنَّهَا أَعْلَى الْقِيَمِ فِي زَمَنِ كَوْنِهِ فِي يَد الْغَاصِب على قَول عبد الْملك مَالك مِائَةٌ وَأَرْبَعُونَ لِأَنَّهُ حَرَمَكَ إِيَّاهَا وَإِنْ حَدَثَ بِهِ عَيْبُ الْمَوْهُوبِ خُيِّرْتَ فِي إِمْضَاءِ الْهِبَةِ وَالْقِيمَةِ يَوْمَ الْغَصْبِ وَبَيْنَ أَخْذِهِ ثُمَّ إِنْ كَانَ الْعَيْبُ حَدَثَ عِنْدَ الْغَاصِبِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ خَطَأٌ

فَمَقَالُكَ فِي الْعَيْبِ مَعَ الْغَاصِبِ أَوْ مِنَ الْمَوْهُوب لَهُ عمدا فلك أَخذ الْقيمَة مَعَ الْمَوْهُوبِ لَهُ لِتَعَمُّدِ الْجِنَايَةِ وَبِهِ تَبْتَدِئُ لِأَنَّ الْغَاصِب لم تسلط عَلَى قَطْعِ يَدِهِ عَمْدًا بِخِلَافِ اللِّبَاسِ وَالْأَكْلِ فَإِنْ وَجَدْتَهُ مُعْسِرًا رَجَعَ بِذَلِكَ عَلَى الْغَاصِبِ وَكَذَلِكَ إِنْ قَتَلَهُ عَمْدًا خُيِّرْتَ كَمَا فِي الطّرف فَإِن جنى عَلَيْهِ أَجْنَبِي أَخطَأ أَوْ عَمْدًا أَوْ قَتَلَهُ خُيِّرْتَ بَيْنَ تَضْمِينِ الْغَاصِبِ وَتَمْضِي الْهِبَةُ وَيُطَالِبُ الْمَوْهُوبُ الْجَانِيَ أَوْ تُضَمِّنُ الْجَانِيَ لِأَنَّهُ أَحَدُ الْمُتَعَدِّيْنِ وَيَكُونُ ذَلِكَ رد للهبة وَالْخَطَأ والعمد فِي هَذَا الْخَطَأ وَالْعَمْدُ فِي هَذَا سَوَاءٌ لِعَدَمِ شُبْهَةِ الْأَجْنَبِيِّ بِخِلَافِ الْمَوْهُوبِ وَالْمُشْتَرِي وَفِيهِ خِلَافٌ فَإِنْ تَعَيَّبَ عِنْدَهُ ثُمَّ زَالَ الْعَيْبُ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ فَلَكَ عَلَى الْغَاصِبِ قِيمَةُ نَقْصِ الْعَيْبِ وَقِيمَتُهُ مَعِيبًا يَوْمَ الْهِبَةِ إِذَا كَانَتْ يَوْمَ الْهِبَةِ أَكَثَرَ مِنْهَا يَوْمَ الْغَصْبِ لِأَنَّ الْهِبَةَ تَعَدٍّ ثَانٍ فَإِنْ أَعْتَقَهُ الْغَاصِبُ فَوَجَدْتَهُ قَائِمَ الْعَيْنِ فَلَكَ نقص الْعِتْقِ وَأَخْذُهُ لَا غَيْرَ وَإِنْ تَغَيَّرَ فَالْقِيمَةُ يَوْمَ الْغَصْبِ وَيَمْضِي الْعِتْقُ أَوْ تَرُدُّهُ وَتَأْخُذُهُ معيبا وَتَأْخُذ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ وَإِنْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ أَدْرَكَهُ صَاحِبُهُ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ خُيِّرَ بَيْنَ إِجَازَةِ الْبَيْعِ ويمضي الْعتْق أَو يردهُ وَيَأْخُذهُ وَإِلَّا لَك تَضْمِينُ الْغَاصِبِ أَوِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى رَدِّ الْعِتْقِ وَيَأْخُذُ عَبْدَهُ سَلِيمًا فَإِنْ دَخَلَهُ عَيْبٌ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَلَهُ تَضْمِينُ الْغَاصِبِ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْغَصْبِ وَيَمْضِي الْبَيْعُ وَالْعِتْقُ وَلَهُ إِمْضَاءُ الْبَيْعِ وَأَخْذُ الثَّمَنِ أَوْ يَرُدُّ الْعِتْقَ وَيَأْخُذُهُ مَعِيبًا لِأَنَّهُ عَيْنُ مِلْكِهِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَفْقَهِ لِأَنَّهُ فَوَاتٌ تَحْتَ الْيَدِ الْعَادِيَّةِ فَإِنْ حَدَثَ الْعَيْبُ عِنْدَ الْغَاصِبِ لَكَ أَخَذُهُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ يَوْمَ الْغَصْبِ ثُمَّ تُخَيَّرُ فِي إِمْضَاءِ الْبَيْعِ وَأَخْذِ الثَّمَنِ ونقضه ورد الْعتْق وتضمينه قِيمَتَهُ إِذَا كَانَ الْعَيْبُ كَثِيرًا وَيَمْضِي الْبَيْعُ وَالْعِتْقُ قَالَ التُّونِسِيُّ إِذَا قُتِلَتْ عِنْدَ الْغَاصِبِ فَأَغْرَمْتَ الْغَاصِبَ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْغَصْبِ مِائَةً وَكَانَتْ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْجِنَايَةِ مِائَةً وَعِشْرِينَ فَالزَّائِدُ لِلْغَاصِبِ عَلَى الْجَانِي لِأَنَّ الْجِنَايَةَ طَرَأَتْ عَلَى مَا ملكه بتضمينك

وَالزَّائِدُ لَكَ عِنْدَ أَشْهَبَ لِأَنَّ الْغَاصِبَ لَا يَرْبَحُ عِنْدَهُ فَإِنْ أَخَذْتَ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْجِنَايَةِ مِنَ الْجَانِي ثَمَانِينَ وَقِيمَتُهَا يَوْمَ الْغَصْبِ مِائَةٌ رَجَعْتَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى الْغَاصِبِ لِفَوَاتِهِ تَحْتَ يَدِهِ قَالَ وَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا لَوْ كَانَ عَلَى الْغَاصِبِ غُرْمًا لَمْ يَكُنْ أَحَقَّ بِمَا أَخَذْتَ مِنَ الْغُرَمَاءِ لِأَنَّكَ أَخَذْتَ ذَلِكَ عَنِ الْغَاصِبِ مِنْ غَرِيمِ الْغَاصِبِ فَأَنْتَ أُسْوَةُ غُرَمَاءِ الْغَاصِبِ إِلَّا أَنْ تُرِيدَ رَفْعَ الضَّمَانِ عَلَى الْغَاصِبِ فَلَا تُتْبِعُهُ بِبَقِيَّةِ الْقِيمَةِ وَتَكُونُ أَوْلَى مِنَ الْغُرَمَاءِ وَإِذَا بَاعَ فَأَرَدْتَ أَخْذَ الثَّمَنِ مِنَ الْمُشْتَرِي وَيَرْجِعُ بِهِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْغَاصِبِ وَلم يَكُنْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّكَ إِذَا أَجَزْتَ الْبَيْعَ صَارَ الْغَاصِبُ كَالْمُوَكَّلِ عَلَى الْبَيْعِ وَلَهُ قَبْضُ الثَّمَنِ وَفِيهِ اخْتِلَافٌ لِأَنَّكَ تُغَرِّمُ الْمُشْتَرِيَ ثَانِيَةً وَهُوَ مُتَّجِهٌ إِذَا كَانَ الْجَانِي دَفَعَ الْجِنَايَة للْغَاصِب أَو المُشْتَرِي لِأَنَّهُ دفعهما لِغَيْرِ مُسْتَحِقِّهَا وَيَتْبَعُ هُوَ مَنْ دَفَعَ إِلَيْهِ فَإِنْ رَجَعْتَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْقِيمَةِ خَمْسِينَ وَالثَّمَنُ مِائَةٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِجَمِيعِ الثَّمَنِ عَلَى الْغَاصِبِ لِأَنَّكَ لَمَّا أَخَذْتَ كَأَنَّكَ أخذت عين شيئك يَوْم اسْتَهْلكهُ فانتقص الْبَيْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغَاصِبِ فَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ وَقَالَ أَشهب بل بِخَمْسِينَ وَالْخمسين الْأُخْرَى لَكَ لِأَنَّ الْغَاصِبَ لَا يَرْبَحُ وَلَوْ وهب الثَّوْب فَأَبْلَاهُ الْوَاهِب رَجَعْتَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى الْوَاهِبِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ أَوْ كَانَ عَدِيمًا فَعَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ لُبْسِهِ وَلَا تَرَاجُعَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّا مَتَى قَدَرْنَا عَلَى إِجَازَةِ هِبَةِ الْغَاصِبِ فعلنَا كَذَلِك ابتدأنا والموهوب عِنْد مُتَعَدٍّ وَلَا عِلْمَ عِنْدَهُ فَإِذَا تَعَذَّرَ قَامَتِ الْحُجَّةُ لَكَ لِوَضْعِهِ يَدَهُ عَلَى مَالِكَ خَطَأً وَخَيَّرَكَ مُحَمَّدٌ وَأَشْهَبُ بَيْنَهُمَا كَمَا إِذَا أَبْلَاهُ الْمُشْتَرِي وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ بِخِلَافِ الْمَوْهُوبِ وَعِنْدَهُمَا إِذَا رَجَعْتَ عَلَى الْغَاصِبِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْغَصْبِ وَهِيَ أَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ اللُّبْسِ فَلَا تَرَاجُعَ بَيْنَهُمَا وَلَا لَكَ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ لَمْ يَلْبَسْ لِيُغَرَّمَ وَعَنْ أَشْهَبَ لَكَ الرُّجُوعُ لِأَنَّ الْفَائِتَ مَالُكَ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ لَوْ كَانَتْ يَوْمَ الْغَصْبِ أَكْثَرَ وَأَغْرَمْتَ اللَّابِسَ لَمْ تَرْجِعْ عَلَى الْغَاصِبِ بِتَمَامِ الْقِيمَةِ

فَرْعٌ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا بَاعَ الْعَبْدَ أوالأمة فوجدتهما بِحَالِهَا أَوْ حَالَتِ الْأَسْوَاقِ إِنَّمَا لَكَ أَخْذُهُ أَوْ ثَمَنُهُ مِنَ الْغَاصِبِ كَمَا لَوْ وَجَدْتَهُ بِيَدِهِ حَائِلُ السُّوقِ فَإِنْ أَجَزْتَ الْبَيْعَ بَعْدَ هَلَاكِ الثّمن عِنْد غرمه قَالَ ابْن يُونُس عَن مَالك لَك تضمنه الْقِيمَةَ إِذَا حَالَ السُّوقُ وَعَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ يُخَيّر فِي أَخذهَا أَو قيمتهَا إِن غَابَ عَلَيْهَا وَشَكَّكْتَ فِي وَطْئِهِ وَكَذَلِكَ إِذَا بَاعهَا بعد غيبته عَلَيْهَا وَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَهَذَا فِي الْجَارِيَةِ الرَّائِعَةِ لِأَنَّ الْغَيْبَةَ عَلَيْهَا عَيْبٌ فَهُوَ كَنَقْصِ بَدَنِهَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ إِلَّا فِي الدَّابَّةِ يُسَافِرُ عَلَيْهَا سَفَرًا بَعِيدًا وَهُوَ خِلَافٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الدَّابَّةِ يُسَافِرُ عَلَيْهَا سَفَرًا بَعِيدًا ثُمَّ يَرُدُّهَا بِحَالِهَا لَا يُضَمِّنُهَا بِخِلَافِ الْمُتَعَدِّي مِنْ مُكْتَرٍ أَوْ مُسْتَعِيرٍ قَالَ وَالْقِيَاسُ تَضْمِينُهُ الْجَمِيعَ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْفَرْقُ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ غَصَبَهَا بِعَيْنِهَا بَيَاضٌ وَبَاعَهَا فَذَهَبَ الْبَيَاضُ فَأَجَزْتَ الْبَيْعَ ثُمَّ عَلِمْتَ بِذَهَابِهِ لَزِمَتْكَ الْإِجَارَة كَالْمُعْتَدِي تُلْزِمُهُ الْقِيمَةَ بِتَعَدِّي الْمَسَافَةِ وَضَلَالِ الدَّابَّةِ ثُمَّ تُوجَدُ فَهِيَ لِلْمُتَعَدِّي دُونَكَ لِأَنَّكَ لَوْ شِئْتَ لَمْ تَتَعَجَّلْ وَلِأَنَّ رِضَاكَ بِالْقِيمَةِ مَعَ إِمْكَانِ صَبْرِكَ إِلَى وِجْدَانِهَا كَالرِّضَا مِنْكَ بِالْمُعَاوَضَةِ فَلَا رُجُوعَ وَفِي النُّكَتِ ذَهَابُ الْبَيَاضِ قَبْلَ الْبَيْعِ وَبَعْدَهُ سَوَاءٌ وَقَوْلُهُ لَوْ شِئْتَ لَمْ تتعجل يحْتَمل الْوَجْهَيْنِ وَفِيه خلاف وَقَالَ لَكَ الْمَقَالُ إِنْ ذَهَبَ قَبْلَ الْبَيْعِ إِذَا لَمْ تَعْلَمْ لِثَبْتِهَا أَنَّهَا عَلَى غَيْرِ الصِّفَةِ لِأَنَّك تَقول ظَنَنْت أَنه لن يَذْهَبْ بِخِلَافِ ذِهَابِهِ بَعْدَ الْبَيْعِ وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ فَرْعٌ قَالَ فِي النُّكَتِ إِذَا تَعَدَّى عَلَى سِلْعَةٍ فَبَاعَهَا ثُمَّ وَرِثَهَا عَنْهُ انْتَقَضَ الْبَيْعُ

وَإِن اشْتَرَيْتهَا لَكَ مِنْ رَبِّهَا لَمْ يَنْتَقِضْ وَالْفَرْقُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّكَ فِي الْمِيرَاثِ لَمْ تَتَسَبَّبْ فِي تَعْلِيل فِعْلِكَ وَتَصْحِيحِهِ بَلْ تَنَزَّلَتْ مَنْزِلَةَ الْمَوْرُوثِ فِي نَقْضِ الْبَيْعِ نَظَائِرُ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ خَمْسُ مَسَائِلَ تَتَرَتَّبُ عَلَى الْمِيرَاثِ مَنْ بَاعَ شَيْئًا لَيْسَ لَهُ نُقِضَ الْبَيْعُ إِلَّا فِي الْمِيرَاثِ وَلَا تَرْجِعُ الْهِبَةَ إِلَّا بِالْمِيرَاثِ وَمَنْ حَلَفَ بِعِتْقِ عَبْدِهِ فَبَاعَهُ تَرْجِعُ الْيَمِينُ عَلَيْهِ إِذَا مَلَكَهُ إِلَّا بِالْمِيرَاثِ وَيُخْتَلَفُ إِذَا بَاعَهُ السُّلْطَانُ لِفَلَسِهِ وَيُكْمَلُ عِتْقُ الْقَرِيبِ بِمِلْكِ بَعْضِهِ إِلَّا فِي الْمِيرَاثِ وَمَنْ بَاعَ لَا يُشَفَّعُ فِي عَيْنِ مَا بَاعَ إِلَّا بِالْمِيرَاثِ بِأَنْ يَكُونَ مَوْرُوثُكَ الشَّفِيعَ فَتَأْخُذُ مِنَ الْمُشْتَرِي بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّكَ رَضِيتَ بِالْبَيْعِ لَهُ وَلَمْ تَرْضَ بِشَرِكَتِهِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ لَكَ نَقْضُ الْبَيْعِ وَإِنْ أَعْتَقَ الْمُبْتَاعُ أَوْ زَادَتِ الْقِيمَةُ أَوْ نَقَصَتْ وَلَكَ إِجَازَتُهُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فُضُولِيٌّ فَيَمْضِي الْعِتْقُ قَالَ اللَّخْمِيُّ فَإِنْ أَعْتَقَ الْغَاصِبُ وَلَمْ تَتَغَيَّرِ الْعَيْنُ فلك نقض الْعتْق وَأَخذه لَك أَخْذُهُ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْغَصْبِ وَيَمْضِي الْعِتْقُ لِتَقَدُّمِ مِلْكِهِ عَلَى الْعِتْقِ بِالضَّمَانِ وَإِنْ تَعَيَّبَ فَلَكَ أَخْذُهُ وَأَرْشُ الْعَيْبِ وَيَبْطُلُ الْعِتْقُ فَإِنْ أَعْتَقَ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَتَغَيَّرْ خُيِّرْتَ بَيْنَ إِجَازَةِ الْبَيْعِ فَيَمْضِي الْعِتْقُ أَوْ أَخْذِهِ فَيَبْطُلُ الْعِتْقُ وَلَيْسَ لَكَ تَضْمِينُ الْغَاصِبِ وَلَا الْمُشْتَرِي لِقُدْرَتِكَ عَلَى أَخْذِهِ سَلِيمًا فَإِنْ دَخَلَهُ عَيْبٌ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَلَكَ تَضْمِينُ الْغَاصِبِ بِجِنَايَةِ الْغَصْبِ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْغَصْبِ وَيَمْضِي الْبَيْعُ وَالْعِتْقُ أَوْ تُجِيزُ الْبَيْعَ وَتَأْخُذُ الثَّمَنَ أَوْ تَرُدُّ الْعِتْقَ وَتَأْخُذُهُ مَعِيبًا لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِكَ وَعَلَى الْغَاصِبِ أَرْشُ الْعَيْبِ عَلَى الْمُسْتَحْسَنِ مِنَ الْقَوْلِ فَإِنْ تَعَيَّبَ عِنْدَ الْغَاصِبِ فَلَكَ أَخْذُهُ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْغَصْبِ ثُمَّ تُخَيَّرُ بَيْنَ أَخْذِ الثَّمَنِ أَوِ الْعَبْدِ وَتَرُدُّ الْعِتْقَ أَوْ تُضَمِّنُهُ قِيمَةَ جَمِيعِهِ إِذَا كَانَ الْعَيْبُ كَثِيرًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قِيلَ إِنْ أعتق الْغَاصِب وَلم يفت لَكَ إِلْزَامُهُ الْقِيمَةَ لِأَنَّ بَيْعَهُ بَاطِلٌ لِعَدَمِ الْمِلْكِ قَالَ التُّونِسِيُّ إِذَا

أَعْتَقَ الْمُشْتَرِي وَأَجَازَ الْمَالِكُ الْبَيْعَ وَقَدْ تَزَوَّجَ وَوَارَثَ جَازَتْ أَفْعَالُهُ كُلُّهَا لِعَدَمِ تَعَدِّي الْمُشْتَرِي فِي عِتْقِهِ وَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ فِي عِتْقِ الْعُدْوَانِ كَالْمُكَاتَبِ يُعْتِقُ عَبْدَهُ ثُمَّ يَمُوتُ فَيُرِيدُ السَّيِّدُ إِجَازَتَهُ عِنْدَهُ لِيَرِثَهُ لَهُ ذَلِكَ وَعَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَرِثُهُ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ لَا يَصْدُقُ عَلَى الْمُبْتَاعِ بَعْدَ الْبَيْعِ أَنَّهُ غَصْبٌ وَيَضْمَنُ الْقِيمَةَ لَكَ يَوْمَ الْغَصْبِ مُؤَاخَذَةً بِإِقْرَارِهِ فَرْعٌ قَالَ إِذَا بَاعَ وَلَمْ يعلم الْمُبْتَاع بِالْعَيْبِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا الْغَاصِبُ مِنَ الْمَالِكِ فَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ نَقْضُ بَيْعِهِ لِتَقَرُّرِ الْمِلْكِ وَكَأَنَّهُ دَفَعَ الْقِيمَةَ لِلْمَالِكِ وَبَيْعُ الْمَالِكِ نَقْضٌ لِبَيْعِ الْغَاصِبِ وَلِلْمُبْتَاعِ أَخْذُهَا مِنَ الَّذِي اشْتَرَاهَا مِنَ الْغَاصِبِ وَإِذَا بَاعَ الْغَاصِبُ وَالْمَالِكُ غَائِبٌ ثُمَّ عَلِمَ الْمُبْتَاعُ بِالْغَصْبِ فللمبتاع رد البيع لَيْلًا يُخَيَّرُ عَلَيْهِ إِذَا قَدِمَ وَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ أَنْ يَقُولَ أَنَا أَسْتَأْنِي رَأْيَ صَاحِبِهَا وَلَوْ حَضَرَ فَأَجَازَ الْبَيْعَ بَطَلَ رَدُّهُ لِزَوَالِ الْعَيْبِ وَكَذَلِكَ بيع الْفُضُولِيّ فِي النكت إِذا بَاعَ المعتدي ثُمَّ وَرِثَهَا الْمَالِكُ لَهُ نَقْضُ الْبَيْعِ بِخِلَافِ شِرَائِهَا وَالْفَرْقُ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ فِي الْإِرْثِ كَمَنْ وَرِثَهَا عَنْهُ وَمَوْرُوثُهُ لَهُ النَّقْضُ فَلَهُ النَّقْضُ وَفِي الشِّرَاءِ قُدِّرَ صَنِيعُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا جَاءَ رَبُّ الْعَبْدِ الْمَبِيعِ وَهُوَ قَائِمٌ فَالْعُهْدَةُ عَلَى الْمَالِكِ دُونَ الْغَاصِبِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الْمِلْكِ فَإِنْ فَاتَ حَتَّى يُخَيَّرَ الْمَالِكُ فِي الْقِيمَةِ يَوْمَ الْغَصْبِ فَالْعُهْدَةُ عَلَى الْغَاصِبِ لِوُجُودِ سَبَبِ انْتِقَالِ الْمِلْكِ إِلَيْهِ وَهُوَ الْفَوَاتُ فَرْعٌ فِي النَّوَادِرِ إِذَا مَاتَ عَنْ أَرْضٍ وَبَقَرٍ ودواب فاستعملت ذَلِك كُله امْرَأَته وَالْوَرَثَة الصغار أَوْ غُيِّبَ وَطَالَ ذَلِكَ فَعَلَيْهَا كِرَاءُ حِصَّتِهِمْ من الأَرْض

(الفصل الرابع في الاستحقاق)

وَالدَّوَابِّ وَتُقَاصَّ بِالْعَلَفِ وَتَضْمَنُ مَا مَاتَ فِي عَمَلِهَا لِتَعَدِّيَهَا وَمَا تَعَيَّبَ أَوْ نَقَصَ خُيِّرُوا فِي أَخْذِهِ نَاقِصًا مَعَ الْأَرْشِ وَبَيْنَ تَضْمِينِهَا الْقيمَة فِي بِغَيْر عَملهَا أَو غير سَببهَا لَا تضمنه إِذا تركته على حَالهَا لِعَدَمِ الْعُدْوَانِ وَتَرُدُّ مَا فَضَلَ عَنِ الْعَلُوفَةِ وَالْكَلَفِ مِنْ لَبَنٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنَ الْغَلَّةِ لِأَنَّهُ ملك للْوَرَثَة فَإِن زرعت من يزر الْمَيِّت الأَرْض الَّتِي لَهُ فَتَحْلِفُ مَا زَرَعَتْ إِلَّا لِنَفْسِهَا وَلَهَا المزدرع وَتَصْدُقُ مَعَ يَمِينِهَا فِي أَنَّ الْبَذْرَ لَهَا قَالَهُ مُطَرِّفٌ وَأَصْبَغُ فَرْعٌ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا بَنَى أَوْ غَرَسَ فِي أَرْضِ امْرَأَتِهِ أَوْ دَارِهَا ثُمَّ يَمُوتُ أَحَدُهُمَا فَقِيمَةُ ذَلِكَ الْبِنَاءِ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى وَرَثَتِهَا لِلزَّوْجِ أَوْ لِوَرَثَتِهِ قِيمَتُهُ مَقْلُوعًا وَإِنَّمَا حَالُهُ فِيمَا غَرَسَ مِنْ مَالِ امْرَأَتِهِ حَالُ الْمُرْتَفِقِ بِهِ كَالْعَارِيَةِ يُغْرَسُ فِيهَا أَوْ يُبْنَى إِلَّا أَنْ يكون للْمَرْأَة أَو لورثها بَيِّنَةٌ أَنَّ النَّفَقَةَ كَانَتْ مِنْ مَالِهَا فَتَكُونَ أَحَقَّ بِأَرْضِهَا بِغَيْرِ شَيْءٍ (الْفَصْلُ الرَّابِع فِي الِاسْتِحْقَاقِ) وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الْحَقِّ وَالِاسْتِفْعَالُ لُغَةً طَلَبُ الْفِعْلِ كَالِاسْتِسْقَاءِ لِطَلَبِ السَّقْيِ وَالِاسْتِفْهَامِ لِطَلَبِ الْفَهْمِ فاللإستحقاق لطلب الْحَقِّ وَفِي الْكِتَابِ يُكْمَلُ النِّصَابُ بِشَهَادَةِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْغَصْبِ وَالْآخِرِ بِإِقْرَارِهِ بِالْغَصْبِ أَوْ عَلَى أَنَّهَا لَكَ لِأَنَّهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ شَهَادَتَيْهِمَا أَنَّهَا ملكك دون الْغَاصِب فَإِن نقص الْمَغْصُوب حفلت مَعَ شَاهِدِ الْغَصْبِ وَأَخَذَتِ الْقِيمَةَ وَلَوْ شَهِدَ أَحدهمَا أَنَّهَا لَك وَالْآخر أَنَّهَا حَيِّزِكَ فَقَدِ اجْتَمَعَا عَلَى أَنَّهَا لَكَ

فَائِدَةٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ حَيِّزٌ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَرُوِيَ بِتَخْفِيفِهَا كَهَيْنٍ وَهَيِّنٍ وَمَعْنَاهَا مِلْكُهُ وَلَوْ أَرَادَ الْحِيَازَةَ لَمْ يُكْمِلِ النِّصَابَ تَنْبِيهٌ نَقْلُ التَّهْذِيبِ لقتضي اجْتِمَاعَ شَاهِدَيِ الْمِلْكِ وَالْغَصْبِ عَلَى الْمِلْكِ وَكَذَلِكَ ابْنُ يُونُسَ وَاللَّخْمِيُّ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهَا لَا تُلَفِّقُ وَجَعْلُهُ نَقْلَ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافُ مَا وَقَعَ فِي التَّهْذِيبِ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ شَاهِدَ الْغَصْبِ قَدْ يَقُولُ لَعَلَّهَا كَانَتْ عِنْدَكَ عَارِيَةً أَوْ وَدِيعَةً أَو رهنا وَإِنَّمَا رَأَيْتُهُ أَخَذَهَا مِنْكَ ثُمَّ قَالَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ رُجُوعُهُ إِلَى اتِّفَاقِهِمَا عَلَى الْمِلْكِ إِذَا لَمْ يَفُتْ وَقَالَ وَلَيْسَ بِاخْتِلَافٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ شَهَادَتُهُ تَامَّةٌ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ اكْتُرِيَتْ سِنِينَ فَبُنِيَتْ أَوْ غُرِسَتْ أَوْ زُرِعَتْ وَكَانَتْ تُزْرَعُ السَّنَةَ كُلَّهَا فَاسْتُحِقَّتْ قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ وَالَّذِي أَكْرَاهَا مُبْتَاعٌ فَالْغَلَّةُ بِالضَّمَانِ إِلَى يَوْمِ الِاسْتِحْقَاقِ وَلِلْمُسْتَحِقِّ إِجَازَةُ كِرَاءِ بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ وَأَخْذُ حِصَّةِ الْكِرَاءِ مِنْ يَوْمِئِذٍ وَالْفَسْخُ لِأَنَّهُ تصرف فُضُولِيّ لقبل التَّغَيُّر والنقض وَلَعَلَّه بَعْدُ تَمَامِ الْمُدَّةِ دَفْعُ قِيمَةِ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ مَقْلُوعًا وَيُؤْمَرُ بِالْقَلْعِ وَإِنْ فَسْخَ قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ لَمْ يَقْلَعْ وَلَا يَأْخُذْ بِالْقِيمَةِ مَقْلُوعًا بَلْ قَائِمًا لِأَنَّ الْوَضْعَ يَشْهَدُ وَإِنْ أَبَى أَنْ يُعْطِيَهُ قِيمَةَ أَرْضِهِ وَأَبَى الْآخَرُ مِنْ قِيمَةِ الزَّرْعِ كَانَا شَرِيكَيْنِ وَيَبْدَأُ بِصَاحِبِ الْأَرْضِ فِي إِعْطَاءِ الْقِيمَةِ وَعَلَيْهِ إِذَا فُسِخَ الْكِرَاءُ الصَّبْر إِلَى الْقَضَاء الْبَطْنِ الَّذِي أَدْرَكَهُ وَلَهُ قِيمَةُ الْكِرَاءِ مِنْ يَوْمِئِذٍ بِحِسَابِ السَّنَةِ وَأَصْلُ ذَلِكَ أَنَّ الصِّدِّيقَ رَضِي الله عَنهُ أقطع رجلا أَرضًا فأحيى وَغَرَسَ فِيهَا ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَاسْتَحَقَّهَا فَأَمَرَ الأول أَن يُعْطِيهِ قيمَة مَا أحيى لِأَنَّهُ صَاحِبُ الْأَصْلِ فَقَالَ لَا فَقَالَ لِلْآخَرِ أَعْطِهِ قِيمَةَ أَرْضِهِ بَيْضَاءَ فَلَمْ يَفْعَلْ فَقَضَى أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ بَيْنَهُمَا هَذَا بِقِيمَةِ أَرْضِهِ وَهَذَا بِقِيمَة

عِمَارَته فَإِن كَانَت أَرضًا تزع مَرَّةً فِي السَّنَةِ فَاسْتَحَقَّهَا مَزْرُوعَةً قَبْلَ فَوْتِ إِبَّانِ الزَّرْعِ فَكِرَاءُ تِلْكَ السَّنَةِ لِلْمُسْتَحِقِّ لِانْتِقَالِ الضَّمَانِ وَلَا يُقْلَعُ الزَّرْعُ لِأَنَّهُ زُرِعَ بِشُبْهَةٍ وَلَو كَانَ الزَّارِع غَاصبا إِنْ كَانَ فِي إِبَّانِ الزِّرَاعَةِ لِتَمَحُّضِ الظُّلْمِ فَإِنِ اسْتُحِقَّتْ بَعْدَ الْإِبَّانِ وَقَدْ زَرَعَهَا مُشْتَرِيهَا أَوْ مُكْتِرٍ مِنْهُ فَلَا كِرَاءَ لِلْمُسْتَحِقِّ تِلْكَ السَّنَةَ لِقُوَّةِ الشُّبْهَةِ وَفَوَاتِ الْإِبَّانِ بَلْ كِرَاؤُهَا للَّذي أكراهها إِنْ لَمْ يَكُنْ غَاصِبًا بَلْ مُشْتَرٍ أَوْ وَارِثٌ وَكَذَلِكَ إِنْ سَكَنَ الدَّارَ مُشْتَرِيهَا أَوْ أَكْرَاهَا مُدَّةً فَاسْتُحِقَّتْ بَعْدَ الْمُدَّةِ وَكِرَاؤُهَا لِلْمُبْتَاعِ دُونَ الْمُسْتَحِقِّ فَإِنْ جُهِلَ حَالُ الْمَكْرِي أَغَاصِبٌ هُوَ أَمْ مُبْتَاعٌ فَزُرِعَتْ ثُمَّ اسْتُحِقَّتْ فَهُوَ كَالْمُشْتَرِي حَتَّى يَعْلَمَ الْغَصْبَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعُدْوَانِ وَإِنْ كَانَ الْمَكْرِيُ وَارِثًا فَطَرَأَ لَهُ أَخٌ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَوْ عَلِمَ رَجَعَ عَلَى أَخِيهِ بِحِصَّتِهِ مِنَ الْكِرَاءِ فَإِنْ كَانَ قَدْ حَابَى رَجَعَ عَلَيْهِ بِالْمُحَابَاةِ إِنْ كَانَ مَلِيًّا وَإِلَّا رجح عَلَى الْمُكْتَرِي لِأَنَّهُ وَاضِعُ يَدِهِ عَلَى أَرْضِهِ وَقَالَ غَيْرُهُ بَلْ يَرْجِعُ بِالْمُحَابَاةِ عَلَى الْمُكْتَرِي فِي مَلَائِهِ وَعَدَمِهِ كَانَ أَخُوهُ مَلِيًّا أَوْ مُعْدَمًا إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْأَخُ أَنَّ مَعَهُ وَارِثًا فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ أَخُوهُ فِي عَدَمِ الْمُكْتَرِي وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ النَّظَرُ إِلَى أَنَّ الْأَخَ كَالْمُتْلِفِ بِالْمُحَابَاةِ أَوْ أَنَّ الْمُكْتَرِيَ هُوَ الَّذِي اسْتَوْفَى الْمَنْفَعَةَ فَإِنْ سَكَنَ هَذَا الْوَارِثُ أَوْ زَرْعَ لِنَفْسِهِ ثُمَّ طَرَأَ أَخٌ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَالْأَحْسَنُ عَدَمُ رُجُوعِ الْأَخِ لِأَنَّ الْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ بِخِلَافِ الْكِرَاءِ لِأَنَّهُ كَالْغَاصِبِ لِلسُّكْنَى دُونَ الرَّقَبَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِالْأَخِ فَيُغَرِّمُهُ نِصْفَ الْكِرَاءِ لِضَعْفِ الشُّبْهَةِ بِالْعِلْمِ وَالْأَصْلُ رَدُّ غَلَّةِ الْعَقَارِ عَلَى الْمَذْهَبِ لَكِنْ قَوِيَتِ الشُّبْهَةُ مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ وَعَنْ مَالِكٍ أَنَّ عَلَيْهِ نِصْفَ كِرَاءِ مَا سَكَنَ كَالْغَاصِبِ وَلَوْ كَانَ إِنَّمَا وَرِثَ الْأَرْضَ مِنْ أَخِيهِ فَأَكَرَاهَا مِمَّنْ زَرَعَهَا ثُمَّ قَدَمَ وَلَدُ الْمَيِّتِ فَحَجَبَهُ لَيْسَ لَهُ قَلْعُ الزَّرْعِ وَلَهُ الْكِرَاءُ قَدَمَ فِي إِبَّانِ الْحَرْثِ أَوْ بَعْدَهُ لِأَنَّهَا لَوْ عَطِبَتْ كَانَتْ فِي ضَمَانِ الْقَادِمِ وَإِنَّمَا الَّذِي يَدْخُلُ مَعَ الْوَرَثَةِ فَيُشَارِكُهُمْ فِي الْكِرَاءِ وَالْغَلَّةِ مَنْ دَخَلَ مَعَهُمْ فِي الْمِيرَاثِ بِسَبَبٍ وَاحِدٍ فَأَمَّا

مَنِ اسْتَحَقَّ دَارًا بِوِرَاثَةٍ أَوْ بِغَيْرِ وِرَاثَةٍ مِنْ يَدِ مَنِ ابْتَاعَهَا أَوْ وَرِثَهَا فَإِنَّمَا لَهُ الْكِرَاءُ مِنْ يَوْمِ اسْتَحَقَّ دُونَ مَا مَضَى إِلَّا أَنْ تَكُونَ الدَّارُ فِي يَدِ غَاصِبٍ فِي التَّنْبِيهَاتِ قَوْلُ الْغَيْرِ يَرْجِعُ الْأَخُ عَلَى الْمُكْتَرِي دُونَ الْأَخِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ هُوَ وِفَاقٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَجَوَابُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى أَنَّ أَخَاهُ عَلِمَ كَمَا قَالَ الْغَيْرُ لِقَوْلِهِ بَعْدَ هَذَا فِي الْمُكْتَرِي يَهْدِمُ الدَّارَ فَيَهَبُ لَهُ الْمُكْتَرِي قِيمَةَ الْهَدْمِ فَيَسْتَحِقُّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنَّمَا يَرْجِعُ الْمُسْتَحَقُّ عَلَى الْجَانِي وَلِقَوْلِهِ فِي الْعَبْدِ يَسْرِقُ فَيَمُوتُ فَيَهَبُ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ قِيمَتَهُ لِلسَّارِقِ ثُمَّ يَسْتَحِقُّ إِنَّهُ يَطْلُبُ السَّارِقَ دُونَ الْوَاهِبِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا فَعَلَ مَا يَجُوزُ لَهُ وَقَالَ غَيْرُهُ هُوَ خِلَافٌ وَهُوَ مُتَعَدٍّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ لِهِبَتِهِ شَيْئًا حَصَلَ فِي يَدِهِ وَفِي مَسْأَلَةِ الْهَادِمِ وَالسَّارِقِ لَمْ يَهَبْ شَيْئًا فِي يَدِهِ وَهَبْتَهُ لَهُ كَهِبَةِ الْأَجْنَبِيِّ لِمَا لَيْسَ فِي يَدِهِ وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْغَاصِبِ يَهَبُ طَعَامًا أَوْ ثَوْبًا أَنَّ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مَلِيًّا وَإِنْ كَانَ مُعْدَمًا أَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ فَعَلَى الْمَوْهُوبِ ثُمَّ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْوَاهِبِ لِأَنَّ الْهِبَةَ لَا عُهْدَةَ لَهَا وَقَالَ أَشْهَبُ يَتْبَعُ أَيَّهُمَا شَاءَ كَمَا قَالَ فِي الْمُشْتَرِي وَجَاءَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي الْكِتَابِ وَلَمْ يُفَسِّرْ أَنَّ الْوَاهِبَ غَاصِبٌ وَهُوَ مَعْنَى الْمَسْأَلَةِ وَعَلَيْهِ اخْتَصَرَهَا النَّاسُ وَلَوْ كَانَ الْوَاهِبُ غَيْرَ غَاصِبٍ لَمْ يَتْبَعْ إِلَّا الْمَوْهُوبَ وَقِيلَ هَذَا خِلَافٌ كَقَوْلِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُحَابَاةِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ خِلَافٌ وَالْأَشْبَهُ وِفَاقُ ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى مَا تَأَوَّلَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَتَسْتَقِيمُ الْمَسَائِلُ كُلُّهَا عَلَى أَصْلٍ وَاحِدٍ وَقَوْلُهُ إِنْ جَهِلَ حَالَ الْمُكْتَرِي فَهُوَ كَالْمُشْتَرِي حَتَّى يَعْلَمَ الْغَصْبَ مَعْنَاهُ أَنَّ مُكْتَرِيَهَا مِمَّنْ كَانَتْ بِيَدِهِ من وَجه يجهل زارع بِشُبْهَةٍ لَا يُقْلَعُ زَرْعُهُ حَتَّى يُعْلَمَ أَنَّ مُكْتَرِيَهَا غَاصِبٌ وَأَمَّا الْمَكْرِيُّ فَمَحْمُولٌ عَلَى التَّعَدِّي وَيَنْزِعُ مَا أَكْرَى بِهِ حَتَّى تَثْبُتَ الشُّبْهَةُ مِنْ شِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ مُجَرَّدَ الدَّعْوَى بِالْمِلْكِ وَالِاخْتِلَافِ شُبْهَةُ مِلْكٍ وَفِي النُّكَتِ إِذَا اسْتُحِقَّتْ مِنَ الْمُكْتَرِي قَبْلَ الْمُدَّةِ وَدُفِعَتْ قِيمَةُ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ قَائِمًا إِنَّمَا يَدْفَعُ قِيمَتَهُ قَائِمًا عَلَى أَنْ يُقْلَعَ إِلَى وَقْتِهِ وَكَذَلِكَ إِذَا اشْتَرَكَا بِسَبَبِ امْتِنَاعِهِمَا تَقَعُ الشَّرِكَةُ بِذَلِكَ وَعَلَيْهِ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا تَقُومُ الْأَرْضُ بَرَاحًا وَتَقُومُ الْأَنْقَاضُ لَوْ كَانَتْ هَكَذَا فِي أَرْضٍ قَائِمَةٍ كَمْ تُسَاوِي وَلَا تَقُومُ مَا

زَادَتِ الْأَرْضُ لِأَجْلِ مَا فِيهَا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَفِيهِ خِلَافٌ وَقِيلَ إِنَّمَا يُعْتَبَرُ مَا زَادَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَيْسَتْ كَمَسْأَلَةِ الثَّوْبِ يَصْبُغُهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ يُسْتَحَقُّ لَا يُعْتَبَرُ قِيمَةُ مَا زَادَ الصَّبْغُ لِأَنَّ الصَّبْغَ رُبَّمَا زَادَ فِي الثَّوْبِ وَرُبَّمَا نَقَصَ وَالْبِنَاءُ زِيَادَةٌ مَعْلُومَةٌ وَإِنَّمَا يُقَالُ كَمْ قِيمَةُ الْأَرْضِ بَرَاحًا وَكَمْ قِيمَتُهَا بِمَا فِيهَا مِنِ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ فَتُعْرَفُ الزِّيَادَةُ فَيُشَارِكُ بِهَا قَالَ مُحَمَّدٌ لَوْ رَضِيتَ بِتَرْكِ الْأَرْضِ مَعَ الْغَاصِبِ فِي الْإِبَّانِ وَالزَّرْعُ صَغِيرٌ جِدًّا بِكِرَاءِ مِثْلِهَا امْتَنَعَ لِأَنَّهُ بَيْعُ زَرْعٍ لَمْ يَحِلَّ مَعَ كِرَاءِ أَرْضٍ لِأَنَّ الزَّرْعَ يُحْكَمُ بِهِ لَكَ وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ إِنْ كَانَ الزَّرْعُ يَنْتَفِعُ بِهِ الْغَاصِبُ لَوْ قَلَعَهُ جَازَ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ إِبَّانَ الزِّرَاعَةِ يُرِيدُ بِهِ مِلْكَ إِبَّانِ الشَّيْءِ الْمَزْرُوعِ فَإِذَا فَاتَ لَا يُكَلِّفُ الْغَاصِبَ الْقَلْعَ وَإِنْ أَمْكَنَ زِرَاعَةُ غَيْرِهِ وَقَالَ وَاعْلَمْ أَنَّ دَفْعَ الْقِيمَةِ لَيْسَ كَشِرَائِهِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ لِأَنَّهُ يُحْكَمُ بِهِ لَكَ وَإِذَا اسْتُحِقَّتِ الدَّارُ الْمُكْتَرَاةُ قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ وَأَجَزْتَ كِرَاءَ بَاقِي الْمُدَّةِ وَقَدْ نَقَدَ الْمُكْتَرِي إِنَّمَا يَدْفَعُ كِرَاءَ ذَلِكَ إِذَا كَانَ مَأْمُونًا إِنْ كنت قد عملت أَنَّ الْمُكْتَرِيَ قَدْ نَقَدَ أَوِ الْعَادَةُ النَّقْدُ لِدُخُولِهِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ حِصَاصَ بَاقِي الْمُدَّةِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ مَا وَصَفْنَا فَلَيْسَ لَكَ تَعْجِيلُ حِصَّةِ بَاقِي الْمُدَّةِ وَتُحْمَلُ عَلَى أَنَّكَ إِنَّمَا أَجَزْتَ لِتَأْخُذَ بِحِسَابِ مَا سَكَنَ الْمُكْتَرِي كُلَّمَا مَضَتْ مُدَّةً أَخَذْتَ بِحِسَابِهَا وَإِنَّمَا يَكُونُ لِلْمُكْتَرِي الِامْتِنَاعُ مِنْ دَفْعِ حِصَّةِ بَاقِي الْمُدَّةِ إِذَا كَانَ الْمُسْتَحَقُّ غَيْرَ مَأْمُونٍ إِذَا كَانَتْ لَو انْهَدَمت لم تسو قيمتهَا مهدومة فادفع وَإِلَّا فَلَا مقَال لَهُ لأمن عاقبته لعد الضَّرَرِ وَلَا يَضُرُّ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ مَلْدًا ظَالِمًا أَنْ يَخَافَ الْمُكْتَرِي مِنْ كَثْرَةِ دَيْنٍ وَلَا تُفِيدَ قِيمَتُهَا مَهْدُومَةً شَيْئًا فَلَهُ الِامْتِنَاعُ وَحِينَئِذٍ يُقَالُ لَكَ إِمَّا أَنْ تُجِيزَ عَلَى أَنَّكَ لَا تَأْخُذُ إِلَّا بِحِسَابِ مَا يَسْكُنُ أَوِ افْسَخْ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ قَالَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُشْتَرِي يهدم الدَّار لَا يُطَالب بِنَقْض الْهدم وَيُطَالب بِنَقْض لُبْسِ الثَّوْبِ أَنَّهُ انْتَفَعَ بِاللُّبْسِ دُونَ الْهَدْمِ

قَالَ التّونسِيّ إِذا قدمنَا الْغَرْسَ أَوِ الْبِنَاءَ عَلَى أَنَّهُ بَاقٍ فِي الْأَرْضِ إِلَى عَشْرِ سِنِينَ فَقَدِ انْتَفَعَ الْمُكْتَرِي بِالْأَرْضِ بَعْدَ الِانْتِفَاعِ لِتَزِيدَ قِيمَةُ غَرْسِهِ فَكَيْفَ يَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِجَمِيعِ كِرَاءِ مَا بَقِيَ مَعَ انْتِفَاعِهِ قَالَ فَإِنْ قِيلَ إِذَا قَوَّمْنَاهُ عَلَى أَنَّهُ بَاقٍ فِي الْأَرْضِ إِلَى الْأَمَدِ أَخذنَا من رب الأَرْض جَزَاء مِنْ أَرْضِهِ قِيلَ إِذَا قَوَّمْنَا إِنَّمَا نُقَوِّمُهُ قَائِمًا لِدُخُولِهِ بِوَجْهِ شُبْهَةٍ فَإِذَا امْتَنَعَ رَبُّ الْأَرْضِ أُعْطِيَ قِيمَةَ أَرْضِهِ كَامِلَةً لَا بِنَاءَ فِيهَا فَلَمْ يُظْلَمْ وَإِذَا جَاءَ فِي الْإِبَّانِ وَهُوَ يُدْرِكُ أَنْ يَزْرَعَ فَلَهُ الْكِرَاءُ عِنْدَ ابْن الْقَاسِم وَقَالَ عبد الْملك حِصَّته الْمَاضِي لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْمُبَادَرَةَ بِتَقْوِيمِ الزَّرْعِ قَدْ يُقَابِلُهَا جُزْءٌ مِنَ الْكِرَاءِ فَأَمَّا إِذَا كَانَتِ الْأَرْضُ تُزْرَعُ بُطُونًا فَهُوَ مِثْلُ السُّكْنَى لَهُ مِنْ يَوْمِ يَسْتَحِقُّ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَا فِيهَا الْآنَ لِزَرْعِهِ وَمَا مَضَى يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي بِالشُّبْهَةِ وَمَا يَكُونُ مِنْ يَوْمِ الِاسْتِحْقَاقِ لِلْمُسْتَحِقِّ فَلَهُ إِجَازَةُ عَقْدِ الْكِرَاءِ وَأَخْذُهُ بِالْمُسَمَّى وَله أَخذ كِرَاء الْمثل لِأَن حق الزراع فِي أَن لَا يُقْطَعَ زَرْعُهُ لِأَنْ يَتِمَّ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَيُلْزَمُ الْمُسْتَحِقُّ قَالَ فَإِنْ قِيلَ إِذَا عَقَدَ مِنْهُ بِعَشَرَةٍ وَكِرَاءُ الْمِثْلِ خَمْسَةَ عَشَرَ فَقَالَ الْمُكْتَرِي إِنَّمَا دَخَلْتُ عَلَى عَشَرَةٍ فَلَا أَغْرَمُ إِلَّا عَلَى حِسَابِهَا وَيَرْجِعُ الْمُسْتَحَقُّ عَلَى الَّذِي أَكْرَانِي فَيُقَالُ لَهُ لَوْ كَانَ غَاصِبًا كَانَ لَهُ ذَلِكَ لَكِنَّهُ مُشْتَرٍ وَالْمُشْتَرِي إِذَا وَهَبَ فَاسْتُهْلِكَ الْمَوْهُوبُ لَمْ يَضْمَنْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ الْوَاهِبُ وَضَمِنَ الْمَوْهُوبُ لَهُ لِأَنَّهُ الْمُنْتَفِعُ دُونَ الْمُشْتَرِي قَالَ فَإِنْ قِيلَ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْأَخ الطاريء وَقَدْ حَابَى أَخُوهُ فِي الْكِرَاءِ يَرْجِعُ عَلَى أَخِيهِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَعَلَى السَّاكِنِ قَالَ قلت كَانَ يَنْبَغِي أَن لَا يَرْجِعَ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُنْتَفِعٍ لَا سِيَّمَا وَالْوَارِثُ لَمْ يَكُنْ ضَامِنًا وَالْمُشْتَرِي كَانَ ضَامِنًا وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الْمُشْتَرِي إِذَا لَمْ يَنْتَفِعْ مِثْلَ أَنْ يَجْنِيَ عَلَى العَبْد خطأ فَقيل يضمن لقَوْله ذَلِك هَا هُنَا فِي الْوَارِثِ وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ مَا انْتَفَعَ بِهِ أَوْ جَنَى عَلَيْهِ عَمْدًا فَيَلْزَمُ جَرَيَانُ هَذَا الِاخْتِلَافِ فِي هِبَاتِ الْمُشْتَرِي إِذَا انْتَفَعَ الْمَوْهُوب لِأَنَّهُ

أَخْطَأَ عَلَى مَالٍ فَوَهَبَهُ فَيُقَدَّمُ فِي الْغَرَامَةِ لِأَنَّهُ الْمُبْتَدِئُ بِالْإِتْلَافِ فَإِذَا تَعَذَّرَ إِغْرَامُهُ غَرَّمْنَا الْمُنْتَفِعَ وَيَصِيرُ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ لَا فَرْقَ بَيْنَ هِبَةِ الْغَاصِبِ وَالْمُشْتَرِي وَالْوَارِثِ وَغَيْرُ ابْنِ الْقَاسِمِ لَمْ يَضْمَنِ الْوَارِثُ إِذَا لَمْ يَتَعَدَّ شَيْئًا كَانَ الْمَوْهُوبُ فَقِيرًا أَوْ غَنِيًّا فَإِنْ عَلِمَ الْوَاهِبُ فَتَعَدَّى قُدِّمَ تَضْمِينُ الْمَوْهُوبِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ عِنْدَهُ شَيْءٌ ضَمِنَ الْوَاهِبُ لِأَنَّ الْمُنْتَفِعَ عِنْدَهُ أَوْلَى بِالْغُرْمِ مِنَ الَّذِي لَمْ يَنْتَفِعْ فَإِذَا أُعْدِمَ غَرَّمْنَا الْمُسَلَّطَ وَإِذَا سَكَنَ أَو زرع ثمَّ جَاءَ من شَاركهُ لَمْ يَجْعَلِ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَيْهِ شَيْئًا لِأَنَّ فِي نَصِيبِهِ مَا يَكْفِيهِ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ إِنَّمَا زَرَعَ الْقَدْرَ الَّذِي لَوْ زَرَعَهُ فِي نَصِيبِهِ لَكَانَ نَصِيبَهُ أَمَّا لَوْ لَمْ يَرِثْ إِلَّا أَرْضًا وَاحِدَةً فَزَرَعَهَا لَكَانَ يَلِيقُ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ الْكِرَاءُ لِنَصِيبِ صَاحِبِهِ قَالَ فَإِنْ قِيلَ يَلْزَمُ مِثْلَ هَذَا إِذَا أَكْرَى بَعْضَ مَا وَرِثَ وَتَرَكَ الْبَاقِيَ وَلَوْ أَكْرَى نَصِيبَهُ مِنَ الْجَمِيعِ لَأَكْرَى بِمِثْلِ مَا أَكْرَى إِلَّا أَنْ يَكُونَ لِأَخِيهِ عَلَيْهِ شَيْءٌ قِيلَ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا يَأْخُذُ مِنْ غَلَّةٍ لِانْتِفَاعِهِ بِالْغَلَّةِ فَإِنَّ السُّكْنَى الزَّائِدَ عَلَى قَدْرِ نَصِيبِهِ لَمْ يَنْتَفِعْ بِذَلِكَ وَقَدْ وَقَعَ فِي الْغَلَّاتِ نَحْوُ هَذَا فِيمَنْ حَبَسَ عَلَى وَلَدِهِ فَرَأَى أَنَّ الْبَنَاتَ لَا يَدْخُلْنَ فِيهِ فَأَكَلَهَا الذُّكُورُ زَمَانًا ثُمَّ فَطِنَ لِذَلِكَ قَالَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الذُّكُورِ بِمَا مَضَى وَقِيلَ يَرْجِعُ عَلَيْهِمْ وَهُوَ الْأَصْوَبُ وَأَمَّا مَنِ اسْتَحَقَّ الْجُمْلَةَ فَهَذَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا سَكَنَ وَاغْتَلَّ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ يَحْتَجُّ بِهِ أَنَّ نَصِيبَهُ يَكْفِيهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِجَازَةُ مَا بَقِيَ مِنَ الْمُدَّةِ يَمْتَنِعُ عَلَى رَأْيِ مَنْ يَمْنَعُ الْجَمْعَ بَيْنَ سِلْعَتَيْنِ لِرَجُلَيْنِ فِي الْبَيْعِ حَتَّى يَعْلَمَ مَا يَنُوبُ مَا بَقِيَ لِيُجِيزَ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَإِذَا دَفَعَ الْمُسْتَحِقُّ قِيمَةَ الْبِنَاءِ مَقْلُوعًا قَالَ مُحَمَّدٌ بَعْدَ إِخْرَاجِ الْقَلْعِ إِذْ عَلَى ذَلِكَ دَخَلَ الْمُكْتَرِي قَالَ اللَّخْمِيُّ مَتَى وُجِدَ قَبْلَ الْحَرْثِ خُيِّرَ بَيْنَ الْإِجَازَةِ بِالْمُسَمَّى أَوْ يُخْرِجُهُ فَإِنْ قَلَبَهَا فَكَذَلِكَ وَاخْتُلِفَ فِي الْحَرْثِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُخَيَّرُ بَيْنَ إِعْطَائِهِ قِيمَةَ حَرْثِهِ فَإِنْ أَبَى أَعْطَاهُ الْآخَرُ قِيمَةَ كِرَائِهَا فَإِنْ أَبَى أَسْلَمَهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ كَقَوْلِهِ فِي تَضْمِينِ الصُّنَّاعِ إِذَا لَمْ يَدْفَعْ الْقَاطِعُ قِيمَةَ الثَّوْبِ أسلمه لخياطته

وَقَالَ سَحْنُونٌ يُشَارِكُ بِالْخِيَاطَةِ فَعَلَى هَذَا يُشَارِكُهُ فِي كِرَاء هَذِه السّنة بِقِيمَة الْحَرْث إِن أكريت يقتسمها الْأُجْرَة عَلَى ذَلِكَ وَعَلَى كِرَاءِ الْأَرْضِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَكْرِي مِنْهُ وَأُكْرِيَتْ فِي الْعَامِ الثَّانِي فَعَلَى ذَلِكَ إِلَّا أَنْ تَذْهَبَ مَنْفَعَةُ الْحَرْثِ فَإِنْ بَاعَهَا الْمُسْتَحِقُّ سَقَطَ الْحَرْثُ إِلَّا أَنْ يَزِيدَ فِي الثَّمَنِ فَيَكُونُ لَهُ الزَّائِدُ قِيلَ لَا شَيْءَ لِلْمُسْتَحِقِّ فِي الْحَرْثِ وَاخْتُلِفَ إِذَا قَدِمَ الْمُسْتَحِقُّ فِي الْإِبَّانِ وَخَاصَمَ فَحُكِمَ لَهُ بَعْدَهُ هَلْ يَكُونُ الْكِرَاءُ لِلْأَوَّلِ أَوِ الْمُسْتَحق وَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ الزَّارِعَ فَلَكَ أَخْذُ الْأَرْضِ قَبْلَ الْحَرْثِ وَبَعْدَهُ وَلَا عِوَضَ عَلَيْكَ فِي الْحَرْثِ بِانْفِرَادِهِ وَلَا فِي الزَّرْعِ إِذَا لَمْ يبذر أَو بذر وَلَمْ يَبْلُغْ أَنْ يُنْتَفَعَ بِهِ إِنْ قُلِعَ وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ كَانَ لِلْغَاصِبِ وَاخْتُلِفَ إِذا أحب الْمَغْصُوب مِنْهُ دفع قِيمَته مقلوعا ويقره هَل لَهُ ذَلِك وَالْجَوَاز أحسن لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا عَلَى الْبَقَاءِ فَيُرِيدُ الْبَقَاءَ ثَمَنًا وَيَشُكُّ فِي السَّلَامَةِ وَهَذَا بَيْعُ قِيمَتِهِ مَطْرُوحًا فَإِنْ خَرَجَ الْإِبَّانُ قَالَ مَالِكُ الزَّرْعُ لِلْغَاصِبِ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ وَعَنْهُ لَكَ قَلْعُهُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ وَعَنْهُ أَيْضًا الزَّرْعُ لَكَ وَلَوْ حُصِدَ وَفِي التِّرْمِذِيِّ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْ زَرَعَ أَرْضَ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ فَلَيْسَ لَهُ مِنَ الزَّرْعِ شَيْءٌ وَلَهُ نَفَقَتُهُ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْآثَارِ وَغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ يَبْدَأُ بِالْأَخِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ وَلَيْسَ الْمَعْرُوفُ مِنَ الْمَذْهَبِ بَلِ الْمَعْرُوفُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ سَوَاءَ كَانَ الْمُحَابِي مُوسَرًا أَمْ لَا وَأَمَّا إِذَا كَانَ عَالِمًا فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ يَبْدَأُ بِالْوَاهِبِ وَعِنْدَ غَيْرِهِ بِالْمَوْهُوبِ وَخَيَّرَ أَشْهَبُ الْمُسْتَحِقَّ بَيْنَهُمَا قَالَ وَأَرَى أَنْ يَبْدَأَ بِالْمَوْهُوبِ إِنِ احْتَاجَ لِذَلِكَ وَإِلَّا فَالْمُسَلَّطِ وَإِنْ أُعْدِمَ أغرم

الْمُنْتَفِعُ وَاخْتُلِفَ هَلْ يَرْجِعُ عَلَى الْمُسَلَّطِ مَتَى أَيْسَرَ وَأَنْ يَرْجِعَ أَحْسَنُ لِأَنَّهُ أَدْخَلَهُ فِي ذَلِكَ وَلَوْ كَانَتْ لِلْأَخِ دَارٌ فَأَعْطَاهَا وَلَوْ عَلِمَ لَسَكَنَهَا شَيْءٌ لِأَخِيهِ شَيْءٌ فِي سُكْنَاهُ الدَّارَ الْمَوْرُوثَةَ فَإِنْ أَكْرَاهَا نَظَرْتَ إِلَى الْكِرَاءِ لَمْ يَغْرَمْ شَيْئًا لِأَنَّهُ لَوْ سَكَنَ دَارَهُ أَكْرَى نَصِيبَهُ بِدُونِ ذَلِكَ فَقَدْ فَضُلَ فِي يَدِهِ الزَّائِدُ فَيُسَلِّمُهُ لِأَخِيهِ وَإِنْ زَرَعَ الْأَرْضَ وَلَا يَكْفِيهِ إِلَّا جَمِيعُهَا غَرِمَ لِأَخِيهِ كِرَاءَ نَصِيبِهِ وَإِنْ كَانَ يَكْفِيهِ نَصِيبُهُ عَلَى الِاتِّسَاعِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَإِنْ كَانَ يَكْفِيهِ إِذْ زَرْعُهُ ضَعِيفٌ فَلَمَّا زَرَعَ ذَلِكَ الْقَدْرَ فِي جَمِيعِهَا عَلَى الِاتِّسَاعِ جَاءَتْ بِأَكْثَرَ فَعَلَيْهِ كِرَاءُ مَا زَادَ عَلَى مَا كَانَتْ تَخْرُجُ لَوْ زَرَعَ جَمِيعَهُ فِي نَصِيبِهِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ الْكِرَاءُ بِالْمُعَيَّنِ فِي الْمِثْلِيِّ كَالْحَدِيدِ الْمَعْلُومِ الْمَوْزُونِ أَوِ الْقِيمِيِّ كَالْعَبْدِ يَسْتَحِقُّ قَبْلَ زِرَاعَةِ الْأَرْضِ يُفْسَخُ كَالْبَيْعِ إِذَا اسْتَحَقَّ الثَّمَنَ مِنَ الْمُعَيَّنِ أَوْ بَعْدَ الزَّرْعِ أَوْ حُدُوثِ عَمَلٍ بِكِرَاءِ الْمِثْلِ كَالْمَبِيعِ إِذَا أُكِلَ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِ الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ فَإِنَّ مُقْتَضَى الْعَقْدِ تَعَدَّى أَخْذُهُ فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا مَا يُقَابِلُ الْمَنْفَعَةَ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ إِذَا أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ الْكِرَاءَ وَسَلَّمَ الْعَبْدُ فَهُوَ أَحَقُّ بِالْأَرْضِ لِأَنَّ الْعَقْدَ الْوَاقِعَ فِي عَبْدِهِ بَيْعٌ فُضُولِيٌّ مَا لَمْ يَغِبْ وَتَحَرَّرَتْ وَإِذَا زُرِعَتْ فَلَهُ كِرَاءُ الْمِثْلِ الَّذِي اسْتَوْجَبَهُ رَبُّهَا وَاخْتُلِفَ إِذَا حَرَثَ وَلَمْ يَزْرَعْ هَلْ هُوَ فَوْتٌ بَيْنَ الْمُسْتَحِقِّ وَالْمُكْتَرِي أَمْ لَا وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَنَّهُ فَوْتٌ بَيْنَ الْمُكْتَرِي وَالْمَكْرِي قَالَ التُّونِسِيُّ إِذَا جَاءَ الْمُسْتَحِقُّ بَعْدَ الْحَرْثِ فَعَلَيهِ قيمَة الأَرْض بعد الْحَرْث فَيدْفَع فَإِنْ أَبَى أَعْطَاهُ صَاحِبُ الْحَرْثِ كِرَاءَ سَنَةٍ فَإِنْ أَبَى أَسْلَمَهَا إِلَيْهِ يَحْرُثُهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَوْ غَصَبَ عَبْدًا فَبَاعَهُ بِجَارِيَةٍ فَأَوْلَدَهَا فَلِمُسْتَحِقِّهِ إِجَازَةُ الْبَيْعِ وَأَخْذُ الْجَارِيَةِ وَقِيمَةِ وَلَدِهَا وَعَنْ سَحْنُونٍ لَا يَأْخُذُ مُسْتَحِقُّ الْعَبْدِ السِّلْعَةَ إِلَّا إِذَا لَمْ يَفُتْ بِحَوَالَةِ سُوقٍ قَالَ وَفِيهِ بُعْدٌ لِأَنَّهُ إِذَا جَازَ صَارَ كَالْمُسْتَحِقِّ وَالْمُسْتَحِقُّ لَا يُفِيتُهُ شَيْءٌ وَلَا يُشْبِهُ مَا كَانَ مُسْتَحَقَّ الْعَيْنِ وَهُوَ ضَامِنُ الْعَيْنِ الْمُسْتَحَقَّةِ عُوِّضَ الْمُسْتَحِقُّ بَيْنَ

الْمُتَبَايِعَيْنِ لِإِخْرَاجِهِ عَلَى سَبِيلِ الْمُعَاوَضَةِ فَإِذَا جَاءَ سُوقُهُ لَمْ يَرْجِعْ فِيهِ وَالْمُسْتَحِقُّ أَخْرَجَ سِلْعَةً مِنْ يَدِهِ فَلَهُ أَخْذُهَا أَوْ عِوَضُهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ لَوِ اشْتَرَى عَبْدًا بِثَوْبٍ فَعَتَقَ الْعَبْدَ وَاسْتَحَقَّ الثَّوْبَ رَجَعَ بَائِعُ الْعَبْدِ بِقِيمَتِهِ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ فَإِنْ أَجَازَ الْمُسْتَحق البيع رد الْعتْق فِي أحد القومين لتأخره عَن اسْتِمْرَار العقد أَو عَن ضمنه فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا تَعَدَّى بَائِعُ الطَّعَامِ فَبَاعَهُ قَبْلَ الْكَيْلِ أَتَى بِمِثْلِهِ وَلَا خِيَارَ لَكَ فِي أَخْذِ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ عَلَيْكَ مِثْلِيًّا مَلَكْتَهُ وَلَوْ هَلَكَ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ انْتَقَضَ الْبَيْعُ لِأَنَّهُ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ وَلَا يَنْتَقِلُ لِضَمَانِكَ إِلَّا بَعْدَهَا وَلَيْسَ عَلَيْهِ وَلَا لَهُ الْإِتْيَانُ بِمِثْلِهِ فِي التَّنْبِيهَاتِ السَّمَاوِيُّ أَيِ النَّارُ أَوِ السَّارِقُ وَمُرَادُهُ لَمْ يُوجَدِ السَّارِقُ وَلَوْ وُجِدَ غُرِّمَ الْقِيمَةَ إِنْ لَمْ يَعْلَمِ الْكَيْلَ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا اكْتُرِيَتِ الدَّارُ مِنْ غَيْرِ غَاصِبٍ فَلَمْ تَنْقُدْهُ حَتَّى اسْتُحِقَّتْ فِي نِصْفِ الْمُدَّةِ فَكِرَاءُ مَا مَضَى لِلْأَوَّلِ بِالضَّمَانِ وَلَكَ فَسْخُ الْبَاقِي وَالرِّضَا بِهِ لِأَنَّهُ عَقْدٌ فُضُولِيٌّ وَيَكُونُ ذَلِكَ بِقِيمَةِ كِرَاءِ الْمُدَّةِ لِانْتِقَالِ الضَّمَانِ إِلَيْكَ فَإِنْ أَخَذْتَ الْكِرَاءَ فَلَيْسَ لِلْمُكْتَرِي فسخة فِرَارًا من عُهْدَة غذا لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ سَكَنَ فَإِنْ أَعْطَيْتَ أَدَّى بِحِسَابٍ كُلُّهَا الدَّفْعُ الْمُسْتَحِقُّ حِصَّتَهُ بَاقِيَ الْمُدَّةِ إِنْ كَانَ مَأْمُونًا وَلَمْ أَوْ نَحْوُهُ وَلَا يَرُدُّ بَاقِيَ الْكِرَاءِ عَلَى الْمُكْتَرِي قَالَ التُّونِسِيُّ لَا يُخَيَّرُ حَتَّى يَعْلَمَ مَا يَنُوبُ مَا بَقِيَ كَجَمْعِ السِّلْعَتَيْنِ لِرَجُلَيْنِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ إِذَا كَانَ الْمُكْتَرِي انْتَقَدَ الْكِرَاءَ فَكَانَ هَذَا أَمِينًا وَأَتَى بِحَمِيلِ ثِقَةٍ انْتَقَدَ الْكِرَاءُ عَلَى ذَلِكَ أَخَذَ بِقَدْرِ مَا سَكَنَ السَّاكِنُ وَإِلَّا فُسِخَ وَلَا تُجْعَلُ الدَّارُ مَأْمُونَةً

فَيَنْقُدُ الْكِرَاءُ لِأَنَّهُ إِنْ فَلِسَ كَانَ أَوْلَى بِالسُّكْنَى قَالَ وَلَعَلَّ هَذَا إِذَا كَانَتِ الدَّارُ عَوْنًا وَإِلَّا فَهُوَ أَوْلَى بِصَحِيحَةِ الْبِنَاءِ مِمَّا لَهُ حُجَّةٌ فِي إِعْسَارِ الْمُسْتَحِقِّ لِكِرَاءِ الدَّارِ فِي يَدَيْهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا مِنْ جَمِيعِ الْغُرَمَاءِ قَالَ اللَّخْمِيُّ لِلْمُسْتَحِقِّ أُجْرَةُ الْكِرَاءِ وَإِنْ كَرِهَ الْمُكْتَرِي وَالْكِرَاءُ مُؤَجَّلٌ أَوْ بِالنَّقْدِ وَالْمُسْتَحِقُّ مَأْمُونٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ كَانَ مُخَوِّفًا لِكَثْرَةِ الدَّيْنِ فَلَهُ رَدُّ النَّقْدِ وَيَرْجِعُ الْخِيَارُ للْمُسْتَحقّ بَين التَّمَادِي على الْإِجَارَة أورد النَّقْدِ لِأَنَّ الْعَقْدَ بِشَرْطِ النَّقْدِ إِنْ خَصَّ فَلَا تَلْزَمُهُ الْإِجَارَةُ وَيَمْنَعُ النَّقْدَ قَالَ وَأَرَى أَن للمكتري أَن يتعجل ذَلِك النَّقْد فَإِن كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِأَنَّ الْمُكْتَرِيَ أَحَقُّ بِالدَّيْنِ عِنْدَ قِيَامِ الْغُرَمَاءِ فَكَانَ هُوَ وَمَنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْوَجْهِ سَوَاءً وَلَا يُقَالُ لَعَلَّ الدَّارَ مُخَوِّفَةٌ لِأَنَّ الْمُخَوِّفَ لَا يُكْرَى بِالنَّقْدِ وَإِنْ نُقِدَ تَطَوُّعًا بَعْدَ الْعَقْدِ فَلِلْمُسْتَحِقِّ قَبْضُهُ إِذَا قَصَدَ الْأَوَّلُ بِالتَّعْجِيلِ إِبْرَاءَ ذِمَّتِهِ وَإِنْ قَصَدَ رِفْقَ الْمُكْتَرِي فَلِلْمُكْتَرِي ارْتِجَاعُهُ وَلَا مَقَالَ لِلْمُسْتَحِقِّ الْمَأْمُونِ وَإِنْ قَصْدَ بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ وَالدَّارُ مُخَوِّفَةٌ وَالْمُسْتَحِقُّ غَيْرُ مَأْمُونٍ إِلَّا أَنَّهُ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا مَهْدُومَةً وَفَاءَ الدَّيْنِ لَهُ قَبَضَ الْكِرَاءَ وَإِنْ كَانَ لَهُ غُرَمَاءُ فَلِلْمُكْتَرِي ارْتِجَاعُهَا فَرَعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا اكْتُرِيَتْ فَهُدِمَتْ تَعَدِّيًا فَلِلْمُسْتَحِقِّ أَخْذُ النَّقْضِ وَقِيمَةُ الْهَدْمِ مِنْكَ لِتَعَدِّيكَ وَإِنْ أَسْقَطَهَا الْمُكْتَرِي عَنْكَ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ مَلِيًّا كُنْتَ أَمْ لَا لِلُزُومِهَا لَكَ بِالتَّعَدِّي وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْكَ إِذَا لَمْ يَنْقُدْ كَمَا لَوِ اشْتَرَيْتَ عَبْدًا فَسَرَقَهُ مِنْكَ رَجُلٌ فَتَرَكْتَ قِيمَتَهُ ثُمَّ اسْتَحَقَّ اتَّبَعَ الْمُسْتَحِقُّ السَّارِقَ وَحْدَهُ وَلَوِ ابْتَعْتَ النَّقْضَ فَلَهُ إِغْرَامُكَ ثَمَنَهُ أَوْ قِيمَتَهُ وَلَوْ هَدَمَهَا الْمَكْرِيُّ فَلِلْمُسْتَحِقِّ النَّقْضُ دُونَ الْقِيمَةِ إِنْ وَجَدَهُ وَإِنْ بِيعَ فَثَمَنُهُ فِي التَّنْبِيهَاتِ قَوْلُهُ يَرْجِعُ الْمُكْتَرِي بِقِيمَةِ الْهَدْمِ قِيلَ بِمَا سَمَّيَا نَفَقَتَهُ وَمَا بَيْنَهُمَا مِنِ الْقِيمَةِ بِذَلِكَ الْبِنَاءِ فَيَغْرَمُهُ وَقِيلَ قِيمَةُ مَا أَفْسَدَ مِنِ الْبِنَاءِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ مَا أُنْفِقَ فِي الْبِنَاءِ وَقِيلَ يَأْخُذُ النَّقْضَ وَمَا أُفْسِدَ مِنَ الْهَدْمِ وَفِي النُّكَتِ إِذَا أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ كِرَاءَ مَا فِي الْمُدَّةِ وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ

الْمَكْرِيَّ قَدْ نَقَدَ الْكِرَاءَ أَوْ كَانَتْ عَادَةُ النَّاسِ النَّقْدَ فَقَدْ دَخَلَ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ حِصَاصَ بَاقِي الْمُدَّةِ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَعَجَّلَ حِصَّةَ بَاقِي الْمُدَّةِ وَهَذَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ إِنَّمَا أَجَازَ لِيَأْخُذَ بِحِسَابِ مَا سكن الْمُكْتَرِي فَكل مَا سكن الْمُكْتَرِي فَكل مَا سكن شَيْئا ودى بِحِسَابِهِ وَإِنَّمَا يَكُونُ لِلْمُكْتَرِي الِامْتِنَاعُ مِنْ دَفْعِ حِصَّةِ بَاقِي الْأَمَدِ إِذَا كَانَ مِقْدَارُ الْكِرَاءِ الَّذِي دَفَعَ مَأْوَى فَلَا مَقَالَ لِأَنَّ لَهُ ذِمَّةً وَإِذَا كَانَ الْمُسْتَحِقُّ مُلْدًا ظَالِمًا فَلَا للمكتري حجَّة للمتري الْكِرَاءُ وَأَكْثَرُ وَإِنَّمَا يَصِحُّ هَذَا إِذَا لَمْ يَخَفِ الْمُكْتَرِي الْمُسَاوَاةَ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ إِذَا كَانَ الْمُسْتَحَقُّ غَيْرَ مَأْمُونٍ فَامْتَنَعَ الْمُكْتَرِي مِنْ دَفْعِ كِرَاءِ بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ خُيِّرَ الْمُسْتَحِقُّ بَيْنَ إِجَازَةِ الْكِرَاءِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ إِلَّا كِرَاءَ مَا سَكَنَ كُلَّمَا سَكَنَ شَيْئًا أَخَذَ حِسَابَهُ أَوْ فَسْخِ بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُشْتَرِي يَهْدِمُ الدَّارَ وَلَا يُطَالِبُهُ الْمُسْتَحِقُّ بِمَا نَقَصَ الْهَدْمُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي يَلْبَسُ الثَّوْبَ فَيَنْقُصُهُ اللُّبْسُ يَلْزَمُهُ نَقْصُ اللُّبْسِ أَنَّ فِي اللُّبْسِ إِنَّمَا يُؤَدِّي قِيمَةَ مَا انْتَفَعَ بِهِ وَالْهَدْمُ لَا يَقَعُ لَهُ قَالَ التُّونِسِيُّ إِذَا اسْتَحَقَّ ثُلُثَ الدَّارِ بَعْدَ أَنْ أَكْرَاهَا الْمُشْتَرِي فَلَمْ يَسْكُنْ شَيْئًا فَأَرَادَ إِجَازَةَ الْكِرَاءِ فَلَا اعْتِرَاضَ فِي ذَلِك لِأَنَّهَا إجَازَة بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ أَوْ بَعْدَ أَنْ سَكَنَ امْتَنَعَ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ لِلْجَهْلِ بِمَا بَقِيَ وَأَمَّا إِذَا اسْتَحَقَّ ثَبَتَ وَبَقِيَ مَا فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْمُكْتَرِي لِقِلَّتِهِ فَلَهُ رَدُّ الْقِيمَةِ إِذَا لَمْ يَعْجَلِ الْمُسْتَحِقُّ وَلَا يَنْظُرُ إِلَى مَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنَ السُّكْنَى حَتَّى يَصِيرَ الْمُسْتَحِقُّ فِي جَانِبِ الْجُمْلَةِ إِذَا كَانَ الْبَاقِي لَهُ يَضُرُّ بِهِ الْمُقَامُ فِيهِ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الدَّاريْنِ يسْتَحق من إِحْدَاهمَا شَيْئًا لَهُ بَالٌ وَهُوَ الْأَوَّلُ وَمَا فِيهَا مِنَ الدَّارِ الْأُخْرَى الْجُلُّ وَالْمُسْتَحَقُّ مِنْ جُمْلَتِهَا الْيَسِيرُ فَلَمْ يَعْتَبِرْ ذَلِكَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَاعْتَبَرَ كُلَّ دَارٍ فِي نَفْسِهَا وَلَمْ يُضِفْ بَقِيَّةَ الْمُسْتَحَقِّ مِنْهَا إِلَى الدَّارِ الْأُخْرَى فَإِذا اسْتحق من أَحدهَا الْجُلَّ رَدَّهَا وَإِنْ كَانَتِ الْأَقَلَّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا تَرَكَهُ الْمُكْتَرِي مِنْ قِيمَةِ الْهَدْمِ لِلْهَادِمِ وَبَيْنَ مَا حَابَى بِهِ مِنَ الْكِرَاءِ أَنَّ الْحَابِيَ دَفَعَ حَقًّا لِلْمُسْتَحِقِّ إِلَى الْمُكْتَرِي فَيَبْدَأُ بِالرُّجُوعِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْخَطَأَ وَالْعَمْدَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ

سَوَاءٌ وَتَارِكُ الْقِيمَةِ لِلْهَادِمِ لَمْ يُلْفِ شَيْئًا كَانَ بِيَدِهِ إِنَّمَا ظَنَّ أَنَّهُ وَجَبَ لَهُ شَيْءٌ قِبَلَ هَذَا الْمُتَعَدِّي فَتَرَكَ أَخْذَهُ مِنْهُ فَيَأْخُذُهُ مُسْتَحِقُّهُ وَلَوْ هَدَمَهَا الْمُكْتَرِي لَمْ تَلْزَمْهُ الْقِيمَةُ إِنَّمَا لَهُ النَّقْضُ بِعَيْنِهِ إِنْ وَجَدَهُ وَإِنْ بِيعَ فَثَمَنُهُ قَالَ وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي فِي الثَّوْبِ إِذَا قَطَعَهُ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ لَا يَضْمَنُ فِي الثَّوْبِ بِخِلَافِ كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَفَرَّقَ مُحَمَّدٌ أَنَّ الثَّوْبَ لَا يَرْجِعُ لِهَيْئَتِهِ وَالدَّارُ وَالْخَلْخَالُ يَرْجِعَانِ إِلَى هَيْئَتِهِمَا قَالَ وَلَيْسَ بِالْبَيِّنِ بَلْ إِذَا ضَمِنَ الْمُشْتَرِي جِنَايَةَ الْخَطَأِ فِي الْعَبْدِ إِذَا اشْتَرَاهُ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ ضَمِنَ فِي الْقطع وَالْهدم وَإِذا اسْتحق بَيت مِنْ دَارٍ عُظْمَى لَا يَضُرُّهَا ذَلِكَ لَزِمَ الْبَيْعُ فِي بَقِيَّتِهَا وَرَجَعَ بِحِصَّةِ مَا اسْتُحِقَّ مِنْهَا وَكَذَلِكَ النَّخْلُ الْكَثِيرَةُ تُسْتَحَقُّ مِنْهَا النَّخَلَاتُ الْيَسِيرَةُ وَأَمَّا نِصْفُ الدَّارِ أَوْ دُونَهُ مِمَّا يَضُرُّ بِالْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ فَيُخَيَّرُ فِي رَدِّهَا كُلِّهَا وَأَخْذِ الثَّمَنِ وَالتَّمَسُّكِ بِالْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ وَلَوِ اسْتَحَقَّ ثُلُثَهَا مُعَيَّنًا يَكْثُرُ ضَرَرُهُ فَلَيْسَ لَهُ حَبْسُ الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ إِلَّا بَعْدَ التَّقْوِيمِ بِخِلَافِ مَا اسْتَحَقَّ عَلَى الْأَجْزَاءِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْكِرَاءِ وَالشِّرَاءِ فِي التَّخْيِيرِ بَيْنَ التَّمَسُّكِ بِالْبَاقِي وَالرَّدِّ قَالَ غَيْرُهُ وَلَيْسَ الْكِرَاءُ كَالشِّرَاءِ وَلَا يَتَمَسَّكُ الْمُكْتَرِي بِمَا بَقِيَ إِنِ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الدَّارِ أَوْ جُلَّهَا لِاخْتِلَافِ قِيمَةِ الشُّهُورِ قَالَهُ سَحْنُونٌ وَقَالَ غَيْرُهُ إِنَّمَا يَصِحُّ قَوْلُ سَحْنُونٍ إِذَا سَكَنَ بَعْضَ السُّكْنَى وَإِنِ اخْتَلَفَتْ قِيمَةُ الشُّهُورِ لِأَنَّهُ إِنِ اسْتَحَقَّ الثُّلُثَ سَقَطَ عَنْهُ ثُلُثُ الْكِرَاءِ أَوِ النِّصْفُ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا ابْتَعْتَهَا فَاسْتُحِقَّ مِنْهَا بَيْتٌ بِعَيْنِهِ هُوَ بَقِيَّتُهَا وَرَجَعَتْ بِحِصَّةِ الْمُسْتَحِقِّ وَكَذَلِكَ النَّخْلُ الْكَثِيرُ اسْتُحِقَّ مِنْهَا النَّخَلَاتُ الْيَسِيرَةُ لِأَنَّ الْأَقَلَّ تَبَعٌ لِلْأَكْثَرِ أَمَّا نِصْفُ الدَّارِ أَوْ دُونَهُ مِمَّا يضر بالمشتري فِي خير فِي رَدِّهَا كُلِّهَا وَأَخْذِ الثَّمَنِ لِأَنَّ التَّفْرِقَةَ عَيْبٌ لَهُ بِهِ الرَّدُّ كَسَائِرِ الْعُيُوبِ وَالتَّمَسُّكِ بِمَا بَقِيَ بِحِصَّتِهِ وَكَذَلِكَ إِنْ اكْتَرَيْتَهَا وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَتَمَاسَكُ بِمَا

بَقِيَ فِي الْكِرَاءِ إِنِ اسْتَحَقَّ النِّصْفَ لِلْجَهَالَةِ بِمَا يَنُوبُ أَجْرَةَ الْبَاقِي لِأَنَّ الشُّهُورَ قَدْ يَخْتَلِفُ كِرَاؤُهَا قَالَ التُّونِسِيُّ تَمْتَنِعُ إِجَارَتُهُ بَعْدَ السُّكْنَى عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ لِلْجَهْلِ بِالْمَاضِي وَالْبَاقِي فَإِنِ اسْتَحَقَّ الثُّلُثَ وَبَقِيَ مَا فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْمُكْتَرِي لِقِلَّتِهِ لَهُ رَدُّ الْبَقِيَّةِ إِذَا لَمْ يُجِزِ الْمُسْتَحِقُّ الْكِرَاءَ وَلَا يَنْظُرُ إِلَى مُتَقَدِّمِ السُّكْنَى حَتَّى يَصِيرَ الْمُسْتَحَقُّ يَسِيرًا لِأَنَّ الْبَاقِيَ يَضُرُّ فَإِنِ اسْتُحِقَّ مِنْ إِحْدَى الدَّارَيْنِ شَيْء لَهُ بَال وَهِي أَقَلُّ مِنْهُمَا اعْتَبَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ كُلَّ دَارٍ عَلَى حِدَةٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ فِي الْكِتَابِ إِنِ اسْتُحِقَّ ثُلُثٌ بِعَيْنِهِ يُرَدُّ بِهِ الصَّفْقَةُ لِكَثْرَةٍ أَوْ ضُرٍّ وَلَيْسَ لَهُ حَبْسُ الْبَاقِي بِحِدَّتِهِ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إِلَّا بَعْدَ التَّقْوِيمِ بِخِلَافِ الشَّائِعِ وَيَعْنِي غَيْرَهُ بِالْمُكْتَرِي إِذَا اخْتَلَفَتْ قِيَمُ الشُّهُورِ قَالَهُ سَحْنُونٌ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ إِنَّمَا يَصِحُّ ذَلِكَ إِذَا سَكَنَ بَعْضَ السُّكْنَى وَإِلَّا فَلَيْسَ مَجْهُولًا وَإِنِ اخْتَلَفَتِ الشُّهُورُ لِأَنَّهُ إِنِ اسْتَحَقَّ الثُّلُثَ سَقَطَ الْكِرَاءُ أَوِ النِّصْفَ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَجْهُ التَّنْفِيذِ مَعَ الْجَهَالَةِ أَنَّ الْعَقْدَ الْأَوَّلَ مُنْعَقِدٌ لَا يَنْفَسِخُ إِلَّا بِرَدِّ الْمُكْتَرِي وَإِنِ اسْتُحِقَّ جُزْؤُهَا وَهِيَ لَا تَنْقَسِمُ خُيِّرَ الْمُكْتَرِي بِالرَّدِّ بِعَيْبِ الشَّرِكَةِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا ابْتَعْتَ عَبْدًا أَوْ دَارًا مِنْ غَاصِبٍ وَلَمْ تَعْلَمْ فَالْغَلَّةُ لَكَ فِي الْمَاضِي دُونَ الْمُسْتَحِقِّ وَكَذَلِكَ إِذَا وَزَنْتَ وَلَمْ تَعْلَمِ الشُّبْهَةَ تَصَوَّرِ السَّبَبَ فَإِنْ عَلِمْتَ أَنَّ الْوَاهِبَ لِمُورِثِكَ غَاصِبٌ فَالْغَلَّةُ لِلْمُسْتَحِقِّ لِعَدَمِ الشُّبْهَةِ وَيُحْمَلُ عَلَى الْحَدِّ مَعَ الْجَهْلِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعُدْوَانِ وَلَوْ وُهِبَ لَكَ وَأَنْتَ عَالِمٌ بِالْغَصْبِ رَجَعَ الْمُسْتَحِقُّ بِالْغَلَّةِ عَلَى أَيِّكُمَا شَاءَ لِعَدَمِ الشُّبْهَةِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ رَجَعَ عَلَى الْغَاصِبِ بِالْغَلَّةِ فَإِنْ كَانَ عَدِيمًا رَجَعَ عَلَيْكَ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ لِلْإِتْلَافِ وَكَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ لَكَ ثوبا أَو طَعَاما فأكلته أَو لبس الثَّوْبَ حَتَّى أَبْلَيْتَهُ أَوْ دَابَّةً فَبِعْتَهَا وَأَكَلْتَ ثَمَنَهَا لِعَدَمِ الشُّبْهَةِ وَيَرُدُّ الْغَاصِبُ وَوَارِثُهُ الْغَلَّةَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَكُونُ الْمَوْهُوبُ فِي عَدَمِ الْوَاهِبِ أَحْسَنَ حَالًا مِنَ الْوَارِثِ لِأَنَّ مَنِ ابْتَاعَ قَمْحًا فَأَكَلَهُ أَوْ ثَوْبًا فَلَبِسَهُ أَوْ شَاةً فَأَكَلَهَا فَعَلَيْهِ لِلْمُسْتَحِقِّ الْمِثْلُ فِي الْمِثْلِيِّ وَالْقِيمَةُ فِي غَيْرِهِ وَلَوْ هَلَكَ بِيَدِهِ بِغَيْرِ سَبَبِهِ وَانْتِفَاعِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْغَصْبِ وَقَامَتْ بِهَلَاكِ مَا يُغَابُ

عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ بَيِّنَةٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا يُضَمَّنُ مَا هَلَكَ مِنَ الْحَيَوَانِ وَالرَّبْعِ أَوْ إِنْ عُدِمَ بِغَيْرِ سَبَبِهِ وَكَمَا كَانَ الْمُشْتَرِي حِينَ أَكَلَ وَلَبِسَ لَهُ الْإِتْبَاعُ الضَّمَانُ كُلُّ مَنْ وَهَبَهُ غَاصِبًا غَاصِبٌ فَاسْتَعْمَلَ الْوَاجِبُ لِأَخْذِهِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بِغَيْرِ ثَمَنٍ فِي التَّنْبِيهَاتِ قَوْلُهُ إِنْ عَلِمَ أَنَّ الْوَاهِبَ لِوَارِثِهِ غَاصِبٌ لِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ مِنَ الْمُسْتَحِقِّ فَالْغَلَّةُ لِلْمُسْتَحِقِّ خِلَافُهُ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ لِأَنَّهُ لَا غُرْمَ عَلَى الْغَاصِبِ لِغَلَّةِ الْحَيَوَانِ قَالَ التُّونِسِيُّ الْمُشْتَرِي إِذَا أَكَلَ الْغَلَّةَ وَلَبِسَ الثَّوْبَ يَضْمَنُ لِلْمُسْتَحِقِّ قِيمَةَ ذَلِكَ كُلِّهِ وَاخْتُلِفَ إِذَا أَخْطَأَ عَلَى الْعَبْدِ فَقَتَلَهُ وَإِذَا وَهَبَ مَا اشْتَرَى لَمْ يُضَمَّنْ وَرَجَعَ عَلَى الْمَوْهُوبِ إِنِ انْتَفَعَ وَإِنْ هَلَكَ فِي يَدِهِ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ لَمْ يَلْزَمْ وَاحِدًا مِنْهُمَا شَيْءٌ وَرَجَعَ الْمُسْتَحَقُّ عَلَى الْغَاصِبِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ مَعْنَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ الشَّيْءِ إِذَا اغْتَلَّ وَهَلَكَ كَانَ مِنْهُ وَذَهَبَ الثَّمَنُ الَّذِي نَقَدَ فِيهِ فَالْغَلَّةُ لَهُ بِضَمَانِهِ وَلَا غَلَّةَ لِمَوْهُوبٍ وَهَبَهُ غَاصِبٌ فِي عَدَمِ الْغَاصِبِ إِذْ لَا يَضْمَنُ ثَمَنًا نَقَدَهُ وَلَا ضَمِنَهُ مَنْ وَهَبَهُ وَإِنَّمَا تَجِبُ الْغَلَّةُ بِالضَّمَانِ فِي الشِّرَاءِ دُونَ الْغَضَب عَن أَشْهَبَ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ يَتْبَعُ أَيَّهُمَا شَاءَ الْغَاصِبَ الْوَاهِبَ أَوِ الْمَوْهُوبَ إِذَا هَلَكَ الْمَوْهُوبُ بِيَدِهِ وَاحْتَجَّ بِالْبَيْعِ أَنَّ لِمُسْتَحِقِّ الطَّعَامِ طَلَبَ الْغَاصِبِ بِهِ أَوْ طَلَبَ الْمُشْتَرِي الْآكِلِ لَهُ إِذَا لَمْ يُجِزِ الْبَيْعَ وَقَالَ أَيْضًا إِنَّ مَنْ وَهَبَهُ الْغَاصِبُ الْغَلَّةَ لَهُ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ بِالْغَاصِبِ كَالْمُشْتَرِي لِظَاهِرِ الشُّبْهَةِ وَلَمْ يَخْتَلِفِ ابْنُ الْقَاسِم وَأَشْهَب أَنما اسْتُعْمِلَ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ أَوْ سَكَنٍ أَوْ زَرْعٍ لَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ غلَّة وَلَا كِرَاء على الْغَاصِبِ الَّذِي بَاعَ مِنْهُ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الْغَاصِبِ وَلَا يُحَاسِبُهُ بِشَيْءٍ مِنْ غَلَّةٍ أَوْ كِرَاءٍ إِلَّا أَنْ يُعْلِمَ الْمُشْتَرِيَ بِغَصْبِهِ قَبْلَ الشِّرَاءِ فَيَكُونَ كَالْغَاصِبِ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا ابْتَاعَ نَخْلًا فِيهَا ثَمَرَةٌ لم تبدأ وَلَا شَيْءَ فِيهَا فَقَامَ الْمُسْتَحِقُّ وَفِيهَا ثَمَرَةٌ قَدْ طَابَتْ فَيَأْخُذُهَا مَا لَمْ تَيْبَسْ أَوْ تُجَذْ وَعَنْهُ مَا لَمْ تُجَذْ قَالَ مُحَمَّدٌ فَإِنْ يَبِسَتْ أَوْ جُذَّتْ لَمْ

يَأْخُذْهَا بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّهَا صَارَتْ غَلَّةً لِلْمُبْتَاعِ وَلَوْ كَانَتْ مُؤَبَّرَةً عِنْدَ الشِّرَاءِ وَاشْتَرَطَهَا الْمُبْتَاعُ فَهِيَ لِلْمُسَمَّى يَبِسَتْ أَمْ لَا أَوْ بِيعَتْ أَوْ أُكِلَتْ وَيُرَدُّ فِي فَوْتِهَا مِثْلُهَا إِنْ عرفت الملكية أَوِ الْقِيمَةُ إِنْ لَمْ تُعْرَفْ أَوْ ثَمَنُهَا إِنْ بَاعَهَا وَلَهُ فِي ذَلِكَ قِيمَةُ مَا سَقَى وَعَالَجَ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ رَوَى أَبُو دَاوُدَ أَنَّ رَجُلًا ابْتَاعَ غُلَامًا فَأَقَامَ عِنْدَهُ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَخَاصَمَهُ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ الرَّجُلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ اسْتُعْمِلَ غُلَامِي فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْخراج بِالضَّمَانِ وَالصَّحِيح عتبار عُمُومِ اللَّفْظِ دُونَ خُصُوصِ السَّبَبِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ الْأُصُولِ وَفِي حَمْلِ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى عُمُومِهِ فِي الْغَاصِبِ وَالْمُشْتَرِي وَمَنْ ضَمِنَ بِشُبْهَةٍ أَوْ بِغَيْرِ شُبْهَةٍ أَوْ يَقْصُرُ عَلَى سَببه وَهُوَ من ضمن بشبهو قَوْلَانِ لِمَالِكٍ وَلِلْعُلَمَاءِ وَهُمَا عَلَى الْقَاعِدَةِ وَتَفْرِقَتُهُ بَيْنَ الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ اسْتِحْسَانٌ وَمَا اسْتُحِقَّ مِمَّا لَا ضَمَانَ فِيهِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ مِنْهُ فَإِنْ رَأَى فِيمَا اسْتَحَقَّ مِنْ يَدِهِ ثَمَنًا كَالْمُشْتَرِي فَقَبِلَ الْغَلَّةَ بِالثَّمَنِ الَّذِي أَدَّى لِأَنَّهُ ضَامِنٌ لِلثَّمَنِ الَّذِي دُفِعَ فِي عَدَمِ الْبَائِعِ إِنْ تَلِفَ ذَلِكَ الشَّيْءُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ تُرَدُّ الْغَلَّةُ لِأَنَّهُ إِنْ تَلِفَ رَجَعَ بِالثَّمَنِ فَلَمْ يَكُنْ ضَامِنًا لِشَيْءٍ الْغَلَّةُ عَلَى الضَّمَانِ وَمَا لَمْ يُؤَدِّ فِيهِ ثَمَنًا وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ فَيَرُدُّ الْغَلَّةَ اتِّفَاقًا لِسُقُوطِ الضَّمَانِ عَنْهُ فِيمَا اغْتَلَّ أَوْ سَكَنَ فَإِنْ سَكَنَ وَلَمْ يَكُنْ فَإِنَّمَا لَكَ فِي رَدِّهِ الْكِرَاءُ لِمَنْ حَجَبَهُ قَوْلَانِ الْأَصَحُّ الرَّدُّ وَأَمَّا الْحُبُسُ يَسْتَغِلُّهُ بَعْضُ الْمُحْبَسِ عَلَيْهِمْ وَهُمْ يَعْتَقِدُونَ انْفِرَادَهُمْ بِهِ فَرِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْهِبَاتِ لَا يَرْجِعُ الْآتِي عَلَيْهِمْ بِشَيْءٍ وَرِوَايَةُ ابْنِ زِيَادٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ يَرْجِعُ وَهُوَ الْقِيَاسُ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَرْجِعُ بِالْغَلَّةِ دُونَ السُّكْنَى وَلَا فَرْقَ فِي الْقِيَاسِ بَيْنَ الْحُبُسِ وَغَيْرِهِ وَلَا بَيْنَ الِاسْتِغْلَالِ وَالسُّكْنَى قَالَ فَإِنْ قِيلَ الْمَوْهُوبُ وَالْوَارِثُ لَهُمَا الْغَلَّةُ وَلَمْ يُؤَدِّيَا ثَمَنًا وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا فَالْجَوَابُ أَنَّ الْوَارِثَ وَالْمَوْهُوبَ يَحُلَّانِ مَحَلَّ الْوَاهِبِ وَالْمَوْرُوثِ فِي وُجُوبِ الْغَلَّةِ لَهُمَا أَلَا تَرَى أَنَّ الْوَاهِبَ وَالْمُورَثَ لَوْ كَانَا

غَاصِبَيْنِ نُحِلُّهُمَا وَرَدَّ الْغَلَّةَ وَفِي الْحَدِّ الَّذِي يُدْخِلُ الْمُسْتَحَقَّ فِي ضَمَانِ الْمُسْتَحِقِّ حَتَّى تَكُونَ الْغَلَّةُ لَهُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ حِينَ الْقَضَاءِ لَهُ بِهِ وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَعَلَى هَذَا يَجِبُ تَوْقِيفُ الْأَصْلِ الْمُسْتَحَقِّ تَوْقِيفًا يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَلَا تَوْقِيفَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إِنَّ الرُّبَاعَ لَا تُوَقَفُ مِثْلُ مَا يُحَوَّلُ وَيَزُولُ وَإِنَّمَا تُوقَفُ وَقْفًا يَمْنَعُ مِنَ الْإِحْدَاثِ فِيهِمَا وَالثَّانِي يَدْخُلُ فِي الضَّمَانِ وَتَكُونُ لَهُ الْغَلَّةُ وَيَجِبُ تَوْقِيفُهُ وَقْفًا يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ إِذَا ثَبَتَ لَهُ بِشَاهِدَيْنِ أَوْ شَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ فَقَالَ فِيهِ إِنَّ الْغَلَّةَ لِلْمُبْتَاعِ إِلَى يَوْمِ يَثْبُتُ الْحَقُّ وَهُوَ قَوْلُ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِقَوْلِهِ إِنَّ التَّوْقِيفَ يَجِبُ إِذَا أَثْبَتَ الْمُدَّعِي حَقَّهُ وَكَلَّفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّفْعَ وَالثَّالِثُ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ وَتَجِبُ لَهُ الْغَلَّةُ وَالتَّوْقِيفُ بِشَهَادَةِ شَاهِدٍ وَاحِدٍ رُوِيَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ ذَلِكَ قَالَ يَحْلِفُ مَعَ شَهَادَةِ شَاهِدٍ وَتَكُونُ الْمُصِيبَةُ مِنْهُ وَالنَّفَقَةُ تَجْرِي عَلَى هَذَا الْخِلَافِ وَفِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمَا قَوْلَانِ وَالتَّسْوِيَةُ الْقِيَاسُ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ التَّفْرِقَةُ وَهُوَ اخْتِلَافُ قَوْلٍ وَاخْتُلِفَ فِي الْحَدِّ الَّذِي تَكُونُ بِهِ الثَّمَرَةُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ غَلَّةً فَيَكُونُ لِلْمُسْتَحِقِّ بِالطِّيبِ أَوِ الْيَبْسِ أَوِ الْجَذَاذِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ وَهَذَا إِذَا اشْتَرَى الثَّمَرَةَ قَبْلَ إِبَّانِ الثَّمَرَةِ أَمَّا بَعْدَ الْإِبَّانِ فَلِلْمُسْتَحِقِّ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِنْ جُذَّتْ وَعَلَى رَأْيِ أَشْهَبَ مَا لَمْ تُجَذَّ وَإِذَا جُذَّتْ فَلِلْمُشْتَرِي وَأَمَّا إِنِ اشْتَرَاهَا وَالثَّمَرَةُ مُزْهِيَةٌ وَاشْتَرَطَهَا فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ لِلْمُسْتَحِقِّ مُطْلَقًا وَإِنْ جَذَّهَا أَوْ أَكَلَهَا وَيَغْرَمُ الْمَكِيلَةَ إِنْ تَلِفَتْ وَإِلَّا فَالْقِيمَةُ أَو الثّمن إِن بَاعهَا إِن فَاتَتْ وَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِ مُبْتَاعِهَا خُيِّرَ فِي أَخْذِهَا وَإِنْفَاذِ بَيْعِهَا وَإِنْ بَلَغَتْ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ فَلَيْسَ إِلَّا بِالثَّمَنِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا لَا تَصِحُّ إِلَّا بِالْيُبْسِ وَالْجِذَاذِ وَعَلَى الْقَوْلِ أَنَّهَا غَلَّةٌ لَهُ بِالطِّيبِ فَلَا حَقَّ لَهُ فِيهَا أَنَّهَا صَارَتْ غَلَّةً بِالطِّيبِ وَيَرْجِعُ الْمُسْتَحِقُّ مِنْهُ بِمَا يَنُوبُ يَسْقُطُ عَنْهُ قِسْطُ الثَّمَرَةِ لِبَقَائِهَا بِيَدِهِ إِلَّا

أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْ غَاصِبٍ وَمِنْ مُشْتَرٍ اشْتَرَاهَا بَعْدَ الْإِبَّانِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَهِيَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الشِّرَاءُ بَعْدَ الْإِبَّانِ بِثَمَرَتِهَا أَوْ قبلهَا أَو بعد الإزهاء والطياب نَظَائِرُ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْغَلَّةُ لِلْمُشْتَرِي فِي خَمْسَةِ مَوَاطِنَ الِاسْتِحْقَاقُ وَإِذَا وَجَدَ عَيْبًا أَوْ وَجَدَ الشِّرَاءِ فَاسِدًا إِنْ نَقَضَ أَوْ يَرُدُّ بِفَلَسِ أَوْ أَخَذَ بِالشُّفْعَةِ وَكَذَلِكَ لِمَنْ صَارَتْ إِلَيْهِ عَنِ الْمُشْتَرِي مِنْ وَارِثٍ أَوْ مَوْهُوبٍ لَهُ أَوْ وَارِثٍ مَوْهُوبٍ لَهُ لِأَنَّهُ يَحُلُّ مَحَلَّهُ وَلَا غَلَّةَ لِوَارِثٍ إِذَا طَرَأَ عَلَيْهِ وَارِثٌ مِثْلُهُ فِي الْمَنْزِلَةِ أَوْ قُرْبٍ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ الْوَارِث ولدا طارأ عَلَيْهِ وَارِثُ وَلَدٍ آخَرَ انْتَزَعَ مِنْهُ نَصِيبَهُ وَكَذَلِكَ طرؤ الْوَالِدِ عَلَى الْأَخِ يَنْتَزِعُ مِنْهُ الْجَمِيعَ لِأَنَّهُ كَانَ غَيْرَ ضَامِنٍ لِمَا اسْتَغَلَّ نَظَائِرُ قَالَ الْعَبْدِيُّ تُؤْخَذُ الثَّمَرَةُ فِي خَمْسَةِ مَسَائِلَ يَأْخُذُهَا الشَّفِيعُ وَالْمُسْتَحِقُّ مَعَ الْأَصْلِ إِلَّا أَنْ يَيْبَسَ أَوْ يَكُونَ قَدْ تَوَلَّدَتْ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَيَرُدُّ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ مَا لَمْ تَطِبْ فَإِذَا طَابَتْ فَلِلْمُبْتَاعِ يُؤْخَذُ فِي الْفَلَسِ مَا لَمْ تُزَايِدِ الْأُصُولُ وَفِي بَعْضِهَا خِلَافٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ اخْتُلِفَ فِي الْغَاصِبِ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاطِنَ هَلْ يَغْرَمُ مَا اسْتَغَلَّهُ بِنَفْسِهِ وَهَلْ يَغْرَمُ مَا اسْتَغَلَّهُ الْمُشْتَرِي مِنْهُ وَهَلْ يَغْرَمُ مَا لَمْ يَغْتَلَّهُ مِثْلَ أَنْ يُغْلِقَ الدَّارَ وَيَبْذُرَ الْأَرْضَ وَالرَّابِعُ إِذَا اغْتُلَّ الْمَوْهُوبُ مِنْهُ فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ كَالْمُشْتَرِي مِنَ الْغَاصِبِ وَعَلَى الْغَاصِبِ قِيمَةُ مَا سَكَنَ وَاسْتَغَلَّ فَإِنْ أُعْدِمَ أَوْ غَابَ غَرِمَ الْمَوْهُوبُ لَهُ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَالْمُشْتَرِي وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي وَارِثِ الْغَاصِبِ إِذَا كَانَ غَيْرَ عَالِمٍ بِالْغَصْبِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ فَكَذَلِكَ الْمَوْهُوبُ لَهُ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا ادَّعَى الْحُرِّيَّةَ غَرِيبٌ فَاسْتَعَنْتَهُ فِي عَمَلٍ لَهُ بَالٌ بِغَيْرِ أَجْرٍ أَوْ وَهَبَكَ مَالًا فَلِمُسْتَحِقِّهِ قِيمَةُ عَمَلِهِ عَلَيْكَ وَالْمَالُ الْمَوْهُوبُ لِأَنَّهَا مَنَافِعُ مَالِهِ وَمَا لَا بَالَ لَهُ كَسَقْيِ الدَّابَّةِ يَسْقُطُ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ بِالْعَادَةِ فِي النُّكَتِ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ لَوِ اسْتَأْجَرْتَهُ وَأَتْلَفَ الْأُجْرَةَ قَبْلَ قُدُومِ السَّيِّدِ فَلَا غُرْمَ عَلَيْكَ إِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ الْحُرِّيَّةَ لِأَنَّكَ لَمْ تَتَعَدَّ فِي الدَّفْعِ إِلَيْهِ وَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِ صِقِلِّيَةَ وَإِنْ طَالَتْ

إِقَامَتُهُ بِالْبَلَدِ وَاسْتَفَاضَتْ حُرِّيَّتُهُ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا غَرِمْتَ الْأُجْرَةَ مَرَّةً أُخْرَى لِضَعْفِ الْعُذْرِ وَقِيلَ يَغْرَمُ ثَانِيَةً مُطْلَقًا لِأَنَّ الْعَبْدَ بَائِعٌ لِسِلْعَةِ مَوْلَاهُ وَهِيَ خِدْمَتُهُ وَهُوَ غَيْرُ مَأْذُونٍ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَدْ دَفَعْتَ لِغَيْرِ مُسْتَحِقٍّ فَلَا يَبْرَأُ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ وَهَذَا أَقْيَسُ وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ بِالْمُدَوَّنَةِ قِيَاسًا عَلَى مَنْ أُنْفِذَتْ وَصَايَاهُ وَبِيعَتْ تَرِكَتُهُ ثُمَّ اسْتُحِقَّتْ رَقَبَتُهُ وَقَدْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالْحُرِّيَّةِ أَوْ غَيْرَ مَعْرُوفٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إِنَّمَا يَأْخُذُ سَيِّدُهُ قِيمَةَ عَمَلِهِ إِذَا كَانَ قَائِمًا فَإِنْ فَاتَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مَا عَمِلَ كَعَيْنٍ قَائِمَةٍ إِنْ وُجِدَتْ أَخَذَ سَيِّدُهُ قِيمَتَهَا لِأَنَّ مَنَافِعَهُ لِسَيِّدِهِ وَهَبَهَا فَأَشْبَهَ هِبَةَ الْغَاصِبِ الَّذِي لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ لِعَدَمِهِ أَوْ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فَرَجَعَ عَلَى الْمَوْهُوبِ لِتَعَذُّرِ رُجُوعِهِ عَلَى نَفْسِهِ فَكَانَ الْأَشْبَهُ الضَّمَانَ فَاتَ أَمْ لَا فَرْعٌ فِي الْكتاب ثمنه غرمه الْهَالِك بِيَدِهِ بِغَيْر سبيه بِبَيِّنَةٍ تُسْقِطُ الْعَدَمَ الْغَاصِبُ لِضَمَانِ الْغَاصِبِ الْغَلَّةَ لِمُتَعَدِّيهِ بِخِلَافِهِ إِلَّا فِي عَدَمِ الْوَاهِبِ لِأَنَّكَ الْمُبَاشِرُ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ بِالْغَصْبِ فَيَكُونَ مُتَعَدِّيًا كَالْغَاصِبِ نَظَائِرُ قَالَ الْعَبْدِيُّ الْمُسْتَحِقُّ لِلْهِبَةِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ لِأَنَّ الْوَاهِبَ إِنْ كَانَ مُشْتَرِيًا رَجَعَ عَلَى الْمَوْهُوبِ أَوْ غَاصِبًا فَعَلَى الْوَاهِبِ أَوَّلًا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَى الْمَوْهُوبِ إِنْ عُدِمَ الْوَاهِبُ هَذَا إِذَا لَمْ يَعْلَمِ الْمَوْهُوبُ بِالْغَصْبِ فَإِنْ عَلِمَ رَجَعَ عَلَى أَيِّهِمَا شَاءَ وَاخْتُلِفَ فِي الْوَارِثِ فَقِيلَ كَالْمُشْتَرِي وَقِيلَ كَالْغَاصِبِ فَرْعٌ قَالَ لَوِ ابْتَعْتَ مِنْ غَاصِبٍ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ عَقَارًا أَوْ ثَوْبًا أَوْ نَخْلًا فَأَثْمَرَتْ عِنْدَكَ فَالْغَلَّةُ وَالثَّمَرَةُ لَكَ إِلَى يَوْمِ الِاسْتِحْقَاقِ بِضَمَانِكَ وَلَوْ كَانَ وَهَبَكَ رَجَعَ الْمُسْتَحِقُّ عَلَيْكَ بِالْغَلَّةِ فِي عَدَمِ الْغَاصِبِ لِأَنَّكَ لَمْ تَضْمَنْ فِي ذَلِك ثمنا وديته وَلَكَ مِنَ الْغَلَّةِ قِيمَةُ عَمَلِكَ وَعِلَاجِكَ

فَرْعٌ قَالَ اشْتَرَيْتَ بِدَرَاهِمَ فَأُذِيبَتْ دَنَانِيرَ رَجَعْتَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ بِمَا أَذَبْتَهُ مِنَ الْعَيْنِ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ لِأَنَّهُ الَّذِي تَحَقَّقَ ثَمَنًا وَلَوْ دَفَعْتَ فِي الدَّنَانِيرِ عَرَضًا رَجَعْتَ بِالدَّنَانِيرِ لِفَرْطِ التَّبَايُنِ وَالنَّقْدَانِ جِنْسٌ وَاحِدٌ فِي الزَّكَاةِ وَلَوِ اسْتَحَقَّ الْعَرَضُ مِنَ الْبَائِعِ وَرَجَعَ عَلَيْكَ بِالدَّنَانِيرِ لِأَنَّهُ لَيْسَ ثَمَنًا لِلسِّلْعَةِ بَلْ صَفْقَةً كَمَا لَوْ قَبَضَ الدَّنَانِيرَ فَاشْتَرَى بِهَا عرضا قَالَ بن يُونُسَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا رَجَعَ فِي الدَّنَانِيرِ عَرَضًا ثُمَّ اسْتُحِقَّتِ السِّلْعَةُ الْمُشَتَرَاةُ رَجَعَ بِقِيمَةِ الْعَرَضِ يَوْمَ أَخْذِهِ إِنْ فَاتَ إِنِ اسْتَحَقَّ الْعَرَضَ الْمَأْخُوذَ بِدَفْعِ الدَّنَانِيرِ عَلَى الْمُبْتَاعِ حَابَاهُ أَمْ لَا وَقَالَهُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ اسْتِحْقَاقِ هَذِهِ السِّلْعَةِ وَالسِّلْعَةِ الْأُولَى أَنَّا نَجْعَلُ كَأَنَّهُ بَاعَ الْأَوْلَى بِمِائَةٍ فَدَفَعَ فِيهَا السّلْعَة الثَّانِيَة فَإِن كَانَت تسوي مِائَةً رَجَعَ بِمِائَةٍ لَا ثَمَنِهَا وَإِنْ كَانَتْ تَسَاوِي خمسين فَلَمَّا اسْتَحَقَّتْ رَجَعَ بِثَمَنِهَا وَمِمَّا وَهَبَهُ لِأَنَّهَا هِبَةٌ لِلْبَيْعِ تُنْتَقَضُ بِانْتِقَاضِهِ وَأَمَّا إِنِ اسْتَحَقَّتِ السِّلْعَةُ الْأَوْلَى فَبِاسْتِحْقَاقِهَا بِطَلَ ثَمَنُهَا فَلَوْ لَمْ يَدْفَعْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَإِنْ دَفَعَهُ أَوْ بَعْضَهُ رَجَعَ بِمَا دَفَعَ فَإِنْ كَانَتِ الَّتِي دَفَعَ تُسَاوِي مِائَةً رَجَعَ بِهَا وَإِنْ كَانَتْ تُسَاوِي خَمْسِينَ فَرَدَّهَا إِلَيْهِ أَوْ قِيمَتَهَا إِنْ فَاتَتْ لَمْ يَطْلُبْهُ وَلِأَنَّهُمْ لَمْ يُوَفُّوا لَهَا ثَمَنًا مِنْ ثَمَنِ الْأُولَى فَوَجَبَ رَدُّهَا إِلَيْهِ أَوْ قِيمَتُهَا وَلَوْ قَالَ مُسْتَحِقُّ الْأُولَى أَنَا أُجِيزُ الْبَيْعَ وَآخُذُ الثَّمَنَ مِنَ الْمُبْتَاعِ كَانَ ذَلِكَ لَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْهُ فَهُوَ بَاقٍ لِلْمُسْتَحِقِّ فِي ذِمَّتِهِ وَلَوْ قَالَ آخُذُ الثَّانِيَةَ لِأَنَّهَا ثَمَنُ سِلْعَتِي مُنِعَ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَصِيرُ لَهُ إِذَا أَجَازَ الْبَيْعَ وَمَنْ تَعَدَّى عَلَى ثَمَنٍ فَاشْتَرَى بِهِ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ لَدَيْهِ مَا اشْتَرَى بِهِ وَإِنَّمَا لَهُ مِثْلُهُ وَلَوْ بَاعَ عَبْدًا بِجَارِيَةٍ فَأَخَذَ مِنْهُ فِي الْجَارِيَةِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَاسْتُحِقَّ الْعَبْدُ رَجَعَ صَاحِبُ الْجَارِيَةِ بِالْعَشَرَةِ لِاسْتِحْقَاقِ الْجَارِيَةِ الَّتِي هِيَ ثَمَنُ الْعَبْدِ فَيَرْجِعُ عَلَى بَائِعِ الْعَبْدِ بِثَمَنِ الْجَارِيَةِ وَإِنِ اسْتُحِقَّتِ الْجَارِيَةُ رَجَعَ بِثَمَنِهَا عَشَرَةٍ فَإِذَا قَبَضَهَا صَارَ كَ الْعَبْدُ فَيَرْجِعُ بِهِ أَوْ بِقِيمَتِهِ إِنْ فَاتَ قَالَ مَالِكٌ وَإِذَا بَاعَ السِّلْعَةَ وَأَخَذَ فِي الدَّنَانِيرِ دَرَاهِمَ ثُمَّ

اسْتحقَّت السّلْعَة رَجَعَ الميتاع عَلَى الْبَائِعِ بِالدَّرَاهِمِ وَلِلْمُسْتَحِقِّ إِجَازَةُ الْبَيْعِ وَأَخْذُ الدَّنَانِيرِ لِأَنَّهَا لَمْ تُقْبَضْ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالدَّرَاهِمِ لِأَنَّهَا صَرْفٌ وَلَمْ يَنْتَقِضْ وَعَنْ سَحْنُونٍ إِذَا بَاعَ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَأَخَذَ فِيهَا أَلْفَ دِرْهَمٍ فَاسْتُحِقَّتِ الدَّرَاهِمُ يَرْجِعُ بِالدَّنَانِيرِ الَّتِي بَاعَ بِهَا السِّلْعَةَ وَرَآهُ صَرْفًا لَا يَرْجِعُ فِيهِ بِمِثْلِ الدَّرَاهِمِ قَالَ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ إِنِ اسْتُحِقَّتِ السِّلْعَةُ رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِالدَّرَاهِمِ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّ الرُّجُوعَ بِالدَّنَانِيرِ صَرْفٌ مُسْتَأْخَرٌ وَكَذَلِكَ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا صَرَفَ بِالدَّنَانِيرِ دَرَاهِمَ وَأَخَذَ بِالدَّرَاهِمِ سِلْعَةً فَوَجَدَ بِالسِّلْعَةِ عَيْبًا فَرَدَّهَا رَجَعَ بِدِينَارٍ وَلَوْ رَجَعَ بِالدَّرَاهِمِ صَارَ صَرْفًا وَقَالَهُ مَالِكٌ وَعَنْ سَحْنُونٍ إِنْ بَاعَ عَبْدًا بِثَوْبٍ وَأَخَذَ فِي الثَّوْبِ دَرَاهِمَ وَاسْتَحَقَّ الْعَبْدَ رَجَعَ بِالدَّرَاهِمِ لِأَنَّ الْعَبْدَ اسْتُحِقَّ وَرَجَعَ مُشْتَرِيُهُ فِي ثَمَنِهِ وَهُوَ الثَّوْبُ فَاسْتُحِقَّ مِنْ يَدِ نَفْسِهِ فَلَمَّا اسْتَحَقَّهُ رَجَعَ عَلَى بَائِعِهِ أَخِيرًا وَهُوَ صَاحِبُ الْعَبْدِ بِمَا دَفَعَ إِلَيْهِ وَهُوَ الدَّرَاهِمُ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا ابْتَعْتَهَا فَوَطِئْتَهَا بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا فَاسْتُحِقَّتْ بِمِلْكٍ أَوْ حُرِّيَّةٍ فَلَا صَدَاقَ وَلَا أَرْشَ نَقَصَ لِأَنَّ ذَلِكَ بِالضَّمَانِ وَلِمُسْتَحِقِّهَا أَخْذُهَا مَعَ قِيمَةِ الْوَلَدِ لِأَنَّهُ كَجَرِّهَا وَقَدْ تَلْحَقُ عَلَى الْحُرِّيَّةِ فَيَمْتَنِعُ أَخْذُهُ فَتَتَعَيَّنُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْحُكْمِ عَبْدًا قَالَهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَجَمَاعَةُ النَّاسِ ثُمَّ رَجَعَ مَالِكٌ لِقِيمَتِهَا وَقِيمَةِ الْوَلَدِ لِئَلَّا يَتَضَرَّرَ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ دُونَ مَا أَدَّيْتَ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ كَمَا لَوْ بَاعَكَ وَدَلَّسَ بِالسَّرِقَةِ فَسَرَقَ الْعَبْدُ مَتَاعَكَ لَمْ يُضَمَّنِ الْبَائِعُ الْمَسْرُوقَ فَإِنْ أَخَذَ مِنْكَ الْأَمَةَ وَأَنْتَ مُعْدَمٌ اتَّبَعَكَ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ وَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ مَلِيًّا أَدَّى الْقَيمَةَ وَلَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَيْكَ إِنْ أَيْسَرَتْ لِأَنَّهَا عَنْهُ وَإِنْ كُنْتُمَا مَلِيَّيْنِ فَعَلَيْكَ دُونَهُ وَلَا ترجع عَلَيْهِ لِأَنَّك الْمُبَاشر لإتلافه عَلَى مُسْتَحِقِّ الْأَمَةِ أَوْ مُعْدَمَيْنَ اتَّبَعَ أَوَّلُكُمَا مُلَاءَةً لِتَقَدُّمِ سَبَبِ الْغَرَامَةِ فِي حَقِّكُمَا وَلَا يَلْزَمُ الِابْنُ قِيمَةَ أَمَةٍ كُنْتَ مَلِيًّا أَمْ لَا لِعَدَمِ عَوْدِ نَفْعِ ذَلِكَ عَلَيْهِ قَالَ غَيْرُهُ لَا شَيْءَ عَلَى الِابْنِ مِنْ قِيمَتِهِ أَيْسَرْتَ أَمْ لَا

لِأَنَّ الْغُرْمَ يَتْبَعُ الْإِتْلَافَ وَلَمْ يُتْلِفْ إِلَّا أَنْتَ بِالِاسْتِيلَادِ وَلَيْسَ لِلْمُسْتَحِقِّ فِيمَنْ مَاتَ مِنَ الْوَلَد قيمَة لِأَنَّهُ كالأمانة الشَّرِيعَة فِي ثوب تلقيه الرّيح فِي حوزتك وَالْوَالِد لَا حق النَّسَبِ لَهُ حُكْمُ الْأَحْرَارِ فِي النَّفْسِ وَالْجِرَاحِ وَالْغُرَّةِ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ وَبَعْدَهُ لِتَخَلُّفِهِ عَلَى الْحُرِّيَّةِ وَلَكَ دِيَةُ قَتْلِهِ خَطَأً لِوُجُوبِ قِيمَتِهِ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ الْأَقَلُّ مِنَ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْقَتْلِ عَبْدًا لِأَنَّهُ يَوْمَ الْجِنَايَةِ أَوْ مَا أُخِذَتْ مِنَ الدِّيَةِ لِأَنَّهَا بَدَلُهُ وَالْأَصْلُ قَدْ أَخَذْتَهُ مِنْ زِيَادَةِ أَحَدِهِمَا فَيَجِبُ الْأَوَّلُ وَإِنْ اقْتَصَيْتَ فِي الْعَمْدِ فَلَا قِيمَةَ عَلَيْكَ لِعَدَمِ يَوْمِ الْحُكْمِ وَتُغَرَّمُ قِيمَةَ الْحَيِّ وَإِنْ جَاوَزْتَ الدِّيَةَ وَإِنْ أَخَذْتَ دِيَةَ الْيَدِ فِي الْخَطَأِ فَعَلَيْكَ قِيمَتُهُ أَقْطَعَ يَوْمَ الْحُكْمِ وَيُنْظَرُ حُكْمُ قِيمَتِهِ صَحِيحًا أَوْ أَقْطَعَ يَوْمَ الْجِنَايَةِ فَعَلَيْكَ الْأَقَلُّ بِمَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ أَوْ مَا قَبَضْتَ مِنْ دِيَةِ الْيَد لما وَلَوْ أَخَذْتَ فِيهِ غُرَّةً فَعَلَيْكَ الْأَقَلُّ مِنْهَا أَوْ عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ يَوْمَ الْجِنَايَةِ لِأَنَّ الْغُرَّةَ عُشْرُ قِيمَةِ الْأُمِّ أَصْلُهَا خَمْسُونَ دِينَارًا دُونَ مَا نَقَصَتْهَا الْوِلَادَةُ لِأَنَّهَا لَوْ مَاتَتْ لَمْ يَلْزَمْكَ قِيمَتُهَا فِي التَّنْبِيهَاتِ لَوْ قَطَعَ يَدَ الْوَلَدِ خَطَأً وَقِيمَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ أَلْفِ دِينَارٍ فَأَخَذَ الْأَلْفَ دِيَةَ وَلَدِهِ قَالَ يَغْرَمُ الْوَالِدُ قِيمَةَ الْوَلَدِ أَقْطَعَ يَوْمَ يُحْكَمُ فِيهِ فَإِنْ كَانَ بَيْنَ قِيمَتِهِ صَحِيحًا وَأَقْطَعَ يَوْمَ يَجْنِي عَلَيْهِ قَدْرُ مَا أَخَذَ الْأَبُ مِنْ دِيَةِ الْوَلَدِ أُغْرِمَهَا أَوْ أَقَلُّ غُرِّمَ ذَلِكَ وَكَانَ الْفَضْلُ لِلْأَبِ أَوْ أَكْثَرُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ وَاخْتِصَارُ هَذَا أَنَّ عَلَيْكَ قِيمَتَهُ مَقْطُوعًا يَوْمَ الْحُكْمِ وَالْأَقَلُّ مِمَّا أَخَذْتَ مِنْ دِيَةِ الْوَلَدِ أَوْ مَا نَقَصَهُ الْقَطْعُ مِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْجِنَايَةِ بِأَنْ يُقَوَّمَ ثَلَاثَ تَقْوِيمَاتٍ يَوْمَ الْجِنَايَةِ سَلِيمًا وَأَقْطَعَ وَقِيمَتُهُ الْيَوْمَ وَيُضَافُ مَا بَين الْقِيمَتَيْنِ إِلَى قيمَة الْيَوْمَ أَقْطَعَ فَيَأْخُذُهَا السَّيِّدُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ أَكْثَرَ مِنْ دِيَةِ الْيَدِ الَّتِي أخذت فَلَا يُزَاد عَلَيْهَا وَلَوْ كَانَ الْقَطْعُ يَوْمَ الِاسْتِحْقَاقِ وَلَمْ تَتْلَفِ الْقِيمَةُ مِنْ يَوْمِ الْقَطْعِ أَوْ يَوْمِ الِاسْتِحْقَاقِ لَدَفَعْتَ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ سَلِيمًا الْآنَ لَا قَبْلَ قَطْعِهِ وَمِنْ قِيمَتِهِ مَقْطُوعًا مَعَ مَا أَخَذْتَ مِنْ دِيَتِهِ وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى قيمتين سليما

وَمَقْطُوعًا فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ سَلِيمًا أَقَلَّ لَمْ يَلْزَمْهُ سِوَاهَا وَكَانَ مَا فَضُلَ لِلْأَبِ أَوْ الِابْنِ وَإِنْ كَانَتِ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ لَمْ تَلْزَمْكَ إِلَّا قِيمَتُهُ مَقْطُوعًا وَدِيَةٌ وَقَوْلُهُ الْفَضْلُ لِلْأَبِ خَالَفَهُ سَحْنُونٌ وَقَالَ الْفَضْلُ لِلِابْنِ وَتَأَوَّلَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى أَنَّهُ لِلْأَبِ أَيْ النَّظَرُ فِيهِ لِلْأَبِ لِأَنَّ الْوَلَدَ تَحت نظرة لِأَنَّهُ ملك للْأَب لِأَنَّهُ أَرْشُ جِنَايَةِ الْوَلَدِ فَلَا يَسْتَحِقُّهُ الْأَبُ كَمَا قَالَ فِي أَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ إِذَا قُطِعَتْ يَدُ الْوَالِد يَأْخُذُ الْأَبُ نِصْفَ دِيَةِ وَلَدِهِ وَإِنَّمَا يُرِيدُ يَقْبِضُهَا لَهُ لِصِغَرِهِ وَعَنْ سَحْنُونٍ الدِّيَةُ كُلُّهَا لِلِابْنِ وَعَلَى الْأَبِ غُرْمُ دِيَتِهَا مِنْ مَالِهِ مَا لَمْ يُجَاوِزْ مَا أَخَذَ فِيهِ ثُمَّ تَوَقَّفَ فِي الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ مَوْضِعُهُ لِأَنَّهُ إِنْ قَالَ قِيمَةُ جَمِيعِهِ لَازِمَةٌ فَيَبْقَى أَرْشُ الْيَدِ لِلْوَلَدِ فَلِمَ قَالَ لَا يَلْزَمُهُ عَلَى مَا زَادَ عَلَى مَا أَخَذَ فِي الْيَدِ وَعَنْ سَحْنُون قَول ثَالِث أَن لَا يَكُونَ عَلَيْكَ مِنْ قِيمَةِ يَدِ وَلَدِهِ شَيْءٌ وَإِنَّمَا الدِّيَةُ لِلِابْنِ وَإِنَّمَا عَلَيْكَ قِيمَتُهُ أَقْطَعَ قَالَ وَقَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ إِنَّمَا عَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنَ الدِّيَةِ الَّتِي أَخَذَ يَرُدُّ هَذَا كُلَّهُ قَالَ فَإِن قيل الدِّيَة هَا هُنَا لِلْأَبِ بِكُلِّ حَالٍ بِمَوْقِفِ الْوَلَدِ قِيلَ ذَلِكَ بِالْوِرَاثَةِ عَنِ الْوَلَدِ كَمَا لَوْ مَاتَ بَعْدَ قَطْعِ يَدِهِ لَصَارَتِ الدِّيَةُ لِلْأَبِ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ فَلَا فَرْقَ قَالَ فَمَسْأَلَةُ أُمِّ الْوَلَدِ الْمُسْتَحِقَّةِ دَلِيلُ الْكِتَابِ وَمَفْهُومُهُ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ الْمَرْوِيَّةُ عَنْ مَالِكٍ أَخْذُهَا وَقِيمَةُ وَلَدِهَا وَأَخْذُ قِيمَتِهِمَا مَعًا وَهَذَانِ مَعًا فِي الْكِتَابِ وَقِيمَتُهَا فَقَطْ لِأَكْثَرِ الْمَذْهَبَيْنِ وَالصَّوَابُ الْمُرَادُ فِي الْكِتَابِ عَلَى السَّيِّدِ الَّذِي وَلَدَتْ مِنْهُ وَالْوَلَدُ لَا سِيَّمَا وَالْإِقْرَارُ زُوِّرَ وَقَدْ يَكُونُ تَحْتَهَا وَقِيلَ يَغْلِبُ ضَرَرُ سَيِّدِهَا لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ تَحْتَهَا وَضَرُورَةُ الْمَالِكِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى غَيْرِهِ وَقَدْ يَكُونُ الْمُسْتَحِقُّ مِنْهُ عَدِيمًا بِالْقِيمَةِ فَيَكُونُ ضَرَرًا عَلَى السَّيِّدِ وَفِي النُّكَتِ إِذَا أَخَذَ قِيمَتَهُ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ كُلِّهِ أَقَلَّ مِمَّا دَفَعَ مِنَ الْقِيمَةِ أَوْ أَكْثَرَ لِأَنَّ أَخْذَ قِيمَتِهَا كَأَخْذِ عَيْنِهَا وَفِي أَخْذِ الْعَيْنِ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ لِانْتِقَاضِ الْبَيْعِ وَكَذَلِكَ الْقِيمَةُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْفَادِي لِامْرَأَتِهِ مِنَ الْأَسْرِ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ فدى مَنَافِعه ودافع الْقيمَة هَا هُنَا أَيْضًا فَتَوَصَّلَ بِهَا لِمَنَافِعِهِ أَنَّ هَذَا

مَجْبُورٌ عَلَى الْقِيمَةِ وَقَدْ دَفَعَ ثَمَنًا عَلَى أَنَّهَا مِلْكٌ لَهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ غَيْرُ مَا دَفَعَ فَانْتَقَضَ الْبَيْعُ وَذَلِكَ مُخْتَارٌ فَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَوْ قَتَلَ الْوَلَدَ عَمْدًا فَصَالَحَ فِيهِ عَلَى أَقَلَّ مِنَ الدِّيَةِ فَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ وَقِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَتْلِ فَإِنْ كَانَ مَا أَخَذَ أَقَلَّ مِنَ الْقِيمَةِ رَجَعَ عَلَى الْقَاتِلِ بِالْأَقَلِّ مِنْ بَاقِي الْقِيمَةِ أَوْ بَاقِي الدِّيَةِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ لَوْ عَفَا الْأَبُ عَنْ قَاتِلِ ابْنِهِ عَنْ غَيْرِ شَيْءٍ ثُمَّ أَتَى الْمُسْتَحِقُّ فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْأَبِ وَلَهُ عَلَى الْقَاتِلِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ يَوْمَ الْقَتْلِ أَوِ الدِّيَةُ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْمُتَقَدِّمِ وَقَالَ ابْنُ شباوز كَذَا لَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْقَاتِلِ خِلَافَ عَفْوِ الْأَبِ عَلَى مَالٍ وَقَاسَمَهُ عَلَى عَفْوِ الْبَنِينَ عَنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَنَّهُ يَجُوزُ عَلَى الْبَنَاتِ فِي كِتَابِ الدِّيَاتِ أَوْ عَفْوًا عَلَى مَالٍ اشْترك جَمِيعهم فِيهِ وَكَذَلِكَ هَا هُنَا لِأَنَّ الْقَتْلَ لِلْبَنِينَ دُونَ الْبَنَاتِ كَمَا هُوَ هَا هُنَا لِلْأَبِ خَاصَّةً قَالَ وَاعْلَمْ أَنَّ الْوَلَدَ إِذَا قَتَلَ إِنَّمَا يَغْرَمُ الْأَبُ مَا وَصَفَ مِنَ الدِّيَةِ إِذَا قَبَضَ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ ذَلِكَ أَخَذَهَا الْمُسْتَحِقُّ مُنَجَّمَةً حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْوَاجِبَ لَهُ وَكَذَلِكَ إِنْ يَقْبِضِ الْغُرَّةَ أَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ عُشْرَ الْقِيمَةِ مِنَ الْعَشَرَةِ كَمَا يَأْخُذُ ذَلِكَ مِنَ الدِّيَةِ إِذَا قَتَلَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنَّمَا لَزِمَكَ قِيمَةُ الْوَلَدِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِغَلَّةٍ وَلَا يرق فَيَأْخذهُ السَّيِّد لتخليفه عَلَى الْحُرِّيَّةِ بِالشُّبْهَةِ فِي الْغُرُورِ بِالشِّرَاءِ أَوِ النِّكَاحِ وَجُعِلَتِ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْحُكْمِ لِأَنَّهُمْ أَحْرَارٌ فِي الرَّحِمِ وَلَا قِيمَةَ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ فَلَا يُجْعَلُ يَوْمَ جُعِلْتَ ضَامِنًا وَلَا يَضْمَنُ إِلَّا الْمُتَعَدِّي وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنَ الْقَضَاءِ بِمِثْلِ الْوَلَدِ الْمُسْتَحَقِّ فَمَعْنَاهُ عَلَى مَقَادِيرِهِمْ وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ قِيمَتُهُمْ وَلَوْ كَانَ يَخْرُجُ بِالْقِيمَةِ مِنْ رِقٍّ كَانَ وَلَاؤُه للْمُسْتَحقّ وَلَو كَانَ إِذَا كَانَ جَدَّهُمْ أَوْ أَخَاهُمْ أَنْ يُعْتَقَوْا عَلَيْهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ حُرٌّ بِسَبَبِ أَبِيهِ وَلَيْسَ لِلْمُسْتَحَقِّ سَبَبٌ يَصِلُ بِهِ إِلَى رقّه كَأُمّ الْوَلَد يحى كَذَا لَا يُمكن من إسْلَامهَا وَكَانَ مِثْلُ ذَلِكَ الْقِيمَةَ فِيهِ يَوْمَ الْحُكْمِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ إِلَّا الْمُغِيرَةَ قَالَ الْقِيمَةُ يَوْمَ وُلِدَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِن كَانَت حَامِلا يَوْم قِيَامه لَا نتظر وِلَادَتَهَا فَيَأْخُذُ الْقِيمَةَ يَوْمَ تَلِدُهُ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ إِنِ اسْتُحِقَّتْ بِحُرِّيَّةٍ لَهَا صَدَاقٌ لِأَنَّهُ مُقَابِلُ وَطْءِ الْحُرَّةِ وَابْنُ الْقَاسِمِ يَرَى أَنَّهَا وُطِئَتْ عَلَى الْمِلْكِ وَالْمَمْلُوكَةُ لَا صَدَاقَ لَهَا وَلِذَلِكَ

يَقُولُ لَوِ اغْتَلَّهَا الْغَلَّةُ لَهُ قَالَ وَالْأَشْبَهُ أَنْ لَا غَلَّةَ لِأَنَّهُ غَيْرُ ضَامِنٍ لِأَنَّهَا لَوْ مَاتَتْ رَجَعَ بِثَمَنِهِ وَوَجْهُ قَوْلِهِ يَأْخُذُهَا الْمُسْتَحِقُّ لِأَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ وَاسْتِيلَادُ الْغَيْرِ لَا يَمْنَعُ وَكَأَنَّهَا وَلَدَتْ مِنْ نِكَاحٍ وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهَا لَوْ غَرَّتْ مِنْ نَفْسِهَا فَتَزَوَّجَهَا رَجُلٌ عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ فَوَلَدَتْ لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ أَخْذَهَا بِشُبْهَةِ الْمِلْكِ وَشُبْهَةُ كُلِّ عَقْدٍ مَرْدُودَةٌ إِلَى صَحِيحِهِ وَكَذَلِكَ وَلَدُهَا وَالْقِيمَةُ تَدْفَعُ حَقَّ الْمُسْتَحِقِّ وَوَجْهُ قَوْلِهِ لَيْسَ لَهُ رَدُّ قِيمَتِهَا لِوَطْءٍ لِأَنَّهُ وَطْءٌ يَرْفَعُ الْحَدَّ فَتَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ كَمَا إِذَا وَطِئَ أَمَةَ وَلَدِهِ أَوِ الْأَمَةَ الْمُشْتَرِكَةَ لَهُ وَلِغَيْرِهِ وَلَوْ مَاتَتْ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ ضَمِنَهَا الْمُشْتَرِي كَوَطْءِ الْأَبِ أَمَةَ وَلَدِهِ أَوِ الْأَمَةِ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ وَقَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَرَجَعَ مَالِكٌ لِلْقَوْلِ الْأَوَّلِ حَتَّى مَاتَتْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَوْ رَضِيَ الْمُسْتَحِقُّ بِأَخْذِ قِيمَتِهَا وَقِيمَةِ وَلَدِهَا جُبِرْتَ عَلَى ذَلِكَ فِي قَوْلَيْ مَالِكٍ جَمِيعًا فَتُعْطَى الْقِيمَتَيْنِ يَوْمَ الِاسْتِحْقَاقِ وَمَنَعَ أَشْهَبُ قَالَ مُحَمَّدٌ وَالْقِيَاسُ لَا يُلْزِمُ قِيمَتَهَا فِي نقض الْوِلَادَةِ وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يَلْزَمَهُ ذَلِكَ لَوْ قَتَلَهَا وَلَوْ قَتَلَهَا غَيْرُهُ لَمْ يَلْزَمْهُ هُوَ قِيمَتَهَا لِأَنَّهُ غَيْرُ غَاصِبٍ غَيْرَ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ قَالَ ذَلِكَ لِاخْتِلَافِ قَوْلِ مَالِكٍ فِي هَذَا الْأَصْلِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ مَاتَتْ وَبَقِيَ وَلَدُهَا فَلَيْسَ لَهُ غَيْرُ قِيمَةِ مَنْ وُجِدَ مِنْهُمْ فِي قَوْلِ مَالِكٍ الْأَوَّلِ وَعَلَى قَوْلِ الْآخَرِ لَهُ اتِّبَاعُكَ بِقِيمَتِهَا يَوْمَ وَطْئِهَا لِأَنَّكَ ضَمِنْتَهَا يَوْمَئِذٍ وَلَا شَيْءَ عَلَيْكَ فِي الْأَوْلَادِ وَإِنْ كَانُوا قِيَامًا كَوَاطِئِ أَمَةِ ابْنِهِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا شَيْءَ عَلَيْكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ الَّذِي قَالَ فِيهِ وَهِيَ حَيَّةٌ لَيْسَ لَهُ إِلَّا قِيمَتُهَا فَقَطْ لِأَنَّكَ لَسْتَ بِضَامِنٍ قَالَ وَانْظُرْ قَوْلَهُ إِذَا كَانَ الْأَبُ عَدِيمًا وَالِابْنُ مَلِيًّا أَخَذَ مِنَ الِابْنِ قِيمَةَ نَفْسِهِ وَهُوَ إِنَّمَا يَأْخُذُ مِنْهُ قِيمَةَ يَوْمِ الْحُكْمِ فَكَانَ يجب إِنَّمَا تَسْتَحِقُّ قِيمَتَهُ يَوْمَئِذٍ بِمَالِهِ مِمَّا فِي يَدَيْهِ وَكَيْفَ يَصِحُّ أَخْذُ قِيمَتِهِ مِنْهُ قَالَ وَأَظُنُّ ابْنَ الْقَاسِمِ إِنَّمَا يَقُولُ يَأْخُذُ قِيمَتَهُ بِغَيْرِ مَالٍ وَبِهِ يَصِحُّ قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ لَوْ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ عَمًّا لِلْوَلَدِ أَخَذَ الْقِيمَةَ إِذْ لَا يُعْتَقُ ابْنُ الْأَخِ وَالْجَدُّ لَا يَأْخُذُ قِيمَتَهُ

وَلَيْسَ لَهُ مِنْ وَلَائِهِمْ شَيْءٌ لِأَنَّهُمْ أَحْرَارٌ بِسَبَبِ أَبِيهِمْ وَإِنَّمَا أُخِذَتِ الْقِيمَةُ فِيهِمْ بِالسُّنَّةِ قَالَ كِنَانَةُ إِذَا غُرِمْتَ قِيمَةَ الْوَلَدِ وَكَانَ لَهُ مَالٌ اكْتَسَبَهُ لَمْ تُغْرَمْ بِمَالِهِ بَلْ بِغَيْرِ مَالٍ كَقِيمَةِ عَبْدٍ وَيُؤَدِّي ذَلِكَ لِلْأَبِ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ مَالِ الْوَلَدِ شَيْءٌ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا حُكِمَ عَلَى الْأَبِ فِي عَدَمِهِ ثُمَّ مَاتَ ابْنُهُ بَعْدَ الْحُكْمِ لَمْ يَزَلْ عَنْهُ مَا لَزِمَهُ مِنَ الْقِيمَةِ كَجِنَايَةِ أُمِّ الْوَلَدِ وَالسَّيِّدُ عَدِيمٌ وَكَمَنَ حُكِمَ عَلَيْهِ مِنَ الْعَاقِلَةِ شَيْءٌ رَآهُ الْحَاكِمُ يَوْمَ أُعْدِمَ قَالَ أَشْهَبُ وَيَفِي بِالْقِيمَةِ فِي تَرِكَتِكَ لَا فِي مَالِ الْوَلَدِ إِذَا قَامَ الْمُسْتَحِقُّ بَعْدَ الْمَوْتِ فَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا اتَّبَعَ الْوَلَدَ فَمَنْ أُيْسِرَ مِنْهُمْ أُخِذَ مِنْهُ حِصَّةُ نَفْسِهِ فَقَطْ يَوْمَ كَانَ الْحُكْمُ وَإِنْ طَرَأَ لَكَ مَالٌ أَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ بِمَا يَنُوبُهُ فِيهِ قِيمَتَهُ وَلَا يَأْخُذُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ وَقَوْلُهُ إِذَا قُطِعَتْ يَدُ الْوَلَدِ وَأَخَذْتَ دِيَتَهَا فَعَلَيْكَ قِيمَةُ الْوَلَدِ أَقْطَعَ يَوْمَ الْحُكْمِ فِيهِ وَالْأَقَلُّ بِمَا نَقَصَ الْقَطْعُ أَوْ مَا قَبَضْتَ فِي الدِّيَةِ وَسَبَبُهُ اخْتِلَافُ الْقِيَمِ يَوْمَ الْقَطْعِ وَيَوْمَ الْحُكْمِ وَإِنْ كَانَ يَوْمُ الْقَطْعِ هُوَ يَوْمَ الْحُكْمِ لَغَرِمْتَ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ صَحِيحًا الْيَدُ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَوْ قُطِعَ خَطَأً فَدِيَتُهُ لَكَ مُنَجَّمَةً وَالْمُسْتَحَقُّ مِنْهَا قِيمَتُهُ يَأْخُذُ فِيهَا أَوَّلَ نَجْمٍ فَإِنْ لَمْ يَتِمَّ أَخَذَ تَمَامَهُ مِنَ الثَّانِي مِمَّا يَلِيهِ حَتَّى يَتِمَّ ثُمَّ مَا يُورَثُ عَنِ الِابْنِ مَا بَقِيَ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا شَيْءَ عَلَيْكَ فِيمَا أَخَذْتَ فِي الْقَتْلِ كَمَا لَوْ مَاتَ وَلَا فِي الْقَطْعِ وَعَلَيْكَ قِيمَتُهُ أَقْطَعَ فَقَطْ لِأَنَّ مَا أَخَذْتَهُ دِيَةُ حُرٍّ وَإِذَا زَوَّجَكَ بِهَا رَجُلٌ وَغَرِمْتَ قِيمَةَ وَلَدِهَا مَعَ دَفْعِهَا رَجَعْتَ عَلَى مَنْ غَرَّكَ بِالصَّدَاقِ كَامِلًا وَلَا يَتْرُكُ لَهُ رُبْعَ دِينَارٍ لِأَنَّهُ بَاعَ الْبُضْعَ وَاسْتَحَقَّ فَتَرْجِعُ بِثَمَنِهِ وَلَا تَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ لِأَنَّهُ لَمْ يَبِعْهُ وَهَذَا أَصْلُ مَالِكَ وَلَوْ كَانَتِ الْعَارِيَةَ لَمْ تَرْجِعْ عَلَيْهَا لِأَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ لِسَيِّدِهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَا أَعْطَيْتَهَا أَكْثَرَ مِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ فَيَرْجِعُ بِالْفَضْلِ فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ قَالَ أَشْهَبُ لَا يُزَادُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ الَّذِي وَقَعَ بِهِ الرِّضَا وَعَنْهُ يُتِمُّ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلسَّيِّدِ فَلَا يُبْطِلُ حَقَّهُ صَنِيعُهَا وَتَصْدُقُ فِي أَنَّكَ

تَزَوَّجْتَهَا حُرَّةً وَأَنْ لَمْ تَقُمْ بِبَيِّنَةٍ وَلَوْ كَذَبَتْكَ حُدَّتْ وَلَمْ يَلْحَقِ الْوَلَدُ وَعَلَى السَّيِّدِ الْبَيِّنَةُ أَنَّكَ تَزَوَّجْتَهَا عَلَى أَنَّهَا أَمَةٌ إِنِ ادَّعَى ذَلِكَ وَتَأْخُذُ الْوَلَدَ وَإِلَّا فَهُوَ حُرٌّ وَلَهُ قِيمَتُهُ حَالَةً عَلَى الْأَبِ يَوْمَ يُقْضَى لَهُ بِهِ فَإِنْ أُعْدِمَتِ اسْتَحْسَنَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي مَالِ الْوَلَدِ فَإِنْ غَرِمَتِ الْأَمَةُ عَبْدًا أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ مُدَبَّرًا أَوْ مُعْتَقًا إِلَى أَجَلٍ فَإِنَّ أَوْلَادَهُمْ رَقِيقٌ مَعَهَا لِعَدَمِ حريَّة الواطيء فَإِن اسْتحق مِنَ الْمُشْتَرِي بِأَنَّهَا مُدَبَّرَةٌ أَخَذَهَا وَقِيمَةَ وَلَدِهَا عَبْدًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ قَالَ وَلَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ لِأَنَّ مَنْ بَاعَ مُدَبَّرًا وَمَاتَ بِالْعِتْقِ كَانَ الثَّمَنُ كُلُّهُ لِلْبَائِعِ وَعَلَى هَذَا ثَبَتَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَإِنْ كَانَتِ الَّتِي ولدتها مُكَاتَبَةً قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تَلْزَمُكَ قِيمَةُ الْوَلَدِ رَقِيقًا وَتُوقِفُ الْقِيمَةَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَلَا مَعْنَى لِذَلِكَ وَلْيَكُنْ ذَلِكَ مَحْسُوبًا مِنْ آخَرِ الْكِتَابَةِ وَيَتَعَجَّلُهَا السَّيِّدُ وَلَوْ تَأَخَّرَ الْحُكْمُ حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ وَأَدَّيْتَ الْكِتَابَةَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْكَ مِنْ قِيمَتِهِمْ وَأَمَّا الْمُعْتَقُ إِلَى أَجَلٍ فَأُمُّ الْوَلَدِ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ لِأَنَّ هَذَا الْوَصْفَ مَلَكَهُمْ السَّيِّدُ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا اسْتُحِقَّتْ حَامِلًا جَرَتْ عَلَى الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَخْذِهَا يُؤَخِّرُهَا حَتَّى تَضَعَ لِأَنَّهَا حَامِلًا محمر كَذَا فَتَأْخُذُهَا وَقِيمَةَ الْوَلَدِ فَإِنْ أَسْقَطَتْ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ مَاتَتْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْكَ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَخْذِ الْقِيمَةِ دُونَهَا يَتَعَجَّلُهَا الْآنَ وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ لَيْسَ لَهُ إِلَّا أَخْذُ قِيمَتِهَا يَوْمَ حَمَلَتْ وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَ الْمُحَاكَمَةِ لَمْ تَسْقُطْ عَنْهُ الْقِيمَةُ وَيُخْتَلَفُ مَتَى تَكُونُ عَلَى أَحْكَامِ الْوَلَدِ فَعَلَى الْقَوْلِ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْحَمْلِ هِيَ أُمُّ وَلَدٍ مِنْ يَوْمِ الْحَمْلِ وَعَلَى قِيمَةِ يَوْمِ الْحَمْلِ يُخْتَلَفُ فِيهَا فَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ لَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ بَعْدَ الْفِدَاءِ لِأَنَّهُ أَجَازَ لَهُ أَنْ يُسَلِّمَهَا إِنْ أَحَبَّ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي أَنَّهُ مَجْبُورٌ عَلَى دَفْعِ الْقِيمَةِ فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ لَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ لِأَنَّ افْتِدَاءَهَا الْآنَ وَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ أُمَّ وَلَدٍ كَالْوَلَدِ يَدْفَعُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْحُكْمِ وَهُوَ جَنِينٌ فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَإِذَا اسْتَحَقَّ وَقَدْ أُنْفِقَتْ دِيَتُهُ لَمْ يُطَالِبْ لِأَنَّهُمْ غَرِمُوا بِالْحُرِّيَّةِ وَمَقَالُهُ مَعَكَ وَإِنْ قُتِلَ عَمْدًا فَالْمَقَالُ لَكَ فِي الْقِصَاصِ وَالْعَفْوِ دون

الْمُسْتَحق وَاخْتلف هَل يقوم الْوَلَد بِمَا لَهُ قَالَ المَخْزُومِي أَو بِغَيْر مَاله قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْقِيَاسُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْحُكْمِ أَنْ يَكُونَ لِلْمُسْتَحِقِّ مَقَالٌ فِي الْمَالِ وَلَوْ قِيلَ إِنَّ الْقِيمَةَ عَلَى الِابْنِ ابْتِدَاءً أَعْسَرَ الْأَبُ أَمْ لَا لَكَانَ وَجْهًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ مُتَّ وَلَمْ تَدَعْ مَالًا اتَّبَعَ الْوَلَدُ بِالْقِيمَةِ وَعَلَى قَوْلِ غَيْرِهِ لَا يَكُونُ عَلَى الِابْنِ شَيْءٌ وَالْقِيَاسُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ عَلَيْكَ وَإِنْ مُتَّ مُوسَرًا لِأَنَّ الْقِيمَةَ إِنَّمَا تَلْزَمُكَ إِذَا قِيمَ عَلَيْكَ وَهَذَا قَدْ تَعَذَّرَ قَاعِدَةٌ الْمُسْقِطَةُ لِلْحَدِّ الْمُوجِبَةُ لِلُحُوقِ النَّسَبِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ شُبْهَةٌ فِي الْوَاطِئِ وَهُوَ اعْتِقَادُهُ الْحَدَّ كَمَنْ وَطِئَ أَجْنَبِيَّةً يَظُنُّهَا زَوْجَةً وَفِي الموطؤة كَالْأَمَةِ الْمُشْتَرَكَةِ فَإِنَّ مَا فِيهَا مِنْ مِلْكِهِ مُبِيحٌ وَمَا فِيهَا مِنْ مِلْكِ الْغَيْرِ مُحَرَّمٌ فَيحصل الِاشْتِبَاه وَفِي الطَّرِيق وَهُوَ كَون الوطيء مُخْتَلَفًا فِيهِ لِأَنَّ الْمُجَوِّزَ مُبِيحٌ وَالْمُحَرِّمَ حَاظِرٌ فَيَحْصُلُ الِاشْتِبَاهُ تَنْبِيهٌ الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ مَعْنَاهُ يَتَوَقَّعُ الضَّمَانَ فَإِنَّهُ إِنَّمَا ضَمِنَ عَلَى تَقْدِيرِ التَّلَفِ وَهَذَا التَّقْدِيرُ لَمْ يَحْصُلْ بَعْدُ مَعَ أَخْذِ الْغَلَّةِ الْآنَ وَاسْتِحْقَاقُهَا يَكُونُ لِتَوَقُّعِ الضَّمَانِ لَا بِالضَّمَانِ نَفْسِهِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ لَهُ رَدُّ مَا يَبْنِيهِ مَسْجِدًا كَرَدِّ الْعِتْقِ وَفِي النُّكَتِ لِأَنَّهُ لَوْ أَمَرَ بِدَفْعِ الْقِيمَةِ رُدَّ كَوْنَهُ مَسْجِدًا وَمِلْكَهُ وَهُوَ قَدْ بُنِيَ لَهُ وَكَانَ هَدَمَهُ وَجُعِلَ النَّقْضُ فِي غَيْرِهِ وَلِأَنَّهُ لَوِ امْتَنَعَ مِنَ الْقِيمَةِ لَمْ يَكُنْ إِجْبَارًا لِآخَرَ عَلَى دَفْعِ قِيمَةِ الْأَرْضِ كَمَا تَفْعَلُ فِيمَا بنى للسكن لخُرُوج الْبناء على يَدِهِ وَتَشْبِيهِهِ بِالْعَبْدِ مِنْ جِهَةِ اشْتِرَاكِهِمَا فِي الْقُرْبَةِ وَإِنِ افْتَرَقَا فِي أَنَّ الْعَبْدَ اسْتُحِقَّتْ عَيْنُهُ وَالْأَنْقَاضُ لَمْ تُسْتَحَقَّ وَهِيَ الَّتِي عُمِلَتْ مَسْجِدًا قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ وَيُجْعَلُ النَّقْضُ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ تَتْمِيمًا لِقَصْدِ الْقُرْبَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِمَوْضِعِهِ ذَلِكَ مَسْجِدٌ فَلْيَنْقُلِ النَّقْضَ لِأَقْرَبِ الْمَسَاجِدِ إِلَيْهِ وَيُكْرَى عَلَى نَقْلِهِ مِنْهُ وَيَجُوزُ لِمَنْ أَخَذَهُ فِي كِرَائِهِ مِلْكُهُ قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَيحْتَمل

أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنِ اشْتَرَى دَارًا مَبْنِيَّةً فَهَدَمَهَا وَبَنَى بِنَقْضِهَا مَسْجِدًا فِيهَا وَلَمْ يَزِدْ فِيهَا عَلَى نَقْضِهَا شَيْئًا فَيَأْخُذُ الْبِنَاءَ وَالْقَاعَةَ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْكَ فِيمَا هَدَمْتَ لِأَنَّكَ هَدَمْتَهَا بِشُبْهَةٍ فَيُسَاوِي الْعِتْقَ حِينَئِذٍ وَعَلَى هَذَا إِذَا أَبَى الْمُسْتَحِقُّ أَنْ يُلْزِمَكَ قِيمَةَ النَّقْضِ مَنْقُوضًا لِأَنَّكَ لَمَّا بَنَيْتَ بِهِ الْمَسْجِدَ فَقَدْ أَفَتَّهُ لِأَنَّهُ بِسَبَبِ هَدْمِكَ لَا يَتَحَصَّلُ بِكَمَالِهِ وَإِذَا أَدَّيْتَ قِيمَتَهُ مَنْقُوضًا وَهَدَمْتَهُ بَعْدَ ذَلِكَ جَعَلْتَ النَّقْضَ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ لِأَنَّكَ قَدْ أَبَنْتَهُ عَلَى نَفْسِكَ وَجَعَلْتَهُ لِلَّهِ وَإِن رَضِي الْمُسْتَحق بذلك النَّقْص فَلَهُ مِلْكُهُ وَلَا يَلْزَمُكَ شَيْءٌ قَالَ التُّونِسِيُّ قَالَ سَحْنُونٌ مَعْنَى مَا فِي الْكِتَابِ إِذَا كَانَ غَاصِبًا أَمَّا لَوْ كَانَ مُشْتَرِيًا فَلَهُ قيمَة بنائِهِ قَائِما يَجْعَل الْقِيمَةَ فِي حُبُسٍ آخَرَ وَقَدْ يُمْكِنُ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ أَرَادَ أَنَّهُ لَمَّا حَبَسَ الْأَنْقَاضَ لَمْ يَقَضِ فِيهَا بِقِيمَةٍ وَإِنْ بَنَى بِشُبْهَةٍ أَلَا تَرَى أَنَّ سَحْنُونًا لَمْ يَجْعَلْ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يُعْطِيَ قِيمَةَ الْأَنْقَاضِ مَنْقُوضًا لَمَا كَانَ ذَلِكَ إِبْطَالًا لِلْحُبُسِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ إِعْطَاءُ الْقِيمَةِ مَنْقُوضًا كَذَلِكَ أَنْتَ إِنَّمَا تُعْطِي قِيمَةَ بِنَائِهِ قَائِمًا فَإِذَا وَهَبْتَ حَقَّكَ لِأَنَّ الْبِنَاءَ لَيْسَ لَكَ بَلْ لِلَّهِ وَقَدْ قَالَ سَحْنُونٌ فِي الَّذِي بَنَى فِي أَرْضٍ بِشُبْهَةٍ فَثَبَتَ أَنَّهَا حُبُسٌ يُقْلَعُ الْبِنَاءُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قِيلَ لِسَحْنُونٍ فَكَيْفَ يُقْلَعُ وَقَدْ بنى بِشُبْهَة قيل فَمن قَالَ يُعْطِيهِ قِيمَةَ بِنَائِهِ قِيلَ لَهُ فَيَشْتَرِكَانِ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ فَقَالَ بَعْضُ الْحَاضِرِينَ يُلْزِمُ بَيْعَ الْحُبُسِ وَهُوَ يَسْمَعُ فَلَمْ يُنْكِرْ قِيلَ أَفَيُعْطِيهِ الْمُحْبِسُ قِيمَةَ بِنَائِهِ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ فَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يُقْلِعُ بِنَاءَهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْقَوْلُ بِهَدْمِ الْبِنَاءِ وَإِنْ كَانَ بِوَجْهِ شُبْهَةٍ لَمْ يَهْدِمْ عَلَيْهِ وَقِيلَ لِلْمُسْتَحِقِّ أَعْطِهِ قِيمَتَهُ قَائِمًا أَوْ يُعْطِيكَ قِيمَةَ أَرْضِكَ فَإِنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ التَّعَدِّي أَعْطَاهُ قِيمَتَهُ مَهْدُومًا وَبَقِيَ لَهُ قَائِما وَقَالَ سَحْنُونٍ أَحْسَنُ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ يَأْخُذُ بِحَقِّ تَقْدِيمٍ عَلَى الْحُبُسِ وَيَرُدُّهُ مِنْ أَصْلِهُ فَلَهُ إِذَا ثَبَتَ تَعَدِّيهِ أَنْ يَأْخُذَهُ مَا لَا بُدَّ من نقضه وهضمه لِأَنَّ بِنَاءَ الْمَسْجِدِ لَا يُوَافِقُ بِنَاءَ الدُّورِ فَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ لَا يُسْتَغْنَى عَنْ هَدْمٍ هُدِمَ وَجُعِلَ غَيْرُهُ أُخِذَ بِقِيمَتِهِ وَإِنْ كَانَ بِوَجْهِ شُبْهَةٍ وَأَبَى الْمُسْتَحِقُّ مِنْ دَفْعِ الْقِيمَةِ لِلْبِنَاءِ وَأَبَيْتَ مِنْ دَفْعِ قِيمَةِ الْأَرْضِ كُنْتُمَا شَرِيكَيْنِ فَإِنْ حَمَلَ الْقَسَمَ وَكَانَ فِيمَا يَنُوبُ الْحُبُسُ مَا يَكُونُ مَسْجِدًا قُسِمَ وَإِنْ لَمْ يَحْمِلِ الْقَسَمَ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ

مَا يَكُونُ مَسْجِدًا بِيعَ وَجُعِلَ فِي مِثْلِهِ وَأَمَّا إِذَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ بَنَى أَرْضًا دَارًا ثمَّ ثَبت أَنَّهَا مسد لَمْ يَكُنْ لِلْبَانِي قِيمَتُهُ قَائِمًا لِتَقَدُّمِ حَقٍّ صَحِيحٍ وَإِنْ ثَبَتَ أَنَّ الْقَاعَةَ حَبْسٌ عَلَى مُعَيَّنَيْنِ قِيلَ لِلْمُحْبَسِ عَلَيْهِمْ أَعْطُوهُ قِيمَتَهُ قَائِمًا وَيَكُونُ لَكُمْ الِانْتِفَاعُ بِهِ إِلَى وَقْتِ يَسْقُطُ حَقُّكُمْ مِنَ الْحُبُسِ بِالْمَوْتِ أَوْ بِانْتِفَاءِ الْأَجَلِ إِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا فَإِنْ رَجَعَتِ الْأَرْضُ إِلَى مُحْبِسِهَا كَانَ لِوَرَثَةِ الْمُحْبَسِ عَلَيْهِمْ أَخْذُ قِيمَةِ ذَلِكَ قَائِمًا كَمَا كَانَ لِمُورِثِهِمْ لِأَنَّهُمْ يَحُلُّونَ مَحَلَّهُ فَإِنْ أَبَى كَانُوا شُرَكَاءَ مَعَهُمْ بِقَدْرِ ذَلِكَ وَإِنْ أَبَى الْمُحْبَسُ عَلَيْهِمْ إِعْطَاءَ قِيمَةِ الْبِنَاءِ قَائِمًا أَعْطَاهُ مَالِكُ الْأَرْضِ وَبَقِيَ شَرِيكًا مَعَ الْمُحْبَسِ عَلَيْهِمْ بِقَدْرِهِ فَإِنْ أَبَى كَانَ الْبَانِي شَرِيكًا بِقَدْرِ قِيمَةِ الْبِنَاءِ قَائِمًا فَمَا نَابَهُ سَكَنَهُ أَوْ بَاعَهُ وَمَا نَابَ الْمُحْبَسَ عَلَيْهِمْ سَكَنُوهُ فَإِذَا انْقَضَى حَقُّهُمْ فِي الْحُبُسِ عَاد ذَلِك الْقدر للمحبس على إِحْدَى قَوْلَيْ مَالِكٍ إِنَّ الْحُبُسَ عَلَى الْمُعَيَّنَيْنِ يَعُودُ مِلْكًا وَعَلَى قَوْلِهِ يَرْجِعُ مَرْجِعَ الْأَحْبَاسِ فَإِنَّمَا يُعْطَى قِيمَتَهُ قَائِمًا عَلَى أَنَّهُ يَبْقَى إِلَى انْقِضَاءِ حَقِّ مَنْ حُبِسَ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يُهْدَمْ وعَلى قَول سَحْنُون وَالْحَبْس وَغَيره سَوَاء يجوز للباني إِعْطَاء قِيمَةِ الْأَرْضِ إِذَا لَمْ يُعْطِ قِيمَةَ الْبِنَاءِ وَيَجْعَلُ الْقِيمَةَ فِي مِثْلِهِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا اسْتُحِقَّ بَعْضُ الثِّيَابِ الْكَثِيرَةِ الْمُشْتَرَاةِ أَوِ الْمصَالح عَلَيْهِ أَو وجدت بِهِ عَيْبًا قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ وَهُوَ أَقَلُّهَا رَجَعْتَ بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ أَوْ وَجْهُ الصَّفْقَةِ انْتَقَضَتْ كُلُّهَا وَيَرُدُّ بَاقِيهَا لِفَوَاتِ مَقْصُودِ الْعَقْدِ وَيُمْتَنَعُ التَّمَسُّكُ بِبَاقِيهَا بِحِصَّتِهِ إِذْ لَا يَعْرِفُ حَتَّى يَقُومَ فَهُوَ بَيْعٌ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ وَيَلْزَمُكَ فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ الْمُسْتَحَقِّ قَلِيلُهُ بَاقِيهِ وَيَرْجِعُ بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ وَيُخَيَّرُ فِي الْكَثِيرِ بَيْنَ حَبْسِ الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ وَرَدِّهِ وَكَذَلِكَ الْجُزْءُ الشَّائِعُ مِمَّا لَا يَنْقَسِمُ لِلْعِلْمِ بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ قَبْلَ الرِّضَا بِهِ وَالسِّلَعُ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ حِصَّةُ كُلِّ سِلْعَةٍ مَا يَنُوبُهُ مِنَ الثَّمَنِ يَوْمَ الْعَقْدِ فِي التَّنْبِيهَاتِ لَوْ عَلِمَ مَا يَنُوبُ الْبَاقِي مِنَ الثِّيَابِ فَلَا بُدَّ مِنْ رِضَاهُمَا مَعًا لِأَنَّهُ بَيْعٌ مُؤْتَنِفٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ أَجَازَ ابْنُ حَبِيبٍ التَّمَسُّكَ بِالْبَاقِي وَإِنْ كَرِهَ الْبَائِعُ لِتَقَدُّمِ الرِّضَا وَالْعَقْدِ

فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ صُبْرَتَيْنِ قَمْحًا وَشَعِيرًا جُزَافًا فِي صَفْقَةٍ بِمِائَةٍ عَلَى أَنَّ لِكُلِّ صُبْرَةٍ خَمْسِينَ أَوْ ثِيَابًا أَوْ رَقِيقًا عَلَى أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الثَّمَنِ كَذَا فَاسْتَحَقَّ أَحَدٌ ذَلِكَ وُزِّعَ الثَّمَنُ عَلَى الْجُمْلَةِ وَلَا يُنْظَرُ إِلَى مَا سَمَّيْنَا لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ حُكْمِيٌّ كَالْإِتْلَافِ يَرْجِعُ لِلتَّوْزِيعِ وَالْكَيْلِ لِعَقْدٍ اخْتِيَارِيٍّ وَلَوْ كَانَ عَلَى كُلِّ قَفِيزٍ بِدِينَارٍ امْتُنِعَ الْبَيْعُ لِلْجَهْلِ بِمِقْدَارِ الْقَمْحِ وَإِنْ كَثُرَ رِبْحُ الْمُشْتَرِي أَوْ قَلَّ خُسْرُهُ فَالثَّمَنُ مَجْهُولٌ وَلَوِ اسْتَحَقَّ أَحَدَ الْعَبْدَيْنِ بِحُرِّيَّةٍ وَهُوَ وَجْهُ الصَّفْقَةِ لَرَدَدْتَ الْآخَرَ لِذَهَابِ مَقْصُودِ الْعَقْدِ وَإِلَّا لَزِمَ الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ وَيَقُومُ الْمُسْتَحِقُّ أَنْ لَوْ كَانَ عَبْدًا وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ مُكَاتَبًا أَوْ مُدَبَّرًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ فِي النُّكَتِ إِنَّمَا يُمْتَنَعُ بَيْعُ صُبْرَةِ قَمْحٍ وَصُبْرَةِ شَعِيرٍ كُلُّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ التَّخَاطُرِ بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ وَذَلِكَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَطْمَعُ أَنْ يَكُونَ الْقَمْح أَكثر فَيَأْخُذ بِسِعْرِ الشَّعِيرِ وَالْبَائِعَ يَقُولُ قَلَّ الشَّعِيرُ فَبِعْتُهُ مِنْهُ أَكْثَرَ بِثَمَنِ الْقَمْحِ وَيَجُوزُ فِي الصُّبْرَتَيْنِ عَشَرَةٌ مِنْ هَذِهِ وَعَشَرَةٌ مِنْ هَذِهِ كُلُّ فقيز بِكَذَا لِعَدَمِ الْمُخَاطَرَةِ بِالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَإِنَّمَا أُلْغِيَتِ الْقِسْمَةُ لِأَنَّهُ لَمْ يَبِعْ هَذَا بِكَذَا إِلَّا عَلَى أَنَّ الْآخَرَ بِكَذَا فَبَعْضُهَا يَحْمِلُ بَعْضًا وَقِيلَ الْبَيْعُ فَاسِدٌ إِذَا أطلقت البيع هَكَذَا لِأَنَّهُ كالمشترط أَن لَا يَقْبِضَ الثَّمَنَ وَأَنْ يَرْجِعَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ بِمَا سَمَّيَا قَالَ مُحَمَّدٌ فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ لَا يَنْقَسِمُ رَجَعَ بِقِيمَةِ الْحِصَّةِ وَلَا يَرْجِعُ فِي عَيْنِهِ لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا اصْطَلَحْتُمَا عَلَى الْإِقْرَارِ عَلَى عِوَضٍ بِاسْتِحْقَاقٍ رَجَعْتَ عَلَيْهِ بِمَا أَقَرَّ بِهِ إِلَّا أَنْ يَفُوتَ بِتَغْيِيرِ سُوقٍ أَوْ بَدَنٍ فَقِيمَتُهُ لِأَنَّ الْمُقِرَّ بِهِ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ أَوْ عَلَى الْإِنْكَارِ فَاسْتَحْقَقْتَ مَا بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلْيَرْجِعْ فِي الْعِوَضِ وَإِن لَمْ يَفُتْ قَالَ التُّونِسِيُّ قِيلَ لَا يَرْجِعُ فِي صُلْحِ الْإِنْكَارِ فِيمَا دَفَعَ لِأَنَّهُ بَدَلٌ لتمر

الْمُخَاصمَة قد يحصل ذَلِكَ فَقِيلَ يَرْجِعُ بِهِ أَوْ بِقِيمَتِهِ فِي الْقرب دون الْبعد لِأَن فِي الْبعد فَوت بِقِيمَتِهَا لَوْلَا الصُّلْحُ وَأَمَّا إِذَا اسْتَحَقَّ مَا أَخَذَ الْمُدَّعِي رَجَعَ بِقِيمَتِهِ وَهَذَا أَصْلٌ الرُّجُوعُ إِلَى الْخُصُومَات رَجَعَ إِلَى غزر فَالرُّجُوعُ بِقِيمَتِهِ مَا اسْتَحَقَّ كَمَا لَا يَرْجِعُ إِلَى الدَّمِ فِي الْعَمْدِ وَلَا إِلَى الْعِصْمَةِ فِي الْخُلْعِ الَّتِي فَاتَتْ وَكَذَلِكَ يَجِبُ فِي الْغَرَرِ لَوْ صَالَحَهُ عَلَى خِدْمَةِ جِنَانِهِ بِشَيْءٍ اسْتحق رَجَعَ بِقِيمَتِهِ لِأَنَّهُمَا قَدْ خَرَجَا عَنِ الْغَرَرِ وَقِيلَ يَرْجِعَانِ فِي الصُّلْحِ عَلَى الْإِقْرَارِ عَلَى الْخُصُومَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ إِنِ اسْتَحَقَّ مَا بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ وَالْحُكْمِ رَجَعَ عَلَى الْمُدَّعِي بِمَا دَفَعَ وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ أَقَرَّ لِلْمُدَّعِي وَإِنَّمَا أُخِذَ مِنْهُ ظُلْمًا وَقَالَ هَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَقَالَ ابْنُ اللَّبَّادِ الْمَعْرُوفُ مِنْ قَوْلِ أَصْحَابِنَا إِذَا اسْتَحَقَّ مَا بِيَدِ الْمُدَّعِي فِي الصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ كَمُدَّعِي دَارٍ فَيُصَالِحُ عَلَى عَبْدٍ فَيَسْتَحِقُّ أَحَدُهُمَا فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَيُّهُمَا اسْتَحَقَّ انْتَقَضَ الصُّلْحُ فَإِنِ اسْتُحِقَّتِ الدَّارُ رَجَعَ فِي الْعَبْدِ وَالْعَبْدُ رَجَعَ فِي دَعْوَاهُ الدَّارَ وَمنع سَحْنُون الأول لِأَنَّهُ دَفَعَهُ كَدَفْعِ الْخُصُومَةِ وَقِيلَ إِنْ طَالَ الْأَمْرُ مِمَّا يَهْلِكُ فِيهِ الْبُنْيَانُ لَمْ يَرْجِعْ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنِ ادَّعَى سُدْسَ دَارٍ فَصَالَحَ بَعْدَ الْإِنْكَارِ عَلَى شِقْصٍ اسْتُشْفِعَ بِقِيمَةِ الْمُدَّعَى فِيهِ فَهَذَا يَرْجِعُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ فِي الدَّعْوَى كَالْبَيْاعَاتِ وَعَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ يُسْتَشْفَعُ بِقِيمَةِ السُّدْسِ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يُشْفَعُ بِشَيْءٍ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا اسْتُحِقَّتِ الدَّارُ رَجَعَ فِي الْعَبْدِ أَحْسَنُ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ مِنْ يَدِهِ يَقُولُ لِلْمُدَّعِي إِنْ كُنْتَ مُحِقًّا فَهُوَ شِرَاءٌ فَعَلَيْكَ رَدُّ الْعِوَضِ أَوْ مُبْطَلًا أَوْ يَقُولُ الْآنَ إِنَّهَا دَارِي حُرِّمَ عَلَيْكَ مَا أَخَذْتَهُ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِذَا اسْتُحِقَّ الْعَبْدُ أَحْسَنُ لِأَنَّ الصُّلْحَ فِي الْغَالِبِ بِبَعْضِ قِيمَةِ الْمُدَّعَى فِيهِ فَلَمْ يَجِبِ الرُّجُوعُ بِبَعْضِ قِيمَةِ الدَّارِ وَلَا فِي الدَّعْوَى كالصداق الْخُلْعِ وَدَمِ الْعَمْدِ وَإِنِ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْعَبْدِ فَلِلْمُدَّعِي عَلَى أَصْلِ ابْنِ

الْقَاسِمِ رَدَّ الْبَاقِيَ وَيَرْجِعُ عَلَى طَلَبِهِ أَوِ التَّمَسُّك وَالِد كَذَا فِي بالمطالبة بِنِصْفِ الدَّارِ ثُمَّ يُخَيِّرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي إِمْضَاءِ الصُّلْحِ بِنِصْفِ الدَّارِ وَيَقُولُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِنْ شِئْتَ تَمَسَّكْتَ بِنِصْفِ الْعَبْدِ عَلَى أَنْ لَا شَيْءَ لَكَ أَوْ يَرُدُّهُ وَيَرْجِعُ فِي الْخُصُومَةِ لِأَنِّي إِنَّمَا قَصَدْتُ بِالصُّلْحِ دَفْعَ الْخُصُومَةِ فَإِذَا كُنْتَ تَعُودُ إِلَيْهَا تَضَرَّرْتَ وَعَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ لَهُ الرُّجُوعُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَيَرُدُّ الْبَاقِيَ بِعَيْبِ الشَّرِكَةِ وَيَرْجِعُ بِجَمِيعِ قِيمَتِهِ وَهُوَ أَقْيَسُ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ لَكَ عَلَيْهِ مِائَتَانِ فَصَالَحْتَهُ عَلَى تَرْكِ مِائَةٍ وَأَخْذِ عَبْدِهِ مَيْمُونًا فَاسْتحقَّ رجعت بِالْمِائَتَيْنِ لِأَنَّ مَنْ بَاعَ سِلْعَةً بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ بِهِ سِلْعَةً نَقْدًا أَوْ مَضْمُونَةً مُؤَجَّلَةً فَإِنَّمَا وَقَعَ الْبَيْعُ بِتِلْكَ السِّلْعَةِ وَاعْتُبِرَ الْفِعْلُ دُونَ الْقَوْلِ فَرْعٌ قَالَ إِذَا اسْتُحِقَّ الْمُصَالَحُ بِهِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ رَجَعْتَ بِقِيمَتِهِ وَتَعَذَّرَ الْقَتْلُ بِشُبْهَةِ الْمُصَالَحَةِ وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ صَادِقا فَاسْتَحَقَّ أَوْ ظَهَرَ مَعِيبًا فَقِيمَتُهُ وَيَثْبُتُ النِّكَاحُ لِأَنَّ الْعِوَضَ فِيهِ بَيْعٌ لَا يَضُرُّ اسْتِحْقَاقُهُ وَكَذَلِكَ الْخُلْعُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ سَوَاء اسْتحق بِملك أَو حريَّة وَقَالَ لمغيرة يَرْجِعُ فِي الْحُرِّيَّةِ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ كَأَنَّهُ لَمْ يُمْهِرْهَا شَيْئًا بِخِلَافِ الْمَمْلُوكِ لِأَنَّ لَمْ يَكُنْ لَهَا غَيْرُهُ وَإِذَا مَاتَ فِي يَدَيْهَا ثُمَّ اسْتُحِقَّ بِمِلْكٍ فَلَا شَيْءَ لَهَا كَمَا لَوْ مَاتَ وَلَمْ يَتَضَرَّرْ بِالِاسْتِحْقَاقِ يَرْجِعُ الْمُسْتَحَقُّ عَلَى الزَّوْجِ وَإِنِ اسْتُحِقَّ بِحَرِيَّةٍ رَجَعْتَ عَلَيْهِ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْطِهَا شَيْئًا وَفِي الْكِتَابِ إِنْ تَزَوَّجَتْ بِشِقْصٍ أَخَذَهُ الشَّفِيعُ بِقِيمَتِهِ لَا بِصَدَاقِ الْمِثْلِ لِأَنَّ الْقِيمَةَ أَقْرَبُ إِلَى الثَّمَنِ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ وَالْمُكَاتَبُ عَلَى عَرَضٍ مَوْصُوفٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ طَعَامٍ فَيُقْبِضُهُ وَيُعْتَقُ رَدٌّ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَنَفَذَ الْعِتْقُ وَعَنْهُ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ

مَالٌ عَادَ مُكَاتَبًا لَيْسَ بَقَاءُ الْكِتَابَةِ عَلَيْهِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُرَدُّ عِتْقُهُ لِأَنَّ حُرْمَتَهُ قَدْ تَمَّتْ وَيَتَّبِعُ بِذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ غَرَّ بِشَيْءٍ تَقَدَّمَتْ لَهُ فِيهِ شُبْهَةٌ رَجَعَ مُكَاتَبًا وَلَوِ أَعْتَقَهُ عَلَى شَيْءٍ بِعَيْنِهِ وَهُوَ مكَاتب لَا يُرِيد الْعِتْقُ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَكَأَنَّهُ مَالٌ انْتَزَعَهُ مِنْهُ ثُمَّ لَوِ أَعْتَقَهُ وَلَوْ بِعْتَهُ بِنَفْسِهِ بِجَارِيَةٍ لَيْسَتْ لَهُ قَالَ تُخَيَّرُ وَهُوَ بِعَيْنِهَا فِي مِلْكِ غَيره فَردَّتْ بِعَيْب قَالَ ابْن الْقَاسِم يرهَا ويتبعه بِقِيمَتِهَا وَهُوَ حر قَامَ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا ثَبَتَتِ الْحُرِّيَّةُ فِي الْعَبْدِ أَوِ الْغَصْبِ وَهُوَ صَدَاقٌ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُفْسَخُ النِّكَاحُ قِيلَ وَيَثْبُتُ بَعْدُ وَلَهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُفْسَخُ تَعَمَّدَ الزَّوْجُ ذَلِكَ أَمْ لَا وَيَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ قَالَ أَصْبَغُ وَكَذَلِكَ لَوْ عَلِمَتْ هِيَ بَحُرِّيَّتِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ هُوَ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَا جَمِيعًا فَيَفْسَخُ قِيلَ وَيَثْبُتُ بَعْدُ وَلَهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا صَالَحْتَ عَلَى عَيْبِ الْعَبْدِ بَعْدُ رَجَعَا صَفْقَةً وَاحِدَةً لِأَنَّ الثَّانِيَ يَدُلُّ عَلَى جُزْءِ الْأَوَّلِ وَإِذَا اسْتَحَقَّ أَحَدُهُمَا بَعْضَ الثّمن عَلَيْهِمَا وَنظر هَلْ هُوَ وَجْهُ الصَّفْقَةِ أَمْ لَا عَلَى الْقَاعِدَةِ فِي التَّنْبِيهَاتِ قَالَ أَبُو عُمَرَ إِنَّمَا يَنْظُرُ فِي قِيمَتِهِمَا يَوْمَ الصُّلْحِ لِأَنَّهُ يَوْمُ تَمَامِ الْبَيْعِ فِيهِمَا وَقِيلَ يَنْظُرُ فِي الْأَوَّلِ يَوْمَ الْبَيْعِ وَالثَّانِي يَوْمَ الصُّلْحِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ أَشْهَبُ إِنِ اسْتَحَقَّ الثَّانِي رَدَّ الْأَوَّلَ إِلَّا إِنْ تَرَاضَيَا عَلَى شَيْءٍ وَإِنِ اسْتُحِقَّ الْأَوَّلُ يُفْسَخُ الْبَيْعُ وَيُرَدُّ الثَّانِي إِنْ كَانَ قَائِمًا أَوْ قِيمَتُهُ إِنْ كَانَ فَائِتًا وَيُرْجَعُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَكَأَنَّهُ قَالَ أَخَذَ هَؤُلَاءِ وَلَا يُقَامُ عَلَيَّ فِي الْأَوَّلِ وَكَذَلِكَ إِنْ وَجَدَ عَيْبًا بِالثَّانِي وَالْأَوَّلُ غَيْرُ الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ هُمَا كَالصَّفْقَةِ الْوَاحِدَةِ وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ بِأَيِّهِمَا وُجِدَ الْعَيْبُ رَدَّهُمَا فَإِنْ وَجَدَهُ بِالثَّانِي رَدَّهُ ثُمَّ يُرَدُّ الْأَوَّلُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَمْ يُصَالِحْ أَوْ بِالْأَوَّلِ رَدَّهُ وَرَدَّ بِالْآخرِ لِأَنَّ الْبَيْعَ انْتَقَضَ فَإِنْ فَاتَ الْأَوَّلُ فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَصَالَحَ عَنْهُ بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ بِقِيمَتِهِ على عبد ثمَّ اسْتحق الأول وَلم يَنْتَقِضِ الثَّانِي لِتَعَدُّدِ الْعَقْدِ

فِيهِمَا فَإِنْ كَانَ ثَمَنُ الْأَوَّلِ مِائَةً وَقِيمَةُ الْعَيْبِ عَشَرَةً وَهِيَ الَّتِي تُسْتَحَقُّ بَعْدَ الْفَوْتِ فِي الْأَوَّلِ وَهِيَ دَيْنُ الْمُشْتَرِي أَخَذَ فَإِنِ اسْتحق الأول رَجَعَ مُشْتَرِيه بتسعين وَالثَّانِي إِنِ اسْتَحَقَّ الثَّانِيَ رَجَعَ بِعَشَرَةٍ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِنْ بِعْتَ عَبْدًا لِعَبْدٍ فَاسْتُحِقَّ أَحَدُهُمَا أَوْ ظَهَرَ عَيْبٌ رَجَعَ صَاحِبُهُ فِي الَّذِي أَعْطَى فَإِنْ فَاتَ بِتَغَيُّرِ سُوقِهِ أَوْ بَدَنِهِ فقيمة يَوْمَ الْبَيْعِ وَإِنْ بِعْتَهُ بِثَوْبٍ فَاسْتُحِقَّ الثَّوْبُ وَقَدْ عَتَقَ رَجَعْتَ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ وَإِنْ بِعْتَهُ بِجَارِيَة فقيمة الْجَارِيَة فحال سُوقُهُمَا أَوْ وَلَدَتْ أَوْلَادًا فَاسْتُحِقَّ الْعَبْدُ بِمِلْكٍ أَوْ حُرِّيَّةٍ فَقِيمَةُ الْجَارِيَةِ يَوْمَ الْبَيْعِ لِتَعَذُّرِهَا وَكَذَلِكَ إِنْ زَوَّجْتَهَا ثُمَّ اسْتُحِقَّ الْعَبْدُ أَوْ ظَهَرَ بِهِ عَيْبٌ فَقِيمَتُهَا يَوْمَ الْبَيْعِ وَذَلِكَ فَوت أخذت لَهَا مهْرا لِأَنَّ التَّزْوِيجَ عَيْبٌ وَإِنْ كَانَتْ وَخْشًا وَلَا يردهَا مبتاعها حِينَئِذٍ لَا بِالْأَرْشِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا بَاعَهُ بِجَارِيَةٍ فَاسْتَحَقَّ وَقد حَالَتْ أسواقها رَجَعَ بِقِيمَتِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَنْ سَحْنُونٍ فِي النقاض الْبَيْعُ فِيهَا وَإِنْ تَحُلْ أَسْوَاقُهَا قَوْلَانِ قَالَ وَأَرَى أَنْ يَرُدَّ كَانَتْ مِنَ الْوَخْشِ أَوْ من الْعلي وَقَالَ الْمُشْتَرِي لَمْ أُصِبْهَا وَصَدَّقَتْهُ رُدَّتْ وَلَا تَحِلُّ لَكَ حَتَّى تَسْتَبْرِئَهَا وَإِنْ لَمْ تُصَدِّقْهُ أَوْ قَالَ أَصَبْتُهَا لَمْ تُرَدَّ لِأَنَّهُ إِذَا غَابَ عَلَيْهَا بعض الْمُوَاضَعَةِ تَسْتَأْنِفُ اسْتِبْرَاءً وَعَلَيْكَ مَضَرَّةٌ فِي الصَّبْرِ حَتَّى تستبرأ كَمَا قِيلَ إِذَا عَقَدَ فِيهِ إِجَازَةُ أَنَّهُ فَوت لمضرة الصَّبْر وَلَو تَرَاضيا يردهَا لَمْ يُجِزْ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ عَنْ دَيْنِ مَا فِيهِ مُوَاضَعَةٌ إِلَّا أَنْ يَسْتَحِقَّ الْعَبْدُ وَالْجَارِيَةَ فِي أول دمهما فَلَا تَكُونُ الْغَيْبَةُ وَلَا الْإِصَابَةُ فَوْتًا وَإِنِ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْجَارِيَةِ بَعْدَ عِتْقِ الْعَبْدِ خُيِّرَ مشتريها من التَّمَسُّكِ بِالْبَاقِي وَيَرْجِعُ فِي نِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ أَوْ يَرُدُّ الْبَاقِيَ وَيَرْجِعُ فِي قِيمَةِ الْعَبْدِ وَلَا يُفِيتُ النِّصْفَ الْبَاقِيَ حَوَالَةً لِأَنَّهُ يَرُدُّهُ بِعَيْبِ الشَّرِكَةِ وَالْعَيْبُ لَا يُفِيتُهُ حَوَالَةَ الْأَسْوَاقِ وَإِنْ لَمْ يُعْتَقِ الْعَبْدُ خُيِّرَ مُشْتَرِيهَا بَيْنَ رَدِّ الْبَاقِي وَيَرْجِعُ فِي عَيْنِ الْعَبْدِ أَوْ يَتَمَسَّكُ ثُمَّ يَخْتَلِفُ هَلْ يَرْجِعُ فِي نِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ أَوْ يَرْجِعُ شَرِيكًا

(باب)

(بَابٌ) فَمَنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِمَوْتِهِ ثُمَّ قَدِمَ حَيًّا فَمَا بِيعَ مِنْ مَالِهِ مَالٌ لِأَنَّهُ يبع بِشُبْهَةٍ وُطِئَ بِهَا الْفَرَجُ وَاسْتُحِلَّ وَوَقَعَ بِهَا الضَّمَانُ وَتُرَدُّ امْرَأَتُهُ إِلَيْهِ وَعِتْقُ مُدَبَّرُهُ وَأُمُّ وَلَده وَفرق بَين هَذِه الْمسَائِل مسَائِل الِاسْتِحْقَاق لتولي بيع الْحَاكِم ذَلِك قِيَاسا على بيع الْغَنَائِم لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِلَّذِي وَجَدَ بَعِيرَهِ فِي الْمَغْنَمِ إِنْ وَجَدْتَهُ فَخُذْهُ وَإِنْ قُسِّمَ فَأَنْتَ أَحَقُّ بِهِ بِالثَّمَنِ وَإِنَّمَا فَرَّقْنَا بَيْنَ الشَّهَادَةِ بِغَيْرِ تَحْقِيقٍ وَغَيْرِهَا من أَن الْحَاكِم ولي بيع وَذَلِكَ لِأَنَّهَا وَلَا كَذَا كَالْغَاصِبِ كَمَا لَوْ بَاعَ الْحَاكِمُ عَبْدَكَ فِي دَيْنِكَ ثُمَّ يَتَبَيَّنُ أَنَّكَ غَصَبْتَهُ لِرَبِّهِ نَقْضُ الْبَيْعِ لِعَدَمِ الشُّبْهَةِ مِنْكَ وَمِنْ ذَلِكَ بَيْعُ الْحَاكِمِ مَتَاعَكَ فِي دَيْنِكَ فِي غَيْبَتِكَ وَتَأْتِي فَتَثْبُتُ قَضَاءَ دَيْنِكَ فَلَا تَأْخُذُهُ إِلَّا بِدَفْعِ الثَّمَنِ لِلْمُشْتَرِي وَهَذِهِ قَاعِدَةُ كُلُّ مَا بَاعَهُ الْإِمَامُ يَظُنُّهُ لَكَ فَلَكَ أَخْذُهُ بِالثَّمَنِ أَصْلُهُ فِي الْمَغَانِم قَالَ اللَّخْمِيّ يحل الشُّهُودُ عَلَى الْكَذِبِ إِذَا حَتَّى تُبَيَّنَ الشُّبْهَةُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُبِينِ يَظْهَرُ رقّه وَبَين على سَيّده حكم وَإِنَّمَا بِوَصِيَّة عَبده وَالْقَاعِدَة تبين أَن حكم لِإِحْرَازِ الثَّانِي عَلَى حَقِّهِ وَلَا يُفِيتُ مَالَهُ عِتْقٌ وَلَا غَيْرُهُ كَانَ الْأَوَّلُ مُتَعَدِّيًا أَوْ بِشُبْهَةٍ كَالْمَغْصُوبِ تَتَدَاوَلُهُ الْأَمْلَاكُ وَيَبِيعُهُ الْحَاكِمُ فِي دين أَو ثَبت التَّرِكَةُ لِوَارِثٍ فَيَحْكُمُ لَهُ الْحَاكِمُ وَيَبِيعُ وَتَتَدَاوَلُهُ الْأَمْلَاكُ وَيُعْتَقُ الرَّقِيقُ وَتُتَّخَذُ أُمُّ وَلَدٍ ثُمَّ تبين أَن الْوَارِث غير فَيَأْخُذُ ذَلِكَ بِغَيْرِ ثَمَنٍ وَهَذَا أَصْلُ الْمَذْهَبِ وَلَا يُفِيتُهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يَأْخُذُ الْمُسْتَحِقُّ مِنَ الْغَنَائِمِ إِلَّا بِالثَّمَنِ لِقَوْلِ جَمَاعَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِيهِ وَإِنْ أَدْرَكَهُ قَبْلَ الْقَسْمِ وَأَمَّا

الْمَيِّتُ يَقْدُمُ فَالْحُكْمُ عَلَيْهِ فَيَأْخُذُ مَالَهُ بِالثَّمَنِ وَجَعَلَ مَالِكٌ تَغَيُّرَهُ بِالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ فَوْتًا وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُفِيتُ الْعَبْدَ فِي الْغَنَائِمِ الْعِتْقُ وَلَا والإيلاد فِي الْأمة وَيَأْخُذ الثّمن فَعَلَى هَذَا لَا يَفُوتُ رَقِيقُ الْمَشْهُودِ بِمَوْتِهِ بِنَمَاءٍ وَلَا نَقْصٍ وَلَا عِتْقٍ وَحَقُّهُ فِي عَيْنِ مَالِهِ وَيَنْدَفِعُ ضَرَرُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ بَيْعِ الْغَنَائِمِ بِذَلِكَ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِنْ أَسْلَمْتَ دَنَانِيرَ فِي طَعَامٍ وَغَيْرِهِ فَاسْتُحَقَّتْ قَبْلَ قَبْضِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ أَوْ بَعْدَهُ فَالسَّلَمُ تَامٌّ وَعَلَيْكَ مِثْلُهَا وَكَذَلِكَ الدَّرَاهِمُ وَالْفُلُوسُ وَالْبيع والناجز وَلَوْ أَسْلَمْتَ عَرَضًا أَوْ حَيَوَانًا أَوْ مِثْلِيًّا فَاسْتُحِقَّ أَوْ رَدَدْتَهُ بِعَيْبٍ انْتَقَضَ السَّلَمُ وَالْبَيْعُ والناجز قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ لِبُطْلَانِ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ وَيَرُدُّ مَا قَبَضَهُ وَإِنِ اسْتَهْلَكْتَهُ فَمِثْلُهُ وَلَوِ اسْتُحِقَّ الْمُسْلَمُ فِيهِ رَجَعْتَ بِمِثْلِهِ لِتَنَاوُلِ الْعَقْدِ مَا فِي الذِّمَّةِ دُونَ الْمُسْتَحَقِّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ مَنْ مَنَعَ الْقِيرَاطَ بِالتِّبْرِ يُنْقَضُ السَّلَمُ إِذَا اسْتُحِقَّتِ الدَّنَانِيرُ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا ابْتَعْتَ عَلَى أَنْ يَهَبَكَ الْبَائِعُ أَوْ يَتَصَدَّقَ عَلَيْكَ شَيْئًا مَعْلُومًا جَازَ فَإِنِ اسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ وَفَاتَتِ الْهِبَةُ بُعِّضَ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَتِهَا مِنْ قِيمَةِ الْهِبَةِ فَيَرْجِعُ بِحِصَّةِ السِّلْعَةِ مِنَ الثَّمَنِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ لِأَنَّ الْبَيْعَ إِنَّمَا وَقَعَ عَلَى السِّلْعَةِ وَعَلَى مَا شُرِطَ مِنَ الْهِبَةِ قَالَ وَيُرِيدُ كَانَتِ السِّلْعَةُ وَجْهَ الصَّفْقَةِ أَمْ لَا إِذَا كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا أَوْ عَرَضًا وَقَدْ فَاتَ وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ عَرَضًا قَائِمًا لَافْتَرَقَ حِينَئِذٍ وَجْهُ الصَّفْقَةِ مِنْ غَيْرِهِ فَإِنْ كَانَتِ السِّلْعَةُ الْوَجْهَ رَدَّ قِيمَةَ الْهِبَةِ وَأَخَذَ عَرَضَهُ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا قُلْتَ أَبِيعُكَ عَبْدِي هَذَا بِثَوْبٍ مَوْصُوفٍ إِلَى أَجَلٍ وَأَشْتَرِيهِ مِنْكَ بِذَلِكَ فَالْعَبْدُ رَأْسُ الْمَالِ يَبْطُلُ السَّلَمُ بِاسْتِحْقَاقِهِ لِأَنَّهُ الْمُعَجَّلُ فِي السَّلَمِ

وَلَو اسلمت ثوبا فِي اردب حِنْطَة وَهِي عشرَة دَرَاهِم إِلَى أجل الْبعد مِنْ أَجْلِ الْحِنْطَةِ جَازَ فَإِذَا اسْتُحِقَّ نِصْفُ الثَّوْبِ قَبْلَ دَفْعِهِ أَوْ بَعْدَهُ خُيِّرَ الْمُسْلَمِ إِلَيْهِ فِي رَدِّ بَاقِيهِ وَيَنْتَقِضُ السَّلَمُ أَوْ يتماسك يلْزمه نِصْفُ الطَّعَامِ وَالدَّرَاهِمِ وَكَذَلِكَ الْبَيْعُ النَّاجِزُ لِبُطْلَانِ نِصْفِ وَكَذَلِكَ كُلَّمَا يَدْخُلُ ضَرَرُ الشَّرِكَةِ عَلَى الْمُسْتَحق وَالْعَبْد وَنَحْوُهُ مِمَّا لَا يَنْقَسِمُ قَالَ مُحَمَّدٌ لَوِ اسْتَحَقَّ مِنْ شَائِعٌ وَأَخْرَجَهُ الْقَسَمُ فَهُوَ كَاسْتِحْقَاقِ واش كَذَا بِعَيْنِهِ وَإِلَّا فَهُوَ كَبَعْضٍ مُسْتَقِلٍّ فَرْعٌ فِي الْكتاب إِذا اسلمت ثَوْبَيْنِ فِي رَأس فَاسْتُحِقَّ أَفْضَلَهُمَا بَطَلَ السَّلَمُ أَوْ أَدْنَاهُمَا فَعَلَيْكَ قِيمَتُهُ وَيَثْبُتُ السَّلَمُ وَكَذَلِكَ النَّاجِزُ فِي النُّكَتِ وَيُرِيد بِالْقِيمَةِ مَا يَخُصُّهُ مِنْ قِيمَةِ الْفَرَسِ فِي صفقته إِلَى أَجله لَا قيمَة الثَّوْب قَالَ مُحَمَّدٌ لِأَنَّهُ سَوَّى بَيْنَ النَّاجِزِ وَبَيْنَ هَذَا السَّالِمِ فَكَيْفَ يَسْتَوِيَانِ وَيُحْمَلُ عَلَى قِيمَةِ الثَّوْبِ وَإِنَّمَا يَأْتِي ذَلِكَ فِي مِثْلِ دَمِ الْعَمْدِ وَالْخلْع وَالنِّكَاح مِمَّا لَا يثمن مَعْلُومٌ لِعَرَضِهِ قَالَ التُّونِسِيُّ إِذَا تَكَافَأَ الثَّوْبَانِ فَرَضِيَ بِالْبَاقِي وَقَالَ مُشْتَرِي الطَّعَامِ قَدْ ذَهَبَ لِي نِصْفُ الطَّعَامِ وَقَصْدِي الْكَثِيرُ لِرُخْصِهِ فَقَدْ يَكُونُ لَهُ حُجَّةٌ فِي فَسْخٍ كَاسْتِحْقَاقِ نِصْفِ الطَّعَام فَإِن قيل اسْتِحْقَاق نصف الطَّعَام هَا هُنَا سَببه من قبل مُشْتَرِيه الطَّعَام بَائِع الثَّوْبَيْنِ كَذَا قِيلَ قَدْ جَعَلُوا لِبَائِعِ الثَّوْبَيْنِ بِعَبْدٍ فَاسْتُحِقَّ أَحَدُهُمَا أَنْ يُؤَدِّيَ نِصْفَ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَيَأْخُذَ الْعَبْدُ نَفْيًا لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ فِي الْعَبْدِ وَلَوْ رَضِيَ لَهُ بِذَلِكَ بَائِعُ الْعَبْدِ مَعَ الِاسْتِحْقَاقِ مِنْ جِهَتِهِ وَلَا دَرَكَ عَلَى الْبَائِعِ وَأَخَذَ بَقِيَّةَ عَبْدِهِ بِالْقِيمَةِ وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى رِضَاهُ بِالشَّرِكَةِ لِلضَّرَرِ الدَّاخِلِ عَلَى بَائِعِ الثَّوْبَيْنِ مَعَ الْعَيْب والاستحقاق فِي أَيِّ جِهَةٍ كَانَ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ قَالَ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ مِنَ الْفَرَسِ إِذا

كَانَ الثَّوْبُ الْمُسْتَحَقُّ الرُّبْعِ أَعْطَاهُ قِيمَةَ رُبْعِ الْفَرَسِ نَقْدًا عَلَى أَنْ يَقْبِضَ الْفَرَسَ إِلَى أَجَلِهِ قَالَ وَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا لَوْ كَانَ الِاسْتِحْقَاقُ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ لَمْ يُعْطِهِ إِلَّا قِيمَةَ رُبْعِ الْفَرَسِ عَلَى أَنْ يَقْبِضَ إِلَى أَجَلِهِ فَإِنْ قِيلَ الْوَاجِبُ أَنْ يُشَارِكَهُ فِي رُبْعِ الْفَرَسِ فَأَعْطَى قِيمَتَهُ يَوْمَ وَقَعَتْ فِيهِ الشَّرِكَةُ وَهُوَ يَوْمُ دَفْعِ الْفَرَسِ كَامِلًا إِلَيْهِ لِأَنَّ الَّذِي بَقِيَ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ فَرَسٍ فَلَمَّا وَقَعَتِ الشَّرِكَةُ الْمُضِرَّةُ دَفَعَ فَرَسًا فَوَجَبَ أَنْ يُعْطَى رُبْعَ قِيمَتِهِ يَوْمَئِذٍ قِيلَ يَحْتَمِلُ هَذَا إِلَّا أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ مُحَمَّدٍ يَأْبَاهُ وَأَنَّهُ إِنَّمَا اعْتَبَرَ يَوْمَ وَقْعِ الشَّرِكَةِ وَلَوْ كَانَ اسْتِحْقَاقُهُ بَعْدَ مُدَّةٍ مِنَ الشِّرَاءِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ بَيْعِ النَّقْدِ وَالْأَجَلِ فِي هَذَا وَلَوْ أَسْلَمَ الثَّوْبَيْنِ فِي فَرَسَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً وَالثَّوْبَانِ مُسْتَوِيَا الْقِيمَةِ لَسَقَطَ أَحَدُ الفرسين وَبَقِي الآخر إِلَى أحله فَإِنْ قِيلَ كُلُّ ثَوْبٍ لَهُ نِصْفُ فَرَسٍ فَكيف يعْطى فرس كَامِل قِيلَ كُلُّ ثَوْبٍ عَنِ الْفَرَسَيْنِ فَإِذَا بَقِيَ لَهُ نِصْفُ فَرَسَيْنِ جُمِعَا لَهُ فِي فَرَسٍ لِاتِّفَاقِ الصِّفَةِ وَجُبِرَ عَلَى الْإِتْيَانِ بِفَرَسٍ كَمَا لَو أسلم إِلَيْهِ فِي نصف فرسه مِثْلَ صِفَةِ الْأَوَّلِ إِلَى أَجْلِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنَّمَا قَالَ مُحَمَّدٌ رُبْعُ قِيمَةِ الْفَرَسِ لِأَجْلِ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ يَأْتِي الْمُسْلَمُ إِلَيْهِ بِالْفَرَسِ عِنْدَ الْأَجَلِ عَلَى الصِّفَةِ وَيَكُونُ لَهُ رُبْعُهُ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا اشْتَرَى دَابَّةً بِثَوْبَيْنِ قِيمَتُهُمَا سَوَاءٌ فَاسْتُحِقَّ أَحَدُهُمَا قَالَ يَرْجِعُ بِنِصْفِ قِيمَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْمَعْرُوفُ لمَالِك وَابْن الْقَاسِم أَن لَا يَرْجِعَ بِقِيمَةِ عَلَيْهِ وَيَرْجِعُ شَرِيكًا وَإِذَا كَانَ الْحُكْمُ الرُّجُوعَ فِي قِيمَةِ مَا يَنُوبُهُ مِنَ الْفَرَسُ وَدَفَعَ قِيمَةَ رُبْعِهِ يَوْمَ يَأْخُذُهُ فَإِنِ اسْتُحِقَّ قَبْلَ الْأَجَلِ فِي دَفْعِ قِيمَةِ رُبْعِهِ الْآنَ عَلَى أَنْ يَقْبِضَ إِلَى أَجْلِهِ أَوْ يُمْهِلَ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ وَيَقَعَ التَّقَابُضُ فَيُدْفَعُ إِلَيْهِ قِيمَةُ ذَلِكَ الرُّبْعِ عَلَى الْحُلُولِ وَإِنْ كَانَ الِاسْتِحْقَاقُ بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَقَبَضَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ إِلَّا يَوْمَ قَبَضَ لِأَنَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمُ ضَمِنَهُ وَعَمَرَتْ ذِمَّتُهُ نَظَائِرُ قَالَ الْعَبْدِيُّ يَتْبَعُ الْأَقَلُّ الْأَكْثَرَ فِي إِحْدَى عَشْرَةَ مَسْأَلَةً إِذَا اسْتُحِقَّ

الْأَقَلُّ أَوْ وُجِدَ بِهِ عَيْبٌ لَا يُرَدُّ مَا لَمْ يُسْتَحَقَّ وَلَا التَّسْلِيمُ وَإِنَّمَا يَرْجِعُ بِقَدْرِهِ وَإِذَا اجْتَمَعَ الضَّأْنُ وَالْمَاعِزُ أَخْرَجَ مِنَ الْأَكْثَرِ وَالْغَنَمُ الْمَأْخُوذَةُ فِي زَكَاةِ الْإِبِلِ يُؤْخَذُ مِنْ غَالِبِ غَنَمِ الْبَلَدِ مِنْ ضَأْنٍ أَوْ مَاعِزٍ وَالْمَسْقِيُّ بِالْعُيُونِ وَالنَّضْحُ يُزَكَّى عَلَى الْغَالِبِ مِنْهَا وَإِذَا أَدَّيْتَ بَعْضَ الْمَالِ دُونَ بَقِيَّتِهِ زَكَّى بِغَالِبِهِ وَقِيلَ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى حِدَتِهِ وَزَكَاةِ الْفِطْرِ مِنْ غَالِبِ عَيْشِ الْبَلَدِ وَالْبَيَاضُ مَعَ السَّوَادِ لَلْمَسَاقَانِ الْحُكْمُ لِلْغَاصِبِ وَإِذَا نَبَتَ أَكْثَرُ الْغَرْسِ فَلِلْغَارِسِ الْجَمِيعُ وَإِذَا نَبَتَ الْأَقَلُّ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَقِيلَ سَهْمُهُ مِنَ الْأَقَلِّ وَإِنْ أَطْعَمَ بَعْضَ الْغَرْسِ وَهُوَ الْأَكْثَرُ سَقَطَ عَنْهُ الْعَمَلُ وَإِنْ أَطْعَمَ الْأَقَلَّ فَعَلَيْهِ الْعَمَلُ دُونَ رَبِّ الْمَالِ وَقِيلَ بَيْنَهُمَا وَإِذَا جَذَّ الْمُسَاقِي أَكْثَرَ الْحَائِطِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ سَقْيٌ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ فَعَلَيْهِ وَإِذَا أَبَرَّ أَكْثَرَ الْحَائِطِ فَجَمِيعُهُ لِلْبَائِعِ أَوِ الْأَوَّلُ فَلِلْمُبْتَاعِ أَوِ اسْتَوَيَا فَبَيْنَهُمَا وَإِذَا حَبَسَ عَلَى أَوْلَادٍ صِغَارٍ أَوْ وَهَبَ فَإِنْ حَازَ الْأَكْثَرَ صَحَّ الْحَوْزُ فِي الْجَمِيعِ وَإِذَا اسْتَوَيَا صَحَّ الْحَوْزُ وَبَطَلَ غَيْرُهُ فَرْعٌ فِي الْمُقَدِّمَاتِ إِذَا طَلَبَ الْمُشْتَرِي الْخُرُوجَ إِلَى بَلَدِ الْبَائِعِ بِالْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ الْمُسْتَحقّين ليسترجع الثّمن مِنْهُ ذَلِك لَهُ وَإِن وَضَعَ قِيمَتَهُ لِلْمُسْتَحَقِّ ثُمَّ يَذْهَبُ بِكِتَابِ الْقَاضِي وَلِلْبَائِعِ الذَّهَابُ إِلَى بَلَدٍ آخَرَ فِيهِ بَائِعُ الْبَائِعِ وَيَضَعُ الْقِيمَةَ كَالْأَوَّلِ بِذَلِكَ الْبَلَدِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهُ بِذَلِكَ الْبَلَدِ أَكْثَرَ مِنَ الْقِيمَةِ الَّتِي وَضَعَهَا الْآخَرُ فَيَضَعُ الْأَكْثَرَ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ حَقِّ الْمُسْتَحِقِّ صَاحِبِ الدَّابَّةِ فَإِنْ وَضَعَ الْأَكْثَرَ وَذَهَبَ لِيَرُدَّ فَتَلِفَ قَبْلَ الرَّدِّ فَالْأَكْثَرُ لِصَاحِبِ الدَّابَّةِ وَلِلْمُسْتَحِقِّ مِنْهُ الْأَقَلُّ الَّذِي وَضَعَهُ فَإِنْ لَمْ يَتْلَفْ وَرَدَّهُ أَخَذَ الْأَكْثَرَ الَّذِي وَضَعَ وَرَدَّ الْمُسْتَحِقُّ مِنْهُ الدَّابَّةَ إِلَى صَاحِبِهَا الَّذِي اسْتَحَقَّهَا وَأَخَذَ الْأَقَلَّ الَّذِي وَضَعَهُ لَهُ وَإِنْ تَلِفَ فِي رُجُوعِهِ بِهِ فَلِصَاحِبِهِ الْمُسْتَحق لَهُ الْأَقَل الَّذِي وَضعه لَهُ وَكَذَلِكَ إِذا أَرَادَ البيع

الْأَوَّلُ الَّذِي رَجَعَ عَلَيْهِ وَاضِعُ الْأَكْثَرِ أَنْ يذهب بِهِ إِلَى بلد بَائِعه وَلم يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ حَتَّى يَضَعَ الَّذِي بَاعَ مِنْهُ الْقِيمَةَ الْأَكْثَرَ الَّذِي وَضَعَهُ أَوْ قِيمَتُهُ إِن كَانَ أَكْثَرَ مِنَ الْمُوضَعِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ حَقِّ الْمُسْتَحِقِّ صَاحِبِ الدَّابَّةِ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي الْبَيْعِ من البَائِع وَإِن أَرَادَ الذَّهَابَ بِهِ لِمَوْضِعِ بَائِعِهِ لِأَخْذِ حَقِّهِ مِنْهُ وَفِي لِبَائِعِينَ وَتَقَاصَّا فَرْعٌ فِي النَّوَادِرِ قَالَ مَالك وَابْن الْقَاسِم إِذا مَاتَت الْمُبْتَاعُ مِنْ غَاصِبٍ لَا يَعْلَمُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الطَّعَامُ وَغَيْرُهُ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ وَيُصَدَّقُ فِيهَا فِيمَا لَا يُغَاب عَلَيْهِ ويخلف فِيمَا يُغَابُ لَقَدْ هَلَكَ وَيَغْرَمُ الْقِيمَةَ إِذَا لَمْ يَبِعِ الْغَاصِبُ بِالثَّمَنِ وَلَا بِالْقِيمَةِ وَلَا قَامَت بِبَيِّنَة بِهَلَاكِهِ مِنْ غَيْرِ سَبَبِهِ وَلَا يَضْمَنُ مُودِعُ الْغَاصِبِ فِي الْبَيْعِ غَيْرَ الثَّمَنِ وَيُصَدَّقُ فِيهِ مُبَلِّغُهُ قَالَ أَشْهَبُ وَلَا يَضْمَنُ مُودِعُ الْغَاصِبِ إِلَّا أَن يعلم أَن مودعه غَاصِب وَإِذ نَقَصَتِ الْأَمَةُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِغَيْرِ سَبَبِهِ فِي عُضْوٍ أَوْ غَيْرِهِ لَا يُضَمَّنُ لِعَدَمِ الْعُدْوَانِ وتأخذه نَاقِصَةً أَوْ تَبِيعُهَا الْغَاصِبَ بِالثَّمَنِ تَنْفِيذًا لِلْبَيْعِ أَوِ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْغَصْبِ لِتَعَدِّيهِ وَلَا يُضَمَّنُ الْمُبْتَاع إِلَّا بِجِنَايَتِهِ أَنَّهَا أما كَذَا لِسَبَبٍ لَا يَوْمَ وَضْعِ الْيَدِ وَلَا يُضَمَّنُ مَا هُدِمَ مِنَ الدَّارِ أَوْ هَدَمَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِخِلَافِ أَكْلِ الطَّعَامِ وَلُبْسِ الثَّوْبِ لِأَنَّهُ وِقَايَةُ مَالِهِ وَلَوْ هَدَمَهَا أَجْنَبِيٌّ ظُلْمًا ضَمِنَ الْأَجْنَبِيُّ دُونَهُ وَلَوْ أَخَذَ الْمُشْتَرِي الْقِيمَةَ مِنَ الْهَادِمِ أَخَذْتَهَا مِنْهُ وَإِنْ حَابَاهُ رَجَعْتَ بِالْمُحَابَاةِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْوَطْءِ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا اسْتحقَّت بِملك أَو حريَّة قَالَ مَالِكٌ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ لِلْحُرَّةِ صَدَاقُ الْمِثْلِ فَرْعٌ قَالَ إِذَا اسْتُحِقَّتْ بِالْحُرِّيَّةِ أَوْ أُمُّ وَلَدٍ أَوْ مُعْتَقَةٌ إِلَى أَجَلٍ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْغَاصِبِ بِالثَّمَنِ وَلَا يَرْجِعُ فِي الْمُدَبَّرَةِ وَالْمُكَاتَبَةِ كالأموات كَذَا تَمُوت عنْدك

فَرْعٌ قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ أَنه غضب مِنْكَ فَمَاتَ الْعَبْدُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي فَمُصِيبَتُهُ مِنْكَ لِثُبُوتِهِ لَكَ وَقَالَ سَحْنُونٌ مِنَ الْمُبْتَاعِ حَتَّى يَقْضِيَ بِهِ لِمُسْتَحِقِّهِ لِبَقَاءِ يَدِهِ عَلَيْهِ وَقَالَ فِي الْأَمَةِ إِذَا انْتَفَى الْمُبْتَاعُ مِنْ وَطْئِهَا أَمَّا إِنْ أَقَرَّ وَادَّعَى الِاسْتِبْرَاءَ أَوْ مَاتَ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ فَهُوَ مِنْهُ لِتَصَرُّفِهِ فِيهَا وَعَدَمِ الوثوق بِأَنَّهَا لَيست أم ولد وَقَالَ مَالِكٍ مُعَلَّلٌ فَإِنَّكَ كَمَا كُنْتَ مُخَيَّرًا بَيْنَ طَلَبِ الْعَبْدِ بِعَيْنِهِ وَبَيْنَ طَلَبِ الْقِيمَةِ مِنَ الْغَاصِبِ بِالثَّمَنِ أَوِ الْقِيمَةِ فَاخْتِيَارُكَ لِلْعَبْدِ وَإِقَامَةِ الْبَيِّنَة اخْتِيَار للْعَبد وَترك للثّمن وَالْقيمَة لَو كَانَ بدل المُشْتَرِي جاحدا للوديعة كَالْغَاصِبِ وَلَزِمتهُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْجَحْدِ وَلَوِ اعْتَرَفْتَ بِدَابَّةٍ فَأَقَمْتَ شَاهدا وأوقفت لتكمل الْبَيِّنَة فنفقتها من الْإِيقَافِ عَلَى مَنْ تَكُونُ لَهُ وَكَذَلِكَ الْجَارِيَةُ لِأَنَّ النَّفَقَةَ تَبَعٌ لِلْمِلْكِ وَكَذَلِكَ الْكُسْوَةُ وَغَيْرُهَا وَتَنْحَلُّ فِي ذَلِكَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ يُسْلِفُ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَيُنْفِقُ مَنْ هِيَ بِيَدِهِ فَإِن ثبتَتْ بِغَيْرِهِ رَجَعَ لترحجه بِالْيَدِ فَرْعٌ قَالَ إِذَا ابْتَاعَهُ فَجَنَى عَلَيْهِ عَبْدٌ فَأُقْيِدَ مِنْهُ خُيِّرَ الْمُسْتَحِقُّ بَيْنَ أَخْذِ عَبْدِهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الْغَاصِبِ وَلَهُ أَخْذُ الْعَبْدِ الْجَانِي بِجِنَايَتِهِ إِلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ سَيِّدُهُ وَيَرْجِعَ مَنْ صَارَ لَهُ الْعَبْدُ الْجَانِي مِنْ سَيِّدِهِ إِنْ فَدَاهُ أَوِ الْمُسْتَحِقُّ إِنْ أَسْلَمَ عَلَى مَنِ اقْتَصَّ مِنْ سُلْطَانٍ أَوْ مُشْتَرٍ بِمَا نَقَصَهُ الْقِصَاصُ فَرْعٌ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا اسْتَعَرْتَ دَابَّةً إِلَى بَلَدٍ فَبِعْتَهَا وَلَمَّا رجعت اشْتَرَيْتهَا بِأَرْبَع وَهِيَ أَحْسَنُ فَلَهُ أَخْذُ ثَمَنِهَا الْأَوَّلِ الْفَاضِلَةُ بِيَدِك لِأَنَّهُ

ثَمَنُ مَالِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ أَخَذَهَا لَمْ يَأْخُذ السِّتَّة ويجتمع لَهُ الْعِوَضُ وَالْمُعَوَّضُ وَهُوَ خِلَافُ الْقَوَاعِدِ وَقِيلَ تُرَدُّ السِّتَّةُ لِأَنَّهُ لَمَّا أَخَذَ الدَّابَّةَ انْفَسَخَتِ الْبياعَات كلهَا وَلَو اشْتَرَيْتهَا بنقذ غير الأول أَو مثلهَا وزنا معوض فَالْجَارِي عَلَى أَصْلِهِ رَدُّ الْجَمِيعِ لِانْتِقَاضِ الْبَيَاعَاتِ كُلِّهَا وَتَأْخُذُ نَقْدَكَ مِنَ الَّذِي بِعْتَ لَهُ فَرْعٌ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا اشْتَرَيْتَهَا مِنْ غَاصِبٍ وَلَمْ تَعْلَمْ فَوَلَدَتْ عِنْدَكَ فَمَاتَتْ فَلَهُ أَخْذُ الْوَلَدِ فَقَطْ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْغَاصِبِ وَتَرْجِعُ أَنْتَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ لِأَنَّ مَوْتَهَا عِنْدَكَ لَا يُضْمَنُ أَوْ يَتْرُكُ الْوَلَدَ وَيَأْخُذُ مِنَ الْغَاصِبِ الْأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْغَصْبِ أَوِ الثَّمَنَ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ عَبْدًا فَمَاتَ عِنْدَهُ وَتَرَكَ مَالًا فَإِمَّا أَنْ يَأْخُذَ مَالَهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَيَرْجِعَ الْمُبْتَاعُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوْ يَتْرُكُ الْمَالَ لَكَ وَيُتْبِعُ الْغَاصِبَ بِالثّمن أوالقيمة وَلَوْ وَلَدَتْ عِنْدَ الْغَاصِبِ فَبَاعَهَا وَوَلَدَهَا فَلَكَ أَخذ الثّمن من الْغَاصِب وَقيمتهَا وَحدهَا يَوْمَ الْغَصْبِ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي الْوَلَدِ مِنْ ثَمَنٍ وَلَا قِيمَةٍ لِأَخْذِ قِيمَتِهَا قَبْلَ حُدُوثِ الْوَلَدِ وَلَهُ أَخْذُهَا مَعَ وَلَدِهَا قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَهُ أَخْذُ ثَمَنِ بَعْضِهِمْ وَإِسْلَامُ بَعْضِهِمْ وَلَهُ أَخْذُ الْأُمِّ وَثَمَنِ الْأَوْلَادِ لِأَنَّهُمْ عَلَى مِلْكِهِ وَلَهُ أَخْذُ بَعْضِ الْوَلَدِ وَثَمَنِ الْأُمِّ وَثَمَنِ بَاقِي الْوَلَدِ بَعْدَ فَضِّ الثَّمَنِ عَلَى قِيمَتِهِمْ مَا لَمْ يَكُنْ الَّذِينَ أَجَازَ بَيْعَهُمْ أَقَلَّ فَلِلْمُبْتَاعِ حُجَّةٌ فِي قَبُولِهِ وَرَدِّهِ فَإِنْ رَدَّهُ رَجَعَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ عَلَى الْغَاصِبِ أَوْ جِنْسِهِ رَجَعَ بِحِصَّةِ مَا أَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ وَإِجَازَةُ بيع الْوَلَد وَحده مَشْرُوط بِبُلُوغِهِ إِلَى حَدِّ التَّفْرِقَةِ وَلَهُ أَخْذُ قِيمَةِ الْأُمِّ مِنَ الْغَاصِبِ لِدُخُولِ النَّقْصِ فِيهَا بِالْوِلَادَةِ ثُمَّ لَا شَيْءَ لَهُ فِي الْوَلَدِ لِأَنَّهُ أَخَذَهُمْ إِذْ هُمْ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ لَمْ يَدْخُلْهُمْ نَقْصٌ وَلَوْ دَخَلَهُمْ نَقْصٌ أَوْ غَيْرُهُ أَوْ مَاتُوا فَلَهُ أَخْذُ حِصَّتِهِمْ مِنَ الثَّمَنِ مِنَ الْغَاصِبِ أَوْ قِيمَتِهِمْ مِنَ الْغَاصِبِ يَوْمَ وُلِدَ وَالْأَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ لَهُ أَخْذُهُ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِم افقه لِأَنَّهُ لَو ذهب مِنْهُ عُضْوٌ لَمْ يَضْمَنْهُ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا لَمْ يَدْخُلِ الْوَلَدَ نَقْصٌ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ غَيْرُ أَخْذِهِمْ أَوْ حِصَّتِهِمْ مِنَ الثَّمَنِ وَعَنْ

أَشْهَبَ أَيْضًا إِذَا مَاتَتِ الْأُمُّ دُونَ الْوَلَدِ أَوِ الْوَلَدُ دُونَ الْأُمِّ أَخَذَ الْبَاقِيَ وَحِصَّةَ الْمَيِّتِ مِنَ الثَّمَنِ وَمَنْ مَاتَ مِنَ الْوَلَدِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنَ الْغَاصِبِ الْأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ ثَمَنِهِ قَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ وَهُوَ جُزْء من قَول الأول عَن أَشْهَبَ إِنْ مَاتَتِ الْأُمُّ أَخَذَ الْأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهَا أَوْ مِنْ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْغَصْبِ وَيَأْخُذُ الْوَلَدَ وَيَرْجِعُ الْمُبْتَاعُ بِحِصَّتِهِ عَلَى الْبَائِعِ وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ هُوَ الَّذِي مَاتَ فَلَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ حِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ أَوْ قِيمَتِهِ يَوْمَ ولد وَفِي الموازنة إِذَا وَلَدَتْ عِنْدَ الْغَاصِبِ أَوِ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَعْلَمْ بِغَصْبِهِ فَمَاتَ الْوَلَدُ أَوِ الْأُمُّ عِنْدَكَ سَوَاءٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَهُ أَخْذُ الْمَوْجُودِ مِنْهُمَا وَلَا شَيْءَ عَلَى الْغَاصِبِ مِنْ قِيمَةٍ وَلَا غَيْرِهَا وَلَا عَلَى الْمُشْتَرِي مَا لَمْ يَكُنْ الْوَلَدُ مِنْهُ فَلَهُ الْقِيمَةُ إِنْ كَانَ حَيًّا مَعَ أَخْذِ الْأُمِّ وَلَوْ كَانَ مِنَ الْغَاصِبِ فَهُوَ مِمَّا يَأْخُذُهُ مَعَهَا فَإِنْ مَاتَتِ الْأُم وَأخذت الْوَلَدَ فَلَا شَيْءَ لَهُ فِي الْأُمِّ أَوْ مَاتَتْ وَأَخَذَ قِيمَةَ الْوَلَدِ مِنَ الْمُشْتَرِي فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهِ مِنْ قِيمَةِ الْأُمِّ وَلَا عَلَى الْغَاصِبِ وَلَوْ مَاتَ الْوَلَدُ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ وَقَدْ وَلَدَتْ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا الْأُمُّ أَوْ يَأْخُذُ مِنَ الْغَاصِبِ الْأَكْثَرَ مَنْ ثَمَنِهَا أَوْ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْغَصْبِ قَالَ مُحَمَّدٌ فَإِنْ مَاتَتْ عِنْدَ الْغَاصِبِ أَوْ قَبْلَهَا وَبَقِيَ الْوَلَدُ فَلَهُ أَخْذُ الْوَلَدِ وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي زَوَّجَهَا فَوَلَدَتْ مِنَ الزَّوْجِ فَلِرَبِّهَا أَخْذُهَا مَعَ الْوَلَدِ أَوِ الثَّمَنُ مِنَ الْغَاصِبِ أَوِ الْقِيمَةُ فَرْعٌ قَالَ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا عرفت كَذَا عَبْدًا أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ مُدَبَّرًا أَوْ مُعْتَقًا إِلَى أَجَلٍ فَأَوْلَادُهُمْ رَقِيقٌ تَبَعٌ لَهُمْ فَرْعٌ قَالَ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا غَرَّتْ أَمَةُ الِابْنِ الْأَب للْأَب كَذَا فَولدت مِنْهُ فودى قِيمَتَهَا يَوْمَ اسْتُحِقَّتْ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْوَلَدِ وَيُسَلِّمُ الْأَمَةَ إِلَيْهِ وَيَرْجِعُ عَلَى الِابْنِ بِمَا أُخِذَ مِنْهُ مِنْ قِيمَتِهَا فَرْعٌ قَالَ إِذَا عَلِمْتَ بِالْغَصْبِ فَلَهُ الْوَلَدُ وَعَلَيْكَ الْحَدُّ وَلَا تُعَذَّرُ بِقَوْلِك ظننتها

حَلَالًا لِي بِالشِّرَاءِ وَكَذَلِكَ إِذَا قَالَتْ لَكَ أَنَا حُرَّةٌ وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهَا أَمَةٌ فَوَلَدُكَ رَقِيقٌ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِالْإِقْرَارِ مِنْكَ بَعْدَ الْوِلَادَةِ فَلَا يُرَقُّ الْوَلَدُ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَا يُسْمَعُ عَلَى الْغَيْرِ وَقَدْ ثَبَتَ حَقُّ حُرِّيَّتِهِمْ قَالَ أَشهب إِذا أشهرت ببيتك أَنَّهُ غَصَبَكَهَا وَقَدْ وَلَدَتْ مِنْهُ فَلَكَ وَلَدُهَا مَعَهَا وَلَا حَدَّ عَلَيْكَ وَلَا شَاهِدَ لَكَ وَيُقْضَى لَكَ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ لِأَنَّهُ لَا قَالَ كَذَا لِأَنَّكَ لَمْ تَقُلْ وَطِئَ وَلَا قَالَتِ الْبَيِّنَةُ زَنَى وَهُوَ يَقُولُ وُطِئَتْ وَطْئًا مُبَاحًا وَهَذِهِ شُبْهَةٌ تَدْرَأُ الْحَدَّ وَيُعَزَّرُ لِلْغَصْبِ وَلَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ أَرْبَعَةٌ أَقَمْتَ عَلَيْهِ الْحَدَّ وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مُطْلَقًا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا ثَبَتَ الْغَصْبُ حُدَّ إِنْ أَقَرَّ بِالْوَطْءِ وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ وَاتَّفَقَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ إِذَا كَانَ الْوَلَدُ مِنْ غَيْرِهِ بِنِكَاحٍ أَوْ شِرَاءٍ عَلَى ثُبُوتِ النَّسَبِ وَعَلَى الْأَبِ الْقِيمَةُ إِنِ اعْتَقَدَ الْحُرِّيَّةَ فِيهَا وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ تَزَوَّجَ أَمَةً عَلَى أَنَّهَا تَلِدُ مِنْهُ حُرًّا ثُمَّ يَسْتَحِقُّ فَوَلَدُهَا رَقِيقٌ فَإِنْ زَوَّجَهَا الْغَاصِبُ عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ رَجَعَ عَلَيْهِ بِمَا غرم فِي الصَّادِق لغروره وَكَأَنَّهُ بَاعَ الْبِضْعَ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ وَلَوْ غَرَّكَ أَجْنَبِيٌّ وَعَقَدَ لَهَا رَجَعْتَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ غَيْرُ وَلِيٍّ فَلَمْ يَغُرَّكَ لِعِلْمِكَ بِحَالِهِ وَإِذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا أَمَةٌ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَإِنْ كَانَ وَلِيًّا لِأَنَّهُ لَمْ يَغُرَّكَ وَلَوْ عَلِمَتْ هِيَ أَيْضًا فَلَا تَرْجِعُ إِلَّا عَلَى الْوَلَدِ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ بِالْغُرُورِ وَإِنْ غَرَّكَ الول وَعَقَدَ غَيْرَهَ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْوَلِيِّ لِعَدَمِ الْمُبَاشِرِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا قَالَ مُحَمَّدٌ بَلْ عَلَيْهِ لِأَن الْوَلِيّ هَا هُنَا السَّيِّدُ وَوَكِيلُهُ عَقَدَ بِأَمْرِهِ فَهُوَ كَعَقْدِهِ وَلَوْ زَوجك الْوَلِيّ بِمَا عِلْمِهِ بِمَا غَرَّتْكَ لَزِمَهُ الصَّدَاقُ كَمَنْ زَوَّجَ امْرَأَةً فِي عِدَّتِهَا وَهُوَ وَهِيَ عَالِمَانِ بِذَلِكَ فَالرُّجُوعُ عَلَيْهِ دُونَهَا إِذَا هُوَ عَالِمًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيُؤْخَذُ مِنْهَا الْإِقْرَارُ مَا تَسْتَحِلُّ بِهِ

فَرْعٌ قَالَ مَالِكٌ إِذَا بَنَاهَا أَعْطَاكَ مَا عَمَرْتَ مِمَّا يُشْبِهُ عَمَلَ النَّاسِ أَمَّا شَأْنُ الْإِنْفَاقِ فَمَا أَدْرِي مَا هَذَا وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ إِنَّمَا يَغْرَمُ قِيمَةَ مَا عَمَرَ لَا مَا أَنْفَقَ عَظُمَ الْبِنَاءُ أَوْ قَلَّ فَرْعٌ قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا ابْتَعْتَ جَمَلًا فَسَمَّنْتَهُ خُيِّرَ الْمُسْتَحِقُّ فِي دَفْعِ نَفَقَتِكَ عَلَيْهِ أَوْ أَخْذِ قِيمَةِ جَمَلِهِ يَوْمَ قَبَضْتَهُ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا رَبَّيْتَ الصَّغِيرَ وَعَلَّمْتَهُ الصَّنْعَةَ وَأَنْفَقْتَ عَلَيْهِ ثُمَّ يُسْتَحَقُّ حُرًّا أَوْ عَبْدًا لَا يُتْبِعُ بِشَيْءٍ وَفِي هَذَا الْأَصْلِ اخْتِلَافٌ وَإِنْ حَرَثْتَ الْأَرْضَ فَلَهُ إِعْطَاؤُكَ قِيمَةَ عَمَلِكِ وَإِلَّا أَعْطَيْتَهُ كِرَاءَ أَرْضِهِ وَإِلَّا أَسْلَمْتَهُ بِمَا فِيهَا مِنَ الْعَمَلِ بِغَيْرِ شَيْءٍ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا زَبَّلْتَهَا بِنَفَقَةٍ وَزَادَ ذَلِكَ فِي ثَمَنِهَا فَلَا شَيْءَ لَكَ لِأَنَّ الزِّبْلَ مُسْتَهْلَكٌ وَكَذَلِكَ تَسْمِينُ الدَّابَّةِ وَتَرْبِيَةُ الصَّغِيرِ وَتَعْلِيمُهُ فَرْعٌ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا اشْتَرَيْتَ حُبُسًا لَمْ يُعْلَمْ بِهِ فَبَنَيْتَ وَغَرَسْتَ فَيُقْلَعُ ذَلِكَ وَقَالَهُ سَحْنُونٌ فَقِيلَ لِسَحْنُونٍ أَلَيْسَ قَدْ بَنَى بِشُبْهَةٍ قَالَ فَمَنْ يُعْطِيهِ قِيمَةَ بِنَائِهِ قِيلَ لَهُ فَيَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ قَالَ بَعْضُ الْحَاضِرِينَ يَكُونُ هَذَا بيعا للحبس فَلَا يُنْكِرْ ذَلِكَ وَهُوَ يَسْمَعُ قِيلَ يُعْطِيهِ مُسْتَحِقُّ الْحَبْس قيمَة بنائِهِ فَلم ير ذَلِك قَالَ مَالِكٌ يَقُولُ مَنْ بَنَى فِي الْحُبُسِ لَهُ فِيهِ شَيْء إِذا خرج وَلَو قُلْنَا يوطئ هَذَا قِيمَتَهُ وَجَاءَتِ الطَّبَقَةُ الثَّانِيَةُ مِنَ الْمُحْبَسِ عَلَيْهِمْ أَيُعْطَوْنَ أَيْضًا الْقِيمَةَ فَرْعٌ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فِي الصِّغَرِ أَوِ الْكِبَرِ يُقِرَّانِ بِالرِّقِّ

وَيُبَاعَانِ وَتُوطَأُ الْمَرْأَةُ فَتَلِدُ وَقَدْ مَاتَ بَائِعُهَا أَو أفلس يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ دَيْنًا عَلَى الْكَبِيرَيْنِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الصَّغِيرَيْنِ لِعَدَمِ الْبَائِعِ فَرْعٌ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ اقْتَسَمَ ثَلَاثَةُ إِخْوَةٍ ثَلَاثَةَ أَعْبُدٍ فَمَاتَ عَبْدُ أَحَدِهِمْ وَاسْتُحِقَّ عَبْدُ الْآخَرِ فَالْمَيِّتُ عِنْدَهُ لَا لَهُ وَلَا عَلَيْهِ وَيَرْجِعُ الْمُسْتَحِقُّ عِنْدَهُ عَلَى الَّذِي بَقِيَ عِنْدَهُ وَيَكُونُ لَهُ مِنْهُ ثُلُثُهُ فَإِنْ رَجَعَ فِي الْمُسْتَحَقِّ بِثَمَنٍ كَانَ ثُلُثَا الثَّمَنِ لِلْمُسْتَحَقِّ مِنْ يَدِهِ وَثُلُثُهُ لِلْبَاقِي عِنْدَهُ فَرْعٌ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا اسْتُحِقَّ عَبْدٌ أَوْ ثَوْبٌ مِنْ يَدِكَ فَقُلْتَ هُوَ تَوَالَدَ عِنْدَ بَائِعِهِ وَنُسِجَ الثَّوْبُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِثَمَنٍ لِاعْتِرَافِكَ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ ظَالِم فَهِيَ مصيبته نَزَلَتْ بِكَ اعْتَرَفْتَ بِهَا وَقَالَ أَشْهَبُ لَكَ الرُّجُوع لن الظُّلْمَ لَيْسَ عَلَيْكَ بَلْ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ زَعَمَتْ أَنَّهُ بَاعَ مَا لَيْسَ لَهُ فَرْعٌ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ قَالَ مَالِكٌ إِذَا أَشْرَكْتَهُ فِيمَا اشْتَرَيْتَهُ وَنَقَدْتُمَا ثُمَّ اسْتُحِقَّتِ السِّلْعَةُ فَالْعُهْدَةُ عَلَيْكَ وَيَرْجِعُ عَلَيْكَ دُونَ الْبَائِعِ لِأَنَّكَ بَائِعُهُ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ عَلَيْكَ بِحَضْرَةِ الْبَيْعِ عِنْدَ مُبَايَعَةِ الْأَوَّلِ وَقَبْلَ أَنْ تَتَفَاوَتَ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ فَإِنْ تَفَاوَتَ ذَلِكَ وَفَاتَ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ بَطَلَ شِرَاءُ الْبَيْعُ تَكُونُ الشَّرِكَةُ بَيْعًا مُؤْتَنِفًا لَا تُلْحَقُ شُرُوطُهُ بِالْأَوَّلِ وَعَنْ مَالِكٍ عُهْدَتُكُمَا جَمِيعًا عَلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّكَ مُؤْتَنِفُهُ بِنَفْسِكَ وَعُهْدَتُكَ عَلَى الْأَوَّلِ فَهُوَ كَذَلِكَ فَرْعٌ فِي الْجُلَّابِ إِذَا غَرَّتِ الْأَمَةُ وَادَّعَتِ الْحُرِّيَّةَ فَتَزَوَّجْتَهَا عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ فَوَلَّدْتَهَا

عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ فَلِسَيِّدِهَا أَخْذُهَا لِأَنَّهَا مِلْكُهُ وَقِيمَةُ الْوَلَدِ مِنْكَ لِتُلْحِقَهُ عَلَى الْحُرِّيَّةِ بِشُبْهَةِ اعْتِقَادِكَ لِأَنَّ الِاعْتِقَادَ شُبْهَةٌ كَمَا لَوْ وَطِئْتَ أَجْنَبِيَّةً تَظُنُّهَا مُبَاحَةً فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْكَ لكنه فَوْتٌ بِهِ عَلَى السَّيِّدِ فَتَلْزَمُكَ الْقِيمَةُ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ لَهُ قِيمَةُ الْأَمَةِ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي وَلَدِهَا لِأَنَّ الْغُرُورَ لَمَّا أَثَّرَ فِي زَوَالِ مِلْكِ الْوَلَدِ أَثَّرَ فِي زَوَالِ مِلْكِ الْأَمَةِ وَقَالَ التِّلِمْسَانِيُّ قَالَ أَشْهَبُ يُصَدَّقُ الزَّوْج فِي أَنه تزَوجهَا وَهِي حُرْمَة وَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ وَعَلَى السَّيِّدِ الْبَيِّنَةُ أَنَّكَ تَزَوَّجْتَهَا أَمَةً إِنِ ادَّعَى ذَلِكَ وَيَأْخُذُ الْوَلَدَ وَإِلَّا فَهُوَ حُرٌّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ عَلِمْتَ بِرِقِّهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَكَ الْفِرَاقُ وَلَا صَدَاقَ لَهَا وَبَعْدَ الْبِنَاءِ فَلَهَا الْمُسَمَّى إِلَّا أَنْ تَزِيدَ عَلَى صَدَاقِ الْمِثْلِ فَيَرُدُّ الزَّائِدَ وَلَكَ الْبَقَاءُ عَلَى نِكَاحِهَا فَرْعٌ فِي الْجُلَّابِ إِذَا غَرَّتْ أُمُّ الْوَلَدِ فَتَزَوَّجَتْ حُرًّا فَأَوْلَدَهَا قُوِّمَ الْوَلَدُ عَلَى أَبِيهِ عَلَى أَنَّهُ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِ أَبِيهِ فَإِنْ لَمْ يَقُمْ حَتَّى مَاتَ السَّيِّدُ فَلَا شَيْءَ لِوَرَثَتِهِ لِتَحَقُّقِ سَبَبِ عِتْقِهِ قَالَ التِّلِمْسَانِيُّ إِنْ بَقِيَ السَّيِّدُ وَالْوَلَدُ قَدْ قُتِلَ فَلِلْأَبِ دِيَةُ حُرٍّ وَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِمَّا أَخَذَ أَوْ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ يَوْمَ الْقَتْلِ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ وَقِيلَ الْأَقَلُّ مِمَّا أَخَذَ أَوِ الْقِيمَةُ عَبْدًا لِأَنَّ وَلَدَ أُمِّ الْوَلَدِ إِذَا قُتِلَ إِنَّمَا تَجِبُ عَلَى الْقَاتِلِ قِيمَتُهُ عَبْدًا وَإِنْ غَرَّتْ مُدَبَّرَةٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي وَلَدِهَا الْقِيمَةُ عَلَى رَجَاءِ أَنْ يُعْتَقَ أَوْ يُرَقَّ إِنْ كَانَ عَلَى السَّيِّدِ دَيْنٌ أَوْ يَمُوتُ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ وَالْخَوْفُ فِي رِقِّهِ أَشَدُّ مِنْ وَلَدِ أُمِّ الْوَلَدِ لِكَثْرَةِ أَسْبَابِ رِقِّهِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ عَلَى أَنَّهُ عَبْدٌ لِأَنَّ الْعِتْقَ إِنَّمَا تَحَصَّلَ بَعْدَ الْمَوْتِ مِنَ الثُّلُثِ وَإِنْ غَرَّتْ مُكَاتَبَةٌ فَلَا شَيْءَ لِسَيِّدِهَا فِي الْوَلَدِ عَلَى الْأَبِ لِأَنَّهَا أَعْتَقَتْ أَمَةَ عِتْقٍ بِعِتْقِهَا لِأَنَّهُ فِي كِتَابَتِهَا إِلَّا أَنْ تَعْجِزَ الْأُمُّ فَتَرْجِعُ رَقِيقًا فَيُلْزَمُ الْأَبُ قِيمَةَ الْوَلَدِ وَلَكِنْ تُؤْخَذُ مِنَ الْأَبِ قِيمَتُهُ عَبْدًا فَتُوضَعُ عَلَى يَدِ رَجُلٍ فَإِنْ عَجَزَتْ أَخَذَ السَّيِّدُ الْقِيمَةَ وَإِلَّا رَجَعَتْ لِلْأَبِ قَالَ مُحَمَّدٌ تَعْجِيلُ الْقِيمَةِ لِلسَّيِّدِ أَحَبُّ إِلَيّ فيحسبها فِي الْكِتَابَةِ إِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْهَا أَوْ مِثْلَهَا وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ لَمْ يَلْزَمُ الْأَبَ إِلَّا الْأَقَلُّ مِنْ بَقِيَّةِ الْكِتَابَةِ أَوْ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَأَمَّا الْمُعْتَقَةُ

إِلَى أَجَلٍ فَوَلَدُهَا بِمَنْزِلَتِهَا وَعَلَى قِيمَتِهِ عَلَى أَنَّهُ حُرٌّ إِلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ فَإِنْ غَرَّتْ الْأَمَةُ عَبْدًا عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ فَوَلَدُهَا رِقٌّ لِسَيِّدِهَا إِذْ لَا بُدَّ مِنْ رِقِّهِ مَعَ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَيَرْجِعُ عَلَى مَنْ غَرَّهُ بِالْمَهْرِ وَلَا يَرْجِعُ مَنْ غَرَّهُ عَلَيْهَا وَإِنْ لَمْ تَغُرَّهُ مِنْهَا ثُمَّ يَكُونُ الْخِيَارُ لِمُشْتَرِي الْعَبْدِ بَيْنَ التَّمَسُّكِ بِالْبَاقِي أَوْ يَرُدُّهُ بِعَيْبِ الشَّرِكَةِ ثُمَّ لَا يفتيه حَوَالَةُ سُوقٍ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا كَاتَبَهُ عَلَى عَرَضٍ مَوْصُوفٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ طَعَامٍ فَقَبَضْتَهُ ثُمَّ اسْتُحِقَّ بَعْدَ الْعِتْقِ بِالدَّفْعِ الْعِتْقُ وَيَرْجِعُ بِمِثْلِ ذَلِكَ تَقْرِيبًا لِحُرْمَةِ الْعِتْقِ وَتَسُوقُ أَعْتَقْتَهُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بِعَيْنِهِ وَهُوَ غَيْرُ مُكَاتَبٍ نَفَذَ وَكَأَنَّكَ انْتَزَعْتَ مِنْهُ ذَلِكَ وَأَعْتَقْتَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ إِذَا اسْتُحِقَّ الْعَبْدُ الْمُكَاتَبُ بِهِ وَلَا مَالَ لِلْمُكَاتَبِ رَجَعَ مُكَاتَبًا لِبُطْلَانِ الْعِوَضِ كَسَائِرِ الْعُقُودِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَرْجِعُ عِتْقُهُ لِأَنَّ حُرْمَتَهُ قُدِّمَتْ وَيُتْبِعُ بِذَلِكَ وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا قَاطَعَ سَيّده على وَدِيعَة أودعت عِنْده فعرقت رُدَّ عِتْقُهُ وَرَجَعَ مُكَاتَبًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا غَرَّكَ بِشَيْءٍ تَقَدَّمَتْ لَهُ فِيهِ شُبْهَةُ مِلْكٍ رَجَعَ مُكَاتَبًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ التَّدْلِيسِ لَوْ بِعْتَهُ نَفْسَهُ بِجَارِيَةٍ وَلَيْسَتْ لَهُ ثُمَّ وَجَدْتَ بِهَا عَيْبًا رَدَدْنَاهَا وَأَتْبَعَهُ بِقِيمَتِهَا وَتَمَّتْ حُرِّيَّتُهُ لِشَرَفِ الْعِتْقِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا اسْتُحِقَّ عِوَضُ هِبَةِ الثَّوْبِ وَهِيَ قَائِمَةٌ رَجَعْتَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يُعَوَّضَ لِأَنَّ ذَلِكَ شَأْنُهَا وَلَيْسَ لَهُ قِيمَةُ الْعِوَضِ إِنْ زَادَتْ عَلَى الْهِبَةِ لِأَنَّ الَّذِي زَادَهُ أَوَّلًا فِي عِوَضِهِ عَلَى قِيمَةِ هِبَتِهِ إِنَّمَا كَانَ تطولا وَإِنِ اسْتُحِقَّتِ الْهِبَةُ رَجَعَ فِي الْعِوَضِ إِلَّا أَنْ يَفُوتَ فِي بَدَنٍ أَوْ سُوقٍ فَقِيمَتُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا أَثَابَكَ بَعْدَ أَنْ لَزِمَتْهُ هِبَتُكَ فَقَدْ بَاعَكَ ذَلِكَ بَيْعًا بِالْقِيمَةِ فَإِنَّمَا لَكَ قِيمَتُهَا عِنْدَ

الِاسْتِحْقَاقِ أَوْ قَبْلَ اللُّزُومِ فَذَلِكَ بَيْعٌ لِلْعِوَضِ فسلعتك كَذَا فَالْوَاجِبُ قِيمَةُ الْعِوَضِ كَمَنْ بَاعَ سِلْعَتَهُ بِسِلْعَةٍ وَلَوْ أَثَابَكَ دَنَانِيرَ أَوْ بَعْدَ اللُّزُومِ رَجَعْتَ قَبْلَ لُزُومِ الْهِبَةِ فَاسْتُحِقَّتِ الدَّنَانِيرُ رَجَعْتَ بِمِثْلِ الدَّنَانِيرِ أَوْ بَعْدَ اللُّزُومِ رَجَعْتَ بِقِيمَةِ سِلْعَتِكَ وَمَا زَادَكَ أَوَّلًا صِلَةٌ لَا تَرْجِعُ بِهِ إِلَّا أَنْ يُثِيبَكَ دَنَانِيرَ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا فَتَرْجِعُ بِمِثْلِ تِلْكَ الدَّنَانِيرِ كَدَفْعِ الدَّنَانِيرِ أَوِ الْعَرَضِ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَيَسْتَحِقُّ ترجع الْمَرْأَة لما اسْتحق من باها كَذَا أَوْ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَصَدَاقُ الْمِثْلِ يَوْمَ الْعَقْدِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ بِعْتَ جَارِيَةً لِعَبْدٍ فَأُعْتِقْهُ ثُمَّ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْجَارِيَةِ قَبْلَ حَوَالَةِ سُوقِهَا فَلِمُبْتَاعِهَا نِصْفُهَا الْبَاقِي لِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَالرُّجُوعُ بِنِصْفِ قِيمَةِ عَبْدِهِ أَوْ رَدُّ بَاقِيهَا لِعَيْبِ الشَّرِكَةِ وَأخذ قِيمَته جَمِيعِ عَبْدِهِ لِفَوْتِهِ بِالْعِتْقِ وَكَذَلِكَ إِنِ اسْتَحَقَّ نِصْفُ الْعَبْدِ وَأُعْتِقَتِ الْجَارِيَةُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَوْ كَانَ قَائِمًا لَمْ يُعْتَقْ فَأَرَادَ التَّمَسُّكَ بِنِصْفِ الْجَارِيَةِ وَيَرْجِعُ بِنِصْفِ الْعَبْدِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ وَلَهُ ذَلِكَ عِنْدَ أَشْهَبَ وَقَالَ فِي قِيَامِ الْعَبْدِ لَهُ حَبْسُ نِصْفِ الْجَارِيَةِ وَالرُّجُوعُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى رَدِّ نِصْفِ الْجَارِيَةِ وَأَخْذُ جَمِيعِ الْعَبْدِ فَصَارَ إِذَا حَبَسَ أَخَذَ نِصْفَ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَهُوَ مَجْهُولٌ وَقَدْ أَمْكَنَهُ الرَّدَّ فَهَذَا رُجُوعٌ مِنْهُ إِلَى مَا زَاد ابْنُ حَبِيبٍ إِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ إِلَّا أَنْ يَقُولَ لَا يَكُونُ لَهُ التَّخَيُّرُ إِلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ نِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا ابْتَعْتَ عَبْدًا فَبِعْتَ نِصْفَهُ ثُمَّ اسْتُحِقَّ رَجَعَ جَمِيعُ الْعَبْدِ فَقَدْ جَرَى الِاسْتِحْقَاقُ إِلَى مَا بِيعَ وَفِيمَا بَقِيَ وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا اسْتُحِقَّ لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ فَالْمُسْتَحَقُّ فِي مَسْأَلَتِكَ يَأْخُذُ الرُّبُعَ مِنْ جَمِيعِهِ مِمَّا بَاعَ الْمُبْتَاعُ وَمِمَّا بَقِيَ ثُمَّ لِلْمُبْتَاعِ الثَّانِي الرُّجُوعُ مِنَ الثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ بِقَدْرِ الْمُسْتَحَقِّ مِنْهُ مِنْ خَاصَّتِهِ أَوْ يَرُدُّ بَقِيَّتَهُ أَوْ يَكُونُ الْمُشْتَرِي

الْأَوَّلُ مُخَيَّرًا كَمَا وَصَفْنَا قَالَ سَحْنُونٌ هَذَا غَلَطٌ وَإِنَّمَا يَقَعُ الِاسْتِحْقَاقُ فِيمَا بَقِيَ بِيَدِهِ دُونَ مَا بَاعَ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ بِقَدْرِ مَا اسْتَحَقَّ وَلَيْسَ لَكَ رَدُّ الْبَاقِي لِأَنَّهُ قَدْ بَاعَ نِصْفَ الْعَبْدِ وَإِنَّمَا جَعَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِلْمُبْتَاعِ الرَّدَّ وَهُوَ عَلَى ضَرَرِ الشَّرِكَةِ دَخْلٌ لِتُزِيدَ الضَّرَرَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا رَضِيَ بِمُشَارَكَتِكَ لِنَصَفَتِكَ فَإِذَا دَخَلَ ثَالِثٌ لَا يرضى بشركته كالشفيع إِذا سلم الشَّفَقَة بِنَاءً عَلَى أَنَّكَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ ظَهَرَ غَيْرُكَ المُشْتَرِي فَلهُ كَذَا لِإِزَالَةِ الضَّرَرِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَوْصَى بِحَجّ أَو غَيره ثمَّ أَنه اسْتحق رقبته بعد تَنْفِيذ وَصيته هُوَ مَعْرُوفُ الْحُرِّيَّةِ لَمْ يَضْمَنِ الْوَصِيُّ وَلَا مُتَوَلِّي الْحَجِّ شَيْئًا وَيَأْخُذُ السَّيِّدُ مَا كَانَ قَائِمًا مِنَ التَّرِكَةِ لَمْ يُبَعْ وَلَا يَأْخُذُ الْمَبِيعَ الْقَائِمَ بِيَدِ الْمُبْتَاعِ إِلَّا بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ كَمَنْ شَهِدَ بِمَوْتِهِ فَبِيعَتْ تَرِكَتُهُ وَتَزَوَّجَتِ امْرَأَتُهُ ثُمَّ قَدِمَ وَكَانَ الشُّهُودُ عُدُولًا وَأَبْدَوْا مَا يَعْذُرُونَ بِهِ كَرُؤْيَتِهِ مَطْرُوحًا بَيْنَ الْقَتْلَى أَوْ بِهِ طعن لَا يحيي مَعَهُ غَالِبًا أَوْ شَهِدُوا عَلَى شَهَادَةِ غَيْرِهِمْ فَتُرَدُّ إِلَيْهِ امْرَأَتُهُ وَمَا لَمْ يُبَعْ وَمَا بيع بِالثّمن وَمَا لَمْ يَتَغَيَّرْ فِي بَدَنِهِ أَوْ بِعِتْقٍ أَوْ بِدَيْنٍ أَوْ يُكَاتِبُ أَوْ تَرْجِعُ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ يَكْبُرُ الصَّغِيرُ فَلَا يَرْجِعُ إِلَّا بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّ ذَلِكَ فَوْتٌ فَإِنْ لَمْ تَعْذُرْ الْبَيِّنَةُ فَهِيَ كَشَهَادَةِ الزُّورِ يَأْخُذُ مَتَاعَهُ حَيْثُ وَجَدَهُ وَلَهُ تَنْفِيذُ الْبَيْعِ كَبَيْعِ الْفُضُولِيِّ وَلَا يَمْنَعُهُ عِتْقٌ وَلَا كِبَرُ صَغِيرٍ وَيَأْخُذُ أُمَّ الْوَلَدِ وَقِيمَتَهَا وَوَلَدَهَا مِنَ الْمُبْتَاعِ يَوْمَ الْحُكْمِ كَالْمَغْصُوبِ فِي التَّنْبِيهَاتِ تَأْوِيلُ الْقَاضِي إِسْمَاعِيلَ تَفْرِقَتُهُ فِي الشُّهُودِ بَيْنَ قَصْدِ الزُّورِ وَالِاشْتِبَاهِ عَلَيْهِمْ عَلَى مَا إِذَا لَمْ يَشْهَدُوا عِنْدَ الْحَاكِمِ وَأَمَّا مَتَى شَهِدُوا عِنْدَهُ فَسَوَاءٌ لَا يُرَدُّ إِلَيْهِ مَالُهُ إِلَّا بِالثَّمَنِ وَفَسَّرَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِخِلَافِ هَذِهِ وَأَنَّ الْحَاكِمَ لَا أَثَرَ لَهُ وَلَمْ يُمْنَعْ مِنْ رَدِّ امْرَأَته إِلَيْهِ فِي الْوَجْهَيْنِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ حَكَمَ بِمَوْتِهِ حَاكِمٌ أَمْ لَا تَزَوَّجَتْ أَمْ لَا وَقَالَ الْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ إِذَا حَكَمَ حَاكِمٌ لَمْ تُرَدَّ

كَالْمَقْصُودِ قَالَ التُّونِسِيُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَظَرٌ وَأَمَّا الْفَرْقُ بَيْنَ الِاشْتِبَاهِ وَعَدَمِهِ مَعَ تَحْقِيقِ بُطْلَانِ مَا شَهِدُوا بِهِ وَالرَّجُلُ غَيْرُ آذِنٍ فِي مَتَاعِهِ وَمَا ذَاكَ إِلَّا كَالْخَطَأِ عَلَى مَالِهِ مِنْ غَيْرِ إِذْنِهِ فَإِنْ كَانَ السَّبَبُ تَأْثِيرَ حُكْمِ الْحَاكِمِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ تَعَمُّدِهِمُ الزُّور أم كَذَا فَإِن قيل إِذا سلطناهم وَقَول تَعَمَّدُوا الزُّورَ فَهُمْ كَالْغَاصِبِ إِذَا بَاعَ قِيلَ إِنَّمَا يَكُونُ الْغَلَطُ عُذْرًا إِذَا سَلَّطَ الْمَالِكُ وَهَا هُنَا لَمْ يُسَلِّطْهُمْ فَإِنْ قِيلَ تَسْلِيطُ الْأَحْكَامِ كَتَسْلِيطِ الْمَالِكِ قِيلَ يَلْزَمُ فِي الَّذِينَ تَعَمَّدُوا الزُّورَ وَهُوَ لَمْ يُغْرِمْهُمْ بَلِ الْمُشْتَرِي مَا انْتَفَعَ بِهِ وَقَدْ قَالُوا الْمُسْتَحِقُّ مِنَ الْعَدُوِّ فِي الْحَرْبِ لَا بُدَّ أَنْ يَدْفَعَ لِلْمُشْتَرِي الثَّمَنَ لِأَنَّهُ اشْتَرَى فَحُكْمٌ طَرَأَ وَالْبَائِعُ يَظُنُّ الْجَوَازَ وَلِأَنَّ أَهْلَ الْحَرْبِ لَوْ ذَلِكَ مِلْكًا لَهُمْ فَبعد ملك رَبِّهِ مِنْهُ وَلَوْلَا الْحَدِيثُ وَرَدَ فِي الْمَغْنَمِ لَامْتَنَعَ أَخْذُهُ لِأَنَّ وَلَمْ يُفَوِّتْ مَالِكٌ الزَّوْجَةَ هَا هُنَا بِالدُّخُولِ بِخِلَافِ زَوْجَةِ الْمَفْقُودِ لِأَنَّ الْمَفْقُودَ تُزُوِّجَتِ امْرَأَتُهُ مَعَ إِمْكَانِ حَيَاتِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا بَقِيَ الرَّجُلُ ثُمَّ قَدِمَ حَيًّا رَجَعَ عَلَيْهَا الْفَضْلُ عَلَى صَدَاقِ مِثْلِهَا بِحُجَّةِ أَنَّهُ رَغِبَ فِي حُرِّيَّةِ وَلَدِهَا

صفحه فارغة

(كتاب اللقطة)

(كتاب اللّقطَة) وَفِي التَّنْبِيهَاتِ هِيَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَضَمِّ اللَّامِ وَهُوَ مَا الْتُقِطَ وَأَصْلُ الِالْتِقَاطِ وُجُودُ الشَّيْءِ عَنْ غَيْرِ قَصْدٍ وَطَلَبٍ وَفِي الْقَبَسِ رُوِيَتِ اللُّقَطَةُ مَفْتُوحَةَ الْقَافِ وَسَاكِنَتَهَا قَالَ وَسُكُون أَوْلَى لِأَنَّهُ بِنَاءُ الْمَفْعُولِ فِي بَابِ فُعْلَةٍ وَفُعْلٍ وَقَالَ غَيْرُهُ بِفَتْحِ الْقَافِ اسْمُ الْمَالِ الْمُلْتَقَطِ فِي قَوْلِ الْأَصْمَعِيِّ وَابْنِ الْأَعْرَابِيِّ وَالْفَرَّاءِ وَاسْمُ الْمُلْتَقَطِ عِنْدَ الْخَلِيلِ لِأَنَّهُ وَزْنُ اسْمِ الْفَاعِلِ نَحْوَ الْهُمَزَةِ وَاللُّمَزَةِ وَالضُّحَكَةِ وَبِإِسْكَانِ الْقَافِ وَضَمِّ اللَّامِ وَأَصْلُهَا مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَسَأَلَهُ عَنِ اللُّقَطَةِ فَقَالَ اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا فَشَأْنُكَ بِهَا قَالَ فَضَالَّةُ الْغَنَمِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ هِيَ لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ للذئب قَالَ فضَالة الْإِبِل قَالَ مَالك وَلَهَا مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا فَاسْتَنْفِقَهَا وَرُوِيَ وَإِلَّا فَشَأْنُكَ بِهَا وَفِي الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ قَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَجَدْتُ صُرَّةً فِيهَا مِائَةُ دِينَارٍ فَجِئْتُ بِهَا رَسُولَ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ عَرِّفْهَا حَوْلًا ثُمَّ جِئْتُهُ فَقَالَ عَرِّفْهَا حَوْلًا آخَرَ فَذَكَرَ ثَلَاثَةَ

(الفصل الأول في الالتقاط)

أَحْوَالٍ فِي الْبُخَارِيِّ نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ لُقَطَةِ الْحَاجِّ وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي خُطْبَتِهِ حِينَ عَظَّمَ حُرْمَةَ مَكَّةَ فَقَالَ لَا تَحِلُّ لُقَطَتُهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ فَوَائِدُ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ الْعِفَاصُ الْوِكَاءُ الَّذِي فِيهِ الشَّيْءُ الْمُلْتَقَطُ وَالْوِكَاءُ مَمْدُودٌ الْخَيْطُ أَوِ الشَّيْءُ الَّذِي يشد وَقَالَ بَعضهم وَالْقصر وَهُوَ غَلَطٌ قَالَ غَيْرُهُ أَصْلُ الْعِفَاصِ الْجِلْدُ الَّذِي يَشَدُّ بِهِ رَأَسُ الْقَارُورَةِ فِي النُّكَتِ قِيلَ الْعَكْسُ الْعِفَاصُ الْخَيْطُ وَالْوِكَاءُ الْخِرْقَةُ قَالَ وَالْأول أصوب وَفِي التَّنْبِيهَات حذاوها أَخْفَافُهَا لِمَا فِيهَا مِنَ الصَّلَابَةِ فَأَشْبَهَتِ الْحِذَاءَ الَّذِي هُوَ النَّعْلُ وَسِقَاؤُهَا كَرِشُهَا لِكَثْرَةِ مَا تَشْرَبُ فِيهِ مِنَ الْمَاءِ تَكْتَفِي بِهِ الْأَيَّامَ فَأَشْبَهَ السِّقَاءَ الَّذِي هُوَ الْقِرْبَةُ وَكِلَاهُمَا مِنْ مَجَازِ التَّشْبِيهِ وَقَالَ غَيْرُهُ الْمُنْشِدُ اسْمٌ لِمُعَرِّفِ اللُّقَطَةِ أَوِ الضَّالَّةِ وَالنَّاشِدُ اسْمٌ لِلْمُنَادِي الَّذِي يَطْلُبُهَا وَالضَّالَّةُ اسْمٌ لِلْمُلْتَقَطِ مِنَ الْحَيَوَانِ خَاصَّةً وَالْجمع ضوال يُقَال لَهَا الهوامي وَالْهَوَافِي وَالْهَوَامِلُ تَنْبِيهٌ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ سُؤَالُ السَّائِلِ عَنِ اللُّقَطَةِ إِنَّمَا قَصَدَ بِهِ مَا يفعل بهَا وَعنهُ اجابه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقَالَ بعض الْأَئِمَّة يحْتَمل أَن يكون عَاما يَأْخُذُهُ أَمْ لَا وَجَوَابُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يعين الأول دون الثَّانِي وَالْكَلَامُ فِي الِالْتِقَاطِ وَذَاتِ اللُّقَطَةِ وَأَحْكَامُهَا فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الِالْتِقَاطِ) فِي الْجَوَاهِرِ هُوَ أَخْذُ مَالٍ ضَائِعٍ لِيُعَرِّفَهُ سَنَةً ثُمَّ يَتَصَدَّقُ بِهِ أَوْ يَتَمَلَّكُهُ إِنْ لَمْ

يَظْهَرْ مَالِكُهُ بِشَرْطِ الضَّمَانِ إِذَا ظَهَرَ الْمَالِكُ قَالَ اللَّخْمِيّ وَهُوَ وَاجِب ومستجبومحرم وَمَكْرُوهٌ بِحَسَبِ حَالِ الْمُلْتَقَطِ وَالْوَقْتِ وَأَهْلِهِ وَمِقْدَارِ اللُّقَطَةِ فَإِنْ كَانَ الْوَاجِدُ مَأْمُونًا وَلَا يَخْشَى السُّلْطَانَ إِذَا نَشَدَهَا وَهِيَ بَيْنَ قَوْمٍ أُمَنَاءٍ لَا يخْشَى عَلَيْهِم مِنْهُمْ وَلَهَا قَدْرٌ فَأَخْذُهَا وَتَعْرِيفُهَا مُسْتَحَبٌّ وَهَذَا صِفَةُ حَالِ السَّائِلِ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ خُذْهَا وَلِأَنَّهَا أحوط لصَاحِبهَا خوفًا أَنْ يَأْخُذَهَا مَنْ لَيْسَ بِمَأْمُونٍ وَلَا يَنْتَهِي إِلَى الْوُجُوبِ لِأَنَّهَا بَيْنَ قَوْمٍ أُمَنَاءٍ وَبَيْنَ غَيْرِ الْأُمَنَاءِ أَخَذُهُ لَهَا وَاجِبٌ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْمَالِ كَحُرْمَةِ النَّفْسِ وَصَوْنُ النَّفْسِ وَاجِبٌ فَكَذَلِكَ الْأَمْوَال ولنهيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ وَإِنْ كَانَ السُّلْطَانُ غَيْرَ مَأْمُونٍ إِذَا نُشِدَتْ أَخَذَهَا أَوِ الْوَاجِدُ غَيْرُ أَمِينٍ حَرُمَ أَخْذُهَا لِأَنَّهُ تَسَبُّبٌ لِضَيَاعِ مَالِ الْمُسلم وَإِن حَقِيرَةً كُرِهَ أَخْذُهَا لِأَنَّ الْغَالِبَ عَدَمُ الْمُبَالَغَةِ فِي تَعْرِيفِ الْحَقِيرِ وَعَدَمِ الِاحْتِفَالِ بِهِ هَذَا أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ ثُمَّ اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ فَعَنْ مَالِكٍ اسْتِحْبَابُ تَرْكِ الدَّنَانِيرِ وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ يَنْبَغِي تَرْكُ اللُّقَطَةِ كَقَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَحْسَنَ حِينَ رَدَّ الْكِسَاءَ وَقَوْلِهِ فِي الْآبِقِ إِنْ كَانَ لِمَنْ لَا يَقْرُبُهُ فَلَا يَقْرُبُهُ وَمَحْمَلُهُ عَلَى أَنَّ السُّلْطَانَ غَيْرُ مَأْمُونٍ وَقَالَ لَا أُحِبُّ أَخْذَ اللُّقَطَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا قَدْرٌ وَإِذَا كَانَ الدَّلْوُ وَالْحَبْلُ فِي الطَّرِيقِ وُضِعَ فِي أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ يُعْرَفُ فِيهِ أَوْ فِي مَدِينَةٍ انْتَفَعَ بِهِ وَعَرَّفَهُ وَإِنْ قَصَدَ بِهِ أَحَبُّ إِلَيَّ وَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهُ أَخَذَهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنْ عَلِمَ خِيَانَةَ نَفْسِهِ حَرُمَ الْأَخْذ أَو خافها كره وروى أَشهب الْوُجُوه فِيهَا لَهُ بَالٌ وَالْكَرَاهَةَ فِي غَيْرِ ذِي الْبَالِ كَالدِّرْهَمِ وَعَنْ مَالِكٍ الْكَرَاهِيَّةُ مُطْلَقًا وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَفِي لُقَطَةِ الْمَالِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْأَفْضَلُ تَرْكُهَا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ لِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَانَ يَمُرُّ بِاللُّقَطَةِ فَلَا يَأْخُذُهَا الْأَفْضَلُ أَخذهَا لِأَنَّهَا وَسِيلَة

لحفظ المَال الْغَيْر قَالَه مَالك فِي أحد قوليه وَمَاله بَالٌ أَخْذُهُ أَفْضَلُ وَتَرْكُ الْحَقِيرِ أَوْلَى قَالَ وَهَذَا الِاخْتِلَافُ إِذَا كَانَتْ بَيْنَ قَوْمٍ مَأْمُونِينَ وَالْإِمَامُ عَدْلٌ أَمَّا بَيْنَ خَوَنَةٍ وَلَا يُخْشَى مِنَ الْإِمَامِ إِذَا عُرِّفَتْ فَالْأَخْذُ وَاجِبٌ اتِّفَاقًا وَبَيْنَ خَوَنَةٍ وَيُخْشَى مِنَ الْإِمَامِ خُيِّرَ بَيْنَ أَخْذِهَا وَتَرْكِهَا بِحَسْبَ مَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَيُّ الْخَوْفَيْنِ أَشَدُّ وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا مِنْ هَذَا الِاخْتِلَافِ لُقَطَةُ الْحَاجِّ فَلَا يَجْرِي فِيهَا الْخِلَافُ كُلُّهُ قَاعِدَةٌ خَمْسٌ اجْتَمَعَتِ الْأُمَّةُ الْمُحَمَّدِيَّةُ عَلَى حِفْظِهَا وَوَافَقَهَا فِي ذَلِكَ جَمِيعُ الْمِلَلِ الَّتِي شَرَعَهَا اللَّهُ تَعَالَى النَّفْسُ وَالْعَقْلُ فَتَحْرُمُ الْمُسْكِرَاتُ بِجَمِيعِ الشَّرَائِعِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَتِ الشَّرَائِعُ فِي الْيَسِيرِ الَّذِي لَا يُفْسِدُ الْعَقْلَ فَحَرَّمْنَاهُ تَحْرِيمَ الْوَسَائِلِ وأباحة غَيرنَا لعدم الْمفْسدَة والأغراض فَيَحْرُمُ الْقَذْفُ وَالسِّبَابُ وَالْأَنْسَابُ فَيَحْرُمُ الزِّنَا وَالْأَمْوَالُ فَتَحْرُمُ إِضَاعَتُهَا وَالسَّعْيُ فِي ذَلِكَ بِفِعْلٍ أَوْ تَرْكٍ قَاعِدَةٌ وَكُلُّ فِعْلٍ وَاجِبٍ أَوْ مَنْدُوبٍ لَا تَتَكَرَّرُ مَصْلَحَتُهُ بِتَكَرُّرِهِ كَإِنْقَاذِ الْغَرِيقِ وَإِزَاحَةِ الْأَذَى عَن الطَّرِيق فَهِيَ عَلَى الْكِفَايَةِ وَمَا تَتَكَرَّرُ مَصْلَحَتُهُ بِتَكَرُّرِهِ فَهُوَ كَالْأَعْيَانِ كَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُ هَذِهِ الْقَوَاعِدِ فِي مُقَدِّمَةِ هَذَا الدِّيوَانِ فَعَلَى هَذَا يَتَّجِهُ الْأَخْذُ وَوُجُوبُهُ عِنْدَ تَعْيِينِ هَلَاكِ الْمَالِ وَعِنْدَ عَدَمِ تَعْيِينِ الْهَلَاكِ بَيْنَ الْأُمَنَاءِ يَكُونُ فَرْضًا عَلَى الْكِفَايَةِ إِذَا خَافُوا غَيْرَهُمْ عَلَى اللُّقَطَةِ وَمَنْدُوبًا فِي حَقِّ هَذَا الْمُعَيَّنِ وَخُصُوصِهِ كَمَا قُلْنَا فِي صَلَاةِ الْجَنَازَةِ وَغَيْرِهَا وَأَصْلُهَا فَرْضٌ وَفِعْلُ هَذَا الْمُصَلِّي الْمَخْصُوصُ يُنْدَبُ ابْتِدَاءً لِلشَّرْعِ فَإِذَا شَرَعَ اتَّصَفَ بِالْوُجُوبِ كَمَا تَقَدَّمَ بَسْطُهُ وَقِيَاسًا عَلَى الْوَدِيعَةِ وَفِي اللُّقَطَةِ عَنْ ش النَّدْبُ وَالْوُجُوبُ قِيَاسًا لِلْأَوَّلِ عَلَى الْوَدِيعَةِ وَالثَّانِي عَلَى الْإِنْقَاذِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ وَقَالَ ح أَخْذُهَا مَنْدُوبٌ إِلَّا عِنْدَ خَوْفِ الضَّيَاعِ فَتَجِبُ وَعَنِ ابْنِ حَنْبَلٍ الْكَرَاهِيَّةُ لِمَا فِي الِالْتِقَاطِ مِنْ تَعْرِيضِ نَفْسِهِ لِأَكْلِ الْحَرَامِ وَتَضْيِيعِ الْوَاجِب

(الفصل الثاني في ذات اللقطة)

مِنَ التَّعْرِيفِ فَكَانَ تَرْكُهُ أَوْلَى كَتَوَلِّي مَالِ الْيَتِيمِ وَتَخْلِيلِ الْخَمْرِ وَقَدْ ذَمَّ اللَّهُ تَعَالَى التَّسَبُّبَ لِلْ فِي التَّكْلِيفِ وَتَوَجَّهُ الْوُجُوبُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَان إِنَّه كَانَ ظلوما جهولا} أَي ظلوما لنَفسِهِ بتوريطها وتعريضها وتعريفها للعقاب وجهولا بالعواقب وَالْحرَام فِيهَا وَالْأَمَانَة هَا هُنَا قَالَ الْعُلَمَاءُ هِيَ التَّكَالِيفُ وَلَمْ أَرَ أَحَدًا فَصَّلَ وَقَسَمَ أَخْذَ اللُّقَطَةِ إِلَى الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ إِلَّا أَصْحَابَنَا بَلْ كُلَّهُمْ أَطْلَقُوا (الْفَصْلُ الثَّانِي فِي ذَات اللّقطَة) وَفِي الْجَوَاهِر هِيَ مَال مغصوم من كل حمَار أَو حَيَوَان صَغِير فَالْأول اختزاز مِنَ الْحَرْبِيِّ وَالثَّانِي مِمَّا مَعَهُ مَالِكُهُ وَالْحَيَوَانُ الصَّغِير احْتِرَازًا مِنَ الْآبِقِ فَإِنَّهُ يُسَلَّمُ لِلْإِمَامِ وَلَا تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ اللُّقَطَةِ وَلَا يُسَمَّى لُقَطَةً وَفِي هَذَا الْفَصْلِ ثَمَانِيَةُ فُرُوعٍ الْفَرْعُ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ مَا وُجِدَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مِمَّا يُعْلَمُ أَنَّهُ مِنْ مَالِ الْجَاهِلِيَّةِ فَفِيهِ الْخُمُسُ كَالرِّكَازِ وَكَذَلِكَ تَصَاوِيرُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ تُوجَدُ بِسَاحِلِ الْبَحْرِ وَأَمَّا تُرَابُ سَاحِلِ الْبَحْرِ يُغْسَلُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ ذَهَبٌ أَوْ فِضَّةٌ فَالزَّكَاةُ كَالْمَعْدِنِ قَالَ التُّونِسِيُّ فِي الْكِتَابِ فِي مَرَاكِبِ الرُّومِ تَكَسَّرَتْ وَأُخِذَ مَا فِيهَا لَيْسَ لِمَنْ وَجَدَهُ وَيَرَى فِيهِ الْإِمَامُ رَأْيَهُ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِذَا أَخَذُوا فِيمَا وُجِدَ فَهُوَ لِلْإِمَامِ

يَرَى فِيهِ رَأْيَهُ وَلَا شَيْءَ لِوَاجِدِهِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدِ الْإِمَامُ فِي الْمَرَاكِبِ فَأَمْرُ الْعُرُوضِ لِلْإِمَامِ وَالذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ لِمَنْ وَجَدَهُ وَعَلَيْهِ الْخُمُسُ كَالرِّكَازِ وَفِي غَيْرِ الْمَوَّازِيَّةِ مَا لَفَظَهُ الْبَحْرُ لمُسلم عرف كاللقطة أَو الْمُشرك فَأَمْرُهُ إِلَى الْإِمَامِ وَإِنْ شُكَّ لِمَنْ هُوَ عُرِّفَ ثُمَّ تُصُدِّقَ بِهِ تَغْلِيبًا لِلْإِسْلَامِ وَفِي الْكِتَابِ مَا عَطِبَ فَلِرَبِّهِ دُونَ وَاجِدِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مِلْكِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ عَنْ مَعْدِنٍ صَحَّ أَنْ يُقَالَ فِيهِ الزَّكَاةُ وَأَنْ يُقَالَ هُوَ فَائِدَةٌ بِخِلَافِ مَا أَخَذَ مِنْ مَعْدِنٍ تَكَلَّفَهُ وَقَالَ مَالِكٌ فِي زَيْتُونِ الْجَبَلَ يَرْفَعُ مِنْهُ خَمْسَة أَو سُقْ وَهُوَ فَائِدَةٌ لَا زَكَاةَ فِيهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَمَّرَهُ بِالْحَرْثِ وَمَلَكَهُ قَبْلَ ذَلِكَ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ الزَّكَاةِ أَنْ يَكُونَ الْمُزَكَّى نَشَأَ عَنِ الْمِلْكِ قَالَ مَالِكٌ إِنْ مَاتَتْ رَاحِلَتُكَ فِي الْفَلَاةِ فَأَخَذَهَا رَجُلٌ وَحَمَلَهَا لِمَنْزِلِهِ فَأَنْتَ أَحَقُّ بِهَا وَعَلَيْهِ مُؤْنَةُ الْحَمْلِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مِلْكِكَ وَإِذَا طَرَحَ قَوْمٌ أَمْتِعَتَهُمْ خَوْفَ الْغَرَقِ فَيَأْخُذُهَا قَوْمٌ مِنَ الْبَحْرِ قَالَ مَالِكٌ هِيَ لِأَصْحَابِهَا وَعَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ إِنْ أَخْرَجَهَا مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ فَهِيَ لَهُ أَوْ قَذَفَهَا الْبَحْرُ فَلِصَاحِبِهَا لِعَدَمِ الْكُلْفَةِ وَعَنْهُ هِيَ لِوَاجِدِهَا وَإِنْ قَذَفَهَا الْبَحْرُ إِلَّا أَنْ يَقُولَ صَاحبهَا كنت على الرُّجُوعِ إِلَيْهَا فَيَحْلِفُ وَيَأْخُذُهَا مَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلْ يُلَاحَظُ أَنَّ الْبَحْرَ كَالْمُكْرِهِ لِعِلَّتِهِ فَلَا يُسْقِطُ الْمِلْكَ كَالْغَصْبِ أَوِ الْغَارِقُ فِي الْبَحْرِ يُعْرِضُ صَاحِبُهُ عَنْهُ إِيَاسًا مِنْهُ فَهُوَ كَالْبُرَّةِ السَّاقِطَةِ لَا يُعَرِّجُ عَلَيْهَا صَاحِبُهَا وَهِيَ مُبَاحَةٌ إِجْمَاعًا وَالْفرق بَينهَا وَبَين طرح الْبَحْر وضال الْفَلَاةِ أَنَّ الْبُرَّةَ وَنَحْوَهَا لِمَا ظُفِرَ بِهَا فِي يَدِ الْوَاجِدِ لَمْ تَتَوَفَّرِ الرَّغْبَةُ عَلَى أَخْذِهَا وَهُوَ دَلِيلُ تَحْقِيقِ إِسْقَاطِ الْمِلْكِ وَلَوْ ظُفِرَ بِهَذِهِ الْهَوَالِكِ فِي الْبَحْرِ لَتَوَفَّرَتِ الدَّوَاعِي عَلَى الْمِيلِ إِلَيْهِ وَانْتِزَاعِهِ وَالْقُلُوبُ مَعْمُورَةٌ بِهِ قَبْلَ وِجْدَانِهِ وَهُوَ دَلِيلُ قُوَّةِ شِبْهِ الْغَصْبِ قَالَ وَرَأى إِن أرسل الدَّابَّة على أَن لَا يعود إِلَيْهَا وأحيابها وَأَخَذَهَا وَقَامَ عَلَيْهَا فَهِيَ لَهُ بِخِلَافِ الشَّاةِ فَوَصَلَهَا حَيَّةً لِأَنَّهُ لَمْ يُعْرِضْ عَنْهَا وَإِنْ تَرَكَهَا لِيَعُودَ لَهَا وَعَلِمَ أَنَّهُ لَا يَعُودُ

إِلَيْهَا إِلَّا وَقَدْ هَلَكَتْ فَهِيَ لِصَاحِبِهَا كَالشَّاةِ قَوْله وَتَركه صَاحبه على أَن لَا يَعُودَ إِلَيْهِ فَهُوَ لِمَنْ نَقَلَهُ لِأَنَّ صَاحِبَهُ أَبَاحَهُ لِلنَّاسِ لِمَا عَلِمَ الْعَدُوُّ أَنَّ تَرْكَهُ لِيَعُودَ فَهُوَ لِصَاحِبِهِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ حَمْلِهِ إِلَّا أَنْ يَرْجِعَ صَاحِبُهُ بَدْوًا بِهِ لِيَحْمِلَهُ فَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ وَأَمَّا الْغَرَقُ فِي الْبَحْرِ فَإِنَّ كَانَ فِي مَرْسَى وَمَضَى صَاحِبُهُ لِيَعُودَ لِإِخْرَاجِهِ فَهُوَ لَهُ وَإِن تَركه على أَن لَا يَعُودَ فَلِآخِذِهِ وَهُوَ أَدْخُلُ فِي هَذَا مِمَّا تَرَكَ فِي الْبَرِّ هَلَاكَهُ إِذَا تَرَكَ فَهُوَ كَالشَّاةِ فِي الْمَضْيَعَةِ وَالْبَحْرُ كَالذِّئْبِ مَعَ مَا يَتَكَلَّفُ مِنْ مَشَقَّةِ الْعَطَشِ عَلَيْهِ وَالْخَوْفُ عَلَى النَّفْسِ وَإِنْ قَذَفَهُ الْبَحْرُ فَنَقَلْتَهُ فَهُوَ لِصَاحِبِهِ لِأَنَّهُ إِنْ أَمِنَ عَلَيْهِ الْفَسَادَ لَوْ بَقِيَ لَمْ يَكُنْ لَكَ التَّعَرُّضُ لَهُ أَوْ يُخْشَى فَسَادُهُ كَالْمَتَاعِ فَعَلَيْكَ نَشْرُهُ وَإِيدَاعُهُ وَلَوْ مَرَرْتَ فِي سَفِينَةٍ بِمَتَاعٍ لِقَوْمٍ غَرِقُوا وَهُمْ عَلَى المَاء كَانَ عَلَيْك دَفعه كاللقطة إِن كَانَت مارا بِرِبْح لَا يَضُرُّكَ الْإِمْسَاكُ لِأَخْذِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ مَرَرْتَ بِآدَمِيٍّ حَيٍّ قَاعِدَةٌ إِذَا تَلِفَ الْمِلْكُ فِي عين استصحب بِحَسب الْإِمْكَان وَلذَلِك قُلْنَا المظطر يَأْكُلُ طَعَامَ الْغَيْرِ وَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ اقْتَضَتْ إِبَاحَةُ الْأَكْلِ دُونَ سُقُوطِ الْقِيمَةِ لِأَنَّ بَقَاءَ الْمُهْجَةِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا فَأَلْغَيْنَا الْمِلْكَ فِي الْقِيمَةِ دُونَ الْعَيْنِ وَكَذَلِكَ اخْتِلَاطُ مَالِكَ الْمثْلِيّ بِمثلِهِ لغير كَزَيْتٍ بِزَيْتٍ لِغَيْرِكَ يُسْقَطُ مِلْكُكَ عَنِ التَّعْيِينِ فَتَبْقَى شَرِيكًا بِمَا يُسَمَّى زَيْتًا فِي الْمُخْتَلَطِ وَلَيْسَ لَهُ نَقْلُكَ لِغَيْرِ الْمُخْتَلَطِ اسْتِصْحَابًا لِلْمِلْكِ بِحَسْبِ الْإِمْكَانِ وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ وَقَالَ بِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ ش وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ فَلِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ اسْتَصْحَبْنَا الْمِلْكَ فِي مَتَاعِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِحَسْبِ الْإِمْكَانِ قَاعِدَةٌ مَذْهَبِيَّةٌ مَنْ أَدَّى عَنْ غَيْرِهِ مَالًا شَأْنُهُ أَنْ يُعْطِيَهُ أَوْ عَمِلَ لِغَيْرِهِ عَمَلًا شَأْنُهُ أَنْ يُسْتَأْجَرَ عَلَيْهِ رَجَعَ بِذَلِكَ الْمَالِ وَبِأُجْرَةِ ذَلِكَ الْعَمَلِ كَانَ دَفْعُ ذَلِكَ الْمَالِ وَاجِبًا عَلَيْهِ كَالدَّيْنِ أَوْ غَيْرَ وَاجِبٍ كَخِيَاطَةِ الثَّوْبِ وَحَلْقِ الرَّأْسِ نَقَلَهَا صَاحِبُ النَّوَادِرِ وَصَاحِبُ الْجَوَاهِر فِي الْإِجَازَة تَنْزِيلًا لِلِسَانِ الْحَالِ مَنْزِلَةَ لِسَانِ الْمَقَالِ فَإِذَا

كَانَ شَأْنُكَ مُبَاشَرَةَ ذَلِكَ الْعَمَلِ بِنَفْسِكَ أَوْ بنائبك وتستأجر عَلَيْهِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْكَ بِأُجْرَةٍ لِأَنَّ حَالَكَ لَمْ يَقْتَضِ إِذْنًا فِي دَفْعِ أُجْرَةٍ فِي ذَلِكَ وَالْأَئِمَّةُ جَعَلُوا الدَّافِعَ مُتَبَرِّعًا حَتَّى يُوجَدَ إِذْنٌ بِلِسَانِ الْمَقَالِ وَوَافَقُونَا عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِلِسَانِ الْحَالِ فِي تَعْيِينِ النُّقُودِ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى تَعْيِينِ النَّقْدِ إِذَا غَلَبَ فِي الْبَلَدِ عَلَى غَيْرِهِ وَتَعْيِينِ الْمَنَافِعِ فِي الْإِجَارَةِ فَتُحْمَلُ إِجَارَةُ الْقُدُومِ عَلَى النَّجْرِ دُونَ الْحَفْرِ وَالثَّوْرِ عَلَى الْحَرْثِ دُونَ الرُّكُوبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَيُفَرِّقُ بِأَنَّ الْمُوجِبَ فِي مَوْضِعِ الْوِفَاقِ الْعُرْفُ الْعَامُّ وَهُوَ أَقْوَى مِنَ الْعُرْفِ الْخَاصِّ لِعُمُومِهِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْعُرْفَ الْعَامَّ إِنَّمَا قُضِيَ بِهِ لِمَا فِيهِ مِنَ الظُّهُورِ فِي الدَّلَالَةِ وَالظُّهُورِ فِي الْعُرْفِ الْخَاصِّ بَلْ قَدْ يَقْوَى ظَاهِرُ حَالِ زَيْتٍ فِي مَقْصُودٍ أَكْثَرَ مِنْ قُوَّةِ الْعَامِ وَرُبَّمَا انْتَهَى إِلَى الْقَطْعِ وَالْوَاقِعُ يَشْهَدُ لِذَلِكَ فَلَا أَثَرَ لِلْعُمُومِ فِي إِثَارَةِ الظَّنِّ بِسَقْطِ اعْتِبَارِ الْفَرْقِ وَسَقْطِ مَا قُلْنَاهُ وَمِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ التَّعْيِينُ بِبِسَاطِ التَّحَسُّنِ لِأَنَّهُ عُرْفٌ خَاصٌّ بِحَقٍّ نَعْتَبِرُهُ دُونَ ش وَلِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ فُرُوعٌ كَثِيرَةٌ فَلِأَجْلِهَا قُلْنَا عَلَى رَبِّ الْمَتَاعِ أُجْرَةُ الْحَمْلِ إِلَّا أَن يرجع بدوا بِهِ لِحَمْلِهِ وَقَالَ ش الْعَنْبَرُ حَيْثُ يُوجَدُ الْعَنْبَرُ لِوَاجِدِهِ كَالصَّيْدِ وَإِنْ بَعُدَ عَنِ السَّاحِلِ فَهُوَ لُقَطَةٌ لِأَنَّ الظَّاهِرَ سُقُوطُهُ عَنْ مَالِكٍ وَتَحَاشِي الْغَرَقِ عَلَى السَّاحِلِ لُقَطَةٌ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ إِذَا وَجَدَ الصَّيَّادُ دُرَّةً فِي سَمَكَةٍ فَهِيَ لَهُ لِأَنَّ الدُّرَّ يَكُونُ فِي الْبَحْرِ وَإِنْ بَاعَهَا وَلَمْ يَعْلَمْ رَدَّهَا لِلصَّيَّادِ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا فَلَا يَتَنَاوَلُهَا عَقْدُ الْبَيْعِ وَإِنْ وُجِدَ فِيهَا دَنَانِيرُ فَهِيَ لُقَطَةٌ وَالْعَنْبَرُ على سَاحل الْبَحْر لَهُ وَالدَّابَّة فالمهلكة لِمُحْيِيهَا دُونَ مَالِكِهَا خِلَافًا لِ ش وَوِفَاقًا لَنَا وَاحْتَجَّ لِتَأْوِيلِهِ بِمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ مَنْ وَجَدَ دَابَّةً قَدْ عَجَزَ عَنْهَا أَهْلُهَا فَسَيَّبُوهَا فَأَخَذَهَا فَأَحْيَاهَا فَهِيَ لَهُ وَلِأَن القَوْل بِأَنَّهَا ال تُمْلَكُ عَلَى الْمَالِكِ الْأَوَّلِ تَضْيِيعٌ لَهَا وَإِهْلَاكٌ لِلْحَيَوَانِ لِأَنَّ لِوَاجِدِهِ تَضْعُفُ دَاعِيَتُهُ لِأَخْذِهِ وَقَالَ فِي الْمُنَاخِ لَا

يملك لِأَن نَفسه بِخِلَاف الْجَوَاز وروفي العنبر عَن عمر ابْن عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّ بَحْرَ عَدَنٍ أَلْقَى عَنْبَرَةً مِثْلَ الْبَعِيرِ فَأَخَذَهَا نَاسٌ فَكُتِبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَأَمَرَ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهَا الْخمس وَيدْفَع إِلَيْهِم بِقِيمَتِهَا وَإِنْ بَاعُوهَا اشْتَرَوْهَا مِنْهُمْ فَأَرَدْنَا أَنْ نَزِنَهَا فَلم نجد ميزانا نخرجها فبطناها اثْنَتَيْنِ فَوَجَدْنَاهَا ستتمائة رَطْلٍ فَأَخَذْنَا خُمُسَهَا وَدَفَعْنَا إِلَيْهِمْ سَائِرَهَا ثُمَّ اشتريناها بِخَمْسَة آلف دِينَارا وَبَعَثْنَاهَا إِلَيْهِ فَلَمْ نَلْبَثْ إِلَّا قَلِيلًا حَتَّى بَاعَهَا بِثَلَاثِينَ أَلْفِ دِينَارٍ وَفِي الْجَوَاهِرِ فِي الْخَشَبَةِ يَطْرَحُهَا الْبَحْرُ قَوْلَانِ تَرْكُهَا أَفْضَلُ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ يَأْخُذُهَا وَيَغْرَمُ قِيمَتَهَا لِرَبِّهَا وَإِذَا وَقَعَتْ سَمَكَةٌ فِي السَّفِينَةِ وَفِيهَا جَمَاعَةٌ فَهِيَ لِلَّذِي سَقَطَتْ إِلَيْهِ كَانَ رَبَّ السَّفِينَةِ أَمْ لَا الْفَرْع الثَّانِي فِي الْكتاب مَالا يَبْقَى مِنَ الطَّعَامِ أُحِبُّ أَنْ يُتَصَدَّقَ بِهِ كَثُرَ أَوْ قَلَّ وَلَمْ يُؤَقِّتْ مَالِكٌ لِتَعْرِيفِهِ حَدًا وَإِنْ أَكَلَهُ وَتَصَدَّقَ بِهِ لَمْ يُضَمَّنْهُ كالشاة يجدهَا فِي الفلاة إِلَّا أَن بجدها فِي غَيْرِ الْفَيَافِي وَخَيَّرَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَاجِدَ الطَّعَامِ بَيْنَ أَكْلِهِ وَغُرْمِ بَدَلِهِ أَوْ بَيْعِهِ وَحِفْظِ ثَمَنِهِ اسْتِصْحَابًا لِلْمِلْكِ بِحَسْبِ الْإِمْكَانِ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ الطَّعَامُ فِي غَيْرِ الْفَيَافِي يَبِيعُهُ فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهُ أَخَذَ ثَمَنَهُ قَالَ مُطَرِّفٌ مَا لَا يَبْقَى مِنَ الطَّعَامِ إِذَا الْتُقِطَ فِي الْحَضَرِ وَحَيْثُ النَّاسُ الصَّدَقَةُ بِهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَكْلِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ إِبَاحَةِ انْتِفَاعِ غَيْرِ الْإِنْسَانِ بِمِلْكِ غَيْرِهِ فَيُضْرَبُ فِي مَنْفَعَةِ مَالِكِهِ وَهُوَ ثَوَابُ الْآخِرَةِ فَإِنْ تَصَدَّقَ بِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ لِأَنَّهُ تُرِكَ لِلْفَسَادِ وَإِنْ أكله ضمنه لِأَنَّهُ صون بِهِ مَالهُ وَضِيعَ ثَمَنُهُ إِلَّا فِي السَّفَرِ وَحَيْثُ لَا نَاسَ وَهُوَ لَا يَبْقَى وَلَا يُحْمَلُ كَالشَّاةِ فِي الْفَلَاةِ وَأَكْلُهُ حِينَئِذٍ أَفْضَلُ مِنْ طَرْحِهِ احْتِرَامًا لِرِزْقِ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَبْقَى وَيَتَزَوَّدُ ضَمِنَهُ فِي الْأَكْلِ وَالصَّدَقَةِ قَالَ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ فِي الطَّعَامِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ

إِذَا كَانَ حَيْثُ النَّاسُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ أَكَلَهُ غَرِمَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ وَقَالَ أَشْهَبُ يَغْرَمُهُ فِي الْحَالَتَيْنِ لَا يَضْمَنُهُ فِي الْحَالَتَيْنِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ فال اللَّخْمِيُّ أَرَى التَّفْرِقَةَ بَيْنَ الْقَلِيلِ فَلَا يُضَمَّنُ فِي الْأَكْلِ وَالصَّدَقَةِ لِأَنَّهُ يُعْرِضُ عَنْهُ وَلِمَا فِي مُسْلِمٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنِّي أجد الثَّمَرَة عَلَى الطَّرِيقِ لَوْلَا أَنِّي أَخَافُ أَنْ تَكُونَ صَدَقَةً لَأَكَلْتُهَا وَالْكَثِيرُ يُضَمَّنُ لِأَنَّ الْغَالِبَ طَلَبُهُ وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِي الدَّلْوِ وَالْحَبْلِ يُنْتَفَعُ بِهِ وَالتَّصَدُّق أحسن لِأَنَّهُ كَذَا فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُدَّخَرُ إِلَّا أَنَّ صَاحِبَهُ لَا يَحْفُلُ بِهِ الْفَرْعُ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ يُعَرِّفُ الْغَنَمَ فِي أَقْرَبِ الْقُرَى وَلَا يَأْكُلُهَا وَفِي الْفَلَوَاتِ يَأْكُلُهَا وَلَا يَغْرَمُهَا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هِيَ لَك أَو لأخيك أَو الذِّئْب وَالْبَقَرُ بِمَوْضِعِ الْخَوْفِ عَلَيْهَا كَذَلِكَ وَبِمَوْضِعِ الْأَمْنِ كَالْإِبِلِ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ الشَّاةُ فِي الْمَضْيَعَةِ كَالذَّهَبِ فِي الِالْتِقَاطِ وَالتَّعْرِيفِ يُخَيَّرُ مُلْتَقِطُهَا بَيْنَ أَكْلِهَا فِي الْحَالِ أَوْ يُمْسِكُهَا وَيُنْفِقُ عَلَيْهَا لِصَاحِبِهَا أَوْ يَبِيعُهَا وَيَحْفَظُ ثَمَنَهَا لَهُ وَقَالَ ش وح مَتَى أَكَلَهَا ضَمِنَهَا قَالَ الْقَاضِي فِي الْإِشْرَافِ وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنَّا وَأَجَابُوا عَنِ الْحَدِيثِ بِوُجُوهٍ أَحَدُهَا أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّكَ إِنْ أَخَذْتَهَا ضَمِنْتَ قِيمَتَهَا عَلَى أَخِيكَ فَانْتَفَعْتَ أَنْتَ وَانْتَفَعَ هُوَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ أَكَلَهَا الذِّئْبُ فَفَاتَتِ الْمَنْفَعَتَانِ فَتَكُونُ أَوْ لِلتَّنْوِيعِ فَيَكُونُ الْأَخْذُ مُنَوَّعًا إِلَى مَا يَحْصُلُ مَصْلَحَتَيْنِ وَإِلَى مَا يَفُوتُهُمَا فَالْحَدِيثُ مُنَفِّرٌ عَنِ التَّرْكِ لَا مُسَوٍّ بَين الْآخِذ وَبَين الذِّئْب

وَثَانِيهمَا أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعَطْفِ التَّسْوِيَةُ وَقَدْ عَطَفَ الْأَخَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ أَوْ لِأَخِيكَ فَوَجَبَ أَنْ يَسْتَوِيَا فِي التَّعَلُّقِ بِهَذِهِ الشَّاةِ هَذَا بِالِانْتِفَاعِ وَالْأَخُ بِالْقِيمَةِ وَعَلَى قَوْلِكُمْ لَا تَسْوِيَةَ بَلْ يخْتَص النَّفْع بالآخذ وثالثهما أَنَّ الذِّئْبَ لَا يمْلكُ وَقَدْ عُطِفَ عَلَى الْآخِذِ وَالْأَصْلُ فِي الْعَطْفِ التَّسْوِيَةُ وَلَا يَمْلِكُ الْآخِذُ وَإِذَا لَمْ يَمْلِكْ كَانَ الْمِلْكُ لِصَاحِبِهَا عَمَلًا بِالِاسْتِصْحَابِ وَرَابِعُهَا لَوْ سَلَّمْنَا دَلَالَتَهُ عَلَى عَدَمِ الضَّمَانِ لَكَانَ مُعَارَضًا بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا فَاغْرِمْهَا لَهُ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى مَا إِنْ وَجَدَهَا فِي الْحَضَرِ وَلِأَنَّهُ أَتْلَفَ مَالَ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَيَضْمَنُهُ كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ مَعْنَى الْحَدِيثِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الذِّئْبِ لَا مَا ذَكَرْتُمُوهُ عَمَلًا بِالْعَطْفِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الذِّئْبِ وَعَلَى مَا ذَكَرْتُمُوهُ لَا تَقَعُ التَّسْوِيَةُ فَيَلْزَمُ خِلَافَ الْقَاعِدَةِ عَنِ الثَّانِي مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ صَاحِبَهَا الْمَعْطُوفَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ إِذَا أَكَلَ فَكَذَلِكَ الْآخِذُ عَمَلًا بِمَا ذَكَرْتُمُوهُ مِنَ التَّسْوِيَةِ وَثَانِيهُمَا أَنَّ الْأَخَ وَإِنْ عُطِفَ فَكَذَلِكَ الذِّئْبُ عُطِفَ أَيْضًا وَهُوَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَلَوْ أَكَلَ كَذَلِكَ الْآخِذُ عَمَلًا بِالْعَطْفِ الْمُسَوِّي عَنِ الثَّالِثِ لَمْ يَسْقُطْ الْمِلْكُ فِي حَقِّ صَاحِبِهَا وَالْحَدِيثُ يَقْتَضِيهِ لِأَنَّ تَقْدِيرَهُ هِيَ لَكَ إِنْ أَخَذْتَهَا أَوْ لِأَخِيكَ إِنْ أَخَذَهَا أَوِ الذِّئْبِ إِنْ تَرَكْتُمَاهَا فَمِلْكُ صَاحِبِهَا بِشَرْطٍ هُوَ مَفْقُودٍ فَيَنْتَفِي مِلْكُهُ لِانْتِفَاءِ شَرْطِهِ عَنِ الرَّابِعِ مَنْعُ الصِّحَّةِ عَنِ الْخَامِسِ الْفَرْقُ بِأَنَّهَا فِي الْحَضَرِ لم تبطل مَا ليتها لِلْقُدْرَةِ عَلَى صَوْنِهَا بِالْبَيْعِ وَلَا يَجِدُهَا الذِّئْبُ بِخِلَاف الفلاة وَهُوَ الْجَواب عَن الْخَامِس ثمَّ إِن الحَدِيث وجد فِيهِ إِتْلَافه كَذَا مَا يُفْسِدُ الْمِلْكَ لِمَنْ يَقْبَلُ الْمِلْكَ وَهُوَ الْوَاجِدُ فَيُفِيدُ أَنَّ لَهُ الْمِلْكَ لِأَنَّهُ أَصْلُ هَذِهِ الْإِضَافَةِ وَكَمَا لَوْ قَالَ هَذَا الْمَالُ لِلذِّئْبِ فَإِنْ قَالُوا

الذِّئْبُ لَا يَمْلِكُ وَقَدْ وُجِدَ فِي حَقِّهِ عَيْنُ مَا ذَكَرْتُمُوهُ قُلْنَا لَا يَلْزَمُ مِنْ مُخَالَفَةِ الدَّلِيلِ فِي غَيْرِ صُورَةِ النِّزَاعِ مُخَالَفَتُهُ فِيهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ إِعْمَالُ الدَّلِيلِ بِحَسْبِ الْإِمْكَانِ وَلَنَا أَيْضًا فِي الْحَدِيثِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هِيَ لَكَ وَالْمُبْتَدَأُ يَجِبُ انْحِصَارُهُ فِي الْخَبَرِ فَتُخَصُّ الشَّاةُ لِلْوَاجِدِ دُونَ الْمَالِكِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهَا الْمَالِكُ بِوَجْهٍ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ تَفْرِيعٌ قَالَ فِي الْكِتَابِ وَضَالَّةُ الْإِبِلِ فِي الْفَلَاةِ يَتْرُكُهَا فَإِنْ أَخَذَهَا عَرَّفَهَا وَلَا يَأْكُلُهَا وَلَا يَبِيعُهَا وَأَن لم يجد صَاحبهَا خلاف بِالْمَوْضِعِ الَّذِي وُجِدَ فِيهِ وَإِنْ رَفَعْتَهَا لِلْإِمَامِ فَلَا يَتْبَعُهَا بَلْ يَفْعَلُ مَا تَقَدَّمَ وَكَذَلِكَ فَعَلَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَانَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَبِيعُهَا وَيُفَرِّقُ ثَمَنَهَا لِأَرْبَابِهَا وَالْخَيْلُ وَالْبِغَالُ وَالْحَمِيرُ يُعَرِّفُهَا فَإِنْ لَمْ يَأْتِ صَاحِبُهَا تَصَدَّقَ بِهَا قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْحَقُّ وَلَوْ جَاءَ صَاحِبُ الشَّاةِ بَعْدَ ذَبْحِهَا أَخَذَهَا مَا لَمْ يَأْكُلْهَا لِأَنَّهَا غَيْرُ مَالِهِ قَالَ التُّونِسِيُّ إِذَا رَدَّ الْإِبِلَ بَعْدَ أَخْذِهَا لَمْ يَضْمَنْهَا لِأَنَّ الْحَدِيثَ اقْتَضَى مَنْعَ الْأَخْذِ فَالرَّدُّ فِعْلُ الْوَاجِبِ فَلَا يُوجِبُ ضَمَانًا وَلَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا فِي مَوْضِعِ الْأَمْنِ لَمْ تَكُنْ لَهُ نَفَقَةٌ وَإِنَّمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ إِذَا أَسْلَمَ الْبَعِيرَ رَبَّهُ فَأَنْفَقَ عَلَيْهِ وَأَخَذَهُ فَلَا يَأْخُذُهُ إِلَّا بِالنَّفَقَةِ لِأَنَّهُ لَوْ تَرَكَهُ هُنَالِكَ لَمَاتَ وَلَوْ كَانَتِ الْإِبِلُ بِمَوْضِعِ خَوْفٍ مِنَ السِّبَاعِ لَكَانَتْ مِثْلَ الْغَنَمِ وَجَازَ أَكْلُهَا لِذِكْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْعِلَّةَ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا فَرَّقَ وَلَمْ يُحَدِّدْ فِي تَعْرِيف الدَّوَابّ شَيْئا وَقيل سنة وَالْأول إِنْ كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهَا عَرَّفَهَا سَنَةً قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ حُكْمَ الْإِبِلِ عَامٌ فِي الْأَزْمَانِ وَعَنْهُ أَنَّهُ خَاصٌّ بِزَمَانِ الْعَدْلِ وَصَلَاحِ النَّاسِ وَأَمَّا زَمَانُ فَسَادِ النَّاسِ فَتُؤْخَذُ وَتُعْرَفُ فَإِنْ لَمْ تُعْرَفْ بِيعَتْ وَوُقِفَ ثَمَنُهَا فَإِنْ لَمْ يَأْتِ صَاحِبُهَا تُصُدِّقَ بِهِ عَنْهُ كَمَا فَعَلَهُ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا فَسَدَ الزَّمَانُ وَفِي الْجَوَاهِرِ يُلْتَقَطُ الْكَلْبُ بِالْمَكَانِ الَّذِي يُخَافُ عَلَيْهِ فِيهِ لِأَنَّهُ مَعْصُومٌ وَقَالَهُ ش قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَإِنْ وَجَدَ شَاةً اخْتَلَطَتْ بِغَنَمِهِ قَالَ سَحْنُونٌ فَهِيَ كَاللُّقَطَةِ يُتَصَدَّقُ بِهَا بَعْدَ السَّنَةِ فَإِنْ جَاءَ رَبُّهَا ضَمِنَهَا لَهُ وَلَهُ شُرْبُ لَبَنِهَا لِأَنَّهُ يَرْعَاهَا قَالَ مَالِكٌ فَإِنْ ذَبَحَهَا قَبْلَ السَّنَةِ ضَمِنَهَا إِلَّا أَنْ يَخَافَ مَوْتَهَا فَيُزَكِّيهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لَهُ وَعَنْهُ إِنْ

ذَبَحَهَا بَعْدَ السَّنَةِ وَأَكَلَهَا فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ قَالَ أَصْبَغُ فَلَوْ قَدِمَ بِالشَّاةِ مِنَ الْفَلَاةِ حَيَّةً لِلْأَحْيَاءِ وَجَبَ تَعْرِيفُهَا وَيُضَمِّنُهَا لِأَهْلِ قَرْيَةٍ يُعَرِّفُونَ بِهَا وَلَا يَأْكُلُهَا الْآنَ وَهِيَ لُقَطَةٌ حِينَئِذٍ وَقَالَ غَيْرُهُ مَنْ وَجَدَ طَعَامًا فِي فَيَافِي الْأَرْضِ فَحَمَلَهُ لِلْعُمْرَانِ بِيعَ وَوُقِفَ ثَمَنُهُ وَإِنْ أَكَلَهُ بَعْدَ قُدُومِهِ ضَمِنَهُ وَعَلَى هَذَا القَوْل يضمن اللَّحْم إِن أكله خلافًا لأصبع وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا وَجَدَ الشَّاةَ بِقُرْبِ الْعُمْرَانِ فَعَرَّفَهَا فَإِنْ لَمْ يَأْتِ رَبُّهَا تَصَدَّقَ بِثَمَنِهَا أَحَبُّ إِلَيَّ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ وَنُسْلِمُهَا مِثْلَهَا وَأَمَّا اللَّبَنُ وَالزُّبْدُ فَإِنْ كَانَ بِمَوْضِعٍ لَهُ ثَمَنٌ بِيعَ وَصُنِعَ بِثَمَنِهِ مَا يُصْنَعُ بِثَمَنِهَا وَيَأْكُلُ من ذَلِك بِقدر علوفتها وبموضع لَا ثَمَنَ لَهُ وَالصُّوفُ وَالسَّمْنُ فَتَصَدَّقَ بِثَمَنِهِ أَوْ بِهِ قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ تَصَدَّقَ بِهَا أَوْ بِثَمَنِهَا لَمْ يَضْمَنْ لِرَبِّهَا شَيْئًا وَعَنْ مَالِكٍ ضَالَّةُ الْبَقَرِ كَالْغَنَمِ إِذَا وَجَدَهَا بِالْفَلَاةِ أَكَلَهَا وَلَا يَضْمَنُهَا وَإِنْ وَجَدَهَا فِي قُرْبِ الْعُمْرَانِ عَرَّفَهَا وَيُكْرِيهَا فِي عَلُوفَتِهَا كِرَاءً مَأْمُونًا قَالَ أَشْهَبُ وَإِذَا كَانَ الْإِمَامُ غَيْرَ عَدْلٍ لَا تُدْفَعُ إِلَيْهِ الْإِبِلُ وَلْيُخَلِّهَا حَيْثُ وَجَدَهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْإِبِلِ مَنَعَةٌ فَهِيَ كَالْغَنَمِ يَأْكُلُهَا إِذَا وَجَدَهَا بِالْفَلَاةِ وَلَا يَغْرَمُهَا لِرَبِّهَا وَقَوْلُهُ فِي الْخَيْلِ وَمَا مَعَهَا يُتَصَدَّقُ بِهَا يُرِيدُ بِهَا أَوْ ثَمَنِهَا وَالْوَاجِدُ إِذَا أَنْفَقَ عَلَى عَبْدٍ أَوْ دَابَّةٍ فَهُوَ أَحَقُّ بِمَا عِنْدَهُ مِنَ الْغُرَمَاءِ حَتَّى يَقْبِضَ النَّفَقَةَ وَالنَّفَقَةُ لَهُ إِلَّا أَنْ يُسْلِمَهَا رَبُّهَا فِي النَّفَقَةِ فَإِنْ أَسْلَمَهَا ثُمَّ بَدَا لَهُ قَالَ أَشْهَبُ لَيْسَ لَهُ أَخْذُهَا وَدَفْعُ النَّفَقَةِ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْهَا قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ لَا يَنْبَغِي أَخْذُ الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَلَا يُنْفِقُ عَلَيْهَا لِأَنَّ النَّفَقَةَ قَدْ تَسْتَغْرِقُهَا فَتَهْلَكُ عَلَى رَبِّهَا وَعَنْ مُطَرِّفٍ لَهُ إِنْ تَرَكَهَا مِنْ مَوْضِعٍ وَجَدَهَا إِلَى مَوْضِعِهِ فَأَمَّا فِي حَوَائِجِهِ فَلَا فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ وَإِنْ أَحَبَّ بَيْعَهَا رَفَعَ ذَلِكَ إِلَى الْإِمَامِ إِنْ كَانَ مَأْمُونًا إِلَّا فِيمَا خَفَّ مِنَ الشَّاةِ وَالشَّاتَيْنِ فَيَلِيهِ وَيُشَهِّرُهُ وَقَالَهُ أصبغ قَالَ اللحابي لِضَالَّةِ الْغَنَمِ خَمْسَةُ أَحْوَالٍ عَلَى بُعْدٍ مِنَ الْعِمَارَةِ وَهِيَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَهُ الْوَاحِدُ أَوِ اثْنَانِ وَمَنْ لَا حَاجَةَ لَهُ بِشِرَائِهَا أَوْ فِي جَمَاعَةٍ يَقْدِرُ عَلَى بَيْعِهَا أَوْ مَعَهُ غَنَمٌ أَوْ بِقُرْبِ عِمَارَةٍ أَوْ فِي الْقَرْيَةِ نَفْسِهَا فَالْأَوَّلُ لِوَاجِدِهَا

كَمَا تَقَدَّمَ وَالْقِيَاسُ إِذَا نَقَلَهَا حَيَّةً لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا نَقَلَهَا بَعْدَ أَنْ بَقِيَتْ مِلْكَهُ وَإِنْ كَانَ فِي رِقَّةٍ بَاعَهَا وَوَقَفَ ثَمَنَهَا وَإِنْ أَكَلَهَا ضَمِنَهَا فَإِنْ تَصَدَّقَ بِهَا عَنْ مَالِكٍ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَيْسَتِ الْمَوَاشِي كَغَيْرِهَا وَقِيلَ يَضْمَنُهَا قَالَ وَهُوَ الْأَحْسَنُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْأَمْوَالِ لِمَالِكِهَا وَإِنْ كَانَ مَعَه غنم ضمنهَا إِلَيْهِ سنة اخْتِيَارا وَإِن ذَبحهَا قبل السّنة ضَمِنَهَا وَإِنْ خَافَ عَلَيْهَا لَمْ يَضْمَنْ إِلَّا أَنْ يَقْدِرَ عَلَى بَيْعِ لَحْمِهَا وَإِنْ وُجِدَتْ قُرْبَ قَرْيَةٍ ضَمَّهَا إِلَيْهِ وَعَرَّفَهَا فَإِنْ لَمْ يفعل وأكلها ثمَّ تبين أَيهَا لِأَهْلِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ ضَمِنَهَا وَاخْتُلِفَ إِذَا كَانَتْ لِغَيْرِ أَهْلِ تِلْكَ الْقَرْيَةِ فَقَالَ أَشْهَبُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَعَنْ مَالِكٍ يَضْمَنُهَا أَكَلَهَا أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ لَهُمْ أَوْ لِغَيْرِهِمْ وَهُوَ أَحْسَنُ لِمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ وَجَدَهَا فِي قَرْيَةٍ فَلُقَطَةٌ كَالْأَمْوَالِ فَكَانَ فِي الْحُكْمِ الْأَوَّلِ تَرْكُ الْإِبِلِ لِأَنَّهُ زَمَنُ النُّبُوَّةِ وَالصَّحَابَةِ ثُمَّ كَذَلِكَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ لِعَدَمِ الْإِخَافَةِ وَصَلَاحِ النَّاسِ وَلَمْ يَتْرُكْ فِي زَمَانِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِعَدْلِهِ وَفَسَادِ النَّاسِ ثُمَّ فَسَدَ السُّلْطَانُ وَالنَّاسُ فَتُؤْخَذُ وَلَا تُدْفَعُ إِلَيْهِ قَالَ وَهُوَ حَالُ النَّاسِ الْيَوْمَ تُعَرَّفُ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ صَاحِبُهَا بِيعَتْ إِنْ يُخْشَى السُّلْطَانُ إِنْ عُرِّفَتْ لَمْ تُؤْخَذْ وَتُرِكَتْ وَإِنْ لَمْ يُخْشَ إِلَّا عَلَى الثَّمَنِ أُهْمِلَتْ حَيْثُ وُجِدَتْ وَإِنْ كَانَتْ بِمَوْضِعٍ فِيهِ السِّبَاعُ أُخِذَتْ وَعُرِّفَتْ لِأَنَّهُ لَا مَشَقَّةَ فِي بُلُوغِهَا بِخِلَافِ الشَّاةِ إِلَّا أَنْ يُخَافَ السُّلْطَانُ فِي تَعْرِيفِهَا فَتُتْرَكُ فَلَعَلَّ صَاحِبَهَا يُدْرِكُهَا قَبْلَ السَّبُعِ وَالْبَقر وَالْخَيْل وَالدَّوَاب إِن كَانَت فِي موض رَعْيٍ وَمَا أَمِنَ مِنَ السِّبَاعِ امْتَنَعَ أَخْذُهَا وَمَتَى انْخَرَمَ أَحَدُ هَذِهِ الْوُجُوهِ أُخِذَتْ وَلَيْسَ لَهَا صَبْرٌ عَلَى الْمَاءِ كَالْإِبِلِ أَمَّا مَنْ يَتَوَلَّى بَيْعَهَا حَيْثُ بِيعَتْ فَعَنْ مَالِكٍ لَا يَبِيعُهَا إِلَّا الْإِمَامُ لِأَنَّهُ النَّاظِرُ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ بَاعَ بِغَيْرِ إِذْنِ الْإِمَامِ ثُمَّ جَاءَ صَاحِبُهَا وَلَمْ تُفِتْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا الثَّمَنُ قَالَ أَشْهَبُ لَيُنْقَضِ الْبَيْعُ وَإِنْ لَمْ يَقْدُمْ عَلَيْهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ إِلَّا الثَّمَنُ إِذَا بِيعَتْ خَوْفَ الضَّيْعَةِ بِخِلَافِ الثِّيَابِ وَلَا مُؤْنَةَ لَهُ فِي بَقَائِهِ فَإِنَّ

لِصَاحِبِهِ الْأَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ أَوِ الْقِيمَةَ لِأَنَّ الْوَاجِدَ فَوَّتَهُ عَلَى صَاحِبِهِ وَقَالَ مُطَرِّفٌ الدَّفْعُ لِلْإِمَامِ وَيُنْفِذُ بَيْعَهُ لِأَنَّ الشَّرْعَ وَلَّاهُ عَلَيْهَا فَهِيَ كَالْإِمَامِ قَالَ وَيَنْبَغِي ذَلِكَ وَصِحَّةُ الْبَيْعِ وَيَكُونُ حُكْمُ الثَّمَنِ وَوَقْفِهِ وَالِانْتِفَاعِ بِهِ وَالتَّصَدُّقِ بِهِ حُكْمَ اللُّقَطَةِ وَقَالَتِ الشَّافِعِيَّةُ لَا تُلْتَقَطُ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْحَمِيرُ وَالْبِغَالُ وَالْخَيْلُ وَلَا مَا فِي أُذُنِهِ قُرْطٌ بِالْقَافِ وَهُوَ الَّذِي يُعَلَّقُ مِنَ الْحُلِيِّ فِي الْأُذُنِ مِنَ الْغِزْلَانِ أَوِ الْحَمَامِ للتَّمْلِيك وَجوزهُ ح قِيَاسا لغنم وَفِي أَخْذِهَا لِلْحِفْظِ قَوْلَانِ وَجَوَّزَ ح الْتِقَاطَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالشَّاةِ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ لَا يلتقط مَا يمْتَنع بِنَفسِهِ عَن صعد كَذَا السِّبَاعُ وَيَرِدُ الْمَاءَ بِقُوَّتِهِ كَالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ أَوْ بِطَيَرَانِهِ كَالطَّيْرِ أَوْ سُرْعَتِهِ كَالظِّبَاءِ وَالْكِلَابِ وَالْفُهُودِ وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ الْبَقَرُ وَالْإِبِلُ وَالْبِغَالُ وَالْحَمِيرُ سَوَاءٌ لِعِظَمِ أَجْسَامِهَا وَمَتَى أَخَذَهَا مُلْتَقِطٌ ضَمِنَهَا قَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ وَلِلْإِمَامِ حِفْظُهَا عَلَى أَرْبَابِهَا اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ النَّاظِرُ فِي أَمْوَالِ الْغَائِبِينَ إِجْمَاعًا الْفَرْعُ الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ يُدْفَعُ الْآبِقُ لِلْإِمَامِ يُوقَفُ سَنَةً وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهُ وَإِلَّا بَاعَهُ وَأَخَذَ مِنْ ثَمَنِهِ نَفَقَتَهُ وَبَقِيَّةُ ثَمَنِهِ لِصَاحِبِهِ يُدْفَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَيُبَاعُ بَعْدَ السَّنَةِ وَلَا يُطْلَقُ يَعْمَلُ وَيَأْكُلُ وَلَا يُجْعَلُ كَضَالَّةِ الْإِبِلِ لِأَنَّهُ يَأْبَقُ ثَانِيَةً فَائِدَةٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ الْإِبَاقُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ اسْمٌ لِلذِّهَابِ فِي اسْتِتَارٍ وَهُوَ الْهُرُوبُ وَالْأَبْقُ بِالْفَتْحِ وَسُكُونِ الْبَاءِ وَفَتْحِهَا اسْمُ الْفِعْلِ قَالَ التُّونِسِيُّ لَوْ كَانَتِ النَّفَقَةُ عَلَيْهِ فِي السَّنَةِ تَسْتَغْرِقُ ثَمَنَهُ لَمْ يَكُنْ فِي الْحَبْسِ فَائِدَةٌ وَبِيعَ قَبْلَ السَّنَةِ وَقَالَ أَشْهَبُ يُطْلِقُهُ وَلَا ضَمَانَ لِأَنَّهُ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِهِ فَهَذَا نَفْعٌ لِصَاحِبِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ لَمْ أَزَلْ أَسْمَعُ أَنَّ الْآبِقَ يُحْبَسُ سَنَةً ثُمَّ يُبَاعُ قَالَ سَحْنُونٌ لَا أَرَى ذَلِكَ لَكِنْ بِقَدْرِ مَا يَتَبَيَّنُ أَمْرُهُ ثُمَّ يُبَاعُ وَيُحْكِمُ الْحَاكِمُ صِفَتَهُ عِنْدَهُ حَتَّى

يَأْتِيَ صَاحِبُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ الصَّوَابُ لِئَلَّا يَذْهَبَ فِي نَفَقَتِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مَالِكٌ لَا يَقْرُبُ الْآبِقَ وَلَا يَأْخُذُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لِأَخٍ أَوْ لِمَنْ يُعرفُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ كَانَ لِمَنْ يُعرفُ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَخْذُهُ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ كَانَ لِقَرِيبٍ اسْتُحِبَّ لَهُ أَخْذُهُ أَوْ بَعِيدٍ تَرْكُهُ أَحَبُّ وَأَمَّا تَرْكُهُ بَعْدَ أَخْذِهِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ إِنْ أَرْسَلَهُ ضَمِنَهُ وَعَنْهُ إِرْسَالُهُ خَيْرٌ مِنْ بَيْعِهِ فَيَمْلِكُ ثَمَنَهُ أَوْ يَطْرَحُ فِي السِّجْنِ فَلَا يَطْعَمُهُ بِخِلَافِ الْبَعِيرِ يَكْفِيهِ الرَّعْيُ وَقَدْ يَسْرِقُ الْعَبْدُ وَقَدْ فِي الْإِبَاقِ مَرَّةً أُخْرَى وَرُبَّمَا قَتَلَكَ وَمَفَاسِدُهُ كَثِيرَةٌ وَمَتَى كَانَ إِنِ انْصَرَفَ عَلَى أَمْيَالٍ يَسِيرَةٍ فَلَا يَتْبَعُهُ إِنْ لَمْ تَخَفْ مِنْهُ وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ إِنْ كَانَ لِمَنْ لَا يعرف لَا يقر بِهِ عل فَسَادِ السُّلْطَانِ أَخَذَهُ وَأَمَّا مَنْ يُعَرِّفُ فَيُرْسِلُهُ لَهُ بِغَيْرِ إِنْشَادٍ وَقَوْلُهُ تُعَرَّفُ سَنَةً يُرِيدُ إِذَا كَانَتْ لَهُ صَنْعَةٌ تَقُومُ بِهِ أَوْ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ عَدْلًا يُنْفِقُ عَلَيْهِ إِنْ دُفِعَ لِلسُّلْطَانِ بِيعَ قَبْلَ السَّنَةِ وَبَقِيَ التَّعْرِيفُ وَإِنْ بِيعَ بَعْدَ السَّنَةِ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَتَصَدَّقَ بِثَمَنِهِ حِينَئِذٍ وَلَا يُنْفِقُهُ بِخِلَافِ اللُّقَطَةِ لِأَنَّ لِلُّقَطَةِ مَوْضِعًا يَتَفَقَّدُهَا صَاحِبُهَا فِيهِ فَإِذَا مَضَتِ السَّنَةُ وَلَمْ يَأْتِ ظَهَرَ الْعَوْزُ بِخِلَافِ السَّنَةِ فِي الْآبِقِ فَيُوقَفُ الثَّمَنُ عِنْدَهَا وَعِنْدَ أَمِينٍ وَوَافَقْنَا الْأَئِمَّةَ عَلَى جَوَازِ أَخْذِ الْآبِقِ للْحِفْظ لَا للتمسك وَيَدْفَعُهُ لِلْإِمَامِ إِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى حِفْظِهِ يَبِيعُهُ أَوْ يَأْخُذُهُ عَلَى حَسَبِ مَصْلَحَةِ مَالِكِهِ وَلَمْ أَرَ حَبْسَهُ إِلَّا لَنَا وَغَيْرُنَا لَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ نَظَائِرُ الْآبِقُ وَاللُّقَطَةُ وَالْمَجْنُونُ تُسْتَتَمُّ لَهُ سَنَةٌ وَالْمُعْتَرِضُ تُمْضَى لَهُ الْفُصُولُ الْأَرْبَعَةُ وَالْعُهْدَةُ لِلْجُنُونِ وَالْجُذَامِ وَالْبَرَصِ وَعُهْدَةُ الْمُسْتَحَاضَةِ وَالْمُرْتَابَةِ وَالْمَرِيضِ وَالشُّفْعَةُ عَلَى رَأْيِ أَشْهَبَ وَابْنِ الْقَاسِمِ يَزِيدُ الشَّهْرَ وَالشَّهْرَيْنِ وَالْيَتِيمَةُ إِذَا مَكَثَتْ فِي بَيْتِهَا اعْتُبِرَ رُشْدُهَا وَالْجُرْحُ لَا يُحْكَمُ فِيهِ إِلَّا بَعْدَ سَنَةٍ مِنَ الْبُرْءِ لِاحْتِمَالِ سَرَيَانِهِ وانتفاضه فِي أَحَدِ الْفُصُولِ وَشَاهِدُ الطَّلَاقِ إِذَا أَبَى أَنْ يَحْلِفَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ يُحْبَسُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ سَنَةً وَالْهِبَةُ لَا تَبْطُلُ بِالْإِعَادَةِ إِذَا حَازَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ سَنَةً بِخِلَافِ الرَّهْنِ وَالْمُوصَى بِعِتْقِهِ وَامْتَنَعَ أَهْلُهُ مِنْ بَيْعِهِ يَنْتَظِرُ سَنَةً فَإِنْ بَاعُوهُ عَتَقَ بِالْوَصِيَّةِ

الْفَرْعُ الْخَامِسُ فِي الْكِتَابِ إِذَا جَاءَ بِالْآبِقِ مَنْ عَادَتُهُ طَلَبُ الضَّوَالِّ فَلَهُ جُعْلُ مِثْلِهِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْآبِقِ وَصُعُوبَتُهُ وَإِلَّا فَلَا جُعْلَ لَهُ وَلَهُ النَّفَقَةُ وَقَالَ ش هُوَ مُتَبَرِّعٌ لَا أُجْرَةَ لَهُ وَقَالَ ح لَهُ فِي مَسِيرَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا وَمَا دُونَهَا يُقَدَّرُ بِهِ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ كُلُّ مَنْ عَمِلَ لِغَيْرِهِ عَمَلًا بِغَيْرِ شَرْطٍ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا إِلَّا فِي الْآبِقِ وَالْفَرْقُ عِنْدَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الضَّالَّةِ خَوْفُ الذَّهَابِ لِأَرْضِ الْحَرْبِ وَاشْتِغَالُهُ بِالْفَسَادِ وَقَطْعُ الطَّرِيقِ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَرُوِيَ الْجُعْلُ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَعَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ جَعَلَ فِي جُعْلِ الْآبِقِ إِذَا جَاءَ بِهِ مِنْ دَاخِلِ الْحَرَمِ دِينَارًا وَيُرْوَى أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِ الْأُجْرَةِ مِنْ غير شَرط وَلَا مُسْتَند فِيهِ وح فِي جَعْلِهِ ذَلِكَ فِي كُلِّ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ فِي سَائِرِ الْأَعْصَارِ وَالْأَمْصَارِ لِأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَى جَعْلِهِ ذَلِكَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ فِي ذَلِكَ الزَّمَان وَذَلِكَ الْمَكَان والا يُلْزَمُ خِلَافَ الْقَوَاعِدِ فَإِنَّ الْأَصْلَ أَنَّ الْأُجْرَةَ بِقدر الْعَمَل فِي صُورَة النزاع تَفْرِيغ قَالَ اللَّخْمِيُّ النَّفَقَةُ دَاخِلَةٌ فِي أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَيُبْنَى الْجُعْلُ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ يُخَيَّرُ السَّيِّدُ بَيْنَ فِدَائِهِ بِذَلِكَ وَإِسْلَامِهِ قَالَهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ وَأَرَى أَنَّ مَنْ لَيْسَ شَأْنُهُ طَلَبَ الضَّوَالِّ وَخَرَجَ لِأَجْلِ هَذَا الْعَبْدِ وَصَاحِبُهُ مِمَّنْ لَا يَتَكَلَّفُ طَلَبَهُ بِنَفْسِهِ بِأَنْ يَجْعَلَ أَنْ يَكُونَ صَاحِبُهُ الْأَقَلَّ مِنْ جُعْلِ هَذَا وَجعل من كل يُرْجِيهِ لِطَلَبِهِ مُقْتَضَى الْقَاعِدَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الْفُرُوعِ الْأُوَلِ الْفَرْعُ السَّادِسُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَبِقَ الْمُكَاتَبُ لَمْ تُفْسَخْ كِتَابَتُهُ إِلَّا بَعْدَ حُلُولِ النَّجْمِ وَيُلْزَمُ الْإِمَامُ قِيَاسًا عَلَى هُرُوبِ الْمَدْيُونِ قَبْلَ أَجَلِ الدَّيْنِ

(الفصل الثالث في أحكام اللقطة)

الْفَرْعُ السَّابِعُ فِي التَّبْصِرَةِ عِتْقُ الْآبِقِ جَائِزٌ لَازِمٌ لِسَيِّدِهِ وَعِتْقُهُ إِلَى أَجَلٍ وَتَدْبِيرُهُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِأَنَّ الْعِتْقَ إِسْقَاطٌ لَا يُنَافِيهِ الْغَرَرُ بِخِلَافِ الْمُعَاوَضَةِ يُفْسِدُ حُكْمَهَا بِالْغَرَرِ كَأَنَّ جَعْلَ الْأَجَلِ مِنْ يَوْمِ أَعْتَقَ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ حَتَّى انْقَضَى الْأَجَلُ فَهُوَ حُرٌّ أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ خِدْمَةُ بَقِيَّةِ الْأَجَلِ وَإِنْ جَعَلَ الْأَجَلَ مِنْ يَوْمِ وُجُودِهِ جَازَ وَاسْتَبَقَ الْأَجَلُ وُجُودَهُ وَتَجُوزُ كِتَابَتُهُ مَوْقُوفَةً إِنْ وَجَدَهُ وَكَانَ قَصْدُهُ إِجْبَارَهُ عَلَى الْكِتَابَةِ فَهُوَ مُكَاتَبٌ وَإِلَّا خُيِّرَ الْعَبْدُ بَيْنَ الْقَبُولِ وَالرَّدِّ وَفَائِدَةُ الْكِتَابَةِ الْآنَ انْعِقَادُهَا عَلَى السَّيِّدِ فَإِنْ قَبِلَهَا الْعَبْدُ لَمْ يكن للسَّيِّد الرُّجُوع وَإِن اعتقه على ظَاهر جَازَ وَيُمْنَعُ مِنَ امْرَأَتِهِ حَتَّى تَعْلَمَ حَيَاتَهُ وَسَلَامَتَهُ مِنَ الْعُيُوبِ يَوْمَ الْعِتْقِ وَقَالَ ابْنُ حبيب لَا يجْزِيه إِلَّا أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا يَوْمَ أَعْتَقَهُ وَيَوْمَ وَجَدَهُ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ الْفَرْعُ الثَّامِنُ قَالَ إِذَا اشْتَرَاهُ رَجُلٌ بِأَمْرِ سَيِّدِهِ بَعْدَ إِبَاقِهِ لِأَرْضِ الْحَرْبِ مِنْهَا فَهَلَكَ قَبْلَ وُصُولِهِ فَمِنْ سَيِّدِهِ وَيَغْرَمُ لِلْمَأْمُورِ مَا افْتَدَاهُ بِهِ وَإِنْ أَعْتَقَهُ الَّذِي اشْتَرَاهُ رد عتقه أَو وطيء الْأَمَةَ حُدَّ وَتُؤْخَذُ الْأَمَةُ وَوَلَدُهَا لِعَدَمِ الشُّبْهَةِ أَوْ لِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ فَضَمَانُهُ فِي الْهَالِكِ مِنْهُ لوضع يَده عَلَيْهِ بِغَيْر أَمرك وَأَمْضَى ابْنُ الْقَاسِمِ الْعِتْقَ وَالْإِيلَادَ لِشُبْهَةِ الْعَقْدِ مَعَ عَدَمِ الْوَكَالَةِ فَهُوَ كَالْمُشْتَرِي لِنَفْسِهِ وَرَدَّهُمَا أَشْهَبُ وَقَالَ تُحَاسِبُهُ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ مِنَ الثَّمَنِ قَالَ وَهُوَ أَصْوَبُ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فَوْتًا لَكَانَ عَلَيْهِ فَضْلُ الْقِيمَةِ يَوْمَ أُعْتِقَ أَوْ اولد لِأَنَّهُ أتلف ملكا غَيْرِهِ بِشُبْهَةٍ (الْفَصْلُ الثَّالِث فِي أَحْكَامِ اللُّقَطَةِ) وَهِيَ خَمْسَةٌ الْحُكْمُ الْأَوَّلُ الضَّمَانُ وَفِي الْجَوَاهِرِ أَمَانَة فِي يَد من قصد أَخذهَا لمَالِك

مَا دَامَ ذَلِكَ الْقَصْدَ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَمَضْمُونَةٌ على من أَخذهَا بِبَيِّنَة الِاخْتِزَالِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْأَوَّلِ وَمَنْهِيٌّ عَنِ الثَّانِي فَهُوَ مُتَعَدٍّ فِيهِ وَفِي الْأَوَّلِ وَكِيلٌ لِرَبِّهَا مِنْ قِبَلِ الشَّرْعِ وَأَنَّ مَنْ أَخذهَا ليعرفها سنة ثمَّ يتصدقها أَوْ يَتَمَلَّكَهَا فَهِيَ أَمَانَةٌ فِي السَّنَةِ لِأَنَّهَا مَمْسُوكَةٌ لِحَقِّ رَبِّهَا كَالْوَدِيعَةِ وَمَضْمُونَةٌ بَعْدَهَا إِنْ تَصَدَّقَ بِهَا لِتَصْرُفِهِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ إِلَّا أَنْ يَخْتَارَ رَبُّهَا إِمْضَاءَ الصَّدَقَةِ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنْ أَبْقَاهَا بَعْدَ السَّنَةِ عَلَى التَّعْرِيفِ فَأَمَانَةٌ وَحَيْثُ كَانَتْ أَمَانَةً فَضَاعَتْ مِنْكَ لَمْ تَضْمَنْهَا قَاعِدَةٌ الْقَابِضُ لِمَالِ غَيْرِهِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ لِحَقِّ الْمَالِكِ الْمَحْضِ كَالْوَدِيعَةِ فَأَمَانَةٌ إِجْمَاعًا وَلَا ضَمَانَ وَلِحَقِّ الْقَابِضِ لِلصَّرْفِ كَالْقَرْضِ فَلَيْسَ بِأَمَانَةٍ إِجْمَاعًا وَلِحَقِّهِمَا كَالرَّهْنِ فَلَوْلَاهُ لَمْ يُعَامِلْ صَاحِبَهُ وَلَوْلَاهُ مَا تُوثِقَ الْمُرْتَهَنُ عِنْدَهُ فَاجْتَمَعَ الْحَقَّانِ فَيَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ فِيهِ بِالضَّمَانِ وَعَدَمِهِ وَاللُّقَطَةُ مِنْ بَابِ الْوَدِيعَةِ فَلَا تُضْمَنُ وَفِي هَذَا الْحُكْمِ أَرْبَعَةُ فُرُوعٍ الْفَرْعُ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ إِذَا قَالَ أَخَذْتَهَا لِتَذْهَبَ بِهَا وَقُلْتَ لِأُعَرِّفَهَا صُدِّقْتَ لِأَنَّهُ يَدَّعِي عَلَيْكَ وُجُودَ سَبَبِ الضَّمَانِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَظَاهِرُ الْمُسْلِمِ الْمَشْيُ عَلَى حُدُودِ الْإِسْلَامِ فَيَجْتَمِعُ مَعَكَ الْأَصْلُ وَالظَّاهِرُ فَتُصَدَّقُ مَعَ يَمِينِكَ إِنِ اتُّهِمْتَ وَإِلَّا فَلَا يَمِينَ قَالَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَقَالَ ح الْمُلْتَقِطُ ضَامِنٌ إِذَا لَمْ يُشْهِدْ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنِ الْتَقَطَ فَلْيُشْهِدْ ذَوَيْ عَدْلٍ وَلَا يَكْتُمْ وَلَا يُغير فَإِنْ جَاءَ رَبُّهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا وَإِلَّا فَمَالُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِمْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ يُشْهِدُ بِخِلَافِ مَا كَانَ أَضْمَرَ احْتِيَاطًا لِنَفْسِهِ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ الْإِشْهَادُ مُسْتَحَبٌّ عِنْدَ مَالِكٍ وَعِنْدَ ش يَجِبُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَخْذِ

اللُّقَطَةِ قَبْلَ التَّعْرِيفِ سِتَّةُ أَشْيَاءَ أَنْ يَعْرِفَ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا وَجِنْسَهَا دَرَاهِمُ أَوْ دَنَانِيرُ وَوَزْنَهَا أَو مكيلتها وعددها وَالرَّابِعُ نَوْعُهَا دَرَاهِمُ مِصْرِيَّةٌ أَوْ مَغْرِبِيَّةٌ وَالْخَامِسُ كِتَابَةُ ذَلِكَ وَالسَّادِسُ الْإِشْهَادُ وَلَا يُضْمَنُ عِنْدَهُ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ وَمُسْتَنَدُهُ فِي هَذِهِ حَتَّى يَتَمَكَّنَ مِنَ الْعِلْمِ بِأَنَّ صَاحِبَهَا عَرَفَهَا وَوَافَقَنَا ابْنُ حَنْبَل على حمل حَدِيث الْإِشْهَاد على النّذر قِيَاسا على الْوَدِيعَة بِجَامِع الأيمة كَذَا الْفَرْعُ الثَّانِي قَالَ إِذَا رَدَدْتَهَا لِمَوْضِعِهَا بَعْدَ حَوْزِهَا أَوْ لِغَيْرِ مَوْضِعِهَا ضَمِنْتَهَا أَمَّا لَوْ رَدَدْتَهَا مِنْ سَاعَتِهَا كَمَا لَوْ قُلْتَ فِي رَجُل هَذَا لَكَ لِشَيْءٍ رَأَيْتَهُ فَيَقُولُ لَا فَتَتْرُكُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْكَ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ إِذَا أَخَذَهَا بِنِيَّةِ التَّعْرِيفِ ثُمَّ أَخَذَهَا بِالْقُرْبِ فَهَلْ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ الضَّمَانُ أَمْ لَا تَأْوِيلَانِ لِلشُّيُوخِ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ قَالَ أَشْهَبُ لَا يَضْمَنُ ردهَا بِالْعَبدِ أَوْ بِالْقُرْبِ وَيَحْلِفُ لَقَدْ رَدَّهَا فِي مَوْضِعِهَا فَإِنْ رَدَّهَا فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا ضَمِنَ كَالْوَدِيعَةِ إِذَا تَسَلَّفَ مِنْهَا ثُمَّ رَدَّهَا بِصُرَّتِهَا وَوَافَقَنَا ش وَابْنُ حَنْبَلٍ فِي الضَّمَانِ إِذَا رَدَّهَا وَقَالَ ح لَا يَضْمَنُهَا قِيَاسًا عَلَى رَدِّ الْوَدِيعَةِ إِلَى رَبِّهَا وَبِجَامِعِ الْعَادَةِ لِلْحَالَةِ الْأُولَى وَعَلَى مَا إِذَا اضْطُرَّ صَيْدٌ لِلْخُرُوجِ عَلَى الْحَرَمِ ثُمَّ رُدَّ إِلَيْهِ لِأَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لِرَجُلٍ وَجَدَ بَعِيرًا أَرْسِلْهُ حَيْثُ وَجَدْتَهُ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ إِذَا أَخَذَهَا لِنَفْسِهِ ثُمَّ رَدَّهَا ضَمِنَهَا وَلَوْ أَخَذَ الْوَدِيعَةَ لِنَفْسِهِ ثُمَّ رَدَّهَا لِرَبِّهَا بَرِئَ فَرَدُّ الْوَدِيعَةِ أَقْوَى فِي الْإِبْرَاءِ فَلَا يُلْحَقُ بِهِ غَيْرُهُ وَلِأَنَّ رَدَّ اللُّقَطَةِ إِلَى مَوْضِعِهَا رَدٌّ لِمَظَنَّةِ الضَّيَاعِ وَرَدُّ الْوَدِيعَةِ لِرَبِّهَا رَدٌّ لِمَظَنَّةِ الْحِفْظِ فَأَبَيْنَ أَحَدَهُمَا مِنَ الْآخَرِ عَنِ الثَّانِي أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ الصَّيْدَ لِنَفْسِهِ ثُمَّ رَدَّهُ بَرِئَ فَيَأْتِي الْجَوَابَانِ أَيْضًا لِأَنَّ الْحَرَمَ مَظَنَّةُ حِفْظِ الصَّيْدِ بِالزَّاجِرِ الشَّرْعِيِّ

عَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الْبَعِيرَ ضَالَّةٌ مَنْهِيٌّ عَنْ أَخْذِهِ وَنَحْنُ نَتَكَلَّمُ فِيمَا أُمِرْنَا بِأَخْذِهِ وَحِفْظِهِ فَأُبْيِنُ أَحَدُهُمَا مِنَ الْآخَرِ بَلْ إِذَا أَخَذَ اللُّقَطَةَ صَارَتْ فِي يَدِهِ أَمَانَةً كَالْوَدِيعَةِ فَإِذَا رَدَّهَا فَقَدْ أَضَاعَهَا فَيَضْمَنُ كَمَا لَوْ عَرَّضَ الْوَدِيعَةَ لِلضَّيَاعِ الْفَرْعُ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَبِقَ مِنْكَ الْآبِقُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْكَ وَإِنْ أَرْسَلْتَهُ بَعْدَ أَخْذِهِ ضَمِنْتَهُ بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَفِي النَّوَادِرِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَوْ تَرَكَهُ بَعْدَ أَخْذِهِ خَوْفًا مِنْ قَتْلِهِ لَهُ أَوْ ضَرْبِهِ لَمْ يَضْمَنْ أَوْ لِشِدَّةِ النَّفَقَةِ ضَمِنَ وَمَتَى أَرْسَلْتَهُ فِي حَاجَةٍ خَفِيفَةٍ قَرِيبَةٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْكَ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِتَفْرِيطِ عَادَةٍ الْفَرْعُ الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ إِذَا اسْتَهْلَكَهَا قَبْلَ السَّنَةِ فَهِيَ فِي رَقَبَتِهِ لِأَنَّهَا جِنَايَةٌ وَبَعْدَ السَّنَةِ فَفِي ذِمَّتِهِ قَالَ التُّونِسِيُّ لَعَلَّ السَّنَةَ لَيْسَتْ جِنَايَةً لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شَأْنك بِهَا فَسَلَّطَهُ عَلَيْهَا قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْعَبْدَ بَعْدَ السَّنَةِ غَيْرُ مَأْذُونٍ لَهُ فِي الصَّدَقَةِ وَلَا فِي الِاسْتِنْفَاقِ فَأَشْبَهَ قَبْلَ السَّنَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ لَيْسَ لِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ مِنَ التَّعْرِيفِ لِإِمْكَانِهِ مِنْهُ عِنْدَ تَصَرُّفِهِ لِسَيِّدِهِ وَلَا يَمْنَعُهُ مَصْلَحَةُ سَيِّدِهِ وَلِسَيِّدِهِ انْتِزَاعُهَا مِنْهُ عَلَى يَدَيْ عدل لَيْلًا يَحْلِفَ عَلَيْهَا إِنْ تَلِفَتْ أَوْ يَتَصَرَّفَ فِيهَا العَبْد لَا سِيمَا إِن كَانَ العَبْد قبل غَيْرَ أَمِينٍ وَالْأَظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ مَنْعُ الْعَبْدِ مِنَ الِالْتِقَاطِ لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ قَبْلَ الْحَوْلِ عَلَى التصريف وَبعده على التَّبَرُّع فِي التصريف وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَةِ وَآخِرُ أَقْوَالِهِمْ مَعَ ح وَابْنِ حَنْبَلٍ الْجَوَازُ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى سَائِرِ الْأَسْبَابِ الْفِعْلِيَّةِ كَالِاحْتِطَابِ وَالِاصْطِيَادِ وَبَنَى ش عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذِمَّةٌ يَسْتَوْفِي مِنْهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ وَهُوَ أَصْلٌ نَحْنُ نَمْنَعُهُ وَعَنْهُ إِذَا الْتَقَطَ وَفَرَّطَ فَفِي رَقَبَتِهِ كَمَا لَوْ غَصَبَ وَكَذَلِكَ عِنْدَهُ كُلُّ مَنْ فِيهِ شَائِبَةُ رِقٍّ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ

كُلُّهُمْ يَجُوزُ لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ الِالْتِقَاطُ قِيَاسًا عَلَى الِاحْتِطَابِ وَالْفَرْقُ عَلَيْهِ شَائِبَةُ الْمَالِيَّةِ عَلَى الْعَبْدِ فَأشبه الْبَهِيمَة الحكم الثَّانِي التَّعْرِيف وَفِيه خَمْسَة أبحاث وُجُوبه وزمانه ومكانه وكيفيه وَمَنْ يَتَوَلَّاهُ الْبَحْثُ الْأَوَّلُ وُجُوبُهُ فَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ وَاجِبٌ عُقَيْبَ الِالْتِقَاطِ فِيمَا لَهُ بَالٌ وَوَافَقَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ش إِنْ أَرَادَ التَّمْلِيكَ وَجَبَ التَّعْرِيفُ حَتَّى يَتَأَتَّى لَهُ الْمِلْكُ وَإِنْ لَمْ يُرِدِ التَّمْلِيكَ لَا يَجِبُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِنْ حَقِّ صَاحِبِهَا لَنَا وُجُوهٌ الْأَوَّلُ أَمْرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالتَّعْرِيفِ وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ الثَّانِي أَنَّهُ سَبَبُ إِيصَالِهَا لِمُسْتَحِقِّهَا وَصَوْنُ الْمَالِ عَلَى مُسْتَحِقِّهِ وَاجِبٌ فَوَسِيلَتُهُ وَاجِبَةٌ الثَّالِثُ أَنَّ رَدَّهَا لِمَوْضِعِهَا حَرَامٌ لِكَوْنِهِ وَسِيلَةً لِضَيَاعِهَا وَكَذَلِكَ عَدَمُ تَعْرِيفِهَا قِيَاسًا عَلَيْهِ فَيَجِبُ التَّعْرِيفُ الرَّابِعُ لَوْ لَمْ يَجِبِ التَّعْرِيفُ لَمَا جَازَ الِالْتِقَاطُ لِأَنَّ بَقَاءَهَا فِي مَوْضِعِهَا أَقْرَبُ لِوِجْدَانِهَا وَحِفْظُ الْمَالِ وَاجِبٌ بِحَسْبِ الْإِمْكَانِ الْخَامِسُ التَّمْلِيكُ غَيْرُ وَاجِبٍ إِجْمَاعًا فَلَا تَجِبُ وسيلته وصون المَال وَاجِب إِجْمَاعًا فَتجب وسيله وَالشَّافِعِيَّةُ عَكَسُوا الْقَضِيَّةَ تَمْهِيدٌ الْوَاجِبُ لَهُ مَعْنَيَانِ مَا يَأْثَمُ بِتَرْكِهِ كَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَنَحْوِهَا وَهَذَا هُوَ الْمَعْنَى الْمَشْهُورُ وَالثَّانِي مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الشَّيْءُ وَإِنْ لَمْ يَأْثَمْ بِتَرْكِهِ كَقَوْلِنَا الْوُضُوءُ وَاجِبٌ فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ وَنَحْوُهُ مَعَ أَنَّ الْمُتَطَوِّعَ لَوْ تَرَكَ ذَلِكَ التَّطَوُّعَ لَمْ يَأْثَمْ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنَّ الصَّلَاةَ تَتَوَقَّفُ صِحَّتُهَا عَلَى الطَّهَارَةِ وَالسِّتَارَةِ وَنَحْوِهِمَا وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى وُجُوبُ التَّعْرِيفِ عِنْدَ ش عِنْدَ إِرَادَةِ التَّمْلِيكِ مَعْنَاهُ أَنَّ التَّمْلِيكَ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ كَالْوُضُوءِ فِي الصَّلَاةِ فَيَرْجِعُ مَذْهَبُهُ إِلَى عَدَمِ وُجُوبِ التَّعْرِيفِ مُطْلَقًا لَكِنَّ تَمَلُّكَ الْوَاجِدِ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ فَهَذَا تَحْقِيقُ مَذْهَبِهِ وَهُوَ مَحْجُوجٌ بِمَا تَقَدَّمَ وَيَظْهَرُ بُطْلَانُ الْوَجْهِ الْأَخِيرِ مِنْ أَدِلَّتِنَا بِهَذَا الْبَيَانِ فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ بِالْوُجُوبِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ ألْبَتَّةَ

الْبَحْثُ الثَّانِي فِي زَمَانِهِ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ وَهُوَ سَنَةٌ عَقِيبَ الِالْتِقَاطِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لَكِنْ قَالَ ش ابْتِدَاؤُهَا مِنْ وَقْتِ التَّعْرِيفِ لَا مِنْ وَقْتِ الْأَخْذِ وَأَجَابُوا عَنْ حَدِيثِ الثَّلَاثَةِ الْأَحْوَال بِمَا قَالَه أَبُو دَاوُود قَالَ سُئِلَ الرَّاوِي بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ مَا أَدْرِي ثَلَاثَةَ أَعْوَامٍ أَوْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَإِذَا شَكَّ سَقَطَتْ رِوَايَتُهُ وَحِكْمَةُ السَّنَةِ اشْتِمَالُهَا عَلَى الْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ فَلَا تَبْقَى قَافِلَةٌ إِلَّا وَقَدْ تَهَيَّأَ زَمَنُ سَائِرِهَا بِحَسْبِ سِلَعِهَا وَمِزَاجِ بِلَادِهَا فَيَأْتِي الْفَصْلُ الَّذِي يُنَاسِبُهُمْ وَلِأَنَّهَا مُشْتَمِلَاتٌ عَلَى أَغْرَاضِ الْأَسْفَارِ قَالَ اللَّخْمِيُّ فَإِنْ أَمْسَكَهَا وَلَمْ يُعَرِّفْهَا ثُمَّ عَرَّفَهَا فِي الثَّانِيَةِ فَهَلَكَتْ ضَمِنَهَا لِتَعَدِّيهِ بِالتَّأْخِيرِ وَإِنْ هَلَكَتْ فِي السَّنَةِ الْأُولَى ضَمِنَهَا إِذَا تَبَيَّنَ أَنَّ صَاحِبَهَا مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي وُجِدَتْ فِيهِ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِ وَغَابَ بِقُرْبِ ضَيَاعِهَا وَلَمْ يَقْدُمْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي ضَاعَتْ فِيهِ لَمْ يَضْمَنْ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ فَائِدَةِ التَّعْرِيفِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ فَلَمْ يَتَعَيَّنِ الْعُدْوَانُ الْمُوجِبُ لِلضَّمَانِ وَفِي الْجَوَاهِرِ يُعَرِّفُهَا كُلَّ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ وَكُلَّمَا تَفَرَّغَ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَرْكُ التَّصَرُّفِ فِي حَوَائِجِهِ لِلتَّعْرِيفِ وَالْمَالِ الْقَلِيلِ الَّذِي لَا يُفْسَدُ وَشَهَادَةُ الْعَادَةِ بِأَنَّ صَاحِبَهُ لَا يَتْبَعُهُ لَا يَعْرِفُ أَصْلًا وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِحَدِيثِ الثَّمَرَةِ وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لَا بَأْسَ بِمَا دُونَ الدِّرْهَمِ وَرَأَى عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَجُلًا يُعَرِّفُ زَبِيبَةً فِي الطوارق فَقَالَ إِنَّ مِنَ الْوَرَعِ مَا يَمْقُتُهُ اللَّهُ وَقَالَ ح لَا يُعَرِّفُ مَا دُونَ الدِّينَارِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عِصْمَةُ الْأَمْوَالِ وَحِفْظُهَا عَلَى أَرْبَابِهَا وَوُجُوبُ التَّعْرِيفِ بِظَاهِرِ عُمُومِ النَّصِّ قَالَ وَإِنْ كَانَ فَهُوَ قَلِيلٌ يَتْبَعُهُ فَيُعَرِّفُ

وَظَاهِرُ الْكِتَابِ سَنَةً كَذِي الْبَالِ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَيَّامًا مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ بَلْ بِحَسَبِ مَا يَظُنُّ أَنَّ مِثْلَهُ يُطْلَبُ وَهُوَ كَالْمِخْلَاةِ وَالدَّلْوِ وَنَحْوِهِمَا وَمِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ يُعَرِّفُ الْعَصَا وَالسَّوْطَ وَإِنْ لَمْ يُعَرِّفْهُمَا أَرْجُو أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا وَأَمَّا مَا يُفْسَدُ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا كَالطَّعَامِ فَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنِ الْتَقَطَ طَعَامًا فَلْيَأْكُلْهُ قَالَ التُّونِسِيُّ إِنْ كَانَتِ الدَّابَّةُ لَا غَلَّةَ لَهَا وَالنَّفَقَةُ عَلَيْهَا قَبْلَ السَّنَةِ تَسْتَغْرِقُ نَفَقَتُهَا ثَمَنَهَا فَالْأُولَى أَنْ تُبَاعَ قَبْلَ السَّنَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ أَصْلَحُ لِرَبِّهَا وَكَذَلِكَ الْآبِقُ وَقَالَهُ ش وَلَوْ كَانَتْ غَلَّتُهَا تَفِي بِنَفَقَتِهَا عُرِّفَتْ سَنَةً لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَفِي الْكِتَابِ أَكْرَهُ التَّصَدُّقَ بِاللُّقَطَةِ قَبْلَ السَّنَةِ إِلَّا فِي التَّافِهِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ مُرَادُهُ أَنَّ الْيَسِيرَ يُعَرَّفُ دُونَ السَّنَةِ وَهَذَا يُؤَكِّدُ عَلَى نَقْلِ الْمُقَدِّمَاتِ فِي أَنَّ ظَاهِرَ الْكِتَابِ أَنَّ الْيَسِيرَ يُعَرَّفُ سَنَةً كَالْكَثِيرِ فَتَأَمَّلَ ذَلِكَ الْبَحْثُ الثَّالِثُ مَكَانُ التَّعْرِيفِ وَفِي التَّبْصِرَةِ هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي الْتُقِطَتْ فِيهِ إِنْ كَانَ الْمَالِكُ يُرَاجِعُهُ وَالْمَوَاضِعُ الَّتِي تَجْتَمِعُ النَّاسُ إِلَيْهَا وَدُبُرُ الصَّلَوَاتِ وعَلى أَبْوَاب الْمَسَاجِد وَالْجَامِع إِذا كَانَ يجلس إِلَى الْحق كَذَا يَسْأَلُ وَلَا يَرْفَعُ صَوْتَهُ لِمَا فِي مُسْلِمٍ رَأَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَجُلًا يَنْشُدُ ضَالَّةً فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَهُ لَا وَجَدْتَ وَقَالَ أَشْهَبُ تُعَرَّفُ فِي مَوضِع وُجِدَتْ وَعَلَى أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ وَنَحْوِهَا ثُمَّ بَقِيَّةُ السَّنَةِ عِنْدَ مَنْ حَضَرَ وَعِنْدَ مَنْ لَقِيَ وَإِنْ وَجَدَهَا فِي طَرِيقٍ بَيْنَ مدينتين عرفهَا فيهمَا لعدم تعين أَحدهمَا وبهذه الْجُمْلَة واحترام الْمَسْجِدِ قَالَ الْأَئِمَّةُ وَالْمَقْصُودُ بَذْلُ الْجُهْدِ فِي إِيصَالِهَا الْبَحْثُ الرَّابِعُ فِي كَيْفِيَّةِ التَّعْرِيفِ قَالَ اللَّخْمِيُّ اخْتُلِفَ عَنْ مَالِكٍ فِي ذِكْرِ جِنْسِهَا إِذَا عَرَّفَهَا قَالَ وَعَدَمُ تَسْمِيَةِ الْجِنْسِ أَحْسَنُ وَتَلُفُ ذِكْرِهَا مَعَ غَيْرِهَا وَإِنْ أَفْرَدَ فَلَا بَأْسَ لِأَنَّهَا لَا تُدْفَعُ بِمَعْرِفَتِهِ فَقَطْ وَبِالْأَوَّلِ قَالَ ش

قَالَ لَا يَقُولُ جِنْسَهَا بَلْ مَنْ ضَاعَ لَهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي عَدَمِ التَّسَلُّطِ عَلَيْهَا الْبَحْثُ الْخَامِسُ فِيمَنْ يَتَوَلَّى التَّعْرِيفَ قَالَ اللَّخْمِيُّ هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ تَوَلِّي التَّعْرِيفِ بِنَفْسِهِ أَوْ يَدْفَعُهَا لِلسُّلْطَانِ إِذَا كَانَ عَدْلًا أَوْ يَدْفَعُهَا لِمَأْمُونٍ يَقُومُ مَقَامَهُ فِيهَا أَوْ يَسْتَأْجِرُ عَلَيْهَا مَنْ يَعْرِفُهَا قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ وَأُجْرَتُهَا مِنْهَا إِذَا لَمْ يَلْتَزِمْ تَعْرِيفَهَا أَوْ كَانَ مِثْلُهُ لَا يَلِي مِثْلَ ذَلِكَ وَلَهُ التَّعْرِيفُ دُونَ إِذْنِ الْإِمَامِ وَعِنْدَ ش لَا يُخْرِجُهَا مِنْ يَدِهِ إِلَّا لِعُذْرِ سَفَرٍ أَوْ نَحْوِهِ وَجَوَّزَ الْأَئِمَّةُ الِاسْتِنَابَةَ فِي التَّعْرِيفِ وَقَالُوا لَا أُجْرَةَ عَلَى الْمَالِكِ لِأَنَّ الْوَاجِدَ لَوْ عَرَّفَ بِنَفْسِهِ لَمْ تَكُنْ لَهُ أُجْرَةٌ فَكَذَلِكَ نَائِبُهُ وَلِأَنَّهُ يَقُومُ بِمَا وَجَبَ عَلَيْهِ وَالْأُجْرَةُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ عِنْدَهُمْ الحكم الثَّالِثُ غَلَّةُ اللُّقَطَةِ وَمَنَافِعُهَا وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُرُوعٍ الْفَرْعُ الْأَوَّلُ فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ ذَكَرَتِ امْرَأَةٌ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا وَجَدَتْ شَاةً فَقَالَتْ لَهَا عَرِّفِي وَاعْلِفِي وَاحْلُبِي وَاشْرَبِي قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا وَجَدَ شَاةً اخْتَلَطَتْ بِغَنَمِهِ فَهِيَ كَاللُّقَطَةِ يَتَصَدَّقُ بِهَا وَإِذَا جَاءَ رَبُّهَا ضَمِنَهَا لَهُ قِيَاسًا عَلَى اللُّقَطَةِ وَلَهُ شُرْبُ لَبَنِهَا وَذَلِكَ خَفِيفٌ وَقَالَ مَالك وَإِذا بصرها بِفَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ حَبَسَهَا مَعَ غَنَمِهِ وَلَا يَأْكُلُهَا سَنَةً أَوْ أَكْثَرَ مِنْهَا وَلَهُ حِلَابُهَا لَا يُتْبَعُ بِهِ وَنَسْلُهَا مِثْلُهَا وَإِنْ كَانَ اللَّبَنُ وَالزِّبْلُ بِمَوْضِعٍ لَهُ ثَمَنٌ بِيعَ وَصُنِعَ بِثَمَنِهِ مَا يَصْنَعُ بِثَمَنِهَا وَإِنْ كَانَ قِيَامٌ وعلوفه لكل حَسْبَمَا تقدم ذَلِك وَمَوْضِع كَذَا لَا ثمنا لَهُ يَأْكُلُهُ وَيُكْرَى الْبَقَرُ فِي عَلُوفَتِهَا كِرَاءَ مَأْمُونٍ لِأَنَّهُ نَاظِرٌ لِأَخِيهِ الْمُؤْمِنِ بِالْمَصْلَحَةِ وَأَمَّا الصُّوفُ وَالسَّمْنُ فَيَتَصَدَّقُ بِهِ أَوْ بِثَمَنِهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَهُ رُكُوبُ الدَّابَّةِ مِنْ مَوْضِعِ وَجْدِهَا إِلَى مَوْضِعِهِ لِأَنَّ مَالِكَهَا لَوْ رَأَى ذَلِكَ لَمْ يُنْكِرْهُ وَهُوَ مَأْذُونٌ فِيهِ عَادَةً فِي الِالْتِقَاطِ بِخِلَافِ أَنْ يَتَصَرَّفَ عَلَيْهَا فِي حَوَائِجِهِ فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ

لِتَعَدِّيهِ وَلَهُ كِرَاؤُهَا فِي عَلَفِهَا كِرَاءً مَأْمُونًا وَلَيْسَ لِحَبْسِهَا حَدٌّ بَلْ بِاجْتِهَادِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا أَنْفَقْتَ عَلَى الدَّوَابِّ وَالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ خُيِّرَ رَبُّهَا بَيْنَ غُرْمِ الْقِيمَةِ وَأَخْذِهَا أَوْ إِسْلَامِهَا فِيهَا لِأَنَّ النَّفَقَةَ قَدْ تَزِيدُ عَلَى مَالِيَّتِهَا وَهُوَ لَمْ يَأْذَنْ فِي ذَلِكَ فَإِنْ أَسْلَمَهَا فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهَا لِإِسْقَاطِهِ حَقَّهُ مِنْهَا قَالَ التُّونِسِيُّ لَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا فِي مَوْضِعٍ لَوْ تُرِكَتْ لَعَاشَتْ بِالرَّعْيِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِلْمُنْفِقِ شَيْءٌ وَإِذَا أَنْفَقَ عَلَى الدَّابَّةِ لَمْ يَأْخُذْهَا مَالِكُهَا حَتَّى يُعْطَى النَّفَقَةَ لِأَنَّكَ قُمْتَ بِمَا عَلَيْهِ قَالَ وَالْأَوْلَى إِذَا أَنْفَقْتَ مِنْ غَلَّتِهَا أَنْ يُعَرِّفَهَا سَنَةً وَإِنْ كَانَتْ لَا غَلَّةَ لَهَا وَإِذَا أَنْفَقْتَ عَلَيْهَا قَبْلَ السَّنَةِ اسْتَغْرَقَتْ نَفَقَتُهَا ثَمَنَهَا فَالْأَوْلَى أَنْ تُبَاعَ قَبْلَ السَّنَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ نَفْعٌ لِرَبِّهَا وَكَذَلِكَ الْآبِقُ الْفَرْعُ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ لَا يُتَّجَرُ بِاللُّقَطَةِ فِي السَّنَةِ وَلَا بَعْدَهَا كَالْوَدِيعَةِ وَمَا أَنْفَقْتَ عَلَى الدَّابَّةِ أَوِ الْعَبْدِ أَوِ الْأَمَةِ أَوِ الْإِبِلِ قَدْ كَانَ لِرَبِّهَا أَسْلَمَهَا أَوْ بَقَرٌ أَوْ غَنَمٌ أَوْ مَتَاعٌ أُكْرَى عَلَيْهِ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى مَوْضِعٍ بِأَمْرِ سُلْطَانٍ أَمْ لَا لَا يَأْخُذُهُ رَبُّهُ حَتَّى يَدْفَعَ إِلَيْهِ النَّفَقَةَ إِلَّا أَنْ يُسْلِمَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَاعِدَةٌ كُلُّ مَنِ ادَّعَى عَنْ غَيْرِهِ مَالًا أَوْ قَامَ عَنهُ بِعَمَل شَأْنه أَن يوديه أَوْ يَعْمَلَهُ رَجَعَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ الْمَالِ وَأُجْرَةِ ذَلِكَ الْعَمَلِ سَوَاءً كَانَ وَاجِبًا عَلَى الْمَدْفُوعِ عَنْهُ كَالدَّيْنِ أَوْ غَيْرَ وَاجِبٍ كَغَسْلِ الثَّوْبِ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ فَإِنَّهُمْ جَعَلُوهُ مُتَبَرِّعًا لَنَا أَنَّ لِسَانَ الْحَالِ قَائِمٌ مَقَامَ لِسَانِ الْمَقَالِ وَهُوَ مَوْجُود هَا هُنَا فَثَبَتَ الْإِذْنُ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ فَعَلَيْهَا يَخْرُجُ الرُّجُوعُ بِالنَّفَقَةِ الْفَرْعُ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَجَّرْتَ الْبَاقِيَ فَالْأُجْرَةُ لِرَبِّهِ أَوِ اسْتَعْمَلْتَهُ لَزِمَتْكَ قِيمَةُ عَمَلِهِ لِأَنَّ ضَمَانَهُ وَنَفَقَتَهُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا تَضْمَنُهُ أَنْتَ إِذَا اسْتَعْمَلَهُ فِي عَمَلٍ يُضَيِّعُهَا فِي مثله

فَتَهْلَكُ لِتَعَدِّيكَ فَإِنْ أَسْلَمَ فَلِرَبِّهِ الْأُجْرَةُ فِيمَا لَهُ بَالٌ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ عَبْدِهِ وَمَا لَيْسَ لَهُ بَالٌ مِنَ الْمَنَافِعِ كَالتَّمَرَاتِ تُوجَدُ فِي الطَّرِيقِ مِنَ الْأَعْيَانِ لَا ضَمَانَ فِيهَا لِتَحْقِيقِ أَعْرَاضِ الْأَمْلَاكِ عَنْهَا وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ غَيْرُ الْآبِقِ وَمَنِ اسْتَأْجَرَ آبِقًا فَعَطِبَ فِي عَمَلِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ آبِقٌ ضَمِنَهُ وَكَذَلِكَ لَوِ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا لِيُبَلِّغَ لَهُ كِتَابًا إِلَى بَلَدٍ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ عَبْدٌ فَعَطِبَ فِي الطَّرِيقِ كَمَنِ اشْتَرَى سِلْعَةً فَأَتْلَفَهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ لَا يَضْمَنُ إِنَّهُ مَمْلُوكٌ لِأَنَّ النَّاسَ يَعْذُرُونَ بِذَلِكَ الحكم الرَّابِعُ التَّمْلِيكُ وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ جَائِزٌ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ التَّعْرِيفِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَشَأْنُكَ بِهَا وَالْأَحْسَنُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُنْفِقَهَا أَوْ يَتَصَدَّقَ بِهَا فَإِنِ اخْتَارَ تَمَلُّكَهَا ثَبَتَ مِلْكُهُ عَلَيْهَا وَقَالَ ش فِي أَظْهَرِ قَوْلَيْهِ وَابْنُ حَنْبَلٍ يَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ بَعْدَ الْحَوْلِ كَالْمِيرَاثِ وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - استفقها وَفِي رِوَايَةٍ إِنْ لَمْ يَأْتِ رَبُّهَا فَهِيَ كَسَائِرِ مَالِهِ وَفِي رِوَايَةٍ فَهِيَ لَكَ وَقِيَاسًا عَلَى الِاحْتِطَابِ وَالِاصْطِيَادِ وَقَالَ ح لَا يَمْلِكُهَا مُطْلَقًا كَالْوَدِيعَةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْمَوْرُوثَ إِنَّمَا نُقِلَ مِلْكُهُ بِسَبَبِ تَعَذُّرِ حَاجَتِهِ إِلَيْهِ وَالشَّرْعُ إِنَّمَا مَلَكَ الْأَمْلَاكَ لِدَفْعِ الْحَاجَاتِ فَحَيْثُ لَا حَاجَةَ لَا مِلْكَ وَصَاحِبُ اللُّقَطَةِ يَحْتَاجُ لِبَقَاءِ حَيَاتِهِ فَمِلْكُهُ بَاقٍ عِنْدِ عَدَمِ اخْتِيَارِ الْوَاجِدِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَالِكًا افْتَقَرَ انْتِقَالُ مِلْكِهِ إِلَى رِضَا الْمُتَنَقِّلِ إِلَيْهِ وَلَا يُشْتَرَطُ رِضَاؤُهُ هُوَ لِتَعَذُّرِ وَجُودِهِ وَمِنْ مَصْلَحَتِهِ الِاقْتِصَارُ عَلَى رِضَا الْوَاجِدِ لِتَضَمُّنِهَا فِي ذِمَّتِهِ عَنِ الثَّانِي أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ حَمْلُ الرِّوَايَةِ عَلَى أَنَّهُ يُنْفِقُ وَيَكُونُ لَهُ إِذَا اخْتَارَ ذَلِكَ لِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَقْرَبُ لِلْأُصُولِ وَأَشْبَهُ بِانْتِقَالِ ملك الْأَحْيَاء

ثَانِيهُمَا أَنَّهُ رُوِيَ فِي رِوَايَةٍ مَشْهُورَةٍ فَشَأْنُكَ بِهَا فَفَوَّضَهَا لِاخْتِيَارِهِ فَتُحْمَلُ الرِّوَايَاتُ الْأُخَرُ عَلَى مَا بَعْدَ الِاخْتِيَارِ جَمْعًا بَيْنَهَا عَنِ الثَّالِثِ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْحَطَبَ وَالصَّيْدَ لَمْ يَتَقَدَّمْ عَلَيْهِ مِلْكٌ فَكَانَ الْأَمْرُ فِي انْتِقَالِهِ أَيْسَرَ وَعَنْ قِيَاسِ ح الْفَرْقُ بِأَنَّ الْوَدِيعَةَ صَاحِبُهَا مَعْلُومٌ فَاشْتَرَطَ رِضَاهُ كَالْبَيْعِ وَهَذَا مَجْهُولٌ أَشْبَهَ الْمَفْقُودَ فَضَعُفَ مِلْكُهُ وَاتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى وُجُوبِ رَدِّهَا إِذَا جَاءَ رَبُّهَا فَوَجَدَهَا أَوْ بَدَلَهَا إِنْ فَقَدَهَا وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ لَا يُخَيَّرُ مَالِكُ اللُّقَطَةِ وَمعنى قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَشَأْنُكَ بِهَا أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ إِمْسَاكِهَا لِصَاحِبِهَا وَيَزِيدُ فِي تَعْرِيفِهَا وَبَيْنَ التَّصَدُّقِ بِهَا وَيَضْمَنُهَا إِلَّا أَنْ يُجِيزَ صَاحِبُهَا الصَّدَقَةَ فَيَكُونُ لَهُ الْأَجْرُ وَقَالَ ح لَا يُنْفِقُهَا إِلَّا الْمُحْتَاجُ إِلَيْهَا وَجَوَّزَ ش الِاسْتِنْفَاقَ مُطْلَقًا وَقِيلَ لَا يُنْفِقُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ وَفَاءٌ بِهَا قَالَ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} وَقَوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يحل مَال امرء مُسلم إِلَّا عَن طيب نفس مِنْهُ فَتحصل فِي الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ فَجَعَلَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ مَذْهَبَ مَالِكٍ الْمَنْعَ مُطْلَقًا هُوَ خِلَافُ نَصِّ الْمُدَوَّنَةِ وَالشُّرَّاحِ كَمَا تَرَى وَحُكِيَ أَيْضًا أَنَّ لُقَطَةَ مَكَّةَ لَا تُسْتَنْفَقُ إِجْمَاعًا بَلْ تُعَرَّفُ أَبَدًا وَسَتَقِفُ عَلَى الْخِلَافِ وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ يُكْرَهُ لَهُ أَكْلُهَا غَنِيًّا كَانَ أَوْ فَقِيرًا وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَهُ أَكْلُهَا إِن كَانَت قَليلَة وَهُوَ قَلِيل كَذَا فَيَصِيرُ فِي الْمَسْأَلَةِ سِتَّةُ أَقْوَالٍ فَرْعٌ مُرَتَّبٌ وَإِذَا قُلْنَا بِالتَّمَلُّكِ فَهَلْ سَائِرُ اللُّقَطَةِ سَوَاءٌ بِمَكَّةَ وَغَيْرِهَا فَفِي الْجَوَاهِرِ الْمَذْهَبُ التَّسْوِيَةُ وَقَالَهُ ابْن حَنْبَل وح وَقَالَ ش لَا تُلْتَقَطُ إِلَّا لِلْحِفْظِ وَالتَّعْرِيفِ أَبَدًا وَوَافَقَهُ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ وَالدَّاوُدِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ مِنَّا لَنَا

الْعُمُومَاتُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ فَوَجَبَتِ التَّسْوِيَةُ وَلِأَنَّهَا تَدْخُلُ عَلَى وَجْهِ الْأَمَانَةِ ابْتِدَاءً فَلَا تَخْتَلِفُ بِالْبِقَاعِ كَالْوَدِيعَةِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى لُقَطَةِ الْحِلِّ احْتَجُّوا بقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حَدِيث حجَّة لوداع وَلَا تَحِلُّ لُقَطَتُهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ فَجُعِلَ حِلُّهَا فِي الْمُنْشِدِ فَخَرَجَ الْمُتَمَلِّكُ وَالْجَوَابُ أَنَّا إِنَّمَا أَحْلَلْنَاهَا لِمُنْشِدٍ بَعْدَ السَّنَةِ وَلَمْ يُحِلَّهَا لِغَيْرِ مُنْشِدٍ وَسَبَبُ التَّخْصِيصِ كَثْرَةُ سُقُوطِ الْأَمْتِعَةِ مِنَ الْحَاجِّ الْأَقْطَارُ غَالِبًا فَيَغْلِبُ عَلَى ظَنِّ الْوَاجِدِ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلتَّعْرِيفِ بِمَكَّةَ مِنْهَا وَتَطْوِيفُ أقطار الْأَرْضِ مُتَعَذِّرٌ فَيَتَمَلَّكُهَا قَبْلَ السَّنَةِ مِنْ غَيْرِ النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ تَفْرِيعٌ فِي الْكِتَابِ إِنْ مَاتَ بَعْدَ التَّعْرِيفِ صَاحِبُ اللُّقَطَةِ أَمَرَ الْمُلْتَقِطَ بِأَكْلِهَا كَثُرَتْ أَوْ قَلَّتْ دِرْهَمًا فَصَاعِدًا وَلَهُ التَّصَدُّقُ بَعْدَ السَّنَةِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ الْحِفْظُ بِحَسَبِ الْإِمْكَان إِمَّا الْعين وثوابها ولظاهر قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَشَأْنُكَ بِهَا وَيُخَيَّرُ رَبُّهَا إِذَا جَاءَ فِي ثَوَابِهَا أَوْ يُغَرِّمُهَا لَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ تَصَرُّفُهُ فِي ملكه وَأَكْثَره التَّصَدُّق قَبْلَ السَّنَةِ إِلَّا فِي التَّافِهِ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ قِيلَ تَسْوِيَتُهُ بَيْنَ الدِّرْهَمِ وَغَيْرِهِ لَيْسَ فِي التَّعْرِيفِ بَلْ فِي أَصْلِ التَّعْرِيفِ ثُمَّ يخْتَلف فِي الْيَسِيرِ دُونَ السَّنَةِ لِقَوْلِهِ بَعْدُ أَكْرَهُ التَّصَدُّقَ قَبْلَ السَّنَةِ إِلَّا التَّافِهَ الْيَسِيرَ فَرْعٌ مُرَتَّبٌ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ وَإِذَا قُلْنَا بِالتَّمَلُّكِ مُطْلَقًا فِي سَائِرِ الْبِقَاعِ فَهَلْ يُسَوَّى بَيْنَ الْمُلْتَقِطَيْنِ الْمَذْهَبُ التَّسْوِيَةُ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح وَهُوَ أحد القومين عِنْدَنَا لَا يَأْكُلُهَا إِلَّا الْفَقِيرُ

لَنَا عُمُومُ الْأَحَادِيثِ وَلِأَنَّ مَنْ يَمْلِكُ بِالْقَرْضِ يَمْلِكُ بِالِالْتِقَاطِ كَالْفَقِيرِ وَلِأَنَّ مَنْ جَازَ لَهُ الِالْتِقَاطُ جَازَ لَهُ التَّمَلُّكُ بِهِ كَالْفَقِيرِ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَمَرَ أُبَيًّا بِأَكْلِ اللُّقَطَةِ وَهُوَ مِمَّنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِِ أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَجَدَ دِينَارًا فَجَاءَ بِهِ إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَجَدْتُ هَذَا فَقَالَ عَرِّفْهُ فَذَهَبَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ قَالَ عَرَّفْتُهُ فَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا يَعْرِفُهُ فَقَالَ فَشَأْنُكَ بِهِ فَذَهَبَ فَرَهَنَهُ فِي ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ وَطَعَامٍ وَوَدَكٍ فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ جَاءَ صَاحِبُهُ يَنْشُدُهُ فَجَاءَ عَلِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ هَذَا صَاحِبُ الدِّينَارِ فَقَالَ أَدِّهِ إِلَيْهِ فَأَدَّى عَلَيٌّ مَا أَكَلَ مِنْهُ فَلَوْ كَانَتِ اللُّقَطَةُ إِنَّمَا تَحِلُّ عَلَى وَجْهِ الصَّدَقَةِ لَمَا حَلَّتْ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِتَحْرِيمِ الصَّدَقَةِ عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ عَلَى وَجْهِ السَّلْفِ وَهُوَ جَائِزٌ لِلِاغْتِنَاءِ وَلِأَنَّ الْغَنِيَّ وَالْفَقِيرَ قَدْ اسْتَوَيَا قَبْلَ الْحَوْلِ فِي عَدَمِ التَّمَلُّكِ فَيَسْتَوِيَانِ بَعْدَهُ قِيَاسًا لِإِحْدَى الْحَالَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى احْتَجُّوا بِمَا رُوِيَ عَنهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي النَّسَائِيِّ أَنَّهُ قَالَ مَنْ وَجَدَ لُقَطَةً فَلْيُشْهِدْ عَلَيْهَا ذَا عَدْلٍ أَوْ ذَوِي عَدْلٍ وَلَا يَكْتُمُ وَلَا يَغِيبُ فَإِنْ وُجِدَ صَاحِبُهَا فَلْيَرُدَّهَا عَلَيْهِ وَإِلَّا فَهِيَ مَالُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَا يُضَافُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى إِنَّمَا يَتَمَلَّكُهُ مَنْ يَسْتَحِقُّ الصَّدَقَةَ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ عَلَيْكُمْ لِأَنَّهَا لَوِ اخْتُصَّ مِلْكُهَا بِالْفَقِيرِ لَمَا قَالَ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ بَلْ قَالَ هُوَ لِلْفَقِيرِ سَلَّمْنَا أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْكُمْ لَكِنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ إِضَافَتَهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى تَمْنَعُ تَمَلُّكَ الْغَنِيِّ لِأَنَّ كُلَّ أَمْوَالِ الْغَنِيِّ مُضَافَةٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى إِضَافَةَ

الْخَلْقِ وَالْمِلْكِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ الله الَّذِي آتَاكُم} قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ قَالَ عُلَمَاؤُنَا الْمُحَرِّرُونَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَنْبَنِي عَلَى أَنَّ اللُّقَطَةَ هَلْ تُؤْخَذُ احْتِسَابًا لِلَّهِ تَعَالَى فَتُخْتَصُّ بِالْفَقِيرِ أَوِ اكْتِسَابًا فَتَعُمُّ قَالَ وَهَذَا لَا يَصِحُّ بَلْ هِيَ أَوَّلُ الْأَمْرِ احْتِسَابًا جَزْمًا وَعِنْدَ ح مَا يؤول للإحتساب وَعِنْدنَا تؤول لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَشَأْنُكَ بِهَا وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ الحكم الْخَامِسُ وُجُوبُ الرَّدِّ وَالنَّظَرِ فِي ظُهُورِ الْمَالِكِ وَفِيهِ سِتَّةُ فُرُوعٍ وَقِيَامُ اللُّقَطَةِ وَفَوْتُهَا النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي ظُهُورِ الْمَالِكِ وَفِيهِ سِتَّةُ فُرُوعٍ الْفَرْعُ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ إِذَا وَصَفَ عفاصما ووكاءها وعدتها أَخذهَا وجوبا السُّلْطَان على ذَلِك وَافَقَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ يَدْفَعُ غَلَبَ عَلَى صدقه بمنه كَذَا أَولا وَقَالَ ش وح إِذا وصف وَلم يغلب على ظَنّه صدقته حَرُمَ الدَّفْعُ إِلَيْهِ فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صدقه دَفعهَا على أَنه ضَامِن لما أَن جَاءَ مُسْتَحِقٌّ غَيْرُهُ وَلَا يُلْزِمُهُ الدَّفْعُ بِذَلِكَ بَلْ بِالْبَيِّنَةِ لَنَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَرِّفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا فَإِذَا جَاءَ مَنْ يُخْبِرُكَ بِعَدَدِهَا وَوِعَائِهَا فَرُدَّهَا عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَمَرَ بِمَعْرِفَةِ الْعِفَاصِ وَالْوِكَاءِ وَلَوْ أَنَّ دَفْعَهَا يفْتَقر إِلَى منته لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ فَائِدَةٌ بَلْ فَائِدَتُهُ الدَّفْعُ بِهِ وَلِأَنَّ إِقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهَا مُتَعَذِّرٌ فَأَشْبَهَ الْقَتْلَ وَلَمَّا تَعَذَّرَ إِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ أُقِيمَ اللَّوْثُ مَقَامَهَا وَإِنَّ إِقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عِنْدَ السُّقُوطِ مُتَعَذِّرَةٌ فَلَا تُشْتَرَطُ فِيهِ الْبَيِّنَةُ

بَلْ يُصَدَّقُ بِغَيْرِهَا كَالْإِنْفَاقِ عَلَى الْيَتِيمِ بَلْ هَذَا أَوْلَى لِأَنَّ الْإِنْفَاقَ عَلَى الْيَتِيمِ مُمْكِنٌ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ وَلِأَنَّ الْقَوْلَ بِاشْتِرَاطِهَا يُؤَدِّي إِلَى ذَهَابِ أَمْوَالِ النَّاسِ وَبُطْلَانِ حِكْمَةِ الِالْتِقَاطِ وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَتِ الْبَيِّنَةُ شَرْطًا لَحَرُمَ الِالْتِقَاطُ لِأَنَّ بَقَاءَهَا فِي مَوْضِعِهَا يَقْرُبُ أَخْذُهَا لِمَالِكِهَا وَالِالْتِقَاطُ يَمْنَعُهُ مِنْ أَخْذِ مَالِهِ عِنْدَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ وَمَنْعُ الْإِنْسَانِ مِنْ مَالِهِ حَرَامٌ وَلَا يُقَالُ لَوِ ادَّعَى السَّرِقَةَ لَمْ يَأْخُذْ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ وَإِنْ كَانَتِ الْبَيِّنَةُ مُتَعَذِّرَةً عِنْدَ السَّرِقَةِ لأَنا نقُول السّرقَة يَدَّعِي لِنَفَسِهِ بِخِلَافِ الْمُلْتَقِطِ وَقَدْ قَالَ مَالِكُ فِي قطاع الطَّرِيق لِأَنَّهُ يُؤْخَذُ الْمَتَاعُ مِنْ أَيْدِيهِمْ بِالْعَلَامَاتِ مِنْ عَدَدٍ وَغَيْرِهِ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ كَاللُّقَطَةِ لِأَنَّهُمْ يَدْعُونَهُ لِأَنْفُسِهِمْ كَاللُّقَطَةِ سَوَاءٌ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْبَيِّنَةَ عَلَى مَنِ ادَّعَى وَالْيَمِينَ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ وَالطَّالِبُ مُدَّعٍ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وَلِأَنَّهَا دَعْوَى فَلَا يَسْتَقِلُّ بِإِثْبَاتِهَا الْوَصْفُ كَسَائِرِ الدَّعَاوى وَلِأَنَّ الْيَدَ تُنَازِعُهُ فَلَا يَنْدَفِعُ إِلَّا بِحُجَّةٍ وَهِيَ الْبَيِّنَةُ وَيُحْمَلُ الْحَدِيثُ عَلَى الْجَوْدَةِ لَا عَلَى الْإِجْبَارِ جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ هَذِهِ الْقَوَاعِدِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ عَلَيْكُمْ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْيَمِينَ على من أنكر وَالْبَيِّنَة تُقَام عَلَيْهِ وَهَا هُنَا لَا مُنْكِرَ فَلَا يَمِينَ وَلَا بَيِّنَةَ سَلَّمْنَا أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْكُمْ لَكِنَّهُ عَامٌ وَمَا ذَكَرْتُمُوهُ خَاصٌّ فَيَكُونُ مُقَدَّمًا عَلَيْهِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ الْأُصُولِ عَنِ الثَّانِي أَنَّ إِقَامَةَ الْبَيِّنَةِ فِي غَيْرِهَا مُتَيَسِّرٌ بِخِلَافِهَا فَإِنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَعْلَمُ أَنَّ مَتَاعَهُ يَقَعُ مِنْهُ فَيُشْهِدُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ مَشْعُورٌ بِهِ فَطُلِبَتْ فِيهِ الْبَيِّنَة بل إِلْحَاق هَذِه المصورة بِنَفَقَةِ الْيَتِيمِ أَشْبَهُ عَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الْمُنَازَعَةَ الْمُحْوِجَةَ لِلْبَيِّنَةِ عَنِ الْيَدِ الَّتِي يَدَّعِي صَاحِبُهَا الْمِلْكَ بِنَفْسِهِ لِيَقَعَ التَّعَارُضُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ وَهَذَا لَا يُعَارِضُ أَحَدًا بَلْ صَاحِبُهَا يَقُولُ أَنَا

لَا شَيْء لي فَتبقى معرفَة الْوَصْف سالما عَنِ الْمُعَارِضِ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى بَيِّنَةٍ وَحَمْلُ الْحَدِيثِ عَلَى الْجَوَازِ خِلَافُ الظَّاهِرِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ لِأَنَّ الْأَمْرَ لِلْوُجُوبِ تَفْرِيعٌ إِنْ جَاءَ أَحَدٌ فَوَصَفَ مِثْلَ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً كَانَت لَهُ وَلَا شَيْء لَهُ عَلَيْك لِأَنَّك دَفَعْتَ بِأَمْرٍ جَائِزٍ فِي التَّنْبِيهَاتِ لَمْ يَذْكُرْ خلف الْوَاصِفِ وَعَلَيْهِ حَمَلَ الشُّيُوخُ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فَإِنْ نَكَلَ فَلَا شَيْءَ نَظَائِرُ قَالَ الْعَبْدِيُّ هَذَا الْبَابُ يُسَمَّى بِالدَّلِيلِ وَأَصْلُهُ قَمِيصُ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهَلْ هُوَ كَالشَّاهِدِ فَيُحْتَاجُ مَعَهُ لِلْيَمِينِ أَوْ كَالشَّاهِدَيْنِ فَلَا يُحْتَاجُ وَمَسَائِلُهُ أَرْبَعَةٌ وَاصِفُ اللُّقَطَةِ وَتَعَلُّقُ الْمَرْأَةِ بِرِجْلٍ وَهِيَ تَدْمَى وَتَنَازُعُ الزَّوْجَيْنِ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ فَمَا عُرِفَ أَنَّهُ لِأَحَدِهِمَا فَهُوَ لَهُ وَالْحَائِطُ بَيْنَ الدُّورِ وَيُقْضَى بِهِ لِمَنْ يَلِيهِ وَجْهُ الْبِنَاءِ فَقِيلَ يُحْتَاجُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ كُلِّهَا لِلْيَمِينِ وَقِيلَ لَا يُحْتَاجُ وَقَدْ قضى بعد قَمِيص يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ أَوْ يَنْظُرُ إِلَى ضَعْفِ السَّبَبِ لِكَوْنِهِ مِنْ جِهَةِ الطَّالِبِ وَهُوَ مَوْضِعُ تُهْمَة وَالْمُتَّهَم يحلف وَفِي النكث إِنْ عَرَفَ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ دُونَ عَدَدِ الدَّنَانِيرِ أَوِ الْعِفَاصَ وَالدَّنَانِيرَ دُونَ الْوِكَاءِ أَوِ الْوِكَاءَ دُونَ غَيْرِهِ أَخَذَهُ عِنْدَ أَشْهَبَ إِذَا حَلَفَ قَالَ أَشْهَبُ وَإِنْ وَصَفَ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ وَأَخْطَأَ فِي الدَّنَانِيرِ لَمْ يُعْطَ شَيْئًا قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ وَلَا يُعْلَمُ فِيهِ خِلَافٌ كَمَنْ قَالَ لَهُ دَنَانِيرُ وَهِيَ دَرَاهِمُ وَإِنْ أَصَابَ تِسْعَةَ أَعْشَارِ الصِّفَةِ وَأَخْطَأَ الْعُشْرَ لَمْ يُعْطَ إِلَّا فِي مَعْنًى وَاحِدٍ أَنْ يَصِفَ عَدَدًا فَيُوجَدُ أَقَلُّ فَإِنَّ أَشْهَبَ يُعْطِيهُ وَقَالَ أَخَافُ أَنْ يَكُونَ اعْتَدَّ فِيهَا قَالَ التُّونِسِيُّ الْأَشْبَهُ أَنَّ الصِّفَةَ دَلِيلٌ كَالْيَدِ فَلَا بُدَّ مِنَ الْيَمِينِ قَالَ فَإِنْ قِيلَ الْيَمِينُ مَعَ الْمُنَازَعَةِ وَلَا مُنَازع هَا هُنَا قِيلَ الْيَمِينُ بِالِاسْتِبْرَاءِ فِيهَا فِي الصَّدَقَةِ عَلَى الْفَقِيرِ فَإِنَّ الْأَصْلَ الْمَنْعُ وَالْيَمِينُ يُمْكِنُ أَنْ يَأْتِيَ بَعْدُ فَيَصِفُ أَيْضًا كَمَا يُسْتَبْرَأُ وَالْغَائِبُ فِي قَضَاءِ مَا

يُثْبِتُ عَلَيْهِ وَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى الْعِفَاصِ أَوِ الْوِكَاءِ أَجَازَهُ لِأَنَّهُ قَالَ يَنْسَى الْآخَرُ وَفِيهِ خِلَافٌ بِخِلَافِ إِذَا أَخْطَأَ فِي أَحَدِهِمَا فَوَصَفَهُ بِخِلَافِ مَا هُوَ عَلَيْهِ فَأَصْوَبُ الْأَقْوَالِ لَا شَيْءَ لَهُ لِأَنَّهُ ادَّعَى الْمَعْرِفَةَ فَأَكَّدَهُ بِنَفْسِهِ أَو الْجَاهِل وَالنَّاسِي لَمْ يَكْذِبْ نَفْسَهُ وَإِنْ وُجِدَ الْعَدَدُ أَقَلَّ لَمْ يَضُرَّهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ أَخَذَ مِنْهَا أَوِ اكْتَرَى وَغَيْرُ السِّكَّةِ لَمْ يُعْطَ شَيْئًا وَإِن وصف سكَّة فَوجدت غير مَضْرُوبَة وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يُعْطَى حَتَّى يَذْكُرَ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ عَلَامَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَلَعَلَّ سَحْنُون أَرَادَ أَن سكَّة الْبَدْر كَذَا كلهَا شَيْء وَاحِد فكاسلم كَذَا يَأْتِي بِصِفَةٍ وَرَأَى يَحْيَى بْنُ عُمَرَ أَنْ يَأْخُذَهَا بِصِفَةِ سِكَّتِهِ قَالَ أَصْبَغُ فَلَوْ وَصَفَ وَاجِد العفاص والوكاء وَآخر عدَّة الدَّنَانِيرِ فَهِيَ لِوَاصِفِ الْعِفَاصِ وَالْوِكَاءِ لِتَرَجُّحِهُ بِالزِّيَادَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يُعَرِّفْ إِلَّا الْعَدَدَ لَكَانَ أَحَقَّ بِهِ بَعْدَ الِاسْتِينَاءِ لِأَنَّ الْعَدَدَ يَحْصُلُ تَحْصِيلُهُ مِنَ السَّمَاعِ وَالْعِفَاصَ لَهُ خُصُوصِيَّاتٌ وَالْعَدَدُ لَا يَخْتَلِفُ فَيَضْعُفُ وَاسْتَحْسَنَ ابْنُ حَبِيبٍ أَنْ يُقْسَمَ بَيْنَهُمَا كَمَا لَوِ اجْتَمَعَا عَلَى مَعْرِفَةِ الْعِفَاصِ وَالْوِكَاءِ وَإِذَا أَخَذَهَا الْأَوَّلُ ثُمَّ وَصَفَهَا آخَرُ لَمْ تُعْطَ لَهُ بَلْ لِلْأَوَّلِ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ سَمِعَ الصِّفَةَ مِنَ الْأَوَّلِ وَلَوْ تَحَقَّقْنَا أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِثْلَ أَنْ يَأْتِيَ بِحَضْرَة دَفنهَا إِيَّاهَا لِأَمْكَنَ أَنْ يُقْسَمَ بَيْنَهُمَا بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الْيَدَ إِذَا عُلِمَ الْوَجْهُ الَّذِي أَخَذَتْ بِهِ ثُمَّ جَاءَ الثَّانِي بِالْمَعْنَى الَّذِي أَخَذَ بِهِ الْأَوَّلُ سَقَطَ حُكْمُ الْيَدِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَخَذْتَ أَخذ مَالَ مَيِّتٍ بِالْوِرَاثَةِ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ وَادَّعَى مِثْلَ ذَلِكَ وَتَكَافَأَتْ بَيِّنَتُكُمَا يُقْسَمُ الْمَالُ بَيْنَكُمَا بَعْدَ أَيْمَانِكُمَا وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ وَكَذَلِكَ لَوْ أَخَذْتَ اللُّقَطَةَ بِالْبَيِّنَةِ لَا بِالصِّفَةِ ثُمَّ تَكَافَأَتِ الْبَيِّنَتَانِ فَعَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُوقَفُ بَيْنَكُمَا وَقَالَ أَشهب فِي هَذَا يكون الأول وَلَوْ أَخَذْتَ بِالصِّفَةِ فَأَقَامَ غَيْرُكَ الْبَيِّنَةَ ثُمَّ أَقَمْتَ الْبَيِّنَةَ لَقُدِّمْتَ لِرُجْحَانِكَ بِالصِّفَةِ وَيَبْقَى فِي يَدِكَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا وَصَفَهَا أَوْ أَقَمْتَ الْبَيِّنَةَ فَقَالَ الْمُلْتَقِطُ دَفَعْتُهَا لِمَنْ وَصَفَهَا وَلَا أَعْرِفُهُ وَلَمْ أُشْهِدْ عَلَيْهَا ضَمِنَهَا لِتَفْرِيطِهِ بِالدَّفْعِ بِغَيْرِ إِشْهَادٍ وَإِذَا ثَبَتَ الدَّفْعُ فَالْخُصُومَةُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْقَابِضِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُلْتَقِطِ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا عَلَيْهِ وَلَوْ دَفَعَهَا بِالصِّفَةِ وَلَمْ يَحْلِفْ ضَمِنَ إِنْ فَلَسَ الْقَابِضُ أَوْ عدم وَإِذا وجد فِي قَرْيَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِلَّا ذِمَّةٌ قَالَ ابْن

الْقَاسِمِ تُدْفَعُ لِأَحْبَارِهِمْ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا أَخْطَأَ فِي صِفَتِهِ لَمْ يُعْطَهَا وَإِنْ وَصَفَهَا مَرَّةً أُخْرَى فَأَصَابَهَا قَالَ أَشْهَبُ وَكَذَلِكَ إِنْ نَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ ثُمَّ عَادَ لِلْحَلِفِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَالْقَوْلُ بِالْيَمِينِ أَبْيَنُ اسْتِظْهَارًا وَقَدْ يَنْكِلُ فَيَكُونُ لِلْفَقْدِ أَوْ لِمَنْ يَأْتِي فَيَصِفُ وَلَوْ عَرَفَ الْعِفَاصَ وَحْدَهُ وَجَهِلَ مَا سواهُ ستبرأ فَإِنْ جَاءَ أَحَدٌ وَإِلَّا أُعْطِيهَا كَمَا فِي شَرْطِ الْخَلِيطَيْنِ لَا يَضُرُّ عَدَمُ بَعْضِ الْأَوْصَافِ وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ الْعِفَاصِ وَالْوِكَاءِ وَلَوْ أَخَذْتَهَا بِبَيِّنَةٍ بِأَمْرِ السُّلْطَانِ أَوْ بِغَيْرِ أمره ثمَّ أَقَامَ أخر بَيِّنَة فَهِيَ الأول كَمَا ملكا بالتاريخ وَإِلَّا فَلصَاحِب اعْدِلْ الْبَيْتَيْنِ فَإِنْ تَكَافَأَتْ فَلِمَنْ هِيَ بِيَدِهِ وَهُوَ أَنْتَ مَعَ يَمِينِكَ أَنَّهَا لَكَ لَا تَعْلُمَ لِصَاحِبِكَ فِيهَا حَقًّا فَإِنْ نَكَلْتَ حَلَفَ وَأَخَذَهَا فَإِنْ نَكَلَ فَهِيَ لَكَ بِغَيْرِ يَمِينٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَيُحْتَمَلُ عِنْدَ التَّكَافُؤِ أَنْ يُقْسَمَ بَيْنَكُمَا عَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِنْ أَخَذْتَهَا كَالْوَارِثِ يجوز قَبْلَ الْوَارِثِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا ادَّعَيْتُمَاهَا وَاتَّفَقَتْ صِفَتُكُمَا اقْتَسَمْتُمَاهَا بَعْدَ أَيْمَانِكُمَا وَإِنْ نَكَلَ أَحَدُكُمَا فَهِيَ لِلْحَالِفِ قَالَ أَشْهَبُ فَإِنْ نَكَلَا لَمْ تدفع لَكمَا قَالَ اللَّخْمِيّ أرى أَنْ يَقْتَسِمَاهَا لِأَنَّ يَمِينَ أَحَدِكُمَا لِلْآخَرِ مِنْ بَابِ دَعْوَى التَّحْقِيقِ فَإِنْ نَكَلَ فَهِيَ لِمَنْ حَلَفَ وَإِنْ نَكَلْتُمَا اقْتَسَمْتُمَاهَا لِأَنَّ يَمِينَ أَحَدِكُمَا لِلْآخَرِ يُسَاوِي دَعْوَاكُمَا وَلَمْ يُمْنَعَاهَا لِإِمْكَانِ أَنْ يَدَّعِيَهَا ثَالِثٌ وَإِنْ زَادَ أَحَدُكُمَا صِفَةً قُضِيَ لَهُ بِهَا مِثْلُ أَنْ يَصِفَ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ وَيزِيد الآخر الْعدَد أَو الْعدَد كَذَا أَوِ السِّكَّةَ وَاخْتُلِفَ إِذَا اخْتَلَفَتْ صِفَاتُكُمَا كَمَا يَصِفُ أَحَدُكُمَا الْبَاطِنَ الْعَدَدُ وَالسِّكَّةُ وَالْآخِرُ الظَّاهِرَ الْعِفَاصُ وَالْوِكَاءُ قِيلَ الْعِفَاصُ وَالْوِكَاءُ أَوْلَى لِأَنَّهُ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ وَقِيلَ يَقْتَسِمَانِ قَالَ وَهُوَ أَبْيَنُ لِأَنَّ مَعْرِفَةَ الْبَاطِنِ أَقْوَى فَيُعَارِضُ ظَاهِرَ الْحَدِيثِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَإِذَا لَمْ يُشْهِدْ عِنْدَ الدَّفْعِ ثُمَّ جِئْتَ فَوَصَفْتَ أَوْ أَقَمْتَ الْبَيِّنَةَ إِنَّهُ يَضْمَنُ لِأَنَّهُ فَرَّطَ يُرِيدُ إِذَا لَمْ يعلم دَفعهَا إِلَّا من قَوْله وَلَو أعلم أَنَّهَا أُخِذَتْ بِصِفَةٍ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ وَجَهِلَ الْآخِذُ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ قِيلَ الْعِفَاصُ وَالْوِكَاءُ فِي الْحَدِيثِ عَلَى معنى التَّنْبِيه إِذا لَا بُدَّ لَهُ أَنْ يَذْكُرَ الْأَمَارَاتِ مِنَ الْعِفَاصِ وَالْوِكَاءِ وَزَادَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ الْعَدَدَ لِأَنَّهُ الْغَايَةُ فِي الْبَيَانِ وَزَادَ ابْنُ شَعْبَانَ السِّكَّة إِذا

اخْتَلَفَتِ السِّكَكُ قَالَ وَأَرَى أَنْ تَكْفِيَ صِفَةٌ وَاحِدَةٌ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَجَدَ دِينَارا الحَدِيث إِلَى أَن يُقَال فِيهِ فَبَيْنَمَا هُمْ يَأْكُلُونَ إِذَا رَجُلٌ يَقُولُ أُشْهِدُ اللَّهَ وَالْإِسْلَامَ الدِّينَارَ فَأَعْطَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِعَلَامَةٍ وَاحِدَةٍ لِأَنَّهُ قَدْ يَأْخُذُهُ لَيْلًا فَيَرْبُطُهُ فِي الظَّلَامِ فَلَا يَعْرِفُ إِلَّا الْعَدَدَ وَيَقُولُ أَنْفَقْتُ مِنَ الْعَدَدِ وَلَا أَدْرِي مَا بَقِيَ وَيَقُولُ عِنْدِي سِكَكٌ لَا أَدْرِي أَنَّ هَذِهِ مِنْهَا وَأما الوكاء فَكنت واحل كَذَا وَلَمْ يَكُنْ لَهَا وِكَاءٌ وَاحِدٌ فَدَلِيلٌ وَاحِدٌ يَكْفِيهِ وَلَوْ رَأَيْتَهُ فِي الطَّرِيقِ يَأْخُذُهَا لَمْ يَكُنْ لَكَ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ وَهِيَ حِينَئِذٍ وَدِيعَةٌ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ فَكَيْفَ وَهِيَ الْآنُ وَدِيعَتُكَ فَقَطْ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ إِذَا وَصَفَ الْعِفَاصَ أَوِ الْوِكَاءَ وَجَهَلَ الْآخَرَ أَوْ غَلَطَ فِيهِ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لَا شَيْءَ لَهُ يُسْتَبْرَأُ أَمْرُهُ فَإِنْ لم يَأْتِ أحد بأثبت مِمَّا أنني بِهِ دفعت إِلَيْهِ وَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْجَهْلِ فَيُعْطَى بعد الِاسْتِبْرَاء وَبَين الْغَلَط فَلَا يعْطى وَقَالَ وَهُوَ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ الْفَرْعُ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِذَا عَرَّفْتَ آبِقًا عِنْدَ السُّلْطَانِ وَأَتَيْتَ بِشَاهِدٍ حَلَفْتَ وَأَخَذْتَهُ وَإِنْ لَمْ تَجِدْ بَيِّنَةً وَصَدَّقَكَ العَبْد دفع إِلَيْك لعدم المنازع وَالِاعْتِرَاف دَلِيل ظَاهر وَكَذَا الْمَتَاعُ مَعَ لِصٍّ يَدَّعِيهِ قَوْمٌ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ يَتَلَوَّمُ الْإِمَامُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ غَيْرُهُمْ دفع إِلَيْهِمْ فِي النُّكَتِ يَخْتَلِفُ أَخْذُهُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَبِتَصْدِيقِ الْعَبْدِ فِي ثَلَاثَةِ وُجُوهٍ إِذَا أَخَذَهُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِين أَخذ بِجِهَةِ الْمِلْكِ فَإِذَا أَقَامَ غَيْرَ شَاهِدٍ نُظِرَ أَيِّ الشَّاهِدِينَ أَعْدَلُ وَبِدَعْوَاهُ مَعَ التَّصْدِيقِ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ صَاحِبُ الشَّاهِدِ وَلَا يَدْفَعُهُ إِذَا هَلَكَ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى بِالتَّصْدِيقِ يَضْمَنُهُ وَلَا يُسْتَأْنَى بِهِ بل يَأْخُذهُ فِي الْوَقْت وبالتصديق فَيَأْتِي فِيهِ الْأَيَّامَ بِالِاجْتِهَادِ قَالَ التُّونِسِيُّ لَوْ أُعْتِقَ الْآبِقُ عَنْ طَهَارَةٍ يُوقَفُ عَنِ امْرَأَتِهِ خَوْفًا أَنْ يَكُونَ هَالِكًا أَوْ مَعِيبًا وَقْتَ الْعِتْقِ فَيُؤْخَذُ سَالِمًا أَجْزَأَهُ وَلَا يَقْدَحُ إِمْكَانَ الْعَيْبِ وَزَوَالِهِ قَبْلَ وُجُودِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عدم التَّغْيِير

وَإِذَا قَالَ الْآبِقُ أَنَا لِفُلَانٍ لِرَجُلٍ آخَرَ سُئِلَ إِنْ كَانَ حَاضِرًا أَوْ كُتِبَ إِلَيْهِ إِن كَانَ غَائِبا فَإِن دَعَاهُ إخذه وَلَا دُفِعَ لِمُدَّعِيهِ بَعْدَ الِاسْتِينَاءِ وَضَمِنَ وَحَلَفَ وَلَوْ بَاعَهُ السُّلْطَانُ فَجَاءَ رَبُّهُ فَقَالَ كُنْتُ أَعْتِقُهُ لَمْ يُصَدَّقْ وَكَذَلِكَ أُمُّ وَلَدٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ وَأُحْلِفَ إِذَا لَمْ يُتَّهَمْ فِي ذَلِك قَالَ فِي الْكِتَابِ لِأَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ هُوَ لَمْ يَقْبَلْ إِقْرَارَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذا بَاعهَا وَوَلدهَا واستلحق الْوَلَدَ إِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَى مِثْلِهَا رُدَّتْ عَلَيْهِ وَلَوْ قَالَ كُنْتُ أَعْتَقْتُهَا لَمْ يُصَدَّقْ وَإِنْ قَالَ بَعْدَ الْبَيْعِ وَلَدَتْ مِنِّي صُدِّقَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا وَلَدٌ إِنْ لَمْ يُتَّهَمْ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ إِذَا لَمْ يكن مَعهَا ولد اخْتلفت الرِّوَايَة فِي الْكِتَابِ فَرُوِيَ يُرَدُّ إِنْ كَانَ لَا يُتَّهَمُ وَرُوِيَ لَا يُرَدُّ وَفَرَّقَ الشُّيُوخُ بَيْنَ اعْتِرَافِهِ بَعْدَ بَيْعِهِ هُوَ لَهَا فَلَا يُقْبَلُ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا وَلَدٌ لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ لِدَعْوَاهُ إِلَّا أَنْ يَتْبَعَهُ الْمُتَقَدِّمُ وَبَيْنَ بَيْعِ السُّلْطَانِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ إِنْ لَمْ يُتَّهَمْ وَفِي النكت إِذا بَاعَ الإِمَام لم يصدق فِي أَنه عتق الْعَبْدَ وَيُصَدَّقُ فِي الْأَمَةِ إِنْ لَمْ يُتَّهَمْ وَالْفَرْقُ أَنَّ شَأْنَ الْعِتْقِ التَّوَثُّقُ وَالْإِشْهَادُ فِي الْعَادَةِ فَعَدَمُ ذَلِكَ تَكْذِيبٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ أَشْهَبُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَلَدَتْ مِنِّي وَإِنْ لَمْ يُتَّهَمْ وَلَا يُقْبَلُ فِي الْعِتْقِ قَالَ وَإِنْ آلَى يُرَدُّ الْبَيْعُ بِخِلَافِ الْعِتْقِ لِأَنَّ شَأْنَ الْعِتْقِ الْإِشْهَارُ بِخِلَافِ الْإِيلَاءِ وَأَنَّ الْحُرَّ لَا يَأْبَقُ فَلَوْ أَعْتَقَهُ لَمْ يَأْبَقْ وَتَأْبَقُ أُمُّ الْوَلَدِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ لَمْ يُؤَاخَذْ بِالْعِتْقِ فَيَصِحُّ أَنْ يَأْبَقَ إِلَّا أَنَّ الشَّأْنَ إِشْهَارُ الْعِتْقِ قَاعِدَةٌ الْإِقْرَارُ بَسِيطٌ وَمُرَكَّبٌ فَالْبَسِيطُ هُوَ الَّذِي عَلَى الْمُقِرِّ وَحْدَهُ نَحْوَ عَلَيَّ دَيْنٌ لِزَيْدٍ أَوْ عَلَى الْغَيْرِ وَحْدَهُ نَحْوَ عَلَى زَيْدٍ دَيْنٌ فِي غَيْرِ مَعْرَضٍ مِنَ الشَّهَادَةِ فَيُقْبَلُ الْأَوَّلُ اتِّفَاقًا وَيُرَدُّ الثَّانِي اتِّفَاقًا إِلَّا أَنْ تَكُونَ شَهَادَةَ شَرْطِهِمَا وَالْمُرَكَّبُ أَن ينظر بِنَفسِهِ وَلغيره نَحْو غَيْرِي وَعَبْدُ زَيْدٍ عَتَقَا أَمْسَ وَطُلِّقَتِ امْرَأَتِي وَامْرَأَةُ زَيْدٍ أَمْسَ وَعِنْدِي وَعِنْدَ زَيْدٍ دِينَارٌ لِعَمْرٍو فَيُقْبِلُ عَلَيْهِ وَيَسْقُطُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْغَيْرِ لِإِمْكَانِ الِانْفِصَالِ وَتَارَةً يَتَعَذَّرُ الِانْفِصَالُ نَحْوَ عَبْدِي الَّذِي بِعْتُهُ حُرٌّ فَهُوَ اعْتِرَافٌ عَلَى الْغَيْرِ فِي إبِْطَال لملكه وَبَيْعُهُ عَلَى الْمُقِرِّ فِي وُجُوبِ رَدِّ الثَّمَنِ وَأَنَّهُ يَرِثُهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ

وَالِانْفِصَالُ مُتَعَذَّرٌ لَا يُمْكِنُ إِبْطَالُهُ عَنِ الْغَيْرِ مَعَ تَنْفِيذِهِ فِي حَقِّهِ فَعِنْدَ عَدَمِ التُّهْمَةِ يَغْلِبُ إِقْرَارُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ الْإِقْرَارُ عَلَى الْغَيْرِ وَتَعَذَّرَ الِانْفِصَالُ فَهَذِهِ قَاعِدَةُ هَذَا الْبَابِ ثُمَّ نُلَاحِظُ فُرُوقَ بَعْضِ الْفُرُوعِ وَبَعْضٍ فَتَخْتَلِفُ لِأَجْلِ تِلْكَ الْفُرُوعِ عِنْدَ مَالِكٍ الْأَحْكَامُ فِي تِلْكَ الْفُرُوع وَقَالَ ش وَابْن جنبل قَوْله بعد البيع اعتقه إِلَّا أَنْ يَبِيعَهُ هُوَ فَلَا يُقْبَلُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الحكم إِن أرْسلهُ بعد أَخذه لعذر خَافَ أَنْ يَقْتُلَهُ أَوْ يَضْرِبَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَوْ لِعَدَمِ النَّفَقَةِ فَهُوَ ضَامِنٌ قَالَ أَشهب إِن أرْسلهُ فِي حَاجته يوبق فِي مِثْلِهَا ضَمِنَ بِخِلَافِ الْقَرِيبَةِ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ إِنْ قُلْتَ أَبِقِ مِنِّي كُشِفَ أَمْرُكَ إِن اتهمت قَالَ عبد الْملك لَا تَكْلِيف بَيِّنَة عَلَى ذَلِكَ وَيَحْلِفُ أَنَّهُ انْفَلَتَ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ لِأَنَّ أَصْلَ الْأَخْذِ عَلَى الْأَمَانَةِ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا صَدَقَكَ الْآبِقُ بِأَخْذِهِ بَعْدَ حَلْفِكَ فَإِنْ جَاءَ طَالِبٌ آخَرُ لَمْ يَأْخُذْهُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ وَإِنْ صَدَّقَهُ الْعَبْدُ مِثْلَ مَا صدقك لوُجُود المنازع فَتَتَعَيَّنُ الْبَيِّنَةُ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يُكَلَّفُ بَيِّنَةً وَيَدْفَعُ إِلَيْهِ إِذْ لَا حُكْمَ لَكَ فِيهِ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِحِدْثَانٍ دَفَعَهُ لَكَ فَيَتَلَوَّمُ لَهُ قَلِيلًا خَوْفًا مِنْ طَالِبٍ ثَالِثٍ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لَا يُدْفَعُ لَهُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ طَالَ مُكْثُهُ أَمْ لَا وَفِي الْكِتَابِ يَجُوزُ عِتْقُكَ لِعَبْدِكَ الْآبِقِ وَتَدْبِيرُهُ وَهَبْتُكَ لِغَيْرِ ثَوَابٍ بِخِلَافِهَا أَنَّهَا بَيْعٌ يُنَافِيهِ الْغَرَرُ وَإِذَا زَنَى أَوْ سَرَقَ أَوْ قَذَفَ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ هَلْ يُؤْخَذُ الْآبِقُ بِالصِّفَةِ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ نَعَمْ وَيَتَلَوَّمُ فِي ذَلِكَ إِنْ لَمْ يَأْتِ مَنْ يَطْلُبُهُ أَخَذَهُ وَضَمِنَهُ وَمَنَعَ أَشْهَبُ إِلَّا أَنْ يُقِرَّ لَهُ الْعَبْدُ بِالْمِلْكِ لِأَنَّهُ لَوِ اعْتَرَفَ لغَائِب كتب إِلَيْهِ فَإِن دَعَاهُ أَخَذَهُ فَإِنْ أَنْكَرَ الْعَبْدُ مُدَّعِيَهُ وَلَمْ يُقِرَّ لِغَيْرِهِ وَهُوَ مُقِرٌّ بِالْعُبُودِيَّةِ وَقَالَ أَنَا حُرٌّ وَهُوَ مَعْرُوفٌ بِالرِّقِّ هَلْ يَأْخُذُهُ مُدَّعِيهِ خِلَافٌ قَالَ وَأَرَى أَنْ يَأْخُذَهُ بِالصِّفَةِ الَّتِي تَخْتَفِي لِقُوَّةِ دَلَالَتِهَا وَكَذَلِكَ يَخْتَلِفُ فِي الدَّوَابِّ هَلْ تُدْفَعُ بِالصِّفَةِ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ لِأَنَّهَا مِمَّا يَتَصَرَّفُ بِهَا وَيَتَعَرَّفُ صِفَتُهَا بِخِلَافِ الثِّيَابِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَرْجِعُ الْمَسْرُوقُ بِالصِّفَةِ

الْفَرْعُ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَتَيْتَ بِكِتَابٍ مِنْ قَاضٍ إِلَى قَاضٍ فِيهِ شَهِدَ عِنْدِي قَوْمٌ أَنَّ فُلَانًا صَاحِبُ كِتَابِي هَذَا إِلَيْكَ قَدْ هَرَبَ مِنْهُ عَبْدٌ صِفَتُهُ كَذَا فَحَلَاهُ وَوَصَفَهُ فِي الْكِتَابِ وَعِنْدَ هَذَا الْقَاضِي عَبْدٌ مَحْبُوسٌ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ فَلْيَقْبَلِ الْكِتَابَ وَالْبَيِّنَةَ الَّتِي فِيهِ عَلَى الصِّفَةِ وَيَدْفَعُ إِلَيْكَ الْعَبْدَ قِيلَ وَتَرَى لِلْقَاضِي الْأَوَّلِ أَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ الْبَيِّنَةُ عَلَى الصِّفَةِ وَيُكْتَبُ بِهَا إِلَى قَاضٍ آخَرَ قَالَ نَعَمْ كَقَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمَتَاعِ الَّذِي سُرِقَ بِمَكَّةَ إِذَا عَرَفَهُ رَجُلٌ وَوَصَفَهُ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ يَسْتَأْنِي الْإِمَامُ فِيهِ فَإِنْ جَاءَ مَنْ يَطْلُبُهُ وَإِلَّا دَفَعَ إِلَيْهِ بِالْعَبْدِ الَّذِي أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى صِفَةٍ أُخْرَى فَإِنِ ادَّعَى الْعَبْدَ أَوْ وَصَفَهُ وَلَا بَيِّنَةَ فَهُوَ كَالْمَتَاعِ تَلُومُ بِهِ فَإِنْ جَاءَ أَحَدٌ يَطْلُبُهُ وَإِلَّا دَفَعَهُ إِلَيْهِ وَضَمَّنَهُ إِيَّاهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ اخْتُلِفَ فِي اسْتِحْقَاقِهِ بِشَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الصِّفَةِ أَنَّهُ اسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ عَبْدٌ عَلَى صِفَةِ كَذَا أَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْوَجْهَيْنِ وَخَالَفَهُ ابْنُ كِنَانَةَ وَمَنَعَ أَخْذَ الْعَبْدِ بِكِتَابِ الْقَاضِي عَلَى الصِّفَةِ إِلَّا إِذَا اعْتَرَفَ لَهُ الْعَبْدُ وَمَنَعَ أَيْضًا أَشْهَبُ فِي الْعَبْدِ إِلَّا إِنْ شَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ الْعَبْدُ الَّذِي فِي الْحُكْمِ وَأَجَازَ فِي الْمُسْتَحَقِّ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى الصِّفَةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الصِّفَةِ إِنَّمَا تَجُوزُ لِضَرُورَةٍ وَالشَّاهِدُ عَلَى حُكْمِ الْقَاضِي قَادِرٌ عَلَى شَهَادَةٍ عَليّ عين العَبْد فَإِن كَانَ الْعَبْدُ غَائِبًا قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ لِلضَّرُورَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَأَرَى إِذَا غَفَلَ الْقَاضِي أَنْ يُشْهِدَهُمْ عَلَى عَيْنِ الْعَبْدِ حَتَّى خَرَجُوا وَبَعُدُوا أَنْ يَقْبَلَ الشَّهَادَةَ عَلَى الصِّفَةِ وَتَصِيرُ ضَرُورَةً وَاخْتُلِفَ هَلْ يُطْبَعُ فِي عِتْقِ الْعَبْدِ وَالطَّبْعُ أَحْسَنُ وَوَافَقَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الِاعْتِمَادِ فِي كِتَابِ الْقَاضِي وَالتَّسْلِيمِ بِمُجَرَّدِ الصِّفَةِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ ش وَقَالَ ح لَا يَجِبُ التَّسْلِيمُ لِأَنَّهُمْ لَا يَشْهَدُونَ عَلَى عَيْنِ الْعَبْدِ بَلْ عَلَى الصِّفَاتِ وَقَدْ تَتَّفِقُ الصِّفَاتُ عَلَى اخْتِلَافِ الْمَوْصُوفَاتِ لَنَا أَنَّ كِتَابَ الْقَاضِي لِلْآخَرِ عَلَى الْأَشْخَاصِ فِي الحكومات بصفاتهم وَإِنَّمَا يَأْخُذ الْمَحْكُوم عَلَيْهِ باسمه وَصفته وَنسبه فَكَذَلِك هَا هُنَا

الْفَرْعُ الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ إِذَا اسْتُحِقَّتِ الدَّابَّةُ من يدك فادعيت شِرَائهَا مِنْ بَعْضِ الْبُلْدَانِ وَخِفْتَ ضَيَاعَ حَقِّهِ فَلَكَ وَضْعُ قِيمَتِهَا بِيَدِ عَدْلٍ وَيُمَكِّنُكَ الْقَاضِي مِنَ الدَّابَّةِ فَيَخْرُجُ بِهَا لِبَلَدِ الْبَائِعِ لِتُشْهِدَ الْبَيِّنَةَ عَلَى عَيْنِهَا فَإِنْ قَصَدَ الْمُسْتَحِقُّ السَّفَرَ وَكَّلَ فِي ذَلِكَ وَخَرَجْتَ بِالدَّابَّةِ وَطَبَعْتَ فِي عُنُقِهَا وَيُكْتَبُ لَكَ كِتَابٌ إِلَى الْقَاضِي بِذَلِكَ الْبَلَدِ إِنِّي قَدْ حَكَمْتُ بِهَذِهِ الدَّابَّةِ لِفُلَانٍ فَاسْتَخْرَجَ مَالَهُ مِنْ بَائِعِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْبَائِعِ حُجَّةٌ فَإِنْ تَلِفَتِ الدَّابَّةُ أَوْ نَقَصَتْ أَوْ تَعَيَّبَتْ فَهِيَ مِنْكَ لِأَنَّكَ قَبَضْتَهَا مِنْ حِينَئِذٍ لِمَصْلَحَتِكَ وَكَذَلِكَ الرَّقِيقُ إِلَّا فِي الْجَارِيَةِ فَلَا تُدْفَعُ لَكَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ أَمِينًا وَإِلَّا فَتَسْتَأْجِرُ أَمِينًا خَوْفًا مِنَ الْوَطْءِ وَفِي النُّكَتِ إِذَا ضَاعَتِ الْقِيمَةُ فَهِيَ مِنْ مُسْتَحِقِّ الدَّابَّةِ لِمَا مَلَكَتْ وَحَيْثُ تِلْكَ الْقِيمَةُ لَهُ فَهِيَ مِنْهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَنَظَائِرُهُ الثَّمَنُ فِي الْمُوَاضَعَةِ إِنْ هَلَكَ فَضَمَانُهُ مِمَّنْ هُوَ لَهُ وَقِيلَ ضَمَانُ الْقِيمَةِ مِنَ الْخَارِجِ بِالدَّابَّةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ ثَمَنَ الْمُوَاضَعَةِ قَدْ تَرَاضَيَا كَوْنَهُ ثَمَنًا لِلْجَارِيَةِ وَإِنَّمَا الْقيمَة هَا هُنَا كَالرَّهْنِ هَلَاكه من ربه هَذَا الْفرق بَاطِل لِأَن مَا أوجبه الشَّرْع عى الْمُكَلَّفِ لَا يَقْصُرُ عَمَّا أَوْجَبَهُ الْمُكَلَّفُ عَلَى نَفْسِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْقِيمَةِ وَالرَّهْنِ أَنَّ الْقِيمَةَ أُوقِفَتْ لِيَأْخُذَ عَيْنَهَا بِخِلَافِ الرَّهْنِ وَالشَّبَهُ بِثَمَنِ الْمُوَاضَعَةِ أَقْوَى الْفَرْعُ الْخَامِسُ فِي الْكِتَابِ إِذَا زَكَّى الشَّاهِدُ غَيْرَ مَعْرُوفٍ وَعُدُلُ الْمُزَكِّي مَعْرُوفُونَ وَالشَّاهِدُ غَرِيبٌ جَازَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ حُكْمٌ بِبَيِّنَةِ مُعْدَلَيْنِ أَوْ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ عَدَالَةٌ عَلَى عَدَالَةٍ حَتَّى تَكُونَ الْعَدَالَةُ عَلَى الشُّهُودِ أَنْفُسِهِمْ عِنْدَ الْقَاضِي فِي النُّكَتِ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ تُقْبَلُ عَدَالَةٌ عَلَى عَدَالَةٍ إِذَا كَانَ الشُّهُودُ نِسَاءً فَهُنَّ كَالْغُرَبَاءِ لقلَّة معرفَة الرِّجَال بهم

الْفَرْعُ السَّادِسُ فِي الْكِتَابِ إِذَا عَرَفَ الْآبِقُ ربه وَلم تعرفه دَفعته للْإِمَام ابْن لم تخف قِيمَته قَالَ بَان يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ إِنْ أَقَرَّ لَهُ الْعَبْدُ بِالْملكِ دَفعته إِلَيْك لِأَنَّ الِاعْتِرَافَ حُجَّةٌ وَبِأَمْرِ الْإِمَامِ أَحْسَنُ فَإِنْ جَحَدَ أَنَّهُ عَبْدُهُ وَدَفَعْتَهُ ضَمِنْتَهُ وَكَذَلِكَ الْحَاكِمُ لَا يَدْفَعُهُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِإِقْرَارِ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ لَوِ اعْتَرَفَ لِغَيْرِهِ لَكَانَ لَهُ وَلَمْ يَنْفَعْ هَذَا مَا عَرَّفَهُ بِهِ مِنْ جِنْسِهِ وَصِفَتِهِ النَّظَرُ الثَّانِي فِي قِيَامِ اللُّقَطَةِ وَفَوَاتِهَا وَفِي الْكِتَابِ إِذَا بِيعَتْ بَعْدَ السَّنَةِ لَمْ يَفْسَخْ صَاحِبُهَا الْبَيْعَ وَإِنْ بِيعَتْ بِغَيْرِ أَمْرِ الْإِمَامِ لِتَقَدُّمِ إِذْنِ الشَّرْعِ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَشَأْنُكَ بِهَا وَلَهُ الثَّمَنُ مِمَّنْ قَبَضَهُ لِأَنَّهُ بذل قَالَ التُّونِسِيُّ قَالَ أَشْهَبُ لَهُ فِي الدَّابَّةِ نقص الْبَيْعِ إِذَا بِيعَتْ بِغَيْرِ أَمْرِ السُّلْطَانِ فَإِنْ مَاتَت فَالثَّمَنُ إِنْ بِيعَتْ خَوْفَ الضَّيَاعِ فَأَمَّا إِنْ بَاعَ الثِّيَابَ فَلَهُ تَضْمِينُهُ الْقِيمَةَ وَلَهُ إِجَازَةُ الْبَيْعِ لِعَدَمِ الضَّرَرِ فِي بَقَائِهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ بِأَمْرِ الْإِمَامِ فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا الثَّمَنُ فَلَمْ يَجْعَلْ أَشْهَبُ الْبَيْعَ لَهُ إِلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ ثُمَّ فَرَّقَ فِي الثِّيَابِ وَغَيْرِهَا وَلَمْ يَذْكُرْ تَضْمِينَ الْمُشْتَرِي فَإِنْ كَانَ تَعَدِّيًا جَازَ أَنْ يَضْمَنَ الْمُشْتَرِي قِيمَتَهَا يَوْمَ لَبِسَهَا وَجعل ابْن الْقَاسِم شُبْهَة تمنع نقص الْبَيْعِ وَوُجُودُهُ غَيْرُ شَبِيهٍ يَمْنَعُ التَّضْمِينَ فَإِنْ أَكَلَهَا الْمَسَاكِينُ ضَمِنَ قِيمَتَهَا وَلَمْ يَضْمَنِ الْمَسَاكِينُ شَيْئًا وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ تَصَدَّقَ بِهَا عَنْ رَبِّهَا أَخَذَهَا مِنَ الْمَسَاكِينِ كَقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنْ نَقَصَتْ فَلَهُ أَخْذُهَا نَاقِصَةً أَوْ قِيمَتُهَا مِنَ الْمُتَصَدِّقِ بِهَا ثُمَّ يَرْجِعُ الْمُتَصَدِّقُ فَيَأْخُذُهَا من الْمَسَاكِين فلك تضمنهم مِثْلَهَا أَوْ قِيمَتَهَا عَنْ مُلْتَقِطِهَا يَوْمَ التَّصَدُّقِ لِأَنَّ تَعْرِيفَهُ بَعْدَ السَّنَةِ مَشْرُوطٌ بِضَمَانِ الْبَدَلِ فَجَعَلَ أَشْهَبُ صَدَقَتَهُ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ كَغَاصِبٍ وَهَبَ وَمِنْ مَذْهَبِهِ رُجُوعُ الْمُسْتَحِقِّ عَلَى أَيِّهِمَا شَاءَ فَمَنْ رَجَعَ عَلَيْهِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْآخَرِ فَإِنْ تَصَدَّقَ بِهَا فَالْإِشْكَالُ هَلْ

يغرم الْمِسْكِين أم لَا قَالَ ابْن الْقَاسِم لَو وجدهَا بيد من اتباعها مِنَ الْمَسَاكِينِ أَخَذَهَا وَيَرْجِعُ الْمُبْتَاعُ الَّذِي تَصَدَّقَ بِهَا عَلَيْهِمْ وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَتْ وَقَالَ غَيْرُهُ يَرْجِعُ بِالْأَقَلِّ مِنَ الثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَ لِلْمَسَاكِينِ أَوْ قِيمَتِهَا يَوْمَ تَصَدَّقَ الْمُلْتَقِطُ إِنْ كَانَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ ثُمَّ تَرْجِعُ بِالْقِيمَةِ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَجَعَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَكَ أَخْذُهَا مِنَ الْمُشْتَرِي وَلَوْ بَاعَهَا الْمُلْتَقِطُ نُقِضَ بَيْعُهُ وَلَمْ يَجْعَلِ الْمَسَاكِينَ كَالْوُكَلَاءِ عَلَى الْبَيْعِ فَيَمْضِي بَيْعُهُمْ وَيَغْرَمُ الْمُلْتَقط الْقيمَة قَالَ وَفِيه نظر إِذا وَجَبَ أَخْذُهَا مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي كَانَ الرُّجُوعُ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الصَّدَقَةِ عَلَى الْمُلْتَقَطِ أَوْلَى مِنَ الرُّجُوعِ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَهُمْ أَخَذُوهُ عَلَى بَابِ الْمِلْكِ وَمِلْكُهُمْ عَلَيْهِ مَنْ لَهُ شُبْهَةٌ وَهُمْ لَوْ أَكَلُوا اللُّقَطَةَ مَا ضَمِنُوا وَفِي الْجَوَاهِرِ مَتَى وَجَدَهَا قَائِمَةً أَخَذَهَا مِنْ يَدِ الْمُلْتَقِطِ نَوَى تَمْلِيكَهَا أَمْ لَا وَكَذَلِكَ بِيَدِ الْمَسَاكِينِ تَصَدَّقَ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ عَنْكَ وَكَذَلِكَ بِيَدِ الْمُبْتَاعِ مِنَ الْمَسَاكِينِ وَفِي يَدِ الْمُبْتَاعِ مِنَ الْمُلْتَقِطِ بِخِلَافِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ الْمُتَقَدِّمِ وَإِنْ وَجَدَهَا بِيَدِ الْمَسَاكِينِ نَاقِصَةً وَقَدْ تَصَدَّقَ بِهَا عَنْكَ خُيِّرْتَ فِي أَخْذِهَا وَلَا شَيْءَ لَكَ عَلَيْهِ أَوْ قِيمَتِهَا مِنْهُ وَيَأْخُذُهَا الْمُلْتَقِطُ مِنَ الْمَسَاكِينِ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهِمْ فِي نَقْصِهَا لِأَنَّهُ سَلَّطَهُمْ وَمَتَى عَيَّنَهَا وَالْمُلْتَقِطُ أَكَلَهَا أَوْ أَتْلَفَهَا فَالْقِيمَةُ يَوْمَ الْأَكْلِ أَوِ التَّصَدُّقِ لِأَنَّ يَدَ السَّابِقَةِ لَهُ أَمَانَةٌ إِنْ أَكَلَهَا الْمَسَاكِينُ تصدق بهَا عَنْك أَو عَنهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ تَصَدَّقَ بِهَا عَنْهُ فَأَكَلَهَا الْمَسَاكِينُ فَلَكَ تَضْمِينُهُمُ الْمِثْلَ وَالْقِيمَةَ

(كتاب اللقيط)

(كِتَابُ اللَّقِيطِ) وَهُوَ مِنَ اللَّقْطِ فَقِيلَ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ مِثْلُ جَرِيحٍ وَمَجْرُوحٍ وَقَتِيلٍ بِمَعْنَى مَقْتُولٍ لَا بِمَعْنى رَحِيم بِمَعْنى رَاحِم وَعَلَيْهِم بِمَعْنَى عَالَمٍ وَشَأْنُ فَعِيلٍ أَبَدًا أَنْ يَرِدَ بَيْنَ فَاعِلٍ وَمَفْعُولٍ وَإِنَّمَا يُعَيِّنُ أَحَدُهُمَا خُصُوصَ الْمَادَّة الَّتِي فِيهَا السِّيَاق الشَّيْء بِمَا يؤول فِيهِ مجَازًا كَقَوْلِه تَعَالَى {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا} و {إِنِّي أَرَانِي أعصر خمرًا} وَهُوَ كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ وَلِسَانِ الْعَرَبِ وَفِيهِ بَابَانِ

(الباب الأول في الالتقاط وحكمه)

(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي الِالْتِقَاطِ وَحُكْمِهِ) وَأَصْلُهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دلوه قَالَ يَا بشراى هَذَا غُلامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يعْملُونَ} وَقَوله تَعَالَى {وتعاونوا على الْبر وَالتَّقوى} وَيُرْوَى أَنَّ عُنَيَنًا بِضَمِّ الْعَيْنِ بِلَا نَقْطٍ وَفَتْحِ النُّونِ وَالْيَاءِ وَالنُّونِ قَالَ أَخَذْتُ مَنْبُوذًا عَلَى عَهْدِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَذَكَرَهُ عَرِيفِي لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَرْسَلَ إِلَيَّ فَدَعَانِي وَالْعَرِيفُ عِنْدَهُ فَلَمَّا رَآنِي قَالَ عَسَى الْغُوَيْرُ أَبْؤُسًا الْغُوَيْرُ تَصْغِيرُ غَارٍ وَأَبْؤُسًا بِضَمِّ الْهَمْزَةِ فِي الْوَاوِ وَالْأَبْؤُسُ جَمْعُ الْبَأْسِ قَالَ عريفي أَنه لَا يهتم فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ قُلْتُ وَجَدْتُ نَفْسًا بِمَضْيَعَةٍ فَأَحْبَبْتُ أَنْ يَأْجُرَنِيَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ فَقَالَ هُوَ حُرٌّ وَوَلَاؤُهُ لَكَ وَعَلَيْنَا إِرْضَاعُهُ فَائِدَةٌ أَصْلُ هَذَا الْمَثَلِ غَارٌ فِيهِ نَاسٌ فنهار عَلَيْهِمْ وَقِيلَ جَاءَهُمْ فِيهِ عَدُوٌّ فَقَتَلَهُمْ فَصَارَ مَثَلًا لِكُلِّ شَيْءٍ يُخَافُ أَنْ يَأْتِيَ مِنْهُ شَيْنٌ وَقِيلَ الْغُوَيْرُ مَاءٌ لِكَلْبٍ وَهَذَا الْمَثَلُ تَكَلَّمت بِهِ الزباء بِالزَّايِ الْمُعْجَمَةِ وَالْبَاءِ بِوَاحِدَةٍ مِنْ تَحْتِهَا مَقْصُورٌ فِي قِصَّتِهَا مَعَ قَصِيرِ اللَّخْمِيِّ حِينَ أَخَذَ فِي غَيْرِ الطَّرِيقِ فَأَتَى عَلَى الْغُوَيْرِ وَمَقْصُودُ عمر رَضِي الله عَنهُ فِي هَذَا الْمَثَلِ أَنْ يَقُولَ لِلرَّجُلِ لَعَلَّكَ صَاحِبُ هَذَا الْمَنْبُوذِ حَتَّى أَثْنَى عَلَيْهِ عَرِيفُهُ جَيِّدًا وَنَصَبَ أَبْؤُسًا عَلَى أَصْلِ خَبَرِ عَسَى فَإِنَّ أَصْلَ خَبَرِهَا أَنْ يَكُونَ مِثْلَ خَبَرِ كَانَ فَلَمَّا جَعَلُوهُ فِعْلًا بِمَعْنَى الِاسْمِ رَاجَعُوا

الْأَصْلَ فِي قَوْلِهِمْ كَذَبَ أُبَيًّا وَعَسَى الْغُوَيْرُ أَبْؤُسًا وَفِي الْجَوَاهِرِ الْتِقَاطُ الْمَنْبُوذِ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَة وَقَالَ الْأَئِمَّةُ قِيَاسًا عَلَى إِنْقَاذِ الْغَرِيقِ وَالطَّعَامِ وَالْمُضْطَرِّ وَهُوَ مُنْدَرِجٌ فِي قَاعِدَةِ حِفْظِ النُّفُوسِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا فِي سَائِرِ الْمِلَلِ وَالْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ فَمَتَى خِفْتَ عَلَيْهِ الْهَلَاكَ وَجَبَ عَلَيْكَ الْأَخْذُ وَإِنْ أَخَذْتَهُ بِنِيَّةِ تَرْبِيَتِهِ حَرُمَ عَلَيْكَ رَدُّهُ وَإِنْ أَخَذْتَهُ لِتَرْفَعَهُ لِلْإِمَامِ فَلَمْ يَقْبَلْهُ مِنْكَ جَازَ رَدُّهُ لِمَوْضِعِ أَخْذِهِ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ وَمَعْنَى ذَلِك عِنْدِي أَن يُؤمن عَلَيْهِ اهلاك بِمُسَارَعَةِ النَّاسِ لِأَخْذِهِ بَعْدَ رَدِّهِ وَمَنْ أَخَذَ لَقِيطًا فَلْيُشْهِدْ عَلَيْهِ خَوْفَ الِاسْتِرْقَاقِ وَوَلَاءُ اللَّقِيطِ لجَماعَة الْمُسلمين لايختص بهَا اللَّقِيط إِلَّا بِتَخْصِيصِ الْإِمَامِ وَمَا فِي أَثَرِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ النَّاسُ عَلَى خِلَافِ عُمُومِهِ بَلْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى وِلَايَةِ الْإِرْضَاعِ وَالتَّرْبِيَةِ دُونَ الْمِيرَاثِ وَالنِّكَاحِ أَوْ يَكُونُ مِنْ بَابِ التَّصَرُّف فالإمامة فَعَلَى هَذَا مَتَى خَصَّصَ الْإِمَامُ مُلْتَقَطًا بِذَلِكَ ثَبَتَ لَهُ وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ وَلَا لِلْمُكَاتَبِ الْتِقَاطٌ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ لِمَا فِيهِ مِنَ الِاشْتِغَالِ عَنْ مَصَالِحِ السَّيِّدِ وَلِأَنَّ الْحَضَانَةَ تَبَرُّعٌ فَإِنْ فَعَلَا لَمْ يَكُنْ لَهُمَا ذَلِكَ وَيُنْزَعُ اللَّقِيطُ مِنَ الذِّمِّيِّ لِئَلَّا يُنَصِّرَهُ قَالَ سَحْنُونٌ فَإِنْ رَبَّتْ نَصْرَانِيَّةٌ صَبِيَّةً حَتَّى بَلَغَتْ عَلَى دِينِهَا أَن ثبتَتْ لقطَة ردَّتْ على لِلْإِسْلَامِ وَهِيَ حُرَّةٌ وَوَافَقْنَا ش فِي الْعَبْدِ وَالْكَافِرِ وَنَصَّ عَلَى الْفَاسِقِ لَا يُقِرُّ اللَّقِيطُ بِيَدِهِ خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَرِقَهُ وَأُلْحِقَ بِالْفَاسِقِ الْغَرِيبُ الْمَجْهُولُ الْأَمَانَةِ وَلَهُمْ فِي الْفَقِيرِ وَجْهَانِ لَا يلتقط لِئَلَّا يضر باللقيط فقره ويلتقط اعْتِمَاد عَلَى لُطْفِ اللَّهِ تَعَالَى وَوَافَقَ ابْنُ حَنْبَلٍ فِي الْكَافِرِ وَالْفَاسِقِ وَالْعَبْدِ وَإِذَا ازْدَحَمَ اثْنَانِ كِلَاهُمَا أَهْلٌ قُدِّمَ السَّابِقُ وَإِلَّا أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا وَقَالَ ش يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ الْإِمَامُ فَيُقِرُّهُ فِي يَد أَحدهمَا وَفِي يَد

غَيرهمَا وَيلْزم الْمُلْتَقِط الْحَضَانَة وَلَا يُلْزِمُهُ النَّفَقَةَ إِنْ وَجَدَ من ينْفق على الصَّبِي لِأَن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَإِنْ عَجَزَ عَنِ الْحَضَانَةِ سَلَّمَهُ لِلْقَاضِي وَإِنْ تَبَرَّمَ مَعَ الْقُدْرَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَرْكُهُ إِنْ أَخَذَهُ لِيَحْضُنَهُ كَمَا تَقَدَّمَ وَنَفَقَةُ اللَّقِيطِ فِي مَالِهِ وَهُوَ مَا وَقَفَ عَلَى اللَّقْطِ أَوْ رَتَّبَ لَهُمْ أَوْ أَوْصَى لَهُمْ بِهِ أَوْ وُجِدَ تَحْتَ يَدِ اللَّقِيطِ عِنْدَ الْتِقَاطِهِ مَلْفُوفًا عَلَيْهِ أَوْ فِي النُّسْخَةِ مَوْضُوعًا عَلَيْهِ أَوْ تَحْتَهُ أَوْ فِرَاشٌ أَوْ ثَوْبٌ أَوْ دَابَّةٌ أَوْ مَعَهُ كيس أَو مَا هُوَ مَدْفُونٌ فِي الْأَرْضِ تَحْتَهُ فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا أَنْ يُؤْخَذَ مَعَهُ رُقْعَةٌ فَإِنَّهُ لَهُ وَمَا هُوَ قَرِيبٌ مِنْهُ مَوْضُوعٌ أَوْ دَابَّةٌ مَشْدُودَةٌ فَهُوَ لُقَطَةٌ لِأَنَّهُ حُرٌّ فَمَا فِي يَدِهِ فَهُوَ لَهُ وَمَا خَرَجَ عَنْ يَدِهِ فَلَيْسَ مِلْكَهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْبَالِغِ الْقَرِيبِ مِنْهُ فِي يَدِهِ وَمِلْكِهِ وَبَيْنَهُ أَنَّ الْبَالِغَ يَدَّعِي مَتَاعَهُ بِالْقُرْبِ بِخِلَافِ الطِّفْلِ وَوَافَقْنَا الْأَئِمَّةَ عَلَى هَذِهِ الْجُمْلَةِ فِيمَا يُنْسَبُ لِلطِّفْلِ فَإِنْ عُدِمَتْ هَذِهِ الْجِهَاتُ وَلَمْ يَتَبَرَّعْ أَحَدٌ بِالنَّفَقَةِ فَفِي بَيت المَال وَقَالَهُ الْأَئِمَّة لِأَن أَخْذُ أَطْفَالِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ تَعَذَّرَ بَيْتُ الْمَالِ فروى فِي الموازنة عَلَى الْمُلْتَقِطِ نَفَقَتُهُ حَتَّى يَبْلُغَ وَيَسْتَغْنِيَ وَلَيْسَ لَهُ طَرْحُهُ لِأَنَّهُ بِالِالْتِقَاطِ لَزِمَهُ أَمْرُهُ كُلُّهُ ثُمَّ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَأَنْفَقَ أَحَدٌ عَلَيْهِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِ لِأَنَّ إِشْغَالَ ذِمَّتِهِ بِالدَّيْنِ لَا سَبِيلَ إِلَيْهِ إِلَّا أَنْ يُثْبِتَ أَنَّهُ ابْنُ زَيْدٍ فَيُتْبِعُ زَيْدًا لِأَنَّهُ قَامَ عَنْهُ بِوَاجِبٍ إِنْ كَانَ طَرْحُهُ مُتَعَمِّدًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ حِسْبَةً فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِحَالٍ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا رُجُوعَ عَلَى الْأَبِ بِحَالٍ لِأَنَّ الْمُنْفِقَ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِالْأَبِ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِنْ أَنْفَقَ لِيَتْبَعَهُ فَطَرَأَ لَهُ أَبٌ تَعَمَّدَ طَرْحَهُ اتَّبَعَهُ أَوْ حِسْبَةً لَمْ يَرْجِعْ وَلَوْ ضِدَّ صَبِيٍّ فَأَنْفَقْتَ عَلَيْهِ لَمْ تَتْبَعْ أَبَاهُ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الِاحْتِسَابِ وَحَيْثُ أُشْكِلَ الْأَمْرُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْفِقِ مَعَ يَمِينِهِ فِي أَنَّهُ أَنْفَقَ لِيُرْجِعَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّبَرُّعِ وَعِصْمَةُ الْأَمْوَالِ عَنِ الضَّيَاعِ وَعِنْدَ ش مَتَى أَخذ اللَّقِيطُ وَغَلَبَ ظَنُّهُ أَنَّ ثَمَّ مَنْ يَحْفَظُهُ جَازَ لَهُ رَدُّهُ لَنَا

قَوْله تَعَالَى {وَلَا تُبْطِلُوا أَعمالكُم} وَهَذَا عمل لظَاهِر قَول عمر رَضِي الله عَنهُ عَلَيْك إرضاعه وَصِيغَة عَلَيْك للْوُجُوب واللزوم

(الباب الثاني في أحكام اللقيط)

(الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ اللَّقِيطِ) وَهِيَ أَرْبَعَةٌ الْحُكْمُ الْأَوَّلُ إِسْلَامُهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْإِسْلَامُ يَحْصُلُ اسْتِقْلَالًا بِمُبَاشَرَةِ الْبَالِغِ وَكَذَلِكَ الْمُمَيِّزُ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ إِنْ رَجَعَ عَنْهُ حَتَّى لَوْ بَلَغَ وَأَقَامَ عَلَى رُجُوعِهِ فَهُوَ مُرْتَد لِأَن الْإِيمَان قد وَجب مِنْهُ حَقِيقَة فَيقبل للردته وَقَالَهُ ح وردة الصَّغِير تصح عِنْد ابْن الْقَاسِمِ وَلَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْخِطَابِ بِالْأَسْبَابِ كَالْإِتْلَافِ لَا من بَاب التَّكْلِيف وَمنع سَحْنُون وش الصِّحَّةَ وَأَبَاحَ ذَبِيحَتَهُ وَالصَّلَاةَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يحرم عَلَيْهِ عَلَيْهِ الْكُفْرُ فَهُوَ كَغَيْرِهِ فِي حَقِّهِ وَلَا يُقْتَلُ بِرِدَّتِهِ اتِّفَاقًا وَهُوَ صَبِيٌّ وَقِيلَ لَا يَصِيرُ مُسْلِمًا إِلَّا بَعْدَ الْبُلُوغِ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ الْوَاجِبَ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ لِعَدَمِ أَهْلِيَّةِ التَّكْلِيفِ وَالْإِيمَانُ لَا يَقَعُ نَفْلًا فَلَا يُعْتَبَرُ إِيمَانُهُ مُطْلَقًا وَغَيْرُ الْمُمَيِّزِ وَالْمَجْنُونُ لَا يُتَصَوَّرُ إِسْلَامُهُمَا إِلَّا تَبَعًا وَلِلتَّبَعِيَّةِ ثَلَاثُ جِهَاتٍ الْأُولَى إِسْلَامُ الْأَبِ فَيَتْبَعُهُ دُونَ أُمِّهِ لِأَنَّ الدِّينَ بِالنُّصْرَةِ وَالْأَب ذكر مظنتها دون الْأُم وَقَالَ ابْن وهب وش مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمَا تَغْلِيبًا لِلْإِسْلَامِ لَنَا أَنَّهُ إِسْلَامٌ لِغَيْرِ مَنْ دَخَلَ فِي عُهْدَةٍ فَلَمْ يَتْبَعْهُ كَالْحَالِ وَلِأَنَّ الْأُمَّ مُسَاوِيَةٌ لَهُ فِي الدُّخُولِ تَحْتَ عُهْدَةِ الْأَبِ فَلَا يَتْبَعُهَا كَأَخِيهِ وَلِأَنَّ الْأَبَ هُوَ الْمُتَبَرِّعُ فِي عَقْدِ الذِّمَّةِ فَيَكُونُ هُوَ الْمُتَبَرِّعَ فِي الْإِسْلَامِ كَعَقْدِ الذِّمَّةِ وَحَيْثُ قُلْنَا بِالتَّبَعِيَّةِ فَبَلَغَ وَاعْتَرَفَ عَنْ نَفْسِهِ بِالْكُفْرِ فَهُوَ مُرْتَدٌّ الْجِهَةُ الثَّانِيَةُ تَبَعِيَّةُ الدَّارِ فَكُلُّ لَقِيطٍ وُجِدَ فِي قُرَى الْإِسْلَامِ وَمَوَاضِعِهِمْ فَهُوَ مُسْلِمٌ أَوْ فِي قُرَى الْكُفْرِ وَمَوَاضِعِهِمْ فَهُوَ كَافِرٌ وَلَا يَعْرِضُ لَهُ إِلَّا أَنْ يَلْتَقِطَهُ مُسْلِمٌ فَيَجْعَلُهُ عَلَى دِينِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ حُكْمُهُ أَيْضًا فِي هَذِهِ الْإِسْلَامُ الْتَقَطَهُ مُسْلِمٌ أَو

ذِمِّيٌّ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ لِمَنْ فِيهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَمَا أَجْعَلُهُ حُرًّا وَإِنْ جُهِلَتْ حُرِّيَّتُهُ لِاحْتِمَالِ الْحُرِّيَّةِ لِأَنَّ الشَّرْعَ رَجَّحَ جَانِبَهَا وَعِنْدَ ش وَابْنِ حَنْبَلٍ مَتَى كَانَ فِي الْبَلَدِ مُسلمُونَ أَو مشركون أقوى كَذَا بِالْحُرِّيَّةِ وَفِيهِ مُسْلِمٌ وَاحِدٌ فَاللَّقِيطُ مُسْلِمٌ لِجَرَيَانِ حُكْمِ الْإِسْلَامِ عَلَى الدَّارِ وَإِسْلَامُ مَنْ فِيهِ وَإِنْ كَانَ جَمِيعُهُمْ كَافِرًا وَإِنْ صَالَحَهُمُ الْإِمَامُ فَهُوَ كَافِرٌ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ وَلَدُهُمْ وَإِنْ كَانَ فِي بلد الْكفْر الأَصْل كَالتُّرْكِ وَغَيْرِهِمْ وَلَيْسَ فِيهِمْ مُسْلِمٌ فَكَافِرٌ وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مُسْلِمٌ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ كَافِرٌ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْكُفَّارِ الحكم الثَّانِي نَسَبُ اللَّقِيطِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنِ اسْتَلْحَقَهُ الْمُلْتَقِطُ وَغَيْرُهُ لَا يُلْحَقُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ يَكُونُ لِدَعْوَاهُ وَجْهٌ كمن عرفه أَنه لَا يعِيش لَهُ ولد فَزعم أسر كَذَا ماه لِأَنَّهُ سَمِعَ أَنَّهُ إِذَا طُرِحَ عَاشَ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنَ الْبَيِّنَةِ مُطْلَقًا لِأَنَّ غَيْرَهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَدَّعِيَهُ وَقَالَ أَشْهَبُ يَلْحَقُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى لِعَدَمِ الْمُنَازِعِ وَهُوَ أَمْرٌ بَاطِلٌ يَخْفَى إِلَّا أَن يطهر كذبه قَالَ الشَّيْخ أَبُو اسحاق هُوَ الْمُخْتَارُ وَرُبَّمَا طَرَحَ النَّاسُ أَوْلَادَهُمْ مِنَ الْإِمْلَاقِ وَغَيْرِهِ وَإِذَا اسْتَلْحَقَ الذِّمِّيُّ لَقِيطًا بِبَيِّنَةٍ لَحِقَهُ وَكَانَ على دينه إِلَّا أَن يسلم وغين اسْتَلْحَقَتْهُ امْرَأَةٌ وَوَلَدُهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تُقْبَلُ مِنْهَا وَإِنْ جَاءَتْ بِمَا يُشْبِهُ مِنَ الْعَدَدِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِأَنَّ إِقَامَتَهَا لِبَيِّنَةٍ عَلَى ولدتها مُمْكِنٌ بِخِلَافِ الزَّوْجِ لِأَنَّ الْوَطْءَ حَالَةُ تَسَتُّرٍ وَلِأَنَّهَا إِنْ أَلْحَقَتْهُ بِزَوْجِهَا فَلَيْسَ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يُلْحِقَ النَّسَبَ بِغَيْرِهِ وَلِذَلِكَ إِذَا اسْتَلْحَقَ الزَّوْجُ لَا يُلْحَقُ بِالْمَرْأَةِ وَإِنِ ادَّعَتْهُ مِنْ وَطْءِ شُبْهَة أَو زنا كَانَ ذَلِكَ ضَرَرًا عَلَيْهِ أَمَّا الزَّوْجُ فَيُمْكِنُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ أُخْرَى وَالْمَرْأَةُ لَا تَتَزَوَّجُ بِرَجُلٍ آخَرَ وَقَالَ أَشْهَبُ يُقْبَلُ قَوْلُهَا لِأَنَّهَا إِحْدَى الْأَبَوَيْنِ وَإِنْ قَالَتْ مِنْ زِنًا حَتَّى يُعْلَمَ كَذِبُهَا لِمَا فِي الْبُخَارِيِّ عَنْ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّ الذِّئْبَ عَدَا عَلَى صَبِيٍّ لِامْرَأَةٍ فَادَّعَتْ أَنَّ ابْنَ الْمَرْأَةِ الَّتِي مَعَهَا ابْنهَا فتداعياه لِسُلَيْمَان فَأمر أَن يقسم بَينهمَا يسكن فَقَالَتْ أُمُّهُ لَا

تَفْعَلُ سَلَّمَتُ لَهَا فَقَضَى بِهِ لِلْمَانِعَةِ مِنْ قِسْمَتِهِ لِأَنَّ الشَّفَقَةَ عَلَيْهِ وُجِدَتْ مِنْهَا دُونَ الْأُخْرَى وَكَانَ دَاوُود عَلَيْهِ السَّلَامُ قَضَى بِهِ قَبْلَهُ لِلْأُخْرَى فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَرْأَةِ الِاسْتِلْحَاقُ لَمَا قُضِيَ بِالصَّبِيِّ لِمُدَّعِيَتِهِ مِنْهُمَا أَوْ لِلْأُولَى وَأَخَّرَ الْأُخْرَى وَقَالَ مُحَمَّدٌ تُصَدَّقُ فِي الزِّنَى وَتُحَدُّ وَأَمَّا مَنْ لَهَا زَوْجٌ فَلَا إِلَّا أَنْ تَدْعِيَهُ فَيُلْحَقُ بهَا وَقَالَ صَاحِبُ الْإشْرَافِ وَالْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ سَوَاءٌ فِي دَعْوَى نَسَبِ اللَّقِيطِ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح يُقَدَّمُ الْمُسْلِمُ عَلَى الذِّمِّيِّ وَالْحُرُّ عَلَى الْعَبْدِ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ تَنَازَعَا فِي الْحَضَانَةِ لَمَا عَلَى اللَّقِيطِ فِي ذَلِكَ مِنَ الْغَرَرِ فَكَانَ إِلْحَاقُهُ بِالْمُسْلِمِ وَالْحُرِّ أَوْلَى وَجَوَابُهُ الْفَرْقُ أَنَّ الْحَضَانَةَ وِلَايَةٌ يُخْشَى عَلَى اللَّقِيطِ فِيهَا مِنْ تَعْيِينِ الدِّينِ وَسُوءِ الْحَالِ بِخِلَافِ النِّسَبِ وَأَمَّا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَوِ انْفَرَدَ صَحَّتْ دَعْوَاهُ فَإِذَا اجْتَمَعَا اسْتَوَيَا كَالْأَحْرَارِ الْمُسْلِمِينَ وَلِأَنَّهُ سَاوَى الْمُسْلِمَ فِي لُحُوقِ النَّسَبِ فَيُسَاوِيهِ فِي الْمُنَازَعَةِ قِيَاسًا لِلْفَرْعِ الَّذِي هُوَ الْمُنَازَعَةُ عَلَى الْأَصْلِ الَّذِي هُوَ النَّسَبُ الحكم الثَّالِثُ حُرِّيَّتُهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ عَلَى الْحُرِّيَّةِ لَا يُقْبَلُ فِيهِ دَعْوَى الرِّقِّ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ وَلَا يُقْبَلُ إِقْرَارُهُ هُوَ عَلَى نَفْسِهِ بِالرِّقِّ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرِقَّ نَفْسَهُ لَمْ يَخْتَلِفْ فِي ذَلِكَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَقَالَهُ الْأَئِمَّة أَن الْأَصْلَ فِي النَّاسِ الْحَرِيَّةُ وَإِنَّمَا يَطْرَأُ عَلَيْهِمُ الرِّقُّ بِجَرِيرَةِ الْكُفْرِ وَقَالَهُ عُمَرُ وَقَالَهُ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَتَلَا قَوْله تَعَالَى {وَشَرَوْهُ بِثمن بخس دَرَاهِم مَعْدُودَة} وَجْهُ الْحُجَّةِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ رَقِيقًا لِمُلْتَقِطِهِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ لَمَا احْتَاجُوا إِلَى شِرَائِهِ وَلِأَنَّهُ إِنْ كَانَ ابْنَ أَمَةٍ فَهُوَ لِسَيِّدِهَا أَو ابْن أم ولد أز ابْنَ حُرَّيْنِ فَهُوَ حُرٌّ فَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ هُوَ رَقِيقٌ لِمُلْتَقِطِهِ بِغَيْرِ سَبَبِ مِلْكٍ وَالِالْتِقَاطُ إِنَّمَا هُوَ لِلْحِفْظِ دُونَ نَقْلِ الْأَمْلَاكِ الحكم الرَّابِع جِنَايَته وَفِي الْجَوَاهِر أرش خطأه فِي بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّ مِيرَاثَهُ لَهُ وَإِنْ جُنِيَ عَلَيْهِ فَالْأَرْشُ كَسَائِرِ الْأَحْرَارِ وَبِذَلِكَ قَالَ الْأَئِمَّة

(كتاب الوديعة)

(كتاب الْوَدِيعَة) وَفِيهِ مُقَدِّمَةٌ وَأَرْبَعَةُ أَرْكَانٍ الْمُقَدِّمَةُ فِي اشْتِقَاقِهِ وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْوَدْعِ وَهُوَ التَّرْكُ وَمِنْهُ قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَدِدْتُ أَنْ أُخَالِفَ إِلَى بُيُوتِ أَقْوَامٍ فَأَضْرِمُ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ نَارًا لِوَدْعِهُمُ الْجَمَاعَةَ أَيْ لِتَرْكِهِمُ الْجَمَاعَةَ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قلا} أَيْ مَا تَرَكَ عَادَةَ إِحْسَانِهِ فِي الْوَحْيِ إِلَيْكَ لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ ادَّعَوْا ذَلِكَ لَمَّا تَأَخَّرَ عَنهُ الْوَحْي وَمن خَصَائِصه هَذَا الْمَصْدَرِ أَنَّ الْعَرَبَ لَمْ تَسْتَعْمِلْ فِعْلَهُ ماضي اسْتِغْنَاءً بِ تَرَكَ فَتَقُولُ تَرَكَ وَلَا يَقُولُونَ وَدَعَ إِلَّا شَاذًّا وَلَمَّا كَانَ الْمُودِعُ يَتْرُكُ لَك مَا لَهُ عنْدك عِنْده سُمِّيَ وَدِيعَةً وَقِيلَ هِيَ مِنَ الدَّعَةِ وَهِيَ مِنَ السُّكُونِ وَخَوْضِ الْعَيْشِ لِأَنَّ الْمَالَ سَاكِنٌ عِنْدَ الْمُودَعِ وَالْأَوَّلُ الصَّحِيحُ لِظُهُورِ الْوَاوِ فِي أَولهَا وَالْوَاو فِي ودع مُخَفّفَة وَهِي فعلية بِمَعْنى مفعولة بِنَحْوِ قَتِيلَةٍ بِمَعْنَى مَقْتُولَةٍ وَجَرِيحَةٍ بِمَعْنَى مَجْرُوحَةٍ لَا مِنْ بَابِ رَحِيمَةٍ بِمَعْنَى رَاحِمَةٍ وَلَا بِمَعْنَى عَلِيمَةٍ بِمَعْنَى عَالِمَةٍ وَفَعِيلٌ أَبَدًا شَأْنُهُ التَّرَدُّدُ بَيْنَ فَاعِلٍ وَمَفْعُولٍ وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ أَحَدُهُمَا بِخُصُوصِ الْمَادَّة الَّتِي وَقع الْكَلَام فِيهَا

الرُّكْنُ الْأَوَّلُ فِي الْإِيدَاعِ وَفِي الْجَوَاهِرِ اسْتِنَابَةٌ فِي حِفْظِ الْمَالِ وَهُوَ عَقْدُ أَمَانَةٍ إِجْمَاعًا لِأَنَّ الْقَبْضَ فِيهِ لِمَصْلَحَةِ الدَّافِعِ عَكْسُهُ الْقَرْضُ وَالْمُرَكَّبُ مِنْهُمَا الرَّهْنُ لَا جَرَمَ لَمْ يَخْتَلِفْ فِي الطَّرَفَيْنِ وَاخْتَلَفَ فِي الضَّمَانِ فِي الْمُرَكَّبِ وَهُوَ عَقْدٌ جَائِزٌ مِنَ الْجِهَتَيْنِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ نَظَائِرُ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ الْعُقُودُ الْجَائِزَةُ خَمْسَةٌ الْوكَالَة والجعالة والمغارسة والتحكيم والقراض مذكران وَالثَّلَاثَة مُؤَنَّثَاتٌ وَيَكُونُ هَذَا سَادِسَهَا وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْإِيدَاعَ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ لِمَنْ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ الْأَمَانَةَ وَلَمْ يَكُنْ الْمَالُ يُخَافُ عَلَيْهِ وَيَكُونُ مَنْدُوبًا على الْكِفَايَة وكالأذان وَالْإِقَامَةِ وَسُنَنِ تَجْهِيزِ الْأَمْوَاتِ وَوَاجِبٌ عِنْدَ الْخَوْفِ عَلَى الْمَالِ عِنْدَ رَبِّهِ مِنْ ظَالِمٍ وَغَيْرِهِ فَيَكُونُ حِينَئِذٍ صَوْنُهُ فَرْضًا عَلَى الْكِفَايَةِ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ فِي فَصْلِ النّذر وَالْوُجُوبِ لِأَنَّ صَوْنَ المَال وَاجِبا إِجْمَاعًا كَالنُّفُوسِ قَالَهُ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ الْإِيدَاعُ غَيْرُ وَاجِبٍ وَجَدْتَ مَنْ يُودِعُ لَكَ أَمْ لَا وَيَنْتَفِي لُزُومُهُ إِذَا لَمْ يجد عَلَى تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ إِذَا دعيت وَلَيْسَ فِي الْبَلَد غَيْرك من يَرَى وُجُوبَهُ وَجَدَ مَنْ شَهِدَ أَمْ لَا قَالَ صَاحِبُ الْإِشْرَافِ إِنْ أَوْدَعْتَ بِشَرْطِ الضَّمَانِ لَا يضمن وَقَالَ الْأَئِمَّةُ خِلَافًا لِلْعَنْبَرِيِّ لِأَنَّهُ خِلَافُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ فَلَا يَلْزَمُ كَسَائِرِ الشُّرُوطِ وَقَالَ ش يَفْتَقِرُ لِلْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ كَالْوَكَالَةِ وَأَصْلُنَا يَقْتَضِي عَدَمَ الِاشْتِرَاطِ فِيهِمَا كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْبَيْعِ وَأَصْلُهُ الْكِتَابُ وَالسّنة وَالْإِجْمَاع وَأما الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهلهَا} وَالسّنة قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أد الْأَمَانَات

لِمَنِ ائْتَمَنَكَ وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ وَكَانَتْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَدَائِعُ تَرَكَهَا عِنْدَ أُمِّ أَيْمَنَ لَمَّا هَاجَرَ وَأَمَرَ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ يُؤَدِّيَهَا لِأَرْبَابِهَا وَأَجْمَعَتْ الْأَئِمَّةُ فِي جَمِيعِ الْأَمْصَارِ وَالْأَعْصَارِ عَلَى حُسْنِ الْإِيدَاعِ قَاعِدَةٌ الْعُقُودُ قِسْمَانِ مِنْهَا مَا ترَتّب مَصْلَحَتُهُ عَلَى مُجَرَّدِ الْعَقْدِ فَيَكُونُ شَأْنُهُ اللُّزُومَ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ فَإِنَّ مَصْلَحَتَهُ انْتِقَالُ الْمِلْكِ وَقَدْ حَصَلَ وَمِنْهَا مَا لَا تَتَرَتَّبُ مَصْلَحَتُهُ عَلَى مُجَرّد العقد كالحعالة فَإِنَّ مَصْلَحَتَهَا وَمَقْصُودَهَا حُصُولُ الْمَجْعُولِ عَلَيْهِ وَهُوَ غَيْرُ مُتَحَصِّلٍ عِنْدَ الْعَقْدِ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِ وَكَذَلِكَ نَظَائِرُهَا فَكَانَتْ عَلَى الْجَوَازِ ثُمَّ تَرِدُ نُقُوضٌ تَنْدَفِعُ بِالْفُرُوقِ الْفِقْهِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي مَوَاضِعِهَا وَأَصْلُ الْقَاعِدَةِ وَسِرِّهَا مَا تَقَدَّمَ تَنْبِيهٌ الْجَوَازُ فِي اصْطِلَاحِ الْعُلَمَاءِ لَهُ مَعْنَيَانِ أَحَدُهُمَا نَفْيُ الْحَرَجِ عَنِ الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ وَهُوَ الْإِبَاحَةُ وَهُوَ الَّذِي يكثر اسْتِعْمَاله وَثَانِيهمَا يُمكن كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ مِنْ فَسْخِ الْعَقْدِ شَرْعًا وَلَا يُمْكِنُ تَفْسِيرُهُ بِالْإِبَاحَةِ وَإِلَّا امْتَنَعَ جَعْلُ الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَغَيْرِهِمَا قَسِيمًا لِلْعُقُودِ الْجَائِزَةِ السِّتَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ لِأَنَّهَا مُبَاحَةٌ فَكَانَ التَّفْسِيرُ يَعُمُّ فَتعين أَنْ يَكُونَ لَفْظُ الْجَوَازِ فِي الِاصْطِلَاحِ مُشْتَرَكًا الرُّكْنُ الثَّانِي الْمُودِعُ فِي الْجَوَاهِرِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ إِلَّا أَهْلِيَّة التَّوَكُّل فَإِنَّ الْبَرَّ وَالْفَاجِرَ لَهُ أَنْ يُودِعَ غَيْرَ أَن الْمَحْجُور عَلَيْهِ لَا يتَصَرَّف بِمَال فَلَا يودع وَقَالَ الْأَئِمَّة وَقَالَ ش وَابْن حَنْبَل إِن أَوْدَعَكَ صَبِيٌّ أَوْ مَعْتُوهٌ لَمْ تَبْرَأْ إِلَّا بَعْدَ الدَّفْعِ لِلْوَلِيِّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُتَّفقا عَلَيْهِ

الرُّكْنُ الثَّالِثُ عَاقِدُهُ فِي الْجَوَاهِرِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ إِلَّا أَهْلِيَّةُ التَّوْكِيلِ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ عَلَى الْحِفْظِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ ذَا مَحْرَمٍ إِذَا كَانَتِ الْوَدِيعَةُ امْرَأَةً إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَأْمُونًا أَوِ امْرَأَةً لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يخلون رجل بأمرة لَيْسَ بَيته وَبَيْنَهَا مَحْرَمٌ وَأَجَازَ مَالِكٌ لِمَنِ ادَّعَى أَمَةً وَأَقَامَ شَاهِدًا أَوْ لَطْخًا وَوَضَعَ الْقِيمَةَ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا إِذَا كَانَ مَأْمُونًا وَمَنَعَهُ أَصْبَغُ وَهُوَ أَصْوَبُ لِلْحَدِيثِ وَلِأَنَّ الْخَوْفَ عَلَيْهَا مِنَ الْمُدَّعِي أَشَدُّ لِأَنَّهُ يَقُولُ هِيَ أَمَتِي أَسْتَبِيحُهَا إِذَا غَابَ عَلَيْهَا وَفِي هَذَا الرُّكْنِ ثَلَاثَةُ فُرُوعٍ الْفَرْعُ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَوْدَعْتَ صَغِيرًا بِإِذْنِ أَهْلِهِ أَمْ لَا لَمْ يَضْمَنْ كَمَا لَوْ بِعْتَهُ سِلْعَةً فَأَتْلَفَهَا لَا يَبِيعُهُ بِثَمَنٍ وَلَا قِيمَةٍ وَلَوِ اشْتَرَيْتَ مِنْهُ وَدَفَعْتَ الثَّمَنَ إِلَيْهِ فَأَتْلَفَهُ ضَمِنْتَ السِّلْعَةَ وَلَا يَضْمَنُ الثَّمَنَ وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ لَا يَضْمَنُ الصَّبِيُّ الْوَدِيعَةَ إِلَّا إِنْ أَتْلَفَهَا بِنَفْسِهِ وَكَذَلِكَ الْمَعْتُوهُ وَوَافَقَنَا ح لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى الْبَهِيمَةِ وَلِأَنَّكَ سَلَّطْتَهُ عَلَى الْإِتْلَافِ فَهُوَ كَالْإِذْنِ فَلَا يَضْمَنُ كَالْبَالِغِ احْتَجُّوا بِأَنَّكَ سَلَّطْتَهُ عَلَى الْحِفْظِ وَلَمْ تُسَلِّطْهُ عَلَى الْإِتْلَافِ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَوْدَعْتَ عِنْدَ خَائِنٍ تَعْلَمُ خِيَانَتَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ إِجْمَاعًا فَكَذَلِك هَا هُنَا وَالْجَوَاب عَن الأول إِن علم الْمُودع بِحَال يتنزل منزله الاكر كَذَا كَمَا أَنَّ مَنْ قَدَّمَ حَيَوَانًا لِلسِّبَاعِ يُضَمِّنُهَا إِيَّاهُ لِأَنَّ عِلْمَهُ بِحَالِ السَّبْعِ تَسْلِيطٌ وَعَنِ الثَّانِي أَن الْجَائِز مُتَوَقَّعٌ فِي حَقِّهِ الْوَازِعُ الشَّرْعِيُّ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ الْفَرْعُ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِذَا أَوْدَعْتَ عَبْدًا مَحْجُورًا عَلَيْهِ فَأَتْلَفَهَا فَهِيَ فِي ذِمَّتِهِ إِنْ عتق

يَوْمًا لِأَنَّهُ لم يحِق كَذَا لِتَسْلِيطِكَ عَلَيْهَا فَيَكُونُ كَالدَّيْنِ فِي الذِّمَّةِ إِلَّا أَنْ يَفْسَخَهَا عَنْهُ السَّيِّدُ فِي الرِّقِّ وَذَلِكَ لَهُ لِأَنَّهُ عَيْبٌ وَإِذَا أَسْقَطْتَهُ سَقَطَ فِي رِقِّهِ وَبَعُدَ عِتْقُهُ وَإِلَّا لَبَقِيَ الْعَبْدُ وَمَا أَتْلَفَهُ الْمَأْذُونُ لَهُ مِنْ وَدِيعَةٍ فَفِي ذِمَّتِهِ لَا فِي رَقَبَتِهِ لِأَنَّكَ مُتَطَوِّعٌ بِالْإِيدَاعِ وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ إِسْقَاطُ ذَلِكَ عَنْهُ لِأَنَّهُ عَرَّضَهُ لِذَلِكَ بِالْإِذْنِ وَكَذَلِكَ مَا أفْسدهُ العَبْد الصَّانِع والمأذون لَهُ فِي الصِّنَاعَةِ مِمَّا دُفِعَ إِلَيْهِ لِيَعْمَلَهُ أَو يَبِيعهُ وَكَذَلِكَ مَا أئتمن عَلَيْهِ أَوِ اسْتَسْلَفَهُ فَهُوَ فِي ذِمَّتِهِ لَا فِي رَقَبَتِهِ وَلَا فِيمَا بِيَدِهِ مِنْ مَالِ السَّيِّد وَلَيْسَ لسَيِّد فَسْخُ ذَلِكَ عَنْهُ لِأَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِيمَا تُتَوَقَّعُ فِيهِ هَذِهِ الْأُمُورُ وَمَا قَبَضَهُ الْعَبْدُ وَالْمُكَاتَبُ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرُ مِنْ وَدِيعَةٍ بِإِذْنِ السَّيِّدِ فَأَهْلَكُوهَا فَفِي ذِمَّتِهِمْ لَا فِي رِقَابِهِمْ كَالْمَأْذُونِ وَبِخِلَافِ قَبْضِ الصَّبِيِّ الْوَدِيعَةَ بِإِذْنِ أَبِيهِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَلَا يَنْبَغِي ذَلِكَ لِأَبِيهِ قَالَ التُّونِسِيُّ لَا يَضْمَنُ الصَّبِيُّ وَكَذَلِكَ السَّفِيهُ أَذِنَ وَلَيُّهُ أَمْ لَا لِأَنَّكَ سَلَّطْتَهُ عَلَى ذَلِكَ وَاخْتُلِفَ إِذَا كَانَ الْعَبْدُ هُوَ الَّذِي أَدْخَلَ نَفْسَهُ فِي ذَلِكَ وَصَدَّقْتَهُ كَقَوْلِهِ سَيِّدِي أَمَرَنِي أَنِ أَسْتَعِيرَ مِنْكَ فَصَدَّقْتَهُ وَدَفَعْتَ إِلَيْهِ فَأَنْكَرَ سَيِّدُهُ فَقَالَ لِلسَّيِّدِ إِسْقَاطُهُ بَعْدَ يَمِينِهِ أَنه مَا بَعثه وَهُوَ لأشبه لِأَنَّ الْعَبْدَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَعِيبَ نَفْسَهُ بِكَذِبِهِ وَعُدْوَانِهِ وَأَنْتَ أَتَلَفْتَ مَتَاعَكَ بِتَصْدِيقِهِ وَقِيلَ هُوَ دَيْنٌ فِي ذِمَّتِهِ وَلَا يُسْقِطُهُ وَأَمَّا مَا تَعَدَّى عَلَيْهِ الْعَبْدُ وَالصَّبِيُّ فَيُتْبَعُونَ بِهِ وَكُلُّ مَا لَزِمَ رَقَبَةَ الْعَبْدِ لَزِمَ ذِمَّةَ الصَّبِيِّ وَاخْتُلِفَ فِي الْأَمَةِ الْمُشْتَرِكَةِ بَيْنَ حُرٍّ وَعَبْدٍ فَيَطَأَهَا الْعَبْدُ فَقِيلَ جِنَايَةٌ فِي رَقَبَتِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي ذَلِكَ وَقِيلَ لَيْسَ بِجِنَايَةٍ لِأَنَّهُ كَالْمَأْذُونِ لَهُ فِي ذَلِكَ لِشَرِكَةِ الْحُرِّ إِيَّاهُ وَفَرَّقَ أَشْهَبُ فِي الْمَأْذُونِ لَهُ بَيْنَ الْوَغْدِ فَلَا يَكُونُ الْإِذْنُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ إِذْنًا لَهُ فِي الْإِيدَاعِ وَلِسَيِّدِهِ فَسْخُ ذَلِكَ مِنْ ذِمَّتِهِ وَبَيْنَ ذِي الْهَيْئَةِ فَلَا يَقْدِرُ السَّيِّدُ عَلَى فَسْخِ ذَلِكَ مِنْ ذِمَّتِهِ وَالْمَحْجُورُ إِذَا كَانَ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي بِغَيْرِ إِذن فكالمأذون لَهُ فِي ذَلِك وَأَخذه الْوَدَاع عَن ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ أَسْلَفْتَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ ذَهَبًا عَلَى عَمَلٍ فَأَفْلَسَ لَزِمَ ذَلِكَ الْعَبْدُ فِي ذِمَّتِهِ وَخَرَاجِهِ إِنْ أُذِنَ لَهُ فِي الْمُعَامَلَاتِ وَإِنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ إِلَّا فِي عَمَلِ الصَّنْعَةِ فَقَطْ وَالسَّلَفُ كَثِيرٌ فَفِي ذِمَّتِهِ لَا فِي خَرَاجِهِ أَوْ يَسِيرًا

فَفِي ذِمَّتِهِ وَخَرَاجِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي الْعُتْبِيَّة إِذا أَرَادَت إِيدَاعَهُ فَقَالَ لَهُ أَوْدِعْ عَبْدِي فَفَعَلْتَ فَاسْتَهْلَكَهَا الْعَبْدُ فَهِيَ فِي ذِمَّتِهِ وَإِنْ غَرَّهُ السَّيِّدُ فِي الْعَبْدِ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْعَبْدِ بِكُلِّ حَالٍ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَلَا يَكُونُ فِي ذِمَّتِهِ بِإِقْرَارِهِ أَنَّهُ اسْتَهْلَكَهَا حَتَّى تَقُومَ بَيِّنَةٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ لَا يَنْبَغِي إِيدَاعُ الصَّبِيِّ وَلَا السَّفِيهِ لِأَنَّهُ تَعْرِيضُ الْمَالِ لِلضَّيَاعِ وَلَا يُتْبَعَانِ بِإِتْلَافِهِمَا إِلَّا أَنْ يُنْفِقَا ذَلِكَ فِيمَا لَا لَهُ غنى مَا عَنْهُ وَلَهُمَا مَالٌ فَيَتْبَعَانِ فِي ذَلِكَ الْمَالِ ثُمَّ أَفَادَ غَيْرُهُ لَمْ يَتَعَاقَبْهُ وَوَافَقَنَا ابْنُ حَنْبَل فِي الْقِنّ وَقَالَ ش وح مَا ضَيَّعَ الصَّبِيُّ وَالْعَبْدُ مِنَ الْوَدَائِعِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا فَإِنْ أَتْلَفَاهَا لَمْ يُضَمَّنَا عِنْدَ ح وَنَقْضُ أَصْلِهِ لِقَوْلِهِ إِذَا أَوْدَعَ الصَّبِيُّ عَبْدًا أَوْ أَمَةً فَقَتَلَهُمَا ضَمِنَهُمَا وَضَمَّنَ ش الْعَبْدَ وَالصَّبِيَّ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ أَنَّ هَذَا الْإِيدَاعَ تَسْلِيطٌ عَلَى الْإِتْلَافِ أَمْ لَا فَعِنْدَ ش هَذَا الْإِيدَاع ملغى فَكَأَنَّهَا حتما كَذَا عَلَى الْمَالِ ابْتِدَاءً لَنَا أَنَّ التَّضْيِيعَ مَعْلُومٌ مِنَ الصَّبِيِّ فَصَاحِبُ الْمَالِ هُوَ الْمُهْلِكُ لِمَالِهِ فَلَا يَضْمَنُ وَأَوْرَدُوا عَلَى هَذَا أَنَّهُ لَمْ يَنْتَقِضْ بِمَا إِذَا أُودِعَ عَبْدٌ مَعْلُومُ الْجِنَايَةِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَقِيَاسًا عَلَى مَا إِذَا لَفَتَ من كَذَا الصَّبِيُّ فَأُتْلِفَ لَا يَضْمَنُ وَكَذَلِكَ لَوِ اشْتَرَيْتَ مِنْهُ وَدَفَعْتَ لَهُ الثَّمَنَ وَأَجَابُوا بِأَنَّ عَقْدَ الْمُعَارضَة تَقْتَضِي التَّسْلِيطَ عَلَى الْعِوَضِ بِخِلَافِ الْإِيدَاعِ وَلِأَنَّا لَوْ ضَمَّنَا لَكَ لَرَجَعَ عَلَيْكَ لِأَنَّكَ الَّذِي سَلَّطَهُ فَلَا يُفِيدُ التَّضْمِينُ شَيْئًا وَقِيَاسًا عَلَى الْعَرَضِ احْتَجُّوا بِالْقِيَاسِ عَلَى الْمَأْذُونِ وَالْمُكَاتَبِ وَجَوَابُهُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْعَبْدَ لَيْسَ مَظِنَّةَ الْإِتْلَافِ الْفَرْعُ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَوْدَعْتَهُمَا أَوْ أَبَضَعْتَهُمَا فَلْيَكُنْ الْمَالُ عِنْدَ أَعْدَلِهِمَا كَالْمَالِ عِنْدَ الْوَصِيَّيْنِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْوَصِيَّيْنِ عَدْلٌ خَلَعَهُمَا السُّلْطَانُ وَوُضِعَ عِنْدَ غَيْرِهِمَا فِي التَّنْبِيهَاتِ لَوِ اقْتَسَمَاهَا لَمْ يُضَمَّنَاهَا فِي ظَاهِرِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْخَلْعُ عِنْدَ عَدَمِ

الْعَدَالَةِ مُخْتَصٌّ بِالْوَصِيَّيْنِ لِأَنَّ الْإِيدَاعَ مَشْرُوعٌ عِنْدَ الْبَرِّ وَالْفَاجِرِ وَلَا يُوصِي الْفَاجِرُ وَقَالَ الْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ هُمَا بِخِلَافِ الْوَصِيَّيْنِ لَا يَكُونُ عِنْدَ أَحَدِهِمَا وَلَا يُنْزَعُ مِنْهُمَا وَلَا يَقْتَسِمَانِهِ وَيَجْعَلَانِهِ حَيْثُ يَثِقَانِ وَأَيَادِيهُمَا فِيهِ وَاحِدَةٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ فِي الْبِضَاعَةِ إِنِ اقْتَسَمَاهَا أَوْ كَانَتْ عِنْدَ أَدْنَاهُمَا عَدَالَةٌ مَا لَمْ يَكُنْ بَيِّنَ الْفُجُورِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَالَ يَحْيَى وَلَا يَضْمَنُ الْوَصِيَّانِ إِذَا اقْتَسَمَا وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَضْمَنُ كُلُّ وَصِيٍّ مَا سُلِّمَ بِالتَّسْلِيمِ وَمَا صَارَ بِيَدِهِ يَدْفَعُ يَدَ الْآخَرِ عَنْهُ وَلَمْ يَرْضَهَا الْمُوصِي إِلَّا جَمِيعًا الرُّكْنُ الرَّابِعُ الشَّيْءُ الْمُودَعُ وَلَهُ عَاقِبَتَانِ فِي الِاتِّفَاقِ عَلَى الْبَقَاءِ وَفِي الْجَوَاهِرِ الرَّدُّ وَاجِبٌ مَهْمَا طَلَبَ الْمَالِكُ وَانْتَفَى الْغَرَرُ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُرُوعٍ الْفَرْعُ الْأَوَّلُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا اعْتَذَرَ عَنِ الدَّفْعِ لَكَ بِالرُّكُوبِ إِلَى مَوْضِعِ كَذَا فَلَمْ يَقْبَلْ عُذْرَهُ فَحَلَفَ لَا يُعْطِيكَهَا هَذِهِ اللَّيْلَةَ وَادَّعَى مِنَ الْغَد ضياعها قَالَ امْتِنَاعه ضَمَان لِأَنَّهُ أقربها وَإِنْ قَالَ لَا أَدْرِي مَتَى ذَهَبَتْ حَلَفَ وَلَا يَضْمَنُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَصْبَغُ وَيَحْلِفُ مَا عَلِمَ بِذَهَابِهَا حِينَ مَنْعِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ قَالَ ذَهَبَتْ بَعْدَ امْتِنَاعِي ضَمِنَهَا لِمَنْعِكَ إِيَّاهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ عُذْرٌ يَتَضَرَّرُ مَعَهُ بِمُرَافَقَتِكَ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يَضْمَنُ كَانَ لَهُ شُغْلٌ أَمْ لَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي يَدَيْهِ أَوْ عِنْدَ بَابِهِ وَلَيْسَ فِيهِ فَتْحٌ وَلَا غَلْقٌ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِذَا قَالَ مِنَ الْغَدِ تَلَفْتُ قَبْلَ امْتِنَاعِي أَوْ بَعْدَهُ لَمْ يَضْمَنْ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَا أَدْفَعُهَا إِلَّا بِالسُّلْطَانِ فَتَرَافَعْتُمَا إِلَيْهِ فَضَاعَتْ فِي خِلَالِ ذَلِكَ فَلَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ قَدْ يَخَافُ شَغَبَكَ وَقَدْ يَعُوقُ النَّاسَ عَائِقٌ وَقَدْ يَثْقُلُ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ فِي وَقْتٍ وَالْمُودِعُ إِنَّمَا دَخَلَ عَلَى الْحِفْظِ وَالتَّسْلِيمِ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَوَائِدُ وَيَرُدُّ النَّاسُ مِثْلَ هَذَا مِنْ شَغْلِ وَكِيلٍ وَمَا يَعْذُرُونَ بِهِ وَقَالَ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ مَتَى أَخَّرَ عَنِ الْقُدْرَةِ عَلَى الدَّفْعِ أَخَّرَ لَهُ عَنِ الْحِفْظِ بِالطَّلَبِ وَالرَّدُّ وَاجِبٌ إِجْمَاعًا وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِذَا

قَالَ أَنَا مَشْغُولٌ إِلَى حَدٍّ فَقَالَ فِي غَدٍ قَبْلَ مَجِيئِكَ الْأَوَّلِ أَوْ بَعْدُ فَلَا يَضْمَنُ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا امْتَنَعَ إِلَّا بِقَضَاءِ السُّلْطَانِ فَيُقْضَى عَلَيْهِ بِالدَّفْعِ فَهَلَكَتْ قَبْلَ الْقَضِيَّةِ وَبَعْدَ الطَّلَبِ فَإِنْ دَفَعْتَ إِلَيْهِ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ ضَمِنَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَنْ طَلَبْتَ مِنْهُ وَدِيعَةً فَقَالَ ضَاعَتْ مِنْ سِنِينَ وَكُنْتُ أَرْجُو أَنْ آخُذَهَا وَلَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ هَذَا وَصَاحِبُهَا حَاضِرٌ يُصَدَّقُ وَلَا يُضَمَّنُ لِأَنَّهُ أَمْرٌ مُحْتَمَلٌ وَهُوَ أَمِينٌ إِلَّا أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ فَيُقِرُّ بِهَا عِنْدَهُ ثُمَّ يَدَّعِي الضَّمَانَ قَبْلَ ذَلِكَ فَيَضْمَنُ وَكَذَلِكَ الْقِرَاضُ وَقَالَ أَصْبَغُ إِذَا لَمْ يُعْرَفْ مِنْهُ طَلَبٌ لَهَا وَلَا ذِكْرٌ لِصَاحِبِهَا وَلَا لِغَيْرِهِ لِأَنَّ عَادَةَ النَّاسِ ذِكْرُ مِثْلِهَا فَيُتَّهَمُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ أَصْحَابُنَا يَقُولُونَ إِنْ سَمِعَ مِنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ الْوَقْتِ سَمِعَ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا قَالَ وَأَنَا أَرَى أَنْ يَحْلِفَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ الْفَرْعُ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِذَا لَمْ تَعْلَمْ مَوْضِعَ الَّذِي أَوْدَعَكَ أَحْيٌ هُوَ أَوْ مَيِّتٌ وَلَا وَارِثَ لَهُ يُسْتَأْنَى بِهَا فَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ وَأَيِسْتَ مِنْهُ فَتَصَدَّقْتَ بِهَا عَنْهُ لِيَتَحَصَّلَ لَهُ ثَوَابُهَا فَيَحْفَظُ عَلَيْهِ مِلْكَهُ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ إِمَّا هُوَ أَوْ بَدَلُهُ الَّذِي هُوَ الثَّوَابُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ وَيَضْمَنُهَا لَهُ إِذَا جَاءَ الْفَرْعُ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَوْدَعَكَ عَبْدًا أَوْ مَأْذُونا أَو غير مَأْذُون ثمَّ غَابَ فسيده أَخْذُ الْوَدِيعَةِ كَمَا لَهُ أَخْذُ مَالِ الْعَبْدِ مِنْهُ وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ إِنِ ادَّعَيْتَ مَتَاعًا بِيَدِ عَبْدٍ غَيْرِ مَأْذُونٍ وَصَدَّقَكَ الْعَبْدُ وَقَالَ هُوَ بِيَدِ عَبْدِي لَا أَدْرِي هَلْ لَكَ فِيهِ شَيْءٌ أَمْ لَا فَهُوَ لِلْعَبْدِ لِظَاهِرِ يَدِهِ وَلَا يَمِينَ عَلَى السَّيِّدِ لِعَدَمِ دَعْوَاهُ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى السَّيِّدِ أَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَكَ فَيَحْلِفُ عَلَى عِلْمِهِ قَالَ مَالِكٌ وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ مَأْذُونًا صَدَقَ كَإِقْرَارِهِ بِالدّينِ

(الفصل الثاني في النزاع في الوديعة)

(الْفَصْلُ الثَّانِي فِي النِّزَاعِ فِي الْوَدِيعَةِ) وَفِيهِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةً الْأُولَى فِي الْكِتَابِ يَصْدُقُ فِي رَدِّ الْوَدِيعَةِ وَالْقِرَاضِ إِلَيْكَ إِلَّا أَنْ يَقْبِضَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ فَلَا يَبْرَأُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ وَلَوْ قَبَضَ بِبَيِّنَةٍ صُدِّقَ فِي الضَّيَاعِ وَالسَّرِقَةِ لِأَنَّ الْإِشْهَادَ عَلَيْهِ مُتَعَذَّرٌ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ يُصَدَّقُ وَإِنْ قَبَضَ بِبَيِّنَةٍ لَنَا أَنَّهُ لَمَّا أَشْهَدْ عَلَيْهِ فَقَدْ جَعَلَهُ أَمِينًا فِي الْحِفْظِ دُونَ الرَّدِّ فَقَدِ ادَّعَى مَا لَيْسَ أَمِينًا فِيهِ فَيَضْمَنُ وَلِأَنَّ الْغَالِبَ مِمَّنْ شَهِدَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ أَنَّهُ يَجْتَهِدُ فِي دَفْعِ تِلْكَ الشَّهَادَةِ عَنْهُ بِمَا يَدْفَعهَا بِحَيْثُ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ تَعَيَّنَتِ التُّهْمَةُ الْمُوجِبَةُ لِلضَّمَانِ وَلِأَنَّ أَصْلَ الْيَدِ الضَّمَانُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تَرُدَّهُ خَالَفْنَاهُ فِي مَوَانِعِ الْإِجْمَاعِ فَيَبْقَى عَلَى مُقْتَضَاهُ فِي صُوَرِ النِّزَاعِ وَلِأَنَّهُ لَوْلَا الضَّمَانُ حِينَئِذٍ لَانْتَفَتْ فَائِدَةُ الْإِشْهَادِ وَلَا يُقَالُ فَائِدَتُهُ تَعَذُّرُ الْجُحُودِ عَلَيْهِ لِأَنَّا نَقُولُ دَعْوَى الرَّدِّ يَقُومُ مَقَامَهُ احْتَجُّوا بِالْقِيَاسِ عَلَى صُورَةِ الْقَبْضِ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَلِأَنَّهُ غَيْرُ ضَامِنٍ ابْتِدَاءً عِنْدَ الْقَبْضِ فَلَا يَضْمَنُ انْتِهَاءَ عَمَلًا بِالِاسْتِصْحَابِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْقَبْضَ بِالْبَيِّنَةِ حَاثٌّ عَلَى الْإِشْهَادِ عِنْدَ الدَّفْعِ فِي مَجْرَى الْعَادَةِ فَلَمَّا خُولِفَتِ الْعَادَةُ اتُّهِمَ بِخِلَافِ الْقَبْضِ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ لَا ضَرُورَةَ تَدْعُوهُ لِلْإِشْهَادِ وَعَنِ الثَّانِي إِنَّ الِاسْتِصْحَابَ مُعَارَضٌ بِمَا ذَكَرْنَا مِنَ التُّهْمَةِ النَّاشِئَةِ عَنْ مُخَالَفَةِ الْعَادة

تَفْرِيعٌ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِذَا قَبَضَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَاتُّهِمَ حَلَفَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ نَكَلَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَضْمَنُ وَلَا تُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْمَالِكِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا اتَّهَمَهُ وَلَمْ يُحَقِّقْ مَا يَحْلِفُ عَلَيْهِ وَقَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ يَحْلِفُ عَلَى الرَّدِّ كَانَ مُتَّهَمًا أَمْ لَا بِخِلَافِ الضَّيَاعِ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ فِي الرَّدِّ يَدَّعِي تَيَقُّنَ كَذِبِ الْمَالِكِ وَفِي الضَّيَاعِ لَا عِلْمَ عِنْده وَلَوْ أَخَذَهَا بِحَضْرَةِ قَوْمٍ لَمْ يَقْصِدْ شَهَادَتَهُمْ عَلَيْهِ صُدِّقَ فِي الرَّدِّ بِخِلَافِ الْأَخْذِ بِبَيِّنَةِ وَكَذَلِكَ إِذَا أَقَرَّ بِهَا عِنْدَ بَيِّنَةٍ بِخِلَافِ مَنْ قَصَدَ الْإِشْهَادَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي تَنْبَعِثُ دَاعِيَتُهُ لِلْإِشْهَادِ عِنْدَ الرَّدِّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إِذَا قَبَضَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ يُصَدَّقُ فِي الرَّدِّ مَعَ يَمِينِهِ وَقَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَقَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ يُصَدَّقُ فِي الضَّيَاعِ وَالسَّرِقَةِ يُرِيدُ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يُتَّهَمَ قَالَهُ أَصْحَابُ مَالِكٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ قِيلَ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا تُهْمَةٌ وَهُوَ أَمِينٌ وَقِيلَ يَحْلِفُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عدلا يَحْلِفُ مُتَّهَمًا كَانَ أَمْ لَا لِأَنَّ النَّاسَ قَدْ اسْتَخَفُّوا التُّهَمَ وَتَغَيَّرَ حَالُهُمْ فَيَحْلِفُونَ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ إِلَّا الْمُبْرِزُ فِي الْخَيْرِ وَيَحْلِفُ مُدَّعِي الرَّدِّ وَقَدْ قَبَضَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ كَانَ مَأْمُونًا أَوْ غَيْرُهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ هَذَا يَدَّعِي عَلَيْهِ التَّحْقِيقَ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ يَتَّهِمُهُ إِلَّا أَنْ تَطُولَ الْمُدَّةُ بِحَيْثُ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُسْتَغْنَى عَنْ مَالِكٍ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ لِقِلَّةِ ذَاتِ يَدِكَ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ وَالْقَابِضُ بِبَيِّنَةٍ لَا يَبْرَأُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْإِشْهَادُ خَوْفَ الْمَوْتِ لِيَأْخُذَهَا مِنْ تَرِكَتِها أَوْ قَالَ الْمُودَعُ أَخَافُ أَنْ يَقُولَ هِيَ سَلَفٌ فاشْهَد أَنَّهَا وَدِيعَةٌ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا يعْلَمُ أَن الْمَقْصُود بِأَن غَيْر التَّوَثُّقِ مِنَ الْقَابِضِ فَيُصَدَّقُ فِي الرَّدِّ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ الثَّانِيَةُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَنْكَرَ الْمُرْسَلُ إِلَيْهِ وُصُولَ الْمَالِ إِلَيْهِ ضَمِنَ الرَّسُولُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى الدَّفْعِ قَبَضَ مِنْكَ بِبَيِّنَةٍ أَمْ لِأَنَّهُ مُفْرِطٌ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ عَدَمَ الْإِشْهَاد عَليّ

الدَّفْعِ لِأَنَّكَ أَمِنْتَهُ عَلَى الدَّفْعِ وَفِي الْأَوَّلِ إِنَّمَا أَمِنْتَهُ عَلَى الْحِفْظِ كَالْوَصِيِّ يُؤْمَنُ عَلَى الْإِنْفَاقِ دُونَ الدَّفْعِ وَقَابِضِ الْوَدِيعَةِ بِبَيِّنَةٍ وَقَالَ لَمْ أَجِدِ الْمُرْسَلَ إِلَيْهِ وَرَدَدْتُ الْمَالَ إِلَيْكَ لِأَنَّهُ ادَّعَى الدَّفْعَ لِمَنِ ائْتَمَنَهُ إِلَّا أَنْ يَقْبِضَهُ بِبَيِّنَةٍ فَلَا يَبْرَأُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ كَأَخْذِ الْوَدِيعَةِ وَإِذَا قَدِمَ الرَّسُولُ بَلَدَ الْمُرْسَلِ إِلَيْهِ فَمَاتَ بِهَا وَأَنْكَرَ الْمُرْسَلُ إِلَيْهِ الْأَخْذَ فَلَا شَيْءَ لَكَ فِي تَرِكَةِ الرَّسُولِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ لم يتَعَيَّن تفريطه وَيحلف من يجوز أَمْرهُ مِنَ الْوَرَثَةِ مَا يَعْلَمُ لِذَلِكَ شَيْئًا لِأَنَّهُمْ مُتَّهَمُونَ بِبَقَائِهَا فِي التَّرِكَةِ وَلَوْ مَاتَ قبل الْبَلَد وَلم تُوجد الْمَال أَخَذْتَهُ مِنْ تَرِكَتِهِ لِأَنَّ مَنْ مَاتَ وَلَمْ يُوصَ بِالْوَدَائِعِ أَوِ الْقِرَاضِ الَّتِي قِبَلَهُ لَمْ تُوجَدْ فِي تَرِكَتِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ وَيُحَاصَ بِهَا غُرَمَاؤُهُ لِتَفْرِيطِهِ فَإِنْ قَالَ هَذَا وَدِيعَةُ فُلَانٍ أَوْ قِرَاضُهُ صُدِّقَ إِلَّا أَنْ يُتَّهَمَ لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَا يُعْلَمُ إِلَّا مِنْ قِبَلِهِ وَهُوَ أَمِينٌ وَيَأْخُذُ ذَلِكَ مَنْ سُمِّي لَهُ فَإِنْ قَالَ دَفَعْتُهُ لِلْمُرْسَلِ إِلَيْهِ وَأَكْذَبَهُ الْمُرْسَلُ إِلَيْهِ وَكَانَ المَال إِلَيْهِ أم لَا كَذَا لَمْ يَبْرَأْ مِنْكَ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ لِتَفْرِيطِهِ فِي الْإِشْهَادِ وَهُوَ أَمِينٌ عَلَى الْحِفْظِ دُونَ التَّسْلِيمِ كَمَا تَقَدَّمَ وَكَذَلِكَ إِنْ أَمَرْتَهُ بِصَدَقَتِهِ عَلَى قَوْمٍ مُعَيَّنِينَ فَإِنْ صَدَّقَهُ بَعْضُهُمْ وَكَذَّبَهُ بَعْضُهُمْ ضَمِنَ حِصَّةَ الْمُكَذِّبِ أَوْ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنِينَ صَدَقَ مَعَ يَمِينِهِ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُعَيَّنِ لَا يَقْصِدُ الدَّافِعُ الْإِشْهَادَ مِنْ قِبَلِ رَسُولِهِ عَلَيْهِ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِ فَهُوَ أَمِينٌ فِي الْحِفْظِ وَالتَّسْلِيمِ مَعًا وَفِي التَّنْبِيهَاتِ إِذَا هَلَكَ بِبَلَدِ الْمُرْسَلِ إِلَيْهِ وَلَمْ يُوجَدِ الْمَبْعُوثُ بِهِ قَالَ أَشْهَبُ هُوَ ضَامِنٌ وَجَعَلَهُ أَكْثَرُهُمْ خِلَافًا وَتَأَول حمد يس الْكِتَابَ عَلَى مَا إِذَا تَطَاوَلَ فَإِنْ قَرُبَ ضَمِنَ وَكَذَلِكَ ضَمِنَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَفِي النُّكَتِ إِذَا اشْتَرَطَ الرَّسُولُ عَدَمَ الْإِشْهَادِ نَفَعَهُ وَإِنِ اشْتَرَطَ عَدَمَ الْيَمِينِ لَمْ يَنْفَعْهُ لِأَنَّ الْيَمِينَ لَا تَتَوَجَّهُ إِلَّا عِنْدَ التُّهْمَةِ وَلَمْ يَرَ ذَلِكَ ابْتِدَاءً فَقَدِ اشْتَرَطَ أَمْرًا لَمْ يَتَعَيَّنْ بِخِلَافِ الْإِشْهَادِ تَعَيَّنَ سَبَبُهُ مِنَ الْآنِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَجْهُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ مَوْتَهُ فِي الطَّرِيقِ وَلَمْ يُوجَدْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ تَعْذِيرٌ وَبَعْدَ وُصُولِهِ الْبَلَدَ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ دَفَعَهَا وَلَوْ كَانَ حَيًّا لَأَعْلَمَ شُهُودَهُ

وَضَمنه فِي الْمَوَّازِيَّةِ لِأَنَّ عَلَيْهِ الْإِشْهَادَ وَلَا يَخْفَى ذَلِكَ عَنْ وَرَثَتِهِ إِذَا بَحَثُوا وَإِذَا مَاتَ فِي الطَّرِيقِ بَرِئَتْ ذِمَّتُهُ وَحُمِلَ عَلَى الضَّيَاعِ لَا عَلَى التَّعْذِيرِ عَكْسُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَفِي الصَّدَقَةِ عَلَى غَيْرِ الْمُعَيَّنِ إِنَّمَا يَحْلِفُ إِذَا اتُّهِمَ الثَّالِثَةُ فِي الْكِتَابِ إِذَا قُلْتَ أَقْرَضْتُكَ وَقَالَ أَوْدَعْتَنِيهِ وَتَلِفَ الْمَالُ صُدِّقْتَ لِأَن خُرُوج مَالك بِيَدِك لَا على وَجه يَضْمَنُ خِلَافَ الظَّاهِرِ وَلَوْ قُلْتَ سَرَقْتَهُ أَوْ غَصَبْتَهُ صَدَقَ وَلَا يَضْمَنُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعُدْوَانِ وَلَوْ قُلْتَ قَضَيْتُكَ إِيَّاهُ مِنْ دَيْنِكَ أَوَرَدَدْتَهُ مِنْ قِرَاضِكَ وَقَالَ أَوْدَعْتَنِيهِ وَضَاعَ مِنِّي صُدِّقْتَ مَعَ يَمِينِكَ لِأَنَّ خُرُوجَ مَالِكَ بِيَدِكَ لَا عَلَى وَجْهِ الضَّمَانِ خِلَافُ الْأَصْلِ وَإِذَا بَعَثَ بِأَلْفٍ وَقَالَ هِيَ دَيْنُكَ وَإِنَّ الْأَلْفَ الَّذِي هُوَ وَدِيعَةٌ عِنْدِي تَلَفَتْ وَقُلْتَ بَلِ الْمَبْعُوثُ الْوَدِيعَةُ صَدَقَ كَمَا يَصْدُقُ فِي ذَهَابِ الْوَدِيعَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا اخْتَلَفْتُمَا فِي الْوَدِيعَةِ وَالْقَرْضِ صُدِّقْتَ لِأَنَّهُ مُعْتَرِفٌ بِوَضْعِ يَدِهِ مُدَّعٍ طَرحَ الضَّمَانَ عَلَيْهِ وَقَالَ أَشْهَبُ يُصَدَّقُ وَلَا يُؤَاخذ أحد بِغَيْر مَا أقربه وَالْأَصْلُ عَدَمُ الضَّمَانِ وَقَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ فِي دَعْوَاكَ الْغَصْبَ إِنَّمَا ذَلِكَ إِذَا ادَّعَيْتَهُ عَلَى مَنْ لَا يَلِيقُ بِهِ فَصَارَ مُدَّعِيًا لِمَا يُشْبِهُ وَأَنْتَ لِمَا لَا يُشْبِهُ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُكَ لِدَعْوَاكَ مَا يُشْبِهُ كَدَعْوَاكَ الْقَرْضَ عَلَى جُمْلَةِ النَّاسِ وَقَالَ أَشْهَبُ فِي اخْتِلَافِكُمَا فِي الْمَدْفُوعِ لَكَ هَلْ دَيْنٌ أَوْ وَدِيعَةٌ إِنْ دَفَعَ لَكَ بِبَيِّنَةٍ صُدِّقَ وَإِلَّا صَدَقْتَ وَلَا يَخْرُجُ مِنَ الدَّيْنِ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَهَذَا إِذَا دَفَعْتَ إِلَيْهِ الْوَدِيعَةَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ فَإِذَا رَدَّ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ الْوَدِيعَةُ لِأَنَّ الْإِشْهَادَ لَا يَلْزَمُهُ وَإِنْ رَدَّ بِبَيِّنَةٍ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ الْقَرْضُ إِذْ لَا يَبْرَأُ مِنْهُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ وَوَجَبَ الرَّدُّ بِبَيِّنَةٍ لِتَعَيُّنِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا قُلْتَ أَقْرَضْتُكَ وَقَالَ أَوْدَعْتَنِي وَالْقَابِضُ مِمَّنْ لَا يُودَعُ غَالِبًا وَيَحْتَاجُ إِلَى السَّلَفِ تَرَجَّحَ قَوْلُ مَالِكٍ وَفِي الْعَكْسِ يَصْدُقُ هُوَ الرَّابِعَةُ فِي الْكِتَابِ إِذَا قُلْتَ أَمَرَنِي بِدَفْعِ الْوَدِيعَة لفُلَان ضمن الأببينة أَنَّكَ أَمَرْتَهُ بِذَلِكَ أَوْ تُصَدِّقُهُ أَنْتَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ إِذْنِكَ لَهُ فِي ذَلِكَ وَقَالَهُ ش وح وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ يُصَدَّقُ لِأَنَّهُ ادَّعَى دَفْعًا يَجْزِيهِ فَلَا يَضْمَنُ قِيَاسًا عَلَى

دَعوَاهُ الدَّفْعَ إِلَيْكَ وَوَافَقَ عَلَى مَا إِذَا اعْتَرَفْتَ بِالْإِذْنِ وَأَنْكَرْتَ الدَّفْعَ قَالَ اللَّخْمِيُّ لَيْسَ لَهُ تَسْلِيمُهَا بِأَمَارَةٍ مِنْ قِبَلِكَ وَلَا بِكِتَابِكَ وَإِنِ اعْتَرَفَ أَنَّهُ خَطُّكَ إِلَّا أَنْ يُثْبِتَ الرَّسُولُ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَنَّهُ خَطُّكَ لِأَنَّهُ لَوْ حَضَرْتَ لَمْ يَأْخُذْهَا حَتَّى تَشْهَدَ لَهُ بِمَا يُبْدِيهِ وَلَوْ جَحَدْتَهُ لَمْ تَنْفَعْهُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْقَابِضِ إِلَّا أَنْ يَعْتَرِفَ أَنَّهُ وَصَّاكَ بِتَسْلِيمِهَا بِذَلِكَ فَيُلْزِمُهُ مَا رَضِيَ بِهِ وَإِنْ دَفَعَهَا الرَّسُولُ بِغَيْرِ أَمَارَةٍ وَلَا كِتَابٍ وَهُوَ عَيْنٌ وَهُوَ مُوسِرٌ جَازَ رِضَاهُ بِذَلِكَ وَيَلْزَمُهُ مَا أَلْزَمَ نَفْسَهُ فَإِنْ أَنْكَرْتَ الرِّسَالَةَ غَرِمَ مِثْلَهَا وَلَا ضَرَرَ عَلَيْكَ فَإِنْ كَانَتْ عَرَضًا مِمَّا لَا يُقْضَى فِيهِ بِالْمِثْلِ أَوْ عَيْنًا وَهُوَ مُعْسِرٌ مَنَعَ رِضَاهُ بِالدَّفْعِ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ عَلَيْكَ وَإِذَا دَفَعَ الرَّسُولُ وَأَنْكَرْتَ أَنَّكَ بَعَثْتَهُ خُيِّرْتَ بَيْنَ تَغْرِيمِ الرَّسُولِ أَوِ الْمُودَعِ فَإِنْ غَرِمَ الرَّسُولُ لَمْ يَرْجِعْ بِهَا عَلَى الْآخِذِ مِنْكَ قَالَ لَهُ الرُّجُوعُ بِهَا عَلَى الرَّسُولِ وَمَنَعَ أَشْهَبُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ دَفَعْتَ بِكِتَابٍ لَهُ أَوْ بِأَمَارَةٍ رَجَعْتَ عَلَى الرَّسُولِ وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ لَا يَرْجِعُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا أَنْكَرْتَ إِرْسَالَ الْقَابِضِ قَالَ أَشْهَبُ تُصَدَّقُ قَبَضَهَا بِبَيِّنَةٍ أَمْ لَا وَيَحْلِفُ فَإِنْ نَكَلْتَ حَلَفَ الْمُودع وبريء وَقَالَ أَشْهَبُ لَكَ الرُّجُوعُ عَلَى أَيِّهِمَا شِئْتَ ثمَّ لَا ترجع كَذَا مَنْ أَخَذْتَ مِنْهُ عَلَى الْآخَرِ لِأَنَّ الدَّافِعَ صَدَّقَ الرَّسُولَ وَإِذَا جَازَ بِخَطِّكَ أَوْ بِأَمَارَةٍ مِنْك فَعرف ذَلِك وَسلم فأنكرت حَلَفت أما كَتَبْتَ وَلَا سَيَّرْتَ ثُمَّ يَغْرَمُ وَيَرْجِعُ عَلَى الْقَابِضِ فَإِنْ سَأَلَكَ عَنِ الرَّسُولِ فَسَكَتَ ثُمَّ طَالَبْتَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَتَحْلِفُ أَنَّكَ مَا أَمَرْتَ الْقَابِضَ الرَّسُولَ وَمَا كَانَ سُكُوتُكَ رِضًا بِقَبْضِهِ وَلَوْ عَلِمْتَ بِقَبْضِهِ فَجِئْتَ إِلَى الْآخِذِ مِنْكَ فَقُلْتَ لَهُ كَلِّمْ فُلَانًا يَحْتَالُ لِي فِيمَا قَبَضَهُ فَهَذَا رِضًا مِنْكَ بِقَبْضِهِ فَيَبْرَأُ الدَّافِعُ إِلَيْهِ وَلَوْ طَلَبْتَ الدَّافِعَ فَجَحَدَكَ فَقُلْتَ احْلِفْ مَا أودعتك قَالَ ابْن عَبدُوس يحلف مَالك شَيْءٌ الْخَامِسَةُ فِي الْكِتَابِ إِذَا بَعَثْتَ إِلَيْهِ مَالًا فَقَالَ تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَيَّ وَقُلْتَ وَدِيعَةٌ وَتَلِفَ الْمَالُ فَالرَّسُولُ شَاهِدٌ يَحْلِفُ مَعَهُ الْمَبْعُوثُ إِلَيْهِ قِيلَ كَيْفَ يَحْلِفُ وَلَمْ يَحْضُرْ قَالَ كَمَا يَحْلِفُ الصَّبِيُّ إِذَا بَلَغَ مَعَ شَاهِدِهِ فِي دين فِي

التَّنْبِيهَاتِ تَأَوَّلَ الْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ شَهَادَةَ الرَّسُولِ مُطْلَقًا وَقَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لِأَنَّكَ اعْتَرَفْتَ أَنَّكَ أَمَرْتَهُ بِالدَّفْعِ فَشَهِدَ عَلَى إِقْرَارِكَ وَقَالَ سَحْنُونٌ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمَالَ فِي يَدِ الرَّسُولِ وَلَوْ دَفعه ضمن أوهما حَاضِرَانِ وَالْمَالُ حَاضِرٌ وَلَوْ أَنْفَقَهُ الْمَبْعُوثُ إِلَيْهِ امْتُنِعَتِ الشَّهَادَةُ لِأَنَّهُ يَدْفَعُ الضَّمَانَ عَنْ نَفْسِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ تَمْتَنِعُ شَهَادَتُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَبْعُوثُ إِلَيْهِ مَلِيًّا أَوْ قَامَتْ لِلرَّسُولِ بَيِّنَةٌ عَلَى الدَّفْعِ وَأَمَّا إِنْ كَانَ مُعْدَمًا فَلَا وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ قَوْلَ أَشْهَبَ وَابْنِ الْقَاسِمِ وِفَاقًا وَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَكَلَّمَ عَلَى وَجْهٍ وَفِي النُّكَتِ قَالَ الْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ قَبُولُ الشَّهَادَةِ مُطْلَقًا لِأَنَّكَ وَافَقْتَ الرَّسُولَ عَلَى الدَّفْعِ وَإِنَّمَا خَالَفْتَ فِي الْوَجْهِ الَّذِي بِهِ قَبَضَهُ الْآخِذُ فَلَمْ يَضْمَنِ الرَّسُولُ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ أَنْ لَوْ قُلْتَ لِمَنْ أَمركَ فَإِذَا ضَمِنْتَهُ امْتَنَعَتْ شَهَادَتُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَعَلَّلَ أَشْهَبُ أَيْضًا بِأَنَّهُ دَفَعَ دَفْعًا لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ لِأَنَّهُ أمَرَ أَنْ يَدْفَعَ عَلَى وَجْهِ الْإِيدَاعِ فَدَفَعَ عَلَى وَجْهِ التَّمْلِيكِ فَتُمْنَعُ شَهَادَتُهُ قِيلَ وَإِذَا غَرِمَ الرَّسُولُ رَجَعَ عَلَى الْمَدْفُوعِ إِلَيْهِ وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ مَظْلُومًا لِأَنَّهُ يَقُولُ الْآمِرُ ظَلَمَكَ وَأَغْرَمَنِي بِسَبَبِكَ إِذْ لَمْ يَجِدِ الْمَالَ بِيَدِكَ كَقَوْلِهِ فِي الْمُودَعِ يَأْتِيهِ بِخَطِّ رَبِّ الْمَالِ إنَّهُ دَفَعَهُ لَهُ صِلَةً أَوْ إنَّهُ لَهُ وَهُوَ لَا يَشُكُّ أَنَّهُ خَطُّهُ فَإِذَا عَدِمَ الْمُودِعُ رَجَعَ عَلَى الْقَابِضِ وَإِنْ كَانَ يعلم أَنه مظلوم لِأَنَّهُ يَقُول ليسك وَصَلَ إِلَي الْغُرْمِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ أَنَّ الْمَأْمُورَ فِي الْأُولَى يَتَحَقَّقُ تَكْذِيبَ الْآمِرِ وَأَنَّ الْمَدْفُوعَ إِلَيْهِ مَظْلُومٌ فَلَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ وَفِي الثَّانِيَةِ لَا يَقْطَعُ بِحَقِيقَةِ كَذِبِهِ إِذْ قَدْ يُزَوِّرُ خَطَّهُ وَيَعْرِفُ أَمَارَتَهُ فَلِهَذَا يَرْجِعُ وَعَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَرْجِعُ كَالْمُسْتَحَقِّ مِنْ يَدِهِ دَابَّةٌ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا تُبَاحُ عِنْدَ بَائِعِهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَقَدِ اخْتَلَفَ قَوْلُ أَشْهَبَ فِي هَذَا الْأَصْلِ فَقَالَ إِذَا قَالَ بَعَثَنِي رَبُّهَا إِلَيْكَ لِأَخْذِهَا وَصَدَّقَهُ وَدَفَعَ فَادَّعَى عَلَى ضَيَاعِهَا وَأَنْكَرْتَ بِعْثَتَهُ حَلَفت وَغرم لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الرَّسُولِ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ لَهُ وَابْنُ الْقَاسِمِ يَرَى لَهُ الرُّجُوعَ هَا هُنَا لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ صِدْقُهُ السَّادِسَةُ فِي الْكِتَابِ إِذَا بَعَثْتَ عَبْدَكَ أَوْ أَجِيرَكَ لِقَبْضِ ثَمَنِ مَا بِعْتَهُ فَقَالَ

قَبَضْتُهُ وَضَاعَ مِنِّي وَلَمْ يُقِمِ الْمُشْتَرِي بَيِّنَةً بِالدَّفْعِ ضَمِنَ بِخِلَافِ مَنْ دَفَعْتَ إِلَيْهِ مَالًا لِيَدْفَعَهُ فَقَالَ دَفَعْتُهُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَصَدَّقَهُ الْمُرْسَلُ إِلَيْهِ فِيمَا هُوَ مِنْ حُقُوقِهِ أَوْ وَدِيعَةٍ قَائِمَةٍ بِيَدِهِ وَأَمَّا مَا أَقَرَّ بِهِ وَادَّعَى تَلَفَهُ فَلَا يَضْمَنُ فِي التَّنْبِيهَاتِ حَمَلَ ابْنُ حَمْدِيسٍ وَجَمَاعَةُ الْأَنْدَلُسِيِّينَ قَوْلَهُ إِذَا صَدَّقَهُ الْمُرْسَلُ إِلَيْهِ لَا يَضْمَنُ إِذَا كَانَ تَصْدِيقُهُ الْمُرْسَلَ إِلَيْهِ فِيمَا هُوَ مِنْ حُقُوقِهِ أَوْ وَدِيعَةٍ قَائِمَةٍ بِيَدِهِ وَأَمَّا مَا أَقَرَّ بِهِ وَادَّعَى تَلَفَهُ وَجَحَدَ الْقَبْضَ فِيمَا لَيْسَ حَقًّا لَهُ لَا يَبْرَأُ الرَّسُولُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى الْقَبْضِ وَقَالَ ابْنُ لُبَابَةَ وَغَيْرُهُ لَا يَضْمَنُ مُطْلَقًا وَهُوَ ظَاهر الْكِتَابِ وَعَلَيْهِ اخْتَصَرَهَا أَكْثَرُهُمْ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ أَنَّ الْمَالَ دَيْنٌ عَلَيْهِ لِلْمُرْسَلِ إِلَيْهِ فَلَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ طَلَبٌ لَكَ وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ فَلَا يَبْرَأُ الدَّافِعُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ وَقَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ فِي أَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ إِنَّمَا لَمْ يَصْدُقِ الْمُشْتَرِي إِلَّا بِبَيِّنَةٍ لِأَنَّهُ لَكَ فِي ذِمَّتِهِ وَلَوْ كَانَ أَصْلُهُ وَدِيعَةً لَصَدَقَ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ لَا يَصْدُقُ لِدَفْعِهِ السَّابِعَةُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَنْفَقَتْ عَلَى الدَّابَّةِ بِغَيْرِ أَمْرِ السُّلْطَانِ وَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهَا وَدِيعَتُكَ مِنْ حِينِ كَذَا فَإِنَّ الْإِمَامَ يَبِيعُهَا وَيَقْضِيكَ النَّفَقَةَ وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ بِهَا إِذَا لَمْ تَدَّعِ شَطَطًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ الزَّوْجَةِ تَدَّعِي غَيْبَةَ زَوْجِهَا أَنَّهَا أَنْفَقَتْ مِنْ مَالِهَا عَلَى نَفْسِهَا فَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا إِلَّا أَنْ تَكُونَ رَفَعَتْ إِلَى السُّلْطَانِ أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ لَهَا نَفَقَةً إِنَّ الْبَيِّنَةَ شَهِدَتْ لَهَا بِالْوَدِيعَةِ عِنْدَهُ وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَى نَفَقَتِهَا وَالزَّوْجَةُ فِي دَارِ زَوْجِهَا وَمَوْضِع مَالِهِ وَلَوِ ادَّعَتِ الْمَرْأَةُ أَنَّهَا أَنْفَقَتْ عَلَى دَابَّتِهِ مِنْ مَالِهَا لَكَانَ كَدَعْوَاهَا النَّفَقَةَ عَلَى نَفْسِهَا لِأَنَّهَا فِي دَارِ صَاحِبِهَا قَالَ الْقَاضِي فِي الْإِشْرَافِ إِذَا لَمْ يَأْمُرْكِ بِعَلَفِ الْبَهِيمَةِ لَزِمَكِ عَلَفُهَا أَوْ تَدْفَعُهَا للْحَاكِم فيتدين كَذَا عَلَى صَاحِبِهَا لِعَلَفِهَا أَوْ بَيْعِهَا إِنْ كَانَ قَدْ غَابَ فَإِنْ تَرَكَهَا لَمْ يَعْلِفْهَا فَهَلَكَتْ ضَمِنَتْهَا وَوَافَقَنَا ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح لَا يَلْزَمُكِ عَلَفُهَا لِأَنَّهُ فَوَّضَ إِلَيْكِ الْحِفْظَ دُونَ الْعَلَفِ وَجَوَابُهُ أَنَّ صَوْنَ الْبَهَائِمِ عَنْ تَعْذِيبِهَا بِالْجُوعِ وَغَيْرِهِ حَقٌّ لِلَّهِ وَهُوَ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ أَثِمَ وَحَقُّ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَتَوَقَّفُ فِعْلُهُ وَوُجُوبُهُ عَلَى إِذْنِ الْخَلْقِ أَوْ يَقُولُ أَنْتَ مَأْمُورٌ بِحِفْظِهَا وَهَذَا مِنْهُ فَكَانَ عَلَيْك كَمَا لَو رَأَيْتهَا تتردى فِي بير وَجَبَ عَلَيْكَ صَوْنُهَا عَنْهُ

الثَّامِنَةُ فِي الْكِتَابِ إِذَا قَالَ أَنْفَقْتُهَا عَلَى أَهْلِكَ وَوَلَدِكَ وَصَدَّقُوهُ ضَمِنَ إِلَّا أَنْ تَقُومَ لَهُ بِبَيِّنَةٍ وَيُشْبِهُ نَفَقَةَ مِثْلِهِمْ وَلَمْ يَبْعَثْ إِلَيْهِمْ بِالنَّفَقَةِ لِعَدَمِ إِذْنِكَ لَهُ فِي ذَلِكَ وَمَنْ تَصَرَّفَ فِي مَالِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ ضَمِنَهُ فِي التَّنْبِيهَاتِ وَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ غَيْرُهُ إِنْ صَدَّقُوهُ وَلَمْ يَبْعَثْ إِلَيْهِمْ بِشَيْءٍ وَهِيَ نَفَقَةُ مِثْلِهِمْ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ قُلْتَ كُنْتُ أَبْعَثُ إِلَيْهِمْ ضَمِنَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يَنْبَغِي إِذَا فَرَضَ لَهُمْ قَاضٍ إِذَا اعْتَرَفْتَ أَنَّكَ لَمْ تَتْرُكْ لَهُمْ نَفَقَةً وَلَا بَعَثْتَ بِهَا وَصَدَّقُوهُ أَنَّهُ أَنْفَقَ مِنَ الْوَدِيعَةِ نَفَقَةَ مِثْلِهِمْ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ إِذَا صَدَّقَتْهُ الزَّوْجَةُ الْكَافِلَةُ الْوَلَدَ لِأَنَّهَا لَوْ أَنْفَقَتْ مِنْ عِنْدِهَا لَرَجَعَتْ بِذَلِكَ عَلَى الزَّوْجِ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا قُلْتَ دَفَعْتُ النَّفَقَةَ أَوْ بَعَثْتُ بِهَا إِلَيْهِمْ حَلَفْتَ عَلَى ذَلِكَ وَعَلَى وُصُولِهَا ثُمَّ يَضْمَنُ وَلَا تَرْجِعُ عَلَى أَهْلِكَ بِشَيْءٍ إِنْ قَالَ أَمَرْتَنِي بِالدَّفْعِ أَوْ قَالَ لَكَ لَمْ أَفْعَلْ وَإِلَّا رَجَعْتَ عَلَى مَنْ يَلِي نَفْسَهُ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنِ السُّلْطَانُ قَضَى عَلَى الْغَائِبِ بِالنَّفَقَةِ فَإِنْ قَضَى لَمْ تَصْدُقْ فِي قَوْلِكَ بَعَثْتُ أَوْ تَرَكْتُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ فَيَكُونُ الْجَوَابُ كَمَا تَقَدَّمَ قَالَ التُّونُسِيُّ لَا يَحْتَاجُ الْمُنْفِقُ إِلَى بِبَيِّنَة إِذَا صَدَّقَهُ الْكَافِلُ أَوْ أمُّهُمْ أَوْ كَانَتِ الْمُتَوَلِّيَةُ لِلنَّفَقَةِ إِذَا أقْرَرَتْ أَنَّكَ لَمْ تَبْعَثْ إِلَيْهِمْ وَأَخْلَفَتْ نَفَقَةً لِأَنَّهَا لَوْ قَالَتِ النَّفَقَةُ مِنْ عِنْدِي صُدِّقَتْ وَرَجَعَتْ عَلَيْكَ وَلَا فَرْقَ إِلَّا أَنْ تُرِيدَ أَنَّ الَّذِينَ قَامُوا بِهَا سِوَاكَ فَلَا يَجُوزُ إِقْرَارُهَا عَلَيْهِمْ التَّاسِعَةُ فِي الْكِتَابِ إِذَا اسْتَهْلَكَهَا وَادَّعَى أَنَّكَ وَهَبْتَهَا لَهُ وَأَنْكَرْتَ صُدِّقْتَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ وَتَحْلِفُ الْعَاشِرَةُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا ادَّعَاهَا رَجُلَانِ وَلَا يَدْرِي لِمَنْ هِيَ هِيَ لَهُمَا بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا لِعَدَمِ الْمُرَجِّحِ لَهُمَا أَوْ لِغَيْرِهِمَا فَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا اخْتَصَّتْ بِالْحَالِفِ وَأَمَّا فِي الدَّيْنِ فَيَغْرَمُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِائَةً لِأَنَّهُمَا مُدَّعِيَانِ عَلَى ذِمَّتِكَ فَلَمْ يَتَعَيَّنْ شَيْءٌ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا وَلَا تَعَدُّدَ فِي الذِّمَمِ بِخِلَافِ المعينات وَقَالَ

سَحْنُونٌ إِنْ تَدَاعَيَا الْوَدِيعَةَ بَعْدَ الْوَفَاءِ وَقَالَ ابْنُكَ لَا أَدْرِي إِلَّا أَنَّ أَبِي ذَكَرَ أَنَّهَا وَدِيعَةٌ تُوقَفُ أَبَدًا حَتَّى يَسْتَحِقَّهَا أَحَدٌ بِالْبَيِّنَةِ وَقَالَ فِيمَنْ أَوْدَعَكَ مِائَةً وَآخَرُ خَمْسِينَ فَنَسِيتَ صَاحِبَ الْمِائَةِ وَادَّعَى كِلَاهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَيَقْتَسِمَانِ الْمِائَةَ وَالْخَمْسِينَ لِعَدَمِ مُدَّعٍ غَيْرِهِمَا وَقِيلَ يَغْرَمُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِائَةً بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا قُلْتَ دَفَعَ لِي فُلَانٌ مِائَةً لَا يَصَّدَقُ بِهَا وَفَعَلْتَ ثُمَّ قُلْتَ بَلْ هُوَ فُلَانٌ وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ أَنَّهُ الْآمِرُ لَكَ بِالصَّدَقَةِ يَغْرَمُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِائَةً قَالَ أَشْهَبُ الصَّدَقَة نَافِذَة لمن كَانَت مِنْهُمَا ولأتباعه عَلَيْكَ لِمُوَافَقَتِهِمَا لَكَ عَلَى الصَّدَقَةِ الْحَادِيَةَ عَشَرَةَ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ مَالِكٌ أَعْطَتْكَ امْرَأَةٌ وَثِيقَةً عَلَى زَوْجِهَا وَمَاتَتْ وَلَا وَارِثَ لَهَا غَيْرُ زَوْجِهَا إِنْ كَانَ عَلَيْهَا دَيْنٌ فَلَا تُعْطِ الْوَثِيقَةَ وَإِلَّا أَعْطهَا لَهُ بَعْدَ الْإِشْهَادِ لِانْتِقَالِهَا إِلَيْهِ فَالْمِيرَاثُ وَالْوَصِيَّةُ كَالدَّيْنِ وَإِذَا كَانَ مَالُهَا يَفِي بِدَيْنِهَا وَوَصَايَاهَا دَفَعَهَا إِلَيْهِ بِالْإِشْهَادِ قَالَ وَالْأَوْلَى وَضْعُهَا عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ مَخَافَةَ طَرَيَانِ دَيْنٍ لَمْ يُعْلَمْ بِهِ وَمُرَادُهُ بِالدَّيْنِ لَا يَفِي بِهِ مَالُهَا الثَّانِيَةَ عَشَرَةَ قَالَ قَالَ مَالِكٌ لَكَ عِنْدَهُ عَشَرَةٌ أَخَذْتَ مِنْهَا خَمْسَةً فَتَسَلَّفَهَا وَأَشْهَدْتَ عَلَيْهِ بِبَيِّنَةٍ مُؤَرَّخَةٍ ثُمَّ أَخْرَجَ بَرَاءَةً غَيْرَ مُؤَرَّخَةٍ لَا مَنْسُوبَةً لِلْعَشَرَةِ وَلَا لِلْخَمْسَةِ الْبَاقِيَةِ فَقُلْتَ هِيَ مِنَ الْعَشَرَةِ وَقَالَ بَلْ مِنَ الْخَمْسَةِ تُصَدَّقُ مَعَ يَمِينِكَ وَتَكُونُ مِنَ الْعَشَرَةِ إِذَا ثَبَتَ أَصْلُ الْعَشَرَةِ لِأَنَّهُ أقرّ بِالْأَصْلِ وَالْأَصْل بَقَاؤُهُ عِنْده وَلَمْ يُقِرَّ بِذَلِكَ وَلَا ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ صُدِّقَ هُوَ مَعَ يَمِينِهِ لِعَدَمِ ثُبُوتِ الْأَصْلِ وَالْأَصْلُ ابراءة ذِمَّتِهِ الثَّالِثَةَ عَشَرَةَ قَالَ أَوْدَعْتُهُ حِنْطَةً فَتَسَلَّفَهَا فَقُلْتُ كَانَ فِيهَا دِينَارٌ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ لِأَن الأَصْل براته وَحَلْفُهُ لَيْسَ عَلَى عِلْمِهِ بَلْ مَا أَخَذْتُهُ وَلَا علمت

لَكَ فِيهَا شَيْئًا فَإِنْ لَمْ تُحَقَّقْ عَلَيْهِ الدَّعْوَى فَعَلَى الْخِلَافِ فِي يَمِينِ التُّهَمِ الرَّابِعَةَ عَشَرَةَ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا غَرِمَ عَلَى وَدِيعَتِكَ مِنْ ظَالِمٍ يَلْزَمُكَ الْغُرْمُ لِأَنَّهُ مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِهِ وَقِيلَ يَرْجِعُ عَلَيْكَ لِأَنَّهُ غَرِمَ بِسَبَبِكَ كَالشَّاتَيْنِ الْمَأْخُوذَتَيْنِ فِي الْخُلْطَةِ عَنْ مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ لِإِدْخَالِ الضَّرَرِ وَهَذَا الْخِلَافُ إِنَّمَا هُوَ فِيمَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَمَّا إِذَا عَلِمْتَ أَنَّ بِالطَّرِيقِ مَكَانًا يَقُومُ النَّاسُ عَلَى الْمَتَاعِ فَلَا يَنْبَغِي جَرَيَانُ الْخِلَافِ بَلْ يَتَعَيَّنُ الْغُرْمُ عَلَيْكَ لِأَنَّكَ كَالْآذِنِ فِيهِ وَكَذَلِكَ إِنْ صَانَعَ بَعْضُ الرِّفَاقِ اللُّصُوصَ عَنِ الرِّفَاقِ وَعَلِمَ ذَلِكَ بِذَلِكَ الْمَوْضِعِ لَزِمَ الْغُرْمُ مَنْ حَضَرَ وَمَنْ غَابَ مِمَّنْ لَهُ مَتَاعٌ فِي تِلْكَ الرُّفْقَةِ وَعَلَى صَاحِبِ الظَّهْرِ مَا يَنُوبُهُمْ وَإِنْ كَانَ يَخَافُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُنْجِي لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْغَائِبِ قَالَهُ كُلَّهُ سَحْنُونٌ الْخَامِسَةَ عَشَرَةَ قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا حَمَلَ الْقَمْحَ الْوَدِيعَةَ إِلَيَ بَلَدٍ لِيَبِيعَهُ لَمْ يَكُنْ لَكَ أَخْذُهُ مِنْهُ إِلَّا بِمَوْضِعِ الِاسْتِيدَاعِ وَكَذَلِكَ السَّلَفُ وَالسَّارِقُ نَفْيًا لِضَرَرِهِ بِتَضْيِيعِ الْكِرَاءِ عَلَيْهِ وَقَالَ أَشْهَبُ يُخَيَّرُ بَيْنَ عَيْنِ طَعَامِكَ أَوْ مِثْلِهِ فِي الْبَلَدِ فِي السَّرِقَةِ وَالْوَدِيعَةِ لِأَنَّ الضَّرَرَ يُجْعَلُ لَكَ بِالنَّقْلِ فَيُخَيَّرُ وَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ لِأَنَّك صَاحب الْحق وَالْقَوْل الثَّالِث تفريقه أصبغ بَين الْبَلَد الْقَرِيب فيوافق أَشهب فَيُوَافِقُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ وَالظَّالِمُ يَحْمِلُ بَعْضَ الْحَمْلِ قَالَهُ فِي السَّرِقَةِ وَالْوَدِيعَةِ مِثْلَهَا وَفَرَّقَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَيْنَ الطَّعَامِ فَقَالَ مَا تَقَدَّمَ وَبَيْنَ الْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانِ وَالرَّقِيقِ الَّذِي لَا يَحْتَاجُ إِلَى كِرَاءٍ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ وَالدَّوَابُّ لَكَ أَخْذُهَا حَيْثُ وَجَدْتَهَا وَالرَّقِيقُ الْمُحْتَاجُ لِلْكِرَاءِ وَالْبَزِّ الْعُرُوضِ يُخَيَّرُ فِيهَا لِأَنَّهَا عَيْنُ شَيْطٍ كَذَا وَقِيمَتُهَا فِي مَوْضِعِ الْأَخْدِ مِنْكَ نَفْيًا لِضَرَرِ الْكِرَاءِ عَنْكَ وَسَوَّى أَشْهَبُ بَيْنَ التَّخْيِيرِ بَيْنَ أَخْذِ الطَّعَامِ أَوْ مِثْلِهِ فِي مَوْضِعِ الْقَبْضِ وَقِيمَةِ الْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ فِي مَوْضِعِ الْأَخْذِ يَوْمَ الْأَخْذِ وَفَرَّقَ أَصْبَغُ فَقَالَ فِي الطَّعَامِ بِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَلَيْسَ لَكَ إِلَّا طَعَامُكَ بِمَوْضِعِ الْأَخْذِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا كَمَا تَقَدَّمَ وَفِي الْعرُوض

وَالْحَيَوَانِ بِقَوْلِ أَشْهَبَ وَفَرَّقَ سَحْنُونٌ بَيْنَ الطَّعَامِ فَقَالَ بِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَفِي الْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانِ فَقَالَ لَيْسَ لَكَ إِلَّا أَخْذُ مَتَاعِكَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي وُجِدَ فِيهِ فَيَتَحَصَّلُ فِي الْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَقَوْلُ أَشْهَبَ وَتَفْرِقَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ بَيْنَ مَا يَحْتَاجُ لِلْكِرَاءِ وَمَا لَا يَحْتَاجُ وَفِي الطَّعَامِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالتَّخْيِيرُ وَتَفْرِقَةُ أَصْبَغَ بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ السَّادِسَةَ عَشَرَةَ قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا قُلْتَ نَقَصَتْ وَتَدَاعِيتُمَا لِلسُّلْطَانِ فَيَقُولُ لَكَ أَنَا أُسَافِرُ فَلَا تَشْغَلْنِي فَتَرَكْتَهُ قَالَ عِنْدِي شَيْء وَإِنَّمَا قلت ذَلِك لَيْلًا تَشْغَلَنِي عِنْدَ السَّفَرِ يَغْرَمُ لَكَ كُلَّ مَا حَلَفْتَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْيَمِينَ وَجَبَتْ لَهُ عَلَيْكَ بِرَدِّهَا عَلَيْكَ وَلَوْ قَالَ دَعْنِي أُسَافِرْ فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ إِلَى وَقْتِ كَذَا وَأَنْتَ مُصَدَّقٌ مَعَ يَمِينِكَ لَمْ يَلْزَمْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مُخَاطَرَةٌ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَرَّقَ بَيْنَ الْوَجْهَيْنِ مُطَرِّفٌ وَأَصْبَغُ وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الْكَفِيلِ يَقُولُ إِنْ لَمْ يَأْتِكَ غَرِيمُكَ بِحَقِّكَ إِلَى أَجَلٍ فَأَنَا ضَامِنٌ لِلْمَالِ لَا يَلْزَمُ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يَلْزَمُ الْمُسْتَوْدِعَ أَنَّ ذَلِكَ رَدٌّ لِلْيَمِينِ وَإِنْ ذَكَرَهُ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الشَّرْطِ وَيَحْلِفُ وَيَبْرَأُ وَإِنْ نَكَلَ حَلَفْتَ وَأَخَذْتَ تَمَامَ وَدِيعَتِكَ وَلَوْ رَدَّ الْيَمِينَ بِدُونِ سَبَبٍ لَزِمَ قَوْلًا وَاحِدًا وَإِنَّمَا يُخْتَلَفُ إِذَا نَكَلَ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِرَدِّهَا عَلَيْكَ قَبْلُ قَالَ لَا أَحْلِفُ فَهَلْ لَهُ الْحَلِفُ بَعْدَ ذَلِكَ قَوْلَانِ وَقَالَ ابْنُ دحون إِنَّمَا يَصِحُّ هَذَا الْجَوَابُ إِذَا كَانَتِ الْوَدِيعَةُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ عَلَى رَأْيِ مَنْ يَرَى الْيَمِينَ عَلَى الْمُودِعِ فَلَزِمَهُ ذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عِنْدَهُ رُجُوعٌ قَالَ وَهُوَ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ الْيَمِينِ عَلَى الْمُودَعِ فِي دَعْوَى النُّقْصَانِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْوَدِيعَةِ بَيِّنَةٌ وَلَا أَنَّ الْغُرْمَ يَلْزَمُهُ إِذَا حَلَفَ رَبُّ الْوَدِيعَةِ إِذَا كَانَتْ عَلَيْهَا بَيِّنَةٌ السَّابِعَةَ عَشَرَةَ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَوْدَعْتَهُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَبَيْنَ يَدَيْهِ عَشَرَةٌ فَوَضَعَهَا بِإِزَائِهَا فَضَاعَت خَمْسَة وَلم يَعْلَمْ مِنْ أَيِّهِمَا فَعَلَيْهِ لَكَ عَشَرَةٌ قَالَ يُرِيدُ أَنَّ عَشَرَةَ الْوَدِيعَةِ الْتَبَسَتْ وَلَوْ عُلِمَتْ لَعُرِفَ النَّقْصُ بِوُجُودِهَا نَاقِصَةً

قَالَ وَجَوَابُهُ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْقَلِيلَ إِذَا قَالَ عِنْدِي وَدِيعَةٌ لِفُلَانٍ أَوْ لِفُلَانٍ أَنَّهُ يَغْرَمُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِائَةً وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُمَا يَحْلِفَانِ وَيَقْسِمَانِ الْمِائَةَ إِذَا ادَّعَيْتَ الْعَشَرَةَ الْكَامِلَةَ أَخَذْتَهَا قِيلَ بِيَمِينٍ وَقِيلَ بِغَيْرِ يَمِينٍ عَلَى الْخِلَافِ فِي يَمِينِ التُّهَمِ وَإِنْ قُلْتَ لَا أَدْرِي فَمُصِيبَةُ الذَّاهِبِ مِنْكُمَا وَيَقْسِمَانِ الْبَاقِيَ نِصْفَيْنِ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَقِيلَ بَعْدَ حَلِفِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا إِنَّهُ لَا يَدْرِي وَكَذَلِكَ إِنْ نَكَلْتُمَا وَالْخِلَافُ فِي الْيَمِينِ عَلَى الْخِلَافِ فِي يَمِينِ التُّهَمِ الثَّامِنَةَ عَشَرَةَ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَوْدَعَكَ دِينَارًا وَعِنْدَكَ عَشَرَةٌ فَضَاعَ ديناره وَلَا يُعْلَمُ حَالُهُ فَلَكَ تِسْعَةٌ وَيَقْسِمَانِ الْعَاشِرَ نِصْفَيْنِ لِأَنَّ التَّدَاعِيَ إِنَّمَا وَقَعَ فِيهِ وَأَمَّا التِّسْعَةُ فَسَلِمَتْ لَكَ وَعَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ شَرِيكٌ أَوْدَعَكَ ثَلَاثَةً فَضَاعَ اثْنَانِ لَكَانَ لَكَ ثَمَانِيَةٌ وَلَهُ دِينَارٌ وَتَقْسِمَانِ الدِّينَارَ الْبَاقِيَ بَيْنَكُمَا نِصْفَيْنِ وَلَوْ ضَاعَ ثَلَاثَةٌ لَكَانَ لَكَ سَبْعَةٌ وَتَقْسِمَانِ الثَّلَاثَةَ الْبَاقِيَةَ نِصْفَيْنِ وَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ يَقْسِمَانِ الْأَحَدَ عشرَة إِنْ ضَاعَ اثْنَانِ أَوِ الْعَشْرَةُ إِنْ ضَاعَ ثَلَاثَةٌ عَلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ جَازَ وَكَذَلِكَ إِذَا تَدَاعَى الرَّجُلَانِ شَيْئًا فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا لِي عَشَرَةٌ وَالْآخر لي جَمِيعًا عَلَى هَذَا الْخِلَافِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي يَد أَحدهمَا أبقا كَذَا وَاخْتُلِفَ إِذَا كَانَ بِيَدِهِمَا جَمِيعًا فَقِيلَ يَجْرِي عَلَى الْخِلَافِ بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا لِأَنَّ اسْتِوَاءَ الْأَيْدِي لِعَدَمِ الْأَيْدِيِ وَقِيلَ يصدق مُدَّعِي الْعَشَرَةِ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ حَائِزُ النِّصْفِ فَعَلَى مَنِ ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ لَهُ الْأَكْثَرَ مِنَ النِّصْفِ إِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ التَّاسِعَةَ عَشَرَةَ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَوْدَعْتَهُ وَقُلْتَ لَهُ مَنْ أَتَاكَ بِأَمَارَةِ كَذَا فَأَعْطِهِ لَا يَعْلَمُ الْأَمَارَةَ غَيْرُكُمَا فَفَعَلَ وَمُتَّ فَقَالَ وَرَثَتُكَ لِلْقَابِضِ بِالْأَمَارَةِ مَالُنَا فَقَالَ صَنَعْتُ بِهِ مَا أَمَرَ بِهِ مُورِثُكُمْ فَيَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ وَأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ غَيْرَ مَا قَالَهُ الْمُورِثُ وَيَبْرَأُ قَالَ وَفِي هَذَا نَظَرٌ وَالْقِيَاسُ أَنْ يُسْأَلَ الْقَابِضُ بِالْأَمَارَةِ عَمَّا أَمَرَهُ الْمُورث بِهِ فَإِن من الْأَشْيَاء ملا يُصَدَّقُ الْمَأْمُورُ أَنَّهُ فَعَلَهُ فَإِنْ

ذَكَرَ مَا يُصَدَّقُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَإِلَّا صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ فِي أَنَّهُ أَمْرُهُ وَلَا يُصَدَّقُ فِي أَنَّهُ فَعَلَهُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ هَذَا إِذَا لَمْ يَعْلَمِ الْوَارِثُ مَا أَمَرَ بِهِ الْمُورِثُ أَمَّا لَوْ عَلِمَ نَزَلَ مَنْزِلَةَ مَوْرُوثِهِ فِي الدَّعْوَى وَيَكُونُ الْقَابِضُ مُدَّعِيًا فِيمَا زَعَمَ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِهِ فَكَذَّبَهُ فِيهِ الْوَارِثُ فَلَا تَصِحُّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَنْ يَكُونَ الْقَابِضُ بِالْأَمَارَةِ لَمْ يَعْلَمْ إِلَّا مِنْ قِبَلِهِ وَهُوَ الْمُخْبِرُ بِجَمِيعِ ذَلِكَ لِلْوَارِثِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ أَنْ يُبَيِّنَ الْوَارِثُ مَصْرِفَ الْمَالِ لِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَنْ لَا يُقِرَّ بِشَيْءٍ لَفَعَلَ الْعِشْرُونَ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَوْدَعْتَهُ ثُمَّ أَشْهَدْتَ أَنَّ الْوَدِيعَةَ صَدَقَةٌ عَلَى فُلَانٍ وَلَمْ تَأْمُرْهُ بِأَنَّ بعض للمتصدق عَلَيْهِ ثمَّ مت فَإِن عَلِمَ بِذَلِكَ الْمُسْتَوْدَعُ فَهِيَ لِلْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ لِأَنَّ لِعِلْمِهِ سَارِقًا بِضَالَّةٍ كَذَا حَتَّى لَوْ طَلَبْتَهَا بَعْدَ ذَلِكَ مِنْهُ حُرِمَ عَلَيْهِ دَفْعُهَا لَكَ وَلَوْ دَفَعَهَا ضَمِنَهَا قَالَ وَهَذَا خِلَافُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطِ الْعِلْمَ بَلْ جَعَلَ قَبْضَ الْمُخْدِمِ وَالْمُسْتَعِيرِ قَبْضًا لِلْمَوْهُوبِ وَيَتَخَرَّجُ فِيهَا قَوْلٌ ثَالِثٌ قِيَاسًا عَلَى ارْتِهَانِ فَضْلَةِ الرَّهْنِ الْحِيَازَةُ لَا تَصِحُّ حَتَّى يَعْلَمَ الْمُسْتَوْدَعُ وَيَرْضَى أَنْ يَكُونَ حَائِزًا لِلْمَوْهُوبِ إِلَّا أَنْ يُفَرِّقَ بِأَنَّ حِيَازَةَ الرَّهْنِ أَشَدُّ مِنْهَا فِي الصَّدَقَةِ وَقَالَهُ مَالِكٌ وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ إِنَّمَا تَجِيءُ إِذَا قَبِلَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْهِبَةَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ فِي رَدِّهَا قَبْلَ قَبُولِهِ وَعِلْمِهِ بِهَا إِذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ حَاضِرًا وَأَمَّا الْغَائِبُ فَتَصِحُّ حِيَازَةُ الْمُسْتَوْدَعِ لَهُ وَإِنْ مَاتَ الْوَاهِبُ قَبْلَ الْقَبُولِ وَسَوَاءٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ كَانَ الشَّيْءُ الْمَوْهُوبُ بِيَدِ الْوَاهِبِ أَوْ بِيَدِ الْحَائِزِ وَعِنْدَ أَشْهَبَ إِنْ كَانَ بِيَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ صَحَّتِ الْهِبَةُ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ لِأَنَّ كَوْنَ ذَلِكَ فِي يَدِهِ أَشَدُّ الْحَوْزِ الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ قَالَ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ إِذَا بُعِثَ بِهَا إِلَيْكَ فَعَدَا عَلَيْهَا عَادٍ فَقُلْتَ لَمْ آمُرْكَ بِبَعْثِهَا وَقَالَ أَمَرْتَنِي فَهُوَ ضَامِنٌ لِتَعَدِّيهِ وَيَحْلِفُ مَا أَمَرْتُهُ بِذَلِكَ وَلَقَدْ تَعَدَّى عَلَيْكَ فِي الْبَعْثِ فَإِنِ ادَّعَى الرَّدَّ إِلَيْكَ بِنَفْسِهِ فَعَلَيْهِ الْيَمِينُ اتِّفَاقًا وَإِنِ ادَّعَى التَّلَفَ حَلَفَ عَلَى الْخِلَافِ فِي يَمِينِ التُّهَمِ وَقِيلَ إِنْ كَانَ مِنْ

أَهْلِ التُّهَمِ أُحْلِفَ وَإِلَّا فَلَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَأَمَّا إِنْ حَقَّقَ عَلَيْهِ الدَّعْوَى فَعَلَيْهِ الْيَمِينُ اتِّفَاقًا وَلَهُ رَدُّهَا الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا قَالَ ضَاعَتْ مِنْ سِنِينَ وَكُنْتُ أَطْلُبُهَا وَأَرْجُو وُجُودَهَا وَلَمْ يُسْمَعْ ذَلِكَ مِنْهُ وَأَنْتَ حَاضِرٌ وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ لَكَ صُدِّقَ وَلَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ أَمِينٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ طُلِبَتْ مِنْهُ فَأَقَرَّ أَنَّهَا عِنْدَهُ ثُمَّ ادَّعَى الضَّيَاعَ قَبْلَ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ الْقَرْضُ وَضَمَّنَهُ أَصْبَغُ فِي الْأَوَّلِ لِأَنَّ سُكُوتَهُ وَأَنْتَ حَاضِرٌ وَطُولَ الزَّمَانِ وَفِيهِ قَالَ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَظْهَرُ لِأَنَّهُ أَمِينٌ الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ قَالَ قَالَ أَصْبَغُ إِذَا قَالَ لَا أَدْرِي أَدَفَعْتُهَا إِلَيْكَ أَمْ ضَاعَتْ مِنِّي صُدِّقَ وَلَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ أَمِينٌ إِلَّا أَنْ يَقْبِضَهَا بِبَيِّنَةٍ فَيَضْمَنُ وَيَحْلِفُ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ لَقَدْ دَفَعَهَا أَوْ تَلِفَتْ وَلَوْ قَبَضَهَا بِبَيِّنَةٍ وَادَّعَى الضَّيَاعَ بِعَيْنِهِ صُدِّقَ وَلَا يَضْمَنُ وَلَوْ قَالَ لَا أَدْرِي مَوْضِعَ دَفْنِهَا ضَمَّنَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِتَضْيِيعِهِ بِكَوْنِهِ لَا يَدْرِي مَوْضِعَ دَفْنِهَا إِلَّا أَنْ يَقُولَ دَفَنْتُهَا حَيْثُ يَسُوغُ لَهُ دَفْنُهَا فَلَمْ يَجِدْهَا بِذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَلَا يَضْمَنُ كَمَا لَوْ سَقَطَتْ مِنْهُ وَفِي إِعْذَارِهِ بِنِسْيَانِ مَوْضِعِ الدَّفْنِ خِلَافٌ وَهَا هُنَا لَمْ يَجْعَلْهُ عُذْرًا الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ قَالَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ إِذَا طَلَبَ الْمُودَعُ عِنْدَ الرَّدِّ أَجْرًا عَلَى حِفْظِ الْوَدِيعَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ لِأَنَّ الْأَمَانَةَ إِحْسَانٌ لِلَّهِ تَعَالَى كَالصَّدَقَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يُشْغَلُ مَنْزِلُهُ فَيَطْلُبُ أُجْرَةَ مَنْزِلِهِ الَّذِي كَانَتْ فِيهِ فَذَلِكَ لَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ انْتِقَالِ مِلْكِهِ عَنِ الْأَعْيَانِ وَالْمَنَافِعِ إِلَّا بِعِوَضٍ وَإِنِ احْتَاجَتْ إِلَى غَلْقٍ أَوْ قَفْلٍ فَعَلَى صَاحِبِهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عِصْمَةُ مَالِهِ كَمَا تَقَدَّمَ الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْكِتَابِ إِنْ جَحَدَكَ وَدِيعَةً أَوْ عَرضًا أَوْ غَيْرَهُ وَصَارَ لَهُ بِيَدِكَ مِثْلُهُ بِإِيدَاعٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَجْحَدَهُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أد

الْأَمَانَةَ لِمَنِ ائْتَمَنَكَ وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ الْخِيَانَةُ حَرَامٌ غَيْرَ أَنَّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ خَمْسَةَ أَقْوَالٍ الْمَنْعُ وَالْكَرَاهِيَةُ وَالْإِبَاحَةُ وَاسْتِحْبَابُ الْأَخْذِ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَمْ لَا وَالتَّفْرِقَةُ إِنْ لَمْ يَكُنْ أَخَذَ وَإِلَّا فِيمَا يَجِبُ فِي الْمُحَاصَّةِ فَقَطْ قَالَهُ مَالِكٌ وَزَادَ ابْنُ نَافِعٍ إِنْ أَمِنَ أَنْ يَحْلِفَ كَاذِبًا فَأَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ أَن يحلف مَاله عِنْدِي حَقٌّ عَلَى مَا رَوَى أَصْبَغُ وَقَالَ ابْن شعْبَان يحلف مَاله عِنْدِي وَدِيعَةٌ وَلَا غَيْرُهَا بِخِلَافِ الْحُقُوقِ الثَّابِتَةِ فِي الذِّمَّةِ لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ لَا تَلْزَمُ ذِمَّتَهُ إِلَّا بِالتَّفْرِيطِ وَمَا لَا يَلْزَمُ يَحْلِفُ عَلَى أَقَلَّ مَا يُبَرِّئُهُ مِنْهُ وَكَذَلِكَ كَانَ يَأْخُذُ الْوَدِيعَةَ إِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ زَادَ ابْنُ شَعْبَانَ وَلَا وَجَبَ لَهُ فِي ذِمَّتِي حَقٌّ بِسَبَبِ الْوَدِيعَةِ الَّتِي يَذْكُرُهَا مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ فَرَّطَ فِيهَا فَوَجَبت فِي ذمَّته فَيصدق مَاله عِنْدِي وَدِيعَةٌ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ قِيمَتُهَا أَوْ مِثْلُهَا وَعِنْدَ ش يَأْخُذُ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَمْ لَا غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَتَمَلَّكُ غَيْرَ جِنْسِ حَقِّهِ بَلْ يَتْبَعُهُ وَيَأْخُذُ مِنْهُ جِنْسَ حَقِّهِ قَالَ وَأَظْهَرُ الْأَقَاوِيلِ إِبَاحَةُ الْأَخْذِ لِقَوْلِ رَسُولِ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِهِنْدِ بِنْتِ عُتْبَةَ لَمَّا شَكَتْ إِلَيْهِ أَنَّ زَوجهَا أَبَا سُفْيَان لَا يعطيهما مِنَ الطَّعَامِ مَا يَكْفِيهَا وَوَلَدَهَا خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ فَقَوْلُهُ بِالْمَعْرُوفِ أَيْ لَا تَزِدْ عَلَى مَا تَسْتَحِقُّ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ لِأَنَّ آخِذَ حَقِّهِ لَيْسَ بِخَائِنٍ بَلِ امْتَثَلَ أَمْرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِهِنْدٍ فَلَا تَتَعَارَضُ الْأَحَادِيثُ مَعَ أَنَّ سَبَبَ الْحَدِيثِ السُّؤَالُ عَنْ وَطْءِ امْرَأَةٍ ائْتَمَنَهُ عَلَيْهَا رَجُلٌ قَدْ كَانَ هُوَ ائْتَمَنَهُ عَلَى امْرَأَةٍ فَخَانَهُ فِيهَا وَوَطِئَهَا فَنَهَاهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ مُقَابَلَةِ الزِّنَى بِالزِّنَى وَالِاحْتِجَاجُ لِأَصَحِّ قَوْلَيْ مَالِكٍ بِهَذَا الْحَدِيثِ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ وَقِيلَ إِذَا جَحَدَكَ ذَهَبًا فَوَجَدْتَ لَهُ دَرَاهِمَ أَوْ عُرُوضًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَخْذُهُ وَلَا بَيْعُهُ بِمِثْلِ مَا كَانَ لَكَ لِأَنَّهُ لَمْ يُوَكِّلْكَ عَلَى ذَلِكَ قَالَ وَبِهِ أَقُولُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ مَالِكٍ

لَكَ عَلَيْهِ دَيْنٌ بِلَا بَيِّنَةٍ فَهَلَكَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ وَلَهُ عَلَيْكَ حَقُّ مِثْلِهِ بِلَا بَيِّنَةٍ قَالَ مَالِكٌ لَا تَجْحَدْ مَا عَلَيْكَ وَتحْتَسب مَالك وَإِنْ جَحَدَكَ فَلَا تَجْحَدْهُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَكَ جَحْدُهُ وَلَا يَضُرُّكَ الْحَلِفُ لِأَنَّهُ كَالْمُكْرَهِ عَلَى الْيَمِينِ فِي أَخْذِ مَالِهِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَحْنَثُ إِلَّا أَنْ يُؤَدِّيَ ذَلِكَ إِلَى ضَرْبِهِ وَسَجْنِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ الصَّوَابُ أَنْ لَكَ جَحْدَهُ وَوَدِيعَتَهُ فِي حَقِّكَ وَإِنْ كَانَ لَهُ غُرَمَاءُ إِذَا كَانُوا عَالِمِينَ بِفَلَسِهِ فَتَرَكُوهُ يَتَصَرَّفُ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَيَقْضِي وَشَكُّوا فِي حَالِهِ فَتَرَكُوهُ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرَ الْيَسَارِ أَخَذْتَ مَا يَخُصُّكَ وَإِنْ كَانَتِ الْوَدِيعَةُ عَرْضًا جَازَ بَيْعُهَا وَأَخْذُ ثَمَنِهَا فِيمَا لَكَ عَلَيْهِ وَمَنَعَكَ مَالِكٌ أَنْ تَحْلِفَ مَا أَوْدَعَكَ وَقِيلَ تَحْلِفُ مَا أَوْدَعَنِي أَي وَدِيعَة يَلْزَمُنِي رَدّهَا يَنْوِي ذَلِكَ وَفِي الْجَوَاهِرِ مُرَادُ الشَّيْخِ أَبِي الْوَلِيدِ بِقَوْلِ التَّحْرِيمِ رِوَايَةُ الْمُدَوَّنَةِ قَاعِدَةٌ تَصَرُّفَاتُ رَسُولِ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تَقَعُ بِالْفُتْيَا لِأَنَّهُ سَيِّدُ الْعُلَمَاءِ الْأَعْلَامِ وَبِالْقَضَاءِ لِأَنَّهُ حَاكم الْحُكَّام الْحَاكِم وبالأمانة لِأَنَّهُ الْخَلِيفَةُ عَلَى الْخَاصِّ وَالْعَامِّ وَتَقَعُ تَصَرُّفَاتٌ يَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ مِنْ أَيِّ الْأَبْوَابِ الثَّلَاثَةِ هِيَ حَتَّى يشْتَرط فِيهِ حَقّنَا شُرُوط ذَلِكَ الْبَابِ كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلْبُهُ قَالَ ش هُوَ تَصَرُّفٌ بِالْفُتْيَا فَيَعُمُّ الْخَلَائِقَ كَالصَّلَاةِ وَلَا يَحْتَاجُ ذَلِكَ إِلَى إِمَامٍ يَأْمَنُ لَهُ لِأَنَّ غَالِبَ تَصَرُّفَاتِهِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ رَسُولٌ وَالْمَسْأَلَةُ أَصْلُ تَصَرُّفِهِ وَهُوَ كَلَامٌ حَقٌّ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْجَوَابُ عَنْهُ فِي الْجِهَادِ وَقَالَ مَالِكٌ هُوَ تَصَرُّفٌ بِالْإِمَامَةِ وَمَا كَانَ بِتَصَرُّفِ الْإِمَامَةِ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِتَشْرِيعِ الْإِمَامِ لَهُ فِي كُلِّ حَادِثٍ كَالْحُدُودِ وَالتَّعَازِيرِ لَا يَتَوَجَّهُ وَلَا يَثْبُتُ إِلَّا بِإِمَام وَكَقَوْلِه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من أحيى أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ

قَالَ ح هُوَ تَصَرُّفٌ بِالْإِمَامَةِ فَلَا يُحْيِي أَحَدٌ إِلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ وَقَالَ ش وَمَالِكٌ هُوَ بِالْفُتْيَا فَمَنْ أَحْيَى مَلَكَ لِأَنَّ شَأْنَ الْفتيا لَا تفْتَقر إِلَى الْإِمَامَة وَلِحَدِيث هِنْدٍ قَالَ مَالِكٌ وَهُوَ تَصَرُّفٌ بِالْقَضَاءِ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ مَالَ غَرِيمِهِ الْمَعْجُوزِ عَنْهُ إِلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي وَقَالَ ش هُوَ مِنْ بَابِ الْفُتْيَا فَيَجُوزُ لِمَنْ ظَهَرَ الْأَخْذُ مُطْلَقًا قَالَ الْخَطَّابِيُّ كَانَ ذَلِكَ قَضَاءً بِعِلْمِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَإِنَّهُ كَانَ يَعْلَمُ حَالَ أَبِي سُفْيَانَ فَقَضَى عَلَيْهِ وَهَذَا التَّقْدِيرُ فُتْيَا لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي سُفْيَانَ جَوَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْقَضَاءُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ فتتعين الْفتيا وبهذه الْقَاعِدَة يحْتَاج لِمَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ إِلَى جَوَابٍ عَنِ الْقَضَاءِ بِالْعِلْمِ فَاعْلَمْ ذَلِكَ قَاعِدَةٌ تَتَخَرَّجُ عَلَيْهَا مَسَائِلُ هَذَا الْفَصْلِ فِي التَّنَازُعِ الْمُدَّعِي مَنْ كَانَ قَوْلُهُ عَلَى خِلَافِ أَصْلٍ أَوْ ظَاهِرٍ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ الَّذِي يَحْلِفُ وَيُصَدَّقُ مَعَ يَمِينِهِ وَتَكُونُ الْبَيِّنَةُ عَلَى خَصْمِهِ مَنْ كَانَ قَوْلُهُ عَلَى وفْق الأَصْل كَقَوْلِك لي عِنْده دِينَارا فَيَقُولُ لَا فَقَوْلُهُ عَلَى وَفْقِ الْأَصْلِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ وَقَوْلُكَ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ فَعَلَيْكَ الْبَيِّنَةُ أَوْ كَانَ قَوْلُهُ عَلَى وَفْقِ الظَّاهِرِ كَقَوْلِ الْوَصِيِّ أَنْفَقْتُ الْمَالَ وَمِثْلُ الْيَتِيمِ لَا يَحْتَاجُهُ فَإِنَّهُ مُدَّعٍ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ لِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ الظَّاهِرِ وَقَوْلُ طَالِبِ الْمَالِ عَلَى وَفْقِهِ وَكَذَلِكَ قَابِضُ الْوَدِيعَةِ بِبَيِّنَةِ الظَّاهِرِ أَنَّهُ إِنَّمَا يَرُدُّ بِبَيِّنَةٍ فَإِذَا ادَّعَى خِلَافَهُ فَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ فَلَيْسَ كُلُّ طَالِبٍ مُدَّعِيًا يَحْتَاجُ لِلْبَيِّنَةِ وَلَيْسَ كُلُّ مَطْلُوبٍ مِنْهُ مُدَّعًى عَلَيْهِ يُصَدَّقُ مَعَ يَمِينِهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَبَعْضُ الْأَصْحَابِ يَقُولُ الْمُدَّعِي أَضْعَفُ الْمُتَدَاعِيَيْنِ سَبَبًا وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَقْوَى الْمُتَدَاعِيَيْنِ سَبَبًا وَمُرَادُهُ مَا ذَكَرْتُهُ الْعَاقِبَةُ الثَّانِيَةُ لِلْوَدِيعَةِ الضَّمَانُ عِنْدَ التَّلَفِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ إِلَّا عِنْدَ التَّقْصِيرِ وَلِلتَّقْصِيرِ سَبْعَةُ أَسْبَابٍ السَّبَبُ الْأَوَّلُ أَنْ يودع عِنْد غَيره أَو يرسلهما مَعَهُ وَفِيهِ ثَمَانِيَةُ فُرُوعٍ

الْفَرْع الأول فِي الْكتاب إِذا دَفعهَا لَا مرأته أَو خادمه ليرفعه فِي بَيْتِهِ وَمَنْ شَأْنُهُ أَنْ يُدْفَعَ لَهُ أَو غَيره أَو جيره كَذَا الَّذِي فِي عِيَالِهِ لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهُ شَأْنُ النَّاسِ وَيُصَدَّقُ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَوَافَقَنَا ح وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ش إِنْ أَوْدَعَ عِنْدَهُمْ بِغَيْرِ إِذْنِ الْمَالِكِ ضَمِنَ إِلَّا أَنْ يَسْتَعِينَ بِهِمْ بِحَيْثُ لَا يَغِيبُ عَيْنُهَا عَنْ عَيْنِهِ قِيَاسًا عَلَى الْأَجْنَبِيّ وَنقص مَا ذَكَرْنَاهُ بِمَا إِذَا أَوْدَعَ عِنْدَ مَنْ شَاءَ أَنْ يُودِعَ عِنْدَهُ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ علِمَ بِالْعَادَةِ أَنَّ الْوَدِيعَةَ لَا يَزِيدُ فِي حِفْظِهَا عَلَى حِفْظِ مَالِهِ وَهَذِهِ الْعَادَةُ مُطَّرِدَةٌ فِي الْعِيَالِ فِي مَالِ نَفْسِهِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ فَإِنَّهُ لَيْسَ مَعْلُومًا عَادَةً حَتَّى يَقْضِيَ بِهَا وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي أَنَّ الَّذِي عَادَتُهُ أَنْ يُودِعَ عِنْدَهُ مُشْتَغِلٌ بِنَفْسِهِ وَلَمْ يَأْذَنْ فِيهِ الْمَالِكُ وَعِيَالُهُ آلَةٌ لَهُ كَصُنْدُوقِهِ فَمَا خَرَجَتْ عَنْهُ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ وَفِي النُّكَتِ لَمَّا كَانَ الْعرف الدّفع إِلَى هَؤُلَاءِ بِغَيْر غشهاد كَانَ كَشَرْطِ الدَّفْعِ بِغَيْرِ إِشْهَادٍ كَمَا يَقُولُ فِي الرَّسُولِ يُشْتَرَطُ الدَّفْعُ لِلْمُرْسَلِ إِلَيْهِ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَيَحْلِفُ الْمُودَعُ عِنْدَهُ أَنَّهُ دَفَعَ لِامْرَأَتِهِ إِذَا أَنْكَرَتْ وَكَانَ مُتَّهَمًا وَإِلَّا فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ وَلَهُ تَحْلِيفُ امْرَأَتِهِ فَإِنْ نَكَلَ وَهُوَ مُعَيَّنٌ فَلِصَاحِبِ الْوَدِيعَةِ تَحْلِيفُهَا كَانَتْ مُتَّهَمَةً أَمْ لَا لِأَنَّهُ يَقُومُ مَقَامَ الزَّوْجِ فِي مُطَالَبَتِهَا بِالْغَرِيمِ كَغَرِيمِ الْغَرِيمِ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ لَوْ لَمْ يَكُنْ شَأْنُهُ الدَّفْعَ لِامْرَأَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالزَّوَاجِ أَوِ الشِّرَاءِ فِي الْأَمَةِ أَوْ لِأَنَّهُ لَا يَثِقُ بِهِمَا فِي مَالِهِ ضَمِنَ لِتَغْرِيرِهِ وَظَاهِرُ الْكِتَابِ يَقْضِيه قَالَ ابْنُ يُونُسَ يَظْهَرُ أَنَّهُ يَحْلِفُ كَانَ مُتَّهَمًا أَمْ لَا إِذَا أَنْكَرَتِ امْرَأَتُهُ لِأَنَّ هَا هُنَا مَنْ يَدَّعِي تَكْذِيبَهُ كَمَا إِذَا أَنْكَرْتَ أَنْتَ الدَّفْعَ إِلَيْكَ وَادَّعَاهُ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ كَانَ مُتَّهَمًا أَمْ لَا فَإِنْ حَلِفَ لِكَوْنِهِ مُتَّهَمًا فَنَكَلَ غَرِمَ وَضَمَّنَهُ أَشْهَبُ فِي وَضْعِهِمَا عِنْدَ غَيْرِهِ كَانَ فِي عِيَالِهِ أَمْ لَا قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قِيلَ قَوْلُ أَشْهَبَ لَيْسَ بِخِلَافٍ وَمَعْنَاهُ إِذَا كَانَتِ الْعَادَةُ عَدَمَ الدَّفْعِ لِلْعِيَالِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ تَكَلَّمَ عَلَى وَجْهٍ وَإِنَّمَا يَخْتَلِفَانِ إِذَا جُهِلَ الْعُرْفُ فِي الْبَلَد وَالْأَظْهَر

أَنَّ قَوْلَ أَشْهَبَ خِلَافٌ فَيَحْصُلُ فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ ثَالِثُهَا الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْعَادَةُ الدَّفْعَ أَمْ لَا وَلَوْ كَانَ الرَّجُلُ لَا يَدْفَعُ لِأَهْلِهِ مَالَهُ لَضَمِنَ فَإِنْ كَانَ عَادَةُ النَّاسِ الدَّفْعَ قَوْلًا وَاحِدًا الْفَرْعُ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَوْ خَافَ عَورَة منزلَة وَلم يجدك حَتَّى يوحيها كَذَا إِلَيْكَ أَوْدَعَهَا ثِقَةً وَلَا يُعَرِّضُهَا لِلتَّلَفِ وَلَا يَضْمَنُ لَكَ إِلَّا إِنْ فَعَلَ لِغَيْرِ هَذَا الَّذِي يَعْذُرُ بِهِ وَلَا يَصْدُقُ فِي إِرَادَةِ السَّفَرِ وَخَوْفِ عَوْرَةِ الْمَنْزِلِ حَتَّى يَعْلَمَ ذَلِكَ وَإِنْ أَوْدَعْتَهُ فِي السَّفَرِ فَأَوْدَعَهَا فِي السَّفَرِ ضَمِنَ لِدُخُولِكُمَا مَعًا فَلَا يُغَيِّرَاهُ وَوَافَقَنَا ش فِي أَنَّهُ لَا يُسَافِرُ بِهَا وَقَالَ يُسَلِّمُهَا لِوَكِيلِهَا أَوِ الْحَاكِمِ أَوْ ثِقَةٍ فِي الْبَلَدِ فَمَهْمَا أَمْكَنَ ذَلِكَ ضَمِنَ بِالسَّفَرِ وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ لَهُ السَّفَرُ بِهَا إِنْ كَانَ السَّفَرُ غَيْرَ مُخَوِّفٍ وَلَمْ يَنْهَهُ عَنِ السَّفَرِ كَمَا لَوْ نَقَلَهَا مِنْ بَيْتٍ إِلَى بَيْتٍ مِثْلِهِ غَيْرِ مَخُوفٍ وَجَوَابُهَا أَنَّ السَّفَرَ مَظِنَّةُ الْهَلَاكِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمُسَافِر ومتاعه على فَلت إِلَّا مَا وَقَى اللَّهُ وَلِأَنَّهُ إِذَا أَوْدَعَ عِنْدَ غَيْرِهِ ضَمِنَ لِأَنَّ الْعَادَةَ شَهِدَتْ بِأَنَّكَ أَذِنْتَ لَهُ بِالْحِفْظِ بِنَفْسِهِ دُونَ التَّوْكِيلِ كَذَلِكَ شَهِدَتِ الْعَادَةُ أَنَّكَ إِنَّمَا أَذِنْتَ فِي الْحَضَرِ دون السّفر فَائِدَة الفلة الْهَلَاكُ وَفِي النُّكَتِ إِذَا كَانَ الْمَنْزِلُ مُسَوَّرًا وَأَنْتَ عَالِمٌ بِهِ فَأَوْدَعَ لِغَيْرِهِ ضَمِنَ لِدُخُولِكَ عَلَى ذَلِكَ كَمَا إِذَا أَوْدَعَ فِي السَّفَرِ إِلَّا أَنْ يَزْدَادَ الْعَوَارُ أَوْ يَزْدَادَ خَوْفُهُ كَلُصُوصٍ عَايَنْتَهُمْ فَتَدْفَعُ الْوَدِيعَةَ لِمَنْ يَهْرُبُ بِهَا وَنَحْوَهَا لِأَنَّهُ غَيْرُ مَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُودَعِ لَا يُودِعُ غَيْرَهُ وَالْمُلْتَقِطِ يَدْفَعُ اللُّقَطَةَ لِمَنْ هُوَ فِي مِثْلِ حَالِهِ يَحْفَظُهَا وَإِنْ كَانَ الْجَمِيعُ أَمَانَةً أَنَّ الْمُودِعَ

رَضِيَ أَمَانَتَهُ دُونَ غَيْرِهِ وَالْمُلْتَقِطَ لَمْ يَعْلَمْ فَيَكُونُ لَهُ رِضًا مُعْتَبَرٌ بَلْ مَقْصُودٌ بِالْحِفْظِ فَقَطْ وَالْأَوَّلُ وَالثَّانِي سَوَاءٌ فِي هَذَا الْمَقْصُودِ وَلَيْسَا مُسْتَوِيَيْنِ فِي مَقْصُودِ الْمُودِعِ فَافْتَرَقَا وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا أَوْدَعَ عِنْدَ غَيْرِهِ تَعَدِّيًا ثُمَّ رَدَّهَا بَرِئَ مِنَ الضَّمَانِ بَعْدَ ذَلِكَ كَرَدِّهِ لِمَا يُتْلِفُ الْفَرْعُ الثَّالِثُ إِذَا رَدَّ الْوَدِيعَةَ أَوِ الْقِرَاضَ مَعَ رَسُولِهِ ضَمِنَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَمَرَهُ بِذَلِكَ وَلَوْ أَوْدَعَ عِنْدَ غَيْرِهِ لِغَيْرِ عُذْرٍ ثُمَّ رَدَّهَا لَمْ يَضْمَنْ كَرَدِّهِ لِمَا تَسَلَّفَ مِنْهَا وَوَافَقَنَا الْأَئِمَّةُ فِي أَنَّهُ لَا يُوَدِعُ لِغَيْرِهِ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ وَعَنْ ح الضَّمَانُ عَلَى الْأَوَّلِ وَخَيَّرَكَ ش فِي تَضْمِينِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي لِأَنَّ الْأَوَّلَ مُتَعَدٍّ بِالتَّفْرِيطِ وَالْمُخَالَفَةِ وَالثَّانِي بِوَضْعِ الْيَدِ وَوَافَقَنَا ح فِي الْبَرَاءَةِ مِنَ الضَّمَانِ بِالرَّدِّ وَخَالَفَنَا ش وَابْنُ حَنْبَلٍ لِأَنَّ عِنْدَهُمَا بِالضَّمَانِ صَارَ جَانِيًا فَسَقَطَتْ أَهْلِيَّتُهُ لِلْحِفْظِ فَلَا يَبْرَأُ مِنَ الضَّمَانِ إِلَّا بِالرَّدِّ لَكَ أَوْ لِوَكِيلِكَ لَنَا أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْحِفْظِ فِي سَائِرِ الْأَزْمَانِ فَلَا يَسْقُطُ الْإِذْنُ مِنَ الزَّمَانِ الثَّانِي وَلَا يَتَغَيَّرُ حُكْمُهُ كَمَا لَوْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ لَا يَسْقُطُ الْأَمْرُ بِصَوْمٍ يَأْتِيهِ فَكَالْوَكِيلِ يَلْبَسُ الثَّوْبَ الْمُوَكَّلَ عَلَى بَيْعِهِ وَأَجَابُوا عَنِ الْأَوَّلِ بِأَنَّ أَمْرَ الْمُودِعِ مُقَيَّدٌ بِالْعُرْفِ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَهُ احْفَظْ مَا دُمْتَ أَمِينًا بِخِلَافِ الصَّوْمِ فَإِنَّ الْعَادَةَ أَنْ يُسْتَوْدَعَ الْأَمِينُ فَهُوَ كَالصَّوْمِ الْمُقَيَّدِ بِرَمَضَانَ لَا يَتَعَدَّى لِغَيْرِهِ وَعَنِ الثَّانِي الْوَكَالَةُ تَتَضَمَّنُ أَمَانَةً وَتَصَرُّفًا فَإِذَا بَطَلَ أَحَدُهُمَا بَقِيَ الْآخَرُ الْفَرْعُ الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ إِذَا جَاءَ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَهُ لِقَبْضِهَا فَصَدَّقَهُ وَدَفَعَ فَضَاعَتْ ضَمِنَ الدَّافِعُ وَرَجَعَ عَلَى الْقَابِضِ مِنْهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ لَيْسَ عَلَى الْمُودَعِ أَنْ يُسَلِّمَ الْوَدِيعَةَ بِأَمَارَةِ الْمُودِعِ وَلَا بِكِتَابَه وَإِنِ اعْتَرَفَ أَنَّهُ خَطُّكَ إِلَّا أَنْ يُثْبِتَ الرَّسُولُ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَنَّهُ خَطُّكَ لِأَنَّكَ لَوْ كُنْتَ حَاضِرًا لَمْ يَكُنْ لَكَ أَخْذُهَا حَتَّى يَشْهَدَ لَهُ مِمَّنْ

يُرِيدُ مِنْ حَقِّهِ الْإِبْرَاءَ قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَالشَّهَادَةُ على الْقَبْض لَا تبرئه إِذا حجدت إِلَّا أَنْ يَعْتَرِفَ أَنَّكَ وَصَّيْتَهُ بِذَلِكَ فَرَضِيَ بِهِ فَيَلْزَمُهُ مَا رَضِيَ بِهِ فَإِنْ وَصَّيْتَ أَنْ يَدْفَعَهَا إِلَى الرَّسُولِ بِغَيْرِ أَمَارَةٍ وَلَا كِتَابٍ وَالْوَدِيعَةُ عَيْنٌ وَهُوَ مُوسِرٌ جَازَ رِضَاهُ بِذَلِكَ وَأُلْزِمَ ذَلِكَ فَإِنْ أَنْكَرْتَ ذَلِكَ غَرِمَ الْمِثْلَ فَلَا ضَرَرَ عَلَيْكَ وَإِنْ كَانَتْ عَرْضًا أَوْ غَيْرَ مِثْلِيٍّ أَوْ عَيْنًا وَهُوَ مُعْسِرٌ امْتَنَعَ رِضَاهُ نَفْيًا لِضَرَرِكَ وَإِذَا دَفَعَ بِأَمَارَةٍ أَو كتاب من غير ثَبت أيقول كَذَا الرَّسُولُ خَاصَّةً فَالْقَوْلُ قَوْلُكَ مَعَ يَمِينِكَ فِي نَفْيِ ذَلِكَ وَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ إِغْرَامِ الرَّسُولِ أَوِ الْمُودِعِ وَلَا يَرْجِعُ الرَّسُولُ عَلَيْهِ إِنْ غَرِمَ فَإِنْ أَغْرَمْتَ الْمُودَعَ فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ يَرْجِعُ عَلَى الرَّسُولِ لِأَنَّهُ قَبَضَ وَلَمْ يَثْبُتِ اسْتِحْقَاقُهُ وَمَنَعَ أَشْهَبُ لِأَنَّهُ صَدَّقَهُ الْفَرْعُ الْخَامِسُ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ يَجِبُ الْإِشْهَادُ إِذَا اسْتَوْدَعَهَا عِنْدَ غَيْرِهِ لِضَرُورَةٍ وَهُوَ ضَامِنٌ إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّهُ أَوْدَعَهَا عِنْدَ غَيْرِهِ وَيَعْلَمُ السَّبَبَ الْمُقْتَضِيَ لِكَوْنِهِ يُبِيحُ لَهُ الْإِيدَاعَ عِنْدَ الْغَيْرِ فَإِذَا عَلِمَ السَّبَبَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ الْفَرْعُ السَّادِسُ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا قُلْتَ أُودِعُ مَالِي عِنْدَكَ فَقَالَ لَكَ ادْفَعْهُ لِعَبْدِي فَدَفَعْتَهُ فَاسْتَهْلَكَهُ الْعَبْدُ هُوَ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ وَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ غَرَّكَ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي ذمَّة العَبْد بِإِقْرَارِهِ حَتَّى تشهد بَينته بِاسْتِهْلَاكِهِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَقِيلَ يَضْمَنُ السَّيِّدُ إِذْ غَرَّكَ عَلَى الْخِلَافِ فَالْغُرُورُ بِالْقَوْلِ وَإِذَا ضَمِنَ السَّيِّدُ بيعَ ذَلِكَ الْعَبْدِ وَغَيْرَهُ مِنْ مَالِهِ الْفَرْعُ السَّابِعُ قَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ إِذَا قُلْتَ لِلْحَاكِمِ أُودِعْتُ هَذَا وَأَمَرَنِي الْمُودِعُ أَنْ أُسَلِّمَهُ لِوَرَثَةِ فُلَانٍ بِأَمْرِكَ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا ثَبَتَ عِنْدَ الْحَاكِمِ الْوَرَثَةُ كَتَبَ إِلَيْكَ أَنَّكَ ذَكَرْتَ أَنَّ فُلَانًا أَمَرَكَ بِدَفْعِهِ إِلَى فُلَانٍ بِأَمْرِي وَإِنِّي أَمَرْتُكَ أَنْ تَدْفَعَهَا إِلَيْهِمْ بَعْدَ أَنْ ثَبَتَ عِنْدِي أَنَّهُمْ وَرَثَةُ فُلَانٍ

الْفَرْعُ الثَّامِنُ قَالَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا أَوْدَعْتَ ثُمَّ أَقْرَرْتَ أَنَّهَا لِزَيْدٍ الْغَائِبِ فَلَكَ قَبْضُهَا مِمَّنْ أَوْدَعْتَهَا عِنْدَهُ بِالْحُكْمِ وَلَا يَمْنَعُكَ إِقْرَارُكَ قَبْضَهَا فِي غَيْبَتِهِ لِأَنَّكَ الَّذِي أَوْدَعْتَهَا لِأَنَّهُ لَمْ يُعْلَمْ إِلَّا مِنْ قِبَلِكَ وَلَمْ يَظْهَرْ تَعَدِّيكَ وَلِذَلِكَ مَا أَوْدَعْتَهُ عِنْدَ سَفَرِكَ مِنْ وَدِيعَةٍ أَوْ مَا وَكَّلْتَ عَلَيْهِ لَكَ قَبْضُ الثَّمَنِ وَلَوْ قَدِمَ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ فَطَلَبَهَا مِنْكَ وَأَنْتَ مُقِرٌّ أَنَّ مَنْ أَوْدَعَهَا عِنْدَكَ ذَكَرَ أَنَّهَا لِهَذَا الطَّالِبِ فَلَكَ مَنْعُهُ إِلَّا بِشَاهِدَيْنِ عَلَى إِقْرَارِ مُودِعِهَا بِذَلِكَ لِأَنَّكَ لَا تَبْرَأُ مِنْهُ إِنْ جَحَدَكَ إِلَّا بِهَذَا أَوْ يَقُومُ شَاهِدٌ مَعَكَ فَيَقْضِي لَهُ السُّلْطَانُ بِهَا أَوْ بِشَهَادَتِكَ مَعَ يَمِينِ طَالِبِهَا وَإِنْ لَمْ يَقْضِ لَهُ بِشَيْءٍ ثُمَّ قَدِمَ الَّذِي أَوْدَعَكَهَا وَقَدْ غَابَ رَبُّهَا فَعَلَيْكَ دَفْعُهَا إِلَيْهِ وَإِنْ عَلِمْتَ أَنَّهَا لِغَيْرِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ دَارًا فَدَفَعْتَهَا إِلَيْهِ فَهَدَمَهَا وَأَتْلَفَ بَعْضَهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْكَ إِنْ جَاءَ رَبُّهَا لِأَنَّكَ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فِي فِعْلِكَ وَكَذَلِكَ لَوْ أَقْرَرْتَ أَنَّهُ أَمَرَكَ بِدَفْعِهَا إِلَيْهِ أَوْ يَرْفَعُ حَوَالَةً عَلَيْكَ السَّبَبُ الثَّانِي نَقْلُ الْوَدِيعَةِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا خَرَجَ الْوَصِيُّ بِالتَّرِكَةِ إِلَى بَلَدِ الْوَارِثِ لِأَنَّهُ كَتَبَ إِلَيْهِ فَلم يأتها كَذَا خَبَرٌ ضَمِنَهَا مِنْ حِينِ خُرُوجِهِ بِغَيْرِ أَمْرِ الْوَارِثِ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ خَرَّجَ بَعْضُ الشُّيُوخِ الْخِلَافَ فِي هَذَا مِنْ خِلَافٍ لِأَصْبَغَ فِي تَوْجِيهِ الْقَاضِي مَالَ الْيَتِيمِ فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ وَلِمَالِكٍ فِي الْمَوَّازِيَّةِ فِي الْأَوْصِيَاءِ فِي الْمُبْضِعِ تَحْدُثُ لَهُ إِقَامَةٌ فَيَبْعَثُ بِالْمَالِ لِرَبِّهِ وَلَا يَضْمَنُ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ ذَلِكَ أَيْضًا فِي الْمُسْتَأْمَنِ يَمُوتُ عِنْدَنَا وَيَتْرُكُ مَالًا وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا نَقَلَ جَرَّةَ الزَّيْتِ فِي بَيْتِهِ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى مَوْضِعٍ فَانْكَسَرَتْ لَا يَضْمَنُ بِخِلَافِ لَوْ سَقَطَ عَلَيْهَا شَيْءٌ مِنْ يَدِهِ فَانْكَسَرَتْ أَوْ رَمَى فِي بَيْتِهِ شَيْئًا غَيْرَهَا فَأَصَابَهَا ضَمِنَ لِأَنَّهَا جِنَايَةٌ لَمْ تُتَعَمَّدْ قَالَ أَشْهَبُ وَلَوْ سَقَطَتْ مِنْ يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْ سُؤَالٌ كَمَا أَذِنَ لَهُ فِي نَقْلِ الْوَدِيعَةِ فِي مَنْزِلِهِ أَذِنَ لَهُ بِالتَصَرُّفِ فِي مَنْزِلِهِ بِشَيْلِ مَتَاعِهِ فِي يَدِهِ فَهَلَكَتِ الْوَدِيعَةُ فِي الصُّورَتَيْنِ بِأَمْرٍ مَأْذُونٍ فِيهِ فَلِمَ يَضْمَنُ فِي أَحَدِهِمَا دُونَ الآخر

جَوَابُهُ الْإِذْنُ فِي تَحْوِيلِهَا فِي أَرْكَانِ بَيْتِهِ مِنْ قِبَلِ صَاحِبِ الْمَالِ فَاعْتُبِرَ إِذْنُهُ فِي عَدَمِ تَضْمِينِ مَالِهِ وَحَمْلُ مَتَاعِهِ فِي بَيْتِهِ لَيْسَ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْمَالِ بَلْ مِنْ قِبَلِ الشَّرْعِ وَإِنَّمَا يُسْقِطُ الضَّمَانُ إِذْنَ أَرْبَابِ الْمَالِ لِأَنَّ مَنْ فَتَحَ بَابَهُ فَأَتْلَفَ مَالًا بِذَلِكَ ضَمِنَهُ مَعَ حُصُولِ الْإِذْنِ الشَّرْعِيِّ فِي الْفَتْحِ وَمَنْ أَكَلَ ضِيَافَةَ إِنْسَانٍ لَمْ يَضْمَنْهَا لِحُصُولِ إِذْنِ الْمَالِكِ وَأَمَّا نَقْلُ الْوَدِيعَةِ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ فَلَيْسَ فِيهِ إِذْنُ الْمَالِكِ وَلَا غَيْرُهُ فَلَا جَرَمَ ضَمِنَ فَهَذِهِ فُرُوقُ هَذِهِ الْفُرُوعِ السَّبَبُ الثَّالِثُ خَلْطُ الْوَدِيعَةِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا خَلَطَ الدَّرَاهِمَ فَضَاعَ الْجَمِيعُ لَمْ يَضْمَنْ أَوْ بَعْضُهُ فَمَا ضَاعَ ضَمِنَهُ وَمَا بَقِيَ بَيْنَكُمَا لِأَنَّ دَرَاهِمَكَ لَا تُعْرَفُ مِنْ دَرَاهِمِهِ وَلَوْ عُرِفَتْ لَكَانَتْ مُصِيبَتُهَا دَرَاهِمَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُ وَكَذَلِكَ الْحِنْطَةُ إِذَا خَلَطَهَا بِمِثْلِهَا لِلِاحْتِرَازِ وَالْفَرْقِ أَوْ بِحِنْطَةٍ مُخَالِفَةٍ لَهَا أَوْ بِشَعِيرٍ ثُمَّ ضَاعَ الْجَمِيعُ ضَمِنَ لِأَنَّ هَذَا الْخَلْطَ فَوْتٌ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ صَبِيٌّ فَهِيَ مَاله فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَفِي ذِمَّتِهِ لَكَ مِثْلُ حِنْطَتِكَ وَلَهُ مِثْلُ شَعِيرِهِ لِتَعَدِّيهِ عَلَيْكُمَا وَلَكَ تَرْكُ الصَّبِيِّ وَمُشَارَكَتُهُ فِي الْمُخْتَلط بِقدر قِيمَته طَعَامِكُمَا بَعْدَ الْعِلْمِ بِمَكِيلَتِهِ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالَيْكُمَا فَلَكُمَا أَخْذُهُ وَلَيْسَ لِأَحَدِكُمَا أَنْ يُعْطِيَ الْآخَرَ مِثْلَ طَعَامِهِ وَيُبْقِيَ لَهُ الْمَخْلُوطَ لِأَنَّهُ بَيْعٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُتَعَدِّي لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ قَضْيُ مَا لَزِمَ لَا بَيْعٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ يُرِيدُ بِالِاحْتِرَازِ خَلْطَهُمَا لِفَرْقٍ مِنْ جِهَةِ الْكِرَاءِ وَأَضْبَطُ لِلْحِفْظِ فَإِنْ خَلَطَ لِغَيْرِ هَذَا مِنْ بَعْدُ أَوْ أَخَذَهُمَا لِنَفْسِهِ ضَمِنَ وَالطَّعَامُ وَالدَّرَاهِمُ فِي هَذَا سَوَاءٌ وَقَوْلُهُ لَوْ عُرِفَتِ الدَّرَاهِمُ لَكَانَتْ مُصِيبَةً كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا مُخْتَلِفَةٌ وَإِنْ خَلَطَهَا بِالْمُخَالِفَةِ لَا يَضْمَنُ لِتَمْيِيزِهَا وَكَذَلِكَ يَجِبُ فِي الدَّرَاهِمِ بِالدَّنَانِيرِ وَمَنَعَ سَحْنُونٌ رِضَاكُمَا بِالشَّرِكَةِ فِي الْحَبِّ الْمَخْلُوطِ كَمَا يَمْتَنِعُ خَلْطُكُمَا لِذَلِكَ ابْتِدَاءً لِغَرَضِ الشَّرِكَةِ وَاخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِ شَرِكَةِ الْكِتَابِ فَفَسَّرَهُ سَحْنُونٌ بِأَنَّهُ يَزِيدُ بِقِيمَةِ مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ غَيْرِ مَخْلُوطٍ لِأَنَّهُ الَّذِي طَرَأَ عَلَيْهِ الْعُدْوَانُ لِأَنَّهُ الْوَاقِعُ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ وَقِيلَ بِقِيمَةِ الْقَمْحِ مَعِيبًا فَمَا خَلَطَهُ بِهِ مِنَ الشَّعِيرِ مُجَرَّدًا إِذْ لَا يعِيبهُ

الْقَمْحُ قَالَهُ سَحْنُونٌ قَالَ وَتَحْقِيقُ ذَلِكَ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا بِيعَ الْمَخْلُوطُ اقْتَسَمَا الثّمن على قدر قِيمَته كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَقَالَ أَشْهَبُ يَشْتَرِكَانِ بِالْكَيْلِ لَا بِالْقِيَمِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بَدَّلَ نِصْفَ طَعَامِهِ بِنِصْفِ طَعَامِ الْآخَرِ وَالْكَيْلُ سَوَاءٌ وَلَمْ يُجْرِهِ عَلَى الْقِيَمِ لِأَنَّهُ عِنْدَهُ كَابْتِدَاءِ الشَّرِكَةِ عَلَى خَلْطِ النَّوْعَيْنِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ خَلْطُ الْمِثْلِيِّ إِذَا لَمْ يَتَمَيَّزْ فَوْتٌ كَانَ بِالْجِنْسِ كَالْحِنْطَتَيْنِ أَوْ بِغَيْرِ الْجِنْسِ كَدَهْنِ الْوَرْدِ بِالزَّيْتِ وَمُنِعَ مِنَ الشَّرِكَةِ لِتَقَرُّرِ مِلْكِ الْمُودَعِ عَلَى الْجَمِيعِ بِالضَّمَانِ وَقَالَ ح إِذَا اخْتَلَطَتْ بِمَالِهِ بِغَيْرِ فِعْلِهِ لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّ الِاسْتِدْلَالَ لَيْسَ مِنْ جِهَتِهِ وَتَعَيَّنَتِ الشَّرِكَةُ لَنَا أَنَّ الْمِلْكَ يَجِبُ اسْتِصْحَابُهُ بِحَسْبِ الْإِمْكَانِ وَالشَّرِكَةَ إِبْقَاءٌ لِلْمِلْكِ الْأَوَّلِ بِحَسْبِ الْإِمْكَانِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يقتسما الطَّعَام بَينهمَا على قِيمَته الطَّعَامَيْنِ بِخِلَافِ الْكَيْلِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِبَيْعٍ فَيَنْتَقِلَانِ فِي الأول عَن كيل مَعْلُوم إِلَى قِيمَته مَجْهُولَةٍ وَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِتَعَدِّيهِمَا فِي قِيمَتِهِمَا بِالْخَلْطِ وَلَوْ كَانَ الْمَالِكُ لَهُمَا جَائِزَ الْأَمْرِ لَيْسَ بِصَبِيٍّ امْتَنَعَ رِضَاكُمَا بِالْقِسْمَةِ لِأَنَّهُ يَقُولُ لَكُمَا عَلَي قَمْح وَشَعِير غَيْر مُخْتَلِطٍ فَلَيْسَ لَكُمَا أَنْ تَأْخُذَا مِنِّي غَيْرَ مَا وَجَبَ عَلَيَّ فَلَوْ ضَمِنَهُ أَحَدُكُمَا مِثْلَ طَعَامِهِ وَطَلَبَ الْآخَرُ الشَّرِكَةَ امْتَنَعَ لِأَنَّ نَصِيبَ الْمَضْمُونِ صَارَ لِلْمُتَعَدِّي فَالْمُشَارِكُ يَأْخُذُ مِنْهُ قَمْحًا وَشَعِيرًا عَنْ قَمْحٍ بِغَيْرِ رِضَا رَبِّهِ وَجَوَّزَ أَشْهَبُ أَنْ يُعْطِيَ أَحَدَهُمَا مِثْلَ طَعَامِهِ وَيَأْخُذَ جَمِيعَ الْمَخْلُوطِ مِنْ غَيْرِ التَّعَدِّي وَرَضِيَا قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا خَلَطَهُمَا بِمَا يَتَمَيَّزُ وَهُوَ قَلِيلٌ لَمْ يَضْمَنْ أَوْ بِعَظِيمٍ حَتَّى أَشْهَرَ الْوَدِيعَةَ ضَمِنَ قَالَهُ فِي النَّقْدَيْنِ وَإِذَا خَلَطَ الْقَمْحَ بِمِثْلِهِ ضمنه عَبْدُ الْمَلِكِ خِلَافًا لِلْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّهُ مِمَّا تَخْتَلِفُ فِيهِ الْأَغْرَاضُ فَعِنْدَ بَعْضِ النَّاسِ هُوَ غَيْرُ مِثْلِهِ وَقَدْ مَنَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ الشَّرِيكَ فِي الطَّعَامِ مِنْ مُقَاسَمَةِ مَنْ ثَمَّنَهُ حَتَّى يُقَاسِمَهُ السُّلْطَانُ وَقِسْمَةُ الصَّبْرَةِ الْوَاحِدَةِ أَقَلُّ اخْتِلَافًا فِي الْأَغْرَاضِ مِنْ خَلْطِ الطَّعَامَيْنِ وَمَعْلُومٌ مِنَ النَّاسِ كَرَاهَةُ خَلْطِ زَيْتِ أَحَدِهِمَا بِزَيْتِ غَيْرِهِ وَقَمْحِهِ بِقَمْحِهِ وَإِن كَانَ الْمُودع غير مَأْمُون فأبين لاتهمامه فِي الْخَلْط

بِالدُّونِ فِي اعْتِقَادِهِ وَإِذَا خَلَطَ الطَّعَامَ أَوِ الدَّرَاهِمَ بِمِثْلِهَا فَضَاعَ بَعْضُ ذَلِكَ فَهُمَا شَرِيكَانِ فِي الْبَاقِي عَلَى قَدْرِ مَا لَهُمَا وَيَتَّفِقُ مَالك وَابْن الْقَاسِم فِي هَذَا وَكَذَلِكَ مَسْأَلَة كَذَا لِأَنَّهُمَا كَانَا شَرِيكَيْنِ قَبْلَ الطَّعَامِ فَيَكُونُ الضَّيَاعُ بَيْنَهُمَا كَمَا لَوْ كَانَ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ هُوَ الْمُشَارِكَ لَهُ فِيهَا وَكَذَلِكَ مَسْأَلَةُ الدِّينَارِ يَخْتَلِطُ بِدِينَارٍ لِغَيْرِكَ لَوْ نَظَرَ إِلَى الَّذِي اخْتَلَطَ فِيهَا قَبْلَ الضَّيَاعِ فَلَمْ يُوجَدْ ثُمَّ ضَاعَ مِنْهَا شَيْءٌ اشْتَرَكَا فِي جَمِيعِهِمَا عَلَى قَدْرِ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا وَإِذَا ضَمِنَ أَحَدُهُمَا الْمُتَعَدِّي وَطَلَبَ الْآخَرُ الْبَقَاءَ عَلَى الشَّرِكَةِ جَازَ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ إِذَا كَانَ الْمُضَمِّنُ هُوَ صَاحِبَ الشَّعِيرِ لِأَنَّ صَاحِبَ الْقَمْحِ يَكُونُ شَرِيكًا بِقَفِيزِ قَمْحٍ مَعِيبٍ وَلَوْ أَنَّهُ صَاحِبُ الْقَمْحِ لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِ الشَّعِيرِ الْمُشَارَكَةُ بِالنِّصْفِ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ الْفَضْلَ مِنْ حَقِّهِ إِلَّا أَنْ يَرْضَى بِذَلِكَ الْمُتَعَدِّي وَيَجُوزُ عَلَى رَأْي ابْن الْقَاسِم وطلقا كَذَا أَيُّهُمَا ضَمِنَ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ عَلَى الْقِيَمِ وَعَلَيْهِ يَقْتَسِمَانِ الثَّمَنَ بِجَعْلِهِمَا إِذَا رَفَعَا الْعَدَاءَ كَاخْتِلَافِهِمَا بِأَمْرٍ مِنَ اللَّهِ وَكَأَنَّهُمَا لَمْ يَخْتَارَا تَضْمِينَهُ قَطُّ كَخَلْطِ الرِّبْحِ أَوِ الدَّابَّةِ لَهُ فَالشَّرِكَةُ عَلَى الْقِيَمِ الْقَمْحُ مَعِيبٌ وَالشَّعِيرُ غَيْرُ مَعِيبٍ وَتَمْتَنِعُ قِسْمَتُهُ عَلَى الْقِيَمِ لِأَنَّهُ رِبًا وَلَوْ سقط ثوب فِي صبغ صباغ وَقِيمَته الثَّوْبِ دِينَارَانِ وَقِيمَةُ الصَّبْغِ دِينَارٌ خُيِّرْتُمَا فِي الشَّرِكَةِ فِيهِ عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلْثَيْنِ أَوْ بَقِيَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا عَلَى مِلْكِهِ فَإِذَا بِيعَ اقْتَسمَا على قِيمَته يَوْم البيع وَإِن نقص الصَّبْغ أَوْ نَزَلَ السُّوقَ يَوْمَ الْبَيْعِ اشْتَرَكْتُمَا بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْبَيْعِ وَقَالَ أَشْهَبُ فِي الطَّعَامَيْنِ إِنَّكُمَا مَلَكْتُمَا التَّضْمِينَ فَإِنَّمَا تَأْخُذَانِ ذَلِكَ عَنِ الْوَاجِبِ فِي ذِمَّةِ الْمُتَعَدِّي فَلَا يَجُوزُ إِلَّا عَلَى التَّسَاوِي كَمَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ لَكُمَا فِي ذِمَّتِهِ مِنْ غَيْرِ تَعَدُّدٍ فَإِنْ أَرَدْتُمَا بَيْعَهُ جَازَ لِأَنَّهُ بِيع نِصْفِ قَفِيزِ قَمْحٍ بِنِصْفِ قَفِيزِ شَعِيرٍ جَائِزٌ وَلَمْ يُجْبَرْ أَحَدُكُمَا عَلَى تَسْلِيمِ جَمِيعِهِ وَيَأْخُذُ مِثْلَ نَصِيبِهِ لِئَلَّا يُبَاعَ عَلَيْهِ مِلْكُهُ جَبْرًا وَفِي النَّوَادِرِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا أَوْدَعْتَ عِنْدَهُ ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ

وَآخر دينارين وَآخر دِينَارا فخلطهما وَذَهَبَ مِنْهَا دِينَارٌ فَلَكَ مِنَ الْخَمْسَةِ الْبَاقِيَةِ ثَلَاثَةٌ إِلَّا رُبُعَ وَلِصَاحِبِ الِاثْنَيْنِ اثْنَانِ إِلَّا رُبُعَ وَلِلْآخَرِ نِصْفُ دِينَارٍ لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِي مِنَ الْخَمْسَةِ إِلَّا دِينَارًا فَيُعْزَلُ وَتَبْقَى أَرْبَعَةٌ فَيَدَّعِي مِنْهَا صَاحِبُ الِاثْنَيْنِ اثْنَيْنِ فَيُعْزَلَانِ فَتَبْقَى اثْنَانِ لَا يَدَّعِيهِمَا إِلَّا صَاحِبُ الثَّلَاثَةِ فَيَأْخُذُهُمَا ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى الثَّلَاثَةِ الْمَعْزُولَةِ فَتَجِدُ صَاحِبَ الدِّينَارِ لَا يَدَّعِي مِنْهَا إِلَّا دِينَارًا فَيُعْزَلُ وَيَبْقَى اثْنَانِ فَيُقَالُ لِصَاحِبِ الثَّلَاثَةِ الَّذِي أَخَذَ الِاثْنَيْنِ إِنَّكَ لَا تَدَّعِي فِي هَذِهِ إِلَّا دِينَارًا فَيُعْزَلُ وَيَبْقَى دِينَارٌ لَا يَدَّعِيهِ إِلَّا صَاحِبُ الِاثْنَيْنِ فَيَأْخُذُهُ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى الدِّينَارَيْنِ الْمَعْزُولَيْنِ فَصَاحِبُ الدِّينَارَيْنِ لَا يَدَّعِي فِيهِمَا إِلَّا دِينَارًا وَيَبْقَى دِينَارٌ فَيُقَسَّمُ بَيْنَ صَاحِبِ الثَّلَاثَةِ وَصَاحِبِ الِاثْنَيْنِ نِصْفَيْنِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَدَّعِي جَمِيعَهُ وَيَبْقَى الدِّينَارُ فَيُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ لِصَاحِبِ الدِّينَارِ نِصْفُهُ لِأَنَّهُ يَدَّعِيهِ وَلِلْآخَرِينَ نَصِفُهُ لِأَنَّهُمَا يَدَّعِيَانِ الْكُلَّ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ مَالِكٌ إِنَّ الدِّينَارَ التَّالِفَ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ عَلَى الْأَجْزَاءِ عَلَى صَاحِبِ الثَّلَاثَةِ ثَلَاثَةُ أَجْزَاءٍ وَعَلَى صَاحِبِ الِاثْنَيْنِ جُزْءَانِ وَأَخَذَ بِكُلِّ قَوْلٍ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَصْحَابِ وَالْعُلَمَاء وَهَذَا كُلُّهُ إِذَا لَمْ يُعْرَفِ الدِّينَارُ أَمَّا لَوْ عُرِفَ فَمُصِيبَتُهُ مَنْ صَاحِبُهُ السَّبَبُ الرَّابِعُ الِانْتِفَاعُ بِالْوَدِيعَةِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا اسْتُهْلِكَ بَعْضُ الْمِثْلِيِّ ثُمَّ هَلَكَتْ بَقِيَّتُهُ لَمْ يَضْمَنْ إِلَّا مَا اسْتَهْلَكَ أَوَّلًا لِأَنَّهُ الَّذِي طَرَأَ عَلَيْهِ الْعُدْوَانُ وَلَوْ رَدَّهُ لَمْ يَضْمَنْهُ وَيُصَدَّقُ فِي رَدِّهِ كَمَا يُصَدَّقُ فِي رَدِّهَا إِلَيْكَ وَكَذَلِكَ لَوْ تَسَلَّفَ جَمِيعَهُ ثُمَّ رَدَّ مِثْلَهُ مَكَانَهُ وَكَذَلِكَ لَوْ أَخَذَهُ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ السَّلَفِ لَمْ يَضْمَنْ إِنْ هَلَكَ بَعْدَ ذَلِكَ بِخِلَافِ إِبْلَاءِ الثَّوَاب وَيَرُدُّ مِثْلَهُ لِلُزُومِ الْقِيمَةِ لَهُ بِالِاسْتِهْلَاكِ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ لَمْ يُبَيِّنْ غَيْرَ السَّلَفِ أَهْوَ عُدْوَانٌ أَمْ لَا وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْكُلَّ سَوَاءٌ لِأَنَّهُ لُزُوم ذِمَّتِهِ فَأَخْرَجَهُ عَنْ ذِمَّتِهِ لِلْأَمَانَةِ كَمَا كَانَتْ قبل وَقيل لَعَلَّ مَعْنَاهَا اذا لم يعلم قصدي التَّعَدِّي وَلَوْ عُلِمَ قَصْدُ الْأَخْذِ بِنِيَّةِ الرَّدِّ لَضَمِنَ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَوْ رَدَّهَا بِنِيَّةٍ لِخُرُوجِهِ عَنِ الْأَمَانَةِ لِلْغَصْبِ بِالتَّعَدِّي وَقَالَ ش مَتَى حَلَّ خَيْطُ الْخَرِيطَةِ أَوْ فَتَحَ الصُّنْدُوقَ الَّتِي

أَوْدَعْتَهُ فِيهِ ضَمِنَ لِهَتْكِهِ حِرْزَ الْوَدِيعَةِ مِنْ غَيْرِ عَدْلٍ وَوَافَقَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ وَضَمِنَهُ ح الْخَيْط دُونَ الْمَرْبُوطِ لِأَنَّهُ تَعَدَّى عَلَيْهِ دُونَ مَا فِي الْكِيسِ أَوِ الصُّنْدُوقِ وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ إِذَا كَانَتِ الدَّرَاهِمُ غَيْرَ مَرْبُوطَةٍ ضَمِنَ الْمَأْخُوذَ دُونَ الْبَاقِي وَلَا يَضْمَنُ بِنِيَّةِ الْعُدْوَانِ عِنْدَ الْأَئِمَّة لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ بِهِ أَوْ تَتَكَلَّمْ ضَمِنَهُ شُرَيْحٌ قِيَاسًا عَلَى نِيَّةِ الْمُلْتَقِطِ التَّمَلُّكَ وَجَوَابه أَن الْمُلْتَقط إِن نوى ابتدأت ضَمِنَ لِتَعَدِّيهِ بِالْفِعْلِ الْحَرَامِ مَعَ النِّيَّةِ أَوِ انْتِهَاءً لَمْ يَضْمَنْ كَمَسْأَلَتِنَا وَلَا يَبْرَأُ بِرَدِّ مَا ضَمِنَهُ إِلَى الْوَدِيعَةِ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ فِي الْمِثْلِيَّاتِ وَيَضْمَنُ الْجَمِيعَ عِنْدَهُمْ إِذْ لَمْ يَتَمَيَّزْ الْمَرْدُودُ عَمَّا بَقِيَ مِنَ الْوَدِيعَةِ لِأَنَّ الْمَرْدُودَ مَا لَهُ وَخَلْطُ الْوَدِيعَةِ بِمَا لَا يَتَمَيَّزُ يُوجِبُ الضَّمَانَ وَإِذَا رَدَّ الدَّابَّةَ بَعْدَ الرُّكُوبِ أَوِ الثَّوْبَ بَعْدَ اللَّبْسِ بَرِئَ مِنَ الضَّمَانِ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ قَالَ الطُّرْطُوشِيُّ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ يَبْرَأُ كَانَتِ الْوَدِيعَةُ مَنْشُورَةً أَوْ مَصْرُورَةً وَعِنْدَهُ لَا يَبْرَأُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ دَيْنٌ ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهِ وَبِهِ أَخَذَ الْمَدَنِيُّونَ وَالرِّوَايَتَانِ فِي الْمِثْلِيِّ لَا فِي الْقِيمِيِّ فَلَا يَبْرَأُ إِذَا أَرَادَ صَفْقَتَهُ قَوْلًا وَاحِدًا أَمَّا إِذَا رَدَّ الدَّابَّةَ بِعَيْنِهَا بَعْدَ التَّعَدِّي بِالرُّكُوبِ خَيَّرَكَ مَالِكٌ بَيْنَ تَضْمِينِهِ قِيمَتَهُ أَوْ كِرَاءَهَا فَإِنْ أَخَذْتَ الْكِرَاءَ فَهِيَ فِي ضَمَانِكَ أَوِ الْقِيمَةَ فَفِي ضَمَانِهِ وَضَمَّنَهُ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ بِالِاسْتِعْمَالِ وَلَمْ يَسْقُطِ الضَّمَانُ بِالرَّدِّ لِأَنَّهُ صَارَ غَاصِبًا وَالْغَاصِبُ لَا يَبْرَأُ بِالرَّدِّ إِلَّا لِلْمَالِكِ أَوْ وَكِيلِهِ أَوِ الْحَاكِمِ إِنْ غَابَ الْمَالِكُ وَإِذَا قُلْنَا يَبْرَأُ بِرَدِّ مَالِ مِثْلِيٍّ فَهُوَ يَصْدُقُ فِي الرَّدِّ قَالَ مَالِكٌ لَا يَبْرَأُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَبْرَأُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَيُصَدَّقُ اسْتِصْحَابًا لِلْأَمَانَةِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِنْ تَسَلَّفَهَا بِبَيِّنَةٍ لَا يَبْرَأُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ وَإِلَّا صُدِّقَ وَإِذَا قُلْنَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ وَقَالَ أَشْهَبُ يَحْلِفُ وَكُلُّ هَذَا إِذَا تَسَلَّفَهَا بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِهَا أَمَّا إِذَا قَالَ لَهُ تَسَلَّفْ مِنْهَا إِنْ شِئْتَ قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ لَا يَبْرَأُ إِلَّا بِالرَّدِّ إِلَيْكَ كَسَائِرِ الدِّيُونِ وَإِذَا تَلِفَ الْبَاقِي قَبْلَ رَدِّ الْمُتَسَلَّفِ

فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ لَا يَضْمَنُهُ لِبَقَائِهِ عَلَى الْأَمَانَةِ وَأَمَّا نَفْسُ الْإِقْدَامِ عَلَى التَّسَلُّفِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ يَكْرَهُ وَعَنْ مَالِكٍ إِن كَانَ لَهُ وَفَاءٌ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ لَا بَأْسَ بِهِ وَعِنْدَ الْمَنْعِ هَذَا فِي الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ الَّتِي لَا تَتَعَيَّنُ وَأَمَّا غَيْرُ الْمِثْلِيِّ قَالَ فَلَا شُبْهَةَ فِي الْمَنْعِ وَالْمِثْلِيُّ كَالْمُكَيَّلِ الْمَوْزُونِ وَالْمَعْدُودِ قَالَ فَلَا كَذَا ظهر عِنْدِي تَحْرِيمُهُمَا وَعَلَى الْقَوْلِ بِبَرَاءَتِهِ بِرَدِّ مِثْلِ ذَلِكَ يُبَاحُ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ كَانَتِ الْوَدِيعَةُ مَرْبُوطَةً أَوْ مَخْتُومَةً لَا يَبْرَأُ بِرَدِّهَا وَإِنْ تَلِفَ بَعْضُهَا ضَمِنَ جَمِيعَهَا لِتَعَدِّيهِ فِي حَلِّهَا وَكَذَلِكَ لَوْ أَخَذَ الدَّرَاهِمَ لِيَصْرِفَهَا فِي حَاجَتِهِ ضَمِنَ وَالْمُكَيَّلُ وَالْمَوْزُونُ الَّذِي يَكْثُرُ الِاخْتِلَافُ فِيهِ كَالطَّعَامِ هَلْ يَلْحَقُ النَّقْدَيْنِ فَيُكْرَهُ تَسَلُّفُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ أَوْ بِالْعُرُوضِ الَّتِي يَحْرُمُ تَسَلُّفُهَا قَوْلَانِ وَلَوْ كَانَ مُعْدمًا حرمَ السَّلَفُ مُطْلَقًا قَالَ اللَّخْمِيُّ فِي الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ الْمَنْعُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْكَرَاهِيَةُ فِي الْعُتْبِيَّة وتفرقة عبد الْملك قَالَ وَرَأى إِنْ عَلِمَ أَنَّ مَالِكَهَا لَا يَكْرَهُ ذَلِكَ لِرَدٍّ أَوْ غَيْرِهِ جَازَ وَإِنْ عَلِمَ مِنْهُ الْكَرَاهِيَةَ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ لَوْ صَرَّحَ بِالْمَنْعِ عِنْدَ الدَّفْعِ لَمْ يَخْتَلِفْ فِي الْمَنْعِ وَإِنْ أُشْكِلَ أَمْرُهُ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْقَمْحَ وَالشَّعِيرَ وَنَحْوَهُ مِمَّا لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ الْأَغْرَاضُ وَعِنْدَ ش إِذَا جَحَدَ ثُمَّ أَقَرَّ أَوْ جَنَى عَلَيْهَا عَمْدًا فَانْدَمَلَ الْجُرْحُ لَمْ يعد أَمِينًا وَإِنْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ خَطَأً فَلَهُ فِي تَضْمِينِ الْجُمْلَةِ وَجْهَانِ وَلَوِ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا لِحِفْظِ مَتَاعِهِ شَهْرًا فَترك الْحِفْظ يَوْمًا فَصَارَ ضَامِنًا وَلَا يُعَدُّ أَمِينًا وَكَذَلِكَ لَوْ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ مَالِهِ فَبَاعَ بِالْأَقَلِّ فَلَا يَنْعَقِدُ وَإِن سلم ضمن وَاتفقَ مَالك وش وح عَلَى أَنَّهُ إِذَا جَحَدَ ثُمَّ أَقَرَّ لَا يَكُونُ أَمِينًا وَمَنَعَ ش مِنْ إِنْفَاقِ الْوَدِيعَةِ مُطْلَقًا وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ فِي سُقُوطِ الضَّمَانِ بِالرَّدِّ أَنَّ عَقْدَ الْوَدِيعَةِ هَلْ يَنْفَسِخُ بِالْخِلَافِ الْقَوْلِيِّ أَمْ لَا وَالْخِلَافُ الْقَوْلِيُّ الْجُحُودُ لَا جَرَمَ حَصَلَ الِاتِّفَاقُ فِيهِ وَمُدْرِكُ الْآخَرِ هُوَ أَنَّ الْأَمْرَ هَلْ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ أَمْ لَا فَإِذَا خَانَ عَادَ الْأَمْرُ السَّابِقُ بَعْدَ ذَلِكَ احْتَجُّوا بِالْقِيَاسِ عَلَى الْجُحُودِ لِأَنَّ الْأَمَانَةَ خَصْلَةٌ وَاحِدَةٌ لَا تَتَبَعَّضُ فَإِذَا خَانَ فَقَدْ بَطُلَتْ وَإِذَا تَجَدَّدَ مَا يُضَادُّ جُمْلَةَ مُقْتَضَى الْعَقْدِ انْفَسَخَ كَمَا يَنْفَسِخ

النِّكَاحُ بِالرَّضَاعِ وَالرِّدَّةِ وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ يَبْطُلُ بِالْقَوْلِ فَيَبْطُلُ بِالْفِعْلِ كَالْإِيمَانِ بِالتَّصْرِيحِ بِالشِّرْكِ وَبِالسُّجُودِ لِلصَّنَمِ وَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ تُبْطَلُ بِالْكَلَامِ وَالْحَدَثِ وَعَقْدُ الذِّمَّةِ يبطل بالتصريح بِنَقْض الْعَهْد ومحاربة المسلين مَعَ الْعَدْوِ وَيُوَضِّحُهُ أَنَّ عَقْدَ الْوَدِيعَةِ عَلَى الْمُكَلف كقعد الذِّمَّةِ وَالْأَفْعَالُ فِي دَفْعِ الْعُقُودِ أَعَمُّ مِنَ الْأَقْوَالِ لِبُطْلَانِ الصَّوْمِ بِالْفِعْلِ دُونَ الْقَوْلِ لِأَنَّهُ مَحْسُوسٌ لَا مَرَدَّ لَهُ وَكَذَلِكَ يَتَرَتَّبُ أَثَرُ الْفِعْلِ مِنْ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ دُونَ الْقَوْلِ كَأَفْعَالِ الْمَجْنُونِ وَالسَّفِيهِ وَتَمَلُّكِهِ بِالِاحْتِطَابِ وَالِاصْطِيَادِ دُونَ الْبَيْعِ وَالْعُقُودِ الْقَوْلِيَّةِ بَلْ يُشْتَرَطُ لَهَا التَّكْلِيفُ وَنُفُوذُ التَصَرُّفِ بِالرُّشْدِ فَلَا يُنْفِذُ عِتْقَ السَّفِيهِ وَالصَّوْمُ لَا يَعُودُ بَعْدَ الْأَكْلِ فَكَذَلِكَ الْأَمَانَةُ لَا تَعُودُ بَعْدَ الْخِيَانَةِ وَلِأَنَّ الْأَمَانَةَ وَإِنْ أُطْلِقَتْ فَهِيَ مُقَيَّدَةٌ بِالْعَادِيَّةِ بِشَرْطِ الْبَقَاءِ عَلَى الْأَمَانَةِ كَمَا تَتَقَيَّدُ الْوِكَالَةُ عَلَى شِرَاءِ الثَّلْجِ وَالْقَمْحِ بالشتاء بِتِلْكَ الْآن مِنْهُ كَذَا وَالْإِجَارَة الْمُطْلَقَة تَتَقَيَّدُ بِالْمَرَاحِلِ الْمَعْلُومَةِ وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ جَائِزٌ مُقَيَّدٌ لِمَحَلٍّ مَخْصُوصٍ فَيَرْتَفِعُ بِالْمُخَالَفَةِ كَالْعَارِيَةِ إِذا تجَاوز الْمُسْتَعِير الْغَايَة بِشَيْء كشيء كَذَا فَإِنَّ مَالِكًا قَالَ يَضْمَنُ وَلَوْ رَدَّهَا بِحَالِهَا وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْجَاحِدَ إِنْ جَحَدَ أَصَلَ الْإِيدَاعِ بِأَنْ قَالَ مَا أَوْدَعْتَنِي شَيْئًا فقد أنكر أصل الْأَمر فيتضمن وَإِنْ قَالَ مَا لَكَ عِنْدِي وَدِيعَةٌ ثُمَّ أَقَرَّ عَادَ أَمِينًا لِأَنَّهُ اعْتَرَفَ بِهِ وَادَّعَى زَوَالَهُ فَلَمْ يَرْتَفِعْ كَمَا لَوِ ادَّعَى عَلَيْهِ عَشَرَة مِنْ بَيْعٍ فَقَالَ مَا بَايَعْتُكَ قَطٌّ فَلَمَّا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ قَالَ قَضِيتُهَا لَمْ يَنْفَعْهُ وَيَغْرَمُ مِنْ غَيْرِ تَحْلِيفِ خَصْمِهِ وَلَوْ قَالَ مَالك عِنْدِي شَيْءٌ ثُمَّ أَقَرَّ وَقَالَ قَضَيْتُكَ صَحَّ وَله تَوْجِيه دَعْوَاهُ وتحليف خَصمه وَالْمُودع هَاهُنَا مُعْتَرِفٌ بِأَصْلِ الْإِيدَاعِ فَلَا يَنْتَظِمُ الْقِيَاسُ عَنِ الثَّانِي أَنَّهَا لَوْ سُرِقَتْ أَوْ ضَاعَتْ مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ ثُمَّ ظَفِرَ بِهَا أَوْ سَقَطَتْ مِنْ يَدِهِ ثُمَّ أَخَذَهَا عَادَتِ الْأَمَانَةُ وَالْحِفْظُ فَهَذَا حِفْظٌ جَدِيدٌ وَمَا افْتَقَرَ إِلَى إِذْنٍ جَدِيدٍ ثُمَّ الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الرَّضَاعِ أَنَّهُ سَبَبٌ يَسْتَمِرُّ وَهُوَ كَوْنُهُ صَارَ أَخَاهَا

وَالسَّبَب هَاهُنَا زَالَ وَهُوَ الْعُدْوَانُ وَأَمَّا الرِّدَّةُ فَجِنَايَةُ كُفْرٍ أَوْجَبَتْ حُبُوطَ الْأَعْمَالِ لِعِظَمِ مَفْسَدَتِهَا فَحَبِطَ عَقْدُ النِّكَاح ومفسدة الْجِنَايَة والإنفاق دون تكسر فَلَا يلْحق بِهَا بَلِ اعْتِرَاضُ ذَلِكَ فِي خِلَالِ الْأَمَانَةِ كَالْإِحْرَامِ وَالصَّوْمِ وَالْحَيْضِ لَا يَمْنَعُ النَّجَاحَ مَعَ مَنْعِهِ لِمُقْتَضَاهُ وَشِرَاءُ الْقَرِيبِ لَا يَمْنَعُ الْمِلْكَ مَعَ مَنْعِهِ لِمُقْتَضَاهُ عَنِ الثَّالِثِ أَنَّ السُّجُودَ لِلصَّنَمِ حُجَّةٌ عَلَيْكُمْ فَإِنَّهُ إِذَا رَجَعَ عَنْهُ عَاد مُؤمنا فَيَعُود هَا هُنَا إِذَا رَجَعَ عَنْ إِبْقَائِهَا فِي ذِمَّتِهِ وَبَطَلَانَ الصَّلَاةِ بِالْحَدَثِ لِأَنَّ دَوَامَ الطَّهَارَةِ شَرْطٌ وَقَدْ بَطَلَ وَانْتِقَاءُ الشَّرْطِ يُوجِبُ انْتِقَاءَ الْمَشْرُوطِ وَكَوْنُ دوَام الْأَمَانَة هَا هُنَا شَرْطًا مَحَلُّ النِّزَاعِ فَإِنْ قُلْتَ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الدَّوَامُ اشْتُرِطَ قِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ قُلْت إِيقَاعُ الطَّهَارَةِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ مُخِلٌّ بِوَظِيفَةٍ أُخْرَى شرعيه وَهُوَ وجوب المولاة فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ وَاجِبٌ إِجْمَاعًا لِوُقُوفِهِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَنْقُصُ إِلَّا وَقَدْ وَفَى بِمَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ مِنْ أَمْرِ رَبِّهِ فعظمة للصَّلَاة وَمُنَاجَاةِ رَبِّ الْأَرْبَابِ مَنْفِيٌّ فِي حِفْظِ الْوَدِيعَةِ بَلْ نَقُولُ النَّقْلُ لِلذِّمَّةِ عَارَضَ عَرْضَ الْأَمَانَةِ فَوَجَبَ أَنْ يَعُودَ بَعْدَهُ كَالسَّهْوِ فِي الصَّلَاةِ يَطْرَأُ بَعْدَهُ التَّذَكُّرُ وَالِائْتِمَامُ يَطْرَأُ بَعْدَهُ بُطْلَانُ الْإِمَامَةِ لِحَدَثٍ أَوْ غَيْرِهِ فَيُصَلِّي مُنْفَرِدًا وَأَمَّا عَقْدُ الذِّمَّةِ فَلِأَنَّ الْأَصْلَ قَتْلُ الْكَافِرِ وَمُعَاهَدَتُهُ على خلاف الدَّلِيل وَالْأَمَانَة هَا هُنَا عَلَى وَفْقِ الدَّلِيلِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الضَّمَانِ فَافْتَرَقَا وَأَمَّا الصَّوْمُ فَحُجَّةٌ عَلَيْكُمْ فَإِنَّ إِفْسَادَ أَوَّلِ يَوْمٍ لَا يَقْتَضِي إِفْسَادَ مَا بَعْدَهُ وَيُسْتَحَبُّ الْأَمْرُ بِالصَّوْمِ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا لَمْ يَعُدِ الصَّوْمُ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ لِأَنَّ حِكْمَةَ الصَّوْمِ إِيثَارُ اللَّهِ تَعَالَى بِحَظِّ النَّفْسِ مِنْ شَهْوَتَيِ الْبَطْنِ وَالْفَرْجِ وَلَا يَتَغَيَّرُ الْإِيثَارُ إِلَّا بِالتّرْكِ

فِي جُمْلَةِ الْيَوْمِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ تَمَيُّزِ صَوْمٍ مِنَ التَّرْكِ فِي بَعْضِ الْيَوْمِ وَحِكْمَةُ الْأَمَانَةِ الْحِفْظُ وَهِيَ حَاصِلَةٌ بَعْدَ الرَّدِّ وَأَمَّا الْإِحْبَالُ مِنَ السَّفِيهِ فَكَوْنُهُ يَنْفُذُ دُونَ عِتْقِهِ فَلِأَنَّ رَدَّ الْعِتْقِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ مَفْسَدَةٌ بَلْ يَعُودُ الْأَمْرُ كَمَا كَانَ وَفِي الْإِحْبَالِ لَوْ أَبْطَلْنَاهُ قَضَيْنَا بِبَيْعِ وَلَدِهِ الْمَخْلُوقِ مِنْ مَائِهِ وَبَيْعُ الْأَوْلَادِ مَفْسَدَةٌ وَإِذَا قَضَيْنَا بِأَنَّهُ وَلَدُهُ وَمَنَعْنَا بَيْعَهُ قَضَيْنَا بِأَنَّ وَالِدَتَهُ أُمُّ وَلَدٍ بِالضَّرُورَةِ فَإِنَّهُ أَمْرٌ مَحْسُوسٌ وَصَارَ لَهَا اخْتِلَاطُ مَائِهَا وَدَمِ طَمْثِهَا مَعَ مَائِهِ وَيُخْلَقُ مِنَ الْجَمِيعِ وَلَدٌ وَهَذِهِ أُمُورٌ لَهَا حُرُمَاتٌ وَالْعِتْقُ لَيْسَ فِيهِ إِلَّا أَصْوَاتٌ مُقَطَّعَةٌ لَا حُرْمَةَ لَهَا فَافْتَرَقَا وَمِلْكُ السَّفِيهِ بِالْأَسْبَابِ الْفِعْلِيَّةِ دُونَ الْقَوْلِيَّةِ إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ لِأَنَّهَا تُرَدُّ عَلَى أَعْيَانٍ مُبَاحَةٍ لَا مَفْسَدَةَ فِي دُخُولِهَا فِي مِلْكِهِ وَأَمَّا بِالْعُقُودِ فَدُخُولُهَا يَكُونُ بِبَدَلِ الْأَعْيَانِ وَهِيَ تَتَوَقَّعُ فِيهَا الْغَبْنَ فَمَنَعَ الشَّرْعُ مِنْ صِحَّتِهَا سَدًّا لِذَرِيعَةِ الْغَبْنِ عَنِ الرَّابِعِ أَنَّ تَقْيِيدَهَا بِالْبَقَاءِ عَلَى الْأَمَانَةِ كَتَقْيِيدِ رَمَضَانَ بِالْبَقَاءِ عَلَى الطَّهَارَةِ مِنَ الْحَيْضِ وَكَمَا أَنَّ الصَّوْمَ يَبْطُلُ بِطَرَيَانِ الْحَيْضِ ثُمَّ يَعُودُ بِالطَّهَارَةِ مِنْهُ كَذَلِكَ تَعُودُ الْأَمَانَةُ قِيَاسًا عَلَيْهِ وَالْوِكَالَةُ تَتَضَمَّنُ تَصَرُّفًا وَفِعْلًا فَإِذَا بَطَلَتِ الْأَمَانَةُ بَقِيَ التَصَرُّفُ فَيَصِحُّ بَيْعُهُ بَعْدَ الْجُحُودِ وَأَمَّا الْإِجَارَةُ فَقَدْ سَوَّى الشَّرْعُ فِيهَا بَين الْخلاف الْفعْلِيّ وَالْقَوْل فَلَا يَرْتَفِعُ بِالْجُحُودِ وَلَا بِدَعْوَى الْأَدَاءِ وَلَا بِالْمُخَالَفَةِ فِي الْعَمَلِ ثُمَّ هِيَ عَقْدٌ لَازِمٌ فَيُنَاسِبُ الْبُطْلَانَ عِنْدَ الْمُخَالَفَةِ نَفْيًا لِلضَّرَرِ وَلَا ضَرَرَ مَعَ جَوَازِ الْعَقْدِ لِتَمَكُّنِهِ مِنَ الْفَسْخِ عَنِ الْخَامِسِ أَنَّ يَدَ الْمُودَعِ يَدُ الْمَالِكِ وَيَدَ الْمُسْتَعِيرِ لَيْسَتْ يَدَ الْمَالِكِ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْتَبِهْ فِي الْحِفْظِ فَإِذَا أَكْثَرَ الْبُعْدَ فَقَدْ فَوَّتَهَا أَسْوَاقَهَا فَيَضْمَنُ وَثَمَّ يَتَأَكَّدُ مَا قُلْنَاهُ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْحُكْمِ انْتِفَاؤُهُ لِانْتِفَاءِ عِلَّتِهِ وَقَدْ زَالَ التَّعَدِّي فَيَزُولُ الضَّمَانُ وَكَالْمُحْرِمِ إِذَا رَدَّ الصَّيْدَ لِلْحَرَمِ وَكَمَا لَوِ اسْتَعْمَلَ الْعَبْدَ فِيمَا يَعْطَبُ فِي مِثْلِهِ ثُمَّ تَرَكَهُ بَرِئَ مِنَ الضَّمَانِ وَكَمَا لَوْ رَهَنَ عَصِيرًا فَصَارَ خَمْرًا سَقَطَتِ الرَّهِينَةُ أَوْ نَقُولُ عَقْدُ الْإِيدَاعِ فَإِذَا رَجَعَ خَلًّا رَجَعَ أَوْ نَقُولُ عَقْدُ الْإِيدَاعِ لَمْ يَطْرَأْ عَلَيْهِ مَا

يُضَادُّهُ فَلَا يَبْطُلُ لِأَنَّهُ مُشْتَمِلٌ عَلَى أَهْلِيَّةِ الْآمِرِ وَأَهْلِيَّةِ الْمَأْمُورِ وَقَبُولِ الْمَحَلِّ وَالثَّلَاثَةُ بَاقِيَةٌ وَإِنَّمَا نافت الْجِنَايَةُ مُوجَبَ الْعَقْدِ وَهُوَ الْحِفْظُ وَمُوجَبُ الْعَقْدِ قَدْ يَتَأَخَّرُ عَنِ الْعَقْدِ كَتَأَخُّرِ الْمِلْكِ عَنْ عَقْدِ الْبَيْعِ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ وَالْوَكِيلُ عَلَى الْبَيْعِ إِذَا خَالَفَ ثُمَّ عَادَ وَالْأَجِيرُ عَلَى الْحِفْظِ إِذَا ضَيَّعَ ثُمَّ عَادَ وَخَرَجَ عَلَى هَذَا الْجُحُودُ لِأَنَّهُ رَفْعُ الْعَقْدِ مِنْ أَصْلِهِ وَلَنَا فِي جَوَازِ التَّسَلُّفِ مَا رُوِيَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَغَيْرَهُمْ كَانُوا يَسْتَسْلِفُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى الَّذِينَ فِي حُجُورِهِمْ وَلِأَنَّ مَقْصُودَ الْوَدِيعَةِ أَتَمُّ مَرَاتِبِ الْحِفْظِ وَلِهَذَا آثَرَ الْمُودِعُ حِفْظَ غَيْرِهِ عَلَى حِفْظِ نَفْسِهِ وَالْحِفْظُ فِي الذِّمَّةِ مَعَ الْيَسَارِ أَبْلَغُ مِنَ الْحِفْظِ تَحْتَ الْيَدِ لِاسْتِحَالَةِ آفَاتِ الْفَسَادِ فِي الْأَوَّلِ عَلَى الْوَدِيعَةِ دُونَ الثَّانِي فَهُوَ كَمَا إِذَا نَقَلَهَا إِلَى حِرْزٍ أَحْصَنَ تَفْرِيعٌ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ الدَّافِعُ مَا ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهِ إِمَّا أَنْ يَدْفَعَ لِذِمَّةٍ أَوْ لِأَمَانَةٍ فَلَا يَبْرَأُ إِلَّا بِتَصْدِيقِ الْقَابِضِ إِذَا ادَّعَى التَّلَفَ وَلَا يَبْرَأُ إِلَّا بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى مُعَايَنَةِ الدَّفْعِ أَوْ يَأْتِي قَابِضُ الْمَالِ بِالْمَالِ وَهَذَا الْوَجْهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَإِنْ دَفَعَ إِلَى ذِمَّةٍ وَهِيَ قَائِمَةٌ بَرِئَ بِتَصْدِيقِ الْقَابِضِ اتِّفَاقًا أَوْ خَرِبَةٌ لَا يَبْرَأُ بِتَصْدِيقِهِ إِذَا ادَّعَى التَّلَفَ إِلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى الدَّفْعِ فَالدَّفْعُ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ مِنْ ذِمَّةٍ إِلَى ذِمَّةٍ وَمِنْ أَمَانَةٍ إِلَى أَمَانَةٍ وَمِنْ أَمَانَةٍ إِلَى ذِمَّةٍ وَمِنْ ذِمَّةٍ إِلَى أَمَانَةٍ وَالْأَوَّلُ كَمَنْ يَبْعَثُ إِلَيْكَ بِمَا ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهِ مَعَ غَيْرِهِ بِأَنْ يَكُونَ سَلَفًا عِنْدَهُ حَتَّى يُوصِلَهُ إِلَيْكَ وَالثَّانِي كَمَنْ يُودِعُ عِنْدَ رَجُلٍ لَكَ نَظَائِرُ قَالَ الْعَبْدِي خُرُوجُ الدَّيْنِ مِنَ الذِّمَّةِ إِلَى الْأَمَانَةِ فِيهِ ثَمَانِ مَسَائِلَ إِذَا أنْفَقَ الْوَدِيعَةَ ثُمَّ قَالَ رَدَدْتُهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ ثَالِثُهَا يُصَدَّقُ إِنْ شَهِدَتْ لَهُ الْبَيِّنَةُ وَإِذَا عَزَلَ عُشْرَ زَرْعِهِ فِي بَيْتِهِ فَضَاعَ فَهُوَ ضَامِنٌ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ وَقَالَ الْمَخْزُومِيُّ لَا يَضْمَنُ وَإِذَا قُلْتَ لَهُ كِلْ لِي طَعَامِ السِّلْمِ فِي غَرَائِرِكَ أَوْ بَيْتِكَ ثُمَّ قَالَ فَعَلْتُ ثُمَّ ضَاعَ فَهُوَ ضَامِنٌ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِذَا أَمَرْتَهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى مَرَمَّةِ دَارِكَ مِنَ الْكِرَاءِ فَقَالَ فَعَلْتُ صُدِّقَ إِذَا ظَهَرَ مِنَ الْبُنْيَانِ مَا يُصَدِّقُهُ وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ

غَيْرُهُ لَا يُصَدِّقُهُ إِلَّا الْبَيِّنَةُ وَإِذَا اسْتَأْجَرْتَهُ عَلَى تَبْلِيغِ كِتَابٍ فَقَالَ فَعَلْتُ صَدَّقَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَذَّبَهُ غَيْرُهُ وَإِذَا بِعْتَهُ سِلْعَةً بِثَمَنٍ عَلَى أَنْ يَتَّجِرَ بِهِ سَنَةً جَازَ إِذَا أَخْرَجَهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِبَيِّنَةٍ وَقِيلَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَإِذَا قُلْتَ اشْتَرِ لِي بِالدَّيْنِ الَّذِي لِي عَلَيْكَ عَبْدًا فَقَالَ أَبَقَ صَدَّقَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِذَا قُلْتَ اعْمَلْ لِي بِالدَّيْنِ الَّذِي لِي عِنْدَكَ قِرَاضًا امْتَنَعَ لِأَنَّهُ إِخْرَاجُ الدَّيْنِ إِلَى الْأَمَانَةِ وَجَوَّزَهُ أَشْهَبُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَقْبَلُ قَوْلَهُ فِي الرَّدِّ لِأَنَّهُ أَخَذَ بِتَأْوِيلِ أَنْ يَرُدَّ فَلَمْ يُخْرِجْهُ ذَلِكَ مِنَ الْأَمَانَةِ فَيَقْبَلُ قَوْلَهُ وَإِذَا حَلَّهَا ثُمَّ تَسَلَّفَ وَرَدَّ ضَمِنَهَا كُلَّهَا وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَتَسَلَّفْ لِتَعَدِّيهِ بِالْحَلِّ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ الْمَنْثُورَةُ وَالْمَصْرُورَةُ سَوَاءٌ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَحَبُّ إِلَيَّ لِأَنَّ حَلَّ الصِّرَارِ يُوجِبُ التَّلَفَ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَخَذَهَا عَلَى غَيْرِ وَجْهِ السَّلَفِ ثُمَّ رَدَّهَا بَرِئَ يحْملُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ مِنْهُ أَنَّهُ قَصَدَ أَكْلَهَا فَيُصَدَّقُ فِي رَدِّهَا وَلَا يُؤْخَذُ بِغَيْرِ مَا أَقَرَّ بِهِ وَلَوْ عَلِمَ تَعَدِّيهِ لَمْ يَبْرَأْ إِلَّا بِرَدِّهَا لِصَاحِبِهَا أَشْهَدَ عَلَى رَدِّهَا أَمْ لَا لِأَنَّهُ أَخْرَجَ نَفْسَهُ مِنَ الْأَمَانَةِ بِأَخْذِهَا عَلَى غَيْرِ وَجْهِ السَّلَفِ وَلَهُ أَنْ يُخْرِجَ الْوَدِيعَةَ مِنْ ذِمَّتِهِ إِذَا تَسَلَّفَهَا وَهِيَ بِخِلَافِ الْعَرْضِ سَوَاءٌ وَقَفَ الْقِيمَةَ أَوِ الْمِثْلَ فَلَكَ أَنْ تَقُولَ لَمْ آمَنْكَ عَلَى الْقِيمَةِ وَيَقُولُ فِي الْمِثْلِ لِي أَنْ لَا أُجِيزَ سَلَفَكَ وَأَخَذَكَ بِالْقِيمَةِ وَأَجَازَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الْمِثْلِيِّ كَالْقَمْحِ وَلَيْسَ بِالْبَيِّنِ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِيهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ لِنَفْسِهِ أَنَّ هَذَا مِثْلُ الْأَوَّلِ إِلَّا أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةٌ عَلَى صفة الأولى وَعَلَى يَدِهِ وَأَنَّهُ مِثْلٌ فَقَدْ يَسْتَحِقُّ هَذَا وَفِي هَذَا السَّبَبِ سِتَّةُ فُرُوعٍ الْفَرْعُ الْأَوَّلُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا أَقَرَّ بِرُكُوبِ الدَّابَّةِ وَلِبَاسِ الثَّوْبِ وَهَلَكَ فَقُلْت هَلَكَ قَبْلَ الرَّدِّ وَقَالَ بَعْدَ فَهُوَ مُصَدَّقٌ مَعَ يَمِينِهِ إِنْ أَقَرَّ بِالْعَقْلِ لِأَنَّ

الْأَصْلَ عَدَمُ الْعُدْوَانِ وَإِنْ أَنْكَرَ وَقَامَتْ بَيِّنَةٌ فَلَا يُصَدَّقُ فِي الرَّدِّ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ لِقُوَّةِ التُّهْمَةِ بِالْإِنْكَارِ وَقَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ ضَمِنَ بِالرُّكُوبِ لِأَنَّهُ عُدْوَانٌ وَإِنْ قَالَ رَكِبْتُهَا بِإِذْنِكَ وَأَنْكَرْتَ صُدِّقْتَ مَعَ يَمِينِكَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ وَلَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ نَزَلَ عَنْهَا سَالِمَةً ثُمَّ هَلَكَتْ بَرِئَ مِنْ ضَمَانِهَا وَقِيلَ هُوَ ضَامِنٌ حَتَّى يَنْزِلَ بِهَا بِحَالِهَا قَالَ وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ فِي الثَّوْبِ وَالدَّابَّةِ عَلَى الْخِلَافِ فِي رَدِّ مَا تَسَلَّفَ مِنَ الْوَدِيعَةِ وَقَالَ ش يَضْمَنُ إِذَا لَبِسَ أَوْ رَكِبَ ثُمَّ رَدَّ لِأَنَّهُ صَارَ غَاصِبًا وَالْغَاصِبُ لَا يَبْرَأُ إِلَّا بِالرَّدِّ إِلَيْكَ وَقَالَ ح يَبْرَأُ بِعَوْدِ الْحَالِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ الْفَرْعُ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِذَا أَوْدَعْتَهُ أَمَةً فَوَطِئَهَا حُدَّ لِعَدَمِ الشُّبْهَةِ وَالْوَلَدُ عَبْدٌ الْفَرْعُ الثَّالِثُ قَالَ إِذَا تَجَرَ فِي الْمَالِ فَالرِّبْحُ لَهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ التَّصَدُّقُ بِهِ لِأَنَّهُ ضَمِنَهُ بِالتَصَرُّفِ وَتَرْكُهُ التِّجَارَةَ بِالْوَدِيعَةِ وَفِي النُّكَتِ يَأْخُذُ الرِّبْحَ بِخِلَافِ الْمُضَارِبِ وَالْمُبْضَعِ مَعَهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَالَ دُفِعَ لَهُمَا لِلرِّبْحِ فَلَا يُحَصِّلَاهُ لِأَنْفُسِهِمَا وَالَّذِي أُودِعَ لَمْ يَقْصَدِ الرِّبْحَ بَلِ الْحِفْظَ فَقَطْ الْفَرْعُ الرَّابِعُ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ يُنْفِقُ مِنَ الْوَدِيعَةِ فَوَجَدَ بَعْدَ مَوْتِهِ عَلَى كِيسٍ هَذِهِ وَدِيعَةُ فُلَانٍ وَعُدَّتُهَا كَذَا فَوَجَدْتُهَا أَقَلَّ إِنْ ثَبَتَ أَنَّ ذَلِكَ خَطُّهُ بِالْبَيِّنَةِ فَالنَّقْصُ فِي مَالِهِ وَلَا أُحَلِّفُ الْوَارِثَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ أَصْبَغُ وَكَذَلِكَ لَوْ وُجِدَ عَلَيْهَا خَطُّ مَالِكِهَا إِنَّهَا لَهُ يَقْضِي لَهُ بِهَا وَقَالَ ابْنُ دَحُّونٍ لَا يُقْضى لَهُ بِهَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ أَخْرَجَهَا لَهُ وَكَتَبَ عَلَيْهَا اسْمَهُ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَقْضِي لَهُ إِذَا لَمْ يَدْرِ مَنْ كَتَبَ وَلَا فِي أَنَّهُ يَقْضِي لَهُ إِذَا وُجِدَ عَلَيْهَا خَطُّ الْمَيِّتِ

الْفَرْعُ الْخَامِسُ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَوْدَعْتَهُ سَيْفًا فَقَاتَلَ بِهِ ابْنَهُ فَكَسَرَهُ وَقِيمَتُهُ يَوْمَ انْكَسَرَ مُخَالِفَةٌ لِيَوْمِ الْوَدِيعَةِ وَقَدْ ضَمِنْتَهُ يَوْمَ الْوَدِيعَةِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْوَدِيعَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْعُدْوَانِ أَكْثَرَ وَقَالَ أَصْبَغُ إِنْ كَانَ إِنَّمَا ضَمِنَ قِيمَتَهُ يَوْمَ الِاسْتِيدَاعِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهَا وَالْفَضْلُ عَلَى الِابْنِ لَوْ ضَمِنَ السَّيْفَ فَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْقِيمَتَيْنِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ وَهُوَ بَعِيدٌ وَالَّذِي يُوجِبُهُ النَّظَرُ أَنَّ عَلَيْهِ قِيمَتَهُ يَوْمَ قَبْضِهِ عَلَى الضَّمَانِ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ قِيمَتَهُ يَوْمَ تَعَدَّى عَلَيْهِ الِابْنُ لِيَكُونَ ذَلِكَ عَلَيْهِ كَانَ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَيَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الِابْنِ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ الْقِيمَتَيْنِ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ قِيمَتَهُ يَوْمَ تَعَدِّي الِابْنِ إِنْ كَانَتْ أَقَلَّ لَمْ يُصَدَّقْ أَوْ ادَّعَى أَنَّهَا أَكْثَرُ فَهُوَ مُقِرٌّ عَلَى نَفْسِهِ وَهُوَ أَبْيَنُ الْفَرْعُ السَّادِسُ قَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ قَالَ مَالِكٌ إِنِ اشْتَرَى بِهَا جَارِيَةً فَحَمَلَتْ مِنْهُ اتْبَعَ بِهَا ذِمَّتَهُ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَوْ كَانَتْ طَعَامًا أَوْ سِلْعَةً فَبَاعَهَا بِثَمَنٍ أَوِ ابْتَاعَ بِهَا جَارِيَةً أَوْ سِلَعَةً فَلِمَالِكِ الْوَدِيعَةِ أَخْذُ قِيمَتِهَا مِنْ ثَمَنٍ أَوْ غَيْرِهِ وَيَأْخُذُ الْأَمَةَ وَقِيمَةَ الْوَلَدِ أَوْ قِيمَتَهَا فَقَطْ وَلَوْ كَانَتِ الْوَدِيعَةُ أَوِ الْبِضَاعَةُ عَرضًا فَلَهُ أَخْذُ الثَّمَنِ أَوْ قِيمَتُهُ يَوْمَ التَّعَدِّي وَلَهُ فِي الْمِثْلِيِّ أَخْذُ الثَّمَنِ أَوْ تَضْمِينُ الْمِثْلِ وَلَوْ بَاعَ الْمُشْتَرِي السِّلْعَةَ بَاعَهَا بِأَكْثَرَ مِمَّا اشْتَرَاهَا بِهِ وَلَهُ إِجَازَتُهُ بَيْعَ الْمُشْتَرِي وَأَخْذُ الثَّمَنِ وَيَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ أَوْ يَبِيعُ الْمُسْتَوْدَعَ أَوِ الْمِبْضَعَ مَعَهُ بِالثَّمَنِ الَّذِي بَاعَ بِهِ أَوِ الْقِيمَةِ يَوْمَ التَّعَدِّي وَلَوْ كَانَتْ دَنَانِيرَ فَصَرَفَهَا بِدَرَاهِمَ لِنَفْسِهِ فَلَيْسَ لَكَ إِلَّا مَا كَانَ لَكَ إِلَّا مَا صَرَفَ بِهِ إِلَّا بِرِضَا الْمُودِعِ لِأَنَّ الْخِيَارَ لَا يَدْخُلُ فِي الصَّرْفِ فَلَا يُجْبِرُكَ وَإِنْ صَرَفَهَا لَكَ امْتَنَعَ أَخْذُكَ لِمَا صَرَفَ وَإِنْ رَضِيتُمَا بِذَلِكَ وَلَكِنْ تُصْرَفُ هَذِهِ الدَّرَاهِمُ بِمِثْلِ دَنَانِيرِكَ فَمَا كَانَ مِنْ فَضْلٍ فَلَكَ وَتَضْمَنُ النَّقْصَ بِخِلَافِ الْمُتَعَدِّي فِي الْعُرُوضِ الَّتِي تَكُونُ أَنْتَ مُخَيَّرًا فِي الْمُتَعَدَّى عَلَيْهِ لِامْتِنَاعِ الْخِيَار فِي

الصَّرْفِ وَإِنْ بَاعَ الْعَرْضَ بِثَمَنٍ إِلَى أَجَلٍ وَإِنْ لَمْ يَفُتْ مِنْ يَدِ الْمُبْتَاعِ فَلَكَ الرِّضَا بِالثَّمَنِ لِأَنَّهُ فُضُولِيٌّ أَوْ يَقْبَلُ الْخِيَارَ فِي الْعَرْضِ وَإِنْ فَاتَ امْتَنَعَ الرِّضَا بِذَلِكَ الدّين لِأَن فَسْخُ مَا وَجَبَ لَكَ مِنَ الدَّيْنِ فِي دين ولاكن يُبَاعُ ذَلِكَ الدَّيْنُ بِعَرْضٍ ثُمَّ يُبَاعُ الْعَرْضُ بِعَيْنٍ فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ السِّلْعَةِ ضَمِنَهُ الْمُتَعَدِّي أَوْ أَكْثَرَ فَلَكَ وَلَوْ بَاعَهَا بِطَعَامٍ إِلَى أَجَلٍ أَغْرَمْتَ الْمُتَعَدِّي الْقِيمَةَ وَإِذَا قَبَضَ الطَّعَامَ بِيعَ لِامْتِنَاعِ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبضه ثمَّ كَانَ الْفضل لَك فَإِن بَاعَ الدَّابَّةَ بِعَشْرَةٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا بِخَمْسَةٍ فَلَكَ أَخْذُ الدَّابَّةِ ثُمَّ تَنْظُرُ لَهُ فَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهَا لِنَفْسِهِ فَالْخَمْسَةُ الْفَاضِلَةُ لَهُ لِأَنَّهَا بَعْدَ الضَّمَانِ وَكَذَلِكَ إِنِ اشْتَرَاهَا لِمَنْ أَمَرَهُ بِشِرَائِهَا فَإِنْ كُنْتَ رَضِيتَ بَيْعَ الْمُتَعَدِّي فَلَيْسَ لَكَ إِلَّا الْعَشَرَةُ فَتَصِيرُ كَالْمُتَعَدِّي عَلَى عَيْنٍ اشْتَرَى بِهَا سِلْعَةً فَلَا خِيَارَ لِرَبِّ الْعَيْنِ فِيهِ يُرِيدُ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِبَيْعِ الْمُتَعَدِّي أَخَذْتَ حِمَارَكَ فَقَطْ وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا اشْتَرَاهُ لِيَرُدَّهُ عَلَيْكَ فَيُفَضَّلُ الثَّمَنُ لَكَ مَعَ الْحِمَارِ وَلَكَ أَخْذُ الْعَشَرَةِ وَتَرْكُ الْحِمَارِ قَالَ مُطَرِّفٌ وَلَوْ بَاعَ الْعَرْضَ الَّذِي أَخَذَهُ فِي الْوَدِيعَةِ بِدَنَانِيرَ فَلَكَ أَخْذُ قِيمَةِ السِّلْعَةِ الْمَأْخُوذَةِ فِي الْوَدِيعَةِ أَو قيمَة السّلْعَة المودعة فِي فَوْقهمَا كَذَا أَوِ الثَّمَنُ مَأْخُوذٌ فِي الْأَخِيرَةِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فُضُولِيٌّ وَلَيْسَ بِصَرْفٍ فَيُقْبَلُ الْخِيَارُ وَكَذَلِكَ إِنْ لم يفوقا وَلَو ابْتَاعَ فِي بِالدَّنَانِيرِ الْآخِرَة سلْعَة فلك أَخذ بِتَنْفِيذِ الْبَيْعِ وَقَالَهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ السَّبَبُ الْخَامِسُ قَالَ مُطَرِّفٌ الْمُخَالَفَةُ فِي كَيْفِيَّةِ الْحِفْظِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُطَرِّفٌ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِذَا قُلْتَ لَهُ لَا تَقْفِلْ عَلَيْهَا فِي تَابُوتِكَ فَقَفَلَ فَتَلَفَتْ ضَمِنَ لِأَنَّ الْقُفْلَ يَبْعَثُ السَّارِقَ عَلَى الْأَخْذِ وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ زَادَهُ فِي الْحِفْظِ وَقَالَا إِذَا انْتَقَلَهَا مِنَ الْحِرْزِ الَّذِي عَيَّنْتَهُ لَهُ ضَمِنَ إِلَّا أَنْ يُحَوِّلَهَا لِحَرِيقٍ أَوْ نَحْوِهِ وَإِنْ لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ فَلَهُ النَّقْلُ وَكَذَلِكَ قَالَا فِي الْخَرَائِطِ إِنْ عُيِّنَتْ لَهُ خَرِيطَةٌ ضَمِنَ بِالتَّحْوِيلِ لِغَيْرِهَا لِأَنَّهُ كَالْوَكِيلِ عِنْدهمَا على

شَيْءٌ مُعَيَّنٌ فِي مَحَلٍّ مُعَيَّنٍ فَإِخْرَاجُهُ مِنْهُ عُدْوَانٌ وَقَالَ ح لَا يَضْمَنُ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ اجْعَلْهَا فِي يَمِينِكَ فَجَعَلَهَا فِي شَمَالِهِ أَوْ فِي يَمِينِ الْبَيْتِ فَجَعَلَهَا فِي شَمَالِهِ وَلَوْ قُلْتَ اجْعَلْهَا فِي التَّابُوتِ وَلَمْ تَزِدْ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَضْمَنْ اتِّفَاقًا وَلَوْ قُلْتَ قَفَلَا فَقَفَلَ قُفْلَيْنِ لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّ السَّارِق يطْمع فِيهَا قُفِلَ بِقُفْلٍ وَبِقُفْلَيْنِ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْعَادَةِ فَيَشْتَدُّ حِرْصُهُ فَيَتَعَيَّنُ الضَّمَانُ وَلَوْ قُلْتَ فِي قِدْرٍ فَخَّارٍ فَجَعَلَهَا فِي قِدْرٍ نُحَاسٍ فَضَاعَتْ لِأَنَّ الْمَيْلَ إِلَى سَطْلِ النُّحَاسِ أَكْثَرُ وَلَوْ قُلْتَ فِي قُلَّةٍ نُحَاسٍ لَمْ يَضْمَنْ بِقُلَّةِ الْفَخَّارِ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ عَلَيْهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ لَوْ قُلْتَ لَهُ ارْبِطِ الدَّرَاهِمَ فِي كُمِّكَ فَأَخَذَهَا فِي يَدِهِ فَأَخَذَهَا غَاصِبٌ مِنْ يَدِهِ لَمْ يضمن لِأَن الْيَد أحرز هَا هُنَا إِلَّا أَن تكون أردْت إخفاءها من عَيْنِ الْغَاصِبِ فَرَآهَا لِمَا تَرَكَهَا فَيَضْمَنُ وَلَوْ جَعَلَهَا فِي جَيْبِ قَمِيصِهِ فَضَاعَتْ ضمنه الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ وَالْأَوَّلُ أَحْوَطُ وَقَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ لَوْ كَانَتْ فِي دَارِهِ فَأَخَذَهَا فِي كمه يَظُنهَا دراهما فَسَقَطَتْ ضَمِنَهَا وَقَالَ التُّونُسِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَخْتَلِفَ فِي التَّضْمِينِ بِالنِّسْيَانِ لِاخْتِلَافِهِمْ فِي ادِّعَاءِ الرَّجُلَيْنِ الْوَدِيعَةَ وَيَنْسَى مَنْ دَفَعَهَا إِلَيْكَ مِنْهُمَا فَقِيلَ يَحْلِفَانِ وَيُقَسِّمَانِهَا وَلَا ضَمَانَ عَلَيْكَ وَقِيلَ يَضْمَنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِنِسْيَانِهِ وَفِي الزَّاهِي لَوْ جَعَلَهَا فِي قَمِيصِهِ ضَمِنَ وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ وَالْأول أحوط فِي الْحَدِيثِ فَانْجَابَتْ عَنِ الْمَدِينَةِ انْجِيَابَ الثَّوْبِ أَيْ خَرَجَتْ عَنِ الْمَدِينَةِ كَمَا خَرَجَ الْجَيْبُ عَنِ الثَّوْبِ وَمَا خَرَجَ عَنِ الْحِرْزِ لَيْسَ بِحِرْزٍ وَالْعَادَةُ عَدَمُ دَفْعِ الْوَدَائِعِ فِي الْجَيْبِ فَهُوَ مُعَرَّضٌ لِتَلَفِ مَا فِيهِ السَّبَبُ السَّادِسُ التَّضْيِيعُ وَالْإِتْلَافُ وَفِي الْجَوَاهِرِ ذَلِكَ بِإِلْقَائِهَا فِي مَضْيَعَةٍ أَوْ يَدُلُّ عَلَيْهَا سَارِقًا أَوْ يَشِيعُ بِهِ إِلَى مَنْ يُصَادِرُهُ فَيَضْمَنُ وَلَوْ ضَيَّعَ بِالنِّسْيَانِ فَإِنْ تَرَكَهَا فِي مَوْضِعِ إِيدَاعِهَا ضَمِنَ قَاعِدَةٌ أَسْبَابُ الضَّمَانِ ثَلَاثَةٌ الْإِتْلَافُ وَالتَّسَبُّبُ لَهُ وَوَضْعُ الْيَد العادية

وَفِي هَذَا السَّبَبِ ثَمَانِيَةُ فُرُوعٍ الْفَرْعُ الْأَوَّلُ فِي الْكتاب إِن أَتْلَفَهَا ابْنُهُ الصَّغِيرُ فَفِي مَالِ الِابْنِ لِأَنَّهَا جِنَايَة وَإِن لم يكن لَهُ مَال فَفِي ذمَّة أَو عبد فَجِنَايَةٌ فِي رَقَبَتِهِ يَفْدِيهِ بِهَا أَوْ يُسَلِّمُهُ لِأَن العَبْد فِيهَا جَنَى الْفَرْعُ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِذَا أَنْزَى عَلَى بَقَرِكَ أَوْ زَوَّجَ الْأَمَةَ فَحَمَلَتْ فَمُتْنَ مِنَ الْوِلَادَةِ أَوْ تَحْتَ الْفَحْلِ ضَمِنَ لِتَسَبُّبِهِ فِي الْهَلَاكِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُرْتَهِنِ يُزَوِّجُ الْأَمَةَ بِأَمْرِكَ فَتَمُوتُ فِي النِّفَاسِ ضمنهَا مِنْكَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مِنْهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ لَا يَضْمَنُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ لِأَنَّ التَّزْوِيجَ مَصْلَحَةٌ وَلَا يَضْمَنُ نَقْصَ الْوِلَادَةِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ فِعْلِهِ وَكَذَلِكَ تَزْوِيجُ الذُّكُورِ لِأَنَّكَ إِنْ أَجَزْتَهُ فَأَنْتَ الْمُزَوِّجُ وَإِلَّا رَجَعَ الْعَبْدُ عَلَى حَالِهِ وَلَا يَضْمَنُ الْأَمَةَ وَإِنْ مَاتَتْ لِأَنَّهُ لَوْ غَصَبَ حُرَّةً فَزَنَى بِهَا وَهُوَ غَيْرُ مُحْصَنٍ فَحُمِلَتْ فَمَاتَتْ لَا يُقْتَلُ بِهَا لِأَنَّهُ سَبَبٌ آخَرُ مَاتَتْ بِهِ غير الْعدوان وَكَمن غر من أمة فَزَوجهَا عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ فَمَاتَتْ لَمْ يَضْمَنْ قِيمَةَ والدها لِلْأَبِ إِذَا غَرِمَ الْأَبُ قِيمَتَهُمْ لِلسَّيِّدِ وَأَمَّا إِذَا مَاتَتْ تَحْتَ الْفَحْلِ فَيَضْمَنُ لِأَنَّهُ مُعْتَدٍ فِي ذَلِكَ وَاخْتُلِفَ فِي إِنْزَاءِ الرَّاعِي فَلَمْ يضملانه ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ كَالْمَأْذُونِ لَهُ عَادَةً وَضَمَّنَهُ غَيْرُهُ الْفَرْعُ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَكْرَى إِبِلَ الْوَدِيعَةِ إِلَى مَكَّةَ وَرَجَعَتْ بِحَالِهَا إِلَّا أَنَّهُ حَبَسَهَا عَنْ أَسْوَاقِهَا وَمَنَافِعُكَ فِيهَا خُيِّرْتَ فِي تضميته قِيمَتِهَا يَوْمَ تَعَدِّيهِ وَلَا كِرَاءَ لَكَ لِأَنَّ الضَّمَان يصير الْمَنَافِع لَهُ أَو يَأْخُذهَا وكرائها وَمَنَافِعُهَا لَكَ وَكَذَلِكَ الْمُسْتَعِيرُ فِي الْمَسَافَةِ وَالْمُكْتَرِي

تَنْبِيهٌ قَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ إِشْكَالٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ أَنَّ الْغَاصِبَ لَا يَضْمَنُ إِذَا رَدَّ الْمَغْصُوبَ بِحَالِهِ وَهُوَ أَسْوَأُ حَالًا مِنَ الْمَكْرِي وَالْمُسْتَعِيرِ وَالْمُودِعِ وَإِنْ فَوَّتَ الْأَسْوَاقَ وَتَتِمَّةُ الْإِشْكَالِ وَالْجَوَابُ هُنَالِكَ وَالسُّؤَالُ قَوِيٌّ جدا فيتأمل الْفَرْع الرَّابِع فِي الْكتاب إِذَا زَوَّجَهَا بِغَيْرِ أَمْرِكَ ضَمِنَ مَا نَقَصَهُ التَّزْوِيجُ فَإِنْ ولدَتْ جَبَرَ الْوَلَدُ نَقْصَ التَّزْوِيجِ وخيرت بَين أَخذهَا وَوَلدهَا لِأَنَّهَا ملكت وتضمين قيمتهَا بِالْوَلَدِ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمَبِيعَةِ تُرَّدُّ بِالْعَيْبِ أَنَّ الْوَلَدَ يَجْبُرُ النَّقْصَ كَمَا يَجْبُرُ بِزِيَادَةِ الْقِيمَةِ وَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي مَالِكَ كَمَا إِذَا اعتقها نفذ الْعتْق وَفِي التبيهات قَوْلُهُ يَجْبُرُ الْوَلَدُ النَّقْصَ مَعْنَاهُ إِذَا أَرَدْتَ أَخْذَهَا وَلَوْ ضَمِنْتَهُ أَخَذْتَ قِيمَتَهَا بِغَيْرِ وَلَدٍ وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَمِنِينَ إِذَا أَخَذَ قِيمَتَهَا فَعَلَى أَنَّهَا خَالِيَةٌ مِنْ زَوْج يَوْمِ بِنَائِهَا وَعَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ قِيمَتُهَا يَوْمَ تَعَدَّى عَلَيْهَا فِي التَّزْوِيجِ وَقَوْلُهُ لَكَ أَخْذُهَا مَعَ وَلَدِهَا أَوْ تَضْمِينُهُ إِيَّاهَا إِذَا نَفَسَتْ وَتَأْخُذُ قِيمَتَهَا وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَاهُ فَقِيلَ إِذَا نَفَسَتْ زَائِدٌ لَيْسَ مُرَادًا وَهُوَ الْأَصَحُّ وَقِيلَ التَّخْيِيرُ إِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ النِّفَاسِ وَمُزَايَلَةِ الْوَلَدِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ تَكُونُ وَلَدًا وَتَجْبُرُ نَقْصًا وَقَدْ يُرِيدُ بِالنِّفَاسِ الْحَمْلَ مَجَازًا لِكَوْنِهِ سَبَبَهُ كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ يَوْمَ بَنَى بِهَا مَجَازٌ فَقَدْ يَكُونُ الْحَمْلُ بَعْدَ الْبِنَاءِ بِمُدَّةٍ وَإِنَّمَا يَقُومُ وَقْتَ الْحَمْلِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ أَجَزْتَ النِّكَاحَ سَقَطَ الْعُدْوَانُ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ فُسِخَ قَوْلًا وَاحِدًا وَكَانَ لَكَ الْمُطَالَبَةُ بِغَيْرِ الزَّوْجِيَّةِ مِنْ جِهَةِ اعْتِيَادِهَا لِلزَّوْجِ وَعَيْبِ الْوِلَادَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِنَ الْعَامِّيِّ وَيَنْقُصُهَا عِنْدَ الْمُشْتَرِي عَيْبُ الْوِلَادَةِ وَقَدْ يُسْقَطُ عَيْبُ عَادَةِ الزَّوْجِ إِذَا كَانَتْ مِنَ الْعَامِّيِّ لِأَنَّهَا شَأْنُهَا أَنْ تُوطَأَ بِخِلَافِ الْوَخْشِ ثُمَّ يَنْظُرُ فِي الْعَيْبِ إِنْ كَانَ يَسِيرًا وَفِي الْوَلَدِ جَبْرٌ لِلْعَيْبِ لَمْ يَكُنْ لَكَ إِلَّا الْأمة أَو كثيرا أَو فِي الْوَلَدِ جَبْرٌ لَهُ خُيِّرْتَ بَيْنَ

أَخْذِهَا مَعَ وَلَدِهَا دُونَ قِيمَةِ الْعَيْبِ أَوْ قِيمَةِ الْعَيْبِ أَوْ قِيمَتِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ إِذَا اشْتَرَاهَا فَزَوَّجَهَا وَوَلَدَتْ وَجَبَرَ الْوَلَد الْعَيْب فَإِنَّهُ يَدهَا رَضِيَ الْبَائِعُ أَوْ سَخِطَ لِأَنَّهُ حَوْزٌ بِوَجْهٍ جَائِزٍ وَمِنْ حَقِّهِ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ وَيجْبرُ الْبَائِعَ عَلَى قَبُولِهَا وَإِنْ حَدَثَ بِهَا عَيْبٌ وَيَغْرَمُ الْعَيْبَ أَوْ يَجْبُرُهُ بِالْوَلَدِ إِنْ كَانَ هُنَاكَ وَلَدٌ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَالْمُودَعُ مُتَعَدٍّ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ رَدُّهَا بِعَيْبٍ إِلَّا إِذَا كَانَ الْعَيْب كثيرا إِلَّا برضاك وَجعل لَهُ هَا هُنَا جَبْرُ الْعَيْبِ بِزِيَادَةِ الْجِسْمِ إِذَا حَسُنَتْ حَالُهَا وَزَادَتْ لِأَنَّهَا زَادَتْ بِمَالِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ زِيَادَةِ الْجِسْمِ وَزِيَادَةِ الْوَلَدِ وَإِنَّمَا رَاعَى أَنْ إِلَّا يَكُونَ عَلَى الْأُولَى ضَرَرٌ فَإِذَا عَادَ إِلَى يَدِهِ مِثْلَ مَا خَرَجَ مِنْهُ ارْتَفَعَ الضَّرَرُ وَإِنْ أتَيْتَ وَهِيَ حَامِلٌ وَكَانَ عَيْبُ الْحَمْلِ يَسِيرًا أَخَذْتَهَا وَقِيمَةَ الْعَيْبِ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا اخْتَرْتَ بَيْنَ تَضْمِينِهِ الْقِيمَةَ وَأَخْذِهَا أَوْ نَقْصِ الْعَيْبِ فَإِنْ مَاتَتْ مِنَ الْوِلَادَةِ لَمْ يَضْمَنْ عِنْدَ مَالِكٍ وَضَمَّنَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّ التَّسْلِيطَ على الوطث تَسْلِيطٌ عَلَى الْوِلَادَةِ وَيَلْزَمُ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ إِذَا لَمْ تَمُتْ وَوَجَدَهَا حَامِلًا أَنْ يَجْبُرَ عَلَى قَبُولِهَا حَامِلًا بِغَيْرِ شَيْءٍ وَإِنْ كَانَتْ وَضَعَتْ وَأَمَّا مَا قِيلَ فِيمَنْ عَرَضَ أَمَةً فَزَوَّجَهَا وَهُوَ عَالِمٌ فَاسْتَحَقَّتْ بَعْدَ الْوِلَادَةِ أَنَّ الزَّوْجَ يَرْجِعُ بِالصَّدَاقِ وَلَا يَرْجِعُ بِمَا غَرِمَ فِي الْوَلَدِ لِأَنَّ الْوَلَدَ بَقِيَ لِلْأَبِ وَلَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ كَمَا أَخَذَتْ مِنْهُ الزَّوْجَةُ الْفَرْعُ الْخَامِسُ فِي الْكِتَابِ إِذَا بَعَثَتِ الْعَبْدَ الْمُودَعَ فِي أَمْرٍ يَعْطَبُ فِي مِثْلِهِ فَهَلَكَ ضَمِنْتَهُ بِخِلَافِ شِرَاءِ الْبَقْلِ وَنَحْوِهِ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَوْ خَرَجَ فِي مِثْلِ هَذَا لَمْ يُمْنَعْ الْفَرْعُ السَّادِس قَالَ صَاحب قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا امْتَنَعَ مِنْ دَفْعِ الْوَدِيعَةِ أَوِ الرَّهْنِ لَمْ أُعْطِ فِكَاكَهُ إِلَّا بِأَمْرِ السُّلْطَانِ فَضَاعَا قَبْلَ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ وَبَعْدَ الطَّلَبِ فَإِنْ قَبَضَ لِغَيْرِ بَيِّنَةٍ ضَمِنَ قَالَ وَلَعَلَّ قَوْلَهُ فِي الرَّهْنِ الَّذِي لَا يُغَابُ عَلَيْهِ يُصَدَّقُ فِي رَدِّهِ إِذَا قَبَضَهُ

بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَفِي تَلَفِهِ كَالْوَدِيعَةِ وَفِي تَلَفِ الْوَدِيعَةِ بَعْدَ الطَّلَبِ وَقَبْلَ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ قَبْضَهَا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ لِأَنَّ لَهُ فِي ذَلِكَ عُذْرًا بِأَنْ يَقُولَ خِفْتُ شَغَبَهُ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَيَضْمَنُ وَإِنْ قَبَضَ بِبَيِّنَةٍ لِأَنَّ مَنْعَهُ عُدْوَانٌ لِأَنَّهُ كَانَ يُمكنهُ مَقْصُود بِالْإِشْهَادِ قَالَهُ ابْنُ دَحُّونَ وَالثَّالِثُ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا يُصَدَّقُ فِيهِ ثَمَنُ الرَّدِّ وَمَا لَا يُصَدَّقُ الْفَرْعُ السَّابِعُ قَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ وَلَوِ اكْتَرَى الْبَقَرَ لِلْحَرْثِ أَوِ الْبِغَالَ لِحَمْلِ الطَّعَامِ ضمن الْبَهَائِم لِأَن مَالك سلفها كَذَا فَإِنْ بَلَغَتْ أَوْ نَقَصَتْ فِي كِرَائِهَا فَلَا قِيمَةَ لَكَ لِأَنَّ الْقِيمَةَ تصيرهَا عَلَى مِلْكِهِ فَتَكُونُ الْمُتَابِعَ لَهُ فَلَا كِرَاءَ عَلَيْهِ فِي مَنَافِعِهِ أَوْ يَأْخُذُ الْقِيمَةَ إِنْ مَاتَتْ أَوْ نَقَصَهَا إِنْ لَمْ تَمُتْ وَلَا كِرَاءَ لَكَ لِمَا تَقَدَّمَ الْفَرْعُ الثَّامِنُ قَالَ صَاحِبُ الْإِشْرَافِ إِذَا سَرِقَتْ لَيْسَ لِلْمُودِعِ مُخَاصَمَةُ السَّارِقِ إِلَّا بِتَوْكِيلٍ مِنْكَ وَقَالَ ح لَهُ ذَلِكَ لَنَا أَنَّ الْخُصُومَةَ فِي الْأَمْلَاكِ لِلْمَالِكِ وَلَيْسَ مَالِكًا فَلَا خُصُومَةَ لَهُ السَّبَبُ السَّابِعُ الْجُحُودُ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا جَحَدَكَ وَشَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ ضَمِنَ لِأَنَّهُ بِالْجَحْدِ صَارَ غَاصِبًا وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَفِي الْجَوَاهِرِ مَعَ غير وَضمن لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْقَبْضَ مِنْهُ وَمَعَ الْمَالِكِ بَعْدَ الْمُطَالَبَةِ وَالتَّمَكُّنِ مِنَ الرَّدِّ مُضْمِنٌ وَمَهْمَا جَحَدَ قبل قَوْلِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِيدَاعِ فَإِنْ شَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ فَادَّعَى الرَّدَّ مِنْ قبل فَإِن كَانَت ضيه كَذَا حجوده إِنْكَارَ أَصْلِ الْوَدِيعَةِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ بِغَيْرِ بَيِّنَة لِأَن الأَصْل فِي قَوْله مَعَ الْبَيِّنَةِ خِلَافُ نَفْيِهِ لِتَنَاقُصِ كَلَامِهِ أَوْ قَالَ لَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُ شَيْءٍ إِلَيْكَ قبل قَوْله فِي الرَّدِّ وَالتَّلَفِ لِعَدَمِ التَّنَاقُصِ بَيْنَ كلاميه قَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا أَنْكَرَ الْإِيدَاعَ حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ لَا عَلَى الْعِلْمِ كَالدَّيْنِ فَإِنْ قَالَ لَا

أَدْرِي لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ وَذَلِكَ نُكُولٌ فَتَحْلِفُ وَيَحْكُمُ لَكَ بِدَعْوَاكَ فَإِنْ نَكَلْتَ لَمْ يَكُنْ لَكَ شَيْءٌ وَإِنِ ادَّعَيْتَ وَقَدْ قَدَّمَتَ فَلَكَ الْوَدِيعَةُ أَوْ فِي سَفَرٍ لَمْ يُكَلِّفِ الْخَلْطَةَ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مَوْضِعَهَا السَّبَبُ الثَّامِنُ تَرْكُ الْوَصِيَّةِ بِهَا أَوْ بِالْقِرَاضِ عِنْدَ الْمَوْتِ فَإِنَّهُ يضمنهُ وَيُؤْخَذ من تركته وَقَالَ الْأَئِمَّةُ لِأَنَّ تَرْكَهَا تَحْتَ يَدِهِ مُوجِبٌ لِلْقَضَاءِ بِأَنَّهَا مِلْكُهُ فَقَدْ ضَيَّعَهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَيُحَاصُّ بِهَا غُرَمَاؤُهُ وَلَوْ قَالَ عِنْدَ مَوْتِهِ هَذَا قِرَاض فلَان أَو وديعتة فَإِن يتهم صدق وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا قَالَ هِيَ فِي مَوْضِعِ كَذَا فَلَمْ تُوجَدْ هُنَاكَ لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهُ عَمِلَ جُهْدَهُ وَلَعَلَّهَا أَخَذَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ فَالْمُتَعَدِّي غَيْرُهُ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا لَمْ يُوصِ وَوُجِدَتْ صُرَرٌ عَلَيْهَا مَكْتُوبٌ هَذَا لِفُلَانٍ وَفِيهَا كَذَا وَلَا بَيِّنَةَ عَلَى إِيدَاعِهِ لَمْ يَأْخُذْهَا مَالِكُهَا إِلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِإِقْرَارِ الْمَيِّتِ وَلَعَلَّهُ صَادَمَ أَهْلَ الْمَيِّتِ حَتَّى كَتَبُوا ذَلِك وَعَن ابْن الْقَاسِم إِذا وجد قزطاس حِسَابٍ فِيهِ لِفُلَانٍ عِنْدِي كَذَا فَهُوَ لِمَنْ سَمَّى إِنْ شَهِدَ بِأَنَّهُ خَطُّ الْمَيِّتِ وَإِلَّا فَلَا قَالَ أَصْبَغُ وَيقضى لَكَ بِهَا إِذَا كَانَ عَلَيْهِ خَطُّكَ وَوُجِدَ فِي حِرْزِ الْمُسْتَوْدَعِ حَيْثُ أَقَرَّهُ قَالَ مَالِكٌ وَإِذَا شَهِدَ عَلَى خَطِّ الْمُقِرِّ بِالْحُقُوقِ شَاهِدَانِ فَقَدْ تَمَّتَ الشَّهَادَةُ وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى يَمِينٍ كَالْإِقْرَارِ أَوْ شَاهِدٌ وَاحِدٌ حَلَفَ مَعَهُ أَوْ شَاهِدٌ عَلَى الْخَطِّ وَآخَرُ عَلَى الْحَقِّ تَمَّتِ الشَّهَادَةُ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا لَمْ يَعْلَمِ الْوَدِيعَة إِلَّا بالإقراره ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ طُولِ الْمُدَّةِ نَحْوَ عِشْرِينَ سَنَةً لَمْ يُؤْخَذْ مِنْ مَالِهِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ حَيًّا وَادَّعَى رَدَّهَا أَوْ تَلَفَهَا صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ وَقَدْ سَقَطَتِ الْيَمِينُ بِالْمَوْتِ لِأَنَّ الْمَيِّتَ يَتَعَذَّرُ تَحْلِيفُهُ فَقَدْ سَقَطَ الْحَقُّ بِالْكُلِّيَّةِ وَيلْزم الْكثير من وَرَثَة يَحْلِفُ مَا يَعْلَمُ لَهَا سَبَبًا وَلَا يَعْتَقِدُ لطول الْمدَّة إِن تَسَلَّفَهَا أَوِ اسْتَهْلَكَهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ وَعَدَمُ الْعُدْوَانِ وَهَذَا كَانَ الْقِيَاسَ لَوْ قَصَّرَتِ الْمدَّة لَكِن الْفرق

بَيْنَهُمَا أَنَّ الْوَدَائِعَ لَا تُتْرَكُ عِنْدَ قَابِضِهَا الدَّهْرَ الطَّوِيلَ غَالِبًا وَالْعَشْرُ سِنِينَ كَالْعِشْرِينَ وَالسَّنَةُ وَنَحْوَهَا قَلِيلٌ فَقِيلَ إِنَّ هَذَا خِلَافُ قَوْلِهِ فِي كِتَابِ الشَّرِكَةِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الشَّرِيكَيْنِ يَمُوتُ أَحَدُهُمَا فَيُقِيمُ شَرِيكَه الْبَيِّنَةِ أَنَّهُ كَانَ عِنْده مائَة دِينَار من الشّركَة افلم تُوجد وَلَا علم لَهَا مسْقط كَذَا إنَّهَا تَكُونُ فِي مَالِهِ وَقِيلَ لَيْسَ بِخِلَافٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّهَا مَسْأَلَةٌ أُخْرَى وَالْفَرْقُ أَنَّ لِلشَّرِيكِ التَصَرُّفَ فِي الْمَالِ بِخِلَافِ الْمُودَعِ السَّبَبُ التَّاسِعُ التَّقْصِيرُ فِي الْإِشْهَادِ كَالرَّدِّ إِذَا قَبَضَ بِبَيِّنَةٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ الثَّانِي مِنَ الْعَاقِبَةِ الْأُولَى ذِكْرُ هَذَا وَمُخَالَفَةُ الْأَئِمَّةِ لنا وَوجه الْحجَّة عَلَيْهِم وَنَذْكُر هَا هُنَا مَا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا السَّبَبِ مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ هُنَالِكَ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ إِذَا قَبَضَ بِبَيِّنَةٍ يَكُونُ قَدْ ائْتَمَنَهُ عَلَى الْحِفْظِ دُونَ الرَّدِّ فَيصدق فِي الْحِفْظ الَّذِي أوئتمن عَلَيْهِ دُونَ الرَّدِّ الَّذِي لَمْ يُؤْتَمَنْ عَلَيْهِ قَالَهُ مَالِكٌ وَجَمِيعُ أَصْحَابِهِ إِلَّا رِوَايَةً عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي دَعْوَى الْمُسْتَأْجِرِ رَدَّ مَا اسْتَأْجَرَهُ مِنَ الْعُرُوضِ فَيُصَدَّقُ قَبَضَ بِبَيِّنَةٍ أَمْ لَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُودِعِ عِنْدَهُ وَقَدْ تَأَوَّلَ عَلَيْهِ أَصْبَغُ أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ الْقِرَاضِ وَالْوَدِيعَةِ وَبَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِ مِنَ الْعُرُوضِ فِي دَعْوَى الرَّدِّ إِذَا قَبَضَ بِبَيِّنَتِهِ وَوَقَعَ فِي النَّوَادِرِ لِابْنِ الْقَاسِمِ مَا ظَاهِرُهُ تَأْوِيلُ أَصْبَغَ عَلَيْهِ وَالصَّحِيحُ التَّسْوِيَةُ بَلِ الْمُسْتَأْجِرُ أَوْلَى بِعَدَمِ الْقَبُولِ مِنَ الْمُودِعِ لِأَنَّهُ قَبَضَ لَهُ لِخِفَّتِهِمَا وَكَذَلِكَ الْقِرَاضُ فَيَتَحَصَّلُ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ الْمَشْهُورُ لَا يُصَدَّقُ إِذَا قَبَضَ بِبَيِّنَةٍ فِي الثَّلَاثَةِ وَيُصَدَّقُ فِيهَا وَإِنْ قَبَضَ بِبَيِّنَةٍ وَالتَّفْرِقَةُ لِأَصْبَغَ بَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْآخَرِينَ عَلَى تَأْوِيلِهِ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيُصَدَّقُ فِي الْوَدِيعَةِ دُونَهُمَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْقَصْدُ بِالْإِشْهَادِ فِيهِمَا التَّوَثُّقَ مِنْ عَقْدِ الْقِرَاضِ وَالْإِجَارَةِ دُونَ الْعَيْنِ وَهَذَا إِذَا دَفَعَ الْأَمَانَةَ لِدَافِعِهَا وَأَمَّا لِغَيْرِهِ فَعَلَيْهِ مَا عَلَى وَلِيِّ الْأَيْتَامِ مِنَ الْإِشْهَادِ وَلَا يُصَدَّقُ إِذَا أَنْكَرَ الْقَابِضُ قَوْلًا وَاحِدًا إِلَّا قَوْل عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَصْبَغُ إِذَا قَالَ لَا أَدْرِي أَضَاعَتْ أَوْ رَدَّدْتُهَا

وَالْقَبْضُ بِبَيِّنَةٍ يَضْمَنُ لِأَنَّ يَدَهُ يَدُ ضَمَانٍ وَإِنَّمَا أَمَرَ عَلَى الْحِفْظِ وَلَمْ يَتَحَقَّقِ الْمُبَرِّئُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَلَوْ قَالَ لَكَ إِنْ أَوْدَعْتَنِي شَيْئًا فَقَدْ ضَاعَ وَقَدْ قَبَضْتَهُ بِبَيِّنَةٍ لَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا يَمِينُهُ لِجَزْمِهِ بِانْحِصَارِ الطَّارِئ فِي الضّيَاع كمل بِحَمْد الله وَحسن عونه

(كتاب الحمالة)

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم (كتاب الْحمالَة) وَهِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنَ الْحَمْلِ لِأَنَّ الضَّامِنَ حَمَلَ وَالْمَضْمُونَ نَقَلَ مَا كَانَ عَلَيْهِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَهِيَ فِي اللُّغَةِ سَبْعَةُ أَلْفَاظٍ كُلُّهَا مُتَرَادِفَةٌ الْحَمِيلُ وَالزَّعِيمُ وَالْكَفِيلُ وَالْقَبِيلُ وَالْأَذِينُ وَالصَّبِيرُ وَالضَّامِنُ يُقَالُ حَمَلَ يَحْمِلُ حَمَالَةً فَهُوَ حَمِيلٌ وَزَعَمَ يَزْعُمُ زَعَامَةً فَهُوَ زَعِيمٌ وَكَفَلَ يَكْفُلُ كَفَالَةً فَهُوَ كَفِيلٌ وَقَبِلَ يَقْبَلُ قَبَالَةً فَهُوَ قَبَيْلٌ وَأَذِنَ يَأْذَنُ أذَانَةً فَهُوَ أَذِينٌ وَصَبَرَ يَصْبِرُ صَبْرًا فَهُوَ صَبِيرٌ وَضَمِنَ يَضْمَنُ ضَمَانًا فَهُوَ ضَامِنٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِعْ زعيم} و {سلهم أَيهمْ بذلك زعيم} وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الزعيم غَارِم وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكُونَ زَعِيمُ الْقَوْمِ أَرْذَلَهُمْ أَيْ مَنْ يَتَحَمَّلُ الْكَلَامَ عَنْهُمْ وَيَتَقَدَّمُ فِيهِ دُونَهُمْ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُم كَفِيلا} وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تَكَفَّلَ اللَّهُ لِمَنْ جَاهَدَ فِي سَبِيلِهِ لَا يُخْرِجُهُ مِنْ بَيْتِهِ إِلَّا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ وَابْتِغَاءُ مَرْضَاتِهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَوْ يَرُدَّهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ

مَعَ مَا نَالَ من أجرا وغنيمة وَقَالَ تَعَالَى {أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلا} والأذين فِي قَوْله تَعَالَى {وَإِذا تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِن عَذَابي لشديد} وَأَصْلُ الْأَذِينِ وَالْأَذَانِ وَمَا تَصَرَّفَ مِنْ ذَلِكَ الْإِعْلَام وَالْكَفِيل معلم بِأَن الْحق فيوجهته وَقَالَ تَعَالَى {وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يحمل مِنْهُ شَيْء} قَالَ فِي التَّنْبِيهَات مثل حَمِيلٍ عَزِيزٌ وَكَوِينٌ قَالَ وَأَصْلُ ذَلِكَ كُلِّهِ مِنَ الْحِفْظِ وَالْحِيَاطَةِ فَالْكَفَالَةُ مِنَ الْكَفِيلِ وَهُوَ الْكِسَاءُ الَّذِي يُطْوَى حَوْلَ سَنَامِ الْبَعِيرِ لِيُحْفَظَ بِهِ الرَّاكِبُ وَالْكَفِيلُ حَافِظٌ لِمَا الْتَزَمَهُ وَالضَّامِنُ مِنَ الضَّمْنِ وَهُوَ الْحِرْزُ وَكُلُّ شَيْءٍ أَحْرَزْتَهُ فِي شَيْءٍ فَقَدْ ضَمَّنْتَهُ إِيَّاهُ وَالْقِبَالَةُ الْقُوَّة وَمِنْهُ مَا لِي بِهَذَا الْأَمْرِ قِبَلٌ وَلَا طَاقَة وَمِنْه قبل الْحِيَل قبْلَة الأول كَذَا وَالْقَبِيلُ قُوَّةٌ فِي اسْتِيفَاءِ الْحَقِّ وَالزَّعَامَةُ السِّيَادَةُ فَكَأَنَّهُ لَمَّا تَكَفَّلَ بِهِ صَارَ عَلَيْهِ سِيَادَةٌ وَحكم عَلَيْهِ قَالَ وَالْأَذِينُ وَالْإِذَانَةُ بِمَعْنَى الْإِيجَابِ وَذَكَرَ الْآيَتَيْنِ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ أَيْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ الْمَزِيدَ لِلشَّاكِرِ وَالْعَذَابَ لِلْكَافِرِ قَالَ وَأَصْلُهُ مِنَ الْأَذَانِ وَهُوَ الْإِعْلَامُ قَالَ وَالضَّامِنُ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ مَا لَزِمَهُ وَأَعْلَمَ بِذَلِكَ وَالصَّبِيرُ مِنَ الصَّبْرِ وَهُوَ الثَّبَاتُ وَالْحَبْسُ وَمِنْهُ الْمَصْبُورَةُ وَهِيَ الْمَحْبُوسَةُ لِلرَّمْيِ لِأَنَّهُ حَبَسَ نَفْسَهُ لِأَدَاءِ الْحَقِّ وَالْكَوِينُ مِنْ كَنَيْتُ لَكَ بِكَذَا وَقَالُوا عَزِيزُكَ أَيْ كَفِيلُكَ قَالَ غَيْرُهُ الْكَفَالَةُ مِنَ الضَّمِّ وَمِنْهُ سُمِّيَتِ الْخَشَبَةُ الَّتِي تُعْمَلُ لِلْحَائِطِ كِفْلا وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {وكفلها زَكَرِيَّا} أَيْ ضَمَّهَا لِنَفْسِهِ وَالْحَمِيلَ ضَمَّ ذِمَّتَهُ لِذِمَمٍ أُخْرَى

فَائِدَة قَالَ بعض اللغوين كَثُرَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْفُعَالَةِ وَالْفِعَالَةِ فِي مَوَارِدِ والاستعمال فَالْفُعَالَةُ بِالضَّمِّ فِي الْفَضَلَاتِ وَالْمُطْرَحَاتِ نَحْوَ النُّخَالَةِ وَالْفُضَالَةِ وَالزُّبَالَةِ وَالْكُنَاسَةِ وَبِالْفَتْحِ مِنَ السَّجَايَا وَالْأَخْلَاقِ نَحْوَ الشَّجَاعَةِ وَالسَّمَاحَةِ وَالْبَرَاعَةِ وَالْخَلَاعَةِ وَبِالْكَسْرِ فِي الْحِرَفِ وَالصِّنَاعَاتِ نَحْوَ الْخِيَاطَةِ وَالتِّجَارَةِ وَالصِّيَاغَةِ وَالْفِلَاحَةِ وَهُوَ كَثِيرٌ فِي الثَّلَاثَةِ غَيْرُ مُطَّرِدٍ وَأَصْلُ هَذَا الْكِتَابِ الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ وَالْقِيَاسُ أَمَّا الْقُرْآن فَقَوله تَعَالَى {وَأَنا بِهِ زعيم} وَشَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا حَتَّى يُنْسَخَ وَهِي كَفَالَة بِالْمَالِ وَقَوله يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلا أَنْ احاط بكم} وَهُوَ كَفَالَةٌ بِالْوَجْهِ وَالسُّنَّةُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الزَّعِيمُ غَارِمٌ وَأَجْمَعَتِ الْأَئِمَّةُ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ وَإِنِ اخْتَلَفَتْ فِي بَعْضِ الْفُرُوعِ وَأَمَّا الْقِيَاسُ فَلِأَنَّهُ بَابُ مَعْرُوفٍ فَيَجُوزُ قِيَاسًا عَلَى الْعَارِيَةِ وَالْقَرْضِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَبْوَابِ الْمَعْرُوفِ وَلِأَنَّهُ تَوَثُّقٌ بِالْحَقِّ فَيَجُوزُ كَالرَّهْنِ وَفِي هَذَا الْكِتَابِ ثَلَاثَة أَبْوَاب

(الباب الأول في أركانه وهي خمسة)

(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهِ وَهِيَ خَمْسَةٌ) الرُّكْنُ الْأَوَّلُ الضَّمَانُ وَفِي الْجَوَاهِرِ شَرَطُهُ صِحَّةُ الْعِبَارَةِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ احْتِرَازًا مِنَ الصَّبِيِّ وَالسَّفِيهِ لِعَدَمِ ذِمَّتِهِمَا وَمَنْ فِيهِ رِقٌّ أَوْ شَائِبَتُهُ لِمَا فِي ضَمَانه من ضَرَر السَّيِّدِ فَإِنْ أَذِنَ السَّيِّدُ جَازَ إِلَّا فِي الْمَأْذُونِ إِذَا أَحَاطَ الدَّيْنُ بِهِ لِئَلَّا يَتَضَرَّرَ صَاحِبُ الدَّيْنِ وَقِيلَ يَمْتَنِعُ فِي الْمُكَاتَبِ أَيْضًا وَإِنْ أَجَازَهُ صَوْنًا لِلْكِتَابَةِ عَنِ الْعَجْزِ وَقَالَ ح وَمَا رَدَّهُ السَّيِّدُ مِنْ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُمْ بَعْدَ الْعِتْقِ عَيْبٌ الْآنَ وَلَيْسَ لَهُمْ إِدْخَالُ الْعَبْدِ فِي مِلْكِ السَّيِّدِ فَمَكَّنَهُ الشَّرْعُ مِنْ إِسْقَاطِهِ مُطْلَقًا فَإِنْ لَمْ يَرُدَّ حَتَّى عَتَقُوا لَزِمَهُمْ لِذَهَابِ الْمَانِعِ وَفِي هَذَا الرُّكْنِ ثَلَاثَةُ فُرُوعٍ الْفَرْعُ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ كَفَالَةُ الْمَرِيض فِي ثلثه لِأَنَّهَا تبرع وَقَالَ الْأَئِمَّةُ وَمُدَايَنَتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي رَأْسِ مَالِهِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ تَبَرُّعًا فَإِنِ اغْتَرَقَ الدَّيْنُ سَقَطَتِ الْكَفَالَةُ لِتَقْدِيمِ الدَّيْنِ عَلَى التَّبَرُّعِ كَالْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ يُسْقِطُهَا الدَّيْنُ وَإِنْ تَكَفَّلَ فِي مَرَضِهِ لِوَارِثٍ أَوْ غَيْرِهِ وَصَحَّ لَزِمَهُ ذَلِكَ كَصَدَقَتِهِ فِي مَرَضِهِ لِوَارِثٍ إِلَّا عَلَى وَجْهِ الْوَصِيَّةِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ فَإِنَّ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ أَنَّهُ تَكَفَّلَ فِي مَرَضِهِ هَذَا لِوَارِثٍ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ لِوَارِثٍ وَيَجُوزُ لِلْأَجْنَبِيِّ وَالصَّدِيقِ الْمُلَاطِفِ فِي ثُلُثِهِ لجَوَاز الْوَصِيَّة إِلَّا أَنه يَغْتَرِقَ الدَّيْنُ مَالَهُ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَمْتَنِعُ لِصَيْرُورَةِ المَال وَفَاء الدّين فَيَكُونُ كَالتَّصَرُّفِ فِي الرَّهْنِ وَجَوَّزَ ش التَّبَرُّعَ لَهُ مَا لَمْ يُفْلِسْ وَإِذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ وَبَين مَوْتِهِ أَنَّهُ أَقَرَّ فِي صِحَّتِهِ بِكَفَالَةٍ لِوَارِثٍ أَوْ غَيْرِهِ فَفِي رَأْسِ مَالِهِ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي الصِّحَّة

فِي التَّنْبِيهَاتِ أَكْثَرُ الْمُخْتَصِرِينَ حَمَلُوا كَلَامَهُ عَلَى أَنَّ إِقْرَارَهُ بِالْكَفَالَةِ كَإِقْرَارِهِ بِالْعِتْقِ وَالصَّدَقَةِ وَغَيْرِهِمَا وَأَنَّ الْجَمِيعَ بَاطِلٌ قَالَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَابْنُ أَبِي زَمِنِينَ وَقِيلَ الْكَفَالَةُ تُخَالِفُ ذَلِكَ لِأَنَّهَا دين يلْزم بِالْإِقْرَارِ فِي الْمَرَض وكالصحة قَالَهُ ابْنُ لُبَابَةَ وَأَبُو عِمْرَانَ قَالَا وَمَعْنَى كَلَامِ مَالِكٍ أَنَّهُ إِنَّمَا يُبْطِلُ مِنْ ذَلِكَ مَا كَانَ لِوَارِثٍ وَمَنْ لَا يَصِحُّ إِقْرَارُهُ لَهُ فِي الْمَرَضِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ وَإِنْ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ أَنَّهُ تَكَفَّلَ فِي صِحَّتِهِ فِي أَصْلِ عَقْدِ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ بِدَيْنٍ يَلْزَمُ وَلَيْسَ مَعْرُوفًا كَالصَّدَقَةِ وَأَمَّا الْعِتْقُ فَلَا يَلْزَمُ فِي ثُلُثٍ وَلَا غَيْرِهِ كَمَا قَالَهُ فِي الْكِتَابِ إِلَّا أَنْ يَقُولَ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ أَنْفِذُوهَا فَتَخْرُجُ مِنَ الثُّلُثِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّد حمالَة الْمَرِيض جَائِزَة وَمَا لَمْ يَدْخُلْ عَلَى أَرْبَابِ الدَّيْنِ نَقص وَيَكُونُ الْمُتَحَمِّلُ بِهَا مَلِيًّا وَيَكُونُ الْمَرِيضُ مُتَّهَمًا فِي إِحْيَاءِ حَقِّهِ وَإِنْ كَانَ مَلِيًّا جَازَتْ بِكُلِّ حَالٍ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ كَانَ الْمَحْمُولُ بِهِ مَلِيًّا فَهِيَ أَوْ عَدِيمًا بَطَلَتْ وَلَمْ تَكُنْ فِي الثُّلُثِ إِذَا لَمْ يرد بِهَا كَالْوَصِيَّةِ وَلَا لَهُ أَنْ يُعْطِيَ فِي مَرَضِهِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ قَالَ أَشهب حمالَة الْمَرِيض عَن وراثه لأَجْنَبِيّ بَاطِلَةٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَحْمُولُ بِهِ مُوسِرًا حَاضر النَّقْد حِين تحمل بِهِ اوأبطلها عَبْدُ الْمَلِكِ مُطْلَقًا وَلَوْ صَحَّ بَعْدَ الْحَمَالَةِ تَثْبُتُ مُطْلَقًا عِنْدَ أَشْهَبَ وَعَبْدِ الْمَلِكِ وَقَوْلُهُ اإن أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ أَنَّهُ تَكَفَّلَ فِي مَرَضِهِ هَذَا إِنْ كَانَ لِوَارِثٍ امْتَنَعَ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ أَوْ صَدِيقٍ مُلَاطِفٍ جَازَ يُرِيدُ كَانَ وَارِثُهُ كَلَالَةً أَوْ وَلَدًا وَعَنْ سَحْنُونٍ إِنْ كَانَ وَلَده كَلَالَة لم يجزه إِقْرَارُهُ مِنْ ثُلُثٍ وَلَا غَيْرِهِ قَالَ صَاحِبُ كَذَا إِذَا تَكَفَّلَ الَّذِي أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ بَطَلَتْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا يُتْبِعُهُ بِهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَقَالَ أَصْبَغُ هُوَ كحالة ذَات الزَّوْج إِذا طلقت وأيسر هُوَ مَعْدُوم وَلم تفسخ الْحمالَة فَهِيَ ثَابِتَة إِلَّا أَن يَكُونَ الزَّوْجُ أَسْقَطَهَا عَنْ زَوْجَتِهِ وَالْغُرَمَاءُ عَنْ غَرِيمِهِمْ قَالَ مُحَمَّدٌ الْمَرِيضُ لَهُ دَيْنٌ عَلَى رَجُلَيْنِ تَحَمَّلَ بَعْضَهُمَا عَنْ بَعْضٍ وَأَخَذَهُمَا وَارِثُهُ فَأَقَرَّ أَنَّهُ قَبَضَ جَمِيعَ الْحَقِّ يَبْطُلُ إِقْرَارُهُ

وَالْحَمَالَةُ بَاقِيَةٌ لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ أَسْقَطَ مَا عَلَيْهِ وَجَعَلَ لَهُ اتِّبَاعَ الْأَجْنَبِيِّ وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ قَبَضَ الْحَقَّ مِنَ الْأَجْنَبِيِّ جَازَ إِقْرَارُهُ وَسَقَطَ الْحَقُّ عَنْهُمَا إِنْ كَانَا مَلِيَّيْنِ لِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّ يَتْبَعُ الْوَارِثَ وَلَمْ يُسْقِطْ عَنْ وَارِثِهِ شَيْئًا لِأَنَّ صَاحِبَهُ مَلِيٌّ أَوْ مَعْدُومٌ مُعَيَّنٌ بَطَلَ الْإِقْرَارُ وَبَقِيَتِ الْحَمَالَةُ وَالدَّيْنُ لِأَنَّ الْوَارِثَ إِن أيسر أَو لَا صَارَتْ وَصِيَّةً لَهُ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ عَنْهُ مَا يَلْزَمُهُ وَكَذَلِكَ فِي عَدَمِ الْأَجْنَبِيِّ وَمِلَاءِ الْوَارِثِ لِأَنَّهُ يُزِيلُ عَنْ وَارِثِهِ وَاجِبًا إِنْ أَقَرَّ لَهُ وَلَا يَجُوزُ لِلْأَجْنَبِيِّ لِأَنَّهُ يُزِيلُ بِذَلِكَ الطّلب عَن وَرَثَة وَإِذَا أَقَرَّ بِقَبْضِ دَيْنِهِ مِنْ وَارِثِهِ وَلَهُ بِهِ حَمِيلٌ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ يُضْعِفُ فَرْضَهُ وَيَنْقُصُهُ وَلَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ الْحَقِّ مِنَ الْأَجْنَبِيِّ الْحَمِيلِ جَازَ وَاتَّبَعَ الْحَمِيلُ الْوَارِثَ وَقَالَ صَاحِبُ التَّبْصِرَةِ إِذا تكفل الْمَرِيض بِمَالِه فِي عَقْدٍ بِغَيْرِ أَمْرِ الْمُشْتَرِي جَازَ وَيَمْتَنِعُ بِأَمْرِهِ عَلَى الْقَوْلِ إنَّهَا تَحِلُّ عَلَى الْحَمِيلِ بِمَوْتِهِ لِأَنَّهُ يَدْرِي عَلَى أَيِّ ذَلِكَ بَاعَ نَقْدًا أَوْ إِلَى أَجَلٍ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْعَقْدِ أَوْ فِي مَرَضٍ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ بعده جَازَت من ثلثه وَإِذَا تَكَفَّلَ الْمَرِيضُ فَصَحَّ فَيَرْجِعُ عَنْهَا وَقَالَ كُنْتُ أَرَدْتُ بِهَا الْوَصِيَّةَ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ إِنْ كَانَتْ فِي عَقْدِ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ وَيَخْتَلِفُ إِذَا كَانَتْ بَعْدُ وَإِذَا أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ أَنَّهُ يَحْمِلُ فِي الصِّحَّةِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ إِذَا كَانَتْ بَعْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ أَوِ الْقَرْضِ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ وَتَدْخُلُ فِيهِ الْوَصَايَا لِأَنَّهَا كَالْحَمَالَةِ لَهَا مَرْجِعٌ فَأَشْبَهَتْ مَرَاجِعَ الْعُمْرَى فَإِنْ أَقَرَّ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ أَوِ الْقَرْضِ جَازَ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ فِي ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي وَالْمُسْتَقْرِضِ دُونَ الْبَائِعِ وَالْمُقْرِضِ فَكَانَ كَالْإِقْرَارِ بِسَائِرِ الدِّيُونِ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِمَا أَخْرَجَ بِهِ مِلْكًا عَنْ مَالِكِهِ الْفَرْعُ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ تَمْتَنِعُ كَفَالَةُ الْمَأْذُونِ إِلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ إِلَّا أَنْ يَغْتَرِقَ الدَّيْنُ مَالَهُ فَيُمْنَعُ وَإِن أَذِنَ السَّيِّدُ كَالْحُرِّ إِذَا اغْتَرَقَ دَيْنُهُ مَالَهُ وَتَجُوزُ حَمَالَةُ الْعَبْدِ بِالْخُصُومَةِ بِإِذْنِ السَّيِّدِ وَقَالَ ش أَنه لَوْ وَكَّلَ عَبْدَهُ فِي قَضَاءٍ فَأَقَامَ شَاهِدًا بِالْقَضَاءِ حَلَفَ الْعَبْدُ وَبَرِئَ السَّيِّدُ كَالْحُرِّ وَلَا يَحْلِفُ السَّيِّدُ وَإِنْ تَحَمَّلَ عَبْدٌ بِدَيْنٍ عَلَى سَيِّدِهِ بِإِذْنِ السَّيِّدِ ثُمَّ فُلِّسَ السَّيِّدُ أَوْ مَاتَ خير الطَّالِب وان يَتْبَعَ ذِمَّةَ السَّيِّدِ فَيُبْتَاعُ لَهُ الْعَبْدُ أَوْ

ذِمَّةُ الْعَبْدِ فَيَكُونُ لَهُ دَيْنُهُ فِيهَا وَقَالَ غَيْرُهُ لَيْسَ لَهُ اتِّبَاعُ ذِمَّةِ الْعَبْدِ إِلَّا عَمَّا عَجَزَ مِنْهُ مَالُ السَّيِّدِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ تَحَمَّلَ عَنْ أَجْنَبِيٍّ بِأَدَاءِ السَّيِّدِ فَفِي ذِمَّتِهِ لَا فِي رَقَبَتِهِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ جِنَايَةً وَيَجُوزُ كَفَالَةُ الْعَبْدِ وَمَنْ فِيهِ رق لِسَيِّدِهِ وَلَا يُجْبِرُهُ السَّيِّدُ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ قد يؤدبه بَعْدَ الْعِتْقِ وَلَا يَلْزَمُهُ إِنْ أَجْبَرَهُ لِأَنَّهُ عقد إِكْرَاه وإباء العَبْد خَوْف اللُّزُومِ بَعْدَ الْعِتْقِ وَأَشْهَدَ السَّيِّدُ أَنَّهُ ألزمهُ ذَلِك لم يلْزمه الْعَبْدَ إِلَّا بِرِضَاهُ قَالَ مَالِكٌ إِذَا أَعْتَقَهُ وَعَلَيْهِ مِائَةٌ لَزِمَتْهُ وَإِنْ كَرِهَ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ قِيلَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي تَخْيِيرِ الطَّالِبِ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالسَّيِّدِ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ الْأَوَّلِ إنَّ لِلطَّالِبِ اتِّبَاعَ الْكَفِيلِ مَعَ يُسْرِ الْغَرِيمِ وَلَيْسَ هُوَ اخْتِيَارَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَقَدْ خَالَفَ أَصْلَهُ وَقِيلَ إِنَّمَا قَالَ هَذَا لِأَنَّ الْعَبْدَ مَعَ سَيِّدِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ لِأَنَّ الذِّمَّتَيْنِ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ وَقِيلَ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَصْلِهِ وَلَعَلَّ السَّيِّدَ فُلِّسَ أَوْ مَاتَ وَيَخَافُ الْمُحَاصَّةَ وَذِكْرُهُ إِعْتَاقَ الْعَبْدِ عَلَى أَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ مِائَةٌ فَتَلْزَمُهُ وَإِنْ كَرِهَ فِي الْعِتْقِ الثَّانِي خِلَافَهُ ذَكَرَهَا سَحْنُونٌ بَعْدَ إِجْبَارِ الْعَبْدِ عَلَى الْكَفَالَةِ تَنْبِيهًا عَلَى الْخِلَافِ وَأَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَسْأَلَةِ مُخَالِفٌ لِمَالِكٍ وَأَنَّهُ يَأْتِي عَلَى قَوْلِ مَالك إِلْزَام والإجبار وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقِيلَ بَلْ أَشَارَ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الْعِتْقِ وَالْحَمَالَةِ لِحُرْمَةِ الْعِتْقِ وَأَنَّ مَا أَدْخَلَ فِيهِ الْعَبْدُ مِنَ الْمِائَةِ انْتَفَعَ بِعِوَضِهَا مِنْ تَعْجِيلِ الْعِتْقِ وَلَا مَنْفَعَةَ لَهُ فِي إِلْزَامِ الْكَفَالَةِ وَفِي النُّكَتِ إِذَا طَالَبَ السَّيِّدُ بِبَيْعِ الْعَبْدِ فَلَمْ يَفِ بِالدَّيْنِ لَهُ مُطَالَبَةُ الْعَبْدِ بِمَا بَقِيَ لَهُ كَالْحُرِّ إِذَا تَحَمَّلَ وَلَمْ يَفِ مَالَ الْمَطْلُوبِ لَهُ مُطَالَبَةُ الْكَفِيلِ بِمَا بَقِيَ قَالَ وَقَوْلُ الْغَيْرِ لَا يُطَالَبُ الْعَبْدُ إِلَّا بِمَا عَجَزَ عَنْهُ مَالُ السَّيِّدِ كَيْفَ يُبَاعُ وَلَا يُعْرَفُ مَا بَقِيَ فِي ذِمَّتِهِ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَالِ السَّيِّدِ فَلَا يَتَّجِهُ إِلَّا عَلَى التَّبْعِيضِ فِي الْمُزَايَدَةِ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ مِائَةً فَيُقَالُ مَنْ يَشْتَرِيهِ بِخَمْسِينَ عَلَى أَنْ يبْقَى عَلَيْهِ أَرْبَعُونَ هَكَذَا حَتَّى تَقِفَ عَلَى ثَمَنٍ مَعْلُومٍ قَالَ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا يُؤْخَذُ مِنْ ثَمَنِ الْعَبْدِ يُسْقَطُ مِنْ ذِمَّتِهِ فَإِنْ كَانَ عَلَى سَيِّدِهِ أَيْضًا دَيْنٌ فَمَا أَخَذَ مِنْ ثَمَنِهِ لِأَجْلِ الدَّيْنِ فِيهِ نَصِيبٌ فَمَا حَصَلَ لَهُمْ مِنْهُ بَاقٍ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ فِي هَذَا عَامِرَةٌ بِمَا عَجَزَ عَنْهُ ثَمَنُهُ وَبِمَا أَخَذَ أَهْلُ الدَّيْنِ مِثَالُهُ عَلَى السَّيِّدِ مِائَةٌ وَتَحَمَّلَ الْعَبْدُ عَنْهُ بِمِائَةٍ فَيُقَالُ مَنْ يَشْتَرِيهِ بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ تَبْقَى فِي

ذمَّته خَمْسُونَ فَيَقُول آخر آخذه بِمِائَة وَعِشْرُونَ عَلَى أَنْ يَبْقَى فِي ذِمَّتِهِ أَرْبَعُونَ لِأَنَّ الْعِشْرِينَ الَّتِي زَادَنَا بَيْنَ الْغُرَمَاءِ نِصْفَيْنِ فَيُسْقَطُ مِنْ ذِمَّةِ الْعَبْدِ نِصْفُهَا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ قَالَ التُّونُسِيُّ قَوْلُهُ يَحْلِفُ الْعَبْدُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ السَّيِّدُ مَعَ الشَّاهِدِ لِأَنَّهُ أَمْرٌ يَدْفَعُهُ عَنْ نَفْسِهِ بِشَاهِدٍ قَامَ لَهُ وَأَمَّا الْوَكِيلُ الْحر فَإِن كَانَ عديما حلف الْمُوكل ليبرئ مِنَ الْغُرْمِ أَيْضًا وَمَتَى أَيْسَرَ الْوَكِيلُ حَلَفَ صَاحب الدّين وَرجع على الْوَكِيل وبريء وَغَرِمَ الْوَكِيلُ الَّذِي وَكَّلَهُ وَإِذَا تَحَمَّلَ الْعَبْدُ لِسَيِّدِهِ فَأَفْلَسَ بِيعَ الْعَبْدُ إِنْ طَلَبَ صَاحِبُ الدَّيْنِ دَيْنَهُ مِنَ السَّيِّدِ فَإِنْ رَضِيَ بِبَيْعِ الْعَبْدِ كَانَ ذَلِكَ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ وَانْظُرْ إِلَى قَوْلِهِ إِنَّ الطَّالِبَ يُخَيَّرُ بَيْنَ السَّيِّدِ إِذا أفلس وَبَيْنَ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ قَدْ تَرَكَ السَّيِّدَ وَاتَّبَعَ ذِمَّةَ الْعَبْدِ فَهُوَ نَحْوَ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْإِكْرَاهِ عَلَى الْحَمَالَةِ أَوْ عَلَى أَنْ يَجْعَلَ فِي ذِمَّتِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ شَيْئًا لِأَنَّ لِلْعَبْدَ أَنْ يَقُولَ إِنَّمَا أَنَا حَمِيلٌ بِمَا عَجَزَ عَنْهُ مَالُ السَّيِّدِ فَإِذَا أُلْزِمْتُ مَعَ وُجُودِ مَالِهِ فَهُوَ إِكْرَاهٌ عَلَى الْحَمَالَةِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ لَو تحمل السَّيِّد من عَبْدِهِ ثُمَّ بَاعَهُ وَكَانَ مُنْتَزَعَ الْمَالِ بِالْبَيْعِ لَيْسَ لِصَاحِبِ الْحَقِّ الْمُطَالَبَةُ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَوْ مَاتَ وَفُلِّسَ قَبْلَ الْأَجَلِ لَمْ يَحُلِ الْأَجَلُ عَلَى الْحَمِيلِ فَكَيْفَ انْتِزَاعُ مَالِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ أَجَازَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْمَأْذُونُ لِأَنَّهُ يُتَأَلَّفُ بِهَا فِي التِّجَارَةِ فَيَفْعَلُ مَعَهُ كَذَلِكَ قَالَ وَهُوَ أَحْسَنُ فِيمَا يُرَادُ بِهِ التَّأْلِيفُ فَإِنْ كَانَ الْمَكْفُولُ مُوسِرًا جَازَتْ وَإِنْ كَثُرَ الْمَكْفُولُ أَوْ فَقِيرًا امْتَنَعَتْ إِلَّا فِي القإن وَكَفَالَةُ الْمُكَاتَبِ فِيمَا يُخْشَى مِنْهُ التَّعْجِيزُ تَجْرِي عَلَى الْخِلَافِ فِي تَعْجِيزِهِ لِنَفْسِهِ مَعَ وُجُودِ الْقُدْرَةِ قَالَ وَفِي جَبْرِ الْعَبْدِ عَلَى الْكَفَالَةِ قَوْلَانِ إِذَا كَانَ فَقِيرًا قَالَ وَيَنْبَغِي إِذَا قَالَ الْمَكْفُولُ لَهُ إِنْ وَجَدْتَ شَيْئًا أَخَذْتَهُ وَإِلَّا لم أحبسه لم يَمْتَنِعُ وَإِذَا عُتِقَ اتَّبَعَ كَالَّذِي يَقُولُ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنَّ عَلَيْكَ مِائَةً وَلَيْسَ كَالَّذِي يَقُولُ أَنْتَ حُرٌّ وَعَلَيْكَ لِأَنَّهُ فِي الْحَمَالَةِ أَوْجَبَ عَلَيْهِ الْمَالَ قَبْلَ الْعِتْقِ وَإِذَا قَالَ وَعَلَيْكَ أَوْجَبَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْعِتْقِ الْفَرْعُ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ إِذَا عُنِّسَتِ الْبِكْرُ فِي بَيْتِ أَبِيهَا وَآنَسَ مِنْهَا الرُّشْدَ جَازَتْ

كَفَالَتُهَا وَعِتْقُهَا وَهِبَتُهَا وَإِنْ كَرِهَ أَبُوهَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَنَعَ مَالِكٌ وَهُوَ الَّذِي يُعْرَفُ قَالَ مَالِكٌ وَيَجُوزُ عِتْقُهَا إِنْ أَجَازَهُ أَبُوهَا وَعَنْ مَالِكٍ جَوَازُ أَمْرِهَا وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ أَنَّ صِحَة الْعبارَة ونفوذ التصريف ينشآن عَن وصف الرشد حَيْثُ وجد وَعند الْحَكَمِ وَهِيَ قَاعِدَةٌ تَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِيهَا فِي كِتَابِ الْحَجْرِ وَالْفِقْهُ اعْتِبَارُ الرُّشْدِ وَعَدَمُهُ لَا الحكم لِأَنَّهُ منشأ الْحِكْمَة فِي الْإِمْضَاء وَالرَّدّ وتمنع الْكفَالَة غير المعنسة وَبَيْعهَا ومصروفها وَإِن أجَازه أَبوهَا لعدم تجارتها ومخالطتها الموجبين لِضَبْطِ الْمَصَالِحِ فَتَكُونُ كَالْبَهِيمَةِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُجِيزهُ السُّلْطَان الصَّبِي وَالْمُوَلَّى عَلَيْهِ وَيَرُدُّ هِبَتَهَا لِأَبِيهَا كَالْأَجْنَبِيِّ وَكَذَلِكَ بَعْدَ تَزْوِيجِهَا وَدُخُولِهَا حَتَّى يُؤْنَسَ رُشْدُهَا فَيَجُوزُ وَإِنْ كَرِهَ الزَّوْجُ وَالْكَفَالَةُ وَغَيْرُهَا إِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ وَإِذَا أَجَازَ الزَّوْجُ كَفَالَةَ الرَّشِيدَةِ فِي أَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ جَازَ فَإِنِ اغْتَرَقَتِ الْكَفَالَةُ مَالَهَا لَمْ تَجُزْ فِي ثُلُثٍ وَلَا غَيْرِهِ وَأَصْلُ هَذَا الْبَحْثِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تَتَصَرَّفَ فِي ذِي بَالٍ مِنْ مَالِهَا إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا وَالثُّلُثُ ذُو بَالٍ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ وَلِأَنَّ الثُّلُثَ مُعْتَبَرٌ فِي التحذير فِي الْوَصِيَّة وَغَيرهَا فاعتبرها هَا هُنَا وَقَوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ فَذَكَرَ الْمَالَ فَتَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الزَّوْجِ خِلَافًا لِ ش فِي هَذَا فَائِدَةٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ التَّعْنِيسُ كِبَرُ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِ أَبِيهَا وَيُقَالُ أَيْضًا لِلَّتِي بَقِيَتْ مُدَّةً لَمْ تَتَزَوَّجْ وَيُقَالُ ذَلِكَ فِي الرَّجُلِ أَيْضًا إِذَا بَقِيَ بَعْدَ إِدْرَاكِهِ لَمْ يَتَزَوَّجْ زَمَانًا وَهِيَ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ فِي الْبِكْرِ إِذَا كَبُرَتْ وَلَمْ تَتَزَوَّجْ وَلَكِنَّهُمُ أجْرَوْا

حُكْمَهَا فِي تَصَرُّفِهَا قَبْلَ التَّزْوِيجِ وَبَعْدَهُ سَوَاء وَيُقَالُ عَنَّسَتْ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَضَمِّهَا وَتَشْدِيدِ النُّونِ وَفَتْحِهَا مَعَ الْفَتْحِ وَكَسْرِهَا وَبِفَتْحِهَا وَتَخْفِيفِ النُّونِ فَهِيَ عانس وعنسة وأعنست أَيْضا وَأَصلهَا من الْقُوَّة والتمام وَقَالَ بعض اللغويين لَا تسمى بذلك الْأَقَل مِنْ ثَلَاثِينَ سَنَةً وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ فِي ذَاتِ الْأَبِ وَفِي الْيَتِيمَةِ مِنْ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثِينَ إِلَى سِتِّينَ وَبَعْدَهَا مِنِ انْقِطَاعِ الْحَيْضِ وَقَالَ التُّونُسِيُّ إِذَا زَادَتِ الزَّوْجَ عَلَى الثُّلُثِ رَدَّ الْكُلَّ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الْمَمْنُوعِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا كَالدِّينَارَيْنِ كَقَوْلِ مَالِكٍ فِيمَنْ أَوْصَتْ بِعِتْقِ جَارِيَتِهَا إِنْ وَسِعَهَا الثُّلُثُ عُتِقَتْ وَإِنْ لَمْ يَسَعْهَا الثُّلُثُ فَلَا تُعْتَقُ إِلَّا أَنْ يَفْضُلَ الدِّينَارَانِ فَلَا يَحْرُمُ الْعِتْقُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَيَغْرَمُ ذَلِكَ قَالَ التُّونُسِيُّ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ لِأَنَّهُ خِلَافُ بَعْضِ الْوَصِيَّةِ وَقِيلَ يَرُدُّ مِنْهَا بِقَدْرِ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا أَعْتَقَتْ عَبْدًا ثُمَّ أَعْتَقَتْ ثَانِيًا بَعْدَ زَمَنٍ ثُمَّ أَعْتَقَتْ ثَالِثًا بَعْدَ زَمَنٍ وَلَيْسَ لَهَا غَيْرُهُمْ جَازَ عِتْقُ الْأَوَّلِ إِنْ كَانَ ثُلُثَ قِيمَتِهِمْ ثُمَّ إِنْ قَرُبَ عِتْقُهَا الثَّانِي بِمَا يُعْرَفُ بِهِ الضَّرَرُ بَطَلَ وَإِنْ بَعُدَ مِثْلَ الشُّهُور وَقِيمَته قدم الثُّلُثُ مِنْهُ وَمِنَ الثَّانِي جَازَ وَلَا يُعْتَقُ الثَّالِثُ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ رُدَّ عِتْقُهُ وَالثَّانِي أَكْثَر مِنْ ثُلُثِ قِيمَةِ الثَّلَاثَةِ رُدَّ أَيْضًا أَوْ قِيمَةِ الثَّالِثِ بَعْدَ إِبْطَالِ الْأَوَّلِ ثُلُثَ قِيمَةِ الثَّلَاثَةِ رُدَّ أَيْضًا أَوْ قِيمَةِ الثَّانِي بَعْدَ إِبْطَالِ الْأَوَّلِ ثُلُثَ قِيمَةِ الثَّلَاثَةِ جَازَ وَعَنْهُ إِنْ أَعْتَقَتِ الْيَوْمَ وَاحِدًا وَفِي غَدٍ الثَّانِي وَبَعْدَ غَدٍ الثَّالِثَ أَوْ بَعْدَ يَوْمَيْنِ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ الثُّلُثَ جَازَ وَحْدَهُ أَوْ أَكْثَرَ بَطَلَ عِتْقُهُمْ قَالَ فَانْظُرْ لَمْ يَبْطُلْ عِتْقُ الْأَوَّلِ وَإِنْ قَرُبَ عتق مَا بعده وَيَنْبَغِي إبِْطَال لجَمِيع لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى قَصْدِ عِتْقِ الْجَمِيعِ فَفَرَّقْتَهُمْ لِتُجِيزَ أَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ ثُمَّ أَبْطَلَ عِتْقَ الْجَمِيعِ إِذَا كَانَ الْأَوَّلُ أَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ وَلَمْ يَجْعَلِ الثَّانِي كَالْأَوَّلِ إِذَا كَانَ ثُلُثَهُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِأَنَّ الْأَوَّلَ إِذَا بَطَلَ صَارَ كَأَنَّهُ أَعْتَقَ الثَّانِي كَالْأَوَّلِ وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِ إِذَا لَمْ يُعْتَبَرْ مَا حَدَثَ بَعْدَ الْأَوَّلِ أَنْ يُجِيزَ عِتْقَ الثَّانِي إِذَا كَانَ ثُلُثَ

الثَّلَاثَةِ وَقَدْ بَطَلَ عِتْقُ الْأَوَّلِ وَقَدِ اعْتُبِرَ ذَلِكَ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِذَا أَعْتَقَتْ ثُلُثَ جَارِيَةٍ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهَا جَازَ ذَلِكَ قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا أَجَازَ الزَّوْجُ اسْتَتَمَّ بَقِيَّتَهَا إِنْ لَمْ يُجِزْ رَدَّ عِتْقِهَا قَالَ التُّونُسِيُّ أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ امْرَأَةً لِرَجُلٍ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ قَالَتْ بَعْدَ ذَلِكَ أَكْرَهَنِي لَمْ تَصْدُقْ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ قَالَهُ مَالِكٌ لِأَنَّ عَطِيَّتَهَا لِزَوْجِهَا جَائِزَةٌ وَإِنْ أَحَاطَ ذَلِكَ بِمَالِهَا وَقَالَ أَشْهَبُ أَمَّا حَمَالَتُهَا لِزَوْجِهَا لِغَيْرِهِ تَلْزَمُهَا وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَجْنَبِيُّ صَاحِب الْحَقِّ عَالِمًا بِذَلِكَ وَتقوم لَهَا بِبَيِّنَة على الْإِكْرَاه فَإِن أنكرر الْأَجْنَبِيُّ الْعِلْمَ حَلَفَ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ لَقَدْ عَلِمَ وَبَرِئَتْ فِي الْقَرْيَةِ الْقَرِيبَةِ الْجِوَارِ وَأَمَّا غَيْرُ الْجَارِ مَنْ يَبْعُدُ عِلْمُهُ لَا يَحْلِفُ وَحَمَالَتُهَا بِغَيْرِ زَوْجِهَا لِزَوْجِهَا إِنْ كَانَ ظَاهِرَ الْإِسَاءَةِ لَهَا وَهُوَ قَلِيلُ الْوَرَعِ فِي ذَلِكَ محتامل عَلَيْهَا بَطَلَتِ الْحَمَالَةُ إِذَا حَلَفَتْ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ حَلَفَ الزَّوْجُ مَا أَكْرَههَا وَلَا أَخَافهَا وَلَزِمَتْهَا الْحَمَالَةُ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَوْلُهُ إِنْ أجَازه إِلَّا الْأَبُ يُرِيدُ أَنَّهُ يَعْلَمُ بِحَالِهَا فَإِنْ عَلِمَ رُشْدَهَا أَجَازَ وَإِلَّا رُدَّ كَالْوَصِيِّ إِذَا عَلِمَ مِنْ يَتِيمِهِ رُشْدًا أَنَّهُ يَدْفَعُ إِلَيْهِ مَالَهُ بِغَيْرِ حَاكِمٍ وَجُعِلَ فِعْلُ الثَّيِّبِ عَلَى الْجَوَازِ يُرِيدُ إِذَا طَالَ أَمْرُهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ وَإِنْ كَانَتِ الْيَوْمَ لَا زَوْجَ لَهَا وَكَذَلِكَ الثَّيِّبُ ذَاتُ الزَّوْجِ وَاخْتُلِفَ فِي خَمْسِ مَسَائِلَ إِذَا قَصَدَتِ الضَّرَرَ وَإِنْ لَمْ يُجَاوِزِ الثُّلُثَ وَإِذَا جَاوَزَتْهُ هَلْ يَمْضِي قَدْرُ الثُّلُثِ أَوْ يَرُدُّ الْجمع وَإِذا كَانَ الْمُحْتَمل بِهِ مُوسِرًا هَلْ يَمْضِي جَمِيعُهَا وَإِنْ زَادَتْ عَلَى الثُّلُثِ وَإِذَا تَكَفَّلَتْ بِكَفَالَةٍ بَعْدَ كَفَالَةٍ بِقُرْبِ الْأُولَى وَالْخَامِسَةُ إِذَا كَانَتْ عَلَى بُعْدٍ مِنَ الْأُولَى فَتَكَفَّلَتْ وَوَهَبَتْ مِنْ صَدَقَةِ الْمَالِ الْأَوَّلِ أَوْ مِنْ فَائِدَةٍ فَأَمَّا كَفَالَتُهَا بِمُوسِرٍ بِأَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ مَنَعَهَا ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَجَازَهَا عَبْدُ الْمَلِكِ وَهُوَ أَشْبَهُ لِأَنَّ الْغَالِبَ السَّلَامَةُ وبقاؤها عَنِ الْيَسِيرِ وَإِذَا تَكَفَّلَتْ بِالْوَجْهِ عَلَى أَنْ مَالَ عَلَيْهَا فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لِزَوْجِهَا رَدُّ ذَلِكَ لِتَوَقُّعِ حَبْسِهَا وَإِلْجَائِهَا لِلْخُرُوجِ لِلْخُصُومَةِ بِخِلَافِ الْمَالِ قَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ

قَالَ أَصْبَغُ إِذَا طُلِّقَتْ وَأَيْسَرَ الْمُعْدِمُ وَلَمْ تفسخ الْحمالَة فَهِيَ ثَابِتَة إِلَّا أَن يكون الزَّوْج اسقطها عَن زَوجته والغرماء عَن غريهم وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ حَمَالَةُ الَّذِي أَحَاطَ الدَّيْن بِمَالِهِ تَسْقُطُ وَلَا يَتْبَعُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ وَقَالَ أَصْبَغُ هِيَ كَحَمَالَةِ ذَاتِ الزَّوْجِ كَمَا تَقَدَّمَ الرُّكْنُ الثَّانِي الْمَضْمُونُ لَهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا تُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهُ بَلْ لَوْ مَاتَ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يَدْرِي كَمْ هُوَ وَتَرَكَ مَالًا جَازَ تَحَمُّلُ بَعْضِ الْوَرَثَةِ الدَّيْنَ إِلَى أَجَلٍ عَلَى أَنْ يُخْلَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِهِ عَلَى أَنَّ مَا فَضَلَ لَهُ وَلِجَمِيعِ الْوَرَثَةِ عَلَى الْفَرَائِضِ وَمَا نَقُصَ فَعَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ لِلْمَيِّتِ وَلِلْوَرَثَةِ كَانَ الدَّيْنُ نَقْدًا أَوْ إِلَى أَجَلٍ فَإِنْ طَرَأَ غَرِيمٌ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْكَفِيلُ غَرِمَ لَهُ وَلَا يَنْفَعُهُ قَوْلُهُمْ لَمْ أَعْلَمْ بِهِ لِأَنَّهُ مِنَ الْمَعْرُوفِ الَّذِي الْتَزَمَهُ وَوَافَقَنَا ش فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح لَا بُدَّ مِنْ رِضَاهُ لِأَنَّهُ حق مَا لي يَتَعَلَّقُ بِهِ فَيُشْتَرَطُ رِضَاهُ كَالْبَيْعِ وَالْحَوَالَةِ لِأَنَّهُ إِيجَابُ مَالٍ فِي الذِّمَّةِ وَلِأَنَّ الْحَمِيلَ جِهَةُ الْوَفَاءِ فَيَفْتَقِرُ إِلَى رِضَا الْمُسْتَوْفِي وَهُوَ الْمَضْمُونُ لَهُ كَالرَّهْنِ لَنَا أَنَّ الْكَفَالَةَ وَثِيقَةٌ فَلَا يُشْتَرَطُ رِضَا الْمُنْتَفِعِ بِهَا فِي انْعِقَادِهَا كَالشَّهَادَةِ وَقِيَاسًا عَلَى الْوَارِثِ يَضْمَنُ دَيْنَ الْمَرِيضِ ثُمَّ الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْبَيْعِ أَنَّ الْمُنْتَفِعَ فِي الْبَيْعِ بَذَلَ عِوَضًا فَاشْتُرِطَ رِضَاهُ لِأَجْلِ مَا بَذَلَهُ بِخِلَافِ الْحَمَالَةِ وَبَيْنَ الرَّهْنِ وَبَيْنَهَا افْتِقَارُهُ إِلَى الْقَبْضِ وَالْقَبْضُ بِغَيْرِ الرِّضَا مُحَالٌ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا ادَّعَيْتَ حَقًّا عَلَى مَنْ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ مُخَالَطَةٌ لَمْ يَكُنْ لَكَ كَفِيلٌ بِوَجْهِهِ حَتَّى يَثْبُتَ حَقُّكَ لِأَنَّهَا فَرْعُ ثُبُوتِ الْحَقِّ كَالرَّهْنِ وَقَالَ غَيْرُهُ إِذَا ثَبَتَتِ الْخلْطَةُ فَلَكَ لِتَوَقُّعِ الْبَيِّنَةِ وَإِنْ سَأَلْتَهُ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ حَتَّى تُقِيمَ الْبَيِّنَةَ لَمْ يَلْزَمْهُ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ لِصِحَّةِ سَمَاعِهَا فِي غَيْبَتِهِ وَإِنْ سَأَلتهُ كَفِيلًا بِالْحَقِّ حَتَّى تُقِيمَ الْبَيِّنَةَ لَمْ يَلْزَمْهُ إِلَّا أَن تقيم شَاهدا فيلزمك لِتَمْلِيكٍ مِنَ الْحَقِّ بِالْحَلِفِ لَوْ شِئْتَ وَإِلَّا فَلَا إِلَّا أَنْ تَدَّعِيَ بَيِّنَةً تُحْضِرُهَا مِنَ السُّوقِ أَوْ مِنْ بَعْضِ الْقَبَائِلِ فَيُوقِفُ الْقَاضِي الْمَطْلُوبَ عِنْدَهُ لِمَجِيءِ الْبَيِّنَةِ فَإِنْ جِئْتَ بِهَا وَإِلَّا خُلِّيَ سَبِيلُهُ وَمَنْ قَضَى لَهُ بِدَفْعٍ أَوْ غَيْرِهِ أَنَّهُ وَارِثُهُ فَلَا يُؤْخَذُ بِذَلِكَ من

الْمَقْضِيِّ لَهُ كَفِيلٌ وَكَذَلِكَ مَنِ اسْتَحَقَّ دَيْنًا قِبَلَ غَائِبٍ وَلَهُ رُبَاعٌ أَوَعُرُوضٌ حَاضِرَةٌ بَاعَهَا الْقَاضِي وَأَدَّى دَيْنَهُ وَلَا يَأْخُذُ مِنَ الْمَقْضِيِّ لَهُ بِذَلِكَ كَفِيلًا الرُّكْنُ الثَّالِثُ الْمَضْمُونُ عَنْهُ وَفِي الْجَوَاهِر لَا يشْتَرط رِضَاهُ بل يُؤَدِّي دَيْنَ غَيْرِكَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَوَافَقَنَا ش وَابْنُ حَنْبَلٍ فِي عَدَمِ اشْتِرَاطِ رِضَاهُ وَاشْتَرَطَهُ ح لِأَنَّهُ إِثْبَاتُ مَالٍ لِآدَمِيٍّ فَلَمْ يُثْبَتْ إِلَّا بِرِضَاهُ كَالْبَيْعِ يُشْتَرَطُ فِيهِ رِضَا كُلِّ مَنْ يَتَعَلَّقُ بِهِ ذَلِكَ الْمَالُ مِنْ مَنْقُولٍ إِلَيْهِ وَمَنْقُولٍ عَنْهُ وَهُوَ يَشْتَرِطُ رِضَا الثَّلَاثَةِ كِلَاهُمَا مَعَ الضَّامِن وَلَا يُشْتَرَطُ أَمْرُ الْمَكْفُولِ وَقَالَ لَا يُطَالِبُهُ الْكَفِيلُ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْهُ لِأَنَّ دَفْعَهُ فِي مَعْنَى الْقَرْضِ وَنَحْنُ لَا نَشْتَرِطُ إِلَّا رِضَا الضَّامِنِ لِأَنَّهُ الْمُتَبَرِّعُ وَالْبَاذِلُ لِمَالِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الرُّكْن الثَّانِي وَالْفرق بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْعِ لَنَا مَا رَوَاهُ أَبُو قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيُّ فَارِسُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ أَقْبَلَتْ جِنَازَةٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هَلْ عَلَى صَاحِبِكُمْ مِنْ دَيْنٍ فَقَالُوا عَلَيْهِ دِينَارَانِ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ فَقَالَ أَبُو قَتَادَةَ هُمَا عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَصَلَّى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَرَوَى أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي جَنَازَة وُضِعَتْ قَالَ هَلْ عَلَى صَاحِبِكُمْ مِنْ دَيْنٍ قَالُوا عَلَيْهِ دِرْهَمَانِ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هُمَا عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَنَا لَهُمَا ضَامِنٌ فَصَلَّى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ الْتَفَتَ إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ جَزَاكَ اللَّهُ عَنِ الْإِسْلَامِ خَيْرًا وَفَكَّ رِهَانَكَ كَمَا فَكَكْتَ رِهَانَ أَخِيكَ وَلِأَنَّهُ مَعْنًى لَا يَمْنَعُ بَقَاءَ الضَّمَانِ فَلَا يَمْنَعُ ابْتِدَاءَهُ كَالْجُنُونِ وَالْجَوَاب عَلَى الْحَدِيثَيْنِ أَنَّ مَعْنَاهُمَا أَنَّ عليا وَأَبا قَتَادَة رَضِي الله

عَنْهُمَا ضَمَان الْإِيصَالَ فَوَثِقَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِقَوْلِهِمَا لِأَنَّهُمَا تَكَفَّلَا فَائِدَةٌ امْتِنَاعُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِنَ الصَّلَاةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَيِّتَ كَانَ عَاصِيًا بِسَبَبِ الدَّيْنِ مَعَ أَنَّ الْمُدَايَنَةَ جَائِزَةٌ وَلَا سِيَّمَا وَفِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ الْآنَ بَرُدَتْ جِلْدَةُ صَاحِبِكَ وَيَدُلُّ أَيْضًا عَلَى أَنَّ هَذَا الذَّنْبَ كَبِيرَةٌ فَإِنَّ هَذَا الزَّجْرَ الْعَظِيمَ إِنَّمَا يَكُونُ بِسَبَبِ كَبِيرَةٍ وَإِلَّا فَمَا مِنْ مَيِّتٍ إِلَّا وَلَهُ صَغِيرَةٌ بَلْ صَغَائِرُ وَأَجَابَ الْعُلَمَاءُ عَنْهُ أَرْبَعَةَ أَجْوِبَةٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَعَلَ ذَلِكَ إِحْسَانًا لَا زَجْرًا لِيُبَادِرَ النَّاسُ إِلَى قَضَاء الدّين عَن الْمُعسر وَثَانِيهمَا ليكف المعسرون عَن المداينة بِحَسب الْإِمْكَان وثالثهما أَن الْمَدِينَة لَمْ تَكُنْ مَشْرُوعَةً فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ لِأَجْلِ الضِّيقِ فَلَمَّا فُتِحَتِ الْفُتُوحَاتُ شَرَعَتْ لِلتَّمَكُّنِ مِنَ الْأَدَاءِ حِينَئِذٍ وَرَابِعُهَا أَنَّ صَلَاتَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تقضي الرَّحْمَةَ وَالْمِغْفَرَهَ وَتَكْفِيرَ الذُّنُوبِ وَمَعَ الدَّيْنِ لَا يَحْصُلُ فِكَاكٌ مِنْهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لِأَنَّ حَقَّ الْآدَمِيِّ لَا يُسْقِطُهُ إِلَّا صَاحِبُهُ أَوْ يَأْخُذُهُ وَلِذَلِكَ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حَدِيثِ أَنَسٍ هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ قَالُوا نَعَمْ قَالَ فَمَا تَنْفَعُهُ صَلَاتِي وَذِمَّتُهُ مُرْتَهِنَةٌ بِدَيْنِهِ فَلَوْ قَامَ أَحَدُكُمْ فَضَمِنَهُ فَصَلَّيْتُ عَلَيْهِ كَانَتْ صَلَاتِي تَنْفَعُهُ وَفِي هَذَا الرُّكْنِ خَمْسُ مَسَائِلَ الْأُولَى فِي الْكِتَابِ إِذَا أَدَّيْتَ حَقًّا عَلَيْهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ رَجَعْتَ عَلَيْهِ أَوْ أَدَّيْتَ عَنْ صَبِيٍّ مَا قضي عَلَيْهِ بِهِ بِغَيْرِ أَمْرِ وَلِيِّهِ رَجَعْتَ بِهِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَكَذَلِكَ مَا لَزِمَهُ مِنْ قِيمَةِ مُتْلَفٍ أَوْ أَتْلَفَهُ أَوْ أَفْسَدَهُ أَوْ أَخَذَهُ

قَاعِدَةٌ قَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ وَصَاحِبُ الْجَوَاهِرِ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ كُلُّ مَنْ أَدَّى عَنْ أَحَدٍ مَالا شَأْنُهُ إِعْطَاؤُهُ أَوْ فَعَلَ لَهُ فِعْلًا شَأْنُهُ أَنْ يُؤَدى فِي عَمَلِهِ أجْرة كَغَسْلِ يَدَيْهِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ الْمَالِ وَأُجْرَةِ ذَلِكَ الْعَمَلِ كَانَ وَاجِبًا أَمْ لَا خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ فَإِنَّهُمْ يَعُدُّونَهُ مُتَبَرِّعًا لَنَا أَنَّ لِسَانَ الْحَال يقوم مقَام لِسَان الْمقَام وَلَو صرح هَا هُنَا بِذَلِكَ لَزِمَهُ فَكَذَلِكَ إِذَا دَلَّ عَلَيْهِ لِسَانُ حَالِهِ كَمَا وَافَقَنَا فِي الْمُعَامَلَاتِ وَغَيْرِهَا فِي تَعْيِينِ النَّقْدِ الْغَالِبِ بِلِسَانِ الْحَالِ وَمَنْفَعَةُ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ لِمَا جَرَتِ الْعَادَةُ بِمِثْلِهِ وَإِنْ لَمْ يُصَرح بِهِ كتعيين للجر جون الْحَفْرِ وَالثَّوْرُ لِلْحَرْثِ دُونَ الرُّكُوبِ وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْكَفَالَةُ عَلَى الْمُوَلَّى عَلَيْهِ سِتَّةُ أَقْسَامٍ تَلْزَمُ فِي ثَلَاثَةٍ وَتَسْقُطُ فِي اثْنَيْنِ وتختلف فِي السَّادِس فَإِن كَانَ فِي أصل العقد والحميل والمحتمل لَهُ عَالِمَانِ بِأَنَّهُ مُولًى عَلَيْهِ أَوْ عَلِمَ الْحَمِيلُ وَحْدَهُ لَزِمَتْ أَوْ عَلِمَ الْمُتَحَمِّلُ لَهُ دُونَ الْحَمِيلِ سَقَطَتْ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ مَالَهُ وَعَنِ الْحَمِيلِ أَوْ هُمَا جَاهِلَانِ وَهِيَ بَعْدَ الْعَقْدِ سَقَطت لِأَن الْحميل لم يضر إِلَّا بِشَيْء وَيحمل وَهُوَ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ رَشِيدٌ وَإِنْ كَانَتْ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ وَهُمَا لَا يَعْلَمَانِ بِأَنَّهُ مُولًى عَلَيْهِ فَعِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ لَازِمَةٌ وَعَلَى قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ إِذَا اشْتَرَى ثَوْبًا فَأَعْطَاهُ الْبَائِعُ غَيْرَهُ فَقَطَعَهُ لَا شَيْءَ عَلَى الْقَاطِعِ لِأَنَّ الْمَالِكَ أَخْطَأَ عَلَى مَالِهِ وَسَلَّطَهُ لَا يَكُونُ عَلَى الْمَوْلَى شَيْءٌ لِأَنَّ الْبَائِعَ سَلَّطَهُ فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا قَالَ الْحَمِيلُ إِنَّمَا كَانَتِ الْحَمَالَةُ خوفًا أَنْ يَفْتَقِرَ أَوْ يَجْحَدَ وَهَذَا مُوسِرٌ مُقِرٌّ وَإِن كَانَ مُعسرا قَالَ وَإِنَّمَا تَحَمَّلْتُ مُعْتَقِدًا الرُّجُوعَ وَإِلَّا لَمْ أَتَحَمَّلْ وَعَلَى هَذَا يَجْرِي الْجَوَابُ فِي الْحَمَالَةِ بِالصَّبِيِّ يَنْظُرُ هَلْ كَانَتْ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ وَهَلْ يَجْهَلَانِ أَنَّ مُبَايَعَةَ الصَّبِيِّ سَاقِطَةٌ أَمْ لَا أَوْ يَعْلَمُ أَحَدُهُمَا وَيَجْهَلُ الْآخَرُ وَتِلْكَ الْمُدَايَنَةُ أَوِ الْمُطَالَبَةُ مِمَّا يُلْزِمُ السَّفِيهَ أَوِ الصَّبِي لِأَنَّهَا كَانَت بِغَيْر مُعَاوضَة أَو صرفاهما فَمَا لَا بُدَّ لَهُمَا مِنْهُ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ كُسْوَةٍ أَوْ إِصْلَاحِ مَتَاعٍ أَوْ عَقَارٍ جَرَتْ عَلَى حُكْمِ الْبَالِغِ الرَّشِيدِ

الثَّانِيَةُ فِي الْكِتَابِ بَاعَ مِنْ عَبْدٍ سِلْعَةً بَدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ أَوْ تَكَفَّلَ عَنْهُ بِدَيْنٍ ثُمَّ بَاعَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ فَذَلِكَ فِي ذِمَّتِهِ لِوُصُولِ الْمَنْفَعَةِ إِلَيْهِ وَذَلِكَ عَيْبٌ فِي الْمَبِيعِ لِنَقْصِ الرَّغَبَاتِ فِيهِ بِالدَّيْنِ فَيَثْبُتُ بِهِ الْفَسْخُ وَمَنْ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنٌ فَأَخَذَ بِهِ مِنْهُ كَفِيلًا لَزِمَ ذَلِكَ الْكَفِيلَ لِأَنَّ لِلسَّيِّدِ مُحَاصَّةَ غُرَمَاءِ عَبْدِهِ الثَّالِثَةُ فِي النَّوَادِرِ إِذَا تَحَمَّلَ بِرَجُلٍ فَإِذَا هُوَ مُولًى عَلَيْهِ لَزِمَ الْحَمِيلَ الْغُرْمُ وَلَمْ يَرْجِعْ هُوَ وَلَا الطَّالِبُ بِشَيْءٍ عَلَيْهِ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَلِأَنَّ الطَّالِبَ عَامَلَ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ قَبْلَ هَذِهِ الْحَمَالَةِ لَمْ يَلْزَمِ الْحَمِيلَ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ مِمَّا يَلْزَمُ الْيَتِيمَ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ لِلْيَتِيمِ الدَّارُ وَالْحَائِطُ فَيُسْلِفُهُ النَّفَقَةَ فَهَذَا يَلْزَمُ الْحَمِيلَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا تَحَمَّلَ بِالصَّبِيِّ فَمَا يَلْزَمُ الصَّبِيَّ لَزِمَهُ وَرَجَعَ بِهِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ قَالَ أَصْبَغُ لَوِ اشْتَرَيْتَ مِنْ سَفِيهٍ أَوْ بِكْرٍ وَأَخَذْتَ حَمِيلًا فَمَا يَلْزَمُكَ مِنْ إِبْطَالِ الْبَيْعِ وَالثمن لزم الثّمن غرمَ الثَّمَنَ لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَيْهِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى أَحَدٍ بِعِلْمِهِ وَلَوْ قَالَ لَكَ ضَمِنْتُ لَكَ مَا يَلْزَمُكَ مِنَ السَّفِيهِ لَمْ أَرَهُ شَيْئًا لِأَنَّكَ لَمْ يَلْزَمْكَ مِنْهُ بَلْ بِسَبَبِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ السَّفِيهُ هُوَ الَّذِي قَامَ بِذَلِكَ فِي وِلَايَتِهِ أَوْ بَعْدَ رُشْدِهِ حَتَّى فَسَخَ ذَلِكَ فَلَكَ الرُّجُوعُ عَلَى الضَّامِنِ عَنْهُ لِأَنَّهُ مِنَ السَّفِيهِ كَمَا قَالَ الرَّابِعَةُ فِي الْجَوَاهِرِ يَصِحُّ الضَّمَانُ عَنِ الْمَيِّتِ خَلَّفَ وَفَاءً أَمْ لَا وَبِهِ قَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ إِنْ حَلَفَ وَصَالَحَ وَإِلَّا فَلَا مِنْ غَيْرِ الْوَارِثِ وَتَصِحُّ مِنَ الْوَارِثِ مُطْلَقًا فَإِنْ ضَمِنَ مِنَ الْحَيَاةِ ثُمَّ مَاتَ مُفْلِسًا لَمْ يَنْقَطِعْ عِنْدَ بَعْضِهِمْ وَيَنْقَطِعْ عِنْدَ آخَرِينَ وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الدَّيْنَ عِنْدَنَا بَاقٍ لَمْ يَسْقُطْ بِالْمَوْتِ وَعِنْدَهُمْ يَسْقُطُ لَنَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الزَّعِيمُ غَارِمٌ وَهَذَا زَعِيمٌ وَيُؤَكِّدُهُ حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ وَعَلِيّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا الْمُتَقَدِّمَانِ وَلَمْ يسألهما - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هَلْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ أَمْ لَا وَهُمَا أجنبيان من الْمَيِّت وبالقياس على الْحَيّ وعل مَا إِذَا تَرَكَ وَفَاءً وَهُوَ تَبَرُّعٌ بِالدَّيْنِ عَنِ الْغَيْرِ فَيَصِحُّ عَنِ الْمَيِّتِ كَالْقَضَاءِ وَالْإِبْرَاءِ

وَلَا يُقَالُ الْإِبْرَاءُ وَغَيْرُهُ إِنَّمَا يَكُونُ فِي حُكْمِ الْآخِرَةِ لِأَنَّا نَقُولُ بَلِ الدَّيْنُ بَاقٍ فِي الدُّنْيَا لِأَنَّهُ لَوْ قَتَلَ عَمْدًا فَصُولِحَ عَلَى الدَّمِ بِمَالٍ وُفِّيَ مِنْهُ الدَّيْنُ وَلِأَنَّا نَقِيسُ حُكْمَ الْآخِرَةِ عَلَى حُكْمِ الدُّنْيَا احْتَجُّوا بِأَنَّهُ دَيْنٌ سَقَطَتِ الْمُطَالَبَةُ بِهِ فَلَا يَصِحُّ ضَمَانه كَمَا بعد تالقضاء وَالْإِبْرَاءِ وَلِأَنَّهُ مَاتَ مُفْلِسًا فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُهُ كَالْمُكَاتِبِ وَلِأَنَّ الْمَوْتَ سَبَبٌ يُنَافِي ابْتِدَاءَ الدُّيُونِ فَيُنَافِي الْحَمَالَةَ بِهَا قِيَاسًا لِلْفَرْعِ عَلَى الْأَصْلِ وَلِأَنَّهُ لم يبْق لَهُ ذِمَّة بِدَلِيلٍ حَوْلَ دِينِهِ فَلَا يَصِحُّ ضَمَانه قِيَاسا على الْمَعْدُوم وَالْمُطلق لِأَن الْكَفَالَةَ الضَّمُّ وَلَمْ تبْقَ ذِمَّةٌ يُضَمُّ إِلَيْهَا عِنْدَهَا وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ لَا نُسَلِّمُ سُقُوطَ الْمُطَالَبَةِ بَلْ ذَلِكَ كَالْمُفَلِسِ فَلَوْ صُولِحَ عَلَى ذِمَّةِ الْعَمْدِ تُوجِّهَتِ الْمُطَالَبَةُ ثُمَّ الْفَرْقُ أَنَّ فِي الْإِبْرَاء وَالْقَضَاء سقط الدّين مُطلقًا وَهَا هُنَا تَأَخَّرَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ عَنِ الثَّانِي أَنَّ دَيْنَ الْمُكَاتِبِ سَقَطَ لِانْفِسَاخِ الْعَقْدِ وَأَسْبَابُ دَيْنِ الْمَيِّتِ بَاقِيَةٌ عَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الْمَوْتَ لَمْ يُنَافِ تَعَلُّقَهُ بِالتَّرِكَةِ فَيُقَاسُ عَلَيْهِ وَتَعَلُّقَهُ بِالضَّامِنِ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ الضَّامِنَ لَهُ مَالٌ وَذِمَّةٌ وَالتَّرِكَةُ لَا يَتَعَدَّى الدَّيْنُ عَنْهَا عَنِ الرَّابِعِ بَلْ ذِمَّتُهُ بَاقِيَةٌ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ مَا تَنْفَعُهُ صَلَاتِي وَذِمَّتُهُ مُرْتَهِنَةٌ فِي قَبْرِهِ بِدَيْنِهِ وَإِنَّمَا حَلَّ الدَّيْنُ لِأَنَّ الْأَجَلَ الرِّفْقُ وَالْمَيِّتُ لَا يَرْتَفِقُ وَهُوَ الْجَوَابُ عَنِ الْخَامِسِ تَفْرِيعٌ فِي النَّوَادِرِ قَالَ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا تَحَمَّلَ عَنِ الْمَيِّتِ لَزِمَهُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ مَالٌ يَوْمَ تَحَمَّلَ لَزِمَهُ الْغُرْمُ وَلَا يَرْجِعُ إِنْ طَرَأَ لَهُ مَالٌ فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ يَوْمَ تَحَمَّلَ رَجَعَ فِيهِ إِذَا قَالَ إِنَّمَا تَحَمَّلْتُ لِأَرْجِعَ قَالَ مَالِكٌ لِبَعْضِ الْوَرَثَةِ الْحَمَالَةُ بِالدَّيْنِ الْمَجْهُولِ عَلَى الْمَيِّتِ وَالتَّرِكَةُ مَجْهُولَةُ الْقَدْرِ إِلَى أَجَلٍ عَلَى أَنْ يُخْلَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّرِكَةِ عَلَى أَنَّهُ أَفْضَلُ شَيْءٍ بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَبَيْنَهُ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ

تَعَالَى وَإِن نفذ فَعَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا أَوْ إِلَى أَجَلٍ فَإِنْ شَرَطَ الْفَضْلَ لَهُ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ غَرَّرَ وَصَارَ بَيْعًا يُفْسِدُهُ مَا يُفْسِدُ البيع إِلَّا أَن يكون الْوَارِث وَاحِد فَيَجُوزُ وَلَوْ طَرَأَ غَرِيمٌ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الِابْنُ غَرِمَ لَهُ وَلَا يَنْفَعُهُ قَوْلُهُ لَمْ أَعْلَمْ بِهِ لِدُخُولِهِ عَلَى الْغَرَرِ فَإِنْ كَانَتِ التَّرِكَةُ أَلْفًا وَالدَّيْنُ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَالْوَارِثُ وَلَدٌ وَاحِدٌ فَسَأَلَ الْغُرَمَاءَ بَيْنَهُ سِنِينَ وَيَضْمَنُ لَهُ بَقِيَّةَ دَيْنِهِمْ فَرَضُوا جَازَ قَالَهُ مَالِكٌ وَلِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ لِلْمَيِّتِ وَلَوْ كَانَ مَعَهُ وَارِثٌ وَأَدْخَلَهُ فِي فَضْلٍ إِنْ كَانَ جَازَ وَإِنْ طَرَأَ غَرِيمٌ لَزِمَهُ الْخَامِسَةُ فِي الْجَوَاهِرِ تَجُوزُ الْحَمَالَةُ عَنِ الْمُفْلِسِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَيِّتِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى الرُّكْنُ الرَّابِعُ الشَّيْءُ الْمَضْمُونُ وَفِي الْجَوَاهِرِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنَ الضَّامِنِ أَوْ مَا يَتَضَمَّنُ ذَلِكَ كَالْكَفَالَةِ بِالْوَجْهِ لِمَنْ عَلَيْهِ مَالٌ وَلَا تَذْهَبُ حَمَالَةُ الْكَفَالَةِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَأَنْ يَكُونَ ثَابِتًا مُسْتَقِرًّا أَوْ مَآلَهُ إِلَى ذَلِكَ فَيُمْتَنَعُ بِالْكِتَابَةِ لِعَدَمِ الِاسْتِقْرَارِ وَلَا تُؤَوَّلُ إِلَيْهِ لِأَنَّ الْعَجْزَ يَفْسَخُهَا وَلَا تُجْعَلُ الْجَعَالَةُ إِلَّا بَعْدَ الْعَمَلِ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِهَا قَبْلَهُ لِأَنَّ مَا لَا يَسْتَقِرُّ عَلَى الْأَصِيلِ لَا يَسْتَقِرُّ عَلَى الْكَفِيلِ لِأَنَّهُ فَرْعُهُ وَوَافَقَنَا الْأَئِمَّةُ عَلَى الْكِتَابَةِ وَخَالَفَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ فِي الْجَعَالَةِ قِيَاسًا عَلَى الْأُجْرَةِ فِي الْإِجَارَةِ وَالْغَالِبُ وُقُوعُ الشُّرُوعِ وَاللُّزُومُ بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ لَيْسَتْ مُعَارَضَةً مَحْضَةً لَا سِيَّمَا إِنْ قُلْنَا لَهُ تَعْجِيزُ نَفْسِهِ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ الْحَمَالَةُ ثَمَانِيَةُ أَقْسَامٍ مُطْلَقَةٌ مُبْهَمَةٌ نَحْوَ أَنَا حَمِيلٌ لَكَ وَبِمَالٍ مُطْلَقٍ وَبِمَالٍ عَلَى أَنَّهُ لَا رُجُوعَ عَلَى الْمُتَحَمِّلِ عَنْهُ وَهُوَ الْحَمِيلُ وَبِالنَّفْسِ بِشَرْطِ عدم لُزُوم المَال وبالطلب ومرقبه بِمَا يَثْبُتُ عَلَى فُلَانٍ وَبِمَا يُوجِبُهُ الْحَكَمُ عَلَيْهِ وبالجنايات كلهَا جَائِزَةٌ لَازِمَةٌ وَاخْتُلِفَ فِي الْمُبْهَمَةِ إِذَا عَرِيَتْ عَنِ الْقَرَائِنِ هَلْ تُحْمَلُ عَلَى الْمَالِ أَوِ النَّفْسِ وَأَمَّا بِالْمَالِ الْمُطْلَقِ فَيَرْجِعُ بِالْمَالِ عَلَى الْأَصِيلِ إِلَّا مَسْأَلَة وَاحِدَة وَهِيَ الصَّدَاقُ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يَرْجِعُ وَعَنْهُ يرجع

كَسَائِرِ الْحُقُوقِ وَأَمَّا عَلَى أَنْ لَا يَرْجِعُ فَهَلْ يَحْتَاجُ إِلَى حَوْزٍ فَيَبْطُلُ بِمَوْتِ الْحَامِلِ أَولا قَوْلَانِ وَأَمَّا بِالنَّفْسِ وَالْوَجْهِ حَمَالَةٌ مُطْلَقَةٌ فَالْمَشْهُورُ سُقُوطُهَا بِإِحْضَارِ الْوَجْهِ وَالْغُرْمُ إِذَا لَمْ يَحْضُرْهُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يَلْزَمُهُ مِنَ الْمَالِ شَيْءٌ فِي الْوَجْهَيْنِ وَعَنْ مَالِكٍ هِيَ كَحَمَالَةِ الْمَالِ يَلْزَمُهُ الْمَالُ فِي كُلِّ وَجْهٍ والحمالة الْمقيدَة بلوجه لَا يَلْزَمُ فِيهَا مَالٌ إِلَّا أَنْ يَقْدِرَ عَلَى إِحْضَارِهِ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْهُ وَيَرُدُّهُ فَيَهْرُبُ فَإِنْ أَتَاهُمْ عَلَى تَعْيِينِهِ حُبِسَ حَتَّى يحْضرَهُ وبالطلب تصح كَذَا فِي كُلِّ شَيْءٍ وَفِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَبْدَانِ وَحُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ وَالْقِصَاصِ إِذَا رَضِيَ بِذَلِكَ صَاحِبُ الْحَقِّ وَتَرَكَهُ كَحَامِلٍ يُحْضِرُهُ لَهُ مَتَى شَاءَ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْحَامِلِ إِنْ لَمْ يُحْضِرْهُ مِمَّا لَزِمَهُ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ يُقِرُّهُ وَأَمْكَنَهُ فَتَرَكَهُ حَتَّى أَعْجَزَهُ فَيُسْجَنُ حَتَّى يُحْضِرَهُ وَيُعَاقَبَ وَأَمَّا الْمُتَرَقِّبَةُ فَيَلْزَمُهُ مَا ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ وَهَلْ يَلْزَمُهُ مَا يُقِرُّ بِهِ الْمَطْلُوبُ بَعْدَ إِنْكَارِهِ خِلَافٌ وَأَمَّا الْجِنَايَاتُ وَالْحُدُودُ وَالْقِصَاصُ وَعُقُوبَاتُ الْأَبْدَانِ فَلَا تَصِحُّ عَلَى الْجُمْلَةِ وَجَوَّزَهَا بَعْضُ الْعُلَمَاءِ قِيَاسًا عَلَى حَمَالَةِ الْوَجْهِ الْمُقَيَّدَةِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ إِلَّا عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ أَلْزَمَهُ فِي النَّفْسِ وَالْجِرَاحِ دِيَةَ الْمَقْتُولِ وَأَرْشَ الْجِرَاحِ وَعَنْ أَصْبَغَ فِي الْمُتَعَسِّفِ يَأْخُذُ الْأَمْوَالَ وَالْقَتْلُ يُؤْخَذُ فَيَتَحَمَّلُ بِهِ أَقْوَامٌ عَنْهُ بِمَا اجْتَرَمَ عَلَى النَّاسِ مِنْ قَتْلٍ وَمَال أنَّ ذَلِكَ يَلْزَمُهُمْ كُلُّ مَا كَانَ يَلْزَمُهُ إِلَّا أَنَّهُمْ لَا يقتلونَ فَعَلَيْهِ يُرِيدُ تَلْزَمُهُمُ الدِّيَةُ فِي الْقَتْلِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا كَانَتْ تُعْرَضُ فِي الْقَذْفِ أَوْ جَرْحٍ أَوْ قَتْلٍ لم يجز بِمَا يجب على الْمَطْلُوب وَلِأَن يَتَكَفَّلَ بِوَجْهِهِ عَلَى أَنَّهُ مَتَى عَجَزَ عَنْ إِحْضَارِهِ أَخَذَ ذَلِكَ مِنْهُ وَيَجُوزُ تَطَلُّبُهُ خَاصَّةً لِأَنَّهُ مِنْ حَقِّ الطَّالِبِ فَإِذَا رَضِيَ بِالِانْتِصَارِ عَلَيْهِ جَازَ قَالَهُ الْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ وَأَمَّا حَقُّ الله تَعَالَى لَا يتْرك بجميل بَلْ يُسْجَنُ حَتَّى يُقَامَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا مِنْ زِنًى سُجِنَتْ حَتَّى تَضَعَ فَتُرْجَمَ إِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا أَوْ تُجْلَدَ بَعْدَ زَوَالِ نِفَاسِهَا فَإِنَّ ذَلِكَ بِإِقْرَارِهَا فَأُوسِعَ لَهَا لِأَنَّ لَهَا الرُّجُوعَ وَمَنْ أَجَازَ رُجُوعَهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ أَجَازَ أَنْ تُتْرَكَ بِغَيْرِ حَمِيلٍ وَإِنْ تَحَمَّلَتْ فَطَلَبَ مَنْ ثَبَتَ عَلَيْهِ حَدٌّ بَعْدَ هُرُوبِهِ فَإِنْ كَانَ ثَبَتَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ ألْزمَ الْوَفَاءَ بِالْحَمَالَةِ أَوْ بِإِقْرَارٍ فَهَلْ يَلْزَمُ الطَّلَبُ أَمْ لَا خِلَافٌ وَفِي هَذَا الرُّكْنِ أَرْبَعَ عشرَة مَسْأَلَة

الأولى فِي الْكتاب قُلْتَ مَا كَانَ لَكَ قِبَلَ فُلَانٍ ضَمِنتهُ لَزِمَكَ ضَمَانُ مَا اسْتَحَقَّ وَكُلُّ مُتَبَرِّعٍ بِكَفَالَةٍ تلْزمهُ لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ فَإِنْ مُتَّ قَبْلَ ثَبَاتِ الْحَقِّ فَيَثْبُتُ بَعْدَ مَوْتِكَ أُخِذَ مِنْ تَرِكَتِكَ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ سَبَبَهُ فِي الْحَيَاةِ وَلَوْ قُلْتَ احْلِف أَن مَا تدعيه قبل أخي حق وَأَنَا ضَامِنُهُ لَزِمَكَ إِنْ حَلَفَ وَإِنْ مُتَّ فَفِي تَرِكَتِكَ وَإِنْ شَهِدْتَ أَنَّكَ ضَامِنٌ بِمَا قُضِيَ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ أَوْ قُلْتَ أَنَا كَفِيل بِمَالِه عَلَى فُلَانٍ وَهُمَا حَاضِرَانِ أَوْ غَائِبَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا لَزِمَكَ لِأَنَّ مَنْ أَلْزَمَ نَفْسَهُ مَعْرُوفًا لَزِمَهُ وَلَوْ قُلْتَ بَايِعْ فُلَانًا أَوْ دَايِنْهُ فَمَا فَعَلْتَ مِنْ ذَلِكَ أَنَا كَفِيلُهُ لَزِمَكَ إِذَا ثَبَتَ مَبْلَغُهُ قَالَ غَيْرُهُ إِنَّمَا يَلْزَمُ مَا يُشْبِهُ أَنْ يُدَايِنَ مِثْلَهُ أَوْ يُبَايِعَ بِهِ لِأَنَّ حَالَهُ كَالشَّرْطِ فِي شَرْطِكَ وَالْأَوَّلُ لَاحَظَ عُمُومَ شَرْطِكَ وَمَنَعَهُ مُطْلَقًا لِلْجَهَالَةِ عِنْدَ التَّحَمُّلِ وَوَافَقَنَا ح قِيَاسًا عَلَى ضَمَانِ الدُّرِّ وَلَوْ رَجَعْتَ عَلَى الْكَفَالَةِ قَبْلَ الْمُدَايَنَةِ صَحَّ لِأَنَّهُ لَمْ يُغْرِهِ بِخِلَافِ احْلِفْ وَأَنَا ضَامِنٌ لَا يَنْفَعُكَ الرُّجُوعُ قَبْلَ الْيَمِينِ لِأَنَّهُ حَقٌّ وَاجِبٌ فَائِدَةٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ ذَابَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْأَلِفِ وَمَعْنَاهُ مَا ثَبَتَ وَصَحَّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَمَّا جَازَتْ هِبَةُ الْمَجْهُولِ جَازَتِ الْحَمَالَةُ بِهِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ تَكَفَّلْتَ عَنْهُ وَلَمْ تَذْكُرْ مَا عَلَيْهِ جَازَ فَإِنْ غَابَ الْمَطْلُوبُ فَأَثْبَتَ الطَّالِبُ مِنَ الْكَفِيلِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ بَيِّنَةً وَادَّعَى أَنَّ لَهُ أَلْفًا فَلَهُ تَحْلِيفُ الْكَفِيلِ عَلَى عِلْمِهِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ وَاسْتَحَقَّ وَلَا يَرْجِعُ الْكَفِيلُ عَلَى الْمَطْلُوبِ بِمَا غَرِمَ بِسَبَبِ نُكُولِهِ إِلَّا أَنْ يَقُولَهُ الْمَطْلُوبُ وَلِلْوَكِيلِ تَحْلِيفُهُ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ وَقَوْلُهُ احْلِف أَن مَا تدعيه قبل أخي حق إِلَى آخِرِهِ إِنْ أَقَرَّ الْمَطْلُوبُ بِمَا غَرِمَ الْحَمِيلُ غَرِمَ لَهُ وَإِنْ أَنْكَرَهُ

فَلِلْحَمِيلِ تَحْلِيفُهُ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ وَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُ الْحَمِيلِ لِأَنَّهُ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ وَلَا الطَّالِبِ لِأَنَّهُ قَدْ حَلَفَ أَوَّلًا فَأُشْبِهَتْ يَمِينُهُ بِيَمِينِ التُّهَمِ الَّتِي بِالنُّكُولِ عَنْهَا يَغْرَمُ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ الْمَرِيضُ يَقُولُ لِي عِنْدَكَ كَذَا ثُمَّ يَمُوتُ أَنَّ الْمَطْلُوبَ يَحْلِفُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا خَلْطَةٌ إِذْ لَا يُتَّهَمُ الْمَرِيضُ فِي هَذِهِ الْحَالِ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ إِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ وَرَثَتِهِ عِلْمٌ وَلَيْسَ ذَلِكَ كَهِبَةٍ مَا لَمْ يَقْبِضْ حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ لِأَنَّهَا هِبَةُ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ عَنْ أَصْلِ مُعَاوَضَةٍ لِلَّذِي لَهُ الدَّيْنُ فَلَا يَفْتَقِرُ إِلَى الْقَبْضِ كَحَمْلِ الصَّدَاقِ عَلَى الزَّوْجِ لِلزَّوْجَةِ لَا يُبْطِلُهُ مَوْتُ الْحَامِلِ وَقَوْلُ الْغَيْرِ إِذَا قَالَ مَا دَايَنْتُهُ بِهِ أَنَا كَفِيلُهُ لَا يَلْزَمُهُ إِلَّا مَا يُشَبِّهُ لَيْسَ خِلَافًا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالْفَرْقُ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ بِخِلَافِ احْلِفْ وَأَنَا كَفِيلُهُ أَنَّهُ فِي الثَّانِي حَلَّ مَحَلَّ الْمَطْلُوبِ وَالْمَطْلُوبُ لَوْ قَالَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ وَفِي الْأَوَّلِ كَقَوْلِكَ عَامِلْنِي وَأَنَا أُعْطِيكَ حَمِيلًا فَلَكَ الرُّجُوعُ فَكَذَلِكَ هُوَ لِأَنَّكَ لَمْ تُدْخِلْهُ فِي شَيْءٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ فِي قَوْلِهِ احْلِفْ أَنَّ مَا تَدَّعِيهِ قِبَلَ أَخِي حَقٌّ لَا يَرْجِعُ عَلَى أَخِيهِ لِأَنَّ بِسَاطَ قَوْلِهِ يَقْتَضِي تَبْرِئَةَ أَخِيهِ فِي هَذِهِ الْمُحَاصَّةِ وَلَا يَحْلِفُ لَهُ وَقَوْلُهُ مَا ثَبَتَ لَكَ قِبَلَ فُلَانٍ ثُمَّ يَمُوتُ وَيثبتُ الْحَقَّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ فِي مَالِهِ وَقِيلَ الْحَمَالَةُ سَاقِطَةٌ لِأَنَّهَا بَعْدَ الْعَقْدِ تَجْرِي عَلَى أَحْكَامِ الْهِبَاتِ إِذَا مَاتَ الْوَاهِبُ قَبْلَ الْقَبْضِ لِأَنَّ الْحَمِيلَ سَلَّفَ الْغَرِيمَ وَسَلَّفَهُ مَنْفَعَةً وَسَوَاءٌ كَانَتِ الْحَمَالَةُ بِسُؤَالٍ مِنَ الْغَرِيمِ أَوْ مِنَ الطَّالِبِ وَإِنْ كَانَتْ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ لَمْ يَسْقُطْ بِمَوْتِ الْحَمِيلِ أَو بعد العقد واغر الْغَرِيمُ بَعْدَ الْحَمَالَةِ فَهِيَ كَالْحَمَالَةِ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ وَمَنْ قَالَ دَايِنْهُ وَأَنَا كَفِيلٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ إِنْ سَمَّى الْقَدْرَ الَّذِي يُدَايِنُهُ بِهِ وَإِلَّا فَفِي الْمُدَوَّنَةِ لَهُ الرُّجُوعُ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي هَذَا الْأَصْلِ إِذَا اكْتَرَى مُشَاهَرَةَ فَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ وَعَنْهُ يَلْزَمُهُ شَهْرًا وَإِنْ أَعَرْتَ أَرْضًا وَلَمْ تَضْرِبْ أَجَلًا هَلْ تَلْزَمُهُ إِلَى مُدَّةِ مِثْلِهَا أَوْ هِيَ غَيْرُ لَازِمَةٍ فَعَلَى الْأَوَّلِ تَلْزَمُهُ مُدَايَنَةُ مِثْلِهِ وَإِنْ كَانَتْ مُدَّةً لَزِمَتِ الْأَوْلَى وَيَسْقُطُ فَوْقَ مَا يُدَايِنُ بِهِ وَإِنْ عَامَلَهُ بِأَكْثَرَ تَعَلَّقَ وَأَخَذَ فَوْقَ مَا يُعَامِلُ بِهِ

سَقَطَ عَنِ الْكَفِيلِ جَمِيعُ ذَلِكَ فَإِنْ ثَبَتَتِ الْمُدَايَنَةُ فَكَمَا تَقَدَّمَ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ إِلَّا بِالْإِقْرَارِ فَعَنْ مَالِكٍ يَلْزَمُ إِذَا رَأَى الشُّهُودُ الْمُبْتَاعَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ إِقْرَارُهُ بَعْدَ قِيَامِ الْكَفِيل وَقَوله لَا يداينه وَهُوَ احسن مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنِ اشْتِرَاطِ الثُّبُوتِ لِأَنَّ الْبَزَّازَ عَادَتْهُ الْمُدَايَنَةُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَيَخْتَلِفُ أَيْضًا إِذَا قَالَ تُدَايِنُهُ فَقَالَ قَدْ كُنْتُ دَايَنْتُهُ وَقَدْ مَضَتْ مُدَّةٌ تُدَايِنُهُ فِي مِثْلِهَا لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعْلَمُ إِلَّا مِنْ قَوْلِهِ إِلَّا أَنْ يَقُومَ دَلِيلُ كَذِبِهِ الثَّانِيَةُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَخَذْتَ مِنَ الْحَمِيلِ حَمِيلًا لَزِمَهُ مَا لَزِمَ الْأَصِيلَ لِأَنَّ الْحَمَالَةَ حَقٌّ لَكَ عَلَى الْحَمِيلِ فَلَكَ أَخْذُ الْحَمَالَةِ بِهَا كَسَائِرِ الْحُقُوقِ وَوَافَقَنَا ح وَابْنُ حَنْبَلٍ غَيْرُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ لَوْ تَحَمَّلَ رَجُلٌ بِنَفْسِ رَجُلٍ وَتَحَمَّلَ آخَرُ بِنَفْسِ الْحَمِيلِ أَوْ تَحَمَّلَ ثَلَاثَةُ رِجَالٍ بِنَفْسِ رَجُلٍ وَكَذَلِكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِصَاحِبِهِ وَمَنْ جَاءَ بِهِ مِنْهُمْ بَرِئَ وَالْبَاقِيَانِ لِأَنَّهُ كَوَكِيلِهِمَا فِي إِحْضَارِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَعْضُهُمْ حَمِيلَ بَعْضٍ بَرِئَ وَحْدَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنَّمَا كَانَ الْأَوَّلُ حَمِيلًا لِوَجْهِ الْأَصِيلِ وَالثَّانِي حَمِيلًا عَنِ الْحَمِيلِ بِالْمَالِ فَمَاتَ الْأَصِيلُ بَرِئَ حَمِيلُ الْوَجْهِ لِتَعَذُّرِهِ وَحَمِيلُهُ يَبْرَأُ تَبَعًا لَهُ وَإِنْ لَمْ يَمُتِ الْأَصِيلُ فَغَابَ حَمِيلُ الْوَجْهِ وَالْحَمِيلُ عَنْهُ بِالْغُرْمِ مَعْدُومٌ أَوْ مُوسِرٌ بَرِئَ لِأَنَّ مَنْ تَحَمَّلَ عَنْهُ يَبْرَأُ بِذَلِكَ وَإِنْ مَاتَ حَمِيلُ الْوَجْهِ لَمْ تَسْقُطِ الْحَمَالَةُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِمَوْتِهِ وَسَقَطَتْ عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ وَكَأَنَّهُ إِنَّمَا الْتَزَمَ الْمَجِيءَ بِهِ إِذَا كَانَ حَيًّا وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَلْزَمُ الْوَارِثَ أَنْ يَأْتِيَ بِالَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَلَعَلَّهُ يُرِيدُ إِذَا حَلَّ أَجَلُ الدَّيْنِ لَا قَبْلَهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ وَكَذَلِكَ حَمِيلُهُ يُقَالُ لَهُ مَا قِيلَ لِوَارِثِ الْحَمِيلِ وَإِنْ مَاتَ حَمِيلُ الْحَمِيلِ الَّذِي تَحَمَّلَ بِالْمَالِ بَقِيَتِ الْحَمَالَةُ وَلَمْ يَذْكُرِ ابْنُ الْقَاسِمِ الْأَخْذَ لِأَنَّهُ تَحَمَّلَ بِحَمِيلٍ تَحَمَّلَ بِالْوَجْهِ وَحَمِيلُ الْوَجْهِ لَا يُطَالَبُ قَبْلَ الْأَجَلِ قَالَ وَرَأى أَنْ يَلْزَمَهُ الْغُرْمُ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْحَمِيلِ بِالْمَالِ يَمُوتُ قَبْلَ مَحَلِّ الْأَجَلِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَلْزَمُهُ الْغُرْمُ وَلَوْ لَمْ يَتَوَجَّهْ عَلَى الْغَرِيمِ غَرِمَ وَلِأَجَلِ الْأَجَلِ

فَكَذَلِكَ حَمِيلُ الْحَمِيلِ وَعَلَى قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي مَوْتِ الْحَمِيلِ بِالْمَالِ يُوقَفُ الْمَالُ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ وَلَمْ يَتَوَجَّهِ الْآنَ وَكَذَلِكَ يَكُونُ الْحُكْمُ عِنْدَهُ فِي حَمِيلِ الْحَمِيلِ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْحَمَالَةُ بِالْحَمَالَةِ إِمَّا بِالْمَالِ أَوْ بِالْوَجْهِ أَوْ أَحَدُهُمَا بِالْمَالِ وَالْآخَرُ بِالْوَجْهِ فَالْأَوَّلُ إِنْ غَابَ الْغَرِيمُ أَخَذَ الْحَمِيلُ الْأَوَّلُ بِالْأَدَاءِ عَنْهُ بَعْدَ مَحَلِّ الْأَجَل فَإِن وجد غيما أَخَذَ الثَّانِي وَإِنْ غَابَ الْحَمِيلُ الْأَوَّلُ كَلَّفَ الثَّانِي إِحْضَارَ الْغَرِيمِ أَوِ الْحَمِيلِ فَأَيُّهُمَا حَضَرَ مُوسِرًا بَرِئَ وَإِلَّا غَرِمَ الْكَفَالَةَ بِالْمَالِ وَإِنْ غَابُوا كُلُّهُمْ أُبْرِئُ بِالْقَضَاءِ مِنْ مَالِ الْغَرِيمِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فَإِنْ أُعْدِمَ فَالْحَمِيلُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ أَصْلُ الثَّانِي فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَالثَّانِي وَإِنْ كَانَا حَمِيلَيْنِ بِالْوَجْهِ وَغَابَ الْأَصْلُ كَلَّفَ الْأَوَّلَ إِحْضَارَهُ وَيَبْرَأُ فَإِنْ عَجَزَ غَرِمَ الْمَالَ فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا لَمْ يَغْرَمِ الثَّانِي لِأَنَّهُ حَمِيلُ وَجْهٍ وَالَّذِي تَحَمَّلَ بِهِ حَاضِرٌ وَإِنْ غَابَ الْغَرِيمُ وَالْحَمِيلُ الْأَوَّلُ لَزِمَ الثَّانِي إِحْضَارُ أَحَدِهِمَا وَيَبْرَأُ فَإِنْ كَانَ الَّذِي حَضَرَ مُعْسِرًا وَإِلَّا غَرِمَ الْمَالَ وَإِنْ غَابُوا كُلُّهُمْ وَوَجَدَ مَالَ الْآخَرِ أَخَذَ إِلَّا أَنْ يَثْبُتَ فَقْرُ الْغَرِيمِ أَوِ الْحَمِيلِ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ حَمِيلًا بِمَالٍ وَالثَّانِي بِالْوَجْهِ وَغَابَ الْأَصِيلُ غَرِمَ الْأَوَّلُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الثَّانِي إِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَقِيرًا لِأَنَّهُ حَمِيلُ وَجْهٍ حَاضِرٌ أَوْ غَابَ الْغَرِيمُ وَالْحَمِيلُ فَأَحَضَرَ الْآخَرُ الْغَرِيمَ مُوسِرًا أَوِ الْحَمِيلَ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا وَإِلَّا غَرِمَ وَإِنْ غَابُوا كُلُّهُمْ وَوُجِدَ لِلْآخَرِ مَالٌ أُخِذَ إِلَّا أَنْ يَثْبُتَ عُسْرُ الْحَمِيلِ الْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ حَمِيلَ وَجْهٍ وَالثَّانِي بِالْمَالِ فَغَابَ الْأَصِيلُ كلفَ الْأَوَّل إِحْضَارهُ فَإِنْ عَجَزَ غَرِمَ وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا غَرِمَ الْآخَرُ لِأَنَّهُ حَمِيلُ مَالٍ وَإِنْ غَابَ الْغَرِيمُ وَالْحَمِيلُ الْأَوَّلُ فَأَحَضَرَ الْأَخِيرُ أَحَدَهُمَا بَرِئَ إِلَّا أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ بِإِحْضَارِ الْحَمِيلِ إِلَّا مُوسِرًا وَيَبْرَأُ بِإِحْضَارِ الْأَصِيلِ مُطْلَقًا لِضَمَانِهِ عَنِ الْأَوَّلِ الْمَالَ وَالْأَصِيلُ لَمْ يَضْمَنْ إِلَّا وَجْهَهُ وَقَدْ حَضَرَ وَإِنْ كَانَتِ الْحَمَالَتَانِ بِالْمَالِ فَمَاتَ الْغَرِيمُ أُخِذَ مِنْ مَالِهِ فَإِنْ لَمْ يُخْلِفْ شَيْئًا غَرِمَ الْأَوَّلُ بَعْدَ الْأَجَلِ فَإِنْ أُعْدِمَ غَرِمَ الثَّانِي أَوْ مَاتَ الْأَوَّلُ وَلَمْ يَجِدْ إِلَّا إِنْ لَمْ يُوجَدِ الْآنَ مِنْ تَرِكَتِهِ شَيْءٌ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ عَلَى الصَّحِيحِ من الْمَذْهَب ويلتدا بِمَال الْغَرِيم

فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ لَهُ شَيْءٌ أُخِذَ مِنَ الْأَخِيرِ وَإِنْ كَانَا حَمِيلَيْ وَجْهٍ فَمَاتَ الْغَرِيمُ سَقَطَتِ الْحَمَالَتَانِ لِتَعَذُّرِ الْوَجْهِ وَإِنْ مَاتَ الْأَوَّلُ سَقَطَتْ عَنِ الثَّانِي وَاتَّبَعْتُ ذِمَّةَ الْمَيِّتِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْغَرِيمُ مُوسِرًا وَإِنْ مَاتَ الْآخَرُ لَمْ تَسْقُطِ الْحَمَالَةُ عَنْهُ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَسَقَطت على عَبْدِ الْمَلِكِ فَإِنْ مَاتَ الْأَخِيرُ بَقِيَتِ الْحَمَالَتَانِ الثَّالِثَة فِي الْكتاب إِذا تكلفت لَهُ بِمَا يَلْزَمُهُ مِنْ دَرْكٍ فِيمَا اشْتَرَاهُ جَازَ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَإِنْ خَالَفَ بَعْضُهُمْ فِي ضَمَانِ الْمَجْهُولِ لِأَجْلِ الْحَاجَةِ فِي تَسْلِيمِ الثَّمَنِ وَالْمُثَمِّنِ وَلَزِمَكَ الثَّمَنُ وَالْمُثَمِّنُ وَلَزِمَكَ الثَّمَنُ حِيَنَ الدَّرْكِ فِي غَيْبَةِ الْبَائِعِ أَوْ عَدَمِهِ وَلَوْ شَرَطَ خَلَاصَ السِّلْعَةِ امْتَنَعَتِ الْكَفَالَةُ وَلَمْ تَلْزَمْ لِأَنَّهُ لَا يدْخل تحل قُدْرَةِ الْكَفِيلِ قَالَ غَيْرُهُ يَلْزَمُهُ وَهُوَ إِدْخَالُ الْمُشْتَرِي فِي غُرْمِ مَالِهِ فَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَةِ السِّلْعَةِ يَوْمَ تُسْتَحَقُّ أَوِ الثَّمَنُ الَّذِي أَدَّى إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْغَرِيمُ مَلِيًّا حَاضِرًا فَتَبَرَأُ وَلَوْ شَرَطَ الْمُبْتَاعُ عَلَى الْبَائِعِ خَلَاصَ السِّلْعَةِ فِي الدَّرْكِ وَأَخَذَ مِنْهُ بِذَلِكَ كَفِيلًا بَطَلَ الْبَيْعُ وَالْكَفَالَةُ كَمَنْ بَاعَ مَا لَيْسَ لَهُ وَشَرَطَ خَلَاصَهُ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ قَوْلُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي خَالَفَ فِيهَا الْغَيْرَ ثُمَّ ذَكَرَ اشْتِرَاطَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ خَلَاصَهَا وَأَخَذَ مِنْهُ كَفِيلًا لَا يَحِلُّ وَقَالَ فِي اشْتِرَاطِهِ عَلَى البَائِع فَاسد قبل الْكَلَام الأول لم تَكُنِ الْكَفَالَةُ مَشْرُوطَةً فِي الْعَقْدِ فَسَقَطَتْ وَصَحَّ الْعَقْدُ وَفِي الْآخَرِ مَشْرُوطَةٌ فِي الْعَقْدِ فَفَسَدَ الْجَمِيعُ وَإِنَّمَا كَانَتْ بَيْنَ الْكَفِيلِ وَالْمُشْتَرِي دُونَ الْبَائِعِ وَقِيلَ وَقَبِلَ كَذَا بَلْ يَعْرِضُ أَوَّلًا لِلُزُومِ الْكَفَالَةِ وَإِسْقَاطِهَا وَتَكَلَّمَ آخِرًا عَلَى جَوَازِ الْبَيْعِ وَفَسَادِهِ وَقِيلَ يَخْتَلِفُ فِي جَوَازِهِ وَإِسْقَاطِ الشَّرْطِ أَوْ يَصِحُّ إِنْ أُسْقِطَ الشَّرْطُ وَيُفْسَدُ بِالتَّمَسُّكِ بِهِ وَقَوْلُ الْغَيْرِ يَرْجِعُ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهَا يَوْمَ اسْتُحِقَّتْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا تُعْلَمُ إِذَا اسْتُحِقَّتْ قَالُوا وَلَوْ لَمْ يَسْتَحِقْ وَفَاتَتْ أَوِ الثَّمَنُ رُدَّ الْبَيْعُ وَلَزِمَ الْمُشْتَرِي الْقِيمَةُ وَلَوْ وُجِدَ عَدِيمًا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْكَفِيلِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ إِنَّمَا ضَمِنَ تَخْلِيصَهَا مِنَ الِاسْتِحْقَاقِ وَقَدْ سَلِمَتْ مِنْهُ وَاخْتُلِفَ لَوْ كَانَ الضَّمَانُ بِالثَّمَنِ لَا بِخَلَاصِ السِّلْعَةِ وَفَسَدَ الْبَيْعُ بِمَا قَارَنَهُ مِنْ عِلَلِ الْفَسَادِ هَلْ تَسْقُطُ الْكفَالَة بِكُل

حَالٍ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ تَثْبُتُ الْكَفَالَةُ بِثَبَاتِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ بِالْفَوَاتِ فِيهِ وَعَلَى الْكَفِيلِ الْأَوَّلِ مِنْ قِيمَةِ السِّلْعَةِ أَوِ الثَّمَنِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَلْزَمُ بِعِلْمِ الْكَفِيلِ وَحُضُورِهِ فَسَادُ الْعَقْدِ قَالَ التُّونُسِيُّ الْأَصْلُ أَنَّ الْعَقْدَ إِذَا فَسَدَ بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ وَقَدْ دَخَلَا فِيهِ مَدْخَلًا وَاحِدًا لَمْ تَلْزَمِ الْكَفَالَةُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الْفَسَادَ مِنْ قِبَلِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فَبَطَلَ الضَّمَانُ لِبُطْلَانِ أَصْلِهِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي بُنِيَ عَلَى أَنَّ الْحَمِيلَ عَلَى الْبَائِعِ فَلَوْلَاهُ لَمْ يَرْضَ بِمُبَايَعَةِ الْمُشْتَرِي فَيَكُونُ حَمِيلًا بِقِيمَةِ مَا أَخْرَجَ مِنْ يَدِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ فَيُسْقِطُ الزَّائِدَ لِأَنَّهُ إِنَّمَا دَخَلَ عَلَى الثَّمَنِ وَيُرِيدُ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الِاسْتِحْقَاقِ يَوْمَ الْقَبْضِ وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ مِنْهُ دِينَارًا بِدِرْهَمٍ إِلَى أَجَلٍ وَأَخَذَ حَمِيلًا أُلْزِمُهُ الْأَقَلَّ عَلَى مَذْهَبِ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ أَنَّهُ رُوِيَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ تَبْطُلُ الْحَمَالَةُ أَمَّا لَوْ رَهَنَهُ لِذَلِكَ رَهْنًا لَكَانَ الرَّهْنُ رَهْنًا بِالْأَقَلِّ كُلِّهِ وَقِيلَ يَقْضِي نَحْوَ أَنْ يُعْطِيَ دِينَارًا فِي عِشْرِينَ دِرْهَمًا قِيمَةُ الدِّينَارِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَيَصِيرُ كَأَنَّ نِصْفَ الْعِشْرِينَ بَطَلَ فَبَطَلَ لِذَلِكَ نِصْفُ الرَّهْنِ فَيَبْقَى نِصْفُهُ رَهْنًا فِي الدِّينَارِ وَعَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ كُلُّهُ رَهْنٌ بِالْعَشَرَةِ لِأَنَّ مَا بَطل مِنْهُ فقد نسبه نقضا كَذَا بَعْضُ الدَّيْنِ قَالَ التُّونُسِيُّ فَإِنْ أَعْطَاهُ حَمِيلًا قَبْلَ الْأَجَلِ عَلَى أَنْ يُؤَخِّرَهُ بَعْدَ الْأَجَلِ أَوْ رَهْنًا امْتَنَعَ لِأَنَّهُ سَلَفٌ يَنْفَعُ فَإِنْ لَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ سَقَطَ الرَّهْنُ وَالْحَمِيلُ وَإِنْ دَخَلَ فِي الْأَجَلِ الثَّانِي سَقَطَ الْحَمِيلُ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَثَبَتَ عَلَى قَوْلِ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ كَالْمُخْرِجِ مِنْ يَدِهِ شَيْئًا لِإِمْكَانِ أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عِنْدَ الْأَجَلِ عَلَى الْأَخْذِ مِنْهُ فَصَارَ الْحَمِيلُ أُوجِبَ تَأْخِيرُهُ وَأُوجِبَ الْإِخْرَاجُ مِنْ يَدِهِ وَأَمَّا الرَّهْنُ فَرَهْنٌ إِذَا أُدْخِلَ فِي الْأَجَلِ الثَّانِي وَلَوْ أَعْطَاهُ حَمِيلًا أَوْ رَهْنًا إِلَى مِثْلِ الْأَجَلِ لَجَازَ إِذَا كَانَ الدَّيْنُ عَيْنًا أَوْ عَرْضًا مِنَ الْقَرْضِ أَمَّا عَرْضٌ مِنْ بَيْعٍ فَيَمْتَنِعُ لِأَنَّ الْغَرِيمَ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَدْفَعَهَا قَبْلَ الْأَجَلِ وَلَوْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ عَشَرَةٌ إِلَى شَهْرٍ فَأَخَذَ مِنْهُ حَمِيلًا عَلَى أَنْ يَضَعَ عَنْهُ دِرْهَمَيْنِ مَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ ضَامِنٌ بِجعْلٍ وَالْحَمِيلُ وَإِنْ لَمْ يَأْخُذِ الدِّرْهَمَيْنِ فَكَأَنَّهُ قَالَ لِلَّذِي لَهُ الدَّيْنُ هَبْهَا لِلَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ كَمَا لَوْ قَالَ لَا أَضْمَنُ حَتَّى تَهبَ لِفُلَانٍ دِينَارَيْنِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا حَطَّ عَنْهُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ حَمِيلًا أَوْ رَهْنًا إِلَى أَجَلٍ تَجُوزُ

لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ لِغَيْرِ الضَّامِنِ وَقَالَ أَصْبَغُ لَوْ أَعْطَاهُ دِينَارًا عَلَى أَنْ يَأْتِيَهُ بِحَمِيلٍ إِلَى أَجَلٍ جَازَ كَمَا حَطَّهُ مِنْ دَيْنِهِ وَالْأَشْبَهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَخْتَلِفُوا لَوْ سَأَلَ الْغَرِيمُ التَّحَمُّلَ عَنْهُ بِجعْلٍ أَنَّهُ مُمْتَنِعٌ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ حَطَّ مِنْ مَالِهِ لِأَمْرٍ يُمْكِنُ أَنْ يَحْتَاجَ إِلَيْهِ وَقَدْ لَا يَحْتَاجُ فَهُوَ غَرَرٌ وَأَمَّا إِذَا حَلَّ الْأَجَلُ فَأَعْطَاهُ حَمِيلًا عَلَى أَنْ يَضَعَ عَنْهُ جَازَ إِذْ لَا غَرَضَ فِي هَذَا إِذَا كَانَ الْغَرِيمُ مُوسِرًا وَأمَّا مُعْدِمًا فَيَمْتَنِعُ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ لَمَّا امْتَنَعَ أُخِذَ مِنْهُ أَشْبَهَ مَا لَمْ يَحِلَّ فَيَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ فَإِنْ أَعْطَاهُ حَمِيلًا بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَلَمْ يَضَعْ عَنْهُ شَيْئًا عَلَى أَنْ يُؤَخِّرَهُ وَهُوَ مُوسِرٌ فَيَجُوزُ فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا وَأَخَّرَهُ مُدَّةً تَيَسَّرَ فِيهَا امْتَنَعَ بِمَنْزِلَةِ إِعْطَائِهِ حَمِيلًا قَبْلَ الْأَجَلِ عَلَى أَنْ يُؤَخِّرَهُ بَعْدَ الْأَجَلِ وَذَلِكَ إِذَا كَانَ تَيَسُّرًا إِلَى شَهْرٍ وَكَانَ الدَّيْنُ لَمْ يَحِلَّ بَعْد وَحُلُولُهُ إِلَى شَهْرٍ وَإِعْطَاؤُهُ حَمِيلًا عَلَى أَنْ يُؤَخِّرَهُ إِلَى شَهْرَيْنِ صَارَ كَذَا دَفعَ مَا لَا يَلْزَمُهُ مِنَ الْحَمِيلِ لِتَأْخِيرِهِ إِيَّاهُ بَعْدَ يُسْرِهِ شَهْرًا وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا أَعْطَاهُ حَمِيلًا قَبْلَ الْأَجَلِ إِلَى الْأَجَلِ جَازَ لِعَدَمِ النَّفْعِ بِهِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُعْسِرَ مِثْلُ مَا لَمْ يَحِلَّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ سَلَفٌ ثَانٍ فَلَا يَحِلُّ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْحَمِيلُ إِلَى الْأَجَلِ الَّذِي تَيَسَّرَ إِلَيْهِ وَذَلِكَ أَنه كَانَ مُعْسِرًا فَالْحُكْمُ يُوجِبُ تَأْخِيرَهُ بِغَيْرِ حَمِيلٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ لِي أَنَا أُعْطِيكَ حَمِيلًا لَا يُلْزِمُنِي بِشَرْطِ أَنْ تُسَلِّفَنِي سَلَفًا جَرَّ نَفْعًا فَيُمْنَعُ وَلَوْ كَانَ لَهُ عِنْدَهُ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ سَلَفًا لَمْ تَحِلَّ فَبَاعَهُ سِلْعَةً بِعَشْرَةٍ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ حَمِيلًا بِالسَّلَفِ مَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِإِسْقَاطِ بَعْضِ الثَّمَنِ لِلْحَمَالَةِ وَجَوَّزَهُ أَشْهَبُ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا إِذَا كَانَتِ الْعَشَرَةُ الْأُولَى ثَمَنَ سِلْعَةٍ لَمْ تَحِلَّ فَأَسْلَفَهُ عَشَرَةً عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ حَمِيلًا بِالْأُولَى أَنَّهُ يَمْتَنِعُ لِأَنَّهُ سَلَفٌ لِلنَّفْعِ وَكَأَنَّهُ جَعَلَ دِرْهَمَيْنِ لِمَكَانِ الْمَضَارِّ فَصَارَتْ ثَمَانِيَةً يَأْخُذُ فِيهَا عَشَرَةً فَإِذَا قَالَ لَهُ بَعْدَ الْأَجَلِ أَسْلِفْنِي مَالًا آخَرَ وَخُذْ رَهْنًا بِالْجَمِيعِ وَأَخِّرْنِي بِذَلِكَ أَوْ خُذْ مِنِّي حَمِيلًا بِهِمَا جَازَ قَبْلَ تَبَيُّنِ عَدَمِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ أَمَّا فِي الرَّهْنِ فَيَجُوزُ وَإِنْ كَانَ عَدِيمًا إِذَا كَانَ الرَّهْنُ لَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَدِيمٍ لِمِلْكِهِ الرَّهْنَ مَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِهِ فَيَمْتَنِعُ لِأَنَّهُ إِذَا حَاصَصَ

أَخَذَ أَقَلَّ فَقَدْ أَسْلَفَهُ السَّلَفَ الثَّانِي لِيَخْتَصَّ بِالرَّهْنِ دُونَ الْغُرَمَاءِ وَأَمَّا فِي الْحَمِيلِ إِذَا كَانَ مُعْدِمًا يَمْتَنِعُ كَغَيْرِ الْحَال فَكَأَنَّهُ حَمِيلٌ قَبْلَ الْأَجَلِ بِشَرْطِ السَّلَفِ وَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ هُوَ السَّائِلَ لِلْحَمِيلِ أَنْ يَتَحَمَّلَ عَنْهُ بِجعْلٍ فَفَعَلَ سَقَطَ الْجُعْلُ لِأَنَّهُ عَنِ السَّلَفِ وَأَمَّا الْحَمَالَةُ فَإِنْ لَمْ يُعْلَمِ الْمُتَحَمِّلُ لَهُ ثَبَتَتْ أَوْ عَلِمَ سَقَطَتْ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْحَمَالَةِ إِذَا فَسَدَتْ مِنْ عَقْدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ جَعَلَهَا ابْنُ الْقَاسِمِ غَيْرَ لَازِمَةٍ لِأَنَّهَا أَوْجَبَتْ غَرَرًا فِي أَصْلِ الْبَيْعِ لِهَذَا الْغَرَرِ كَذَا أَمْ لَا وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِذَا بَاعَ عَلَى إِنْ مَاتَ الْحَمِيلُ قَبْلَ الْأَجَلِ فَالتِّبَاعَةُ فِي تَرِكَتِهِ وَإِنْ مَاتَ صَاحِبُهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا حَمَالَةً مَنَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْبَيْعَ وَأسَقْطَ الْحَمَالَةَ وَجَعَلَ عَلَى الْمُشْتَرِي قِيمَةَ السِّلْعَةِ إِنْ فَاتَتْ وَقَالَ أَصْبَغُ الشَّرْطُ ثَابِتٌ وَكَذَلِكَ لَوْ تَحَمَّلَ إِلَى قُدُومِ فُلَانٍ أَوْ إِلَى أَجَل كَذَا عَلَى أَنَّهُ إِنْ قَدمَ فُلَان قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا حَمَالَةَ عَلَيْهِ فَيَجُوزُ وَلَا غَرَرَ فِيهِ بَيْنَ الْحَمِيلِ وَالْبَائِعِ وَلَا فِي الْمُبَايَعَةِ قَالَ التُّونُسِيُّ وَالْأَشْبَهُ مَا تَقَدَّمَ لِأَنَّهُ غَرَرٌ فِي الثَّمَنِ لِأَنَّ الْعَادَةَ الْحَطُّ فِي الثَّمَنِ لِمَكَانِ الْحَمَالَةِ فَإِنْ قَبِلَ بِأَنَّ الْحَمِيلَ قَدْ يَمُوتُ عَدِيمًا قِيلَ كَمَا يَمُوتُ الْغَرِيمُ عَدِيمًا فَهُوَ أَمْرٌ لَا يُتَحَفَّظُ مِنْهُ وَقَدْ أُجِيزَ رَهْنُ الْغَرَرِ كَالْآبِقِ قِيلَ يَنْبَغِي عَلَى هَذَا مَنْعُهُ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ بَلْ بعْدَهُ وَلَمْ يُجِزْهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ فَيَحْمِلُ عَلَى أَنَّهُ بَعْدَهُ قِيلَ الرَّهْنُ قَدْ يَمُوتُ فَيَبْقَى الْبَيْعُ بِلَا رَهْنٍ مَعَ أَنَّهُ حَطَّ مِنَ الثَّمَنِ لِأَجْلِهِ قِيلَ هَذَا أَمْر حَدَث لَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِ وَهُوَ أَخَفُّ مِنَ الَّذِي دَخَلَ عَلَيْهِ رَهَنُ الْغَرَرِ فِي الْعَقْدِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَالِاسْتِحْسَانُ قَوْلُ الْغَيْرِ فِي الْكِتَابِ لِأَنَّ الْأَقَلَّ هُوَ الَّذِي أَتْلَفَهُ الْحَمِيلُ بِحَمَالَتِهِ وَهَذَا إِذَا كَانَ الْمُشْتَرِي وَالْحَمِيلُ يَجْهَلَانِ فَسَادَ ذَلِكَ فَإِنْ عَلِمَا أَوِ الْمُشْتَرِي لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَغُرَّهُ وَإِنْ عَلِمَ الْحَمِيلُ وَحْدَهُ لَزِمَهُ لِأَنَّهُ غَرَّهُ وَإِذَا فَسَدَ الْبَيْعُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَفَسَخَ فَوَجَدَ الْبَائِعَ فَقِيرًا لَمْ يُطَالِبِ الْحَمِيلَ لِأَنَّهُ إِنَّمَا الْتَزَمَ الْمُطَالَبَةَ إِنِ اسْتُحِقَّتْ وَلَمْ تُسْتَحَقَّ وَإِنْ كَانَتِ الْكَفَالَةُ بِالثَّمَنِ فَفَسَخَ الْبَيْعَ لِلْفَسَادِ فَعَلَى الْكَفِيلِ الْأَقَلُّ مِنَ الْقِيمَةِ أَوِ الثَّمَنِ لِأَنَّ الثَّمَنَ هُوَ الَّذِي تَحَمَّلَ بِهِ وَإِنْ زَادَ لَاحَظْنَا الْإِتْلَافَ وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ مِمَّا يَرْجِعُ فِيهِ بِالْمِثْلِ عِنْدَ الْفَسَادِ والحمالة بِالثّمن وَهُوَ غير كَذَا لَجَرَتْ عَلَى الْخِلَافِ هَلْ تَسْقُطُ الْحَمَالَةُ أَوْ تلْزم

عَلَى قَوْلِ الْغَيْرِ لِأَنَّ الْمِثْلَ لَمْ يَتَحَمَّلْ بِهِ فَيُسْقِطُ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَعَلَى قَوْلِ الْغَيْرِ عَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنَ الْمِثْلِ أَوِ الثَّمَنِ وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا لَمْ يَغْرَمْ بِحَلِّ الْأَجَلِ وَمَتَى كَانَتِ الْحَمَالَةُ فَاسِدَةً لِأَجْلَ أَنَّهَا بِجعْلٍ وَهُوَ مَنْفَعَةٌ لِلْغَرِيمِ كَالْحَمَالَةِ لِحَالٍ يُؤَخِّرُهُ أَوْ بِمَا لَمْ يَحِلَّ يَأْخُذُهُ إِذَا حَلَّ الْأَجَلُ فَيَخْتَلِفُ فِيهَا فَإِنْ كَانَتِ الْمَنْفَعَةُ لِلْحَمِيلِ رَدَّ الْجُعْلَ قَوْلًا وَاحِدًا أَوْ يَخْتَلِفُ الْجَوَابُ فِي ثُبُوتِ الْحَمَالَةِ وَصِحَّةِ الْبَيْعِ فَتَارَةً يَسْقُطُ وَيَثْبُتُ الْبَيْعُ أَوْ يَثْبُتَانِ أَوْ يَخْتَلِفُ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ فَإِنْ كَانَ الْجُعْلُ مِنَ الْبَائِعِ سَقَطَتِ الْحَمَالَةُ لِأَنَّهُ إِنَّمَا الْتَزَمَ بِعِوَضٍ وَقَدْ فَاتَ وَالْبَيْعُ صَحِيحٌ لِعَدَمِ دُخُولِ الْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ أَوْ مِنَ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعِ جَازَ الْبَيْعُ وَلَزِمَتِ الْحَمَالَةُ لِأَنَّهُ غَرَّهُ حَتَّى أَخْرَجَ سِلْعَتَهُ وَيَخْتَلِفُ إِذَا عَلِمَ الْبَائِعُ فَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا عَلِمَ صَاحِبُ الْحَقِّ سَقَطَتِ الْحَمَالَةُ وَيُخَيَّرُ فِي سِلْعَتِهِ بَيْنَ الْإِجَارَةِ بِغَيْرِ حَمِيلٍ وَرَدِّهَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ الْحَمَالَةُ لَازِمَةٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِ الْحَقِّ فِي ذَلِكَ سَبَبٌ وَيَخْتَلِفُ عَلَى هَذَا إِذَا بَاعَ سِلْعَةً مِنْ رَجُلٍ عَلَى أَنْ يَزِنَ عَنْهُ فُلَانٌ الثَّمَنَ بِجُعْلٍ جَعَلَهُ لَهُ الْمُشْتَرِي يَخْرُجُ عَلَى الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ وَإِذَا أَعْطَاكَ حَمِيلًا بِالْمُؤَجَّلِ أَجَلًا جَازَ أَوْ لِتُعَجِّلِهِ فَإِنْ كَانَ عَيْنًا أَوْ عَرَضًا مِنْ قَرْضٍ جَازَ لِصِحَّةِ تَعْجِيلِهِ وَإِنْ كَرِهَ الْقَابِضُ أَو من بيع وَقصد منفعتك جَازَ واسقاط الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ ضَمَانٌ بِجُعْلٍ وَإِن حل بإعطاك عَلَى أَنْ يُؤَخِّرَهُ وَهُوَ مُوسِرٌ بِجَمِيعِ الْحَقِّ جَازَ أَوْ مُعْسِرٌ وَهُوَ مُوسِرٌ عِنْدَ الْأَجَلِ أَوْ دُونَهُ جَازَ فَإِنْ كَانَ بِيُسْرٍ قَبْلَهُ مَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ أَوْ مُوسِرًا بِالْبَعْضِ وأعطاك حَمِيلًا بِذَلِكَ الْقَدْرِ لِيُؤَجِّرَهُ بِهِ جَازَ أَوْ مَا هُوَ بِهِ مُعْسِرٌ وَيُعْطِيكَ الْآنَ مَا هُوَ بِهِ مُوسِرٌ جَازَ فَإِنْ كَانَ يُؤَجِّرُهُ بِالْجَمِيعِ امْتَنَعَ لِأَنَّكَ لَمْ تُرَتِّبْهُ بِمَا هُوَ بِهِ مُعْسِرٌ إِلَّا لِمَكَانِ تَأْخِيرِهِ بِمَا هُوَ بِهِ مُوسِرٌ فَهُوَ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا وَقَبْلَ الْأَجَلِ لِيُؤَخِّرَهُ بَعْدَ الْأَجَلِ يَمْنَعُ الْحَمَالَةَ لِأَنَّكَ لَمْ تُوَثِّقْهُ قَبْلَهُ إِلَّا لِسَلَفِهِ وَهُوَ التَّأْخِيرُ بَعْدَ الْأَجَلِ وَتَسْقُطُ الْحَمَالَةُ وَاخْتُلِفَ إِذَا دَخَلَ فِي الْأَجَلِ هَلْ يَلْزَمُ أَمْ لَا قَالَ وَلَا أَرَى أَنْ يَلْزَمَ

إِذَا لَمْ تَتَغَيَّرْ ذِمَّةُ الْغَرِيمِ عَنِ الْحَالِ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِ عِنْدَ مَحَلِّ الْأَجَلِ فَإِنْ تَغَيَّرَتْ بِنَقْصٍ فَعَلَى الْحَمِيلِ مَا دَخَلَ عَلَى الطَّالِب من النَّقْص لما كَانَ التَّأْخِيرِ وَإِنْ شَرَطَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ حَمِيلًا إِنْ وَقَعَ فَلَسٌ أَوْ غَيْبَةٌ فِي الْأَجَلِ الْأَوَّلِ وَإِنَّمَا يَكُونُ حَمِيلًا فِي الْأَجَلِ الثَّانِي جَرَى عَلَى مَا تَقَدَّمَ إِذَا تَحَمَّلَ بَعْدَ الْأَجَلِ لِيُؤَخِّرَهُ هَلْ هُوَ مُوسِرٌ أَوْ مُعْسِرٌ بِالْكُلِّ أَوِ الْبَعْضِ وَالرَّهْنُ يَجْرِي فِي الصِّحَّةِ وَعَدَمِهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْحَمِيلِ إِذَا كَانَ لِغَيْرِ الْغَرِيمِ كَالْمُسْتَعِيرِ لِيَرْهَنَ أَوْ مِلْكًا لَهُ أَعْطَاهُ بَعْدَ الْأَجَلِ لِيُؤَخِّرَهُ بِهِ جَازَ لِأَنَّهُ مُوسِرٌ بِهِ الرَّابِعَةُ فِي الْكِتَابِ يُمْتَنَعُ بِمَبِيعٍ مُعَيَّنٍ كَانَ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا عَلَى صِفَةِ قَرِيبِ الْغَيْبَةِ أَوْ بِعِيدِهَا كَمَا يُمْتَنَعُ ضَمَانُ الْبَائِعِ لِمِثْلِهِ إِنْ هَلَكَ وَصَرَّحَ الْأَئِمَّةُ بِأَنَّ ضَمَانَ الْمُعَيَّنَاتِ لَا تَصِحُّ كَالْوَدَائِعِ وَالْعَوَارِي وَمَالِ الْقِرَاضِ وَمَالِ الشَّرِكَةِ وَالْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ قَالَ ح بِخِلَافِ الْمَغْصُوبِ وَالْمَبِيعِ بَيْعًا فَاسِدًا وَالْمَقْبُوضِ عَلَى السَّوْمِ وَالدَّابَّةُ الْمُسْتَأْجَرَةُ بِغَيْرِ عَيْنِهَا لِأَنَّ هَذِهِ الْمُسْتَثْنَيَاتِ مَضْمُونَةٌ عَلَى الْأَصِيلِ فَضَمِنَهَا الْكَفِيلُ وَنَحْنُ نَقُولُ الْقَبْضُ لِلسَّوْمِ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ وَسَاعَدَ عَلَى الْبَاقِي فِي أَنَّهَا مَضْمُونَةٌ عَلَى الْأَصِيلِ وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ لَا يَصِحُّ كُلُّ مَا هُوَ أَمَانَةٌ أَنْ يَضْمَنَ بِخِلَافِ الْمَغْصُوبِ وَالْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالْكُلُّ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الْكَفِيلَ لَا يَصِحُّ ضَمَانُهُ حَيْثُ لَا يَضْمَنُ الْأَصِيلَ لِأَنَّهُ فَرْعُهُ الْخَامِسَةُ فِي الْكِتَابِ يُمْتَنَعُ بِكِتَابَةِ الْمكَاتب وَقَالَهُ الْأَئِمَّة لعدم اسْتِقْرَارِ الْكِتَابَةِ بِخِلَافِ مَالٍ عُجِّلَ عِتْقُ الْمُكَاتِبِ عَلَيْهِ أَوْ قُلْتَ لَهُ عَجِّلْ عِتْقَهُ وَأَتَى بِبَاقِي كِتَابَتِهِ كَفِيلٌ لِحُصُولِ الِاسْتِقْرَارِ وَلَكَ الرُّجُوعُ بِذَلِكَ عَلَى الْمُكَاتِبِ لِأَنَّكَ أَدَّيْتَ عَنْهُ مَا قَدْ اسْتَوْفَى عِوَضَهُ وَهُوَ الْعِتْقُ فَهُوَ مُسْتَقِرٌّ كَالثَّمَنِ قَالَ اللَّخْمِيُّ لَوْ كَانَتِ الْكِتَابَةُ نَجْمًا وَاحِدًا وَقَالَ الْحَمِيلُ لَكَ عَلَيَّ إِنْ جِئْتَنِي لِانْقِضَاءِ الْأَجَلِ وَعَجَزْتَ أَدَّيْتُ عَنْهُ جَازَ اتِّفَاقًا السَّادِسَةُ فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ قَبْلَ الْأَجَلِ لِأَنَّهُ مُسْتَقِرٌّ وَقَالَهُ

الْأَئِمَّة وَكَذَلِكَ الرَّهْن على أَن يوقيك حَقَّكَ إِلَى أَجَلٍ أَوْ دُونَهُ وَيَجُوزُ تَأْخِيرُهُ لَهُ بَعْدَ الْأَجَلِ بِدَيْنٍ أَوْ حَمِيلٍ لِأَنَّكَ مَلَكْتَ قَبْضَ دَيْنِكِ الْآنَ فَتَأْخِيرُكَ ابْتِدَاءً سَلَفٌ عَلَى رَهْنٍ أَوْ حَمِيلٍ وَإِنْ لَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ وَأَخَّرْتَهُ إِلَى أَبْعَدَ مِنْهُ بِحَمِيلٍ أَوْ رَهْنٍ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ سَلَفُ نَفْعٍ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَلْزَمُ الْحَمِيلَ شَيْءٌ وَيَبْطُلُ الرَّهْنُ وَإِنْ قَبَضَ فِي فَلَسِ الْغَرِيمِ أَوْ مَوْتِهِ وَفِي النُّكَتِ الْحَمِيلُ وَالرَّهْنُ عَلَى أَنْ يُوَفِّيَ دُونَ الْأَجَلِ إِنَّمَا يَصِحُّ إِذَا كَانَ دُونَ الْحَقِّ عَيْنًا أَوْ عَرْضًا مِنْ قَرْضٍ وَيَمْتَنِعُ فِي الْعَرْضِ مِنَ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ حُطَّ عَنِّي الضَّمَانَ وَأَزِيدُكَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ تُمْتَنَعُ الْحَمَالَةُ بِجُعْلٍ فَإِنْ تُرِكَ وَعَلِمَ صَاحِبُ الْحَقِّ سَقَطَتِ الْحَمَالَةُ وَرَدَّ الْجُعْلَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ لَزِمَتِ الْحَمَالَةُ الْحَمِيلَ وَيَرُدِ الْجُعْلَ عَلَى كُلٍّ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكُلّ حَالَةٍ وَقَعَتْ لِمُحَرَّمٍ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي أَوَّلِ أَمْرِهِمَا أَوْ بَعْدُ سَقَطَتْ عَنِ الْحَمِيلِ عَلِمَ صَاحِبُ الْحَقِّ أَوِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ بِسَبَبِ التَّحْرِيمِ أَوْ حامله وَلم يَعْلَمْ بِذَلِكَ صَاحِبُ الْحَقِّ فَالْحَمَالَةُ لَازِمَةٌ لِلْحَمِيلِ قَالَهُ أَصْبَغُ وَقَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ قَالَ غَيْرُهُ لَا يَلْزَمُ الْحَمِيلَ شَيْءٌ وَلَا يَكُونُ الرَّهْنُ بِهِ رَهْنًا وَإِنْ قَبَضَ فِي فَلَسِ الْغَرِيمِ أَوْ مَوْتِهِ أُرَاهُ إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَمْ يَكُنْ فِي أَصْلِ الدَّيْنِ وَلَوْ كَانَ لَكَانَ الْمُرْتَهِنُ أَحَقَّ بِهِ مِنَ الْغُرَمَاءِ وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا قَالَ أَشْهَبُ وَمَنْ لَكَ عَلَيْهِ عَشَرَةٌ قَرْضًا وَبِعْتَهُ سِلْعَةً عَلَى أَنْ يُعْطِيَكَ بِالسَّلَفِ رَهْنًا جَازَ وَلَوْ كَانَتِ الْعَشَرَةُ الْأُولَى مِنْ بَيْعٍ وَأَسْلَفْتَهُ عَشَرَةً عَلَى أَنْ يَرْهَنَكَ بِالْعَشَرَةِ الْأُولَى امْتَنَعَ لِأَنَّهُ سَلَفٌ لِلنَّفْعِ وَالْأَوَّلُ تَبَعٌ لِلنَّفْعِ وَمَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّ فِي الْأَوَّلِ رَهْنَ تَحَمُّلٍ وَهُوَ حرَام لبيعه السّلْعَة بل قَالَ كَذَا مِنْ قِيمَتِهَا فَالْمَتْرُوكُ جُعْلٌ وَجَوَّزَ أَشْهَبُ الرَّهْنَ بِالْجُعْلِ لِأَنَّ الْجُعْلَ فِيهِ إِنَّمَا يَحْصُلُ إِلَى غَرِيمِهِ فَهُوَ كَالْوَضِيعَةِ لَهُ مِنْ حَقِّهِ بَعْدَ أَنْ حَلَّ عَلَى أَنْ يَرْهَنَهُ وَالْجُعْلُ فِي الْحَمَالَةِ لِلْحَمِيلِ فَهُوَ بِغَيْرِ غَرِيمِهِ فَيَغْرَمُ وَلَوْ كَانَ الْغَرِيمُ لَهُ الْجُعْلُ جَازَ وَلَوْ كَانَ الرَّهْنُ لِغَيْرِ غَرِيمِهِ بِجُعْلٍ مِنَ الْغَرِيمِ لَمْ يَجُزْ وَيَنْقَضِ الرَّهْنُ إِنْ عَلِمَ رَبُّ الْحَقِّ وَإِلَّا ثَبَتَ الرَّهْنُ وَسَقَطَ الْجُعْلُ قَالَ أَشْهَبُ إِنْ حَطَّ عَنْهُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ رَهْنًا أَوْ حَمِيلًا إِلَى أَجَلٍ جَازَ قَالَ أَصْبَغُ وَلَوْ أَعْطَيْتَهُ دِينَارًا عَلَى ذَلِكَ جَازَ كَمَا لَوْ حَطَطْتَهُ مِنْ دَيْنِهِ عَنْهُ وَمَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا

أَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ لَوْ سَأَلَ أَنْ يَحْمِلَ عَنْهُ بِجُعْلٍ امْتَنَعَ فَكَذَلِكَ إِذَا حَطَّ عَنِ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَشْبَهُ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْغَرَرِ وَأَمَّا إِذَا حَلَّ الْأَجَلُ وَأَعْطَى حَمِيلًا عَلَى أَنْ يَضَعَ جَازَ لِأَنَّهُ لَا غَرَضَ لَهُ فِي هَذَا إِذَا كَانَ الْغَرِيمُ مُوسِرًا وَأَمَّا فِي الْمُعْدِمِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُمْنَعَ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَفَرَّقَ مُحَمَّدٌ بَيْنَ كِرَاءِ الْمُبْتَاعِ لِيَرْهَنَ فَيَمْتَنِعُ لِأَنَّ أَمَدَ الرَّهْنِ يَزِيدُ بِالْمَطْلِ فِي الدّين وَبَين كرائه كلبس كَذَا فَيَجُوزُ لِلِانْضِبَاطِ وَلَرَدَدْتَ الْكِرَاءَ لِزِيَادَةِ الْمَطْلِ صَرَفَ كَأَنَّكَ وَحْدَكَ رَبُّ الدَّيْنِ بِزِيَادَةٍ وَعَنْ أَشْهَبَ فِي الرَّهْنِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَفَاتَتِ السِّلْعَةُ أَنَّ الرَّهْنَ رَهْنٌ بِالْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَ حَمِيلًا بَطَلَتِ الْحَمَالَةُ وَابْنُ الْقَاسِمِ يُبْطِلُهَا لِبُطْلَانِ الْأَصْلِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ تَحَمَّلَ فِي الْبَيْعِ عَلَى أَنَّهُ إِنْ مَاتَ قَبْلَ الْأَجَلِ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ أَوْ مَاتَ الْبَائِعُ قَبْلَ الْأَجَل فَلَا حمالَة البيع حَرَامٌ لِلْغَرَرِ فِي الثَّمَنِ وَالْحَمَالَةُ سَاقِطَةٌ لِبُطْلَانٍ أَصْلِهَا وَأَجَازَ ذَلِكَ أَصْبَغُ وَقَالَ أَجَابَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى غَيْرِ تَأَمُّلٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ الشَّرْطُ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُبْتَاعِ بَلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَمِيلِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَجُوزُ بَيْعُكَ لِثَلَاثَةٍ بَعْضُهُمْ حَمِيلُ بَعْضٍ إِذَا لَمْ يَكُونُوا شُرَكَاءَ فِي غَيْرِهِ لِأَنَّهُ ضَمَانٌ بِجُعْلٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا شَرَطَ الْحَمِيلُ أَنَّهُ لَا يُؤَدِّي إِلَّا أَنْ يَمُوتَ هُوَ أَوْ يَمُوتَ الْمَكْفُولُ جَازَ وَيَلْزَمُ الشَّرْطُ أَوْ يَقُولَ إِنْ لَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ وَلَمْ يَتَوَجَّهْ طَلَبٌ حَتَّى مُتُّ فَلَا شَيْءَ عَلِيَّ لِأَنِّي أَكْرَهُ أَنْ يطْلبَ وَرَثَتِي أَوْ حَتَّى يَمُوتَ الْمَكْفُولُ فَلَا أُؤَدِّي عَنْهُ فَلَهُ شَرْطُهُ وَإِنْ كَانَتْ فِي فَرْضٍ أَوْ بَعْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ فَالْحَمَالَةُ جَائِزَةٌ فَإِنْ وَقَعَتْ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا شَرَطَ إِنْ مَاتَ الْبَائِعُ أَوِ الْحَمِيلُ سَقَطَتِ الْحَمَالَةُ عَنِ الْحَمِيلِ فَسَدَ الْبَيْعُ وَسَقَطَتِ الْحَمَالَةُ الْآنَ وَجَوَّزَ أَصْبَغُ الْبَيْعَ وَأَسْقَطَ الشَّرْطَ قَالَ مُحَمَّدٌ أَي قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا وَقَعَ الْبَيْعُ بِذَلِكَ أَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي مَدْخَلٌ جَازَ الْبَيْعُ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَأَرَى إِنْ كَانَ المُشْتَرِي فَقِيرا أَو يخْشَى عَجزه أَنْ يفْسدَ الْبَيْع وَإِذَا كَانَ مُوسِرًا وَوَقَعَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الِاحْتِيَاطِ لَجَازَ وَإِنْ عَلَّلَ الْحَمِيلُ الْأَدَاءَ بِمَوْتِهِ وَكَانَتِ الْحَمَالَةُ فِي أَصْلِ عَقْدِ الْبَيْعِ أَوِ الْقَرْضِ كَانَتْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ بَعْدَ الْعَقْدِ فَمِنَ الثُّلُثِ لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ وَالْكَفَالَةُ إِلَى الْعَطَاءِ كَذَلِكَ تَجُوزُ كَانَتْ عَن فرض أَوْ بَعْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ وَيُخْتَلَفُ إِذَا

كَانَتْ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ وَالثَّمَنِ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ فَإِنْ كَانَ أَجَلُ الْبَيْعِ لِذَلِكَ أَيْضًا فَسَدَ إِذَا لَمْ يَكُنِ الْمُشْتَرِي مِنْ أَهْلِ الدُّيُونِ لِلْجَهَالَةِ وَاخْتُلِفَ إِذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الدُّيُونِ وَمِمَّنْ لَهُ حَطٌّ كَرِهَ مَالِكٌ ثُمَّ قَالَ فِيهِ رِفْقٌ بِالنَّاسِ لِحَاجَةِ الْجُنْدِ لِذَلِكَ وَقد قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِأَصْحَابِهِ فِي سَبْيِ هَوَازِنَ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَقِّهِ حَتَّى نُعْطِيَهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يَفِيءُ اللَّهُ عَلَيْنَا السَّابِعَةُ فِي الْكِتَابِ لَا كَفَالَةَ فِي الْحُدُودِ وَالْأَدَبِ وَالتَّعْزِيرِ وَلَا تَلْزَمُ وَلَا فِي دَمٍ وَلَا مِمَّنْ أَجَّرْتَهُ لِخِدْمَةِ شَهْرٍ أَوْ لِيَخِيطَ ثَوْبَكَ بِنَفْسِهِ بِخِلَافِ الْحُمُولَةِ الْمَضْمُونَةِ وَيَمْتَنِعُ فِي دَابَّةٍ بِعَيْنِهَا إِلَّا أَنْ يَتَكَفَّلَ بِنَفَقَةِ الْكِرَاءِ عِنْدَ مَوْتِهَا فَيَجُوزُ وَكَذَلِكَ أَجِيرُ الْخِيَاطَةِ وَالْخِدْمَةِ فَإِنْ هَرَبَ الْكَرِي فِي الْمَضْمُونِ فَأَكْرَى لَكَ الْكَفِيلُ نِصْفَ الْأُجْرَةِ رَجَعَ الْكَفِيلُ عَنِ الْكَرِيِ بِذَلِكَ إِلَّا بِالْكِرَاءِ الْأَوَّلِ وَوَافَقَ الْأَئِمَّةُ فِي امْتِنَاعِهَا فِي الْحُدُودِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَجُوزُ فِيهَا بِالْوَجْهِ لِأَنَّ الْحُضُورَ مُسْتَحَقٌّ لِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ أَمَّا بِالْحُدُودِ نَفْسِهَا فَلَا قَالَ اللَّخْمِيُّ مَتَى كَانَتِ الْإِجَارَةُ عَلَى عَمَلِ رَجُلٍ مُعَيَّنٍ أَوْ حَمْلِ مِائَةٍ بِعَيْنِهَا جارت الْحَمَالَةُ بِالْأُجْرَةِ إِنْ مَاتَ الْمُغِيرُ أَوِ اسْتَحَقَّ وَيَمْتَنِعُ بِالْعَمَلِ وَالْحَمْلِ أَوْ مَضْمُونَةٌ جَازَتْ بِالْعَمَلِ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَى الْأَصْلِ وَيَمْتَنِعُ بِالْأُجْرَةِ أَنْ يَرُدَّ إِلَى دَافِعِهِ وَإِنْ كَانَتْ لِيَسْتَأْجِرَ بِهِ جَازَ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ رَدَّ عَلَى الْحَمِيلِ فَإِنْ عَجَزَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَإِذَا غَرِمَ الْحَمِيلُ وَأَرَادَ الرُّجُوعَ بِالْإِجَارَةِ أَوْ غَيْرِهَا فَإِنِ اشْتَرَى ذَلِكَ لِغَرِيمِهِ رَجَعَ بِالثَّمَنِ كَانَ الْمُتَحَمِّلُ بِهِ عَرضًا أَوْ مَكِيلًا وَإِنْ غَرِمَهُ مِنْ ذِمَّتِهِ وَهُوَ مُكَيَّلٌ أَوْ مَوْزُونٌ رَجَعَ بِمِثْلِهِ فَإِنْ كَانَ قِيَمِيًّا فَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَرْجِعُ بِمِثْلِهِ كَالْأَوَّلِ وَعَنْهُ بِقِيمَتِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مِنْ شَرْطِ الْمَضْمُونِ أَنْ يُمْكِنَ اسْتِيفَاؤُهُ مِنَ الضَّامِنِ فَلِذَلِكَ تَتَعَذَّرُ فِي الْحُدُودِ وَالْمُعَيَّنَاتِ

الثَّامِنَة فِي الْكتاب إِن لم يؤفك حَقَّكَ فَهُوَ عَلَيَّ وَلَمْ يَضْرِبْ لِذَلِكَ أَجَلًا يَتَلَوَّمُ لَهُ الْإِمَامُ بِقَدْرِ مَا يَرَى ثُمَّ يُلْزِمُهُ الْمَالَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْغَرِيمُ حَاضِرًا مَلِيًّا وَإِن لم يؤفك حَتَّى يَمُوتَ فَهُوَ عَلَيَّ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ حَتَّى يَمُوتَ الْغَرِيمُ وَيَجُوزَ إِلَى خُرُوجِ الْعَطَاءِ وَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا إِنْ كَانَتْ فِي قَرْضٍ أَوْ فِي تَأْخِيرِ ثَمَنِ مَبِيعٍ وَيَمْتَنِعُ فِي أَصْلِ الْبَيْعِ لِأَنَّ الْبَيْعَ إِلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ حَرَامٌ التَّاسِعَةُ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا أَعْطَاكَ رَجُلٌ دِينَارَيْنِ فِي دِينَارٍ وَيَتَكَفَّلُ بِهِمَا آخَرُ لَكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ عَلِمَ الْكَفِيلُ بِذَلِكَ فَعَلَيْهِ الدِّينَارُ الَّذِي أَعْطَيْتَهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بَلْ قُلْتَ لَهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ تَحَمَّلَ بِهِمَا إِلَى شَهْرٍ ثُمَّ عَلِمَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يَقُولُ لَوْ عَلِمْتُ لَمْ أَدْخُلْ فِي الْحَرَامِ وَكَذَلِكَ دِينَارٌ فِي دَرَاهِمَ إِلَى شَهْرٍ إِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِن عَلِمَ قَبْلَ خُرُوجِ الدَّرَاهِمِ اتَّبَعَ بِهَا الدِّينَارَ وَاتبِعْ أَنْتَ صَاحِبَكَ بِالدَّرَاهِمِ فَإِنْ كَانَتِ الدَّرَاهِمُ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الدِّينَارِ اشْتَرَى دِينَارًا بِمَا بَلَغَ وَدَفَعَ إِلَيْهِ وَاتَّبَعَ هُوَ صَاحِبَهُ بِثَمَنِ الدِّينَارِ فَقَطْ وَأَمْسَكَ هُوَ فَضْلَةَ الدَّرَاهِمِ أَوْ أَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ الدِّينَارِ اتَّبَعَ لَهُ مَا بَلَغَتْ مِنْ أَجْلِ الدِّينَارِ وَاتَّبَعَ هُوَ صَاحِبَهُ بِمَا بَقِيَ لَهُ مِنَ الدِّينَارِ وَيُتْبِعُهُ الْحَمِيلُ بِالدَّرَاهِمِ وَلَوْ كَانَ لَكَ دِينَارٌ عِنْدَ رَجُلٍ فَحَوَّلْتَهُ فِي زَيْتٍ إِلَى شَهْرٍ وَتَحَمَّلَ لَكَ رَجُلٌ بِالزَّيْتِ هُوَ كَذَلِكَ إِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَوْ عَلِمَ بِإِخْرَاجِ الزَّيْتِ فَيَبِيعُ لَهُ بِدِينَارٍ مِنْهُ فَقَضَى دِينَارَهُ وَاتَّبَعَ هُوَ صَاحِبَهُ بِالزَّيْتِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْهُ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ إِنْ كَانَ حَمَالَة أَصْلهَا حَرَامٌ هِيَ سَاقِطَةٌ وَعَنْهُ الْحَمَالَةُ لَازِمَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ عَلِمَ الْحَمِيلُ أَمْ لَا فَهِيَ ثَلَاثَة أَقْوَال لِأَن الْكَفِيل عَن محى كَذَا دَفَعَ الْمَالَ وَهَذَا الْخِلَافُ إِنَّمَا هُوَ إِذَا كَانَتِ الْكَفَالَةُ فِي أَصْلِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ أَمَّا بَعْدَ عَقْدِهِ فَسَاقِطَةٌ اتِّفَاقًا الْعَاشِرَةُ قَالَ إِذَا قُلْتَ لِعَبْدِكَ إِنَّ جِئْتَنِي بِمِائَةِ دِينَارٍ فَأَنْتَ حُرٌّ فَتَكَفَّلَ بِهَا لَكَ رَجُلٌ وَعَجَّلْتَ لَهُ الْعِتْقَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَزِمَتِ الْحَمَالَةُ كَمَنْ قَالَ لَكَ أَعْتِقَ عَبْدَكَ وَلَكَ مِائَةٌ إِلَى شَهْرٍ وَيَرْجِعُ الْحَمِيلُ عَلَى الْعَبْدِ

الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ ضَمَانُ الْبَدَنِ إِلَّا فِي الْحُدُودِ وَقَالَهُ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ وَلِلشَّافِعِيَّةِ قَوْلَانِ وَحَيْثُ جَوَّزُوهُ اشْتَرَطُوا إِذْنَ الْمَكْفُولِ وَتَجْوِيزَهُ هَذَا الصَّحِيحُ عِنْدَهُمْ وَعَلَيْهِ يَجُوزُ فِي الْحُدُودِ الَّتِي هِيَ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ كَالْقِصَاصِ وَالْقَذْفِ دون الْحُدُود الَّتِي هِيَ حق الله تَعَالَى كَحَدِّ الْخَمْرِ وَالزِّنَا وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ الْتِزَامُ مَا هُوَ مَضْمُونٌ وَعَلَى الْأَصْلِ عِنْدَنَا وَعِنْدَهُمُ الْتِزَامُ مَا هُوَ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَى الْأَصِيلِ لَنَا قَوْله تَعَالَى {فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ} وَقَوله تَعَالَى

(الباب الثاني في حمالة الحمالة)

(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) (صَلَّى اللَّهُ عَلَى سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه وَسلم تَسْلِيمًا) (الْبَابُ الثَّانِي فِي حَمَالَةِ الْحَمَالَةِ) لَمَّا كَانَتِ الْحَمَالَةُ مِنْ بَابِ الْمَعْرُوفِ أَمْكَنَ الِاجْتِمَاعُ عَلَيْهَا سُؤَالٌ كَيْفَ يَكُونُ الْحَقُّ لِلْوَاحِدِ فِي مَحَلَّيْنِ وَالْوَاحِدُ لَا يَتَعَدَّدُ مَحَلُّهُ أَمْ يُقَالُ انْقَسَمَ أَوْ تَعَدَّدَ وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إِنَّ نِصْفَ الْحَقِّ عَلَى هَذَا وَنِصْفَهُ عَلَى الْآخَرِ وَلَا أَنَّ بِسَبَبِ الْحَمَالَةِ صَارَ الْأَلْفُ أَلْفَيْنِ وَجَوَابُهُ أنَّ ثُبُوتَ الْحَقِّ فِي الذِّمَّةِ تَقْدِيرٌ شَرْعِيٌّ كَمَا تَقَدَّمَ فَيُقَدِّرُ الشَّرْعُ النَّقْدَيْنِ فِي الْأَثْمَانِ وَالْأَعْيَانِ فِي السَّلمِ وَالْإتْلَافِ وَغَيْرِهِمَا فِي الذِّمَّةِ وَلَيْسَتْ ثَمَّ حَقِيقَةُ وَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ الْإِبِلَ لَيْسَتْ فِي الذِّمَّةِ وَإِلَّا لَاحْتَاجَتْ لِلْعَلْفِ وَالسَّقْيِ فَهِيَ حِينَئِذٍ تَقْدِيرَاتٌ شَرْعِيَّةٌ لِأُمُورٍ مَعْدُومَةٍ يُقَدِّرُهَا الشَّرْعُ مَوْجُودَةً ثُمَّ ذَلِكَ الْمُقَدِّرُ لِلشَّرْعِ أَنْ يُقَدِّرَ لَهُ مَعَ إِيجَادِهِ بِنِسَبٍ مُتَعَدِّدَةٍ لِذِمَّةٍ أَوْ ذِمَّتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ كَالدِّيَةِ تُقَدَّرُ عَلَى جَمِيعِ الْعَاقِلَة فالواقع لعدد سَبَب فِي الْحَمَالَةِ لَا تَعَدُّدُ حَقٍّ وَلَا الْقسَامَة وَبِه قَالَ الْأَئِمَّة وَفِي هَذَا الْبَاب ثَمَان مَسَائِلَ الْأُولَى قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا تَكَفَّلَ كَفِيلَانِ بِمَالٍ وَكُلُّ وَاحِدٍ ضَامِنٌ عَنْ صَاحِبِهِ فَغَابَ أَحَدُهُمَا وَالْغَرِيمُ وَغَرِمَ الْحَاضِرُ الْجَمِيعَ ثُمَّ قَدِمَ الْغَائِبُ وَالْغَرِيمُ

مَلِيَّيْنِ اتُّبِعَ الْغَرِيمُ بِالْجَمِيعِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَلَهُ اتِّبَاعُهُ بِالنِّصْفِ وَاتِّبَاعُ الْحَمِيلِ بِمَا أَدَّى عَنْهُ لِأَنَّهُ كَدَيْنٍ لَهُ قبله لَا كَغَرِيمٍ حَضَرَ مَعَ كَفِيلٍ وَإِذَا كَفَلَ ثَلَاثَة بِمَالٍ لَمْ يَأْخُذْ مِمَّنْ بَقِيَ مِنَ الْغُرَمَاءِ إِلَّا ثُلُثَ الْحَقِّ إِلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ فِي أَصْلِ الْكَفَالَةِ أَنَّ بَعْضَهُمْ حَمِيلٌ عَنْ بَعْضٍ فَحِينَئِذٍ إِذَا غَابَ أَحَدُهُمْ أَوْ أُعْدِمَ أَخَذَ مَنْ وَجَدَهُ بِالْجَمِيعِ وَإِنْ لَقِيَهُمْ أَوْلِيَاءُ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ إِلَّا الثُّلُثَ لِأَنَّهُ لَا يَتْبَعُ الْكَفِيلَ فِي حُضُورِ الْكَفِيلِ وَمِلَائِهِ وَلَوْ شَرَطَ أَيَّهُمْ شَاءَ أَخَذَ وَلَمْ يَقُلْ بَعْضُهُمْ كَفِيلُ بَعْضٍ أَخَذَ أَيَّهُمْ شَاءَ بِالْجَمِيعِ وَإِنْ حَضَرُوا أَمْلِيَاءَ ثُمَّ لَا رُجُوعَ لِلْغَرِيمِ عَلَى أَصْحَابِهِ لِأَنَّهُ لم يود بالحمالة عَنْهُم بل على الْغَرِيمِ وَإِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ كَفِيلٌ بِبَعْضٍ وَقَالَ بعد ذَلِك أَيهمْ شِئْت أخذت بحقي أم لَا رُجُوعَ لِلْغَارِمِ لِلْجَمِيعِ عَلَى صَاحِبَيْهِ إِذَا لَقِيَهُمَا بِالثُّلُثِينِ وَإِنْ بَقِيَ أَحَدُهُمَا فَبِالنِّصْفِ وَمِنْ أَمْرِ النَّاسِ الْجَائِزِ كَتب الرَّجُل الْحَيّ عَنِ الْمَيِّتِ وَالْمَلِيّ عَنِ الْمُعْدِمِ وَهُوَ كَفَالَةُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا بَاعَ مِنْهَا وَشَرَطَ اتِّبَاعَ أَيِّهِمَا شَاءَ بِجَمِيعِ الْحَقِّ أَوْ شَرَطَ ذَلِكَ فِي الدَّيْنِ فَتَحَمَّلَ رَجُلَانِ بِصَاحِبِهِ فَلَا يُتْبِعُ أَحَدَهُمَا بِأَكْثَرَ مِنْ نَصِيبِهِ إِلَّا فِي عُدْمِ صَاحِبِهِ أَوْ إِعْدَامِهِ وَقَالَهُ أَشْهَبُ وَغَيْرُهُ لِأَنَّ الْحَمَالَةَ غَرَرٌ لَا يَدْرِي هَلْ يغرم أَو لَا وينضاف إِلَيْهِمَا هَا هُنَا غَرَرَانِ هَلْ يُطْلَبُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ وَهَلْ بِالْكُلِّ أَوِ الْبَعْضِ وَأَلْزَمَ ابْنُ الْقَاسِمِ الشَّرْطَ لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ وَقَدِ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْحَمِيلِ الْمُبْهَمِ هَلْ يَغْرَمُ الْجَمِيعُ فَكَيْفَ مَعَ الشَّرْطِ الثَّانِيَةُ فِي الْكِتَابِ لَكَ سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى سِتَّةٍ بَعْضُهُمْ حَمِيلٌ عَنِ الْبَعْضِ بِالْجَمِيعِ أَوْ كُلُّ وَاحِدٍ حَمِيلٌ بِجَمِيعِ الْمَالِ قَالَ عَنْ أَصْحَابِهِ أَمْ لَا أَوْ كُلُّ وَاحِدٍ حَمِيلٌ بِجَمِيعِ الْمَالِ عَنْ وَاحِدٍ أَوِ اثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ عَنْ جَمِيعهم بِجَمِيعِ

الْمَالِ اشْتَرَطَ أَنْ لَا بَرَاءَةَ لَهُ إِلَّا بِأَدَائِهِمَا أَمْ لَا فَإِنْ قُلْتَ مَعَ ذَلِكَ أَيَّهُمْ شِئْتُ أَخَذْتُ فَلَكَ أَخْذُ أَحَدِهِمْ بِالْجَمِيعِ حَضَرَ الْبَاقُونَ أَمْ لَا وَإِنْ لَمْ تَقُلْ ذَلِكَ وَلَقِيتَهُمْ مَيَاسِرَ أَخَذْتَ كُلَّ وَاحِدٍ بِمِائَةٍ وَلَمْ تَأْخُذْ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ فَإِنْ لَقِيتَ أَحَدَهُمْ أَخَذْتَ بِالْجَمِيعِ فَإِنْ لَقِيَ الْغَارِمُ أَحَدَهُمْ أَخَذَ بِمِائَةٍ أَدَّاهَا عَنْهُ وَبِنِصْفِ الْأَرْبَعِمِائَةِ الَّتِي أَدَّاهَا عَنِ الْبَاقِينَ لِأَنَّهُ حَمِيلٌ مَعَهُ بِهِمْ فَإِنْ لَقِيَ أَحَدَهُمَا أَخَذَ الْأَرْبَعَةَ الْبَاقِيَةَ أَخَذَهُ بِخَمْسِينَ عَنْ نَفْسِهِ وَبِخَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ بِالْحَمَالَةِ فَإِنْ لَقِيَ الرَّابِعَ الْمَأْخُوذَ مِنْهُ الْمَالَ الآخر من الْأَوَّلين الَّذِي لم يرجع على الرَّابِعِ قَالَ لَهُ بَقِيَ لِي مِمَّا أَدَّيْتَ بِالْحَمَالَةِ مِائَتَانِ عَنْ أَرْبَعَةٍ أَنْتَ أَحَدُهُمْ فَعَلَيْكَ خَمْسُونَ فِي خَاصَّتِكَ فَيَأْخُذُهَا مِنْهُ ثُمَّ يَقُولُ بَقِيَ لِي خَمْسُونَ وَمِائَةٌ أَدَّيْتُهَا عَنْ أَصْحَابِكَ وَأَنْتَ مَعِي بِهِمْ حَمِيلٌ فَيَقُولُ لَهُ هَذَا الرَّابِعُ قَدْ ادَّعَيْتَ عَنْهُمْ لَنَا بِالْحَمَالَةِ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ أَيْضًا لِغَيْرِكَ سَاوَيْتُكَ فِي مِثْلِهَا بَقِيَتْ لَكَ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ لَكَ عَلَيَّ نِصْفُهَا فَيَدْفَعُ لَهُ سَبْعَةً وَثَلَاثِينَ وَنِصْفًا وَهَكَذَا تَرَاجُعُهُمْ إِذَا لَقِيَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا حَتَّى يُؤَدِّيَ كُلُّ وَاحِدٍ مِائَةً لِأَنَّهَا كَانَتْ عَلَيْهِ فِي أَصْلِ الدُّيُونِ فَإِنْ تَحَمَّلُوا عَلَى أَنَّ كُلَّ اثْنَيْنِ حَمِيلَانِ لجَمِيع المَال أَو أَصْحَابهم أَوْ عَنْ وَاحِدٍ أَوْ كُلُّ وَاحِدٍ حَمِيلٌ بِنِصْفِ الْمَالِ فَذَلِكَ كُلُّهُ سَوَاءٌ وَإِنْ لَقِيتَ اثْنَيْنِ أَخَذْتَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ ثَلَاثَمِائَةٍ أَوْ وَاحِدًا أَخَذْتَهُ بِثَلَاثِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ مِائَةٌ مِنْهَا عَلَيْهِ مِنْ أَصْلِ الدَّيْنِ وَمِائَتَانِ وَخَمْسُونَ لِأَنَّهُ بِنِصْفِ مَا بَقِيَ تَكَفَّلَ فَإِنْ لَقِيَ هَذَا الْغَارِمُ أَحَدَ الْبَاقِيَيْنِ أَخَذَهُ بِخَمْسِينَ عَنْ نَفْسِهِ وَنِصْفُ الْمِائَتَيْنِ الْمُؤَدَّاةُ بِالْحَمَالَةِ فَإِنْ لَقِيَ هَذَا الْغَارِمُ الثَّانِي أَخَذَ مِمَّنْ لَمْ يَغْرَمْ قَالَ لَهُ أَدَّيْتُ مِائَةً بِالْحَمَالَةِ عَنْ أَرْبَعَةٍ أَنْتَ أَحَدُهُمْ أَعْطِنِي خَمْسَةً وَعِشْرِينَ عَنْ نَفْسِكَ وَنِصْفَ مَا بَقِيَ بِالْحَمَالَةِ فَهَكَذَا تَرَاجُعُهُمْ حَتَّى اسْتَوَوْا فَإِنْ تَحَمَّلَ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ عَلَى أَنَّ كُلَّ ثَلَاثَة حملا بِجَمِيعِ الْمَالِ أَوْ كُلَّ ثَلَاثَةٍ عَنْ ثَلَاثَةٍ أَوْ عَنِ اثْنَيْنِ أَوْ عَنْ وَاحِدٍ بِالْجَمِيعِ أَوْ كُلَّ وَاحِدٍ بِثُلُثِ الْمَالِ فَذَلِكَ سَوَاءٌ إِن لقِيت ثَلَاثَة أخذتهم بِالْجَمِيعِ أَو وَاحِد فِيمَا بِهِ عَنْهُ وَبِثُلُثِ مَا بَقِيَ وَهُوَ مِائَةٌ وَسِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ فَأَخَذْتَ مِنْهُمْ جَمِيعَ الْمَالِ ثُمَّ لَقِيَ أَحَدُهُمْ أَحَدَ الَّذِينَ لَمْ يَغْرَمُوا قَالَ لَهُ أَدَّيْتُ مِائَةً بِالْحَمَالَةِ عَنْ ثَلَاثَةٍ

أَنْتَ أَحَدُهُمْ أَعْطِنِي ثُلُثَهَا عَنْكَ وَنَصِفَ بَاقِيهَا بِالْحَمَالَةِ عَنِ الْبَاقِينَ فَإِنْ لَقِيَ الْآخِذَ لِذَلِكَ أَخَذَ الثَّلَاثَةَ الْغَارِمِينَ مَعَهُ أَوْ لَا رُجُوعَ عَلَيْهِ بِنِصْفِ مَا فَضَلَهُ بِهِ حَتَّى يَكُونُوا فِي الْغُرْمِ سَوَاءً وَإِنِ اقْتَسَمَ ذَلِكَ ثُمَّ لَقِيَ الْبَاقِي الَّذِي غَرِمَ مَعَهُمَا وَإِلَّا دَخَلَ عَلَيْهِمَا فِيمَا بِأَيْدِيهِمْ مِنْ قِبَلِ الثَّالِثِ الْمَرْجُوعِ عَلَيْهِ حَتَّى يَصِيرَ مَا أَخَذَ مِنَ الثَّالِثِ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا ثُمَّ إِنْ لَقِيَ أَحَدُهُمْ أَحَدًا مِمَّنْ لَمْ يَغْرَمْ فَأَخَذَ مِنْهُ مَا يَجِبُ لَهُ شَارَكَهُ فِيهِ مَنْ لَقِيَ مِنَ الِاثْنَيْنِ الغارمين مَعَه أَو حَتَّى يكون مَا دخل كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِالسَّوِيَّةِ لِأَنَّهُمْ حُمَلَاءُ عَنْ أَصْحَابهم فَهَلَكت اتراجعهم كَذَا قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ الْخِلَافُ فِي هَذِهِ فِي مَوْضِعَيْنِ لِأَنَّهُ لَا تَخْلُو كَفَالَةُ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ إِمَّا أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ عَلَيْهِمْ وَهِيَ مَسْأَلَةُ السِّتَّةِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِمْ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الثَّلَاثَةِ فِي الْمُدَوَّنَة ومسألتة الْأَرْبَعَةِ فِي الْعُتْبِيَّةِ فَإِنْ ضَمِنَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَلَى مَا وَقَعَ فِي قَوْلِ الْغَيْرِ فِي الْكِتَابِ فَأَدَّى أَحَدُهُمُ الْمَالَ وَهُوَ سِتُّمِائَةٍ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِائَةٌ فِي الْأَصْلِ ثُمَّ لَقِيَ الثَّانِي فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يُطَالِبُهُ بِمَا يَقَعُ عَلَيْهِ هُوَ مِنَ الْمَالِ وَهُوَ مِائَةٌ وَلَا يَأْخُذُ مِنْهُ الْمِائَةَ الَّتِي ضَمِنَهَا عَنْهُ فِي خَاصَّتِهِ وَيَقْتَسِمَانِ مَا بَقِيَ عَنْهُ حَتَّى يَسْتَوِيَا فِيهِ وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ عَلَى غَيرهم وهم كفلاء فَقَط بَعضهم بِبَعْض فها هُنَا اخْتَلَفَ إِذَا أَخَذَ الْحَقَّ مِنْ بَعْضِهِمْ ثُمَّ لَقِيَ الْآخَرَ يُقَاسِمُهُ بِالسَّوَاءِ فِي الْغُرْمِ حَتَّى يَعْتَدَّهُ إِذَا لَحِقَ عَلَى غَيْرِهِمْ وَإِنَّمَا يُقَاسِمُهُ بَعْدَ إِسْقَاطِ مَا يَخُصُّهُ مِنَ الْحَقِّ كَالْمَسْأَلَةِ الْأُولَى بِالتَّسْوِيَةِ قَالَ التُّونُسِيُّ وَابْنُ لُبَابَةَ وَغَيْرُهُمَا لِأَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي الْحَمَالَةِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ وَعِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنَ الْأَنْدَلُسِيِّنَ عَدَمُ التَّسْوِيَةِ وَحَمَلُوا مَا يَنُوبُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْمَالِ وَهُوَ مِائَةٌ بِالْحَمَالَةِ كَمَا لَوْ ثَبَتَتْ عَلَيْهِ إِحَالَةٌ كَالسِّتَّةِ حُمَلَاءَ وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي آخِرِ الْمَسْأَلَةِ إِذَا لَقِيَ الثَّانِي مِنَ السِّتَّةِ الثَّالِثَ فَفِي الْكِتَابِ مَا تَقَدَّمَ وَعَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ كُلُّهُمْ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِخَمْسِينَ أَدَّاهَا عَنْهُ وَبِخَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ نِصْفُ مَا أَدَّى بِالْحَمَالَةِ وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرِيُّ

هَذَا غَلَطٌ فِي الْحِسَابِ بَلْ إِذَا لَقِيَ الثَّالِثُ أَحَدَ الْأَوَّلَيْنِ وَطَالَبَهُ بِالِاعْتِدَالِ مَعَهُ يَقُولُ لَهُ الثَّلَاثُ مِنَ الثَّلَاثَةِ كَأَنَّمَا اجْتَمَعْنَا مَعًا بِاجْتِمَاعِ بَعْضِنَا بِبَعْضٍ وَلَوِ اجْتَمَعْنَا مَعًا لَكَانَ الْمَالُ عَلَيْنَا أَثْلَاثًا مِائَتَانِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ فَعَلِيَّ مِائَتَانِ غَرِمْتَهَا أَنْتَ وَصَاحِبُكَ عَنِّي فَخُذْ وَاحِدَةً أَنْتَ وَهِيَ الَّتِي تَقَعُ لَكَ وَسَأَدْفَعُ إِلَى صَاحِبِكَ الْمِائَةَ الَّتِي دَفَعَ عَنِّي إِذَا لَقِيتُهُ فَنَسْتَوُيِ فِي الْغُرْمِ كَمَا لَوِ اجْتَمَعْنَا جَمِيعًا دُفْعَةً وَاحِدَةً وَهَكَذَا إِذَا لَقِيَ الثَّالِثُ الرَّابِع قَالَ ابْن يُونُس قَوْله إِن بَقِي الرَّابِعُ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ الثَّالِث مِنَ الْبَاقِينَ يُرِيدُ أَنَّ الْغَارِمَ لِمِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ وَهُوَ ثَالِثُ الْأَوَّلَيْنِ وَرَابِعُ الْبَاقِينَ لَقِيَ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ لَمْ يَغْرَمُوا فَيَقُولُ لَهُ أَدَّيْتَ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ بِالْحَمَالَةِ عَنْ ثَلَاثَةٍ أَنْتَ أَحَدُهُمْ فَعَلَيْكَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَالْخَمْسُونَ الْبَاقِيَةُ أَنْتَ مَعِي بِهَا حَمِيلٌ فَعَلَيْكَ نِصْفُهَا فَيَأْخُذُ مِنْهُ خَمْسِينَ ثُمَّ قَالَ إِنْ لَقِيَ الرَّابِعُ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ الْآخَر مِنَ الْأَوَّلِينَ الَّذِي لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الرَّابِعِ يُرِيدُ أَن الْغَارِم للستة مائَة الرَّاجِعَ مِنْهَا بِثَلَاثِمِائَةٍ لَمْ يَلْقَ أَحَدًا بَعْدَ ذَلِك حَتَّى لَقِي رَابِعا من الباقيين وَهُوَ ثَالِثٌ مِنَ الْغَارِمِينَ لَقِيَهُ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ هُوَ أَيْضًا عَلَى أَحَدٍ بِشَيْءٍ وَبَقِيَتْ وُجُوهٌ لَمْ يَذْكُرْهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهِيَ إِذَا تَحَمَّلَ كُلُّ وَاحِدٍ بِنِصْفِ جَمِيعِ الْمَالِ أَوْ كُلِّ اثْنَيْنِ حَمِيلَيْنِ بِالْجَمِيعِ فَلَقِيَ أَحَدُهُمْ فَأَخَذَهُ بِثَلَاثِمِائَةٍ أَوْ خَمْسِينَ ثُمَّ لَقِيَ ثَانِيًا فَعَلَيْهِ فِي خَاصَّة مِائَةٌ قَدْ أَدَّى عَنْهُ صَاحِبُهُ مِنْهَا خَمْسِينَ فَيَقُولُ لَهُ بَقِيَ لِي عَلَيْكَ خَمْسُونَ فَادْفَعْهَا إِلَيَّ فَكَانَ لِي عَلَى الْأَرْبَعَةِ الْبَاقِينَ أَرْبَعُمِائَةٍ دَفَعَ لِي مِنْهَا صَاحِبُكَ مِائَتَيْنِ لِأَنَّهُ حَمِيلٌ بِالنِّصْفِ مِمَّا عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ حَمِيلٌ بِنِصْفِ مَا عَلَيْهِ وَذَلِكَ مِائَتَانِ فَيَأْخُذُ مِنْهُ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَذَلِكَ مَا يَلْزَمُهُ إِذَا لَقِيتَهُ وَحْدَهُ فَادْفَعْ أَنْتَ مَا بَقِيَ وَهُوَ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ لِأَنَّكُمَا جَمِيعًا حَمِيلَانِ بِجَمِيعِ الْمَالِ فَإِنْ لَقِيَ الْأَوَّلَ يَقُولُ لَهُ عَلَيْكَ بِالْحَمَالَةِ خَمْسُونَ وَأَدَّيْتَ عَنْ أَصْحَابِكَ بِالْحَمَالَةِ مِائَتَيْنِ أَعْطِنِي نِصْفَهُ فَيَقُولُ لَهُ هَذَا وَقَدْ أَدَّيْتَ أَنَا أَيْضًا عَنْهُمْ بِالْحَمَالَةِ فَقَدَ اسْتَوَيْنَا فَإِنْ قَالَ عَلَيَّ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ حَمِيلُ ثُلُثِ جَمِيعِ الْمَالِ أَوْ عَلَى أَنَّ كُلَّ ثَلَاثَةٍ حُمَلَاءُ جَمِيعِ الْمَالِ فَلَقِيَ أَحَدُهُمْ فَأُخِذَ مِنْهُ مِائَتَيْنِ وَسِتَّةً وَسِتِّينَ وَثُلُثَيْنِ ثُمَّ إِنْ لَقِيَ صَاحِبُ الدَّيْنِ ثَانِيًا يَقُولُ لَهُ عَلَيْكَ فِي خَاصَّتِكَ مِائَةٌ أَدَّى صَاحِبُكَ عَنْكَ مِنْهَا ثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ فَتَأْخُذُهَا مِنْهُ

ثُمَّ يَقُولُ لَهُ وَالْأَرْبَعَةُ الْبَاقُونَ أَنْتَ حَمِيلٌ عَلَيْهِمْ وَهُوَ مِائَةٌ وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ فَيَأْخُذُهَا فالمأخوذ من الثَّانِي مِائَتَيْنِ فَإِنْ لَقِيَ الثَّالِثَ بَعْدَ ذَلِكَ يَقُولُ لَهُ قَدْ أَدَّى عَنْكَ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي مِمَّا عَلَيْكَ سِتَّة وَسِتِّينَ وثلثين وَبَقِي عَلَيْك ثَلَاثَة وثلثون وَثُلُثٌ فَيَأْخُذُهَا مِنْهُ ثُمَّ يَقُولُ لَهُ بَقِيَ لِي ثَلَاثَةٌ أَنْتَ حَمِيلٌ بِجَمِيعِ مَا عَلَيْهِمْ وَهِي مِائَةٌ فَيَأْخُذُهَا مِنْهُ وَهُوَ جَمِيعُ مَا بَقِيَ لَهُ لِأَنَّهُ لَوْ لَقِيَهُمْ كُلَّهُمْ لَأَخَذَ مِنْهُمْ جَمِيعَ الْمَالِ وَقَدْ أَدَّى أَصْحَابُهُ مَا يَلْزَمُ فَيُؤَدِّي مَا بَقِيَ وَإِذَا قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ حَمِيلٌ بِجَمِيعِ الْمَالِ فَلَقِيَ أَحَدَهُمْ أَخَذَ مِنْهُ السِّت مائَة فلقي الْغَار أحدهم وفأخذ مِنْهُ ثَلَاثمِائَة فَإِن لَقِي ثَالِثا يَقُول لَهُ أَدّينَا بِالْحَمَالَةِ أَرْبَعَمِائَةٍ عَنْ أَرْبَعَةٍ أَنْتَ أحدهم أَعْطِنِي ربعهَا وَثلث مَا بَقِي بالحمالة لِأَنَّك معني بِهِمْ حَمِيلٌ فَيَأْخُذَانِ سِتَّةً وَأَرْبَعِينَ يَقْتَسِمَانِهَا نِصْفَيْنِ فَيَصِيرُ كُلُّ وَاحِدٍ أَدَّى بِالْحَمَالَةِ عِشْرِينَ ثُمَّ إِنْ لَقَوْا رَابِعًا قَالُوا لَهُ أَدّينَا بِالْحَمَالَةِ سِتِّينَ عَن ثَلَاثَة أَنْت أحدهم أَعْطِنِي ثُلُثَهَا وَرُبُعَ مَا بَقِيَ بِالْحَمَالَةِ اشْتَرَكْنَا فِيهَا وتأخذون مِنْهُ ثَلَاثِينَ فيقسمهما الثَّلَاث عَشَرَةً عَشَرَةً وَيَسْتَوْفِي الْغُرْمَ فَإِنْ لَقُوا الْآخَرَ قَالُوا أدينا بالحمالة أَرْبَعِينَ أَنْت أحدهم أَعْطِنِي نِصْفَهَا وَخُمْسَ بَاقِيهَا بِالْحَمَالَةِ فَيَأْخُذُونَ مِنْهُ أَرْبَعَةً وَعشْرين يقتسمهما الْأَرْبَعَةُ سِتَّةً سِتَّةً فَيَصِيرُ كُلُّ وَاحِدٍ غَرِمَ بِالْحَمَالَةِ أَرْبَعَةً أَرْبَعَةً فَإِنْ لَقُوا السَّادِسَ غَرَّمُوهُ عِشْرِينَ يَقْتَسِمُونَهَا أَرْبَعَةً أَرْبَعَةً وَيَصِيرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْخَمْسَةِ غَرِمَ لِلْأَوَّلِ عِشْرِينَ وَهُوَ مَا أدّى عَنْهُم وَلَو أَن رب الَّذين لَمْ يَأْخُذْ مِنَ الْأَوَّلِ إِلَّا مِائَةً لَمْ يَرْجِعْ هَذَا عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَلَوْ أَخَذَ مِنْهُ مِائَةً وَدِرْهَمًا رَجَعَ عَلَيْهِمْ بِالدِّرْهَمِ خَاصَّةً عَلَى نَحْوِ مَا وَصَفْنَا وَإِنَّمَا يَرْجِعُ هَذَا إِذَا اشْتَرَطَ صَاحِبُ الْحَقِّ حَمَالَةَ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ وَأَيُّهُمْ شَاءَ أَخَذَ بِحَقِّهِ فَلَهُ أَخْذُهُمْ بِجَمِيعِ الْحَقِّ وَإِنْ كَانَ الْبَاقُونَ أَمْلِيَاءَ وَلَيْسَ لِلْغَارِمِ الرُّجُوعُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ إِذا كَانُوا حضورا أملياء لَا بِسُدْسِ جَمِيعِ الْحَقِّ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ مِنْ أصل الدّين بِخِلَاف لَا بِخِلَاف الدّين الْمُشْتَرط أَيهمْ الْمَشْرُوط أَيهمَا شَاءَ أَخَذَ بِالْجَمِيعِ وَسَوَّى حَمْلَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ أَوْ هُمْ شُرَكَاءُ فِي السِّلْعَةِ أَوْ حَمَالَةٌ عَنْ غَيْرِهِمْ لِأَنَّ الْغَارِمَ لِلْجَمِيعِ لَمْ يُؤْخَذْ بِالْحَمَالَةِ بَلْ بِالْغَرِيمِ

قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ إِذَا تَحَمَّلَ حُمَلَاءُ لَزِمَ كُلَّ وَاحِدٍ مَا يَنُوبُهُ إِلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ حَمَالَةُ كُلِّ وَاحِدٍ عَنْ صَاحِبِهِ أَوْ أَصْحَابِهِ قَالَ بِجَمِيعِ الْمَالِ أَوْ لَمْ يَقُلْ فَيَأْخُذُ الْمَلِيُّ بِالْمُعْدِمِ وَيَأْخُذُ أَيَّهُمْ شَاءَ عَلَى أَحَدِ قولي مَالك وعَلى أَخذ كِلَيْهِمَا إِذَا اشْتُرِطَ أَخَذَ أَيَّهُمْ شَاءَ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ يَرْجِعُ عَلَى مَنْ وَجَدَ مِنْ أَصْحَابِهِ حَتَّى يُسَاوِيَهُ فِي ذَلِكَ وَقِيلَ لَيْسَ لَهُ وَهُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَدَّى عَنْ نَفْسِهِ وَضَابِطُ مَسْأَلَةِ السِّتَّةِ كُفَلَاءَ أَنْ يَرْجِعَ مَنْ غَرِمَ مِنَ الْمَالِ شَيْئًا بِسَبَبِ الْحَمَالَةِ عَلَى أَصْحَابِهِ بِمَا غَرِمَ عَنْهُمْ عَلَى السوَاء إِن لَقِيَهُمْ مُجْتَمعين فَإِن لَقِيَهُمْ مفترقين أَو وَاحِد بَعْدَ وَاحِدٍ رَجَعَ عَلَى مَنْ بَقِيَ بِمَا ينوبه كَمَا أدّى عَنهُ بالحمالة وينصف مَا يَنُوب مَا أدّى عَن أصاحبه فَإِنْ لَقِيَ اثْنَيْنِ مَعًا رَجَعَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَا يَنُوبُهُ بِمَا أَدَّى عَنْهُ بِالْحَمَالَةِ وَبِثُلُثَيْ مَا يَنُوبُ مَا أَدَّى عَنِ البَاقِينَ إِن لَقِيَ ثَلَاثَةً رَجَعَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ بِمَا يَنُوبُهُ وَثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ مَا يَنُوبُ مَا أَدَّى بِالْحَمَالَةِ عَمَّنْ غَابَ فَإِنْ لَقِيَ اثْنَانِ مِنْهُمْ وَاحِدًا رَجَعُوا عَلَيْهِ بِمَا أَدَّوْا عَنْهُ فِي خَاصَّتِهِ وَرُبُعِ مَا أَدَّى عَنْ أَصْحَابِهِ بِالْحَمَالَةِ فَاقْتَسَمُوا ذَلِكَ بَيْنَهُمْ بِالسَّوَاءِ وَإِنْ لَقِيَ وَاحِد مِنْهُمْ مِنْ أَصْحَابِهِ مَنْ قَدْ غَرِمَ بِالْحَمَالَةِ حَاسَبَهُ بِذَلِكَ وَرَجَعَ عَلَيْهِ بِنِصْفِ الْبَاقِي وَإِنْ كَانَ الَّذِي لَقِيَ غَرِمَ بِسَبَبِ الْحَمَالَةِ شَيْئًا أَو غرم هُوَ حسابه بِالْبَاقِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَإِنْ لَقِيَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَحَدَ أَصْحَابِهِ فَرَجَعَ عَلَيْهِ ثُمَّ لَقِيَهُ ثَانِيَةً بَعْدَ أَنْ رَجَعَ هُوَ عَلَى غَيْرِهِ فَسَوَّاهُ بِمَا رَجَعَ بِهِ ثُمَّ إِنْ لَقِيَ الْمَرْجُوعُ عَلَيْهِ الْغَيْرَ الَّذِي كَانَ رَجَعَ عَلَيْهِ ثَانِيَةً بِمَا انْتَقَصَهُ الْأَوَّلُ إِذَا لَقِيَهُ ثَانِيَةً ثُمَّ إِنْ لَقِيَهُ الْأَوَّلُ ثَالِثَةً رَجَعَ عَلَيْهِ فَلَا يَزَالُ التَّرَاجُعُ يَتَرَدَّدُ بَيْنَهُمْ حَتَّى يَسْتَوُوا وَمُلَاقِيهُمْ وَلَا يَزَالُ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ أَبَدًا كُلَّمَا الْتَقَى مِنْهُمْ أَحَدٌ مَعَ صَاحِبِهِ وَقَدْ أَدَّى أَكْثَرَ مِنْهُ حَتَّى رَجَعَ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ مَا غَرِمَ بِسَبَبِ الْحَمَالَةِ فَيَكُونُ قَدْ أَدَّى مَا عَلَيْهِ مِنْ أَصْلِ الْحَقِّ بِلَا زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ وَلَا يَنْحَصِرُ وَحْدَهُ التَّرَاجُعُ بَيْنَهُمْ إِلَى عَدَدٍ وَلَا بِمُقْتَضَى التَّرَاجُعِ بَيْنَهُمْ إِلَّا بِخَمْسَةَ عَشَرَ لَقِيَهُ عَلَى أَيِّ نِسْبَةٍ الْتَقَوْا عَلَيْهَا مَا لَمْ تَلْزَمْهُمُ الْجَمَاعَةُ لِلْجَمَاعَةِ أَوِ الْجَمَاعَةُ لِلْوَاحِدِ وَقَالَهُ فِي الْكِتَابِ إِذَا لَقِيَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ الثَّالِثَ مِنَ الْبَاقِينَ فِيهِ إِجْمَالٌ وَمُرَادُهُ بِهِ أَنَّ الثَّالِثَ مِنَ الْغَائِبِينَ الْمَأْخُوذَ مِنْهُ مائَة وَخَمْسَة وَعِشْرُونَ لَقِي أحد الثَّلَاثِينَ البَاقِينَ

وَسَماهُ أَرْبعا لِأَنَّهُ رَابِعُ الْبَاقِينَ ثُمَّ قَالَ إِنْ لَقِيَ الرَّابِعُ الْآخَرَ مِنَ الْأَوَّلِينَ يُرِيدُ أَنَّ الْأَوَّلَ الَّذِي غَرِمَ السِّتَّمِائَةٍ وَرَجَعَ مِنْهَا عَلَى الثَّانِي بِثَلَاثِمِائَةٍ لَقِيَ الثَّالِثَ الَّذِي رَجَعَ عَلَيْهِ الثَّانِي بِمِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ وَلَمْ يَرْجِعْ هُوَ بَعْدُ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَيُرِيدُ أَنَّهُ لَقِيَهُ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ هُوَ عَلَى الرَّابِعِ بِالْخَمْسِينَ وَسَمَّاهُ رَابِعًا لِأَنَّ الْبَاقِينَ ثَلَاثَةً فَهُوَ رَابِعُهُمْ وَهُوَ الثَّالِثُ مِنَ الْغَارِمِينَ وَلَوْ كَانَ إِنَّمَا لَقِيَ الْأَوَّلُ الثَّالِثَ بَعْدَ رُجُوعِهِ عَلَى الرَّابِعِ بِالْخَمْسِينَ رَجَعَ عَلَيْهِ بِمِائَةٍ وَاثْنَيْ عَشَرَ وَنِصْفٍ لِأَنَّهُ يَقُولُ لَهُ غرمت أَنا ثَلَاثمِائَة لِأَنِّي رجعت أَن السِّتَّمِائَةٍ الَّتِي غَرِمْتُهَا بِثَلَاثِمِائَةٍ مِنْهَا مِائَةٌ مِنْ أَصْلِ الدَّيْنِ لَا أَرْجِعُ بِهَا عَلَى أَحَدٍ والمائتين والحمالة مِنْهَا خَمْسُونَ عَنْكَ وَالْبَاقِي عَنْ أَصْحَابِكَ ادْفَعْ لِي مَا غَرِمْتُ عَنْكَ وَنِصْفَ مَا غَرِمْتُ بِالْحَمَالَةِ زَائِدًا عَلَى مَا غَرِمْتَ أَنْتَ وَذَلِكَ وَسِتُّونَ وَنصف لِأَنِّي غرمت لنا مِائَةً وَخَمْسِينَ بِالْحَمَالَةِ وَغَرِمْتَ أَنْتَ مِنْهَا خَمْسَةً وَعِشْرِينَ لِأَنَّ الْخَمْسَةَ وَالسَبْعِينَ الَّتِي غَرِمْتَ بِالْحَمَالَةِ لِلثَّانِي قَدْ رَجَعْتَ مِنْهَا عَلَى الرَّابِعِ بِالْخَمْسِينَ فَأَسْقِطْ الْخَمْسَةَ وَالْعِشْرِينَ الَّتِي غَرِمْتَ أَنْتَ مِنَ الْمِائَة وَالْخمسين الَّتِي غرمت أَنا أدفَع لي نصف الْبَاقِي اثْنَيْنِ وَسِتِّينَ وَنصف فَنَعْتَدِلُ فِيمَا غَرِمْنَا بِالْحَمَالَةِ وَأَصْل الدَّيْنِ فَإِنْ لَقِيَا جَمِيعًا الثَّانِيَ الَّذِي أَخَذَ مِنْهُ الْأَوَّلُ ثَلَاثَمِائَةٍ وَرَجَعَ هُوَ عَلَى الثَّالِثِ بِمِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ رَجَعَا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةٍ وَسِتِّينَ أَرْبَعَةٍ وَسُدُسٍ فَيَعْتَدِلُونَ ثَلَاثَتُهُمْ فِي غُرْمِ الْحَمَالَةِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ وَالثَّالِثَ غَرِمَا بِهَا عَلَى هَذَا مِائَةً وَخَمْسَةً وَسَبْعِينَ سَبْعَةً وَثَمَانِينَ وَغَرِمَ الثَّانِي بِهَا خَمْسَةً وَسَبْعِينَ فَإِذَا رَجَعَا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةٍ وَسُدُسٍ اعْتَدَلُوا فِيهَا وَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ قَدْ أَدَّى بِهَا ثَلَاثَة وَثَمَانِينَ وثلثاه كَذَا فَإِنْ لَقِيَ الرَّابِعَ الْمَأْخُوذَ مِنْهُ خَمْسُونَ أَخَذَ الِاثْنَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ رَجَعَ عَلَيْهِ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبُ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَثَلَاثَةِ أَرْبَاعٍ لِأَنَّهُ يَقُولُ غَرِمْتَ لنا خمسين خَمْسَة وَعشْرين على لَا أرجع بهَا وَالْبَاقِي بالحمالة عنكما الْبَاقِي اثْنَي عَشَرَ وَنِصْفٌ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا أَرْبَعٌ على اثْنَي كَذَا عَشَرَ وَنِصْفٍ الَّتِي أُدِّيَتْ عَنْكَ وَسِتَّةٌ وَرُبُعُ نِصْفِ الِاثْنَيْ عَشَرَ وَنِصْفُ الَّتِي أَدَّيْتُهَا عَنِ

الْغَائِبِ لِأَنَّكَ حَمِيلٌ مَعِي بِهِ فَإِنْ لَقِيَ بِهَا هَذَا الْخَامِسَ الْمَأْخُوذَ مِنْهُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْبَاقِي مِنَ السِّتَّةِ رَجَعَ عَلَيْهِ بِسِتَّةٍ وَرُبُعٍ الَّتِي أَدَّى عَنْهُ وَهَذِهِ الْوُجُوهُ الثَّلَاثَةُ لَيْسَتْ فِي الْكِتَابِ وَيَخْرُجُ عَلَى هَذِهِ الْوُجُوهِ مَا فِي مَعْنَاهَا فَإِنْ لَقِيَ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ مَعًا بَعْدَ اسْتِوَائِهِمْ فِي الْغُرْمِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ الرَّابِعَ لِلْغَارِمِ خَمْسِينَ وَرَجَعَ مِنْهَا عَلَى الْخَامِسِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ رَجَعُوا عَلَيْهِ بِمِائَةٍ وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ وَنِصْفِ ثُمُنٍ لِأَنَّهُمْ أَدَّوْا خَمْسَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ كُلُّ وَاحِدٍ مِائَةً وَثَلَاثِينَ وَثَلَاثَةً وَثُلُثًا وَأَدَّى هُوَ أَحَدًا وَثَلَاثِينَ وَرُبُعًا وَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ رُبُعُ الْجَمِيعِ لِأَنَّهُ رَابِعُهُمْ وَذَلِكَ مائَة وَخَمْسَة وَأَرْبَعُونَ كَذَا وَثَمَانِينَ وَنِصْفَ ثُمُنٍ كَمَا أَدَّى هُوَ وَلَوْ لَقُوهُ مُفْتَرِقِينَ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ رَجَعَ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَيْهِ بِمَا أَدَّى عَنْهُ بِالْحَمَالَةِ فِي خاصته وبنصف مَا أدّى عَن صَاحبه الْغَائِبَيْنِ بِهَا بَعْدَ أَنْ يُسْقِطَ مِنْ ذَلِكَ مَا أَدَّى هُوَ أَيْضًا بِالْحَمَالَةِ فَإِذَا الْتَقَوْا ثَلَاثَتُهُمْ رَجَعَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ حَتَّى يَعْتَدِلُوا فَإِنْ لَقِيَ الْأَوَّلَ وَالثَّانِي وَالثَّالِثَ وَالرَّابِعَ مَعًا بَعْدَ اسْتِوَائِهِمْ فِي الْغُرْمِ فَصَارَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ وَأَرْبَعُونَ لَكُمَا ثُمُنَانِ وَنِصْفُ ثُمُنِ الْخَامِسِ الَّذِي رَجَعَ عَلَيْهِ الرَّابِعُ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَثَلَاثَةِ أَرْبَاعٍ فَرَجَعَ مِنْهَا عَلَى السَّادِسِ سِتَّةٌ وَرُبُعٌ رَجَعُوا عَلَيْهِ بِمِائَةٍ وَسِتَّةٍ وَخمسين وَربع خمس ويقتسمون ذَلِكَ بَيْنَهُمْ أَرْبَعَتُهُمْ فَيَجِبُ لِكُلِّ وَاحِدٍ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ وَخُمْسَانِ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْخُمْسِ وَرُبُعُ رُبُعِ الْخُمْسِ فَيُسْقِطُ ذَلِكَ مِنَ الْمِائَةِ وَالْخَمْسَةِ وَالْأَرْبَعِينَ وَالثُّمُنَيْنِ وَنِصْفِ الثُّمُنِ الَّذِي أَدَّى فَيَكُونُ الْبَاقِي الَّذِي أَدَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِائَةً وَثَمَانِيَةَ عشر وَثَلَاثَة أَخْمَاس وَثَلَاثَة أَربَاع الْخمس كَمَا أَدَّى هُوَ لِأَنَّهُ أَدَّى إِلَيْهِمْ مِائَةً وَسِتَّةً وَخمْسًا وَرُبُعَ خُمْسٍ وَكَانَ قَدْ أَدَّى اثْنَيْ عَشَرَ وَنِصْفًا لِلرَّابِعِ فَالْجَمِيعُ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَثَلَاثَة أَخْمَاس وَثَلَاثَة أَربَاع الْخمس كَمَا أدّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَلَوْ لَقُوهُ مُفْتَرِقِينَ لَرَجَعَ كُلُّ أَحَدٍ عَلَيْهِ بِمَا أَدَّى عَنْهُ بِالْحَمَالَةِ وَنِصْفُ مَا أَدَّى عَنْ صَاحِبِهِ الْغَائِبِ لِأَنَّهُ حَمِيلٌ مَعَهُ بِهِ وَيُسْقِطُ مِنْ ذَلِكَ مَا أَدَّى هُوَ أَيْضًا

بِالْحَمَالَةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَإِذَا الْتَقَوْا أَرْبَعَتُهُمْ رَجَعَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ حَتَّى يَعْتَدِلُوا فَإِنْ لَقِيَ الْأَوَّلَ وَالثَّانِي وَالثَّالِثَ وَالرَّابِعَ وَالْخَامِسَ مَعًا بَعْدَ اسْتِوَائِهِمْ فِي الْغُرْمِ فَصَارَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسٍ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْخُمْسِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ السَّادِسُ الَّذِي رَجَعَ عَلَيْهِ الْخَامِسُ بِسِتَّةٍ وَرُبُعٍ فَإِنَّهُمْ يَرْجِعُونَ عَلَيْهِ بِثَلَاثَةٍ وَتِسْعِينَ وَثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الْخُمْسِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ يُقَسِّمُونَهَا بَيْنَهُمْ فَيَصِيرُ لِكُلِّ وَاحِدٍ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسٍ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْخُمْسِ وَقَدْ كَانَ أَدَّى مِائَةً وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَثَلَاثَةَ أَخْمَاسٍ وَثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْخُمْسِ فَيَصِيرُ الَّذِي أَدَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِائَةً الْوَاجِبَةَ عَلَيْهِ مِنَ الْأَصْلِ وَقَدْ كَانَ السَّادِسُ أَدَّى أَيْضًا إِلَى الْخَامِسِ سِتَّةً وَرُبُعًا فَصَارَ ذَلِكَ بِالثَّلَاثَةِ وَالتِسْعِينَ وَالثَّلَاثَةِ الْأَرْبَاعِ الَّذِي أَدَّى الْآنَ إِلَى جَمِيعِهِمْ ثَلَاثَمِائَةٍ كَمَا وَجَبَ عَلَيْهِ فَاسْتَوْفَى وَلَوْ لَقُوهُ مُفْتَرِقِينَ لَرَجَعَ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَيْهِ بِمَا أَدَّى مِنْ أَصْلِ الدَّيْنِ وَنِصْفُ مَا أَدَّى عَنْهُ بِالْحَمَالَةِ فَإِذَا لَقِيَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا لَهُمُ الْخَمْسَةُ رَجَعَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ حَتَّى يَعْتَدِلُوا فَإِنْ لَقِيَ الْأَوَّلَ غَرِمَ جَمِيعَ الْمَالِ أَوْ أَكْثَرَ مِمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ لِلثَّانِي ثُمَّ الثَّالِثِ ثُمَّ الرَّابِعِ ثمَّ الْخَامِس ثمَّ السَّادِس فيستوفي بذلك أَيْضا جَمِيعَ مَا أَدَّاهُ بِالْحَمَالَةِ ثُمَّ يَلْقى الثَّالِثَ الَّذِي رَجَعَ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي وَالرَّابِعُ ثُمَّ الْخَامِس ثمَّ السَّادِس فيستفي بِذَلِكَ أَيْضًا جَمِيعَ مَا أَدَّاهُ بِالْحَمَالَةِ وَوَجْهُ الْعَمَلِ إِذَا لَقِيَ الْمَأْخُوذَ مِنْهُ السِّتَّمِائَةٍ الثَّانِي أَخَذَ مِنْهُ ثَلَاثَمِائَةٍ لِأَنَّ مِائَةً مِمَّا أَدَّى وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ وَالْخَمْسُمِائَةٍ عَنْ أَصْحَابِهِ فَبِضَمِّهِ الْمِائَةَ الَّتِي أَدَّاهَا عَنْهُ وَنِصْفُ الْأَرْبَعِمِائَةٍ الَّتِي أَدَّاهَا عَنْ أَصْحَابِهِ لِأَنَّهُ حَمِيلٌ مَعَهُ فَيَسْتَوِيَانِ ثُمَّ إِذَا لَقِيَ الثَّالِثَ رَجَعَ عَلَيْهِ بِمِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ لِأَنَّهُ يَقُولُ لَهُ بَقِيَ لِي كَمَا أَدَّيْتَ ثَلَاثُمِائَةٍ مِائَةٌ عَلِيَّ مِائَتَانِ أَدَّيْتُهَا عَنْكُمْ عَنْكَ خَمْسِينَ أَدِّهَا لِي مَعَ نِصْفِ مَا أَدَّيْتُ عَنْهُمْ ثُمَّ إِنْ لَقِيَ الرَّابِعَ رَجَعَ عَلَيْهِ بِخَمْسِينَ لِأَنَّهُ بَقِيَ لَهُ مِمَّا أَدَّى بِالْحَمَالَةَ خَمْسَةٌ وَتِسْعُونَ أَدَّاهَا عَنْهُ وَعَنْ أَصْحَابِهِ يَأْخُذُ عَنْهُ خَمْسَةً

وَعِشْرِينَ عَنْهُ وَنِصْفُ مَا أَدَّى عَنْ أَصْحَابِهِ لِأَنَّهُ حَمِيلٌ مَعَهُ بِهِمَا فَيَبْقَى لَهُ مِمَّا أَدَّى بِالْحَمَالَةِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فَإِنْ لَقِيَ الْخَامِسَ رَجَعَ عَلَيْهِ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَثَلَاثَةِ أَرْبَاعٍ لِأَنَّ الْخَمْسَةَ وَالْعِشْرِينَ عَنْهُ وَعَنْ صَاحِبِهِ فَيَأْخُذُ مِنْهُ حِصَّتَهُ اثْنَيْ عَشَرَ وَنِصْفَ حِصَّةِ صَاحِبِهِ لِأَنَّهُ حَمِيلٌ بِهِ مَعَهُ يَبْقَى لَهُ مِمَّا أَدَّى بِالْحَمَالَةِ سِتَّةٌ وَرُبُعٌ يَرْجِعُ بِهَا عَلَى السَّادِسِ فَيَسْتَوْفِي الَّذِي أَدَّى بِالْحَمَالَةِ وَإِذَا لَقِيَ الثَّانِي الَّذِي رَجَعَ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ بِثَلَاثِمِائَةٍ بِالثُّلُثِ الَّذِي رَجَعَ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ بِمِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ رَجَعَ عَلَيْهِ بِسَبْعَةٍ وَثَمَانِينَ وَنِصْفٍ لِأَنَّهُ أَدَّى الْأَوَّلَ ثَلَاثَمِائَةٍ مِائَةً عَنْهُ وَمِائَةً بِالْحَمَالَةِ عَنْهُمْ خَمْسُونَ خَمْسُونَ وَقَدْ أَدَّى الْآخَرُ بِالْحَمَالَةِ إِلَى الْأَوَّلِ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ فَيَدْفَعُ لَهُ الْخَمْسِينَ الَّتِي أَدَّاهَا عَنْهُ وَنِصْفَ مَا بَقِيَ مِنَ الْمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ بَعْدَ طَرْحِ الْخَمْسَةِ وَالسَبْعِينَ الَّتِي أَدَّاهَا بِالْحَمَالَةِ لَهُ فَيَبْقَى لَهُ مِمَّا أَدَّى بِالْحَمَالَةِ مِائَةٌ وَاثْنَا عَشَرَ وَنِصْفٌ ثُمَّ إِنْ لَقِيَ الرَّابِعَ الَّذِي رَجَعَ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ بِخَمْسِينَ رَجَعَ عَلَيْهِ بِاثْنَيْنِ وَسِتِّينَ وَنِصْفٍ لِأَنَّهُ يَقُولُ لَهُ هِيَ لِي مِائَةٌ وَاثْنَا عَشَرَ وَنِصْفٌ أَدَّيْتُهَا عَنْكَ وَعَنْ أَصْحَابِكِ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ وَنِصْفًا عَنْكَ وَخَمْسَةً وَسَبْعِينَ عَنْ أَصْحَابِكَ الْغَائِبِينَ وَقَدْ أَدَّيْتَ أَنْتَ بِالْحَمَالَةِ الْأُولَى خَمْسَةً وَعِشْرِينَ فَادْفَعْ لِي السَّبْعَةَ وَالثَلَاثِينَ وَنِصْفًا الَّذِي أَدَّيْتُ عَنْكَ وَنِصْفَ مَا بَقِيَ مِنَ الْخَمْسَةِ وَالسَبْعِينَ الَّتِي أَدَّيْتُهَا عَنْ صَاحِبَيْكَ إِذَا طَرَحْتَ عَنْهَا الْخَمْسِينَ الَّتِي أَدَّيْتَهَا أَنْتَ بِالْحَمَالَةِ وَذَلِكَ اثْنَا عَشَرَ وَنِصْفٌ فَيَبْقَى لَهُ بِمَا أَدَّى بِالْحَمَالَةِ اثْنَانِ وَسِتُّونَ وَنِصْفٌ فَإِنْ لَقِيَ الْخَامِسَ الَّذِي رَجَعَ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَثَلَاثَةِ أَرْبَاعٍ وَرَجَعَ عَلَيْهِ الثَّانِي بِأَرْبَعَةٍ وَثَلَاثِينَ وَنِصْفِ ثُمُنٍ لِأَنَّهُ يَقُولُ لَهُ بَقِيَ مَا أَدَّيْتُ بِالْحَمَالَةِ اثْنَانِ وَسِتُّونَ وَنِصْفٌ عَنْك وَعَن صَاحبك أحد وَثَلَاثِينَ وَرُبُعٌ عَنْكَ وَمِثْلُهَا عَنْ صَاحِبِكَ وَيَبْقَى لِي بِالْحَمَالَةِ الْأُولَى سِتَّةٌ وَرُبُعٌ وَلِلثَّانِي تِسْعَةٌ وَثَلَاثَةُ أَثْمَانٍ فَادْفَعْ إِلَيَّ مَا أَدَّيْتُهُ عَنْكَ وَنِصْفَ مَا بَقِيَ مِمَّا أَدَّيْتُهُ عَنْ صَاحِبِكَ بَعْدَ طرح الْخَمْسَة عشر والخمسة الْأَثْمَان لَيْلًا تَحْتَمِلَ فِيمَا أَدَّيْتَ الَّتِي لَهُ الْأُولَى وَالثَّانِي وَهُوَ سَبْعَةٌ وَسِتَّةُ أَثْمَانٍ وَنِصْفُ ثُمُنٍ فَيَصِيرُ ذَلِكَ تِسْعَةً وَثَلَاثِينَ وَنِصْفَ ثُمُنٍ فَيَبْقَى لَهُ مِمَّا أَدَّى بِالْحَمَالَةِ ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ وَثَلَاثَةُ أَثْمَانٍ وَنِصْفُ ثُمُنٍ يَرْجِعُ بِهِمَا عَلَى السَّادِسِ الَّذِي رَجَعَ عَلَيْهِ

الْأَوَّلُ بِسِتَّةٍ وَرُبُعٍ وَالثَّانِي بِخَمْسَةَ عَشَرَ وَخَمْسَةِ أَثْمَانٍ إِذَا لَقِيَهُ فَيَسْتَوُونَ فِي جَمِيعِ حَقِّهِ فَإِن بَقِي الرَّابِعُ الَّذِي رَجَعَ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَثَلَاثَةِ أَرْبَاعٍ وَالثَّانِي بِأَرْبَعَةٍ وَثَلَاثِينَ وَثَلَاثَةِ أَثْمَانٍ وَالثَّالِثُ بِسَبْعَةٍ وَثَلَاثِينَ وَنِصْفٍ وَثُمُنٍ رَجَعَ عَلَيْهِ بِخَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ وَثُمُنٍ لِأَنَّهُ يَقُولُ لَهُ جُمْلَةُ مَا أَدَّيْتُ لِلْأَوَّلِ وَالثَّانِي مِائَةٌ وَاثْنَانِ وَسِتُّونَ وَنِصْفٌ مِنْهَا مِائَةٌ عَنِّي لَا أَرْجِعُ بِهَا وَاثْنَانِ وَسِتُّونَ وَنِصْفٌ عَنْكَ وَعَنْ صَاحِبِكَ الْغَائِبِ أَدَّيْتَ أَنْتَ لِلْأَوَّلِ سِتَّةً وَرُبُعًا وَلِلثَّانِي تِسْعَةً وَثَلَاثَة إثنان وَلِلثَّالِثِ سَبْعَةً وَسِتَّةَ أَثْمَانٍ وَنِصْفَ ثُمُنٍ تُجْمِلُ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ وَثَلَاثَةُ أَثْمَانٍ وَنِصْفُ ثُمُنٍ فَادْفَعْ إِلَيَّ مَا أَدَّيْتُهُ عَنْكَ وَهُوَ أَحَدٌ وَثَلَاثُونَ وَرُبُعٌ وَنِصْفُ مَا بَقِيَ مِمَّا أَدَّيْتُهُ بِالْحَمَالَةِ بَعْدَ طَرْحِ مَا أَدَّيْتَ وَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ وَسَبْعَةُ أَثْمَانٍ وَرُبُعُ ثُمُنٍ فَيَبْقَى لَهُ مِمَّا أَدَّى بِالْحَمَالَةِ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ وَثُمُنَانِ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الثُّمُنِ يَرْجِعُ بِهَا عَلَى السَّادِسِ فَإِنْ لَقِيَ الْخَامِسَ الَّذِي رَجَعَ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَثَلَاثَةِ أَرْبَاعٍ وَالثَّانِي بِأَرْبَعَةٍ وَثَلَاثِينَ وَثَلَاثَةِ أَثْمَانٍ وَالثَّالِثُ بِتِسْعَةٍ وَثَلَاثِينَ وَنِصْفِ ثُمُنٍ وَالرَّابِعُ بِخَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ وَثُمُنٍ وَرُبُعُ ثُمُنِ السَّادِسِ الَّذِي رَجَعَ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ بِسِتَّةٍ وَرُبُعٍ وَالثَّانِي بِخَمْسَةَ عَشَرَ وَخَمْسَةِ أَثْمَانٍ وَالثَّالِثُ بِثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ وَثَلَاثَةِ أَثْمَانٍ وَنِصْفِ ثُمُنٍ رَجَعَ عَلَيْهِ بِسَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ وَثُمُنَيْنِ وَثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ ثُمُنٍ لِأَنَّهُ يَقُولُ لَهُ تَحَمَّلْ فِيمَا أَدَّيْتَ لِلْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَالثَّالِثِ وَالرَّابِعِ مِائَةً وَسَبْعَةً وَعِشْرِينَ وَثُمُنَيْنِ وَثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ ثُمُنٍ مِنْهَا مِائَةٌ عَلَى أَنْ لَا أَرْجِعَ فِيهَا وَالسَّبْعَةُ وَالْعِشْرُونَ وَالثُّمُنَانِ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الثُّمُنِ عَنْكَ فَادْفَعْهَا إِلَيَّ فَيَسْتَوْفِي مَا دَفَعَهُ بِالْحَمَالَةِ وَتُكْمِلُ فِيهَا لِلسَّادِسِ مِائَةً كَامِلَةً كَمَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ أَصْلِ الدَّيْنِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ قَالَ عَلِيَّ كَذَا أَنَّ كُلَّ اثْنَيْنِ حَمِيلَيْنِ لِجَمِيعِ الْمَالِ فَلَقِيَ وَاحِدًا أَخَذَهُ بِمِائَةٍ عَنْ نَفْسِهِ وَبِنِصْفِ الْبَاقِي وَإِنْ قَالَ كُلُّ ثَلَاثَةٍ أَخَذَهُ بِمِائَةٍ وَبِثُلُثِ الْبَاقِي أَوْ كُلِّ أَرْبَعَةٍ أَخَذَهُ

بِمِائَةٍ وَرُبُعِ الْبَاقِي وَإِذَا قَالَ عَلَيَّ أَنَّ أَحَدَهُمْ حَمِيلٌ بِجَمِيعِ الْمَالِ وَلَمْ يَقُلْ عَنْ أَصْحَابِهِ فَإِنْ كَانُوا مُشْتَرِيِينَ فَقَوْلُهُ عَنْ أَصْحَابِهِ وَسُكُوتُهُ عَنْهُ سَوَاءٌ لِأَنَّ الْحَمَالَةَ عَنْ أَصْحَابِهِ فَإِنْ لَقِيَ وَاحِدًا أَخَذَهُ بِجَمِيعِ الْمَالِ فَإِنْ لَقِيَ الْغَارِمَ أَخَذَ الْخَمْسَةَ أَخَذَ بِمِائَةٍ وَلَمْ يَأْخُذْهُ عَنْ أَصْحَابِهِ بِشَيْءٍ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مُشْتَرِيِّينَ وَقَالَ أَحَدُهُمْ حَمِيلٌ بِجَمِيعِ الْمَالِ بِحَمَالَةِ الْوَاحِدِ عَنِ الْمُشْتَرِي فَإِنْ غَرِمَ السِّتَّمِائَةٍ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى أَصْحَابِهِ الْأُوَلِ يَقُولُ عَنْ أَصْحَابِهِ فَإِنْ قَالَ أَنْتُمْ حُمَلَاءُ بِهَذَا الْمَالِ وَهُمْ مُشْتَرُونَ فَبَعْضُهُمْ حَمِيلٌ عَنْ بَعْضٍ أَوْ غَيْرِ مُشْتَرِيِّينِ فَكُلُّ وَاحِدٍ حَمِيلٌ عَنِ الْمُشْتَرِي بِمِائَةٍ حَتَّى يَقُولَ بَعْضُهُمْ حَمِيلٌ عَنْ بَعْضٍ وَإِنْ قَالَ أَنْتُمْ حُمَلَاءُ بِهَذَا الْمَالِ آخُذُ بِهِ مَنْ شِئْتَ فَلَهُ أَخْذُ أَحَدِهِمْ بِجَمِيعِهِ ثُمَّ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى أَصْحَابِهِ لِأَنَّهُ الشَّرْطُ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَرْجِعُ عَلَى أَصْحَابِهِ إِنْ كَانُوا أَرْبَعَةً عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ رُبُعُ الْحَقِّ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ وَمَحْمَلُ قَوْلِهِ يَأْخُذُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ عَنِ الْغَرِيمِ حَتَّى يُبَيِّنَ أَنَّهُ أَخَذَهُ بِذَلِكَ عَنْ أَصْحَابِهِ وَإِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ حُمَلَاءُ عَنْ بَعْضٍ فَلِلْغَارِمِ الرُّجُوعُ عَلَى أَصْحَابِهِ قَوْلًا وَاحِدًا قَالَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ مَتَى لَقِيَ أَحَدُ السِّتَّةِ مَنْ سِوَاهُ فِي الْغُرْمِ بِالدَّيْنِ وَالْحَمَالَةِ لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا أَوْ أَدَّى أَكْثَرَ مِمَّا أَدَّى رَجَعَ عَلَيْهِ بِنِصْفِ الزَّائِدِ الثَّالِثَةُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَخَذْتَ كَفِيلًا بَعْدَ كَفِيل فيل فَلَكَ فِي عُدْمِ غَرِيمِكَ أَيُّهُمَا شِئْتَ بِجَمِيعِ الْحَقِّ بِخَلْفِ كَفِيلَيْنِ فِي صَفْقَةٍ إِلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ حَمَالَةُ بَعْضِهَا لِبَعْضٍ وَلَيْسَ أَخْذُ الْحَمِيلِ الثَّانِي إِبْرَاءً لِلْحَمِيلِ الْأَوَّلِ بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ حَمِيلٌ بِالْجَمِيعِ قَالَ التُّونُسِيُّ إِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا حَمِيلًا بِالْوَجْهِ فَمَاتَ لَمْ تَسْقَطِ الْحَمَالَةُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِمَوْتِهِ وَسَقَطَتْ عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا تَكَلَّفَ الْمَجِيءَ بِهِ إِذَا كَانَ حَيًّا وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ يُلْزِمُ وَرَثَتَهُ الْإِتْيَانَ بِهِ وَلَعَلَّهُ يُرِيدُ إِذَا حَلَّ أَجَلُ الدَّيْنِ وَإِنْ مَاتَ حَمِيلُ الْحَمِيلِ ثُمَّ تَحَمَّلَ بِالْمَالِ فالحمالة عَلَيْهِ ثَانِيَة وَلم يقل هَا هُنَا يُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ الْمَالُ لِرَبِّ الدَّيْنِ أَوْ يُوقف قدر ذَلِك لِأَن الْحميل هَا هُنَا بِالْمَالِ وَهُوَ الْمَيِّتُ إِنَّمَا تُحْمَلُ

بِالْحَمِيلِ بِالْوَجْهِ وَالْحَمِيلُ بِالْوَجْهِ لَمْ تَلْزَمْهُ غَرَامَةٌ وَلَا طَلَبٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا تَحَمَّلَ ثَلَاثَةٌ بِمَالِ حَيِّهِمْ بِمَيِّتِهِمْ وَمَلِيِّهِمْ بِعُدْمِهِمْ وَأَخَذَ مِنْ أَحَدِهِمْ حَمِيلًا بِمَا عَلَيْهِ وَلَمْ يُشْتَرَطْ ذَلِكَ عَلَى الْحَمِيلِ فَقَامَ عَلَى هَذَا الْحَمِيلِ فِي عُدْمِ الَّذِي عِنْدَهُ تَحَمَّلَ وَأَرَادَ إِغْرَامَهُ جَمِيعَ الْمَالِ فَقَالَ أَنَا أَغْرَمُ ثُلُثَ الْمَالِ الَّذِي عَلَى صَاحِبَيْ فِي نَفْسِهِ قَالَ يَلْزَمُ جَمِيعَ الْحَقِّ لِأَنَّهُ قَدْ لَزِمَهُ مَا لَزِمَ مَنْ تَحَمَّلَ عَنْهُ يُرِيدُ وَقَدْ عَلِمَ الْحَمِيلُ مَا عَلَى الْحُمَلَاءِ مِنَ الشُّرُوطِ وَلَوْ تَحَمَّلَ هَذَا الْحَمِيلُ عَنْهُمْ بِجَمِيعِ الْحَقِّ فَوَدَّاهُ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِالْحَقِّ كُلِّهِ أَحَدَهُمْ كَمَا كَانَ لِلطَّالِبِ وَكَمَا لَوْ تَحَمَّلَ هَؤُلَاءَ بِمَا عَلَى أَحَدِهِمْ فَلِلْغَرِيمِ اتِّبَاعُهُ بِالْحَقِّ كُلِّهِ كَمَا لَهُ أَنْ يَتْبَعَ أَحَدَ الْغُرَمَاءِ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ مَبَاحِثُ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الرُّكْنِ الرَّابِعِ فِي الشَّيْءِ الْمَضْمُونِ الرَّابِعَةُ فِي الْكِتَابِ اشْتَرَى ثَلَاثَةً وَتَحَمَّلَ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ بِالثَّمَنِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ الْبَائِعُ أَيَّهُمْ شَاءَ لِحَقِّهِ فَمَاتَ أَحَدُهُمْ وَادَّعَى الْوَارِثُ أَنَّ مَوْرُوثَهُ دَفَعَ جَمِيعَ الثَّمَنِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ حَلَفَ مَعَ شَاهِدِهِ وَبَرِئَ وَلِيُّهُ وَيَرْجِعُ عَلَى الشَّرِيكَيْنِ بِحِصَّتِهِمَا فَإِنْ نَكَلَ لَمْ يَحْلِفِ الشَّرِيكَانِ لِأَنَّهَا يَغْرَمَانِ إِلَّا أَنْ يَقُولَا نَحْنُ أَمَرْنَاهُ بِالدَّفْعِ عَنَّا وَعَنْهُ وَدَفَعْنَا ذَلِكَ إِلَيْهِ وَإِنَّمَا هُوَ حَقُّ عَلَيْنَا فَالشَّاهِدُ لَنَا فَيَحْلِفَانِ وَيَبْرَآنِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ مَعْنَى قَوْلِهِ لَا يَحْلِفُ الشَّرِيكَانِ إِذَا ادَّعَيَا أَنَّ الْمَيِّتَ دَفَعَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ وَيَغْرَمُ الْوَارِثُ مَا يَنُوبُهُ لِنُكُولِهِ بَعْدَ رَدِّ الْيَمِينِ عَلَى الْبَائِعِ لَهُ أَنَّهُ مَا قَبَضَ مِنْ وَلِيِّهِ شَيْئًا وَهَذَا إِذَا كَانَ الْمَيِّتُ مَلِيًّا بِمَا يَنُوبُ الْوَارِثَ الْيَوْمَ فَإِنْ كَانَ عَدِيمًا الْيَوْمَ كَانَ لِهَذَيْنِ أَنْ يَحْلِفَا فَإِنَّ دَعْوَاهُمَا أَنَّ الْمَيِّتَ دَفَعَ الْجَمِيعَ مِنْ مَالِهِ لِيَبْرَآ مِنْ حَمَالَةِ الثُّلُثِ الَّذِي الْمَيِّتُ بِهِ عَدِيمٌ فَإِنْ حَلَفَا غَرِمَا الثُّلُثَيْنِ لِلْوَرَثَةِ وَغَرِمَ الْوَرَثَةُ لِلْبَائِعِ ثُلُثَ الْحَقِّ مِمَّا قَبَضُوا مِنَ الشَّرِيكَيْنِ لِنُكُولِ الْوَرَثَةِ وَإِنِ ادَّعَيَا أَنَّ الثَّمَنَ مِنْ عِنْدِهِمَا حَلَفَا لَقَدْ دَفَعَ الْمَيِّتُ ذَلِكَ وَبَرِآ وَرَجَعَ الْبَائِعُ عَلَى الْوَرَثَةِ بِمَا يَنُوبُهُمُ لِنُكُولِهِمْ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ الْبَائِعُ أَنَّهُ مَا قَبَضَ مِنْ وَلِيِّهِمْ شَيْئًا وَلِلشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَرْجِعَا عَلَيْهِمَا فَيَقُولَا لَهُمَا نَحْنُ دَفَعْنَا جَمِيعَ الثَّمَنِ فَإِمَّا أَنْ تَحْلِفُوا عَلَى عِلْمِكُمْ أَنَّا مَا دَفَعْنَا إِلَيْهِ شَيْئًا وَتَبْرُؤا وَإِنْ نَكَلَتُمْ حَلَفْنَا لَقَدْ دَفَعْنَا الْجَمِيعَ

وَغَرِمْتُمْ ثُلُثَ جَمِيعِ الثَّمَنِ وَقَوْلُهُ لَا يَمِينَ عَلَى الشَّرِيكَيْنِ إِنِ ادَّعَيَا أَنَّ الْمَيِّتَ دَفَعَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ يُرِيدُ وَلَا يَغْرَمَانِ لِلْوَرَثَةِ شَيْئًا مِنْ أَجْلِ قَوْلِهِمْ إِنَّ الْمَيِّتَ دَفَعَ عَنِ الثُّلُثَيْنِ لِأَنَّ الشَّرِيكَيْنِ يَقُولَانِ الْمَيِّتُ لَمْ يُشْهِدْ حِينَ دَفَعَ وَقَوْلُهُمْ لَمْ يَدْفَعْ بِحَضْرَتِنَا وَإِنَّمَا بَلَغَنَا ذَلِكَ عَنْهُ فَلَا يُلْزِمُنَا لِلْوَرَثَةِ بِإِقْرَارِنَا أَنَّهُ دَفَعَ قَالَ بَعْضُ الْأَنْدَلُسِيِّينَ وَفِيهَا نَظَرٌ وَيَنْبَغِي أَنْ حَلَفَ الشَّرِيكَانِ أَنَّهُمَا دَفَعَا لِلْمَيِّتِ مَا لَزِمَهُمَا وَأَنَّهُمَا أَمَرَاهُ بِالدَّفْعِ أَنْ يُتْبِعَ ذِمَّةَ الْمَيِّتِ بِحِصَّتِهِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ مَا دَفَعَ لَهُ شَيْئًا وَإِنْ قَالَ الشَّرِيكَانِ دَفَعْنَا إِلَيْهِ الْجَمِيعَ وَأَمَرْنَاهُ بِالدَّفْعِ عَنْهُ وَعَنَّا وَحَلَفْنَا عَلَى ذَلِكَ لَاتَّبَعَا ذِمَّةَ الْمَيِّتِ بِحِصَّتِهِ إِذَا لَمْ يَحْلِفْ وَرَثَتُهُ وَعَلَى الشَّرِيكَيْنِ إِذَا حَلَفَا أَنْ يَزِيدَا فِي حَلِفِهِمَا وَلَقَدْ دَفَعْنَا مَا أَمَرْنَاهُ بِدَفْعِهِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إِشْكَالٌ وَهُوَ الْوَرَثَةُ إِذَا نَكَلُوا عَنِ الْيَمِينِ مَعَ شَاهِدِهِمْ فَالْمَيِّتُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَلِيًّا أَوْ مُعْدِمًا فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ مَلِيًّا وَصَدَّقَ الشَّرِيكَانِ الْوَرَثَةَ فِيمَا ادَّعَوْا مِنْ أَنَّ الْمَيِّتَ دَفَعَ جَمِيعَ الْحَقِّ مِنْ مَالِهِ لِلْبَائِعِ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْهُمَا لِيَرْجِعَ عَلَيْهِمَا وَيَرْجِعَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ فَيَحْلِفُ عَلَى تَكْذِيبِ مَا شَهِدَ بِهِ الشَّاهِدُ وَيَرْجِعَ بِجَمِيعِ حَقِّهِ فَيَأْخُذُ ثُلُثَيْهِ مِنَ الشَّرِيكَيْنِ وَثُلُثَيْهِ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ وَلَا يَرْجِعُ الْوَرَثَةُ عَلَى الشَّرِيكَيْنِ بِمَا يُقَرِّبُهُمَا مِنَ الْمَالِ الَّذِي أَقَرُّوا أَنْ مَوْرُوثَهُمْ أَدَّاهُ عَلَى مَا شَهِدَ بِهِ الشَّاهِدُ وَإِنْ كَانَا قَدْ صَدَّقَاهُ فِي شَهَادَتِهِ بِذَلِكَ لِتَفْرِيطِ الْمَيِّتِ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ فَالْمُصِيبَةُ مِنْهُ قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الدَّفْعُ بِحِصَّتِهِمَا فَيَكُونُ لَهُمَا الرُّجُوعُ وَفِيهِ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَتَعْلِيلُهُ فِي الْكِتَابِ لَا يَحْلِفُ الشَّرِيكَانِ لِأَنَّهُمَا يَغْرَمَانِ يُوهِمُ أَنَّهُمَا إِنْ حَلَفَا غَرِمًا لِلْوَرَثَةِ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفَا غَرِمًا لِلْبَائِعِ وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ مِنْ حِصَّتِهِمَا أَنْ يَحْلِفَا إِنْ شَاءَ إِسْقَاطَ طَلَبِ الْبَائِعِ عَنْهُمَا لِمَا يَرْجُوَانِ مِنْ مُسَامَحَةِ الْوَرَثَةِ وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ لِأَنَّ الْوَرَثَةَ لَا يَرْجِعُونَ عَلَيْهِمَا بِمَا يَنُوبُهُمَا مِمَّا أَدَّى الْمَيِّتُ عَنْهُمَا مِنْ مَالِهِ وَإِنْ صَدَّقَاهُ عَلَى الدَّفْعِ إِلَّا أَنْ يُقِرَّا أَنَّهُ كَانَ بِحَضْرَتِهِمَا عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَإِنَّمَا كَانَ يَجِبُ أَنْ يَقُولَ لَا يَحْلِفَانِ

وَيَغْرَمَانِ لِلْبَائِعِ فَإِنْ نَكَلَ الْبَائِعُ فِي هَذَا الْوَجْهِ عَنِ الْيَمِينِ بَعْدَ نُكُولِ الْوَرَثَةِ سَقَطَ حَقُّهُ وَرَجَعَ الْوَرَثَةُ عَلَى الشَّرِيكَيْنِ بِمَا يَنُوبُهَا مِنَ الْحَقِّ وَأَمَّا إِنْ قَالَا دَفَعَ جَمِيعَ ذَلِكَ مِنْ أَمْوَالِنَا بِوِكَالَتِنَا فَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ يَحْلِفُ الشَّرِيكَانِ بَعْدَ دَفْعِ الْمَيِّتِ ذَلِكَ وَيَبْرَآنِ وَرَجَعَ الْبَائِعُ عَلَى الْوَرَثَةِ بِمَا يَنُوبُهُمْ لِنُكُولِهِمْ بَعْدَ يَمِينِهِ أَنَّهُ مَا قَبَضَ مِنْ وَلِيِّهِمْ وَلِلشَّرِيكَيْنِ تَحْلِيفُ الْوَرَثَةِ إِنْ كَانُوا كِبَارًا مَا يَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ دَفَعُوا مِنْ أَمْوَالِهِمَا إِلَى وَلِيِّهِمْ شَيْئًا فَإِنْ نَكَلُوا حَلَفَا لَقَدْ دَفَعَا جَمِيعَ الْحَقِّ إِلَيْهِ وَرَجَعَا عَلَيْهِمْ بِالثُّلُثِ الَّذِي يَنُوبُهُمْ مِنْهُ وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ يَأْخُذُ الْبَائِعُ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ بَعْدَ حَلِفِهِ وَيَحْلِفُ الْوَرَثَةُ لِلشَّرِيكَيْنِ مَا يَعْلَمُونَ أَنَّهُمَا دَفَعَا إِلَى وَلِيِّهِمْ شَيْئًا وَإِنْ نَكَلُوا حَلَفَ الشَّرِيكَانِ لَقَدْ دَفَعْنَا ذَلِكَ إِلَيْهِ وَرَجَعَا عَلَيْهِمْ فِي التَّرِكَةِ بِمَا يَنُوبُ الْمَيِّتَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يَكُونُ لِلشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَحْلِفَا لَقَدْ دَفَعَ الْمَيِّتُ ذَلِكَ مِنْ أَمْوَالِهِمَا وَيَبْرَآنِ لِأَنَّ مَا فِي يَدِ الْمَيِّتِ عَلَى مِلْكِهِ حَتَّى يَثْبُتَ الدَّفْعُ وَقَالَ بَعْضُ الْأَنْدَلُسِيِّينَ يَحْلِفُ الشَّرِيكَانِ لَقَدْ دَفَعَ الْمَيِّتُ ذَلِكَ مِنْ أَمْوَالِهِمَا وَيَبْرَآنِ وَيَرْجِعَانِ عَلَى الْوَرَثَةِ بِمَا يَنُوبُهُمَا إِذَا لَمْ يَحْلِفُوا فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فِي هَذَا الْوَجْهِ وَالَّذِي يُوجِبُهُ النَّظَرُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلشَّرِيكَيْنِ بَيِّنَةٌ عَلَى دَعْوَاهُمَا أَنْ يَحْلِفَ الْوَرَثَةُ مَا عَلِمُوا ذَلِكَ فَإِنْ حَلَفُوا لَا يُمَكَّنُ الشَّرِيكَانِ مِنَ الْيَمِينِ وَحَلَفَ الْبَائِعُ لِنُكُولِ الْوَرَثَةِ وَرَجَعَ عَلَيْهِمَا وَعَلَى الْوَرَثَةِ بِحَقِّهِ وَإِنْ نَكَلُوا عَنِ الْيَمِينِ حَلَفَ الشَّرِيكَانِ لَقَدْ دَفَعْنَا ذَلِكَ إِلَيْهِ وَلَقَدْ دَفَعَ ذَلِكَ هُوَ لِلْبَائِعِ وَيَبْرَآنِ مِنْ نَصِيبِهِمَا وَرَجَعَا عَلَى الْوَرَثَةِ بِمَا يَنُوبُهُمَا وَأَمَّا إِنْ قَالَا دَفَعْنَا لِلْبَائِعِ مِنْ مَالِهِ وَأَمْوَالِنَا فَفِي قَوْلِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ يَحْلِفُ الشَّرِيكَانِ وَيَبْرَآنِ وَيَحْلِفُ الْبَائِعُ وَيَرْجِعُ عَلَى الْوَرَثَةِ بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ ذَلِكَ وَعَلَى قَوْلِ التُّونُسِيِّ لَا يُمَكَّنُ الشَّرِيكَانِ مِنَ الْيَمِينِ وَيَحْلِفُ الْبَائِعُ وَيَرْجِعُ عَلَى جَمِيعِهِمْ بِحَمَالَتِهِ وَالَّذِي يُوجِبُهُ النَّظَرُ أَنْ يَحْلِفَ الْوَرَثَةُ أَنَّهُمْ مَا يَعْلَمُونَ أَنَّهُمَا دَفَعَا إِلَيْهِ شَيْئًا فَإِنْ حَلَفَا عَلَى ذَلِكَ لَمْ يُمَكَّنِ الشَّرِيكَانِ مِنَ الْيَمِينِ وَحَلَفَ الْبَائِعُ وَرَجَعَ عَلَى جَمِيعِهِمْ وَإِنْ نَكَلُوا حَلَفَ الشَّرِيكَانِ لَقَدْ دَفَعَا ذَلِكَ لِلْمَيِّتِ وَحَلَفَا مَعَ الشَّاهِدِ لَقَدْ دَفَعَ ذَلِكَ الْمَيِّتُ إِلَى الْبَائِعِ وَيَبْرَآنِ مِنْ قِصَّتِهِمَا وَحَلَفَ الْبَائِعُ مَا دَفَعَ إِلَيْهِ شَيْئًا وَرَجَعَ عَلَى الْوَرَثَةِ بِمَا يَنُوبُهُمْ وَإِنْ كَانَ

الْمَيِّت معدما فَلَا يخلوا أَيْضًا مِنَ الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ أَنْ يُصَدِّقَ الشَّرِيكَانِ الْوَرَثَةَ أَنَّ الْمَيِّتَ دَفَعَ جَمِيعَ الْحَقِّ مِنْ مَالِهِ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْهُمَا لِيَرْجِعَ عَلَيْهِمَا بِمَا يَنُوبُهُمَا قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ لِلشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَحْلِفَا مَعَ الشَّاهِدِ لِيَبْرَآ مِنْ حَمَالَةِ الثُّلُثِ الَّذِي الْمَيِّتُ بِهِ مُعْدِمٌ فَإِنْ حَلَفَا غَرِمَا لِلْوَرَثَةِ الثُّلُثَيْنِ وَرَجَعَ الْبَائِعُ عَلَيْهِم بِالثُّلثِ إِذا غذا حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ مِنْ وَلِيِّهِمْ شَيْئًا وَقَالَ التُّونُسِيُّ إِذَا حَلَفَ الشَّرِيكَانِ مَعَ الشَّاهِدِ لِيَبْرَآ مِنْ حَمَالَةِ الثُّلُثِ الَّذِي الْمَيِّتُ بِهِ مُعْدِمٌ لَا يَغْرَمَانِ الثُّلُثَيْنِ لِلْوَرَثَةِ وَإِنَّمَا يَغْرَمَانِ ذَلِكَ لِلْبَائِعِ بَعْدَ يَمِينِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُمَا لَا يُلْزِمُهُمْ لِلْوَرَثَةِ مَا دَفَعَ لِلْمَيِّتِ عَنْهُمَا مِنْ مَالِهِ لِتَفْرِيطِهِ بِعَدَمِ الْإِشْهَادِ وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ إِنْ كَانَ الْمَيِّتُ مَلِيًّا وَيَسْتَوِي مِلَاؤُهُ وَعُدْمُهُ إِلَّا فِي اتِّبَاعِ ذِمَّتِهِ إِذَا طَرَأَ لَهُ مَالٌ الْخَامِسَةُ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا اشْتَرَيْتَ وَغُلَامُكَ سِلْعَةً وَتَحَمَّلَ بَعْضُكُمَا بِبَعْضٍ فَبِعْتَ الْعَبْدَ قَبْلَ الْأَجَلِ لَيْسَ عَلَيْكَ شَيْءٌ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ وَلَا يَلْزَمُكَ إِخْلَافُ حَمِيلٍ مَكَانَ الْعَبْدِ وَيَتْبَعُ الْبَائِعُ الْعَبْدَ حَيْثُ كَانَ وَإِنْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي بِالْعَبْدِ مَعِيبًا بِذَلِكَ وَإِلَّا رَدَّهُ إِلَّا أَنْ يُخْرِجَهُ مِنَ الْعَيْبِ بِالْقَضَاءِ عَنْهُ لِدُخُولِ الْحَمِيلِ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ شَأْنَ الْعَبْدِ أَنْ يُبَاعَ قَالَ الْقَاضِي وَفِي جَوَازِ هَذَا الْبَيْعِ نَظَرٌ لِأَنَّكَ بِالْبَيْعِ مُنْتَزِعٌ لِمَالِهِ وَالْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ إِذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يُنْتَزَعُ مَالُهُ فَمَعْنَى الْمَسْأَلَةِ عِنْدِي أَنَّ الْعَبْدَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لِأَنَّ مَا لَزِمَ الْمَحْجُورَ مِنَ الدَّيْنِ لَا يُسْقِطُهُ السَّيِّدُ عَنْ ذِمَّةِ الْمَحْجُورِ نَحْوَ هَذَا الدَّيْنِ الَّذِي عَلِمَ بِهِ فَأَمْضَاهُ لَا يَكُونُ إِلَّا فِيمَا وُهِبَ لَهُ أَوْ تَصْدِيق بِهِ عَنْهُ السَّادِسَةُ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ اشْتَرَيْتهَا وَتَحَمَّلَ بَعْضُكُمَا بِبَعْضٍ وَأَيُّكُمَا شَاءَ أَخَذَ بِالثَّمَنِ فَتَحَمَّلَ عَنْكُمَا ثَالِثٌ بِذَلِكَ الْحَقِّ فَأَخَذَ الْحَقَّ مِنْهُ فَلَهُ أَخْذُكُمَا بِجَمِيعِ الْحَقِّ لِأَنَّهُ لَوْ تَحَمَّلَ لِلْغَرِيمِ بِمَا عَلَى أَحَدِكُمَا فَإِنَّ لِلْغَرِيمِ أَنْ يُتْبِعَهُ بِالْحَقِّ كُلِّهِ لِأَنَّهُ مَعَ أَحَدِكُمَا لِذَلِكَ يُرِيدُ إِذَا تَحَمَّلَ بِأَحَدِكُمَا وَعَرَفَ مَا عَلَيْهِ مِنَ الشَّرْطِ قَالَ ابْنُ

الْقَاسِمِ فَلَوْ سَأَلَ الْبَائِعُ أَحَدَكُمَا حَمِيلًا بِمَا عَلَيْهِ فَفَعَلَ وَلَمْ يَشْتَرِطْ عَلَى الْحَمِيلِ شَيْئًا فَعَلَيْهِ الْحَقُّ كُلُّهُ إِنْ أَرَادَ أَخْذَ الْمَحْمُولِ عَنهُ بِالْحَقِّ تحمل بِأحد الغريبين وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ حَتَّى يَثْبُتَ الْعِلْمُ وَيَحْلِفَ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الِاطِّلَاع السَّابِعَةُ قَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ قَالَ أَصْبَغُ فِي ثَلَاثَةٍ تَحَمَّلَ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ فِيمَا عَلَيْهِم فَأَخذهَا رَبهَا من أحدهم ودعى كل وَاحِد كَذَا أَنَّهُ يُصَدَّقُ الْمُقْتَضِي فِي تَعْيِينِهِ مَعَ يَمِينِهِ فَإِنْ قَالَ لَا أَدْرِي حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَدْرِيهِ لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَا يُعْلَمُ إِلَّا مِنْ قِبَلِهِ ثُمَّ يَحْلِفُ أَنَّهُ الدَّافِعُ فَإِنْ حَلَفُوا أَوْ نَكَلُوا لَمْ يَرْجِعْ أَحَدٌ عَلَى الْآخَرِ وَإِلَّا رَجَعَ الْحَالِفُ عَلَى النَّاكِلِ بِمَا يَقْتَضِيهِ يَمِينُهُ وَلَوْ قَبَضَ الْبَعْضُ مِنْ أَحَدِهِمْ وَادَّعَاهُمْ جَمِيعَهُمْ صُدِّقَ فِي الدَّفْعِ كَالْكُلِّ فَإِنْ قَالَ لَا أَدْرِي حَلَفَ الْحُمَلَاءُ وَلَا تَرَاجُعَ بَيْنَهُمْ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الدَّافِعِ وَلَوْ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ أَدْرِي الدَّافِعَ إِلَيَّ لَمْ يُعْتَبَرْ قَوْلُهُ لِتَقَدُّمِ مَا يُكَذِّبُهُ مِنْهُ وَنَحْوَ قَوْلِ أَصْبَغَ هَذَا لسَحْنُون وَقَالَ ابْن الْقَاسِم إِذا قَالَ القايض لَمْ يبْقَ لِي عِنْدَهُمَا شَيْءٌ وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ الدَّافِعُ الْقَابِضُ كَشَاهِدٍ يَحْلِفُ مَعَهُ الدَّافِعُ إِذَا لَمْ يُبْقِ عَلَيْهِ تُهْمَةً وَقَالَ مُحَمَّد عَن قَالَ نَسَقًا لَمْ يَبْقَ لِي عِنْدَهُمَا شَيْءٌ قَدْ أَخَذْتُهُ مِنْ فُلَانٍ جَازَ قَوْلُهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ لِمَنْ أَقَرَّ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا لَوْ قَالَ تَرَكْتُ حَقِّي كُلَّهُ وَأَمَّا إِذَا ثَبَتَ سُقُوطُهُ عَنْهُمْ ثُمَّ قَالَ أَخَذْتُهُ مِنْ فُلَانٍ وَهُوَ كَشَاهِدٍ لِيُخْلِصَ قَوْلَهُ مِنَ الْإِقْرَارِ عَلَى نَفْسِهِ لِعَدَمِ الْحَقِّ لِلشَّاهِدِ الثَّامِنَةُ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا قُلْتَ أَيُّهَا شِئْتَ أَخَذْتَ بِحَقِّي فَتَحْتَ كَذَا أَحَدَهُمَا فَلَهُ أَنْ يَقُولَ احْبِسُوا مَعِي صَاحِبَيْ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْحَالة

(كتاب الحوالة)

(كتاب الْحِوَالَة) وَفِي الْجَوَاهِرِ مَأْخُوذَةٌ مِنَ التَّحْوِيلِ لِأَنَّهَا تَحْوِيلُ الْحَقِّ مِنْ ذِمَّةٍ إِلَى ذِمَّةٍ فَتَبْرَأُ بِهَا الْأُولَى مَا لَمْ يَكُنْ غُرُورٌ مِنْ حَيْثُ الثَّانِيَةِ وَتُسْتَعْمَلُ الثَّانِيَةُ وَهِيَ مُعَامَلَةٌ صَحِيحَةٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ وَالْقِيَاسِ أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوله تَعَالَى {وتعاونوا على الْبر وَالتَّقوى} وَهِي بر وَقَوله تَعَالَى {وافعلوا الْخَيْر} وَهِيَ خَيْرٌ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنَ النُّصُوصِ الدَّالَّةِ عَلَى الْمَعْرُوفِ وَأَمَّا السُّنَّةُ فَمَا فِي الصِّحَاحِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ وَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ وَرَوَاهُ سُفْيَانُ إِذَا أُحِيلَ أَحَدُكُمْ عَلَى غَنِيٍّ فَلْيَحْتَلْ وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهَا وَالْقِيَاسُ عَلَى الْكَفَالَةِ بِجَامِعِ الْمَعْرُوفِ فَوَائِدُ أَرْبَعٌ الْأُولَى قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ صَوَابُ التَّاءِ فِي الْحَدِيثِ السُّكُونُ وَرُوِيَ بِالتَّشْدِيدِ يُقَالُ تَبِعْتُ فُلَانًا بِحَقِّي فَأَنَا أَتْبَعُهُ سَاكِنَةَ التَّاءِ وَلَا يُقَالُ أتبع بِالْفَتْحِ وَالتَّشْدِيدِ إِلَّا مِنَ الْمَشْيِ خَلْفَهُ وَاتِّبَاعِ أَثَرِهِ فِي أَمْرِهِ الثَّانِيَةُ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ يَقْتَضِي أَنَّ الْحَوَالَةَ لَا تُشْرَعُ إِلَّا إِذَا حَلَّ دَيْنُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمَطْلَ وَالظُّلْمَ إِنَّمَا يُتَصَوَّرَانِ فِيمَا حَلَّ الثَّالِثَةُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ ظَالِمًا إِلَّا إِذَا كَانَ غَنِيا

الرَّابِعَةُ أَنَّ تَسْمِيَتَهُ ظَالِمًا يُوجِبُ إِسْقَاطَ شَهَادَتِهِ قَالَهُ سَحْنُونٌ وَغَيْرُهُ وَقِيلَ لَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَطْلُ لَهُ عَادَةً وَقَالَ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ هِيَ تَحْوِيلٌ وَقَالَ ش وَصَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُمَا هِيَ بَيْعٌ مُسْتَثْنًى مِنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ لِأَجْلِ الْمَعْرُوفِ كَمَا خَصَّ شِرَاءَ الْعَرِيَّةِ بِخَرْصِهَا مِنَ الْمُزَابَنَةِ وَالشَّرِكَة وَالتَّوْلِيَة الْإِقَالَة مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَالْقَرْضِ مِنْ رِبَا النَّسَأِ وَالْحَوَالَةُ تَجُوزُ كَذَلِكَ مَعْرُوفًا فَمَتَى دَخَلَتْهَا الْمُكَايَسَةُ امْتَنَعَتْ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ هِيَ عَقْدٌ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ وَيَمْتَنِعُ كَوْنُهَا بيعا للُزُوم رَبًّا النَّسِيئَة فِي النَّقْدَيْنِ ويشرط فِيهَا لفظ البيع ولجارة كَذَا بَيْنَ جِنْسَيْنِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ هِيَ عِنْدَ أَكْثَرِ شُيُوخِنَا بَيْعٌ مُسْتَثْنًى مِنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَمِنْ بَيْعِ الْعَيْنِ بِالْعَيْنِ يَدًا بِيَدٍ وَقَالَ الْبَاجِّيُّ لَيْسَ هِيَ مِنْ هَذَا بَلْ مِنْ بَابِ النَّقْلِ وَفِي هَذَا الْكِتَابِ بَابَانِ

(الباب الأول في أركانها)

(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهَا) وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَرْكَانٍ الرُّكْنُ الْأَوَّلُ الْمُحِيلُ وَفِي الْجَوَاهِرِ يُشْتَرَطُ رِضَا الْمُحَالِ لِأَنَّهُ إِبْطَالُ حَقٍّ لَهُ كَالْبَيْعِ وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ اشْتِرَاطُ صِحَّةِ الْعِبَارَةِ فَيَكُونُ لَهُ شَرْطَانِ الرُّكْن الثَّانِي الْمُحَالُ وَفِي الْجَوَاهِرِ يُشْتَرَطُ لِأَنَّهُ تَرَتَّبَ حَقٌّ لَهُ فَيُشْتَرَطُ رِضَاهُ لِأَنَّهُ كالمشتري أَو كالموكل وَقَالَهُ ش وح خِلَافًا لِابْنِ حَنْبَلٍ وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا اشْتِرَاطُ صِحَّةِ عِبَارَتِهِ فَيَكُونُ لَهُ شَرْطَانِ الرُّكْن الثَّالِث الْمُحِيل الْمحَال عَلَيْهِ فِي والجواهر وَلَا يُشْتَرَطُ رِضَاهُ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَإِذَا أَتْبَعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ وَقِيَاسًا على التَّوْكِيل فِي الْقَبْض وَلِأَنَّهُ مَحل التصريف كَالرَّهْنِ وَاشْتَرَطَ ح رِضَا الثَّلَاثَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوِكَالَةِ عَلَى الْقَبْضِ أَنَّ الْوَكِيلَ لَا يَتَعَيَّنُ التَّسْلِيمُ إِلَيْهِ بِخِلَافِ الْمُحَالِ وَقَدْ يَكُونُ أُنْكِرَ عَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ رِضَا الْكَفِيلِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُمَا كَالْمُتَبَايِعَيْنِ وَهُوَ كَالْعَبْدِ الْمَبِيع عَن الثَّانِي أَنَّ الْكَفِيلَ لَا حَقَّ عَلَيْهِ فَاشْتَرَطَ رِضَاهُ بِخِلَافِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ الْعِوَضَيْنِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ عَبْدُ الْمَلِكِ قَالَ فَيَكُونُ حَقِيقَتُهَا عِنْدَهُ تَجْوِيز الضَّمَان

بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الْأَصِيلِ وَيَلْزَمُهُ اشْتِرَاطُ رِضَا الْمُحَالِ عَلَيْهِ كَالْكَفِيلِ وَيَفْتَرِعُ عَلَى خِلَافِهِمَا إِذَا أَحَالَهُ عَلَى مَنْ لَيْسَ لَهُ عِنْدَهُ حَقٌّ فَأُغَرِمَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ رَجَعَ عَلَى الْمُحِيلِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ دُونَ قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهِ وَتَشْتَرِطُ عَلَيْهِ بَرَاءَتَهُ مِنَ الدَّيْنِ فَيَلْزَمُهُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا الرُّكْن الرَّابِعُ الشَّيْءُ الْمُحَالُ بِهِ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ لَهُ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ الْأَوَّلُ الْحُلُولُ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ حَالًّا كَانَ بَيْعَ ذِمَّةٍ بِذِمَّةٍ فَيُدْخِلُهُ النَّهْيِ عَن البيع الدَّيْن بِالدَّيْنِ وَرِبَا النَّسَأِ فِي النَّقْدَيْنِ إِلَّا أَنْ يَقْبِضَ ذَلِكَ مَكَانَهُ قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا مِثْلَ الصَّرْفِ فَيَجُوزُ الثَّانِي اتِّحَادُ الدَّيْنَيْنِ قَدْرًا وَصِفَةً لَا أَدْنَى وَلَا أَفْضَلَ لِأَنَّ مُخَالَفَةَ الْجِنْس يصيرها بيعا بهَا لَا مَعْرُوفًا فَيَرْتَكِبُ الْمَحْذُورَ لِغَيْرِ مَعْرُوفٍ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ يَفْتَقِرُ فِي أَدَائِهِ عَنْهُ إِلَى الْمُعَاوَضَةِ وَالْمُكَايَسَةِ وَإِنْ لَمْ يلتقي وَيجْبر على قبُول جَازَ كأداء الْجيد عَن الردئ فيحول عَن الأعلا إِلَى الْأَدْنَى وَعَنِ الْأَكْثَرِ إِلَى الْأَقَلِّ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ يُشْتَرَطُ اتِّحَادُهُمَا جِنْسًا وَصِفَةً وَالْحُلُولُ أَوِ التَّأْجِيلُ وَلَا يُحَالُ بِفِضَّةٍ عَلَى ذَهَبٍ وَلَا مَكْسُورٍ عَلَى صَحِيحٍ وَلَا يُحَالُ بِالسَّلَمِ لَا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ لِتَعَرُّضِهِ لِلْفَسْخِ بِانْقِطَاعِ الْمُسَلَّمِ وَلَا عَلَى مَالِ الْكِتَابَةِ وَلَا الصَّدَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ لِعَدَمِ الِاسْتِقْرَارِ وَقَالَ ش لَا يَجُوزُ إِلَّا عَلَى دَيْنٍ يَجُوزُ بَيْعُهُ كَالْقَرْضِ دُونَ السَّلَمِ وَلَا يَصِحُّ إِلَّا فِي دَيْنٍ مُسْتَقِرٍّ فَيَمْتَنِعُ فِي الْكِتَابَةِ وَيُشْتَرَطُ اتِّحَادُ النَّوْعِ وَالصِّفَةِ وَالْحُلُولِ وَالتَّأْجِيلِ فَيَمْتَنِعُ الصَّحِيحُ بِالْمَكْسُورِ فِي النَّقْدَيْنِ لَيْلًا يَحْصُلَ لِأَجْلِ ذَلِكَ رِفْقٌ كَالسَّلَفِ بِزِيَادَةٍ وَلَا يَكْفِي حُلُولُ أَجَلِهَا عِنْدَهُ خِلَافًا لَنَا وَمَنَعَ تَعْلِيقَهَا عَلَى شَرْطٍ نَحْوَ إِنْ رَضِيَ فُلَانٌ أَجَّلْتُكَ وَيَمْتَنِعُ عِنْدَ شُرُوطِ الْخِيَارِ لِأَنَّهَا لَمْ تُبْنَ عَلَى الْمُغَابَنَةِ الثَّالِثُ أَنْ لَا يَكُونَ الدينان كعاما مِنْ سَلَمٍ أَوْ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يَحِلَّ الدَّيْنُ

الْمُحْتَال المتحول بِهِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيَجُوزُ فِي الدُّيُونِ كُلِّهَا مِنْ مُعَاوَضَةٍ أَوْ نَقْدٍ وَمَتَى كَانَا مِنْ سَلَمٍ لَا تَجُوزُ الْحَوَالَةُ بِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ حَلَّتِ الْآجَالُ أَمْ لَا أَوْ حَلَّ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ يدْخلهُ بيع الطَّعَام قبل قَبضه اسْتَوَت رُؤْس الْأَمْوَالِ أَمْ لَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشهب إِن اسْتَوَت رُؤْس الْأَمْوَالِ جَازَتْ وَكَانَتْ تَوْلِيَةً فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ قَرْضٍ وَالْآخَرُ مِنْ سَلَمٍ امْتَنَعَتْ حَوَالَةُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ حَتَّى يَحِلَّا جَمِيعًا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَعَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُمَا إِذَا كَانَا مِنْ سَلَفٍ يَجُوزُ أَنْ يُحِيلَ أَحَدَهُمَا عَلَى الْآخَرِ إِذَا حَلَّ الْمُحَالُ بِهِ فَرْعَانِ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَحَالَ لَكَ مُكَاتَبُكَ بِالْكِتَابَةِ عَلَى مُكَاتَبَةٍ وَلَهُ عَلَيْكَ مِقْدَارُ مَالك عَلَيْهِ امْتَنَعَ إِلَّا أَنْ يَثْبُتَ عِتْقُ مُكَاتَبِكَ فَيجوز ثمَّ إِن عجز مُكَاتَبَته رَقَّ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ كَالْبَيْعِ وَقَدْ تَمَّتْ حُرْمَتُهُ وَلَا تَجُوزُ حَمَالَةُ بِكِتَابَةٍ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِهَا أَمَّا الْحَوَالَةُ فَإِنْ أحل لَكَ عَلَى مَنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ امْتَنَعَ لعدم تَحْقِيق الْمُعَاوضَة أَوله عَلَيْهِ دَيْنٌ حَلَّ أَمْ لَا جَازَ إِنْ حَلَّتِ الْكِتَابَةُ وَيُعْتَقُ مَكَانَهُ لِأَنَّهُ أَدَّى الْكِتَابَةَ بِمَالِه عَلَى غَيْرِهِ وَإِنَّ حَلَّ نَجْمٌ جَازَتِ الْحَوَالَةُ بِهِ عَلَى مَنْ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ حَلَّ أَمْ لَا وَيَبْرَأُ الْمُكَاتَبُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ آخِرَ نُجُومِهِ عَتَقَ مَكَانَهُ وَإِنْ لَمْ يَحِلَّ النَّجْمُ إِنْ يَجُزْ أَنْ يُحِيلَكَ بِهِ عَلَى مَنْ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِأَنَّ هَذِهِ ذِمَّةٌ بِذِمَّةٍ وَرِبًا بَيْنَ السَّيِّدِ وَمُكَاتَبِهِ وَكَذَلِكَ إِنْ لَمْ تَحِلَّ الْكِتَابَةُ لَمْ تَجُزِ الْحَوَالَةُ بِهَا وَإِنْ حَلَّ الدَّيْنُ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ لَمْ يَحِلَّ فِي دَيْنٍ حَالَ أَمْ لَا وَقَدْ تَجُوزُ الْحَوَالَةُ وَيُعْتَقُ مَكَانَهُ لِأَنَّ مَا عَلَى الْمُكَاتَبِ لَيْسَ بِدَيْنٍ ثَابِتٍ وَكَأَنَّهُ عَجَّلَ عِتْقَهُ عَلَى دَرَاهِمَ نَقْدًا أَوْ مُؤَجَّلَةً وَالْكِتَابَةُ دَنَانِيرُ لَمْ تَحِلَّ وَكَمَنَ قَالَ لِعَبْدِهِ إِنْ جِئْتَنِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَأَنْتَ حُرٌّ ثُمَّ قَالَ لَهُ إِنْ جِئْتَنِي بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَأَنْتَ حُرٌّ فَإِنْ جَاءَ بِهَا كَانَ حُرًّا وَلَمْ يَكُنْ بَيْعَ فِضَّةٍ بِذَهَبٍ وَلَا فَسْخَ دَيْنٍ فِي أَقَلَّ مِنْهُ وَكَأَنْ لَمْ يَكُنْ قَبْلَهُ إِلَّا مَا أَدَّى وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ ذَلِكَ لَا يَنْبَغِي لِأَنَّ مَالِكًا كَرِهَ بِيعَ الْكِتَابَة من

أَجْنَبِيِّ بِعِوَضٍ أَوْ غَيْرِهِ إِلَى أَجَلٍ وَوُسِّعَ فِي هَذَا بَيْنَ السَّيِّدِ وَمُكَاتَبِهِ فَلَمَّا كَرِهَ ذَلِكَ بَيْنَ السَّيِّدِ وَالْأَجْنَبِيِّ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ كَرِهْنَا الْحَوَالَةَ إِذَا لَمْ تَحِلَّ الْكِتَابَةُ لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ إِذَا لَمْ تَحِلَّ الْكِتَابَةُ وَأَحَلَّ الْمُكَاتَبُ سَيِّدَهُ بِهَا بِشَرْطِ أَنْ يُعْتَقَ الْآنَ مُعَجَّلًا أَوْ يُشْتَرَطَ أَنْ لَا يُعْتَقَ يَتَّفِقُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ فِي هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ وَإِنْ سَكَتَ عَنْ شَرْطِ تَعْجِيلِ الْعِتْقِ وَشَرَطَ بَقَاء الْمكَاتب فها هُنَا الْخِلَافُ فَيُفْسَخُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ مَا لَمْ يَفُتْ بِالْأَجَلِ وَغَيْرُهُ يَحْكُمُ بِتَعْجِيلِ عِتْقِ الْعَبْدِ وَقِيَاسُ ابْنِ الْقَاسِمِ الْحَوَالَةَ عَلَى الْبَيْعِ مِنَ الْأَجْنَبِيِّ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ بَيْنَ السَّيِّدِ ومكاتبه اسقط عَن الْكِتَابَةَ وَاعْتَاضَ مَا فِي ذِمَّةِ الْأَجْنَبِيِّ فِي الْأَجْنَبِيِّ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُؤَدِّيَ ذَلِكَ للْمكَاتب ولسيده وَلم يَقع بَين السَّيِّد بَين وَالْأَجْنَبِيّ مبايعة وَإِنَّمَا وَقعت بنه وَبَيْنَ عَبْدِهِ وَبَيْعُ السَّيِّدِ الْكِتَابَةَ مُعَامَلَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ لَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَبْدِهِ قَالَ التُّونُسِيُّ إِذَا أَحَالَكَ مُكَاتَبُكَ عَلَى مُكَاتَبِهِ إِلَى قَوْلِهِ عُتِقَ مُكَاتَبُكَ مَكَانَهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ اسْمُ الْحَوَالَةِ بَرَاءَةٌ لِذِمَّةِ الْمُكَاتَبِ مِنْ بَقِيَّةِ الْكِتَابَةِ فَيَكُونُ حُرًّا مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ عِتْقٍ بَلْ بِقَبُولِ السَّيِّدِ الْعِوَضَ هُوَ الْعِتْقُ فَكَانَ يَجِبُ عَلَى هَذَا إِذَا رَضِيَ السَّيِّدُ بِالْحَوَالَةِ عَلَى مُكَاتَبِ مُكَاتَبِهِ أَنْ يَكُونَ حُرًّا بِنَفْسِ الْحَوَالَةِ فَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ الْأَسْفَلُ كَانَ رِقًّا لِسَيِّدِهِ لِأَنَّ الْغَرَرَ فِيمَا بَيْنَ السَّيِّدِ وَعَبْدِهِ فِي هَذَا جَائِزٌ كَفَسْخِ مَا عَلَيْهِ مِنَ الدَّرَاهِم فِي الدَّنَانِير فَإِنَّ الْغَرَرَ الَّذِي فِي هَذِهِ الْحَوَالَةِ أَنَّ مُكَاتَبَ الْمُكَاتَبِ قَدْ يَعْجِزُ بِمَا تَعَيَّنَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ بَلْ هِيَ كِتَابَةٌ تَارَةً وَرَقَبَةُ عَبْدٍ أُخْرَى وَالْحَوَالَةُ يَتَعَيَّنُ فِيهَا جِنْسُ الْمَأْخُوذِ فِي الْأَجْنَبِيَّيْنِ كَمَا أَنَّكَ لَا تَجُوزُ حَوَالَتُكَ غَرِيمِكَ عَلَى كِتَابَةِ عَبْدِكَ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْجِزُ فَيَأْخُذُ غَيْرَ الْجِنْسِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ جَوَازِ بَيْعِ الْكِتَابَةِ مَعَ إِمْكَان الإتصال كَذَا بل الرَّقَبَة لِأَن الأَصْل الْحِوَالَة أخصه كَذَا فَلَا تَتَعَدَّى مَحَلَّهَا وَالْقِيَاسُ جَوَازُ حَوَالَةِ الْمُكَاتَبِ بِمَا لَمْ يَحِلَّ مِنْ نُجُومِهِ إِذَا أَحَالَ بِجُمْلَتِهَا أَوْ تَأَخَّرَ نَجْمٌ مِنْهَا يَكُونُ نَفْسَ الْحِوَالَة ماجب كَذَا الْعِتْقُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَالسُّكُوتُ عَنْ شَرْطِهِ كَشَرْطِهِ وَهُوَ قَوْلُ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاخْتَلَفَ فِي فسخ الْكِتَابَة فِي غَيرهَا من تَعْجِيلِ الْعِتْقِ فَأُجِيزَ وَكَرِهَ وَاتَّفَقُوا فِي قَطَاعَةِ أحد الشَّرِيكَيْنِ أَنَّهَا تجوز وَإِن لَمْ يَتَعَجَّلْ عَتَقَ نَصِيبُ الْمُقَاطِعِ لِعَدَمِ

قُدْرَتِهِ عَلَى تَعْجِيلِ عِتْقِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَوْلُهُ إِذَا أَحَالَ لَكَ مُكَاتَبُكَ عَلَى مُكَاتَبِهِ يُرِيدُ لَمْ تَحُلَّ كِتَابَةُ مَكَاتَبِكَ قَالَ اللَّخْمِيُّ مُكَاتَبُكَ حُرٌّ لِأَنَّ هَذِهِ مُبَايَعَةٌ اشْتَرَى كِتَابَتَهُ مِنْك بل كِتَابَته وَقبض كَذَا لِكُلِّهِ مِنَ الْآنِ وَإِنْ قَالَ لَكَ إِنَّمَا يَقْبِضُ مَا عَلَيْهِ فَإِنْ عَجَزَ كَانَتِ الرَّقَبَةُ لِي وَأُوَفِّيكَ الْبَاقِي لَمْ يَكُنْ حُرًّا بِنَفْسِ الْحَوَالَةِ لِأَنَّ لَهُ تَعَلُّقًا فِي الرُّجُوعِ مَتَى عَجَزَ الْآخَرُ وَيُخْتَلَفُ حِينَئِذٍ هَلْ هِيَ صَحِيحَةٌ أَمْ لَا فَعَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ فَسْخِ الْكِتَابَةِ فِي غَيْرِ جِنْسِهَا إِلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ أَوْ أَقْرَبَ أَوْ أَبْعَدَ فَإِنْ لَمْ يَثْبُتِ الْعِتْقُ بجوازها هُنَا مَا كَذَا جَعَلَهُ الْمُكَاتَبُ مِنْ إِعْطَائِهِ لِلْكِتَابَةِ الْآخَرَ لِأَنَّ ذَلِكَ مَالُ الْكِتَابَةِ وَمَنْ مَنَعَ تِلْكَ الْمَسْأَلَةَ إِلَّا بِشَرْط الْعتْق منع هَا هُنَا إِنْ لَمْ يَثْبُتِ الْعِتْقُ وَإِنْ أَحَالَ لَكَ عَلَى دَيْنٍ لَهُ عَلَى غَرِيمٍ بِنَجْمٍ حَلَّ جَازَ وَيَسْقُطُ إِنْ كَانَ مِنْ أَوْسَطِهَا وَيَكُونُ حُرًّا إِنْ كَانَ آخِرُهَا بِنَفْسِ الْحَوَالَةِ وَإِنْ أَحَالَكَ بِمَا لَمْ يَحِلَّ بِجَمِيعِ الْكِتَابَةِ أَوْ تَأَخَّرَ نَجْمٌ وَلَمْ يَحِلَّ فَهِيَ فَاسِدَةٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْعَبْدُ فِي كِتَابَتِهِ عَلَى حَالِهِ لِمَا عَلَّلَ بِهِ فِي الْكِتَابِ وَعَلَى قَوْلِ غَيْرِهِ فِي الْكِتَابِ بِالْجَوَازِ وَهُوَ حُرٌّ بِنَفْسِ الْحَوَالَةِ لِأَنَّهُ أَحَالَكَ عَلَى دَيْنٍ ثَابِتٍ وَإِنْ أَحَالَكَ بِنَجْمٍ مِنْ أَوْسَطِهَا وَلَمْ يَحِلَّ جَرَتْ عَلَى الْقَوْلَيْنِ إِذَا فَسَخَ الْكِتَابَةَ فِي غَيْرِهَا وَلم يعجل الْعتْق الثَّانِيَة فِي الْكِتَابِ إِذَا أَكْرَيْتَ دَارَكَ بِعَشْرَةٍ إِنْ أَحَالَكَ بِالْكِرَاءِ عَلَى مَنْ لَيْسَ لَهُ عِنْدَهُ دَيْنٌ جَازَ وَهِيَ حَمَالَةٌ وَلَا يَطْلُبُ الْحَمِيلُ إِلَّا فِي فَلَسِ الْمُكْتَرِي أَوْ مَوْتِهِ عَدِيمًا وَإِنْ أَحَالَكَ قَبْلَ السُّكْنَى عَلَى مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ جَازَ إِنْ كَانَتْ عَادَتُهُمِ الْكِرَاءَ بِالنَّقْدِ أَوِ اشْتَرَطَاهُ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ لَهُ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ لَمْ يَحِلَّ فِي دَيْنٍ أَمْ لَا وَإِنِ اكْتَرَى مِنْكَ بَدَيْنٍ لَهُ حَالٍّ أَو مُؤَجل على مقرّ وحيلك كَذَا عَلَيْهِ جَازَ إِنْ شَرَعْتَ فِي السُّكْنَى قَالَ التُّونُسِيُّ انْظُرْ قَوْلَهُ شَرَعَ فِي السُّكْنَى فَإِذَا جَازَ كِرَاءُ الدَّارِ بِدَيْنٍ ابْتِدَاءً مَا الَّذِي يَمْنَعُ مِنْ كِرَائِهَا بِدَيْنٍ لِي عَلَى رَجُلٍ وَإِنْ لَمْ يَشْرَعْ فِي السُّكْنَى فَإِنْ قِيلَ السُّكْنَى كَالْمُتَعَلِّقِ بِالذِّمَّةِ لِأَنَّ ضَمَانَهَا مِنَ الْمَكْرِي وَهِيَ تُؤْخَذُ شَيْئًا فَشَيْئًا فَلَا يَكُونُ كَالْكِرَاءِ بِالدَّيْنِ إِلَى أَجَلٍ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِذَا اكْتَرَى بِالنَّقْدِ ثمَّ

أقالهعلى أَن يُؤَخِّرهُ بالكراء سنة يمْتَنع وَفِيه بعدله كَذَا رُجُوعُ الدَّارِ لِرَبِّهَا وَمِلْكِ قَبِلْتِهَا وَمَنْفَعَتِهَا بِثَمَنٍ إِلَى أَجَلٍ وَقَدْ قَالُوا فِيمَا لَا يَضْمَنُهُ مُشْتَرِيهِ كَالْجَارِيَةِ الْمُوَاضَعَةِ وَسِلْعَةٍ غَائِبَةٍ إنَّهُ يَجُوزُ شراؤها بِالدَّيْنِ وَلَمْ يَذْكُرُوا خِلَافًا وَذَكَرَ الْخِلَافَ فِي كِرَاءِ الدَّارِ وَالْأَجِيرِ بِدَيْنٍ عَلَى رَجُلٍ وَاخْتَلَفَ فِي شِرَاء الدّين بِمَا يقبض على يَوْمَيْنِ مَنعه فِي الْمُدَوَّنَة وَفرق بَينه وَبَينه عَقْدُ الذِّمَمِ بِأَنْ يُسَلِّمَ دَارَهُمْ إِلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي سِلَعٍ إِلَى أَجَلٍ فَأَجَازَ هَذَا وَمَنَعَ ذَلِكَ لِتَقَرُّرِ الدَّيْنِ قَبْلَ الْعَقْدِ فِي الذِّمَّةِ وَأَجَازَ ذَلِكَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ نَقْدًا فَقَدْ يُقَالُ عَلَى هَذَا إِنَّهُ ابْتِدَاءُ عَقْدٍ بِالدَّيْنِ بِخِلَافِ كِرَائِهَا بِدَيْنٍ وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي ذِمَّةِ غَيْرِ مُكْتَرِيهَا عَقْدُ كِرَائِهَا بِهِ فَيُمْتَنَعُ عَلَى هَذَا وَقَدْ شَرَعَ فِي السُّكْنَى إِلَّا أَنْ يخيف كَذَا الْأَمر هَا هُنَا لِلِاخْتِلَافِ فِي أَنَّ الْكِرَاءَ يُؤْخَذُ مِنْ دَيْنٍ فِي ذِمَّةِ الْمُكْتَرِي إِذَا شَرَعَ فِي السُّكْنَى وَفِي هَذَا كُلِّهِ نَظَرٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ أَن اشْترى انما اشْتَروا لشروع فِي السُّكْنَى أَن الْحَوَالَةَ مِنْ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ وَهُوَ أَشَدُّ مِنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ لِجَوَازِ تَأْخِيرِ رَأْسِ مَالِ السَّلمِ إِلَّا بِأَمْرٍ وَلَوْ أَسْلَمَ فِي عَرضٍ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْهُ امْتَنَعَ تَأْخِيرُ الثَّمَنِ سَاعَةً لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ فَلِذَلِكَ فَرَّقَ بَيْنَ كِرَائِهَا بِدَيْنٍ لَكَ عَلَى رَجُلٍ آخَرَ وَكِرَائِهَا عَلَيْكَ مَنَعَهُ فِي الْحَوَالَةِ إِلَّا أَنْ يَشْرَعَ فِي السُّكْنَى وَأَجَازَهُ فِي كِرَائِكَ بِدَيْنٍ عَلَيْكَ وَإِنْ لَمْ يُسْتَثْنَ فِي السُّكْنَى وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ الْمَنْعُ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَوْلُهُ إِلَّا أَنْ يُفْلِسَ الْمُكْتَرِي أَوْ يَمُوتَ وَلَا يَتْرُكَ شَيْئًا إِنَّمَا يَصِحُّ التَّبْدِئَةُ بِالْمُكْتَرِي إِذَا كَانَ ذَلِكَ الشَّرْطُ فِي الْحَوَالَةِ مِنَ الْمُكْتَرِي وَقَصَدَ أَنْ يَتَحَمَّلَ لَهُ فَأَمَّا إِنْ كَانَ ذَلِكَ الشَّرْطُ مِنَ الْمُكْتَرِي يَقْتَضِي حَالة عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ أَوِ السَّلَفِ لَمْ يَكُنْ لِلْمُكْتَرِي أَنْ يَبْتَدِئَ بِالْمُكْتَرى وَلَا يَكُونُ لَهُ مَقَالٌ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ لَا دَيْنَ لَهُ عَلَيْهِ لِأَنَّ هَذِهِ هِبَةٌ قَارَنَتِ الْعَقْدَ وَلَا يُسْقِطُهَا فَلَسٌ وَلَا مَوْتٌ وَلَيْسَ هِبَةُ الرِّقَابِ وَالْمَنَافِعِ وَالسَّلَفِ فِي ذَلِكَ سَوَاءً وَلَوْ كَانَتِ الْحَوَالَةُ بَعْدَ عَقْدِ الْكِرَاءِ بِالنَّقْدِ جَازَتْ وَإِنْ كَانَ إِلَى أَجَلٍ امْتَنَعَتِ الْحَوَالَةُ بِمَا لم يحل

(الباب الثاني في أحكامها)

(الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهَا) وَهِيَ عَشَرَةُ أَحْكَامٍ الْأَوَّلُ فِي مَشْرُوعِيَّتِهَا قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَاللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُمَا هِيَ مَنْدُوبٌ إِلَيْهَا قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ هُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ شُيُوخِنَا لِأَنَّهَا مَعْرُوفٌ وَمُكَارَمَةٌ مِنَ الطَّالِبِ كَالْكَفَالَةِ وَالْقَرْضِ وَالْعَرَايَا فَبِذَلِكَ تَعَيَّنَ صرف الْأَمر فِي الحَدِيث عَن الوجب إِلَى النَّدْبِ قَالَ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا هِيَ على الْإِبَاحَة لِأَنَّهَا من خص الدّين بِالدّينِ وَالْأَمر بعد الْخطر لِلْإِبَاحَةِ وَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ هِيَ عَلَى الْوُجُوبِ لِظَاهِرِ الْأَمْرِ فَمَنْ أُحِيلَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَبُولُ قَالَهُ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَيَرد عَلَيْهِمْ مُخَالَفَتهُ الْقَوَاعِدَ وَأَنه قد يحيله على من يوذيه أَوْ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَيُحِيلُكَ الَّذِي أَحَلْتَ عَلَيْهِ عَلَى غَرِيمِهِ كَذَلِكَ إِلَى غَيْرِ النِّهَايَةِ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِذَا رَضِيتَ بِالدَّيْنِ الَّذِي عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ بَرِئَتْ ذِمَّةُ غَرِيمِكَ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ فِي غَيْبَةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَوْ عُدْمِهِ وَلَوْ غَرَّكَ مِنْ عُدْمٍ تَعْلَمُهُ أَوْ فَلَسٍ فَلَكَ طَلَبُ الْمُحِيلِ وَلَوْ لَمْ يَغُرَّكَ لَزِمَتْكَ الْحَوَالَةُ وَوَافَقَنَا ش وَابْنُ حَنْبَلٍ فِي الْبَرَاءَةِ أَبَدًا وَقَالَ ح يَرْجِعُ فِي حَالَتَيْنِ إِذَا مَاتَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مُفْلِسًا وَإِذَا جَحَدَهُ وَحلف عِنْد الْحَاكِم وَلَيْسَ لَهُ بَيِّنَة وللمسألة أَصْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْحَوَالَةَ تَحْوِيلُ الْحَقِّ وَلَيْسَ بِتَبْدِيلٍ وَلِهَذَا جَازَتِ الْحَوَالَةُ بِالْمُسلَمِ فِيهِ وَعَلَى أصلهم

يَمْتَنِعُ لِأَنَّ الِاسْتِبْدَالَ بِالْمُسَلَّمِ فِيهِ مَمْنُوعٌ وَعِنْدَ الْمُخَالِفِ هِيَ تَبْدِيلُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ وَذِمَّةٍ بِذِمَّةٍ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٌ لِأَنَّ تَبْدِيلَ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ لَا يجوز لِأَن اسْمَ الْحَوَالَةِ مِنَ التَّحْوِيلِ لَا مِنَ التَّبْدِيلِ وَالْأَصْلُ الثَّانِي أَنَّ الْحَوَالَةَ مُعَاوَضَةٌ عِنْدَنَا وَلِهَذَا أَسْقَطنَا الْمُطَالَبَةَ مِنَ الْجَانِبَيْنِ وَقَدِ اتَّفَقْنَا عَلَى تَعَذُّرِ الْمُطَالَبَةِ وَالتَّخْفِيفِ بِالْإِبْرَاءِ فَدَلَّ عَلَى انْقِضَاءِ وَعِنْدَ الْمُخَالَفَةِ هِيَ مُعَاوَضَةٌ غَيْرُ مَقْبُوضَةٍ لَنَا قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمُتَقَدِّمُ وَهُوَ يَدُلُّ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَمْرٌ بِاتِّبَاعِ الْمَلِيءِ وَلَمْ يَخُصَّ حَالَةً دُونَ حَالَةٍ وَثَانِيهُمَا أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اعْتبر وصف الملاء مَعَ جَوَازِ الْحَوَالَةِ عَلَى الْمُعْسِرِ إِجْمَاعًا فَيَكُونُ مُعْتَبرا فِي أَن لَا يَدْخُلَ عَلَى الْمُحَالِ ضَرَرٌ لَا فِي جَوَازِهَا وَإِنَّمَا يحصل لَهُ الضَّرَر بِعَدَمِ الملاية إِذَا تَحَوَّلَ الْحَقُّ مُطْلَقًا وَأَمَّا الْقِيَاسُ عَلَى مَا إِذَا لَمْ تَتَغَيَّرْ حَالُهُ أَوْ بِالْقِيَاسِ عَلَى مَا إِذَا فُلِّسَ فِي حَالِ حَيَاتِهِ أَو تَقول عِنْد تَعَلّق بِالذِّمَّةِ فَلَا يَنْفَسِخُ بِمَوْتِ صَاحِبِهِ كَمَوْتِ الْمُشْتَرِي مَجْلِسًا بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ دَيْنَ الثَّمَنِ ثَبَتَ لِمُعَاوَضَةٍ تَنْفَسِخُ بِهَلَاكِ الْمُعَوِّضِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَدَيْنَ الْحَوَالَةِ لَا يَنْفَسِخُ بِهَلَاكِ مُقَابِلِهِ وَيُؤَكِّدُهُ أَنَّ دَيْنَ الْحَوَالَةِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَبْضُ لِأَنَّ الْقَبْضَ وَالدَّيْنِيَّةَ يَتَضَادَّانِ وَلِأَنَّ فَوَاتَ الدَّيْنِ بِالْإِفْلَاسِ لَوْ وَجَبَ الرُّجُوعُ لَكَانَ تَعَذُّرُ اسْتِيفَائِهِ فِي وَقْتِ اسْتِحْقَاقِ الِاسْتِيفَاءِ فَثَبَتَ حَقُّ الْفَسْخِ كَبَدَلِ الصُّلْحِ وَلِأَنَّ الْبَائِعَ لَهُ جِنْسُ الْمَبِيعِ بِالثّمن فَلَو أَحَالهُ المُشْتَرِي لزمَه تَسْلِيم البيع وَكَذَلِكَ الضَّامِنُ مَنْ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَضْمُونِ حَتَّى يَزِنَ فَلَوْ أَحَالَ الضَّامِنُ الْمَضْمُونَ لَهُ عَلَى غَرِيمِهِ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ فَصَارَتْ حَوَالَةً كَالْوَزْنِ وَالْوَارِثُ لَا يَتَصَرُّفُ فِي التَّرِكَةِ وَإِذَا أحَال صَاحب الدّين أجَاز لَهُ التصريف أَوْ تَعَذَّرَ اسْتِيفَاءُ الْحَقِّ مِنَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَلَا يرجع كَمَا إِذا هَب الْمُحَالُ عَلَيْهِ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قضى فِي رجل أُحِيل على ذِمَّةٍ فَمَاتَ الْمُحَالُ

عَلَيْهِ مُفْلِسًا أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ عَلَى الْمُحِيلِ وقالو كَانُوا على مُسلم كَذَا وبالقياس على مَا إِذا صَاح مِنَ الدَّيْنِ عَلَى عَبْدٍ فَمَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلِأَنَّهُ إِنَّمَا احْتَالَ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ وَهُوَ مَقْصُودُ الْعُقَلَاءِ فِي الْعَادَةِ وَلِأَنَّ إِفْلَاسَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ يُوجِبُ الرُّجُوعَ فَكَذَلِكَ إِفْلَاسُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَجْرِي مَجْرَى الْغَبْنِ أَوِ الِاسْتِحْقَاقِ فَأَيْنَمَا كَانَ فَإِنَّهُ يُوجِبُ الرُّجُوعَ وَلِأَنَّ فِي الْحَوَالَةِ مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ لِأَنَّهَا تَقْبَلُ الْفَسْخَ كَالْإِقَالَةِ فِي البيع وَلِأَن مَقْصُود الْحِوَالَة تَوْثِيقُ الْحَقَّ فَإِذَا أُغْرِمَ عَادَ إِلَى حَقِّهِ كَمَا لَو قبض دينه فَوجدَ زُيُوفًا وَلقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَمن أحَال على مَلِيء دلّ على اعْتِبَار الملاء فِي تَرْتِيبِ الْحَوَالَةِ لِأَنَّ تَرْتِيبَ الْحُكْمِ عَلَى الْوَصْفِ يَدُلُّ عَلَى عِلِّيَتِهِ فَتَكُونُ الْمَلَاءَةُ عِلَّةَ ثُبُوتِ الْحَوَالَةِ وَعَدَمُ الْعِلَّةِ عِلَّةٌ لِعَدَمِ الْمَعْلُولِ فَتَعْدَمُ الْحَوَالَةُ وَتَعُودُ لِحَقِّهِ فَالْحَدِيثُ مُنْقَلِبٌ عَلَيْكُمْ الْجَواب عَنِ الْأَوَّلِ مَنْعُ الصِّحَّةِ سَلَّمْنَاهُ لَكِنَّهُ مُعَارَضٌ بِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَأَلَهُ رَجُلٌ لَهُ حَقٌّ فَأَحَالَهُ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ وَزَعَمَ أَنَّ الْمُحَالَ عَلَيْهِ قَدْ أَفَلَسَ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اخْتَرْتَ عَلَيْنَا غَيْرَنَا وَمَنَعَهُ الْحَقّ عَنِ الثَّانِي أَنَّ الْمَصَالِحَ عَلَيْهِ عَيْنٌ وَالْعُقُودُ تَبْطُلُ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْمُعَيَّنَاتِ وَالْحَوَالَةُ وَالْعَقْدُ لَا يَبْطَلُ لِتَعَذُّرِ مَا فِي الذِّمَّةِ كَالْبَيْعِ عَنِ الثَّالِثِ بَلْ دَخَلَ عَلَى تَوَقُّعِ الْفَلَسِ وَالْمَوْتُ لَا يَكُونُ أَتَمَّ غَرَضًا مِنَ الْمُبَايِعِ وَلَا يُبْطِلُ عَقْدَهُ الْفَلَسُ وَالْمَوْتُ عَنِ الرَّابِعِ أَنَّ الْبَائِعَ غَيْرُ شبه كَذَا فِي يَدِهِ فَاسْتَصْحَبَ مِلْكَهُ عَلَيْهِ إِنَّمَا عَاوَضَ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَاتُّبِعَتِ الذِّمَّةُ عِنْدَ التَّعَذُّرِ كَالْبَائِعِ إِذَا سَلَّمَ الْمَبِيعَ ثُمَّ أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي أَو مَاتَ بعد هَلَاك الْمعِين الْمَبِيعَة عَن الْخَامِس أَن ينْقض بِالْفَلَسِ فِي الْحَيَاةِ

عَنِ السَّادِسِ أَنَّ مَقْصُودَ الْحَوَالَةِ تَحَوَّلُ الْحَقِّ وَمَا تحول الأَصْل عَدَمُ رُجُوعِهِ وَأَمَّا إِذَا قَبَضَهُ زُيُوفًا تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُحَوَّلَ لَمْ يَنْقَبِضْ فَرَجَعَ لِلذِّمَّةِ كَالْمُسَلَّمِ إِذَا قَبَضَهُ مُعَيَّنًا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لِذِمَّةِ الْمُسَلَّمِ إِلَيْهِ عَنِ السَّابِعِ أَنَّا بَيَنَّا أَنَّ اشْتِرَاطَ الملاءة لنفي الضَّرَر وَلَا مَشْرُوعِيَّة الْحِوَالَة كَذَا بِدَلِيل جَوَازهَا على الْمُعسر واجماعاً تَفْرِيعٌ فِي النُّكَتِ إِنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَ الْحَوَالَةِ لَا تُرَدُّ إِلَّا إِذَا غَرَّ وَبَيْنَ الْعَيْبِ فِي الْبَيْعِ يُرَدُّ بِهِ غَرَّ أَمْ لَا لِأَنَّ الْبَيْعَ بَابُ مُكَايَسَةٍ فَغَلِظَ عَلَى الْبَيْعِ وَالْحَوَالَةُ مَعْرُوفٌ فَسَهُلَ عَلَى الْمُحِيلِ بِهِ قَالَ التُّونُسِيُّ إِذَا مَاتَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ فَقَالَ الْمُحَالُ احتاض كَذَا عَلَى غَيْرِ أَصْلٍ وَقَالَ الْمُحِيلُ بَلْ عَلَى دَيْنٍ صُدِّقَ الْمُحِيلُ لِأَنَّ دَعْوَاهُ أَصْلُ الْحَوَالَةِ وَظَاهِرُهَا قَالَ وَانْظُرْ عَلَى هَذَا لَوْ أَحَالَهُ ثُمَّ أَنْكَرَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ هَلْ ذَلِكَ عَيْبٌ فِي الْحَوَالَةِ لِقَوْلِ الْمُحَالِ لَوْ عَلِمْتُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ بَيِّنَةٌ لَمَا قَبِلْتُ الْحَوَالَةَ أَوْ يُقَالُ لَهُ أَنْتَ فَرَّطْتَ حِينَ أَحَالَكَ عَلَيْهِ وَهُوَ حَاضِرٌ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ فَلَوْ كَانَ غَائِبًا لَكَانَ لِلْمُحَالِ حُجَّةٌ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُنْكِرَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ غَنِيًّا وَجُعِلَ فِي الْكِتَابِ الْغُرُورُ بِالْفَلَسِ عَيْبًا يُوجِبُ الرَّدَّ وَلَوِ اطَّلَعَ الْبَائِعُ عَلَى فَلَسٍ غَرَّهُ بِهِ الْمُشْتَرِي لَمْ يَكُنْ لَهُ الرَّدُّ لِتَعَذُّرِ كَشْفِ ذَمِّ النَّاسِ وَبَيْعُ الدَّيْنِ نَادِرٌ فَإِنَّهُ إِذَا لَمْ يَجُزْ بَيْعُ الدَّيْنِ إِلَّا بَعْدَ الْعِلْمِ بِعُدْمِ الْغَرِيمِ وَمَلَائِهِ كَانَ عَيْبًا فِي الْحَوَالَةِ إِذَا غره قَالَ وَانْظُر عَلَى هَذَا لَوْ لَمْ يَغُرَّهُ فَوَجَدَهُ خَرِبَ الذِّمَّةِ لَمْ تَكُنْ لَهُ حُجَّةٌ كَشِرَاءِ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ إِلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ مَلَائِهِ مِنْ عُدْمِهِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِنْ أَحَلْتَ عَلَى مَنْ لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِ شَيْءٌ ثُمَّ دَفَعْتَ للْمُحِيل الْحق فأفلس وَمَات وَرجع الْغَرِيمُ عَلَيْكَ وَقَالَ كَانَتْ حَمَالَةً وَقُلْتَ حَوَالَةٌ صُدِّقَ وَرَجَعَ عَلَيْكَ وَتَرْجِعُ أَنْتَ عَلَى الْآخِذِ مِنْكَ وَلَوْ أُحِلْتَ عَلَى الْمُودَعِ بِالْوَدِيعَةِ وَضِمْنَهَا الْمُودَعُ لِلْغَرِيمِ فَوَجَدَهَا قَدْ ضَاعَتْ صُدِّقَ فِي الضَّيَاعِ وَضَمِنَ الطَّالِبُ لِأَجْلِ ضَمَانِهِ لِمَنْ إِلَّا أَنْ يَكُونَ وَيَرْجِعَ الْمُودَعُ عَلَيْكَ

لِأَنَّهُ أدّى فِي حَقك مَا يَلْزَمُكَ قَالَ اللَّخْمِيُّ مَالِكٌ الْحَوَالَةُ مَعَ الْجَهْلِ بِذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ قَالَ وَلَهُ الرُّجُوعُ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَغُرَّهُ لِأَنَّهُ فِي الذِّمَّةِ وَلَوْ عَلِمَ ذَلِكَ لَمْ يَحْتَلْ وَإِذَا فُلِّسَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْحَوَالَةِ أَوْ مَاتَ أَوْ غَابَ لَمْ يَرْجِعْ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الرُّجُوعَ قَالَهُ الْمُغِيرَةُ وَإِنْ قَالَ اقْبِضْ حَقَّكَ فَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ رَجَعَ لِأَنَّهُ لَمْ وَإِنَّمَا أَرَادَ كِفَايَتَهُ الْمرومة وَلَوْ قُلْتَ لِشَرِيكِكَ فِي الْمُكَاتَبِ خُذْ هَذَا النَّجْمَ أَفْدِيكَ عَنْهُ وَأَنَا آخِذٌ النَّجْمَ الآخر ثمَّ فلس كَذَا الرَّدُّ عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَتَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِكَ لِأَنَّهُ لَا حِوَالَة بل وكَالَة ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَوْ قُلْتَ وَاحْتَالَ عَلَى النَّجْمِ الْآخَرِ لَمْ تَرْجِعْ تَنْبِيهٌ الْحَوَالَةُ هِيَ تَحْوِيلُ الْحَقِّ مِنْ ذِمَّةٍ إِلَى ذِمَّتِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْحَمَالَةِ حَقِيقَةُ الذِّمَّةِ مَا هِيَ هَلْ هِيَ وُجُودِيَّةٌ أَمْ عَدَمِيَّةٌ وَهَلْ هِيَ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ أَوْ وَصْفٌ حَقِيقِيٌّ وَتَفْصِيلُ أَحْوَالِهَا هُنَالك الثَّالِث فِي الْكتاب أذا لم يقبض وَمَا أحالك بِهِ حَتَّى فلس المحتل لَا يَدْخُلُ غُرَمَاؤُهُ مَعَكَ فِي ذَلِكَ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ كَبَيْعٍ نَفَذَ الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَحَالَكَ عَلَى مَنْ لَيْسَ لَهُ قبله دَيْنٌ فَلَيْسَتْ حَوَالَةً بَلْ حَمَالَةً لَهَا حُكْمُ الْحَمَالَةِ فَإِنْ شَرَطَ عَلَيْكَ الْمُحِيلُ فَرَضِيتَ لَزِمَكَ أَنْ بِعَدَمِ الدّين وَإِلَّا فلك الرُّجُوع لِأَنَّهُ غرور وَعَنْ مَالِكٍ حَرِّقْ صَحِيفَتَكَ وَاتَّبِعْنِي بِمَا فِيهَا مِنْ غَيْرِ حَوَالَةٍ بَدَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ بَلْ حَمَالَةٍ فَاتَّبَعَهُ حَتَّى فُلِّسَ أَوْ مَاتَ وَلَا وَفَاءَ لَهُ فَلَكَ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَوَّلِ قَالَ ابْن يُونُس لِأَن الْمُحْتَمل إِنَّمَا هُوَ رَجُلٌ وَعَدَ بِالسَّلَفِ فَلَيْسَ مُخَالِفًا لِمَا تَقَدَّمَ وَتَأَوَّلَ بَعْضُهُمْ حَرِّقْ صَحِيفَتَكَ أَنَّهُ حميل وَلَا رُجُوع لَهُ عَن الْمُحِيلِ وَمَعْنَاهُ لَيْسَ يَحْتَمِلُ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ اشْتَرَطَ أَنْ يُبْتَدَأَ بِطَلَبِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَمَاتَ مُعْدِمًا رَجَعَ عَلَى الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا قَالَ لَكَ عَلَيَّ لِمَنْ لَيْسَ لَهُ عِنْدَهُ إِلَّا بَعْضَ الْحَقِّ تَمَّتِ الْحَوَالَةُ فِي قَدْرِهِ وَالْبَاقِي فِي حَمَالَةٍ يُتْبِعُ أَيَّهُمَا شَاءَ بِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ خَمْسُونَ أَوْ أَحَالَكَ عَلَيْهِ بِمِائَةٍ وَعَلَيْهِ

لِغَرِيمِكَ مِائَةٌ وَتَرَكَ مِائَةً وَالْحَمِيلُ غَائِبٌ فَالْمَيِّتُ يَحِلُّ مَا عَلَيْهِ دَيْنٌ وَمِنَ الْحَمَالَةِ فَتَخَلَّصَ غرماؤها بِالْمِائَةِ خَمْسِينَ نَفْسِهَا عَلَى الْحَوَالَةِ وَالْآخَرِ مِنَ الْحَمَالَةِ فَنَصِيبُ الْحَمَالَةِ يُعَيِّنُ دَيْنًا لِلْمَيِّتِ عَلَى الْحَمِيلِ الْغَائِبِ وَلَكَانَتْ عَلَيْهِ بِهَذِهِ الْخَمْسِينَ الَّتِي هِيَ الْحمالَة وَهِي خَمْسَة وَعِشْرُونَ وَبهَا أَيْضًا حَمِيلٌ وَبَقِيَ لَكَ عَلَى الْمَيِّتِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ حَوَالَةً لَا تُرْجَعُ بِهَا عَلَى أَحَدٍ فَإِذَا قَدِمَ الْغَائِبُ أَخَذْتَ مِنْهُ الْخَمْسِينَ لِلْحَمَالَةِ خُذْهَا لِنَفْسِكَ وَالْمَيِّتِ فَتَرُدُّ عَلَى الْمَيِّتِ مِنْهَا الْخَمْسَة وَالْعِشْرين الَّتِي كنت أخذت هَا فِي الْمُحَاصَّةِ بِسَبَبِ الْحَمَالَةِ وَالَّذِي كَانَ هَذَا الْمَيِّتُ تَضْرِبُ فِيهِ أَنْتَ بِمَا بَقِيَ لَكَ عَلَى الْمَيِّتِ مِنَ الْحَوَالَةِ وَهِيَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَكَ مِنَ الْحَمَالَةِ شَيْءٌ وَيَضْرِبُ غُرَمَاءُ الْمَيِّتِ بِمَا بَقِيَ لَهُمْ وَهُوَ خَمْسُونَ فَتَأْخُذُ أَنْتَ ثُلُثَهَا وَهُمْ ثُلُثَيْهَا وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِي مَالِ الْقَادِمِ إِلَّا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ لَزِمَكَ نِصْفُهَا وَهُوَ اثْنَا عَشَرَ وَنِصْفٌ إِلَى الْمَيِّتِ فَتُخَلِّصُ فِيهَا أَنْتَ غُرَمَاءَكَ بِمَا بَقِيَ لَكَ مِنَ الْحَوَالَةِ وَقَدْ بَقِيَ لَكَ مِنَ الْحَوَالَةِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ صَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَجِبْ لَكَ عَنِ الْمَيِّتِ بِالْحَمَالَةِ إِلَّا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَفِيهَا أَنْ يُحَاصَّ فَكَأن بَقِيَ لَكَ اثْنَا عَشَرَ وَنِصْفٌ إِذَا صَارَ لِكُلِّ غَرِيمٍ نصف حَقه فيعطي مُفْرد اثنى عشر وَنصف لِأَنَّكَ أَخَذْتَ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ غُرَمَاءُ الْمَيِّتِ مِنْ مَالِهِ فَتَضْرِبُ أَنْتَ بِمَا بَقِيَ لَكَ مِنَ الْحَوَالَةِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ وَمِنَ الْحَمَالَةِ اثْنَيْ عَشَرَ وَنصف فَذَلِك خَمْسَة وَثَلَاثُونَ وَنصف فيحاص بِهِ اثْنَي عشر وَنصف الْحَمَالَةُ وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ لَهُ إِلَّا عِشْرُونَ أَوْ كَانَتْ هِيَ الَّتِي أَصَابَتْكَ فِي الْحِصَاصِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا أحَالَكَ عَلَى غَيْرِ دَيْنٍ وَذَلِكَ هِبَةٌ أَوْ تَحَمُّلٌ أَوْ سَلَفٌ ثُمَّ فُلِّسَ الْمُحَالُ أَوْ مَاتَ لَا يَخْتَلِفُ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِالْمُحَالِ عَلَيْهِ وَفِي الْهِبَةِ قَوْلَانِ قِيلَ هِيَ بِالْحَوَالَةِ كَالْمَقْبُوضَةِ فَيَضْرِبُ مَعَ الْغُرَمَاءِ وَمَا عَجَزَ لَمْ يَرْجِعْ وَقِيلَ لَيْسَتْ مَقْبُوضَةً فَلَا يَضْرِبُ وَهَذَا مَعَ عِلْمِ الْمُحَالِ أَنَّهُ أُحِيلَ عَلَى غَيْرِ دَيْنٍ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ رَجَعَ الْآنَ لِأَنَّهُ عَيْبٌ فِي الْحَوَالَةِ وَلَا يُطَالِبُهُ الْآنَ لِلِاخْتِلَافِ فِي سُقُوطِهَا عِنْدَ الْفَلَسِ إِلَّا أَن

يَعْلَمَ أَنَّ الْوَاهِبَ وَهُوَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مَأْمُونُ الذِّمَّة لَا يخْشَى فلسه وَيرْفَع إِلَى حَاكِمٍ فَيَحْكُمُ بِالْقَوْلِ بِوُجُوبِهِ عِنْدَ الْفَلَسِ فَيُسْقِطُ الْعَيْبَ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ السَّلْفِ فَلَمْ يَجِدْ عِنْدَهُ شَيْئًا رَجَعَ قَوْلًا وَاحِدًا وَأَمَّا إِذَا قَالَ خَرِّقْ صَحِيفَتَكَ وَاطْلُبْنِي فَهُوَ وَعْدٌ بِالسَّلَفِ فَلَا يَثْبُتُ لَهُ حَتَّى يُعْطِيَ فَإِنْ كَانَ الْحَمِيلُ مُوسِرًا فَلِمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ وَلَا يُدْخِلَ مَعَهُ غُرَمَاءَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ لِأَنَّ صَاحِبَهُمْ لَمْ يَصِحَّ مِنْهُ سَلَفٌ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ مُعْسِرًا وَأَحَبَّ هَذَا أَنْ يَضْرِبَ مَعَ غُرَمَاءِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَلَهُ ذَلِكَ عَلَى الْقَوْلِ فِيمَنْ أَحَالَ عَلَى هِبَةٍ لِأَنَّ هَذَا وَهْبُ مَنَافِعِ وَأُحِيلَ عَلَيْهِ فِيهَا فَإِنْ أَضْرَبَ مَعَهُمْ ثُمَّ أَيْسَرَ غَرِيمُهُ بِبَعْضِ حَقِّهِ رَجَعَا جَمِيعًا فَيَرْجِعُ غَرِيمُهُ بِمَا بَقِيَ لَهُ وَيَضْرِبُ غُرَمَاءُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ بِمَا قُضِيَ عَنْهُ مِنْ مَالِ غَرِيمِهِ فَرْعٌ مُرَتَّبٌ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا قُلْتَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَحَلْتَنِي عَلَى غَيْرِ مَالٍ وَقَالَ بَلْ عَلَى دَيْنٍ ثَابِتٍ صُدِّقَ لِأَنَّهُ أَصْلُ الْحَوَالَةِ وَقَالَ عبد الْمَالِك إِذَا قَالَ الْمُحَالُ كَانَتْ دَيْنًا عَلَيْكَ وَقَالَ الآخر إِنَّمَا حلتك لِتَقْبِضَهَا لِي فَإِنْ أَشْبَهَ أَنْ يَكُونَ لِلْمُحَالِ عَلَى الْمُحِيلِ حَقٌّ حَلَفَ وَإِلَّا حَلَفَ الْآخَرُ فَهِيَ حَوَالَةٌ حَتَّى تَثْبُتَ الْوَكَالَةُ فَعَادَتُهُ التَصَرُّفُ لَهُ أَوِ التَّوْكِيلُ لَهُ أَوِ الْمُحَالُ مِمَّنْ لَا يُشْبِهُ أَنْ يَمْلِكَ مِثْلَ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَوْ قَالَ الْمُحِيلُ أَقْرَضْتُكَ وَقَالَ الْآخَرُ بَلْ حَوَالَةٌ لِي فَالْمُتَقَارِضُ غَارِمٌ قَالَ وَالْمَسْأَلَتَانِ سَوَاءٌ بَعْدَ هَذِهِ أَحْرَى أَنْ يُقْبَلَ قَوْلُ الْقَارِضِ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ أَنَّهُ أَحَالَهُ فَقَبَضَهَا لِنَفْسِهِ وَفِي الْأَوَّلِ يُقِرُّ أَنَّهُ جَعَلَ لَهُ قَبْضَهَا لِنَفْسِهِ وَلَكَ وَأَرَى أَنْ يَنْظُرَ هَلْ بَيْنَهُمَا مَا يُشْبِهُ السَّلَفَ أَمْ لَا الْخَامِسُ فِي الْبَيَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا بِعْتَ عَبْدًا بِنَظْرَةٍ فَأُحِلْتَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَأَقَرَّ الَّذِي أُحِيلَ ثُمَّ رَدَّ الْعَبْدَ بِعَيْبٍ فَإِنْ كَانَ لِلْمُحْتَالِ دَيْنٌ فَأَحَلْتَهُ بِهِ غَرِمَ ذَلِكَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ أَوْ هِبَةٌ وَأَحَلْتَهُ بِهَا لَمْ يَغْرَمْ شَيْئًا إِذَا لَمْ يَكُنْ دَفَعَهَا وَإِنْ هُوَ دَفَعَهَا إِلَيْهِ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا الْمَوْهُوبُ إِلَيْهِ أَوِ الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ وَلَمْ يُتْبِعْ بِهَا إِلَّا الْبَائِعَ وَدَفَعَهُ إِيَّاهَا كَقَبْضِ الْبَائِعِ لَهَا فَيَتَصَدَّقُ بِهَا لِأَنَّهُ يَوْمَ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَرُدُّ الصَّدَقَةَ

قَالَ وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ وَيَدْخُلُ فِيهِ قَوْلُ أَشْهَبَ فَيَلْزَمُهُ عَلَى مَذْهَبِهِ لِأَنَّ الْغَيْبَ كَشَفَ أَنَّهُ أَحَالَ مَا لم يملك وعَلى القَوْل لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ بَيْعٍ يَلْزَمُهُ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى الْمُحَالِ الثَّمَنَ قَوْلًا وَاحِدًا وَكَذَلِكَ يَخْتَلِفُ إِذَا وَهَبَ الثَّمَنَ أَوْ تَصَدَّقَ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْعَبْدُ أَوْ رُدَّ بِعَيْبٍ وَفِي الْكُلِّ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ تَفْوِيتٌ وَيَدْفَعُ الْمُبْتَاعُ إِلَى الْمَوْهُوبِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالثَّانِي لَا يفوت إِلَّا الْقَبْض وَالثَّالِث لَا يفوت إِلَّا باستهلاك الْمَوْهُوب لَهُ فَإِنْ لَمْ يَسْتَهْلِكْهُ اسْتَرَدَّهُ الْمُشْتَرِي مِنْهُ وَالرَّابِعُ يطَأ كَذَا لِأَن الْهِبَة وَالصَّدَََقَة فِي جَمِيع الْأَحْوَال كَذَا لَو كَشَفَ الْغَيْب عَنْ عَدَمِ الْمِلْكِ فَإِنِ اسْتَهْلَكَ رَجَعَ الْمُبْتَاعُ عَلَى الْبَائِعِ وَرَجَعَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ أَوِ الْمَوْهُوبِ لَهُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهَذِهِ الْأَرْبَعَةُ فِي مَسْأَلَةِ الْحَوَالَةِ وَفِي الْهِبَةِ قَوْلٌ خَامِسٌ إِنْ كَانَ الْوَاهِبُ

(كتاب الإقرار)

(كتاب الْإِقْرَار) وَهَذِهِ الْمَادَّةُ وَهِيَ الْإِقْرَارُ وَالْقَرَارُ وَالْقَرُّ وَالْقَارُورَةُ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنَ السُّكُونِ وَالثُّبُوتِ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ يُثْبِتُ الْحَقَّ وَالْمُقِرُّ أَثْبَتَ الْحَقَّ عَلَى نَفْسِهِ والقرار السّكُون والقبر الْبَرْدُ وَهُوَ يُسَكِّنُ الدِّمَاءَ وَالْأَعْضَاءَ وَالْقَارُورَةُ يَسْتَقِرُّ فِيهَا الْمَائِعُ وَأَصْلُهَا مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى {وَإِذْ أَخَذَ الله مِيثَاق النبيئين لما أَتَيْنَاكُم مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لما مَعكُمْ لتؤمنن بِهِ ولتنصرنه قَالَ أقررتم وأخذتم على ذَلِكُم إصرى قَالُوا أقررنا} وَقَوله تَعَالَى {وَإِذا أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذرياتهم وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} وَهُوَ كَثِيرٌ وَأَمَّا السُّنَّةُ فَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ

(الباب الأول في الأركان)

(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي الْأَرْكَانِ) وَهِيَ أَرْبَعَةٌ الرُّكْنُ الْأَوَّلُ الْمُقِرُّ وَفِي الْجَوَاهِرِ يَنْقَسِمُ إِلَى مُطْلَقٍ وَمَجْبُورٍ فَالْمُطْلَقُ لَمْ يَجُزْ إِقْرَارُهُ لِتَعَذُّرِ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ وَأَبْطَلَهُ ش وَقَالَ صَاحِبُ الْإِشْرَافِ وَهُوَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ لَا يَصِحُّ إِقْرَارُ الْمُرَاهِقِ لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ عَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ وَفِي بَعْضِهَا حَتَّى يَحْتَلِمَ وَزَمَنُ إِقْرَارِهِ كَانَ الْقَلَمُ مَرْفُوعًا عَنْهُ وَقِيَاسًا عَلَى الشَّهَادَةِ أَوْ عَلَى غَيْرِ الْمَأْذُونِ وَاتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى قَبُولِهِ فِي الِاحْتِلَامِ فِي زَمَانِ الْإِمْكَانِ وَأَمَّا السَّكْرَانُ فَفِيهِ خِلَافٌ تَقَدَّمَ فِي الطَّلَاقِ وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ إِنْ كَانَ سُكْرَهُ بِسَبَبٍ مُبَاح كمن شرب دوات لِلتَّدَاوِي أَوْ أُكْرِهَ عَلَى السُّكْرِ فَهُوَ كَالْمَجْنُونِ وَإِلَّا فَهُوَ كَالصَّاحِي وَهُوَ عِنْدَ ح كَالصَّاحِي وَمَنَعَ ح إِقْرَارَ الْمَرِيضِ لِابْنِ الْعَمِّ مَعَ الْبِنْتِ وَنَحْوَهُمَا وَبِالْعَكْسِ وَعِنْدَ ش قَوْلَانِ فِي جَوَازِ الصُّورَتَيْنِ وَالصَّحِيحُ عِنْدَهُ الْإِمْضَاءُ وَوَافَقَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمَرَضَ هَلْ يُؤَثِّرُ فِي الْإِقْرَارِ أَمْ لَا لَنَا أَنَّ الْإِقْرَارَ أَخْبَار عَن ثُبُوت الْحق فَيبْطل مَعَ الظلمَة وَكَذَا وَيَصِحُّ مَعَ عَدَمِهِ كَالشَّهَادَةِ وَهَذَا بِخِلَافِ قَوْلِ مَنْ قَالَ إِنَّهَا حَالَةُ الْإِنَابَةِ وَحُسْنُ الْحَالَةِ وَالْبُعْدُ عَنِ الذُّنُوبِ فَلَا يَقْدَحُ فِي الْإِقْرَارِ لِأَنَّهُ يَبْطُلُ بِالشَّهَادَةِ وَلِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ أَنْ يهب للْوَارِث

شَيْئًا مِنْ خَالِصِ مَالِهِ وَهُوَ الثُّلُثُ لِأَجْلِ الْحَجْرِ وَالْحَجْرُ يَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ كَالْجُنُونِ احْتَجُّوا بِقَوْلهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قوامين بِالْقِسْطِ شُهَدَاء الله وَلَو على أَنفسكُم} وَشَهَادَةُ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ إِنَّمَا هِيَ بِالْإِقْرَارِ وَلِأَنَّهُ يَصح إِقْرَار بِوَارِثٍ أَوْ يُقَالُ صَحَّ إِقْرَارُهُ فَيُصْبِحُ لِلْوَارِثِ للصحيح أَوِ الْمَرَضِ يَعْنِي يُمْتَنَعُ التَّبَرُّعُ فِيهِ لِحَقِّ الْوَرَثَةِ فَلَا يُمْنَعُ الْإِقْرَارُ بِحَقِّ الْوَرَثَةِ كَالزَّائِدِ عَلَى الثُّلُثِ فِي حَقِّ الْأَجْنَبِيِّ أَوْ مَعْنَى يَعْلَمُ بِهِ وُجُوبَ الْحَقِّ فَيَسْتَوِي فِيهِ الْمَرِيضُ وَالصَّحِيحُ وَالْوَارِثُ وَالْأَجْنَبِيُّ كَالْبَيِّنَةِ الْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ كُلُّ مَا وَجَبَ إِظْهَارُهُ وَجَبَ قَبُولُهُ كَالْفَاسِقِ يَجِبُ عَلَيْهِ إِظْهَارُهُ مِنَ الشَّهَادَةِ وَلَا يَلْزَمُ الْعَمَل بهَا وَالسَّفِيه وَالْعَبْد يجب عَلَيْهَا الْإِقْرَارُ بِمَا عَلَيْهِمَا وَلَا يَلْزَمُ قَبُولُهُ عَنِ الثَّانِي أَنه لَا يهتم فِي إِلْحَاقِ النَّسَبِ بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ بَيْنَهُمَا يَثْبُتُ مِنْهَا وَمَا يَثْبُتُ وَهُوَ الْجَوَابُ عَنِ الثَّالِثِ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ الزَّائِدَ عَلَى الثُّلُثِ حَقُّ الْوَارِثِ فَيُمْكِنُهُ إِجَازَتُهُ وَالْإِقْرَارَ إِذَا لَزِمَ الْوَارِثُ غُرَمَاءَهُ وَجَبَ تَفْرِيعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا أقرّ وَمَا أَخذ بِهِ الصَّحِيح أَنه فَعَلَيهِ أُخِذَ بِهِ مَا لَمْ يَمْرَضِ الْمُقِرُّ أَوْ يَمُوت فَيَبْطُلُ فَإِنْ قَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ إِلَّا الْعِتْقُ وَالْكَفَالَةُ لِأَنَّهُ دَيْنٌ يَثْبُتُ فِي مَالِهِ فِي الصِّحَّةِ وَإِذَا أَقَرَّ الْمَرِيضُ أَنَّهُ فَعَلَهُ فِي صِحَّتِهِ مِنْ عِتْقٍ أَوْ كَفَالَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ غَيْرِهَا لِوَارِثٍ أَمْ لَا بَطَلَ مِنَ الثُّلُثِ وَغَيْرِهِ فَيَكُونُ مِيرَاثًا قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ أَكْثَرُ الْمُخْتَصِرِينَ كَابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَغَيْرِهِ قَدْ سَوَّوْا بَيْنَ الْكَفَالَةِ وَالصَّدَقَةِ فِي الْبُطْلَانِ وَحَمَلُوا الْكِتَابَ عَلَيْهِ وَبَعْضُهُمْ فَرَّقَ بَيْنَ الْكَفَالَةِ

فتلزم لِأَنَّهَا دين وَغَيرهَا فَلَا يلْزم وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ وَغَيْرُهُ وَقَالَ إِنَّمَا يَبْطُلُ مِنْهَا مَا هُوَ لِوَارِثٍ وَمَنْ لَا يَصِحُّ إِقْرَارُهُ لَهُ فِي الْمَرَضِ وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ إِنْ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ أَنَّهُ تَكَفَّلَ فِي صِحَّتِهِ فِي أصل عقد البيع أَو قرض فليزم لِأَن دَيْنٌ لَا مَعْرُوفٌ لِأَنَّهُ أَخْرَجَ بِهِ الْمِلْكَ مِنْ يَدِ مَالِكِهِ أَوْ بَعْدَ الْعَقْدِ فَهُوَ مَعْرُوفٌ وَقَوْلُهُ فِي الْعِتْقِ لَا يَلْزَمُ فِي ثُلُثٍ وَلَا غَيْرِهِ هُوَ كَذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَقُولَ أَنْفِذُوا هَذِهِ الْأَشْيَاءَ فَيَخْرُجُ مِنَ الثُّلُثِ أَنَّ الْعِتْقَ فِيمَا إِذَا لَمْ يَأْمُرْهُ بِتَنْفِيذِهِ يخرج من الثُّلُث لِأَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ خَرَجَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ بِخِلَافِ الصَّدَقَةِ وَالْحَبْسِ إِذْ لَوْ ثَبَتَ لعدم الْحَوْز قَالَ مُحَمَّدٌ هَذَا غَلَطٌ وَيَبْطُلُ ذَلِكَ كُلُّهَ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ وَهَبَ لِوَارِثٍ فِي الصِّحَّةِ لَمْ يُقْبَلْ وَحُمِلَ عَلَى الْوَصِيَّةِ لِلتُّهْمَةِ وَلَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ مُسْتَغْرِقٍ وَمَاتَ فَأَقَرَّ وَارِثُهُ بِدَيْنٍ مُسْتَغْرِقٍ لِقِدَمِ إِقْرَارِ الْوَارِثِ لِوُقُوعِ إِقْرَارِ الْوَارِثِ بَعْدَ الْجَحْدِ وَلَوْ أَقَرَّ بِعَيْنِ مَا فِي يَدَيْهِ لِشَخْصٍ ثُمَّ أَقَرَّ بِدَيْنٍ مُسْتَغْرِقٍ سَلَّمَ الْعَيْنَ لِلْأَوَّلِ وَلَا شَيْءَ لِلثَّانِي لِأَنَّهُ مَاتَ مُفْلِسًا فُرُوعٌ عَشَرَةٌ الْأَوَّلُ قَالَ الطُّرْطُوشِيُّ إِذَا أَقَرَّ الْمَرِيضُ لِأَجَانِبَ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِمْ وَأَقَرَّ لِبَعْضِهِمْ فِي الصِّحَّةِ وَلِبَعْضِهِمْ فِي الْمَرَضِ وَضَاقَتِ التَّرِكَةُ اسْتَوَوْا فِي الْمُحَاصَّةِ وَقَالَهُ ش وَقَالَ ح يُقَدَّمُ غُرَمَاءُ الصِّحَّةِ وَلَا خلاف أَن من تقدم إقراراه فِي الْمَرَضِ لِشَخْصٍ ثُمَّ أَقَرَّ لِآخَرَ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ وَإِنْ كَانَ لِلتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ أَثَرٌ فِي التَّبَرُّعَاتِ وَقَالَ لَوْ حَابَى ثُمَّ قُدِّمَتِ الْمُحَابَاةُ وَلَوْ عَكَسَ تَسَاوَيَا وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمَرَضَ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْإِقْرَارِ عِنْدَ ش وَيُؤَثِّرُ عِنْدَ ح وَعِنْدَنَا يُؤَثِّرُ فِي مَحَلٍّ تَقْوَى فِيهِ التُّهْمَةُ لَنَا قَوْله تَعَالَى {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لله وَلَو علم أَنفسكُم}

وَشَهَادَةُ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ إِقْرَارٌ وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قُولُوا الْحَقَّ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَلِأَنَّهُ دَيْنٌ ثَبَتَ فِي الْمَرَضِ فَسَاوَى الثَّابِتَ فِي الصِّحَّةِ كَمَا إِذَا ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ فِي الْمَرَضِ أَوْ كَدَيْنَيْنِ ثَبَتَا فِي الصِّحَّةِ وَتَسَاوَيَا وَيُؤَكِّدُهُ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِزَوْجِيَّةِ امْرَأَةٍ وَأَنَّهُ لَمْ يَدْفَعِ الصَّدَاقَ أَوْ بِظَنِّ بَيْعٍ مُعَيَّنٍ وَأَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْهُ فَإِنَّهُ يُسَاوِي دُيُونَ الصِّحَّةِ لِأَنَّ الْمَرَضَ لَا يُحْدِثُ حَجْرًا فِي الْإِقْرَارِ فِي حَقِّ الْأَجَانِب لَا حد الْوَارِث كَذَا وَأَحْدَثَهُ فِي التَّبَرُّعَاتِ مَعَ كَوْنِ حَقِّ الْوَارِثِ أَقْوَى اتِّفَاقًا وَإِذَا أَحْدَثْنَا الْحَجْرَ فِي التَّبَرُّعَاتِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهَا دُونَ الْإِقْرَارِ ثُمَّ كَالْوَقْفِ كَذَا حَجْرًا فِي الْإِقْرَارِ بِالْعُقُوبَاتِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهَا مَا أَحْدَثَهُ فِي الْمَالِ فَأَثَّرَ فِيهِ فَلَا فَرْقَ فِي الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ كَالتَّبَرُّعِ فِي الصِّحَّةِ وَرَدِّ بَعْضِهَا فِي الْمَرَضِ وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ فَرْقًا فِي الْأَقَارِيرِ عَنْهُ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ لِأَنَّ الأقارير ولاردة عَلَى الذِّمَّةِ وَالذِّمَّةُ لَا تَخْتَلِفُ فِي الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ وَالدَّيْنُ الْأَوَّلُ مَا تَعَاقَدَ بِالصِّحَّةِ أَوْ نَقُولُ كُلُّ حَقٍّ لَوْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ فِي حَال الْمَرَض سَاوَى مَا ثَبت فِي بِالْبَيِّنَةِ فِي حَالِ الصِّحَّةِ وَكَذَلِكَ مَا ثَبَتَ بِالْإِقْرَارِ كَانَ الْوَارِث المقربه يَرِثُ الْمَالَ كَالْمُقِرِّ بِهِ فِي الصِّحَّةِ وَأَمَّا مَهْرُ الزَّوْجَةِ خَوْفَ أَنْ لَا يَفْصِلَ لَوْ ثَبت فِي مقرّ الْأَجْنَبِيّ على بعده كَذَا فعلى الْوَارِث إِن كَانَ الْمَرَض لابنا كَذَا فِي صِحَّةِ الْإِقْرَارِ بَلْ يُوجِبُ تَعَلُّقَ الْحُقُوقِ بِالْمَالِ وَلَا يَمْنَعُ مِنَ الْمُزَاحَمَةِ فِيهِ فَكَذَا إِذَا أَقَرَّ السَّيِّدُ بِجِنَايَةِ الْعَبْدِ الْمَرْهُونِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْعَبْدَ الْأَصْلُ فِيهِ الْحَجْرُ وَالْإِطْلَاقُ عَلَى شُرُوطِهِمَا

عَنِ الثَّانِي لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ أَقْوَى لِأَنَّ الْإِقْرَارَيْنِ إِخْبَارٌ عَنِ الْحَقِّ وَأَمَّا الْكَفَنُ فَإِنَّهُ لَا يَقْبَلُ التَّأْخِيرَ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي نَفسه ككسوته مؤنتة فِي الْحَيَاة كَمَا قدم الْغَرِيمُ عَلَى الْوَارِثِ لِأَنَّ الدَّيْنَ مُوجِبٌ لِحَقِّهِ فَهُوَ مُشْعِرٌ بِالْحَاجَةِ وَحَقُّ الْوَارِثِ أَنَّهُمَا يَتَعَلَّقُ فِي الْفَاضِل وَهَذَا لَا يُوجِبُ فَرْقًا فِي الْأَقَارِيرِ عَنِ الثَّالِثِ أَنَّهُ يَبْطُلُ فِي الصِّحَّةِ وَيُوقَفُ فِي الْمَرَضِ فَإِنَّ التُّهْمَةَ فِي الْإِقْرَارِ الثَّانِي إِذَا أَقَرَّ بِزَوْجِيَّةِ امْرَأَةٍ وَأَنَّهُ لَمْ يَدْفَعِ الصَّدَاقَ وَبِثَمَنٍ مَبِيعٍ وَأَنَّهُ لَمْ يَدْفَعِ الثَّمَنَ عَنِ الرَّابِعِ لَا نُسَلِّمُ تَعَلُّقَ الْحُقُوقِ بِالْمَالِ بَلِ الْإِقْرَارُ يُصَادِفُ الذِّمَّةَ كَالْمَالِ الثَّانِي قَالَ صَاحِبُ الْإِشْرَافِ إِذَا أَقَرَّ فِي الْمَرَضِ بِقَبْضِ دَيْنِهِ مِمَّنْ لَا يُتَّهَمُ فِي حَقِّهِ قُبِلَ إِقْرَارُهُ وَبرئ من كَانَ عَلَيْهِ الدّين سَوَاء أداين فِي الصِّحَّةِ أَوْ فِي الْمَرَضِ وَقَالَ ح يُقْبَلُ إِقْرَارُهُ فِيمَا أَدَانَهُ فِي الصِّحَّةِ دُونَ الْمَرَضِ لَنَا قِيَاسُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ بِجَامِعِ إِقْرَارِ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ مَعَ نَفْيِ التُّهْمَةِ أَوْ كَمَا إِذَا بَاعَ دَارًا وَأَقَرَّ بِقَبْضِ ثَمَنِهَا الثَّالِثُ قَالَ الطُّرْطُوشِيُّ إِذَا أَقَرَّ بَعْضُ الْوَرَثَةِ بِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ لَزِمَهُ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ أَصْحَابُ مَالِكٍ كُلُّهُمْ يَرَوْنَ هَذَا الْقَوْلَ وهما مِنْ مَالِكٍ لِأَنَّهُ لَا مِيرَاثَ إِلَّا بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ جَمِيعِ الدّين فِي وَالصَّوَابُ قَوْلُ مَالِكٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَحَدُ قَوْلَيْ ش وَالْقَوْلُ الْآخَرُ هُوَ قَوْلُ ح وأصل الْمَسْأَلَة أَن إِقْرَارٌ عَلَى الْبَتِّ شَائِعٌ فِي التَّرِكَةِ أَوْ هُوَ إِقْرَارٌ عَلَى نَفْسِهِ بِمَا فِي يَدِهِ عِنْدَ ح لَنَا أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَالِ التَّرِكَةِ فَتَكُونُ بِالْحِصَّةِ كَالْإِقْرَارِ بِالرَّهْنِ وَالْجِنَايَةِ فِي عَبْدٍ مُشْتَرِكٍ وَالشَّرِيكُ الْآخَرُ مُنْكِرٌ وَكَمَا لَوْ صَدَّقَهُ بَاقِي الْوَرَثَةِ وَلِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ لِوَاحِدٍ بِأَلْفٍ وَالتَّرِكَةُ أَلْفٌ ثُمَّ أَقَرَّ لِآخَرَ بَطَلَ الثَّانِي فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْإِقْرَارَ عَلَى

التَّرِكَاتِ لَا يُلْزِمُهُ حِصَّتَهُ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِعَيْنٍ سَمَّاهَا لَمْ يَلْزَمْهُ إِلَّا مُحَاصَّتُهُ أَوْ يَقُول مَعْنًى يثبت بِهِ الدَّيْن فِي التَّرِكَةِ فَأَثْبَتَهُ شَائِعًا فِي الدَّارِ عَلَى الْجَمِيعِ كَالْبَيِّنَةِ وَلِأَنَّهُ اجْتمع إِقْرَار مُعْتَبر وانكار مُعْتَبرا بِدَلِيلِ تَحْلِيفِ الْمُنْكِرِ وَالْإِنْكَارُ يَخْتَصُّ بِحَالَةِ الْمُنْكِرِ فَيَتَعَذَّرُ إِثْبَاتُ الْحَقِّ عَلَى الْمُنْكِرِ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دين} فَقَدَّمَ الدَّيْنَ عَلَى الْمِيرَاثِ فَلَا يَتَسَلَّمُ الْمُقِرُّ شَيْئًا إِلَّا بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ وَلِأَنَّ الدَّيْنَ يَتَعَلَّقُ بِالتَّرِكَةِ وَبِكُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهَا وَالْمُنْكِرُ كَالْغَاصِبِ فَيَتَعَلَّقُ الدَّيْنُ بِالْبَاقِي كَمَا إِذَا أَقَرَّ الْمَوْرُوث بِغَصب حَقه كَذَا بَعْضِ مَالِهِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَمَا ذَكَرَ الدَّيْنَ ذَكَرَ الْوَصِيَّةَ وَلَوْ أقرّ بِالْوَصِيَّةِ أجحدها أَخَاهُ كَذَا لَمْ يُلْزِمْهُ فِي نَصِيبِهِ إِلَّا بِحِصَّتِهِ وَكَذَلِكَ فِي الدَّيْنِ ثُمَّ إِنَّ الدَّيْنَ إِنَّمَا يُقَدَّمُ إِذا ثَبت لم يَثْبُتْ عِنْدَنَا إِلَّا بِقَدْرِ حِصَّتِهِ فَقَطْ عَنِ الثَّانِي أَنَّ إِقْرَارَهُ إِنَّمَا أَثْبَتَ حِصَّتَهُ مِنَ الدَّيْنِ أَمَّا جَمِيعُهُ فَلَا بِخِلَافِ إِقْرَارِ الْمَوْرُوثِ الرَّابِعُ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا أَقَرَّ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ لِصَاحِبِهِ بِدَيْنٍ فِي الْمَرَضِ فَأَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ فَإِنْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ وَالْمُقَرُّ لَهُ وَغَيْرُهُ مِنَ الْوَرَثَةِ فِي مَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ فِي الْقُرْبِ فَيَبْطُلُ اتِّفَاقًا إِذا الدَّيْنُ دَلِيلٌ عَلَى صِدْقِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَاطِعًا بِأَنْ يَكُونَ الْمُقَرُّ لَهُ عَاقًّا فَالْإِقْرَارُ بِهَذَا لَا يَجُوزُ كَالزَّوْجَةِ إِذَا أَقَرَّ لَهَا وَهِي عَادَتهَا بِبَعْضِه وببعضها كَذَا وَقِيلَ تُبْطَلُ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ إِذَا كَانَ بَعْضُ مَنْ لَا يُقِرُّ لَهُ وَبَعْضُهُمْ عَلَى قَوْلَيْنِ نَظَرًا لِأَحَدِ الْقِسْمَيْنِ فَيَمْتَنِعُ أَوْ إِلَى الْآخَرِ فَيَجُوزُ لِعَدَمِ الثَّلَاثَةِ فَإِنْ أَقَرَّ بِمَنْ لَا يَعْرِفُ فَهُوَ بِوَلَدٍ جَازَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْصَى أَنْ يتَصَدَّقَ بِهِ عَنْهُ أَوْ يُوقِفَ لَهُ وَاخْتَلَفَ إِذَا كَانَ يُورِثُ كَلَالَةً فَقِيلَ إِنْ وَافَقَ أَنْ يُوقِفَ حَتَّى يَأْتِيَ لِذَلِكَ طَالب جَار مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ

يَتَصَدَّقُ بِهِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَلَا مِنَ الْغَلَّةِ وَقِيلَ يَجُوزُ مِنَ الثُّلُثِ كَالْوَصِيَّةِ وَقِيلَ لَيْسَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَيَبْطُلُ الْقِسْمُ مُطْلَقًا وَقَالَ مَالِكٌ إِنْ أَقَرَّتِ الْمَرْأَةُ عِنْدَ الْمَوْتِ أَنَّهَا قَبَضَتْ صَدَاقَهَا مِنْ زَوْجِهَا إِنْ كَانَ لَهُ أَوْلَادٌ وَقَدْ يَكُونُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ شَنَآنُ فَيَجُوزُ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ وَمِثْلُهَا يُتَّهَمُ يَبْطُلُ الْخَامِسُ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَرَدْتَ تَحْلِيفَهُ فَقَالَ أَخِّرْنِي إِلَى سَنَةٍ وَأَنَا أُقِرُّ لَكَ يَحْرُمُ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً فَإِنْ وَقَعَ لَا يَلْزَمُ الْإِقْرَارُ وَتَبْقَى الْخُصُومَةُ كَمَا كَانَتْ لِأَنَّهُ إِنَّمَا رَضِيَ بِالْإِقْرَارِ لِتَأْخِيرِ وَقْتِهَا السَّادِسُ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا فُلِّسَ الْمُقَارِضُ بِدُيُونٍ عَلَيْهِ فَأَقَرَّ فِي بَعْضِ مَا فِي يَدَيْهِ أَنَّهُ مَالُ الْقِرَاضِ لَا يُصَدَّقُ عَلَيْهِ وَقِيلَ يُقْبَلُ لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَا يُعْلَمُ إِلَّا مِنْ قِبَلِهِ وَقِيلَ الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَلَى أَصْلِ الْقِرَاضِ سَنَةً أَمْ لَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا وَقِيلَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى أَصْلِ الْقِرَاضِ بَقِيَّةٌ لَا مَا إِذَا كَانَ فَلَا اخْتِلَافا أَنَّهُ جَائِزٌ وَيُتَأَوَّلُ النَّصُّ الْمُتَقَدِّمُ فَإِنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ أَقَرَّ عَلَى مَا فِي يَدَيْهِ مِنْ غير متجر الْقَرَاض أَنه من الفراض لَيْلًا يُبَاعَ عَلَيْهِ كَمُسَلَّطٍ يَتَّجِرُ فِي الْحِنْطَةِ فَيَقُولُ هَذَا مِنَ الْقِرَاضِ فَلَا يُصَدَّقُ السَّابِعُ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَكُمَا مَالٌ بِوِكَالَةٍ فِي قَبْضَتِهِ فَقَالَ الْوَكِيلُ قَبَضْتُ حَقَّكَ دُونَ حَقِّ صَاحِبِكَ وَالْغَرِيمُ أَنَّهُ كَانَ بَيْنَكُمَا فَهُوَ بَيْنَكُمَا لِأَنَّ الدَّيْنَ شَائِعٌ فَالْمَقْبُوضُ شَائِعٌ وَلَا خِلَافَ فِيهِ إِذَا اشْتَرَكَا فِي الدَّيْنِ لَمْ يَمْضِ لَهُمَا مِيرَاثٌ أَوْ جِنَايَةٌ لِأَنَّ سَحْنُون يُفَرِّقُ بَيْنَ الْوَجْهَيْنِ فَيُشْرِكُهُمَا فِي الطَّوْعِ فَقَطْ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ إِذَا أَسْلَفَ الرَّجُلُ لَهُ أَجْنَبِيًّا مِنْ نَصِيبِهِ جَازَ فَإِنْ شَرِيكٌ فَقِيلَ خِلَافٌ وَقِيلَ لَا لِأَنَّهُ إِنَّمَا لَمْ يَأْخُذْ مِنْ شَرِيكِهِ نصِيبه مِمَّا أَخذ بِسَبَب الْإِقَالَة لَيْلًا يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدْ أَقَالَهُ مِنْ بَعْضِ حَقِّهِ فَيَصِيرُ بَيْعًا وَسَلَفًا وَبَيْعَ طَعَامٍ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ

حَقُّهُمَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُجْتَمَعًا صُدِّقَ الْوَكِيلُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَعَنْهُ أَنَّ الْمَقْبُوضَ بَيْنَكُمَا وَإِنِ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْغَرِيمُ قَبَضْتُ حَقَّ فُلَانٍ وَقَالَ الْوَكِيلُ بَلْ حَقَّ الْآخَرِ وَكَذَلِكَ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَوِ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا اقْتَضَى حَقَّ أَحَدِهِمَا لِأَنَّ الْوَكِيلَ لَا يُصَدَّقُ إِذَا كَانَ الْغَرِيمُ عَدِيمًا لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى مُحَابَاتِهِ لِأَحَدِهِمَا قَالَ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ وَلَا يُتَّهَمُ الثَّامِنُ فِي الْكِتَابِ مَا فُهِمَ عَنِ الْأَخْرَسِ مِنْ سَائِرِ الْحُقُوقِ لَزِمَهُ وَقَالَهُ ش وَعِنْدَ ح كَذَلِكَ فِي الْمَالِ وَالْقِصَاصِ دون الْحُدُود لاختصاصها عِنْده بِالْإِقْرَارِ وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ مِنْهُ وَلِأَنَّ الْحُدُودَ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ وَلَعَلَّ فِي نَفْسِهِ شُبْهَةً تَعَذَّرَ عَلَيْهِ إِظْهَارُهَا بِالْإِشَارَةِ فَقَالَ وَلَا يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ بِالْبَيِّنَةِ أَيْضا لتعذر إبداء الشُّبْهَة لنا أَن الْمَقْصُود الِاطِّلَاعُ عَلَى مَا فِي النَّفْسِ بِأَيِّ شَيْءٍ دَلَّ عَلَى مَا فِي النَّفْسِ قَامَ مَقَامَ التَّاسِعُ قَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ الْمُكْرَهُ لَا يَجُوزُ إِقْرَارُهُ وَهُوَ مَذْهَبُنَا لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ الْعَاشِرُ فِي إِقْرَارِ الْأَمِينِ عَلَى مَنْ أَمِنَ عَلَيْهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْوَكِيلُ بِالْخُصُومَةِ لَا يُقِرُّ عَلَى مُوَكِّلِهِ فَلَوْ قَالَ لَهُ أَقِرَّ عَنِّي فَهُوَ بِهَذَا الْقَوْلِ كَالْمُقِرِّ وَفِي الْكِتَابِ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُسَلِّفَ لِلْيَتِيمِ وَيَأْخُذَ مِنْ مَالِهِ لِأَنَّهُ مِنْ وُجُوهِ الْمَصْلَحَةِ الَّتِي تُعْرَضُ عَلَى ذِمَّةِ الْيَتِيمِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا وَلِيَ عَلَى الْمَالِ وَأَنَّ الْمَالَ لَهُ لَهُ مَالٌ أَخَذْتَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ إِلْزَامٌ لِلذِّمَّةِ وَعِنْدَ

ح إِذَا أَقَرَّ الْوَكِيلُ بِبَيْعِ الْمُوَكِّلِ عَلَيْهِ صَدَقَ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ إِنْشَاءَهُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ بِخِلَافِ النِّكَاحِ لَا يَمْلِكُ إِنْشَاءَهُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ فَبَيِّنَةُ الْإِنْشَاء تَعْنِي عَنِ الْإِقْرَارِ وَهَذَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِيهِ لِأَنَّ مَنْ مَلَكَ الْإِنْشَاءَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ قُبِلَ إِقْرَارُهُ الرُّكْن الثَّانِي الْمُقَرُّ لَهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَهُ شَرْطَانِ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ أَهْلًا لِلِاسْتِحْقَاقِ فَلَوْ قَالَ لِهَذَا الْحَجْرُ بَطَلَ قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ بِهَذَا لِأَنَّ عِنْدَ الْقَبُولِ يَكْذِبُ الْإِقْرَارُ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَلَوْ أَقَرَّ لِعَبْدٍ صَحَّ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ وَعِنْدَ ش لَا يَمْلِكُ وَعِنْدَهُ أَنَّ إِقْرَارَهُ بِنِكَاحٍ أَوْ قِصَاصٍ أَوْ تَغْرِيمٍ صَحَّ لِأَنَّهُ يَمْلِكُهَا أَوْ مَلَّكَهُ سَيِّدُهُ ذَلِكَ الْمَالَ صَحَّ وَكَانَ العَبْد عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْهِمْ إنَّهُ يَمْلِكُ وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ يَكُونُ الْمَالُ لِسَيِّدِهِ يَثْبُتُ بِتَصْدِيقِهِ وَيَبْطُلُ بِرَدِّهِ قِيَاسًا عَلَى اكْتِسَابِ الْعَبْدِ عَنْهُ وَلَوْ أَقَرَّ لِصَبِيٍّ لَا يَعْقِلُ أَوْ لِمَجْنُونٍ بِشَيْءٍ لَزِمَهُ لِقَبُولِهِ لِلْمِلْكِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَلَوْ قَالَ اشْتَرَيْتُ مِنْهُ هَذَا الْعَبْدَ أَوِ اسْتَأْجَرْتُهُ أَوْ وَهَبَهُ لِي كَانَ إِقْرَارُهُ بِالْعَبْدِ وَمَا نَسَبَهُ إِلَيْهِ مِنَ الْفِعْلِ بَاطِلًا لِعَدَمِ قَبُولِهِ لِذَلِكَ الْفِعْلِ وَلِحَمْلِ فُلَانَةٍ عَلَى أَلْفٍ مِنْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ قُبِلَ إنْ وَضَعَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الْإِقْرَارِ لِتَبَيُّنِ حُصُولِ مُقَارَنَةٍ لِوُجُودِ الْجَنِينِ أَوْ تَقَدُّمِهِ عَلَى الْإِقْرَارِ أَوْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَزَوْجُهَا مُرْسَلٌ عَلَيْهَا لَمْ يَلْزَمْهُ مَا ذُكِرَ مِنْ هِبَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ صَدَقَةٍ لِعَدَمِ تَيَقُّنِ الْمُقَارَنَةِ وَمَتَى شَكَكْنَا فِي الشَّرْطِ الَّذِي هُوَ السَّيِّدُ الْقَابِلُ لِلْمِلْكِ لَمْ يَثْبُتِ الْمِلْكُ فَإِنْ كَانَ مَعْزُولًا عَنْهَا فَقِيلَ بِجَوَازِ الْإِقْرَارِ إِذَا وَضَعَتْ لِأَرْبَعِ سِنِينَ فَدُونَهَا لِأَنَّ الْقَرَائِنَ تَقْتَضِي أَنَّ الْحَمْلَ لَمْ يُحَدَّدْ تَنْبِيهٌ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ فِي وَضْعِ الْجَنِينِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلَدٌ إِذَا كَانَ وَأَمَّا الْجَنِينُ كَذَا لِأَنَّهُ لَمْ يَتِمَّ أَقَلُّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ لَوْ كَانَ ذَلِكَ لَكَانَ ابْنَ ثَمَانٍ لَا يَعِيشُ وَابْنِ السَّبْعَةِ يَعِيشُ وَتَفْصِيلُ ذَلِك وتعليله وَفِي لُحُوق الْوَلَد بالفدا كَذَا وَأَمَّا مَتَى وُضِعَ نَاقِصًا فَإِنَّهُ يَلْحَقُ إِذَا كَانَتِ الْمُدَّةُ نِسْبَتُهَا إِلَى ذَلِكَ النَّقْصِ كَنِسْبَةِ السِّتَّةِ الْأَشْهُرِ إِلَى التَّامِّ وَقَوْلُ صَاحِبِ الْجَوَاهِرِ هَا هُنَا إِذَا كَانَ مَعْزُولًا عَنْهَا

يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّهَا وَضَعَتْهُ لِمَا ذُكِرَ مِنَ الْمُدَّةِ وَيَكُونُ أَوَّلُهَا آخِرَ يَوْمٍ كَانَ مُرْسَلًا عَلَيْهَا وَيَكُونُ ذَلِكَ الْإِقْرَارُ قَدْ وَقَعَ فِي ذَلِكَ أَوْ بَعْدَهُ لِتَيَقُّنِ الْمُقَارَنَةِ أَوْ يُقَدَّمُ الْحَمْلُ وَأَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ فَالشَّكُّ حَاصِلٌ قَالَ فَإِنْ وَضَعَتْ تَوْأَمَيْنِ كَانَ الْمُقِرُّ بَينهمَا تسعين لِأَنَّهُ لَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنَ الْآخَرِ وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مَيِّتًا كَانَ الْحَيُّ مَعَهُمَا مِنْهَا كَذَا لِعَدَمِ تَيَقُّنِ الْمُقَارَنَةِ فِي حَقِّ الْمَيِّتِ وَلَوْ وَلَدَتْ وَلَدًا مَيِّتًا بَطَلَ الْإِقْرَارُ قَاعِدَةٌ كُلُّ مَشْكُوكٍ فِيهِ مَلْغِيٌ إِجْمَاعًا فَمَتَى شَكَكْنَا فِي السَّبَبِ لَا نُرَتِّبِ الْحُكْمَ كَمَا إِذَا شَكَكْنَا فِي الزَّوَالِ لَا نُوجِبُ الظَّهْرَ أَوْ فِي الشَّرْطِ لَا نُرَتِّبِ الْمَشْرُوطَ كَمَا إِذَا شَكَكْنَا فِي الطَّهَارَةِ لَا نَقْضِي بِصِحَّةِ الصَّلَاةِ أَوْ شككنا فِي الْمَانِع انْتَفَى الحكم بل يثبت إِنْ وُجِدَ سَبَبُهُ كَمَا إِذَا شَكَكْنَا فِي الرِّدَّةِ أَثْبَتْنَا الْمِيرَاثَ وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ مُجْمَعٌ عَلَيْهَا وَإِنَّمَا اخْتلف الْعلمَاء إِذا تعيّنت الْمُخَالفَة كَذَا هَذِه الْقَاعِدَة بِالسَّبَبِ أَو التَّفْرِيط فَإِن الْوَجْهَيْنِ اخْتِلَاف وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُ ذَلِكَ فِي الطَّهَارَةِ إِذَا تَيَقّن الطَّهَارَة وَشك فِي الحَدِيث فَكَذَلِك هَا هُنَا إِذَا شَكَكْنَا فِي الشَّكِّ وَهُوَ الْفِعْلُ الْقَابِلُ لِلْمِلْكِ لَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ لِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ وَوَافَقَنَا الْأَئِمَّةُ فِي الْإِقْرَارِ لِلْجَنِينِ إِذَا ذَكَرَ شَيْئًا يُمْكِنُ أَنْ يَمْلِكَ بِهِ الْجَنِينَ كَمَا تَقَدَّمَ بِخِلَافِ لَوْ قَالَ بِعْتُهُ مِنْهُ أَوْ وَهَبَنِي لِتَعَذُّرِ ذَلِكَ مِنَ الْجَنِينِ وَخَرَّجَ الشَّافِعِيَّةُ الْخِلَافَ فِيمَا إِذَا وَصَلَ إِقْرَارُهُ بِمَا يُفْسِدُهُ وَصَرَّحَ الْحَنَفِيَةُ بِإِبْطَالِهِ الْأَئِمَّةُ فِي اشْتِرَاطٍ يَتَأَتَّى فِيهَا مُقَارنَة الْمحل للإقرار تَنْبِيه الإنشاآت فِي الْأَمْلَاكِ يُشْتَرَطُ فِيهَا مُقَارَنَةُ الْمَشْرُوطِ وَالْإِقْرَارُ يَتِمُّ سَبَبًا بَلْ هُوَ دَلِيلُ تَقَدُّمِ سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ وَكَذَلِكَ الْغَالِبُ مِنْهَا ثَمَنًا لِأَنَّ التَصَرُّفَ مَحْمُولٌ عَلَى الْغَالِبِ وَلَوْ أَقَرَّ بِدِينَارٍ وَفِي الْبَلَدِ نَقْدٌ غَالِبٌ لِعَمِلَ الْغَالِبَ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ دَلِيلُ سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ وَلَعَلَّ السَّبَبَ وَقَعَ فِي بَلَدٍ آخَرَ وَزَمَانٍ مُتَقَدِّمٍ عَلَى طَرَيَانِ هَذَا الْغَائِب فلتعين هَذَا الْغَالِب كَذَا فَيُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ لِلدِّينَارِ وَإِنْ كَانَ

عَلَى خِلَافِ الْغَالِبِ الْمُشْتَرِكِ وَمُقْتَضَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَنْ يُشْتَرَطَ الْمُقَارَنَةُ إِذَا أَوْصَى لِلْجَنِينِ أَوْ ملكه وَيشْتَرط للتقدم فِيهَا إِذا إِقْرَار كَذَا فَإِنَّ السَّبَبَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْإِقْرَارِ قَطْعًا قَالَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ فَلَوْ أَطْلَقَ وَلَمْ يَذْكُرِ الْجِهَةَ لزم أَيْضا فَإِذا قيل لَهُ مماذا قَالَ أَقَرَّ فَهَذَا مُتَعَذِّرٌ وَيُعَدُّ نَدَمًا وَلَوْ قَالَ أَنَا وَصِيُّ ابْنِهِ عَلَيْهِ وَتَرَكَ مِائَةً وَأَلْفًا كَلِمَةُ الْمِائَةِ دَيْنًا عَلَيْهِ لِأَنَّ الضَّمِيرَ مُؤَنَّثٌ يَعُودُ عَلَى الْمِائَةِ لَا عَلَى الْأَلْفِ وَإِنْ وَصَفْتَ ذَكَرًا وَأُنْثَى فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَإِنْ كَانَتْ الْمَال زَوْجَةً فَلَهَا الثُّمُنُ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ تَرَكَهُ لَهُ الْجَدُّ فَيَقْسِمُ عَلَى الْفَرَائِضِ وَإِنْ وَلَدَتْ مَيِّتًا فَالْمَالُ لِعَصَبَةِ الْمَيِّتِ لِتَعَذُّرِ مِيرَاثِ الْجَنِينِ إِذَا لَمْ يَسْتَهِلَّ بِالْوَضْعِ فَيَنْتَقِلُ لِوَارِثِ الْأَبِ وَقَالَهُ ح وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ وَصِيَّةً رَجَعَ لِوَرَثَةِ الْمُوصِي وَقَالَ أَيْضًا إِنْ جَاءَتْ بِوَلَدَيْنِ ذَكَرٍ وَأُنْثَى فَفِي الْوَصِيَّةِ الْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَفِي الْمِيرَاثِ لِلذكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُقِرِّ فِي بَيَانِ السَّبَبِ مَقْبُولٌ وَلَا يَنْبَغِي أَنَّ يُخَالِفَهُ فِي هَذَا التَّفْصِيلِ لِأَنَّهُ لَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ أَوْ أَقَرَّ لَهُمَا اسْتَوَيَا فَكَذَلِكَ الْجَنِينُ الشَّرْطُ الثَّانِي أَن لَا يُلْزِمَهَا الْمُقِرُّ فِي الْجَوَاهِرِ إِنْ كَذَّبَهُ لَمْ يُسَلَّمْ إِلَيْهِ لِأَنَّ تَكْذِيبَهُ اعْتِرَافٌ بِسُقُوطِ حَقِّهِ وَيُتْرَكُ فِي يَدِ الْمُقِرِّ فَإِنْ رَجَعَ الْمُقِرُّ فَلَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ الذّكرَ قَدْ يَطْرَأُ بَعْدَ النِّسْيَانِ وَلَا رُجُوعَ لِلْمُقَرِّ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يُعِيدَ الْمُقِرَّ إِلَى الْإِقْرَارِ فَيَكُونُ لِلْمُقَرِّ لَهُ حِينَئِذٍ التَّصْدِيقُ وَالْأَخْذُ وَوَافَقَنَا الْأَئِمَّةُ فِي أَنَّ تَكْذِيبَ الْمُقَرِّ لَهُ لِلْمُقِرِّ أَنَّهُ يُبْطِلُ الْإِقْرَارَ وَأَنَّهُ يَبْقَى لِلْمُقِرِّ لِبُطْلَانِ الْإِقْرَارِ الرُّكْن الثَّالِثُ الْمُقَرُّ بِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا بَلْ يَصِحُّ فِي الْمَجْهُولِ وَوَافَقَنَا الْأَئِمَّةُ فِي صِحَّةِ الْإِقْرَارِ بِالْمَجْهُولِ وَالرُّجُوعِ فِي تَفْسِيرِهِ إِلَى الْمُقِرِّ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدَّعْوَى بِالْمَجْهُولِ لَا تَصِحُّ أَنَّ الْمُدَّعِيَ لَهُ دَاعِيَةٌ تَدْعُوهُ إِلَى تَحْرِيرِ دَعوَاهِ بِخِلَافِ الْمُقِرِّ فَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ مِنْهُ ضَاعَ الْحَقُّ فَإِن امْتنع

مِنَ التَّفْسِيرِ عِنْدَ مَالِكٍ لَا عِنْدَ ش يُقَالُ لِلْمُقَرِّ لَهُ بَيِّنْ فَإِنْ بَيَّنَ وَصَدَّقَهُ الْمُقِرُّ ثَبَتَ أَوْ كَذَّبَهُ قُلْنَا لَهُ بَيِّنْ وَإِلَّا حَلَّفْنَا الْمُقَرَّ لَهُ وَأَخَذَ وَعِنْدَ ابْنِ حَنْبَلٍ يُحْبَسُ حَتَّى يُبَيِّنَ وَمَتَى فَسَّرَ بِمَا لَا يُتَمَوَّلُ كَقِشْرِ الْجَوْزِ الْحَقِيرِ أَوِ الْجِيرِ لَمْ يُقْبَلْ وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ أَوْ إِنَّمَا يَقُولُ قبل كَذَا وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ إِذَا قَالَ قَبَضْتُ مِنْهُ شَيْئًا أَيْ فَسَّرَ لَهُ بِغَيْرِ الْمُتَمَوِّلِ قُبِلَ لِأَنَّ الْغَصْبَ يَقَعُ عَلَيْهِ وَقَالَ ح لَا تَفْسِيرَ لَهُ بِغَيْرِ الْمكيلِ وَالْمَوْزُونِ لِأَنَّ غَيْرَهُمَا لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَمِ عَنْهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُقَرُّ بِهِ فِي يَدِ الْمُقِرِّ حَالَةَ الْإِقْرَارِ أَوْ قَبْلَهُ لِأَنَّ شَأْنَ الْإِقْرَارِ لَا يُقْبَلُ إِلَّا عَلَى الْمُقِرِّ وَمَا لَيْسَ فِي يَدَيْهِ لَيْسَ الْإِقْرَارُ بِهِ عَلَيْهِ وَلَو اقر بِعَبْد فِي زَيْدٍ أَنَّهُ لِعَمْرٍو لَمْ يُقْبَلْ عَلَى زَيْدٍ لَكِنْ إنْ كَانَ خَرَجَ مِنْ يَدِ الْمُقِرِّ قِيلَ لَهُ خَلِّصْهُ لِلْمُقَرِّ لَهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ ذَلِكَ دَفَعَ لَهُ قِيمَتَهُ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ عَلَيْهِ إِخْرَاجُهُ مِنْ يَدِهِ وَقَدِ اعْتَرَفَ أَنَّهُ لِغَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ لَمْ يُدْخِلْهُ تَحْتَ يَدِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَلَوْ أَقَرَّ زَيْد بِعَبْدٍ فِي يَدِ غَيْرِهِ ثُمَّ أَقْدَمَ عَلَى شِرَائِهِ بَعْدَ ذَلِكَ صَحَّ الشَّرْطُ لِأَجْلِ قَوْلِ صَاحِبِ السَّيِّدِ ثُمَّ يعْتِقُ فِي لَهُ بِإِقْرَارِهِ فَقَالَ عبد الْملك لَا يعتقهُ عَلَيْهِ لسُقُوط إِقْرَارِهِ لِمَوْلَاهُ قَالَ الْمَذْهَبُ إِنْ تَمَادَى عَلَى إِقْرَاره بِهِ الْإِقْرَارُ الْمُعْتَبَرُ وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ الْمُغِيرَةُ يُعْتَقُ إِنْ كَانَ يَشْهَدُ بِحُرِّيَّتِهِ وَرَدَّدَ شَهَادَتَهُ لِانْفِرَادِهِ لجرحه لِبُطْلَانِ الشَّهَادَةِ فِي نَفْسِهِ وَحَيْثُ قُلْنَا يُعْتَقُ عَلَى أَحَدِ هَذِهِ الْأَقْوَالِ فَلَا يَكُونُ وَلَاؤُهُ لَهُ بَلْ أَعْتَقَهُ مَنْ أَخَذَ لَهُ بِإِقْرَارِهِ الرُّكْن الرَّابِعُ الْبَيِّنَةُ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي لَهُ أَوْ أخذت مِنْهُ أَوْ أَعْطَانِي فَهُوَ إِقْرَارٌ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ لُغَةً وَعُرْفًا مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ وَلَوْ قَالَ لِي عَلَيْكَ أَلْفٌ فَقَالَ لَهُ خُذْ أَوْ حَتَّى يَأْتِيَ وَكِيلِي يَزِنُ لَكَ لَمْ يكن إِقْرَار إِنْ حَلَفَ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ خُذِ الْجَوَابَ مِنِّي أَوِ اتَّزِنْهُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ كَذَلِكَ إِذَا قَالَ اجْلِسْ فَانْتَقِدْهَا أَوِ اتَّزِنْهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَنْسِبْ ذَلِكَ إِلَى أَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَدْفَعُ إِلَيْهِ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ هُوَ إِقْرَار لِأَن الضَّمِير لم اذكره كَذَا تعين عوده

عَلَى الْمُتَقَدِّمِ الدَّعْوَى بِهِ بِخِلَافِ إِذَا لَمْ يَأْتِ بالضمير وَقَالَ اتزن لغَيْرهَا وَقَالَ اتَّزِنْهَا مِنِّي أَوْ سَاهِلْنِي فِيهَا لَزِمَتْهُ لِأَنَّهُ نَسَبَ ذَلِكَ إِلَى نَفْسِهِ وَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُون وَإِذَا قَالَ اقْضِ الْعَشَرَةَ الَّتِي عَلَيْكَ فَقَالَ أتزنها أَو تنقدها أَوِ اقْعُدْ فَاقْبِضْهَا هُوَ إِقْرَارٌ وَكَذَلِكَ اتَّزِنْ أَوِ انْتَقِدْهُ وَلَوْ قَالَ اتَّزِنْ أَوِ اتَّزِنْهَا مَا أبعد من ذَلِك أَو من كَذَا أَوْ قَرُبَ تَأْخُذُهَا مَا أَبْعَدَكَ مِنْ ذَلِكَ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ وَلَوْ قَالَ لِي عَلَيْكَ عَشَرَةٌ فَقَالَ بَلَى أَوْ أَجَلْ أَوْ نَعَمْ أَوْ صدقه أَوْ أَنَا مُقِرٌّ بِهَا أَوْ لَسْتُ مُنْكِرًا لَهَا فَهُوَ إِقْرَارٌ وَلِأَنَّ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ وُضِعَتْ لِلتَّصْدِيقِ وَلَوْ قَالَ لَيْسَتْ مُيَسَّرَةً أَوْ أَرْسِلْ رَسُولَكَ يَقْبِضْهَا أَوْ أَنْظِرْنِي بِهَا فَهُوَ إِقْرَارٌ بذلك لَهُ ذَلِك عَادَة كَذَا عَلَى التَّصْدِيقِ وَلَوْ قَالَ أَلَيْسَ لِي عَلَيْكَ فَقَالَ حَقٌّ لَزِمَهُ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ اشْتَرِ مِنِّي هَذَا الْعَبْدَ فَقَالَ نَعَمْ فَهُوَ إِقْرَارٌ بِالْعَبْدِ وَقَالَهُ ش وَهَذِهِ الصِّيَغُ مِنْهَا صَرِيحٌ نَحْوَ عَلَيَّ فَإِنَّهَا لِلْإِيجَابِ وَاللُّزُومِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَللَّه على النَّاس حج الْبَيْت} وَأَنَا مُقِرٌّ وَنَحْوَ نَعَمْ وَبَلَى لِأَنَّهَا أَجْوِبَةٌ لما يسْتَقْبل فَيتَعَيَّن ذكر السِّوَاك كَذَا مَعَهَا تَقْدِيرُهُ نَعَمْ نُقِرُّ لَكَ عَلَيَّ وَعِنْدِي يَحْتَمِلُ الْأَمَانَاتِ وَالضَّمَانَاتِ مِنْ غَيْرِ رُجْحَانٍ لَكِنْ لَمَّا كَانَ التَّسْلِيمُ وَاجِبًا فِي الْجَمِيعِ أَلْزَمْنَاهُ التَّسْلِيمَ وَالْكِنَايَةَ نَحْوَ لَا أَذْكُرُ يُحْتَمَلُ وَلَا أقرّ لِأَن السَّاكِت كَذَلِك ونحوا اتَّزِنْ وَاتَّزِنْهَا وَنَحْوَ ذَلِكَ فَفِيهَا احْتِمَالَاتٌ إِلَّا أَنَّ الرُّجْحَانَ فِي احْتِمَالِ وُجُوبِ التَّسْلِيمِ وَوَافَقَنَا الْأَئِمَّةُ فِي نَعَمْ وَنَحْوَهُ وَعِنْدَ ش كَانَ ذَلِكَ أَوْ بَرَرَتْ أَوْ هُوَ كَمَا أَخْبَرَتْ أَوْ قَدْ ثَبَتَ مِنْ ذَلِكَ أَوْ لَا أَعُودُ إِلَى مِثْلِهَا أَوْ لَيْتَنِي مَا فَعَلْتُ أَوْ هِيَ التَّوْبَةُ إِقْرَارٌ وَعِنْدَهُ لَوْ قَالَ اقْتَرَضْتُ فِي مِائَةٍ فَقَالَ مَا اقْتَرَضْتُ مِنْ أَحَدٍ سِوَاكَ أَوْ مَا اقْتَرَضْتُ مِنْ أَحَدٍ قَبْلَكَ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ لِأَنَّهُ مَعْنَاهُ إِذَا لَمْ أَفْعَلْ ذَلِكَ مَعَ غَيْرِكَ فَكَيْفَ أَفْعَلُهُ مَعَكَ وَعِنْدَهُ أَصْلٌ عِنْدِي أَوْ عَسَى أَوْ أَحْسَبُ أَوْ أَظُنُّ أَوْ أَقْدِرُ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ لِعَدَمِ الْجَزْمِ وَلَهُ عَلَيَّ فِي عِلْمِي عِنْدَهُ إِقْرَارٌ لِلْجَزْمِ وَوجدت فِي حِسَابِي أَوْ فِي

كِتَابٍ لَكَ كَذَا لَيْسَ بِإِقْرَارٍ عِنْدَهُ لِأَنَّهُ لم يجْزم بِصِحَّتِهِ مَا وَجَدَهُ وَقَالَهُ ح وَإِذَا قَالَ أَتَقْضِي الْمِائَةَ الَّتِي لِي عَلَيْكَ فَقَالَ أَفْعَلُ وَابْعَثْ رَسُولَكَ أَوْ إِذَا جَاءَتِ الْغَلَّةُ أَوْ أَنَا فِي ذَلِكَ أَوْ ارْفِقْ عَلَيَّ أَوْ كَمْ تَقْتَضِي أَوْ كَمْ تَمُنُّ عَلَيَّ بِالْإِنْظَارِ وَلَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ لِلْجَهْلِ بِالْمَسْأَلَةِ وَكَذَلِكَ عِنْدَهُ إِنْ شَاءَ الْمُطَالِبُ لِي أَوْ زَيْدٌ أَوْ شِئْتُ أَنَا لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إِخْبَارٌ عَنِ الْمُحَقِّقِ وَالْمُحَقِّقُ لَا يُعَلِّقُ عَلَى الشُّرُوطِ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ وَإِنْ بَعُدَتِ الْمَشِيئَةُ عُقَيْبَ قَوْلِهِ وَكَذَلِكَ عِنْدَهُ إِنْ جَاءَ رَأْسُ الشَّهْر فَلهُ عَليّ دِينَار أَوله عَلَيَّ دِينَارٌ إِنْ جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِهِ فِي الثَّانِي إِذَا أَخَّرَ الشَّرْطَ أَنَّهُ إِقْرَارٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَهُ عَلَيَّ إِقْرَارٌ وَيَحْمِلُ مَجِيءَ الشَّهْرِ عَلَى الْحُلُولِ بِخِلَافِ تَقْدِيمِ الشَّرْطِ فَإِنَّهُ تَعْلِيقٌ لِلْإِقْرَارِ وَعَلَيَّ أَلْفٌ إِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ فَعِنْدَهُ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ تَقَدَّمَ الشَّرْطُ أَوْ تَأَخَّرَ لِأَنَّ الْوَاقِعَ لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ وَكَذَلِكَ عِنْده إِن شهد فلَان صدقته لِأَن وَعْدٌ وَقَدْ يَصْدُقُ مَنْ لَيْسَ بِصَادِقٍ وَإِنْ قَالَ أَشْهد عَلَيَّ بِمَا فِي الْوَرَقَةِ فَهُوَ عِنْدَهُ إِقْرَارٌ بِهَا لِأَنَّهُ الْعُرْفُ وَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ إِنَّمَا تَنَاوَلَ الْكِتَابَةَ دُونَ الْمَكْتُوبِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْوَرَقَةِ وَكَذَلِكَ إِنْ قَالَ أَخْبِرُوا فُلَانًا أَنَّ لَهُ عَلَيَّ أَلْفًا لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ فِي الْإِقْرَارِ وَكَانَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ فِيهِ وَجْهَانِ عِنْدَهُمْ نَظَرًا إِلَى أَنَّ الْأَصْلَ الْبَقَاءُ أَوْ كَانَ يَدُلُّ عَلَى الْعَدَمِ فِي الْحَالِ وبكونه إِقْرَارا قَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ ش وَإِقْرَارُ الْعَجَمِيِّ بِالْعَجَمِيَّةِ يَصِحُّ كَالشَّهَادَةِ بِالْعَجَمِيَّةِ وَإِنْ أَقَرَّ عَجَمِيٌّ بِالْعَرَبِيَّةِ أَوْ بِالْعَكْسِ وَعَلِمَ مِنْهُ مَعْرِفَتهُ لِذَلِكَ اللِّسَانِ لَزِمَ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَيُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ فِي الزِّنَى خِلَافًا لِ ح فِي الزِّنَى وَالْقَتْلِ مُحْتَجًّا بِأَنَّ الْإِشَارَةَ إِلَى الزِّنَى أَوِ الْقَتْلِ قَدْ يَكُونُ مَعَ الشُّبْهَةِ وَلَا يَتَمَيَّزُ فِي الْقَتْلِ الْعَمْدُ مِنَ الْخَطَأِ وَهُوَ يَنْتَقِضُ بِذَلِكَ بِالطَّلَاقِ وَبِأَنَّهُ إِذَا كَانَ يَكْتُبُ ويميز لَا يُقَام عَلَيْهِ الْحَد مَعَ انتقاء الْمَانِعِ وَهَذَا جَمِيعُهُ هُوَ نَقْلُ مَذْهَبِ ش وَوَافَقَهُ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ فِي أَكْثَرِ ذَلِكَ وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ قِبَلِي أَلْفُ دِرْهَمٍ لِزَيْدٍ إِقْرَارٌ بِالدَّيْنِ لَا بِالْعَيْنِ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ إِلَّا أَنْ يُبَيِّنَ مَوْصُولًا أَنَّهُ وَدِيعَةٌ لِأَنَّ حُكْمَ الْكَلَامِ يَتَقَرَّرُ بِالسُّكُوتِ كَمَا فِي التَّعْلِيقِ وَالِاسْتِثْنَاءِ وَعِنْدَ ش يُقْبَلُ الْمُنْفَصِلُ لِصَلَاحِيَّةِ اللَّفْظِ لِلدَيْنِ وَالْوَدِيعَةِ وَكُلُّ لَفْظٍ صَالِحٍ لِأَمْرَيْنِ عَلَى

السَّوَاءِ يَجُوزُ تَأْخِيرُ التَّفْسِيرِ وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ الِاتِّصَالُ فِي الْمُخْتَصِّ نَحْوَ عَلَيَّ بِخِلَافِ قِبَلِي وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ عِنْدِي وَمَعِي وَفِي يَدِي إِقْرَارٌ بِالْوَدِيعَةِ وَفِي مَا بِجَوْفِي دَرَاهِمُ هَذَا إِقْرَارٌ بِالْوَدِيعَةِ إِنْ كَانَ مُتَمَيِّزًا وَإِلَّا فَإِقْرَارٌ بِالشَّرِكَةِ لِأَنَّهُ جعل مَاله طرفا لذمته كَذَا وَلَهُ مِنْ مَالِي أَلْفُ دِرْهَمٍ هُوَ هِبَةٌ لَا تُمْلَكُ إِلَّا بِالتَّسْلِيمِ لِأَنَّ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ وَالتَّمَيُّز بِخِلَاف فِي مَا لي فَإِنَّهُ لِلشَّرِكَةِ لِأَجْلِ الشِّيَاعِ وَعَدَمِ مَا يَدُلُّ عَلَى التَّمْيِيزِ وَلَهُ مِنْ مَالِي أَلْفٌ لَا حَقَّ لِي فِيهَا إِقْرَارٌ بِالدَّيْنِ لِأَنَّ الْهِبَةَ بَقِيَ لِلْوَاهِبِ فِيهَا حَقُّ عَلَى أُصُولِهِمْ أَنَّ الْهِبَةَ لَا تُمْلَكُ إِلَّا بِالْقَبْضِ خِلَافًا لَنَا وَأُصَالِحُكَ مِنْ حَقِّكَ إِقْرَارٌ بِخِلَافِ مِنْ دَعْوَاكَ لِأَنَّ الدَّعْوَى قَدْ تَكُونُ بَاطِلَةً واخْرُجْ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ بِأَلْفٍ وَابْرَأْ مِنْهَا بِأَلْفٍ أَوْ سَلِّمْهَا بِأَلْفٍ إِقْرَارٌ بِالْمِلْكِ عِنْدَهُمْ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ إِذَا قُرِنَتْ بِالْبَدَلِ دَلَّتْ عَادَةً عَلَى اعْتِقَادِ الْمِلْكِ وَإِنْ عَرَتْ عَنِ الْبَدَلِ لَا يكون إِقْرَارا لِأَنَّهُ قد يطْلب تَسْلِيم مَالك نَفْسِهِ وَلَوِ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ أَحَدُهُمَا دَارًا وَالْآخَرُ عَبْدًا لَيْسَ بِإِقْرَارٍ لِأَنَّ لَفْظَ الصُّلْحِ يُسْتَعْمَلُ لِفَضِّ الْخُصُومَةِ لَا لِطَلَبِ التَّمْلِيكِ وَكَتَبَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ حُكْمًا بِأَلْفٍ إِقْرَارٌ لِأَنَّهُ لَا يَكْتُبُ فِي الْعَادَةِ إِلَّا مَا وَجَبَ وَأَصْلُ الصَّكِّ الضَّرْبُ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {فَصَكَّتْ وَجههَا} وَالْوَرَقُ يُضْرَبُ بِالْكَتْبِ وَعِنْدَهُمْ مَا لِفُلَانٍ عَلَيَّ شَيْءٌ فَلَا تُخْبِرْهُ بِهِ بِأَنَّ لَهُ عَلَيَّ أَلْفًا لَيْسَ بِإِقْرَارٍ بِخِلَافِ أَنْ يُقَالَ ابْتِدَاءً لَا تُخْبِرْهُ بِأَنَّ لَهُ عَلَيَّ أَلْفًا هُوَ إِقْرَارٌ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنِ الشَّيْءِ عِنْدَهُمْ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ حَتَّى يَسْتَقِيمَ الْمَنْعُ وَالْخَبَرُ الْمُتَقَدِّمُ لِلنَّهْيِ يُمْنَعُ مِنَ التَّكَوُّنِ لِضَرُورَةِ تَصْدِيقِهِ فِي الْخَبَرِ عَنِ النَّفْيِ وَعِنْدَهُمْ لَوْ قَالَ الْمُدَّعِي لِي عَلَيْكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَالَ الْآخَرُ وَلِي عَلَيْكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ لِأَنَّ الْعَطْفَ عَلَى الْكَلَامِ لَا يَقْتَضِي صِحَّتَهُ نَحْوَ أَنْتَ تَقُولُ الْبَاطِلَ وَأَنَا أَقُولُ الْحَقَّ وَلَوْ قَالَ لِي عَلَيْكَ مِثْلُهَا هُوَ إِقْرَارٌ لِأَنَّ الْمِثْلِيَّةَ تَقْتَضِي التَّسَاوِيَ وَعِنْدَهُمْ كُلُّ مَا يُوجَدُ بِخَطِّ فُلَانٍ فَقَدِ الْتَزَمْتُهُ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ لِأَنَّهُ وَعْدٌ بِالِالْتِزَامِ وَلِي عَلَيْكَ أَلْفٌ فَيَقُولُ مَا

أَبْعَدَكَ مِنْ هَذَا لَيْسَ بِإِقْرَارٍ بِخِلَافِ مَا أَبْعَدَكَ مِنَ الثُّرَيَّا هُوَ إِقْرَارٌ لِأَنَّهُ أَضَافَ الْبُعْدَ إِلَى الثُّرَيَّا دُونَ الْأَلْفِ وَمَعْنَاهُ مَا أَبْعَدَ هَذَا الدَّيْنَ مِنَ الثُّرَيَّا وَهُوَ مُعْتَرِفٌ بِهِ وَلِي عَلَيْكَ أَلْفٌ فَقَالَ أَمَّا خَمْسُمِائَةٍ فَلَا إِقْرَارٌ عِنْدَهُمْ بِخَمْسِمِائَةٍ لِأَنَّ نَفْيَ بَعْضِ الْمُدَّعَى بِهِ يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِ الْبَاقِي وَأَعْطِنِي الْأَلْفَ الَّتِي عَلَيْكَ فَيَقُولُ اصْبِرْ وَسَوْفَ تَأْخُذُهَا لَيْسَ بِإِقْرَارٍ عِنْدَهُمْ لِأَنَّهُ قَدْ يَقُولُ ذَلِكَ اسْتِهْزَاءً وَلَوْ قَالَ هَذَا الْقَمِيصُ مِنْ خِيَاطَةِ فُلَانٍ أَوْ هَذِهِ الدَّارُ مِنْ بِنَائِهِ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ وَكَذَلِكَ جَمِيعُ الْأَعْمَالِ بِخِلَافِ هَذَا الطَّعَامُ من زرع فلَان لِأَن الْعَادة هَاهُنَا قَصْدُ الْمِلْكِ دُونَ فَكَذَلِكَ هَذَا التَّمْرُ مِنْ نَخْلِ فُلَانٍ أَوْ مِنْ أَرْضِهِ أَوْ بُسْتَانِهِ أَوْ هَذَا الْجُبْنُ مِنْ غَنَمِهِ وَكَذَلِكَ هَذَا الْحَيَوَانُ عِنْدَهُمْ بِخِلَافِ هَذَا الْوَلَدُ مِنْ جَارِيَتِهِ لِأَنَّ هَذَا نَسَبٌ عَلَى غَيْرِهِ وَهِيَ الْأُمُّ وَلَوْ قُلْتَ لِي عَلَيْكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَالَ مَعَ مِائَةٍ فَعِنْدَهُمْ قَوْلَانِ لَا يَكُونُ إِقْرَارًا لِأَنَّهُ أَضَافَ الْمِائَةَ إِلَى مَا لَمْ يَجِبْ فَلَا يجب وَقيل إِقْرَارا بِالْمُدَّعَى وَزِيَادَةَ الْمِائَةِ وَلَوْ قَالَ جَمِيعُ مَا أَمْلِكُهُ بِعْتُهُ مِنْ فُلَانٍ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ عِنْدَهُمْ وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ ثلث دَرَاهِمَ هَذِهِ كَانَتْ هِبَةً وَثُلُثُ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ إِقْرَارٌ وَالْفَرْقُ أَنَّ قَوْلَهُ دَرَاهِمَ يَقْتَضِي مِلْكَهُ لِجَمِيعِهَا وَلَوْ قُلْتَ لي عَلَيْك ألفا فَقَالَ الْحَقُّ أَوْ حَقًّا فَهُوَ إِقْرَارٌ لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ يُسْتَعْمَلُ لِلتَّصْدِيقِ رَفَعْتَ أَوْ نَصَبْتَ فَكَذَلِكَ الْحَقَّ الْحَقَّ أَوِ الْحَقُّ الْحَقُّ تَقْدِيرُهُ قُلْتَ الْحَقَّ الْحَقَّ أَوْ مَا يَقُولُهُ الْحَقُّ الْحَقُّ وَالتَّكْرَارُ لِلتَّأْكِيدِ وَلَوْ قَالَ الْحَقُّ حَقٌّ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ عِنْدَهُمْ لِأَنَّ هَذَا كَلَامٌ مُسْتَقِلٌّ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَوَّلِ بَلْ هُوَ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ كَمَا لَوْ قَالَ فُلَانَةُ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَفُلَانَةُ طَالِقٌ لَمْ تُطَلِّقِ الثَّانِيَةُ الْأُولَى هَذِهِ لِاسْتِقْلَالِ الْكَلَامِ بِنَفْسِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَقِّ الْحَقِّ مَعَ الِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرُ فِيهِ أَنَّ كَوْنَ الثَّانِي ذِكْرَهُ تَرْجِيحُ الِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرِ وَالتَّسَاوِي فِي التَّعْرِيفِ يُرَجِّحُ النَّعْتَ لِأَنَّهُ شَأْنُ النَّعْتِ وَالتَّذْكِيرُ شَأْنُ الْخَبَرِ وَأَنَّ الْحَقَّ الحَقّ لَا يُسْتَعْمَلُ تَصْدِيقًا عُرْفًا بِخِلَافِ الْآخَرِ وَلَوْ قَالَ الصَّلَاحُ الْبِرُّ لَمْ يَكُنْ إِقْرَارًا لِأَنَّهُ لَا

يُسْتَعْمَلُ تَصْدِيقًا بَلْ يَحْتَمِلُ عَلَيْكَ الصَّلَاحَ وَالْبِرَّ أَيْ نَهَيْتُكَ عَنِ الْكَذِبِ عَلَيَّ بِخِلَافِ الْحَقُّ الْبِرُّ أَوِ الْيَقِينُ الْبِرُّ أَوِ الصِّدْقُ الْبِرُّ لِأَنَّ قَرِينَةَ الْحَقِّ وَالصِّدْقِ تَدُلُّ عَلَى التَّصْدِيقِ فَكَأَنَّهُ قَالَ صَدَقْتَ وَبَرَرَتْ لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يُسْتَعْمَلُ مَعَ غَيْرِهِ تَبَعًا إِلَّا إِذَا كَانَ فِي مَعْنَاهُ نَحْوَ جَائِعٌ قَاطِعٌ أَوْ صَائِرٌ حَائِرٌ وَلَوْ قَالَ الْحَقُّ الصَّلَاحُ أَوِ الْبِرُّ الصَّلَاحُ لَمْ يَكُنْ إِقْرَارًا عِنْدَهُمْ لِأَنَّ قَدْرَ الْبر وَالْحق بِمَا كَذَا لَا يَكُونُ تَصْدِيقًا لِأَنَّ الصَّلَاحَ لَا يُسْتَعْمَلُ لِلتَّصْدِيقِ عُرْفًا فَلَا يُقَالُ صَدَقْتَ وَصَلَحْتَ وَمَعْنَاهُ عَلَيْكَ الْحَقُّ وَالصَّلَاحُ فَهُوَ رَدٌّ وَنَهْيٌ وَإِذَا كتبت الْبَسْمَلَة وَالدُّعَاء وَقَالَ لما فكر فلك عَليّ كَذَا جَازَتْ شَهَادَةُ عَلَيَّ بِذَلِكَ عِنْدَهُمْ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ تَقُومُ مَقَامَ اللَّفْظِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَجَبَ عَلَيْهِ التَّبْلِيغُ وَبَلَّغَ الْبَعْضَ بِالْكِتَابَةِ وَفِي الْعُرْفِ يَعْجِزُ عَنْ مُخَاطَبَةِ الْغَائِبِينَ فَيكتبُ إِلَيْهِمْ وَيُشْتَرَطُ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ الْكِتَابَةُ عَلَى بَيَاضٍ دُونَ الْحَدَقَةِ وَاللَّوْحِ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يُكْتَبَ مَرْسُومًا عَلَى الْوَرَقِ مُسْتَثْبِتًا لِأَنَّهُ الْعَادَةُ وَإِلَّا احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ تَجْرِبَةً لِقَلَمٍ وَلَوْ كَتَبَ عَلَى الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ وَخَرَّقَهُ جَازَتِ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ عِنْدَهُمْ لِأَنَّ التَّقْطِيعَ كَالرُّجُوعِ عَنِ الْإِقْرَارِ وَلَا يَشْهَدُ وَاجِدُ الصَّكِّ إِلَّا أَنْ يُشْهِدَهُمْ لِأَنَّ الصُّكُوكَ قَدْ تُكْتَبُ قَبْلَ الْقَبْضِ بِخِلَافِ الرِّسَالَةِ عِنْدَهُمْ وَمُنِعُوا مِنَ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ وَإِنْ سَمِعُوهُ الشُّهُودُ بَين كَذَا بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فِي أَدَاءِ الصَّكِّ قَالُوا لِأَنَّهُ قَدْ يَقُولُ ذَلِكَ فِي الصُّكُوكِ فِيكَ قَبْلَ تَمَامِ الْمُعَامَلَةِ حَتَّى يَقُولَ اشْهَدُوا عَلَيَّ وَلَوْ قَالَ أشهدوا على مَا فِيهِ لَمْ يَجُزْ حَتَّى تَقْرَأَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَايِنُوا الْخَطَّ لِأَنَّ الْإِشْهَادَ هُوَ الْإِعْلَامُ وَلَمْ يُعْلِمْهُمْ وَقَدْ نَقَلَ مَذْهَبًا لِ ش فِي الْخَطِّ وَلَا يُعْتَبَرُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ كِتَابَةُ الْبَسْمَلَةِ لِأَنَّهُ لَا يَقُومُ مَقَامَ الْخِطَابِ بَلْ لِلتَّذْكِرَةِ فَبَقِيَتِ الْعِبْرَةُ بِالْكِتَابَةِ وَهِيَ تَحْتَمِلُ تَجْرِبَةَ الْقَلَمِ وَغَيْرَهَا مِمَّا لَا يَجْزِمُهُ فَفَرَّقُوا بَيْنَ الرِّسَالَةِ وَالْحِسَابِ وَالصَّكِّ فَهَذَا جَمِيعُهُ مَنْقُولٌ مِنْ كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَلْفَاظٌ اخْتَصُّوا بِنَقْلِهَا أَنَا ذَاكِرُهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَالُوا إِذَا قُلْتَ لِي مِائَةٌ فَقَالَ قَضَيْتُكَ مِنْهَا خَمْسِينَ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ لِأَنَّ الْخَمْسِينَ الَّتِي ذَكَرَ فِي كَلَامِهِ مَا يَمْنَعُهَا وَهُوَ قَوْلُهُ قَضَيْتُهَا وَغَيْرُ الْمَذْكُورَةِ لَمْ يَذْكُرْهَا وَقَوْلُهُ مِنْهَا يَحْتَمِلُ مِمَّا يَدَّعِيهِ أَوْ مِمَّا عَلَيَّ فَلَا يلْزمُهُ

شَيْءٌ بِالشَّكِّ وَإِذَا أَقَرَّ بِدَرَاهِمَ فِي بَلَدٍ أَوْزَانُهُمْ نَاقِصَةٌ أَوْ مَغْشُوشَةٌ لَزِمَهُ دَرَاهِمُ الْبَلَدِ كَالْبيع والأثمان وَقيل إِن الموزنة الجيدة وَالْفرق أَن البيع إنْشَاء فِي فَيَغْلِبُ بِعَادَةِ الْبَلَدِ وَالْإِقْرَارُ إِخْبَارٌ عَنْ أَمْرٍ سَابِقٍ لَا يَدْرِي كَيْفَ كَانَ وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ إِذَا فُسِّرَ بِغَيْرِ سَكَّةِ الْبَلَدِ وَسَكَّةُ الْبَلَدِ أَجْوَدُ وَبِالْقَبُولِ قَالَ ش وَلَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ كَبِيرٌ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ إِسْلَامِيٌّ لِأَنَّهُ كَبِيرٌ فِي الْعُرْفِ وَدُرَيْهِمٌ كَدِرْهَمٍ لِأَنَّ التَّصْغِيرَ قَدْ يَكُونُ فِي الذَّاتِ دُونَ الْوَزْنِ وَالِاحْتِقَارِ عِنْدَهُ وَإِنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ ثُمَّ قَالَ دِرْهَمٌ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ عِنْدَهُمْ وَقَالَهُ ش لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَرَّرَ الْخَبَرَ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ السَّلَامُ وَالْمُخْبَرُ عَنْهُ وَاحِدٌ وَقَالَ ح يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّأْكِيدِ وَالتَّرَادُفِ وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْإِشْرَافِ يَغْرُمُهُ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ كَانَ فِي مَجْلِسٍ أَوْ مَجَالِسَ فِي يَوْمٍ أَوْ أَيَّامٍ وَحَكَى ح الْأَصْلُ فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ وَفِي الْمَجَالِسِ يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ قَالُوا فَإِنْ وَصَفَ أَحَدَهُمَا وَأَطْلَقَ الْآخَرَ فَكَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ يُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ فَإِنْ وَصَفَهُ أَوَّلًا بِصِفَةٍ وَثَانِيَةً بِأُخْرَى فَإِنْ قَالَ مِنْ ثَمَن مَبِيعٍ وَقَالَ فِي الْأُخْرَى مِنْ قَرْضٍ أَوْ فِي الْأُولَى مِنْ ثمن عبد وَفِي الثَّانِيَة من ثمن شماذرها كَذَا لِتَعَذُّرِ اجْتِمَاعِ الصِّفَتَيْنِ وَلَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمٌ بِدِرْهَمٍ لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ وَقَالَهُ ح وَقَالَ ش يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ إِذَا قَالَ بِدِرْهَمٍ تَقْدِيرُهُ فَدِرْهَمٌ لَازِمٌ لِي وَوَافَقَهُ فِي الْوَاوِ وَثُمَّ وَوَافَقَهُ فِي أَنْتِ طَلَاقٌ تَلْزَمُهُ طَلْقَتَانِ وَلَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ بَلْ دِرْهَمَانِ أَوْ دِرْهَمٌ لَكِنْ دِرْهَمَانِ لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ وَقَالَهُ ش لِأَنَّهُ نفي الِاقْتِصَار عَلَى وَاحِدٍ وَقَالَ هِيَ ثَلَاثَةٌ لِأَنَّ الْإِضْرَابَ رُجُوعٌ عَنِ الْإِقْرَارِ فَلَا يُقْبَلُ وَلَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ بَلْ دِرْهَمٌ أَوْ لَا دِرْهَمٌ يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ وَقَالَهُ ش لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِدِرْهَمٍ مَرَّتَيْنِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِدِرْهَمٍ فَأَنْكَرَهُ ثُمَّ قَالَ بَلْ عَلَيَّ دِرْهَمٌ وَقِيلَ دِرْهَمَانِ لِأَنَّ الْإِضْرَابَ لَا يُقْبَلُ لِأَنَّهُ رُجُوعٌ وَإِقْرَارُهُ بِالثَّانِي يَلْزَمُ كَمَا لَوْ قَالَ دِرْهَمٌ بَلْ دِينَارٌ فَيَلْزَمُهُ الْأَمْرَانِ إِجْمَاعًا لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الثَّانِي وَلَا بَعْضَهُ وَلَهُ عَلَيَّ دِرْهَمَانِ بَلْ دِرْهَمٌ أَوْ

عَشَرَةٌ بَلْ تِسْعَةٌ لَزِمَهُ الْأَكْثَرُ عِنْدَهُمْ لِأَنَّهُ بَقِيَ مَا أَقَرَّ بِهِ بِخِلَافِ الِاسْتِثْنَاءِ لِأَنَّهُ تَكَلَّمَ بِالْبَاقِي عِنْدَهُ فَلَيْسَ نَفْيًا وَلَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ فَلَهُ دِرْهَمٌ أَوْ بَعْدَهُ دِرْهَمٌ لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ وَإِنْ قَالَ قَبْلَهُ دِرْهَمٌ وَبَعْدَهُ دِرْهَمٌ لَزِمَهُ ثَلَاثَةٌ وَلَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ فَوْقَ دِرْهَمٍ أَوْ تَحْتَ دِرْهَمٍ أَوْ مَعَ دِرْهَمٍ أَوْ مَعَهُ دِرْهَمٌ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ ش لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ دِرْهَمٌ فِي الْجَوْدَةِ أَوْ فَوْقَ دِرْهَمٍ لِي وَقِيلَ دِرْهَمَانِ وَقَالَهُ ح فِي قَبْلِهِ فَوْقَهُ دِرْهَمٌ لِأَنَّ فَوْقَ تَقْتَضِي الزِّيَادَةَ وَفِي قَبْلِهِ تَحْتَ يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ وَكَذَلِكَ لَهُ دِرْهَمٌ قَبْلَهُ دِينَارٌ أَوْ بَعْدَهُ قَفِيزٌ حِنْطَةٌ وَفَوْقَهُ أَوْ تَحْتَهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الدِّرْهَمِ سَوَاءٌ وَلَهُ عَلَيَّ مَا بَيْنَ سِتَّةٍ وَعَشَرَةٍ لَزِمَهُ ثَمَانِيَةٌ وَمِنْ دِرْهَمٍ إِلَى عَشَرَةٍ فَعِنْدَهُمْ أَقْوَالٌ يَلْزَمُهُ تِسْعَةٌ وَقَالَهُ ح لِأَنَّ مِنْ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ مِنْهَا وَإِلَى لِانْتِهَائِهَا فَلَا يَدْخُلُ فِيهَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} وَثَمَانِيَةٌ لِأَنَّ الْحَدَّيْنِ لَا يَدْخُلَانِ وَعَشَرَةٌ لِأَنَّ الْعَاشِرَ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ فَيَدْخُلُ الْأَوَّلُ كَمَا لَوْ قَالَ قَرَأْتُ الْقُرْآنَ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ فَإِنْ قَالَ أَرَدْتُ نَقُولُ مَجْمُوعُ الْأَعْدَادِ أَيِ الْوَاحِدُ وَالِاثْنَانِ كَذَلِكَ عِنْدِي عَشَرَةٌ لَزِمَهُ خَمْسَةٌ وَخَمْسُونَ وَلَهُ عَلَيَّ دَرَاهِمُ يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ وَحَكَاهُ صَاحِبُ الْإِشْرَافِ عَنْ مَالِكٍ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَقَلِّ الْجَمْعِ وَوَافَقَ ش مَالِكًا قَالُوا وَدَرَاهِمُ كَثِيرَةٌ أَوْ وَافِرَةٌ أَوْ عَظِيمَةٌ لَزِمَهُ ثَلَاثَةٌ وَقَالَهُ ش لِأَنَّهَا عَظِيمَة وح لَا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِدُونِ الْعَشَرَةِ لِأَنَّهَا أَقَلُّ جَمْعِ الْكَثْرَةِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يُقْبَلُ أَقَلُّ مِنَ الْمِائَتَيْنِ لِأَنَّهَا نِصْفُ الزَّكَاةِ وَلَهُ دِرْهَمَانِ فِي عَشَرَةٍ وَقَالَ أَرَدْتُ الْحِسَابَ لَزِمَهُ عِشْرُونَ أَوْ قَالَ أَرَدْتُ مَعَ عَشَرَةٍ وَلَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ الْحِسَابَ اثْنَا عَشَرَ لِأَنَّهَا عِبَارَةُ الْعَوام أَو قَالَ أدرت دِرْهَمَيْنِ فِي عَشَرَةٍ لِي لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ فِي دِينَارٍ وَقَالَ أَرَدْتُ الْعَطْفَ وَكَفَى لَزِمَهُ إِلَّا أَسْلَمْتُهَا فِي دِينَارٍ وَصَدَّقَةُ الْمُقَرُّ لَهُ بَطَلَ إِقْرَارُهُ لِأَنَّ إِسْلَامَ أَحَد الْآخَرِ لَا يَصِحُّ وَإِنْ كَذَّبَهُ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ لِأَنَّهُ وَصَلَ إِقْرَاره

بِمَا يُبْطِلُهُ وَلَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ أَوْ دِينَارٌ فَهُوَ مُقِرٌّ بِمَا بَعْدَهُمَا لِأَنَّ أَوْ وَإِمَّا فِي الْخَبَرِ لِلشَّكِّ وَيَرْجِعُ إِلَى تَفْسِيرِهِ وَإِنْ قَالَ إِمَّا دِرْهَم وَإِمَّا دِرْهَمَانِ فَهُوَ إِقْرَارٌ بِدِرْهَمٍ وَالثَّانِي مَشْكُوكٌ فِيهِ لَا يَلْزَمُهُ وَلَهُ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ دِرْهَمًا أَوْ أَلْفٌ وَثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ فَالْجَمِيعُ دَرَاهِمُ أَوْ أَلْفٌ وَمِائَةُ دِرْهَمٍ فَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تسع وَتسْعُونَ نعجة} وَكَذَلِكَ ألف دِرْهَم أَوْ أَلْفٌ وَثَوْبٌ أَوْ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةٌ أَوْ أَلْفُ ثَوْبٍ وَعِشْرُونَ وَالْمُجْمَلُ عَنْ جِنْسِ الْمُفَسِّرِ وَقِيلَ يُرْجَعُ فِي تَفْسِيرِ الْمُجْمَلِ إِلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} فَالشَّيْءُ قَدْ يُعْطَفُ عَلَى غَيْرِ جِنْسِهِ وَقَالَ ح إِنَّ الْعَطْفَ عَلَى الْمُبْهَمِ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونا فَهُوَ تفسر لَهُ أَوْ مَذْرُوعًا وَمَعْدُودًا لَمْ يُفَسِّرْهُ لِأَنَّ عَلَيَّ لَفْظٌ يَقْتَضِي الْإِيجَابَ فِي الذِّمَّةِ وَإِذَا عُطِفَ عَلَيْهِ مَا يُثْبِتُهُ فِي الذِّمَّةِ كَانَ تَفْسِيرًا حُجَّتُهُ الْأُولَى أَنَّ الْعَرَبَ تَكْتَفِي بِتَفْسِيرِ أَحَدِ الْكَمَالَيْنِ عَنْ تَفْسِيرِ الْآخَرِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَبِثُوا فِي كهفهم ثَلَاثمِائَة سِنِين وازدادوا تسعا} و {عَن الْيَمين وَعَن الشمَال قعيد} وَهَذَا جَمِيعُهُ مَنْقُولٌ مِنْ كُتُبِ الْحَنَابِلَةِ وَإِنَّمَا نقلت مَا فِي كتب الْفرق من الألقاظ لِأَن فِي ذَلِك عونا الْفَقِيه عَلَى التَّخْرِيجِ وَأَخْذُهُ مِنْهَا مَا يُوَافِقُ قَوَاعِدَ مَذْهَبِهِ فَيُقِيمُهُ عَلَى مَذْهَبِهِ وَاطِّلَاعًا عَلَى أَسْرَارِ مَدَارِكِ الْعُلَمَاءِ فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمٌ بِدِرْهَمٍ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ وَلِلطَّالِبِ تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ مَا أَرَادَ دِرْهَمَيْنِ لِأَنَّ لَفْظَهُ دَائِرٌ بَيْنَ التَّأْكِيدِ وَالْإِنْشَاءِ وَقَوْلُهُ بِدِرْهَمٍ يَحْتَمِلُ بِسَبَبِ فَرْضِ دِرْهَمٍ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بِالشَّكِّ وَلَهُ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ أَوْ ثُمَّ دِرْهَمٌ يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ لِأَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي التَّغَايُرَ وَدِرْهَمٌ مَعَ دِرْهَمٍ أَوْ تَحْتَ دِرْهَمٍ أَوْ فَوْقَ

دِرْهَمٍ لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ لِأَنَّ الْمَعِيَّةَ وَالْفَوْقِيَّةَ وَالتَّحْتِيَّةَ تَقْتَضِي التَّعَدُّدَ وَكَذَلِكَ دِرْهَمٌ عَلَى دِرْهَمٍ وَقِيلَ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ لِأَنَّ عَلَيَّ يَحْتَمِلُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ أَخَذَهُ وَدِرْهَمٌ قَبْلَ دِرْهَمٍ أَوْ بَعْدَ دِرْهَمٍ لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي فَوْقَ وَتَحْتَ وَدِرْهَمٌ بَلْ دِرْهَمَانِ يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ لِأَنَّ بَلْ لِلْإِضْرَابِ فَقَدْ أَضرب عَنِ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْوَاحِدِ وَدِرْهَم لَا بل دِينَارَانِ وَقَالَ ابْن سَحْنُون يلْزمه دِينَارَانِ وَالدِّرْهَم لِأَنَّ بَلْ لِلْإِضْرَابِ وَقَدْ تَقَدَّمَ كَلَامُ الْعُلَمَاءِ فِي هَذِهِ الْفُرُوعِ فَرْعٌ قَالَ الطُّرْطُوشِيُّ إِذَا قَالَ إِنَّه عَليّ ألف وَدِرْهَم الْمَسْأَلَة الْمُتَقَدِّمَة لَزِمَهُ دِرْهَمٌ وَيَرْجِعُ فِي تَفْسِيرِ الْأَلْفِ إِلَيْهِ أَلْفُ جَوْزَةٍ أَوْ حِنْطَةٍ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ يُقْبَلُ مَعَ يَمِينِهِ وَكَذَلِكَ أَلْفُ مُدِّ حِنْطَة أَو قربين كَذَا وَقَالَهُ ش وَقَدْ تَقَدَّمَ مَذْهَبُ ح هَذَا بِالنَّظَرِ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى قَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ وَثَوْبٌ لِأَنَّهُ ذَكَرَ مَا زِيَادَتُهُ عَلَى الْقدر وَلم يكن تَفْسِيرا لم يكن زَائِد عَلَيْهِ ألف وَقَوْلنَا كَانَ زَائِد الْآنَ مَا لَمْ يَكُنْ تَفْسِيرًا وَلِأَنَّ شَأْنَ التَّفْسِيرِ النَّصْبُ وَهَذَا غَيْرُ مَنْصُوبٍ فَهُوَ إِقْرَارٌ لِأَنَّ شَأْنَ الْإِقْرَارِ الرَّفْعُ وَلِأَنَّ الْعَطْفَ يَقَعُ عَلَى غَيْرِ الْجِنْسِ نَحْوَ رَأَيْتُ رَجُلًا وَثَوْبًا فَلَمْ التَّفْسِيرُ فَيَرْجِعُ إِلَيْهِ فِيمَا يَقُولُهُ احْتَجُّوا بِأَن قَوْله مائَة خَمْسُونَ درهما مُفَسّر وَهُوَ مَعْطُوف فَكَذَلِك هَا هُنَا وَلِأَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ فَيَسْتَوِي الْجِنْسَانِ فِي الْقِيَاسِ عَلَى قَوْلِهِ عَلَيَّ دِرْهَمٌ وَنِصْفٌ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ لَا نَصَّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَنَمْنَعُهَا أَوْ نُسَلِّمُ وَنَقُولُ مُبْهَم عطف عَلَى مُبْهَمٍ فَاسْتَوَيَا فِي التَّفْسِيرِ لِتَجَانُسِهِمَا وَالْخَمْسُونَ لَيْسَتْ مُفَسِّرَةً بَلِ الدِّرْهَمُ مُفَسّر لَهما

وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي أَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ فحاصل الْمَعْنى الَّذِي سيق الْكَلَام هَا هُنَا دُونَ تَوَابِعِهِ فَلِذَلِكَ قَالَ النُّحَاةُ مَرَرْتُ بِزَيْدٍ ضَاحِكًا وَلَا يَلْزَمُ فِيهِ الْمُرُورُ نَعَمْ وَضَاحِكًا بَلْ يَسْتَوِيَانِ فِي أَصْلِ الْمُرُورِ ثُمَّ يَنْتَقِضُ بقوله عَليّ ألف وثوب عَن الثَّالِثِ أَنَّهُ إِذَا أَقَرَّ بِمُفَسِّرٍ وَعَطَفَ عَلَيْهِ جزاءاً أَنَّهُ جُزْءٌ مِنَ الْجُمْلَةِ وَمَسْأَلَتُنَا ذُكِرَ مُبْهَمًا وَعُطِفَ عَلَيْهِ مُفَسِّرًا فَلَمْ يَتَقَدَّرْ أَصْلٌ بُنِي عَلَيْهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ وَقَعَ فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُون لَهُ عَليّ عشرَة وَنصف دِرْهَم وثوبين الْعَشَرَةُ تَلْزَمُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَنِصْفٌ كَذَلِكَ مِائَةٌ وَدِينَارٌ إِذَا ادَّعَى ذَلِكَ الطَّالِبُ مَعَ يَمِينِهِ وَعَلَى الْمَذْهَبِ إِذَا قُلْنَا يُصَدَّقُ فِي التَّفْسِيرِ فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَ صُدِّقَ الْوَارِثُ مَعَ يَمِينِهِ فَرْعٌ قَالَ الْقَاضِي صَاحِبُ الْإِشْرَافِ إِذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ فِي كِيسٍ أَوْ تَمْرٌ فِي مَنْدِيلٍ أَوْ تِبْرٌ فِي جِرَابٍ إِقْرَارٌ بِالْمَظْرُوفِ دُونَ الظَّرْفِ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح الْجَمِيعُ مُقِرٌّ بِهِ لِأَنَّ قَوْلَهُ فِي جِرَابٍ إِخْبَارٌ عَنِ الْمُقَرِّ بِهِ لَهُ مُقَرٌّ بِهِ أَيْضًا فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ احْتَجُّوا بِالْقِيَاسِ عَلَى قَوْلِهِ عَسَلٌ فِي زِقٍّ بِأَنَّ الزِّقَّ يَلْزَمُهُ وَلِأَنَّ قَوْلَهُ فِي كِيسٍ صِفَةٌ لِلْأَلْفِ فَيَكُونُ إِقْرَارًا بِالْكِيسِ كَمَا لَوْ قَالَ عَبْدٌ تُرْكِيٌّ فَإِنَّ الصِّفَةَ تَلْزَمُهُ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ قَالَ الْقَاضِي الْفَرْقُ أَنَّ الْعَسَلَ لَا يَنْفَكُّ عَنْ زِقِّهِ فَلِذَلِكَ يلْزمه بِخِلَاف الْكيس عَن الثَّانِي أَن فلزمت بِخِلَافِ وَوَافَقُونَا عَلَى قَوْلِهِ عَلَيَّ عِنْدِي دَابَّةٌ فِي إِصْطَبْلٍ أَوْ نَخْلٌ فِي بُسْتَانٍ أَنَّ الظَّرْفَ يَلْزَمُهُ وَفِي كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ لَهُ

عِنْدِي جَرَّةٌ فِيهَا زَيْتٌ أَوْ غِرَارَةٌ فِيهَا تبن أَو عش فِيهِ كَذَا وَخَاتم فِيهِ فَصٌّ أنَّهُ إِقْرَارٌ بِالظَّرْفِ دُونَ الْمَظْرُوفِ لِمَا تَقَدَّمَ وَلَهُ عِنْدِي خَاتَمٌ يَلْزَمُهُ الْخَاتَمُ وَالْفَصُّ لِأَنَّهُ الْجَمِيعُ وَلَهُ ثَوْبٌ مُطَرَّزٌ يَلْزَمُهُ الْجَمِيعُ وَدَارٌ مَفْرُوشَةٌ تَلْزَمُهُ الدَّارُ دُونَ الْفِرَاشِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَفْرُوشَةً بِفَرْشِ الْغَيْرِ وَفَرَسٌ عَلَيْهِ سَرْجٌ لَزِمَهُ الْفَرَسُ دُونَ السَّرْجِ وَعَبَدٌ عَلَيْهِ ثَوْبٌ أَوْ عِمَامَةٌ يَلْزَمُهُ الْجَمِيعُ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَهُ يَدٌ عَلَى الثَّوْبِ بِخِلَافِ الدَّابَّة وثوب بجرابه أَو بِطَعَامِهَا أَوْ سَرْجٌ بِفَرَسِهِ يَلْزَمُهُ الْجَمِيعُ لِأَنَّ أَوْ لِلْمُصَاحَبَةِ وَإِلَّا لِصَادِقِ كَذَا بِخِلَافِ لَفْظِ فِي بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ دِرْهَمٌ مَعَ دِرْهَمٍ فِي أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إِلَّا دِرْهَمٌ لِأَنَّ الثَّانِي مُضَافُ الْأَوَّلِ الْمَنْسُوبِ إِلَيْهِ وَقُلَّةُ زَيْتٍ وَجَرَّةُ خَلٍّ وَخَامَةُ نَخْلٍ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا يَشْتَرِكُ فِيهِ الظَّرْفُ وَالْمَالُ وَيُطْلَقُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ عِنْدَهُمْ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَهُ عِنْدِي زَيْتٌ فِي جَرَّةٍ يَلْزَمُهُ الزَّيْتُ وَالْجَرَّةُ وَثَوْبٌ فِي صُنْدُوقٍ أَوْ ثَوْبٌ فِي مَنْدِيلٍ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَلْزَمُهُ الثَّوْبُ دُونَ الْوِعَاءِ وَقَالَ سَحْنُونٌ بَلْ مَعَ الْوِعَاءِ وَلَهُ عِنْدِي خَاتم وَقَالَ أَرَدْتُ دُونَ الْفَصِّ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ كَلَامًا نَسَقًا وَكَذَلِكَ الْجُبَّةُ مَعَ بطانتها وَمَعَ بَابِهَا وَهَذِهِ الْأَمَةُ تَلْزَمُهُ وَوَلَدُهَا فَرْعٌ قَالَ صَاحِبُ الْإِشْرَافِ لَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ رَجُلٌ أَنَّهُ أَقَرَّ بِأَلْفٍ وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفَيْنِ نَسَبَهَا إِلَى جِهَةٍ وَاحِدَةٍ أَمْ لَا أَوْ نَسَبَهَا إِلَى أَحَدِهِمَا وَأَطْلَقَ الْآخَرَ فَإِنَّ الْأَلْفَ تَثْبُتُ لَهُ بِشَهَادَتِهِمَا وَيَحْلِفُ عَلَى الْأُخْرَى مَعَ شَاهِدِهِ وَقَالَ ح لَا يُثْبَتُ لَهُ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ شَيْءٌ لَنَا أَنَّ شَهَادَتَهُمَا الْتَقَتْ عَلَى قَدْرٍ مِنَ الْمَالِ لَفْظًا وَمَعْنى فَيَحْكُمُ بِهِ كَمَا إِذَا شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَقَرَّ بِمَالٍ وَالْآخَرُ بِأَلْفَيْنِ

فَرْعٌ قَالَ الْقَاضِي فِي الْمَعُونَةِ لَهُ عَلَيَّ دَرَاهِمُ كَثِيرَةٌ تَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْجَمْعِ وَهِيَ كَثِيرَةٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى اثْنَيْنِ أَوْ عِنْدَهُ لِأَنَّهُ بَخِيلٌ وَقَالَهُ ش وَقِيلَ تِسْعَةٌ لِأَنَّ كَثْرَتَهَا تَضْرِبُهَا فِي نَفْسِهَا فَتَصِيرُ تِسْعَةً وَقِيلَ مِائَتَا دِرْهَمٍ لِأَنَّهُ نِصَابُ الزَّكَاةِ كُلهَا لِأَصْحَابِنَا وَفِي الْجَوَاهِرِ أَرْبَعَةٌ وَعَنْ ح عَشَرَةٌ لِأَنَّهُ نِصَابُ السَّرِقَةِ عِنْدَهُ وَلَهُ دِرْهَمٌ ثَلَاثَةٌ لِأَنَّ قَتلهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْعَشَرَةِ أَوْ فِي هِبَةِ الْمُقِرِّ وَلَهُ دِرْهَمٌ لَا قَلِيلَ وَلَا كَثِيرَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ تَلْزَمُهُ أَرْبَعَةٌ لِأَنَّ نَفْيَ الْقِلَّةِ يَقْتَضِي حُصُولَ الْكَثْرَةِ فَيَثْبُتُ أَقَلُّ مَرَاتِبِهَا وَهُوَ وَاحِدٌ قَالَ الْقَاضِي وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَلْزَمَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَيَرْجِعُ إِلَى تَفْسِيرِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِلُزُومِ الزِّيَادَةِ عَلَى الثَّلَاثَةِ إِذَا قَالَ دَرَاهِمُ كَثِيرَةٌ يَرْجِعُ إِلَى تَفْسِيرِهِ قَالَ وَهُوَ أَوْلَى لِأَنَّ الْقَصْدَ خُرُوجُ الدَّرَاهِمِ الْمُقَرِّ بِهَا عَنِ اسْمِ الْقِلَّةِ وَلَهُ عَلَيَّ دُرَيْهِمَاتٌ هُوَ كَدَارِهِمَ لِأَنَّ التَّصْغِيرَ قَدْ يَكُونُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى هِمَّتِهِ وَقَدْ يَكُونُ لِغَيْرِ التَّحْقِيرِ نَحْوَ قَوْله تَعَالَى {يَا بني اركب مَعنا} وَكَقَوْلِه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ فَرْعٌ قَالَ إِذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ بِضْعَةُ عَشَرَ فَهُوَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ لِأَنَّ الْبِضْعَ مِنَ الثَّلَاثَةِ إِلَى التِّسْعَةِ فَيَلْزَمُ الْأَقَلُّ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ فَرْعٌ قَالَ إِذَا قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلِفُلَانٍ أَوْ فُلَانٍ فَنِصْفُ الْأَلْفِ لِلْمُقَرِّ لَهُ أَوَّلًا وَالنِّصْفُ الْبَاقِي لِلْمَشْكُوكِ فِيهِمَا لِأَنَّ الشَّرِكَةَ بَيْنَ اثْنَيْنِ تَقْتَضِي النِّصْفَ وَوَقَعَ الشَّكُّ فِيمَنْ يَكُونُ شَرِيكًا لَهُ فَيَكُونُ الْبَاقِي بَينهمَا

فرع قَالَ إِذا قَالَ لفُلَان عَليّ ألف وَإِلَّا فَعَبْدِي حُرٌّ لَزِمَهُ الْأَلْفُ لِأَنَّ تَقْدِيرَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ فَعَبْدِي حُرٌّ فَعَلَّقَ الْعِتْقَ عَلَى كَذِبِهِ فَأَكَّدَ صِدْقَهُ فَيَلْزَمُهُ الْأَلْفُ فَرْعٌ قَالَ إِذَا قَالَ لَهُ عَليّ دِينَار وَلم يقل جيد وَلَا ردئ وَلَا وَازِنٌ وَلَا نَاقِصٌ وَمَاتَ لَزِمَهُ جَيِّدٌ وَازِنٌ بِنَقْدِ الْبَلَدِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ فَإِنِ اخْتَلَفَ نَقْدُ الْبَلَدِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَلْزَمُهُ مِنْ أَيِّ الْأَصْنَافِ شَاءَ وَيَحْلِفُ إِنْ حَلَّفَهُ الْمُقَرُّ لَهُ وَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ يَلْزَمُهُ الْوَرَثَةُ وَسَقَطَ النَّقْدُ عَدْلًا بَيْنَ الْفِئَتَيْنِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ عَشَرَةٌ مِنْهُ تُعَادِلُ تِسْعَةَ مَثَاقِيلَ وَهِيَ دَرَاهِمُ الْإِسْلَامِ فَإِنْ فَسَّرَ بِالنَّاقِصِ قُبِلَ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ التَّعَامُلُ بِهِ غَالِبًا وَكَذَلِكَ مَغْشُوشٌ وَتُقَبْلُ الْفُلُوسُ تَنْبِيهٌ لَيْسَ الدِّرْهَمُ وَالْمِثْقَالُ نَصًّا فِي النَّقْدَيْنِ بَلْ هُمَا وَزْنَانِ مَعْرُوفَانِ وَالْمَوْزُونُ قَدْ يَكُونُ نَقْدًا أَوْ طَيِّبًا أَوْ غَيْرَهُمَا وَكَذَلِكَ الدِّينَارُ لَيْسَ نَصًّا فِي الْوَزْنِ الْمَخْصُوصِ بَلْ يَصْدُقُ عَلَى الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ لُغَةً كَمَا أَنَّ الْمِثْقَالَ يَصْدُقُ عَلَى الذَّهَبِ وَغَيْرِهِ فَاعْلَمْ ذَلِكَ وَقَدْ تَقَدَّمَ خَالَفَ ش وَغَيْرُهُ فِي الْحَمْلِ عَلَى السَّكَّةِ الْمَعْرُوفَةِ وَفَرَّقَا بِأَنَّ الْبَيْعَ سَبَبٌ يُنْزَلُ عَلَى مَا قَارَنَهُ وَالْإِقْرَارُ دَلِيلُ سَبَبٍ مُتَقَدِّمٍ مَعَهُ وَقَعَ فِي بَلَدٍ آخَرَ لَا يَعْلَمُ حَالَهُ فَيُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ وَهُوَ الْأَنْظَرُ فَرْعٌ قَالَ إِذَا أَقَرَّ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْإِقْرَارِ بَلْ عَلَى وَجْهِ الشُّكْرِ كَذِكْرِ إِنْسَانٍ قَدْ مَاتَ بِأَنَّهُ كَانَ يُنْصِفُ وَيُقْرِضُ فَيَقُولُ رَحِمَهُ اللَّهُ لَقَدْ سَأَلته مِائَتَان كَذَا يقرضني فَفعل فروايتان أَحدهمَا أَنَّهُ إِقْرَارٌ لِأَنَّهُ الْمَوْضُوعُ اللُّغَوِيٌّ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْبَرَاءَةِ مِنْهُ وَالْأُخْرَى لَيْسَ بِإِقْرَارٍ لِعَدَمِ قَصْدِ الْإِقْرَارِ وَالْقَصْدُ فِي الْإِقْرَارِ شَرْطٌ قَالَ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ أَحْسَنُ لِأَنَّهَا مُقْتَضَى الْعَادَةِ وَأَنَّ الْأُولَى أَقيس

فَرْعٌ قَالَ فَرَّقَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ بَيْنَ أَنَّ يُقِرَّ أَنَّ هَذَا سَرْجُ دَابَّةِ زَيْدٍ وَلِجَامُهَا وَبَيْنَ هَذَا بَابُ دَارِهِ هَذَا إِقْرَارٌ دُونَ الْأَوَّلِ فَيَكُونُ الْبَابُ لِصَاحِبِ الدَّارِ لِأَنَّ الْبَابَ جَوَازُ الدَّارِ وَالدَّارُ لِزَيْدٍ فَالْبَابُ لَهُ وَالسَّرْجُ لَيْسَ حَقَّ الْفَرَسِ وَعَنْهُ التَّسْوِيَةُ فَيُضَعَا فِي الْإِقْرَارِ لِأَنَّهُ أَضَافَ الْجَمِيعَ إِلَى مِلْكِ زَيْدٍ فَيَكُونُ لَهُ فَرْعٌ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا قَالَ مَا كَانَ لِي عَلَى قَرَابَتِي حَقٌّ فَهُوَ لَهُمْ عِنْدَ الْمَوْتِ فَهَلَكَ وَلَهُ عِنْدَ أَحَدِهِمْ قِرَاضٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْقِرَاضُ لَهُ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْقِرَاضَ إِنَّمَا يَصِيرُ عَلَيْهِ إِذَا اسْتَهْلَكَهُ وَهُوَ قَدْ قَالَ مَا كَانَ لِي عَلَى قَرَابَتِي فَلَا يَتَنَاوَلُهُ اللَّفْظ وَوجه اللازون كَذَا أَنَّ عَلَيْهِ التَّسْلِيمَ وَقَدْ وَهَبَ التَّسْلِيمَ فَيَبْقَى وَالْقِرَاضُ لَهُ فَرْعٌ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا قَالَ عِنْدَ مَوْتِهِ زَيْدٌ مُصَدَّقٌ فِيمَا يَدَّعِيهِ وَأَقَرَّ لَهُ بِأَرْبَعِينَ دِينَارًا فَادَّعَى خَمْسِينَ دِينَارًا يَحْلِفُ عَلَى تَحْقِيقِ دَعْوَاهُ وَيَأْخُذُهَا قَالَ ابْنُ دَحُّونٍ إِنَّمَا يَلْزَمُهُ الْيَمِينُ لِأَنَّ كُلَّ مَنِ اقْتَضَى دَيْنًا مِنْ مَالِ مَيِّتٍ أَوْ فَلِسٍ لَزِمَهُ الْحَلِفُ وَلَا تَنْفَعُهُ بَيِّنَةٌ إِلَّا أَنْ يُسْقِطَ ذَلِكَ الْوَرَثَةُ أَوِ الْغُرَمَاءُ لِأَنَّ احْتِمَالَ الْقَضَاءِ مِنَ الْمَيِّتِ وَالْمُفْلِسِ قَائِمٌ وَالْحَقُّ لِغَيْرِهِمَا وَهُوَ الْوَارِثُ وَالْغَرِيمُ وَلَوْ طَرَأَ غَرِيمٌ غَائِبٌ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ مَنْ لَمْ يَحْلِفْ وَيَحْلِفَ هُوَ أَيْضًا وَلَيْسَ بِمُسْتَقِيمٍ لِأَنَّ هَذِهِ الْيَمين لابد مِنْهَا وَلَا اخْتِلَافَ فِيهَا وَالْيَمِينُ عَلَى تَحْقِيقِ دَعَوَاهُ فِي الْخَمْسِينَ فِيهَا خِلَافٌ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ خَمْسِينَ دِينَارًا مَا قَبَضْتُهَا وَلَا أَسْقَطْتُهَا وَإِنَّهَا لباقية إِلَى حِينِ بَيِّنَةٍ وَعَنْهُ يَحْلِفُ مَا قَبَضَ الْخَمْسِينَ الَّتِي صَدَّقَهُ الْمُتَوَفَّى فِيهَا وَلَا أَسْقَطَهَا وَأَنَّهَا لباقية إِلَى حِين بِبَيِّنَتِهِ وَالْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي تَحْقِيقِ دَعْوَاهُ جَارٍ عَلَى الْخِلَافِ فِي يَمِينِ التُّهَمِ لِأَنَّ الْوَارِثَ يَتَّهِمُهُ وَلَو حقق

عَلَيْهِ الدَّعْوَى حَلَفَ قَوْلًا وَاحِدًا إِلَّا أَنْ يَقُولَ فِي وَصِيَّتِهِ فُلَانٌ لَا يَحْلِفُ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَوْصَى عِنْدَ مَوْتِهِ كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ فُلَانٍ مُعَامَلَةٌ فَأَعْطُوهُ مَا ادَّعَى وَهُوَ مُصدق وَيُعْطى مَا يُشْبِهُ مُعَامَلَةَ مِثْلِهِ لِمِثْلِهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَإِنِ ادَّعَى مَا لَا يُشْبِهُ لَا يُعْطَاهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَلَا مِنَ الثُّلُثِ وَيَخْتَلِفُ فِي الْيَمِينِ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَوْ قَالَ أَعْطُوهُ مَا ادَّعَى وَاحْسُبُوهُ مِنْ ثُلُثِي أُعْطِيَ مَا ادَّعَى وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ مَا لَمْ يُجَاوِزِ الثُّلُثَ فَرْعٌ قَالَ قَالَ مَالِكٌ قَالَ عِنْدَ مَوْتِهِ يَنْظُرُ فِي كُتُبِي فَمَا فِيهِ قَبْضٌ مِنْ حَقٍّ قُبِلَ فَوُجِدَ فِيهَا ذِكْرُ حَقٍّ بِأَرْبَعَةَ عَشَرَ عَلَى فُلَانٍ وَفِيهِ قَبَضَ ثَمَانِيَةً لَا يَحْلِفُ وَيَأْخُذُ مَا بَقِيَ بِغَيْرِ يَمِينٍ لِأَنَّ خَطَّهُ كَلَفْظِهِ فَرْعٌ قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِينَارٌ دِينَارٌ مِنْ بَقِيَّةِ حِسَابٍ عَلَيْهِ دِينَارَانِ لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يُعْطَفُ عَلَى نَفْسِهِ فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ لَهُ عَلَيَّ مِنْ وَاحِدٍ إِلَى عَشَرَةٍ لَزِمَتْهُ عَشَرَةٌ قَالَهُ سَحْنُونٌ بِنَاءً عَلَى دُخُولِ الْحَدِّ فِي الْمَحْدُودِ وَقَالَ أَيْضًا تَلْزَمُهُ تِسْعَةٌ بِنَاءً عَلَى دُخُولِ الْغَايَةِ وَالِابْتِدَاءِ بِمِنْ عَلَى دُخُولِ الْغَايَةِ دُونَ الدِّرْهَمِ الْأَقَلِّ لِأَنَّ مِنْ تَقْتَضِي الْخُرُوجَ وَإِلَى تَقْتَضِي دُخُولَ الْغَايَةِ وَقَالَ سَحْنُونٌ أَيْضًا تَلْزَمُهُ عَشَرَةٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَدَّيْنِ يَدْخُلَانِ فِي الْمَحْدُودِ وَقَالَ أَيْضًا تَلْزَمُهُ ثَمَانِيَةٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَدَّيْنِ لَا يَدْخُلَانِ وَهِيَ قَاعِدَةٌ مُخْتَلَفٌ فِيهَا فِي الْأُصُولِ وَالنَّحْوِ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَرَدُّدُ الْعُلَمَاءِ فِي هَذِهِ الْفُرُوعِ عِنْدَ نقل مَذْهَب الْأَئِمَّة

فَرْعٌ قَالَ إِذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ فِي عَشَرَةٍ وَفَسَّرَهُ بِقَرْضِ عَشَرَةٍ فِي عَشَرَةٍ أَوْ بَيْعِ عَشَرَةٍ بِعَشَرَةٍ لَزِمَتْهُ عَشَرَةٌ مَعَ يَمِينِهِ وَقَالَ سَحْنُونٌ يُوَاخَذُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ لِأَنَّهَا الْمَضْرُوبَةُ مِنْ عَشَرَةٍ فِي عَشَرَةٍ وَلَوْ قَالَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فِي عَشَرَةٍ لِأَنَّهُ يَقُولُ أَعْطَاهَا فِيهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ أَيْضًا تَرَدُّدُ الْعُلَمَاءِ فِي هَذَا فرع قَالَ إِذا قَالَ يومم السَّبْتِ عَلَيَّ أَلْفٌ وَأَعَادَهُ يَوْمَ الْأَحَدِ لَمْ يَلْزَمْهُ إِلَّا الْأَلْفُ إِلَّا أَنْ يُضِيفَهُ إِلَى سبتين مُخْتَلِفَيْنِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ وَاللَّفْظُ ظَاهِرٌ فِي الْإِعَادَة عَادَة وَلَوْ شَهِدَ لَهُ فِي ذِكْرِ حَقٍّ بِمِائَةٍ وَفِي آخَرَ بِمِائَةٍ لَزِمَهُ مِائَتَانِ لِأَنَّ الْعَادَةَ إِعَادَةُ الْإِخْبَارِ عَلَى الشَّيْءِ بِخِلَافِ كِتَابَتِهِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي هَذَا وَآخِرُ قَوْلِهِ يحلف الْمقر بِأَنَّهُمَا إِلَّا وَاحِدٌ وَلَا يَلْزَمُهُ إِلَّا مِائَةٌ وَلَوْ أَقَرَّ فِي مَوْضِعٍ بِمِائَةٍ وَفِي آخَرَ بِمِائَتَيْنِ لَزِمَهُ ثَلَاثُمِائَةٍ لِأَنَّ التَّبَايُنَ دَلِيلُ التَّعَدُّدِ وَعَنْ مُقَدَّمُ الْأَقَلِّ صِدْقُهُ فِي التَّدَاخُلِ زِيَادَةً وَإِلَّا لَزِمَهُ الدلان كَذَا لِأَنَّ الْأَصْلَ مَعَ التَّبَايُنِ عَدَمُ التَّكْرَارِ

(الباب الثاني في الأقارير المجملة)

(الْبَابُ الثَّانِي فِي الْأَقَارِيرِ الْمُجْمَلَةِ) وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ اللَّفْظُ الْأَوَّلُ فِي الْجَوَاهِرِ لِفُلَانٍ عَلَيَّ شَيْءٌ يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِأَقَلِّ مَا يُتَمَوَّلُ لِاحْتِمَالِهِ لِذَلِكَ وَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ إِذَا قَالَ غَصَبْتُهُ شَيْئًا ثُمَّ قَالَ كَذَا وَقَالَ الطَّالِبُ هُوَ كَذَا صُدِّقَ الْغَاصِبُ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ فَإِنْ نَكَلَ صُدِّقَ الطَّالِبُ مَعَ يَمِينِهِ فَإِنِ امْتَنَعَ الْمُقِرُّ مِنَ الْبَيَانِ أُجْبِرَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ فَعَلَهُ ظَاهِرًا وَلَا يُسْجَنُ حَتَّى يَذْكُرَ شَيْئًا وَيَحْلِفَ عَلَيْهِ وَوَافَقَنَا عَلَى قَبُولِ الْإِقْرَارِ الْمَجْهُولِ وَالرُّجُوعِ إِلَى تَفْسِيرِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدَّعْوَى بِالْمَجْهُولِ أَنَّ الدَّعْوَى عَلَى وَفْقِ دَاعِيَةٍ يَدَّعِيهَا فَنَتَأَكَّدُ مِنْ رَبِّهَا لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِهِ لِقِلَّةِ النِّزَاعِ وَالْإِقْرَارُ عَلَى خِلَافِ الدَّاعِيَةِ فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ خُشِيَ الرُّجُوعُ فَيَضِيعُ الْحَقُّ وَلِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمُدَّعِي إِذَا رُدَّتْ دَعْوَاهُ الْمَجْهُولَةُ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ بَيَانُهَا وَالضَّرَرُ عَلَى الْمقر لَهُ إِذا رددنا الْإِقْرَار للْمَجْهُول فَيَضِيعُ حَقُّهُ وَيُحْبَسُ عِنْدَ ابْنِ حَنْبَلٍ إِذَا امْتَنَعَ لِتَوَجُّهِ حَقِّ التَّفْسِيرِ عَلَيْهِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ عِنْدَ ش تُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي لِأَنَّهُ كَالسَّاكِتِ وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ إِنْ قَالَ غَصَبْتُهُ شَيْئًا وَفُسِّرَ بِجِنْسٍ مِنَ الْمَالِ وَكَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ مُدَّعِيًا جِنْسًا آخَرَ بَطَلَ إِقْرَارُهُ وَيُصَدَّقُ الْمُقِرُّ فِي بَرَاءَتِهِ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بَطَلَ فَبَقِيَتِ الدَّعْوَى مُجَرَّدَةً فَيُصَدَّقُ فِي نَفْيِهَا وَإِنْ بَيَّنَ مَا لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا يَقْصِدُ بِالْغَصْبِ عَادَةً كَحَبَّةِ حِنْطَةٍ وَكَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ لَا يُصَدَّقُ

لِأَنَّ هَذَا لَا يُقْصَدُ بِالْغَصْبِ عَادَةً فَهُوَ رَاجِعٌ عَنْ إِقْرَارِهِ وَإِنْ بَيَّنَ مَا لَيْسَ بِمَالٍ وَلَكِنَّهُ يَقْصِدُ غَصْبَهُ كَالْمَرْأَةِ وَالْوَلَدِ الصَّغِيرِ لَا يَصِحُّ بَيَانُهُ وَيُجْبَرُ عَلَى الْبَيَانِ بِمَالٍ مُتَقَدّرٍ لِأَنَّ الْغَصْبَ فِي الْغَالِبِ إِنَّمَا يَكُونُ فِي الْأَمْوَالِ هَذَا إِذَا قَالَ غَصَبْتُ لَهُ شَيْئًا وَإِنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ فَلَا بُد أَن يبين مَاله قَيِمَةٌ لِأَنَّ كَلِمَةَ عَلَيَّ لِلْإِيجَابِ فِي الذِّمَّةِ يُرَاد بِالدّينِ وَلذَلِك فَسَّرَهُ بِحَقِّ الْإِسْلَامِ وَنَحْوُهُ لَا يُقْبَلُ وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ إِنْ فَسرهُ بِجِنْسٍ فَلَا أَرُدُّ عَلَيْهِ أَقَلَّ مِنْهُ قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَلَوْ حَبَّةٌ مِنْ أَلْفِ دِينَارٍ قُبِلَ مِنْهُ لِأَنَّ اسْمَ الشَّيْءِ يَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فَإِنْ صَدَّقَهُ وَقَالَ هَذَا هُوَ مُرَادُهُ وَلَكِنِ ادَّعَى تَمَامَ مَا ادَّعَيْتُهُ صُدِّقَ الْمُقِرُّ فِي نَفْيِ الزَّائِدِ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَتُهُ وَإِنْ قَالَ لَمْ يرِدْ هَذَا بِالْقَوْلِ صُدِّقَ فِي إِرَادَةِ نَفْيِهِ وَحَلَفَ يَمِينًا وَاحِدَةً أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْأَلْفَ وَأَنَّ ذَلِكَ مُرَادُهُ وَإِنْ فَسَّرَهُ بِمَا يُتَمَوَّلُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمُدَّعى وَلَوْ خَرْدَلَةً أَوْ حِنْطَةً وَصَدَّقَهُ أَخَذَ مَا وَقَعَ بِهِ التَّفْسِيرُ وَصُدِّقَ الْمُقِرُّ فِي نَفْيِ الدَّعْوَى وَإِنْ كَذَّبَهُ حَلَفَ يَمِينًا وَاحِدَةً أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْأَلْفَ وَإِنَّ ذَلِكَ مُرَادُهُ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ فَسَّرَ بِمَا لَا يُتَمَوَّلُ عَادَةً كَقِمْعِ تَمْرَةٍ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ لِأَنَّ عَلَيَّ تَقْتَضِي إِيجَابَ مَالٍ عَادِيٍّ فِي الذِّمَّةِ وَهَذَا لَا يُكْتَبُ فِي الذِّمَّةِ وَإِنْ قَالَ غَصَبَ شَيْئًا قُبِلَ التَّفْسِيرُ بِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَنَحْوِهِ لِأَنَّهُ يُسَمَّى شَيْئًا وَهُوَ غَيْرُ الْمَشْهُورِ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ وَمِثْلُ مَشْهُورِهِمْ عِنْد الشافية قَالَ الشَّافِعِيَّةُ وَإِنْ فَسَّرَهُ بِنَحْوِ شُفْعَةٍ قُبِلَ لِأَنَّهُ حق يؤول إِلَى مَال وَكَذَلِكَ حق الْقَذْفِ لِأَنَّهُ حَقٌّ أَوْ بِرَدِّ السَّلَامِ لَمْ يُقْبَلْ لِأَنَّهُ لَا يُثْبِتُ حَقًّا عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ وَاجِبًا فَإِنَّهُ يَفُوتُ فِي ذِمَّتِهِ أَوْ يَسْتَحِيلُ نَحْوَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ لَمْ يُقْبَلْ وَطلبَ التَّفْسِيرَ وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ الْجِنْسُ التَّفْسِيرُ وَكَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ بَطَلَ الْإِقْرَارُ كَمَا قَالَهُ الْحَنَفِيَّةُ وَإِنْ فَسَّرَ بِمَا لَا يُتَمَوَّلُ عَادَةً أَوْ لَا يُتَمَوَّلُ شَرْعًا كَ وَيَقْبَلُ حَدًّا لِقَذْفٍ وَالشُّفْعَةُ دُونَ رَدِّ السَّلَامِ فِي الْغَصْبِ تَفْسِيرُهُ بِمَا لَيْسَ مَالًا لَا يُقْبَلُ لِأَنَّ اسْمَ الْغَصْبِ

اللَّفْظُ الثَّانِي فِي الْجَوَاهِرِ لَهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ حَقٌّ وَفَسَّرَهُ بِجُزْءٍ قُبِلَ تَفْسِيرُهُ إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الْمُقَرُّ لَهُ أَكْثَرَ فَيَحْلِفُ الْمُقِرُّ عَلَى مَعْنَى الزِّيَادَةِ فَإِنِ امْتَنَعَ مِنَ الْإِقْرَارِ يُسْجَنُ أَبَدًا حَتَّى يُضْطَرَّ بِالسِّجْنِ إِلَى الْإِقْرَارِ وَلَوْ قَالَ شَائِعًا أَوْ مُعَيَّنًا لِأَنَّهُ حَقٌّ وَلَوْ فَسَّرَهُ بِذَلِكَ كَالْجِذْعِ أَوْ هَذَا الْبَابُ أَوْ ثَوْبٌ فِي الدَّارِ أَوْ طَعَامٌ فِيهَا أَوْ سُكْنَى هَذَا الْبَيْتِ قَالَ سَحْنُونٌ مَرَّةً يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ لِأَنَّهُ حَقٌّ فِي الدَّارِ وَرَجَعَ لِعَدَمِ الْقَبُولِ لِأَنَّهُ أُقِرَّ لَهُ بِحَقٍّ فِي الْأَصْلِ وَهَذَا مِنَ الْأَصْلِ وَكَذَلِكَ الْخِلَافُ لِسَحْنُونٍ فِي تَفْسِيرِهِ بِثَمَرَةِ هَذِهِ النَّخْلَةِ مِنَ الْحَائِطِ أَوْ بِأَنَّهُ هِبَةُ زِرَاعَةِ الْأَرْضِ سَنَةً وَلَوْ فَسَّرَ بِنَخْلَةٍ فِي الْحَائِطِ بِأَرْضِهَا لَقُبِلَ لِأَنَّهُ مِنَ الْأَصْلِ وَلَوْ قَالَ وَهَبْتُهَا لِغَيْرِ أَرْضٍ فَقَوْلَانِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِذَا فَسَّرَ سُكْنَى بَيْتٍ مِنَ الدَّارِ وَقَالَ اكْتَرَيْتُ مِنْهُ أَوْ أَسْكَنْتُهُ إِيَّاهُ سَنَةً قَبْلَ سَنَةٍ مَعَ يَمِينِهِ قَالَ وَكَذَلِكَ إِذَا قَالَ فِي الثَّوْبِ أَجَّرْتُهُ مِنْهُ أَوْ أَعَرْتُهُ شَهْرًا صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ يُصَدَّقُ عَلَيْهِ أنَّهُ حَقٌّ أَمَّا لَوْ قَالَ لَهُ حَقٌّ فِي هَذِهِ الدَّارِ أَوْ فِي هَذِهِ الدَّنَانِيرِ أَوْ فِي هَذَا الطَّعَامِ حَمَلَ عَلَى عَيْنِ الشَّيْءِ وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ إِذَا قَالَ لَهُ حَقٌّ فِي الدَّارِ أَوِ الْأَرَضِينَ لَا يُسْمَعُ مِنْهُ التَّفْسِيرُ بِالْبَابِ وَالسُّكْنَى وَالْجِذْعِ وَلَا فِي الْأَرْضِ لِلْبِنَاءِ لِغَيْرِ أَرْضٍ أَوِ الزِّرَاعَةِ أَوِ السُّكْنَى إِلَّا إِذَا أَصَّلَ كَلَامه كَذَا بِمَا تَقَدَّمَ لِسَحْنُونٍ قَالُوا وَلَهُ التَّفْسِيرُ بِأَيِّ مَعْنًى شَاءَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي لَفْظِ الشَّيْءِ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الزَّائِدِ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنَ قَالُوا يَقُول لَهُ القَاضِي انصفاه كَذَا ثَالِثٌ حَتَّى يَصِلَ إِلَى حَدٍّ لَا يمْلكُ أَقَلّ مِنْهُ عَادَةً وَلِذَلِكَ لَا يُصَدَّقُ عِنْدَهُمْ فِي ثَمَنِ نَخْلَةٍ بَقِيَ أَصْلُهَا فِي الْبُسْتَانِ كَمَا تَقَدَّمَ لَنَا بِأَرْضِهَا يُصَدَّقُ اللَّفْظُ الثَّالِثُ فِي الْجَوَاهِرِ لَهُ عَلَيَّ مَالٌ وَلَمْ يَذْكُرْ مَبْلَغَهُ لَمْ يُذْكَرْ عَنْ مَالِكٍ فِيهِ نَصٌّ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ وَلَوْ حَبَّةً وَيَحْلِفُ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ أَقَلُّ مِنْ نِصَابِ الزَّكَاةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {خُذ من أَمْوَالهم صَدَقَة} وَهِيَ إِنَّمَا تُؤْخَذُ مِنَ النِّصَابِ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ الَّذِي يَأْتِي

عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ فِي رُبُعِ دِينَارٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْوَرَقِ فَثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَن تَبْتَغُوا بأموالكم} وَالصَّدَاق ربع دِينَار وَيقبل قَوْله بالكلم كَذَا وَجِلْدُ الْمَيِّتَةِ وَالْمُسْتَوْلِدَةِ لِأَنَّهَا تُضْمَنُ بِالْمَالِ فِي حَال وَالْأولَى قَالَ الْأَئِمَّةُ غَيْرَ أَنَّ الشَّافِعِيَّةَ قَالُوا إِنْ فَسَّرَ مَا لَا يُتَمَوَّلُ فِي الْعَادَةِ كَالْقِطْمِيرِ وَقَمْعِ الثَّمَرَةِ لَا يُقْبَلُ لِعَدَمِ صِدْقِ الْمَالِ عَلَيْهِ فِي الْعَادَةِ وَكَذَلِكَ الْكَلْبُ وَالْخَمْرُ وَالسِّرْجِينُ لِأَنَّهُ لَا يُتَمَوَّلُ شَرْعًا بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ بِشَيْءٍ عِنْدَهُمْ لِاحْتِمَالِهِ مَا يُتَمَوَّلُ وَغَيْرَهُ عَلَى خِلَافٍ عِنْدَهُمْ وَإِن فسره بِمَا لَا يَسْتَحِيل بِثُبُوتِهِ فِي الذِّمَّة عَادَة نَحْو ملْء الأَرْض أوزنة الْجِبَالِ ذَهَبًا فَهُوَ كَذِبٌ قَالَ الْقَاضِي فِي الْمَعُونَةِ عَنِ ابْنِ الْمَوَّازِ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الذَّهَبِ لَزِمَهُ عِشْرُونَ دِينَارًا أَوْ مِنْ أَهْلِ الْوَرقِ لَزِمَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ أَوْ مِنْ أَهَلِ الْبَقَرِ أَوِ الْإِبِلِ أَوِ الْغَنَمِ يَأْتِي عَلَى مَذْهَبِهِ أَنْ يَلْزَمَهُ نِصَابٌ مِنْهَا قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا قَالَ لَهُ فِي هَذَا الْكِيسِ مَالٌ يُعْطَى عِشْرِينَ دِينَارًا لِأَنَّهُ نِصَابُ الزَّكَاةِ وَفِي إِنَّ فِي الْكِيسِ دَرَاهِمَ قَالَ يُعْطَاهَا بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ وَكَذَلِكَ إِذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ مَا فِيهِ مَال كَذَا اللَّفْظُ الرَّابِعُ فِي الْجَوَاهِرِ لَهُ مَالٌ عَظِيمٌ عَلَيَّ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ هُوَ بِمَنْزِلَةِ مَالٍ لِأَنَّ الْمُبْهَمَ أَمْرٌ نِسْبِيٌّ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْمَالِكِينَ وَالْبُخْلِ وَالسَّخَاءِ فَرَجَعَ إِلَى تَفْسِيرِهِ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ أَوْ رُبُعُ دِينَارٍ لِأَنَّ اللَّهَ عَظَّمَهُ حَيْثُ أَبَاحَ بِهِ الْفَرجَ وَالْقَطْعَ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ يَلْزَمُهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْوَرقِ وَعِشْرُونَ دِينَارًا إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الذَّهَبِ قَالَ الْقَاضِيَ فِي الْمَعُونَةِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ يُلْحَقُ بِمَالٍ مِنْ غَيْرِ وَصْفِهِ أَمْ لَا وَيُحْتَمَلُ عِنْدِي أَلْفُ دِينَارٍ قَدْرُ الدِّيَةِ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ مَالٍ قُدِّرَ فِي الشَّرْعِ وَيَحْتَمِلُ الزِّيَادَةَ عَلَى نِصَابِ الزَّكَاةِ لِأَنَّ نِصَابَ الزَّكَاةِ اسْتَحَقَّ اسْمَ الْمَالِ بِمَا تَقَدَّمَ فَيُزَادُ عَلَيْهِ وَاخْتَارَ ش وَابْنُ حَنْبَل مُطلق المَال وح نِصَابُ الزَّكَاةِ وَهُوَ مَالٌ عَظِيمٌ وَخَطِيرٌ وَعَظِيمٌ جِدًّا أَوْ عَظِيمٌ عَظِيمٌ

اللَّفْظُ الْخَامِسُ فِي الْجَوَاهِرِ لَهُ عَلَيَّ أَكْثَرُ مِمَّا لِفُلَانٍ فِيمَا يَشْهَدُ بِهِ الشُّهُودُ عَلَى فُلَانٍ فَقِيلَ تَفْسِيرُهُ فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ وَوَقَعَ عِنْدَ ش هَذَا اللَّفْظُ بِمَعْنًى آخَرَ قَالَ إِذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَكْثَرُ مِنْ مَالِ فُلَانٍ أَوْ مِنَ الْمَالِ الَّذِي بَيْدَ فُلَانٍ فَهُوَ كَقَوْلِهِ عَلَيَّ مَالٌ لَهُ تَفْسِيرُهُ بِالْقَلِيلِ قَالَ عَلِمَ فُلَانٌ أَوْ لَمْ يَعْلَمْهُ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَكْثَرَ مِنْهُ عَدَدًا أَوْ تَرَكَهُ لِكَوْنِهِ حَلَالًا أَوْ يُقَالُ كَوْنُهُ فِي ذِمَّتِهِ لَا يَطْرَأُ عَلَيْهِ التَّلَفُ وَالْآخَرُ حِينَ يُتْلَفُ فَإِنْ قَالَ أَكْثَرُ عَدَدًا وَأَقَرَّ أَنَّهُ يَعْرِفُ ذَلِكَ الْمَالَ أُلْزِمَ الْعَدَدَ وَرَجَعَ فِي الزَّائِدِ إِلَى تَفْسِيرِهِ وَإِنْ قَالَ مَالُ فُلَانٍ دِينَارٌ وَعَلَيَّ أَكْثَرُ عَدَدًا وَأَرَادَ مِنَ الْفُلُوسِ أَوْ حَبَّ الْقَمْحِ قُبِلَ مِنْهُ عِنْدَهُ لَمْ يُقِرَّ بِالْجِنْسِ بَلْ بِالْعَدَدِ وَإِنْ قَالَ مَالُهُ أَلْفُ دِينَارٍ وَلَكَ عَلَيَّ أَكْثَرُ مِنْهُ ذَهَبًا لَزِمَهُ الْجَمِيعُ ذَهَبًا وَرَجَعَ فِي الزِّيَادَةِ إِلَى تَفْسِيرِهِ اللَّفْظُ السَّادِسُ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَهُ عَلَيَّ كَذَا فَهُوَ كَالشَّيْءِ قَاعِدَةٌ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي الْمُفَصَّلِ أَلْفَاظُ الْكِنَايَة أَرْبَعَة كم وَكَذَا وَكَيْت وديت فكم وَكَذَا كنايتان عَن الْعدَد على سَبِيل الْإِبْهَام وَكَيْت وديت كِنَايَتَانِ عَنِ الْحَدِيثِ وَوَافَقَهُ صَاحِبُ الصِّحَاحِ وَالزَّجَّاجُ وَغَيْرُهُمَا إِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَلَا يَعْتَقِدُ أَحَدٌ أَنَّ كَذَا جَار وَمَجْرُورٌ مِنْ كَافِ التَّشْبِيهِ مَعَ ذَا الَّذِي هُوَ اسْمُ الْإِشَارَةِ بَلِ الْجَمِيعُ اسْمُ مُفْرَدٍ كِنَايَةٌ عَنِ الْعَدَدِ إِذَا تقرر هَذَا فَاعْلَم أَن كَذَا يسْتَعْمل كَذَا مُفْرَدًا وَتَارَةً نَقُولُ كَذَا دِرْهَمًا بِالنَّصْبِ وَالرَّفْعِ وَالْخَفْضِ وَالسُّكُونِ فَهَذِهِ خَمْسُ صُوَرٍ وَتَارَةً يُكَرّرُ فَنَقُولُ كَذَا كَذَا مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ جِنْسٍ وَتَارَةً يذْكَرُ مَرْفُوعًا لَا مَنْصُوبًا أَوْ مَخْفُوضًا وَمَوْقُوفًا فَهَذِهِ خَمْسُ صُوَرٍ وَتَارَةً يَدْخُلُ بَيْنَهُمَا حَرْفُ الْعَطْفِ فَيَصِيرُ جِنْسًا آخَرَ وَتَارَةً يَدْخُلُ بَيْنَهُمَا حَرْفُ بَلْ فَنَقُولُ كَذَا بَلْ كَذَا فَتَصِير جِنْسا أُخْرَى فَهَذِهِ عِشْرُونَ صُورَةً وَتَارَةً يَكُونُ الْمُمَيَّزُ مُجَرَّدًا وَتَارَةً يَكُونُ مَجْمُوعًا أَوْ مَبْنِيًّا وَمَرَدُّهُ عَلَى الْأَحْوَالِ كُلِّهَا فَتَصِيرُ نَحْوَ أَرْبَعِينَ يَظْهَرُ مُقْتَضَاهَا وَإِعْرَابُهَا فِي أَثْنَاءِ الْبَحْثِ وَأَنْقُلُ مِنْهَا مَا وَجَدْتُ فِي الْمَذْهَبِ وَمَا لَمْ أَجِدْهُ فِيهِ وَوَجَدْتُهُ فِي مَذَاهِبِ الْأَئِمَّةِ نَقَلْتُهُ لِيُوقَفَ عَلَيْهِ فَإِن كلاهم نُورٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَتَمَسَّكَ بِهِ فِي التَّخْرِيجِ عَلَى أَصْلِ مَذْهَبِ مَالِكٍ إِنْ

احْتَجْتَ إِلَيْهِ وَوَافَقَنَا ش عَلَى أَنَّ كَذَا مُفْرَدٌ مِنْ غَيْرِ تَمْيِيزٍ بِمَعْنَى الشَّيْءِ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ كَذَا وَكَذَا كِنَايَةً عَنِ الْعَدَدِ وَجَبَ أَنْ يَلْزَمَهُ أَقَلُّ مَرَاتِبِ الْعَدَدِ وَهُوَ اثْنَانِ مِنْ أَيِّ جِنْسٍ فَسَّرَهُ وَلَا يَخْرُجُ هَذَا عَلَى الْخِلَافِ فِي أَقَلِّ الْجَمْعِ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِي الْجَمْعِ لَيْسَ فِي الْعَدَدِ فَإِنَّهَا أَلْفَاظٌ مُتَبَايِنَةٌ فَأَبْنِيَةُ الْجَمِيعِ غَيْرُ صِيغَةِ الْعَدَدِ وَمَا عَلِمْتُ خِلَافًا أَنَّ مُبْتَدَأَ الْعَدَدِ اثْنَانِ فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ لَهُ عَلَيَّ كَذَا دِرْهَمًا بِالنَّصْبِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يلْزمه عشرُون أَو عدد مُمَيَّزُ الْوَاحِدِ الْمَنْصُوبِ فَإِنَّ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ إِلَى تِسْعَةَ عَشَرَ مُرَكَّبَاتٌ مِنْ لَفْظَيْنِ وَالْعِشْرُونَ مِنْ لَفْظٍ مُفْرَدٍ وَلَيْسَ فِي الْعَدَدِ مَا يُمَيَّزُ بِالْمُفْرَدِ الْمَنْصُوبِ إِلَّا مِنْ أَحَدَ عَشَرَ إِلَى تِسْعِينَ فَأَحَدَ عَشَرَ أَوَّلُ الْمُرَكَّبَاتِ وَالْعِشْرُونَ أَوَّلُ الْمُفْرَدَاتِ فَلْتَكُنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ مُقَرَّرَةً حَتَّى يَخْرُجَ عَلَيْهَا بَعْدَ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَخَالَفَنَا فِي هَذَا الْفَرْعِ الْأَئِمَّةُ وَقَالُوا يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ لِأَنَّ كَذَا عِنْدَهُمْ كِنَايَةٌ عَنْ شَيْءٍ مُبْهَمٍ وَالدِّرْهَمُ الْمَنْصُوبُ بَعْدَهُ عَلَى التَّمْيِيزِ أَوْ مَفْعُولٌ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ تَقْدِيرُهُ لَهُ شَيْءٌ دِرْهَمًا أَوْ أَعْنِي دِرْهَمًا وَقَدْ تَقَدَّمَ النَّقْلُ فِي أَنَّهُ لِعَدَدِ الشَّيْءِ فَيَحْتَاجُونَ أَنْ يَنْقُلُوا مَا ذَكَرُوهُ عَنِ اللُّغَةِ مَعَ أَنَّ أَصْحَابَنَا قَدْ نقضوا أصولهم وَوَافَقَهُمْ فِي لَهُ كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا لَزِمَهُ أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا لِأَنَّهُ أَوَّلُ عَدَدٍ يُمَيَّزُ بِالْوَاحِدِ الْمَنْصُوبِ وَعِنْدَ ش وَابْنِ حَنْبَلٍ يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ لِأَنَّ كَذَا اسْمٌ لِشَيْءٍ مُبْهَمٍ عِنْدَهُمْ فَقَدْ كَرَّرَ الشَّيْءَ ثُمَّ فَسَّرَ بِالتَّمْيِيزِ فَيَلْزَمُ مَا مُيِّزَ بِهِ وَهُوَ دِرْهَمٌ لَيْسَ إِلَّا فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ لَهُ عَلَيَّ كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا لَزِمَهُ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا لِأَنَّهُ أَوَّلُ عَدَدٍ عُطِفَ وَتَمَيَّزَ بِالْمُفْرَدِ الْمَنْصُوبِ وَقَالَ سَحْنُونٌ مَا أَعْرِفُ هَذَا فَإِنْ كَانَ هُوَ

اللُّغَةَ فَكَذَلِكَ وَكَانَ يَقُولُ يُصَدَّقُ الْمُقِرُّ مَعَ يَمِينِهِ وَوَافَقَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي هَذِهِ الْفُرُوعِ الثَّلَاثَةِ وَقَالَ ش فِي هَذَا الْفَرْعِ يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ كَذَا اسْمٌ لِشَيْءٍ مُبْهَمٍ وَالْعَطْفُ يَقْتَضِي التَّغَايُرَ وَيَأْبَى التَّأْكِيدَ وَقَدْ فُسِّرَ الشَّيْءُ بِالدِّرْهَمِ وَكَأَنَّهُ قَالَ عَلَيَّ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ فَيَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ وَوَافَقَنَا الْحَنَابِلَةُ فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ لَهُ عَلَيَّ كَذَا وَكَذَا دِينَارًا أَوْ دِرْهَمًا نَظَرَ إِلَى أَقَلِّ مَا فَوْقَ كَذَا وَكَذَا مِنَ الْعَدَدِ فَيَكُونُ عَلَيْهِ نِصْفُهُ دَنَانِيرَ وَنِصْفُهُ دَرَاهِمَ لِأَنَّ صِيغَةَ أَوِ اقْتَضَتِ التَّرَدُّد بَين النَّوْعَيْنِ وَلَيْسَ أحدهم أَوْلَى مِنَ الْآخَرِ فَلَزِمَهُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُهُ كَمَسْأَلَةِ الْخُنْثَى وَمَسْأَلَةِ التَّرَامِي وَعَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ يُصَدَّقُ الْمُقِرُّ مَعَ يَمِينِهِ فَرْعٌ قَالَ الْقَاضِي ابْنُ مُغِيثٍ فِي وَثَائِقِهِ إِذَا قَالَ عَلَيَّ كَذَا وكَذَا دَرَاهِمَ بِجَمْعِ دَرَاهِمَ لَزِمَتْهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ لِأَنَّهُ أَقَلُّ عَدَدٍ يُمَيَّزُ بِالْجَمْعِ فَإِنَّكَ تَقُولُ دِرْهَمٌ دِرْهَمَانِ مِنْ غَيْرِ تَمْيِيزِ ثَلَاثَة دَرَاهِم فدراهم هُنَا تميز إِلَى عَشَرَةِ دَرَاهِمَ ثُمَّ تُرَكِّبُ الْعَدَدَ فَتَقُولُ أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا إِلَى تِسْعَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا فتميزه بالنفرد الْمَنْصُوبِ ثُمَّ تُزِيلُ التَّرْكِيبَ فَتَقُولُ عِشْرُونَ دِرْهَمًا إِلَى تِسْعِينَ دِرْهَمًا فَتُمَيِّزُهُ بِالْمُفْرَدِ الْمَنْصُوبِ ثُمَّ تَذْكُرُ الْمِائَةَ فَتُمَيِّزُهَا بِالْمُفْرَدِ الْمَخْفُوضِ وَكَذَا أَلْفٌ فَهَذَا جَمِيعُ مَرَاتِبِ الْأَعْدَادِ وَتَمَيُّزَاتِهَا فَرْعٌ قَالَ عَلَيَّ كَذَا دِرْهَمٍ بِالْخَفْضِ يَلْزَمُهُ مِائَةٌ لِمَا تَقَدَّمَ وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ يَلْزَمُهُ بَعْضُ دِرْهَمٍ لِأَنَّ كَذَا عِنْدَهُمْ لَا يَخْتَصُّ بِالْعَدَدِ بَلْ مَعْنَاهُ وَبَعْضُ الدِّرْهَمِ شَيْءٌ يُمْكِنُ إِضَافَتُهُ إِلَى الدِّرْهَمِ فَمَا قَالَ إِنَّهُ لِلْعَدَدِ إِلَّا ح وَمُحَمّد بِمن الْحسن والزجاج وَغَيره من النُّحَاة وَافَقنَا غَيْرَ أَنَّنَا نَحْنُ نَقَضْنَا أُصُولَنَا إِذَا لَمْ يُمَيِّزْ أَصْلًا وَوَافَقْنَاهُمْ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ وَلَمْ يُوجَدْ عَنْ ح فِي الْمَسَائِلِ نَقْلٌ

فَرْعٌ قَالَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ كَذَا دِرْهَمْ بِالْوَقْفِ فِي مِيمِ دِرْهَمٍ مِنْ غَيْرِ إِعْرَابٍ يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِأَيِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الدِّرْهَمِ لِأَنَّ الْمَجْرُورَ يَصِحُّ أَنْ يُوقَفَ عَلَيْهِ بِالسُّكُونِ وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنْ غَيْرِهِ فَرْعٌ قَالَ الشَّافِعِيَّةُ إِذَا قَالَ كَذَا وَكَذَا وَأَطْلَقَ مِنْ غَيْرِ تَمْيِيزٍ قُبِلَ مِنْهُ أَقَلُّ مَا يَقُولُ لِأَنَّ مَعْنَاهُ شَيْءٌ شَيْءٌ وكرره للتأكد فَرْعٌ قَالُوا فَلَوْ قَالَ لَهُ كَذَا وَكَذَا وَلَمْ يُفَسِّرْهُ فَقَدْ أَقَرَّ بِمُعَيَّنٍ فَيَرْجِعُ إِلَى تَفْسِيرِهِ فِيهِمَا لِأَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي التَّغَايُرَ فَلَا بُدَّ أَنْ يُفَسِّرَهُمَا بِمُتَمَوَّلَيْنِ عَادَةً وَشَرْعًا فَرْعٌ قَالَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِذَا قَالَ عَلَيَّ كَذَا وَكَذَا دِرْهَمٌ بِالْعَطْفِ وَالرَّفْعِ فِي دِرْهَمٌ يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ لِأَنَّهُ ذَكَرَ شَيْئَيْنِ مُبْهَمَيْنِ وَأَبْطَلَ مِنْهُمَا الدَّرَاهِم فَيَكُونُ هَذَا اللَّازِمَ أَوْ يَكُونُ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مُضْمر تَقْدِيره هما مُضْمر فَرْعٌ قَالَ الشَّافِعِيَّةُ إِذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ كَذَا مِنَ الدَّرَاهِمِ لَزِمَهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ شَيْءٌ وَفَسَّرَهُ بِدَرَاهِمَ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ وَهَكَذَا بِنَاءً مِنْهُمْ عَلَى أَنَّ مِنْ لِبَيَانِ الْجِنْسِ كَأَنَّهُ قَالَ مِنْ جِنْسِ الدَّرَاهِمِ أَمَّا لَوْ كَانَتْ لِلتَّبْعِيضِ لَلَزِمَهُ أَقَلُّ الْأُخْرَى لِأَنَّهُ بَعْضُ الدَّرَاهِمِ وَيَلْزَمُهُ أَنْ لَا يُفْتُوا إِلَّا بِهَذَا عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ لِأَنَّ مِنْ لَفْظٌ مُشْتَرِكٌ وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مَعَ التَّرَدُّدِ فَرْعٌ قَالَ الْحَنَابِلَةُ لَهُ كَذَا دِرْهَمٌ بِالرَّفْعِ يَلْزَمُهُ وَدِرْهَمٌ مَرْفُوعٌ عَلَى الْبَدَلِ مِنْ كَذَا أَوْ خَبَرُ ابْتِدَاءٍ مُضْمَرٍ تَقْدِيرُهُ هُوَ دِرْهَمٌ

فَرْعٌ قَالُوا إِذَا قَالَ كَذَا وَكَذَا دِرْهَمٍ بِخَفْضِ دِرْهَمٍ لَزِمَهُ بَعْضُ دِرْهَمٍ لِأَنَّ تَقْدِيرَهُ خمس عشر دِرْهَمٍ أَوْ نَحْوَهُ فَلَهُ تَفْسِيرُهُ وأَنْتَ تَعْلَمُ مِنْ هَذِهِ الْفُرُوعِ تَخْرِيجَ مَا يَرِدُ مِنْهُمَا عَلَى أُصُولِنَا وَعَلَى أُصُولِهِمْ وَهِيَ كُلُّهَا دَائِرَةٌ عَلَى قَاعِدَتَيْنِ مُجْمَعٌ عَلَيْهَا وَهِيَ أَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنَ الْمَشْكُوكِ فِيهِ وَمُخْتَلَفٌ فِيهَا وَهِيَ كَذَا اسْم لِلْعَدَدِ الْمُبْهَمِ أَوْ لِشَيْءٍ مُبْهَمٍ وَبِهَاتَيْنِ الْقَاعِدَتَيْنِ لَا يخْفَى عَلَيْكَ شَيْءٌ مِنْ فُرُوعِ هَذَا اللَّفْظِ اللَّفْظُ السَّابِعُ فِي الْجَوَاهِرِ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَنَيِّفٌ فَلهُ تَفْسِيرُ النَّيِّفِ بِأَقَلَّ مِنْ دِرْهَمٍ وَلَوْ دَانَقٍ لِأَنَّ النَّيِّفَ هُوَ الزَّائِدُ مِنَ الْوَاحِدِ إِلَى الْخَمْسَةِ وَكَذَلِكَ نَيِّفٌ وَخَمْسٌ وَقِيلَ إِذَا أَقَرَّ بِعِشْرِينَ وَنِصْفٍ إِلَى النَّيِّفِ ثُلُثِهَا وَكَذَلِكَ مِائَةٌ وَنَيِّفٌ أَوْ دِرْهَمٌ وَنَيِّفٌ أَنَّهُ مِائَةٌ وَثُلُثُهَا وَدِرْهَمٌ وَثُلُثُهُ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُقِرِّ مَعَ يَمِينِهِ فَائِدَةٌ فِي الصِّحَاحِ أَنَّ النَّيِّفَ الزِّيَادَةُ تُخَفَّفُ وَتُشَدَّدُ يُقَالُ عشرَة ونيف وَمِائَة ونيف وَكلما زَادَ عَلَى الْعَقْدِ فَهُوَ نَيِّفٌ حَتَّى يَبْلُغَ العقد الثَّانِي الْفظ الثَّامِنُ فِي الْجَوَاهِرِ لَهُ عَلَيَّ بَعْضُ الْمِائَةِ أَوْ قُرْبُهَا أَوْ أَكْثَرُهَا أَوْ نَحْوُهَا أَوْ مِائَةٌ إِلَّا قَلِيلًا أَوْ مِائَةٌ إِلَّا شَيْئًا يَلْزَمُهُ مِنْ ثُلُثَيِ الْمِائَةِ إِلَى أَكْثَرَ بِقَدْرِ مَا يَرَى الْحَاكِمُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَقِيلَ ثُلُثُ الْمِائَةِ لِأَنَّ الثُّلُثَ فِي حَيِّزِ الْكَثْرَةِ وَقيل ثلثهَا لِأَنَّهُ الْأَكْثَرُ وَإِلَّا فَالْعِشْرُونَ مِنْهَا كَثِيرٌ وَلَيْسَتْ أَكْثَرَهَا وَقِيلَ النِّصْفُ وَشَيْءٌ وَذَلِكَ أَحَدٌ وَخَمْسُونَ لِأَنَّ بِالْوَاحِدِ صَارَتِ الْخَمْسِينَ أَكْثَرَ الْمِائَةِ اللَّفْظُ التَّاسِعُ قَالَ الْقَاضِي ابْنُ مُغِيثٍ فِي وَثَائِقِهِ لَهُ عَلَيَّ دَرَاهِمُ فَأَقَلُّ لَزِمَهُ فِي حُكْمِ الْعَرَبِيَّةِ دِرْهَمَانِ قَالَ لِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِجَمْعٍ وَأَقَلُّ الْجَمْعِ اثْنَانِ

(الباب الثالث في تعقب الإقرار بما يرفعه)

(الْبَاب الثَّالِث فِي تعقب الْإِقْرَار بِمَا يرفعهُ) وَهُوَ يَنْقَسِم إِلَى استثنائه فَإِن قِسْمَانِ مَجْهُولٌ وَمَعْلُومٌ فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَبْحَاثٍ الْبَحْثُ الْأَوَّلُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ الْمَعْلُومِ وَفِيهِ خَمْسُ مَسَائِلَ الْأُولَى فِي الْجَوَاهِرِ يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الْأَكْثَرِ نَحْوَ عَشَرَةٍ إِلَّا تِسْعَةً فَيَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ وَقَالَهُ ش وح وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يَصِحُّ وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ وَأَلْزَمَ أَصْلَ الْكَلَامِ قَالَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ وَالْأول الْمَشْهُور وَالْقَاضِي فِي الْمَعُونَةِ وَغَيْرُهُ وَقَالَ الْقَاضِي ابْنُ مُغِيثٍ فِي وَثَائِقِهِ لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الْأَكْثَرِ وَيَلْزَمُ جَمِيعُ الْعَشَرَةِ وَقَالَ هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَفِي الْمَدْخَلِ لِابْنِ طَلْحَةَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا إِلَّا ثَلَاثًا فِي لُزُومِ الثَّلَاثِ لَهُ قَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ اسْتَثْنَى أَوْ أَنَّهُ لَزِمَ وَمُقْتَضَاهُ جَوَازُ اسْتِثْنَاءِ الْكُلِّ مِنَ الْكُلِّ مَعَ أَنَّ الْعُلَمَاءَ حَكَوْا فِي اسْتِثْنَاءِ الْأَقَلِّ وَالْمُسْتَغْرِقِ الْإِجْمَاع وحكوا فِي الْمسَاوِي وَالْجمع قَوْلَيْنِ وَحَكَى الشَّلُوبِينُ وَغَيْرُهُ مِنَ النُّحَاةِ الْخِلَافُ فِي جَوَازِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ أَسْمَاءِ الْأَعْدَادِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِي لَفْظِ الْعَشَرَةِ مَثَلًا فِي الثَّمَانِيَةِ إِذَا اسْتُثْنِيَ اثْنَانِ وَأَسْمَاءُ الْأَعْدَادِ نُصُوصٌ لَا تَقْبَلُ الْمَجَازَ وَيُقَالُ الِاسْتِثْنَاءُ مَعَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ لَفْظٌ وَاحِدٌ وُضِعَ لِمَا بَقِيَ فَلِلثَّمَانِيَةِ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ عِبَارَتَانِ ثَمَانِيَةٌ وَعَشَرَةٌ إِلَّا اثْنَانِ فَلَا مَجَازَ وَفِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ {فَلبث فيهم ألف سنة إِلَّا خمسين} وَفِي السّنة إِن الله

تِسْعَة وَتِسْعين اسْما مائَة إِلَّا وَاحِدَة من أحصاها دخل الْجنَّة فَهَذِهِ استثناآت فِي الْأَعْدَادِ لَنَا عَلَى جَوَازِ اسْتِثْنَاءِ الْأَكْثَرِ قَوْله تَعَالَى {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا من اتبعك من الغاوين} وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْغَاوِينَ أَكْثَرُ وقَوْله تَعَالَى {لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادك مِنْهُم المخلصين} فَمَجْمُوعُ الِاثْنَيْنِ يَبْطُلُ الْقَوْلُ بِمَنْعِ الْمُسَاوِي وَحَصَرَ الْجَوَازَ فِي الْأَقَلِّ لِأَنَّ أَحَدَ الْفَرِيقَيْنِ إِنْ كَانَ أقل من الآخر أَكْثَرُ وَقَدِ اسْتُثْنِيَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى وَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ اغْتَبَطَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْفُضَلَاءِ وَهُوَ لَا يَتِمُّ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنِ اسْتِثْنَاءِ الْمُسَاوِي وَالْأَكْثَر إِنَّمَا مَعَ كَذَا كَوْنُ الْمُتَكَلِّمِ مُقَدَّمًا فِي كَلَامِهِ عَلَى حُسْنِ كثير كَذَا هُوَ عَالِمٌ حَالَ التَّكَلُّمِ فَإِنَّ الْمُسْتَثْني إِذَا قَالَ لَهُ عِنْدِي مِائَةٌ إِلَّا تِسْعَةً وَتِسْعِينَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ أَكْثَرَ كَلَامِهِ هَدَرٌ فَإِقْدَامُهُ عَلَى ذَلِكَ قَبِيحٌ فَالْآيَةُ لَيْسَتْ مِنْ هَذَا الْبَابِ فَإِنَّ عِنْدَ صُدُورِ هَذَا الْخِطَابِ لِإِبْلِيسَ لَا يَتَعَيَّنُ الْغَاوِي مِنَ الْمُخلصِ فَلَا لَمس الْكَلَام بِالْهَدَرِ بِخِلَافِ صُورَةِ النِّزَاعِ وَلِذَلِكَ اتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِ التَّقْيِيدِ بِالشَّرْطِ وَإِنْ أَبْطَلَ جُمْلَةَ الْكَلَامِ كَوْنُهُ غَيْرَ مُتَعَيِّنٍ حَالَةَ التَّعْلِيقِ نَحْوَ أكْرم بني تَمِيم إِن جاؤك يَجُوزُ أَنْ لَا يَجِيئُهُ أَحَدٌ فَيَبْطُلُ جَمِيعُ كَلَامِهِ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِعَدَمِ التَّعْيِينِ فَاعْلَمْ هَذَا الْمَوْضِعَ فَهُوَ حَسَنٌ وَلنَا قَوْله تَعَالَى {يَا أَيهَا المزمل قُم اللَّيْل إِلَّا قَلِيلا نصفه أَو انقص مِنْهُ قَلِيلا} فَقَدِ اسْتَثْنَى الثُّلُثَيْنِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى التَّخْصِيصِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِي الْأَكْثَرِ إِجْمَاعًا لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مَأْخُوذٌ مِنَ الشَّيْءِ وَهُوَ الرُّجُوعُ وَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ احْتَجُّوا بِأَنَّ كَلَامَ الْعَرَبِ مَبْنِيٌّ عَلَى الِاخْتِصَارِ وَلَيْسَ مِنْهُ مَا ذَكَرْتُمُوهُ

بَلْ هُوَ حَشْوٌ وَلِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ لكَونه ببطل مَا تَقَرَّرَ وَأَكْثَرُ الشَّيْءِ فِي مَعْنَى جُمْلَتِهِ كَمَا يُقَالُ لِلثَّوْرِ الْأَسْوَدِ الَّذِي فِيهِ شَعَرَاتٌ بيض أسود لكَون الْقَلِيل مغتفرا أما بِصفة أَبْيَضَ فَلَا وَلِأَنَّ دَارَ عَنِ اللُّغَةِ مَعَ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْعَرَبَ أَيْضًا قَدْ تُطْنِبُ وَتُطَوِّلُ وَتُكَرِّرُ وَتُقِيمُ الظَّاهِرَ مَقَامَ الْمُضْمَرِ لِمَقَاصِدَ تَقْتَضِي ذَلِكَ مِنَ التفخيم والتعظيم وتقريب الْمَعْنى فِي إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَقَاصِدِ وَكَذَلِكَ هَذَا فِيهِ مَعَ مَا ذُكِرَ اسْتِدْرَاكُ الْغَلَطِ الْعَظِيمِ الَّذِي قَدْ يَسْهُو الْإِنْسَانُ عَنْهُ عَنِ الثَّانِي أَنَّ الْأَصْلَ قَدْ يُخَالف لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْمَقَاصِدِ أَيْضًا فَإِنَّهُ ضَرُورَةٌ مُنَاسِبَةٌ لِمُخَالَفَةِ الْأَصْلِ عَنِ الثَّالِثِ أَنَّهُ مُعَارَضٌ بِنَقْلِ أَكْثَرَ مِنْهُ عَنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ تَفْرِيعٌ فِي الْجَوَاهِرِ عَلَى الْمَشْهُورِ إِذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إِلَّا تِسْعَةً إِلَّا ثَمَانِيَةً إِلَّا سَبْعَةً إِلَّا سِتَّةً إِلَّا خَمْسَةً إِلَّا أَرْبَعَةً إِلَّا ثَلَاثَةً إِلَّا إثنان إِلَّا وَاحِد لَزِمَهُ خَمْسَةٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنَ النَّفْيِ إِثْبَاتٌ وَالْإِثْبَاتَ نَفْيٌ وَأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الثَّانِيَ يَعُودُ عَلَى الْأَوَّلِ وَعَلَى أَصْلِ الْكَلَامِ فَتَكُونُ التِّسْعَة منفية وَالثَّمَانِيَة مُوجبَة والسبعة منفية فيوول الْأَمْرُ إِلَى خَمْسَةِ أَجْزَاءِ الْأَمْرِ وَعَلَى غَيْرِ الْمَشْهُورِ لَهُ عَشَرَةٌ إِلَّا سَبْعَةً إِلَّا خَمْسَةً إِلَّا دِرْهَمَيْنِ قَالَ الْحَنَابِلَةُ يَلْزَمُهُ سَبْعَةٌ لِأَنَّهُ أَخْرَجَ سَبْعَةً وَرَدَّ مِنْهَا خَمْسَةً إِلَّا اثْنَيْنِ وَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ مِنْ سَبْعَةٍ فَبَقِيَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ وَهُوَ أَقَلُّ الْعَشَرَةِ فَيَلْزَمُهُ تِسْعَةٌ فَلَمْ يَسْقُطُوا إِلَّا إِذَا اتَّصَلَ بِهِ مَا يُصَيِّرُهُ أَقَلَّ وَإِنْ قَالَ ثَمَانِيَةٌ إِلَّا أَرْبَعَةً إِلَّا دِرْهَمَيْنِ إِلَّا دِرْهَمًا لَزِمَهُ خَمْسَةٌ وَإِنْ قَالَ لَهُ عَشَرَةٌ إِلَّا خَمْسَةً إِلَّا ثَلَاثَةً إِلَّا دِرْهَمَيْنِ إِلَّا دِرْهَمَا بَطَلَ الِاسْتِثْنَاءُ كُلُّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِمَنْعِ اسْتِثْنَاءِ النِّصْفِ وَصَحَّ عَلَى الْآخَرِ وَلَزِمَهُ سَبْعَة وعَلى هَذَا التَّفْرِيع تجْرِي الإستثناآت عَلَى الْخِلَافِ الثَّانِيَةُ فِي الْجَوَاهِرِ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ جَائِزٌ نَحْوَ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ

وَإِلَّا ثَوْبًا أَوْ عَبْدًا إِلَّا دَابَّةً وَعِنْدَ ش يَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ مَا كَانَ مُكَيَّلًا أَوْ مَوْزُونًا أَوْ مَعْدُودًا فَيَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ الْحِنْطَةِ مِنَ الدَّنَانِيرِ وَالْجَوْزُ مِنَ الرُّمَّانِ وَنَحْوَهُ مِمَّا يُعَدُّ وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَابْنُ يُوسُفَ يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ فِيمَا يَدْخُلُ تَحْتَ الذِّمَّةِ نَحْوَ أَلْفِ دِينَارٍ إِلَّا فَلْسًا وَإِلَّا كَرَّ حِنْطَةٍ وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَدْخُلُ تَحْتَ الذِّمَّةِ مِنْ غَيْرِ الْمُكَيَّلِ وَالْمَوْزُونِ نَحْوَ إِلَّا ثَوْبًا أَوْ إِلَّا شَاةً فَهُوَ بَاطِلٌ وَمَنَعَ ابْنُ حَنْبَلٍ الْجَمِيعَ لَنَا قَوْله تَعَالَى {فَسجدَ الْمَلَائِكَة كلهم أَجْمَعُونَ إِلَّا إِبْلِيس} وَهُوَ مِنَ الْجِنِّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى {كَانَ من الْجِنّ} وقَوْله تَعَالَى {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا تأثيما إِلَّا قيل سَلاما سَلاما} وَالسَّلَام لَيْسَ من الغو وقَوْله تَعَالَى {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَن تكون تِجَارَة} قَالَ الْعُلَمَاءُ هُوَ تَقْدِيرُهُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً فَكُلُوهَا بِالسَّبَبِ الْحَقِّ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْمُكَيَّلِ وَالْمَوْزُون احْتَجُّوا بِالْقِيَاسِ على مَا إِذا مَا قَالَ بِعْتُكَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ إِلَّا ثَوْبًا وَأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ إِخْرَاجُ مَا لَوْلَاهُ لَدَخَلَ وَهَذَا لَا يَدْخُلُ فَلَا يَكُنِ اسْتِثْنَاءً وَلِأَنَّهُ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ فَلَا يَجُوزُ كَالتَّخْصِيصِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ الْفرق بِأَن البيع يحل لَهُ الْغَرَرُ بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ يَجُوزُ بِالْمَجْهُولِ وَإِخْرَاجُ ثَوْبٍ مِنْ دِينَارٍ يَقْتَضِي جَهَالَةَ الثَّمَنِ عَنِ الثَّانِي أَنَّ الْحَدَّ يَقْبَلُ الْمُعَارَضَةَ بَلْ عِنْدَنَا أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ مَا لَوْلَاهُ لَوَجَبَ دُخُولُهُ نَحْوَ لَهُ عَشَرَةٌ إِلَّا اثْنَيْنِ لِكَوْنِهِ نَصًّا وَمَا لَوْلَاهُ الظَّن دُخُوله انحو اقْتُلِ الْمُشْرِكِينَ إِلَّا زَيْدًا لِكَوْنِهِ ظَاهِرًا وَمَا لَوْلَاهُ لَجَازَ دُخُولُهُ مِنْ غَيْرِ ظَنٍّ نَحْوَ صَلِّ إِلَّا فِي الْمَوَاطِنِ السَّبْعَةِ فَإِنَّهُ لَا يُظَنُّ إِرَادَتُهَا مِنْ سَمَاعِ الْأَمْرِ وَمَا لَوْلَاهُ لقطع

بَعْدَ دُخُولِهِ وَهُوَ الْمُنْقَطِعُ فَالْحَدُّ الْعَامُّ عِنْدَنَا هُوَ إِخْرَاجُ مَا تَنَاوَلَهُ اللَّفْظُ لَهُ قَبْلَهُ أَوْ عَرَضَ نَفْسَ الْمُتَكَلِّمِ عَنِ الثَّالِثِ أَنَّنَا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ التَّخْصِيصُ بِخَبَرِ الْجِنْسِ إِذَا أَفْضَى الطَّرَفَانِ فِي الْعُمُومِ لِأَنَّ عِنْدَنَا يَعُودُ بِالْبَيَانِ عَلَى اللَّفْظِ عَلَى مَا سَيَأْتِي تَفْرِيعٌ فِي الْجَوَاهِرِ قِيلَ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ بَاطِلٌ وَيَلْزَمُهُ مَا أَقَرَّ بِهِ كَامِلًا وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْمَشْهُورِ يُقَالُ لَهُ اذْكُرْ قِيمَةَ الْعَبْدِ الَّذِي اسْتَكْتَبْتَهُ وَيَكُونُ مُقِرًّا بِمَا بَقِيَ بَعْدَ قِيمَةِ الْعَبْدِ فَإِنِ اسْتَغْرَقَتِ الْأَلْفَ لَزِمَهُ الْأَلْفُ وَبَطَلَ الِاسْتِثْنَاءُ كَالِاسْتِثْنَاءِ إِنِ اسْتَثْنَى الْكُلَّ بَطَلَ وَإِلَّا صَحَّ وَقَالَهُ الشَّافِعِيَّةُ غَيْرَ أَنَّهُمْ زَادُوا فِي التَّفْرِيعِ مَا يُنَاسِبُهُ فَقَالُوا يَنْبَغِي أَن تكون الْقيمَة مُنَاسبَة للثوب لَيْلًا يُعَدَّ نَادِمًا قَالُوا وَهَذَا إِذَا اسْتَثْنَى مَجْهُولًا مِنْ مَعْلُومٍ فَإِنَّ قِيمَةَ الثَّوْبِ مَجْهُولَةٌ وَأَلْفُ دِينَار مَعْلُوم وَعَكسه لَهُ ألف إِلَّا دِرْهَم بِتَفْسِيرِ الْأَلْفِ وَيَعُودُ الْحَكَمُ إِلَى الِاسْتِغْرَاقِ فَلَا يُقْبَلُ وَإِلَّا قُبِلَ وَإِنِ اسْتَثْنَى مَجْهُولًا مِنْ مَجْهُولٍ نَحْوَ مِائَةٍ إِلَّا عَشَرَةً أَوْ إِلَّا ثَوْبًا فَعَلَى مَا تَقَدَّمَ فَرْعٌ قَالَ الْقَاضِي ابْنُ مُغِيثٍ فِي وَثَائِقِهِ قَالَ ابْنُ السَّرَّاجِ إِذَا قَالَ لَهُ عِنْدِي مِائَةُ دِرْهَمٍ إِلَّا دِرْهَمَيْنِ لزمَه ثَمَانِيَة وَتسْعُونَ دِينَارا كَذَا وَإِلَّا درهما تَلْزَمُهُ الْمِائَةُ تَامَّةً لِأَنَّ الرَّفْعَ يَقْتَضِي أَنَّ إِلَّا بِمَعْنَى غَيْرِ عَلَى الْبَدَلِ فَقَدِ اعْتَرَفَ بِمِائَةِ مُغَايِرَةٍ لِدِرْهَمَيْنِ فَتَلْزَمُهُ نَظِيرُهُ قَوْلِهِ تَعَالَى {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} أَيْ غَيْرُ اللَّهِ الثَّالِثَةُ فِي الْجَوَاهِرِ يَجُوزُ الِاسْتِثْنَاءُ مِنَ الْعَيْنِ غَيْرِ الْعَدَدِ نَحْوَ لَهُ هَذِهِ الدَّارُ إِلَّا ذَلِكَ الْبَيْتَ وَالْخَاتَمُ إِلَّا الْفَصَّ وَهَؤُلَاءِ الْعَبِيدُ إِلَّا وَاحِدًا ثُمَّ يُعَيّنهُ

وَلَهُ هَذِهِ الدَّارُ وَبِنَاؤُهَا لِي أَوْ لِفُلَانٍ وَهَذَا الْبُسْتَانُ إِلَّا نَخْلَةً فَإِنَّهَا لِي قَالَ أَشْهَبُ إِذَا قَالَ غَصَبْتُ هَذِهِ الدَّارَ وَبِنَاؤُهَا لِي أَوْ بَيْتُهُ مِنْهَا أَوْ هَذِهِ الْبِطَانَةُ وَلِي بِطَانَتُهَا إِذَا اتَّصَلَ كَلَامُهُ لِأَنَّ الْكَلَامَ بِآخِرِهِ وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ الرَّابِعَةُ قَالَ الشَّافِعِيَّةُ إِذا تقف كَذَا الِاسْتِثْنَاء جملَة مَنْطُوق بِهِ فَهُوَ كَقَوْلِهِ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إِلَّا عَشَرَةً وَقِيلَ عِنْدَهُمْ يَصِحُّ كَمَا لَوْ قَالَ عَلَيَّ دِرْهَمَانِ إِلَّا دِرْهَمًا وَقَالَهُ الْمَالِكِيَّةُ فِي أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةٌ وَاحِدَةٌ وَاحِدَةٌ إِلَّا وَاحِدَةً تَلْزَمُهُ اثْنَتَانِ وَخَالَفَ ش فِي الطَّلَاقِ وَهُوَ الْأَصْلُ فَإِنْ أَمْكَنَ الْعَوْدُ إِلَى الْجَمِيعِ نَحْوَ لَهُ هَذَا الذَّهَبُ وَهَذَا الدِّينَارُ وَهَذَا التِّبْرُ إِلَّا مِثْقَالًا فالمنقول عَن مَالك وش عَوْدُهُ إِلَى الْجَمِيعِ لِأَنَّ الْكَلَامَ بِآخِرِهِ وَآخِرُ الْكَلَامِ إِنَّمَا يَتَعَيَّنُ بِالسُّكُوتِ وَلَمْ يَسْكُتْ عُقَيْبَ شَيْءٍ مِنَ الْجُمَلِ وَقَالَ ح يَخْتَصُّ بِالْجُمْلَةِ الْأَخِيرَةِ لِأَنَّ الْقُرْبَ يُوجِبُ الرُّجْحَانَ الْخَامِسَةُ قَالُوا إِذا تَكَرَّرت استثنآات بِحَرْفِ الْعَطْفِ تَعَيَّنَ عَوْدُهَا عَلَى أَصْلِ الْكَلَامِ لِأَنَّ الْعَرَبَ لَا تَجْمَعُ بَيْنَ إِلَّا وَحَرْفِ والعطف لِأَنَّ إِلَّا لِلْإِخْرَاجِ وَالْعَطْفُ بِالْوَاوِ لِلتَّشْرِيكِ فَهُمَا مُتَنَاقِضَانِ نَحْوَ لَهُ عِنْدِي عَشَرَةٌ إِلَّا ثَلَاثَةً وَإِلَّا اثْنَيْنِ فَإِنِ اسْتَغْرَقَ الْأَصْلَ سَقَطَ اسْتِثْنَاؤُهُ وَلَزِمَتْهُ الْعَشَرَةُ لِأَنَّهُ أَبْطَلَ جَمِيعَ كَلَامِهِ وَقَالَهُ ح وَقَالَ صَاحِبَاهُ يَسْقُطُ الْأَخِيرُ لَا لِمُقْتَضَى الِاسْتِغْرَاقِ وَيَصِحُّ مَا عَدَاهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ اعْتِبَارُ الْكَلَامِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ الْبَحْثُ الثَّانِي فِي الِاسْتِثْنَاءِ الْمَجْهُولِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَهُ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ إِلَّا شَيْئًا يَلْزَمُهُ أَحَدٌ وَتِسْعُونَ وَلَهُ عَشَرَةُ آلَافٍ إِلَّا شَيْئًا يَلْزَمُهُ تِسْعَةُ آلَافٍ وَمِائَةٌ وَلَهُ دِرْهَمٌ إِلَّا شَيْئًا يَلْزَمُهُ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ دِرْهَمٍ وَهَذِهِ تَعَسُّفَاتٌ مَا عَلِمْتُ لَهَا مَدْرَكًا مِنَ اللُّغَةِ ثُمَّ إِنَّهُ جَعَلَهُ تِسْعَةَ أَعْشَارِ الْعُشْرِ فِي الْمِائَةِ وَعَشْرَ آلَافٍ وَجَعَلَهُ الْخُمُسَيْنِ فِي

الدِّرْهَمِ فَلَمْ يَجْرِ عَلَى قَانُونٍ مَعَ أَنَّهُ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ قُرْبُ الْمِائَةِ أَوِ الْمِائَةُ إِلَّا شَيْئًا قَالَ سَحْنُونٌ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ ثُلُثَيِ الْمِائَةِ كَذَا بِقَدْرِ مَا يَرَى الْحَاكِمُ وَقِيلَ ثُلُثُ الْمِائَةِ وَقيل ثلثاها وَقِيلَ أَحَدٌ وَخَمْسُونَ يَزِيدُ عَلَى النِّصْفِ هَذَا نَقْلُ الْجَوَاهِرِ وَقَالَ الْقَاضِي ابْنُ مُغِيثٍ فِي وَثَائِقِهِ إِذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إِلَّا شَيْئًا وَإِلَّا كَسْرًا صُدِّقَ فِي تَفْسِيرِهِ مَعَ يَمِينِهِ يَعْنِي لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَصِحُّ فِي الْعَشَرَةِ إِلَى التِّسْعَةِ فَكَمَا صَحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ صَحَّ أَنْ يُفَسَّرَ بِهِ الِاسْتِثْنَاءُ الْمَجْهُولُ وَلَمْ يَحْكِ خِلَافًا وَهَذَا قَوْلُ ش وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ لَا يَصِحُّ تَفْسِيرُهُ بِالنِّصْفِ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهِ يَسِيرًا بِنَاءً مِنْهُمْ عَلَى امْتِنَاعِ اسْتِثْنَاءِ الْمُسَاوِي فَطَرَدَ الْفَرِيقَانِ أَصَلهُمَا فِي الِاسْتِثْنَاءِ الْمَجْهُولِ فِي جَوَازِ اسْتِثْنَاءِ الْأَكْثَرِ وَمَنْعِهِ وَقَالَ ح كَقَوْلِ الْحَنَابِلَةِ فَإِنَّهُ إِذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ إِلَّا قَلِيلًا أَوْ إِلَّا بَعْضَهَا وَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إِلَّا بَعْضَهَا لَا بُدَّ أَنْ يَزِيدَ عَلَى النِّصْفِ فِي الْبَاقِي فَخَالَفَ أَصْلَهُ فِيمَا يُنْقَلُ عَنْهُ فِي جَوَازِ اسْتِثْنَاءِ الْأَكْثَرِ أَوْ يَكُونُ لَهُ فِيهِ قَوْلَانِ وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذِهِ أَقْوَالٌ مَعْقُولَةٌ وَلَهَا مَرْجِعٌ مِنَ اللُّغَةِ بِخِلَافِ الْأُولَى فَاعْلَمْهُ وَقَدْ سُئِلَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إِذَا قَالَ لَهُ شَيْءٌ وَمِائَةٌ رَجَعَ لِتَفْسِيرِهِ فِي الشَّيْءِ وَلَهُ مِائَةٌ إِلَّا شَيْئًا يَلْزَمُهُ أحد وَسِتُّونَ مَا الْفَرْقُ قَالَ الْفَرْقُ أَنَّ الْعَرَبَ لَا تَسْتَثْنِي مِنَ الْعَشَرَاتِ إِلَّا الْآحَادَ وَمِنَ الْمِئِينِ إِلَّا الْعَشَرَاتِ وَكَذَلِكَ مُعَيَّنٌ وَاحِدٌ مِنَ الْعَشَرَةِ لَيْلًا يَكُونَ مِثْلَ قَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إِلَّا عَشَرَةً بِخِلَافِ الْعَطْفِ يُعَدُّ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فَرجع إِلَى تَفْسِيره وَهَا هُنَا أَنَّهُ اسْتِثْنَاءُ أَكْثَرِ الْعَشَرَةِ فَقِيلَ عَنْهُ أَحَدٌ وَتِسْعُونَ وَكَذَلِكَ الْكَلَامُ فِي أَلْفٍ إِلَّا شَيْئًا وَهَذَا نَقْلٌ يَعْسُرُ عَلَيْهِ تَحْقِيقُهُ بَلِ الْعَرَبُ تَقُولُ مِائَةٌ إِلَّا عَشَرَةٌ وَإِلَّا عِشْرُونَ وَأَلْفٌ إِلَّا مِائَةٌ وَأَلْفٌ إِلَّا مِائَتَانِ إِنِ الْمَسَلَ كَذَا هُوَ أَوِ الْأَلِفُ فَلَهَا إِخْرَاجُ أَقَلِّهِ وَنَصْفِهِ وَأَكْثَرِهِ عَلَى الْخِلَافِ فِي النِّصْفِ وَالْأَكْثَرِ الْبَحْث الثَّالِثُ فِيمَا يَعْقُبُ الْإِقْرَارَ مِنَ الْمَعَانِي الْمُبْطِلَةِ لَهُ وَفِيهِ أَرْبَعَ عَشَرَةَ مَسْأَلَةً الْأُولَى فِي الْجَوَاهِرِ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ أَوْ مَيْتَةٍ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ

لِأَنَّ الْكَلَامَ بِآخِرِهِ إِلَّا أَنْ يَقُولَ الطَّالِبُ بَلْ مِنْ تَمْرٍ فَتَلْزَمُهُ مَعَ يَمِينِ الطَّالِبِ وَقَالَهُ ش وح لِأَنَّهُ وَصَلَ كَلَامَهُ فَأَسْقَطَ جُمْلَتَهُ فَيَقُومُ الطَّالِبُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ عِنْدِي عَشَرَةٌ فَلَوْ قَالَ اشْتَرَيْتُ مِنْهُ خَمْرًا بِأَلْفٍ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُقَدِّمْ فِي كَلَامِهِ بِسَبَبِ لُزُومِ شَيْءٍ لَهُ أَوْ يَقْتَضِي عَدَمَ اللُّزُومِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ الثَّانِيَةُ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ ثُمَّ قَالَ لَمْ أَقْبِضْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٌ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَصْحَابِنَا يَلْزَمُهُ الثَّمَنُ وَلَا يُصَدَّقُ فِي عَدَمِ الْقَبْضِ كَأَنَّهُ يَكِرُّ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالِاسْتِثْنَاءِ الْمُسْتَغْرِقِ وَقِيلَ يُصَدَّقُ وَعَلَى الْبَائِعِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ سَلَّمَ الْعَبْدَ إِلَيْهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْقَبْضِ وَهُوَ لَمْ يَعْتَرِفْ مُطْلَقًا بَلْ بِثَمَنِ الْعَبْدِ وَكَذَلِكَ اشْتَرَيْتُ مِنْهُ سِلْعَةً بِمِائَةِ دِرْهَمٍ لَمْ أَقْبِضْهَا مِنْهُ الْقَوْلُ قَوْلُهُ وَعِنْدَ ش إِذَا قَالَ اشْتَرَيْتُ مِنْهُ سِلْعَةً بِأَلْفٍ وَلَمْ يَقْبِضْهَا يُصَدَّقُ مَعَ يَمِينِهِ اتِّفَاقًا وَلَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَن مَبِيعٍ لَمْ أَقْبِضْهُ وَوَصَلَ قَوْلُهُ فَكَذَلِكَ وَلَمْ يَلْزَمْهُ تَسْلِيمُ الْأَلْفِ حَتَّى يَقْبِضَ سَوَاءٌ وَصَلَ بِإِنْكَارِ الْقَبْضِ أَوْ سَكَتَ حَتَّى انْقَطَعَ كَلَامُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْقَبْضِ وَقَالَ ح إِذَا عُيِّنَ الْمَبِيعُ قُبِلَ مِنْهُ وَصَلَ الْإِقْرَارَ أَمْ لَا لِأَنَّ عَيْنَ الْمَبِيعِ لَا يَلْزَمُهُ ثَمَنُهُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ بِخِلَافِ الْمُعَيَّنِ وَعِنْدَ ش قَالَ لَهُ أَلْفٌ وَسَكَتَ حَتَّى يَنْقَطِعَ كَلَامُهُ ثُمَّ قَالَ مِنْ ثَمَنٍ مَبِيعٍ لَمْ أَقْبِضْهُ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ لِاسْتِقْرَارِ الْإِقْرَارِ بِالسُّكُوتِ الثَّالِثَةُ فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا أَقَرَّ بِمَالٍ مِنْ ثَمَنِ خِنْزِيرٍ ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ رباه وَأَنَّهُ إِنَّمَا أَقَرَّ أَنَّهُ مِنْ ثَمَنِ خِنْزِيرٍ إِلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى إِقْرَارِ الطَّالِبِ أَنَّهُ رِبًا لِاضْطِرَابِ كَلَامِهِ وَقَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ تُقْبَلُ بَيِّنَتِهِ أَنَّهُ رِبًا وَيُرَدُّ إِلَى رَأْسِ مَاله وَلَا يكون إِقْرَاره ملك كَذَا بِالْبَيِّنَةِ وَبِالْأَوَّلِ قَالَ سَحْنُونٌ الرَّابِعَةُ فِي الْجَوَاهِرِ عَلَيَّ أَلْفٌ لَا يَلْزَمُهُ أَوْ زُورٌ أَوْ بَاطِلٌ لَزِمَتْهُ إِنْ صَدَّقَهُ غَرِيمُهُ فِي الْمِلْكِ وَكَذَّبَهُ فِي قَوْلِهِ زُورٌ وَبَاطِلٌ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ عَشَرَةٌ إِلَّا عَشَرَةً وَإِنْ صَدَّقَهُ فِيهِمَا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِاعْتِرَافِ الْمُقَرِّ لَهُ بِالسقطِ

الْخَامِسَةُ فِي الْجَوَاهِرِ لَهُ عَلَيَّ مِائَةٌ قَضَيْتُهَا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْقَضَاءِ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ مِائَةٌ إِلَّا مِائَةً وَقَالَهُ ش وَلَوِ ادَّعَى الْقَضَاءَ قَبْلَ الْإِقْرَارِ وَقَامَتِ الْبَيِّنَةُ لَمْ تُمْنَعْ دَعْوَاهُ وَلَا يَمِينُهُ لِأَنَّهُ كَذَّبَهَا بِإِقْرَارٍ وَالْإِقْرَارُ أَقْوَى مِنَ الدَّعْوَى إِلَّا أَنْ يَقُولَ بَعْدَ الْإِقْرَارِ وَمَا قَبَضْتُهَا وَلَمْ يُقْبَلْ قَبْلَ الْإِقْرَارِ فَسَمِعَ بِبَيِّنَةِ الْإِقْرَارِ حِينَئِذٍ السَّادِسَةُ فِي الْجَوَاهِرِ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لَزِمَهُ الْأَلْفُ وَلَا يَنْفَعُهُ الِاسْتِثْنَاءُ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ خَبَرٌ عَنِ الْوَاقِعِ وَالْوَاقِعُ لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ عَلَى الشُّرُوطِ وَقَالَهُ ح وَقَالَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّرْطُ نَحْوَ إِنْ جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ أَوْ جَاءَنِي بِعَبْدِي الْآبِقِ لِأَنَّ هَذَا الْإِقْرَارَ إِخْبَارٌ عَنْ حُصُولِ الْمُسَبِّبِ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ حَتَّى يَحْصُلَ ذَلِكَ الشَّرْطُ السَّابِعَةُ فِي الْجَوَاهِرِ عَلَيَّ أَلْفٌ فِيمَا أَظُنُّ أَوْ ظَنَنْتُ أَوْ أَحْسَبُ أَوْ حَسِبْتُ لَزِمَهُ لِأَنَّ حُقُوقَ الْعِبَادِ وَحُقُوقَ اللَّهِ تَعَالَى تَكْفِي فِيهَا الظُّنُونُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا قَالَ فِيمَا أَعْلَمُ وَفِي عِلْمِي أَوْ فِيمَا يَحْضُرُنِي فَهُوَ شَكٌّ لَا يَلْزَمُ بِدَلِيلِ الشَّهَادَةِ الثَّامِنَةُ فِي الْجَوَاهِرِ لَهُ أَلْفٌ مُؤَجَّلَةٌ لَزِمَتْهُ مُؤَجَّلَةً إِذَا كَانَ الْأَجَلُ غَيْرَ مُسْتَنْكَرٍ وَقَالَهُ ش لِأَنَّ التَّأْجِيل لَا يسْقط الْحق بل ليقضه كَذَا فَهُوَ اسْتِثْنَاءُ الْبَعْضِ وَقِيلَ يَحْلِفُ الْمُقِرُّ وَيَسْتَحِقُّهُ حَالًا وَقَالَهُ ح لِأَنَّهُ رَفَعَ الْمُطَالَبَةَ فِي الْحَالِ فَيَسْقُطُ التَّأْجِيلُ كَمَا لَوْ قَالَ قَضَيْتُهَا وَذَكَرَ الْأَجَلَ بَعْدَ الْإِقْرَارِ لَمْ يُقْبَلِ اتِّفَاقًا بَيْنَ الْأَئِمَّةِ وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ أَلْفٌ مُؤَجَّلٌ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ لِأَنَّهُ شَأْنُ الْقَرْضِ أَمَّا أنْ يَدَّعِي الطَّالِبُ الْحُلُولَ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ التَّاسِعَةُ فِي الْجَوَاهِرِ مِنْ كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ لَهُ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ إِنْ حَلَفَ أَوْ إِذَا حَلَفَ أَوْ مَتَى حَلَفَ أَوْ حِينَ يَحْلِفُ أَوْ مَعَ يَمِينِهِ أَوْ فِي يَمِينِهِ

أَو بعد يَمِينه فَحلف الْمقر وَنكل الْمقر لَهُ وَقَالَ مَا ظَنَنْتُ أَنَّهُ يَحْلِفُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِأَنَّ ظَاهِرَ حَالِ اشْتِرَاطِهِ ذَلِكَ إِذْ لَمْ يَعْتَرِفْ بِشَيْءٍ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِنْ حَلَفَ وَإِنِ ادَّعَاهَا أَوْ عَلَى حَلِفِهَا بِالْعِتْقِ أَوْ بِالطَّلَاقِ أَوْ بِالصَّدَقَةِ أَوْ قَالَ اسْتَحَلَّ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهَا لَهُ وَإِنْ أَعَارَنِي رِدَاءَهُ أَوْ دَابَّتَهُ أَوْ قَالَ إِنْ شَهِدَ بِهَا عَلَي فُلَانٍ فَشَهِدَ بِهَا عَلَيْهِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِي هَذَا كُلِّهِ لِأَنَّ ظَاهِرَ حَالِهِ عَدَمُ الْإِقْرَارِ وَأَمَّا إِنْ قَالَ إِنْ حَكَمَ بِهَا فُلَانٌ لِرَجُلٍ سَمَّاهُ فَتَحَاكَمَا إِلَيْهِ فَحَكَمَ بِهَا عَلَيْهِ لَزِمَهُ لِأَنَّهُ عَلَّقَ اللُّزُومَ عَلَى سَبَبِهِ فَيَلْزَمُهُ عِنْدَ حُصُولِ سَبَبِهِ بِخِلَافِ الشُّرُوطِ الْأُولَى لَيْسَتْ أَسْبَابًا بَلِ اسْتِبْعَادَاتٍ وَعِنْدَ ش إِنْ جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَلَهُ مِائَةٌ قَوْلَانِ وَإِنْ قَالَ إِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ شَهِدَا أَمْ لَا وَكَذَلِكَ إِنْ شَهِدَ فُلَانٌ عَلَيَّ صَدَّقْتُهُ لِأَنَّهَا وُعُودٌ عِنْدَهُ وَقَدْ يَصْدُقُ مَنْ لَيْسَ بِصَادِقٍ الْعَاشِرَةُ فِي الْجَوَاهِرِ لَهُ عَلَيَّ مِائَة وَدِيعَة لَا تَكُونُ إِلَّا وَدِيعَةً لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتَرِفْ على ذمَّته بِشَيْء وَالْأَصْل برأتها وَعَلَى مُسْتَعْمَلِ الْوُجُوبِ التَّسْلِيمُ وَالْوَدِيعَةُ يَجِبُ تَسْلِيمُهَا وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ دَيْنٌ لَمْ يَلْزَمْهُ إِلَّا دِينَار وَقَالَ ش وَإِن قَالَ قبلي أَوله عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ دَيْنًا وَدِيعَةً لَزِمَتْهُ دَيْنًا لِأَنَّهُ قَالَ يَتَعَدَّى فِي الْوَدِيعَةِ فَتَصِيرُ دَيْنًا الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ فِي الْجَوَاهِرِ لَكَ هَذِهِ الشَّاةُ أَوْ هَذِهِ النَّاقَةُ فَلَكَ الشَّاةُ وَيَحْلِفُ الْمُقِرُّ مَا أَقَرَّ بِالنَّاقَةِ تِلْكَ لِأَنَّ عُدُولَهُ إِلَى النَّاقَةِ إِبْطَالٌ للشاة فَلَا يسمع مِنْهُ وَلَو حلف مَالك فِيهَا جَمِيعًا شَيْءٌ وَادَّعَيْتَ كُلَّهَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُكَ فِي النَّاقَةِ فَالْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ فِي الشَّاةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْزِمْ لَكَ بِالنَّاقَةِ لِأَخْذِ الشَّاةِ دون النَّاقة تبقى كَذَا فِي الْمُقِرِّ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ فِي الْجَوَاهِرِ غَصَبْتُ هَذَا الْعَبْدَ مِنْ فُلَانٍ ثُمَّ قَالَ لَا بَلْ مِنْ فُلَانٍ فَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ هُوَ لِلْأَوَّلِ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ الثَّانِي ذِكْرُهُ إبِْطَال

فَلَا يُسْمَعُ وَلِلْآخَرِ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ مُؤَاخَذَةٌ لَهُ بِإِقْرَارِهِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ الثَّالِثَةَ عَشَرَةَ فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ فِي ثَوْبَيْنِ فِي يَدِ أَحَدٍ وَقَالَ لَا أَدْرِي أَيَّهُمَا هُوَ حَلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ أَنَّ أَجْوَدَهَا لِلْمُقَرِّ لَهُ فَإِنْ حَلَفَ وَإِنْ نَكَلَ حَلَفْتَ وَكُنْتُمَا شَرِيكَيْنِ فِي الثَّوْبَيْنِ وَكَذَلِكَ إِنْ نَكَلْتُمَا أَوْ حَلَفْتُمَا إِلَّا أَنْ يَقُولَ لَا أَعْرِفُهُ فَيَقُولُ الْمُقَرُّ لَهُ أَنَا أَعْرِفُهُ فَيُؤْمَرُ بِتَعْيِينِهِ فَإِنْ عَيَّنَ أَدْنَاهُمَا أَخَذَهُ أَوْ أَجْوَدَهُمَا أَخَذَهُ بَعْدَ الْحَلِفِ لِلتُّهْمَةِ فِي الْجَوْدَةِ وَلَوْ قَالَ الْمُقِرُّ أَدْنَاهُمَا هُوَ ثَوْبُهُ حَلَفَ وَلَمْ يَأْخُذْ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مِلْكِ الزِّيَادَةِ لَكَ وَلَوْ قَالَ لَكَ عَلَيَّ دِرْهَمٌ أَوْ عَلَى فُلَانٍ الْإِقْرَارُ اللَّازِمُ عَلَى نَفْسِهِ وَيَحْلِفُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَلَى أَصْلِ سَحْنُونٍ يَلْزَمُهُ دُونَ فُلَانٍ لِأَنَّ الْكَلَامَ الثَّانِيَ رَافِعٌ لِجُمْلَةِ الْأَوَّلِ فَيَبْعُدُ ضِدُّهُ فَلَوْ قَالَ عشرَة الْعشْرَة كَذَا الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ قَالَ الْقَاضِي ابْنُ مُغِيثٍ فِي وَثَائِقِهِ إِذَا أَقْرَرْت بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَقَالَ الطَّالِبُ بَلْ الْمُقِرُّ مَعَ يَمِينِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَهْلِ الْعِرَاقِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَنَا أَقْرَرْتُ لَكَ فِي نَوْمِي أَوْ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ وَلَوْ بِحَالِهِ يُغْرَمُ فِيهَا شَيْءٌ وَيَلْزَمُهُ عِنْدَ سَحْنُونٍ وَإِنْ قَالَ أُمُورِي الْعَقْدُ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ إِجَابَةٌ صُدِّقَ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ عُرُوضِ هَذِهِ الْحَالَةِ بِخِلَافٍ وَإِنْ أَقَرَّ سَالِمٌ وَقَدْ كَانَ مُشْتَركا مُحَارِبًا أَنَّهُ أَخَذَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فِي حرَابَتِهِ وَقَالَ بَلْ بَعْدَ إِسْلَامِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِمَا تَقَدَّمَ وَيَلْزَمُهُ عِنْدَ سَحْنُونٍ لِأَنَّ الْحَرْبِيَّ يَضْمَنُ وَلَوْ أَقَرَّ الْمُسْلِمُ الْمُقَرُّ لَهُ مِنَ الْحَرْبِيِّ فِي دَارِ الْحَرْبِ مِائَةَ دِينَارٍ وَقَالَ الْحَرْبِيُّ بَلْ بَعْدَ الْإِسْلَامِ صُدِّقَ الْمُسْلِمُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَصُدِّقَ الْحَرْبِيُّ عِنْد سَحْنُون

(الباب الرابع في الإقرار بالنسب)

(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ) وَهُوَ أَصْلُ الْإِقْرَارِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنْ قَالَ هَذَا إِنَّهُ الْتَحَقَ بِهِ سَالِمٌ فَكَذَّبَهُ لِأَجَلٍ يَكُونُ أَكْفرَ مِنْهُ أَو الشَّرْع كَذَا بِأَنْ يَكُونَ مَشْهُورَ النَّسَبِ وَيَعْرِفُ كُلَّ وَالرَّجُلُ فَارِسِيًّا فَلَا يَلْحَقُ بِهِ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إِخْبَارٌ وَالْخَبَرُ الْكَاذِبُ لَا عِبْرَةَ بِهِ قَالَ وَلَا يَكْذِبُ حُرٌّ النَّسَبُ لَحِقَ بِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ الضَّرُورَةُ الدَّيْنُ غَيْرُهُ كَانَتْ ضَرُورَتُهُ لبراءة ذمَّته من الدِّيوَان وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَلْحَقُ وَلَا مِلْكَ يَمِينٍ لِأَنَّ عَدَمَ الْفِرَاشِ سَبَبُ عَدَمِ النَّسَبِ كَمَا أَنَّ الْفراشَ سَبَبُهُ هُنَا يَلْحَقُ بِهِ لَا يَلْتَفِتُ لِإِنْكَارِ الْوَلَدِ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا لِأَنَّ النَّسَبَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى لَيْسَ لَهُ إِبْطَالُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِهِ مِنْهُ فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ وَوَافَقَنَا ش وَابْنُ حَنْبَلٍ فِي الشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَلَا يشْتَرط أَن يكون الملحق مسلوب الْعِمَارَة كَذَا وَالْكَبِيرُ عِنْدَهُمَا فَلَا بُدَّ مِنْ مُوَافَقَتِهِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِمَالٍ وَالْفَرْقُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فِي النَّسَبِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِالْجِزْيَةِ لَا بُدَّ مِنْ مُوَافَقَتِهِ وَفِي هَذَا الْبَابِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَرْعًا الْأَوَّلُ فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا قَالَ فِي أَوْلَادِ أَمَتِهِ أَحَدُهُمْ وَلَدِي وَهُمْ ثَلَاثَةٌ وَلَمْ يَعْرِفْ عَيْنَهُ فَالصَّغِيرُ مِنْهُمْ حُرٌّ وَحْدَهُ لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ هُوَ الْوَلَدَ فَهُوَ حُرٌّ أَوِ الْأَكْبَرُ

فَقَدْ صَارَتِ الْأُمُّ أُمَّ وَلَدٍ أَوْلَادُهَا بِمَنْزِلَتِهَا فِي الْحُرِّيَّةِ فَالصَّغِيرُ حُرٌّ أَوِ الْأَوْسَطُ تَعَيَّنَتِ الْحُرِّيَّةُ لَهُ وَلِلصَّغِيرِ دُونَ الْكَبِيرِ لِأَنَّهُ ابْنُهَا قَبْلَ أَنْ تَصِيرَ أُمَّ وَلَدٍ فَهُوَ رَقِيقٌ وَقَالَ الْمُغيرَة يعْتق الْأَصْغَر وَثلث الْأَوْسَطِ وَثُلُثُ الْأَكْبَرِ لِأَنَّ الصَّغِيرَ حُرٌّ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ وَالْأَوْسَطُ حُرٌّ فِي وَجْهَيْنِ رَقِيقٌ فِي وَجْهٍ وَالْأَكْبَرُ حُرٌّ عَلَى تَقْدِيرٍ وَاحِدٍ عبد على تقريرين وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُعْتَقُونَ كُلُّهُمْ لِلشَّكِّ فِي السَّبَب الْمُبِيح لمنافعهم فِي السَّبَب كَذَا يَصِحُّ تَرَتُّبُ السَّبَبِ فَلَوِ ادَّعَى الصَّغِيرَ وَادَّعَتْ أُمُّهُمِ الْأَوْسَطَ وَالْكَبِيرَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ حَقٌّ تَعَلَّقَ بِهِ فَيُصَدَّقُ كَالْمَالِ وَلَوْ أَقَرَّ لَهُ الْأَوْسَطُ خَاصَّةً لَزِمَهُ هُوَ وَالْأَصْغَرُ إِنِ ادَّعَتْهُ الْأُم مِنْهُم لِأَنَّهَا صَارَت فراخا كَذَا بِالْأَوْسَطِ فَيُلْحِقُهُ بِأُمِّهِ بَعْدَهُ إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الِاسْتِبْرَاءَ فِيهِ وَإِنِ اعْتَرَفَ بِالْكَبِيرِ لَزِمَهُ الْجَمِيعُ إِنِ ادَّعَتِ الْأُمُّ الْآخَرَيْنِ إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الِاسْتِبْرَاءَ فِيهَا وَإِلَّا فَلَا وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ لَا يُلْحَقُ بِهِ مَنْ لَمْ يُلْحَقْ بِهِ وَلَدُهُمْ وَلَدُهُ الثَّانِي لَوْ وَلَدَتْ زَوْجَةُ رَجُلٍ غُلَامًا وَأَمَتُهُ غُلَامًا وَمَاتَتَا فَقَالَ الرَّجُلُ أَحَدُهُمَا لِي وَلَا أَعْرِفُهُ دُعِيَ لَهُمَا الْقَافَةُ فَمَنْ أَلْحَقُوهُ بِهِ لَحِقَ بِهِ وَيَلْحَقُ بِالْآخَرِ الْآخَرُ الثَّالِثُ لَو نزل رجل ضَعِيف عَلَى رَجُلٍ وَلَهُ أُمُّ وَلَدٍ حَامِلٌ فَوَلَدَتْ هِيَ وَولدت امْرَأَة الضَّعِيف فِي لَيْلَةٍ صَبِيَّيْنِ وَلَمْ يَعْرِفْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَلَده وَقد أعيى كَذَا أَحَدُهُمَا وَبَقِيَ الْآخَرُ دُعِيَ لَهُمَا الْقَافَةُ لِأَنَّهُ لَا مُرَجِّحَ لِأَحَدِهِمَا وَقَالَ سَحْنُونٌ فِيمَنْ وَلَدَتِ امْرَأَتُهُ جَارِيَةً وَأَمَتُهُ جَارِيَةً وَأُشْكِلَ عَلَيْهِ وَلَدُ الْحُرَّةِ مِنْهُمَا وَمَاتَ الرَّجُلُ وَلَمْ يَدَّعِ عُصْبَةً لِيَسْتَدِلَّ بِهَا الْقَافَةُ عَلَى وَلَدِ الْمَيِّتِ لَيْسَ فِي مِثْلِ هَذَا قَافَةٌ وَلَا تَكُونُ الْمَوَارِيثُ بِالشَّكِّ وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدِ بْنِ مُيَسَّرٍ فِي امْرَأَةٍ طَرَحَتْ بِنْتَهَا ثُمَّ عَادَتْ لِأَخْذِهَا فَوَجَدَتْهَا وَأُخْرَى مَعَهَا وَلَمْ تَعْرِفْ بِنْتَهَا مِنْهُمَا قَالَ ابْن

الْقَاسِمِ لَا تَلْحَقُ بِزَوْجِهَا وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ لَا مِيرَاثَ وَلَا نَسَبَ بِالشَّكِّ وَقَالَ سَحْنُونٌ يُدْعَى لَهُمَا الْقَافَةُ لِأَنَّهُ سَبَبٌ ينْقلُ عَنِ الشَّكِّ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَسَحْنُونٌ لَا تَلْحَقُ الْقَافَةُ إِلَّا بِأَبٍ حَيٍّ فَأَمَّا إِنْ مَاتَ الْأَبُ فَلَا يُقْبَلُ الْقَافَةُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ عَلَى نَسَبِهِ غَيْرُ الْأَبِ وَقَدْ فُقِدَ الرَّابِعُ قَالَ إِذَا أَقَرَّ عِنْدَ مَوْتِهِ أَنَّ فُلَانَة جَارِيَتَهُ وَلَدَتْ مِنْهُ وَأَنَّ بِنْتَهَا فُلَانَة ابْنَتُهُ وَلِلْأَمَةِ ابْنَتَانِ أُخْرَيَانِ ثُمَّ مَاتَ وَيُثْبِتُ الْبَيِّنَةُ وَالْوَرَثَةُ اسْمَهَا وَأَقَرَّ بِذَلِكَ الْوَرَثَةُ فَهُنَّ كُلُّهُنَّ أَحْرَارٌ وَلَهُنَّ الْمِيرَاثُ مِيرَاثُ وَاحِدَةٍ لِأَنَّهَا وَالْبَنَاتُ تَبَعٌ لِأَجْلِ اللَّبَنِ كَاخْتِلَاطِ الْمُذَكَّاةِ بِالْمَيِّتَةِ وَأُخْتِ الرَّضَاعِ بِالْأَجْنَبِيَّةِ فَيَقْتَسِمْنَهُ وَلَا يَلْحَقُ نَسَبُ وَاحِدَةٍ مِنَ الْبَنَاتِ فَإِنْ لَمْ يُقِرَّ الْوَرَثَةُ بِذَلِكَ وَنَسِيَتِ الْبَيِّنَةُ اسْمَهَا فَلَا تُعْتَقُ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ لِعَدَمِ ثُبُوتِ السَّبَبِ بِالْإِقْرَارِ وَالْبَيِّنَةِ الْخَامِسُ فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا اسْتَلْحَقَ وَلَدَهُ ثُمَّ أَنْكَرَهُ ثُمَّ مَاتَ الْوَلَدُ عَنْ مَالٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُوقَفُ الْمَالُ فَإِنْ مَاتَ الْمُسْتَلْحِقُ كَانَ لِوَرَثَتِهِ وَقُضِيَ بِهِ دَيْنُهُ فَإِنْ قَامَ غُرَمَاؤُهُ وَهُوَ حَيٌّ أَخَذُوهُ فِي دُيُونِهِ السَّادِسُ فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا تَعَدَّى الْإِقْرَارُ الْمُقِرَّ بِأَنْ يُقِرَّ بِغَيْرِ الْوَلَدِ فَيَضُرُّ الْوَلَدَ أَوْ بِأُخُوَّةٍ أَوْ عُمُومَةٍ فَهُوَ إِقْرَارٌ عَلَى الْغَيْرِ بِالنَّسَبِ فَلَا يُقْبَلُ وَلَا يُثْبَتُ لَهُ بِذَلِكَ نَسَبٌ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ مَعْرُوفٌ فَلَا يَرِثُ هَذَا مِنْهُ شَيْئًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ وَلَا مَالَ عِنْدَ هَذَا الَّذِي أَقَرَّ لَهُ فَإِنَّهُ يَرِثُهُ بِذَلِكَ الْإِقْرَارِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي الصِّحَّةِ أَوْ فِي الْمَرَضِ لِتَعَيُّنِ الْإِقْرَارِ لَهُ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ بِالْبَيِّنَةِ فَهُوَ أَحَقُّ كَمَنِ ادَّعَى مَالًا وَشَهِدَ بِهِ لِغَيْرِهِ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَرْثُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ لِأَنَّ الْمُسلمين يرثونه فَهُمْ كَالْوَارِثِ الْمَعْرُوفِ وَسَبَبُ الْخِلَافِ هَلْ بَيْتُ الْمَالِ كَالْوَارِثِ الْمَعْرُوفِ أَمْ لَا وَهُوَ سَبَبُ الْخِلَافِ فِي تَنْفِيذِ وَصِيَّةِ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ إِلَّا بَيْتُ الْمَالِ بِجَمِيعِ مَالِهِ السَّابِعُ فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا شَهِدَ عَدْلَانِ بِالْعِتْقِ ثَبَتَ الْوَلَاءُ أَوْ شَاهِدٌ وَاحِدٌ

فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ لَا يثْبتُ وَلَاءٌ وَيَسْتَأْنِي بِالْمَالِ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ مَنْ يَسْتَحِقُّهُ حَلَفَ هَذَا وَدَفَعَ إِلَيْهِ لِأَنَّ الْمَالَ يَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَمَنَعَ أَشْهَبُ حَتَّى يَثْبُتَ الْوَلَاءُ بِشَاهِدَيْنِ لِأَنَّهُ أَصْلُ الْمَالِ وَعَدَمُ ثُبُوتِ الْأَصْلِ يَمْنَعُ الْفَرْعَ وَلَوْ شَهِدَ عَدْلَانِ أَنَّهُمَا لَمْ يَزَالَا يَسْمَعَانِ أَنَّ فُلَانًا يَذْكُرُ أَنَّ فُلَانًا ابْنُ عَمِّهِ أَوْ مَوْلَاهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ كَشَاهِدٍ وَاحِدٍ إِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَالِ طَالِبٌ غَيْرُهُ أَخَذَهُ مَعَ يَمِينِهِ بَعْدَ الثَّانِي لِرُجْحَانِ السَّبَبِ فِي حَقِّهِ مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ وَإِنْ لَمْ يكن لِلْمَالِ لَهُ طَالِبٌ غَيْرُهُ أَثْبَتَ مِنْ هَذَا وَهُوَ أَوْلَى بِالْمِيرَاثِ لِرُجْحَانِهِ عَلَيْهِ وَلَا يَثْبُتُ لِلْأَوَّلِ هَا هُنَا نَسَبُهُ وَرَوَى أَشْهَبُ أَنَّهُ يَثْبُتُ بِذَلِكَ الْوَلَاءُ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الِاسْتِفَاضَةِ وَالسَّمَاعِ وَلَكِنْ يَتَأَنَّى فَلَعَلَّ أَحَدًا يَأْتِي بِأَوْلَى مِنْ ذَلِكَ الثَّامِنُ فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا أَقَرَّ الْوَارِثُ بِوَارِثٍ آخَرَ يُشَارِكُهُ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِذَلِكَ الْإِرْثُ دُونَ النَّسَبِ وَلَوْ أَقَرَّ وَلَدٌ بِوَلَدٍ آخَرَ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ سِوَاهُ لِأَنَّ النَّسَبَ يَتَعَدَّى لِلْغَيْرِ وَيَثْبُتُ بِالْإِقْرَارِ لَكِنْ يُقْسَمُ الْمَالُ بَيْنَهُمَا عَلَى السَّوِيَّةِ إِنْ كَانَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَعَلَى التَّفَاضُلِ إِنْ كَانَا مِنْ جِنْسَيْنِ فَإِنْ كَانَا ابْنَيْنِ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِثَالِثٍ فَإِنْ وَافَقَ الثَّانِي اقْتَسَمُوا الْمَالَ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا وَإِنْ لَمْ يَصْدُقْهُ أَعْطَاهُ الْمُقِرُّ مَا بِيَدِهِ الْقِسْمَةُ عَلَى الْإِنْكَارِ عَلَى الْقِسْمَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ لِأَنَّ إِقْرَارَهُ لَا يَتَعَدَّاهُ ضَرُورَةً وَإِنْ كَانَ الْمُقِرُّ عَدْلًا أَخَذَ بَاقِي نَصِيبِهِ مِنَ الْمُنْكِرِ لِأَنَّهُ شَهَادَةٌ بِسَبَبِ الْعَدَالَةِ تَتَعَدَّى لِلْغَيْرِ فَقَدْ يُبَيِّنُ الْمُقَرُّ لَهُ وَلَوْ شَهِدَا جَمِيعًا بِالنَّسَبِ وَهُمَا خِلَافٌ يُثْبِتُ النِّسَبَ وَيَرِثُ وَلَوْ تَرَكَ وَلَدًا وَاحِدًا فَقَالَ لِأَحَدِ الشَّخْصَيْنِ هَذَا ابْنِي بَلْ هَذَا الْآخَرُ فَلِلْأَوَّلِ نِصْفُ مَا وَرِثَ عَنْ أَبِيهِ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى أَوَّلِ إِقْرَارِهِ وَاخْتُلِفَ فِيمَا يَأْخُذُهُ الثَّانِي مِنْهُ فَقِيلَ نِصْفُ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ تَسْوِيَةً وَقِيلَ لَهُ جَمِيعُهُ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ عَلَيْهِ مَوْرُوثُهُ وَلَوْ تَرَكَ أُمًّا وَأَخًا فَأَقَرَّتْ بِأَخٍ آخَرَ فَإِنَّهَا تُعْطِيهِ نِصْفَ مَا بِيَدِهَا وَهُوَ السُّدُسُ لِأَنَّهَا اعْتَرَفَتْ أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ إِلَّا السُّدُسَ فَيَأْخُذُهُ الْمُقَرُّ لَهُ وَحْدُهُ وَعَلَيْهِ جَمَاعَةُ

الْأَصْحَابِ وَرُوِيَ يُقَسِّمُهُ وَهُوَ عَنِ الِابْنَيْنِ الْأَخَوَيْنِ وَقَدْ وَقَعَ خِلَافُهُ فِي بَعْضِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَا ذَاكِرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ الطُّرْطُوشِيُّ إِذا أخر أَحَدُ الِابْنَيْنِ وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ لَمْ يَثْبُتِ النّسَب وَيخْتَص مَا يَأْخُذهُ الْمقر إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُقِرُّ عَدْلًا فَيَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ وَيَأْخُذُ مِنَ الْآخَرِ حَقَّهُ وَلَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ نَسَبُهُ مِنَ السَّيِّدِ فَإِنْ مَاتَ الْمُقِرُّ لَمْ يَرِثْهُ الْمُقَرُّ لَهُ بَلْ أَخُوهُ الثَّابِتُ النَّسَبِ إِلَّا أَنْ يَمُوتَ أَخُوهُ الثَّابِتُ النَّسَبِ قَالَ سَحْنُونٌ فَيَرِثُهُ لِعَدَمِ الْمُزَاحِمِ وَإِنْ مَاتَ الْمُقَرُّ لَهُ وَرِثَهُ الْمُقِرُّ لِاعْتِرَافِ الْمُقِرِّ أَنَّ الْآخَرَ يَسْتَحِقُّ النِّصْفَ لِقَوْلِهِ هُوَ أَخُوهُ وَافَقَنَا ح فِي عَدَمِ النَّسَبِ وَالْمُشَارَكَةِ فِيمَا فِي يَدِهِ وَقَالَ لَا يُعْطِيهِ نِصْفَ مَا بِيَدِهِ لِأَنَّ السُّدُسَ مَعَهُ زَائِدٌ فَوَجِبَ إِقْرَارُهُ فَيُعْطِيهِ خَاصَّةً وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ش لَا يَثْبُتُ النِّسَبُ لِأَنَّهُ لَا يَتَبَعَّضُ فِي حَقِّ الْمُقِرِّ دُونَ غَيْرِهِ فَلَا جَرَمَ لَمْ يَثْبُتْ إِجْمَاعًا وَلَا يَثْبُتُ الْإِرْثُ لِأَنَّهُ فَرْعُهُ وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مُوجِبَ الْإِقْرَارِ عِنْدَنَا الشَّرِكَةُ وَعِنْدَهُ النَّسَبُ لَنَا أَنَّ الْمِيرَاثَ مُتَعَلِّقٌ بِالتَّرِكَةِ فَيَتَعَلَّقُ إِقْرَارُهُ بِهَا كَمَا إِذَا أَقَرَّ بِدَيْنٍ عَلَى أَبِيهِ وَجَحَدَهُ الْآخَرُ وَلِأَنَّهُ أَقَرَّ بِأَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا عَلَى غَيْرِهِ وَالْآخَرُ عَلَى نَفْسِهِ فَثَبَتَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ خَاصَّةً وَهُوَ الْمَالُ كَمَا قَالَ بِعْتُ مِنْكَ هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفٍ وَأَعْتَقَهُ يَلْزَمُ الْبَيْعُ دُونَ الْعِتْقِ أَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَعْتِقُكَ عَلَى أَلْفٍ يَلْزَمُ الْعِتْقُ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْعَبْدِ أَوْ قَالَ هَذِهِ أُخْتِي حَرُمَ عَلَيْهِ زَوَاجُهَا وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُهَا وَلَوْ قَالَ بِعْتُ هَذَا الشِّقْصَ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي ثَبَتَتِ الشُّفْعَةُ دُونَ الشِّرَاءِ وَنَظَائِرُ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ مِنَ الْإِقْرَارِ الْمُرَكَّبِ فَهَذَا مِثْلُهُ احْتَجُّوا بِالْقِيَاسِ عَلَى مَا إِذَا أَقَرَّ بِمَعْرُوفِ النَّسَبِ وَإِذَا كَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ أَوْ كَانَ أَبُوهُ نَفَاهُ بِاللِّعَانِ وَالْجَامِعُ إِلَى الْأَصْلِ الْمَقْصُودِ لَمْ يَثْبُتْ فَلَا يَثْبُتُ فَرْعُهُ الَّذِي هُوَ الْإِرْثُ وَكَذَا لَوْ قَالَ تَزَوَّجْتُ هَذِهِ وَكَذَّبَتْهُ لَمْ يَثْبُتِ الصَّدَاقُ وَالْمَقْصُودُ هُوَ النَّسَبُ بِخِلَافِ الصُّوَرِ الْمُتَقَدِّمَةِ لِأَنَّهُ لَوِ استحلق ابْنا فقد اثْبتْ

نَفسه عَلَيْهِ النَّفَقَة وَالْمِيرَاث وَكَثِيرًا مِنَ الْحُقُوقِ مَعَ أَنَّ الْإِقْرَارَ لَا يُوجِبُ حَقًّا لِلْمُقِرِّ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَا عَدَا النَّسَبَ غَيْرَ الْمُعْتَبَرِ الْبَيِّنَةِ بَلْ لَا يَقَعُ إِلَّا فِيهَا أَوْ يَقُولُ أَقَرَّ بِحَقٍّ فَإِنَّهُ حَقٌّ لَا يَنْفَك أَحَدُهُمَا عَنِ الْآخَرِ فَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ أَحَدُهُمَا لَا يَثْبُتُ الْآخَرُ فَأَمَّا إِذَا قَالَ بِعْتُكَ هَذِهِ السِّلْعَةَ بِأَلْفٍ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي فَإِذَا لَمْ يَثْبُتِ الثَّمَنُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ السِّلْعَةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ تِلْكَ الصُّورَةَ لَمْ يَثْبُتِ النَّسَبُ فِيهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ لِقِيَامِ الْمُعَارِضِ وَهَا هُنَا لَا معَارض وَلِأَنَّهُ هَا هُنَا فَرَضَهُ قِيَامُ الْبَيِّنَةِ وَيَرِقُّ بِالْإِقْرَارِ كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ وَقِيلَ لَا يَرِقُّ لِوُجُودِ مُبْطِلِهَا وَأَمَّا قَوْلُهُمْ إِن النّسَب هُوَ الْعِمَارَة كَذَا وَمَا عدا المبتع كَذَا فَلَا يَلْزَمُ مِنْ ضَعْفِ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ بِالْإِقْرَارِ لِأَنَّ أَسْبَابَ إِثْبَاتِ الْحُقُوقِ وَالْبَيِّنَاتِ سوى الشَّرْع فِيهَا بَيْنَ عَظِيمِ الْحُقُوقِ وَحَقِيرِهَا فَهَذَا الْفَرْقُ مُلْغًى بِالْإِجْمَاعِ عَنِ الثَّانِي أَنَّ أَحَدَ هَذَيْنِ قَدْ يَنْفَكُّ عَنِ الْآخَرِ فَإِنَّ أَحَدَ الْأَخَوَيْنِ قَدْ يَرِثُ الْآخَرَ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ لِأَجْلِ قَتْلٍ أَوْ رِقٍّ فَقَدِ انْفَكَّ النَّسَبُ عَنِ الْإِرْثِ وَسَقَطَ الْإِرْثُ عَنِ السَّبَبِ فِي الزَّوْجِ وَالْمَوْلَى قَالَ الطُّرْطُوشِيُّ فَإِذَا تَرَكَ ابْنًا وَاحِدًا لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ فَأَقَرَّ بِأَخٍ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ وَلَا يَثْبُتْ إِلَّا بِقَوْلِ وَارِثَيْنِ عَدْلَيْنِ فَإِنْ كَانَ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ غَيْرَ عُدُولٍ لَمْ يَثْبُتْ بِإِقْرَارِهِمْ وَوَافَقَنَا ح فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِالْوَارِثِ الْوَاحِدِ وَإِنْ حَازَ جَمِيعَ الْمَالِ وَقَالَ يثبت بوارثين غير معدلين وَبِرَجُلَيْنِ وَامْرَأَتَيْنِ وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ يَثْبُتُ النَّسَبُ وَالْمِيرَاثُ لِلْوَارِثِ الْوَاحِدِ إِذَا حَازَ جَمِيعَ الْمَالِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَإِنْ كَانُوا جَمَاعَةً لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِإِقْرَارِ جَمِيعِهِمْ وَلَا يَعْتَبِرُ الْأَئِمَّةُ الْعَدَالَةَ وَأَصْلُ الْمَسْالَةِ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ شَهَادَةٌ فَتُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ أَوْ إِقْرَارٌ فَلَا تُعْتَبَرُ الْعَدَالَةُ كَمَا أَنَّهُ إِثْبَاتُ نَسَبِهِ عَلَى الْغَيْرِ فَتُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ كَالْأَجْنَبِيِّ لِأَنَّ هَذَا الْقَوْلَ تثبت الْحُقُوقَ بَيْنَ الْأَبِ وَالْمُقَرِّ لَهُ مِنَ النَّفَقَةِ وَسُقُوطُ الْعَوْدِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ أَوْ يَقُولُ إِنَّمَا يَثْبُتُ النَّسَبُ

بِمُجَرَّدِ الْإِقْرَارِ مِمَّنْ يَمْلِكُ نَفَقَتَهُ كَالْأَبِ وَالْوَارِثُ لَا يَمْلِكُ بَقِيَّتَهُ فَلَا يَثْبُتُ بِإِقْرَارٍ أَوْ رَجُلٌ يَمْلِكُ اسْتِلْحَاقَ النَّسَبِ فَلَا يَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِ كَالْأَجْنَبِيِّ وَلِأَنَّ قَبُولَ شَهَادَتِهِمْ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ لَهُمْ فِيهَا حَظٌّ وَإِنَّمَا قُبِلَتِ اسْتِحْسَانًا فَالْإِقْرَارُ أَوْلَى أَنْ لَا يُقْبَلَ احْتَجُّوا بِمَا فِي الصِّحَاحِ أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَبْدَ بْنَ زَمْعَةَ اخْتَصَمَا إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي ابْنِ وَلِيدَة زِمْعَةَ فَقَالَ سَعْدٌ هُوَ ابْن أخي عتبَة عهد إِلَيّ إِذا دخل مَكَّةَ أَنْ آخُذَ وَلَدَهُ مِنْهَا وَأَنَّهُ أَلَمَّ بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ بَلْ أَخِي وَابْنُ وَلِيدَة أَبِي وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هُوَ لَكَ يَا عَبْدَ بْنَ زَمْعَةَ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ فَقَضَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِقَوْلِ عَبْدِ أَنَّ الْوَارِثَ يَقُومُ مَقَامَ الْمَوْرُوثِ فِي دُيُونه ودعاويه وَمَاله وَعَلَيْهِ فَكَذَلِكَ لِلنَّسَبِ وَلِأَنَّ مَا ثَبَتَ بِإِقْرَارِ الِاثْنَيْنِ ثَبَتَ بِالْوَاحِدِ كَالْمِيرَاثِ وَالْوَصِيَّةِ وَالدَّيْنِ أَوْ هُوَ إِقْرَارٌ يَثْبُتُ بِهِ الْإِرْثُ فَيَثْبُتُ بِهِ النَّسَبُ كَإِقْرَارِ الْجَدِّ بِابْنِ ابْنِهِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْحَدِيثِ مِنْ وُجُوهٍ الْأَوَّلُ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَلْحَقَهُ بِهِ خَاصَّةً وَلَيْسَ فِي اللَّفْظِ عُمُومٌ يُبْطِلُ هَذَا الِاحْتِمَالَ وَلِذَلِكَ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِسَوْدَةَ احْتَجِبِي مِنْهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِأَخٍ لَكِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي عَدَمِ إِثْبَاتِ النَّسَبِ لِأَنَّهُ لَوْ أَثْبَتَهُ لَكَانَ أَخًا لِعَبْدٍ فَيَكُونُ أَخًا لسودة الثَّانِي أَن قَضَى لَهُ بِالْمِلْكِ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَكَ ظَاهِرٌ فِي الْمِلْكِ وَقَدْ رُوِيَ هُوَ لَكَ عَبْدٌ فَصَرَّحَ بِالْمِلْكِ وَلِذَلِكَ قَالَ لِسَوْدَةَ احْتَجِبِي مِنْهُ الثَّالِثُ أَنَّهُ مَتْرُوكُ الظَّاهِرِ لِأَنَّهُ أَثْبَتَهُ بِقَوْل وَاحِدٍ وَعِنْدَكُمْ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِإِقْرَارِ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ وَسَوْدَةُ مِنْ جُمْلَةِ الْوَرَثَةِ وَلَمْ يُعْتَبَرْ إِقْرَارُهَا الرَّابِعُ إِنَّمَا أَثْبَتَ النَّسَبَ بِالْفِرَاشِ عَبْدٌ وَقَدْ كَانَ يَثْبُتُ أَنَّهَا فِرَاشُهُ بِإِقْرَارِ زَمْعَةَ أَنه فِرَاشُهُ فَيَثْبُتُ الْفِرَاشُ بِقَوْلِهِ وَالنَّسَبُ ضِمْنًا كَمَا لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ

بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ وَتَثْبُتُ الْوِلَادَةُ بِمُشَاهَدَتِهِنَّ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ ضِمْنًا وَالْمُكَاتَبُ يُقِيمُ شَاهِدًا وَاحِدًا عَلَى أَدَاءِ نجومه ويخلف بِهِ فَيَصِيرُ حُرًّا وَالْحُرِّيَّةُ لَا تَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَقْضِي بِالْمِلْكِ وَعَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ ادَّعَى النَّسَبَ وَأَقَرَّ بِالْحُرِّيَّةِ وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَالْفِرَاشُ سَبَبُ النِّسَاءِ لَا سَبَبُ الرِّقِّ مُتَرَدِّدَةٌ بَيْنَ الِاخْتِصَاصِ وَالْمِلْكِ أَوْ هُوَ أَخٌ لَكَ دُونَ غَيْرِهِ فَلَا يَتَعَيَّنُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي تِلْكَ الرِّوَايَةِ هُوَ لَكَ عَبْدٌ فَعَلَى حَذْفِ حَرْفِ النِّدَاءِ أَيْ يَا عَبْدُ وَقَوْلُهُ احْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ عَلَى سَبِيلِ الِاحْتِيَاطِ لِأَجْلِ مَا رَأَى مِنَ الشَّبَهِ فَإِنَّ الْحُكْمَ يَتْبَعُ السَّبَبَ لَا الدَّعَاوَى وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْوَلَد للْفراش مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْإِجْمَاعِ وَثُبُوتُ حُكْمِ الْفُتْيَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ثُبُوتِ سَبَبِهَا فَلِمَ قُلْتُمْ إِنَّ سَبَبَهَا وَحَذْفُ الْأُمِّ كَذَا ظَاهِرَةٌ فِي الْمِلْكِ فَيَتَعَيَّنُ لَا سِيَّمَا مَعَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْقَرَائِنِ وَأَمَّا حَذْفُ حَرْفِ النِّدَاءِ فَالْأَصْلُ عَدَمُ الْحَذْفِ فَيَتَعَيَّنُ مَا ذَكَرْنَاهُ وَالْحَجْبُ لِلِاحْتِيَاطِ لَا يَسْتَقِيمُ لِأَنَّ السَّبَبَ إِنْ ثَبَتَ فَلَا احْتِيَاطَ أَوْ لَا فَتَتَعَيَّنُ الْحَجَبَةُ وَعَدَمُ إِلْحَاقِهَا وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي أَنَّ الْوَارِثَ لَوْ قَامَ مُورِثُهُ لَكَانَ لَهُ نَفْيُهُ أَوِ اسْتِلْحَاقُهُ بَعْدَ نَفْيِ أَبِيهِ لَهُ وَلَيْسَ فَلَيْسَ وَلِأَنَّ الْمَوْرُوثَ يَعْتَرِفُ عَلَى نَفْسِهِ وَالْوَارِثَ عَلَى غَيْرِهِ وَالِاعْتِرَافُ عَلَى الْغَيْرِ غَيْرُ مَقْبُولٍ عَنِ الثَّالِثِ أَنَّهُ يَبْطُلُ بِمَا إِذَا أَنْكَرَ بَعْضُهُمْ وَبِالنِّصَابِ فِي الشَّهَادَاتِ يَثْبُتُ بِأَكْثَرَ مِنَ الْوَاحِدِ دون وَاحِد عَنِ الرَّابِعِ أَنَّ أَشْهَبَ قَالَ يَسْتَلْحِقُ الْأَب وَالْجد وَعَن مَالك لَا يستلحق الْجد فَيمْنَع عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ ثُمَّ الْفَرْقُ أَنَّ الْجَدَّ يستلحق بِنَفسِهِ وَهَا هُنَا بِغَيْرِهِ فَافْتَرَقَا التَّاسِعُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا قَالَ فِي صبي إِنَّه ابْنه فَيجوز للمدنيين لَا يَثْبُتُ النَّسَبَ وَالِاسْتِلْحَاقَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ أُمُّ الصَّبِيِّ كَانَتْ فِي مِلْكِهِ بِنِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ فَيَكُونُ أَصْلُ الْحَمْلِ فِي مِلْكِهِ وَوَلَدٌ فِي يَدَيْهِ أَوْ بَعْدَ خُرُوجِ الْأُمِّ مِنْ يَدَيْهِ

بِمَا يَخْرُجُ بِهِ مِثْلهَا إِلَى مَا يَلْحَقُ بِهِ الْأَنْسَابُ وَهُوَ خَمْسُ سِنِينَ بِدُونِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْوَلَدِ نَسَبٌ مَعْلُومٌ فَإِنْ فُقِدَ مِنْ هَذِهِ شَرْطٌ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ هَذَا قَوْلُ الْجَمَاعَةِ وَأَحَدُ قَوْلَيِ ابْنِ الْقَاسِمِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى قَبُولِ قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يُقْبَلْ لِلْأُمِّ خَبَرٌ إِذَا صَدقَهُ الْوَلَدُ أَوْ هُوَ صَغِير فِي حوزه لَا يعرف عَنْ نَفْسِهِ إِلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ كَذِبَهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ صِدْقُهُ وَحُمِلَ تَصَرُّفُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى وُجُوهِ صِحَّتِهِ وَكَذِبُهُ إِمَّا بِأَنَّهُ لَا يُولَدُ ذَلِكَ لِمِثْلِهِ أَوْ لَهُ نَسَبٌ مَعْرُوفٌ أَوِ الْوَلَدُ مَحْمُولٌ مِنْ أَرْضِ الْعَدُوِّ أَوْ بَلَدٍ يَعْلَمُ أَنَّ الْأَبَ لَمْ يَدْخُلْهَا قَطُّ وَتَشْهَدُ الْبَيِّنَةُ أَنَّ أُمَّهُ لَمْ تَزَلْ زَوْجَةَ فُلَانٍ غَيْرِ هَذَا فَإِنْ شَهِدَتْ أَنَّهَا لَمْ تَزَلْ أَمَةَ فُلَانٍ حَتَّى مَاتَتْ لَا يَمْنَعُ لِاحْتِمَالِ زَوَاجِهَا أَمَةً وَإِذَا أَقَرَّ بِأَبٍ وَصَدَّقَهُ الْأَبُ فَهُوَ الْفَرْع الْمُقدم لِأَنَّ بِتَصْدِيقِ الْأَبِ صَارَ مُسْتَلْحِقًا لَهُ الْعَاشِرُ قَالَ إِذَا أَقَرَّتْ بِزَوْجٍ أَوْ أَقَرَّ بِزَوْجَةٍ وَصدقه الْآخَرُ صَاحِبَهُ وَهُمَا غَرِيبَانِ طَارِئَانِ قَبِلَ قَوْلَهَمَا الْمَدَنِيُّونَ وَلَمْ يُكَلَّفَا بَيِّنَةً عَلَى عَقْدِ النِّكَاحِ سدا للذريعة أَبَاحَ الْأَبْضَاعِ بِغَيْرِ سَبَبٍ شَرْعِيٍّ وَإِنْ أَقَرَّ الرَّجُلُ أَو الْمُعْتق بمعتق أعْتقهُ بِثلث وَهُوَ الْوَارِثُ إِلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ كَذِبُهُ بِأَنْ يُعْرَفَ وَلَاؤُهُ لِغَيْرِهِ أَوْ هُوَ مَعْرُوفٌ بِأَصَالَةِ الْحُرِّيَّة وَمن أقرّ بِولد أَو بأب أَو زوج أَو مولى أَو رجل بِزَوْجَة وَلَهُ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ ذُو سَهْمٍ أَوْ عَصَبَةٍ وَرِثَ الْمَعْرُوفُ مَعَ الْمُقِرِّ بِهِ كَمَا لَوْ ثَبت بِالسنةِ الْحَادِي عَشَرَ قَالَ لَا يَصِحُّ عِنْدَ جَمِيعِ بِجَمِيعِ النَّاسِ اسْتِلْحَاقُ أَخٍ أَوِ ابْنِ أَخٍ أَوِ ابْنِ أَبٍ أَوْ جَدٍّ أَوْ عَمٍّ أَوِ ابْنِ عَمٍّ لِأَنَّهُ اسْتِلْحَاقٌ بِفِرَاشِ الْغَيْرِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَرْأَةَ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهَا فرَاش لِأَن لفراش لِزَوْجِهَا لَمْ يَكُنْ لَهَا اسْتِلْحَاقُ الْوَلَدِ بِخِلَافِ الزَّوْجِ وَالْمَوْلَى وَالْأَبِ وَالزَّوْجَةِ فَهَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةُ هُمُ الَّذِينَ يَجُوزُ الْإِقْرَارُ لَهُمْ كَمَا تَقَدَّمَ وَحَيْثُ لَا يَثْبُتُ فَمَاتَ الْمُقِرُّ أَوِ الْمُقِرُّ بِهِ وَالْمَيِّتُ وَارِثٌ يُحِيطُ بِالْمَالِ فَلَا شَيْءَ لِلْمُقِرِّ اتِّفَاقًا وَإِنْ فَضُلَ شَيْءٌ عَنِ الْمَعْرُوفِ فَلِبَيْتِ الْمَالِ عِنْدَ الْمَدَنِيِّينَ وَنُقِلَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ مَا فَضُلَ لِلْمُقِرِّ إِذَا كَانَ عَصَبَةً فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ فَالْمَالُ لِبَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا مَا نُقِلَ عَنِ ابْن الْقَاسِم وَقَالَ سَحْنُون

وأصغ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ وَرِثَهُ الْمُقِرُّ وَلَا يَثْبُتُ نَسَبٌ فَإِنْ أَقَامَ بَعْدَ ذَلِكَ آخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ وَارِثٌ أَخَذَهُ مِنَ الْمُقِرِّ وَعَنْ سَحْنُونٍ نَحْوَ الْأَوَّلِ الثَّانِي عَشَرَ قَالَ إِذَا تَرَكَ ابْنًا فَأَقَرَّ بِأَخٍ لَهُ يُعْطِيهِ نِصْفَ جَمِيعِ الْمَالِ اتِّفَاقًا فَإِنْ أَقَرَّ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَخٍ آخَرَ قَالَ سَحْنُونٌ ذَلِكَ كَوَلَدَيْنِ ثَابِتَيِ النَّسَبِ يُقِرُّ أَحَدُهُمَا بِأَخٍ ثَالِثٍ لَهُمْ يدْفَعُ لَهُ ثُلُثُ مَا فِي يَدَيْهِ وَكَذَلِكَ إِذَا أَقَرَّ بِرَابِعٍ أَوْ خَامِسٍ يَدْفَعُ لَهُ الَّذِي يسْتَقْبل بعد إِقْرَاره وعيتك كَذَا مَا زَعَمَ أَنَّ لَهُ قَالَ سَحْنُونٌ وَهُوَ معنى قَول ابْن مُغيرَة لِأَنَّ السَّابِقَ بِالْإِقْرَارِ صَارَ كَالْمُتَّصِلِ بِالْبَيِّنَةِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُنْظَرُ فِي هَذَا إِلَى مَا يجب للْمقر بل إِلَى مَا يحب للمقربة لِأَنَّ جَمِيعَ الْمَالِ كَانَ فِي يَدِ الْمُقِرِّ وَكَانَ قَادِرًا عَلَى أَنْ يُقِرَّ لَهُ بِهِ جَمِيعًا وَلَا يَتْلَفُ عَلَى الْمُقَرِّ بِهِ ثَانِيًا شَيْءٌ مِمَّا يَجِبُ فَإِذَا أَقَرَّ ثَالِثًا فَقَدْ أَقَرَّ أَنَّ الَّذِي يَجِبُ لِلثَّالِثِ ثُلُثُ جَمِيعِ الْمَالِ فَيَدْفَعُ ذَلِكَ إِلَيْهِ وَيَبْقَى فِي يَدِهِ السُّدُسُ فَإِنْ أَقَرَّ بِرَابِعٍ أَعْطَاهُ مِنْ عِنْدِهِ رُبُعَ جَمِيعِ الْمَالِ فَيُعْطِيهِ السُّدُسَ الَّذِي بِيَدِهِ وَيَغْرَمُ لَهُ مِنْ مَالِهِ تَمَامَ رُبُعِ جَمِيعِ الْمَالِ وَهُوَ أَضْعَفُ سُدُسٍ وَكَذَلِكَ إِنْ أَقَرَّ بِخَامِسٍ غَرِمَ لَهُ مِنْ مَالِهِ مِثْلَ خُمْسِ جَمِيع المَال ثمَّ على هَذَا سَوَاء كَانَ غَرَمَ الْأَوَّلُ مَا يَجِبُ لَهُ قَبْلَ إِقْرَارِهِ بِالثَّانِي إِنْ لَمْ يَغْرَمْ شَيْئًا غَرِمَ لِلْأَوَّلِ نَقَصَ أَمْ لَا أَقَرَّ بِالْأَوَّلِ عَامًا بِالثَّانِي أَمْ لَا لِأَنَّ جَمِيعَ الْمَالِ كَانَ فِي يَدِهِ فَقَدْ أَتْلَفَ عَلَى الْمُقِرِّ بِهِ الآخر حَقه عمدا أَو خطا وهما وموجبان لِلضَّمَانِ فَإِنَّ أَقَرَّ بِثَالِثٍ وَأَنْكَرَ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي فَعَلَى مَذْهَبِ سَحْنُونٍ يُقَاسِمُ الثَّالِثَ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ نِصْفَيْنِ وَعَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ يَدْفَعُ لِلثَّالِثِ مِثْلَ نِصْفِ جَمِيعِ الْمَالِ الثَّالِث عَشَرَ قَالَ إِذَا أَقَرَّ بِأَخٍ لَهُ فَقَالَ الْمُقَرُّ بِهِ صَدَقَ وَلَكِنِّي الْوَارِثُ وَحْدِي يصدقُ الْمُقِرُّ عِنْدَ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَيُعْطِيهِ نِصْفَ مَا بِيَدِهِ لِأَنَّهُ أَصْلُهُ فَيُقَامُ عَلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ لِلْمُقَرِّ بِهِ جَمِيعُ مَا بِيَدِهِ لِأَنَّهُمَا قَدْ اجْتمعَا على أَن الْمقر بِهِ وَارِث وَاخْتلف فِي مِيرَاثِ الْمُقِرِّ فَالْجَمِيعُ عَلَيْهِ أَوْلى قَالَ ابْنُ بِكْرٍ مِنَّا وَيُحْتَمَلُ عِنْدَهُ أَنَّ لِلْمُقِرِّ رُبُعَ الْمَالِ وَالْبَاقِي لِلْمُقِرِّ لِأَنَّهَا مَسْأَلَةُ نِزَاعٍ فِي النِّصْفِ وَأَمَّا النِّصْفُ الْآخَرُ فَقَدْ سَلَّمَهُ الْمقر للْمقر بِهِ فيقتسم الْمُتَنَازِعُ فِيهِ بَعْدَ وَأَمَّا لَوْ

كَانَ الْمُقِرُّ ثَابِتَ النَّسَبِ فَلَا يَكُونُ لِلْمُقِرِّ بِهِ إِلَّا نِصْفُ الْمَالِ اتِّفَاقًا وَلَوْ قَالَ فُلَانَة بنت زَوْجَتي ورثتها وَأَنت أَخُوهَا تثرها مَعِي فَقَالَ الْمُقَرُّ بِهِ أَنَا أَخُوهَا وَلَكِنْ لست أَنْت زَوجهَا أَو قَالَت امْرَأَة ذَلِكَ فِي بِنْتٍ إِنَّهُ زَوْجُهَا وَإنَّ فلَانا أَخُوهُ وحجدها الْأَخ فَمَال لِلْأَخِ فِي قَوْلِ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَعِنْدَ زُفَرَ لَا يَرِثُ الزَّوْجُ وَلَا الزَّوْجَةُ شَيْئًا وَلَا يصدقان فِي النِّكَاح إِلَّا بِبَيِّنَة يصدهما الْوَارِثُ وَالْوَلَاءُ كَالزَّوْجَةِ فِي ذَلِكَ وَلَيْسَ هَذَا كَالْإِقْرَارِ فِي الْأَنْسَابِ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ خَلِيفَةَ حُكْمُ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ وَغَيْرهمَا فِي الْإِقْرَارِ سَوَاءٌ يَأْخُذُ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ مِيرَاثَهُمَا وَالْفَاضِلُ لِلْمُقَرِّ بِهِ لِأَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ أَقْبَلُ قَوْلَ زِيدٍ فِي النِّكَاحِ دُونَ النَّسَبِ كَقَوْلِهِ أَقْبَلُهُ فِي النَّسَبِ دون النِّكَاح قَالَ ابْن بكر على طَرِيقِ التَّدَاعِي لِلزَّوْجِ الرُّبُعُ وَلِلزَّوْجَةِ الثُّمُنُ وَالْبَاقِي لِلْمُقَرِّ بِهِ الرَّابِعَ عَشَرَ قَالَ إِذَا أَقَرَّ أَحَدُ الِابْنَيْنِ بِثَالِثٍ ثُمَّ أَقَرَّ الثَّالِثُ بِرَابِعٍ فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ يَدْفَعُ الِابْنُ الْمَعْرُوفُ إِلَى الَّذِي أَقَرَّ بِهِ ثُلُثَ مَا فِي يَدَيْهِ وَهُوَ سُدُسُ الْمَالِ وَقَول أَهْلِ الْمَدِينَةِ ثُمَّ يُعْطِي الثَّالِثُ الرَّابِعَ رُبُعَ مَا فِي يَدَيْهِ وَهُوَ ثمنُ مَا فِي يَدَيْهِمَا لِأَنَّ الرَّابِعَ يَقُولُ لِلثَّالِثِ لَمَّا أَقْرَرْتَ لِي زَعَمْتَ أَنَّ الْوَاجِبَ لِي رُبُعُ جَمِيعِ الْمَالِ فِي يَدِ الْمَعْرُوفَيْنِ فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُمُنُ الْمَالِ فَقَدْ أَخَذْتَ أَنْتَ من الَّذِي أقرّ لَك سدس المَال وَإِن أَدْفَعُهُ عَلَى إِقْرَارِكَ ثُمُن الْمَالِ وَمَعَكَ فَضْلٌ عَنْ حَقِّكَ وَهُوَ ثُلُثُ ثُمُنِ الْمَالِ فَيَصِحُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ فِي يَدِ الْمُنْكِرِ اثْنَا عشرَة وَفِي يَدِ الْمُقِرِّ ثَمَانِيَةٌ وَفِي يَدِ الثَّالِثِ ثَلَاثَةٌ وَفِي يَدِ الرَّابِعِ وَاحِدٌ وَفِي قَوْلٍ يُعْطِي الْمُقِرَّ الْمَعْرُوفَ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ وَهُوَ الثَّالِثُ نِصْفَ مَا فِي يَدَيْهِ وَهُوَ رُبُعُ الْمَالِ ثُمَّ يُعْطِي هَذَا الثَّالِثُ لِلرَّابِعِ نِصْفَ مَا فِي يَدَيْهِ وَهُوَ ثمن المَال يصبح من ثمنه وَفِي يَد الْمُنكر الرَّابِع وَفِي يَد الْمقر اثْنَان وَفِي يَد الثَّالِث وَاحِد وَفِي يَد الرَّابِع وَاحِد انْتهى كتاب الْإِقْرَار وَبِه انْتهى الْجُزْء التَّاسِع ويليه الْجُزْء الْعَاشِر وأوله كتاب الْأَقْضِيَة

(كتاب الأقضية)

(كتاب الْأَقْضِيَة) لأقضيه جَمْعُ قَضَاءٍ نَحْوَ فَضَاءٍ وَأَفْضِيَةٍ وَهَوَاءٍ وَأَهْوِيَةٍ وَالْقَضَاءُ مُشْتَرَكٌ فِي اللُّغَةِ قَضَى بِمَعْنَى أَرَادَ وَمِنْهُ قَضَاءُ اللَّهِ وَقَدَرُهُ وَقَضَى بِمَعْنَى حَكَمَ وَمِنْهُ قَضَاءُ الْقَاضِي وَالْفَرْقُ أَنَّ هَذَا إِسْنَادٌ مِنْ بَابِ الْكَلَامِ وَالْأَوَّلُ مِنْ بَابِ الْإِرَادَةِ وَقَضَى بِمَعْنَى فَعَلَ وَمِنْهُ قَضَيْتُ الصَّلَاةَ وَقَضَى عَلَيْهِمَا مَسْرُودَتَانِ قَضَاهُمَا دَاوُدُ أَوْ صَنَعُ السَّوَابِغِ تُبَّعٌ يُرِيدُ زَرِيدَتَانِ عَمِلَهُمَا دَاوُدُ وَقَضَى بِمَعْنَى قَطَعَ وَمِنْهُ قَضَيْتُ الدَّيْنَ أَيْ قَطَعْتُ مُطَالَبَةَ الْغَرِيمِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ لَهَا سَبْعُ مَعَانٍ تَرْجِعُ إِلَى انْقِطَاعِ الشَّيْءِ وَتَمَامِهِ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّى لقضي بَينهم} أَيْ فُصِلَ وَقَضَى الْقَاضِي فَصَلَ الْخُصُومَةَ وَقَضَى الدَّيْنَ وَإِحْكَامُ الْعَمَلِ وَمِنْهُ قَضَيْتُ هَذِهِ الدَّارَ أَحْكَمْتُ عَمَلَهَا وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَل} أَيْ أَحْكَمَهُ ثُمَّ يَتَمَهَّدُ الْفِقْهُ فِي هَذَا الْكِتَابِ بِبَيَانِ شَرَفِ الْقَضَاءِ وَخَطَرِهِ وَبَيَانِ شُرُوطِهِ وَالْمُفِيدِ لِوِلَايَتِهِ وَلِوِلَايَةِ غَيْرِهِ وَالْأَسْبَابِ الْمُوجِبَةِ لِعَزْلِهِ وَأَنْوَاعِ آدَابِهِ وَمُسْتَنَدَاتِ أَقَضِيَتِهِ وَمَنْ يَجُوزُ أَنْ يحكم لَهُ وَعَلِيهِ واستخلاف نوابه وَنقص مَا يُتَعَيَّنُ نَقْضُهُ وَتَمْيِيزِ مَا لَيْسَ بِقَضَاءٍ مِنَ الْفَتَاوَى عَمَّا هُوَ مِنْ حَقِيقَتِهِ وَجِنْسِهِ وَفِي كَيْفِيَّةِ إِنْهَائِهِ لِحَاكِمٍ يَحْكُمُ بِغَيْرِ الَّذِي حَكَمَ بِهِ فَهَذَا أَحَدَ عَشَرَ بَابًا

(الباب الأول التحذير من ولاية القضاء على عظيم شرفه)

(الْبَاب الأول التَّحْذِيرِ مِنْ وِلَايَةِ الْقَضَاءِ عَلَى عَظِيمِ شَرَفِهِ) وَفِي النَّوَادِر قَالَ مَالك أول من إستقصى مُعَاوِيَةُ وَلَمْ يَكُنْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلَا لِأَبِي بَكْرٍ وَلَا لِعُثْمَانَ قَاضٍ فَالْوُلَاةُ يَقْضُونَ وَأُنْكِرَ قَوْلُ أَهْلِ الْعِرَاقِ إِنَّ عُمَرَ اسْتَقْضَى شَرِيكًا وَقَالَ يُسْتَقْضَى بِالْعِرَاقِ دُونَ الشَّامِ وَالْيَمَنِ دُونَ غَيْرِهِ كَذَا وَلَيْسَ كَمَا قَالُوا وَفِي الْجَوَاهِرِ الْإِمَامَةُ وَالْقَضَاءُ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ مَصَالِحِ الْعِبَادِ وَمَنْعِ التَّظَالُمِ وَالْعِنَادِ وَفَصْلِ الْخُصُومَاتِ وَرَدِّ الظُّلُمَاتِ وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ وَرَدْعِ الظَّالِمِ وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحُكْمُ بِالْعَدْلِ أَفْضَلُ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ وَأَعْلَى دَرَجَاتِ الْأَجْرِ لِأَنَّهُ نَصُّ رَسُولِ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَفِي الصَّحِيحَيْنِ الْمُقْسِطُونَ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ يَوْم الْقِيَامَة يَغْبِطهُمْ النبيئون وَالشُّهَدَاءُ وَلَكِنَّ خَطَرَهُ عَظِيمٌ حَقْنًا لِاسْتِيلَاءِ الضَّعْفِ وَغَلَبَة الْعقل عَلَيْنَا وَاتِّبَاعُ الْهَوَى مِنْ أَعْظَمِ الذُّنُوبِ وَأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حطبا} تَقول الْعَرَب أقسط باللف إِذَا عَدَلَ وَقَسَطَ بِغَيْرِ أَلِفٍ إِذَا جَارَ وَعنهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّ أَعْتَى النَّاسِ عَلَى اللَّهِ وَأَبْغَضَ النَّاسِ عَلَى اللَّهِ وَأَبْعَدَ النَّاسِ مِنَ اللَّهِ رَجُلٌ وَلَّاهُ اللَّهُ مِنْ أَمْرِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ شَيْئًا ثُمَّ لَمْ يَعْدِلْ فِيهِمْ فَالْقَضَاءُ مِحْنَةٌ عَظِيمَةٌ فَمن

دَخَلَ فِيهِ فَقَدِ ابْتُلِيَ بِعَظِيمٍ لِأَنَّهُ عَرَّضَ نَفْسَهُ لِهَذِهِ الْأَنْوَاعِ وَالْخَلَاصُ أَحْسَنُ وَلِذَلِكَ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الصَّحِيحِ مَنْ جُعِلَ قَاضِيًا ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ قَالَ الْعُلَمَاءُ إِنْ جَارَ فَقَدْ أَهْلَكَ نَفْسَهُ هَلَاكًا عَظِيمًا فَهُوَ ذَبْحٌ مُثْقَلٌ وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ خَطَئِهِمُ الشَّدِيدِ وَإِنْ عَدَلَ فَكَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَصِلُ عَلَى الْخَلَاصِ إِلَّا بِشَدَائِدَ عَظِيمَةٍ جِدًّا مِنْ مُرَاقَبَةِ الْهَوَى وَمُخَالَفَتِهِ وَسِيَاسَاتِ النَّاسِ مَعَ الِاحْتِرَازِ مِنْهُمْ خُصُوصًا وُلَاةَ الْأُمُورِ مَعَ إِقَامَةِ الْحَقِّ عَلَيْهِمْ وَمُخَالَفَةِ أَغْرَاضِهِمْ فِي أَتْبَاعِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَالثُّبُوتِ عِنْدَ انْتِشَارِ الْأَهْوَالِ الْعَظِيمَةِ وَالتَّشَانِيعِ الْهَائِلَةِ وَإِيهَامِ حُصُولِ الْمَضَارِّ الشَّنِيعَةِ فِي النَّفْسِ وَالْعِرْضِ وَالْمَالِ وَنُفُورِ النَّفْسِ مِنْ أَلَمِ الْعَزْلِ وَشَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ وَتَأَلُّمِ الْأَوْلِيَاءِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ تَتْمِيمَاتِ الشُّهُودِ وَالنُّوَّابِ وَالْقُرَنَاءِ وَقِلَّةِ مَنْ يُسْتَعَانُ بِهِ مِنَ الْأُمَنَاءِ ذَوِي الْكِفَايَاتِ والكفالات فَرُبمَا منى جعل الَّذِي من خَان كَائِدٍ وَالْتِبَاسِ النَّصَائِحِ بِالْمَكَائِدِ وَالْحِيَلِ لِتَحْصِيلِ الْأَغْرَاضِ الْفَاسِدَةِ وَالشَّيْطَانُ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ يُغْرِي وَحُبُّ الرِّيَاسَةِ يُمِدُّ وَيُعْمِي وَهُوَ بَابٌ يَتَعَذَّرُ عُذْرُهُ وَلَا يَنْحَسِمُ مَدَدُهُ فَلْنَسْأَلِ اللَّهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ وَقَدْ قِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ أَيُّ الرَّجُلَيْنِ أَحَبُّ إِلَيْكَ رِجُلٌ كَثُرَتْ حَسَنَاتُهُ وَسَيِّئَاتُهُ وَرَجُلٌ قَلَّتْ حَسَنَاته وسيآته فَقَالَ لَا أَعْدِلُ بِالسَّلَامَةِ شَيْئًا وَهُوَ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَال فأبين أَن يحملنها وأشفقهن مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا} جَاءَ فِي تَفْسِيرِهِ أَنَّ اللَّهَ قَالَ لِهَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ هَلْ تَحْمِلُنَّ التَّكْلِيفَ فَإِنْ أَطَعْتُنَّ فَلَكُنَّ الْمَثُوبَاتُ الْعُلْيَاتُ وَإِنْ عَصَيْتُنَّ فَلَكُنَّ الْعُقُوبَاتُ الْمُرْدِيَاتُ فَقُلْنَ لَا نَعْدِلُ بِالسَّلَامَةِ شَيْئًا وَقَبِلَ ذَلِكَ الْإِنْسَانُ فَاخْتَارَ حَمْلَهَا طَمَعًا فِي الثَّوَابِ وَالسَّلَامَةِ من

الْعِقَابِ فَغَلَبَ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ وَقَلَّ فِيهِ الرَّشَادُ وَكَذَلِكَ فِي الصَّحِيحِ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لِآدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ابْعَثْ بَعْثَ النَّارِ فَيَخْرُجُ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعُمِائَةٍ وَتِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ فَيَخْلُصُ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ وَاحِدٌ فَلِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّه كَانَ ظلوما جهولا} أَيْ ظَلُومًا لِنَفْسِهِ جَهُولًا أَيْ بِالْعَوَاقِبِ فَلِذَلِكَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْدَمَ عَلَيْهِ إِلَّا مَنْ وَثِقَ بِنَفْسِهِ وَتَعَيَّنَ لَهُ أَوْ أَجْبَرَهُ الْإِمَامُ الْعَدْلُ وَهُوَ أَهْلٌ وَلَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ وَيَهْرُبَ فَلَا يجب بمجب عَلَيْهِ الْقبُول وَبِهَذَا قَالَ الْأَئِمَّة وتعينه بِأَن لَا يَكُونَ فِي تِلْكَ النَّاحِيَةِ مَنْ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ سِوَاهُ فَيَحْرُمُ الِامْتِنَاعُ لِتَعَيُّنِ الْفَرْضِ عَلَيْهِ وَلَا يَأْخُذُهُ بِطَلَبٍ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي مُسْلِمٍ لَا نُوَلِّي عَلَى هَذَا الْعَمَلِ أَحَدًا سَأَلَهُ وَإِنِ اجْتَمَعَتْ فِيهِ شَرَائِطُ التَّوْلِيَةِ لَيْلًا يُوكَّلَ لِنَفْسِهِ فَيَعْجَزَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي التِّرْمِذِيِّ مَنْ طَلَبَ الْقَضَاءَ وُكِّلَ إِلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أُكْرِهَ عَلَيْهِ أَنْزَلَ اللَّهُ مَلَكًا لِيُسَدِّدَهُ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ هُوَ حَسَنٌ وَفِي الْبَابِ مِنَ الْوَعِيدِ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِك هم الْكَافِرُونَ} وَفِي آيه أُخْرَى {فَأُولَئِك هم الظَّالِمُونَ} وَفِي أُخْرَى {فَأُولَئِك هم الْفَاسِقُونَ} وَعَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَدِدْتُ أَنْ أَنْجُوَ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ كَفَافًا لَا لِيَ وَلَا عَلَيَّ وَقَالَ أَبُو قِلَابَةَ مَثَلُ الْقَاضِي الْعَالِمِ كَالسَّابِحِ فِي الْبَحْرِ فَكَمْ عَسَى أَنْ يسبح حَتَّى يغرق وَكتب سُلَيْمَان إِلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ بَلَغَنِي أَنَّكَ جُعِلْتَ طَبِيبًا فَإِنْ كُنْتَ تُبْرِئُ

فَنِعِمَّا لَكَ وَإِنْ كُنْتَ مُتَطَبِّبًا فَاحْذَرْ أَنْ تَقْتُلَ إِنْسَانًا فَتَدْخُلَ النَّارَ فَكَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ إِذَا قَضَى بَيْنَ اثْنَيْنِ ثُمَّ أَدْبَرَا عَنْهُ نظر إِلَيْهِمَا فَقَالَ ارْجِعَا أُعِيد عَلَىَّ قَضِيَّتَكُمَا مُتَطَبِّبٌ وَاللَّهِ مُتَطَبِّبٌ وَاللَّهِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ الْهُرُوبُ عَنِ الْقَضَاءِ وَاجِبٌ وَقَالَ ش مُسْتَحَبٌّ وَطَلَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ يُوَلِّيَ رَجُلًا الْقَضَاءَ فَأَبَى عَلَيْهِ فَجَعَلَ يَدَيْهِ عَلَى الرِّضَا فَأَبَى حَتَّى قَالَ لَهُ أُنْشِدُكَ بِاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَفِي ذَلِكَ تَعْلَمُ خَيْرًا لِي فَقَالَ فَأَعْفِنِي فَقَالَ قَدْ فَعَلْتُ قَالَ مَالِكٌ قَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ مَا أَدْرَكْتُ قَاضِيًا اسْتُقْضِيَ بِالْمَدِينَةِ إِلَّا رَأَيْتُ كَآبَةَ الْقَضَاءِ وَكَرَاهَتَهُ فِي وَجْهِهِ إِلَّا قَاضِيَيْنِ مِنْهُمَا وَطَلَبُ الْقَضَاءِ حَسْرَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَتَحْرِصُونَ عَلَى الْإِمَارَةِ وَسَتَكُونُ حَسْرَةً وَنَدَامَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَفِي مُسْلِمٍ لَا تَسْأَلِ الْإِمَارَةَ فَإِنَّكَ إِنْ تُؤْتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ تُعَنْ عَلَيْهَا وَإِن تؤتها عَن مَسْأَلَة تُؤْكَل إِلَيْهَا وَلِذَلِكَ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّا لَا نَسْتَعْمِلُ عَلَى عَمَلِنَا مَنْ أَرَادَهُ قَالَ صَاحب الْمُقدمَات فَيجب أَن لَا يُوَلَّى الْقَضَاءَ مَنْ أَرَادَهُ وَطَلَبَهُ وَإِنْ كَانَ أَهْلًا مَخَافَةَ أَنْ يُوكَلَ إِلَيْهِ فَلَا يَقُومُ بِهِ وَقَدْ نَظَرَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى شَابٍّ وَفَدَ عَلَيْهِ فَأَعْجَبَهُ فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ الْقَضَاءَ فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كِدْتَ أَنْ تَغُرَّنِي مِنْ نَفْسِكَ إِنَّ الْأَمْرَ لَا يَقْوَى عَلَيْهِ مَنْ يُحِبُّهُ وَفِي التِّرْمِذِيِّ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْ كَانَ قَاضِيًا فَقَضَى بِالْعَدْلِ فَبِالْحَرِيِّ أَنْ يَنْقَلِب مِنْهُ

كفافاً وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ وَاحِدٌ فِي الْجَنَّةِ وَاثْنَانِ فِي النَّارِ أَمَّا الَّذِي فِي الْجَنَّةِ فَرَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَقَضَى بِهِ وَأَمَّا الَّذِي فِي النَّارِ فَرَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَجَارَ فِي الْحُكْمِ فَهُوَ فِي النَّارِ وَرَجُلٌ قَضَى فِي النَّاسِ عَلَى جَهْلٍ فَهُوَ فِي النَّارِ وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ وَإِنْ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ هَذَا إِذَا كَانَ مَنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ أَمَّا الْمُتَكَلِّفُ الَّذِي لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ فَهُوَ الَّذِي قَالَ فِيهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الصَّحِيحِ سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ إِمَامٌ عَادِلٌ وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ بِالْمَسْجِدِ إِذَا خَرَجَ مِنْهُ حَتَّى يَعُودَ إِلَيْهِ وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَى ذَلِكَ وَافْتَرَقَا عَلَيْهِ وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ وَرجل تصدق بصدفة فأخفاها حَتَّى لَا تعلم شِمَاله مَا تنفت يَمِينه فبذا بِالْإِمَامِ الْعَادِل وَمِمَّا وَرَدَ فِي التَّحْذِيرِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الصَّحِيحَيْنِ يَا أَبَا ذَرٍّ إِنِّي أَرَاكَ ضَعِيفًا وَإِنِّي أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي وَلَا تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثْنَيْنِ وَلَا تَوَلَّيَنَّ مَالَ يَتِيمٍ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ قَوْلُهُ أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ يُحِبُّ لِنَفْسِهِ عَدَمَ الْحُكْمِ مَعَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى

أَمَرَهُ بِالْحُكْمِ وَحَاشَاهُ أَنْ يَكْرَهَ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ بَلْ مَعْنَاهُ لَوْ كُنْتُ ضَعِيفًا لَأَحْبَبْتُ عَدَمَ الْحُكْمِ لِعَجْزِي عَنْهُ حِينَئِذٍ فَالَّذِي كَانَ لِأَجَلِ صِفَةِ أَبِي ذَرٍّ فِي ضَعْفِهِ لَا الْحُكْمِ فِي نَفْسِهِ فَمَا زَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَاكِمًا وَأَرْسَلَ عَلِيًّا قَاضِيًا وَمُعَاذًا وَغِيَرَهَمَا قُضَاةً إِلَى الْأَمْصَارِ وَهُوَ مَنْصِبُ الْأَنْبِيَاءِ أَجْمَعِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنور يحكم بهَا النبيئون} وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الصَّحِيحَيْنِ لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٍ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقِّ وَرَجُلٍ آتَاهُ اللَّهُ الْحِكْمَةَ فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا تَنْبِيهٌ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ الْأَحَادِيثُ وَالْآثَارُ كَثِيرَةٌ تَدُلُّ عَلَى الْأَمْرِ بِالزُّهْدِ فِي الْقَضَاء وَالْفَرْض لَا يَأْمر بِالزُّهْدِ فِيهِ بَلْ هُوَ وَاجِبٌ عَلَى الْكُلِّ ابْتِدَاءً وَإِنَّمَا يَسْقُطُ بِفِعْلِ الْبَعْضِ وَأَجَابَ بِأَنَّ شَرَفَ الْقَضَاءِ مَعْلُومٌ قَطْعًا وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ لَيْسَتْ مِنْ هَذَا وَإِنَّمَا هِيَ تُحَذِّرُ وَتُنَبِّهُ عَلَى الِاحْتِرَاسِ مِنْ غَوَائِلِ الطَّرِيقِ وَقَالَ أَصْحَابُ ش الْغَنِيُّ تُكْرَهُ لَهُ الْوِلَايَةُ وَالْفَقِيرُ الَّذِي يَنَالُ بِالْوِلَايَةِ كِفَايَةً مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لَا يُكْرَهُ لِأَنَّهُ اكْتِسَابٌ بِسَبَبٍ مُبَاحٍ بَلْ طَاعَةٌ فَهُوَ أَوْلَى مِنَ الْوِرَاقَةِ قَالُوا وَمَنْ طَلَبَ الْقَضَاءَ رَغْبَةً فِي الْوِلَايَةِ وَالنَّظَرِ لَا لِنَشْرِ الْعِلْمِ وَالْعَدْلِ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ يُكْرَهُ لَهُ الطَّلَبُ وَالْإِجَابَةُ وَيُسْتَحَبَّانِ وَيُكْرَهُ لَهُ الطَّلَبُ وَتُسْتَحَبُّ لَهُ الْإِجَابَةُ لِمَا تَقَدَّمَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمُرَغِّبَةِ وَمُوَافَقَةِ الْمَلَائِكَةِ لِمَا رُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذَا جَلَسَ الْقَاضِي فِي مَجْلِسِهِ هَبَطَ

عَلَيْهِ مَلَكَانِ يُسَدِّدَانِهِ وَيُرْشِدَانِهِ وَيُوَفِّقَانِهِ فَإِنْ جَارَ عَرَجَا وَتَرَكَاهُ قُلْتُ وَالْقَوْلُ بِالِاسْتِحْبَابِ مُطْلَقًا بَعِيدٌ لِمَا وَرَدَ مِنَ التَّحْذِيرِ وَطَلَبِ السَّلَامَةِ وَسِيرَةِ السَّلَفِ فَقَدْ فَرَّ بَعْضُهُمْ مِنَ الْقَضَاءِ فَعَاتَبَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ فَقَالَ لَهُ أَوَ مَا عَلِمْتَ أَن الْعلمَاء يحشرون مَعَ الْأَنْبِيَاء وَالْقَضَاء مَعَ الْمُلُوكِ وَتُصَدَّقُ لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَعَلَى هَدْيِهِمْ وَإِرْشَادِهِمْ وَالتَّعْلِيمُ وَالْإِرْشَادُ هُوَ مَقْصُودُ الرِّسَالَةِ الْأَعْظَمُ وَأَمَّا تَصَرُّفُهُمْ بِالْقَضَاءِ وَالْإِمَامَةِ فَتَابِعٌ وَلِذَلِكَ إِذَا أَرَدْتَ تَعَرُّفَهُمْ بَيْنَ الْقَضَاءِ وَالْفِتْيَا فَحَمْلُهُ عَلَى الْفُتْيَا أَوْلَى لِأَنَّهُ الْغَالِبُ كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْ أَحْيَى أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ حَمَلَهُ ح عَلَى التَّصَرُّفِ بِالْإِمَامَةِ فَلَا يُحْيِي أَحَدٌ إِلَّا بِإِذن الإِمَام وَمَالك وش عَلَى الْفُتْيَا فَيَجُوزُ مُطْلَقًا وَالْقُضَاةُ شَارَكُوا الْمُلُوكَ فِي غَالِبِ أَحْوَالِهِمْ وَهُوَ الْقَهْرُ وَالْإِلْزَامُ فَيُحْشَرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَعَ أَهْلِ صِفَتِهِ وَيُؤَكِّدُهُ مَا رُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُؤْتَى بِالْقَاضِي الْعَدْلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَلْقَى مِنْ شِدَّةِ الْحِسَابِ مَا يَوَدُّ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَاضِيًا بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ فَإِنَّ الْعَدْلَ فِي الْغَالِبِ لَا يَسْلَمُ عَنْ تَقْصِيرٍ فِي الِاجْتِهَادِ إِمَّا لِطَلَبِ الرَّاحَةِ وَإِمَّا لِهَوًى دَخَلَ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُ وَالْعَوَارِضُ كَثِيرَةٌ فَلِذَلِكَ يَشُقُّ عَلَيْهِ الْحِسَابُ وَفِي النَّوَادِرِ عَنْ كحول لَوْ خُيِّرْتُ بَيْنَ الْقَضَاءِ وَبَيْتِ الْمَالِ لَاخْتَرْتُ الْقَضَاءَ وَلَوْ خُيِّرْتُ بَيْنَ الْقَضَاءِ وَضَرْبِ عُنُقِي لَاخْتَرْتُ ضَرْبَ عُنُقِي وَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَوْ عَلِمْتُ بِمَكَانِ رَجُلٍ هُوَ أَقْوَى عَلَى هَذَا الْأَمْرِ مِنِّي لَكَانَ أَنْ أُقَدَّمَ فَتضْرب عنقِي

أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَلِيَهُ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وُلِّيتُ قَضَاءَ الْكُوفَةِ وَأَنَا لَدَيَّ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْأَرْضِ شَيْءٌ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا وَقَدْ سَمِعْتُهُ فَأَوَّلُ مَجْلِسٍ جَلْسَتُهُ لِلْقَضَاءِ اخْتَصَمَ إِلَيَّ رَجُلَانِ فِي شَيْءٍ مَا سَمِعْتُ فِيهِ شَيْئًا وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُؤْتَى بِالْقَاضِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُوقَفَ عَلَى سفير جَهَنَّمَ وَمَلَكٌ آخِذٌ بِقَفَاهُ فَإِنْ أُمِرَ أَنْ يَقْذِفَهُ فِي النَّارِ قَذَفَهُ فِيهَا فَيَهْوِيَ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا ثُمَّ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ لَأَنْ أَقْضِيَ يَوْمًا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ عِبَادَةِ سَبْعِينَ عَامًا وَعَن الْحسن أَنه قَالَ لَا حَاكِمٍ عَدْلٍ يَوْمًا وَاحِدًا أَفْضَلُ مِنْ أَجْرِ رَجُلٍ يُصَلِّي فِي بَيْتِهِ سَبْعِينَ سَنَةً لِأَنَّهُ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ عَلَى كُلِّ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَيْرٌ وَقَوْلُهُمَا هَذَا فِي مَقَادِيرِ الثَّوَابِ الَّتِي لَا يُعْلَمُ إِلَّا بِتَوْقِيفٍ يَدُلُّ عَلَى تَلَقِّيهِمَا ذَلِكَ عَنْ نَصٍّ صَحِيحٍ وَيُحْمَلُ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ عَلَى أَنَّهُ حَدَّثَهُ بِنَفْسِهِ فَلَا كَلَامَ مَعَهُ فَوَائِدُ فِي قَوْله تَعَالَى {وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ} الأولى دخل على إِيَاس ابْن مُعَاوِيَةَ الْحَسَنُ فَوَجَدَهُ يَبْكِي فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ قَاضِيَانِ فِي النَّارِ فَذَكَرَ فِيهِمْ رَجُلًا جَهِلَ فَأَخْطَأَ فَقَالَ الْحَسَنُ إِنَّ فِيمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا لَرَحْمَةً فَذَكَرَ الْآيَةَ فَقَالَ أَثْنَى اللَّهُ تَعَالَى عَلَى سُلَيْمَانَ وَلَمْ يَذُمَّ دَاوُدَ بَلْ أَثْنَى عَلَيْهِ بِاجْتِهَادِهِ قَالَ الْحَسَنُ فَلَوْلَا هَذِهِ الْآيَةُ لَكَانَ الْحُكَّامُ قَدْ هَلَكُوا قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَالْمُخْطِئُ إِنَّمَا يَكُونُ لَهُ أَجْرٌ إِذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ وَإِلَّا فَهُوَ آثِمٌ لِجُرْأَتِهِ عَلَى اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَتَقَدَّمَ مِثْلُهُ لِابْنِ يُوسُفَ الثَّانِيَةُ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ مَعْنَى الْآيَةِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا دَخَلَ رَجُلَانِ عَلَى دَاوُدَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَعَلَى الْأَنْبِيَاءِ أَجْمَعِينَ

أَحَدُهُمَا صَاحِبُ حَرْثٍ وَالْآخَرُ صَاحِبُ غَنَمٍ فَادَّعَى إِرْسَالَ الْآخَرِ غَنَمَهُ فِي حَرْثِهِ لِيْلًا فَلَمْ يَتْرُكْ مِنْهُ شَيْئًا فَقَضَى لَهُ بِالْغَنَمِ كُلِّهَا فَمَرَّ صَاحِبُ الْغَنَمِ بِسُلَيْمَانَ فَأَخْبَرَهُ بِقَضَاءِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَدَخَلَ سُلَيْمَانُ عَلَى دَاوُدَ فَقَالَ يَا بني اللَّهِ إِنِ الْقَضَاءَ سِوَى الَّذِي قَضَيْتَ فَقَالَ وَكَيْفَ فَقَالَ إِنَّ الْحَرْثَ لَا يَخْفَى عَلَى صَاحِبِهِ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ كُلَّ عَامٍ فَلَهُ مِنْ صَاحِبِ الْغَنَمِ أَنْ يَبِيعَ مِنْ أَوْلَادِهَا وَأَصْوَافِهَا وَأَشْعَارِهَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ ثَمَنَ الْحَرْثِ فَقَالَ لَهُ دَاوُدُ قَدْ أَصَبْتَ وَقَالَ غَيْرُهُ الْحَرْثُ كَانَ كَرْمًا فَعَلَى هَذَا تَدُلُّ الْآيَةُ عَلَى أَن الْمُصِيب وَأحد كَمَا قَالَه ش ح وَنَقَلَهُ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَحَكَى عَنْهُ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ تَصْوِيبَ الْجَمِيعِ وَأَجَابَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَكُلا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا} فَلَوْ أَخْطَأَ مَا أُوتِيَ حُكْمًا وَعِلْمًا وَجَوَابُهُ أَن الحكم المؤتى ومالق مِنْ هَذِهِ الْقَضِيَّةِ الثَّالِثَةُ أَنَّ حُكْمَ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَوْ وَقَعَ فِي شَرْعِنَا أَمْضَيْنَاهُ لِأَنَّ قِيمَةَ الزَّرْعِ يَجُوزُ أَنْ يُؤْخَذَ فِيهَا غنم لِأَن صَاحبهَا فلس أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ وَحُكْمُ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَوْ وَقَعَ فِي شَرْعِنَا مَا أَمْضَيْنَاهُ لِأَنَّهُ إِيجَابُ الْقِيمَةِ مُؤَجَّلَةً وَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ صَاحِبَ الْحَرْثِ وَإِحَالَتُهُ لَهُ عَلَى أَعْيَانٍ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا الْآنَ وَمَا لَا يُبَاعُ لَا يُعَاوَضُ بِهِ فِي الْقِيَمِ فَيَلْزَمُ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ إِمَّا أَن لَا تَكُونَ شَرِيعَتُنَا أَتَمَّ فِي الْمَصَالِحِ وَأَكْمَلَ فِي الشَّرَائِعِ أَوْ يَكُونَ دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَهِمَ دُونَ سُلَيْمَانَ وَهَذَا مَوْضِعٌ يَحْتَاجُ لِلْكَشْفِ وَالنَّظَرِ حَتَّى يُفْهَمَ الْمَعْنَى فِيهِ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمَصْلَحَةَ زمانهم كَانَت تقضي أَن لَا يَخْرُجَ عَيْنُ مَالِ الْإِنْسَانِ مِنْ بَلَدِهِ إِمَّا لِقِلَّةِ الْأَعْيَانِ وَإِمَّا لِعِظَمِ ضَرَرِ الْحَاجَةِ أَوْ لِعَدَمِ الزَّكَاةِ لِلْفُقَرَاءِ بِأَنْ تُقَدَّمَ لِلنَّارِ الَّتِي تَأْكُلُ الْقُرْبَانَ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ وَتَكُونُ الْمَصْلَحَةُ الْأُخْرَى بِاعْتِبَار زَمَاننَا أَثم فَيُعْتَبَرُ الْحُكْمُ كَمَا هُوَ قَوْلُنَا فِي حُكْمِ النّسخ بِاعْتِبَار اخْتِلَاف الْمصَالح فِي الأزما فَقَاعِدَةُ النَّسْخِ تَشْهَدُ لِهَذَا الْجَوَابِ

(فرع)

الرَّابِعَة قَوْله تَعَالَى {وَكُنَّا لحكمهم شَاهِدين} المُرَاد بِالشَّهَادَةِ هَاهُنَا الْعلم فَمَا فَائِدَته والتمدح بِهِ هَا هُنَا بعيد لِأَنَّهُ تَعَالَى لَا يمتدح بَحر فِي وَلَيْسَ السِّيَاقُ عَنْ هَذَا أَيْضًا حَتَّى يُعْلَمَ وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذِهِ الْقِصَصَ إِنَّمَا ذُكِرَتْ لِتَقْرِيرِ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لقَوْله تَعَالَى فِي صدر الصُّورَة {هَلْ هَذَا إِلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُم تبصرون} فَبَسَطَ اللَّهُ الْقَوْلَ فِي هَذِهِ الْقِصَصِ لِيُبَيِّنَ أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَيْسَ بدعاً من الرُّسُل وَأَنه بِفضل مَنْ يَشَاءُ مِنَ الْبَشَرِ وَغَيْرِهِ وَلَا يُخْرِجُ شَيْئًا عَنْ حُكْمِنَا وَلَا تَدْخُلُ ذَلِكَ غَفْلَةٌ بَلْ عَنْ عِلْمٍ وَلِذَلِكَ مَا فَهِمَهَا سُلَيْمَانُ دُونَ دَاوُدَ عَنْ غَفْلَةٍ بَلْ نَحْنُ عَالِمُونَ فَهُوَ إِشَارَةٌ إِلَى ضَبْطِ التَّصَرُّفِ وَإِحْكَامِهِ لَا إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ كَمَا يَقُولُ الْمَلِكُ الْعَظِيمُ أَعْرَضْتُ عَنْ زَيْدٍ وَأَنَا عَالِمٌ بِحُضُورِهِ وَلَيْسَ مَقْصُودُهُ سِيَاقَ تَهْدِيدٍ أَوْ تَرْغِيبٍ حَتَّى يَكُونَ الْمُرَادُ الْمُكَافَأَةَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُم عَلَيْهِ} فَيَكْشِفُ أَيْضًا التَّمَدُّحَ بِالْعِلْمِ بَلْ إِحْكَامَ التَّصَرُّفِ فِي ملكه وَكَذَلِكَ هَا هُنَا (فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ كَمَا وَجَبَ عَلَى النَّاسِ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ قُضَاةٌ وَأَئِمَّةٌ وَجَبَ عَلَيْهِمْ طَاعَةُ وُلَاةِ أُمُورِهِمْ مِنَ الْقُضَاةِ وَغَيْرِهِمْ قَالَ الله تَعَالَى {وأولي الْأَمر مِنْكُم} الْآيَة

(الباب الثاني شروط من يولى وصفاته)

(الْبَاب الثَّانِي شُرُوطِ مَنْ يُوَلَّى وَصِفَاتِهِ) وَفِي الْجَوَاهِرِ وَالْمُقَدِّمَاتِ أَوْصَافُهُ ثَّلَاثَةٌ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ مَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ التَّوْلِيَةِ وَيَقْتَضِي عَدَمُهُ الِانْفِسَاخَ وَهُوَ أَنْ يكون ذكرا لَان يقْضِي الْأُنُوثَةِ يَمْنَعُ مِنْ زَجْرِ الظَّالِمِينَ وَتَنْفِيذِ الْحَقِّ وَأَنْ يَكُونَ حُرًّا لِأَنَّ الرِّقَّ نَقِيصُةٌ يُنَافِي مَنْصِبَ النُّبُوَّةِ وَيَحْجُرُ سَيِّدُهُ عَلَيْهِ وَعَاقِلًا لِأَنَّ الْعَقْلَ هُوَ النُّورُ الَّذِي يَهْتَدِي بِهِ بَالِغًا لتَحْصِيل الْوَازِع الشَّرْعِيّ عَن اتِّبَاع الْهوى مُسلما لِأَنَّ الْكُفْرَ أَعْظَمُ مِنْ نَقِيصَةِ الرِّقِّ عَدْلًا لِأَنَّ الْعَدَالَةَ هُوَ الْوَازِعُ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ وَالنَّظَرِ لِأَنَّ بِالْعِلْمِ يُعْتَصَمُ مِنَ الْمُخَالَفَةِ لِحُدُودِ اللَّهِ مُتَوَحِّدًا لِأَنَّ الْكَثْرَةَ فِي الْمَنْصِبِ تَخْرِقُ الْأُبَّهَةَ وَتُسْقِطُ الْحُرْمَةَ فَعَدَمُ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ يَمْنَعُ ابْتِدَاءً وَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِحُدُوثِهِ انْتَهَى وَلَا يُوَلَّى الْمُقَلِّدُ إِلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ فَيَقْضِي حِينَئِذٍ بِفَتْوَى مُقَلِّدٍ بِنَصِّ النَّازِلَةِ قَالَ فَإِنْ قَاسَ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ قَالَ يُفْهَمُ مِنْ هَذَا كَذَا فَهُوَ مُتَعَدٍّ وَلَا يَحِلُّ تَوْلِيَةُ مُقَلِّدٍ فِي مَوْضِعٍ يُوجَدُ فِيهِ عَالِمٌ فَإِنْ تَقَلَّدَ فَهُوَ جَائِرٌ مُتَعَدٍّ وَلَا تَصِحُّ تَوْلِيَةُ حَاكِمَيْنِ مَعًا فِي كُلِّ قَضَاءٍ وَلَا تَصِحُّ تَوْلِيَةُ فَاسِقٍ وَقَالَ أَصْبَغُ تَصِحُّ تَوْلِيَتُهُ وَيَجِبُ عَزْلُهُ فَحُصُولُ الْعَدَالَةِ مِنِ الْقِسْمِ الثَّانِي وَجَوَّزَ أَبُو الْوَلِيدِ تَوْلِيَةَ غَيْرِ الْعَالم وَرَآهُ مُسْتَحبا لاشرطا تَنْبِيه قَوْله أَن قَاسَ عَلَى قَوْلِهِ فَهُوَ مُتَعَدٍّ قَالَ الْعُلَمَاءُ الْمُقَلِّدُ قِسْمَانِ مُحِيطٌ بِأُصُولِ مَذْهَبِ مُقَلِّدِهِ وَقَوَاعِدِهِ بِحَيْثُ تكون نِسْبَتُهُ إِلَى مَذْهَبِهِ كَنِسْبَةِ الْمُجْتَهِدِ الْمُطْلَقِ

إِلَى أُصُولِ الشَّرِيعَةِ وَقَوَاعِدِهَا فَهَذَا يَجُوزُ لَهُ التَّخْرِيجُ وَالْقِيَاسُ بِشَرَائِطِهِ كَمَا جَازَ لِلْمُجْتَهِدِ الْمُطْلَقِ وَغَيْرُ مُحِيطٍ فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّخْرِيجُ لِأَنَّهُ كَالْعَامِّيِّ بِالنِّسْبَةِ إِلَى جُمْلَةِ الشَّرِيعَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ عَلَى الْقِسْمِ الثَّانِي فيتب وَإِلَّا فَمُشْكِلٌ الْقِسْمُ الثَّانِي مَا يَقْتَضِي عَدَمُهُ الْفَسْخَ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ فِي الصِّحَّةِ كَوْنُهُ سَمِيعًا بَصِيرًا لِأَنَّ عَدَمَ الْحَوَاسِّ يَمْنَعُ مِنْ معرفَة الْمقْضِي عَلَيْهِ أَوله وَمِنْ سَمَاعِ الْحُجَجِ الشَّرْعِيَّةِ مُتَكَلِّمًا لِنَظَرِ مَا فِي نَفْسِهِ مِنْ الِاسْتِفْسَارَاتِ وَالْأَحْكَامِ وَعَدَمُ بَعْضِ هَذِهِ يَقْتَضِي فَسْخَ الْعَقْدِ تَقَدَّمَتْ أَضْدَادُهَا عَلَيْهِ أَوْ طَرَأَتْ بَعْدَهُ فَيُنَفِّذُ مَا مَضَى مِنْ أَحْكَامِهِ إِلَى حِينِ الْعَزْلِ وَإِنْ كَانَتْ مَوْجُودَةً حِينَ الْحُكْمِ الْقِسْمُ الثَّالِثُ مَا لَا يُشْتَرَطُ فِي الِانْعِقَادِ وَلَا فِي التَّقَابُلِ مُسْتَحَبٌّ نَحْوَ كَوْنِهِ وَرِعًا غَنِيًّا لَيْسَ بِمِدْيَانٍ وَلَا مُحْتَاجٍ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ لِأَنَّ الْغِنَى يُعِينُ عَلَى التَّوْلِيَةِ وَيُشَجِّعُ النَّفْسَ وَالْبَلَدِيُّ أَخْبَرُ بِأَهْلِ بَلَدِهِ مِنَ الْأَجْنَبِيِّ فَيَعْلَمُ عَلَى مَنْ يَعْتَمِدُ وَمَنْ يَجْتَنِبُ مَعْرُوفُ النِّسَبِ لِيَسْلَمَ مِنْ نَقِيصَةِ الطَّعْنِ الْكَاذِب لَيْسَ من ولد زنا لَيْلًا يُهْتَضَمَ فِي أَعْيُنِ النَّاسِ وَلَا بِابْنِ لِعَانٍ لِذَلِكَ جَزْلًا نَافِذًا فَطِنًا لِيَعْرِفَ دَقَائِقَ حِجَاجِ الْخُصُوم ومكايدهم غَيْرَ مَخْدُوعٍ لِعَقْلِهِ لَيْسَ مَحْدُودًا فِي زِنًا لَيْلًا يُهْتَضَمَ جَانِبُهُ وَلَا قَذْفٍ وَلَا مَقْطُوعًا فِي السَّرِقَةِ ذَا نَزَاهَةٍ غَيْرَ مُسْتَحْيٍ بِاللَّائِمَةِ يُدِيرُ الْحَقَّ عَلَى مَنْ دَارَ عَلَيْهِ لَا يُبَالِي مَنْ لَامَهُ عَلَى ذَلِكَ حَلِيمٌ عَنِ الْخُصُومِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا انْتَقَمَ لِنَفْسِهِ قَطُّ مُسْتَشِيرًا

لِأَهْلِ الْعِلْمِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا نَدِمَ مَنِ اسْتَشَارَ وَلَا خَابَ مَنِ اسْتَخَارَ وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ مُحْرِزٍ لَنْ يَأْتِيَ بِمَا نُصِبَ لَهُ حَتَّى يَكُونَ ذَا نَزَاهَةٍ وَنَصِيحَةٍ وَرَحْمَةٍ وَصَلَابَةٍ لِيُفَارِقَ بِالنَّزَاهَةِ التَّشَوُّفَ لما فِي أيذي النَّاسِ وَبِالنَّصِيحَةِ يُفَارِقُ حَالَ مَنْ يُرِيدُ الظُّلْمَ وَلَا يُبَالِي بِوُقُوعِ الْغِشِّ وَالْخَطَأِ وَالْغَلَطِ وَبِالرَّحْمَةِ حَالَ الْقَاسِي الَّذِي لَا يَرْحَمُ الصَّغِيرَ وَالْيَتِيمَ وَالْمَظْلُومَ وَبِالصَّلَابَةِ مَنْ يَضْعُفُ عَنِ اسْتِخْرَاجِ الْحُقُوقِ وَعَنِ الْإِقْدَامِ عَلَى ذَوِي الْبِطَالَةِ وَالْقَهْرِ وَالظُّلْمِ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فطنا متيقظا كثيرا التَّحَرُّز الْحِيَلِ وَمَيْلِهِمْ عَلَى الْمُغَفَّلِ وَالنَّاقِصِ الْمُتَهَاوِنِ وَأَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِالشُّرُوطِ عَارِفًا بِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ مِنَ الْعَرَبِيَّةِ وَاخْتِلَافِ مَعَانِي الْعِبَارَاتِ فَإِنَّ الْأَحْكَامَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْعِبَارَاتِ وَكَذَلِكَ الدَّعَاوَى وَالشَّهَادَاتُ وَلِأَنَّ كِتَابَ الشُّرُوطِ هُوَ الَّذِي يَتَضَمَّنُ حُقُوقَ الْمَحْكُومِ لَهُ وَالشُّهُودِ سَمِعَ مَا فِيهِ فَقَدْ يَكُونُ الْعَقْدُ وَاقِعًا عَلَى وَجْهٍ يَصِحُّ أَوْ لَا يَصِحُّ فَيَكُونُ لَهُ عِلْمٌ بِتَفْصِيلِ ذَلِكَ وَمُجْمَلِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَبْطِنَ أَهْلَ الدِّينِ وَالْأَمَانَةِ وَالنَّزَاهَةِ فَيَسْتَعِينَ بِهِمْ عَلَى مَا هُوَ بِسَبِيلِهِ وَيَتَقَوَّى بِهِمْ عَلَى التَّوَصُّلِ بِهِمْ إِلَى مَا يَنْوِيهِ وَيُخَفِّفُونَ عَنْهُ فِيمَا يَحْتَاجُ إِلَى الِاسْتِعَانَةِ فِيهِ مِنَ النَّظَرِ فِي الْوَصَايَا وَالْأَحْبَاسِ وَالْقِسْمَةِ وَأَمْوَالِ الْأَيْتَامِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُنْظَرُ فِيهِ قَالَ الْأُسْتَاذُ وَلَيْسَ يَكْتَفِي بِالْعَقْلِ الَّذِي هُوَ شَرْطٌ فِي التَّكْلِيفِ وَهُوَ اسْتِدْلَالُهُ بِالشَّاهِدِ عَلَى الْغَائِبِ وَعِلْمُهُ بِمُدْرَكَاتِ الضَّرُورَةِ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ صَحِيحَ التَّمْيِيزِ جَيِّدَ الْفِطْنَةِ بَعِيدًا مِنَ السَّهْوِ وَالْغَفْلَةِ حَتَّى يَتَوَصَّلَ بِذَكَائِهِ إِلَى مَوْضِعِ مَا أُشْكِلَ وَفَصْلِ مَا عَضُلَ قَالَ وَلَيْسَ يَسْتَحِقُّ أَيْضًا لِزِيَادَةٍ فِي

هَذَا الْبَابِ حَتَّى يَسْتَوْصِيَ بِصَاحِبِهِ إِلَى الدَّهَاءِ وَالْمَكْرِ وَالْخُبْثِ وَالْخِدَاعِ فَإِنَّهُ مَذْمُومٌ مَحْذُورٌ غَيْرُ مَأْمُونٍ إِلَيْهِ وَالنَّاسُ مِنْهُ فِي حَذَرٍ وَهُوَ مِنْ نَفْسِهِ فِي نَصَبٍ وَقَدْ أَمَرَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِعَزْلِ زِيَادِ بْنِ أَبِيهِ وَقَالَ لَهُ كَرِهْتُ أَنْ أَحْمِلَ النَّاسَ عَلَى فضل عقلك وَكَانَ من الزهادا قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ الْإِجْمَاعُ عَلَى اشْتِرَاطِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ إِلَّا مَا يُحْكَى عَنْ مَالِكٍ فِي جَوَازِ قَضَاءِ الْأَعْمَى فَغَيْرُ مَعْرُوفٍ وَلَا يَصِحُّ عَنْ مَالِكٍ وَمَتَى وَلِيَ مَنْ فَقَدَ الْإِسْلَامَ أَوِ الْعَقْلَ أَوِ الذُّكُورَةَ أَوِ الْحُرِيَّةَ أَوِ الْبُلُوغَ بِجَهْلٍ أَوْ غَرَضٍ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ حُكْمُهُ وَيُرَدُّ وَيُنَفِّذُ مَنْ فُقِدَتْ مِنْهُ مَا عَدَا إِذَا وَافَقَ الْحَقَّ إِلَّا الْجَاهِلُ الَّذِي حَكَمَ بِدَايَةً وَالصَّحِيحُ نُفُوذُ حُكْمِ الْفَاسِقِ إِذَا وَافَقَ الْحَقَّ وَقِيلَ يُرَدُّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا كَانَ الْفَقِيرُ أَعْلَمَ أَهْلِ الْبَلَدِ وَأَرْضَاهُمُ اسْتَحَقَّ الْقَضَاءَ وَلَا يَجْلِسُ حَتَّى يَغْنَى وَيُقْضَى عَنْهُ دَيْنُهُ وَلَا بَأْسَ أَنْ يستقضى ولد الزِّنَا وَلَا يحكم فِي الزِّنَى كَمَا لَا يَحْكُمُ الْقَاضِي لِابْنِهِ وَالْمَحْدُودُ فِي الزِّنَى يَجُوزُ حُكْمُهُ فِيهِ دُونَ شَهَادَتِهِ لِأَنَّ الْمَسْخُوطَ يَجُوزُ حُكْمُهُ دُونَ شَهَادَتِهِ وَعَنْ سَحْنُونٍ لَا يُسْتَقْضَى الْمُعْتَقُ خَوْفًا مِنْ أَنْ تُسْتَحَقَّ رَقَبَتُهُ فَتَذْهَبَ أَحْكَامُ النَّاسِ قَالَ التُّونُسِيُّ قَالَ مَالِكٌ لَا أَرَىَ خِصَالَ الْعُلَمَاءِ تَجْتَمِعُ الْيَوْمَ فِي وَاحِدٍ إِذَا اجْتَمَعَ مِنْهَا خَصْلَتَانِ وُلِّيَ الْعِلْمُ وَالْوَرَعُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِلْمٌ وَوَرَعٌ فَعَقْلٌ وَوَرَعٌ فَبِالْوَرَعِ يَقِفُ وَبِالْعَقْلِ يَسْأَلُ وَفِي الْكِتَابِ لَا يُسْتَقْضَى مَنْ لَيْسَ بِفَقِيهٍ وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَا يُسْتَقْضَى حَتَّى يَكُونَ عَارِفًا بِآثَارِ مَنْ مَضَى مُسْتَشِيرًا لِذَوِي الرَّأْيِ وَلَيْسَ عِلْمُ الْقَضَاءِ كَغَيْرِهِ مِنَ الْعِلْمِ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَلِيَ الْقَضَاءَ إِلَّا مَنْ كَانَ حَصِيفَ الْعَقْلِ شَدِيدًا مِنْ غَيْرِ عُنْفٍ لَيِّنًا مِنْ غَيْرِ ضعف قَلِيل الْعِزَّة بَعِدَ الْهَيْبَةِ لَا يَطَّلِعُ النَّاسُ

مِنْهُ على عَورَة وَيسْتَحب على مَذْهَبنَا ان لَا يَكُونَ أُمِّيًّا وَلَيْسَ لِأَصْحَابِنَا فِي ذَلِكَ نَصٌّ وَعِنْدَ ش وَجْهَانِ الْمَنْعُ لِضَيَاعِ كَثِيرٍ مِنَ الْمَصَالِحِ بِعَدَمِ مَعْرِفَتِهِ الْخُطُوطَ وَالْجَوَازُ لِأَنَّ سَيِّدَ الْمُرْسَلِينَ سَيِّدُ الْحُكَّامِ وَهُوَ أُمِّيٌّ وَلِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قِرَاءَةُ الْعُقُودِ وَيَنُوبُ عَنْهُ فِي تَقْيِيدِ الْمَقَالَاتِ غَيْرُهُ قَالَ وَإِنَّ لِلْمَنْعِ وَجْهًا لِمَا فِيهِ مِنْ تَضْيِيقِ الْحُكْمِ وَالْفَرْقُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَعْصُومٌ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَغَيْرُهُ لَا يَكُونُ صَاحِبُ رَأْيٍ لَا يَعْلَمُ السُّنَّةَ وَالْآثَارَ وَلَا صَاحِبُ عِلْمِ الْحَدِيثِ دُونَ الْفِقْهِ وَالْقِيَاسِ قَالَ اصبغ ويعزل الْجَاهِل الا ان لَا يُوجد غَيره فَيقر وَيُؤمر ان يستكثر فِي الْمَشُورَةِ وَيُنَفَّذُ أَمْرُهُ فِي كُلِّ حِينٍ فَإِنْ تَعَارَضَ عَدْلٌ مُؤْمِنٌ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ بِالْقَضَاءِ وَعَالِمٌ لَيْسَ مِثْلَ الْآخَرِ فِي الْعَدَالَةِ وَلَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُمَا قَدَّمَ الْعَالِمَ إِنْ كَانَ لَا بَأْسَ بِحَالِهِ وَعَفَافِهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَوْثُوقٍ بِهِ فِي صَلَاحِهِ وَلَعَلَّهُ يُلَابِسُ مَا لَا يَنْبَغِي إِلَّا أَنْ يُوَلِّيَ وَاحِدًا مِنْهُمَا إِنْ وَجَدَ غَيْرَهُمَا وَالْأَوْلَى الْعَدْلُ الْقَصِيرُ الْعِلْمِ وَمَنْ جَمَعَ الْعَدَالَةَ وَالْعِلْمَ فَلَا يُوَلَّى غَيْرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى اشْتِرَاطُ تَوَحُّدِ الْقَاضِي إِنَّمَا هُوَ حَيْثُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُوَلَّى اثْنَانِ عَلَى وَجْهِ الِاشْتِرَاكِ فِي كُلِّ قَضِيَّةٍ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إِلَى بَقَاءِ التَّظَالُمِ وَالْعِنَادِ بِسَبَبِ اخْتِلَافِ آرَائِهِمَا وَأَمَّا قَاضِيَانِ فِي بَلَدٍ يُنَفِّذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالنّظرِ فَجَاز بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ كَمَا أَنَّ الْأَوَّلَ لَا يُعْلَمُ أَنَّهُ وَقَعَ فِي زَمَنٍ مِنَ الْأَزْمَانِ فِي هَذِهِ الْمِلَّةِ وَيُشْكِلُ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ الْحَكَمَانِ فِي الزَّوْجَيْنِ وَفِي جَزَاءِ الصَّيْدِ لِأَنَّهُمَا يَحْكُمَانِ فِي قَضِيَّةٍ وَاحِدَةٍ وَجَوَابُهُ أَنَّهَا لَيْسَتْ وِلَايَةً قَالَ فَإِن اتفقَا نقض حُكْمُهُمَا وَإِنِ اخْتَلَفَا لَمْ يُنَفَّذْ وَحَكَمَ غَيْرُهُمَا فَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مَضَرَّةٌ وَعَنْ سَحْنُونٍ لَا يَحْكُمُ الْمَحْدُودُ فِي الزِّنَا كَشَهَادَةٍ بِجَامِعِ التُّهْمَةِ فِي الْمُشَارَكَةِ فِي النَّقِيصَةِ وَوَافَقَنَا الْحَنَابِلَةُ فِي جَوَازِ كَوْنِهِ أُمِّيًّا وَزَادُوا مَعْرِفَتَهُ بِلِسَانِ أَهْلِ وِلَايَتِهِ فِي شُرُوطِ الْكَمَالِ وَنَحْنُ مَا نُخَالِفُ

فِي ذَلِكَ وَوَافَقَنَا الْأَئِمَّةُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَ الْمَشْهُورِ فِي شُرُوطِ الصِّحَّةِ وَالْكَمَالِ إِلَّا لِلذُّكُورَةِ وَالْعِلْمِ فَعَنِ الْحَنَفِيَّةِ تَجُوزُ وِلَايَةُ الْعَامِّيِّ وَيَسْتَفْتِي الْفُقَهَاءَ وَيَحْكُمُ وَلَا تَفُوتُ الْمَصْلَحَةُ لَنَا قَوْله تَعَالَى {لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَهَذَا يَتَضَمَّنُ الِاجْتِهَادَ وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِمُعَاذٍ بِمَ تَحْكُمُ قَالَ بِكِتَابِ اللَّهِ قَالَ فَإِنْ لَمْ تَجِدْ قَالَ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ فَإِنْ لَمْ تَجِدْ قَالَ أَجْتَهِدُ رَأْيِي فَلم يذكر التَّقْلِيد فذل عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ بِهِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ وَيُؤَكِّدُ ذَلِك قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْحَدِيثِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ لِمَا يَرْضَاهُ رَسُولُ اللَّهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ تَرْكَ التَّقْلِيدِ هُوَ الَّذِي يُرْضِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقَوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ وَإِنْ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْصِبَ الْحَاكِمِ الِاجْتِهَادُ وَعِنْدَ ح يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ حَاكِمًا فِي كُلِّ مَا تَجُوزُ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ وَجَوَّزَ الطَّبَرَيُّ مُطْلَقًا وَعِنْدَ ح تُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا فِي الْحُدُودِ وَالْجِرَاحِ لَنَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا أَفْلَحَ قَوْمٌ أَسْنَدُوا أَمْرَهُمْ إِلَى امْرَأَةٍ وَفِي حَدِيثٍ لَا يُفْلِحُ قَوْمٌ وَلِيَتْهُمُ امْرَأَةٌ فَإِذَا لَمْ يُفْلِحُوا أَفْسَدُوا وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَخِّرُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَخَّرَهُنَّ اللَّهُ وَهَذَا غَايَةُ النَّقْصِ لَهُنَّ وَمُنِعَتْ أَنْ تَقُومَ بِجَنْبِ الرَّجُلِ

فِي الصَّلَاةِ خَوْفَ الْفِتْنَةِ فَالْقَضَاءُ لِأَنَّهُ مَوْطِنُ وُرُودِ الْفُجَّارِ أَوْلَى وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ إِذَا نَابَ أَحَدَكُمْ فِي صَلَاتِهِ شَيْءٌ فَلْيُسَبِّحْ فَإِنَّ التَّسْبِيحَ لِلرِّجَالِ وَالتَّصْفِيقَ لِلنِّسَاءِ فَمَنَعَ من صَوتهَا لِأَنَّهَا عَوْرَةٌ فَيَمْتَنِعُ فِي الْقَضَاءِ أَوْلَى وَقِيَاسًا عَلَى الْإِمَامَةِ الْعُظْمَى احْتَجُّوا بِأَنَّهَا صَحَّتْ شَهَادَتُهَا فَتَصِحُّ وِلَايَتُهَا كَالْعَدْلِ وَلِأَنَّ وِلَايَةَ الْأَحْكَامِ وَمَأْخَذَهَا تَتَأَتَّى مِنَ الْمَرْأَةِ فَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خُذُوا شَطْرَ دِينِكُمْ عَنْ هَذِهِ الُحُمَيْرَاءِ يَعْنِي عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ الْفَرْقُ بِأَنَّ الشَّهَادَةَ أَخْفَضُ رُتْبَةً مِنَ الْقَضَاءِ لِأَنَّهَا تَصِحُّ شَهَادَتُهَا دُونَ الْإِمَامَةِ الْعُظْمَى وَالْعَدْلُ يَصِحُّ مِنْهُ الْأَمْرَانِ وَلِذَلِكَ لَمْ يُسْمَعْ فِي عَصْرٍ مِنِ الْأَعْصَارِ أَنَّ امْرَأَةً وَلِيَتِ الْقَضَاءَ فَكَانَ ذَلِكَ إِجْمَاعًا لِأَنَّهُ غَيْرُ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي أَنَّهَا يُمْكِنُهَا ضَبْطُ مَا تَحْتَاجُ فِي الصَّلَاةِ مَعَ أَنَّهَا لَا تَكُونُ اماما فِيهَا واما مَا رَوَاهُ مَالك استس أُمَّ سُلَيْمَانَ قَلَّدَهَا بَعْضُ الصَّحَابَةِ عَلَى السُّوقِ فَذَلِكَ فِي أَمْرٍ جَرَى مِنَ الْحَبَشَةِ عَلَى قَوْمٍ مَخْصُوصِينَ فَلَا يَلْحَقُ بِهِ الْقَضَاءُ

(الباب الثالث صفة تقاليد الولايات السابقة عليها)

(الْبَاب الثَّالِث صِفَةِ تَقَالِيدِ الْوِلَايَاتِ السَّابِقَةِ عَلَيْهَا) وَاخْتِلَافِ أَحْكَامِهَا الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَيْهَا وَلْنَقْتَصِرْ مِنَ الْوِلَايَاتِ عَلَى مُهِمَّاتِهَا وَهِيَ سَبْعَةٌ الْوِلَايَةُ الْأُولَى الْخِلَافَةُ الْعُظْمَى وَهِيَ الْوِلَايَةُ وَهِيَ وَاجِبَةٌ إِجْمَاعًا إِلَّا الْأَصَمَّ وَوُجُوبُهَا عَلَى الْكِفَايَةِ أَمَّا وُجُوبُهَا فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَطِيعُوا الله واطيعو الرَّسُول وأولي الْأَمر مِنْكُم} فَطَاعَتُهُمْ فَرْعُ وَجُودِهِمْ وَمَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ وَلِمَا فِي مُسْلِمٍ اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَلَوْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا وَلِأَنَّ عدمهَا يُفْضِي إِلَى الْهَرج والتظالم وَذَلِكَ يجب السَّعْيَ فِي إِزَالَتِهِ وَلَا طَرِيقَ فِي مَجْرَى الْعَادَةِ إِلَّا الْإِمَامَةُ وَأَمَّا كَوْنُهَا عَلَى الْكِفَايَةِ فلَان القاعده ان كل فعل تكَرر مَصْلَحَتُهُ بِتَكَرُّرِهَا فَهُوَ عَلَى الْأَعْيَانِ وَمَا لَا فَعَلَى الْكِفَايَةِ فَالْأُولَى كَالصَّلَوَاتِ مَقْصُودُهَا الثَّنَاءُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَتَعْظِيمُهُ وَذَلِكَ يَتَكَرَّرُ بِتَعَدُّدِ الْمُصَلِّينَ فَشُرِعَتْ عَلَى الْأَعْيَانِ تَكْثِيرًا لِلْمَصْلَحَةِ وَالثَّانِي كَإِنْقَاذِ الْغَرْقَى فَإِنَّ النَّازِلَ لَكَ بَعْدَ الْإِنْقَاذِ لَا يحصل مصلحه

فَشُرِعَتْ عَلَى الْكِفَايَةِ نَفْيًا لِفِعْلِ الْعَبَثِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُ هَذِهِ الْمُقَدِّمَاتِ فِي مُقَدِّمَةِ الْكِتَابِ فَإِنْ قَامَ بِهَا وَاحِدٌ سَقَطَ فَرْضُهَا وَإِلَّا فَلَا قَالَ المواردي الشَّافِعِي يَخْرُجُ مِنَ النَّاسِ فَرِيقَانِ أَهْلُ اخْتِيَارِ الْإِمَامِ وَأَهْلُ الْإِمَامَةِ حَتَّى يَخْتَارَ الْأَوَّلُ شَخْصًا مِنَ الْفَرِيقِ الثَّانِي وَلَا حَرَجَ عَلَى بَقِيَّةِ الْأُمَّةِ فِي تَأْخِيرِ الْإِمَامَةِ كَمَا اتَّفَقَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِأَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ إِنَّمَا يَأْثَمُ بِتَأْخِيرِهِ مَنْ هُوَ أَهْلٌ لَهُ فَلَا يَأْثَمُ بِتَأْخِيرِ الْجِهَادِ النِّسْوَانُ وَلَا يَتْرُكُ إِنْقَاذَ الْغَرِيقِ مَنْ لَا يَعُومُ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ مِنَّا فِي كِتَابِ النَّظَائِرِ لَهُ وَشُرُوطُ الْمُخْتَارِينَ لِلْإِمَامِ ثَلَاثَةٌ الْعِلْمُ بِشُرُوطِ الْإِمَامَةِ وَالْعَدَالَةُ وَالْحِكْمَةُ وَالرَّأْيُ الْمُوَدِّيَانِ لِلْمَقْصُودِ وَاخْتِيَارُ مَنْ هُوَ الْأَصْلَح النَّاس واقوم بالمصالح وَقَالَهُ المارودي ثُمَّ لَيْسَ لِمَنْ فِي بَلَدِ الْإِمَامِ مَزِيَّةٌ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْبِلَادِ وَإِنَّمَا قُدِّمَ فِي الْعُرْفِ أَهْلُ بَلَدِ الْإِمَامِ لِأَنَّهُمْ أَعْلَمُ فِي الْعَادَةِ بِمَنْ عِنْدَهُمْ يَصْلُحُ لِأَنَّ الشَّرْعَ قَدَّمَهُمْ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ وَشُرُوطُ الْإِمَامِ ثَلَاثَةٌ النَّجْدَةُ وَشَرَائِطُ الْفَتْوَى وَالْكِفَايَةُ فِي الْمُعْضِلَاتِ وَقَالَ المارودي مِنَ الشَّافِعِيَّةِ شَرَائِطُهَا سَبْعَةٌ الْعَدَالَةُ وَسَلَامَةُ الْحَوَاسِّ وَسَلَامَةُ الْأَعْضَاءِ مِنْ نَقْصٍ يَمْنَعُ اسْتِيفَاءَ الْحَرَكَةِ وَالشَّجَاعَةُ وَالنَّسَبُ الْقُرَشِيُّ وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ إِلَّا ضِرَارٌ فَإِنَّهُ جَوَّزَهَا فِي جَمِيعِ النَّاسِ لَنَا قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ وَالْمُبْتَدَأُ يَجِبُ انْحِصَارُهُ فِي الْخَبَر وَقَالَ

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قدمُوا قُريْشًا وَلَا تقدموه وَالْعِلْمُ الْمُؤَدِّي لِلِاجْتِهَادِ فِي النَّوَازِلِ وَصِحَّةِ الرَّأْيِ وَيَنْعَقِدُ بِاخْتِيَارِ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ كَعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَانُوا سِتَّةً عَيَّنَهُمْ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَاخْتُلِفَ فِي عَدَدِهِمْ فَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ جُمْهُورِ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ مِنْ كُلِّ بَلَدٍ لِيَكُونَ الرِّضَا بِهِ عَامًّا وَهُوَ يطلّ بِبَيْعَةِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِأَنَّهَا انْعَقَدَتْ بِالْحَاضِرِينَ وَلَمْ يُنْتَظَرْ غَائِبٌ وَقِيلَ وَكَذَلِكَ يُرَبَّعُ فِي الشُورَى وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ خَمْسَةٍ أَوْ يَعْقِدُهَا أَحَدُهُمْ بِرِضَاهُمْ لِأَنَّ بَيْعَةَ الصِّدِّيقِ انْعَقَدَتْ بِخَمْسَةٍ ثُمَّ بَايَعَ النَّاسُ وَهُمْ عمر ابو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَأُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ وَبَشِيرُ بْنُ سَعْدٍ وَسَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ وَلِأَنَّ الشُّورَى كَانَتْ فِي سِتَّةٍ لَا تُعْقَدُ لِأَحَدِهِمْ بِرِضَا الْخَمْسَةِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ مِنَ الْبَصْرِيِّينَ وَقَالَ بَعْضُ الْكُوفِيِّينَ ثَلَاثَةٌ يَتَوَلَّاهَا أَحَدُهُمْ بِرِضَا اثْنَيْنِ لِيَكُونُوا حَاكَمَا شَاهِدَيْنِ كَعَقْدِ النِّكَاحِ وَقِيلَ وَاحِدٌ لِأَنَّ الْعَبَّاسَ قَالَ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ امْدُدْ يَدَكَ أُبَايِعْكَ فَيَقُولُ النَّاسُ عَمُّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَايَعَ ابْنَ عَمِّهِ فَلَا يَخْتَلِفُ عَلَيْكَ اثْنَانِ وَلِأَنَّهُ حُكْمٌ فَحُكْمُ الْوَاحِدِ يَكْفِي فَهَذَا أَرْبَعَةُ مَذَاهِب وَيقدم أهل الْحَد وَالْعَقْدِ أَكْثَرَ الْمُسْتَحِقِّينَ فَضْلًا وَأَكْمَلَهُمْ شَرْطًا مِمَّنْ يُسْرِعُ النَّاسُ إِلَى طَاعَتِهِ فَإِذَا عَيَّنُوهُ عَرَضُوهَا عَلَيْهِ فَإِنْ أَجَابَ بَايَعُوهُ وَلَزِمَ جَمِيعَ الْأُمَّةِ الدُّخُولُ وَالِانْقِيَادُ فَإِنِ امْتَنَعَ الْجَمِيعُ يُقَدَّمُ الْأَسَنُّ فَإِنْ بُويِعَ الْأَصْغَرُ جَازَ وَيُرَاعَى تَقْدِيمُ الْأَشْجَعِ عَلَى الْأَعْلَمِ أَوِ الْعَكْسُ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ الْوَقْت من الْحَاجة إِلَى الْقِتَال أَو المناضرة عَلَى الدِّينِ مَعَ أَرْبَابِ الْأَهْوَاءِ فَإِنِ اخْتَارُوا وَاحِدًا مِنَ اثْنَيْنِ فَتَنَازَعَاهَا قِيلَ يَكُونُ ذَلِكَ قَدْحًا فِيهِمَا لِأَنَّ مَنْ طَلَبَ الْوِلَايَةَ لَمْ يُعَنْ عَلَيْهَا فَيُعْدَلُ إِلَى غَيْرِهِمَا وَقَالَ الْجُمْهُورُ لَا يَقْدَحُ وَقَدْ

فرع

تَنَازَعَ فِيهَا أَهْلُ الشُّورَى فَمَا رُدَّ عَنْهَا طَالِبٌ وَاخْتُلِفَ فِيمَا يُقْطَعُ بِهِ التَّنَازُعُ مَعَ التَّسَاوِي فَقِيلَ الْقُرْعَةُ وَقِيلَ بِاخْتِيَارِ أَهْلِ الْبَيْعَةِ مِنْ غَيْرِ قُرْعَةٍ لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ لَهُمْ وَحَكَى ابْنُ بَشِيرٍ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَنَا فَإِنْ ظَهَرَ بَعْدَ بَيْعَةِ الْأَفْضَلِ مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ لَمْ يعدل عَن الأول لصِحَّة عقده وإبن ابْتَدَأَ بِالْمَفْضُولِ لِغَيْبَةِ الْأَفْضَلِ أَوْ مَرَضِهِ أَوْ كَوْنِ الْمُفَضَّلِ أَطْوَعَ فِي النَّاسِ صَحَّ أَوْ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَقَالَ الْجَاحِظُ وَغَيْرُهُ لَا يَنْعَقِدُ لِفَسَادِ الِاجْتِهَادِ بِالتَّقْصِيرِ وَقَالَ الْجُمْهُورُ يَنْعَقِدُ كَمَا يجوز ذَلِك فِي الْقُضَاة يولي الْمَفْضُولِ وَلِحُصُولِ شَرَائِطِ الصِّحَّةِ وَلِأَنَّ الزِّيَادَةَ مِنْ بَابِ التَّتِمَّةِ لَا مِنْ بَابِ الْحَاجَةِ فَإِنْ تَعَيَّنَ وَاحِدٌ بِالِاتِّصَافِ بِالشُّرُوطِ تَعَيَّنَتْ فِيهِ وَامْتُنِعَ الْعُدُولُ عَنْهُ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ وَهَلْ يَنْعَقِدُ بِغَيْرِ بَيْعَةٍ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْعَقْدِ الِاخْتِيَارُ وَهَذَا مُتَعَيَّنٌ أَوْ لَا بُدَّ مِنَ الْعَقْدِ قَالَهُ الْجُمْهُورُ كَالْقَضَاءِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ عَقْدٍ وَيَأْثَمُ أَهْلُ الْعَقْدِ إِذَا امْتَنَعُوا وَقَالَ الْفَرِيقُ الْأَوَّلُ يَصِيرُ الْمُنْفَرِدُ قَاضِيًا مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ كَمَا يَصِيرُ الْمُنْفَرِدُ بِشُرُوطِ الصَّلَاةِ إِمَامًا وَالْفَرْقُ أَنَّ الْقَضَاءَ وِلَايَةٌ خَاصَّةٌ يَجُوزُ صَرْفُهُ عَنْهَا مَعَ بَقَائِهِ عَلَى صِفَتِهِ وَالْوِلَايَةَ حَقٌّ عَامٌّ لَا يَجُوزُ عَزْلُ الْمُتَّصِفِ بِشُرُوطِهَا بَعْدَ وِلَايَتِهِ (فَرْعٌ) قَالَ المارودي إِذا عقدت لاثْنَيْنِ ببلدين لم تَنْعَقِد امامتها لِامْتِنَاعِ إِمَامَيْنِ فِي وَقْتٍ فَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذَا بُويِعَ لَخَلِيفَتَيْنِ فَاقْتُلُوا الْآخِرَ مِنْهُمَا وَجَوَّزَهُ مَنْ شَذَّ وَاخْتُلِفَ فِي الْإِمَامِ مِنْهُمَا فَقِيلَ الَّذِي الَّذِي من بَلَدِ الْإِمَامِ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُمْ بِعَقْدِهَا أَخَصُّ وَأَحَقُّ وعَلى سَائِر الامصار تفويضها اليهم لَيْلًا يَنْتَشِرَ اخْتِلَافُ الْآرَاءِ وَقِيلَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ التَّسْلِيمُ لِلْآخَرِ دَفْعًا لِلْفِتْنَةِ لِيَخْتَارَ أَهْلُ الْعَقْدِ أَحدهمَا أَو

(فرع)

غَيْرَهُمَا وَقِيلَ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا وَالْمُحَقِّقُونَ عَلَى تَقْدِيمِ السَّابِقِ بَيْعَةً كَالْوَلَدَيْنِ فِي نِكَاحِ الْمَرْأَةِ إِذَا زوجاها بِاثْنَيْنِ فَإِن ابقا السَّبق فسخ العقدان وان اشكل السَّابِق وفقا عَلَى الْكَشْفِ فَإِنْ تَنَازَعَا السَّبْقَ لَمْ يَحْلِفِ الْمُدَّعِي وَلَا غَيْرُهُ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلْمُسْلِمِينَ وَلَا حُكْمَ لِلْيَمِينِ وَلَا لِلنُّكُولِ وَلَوْ سَلَّمَهَا أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِتَقَدُّمِهِ فَإِنْ أَقَرَّ لَهُ بِالتَّقَدُّمِ خَرَجَ الْمُقِرُّ وَلَمْ يَسْتَقِرَّ لِلْآخَرِ إِلَّا بِعَقْدٍ لِحَقِّ الْمُسْلِمِينَ وَالْإِقْرَارُ لَا يُعْتَبَرُ إِلَّا فِي حَقِّ الْإِنْسَانِ الْخَاصِّ بِهِ فَإِنْ شَهِدَ مَعَ شَاهِدٍ آخَرَ سَمِعَ فَإِنْ دَامَ اللَّبْسُ فِي التَّقَدُّمِ لَمْ يُقْرَعْ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الْإِمَامَةَ عَقْدٌ وَالْقُرْعَةُ لَا تَدْخُلُ فِي الْعُقُودِ لِأَنَّهَا لَا تَدْخُلُ إِلَّا فِيمَا يَصِحُّ الِاشْتِرَاكُ فِيهِ كَالْأَمْوَالِ دُونَ مَا يَمْتَنِعُ كَالْمَنَاكِحِ فَيَبْطُلُ فِيهِمَا قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ فِيمَا اذا تنازعاها ابْتِدَاء هَل يقرع أز هِيَ لِأَوَّلِهِمَا أَوْ يُقَدَّمُ الَّذِي فِي بَلَدِ الْإِمَامِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ كَمَا تَقَدَّمَ لِلشَّافِعِيَّةِ. (فَرْعٌ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَانْعِقَادُهَا بِعَهْدِ مَنْ قَبْلَهُ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ لِعَهْدِ الصِّدِّيقِ لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَلِعَهْدِ عُمَرَ إِلَى أَهْلِ الشُّورَى فَخَرَجَ جَمِيعُ الصَّحَابَةِ مِنَ الشُّورَى وَعَلَى الْإِمَامِ بِذْلُ الْجُهْدِ فِيمَنْ يَصْلُحُ وَيَنْفَرِدُ بِالْعَقْدِ لِغَيْرِ الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ وَاخْتِلَافُ أَهْلِ الرِّضَا مِنْ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ شَرْطٌ أَمْ لَا وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ بَيْعَةَ عُمَرَ لَمْ تَتَوَقَّفْ عَلَى رِضَا الصَّحَابَةِ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ وَفِي جَوَازِ تَفَرُّدِهِ بِالْوَلَدِ أَوِ الْوَالِدِ خِلَافٌ فَقِيلَ لَا بُدَّ مِنَ الِاسْتِشَارَةِ فَيَرَوْنَهُ أَهْلًا لِأَنَّهَا تَزْكِيَةٌ مِنَ الْإِمَامِ تَجْرِي مَجْرَى الشَّهَادَةِ لَهُ وَالْحُكْمِ لَهُ وَالْجَوَازِ لِأَنَّهُ أَمِينُ الْأُمَّةِ فَلَا

(فرع)

يقْدَح التهمه وَلَا لجَوَاز الْوَلَد دُونَ الْوَلَدِ لِمَزِيدِ التُّهْمَةِ وَيَجُوزُ لِلْأَخِ وَنَحْوِهُ كالاجنبي قَالَ المارودي وَلَا بُدَّ مِنْ قَبُولِ الْمُوَلَّى وَزَمَانُ الْقَبُولِ قِيلَ بَعْدَ الْمَوْتِ لِأَنَّهُ أَثْبَتُ نَظَرًا وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ مَا بَيْنَ عَهْدِ الْمُوَلِّي وَمَوْتِهِ حَتَّى لَا تَتَعَطَّلَ الْمَصَالِحُ وَلَيْسَ لَهُ عَزْلُهُ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ حَالُهُ بِخِلَافِ جَمِيعِ نُوَّابِهِ لِأَنَّهُمْ لِحَقِّ نَفْسِهِ وَهَذَا لِحَقِّ الْمُسْلِمِينَ كَمَا لَا يُعْزَلُ لَهُمَا لِلْعَقْدِ مَنْ بَايَعُوهُ إِذَا لَمْ يَتَغَيَّرْ حَالُهُ فَلَوْ عَهِدَ بَعْدَ عَزْلِ الْأَوَّلِ وَالْآخر بَطُلَ الثَّانِي فَالْأَوَّلُ بَاقٍ وَلَا يَصِحُّ الثَّانِي بِخَلْعِ الْأَوَّلِ نَفْسَهُ وَإِذَا اسْتَعْفَى وَلِيُّ الْعَهْدِ لَمْ يَبْطُلْ عَهْدُهُ حَتَّى يُعْفَى لِلُزُومِهِ وَيَجُوزُ إِعْفَاؤُهُ وَاسْتِعْفَاؤُهُ إِنْ وُجِدَ غَيْرُهُ وَإِلَّا فَلَا وَتُعْتَبَرُ شُرُوطُ الْإِمَامَةِ فِي الْمَعْهُودِ إِلَيْهِ وَقْتَ الْعَهْدِ فَلَا يَنْعَقِدُ الْعَهْدُ لِلصَّغِيرِ وَلَا لِلْفَاسِقِ عِنْدَ الْعَهْدِ وَلَيْسَ لِوَلِيِّ الْعَهْدِ الرَّدُّ إِلَى غَيْرِهِ لِأَنَّ الْخِلَافَةَ لَا تَسْتَقِرُّ لَهُ إِلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ أَوْ بِخَلْعِ الْخَلِيفَةِ نَفْسَهُ فَيَنْتَقِلُ إِلَى وَلِيِّ الْعَهْدِ وَلَوْ عَهِدَ إِلَى اثْنَيْنِ اخْتَارَ أَهْلُ الِاخْتِيَارِ أَحَدَهَا كَأَهْلِ الشُّورَى لِأَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَعَلَهَا فِي سِتَّةٍ وَيَجُوزُ لِلْخَلِيفَةِ بَيْعَةُ فُلَانٍ فَإِنْ مَاتَ فَفُلَانٌ وتنتقل الخلافه كَذَلِك كَمَا اسْتحْلف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَى جَيْشِ مُؤْتَةَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ وَقَالَ فَإِنْ أُصِيبَ فَجَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَإِنْ أُصِيبَ فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ إِذَا مَاتَ وَلِيُّ الْعَهْدِ قَبْلَ الْخَلِيفَةِ هَلْ لَهُ أَنْ يَعْهَدَ لِغَيْرِهِ قَوْلَانِ وَكَذَلِكَ إِذَا فَسَقَ الْخَلِيفَةُ ثُمَّ تَابَ هَلْ يَتَوَقَّفُ عَوْدُهُ عَلَى تَجْدِيدِ عَهْدِ

فرع

فَوْزٍ وَإِذَا حَدَثَ لَهُ خَرَسٌ أَوْ صَمَمٌ أَوْ ذَهَبَتْ إِحْدَى عَيْنَيْهِ فَهَلْ يَخْرُجُ مِنْهَا قَولَانِ (فَرْعٌ) قَالَ المارودي إِنِ اسْتَوْلَى عَلَى الْخَلِيفَةِ بَعْضُ أَعْوَانِهِ لَا يَقْدَحُ ذَلِكَ فِيهِ بِخِلَافِ الْقَهْرِ بِأَسْرِ الْعَدُوِّ كَانَ الْعَدُوُّ مُشْرِكًا أَوْ مُسْلِمًا فَيَقْدَحُ لِفَرْطِ الْقَهْرِ وَإِنْ خُلِّصَ قَبْلَ الْإِيَاسِ مِنْهُ عَادَتْ إِمَامَتُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأَسْرِ وَالْقَهْرِ مِنْ بَعْضِ الْأَعْوَانِ أَنَّ بَيْعَتَهُ عَلَى ذَلِكَ الْعَوْنِ فَإِمَامَتُهُ بَاقِيَهٌ الْوِلَايَةُ الثَّانِيَةُ الْوِزَارَةُ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ يَجُوزُ التَّفْوِيضُ فِي جَمِيعِ الْأُمُورِ إِلَى وَزِيرٍ وَيَخْتَصُّ عَنِ الْخَلِيفَةِ بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ لَا يَعْهَدُ لِمَنْ يَشَاءُ أَنْ يُسْتَعْفَى مِنَ الْإِمَامَةِ وَلَا يَعْزِلُ مَنْ قَلَّدَهُ الْإِمَامُ وَأَصْلُهَا قَوْله تَعَالَى {وَاجعَل لي وزيرا من أَهلِي هَارُون أخي اشْدُد بِهِ أزري وأشركه فِي أَمْرِي} قَالَ المارودي الْوِزَارَةُ قِسْمَانِ وِزَارَةُ تَفْوِيضٍ وَوِزَارَةُ تَنْفِيذٍ فَالْأَوَّلُ مَنْ جُعِلَ لَهُ الِاجْتِهَادُ فِي الْأُمُورِ وَتُشْتَرَطُ فِيهِ شُرُوطُ الْإِمَامَةِ إِلَّا النَّسَبَ لِأَنَّ عُمُومَ الِاجْتِهَادِ يَحْتَاجُ إِلَى ذَلِكَ وَعَقْدُهَا بِصَرِيحِ لَفْظِ الْخَلِيفَةِ بِعُمُومِ النَّظَرِ وَالنِّيَابَةِ فَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى عُمُوم النّظر فَهُوَ ولي عهد لَا وَزِيرٌ أَوْ عَلَى النِّيَابَةِ فَقَدْ أَبْهَمَ التَّنْفِيذَ وَالتَّفْوِيضَ فَلَا تَنْعَقِدُ وَاللَّفْظُ الْمُعْتَبَرُ قَلَّدْتُكَ مَا إِلَيَّ نِيَابَةً عَنِّي وَيَقُولُ اسْتَوْزَرْتُكَ تَعْوِيلًا عَلَى نِيَابَتِكَ فَإِنْ قَالَ نُبْ عَنِّي احْتُمِلَ الِانْعِقَادُ وَعَدَمُهُ لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَا عَقْدٌ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ يُرَاعَى فِي الْخُلَفَاءِ وَالْمُلُوكِ مَا يُرَاعَى فِي غَيْرِهِمْ لِاسْتِثْقَالِهِمُ الْكَلَامَ فَرُبَّمَا اكْتَفَوْا بِالْإِشَارَةِ

وَلِقِلَّةِ مُبَاشَرَتِهِمُ الْعُقُودَ وَقَلَّدْتُكَ وِزَارَتِي أَوِ الْوِزَارَةَ لَا تُفِيدُ وِزَارَةَ التَّفْوِيضِ حَتَّى يُرِيدَ مَا يَسْتَحِقُّ بِهِ التَّفْوِيضَ لِأَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ زَاد {اشْدُد بِهِ أزري وأشركه فِي أَمْرِي} قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ الصَّرَائِحُ أَرْبَعَةٌ وَلَّيْتُكَ وَقَلَّدْتُكَ واستخلفتك واستنبتك وَكِتَابَة سَبْعَةٌ اعْتَمَدْتُ عَلَيْكَ وَعَوَّلْتُ عَلَيْكَ وَرَدَدْتُ إِلَيْكَ وَجَعَلْتُ وَفَوَّضْتُ إِلَيْكَ وَوَكَّلْتُ إِلَيْكَ وَأَسْنَدْتُ إِلَيْكَ فَتَحْتَاجُ هَذِهِ لِمَا يَنْفِي عَنْهَا الِاحْتِمَالَ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَعَلَى هَذَا الْوَزِيرِ مُطَالَعَةُ الْإِمَامِ بِمَا تصرف لَيْلًا يَكُونَ إِمَامًا وَعَلَى الْإِمَامِ تَصَفُّحُ تَصَرُّفَاتِهِ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ رَعِيَّتِهِ وَيَجُوزُ لَهُ مُبَاشَرَةُ الْجِهَادِ وَوِلَايَةُ الْحُكَّامِ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَلَهُ الِاسْتِنَابَةُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ شُرُوطَ جَمِيعِ ذَلِكَ مُشْتَرَطَةٌ فِي أَهْلِيَّتِهِ وَوَزِيرُ التَّنْفِيذِ هُوَ الَّذِي يُنَفِّذُ مَا دَبَّرَهُ الْإِمَامُ فَهُوَ وَاسِطَةٌ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالرَّعِيَّةِ يُبَلِّغُ مَا دَبَّرَهُ الْإِمَامُ وَيَعْرِضُ عَلَيْهَا مَا حَدَثَ مِنَ الْأُمُورِ وَلَا يَفْتَقِرُ إِلَى تَقْلِيدٍ بَلِ الْإِذْنُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ وَلَا الْعلم لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ بَلْ مُبَلِّغٌ بَلِ اشْتُرِطَ فِيهِ سَبْعَةُ أَوْصَافٍ الْأَمَانَةُ وَالصِّدْقُ وَقِلَّةُ الطَّمَعِ وَعَدَمُ الْعَدَاوَةِ بَينه وَبَين النَّاس والذكورة والفطنة وَأَن لَا يَكُونَ مُبْتَدِعًا فَإِنْ شَارَكَ فِي الرَّأْيِ اشْتُرِطَتْ فِيهِ الْحِكْمَةُ وَالتَّجْرِبَةُ وَمَعْرِفَةُ الْعَوَاقِبِ وَيَجُوزُ أَنْ يكون ذَمِيمًا وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اثْنَيْنِ عَلَى الِاجْتِمَاعِ وَالِافْتِرَاقِ بِخِلَافِ وَزِيرِ التَّفْوِيضِ لِأَنَّ عُمُومَ النَّظَرِ يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ كَإِمَامَيْنِ وَيَجُوزُ مَعَ وَزِيرِ التَّفْوِيضِ وَزِيرُ تَنْفِيذٍ وَيَجُوزُ لِوَزِيرِ التَّفْوِيضِ الِاسْتِنَابَةُ عَنْهُ بِخِلَافِ الْآخَرِ وَإِذَا

فُوِّضَتِ الْأَقَالِيمُ إِلَى وُلَاتِهَا كَأَهْلِ زَمَانِنَا جَازَ لِكُلِّ مَلِكٍ أَنْ يُوَزِّرَ كَالْخَلِيفَةِ فِي الشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَائِدَةٌ فِي اشْتِقَاقِ الْوَزِيرِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ مِنَ الْوَزَرِ بِتَحْرِيكَ الزَّايِ الْمَنْقُوطَةِ وَهُوَ الْمَلْجَأُ وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {كلا لَا وزر} وَمَلِكٌ يُلْجَأُ إِلَيْهِ أَوْ مِنَ الْأَزْرِ لِقَوْلِهِ تعإلى {اشْدُد بِهِ أزري} أَوْ مِنَ الْوَزْرِ وَهُوَ الظَّهْرُ لِأَنَّهُ يَقْوَى بِالْوَزِيرِ كَقُوَّةِ الْبَدَنِ بِالظَّهْرِ الْإِمَارَةُ الثَّالِثَةُ الْإِمَارَةُ عَلَى الْبِلَادِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ هِيَ عَامَّةٌ وَخَاصَّةٌ فَالْعَامَّةُ اسْتِكْفَاءٌ وَاسْتِيلَاءٌ فَالِاسْتِكْفَاءُ مَا عُقِدَ عَلَى اخْتِيَارٍ وَالِاسْتِيلَاءُ مَا عُقِدَ عَنِ اضْطِرَارٍ فَيُفَوَّضُ فِي الِاسْتِكْفَاءِ النَّظَرُ فِي بَلَدٍ أَوْ إِقْلِيمٍ فِي جُمْلَةِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَتَتَعَيَّنُ فِيهِ شُرُوطُ وِزَارَةِ التَّفْوِيضِ لِعُمُومِ النَّظَرِ فِي ذَلِكَ الْعَامِّ وَلَفْظُهُ قَلَّدْتُكَ نَاحِيَةَ كَذَا إِمَارَةً عَلَى أَهْلِهَا وَنَظَرًا فِي جَمِيعِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَا وَلِلْوَزِيرِ تَصَفُّحُ الْأَمْرِ وَلِلْأَمِيرِ أَنْ يَسْتَوْزِرَ وَزِيرَ تَفْوِيضٍ بِإِذْنِ الْخَلِيفَةِ وَلَا يَنْعَزِلُ الْأَمِيرُ بِمَوْتِ الْخَلِيفَةِ بِخِلَافِ الْوَزِيرِ لِأَنَّهُ نَائِبُ الْخَلِيفَةِ وَالْأَمِيرُ نَائِب الْمُسلمين وهم باقون والإمارة الْخَاصَّةُ هِيَ تَدْبِيرُ الْجُيُوشِ وَسِيَاسَةُ الرَّعِيَّةِ وَحِمَايَةُ الْبَيْضَةِ وَالذَّبُّ عَنِ الْحَرِيمِ فَلَيْسَ لَهُ التَّعَرُّضُ لِلْقَضَاءِ وَالْأَحْكَامِ وَجِبَايَةِ الْخَرَاجِ وَالزَّكَاةِ وَلَا إِقَامَةِ حَدٍّ فِيهِ خِلَافٌ لِلْعُلَمَاءِ وَلَا مَا يُحْتَاجُ فِيهِ إِلَى بَيِّنَةٍ لِأَجْلِ الْمُنَازَعَةِ لِأَنَّهَا مِنَ الْأَحْكَامِ الْخَارِجَةِ عَنْ وِلَايَتِهِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْحُدُودِ الَّتِي هِيَ حَقٌّ لِلَّهِ فَهُوَ أَوْلَى بِهَا مِنَ الْحَاكِمِ لِأَنَّهُ بِهِ إِلَيْهِ قَانُونُ السِّيَاسَةِ الْعَامَّة وَهُوَ

أَحَقُّ بِإِمَامَةِ الْجُمَعِ وَالْأَعْيَادِ مِنَ الْقُضَاةِ عِنْدَ ش والقضا عِنْدَ ح لِأَنَّهُمْ أَهْلُ الْعِلْمِ وَيُعْتَبَرُ فِي شُرُوطِ هَذِهِ الْإِمَارَةِ شُرُوطُ وِلَايَةِ التَّنْفِيذِ وَشَرْطَانِ الْإِسْلَامُ وَالْحُرِّيَّةُ لِمَا تَضَمَّنَتْهَا مِنَ الْوِلَايَةِ عَلَى أُمُورٍ دِينِيَّةٍ وَلَيْسَ عَلَى هَذَيْنِ الْأَمِيرَيْنِ مُطَالَعَةُ الْخَلِيفَةِ بِمَا أَمْضَيَاهُ إِلَّا أَنْ يَحْدُثَ غَيْرُ مَعْهُودٍ وَإِمَارَةُ الِاسْتِيلَاءِ أَنْ يَسْتَوْلِيَ الْأَمِيرُ بِقُوَّتِهِ وَقَهْرِهِ عَلَى بِلَادٍ فَيُفَوَّضَ إِلَيْهِ فَهُوَ مُتَصَرِّفٌ استيلائه وَالْخَلِيفَةُ مُنَفِّذٌ لِذَلِكَ لِيَخْرُجَ عَنِ الْفَسَادِ وَعَنِ الْحَظْرِ لِلْإِبَاحَةِ وَيَجِبُ هَذَا التَّنْفِيذُ لِمَا فِيهِ مِنَ الْمَصَالِحِ الدِّينِيَّةِ وَإِقَامَةِ حُرْمَةِ الْإِمَامَةِ وَظُهُورِ الطَّاعَةِ وَاجْتِمَاعِ الْكَلِمَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شُرُوطُ الِاخْتِيَارِ فَيُقَلَّدُ لِدَفْعِ فَسَادِ الْعِنَادِ وَلَيْسَ لَهُ أَن يوزر وتفويض الْولَايَة الرَّابِعَة ولَايَة الْجِهَاد وَهِيَ قِسْمَانِ خَاصَّةٌ مَقْصُورَةٌ عَلَى سِيَاسَةِ الْجَيْشِ وَتَدْبِيرِ الْحَرْبِ فَشُرُوطُهَا شُرُوطُ الْإِمَارَةِ الْخَاصَّةِ وَعَامَّةٌ فِي ذَلِكَ وَفِي قَسْمِ الْغَنَائِمِ وَعَقْدِ الصُّلْحِ فَيُشْتَرَطُ فِيهَا شُرُوطُ الْإِمَارَةِ الْعَامَّةِ الْوِلَايَةُ الْخَامِسَةُ الْقَضَاء قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ لِانْعِقَادِ الْوِلَايَاتِ مُطْلَقًا ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ الْعِلْمُ بِشَرَائِطِ الْوِلَايَةِ فِي الْمُوَلَّى فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْهَا إِلَّا بَعْدَ التَّقْلِيدِ اسْتَأْنَفَهُ الثَّانِي ذِكْرُ الْمُوَلِّي لَهُ كَالْقَضَاءِ وَالْإِمَارَةِ فَإِنْ جَهِلَ فَسَدَتْ وَذِكْرُ الْبَلَدِ لِيَمْتَازَ عَنْ غَيْرِهِ وَقَالَهُ الشَّافِعِيَّةُ وَتَقَدَّمَ لَهُ فِي وِلَايَةِ الْوِزَارَةِ أَنَّ صرائح أَلْفَاظ الولايات مُطلقًا أَرْبَعَة وكنايتها سَبْعَة ثمَّ هَاهُنَا بَحْثَانِ فِي الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ الْخَاصَّةِ وَهِيَ التَّحْكِيمُ

(فرع)

الْبَحْثُ الْأَوَّلُ فِي الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقدمَات يجب أَن لَا يُوَلَّى الْقَضَاءَ مَنْ طَلَبَهُ وَإِنِ اجْتَمَعَتْ فِيهِ الشُّرُوطُ مَخَافَةَ أَنْ يُوكَلَ إِلَيْهِ وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّا لَا نَسْتَعْمِلُ عَلَى عَمَلِنَا مَنْ أَرَادَهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِقَامَةُ الْحُكْمِ لِلنَّاسِ وَاجِبٌ لِأَنَّهُ أَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ فَعَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ أَنْ يَنْظُرَ فِي أَحْكَامِ الْمُسْلِمِينَ إِنْ كَانَ أَهْلًا أَوْ يُقِيمَ لِلنَّاسِ مَنْ يَنْظُرُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَوْضِعِ وَلِيُّ أَمْرٍ كَانَ ذَلِكَ لِذَوِي الرَّأْيِ وَالثِّقَةِ فَمَنِ اجْتَمَعَ رَأْيُهُمْ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَصْلُحُ أَقَامُوهُ وَمَتَى كَانَ بِالْبَلَدِ عَدَدٌ يَصْلُحُونَ فَقَامَ وَاحِدٌ سَقَطَ عَنِ الْبَاقِينَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا وَاحِدٌ يَصْلُحُ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ وُجُوبًا الدُّخُولُ فِيهِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَقَالُوا يَجِبُ عَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ إِجْبَارُهُ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فِي ضَبْطِ مَصَالِحِ الْمِلَّةِ (فَرْعٌ) قَالَ الشَّافِعِيَّةُ يَجُوزُ انْعِقَادُ وِلَايَةِ الْقَضَاءِ بِالْمُكَاتَبَةِ وَالْمُرَاسَلَةِ كَالْوَكَالَةِ وَقَوَاعِدُنَا تَقْتَضِيهِ قَالُوا فَإِنْ كَانَ التَّقْلِيدُ بِاللَّفْظِ مُشَافَهَةً فَالْقَبُولُ عَلَى الْفَوْرِ لَفْظًا كَالْإِيجَابِ وَفِي الْمُرَاسَلَةِ يَجُوزُ التَّرَاخِي بِالْقبُولِ قَالُوا وَفِي الْقبُول بِالشُّرُوعِ فِي النَّظَرِ خِلَافٌ وَقَوَاعِدُنَا تَقْتَضِي الْجَوَازَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ الدَّلَالَةُ عَلَى مَا فِي النَّفْسِ (فَرْعٌ) قَالَ الشَّافِعِيَّةُ إِذَا انْعَقَدَتِ الْوِلَايَةُ لَا يَجِبُ عِنْدَ الْمُتَوَلِّي النَّظَرُ حَتَّى تَشِيعَ الْوِلَايَةُ فِي عَمَلِهِ لِيُذْعِنُوا لِطَاعَتِهِ وَهُوَ شَرْطٌ أَيْضًا فِي وُجُوبِ الطَّاعَةِ وَقَوَاعِدُ الشَّرِيعَةِ تَقْتَضِي مَا قَالُوهُ فَإِنَّ التَّمَكُّنَ وَالْعِلْمَ شَرْطَانِ فِي التَّكْلِيفِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ غَيْرِنَا فَالشَّيَاعُ يُوجِبُ الْمُكْنَةَ لَهُ وَالْعلم لَهُم

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ الشَّافِعِيَّةُ تَجُوزُ الْوِلَايَةُ عَلَى شَخْصٍ معِين فَيحكم بَينهمَا كَمَا تساجرا أَوْ يَوْمًا وَاحِدًا فِي جَمِيعِ الدَّعَاوَى وَتَزُولُ وِلَايَتُهُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ أَوْ فِي كُلِّ يَوْمِ سَبْتٍ فَإِذَا خَرَجَ يَوْمَ السَّبْتِ لَمْ تَبْطُلْ وِلَايَتُهُ لِبَقَائِهَا عَلَى أَمْثَالِهِ وَقَوَاعِدُنَا تَقْتَضِي جَمِيعَ ذَلِكَ تَنْبِيهٌ إِذَا وُلِّيَ قَاضٍ كُتِبَ لَهُ تَقْلِيدٌ يُؤْمَرُ فِيهِ بِتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى وَطَاعَتِهِ وَالتَّثَبُّتِ فِي الْقَضَاءِ وَمُشَاوَرَةِ الْعُلَمَاءِ وَتَصَفُّحِ أَحْوَالِ الشُّهُودِ وَتَأَمُّلِ الشَّهَادَاتِ وَحِفْظِ أَمْوَالِ الْأَيْتَامِ وَالْقِيَامِ بِأُمُورِهِمْ وَالنَّظَرِ فِي الْأَوْقَافِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُفَوَّضُ إِلَيْهِ لِيَكُونَ ذَلِكَ دُسْتُورًا يَعْلَمُ بِهِ مَا يُقَلَّدُهُ فَيَعْمَلُ عَلَيْهِ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَتَبَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ وَكَتَبَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ لِأَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْبَحْرَيْنِ كِتَابًا وَخَتَمَهُ بِخَاتَمِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَكَتَبَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي بَعَثْتُ إِلَيْكُمْ عَمَّارًا أَمِيرًا قَاضِيًا وَوَزِيرًا فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا فَقَدْ آثرتكم بِهِ المبحث الثَّانِي فِي الْوِلَايَةِ الْخَاصَّةِ وَهِيَ التَّحْكِيمُ وَفِي الْجَوَاهِرِ جَائِزٌ فِي الْأَمْوَالِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا فَلَا يُقِيمُ الْمُحَكِّمُ حَدًّا وَلَا يُلَاعِنُ وَلَا يَحْكُمُ فِي قِصَاصٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ نَسَبٍ أَوْ وَلَاءٍ لِقُصُورِ وِلَايَتِهِ وَضَعْفِهَا وَهَذِهِ أُمُورٌ عَظِيمَةٌ تَحْتَاجُ إِلَى أَهْلِيَّةٍ عَظِيمَةٍ إِلَّا وُلَّاةُ الْأُمُورِ غَالِبًا وَآحَادُ النَّاسِ فَأَمْلَسَ النّظر عَن

ذَلِكَ وَبِجَوَازِ التَّحْكِيمِ قَالَ الْأَئِمَّةُ لِمَا فِي النَّسَائِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لأبي شريخ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَكَمُ فَلِمَ تُكَنَّى أَبَا الْحَكَمِ قَالَ إِنَّ قَوْمِي إِذَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ أَتَوْنِي فَحَكَمْتُ بَيْنَهُمْ فَرَضِيَ كِلَا الْفَرِيقَيْنِ بِحُكْمِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا أَحْسَنَ هَذَا فَمَنْ أَكْبَرُ وَلَدِكَ قَالَ شُرَيْح قَالَ فَأَنت أبوشريح وَعنهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْ حَكَمَ بَيْنَ اثْنَيْنِ تَرَاضَيَا فَلَمْ يَعْدِلْ بَيْنَهُمَا فَهُوَ مَلْعُونٌ وَهُوَ دَلِيلُ الْجَوَازِ وَالْإِلْزَامِ وَإِلَّا لَمَا لُعِنَ لِأَنَّ لَهُمَا تَرْكَ حُكْمِهِ إِذا كَانَ جورا وتحاكما عمر وَأبي أبي زَيْدٍ وَحَاكَمَ عُمَرُ أَعْرَابِيًّا إِلَى شُرَيْحٍ قَبْلَ أَنْ يُوَلِّيَهُ وَتَحَاكَمَ عُثْمَانُ وَطَلْحَةُ وَجُبَيْرُ بْنُ مطعم وَلم يَكُونُوا قُضَاة وَلَا فَقَالَ عُمَرُ وَعُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا خَلِيفَتَانِ فَإِذَا حَكَّمَا أَحَدًا صَارَ قَاضِيًا لِأَنَّا نَقُولُ الرِّضَا بِالصُّورَةِ الْخَاصَّةِ لَا يَصِيرُ بِهَا أَحَدٌ قَاضِيًا وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ لَا يُنْقَضُ حُكْمُهُ وَقَالَ ح إِنْ خَالَفَ رَأْيَ قَاضِي الْبَلَدِ لَهُ نَقْضُهُ وَبِالْأَوَّلِ قَالَ أَصْحَابُنَا لَنَا الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ وَالْقِيَاسُ عَلَى قَاضٍ آخَرَ مَعَهُ فِي الْبَلَدِ وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ فَيَنْدَرِجُ فِي قَوْله تَعَالَى {أَوْفوا بِالْعُقُودِ} وَعِنْدَ ش وَابْنِ حَنْبَلٍ لَا يَجُوزُ حُكْمُهُ فِي أَرْبَعَةٍ النِّكَاحُ وَاللِّعَانُ وَالْقَصَاصُ وَالْقَذْفُ وَيَجُوزُ فِيمَا عَدَاهَا وَمَنَعَ ح فِي الْحُدُودِ تَنْبِيهٌ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ يَقُولُونَ إِذَا حَكَّمَ الرَّجُلَانِ رَجُلًا وَلَا يُنْكَرُ شَرَائِطُهُ

وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِأَنَّ مِنْ شَرْطِهِ صَلَاحِيَتُهُ لِلْقَضَاءِ قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ إِذَا حَكَّمَ الرَّجُلَانِ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ قَالَ اللَّخْمِيُّ مِنْ شَرْطِهِ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ أَوْ عَامِّيًا لِيَسْتَرْشِدَ الْعُلَمَاءَ فَإِنْ لَمْ يسترشدهم لم يجر حُكْمُهُ وَيُرَدُّ وَإِنْ وَافَقَ قَوْلَ قَائِلٍ لِأَنَّ الْحُكْمَ عِنْدَ عَدَمِ الِاسْتِرْشَادِ مُخَاطَرَةٌ فَتُرَدُّ الْمُعَامَلَاتُ وَإِذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ وَمَالِكِيَّا وَلَمْ يَخْرُجْ بِاجْتِهَادِهِ عَنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ لَزِمَ حُكْمُهُ وَإِنْ خَرَجَ وَالْخَصْمَانِ مَالِكِيَّانِ لَمْ يَلْزَمْهُمَا لِأَنَّهُمَا إِثْمًا حَكَّمَاهُ لِيَحْكُمَ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ وَكَذَلِكَ الشَّافِعِيَّانِ وَالْحَنَفِيَّانِ وَهَذَا الْكَلَامُ يَقْتَضِي أَنَّ مُرَادَهُ بِالِاجْتِهَادِ الِاجْتِهَادُ فِي مَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ لَا الِاجْتِهَادُ عَلَى الْإِطْلَاقِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَمُطَرِّفٌ إِذَا حَكَّمَ أَحَدُ الْمُتَنَازِعَيْنِ الْآخَرَ فَحَكَمَ لنَفسِهِ أَو عَلَيْهِمَا جَازَ وَمضى مَا لَك يكن جورا وَلَيْسَ لتحكيم خصما الْقَاضِي لِأَنَّ الْوِلَايَةَ الْعَامَّةَ أَشْدُّ تَصَوُّنًا عَنْ أَنْسَابِ الرَّيْبِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ حَكَّمَا امْرَأَةً أَوْ عَبْدًا أَوْ مَسْخُوطًا مَضَى لِأَنَّهُ حَقٌّ يخْتَص بهما قُلْنَا التَّصَرُّفُ فِيهِ وَالْوِلَايَةُ الْعَامَّةُ حَقُّ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَّا الصَّبِي وَالنَّصْرَانِيّ وَالْمَعْتُوه والمسوس فَلَا يَجُوزُ وَإِنْ أَصَابُوا لِتَنَاوُلِ الْحُكْمِ مِنْ غَيْرِ سَبَبِهِ وَمَنَعَ سَحْنُونٌ الصَّبِيَّ وَالْمَرْأَةَ وَالْمَسْخُوطَ وَالْكَاتِبَ وَالذِّمِّيَّ وَأَبْطَلَ حُكْمَهُمْ وَلَوْ حَكَّمَا رَجُلَيْنِ فَحكم أَحدهمَا دون الآخر لم يجز وقاطبع إِذَا حَكَمَا دُونَ الْبُلُوغِ جَازَ حُكْمُهُ إِذَا عقل وَعلم فِيهِ غُلَامٍ لَمْ يَبْلُغْ لَهُ عِلْمٌ بِالسُّنَّةِ وَالْقَضَاءِ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ أَصْبَغُ لَا أُحِبُّ تَحْكِيمَ خَصْمِ الْقَاضِي فَإِنْ وَقَعَ مَضَى ذَلِكَ وَيُذْكَرُ فِي حُكْمِهِ رِضَاهُ بِالتَّحْكِيمِ إِلَيْهِ وَهَذِهِ

(فرع)

النُّقُولُ كُلُّهَا دَائِرَةٌ عَلَى مُشَابَهَةِ التَّحْكِيمِ لِلْقَضَاءِ يُشْتَرَطُ جَمِيعُ الشُّرُوطِ الْمَطْلُوبَةِ فِي الْقَضَاءِ أَوْ يُلَاحَظُ خُصُوصُ الْوِلَايَةِ دُونَ عُمُومِهَا أَوْ كَوْنُهُ مُخْتَصًّا بِمُعَيَّنٍ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا حَكَمَ فِيمَا لَيْسَ لَهُ مِنْ أَحْكَامِ الْأَبْدَانِ نُقِضَ حُكْمُهُ وَيُنْهَى عَنِ الْعَوْدَةِ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَتَلَ أَوِ اقْتَصَّ أَوْ ضَرَبَ الْحَدَّ أَدَّبَهُ السُّلْطَانُ وَأَمْضَى حُكْمَهُ وَبَقِيَ الْمَحْدُودُ مَحْدُودًا وَالْمُلَاعِنُ مَاضِيًا قَالَ اللَّخْمِيُّ أَوْ أمكن من نَفسه أضربي خدك أَوْ خُذْ قَوَدَكَ لَمْ يَصْلُحْ إِلَّا بِالْإِمَامِ وَكَذَلِكَ النَّفْسُ وَأَمَّا الْجِرَاحُ فَيَجُوزُ أَنْ يُقَيِّدَ مِنْ نَفْسِهِ إِنْ كَانَ نَائِبًا عَنِ الْإِمَامِ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا حَكَّمَاهُ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ عِنْدَهُ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا رُجُوعٌ إِذَا أَبْلَى ذَلِكَ صَاحِبَهُ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُ وَجَبَ بِرَاحَتِهِ مِنْ نَظَرِ الْقُضَاةِ وَلِلْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ قَالَهُ ح وَعَنْ سَحْنُونٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الرُّجُوعُ مَا لَمْ يَمْضِ الْحُكْمُ كَالْوَكَالَةِ وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ لَا يَلْزَمُهُمَا الْحُكْمُ إِلَّا برضاهما لَيْلًا يكون ذَلِك عزلا للقضاة وافتيانا عَلَيْهِمْ لِأَنَّ رِضَاهُمَا مُعْتَبَرٌ ابْتِدَاءً فَاعْتُبِرَ فِي اللُّزُومِ قِيَاسًا لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لِكُلِّ وَاحِدٍ الرُّجُوعُ مَا لَمْ يَشِبَّا فِي الْخُصُومَةِ أَوْ يُوكِلْ وَكِيلًا أَوْ يَعْزِلْهُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يَرْجِعُ أَحَدُهُمَا كَانَ قَبْلَ أَن يعاقد صَاحبه أَو بعد مَا قَاسَمَهُ الْخُصُومَةَ تَنْبِيهٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنَّمَا امْتَنَعَ التَّحْكِيمُ فِي تِلْكَ الْأُمُورِ لِأَنَّ فِيهَا حَقًّا لِغَيْرِ الْخَصْمَيْنِ إِمَّا لِلَّهِ تَعَالَى كَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ أَو لآدَمِيّ وَهُوَ الْوَلَدُ فِي اللِّعَانِ وَفِي

النَّسَبِ وَالْوَلَاءِ حَقًّا لِمَنْ يَأْتِي بَعْدُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَحْكُمَ بَعْدَ أَسْبَابِ تِلْكَ الْأُمُورِ وَلَوْ رُفِعَ ذَلِكَ لِمَنْ نُصِبَ لِلنَّاسِ بَعْدَ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَرَفْعِ يَدِ الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ لِأَنَّهُ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَيَحْرُمُ رِضَا الزَّوْجَةِ بِالْبَقَاءِ مَعَه وضا الْعَبْدِ بِالرِّقِّ فَإِنْ حَكَمَ بِالْفِرَاقِ وَالْعِتْقِ وَلَمْ يَرَ الْآخَرُ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ إِبَاحَةُ الزَّوْجَةِ لغير ذَلِك للزَّوْج وَإِن لَا يَجْرِيَ الْعَبْدُ عَلَى أَحْكَامِ الْحُرِّيَّةِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالشَّهَادَاتِ قَالَ وَأَرَى إِذَا فَاتَ ذَلِكَ بِالْعَصَبَةِ أَنْ يَرْفَعَ الْأُمُورَ إِلَى الْقَاضِي فَإِنْ كَانَ فِعْلُ الْأَوَّلِ حَقًّا أَمْضَاهُ وَإِلَّا رَدَّهُ وَلَا يَكْفِي يَعْنِي الْخَصْمَيْنِ حَتَّى يُكْشَفَ تَنْبِيهٌ قَالَ الخمي يُشْتَرَطُ فِي تَحْكِيمِ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ الْآخَرَ أَنْ يَكُونَ الْمُحَكَّمُ عَدْلًا وَمِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ أَوْ عاميا يسترشد الْعلمَاء والإشتراط هَاهُنَا أَشَدُّ لِوُقُوعِ الْخَطَرِ أَكْثَرَ الْوِلَايَةُ السَّادِسَةُ وِلَايَةُ الْكَشْف عَن التظالم قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ يُشْتَرَطُ فِي مُتَوَلِّيهَا جَلَالَةُ الْقَدْرِ ونفوذ الْأَمر وعضم الْهَيْبَةِ وَالْعِفَّةُ وَالْوَرَعُ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ فِي مَنْصِبِهِ إِلَى سَطْوَةِ الْحُمَاةِ وَتَثَبُّتِ الْقُضَاةِ فَلَا بُدَّ مِنْ صِفَةِ الْفَرِيقَيْنِ لَهُ فَيَمْزِجُ قُوَّةَ السَّلْطَنَةِ بِنِصْفِ الْقُضَاةِ وَأَوَّلُ مَنْ أَفْرَدَ لِلظُّلَامَاتِ يَوْمًا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ وَكَانَ يَرُدُّ مُشْكِلَاتِهَا أديس الأول ذِي لِهَيْبَةِ النَّاسِ مِنْ عَبْدِ الْمَلِكِ ثُمَّ تَفَاقَمَتِ الْمَظَالِمُ وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهَا يَوْمٌ مَعْلُومٌ لِيَقْصِدَهُ النَّاسُ وَلْيَكُنِ النَّاظِرُ فِي الْمَظَالِمِ سَهْلَ الْحِجَابِ وَنَوَّهَ الْأَصْحَابُ وَيَحْتَاجُ لِخَمْسَةٍ فِي مَجْلِسِهِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُمْ الْحُمَاةُ لِجَنَفِ الْقَوِيِّ الْعَسُوفِ وَالْقُضَاةُ لِيُعْلِمُوهُ مَا يَثْبُتُ عِنْدَهُمْ مِنَ الْحُقُوقِ وَالْفُقَهَاءُ لِيُرَاجِعُوهُ فِيمَا أَشْكَلَ مِنَ الْوَقَائِعِ وَالْكُتَّابُ لِيُثْبِتُوا مَا جَرَى بَيْنَ الْخُصُومِ وَالشُّهُود ليشهدوا على مَا تحررمن حَقٍّ وَحُكِمَ بِهِ

(فرع)

وَالْفَرْقُ بَيْنَ نَظَرِ الْمَظَالِمِ وَالْقُضَاةِ مِنْ عَشَرَةِ أوجه لَهُ من الْقُوَّة والهيبة مَا لَيْسَ لَهُم وَهُوَ أفسح مجالا مِنْهُم وَيسْتَعْمل فِيهِ من الإرهاب وكشف الْأَشْيَاء بِالْأَمَارَاتِ الدَّالَّةِ وَشَوَاهِدِ الْأَحْوَالِ اللَّائِحَةِ مِمَّا يُؤَدِّي إِلَى ظُهُور الْحق بخلافهم وَيُقَاتل من ظهر ظلمه بالتأديب بخلافهم ويتأنى فِي تَرْدَادِ الْخُصُومِ عِنْدَ اللَّبْسِ لَهُ لِيُمْعِنَ فِي الْكَشْفِ بِخِلَافِهِمْ إِذَا سَأَلَهُمْ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ فصل الحكم لَا يؤخروه وَله رَدُّ الْخُصُومِ إِذَا أُعْضِلُوا إِلَى وَسَاطَةِ الْأُمَنَاءِ ليفعلوا بَينهم صلحا عَن ترَاض وَلَيْسَ الْقصاص بِرِضا الْخَصْمَيْنِ وَله أَنْ يُفْسِحَ فِي مُلَازَمَةِ الْخَصْمَيْنِ إِذَا وَضُحَتْ أَمَارَاتُ التَّجَاحُدِ وَيَأْذَنَ فِي إِلْزَامِ الْكَفَالَةِ فِيمَا يَسُوغُ فِيهِ التَّكَفُّلُ لِيَنْقَادَ الْخُصُومُ إِلَى التَّنَاصُفِ ويتركوا التجاحد بخلافهم وَيسمع المسترين بخلافهم وَيُحَلِّفَ الشُّهُودَ إِنِ ارْتَابَ فِيهِمْ بِخِلَافِ الْقُضَاةِ ويبتدىء باستدعاء الشُّهُود ويسرهم عَمَّا عِنْدَهُمْ فِي الْقَضِيَّةِ بِخِلَافِهِمْ لَا يَسْمَعُونَ الْبَيِّنَة حَتَّى يُرِيد الْمُدَّعِي إحضارهم أَوْ مُسَأَلَتَهُ لَهَا (فَرْعٌ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ إِذَا ظَهَرَ كِتَابٌ فِيهِ شُهُودٌ مُعَدَّلُونَ حَاضِرُونَ فَلَهُ الْإِنْكَارُ عَلَى الْجَاحِدِ بِحَسَبِ شَوَاهِدِ أَحْوَالِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مُعَدَّلِينَ أَوْ أَحْضَرَهُمْ وسير أَحْوَالَهُمْ فَإِنْ وَجَدَهُمْ مِنْ أَهْلِ الصِّيَانَاتِ قَبِلَهُمْ أَو أَرَادَ أَن لَا يُعَوِّلَ عَلَيْهِمْ وَلَكِنْ يُوَلِّي الْإِرْهَابَ عَنِ الْخَصْمِ وَيَسْأَلُهُ مَا سَبَبُ وَضْعِ يَدِهِ أَوْ مُتَوَسِّطِينَ فَلَهُ إِحْلَافُهُمْ قَبْلَ الشَّهَادَةِ وَبَعْدَهَا فَإِنْ كَانَ فِي الْكِتَابِ شُهُودٌ مَوْتَى يُعَدَّلُونَ وَالْكِتَابُ مَوْثُوقٌ بِصِحَّتِهِ فَيُرَهِّبُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَتَّى يَضْطَرَّهُ لِلصِّدْقِ وَيَسْأَلَهُ عَنْ دُخُولِ يَدِهِ لَعَلَّ فِي جَوَابِهِ مَا يُوَضِّحُ الْحَقَّ بِكَشْفٍ مِنَ الْجِيرَانِ فَإِن لم يَتَّضِح مَعَ هَذَا كُلِّهِ رَدَّهُ إِلَى وَسَاطَةِ رَئِيسٍ مُطَاعٍ لَهُ بهما معرفَة وَبِمَا يتنازعاه لِيَضْطَرَّهُمَا بِكَثْرَةِ التَّرَدُّدِ إِلَى الصِّدْقِ وَالصُّلْحِ فَإِنْ تَعَسَّرَ أَمْرُهُمَا ثَبَتَ بِمَا يُوجِبُهُ حُكْمُ الْقُضَاةِ وَإِنْ كَانَ مَعَ الْمُدَّعِي خَطُّ

الْمُدَّعَى عَلَيْهِ سَأَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنِ اعْتَرَفَ بِخَطِّهِ سَأَلَهُ عَنْ صِحَّةِ مَضْمُونِهِ فَإِنِ اعْتَرَفَ أَلْزَمُهُ بِإِقْرَارِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْتَرِفْ بِصِحَّةِ مَضْمُونِهِ فَقِيلَ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِخَطِّهِ لِأَنَّهُ ظَاهِرُ حَالٍ وَالْمُحَقِّقُونَ قَالُوا بَلْ يَسْأَلُهُ فَإِنْ قَالَ هُوَ فَرْضٌ وَمَا قَبَضْتُهُ فَيُقَوِّي الْإِرْهَابَ ثُمَّ يُرَدُّ لوساطة فَإِنِ انْفَصَلَا وَإِلَّا فَحُكْمُ الْقُضَاةِ فَإِنْ أَنْكَرَ الْخَطَّ أَمَرَ بِمَنْ يَخْتَبِرُ الْخَطَّ بِخُطُوطِهِ الَّتِي كتبهَا وتكلفها مِنْ كَثْرَةِ الْكِتَابَةِ وَيُمْنَعُ مِنَ التَّصَنُّعِ فِيهَا فَإِنْ تَشَابَهَتْ بِخَطِّهِ حُكِمَ بِهِ عَلَيْهِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَجْعَلُ الْخَطَّ اعْتِرَافًا وَلَا مَنْ يَرَى ذَلِكَ يَرَى كَثْرَةَ الْإِرْهَابِ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ خَطُّهُ مُنَافِيًا رَجَعَ الْإِرْهَابُ عَلَى الْمُدَّعِي ثُمَّ يُرَدَّانِ إِلَى الْوَاسِطَةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَإِنْ أَتَى بِحِسَابٍ يَتَضَمَّنُ الدَّعْوَى وَهُوَ حِسَابُ الطَّالِبِ وَهُوَ مُنْتَظِمٌ لَا شُبْهَةَ فِيهِ فَيُرَهِّبُ بِحَسَبِ شَوَاهِدِ الْحَالِ ثُمَّ يُرَدَّانِ لِلْوَاسِطَةِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُنْتَظِمٍ طَرَحَهُ أَوْ حِسَابِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَهُوَ مَنْسُوبٌ إِلَى خَطِّهِ يَسْأَلُ أَهْوَ خَطُّكَ فَإِنِ اعْتَرَفَ سُئِلَ عَنْ صِحَّةِ مَضْمُونِهِ فَإِنِ اعْتَرَفَ أَلْزَمَهُ بِإِقْرَارِهِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ صِحَّتَهُ وَاعْتَرَفَ أَنَّهُ خَطُّهُ فَقِيلَ يَحْكُمُ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْخَطِّ بَلِ الثِّقَةُ بِهِ أَقْوَى مِنَ الْخَطِّ الْمُرْسَلِ لِأَنَّ الْحِسَابَ لَا يَثْبُتُ فِيهِ قَبْضُ مَا لَمْ يُقْبَضْ بِخِلَافٍ وَقَالَ الْجُمْهُورُ لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالْخَطِّ وَلَا بِالْحِسَابِ بل الإرهاب وَالرَّدّ إِلَى الْوَاسِطَة إِلَى حُكْمِ الْقُضَاةِ وَإِنْ كَانَ الْحِسَابُ مَنْسُوبًا إِلَى خَطِّ كَاتِبِهِ سُئِلَ عَنْهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَبْلَ كَاتِبِهِ فَإِنْ أَنْكَرَ سُئِلَ كَاتِبُهُ وَأُرْهِبَ فَإِنْ أَنْكَرَ ضَعُفَتِ الشُّبْهَةُ وَإِنْ أَقَرَّ صَارَ شَاهِدًا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا كُلُّهُ فِيمَا يُقَوِّي الدَّعْوَى فَإِنِ اقْتَرَنَ بِالدَّعْوَى مَا يَضْعِفُهَا وَهُوَ إِمَّا كِتَابٌ يُعَارِضُهَا شُهُودُهُ وَحُضُورُ مُعَدَّلُونَ فَيُرَهَّبُ الْمُدَّعِي بِحَسَبِ حَالِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْتَرِنْ بِالدَّعْوَى مَا يُقَوِّيهَا وَلَا مَا يُضْعِفُهَا لَكِنْ حَصَلَتْ غَلَبَةُ ظَنٍّ صُدِّقَ الْمُدَّعِي مَعَ خُلُوِّهِ عَنْ حجَّته بِأَن يكون مستعلانا قَلِيل وَالْمُدَّعِي ذَا باس وقدرة وَقد ادّعى عَلَيْهِ غصب عقار وَمثله لَا

(فرع)

يغْضب مِثْلَ هَذَا أَوْ يَكُونُ الْمُدَّعِي مَشْهُورًا بِالصِّدْقِ وَخَصْمُهُ بِخِلَافِهِ أَوْ يَسْتَوِيَانِ فِي الْأَحْوَالِ غَيْرَ أَنَّهُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ وَيَسْأَلُهُ عَنْ سَبَبِ دُخُولِ يَدِهِ فَإِنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْأَمَارَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى إِلَّا بَعْدَ ذِكْرِ السَّبَبِ كَمَا قَالَه مَالِكٌ فِي الْقَضَاءِ وَيُبَالِغُ فِي الْكَشْفِ حَتَّى يظْهر الْحق فَإِن اسْتَوَت الْحَالَانِ فِي الظُّنُونِ سَوَّى بَيْنَهُمَا فِي الْغِلَظِ وَالْإِرْهَابِ وَالْكَشْفِ فَإِنْ لَمْ يَظْهَرِ الْحَقُّ رُدَّ إِلَى الْوَاسِطَةِ فَإِنِ انْفَصَلَا وَإِلَّا فَحُكْمُ الْقُضَاةِ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا رُفِعَتِ الْجَرَائِمُ كَالسَّرِقَةِ وَالزِّنَى وَنَحْوِهِمَا لِقَاضٍ لَمْ يَسْمَعْ لَا يُحْبَسُ الْمُتَّهَمُ بِكَشْفِ اسْتِبْرَاءٍ وَلَا يَأْخُذُهُ بِأَسْبَابِ الْإِقْرَارِ إِجْبَارًا وَلَا يَسْمَعُ الدَّعْوَى إِلَّا مُحَرَّرَةً بِشُرُوطِهَا وَإِلَّا فَيَرْوِي الْأَحَادِيثَ امْتَازَ عَلَى الْقُضَاةِ بِتِسْعَةِ أَوْجُهٍ فَيَسْمَعُ قَذْفَ الْمُتَّهَمِ عَلَى أَعْوَانِ الْإِمَارَةِ مِنْ غَيْرِ تَحْقِيقِ الدَّعْوَى الْمُفَسَّرَةِ وَيَرْجِعُ إِلَى قَوْلِهِمْ هَلْ هُمْ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ التُّهْمَةِ أَمْ لَا فَإِنْ نَزَّهُوهُ أَطْلَقَهُ أَوْ قَذَفُوهُ بَالِغَ فِي الْكَشْف بِخِلَاف الْقُضَاة شَوَاهِدَ الْحَالِ بِأَنْ يَكُونَ الْمُتَّهَمُ بِالزِّنَا مُتَصَنِّعًا للنِّسَاء أَو بِالسَّرقَةِ من أهل الزعارة وَلَيْسَ ذَلِك للقضاة يعجل حَبْسَ الْمُتَّهَمِ شَهْرًا لِلْكَشْفِ أَوْ يَحْبِسُ مَا يَرَاهُ بِخِلَافِ الْقُضَاةِ وَيَجُوزُ لَهُ مَعَ قُوَّةِ التُّهْمَةِ ضَرْبُ الْمُتَّهَمِ ضَرْبَ تَعْزِيرٍ لَا ضَرْبَ حَدٍّ لِيَصْدُقَ فَإِنْ أَقَرَّ وَهُوَ مَضْرُوبٌ اخْتُبِرَتْ حَالُهُ فَإِنْ ضُرِبَ لِيُقِرَّ فَلَا يُعْتَبَرُ إِقْرَارُهُ تَحْتَ الضَّرْبِ أَوْ لِيُصَدَّقَ وَأَعَادَ إِقْرَارَهُ بَعْدَ الضَّرْبِ أَخَذَ بِالْإِقْرَارِ الثَّانِي وَيَجُوزُ الْعَمَلُ بِالْإِقْرَارِ الْأَوَّلِ مَعَ كَرَاهَةٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْقُضَاةُ وَلَهُ فِيمَنْ تَكَرَّرَتْ مِنْهُ الْجَرَائِمُ وَلَمْ يَنْزَجِرْ بِالْحُدُودِ اسْتِدَامَةُ حَبْسِهِ إِذَا أَضَرَّ النَّاسَ بِجَرَائِمِهِ حَتَّى يَمُوت

وَيَقُوتُهُ وَيَكْسُوهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ بِخِلَافِ الْقُضَاةِ وَلَهُ إِحْلَافُ الْمُتَّهَمِ لِاخْتِبَارِ حَالِهِ وَيَمْلُكُ عَلَيْهِ الْكَشْف عَن أمره ويحلفه بِالطَّلَاق وَالصَّدَََقَة والعناق كَأَيْمَانِ بَيْعَةِ السُّلْطَانِ وَلَا يُحَلِّفُ قَاضٍ أَحَدًا فِي غَيْرِ حَقٍّ وَلَا يُحَلِّفُ إِلَّا بِالْيَمِينِ بِاللَّهِ وَلَهُ أَخْذُ الْمَحْكُومِ بِالتَّوْبَةِ قَهْرًا وَيُظْهِرُ لَهُ مِنَ الْوَعِيدِ مَا يَقُودُهُ إِلَيْهَا طَوْعًا وَيَتَوَعَّدُهُ بِالْقَتْلِ فِيمَا لَا يَجِبُ فِيهِ الْقَتْلُ لِأَنَّهُ إِرْهَابٌ لَا تَحْقِيقٌ وَيَجُوزُ أَنْ يُحَقِّقَ وَعِيدَهُ بِالْأَدَبِ دُونَ الْقَتْلِ بِخِلَافِ الْقُضَاةِ وَلَهُ سَمَاعُ شَهَادَاتِ أَهْلِ الْمِهَنِ وَمَنْ لَا يَسْمَعُهُ الْقَاضِي إِذَا كَثُرَ عَدَدُهُمْ وَلَهُ النَّظَرُ فِي الْمُوَاثَبَاتِ وَإِنْ تُوَجَّبَ غَرْبًا وَلَا حَدًّا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِوَاحِدٍ مِنْهُمْ أَثَرٌ سُمِعَ قَوْلُ مَنْ سَبَقَ بِالدَّعْوَى أَوْ بِهِ أَثَرٌ فَقِيلَ يُسْمَعُ أَوَّلًا وَلَا يُرْعَى السَّبْقُ وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى سَماع السَّابِق أَولا والمبتديء بِالْمُوَاثَبَةِ أَعْظَمُ جُرْمًا وَتَأْدِيبًا وَيَخْتَلِفُ تَأْدِيبُهُمَا بِاخْتِلَافِهِمَا فِي الْجُرْمِ وَبِاخْتِلَافِهِمَا فِي الْهَيْئَةِ وَالتَّصَوُّنِ وَإِنْ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي قَمْعِ السَّفَلَةِ إِشْهَارَهَا بِجَرَائِمِهَا فَعَلَ فَهَذِهِ الْوُجُوهُ التِّسْعَةُ يَقَعُ بِهَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْأُمَرَاءِ وَالْقُضَاةِ قَبْلَ ثُبُوتِ الْجَرَائِمِ وَيَسْتَوُونَ بَعْدَ ثُبُوتِهَا فِي إِقَامَةِ الْحُدُودِ قَاعِدَةٌ يُقَدَّمُ فِي كُلِّ وِلَايَةٍ مَنْ هُوَ أَقْوَمُ بِصَلَاحِهَا فَيقدم فِي الحروب من هُوَ أعلم بسياسة الْجُيُوشِ وَمَكَائِدِ الْحُرُوبِ وَفِي الْقَضَاءِ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ بِالْأَحْكَامِ وَوُجُوهِ الْحِجَاجِ وَفِي الْأَيْتَامِ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ بِقِيمَةِ الْمَالِ وَاسْتِصْلَاحِ الْأَطْفَالِ وَفِي إِقَامَةِ الصَّلَوَاتِ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ بِأَحْكَامِ الصَّلَاةِ وَأقرب للشفاعة بِدِينِهِ وَوَرَعَهُ وَقَدْ يَكُونُ الْمُقَدَّمُ فِي بَابٍ مُؤَخَّرًا فِي بَابٍ كَالنِّسَاءِ مُقَدَّمَاتٍ فِي الْحَضَانَةِ وَمُؤَخَّرَاتٍ فِي الْجِهَادِ وَالصَّلَاةِ لِأَنَّ تَزَيُّدَ شَفَقَتِهِنَّ وَصَبْرِهِنَّ يَقْتَضِي مَزِيدَ صَلَاحِهِنَّ لِلْأَطْفَالِ وَمَصَالِحِ الْعِيَالِ فَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ تُقَدِّمُ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْوِلَايَاتِ عَلَى تَبَايُنِهَا مَنْ هُوَ أَقْوَمُ بِهَا قَاعِدَةٌ الْمَصَالِحُ ثَلَاثَةٌ وَاقِعٌ فِي مَوَاقِعِ الضَّرُورَاتِ وَفِي الْحَاجَاتِ وَفِي التَّتِمَّاتِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُهُ فِي مُقَدِّمَةِ الْكتاب فَاشْترط الْعَدَالَةِ ضَرُورِيٌّ فِي الشُّهُودِ

صَوْنًا لِلدِّمَاءِ وَالْأَمْوَالِ عَنْ كَذِبِ أَرْبَابِ الْأَمْرِ أَوْ فِي الْإِمَامَةِ حَاجَةٌ لِأَنَّهَا شَفَاعَةٌ وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إِلَى صَلَاحِ حَالِ الشَّفِيعِ عِنْدَ الْمَشْفُوعِ عِنْدَهُ وَتَتِمَّةٌ فِي وِلَايَةِ النِّكَاحِ صَوْنًا لِلْحَرَائِرِ عَن الْوَضع فِي المواطن الدنية وَلَا يُضْطَرُّ إِلَيْهَا لِأَنَّ حَالَ الْقَرَابَةِ يَمْنَعُ مِنَ الْإِضْرَارِ وَالرَّمْيِ فِي الْعَارِ فَلِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ اشْتُرِطَتِ الْعَدَالَةُ فِي الْوِلَايَاتِ وَلَمْ يَشْتَرِطْهَا بَعْضُهُمْ فِي الْإِمَامَةِ الْعُظْمَى لِغَلَبَةِ الْفُسُوقِ عَلَى وُلَاتِهَا فَلَوِ اشْتُرِطَتْ لَتَعَطَّلَتِ التَّصَرُّفَاتُ الْمُوَافِقَةُ لِلْحَقِّ فِي تَوْلِيَةِ مَنْ يُوَلُّونَهُ مِنَ الْقُضَاةِ وَالْوُلَاةِ وَأَخْذِ مَا يَأْخُذُونَهُ وَبَذْلِ مَا يُعْطُونَهُ وَفِي هَذَا ضَرَرٌ عَظِيمٌ أَفْظَعُ مِنْ فَوَاتِ عَدَالَةِ السُّلْطَانِ وَلَمَّا كَانَ تَصَرُّفُ الْقُضَاةِ أَعَمَّ مِنْ تَصَرُّفِ الْأَوْصِيَاءِ وَأَخَصَّ مَنْ تَصَرُّفِ الْأَئِمَّةِ اخْتُلِفَ فِي إِلْحَاقِهِمْ بِهِمْ أَوْ بِالْأَوْصِيَاءِ عَلَى الْخِلَافِ فِي عَدَالَة الْوَصِيّ وَإِذا نفذت تَصَرُّفَات الْبُغَاة من الْقطع بِعَدَمِ وَلَا يتهم فَأَوْلَى نُفُوذُ تَصَرُّفَاتِ الْوُلَاةِ وَالْأَئِمَّةِ مَعَ غَلَبَةِ الْفُجُورِ عَلَيْهِمْ مَعَ نُدْرَةِ الْبُغَاةِ وَعُمُومِ الضَّرُورَةِ لِلْوُلَاةِ قَاعِدَةٌ كُلُّ مَنْ وُلِّيَ وِلَايَةَ الْخِلَافَةِ فَمَا دُونَهَا إِلَى الْوَصِيَّةِ لَا يُحَالُ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ إِلَّا بِجَلْبِ مَصْلَحَةٍ أَوْ دَرْءِ مفْسدَة لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْ وَلِيَ مِنْ أُمُورِ أُمَّتِي شَيْئًا ثُمَّ لَمْ يَجْهَدْ لَهُمْ وَلَمْ يَنْصَحْ فَالْجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا باللتي هِيَ أحسن} وَكَذَلِكَ عِنْدَ ش لَا يَبِيعُ الْوَصِيُّ صَاعًا بِصَاعٍ وَلَا فَائِدَةَ فِيهِ وَلَا لِلْخَلِيفَةِ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ فِي أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ وَيَجِبُ عَلَيْهِ عَزْلُ الْحَاكِمِ إِذَا ارْتَابَ فِيهِ دَفْعًا لِمَفْسَدَةِ الربية وَيَعْزِلُ الْمَرْجُوحَ عِنْدَ وُجُودِ الرَّاجِحِ تَحَيُّلًا لَمَزِيدِ الْمَصْلَحَةِ وَاخْتُلِفَ فِي عَزْلِ أَحَدِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ بِالْآخَرِ فَقيل يمْتَنع لِأَنَّهُ لَيْسَ أصلح

للأئمة وَقيل وَلِأَنَّهُ يُؤْذِي الْمَعْزُول بِالْعَزْلِ واتهم مِنَ النَّاسِ وَلِأَنَّ تَرْكَ الْفَسَادِ أَوْلَى مِنْ تَحْصِيلِ الصَّلَاحِ لِلْمُتَوَلِّي وَأَمَّا الْإِنْسَانُ فِي نَفْسِهِ فَيجوز لَهُ ذَلِكَ فِيمَا يَخْتَصُّ بِهِ حَصَلَتِ الْمَصْلَحَةُ أَمْ لَا وَلَا يُشْكِلُ بِأَنَّا لَوْ جَوَّزْنَا هَذَا من الْحجر عَلَيْهِ بِالرشد لأَنا لَا نحجر بِمن تعرض عَن الْمصلحَة يقف كَانَ بَلْ ضَابِطُهُ أَنَّ كُلَّ تَصَرُّفٍ خَرَجَ عَنِ الْعَادَةِ لَمْ يَسْتَجْلِبْ بِهِ حَدًّا شَرْعِيًّا وَقَدْ تكَرر مِنْهُ فَإِنَّهُ يحْجر عَلَيْهِ فللقيد الثَّانِي احترارا مِنِ اسْتِجْلَابِ حَدِّ الشِّرَاءِ وَالْمَضَاجِرِ وَالثَّالِثِ احْتِرَازًا عَمَّنْ رَمَى دِرْهَمًا فِي الْبَحْرِ فَإِنَّهُ لَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ حَتَّى يَتَكَرَّرَ مِنْهُ تَكَرُّرًا يَدُلُّ عَلَى سَفَهِهِ فَعَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ يَتَخَرَّجُ اخْتِلَافُ الْأَحْكَامِ فِي الْخُصُومِ وَالْمُتَّهَمِينَ وَالْجَرَائِمِ وَغَيْرِهَا قَاعِدَةٌ التَّكَالِيفُ قِسْمَانِ عَامٌّ وَخَاصٌّ فَالْعَامُّ كَالصَّلَاةِ وَالثَّانِي كَالْحُدُودِ وَالتَّعَازِيرِ وَتَوْلِيَةِ الْقُضَاةِ وَنَحْوِهِ فَهَذَا خَاصٌّ بِالْأَئِمَّةِ وَنُوَّابِهِمْ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَفْعَلَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِمْ فَإِنْ فَرَّطُوا فِيهِ قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي كِتَابَة الْمُسَمّى بالغياثي إِنْ شَغَرَ الزَّمَانُ عَنِ الْإِمَامِ انْتَقَلَتْ أَحْكَامُهُ إِلَى أَعْلَمِ أَهْلِ ذَلِكَ الزَّمَانِ لِأَنَّ قَضِيَّةَ الدَّلِيلِ اسْتَوَى النَّاسُ لَكِنْ لَمَّا كَانَ ذَلِكَ يُؤَدِّي للتشاجر خُصَّ بِهِ أَفْضَلُهُمْ وَهُوَ الْإِمَامُ فَإِذَا تَعَذَّرَ ذَلِكَ انْتَقَلَ لِأَعْلَمِهِمْ دَفْعًا لِلْمَفَاسِدِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ عَلِمَ أَتَمَّ الطَّرِيقِ فَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ مُجْمَعٌ عَلَيْهَا لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ التَّعَدِّي عَلَى وُلَاةِ الْأُمُورِ فِيمَا فُوِّضَ إِلَيْهِمْ مِنَ الْأَمْرِ وَيَجِبُ عَلَيْهِمْ أَعْنِي وُلَاةَ الْأُمُورِ بَذْلُ الِاجْتِهَادِ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ وَهِيَ كَثِيرَةٌ مَذْكُورَةٌ فِي أَبْوَابِ الْفِقْهِ من أَمْوَال الغائبين وَالصبيان والمجانين وَنسَاء وَالْحَجْرِ عَلَى الْمُفْلِسِينَ

وَالْمُبَذِّرِينَ وَالتَّحَرِّي فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ بِالْخِيَانَةِ وَالتَّصَرُّفِ وَقِسْمَةِ الْغَنَائِمِ وَالزَّكَاةِ وَذَلِكَ كَثِيرٌ يُعْرَفُ فِي مَوَاضِعِهِ. تَمْهِيدٌ مَا تَقَدَّمَ مِنَ التَّوْسِعَةِ فِي أَحْكَامِ وُلَاةِ الْمَظَالِمِ وَأُمَرَاءِ الْجَرَائِمِ لَيْسَ مُخَالِفًا لِلشَّرْعِ بَلْ تَشْهَدُ لَهُ الْقَوَاعِدُ مِنْ وُجُوهٍ أَحَدُهَا أَنَّ الْفَسَادَ قَدْ كَثُرَ وَانْتَشَرَ بِخِلَافِ الْعَصْرِ الْأَوَّلِ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ اخْتِلَافُ الْأَحْكَامِ بِحَيْثُ لَا يَخْرُجُ عَنِ الشَّرْعِ بِالْكُلِّيَّةِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ وَتَرْكُ هَذِهِ الْقَوَانِينِ يُؤَدِّي إِلَى الضَّرَرِ وَيُؤَكِّدُ ذَلِكَ جَمِيعُ النُّصُوصِ الْوَارِدَة بِنَفْي الْحَرج وَثَانِيهمَا أَنَّ الْمَصْلَحَةَ الْمُرْسَلَةَ قَالَ بِهَا مَالِكٌ وَجَمْعٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَهِيَ الْمَصْلَحَةُ الَّتِي لَمْ يَشْهَدِ الشَّرْعُ بِاعْتِبَارِهَا وَلَا بِإِلْغَائِهَا وَهَذِهِ الْقَوَانِينُ مَصَالِحُ مُرْسَلَةٌ فِي أَقَلِّ مَرَاتِبِهَا وَثَالِثُهَا أَنَّ الشَّرْعَ شَدَّدَ فِي الشَّهَادَةِ أَكْثَرَ مِنَ الرِّوَايَةِ لِتَوَهُّمِ الْعَدَاوَةِ فَاشْتَرَطَ الْعَدَدَ وَالْحُرِّيَّةَ وَوَسَّعَ فِي السَّلَمِ وَالْقِرَاضِ وَالْمُسَاقَاةِ وَسَائِرِ الْعُقُودِ الْمُسْتَثْنَاةِ لِمَزِيدِ الضَّرُورَةِ وَلَمْ يَقْبَلْ فِي الزِّنَى إِلَّا أَرْبَعَةً وَقَبِلَ فِي الْقَتْلِ اثْنَيْنِ وَالدِّمَاءُ أَعْظَمُ لَكِنَّ الْمَقْصُودَ السّتْر وَلم يحرج الزَّوْج الملا عَن فِي الْبَيِّنَةِ خَيْرٌ فِي أَيْمَانِهِ وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ حَدٌّ بِذَلِكَ بِخِلَافِ سَائِرِ الْقَذَفَةِ لِشِدَّةِ الْحَاجَةِ فِي الذَّبِّ عَنِ الْأَنْسَابِ وَصَوْنِ الْعِيَالِ وَالْفُرُشِ عَنْ أَسْبَابِ الِارْتِيَابِ وَهَذِهِ الْمُبَايَنَاتُ كَثِيرَةٌ فِي الشَّرْع لاخْتِلَاف الْأَحْوَال فَذَلِك يَنْبَغِي أَنْ يُرَاعِيَ اخْتِلَافَ الْأَحْوَالِ فِي الْأَزْمَانِ فَتَكُونَ الْمُنَاسَبَةُ الْوَاقِعَةُ فِي هَذِهِ الْقَوَانِينِ مِمَّا شَهِدَتِ الْقَوَاعِدُ لَهَا بِالِاعْتِبَارِ فَلَا تَكُونُ مُرْسَلَةً بل عل رُتْبَةً فَتَلْحَقُ بِالْقَوَاعِدِ الْأَصْلِيَّةِ وَرَابِعُهَا أَنَّ كُلَّ حُكْمٍ فِي هَذِهِ الْقَوَانِينِ وَرَدَ دَلِيلٌ يَخُصُّهُ كَمَا وَرَدَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي غَزْوَتِهِ وَجَدَ رَجُلًا اتَّهَمَهُ بِأَنَّهُ جَاسُوسٌ لِلْعَدُوِّ فَعَاقَبُوهُ حَتَّى أَقَرَّ وَأَمَّا قَبُولُ قَوْلِ المستورين فَهُوَ

الْوَاقِعُ فِي تَقْلِيدِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ فَقَالَ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ عُدُولٌ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا مَجْلُودًا فِي حَدٍّ أَوْ مُجَرَّبًا عَلَيْهِ شَهَادَةُ زُورٍ أَوْ ظَنِينًا فِي وَلَاءٍ أَوْ نَسَبٍ وَقَدْ أَخَذَ بِهَذَا ح وَأثبت الحكم فِي الْقَضَاء بِهِ فَأَوْلَى فِي الْمَظَالِمِ وَالْجَرَائِمِ وَنَصَّ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِي النَّوَادِرِ عَلَى أَنَّا إِذَا لَمْ نَجِدْ فِي جِهَةٍ إِلَّا غَيْرَ الْعُدُولِ أَقَمْنَا أَصْلَحَهُمْ وَأَقَلَّهُمْ فُجُورًا لِلشَّهَادَةِ عَلَيْهِمْ وَيَلْزَمُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْقُضَاةِ وَغَيْرِهِمْ لِيَلَّا تَضِيعَ الْمَصَالِحُ وَمَا أَظُنُّهُ يُخَالِفُهُ أَحَدٌ فِي هَذَا فَإِنَّ التَّكْلِيفَ مَشْرُوطٌ بِالْإِمْكَانِ وَإِذَا جَازَ نَصْبُ الشُّهُودِ فَسَقَةً لِأَجْلِ عُمُومِ الْفَسَادِ جَازَ التَّوَسُّعُ فِي أَحْكَامِ الْمَظَالِمِ وَالْجَرَائِمِ لِأَجْلِ كَثْرَةِ فَسَادِ الزَّمَانِ وَخَامِسُهَا أَنَّا لَا نَشُكُّ أَنَّ قُضَاةَ زَمَاننَا وشهودهم وولاتهم وأمنائهم لَوْ كَانُوا فِي الْعَصْرِ الْأَوَّلِ مَا وُلُّوا وَلَا حرج وولايتهم حِينَئِذٍ فسوق ظن وَلِأَنَّهُم فَإِنَّ خِيَارَ زَمَانِنَا هُمْ أَرَاذِلُ ذَلِكَ الزَّمَانِ وَوِلَايَةُ الْأَرَاذِلِ فُسُوقٌ فَقَدْ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِىُّ أَدْرَكْتُ أَقْوَامًا كَانَتْ نِسْبَةُ أَحَدِنَا إِلَيْهِمْ كَنِسْبَةِ الْبَقْلَةِ إِلَى النَّخْلَةِ وَهَذَا زَمَانُ الْحَسَنِ فَكَيْفَ زَمَانُنَا فَقَدْ حَسُنَ مَا كَانَ قَبِيحًا وَاتَّسَعَ مَا كَانَ ضَيِّقًا وَاخْتَلَفَتِ الْأَحْكَامُ بِاخْتِلَافِ الْأَزْمَانِ وَيُعَضِّدُ ذَلِكَ مِنَ الْقَوَاعِدِ الْأَصْلِيَّةِ أَنَّ الشَّرْعَ وَسَّعَ لِلْمُوقِعِ فِي النَّجَاسَةِ وَفِي زَمَنِ الْمَطَرِ فِي طِينِهِ وَأَصْحَابِ الْقُرُوحِ وَجَوَّزَ تَرْكَ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ وَشُرُوطِهَا إِذَا ضَاقَتِ الْحَالُ عَنْ إِقَامَتِهَا وَكَذَلِكَ كَثِيرٌ فِي الشَّرْعِ وَكَذَلِكَ قَالَ ش رَضِي الله عَنهُ ماضاق شَيْءٌ إِلَّا اتَّسَعَ يُشِيرُ إِلَى هَذِهِ الْمَوَاطِنِ فَكَذَلِكَ إِذَا ضَاقَ عَلَيْنَا الْحَالُ فِي دَرْءِ الْمَفَاسِدِ اتَّسَعَ كَمَا اتَّسَعَ فِي تِلْكَ الْمَوَاطِنِ وَسَادِسُهَا أَنَّ مِنْ لُطْفِ اللَّهِ بِعِبَادِهِ أَنْ يُعَامِلَهُمْ مُعَامَلَةَ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ فَالطِّفْلُ لِضَعْفِ حَالِهِ يُغَذَّى بِاللَّبَنِ فَإِذَا

اشْتَدَّ نُقِلَ إِلَى لَطِيفِ الْأَغْذِيَةِ فَإِذَا اشْتَدَّ نُقِلَ إِلَى غَلِيظِهَا فَإِنْ مَرِضَ عُومِلَ بِمُقْتَضَى مَرَضِهِ وَهَذِهِ سُنَّةُ اللَّهِ تَعَالَى فِي خَلْقِهِ فَأَوَّلُ بَدْءِ الْإِنْسَانِ فِي زَمَنِ آدَمَ كَانَ الْحَالُ ضَعِيفًا ضَيِّقًا فَأُبِيحَتِ الْأُخْتُ لِأَخِيهَا وَأَشْيَاءُ كَثِيرَةٌ وُسِّعَ فِيهَا فَلَمَّا اتَّسَعَ الْحَالُ وَكَثُرَتِ الذُّرِّيَّةُ وَعَتَتِ النُّفُوسُ حُرِّمَ ذَلِكَ فِي زَمَانِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَحُرِّمَ السَّبْتُ وَالشُّحُومُ وَالْإِبِلُ وَأُمُورٌ كَثِيرَةٌ وَفُرِضَ عَلَيْهِمْ خَمْسُونَ صَلَاةً وَتَوْبَةُ أَحَدِهِمْ بِالْقَتْلِ لِنَفْسِهِ وَإِزَالَةُ النَّجَاسَةِ بِقَطْعِهَا إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ التَّشْدِيدَاتِ ثُمَّ جَاءَ آخِرُ الزَّمَانِ فهرمت الدُّنْيَا وَضعف الْجَسَد وَقل الحبيب ولان النُّفُوس أحلّت تِلْكَ الْمُحَرَّمَاتُ وَعُمِلَتِ الصَّلَوَاتُ خَمْسًا وَخُفِّفَتِ الْوَاجِبَاتُ فَقَدِ اخْتَلَفَتِ الْأَحْكَامُ وَالشَّرَائِعُ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ الْأَزْمَانِ وَالْأَحْوَالِ وَظَهَرَ أَنَّهَا سُنَّةُ اللَّهِ فِي سَائِرِ الْأُمَمِ وَشَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا فَيَكُونُ ذَلِكَ بَيَانًا عَلَى الِاخْتِلَافِ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ فِي زَمَانِنَا وَظَهَرَ أَنَّهَا مِنْ قَوَاعِدِ الشَّرْعِ وَأُصُولِ الْقَوَاعِدِ وَلَمْ يَكُنْ بِدْعًا عَمَّا جَاءَ بِهِ الشَّرْع الْولَايَة السَّابِعَة ولَايَة الْحِسْبَة وَهِيَ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ وَاجِبًا عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ بِثَلَاثَةِ شُرُوط أَن يكون عَالما بِهِ وَإِن لَا يُؤَدِّيَ إِلَى مَفْسَدَةٍ أَعْظَمَ وَأَنْ يُفِيدَ إِنْكَارُهُ فَإِنَّ انْتِفَاءَ الشَّرْطَيْنِ الْأَوَّلِينَ يَنْفِي الْجَوَازَ وَانْتِفَاءَ الثَّالِثِ يَنْفِي الْوُجُوبَ وَيَبْقَى النَّدْبُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ آحَادِ النَّاسِ وَالْمُحْتَسِبِ الْمُوَلَّى مِنْ تِسْعَةِ أَوْجُهٍ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إِنَّ فَرْضَهُ فَرْضُ عَيْنٍ لَهُ لِأَجْلِ الْوِلَايَةِ وَهُوَ عَلَى النَّاسِ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّشَاغُلُ عَنْهُ بِغَيْرِهِ وَغَيْرُهُ يَجُوزُ أَنْ يَتَشَاغَلَ عَنْهُ بِوَاجِبٍ آخَرَ وَهُوَ مَنْصُوبٌ لِلِاسْتِعْدَاءِ وَلَا يُسْتَعْدَى لِغَيْرِهِ وَعَلَيْهِ إِجَابَةُ مَنِ اسْتَعْدَاهُ وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى غَيْرِهِ وَلَهُ الْبَحْثُ عَنِ الْمُنْكَرَاتِ الظَّاهِرَةِ لِيَصِلَ إِلَى إِنْكَارِهَا وَيَفْحَصُ عَمَّا تَرَكَ مِنَ الْمَعْرُوفِ الظَّاهِرِ وَغَيْرُهُ لَيْسَ لَهُ الْبَحْثُ وَلَهُ أَنْ يَتَّخِذَ أَعْوَانًا لِقَهْرِ الْمُعَانِدِينَ وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى غَيْرِهِ وَلَهُ التَّعْزِيرُ فِي الْمُنْكَرَاتِ الظَّاهِرَةِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَيَرْتَزِقُ عَلَى الْحِسْبَةِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَالْقَاضِي لِأَنَّهُمَا مِنْ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ الْعَامَّةِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَلَهُ

الِاجْتِهَادُ فِي الْعَوَائِدِ كَالْمَقَاعِدِ فِي الْأَسْوَاقِ وَإِخْرَاجِ الْأَجْنِحَةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ فِي الدِّينِ وَالْعِلْمِ بِالْمُنْكَرَاتِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْهَا وَإِلَّا فَيَنْهَى عَنِ الْمَعْرُوفِ ويأمربالمنكر وَهُوَ لايشعر وَالْحِسْبَةُ مُرْتَفِعَةٌ عَنْ أَحْكَامِ الْقُضَاةِ مِنْ وَجْهَيْنِ وَمَقْصُورَةٌ عَنْهَا مِنْ وَجْهَيْنِ وَزَائِدَةٌ عَلَيْهَا مِنْ وَجْهَيْنِ فَيُوَافَقُ فِي جَوَازِ الِاسْتِعْدَاءِ وَسَمَاعِ دَعْوَى الْمُسْتَعْدَى عَلَيْهِ مِنْ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ فِي ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ فَقَطْ النَّجْشُ وَالتَّطْفِيفُ فِي كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ وَالثَّانِي الْغِشُّ وَالتَّدْلِيسُ فِي بَيْعٍ أَوْ ثَمَنٍ وَالثَّالِثُ الْمَطْلُ بِالدَّيْنِ مَعَ الْمُكْنَةِ وَاخْتَصَّ بِهَذِهِ الثَّلَاثَةِ دُونَ غَيْرِهَا لِتَعَلُّقِهَا بِالْمُنْكَرِ الظَّاهِرِ الَّذِي نُصِبَ لَهُ لِأَنَّهُ مَوْضُوعُ مَنْصِبِ الْحِسْبَةِ فِي عُرْفِ الْوِلَايَاتِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي الَّذِي يُوَافِقُ فِيهِ إِلْزَامُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْخُرُوجَ مِنَ الْحَقِّ الْمُدَّعَى بِهِ وَهَذَا عَامٌّ فِي جَمِيعِ الْحُقُوقِ وَإِنَّمَا هُوَ خَاصٌّ فِي الْحُقُوقِ الَّتِي جَازَ لَهُ سَمَاعُ الدَّعْوَى فِيهَا إِذَا وَجَبَتْ بِالْإِقْرَارِ وَالْمُكْنَةِ وَالْيَسَارِ فَيَلْزَمُ الْمُقِرَّ الْمُوسِرَ الْخُرُوجُ مِنْهَا لِأَنَّ فِي تَأْخِيرِهَا مُنْكَرًا هُوَ مَنْصُوبٌ لِإِزَالَتِهِ وَأَمَّا الْوَجْهَانِ فِي قُصُورِهَا عَنِ الْقُضَاةِ فَلَا يَسْمَعُ عُمُومَ الدَّعَاوَى الْخَارِجَةِ عَنْ ظَاهِرِ الْمُنْكَرَاتِ فِي الْعُقُودِ وَالْمُعَامَلَاتِ وَسَائِرِ الْحُقُوقِ إِلَّا أَنْ يُفَوَّضَ ذَلِكَ إِلَيْهِ بِنَصٍّ صَرِيحٍ يَزِيدُ عَلَى مَنْصِبِ الْحِسْبَةِ فَيَكُونَ قَاضِيًا وَمُحْتَسِبًا فَيُشْتَرَطُ فِيهِ شُرُوطُ الْقَضَاءِ وَيَقْتَصِرُ عَلَى الْحُقُوقِ الْمُعْتَرَفِ بِهَا بِخِلَافِ مَا جُحِدَ لِاحْتِيَاجِهِ لِسَمَاعِ الْبَيِّنَاتِ وَالْأَيْمَانِ وَلَيْسَ مَنْصِبَهُ وَالْوَجْهَانِ الزَّائِدَانِ لَهُ عَلَى الْأَحْكَامِ فَتَعَرُّضُهُ لِوُجُوهِ الْمَعْرُوفِ وَالْمُنْكَرِ وَإِنْ لَمْ يُنْهَ إِلَيْهِ بِخِلَافِ الْقَاضِي وَلَهُ مِنَ السَّلَاطَةِ وَالْحِمَايَةِ فِي الْمُنْكَرَاتِ مَا لَيْسَ لِلْقُضَاةِ لِأَنَّ مَوْضُوعَهُ الرَّهْبَةُ وَمَوْضُوعَ الْقَضَاءِ النَّصَفَةُ وَهُوَ بِالْأَنَاةِ وَالْوَقَارِ أَوْلَى فَإِنْ خَرَجَ الْقَاضِي إِلَى السَّلَاطَةِ خَرَجَ عَنْ مَنْصِبِهِ الَّذِي وَلِيَهُ وَتُشَابِهُ الْحِسْبَةُ وِلَايَةَ الْظَالِمِ مِنْ وَجْهَيْنِ وَتُخَالِفُهَا مِنْ وَجْهَيْنِ فَتُشَابِهُهَا فِي الرَّهْبَةِ وَجَوَازِ التَّعَرُّضِ لِلِاطِّلَاعِ وَتُخَالِفُهَا أَنَّ مَوْضِعَ وِلَايَةِ الْمَظَالِمِ

فِيمَا عجز عَنهُ الْقُضَاة والحسبة ممارحة غرم الْقُضَاةُ فَرُتْبَةُ الْمَظَالِمِ أَعْلَى وَلِوَالِي الْمَظَالِمِ أَنْ يُوَقِّعَ لِلْقُضَاةِ وَالْمُحْتَسِبَةِ وَالْمُحْتَسِبُ لَا يُوَقِّعُ لِأَحَدٍ مِنْهُمَا وَيَجُوزُ لِوَالِي الْمَظَالِمِ أَنْ يَحْكُمَ وَلَيْسَ لِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يَحْكُمَ إِذَا تَقَرَّرَ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْوِلَايَاتِ فَلِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يَأْمُرَ بِالْجُمُعَاتِ وَيُؤَدِّبَ عَلَيْهَا فَإِن رأى الْقَوْم أَن جمعتهم تنعقدا وَرَأى خلَافَة لايعارضهم فَإِن رأى إنعقادها وَلم يؤده فيأمرهم لَيْلًا تُعَطَّلَ الْجُمُعَةُ مَعَ طُولِ الزَّمَانِ وَقِيلَ لَا يَأْمُرُهُمْ لِأَنَّهُمْ لَا يَلْزَمُهُمْ مَذْهَبُهُ وَيَأْمُرُهُمْ بِصَلَاةِ الْعِيدِ وُجُوبًا إِنْ قُلْنَا هِيَ فَرْضٌ وَإِلَّا فَنَدْبًا وَيُنْدَبُ إِلَى أَمْرِ النَّاسِ بِالْأَذَانِ وَالْجَمَاعَاتِ إِذَا تَرَكَهُ أَهْلُ الْبَلَدِ وَلَا يَتَعَرَّضُ لِآحَادِ النَّاسِ إِذَا تَرَكَ ذَلِكَ وَهِيَ قَائِمَةٌ فِي الْبَلَدِ وَوَعِيدُهُ عَلَى تَرْكِ الْجَمَاعَاتِ بِحَسَبِ شَوَاهِدِ الْحَالِ فَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الصَّحِيحِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ أَصْحَابِي أَنْ يَجْمَعُوا حَطَبًا وَآمُرَ بِالصَّلَاةِ فَيُؤَذَّنَ لَهَا وَتُقَامَ ثُمَّ أُخَالِفَ إِلَى مَنْزِلِ قَوْمٍ لَا يَحْضُرُونَ الْجَمَاعَةَ فَأُحَرِّقُهَا عَلَيْهِمْ وَيَنْهَى مَنْ أَخَّرَ الصَّلَاة عَن وَقتهَا سَببهَا حَثَّهُ عَلَى فِعْلِهَا مِنْ غَيْرِ تَأْدِيبٍ أَوْ تَهَاوُنًا زَجَرَهُ وَأَمَرَهُ بِفِعْلِهَا وَلَا يَتَعَرَّضُ عَنِ النَّاسِ فِيمَا يُخَالِفُ مَذْهَبَهُ فِي الطِّهَارَاتِ وَغَيْرِهَا وَيَأْمُرهُمْ بَينا صورهم واصلاح سرهم وَعِمَارَةِ مَسَاجِدِهِمْ وَمُرَاعَاةِ بَنِي السَّبِيلِ مِنْ ذَوِي الْمُكْنَةِ إِذَا لَمْ يَقُمْ بَيْتُ الْمَالِ بِهَذِهِ الْمَصَالِحِ وَلَا يُلْزِمُ وَاحِدًا مُعَيَّنًا مِنَ الْمَالِ مَالا تَطِيبُ بِهِ نَفْسُهُ بَلْ يَقُولُ يُخْرِجُ كُلٌّ مِنْكُمْ مَا تَطِيبُ بِهِ نَفْسُهُ وَيُعِينُ بَعْضَهُمْ بِلَا مَصْلَحَةٍ فَإِذَا حَصَلَتْ كِفَايَةُ الْمَصْلَحَةِ شَرَعَ فِيهَا وَأَلْزَمَ كُلَّ وَاحِدٍ بِمَا الْتَزَمَهُ وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الدَّعْوَةُ لَا تَلْزَمُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْطِنِ إِلَّا أَنَّ الْمَصَالِحَ الْعَامَّةَ يُوَسَّعُ فِيهَا مَا لَا يُوَسَّعُ فِي الْمَصَالِحِ الْخَاصَّةِ لِعُمُومِ الضَّرَرِ وَإِذَا عَمَّتْ هَذِهِ الْمَصْلَحَةُ فَلَا بُد من اسْتِئْذَان السُّلْطَان لَيْلًا يَفْتَاتَ عَلَيْهِ فَإِنَّ

هَذِهِ إِذَا عَمَّتْ لَيْسَتْ مِنْ مَعْهُودِ الْحِسْبَةِ إِلَّا أَنْ يَتَعَذَّرَ اسْتِئْذَانُهُ أَوْ يُخْشَى ضَرَرٌ وَلَهُ الْأَمْرُ بِالْحُقُوقِ الْخَاصَّةِ كَالْمَطْلِ بِالدَّيْنِ مَعَ الْمُكْنَةِ وَلَا يَحْبِسُ فِيهِ لِأَنَّ الْحَبْسَ حُكْمٌ وَهُوَ لَيْسَ بِحَاكِمٍ وَلَهُ أَنْ يُلَازِمَ عَلَيْهَا وَلَا يَأْخُذَ نَفَقَاتِ الْأَقَارِبِ لِافْتِقَارِهِ إِلَى حُكْمٍ شَرْعِيٍّ فِيمَنْ يَجِبُ لَهُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ كَفَالَةُ مَنْ تَجِبُ كَفَالَتُهُ مِنَ الْأَطْفَالِ حَتَّى يَحْكُمَ بِهَا الْحَاكِمُ فَيَأْمُرُ حِينَئِذٍ بِهَا عَلَى شُرُوطِهَا وَيَأْمُرُ الْأَوْلِيَاءَ بِإِنْكَاحِ الْأَيَامَى وَالصَّالِحِينَ مِنْ أَكْفَائِهِمْ إِذَا طَلَبْنَ وَإِلْزَامِ النِّسَاءِ أَحْكَامَ الْعِدَدِ وَلَهُ تَأْدِيبُ مَنْ خَالَفَتْهُ فِي الْعِدَّةِ مِنَ النِّسَاءِ وَلَا يُؤَدِّبُ مَنِ امْتَنَعَ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ وَأَمَّا مَنْ نَفَى وَلَدًا قَدْ ثَبَتَ فِرَاشُهُ وَلُحِقَ نَسَبُهُ أَخَذَهُ بِأَحْكَامِ الْآبَاءِ وَعَزَّرَهُ عَلَى الْبَاقِي وَيُلْزِمُ السَّادَةَ حُقُوقَ الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ وَحُقُوقَ الْبَهَائِمِ مِنَ الْعَلَفِ وَعَمَلِ الطَّاقَةِ وَمَنْ أَخَذَ لقيطا فقصر فِي كفَالَته الزمه بهَا أَوْ يُسَلِّمُهُ إِلَى مَنْ يَقُومُ بِهِ وَكَذَلِكَ وَاجِبُ الضَّوَالِّ فَهَذَا أَمْرُهُ بِالْمَعْرُوفِ وَأَمَّا نَهْيُهُ عَنِ الْمُنْكَرِ مِنْ غَيْرِ عِبَادَةٍ عَنْ وَضْعِهَا وَلَا يَأْخُذُ بِالتُّهَمِ كَمَا يُحْكَى عَنْ مُحْتَسِبٍ أَنَّهُ سَأَلَ دَاخِلَ الْمَسْجِدِ بِنَعْلَيْهِ هَلْ تَدْخُلُ بِهِمَا بَيْتَ الطَّهَارَةِ وَأَنْكَرَ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَأَرَادَ إِخْلَافَهُ وَكَذَلِكَ لَوْ ظَنَّ أَنَّهُ غَيْرُ غُسْلٍ أَوْ لَمْ يُصَلِّ أَوْ لَمْ يَصُمْ لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ لَكِنْ تَجُوزُ التُّهْمَةُ لَهُ وَالْوَعْظُ بِعَذَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَوْ رَآهُ يَأْكُلُ فِي رَمَضَان سَأَلَهُ عَن السَّبَب فَإِن لَمْ يَذْكُرْ عُذْرًا أَدَّبَهُ وَكَذَلِكَ يُنْكِرُ عَلَيْهِ إِذَا عَلِمَ لَهُ عُذْرًا إِذَا جَاهَرَ بِفِطْرِهِ لِأَنَّهُ عرض نَفسه للتُّهمَةِ واقتداث الْجَاهِلِ بِهِ وَأَمْرُ الزَّكَاةِ لِعُمَّالِهَا دُونَهُ وَيُنْكِرُ عَلَى الْمُتَعَرِّضِ لِلصَّدَقَةِ وَهُوَ غَنِيٌّ وَيُؤَدِّبُهُ فَلَوْ رَأَى عَلَيْهِ آثَارَ الْغِنَى أَعْلَمَهُ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ لِغَنِيٍّ وَلَا يُنْكِرُ عَلَيْهِ لِجَوَازِ أَنْ يكون فَقِيرا فِي الْبَاطِن وَمن فوى العتار مَنَعَهُ مَنْ أَخْذِ الصَّدَقَةِ وَيُعَزِّرُ مَنْ تَعَرَّضَ لِعِلْمِ الشَّرْعِ مِنْ فَقِيهٍ أَوْ وَاعِظٍ وَخَشِيَ اغْتِرَارَ النَّاسِ بِهِ فِي سُوءِ تَأْوِيلٍ أَوْ تَحْرِيف جَوَاب أنكر عَلَيْهِ وَأظْهر أمره النَّاس وَمَنْ أُشْكِلَ عَلَيْهِ لَا يُنْكِرُ عَلَيْهِ حَتَّى يَخْتَبِرَهُ فَقَدْ أَقَامَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْقصاص ومربا لحسن وَهُوَ يَتَكَلَّمُ فَاخْتَبَرَهُ فَقَالَ لَهُ مَا عِمَادُ الدِّينِ قَالَ الْوَرَعُ قَالَ وَمَا آفَتُهُ قَالَ

الظُّلْمُ قَالَ تَكَلَّمِ الْآنَ إِنْ شِئْتَ وَيَمْنَعُ النَّاسَ مِنْ مَظَانِّ الرَّيْبِ فَقَدْ نَهَى عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ يُصَلِّيَ الرِّجَالُ مَعَ النِّسَاءِ ثُمَّ رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي مَعَهُنَّ فَضَرَبَهُ بِالدِّرَّةِ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ لَئِنْ كُنْتُ تَقِيًّا لَقَدْ ظَلَمْتَنِي وَإِنْ كُنْتُ أَسَأْتُ فَمَا أَعْلَمْتَنِي فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَمَا شَهِدْتَ عَزْمَتِي قَالَ مَا شَهِدْتُ لَكَ عَزْمَةً فَأَلْقَى إِلَيْهِ عمر الدرة وَقَالَ افتص مِنَى فَقَالَ لَا أَقْتَصُّ الْيَوْمَ قَالَ فَاعْفُ قَالَ لَا أَعْفُو فَافْتَرَقَا عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ لَقِيَهُ مِنَ الْغَدِ فَتَغَيَّرَ لَوْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ الرَّجُلُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ كَأَنِّي أَرَى مَا كَانَ أَسْرَعَ مِنِّي قَدْ أَسْرَعَ فِيكَ قَالَ أَجَلْ قَالَ فَأُشْهِدُكَ أَنِّي قَدْ عَفَوْتُ عَنْكَ وَيَنْهَى عَنْ وُقُوفِ الرَّجُلِ مَعَ الْمَرْأَةِ فِي طَرِيقٍ خَالٍ وَلَا يُعَجِّلُ بالتأديب لَيْلًا يَكُونَ مَحْرَمًا وَلْيَقُلْ لَهُ إِنْ كَانَتْ ذَاتَ مَحْرَمٍ فَصُنْهَا عَنِ الرَّيْبِ أَوْ أَجْنَبِيَّةً فَخَفِ اللَّهَ تَعَالَى مِنْ خَلْوَةٍ تُؤَدِّيكَ إِلَى مَعْصِيَتِهِ وَيُؤَدِّبُ الذِّمِّيَّ عَنْ إِظْهَارِ الْخَمْرِ وَيُبْطِلُ آلَاتِ اللَّهْوِ حَتَّى تَصِيرَ خَشَبًا وَيُؤَدِّبُ عَلَى الْمُجَاهَرَةِ بهَا وبالسكرا وَمَا لَمْ يَظْهَرْ مِنَ الْمُنْكَرَاتِ لَا يَتَعَرَّضُ لَهُ وَيُخَلِّي النَّاسَ فِي سَتْرِ اللَّهِ إِلَّا أَنْ يُخْبِرَهُ مَنْ يَثِقُ بِهِ أَنَّ رَجُلًا خَلَا بِرَجُلٍ لِيَقْتُلَهُ أَوْ بِامْرَأَةٍ لِيَزْنِيَ بِهَا فَيَكْشِفُ عَنْ ذَلِكَ وَذَلِكَ غَيْرُهُ مِنَ النَّاسِ إِذَا عَرَفَ ذَلِكَ وَأَمَّا مَا لَا يُخْبِرُ بِهِ مَنْ يَثِقُ بِهِ فَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْ بُلِيَ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ فَلْيَسْتَتِرْ بسترالله فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِ لَنَا صَفْحَةَ وَجْهِهِ نُقِمْ عَلْيَهُ حَدَّ اللَّهِ أَمَّا مَعَ الْإِمَارَةِ فَيَجُوزُ لما يرْوى أَن الْمُغيرَة بن شبعة كَانَتْ تَخْتَلِفُ إِلَيْهِ امْرَأَةٌ

بِالْبَصْرَةِ فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا بَكْرَةَ وَسَهْلَ بْنَ مَعْبَدٍ وَنَافِعَ بْنَ الْحَارِثِ وَزِيَادَ بْنَ عُمَيْرٍ فَرَصَدُوهُ حَتَّى دَخَلَتْ عَلَيْهِ فَهَجَمُوا عَلَيْهِ فَشَهِدُوا عَلَيْهِ عِنْدَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْقَضِيَّةَ الْمَشْهُورَة للَّتِي حَدَّ فِيهَا أَبَا بَكَرَةَ وَلَمْ يُنْكِرْ أَدَاءَ الشَّهَادَةِ وَيُنْكِرُ الْعُقُودَ وَالْمُعَامَلَاتِ الْمُجْمَعَ عَلَى فَسَادِهَا دُونَ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا إِلَّا مَا كَانَ الْخِلَافُ فِيهَا ضَعِيفًا وَهَى ذَرِيعَةُ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ عُقُودُ الْأَنْكِحَةِ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهَا دُونَ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَضْعُفَ الْخِلَافُ وَتَكُونَ ذَرِيعَةً لِلزِّنَى كالمتعة وَله اختبار من يكتال للنَّاس وحرث وَاخْتِبَارُ الْقُسَّامِ وَالزُّرَّاعِ لِلْقُضَاةِ لِأَجْلِ أَمْوَالِ الْأَيْتَامِ كَمَا أَنَّ اخْتِبَارَ الْحَرَّاثِينَ فِي الْحَرْثِ وَالْأَسْوَاقِ إِلَى الْأَمْرِ فَإِنْ وَقَعَ فِي التَّطْفِيفِ تَجَاحُدٌ فَالْقُضَاةُ أَوْلَى بِهِ لِأَنَّهُ أَحْكَامٌ وَالتَّأْدِيبُ فِيهِ لِلْمُحْتَسِبِ فَإِنْ تَوَلَّاهُ الْحَاكِمُ جَازَ لِاتِّصَالِهِ بِحُكْمِهِ وَيُنْكِرُ عَلَى الْعُمُومِ دُونَ الْخُصُوصِ الشَّائِعَ بِالْمَكَايِيلِ الَّتِي لم تولف فَإِنْ تَرَاضَى بِهَا اثْنَانِ لَمْ يَعْرِضْ لَهُمْ وَمَتَى كَانَ حَقُّ آدَمِيٍّ صَرَفَ كَالتَّعَدِّي عَلَى جِدَارِ الْجَارِ فَلَا بُدَّ مِنْ طَلَبِ صَاحِبِ الْحَقِّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا تَجَاحُدٌ زَالَ الْمُنْكَرُ مِنْ ذَلِكَ وَإِلَّا فَأَمْرُهُمَا لِلْقُضَاةِ وَمَنْ ظَلَمَ أَجِيرًا مِنْ غَيْرِ تَنَازُعٍ مِنْهُ وَإِلَّا فَلِلْقُضَاةِ وَلَهُ أَنْ يُقِرَّ مِنَ الْأَطِبَّاءِ وَالصُّنَّاعِ مَنْ هُوَ أَصْلَحُ النَّاسِ وَيُلْزِمُ أَهْلَ الذِّمَّةِ بِلبْس الغيارا وَالْمُجَاهَرَةِ بِدِينِهِمْ وَيَمْنَعُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَذَاهُمْ وَيَمْنَعُ مَنْ يُطَوِّلُ عَلَى النَّاسِ فِي الصَّلَاةِ وَيَضُرُّ بِالضُّعَفَاءِ وَذَوِي الْحَاجَةِ كَمَا أَنْكَرَ رَسُولُ اللَّهِ لله عَلَى مُعَاذٍ وَمَنْ لَمْ يَمْتَنِعْ مِنْهُمْ لَا يُؤَدِّبُهُ عَلَيْهَا بَلْ يَعْزِلُهُ وَيُوَلِّي غَيْرَهُ فَالْحَاكِمُ لَا يَحْتَجِبُ عَنِ الْأَحْكَامِ وَوَافَقْنَا الْمُعَالِجَ أَوْ غير ذَلِك

(فرع)

أَنْكَرَ عَلَيْهِ وَيَمْنَعُ أَرْبَابَ السُّفُنِ مِنْ حَمْلِ مَا لَا تَسَعُهُ وَيُخَافُ عَلَيْهَا مِنْهُ وَمِنَ السَّيْرِ عِنْدَ اشْتِدَادِ الرِّيحِ وَإِذَا حُمِلَ فِيهَا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ حُجِزَ بَيْنَهُمْ بِحَائِلٍ وَإِذَا اخْتُصَّ بَعْضُ الْأَسْوَاقِ بِمُعَامَلَةِ النِّسَاءِ اعْتَبَرَ سِيرَتَهُ وَأَمَانَتَهُ وَيُزِيلُ مِنْ مَقَاعِدِ الْأَسْوَاقِ مَا يَضُرُّ بِالنَّاسِ وَإِنْ لَمْ يُسْتَبْعَدْ فِيهِ وَكَذَلِكَ الرَّوَاشِنُ وَغَيْرُهَا مِمَّا يستضربه النَّاسُ وَيَجْتَهِدُ فِيمَا يَضُرُّ بِمَا لَا يَضُرُّ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ الْعُرْفِيِّ دُونَ الشَّرْعِيِّ وَالْفَرْقُ أَنَّ الشَّرْعِيَّ مُرَاعًى فِيهِ أَصْلُ ثُبُوتِ حُكْمِهِ بِالشَّرْعِ وَالْعُرْفِيُّ ثَبَتَ أَصْلُهُ بِالْعُرْفِ وَيَمْنَعُ مِنْ نَقْلِ الْمَوْتَى حَيْثُ يُمْنَعُ وَمِنْ خِصَاءِ الْحَيَوَان حَيْثُ يمْنَع ويؤدب عَلَيْهِ إِن ااستحق عَنهُ قَود أَوديَة أخده لمستحقه مالم يَكُنْ فِيهِ تَنَاكُرٌ وَيَمْنَعُ مِنَ الْكَسْبِ بِالْكِهَانَةِ وَيُؤَدِّبُ عَلَيْهِ الْآخِذَ وَالْمُعْطِيَ وَالْمُنْكَرَاتُ كَثِيرَةٌ وَهَا أَنَا أَذْكُرُ فُرُوعًا لِمَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ (فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ يَمْنَعُ الْمُحْتَسِبُ مِنْ أَخْذِ الْحجام شُعُور النَّاس ليزور النساب بِهِ شُعُورَهُنَّ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ شَعَرٌ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَعَنَ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ قَالَهُ مَالِكٌ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ مَالِكٌ يُخْرِجُ مِنَ السُّوقِ مَنْ يَغِشُّ النَّاسَ لِأَنَّهُ أَشَدُّ عَلَيْهِ مِنَ الضَّرْبِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعْتَادًا لِلْغِشِّ وَعَنْ مُطَرِّفٍ وَعَبْدِ الْمَلِك يُعَاقَبُ بِالسِّجْنِ وَالضَّرْبِ وَالْإِخْرَاجِ مِنَ السُّوقِ إِنْ كَانَ مَعْتَادًا وَلَا يَرْجِعُ حَتَّى يُظْهِرَ تَوْبَتَهُ وَتُعْلَمَ صِحَّتُهَا وَغَيْرُ الْمُعْتَادِ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ يَرْجِعُ بَعْدَ مُدَّةٍ يُرْجَى أَنَّهُ تَابَ فِيهَا وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ تَوْبَتُهُ وَقِيلَ لَا يُؤَدَّبُ بِالْإِخْرَاجِ إِلَّا إِذَا كَانَ إِذَا رَجَعَ إِلَيْهِ عُرِفَ وَإِلَّا فَلَا

(فرع)

وَأَصْلُ الْإِخْرَاجِ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كتب إِلَى أَمر الأجناد أَن لَا يُتْرَكَ النَّصَارَى بِأَعْمَالِهِمْ جَزَّارِينَ وَلَا صَرَّافِينَ حَذَرًا مِنْ غِشِّ الْمُسْلِمِينَ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا وَجَدَ الزَّعْفَرَانَ مَغْشُوشًا لَا يُحْرَقُ وَيَتَصَدَّقُ بِاللَّبَنِ عَلَى الْمَسَاكِينِ إِذَا كَانَ هُوَ الَّذِي غَشَّهُ وَكَذَلِكَ الزَّعْفَرَانُ وَالْمِسْكُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ ذَلِك فِي الشَّيْء الْخَفِيف دون الْكثير لَيْلًا تَذْهَبَ أَمْوَالٌ عَظِيمَةٌ وَسَوَّى مَالِكٌ بَيْنَهُمَا وَأَمَّا إِنْ غَشَّ غَيْرَهُ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَتَصَدَّقُ بِهِ بَلْ تُبَاعُ مِمَّنْ يُؤْمَنُ أَنْ يَغِشَّ بِهِ وَكَذَلِكَ الْمِسْكُ يُبَاعُ مِنَ الْمَأْمُونِ وَيَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهِ قَالَ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي التَّفْرِقَةِ أَحْسَنُ لِأَنَّ الْعُقُوبَاتِ فِي الْأَمْوَالِ إِنَّمَا كَانَتْ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ كَمَا رُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي مَانِعِ الزَّكَاةِ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ شَطْرُ مَالِهِ عَزْمَةً مِنْ عَزَمَاتِ رَبِّنَا وَعَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حَرِيسَةِ الْجَبَلِ أَنَّ فِيهَا غَرَامَةَ مِثْلَيْهَا وَجَلَدَاتٍ نَكَالًا وَعَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْ أَخَذَ مِنْ حَرَمِ الْمَدِينَةِ شَيْئًا فَلِمَنْ أَخَذَهُ مِثْلُهُ ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِالْإِجْمَاعِ وَقَالَ غَيْرُهُ مُحْتَجًّا لِمَالِكٍ إِنَّ الْعُقُوبَاتِ بِالْأَمْوَالِ بَاقِيَةٌ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ إِذَا قُتِلَ عَمْدًا وَكَفَّارَةِ رَمَضَانَ (فَرْعٌ) قَالَ مَالِكٌ لَا يُبَاعُ الْقَمْحُ مَغْلُوثًا وَيُغَرْبَلُ إِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِ وَتُسْتَحَبُّ الْغَرْبَلَةُ إِنْ كَانَ يَسِيرا

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ مَالِكٌ يُمْنَعُ الْجَزَّارُ مِنْ نَفْخِ اللَّحْمِ لِأَنَّهُ يُغَيِّرُ طَعْمَهُ وَيُؤَدَّبُ إِنْ فَعَلَهُ قَالَ يَعْنِي النَّفْخَ بَعْدَ السَّلْخِ لِيُظْهِرَ سِمَنَ اللَّحْمِ فَهُوَ غِشٌّ وَيُعْتَبَرُ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ بِخِلَافِ قَبْلَ السَّلْخِ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ مَالِكٌ يُمْنَعُ الرَّجُلُ مِنْ إِعْطَاءِ وَلَدِهِ فِي كُتَّابِ الْعَجَمِ يَتَعَلَّمُ كِتَابَةَ الْعَجَمِيَّةِ وَيُمْنَعُ الْمُسْلِمُ مِنْ تَعْلِيمِ النَّصَارَى الْخَطَّ وَغَيْرَهُ لِأَنَّ فِي التَّعْلِيمِ فِي كُتَّابِ الْعَجَمِ إِظْهَارَ الرَّغْبَةِ لَهُمْ وَذَلِكَ من توليهم وإعزارهم وَتَعْلِيم الْمُسلم لَهُم الْخط ذريعا لقرائتهم الْقُرْآن فيكذبونه ويهزأون بِهِ وَجَعَلَ ابْنُ حَبِيبٍ ذَلِكَ مُسْقِطًا لِلشَّهَادَةِ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ مَالِكٌ لَا يُسْتَكْتَبُ النَّصْرَانِيُّ لِأَنَّهُ يُسْتَشَارُ وَالنَّصْرَانِيُّ لَا يُسْتَشَارُ فِي أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ مَالِكٌ يُمْنَعُ الَّذِي يَنْظُرُ فِي النُّجُومِ وَيَقُولُ الشَّمْسُ تَكْسِفُ غَدًا وَالرَّجُلُ يَقْدِمُ غَدًا فَإِنْ لَمْ يَمْتَنِعْ أُدِّبَ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ لَيْسَ فِي مَعْرِفَةِ الْكُسُوفِ مِنْ جِهَةِ الْحِسَابِ ادِّعَاءُ غَيْبٍ وَلَا ضَلَالَةٍ لِأَنَّهُ أَمْرٌ مُنْضَبِطٌ بِحِسَابِ حَرَكَاتِ الْكَوَاكِبِ لَكِنَّهُ يُكْرَهُ الِاشْتِغَالُ بِهِ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ وَمِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ وَرُبَّمَا سَمِعَهُ الْجَاهِلُ فَظَنَّ أَنَّهُ مِنْ عِلْمِ الْغَيْبِ فَيَضُرُّ فِي الدِّينِ فَيُؤَدَّبُ عَلَى ذَلِكَ لِمَا يُؤَدِّي إِلَيْهِ مِنْ فَسَادِ الْعَقَائِدِ وَأَمَّا إِخْبَارُهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمُغَيَّبَاتِ فَقِيلَ ذَلِكَ كُفْرٌ فَيُقْتَلُ وَلَا يُسْتَتَابُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي

مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِي الْحَدِيثَ وَقِيلَ يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ قَالَ أَشْهَبُ يُزْجَرُ عَنْ ذَلِكَ وَيُؤَدَّبُ فَقَطْ قَالَ وَعِنْدِي هَذَا لَيْسَ بِاخْتِلَافٍ بَلْ بِحَسَبِ أَحْوَالٍ فَإِنِ اعْتَقَدَ أَنَّ النُّجُومَ فَعَّالَةٌ لِذَلِكَ وَهُوَ مُسْتَبْشِرٌ بِذَلِكَ فَشُهِدَ عَلَيْهِ قُتِلَ بِغَيْرِ اسْتِتَابَةٍ لِأَنَّهُ زِنْدِيقٌ وَغَيْرُ مُسْتَبْشِرٍ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ لِأَنَّهُ كَافِرٌ غَيْرُ زِنْدِيقٍ فَإِنِ اعْتَقَدَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى هُوَ الْخَالِقُ عِنْدَهَا أُدِّبَ وَقَدَحَ ذَلِكَ فِي شَهَادَتِهِ وَلَا يَحِلُّ تَصْدِيقُهُ فِيمَا يَقُولُ قَالَهُ سَحْنُونٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ لَا يَعْلَمُ من السَّمَاوَات وَالْأَرْض الْغَيْب إِلَّا الله} وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلَّا من ارتضى من رَسُول} تَنْبِيهٌ إِذَا قَالَ إِنَّهَا فَعَّالَةٌ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ يَكُونُ ذَلِكَ كَقَوْلِ الْمُعْتَزِلَةِ الْحَيَوَانَاتُ كُلُّهَا تَفْعَلُ بِذَاتِهَا وَتَسْتَقِلُّ بِتَصَرُّفَاتِهَا وَالصَّحِيحُ عَدَمُ تَكْفِيرِهِمْ وَلَا يُكَفَّرُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ فَمَا الْفَرْقُ وَإِنِ ادَّعَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَخْلُقُ عِنْدَهَا فَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ عِلْمِ الْغَيْبِ لِأَنَّ الرَّبْطَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ هَذِهِ الْأَحْكَامِ إِذَا سلم كَانَ هَذَا كالإخبار بِمُجَرَّدِ الْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ وَلَيْسَ مِنْ بَابِ الْإِخْبَارِ بِالْغَيْبِ الَّذِي اسْتَأْثَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ بَلِ الَّذِي اسْتَأْثَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ الْعِلْمُ بِالْغَيْبِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ فَإِنَّهُ تَعَالَى لَا يَحْتَاجُ فِي عِلْمِهِ إِلَى الْأَسْبَابِ بَلِ النِّزَاعُ مَعَ هَذَا الْقَائِلِ فِي الرَّبْطِ فَقَطْ فَنَحْنُ نَمْنَعُهُ وَادِّعَاؤُهُ إِيَّاهُ جَهْلٌ لِادِّعَاءِ عِلْمِ غَيْبٍ كَمَا لَو ادّعى أَن المَاء يغرق وَالنَّارَ تَرْوِي لَيْسَ هَذَا مِنَ ادِّعَاءِ عِلْمِ الْغَيْبِ فِي شَيْءٍ وَقَدْ يُخْبِرُ الْأَنْبِيَاءُ وَالْأَوْلِيَاءُ عَلَيْهِم السَّلَام بالمغيبات بِنَاءً عَلَى كَشْفٍ أَوْ عِلْمٍ ضَرُورِيٍّ أَوْ ظَنٍّ غَالِبٍ يَخْلُقُهُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُمْ فَهَذَا سَبَبٌ أَوْجَبَ لَهُمْ ذَلِكَ وَقَدْ قَالَ الصِّدِّيقُ فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ لَمَّا قَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا هَذَانِ أَخَوَايَ فَمَنْ أُخْتِي قَالَ ذُو بَطْنِ بِنْتِ

(فرع)

خَارِجَةَ أَرَاهَا جَارِيَةً فَأَخْبَرَ بِأَنَّ الَّذِي فِي بَطْنِ امْرَأَتِهِ أُنْثَى مَعَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُول {وَيعلم مَا فِي الْأَرْحَام} مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ وَالصِّدِّيقُ يَعْلَمُهُ بِسَبَبِ مَا خَلَقَهُ اللَّهُ فِي نَفْسِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَنَبَّهَ الْفَقِيهُ لِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ حَتَّى يَعْلَمَ مَا يُكَفِّرُ بِهِ مِمَّا لَا يُكَفِّرُ بِهِ وَمَا وَجَبَ اخْتِصَاصُهُ بِاللَّهِ مِمَّا لَمْ يَجِبْ وَيَحْصُلُ لَهُ فَهْمُ الْمَنْقُولَاتِ عَنِ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ وَالْجَمْعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ مَالِكٌ يُنْهَى الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ يُعَالِجُ الْمَجَانِينَ بِالْقُرْآنِ لِأَنَّ الْجَانَّ مِنَ الْأُمُورِ الْغَائِبَةِ وَلَا يَعْلَمُ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ مَالِكٌ لَا يَخْلِطُ الطَّيِّبَ مِنَ الْقَمْحِ أَوِ الزَّيْتِ أَوِ السَّمْنِ بِرَدِيئِهِ فَيَحْرُمُ لِأَنَّهُ غِشٌّ إِلَّا أَنْ يُبَيِّنَ عِنْدَ الْبَيْعِ الْخَلْطَ وَصِفَةَ الْمَخْلُوطَيْنِ وَقَدْرَهُمَا وَيُبَاعُ مِمَّنْ لَا يُغَشُّ بِهِ وَهَذَا فِيمَا لَا يَتَمَيَّزُ كَالزِّيَتَيْنِ أَمَّا الْقَمْحُ بِالشَّعِيرِ وَالطَّعَامُ بِالْغَلَّةِ وَالسَّمِينُ مَعَ الْمَهْزُولِ فَلَا يُبَاعُ الْكَثِيرُ مِنْهُ حَتَّى يُمَيَّزَ أَوْ يُفَرَّقَا وَيَجُوزُ فِي الْقَلِيلِ وَقِيلَ إِنْ خَلَطَهُ لِلْبَيْعِ مُنِعَ أَوْ لِلْأَكْلِ جَازَ فِي الْيَسِيرِ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَمُطَرِّفٌ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ مَالِكٌ يَمْنَعُ مَنْ يَبِيعُ لِلصِّبْيَانِ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي هَلْ أَذِنَ فِي ذَلِكَ أَوْلِيَاؤُهُمْ أَمْ لَا فَيُكْرَهُ ذَلِكَ تَنْزِيهًا (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُحَالُ بَيْنَ الْمَجْذُومِ الْبَيِّنِ الْجُذَامِ وَبَيْنَ رَقِيقِهِ إِذَا كَانَ يَضُرُّ بِهْمْ كَمَا لَا يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحُرَّةِ امْرَأَتِهِ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يُمْنَعُ مِنْ وَطْءِ

(الباب الرابع في آداب القضاة)

إمائه لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ الْحَدِيثَ وَقَدْ رَأَى عمر رَضِي الله عَنهُ إمرأته مجذوبة تَطُوفُ بِالْبَيْتِ فَقَالَ لَهَا يَا أَمَةَ اللَّهِ لَوْ جَلَسْتِ فِي بَيْتِكِ لَا تُؤْذِي النَّاسَ فَجَلَسَتْ وَسَحْنُونٌ يَقُولُ ضَرَرُهُنَّ أَعْلَى لِأَنَّهُ يُؤَدِّي بِهِ الْحَالُ إِلَى الزِّنَى أَوِ الْعُنَّةِ قَاعِدَةٌ كُلُّ حُكْمٍ مُرَتَّبٍ عَلَى عُرْفٍ وَعَادَةٍ يَبْطُلُ عِنْدَ زَوَالِ تِلْكَ الْعَادَةِ كَإِيجَابِ النُّقُودِ فِي الْمُعَامَلَات والحنث بالأمور المترفات وَصِفَاتِ الْكَمَالِ وَالنَّقْصِ فِي عُيُوبِ الْبِيَاعَاتِ تُعْتَبَرُ فِي ذَلِك كُله إِجْمَاعًا فَإِذَا تَغَيَّرَتْ تِلْكَ الْعَوَائِدُ تَغَيَّرَتْ تِلْكَ الْأَحْكَامُ إِجْمَاعًا وَوِلَايَةُ الْحِسْبَةِ وَغَيْرُهَا مِنَ الْوِلَايَاتِ ضَابِطُ مَا يَنْدَرِجُ فِيهَا مِمَّا لَا يَنْدَرِجُ مِنَ الْأَحْكَامِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْعَوَائِدِ فِيمَا يَعْرِضُ لمتوليها فَكَذَلِك قَلِيل هَذَا لِلْمُحْتَسِبِ دُونَ الْقَاضِي وَهَذَا لِلْقَاضِي دُونَ الْمُحْتَسِبِ فَلَوِ اخْتَلَفَتِ الْعَوَائِدُ اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الِاخْتِصَاصَاتُ فَاعْلَم ذَلِك الله عَزَّ وَجَلَّ أَعْلَمُ (الْبَابُ الرَّابِعُ فِي آدَابِ الْقُضَاة) وَهِيَ خَمْسَةَ عَشَرَ أَدَبًا الْأَدَبُ الْأَوَّلُ مَوْضِعُ جُلُوسِهِ وَفِي الْكِتَابِ الْقَضَاءُ فِي الْمَسْجِدِ مِنَ الْحَقِّ وَالْأَمْرِ الْقَدِيمِ وَلِأَنَّهُ يُرْضَى فِيهِ بِالدُّونِ مِنَ الْمَجْلِسِ وَتَصِلُ إِلَيْهِ الْمَرْأَةُ وَالضَّعِيفُ وَلَا يُقِيمُ فِيهِ الْحُدُودَ وَنَحْوَهَا بِخِلَافِ خَفِيفِ الْأَدَبِ وَأَصله قَوْله تعإلى {وَهل أَتَاك نبؤا الْخصم إِذْ تسوروا الْمِحْرَاب} وَقضى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - والخلفات بَعْدَهُ فِيهِ وَاسْتَحَبَّهُ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ وَكَرِهَهُ ش لِمَا فِي الصَّحِيحِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ جَنبُوا صِبْيَانكُمْ مَسَاجِد كم وَمَجَانِينَكُمْ وَرَفْعَ أَصْوَاتِكُمْ وَخُصُومَاتِكُمْ وَحُدُودَكُمْ وَسَلَّ سِيُوفِكُمْ وَبَيْعكُمْ وَشِرَاء كم وَلِأَنَّ الْخُصُومَةَ يُتْبَعُ فِيهَا الْفُجُورُ وَالتَّكَاذُبُ وَالسَّبُّ وَالظُّلْمُ وَالْحَائِضُ وَالْجُنُبُ يَدْخُلُ إِلَيْهِ وَأَرْبَابُ الْقَاذُورَاتِ وَلَمْ يُوضَعِ الْمَسْجِدُ لِذَلِكَ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْعَمَلَ مُخَصص لهَذَا الْعُمُوم وَأما الْحيض فيمنعن ويأكلن أَوْ يَأْتِينَ الْحَاكِمَ فِي بَيْتِهِ وَالْجُنُبُ يَغْتَسِلُ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ وَفِي التِّرْمِذِيِّ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْ وَلِيَ مِنْ أُمُورِ النَّاسِ شَيْئًا فَاحْتَجَبَ دون حَاجتهم احتجب - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اللَّهُ دُونَ حَاجَتِهِ وَفَقْرِهِ وَفَاقَتِهِ وَالْمَسْجِدُ أَبْعَدُ عَنِ الْحِجَابِ وَأَقْرَبُ لِلتَّوَاضُعِ فَيُسْتَحَبُّ قَالَ

التُّونُسِيُّ قَالَ مُطَرِّفٌ وَعَبْدُ الْمَلِكِ أَحْسَنُ مَجَالِسِ الْقَاضِي رَحَبَاتُ الْمَسْجِدِ الْخَارِجَةُ مِنْ غَيْرِ تَضْيِيقٍ فِي غَيْرِهَا قَالَ مَالِكٌ كَانَ مَنْ أَدْرَكْتُ مِنَ الْقُضَاةِ لَا يَجْلِسُونَ إِلَّا فِي الرَّحَبَاتِ خَارِجًا إِمَّا عِنْدَ مَوْضِعِ الْجَنَائِزِ وَإِمَّا فِي رحبة دَار مَرْوَان وَمَا كَانَت تسمى الارحبة الْقَضَاءِ وَيُسْتَحَبُّ ذَلِكَ لِيَصِلَ إِلَيْهِ الْيَهُودِيُّ وَالْحَائِضُ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ وَمِنَ الْعَدْلِ أَن يكون منزل القَاضِي سط الْمِصْرِ لِيَصِلَ النَّاسُ إِلَيْهِ مِنْ جَمِيعِ الْأَطْرَافِ بِغَيْرِ كُلْفَةٍ وَيَكُونَ مَجْلِسُهُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَفِي مَوْضِعِ جُلُوسِهِ ثَلَاثَةُ أَقُوَالٍ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ الْمَسْجِدُ وَعَنْهُ الرِّحَابُ الْخَارِجَةُ وَنَقَلَ جَمِيعَ مَا تَقَدَّمَ التُّونُسِيُّ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُؤْمَرُ أَنْ يَقْضِيَ فِي مَنْزِلِهِ حَيْثُ أَحَبَّ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَالرِّحَابُ أَحْسَنُ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ يُنَزَّهُ عَنِ الْخُصُومَاتِ وَغَيْرِهَا لِلْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى الْمُسْتَحَبُّ الرِّحَابُ الْخَارِجَةُ عَنِ الْمَسْجِدِ قَالَ أَشْهَبُ يَقْضِي حَيْثُ جَمَاعَةُ النَّاسِ وَقَالَ غَيْرُهُ إِلَّا أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ مِنْ كَثْرَةِ النَّاسِ حَتَّى يَشْغَلَهُ ذَلِكَ عَنِ النَّظَرِ وَالْفَهْمِ فَلْيَكُنْ لَهُ مَوْضِعٌ فِي الْمَسْجِدِ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ وَاتَّخَذَ سَحْنُونٌ بَيْتًا فِي الْمَسْجِدِ يَقْعُدُ فِيهِ النَّاسُ وَلَا يَقْضِي فِي طَرِيقِ مَمَرِّهِ إِلَّا أَنْ يَعْرِضَ لِمَنِ اسْتَغَاثَ بِهِ فِيهِ فَيَأْمُرُ فِيهِ وَيَنْهَى مِنْ غَيْرِ فَصْلِ حُكْمٍ قَالَهُ مُطَرِّفٌ وَعَبْدُ الْمَلِكِ وَعَنْ أَشْهَبَ يَقْضِي وَهُوَ يَمْشِي إِذَا لَمْ يَشْغَلْهُ ذَلِكَ كَمَا يَقْضِي وَهُوَ متكيء قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَيُسْتَحَبُّ جُلُوسُهُ بِالرِّحَابِ الْخَارِجَةِ عَنْهُ فَوَافَقَ الْبَاجِيَّ وَلَمْ يَحْكِ خِلَافًا وَكَلَامُ الْبَاجِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمْ فَهِمُوا أَنَّ الْمَشْهُورَ مَا قَالُوهُ وَيُعَضِّدُهُ قَوْلُهُ كَانَ مَنْ أَدْرَكْتُ مِنَ الْقُضَاةِ لَا يَجْلِسُونَ إِلَّا فِي الرَّحَبَاتِ فَدَلَّ أَنَّ الْعَمَلَ ذَلِكَ وَالْعَمَلُ عِنْدَهُ مُقَدَّمٌ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ يَقْتَضِي دَاخِلَ

الْمَسْجِدِ لِقَوْلِهِ لَا تُقَامُ فِيهِ الْحُدُودُ وَالْحُدُودُ تُقَامُ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ إِجْمَاعًا فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَدْخُلُهَا الْحُيَّضُ وَالْيَهُودُ الْأَدَبُ الثَّانِي زَمَانُ جُلُوسِهِ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى قَالَ مُطَرِّفٌ وَعَبْدُ الْمَلِكِ يَتَخَيَّرُ وَقْتًا يَجْلِسُ فِيهِ عَلَى مَا هُوَ رِفْقٌ لِلنَّاسِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَجْلِسَ بَين العشائين وَلَا فِي الْأَسْحَارِ إِلَّا أَنْ يَحْدُثَ فِي تِلْكَ الْأَوْقَاتِ أَمْرٌ يُرْفَعُ إِلَيْهِ فَهُوَ لَا بُدَّ مِنْهُ فَيَأْمُرُ وَيَنْهَى وَيَسْجِنُ أَمَّا عَلَى وَجْهِ الْحُكْمِ مِمَّا يُشْخَصُ فِيهِ الْخُصُومُ فَلَا لِأَنَّهَا أَوْقَاتٌ ضَيِّقَةٌ عَنْ ذَلِكَ كَالشَّوَارِعِ فِي الْبِقَاع وَجوز أَشهب الحكم بَين العشائين قَالَ فَمَعْنَى قَوْلِ مُطَرِّفٍ إِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ ذَلِك لما فِي إِحْضَار البيانات عَلَى الطَّالِبِ وَالْمَطْلُوبِ مِنْ مُخَالَفَةِ الْعَادَةِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ أَشْهَبَ إِنَّهُ يُبَاحُ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ تَرْكَ ذَلِكَ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِهِ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَقَدْ شَاعَتِ الْآجَالُ فِي الْقَضَاءِ وَالْآمَالِ وَاسْتِقْصَاءِ الْحُجَجِ وَهُوَ يُنَافِي الْقَضَاءَ بِاللَّيْلِ وَلَا يُتْعِبُ نَفْسَهُ فَيَقْضِيَ النَّهَارَ كُلَّهُ وَلْيَقْعُدْ سَاعَاتٍ مِنَ النَّهَارِ قَالَ مَالِكٌ أَخَافُ أَنْ يكثر فيخطىء قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ يَقْضِي بَيْنَ العشائين إِذَا رَضِيَ الْخَصْمَانِ وَلَا يُكَلِّفُ الْكَافَّةَ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَقْضِيَ بَعْدَ أَذَانِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَالصُّبْحِ قَالَ التُّونُسِيُّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَجْلِسَ أَيَّامَ النَّحْرِ وَلَا يَوْمَ الْفِطْرِ وَلَا مَا قَارَبَهُ مِمَّا يَضُرُّ فِيهِ بِالنَّاسِ فِي حَوَائِجِهِمْ وَكَذَلِكَ يَوْمَ عَرَفَةَ وَيَوْمَ الطِّينِ وَالْوَحْلِ وَيَوْمَ خُرُوجِ االناس لِلْحَجِّ بِمِصْرٍ لِكَثْرَةِ مَنْ يَشْتَغِلُ يَوْمَئِذٍ بِتَوْدِيعِ الْحَاجِّ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَيَكُونُ وَقْتُهُ مُعَيَّنًا لَا يُقَدِّمُهُ وَلَا يُؤَخِّرُهُ لِيَعْلَمَهُ النَّاسُ وَكُلُّ الْأَوْقَاتِ الَّتِي قِيلَ لَا يَجْلِسُ يَجْلِسُ إِذَا عَرَضَتْ ضَرُورَة الْأَدَبُ الثَّالِثُ وَأَوَّلُ مَا يَنْظُرُ فِيهِ بَعْدَ وِلَايَتِهِ الْمَحْبُوسُونَ لِأَنَّ الْحَبْسَ عَذَابٌ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ فَيُطْلِقُ مَنْ حُبِسَ فِي ظُلْمٍ أَوْ تَعْزِيرٍ وَبَلَغَ حَدَّهُ ثُمَّ يَنْظُرُ

فِي الأوصياء وكوافل الْأَطْفَال إِذْ رَافع لِوَقَائِعِهَا إِلَيْهِ قَالَ أَصْبَغُ يَنْبَغِي لَهُ إِذَا قعد للْقَضَاء يَأْمر مناديا نَادِي عَنْهُ فِي النَّاسِ أَنَّ كُلَّ يَتِيمٍ لَمْ يَبْلُغْ وَلَا وَصِيَّ لَهُ وَلَا وَكِيلَ وَكُلَّ سَفِيهٍ مُسْتَوْجِبٌ لِلْوِلَايَةِ مُنِعَتِ النَّاسُ مِنْ مُتَاجَرَتِهِ وَمُدَايَنَتِهِ وَمَنْ عَلِمَ مَكَانَ أَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ فليرفعه إِلَيْنَا لنولي عَلَيْهِ ويحجر فَمَنْ دَايَنَهُ بَعْدَ مُنَادِي الْقَاضِي أَوْ بَاعَ مِنْهُ أَوِ ابْتَاعَ فَهُوَ مَرْدُودٌ الْأَدَبُ الرَّابِعُ فِي الْجَوَاهِرِ بَعْدَ النَّظَرِ فِي الْمَحْبُوسِينَ وَمَنْ نَكَّرَ مَعَهُمْ يَنْظُرُ فِي تَرْتِيبِ الْكِتَابِ وَالْمُزَكِّي وَالْمُتَرْجِمِ وَيَكُونُ الْكَاتِبُ عَدْلًا مَرْضِيًّا وَقَالَ أَصْبَغُ وَيَكُونُ مَرْضِيًّا مِثْلَهُ أَوْ فَوْقَهُ لِأَنَّهُ يُخْشَى تَغْيِير الْقَضَاء وتبديل الْأَسْمَاء والتنميم عَلَى الْقَاضِي وَلَا يَغِيبُ لَهُ عَلَى كِتَابٍ احْتِيَاطًا وَيُشْتَرَطُ الْعَدَدُ فِي الْمُزَكِّي وَالْمُتَرْجِمِ دُونَ الْكِتَابِ لِأَنَّهُ اسْتَبَانَ حُكْمًا وَالْكَاتِبُ كَالْآلَةِ لِلْحَاكِمِ وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ لَوْ تَرْجَمَ لَهُ وَاحِدٌ جَازَ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْخَيْرِ لَا مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ أَوْ مِنْ بَابِ الْحُكْمِ وَالْحَاكِمُ يَكْفِي فِيهِ وَاحِدٌ وَاخْتَارَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ إِنْ كَانَ الْإِقْرَارُ بِالْكَافِي فِي التَّرْجَمَةِ شَاهِدًا وإمرأتان وَرَوَى أَشْهَبُ يُتَرْجِمُ لِلْقَاضِي رَجُلٌ مُسْلِمٌ مُؤْمِنٌ وَاثْنَانِ أَحَبُّ إِلَيْنَا وَلَا يُتَرْجِمُ كَافِرٌ وَلَا عَبْدٌ وَلَا مَسْخُوطٌ لِأَنَّهُ يَعْتَمِدُ عَلَى قَوْلِ الْمُتَرْجِمِ فَاشْتَرَطَ شُرُوطَ الشَّهَادَةِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَقْبَلَ تَرْجَمَةَ امْرَأَةٍ عَدْلَةٍ كَالرِّوَايَةِ وَعَنْ مُطَرِّفٍ وَعَبْدِ الْمَلِكِ ذَلِكَ إِذَا كَانَ مِمَّا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ إِذَا تَعَذَّرَ مُتَرْجِمٌ مِنَ الرِّجَالِ قَالَا وَامْرَأَتَانِ وَرَجُلٌ أَحَبُّ إِلَيْنَا وَأَصْلُ الْكتاب أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ لَهُ كُتَّابٌ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَزيد ابْن ثَابِتٍ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ وَلِأَنَّ الْحَاكِمَ كَثِيرُ الْأَشْغَالِ وَالنَّظَرِ فَلَا يَتَفَرَّغُ يَكْتُبُ بِيَدِهِ وَوَافَقَنَا الْأَئِمَّةُ عَلَى السَّلَامَةِ وَعَدَالَتِهِ وَقَالُوا يَكُونُ فَقِيهًا فَطِنًا فَاضِلًا لِيُفَرِّقَ بَيْنَ مَوَاقِعِ الْأَلْفَاظِ وَالْوَاجِبِ وَالْجَائِزِ

ونزيها لَيْلًا يُسْتَمَالَ بِالرُّشَى وَبِنَوْعٍ غَيْرِهَا عَلَى التَّحَامُلِ عَلَى أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ وَأَمَّا الْمُتَرْجِمُ عَنِ الْخُصُومِ وَالشُّهُودِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ وَاشْتَرَطَ ش كَوْنَهُ اثْنَيْنِ وَاكْتَفَى ح بِوَاحِدٍ وَمَنَعَ الْعَبْدَ لِأَنَّ تَلَايَتَهُ إِخْبَارٌ لَا شَهَادَةٌ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ أَنْ يَقُولَ أَشْهَدُ أَنَّهُ يَقُولُ كَذَا بَلْ يَقُولُ هُوَ يَقُولُ كَذَا وَقِيَاسًا عَلَى الْمُفْتِي وَقَاسَهُ ش عَلَى مَا إِذَا شَهِدَ عَلَى إِقْرَارِهِ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ عَدَمِ الْفَهْمِ مِنَ الْقَاضِي وَبَيْنَ عَدَمِ اطِّلَاعِهِ وَهُوَ إِذَا لَمْ يَطَّلِعِ اشْتُرِطَ اثْنَانِ فَكَذَلِكَ إِذَا لَمْ يُفْهَمْ قَاعِدَةٌ يَقَعُ فِي كَلَامِ الْفُقَهَاءِ كَثِيرًا أَنَّ مَنْشَأَ الْخِلَافِ التَّرَدُّدُ بَيْنَ الشَّهَادَةِ وَالْخَبَرِ فَمَا ضَابِطُ حَقِيقَةِ الشَّهَادَةِ وَالْخَبَرِ لِأَنَّ التَّرَدُّدَ بَيْنَهُمَا فَرْعُ تَصَوُّرِهِمَا وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُضْبَطَا فَاشْتُرِطَ الْعَدَدُ فِي الشَّهَادَةِ دُونَ الْخَبَرِ لِأَنَّ اشْتِرَاطَهُ فَرْعٌ عَنْ كَوْنِهَا شَهَادَةً فَيَجِبُ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهَا شَهَادَةٌ قَبْلَ اشْتِرَاطِ الْعَدَدِ فَلَوِ اسْتَفَدْنَاهَا مِنَ الْعَدَدِ لَزِمَ الدَّوْرُ فَنُبَيِّنُ الْآنَ الْحَقِيقَتَيْنِ فَنَقُولُ مُتَعَلِّقُ الْخَبَرِ فِي الشَّرْعِ مِنَ الْعَدْلِ حَيْثُ اعْتَبَرَهُ الشَّرْعُ فِي حَقِّ الْغَيْرِ احْتِرَازًا مِنَ الدَّعْوَى إِمَّا أَنْ يَكُونَ عَامًّا أَوْ خَاصًّا فَإِنْ كَانَ عَامَّا فَهَذَا هُوَ الْخَبَرُ وَالرِّوَايَةُ فَإِنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِالْخَلْقِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُوَ سِرُّ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْعَدَدِ فَإِنَّ اشْتِرَاطَهُ فِي الشَّهَادَةِ إِنَّمَا كَانَ لِتَوَقُّعِ الْعَدَاوَةِ الْبَاطِنَةِ بَيْنَ الْعَدْلِ وَبَيْنَ الشَّخْصِ الْمُعَيَّنِ فَاشْتُرِطَ الْعَدَدُ اسْتِظْهَارًا وَلَا يُتَّهَمُ أَحَدٌ فِي مُعَادَاةِ النَّاسِ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ فَالْعُمُومُ سِرُّ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْعَدَدِ وَهُوَ ضَابِطُ الرِّوَايَةِ وَإِنَّ تَعَلَّقَ بِالْخُصُوصِ فَهُوَ الشَّهَادَةُ ثُمَّ تَقَعُ فُرُوعٌ مُتَرَدِّدَةٌ بَيْنَ الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ فَيَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ فِيهَا لِأَجْلِ الشَّائِبَتَيْنِ هَلْ يُلْحَقُ بِالشَّهَادَةِ أَوِ الْخَبَرِ كَالْإِخْبَارِ عَنْ رُؤْيَةِ رَمَضَانَ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ لَا يَخُصُّ شَخْصًا مُعَيَّنًا أَشْبَهَ الرِّوَايَةَ فَيُقْبَلُ الْوَاحِدُ قَالَهُ ش وَمِنْ جِهَةِ أَنَّهُ لَا يَتَعَدَّى هَذِهِ الْمَسْأَلَة أشبه

(فرع)

الشَّهَادَة فَيشْتَرط لعدد وكلك الْمُتَرْجِمُ وَالْقَائِفُ وَالْمُقَدَّمُ لِمَا تَقَدَّمَ فَهَذَا الْكَشْفُ وَالتَّحْقِيقُ عَزِيزٌ كُنْتُ أَطْلُبُهُ عِدَّةً مِنَ السِّنِينَ حَتَّى وَجَدْتُهُ لِلْإِمَامِ الْمَازِرِيِّ فِي شَرْحِ الْبُرْهَانِ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ فَتَأَمَّلْهُ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ يُوَلِّي حَاسِبًا ثِقَةً يَقْسِمُ وَيُخْبِرُهُ بِمَا صَارَ لِكُلِّ وَاحِدٍ فَيَقْبَلُ قَوْلَهُ وَحْدَهُ لِأَنَّهُ حَاكِمٌ أَوْ مُخْبِرٌ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُقْبَلُ قَوْلُ الطَّبِيبِ الْكَافِرِ فِي الْعُيُوبِ فِي الْعَبْدِ أَوِ الْأَمَةِ الْحَاضِرَيْنِ لِأَنَّهُ عِلْمٌ يَأْخُذُهُ عَمَّنْ يُبْصِرُهُ مَرْضِيٌّ أَوْ مسخوط وَاحِد أَو اثْنَيْنِ فَإِنْ غَابَ الْعَبْدُ أَوْ مَاتَ لَمْ يَقْبَلْ إِلَّا الشَّهَادَةَ بِشُرُوطِهَا وَكَذَلِكَ يَقْبَلُ فِي عُيُوبِ الْأَمَةِ وَاحِدَةً مَرَضِيَّةً مِنَ النِّسَاءِ فَإِنْ فَاتَتِ الْأَمَةُ لَمْ يَقْبَلْ إِلَّا امْرَأَتَيْنِ عَلَى وَجْهِ الشَّهَادَةِ وَالْقِيَاسُ فِي الْجِرَاحِ يَكْفِي وَاحِدٌ إِذَا أَمَرَهُ الْإِمَامُ يَنْظُرُ ذَلِكَ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إِلَّا طَبِيبًا جَازَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْعُيُوبِ وَمَا فَاتَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ إِلَّا مَا يُقْبَلُ فِي الشَّهَادَةِ الْأَدَبُ الْخَامِسُ فِي الْجَوَاهِرِ لَا يَقْضِي فِي حَالَةِ غَضَبٍ وَلَا جُوعٍ وَلَا حَالَةٍ يُسْرِعُ إِلَيْهِ الْغَضَبُ فِيهَا أَوْ يُدْهَشُ عَنْ تَمَامِ الْفِكْرِ وَفِي الْكِتَابِ لَا يُكْثِرُ الْجُلُوسَ جِدًّا وَإِذَا دَاخَلَهُ هَمٌّ أَوْ نُعَاسٌ أَوْ ضَجَرٌ فَلْيَقُمْ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَمِنْ ذَلِكَ الشَّبَعُ الْكَثِيرُ وَأَصْلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يقْضِي الْقَاضِي وَهُوَ غَضْبَانُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَاخْتُلِفَ إِذَا ضَجِرَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُحَدِّثُ جُلَسَاءَهُ

لِيُرَوِّحَ قَلْبَهُ ثُمَّ يَعُودُ إِلَى الْحُكْمِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَقُومُ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ وَلَا يحكم مُتكئا لِأَنَّهُ استخفاف بالحاضرين وللعلم حُرْمَتِهِ تَمْهِيدٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ فِي مَسْأَلَةٍ فِيهَا نَصٌّ وَمَا خَفَّ مِنْ مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ دُونَ مَا يَحْتَاجُ إِلَى فِكْرٍ وَعَلَى هَذَا تَخْتَلِفُ أَحْوَالُ الْحُكَّامِ فِي الْمُجْتَهِدِ فِي الْعِلْمِ وَالْقَضَاءِ تَصِيرُ لَهُ أُمُورٌ ضَرُورِيَّةٌ هِيَ عِنْد غَيره تحْتَاج فكرا كثيرا فيبح الْأَوَّلَ دُونَ الثَّانِي وَكَذَلِكَ الْمَسْأَلَةُ الْعَظِيمَةُ النَّظَرِ إِذَا كَانَ قَدْ تَقَدَّمَ لَهُ الْحُكْمُ فِيهَا عَنْ قُرْبٍ بِفِكْرٍ مُسْتَوْعِبٍ لَا يَحْتَاجُ فِيهَا حِينَئِذٍ إِلَى فِكْرٍ قَاعِدَةٌ وَهِيَ الْفَرْقُ بَيْنَ تَخْرِيجِ الْمَنَاطِ وَتَحْقِيقِ الْمَنَاطِ وَتَنْقِيحِ الْمَنَاطِ وَالْمَنَاطُ الْعِلَّةُ فَإِنِ اسْتُخْرِجَتْ مِنْ أَوْصَافٍ مَذْكُورَةٍ فِي صُورَةِ النَّصِّ كَمَا فِي حَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ فِي تَصْرِيحِهِ مَعَ جُمْلَةِ الْأَوْصَافِ بِإِفْسَادِ رَمَضَانَ فَهُوَ تَنْقِيحُ الْمَنَاطِ أَوْ مِنْ أَوْصَافٍ لَمْ تُذْكَرْ كَمَا فِي حَدِيثِ بَيْعِ التَّفَاضُلِ فِي الْبُرِّ فَهُوَ تَخْرِيجُ الْمَنَاطِ أَوِ اتُّفِقَ عَلَيْهَا وَحَصَلَ التَّنَازُعُ فِي وُجُودِهَا فِي الْفَرْقِ فَهُوَ تَحْقِيقُ الْمَنَاطِ كَالتَّنَازُعِ فِي كَوْنِ التِّينِ مُقْتَاتًا مَعَ الِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّ الِاقْتِيَاتَ الْعِلَّةُ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ تَنْقِيحُ الْمَنَاطِ قِيَاسُ عَدَمِ الْفَارِقِ فَعَلَى هَذَا يُمْنَعُ الْقَاضِي فِي الْغَضَبِ وَغَيْرِهِ مِمَّا لَمْ يُنَصَّ عَلَيْهِ كَالشَّبَعِ وَالْجُوعِ هُوَ مِنْ بَابِ تَخْرِيجِ الْمَنَاطِ لِأَنَّا لَمْ يُغْنِ وَصْفًا مَذْكُورَةً بل أخرجنَا من الْمَذْكُور وَصْفًا آخَرَ وَهُوَ تَشْوِيشُ فِكْرٍ وَكَذَلِكَ حَدِيثُ الْأَعرَابِي على مذهبا لِأَنَّا أَخَذْنَا إِفْسَادَ الصَّوْمِ وَإِنَّمَا فِي الْحَدِيثِ

(فرع)

واقعن من أَهْلِي فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَعَلَى رَأْيِ ش يَكُونُ مِنْ تَنْقِيحِ الْمَنَاطِ وَوَافَقَنَا الْأَئِمَّةُ عَلَى اعْتِبَارِ الْمُشَوِّشِ لِلْفِكْرِ حَيْثُ وَقَعَ بِغَضَبٍ أَوْ غَيره الْأَدَبُ السَّادِسُ قَالَ اللَّخْمِيُّ يُقَدِّمُ الْخُصُومَ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ لِأَنَّ الْأَوَّلَ قَدْ اسْتَحَقَّ بِسَبْقِهِ وَكَذَلِكَ قَالَهُ الْفُقَهَاءُ فِي تَعْلِيمِ الْعِلْمِ وَالْقُرْآنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ يُقَدِّمُ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ وَلِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ المقربون} قَالَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِثْلَ الْمُسَافِرِ وَكَالسَّبْقِ إِلَى الْمَجَالِسِ وَالْأُمُورِ الْمُبَاحَاتِ أَوْ مَا يُخْشَى فَوَاتُهُ وَإِنْ تَعَذَّرَتْ مَعْرِفَةُ الْأَوَّلِ كُتِبَتْ أَسْمَاؤُهُمْ فِي بِطَائِقَ وَخُلِطَتْ فَمَنْ خَرَجَ اسُمُهُ بُدِئَ بِهِ وَذَلِكَ كَالْقُرْعَةِ لِأَنَّهُ تَطْيِيبٌ لِلنُّفُوسِ (فَرْعٌ) قَالَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ لَا يُقَدَّمُ فِي الدَّعَاوَى وَالْفَتَائِكِ إِلَّا بِدَعْوَى وَاحِدَةٍ وَقَالَهُ صَاحِبُ النَّوَادِرِ عَنْ سَحْنُونٍ فَإِذَا قَالَ الْأَوَّلُ لِي آخَرُ قَدَّمَ عَلَيْهِمَا الْأَوَّلُ عَلَيْهِ وَيُقَدَّمُ فِي الثَّانِيَةِ مَا يَأْتِيهِ مِنْ بَعْدِهِ لِأَنَّ الْجَمِيعَ قُدِّمُوا فِي وَاحِدَةٍ فَلَوْ قُدِّمَ وَاحِدٌ فِي اثْنَتَيْنِ لَمْ يُسَوِّ بَيْنَهُمْ وَالتَّسْوِيَةُ مَأْمُورٌ بِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِن الله يَأْمر بِالْعَدْلِ} وَالْعَدْلُ التَّسْوِيَةُ بِالنَّقْلِ وَوَافَقُونَا عَلَى تَقْدِيمِ الْمُسَافِرِينَ بِشَرْطِ الْقِلَّةِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَضَعَ عَنْهُمُ الصَّوْم وَشطر الصَّلَاة الْأَدَبُ السَّابِعُ قَالَ اللَّخْمِيُّ يُفْرِدُ النِّسَاءَ عَنِ الرِّجَالِ فِي الْخُصُومَةِ إِذَا كَانَتِ الْخُصُومَةُ بَيْنَهُنَّ وَيَجْعَلُ لَهُنَّ وَقْتًا فَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا بَيْنَهُمْ وَبَعْضُهَا مَعَ الرِّجَالِ جَعَلَ الْخُصُومَةَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لِلرِّجَالِ وَقْتٌ وَلِمَنْ كَانَتْ خُصُومَتُهُ مِنَ النِّسَاءِ وَقْتٌ وَلِلنِّسَاءِ وَحْدَهُنَّ وَقْتٌ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِك عَن النِّسَاءَ وَأَبْعَدَ مَجْلِسَهُنَّ عَنِ

الرِّجَالِ وَتُمْنَعُ الْمَرْأَةُ الْجَمِيلَةُ الرَّخِيمَةُ الْمَنْطِقِ مُبَاشَرَةَ الْخُصُومَةِ فَقَطْ وَكَرِهَ مَالِكٌ الْخُصُومَةَ لِذَوِي الْهَيْئَاتِ مِنَ الرِّجَالِ لِمَا فِيهَا مِنْ نَقْصِ الْعِرْضِ فالنساء أولى الْأَدَبُ الثَّامِنُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُنْصِفُ بَيْنَهُمَا مَجْلِسَهُمَا وَالنَّظَرَ إِلَيْهِمَا وَاسْتِمَاعَهُ مِنْهُمَا وَلَا يَنْظُرُ إِلَى أَحَدِهِمَا بِطَلَاقَةٍ وَبِشْرٍ أَكْثَرَ وَلَا يُسَارِرُ أَحَدَهُمَا وَلَا يُسَارِرُهُمَا جَمِيعًا إِذَا لَمْ يَسْمَعْ أَحَدُهُمَا مَا يُسَارِرُ بِهِ الْآخَرَ قَالَ سَحْنُونٌ وَلَا يُضَيِّفُ أَحَدَهُمَا وَلَا يَخْلُو بِهِ أَوْ يَقِفُ مَعَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُوهِنُ خَصْمَهُ وَيُدْخِلُ عَلَيْهِ سُوءَ الظَّنِّ قَالَ أَشْهَبُ وَلَا يُجِيبُ أَحَدَهُمَا فِي غَيْبَةِ الْآخَرِ إِلَّا أَنْ يَعْرِفَ أَنَّ ذَا مِنَ الْمُخْتَلِفِ أَوْ لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ وَجْهَ خُصُومَةِ الْمُدَّعِي فَيَسْمَعَ مِنْهُ حَتَّى يَعْلَمَ أَمْرَهُمَا وَإِذَا جَلَسَا فَلَا بَأْسَ أَنْ يَقُولَ لَهُمَا مَا خُصُومَتُهُمَا أَوْ يَدَعَهُمَا حَتَّى يَبْتَدِآهَا أَوْ يَقُولَ أَيُّكُمَا الْمُدَّعِي فَإِنْ عَلِمَهُ سَأَلَهُ عَنْ دَعْوَاهُ وَيَسْكُتُ عَنْ صَاحِبِهِ حَتَّى يَسْمَعَ حُجَّتَهُ ثُمَّ يَأْمُرُهُ بِالسُّكُوتِ وَيَسْتَنْطِقُ الْآخَرَ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَبْتَدِئَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالنُّطْقِ بَلِ الْمُدَّعِي لِأَنَّ صَاحِبَ الْحَقِّ أَرْجَحُ شَرْعًا فَيُقَدَّمُ وَلَا يَعُودُ لِأَحَدِهِمَا بِالسُّؤَالِ فَيَقُولُ مَالك أَوْ تَكَلَّمْ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ الْمُدَّعِي وَإِذَا قَالَ أَحَدُهُمَا أَنَا الْمُدَّعِي وَسَكَتَ الْآخَرُ وَلَمْ يُنْكِرْ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْ دَعْوَاهُ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَسْأَلَهُ حَتَّى يُقِرَّ الْآخَرُ بِذَلِكَ فَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا الْمُدَّعِي هَذَا وَلَمْ يُنْكِرِ الْآخَرُ فَلَهُ أَنْ يَسْأَلَهُ فَإِنْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ عَنِ الْآخَرِ هُوَ الْمُدَّعِي وَلَسْتُ مَدَّعِيًا فَلِلْقَاضِي أَنْ يُقِيمَهَا حَتَّى يَأْتِيَ أَحَدُهُمَا لِلْخُصُومَةِ فَيَكُونَ هُوَ الطَّالِبَ قَالَهُ أَصْبَغُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِذَا قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ أَنَا الْمُدَّعِي فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا اسْتَمَعَ أَوْ جَلَبَ الْآخَرَ سَمِعَ مِنْهُ أَوَّلًا وَإِنْ لَمْ يَدْرِ مَنْ جَلَبَ صَاحِبَهُ ابْتَدَأَ بِأَيِّهِمَا شَاءَ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا ضَعِيفًا فَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَبْدَأَ بِالْآخَرِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ هُوَ الْقَوِيُّ الطَّالِبُ

قَالَ أَصْبَغُ فَإِنْ أَدْلَى الْمُدَّعِي بِحُجَّتِهِ فَقَالَ الْقَاضِي لِلْآخَرِ تَكَلَّمْ فَإِنْ تَكَلَّمَ نَظَرَ فِي ذَلِكَ وَإِنْ سَكَتَ أَوْ قَالَ لَهُ أُخَاصِمُهُ إِلَيْكَ قَالَ لَهُ الْقَاضِي إِمَّا خَاصَمْتَ أَوْ حَلَفْتَ لِهَذَا الْمُدَّعِي عَلَى دَعْوَاهُ وَحَكَمْتَ لَهُ إِنْ كَانَ مِمَّا يَسْتَحِقُّ مِنْ نُكُولِ الْمَطْلُوبِ إِن ثَبت لَهُ الْخُلْطَةُ لِأَنَّ نُكُولَهُ عَنِ التَّكَلُّمِ نُكُولٌ عَنِ الْيَمِينِ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِالْبَيِّنَةِ طَلَبَ الْبَيِّنَةَ وَلَا يَسْجُنُهُ حَتَّى يَتَكَلَّمَ وَلَكِنْ يَسْمَعُ صَاحِبَهُ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ تَحْتَمِلُ التَّخْرِيجَ مِنْ قِبَلِهِ وَكَانَ سَحْنُونٌ إِذَا شَاغَبَ الْخَصْمَانِ أَغْلَظَ عَلَيْهِمَا وَرُبَّمَا أَمَرَ الْقَوَمَةَ فَزَجَرُوهُمَا بِالدِّرَّةِ وَرُبَّمَا شَاغَبَا حَتَّى لَا يَفْهَمَ عَنْهُمَا فَيَقُولَ قُومَا فَإِنِّي لَا أَفْهَمُ عَنْكُمَا وَلَهُ الشَّدُّ عَلَى عَضُدِ أَحَدِهِمَا إِذَا رَأَى ضَعْفَهُ عَنْ صَاحِبِهِ وَقُرْبَهُ مِنْهُ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُلَقِّنَهُ حُجَّةً لَهُ عَمِيَ عَنْهَا وَإِنَّمَا يُكْرَهُ أَنْ يُلَقِّنَهُ حُجَّةَ الْفُجُورِ وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْ ثَبَّتَ عَيِيًّا فِي خُصُومَةٍ حَتَّى يَفْهَمَهَا ثَبَّتَ اللَّهُ قَدَمَهُ يَوْمَ تَزِلُّ الْأَقْدَامُ وَمَنَعَ سَحْنُونٌ شَدَّ عَضُدِ أَحَدِهِمَا وَتَلْقِينَهُ حُجَّتَهُ لِأَنَّهُ مَيْلٌ مَعَ أَحَدِهِمَا وَإِذَا أَقَرَّ أَحَدُهُمَا فِي خُصُومَتِهِ بِشَيْءٍ لِلْآخَرِ فِيهِ مَنْفَعَةٌ فَعَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يُنَبِّهَهُ عَلَى نَفْعِهِ بِذَلِكَ وَيَكْتُبَهُ لَهُ قَالَ سَحْنُونٌ وَإِذَا كَانَ فِي أَمْرِهِمَا شُبْهَةٌ وَإِشْكَالٌ فَلَا بُدَّ أَنْ يَأْخُذَهُمَا بِالصُّلْحِ وَتَخَاصَمَ رَجُلَانِ صَالِحَانِ مِنْ أَصْحَابِهِ فَأَقَامَهُمَا وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُمَا وَقَالَ اسْتُرَا عَلَى أَنْفُسِكُمَا وَلَا تُطْلِعَانِي مِنْ أُمُورِكُمَا عَلَى مَا سُتِرَ عَلَيْكُمَا وَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَدِّدُوا الْقَضَاءَ بَيْنَ ذَوِي الْأَرْحَامِ حَتَّى يَصْطَلِحُوا فَإِنَّ فَصْلَ الْقَضَاءِ يُوَرِّثُ بَيْنَهُمُ الضَّغَائِنَ وَكَانَ سَحْنُونٌ إِذَا سَأَلَهُ أَحَدٌ عَنْ مَسْأَلَةٍ مِنْ مَسَائِلِ الْأَحْكَامِ لَمْ يُجِبْهُ وَقَالَ هَذِهِ مَسْأَلَةُ خُصُومَةٍ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ مِنْهُ إِرَادَةَ التَّفَقُّهِ قَالَ مَالِكٌ لَا يُفْتِي الْقَاضِي فِي مَسَائِلِ الْقَضَاءِ وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ لِأَنَّهُ عَوْنٌ عَلَى الْبَخِيلِ وَالْقَاضِي لَا يُعِينُ أَحَدَ الْخَصْمَيْنِ وَلَا يَرْفَعُ الْحَاكِمُ صَوْتَهُ عَلَى

أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ قَالَ أَشْهَبُ لَهُ أَنْ يَفْعَلَهُ رَدْعًا لَهُ لِلَدَدِهِ وَيَعْلَمُ اللَّهُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مِنْ صَاحِبِهِ ذَلِكَ لَعَمِلَ بِهِ مِثْلَهُ فَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنْ يَقْعُدَ الْخَصْمَانِ بَيْنَ يَدَيِ الْحَاكِمِ وَقَالَ إِذَا ابْتُلِيَ أَحَدُكُمْ بِالْقَضَاءِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَلَا يَرْفَعْ صَوْتَهُ عَلَى أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ دُونَ الْآخَرِ وَفِي النَّوَادِرِ قَالَ أَشْهَبُ جُلُوسُ الْخُصُومِ بَيْنَ يَدَيْهِ هُوَ الْأَصْلُ فَإِنْ كَانَ شَأْنُهُ يَجْلِسُ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ فَوَاسِعٌ فَإِنْ عَيَّنَ الْمَجْلِسَ لِصَدَاقَةٍ أَوْ غَيْرِهَا أَجْلَسَهُمَا مِنْهُ مَجْلِسًا وَاحِدًا وَلَا يُضَيِّفُ أَحَدَ الْخَصْمَيْنِ وَلَا يَخْلُو بِهِ وَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ أَحَدُ الْخُصُومِ بَيْنَهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِهِ وَقَدْ كَانَ يَغْشَاهُ قَبْلَ ذَلِكَ إِذَا كَانَ عَلَى الِاخْتِصَاصِ لَيْسَ أَمْرًا عَامًّا وَلَا تُكْرَهُ لَهُ عِيَادَةُ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ وَلَا شُهُودُ جِنَازَةِ بَعْضِ أَوْلِيَائِهِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ فِي مَجْلِسِ قَضَائِهِ وَلَا وَحْدَهُ وَلَا فِي جَمَاعَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ خَاصَّتِهِ وَلْيَجْلِسْ خَارِجًا حَيْثُ يَأْتِيهِ النَّاسُ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مُوهِنٌ لِلْآخَرِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ أَصْبَغُ يُسَوِّي بَيْنَهُمَا فِي الْمجْلس وَإِن كَانَ أَحدهمَا ذَمِيمًا وَقِيلَ لَا يُسَوِّي لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا تُسَاوُوهُمْ فِي الْمَجْلِسِ قَالَ ش وَأَرَى أَنْ يَجْلِسَا جَمِيعًا وَيَتَقَدَّمَهُ الْمُسْلِمُ بِالشَّيْءِ الْيَسِيرِ وَاقِفًا فَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا أَنَا الطَّالِبُ وَإِنَّمَا أحدث الآخر الدَّعْوَى عِنْد مَا طلبته قد الْمُشَخِّصِ أَوْلَى أَوِ الثَّالِثُ أَوَّلًا إِنْ عَلِمَ وَإِلَّا صَرَفَهُمَا فَإِنْ أَبَى أَحَدُهُمَا إِلَّا الْخُصُومَةَ قدمه وَإِن

بَقِيَ كُلُّ وَاحِدٍ مُتَعَلِّقًا بِالْآخَرِ أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ طَلَبٌ عِنْدَ الْآخَرِ وَتَشَاحَّا فِي التَّبْدِئَةِ أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ أَطْيَبُ لِلنُّفُوسِ وَقِيلَ يُخَيَّرُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَبْدَأُ بِالنَّظَرِ أَضْعَفَهُمَا فَإِنْ لَمْ يَعْتَرِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَمْ يُنْكِرْ قَالَ مُحَمَّدٌ يَحْكُمُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَقَالَ أَصْبَغُ يَقُولُ لَهُ الْحَاكِمُ إِمَّا أَنْ تَخْتَصِمَ أَوْ حَلَّفْتُ الْمُدَّعِيَ وَحَكَمْتُ لَهُ إِنْ كَانَ مِمَّا يُسْتَحَقُّ بِالنُّكُولِ مَعَ الْيَمِينِ إِذَا أَثْبَتَ لَطْخًا قَالَ اللَّخْمِيُّ الْمُدَّعِي مُخَيَّرٌ بَيْنَ ثَلَاثٍ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ الْمُدَّعَى بِهِ بِغَيْرِ يَمِينٍ عَلَى أَنَّهُ مَتَى عَادَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِلَى الْإِنْكَارِ أَوِ الْخُصُومَةِ كَانَ ذَلِك لَهُ أَو يحلف الْآن وَيحكم لَهُ بَعْدَ أَنْ يَعرِفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ وَلَا ينقص لَهُ الحكم بعد ذَلِك إِن أَتَى بِحجَّة إِلَّا بِبَيِّنَةٍ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا كَمَنْ خَاصَمَ وَلَمْ يَسْكُتْ أَوْ يُسْجَنَ لَهُ حَتَّى يُقِرَّ أَو يُنكر لِأَنَّهُ يَقُول هُوَ يعلم أَن حَقٌّ وَقَدْ يُقِرُّ إِذَا سُجِنَ فَلَا أَحْلِفُ كَالْمُشْتَرِي يَكْتُمُ الشَّفِيعَ الثَّمَنَ اخْتُلِفَ فِيهِ هَلْ يُسْجَنُ أَوْ يُقَالُ لِلشَّفِيعِ خُذْ وَلَا وَزْنَ عَلَيْكَ حَتَّى يَثْبُتَ الثَّمَنُ وَهَذَا إِذَا كَانَتِ الدَّعْوَى فِي مُعَيَّنٍ دَارًا أَوْ عَبْدًا وَفِي الذِّمَّةِ وَأَقَامَ لَطْخًا وَإِنْ لَمْ يُقِمْ لَطْخًا لم تسمع دَعْوَاهُ وَإِن أعدت الزَّوْجَةُ الطَّلَاقَ فَلَمْ يُقِرَّ وَلَمْ يُنْكِرْ سُجِنَ وَيُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَتُطَلَّقُ عَلَيْهِ إِنْ طَالَ الْأَمر لحقها فِي الْوَطْء فَإِن أعدت النِّكَاحَ سُجِنَ حَتَّى يُقِرَّ أَوْ يُنْكِرَ وَإِنِ أدّى عَلَيْهَا نِكَاحًا فَلَمْ تُقِرَّ وَلَمْ تُنْكِرْ حِيلَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ حَتَّى تُقِرَّ أَوْ تُنْكِرَ وَكَذَلِكَ السَّيِّدُ يَدَّعِي عَلَيْهِ عَبْدٌ الْعِتْقَ يُسْجَنَ حَتَّى يُقِرَّ أَوْ يُنْكِرَ وَإِذَا لَفَظَ أَحَدُهُمَا بِمَا يَنْفَعُ الْآخَرَ فَأَغْفَلَ مَنْفَعَتَهُ فِيهِ فَعَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يَقُولَ لِقَائِلِ ذَلِكَ يَلْزَمُكَ عَلَى قَوْلِكَ كَذَا وَلَا يَقُولُ لِخَصْمِهِ قُلْ لَهُ كَذَا لِأَن تَعْلِيمُ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ بِالْعِنَايَةِ لَهُ يُوهِنُ الْآخَرَ وَلَيْسَ كَقَوْلِهِ لَهُ يَلْزَمُكَ كَذَا لَا حُجَّةَ لَكَ فِي قَوْلِكَ فَإِذَا لَمْ يَبْقَ لِأَحَدِهِمَا حُجَّةٌ فَإِنْ قَالَ بَقِيَتْ لِي حُجَّةٌ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ كَانَ مِنْ طَرِيقِ الْعَدَدِ ضَرَبَ لَهُ أَََجَلًا لَيْسَ بالبعيد وَإِذا دعى حُجَّةً قَوِيَّةً فِي دَارٍ فِي يَدَيْهِ أَمْهَلَهُ الشَّهْرَيْنِ ثَلَاثَة

تَمْهِيدٌ وَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ وَغَيْرِهِ كِتَابُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ فِي فُصُولِ الْقَضَاءِ يَنْبَغِي أَنْ يُحْفَظَ أَوَّلُهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ سَلَامٌ عَلَيْكَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْقَضَاءَ فَرِيضَةٌ مُحْكَمَةٌ وَسُنَّةٌ مُتَّبَعَةٌ فَافْهَمْ إِذَا أَدْلَى إِلَيْكَ الْخَصْمُ بِحُجَّتِهِ فَاقْضِ إِذَا فهمت وأنفد إِذَا قَضَيْتَ فَإِنَّهُ لَا يَنْفَعُ تَكَلُّمٌ بِحَقٍّ لَا نَفَاذَ لَهُ آسِ بَيْنَ النَّاسِ فِي وَجْهِكَ وَعَدْلِكَ وَمَجْلِسِكَ حَتَّى لَا يَطْمَعَ شَرِيفٌ فِي حَيْفِكَ وَلَا يَيْأَسَ ضَعِيفٌ مِنْ عَدْلِكَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَنِ ادَّعَى وَالْيَمِينَ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ وَالصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا صُلْحًا أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا وَإِذَا عَرَفْتَ أهل الشغب وَإِلَّا لداد فَأَنْكِرْ وَغَيِّرْ فَإِنَّهُ مَنْ لَمْ يَزَعِ النَّاسَ عَنِ الْبَاطِلِ لَمْ يَحْمِلْهُمْ عَلَى الْحَقِّ لَا يَمْنَعَنَّكَ قَضَاءٌ قَضَيْتَهُ الْيَوْمَ فَرَاجَعْتَ فِيهِ عَقْلَكَ وَهُدِيتَ فِيهِ لِرُشْدِكَ أَنْ تَرْجِعَ إِلَى الْحَقِّ فَإِنَّ الْحَقِّ قَدِيمٌ وَمُرَاجَعَةَ الْحَقِّ خَيْرٌ مِنَ التَّمَادِي فِي الْبَاطِلِ وَقَاتِلْ هَوَاكَ كَمَا تُقَاتِلُ عَدُوَّكَ وَارْكَبِ الْحَقَّ غَيْرَ مُضَارٍّ عَلَيْهِ وَإِذَا رَأَيْتَ مِنَ الْخَصْمِ الْعِيَّ وَالْغَبَاوَةَ فَسَدِّدْ فَهْمَهُ وَبَصِّرْهُ فِي غَيْرِ مَيْلٍ مَعَهُ وَلَا جَوْرٍ على صَاحبه وشاور أهل الرَّأْي من جلساته وإخوائك الْفَهْمَ فِيمَا تَلَجْلَجَ فِي صَدْرِكَ مِمَّا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَا سُنَّةٍ ثُمَّ اعْرِفِ الْأَشْبَاهَ وَالْأَمْثَالَ وَقِسِ الْأَمْرَ عِنْدَ ذَلِكَ وَاعَمِدْ إِلَى أَقْرَبِهَا إِلَى اللَّهِ وَأَشْبَهِهَا بِالْحَقِّ فِيمَا تَرَى وَاجْعَلْ لِمَنِ ادَّعَى حَقًّا غَائِبًا أَوْ بَيِّنَةً أَمَدًا يَنْتَهِي إِلَيْهِ فَإِنْ أَحْضَرَ بَيِّنَتَهُ أخذت لَهُ

حَقَّهُ وَإِلَّا اسْتَحْلَلْتَ عَلَيْهِ الْقَضَاءَ فَإِنَّهُ أَنْفَى للشَّكّ وَأجل لِلْعَمَى الْمُسْلِمُونَ عُدُولٌ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا مَحْدُودًا فِي حَدٍّ أَوْ مُجَرَّبًا عَلَيْهِ شَهَادَةُ زُورٍ أَوْ ظَنِينًا فِي وَلَاءٍ أَوْ نَسَبٍ فَإِنَّ اللَّهَ تَوَلَّى مِنْكُمُ السَّرَائِرَ وَدَرَأَ عَنْكُمُ الشُبُهُاتِ وَالْأَيْمَانِ وَإِيَّاكَ وَالَقْلَقَ وَالضَّجَرَ وَالتَّأَذِّيَ بِالْخُصُومِ وَالتَّنَكُّرَ عِنْدَ الْخُصُومَاتِ فَإِنَّ اسْتِقْرَارَ الْحَقِّ فِي مَوَاطِنِ الْحَقِّ يُعَظِّمُ اللَّهُ بِهِ الْأَجْرَ وَيُحْسِنُ عَلَيْهِ الذُّخْرَ وَيُرْوَى الذِّكْرَ لِمَنْ صَحَّتْ نيَّتُهُ وَأَقْبَلَ عَلَى نَفْسِهِ كَفَاهُ اللَّهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ تَخَلَّقَ لِلنَّاسِ مِمَّا يَعْلَمُ اللَّهُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ نَفْسِهِ شَانَهُ اللَّهُ فَمَا ظَنُّكَ بِثَوَابِ اللَّهِ فِي عَاجِلِ رِزْقِهِ وَخَزَائِنِ رَحْمَتِهِ وَالسَّلَامُ فَهَذَا الْكِتَابُ جَمَعَ أَكْثَرَ أَدَبِ الْقَضَاءِ وَأَحْكَامِهِ فَوَائِدُ هَذِهِ وَلِايَةٌ نُبَيِّنُ تَقْلِيدَهَا وَاللَّفْظُ الْمُفِيدُ الْوِلَايَةَ شَرْعًا وَمَا مَعْنَى الْإِدْلَاءِ وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ التَّنْفِيذِ وَالْحُكْمِ وَمَا مَعْنَى الْحَقُّ قَدِيمٌ وَمَا مَعْنَى ارْكَبِ الْحَقَّ غَيْرَ مُضَارٍّ عَلَيْهِ وَكَيْفَ جَعَلَ الْمُسْلِمِينَ عُدُولًا مِنْ غَيْرِ كَشْفٍ وَاكْتَفَى بِالْعَدَالَةِ الظَّاهِرَةِ كَمَا قَالَهُ ح وَمَا مَعْنَى النَّهْيِ عَنِ التَّنْكِيرِ عِنْدَ الْخُصُومَاتِ وَمَا مَعْنَى مَنْ تَخَلَّقَ لِلنَّاسِ بِمَا يَعْلَمُ اللَّهُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ نَفْسِهِ شَانَهُ اللَّهُ وَمَا الْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ إِنَّا لَنَكْشِرُ فِي وُجُوهِ أَقْوَامٍ وَإِنَّ قُلُوبَنَا لَتَلْعَنُهُمْ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ من وَجْهَيْن لَعَلَّ عَقْدَ الْوِلَايَةِ تَقَدَّمَ وَهَذَا لِلْوَصِيَّةِ

فَقَطْ أَوْ فِي أَلْفَاظِهِ مَا يَقُومُ مَقَامَ عَقْدِ الْوِلَايَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ إِذَا أَدْلَى إِلَيْكَ وَقَوْلُهُ اسْتَحْلَلْتَ عَلَيْهِ الْقَضِيَّةَ وَنَحْوَ ذَلِكَ وَعَنِ الثَّانِي مَعْنَاهُ أَوْصِلْ إِلَيْهِ حُجَّتَهُ وَمِنْهُ قَوْله تعإلى {أدلى دلوه} أَي أوصله لغير وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ إِظْهَارَ الْحُجَّةِ الشَّرْعِيَّةِ وَكَمَالَ النَّظَرِ فِيهَا وَإِثْبَاتَ وَتَرْتِيبَ مُقْتَضَاهَا عَلَيْهَا مِنِ اعْتِقَادِهِ الِاسْتِحْقَاقَ وَتَصْرِيحِهِ بِتِلْكَ حُكْمٌ وَإِلْزَامُ الْخَصْمِ وَقَهْرُهُ لِرَفْعِ الْحَقِّ تَنْفِيذٌ فَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْإِثْبَاتِ وَالْحُكْمِ وَالتَّنْفِيذِ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ الْحق هَاهُنَا حُكْمُ اللَّهِ وَهُوَ كَلَامُهُ النَّفْسَانِيُّ وَهُوَ قَدِيمٌ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْمُصِيبَ لِذَلِكَ أَحْكَمُ فَفِيهِ حَضٌّ عَلَى بَذْلِ الْجُهْدِ فِي طَلَبِ ذَلِكَ الْحُكْمِ الْمُعَيَّنِ أَوْ يَكُونُ كَلَامُهُ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ بَذْلَ الْجُهْدِ فِي طَلَبِ الْحَقِّ وَهُوَ مَا زَالَ فِي جَمِيعٍ فَهُوَ قَدِيمٌ بِمَعْنَى طُولِ الْمُدَّةِ لَا بِمَعْنَى انْتِفَاءِ الْأَوَّلِيَّةِ وَعَنِ الْخَامِسِ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنْ يَتَمَكَّنَ مِنَ الْحَقِّ بِانْشِرَاحِ صَدْرٍ وَطِيبِ نَفْسٍ سَالِمًا عَنْ شَغَبِ الْأَهْوَاءِ فَإِنَّ الرُّكُوبَ يُعَبَّرُ بِهِ عَنِ التَّمَكُّنِ وَمَنْ كَانَ يُنَازِعُهُ هَوَاهُ وَيَكَادُ يَغْلِبُهُ الْهوى فَهُوَ مضار فِي سلوك الْحق فعلامة إِشَارَةٌ إِلَى تَوْفِيرِ الْعَزْمِ وَعَنِ السَّادِسِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ ذَلِكَ مَذْهَبُهُ فَأَخْبَرَ بِهِ لَا أَنَّهُ أَمَرَ بِهِ وَثَانِيهُمَا أَنَّ الْمُسْلِمِينَ عُدُولٌ بَعْدَ الْكَشْفِ بِخِلَافِ الْكُفَّارِ وَقِيلَ إِنَّمَا قِيلَ ذَلِكَ فِي عَصْرِ الصَّحَابَةِ حَيْثُ يَغْلِبُ الْخَيْرُ فَيُلْحَقُ النَّادِرُ بِالْغَالِبِ وَأَمَّا الْيَوْمَ فَغَلَبَ الشَّرُّ فَيُلْحَقُ الْغَالِبُ بِالنَّادِرِ فَيَنْعَكِسُ الْحَالُ وَعَنِ السَّابِعِ أَنَّ التَّنَكُّرَ الْمُرَادَ بِهِ الْغَضَبُ الْمُلْهِي عَن الْفِكر

وَعَنِ الثَّامِنِ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى إِظْهَارِ الطَّاعَاتِ وَالْبَاطِنُ بِخِلَافِهِ وَكَلَامُ أَبِي مُوسَى مَحْمُولٌ عَلَى المداراة بِكَلَام والامور الْمُبَاحَة دفعا للشرور واسجلابا لِلْمَصَالِحِ وَوَافَقَنَا الْأَئِمَّةُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي هَذَا الادب الْأَدَب التَّاسِع تَأْدِيب الْخُصُوم فَفِي الْكِتَابِ لَا بَأْسَ بِضَرْبِ الْخَصْمِ إِذَا تَبَيَّنَ لَدَدُهُ وَظُلْمُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَكَذَلِكَ إِذا أَذَى الفاضي نَفْسَهُ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْقَاضِي مِنْ حَقِّ اللَّهِ وَالْأَدَبُ فِي هَذَا أَمْثَلُ مِنَ الْعَفْوِ قَالَ مُطَرِّفٌ وَعَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا قَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ يَا فَاجِرُ وَيَا ظَالِمُ ضَرَبَهُ عَلَى مِثْلِ هَذَاَ إِلَّا فِي الْفَلْتَةِ مِنْ ذِي مُرُوءَةٍ فَإِنْ قَالَ لِلشَّاهِدَيْنِ شَهِدْتُمَا عَلَيَّ بِزُورٍ أَوْ بِمَا يَسْأَلُكُمَا اللَّهُ عَنْهُ أَوْ لَسْتُمَا عَدْلَيْنِ يُعَاقِبُ فِي ذَلِكَ بِحَسَبِ قَدْرِ الْقَائِلِ وَالْمَقُولِ لَهُ فَإِنْ قَالَ لِلْقَاضِي اتَّقِ اللَّهَ قَالَ ابْن عبد الحكم لَا يضيق عَلَيْهِ فِي ذَلِك وليثبت وَيجب يبين مثل رَزَقَنِي اللَّهُ تَقْوَاهُ أَوْ مَا أَمَرْتُ إِلَّا بِخَيْرٍ وَيُبَيِّنُ لَهُ مِنْ أَيْنَ يَحْكُمُ عَلَيْهِ وَلَا يُظْهِرُ غَضَبًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ قَالَ ظَلَمْتَنِي فَذَلِكَ يَخْتَلِفُ فَإِنْ أَرَادَ بِذَلِكَ أَذَى الْقَاضِي وَالْقَاضِي مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ عَاقَبَهُ لِأَنَّ حُرْمَتَهُ مِنْ حُرْمَةِ اللَّهِ وَحُرْمَةِ رَسُولِهِ الْأَدَبُ الْعَاشِرُ فِي جُلَسَائِهِ وَمُبَاشَرِيهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ لَا يَكُونُ وُكَلَاؤُهُ وَحُجَّابُهُ إِلَّا عُدُولًا لِأَنَّهُ يَعْتَمِدُ عَلَيْهِمْ فِي أُمُورٍ كَثِيرَةٍ وَيَكُونُونَ ذَوِي رِفْقٍ وَأَنَاةٍ لِوُرُودِ الضَّعِيفِ وَالْمَظْلُومِ عَلَيْهِمْ وَيُبَاشِرُونَ النِّسَاءَ الْوَارِدَاتِ لِلْحُكُومَةِ وَيُؤْتَمَنُونَ عَلَى الْحَدِيثِ مَعَهُمْ فَإِذَا اطَّلَعُوا عَلَى أَسْرَارِ الْقَاضِي فِيمَا يُرِيدُ من حُكُومَة فَلَا ينقلوها لِأَحَدِ الْخَصْمَيْنِ وَكَذَلِكَ جُلَسَاؤُهُ وَيَكُونُونَ أَهْلَ دِينٍ وَأَمَانَةٍ وَنَصِيحَةٍ وَاخْتُلِفَ فِي جُلُوسِ الْعُلَمَاءِ عِنْدَهُ فَاخْتَارَ مُحَمَّدٌ حُضُورَهُمْ وَمُشَاوَرَتَهُمْ وَكَانَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَخُصُّ أَرْبَعَةً مِنَ الصَّحَابَةِ وَيَسْتَشِيرُهُمْ فَإِذَا رَأَوْا مَا رَآهُ أَمْضَاهُ وَقَالَهُ أَشْهَبُ وَمَنَعَ مُطَرِّفٌ وَقَالَ إِذَا ارْتَفَعَ عَنْ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ شَاوَرَ قَالَ

اللَّخْمِيُّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ إِنْ كَانَ لَا يَنْحَصِرُ بِحُضُورِهِمْ وَإِلَّا فَلَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي مُقَلِّدًا فَلَا يَسَعُهُ الْقَضَاءُ بِغَيْرِ حُضُورِهِمْ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَا يَدَعْ مُشَاوَرَةَ الْفُقَهَاءِ عِنْدَمَا يَتَوَجَّهُ الْحُكْمُ وَلَا يَجْلِسُ لِلْقَضَاءِ إِلَّا بِحُضُورِ عُدُولٍ لِيَحْفَظُوا إِقْرَارَ الْخُصُومِ خَوْفَ رُجُوعِ الْمُقِرِّ وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَقْضِي بِعِلْمِهِ فَإِنَّ أَخْذَهُ بِمَا لَا خِلَافَ فِيهِ أَوْلَى قَالَ التُّونُسِيُّ قَالَ سَحْنُونٌ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَعَهُ مَنْ يَشْغَلُهُ عَنِ النَّظَرِ فُقَهَاءُ أَوْ غَيْرُهُمْ فَإِنَّ ذَلِك يدْخل عَلَيْهَا الْحَصْرَ وَالْوَهْمَ وَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا يَحْضُرُ عِنْدَهُ الْفُقَهَاءُ وَإِذَا شَهِدَ الْعَالِمُ فِي شَيْءٍ فَلَا يُشَاوِرُ ذَلِكَ الْعَالِمَ فِي ذَلِكَ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُشَاوِرَهُ فِيمَا شَهِدَ فِيهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يَنْبَغِي تَرْكُ الْمُشَاوَرَةِ وَلَا يَدْخُلُهُ عَيْبٌ وَلَا اسْتِنْكَافٌ فَإِنَّ سَلَفَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَخِيَارَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ كَانُوا يَسْأَلُونَ عَمَّا نَزَلَ بِهِمْ فَهَذَا أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَسْأَلُ عَنِ الْجَدَّةِ وَكَانَ عُمَرُ رَضِي الله عَنهُ يَأْتِي زيد بن سَالم ويسأله فِي أَمْرِ الْجَدِّ وَمِيرَاثِهِ وَسَأَلَ عُمَرُ أَيْضًا عَنْ مِيرَاثِ الْمَرْأَةِ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا وَلَا يُفْتَى فِيمَا يُخْتَصَمُ إِلَيْهِ فِيهِ إِلَّا لِلْمُتَفَقِّهِينَ وَاخْتَارَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ الْفُتْيَا فِي جَمِيعِ مَا يُسْأَلُ عَنْهُ لِأَنَّ الْخُلَفَاءَ الْأَرْبَعَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَجْلِسَ الْقَاضِي فِي مَجْلِسِ الْعِلْمِ فَيَعْلَمُ أَو يتَعَلَّم وَعند ش وح يَحْضُرُ بِمَجْلِسِهِ الْعُلَمَاءُ وَيُشَاوِرُهُمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمر} وشاور فِي أَمْرِ الْخَنْدَقِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ تَعَالَى {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَينهم}

الْأَدَب الْحَادِي عشر اسْتِيفَاء الْحجَج فَفِي الْكتاب إِن ادليا بحجتهما وَفَهِمَ عَنْهُمَا وَأَرَادَ أَنْ يُحْكَمَ فَلْيَقُلْ أَبَقِيَتْ لَكُمَا حُجَّةٌ فَإِنْ قَالَا لَا حَكَمَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ لَا يَقْبَلُ إِلَّا مَا لَهُ وَجْهٌ وَبَيِّنَةٌ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا أَوْ أَتَى بِشَاهِدٍ عِنْدَ مَنْ لَمْ يَرَ الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ ثُمَّ وَجَدَ شَاهِدًا آخَرَ وَقَالَ لَمْ أَعْلَمْ بِهِ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ قَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ جَعَلَ فَهْمَهُ مَقَامَ مَا يَسْمَعُهُ قَالَ الْقَاضِي وَلَيْسَ الْمُرَادُ هَذَا وانما فهم عَنْهُمَا واسمعة انْتَفَت الرِّيبَة عه وَالِاحْتِمَالُ قَالَ أَشْهَبُ وَسَحْنُونٌ لَا يَقْضِي بِمَا فَهِمَهُ مِنْ لَحْنِ خِطَابِهِمَا وَلَا بِمَا يَظُنُّهُ فِي هَذَا هُوَ الْفَهْمُ الَّذِي أَرَادَهُ فِي الْكِتَابِ وَقَوْلُهُ أَبَقِيَتْ لَكُمَا حُجَّةٌ قِيلَ صَوَابُهُ من الْمَحْكُوم وَعَلِيهِ اختصرها ابْنُ مُحَمَّدٍ وَمَنِ اتَّبَعَهُ وَأَمَّا الطَّالِبُ فَهُوَ يَطْلُبُ الْحُكْمَ وَقِيلَ الْقَوْلُ لَهُمَا لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ إِذَا أَبْدَى حُجَّةً يُسْأَلُ الطَّالِبُ عَنْ جَوَابِهَا فَكَأَنَّهُ قَالَ أَبَقِيَ لَكُمَا كَلَامٌ أَنْظُرُ فِيهِ قَالَ وَالْأَحْسَنُ أَنَّهُمَا اثْنَانِ طَالِبٌ وَمَطْلُوبٌ فَمَرَّةً يَتَوَجَّهُ الْحُكْمُ عَلَى الْمَطْلُوبِ وَمَرَّةً عَلَى الطَّالِبِ بِتَعْجِيزِهِ لِلْمَطْلُوبِ وَدَفْعِهِ عَنْهُ فَقَوْلُهُ أَبَقِيَتْ لَكُمَا حُجَّةٌ لَمَّا كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا إِذَا تَوَجَّهَ عَلَيْهِ الْحُكْمُ اخْتَصَرَ الْكَلَامَ وَلَفَّهُ فِي لَفْظٍ وَاحِدٍ وَأَيْضًا فَقَدْ يبْقى للطَّالِب حجَّة يدْفع فِيهَا عَنْهُ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ إِذَا جَاءَ شَاهِدٌ آخَرُ يقْضِي لَهَا الْقَاضِي الْأَوَّلُ وَغَيْرُهُ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِنَّمَا هَذَا لِلْقَاضِي نَفْسِهِ وَلَا يَسْمَعُ مِنْهُ غَيْرُهُ وَلِسِحْنُونٍ لَا هُوَ وَلَا غَيْرُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ قَالَا لَا حُجَّةَ لَنَا لَا تُقْبَلُ لَهُمَا حُجَّةٌ بَعْدَ إِنْفَاذِ الْحُكْمِ وَإِنْ قَالَ بَقِيَتْ لِي حُجَّةٌ فَأَمْهَلَهُ فَلَمْ يَأْتِ بِشَيْءٍ حَكَمَ عَلَيْهِ وَمَعْنَى قَوْلِ مَنْ قَالَ لَا يَنْظُرُ فِي الشَّاهِدِ إِذَا أَتَى بِهِ غَيْرُ الأول لِأَن الأول قد اجْتهد فَلَا ينْقض لَيْلًا يكون للثَّانِي وَصِيّ عَلَى الْأَوَّلِ وَفِي الْمَجْمُوعَةِ إِذَا قَضَى عَلَيْهِ ثُمَّ وَجَدَ بَيِّنَةً لَمْ يَعْلَمْ بِهَا وَقَدْ عَزَلَ الْأَوَّلَ حَكَمَ لَهُ بِهَا الثَّانِي كَمَا لَو

كَانَت غَائِبَة غيبَة بعيدَة فَحكم عَلَيْهَا ثُمَّ قَدِمَتْ فَلَهُ الْقِيَامُ بِهَا فَالْجَهْلُ بِهَا كَالْغَيْبَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكْتُبَ فِي قَضِيَّتِهِ أَنَّهُ ذكر أَن لَهُ بَيِّنَة بعيدَة الْغَيْبَة فَمن أَحْضَرَ شُهُودَهُ فَهُوَ عَلَى حُجَّتِهِ وَعَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ وَغَيْرِهِ إِذَا حَكَمَ بِشَاهِدٍ مِنْ بَعْدِ الِاجْتِهَادِ فِي الْكَشْفِ عَنْهُمَا لَمْ يَنْتَقِضْ بِشَيْءٍ مِمَّا يَقْدَحُ فِيهِمَا إِلَّا أَنْ يَكُونَا عَبْدَيْنِ أَوْ مَسْخُوطَيْنِ أَوْ مُوَلًّى عَلَيْهِمَا أَوْ مِمَّنْ يَسْتَحِقَّانِ الْوِلَايَةَ عَلَيْهِمَا وَقَالَهُ أَشْهَبُ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا قَالَ بَقِيَتْ لِي حُجَّةٌ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ كَانَ مِنْ طَرِيقِ اللَّدَدِ ضَرَبَ لَهُ أَجَلًا لَيْسَ بِالْبَعِيدِ ثُمَّ يَحْكُمُ عَلَيْهِ وَإِنْ ذَكَرَ حُجَّةً قَوِيَّةً فِي دَارٍ وَنَحْوِهَا فَنَحْوَ ثَلَاثَة أشهر الْأَدَبُ الثَّانِيَ عَشَرَ فِي الْإِسْجَالِ عَلَيْهِ بِمَا ثَبَتَ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَمِنْ حَقِّ الطَّالِبِ إِذَا تَوَجَّهَ لَهُ الْحَقُّ أَنْ يُكْتَبَ لَهُ قَضَيَّتُهُ بِمَا ثَبَتَ لَهُ وَسَبَبُ الثُّبُوتِ مِنْ بَيِّنَةٍ أَوْ يَمِينٍ أَوْ نُكُولٍ أَوْ سُقُوطِ بَيِّنَةٍ إِنْ ظَهَرَتْ لِأَنَّهُ يَخْشَى أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ بعد ذَلِك بهَا وَاخْتلف فِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِذَا لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ بِتِلْكَ الدَّعْوَى شَيْءٌ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَيْسَ ذَلِكَ عَلَى الْقَاضِي وَقَالَ مُطَرِّفٌ يَكْتُبُ لَهُ حَتَّى لَا تَعُودَ الْخُصُومَةُ فِي ذَلِكَ وَاخْتَلَفَ إِذَا أُتِيَ بَعْدَ ذَلِكَ بِمَنْ يُزَكِّيهَا أَوْ عَدْلَيْنِ فَعِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ يُقْبَلَانِ لِأَنَّ الْعَجْزَ لَا يُبْطِلُ الْحَقَّ وَعِنْدَ مُطَرِّفٍ لَا يُقْبَلُ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ الْعِتْقُ وَالطَّلَاقُ وَالنَّسَبُ لِأَنَّ فِيهَا حقوقا لغَيْرهَا الْحَاضِرِ فَحُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ وَالْأَنْسَابِ مُتَعَدِّدَةٌ وَكَذَلِكَ الْوَلَاءُ وَفِي الْجَوَاهِرِ يَكْتُبُ فِي الْإِسْجَالِ أَسْمَاءَ الْبَيِّنَةِ وَأَسْمَاءَ الْمُتَدَاعِيَيْنِ وَأَنْسَابَ الْجَمِيعِ وَمَا يُعْرَفُونَ بِهِ وَمَا حُكِمَ بِهِ وَيَحْتَفِظُ بِهِ فِي خَرِيطَةٍ وَيَخْتِمُ عِلَيْهِ وَيَكْتُبُ عَلَيْهِ خُصُومَةَ كُلِّ شَهْرٍ عَلَى حِدَةٍ حَتَّى يَتَيَسَّر الْإِخْرَاج الْأَدَبُ الثَّالِثَ عَشَرَ أَرْزَاقُهُ وَأَرْزَاقُ أَعْوَانِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ جَلَسَ سَحْنُونٌ لِلنَّاسِ احْتِسَابًا وَقَالَ لَوِ أُعْطِيتُ جَمِيعَ بَيْتِ الْمَالِ لَأَخَّرْتُهُ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيمٍ وَأَخَذَ لِأَعْوَانِهِ وَكَاتِبِهِ وَكُلُّ مَنِ اسْتَعْدَى أَعْطَاهُ طَابِعًا فَإِذَا جَاءَ بِخَصْمِهِ رَدَّ الطَّابَعَ وَفِي الْكِتَابِ أَكْرَهُ إِجَارَةَ قُسَّامِ الْقَاضِي فَإِن وَقع ذَلِك كَانَ على عدد الرؤس لَا على

الْأَنْصِبَاءِ إِذَا لَمْ يَشْتَرِطُوا بَيْنَهُمْ شَيْئًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَيْسَ بِحَرَامٍ بَلْ يُكْرَهُ لِأَنَّ خَارِجَةَ وَزَيْدًا كَانَا يُقْسِمَانِ بِغَيْرِ أَجْرٍ وَفِي النَّوَادِرِ مِنَ الْوَاضِحَةِ حَقٌّ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُوَسِّعَ عَلَى الْقَاضِي فِي رِزْقِهِ وَيَجْعَلَ لَهُ قَوَمَةً يَقُومُونَ بِأَمْرِهِ وَيَدْفَعُونَ عَنْهُ النَّاسَ وَأَثْمَانَ الرُّقُوقِ وَالسِّجِلَّاتِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَأْخُذَ رِزْقَهُ إِلَّا مِنَ الْخُمْسِ أَوِ الْجِزْيَةِ أَوْ عُشُورِ أَهْلِ الذِّمَّةِ إِنْ جُبِيَتْ بِغَيْرِ ظُلْمٍ وَلَا يُرْزَقُ مِنَ الزَّكَاةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَنِ أَصْنَافِهَا وَإِنَّ وُلِّيَ فَقِيرٌ أُغْنِيَ وَوَفِّيَ عَنْهُ دَيْنُهُ وَيُكْفَى جَمِيعَ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ قَالَ سَحْنُونٌ وَلَهُ تَكْلِيفُ الطَّالِبِ صَحِيفَةً يَكْتُبُ فِيهَا حُجَّتَهُ وَشَهَادَتَهُ قَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ بِأَرْزَاقِ الْقُضَاةِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَكَذَلِكَ الْعُمَّالُ إِنْ عَمِلُوا عَلَى حَقٍّ قَالَ أَشْهَبُ فَرِزْقُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى قَدْرِ نَفْعِهِ وَقُوَّتِهِ عَلَى الْعَمَلِ أَمَّا إِذَا كَانَ الْمَالُ يُوضَعُ فِي غَيْرِ وَجْهِهِ فَتُكْرَهُ أَرْزَاقُهُمْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَاسِمُ الْغَنَائِمِ كقاسم الْقَاضِي وَإِنَّمَا كَرِهَ مَالِكٌ لِقُسَّامِ الْقَاضِي لِأَنَّهَا تُؤْخَذ من بَيت مَالِ الْيَتَامَى وَمِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ وَلَا بَأْسَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَكَذَلِكَ مَنْ يُبْعَثُ فِي أُمُورِ الْخُصُومَاتِ لَا يُجْعَلُ لَهُ عَلَى النَّاسِ شَيْء وَقَالَ مَالِكٌ لِأَنَّ الْأَخْذَ مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ سَبَبُ الْحَيْفِ عَلَى بَعْضِهِمْ فَيَكُونُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَلَوْ أَجَّرَ قَوْمٌ لِأَنْفُسِهِمْ قاسما لم أربه بَأْسًا كَمَا قَالَ مَالِكٌ فِي الْوَثِيقَةِ قَالَ سَحْنُونٌ فَإِنْ لَمْ يُرْزَقِ الْقَاسِمُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَجَّرَ نَفْسَهُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنِ استجوب قَاسِمُ الْغَنِيمَةِ جَازَ وَإِذَا بُعِثَ الْقَاسِمُ لِيُقَسِّمَ بَيْنَ قَوْمٍ فِيهِمْ صَغِيرٌ أَوْ غَائِبٌ قَالَ أَصْبَغُ لَا يَشْهَدُ فِي ذَلِكَ حَتَّى يَرْفَعَهُ للْحَاكِم فَإِن رَآهُ صَوَابا أَمْضَاهُ لِأَن حق الصَّغِير وَالْغَائِب وَكيل يَقُومُ مَقَامَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا يُكْرِهُ الْقَاضِي النَّاسَ عَلَى قَسْمِ قَسَامَةٍ خَاصَّةٍ وَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ أَغْنُوهُمْ بِالْمُعَامَلَةِ عَنِ الْخِيَانَةِ وَأَجْرَى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لِلْقَاضِي دَفْعَ مِائَةِ دِينَارٍ فِي السَّنَةِ وَكَانَ يُوَسِّعُ عَلَى عُمَّالِهِ وَيَقُولُ ذَلِكَ لَهُمْ قَلِيلٌ إِذَا أَقَامُوا كِتَابَ اللَّهِ وَعَدَلُوا وَعِنْدَ ش مَنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَعِنْدَهُ كِفَايَتُهُ وَكِفَايَةُ مَنْ تَلْزَمُهُ كِفَايَتُهُ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهِ رِزْقًا لِأَنَّهُ فَرْضٌ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ كِفَايَةٌ جَازَ لَهُ الرِّزْقُ

مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّ الْقَضَاءَ لَا يَتْرُكَ لَهُ الْكَسْبَ فَلَا بُدَّ أَنْ يُعْرِضَ عَنِ الْكَسْبِ وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَوَجَدَ الْإِمَامُ مَنْ يَتَطَوَّعُ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَةِ لَو يَجُزْ أَنْ يُوَلِّيَ مَنْ يَطْلُبُ عَلَيْهِ رِزْقًا لِأَنَّ بَيْتَ الْمَالِ لِلْمَصَالِحِ وَلَا مَصْلَحَةَ فِي الدَّفْعِ إِلَيْهِ مَعَ وُجُودِ الْمُتَبَرِّعِ فَإِنْ عُدِمَ الْمُتَبَرِّعُ وَلِلْمُوَلَّى كِفَايَتُهُ كُرِهَ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهِ رِزْقًا لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ وَتَحْرُمُ الْإِجَارَةُ عَلَى الْقَضَاءِ كَأَنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَعِنْدَ ابْنِ شَعْبَانَ يَجُوزُ أَخْذُ الرِّزْقِ لِمَنْ تَعَيَّنَ وَلَمْ يَتَعَيَّنْ مُطْلَقًا مَعَ إِكْرَاهِهِ ذَلِكَ مُطْلَقًا وَاتَّفَقَتِ الْأَئِمَّةُ وَالْأُمَّةُ فِيمَا عَلِمْتُ عَلَى تَحْرِيمِ الْإِجَارَةِ وَأَصْلُ الْإِرْزَاقِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَرْزَقَ عَتَّابَ بْنَ أُسِيدٍ أَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً فِي السَّنَةِ رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ وَلَمْ يُبَيِّنْ ذَهَبًا وَلَا فِضَّةً وقَوْله تَعَالَى {وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} التَّوْبَة 60 فَيُقَاسُ عَلَيْهَا جَمِيع الْمصَالح قَاعِدَة لايجتمع الْعِوَض والمعوض لشخص وَاحِد لَيْلًا تَبْطُلَ حِكْمَةُ الْمُعَاوَضَةِ وَكَذَلِكَ امْتَنَعَ أَخْذُ السَّابِقِ فِي حلبة الْخَيل أَو الرُّمَاة الرَّهْن لَيْلًا يَكُونَ الْمُنْتَفِعُ هُوَ الْآخِذَ وَاشْتُرِطَ الْمُحَلَّلُ وَامْتَنَعَ أَخْذُ الْأُجْرَةِ فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّ ثَوَابَهَا لِلْإِمَامِ وَكَذَلِكَ لِلْقَاضِي أَجْرُ حُكْمِهِ لَهُ فَهُوَ يَعْمَلُ لنَفسِهِ تمهيد الْأَعْمَال ثَلَاثَة أَقسَام أُجْمِعَ عَلَى جَوَازِ الْإِجَارَةِ فِيهِ كَالْخِيَاطَةِ وَقِسْمٌ أُجْمِعَ فِيهِ عَلَى الْمَنْعِ كَالْإِيمَانِ وَالصِّيَامِ وَقِسْمٌ مُخْتَلف فِيهِ كَالْحَجِّ والإمامة وَالْأَذَان بِوُجُوب شَائِبَتَيْنِ حُصُولِ النَّفْعِ لِلنَّافِعِ بِالثَّوَابِ وَالْمُسْتَأْجِرِ بِالْمُلَازَمَةِ فِي الْمَكَانِ الْمُخَصَّصِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَقَدْ يُتَوَهَّمُ هَذَا فِي الْقَضَاءِ لَكِنْ عَرَضَ أَمْرٌ عَظِيمٌ وسهو هُوَ أَنَّ مَنْصِبَ الْقَضَاءِ مَنْصِبُ النُّبُوَّةِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَابَلَ بِالْعِوَضِ

لِأَنَّهُ هَوَانٌ وَلِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ مُسْتَحِقٌّ لِلْمَنَافِعِ فَهُوَ نَوْعٌ مِنَ السَّلْطَنَةِ تُهِينُ مَنْصِبَهُ وَتَخِلُّ بِهَيْبَتِهِ فَتَخْتَلُّ الْمَصَالِحُ وَبِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقُسَّامِ وَغَيْرِهِمْ لِأَنَّ مَنَاصِبَهُمْ قَلِيلَةُ الْعِظَمِ وَالْخَطَرِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْقَضَاءِ فَتُعَدُّ الْمَفْسَدَةُ فِيهِمْ بِخِلَافِ الْقَاضِي وَأَمَّا الْإِرْزَاقُ فَهُوَ يُعْطَى لِلْقَاضِي وَالْفُقَرَاءِ وَالضُّعَفَاءِ بِسَبَب وَاحِد وَهُوَ سد الْخلَّة لَا للمعامضة فَكَمَا أَنَّهُ فِي حَقِّ الْفَقِيرِ لَيْسَ مُعَاوَضَةً فَكَذَلِكَ الْقَاضِي لَا يُلَاحَظُ فِيهِ إِلَّا أَنَّهُ مُحْتَاج لذَلِك فيعطاه لَا أَنه لوحد خِدْمَتَهُ شَيْءٌ وَيُعَاوَضُ عَلَيْهِ كَالْفَقِيرِ سَوَاءً فَلِذَلِكَ جَازَ اتِّفَاقًا وَمُنِعَتِ الْإِجَارَةُ اتِّفَاقًا فَاعْلَمْ هَذِهِ الْفُرُوقَ وَتَدَبَّرْهَا فَإِنَّهَا مَدَارِكُ جَلِيلَةٌ الْأَدَبُ الرَّابِعَ عَشَرَ الْتِزَامُ سَدِّ ذَرِيعَةِ الْخِيَانَةِ وَالْمَهَانَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَا يَقْبَلُ هَدِيَّةً وَلَا مِمَّنْ يُهَادِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَا قَرِيبٍ وَلَا صَدِيقٍ وَإِنْ كَافَأَ بِأَضْعَافِهَا إِلَّا مِنَ الْوَالِدِ وَالْوَلَدِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ خَاصَّةٍ الْقَرَابَةِ الَّتِي تَجْمَعُ مِنَ الْحُرْمَةِ أَكْثَرَ مِنْ حُرْمَةِ الْهَدِيَّةِ قَالَ سَحْنُونٌ وَمِثْلُ الْخَالَةِ وَالْعَمَّةِ وَبِنْتِ الْأَخِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اسْتَعْمَلَ رَجُلًا مِنْ بَنِي أَسَدٍ عَلَى الصَّدَقَةِ فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ هَذَا لَكُمْ وَهَذَا لِي أُهْدِيَ إِلَيَّ فَقَامَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ مَا بَالُ الْعَامِلِ نَبْعَثُهُ عَلَى بَعْضِ أَعْمَالِنَا فَيَقُولُ هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أهدي إِلَيّ أَلا مجْلِس فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَيَنْظُرُ أَيُهْدَى إِلَيْهِ أَمْ لَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَأْخُذُ أَحَدٌ مِنْهَا شَيْئًا إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يحملهُ على رقبته // (حديثصحيح) // وَلِأَنَّهَا ذَرِيعَةُ الرُّشَى فِي الْأَحْكَامِ فَيَنْدَرِجُ فِي الَّذِينَ اشْتَرَوْا بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يَقْبَلُ مِمَّنْ يُخَاصِمُ وَيَقْبَلُهَا مِنْ إِخْوَانِهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ فِي كَرَاهَتِهَا إِلَى السُّلْطَانِ وَالْقُضَاةِ وَالْعُمَّالِ وَجُبَاةِ الْأَمْوَالِ وَقَبُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْهَدِيَّةَ مِنْ خَوَاصِّهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلِلْإِمَامِ أَخْذُ مَا أَفَادَ الْعُمَّالَ كَمَا فَعَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِذَا

وَلَّى أَحَدًا أَحْصَى مَالَهُ لِيَنْظُرَ مَا يَزِيدُ فَيَأْخُذُهُ مِنْهُ وَكَذَلِكَ شَاطَرَ الْعُمَّالَ لَمَّا لَمْ يَسْتَطِعْ تَمْيِيزَ الزَّائِدِ وَشَاطَرَ أَبَا هُرَيْرَةَ وَأَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ لما احْتَضَرَ مُعَاوِيَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَمَرَ أَنْ يَدْخُلَ شَطْرُ مَالِهِ فِي بَيْتِ الْمَالِ اسْتِنَانًا بِفِعْلِ عُمَرَ بِعُمَّالِهِ تَمْهِيدٌ الزَّائِدُ قَدْ يَكُونُ مِنَ التِّجَارَةِ أَوِ الزِّرَاعَةِ لَا مِنَ الْهَدِيَّةِ وَلَا تَظُنَّ الْهَدَايَا بِأَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَة إِلَّا مِمَّا لَا يَقْتَضِي أَخْذًا وَمَعَ ذَلِكَ فَالتَّشْطِيرُ حَسَنٌ لِأَنَّ التِّجَارَةَ لَا بُدَّ أَنْ يُنَمِّيَهَا جَاهُ الْعَمَلِ فَيَصِيرَ جَاهَ الْمُسْلِمِينَ كَالْعَامِلِ وَالْقَاضِي أَوْ غَيْرِهِ رَبِّ الْمَالَ فَأُعْطِيَ الْعَامِلُ نِصْفَ الْمَالِ عَدْلًا بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ وَكَذَلِكَ لَمَّا انْتَفَعَ عَبْدُ اللَّهِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ ابْنَا عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِالْمَالِ الَّذِي أَخَذَاهُ مِنَ الْكُوفَةِ سَلَفًا فِي الْقِصَّةِ الْمَشْهُورَةِ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اجْعَلْهُ قِرَاضًا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَجَعَلَهُ قِرَاضًا وَلَوْلَا هَذِهِ الْقَاعِدَةُ كَيْفَ يَصِيرُ الْقَرْضُ قِرَاضًا فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَلَا بَأْسَ لِلْقَاضِي بِحُضُورِ الْجَنَائِزِ وَعِيَادَةِ الْمَرْضَى وَيُسَلِّمُ عَلَى أَهْلِ الْمَجْلِسِ وَيُسَلِّمُ عَلَى مَنْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ لَا يَنْبَغِي لَهُ إِلَّا ذَلِك لِأَنَّهَا قربات من أَمْوَالِي النَّاس فالقربات وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَمُطَرِّفٌ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُجِيبَ الدَّعْوَةَ لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ أَكْلِ الطَّعَامِ إِلَّا فِي الْوَلِيمَةِ لِلْحَدِيثِ فِيهَا ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ وَقَالَ أَشْهَبُ يُجِيبُ الدَّعْوَةَ الْعَامَّةَ وَلِيمَةً أَوْ صَنِيعًا عَامًّا لِفَرَحٍ وَلَا يَجِبُ لِغَيْرِ الْفَرَحِ لِأَنَّ الْعُمُومَ لَعَلَّهُ مِنْ أَجْلِ الْقَاضِي لَا لِسُرُورٍ قَالَ سَحْنُونٌ وَالتَّنَزُّهُ عَنِ الدَّعْوَةِ الْعَامَّةِ أَحْسَنُ وَقَدْ كَرِهَ مَالِكٌ لِأَهْلِ الْفَضْلِ أَنْ يُجِيبُوا كُلَّ مَنْ دَعَاهُمْ سُؤَالٌ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَوْ دُعِيتُ إِلَى كِرَاعٍ لَأَجَبْتُ وَاخْتُلِفَ هَلِ المُرَاد كرَاع

الشَّاة أَو اسْم مَكَان وعَلى التَّقْدِير تَكُونُ إِجَابَةُ الدَّاعِي حَسَنَةً مُطْلَقًا لِلْقَاضِي وَأَهْلِ الْفَضْلِ اقْتِدَاءً بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَلْ يَنْبَغِي النَّهْيُ عَنْ غَيْرِ ذَلِكَ جَوَابُهُ إِنَّ عِظَمَ مَنْصِبِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اوجب الْفرق فَكَانَ النَّاس يجيبون فَإِنَّ مَنْ أَجَابَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فقد حصل لَهُ خير الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَالْمِنَّةُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَى الدَّاعِي جَزْمًا وَالْأَمْرُ فِينَا بِالْعَكْسِ إِنَّمَا نُدْعَى لِتَكُونَ الْمِنَّةُ عَلَيْنَا وَذَلِكَ هَوَانٌ بِنَا وَعز بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَحَصَلَ الْفَرْقُ وَفِي النَّوَادِرِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ ومطرف لَا يشغل الْقَاضِي بِالْأَحَادِيثِ فِي مَجْلِسِهِ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ إِجْمَامَ نَفْسِهِ قَالَا وَإِذَا جَلَسَ أَحَدٌ عِنْدَهُ وَقَالَ جَلَسْتُ لِأَقْتَدِيَ بِكَ وَأَتَعَلَّمَ مِنَ أَقْضِيَتِكَ فَلْيُقِمْهُ وَالْجُلُوسُ عِنْدَ الْقُضَاةِ مِنْ حِيَلِ الْمُشَاكِلِينَ للنَّاس إِلَّا أَن يكون مَعْرُوفا مألونا فَيَدَعَهُ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يَقْعُدُ عِنْدَهُ إِلَّا الثِّقَةُ الْبَارِزُ الَّذِي فِيهِ نَفْعٌ وَلَا يَشْتَغِلُ فِي مَجْلِسِ قَضَائِهِ بِالْبَيْعِ وَالِابْتِيَاعِ لِنَفْسِهِ أَوْ لغيره على وَجه الْعِنَايَة بِهِ إِلَّا ماخف قَالَ سَحْنُون وَتَركه أضلّ قَالَ أَشْهَبُ فَمَا بَاعَ جَازَ بَيْعُهُ لَا يُرَدُّ مِنْهُ شَيْءٌ قَالَ سَحْنُونٌ وَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ تِجَارَةُ الْوُلَاةِ لَهُمْ مَفْسَدَةٌ وَلِلرَّعِيَّةِ مُهْلِكَةٌ قَالَ أَشْهَبُ أَمَّا بيع التركات فِي مَجْلِسه قَضَائِهِ أَوْ مَالِ غَائِبٍ أَوْ صَغِيرٍ فَذَلِكَ جَائِزٌ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يَنْبَغِي إِكْثَارُ الدُّخُولِ عَلَيْهِ وَلَا الرُّكُوبُ مَعَهُ إِلَّا لِأَهْلِ الْأَمَانَةِ وَالنَّصِيحَةِ وَالْفَضْلِ قَالَ أَشْهَبُ لَا يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ مِنْ خَصْمٍ وَإِنْ كَانَ خَاصًّا أَوْ قِيَاسًا لَهُ وَإِنْ كَافَأَهُ وَلَا مِنْ غَيْرِ خَصْمٍ إِلَّا أَنْ يُكَافِئَهُ بِمِثْلِهَا وَإِنْ كَانَ يُهَادِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَهُ التَّسَلُّفُ مِنْ إِخْوَانِهِ الَّذِينَ يَعْرِفُ لَهُ السَّلَفَ مِنْهُمْ وَيَسْتَعِينُ بِإِخْوَانِهِ فِي حَوَائِجِهِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يَنْبَغِي لَهُ التَّضَاحُكُ مَعَ النَّاسِ وَتَكُونُ فِيهِ عُبُوسَةٌ بِغَيْرِ غَضَبٍ وَيَلْزَمُ التَّوَاضُعَ مِنْ غَيْرِ وَهْنٍ لَا تَرْكَ حَقٍّ وَإِنْ أَمْكَنَهُ الْغَنَاءُ عَنِ الْأَعْوَانِ كَمَا كَانَ الْخُلَفَاءُ فَهُوَ أَفْضَلُ فَإِنِ احْتَاجَ فَلْيُخَفِّفْ مَا

اسْتَطَاعَ وَيمْنَع من رفع الصَّوْت عِنْده لَيْلًا يُدْهَشَ وَيَتَنَزَّهُ عَنِ الْعَوَارِي وَالْمُقَارَضَةِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا بَأْسَ أَنْ يُطَالِعَ ضَيْعَتَهُ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يَشْتَرِي بِنَفْسِهِ وَلَا بوكيل مَعْرُوف لَيْلًا يُسَامِحَ وَلَا يُوَكِّلُ إِلَّا مَنْ يَأْمَنُهُ عَلَى دينه لَيْلًا يَسْتَرْخِصَ لَهُ بِسَبَبِ الْحُكْمِ وَلَا يَدْرِي النَّاسُ منزلَة لأحد عِنْده لَيْلًا يُؤْتى من قبله ويدعوا أَحَدًا فِي عَدَالَةٍ وَلَا شَهَادَةٍ وَيَكْفِي الْقَاضِيَ مِنَ الْمَعْرِفَةِ مَنْحُ الرَّجُلِ صَحْبَهُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ لِأَنَّهُ يُخَادِعُ النَّاسَ بِالْمَنْزِلَةِ عِنْدَ الْقَاضِي كَثْرَة النَّاسِ فِي الرُّكُوبِ مَعَهُ تُعَظِّمُ عَلَيْهِ نَفْسَهُ وتعظم عَلَيْهِ خُلُقَهُ وَوَافَقَنَا الْأَئِمَّةُ عَلَى تَحْرِيمِ الرِّشْوَةِ لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَعَنَ اللَّهُ الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ عَلَى الْحُكْمِ وَقَالَ أَبُو حَامِدٍ الْإِسْفِرَايِنِيُّ وَالْبَكْرِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ إِذَا كَانَ لَا ياخذرزقا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَقَالَ لَا أَقْضِي بَيْنَكُمَا إِلَّا بعوض وأجراه مَجْرَى الْهَدِيَّةِ وَحَقِيقَةُ الرَّشْوَةِ الْأَخْذُ لِلْحَكَمِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أَوْ لِإِيقَافِ الْحُكْمِ فَهَذَا هُوَ الْحَرَامُ عِنْدَهُمْ وَعِنْدَ ش تَحْرُمُ الْهَدِيَّةُ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَادَتُهُ أَنْ يُهْدِيَ إِلَيْهِ قَبْلَ الْوِلَايَةِ وَمِمَّنْ عَادَتُهُ إِنْ كَانَتْ لَهُ حُكُومَةٌ أَوْ يَسْتَشْعِرُهَا لَهُ أَوْ أَهْدَى لَهُ أَعْلَى مِمَّا عَادَته أَن يهديه وَالْإِجَارَة مَعَ الْكَرَاهَةِ وَكَذَلِكَ إِذَا أَهْدَى إِلَيْهِ فِي غَيْرِ عَمَلِهِ وَاخْتَلَفَ الشَّافِعِيَّةُ إِذَا أَخَذَ الْمُحْرَّمَةَ هَلْ يَرُدُّهَا لِرَبِّهَا أَوْ لِبَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّ الْمُهْدِيَ أَهْدَى إِلَيْهِ لِمَكَانِ وِلَايَتِهِ وَهُوَ مُنْتَصِبٌ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ فَكَأَنَّهُ أَهْدَاهَا لِلْمُسْلِمِينَ فَتُصْرَفُ فِي مَصَالِحِهِمْ وَجَوَّزُوا حُضُورَهُ الْوَلَائِمَ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ وَكَرِهُوا تَوَلِّيَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ بِنَفْسِهِ وَأَنْ يكون وَكيلا مَعْرُوفًا وَلَهُمْ فِي الْفُتْيَا فِي أَحْكَامِ الْخُصُومَاتِ قَولَانِ وَوَافَقَ ابْن حَنْبَل ش فِي لهدية وَأَقْسَامِهَا وَالْوَلَائِمِ وَالْبِيَعِ وَعِنْدَ ح مَتَى قَبِلَ الرِّشْوَةَ انْعَزَلَ وَلَا يُنَفَّذُ قَضَاؤُهُ بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى يَتُوبَ فَإِذَا تَابَ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى اسْتِئْنَافِ تَوْلِيَةٍ لِأَنَّ الْفِسْقَ يُبْطِلُ حُكْمَهُ كَالشَّهَادَةِ بل أولى

لِأَنَّ حُكْمَ الْقَاضِي يُنَفَّذُ عَلَى الْغَيْرِ وَالشَّاهِدُ لَا يَنْفُذُ قَوْلُهُ عَلَى الْغَيْرِ وَيَعُودُ لِغَيْرِ وِلَايَةٍ لِزَوَالِ الْمُعَارِضِ فَيَعْمَلُ السَّبَبُ السَّابِقُ وَفَصَّلَ فِي الْهَدِيَّةِ مِثْلَ ش الْأَدَبُ الْخَامِسَ عَشَرَ فِي أُمُورٍ مُتَقَدِّمَةٍ يَحْتَاجُهَا فِي الْجَوَاهِرِ يَجْعَلُ مَنْ يَثِقُ بِهِ يُخْبِرُهُ بِمَا يَقُولُ النَّاسُ فِيهِ مِنْ أَخْلَاقِهِ وَيُنْكِرُونَ عَلَيْهِ فَيَنْظُرُ فِيهِ وَيَسْتَدْرِكُهُ بِمَا يَلِيقُ وَفِي النَّوَادِرِ يَتَعَيَّنُ عَلَى جَلِيسِ الْقَاضِي إِذَا أَنْكَرَ أَمْرًا أَنْ لَا يُؤَخِّرَهُ بَلْ فِي الْحَالِ يُخْبِرُهُ بِهِ لِيَتُوبَ وَإِذَا احْتَاجَ إِلَى كَشْفِ وَجْهِ الْمَرْأَةِ كُشِفَ بَين يَدي الْعُدُول من أَصْحَابه وَأمر بنحي الْخُصُوم وَمن على رَأسه إِن كَانَ آمنهُ وَيَجْعَلُ لِلنَّصَارَى يَوْمًا أَوْ وَقْتًا يَجْلِسُ لَهُمْ فِيهِ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ قَالَ سَحْنُونٌ وَالْغُرَبَاءُ وَأَهْلُ الْمِصْرِ سَوَاءٌ إِلَّا أَنْ يَرَى غَيْرَ ذَلِكَ فِي الْغُرَبَاءِ مِمَّا لَا يَضُرُّ بِأَهْلِ الْمِصْرِ وَلَهُ أَنْ يَجْعَلَ لِلْغُرَبَاءِ وَقْتًا يَخُصُّهُمْ فَإِنْ كَثُرُوا فَلَا يَبْدَأُ بِهِمْ كُلَّ يَوْمٍ بَلْ يَجْعَلُ لِهَؤُلَاءِ دَعْوَةً وَلِهَؤُلَاءِ دَعْوَةً ثُمَّ يَبْدَأُ بِطَائِفَةٍ أَوَّلَ يَوْمٍ ثُمَّ يَمِيلُ لِأَهْلِ الْمِصْرِ حَتَّى يَقُومَ ثُمَّ يَبْدَأُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي بِبَاقِيهِمْ ثُمَّ يَمِيلُ إِلَى أَهْلِ الْمِصْرِ يَفْعَلُ ذَلِكَ حَتَّى تَنْقَضِيَ تِلْكَ الدَّعْوَةُ فَإِنْ خَاصَمَ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مَنْ لَمْ يَكُنْ كُتِبَ اسْمُهُ فِي الدَّعْوَةِ خُيِّرَ فِي إِثْبَاتِهِ فِي أَوَّلِ مَنْ يَدْعُو أَوْ وَسَطِهِ أَوْ آخِرِهِ أَوْ تَرَكَهُ حَتَّى يَنْقَضِيَ جَمِيعُ مَنْ كُتِبَ فِي الدَّعْوَةِ بِاجْتِهَادِهِ وَلَيْسَ مَنْ يَخَافُ فَوَاتَ أَمْرِهِ كَغَيْرِهِ قَالَ مُطَرِّفٌ وَعَبْدُ الْمَلِكِ شَأْنُ الْقُضَاةِ تَقْدِيمُ الْغُرَبَاءِ قَالَا لَيْسَ مِنْ فِعْلِ الْقُضَاةِ أَنْ يَجْعَلَ لِنَفْسِهِ يَوْمًا فِي الْجُمْعَةِ لَا يَقْضِي فِيهِ بَلْ يَنْظُرُ لِنَفْسِهِ فِي كُلِّ الْأَيَّامِ فِي دُنْيَاهُ وَحَوَائِجِهِ قَالَ سَحْنُونٌ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكْتُبَ خَصْمَ كُلِّ مَنْ جَاءَهُ إِلَّا بِلَطْخٍ مِنْ شَهَادَةٍ أَوْ سَمَاعٍ فَلَعَلَّهُ يُشَخِّصُ الرَّجُلَ الْبَعِيدَ وَلَا شَيْءَ لَهُ عِنْده أَو يَدعِي بِشَيْء وَلَيْسَ فَيُعْطِيهِ إِيَّاهُ وَلَا يَرْتَفِعُ قَالَ أَصْبَغُ لَا يكْتب فِي دفع خصم إِلَّا الْعدْل

فَيَقُول لَهُ مرهما بِالتَّنَاصُفِ فَإِنِ امْتَنَعَا فَارْفَعْهُمَا إِنْ كَانَ لِلْمُدَّعِي وَجه لمطالبته وخصمه لدد والا تَرْفَعُهُ وَهَذَا فِي الْمَكَانِ الْقَرِيبِ وَيَكْتُبُ فِي الْبَعِيدِ إِلَى مَنْ يَرْضَاهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَيسمع الْبَيِّنَةَ وَاكْتُبْ إِلَيَّ بِمَا صَحَّ عِنْدَكَ فَإِذَا كَتَبَ بِمَا صَحَّ عِنْدَهُ فَلَهُ أَنْ يَأْمُرَهُ بِإِنْفَاذِ الْحُكْمِ بَيْنَهُمَا أَوْ بِحَمْلِهِمَا إِلَيْهِ فَيُنَفِّذُهُ بَيْنَهُمَا وَلَا يَرْفَعُ الْبَيِّنَةَ فَإِنْ عُدِمَ ثَمَّ من يُكَاتب يَعْرِفُهُ الْقَاضِي وَذُكِرَ لِلْقَاضِي أَنَّ ثَمَّ مَنْ يصلح فليأته بِمَنْ يَعْرِفُهُ فَإِنْ ثَبَتَ عِنْدَهُ الْأَهْلِيَّةُ كَتَبَ وَإِلَّا كَتَبَ إِلَى عَامِلِ الْبَلَدِ إِنْ وَثِقَ بِهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ كَتَبَ لِلْمَطْلُوبِ إِنَّ فُلَانًا ذَكَرَ فُلَانًا فَتَنَاصَفَا وَإِلَّا فَاقْدُمْ مَعَهُ فَإِن قدم والانفذ مَنْ يُقْدِمُهُ إِنْ قَرُبَ الْمَكَانُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِنْ كَانَ فِي الْمِصْرِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ أُعْطِيَ الطَّالِبُ طَابَعًا أَوْ رَسُولًا أَوْ بَعِيدًا أَمَرَ بِحَمْلِهِ إِلَّا أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ شَاهِدٌ أَوْ شَاهِدَانِ فَيَكْتُبُ حِينَئِذٍ إِلَى أُمَنَائِهِ إِمَّا أَنْ يُنْصِفَهُ وَإِلَّا يَرْتَفِعُ مَعَهُ وَلَهُ أَنْ يَأْتِيَ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ مَا لَمْ يُرِدْ إِلَّا التَّطْوِيلَ وَمَتَى كَانَ فِي الْحُكُومَةِ إِشْكَالٌ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْمُرَهُمَا بِالصُّلْحِ وَإِذَا أَقَرَّ الْمَطْلُوبُ بِشَيْءٍ أَمَرَ الطَّالِبَ أَنْ يشْهد عَلَيْهِ لَيْلًا يُنكر

(الباب الخامس مستند قضائه)

(الْبَاب الْخَامِس مُسْتَنَدِ قَضَائِهِ) قَاعِدَةٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ وَالْعِلَلِ وَالْأَسْبَابِ وَالْحُجَجِ فِي مَوَارِدِ الشَّرْعِ أَمَّا الْأَدِلَّةُ فَتَقَدَّمَ فِي مُقَدِّمَةِ الْكِتَابِ أَنَّهَا قِسْمَانِ أَدِلَّةُ مَشْرُوعِيَّةِ الْأَحْكَامِ وَهِيَ سَبْعَةَ عَشَرَ بِالِاسْتِقْرَاءِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُمَا فِي الْمُقَدِّمَةِ وَأَدِلَّةُ وُقُوعِهَا وَهِيَ غَيْرُ مُتَنَاهِيَةٍ لِأَنَّهَا وُقُوعُ أَسْبَابِهَا وَشُرُوطِهَا وَانْتِفَاءُ مَوَانِعِهَا كَأَدِلَّةِ الزَّوَالِ مِنَ الرُّخَامَاتِ وَمَوَازِينِ الشَّمْسِ وَغَيْرِهَا وَبَسْطُهُ فِي الْمُقَدِّمَةِ وَأَدِلَّةُ الْمَشْرُوعِيَّةِ يَتَقَدَّمُ فِيهَا الْمُجْتَهِدُ ثُمَّ الْأَوْصَافُ الْمَنْصُوبَةُ الَّتِي دَلَّتْ عَلَيْهَا الْأَدِلَّةُ الَّتِي هِيَ أَدِلَّةُ الْمَشْرُوعِيَّةِ مِنْهَا مَعْقُولُ الْحِكْمَةِ كَنَصْبِ الْإِسْكَارِ عِلَّةً لِلتَّحْرِيمِ وَالْإِقْتِيَاتِ لِلرِّبَا فَهَذِهِ عِلَلٌ وَتَارَةً لَا تُعْقَلُ حِكْمَتُهَا كَالزَّوَالِ وَأَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ وَالصِّيَامِ فَهَذِهِ أَسْبَابٌ ثُمَّ إِذَا دَلَّتِ الْأَدِلَّةُ وَتَقَرَّرَ السَّبَبُ وَالْحُكْمُ وَعِلَّتُهُ وَتَعَلَّقَ النِّزَاعُ بَيْنَ اثْنَيْنِ فِيهِ أَوْ هُوَ حَقُّ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ فَالْمُثْبِتُ لِذَلِكَ مِنْ بَيِّنَةٍ أَوْ أَيْمَانٍ أَوْ إِقْرَارِ حُجَجٍ فَالْحُجَجُ مُتَأَخِّرَةُ الرُّتْبَةِ عَنِ الْجَمِيعِ وَالْأَدِلَّةُ مُتَقَدِّمَةٌ عَلَى الْجَمِيعِ وَالْأَسْبَابُ وَالْعِلَلُ مُتَوَسِّطَةٌ مُتَأَخِّرَةٌ عَنِ الْأَدِلَّةِ وَمُقَدَّمَةٌ عَلَى الْحُجَجِ فَيَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْجَمِيعِ إِذَا تَقَرَّرَتْ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ فَجَمِيعُ مَا يَقْضِي بِهِ الْحَاكِمُ الْمُقَلِّدُ حُجَجٌ إِذَا قُلْنَا لَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ وَإِنْ قُلْنَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ فَلَيْسَ الْعِلْمُ حُجَّتَهُ بَلْ بَدَلُ الْحُجَّةِ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْحُجَّةِ إِثَارَةُ الظَّنَّ عِنْدَ الْحَاكِمِ فَإِذَا حَصَلَ ذَلِكَ أَوْ أَقْوَى مِنْهُ قَامَ مقَام الْحجَّة على مَا سنبين أقوى مَعْنَى قَوْلِ الْعُلَمَاءِ

الْقَاضِي يَقْضِي بِعِلْمِهِ لَيْسَ الْمُرَادُ حَقِيقَةَ الْعِلْمِ بَلْ غَالِبُهُ ظَنٌّ وَأَمَّا الْحَاكِمُ الْمُجْتَهِدُ فَيَحْكُمُ بِالْحُجَجِ وَالْأَدِلَّةِ وَالْمُقَلِّدُ لَا يَجُوزُ لَهُ اتِّبَاعُ الْأَدِلَّةِ وَأَصْلُ الْقَضَاءِ بِالْأَدِلَّةِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِمُعَاذٍ لَمَّا بَعَثَهُ لِلْيَمَنِ كَيْفَ تَقْضِي قَالَ لَهُ أَقْضِي بِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ قَالَ فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فِي كِتَابِ اللَّهِ قَالَ فَفِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ فَإِنْ لَمْ تَجِدْ قَالَ أَجْتَهِدُ رَأْيِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِهِ لِمَا يُرْضِي رَسُولَهُ وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى ذَلِكَ وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي الِاجْتِهَادِ مَا هُوَ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ يَحْكُمُ بِكِتَابِ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَبِسُنَّةِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ويقد مَا صَحِبَهُ الْعَمَلُ لِأَنَّ أَصْلَ مَالِكٍ تَقْدِيمُ الْعَمَلِ عَلَى خَبَرِ الْوَاحِدِ وَكَذَلِكَ الْقِيَاسُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْآحَادِ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْأَبْهَرِيُّ فَإِنْ لَمْ يَجِدِ السُّنَّةَ فَبِأَقْوَالِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَإِنِ اخْتَلَفُوا فَمَا صَحِبَهُ الْعَمَلُ من أَقْوَالهم وَإِلَّا تخَيرُوا مِنْ أَقْوَالِهُمْ وَلَمْ يُخَالِفْهُمْ أَجْمَعِينَ وَقِيلَ لَهُ أَنْ يَجْتَهِدَ وَإِنْ خَالَفَهُمْ كُلَّهُمْ حُجَّةُ الْأَوَّلِ قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ بِأَيِّهِمُ اقْتَدَيْتُمُ اهْتَدَيْتُمْ فَإِنْ فُقِدَ ذَلِك فَابْن عَلَى الْأُصُولِ بَعْدَ مَشُورَةِ الْعُلَمَاءِ فَإِنِ اجْتَمَعُوا على شَيْء أخذت بِهِ إِلَّا فبأحسن أقولهم عِنْدَهُ وَإِنْ رَأَى مُخَالَفَتَهُمْ فَعَلَ إِنْ كَانَ نَظِيرًا لَهُمْ وَإِلَّا فَلَا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ وَالصَّحِيحُ لَهُ مُخَالَفَتُهُمْ مُطْلَقًا مَا لَمْ يكن إِجْمَاعًا وهوعلى الْخِلَافِ هَلْ لِلْمُجْتَهِدِ أَنْ يُقَلِّدَ أَقْوَالًا مَذْكُورَةً فِي الْأُصُولِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ فَفَرْضُهُ الْمَشُورَةُ وَالتَّقْلِيدُ فَإِنِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ قضى بقول أعلمهم

(الفرع الأول)

الْمُقَلِّدُ وَتَارَةً لَا يُحِيطُ بِقَوَاعِدِ مَذْهَبِهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّخْرِيجُ وَإِنْ تَعَذَّرَ الْفَارِقُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لَوِ اطَّلَعَ عَلَى قَوَاعِدِ مَذْهَبِهِ لَأَوْجَبَ لَهُ الِاطِّلَاعُ الْفَرْقَ وَنِسْبَتُهُ إِلَى مَذْهَبِهِ كَنِسْبَةِ مَنْ دُونَ الْمُجْتَهِدِ الْمُطْلَقِ إِلَى جُمْلَةِ الشَّرِيعَةِ فَكَمَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُقَلِّدِ التَّخْرِيجُ فِيمَا لَيْسَ مَذْهَبَ الْعُلَمَاءِ يَحْرُمُ عَلَيْهِ اتِّبَاعُ الْأَدِلَّةِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْأَفْضَل إِلَّا بِقَوْلِ عَالِمٍ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ دَلِيلُهُ لِقُصُورِهِ عَنْ رُتْبَةِ الِاجْتِهَادِ فَكَذَلِكَ هَذَا وَهُوَ الْمُرَادُ بِمَا تَقَدَّمَ فِي شُرُوطِ الْقَضَاءِ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ وَلَا يَحْكُمُ إِلَّا بِمَنْصُوصٍ فَافْهَمْ هَذَا التَّحْرِيرَ فَإِنَّهُ يَطَّرِدُ فِي الْفُتْيَا وَفِي الْبَابِ فُرُوعٌ أَرْبَعَةٌ (الْفَرْعُ الْأَوَّلُ) فِي الْجَوَاهِرِ لَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ تَقَدَّمَ عَقْدُ التَّوْلِيَةِ أَوْ بَعْدَهَا فِي غَيْرِ مَجْلِسِ قَضَائِهِ أَوْ فِيهِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْمُحَاكَمَةِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَسَحْنُونٌ يَحْكُمُ بِمَا عَلِمَ بعد الشُّرُوع وَحَيْثُ مَعنا فَحكم لَا ينتفض عِنْد بعض أَصْحَابنَا لوُقُوع الْخلاف كَمَا حَكَمَ فِي مَسْأَلَةٍ مُخْتَلَفٍ فِيهَا بِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالسَّنَدِ حُكْمٌ بِصِحَّتِهِ وَنَقَضَهُ أَبُو الْحَسَنِ لِبُطْلَانِ الْمُدْرَكِ عِنْدَهُ كَمَا يُنْقَضُ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ مَا ضَعُفَ دَلِيلُهُ

فَإِنْ أَنْكَرَ الْخَصْمُ بَعْدَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ أَنْ يكون أقرا فَفِي قَبُولِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ قَوْلَانِ نَظَرًا لِلتَّأْكِيدِ بِالْحُكْمِ وَضَعْفِ الْمُدْرِكَ قَالَ التُّونُسِيُّ لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ خِلَافًا فِي الْمَوَّازِيَّةِ فِيمَا رَأَى الْقَاضِي أَوْ سَمِعَهُ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ قَضَائِهِ أَنَّهُ لَا يَحْكُمُ بِهِ وَأَنَّهُ يُنْقَضُ إِنْ حُكِمَ بِهِ يَنْقُضُهُ هُوَ وَغَيْرُهُ لِضَعْفِ الْعِلْمِ بِتَقَدُّمِهِ كَتَقَدُّمِ الْيَمِينِ وَالْبَيِّنَةِ عَلَى الدَّعْوَى وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيمَا يُقِرُّ بِهِ الْخَصْمَانِ فِي مَجْلِسِهِ فَإِنْ حَكَمَ بِهِ نَقَضَهُ هُوَ دُونَ غَيْرِهِ وَنَفَّذَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ كَعِلْمِهِ فِي التَّجْرِيحِ وَالتَّعْدِيلِ فَإِنْ أَقَرَّ الْخَصْمُ بَعْدَ جُلُوسِهِ لِلْخُصُومَةِ ثُمَّ أَنْكَرَ قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَحْكُمُ بِعِلْمِهِ وَجَوَّزَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَسَحْنُونٌ وَرَأَيَا أَنَّهُمَا لَمَّا جُلِبَا لِلْحُكُومَةِ فَقَدْ رَضِيَا بِالْحُكْمِ بِمَا يَقُولَانِهِ وَكَذَلِكَ إِنْ لَمْ يُنْكِرْ حَتَّى حُكِمَ ثُمَّ أَنْكَرَ لَمْ يُنْظَرْ إِلَى إِنْكَارِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَفِي الْجَلَّابِ إِذَا ذَكَرَ الْحَاكِمُ أَنَّهُ حَكَمَ فِي أَمْرٍ مِنَ الْأُمُورِ وَأَنْكَرَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ الْحَاكِمِ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَهُوَ أَشْبَهُ فِي قُضَاةِ الْيَوْمِ لِضَعْفِ عَدَالَتِهِمْ وَقَالَ أَيْضًا لَا أرى أَن يُبَاح هَذَا الْيَوْم لأحد من الْقُضَاةِ وَلَا خِلَافَ فِي اعْتِمَادِهِ عَلَى عِلْمِهِ فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ إِذَا وَجَدَ فِي دِيوَانِهِ حُكْمًا بِخَطِّهِ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ حَكَمَ بِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْحُكْمُ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشْهَدَ عِنْدَهُ شَاهِدَانِ وَإِذَا نَسِيَ الْقَاضِي حُكْمًا حَكَمَ بِهِ فَشَهِدَ عِنْده شَاهِدَانِ أَنه قضي بِهِ نفض الحكم بِشَهَادَتِهِمَا وان لم يذكرَا كَمَا ذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ وَحَكَى أَبُو الْفَرَجِ رِوَايَةً أَنَّهُ لَا يَلْتَفِتُ إِلَى الْبَيِّنَةِ وَلَا يَحْكُمُ بِهَا لِأَنَّهَا لَا تَثْبُتُ عَلَى نَفسه وَلَو شهد الشَّاهِدَانِ عِنْد غَيره بعده لِأَنَّهُ مُثْبِتٌ عَلَى الْغَيْرِ وَهَى قَاعِدَةُ الْإِثْبَاتَاتِ وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا أَنْكَرَ قَضَاءَهُ فَشَهِدَ بِهِ بعده مَنْ شَهِدَ بِهِ عِنْدَهُ عُزِلَ الْأَوَّلُ أَمْ لَا وَسوى شهودها بَيْنَ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ وَحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَوَافَقَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح لَا يَحْكُمُ فِي الْحُدُودِ بِمَا يُشَاهِدُهُ مِنْ أَسْبَابِهَا إِلَّا الْقَذْفَ وَلَا فِي

حُقُوق الادمين بِمَا عَلِمَهُ قَبْلَ الْوِلَايَةِ دُونَ مَا بَعْدَ الْوِلَايَةِ وَمَشْهُورُ ش الْحُكْمُ فِي الْجَمِيعِ وَالِاتِّفَاقُ عَلَى الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ فِي جَوَازِ الْحُكْمِ فِيمَا يَعْلَمُهُ لَنَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّمَا أَنا بشر وَإِنَّكُمْ تختصمون إِلَيّ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فأقضي لَهُ على نَحْو مَا أسمع مِنْهُ فَدَلَّ عَلَى الْقَضَاءِ بِالسَّمَاعِ دُونَ الْعِلْمِ وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ لَيْسَ لَكَ مِنْهُ إِلَّا ذَلِكَ فَحَصَرَ الْحُجَّةَ فِي الْأَمْرَيْنِ فَلَا يُعْتَبَرُ الْعلم وَفِي أبي دَاوُد إِن الرَّسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعث أَبَا جهم على الصَّدَقَة فلاحه رَجُلٌ فِي فَرِيضَةٍ فَوَقَعَ بَيْنَهُمَا شِجَاجٌ فَأَتَوُا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأَعْطَاهُمُ الْأَرْشَ ثُمَّ قَالَ فَأَخْطُبُ النَّاسَ أُعْلِمُهُمْ بِرِضَاكُمْ قَالُوا نَعَمْ فَخَطَبَ فَأَعْلَمَ فَقَالُوا لَا مَا رَضِينَا فَأَرَادَهُمُ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا وَنَزَلَ فَجَلَسُوا إِلَيْهِ فَأَرْضَاهُمْ فَقَالَ أَخْطُبُ وَأُعْلِمُ النَّاسَ قَالُوا نَعَمْ فَخَطَبَ فَأَعْلَمَ النَّاسَ فَقَالُوا رَضِينَا وَهَذَا نَصٌّ فِي عَدَمِ الْحُكْمِ بِالْعِلْمِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ فِي قِصَّةِ هِلَالٍ وَشَرِيكٍ إِنْ جَاءَتْ بِهِ لِكَذَا فَهُوَ لِهِلَالٍ يَعْنِي الزَّوْجَ وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِكَذَا فَهُوَ لِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ يَعْنِي الْمَقْذُوفَ فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى النَّعْتِ الْمَكْرُوهِ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَو كنت راجما أحدا بِغَيْر بَيِّنَة لرجمتها فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَقْضِي فِي الْحُدُودِ بِعِلْمِهِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يَقُولُ إِلَّا حَقًّا وَقَدْ وَقَعَ مَا قَالَ فَيَكُونُ الْعِلْمُ حَاصِلًا لَهُ وَمَعَ ذَلِكَ مَا رَجَمَ وَعَلَّلَ بِعَدَمِ الْبَيِّنَةِ

وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بأَرْبعَة شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ} فا قتضى جَلْدَهُمْ عِنْدَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ وَإِنْ عَلِمَ صَدْقَهُمْ فَإِنَّ الْحَاكِمَ غَيْرُ مَعْصُومٍ فَيُتَّهَمُ بِالْقَضَاءِ عَلَى عَدُوِّهِ وَلِوَلِيِّهِ وَلَا يَعْلَمُ بِذَلِكَ فَحُسِمَتِ الْمَادَّةُ صَوْنًا لِمَنْصِبِ الْقَضَاءِ عَنِ التُّهَمِ قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ وَاتَّفَقُوا أَنَّ الْقَاضِيَ لَوْ قَتَلَ أَخَاهُ فَعلمه بِأَنَّهُ قَاتِلٌ أَنَّهُ كَالْقَاتِلِ عَمْدًا لَا يَرِثُ مِنْهُ شَيْئًا لِلتُّهْمَةِ فِي الْمِيرَاثِ وَاحْتَجَّ لِعَبْدِ الْملك بقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ مِنْهُ وَقَالَ مَالِكٌ نَحْوَ مَعْنَاهُ أَهْتَدِي أَوَّلًا لِمَوَاضِعِ الْحُجَجِ وَلِذَلِكَ قَالَ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ احْتَجُّوا بِحَدِيثِ مُسْلِمٍ فِي أَبِي سُفْيَانَ قَضَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالنَّفَقَةِ بِعِلْمِهِ فَقَالَ لِهِنْدَ خُذِي لَكِ وَلِوَلَدِكِ مَا يَكْفِيكِ بِالْمَعْرُوفِ وَلَمْ يُكَلِّفْهَا بَيِّنَةً قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ اسْتَعْدَى رَجُلٌ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ أَنَّهُ ظَلَمَهُ حَدًّا فِي مَوْضِعٍ فَقَالَ عُمَرُ إِنِّي لَأَعْلَمُ النَّاسِ بِذَلِكَ فَقَالَ عُمَرُ لِأَبِي سُفْيَانَ انْهَضْ بِنَا إِلَى الْمَوْضِعِ فَنَظَرَ عُمَرُ فَقَالَ يَا أَبَا سُفْيَانَ خُذْ هَذَا الْحجر من هَاهُنَا فضعه هَاهُنَا فَقَالَ وَاللَّهِ لَا أَفْعَلُ فَقَالَ وَاللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ فَقَالَ لَا أَفْعَلُ فَعَلَاهُ عُمَرُ بِالدِّرَّةِ وَقَالَ خُذْهُ لَا أم لَك وَضعه هَاهُنَا فَإِنَّكَ مَا عَلِمْتُ قَدِيمُ الظُّلْمِ فَأَخَذَهُ فَوَضَعَهُ حَيْثُ قَالَ فَاسْتَقْبَلَ عُمَرُ الْقِبْلَةَ فَقَالَ اللَّهُمَّ لَك الْحَمد ان لَمْ تُمِتْنِي حَتَّى غَلَبْتُ أَبَا سُفْيَانَ عَلَى رَأْيه وادللته لي بِلَا اسلام فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ أَبُو سُفْيَانَ وَقَالَ اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمد أَن لَمْ تُمِتْنِي حَتَّى جَعَلْتَ فِي قَلْبِي مَا ذَلَّلْتَهُ لِعُمَرَ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ} وَلِأَنَّهُ إِذا جَازَ أَن يحكم بَنَات على الظَّن الناشيءعن

قَول البنية بِالْعلمِ اَوْ الراي وَالْعَجَبِ جَعَلَ الظَّنَّ خَيْرًا مِنِ الْعِلْمِ وَلِأَنَّ التُّهْمَةَ قَدْ تَدْخُلُ عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِ الْبَيِّنَةِ فَيَقْبَلُ مَنْ لَا يَقْبَلُ وَلِأَنَّ الْعَمَلَ يَجِبُ بِمَا نَقله الرُّوَاةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَبِمَا سَمِعَهُ الْمُكَلَّفُ مِنْهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى فَكَذَلِكَ الْحَاكِمُ يَسْتَوِي فِي حَقِّهِ إِخْبَارُ الْبَيِّنَةِ وَسَمَاعُهُ هُوَ من غير بَيِّنَة أَو رُتْبَة قِيَاسًا عَلَى الرِّوَايَةِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِأَنَّ الرِّوَايَةَ تُثْبِتُ شَرْعًا عَامًّا وَالْقَضَاءَ فِي فَرْدٍ لَا يعدى لغيره بحضره أَقَلُّ وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَحْكُمْ بِعِلْمِهِ لَفَسَقَ فِي صُوَرٍ مِنْهَا أَنْ يَعْلَمَ وِلَادَةَ امْرَأَةٍ على فرَاش رجل فَشهد بِأَنَّهَا مَمْلُوكَة مكنة من وَطْء ابْنَتُهُ وَهُوَ فِسْقٌ وَإِلَّا حَكَمَ بِعِلْمِهِ وَمِنْهَا أَنْ يَعْلَمَ قَتْلَ زِيدٍ لِعَمْرٍو وَيَشْهَدَ بِأَنَّ الْقَاتِل غَيره فَإِن قتل قَتَلَ الْبَرِيءَ وَإِلَّا حَكَمَ بِعِلْمِهِ وَمِنْهَا لَوْ سَمِعَهُ يُطَلِّقُ ثَلَاثًا فَأَنْكَرَ فَشَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ بِوَاحِدَةٍ إِنْ قَبِلَ الْبَيِّنَةَ مَكَّنَ مِنَ الْحَرَامِ وَإِلَّا حَكَمَ بِعِلْمِهِ وَلِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اشْتَرَى فَرَسًا فَجَحَدَهُ الْبَائِعُ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْ يَشْهَدُ لِي فَقَالَ خُزَيْمَةُ أَنَا أَشْهَدُ لَك يَا رَسُول الله فَقَالَ لَهُ كَيفَ تشهد وَمَا حضرت فَقَالَ خُزَيْمَة يَا رَسُولَ اللَّهِ تُخْبِرُنَا عَنْ أَمْرِ السَّمَاءِ فَنُصَدِّقُكَ أَفَلَا نُصَدِّقُكَ فِي هَذَا فَسَمَّاهُ رَسُولُ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَا الشَّهَادَتَيْنِ فَهَذَا وَإِنِ اسْتَدَلَّ بِهِ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى عَدَمِ الْقَضَاءِ بِالْعِلْمِ فَهُوَ يَدُلُّ لَنَا مِنْ جِهَةِ حُكْمِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِنَفْسِهِ فَيَجُوزُ أَنْ يَحْكُمَ لِغَيْرِهِ بِعِلْمِهِ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ فِي التُّهْمَةِ مِنَ الْقَضَاءِ لِنَفْسِهِ بِالْإِجْمَاعِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى التَّجْرِيحِ وَالتَّعْدِيلِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ قِصَّةُ هِنْدَ فُتْيَا لَا حُكْمٌ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ من تَصَرُّفَاته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِأَنَّهُ رَسُولٌ مُبَلِّغٌ وَالتَّبْلِيغُ فُتْيَا وَالتَّصَرُّفُ بِغَيْرِهِ قَلِيلٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْفُتْيَا وَلِأَنَّ أَبَا سُفْيَانَ كَانَ حَاضِرًا فِي الْبَلَدِ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَقْضِي عَلَى حَاضِرٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يعرف

وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ مِنْ بَابِ إِزَالَةِ الْمُنْكَرِ الَّذِي يَحْسُنُ مِنْ آحَادِ النَّاسِ الْقِيَامُ بِهِ وَإِزَالَتُهُ لَا مِنْ بَابِ الْقَضَاءِ فَلِمَ قُلْتُمْ أَنه من الْقَضَاءِ وَيُؤَكِّدُهُ أَنَّهَا وَاقِعَةُ عَيْنٍ مُرَدَّدَةٌ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ فَتَكُونُ مُجْمَلَةً فَلَا يُسْتَدَلُّ بِهَا وَعَنِ الثَّالِثِ الْقَوْلُ بِالْمُوجِبِ فَلِمَ قُلْتُمْ إِنَّ الْحُكْمَ بِالْعلمِ من الْقسْط بل هم عِنْدَنَا مُحَرَّمٌ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ الْعِلْمَ أَفْضَلُ من الظَّن لِأَن استلزامه تطريق للتهم لمنصب الْقَضَاء والطعن على متوليه فتنخرق وَتَخْتَلُّ الْمَعَالِمُ الْعَامَّةُ أَوْجَبَ رُجْحَانَ الظَّنِّ عَلَيْهِ وَالرَّاجِحُ قَدْ يُعَارِضُهُ مَا يُصَيِّرُهُ مَرْجُوحًا وَعَنِ الْخَامِسِ أَنَّ الرِّوَايَةَ وَالسَّمَاعَ وَالرُّؤْيَةَ اسْتَوَى الْجَمِيعُ لِعَدَمِ الْمُعَارِضِ فِي الْعِلْمِ كَمَا تَقَدَّمَ بِخِلَافِ الْحُكْمِ وَعَنِ السَّادِسِ أَنَّ تِلْكَ الصُّوَرَ لَمْ يَحْكُمْ فِيهَا بِعِلْمِهِ بَلْ تَرَكَ الْحُكْمَ بِالشَّهَادَةِ وَتَرْكُ الْحُكْمِ لَيْسَ بِحُكْمٍ وَتَرْكُهُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهُ لَيْسَ فِسْقًا وَعَنِ السَّابِعِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا حَكَمَ لِنَفْسِهِ وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ أَخذ الْفرس فَهَذَا مِنَ الْأَعْرَابِيِّ فَقَدِ اخْتُلِفَ هَلْ حَكَمَ أَمْ لَا وَهَلْ جَعَلَ شَهَادَةَ خُزَيْمَةَ شَهَادَتَيْنِ حَقِيقَةً أَوْ مُبَالَغَةً فَمَا تَعَيَّنَ مَا ذَكَرْتُمُوهُ وَقَدْ ذَكَرَ الْخَطَّابِيُّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّمَا سَمَّى خُزَيْمَةَ ذَا الشَّهَادَتَيْنِ مُبَالَغَةً لَا حَقِيقَةً وَعَنِ الثَّامِنِ إِنَّمَا حَكَمَ فِيهِ بِعِلْمِهِ لَيْلًا يَلْزَمَ التَّسَلْسُلُ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى بَيِّنَةٍ فَتَشْهَدُ بِالْجَرْحِ أَوِ التَّعْدِيلِ وَتَحْتَاجُ الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةً إِلَّا أَنْ يَقْبَلَ بِعِلْمِهِ بِخِلَافِ صُورَةِ

النزاع وَقَالَ القَاضِي فِي المعونة هَذَا لَيْسَ حُكْمًا وَإِلَّا يَتَمَكَّنُ غَيْرُهُ مِنْ قبُول شَهَادَة من رفضته أَو تجريح من عدلته لِأَن حكم الْحَاكِم لَا ينْتَقض ذَلِكَ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ حُكْمًا فَلَا يَنْقُضُ فَائِدَة قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فأقضي لَهُ على نَحْو مَا أسمع مِنْهُ قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ مَعْنَاهُ فَأَقْضِي عَلَيْهِ فَإِنَّ الْمَسْمُوعَ مِنَ الْخَصْمِ لَا يُقْضَى لَهُ بِهِ تَنْبِيهٌ قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ إِذَا جَحَدَ الْمُقِرُّ إِقْرَارَهُ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ وَلَمْ تَحْضُرْهُ بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ عَلَيْهِ بِالْإِقْرَارِ قَالَ جُمْهُور الْفُقَهَاء يجب بِمُوجب إِقْرَاره من الشفاعية وَغَيرهم وَلَا يسْتَحبّ مَالِكٌ أَنْ يَحْضُرَهُ شَاهِدَانِ وَأَجَازَ فِي ذَلِكَ الْعدْل وَغَيره وَلم يبح فيهم مدفعها وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ عِنْدَهُ اسْتِحْبَابٌ وَظَاهر كلأمه يَقْتَضِي أَنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ أَنَّ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ عَلَى الْإِقْرَارِ فِيهِ وَإِنَّمَا الشَّهَادَةُ اسْتِحْبَابٌ فَرْعٌ مُرَتَّبٌ قَالَ الْقَاضِي فِي المعونة وَحَيْثُ مَعنا الْحُكْمَ بِمَا عَلِمَهُ فَهُوَ فِيهِ شَاهِدٌ فَيَرْفَعُهُ إِلَى الامام أَو إِلَى غَيره من الْحَاكِم وَيَدَّعِي صَاحِبُ الْحَقِّ شَهَادَةَ الْحَاكِمِ مَعَ غَيْرِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ حَيْثُ مُنِعَ فَشَهَادَتُهُ قِسْمَانِ إِنْ كَانَ عِلْمُهُ قَبْلَ الْحُكُومَةِ شَهِدَ عِنْدَ غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ مِنَ الْإِقْرَارِ عِنْدَ الْمُحَاكَمَةِ مَنَعَ مُحَمَّد قبُول شَهَادَته للتُّهمَةِ على التنفيد وَقَالَ أَيْضًا لَا يُقْبَلُ إِذَا لَمْ يَحْكُمْ قَالَ وَأَرَى الْقَبُولَ إِذَا لَمْ يَحْكُمْ كَالْعَبْدِ لَمْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ حَتَّى عُتِقَ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ وَإِنْ حَكَمَ بِعِلْمِهِ ثُمَّ رُدَّ لَمْ يُقْبَلْ وَحَيْثُ يُقْبَلُ يُوَفِّيهَا لِمَنْ فَوْقَهُ وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ تَحْتَهُ قَالَ وَأَرَى أَنْ يَقْبَلَ إِذَا كَانَ مُبَرَّزًا فِي الْعَدَالَةِ

(فرع)

وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ تَجْرِيحَهُ يَتَعَذَّرُ وَلَا يَقُومُ النَّاسُ عَلَيْهِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا أَقَرَّ الْخَصْمُ عِنْدَهُ وَلَيْسَ عِنْدَهُ أَحَدٌ ثُمَّ عَادَ فَجَحَدَ لَا يَقْضِي عَلَيْهِ إِلَّا بِبَيِّنَةِ سِوَاهُ وَإِلَّا شَهِدَ بِذَلِكَ عِنْدَ مَنْ فَوْقَهُ وَمَا عَلِمَهُ مِنَ الْحُدُودِ قَذْفٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ غَصْبٍ فَلْيَرْفَعْهُ إِلَى مَنْ فَوْقَهُ وَهُوَ شَاهِدٌ فِيهِ وَإِنْ رَأَى الْحَدَّ السُّلْطَانُ الْأَعْلَى الَّذِي لَيْسَ فَوْقَهُ سُلْطَانٌ رَفَعَهُ إِلَى الْقَاضِي أَوْ رَآهُ مِثْلُ أَمِيرِ مِصْرٍ رَفَعَهُ لِلْقَاضِي وَكَانَ شَاهِدًا وَلَا يَرْفَعُهُ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ قِيلَ إِنَّ مَذْهَبَهُ فِي الْكِتَابِ لَا يَرْفَعُ أحد الا لمن دُونَهُ وَتَحْتَ يَدِهِ إِلَّا السُّلْطَانَ الْأَعْظَمَ لِلضَّرُورَةِ إِلَى ذَلِكَ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يُقَامُ هَذَا الْحَدُّ وَيُهْدَرُ وَاعْتَمَدَ هَذَا الْقَائِلُ عَلَى ظَاهِرِ الْكِتَابِ وَحَمَلَ قَوْلَهُ فِي وَالِى مِصْرٍ عَلَى أَنَّ الْقَاضِيَ مِنْ تَقْدِيمِ الْخَلِيفَةِ وَقِيلَ يَجُوزُ إِلَى مَا دَوَّنَهُ كَمَا يَجُوزُ لِلْخَلِيفَةِ وَكَانَتِ الْعَادَةُ تَقْدِيمَ الْقُضَاةِ مِنْ قِبَلِ الْوُلَاةِ وَعَلَيْهِ تَكَلَّمَ وَهِيَ سِيرَةُ بَنِي أُمَيَّةَ حَتَّى وَلَّى بَنُو الْعَبَّاسِ الْقُضَاةَ مِنْ قِبَلِهِمْ دُونَ الْأُمَرَاءِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا كَانَ مَعَهُ فِي الْحَدِّ غَيْرُهُ وَلَا يَتِمُّ إِلَّا بِهِ لَمْ يُقِمْهُ وَشَهِدَ فِيهِ عِنْدَ غَيْرِهِ وَإِنْ شَهِدَ السُّلْطَانُ وَآخَرُ مَعَهُ أَنَّ هَذَا سَرَقَ مَتَاعَ السُّلْطَانِ رَفَعَهُ لِمَنْ فَوْقَهُ وَإِنْ شَهِدَ اثْنَانِ غَيْرُهُ أَنَّهُ سَرَقَ مَتَاعَ السُّلْطَانِ قَطَعَهُ لِأَنَّ الْقَطْعَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَلَا يُغَرِّمُهُ حَتَّى يَرْفَعَهُ إِلَى غَيْرِهِ لِأَنَّ الْغُرْمَ حَقٌّ لَهُ وَهُوَ لَا يَحْكُمُ لِنَفْسِهِ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا عَلِمَ خِلَافَ مَا شَهِدَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ لَمْ يَحْكُمْ بِشَهَادَتِهَا وَلَا يَجُوزُ لَهُ رَدُّهَا لِعَدَالَتِهَا وَيَرْفَعُ ذَلِكَ إِلَى الْأَمِيرِ الَّذِي هُوَ فَوْقَهُ فَيَشْهَدُ بِمَا عَلِمَ وَالْبَيِّنَةُ بِمَا عَلِمَتْ وَيَرَى ذَلِكَ الْآخَرُ رَأْيَهُ فَإِنْ كَانَتِ الْبَيِّنَةُ غَيْرَ عَادِلَةٍ شهِدت بِمَا يُعلمهُ لَا يَقْضِي بِشَهَادَتِهَا لِعَدَمِ الْعَدَالَةِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِذَا شَهِدَتِ الْعَدَالَةُ بِمَا يَعْلَمُ خِلَافَهُ نَفَّذَ شَهَادَتَهُمْ بَعْدَ الِاسْتِنْظَارِ وَالْأَحْسَنُ لَوْ خَلَا

بهم فأعلمهم بِعِلْمِهِ فلعلهم ينْكَشف لَهُم أَوله مَا وَرَاءَ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فَلْيَحْكُمْ بِشَهَادَتِهِمْ وَيُعْلِمِ الْمَشْهُودَ أَنَّ لَهُ عِنْدَهُ شَهَادَةً فَيَرْفَعُ ذَلِكَ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ إِلَى مَنْ فَوْقَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ إِلَّا تَحْتَهُ لَمْ يَرْفَعْ إِلَيْهِ إِلَّا عِنْدَ أَشْهَبَ لِأَنَّ الأَصْل أَن لَا يحكم بِشَهَادَة الْإِنْسَان إِلَّا مَنْ فَوْقَهُ وَرَفَعَهُ عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ لِأَنَّ عُمَرَ اخْتَصَمَ مَعَ أُبَيٍّ إِلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَيَتَحَصَّلُ فِي حُكْمِهِ بِخِلَافِ عِلْمِهِ قَوْلَانِ تَنْبِيهٌ قَوْلُ الْعُلَمَاءِ لَا يَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِعِلْمِهِ أَوْ يَحْكُمُ لَيْسَ مُرَادُهُمْ حَقِيقَةَ الْعِلْمِ بَلِ الظَّنُّ الْغَالِبُ فَإِنَّ الْحَاكِمَ إِذْ رَأَى زَيْدًا قَتَلَ عَمْرًا فَحَكَمَ بِالْقِصَاصِ بِمَا رَآهُ لَيْسَ هُوَ حِوَالَة الْحُكْمِ عَالِمًا بِصِحَّةٍ مَا حَكَمَ بِهِ لِجَوَازِ صُدُور الْعَفو قبل الحكم وَكَذَلِكَ أَسْبَابُ الْأَمْلَاكِ مِنَ الْبَيْعِ وَالْإِرْثِ وَغَيْرِهِ يُحْتَمَلُ طُرُوءُ النَّاقِلِ بَعْدَهَا وَإِنَّمَا يَحْكُمُ بِالْعِلْمِ فِي الصُّوَرِ الَّتِي لَا تَقْبَلُ طُرُوءَ الْمُعَارِضِ كَالنَّسَبِ وَالْوَلَاء وَنَحْوه يُفْهَمُ هَذَا مِنْ قَوْلِهِمْ إِنَّ الشَّهَادَةَ مَنْ شَرْطِهَا الْعِلْمُ فَإِنَّ الشَّاهِدَ لَيْسَ جَازِمًا حَالَةَ الْأَدَاءِ بِبَقَاءِ مَا شَهِدَ بِهِ مِنَ الْمُلْكِ وَالْمُعَامَلَةِ وَإِنَّمَا مُرَادُ الْعُلَمَاءِ أَصْلُ الْمَأْخَذِ فَإِنْ كَانَ ظَنًّا سُمِّيَ ظَنًّا أَوْ عِلْمًا سُمِّيَ عَلِمًا ثُمَّ يُسْتَصْحَبُ فَيَصِيرُ ظَنًّا تَنْبِيهٌ قَالَ بعض الْعلمَاء اسْتثْنِي من الحكم بِالْعلمِ وَحَيْثُ مُنِعَ التَّوَاتُرُ لِوَجْهَيْنِ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ مِنَ الْبَيِّنَةِ وَلَا تَبْقَى التُّهْمَةُ بِكَثْرَةِ النَّقْلِ وَحَيْثُ قُلْنَا يَحْكُمُ كَمَا قَالَ ش يُسْتَثْنَى الْحُكْمُ بِالتَّفْلِيسِ لِبَعْضِ الْوَرَثَةِ وَنَحْوِهِ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيَّةُ وَمَنَعُوهُ وَقيل لِأَن أصل هَذَا الْملاك ظَنٌّ فَتَقْوَى التُّهْمَةُ فَيَمْتَنِعُ بِخِلَافِ مَا يُمْنَعُ أَصله

(الفرع الثاني)

(الْفَرْعُ الثَّانِي) قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا قَالَ مَا خَاصَمت عنْدك وَقَالَ للْقَاضِي خَاصَمْتُهُ عِنْدِي وَأَعْذَرْتُ إِلَيْكَ وَلَمْ تَأْتِ بِحُجَّتِكَ فَحَكَمْتُ عَلَيْكَ فَقَوْلَانِ يُصَدَّقُ الْقَاضِي لِأَصْبَغَ وَفِي الْجَلَّابِ لَا يُصَدَّقُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ قَالَ وَهُوَ الْأَشْبَهُ فِي قُضَاةِ الْوَقْتِ وَإِنْ كَانَ مَضْمُونُ الْحُكْمِ وَقْفًا عَلَى رَجُلٍ وَأَنْكَرَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ لَمْ يُصَدَّقِ الْقَاضِي إِلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى اعْتِرَافِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ قَالَهُ أَصْبَغُ بِخِلَافِ الْقِصَّةِ بَيْنَ مُتَنَازِعَيْنِ قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ إِذَا حَكَمَ فَقَالَ مَا كُنْتُ أَقْرَرْتُ عِنْدَكَ لَمْ يُنْظَرْ إِلَى إِنْكَارِهِ قَالَ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وخِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْجَلَّابِ لَا يُقْبَلُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ قَالَ وَقَوْلُ ابْنِ الْجَلَّابِ هُوَ الْأَشْبَهُ فَقُضَاةُ الْيَوْم وَإِن أَنْكِرَتِ الْبَيِّنَةُ أَنْ تَكُونَ شَهِدَتْ بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ هَل يصدق وَيُنْقَضُ الْحُكْمُ لِأَنَّهَا أَصْلُهُ أَوْ يَمْضِي وَيُعَدُّ ذَلِكَ رُجُوعًا عَنِ الشَّهَادَةِ قَوْلَانِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُرْفَعُ الْحَاكِمُ لِلسُّلْطَانِ وَإِنْ كَانَ عَدْلًا لَا يُنْقَضُ قَضَاؤُهُ قَالَ سَحْنُونٌ لَا يُرْجَعُ عَلَى الشُّهُودِ بِشَيْءٍ لِإِنْكَارِهِمْ أَصْلَ الشَّهَادَةِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا قَالَا مَا شَهِدْنَا أَوْ قَالَا شَهِدْنَا بِالْمَالِ لِلْآخَرِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَتَيَقَّنَ الْقَاضِي أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى مَا حَكَمَ غَرِمَ الْقَاضِي الْمَالَ لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الشُّهُودَ شَهِدُوا بِخِلَافِ قَوْلِهِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الشُّهُودِ لِأَنَّهُ يَقُولُ حَكَمْتُ بِحَقٍّ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَن نَقَضَ الْحُكْمَ بَيْنَ الْحَاكِمِ وَالْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَأَغْرَمَهُ الْمَالَ بِرُجُوعِ الْبَيِّنَةِ وَيَلْزَمُهُ إِذَا كَانَ الْحَاكِمُ فَقِيرًا نُزِعَ الْمَالُ مِنَ الْمَحْكُومِ لَهُ وَيُرَدُّ لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ إِذَا رُفِعَ ذَلِكَ إِلَى حَاكِمٍ غَيْرِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنْ قَالَ الْقَاضِي أَنَا أَشُكُّ وَوَهِمْتُ نُقِضَ الْحُكْمُ بَيْنَ الْمَحْكُومِ لَهُ والمحكوم لَهُ وَيَرْجِعُ الْأَمْرُ إِلَى مَا تَقُولُهُ الْبَيِّنَةُ الْآنَ وَيُغَرَّمُ الْمَحْكُومُ لَهُ مَا بَيْنَ قَبْضِهِ وَبَيْنَ الَّذِي تَشْهَدُ الْآنَ بِهِ الْبَيِّنَةُ وَإِنْ أَنْكَرَ الْحَاكِمُ وَالْمَحْكُومُ عَلَيْهِ الْحُكْمَ فَشَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ لِلْمَحْكُومِ لَهُ بِالْحُكْمِ لَزِمَ الْحَاكِمَ تَنْفِيذُهُ

(الفرع الثالث)

(الْفَرْعُ الثَّالِثُ) فِي الْكِتَابِ إِذَا مَاتَ الْقَاضِي أَوْ عُزِلَ وَفِي دِيوَانِهِ شَهَادَةُ إِثْبَاتٍ لَمْ يُجِزْهَا مَنْ وَلِيَ بَعْدَهُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ لِأَنَّ الْخَطَّ لَا يَكْفِي وَإِنْ قَالَ الْمَعْزُولُ مَا فِي دِيوَانِي قَدْ شَهِدَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ عِنْدِي لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ لِأَنَّهُ الْآنَ لَيْسَ بِحَاكِمٍ وَلَا أُرَاهُ شَاهِدًا وَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى ذَلِكَ أَمَرَهُمُ الْقَاضِي الْجَدِيدُ بِإِعَادَةِ الْبَيِّنَةِ وللطالب ان يحلف للمطلوب مَا شَهِدَ عَلَيْهِ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الطَّالِبُ وَثَبَتَتْ لَهُ الشَّهَادَةُ ثُمَّ يَنْظُرُ فِيهَا الْجَدِيد كَمَا كَانَ ينظر الْمَعْزُول فِي التَّنْبِيهَاتِ قِيلَ إِنْ أَرَادَ بِقِيَامِ الشُّبْهَةِ قِيَامَهَا عَلَى خُطُوطِهِمْ فَفِيهِ جَوَازُ الشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّ الشُّهُودِ وَلَيْسَ الْمَشْهُورُ أَوْ إِيقَاعُ الشُّهُودِ بِهَذِهِ الشَّهَادَة عِنْد القَاضِي اقْتضى جوازالشهادة على مثل هَذَا وَفِيه خلاف وَقد يكون عَلَى إِشْهَادِ الْقَاضِي الْمُتَوَفَّى إِيَّاهُمْ بِقَبُولِهَا وَتَوَهُّمٌ يَنْظُرُ الْجَدِيدُ كَمَا كَانَ يَنْظُرُ الْمَعْزُولُ وَيُفِيدُنَا الْقَاضِي عَلَى حُكْمِ مَنْ قَبْلَهُ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْنَافٍ وَكَذَلِكَ إِنِ انْتَقَلَ مِنْ خُطَّةٍ إِلَى خطة اخرى الْحُكْمَ وَبِهِ قَالَ ابْنُ عَتَّابٍ وَغَيْرُهُ مِنَ الْقُرْطُبِيِّينَ وَقِيلَ يُسْتَأْنَفُ النَّظَرُ وَلَا وَجْهَ لَهُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بَذْلُ الْجُهْدِ فِي كَشْفِ مَا لم يكْشف وَقد كشف مَا تَقَدَّمَ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِذَا عُزِلَ مِنْ مِصْرٍ وَوَلِيَ غَيْرُهُ بَنَى عَلَى مَا ثَبَتَ عِنْدَهُ فِي الْوِلَايَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهُوَ حُجَّةُ الْأَوَّلِ (الْفَرْعُ الرَّابِعُ) فِي الْكِتَابِ إِذَا كَتَبَ قَاضٍ إِلَى قَاضٍ فَمَاتَ الْكَاتِبُ أَوْ عُزِلَ قَبْلَ وُصُولِ كِتَابه إِلَى الْمَكْتُوبُ إِلَيْهِ أَوْ عُزِلَ قَبْلَ وُصُولِ الْكِتَابِ إِلَى وَال بعده فالينفده مَنْ وَصَلَ إِلَيْهِ وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا كُتِبَ إِلَى غَيْرِهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَنْفِيذُ مَا ثَبَتَ من الحكم وَالْحق كَالرَّجُلِ الْوَاحِدِ فِي تَنْفِيذِ الْحَقِّ وَإِبْطَالِ الْبَاطِلِ وَيَجُوزُ كَتْبُ الْقُضَاةِ فِي الْقِصَاصِ وَالْحُدُودِ وَغَيْرِهَا لِجَوَازِ الشَّهَادَةِ عَلَى ذَلِكَ

قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ يَجُوزُ وَإِنْ لم يشْهد على الْكَاتِب إِلَّا شَاهِدَانِ وَإِنْ كَانَ كِتَابُ زِنًى قَدْ شهِدت فِيهِ أَرْبَعَةٌ عِنْدَ الْقَاضِي لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إِثْبَاتُ الثُّبُوت لَا إِثْبَات الزِّنَى قَالَ بعض القروين أجاوزها هُنَا شَاهِدين على شَهَادَة أَرْبَعَةٍ فِي الزِّنَى وَلَا فَرْقَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ لَاُ يُجِيزُ فِي ذَلِكَ إِلَّا أَرْبَعَةً كَالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَقَالَهُ سَحْنُونٌ وَإِذَا وُكِّلْتَ فِي مُحَاكَمَةٍ عِنْدَ قَاضٍ بِبَلَدٍ يَعْرِفُكَ فَأَرَدْتَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهَا كِتَابًا مِنْهُ إِلَى قَاضِي الْبَلَدِ الَّذِي أَرَدْتَهُ فَإِنْ كَانَ الْقَاضِي يعرفك أَو كنت مَشْهُورا اكْتفى بدلك وَإِلَّا كَلَّفَكَ الْبَيِّنَةَ أَنَّكَ فُلَانٌ فَإِذَا ثَبَتَ عِنْدَهُ كَتَبَ لَكَ أَتَانِي فُلَانٌ بْنُ فُلَانٍ وَقد عَرفته أَو ثَبت عنْدك بِعَدْلَيْنِ وَذَكَرَ أَنَّ لَهُ جَارًا فِي الْبَصْرَةِ فِي مَوْضِعٍ وَيَحُدُّهَا وَأَنَّهُ وَكَّلَ فُلَانًا لِلْخُصُومَةِ فِيهَا فَتَرَى فِي ذَلِكَ رَأْيَكَ وَتَقْرَؤُهُ عَلَى شَاهِدين ويختمه وَتشهد مَا عَلَيْهِ أَنه كِتَابه وخاتمه وَتُخَلِّي الشَّاهِدَيْنِ وَهُوَ أَحْسَنُ وَيَجُوزُ تَرْكُ ذَلِكَ وَكَانَ سَحْنُونٌ لَا يَقْبَلُ كِتَابَ قَاضٍ مِنْ قُضَاتِهِ إِلَّا بِشَاهِدَيْنِ وَلَا يَفُكُّهُ إِلَّا بِمَحْضَرِهِمَا وَكَانَ يَعْرِفُ خَطَّ بَعْضِ قُضَاتِهِ وَلَا يَقْبَلُهُ لَا بِشَاهِدَيْنِ وَكَانَ يَطْبَعُ جَوَابَهُ إِلَى الْقُضَاةِ وَلَا يُشْهِدُ عَلَيْهِ وَيَقْبَلُ كُتُبَ أُمَنَائِهِ وَيُنَفِّذُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَيَأْمُرُهُمْ بِإِحْرَازِ كُتُبِهِمْ وَيَرْفَعُهَا عِنْدَ أَعْوَانِهِ وَاخْتُلِفَ فِي شَاهِدٍ وَيَمِينٍ عَلَى كِتَابِ الْقَاضِي فِي الْأَمْوَالِ مَنَعَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَأَجَازَهُ فِي غَيْرِهَا قَالَ سَحْنُونٌ يَجُوزُ فِي كِتَابِ الْقَاضِي رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ فِيمَا تَجُوزُ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ قَالَ مَالِكٌ مِنَ الْأَمْرِ الْقَدِيمِ إِجَازَةُ الْخَوَاتِمِ حَتَّى اتُّهِمَ النَّاسُ فَاشْتَرَطُوا الشَّهَادَةَ قَالَ وَالنَّاسُ الْيَوْمَ عَلَى أَنَّ مَنْ جَاءَ مِنْ أَعْرَاضِ الْمَدِينَة أجازوه بمعرفته طَابَعِهِ وَخَطِّهِ وَجَوَابِهِ فِي الْحُقُوقِ الْيَسِيرَةِ وَفِي النَّوَادِرِ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ إِذَا كَتَبَ قَاضٍ إِلَى قَاضٍ فِي عَبْدٍ أَنَّ فُلَانًا أَقَامَ بِبَيِّنَة أَنَّ عَبْدَهُ أَبِقَ مِنْهُ يُعَرِّفُهُ بِعَيْنِهِ وَاسْمِهِ وَلُغَتِهِ مُنْذُ كَذَا لَمْ يَبِعْهُ وَلَا خَرَجَ عَن ملكه

وَشَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ عِنْدَ الْقَاضِي الثَّانِي بِالْكِتَابِ فَأَنْكَرَ العَبْد أَن يكون مولى يُرَقَّ بِذَلِكَ حَتَّى يُعَيِّنَهُ الشُّهُودُ الْأُوَلُ وَإِنَّمَا يَنْفَعُ هَذَا فِي عَبْدٍ حَبَسَهُ الْإِمَامُ لَا يَدَّعِيهِ أَحَدٌ وَهُوَ مُقِرٌّ بِالرِّقِّ أَوْ أَرْضٍ لَا يَدَّعِيهَا أَحَدٌ أَوْ دَيْنٍ عَلَى رَجُلٍ وَأَمَّا مَا تَقَدَّمَ فَلَا يَقْضِي بِهِ بِالصِّفَةِ لِأَنَّ الصِّفَاتِ تَشْتَبِهُ وَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الصّفة يذكر فِيهَا مَا ينزل الشَّرِكَةَ فِيهِ قَالَ سَحْنُونٌ وَلَمْ يُخَالِفِ ابْنَ الْقَاسِمِ غَيْرُ ابْنِ كِنَانَةَ وَلَا أَعْلَمُ فِي الرّقّ إِلَّا إقأمة الْبَيِّنَة على الْغَائِب بالذين يَكْفِي فِيهَا اسْمُهُ وَنِسْبَتُهُ وَصِفَتُهُ وَيَكْتُبُ بِذَلِكَ إِلَى قَاضِي بَلَدِهِ فَكَذَلِكَ الْعَبْدُ قَالَ سَحْنُونٌ وَإِذَا وَصَلَ الْكِتَابُ بِالْعَبْدِ الْمَوْصُوفِ فَوُجِدَ فِي يَدَيْ أَبَوَيْهِ وَهُمَا حُرَّانِ يَدَّعِيَانِهِ وَهُوَ مَعْرُوفُ النَّسَبِ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ الْأَبِ وَهُمَا حُرَّانِ فِي الْأَصْلِ فَلْيَكْتُبْ إِلَى بَاعِثِ الْكِتَابِ بِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ فَيَأْخُذُ لِهَذَا الثَّمَنِ مِنْ بَائِعِهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَعْرُوفِ النِّسَبِ وَلَا وُلِدَ عِنْدَهُ حَكَمَ بِالْكِتَابِ وَسَلَّمَهُ وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ أَصْحَابِنَا قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِذَا ثَبَتَ لِلْقَاضِي الْأَوَّلِ الْعَبْدُ الْغَائِبُ بِالصِّفَةِ كَمَا تَقَدَّمَ حَلَفَ الْمُسْتَحِقُّ مَا بَاعَ وَلَا وَهَبَ وَلَا خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ إِلَى الْآنِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَقَالَ أَصْبَغُ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مَوْضِعَ عَبْدِهِ فَسَأَلَ الْقَاضِي كِتَابًا إِلَى أَيِّ قَاضٍ احْتَاجَ إِلَيْهِ كَتَبَ لَهُ هَذَا كِتَابٌ مِنَ الْقَاضِي فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ إِلَى مَنْ وَرَدَ عَلَيْهِ كِتَابِي هَذَا مِنَ الْحُكَّامِ وَيَذْكُرُ مَا ثَبَتَ عِنْدَهُ وَثَبَتَ عَلَى الْقَاضِي الْآخَرِ بِشَاهِدَيْنِ وَيُنَفِّذُهُ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ فَإِنْ كَتَبَ فِي عَبْدٍ فَوُجِدَ فِي بَلَدِ الْمَكْتُوبِ إِلَيْهِ عَبْدَانِ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي فِي الْكِتَابِ أَحَدُهُمَا يَدَّعِي الْحُرِّيَّةَ وَالْآخَرُ عِنْدَ رَجُلٍ يَدَّعِيهِ نَظَرَ الْمَكْتُوبُ إِلَيْهِ فِي بَيته وَلَا يُشْخِصُهُ مَعَهُ فَإِنْ ثَبَتَتْ حُرِّيَّتُهُ أَعْتَقَهُ وَأَبْطَلَ كِتَابَ الْمُسْتَحِقِّ وَإِلَّا رَفَعَهُ إِلَيْهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى صِفَتِهِ فِي الْبَلَدِ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ عَلَى عَيْنِهِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِهِ وَكَذَلِكَ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِمُ

الدُّيُونُ وَيَكْتُبُ الْقَاضِي فِي الِابْنِ يَثْبُتُ عِنْدَهُ أَن فلَانا سَرقه وهوحر كَمَا يَكْتُبُ فِي الْعَبِيدِ وَيَكْتُبُ فِي الْأَحْرَارِ الصغار الْأَب وَالْأُمِّ وَالْجَدِّ وَالْجَدَّةِ وَالْأَخِ وَالْأُخْتِ وَكُلِّ ذِي رَحِمٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ احْتَسَبَ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ الْحُرِّيَّة حق الله وَقيل لَا يكْتب فِي الْأَحْرَار إِلَّا الْأَب وَالْأُمِّ وَالزَّوْجِ يَدَّعِي الْمَرْأَةَ وَيَكْتُبُ لِلْوَلَدِ فِي الْوَالِدَيْنِ قَالَ سَحْنُونٌ وَهَذَا خَطَأٌ قَالَ سَحْنُونٌ وَلَا بُدَّ فِي كِتَابِ الْقَاضِي مِنْ نَسَبِهِ إِلَى أَبِيهِ وَفَخِذِهِ وَمَا هُوَ بِهِ مَشْهُورٌ وَحِلْيَتِهِ وَمَسْكَنِهِ فَإِنْ مَاتَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ الْغَائِبُ قَبْلَ تَارِيخِ كِتَابِ الْقَاضِي أَوْ بَعْدَهُ أَحْضَرَ الْمَكْتُوبُ إِلَيْهِ الْوَرَثَةَ وَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ وَمَكَّنَهُمْ مِنْ حجتهم إِذْ كَبِرُوا إِلَّا إِنْ تَقَادَمَ مَوْتُهُ بِمَا لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الطَّالِبُ أَدْرَكَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي كِتَابِ الْقَاضِي مَا يَقْتَضِي أَنَّ الدَّيْنَ عَلَيْهِ فَيُنَفِّذُهُ وَإِنْ جَاءَ كِتَابُ الْقَاضِي بِدَارٍ فِي مَوْضِعِ كَذَا مَعْرُوفٍ وَلَيْسَ فِيهِ حُدُودٌ لَمْ يُنَفَّذْ إِلَّا أَنْ تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ بالموضع بحدودها وَكَذَلِكَ لَو حدد بِحَدَّيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ وَلَمْ يَنْسُبُوهَا إِلَى اسْمٍ مَشْهُورٍ جَازَ وَلَا يُنَفِّذُ الْحَاكِمُ فِي الْغَائِبِ إِذَا وُجِدَ عَلَى صِفَتِهِ اثْنَانِ أَوْ فُقِدَتْ صِفَةٌ مِمَّا فِي الْكِتَابِ قَالَهُ سَحْنُونٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَخَذَ كِتَابَ قَاضِي مِصْرَ إِلَى قَاضِي افريقية فَوجدَ غَرِيمه باطرابلس لَا يَنْظُرُ قَاضِيهَا فِي ذَلِكَ إِذَا لَمْ يَعْرِفِ الْمَكْتُوبَ الْمُعَدِّي عَلَيْهِ عِنْدَ الْمَكْتُوبِ إِلَيْهِ فَإِذَا جَهِلَهُ لَمْ يُنَفِّذْ ذَلِكَ إِلَّا قَاضِي بَلَده وَلَعَلَّ بِبَلَدِهِ يميزه فيتعذر التَّنْفِيذَ فَإِنْ أَقَامَ الْمَكْتُوبُ لَهُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ هُوَ الْمَكْتُوب فِيهِ نفذه هَذَا كَمَا يَقْضِي لَهُ غَيْرُ الْمَكْتُوبِ إِلَيْهِ إِنْ عُزِلَ أَوْ مَاتَ وَكُتُبُ الْقُضَاةِ يَجُوزُ فِي جَمِيعِ الْحُقُوقِ وَإِذَا شَهِدَتْ لِرِجْلٍ امْرَأَةٌ عِنْدَ قَاضٍ فِيمَا تَجُوزُ فِيهِ شَهَادَتُهَا فَلَهُ أَنْ يَكْتُبَ فَإِذَا كَتَبَ لَمْ يَحْكُمْ لَهُ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ عَلَى شَهَادَةِ رَجُلٍ وَلَا يَقْضِي لَهُ الْآخَرُ حَتَّى يَأْتِيَ بِآخَرَ عَلَى شَهَادَةِ الرَّجُلِ أَوْ يَأْتِي بِشَاهِدٍ عَلَى أَصْلِ الْحَقِّ وَيَقْضِي لَهُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فِي الْأَمْوَالِ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُزَكِّيَ رَجُلًا بِبَيِّنَةٍ بِمِصْرٍ وَيَحْمِلَ ذَلِك إِلَى غَيرهَا لِأَنَّهُ لَا يجد بِغَيْرِهَا مَنْ يُزَكِّيهَا فَلَهُ

ذَلِك قَالَ سَحْنُون وَلها ذَلِك كَشَهَادَة أديتها عِنْد من ينظر فيأمر النَّاسِ وَلَوْ أَنَّ هَذَا النَّاظِرَ فِي أَمْرِ النَّاسِ كَتَبَ إِلَى قَاضِي بَلَدِهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي صِدْقَ ذَلِكَ مِنْ كَذِبِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَقْبَلُ كِتَابَ القَاضِي بِشَاهِدين وَإِن لم يكن فِي خَاتَمُهُ أَوْ كَانَ بِطَابَعٍ فَانْكَسَرَ قَالَ أَشْهَبُ لَا يَكْفِي فِي هَذَا كِتَابُ الْقَاضِي حَتَّى يَشْهَدُوا أَنَّهُ أَشْهَدَهُمْ وَجَوَّزَ عَبْدُ الْمَلِكِ الِاقْتِصَارَ عَلَى أَنَّ هَذَا كِتَابُ الْقَاضِي قَالَ أَشْهَبُ وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّ هَذَا خَاتَمُهُ وَلَمْ يَشْهَدُوا أَنَّ الْكِتَابَ كِتَابُهُ لَمْ يَنْفَعْ لِأَنَّ الْخَاتَمَ يُزَوَّرُ وَإِذَا شَهِدُوا عَلَى كِتَابِ الْقَاضِي بِخَاتَمِهِ وَخَوَاتِمِهِمْ ثَبَتَتْ شَهَادَتُهُمْ عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ خَوَاتِمُ وَشَهِدُوا أَنَّهُمْ قرروه عَلَيْهِ وأشهدهم بِمَا فِيهِ وحفظوه أَو مَعَهم نُسَخٌ قُبِلَتْ وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَخْتِمِ الْقَاضِي إِذْ كَتَبُوا شَهَادَتَهُمْ وَحَفِظُوهَا وَمَعَهُمْ نُسَخٌ كِصِكَاكِ الْحُقُوقِ قَالَ مُطَرِّفٌ وَلَا يُنَفِّذُ بِشَهَادَتِهِمْ أَنَّهُ خَطُّ الْقَاضِي كَمَا لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى خَطِّ الْقُضَاةِ فِي الْأَحْكَامِ وَلَا عَلَى خَطِّ الشُّهُودِ وَإِذَا كَاتَبَهُ فَسَأَلَهُ عَدَالَةَ شَاهِدٍ أَوْ غَيْرِهِ قَبِلَ كِتَابَتَهُ بِغَيْرِ شُهُودٍ إِذَا عَرَفَ خَطَّهُ أَوْ أَتَى بِهِ ثِقَةٌ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ قَضِيَّة قَاطِعَة أَو كتاب هُوَ ابتداءه أَوْ أَتَاهُ بِهِ الْخَصْمُ وَيُقْبَلُ أَيْضًا بِالثِّقَةِ مِنْ غَيْرِ عُدُولٍ كِتَابُ مَنْ يُكَاتِبُ فِي عَمَلِهِ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ وَتُنَفَّذُ الْأَقْضِيَةُ لِقُرْبِ الْمَسَافَةِ وَاسْتِدْرَاكِ مَا يُخْشَى فَوْتُهُ وَيَجُوزُ فِي كِتَابِ الْقَاضِي الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ وَإِذَا كَانَ الْكِتَابُ مَخْتُومًا غَيْرَ مَضْمُونٍ فَيَشْهَدُ عَدْلَانِ أَنَّهُ إِلَيْهِ وَالْخَصْمُ حَاضِرٌ فَلْيَفْتَحْهُ فَإِذَا شَهِدُوا عَلَى الْكِتَابِ وَالْخَاتَمِ نَفَّذَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ اسْمُ الْقَاضِي الْمُرْسِلِ وَلَا اسْمُ الْمُرْسَلِ إِلَيْهِ وَأَسْمَاؤُهُمَا دُونَ أَسْمَاءِ الْآبَاءِ أَوْ نَسَبُ الْقَاضِي لِهَذِهِ أَوْ أَخْطَأَ فِي اسْمِهِ أَوِ اسْمِ أَبِيهِ أَوْ نَسَبِهِ إِذَا أَشْبَهَ إِلَى الْمِصْرِ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا يُقْبَلُ الْكِتَابُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى شَهَادَةٍ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَلَا يُقْبَلُ عَلَى الْكِتَابِ شُهُودُ الْأَصْلِ وَفِيهِ

أَنَّهُ قَدْ عَدَّلَهُمَا وَلَكِنْ يَشْهَدُونَ بِهِ وَعَنْ مَالك اذا شهد عَلَى الْكِتَابِ مَطْبُوعًا وَلَمْ يَقْرَأْهُ شَهِدَ بِهِ وَيَقُولُ أَعْطَانِيهِ مَطْبُوعًا فَإِنْ دَفَعَهُ إِلَى جَمَاعَةٍ كَذَلِكَ وَهُوَ فِي يَدِ أَحَدِهِمْ شَهِدَ الَّذِي هُوَ فِي يَدِهِ وَشَهِدَ الْآخَرُونَ إِنْ عَرَفُوا طَابَعَهُ وَكِتَابَهُ وَإِنْ خَتَمُوا عَلَيْهِ وَدَفَعُوهُ إِلَيْهِ فَعَرَفُوا خَوَاتِيمَهُمْ شَهِدُوا بِهِ قَالَ أَصْبَغُ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفُوا خَوَاتِيمَهُمْ لَا يَشْهَدُونَ وَإِنْ كَانَ الَّذِي بِيَدِهِ الْكِتَابُ عَدْلًا حَتَّى يَعْرِفَ الْكِتَابَ وَإِذَا عَرَفَ الْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إِلَيْهِ الْقَاضِيَ الْكَاتِبَ بِأَهْلِيَّةِ الْقَضَاءِ وَالِدِّينِ وَالْوَرَعِ وَأَنَّهُ غَيْرُ مَخْدُوعٍ قَبِلَ كِتَابَهُ وَلَا يَقْبَلُ كِتَابَ غَيْرِ الْعَدْلِ لِأَنَّهُ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ فَإِنْ كَتَبَ الْعَدْلُ أَنَّ بَيِّنَتَهُ ثَبَتَتْ عِنْدِي لَا يُجِيزُهُ لِأَنَّهُ كَالشَّاهِدِ فَإِنْ نَفَّذَهُ فَلَا يَفْسَخُهُ مَنْ وَلِيَ بَعْدَهُ قَالَ أَشْهَبُ غَيْرُ الْمَأْمُونِ فِي حَالَهِ المنتاهي فِي حَالَهِ لَا يُجِيزُ كِتَابَهُ وَلَا شَيْئًا من أُمُور إِلَّا مَا شَكَّ فِيهِ قَالَ أَصْبَغُ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ بِعَدَالَةٍ وَلَا سُخْطَةٍ وَهُوَ مِنْ قُضَاةِ الْأَمْصَارِ الْكِبَارِ كَالْمَدِينَةِ نَفَّذَهُ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْحَالِ الْأَهْلِيَّةُ وَلَا يُنَفِّذُوهُ مِنْ قُضَاةِ الْكُوَرِ الصِّغَارِ حَتَّى يَسْأَلَ الْعُدُولَ عَنْ حَالِهِ قَالَ سَحْنُونٌ وَلَا يَكْتُبُ قُضَاةُ الْكُوَرِ إِلَى قَاضِي مِصْرَ وَنَحْوِهَا بَلْ يَكْتُبُونَ إِلَى قَاضِيهِمُ الْكَبِيرِ فَيَكْتُبُ إِلَى قَاضِي مِصْرَ وَلَا يُنْفَذُ كِتَابُ قُضَاةِ الْكُوَرِ وَوُلَاةِ الْمِيَاهِ إِلَى قَاضِي بَلَدٍ آخَرَ وَانْظُرْ قَوْلَ مَالِكٍ إِنَّ وُلَاةَ الْمِيَاهِ يَضْرِبُونَ أَجَلَ الْمَفْقُود فَلَا بُد أَن يكتبوا إِلَى العران وَيَطْلُبَ أَبَدًا الْمَكْتُوبُ إِلَيْهِ بِمُجَرَّدِ وُرُودِ الْكِتَابِ الْخَصْمَ إِنْ كَانَ حَاضِرًا أَوْ قَرِيبَ الْغَيْبَةِ ثُمَّ يَسْأَلُهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى كِتَابِ الْقَاضِي فَإِذَا قَبِلَ الْبَيِّنَةَ فَتَحَ الْكِتَابَ بِمَحْضَرِ الْخَصْمِ فَقَرَأَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ يَخْتِمُهُ وَيَكْتُبُ عَلَيْهِ اسْمَ صَاحِبِهِ فَإِنْ كَانَ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ نَفَّذَهُ فَإِذَا قَدِمَ الْغَائِبُ أَعْلَمُهُ وَأَمْكَنَهُ مِنْ حُجَّتِهِ وَلَا يَكْتُبُ الْأَصْلَ أَيْضًا إِلَّا بِمَحَضَرِ الْمَكْتُوبِ عَلَيْهِ وَالْإِعْذَارِ إِلَيْهِ وَإِنْ ثَبَتَ أَنْ حَضَرَهُ وَكِيلُ الطَّالِبِ وَالْخَصْمُ حَاضِرٌ فَتَحَ الْكِتَابَ فَإِنْ أَنْكَرَ الْمَطْلُوبُ أَنَّهُ فُلَانٌ بْنُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ أَثْبَتَ الْوَكِيلُ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَشْهُورًا بِالِاسْمِ وَالْكُنْيَةِ وَلَوْ كَانَ الْكِتَابُ لِرَجُلَيْنِ حَضَرَ أَحَدُهُمَا مَعَ الْخَصْمِ أَنْفَذَهُ لَهُ ثُمَّ إِذا

حَضَرَ الْغَائِبُ أَنْفَذَهُ وَلَا يُعِيدُ الْبَيِّنَةَ قَالَ سَحْنُونٌ وَيَكْتُبُ فِي الْكِتَابِ اسْمَ الشُّهُودِ وَأَنْسَابَهُمْ وَمَا يُعْرَفُونَ بِهِ وَكَذَلِكَ مَنْ زَكَّوْهُمْ حَتَّى يُعْرَفَ ذَلِكَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ فَيَدْفَعُ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَلِلَّذِي جَاءَهُ الْكِتَابُ أَنْ يَكْتُبَ بِمَا جَاءَهُ مِنْ ذَلِكَ إِلَى قَاضٍ آخَرَ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَجُوزُ قَوْلُهُ فِي كُتَّابٍ عُدُولٍ قَبِلْتُ شَهَادَتَهُمْ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّهِمْ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ إِنْ قَدِمَ بِالْكِتَابِ وَكِيلُ الطَّالِبِ فَادَّعَى الْمَطْلُوبُ الْوَفَاءَ وَسَأَلَ التَّأْخِيرَ لِيُحَلِّفَ الطَّالِبَ أُلْزِمَ وَلَمْ يُؤَخَّرْ وَحَلَفَ الْوَكِيلُ أَنَّهُ مَا يَعْلَمُ ذَلِكَ إِلَّا فِي غَيْبَةِ الطَّالِبِ نَحْوَ الْيَوْمِ فَيَكْتُبُ إِلَيْهِ فَيُحَلَّفُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يحلف الْوَكِيل وَلَا ينظر الطالبقال غَيْرُهُ وَلَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَكْتُبَ لَهُ الْكِتَابَ حَتَّى يُحَلِّفَهُ قَالَ سَحْنُونٌ لَا أَعْلَمُ خِلَافًا أَنَّ مَوْتَ أَحَدِهِمَا أَوْ عَزْلَهُ أَعْنِي الْكَاتِبَ وَالْمَكْتُوبَ إِلَيْهِ لَا يَضُرُّ فِي الْقُضَاةِ وَقَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ ذَلِكَ كُلُّهُ إِذَا مَاتَ الْمَكْتُوبُ إِلَيْهِ بَعْدَ وُصُولِ الْمَكْتُوبِ لَهُ وَأَمَّا ان مَاتَ قبل ان سَافر الرَّجُلُ وَقَدْ فَرَّقَ شُهُودَهُ وَقَدْ أَشْهَدَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً مَضَى وَإِلَّا بَطَلَ وَإِذَا وُجِدَ كِتَابُ الْخَلِيفَةِ عِنْدَ حَاكِمٍ مَفْتُوحًا وَأَشْهَدَ أَنَّهُ قَبِلَهُ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ الْخَلِيفَةَ مَاتَ قَبْلَ الْقَبُولِ بَطَلَ كَمَا يَبْطُلُ فِي الرَّئِيسِ لِلْعَامِلِ تَحْتَ يَده وَإِذَا قَبِلَ عَامِلٌ كِتَابًا وَلَمْ يَحْكُمْ بِهِ حَتَّى عُزِلَ أَمْضَاهُ مَنْ بَعْدَهُ بِشَاهِدَيْنِ عَلَيْهِ وَإِذَا كَتَبَ إِلَى مَنْ يَعْتَقِدُ خِلَافَ مَذْهَبِ الْكَاتِبِ فِي ذَلِكَ الْحَدِّ وَكَتَبَ حَكَمْتُ بِهِ وَأَنْفَذْتُهُ أَقَامَ ذَلِكَ الْحَدَّ وَإِنْ كَتَبَ أَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَهُ فَقَطْ لَا يُنَفِّذُهُ كَمَا أَنَّ من أَمر إِمَامٌ عَادِلٌ بِإِقَامَةِ حَدٍّ وَهُوَ لَا يَعْلَمُهُ اقامه وان لم يعلم عَدَالَته لايوافقه وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى مُكَاتَبَةِ الْقُضَاةِ بِمَا ثَبَتَ عِنْدَهَا وَقِيَاسًا عَلَى الشَّهَادَةِ بِجَامِعِ الضَّرُورَةِ وَوَافَقَنَا الْأَئِمَّةُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ لِمَا فِي مُسْلِمٍ قَالَ الضَّحَّاكُ بْنُ سُفْيَانَ وَلَّانِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَى بَعْضِ الْأَعْرَابِ ثُمَّ كَتَبَ إِلَيَّ أَنْ أُوَرِّثَ امْرَأَةَ أَشْيَمَ بِتَسْكِينِ الشِّينِ الْمَنْقُوطَةِ وَفَتْحِ الْيَاءِ بِنُقْطَتَيْنِ تَحْتَهَا الضِّبَابِيِّ بِكَسْرِ الضَّادِ الْمَنْقُوطَةِ من دِيَة زَوجهَا

فَورثَهَا لِأَن الْحَاجة تدعوا إِلَى ذَلِكَ وَخَالَفُونَا فِي مَسَائِلَ فَعِنْدَ ش وَأحمد وح يَكْتُبُ قَاضِي الْقَرْيَةِ إِلَى قَاضِي الْمِصْرِ وَبِالْعَكْسِ وَلَا يَقْبَلُ مَعَ الْقُرْبِ الَّذِي لَا يُقْبَلُ فِيهِ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ وَجَوَّزَ ح وَأَحْمَدُ مِنْ قَاضٍ فِي أَحَدِ طَرَفَيِ الْبَلَدِ لِقَاضٍ فِي الطَّرَفِ الْآخَرِ قِيَاسًا عَلَى الْمَسَافَةِ الْبَعِيدَةِ وَالْفَرْقُ الضَّرَرُ وَالتَّعَذُّرُ وَلَمْ أَرَ لَنَا فِيهِ نَقْلًا وَقَالَ الْأَئِمَّةُ لَا يَكْتُبُ فِي الْحُقُوقِ الْبَعِيدَةِ الْمُعَيَّنَةِ عَلَى الصِّفَةِ إِذَا أَمْكَنَ الْتِبَاسُهَا بِغَيْرِهَا لِأَجْلِ جَهَالَةِ الْعَيْنِ نَحْوَ الثَّوْبِ الْمُعَيَّنِ وَلَا يُقْبَلُ كِتَابُ الْقَاضِيَ عِنْدَ ح وَابْنِ حَنْبَلٍ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ لِأَنَّهَا تَنْدَفِعُ بِالشُّبْهَةِ وَلِأَنَّ مُوجَبَ الْكِتَابِ مُطَالَبَةُ الْخَصْمِ وَهُوَ غَيْرُ مَوْجُودٍ لِأَنَّ الْحُدُودَ يُطْلَبُ إِعْدَامُهَا وَإِخْفَاءُ أَسْبَابِهَا وَترك الْكتاب يقْضِي إِلَى ذَلِكَ وَجَوَابُ الْأَوَّلِ أَنَّ تَوَقُّعَ الشُّبْهَةِ لَا يمْنَع كتوقع تَخْرِيج بَيِّنَةِ الْأَصْلِ وَجَوَابُ الثَّانِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِحُقُوقِهِ وَأَمْرُهُ أَعْظَمُ مِنَ الْمُطَالَبَةِ وَجَوَابُ الثَّالِثِ أَنَّهَا مَطْلُوبَةُ الْإِعْدَامِ قَبْلَ الثُّبُوتِ أَمَّا بَعْدَهُ فَلَا وَاشْتَرَطُوا الْبَيِّنَةَ مِثْلَنَا دُونَ مَعْرِفَةِ الْخَطِّ وَإِذَا أُخْلِيَ الْمَكْتُوبُ مِنَ اسْمِ الْمَكْتُوبِ إِلَيْهِ جَوَّزَهُ ش دُونَ ح لِأَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَى شَهَادَةِ الشَّاهِدِينَ عَلَى الْكِتَابِ وَجَوَّزَ ش تَرْكَ الْخَتْمِ دُونَ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كتب كتابا على قَيْصَرَ وَلَمْ يَخْتِمْهُ فَقِيلَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّهُ لَا يَقْرَأُ كِتَابًا غِيَرَ مَخْتُومٍ فَاتَّخَذَ الْخَاتم وَمنع ش وح أَنْ يُشْهِدَهُمَا عَلَى الْكِتَابِ الْمَخْتُومِ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ فَلَا تَصِحُّ الشَّهَادَةُ بِهِ كَمَا لَوْ شَهِدَا أَنَّ لِفُلَانٍ مَالًا وَلَا يَقْبَلُ الْمَكْتُوبُ إِلَيْهِ عَلَى الْكَاتِبِ فِي كِتَابِهِ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ عِنْدَ ش خِلَافًا لِ ح وَعِنْدَ ش لَا يَكْتُبُ إِلَّا مَنْ لَيْسَ لَهُ أَهْلِيَّةُ الْقَضَاءِ وَأُصُولُنَا تَقْتَضِيهِ وَيَكْتُبُ الرَّجُلُ إِذَا حَكَّمَهُ الْخَصْمَانِ كَمَا يَحْكُمُ الْقَاضِي

(فرع)

فَيَكْتُبُ وَلَمْ أَرَ لَنَا فِيهِ نَقْلًا وَإِذَا مَاتَ الْقَاضِي الْكَاتِبُ أَوْ عُزِلَ أَوْ بَطَلَتْ أَهْلِيَّتُهُ قَبْلَ وُصُولِ الْكِتَابِ قَالَ ح لَا يَقْبَلُهُ الْمَكْتُوبُ إِلَيْهِ لِأَنَّ مَوْتَهُ قَبْلَ ثُبُوتِهِ عِنْد الْمَكْتُوب إِلَيْهِ كموت شَاهد فِي الْفَرْعِ قَبْلَ ثُبُوتِ شَهَادَتِهَا عِنْدَ الْحَاكِمِ الْمَكْتُوبِ إِلَيْهِ وَعِنْدَ ش وَابْنِ حَنْبَلٍ يَقْبَلُ كَمَا لَوْ كَانَ حَيًّا إِنْ كَانَ الْمَكْتُوبُ إِلَيْهِ من قبل الْكَاتِب وَإِلَّا فَقَوْلَانِ لَهُ لَنَا نَحْنُ أَنَّهُ حُكْمٌ تبث فَيُنَفَّذُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ حَقٌّ وَالْحَقُّ وَاجِبٌ اتِّبَاعُهُ فَإِنْ مَاتَ الْمَكْتُوبُ إِلَيْهِ أَوْ بَطَلَتْ أَهْلِيَّتُهُ أَو عزل بَطل الْكتاب ووفقنا ش (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ لَوْ شَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ بِخِلَافِ مَا فِي الْكِتَابِ جَازَ إِذَا طَابَقَتِ الدَّعْوَى لِأَنَّهَا هِيَ الْمَقْصُودَةُ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا قَالَ الْقَاضِي أَشْهَدْتُكُمَا أَنَّ مَا فِي الْكِتَابِ خطي جَازَ على أحد الرِّوَايَتَيْنِ أَوْ مَا فِي الْكِتَابِ حُكْمِي أَوْ قَالَ الْمُقِرُّ أَشْهَدْتُكَ عَلَى مَا فِي الْقَبَالَةِ وَأَنَا عَالِمٌ بِهِ فَحَفِظَ الشَّاهِدُ الْقَبَالَةَ وَمَا فِيهِ وَشَهِدَ عَلَى إِقْرَارِهِ جَازَ عَلَى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالْمَجْهُولِ جَائِزٌ (فَرْعٌ) قَالَ لَا بُدَّ مِنْ ظُهُورِ عَدَالَةِ الْبَيِّنَةِ عِنْدَ الْمَكْتُوب إِلَيْهِ وَلَا يَكْفِي أَن تدعيها لَهما فِي ذَلِكَ الْكِتَابِ الَّذِي إِنَّمَا ثَبَتَ بِشَهَادَتِهِمَا وَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَشْهَدُوا أَنَّ هَذَا الْكِتَابَ كِتَابُ فُلَانٍ الْقَاضِي وَزَادَ أَشْهَبُ وَأَنَّهُ أَشْهَدَنَا عَلَيْهِ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ أَنَّهُ أَشْهَدَهُمْ بِمَا فِيهِ

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ إِنْ قَالَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ أَنَا أَجْرَحُ بَيِّنَةَ الْأَصْلِ الَّتِي شَهِدَتْ عَلَيَّ وَيَتَعَذَّرُ عَلَيَّ ذَلِكَ إِلَّا فِي بَلَدِهِمْ لَا يُمْهِلُ بَلْ يُسَلِّمُ الْمَالَ فَإِنْ ظَهَرَ الْجَرْحُ اسْتَرَدَّهُ (فَرْعٌ) قَالَ التُّونُسِيُّ اخْتُلِفَ فِي شَاهِدٍ وَيَمِينٍ فِي الْأَمْوَالِ مَنَعَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَجَوَّزَهُ فِي غَيْرِهَا نَظَرًا لِكَوْنِهِ حُكْمًا بِدَيْنٍ أَوْ لِأَنَّ الْمَقْصُود المَال

(الباب السادس فيمن يجوز الحكم له ومن لا يجوز)

(الْبَابُ السَّادِسُ فِيمَنْ يَجُوزُ الْحُكْمُ لَهُ وَمَنْ لَا يَجُوزُ) قَاعِدَةٌ التُّهْمَةُ قَادِحَةٌ فِي التَّصَرُّفَاتِ عَلَى الْغَيْرِ إِجْمَاعًا وَأَصْلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا تقبل شَهَادَة خصم وَلَا ظنين والظنة التُّهْمَةُ وَانْقَسَمَتْ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ مُعْتَبَرَةً فِي الْإِلْغَاءِ إِجْمَاعًا كَشَهَادَةِ الْإِنْسَانِ لِنَفْسِهِ وَحُكْمِهِ لِنَفْسِهِ وَغَيْرَ مُعْتَبرَة إِجْمَاعًا كَرجل من قبيلته مُخْتَلَفٌ فِيهِ هَلْ يُلْحَقُ بِالْأَوَّلِ أَوْ بِالثَّانِي لِوُجُودِ الشَّبَهَيْنِ فِيهِ كَأَخِيهِ وَامْرَأَتِهِ فَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ هِيَ مَنَاطُ مَا يَأْتِي من الْفُرُوع وَفِي الْبَاب فروعه فروع الْأَرْبَعَة (الْفَرْعُ الْأَوَّلُ) الْقَضَاءُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا كَانَ بَيْنَ الْخَلِيفَةِ وَبَيْنَ رَجُلٍ دَعْوَى تَحَاكَمَا إِلَى رَجُلٍ يَرْضَيَانِ بِهِ لِأَنَّ عُمَرَ اخْتَصَمَ مَعَ أُبَيٍّ إِلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ فَإِنَّ الشَّاهِدَ فَوْقَهُ مَنْ يَنْظُرُ فِي أَمْرِهِ وَهُوَ الْحَاكِمُ فَيَضْعُفُ إِقْدَامُ الْخَصْمِ وَالْحَاكِمُ لَيْسَ فَوْقَهُ مَنْ يَنْظُرُ فِي أَمْرِهِ فَتَفُوتُ دَاعِيَةُ التُّهْمَة قَالَ وَلَا يحكم بِعِلْمِهِ إِلَّا أَن يكون مبرزا خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يَحْكُمُ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ أَوْ يَتِيمِهِ أَوِ امْرَأَتِهِ وَغَيْرُ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ يَجُوزُ كَالْأَبِ وَالِابْنِ الْكَبِيرِ فَإِنِ امْتَنَعَتِ الشَّهَادَةُ فَإِنَّ مَنْصِبَ الْقَضَاءِ أَبْعَدُ عَنِ التُّهَمِ لِوَقْفِ رَاجِلَةِ كَذَا الْقَاضِي دُونَ

الشَّاهِدِ قَالَ أَصْبَغُ إِنْ قَالَ ثَبَتَ عِنْدِي وَلَا يُعْلَمُ أَثَبَتَ أَمْ لَا وَلَمْ يَحْضُرْهُ الشُّهُود لم ينْفد فَإِنْ حَضَرَ الشُّهُودُ وَكَانَتْ شَهَادَةً ظَاهِرَةً بِحَقٍّ بَيِّنٍ جَازَ فِيمَا عَدَا الثَّلَاثَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ لِأَنَّ اجْتِمَاعَ هَذِهِ الْأُمُورِ يُضَعِّفُ التُّهْمَةَ وَهُوَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّهَادَةِ وَعَنْ أَصْبَغَ الْجَوَازُ فِي الْوَلَدِ وَالزَّوْجَةِ وَالْأَخِ وَالْمُكَاتَبِ وَالْمُدَبَّرِ إِذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْقِيَامِ بِالْحَقِّ وَصَحَّ الْحُكْمُ وَقَدْ يَحْكُمُ لِلْخَلِيفَةِ وَهُوَ فَوْقَهُ وَتُهْمَتُهُ أَقْوَى وَلَا يَنْبَغِي لَهُ القضاب بَيْنَ أَحَدِ عَشِيرَتِهِ وَخَصْمِهِ وَإِنْ رَضِيَ الْخَصْمُ بِخِلَاف رجلَيْنِ رَضِيا بِحكم رجل أَجْنَبِي ينْفد ذَلِكَ عَلَيْهِمَا وَلَا يَقْضِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ وَإِنْ رَضِيَ الْخَصْمُ بِذَلِكَ فَإِنْ فَعَلَ فَلْيُشْهِدْ عَلَى رِضَاهُ وَيَجْتَهِدْ فِي الْحَقِّ فَإِنْ قَضَى لِنَفْسِهِ أَوْ لِمَنْ يَمْتَنِعُ قَضَاؤُهُ لَهُ فَلْيَذْكُرِ الْقِصَّةَ كُلَّهَا وَرِضَا خَصْمِهِ وَشَهَادَةَ مَنْ شَهِدَ بِرِضَا الْخَصْمِ وَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فِي مَوْطِنِ خِلَافِ الْعُلَمَاءِ وَرَأَى أَفْضَلَ مِنْهُ فَالْأَحْسَنُ فَسْخُهُ فَإِنْ مَاتَ أَوْ عُزِلَ فَلَا يَفْسَخُهُ غَيْرُهُ إِلَّا فِي الْخَطَأِ الْبَيِّنِ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ لِمَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَهُ بِخِلَاف شَاذ فَالْأَحْسَن أَن لَا يَفْسَخَهُ لِأَنَّهُ لَا يُتَّهَمُ فِيهِ قَالَ سَحْنُونٌ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَبِيهِ أَوِ ابْنِهِ عِنْدَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونُوا مُبَرَّزِينَ فِي الْعَدَالَةِ وَفِي النَّوَادِرِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْقَاضِيَ عَدو للخصم نقص حُكْمُهُ وَمَنْ يَشْهَدُ مِنْ أَقَارِبِهِ يَحْكُمُ لَهُ إِلَّا فِي الْحُقُوق العضيمة كَالْقِصَاصِ وَالْأَبْنَاءُ وَإِنْ سَفُلُوا سَوَاءٌ فِي الْمَنْعِ وَكَذَلِكَ الْآبَاءُ وَإِنْ عَلَوْا وَإِذَا رَضِيَ خَصْمُ القَاضِي بالحكم عِنْده فليو كل الْقَاضِي مَنْ يَقُومُ بِحُجَّتِهِ وَيَفْعَلُ مَا هُوَ أبقى لِلتُّهْمَةِ وَقِيلَ لَا يَحْكُمُ لِنَفْسِهِ أَصْلًا وَإِنْ رَضِيَ الْخَصْمُ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا تَخَاصَمَ عِنْدَهُ خَصْمَانِ لَهُ عِنْدَ أَحَدِهِمَا حَقٌّ مَالِيٌّ قضى بَينهمَا إِن كَانَ خَصمه مَلِيًّا وَإِلَّا امْتَنَعَ كَالشَّهَادَةِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ أَبِيهِ وَابْنِهِ بِعَدَالَتِهِمَا بِخِلَافِ تَعْدِيلِهِمَا عِنْدَ تميزه قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا كَانَتِ الْقَضِيَّةُ لِغَيْرِ مَالٍ مِمَّا فِيهِ حَمِيَّةٌ أَوْ غَيْرَةٌ لَمْ يَحْكُمْ لمن لَا يشْهد لَهُ بِحَال وَحَيْثُ مِنْهَا امْتَنَعَ رَفْعُ الشَّهَادَةِ بِمَا اعْتَرَفَ عِنْدَهُ لِمَنْ هُوَ فَوْقَهُ وَإِنْ كَانَ مِمَّا تَجُوزُ فِيهِ شَهَادَته رفع لمن فَوْقه

(الفرع الثاني)

(الْفَرْعُ الثَّانِي) قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا اجْتَمَعَ فِي الْقَضِيَّةِ حَقُّ الْقَاضِي وَحَقُّ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَحْكُمُ بِمَالِهِ كَالسَّرِقَةِ وَهَلْ يَحْكُمُ بِالْآخَرِ قَالَ مُحَمَّدٌ يَقْطَعُهُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَرْفَعُهُ لِمَنْ فَوْقَهُ فَإِنْ شَهِدَ الْقَاضِي وَآخَرُ أَنَّهُ سَرَقَ رَفَعَ حَقَّهُ لِمَنْ فَوْقَهُ لِأَنَّهُ لَا يَشْهَدُ لِنَفْسِهِ فَيَقْطَعُهُ الْغَيْرُ بِالشَّهَادَةِ وَيُغَرِّمُهُ لِلْقَاضِي بِالشَّاهِدِ مَعَ يَمِينِ الْقَاضِي وَقِيلَ لَا يَقْطَعُ بشهادتها لِأَنَّ شَهَادَةَ الْقَاضِي تُرَدُّ عَنْهُ مِنْ بَابِ التُّهْمَة تَتَبَعَّضُ الشَّهَادَةُ فِي هَذَا وَإِنَّمَا تَتَبَعَّضُ إِذَا كَانَت ترد منن جِهَة الشَّرْع لامن أَجْلِ التُّهْمَةِ (الْفَرْعُ الثَّالِثُ) قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى مَتَى كَانَ الْحُكْمُ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ قَضَى الْحَاكِمُ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ لِأَنَّ مُقْتَضَى عَقْدِ الذِّمَّةِ جَرَيَانُ حُكْمِ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِمْ إِلَّا فِي نِكَاحِهِمْ وَإِنْ كَانَ أَهْلَ حَرْبٍ وَأَمْكَنَ فَعَلَ وَإِنْ تَعَذَّرَ أَخْرَجَ حُكْمَهُمْ عَلَى وَجْهِ الصُّلْحِ وَأَمَّا أَحْكَامُ أَهْلِ الْكُفْرِ فَإِنْ كَانَ الْخَصْمَانِ عَلَى دين وَاحِد كنصرانيين لَا يعرض لَهُمْ لِأَنَّ عَقْدَ الذِّمَّةِ عَلَى أَنْ تَجْرِيَ سَابِقَة ورضا الْخَصْمَيْنِ فَإِنِ امْتَنَعَ الْخَصْمَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا أَوِ الاسابقة لَمْ يَحْكُمْ لَهُمْ وَفِي كِتَابِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ إِنْ رَضِيَا بِذَلِكَ حَكَمَ وَإِنْ أَبَى الطَّالِبُ أَوِ الْمَطْلُوبُ لَمْ يَعْرِضْ لَهُمَا فَإِنِ اتَّفَقَا خُيِّرَ بَيْنَ الْحُكْمِ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ أَوْ يَتْرُكُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِن الله يحب المقسطين} فَإِنِ اخْتَلَفَا فِي الدِّينِ قَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ حَكَمَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَرِهَ أَحَدُهُمَا لِاخْتِلَافِ الملتين وَهَذَا فِي صديقَة الْمَظَالِمِ بِالْحُقُوقِ الَّتِي سُلِّمَتْ بِرِضَا الطَّالِبِ لَهَا أَمَّا الْغَصْبُ وَقَطْعُ الطَّرِيقِ فَيَحْكُمُ بِحُكْمِ

(الفرع الرابع)

الْإِسْلَامِ كَانَا عَلَى مِلَّةٍ وَاحِدَةٍ أَمْ لَا أَوْ أَحَدُهُمَا مُسْلِمٌ وَظَاهِرُ كَلَامِ صَاحِبِ الْجَوَاهِرِ فِي الْجِهَادِ أَنَّ الْإِمَامَ مُخَيَّرٌ فِي مُتَّفِقِي الْمِلَّةِ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ فِيمَا أَعْلَمُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَعَرَّضُ لِلذِّمَّةِ وَلَا أَهْلِ الصُّلْحِ وَلَا الْمُسْتَأْمَنِينَ مَا لَمْ يَتَعَلَّقِ الضَّرَرُ بِغَيْرِهِمْ وَاتَّفَقُوا فِيمَا أَعْلَمُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا تَرَافَعَ مُسْلِمٌ وَكَافِرٌ أَنَّ عَلَى الْقَاضِي الحكم بَينهم وَقَالَ ش يُخَيَّرُ فِي أَهْلِ الْمُوَادَعَةِ كَالْيَهُودِ الَّذِينَ كَانُوا بِالْمَدِينَةِ لَمْ يَكُونُوا أَهْلَ جِزْيَةٍ بَلْ مُوَادَعَةٍ وَفِيهِمْ نَزَلَ قَوْله تَعَالَى بِالتَّخْيِيرِ فِي الْحُكْمِ الْآيَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ فَإِذَا اجْتَمَعَ الْخَصْمَانِ وَرَضِيَا فِي الْحُكْمِ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ وَشُهُودٍ مُسْلِمِينَ وَبَعْدَ أَنْ يَصِفَ لَهُمْ حُكْمَ الْإِسْلَامِ وَكَذَلِكَ يُخَيَّرُ فِي الذِّمِّيِّينَ مِنْ أَهْلِ مِلَّتَيْنِ وَيُبَيِّنُ لِلذِّمَّةِ حُكْمَ الْمُسْلِمِينَ قَبْلَ الْحُكْمِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ مَا يُحَرِّمُهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ ثَمَنِ الْخَمْرِ وَغَيْرِهِ وَيَحْكُمُ بِدِيَةِ الْخَطَأِ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَقَالَ ح يَنْبَغِي أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَوَّلًا بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ وَيُحَرِّمَ عَلَيْهِمْ مَا يُحَرِّمُهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَقَدْ كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى نَصَارَى نَجْرَانَ إِمَّا أَنْ تَرُدُّوا الرِّبَا واما ان تاذوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَلَا تُفْسَخُ أَنَكِحَتُهُمْ عِنْدَهُ وَلَا بُدَّ مِنْ رِضَاهُمَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِن جاءوك} الْآيَةَ فَاشْتَرَطَ اللَّهُ تَعَالَى الْمَجِيءَ وَهَىَ نَزَلَتْ بَعْدَ قَوْله تَعَالَى {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ الله وَلَا تتبع أهواءهم} والزم الذِّمَّةِ الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمْ وَإِنْ لَمْ يَتَرَافَعُوا إِلَيْنَا وَهُوَ خِلَافُ مَذْهَبِنَا (الْفَرْعُ الرَّابِعُ) فِي الْكتاب اذا اقمت بَيِّنَةٌ عَلَى غَائِبٍ ثُمَّ حَضَرَ قَبْلَ الْحُكْمِ لَا تُعَادُ بِحُضُورِهِ

لِأَنَّهُ يَقْضِي عَلَيْهِ فِي غَيْبَتِهِ وَلَكِنْ يُخْبَرُ بِمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ وَبِالشَّهَادَةِ لَعَلَّ عِنْدَهُ حُجَّةً قَالَ ابْنُ يُونُسَ الْقَضَاءُ عَلَى الْغَائِبِ عَمَلُ المديتة وَقَول مَالك وَأَصْحَابه الدُّيُون وَغَيرهَا وتباع دَاره وعقاره ورفيقه وَقَالَ ش ان عَمَلُهُ فِي مَوْضِعٍ فِيهِ حَاكِمٌ كَتَبَ إِلَيْهِ فَيَنْظُرُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حَاكِمٌ وَفِيهِ مَنْ يَتَوَسَّطُ مَنْ أَهْلِ الْحُكْمِ فُوِّضَ ذَلِكَ إِلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَنْ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ وَرَأَى الْحَاكِمُ أَنْ يُنْفِذَ إِلَى ذَلِكَ الْبَلَدِ مَنْ يَقْضِي بَيْنَهُمَا فَعَلَ وَإِلَّا لَمْ يُحْضِرْهُ حَتَّى يُحَقِّقَ الْمُدَّعِي الدَّعْوَى لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا لَا يُجَابُ لَهَا كَشُفْعَةِ الْجَارِ فَإِنْ تَعَذَّرَ إِحْضَارُهُ لِكَوْنِهِ غَائِبًا أَوْ كَانَ حَاضِرًا فَهَرَبَ وَلَيْسَ مَعَ الطَّالِبِ بَيِّنَةٌ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ أَوْ مَعَهُ سَمِعَ الْبَيِّنَةَ وَحَلَّفَهُ عَلَى عَدَمِ الْإِبْرَاءِ وَنَحْوِهِ وَحَكَمَ وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح لَا يَقْضِي عَلَى الْغَائِبِ وَلَا الْهَارِبِ قَبْلَ الْحُكْمِ وَبَعْدَ إِقَامَةِ الْبَيِّنَة وَلَا لمستتر فِي الْبَلَدِ وَلَكِنْ يَأْتِي مِنْ عِنْدِ الْقَاضِي ثَلَاثَةٌ يَدْعُونَهُ لِلْحُكْمِ فَإِنْ جَاءَ وَإِلَّا فَتَحَ عَلَيْهِ بَابَهُ وَافَقْنَا أَنَّهُ يَسْمَعُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةَ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْحُكْمِ لَنَا قَوْله تَعَالَى {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ الله} فَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ حَاضِرٍ وَغَائِبٍ وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لويعطى النَّاس بدعاويهم لَا دعى قَوْمٌ دِمَاءَ قَوْمٍ وَأَمْوَالَهُمْ وَلَكِنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُدَّعِي وَقَوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لهِنْد خذي لَك وَلَو لَدُكَّ مَا يَكْفِيكَ بِالْمَعْرُوفِ فَقِيلَ قَضَى عَلَى أَبِي سُفْيَانَ وَلَمْ يَحْضُرْ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَعْلَمُ صِحَّةَ دَعْوَاهَا وَقِيلَ فُتْيَا لِأَنَّهُ كَانَ حَاضِرًا بِالْبَلَدِ وَالْحَاضِرُ بِالْبَلَدِ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ حَتَّى يُعْلَمَ وَلِأَنَّ الْقَضَاءَ بِالْعِلْمِ مَمْنُوعٌ وَرجح الحكم بِأَنَّهُ أمرهَا بالخذب الْأَخْذ فَقَالَ خُذِي وَلَوْ كَانَ فَتْوَى لَقَالَ لَهَا يَجُوزُ لَكِ أَنْ تَأْخُذِي وَلِأَنَّ الْحَاكِمَ لَا يُفْتِي فِيمَا تَقَعُ فِيهِ الْخُصُومَةُ

وَلَنَا أَيْضًا إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ وَلِأَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ عَلَى الْمِنْبَرِ أَلَا إِنَّ الْأُسَيْفِعَ أُسَيْفِعَ جُهَيْنَةَ قَدْ رَضِيَ مِنْ دِينِهِ وَأَمَانَتِهِ بِأَنْ يُقَالَ سَبَقَ الْحَاجَّ فَادَّانَ مُعْرِضًا أَلَّا مَنْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلْيَأْتِنَا غَدا فَإنَّا بائعوا مَالِهِ وَكَانَ الْأُسَيْفِعُ غَائِبًا وَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ فَكَانَ إِجْمَاعًا وَقِيَاسًا لِبَيِّنَتِهِ عَلَى بَيِّنَةِ الْحَاضِرِ وَالْإِجْمَاعِ عَلَى الْقَضَاءِ بِالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَهِيَ غَائِبَةٌ وَعَلَى الْمَيِّتِ وَهُوَ أَعْظَمُ مِنَ الْغَائِبِ وَلِأَنَّهُ لَوْلَا الْحُكْمُ عَلَى الْغَائِبِ لَأَخَذَ النَّاسُ أَمْوَالَ النَّاسِ وَغَابُوا فَتَضِيعُ الْأَمْوَالُ وَيَجُوزُ ذَهَابُ مَالِ الْغَائِبِ قَبْلَ الْقُدُومِ فَيَضِيعُ الْحَقُّ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى مَا إِذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى جَمَاعَةٍ بَعْضُهُمْ حَاضِرٌ وَعَلَى الْمَفْقُودِ فَهَذِهِ كُلُّهَا سَلَّمَهَا ح وَلِأَنَّ الْمَنْعَ إِمَّا لِاحْتِمَالِ الْإِنْكَارِ عِنْدَ الْقُدُومِ وَلَا عِبْرَةَ بِهِ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ شَهِدَتْ عَلَيْهِ اَوْ لترجيح الْبَيِّنَةِ وَهُوَ لَا يَفُوتُهُ عِنْدَ حُضُورِهِمْ وَيَجُوزُ ان لَا يخرجهم فَلَا يُتَوَقَّفُ بِالشَّكِّ وَلِأَنَّ مَنْ لَا يُعْتَبُرُ رِضَاهُ لَا يعْتَبر حُضُوره فاخذ الْوَرَثَةِ وَالْبَائِعِ فِي الشُّفْعَةِ وَالْمَضْمُونِ عَنْهُ فَإِنَّهُ إِذَا ثَبَتَ قُضِيَ عَلَى الْغَائِبِ بِالدَّيْنِ احْتَجُّوا بِمَا فِي التِّرْمِذِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ وَجَّهَهُ إِلَى الْيمن اذ تَقَاضَى إِلَيْكَ رَجُلَانِ فَلَا تَقْضِ لِلْأَوَّلِ حَتَّى تسمع كَلَام الآخر فَإنَّك تَدْرِي مَا يقْضِي قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى مَا اذا كَانَ غَائِبا فِي الْبَلَدِ حَاضِرًا وَلِأَنَّ الْقَضَاءَ لِلْغَائِبِ لَا يَجُوزُ فَلَا يَجُوزُ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ الْبَيِّنَةَ حُجَّةُ أحد الْخَصْمَيْنِ فَلَا يقْضِي بَينهمَا فِي غَيْبَةِ الْخَصْمِ كَالْيَمِينِ وَلِأَنَّهُ لَوْ جَازَ الْقَضَاءُ عَلَى الْغَائِبِ لَمْ يَكُنِ الْحُضُورُ عِنْدَ الْحَاكِمِ مُسْتَحَقًّا وَالْحُضُورُ مُسْتَحَقٌّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ

ليحكم بَينهم اذا فريق مِنْهُم معرضون} وَهُوَ سِيَاق ذمّ فَيجب الْحُضُور لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ الْقَاضِيَ تَعَدَّى عَلَيْهِ وَيَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَصَرُّفِهِ وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يحل مَال أمرى ج مُسْلِمٍ إِلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسِهِ وَالْغَائِبُ لَمْ تَطُبْ نَفْسُهُ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ حُجَّةٌ لَنَا لِأَنَّهُ قَالَ إِذَا تَقَاضَى إِلَيْكَ الْخَصْمَانِ فأشترط حضورهما فِي الحكم الْمَذْكُور وَمَفْهُوم إِذَا لَمْ يَتَقَاضَيَا إِلَيْهِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ السَّمَاعُ مِنَ الْآخَرِ قَبْلَ الْحُكْمِ وَعَنِ الثَّانِي الْفَرْقُ بِأَنَّ الْحَاضِرَ يُمْكِنُ أَنْ يَتَعَجَّلَ مِنْهُ تَجْرِيحُ الْبَيِّنَةِ أَوْ تَسْلِيمِهَا فَيَنْحَسِمُ النِّزَاعُ بِخِلَافِ الْغَائِب وَقد نقضت أَصْلُكُمْ بِامْرَأَةٍ ادَّعَتْ بِأَنَّ لَهَا زَوْجًا غَائِبًا لَهُ مَالٌ فِي يَدِ رَجُلٍ غَائِبٍ وَتَحْتَاجُ لِلنَّفَقَةِ فَاعْتَرَفَ لَهَا بِذَلِكَ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَقْضِي عَلَيْهِ بِالنَّفَقَةِ وَعَنِ الثَّالِثِ إِذَا حَضَرَ لَا يَقْضِي لَهُ إِلَّا بِرِضَاهُ وَيَقْضِي عَلَيْهِ بِغَيْرِ رِضَاهُ وَيَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ قَبْلَ حُضُورِهِ وَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ إِلَّا بِحُضُورِهِ وَالسِّرُّ فِي ذَلِكَ كُله ان الضَّرُورَة دَاعِيَة للْحكم عَلَيْهِ لَيْلًا يُفَوِّتَ حَقَّ غَيْرِهِ وَلَا ضَرُورَةَ تَدْعُو لِلْقَضَاءِ لَهُ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِذَا حَضَرَ وَغَابَ الْمُدَّعِي لَا يَحْلِفُ لِأَنَّ الْيَمِينَ حق وَعَن الْخَامِس ان الْحَاضِر يَقُول حكمه كَذَا لَعَلَّهُ يُقِرُّ لِيَ إِذَا حَضَرَ فَأَسْتَرِيحُ مِنَ الْبَيِّنَة وتعجيل تَخْرِيج الْبَيِّنَة فينجز الحكم اما الْغَائِب فضرورتي تدعوا لِأَخْذِ حَقِّي وَهُوَ عَلَى حُجَّتِهِ إِذَا قَدِمَ وَعَنِ السَّادِسِ أَنَّ الْحَاضِرَ لَا يَشْتَرِطُ رِضَاهُ فَيُؤْخَذُ الْحَقُّ مِنْهُ كَرْهًا فَأَوْلَى الْغَائِبِ

تَفْرِيعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا بيع مَاله فَقدم فَافْهَم بَيِّنَة أَنه قضى بِهَذَا الْحق قَالَ مُحَمَّد يرجع الْمَقْضِيِّ لَهُ وَلَا يَنْقُضُ الْبَيْعَ إِلَّا أَنْ يَجِدَ الْمَبِيعَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي لَمْ يَتَغَيَّرْ عَنْ حَالِهِ فَلَهُ أَخْذُهُ وَدَفَعُ الثَّمَنِ قَالَ مَالِكٌ لَا يُقْضَى عَلَى الْغَائِبِ إِلَّا فِي الرُّبْعِ لِبُعْدِهِ عَنِ التَّغَيُّرِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الدَّعْوَى مَعْلُومَةَ الْجِنْسِ وَالْقَدْرِ وَيَكُونَ مَعَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ وَحَلَّفَهُ الْقَاضِيَ بَعْدَ الْبَيِّنَةِ عَلَى عَدَمِ الْإِبْرَاءِ وَالِاسْتِيفَاءِ وَالِاعْتِيَاضِ وَالْإِحَالَةِ وَالِاحْتِيَالِ وَالتَّوْكِيلِ عَلَى الِاقْتِضَاءِ فِي جَمِيعِ الْحَقِّ وَبَعْضِهِ وَلَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ فِي الْيَمِينِ لِصِدْقِ الشُّهُودِ كَالْحَاضِرِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ يَقُولُ فِي آخر الْيَمين وَأَنه لحق ثَبت عَلَيْهِ الْحق إِلَى يَوْمِي هَذَا وَالْمَحْكُومُ بِهِ كَالدُّيُونِ وَالْعَقَارِ الَّذِي يُمْكِنُ تَعْرِيفُهُ بِالْحَدِّ إِذَا قُلْنَا يُقْضَى عَلَى الْغَائِبِ فِي الْعَقَارِ إِمَّا لِبُعْدِ الْغَيْبَةِ أَوْ مُطْلَقًا عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخَرَى وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ وَالْفَرَسُ وَمَا يَتَمَيَّزُ بِعَلَامَةٍ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ كَانَ غَائِبًا وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ إِنِ ادَّعَى الْعَبْدُ الْحَرِيَّةَ أَوِ ادَّعَى أَحَدٌ مِلْكَهُ لَا يحكم فِيهِ بِالصّفةِ والاحكام وَشَرْطُ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ غَائِبًا عَنِ الْبَلَدِ وَاشْتَرَطَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنْ يَكُونَ لَهُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي يَحْكُمُ عَلَيْهِ فِيهِ مَالٌ أَوْ وَكِيلٌ أَوْ حَمِيلٌ إِذَا لَمْ يُوَلِّ الْحَاكِمَ عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ بَلْ عَلَى بَلَدٍ خَاصٍّ وَتُنْقَلُ الشَّهَادَاتُ إِلَى غَيْرِهِ مِنَ الْقُضَاةِ وَإِذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الْبَلَدِ قَالَ سَحْنُونٌ لَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ إِلَّا بِحُضُورِهِ الا ان يتَوَارَى غيب قضى عَلَيْهِ كَالْغَائِبِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْعَمَلُ عِنْدَنَا أَنْ يَسْمَعَ الْقَاضِي بَيِّنَةَ الْخَصْمِ وَيُوقِّعَ شَهَادَتَهُمْ حَضَرَ الْخَصْمُ أَمْ لَا فَإِذَا حَضَرَ قَرَأَ عَلَيْهِ الشَّهَادَاتِ بِأَسْمَاءِ الشُّهُودِ وَمَسَاكِنِهِمْ فَإِنْ قَدَحَ وَإِلَّا لَزِمَهُ الْقَضَاءُ وَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ إِعَادَةِ الشَّهَادَةِ بِمَحْضَرِهِ لِأَنَّهَا قَدْ أُدِّيَتْ وَلَا يَنْبَغِي للْقَاضِي ذَلِك وَلَو ساله الْخصم ابْتِدَاء ان لَا يسمع بَيِّنَة خَصمه الا بمحضره واختشى الْقَاضِي دَلَّسَهُ وَرَأَى أَنَّ اجْتِمَاعَهُمْ أَقْرَبُ لِلصَّوَابِ أَجَابَهُ وَإِنْ أَمِنَ فَلَا يُجِيبْهُ فَإِنْ أَجَابَهُ مِنْ غَيْرِ خَشْيَةٍ فَلْيُمْضِ ذَلِكَ لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِيهِ فَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْعِرَاقِيِّينَ وَمُطْرِّفٌ وَأَصْبَغُ

(فرع)

وَسَحْنُونٌ لَا يَسْمَعُ إِلَّا بِمَحْضَرِهِ فَإِنْ غَابَ الْخَصْمُ وَلَمْ تَكُنْ مَسَافَتُهُ تَزِيدُ عَلَى مَسَافَةِ الْعَدْوَى قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا قَرُبَ مِنَ الْمِصْرِ فَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَجْلِبَهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ عُسْرٌ وَلَا خَوْفٌ فِي الطَّرِيقِ إِلَّا نَادِرًا فَإِنْ زَادَ عَلَى الْمَسَافَةِ الْمَذْكُورَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ لَمْ يَجْلِبْهُ إِلَّا أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ أَو شَاهد بِحَق فَكتب إِلَيْهِ مَعَ ثِقَةٍ إِمَّا أَنْ يَحْضُرَ أَوْ يُرْضِي خَصمه وَمَتى كَانَ للْغَائِب مَاله فِي الْبَلَد وَنفي مِنْهُ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ قَالَ مَالِكٌ يُقَسَّمُ عَلَى الْغَائِبِ الرَّبْعُ وَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ خَاصَمَ وَفَرَغَتِ الْحُجَجُ ثُمَّ هَرَبَ وَكَذَلِكَ الْأَرَضُونَ وَقِيلَ تُبَاعُ الرُّبَاعُ وَغَيْرُهَا قَالَ وَهُوَ الصَّحِيحُ نَفْيًا لِضَرَرِ صَاحِبِ الْحَقِّ وَفِي الْجَلَّابِ لَا يُقْضَى عَلَى الْغَائِبِ فِي الرَّبْعِ وَالْعَقَارِ إِلَّا أَنْ تَطُولَ غَيْبَتُهُ وَيَضُرَّ ذَلِكَ بِخَصْمِهِ (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ الْمُخَدَّرَةُ لَا تَحْضُرُ مَجْلِسَ الْحُكْمِ وَيَبْعَثُ إِلَيْهَا مَنْ يُحَلِّفُهَا وَهِيَ الَّتِي يُزْرِي بِهَا الْحُضُورُ وَإِنْ كَانَتْ تَخْرُجُ لغير ذَلِك وَمَاله مَال من الْحُقُوق يخرج لَهَا لَيْلًا

(الباب السابع في موضع نفوذ حكمه)

(الْبَاب السَّابِع فِي مَوضِع نُفُوذِ حُكْمِهِ) وَأَصْلُ هَذَا الْبَابِ أَنَّ التَّصَرُّفَ إِنَّمَا يُسْتَفَادُ مِنَ الْوِلَايَةِ فَإِنَّ وَلِيَ مُعَيَّنًا أَوْ بَلَدًا مُعَيَّنًا كَانَ مَعْزُولًا عَمَّا عَدَاهُ لَا يُنَفَّذُ فِيهِ حُكْمُهُ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَمَا عَلِمْتُ فِيهِ خِلَافًا وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا شَافَهَ قَاضٍ قَاضِيًا لَمْ يَكْفِ ذَلِكَ فِي ثُبُوتِ ذَلِكَ الْحُكْمِ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا فِي غَيْرِ عَمَلِهِ فَلَا يَنْفَعُ سَمَاعُهُ أَوْ إِسْمَاعُهُ إِلَّا إِذَا كَانَا قَاضِيَيْنِ لِبَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ وَيَتَأَدَّى مِنْ طَرَفَيْ وِلَايَتِهَا فَذَلِكَ أَقْوَى مِنَ الشَّهَادَةِ عَلَى كِتَابِ الْقَاضِي فَيَعْتَمِدُ وَلَوْ كَانَ الْمُسْمَعُ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ دُونَ السَّامِعِ وَرَجَعَ السَّامِعُ إِلَى مَحَلِّ وِلَايَتِهِ فَهِيَ كَشَهَادَةِ سَمِعَهَا فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ لَا يَحْكُمُ بِهَا إِذْ لَا يَحْكُمُ بِعِلْمِهِ وَفِي النَّوَادِرِ قَالَ أَصْبَغُ لَهُ سَمَاعُ الْبَيِّنَةِ بِغَيْرِ عَمَلِهِ عَلَى غَائِبٍ مِنْ خَصْمِهِ وَيَقْبَلُ عَدَالَتَهَا بِقَوْلِ قَاضِي ذَلِكَ الْعَمَلِ وَلَا يَحْكُمُ هُنَالِكَ وَإِنْ حَضَرَ الْخَصْمَانِ إِلَّا أَنْ يُحَكِّمَاهُ كَالْأَجْنَبِيِّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يَسْمَعُ بَيِّنَة وَلَا ينظر فِي بَيِّنَة أحدا وَلَا يَشْهَدُ عَلَى كِتَابِهِمْ إِلَى قَاضِي بَلَدٍ وَقَالَهُ ش وَلَهُ الْكَشْفُ عَنْ بَيِّنَةٍ شُهِدَتْ عِنْده فِي علمه هُنَاكَ لِيُعَبِّرَ هَذَا عَنِ الْحُكْمِ وَلَوْ كُتِبَ اليه كتابا مِنْ قَاضٍ فَأَدْرَكَهُ فِي غَيْرِ عَمَلِهِ فَلَا يَسْمَعُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ حَتَّى يَقْدُمَ عَمَلُهُ لِأَنَّهُ مِنْ تَصَرُّفِ الْحُكْمِ (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا كَانَ فِي وِلَايَتِهِ يَتِيمٌ مَسَّتْهُ الْحَاجَةُ لَهُ مَالٌ فِي عَمَلٍ آخَرَ

فرع

فَلْيَكْتُبْ إِلَى وَالِي ذَلِكَ الْعَمَلِ بِحَالِ الطِّفْلِ وَحَاجَتِهِ وَيَقْتَضِي مِنْهُ بَيْعَ مَالِهِ وَيُنَفِّذُهُ إِلَيْهِ فَيَبِيعُ الْمَكْتُوبَ إِلَيْهِ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ أَقَلَّ رِبَاعِهِ رَدًّا عَلَيْهِ وَأَحَقَّهَا بِالْبَيْعِ وَسَيْرِهُ إِلَيْهِ (فَرْعٌ) لايزوج امْرَأَةً خَارِجَةً عَنْ وِلَايَتِهِ حَتَّى تَدْخُلَ وِلَايَتَهُ (فَرْعٌ) قَالَ الشَّافِعِيَّةُ إِذَا أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَ أَهْلِ عَمَلِهِ حَيْثُمَا كَانُوا جَازَ لَهُ الْحُكْمُ بَيْنَهُمْ فِي غَيْرِ عَمَلِهِ

(الباب الثامن في الفرق بين الحكم والفتيا)

(الْبَابُ الثَّامِنُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْحُكْمِ وَالْفُتْيَا) وَيَنْبَنِي على الْفرق وَيُمكن غَيْرِهِ مِنَ الْحُكْمِ بِغَيْرِ مَا قَالَ فِي الْفُتْيَا فِي مَوَاضِعِ الْخِلَافِ بِخِلَافِ الْحُكْمِ وَفِي الْجَوَاهِرِ مَا قَضَى بِهِ مِنْ نَقْلِ الْأَمْلَاكِ وَفَسْخِ الْعُقُودِ وَنَحْوِهِ فَهُوَ حُكْمٌ وَأَمَّا إِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَكْثَرَ مِنْ تَقْرِيرِ الْحَادِثَةِ لَمَا رُفِعَتْ إِلَيْهِ كَامْرَأَةٍ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَأَقَرَّهُ وَأَجَازَهُ ثُمَّ عُزِلَ وَجَاءَ غَيْرُهُ فَاخْتُلِفَ فِيهِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَيْسَ بِحُكْمٍ وَلغيره فَسخه وَقَالَ ابْن الْقَاسِم حكم لِأَنَّهُ امضاه والاقرار عَلَيْهِ كَالْحكمِ باجازة وَلَا يُنْقَضُ وَاخْتَارَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ وَقَالَ لِأَنَّهُ حَكَمَ فِي غير بِاجْتِهَادِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهُ فِيهِ بِإِمْضَائِهِ أَوْ فَسْخِهِ أَمَّا لَوْ رُفِعَ إِلَيْهِ هَذَا النَّاكِحُ فَقَالَ أَنَا لَا أُجِيزُ النِّكَاحَ بِغَيْرِ وَلِيٍّ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحْكُمَ بِفَسْخِ هَذَا النِّكَاحِ بِعَيْنِهِ فَهَذِهِ فَتْوَى وَلَيْسَ بِحكم وَرفع إِلَيْهِ حُكْمٌ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فَقَالَ أُجِيزُ الشَّاهِدَ وَالْيَمِين وَهُوَ فَتْوَى مَا لَمْ يَقَعْ حُكْمُهُ عَلَى عَيْنِ الْحُكْمِ قَالَ وَلَا أَعْلَمُ فِي هَذَا الْوَجْهِ خلافًا وان حكم بِالِاجْتِهَادِ فِيمَا لم يقمه التَّحْرِيمَ وَالتَّحْلِيلَ لَيْسَ بِنَقْلِ مِلْكٍ مِنْ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ إِلَى الْآخَرِ وَلَا فَصْلِ خُصُومَةٍ بَيْنَهُمَا وَلَا إِثْبَاتِ عَقْدٍ وَلَا فَسْخِهِ مِثْلِ رِضَاعِ كَبِير فَيحكم فَإِن رِضَاعُ الْكَبِيرِ يُحَرِّمُ وَيُفْسَخُ النِّكَاحُ مِنْ أَجْلِهِ فَالْفَسْخُ حُكْمٌ وَالتَّحْرِيمُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَا يَثْبُتُ بِحُكْمِهِ بَلْ هُوَ مَعْرِضُ الِاجْتِهَادِ أَوْ رُفِعَتْ إِلَيْهِ امْرَأَةٌ تَزَوَّجَتْ فِي عِدَّتِهَا فَفَسَخَ نِكَاحَهَا وَحرم عَلَى زَوْجِهَا فَفَسْخُهُ حُكْمٌ دُونَ تَحْرِيمِهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَحُكْمُهُ بِنَجَاسَةِ مَاءٍ أَوْ طَعَامٍ أَوْ تَحْرِيم بيع اَوْ نِكَاح وَبيع وَإِجَارَةٍ هُوَ فَتْوًى لَيْسَ حُكْمًا عَلَى التَّأْبِيدِ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ مِنْ ذَلِكَ مَا شَاهَدَهُ وَمَا حَدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ مَوْكُولٌ لِمَنْ يَأْتِي مِنَ الْحُكَّامِ وَالْفُقَهَاءِ

تَمْهِيدٌ الْحُكْمُ وَالْفَتْوَى كِلَاهُمَا إِخْبَارٌ عَنْ حُكْمِ الله تعإلى ويعتقدهما الْمخبر وَكِلَاهُمَا الْمُكَلف مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ لَكِنَّ الْفَتْوَى إِخْبَارٌ عَنْ حكم الله تعإلى ويعتقد الْمخبر وَكِلَاهُمَا مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ لَكِنَّ الْفَتْوَى إِخْبَارٌ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى فِي إِلْزَامٍ أَوْ إِبَاحَةٍ وَالْحُكْمُ إِخْبَارٌ عَنْ إِلْزَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِلْزَامِ الْحَاكِمِ فِيمَا يُمْكِنُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ النِّزَاعُ لِمَصَالِحِ الدُّنْيَا وَقَوْلنَا فِي الْفَتْوَى اَوْ اباحة يُرِيد بِهِ مَا عَدَا الْإِيجَابَ وَالتَّحْرِيمَ فَتَنْدَرِجُ الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ وَقَوْلُنَا فِي الْحُكْمِ إِلْزَامُ اللَّهِ لَمْ يكن حكما شَرْعِيًّا وَلَا قَضَاء لارضا وَقَوْلُنَا وَإِلْزَامُ الْحَاكِمِ هُوَ الْقَيْدُ الَّذِي حَصَلَ بِهِ الْفَرْقُ مَعَ مَا بَعْدَهُ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ لِلْمُفْتِي أَنْ يُجِيزَ وَلَا يُلْزِمَ وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ مُجْمَعًا عَلَيْهِ غَيْرَ أَنَّهُ يُنْكِرُ الْمُنْكِرُ ذَلِكَ سَعْيٌ أَنْ لِلَّهِ ضِدَّ مَا أَلْزَمَ اللَّهُ تَعَالَى لَا إِلْزَامَ مِنْ قِبَلِ الْعَبْدِ الْمُنْكِرِ أَوِ الْآمِرِ بِالْمَعْرُوفِ فَيُفَرِّقُ بَيْنَ قَوْلِ السَّيِّدِ لِعَبْدِهِ مَنْ رَأَيْتَهُ خَالَفَنِي فَامْنَعْهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ اسْتَنَبْتُكَ عَنِّي فِي الْإِلْزَامِ الَّذِي ترَتّب عَلَيْهِ الانكار فالاول ساع فِي وُقُوع المامور وَالثَّانِي بِشَيْء لِلْأَمْرِ والالزام الَّذِي يَتَرَتَّب عَلَيْهِ الانكار لَا حرم مِنْ نَقْضِ حُكْمِ حَاكِمٍ أَنْكَرْنَا عَلَيْهِ وَقِيلَ الْحُكْمُ فِي مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ لَا يُنْكَرُ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَدَّدْ إِلْزَامُ اللَّهِ الَّذِي اسْتَنَابَ عَبْدَهُ فِيهِ فَالْحَاكِمُ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى كَحَاكِمٍ يَسْتَنِيبُ وَالْمُنْكِرُ وَالْمُفْتِي كَحَاكِمٍ لَهُ تُرْجُمَانٌ أَوْ وَزَعَةٌ يلجؤن النَّاسَ لِدَفْعِ الْحُقُوقِ ثُمَّ هَذَا الْإِلْزَامُ قَدْ يَتَعَلَّقُ بِمَعْنًى مَحْصُورٍ كَالْخَصْمِ الْحَاضِرِ وَقَدْ يَتَعَلَّقُ لغير مُعَيَّنٍ وَلَا مَحْصُورٍ كَالْحُكْمِ بِوَقْفِ مَسْجِدٍ أَوْ عتق عبد هُوَ الزام لكل مُكَلّف ان لَا يَبِيعَهُمَا وَقَوْلُنَا لِمَصَالِحِ الدُّنْيَا احْتِرَازٌ مِنْ وُقُوعِ التَّنَازُعِ فِي تَنْجِيسِ مَا دُونَ الْقُلَّتَيْنِ وَظَاهِرُهُ الْأَرْوَاثُ وَتَحْرِيمُ السِّبَاعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَإِنَّ أَحَدَ الْمُجْتَهِدِينَ لَا يُنَازِعُ فِي ذَلِكَ لِدُنْيَاهُ بَلْ لِأُخْرَاهُ بِخِلَافِ الْمُنَازَعَةِ فِي الْعُقُودِ وَنَحْوِهَا

إِنَّمَا ذَلِكَ لِمَصَالِحِ الدُّنْيَا فَهَذَا يُظْهِرُ أَنَّ طَهَارَةَ الْمِيَاهِ وَنَحْوِهَا لَا تَقْبَلُ الْحُكْمَ أَلْبَتَّةَ وَأَنَّ الْأَحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ قِسْمَانِ مِنْهَا مَا يُفِيدُ حُكْمَ الْحَاكِمِ مَعَهُ فَيَجْتَمِعُ الْحُكْمَانِ وَمِنْهَا مَا لَا يَقْبَلُ إِلَّا الْفُتْيَا فَيَنْفَرِدُ الْحُكْمُ الْأَصْلِيُّ وَبِهَذَا يَظْهَرُ أَيْضًا الْفَرْقُ بَيْنَ تَصَرُّفِ رَسُولِ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْفُتْيَا وَهِيَ التَّبْلِيغُ الْمُعَدَّى عَنِ الْحُكْمِ مِنْ قَبْلِهِ وَبَيْنَ تَصَرُّفِهِ بِالْقَضَاءِ فَإِنَّهُ قَدِ اجْتَمَعَ هُنَالِكَ حُكْمُ اللَّهِ تَعَالَى وَحُكْمُهُ وَيَظْهَرُ أَيْضًا بِهَذَا أَنَّ الْعِبَادَاتِ كُلَّهَا لَا تَقْبَلُ الْحُكْمَ وَهِلَالَ رَمَضَانَ وَذِي الْحِجَّةِ إِنَّمَا حَظُّ الْحَاكِمِ فِيهِ إِثْبَاتُ السَّبَبِ الَّذِي هُوَ رُؤْيَةُ الْهِلَالِ وَكَذَلِكَ إِيجَابُ الزَّكَاةِ وَأَمَّا أَخْذُ مَا سَنَّ يَأْخُذَهُ السَّاعِي فَذَلِكَ حُكْمٌ لِوُقُوعِ التَّنَازُعِ بَيْنَ الْفُقَرَاءِ وَالْأَغْنِيَاءِ لِمَصَالِحَ دُنْيَوِيَّةٍ وَهِيَ الْمَالِيَّةُ وَعَلَى هَذَا خَرَجَ سَائِرُ الْأَحْكَامِ وَظَهَرَ بِهَذَا أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ فِي مَوَاضِعِ الْخِلَافِ لَا يُنْقَضُ لِأَنَّ الْحُكْمَ نَصٌّ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ الْحَاكِمِ وَنَصُّ اللَّهِ تَعَالى مُقَدَّمٌ كَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ الْحَقُّ مَعَ هَذَا وَإِذَا كَانَ هَذَا نَصًّا صَرِيحًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَأَنَّ هَذَا الْحُكْمَ هُوَ الْحُكْمُ فِي هَذِهِ الْحَادِثَةِ حُرِّمَ عَلَى الْمُخَالِفِ لَهُ مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ نَقْضُ هَذَا الْحُكْمِ فِي هَذِهِ الْحَادِثَةِ بِنَاءً على قَاعِدَة مجمع عَلَيْهَا وَهُوَ أَنه اذا تعَارض النَّص وَالْعُمُومُ قُدِّمَ الْخَاصُّ فِي صُورَةِ وُرُودِهِ وَبَقِيَ الْعُمُومُ مَعْمُولًا بِهِ فِي غَيْرِ تِلْكَ الصُّورَةِ فَلَا حرم مُخَالف الْمُجْتَهِدِ فِي غَيْرِ تِلْكَ الصُّورَةِ الَّتِي اتَّصَلَ بِهَا الْحُكْمُ وَتَخْرُجُ هَذِهِ مِنْ خِلَافِهِ لِوُرُودِ النَّصِّ الْخَاصِّ فِيهَا كَمَا يَعْمَلُ فِي سَائِرِ مَوَارِدِ الشَّرِيعَةِ إِذَا اجْتَهَدَ فَتَخْرُجُ الْمُصَرَّاةُ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ لِلنَّصِّ وَتَخْرُجُ الْمُسَاقَاةُ مِنَ الْإِجَارَةِ وَكَذَلِكَ كُلُّ مُسْتَثْنًى بِنَصٍّ يَخُصُّهُ فَهَذَا مِنْ قَوْلِ الْفُقَهَاءِ إِنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ فِي مَوَاطِنِ الْخلاف يرفعهُ وَلَا ينْتَقض لأحد ذَلِكَ الْحُكْمَ وَقَدْ يُظْهِرُ بُطْلَانَ مَا فِي الْجَوَاهِر فِي بَاب نقص الْحُكْمِ أَنَّ الْخِلَافَ

يَبْقَى مَعَ الْحُكْمِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَقَدْ أَوْضَحْتُهُ وَلَا يُسْتَشْعَرُ مِنْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قد جعل لأحد ان ينشىء إِلْزَامًا لَمْ يَكُنْ فِي أَصْلِ الشَّرْعِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا جَعَلَ ذَلِكَ لِلْحُكَّامِ جَعَلَ مُكَلّف ان ينشىء عَلَى نَفْسِهِ الْوُجُوبَ فِي كُلِّ مَنْدُوبٍ بِالنَّذْرِ وَإِنْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ فَأَوْلَى ان ينشىءالحاكم الْإِلْزَامَ بِمُعَيَّنٍ أَيْضًا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي وُجُوبِهِ غَيْرَ أَنَّ النَّاذِرَ يُنْشِئُهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَالْحَاكِمَ فِي حَقِّ غَيْرِهِ بِأَنْ جَعَلَ أَيْضًا لكل مُكَلّف ان ينشىء سَبَبِيَّةَ مَا لَيْسَ بِسَبَبٍ فِي أَيِّ شَيْءٍ أَرَادَهُ مِنَ الْمَنْدُوبَاتِ وَيُمَيِّزَهَا لِلَّهِ تَعَالَى فِيمَا فِيهِ حُكْمٌ وَمَا لَا حُكْمَ فِيهِ فَيَجْعَلُهُ سَبَبًا لِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ أَوْ عِتْقِ عَبْدِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ بِالتَّعْلِيقِ فَيُقِيمَ دُخُولَ الدَّارِ سَبَبًا لذَلِك

(الباب التاسع في الاستخلاف)

(الْبَابُ التَّاسِعُ فِي الِاسْتِخْلَافِ) وَبِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ وَمَا عَلِمْتُ فِيهِ خِلَافًا وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا نُهِيَ عَنْهُ لَمْ يَفْعَلْهُ لِأَنَّ النَّهْيَ عَزْلٌ فَإِنْ أُذِنَ لَهُ فِيهِ فَعَلَهُ عَلَى مُقْتَضَى الاذن كَسَائِر أَنْوَاع الْولَايَة فَإِن تجدّد عقد الْولَايَة عَن النَّهْي الْإِذْنِ فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَمُطَرِّفٌ وَأَصْبَغُ لَيْسَ لِقَاضِي الْخَلِيفَةِ الِاسْتِخْلَافُ مَكَانَهُ إِذَا كَانَ حَاضِرًا وَأَمَّا إِنْ سَافَرَ أَوْ مَرِضَ فَفِي الْوَاضِحَةِ يُسْتَخْلَفُ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يُسْتَخْلَفُ وَإِنْ سَافَرَ أَوْ مَرِضَ إِلَّا بِإِذْنِ الْخَلِيفَةِ وَعِنْدَ ش يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي الِاسْتِخْلَافِ فِي نَوَاحِي عَمَلِهِ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَتَّسِعُ لِجَمِيعِ ذَلِكَ وَيَشُقُّ عَلَى النَّاسِ الْحُضُورُ إِلَيْهِ فَإِنْ نَهَاهُ عَنِ الِاسْتِخْلَافِ أَوْ أَمَرَهُ اتَّبَعَ أَمْرَهُ وَنَهْيَهُ وَفِي الشَّامِلِ لِلشَّافِعِيَّةِ إِنْ كَانَ يُمْكِنُهُ النَّظَرُ فِي ذَلِكَ الْعَمَلِ لَمْ يَسْتَخْلِفْ وَإِلَّا اسْتَخْلَفَ ووُجُودُ النَّهْيِ وَعَدَمُهُ سَوَاءٌ فَإِنْ عزت الْوِلَايَةُ عَنِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ امْتَنَعَ الِاسْتِخْلَافُ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يَرْضَ بِنَظَرِ غَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ لَا يُمكنهُ مبَاشر الْجَمِيعِ اسْتَخْلَفَ فِيمَا يَعْجِزُ عَنْهُ كَمَا يُوَكِّلُ الْوَكِيلَ فِيمَا يَعْجَزُ عَنْهُ وَلَهُ فِي الِاسْتِخْلَافِ عَلَى مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ قَوْلَانِ الْمَنْعُ وَالْجَوَازُ كَالْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَقَالَ ح لَا يَسْتَخْلِفُ إِلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فَاسْتَخْلَفَ فَالثَّانِي قَاضٍ لِلْإِمَامِ تَمْهِيدٌ الْوِلَايَةُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ مِنْهَا مَا يَتَضَمَّنُ الِاسْتِخْلَافَ لِتَوَقُّفِ مَقْصُودِهَا عَلَيْهِ كَوِلَايَةِ إِمَامَةِ الْجُمْعَةِ فَإِنَّ مَقْصُودَهَا صِحَّةُ الصَّلَاةِ وَلَوْ سبقت الْحَدث

وَلَمْ يَسْتَخْلِفْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ وَكَذَلِكَ إِذَا طَرَأَ عَلَيْهِ يُبْطِلُ إِمَامَتَهُ أَوْ صَلَاتَهُ وَكَالْإِمَامَةِ الْعُظْمَى مَقْصُودُهَا ضَبْطُ مَصَالِحِ جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ إِلَّا بِالِاسْتِخْلَافٍ وَكَالْوَصِيَّةِ مَقْصُودُهَا أَنْ تَقُومَ مَقَامَ الْمَيِّتِ وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ إِلَّا إِذَا كَانَ لَهُ أَنْ يُوصِيَ إِنْ مَاتَ أَوْ يُوَكِّلَ حَالَ حَيَاتِهِ وَمِنْهَا مَا لَا يَتَضَمَّنُ الِاسْتِخْلَافَ كَالْوَكَالَةِ عَلَى مَا يَقْدِرُ عَلَى مُبَاشَرَتِهِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ يَحْصُلُ بِهِ وَحْدَهُ وَعَوَارِضُ عَجْزِهِ نَادِرَةٌ بِخِلَافِ إِمَامَةِ الْجُمُعَةِ عَوَارِضَ الْعَجْزِ عَنْهَا كَثِيرَةٌ وَكَالِاسْتِيدَاعِ مَقْصُودُهُ الْحِفْظُ وَهُوَ خَاصٌّ بِالْمُودَعِ عِنْدَهُ وَحْدَهُ وَكَالْمُقَارِضِ وَالْمُسَاقِي فَمَتَى وَكَّلَ أَحَدٌ هَؤُلَاءِ فَهُوَ مُتَعَدٍّ وَمِنْهَا مَا فِيهِ الشَّبَهَانِ كَالْقَضَاءِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ مَا وَلِيَ عَلَيْهِ مِنَ الْمَصَالِحِ غَيْرُ مُتَنَاهٍ وَلَا مُنْضَبِطٍ أَشْبَهَ الْإِمَامَةَ وَمِنْ جِهَةِ أَنَّ فَوْقَهُ مَنِ ارْتَضَاهُ وَحْدَهُ وَلَهُ الِاسْتِبْدَالُ بِهِ عِنْدَ عَجْزِهِ أَشْبَهَ الْوَكَالَةَ فَهَذِهِ الْمَدَارِكُ مَنْشَأُ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ تَفْرِيعٌ فِي الْجَوَاهِر حَيْثُ اجزنا يُشْتَرَطُ فِي الْخَلِيفَةِ صِفَاتُ الْقُضَاةِ لِأَنَّهُ قَاضٍ إِلَّا إِذَا لَمْ يُفَوَّضْ إِلَيْهِ سَمَاعُ الشَّهَادَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا مَعْرِفَةُ ذَلِكَ الْقَدْرِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى النَّائِبِ الْحُكْمَ بِخِلَافِ اجْتِهَادِهِ وَخِلَافِ مُعْتَقَدِهِ إِنْ جَوَّزْنَا تَوْلِيَةَ الْمُقَلِّدِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرٍ وَلِلْإِمَامِ الْمُعْتَقِدِ مَذْهَبَ مَالِكٍ أَوْ غَيْرِهِ أَنْ يُوَلِّيَ مَنْ يَعْتَقِدُ خِلَافَهُ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يَجْتَهِدَ وَلَا يَلْزَمُ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ التَّقْلِيدُ فِي النَّوَازِلِ وَالْأَحْكَامِ مِنَ الْمُعْتَزِّي إِلَى مَذْهَبِهِ فَإِنَّ مَالِكًا لَمْ يُلْزِمْهُ الْمَصِيرَ فِي أَحْكَامِهِ إِلَى أَقْوَالِ مَالِكٍ بَلْ أَيْنَمَا أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ صَارَ إِلَيْهِ فَإِنْ شَرَطَ عَلَى الْقَاضِي الْحُكْمَ بِمَذْهَبِ إِمَامٍ مُعَيَّنٍ دُونَ غَيْرِهِ صَحَّ الْعَقْدُ وَبَطَلَ الشَّرْطُ لِمُنَاقَضَتِهِ لما يجب من الِاجْتِهَاد كَانَ مُوَافقا لمَذْهَب الشَّرْط أَوْ مُخَالِفًا لَهُ قَالَ وَأَخْبَرَنِي الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ كَانَ الْوُلَاةُ عِنْدَنَا

بقرطبة يشترطون فِي سجل القَاضِي ان لَا يَخْرُجَ عَنْ سِجِلَّاتِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَا وَجَدَهُ قَالَ الْأُسْتَاذُ وَهَذَا جَهْلٌ عَظِيمٌ مِنْهُمْ وَفِي النَّوَادِر اذا ولي على كور الْعَادَةُ أَنْ يُوَلَّى فِيهَا قُضَاةٌ فَلَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ لِأَنَّ الْعَادَةَ كَالْإِذْنِ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ مَنْ يَحْكُمُ بَعْدَ مَوته

(الباب العاشر في العزل)

(الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي الْعَزْلِ) الْعَزْلُ هُوَ فَسْخُ الْوِلَايَةِ وَرَدُّ الْمُتَوَلِّي كَمَا كَانَ قَبْلَهَا كَفَسْخِ الْعُقُودِ فِي الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ وَكَمَا انْقَسَمَ ذَلِكَ فِي الْعُقُود إِلَى الْفَسْخ والانفساخ انقسم هَاهُنَا إِلَى الْعَزْلِ وَالْانْعِزَالِ وَهَذَا كُلُّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَفِي الْبَابِ سَبْعَةُ فُرُوعٍ (الْفَرْعُ الْأَوَّلُ) فِي الِانْعِزَالِ فِي الْجَوَاهِرِ يَنْعَزِلُ بِمَا لَوْ قَارَنَ التَّوْلِيَةَ مَنَعَ انْعِقَادَهَا كَالْكُفْرِ وَالْجُنُونِ وَمَا تقدم مَعهَا وَكَذَلِكَ طَرَيَانُ الْفِسْقِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يَنْعَزِلُ بِطَرَيَانِهِ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ عَزْلُهُ عِنْدَ مَالِكٍ (الْفَرْعُ الثَّانِي) فِي جَوَازِ الْعَزْلِ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ أَصْبَغُ يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَعْزِلَ مِنْ قُضَاتِهِ مَنْ يَخْشَى عَلَيْهِ الضعْف والوهل أَوْ بِطَانَةَ السُّوءِ وَإِنْ أَمِنَ عَلَيْهِ الْجَوْرَ لِأَنَّهُ مِنْ بَذْلِ النُّصْحِ لِلْمُسْلِمِينَ وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَى الْإِمَامِ وَقَالَ مُطَرِّفٌ إِذَا كَانَ مَشْهُورًا بِالْعَدَالَةِ وَالرِّضَا فَلَا يَعْزِلُهُ بِالشِّكَايَةِ فَقَطْ وَإِنْ وَجَدَ مِنْهُ بَدَلًا نَفْيًا لِمَفَاسِدِ الْعَزْلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَشْهُورًا بِذَلِكَ عَزَلَهُ إِذَا وَجَدَ بَدَلًا وَتَظَاهَرَتِ الشِّكَايَةُ عَلَيْهِ فَقَدْ عَزَلَ

عُمَرُ سَعْدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا شَكَاهُ أَهْلُ الْعِرَاقِ وَلِأَنَّ مَنْ لَا يُقَالُ فِيهِ أَصْلَحُ لِلنَّاسِ مِمَّنْ يُقَالُ فِيهِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ بَدَلًا كَشَفَ عَنْهُ فَإِنْ وَجَدَهُ كَمَا يَجِبُ أَمْضَاهُ وَإِلَّا عَزَلَهُ قَالَ أَصْبَغُ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَعْزِلَهُ بِالشِّكَايَةِ وَإِنْ كَانَ مَشْهُورًا بِالْعَدَالَةِ فَلَا أَفْضَلَ فِي زَمَانِنَا مِنْ سَعْدٍ إِذَا وُجِدَ مَنْ يُسَاوِيهِ لِمَا فِيهِ مِنْ تاديب الْقُضَاة وَصَلَاح النَّاس واذا علمت الشِّكَايَةُ وَتَظَاهَرَتْ أَوْقَفَهُ بَعْدَ الْعَزْلِ لِلنَّاسِ فَيَرْفَعُ مَنْ يَرْفَعُهُ وَيُحَقِّقُ مَنْ يُحَقِّقُ فَقَدْ أَوْقَفَ عُمَرُ سَعْدًا فَلَمْ يَصِحَّ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنَ الْمَكْرُوهِ خَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا اشْتُكِيَ فِي أَحْكَامِهِ وَمَيْلِهِ بِغَيْرِ الْحَقِّ كَشَفَ عَنْهُ قَلَّ شَاكُوهُ أَوْ كَثُرُوا فَيَبْعَثُ إِلَى رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِمْ فَيَسْأَلُهُمْ عَنْهُ سِرًّا فَإِنْ صَدَّقُوا قَوْلَ الشُّكَاةِ عَزَلَهُ وَيَنْظُرُ فِي أَقْضِيَتِهِ فَيُمْضِي مَا وَافَقَ الْحَقَّ وَيرد مَا خَالفه وان قَالَ المسؤولون لَمْ نَعْلَمْ إِلَّا خَيْرًا أَوْ هُوَ عَدْلٌ عِنْدِنَا أَثْبَتَهُ وَنَفَّذَ أَقْضِيَتَهُ فَمَا خَالَفَ السُّنَّةَ رَدَّهُ وَمَا وَافَقَهَا أَمْضَاهُ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ جَوْرًا وَلَكِنَّهُ أَخْطَأَ وَقَدْ قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا عَزَلَ سَعْدًا عَنِ الْكُوفَةِ بِالشَّكِيَّةِ لَا يُسَابِقُ قَوْمٌ عَزْلَ وَالِيهِمْ فَيَشْكُونَهُ إِلَّا عَزَلْتُهُ وَعَزَلَ عُمَرُ شُرَحْبِيلَ فَقَالَ لَهُ أَعَنْ سَخْطٍ عَزَلْتَنِي فَقَالَ لَا وَلَكِنِّي وَجَدْتُ مَنْ هُوَ مِثْلُكَ فِي الصَّلَاحِ وَهُوَ اقوى على عَمَلي فَلم اريحل لِي إِلَّا ذَلِكَ قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ عَزْلَكَ عَيْبٌ فَأَخْبِرِ النَّاسَ بِعُذْرِي فَفَعَلَ عمر قَالَ مطرف واشهب وَيَنْبَغِي للامام ان لَا يَغْفَلَ عَنِ الْقُضَاةِ فَإِنَّهُمْ سَنَامُ بِرِّهِ وَرَأْسُ سُلْطَانِهِ فَلْيَنْظُرْ فِي أَقَضِيَتِهِمْ وَيُنَفِّذْهَا وَيَنْظُرْ فِي رَعِيَّتِهِ وَأَحْكَامِهَا وَظُلْمِ بَعْضِهَا لِبَعْضٍ فَإِنَّ النَّاسَ يَسْتَنُّ بَعْضُهُمْ بِسُنَّةِ بَعْضٍ وَلَيْسَ لِبَعْضٍ مِنَ الْفَضْلِ عَلَى بَعْضٍ مَا يَسَعُ

(الفرع الثالث)

الْإِمَامَ أَنْ يَتَخَلَّى عَنْهُمْ وَإِنْ يَكِلْهُمْ إِلَى قُضَاتِهِمْ وَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُقَدِّمُ مَعَهُمْ مِنْ أَهْلِ عَمَلِهِمْ رِجَالًا فَإِنْ أَرَادُوا بَدَلَ عَامِلِهِمْ عَزَلَهُ وَأَمَّرَ غَيْرَهُ ثُمَّ حَيْثُ عَزَلَ الْإِمَامُ قَاضِيًا فَإِنْ كَانَ لِرِيبَةٍ أَوْ سُخْطٍ فَحَقٌّ عَلَيْهِ إِشْهَارُهُ أَوْ لِغَيْرِ رِيبَةٍ فليخبر النَّاس ببرءاته إِنْ شَاءَ كَمَا فَعَلَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (الْفَرْعُ الثَّالِثُ) فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا مَاتَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ نَظَرَ قُضَاتُهُ وَحُكَّامُهُ حَتَّى يَعْلَمُوا رَأْيَ مَنْ بَعْدَهُ وَكَذَلِكَ الْقَاضِي يُوَلِّيهِ وَالِي الْمِصْرِ ثُمَّ الْمُوَالِي فَهُوَ قَاضٍ حَتَّى يَعْزِلَهُ الَّذِي بَعْدَهُ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ فِيهِمْ حَقٌّ لِلْمُسْلِمِينَ لَا تَبْطُلُ بِمَوْتِهِ كَبَيْعِهِ وَشِرَائِهِ لَهُمْ وَكَوَلِيِّ الْمَرْأَةِ إِذَا زَوَّجَهَا ثُمَّ مَاتَ لَا يَبْطُلُ النِّكَاحُ وَلِأَنَّهَا سُنَّةُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَلِأَنَّ فِي ذَلِكَ ضَرَرًا عَظِيمًا عَلَى النَّاسِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ (الْفَرْعُ الرَّابِعُ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا ثَبَتَ الْحَقُّ وَأَرَادَ التَّسْجِيلَ فَحَضَرَ الْإِمَامُ عرف فَنَهَاهُ ان يبطل لأحد حَتَّى ينْصَرف فيستجل لَهُ بعد نه 4 ي الْإِمَامِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَمْضِي وَفِي النَّوَادِرِ قَالَ أَصْبَغُ إِذَا تَوَجَّهَ الْحُكْمُ عَلَى أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ فَاسْتَغَاثَ بِالْأَمِيرِ الْجَائِرِ فَنَهَاهُ عَنِ النَّظَرِ فِي ذَلِك اَوْ يعزله عَنْهُ فَلْيُنَفِّذْهُ وَلَا يَنْظُرْ إِلَى نَهْيِ الْأَمِيرِ إِلَّا أَنْ يَعْزِلَهُ رَأْسًا وَإِنْ كَانَا فِي ابْتِدَاءِ أَمْرِهِمَا قَبْلَ ظُهُورِ الْحَقِّ وَنُهُوضِ الْحُجَجِ تَرَكَهُمَا قَالَ أَشْهَبُ إِذَا اشْتُكِيَ أَنَّهُ أَرَادَ الْحُكْمَ بِغَيْرِ الْحَقِّ كَشَفَ فَإِنْ تَبَيَّنَ خَطَؤُهُ لِأَهْلِ الْعِلْمِ نَهَاهُ عَنْ إِنْفَاذِهِ وَإِنْ تَيَسَّرَ عَلَى الْإِمَامِ جَمْعُهُمْ عِنْدَهُ فَعَلَ وَإِلَّا أَقْعَدَ مَعَهُ رِجَالًا مِنَ الْعُلَمَاءِ الصُّلَحَاءِ يَنْظُرُونَ فِي ذَلِك ثمَّ

(افرع الخامس)

ينْفَرد هُوَ برايه فيهم دُونَهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُ أَنْ يَقُولَ قَدْ كُنْتُ حكمت قبل هَذَا لِأَنَّهُ مُدع على متشكيه إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ وَلَا يَحْكُمُ لِلنُّظَّارِ مَعَهُ بِشَيْءٍ بَلِ الْإِمَامُ إِنْ كَانَ فِيهِ اخْتِلَافٌ أَمْضَاهُ وَإِلَّا رَدَّهُ وَأُولَئِكَ الْجُلُوسُ يَرْفَعُونَ لِلْإِمَامِ مَا رَأَوْهُ وَقَالَ مُطَرِّفٌ إِذَا اشْتُكِيَ بَعْدَ الْحُكْمِ وَهُوَ عَدْلٌ بَصِيرٌ بِالْقَضَاءِ لَا يَعْرِضُ لَهُ وَلَا يَتَعَقَّبُهُ بِنَظَرِ الْفُقَهَاءِ فَإِن جهل الامير وَجَهِلَ الْفُقَهَاءُ فَجَلَسُوا مَعَهُ أَوْ كَرِهُوا وَرَأَوْا فَسْخَهُ فَفَسَخَهُ الْأَمِيرُ فَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ الْأَوَّلُ صَوَابًا فِيهِ اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ نُفِّذَ وَبَطَلَ الْفَسْخُ وَإِلَّا مَضَى الْفَسْخُ وَلَا يُقْبَلُ فِي مَشْهُورِ الْعَدَالَة الا اسْتِبْدَادُهُ بِرَأْيِهِ فَيَأْمُرُهُ الْأَمِيرُ بِالْمُشَاوَرَةِ لِأَهْلِ الرَّأْيِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسِيءَ لَهُ أَحَدٌ وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَنْبَغِي أَنْ يَجْلِسَ مَعَهُ فِي تِلْكَ الْقَضِيَّةِ فَلِلْإِمَامِ أَنْ يَأْمُرَهُمْ أَنْ يَنْظُرُوا مَعَهُ وَيَحْكُمُوا بِأَفْضَلِ مَا يَرَاهُ مَعَهُمْ أَوْ مَعَ بَعْضِهِمْ فَإِنْ أَجْمَعُوا عَلَى خِلَافِهِ لَا يحكم بِهِ ذَلِك لِأَنَّهُ الَّذِي شكى مِنْهُ فِيهِ وان لم يبين لَهُ أَنَّ الْحَقَّ إِلَّا فِي رَأْيِهِ كَاتَبَ الْأَمِيرَ فَيَأْمُرُهُ بِمَا يَرَاهُ قَالَهُ كُلَّهُ ابْنُ الْقَاسِم (افرع الْخَامِسُ) قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا عُزِلَ الْقَاضِي أَوْ مَاتَ وَهُوَ جَائِرٌ لَا يُنَفَّذُ شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِهِ وَاسْتُوْقِفَ النَّظَرُ فِيهَا لِأَنَّ حُكْمَهُ كَلَا حُكْمٍ وَلَا يُنْظَرُ فِي سِجِلَّاتِهِ فَإِنْ كَانَ لَا يَقْصِدُ الْجَوْرَ غَيْرَ أَنَّهُ جَاهِل بالستر وَلَا يَسْتَشِيرُ الْعُلَمَاءَ وَيَقْضِي بِاسْتِحْسَانِهِ تُصُفِّحَتْ أَحْكَامُهُ وَيُنَفَّذُ صَوَابُهَا وَيُمْضَى الْمُخْتَلَفُ فِيهِ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ وَكَذَلِكَ إِنْ عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ يُوَافِقُ الْوَزير عزل اولا وَالْقَاضِي الَّذِي لَا يعلم مِنْهُ الا خيرا لَا يكْشف عَنهُ ان ياتي بجور فخطا أَوْ جَهْلٍ وَمَتَى جُهِلَتِ الْبَيِّنَةُ فِي حُكْمِ الْحُلَيْبِسِ لَا يُنَفَّذُ قَالَ أَصْبَغُ تَجُوزُ أَقْضِيَةُ الْقَاضِي غَيْرِ عَدْلٍ فِي حَالِهِ

(الفرع السادس)

وَسيرَته اَوْ فِيهِ هَذَا وَهَذَا تَجُوزُ مِنْ أَقَضَيْتِهِ غَيْرَ الْجَوْرِ كَأَقْضِيَةِ الْجَاهِلِ لِأَنَّ السَّلَاطِينَ الْيَوْمَ أَكْثَرُهُمْ كَذَلِكَ وَلَا بُدَّ أَنْ تُنَفَّذَ أَحْكَامُهُمْ وَالْقَوْلُ بِهَذَا أَصْبَغُ وَقَوْلُ ابْن وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْخَوَارِجُ كَالْقُضَاةِ السُّوءِ (الْفَرْعُ السَّادِسُ) فِي الْكِتَابِ إِذَا مَاتَ الْقَاضِي أَوْ عُزِلَ أَنَّهُ شَهِدَ لِلْبَيِّنَاتِ لَمْ يَنْظُرْ فِيهِ مَنْ وَلِيَ بَعْدَهُ وَلَمْ يُجِزْهُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ وان قَالَ الْمَعْزُول فِي دِيوَانِي قَدْ شَهِدَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ عِنْدِي لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ بَقِيَ شَاهِدًا فَهُوَ كَأَحَدِ الشُّهُودِ وَلِلطَّالِبِ تَحْلِيفُ الْمَطْلُوبِ أَنَّ الشَّهَادَةَ الَّتِي فِي دِيوَانِ الْقَاضِي شَهِدَ عَلَيْكَ بِهَا فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الطَّالِبُ وَثَبَتَتِ الشَّهَادَةُ ثُمَّ نظر فِيهَا الَّذِي ولي بِمَا كَانَ يَنْظُرُ الْمَعْزُولُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَكُلُّ حُكْمٍ يَدَّعِي الْقَاضِي الْمَعْزُولُ أَنَّهُ قَدْ حَكَمَ بِهِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ مِنْهُ لِأَنَّهُ هُوَ الْحَاكِمُ بِهِ قَالَ سَحْنُونٌ وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ مَعَهُ رَجُلٌ لَا يُنَفَّذُ حَتَّى يَشْهَدَ اثْنَانِ غَيْرُهُ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ إِنْ أَرَادَ قِيَامَ الْبَيِّنَةِ عَلَى خُطُوطِهِمْ فَقَدْ جَوَّزَ الشَّهَادَةَ عَلَى خَطِّ الشُّهُودِ وَإِعْمَالَهَا وَلَيْسَ هُوَ مَشْهُورَ الْمَذْهَبِ أَوْ عَلَى إِيقَاعِ الشُّهُودِ هَذِهِ الشَّهَادَةَ عِنْدَ الْقَاضِي فَفِي جَوَازِ الشَّهَادَةِ عَلَى مثل هَذَا وَالْخِلَافُ فِيهِ مَعْلُومٌ وَقَدْ يَكُونُ قِيَامُ الْبَيِّنَةِ باشهاد القَاضِي الْمُتَوفَّى اياهم يعتولها وَقَوْلُهُ نَظَرَ الثَّانِي كَمَا كَانَ يَنْظُرُ الْأَوَّلُ يُفِيد بِنَا القَاضِي على مَا تقدم وَلَا يلْزمه الاستيئناف وَأَفْتَى بِهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْقُرْطُبِيِّينَ ابْنُ عَتَّابٍ وَغَيره وراى غَيرهم الاستيئناف قَالَ وَلَا وَجْهَ لَهُ (الْفَرْعُ السَّابِعُ) قَالَ بعض الْعُلَمَاءُ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ مَا تَتَوَقَّفُ صِحَّتُهُ عَلَى الْوِلَايَةِ كَالْقَضَاءِ وَالْوَكَالَةِ وَالْخِلَافَةِ وَمِنْهُ مَا يَصِحُّ بِغَيْرِ وِلَايَةٍ كَالْخَطَابَةِ وَالْإِمَامَةِ فَالْقِسْمُ الْأَوَّلُ

يَقْبَلُ الْعَزْلَ مِنْ جِهَةِ الْمُوَلِّي وَالْمُتَوَلِّي وَالْقِسْمُ الثَّانِي لَا يقبل الْعَزْل الا مِنْ جِهَةِ الْمُتَوَلِّي بَلْ مِنْ جِهَةِ الْمُوَلِّي لَان صِحَة الْخَطَابَةِ لَا تَنْفَكُّ عَنِ الْمُتَّصِفِ بِهَا حَتَّى تَذْهَبَ أَهْلِيَّتُهُ فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ عَزْلِ نَفْسِهِ لِأَنَّ صِحَّةَ تَصَرُّفِهِ لَا تَكْفِي فِيهِ الْأَهْلِيَّةُ فَلِعَزْلِهِ لِنَفْسِهِ أَثَرٌ فَكَانَ مُمْكِنًا وَأَمَّا مَا يُطلق للخطيب فَتَركه اياه لَيْسَ عزلا وَلَا على هَذَا لَيْسَ لِلْخَلِيفَةِ فِي نَصْبِ الْخَطِيبِ إِلَّا تسويقه الْمُطْلَقُ لِلْخَطَابَةِ لَا أَنَّهُ يُفِيدُهُ أَهْلِيَّةَ التَّصَرُّفِ وَمَنْعَ الْمُزَاحَمَةِ لِلْخَطِيبِ وَالْإِمَامِ بَعْدَ الْوِلَايَةِ فَلَيْسَ ذَلِك وَلِأَنَّهُ إِنَّمَا هُوَ مِنْ صَوْنِ الْأَئِمَّةِ عَنْ أَسْبَابِ الْفِتَنِ وَالْفَسَادِ وَيَظْهَرُ بِهَذَا الْبَحْثِ أَنَّ صِحَّةَ التَّصَرُّفِ فِي الْخَطَابَةِ سَبَبُ الْوِلَايَةِ وَفِي الْقَاضِي وَنَحْوِهِ الْوِلَايَةُ بِسَبَبِهِ فَبَيْنَ الْبَابَيْنِ فَرْقٌ عَظِيمٌ فَلِذَلِكَ يَقْبَلُ أَحَدُهُمَا الْعَزْلَ مُطْلَقًا دُونَ الْآخَرِ نَظَائِرُ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ الْعُقُودُ الْجَائِزَةُ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ الْجَعَالَةُ قَبْلَ الشُّرُوعِ مِنَ الطَّرَفَيْنِ وَبَعْدَهُ من جِهَة الْجعل لَهُ وَالْقِرَاضُ قَبْلَ الشُّرُوعِ وَالْمُغَارَسَةُ وَالتَّحْكِيمُ وَالْوَكَالَةُ وَالْقَضَاءُ ذَكَرَهُ غَيْرُهُ فَهِيَ سِتَّةٌ

(الباب الحادي عشر فيما ينقض من الأقضية)

(الْبَابُ الْحَادِي عَشَرَ فِيمَا يُنْقَضُ مِنَ الْأَقْضِيَةِ) وَفِي الْكِتَابِ إِذَا قَضَى فِيمَا اخْتُلِفَ فِيهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ الْحَقُّ فِي غَيْرِ مَا قَضَى بِهِ رَجَعَ عَنهُ وَلَا ينقص حكم غَيره فِي مَوضِع الْخلاف فِي التَّنْبِيهَاتِ حَمَلَ أَكْثَرُهُمُ الْكَلَامَ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَهُ فِي الْكِتَابِ الرُّجُوعُ كَيْفَ كَانَ مِنْ وَهْمٍ أَوِ انْتِقَالِ رَأْيٍ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنَّمَا يَرْجِعُ فِي الْوَهْمِ وَالْغَلَطِ لَا فِي تَغَيُّرِ الِاجْتِهَادِ قَالَ وَهُوَ أَقْرَبُ لِلصَّوَابِ إِذْ لَوْ صَحَّ الاول مَا اسْتَقر لقَاضِي حكم فِي كُلِّ وَقْتٍ فَلَا يَثِقُ أَحَدٌ بِحُكْمِهِ وَلِأَنَّ الثَّانِيَ اجْتِهَادٌ مِثْلَ الْأَوَّلِ بِخِلَافِ مَا لَو فَهَذَا يَنْقُضُهُ هُوَ وَمَنْ بَعْدَهُ لَا يَخْتَلِفُ فِي هَذَا إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَقَدْ خَالَفَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ أَوَّلًا وَهُوَ شَاذٌّ فَيَنْقُضُهُ هُوَ وَمَنْ بَعْدَهُ وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ يَلْزَمُ مَذْهَبًا مُعَيَّنًا وَيَحْكُمُ بِتَقْلِيدِهِ لَا بِاجْتِهَادِهِ فَحَكَمَ فَغَلِطَ فِي مَذْهَبِهِ نَقَضَهُ هُوَ دُونَ غَيْرِهِ وَقِيلَ يُحْتَمَلُ أَنَّ مَعْنَى كَلَامِهِ أَنَّهُ إِنَّمَا رَجَعَ فِيمَا كَانَ جَوْرًا بَيِّنًا قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ اخْتَصَرَ أَبُو مُحَمَّدٍ كَلَامَ الْكِتَابَ إِذَا بَانَ لَهُ أَنَّهُ أَخْطَأَ فَلْيَنْقُضْ قَضِيَّتَهُ وَإِنْ أَصَابَ قَوْلَ قَائِلٍ وَقَدْ فَعَلَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَاخْتَصَرَهُ ابْنُ حَمْدِيسَ إِذَا حَكَمَ بِمَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ فَلَا يَنْقُضُهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا خَالَفَ نَصَّ الْقِرَآنِ أَوِ السُّنَّةِ أَوِ الْإِجْمَاعِ يَنْقُضُهُ هُوَ وَغَيْرُهُ وَإِنْ أَرَادَ الِانْتِقَالَ عَنِ اجْتِهَادٍ فَأَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ جَوَّزَهُ مُطَرِّفٌ وَعَبْدُ الْمَلِكِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَمَنَعَهُ ابْنُ عبد الحكم قضى بِمَال اوغيره وَجَوَّزَهُ أَشْهَبُ إِنْ كَانَ بِمَالٍ بِخِلَافِ إِثْبَاتِ نِكَاحٍ أَوْ فَسْخِهِ قَالَ وَعَلَى هَذَا لَا ينْقضه اذا كَانَ بانفاذ عتق اورده اَوْ حد اَوْ قتل ابْنَته أَوْ أَبْطَلَهُ وَقِيلَ

(فرع مرتب)

الْمَتْرُوكَاتُ لَيْسَ بِحُكْمٍ بِخِلَافِ الْإِثْبَاتِ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ وَإِنْ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ فَأَثْبَتَ الْخَطَأَ مَعَ الْأَجْرِ وَالْخَطَأُ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ وَهَذَا إِذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ جَهِلَ وَأَنَّهُ خَارِجٌ عَنِ الْأَصْلِ الَّذِي كَانَ ظَنُّهُ مِنْهُ وَإِلَّا لَمْ يُنْقَضْ (فَرْعٌ مُرَتَّبٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ فِي الْوَاضِحَةِ إِذَا أَشْهَدَ الْحَاكِمُ عَلَى فَسْخِ حُكْمِهِ وَلَا يَذْكُرُ أَنَّهُ رَجَعَ عَنهُ لاحسن مِنْهُ وَلَا يحسن أَمر فَسخه لَهُ لَا يَنْفَسِخ حَتَّى يلخص مَا يُوجِبُ فَسْخَهُ إِلَّا أَنْ يَقُولَ تَبَيَّنَ لِي أَنَّ الشُّهُودَ شُهُودُ زُورٍ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَكْفِي إِشْهَادُهُ عَلَى الْفَسْخِ إِذَا كَانَ مَأْمُونًا لَا يُتَّهَمُ أَنَّهُ فَسَخَهُ جَوْرًا وَلَوْ قَالَ مَعَ الْفَسْخِ قَضَيْتُ لِلْآخَرِ لَمْ يَجُزْ قَضَاؤُهُ وَمضى الْفَسْخ لَا يَقْضِي حَتَّى يَسْتَفْرِغَ الْمَقْضِّيُّ عَلَيْهِ الْآجَالَ وَالْحُجَجَ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَسَّمَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ مُحْرِزٍ حَالَ الْقَاضِي أَرْبَعَةَ أَقْسَامٍ الْأَوَّلُ إِنْ خَالَفَ نَصَّ الْكِتَابِ أَوِ السُّنَّةِ أَوِ الْإِجْمَاعَ يَنْقُضُهُ هُوَ وَغَيْرُهُ الثَّانِي أَنْ يَقْصِدَ مَذْهَبًا فَيُصَادِفَ غَيْرَهُ سَهْوًا يَنْقُضُهُ هُوَ دُونَ غَيْرِهِ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ الصِّحَّةُ لِقَوْلِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ بِهِ وَغَلَطُهُ لَا يُعْرَفُ إِلَّا مِنْ قَوْلِهِ إِلَّا أَنْ تشهد بنية أَنَّهَا عَلِمَتْ قَصْدَهُ إِلَى الْحُكْمِ فَوَقَعَ لَهُ غَيْرُهُ أَيْضًا الثَّالِثُ أَنْ يَجْتَهِدَ فَيَظْهَرُ لَهُ الصَّوَابُ فِي غَيْرِ مَا حَكَمَ بِهِ مِنْ طَرِيقِ الِاجْتِهَادِ أَيْضًا فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَرْجِعُ إِلَى مَا ظَهَرَ لَهُ وَقِيلَ لَا يرجع لجَوَاز تغير غَيره الثَّانِي أَيْضًا فَلَا يَقِفُ عِنْدَ غَايَةٍ فَهُوَ كَالْمُصَلِّي يَتَغَيَّرُ اجْتِهَادُهُ بَعْدَ الصَّلَاةِ فِي الْقِبْلَةِ الرَّابِعُ أَنْ يَحْكُمَ بِالظَّنِّ وَالتَّنْجِيزِ مِنْ غَيْرِ اجْتِهَادٍ فِي الْأَدِلَّةِ فَيَنْقُضُهُ هُوَ وَغَيْرُهُ لِأَنَّهُ فِسْقٌ (فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ لَيْسَ لِلْخَصْمِ نَقْضُ الْحُكْمِ بِأَنْ يَأْتِيَ بِحُجَّةٍ يَقُولُ كُنْتُ نَسِيتُهَا

(فرع)

أَوْ يَقُولُ اسْتَنْطَقَ خَصْمِي عَنْ كَذَا وَلَا يُمكن من ذَلِك عَن هَذَا الْقَاضِي وَلَا غَيْرِهِ وَإِلَّا لَمَا انْقَطَعَتِ الْمُنَازَعَاتُ فَإِنْ أَحْضَرَ بَيِّنَةً لَمْ يَعْلَمْ بِهَا فَثَلَاثَة اقوال سَمعه ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّهَا حُجَّةٌ ظَاهِرَةٌ وَيُنْقَضُ الْحُكْمُ وَمَنَعَ سَحْنُونٌ صَوْنًا لِلْحُكْمِ عَنِ اسْتِمْرَارِ الْمُنَازَعَةِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ كَانَ هَذَا الْقَاضِي نَقَضَهُ اَوْ غير فَلَا لِاحْتِمَالِ مُسْتَنَدٍ آخَرَ لَهُ فِي الْحُكْمِ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ إِنِ اتَّفَقَ الْخَصْمَانِ أَنَّ هَذِه الْبَيِّنَة لمن شهِدت اَوْ علم ذَلِك فَإِن قَالَ للطَّالِب مَا شهِدت وانكر الآخر حلف الْقَائِم لَمْ تَكُنْ شَهِدْتَ وَعَمِلَ بِمُوجَبِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عدم شهادتها وتجربتها وَرَدِّهَا فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْآخَرُ وَمَضَى الْحُكْمُ وَإِنْ كَانَ فِي الْحُكْمِ مَا يَقْتَضِي أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ شَهِدَتْ سُمِعَتْ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ بِأَنْ يَقُولَ فِي حِجَاجِهِ دَعَوْتُهُ بِبَيِّنَةٍ فَلَمْ يَقُلْ بِهَا فَإِنْ أَحْضَرَ بَيِّنَةً غَائِبَةً وَكَانَ الْقَاضِي ذَكَرَ ذَلِكَ فِي حُكْمِهِ وَقَّفَهُ عَلَى حَقِّهِ فِيمَا شَهِدَتْ بِهِ وَنَقَضَهُ الْقَاضِي الْأَوَّلُ وَغَيْرُهُ وَكَذَلِكَ إِنْ ثَبَتَ أَنَّ الْبَيِّنَةَ كَانَتْ غَائِبَةً حِينَ الْحُكْمِ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ غَيْبَتُهَا (فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ أَرَادَ الْخَصْمُ تَجْرِيحَ الْبَيِّنَةِ لِيَنْقُضَ الْحُكْمَ وَأَثْبَتَ جَرْحَهَا فَعَنْ مَالِكٍ فِي النَّقْضِ قَوْلَانِ وَأَمْضَاهُ سَحْنُونٌ وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي إِثْبَاتِ الْعَدَاوَةِ أَوْ تُهْمَةِ الْقَرَابَةِ وَيُنْقَضُ فِي إِثْبَاتِ كَوْنِ أَحَدِهِمَا رَقِيقًا عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ قَالَ وَلَوْ أَمْضَى لَكَانَ وَجْهًا وَهُوَ أَوْلَى مِنَ الْفَاسِقِ لِلْخِلَافِ فِي شَهَادَةِ الْعَبْدِ دُونَ الْفَاسِقِ وَيُنْقَضُ بِإِثْبَاتِ كَوْنِ أَحَدِهِمَا مَوَلَّى عَلَيْهِ فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ وَهُوَ أَبْعَدُ مِنَ الْعَبْدِ وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ شَهَادَتُهُ مَقْبُولَةٌ لِأَنَّهُ حُرٌّ مُسْلِمٌ عَدْلٌ وَتُنْقَضُ بِإِثْبَاتِ كَونه نَصْرَانِيّا

فرع

(فَرْعٌ) قَالَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا حُدَّ الْقَاذِفُ بَعْدَ الِاعْتِذَار إِلَيْهِ ثُمَّ أُثْبِتَ بِأَرْبَعَةٍ عُدُولٍ الزِّنَى قَبْلَ الْقَذْفِ حُدَّ الزَّانِي وَسَقَطَتْ عَنِ الْقَاذِفِ الْجُرْحَةُ وَلَوْ كَانَ حَدًّا غَيْرَ الزِّنَى وَقَالَ بِهِ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ بَعْدُ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ لِأَنَّهُ حَقٌّ للَّهِ تَعَالَى وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ حَاكما جلده مائَة لم تسمع بَيِّنَة لِأَنَّهَا لَا تُوجِبُ الْآنَ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ حَدًّا وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ أَنَّ الْبَيِّنَةَ الْمَحْكُومَ بِهَا سَرَقَتْ فَلَمْ تُقْطَعْ أَوْ شَرِبَتْ فَلَمْ تُحَدَّ أَوْ حَارَبَتْ وَلَمْ يَثْبُتْ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهِ إِلَّا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى نُقِضَ الْحُكْمُ قَوْلًا وَاحِدًا وَإِنْ كَانَ قَدْ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ لَمْ يُنْقَضْ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا كَانَتِ الْقَضِيَّةُ عَلَى غَائِبٍ ثُمَّ قَدِمَ بِجَرْحِ الْبَيِّنَةِ فَقِيلَ ذَلِكَ لَهُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَيْسَ ذَلِكَ فِي الْفِسْقِ وَغَيْرِهِ إِلَّا فِي الْكُفْرِ أَوِ الرِّقِّ أَوْ مُوَلًّى عَلَيْهِم قَالَ والاحسن وَالْغَائِب عَلَى حُجَّتِهِ وَقَدِ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْحَاضِرِ فَالْغَائِبُ أَوْلَى (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا حَكَمَ الْقَاضِي بِشَهَادَةِ بَيِّنَةٍ شَهِدَتْ عَلَى شَهَادَةِ غَيْرِهَا فَأَنْكَرَ الْمَنْقُولُ عَنْهُمْ أَنْ يَكُونُوا أَشْهَدُوهُمْ اخْتَلَفَ هَل يكون رُجُوعا مِنْهُم اَوْ ينْقض الحكم اَوْ يَكُونُوا أَحَق شَهَادَتهم أولى يَكُونُوا أَوْلَى أَوَّلًا بَعْدَ رُجُوعِهَا وَلَا يُنْقَضُ الحكم فَقَالَ مُحَمَّد يحد كَانَت الشُّبْهَة فِي زِنًا حَدَّ الْقَذْفِ لِأَنَّ الْفُرُوعَ شَهِدُوا عَلَيْهِمْ بِالْقَذْفِ فَجُعِلَ الْإِنْكَارُ رُجُوعًا وَعَنْ مَالِكٍ يُنْقَضُ وَرَأْيُ الْأَصْلِ أَحَقُّ بِشَهَادَتِهِ مِنَ الْفَرْعِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَمْضِي الْحُكْمُ وَلَا غُرْمَ عَلَى الْأَصْلِ وَلَا عَلَى الْفَرْعِ وَلَوْ قَدِمَ قَبْلَ الْحُكْمِ بِشَهَادَةٍ فَرَأَى ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ

(فرع)

الْأَمْرَ فِيهِ بَعْدَ الْحُكْمِ مُشْكِلٌ هَلْ يَرْجِعُ أَوْ وَهِمَ الْفَرْعُ فَلَمْ يَنْقُضِ الْحُكْمَ وَلَا أَغْرَمَ الْفَرْعَ فَعَلَى قَوْلِهِ وَقَوْلِ مَالِكٍ لَا يُحَدُّ بِشَهَادَةِ الزِّنَى الْأُصُولُ وَيُعَدُّوا رَاجِعِينَ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ يُغَرَّمُ الْمَنْقُولُ عَنْهُ الْمَالَ قَالَ وراى أَنْ يُرَدَّ الْحُكْمُ لِأَنَّهُ أَوْلَى بِشَهَادَتِهِ وَلَا يُغَرَّمُ الْفَرْعُ لِأَنَّ الْأَمْرَ مُشْكِلٌ هَلْ صَدَقَا أَمْ كَذَبَا فَلَا يُغَرَّمَانِ بِالشَّكِّ وَالْأَمْرُ فِي الْمَنْقُولِ عَنْهُمْ فِي الزِّنَا أَبْيَنُ لِأَنَّ قَوْلَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ فِي مَعْنَى التَّكَاذُبِ وَقَوْلُ أَرْبَعَةٍ أَقْوَى مِنْ قَوْلِ اثْنَيْنِ اللَّذَانِ هُمَا الْفَرْعُ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ لَا يُنْقَضُ قَضَاءُ وُلَاةِ الْمِيَاهِ أَوْ وَالِي الْفُسْطَاطِ أَوْ أَمِيرِ الصَّلَاةِ أَوْ وَالِي الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ أَوِ اسْتَقْضَى قَاضِيًا إِلَّا فِي الْجَوْرِ الْبَيِّنِ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ وُلَاةُ الْمِيَاهِ السَّاكِنُونَ عَلَى الْمِيَاهِ خِلَافُ أَهْلِ الْأَمْصَارِ قَالَ ابْن يُونُس وَلَا تهم وُلَاةُ الْمِيَاهِ الْحُدُودَ فِي الْقَتْلِ وَلَا يُقَامُ الْقَتْلُ بِمِصْرَ كُلِّهَا إِلَّا بِالْفُسْطَاطِ (فَرْعٌ) فِي الْكتاب لَا عُهْدَة على قَاض فِي بَيْعه عُهْدَةُ الْمُبْتَاعِ فِي مَالِ الْيَتَامَى فَإِنْ هَلَكَ الْمَالُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَيْتَامِ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجد مِنْهُم وَلَا ضَمَان والمتنيس وَالْمُبَاشِرُ غَيْرُهُمْ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُطَرِّفٌ لاعهدة على الامام وَالْقَاضِي وَالْوَصِيّ الْيَتَامَى فِي الْمَالِ الْمَوْرُوثِ وَأَمَّا مَا لَهُمْ فَلَا يُبَاع عَلَيْهِم فِي ذَلِك لِأَنَّهُ ثَمَنَ الْمَبِيعِ قَدْ مُلِكَ وَلَوْ أَكَلُوهُ لَرَجَعَ عَلَيْهِمْ فِي أَمْوَالِهِمْ لِأَنَّهُمْ وَفَّرُوهَا بِهِ

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا ادَّعَيْتَ عَلَى الْقَاضِي الْمَعْزُولِ جَوْرًا لَمْ يُنْظَرْ لِذَلِكَ وَنُفِّذَ الْحُكْمُ إِلَّا الْجَوْرُ الْبَيِّنُ فَيُرَدُّ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَوَّلِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِذَا لَمْ يَتَعَمَّدِ الْجَوْرَ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ غَاصِبٌ وَقَدْ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِنْ أَخْطَأَ فِي الدِّمَاءِ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ إِنْ بَلَغَ الثُّلُثَ وَإِلَّا فَفِي مَالِهِ فَأَلْزَمَهُ الْقَضَاءَ وَقَالَ فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ لَا يَضْمَنُ الْأَمْوَالَ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِذَا قَطَعَ السَّارِقَ فَظَهَرَ عَبْدًا فَفَدَاهُ سَيِّدُهُ رَجَعَ عَلَى الْإِمَامِ بِمَا نَقَصَهُ الْقَطْعُ فِي مَالِهِ فَأَلْزَمَهُ الْمَالَ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ لَا يُنْقَضُ قَضَاءُ الْقَاضِي إِذَا لَمْ يُخَالِفْ السُّنَّةَ أَمَّا إِذَا خَالَفَهَا فَلْيُنْقَضْ كَاسْتِسْعَاءِ الْعَبْدِ يُعْتَقُ بَعْضُهُ فَيَقْضِي بِاسْتِسْعَائِهِ فَيُنْقَضُ وَيُرَدُّ لَهُ مَا أَدَّى وَيَبْقَى الْعَبْدُ مُعْتَقًا بَعْضُهُ إِلَّا أَنْ يَرْضَى مَنْ لَهُ فِيهِ رق لانفاذ عِتْقِهِ وَالتَّمَسُّكِ بِمَا أَخَذَ وَكَالشَّفْعَةِ لِلْجَارِ أَوْ بَعْدَ الْقِسْمَةِ أَوِ الْحُكْمِ بِشَهَادَةِ النَّصْرَانِيِّ أَوْ بِمِيرَاثِ الْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ وَالْمَوْلَى الْأَسْفَلَ وَكُلِّ مَا هُوَ عَلَى خِلَافِ عَمَلِ الْمَدِينَةِ وَلَمْ يَقُلْ لَهُ شذوذ الْعلمَاء وَكَذَلِكَ مَا نزله لما فَعَلَ الْفَاعِلُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهِ لِغَيْرِهِ كَطَلَاقِ الْمُخَيَّرَةِ مِمَّا قِيلَ إِنَّهَا وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ فَلَوْ خُيِّرَتْ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَتَزَوَّجَهَا قَبْلَ زَوْجٍ فَرُفِعَ لِحَاكِمٍ يَرَى ذَلِكَ فَأَقَرَّهُ فَلِمَنْ بعده فَسخه ويجعلها الْبَتَّةَ وَلَيْسَ تَقْرِيرُ الْأَوَّلِ وَإِنْ أَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ وَكَتَبَ وَمن على الطَّلَاق اَوْ الْعتاق على الْملك اَوْ يُزَوّج وَهُوَ مُحْرِمٌ فَأَقَرَّ ذَلِكَ كُلَّهُ أَوْ أَقَامَ شاهداعلى الْقَتْلِ فَرَفَعَ لِمَنْ لَا يَرَى الْقَسَامَةَ فَلَمْ يَحْكُمْ فَلِغَيْرِهِ الْحُكْمُ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَيْسَ بِحُكْمٍ قَالَ مُحَمَّدٌ وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَامَ شَاهِدًا عِنْدَ مَنْ لَا يَرَى الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ فَلَمْ يَحْكُمْ بِهِ فلغيره

(فرع)

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ طَلَّقَ أَلْبَتَّةَ فَرَآهَا الْحَاكِم وَاحِدَة وَتَزَوجهَا الَّذِي ابتها فلغيريف وَلَيْسَ هَذَا مِنَ الِاخْتِلَافِ الَّذِي يُقَوَّى بِالْحُكْمِ وَقَالَ ابْنُ عبد الْحَكَمِ لَا يُنْتَقَضُ ذَلِكَ كَائِنًا مَا كَانَ إِلَّا الْخَطَأُ الْمَحْضُ وَأَمْضَى شُفْعَةَ الْجَارِ وَجَمِيعَ مَا تَقَدَّمَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يُعْجِبُنِي مَا انْفَرَدَ بِهِ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ أَصْحَابِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِذَا قَتَلَ رَجُلٌ غِيلَةً وَالْقَاضِي يَرَى الْعَفْوَ لِوُلَاتِهِ فَأَسْلَمَهُ إِلَيْهِمْ فَعَفَوْا فَلَا يَقْتُلُهُ غَيْرُهُ لِلِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ وَقَالَ أَشْهَبُ يَقْتُلُهُ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي قَتْلِ الُمُحَارِبِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَإِنْ أُخِذَتْ فِيهِ دِيَةٌ رُدَّتْ وَنَقَلَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ جَمِيعَ هَذِهِ الْفُرُوعِ هَكَذَا تَمْهِيدٌ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ ضَابِطُ مَا يُنْقَضُ مِنْ قَضَاءِ الْقَاضِي أَرْبَعَةٌ فِي جَمِيعِ الْمَذَاهِبِ مَا خَالَفَ الْإِجْمَاعَ أَوِ النَّصَّ أَوِ الْقِيَاسَ الْجَلِيَّيْنِ أَوِ الْقَوَاعِدَ مَعَ سَلَامِةِ جَمِيعِ ذَلِكَ عَنِ الْمُعَارِضِ الرَّاجِحِ وَمِنْ ذَلِكَ الْمَسْأَلَةُ السُّرَيْجِيَّةُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ وَحِلِّ النَّبِيذِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَوْجُودٌ فِي كُلِّ مَذْهَبٍ (فَرْعٌ) فِي النَّوَادِرِ قَالَ سَحْنُونٌ اذا قضى بِمَا لَيْسَ من رايه بَدو هَل اَوْ لسي ورايه على خلاف نَقَضَهُ وَإِنْ وَافَقَ خِلَافَ الْعُلَمَاءِ فَإِنْ عُزِلَ ثُمَّ رُدَّ نَقَضَهُ إِذَا أَخْطَأَ مَذْهَبَهُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ عُزِلَ الْقَاضِي ثُمَّ وُلِّيَ لَا يُنْقَضُ مِنْ قَضَائِهِ فِي وِلَايَتِهِ الْأُولَى إِلَّا مَا يَنْقُضُهُ مِنْ قَضَاءِ غَيْرِهِ قَالَ ابْن الْقَاسِم وولايته بعد عزل كَقَاضٍ غَيْرُهُ وُلِيَ بَعْدَهُ

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا نَقَضَ قَضَاءَ قَاضٍ قَبْلَهُ ثُمَّ عُزِلَ وَوُلِّيَ ثَالِثٌ وَالْحُكْمُ الْمَنْقُوضُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ نَقَضَ الثَّالِثُ حُكْمَ الثَّانِي وَنَفَّذَ الْأَوَّلَ لِأَنَّ نَقَضَهُ خَطَأٌ صُرَاحٌ لَا يُخْتَلَفُ فِيهِ وَإِذَا تَصَرَّفَ سَفِيهٌ يَجِبُ حَجْرُ القَاضِي بِالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَغَيْرِهِ رُدَّ وَلَا يَلْزَمُهُ فَإِنْ جَاءَ قَاض جَمِيعَ ذَلِكَ نَقَضَهُ الثَّالِثُ وَأَقَرَّ الْأَوَّلَ خَالَفَنَا فِي هَذَا ح وَلَوْ فَسَخَ الثَّانِي حُكْمَ الْأَوَّلِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ رَدَّهُ الثَّالِثُ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا قَضَى فِي شَيْءٍ مَرَّتَيْنِ لِرَجُلَيْنِ فَتَنَازَعَا عِنْد غَيره قَالَ مطرف لَهُ اولى بِهِ الا ان يكون الْجَائِز لَهُ اولى بِهِ الا ان يكون الْجَائِز هُوَ الْأَوَّلَ وَفِي قَضِيَّةِ الْآخَرِ مَا يَفْسَخُ قَضِيَّة الاول فينقض الاول فَإِن لم يجز أَوْ لَمْ يُعْلَمِ الْأَوَّلُ فَأَعْدَلُهُمَا بَيِّنَةً فَإِنْ تَكَافَأَتَا فَأُولَاهُمَا تَارِيْخًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْقَضَاءِ الثَّانِي مَا يَفْسَخُ الْأَوَّلَ فَإِنْ أُرِّخَتْ إِحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى فَالْمُؤَرَّخَةُ أَوْلَى لِأَنَّ فِيهَا زِيَادَة فَإِن ارختا واشكل الْأَمر فاستئناف الحكم فِيهَا أَفْضَلُ إِنْ رَآهُ الْقَاضِي إِنْ كَانَتَا مِمَّا فِيهِ اخْتِلَافٌ وَقَالَهُ مَالِكٌ وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي إِذَا رُفِعَتْ لَهُ عَلَى مُشْكِلَةٍ مُخْتَلَطَةٍ فَسَخَهَا وَاسْتَأْنَفَهَا وَقَالَ أَصْبَغُ فِي مَسْأَلَةِ مُطَرِّفٍ إِذَا قَضَى بقضيتين فِي شَيْء وَاحِد الْآخِرَة الأولى ويعد فَسخهَا وَلَا يعْتَبر الجائر إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْآخِرَةُ خَطَأً فَتَثْبُتُ الْأُولَى فَإِن لم يؤرخا فالجائر اولى فَإِن فقد الْجور فَأَعْدَلُهُمَا بَيِّنَةً فَإِنِ اسْتَوَتِ الْبَيِّنَتَانِ تَحَالَفَا فَإِنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا ابْتَدَأَ الْخُصُومَةَ فَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا فَهِيَ لِلْحَالِفِ وَإِنْ كَانَتِ الْقَضِيَّتَانِ

(فرع)

مِنْ قَاضِيَيْنِ مَضَتِ الْأُولَى إِنْ كَانَتْ صَوَابًا اَوْ مُخْتَلفا فيهمَا وَبَطَلَتِ الثَّانِيَةُ فَإِنْ كَانَتِ الْآخِرَةُ صَوَابًا أَوْ مُخْتَلفا فِيهَا فسخت الاولى فام كَانَتَا صَوَابًا صَارَتَا كَمَا لَوْ كَانَتَا مِنْ قَاضٍ وَاحِدٍ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا لَمْ يَحُزِ الْمَقْضِيُّ بِهِ حَتَّى مَاتَ الْقَاضِي أَوْ عُزِلَ أَوْ مَاتَ الْمَقْضِيُّ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ نَفَذَ الْحُكْمُ كَانَ التَّأْخِيرُ لِعُذْرٍ أَمْ لَا إِلَّا فِي التَّرْكِ الطَّوِيلِ الَّذِي يُخْشَى فِيهِ أَنَّ مَنْ عَرَفَ ذَلِكَ الْحَقَّ هَلَكَ أَوْ نَسِيَهُ لِطُولِ الزَّمَانِ وَلَوْ كَانَ الْمقْضِي بِهِ جُزْءا من قَرْيَة مقرّ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَشْهَدُ لَهُ بِتَعْيِينِ الْحَدِّ بَعْدَ مَوْتِ الْقَاضِي كَانَ شَرِيكًا لِأَهْلِ الْقَرْيَةِ بِذَلِكَ الْجُزْءِ مَشَاعًا فَإِنْ كَانَ لِأَهْلِ الْقَرْيَةِ كل وَأحد جُزْء معِين فاراد مقاسمتهم هَل يَأْخُذُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِبَقَاءِ الْحُقُوقِ وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَعَبْدُ الْمَلِكِ لَا يَضُرُّ طُولُ زَمَانٍ وَعَدَمُ الْحَوْزِ كَمَا لَا يَضُرُّ فِي الدَّعْوَى عَلَى الْحَائِزِ بَلْ ذَلِكَ كَمَكْتُوبٍ عَلَى إِنْسَانٍ لِصَاحِبِهِ الْقِيَامُ بِهِ أَيَّ وَقْتٍ شَاءَ وَإِنْ تَقَادَمَ لِأَنَّهُ عَرَفَ اصل حيازته لَهُ وانما يَنْتَفِعُ بِالْحِيَازَةِ مَنْ لَا يَعْرِفُ أَصْلَ حِيَازَتِهِ فَيَدَّعِيهِ غَيْرُهُ إِلَّا أَنْ يَطُولَ زَمَانُ ذَلِكَ جِدًّا نَحْوَ خَمْسِينَ سَنَةً مِمَّا لَا تَبْقَى الْحُقُوق مَعَه اويحدد فِيهِ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ بُنْيَانًا أَوْ غَرْسًا أَوْ بيعا اَوْ صدقا صدقا أَو اصداقا وَالْمَقْضِيُّ لَهُ يَفْطِنُ وَلَا يُغَيِّرُ فَإِنْ مَاتَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ قَالَ مُطَرِّفٌ لَا يَسْأَلُ الْوَارِثَ عَنْ شَيْءٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ الَّذِي قَضَى عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَقْضِيُّ لَهُ غَائِبًا حَتَّى مَاتَ الْمقْضِي عَلَيْهِ وَقَالَ عبد الْملك الوراث كلمية حضر الْمقْضِي لَهُ ام لَا أَنْ يَطُولَ زَمَانُهُ بِيَدِ الْوَارِثِ وَالْمَقْضِيُّ لَهُ حَاضر فَلَمَّا قدم الوراثة ادَّعَوْهُ بِحَقٍّ غَيْرِ الْوِرَاثَةِ

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا ظَهَرَ لِلْقَاضِي بَعْدَ الْحُكْمِ أَنَّهُ حَكَمَ بِشَهَادَةِ عَبْدَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنَ أَوْ وَصَبِيَّيْنِ نَقَضَ الْحُكْمَ لِعَدَمِ الْمُسْتَنَدِ وَنَقَضَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْفَاسِقَيْنِ وَلَمْ يَنْقُضْهُ سَحْنُونٌ وَأَشْهَبُ لِأَنَّ الْفِسْقَ قَدْ يَخْفَى لِأَنَّهُ أَمْرٌ اجْتِهَادِيٌّ فَإِنْ ظَهَرَ أَنَّ أَحَدَهُمَا عَبْدٌ أَوْ ذِمِّيٌّ أَوْ مُوَلًّى عَلَيْهِ رُدَّ الْمَالُ الْمَحْكُومُ بِهِ لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَحْلِفَ مَعَ الشَّاهِد الثَّانِي فَإِن نكل حبس حَتَّى أَوْ أُخِذَ مَالُهُ فَإِنْ نَكَلَ فَلَا شَيْءَ لَهُ قَالَ سَحْنُونٌ الْحُكْمُ هُنَا يُنْتَقَضُ بِخِلَافِ الرُّجُوع يُظْهِرَ أَنَّ أَحَدَهُمَا مَسْخُوطٌ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُنْتَقَضُ كَالْعَبْدِ وَالذِّمِّيِّ فَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ فِي قِصَاصٍ أَوْ قَطْعٍ قَالَ سَحْنُونٌ إِنْ حَلَفَ الْمَقْضِيُّ لَهُ فِي الْيَدِ مَعَ شَاهِدِهِ الْبَاقِي أَوْ فِي الْقَتْلِ مَعَ رَجُلٍ مِنْ عَشِيرَتِهِ خَمْسِينَ يَمِينًا قَسَامَةً تَمَّ لَهُ الْحُكْمُ وَإِنْ نَكَلَ عَنِ الْقِصَاصِ فِي الْبَلَدِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ شَاهِدَهُ عَبْدٌ لِأَنَّ الظَّاهِرَ حُرِّيَّتُهُ يَحْلِفُ الْمُقْتَضى مِنْهُ فِي الْبَلَدِ أَنَّ مَا شَهِدَ عَلَيْهِ بِهِ بَاطِلٌ وَإِذَا نَكَلَ الْمَقْضِيُّ لَهُ بِالْقَتْلِ عَنِ الْقَسَامَةِ وَالنُّكُولُ فِي مِثْلِ هَذَا تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ وَيُنْقَضُ بِهِ الْحُكْمُ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْحَاكِمِ وَهُوَ لَمْ يخطىء لِأَنَّهُ فَعَلَ اجْتِهَادَهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ بِالْقِصَاصِ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ ثَمَنًا فَيُرَدُّ وَغُرْمُ ذَلِكَ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ إِنْ جَهِلَا رَدَّ شَهَادَتِهِمَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ عَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ وَقِيلَ هَدَرٌ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا عَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ مَا جَاوَزَ الثُّلُثَ مِنَ الْخَطَأِ كَقَتْلِ مَنْ لَا يجب الْقَتْل عَلَيْهِ اَوْ بِخَبَر شَهَادَةِ الْعَبْدِ أَوِ الذِّمِّيِّ أَوِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ وَهُوَ يَرَى جَوَازَ ذَلِكَ أَوْ يُقْطَعُ السَّارِقُ من غير جَوَاز اَوْ ثَمَر اَوْ كثر اَوْ املان يطهر لَهُ فِيمَا لَمْ يَعْلَمْهُ بَعْدَ الْجَهْلِ

(فرع)

وَكَذَلِكَ لَوْ رَجَمَ ثُمَّ ظَهَرَ أَحَدُ الشُّهُودِ عَبْدًا أَوْ ذِمِّيًّا بَطَلَ الْحُكْمُ وَيُجْلَدُونَ لِلْقَذْفِ وَقيل الْغرم على الْحَاكِم وان لَمْ يَعْلَمِ الشُّهُودُ بِحَالِ الَّذِينَ شَهِدُوا مَعَهُمْ وَإِنْ عَلِمُوا ذَلِكَ غُرِّمُوا وَقِيلَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ إِلَّا عَلَى الْحَاكِمِ جَهِلُوا مَنْ مَعَهُمْ أَوْ عَرَفُوا وَجَهِلُوا أَنَّ شَهَادَتَهُمْ تَمْنَعُ فَإِنْ عَلِمُوا بِهِمْ وَعَلِمُوا رَدَّهُمْ ضَمِنُوا الدِّيَةَ (فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا قَالَ الْحَاكِمُ بَعْدَ الرَّجْمِ وَالْقَطْعِ وَالضَّرْبِ حَكَمْتُ بِجَوْرٍ قَالَ مَالِكٌ مَا نَفَّذَهُ مِنْ جَوْرٍ يُقَادُ مِنْهُ لِأَنَّهُ كَالْمُكْرِهِ لِمَنْ أَمَرَهُ وَإِنْ لَمْ يُبَاشِرْ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ وَيُقْتَصُّ مِنَ الْمَأْمُورِ أَيْضًا اذا علم أَنه حكم بجور اوكان مَعْرُوفًا بِذَلِكَ وَلَمْ يَكْشِفْ عَنْ صِحَّةِ حُكْمِهِ قَالَ أَصْبَغُ إِنْ حَكَمَ بِمَالٍ غُرِّمَهُ كَإِقْرَارِ الشَّاهِدِ بَعْدَ الْحُكْمِ وَيُعَاقَبُ وَيُعْزَلُ وَلَا يُوَلَّى أَبَدًا وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ أَبَدًا وَإِنْ تَابَ كَشَاهِدِ الزُّورِ قَالَ وَأَرَى إِنْ كَانَ الْحَاكِمُ مُعْدِمًا لَا شَيْءَ لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ عَلَى الْمَحْكُومِ لَهُ لِأَنَّهُ لَا يُصَدِّقُ الْحَاكِمَ أَنَّهُ حَكَمَ بِالْجَوْرِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْرُوفًا بِذَلِكَ فَإِنْ أَقَرَّ بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ الْقِصَاصِ أَوْ أَخْذِ الْمَالِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُنْقَضُ الْحُكْمُ قَالَ وَيجْرِي فِيهِ الْخلاف فِي رُجُوع الشَّاهِد قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا رَجَعَتِ الْبَيِّنَةُ لَا يُقْتَصُّ وَلَا يُقْطَعُ لَا فِي السَّرِقَةِ وَلَا فِي قِصَاصٍ وَقَالَ مُحَمَّدٌ تُجْلَدُ الْبِكْرُ وَلَا تُرْجَمُ الثّيّب وان قضى بِمَال لم يرد لحقه أَوِ الْمَالِ وَهَذَا إِذَا كَانَ ظَاهِرُهُ الْعَدَالَةَ والا لم يمض شَيْء من ذَلِك لهَذَا إِذَا تَعَمَّدَ فَإِنْ قَالَ أَخْطَأْتُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ ذَلِكَ عَلَى عَاقِلَتِهِ إِنْ كَانَ الثُّلُثَ فَصَاعِدًا لِأَنَّهُ خَطَأٌ وَقَالَ سَحْنُونٌ فِي مَالِهِ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ الْإِقْرَارَ وَقِيلَ ذَلِكَ هدر لَا يحدد ذَلِكَ فَإِلْزَامُهُ يَمْنَعُ النَّاسَ مِنَ الْوِلَايَاتِ فَإِنْ أَقَرَّ بِالْخَطَأِ بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ أَخْذِ الْمَالِ فَهَلْ يُنْقَضُ أَمْ لَا قَوْلَانِ وَفِي النَّوَادِرِ إِنْ أَقَرَّ بِالْخَطَأِ فِي الْجَلْدِ فَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ وَإِنْ أَقَرَّ بِالْعَمْدِ أُدِّبَ وَإِنْ أَخْطَأَ فِي الْأَدَبِ بِمُجَاوَزَةِ الْقَدْرِ أَوِ

(فرع)

الظُّلْمِ فَحَسَنٌ أَنْ يُقِّيدَ مِنْ نَفْسِهِ تَبَرُّعًا تَأَسِّيًا بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَالْخُلَفَاءِ وَلَا يَلْزَمُهُ إِلَّا فِي الْعَمْدِ وَمَا لَزِمَ عَاقِلَتَهُ فَهُوَ رَجُلٌ مِنْهُمْ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا حَكَمَ بِمَا كَانَ عِنْدَهُ مِنَ الْعِلْمِ قَبْلَ الْوِلَايَةِ أَوْ بَعْدَهَا فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْحُكُومَة اَوْ فِيهِ فَالثَّانِي نفى فَإِن جلوسهما للحكومة واقر أَحدهمَا بِشَيْء وَقبل ان يتقدما للحكومة ثمَّ انكر قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن دون غَيره من الْقُضَاة الا ان يكون يُقَلّد من يرى ذَلِك اَوْ من اهل الِاجْتِهَاد وَلم يتَبَيَّن لَهُ غَيره يتَبَيَّن لَهُ ان ذَلِك يُؤَدِّي مَعَ فَسَاد الْقُضَاةِ الْيَوْمَ إِلَى الْقَضَاءِ بِالْبَاطِلِ لِأَنَّ كُلَّهُمْ يَدَّعِي الْعَدَالَةَ فَلَا يَنْقُضُهُ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الذَّرِيعَةِ فَهَذَا ضَرْبٌ مِنَ الِاجْتِهَادِ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا أَتَاكَ قَضَاءُ قَاضٍ بِمَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ وَلَيْسَ رَأْيَكَ قَالَ سَحْنُونٌ لَا ينفذهُ لِأَنَّهُ عِنْدَكَ لَيْسَ بِحَقٍّ وَلَمْ يُنَفِّذْهُ الْأَوَّلُ فَلَا تُنَفِّذْهُ أَنْتَ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ كَتَبَ أَنَّهُ حَكَمَ نَفَّذْتَهُ أَوْ ثَبَتَ عِنْدَهُ لَمْ ينفذهُ وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ إِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْأَوَّلِ (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ الْقَضَاءُ إِذَا لَمْ يُنْقَضْ فَلَا يُغَيَّرُ الْحُكْمُ الَّذِي فِي الْبَاطِنِ بَلْ هُوَ عَلَى الْمُكَلَّفِ عَلَى مَا كَانَ قَبْلَ الْقَضَاءِ وَإِنَّمَا الْقَضَاءُ إِظْهَارٌ لِلْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ لَا اختراع لَهُ فَلَا يحل الْمَالِكِي شُفْعَةُ الْجِوَارِ إِذَا قَضَى لَهُ بِهَا الْحَنَفِيُّ وَلَا يَحِلُّ لِمَنْ

أَقَامَ شُهُودَ زُورٍ عَلَى نِكَاحِ امْرَأَةٍ يَحْكُمُ لَهُ القَاضِي لاعْتِقَاده عِنْد التهم بنكاحها واباحة وَطئهَا ان يطاها وَلَا يَبْقَى عَلَى نِكَاحِهَا تَنْبِيهٌ اعْلَم أَنَّ جَمَاعَةً مِنَ الْمَالِكِيَّةِ قَدِ اعْتَقَدُوا بِسَبَبِ هَذَا الْفَرْعِ أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ لَا يُغير الفتاوي واذا حَكَمَ فِيهَا بِالْحِلِّ مَثَلًا يَبْقَى الْمُفْتِي بِالتَّحْرِيمِ يُفْتِي بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَالْقَائِلُ إِنَّ وَقْفَ الْمَشَاعِ لَا يَجُوزُ أَوْ إِنَّ الْوَقْفَ لَا يَجُوزُ إِذَا حَكَمَ حَاكِمٌ بِالْجَوَازِ وَالنُّفُوذِ وَاللُّزُومِ فَبَقِيَ لِلْآخَرِ أَنْ يُفْتِيَ بِجَوَازِ بِيعِ ذَلِكَ الْمَوْقُوفِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَيَقُولُونَ قَدْ قَالَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ الْحُكْمُ عَلَى الْمُكَلَّفِ بَعْدَ الْحُكْمِ كَمَا هُوَ قَبْلَ الْحُكْمِ فِي الْبَاطِنِ وَيَقُولُونَ الْمُمْتَنِعُ النَّقْضُ لِذَلِكَ الْحُكْمِ أَمَّا الْفَتَاوَى فَهِيَ عَلَى حَالِهَا فِي جَمِيعِ صُوَرِ أَقْضِيَةِ الْقُضَاةِ لَا يَتَغَيَّرُ شَيْءٌ مِنَ الْفَتَاوَى فِي جَمِيعِ الْمَذَاهِبِ وَهَذَا اعتقده خِلَافُ الْإِجْمَاعِ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا النَّقْلَ عَلَى هَذِهِ الصِّيغَةِ لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ مَعَ اجْتِهَادِي فِي ذَلِكَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ عِبَارَتَهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ وَقع فيهمَا توسع ومقصوده مستبان فِي الْمَذْهَب إحدهما أَنَّ الْحُكْمَ إِذَا لَمْ يُصَادِفْ سَبَبَهُ الشَّرْعِيَّ فَإِنَّهُ لَا يُغَيِّرُ الْفَتْوَى كَالْحُكْمِ بِالطَّلَاقِ عَلَى مَنْ لَمْ يُطْلِّقْ إِمَّا لِخَطَأِ الْبَيِّنَةِ أَوْ لِتَعَمُّدِهَا الزُّورَ أَوْ بِالْقِصَاصِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ جَمِيعِ الْأَحْكَامِ فَإِنَّ الْفَتَاوَى عِنْدَنَا عَلَى مَا كَانَت عَلَيْهِ قبل الحكم حلافا لِ ح وَثَانِيهِمَا مَا هُوَ عَلَى خِلَافِ الْقَوَاعِدِ أَوِ النُّصُوصِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي شُفْعَةِ الْجَار واستسعاث العبدا وَتَوْرِيثِ الْعَمَّةِ وَالْمَوْلَى الْأَسْفَلِ وَالْحُكْمِ بِشَهَادَةِ النَّصَارَى نَحْوَ عَشْرِ مَسَائِلَ لَا تَتَغَيَّرُ الْفَتَاوَى فِيهَا لِأَجْلِ مُخَالَفَتِهَا النُّصُوصَ وَالْقَوَاعِدَ فَهَاتَانِ الْمَسْأَلَتَانِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ مُرَادُهُ وَلِذَلِكَ نَصَّ الْأَصْحَابُ عَلَى هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَلَمْ يَذْكُرْهُمَا هُوَ اكْتِفَاءً بِهَذَا الْمَوْضِعِ أَمَّا إِذَا حَكَمَ فِي مَوْضِعٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ لَيْسَ مِمَّا تقدم فِيهِ الْفَتَاوَى عَلَى مَا كَانَتْ لَمْ أَرَهُ لِأَحَدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ

(فرع)

بَلْ ضِدُّ ذَلِكَ وَفُرُوعُ الْمَذْهَبِ تُبْطِلُ ظَاهِرَ كَلَامه واعتقاد من اعْتَقَدَهُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ السَّاعِيَ إِذَا أَخَذَ مِنْ أَرْبَعِينَ شَاةً لِأَرْبَعِينَ مَالِكٍ شَاةً مُقَلِّدًا لِمَذْهَبِ ش أَفْتَى الْأَصْحَابُ بِتَوْزِيعِهَا وَقَبْلَ ذَلِكَ أَفْتَوْا بِأَنَّهَا مَظْلَمَةٌ لَا تَرَاجُعَ فِيهَا وَكَذَلِكَ قضوا فِيمَا اذا كَانَ لأَحَدهمَا اربعة عشر وللاخر مائَة وَعشرَة لَا شي اعلى الْأَوَّلِ إِلَّا أَنْ يَأْخُذَ السَّاعِي مُقَلِّدًا لِمَنْ يَعْتَقِدُ ذَلِكَ وَاجِبًا وَلِذَلِكَ قَالُوا فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ إِذَا نَصَّبَ الْإِمَامُ فِيهَا إِمَامًا مِنْ قبله لَا يَصح الا من نَائِب الامام اوذ مسالة فِيمَا اتَّصل بهَا حكم نَقله سَنَد وَهَذِه كلهَا فتاوي تَغَيَّرت وَكَذَلِكَ قَالُوا فِي بِمَا يَقْتَضِي الْفَسْخ اَوْ حكم بِهِ الْحَاكِم قَالَ وَيَنْبَنِي على الْخلاف حل الْوَطْء بعد الْفَسْخ فَإِذا حَاكما قَوْلهم يحرم الْوَطْء فتيا قد حث وتحددت بعد الحكم وَبَطل مَا كَانَ قبلهَا وَذَلِكَ كَثِيرٌ فِي الْمَذْهَبِ فَقَدْ تَغَيَّرَتِ الْفَتَاوَى بِسَبَب الحكم فَاعْلَم ذَلِك وَهَاهُنَا شَيْءٌ وَهُوَ أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْحُكْمِ وَالْفُتْيَا أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ نَصٌّ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى اسْتَنَابَ الْحَاكِمَ فِيهِ وَإِذَا اخْتَلَفَ الْحَاكِمَانِ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى الْحَقُّ مَعَ هَذَا سَقَطَ مَا عَدَاهُ وَتَعَيَّنَ الْمَحْكُومُ الَّذِي هُوَ مَوْرِدُ النَّصِّ غَيْرَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَسْتَنِبْهُ فِي الْحُكْمِ بِخِلَافِ الْأَسْبَابِ وَلَا بِخِلَافِ الْأَسْبَابِ وَلَا بِخِلَافِ الْقَوَاعِدِ وَالنُّصُوصِ وَتِلْكَ الْأُمُورُ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي ذَيْنِكَ الْمَوْضِعَيْنِ فَلَا جَرَمَ نَقَضْنَاهَا وَهَذَا سِرُّ كَوْنِ حُكْمِ الْحَاكِمِ لَا ينْقض وسر كَونه تغير الْفَتَاوَى وَأَنَّ الْخِلَافَ فِي الْمَسْأَلَةِ يَتَعَذَّرُ (فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ حُكْمُ الْحَاكِمِ لَا يُحِلُّ حَرَامًا وَلَا يحرم حَلَالا على عمله فِي بَاطِنِ الْأَمْرِ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح يُحَلِّلُ وَيُحَرِّمُ فِي الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ

فَمَنِ ادَّعَى نِكَاحَ امْرَأَةٍ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ كَاذِبٌ وَأَقَامَ شَاهِدَيْ زُورٍ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِهِمَا حلت لَهُ وَصَارَت زَوجته اَوْ استاجرت أمرة شَاهِدَيْ زُورٍ شَهِدَا بِطَلَاقِهَا حَلَّ لَهَا أَنْ تتَزَوَّج وحلت لأحد الشَّاهِدين مَعَ عمله بِكَذِبِهَا نَقَلَهُ أَصْحَابُهُ وَاتَّفَقَ النَّاسُ فِي الدُّيُونِ وَمَا لَيْسَ فِيهِ عَقْدٌ وَلَا فَسْخٌ وَجَعَلَ ح حُكْمَ الْحَاكِمِ يَقُومُ مَقَامَ الْعَقْدِ وَالْفَسْخِ فَتَحِلُّ بِالْعَقْدِ وَتَحْرُمُ بِالْفَسْخِ عَلَى حَسَبِ مَا يُنَاسِبُ ذَلِكَ الْحُكْمَ وَوَافَقَنَا أَيْضًا إِذَا قَضَى بِنِكَاحِ أُخْتِ الْمَقْضِيِّ لَهُ أَوْ ذَاتِ مَحْرَمٍ أَنَّهَا لَا تحل لَهُ لَان الْمقْضِي لَوْ تَزَوَّجَهَا لَمْ تَحِلَّ لَهُ لِفَوَاتِ قَبُولِ الْمَحَلِّ وَكَذَلِكَ قَالَ إِذَا تَبَيَّنَ أَنَّ الشُّهُودَ عبيد وَالْحكم فِي فِي عقد نِكَاح وَفرق بَان الشُّهُود شَرط وَلم يُوجد وَفِي الْأَمْوَالِ بِأَنَّ الْحَاكِمَ لَمْ يَحْكُمْ بِالْمِلْكِ بَلْ بِالتَّسْلِيمِ وَهُوَ لَا يُوجِبُ الْمُلْكَ لَنَا قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الصِّحَاحِ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنَّكُمْ تَخَتَصِمُونَ إِلَيَّ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فَأَقْضِي لَهُ بِنَحْوِ مَا أَسْمَعُ فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ فَلَا يَأْخُذْهُ فَإِنَّمَا أَقْتَطِعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ وَهُوَ عَامٌّ فِي جَمِيعِ الْحُقُوقِ وَقِيَاسًا عَلَى الْأَمْوَالِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى فَإِنَّ الْأَمْوَالَ أَضْعَفُ فَإِْذَا لَمْ يُؤَثِّرْ فِيهَا فَأَوْلَى الْفُرُوجِ احْتَجُّوا بِقصَّة هِلَال ابْن أُمَيَّةَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِينَ فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ بِاللِّعَانِ قَالَ إِنْ جَاءَتْ بِهِ عَلَى صِفَةِ كَيْتَ فَهُوَ لِشَرِيكٍ) فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ وَتَبَيَّنَ الْأَمْرُ عَلَى مَا قَالَ هِلَالٌ وَأَنَّ الْفُرْقَةَ لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً وَمَعَ هَذَا لَمْ يَفْسَخْ تِلْكَ الْفرْقَة وامضاها قَالَ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ يَقُومُ مَقَامَ الْفَسْخِ وَالْعَقْدِ وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ ادَّعَى عِنْدَهُ رَجُلٌ نِكَاحَ امْرَأَةٍ وَشَهِدَ لَهُ شَاهِدَانِ فَقَضَى بَيْنَهُمَا بِالزَّوْجِيَّةِ فَقَالَتْ وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا تَزَوَّجَنِي فَاعْقِدْ بَيْنَنَا عَقْدًا حَتَّى يحل لَهُ فَقَالَ شَاهِدَاكِ زَوَّجَاكِ فَدَلَّ

أَنَّ النِّكَاحَ يَثْبُتُ بِحُكْمِهِ وَلِأَنَّ اللِّعَانَ يُفْسَخُ بِهِ النِّكَاحُ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا كَاذِبًا وَالْحُكْمُ أَوْلَى وَلِأَنَّ لِلْحَاكِمِ وِلَايَةً عَامَّةً عَلَى النَّاسِ فِي الْعُقُودِ بِدَلِيلِ نُفُوذِ تَصَرُّفِهِ بِالْعُقُودِ فَدَلَّ بذلك عَلَى أَنَّهُ مَتَى أُوقِعَ الْعَقْدُ عَلَى وَجْهٍ لَوْ فَعَلَهُ مَالِكٌ نَفَذَ يَنْفُذُ مِنْهُ وَلِأَنَّ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ لَا تَجُوزُ لَهُ الْمُخَالَفَةُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ التَّسْلِيمُ فَصَارَ حُكْمُ اللَّهِ فِي حَقِّهِ مَا حَكَمَ بِهِ الْحَاكِمُ وَإِنْ عَلِمَ خِلَافَهُ فَكَذَلِكَ غَيْرُهُ قِيَاسًا وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْفُرْقَةَ فِي اللِّعَانِ لَيْسَتْ بِسَبَبِ صِدْقِ الزَّوْجِ أَوْ نَفْيِهِ فَلَوْ قَامَتِ الْبَيِّنَةُ بِصِدْقِهِ لَمْ تَعُدْ إِلَيْهِ وَإِنَّمَا كَانَتْ بِكَوْنِهِمَا وَصَلَا إِلَى أَسْوَأِ حَالٍ فِي الْمُعَايَشَةِ بِلَا تَلَاعُنٍ فَلَمْ ير الشَّرْع اجتماعها بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ مَبْنَاهَا السُّكُونُ وَالْمَوَدَّةُ وَمَا تَقَدَّمَ مِنَ التَّلَاعُنِ يَصِمُ ذَلِكَ فَعَلِمَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْكَذِبِ كقيام الْبَيِّنَة وَعَن الثَّانِي ان لَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اضاف التَّزْوِيج للشَّاهِد لَا لِلْحُكْمِ وَمَنَعَهَا مِنَ الْعَقْدِ لِمَا فِيهِ مِنَ الطَّعْنِ عَلَى الشُّهُودِ فَأَخْبَرَهَا بِأَنَّهَا زَوْجَةٌ ظَاهِرًا وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَلْفُتْيَا وَمَا النِّزَاعُ إِلَّا فِيهَا وَعَنِ الثَّالِثِ إِنْ كَذَبَ أَحَدُهُمَا لَمْ يتَعَيَّن اللّعان وَلَمْ يَخْتَصَّ بِهِ أَمَّا عَدَمُ تَعَيُّنِهِ فَلِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مُسْتَنَدُهُ فِي اللِّعَانِ كَوْنَهُ لَمْ يَطَأْهَا بَعْدَ حَيْضِهَا مَعَ أَنَّ الْحَامِلَ قَدْ تَحِيضُ أَوْ قَرَائِنَ حَالِيَّةً مِثْلَ كَوْنِهِ رَأَى رجلا بَين فخديها وَقَدْ لَا يَكُونُ الرَّجُلُ أَوْلَجَ أَوْ أَوْلَجَ وَمَا أَنْزَلَ وَالْقَرَائِنُ قَدْ تُكَذِّبُ وَأَمَّا عَدَمُ اخْتِصَاصِهِ بِاللِّعَانِ فَلِأَنَّ الْمُتَدَاعِيَيْنِ فِي النِّكَاحِ أَوْ غَيْرِهِ قَدْ يَكُونُ أَحَدُهُمَا كَاذِبًا فَاجِرًا يَطْلُبُ مَا يُعْلَمُ خِلَافُهُ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْحُكْمَ أَوْلَى لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ التَّلَاعُنَ يَمْنَعُ الزَّوْجِيَّةَ لِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنَ الْمَفَاسِدِ الْمَنْفِيَّةِ فِي الحكم

وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ صَاحِبَ الشَّرْعِ إِنَّمَا يَجْعَلُ الْحَاكِمَ وَكِيلًا لِلْغَائِبِ وَالْوَصِيِّ وَالْمَجْنُونِ لِضَرُورَةِ عَجْزِهِمْ عَن الْمُبَاشرَة وَلَا ضَرُورَة هَاهُنَا وَالْأَصْلُ أَنْ يَلِيَ كُلُّ أَحَدٍ مَصَالِحَ نَفْسِهِ فَلَا يُتْرَكُ الْأَصْلُ عِنْدَ عَدَمِ الْمُعَارِضِ لِأَجْلِ تَرْكِهِ عِنْدَ الْمُعَارِضِ وَعَنِ الْخَامِسِ أَنَّ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ إِنَّمَا حَرُمَتْ عَلَيْهِ الْمُخَالَفَةُ لِمَا فِيهَا مِنْ مَفْسَدَةِ مُشَاقَّةِ الْحَاكِمِ وَانْخِرَامِ النِّظَامِ وَتَشْوِيشِ نُفُوذ الْمصَالح واما ان لَا يَأْخُذَ بِالْمُخَالَفَةِ مِنْ حَيْثُ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ أحد لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَوَائِدُ قَالَ صَاحِبُ المنتقي قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مَعْنَاهُ أَعْلَمُ بِمَوَاقِعِ الْحُجَجِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ اللَّحَنُ بِفَتْحِ الْحَاءِ الْفِطْنَةُ وَبِإِسْكَانِهَا الْخَطَأُ فِي الْقَوْلِ وَقَوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَقْتَطِعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {ان اللَّذين يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بطونهم نَارا} مِنْ بَابِ وَصْفِ السَّبَبِ بِوَصْفِ الْمُسَبَّبِ لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ سَبَبُ النَّارِ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ (يَا أَيُّهَا الرَّاكِبُ الْمُزْجَى مَطِيَّتُهُ ... سَائِلْ بَنِي أَسَدٍ مَا هَذِهِ الصَّوْتُ) (وَقُلْ لَهُمْ بَادِرُوا بِالْعُذْرِ وَالْتَمِسُوا ... وَجْهًا يُنَجِّيكُمُ إِنِّي أَنَا الْمَوْتُ) فَوَصَفَ نَفْسَهُ بِأَنَّهُ الْمَوْتُ لِأَنَّهُ سَبَبُهُ وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ خَصَّ نَفْسَهُ بِالْبَشَرِيَّةِ فَيَقْتَضِي ذَلِك أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا وَصْفَ لَهُ إِلَّا هِيَ وَذَلِكَ مُحَالٌ فَمَعْنَى لَا وَصْفَ بِاعْتِبَارِ الِاطِّلَاعِ عَلَى بَوَاطِنِ الْخُصُومِ إِلَّا الْبَشَرِيَّةَ وَسَائِرُ صِفَاتِهِ الْعَلِيَّةِ لَا مَدْخَلَ لَهَا فِي ذَلِكَ وَتَقَدَّمَ بَسْطُ هَذَا الْمَعْنَى فِي مُقَدّمَة الْكتاب

فارغة

(كتاب الشهادات)

(كتاب الشَّهَادَات) شَهِدَ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ لَهُ ثَلَاثَةُ مَعَانٍ شَهِدَ بِمَعْنَى عَلِمَ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَكُنَّا لحكمهم شَاهِدين} {وَالله على كل شَيْء شَهِيد} أَيْ عَلِيمٌ وَبِمَعْنَى أَخْبَرَ وَمِنْهُ شَهِدَ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَيْ أَخْبَرَ وقَوْله تَعَالَى {قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّك لرَسُول الله} وَ {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ} إِنْ فُسِّرَ بِمَعْنَى أَخْبَرَ وَشَهِدَ بِمَعْنَى حَضَرَ وَمِنْهُ شَهِدْنَا صَلَاةَ الْعِيدِ وَشَهِدَ بَدْرًا وَشُهُودُ الْقَضَاءِ تَجْتَمِعُ فِيهِمُ الثَّلَاثَةُ لِأَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ وَيُخْبِرُونَ عِنْدَ الْحَاكِمِ قَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ شُرُوطُ الشَّهَادَةِ الْعَادِلَةِ الْجَائِزَةِ فِي كُلِّ شَيْءٍ ثَمَانِيَةٌ الْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ وَالذُّكُورَةُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالْإِسْلَامُ وَالْعَدَالَةُ وَضَبْطُ الشَّهَادَةِ حِينَ الْأَدَاءِ وَحِينَ السَّمَاعِ وَانْعِدَامُ التُّهْمَةِ وَفِي الْكِتَابِ تِسْعَةُ أَبْوَابٍ

(الباب الأول في حكمها)

(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي حُكْمِهَا) قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الشَّهَادَةُ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ يَحْمِلُهَا بَعْضُ النَّاسِ عَنْ بَعْضٍ كَالْجِهَادِ إِلَّا فِي مَوْضِعٍ لَيْسَ فِيهِ مَنْ يَحْمِلُ ذَلِكَ فَفَرْضُ عَيْنٍ وَقَالَ مَالِكٌ فِي قَوْله تَعَالَى {وَلَا يأب الشُّهَدَاء إِذا مَا دعوا} مَعْنَاهُ إِذَا دُعُوا لِلْأَدَاءِ وَقَالَ عَطَاءٌ مَعْنَاهُ الْأَدَاءُ وَالتَّحَمُّلُ وَقَالَ سُفْيَانُ فِي قَوْله تَعَالَى {وَلَا يضار كَاتب وَلَا شَهِيد} يَطْلُبُهُ فِي حَالِ شُغْلِهِ قَالَ سَحْنُونٌ وَكُلُّ مَنْ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ بِجُرْحَةٍ أَوْ تُهْمَةٍ أَوْ غَيْرِهِ لَا تَلْزَمُهُ الشَّهَادَةُ وَإِنْ شَهِدَ فَيُخْبِرُ الْحَاكِمَ أَنَّهُ عَدُوُّ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَوْ قَرِيبُ الْمَشْهُودِ لَهُ وَلَا يُخْبِرُ بِالْجُرْحَةِ لِأَنَّ الْمُجَاهَرَةَ بِالذُّنُوبِ حَرَامٌ وَقَالَ أَيْضًا يُخْبِرُهُ لِأَنَّ السُّكُوتَ غِشٌّ لِلْحَاكِمِ كَمَا لَوْ كَانَ عَبْدًا أَوْ نَصْرَانِيًّا لَهُ الْإِخْبَارُ بِذَلِكَ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ مَذْهَبُ مَالِكٍ فِي قَوْله تَعَالَى {واشهدوا اذا تبايعنم} النَّدْبُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْبَيْعِ وَأَوْجَبَهُ بَعْضُ الظَّاهِرِيَّةِ لِأَنَّ الْأَمْرَ لِلْوُجُوبِ وَجَوَابُهُ قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَته} فَقَدَ جَوَّزَ الِائْتِمَانَ بِعَدَمِ الْإِشْهَادِ فَتَعَيَّنَ تَرْكُ الْوُجُوبِ وَالْحَمْلُ عَلَى النَّدْبِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ وَالْإِشْهَادُ فِي الدَّيْنِ مَنْدُوبٌ أَيْضًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِذا تداينتم بدين} الْآيَةَ وَيُحْمَلُ عَلَى النَّدْبِ قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ وَاللِّعَانُ لَا يَكُونُ إِلَّا بِمَحْضِرِ النَّاسِ لِانْقِطَاعِ نَسَبِ الْوَلَدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَفِي النِّكَاحِ مَنْدُوبٌ ابْتِدَاءً وَإِنَّمَا يَجِبُ عِنْدَ الدُّخُولِ وَفِي الرَّجْعَةِ

(الباب الثاني في التحمل)

(الْبَابُ الثَّانِي فِي التَّحَمُّلِ) قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ هُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِالْمَوْضِعِ غَيْرُكَ تَعَيَّنَ عَلَيْكَ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لله} وَفِي الْبَابِ تِسْعَةُ فُرُوعٍ الْفَرْعُ الْأَوَّلُ) فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ تَحَمُّلُ الصَّبِيِّ وَالْكَافِرِ وَالْفَاسِقِ وَيُؤَدُّونَ بَعْدَ زَوَالِ هَذِهِ الْأَوْصَافِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ الْوُثُوقُ بِالشَّاهِدِ عِنْدَ الْأَدَاءِ (الْفَرْعُ الثَّانِي) قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا سبقتاك عَمَّن يَنُوب فِيهِ فَأَقَرَّ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَوْ تَشْهَدُ بِهِ الْبَيِّنَة فَفرق بَينه وَبَين أمراته فنفى أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَطَلَبَتِ الْمَرْأَةُ شَهَادَتَكَ فَلَمْ تَشْهَدْ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَوْ شَهِدْتَ لَمْ يَنْفَعْهَا لِمُخَالَفَةِ إِقْرَارِهِ لِشَهَادَتِكَ وَمَا أَقَرَّ بِهِ عِنْدَكَ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ حَدٍّ فَلْيَشْهَدْ عَلَيْهِ فِيمَا لَا يَتَمَكَّنُ مِنَ الرُّجُوعِ عَنْهُ وَكَذَلِكَ من حضر عنْدك اذا لم يخف عِنْده من الْقِصَّة شَيْء يفْسد تَركهَا الشَّهَادَةَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِي التَّحَمُّلِ حُصُولُ سَبَبٍ يُفِيد الْعلم وَلَا لسَمَاع يفِيدهُ

(الفرع الثالث)

(الْفَرْعُ الثَّالِثُ) لَوْ قَعَدَ الشَّاهِدَانِ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ يَشْهَدَانِ عَلَى رَجُلٍ قَالَ مَالِكٌ إِنْ كَانَ ضَعِيفًا أَوْ مُخْتَدِعًا أَوْ خَائِفًا لَمْ يَلْزَمْهُ وَيَحْلِفُ مَا أَقَرَّ إِلَّا بِمَا يَذْكُرُ وَإِلَّا لَزِمَهُ وَلَعَلَّهُ يُقِرُّ خَالِيًا وَيُنْكِرُ عِنْدَ الْبَيِّنَةِ فَيَحْتَاجُ لِذَلِكَ إِذَا لَمْ يَخْفَ شَيْءٌ مِنْ كَلَامِهِ أَوْ لَعَلَّهُ يَقُولُ فِي السِّرِّ مَا الَّذِي لِي عِنْدَكَ إِذَا جِئْتُكَ بِكَذَا فَيَقُولُ عِنْدِي كَذَا وَفِي التَّنْبِيهَاتِ إِذَا سَمِعَهُ يَقْذِفُ شَهِدَ عَلَيْهِ زَادَ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ اذا كَانَ مَعَه غَيره لَيْلًا يحد اذا لم يكمل النّصاب ولابد من اسْتِيفَاء الْبَيِّنَة لَا حتمال أَنْ يَحْكِيَ ذَلِكَ عَنْ غَيْرِهِ وَفِي الْكِتَابِ يجوز التَّحَمُّل بِمَا يسمعهُ وَإِنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَكَ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَة ويخبر بِذَلِكَ مَنْ لَهُ الشَّهَادَةُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْإِقْرَارَ عَلَى خِلَافِ دَاعِيَةِ الطَّبْعِ فَالْغَالِبُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ إِلَّا مُحَرَّرًا وَالشَّهَادَةُ لَا يُتَسَاهَلُ فِيهَا قبل وَقت الاداء فَامْتنعَ اَوْ زَاد اَوْ نقص عِنْدَ الْأَدَاءِ وَالْعَادَةُ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَفِي التَّنْبِيهَات فِي الْجوَار يَقُلْنَ سَمِعْنَاهُمَا يَشْهَدَانِ غَيْرَهُمَا لَمْ يَشْهَدَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَعْلَمَا مِنَ الْأَوَّلَيْنِ أَنَّهُمَا لَا يُؤَدِّيَانِ شَهَادَةً عَنْهُمَا يَشْهَدَانِ عِنْدَ الْحَاكِمِ خِلَافٌ قَالَ وَالْحَقُّ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي جَوَازِ الشَّهَادَةِ (الْفَرْعُ الرَّابِعُ) فِي الْجَوَاهِرِ لَا يَجُوزُ تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ على المراة المتنقبة بَلْ لَا بُدَّ مِنْ كَشْفِ وَجْهِهَا لِيَعْرِفَهَا عِنْدَ الْأَدَاءِ بِالْمَعْرِفَةِ الْمُحَقَّقَةِ (الْفَرْعُ الْخَامِسُ) فِي الْبَيَانِ إِذَا شَهِدَتْ عَلَى مَنْ لَا تَعْرِفُ مَعَ جَمَاعَةٍ جَازَ لِأَمْنِكَ التَّلْبِيسَ بِمَعْرِفَةِ مَنْ مَعَك والا فَيكْرَه لَيْلًا يَتَسَمَّى بِاسْمِ غَيْرِهِ وَيَحْصُلُ لَكَ الْمَوْتُ فَيَشْهَدُ على

(الفرع السادس)

خَطِّكَ وَمَنْ يَشْهَدُ عَلَى مَنْ لَا يَعْرِفُهُ بِالْعَيْنِ وَالِاسْمِ فَلَا يَشْهَدُ عَلَيْهِ بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَا يُؤَدِّيهَا إِلَّا فِي حَيَاتِهِ عَلَى عَيْنِهِ وَكَذَلِكَ لَا يَشْهَدُ عَلَى شَهَادَتِهِ إِلَّا عَلَى عَيْنِهِ وَهَذَا كُلُّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَقِفُ عَلَى عَيْنِ الْمَشْهُودِ لَهُ إِذَا غَابَ عَنْهُ وَهِيَ شَهَادَةٌ لَا مَنْفَعَةَ فِيهَا وَإِنَّمَا تَسَامَحَ الْعُلَمَاءُ فِي وَضْعِ الشَّهَادَةِ عَلَى مَنْ لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ واسْمه سياسة مِنْهُم فِي دفع الْعَامَّة لَيْلًا يَعْتَقِدُوا أَنَّ تِلْكَ الشَّهَادَةَ لَا تَنْفَعُ فَيَقْدِمُوا عَلَى الْإِنْكَارِ فَفِي جَهْلِهِمْ بِتِلْكَ صَلَاحٌ عَظِيمٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا شَهِدَ عِنْدَكَ عَدْلَانِ ان هَذِه المراة فُلَانَة فَلَا يشْهد عَلَيْهَا لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِهَا بَلْ عَلَى شَهَادَتِهِمَا وَعَنْ مَالِكٍ لَا يَشْهَدُ عَلَى شَهَادَتِهِمَا قَالَ وَالْحق ان كَانَ الْمَشْهُود لَهُ الَّتِي لَك فهما يَشْهَدَانِ أَنَّهَا فُلَانَةٌ فَلَا تَشْهَدُ إِلَّا عَلَى شَهَادَتِهِمَا وَإِنْ كُنْتَ أَنْتَ سَأَلْتَهُمَا عَنْهُمَا جَازَ لَك عَلَيْهَا اذا وَقع لَك الْعلم بشهادتها (الْفَرْعُ السَّادِسُ) قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَجُوزُ ان تشهد عَمَّا فِي كتاب وان يحفظ مَا فِيهِ اذا قرىءعليك لِأَنَّ حِفْظَهُ مُتَعَذَّرٌ إِذَا كُنْتَ مِنْ أَهْلِ الفطنة بِمَا فِي الْكتاب اذا قرىء عَلَيْكَ وَهَذَا فِي الِاسْتِرْعَاءِ وَأَمَّا مَا شَهِدَ بِهِ المتعاملان على ابقيتهما فَلَيْسَ عَلَيْك ان تقراه وَلَا تقرا عَلَيْكَ وَيَكْفِيكَ أَنْ تَذْكُرَ أَنَّهُمَا أَشْهَدَاكَ عَلَى مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ وَيُسْتَحْسَنُ لِلْعَالِمِ الْقِرَاءَةُ لَيْلًا يَكُونَ فِيهِ فَسَادٌ فَيُزِيلَهُ (الْفَرْعُ السَّابِعُ) قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا أَتَاكَ بِذِكْرِ حَقٍّ عَلَيْهِ لِغَائِبٍ يُشْهِدُكَ عَلَى نَفْسِهِ لِلْغَائِبِ بِذَلِكَ لَا يشْهد لِأَنَّهُ قد يزِيد بِذَلِكَ إِثْبَاتَ الْخُلْطَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغَائِبِ حَتَّى يدعى عَلَيْهِ وَلَكِن يكْتب الْقِصَّة على وَجههَا فَيَقُول أَنه غَائِب

(الباب الثالث في مستند الشاهد)

(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي مُسْتَنَدِ الشَّاهِدِ) الْأَصْلُ فِيهِ الْعِلْمُ الْيَقِينُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِلا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وهم يعلمُونَ} وقَوْله تَعَالَى {وَمَا شَهِدْنَا إِلا بِمَا عَلِمْنَا} قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ كُلُّ مَنْ عَلِمَ شَيْئًا بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ الْمُوجِبَةِ لِلْعِلْمِ شَهِدَ بِهِ وَكَذَلِكَ صَحَّتْ شَهَادَةُ هَذِهِ الْأُمَّةِ لِنُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَلِغَيْرِهِ عَلَى أُمَمِهِمْ بِإِخْبَارِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَصحت شَهَادَة خُزَيْمَة وَلم يحضر الْفَرَسِ وَمَدَارِكُ الْعِلْمِ أَرْبَعَةٌ مَنْ حَصَلَ لَهُ وَاحِدَةٌ مِنْهَا شَهِدَ بِهِ الْعَقْلُ مَعَ أَحَدِ الْحَواس الْخمس وَالْخبْز الْمُتَوَاتِرُ وَالنَّظَرُ وَالِاسْتِدْلَالُ وَمِثْلُهُ شَهَادَةُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا قَاءَ خَمْرًا فَقَالَ لَهُ عُمَرُ تشهد لِأَنَّهُ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّهُ قَاءَهَا فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا هَذَا التَّعَمُّقُ فَلَا وَرَبِّكَ مَا قَاءَهَا حَتَّى شَرِبَهَا وَمِنْهُ شَهَادَةُ الطَّبِيبِ بِقِدَمِ الْعَيْبِ وَالشَّهَادَةِ بِالتَّوَاتُرِ كَالنَّسَبِ وَوِلَايَةِ الْقَاضِي وَعَزْلِهِ وَضَرَرِ الزَّوْجَيْنِ وَفِي الْجَوَاهِرِ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَصَمِّ فِي الْأَفْعَالِ وَالْأَعْمَى فِي الْأَقْوَالِ وَفِي الْبَابِ خَمْسَةُ فُرُوعٍ (الْفَرْعُ الْأَوَّلُ) فِي الْجَوَاهِرِ الشَّهَادَةُ عَلَى الْخَطِّ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ أَقْوَاهَا الشَّهَادَةُ على خطّ

نَفسه فَمن اجاز جَازَ الْأَوَّلَيْنَ وَمَنْ مَنَعَ الْأَوَّلَ مَنَعَ الْأَخِيرَيْنِ وَفِي حِكَايَة الْخلاف طَرِيقَانِ الأولى عَلَى جِهَةِ الْجَمْعِ فَفِي الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ الْمَنْعُ مُطْلَقًا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى خَطِّ الْمُقِرِّ وَحْدَهُ تُمْنَعُ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ عَلَى خَطِّ نَفسه وَيجوز غَيره الْجَوَاز مُطلقًا الطَّرِيق الثَّانِيَة التَّفْصِيلُ أَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى خَطِّ الْمُقِرِّ فَالْمَذْهَبُ كَالشَّهَادَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ فَيَحْكُمُ لَهُ بِمَجْرَّدِهَا وَرُوِيَ لَا يَحْكُمُ بِهَا حَتَّى يَحْلِفَ مَعَهَا لِأَنَّهَا لَمْ تَتَنَاوَلِ الْمَالَ بَلْ مَا يَجْرِي إِلَيْهِ وَيَتَخَرَّجُ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ إِذَا شَهِدَ وَاحِدٌ هَلْ يَحْلِفُ مَعَهُ وَيَسْتَحِقُّ أَمْ لَا قَالَ الشَّيْخُ ابو الْوَلِيد الْمَشْهُور جَوَاز هَذِه الشَّهَادَة وعمومها لَمْ يَخْتَلِفْ فِيهِ قَوْلُ مَالِكٍ وَلَا قَوْلُ أَصْحَابِهِ إِلَّا ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ مَنَعَ الشَّهَادَةَ عَلَى الْخَطِّ وَلَمْ يُخَصِّصْ وَلَمْ يُبَيِّنْ مَوْضِعَهَا وَأَمَّا عَلَى خَطِّ الشَّاهِدِ الْمَيِّتِ أَوِ الْغَائِبِ فَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْوَلِيدِ لَمْ يَخْتَلِفْ فِي الْأُمَّهَاتِ الْمَشْهُورَةِ قَوْلُ مَالِكٍ فِي إِجَازَتِهَا وَإِعْمَالِهَا وَرُوِيَ عَدَمُ الْجَوَازِ وَجَعَلَ الشَّهَادَةَ عَلَى الْخَطِّ كَالشَّهَادَةِ عَلَى شَهَادَتِهِ إِذَا سَمِعَهَا مِنْهُ وَلَمْ يَشْهَدْ وَقَدْ يَكْتُبُ خَطَّهُ بِمَا يَسْتَرِيبُ فِيهِ عِنْدَ الْأَدَاءِ وَقَدْ يَكْتُبُ عَلَى مَنْ لَا يعرفهُ الا بِعَيْنِه وَقد لَا يَعْرِفُهُ إِلَّا بِعَيْنِهِ وَقَدْ لَا يَعْرِفُهُ بِعَيْنِهِ وَلَا بِاسْمِهِ وَالْفَرْقُ عَلَى الْمَشْهُورِ أَنَّ الرَّجُلَ قَدْ يُخْبِرُ بِمَا لَا يُحَقِّقُهُ وَلَا يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يَكْتُبَ خَطَّهُ حَتَّى يَتَحَقَّقَ مَا شَهِدَ عَلَيْهِ وَيَعْرِفَ مَنِ أَشْهَدَهُ بِالْعَيْنِ وبالاسم مُخَالفَة أَنْ يَغِيبَ أَوْ يَمُوتَ فَيَشْهَدَ عَلَى خَطِّهِ فَأَشْبَهَ ذَلِكَ مَنْ يَسْمَعُ الشَّاهِدَ يُؤَدِّي عِنْدَ الْحَاكِمِ أَوْ يُشْهِدُ عَلَيْهَا غَيْرَهُ أَنَّهُ يَشْهَدُ عَلَى شَهَادَتِهِ وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْهُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْوَلِيدِ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَظْهَرُ لِأَنَّهُ قَدْ قِيلَ لَا يَشْهَدُ عَلَى شَهَادَتِهِ حَتَّى يُشْهِدَهُ عَلَيْهَا أَوْ سَمِعَهُ يُؤَدِّيهَا عِنْدَ الْحَاكِمِ أَوْ يُشْهِدُ عَلَيْهَا غَيْرَهُ مَعَ أَنَّ وَضْعَ الشَّاهِدِ شَهَادَتَهُ فِي الْكِتَابِ لَا يَقْوَى قُوَّةَ ذَلِكَ قَالَ وَقد قَالَ ابْن زرب لاتجوز الشَّهَادَةُ عَلَى خَطِّ الشَّاهِدِ حَتَّى يَعْرِفَ أَنَّهُ كَانَ يَعْرِفُ مَنْ

(فرعان مرتبان)

أَشْهَدَهُ مَعْرِفَةَ الْعَيْنِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْوَلِيدِ وَذَلِكَ صَحِيحٌ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِيهِ لِمَا قَدْ تَسَاهَلَ النَّاسُ فِيهِ مِنْ وَضْعِ شَهَادَتِهِمْ عَلَى مَنْ لَا يَعْرِفُونَ قَالَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَارِثٍ فِي وَثَائِقِ ابْنِ مُغِيثٍ (فَرْعَانِ مُرَتَّبَانِ) الْأَوَّلُ اخْتَلَفُوا فِي حَدِّ الْغَيْبَةِ الَّتِي تَجُوزُ فِيهَا الشَّهَادَةُ عَلَى خَطِّ الشَّاهِدِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ مَسَافَةُ الْقَصْرِ وَقَالَ أَصْبَغُ نَحْوُ إِفْرِيقْيَّةَ مِنْ مِصْرَ أَوْ مَكَّةَ مِنِ الْعِرَاقِ لِأَنَّ مَسَافَةَ الْقَصْرَ يُمْكِنُ حُضُورُهُ مِنْهَا وَقَالَ سَحْنُونٌ الْغَيْبَةُ الْبَعِيدَةُ وَلَمْ يُحَدِّهَا الثَّانِي فَإِذَا جَازَتْ قَالَ مُطَرِّفٌ وَعَبْدُ الْمَلِكِ إِنَّمَا تَجُوزُ فِي الْأَمْوَالِ حَيْثُ تَجُوزُ لِلشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا كَتَبَ لَهَا زَوْجُهَا بِالطَّلَاقِ فَشَهِدَ على خطها قَالَ نَفَعَهَا ذَلِكَ وَاخْتُلِفَ فِي قَوْلِهِ نَفَعَهَا مَا يُرِيدُ بِهِ لِيَسْتَحْلِفَ أَوْ يُطَلِّقَ عَلَيْهِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ الصَّوَابُ الطَّلَاقُ إِذَا كَانَ الْخَطُّ بِإِقْرَارِهِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا قَالَ أَنْ يَكْتُبَ لرجل يعلمهَا أَنه طَلقهَا واما ان بِطَلَاقِهِ إِيَّاهَا ابْتِدَاءً فَلَا يَحْكُمُ بِهِ إِلَّا أَنْ يُقِرَّ أَنَّهُ كَتَبَهُ مُجْمِعًا عَلَى الطَّلَاقِ وَفِي قَبُولِ قَوْلِهِ إِنَّهُ كَتَبَ غَيْرَ مُجْمِعٍ بَعْدَ أَنْ أَنْكَرَ كَتْبَهُ خِلَافٌ وَفِي الْجَوَاهِرِ وَأَمَّا شَهَادَةٌ عَلَى خَطِّهِ إِذَا لَمْ يُنْكِرِ الشَّهَادَةَ وَفِي الْوَاضِحَةِ إِذَا عَرَفَ خَطَّهُ وَلَمْ يَذْكُرِ الشَّهَادَةَ وَلَا شَيْئًا مِنْهَا وَلَيْسَ فِي الْكُتُبِ مَحْوٌ وَلَا رِيبَةٌ فَلْيَشْهَدْ وَإِنْ كَانَ فِيهِ رِيبَةٌ فَلَا قَالَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لَا يَشْهَدُ حَتَّى يَذْكُرَ بَعْضَ الشَّهَادَةِ أَوْ مَا يَدُلَّ مِنْهَا عَلَى أَكْثَرِهَا قَالَ مُطَرِّفٌ وَبِالْأَوَّلِ أَقُولُ وَلَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ ذَلِكَ وَقَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَالْمُغِيرَةُ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ دِينَارٍ وَإِنْ لَمْ يُحِطْ بِمَا فِي الْكتاب عددا فليشهد وَقَالَهُ أَيْضًا ابْنُ

وَهْبٍ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَاخْتَارَهُ أَيْضًا سَحْنُونٌ فِي نَوَازِلِهِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغُ بِالْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّهُ لَا يَشْهَدُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَهُوَ أَحْوَطُ وَالْأَوَّلُ جَائِزٌ تَفْرِيعٌ أَمَّا عَلَى القَوْل فَيَشْهَدُ وَلَا يَقُولُ لَا أَعْرِفُ إِلَّا الْخَطَّ وَيَشْهَدُ أَنَّ مَا فِيهِ حَقٌّ وَذَلِكَ لَازِمٌ لَهُ أَنْ يَفْعَلَهُ وَإِنْ ذَكَرَ لِلْحَاكِمِ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ إِلَّا الْخَطَّ لَا يَقْبَلُهَا الْحَاكِمُ وَعَلَى الثَّانِي الَّذِي رَجَعَ إِلَيْهِ مَالِكٌ فَرَوَى عَنْهُ أَشْهَبُ يَرْفَعُهَا لِلسُّلْطَانِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَقُولُ إِنَّ كِتَابًا يُشْبِهُ كِتَابِي وَأَظُنُّهَا إِيَّاهُ وَلَسْتُ أَذْكُرُ شَهَادَتِي وَلَا أَنِّي كَتَبْتُهَا يَحْكِي ذَلِك على وَجه وَلَا يُقْضَى بِهَا قَبْلُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْكِتَابِ مَحْوٌ وَعُرِفَ قَالَ قَدْ يَضْرِبُ عَلَى خَطِّهِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرِ الشَّهَادَةَ فَلَا يَشْهَدُ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ كَانَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ إِذَا شَهِدَ شَهَادَةً كَتَبَهَا وَكَانَ مَالِكٌ يَفْعَلُهُ وَمَنْ لَا يَعْرِفُ نَسَبَهُ فَلَا بُدَّ مِنَ الشَّهَادَةِ عَلَى عَيْنِهِ وَلَا يَجُوزُ تحمل الشَّهَادَة عَن المراة المتنقبة بل لابد مِنَ الْكَشْفِ عَنْ وَجْهِهَا يُمَيِّزُهَا عِنْدَ الْأَدَاءِ بِالْمَعْرِفَةِ الْمُحَقَّقَةِ وَلَوْ عَرَفَهَا رَجُلَانِ لَا يَشْهَدُ عَلَيْهَا بل على شهادتها أَنَّ فُلَانَةً أَقَرَّتْ وَذَلِكَ عِنْدَ تَقَرُّرِ الْأَدَاءِ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ فرعهما وَعَن ملك يَشْهَدُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْوَلِيدِ وَالَّذِي أَقُولُ بِهِ إِنْ كَانَ الْمَشْهُودُ لَهُ أَتَاهُ بِالشَّاهِدَيْنِ ليشهدا لَهُ عَلَيْهَا وَلَا يَشْهَدُ إِلَّا عَلَى شَهَادَتِهِمَا وَإِنْ سَأَلَ هُوَ الشَّاهِدَيْنِ فَأَخْبَرَاهُ أَنَّهَا فُلَانَةٌ شَهِدَ عَلَيْهَا قَالَ وَكَذَلِكَ لَوْ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ رَجُلًا وَاحِدًا يَثِق بِهِ اَوْ مراة لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْخَبَرِ وَلَوْ أَتَاهُ الْمَشْهُودُ لَهُ بِجَمَاعَة من لفيف النِّسَاء فَيَشْهَدُونَ عِنْدَهُ أَنَّهَا فُلَانَةٌ لَجَازَ أَنْ يَشْهَدَ إِذَا وَقَعَ لَهُ الْعِلْمُ بِشَهَادَتِهِنَّ وَإِذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى عَيْنِ امْرَأَةٍ بَدَيْنٍ فَزَعَمَتْ أَنَّهَا بِنْتُ زَيْدٍ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُسَجِّلَ عَلَى أَنَّهَا بِنْتُ زَيْدٍ حَتَّى يُثْبِتَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ قَالَ ابْن مغيث لاصحاب مَالك فَمن عَرَفَ خَطَّهُ وَلَا يُنْكِرُ الشَّهَادَةَ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ يَشْهَدُ إِذَا لَمْ يَسْتَرِبْ لَا يَشْهَدُ يُخْبِرُ بِذَلِكَ الْإِمَامَ فَيَفْعَلُ مَا يَرَاهُ إِنْ كَتَبَ الْوَثِيقَةَ كُلَّهَا يَشْهَدُ وَإِلَّا فَلَا إِنْ كَانَتِ الْوَثِيقَةُ كَاغِدًا لَمْ يَشْهَدْ

تَمْهِيدٌ خَالَفَنَا الْأَئِمَّةُ فِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْخط وان لَا يعْهَد على الْخط الْبَيِّنَةِ مُحْتَجِّينَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِلا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وهم يعلمُونَ} وَ {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى} فَدلَّ على وجوب الذكروحصول الْعلم وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (عَلَى مِثْلِ هَذَا فَاشْهَدْ يُشِيرُ إِلَى الشَّمْسِ والا فدع) والحظ مُحْتَمِلٌ لِلتَّزْوِيرِ وَالتَّغْيِيرِ بِلَا عِلْمٍ فَلَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ وَجَوَابُهُمْ أَنَّ الْكَلَامَ حَيْثُ عَلِمَ أَنَّهُ خطة وَأَنه لَا يكْتب بِمَا يَعْلَمُ فَيَحْصُلُ مِنْ هَاتَيْنِ الْمُقَدِّمَتَيْنِ الْعِلْمُ بِمَضْمُونِ الْخَطِّ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَبُولُ الصَّحَابَةِ وَعُمَّالِهِمْ لِكُتُبَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَكُتُبِ الْخُلَفَاءِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ فَكَانَ ذَلِكَ إِجْمَاعًا وَلِأَنَّهُمْ قَالُوا بِالِاعْتِمَادِ عَلَى الْخُطُوطِ فِي الرِّوَايَةِ فِي الْحَدِيثِ وَهِيَ تَنْبَنِي عَلَيْهَا أَحْكَامُ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ وَأَمَّا الشَّهَادَةُ فَمُتَعَلِّقَةٌ بِأَمْرٍ طري لَا عُمُوم فِيهِ فقبوله اولى بالخط فَفِي الِاحْتِمَال الْبعيد كَالِاحْتِمَالِ فِي تَشَابُهِ الْأَشْخَاصِ وَالْخِلَافِ عَلَيْهِمْ لَا يضر ذَلِك اتِّفَاقًا فَكَذَلِك هَاهُنَا وَلِأَنَّ الضَّرُورَةَ دَاعِيَةٌ إِلَيْهِ بِمَوْتِ الشُّهُودِ قَوْلَ الشَّاهِدِ عَنِ الْوَاقِعَةِ بِكَثْرَةِ الشَّهَادَاتِ فَوَجَبَ الْجَوَازُ دفعا للضَّرُورَة تَفْرِيع قَالَ صاخب الْبَيَانِ إِذَا كَتَبَ خَطَّهُ فِي ذِكْرِ حَقٍّ عَلَى أَبِيهِ فَمَاتَ أَبُوهُ وَهُوَ وَارِثٌ فَقَالَ كَتَبْتُهُ عَلَى غَيْرِ حَقٍّ وَأَنْكَرَهُ فَشَهِدَ عَلَى خطه قَالَ اصبغ بِهَذَا الْحَقِّ لِأَنَّ الْمَالَ لَمَّا انْتَقَلَ إِلَيْهِ صَارَتِ الشَّهَادَةُ الَّتِي كَتَبَهَا عَلَى نَفْسِهِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يُؤْخَذُ الْحَقُّ إِلَّا بِإِقْرَارٍ غير الْخط ومحمله محمل الشَّهَادَة لَا تحمل الاقرار

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ وَلَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْخَطِّ فِي كتاب القَاضِي لِأَنَّهُ من احكام والابدان (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا عَرَفَ خَطَّهُ لَا يُؤَدِّي حَتَّى يَذْكُرَ الشَّهَادَةَ وَلَوْ قَرَّبَهَا وَإِلَّا ادى ذَلِك كَمَا علم وَلَا ينفع الطَّالِبَ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ إِنَّمَا يُؤَدِّي كَمَا عَلِمَ إِذَا كَانَ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَّهُ لَمْ يَكْتُبْ مُسَامَحَةً بَلْ عَلَى صِحَّةٍ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ فِي بَعْضِ الْأَزْمِنَةِ يُسَامِحُ فِي الْكِتَابَةِ مِنْ غَيْرِ صِحَّةٍ فَلَا يُؤَدِّي شَيْئًا وَجَدَهُ بِخَطِّهِ لَا يَعْلَمُهُ وَلَا يُؤَدِّي أَحَدٌ عَلَى خَطِّ غَيْرِهِ إِلَّا إِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ عَدْلٌ عِنْدَ كِتَابَةِ ذَلِكَ الْخَطِّ كَالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْأَصْلُ عَدْلًا حِينَ الشَّهَادَة عَلَيْهِ وَفِي النكت انما أمره بِالدفع لِأَنَّ الْحَاكِمَ قَدْ يَرَى إِجَازَةَ ذَلِكَ قَالَ التُّونُسِيُّ وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ لَا يَرْفَعُهَا وَقَالَ سَحْنُونٌ إِنْ لَمْ يَسْتَرِبْ فِي الْكِتَابِ رَفَعَهَا وَحَكَمَ بِهَا (الْفَرْعُ الثَّانِي) فِي الْكِتَابِ إِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ بِالسَّمَاعِ أَنَّ الْمَيِّتَ مَوْلَى فُلَانٍ لَا يعلمُونَ لَهُ وَارِثا غَيره وَشَاهد وَاحِدٌ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ اسْتُؤْنِيَ بِالْمَالِ إِذَا لَمْ يَسْتَحِقَّهُ غَيْرُهُ أَخَذَهُ مَعَ يَمِينِهِ وَلَا يَجْرِ الْوَلَاءُ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ عَلَى السَّمَاعِ وَلَا يُقْضَى لَهُ بِالْمَالِ وَإِنْ حَلَفَ لِأَنَّ السَّمَاعَ تَنَقُّلُ شَهَادَةٍ وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ وَاحِدٍ عَلَى شَهَادَةِ غَيْرِهِ وَالشَّهَادَةُ عَلَى الْأَحْبَاسِ جَائِزَةٌ لِطُولِ زَمَانِهَا يَشْهَدُونَ أَنَّا لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ حَبْسٌ تُحَازُ حَوْزَ الْأَحْبَاسِ وَإِنْ لَمْ يَنْقُلُوا عَنْ بَيِّنَةٍ مُعَيَّنِينَ إِلَّا بِقَوْلِهِمْ سَمِعْنَا وَبَلَغَنَا وَلَيْسَ فِي أَحْبَاسِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ إِلَّا السَّمَاعُ وَلَوْ شَهِدُوا عَلَى السَّمَاعِ فِي حبس ان مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِهِ لَا يَدْخُلُ فِي نَصِيبِهِ امْرَأَتُهُ وَلَا وَلَدُ الْبِنْتِ وَلَا زَوْجُهَا ان مَاتَت هُوَ حَبْسٌ ثَابِتٌ وَإِنْ لَمْ يَشْهَدُوا عَلَى أَصْلِ الْحَبْسِ وَلَوْ لَمْ يَذْكُرُوا ذَلِكَ كُلَّهُ وَذَكَرُوا من

السَّمَاعِ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ فِي التَّنْبِيهَاتِ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ السَّمَاعِ أَنْ يَسْمَعَ مِنَ الْعُدُولِ بل من الْعُدُول وَغَيرهم حَتَّى يَسْتَفِيضُ وَقِيلَ لَا تُعْتَبَرُ الشَّهَادَةُ حَتَّى يَعْرِفُوا أَنَّ الَّذِينَ سَمِعُوا مِنْهُمْ كَانُوا عُدُولًا لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الشَّهَادَةِ وَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا لَا يُخْتَلَفُ إِذَا كَانَتْ يُنْتَزَعُ بِهَا أَنَّهَا لَا تَجُوزُ إِلَّا عَلَى السَّمَاعِ مِنَ الْعُدُولِ وَإِنْ كَانَت للتقدير فِي يَدِ الْحَائِزِ فَمُخْتَلَفٌ فِي اشْتِرَاطِ الْعَدَالَةِ فِيهِمْ وَفِي النُّكَتِ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ إِنَّ شَهَادَةَ السَّمَاعِ بِالْعِتْقِ إِنْ كَانَتْ بِغَيْرِ الْبَلَدِ فَهِيَ كَالْمَالِ دون الْمولى عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَسْتَفِيضَ عَنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَبِالْبَلَدِ فَيُفِيدُ اسْتِفَاضَةَ ذَلِكَ عَنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَيُقْضَى بِالْمَالِ وَالْوَلَاءِ وَقَالَ فِي قَول اشهب اذا شهدُوا أَنه لمَوْلَاهُ وَلَمْ يَقُولُوا أَعْتَقَهُ هَذَا التَّفْصِيلُ مِنْ أَشْهَبَ وَلَيْسَ هُوَ خِلَافًا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ سَحْنُونٌ اذا شهدُوا ان الْمَيِّت مَوْلَاهُ لابد فِي ثُبُوتِ الْوَلَاءِ أَنْ يَقُولُوا أَعْتَقَهُ أَوْ أَعْتَقَ أَبَاهُ أَوْ عَلَى الْمَيِّتِ إِنَّ هَذَا مَوْلَاهُ وَقد غلب على النَّاس يَقُولُونَ لمن هُوَ وَال اَوْ شرِيف نَحْو مَوَالِيكَ وَإِنَّمَا هُمْ أَهْلُ ذِمَّةٍ أَسْلَمُوا وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ اخْتُلِفَ فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ فَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُؤْخَذُ بِهَا الْمَالُ وَلَا يَثْبُتُ نَسَبٌ وَلَا وَلَاءٌ وَعَنْهُ يُقْضَى بِهِمَا قَالَ مُحَمَّدٌ وَمَنْ مَاتَ بِغَيْرِ بَلَدِهِ فَشَهِدَ بِالسَّمَاعِ أَنَّهُ مَوْلَى فُلَانٍ وَلَا يَشْهَدُونَ عَلَى الْعِتْقِ لَا تَجُوزُ فِيهِ شَهَادَةُ السَّمَاعِ وَقَالَهُ مَالِكٌ وَيُؤَخَّرُ الْمَالُ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مُسْتَحِقُّ أَخَذَهُ مَعَ يَمِينِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ شَهِدَ أَحَدُ أَعْمَامِهِ أَنَّ فُلَانًا الْمَيِّتَ مَوْلَى ابْنِهِ أَعْتَقَهُ وَلَمْ يَدَعِ الْمَوْلَى وَلَدًا وَلَا مَوَالِيَ وَإِنَّمَا تَرَكَ مَالًا جَازَتِ الشَّهَادَةُ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ وَإِنْ تَرَكَ وَلَدًا وَمَوَالِيَ يُتَّهَمُونَ عَلَى جَرِّ الْوَلَاءِ يَوْمًا مَا لَمْ يَجُزْ وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَعَبْدُ الْمَلِكِ تَجُوزُ شَهَادَةُ السَّمَاعِ فِيمَا تَقَادَمَ عَهْدُهُ مِنَ الْأَشْرِيَةِ وَالْحِيَازَاتِ وَالصَّدَقَاتِ وَنَحْوِهِ فَتَجُوزُ مَعَ يَمِينِ الْآخَرِ وَإِنْ لم يكن الا شَاهِدين جَازَ وَقَالَهُ مَالِكٌ وَلَمْ يَشْهَدْ فِي صَدَقَةِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَّا رَجُلَانِ قَالَ مُطَرِّفٌ وَعَبْدُ الْمَلِكِ تَجُوزُ شَهَادَةُ السَّمَاعِ فِي نَحْو خمس عشر سَنَةً لِتَقَاصُرِ أَعْمَارِ النَّاسِ إِذَا سَمِعُوا مِنَ الْعُدُولِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا شَهِدَ اثْنَانِ بِالسَّمَاعِ وَفِي الْقَبِيلِ مِائَةُ رَجُلٍ مِنْ

اسنانهما لَا يَعْرِفُونَ ذَلِكَ لَا يُقْبَلُ إِلَّا بِأَمْرٍ يَفْشُو أَكْثَرَ مِنَ اثْنَيْنِ أَمَّا الشَّيْخَانِ الْقَدِيمَانِ فَيَجُوزُ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ إِنَّمَا يُقْضَى بِالْبَقَاءِ لِلْحَائِزِ بِشَهَادَةِ السَّمَاعِ بَعْدَ يَمِينِهِ لِأَنَّ أَصْلَهَا قَدْ يَكُونُ وَاحِدًا فَلَا بُدَّ مِنَ الْيَمِينِ مَعَهُ وَالْمَشْهُورُ فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ الاكتفاب بِعَدْلَيْنِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا بُدَّ مِنْ أَرْبَعَةٍ عُدُولٍ يُشَبِّهُهَا بِالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَلَمْ يَرَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً طُولًا تجوز الشَّهَادَة السَّمَاعِ وَفِي ثُبُوتِ النِّكَاحِ وَالنَّسَبِ وَالْوَلَاءِ بِهَا خِلَافٌ وَالْمَشْهُورُ ثُبُوتُ الْجَمِيعِ بِهَا وَيُشْتَرَطُ فِي الْمِلْكَ التَّطَاوُلُ مَعَ رُؤْيَةِ تَصَرُّفِهِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ بِالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ مِنْ غَيْرِ مُنَازِعٍ وَلَا يَكْفِي فِي الشَّهَادَةِ أَنَّهُ حَائِزُ الدَّارِ حَتَّى يَقُولُوا بِحَقٍّ وَأَنَّهَا مِلْكُهُ وَأَمَّا مَنْ يَأْتِيهِ يَشْتَرِي فَلَا تَشْهَدُ لَهُ بِالْمُلْكِ فَقَدْ يَشْتَرِي بِالْوَكَالَةِ قَالَ قَالَ التُّونُسِيُّ وَشَهَادَةُ السَّمَاعِ أُجِيزَتْ لِلضَّرَرِ لَا يُسْتَخْرَجُ بِهَا شَيْءٌ مِنْ يَدِ حَائِزٍ بَلْ مُثْبِتٌ لِلْحَائِزِ وَفِي الْمُنْتَقَى شَهَادَةُ السَّمَاعِ عِنْد مَالك مُخْتَصَّة بِمَا تقدم زَمَنًا تَبِيدُ فِيهِ الشُّهُودُ وَتُنْسَى الشَّهَادَةُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ تَخْتَصُّ بِمَا لَا يَتَغَيَّرُ حَالُهُ وَلَا يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ فِيهِ كَالْمَوْتِ وَالْوَقْفِ وَلَا يَشْهَدُ عَلَى الْمَوْتِ إِلَّا فِيمَا بَعُدَ مِنَ الْبِلَادِ وَمَتَى حَصَلَ الْعِلْمُ لَمْ تَكُنْ شَهَادَةَ سَمَاعٍ بَلْ يَشْهَدُ الْإِنْسَانُ بِدُونِ الْعِلْمِ كَمَا لَو رَاه وَجعل أَصْحَابِنَا يَقُولُ إِذَا فَشَا النِّكَاحُ فِي الْجِيرَانِ وَسَمِعَ الرِّفَاقُ أَوْ سُمِعَ النِّيَاحَةُ فِي الْمَوْتِ وَكَثُرَ بِذَلِكَ الْقَوْلُ شُهِدَ بِالنِّكَاحِ وَالْمَوْتِ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْهُمَا وَكَذَلِكَ النَّسَبُ وَتَوْلِيَةُ الْقَاضِي قَالَ مَالِكٌ وَلَا يَكْفِي خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فِي تَقَادُمِ الْمَشْهُودِ بِهِ بِالسَّمَاعِ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ فَمَا اتَّسَعَ أَحَدٌ فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ اتِّسَاعَ الْمَالِكِيَّةِ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ الْحَاضِرُ مِنْهَا عَلَى الْخَاطِب خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ مَوْضِعًا الْأَحْبَاسُ الْمِلْكُ الْمُتَقَادِمُ الْوَلَاءُ النَّسَبُ الْمَوْتُ الْوِلَايَةُ الْغَرَرُ الْعَدَالَةُ الْجُرْحَةُ وَمَنَعَ سَحْنُونٌ ذَلِكَ فِيهَا قَالَ عُلَمَاؤُنَا وَذَلِكَ إِذَا لم يدْرك

(الفرع الثالث)

زَمَانَ الْمَجْرُوحِ وَالْمَكَانِ فَإِنْ أَدْرَكَ فَلَا بُدَّ مِنَ الْعِلْمِ الْإِسْلَامِ الْكُفْرِ الْحَمْلِ الْوِلَادَةِ التَّرْشِيدِ والسفه الْهِبَةِ الْبَيْعِ فِي حَالَةِ التَّقَادُمِ الرِّضَاعِ النِّكَاحِ الطَّلَاقِ الضَّرَرِ الْوَصِيَّةِ إِبَاقِ الْعَبْدِ الْحِرَابَةِ وَزَادَ بَعضهم الْبُنُوَّة والاخوة زَاد الْعَبْدِيُّ الْحُرِّيَّةَ وَالْقَسَامَةَ (الْفَرْعُ الثَّالِثُ) فِي الْجَوَاهِرِ مَا لَا يُحَسُّ بِالْحِسِّ بَلْ بِقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ كَالْإِعْسَارِ يُدْرَكَ بِالْخِبْرَةِ الْبَاطِنَةِ بِقَرَائِنِ الصَّبْرِ عَلَى الْجُوعِ وَالضَّرَرِ وَيَكْفِي فِيهِ الظَّنُّ الْقَرِيبُ مِنَ الْيَقِينِ (الْفَرْعُ الرَّابِعُ) فِي الْجَوَاهِرِ تَجُوزُ شَهَادَةُ الاعمى فِي الاقوال خلافًا ل ش وح لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فرط الْحِلَّ وَالْحُرْمَةَ بِسَمَاعِ الصَّوْتِ الْمَعْهُودِ وَفَرَّقُوا بِأَنَّ الاذان لَا تتوفر الدَّوَاعِي فِيهِ على الْحلَّة بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ وَالْأَعْمَى تَلْتَبِسُ عَلَيْهِ الْمُحَاكَاةُ وَجَوَابُهُمْ ان المحاكاة الَّتِي يعْتَبر التَّمْيِيزُ فِيهَا إِنَّمَا تَقَعُ فِي نَحْوِ الْكَلِمَةِ وَالْكَلِمَتَيْنِ أَمَّا الْقَوْلُ الطَّوِيلُ فَلَا وَكَذَلِكَ لَا يُمْنَعُ الْأَعْمَى مِنَ الضَّبْطِ وَلِأَنَّ ح جَوَّزَ شَهَادَته فِي النّسَب وَالنِّكَاح وَالْمَوْت وش فِي الْمَوْتِ وَالنَّسَبِ وَالتَّرْجَمَةِ لِقَوْلِ مَنْ لَا يَعْرِفُ الْحَاكِمُ تَفْسِيرَ كَلَامِهِ أَوْ عَلَى مَنْ تَرَكَ أُذُنَهُ عَلَى أُذُنِ الْأَعْمَى وَاعْتَرَفَ وَيَذْهَبَانِ إِلَى الْحَاكِمِ عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ فَبَقِيَتْ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ أُقِيمَ مَقَامَ الشَّهَادَةِ جَوَازُ وَطْءِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ بِنَاءً عَلَى صَوْتِهَا وَاسْتِبَاحَةُ الْفُرُوجِ أَعْظَمُ مِنَ الشَّهَادَةِ وَلِأَنَّهُ يَجِبُ الْعَمَلُ بِمَا نَقَلَهُ إِلَيْنَا أَزْوَاجُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَإِذَا جَازَ هَذَا فِي أُصُولِ الدِّينِ جَازَ فِي فُرُوعِهِ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِلا مَنْ شهد بِالْحَقِّ وهم

يعلمُونَ} وَالْأَعْمَى لَا يَعْلَمُ وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عدل مِنْكُم} وَالْأَعْمَى لَيْسَ مُعْتَدِلًا وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ والوانكم} فَأَخْبَرَ أَنَّ الْأَلْسِنَةَ مُخْتَلِفَةٌ وَوَجَدْنَا الْخَلْقَ تَتَشَابَهُ فَكَذَلِكَ الْأَصْوَاتُ وَبِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذَا رَأَيْتَ مِثْلَ هَذِهِ الشَّمْسِ فَاشْهَدْ وَإِلَّا فَدَعْ فَذِكْرُ الشَّمْسِ تَنْبِيهٌ عَلَى الْمُعَايَنَةِ وَلِأَنَّهُ لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى أَحَدٍ بِلَمْسِهِ أَوْ بِشَمِّهِ فَكَذَلِكَ سَمَاعُ كَلَامِهِ وَلِأَنَّ الشَّهَادَةَ مِنَ الْمُشَاهَدَةِ وَالْأَعْمَى لَمْ يُشَاهِدْ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ شَاهِدًا وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْأَعْمَى إِذَا تَكَرَّرَ عَلَيْهِ صَوْتُ وَلَدِهِ وَامْرَأَتِهِ وَعَبْدِهِ عَرَفَهُ وَقَطَعَ بِهِ عِنْدَ السَّمَاعِ وَهَذَا مَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ فَمَا شَهِدَ إِلَّا بِمَا عَلِمَ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالِاعْتِدَالِ فِي الْأَخْلَاقِ وَالدِّينِ لَا فِي الْخُلُقِ وَلِذَلِكَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عَمِيَ مِنْهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَمْ يَقْدَحْ ذَلِكَ فِي عَدَالَتِهِمْ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الْمُرَادَ اللُّغَاتُ فَإِنْ مَنَعْتُمْ بِنَاءً عَلَى اللَّبْسِ فِي الصَّوْتِ فَامْنَعُوا الْبَصِيرَ بِنَاءً عَلَى اللَّبْسِ فِي الْأَلْوَانِ وَالصُّوَرِ وَعَنِ الرَّابِعِ إِنْ تَكَرَّرَ الصَّوْتُ عَلَى الْأَعْمَى فَتَصِيرُ مَعْرِفَةُ صَاحِبِهِ عِنْدَهُ كَالشَّمْسِ فِي الْعِلْمِ وَالْقَطْعِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ مُشَاهَدَةَ الْبَصَرِ لِصِحَّةِ الشَّهَادَةِ بِنُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالسَّمَاعِ مِنْ غَيْرِ مُشَاهَدَةِ الْبَصَرِ لِحُصُولِ الْعِلْمِ وَعَنِ الْخَامِسِ أَنَّ اللَّمْسَ إِنَّمَا يُفِيدُ الْخُشُونَةَ وَالْمُلُوسَةَ وَالْحَرَارَةَ وَالْبُرُودَةَ وَالشَّمَّ يُفِيدُ الرَّوَائِحَ دُونَ الْعِلْمِ بِالْمَوْصُوفِ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ أَيَّ شَخْصٍ هُوَ مِنْ جِنْسِهِ بِخِلَافِ الْأَصْوَاتِ فِي مَجَارِي الْعَادَاتِ إِذَا تَكَرَّرَتْ أَفَادَتِ الْعِلْمَ بِالشَّخْصِ الْمَوْصُوفِ بِهَا عِنْدَ سَمَاعِ كَلَامِهِ

(الفرع الخامس)

وَعَنِ السَّادِسِ أَنَّ الشَّهَادَةَ لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْخَبَرِ وَالْحُضُورِ وَالْكُلُّ مَوْجُودٌ فِي الْأَعْمَى فَيجوز (الْفَرْعُ الْخَامِسُ) فِي الْكِتَابِ دَارٌ فِي يَدِكَ خَمْسِينَ سَنَةً فَأَثْبَتَ غَائِبٌ أَنَّهَا لَهُ وَانْتِقَالُهَا بِالْمَوَارِيثِ لَهُ وَقُلْتَ اشْتَرَيْتُهَا مِنْ قَوْمٍ انْقَرَضُوا وانقرضت الْبَيِّنَة فتنفعه الشَّهَادَةُ عَلَى السَّمَاعِ أَنَّكَ أَوْ أَحَدَ آبَائِكَ اشْتَرَاهَا مِنَ الْقَادِمِ أَوْ مِنْ أَحَدِ آبَائِهِ أَوْ مِمَّنْ وَرِثَهَا الْقَادِمُ عَنْهُ أَوْ مِمَّنِ ابْتَاعَهَا مِنْ أَحَدِ هَؤُلَاءِ فَإِنْ شَهِدَتْ أَنَّكَ أَوْ أَحَدَ آبَائِكَ ابْتَاعَهَا وَلَا يَدْرُونَ مِمَّنْ لَمْ يَنْفَعْكَ لِعُمُومِ ثُبُوتِ مِلْكِ الْبَائِعِ لِمَا بَاعَ بِخِلَافِ وَرَثَتِهِ قَدْ ثَبَتَ مِلْكُهُمْ وَلَوْ شَهِدَتْ أَنَّ أَبَاكَ ابْتَاعَهَا مِمَّنْ ذَكَرْنَا مِنْ خَمْسِ سِنِينَ وَنَحْوِهَا لَمْ تَنْفَعْكَ بَيِّنَةُ السَّمَاعِ بل بنية الْقَطْعِ عَلَى الشِّرَاءِ مُبَاشَرَةً لِأَجْلِ الْقُرْبِ

(الباب الرابع في صفة الأداء)

(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي صِفَةِ الْأَدَاءِ) قَاعِدَةٌ صِفَةُ الْإِخْبَارَاتِ هِيَ الْأَصْلُ وَقَدْ يَنْتَقِلُ فِي الْعُرْفِ فَيَصِيرُ إِنْشَاءً وَالْفَرْقُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ الْخَبَرُ يَحْتَمِلُ التَّصْدِيقَ وَالتَّكْذِيبَ بِخِلَافِ الْإِنْشَاءِ وَالْخَبَرُ تَابِعٌ لِمُخْبِرِهِ وَالْإِنْشَاءُ مَتْبُوعٌ وَالْخَبَرُ لَيْسَ سَبَبًا مُؤَثِّرًا فِي مَدْلُولِهِ بِخِلَافِ الْإِنْشَاءِ ثُمَّ النَّقْلُ عَنِ الْخَبَرِيَّةِ قَدْ يَكُونُ فِي الْفِعْلِ الْمَاضِي فَقَطْ نَحْوَ بِعْتُ وَاشْتَرَيْتُ وَزَوَّجْتُكَ ابْنَتِي هَذِهِ فَيَقُولُ الْآخَرُ قَبِلْتُ وَفِي الْفِعْلِ الْمُضَارِعِ فَقَطْ نَحْوَ أَشْهَدُ عِنْدَكَ وَلَوْ قَلْتَ شَهِدْتُ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُكَ لِبَقَائِهِ عَلَى أَصْلِ الْخَبَرِيَّةِ فَهُوَ كَذِبٌ لِأَنَّكَ لَمْ تَشْهَدْ قَبْلَ ذَلِكَ بِشَيْءٍ وَقَدْ يَنْتَقِلُ مَجْمُوعُهُمَا نَحْوَ أَقْسَمْتُ بِاللَّهِ وَلَأُقْسِمُ بِاللَّهِ فَكِلَاهُمَا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ وَالْقَسَمُ هُوَ جُمْلَةٌ إِنْشَائِيَّةٌ يُؤَكِّدُ بِهَا جُمْلَةً أُخْرَى تَمْهِيدٌ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ إِجَابَةُ الشَّاهِدِ لِمَنْ دَعَاهُ وَاجِبَةٌ لقَوْله تعإلى {وَأقِيمُوا الشَّهَادَة لله} وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دعوا} وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ الْخِلَافُ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَة وَمن يكتمها فَإِنَّهُ آثم قلبه} زالته فَإِنْ لَمْ يَدَعْ فَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

(الفرع الأول)

خَيْرُ الشُّهُودِ الَّذِي يَأْتِي شَهَادَتَهُ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا قَالَ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى وَجْهَيْنِ حُقُوقُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنْ كَانَ لَا يُسْتَدَامُ فِيهِ التَّحْرِيمُ جَازَ لَهُ التَّأْخِيرُ لِأَنَّهُ سِتْرٌ سترته عَلَيْهِ لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِهَزَّالٍ هَلَّا سَتَرْتَهُ بِرِدَائِكَ فَإِنْ عَلِمَ الْإِمَامُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَكْتُمُهُ الشَّهَادَةَ وَلَا يَشْهَدُ فِي ذَلِك الا فِي تجريح إِنْ شَهِدَ عَلَى أَحَدٍ أَوْ يُسْتَدَامُ فِيهِ التَّحْرِيمُ كَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالْأَحْبَاسِ وَالْمَسَاجِدِ وَنَحْوِهَا فَيَلْزَمُهُ التَّعْجِيل وان اخر سَقَطت شَهَادَته لَان سكونه وَالْمَفْسَدَةُ تَتَكَرَّرُ جُرْحَةٌ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ عبد الْملك واصبغ يقبل فَإِنْ قَامَ غَيْرُهُ بِالْفَرْضِ سَقَطَتْ عَنْهُ وَكَانَ قِيَامُهُ اسْتِحْبَابًا لِأَنَّهُ إِعَانَةٌ عَلَى الْحَقِّ وَأَمَّا حُقُوق الادمي فَيُخَير صَاحب الْحق فَإِن لم يخيره أَبْطَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ شَهَادَتَهُ دُونَ سَحْنُونٍ وَفِي الْبَابِ تِسْعَةُ فُرُوعٍ (الْفَرْعُ الْأَوَّلُ) فِي الْكِتَابِ إِذَا شَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ عَلَى غَائِبٍ قَدِمَ قَبْلَ الْحُكْمِ لَمْ تُعَدَّ الْبَيِّنَةُ لِأَنَّهُ يَقْضِي عَلَيْهِ غَائِبًا بَلْ يُخْبَرُ بِالشَّهَادَةِ فَإِنْ كَانَ لَهُ حُجَّةٌ وَإِلَّا حُكِمَ عَلَيْهِ (الْفَرْعُ الثَّانِي) قَالَ لَا يَكْفِي إنَّهُ ابْنُ الْمَيِّتِ حَتَّى يَقُولُوا فِي حضر الْوَرَثَةِ لَا يَعْلَمُونَ وَارِثًا غَيْرَهُ وَكَذَلِكَ هَذِهِ الدَّارُ لِأَبِيهِ أَوْ جَدِّهِ حَتَّى يَقُولُوا وَلَا نَعْلَمُ خُرُوجَهَا مِنْ مِلْكِهِ إِلَى الْمَوْتِ حَتَّى يَحْكُمَ بِالْمِلْكَ فِي الْحَالِ فَإِنْ قَالُوا هَذَا وَارِث آخَرين اعطى بِهَذَا نَصِيبَهُ وَتَرَكَ الْبَاقِي بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَ مُسْتَحِقُّهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ دَوَامُ يَدِهِ وَلِأَنَّ الْغَائِبَ قَدْ يُقِرُّ لَهُ بِهَا قَالَ سَحْنُونٌ وَقَدْ كَانَ يَقُولُ غَيْرَ هَذَا وَعَنْ مَالِكٍ ينْزع الْمَطْلُوب وَيقف لتعينها لِغَيْرِهِ وَإِنْ قَالُوا لَا نَعْرِفُ عَدَدَ الْوَرَثَةِ لَمْ يَقْضِ فِي هَذَا بِشَيْءٍ

لِعَدَمِ تَعَيُّنِهِ وَلَا يُنْظَرُ إِلَى تَسْمِيَةِ الْوَرَثَةِ وَتَبْقَى الدَّارُ فِي يَدِ صَاحِبِ الْيَدِ حَتَّى يثبت عدد الْوَرَثَة لَيْلًا يُؤَدِّي لنَقص الْقِسْمَةِ وَتَشْوِيشِ الْأَحْكَامِ فِي التَّنْبِيهَاتِ قَوْلُهُ مَعَ وَرَثَةٍ آخَرِينَ يَنْبَغِي أَنْ يُسَمُّوهُمْ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قِيلَ يَنْبَغِي إِذَا قَامَتْ غُرَمَاءُ الْغَائِبِ بِبَيْعِ الْمَوْقُوفِ لَهُمْ بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ حَاضِرًا وَنَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ لَأَخَذَهُ الْغُرَمَاءُ بَعْدَ يَمِينِهِ الَّذِي كَانَ يَحْلِفُهَا الْغَائِبُ أَنْ لَوْ حَضَرَ فَإِنْ أَخَذُوهَا ثُمَّ قَدِمَ فَحَلَفَ فَقَدْ مَضَى ذَلِكَ وَإِنْ نَكَلَ غُرِّمَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَا أَخَذَهُ الْغُرَمَاءُ وَيَتَّبِعُ فِي ذَلِكَ عَدَمَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْغُرَمَاءِ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ عَلَيْهِمْ فِي النُّكُولِ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْبَقَاءُ بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْلَى لِأَنَّ عَلَى الغايب الْيَمِينَ مَا ابْتَاعَ وَلَا وَهَبَ وَلَا عَلِمَ أَنَّ أَبَاهُ بَاعَ وَلَا وَهَبَ فَكَأَنَّ الْحُكْمَ لَمْ يَتِمَّ وَفِي الْبَيَانِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ من قَالَ فلَان وَارِث فلَانا وَهَذَا الْبَعْض مَا بَاعَ وَلَا وَهَبَ مَا يَدْرِيهِ ذَلِكَ بَلْ يَقُولُ لَا أَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ وَلَا أَعْلَمُ أَنَّهُ بَاعَ قَالَهُ مَالِكٌ لِأَنَّهُ جَزْمٌ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْجَزْمِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يَجُوزُ إِلَّا الْجَزْمُ حَتَّى يَقُولَ مَا بَاعَ وَلَا وَهَبَ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِغَيْرِ الْجَزْمِ لَا تَجُوزُ وَيُحْتَمَلُ هَذَا الْقَائِلُ أَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى نَفْيِ غَيْرِ هَذَا فَقَطْ فَلَا بُدَّ مِنَ التَّصْرِيحِ بِأَنَّ هَذَا وَارِثُهُ قَالَ وَقَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَظْهَرُ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا شَهِدَتْ أَنَّهُ مِلْكُهُ بِالْأَمْسِ وَلَمْ تَتَعَرَّضْ لِلْحَالِ لَمْ تُسْمَعْ حَتَّى يَقُولُوا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ فِي عِلْمِهِمْ وَلَوْ شَهِدَتْ أَنَّهُ أَقَرَّ بِالْأَمْسِ ثَبَتَ الْإِقْرَارُ وَاسْتُصْحِبَ وَاجِبُهُ وَلَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَانَ مِلْكَهُ لِأَنَّهُ يُخْبِرُ عَنْ تَحْقِيقٍ مُسْتَصْحَبٍ كَمَا لَوْ قَالَ الشَّاهِدُ هُوَ مِلْكُهُ بِالْأَمْسِ اشْتَرَاهُ مِنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْأَمْسِ وَلَوْ شَهِدُوا عَلَى أَنَّهُ كَانَ فِي يَدِ الْمُدَّعِي بِالْأَمْسِ لَمْ يَأْخُذْهُ بِذَلِكَ حَتَّى تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ مِلْكُهُ وَلَوْ شَهِدَتْ أَنَّهُ غَصَبَهُ مِنْهُ جعل الْمُدَّعِي صَاحب الْيَد وَلَو ادعيت مِلْكًا مُطْلَقًا فَذَكَرَ الشَّاهِدُ الْمِلْكَ وَالسَّبَبَ لَمْ يضر لعدم الشافي

(الفرع الثالث)

(الْفَرْعُ الثَّالِثُ) إِذَا أَقَامَ الشَّهَادَةَ فِي الْعَيْنِ الْقَائِمَةِ مَا عَلِمْنَاهُ بَاعَ وَلَا وَهَبَ وَلَا خَرَجَ مِنْ مِلْكِهِ لَا يُقْضَى لِمُدَّعِيهَا حَتَّى يَحْلِفَ أَنَّهُ مَا بَاعَ وَلَا وَهَبَ وَمَا خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ بِوَجْهٍ وَقَوْلُهُ أَعَرْتُهَا لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ شَهِدَتْ كَانَتْ زُورًا وَلَا يَحْلِفُ فِي الدُّيُونِ مَعَ شَهَادَةِ اثْنَيْنِ إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَ خَصْمُهُ الْقَضَاء فَيحلف ويبرا من دَعْوَى خَصمه فِي التَّنْبِيهَاتِ جَعَلَهَا زُورًا لِأَنَّهَا شَاهِدَةٌ عَلَى نَفْيٍ غَيْرِ مُضْبَطٍ أَنَّهُ مَا بَاعَ وَقِيلَ لَا يَرُدُّ الْقَاضِي شَهَادَتَهُمْ حَتَّى يَسْأَلَهُمْ أَيَشْهَدُونَ عَلَى الْبَتِّ أَوِ الْعِلْمِ فَإِنْ مَاتُوا قَبْلَ الْكَشْفِ سَقَطَتْ وَيُعْذَرُ الْجُهَّالُ وَلَا يَلْزَمُهُمْ عِقَابٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ أَقَامَ شَاهِدًا حَلَفَ مَا بَاعَ وَلَا وَهَبَ تَصْدِيقًا لِشَاهِدِهِ فَإِنِ ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ أَخَذَ دَيْنَهُ فَنَكَلَ حَلَفَ الْمَطْلُوبُ وبرىء فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ وَلَوْ كَانَ الْحَقُّ عَلَى مَيِّتٍ أَوْ غَائِبٍ لَمْ يَقْضِ بِهِ لِلطَّالِبِ حَتَّى يحلف مَعَ شاهديه أَنه مَا قبض وَلَا تسْقط عَنْهُ لِقَطْعِ الِاحْتِمَالِ فَإِنَّ الْمَيِّتَ لَوْ كَانَ حَاضِرًا لَعَلَّهُ يَتَبَيَّنُ حُجَّتَهُ فِي سُقُوطِ الدَّيْنِ (الْفَرْعُ الرَّابِعُ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ إِنْ أَخَذَ الشُّهُودُ مِنَ الْمَشْهُودِ لَهُ دَوَابَّ يَرْكَبُونَهَا إِلَى مَوْضِعِ الشَّهَادَةِ نَحْوَ الْبَرِيدِ أَوِ البريدين اَوْ يتَّفق عَلَيْهِمْ وَهُمْ يَجِدُونَ النَّفَقَةَ أَوِ الدَّوَابَّ سَقَطَتْ شَهَادَتُهُمْ لِأَخْذِهِمُ الرِّشْوَةَ عَلَى الشَّهَادَةِ أَوْ لَا يَجِدُونَ جَازَ وَقُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ وَإِنْ كَانُوا عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ لَمْ يُشْخَصُوا وَشَهِدُوا عِنْدَ مَنْ يَأْمُرُهُمُ الْقَاضِي بِأَدَائِهَا عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ وَيَكْتُبُ بِمَا شَهِدُوا بِهِ إِلَى الْقَاضِي وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يُسْتَحْضَرُ الشَّاهِدُ مِنْ مَكَانٍ يَشُقُّ عَلَيْهِ كَانَتِ الْمَسَافَةُ بَعِيدَةً لَا يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ مِنْهَا وَإِلَّا امْتَنَعَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْمَشْهُودِ لَهُ دَابَّة على الشَّاهِد فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرْكَبَ دَابَّةَ الْمَشْهُودِ لَهُ لَا غَيْرَ وَقَالَ أَبُو الْوَلِيدِ إِذَا رَكِبَ اَوْ

الفرع الخامس)

أَكَلَ طَعَامَهُ وَالْمَسَافَةُ قَرِيبَةٌ تَبْطُلُ شَهَادَتُهُ وَقِيلَ لَا تبطل وَلَكِن الشَّاهِدُ لَا يَقْدِرُ عَلَى النَّفَقَةِ وَلَا عَلَى كِرَاءِ دَابَّةٍ وَقِيلَ لَا تَبْطُلُ وَهُوَ يَشُقُّ عَلَيْهِ الْمَشْيُّ فَلَا تَبْطُلُ إِذَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ اَوْ اكترى لَهُ لَان بِالْعَجزِ سَقَطت عِنْد الْوُجُوبُ وَقِيلَ تَبْطُلُ إِذَا لَمْ يَكُنْ مُبَرَّزَ الْعَدَالَةِ لِاتِّهَامِهِ عَلَى الِارْتِشَاءِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ بِمَكَانٍ بَعِيدٍ لَا يُمْكِنُهُ الْإِتْيَانُ قِيلَ لَا يَضُرُّهُ أَكْلُ الطَّعَامِ وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَلَا رُكُوبُ دَابَّةٍ وَإِنْ كَانَتْ لَهُ دَابَّةٌ وَكَذَلِكَ فِي انْتِظَارِهِ لِلْأَدَاءِ إِذَا مَنَعَ مَانِعٌ فأنفق عَلَيْهِ الْمَشْهُود لَهُ مُدَّة لِأَنَّهُ طارىء لم يجد من يشهده على شَهَادَته ويتصرف وَقِيلَ تَبْطُلُ الشَّهَادَةُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يُوَفِّرُ بِذَلِكَ النَّفَقَةَ عَلَى نَفْسِهِ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ فَانْظُرْ أَبَدًا مَتَى أَنْفَقَ عَلَيْهِ فِي مَوْضِعٍ يَلْزَمُهُ الْقَدُّومُ مِنْهُ وَالْمُقَامُ امْتَنَعَ الْإِنْفَاقُ إِلَّا فِيمَا يَرْكَبُ الشَّاهِدُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ دَابَّةٌ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْمَشْيِ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يَجُوزُ الرُّكُوبُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ دَابَّةٌ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ وَالْمُوسِرِ وَالْمُعْسِرِ وَإِنَّمَا يُفَصَّلُ كَمَا تَقَدَّمَ إِذَا كَانَتْ لَهُ دَابَّةٌ وَأَمَّا الْكَاتِبُ فَيَأْخُذُ الْأُجْرَةَ لِعَدَمِ وُجُوبِ الْكِتَابَةِ الْفَرْعُ الْخَامِسُ) فِي الْبَيَانِ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ إِذَا ادَّعَتِ الْجَارِيَةُ الْحُرِّيَّةَ أَوِ الضَّعِيفُ حَقًّا وَقَالَ إِنَّهُ يَعْجِزُ عَنْ جَلْبِ بَيِّنَةٍ مِنَ الْكَوْرَةِ وَسَأَلَ الرَّفْعَ لِمَوْضِعِ شَهَادَتِهِ فَإِنْ وَجَدَتِ الْأَمَةُ شَاهِدًا اسْتَحَقَّتِ الرَّفْعَ لِمَوْضِعِ شَاهِدِهَا الْآخَرِ وَتَأْتِي يَحْمِلُ بِنَفْسِهَا إِلَى الْأَجَلِ الَّذِي يُوقِفُهَا السُّلْطَانُ وَإِنْ لَمْ تَأْتِ بِشَاهِدٍ فَلَا لِاحْتِمَالِ تَعْنِيتِ السَّيِّدِ (الْفَرْعُ السَّادِسُ) قَالَ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا اسْتَوْدَعْتَ جَارِيَتَكَ فَمَاتَ الْمُسْتَوْدَعُ فَشَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّ لِفُلَانٍ عِنْدِي وَدِيعَةً جَارِيَةً إِحْدَى هَذَا الثَّلَاثِ وَالْأُخْرَيَانِ ابْنَتَايَ

(الفرع السابع)

وَلَا تَعْلَمُ عَيْنَهَا بَطَلَتِ الشَّهَادَةُ لِعَدَمِ الْجَزْمِ بِالتَّعْيِينِ وَلَمْ يَقُلْ يَحْكُمُ فِيهَا بِالْقَافَةِ كَمَا قَالَ إِذَا وَضَعَتِ امْرَأَتُهُ وَغَيْرُهَا وَاخْتَلَطَ الصِّبْيَانُ وَوَقَعَ التَّدَاعِي وَلَمْ يَدَّعِ أَحَدُهُمَا مُعَيَّنًا أَنَّهُ يَحْكُمُ بِالْقَافَةِ فَقِيلَ اخْتِلَافٌ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا قَالَ وَالْأَظْهَرُ الْفَرْقُ أَنَّ تِلْكَ السَّبَب تَدْخُلُهُ الْقَافَةُ وَهَذِهِ مِلْكٌ وَالْقَافَةُ لَا تَدْخُلُ فِي الْأَمْوَالِ لِأَنَّكَ لَوِ ادَّعَيْتَ وَلَدَ أَمَةٍ فَقَالَ زوجننيها فَوَلَدَتْ هَذَا الْوَلَدَ مِنِّي وَادَّعَيْتَ أَنَّهُ مِنْ زِنًى لَمْ يُحْكَمْ بِهِ بِالْقَافَةِ (الْفَرْعُ السَّابِعُ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا شَهِدُوا بِالْأَرْضِ وَلَمْ يُحَدِّدُوهَا وَآخَرُونَ بِالْحُدُودِ دُونَ الْمِلْكِ تَمَّتِ الشَّهَادَةُ وَقَضَى بَيْنَهُمْ بِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنَ الْمَجْمُوعِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ غَاصِبًا وَلَمْ يَجِدْ إِلَّا مَنْ يَشْهَدُ بِالْغَصْبِ دُونَ الْحُدُودِ قِيلَ لَهُ حَدِّدْ مَا غَصَبْتَ وَاحْلِفْ عَلَيْهِ قَالَ مَالِكٌ إِنْ قَالُوا نَشْهَدُ بِالْحَقِّ وَلَا نَعْرِفُ عَدَدَهُ قِيلَ لِلْمَطْلُوبِ أقرّ بِحَق واحلف عَلَيْهِ فيعطيه وَلَا شيئ عَلَيْهِ غَيْرُهُ فَإِنْ جَحَدَ قِيلَ لِلطَّالِبِ إِنْ عَرَفْتَهُ احْلِفْ عَلَيْهِ وَخُذْهُ فَإِنْ قَالَ لَا أَعْرِفُهُ أَوْ أَعَرِفُهُ وَلَا أَحْلِفُ سُجِنَ الْمَطْلُوبُ حَتَّى يقر بشي وَيحلف عَلَيْهِ فَإِن أقرّ وَلم يحلف أخد الْمُقِرُّ بِهِ وَحُبِسَ حَتَّى يَحْلِفَ وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ فِي دَارٍ حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا حَتَّى يَحْلِفَ وَلَا يُحْبَسُ لِأَنَّ الْحَقَّ فِي شَيْءٍ بِعَيْنِهِ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى قَالَ ابْنُ نَافِعٍ إِذَا لَمْ يَعْرِفْ عَدَدَ الْمَالِ يَعْرِفُ ذَلِكَ الْإِمَامُ فَيَجْتَهِدُ فِيهِ قَالَ وَأَرَى أَنَّ ذَلِكَ يَنْفَعُهُ وَقَالَ مَالِكٌ يَقْضِي بِشَهَادَتِهِ وَعَنْ مَالِكٍ تُرَدُّ لِنِسْيَانِهِ الْعَدَدَ أَوْ لِجَهْلِهِ بِهِ (الْفَرْعُ الثَّامِنُ) قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى إِنْ كَانَ يُؤَدِّي شَهَادَةً حَفِظَهَا فَلَا بُدَّ مِنْ حِفْظِهَا عِنْدَ الْأَدَاءِ فَإِنْ نَسِيَ بَعْضَهَا شَهِدَ بِالَّذِي ذَكَرَهُ فَقَطْ وَإِنْ نَسِيَ الْجَمِيعَ فَلَا يَشْهَدُ

(الفرع التاسع)

وَأَمَّا فِي عَقْدِ الْبَيْعِ أَوِ النِّكَاحِ أَوِ الْهِبَةِ أَوِ الْحَبْسِ أَوِ الْإِقْرَارِ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا لَا يَلْزَمُ الشَّاهِدَ حِفْظُهُ بَلْ مُرَاعَاةُ الشَّهَادَةِ فِي آخِرِهِ فَإِنْ ذَكَرَ أَنَّهُ أَشْهَدَ عَلَيْهِ وَعَرَفَ خَطَّهُ وَلَمْ يَرْتَبْ بِمُجَرَّدٍ لَا غَيْرِهِ شَهِدَ وَعَلَى الْحَاكِمِ قَبُولُهَا وَإِنِ ارْتَابَ فَلَا يَشْهَدُ وَإِنْ عَرَفَ خَطَّهُ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ كَتَبَهُ وَلَا أَنَّهُ أَشْهَدَ فَعَنْ مَالِكٍ إِنْ لَمْ يَرْتَبْ شَهِدَ وَإِلَّا فَلَا وَرَجَعَ إِلَى أَنَّهُ لَا يَشْهَدُ حَتَّى يَذْكُرَ الشَّهَادَةَ أَوْ بَعْضَهَا وَكَذَلِكَ يَشْهَدُ عَلَى الْحَاكِمِ فِي السِّجِلَّاتِ وَهِيَ كَالْعُقُودِ لَا يَلْزَمُ حِفْظُهَا عِنْدَ الْأَدَاءِ لِأَنَّهُ شَهِدَ بِمَا عَلِمَ مِنْ تَقْيِيدِ الشَّهَادَةِ (الْفَرْعُ التَّاسِعُ) قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا قَالَ وَقْتَ الْأَدَاءِ لَا أَذْكُرُهَا ثُمَّ قَالَ بَعْدَ أَيَّامٍ ذَكَرْتُهَا قَالَ مَالِكٌ إِنْ كَانَ مُبَرَّزًا لَا يُتَّهَمُ قُبِلَتْ إِلَّا أَنْ يَمُرَّ مِنْ طُولِ الزَّمَانِ مَا يُسْتَنْكَرُ قَالَ سَحْنُونٌ إِنْ قَالَ أَخِّرُونِي لِأَذْكُرَ وَهُوَ مُبَرَّزٌ جَازَت فَإِن قَالَ ماعندي عِلْمٌ فَاخْتُلِفَ فِيهِ فَأَجَازَهَا مَالِكٌ مِنَ الْمُبَرَّزِ فِي الْقُرْبِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَخْبَرَ بِعَدَمِ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَقِيلَ تُرَدُّ لِقَطْعِهِ بِعَدَمِ الْعِلْمِ فَيَنْتَفِي سَبَبُهُ وَهُوَ أَصْلُ الْإِشْهَادِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنَّمَا هَذَا إِذَا سُئِلَ عِنْدَ الْحَاكِم اَوْ الْمَرِيض عِنْد نقلهَا عَنهُ واوفى غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَضُرُّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ كَانَ سَحْنُونٌ يَأْمُرُ الْخُصُومَ عِنْدَ الْأَدَاءِ لَا يعرض الطَّالِب للشَّاهِد لتقلين وَلَا الْمَطْلُوبُ بِتَوْبِيخٍ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ بَعْدَ النَّهْيِ أَدَّبَهُ وَإِذَا خَلَطَ الشَّاهِدُ أَعْرَضَ عَنْهُ وَرُبَّمَا عَاوَدَهُ فَإِنْ ثَبَتَ كَتَبَ شَهَادَتَهُ مِنْ غير تَحْسِين وَلَا زِيَارَة وَإِنْ خَافَ الشَّاهِدُ عِنْدَ الدُّخُولِ عَلَيْهِ أَعْرَضَ عَنهُ حَتَّى يتأنس وَيَقُول لَهُ هُوَ عَلَيْكَ لَيْسَ مَعِي سَوْطٌ وَلَا عَصًا فَلَيْسَ عَلَيْكَ بَأْسٌ قُلْ مَا تَعْلَمُ

وَدَعْ مَا لَا تَعْلَمُ وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي إِذَا كَتَبَ الشَّهَادَةَ أَنْ يُوقِفَ الشَّاهِدَ عَلَيْهَا ثُمَّ يرفعها وَله أَن يَكْتُبهَا بِنَفسِهِ أَو كاتبها بِنَفْسِهِ أَوْ كَاتَبَهُ الْمَأْمُورُ أَوِ الشَّاهِدُ وَلَا يَقُول القَاضِي لَهُ أشهد بِكَذَا لِأَنَّهُ تَلْقِينٌ قَالَهُ سَحْنُونٌ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَجُوزُ أَنْ يُذَكِّرَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ الْآخَرَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا اتَّهَمَهُمَا بِالْغَلَطِ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الشَّاهِدَ إِذَا قَصَدَ بِهَذَا رُهِّبَ وَاخْتَلَطَ عَقْلُهُ وَلَكِنْ يَسْمَعُ مِنْهُمَا وَيَسْأَلُ عَنْهُمَا وَلَا تخلط الْمَرْأَةَ الْمَشْهُودَ عَلَيْهَا فِي جُمْلَةِ النِّسَاءِ أَوِ الدَّابَّةُ فِي دَوَابَّ يَمْتَحِنُهُمْ بِذَلِكَ إِذَا سَأَلَهُ الْخصم لِأَنَّهُ اذية الشُّهُود وَإِذَا شَهِدَ الشَّاهِدُ عِنْدَهُ كَتَبَ اسْمَهُ وَنَسَبَهُ ومسكنه ومسجده الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ وَصفته لَيْلًا يَتَسَمَّى غَيْرُ الْعَدْلِ بِاسْمِهِ وَيَكْتُبُ الْوَقْتَ الَّذِي شهد فِيهِ وَيكون الْمَكْتُوب فِي ديوانه لَيْلًا يَزِيدَ الْمَشْهُودُ لَهُ أَوْ يَنْقُصَ وَيَكْتُبُ صُورَةَ الْخُصُومَةِ كُلَّهَا مِنْ سُؤَالٍ وَإِنْكَارٍ وَاخْتِلَافٍ وَيَكْتُبُ هَذِهِ خُصُومَةُ فُلَانٍ بْنِ فُلَانٍ فِي شَهْرِ كَذَا فِي سَنَةِ كَذَا وَيُفْرِدُ خُصُومَاتِ كُلِّ شهرا وَيَجْعَلُ نُسْخَةً أُخْرَى بِيَدِ الطَّالِبِ يَطْبَعُ عَلَيْهَا فَإِنْ أَخْرَجَهَا الطَّالِبُ قَابَلَهَا بِمَا فِي دِيوَانِهِ قَالَ صَاحب الْمُنْتَقى وَعَنْ أَشْهَبَ إِذَا قَالَ كُلُّ شَهَادَةٍ أَشْهَدُ بَيْنك زُورٌ لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ وَيَشْهَدُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا قَالَ لِلْخَصْمِ مَا أَشْهَدُ فَلَا يضرّهُ وَيشْهد لِأَنَّهُ وعده بَان لايقيم عَلَيْهِ الشَّهَادَة وَهُوَ وعد قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ مَهْمَا أَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا جَمَعَ وَإِنْ تَنَاقَضَتَا وَأَمْكَنَ التَّرْجِيحُ رَجَعَ إِلَيْهِ وَإِلَّا تَسَاقَطَتَا وَبَقِيَ الْمُدَّعِي فِي يَدِ مَنْ هُوَ فِي يَدَيْهِ مَعَ يَمِينِهِ إِنْ كَانَ من المتداعيين فَإِن كل مِنْ غَيْرِهِمَا فَقِيلَ يَبْقَى فِي يَدِهِ وَقِيلَ يقسم بَين مقيمي الْبَيِّنَة لاتِّفَاقهمَا على مِلْكِ الْحَائِزِ وَرُوِيَ

يُقْضَى بِأَكْثَرِهِمَا عَدَدًا عِنْدَ تَسَاوِي الْعَدَالَةِ إِلَّا ان يكون هَؤُلَاءِ كثيرا يلتقي بَينهم مَا يلْتَمس من الِاسْتِظْهَار وَالْآخرُونَ أَكثر جدا فَلَا تراعى الْكَثْرَة وَلَوْ أَقَرَّ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ لِأَحَدِهِمَا لَنَزَلَ إِقْرَارُ مَنْ لَهُ الْيَدُ لِلْمُقِرِّ لَهُ حَتَّى تَرْجُحَ الْبَيِّنَةُ وَلَوْ كَانَ فِي أَيْدِيهِمَا جَمِيعًا لَقُسِمَ بَيْنَهُمَا بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا وَسَيَأْتِي فِي الدَّعَاوَى كَثِيرٌ مِنْ هَذَا

(الباب الخامس في اختلاف الشهادات)

(الْبَاب الْخَامِس فِي اخْتِلَاف الشَّهَادَات) وَفِيه عشرَة مَسَائِلَ الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى فِي الْكِتَابِ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِمِائَةٍ وَالْآخَرُ بِخَمْسِينَ إِنْ شَاءَ حَلَفَ مَعَ شَاهِدِ الْمِائَةِ وَيُقْضَى لَهُ بِهَا أَوْ يَأْخُذُ الْخمسين بِغَيْر يَمِين لِاجْتِمَاع شَاهِدين فِيهَا فِي النُّكَتِ كَلَامُهُ فِي الْكِتَابِ إِذَا كَانَتِ الشَّهَادَتَانِ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ وَأَمَّا فِي مَجْلِسَيْنِ فَيَحْلِفُ وَيسْتَحق مائَة وَخمسين لِأَنَّهُمَا ملان وَشَاهِدَانِ فَلَمَّا كَانَتَا فِي مَجْلِسَيْنِ قَالَ اللَّخْمِيُّ اخْتُلِفَ إِذَا كَانَتْ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ وَلَفْظٍ وَاحِدٍ فَقِيلَ مَا تَقَدَّمَ وَقِيلَ تَسْقُطُ الشَّهَادَتَانِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ كَذَّبَتِ الْأُخْرَى قَالَ وَهُوَ احسن فَإِن أَقَامَ الطَّالِب يثبت هَذَا بِمِائَةٍ حَلَفَ مَعَهُ وَاسْتَحَقَّ وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ أَعْدَلَ وَقَدْ سَقَطَ شَاهِدُ الْخَمْسِينَ لِاتِّفَاقِ الطَّالِبِ وَالْمَطْلُوب على كذبه وان اقام الْمَطْلُوب شَاهد الْخمسين نَظَرَ إِلَى أَعْدَلِ الشَّاهِدَيْنِ فَإِنْ كَانَ هُوَ شَاهِدَ الْمِائَةِ حَلَفَ الطَّالِبُ مَعَهُ وَإِنْ كَانَ الآخر حلف مَعَه الْمَطْلُوب وبرىء وَقيل يحكم بِشَاهِد الطَّالِب وان كَانَ الآخر اعْدِلْ والامور أَحْسَنَ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ يَقُولُ هَذَا شَاهِدٌ أَعْدَلُ من شَاهد شَهِدَ أَنِّي لَمْ أُقِرَّ إِلَّا بِخَمْسِينَ وَاخْتُلِفَ إِذَا كَانَتِ الشَّهَادَتَانِ فِي مَجْلِسٍ وَقَالَ الْمَشْهُودُ لَهُ هُوَ مَالٌ وَاحِدٌ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُنْكِرُ الْجَمِيعَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَسْتَحِقُّ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا إِلَّا بِيَمِينٍ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَأْخُذُ أَقَلَّهُمَا بِغَيْرِ يَمِينٍ وَيَحْلِفُ الْمَطْلُوبُ عَلَى الزَّائِدِ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ يَقُولُ لَيْسَ لَكَ ضَمُّ الشَّهَادَتَيْنِ وَأَخْذُ خَمْسِينَ ثُمَّ احْلِفْ عَلَى تَكْذِيبِ شَاهد الْمِائَة واذا حَلَفت عَلَى تَكْذِيبِهِ بَطَلَ

جَمِيعُ شَهَادَتِهِ فَإِنْ أَحَبَّ حَلَفَ مَعَ شَاهِدِ الْمِائَة واخذها ويستعنى عَنْ شَاهِدِ الْخَمْسِينَ وَإِنْ أَحَبَّ حَلَفَ مَعَ شَاهِدِ الْخَمْسِينَ وَيُرَدُّ الْيَمِينُ فِي شَاهِدِ الْمِائَةِ فَإِن حلف برىء فَإِن نَكَلَ غَرِمَ خَمْسِينَ لِأَنَّ الطَّالِبَ لَمْ يَدَّعِ إِلَّا مِائَةً وَقَدْ أَخَذَ خَمْسِينَ وَإِنْ أَحَبَّ أَخَذَ خَمْسِينَ بِغَيْرِ يَمِينٍ ثُمَّ لَا يَكُونُ لَهُ عَلَى الْمَطْلُوبِ شَيْءٌ فَإِنْ زَعَمَ الطَّالِبُ أَنَّهُمَا مَالَانِ حَلَفَ مَعَ كُلِّ شَاهِدٍ وَاسْتَحَقَّ مِائَةً وَخَمْسِينَ إِلَّا أَنْ يُقِرَّ الْمَطْلُوبُ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَيَقُولَ الْخَمْسُونَ مِنَ الْمِائَةِ وَيُقَدِّمُ التَّارِيخَ أَوْ يُسَلِّمُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِخَمْسِينَ قَبْلَ الْمِائَةِ وَيُصَدَّقُ مَعَ يَمِينِهِ إِذَا قَالَ اشْتَرَيْتُ مِنْهُ بِخَمْسِينَ فَأَشْهَدْتُ بِهَا ثُمَّ بِخَمْسِينَ فَأَشْهَدْتُ بِمِائَةٍ فَإِنْ عُلِمَ تَقَدُّمُ شَهَادَةِ الْمِائَةِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ وَصُدِّقَ الطَّالِبُ فِي أَنَّهُمَا مَالَانِ وَإِنْ وَأَقَرَّ بِمِائَةٍ عَنِ الْخَمْسِينَ وَقَالَ الطَّالِبُ هِيَ مِائَتَانِ وَقَالَ الْمَطْلُوبُ مِائَةٌ صُدِّقَ الطَّالِبُ إِنْ كَانَا بِكِتَابَيْنِ صُدِّقَ الطَّالِبُ وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ إِقْرَارُ الْغَيْر كتابا وتقارب مَا بَينهمَا أُشْهِدَ سِتَّةٌ فِي مَجَالِسَ كُلُّ اثْنَيْنِ بِطَلْقَةٍ وَقَالَ الزَّوْجُ هِيَ وَاحِدَةٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هِيَ ثَلَاثٌ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّدَاخُلِ بِلَا سَلَفٍ أَنَّهُ يَغْرَمُ ثَلَاثَمِائَةٍ إِذَا شَهِدُوا بِمِائَةٍ ثُمَّ مِائَةٍ فِي مَجَالِسَ وَقَالَ أَصْبَغُ إِنْ كَانَ قَوْلُ الشُّهُودِ أَيْ طَلَّقَهَا دِينَ أَوْ أَنَّهَا طَلَاقٌ لَمْ تَنْفَعْهُ نِيَّتُهُ لِأَنَّ اسْمَ الْفَاعِلِ لِلْحَالِ بِخِلَافِ الْفِعْلِ الْمَاضِي وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا لَقِيتَ رَجُلًا فَقُلْتَ اشْهَدْ أَنَّ امْرَأَتِي طَالِقٌ ثُمَّ قُلْتَ لِلْآخَرِ كَذَلِكَ وَقُلْتَ أَرَدْتُ وَاحِدَةً أَحْلِفُ وَدِينَ قَالَ وَهُوَ أَصْوَبُ لِأَنَّ اسْمَ الْفَاعِلِ يَصْلُحُ لِلْإِخْبَارِ عَنِ الْمَاضِي وَالْحَالِ الا ان يتباعد مَا بَين الشَّهَادَاتِ فَإِنْ شَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ قَالَ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَبَيِّنَةٌ أُخْرَى أَنَّهُ قَالَ عَبْدُهُ حُرٌّ وَذَلِكَ عَن كلمة وَاحِدَة وانكرت الْجَمِيعُ اخْتُلِفَ هَلْ تَسْقُطُ الشَّهَادَتَانِ أَوْ يُقْضَى بِالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ لِأَنَّهُمَا حَقًّانِ لِاثْنَيْنِ الزَّوْجَةِ وَالْعَبْدِ بِخِلَافِ الِاتِّحَادِ بَعْضُ الشَّهَادَاتِ يُكَذِّبُ بَعْضًا وَتَقُولُ الزَّوْجَةُ لَا تَضُرُّنِي بَيِّنَةُ

الْعتْق لاني انا وَالزَّوْج متفقان على تكذيبهما وَكَذَلِكَ يَقُول العَبْد فَيقوم كِلَاهُمَا بِبَيِّنَة فَإِن كذبا بينتهما لَمْ يَحْكُمْ بِهِمَا لِأَنَّ الْقِيَامَ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ يَصِيرُ حِينَئِذٍ لِلَّهِ تَعَالَى وَإِذَا صَارَ الْحَقُّ لِوَاحِدٍ لَمْ يَقُمْ بِهِمَا مَعَ تَكْذِيبِ بَعْضِهَا بَعْضًا وَهَذَا مَعَ تَسَاوِي الْعَدَالَةِ وَإِلَّا قِيمَ بِالْعَدْلِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنْ صَدَقَتِ الْأَعْدَلُ وَقَالَ الْعَبْدُ وَالْمَرْأَةُ لَا عِلْمَ عِنْدِنَا وَلَمْ يُقِرَّا بِشَيْءٍ قَضَى بِالَّتِي صَدَقَتْ فَإِنْ صَدَقَتِ الْأُخْرَى قَضَى عَلَيْكَ بِالشَّهَادَتَيْنِ بِإِقْرَارِكَ وَإِنْ صدقت الاعدل الَّتِي شهِدت بِالطَّلَاق وَقَامَ الْعَبْدُ بِبَيِّنَةِ الْعِتْقِ قَضَى بِالْعِتْقِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ بَيِّنَةَ الْمُدَّعِي لَا تَكْذِبُ وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ انك ذبحت فلَانا وآخران أَنَّكَ أَحْرَقْتَهُ وَأَنْكَرْتَهُمَا فَإِنْ قَامَ الْأَوْلِيَاءُ بِالشَّهَادَتَيْنِ بَطَلَ الدَّمُ أَوْ بِإِحْدَاهُمَا أَقْسَمُوا مَعَهَا وَاقْتَصُّوا وَسَقَطَتِ الْأُخْرَى لِاجْتِمَاعِ الْأَوْلِيَاءِ مَعَكَ عَلَى تَكْذِيبِهِمَا فَإِنِ اعْتَرَفَتْ بِالذَّبْحِ وَأَقَامُوا بِبَيِّنَةِ الْحَرْقِ وَهِيَ الاعدل اقسموا مَعهَا واحرقوا فَإِنْ كَانَتِ الْأُخْرَى أَعْدَلَ حَلَفَتْ مَعَهَا وَقُتِلَتْ ذَبْحًا بِغَيْرِ حَرْقٍ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فِي الْكِتَابِ إِذَا تَعَارَضَتْ بَيِّنَةُ صَاحِبِ الْيَدِ مَعَ بَيِّنَةِ الطَّالِبِ قُضِيَ بِأَعْدَلِهِمَا وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ عَدَدًا فَإِن استوتا تساقطنا وَيُقَرُّ الشَّيْءُ بِيَدِ حَائِزِهِ وَيَحْلِفُ وَلَا يُقْضَى بِأَكْثَرِهِمَا فَيُسَاوِي رَجُلَانِ وَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِائَةَ رَجُلٍ وَكَذَلِكَ لَوِ ادَّعَى الدَّارَ صَاحِبُ الْيَدِ وَاثْنَانِ بِغَيْرِ يَدٍ وَتَكَافَأَتْ بَيِّنَةُ غَيْرِ ذِي الْيَدِ سَقَطَتَا وَبَقِيَتْ بِيَدِ صَاحِبِ الْيَدِ لِأَنَّ كُلَّ بَيِّنَةٍ جَرَّحَتْ صَاحِبَتَهَا قَالَ غَيْرُهُ لَيْسَ هَذَا جَرْحًا لَكِنِ التَّكَافُؤُ فَكَأَنَّهُمَا لَمْ يَكُونَا وَكَذَلِكَ التكافؤ اذا تداعيا شَيْئا لَيْسَ بايدهما ثُمَّ إِنْ رَأَى الْإِمَامُ فِيمَا شَهِدُوا بِهِ أَنَّهُ مِمَّا يَمْنَعُهُمَا مِنْهُ حَتَّى يَأْتِيَا بِبَيِّنَةٍ أَعْدَلَ فَعَلَ وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يُقِرَّهُ وَيَرَى أَنَّهُ لِأَحَدِهِمَا قَسَّمَهُ بَيْنَهُمَا بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا كَمَا لَوْ لَمْ تَشْهَدْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ وَإِنْ تَنَازَعَا عَفْوًا مِنَ الْأَرْضِ قُضِيَ بِالْأَعْدَلِ وَيَحْلِفُ صَاحِبُهَا وَإِنْ تَكَافَأَتَا سَقَطَتَا وَبَقِيَتِ الأَرْض كَغَيْرِهَا من

عصر دَار الْمُسلمين وَعَن مَالك إِن تكافأتا والشيئ لَيْسَ فِي أَيْدِيهِمَا وَهُوَ مِمَّا لَا يُخَافُ عَلَيْهِ كَالْعَقَارِ تُرِكَ حَتَّى يَأْتِيَ أَحَدُهُمَا بِأَعْدَلَ مِمَّا أَتَى بِهِ صَاحِبُهُ إِلَّا أَنْ يَطُولَ الزَّمَان فَيقسم بَينهمَا لَيْلًا يَهْلِكَ وَمَا خُشِيَ مَا يُغَيِّرُهُ كَالْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ وَالطَّعَامِ يُؤَخِّرُهُ قَلِيلًا لَعَلَّ أَحَدَهُمَا يَأْتِي بِأَثْبَتَ مِمَّا أَتَى بِهِ الْآخَرُ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ وَخِيفَ عَلَيْهِ قُسِّمَ وَلَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ فِي أَمَةٍ أَنَّهَا لَكَ وَشَهِدَتْ أُخْرَى أَنَّهَا لَهُ وَوَلَدَتْ عِنْدَهُ وَلَيْسَتْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا قُضِيَ فيهمَا لِصَاحِبِ الْوِلَادَةِ لِأَنَّهُ مُرَجَّحٌ قَالَ غَيْرُهُ إِذَا كَانَت ببينه الناتج ان كَانَتْ بَيِّنَةُ الْآخَرِ أَعَدَلَ وَلَيْسَ هَذَا مِنَ التَّهَاتُرِ وَلَكِنْ لَمَّا زَادَتْ بِقِدَمِ الْيَدِ قُدِّمَتْ كَمَا لَو شهِدت بِشَهْر وَالْأُخْرَى عَامٍ قُدِّمَتْ وَإِنْ كَانَتِ الْأُخْرَى أَعْدَلَ وَلَا يُنْظَرُ لِمَنْ بِيَدِهِ الْأَمَةُ إِلَّا أَنْ لاخر الْخدمَة لادعاء لَهَا بِحَضْرَةِ الْآخَرِ فَهَذَا يَقْطَعُ دَعْوَاهُ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ فِي اخْتَلَفَا السِّلْعَةُ قُضِيَ لِصَاحِبِ الْيَدِ بِغَيْرِ يَمِينٍ خِلَافًا لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْيَمِينِ وَمُعْظَمُ الشُّيُوخِ لَا يَرَوْنَ عَلَى الْمَقْضِيِّ لَهُ بِالْأَرْضِ بِبَيِّنَةِ الْأَعْدَلِ يَمِينًا قَالَ وَأَرَى إِيجَابَ الْيَمِينِ عَلَيْهِ فِي الْكِتَابِ لِأَنَّهَا فِي غَيْرِ يَدِهِ وَاحْتِيطَ بِالْيَمِينِ لِحَقِّ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ وَلَوْ كَانَ لَهُمَا مَالِكٌ لَمْ تَلْزَمِ الْيَمِينُ قَالَ التُّونُسِيُّ اخْتُلِفَ فِي التَّرْجِيحِ بِكَثْرَةِ الْعَدَدِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَزِيدُ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ كَزِيَادَةِ الْعَدَالَةِ أَوْ يُفَرَّقُ بَأَنَّ التَّرْجِيحَ بِالْكَثْرَةِ يُفْضِي إِلَى طُولِ النِّزَاعِ بِأَنْ يَسْعَى الْخَصْمُ الْآخَرُ فِي الزِّيَادَةِ فَيُعَدِّدُ الْأَوَّلَ وَيَزِيدُ شُهُودًا وَيَتَسَلْسَلُ الْحَالُ وَلَيْسَ فِي قُدْرَتِهِ أَنْ يَجْعَلَ بَيِّنَة أَرْجَحَ عَدَالَةً فَلَا يَتَسَلْسَلُ وَاخْتُلِفَ إِذَا سَاوَى شَاهِدٌ شَاهِدَيْنِ فِي الْعَدَالَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَحْلِفُ صَاحِبُ الشَّاهِدِ وَيَكُونُ شَاهِدُهُ وَيَمِينُهُ كَشَاهِدَيِ الآخر وَكَذَلِكَ شَاهد وأمراتان تكافيء شَاهِدين مَعَ

اسْتِوَاء الْعَدَالَة لِأَنَّهَا كَانَت حجج شَرْعِيَّةً وَلَمْ يُسَوِّ أَشْهَبُ لِأَنَّ الْيَمِينَ لَا يُحْكَمُ بِهَا فِي الدِّمَاءِ وَكَذَلِكَ الْمَرْأَتَانِ وَقَالَ عبد الْملك الْحَائِز لَا ينْتَفع بَيِّنَة لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْبَيِّنَةُ عَلَى مَنِ ادَّعَى فَلَمْ تُشْرَعْ إِلَّا لَهُ وَصَاحِبُ الْيَدِ لَمْ يَدَّعِ وَاخْتُلِفَ فِي الدَّارِ يَدَّعِيهَا ثَلَاثَةٌ هِيَ فِي يَدِ أَحَدِهِمْ فَتَكَافَأَتْ بَيِّنَتَا غَيْرِ ذِي الْيَدِ فَقِيلَ تُخَلَّى لِصَاحِبِ الْيَدِ لِتَسَاقُطِ الْبَيِّنَتَيْنِ وَقِيلَ تُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا لِاتِّفَاقِ الْبَيِّنَتَيْنِ عَلَى إِبْطَالِ مِلْكِ ذِي الْيَدِ وَاخْتُلِفَ لَوْ أَقَرَّ بِهَا الْحَائِزُ لِأَحَدِهِمَا فَعَلَى مَذْهَب الْمُدَوَّنَة انما لَهُ تَكُونُ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَعَلَى الْآخَرِ لَا يُقْبَلُ إِقْرَارُهُ وَالتَّرْجِيحُ بِتَقَدُّمِ التَّارِيخِ لَيْسَ فِيهِ تَكَاذُبٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مُتَأَخِّرُ التَّارِيخِ غَصْبًا أَوِ اشْتُرِيَ مِنْ غَاصِبٍ فَلَا يَزُولُ مِلْكُ الْأَوَّلِ إِلَّا بِيَقِينٍ إِذَا حَلَفَ أَنَّهُ مَا بَاعَ وَلَا وَهَبَ وَكَذَلِكَ التَّرْجِيحُ بِالنِّتَاجِ وَعَنْ أَشْهَبَ إِذَا شَهِدْتَ بِأَنَّ الْعَبْدَ كَانَ بِيَدِكَ لَا تَكُونُ أَحَقَّ حَتَّى تَقُولَ مِلْكَكَ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ كَوْنَهُ بِيَدِكَ يُوجِبُ رَدَّهُ إِلَى يَدِكَ حَتَّى تَثْبُتَ يَدٌ قَبْلَ يَدِكَ وَلَا يَبْطُلُ ذَلِكَ إِلَّا بِيَقِينٍ وَعَنْ أَشْهَبَ لَوْ شَهِدَتْ بِأَنَّهَا لَكَ وَشَهِدَتْ أُخْرَى بِأَنَّهَا مِلْكُ خَصْمِكَ قُضِيَ لَهُ بِهَا وَلَوْ تَقَدَّمَ تَارِيخُ يدك وَفِيه نظر كَمَا تَقَدَّمَ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى كَلَامِهِ الَّذِي هُوَ شَهِدَتْ لَهُ بِالْمِلْكِ اشْتَرَى مِمَّنْ حَازَ قَبْلَكَ فَيَصِحُّ قَالَ وَكَذَلِكَ أَيْضًا يُشْكِلُ قَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ لَا يُعْتَبَرُ أَنَّهَا وُلِدَتْ عِنْدَهُ لِأَنَّ يَدَهُ تَقَدَّمَتْ عَلَى أُمِّهَا إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ أُمَّهَا مِلْكٌ لِغَيْرِهِ وَإِنْ شَهِدَتْ أَنَّهَا بِنْتُ أَمَتِهِ لَمْ يُقْضَ لَهُ بِهَا لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ وَلَدَتْهَا قَبْلَ مِلْكِ الْأُمِّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا وُلِدَتْ عِنْدَكَ وَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ إِذَا شَهِدَتْ فِي الَّتِي بِيَدِ غَيْرِكَ أَنَّهَا وَلَدَتْ عِنْدَكَ لَا يُقْضَى لَكَ حَتَّى يَقُولُوا إِنَّكَ تَمْلِكُهَا وَيَحْلِفُ لَكَ مَا أَعْلَمُ لَكَ فِيهَا حَقًّا وَلَوْ

شَهِدُوا بِنَسِيجِ الثَّوْبِ وَلَمْ يَقُولُوا لَكَ لَمْ يُقْضَ بِهِ بَلْ بِقِيمَةِ النَّسَجِ وَيَحْلِفُ مَا نَسَجْتُهُ مِلْكًا قَالَ وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ تُخَالِفُ الْأُصُولَ الْمَعْرُوفَةَ لِأَنَّ الْحِيَازَاتِ لَهَا أَثَرٌ فَيُرَجَّحُ بِهَا أَمَّا لَوْ شَهِدَتْ كِلْتَاهُمَا بِالنَّسْجِ أَوِ الْوِلَادَةِ عِنْدَكُمَا كَانَ تَكَاذُبًا يُقْضَى بِالْأَعْدَلِ وَلَوْ كَانَ مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يُنْسَجَ مَرَّتَيْنِ كَالْخَزِّ تَرَجَّحَ الاول وَللثَّانِي اجرة فَإِنْ شَهِدَتَا بِعَيْنِ ذَلِكَ النَّسْجِ لَكُمَا قُضِيَ بِأَعْدَلِهِمَا لِأَنَّهُ تَكَاذُبٌ وَيَسْقُطَانِ مَعَ التَّكَافُؤِ وَيَأْخُذُهَا الْحَائِزُ مَعَ يَمِينِهِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ دَارٌ بَيْنَ حُرَّيْنِ وَعَبْدٍ تَاجِرٍ فَهِيَ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا أَوِ الْعَبْدُ فِي أَحَدِهِمَا فَهِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِأَنَّ الْعَبْدَ فِي أَحَدِهِمَا أَوْ هِيَ بَيْدِ تَاجِرَيْنِ عَبْدَيْنِ وَحُرٍّ فَادَّعَاهَا الْعَبْدَانِ لِأَنْفُسِهِمَا وَالْحُرُّ لِنَفْسِهِ قُسِّمَتْ أَثْلَاثًا وَلَوْ كَانَ السَّيِّدُ مَعَهُمْ فِي الدَّارِ وَهُمَا غَيْرُ مَا قُسِّمَتْ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمُدَّعِي لِنَفْسِهِ نِصْفَيْنِ وَلَمْ يَكُنْ لِلْعَبْدَيْنِ يَدٌ مَعَ السَّيِّد فَإِن كَانَ مَعَه فِي الديار عَبْدَانِ أَوْ زُوَّارٌ لَمْ يُنْظَرْ إِلَى عَدَدِهِمْ وَدَعْوَاهُمْ إِنْ كَانَ هُوَ الَّذِي أَحَلَّهُمْ فِي الدَّارِ مَعَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الدَّارِ نَظَرْتَ إِلَى عَدَدِهِمْ فَإِنْ كَانُوا أَرْبَعَةً أَحَدُهُمْ يَدَّعِيهَا لِنَفْسِهِ وَالْبَاقُونَ يَدَّعُونَهَا لِلَّذِي لَيْسَ مَعَهُمْ قُسِّمَتْ أَرْبَعَةً رُبْعٌ لِلْمُدَّعِي لِنَفْسِهِ وَالْبَاقِي لِمَنِ ادَّعَاهَا لَهُ الْبَاقُونَ وَلَوْ كَانَ مَعَهُمْ فِي الدَّارِ قُسِّمَتْ نِصْفَيْنِ وَزَالَتْ يَدُ الْمُدَّعِينَ لِغَيْرِهِمْ وَإِنْ قَالَ الثَّلَاثَةُ أَكْرَاهَا مِنَّا فُلَانٌ وَهِيَ لَهُ فَلَا عِبْرَةَ بِكَوْنِهِ فِي الدَّارِ مَعَهُمْ أَمْ لَا لِأَنَّ الْكِرَاءَ أَوْجَبَ لَهُمْ يَدًا فَصَارَ لِلَّذِي أَسْكَنَهُمْ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا لِأَنَّهُمْ إِنْ كَانُوا مَعَهُ كَانُوا تَحْتَ يَدِهِ كَمَتَاعٍ لَهُ فِي الدَّار وَلم ينظر لعدد رؤوسهم وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ صَارُوا حَائِزِينَ دُونَهُ فَيُقَسَّمُ عَلَى الْأَعْدَادِ قَالَ وَانْظُرْ إِذَا كَانَ هُوَ وَعَبْدُهُ الْمَأْذُونُ وَأَجْنَبِيٌّ وَلَا دَيْنَ عَلَى الْعَبْدِ هَلْ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَحْجُورِ وَتُقَسَّمُ نِصْفَيْنِ لِأَنَّ يَدَ الْعَبْدِ

إِذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ كَالْأَجْنَبِيِّ لِأَنَّ سَيِّدَهُ لايقدر عَلَى انْتِزَاعِ مَالِهِ وَإِنْ كَانَ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَقَدْ يُقَالُ لِأَنَّ يَدَ السَّيِّدِ إِذَا كَانَ مَعَه اقوالك السَّيِّدُ قَالَ الدَّارُ كُلُّهَا لِي دُونَ عَبْدِي وَقَوْلُهُ يُقْبَلُ عَلَيْهِ مِنَ الْأَجْنَبِيِّ يَقُولُ كُلُّهَا لِي فَتُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ إِنَّ الْأَجْنَبِيَّ يَقُولُ السَّيِّدُ مُقِرٌّ بِمَا يُوجِبُ مُقَاسَمَتِي إِيَّاهُ لِقَوْلِهِ الدَّارُ كُلُّهَا لِي وَعَنْ أَشْهَبَ فِي عَبْدٍ بِيَدِكَ وَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَة ان قَاضِي قَضَى لَهُ بِهِ وَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً كَذَلِكَ وأقمت أَنَّهُ مَلِكُهُ وَوَلَدُكَ فِي مِلْكِكَ قُضِيَ بِهِ لَكَ إِلَّا أَنْ يَزِيدُوا فِي الشَّهَادَةِ أَنَّ الْقَاضِيَ قَضَى بِهِ لَهُ لِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْكَ أَوْ مِنْ وَكِيلِكَ أَوْ مِمَّنْ بِعْتَهُ إِيَّاهُ فَإِنْ شَهِدَ لِلْآخَرِ بِذَلِكَ قَضَى بِقَوْلِ الْبَيِّنَةِ الْمُؤَرَّخَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي شَهَادَةِ غَيْرِ الْمُؤَرَّخَةِ أَنَّ الْقَاضِيَ قَضَى بِهَذَا الْعَبْدِ لِهَذَا فاقضى لَهُ بِهِ وان ورختا قُدِّمَتِ الْمُقَدِّمَةُ أَوْ لَمْ تُؤَرَّخَا قُسِّمَ بَيْنَهُمَا بعد ايمانهم بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا أَوْ نُكُولِهِمَا وَلَا يَمِينَ عَلَى صَاحِبِ الْوِلَادَةِ وَمَنْ نَكَلَ قُضِيَ عَلَيْهِ لِلْآخَرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ أَقَمْتَ بَيِّنَةً بِوِلَادَتِهَا فِي مِلْكِكَ وَالْآخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا بِهِ مِنَ الْمُقَاسِمِ لِأَنَّهُ شَأْنُ الشِّرَاءِ مِنَ الْمُقَاسِمِ وَلَوْ ثَبَتَ مَلْكُهُ لِمُسْلِمٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ مَالِكٍ يُقْضَى مَعَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْعَدَالَةِ بِأَكْثَرِهِمَا عَدَدًا فِي الدَّعَاوَى إِلَّا أَنْ يَكُونَ هَؤُلَاءِ كَثِيرًا يُكْتَفَى بِهِمْ فِي الِاسْتِظْهَارِ وَالْآخَرُونَ أَكْثَرُ جِدًّا فَلَا تُرَاعَى الْكَثْرَةُ بِخِلَافِ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعَةٍ وَأَمَّا شَاهِدَانِ وَشَاهِدٌ أَعْدَلُ زَمَانِهِ مَعَ يَمِينٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُقْضَى بِالشَّاهِدَيْنِ وَعَنْهُ بِالْأَعْدَلِ مَعَ الْيَمِينِ لِمَزِيدِ الْعَدَالَةِ وَقَالَ أَصْبَغُ أُقَدِّمُ الْأَعْدَلَ مَعَ الْيَمِينِ عَلَى أَرْبَعَةٍ فَإِنْ كَانَ فِي الْأَرْبَعَةِ اثْنَانِ أَعْدَلُ مِنْهُ قَضَيْتُ بِهِمَا قَالَ أَشْهَبُ الْأَعْدَلُ مَعَ الْيَمِينِ مُقَدَّمٌ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ قَالَهُ أَصْحَابُ مَالِكٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا جُهِلَتِ الْبَيِّنَتَانِ لَا يُقْضَى بِأَعْدَلَ مِمَّنْ زَكَّاهُمَا وَإِنَّمَا تُعْتَبَرُ الْأَعْدَلِيَّةُ فِي الشُّهُودِ أَنْفُسِهِمْ وَعَنْ مَالِكٍ التَّسْوِيَةُ

فِي التَّرْجِيحِ لِأَنَّهُ يَزِيدُ الظَّنَّ فِي الْمُزَكِّي وَإِذَا شَهِدَتْ أَنَّهُ تَرَكَهَا مِنْ سَنَتَيْنِ وَالْأُخْرَى أَنَّهَا وَلَدَتْ عِنْدَهُ فَهَذَا تَهَاتُرٌ وَيُقْضَى بِأَعْدَلِهِمَا وَيَسْقُطَانِ مَعَ التَّسَاوِي قَالَ أَشْهَبُ يُرَجَّحُ بِقَوْلِ الْعَبْدِ إِنِّي لِأَحَدِكُمَا عَبْدٌ فِي تَسَاوِي الْبَيِّنَتَيْنِ وَهُوَ فِي أَيْدِيكُمَا وَإِلَّا اعْتُبِرَ قَوْلُهُ فِي غَيْرِ هَذَا إِلَّا أَنْ يُقِيمَا بَيِّنَةً فَهُوَ لِمَنْ أَقَرَّ لَهُ بِالْمِلْكِ بَعْدَ أَنْ الْأَرْجَحُ بِقَوْلِهِ وَإِحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ أَرْجَحُ وَإِنِ ادَّعَيْتُمَا دَارًا بِيَدِ غَيْرِكُمَا أَوِ اسْتَعَارَهَا فَهِيَ لَكَ إِلَّا أَنْ يُقِيمَ الْآخَرُ بَيِّنَةً وَهِيَ لَكَ أَيْضًا عِنْدَ تَكَافُؤِ الْبَيِّنَتَيْنِ وَيَحْلِفُ مَعَ التَّكَافُؤِ مَا لَمْ يُعْلَمْ لِأَحَدٍ فِيهَا حَقٌّ وَلَا يَمِينَ عَلَى الْمَقَرِّ لِأَنَّهُ لَوْ يُصَدَّقُ فَإِنْ أَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَتَيْنِ أَنَّ الْآخَرَ أَوْدَعَهُ إِيَّاهَا قُدِّمَ الْمُتَقَدِّمُ مِنِ الْكِرَاءِ وَإِلَّا مَنْ قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا ثَبَتَ فَلَسُهُ فَأَقَمْتَ بَيِّنَةً أَنَّ لَهُ دَارًا هُوَ سَاكِنُهَا وَأَقَامَتِ الْمَرْأَةُ بَيِّنَةً أَنَّ الدَّارَ لَهَا يُقْضَى بِأَعْدَلِ الْبَيِّنَتَيْنِ فَإِنِ اسْتَوَتَا بَقِيَتْ لِلزَّوْجِ وَبِيعَتْ فِي دَيْنِهِ لِأَنَّ سُكْنَاهُ أَغْلَبُ مِنْ سُكْنَاهَا لِأَنَّ عَلَيْهِ إِسْكَانَهَا وَحَيْثُ قَسَّمَ الْمُدَّعَى لِتَسَاوِي الْبَيِّنَتَيْنِ فَأَقَامَ أَحَدُكُمَا بَيِّنَةً أَعْدَلَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْكَ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ حُكْمٌ مَضَى قَالَهُ مُطَرِّفٌ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَرْجِعُ لِبُطْلَانِ سَبَبِ الْحُكْمِ وَقَالَ سَحْنُونٌ فِي شَاة مسلوخة بِيَدِك وسقطها بيد آحر وتداعيتماها سَقْطَهَا قُضِيَ لِلْجَمِيعِ بِأَعْدَلِ الْبَيِّنَتَيْنِ فَإِنِ اسْتَوَتَا تَحَالَفْتُمَا فَإِنْ حَلَفْتُمَا أَوْ نَكَلْتُمَا قُضِيَ لِكُلِّ وَاحِدٍ بِمَا فِي يَدَيْهِ أَوْ نَكَلَ أَحَدُكُمَا قُضِيَ لِلْآخَرِ بِمَا فِي يَدِهِ فَلَوْ أَقَمْتَ بَيِّنَةً أَنَّهَا وَلَدَتْ عِنْدَكَ وَأَنَّكَ ذَبَحْتَهَا وَسَلَخْتَهَا وَأَنَّ السَّقْطَ لَكَ فَالْجَوَابُ سَوَاءٌ وَإِذَا شَهِدُوا أَنَّ أَبَاكَ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ وَشَهِدُوا أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ فِي يَدَيْهِ حَتَّى تَصَدَّقَ بِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ يُحْمَلُ قَوْلُهُ فِي عَدَمِ التَّرْجِيحِ بِالْهَذْرِ عَلَى أَنَّ الْكَثْرَةَ لَمْ تَحْصُلْ بِالْعِلْمِ وَإِلَّا قُدِّمَ الْعِلْمُ عَلَى الظَّنِّ وَعَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا لَا تُرَجَّحُ بِمَزِيدِ الْعَدَالَةِ وَإِذَا شَهِدَتَا بِأَنَّ الدَّابَّةَ نُتِجَتْ عِنْدَكُمَا فَهُوَ تَكَاذُبٌ أُرِّخَتْ أَمْ لَا تَقَدَّمَ التَّارِيخُ أَوِ اتَّحَدَ وَمَتى

شَهِدَتْ بِالنِّتَاجِ فِي وَقْتٍ لَا يُشْبِهُ قُدِّمَ وَإِنْ شَهِدَتْ أَنَّكَ رَهَنْتَهُ مَا تَحْتَ يَدِهِ وَشَهِدَتْ أُخْرَى أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الشِّرَاءِ إِلَّا أَنْ تَشْهَدَ الْأُخْرَى أَنَّ الرَّهْنَ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَقِيلَ يُقْضَى بِأَعْدَلِهِمَا قَالَ وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ إِلَّا أَنْ يَشْهَدَا عَنْ مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فَيُقْضَى بِالْأَعْدَلِ فَإِنِ اسْتَوَتَا قضي بِالرَّهْنِ لَان الْبَيِّنَتَيْنِ تسفطان وَيَبْقَى الْإِقْرَارُ وَقَالَ شَهِدَتْ لِلْقَائِمِ بِمَا وَقَعَ بَعْدَهُ مِنَ الشِّرَاءِ وَإِنْ تَقَدَّمَ الشِّرَاءُ كَانَ قَدْ غَصَبَ مِلْكَهُ تَمْهِيدٌ فِي الْجَوَاهِرِ مَدَارِكُ التَّرْجِيحِ أَرْبَعَةٌ زِيَادَةُ الْعَدَالَةِ وَقُوَّةُ الْحُجَّةِ فَيُقَدَّمُ الشَّاهِدَانِ عَلَى الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَعَلَى الشَّاهِدِ وَالْمَرْأَتَيْنِ إِذَا اسْتَوُوا فِي الْعَدَالَةِ قَالَ أَشْهَبُ وَقَالَ ابْن الْقَاسِم لَا يقد من وَلَوْ كَانَ الشَّاهِدُ أَعْدَلَ مِنْ حُكْمِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَحَكَمَ بِهِ عَلَى الْيَمِينِ وَقُدِّمَ عَلَى الشَّاهِدِ وَعَنْهُ مِثْلُ أَشْهَبَ وَالثَّالِثُ الْيَدُ فَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ صَاحِبِ الْيَدِ وَاشْتِمَالُ أَحَدِ الْبَيِّنَتَيْنِ عَلَى زِيَادَة تَارِيخ واذا قدمتا بِالْأَعْدَلِ فَهَلْ يُقَدَّمُ بَأَعْدَلِيَّةِ الْمُزَكِّي لَمْ يَعْتَبِرْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَاعْتَبَرَهُ مُطَرِّفٌ الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ فِي الْبَيَانِ إِذَا شَهِدَ رَجُلٌ أَنَّهَا مِلْكُهُ وَآخَرُ أَنَّهَا حَوْزُهُ قَالَ مَالِكٌ تُجْمَعُ شَهَادَةُ الرَّجُلَيْنِ لِأَنَّ الْمَعْنَى وَاحِدٌ وَالْأَحْكَامُ تَتَعَلَّقُ بِالْمَعَانِي دُونَ الْأَلْفَاظِ وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ أَنَّ الْمَنْزِلَ مَنْزِلُهُ أَوْ فِي الطَّلَاقِ بِحِيلَةٍ أَوْ يَشْهَدُ الْآخَرُ بريبة اَوْ يشْهد أَحَدكُمَا أَنَّهَا دَارُكَ وَيَشْهَدُ الْآخَرُ أَنَّهُ غَصَبَكَ إِيَّاهَا قُضِيَ لَكَ بِهَا أَوْ يَشْهَدُ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَالْآخَرُ أَنَّهُ صَالَحَهَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا المسالة الرَّابِعَة قَالَ اذا اشْهَدْ أَحَدَهُمَا لَا يَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ وَالْآخَرُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُ زَوْجَتِهِ وُقِفَ الْمَالُ حَتَّى يتَبَيَّن أَمر الزَّوْجَة لَا يعجل للْوَلَد حَقُّهُ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ بَيْنَهُمَا لَا تَكُونُ بِالشَّكِ قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ شَاءَ الْوَارِثُ حَلَفَ مَعَ الشَّاهِدِ وَأَخَذَ الْمَالَ كُلَّهُ لِأَنَّ شَاهده جازم يبْقى غَيْرِهِ فَإِنِ امْتَنَعَ مِنَ

الْيَمِينِ عَزَلَ نَصِيبَ الزَّوْجَةِ وَأَخَذَ الْوَارِثُ الْبَاقِيَ بِغَيْر يَمِين فَإِن اوقف وَطَالَ الزَّمَانُ أُعْطِيَ الْوَارِثُ الْمَالَ كُلَّهُ وَصُورَةُ الْيَمين مَا يعلم لَهُ زَوْجَة أَنَّهَا زَوْجَةٌ وَشَهِدَ لَهَا شَاهِدٌ حَلَفَتْ وَأَخَذَتْ مِيرَاثَهَا بَعْدَ الِاسْتِينَاءِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَالِكٍ وَإِنَّمَا مُنِعَ مِنْ إِيقَافِ حَقِّ الزَّوْجَةِ خَاصَّة خشيَة اتلافه وبعدم الْوَارِثُ فَيَتَعَذَّرُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ إِذَا ثَبَتَ حَقُّهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ شَاهِدٍ بِخَمْسِينَ وَشَاهِدٍ بِمِائَةٍ أَنَّهُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَخْذِ الْخَمْسِينَ بِغَيْرِ يَمِين وَبَين اخذ الْمِائَة بِيَمِين مَعَ شَاهدهَا أَنَّ شَاهِدَ الْخَمْسِينَ تَمَّتْ لَهُ الشَّهَادَةُ بِالْخَمْسِينَ وَهَاهُنَا لَمْ يَجْزِمْ شَاهِدُهُ لَهُ بِجَمِيعِ الْمَالِ بَلْ يَقُولُ لَا عِلْمَ لِي بِالْمُشَارِكِ الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ قَالَ إِذَا شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ صَالَحَهَا وَالْآخَرُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً قَالَ مَالِكٌ لَا تُضَمُّ لاخْتِلَاف الْمَشْهُود بِهِ بِخِلَاف طَلقتهَا فِي رَمَضَانَ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا فِي شَوَّالٍ لِأَنَّ الْمَشْهُودَ بِهِ وَاحِدٌ وَهُوَ الطَّلَاقُ كَمَا لَا يُضَمُّ أَنَّهُ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّ فلَانا قَامَ وَالْآخر شهد بِالطَّلَاقِ لَا يُكَلِّمُ رَجُلًا لِلِاخْتِلَافِ وَيَحْلِفُ عَلَى تَكْذِيبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الشَّاهِدَيْنِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا أَلْبَتَّةَ وَالْآخَرُ أَنَّهُ صَالَحَهَا لَا تُضَمُّ قَالَ وَهَذِه الْمسَائِل أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ إِنِ اخْتَلَفَ اللَّفْظُ وَاتَّحَدَ الْمَعْنَى لُفِّقَتْ إِجْمَاعًا وَإِنِ اخْتَلَفَا لَا تُضَمُّ اتِّفَاقًا وَإِنِ اتَّفَقَ اللَّفْظُ وَالْمَعْنَى وَاخْتَلَفَ الْأَيَّامُ وَالْمَجْلِسُ الْمَشْهُورُ التَّلْفِيقُ وَإِنِ اتَّفَقَ اللَّفْظُ وَالْمَعْنَى دُونَ مَا يُوجِبُهُ الْحُكْمُ الْمَشْهُورُ عَدَمُ التَّلْفِيقِ كَشَهَادَةِ أَحَدِهِمَا أَنَّ فُلَانًا قَدِمَ وَشَهَادَةِ الْآخَرِ أَنَّهُ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَا يُكَلِّمُهُ فَلَا يُضَمُّ عَلَى الْمَشْهُورِ وَكَذَلِكَ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا وَالْآخَرُ أَنَّهُ صَالَحَهَا وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَا يَفْعَلُ كَذَا وَالْآخَرُ أَنَّهُ حَلَفَ أَنَّ إِحْدَى امْرَأَتَيْهِ طَالِقٌ لَا يَفْعَلُهُ لَا تُضَمُّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِاخْتِلَافِ الْمَعْنَى وَاللَّفْظِ وَقِيلَ يُطَلَّقَانِ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَعَنْ

سَحْنُونٍ إِذَا جَرَحَهُ أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ مَا جَرَحَهُ بِهِ الآخر جرح لاجتماعها عَلَى جَرْحِهِ وَقِيلَ لَا يُجْرَحُ حَتَّى يَتَّفِقَا عَلَى جَرْحَةٍ وَاحِدَةٍ كَذَّابٌ أَوْ نَحْوُهُ قَالَ ابْن الْقَاسِم واشهد اثْنَانِ أَنَّهُ أَشْهَدَهُمَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا فِي رَمَضَانَ وَاحِدَةً وَآخَرَانِ أَنَّهُ أَشْهَدَهُمَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً فِي شَوَّال وَآخر أَنَّهُ أَشْهَدَهُمَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً فِي ذِي الْقِعْدَةِ لَزِمَهُ الثَّلَاثُ وَلَا يَدِينُ كَمَا لَوْ أَشْهَدَهُمَا أَنَّ لَهُ عِنْدَهُ مِائَةً ثُمَّ فَعَلَ ذَلِكَ فِي الْغَدِ وَبَعْدَ الْغَدِ لَزِمَهُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَقَالَ أَصْبَغُ يَحْلِفُ وَيَبْرَأُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَعَادَ الطَّلَاقَ الْأَوَّلَ إِلَّا أَنْ يَحْدُثَ الطَّلَاقُ عِنْدَ كُلِّ شَاهِدَيْنِ فَيَقُولُ اشْهَدُوا أَنَّهَا طَالِقٌ بِخِلَافِ أَنِّي طَلَّقْتُهَا وَقَالَ مَالِكٌ إِنْ شَهِدُوا أَنَّهُ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا أَلْبَتَّةَ أَوِ اثْنَتَيْنِ وَقَالَ الْآخَرَانِ مَا طَلَّقَ إِلَّا وَاحِدَةً وَقَالَ الْجَمِيعُ سَمِعْنَاهُ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ وَكَلَامٍ وَاحِدٍ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ لِلْأَكْثَرِ وَكَذَلِكَ أَنَّهُ أَعْتَقَ زَيْدًا وَمَيْمُونًا وَالْآخَرَانِ لَمْ يَتَفَوَّهْ إِلَّا بِعِتْقِ زِيدٍ وَحْدَهُ عُتِقَ الْعَبْدَانِ لِوُجُودِ النِّصَابِ فِيهِمَا وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَا أَسْلَفَهُ عِشْرِينَ وَقَالَ الْآخَرَانِ لَمْ يُسْلِفْهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ إِلَّا عَشْرَةً لَزِمَهُ الْعِشْرُونَ لِأَنَّ الْمُثْبِتَ لِلزِّيَادَةِ أَحْفَظُ لِمَا نَسِيَهُ الْآخَرَانِ وَأَغْفَلَاهُ قَالَ ابْن الْقَاسِم واذا قَالَ الْمَجْلِسُ بِطَلَاقٍ وَلَكِنَّهُ حَلَفَ بِعِتْقِ غُلَامٍ أَسْمَيَاهُ سَقَطت الشَّهَادَة الْآخرَانِ إِنَّمَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ الْأُخْرَى وَأَعْتَقَ عَبْدَهُ الْآخَرَ وَفِي الزامه من الْبَيِّنَة والواحدة وَالْعِشْرِينَ وَالْعَشَرَةِ وَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْمَشْهُورُ لِمُتَيَقِّنٍ وَالْفَرْقُ إِنْ كَانَتِ الزِّيَادَةُ بِزِيَادَةِ لَفْظٍ مِثْلَ أَنْ يشْهد أَنه اقر لَهُ ب وَعِشْرِينَ فَأَقَرَّ لَهُ بِأَحَدٍ وَعِشْرِينَ أَوْ بِغَيْرِ زِيَادَةِ لَفْظٍ نَحْوَ أَقَرَّ لَهُ بِتِسْعَةَ عَشَرَ وَقَالَ الْآخَرُ إِنَّهُ أَقَرَّ بِعِشْرِينَ قَالَ مَالِكٌ وَلَو شهد عَلَيْهِ رجل بِشرب بِالْخمرِ فِي شَوَّالٍ وَالْآخَرُ أَنَّهُ شَرِبَهُ فِي رَبِيعٍ حُدَّ قَالَ وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا تُلَفَّقُ الشَّهَادَة فِي الْفِعْل لَان الْفِعْل المتعدد متغاير قَطْعًا وَالْقَوْلُ تُمْكِنُ حِكَايَتُهُ مَعَ اتِّحَادِهِ وَعَنِ

ابْنِ الْقَاسِمِ يُحَدُّ فِي الشُّرْبِ إِذَا قَالَ أَحَدُهُمَا رَأَيْتُهُ يَشْرَبُ الْخَمْرَ فِي شَوَّالٍ وَالْآخَرُ قَالَ رَأَيْتُهُ فِي شَعْبَانَ لِأَنَّ الشُّرْبَ فِعْلٌ يُؤَدِّي إِلَى الْقَوْلِ وَهُوَ الْقَذْفُ كَمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِذَا شَرِبَ سكر واذا سكر هذى وواذا هَذَى افْتَرَى فَمَا خَالَفَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَصْلَهُ وَوَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ الْقِيَاسُ عَلَى قَوْلِ أَحَدِهِمَا رَأَيْتُهُ يَشْرَبُهَا فِي زُجَاجٍ وَقَالَ الْآخَرُ فِي فَخَّارٍ فَإِنَّهُ يُحَدُّ الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ إِذَا شَهِدَا بِأَلْفٍ أَنَّهَا لِفُلَانٍ وَآخَرَانِ أَنَّهَا وَصِيَّةٌ لِغَيْرِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُقْضَى بِأَعْدَلِهِمَا فَإِنِ اسْتَوَيَا قُسِّمَ بَيْنَهُمَا بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا وَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا قُضِيَ بِهَا لِلْآخَرِ وَإِنْ نَكَلَا وَقَالَا لَا علم لنا واشهود مِنَ الْوَرَثَةِ دَفَعَ كُلُّ وَارِثٍ مِنْهُمْ مَا يُصِيبُهُ مِمَّا شَهِدَ بِهِ لِمَنْ شَهِدَ لَهُ فَلَوْ تَرَكَ أَلْفَيْنِ وَأَرْبَعَمِائَةٍ وَثَمَانِيَةً مِنَ الْوَلَدِ فَيَشْهَدُ مِنْهُمُ اثْنَانِ لَكَ بِأَلْفٍ وَقَالَ آخَرَانِ بل هِيَ وَصِيَّة لغيرك دفع شَاهد الْوَصِيَّةِ لِلْمُوصَى لَهُ ثُلْثَ مَا يَجِبُ لَهُمَا مِائَتَيْ دِينَارٍ لِأَنَّهُ يَجِبُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَلَاثُمِائَةٍ وَدَفَعَ اللَّذَانِ شَهِدَا بِالدَّيْنِ لَكَ رُبْعَ مَا يجب لَهما مائَة دِينَار وَخَمْسُونَ وَخَمْسَة وَسَبْعُونَ مِنْ نَصِيبِ كَلِّ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ يَجِبُ لِكُلِّ وَاحِدٍ ثَلَاثُمِائَةٍ وَلَمْ يَجِبْ عَلَى غَيْرِهِمْ شي لِعَدَمِ ثُبُوتِ الشَّهَادَةِ بِالتَّعَارُضِ قَالَ ابْنُ دَحُّونِ إِنْ لَمْ يَحْمِلِ الثُّلُثُ الْأَلْفَ بَطَلَتْ شَهَادَةُ الَّذِينَ شَهِدُوا أَنَّهَا وَصِيَّةٌ وَدُفِعَتْ فِي الدَّيْنِ لِأَن شُهُود الْوَصِيَّة يحوزوا لأنفسهما لِأَن مَا لم يحمل الثُّلْثُ مِنْهَا يَكُونُ عَلَى قَوْلِهِمَا مِيرَاثًا قَالَ وَهُوَ كَمَا قَالَ إِذَا تَقَدَّمَتِ الشَّهَادَةُ بِالدَّيْنِ أَمَّا إِنْ تَأَخَّرَتْ أَوْ كَانَا مَعًا فَلَا تُهْمَةَ وَعَلَى مَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ فِي إِعْمَالِ الشَّهَادَتَيْنِ مَعًا حَمْلُ الثُّلُثِ الْأَلْفَ أَمْ لَا فَيُقْضَى بِهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِلَّذِي شَهِدَ لَهُ بِأَنَّهَا دَيْنٌ وَبِهَا مِنْ ثُلُثِ بَقِيَّةِ الْمَالِ لِلْمَشْهُودِ لَهُ بِالْوَصِيَّةِ إِنْ حَمَلَهَا الثُّلُث اَوْ مَا حمله وَلَوْ كَانَ الْمَشْهُودُ لَهُ وَاحِدًا بِالدَّيْنِ

وَالْوَصِيَّةُ لِأَخْذِهَا بِشَهَادَتِهِمَا حَمَلَهَا الثُّلُثُ أَمْ لَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الشَّهَادَةَ تُلَفَّقُ إِذَا اتَّفَقَتْ فِيمَا يُوجِبُهُ الْحُكْمُ وَإِنِ اخْتَلَفَ اللَّفْظُ وَالْمَعْنَى وَإِلَّا فَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ التَّلْفِيقِ فَلَا وَكَذَلِكَ يَتَخَرَّجُ إِذَا شَهِدَ اثْنَانِ أَحَدُهُمَا بِأَنَّهَا دَيْنٌ وَالْآخَرُ بِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ عَلَى الْخِلَافِ فِي تَلْفِيقِ الشَّهَادَةِ فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا تَلْفِيقٌ تَكُونُ لَهُ الْأَلْفُ بِشَهَادَتِهِمَا إِنْ حَمَلَهَا الثُّلُثُ بِغَيْرِ يَمِينٍ وان لم يحملهَا الثُّلُث خير الْمَشْهُود بَيْنَ أَخْذِ مَا حَمَلَهُ الثُّلْثُ مِنَ الْأَلْفِ دُونَ يَمِينٍ أَوْ حَلَفَ مَعَ شُهُودِهِ أَنَّهَا دَيْنٌ وَأَخَذَ جَمِيعَهَا وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ التَّلْفِيقِ لَا بُد مِمَّن الْيَمِينِ وَيَحْلِفُ مَعَ أَيِّهِمَا شَاءَ وَيَأْخُذُ مَا وَجَبَ لَهُ بِشَهَادَتِهِ الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ فِي الْجَوَاهِرِ حَيْثُ قُلْنَا يُقْسِمُ الْمُدَّعَى بِهِ فَإِنْ كَانَ فِي أَيْدِيهِمَا فَهَلْ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ الدَّعَاوَى كَمَا لَوْ كَانَ أَصْلَانِ بِتَفَاوُتِ الدَّعَاوَى لِأَنَّ سَبَبَ الِاسْتِحْقَاقِ وَالْحَوْزِ إِلَّا أَنْ يُسَلِّمَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ بَعْضَ حِيَازَتِهِ قَوْلَانِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانُوا جَمَاعَةً بَيْنَهُمْ إِلَّا أَنْ يُسَلِّمَ أَحَدُهُمْ بَعْضَ مَا يَخْتَصُّ بِحِيَازَتِهِ وَإِذَا قُسِّمَ عَلَى قدر الدعاوي ولان الْمُدعى خَارِجا عَنْ أَيْدِيهِمَا فَاخْتُلِفَ فِي الْكَيْفِيَّةِ فَعَنْ مَالِكٍ يقسم جَمِيعه على قدر اخْتَلَفَتِ الْحِصَصُ الْمُدَّعَى بِهَا كَعَوْلِ الْفَرَائِضِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا اخْتَلَفَتِ الدَّعَاوَى يُقْسَّمُ مَا اشْتَرَكُوا فِي الدَّعْوَى فِيهِ بَيْنَهُمْ عَلَى السَّوَاءِ وَمَا اخْتَصَّ بَعْضُهُمْ بِالدَّعَاوَى فَلَا مُقَاسَمَةَ فِيهِ لِمَنِ اخْتَصَّ عَنْهُ بِدَعْوَاهُ وَاخْتُلِفَ فِي اعْتِبَارِ الِاخْتِصَاصِ عَلَى طَرِيقَيْنِ سَيَأْتِي بَيَانُهُمَا فِي هَذِهِ الصُّورِ الصُّورَةُ الْأُولَى إِذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا جَمِيعَهُ وَالْآخَرُ نِصْفَهُ وَتَسَاوَتِ الْبَيِّنَاتُ فَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ يُقَسَّمُ أَثْلَاثًا لِمُدَّعِي الْكُلِّ الثُّلْثَانِ وَالثُّلُثُ لِمُدَّعِي النّصْف وعَلى

قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى أَرْبَعَةٍ لِمُدَّعِي الْكُلِّ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ وَلِمُدَّعِي النِّصْفِ سَهْمٌ لِأَنَّ مُدَّعِي النِّصْفِ سُلِّمَ النِّصْفَ وَالنِّزَاعُ إِنَّمَا هُوَ فِي الْآخَرِ فَيُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ ادَّعَى ثَلَاثَةٌ الْكُلَّ وَالنِّصْفَ وَالثُّلْثَ فَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ يُقَسَّمُ أَحَدَ عَشَرَ لِمُدَّعِي الْكُلِّ سِتَّةٌ وَلِمُدَّعِي النِّصْفِ ثَلَاثَةٌ وَلِمُدَّعِي الثُّلْثِ اثْنَانِ وَهُوَ كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ تَشْبِيهٍ بِعَوْلِ الْفَرَائِضِ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ اثْنَيْ عَشَرَ وَتَصِحُّ مِنْ أَحَدٍ وَثَلَاثِينَ عَلَى أَحَدِ الطَّرِيقَيْنِ لِأَنَّ مُدَّعِيَ الْكُلِّ سُلِّمَ لَهُ النِّصْفُ عَلَى هَذَا الطَّرِيقِ وَسُلِّمَ مُدَّعِي الثُّلْثِ السُّدُسَ وَهُوَ ثُلُثُ النِّصْفِ الْآخَرِ وَهُوَ مُتَنَازَعٌ فِيهِ بَيْنَ مُدَّعِي الْكُلِّ وَمُدَّعِي النِّصْفِ فَيُقَسِّمَانِهِ نِصْفَيْنِ وَيُقَسِّمُ الثُّلُثَ كُلُّهُمْ فَيَخُصُّ مُدَّعِي الْكُلِّ النِّصْفُ سِتَّةٌ وَالسُّدُسُ سَهْمٌ وَثُلُثُ الثُّلْثِ سَهْمٌ وَثُلُثٌ تَكُونُ الْجُمْلَةُ ثَمَانِيَةَ أَسْهُمٍ وَثُلْثُ سَهْمٍ وَيَخُصُّ مُدَّعِي النِّصْفِ نِصْفُ السُّدُسِ سَهْمٌ وَثُلُثٌ وَالثَّلَاثُ سَهْمٌ وَثُلُثٌ تَكُونُ الْجُمْلَةُ سَهْمَيْنِ وَثُلْثًا وَلَا يَخُصُّ مُدَّعِي الثُّلْثِ سِوَى ثَلَاثَةٍ وَثُلْثٍ فَتَضْرِبُ أَصْلَ الْمَسْأَلَةِ فِي مُخْرِجِ الْكَسْرِ تبلغ سِتَّة وَثَلَاثِينَ كَمَا تقدم على طَرِيق الثَّانِي فَيُقَسَّمُ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا لِأَنَّ مُدَّعِي الْكُلِّ إِنَّمَا سُلِّمَ لَهُ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقِ السُّدُسُ لِأَنَّهُ لَا نِزَاعَ فِيهِ وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ تَبْقَى عِشْرُونَ مدعي الْكل يدعيها وَصَاحبه يدعيأنها فَيقسم بَينه وبنهما نِصْفَيْنِ لَهُ نصفهَا عشرَة اتصير لَهُ أَرْبَعَة عشر وَيبقى لَهُم عَشْرَةٌ سُلِّمَ مِنْهَا مُدَّعِي الثُّلْثِ سَهْمَيْنِ لِزِيَادَتِهِمَا عَلَى الثُّلْثِ يَأْخُذُهُمَا مُدَّعِي النِّصْفِ ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ الثُّلْثَ الْبَاقِي يَتَحَصَّلُ لِمُدَّعِي النِّصْفِ سِتَّةٌ وَلِمُدَّعِي الثُّلُث أَرْبَعَة فَهَذَا فرق بَيْنَ الطَّرِيقَتَيْنِ تَنْبِيهٌ فِي الْجَوَاهِرِ مَدَارِكُ التَّرْجِيحِ أَرْبَعَةٌ زِيَادَةُ الْعَدَالَةِ وَقُوَّةُ الْحُجَّةِ كَالشَّاهِدَيْنِ يُقَدَّمَانِ عَلَى الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَالْيَدُ عِنْدَ التَّعَادُلِ وَزِيَادَةُ التَّارِيخِ وَفِي النَّوَادِرِ مَدْرَكٌ خَامِسٌ التَّفْصِيلُ وَالْإِجْمَالُ فَتُقَدَّمُ الْمُفَصَّلَةُ عَلَى الْمُجْمَلَةِ

وَالنَّظَرُ فِيهِ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّظَرِ فِي الْأَعْدَلِ فَإِذَا اسْتَوَوْا فِي التَّفْصِيلِ وَالْإِجْمَالِ نُظِرَ فِي الاعدل مِنْهُمَا وَمثله شَهَادَة أَحدهمَا بِحَوْزِ الصَّدَقَةِ قَبْلَ الْمَوْتِ وَقَالَتِ الْأُخْرَى رَأَيْنَاهُ يَخْدُمُهُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ فَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ عَدَمِ الْحَوْزِ إِذَا لَمْ تَتَعَرَّضِ الْأُخْرَى لِرَدِّ هَذَا الْقَوْلِ وَذَكَرَ مَدْرَكًا سَادِسًا وَهُوَ اخْتِصَاصُ إِحْدَاهُمَا بالاطلاع كَشَهَادَة بحوز الرَّهْن والآخرى فِي الْحَوْز لادما ثبتَتْ لِلْحَوْزِ وَهُوَ زِيَادَةٌ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٌ قَالَ مُحَمَّدٌ يُقْضَى بِهِ لِمَنْ هُوَ فِي يَده وَكَانَ لَهُ كسابق اسْتِصْحَاب للْحَال وللغالب وَمثله شَهَادَتهمَا أَنَّهُ أَوْصَى وَهُوَ صَحِيحٌ وَشَهِدَتِ الْأُخْرَى أَنَّهُ اوصى وَهُوَ موسوس قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تُقَدَّمَ بَيِّنَةُ الصِّحَّةِ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِذَا شَهِدَتْ بِأَنَّهُ زَنَى عَاقِلًا وَالْأُخْرَى أَنه كَانَ مَجْنُونا ان قيم عَلَيْهِ مَجْنُونا قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْجُنُونِ وَهُوَ يَرْجِعُ إِلَى التَّرْجِيحِ بِشَهَادَة الْحَالِ قَالَ ابْنُ اللَّبَّادِ إِنَّمَا يُعْتَبَرُ وَقْتُ الرُّؤْيَةِ لَا وَقْتُ الْقِيَامِ فَلَمْ يُعْتَبَرْ ظَاهِرُ الْحَالِ وَيُنْقَلُ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي إِثْبَاتِ الزِّيَادَةِ إِذَا شَهِدَتْ بِالْقَتْلِ أَوِ السَّرِقَةِ أَوِ الزِّنَى وَشَهِدَتِ الْأُخْرَى أَنَّهُ بِمَكَانٍ بَعِيدٍ نَحْوُهُ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ وَلَا يُدْرَأُ عَنْهُ الْحَدُّ بِأُولَئِكَ قَالَ سَحْنُونٌ إِلَّا أَنْ يَشْهَدَ بِذَلِكَ جَمْعٌ عَظِيمٌ كَالْحَجِيجِ أَوْ نَحْوِهِمْ أَنَّهُ وَقَفَ بِهِمْ أَوْ صَلَّى بِهِمُ الْعِيدَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ لَا يُشْتَبَهُ عَلَيْهِمْ وَقَدْ يَشْتَبِهُ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ قَالَ سَحْنُونٌ وَلَوْ أَقَامَ عَلَى الْقَتْلِ شَاهِدًا وَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ كَانَ بِمَكَانٍ بَعِيدٍ فَالْبَيِّنَةُ أَوْلَى مِنَ الْوَاحِدِ قَالَ سَحْنُونٌ وَلَوْ شَهِدَتْ بِقَتْلِهِ زَيْدًا يَوْمَ كَذَا فِي مَوْضِعِ كَذَا وَشَهِدَتْ أُخْرَى بِقَتْلِهِ عَمْرًا فِي ذَلِك الْيَوْم فِي مَوضِع اخر سَقَطت الشَّهَادَتَيْنِ وَقَالَ أَصْبَغُ قَدِ اجْتَمَعَتَا عَلَى الْقَتْلِ فَإِذَا قَامَ الوليان قتلته لَهما قَالَ اصيغ وَكَذَلِكَ إِذَا شَهِدَتْ بِالزِّنَى فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فِي مَوْضِعَيْنِ حَدَدْتَهُ حَدًّا وَاحِدًا بِخِلَافِ لَوْ شَهِدَتِ الْأُخْرَى بِأَنَّهُ سَرَقَ ذَلِكَ الْيَوْمَ بِمَوْضِعٍ آخَرَ بَعِيدٍ سَقَطَتِ الشَّهَادَتَانِ لِعَدَمِ اجْتِمَاعِهِمَا عَلَى فِعْلٍ وَاحِدٍ قَالَ ابْنُ

الْقَاسِمِ إِنْ شَهِدَتْ بِمَوْتِهِ سَنَةَ سِتِّينَ وَشَهِدَتِ الْأُخْرَى أَنَّهُ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ قُدِّمَتْ لِزِيَادَةِ الْحَيَاةِ الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ قَالَ إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ عَلَى صَاحِبِ الْيَدِ فَادَّعَى الشِّرَاءَ مِنَ الْمُدَّعِي أَوْ ثَبَتَ الدَّيْنُ فَادَّعَى تَوَفَّيْتَهُ إِنْ كَانَتِ الْبَيِّنَةُ حَاضِرَةً سُمِعَتْ قَبْلَ إِزَالَةِ الْيَدِ وَتَوْفِيَةِ الدّين اَوْ قريبَة اتَّصل اَوْ بعيدَة طُولِبَ بِالتَّسْلِيمِ حَتَّى يقدم وَيشْهد الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ فِي الْكِتَابِ إِذَا مَاتَ وَتَرَكَ وَلَدَيْنِ مُسَلِمًا وِنَصْرَانِيًّا كِلَاهُمَا يَدَّعِي مَوْتَ الْأَبِ عَلَى دِينِهِ وَتَكَافَأَتِ الْبَيِّنَتَانِ فِي الْعَدَالَةِ أَوْ لَا بَيِّنَةَ لَهُمَا قُسِّمَ الْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا كَمَالٍ تَدَاعَيَاهُ وَإِنْ كَانَ الْمُسْلِمُ صَلَّى عَلَيْهِ وَدَفَنَهُ فِي قُبُورِ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ هَذَا حُجَّةٌ شَرْعِيَّةٌ فَإِنْ لَمْ يَأْتِيَا بِبَيِّنَةٍ وَهُوَ مَعْرُوفٌ بِالنَّصْرَانِيَّةِ فَهُوَ عَلَى ذَلِكَ وَالنَّصْرَانِيُّ أَحَقُّ بِهِ حَتَّى يثبت خِلَافه وَقَالَ غَيره اذا تكافات الْبَينَات قُضِيَ بِالْمَالِ لِلْمُسْلِمِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى دَعْوَى النَّصْرَانِيِّ لِأَنَّ بَيِّنَةَ الْمُسْلِمِ زَادَتْ أَنَّهُ أَسْلَمَ قَالَ التُّونُسِيُّ قَوْلُهُ تُقَسَّمُ التَّرِكَةُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ يُرِيدُ بَعْدَ إِثْبَاتِهِمَا وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَصْوَبُ لِأَنَّ الْمَيِّتَ جُهِلَ دِينُهُ فَلَمْ تَزِدْ بَيِّنَة الْغَيْر شَيْئا كَمَا فال الْغَيْرُ وَيَلْزَمُ عَلَى قَوْلِ الْغَيْرِ عَدَمُ الْحَاجَةِ لِتَكَافُؤِ الْبَيِّنَةِ لِأَنَّ مَنْ زَادَ شَيْئًا حَكَمَ بِهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرُ الزَّائِدِ أَعْدَلَ فَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا وَلَدٌ صَغِيرٌ قَالَ أَصْبَغُ يَأْخُذُ النِّصْفَ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ أَقَرَّ لَهُ بِالنِّصْفِ وَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ يَحْلِفَانِ وَيُوقَفُ مَا بِأَيْدِيهِمَا حَتَّى يَكْبُرَ فَيَدَّعِي دَعْوَى أَحَدِهِمَا فَيَأْخُذُ مَا وَقَفَ لِاحْتِمَالِ عَدَمِ دَعْوَاهُ وَإِنْكَارِهِ لِذَلِكَ وَإِنْ مَاتَ صَغِيرًا حَلَفَا وَاقْتَسَمَا مِيرَاثَهُ لِأَنَّهُمَا وَارِثَاهُ فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ بُلُوغِهِ وَلَهُ وَرَثَةٌ يُعْرَفُونَ فَهُمْ أَحَقُّ بِمِيرَاثِهِ لِأَنَّ غَيْرَهُمْ يَرِثُ بِالشَّكِّ فَإِنْ كَبِرَ الصَّبِيُّ وَادَّعَاهُ كَانَ لَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ الْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ يُشْبِهُ أَنَّ مُرَادَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِتَكَافُؤِ الْبَيِّنَتَيْنِ أَنْ يَشْهَدَا أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُسْلِمًا حَتَّى تُوُفِّيَ وَتَشْهَدَ الْأُخْرَى أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ نَصْرَانِيًّا حَتَّى تُوُفِّيَ وَهُوَ مَجْهُولٌ وَأَمَّا إِنْ شَهِدَتْ أَنَّهُ أَسْلَمَ وَشَهِدَتِ الْأُخْرَى أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ نَصْرِانِيًا حَتَّى مَاتَ قُضِيَ بِبَيِّنَةِ الْإِسْلَامِ لِأَنَّهَا زَادَتْ حُدُوثَ الْإِسْلَامِ

وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنْ كَانَ عِوَضُ الِاثْنَيْنِ جَمَاعَةً وَقُلْنَا يُقَسَّمُ الْمَالُ قُسِّمَ نِصْفَيْنِ وَإِنْ تَفَاوَتَتْ أَعْدَادُهُمْ أَوْ كَانَ فِي أَحَدِ الْجِهَتَيْنِ جَمَاعَةٌ وَفِي الآخرى وَاحِد كَانَ لَهُ النِّصْفُ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ وَإِذَا مَاتَ نَصْرَانِيٌّ فِي رَمَضَانَ فَتَرِثُهُ وَقَالَ الْآخَرُ بَلْ فِي شَعْبَانَ قَبْلَهُ فَلَا تَرِثُهُ بَلِ النَّصْرَانِيُّ على دينه قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ النَّصْرَانِيِّ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ وَيُصَدَّقُ الْمُسْلِمُ عِنْدَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَلَوِ اتَّفَقَا أَنَّهُ مَاتَ أَبُوهُمَا مُسْلِمًا وَادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ تَقَدُّمِ إِسْلَامِهِ وَيَرِثُ الْمُتَّفَقُ عَلَى إِسْلَامِهِ الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ فِي النَّوَادِرِ إِذَا شَهِدَتْ أَنَّهُ غَصَبَهُ إِيَّاهَا وَشَهِدَتْ أُخْرَى أَنَّ هَذَا الْحَائِزَ اقر انك اودعته اياه قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْغَصْبِ لِأَنَّهَا تَقْتَضِي سَبْقَ يَدِهِ قَالَهُ أَشْهَبُ فَإِنِ ادَّعَيْتَ الشِّرَاءَ مِنْهُ وَأَنَّ بَيِّنَةَ الْغَصْبِ حَضَرَتِ الشِّرَاءَ وَشَهِدَتْ عَلَيْهِ قَالَ سَحْنُونٌ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الشِّرَاءِ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي مِنْ أَهْلِ الْحَوْزِ فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى صِحَّةِ شِرَائِهِ وَإِلَّا فُسِخَ بَعْدَ يَمِينِ مُدَّعِي الْغَصْبِ عَلَى إِبْطَالِ الشِّرَاءِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِذَا شَهِدَتْ أَنَّكَ أَعْتَقْتَهُ وَلَا يَعْلَمُونَ لَهُ وَارِثًا غَيْرَكَ دُفِعَ إِلَيْكَ مِيرَاثُهُ بِغَيْرِ كَفِيلٍ فَإِنْ جَاءَ آخَرُ بَعْدَكَ بِمِثْلِ ذَلِكَ نُظِرَ فِي حُجَّتِهِ قَالَ أَشْهَبُ وَمِنْ حُجَّتِهِ أَنْ يَنْظُرَ مَنْ أَعْتَقَ أَوَّلًا فَيُقْضَى لَهُ وان كَانَت بَيِّنَة الآخر اعْدِلْ الشكل السَّابِقُ قُدِّمَ الْأَعْدَلُ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ فَإِنِ اسْتَوَوْا سَقَطُوا وَصَارَ مَالًا وَوَلَاءً بِغَيْرِ شَهَادَةٍ يُقَرُّ بِيَدِ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ وَإِذَا شَهِدَتْ بِأَرْضٍ ذَاتِ نَخْلٍ أَنَّهَا مِلْكُهُ وَغُرِسَتْ نَخْلُهَا وَشَهِدَتْ أُخْرَى لِمَنْ هِيَ بِيَدِهِ بِذَلِكَ قُضِيَ باعدلهما فَإِن استوتا وَلم يوقتا اَوْ وقتا وَقْتًا وَاحِدًا بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمَا فِي غَرْسِ النَّخْلِ لتكافئهما وان وقتا بَطَلَتِ الشَّهَادَةُ فِي الْأَرْضِ خَاصَّةً أَيْضًا وَإِنْ

وقتنا وَقْتًا مُخْتَلِفًا قُضِيَ بِالْأَرْضِ لِأَوَّلِهِمَا وَقْتًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْآخَرُ حَازَ عَلَيْهِ حِيَازَةً تَقْطَعُ الدَّعْوَى فَيُقْضَى لَهُ بِالْحِيَازَةِ وَإِنْ وُقِّتَتْ إِحْدَاهُمَا قضي بالارض لصَاحب المؤقتة وان كَانَت فِي يَد من لم يُوَقت بِبَيِّنَة وَقيل لِمُسْتَحَقِّ الْأَرْضِ ادْفَعْ لِرَبِّ النَّخْلِ قِيمَتَهَا السَّاعَةَ قَائِمَةً وَإِلَّا أَعْطَاكَ قِيمَةَ أَرْضِكَ بَرَاحًا فَإِنِ امْتَنَعَا كَانَا شَرِيكَيْنِ بِقِيمَةِ الْأَرْضِ بَيْضَاءَ وَقِيمَةِ النَّخْلِ يَوْمَ الْحُكْمِ فَإِنْ كَانَ فِيهِمَا غَيْرُ النَّخْلِ قُطْنٌ قُضِيَ بِالْأَرْضِ وَالْقُطْنِ لِأَعْدَلِهِمَا فَإِنِ اسْتَوَتَا فَلِمَنْ هِيَ بِيَدِهِ بَعْدَ تَحَالُفِهِمَا فَإِنْ حَلَفَ غَيْرُ صَاحِبِ الْيَدِ وَنَكَلَ صَاحِبُ الْيَدِ قُضِيَ لِلْحَالِفِ قَالَ ابْنُ عَبْدُوسَ عَنْ سَحْنُونٍ إِنَّمَا خَالَفَتْ مَسْأَلَةُ الْأَمَةِ وَأُمِّهَا مَسْأَلَةَ الْأَرْضِ وَالْغَرْسِ فِي التَّوْقِيتِ لِأَنَّ الْأَمَةَ إِذَا وَلَدَتْ فِي مِلْكِهِ فَالْوَلَدُ لَهُ وَقَدْ يُغْرَسُ فِيمَا هُوَ لغيرك قَالَ وَيَنْبَغِي فِي مَسْأَلَةِ الْأَرْضِ وَالْغَرْسِ إِذَا سَقَطَتْ فِي الْغَرْسِ أَنْ تَسْقُطَ فِي الْأَرْضِ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ وَاحِدَةٌ سَقَطَتْ تَمْهِيدٌ تَقَدَّمَ أَنَّ بَيِّنَةَ صَاحِبِ الْيَدِ أَوْلَى عِنْدَ التَّسَاوِي أَوْ هِيَ أَعْدَلُ سَوَاءٌ كَانَتِ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ بِمُطْلَقِ الْمِلْكِ أَوْ بِمُضَافٍ إِلَى سَبَبٍ نَحْوَ هُوَ مِلْكِي نَسَجْتُهُ أَوْ وَلَدَتِ الدَّابَّةُ عِنْدِي فِي ملكي كَانَ السَّبَب الْمُضَاف اليه الْملك يتكررفي الْمِلْكِ كَنَسْجِ الْخَزِّ وَغَرْسِ النَّخْلِ أَمْ لَا وَقَالَهُ ش وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَوْلَى وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَصْلًا وَقَالَ ح تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ إِنِ ادَّعَى مُطْلَقَ الْمِلْكِ وَإِنْ كَانَ مُضَافًا إِلَى سَبَبٍ يتَكَرَّر وادعاه كِلَاهُمَا فَكَذَلِك اولا يَتَكَرَّرُ كَالْوِلَادَةِ وَادَّعَيَاهُ وَشَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ بِهِ فَقَالَتْ كل بَيِّنَة وَله على ملكه قدمت بَيِّنَة صَاحِبَ الْيَدِ لَنَا عَلَى ابْنِ حَنْبَلٍ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ تَحَاكَمَ إِلَيْهِ رَجُلَانِ فِي دَابَّةٍ وَأَقَامَ كل وَأحد

الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا لَهُ فَقَضَى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لصَاحب الْيَد وَلِأَن الْيَد وَلَنَا عَلَى ح مَا تَقَدَّمَ وَالْقِيَاسُ عَلَى المضال إِلَى سَبَبٍ لَا يَتَكَرَّرُ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَنِ ادَّعَى وَالْيَمِينَ عَلَى مَنْ انكر وَهُوَ يَقْتَضِي صنفين من الْيَمِينُ حُجَّتُهُ فَبَيِّنَتُهُ غَيْرُ مَشْرُوعَةٍ فَلَا تُسْمَعُ كَمَا ان اَوْ لِأَنَّهَا لَا تَعَارَضَا فِي سَبَبٍ لَا يَتَكَرَّرُ كَالْوِلَادَةِ شَهِدَتْ هَذِه بِالْولادَةِ والآخرى فَسَقَطَتَا فَبَقِيَتِ الْيَدُ فَلَمْ يُحْكَمْ لَهُ بِالْبَيِّنَةِ اما مَا يتكررله تعين السَّبَب مُهِمّ بعد بَيِّنَة إِلَّا مَا أَفَادَتْهُ يَدُهُ فَسَقَطَتْ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ ولان صَاحب الْيَد اذا لم تقم للطَّالِب بَيِّنَةً لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ وَإِنْ لَمْ تُسْمَعْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَهِيَ أَحْسَنُ حَالَتَيْهِ فَكَيْفَ إِذَا أَقَامَ الطَّالِبُ بَيِّنَةً لَا تُسْمَعُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى فَإِنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَضْعَفُ وَلِأَنَّا انما اعملنا بَيِّنَة فِي صُورَةِ النِّتَاجِ لِأَنَّ دَعْوَاهُ إِفَادَةُ الْوِلَادَةِ وَلم تعدها يَدُهُ وَشَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ بِذَلِكَ فَأَفَادَتِ الْبَيِّنَةُ غَيْرَ مَا أَفَادَتِ الْيَدُ فَقُبِلَتْ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ الْقَوْلُ بِالْمُوجَبِ فَإِنَّ الْحَدِيثَ جَعَلَ بَيِّنَةَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وانتم تَقولُونَ لَهُ فَيَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهَا بَيِّنَةَ ذِي الْيَدِ لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي عَلَيْهِ سَلَّمْنَا عَدَمَ الْقَوْلِ بِالْمُوجِبِ لَكِنَّ الْمُدَّعِيَ إِنْ فُسِّرَ بِالطَّالِبِ فَصَاحب الْيَد طَالب لِنَفْسِهِ فَتَكُونُ الْبَيِّنَةُ مَشْرُوعَةً فِي حَقِّهِ وَإِنْ فسرنا ضعف الْمُتَدَاعِيَيْنِ سَبَبًا فَالْخَارِجُ لَمَّا أَقَامَ بَيِّنَتَهُ صَارَ الدَّاخِلُ أَضْعَفَ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُدَّعِيًا تُشْرَعُ الْبَيِّنَةُ فِي حَقِّهِ سَلَّمْنَا دَلَالَتَهُ لَكِنَّهُ مُعَارَضٌ بقوله تَعَالَى {إِن الله يَأْمر بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَان} وَالْعَدْلُ التَّسْوِيَةُ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى يَقُومَ الْمُخَصَّصُ فَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ وَبِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لعَلي

رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا تَقْضِ لِأَحَدِهِمَا حَتَّى تَسْمَعَ مِنَ الْآخَرِ وَهُوَ يُفِيدُ وُجُوبَ الِاسْتِمَاعِ مِنْهُمَا وَإِنَّ مَنْ قَوِيَتْ حُجَّتُهُ حُكِمَ بِهَا وانتم تَقولُونَ لَا يسمع بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ يُنْتَقَضُ بِمَا اذا تَعَارَضَتَا فِي دَعْوَى طَعَام ادعيتهما زراعته وشهدتا بِذَلِكَ وَالزَّرْعُ لَا يُزْرَعُ مَرَّتَيْنِ كَالْوِلَادَةِ وَلَمْ يَحْكُمُوا بِهِ لِصَاحِبِ الْيَدِ وَبِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ فِي المَال لِاسْتِحَالَة ثُبُوته لَكمَا فِي الْحَالِ وَلِأَنَّهُ لَوْ حَكَمَ لَهُ بِالْيَدِ دُونَ الْبَيِّنَةِ لَمَا حَكَمَ لَهُ إِلَّا بِالْيَمِينِ لِأَنَّهُ شَأْنُ الْيَدِ الْمُنْفَرِدَةِ وَلَمَّا لَمْ يَحْتَجِ الْيَمِينِ عُلِمَ بِأَنَّهُ إِنَّمَا حَكَمَ لَهُ بِالْبَيِّنَةِ وَلِأَنَّهُ لَمَّا حَكَمَ لَهُ حَيْثُ كَذَبَتْ بَيِّنَتُهُ اولى ان تحكم لَهُ إِذَا لَمْ تُكَذَّبْ بَيِّنَتُهُ وَلِأَنَّ الْيَدَ أَضْعَفُ مِنَ الْبَيِّنَةِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْيَدَ لَا يُقْضَى بِهَا إِلَّا بِالْيَمِينِ وَيُقْضَى بِالْبَيِّنَةِ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ وَلَوْ أَقَامَ الْخَارِجُ بَيِّنَةً قُدِّمَتْ عَلَى يَدِ الدَّاخِلِ إِجْمَاعًا فَعَلِمْنَا أَنَّ الْبَيِّنَةَ تُفِيدُ مَا لَا تُفِيدُهُ الْيَدُ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّهُ إِنَّمَا لَمْ تُسْمَعْ بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ عِنْدَ عَدَمِ بَيِّنَة الْخَارِج لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ قوي الْيَد وَالْبَيِّنَةُ إِنَّمَا تُسْمَعُ مِنَ الضَّعِيفِ فَوَجَبَ سَمَاعُهَا لِلضَّعْفِ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ إِلَّا عِنْدَ إِقَامَةِ الْخَارِجِ بَيِّنَةً وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ الدَّعْوَى وَالْيَدَ لَا تفِيد مُطلقًا شَيْئا والا لَكَانَ مَعَ الْمُدَّعِي عَلَيْهِ حجج الْيَد وَالدَّعْوَى وَالْبَيِّنَة يخيره الْحَاكِم فِيهَا أَنه مَتى أَقَامَ كَمَنْ شَهِدَ لَهُ شَاهِدَانِ وَشَاهِدٌ وَامْرَأَتَانِ خُيِّرَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْيَمِينِ مَعَ أَحَدِهِمَا فَعُلِمَ بِأَنَّ الْمُفِيدَ إِنَّمَا هُوَ الْبَيِّنَةُ وَالْيَدُ لَا تُفِيدُ مِلْكًا وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ مَعَهَا لِلْيَمِينِ كالبينة بل تفِيد التّبعِيَّة عِنْدَهُ حَتَّى تَقُومَ الْبَيِّنَةُ وَلِأَنَّهَا لَوْ أَفَادَتْ وَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً بِأَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْهُ لَمْ يَحْتَجْ إِلَى يَمِينٍ تَنْبِيهٌ خَالَفَنَا الْأَئِمَّةُ أَيْضًا فِي الترج 4 يح بِزِيَادَةِ الْعَدَالَةِ وَوَافَقُونَا فِي عَدَمِ التَّرْجِيحِ بِالْعَدَدِ لنا اعْتبرت لما تثيره من الظَّن فِي الْأَعْدَلِ أَقْوَى

فَيقدم كاخبار الاحاد اذا رجح أَحدهمَا بِلَا عدد فَيَكُونُ هُوَ الْمُعْتَبَرَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - امرنا ان نحكم بِالظَّاهِرِ ولان الا فِي الشَّهَادَةِ أَكْثَرَ مِنَ الرِّوَايَاتِ بِدَلِيلِ جَوَازِ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ الْمُنْفَرِدَةِ فِي الرِّوَايَةِ دُونَ الشَّهَادَةِ لما كَانَ الِاحْتِيَاطُ مَطْلُوبًا أَكْثَرَ فِي الشَّهَادَةِ وَجَبَ ان لَا يعدل من الاعدل وَالظَّن الاقوى فِيهَا قِيَاسا على الْمدْرك فِي هَذَا الْوَجْهِ الِاحْتِيَاطُ وَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ الْجَامِع انما هُوَ الظَّن وَذَا اخْتَلَفَتِ الْجَوَامِعُ فِي الْقِيَاسَاتِ تَعَدَّدَتْ احْتَجُّوا بِأَنَّ الشَّهَادَة مقررة فِي الشَّرْعِ فَلَا تَخْتَلِفُ بِزِيَادَةِ الْمَأْخُوذِ فِيهِ فَدِيَةُ الصَّغِيرِ كَدِيَةِ الشَّرِيفِ الْبَطَلِ الْعَالِمِ وَلِأَنَّ الْبَطَلَ الْعَظِيمَ مِنَ الْفَسَقَةِ يُحَصِّلُ مِنَ الظَّنِّ أَكْثَرَ مِنَ الشَّاهِدَيْنِ وَهُوَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فَعُلِمَ بِأَنَّهَا تَعَبُّدٌ لَا يَدْخُلُهَا الِاجْتِهَادُ وَكَذَلِكَ الْجَمْعُ مِنَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ إِذَا كَثُرُوا وَلِأَنَّهُ لَوِ اعْتُبِرَتْ زِيَادَةُ الْعَدَالَةِ وَهِيَ صِفَةٌ لَاعْتُبِرَتْ زِيَادَةُ الْعَدَدِ وَهِيَ بَيِّنَاتٌ مُعْتَبَرَةٌ إِجْمَاعًا فَيَكُونُ اعْتِبَارُهَا أَوْلَى مِنَ الصِّفَةِ وَلَا يُعْتَبَرُ الْعَدَدُ فَلَا تُعْتَبَرُ الصِّفَةُ الضَّعِيفَةُ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ وَصْفَ الْعَدَالَةِ مَطْلُوبٌ فِي الشَّهَادَةِ وَهُوَ مَوْكُولٌ إِلَى اجْتِهَادِنَا وَهُوَ مُتَزَايِدٌ فِي نَفْسِهِ فَمَا رَجَّحْنَا إِلَّا فِي مَوْضِعِ اجْتِهَادٍ لَا فِي مَوضِع التَّقْرِير وَعَنِ الثَّانِي أَنَا لَا نَدَّعِي أَنَّ الظَّنَّ كَيْفَمَا كَانَ يُعْتَبَرُ بَلْ نَدَّعِي أَنَّ مَزِيدَ الظَّنِّ بَعْدَ حُصُولِ أَصْلٍ مُعْتَبَرٌ كَمَا أَنَّ قَرَائِنَ الْأَحْوَالِ لَا تَثْبُتُ بِهَا الْأَحْكَامُ وَالْفَتَاوَى وَإِنْ حَصَّلْتَ ظَنًّا أَكْثَرَ مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْأَقْيِسَةِ وَأَخْبَارِ الْآحَادِ لِأَنَّ

الشَّرْعَ لَمْ يَجْعَلْهَا مَدْرَكًا لِلْفُتْيَا وَالْقَضَاءِ وَلَمَّا جَعَلَ الْأَخْبَارَ وَالْأَقْيِسَةَ مَدَارِكَ لَلْفُتْيَا دَخَلَهَا التَّرْجِيحُ اجماعا فَكَذَلِك هَاهُنَا اصل الْبَيِّنَة مُعْتَبر لعد الْعَدَالَة والشروط المخصومة فَاعْتُبِرَ فِيهِ التَّرْجِيحُ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ التَّرْجِيحَ بِالْعدَدِ يقْضِي إِلَى كَثْرَة النزاع وَطول الْخُصُومَات فَكَمَا رَجَّحَ أَحَدُهُمَا بِمَزِيدٍ سَعَى الْآخَرُ وَطَلَبَ الْإِمْهَالَ لِيُحَصِّلَ زِيَادَةَ بِبَيِّنَتِهِ فَيَطُولَ النِّزَاعُ وَلَيْسَ فِي قُدْرَتِهِ أَنْ يَجْعَلَ بَيِّنَتَهُ أَعْدَلَ فَلَا يَطُولُ النِّزَاعُ وَلِأَنَّ الْعَدَدَ مُقَرَّرٌ بِعَيْنِ مَا تَقَدَّمَ فَامْتَنَعَ الِاجْتِهَادُ فِيهِ بِخِلَافِ وَصْفِ الْعَدَالَةِ وَكَذَلِكَ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمْصَارِ وَالْأَعْصَارِ فَعُدُولُ زَمَانِنَا لَمْ يَكُونُوا يُقْبَلُونَ فِي زَمَانِ الصَّحَابَةِ وَأَمَّا الْعدَد فَلم تخْتَلف أَلْبَتَّةَ مَعَ أَنَّا نَلْتَزِمُ التَّرْجِيحَ بِالْعَدَدِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَنَا

(الباب السادس في الجرح والتعديل والعدالة وتعرف أحوال الشهود)

(الْبَابُ السَّادِسُ فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ وَالْعَدَالَةِ وَتَعَرُّفِ أَحْوَالِ الشُّهُودِ) الْعَدَالَةُ عِنْدَنَا حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى الْحَاكِمِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِغَيْرِ عَدْلٍ وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْهُ الْخَصْمُ بِالْعَدَالَةِ وَبِهِ قَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح الْعَدَالَة حق للخصم فاذ علم أَنَّهُمَا مسلمان ظاهران حَكَمَ بِهِمَا وَلَا يَحْتَاجُ لِلْبَحْثِ عَنْ عَدَالَتِهِمَا إِلَّا أَنْ يَجْرَحَهُمَا الْخَصْمُ فِيمَا سِوَى الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ لَنَا إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ لِأَنَّ رَجُلَيْنِ شَهِدَا عِنْدَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ فَقَالَ لَا اعرفكما وَلَا يضركما ان لَا اعرفكما جياني بِمن يعرفكما فجااه بِرَجُلٍ فَقَالَ لَهُ أَتَعْرِفُهُمَا قَالَ نَعَمْ قَالَ كُنْتَ مَعَهُمَا فِي سَفَرٍ يُبَيِّنُ عَنْ جَوَاهِرِ النَّاسِ قَالَ لَا قَالَ فَأَنْتَ جَارُهُمَا تَعْرِفُ صَبَاحَهُمَا وَمَسَاءَهُمَا قَالَ لَا قَالَ أَعَامَلْتَهُمَا بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ الَّتِي تُقَطَعُ بِهَا الْأَرْحَامُ قَالَ لَا فَقَالَ يَابْنَ أَخِي مَا تَعْرِفُهُمَا جَيآنِي بِمَنْ يُعَرِفُكُمَا وَهَذَا بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَحْكُمُ إِلَّا بِمَحْضَرِهِمْ وَلَمْ يُخَالِفْهُ أَحَدٌ فَكَانَ اجماعا وَالظَّاهِر أَنه مَا سُئِلَ عَنْ تِلْكَ الْأَسْبَابِ مِنَ السَّفَرِ وَغَيْرِهِ إِلَّا وَقَدْ عَرَفَ إِسْلَامَهُمَا لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَتَعْرِفُهُمَا مُسلمين وان ذَلِك تعجل الْحُكْمِ وَاجِبٌ عِنْدَ وُجُودِ الْحُجَّةِ لِأَنَّ أَحَدَ الْخَصْمَيْنِ على سفر عَلَى الْفَوْرِ وَالْوَاجِبُ لَا

يُؤَخَّرُ إِلَّا لِلْوَاجِبِ وقَوْله تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عدل مِنْكُم} لَا يَسْتَشْهِدُ وَقَوْلُهُ مِنْكُمْ إِشَارَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ فَلَوْ كَانَ الاسلام مَأْخُوذٌ مِنَ الِاعْتِدَالِ فِي الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ وَالِاعْتِقَادِ فَهُوَ وصف الْإِسْلَامِ وقَوْله تَعَالَى {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} وَرِضَا الْحَاكِمِ بِهِمْ فَرْعُ مَعْرِفَتِهِمْ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى مَا إِذَا سَأَلَهُ الْخَصْمُ الْعَدَالَةَ وَطَعَنَ فِيهِمْ بِجَامِعِ عَدَمِ ظُهُورِ أَحْوَالِهِمَا وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْحُدُودِ وَقَوْلِهِمُ الْحُدُودُ حَقٌّ لِلَّهِ وَالْحَاكِمُ نَائِبُهُ فَطَلَبَ الْعَدَالَةَ وَفِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّ هِيَ حَقُّهُ فَلَمْ يتَعَيَّن الْحَاكِم مَمْنُوع ان الْعَدَالَةَ حَقٌّ آدَمِيٌّ أَصْلًا وَكَمَا لَوْ قَالَ لَهُ احْكُمْ لِي بِقَوْلِ كَافِرَيْنِ فَإِنَّهُ حَقٌّ لِي أَوْ بِقَوْلِ امْرَأَةٍ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} وَلَمْ يُشْتَرَطِ الْعَدَالَةُ وَبِقَوْلِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْمُسْلِمُونَ عُدُولٌ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا مَحْدُودًا فِي حَدٍّ وَقَبِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شَهَادَةَ الْأَعْرَابِيِّ بَعْدَ أَنْ قَالَ لَهُ أَتَشَهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ فَلَمْ يَعْتَبِرْ غَيْرَ الْإِسْلَامِ وَلِأَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ كَافِرٌ بِحَضْرَتِنَا جَازَ قَبُولُ قَوْلِهِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ مِنْهُ إِلَّا الْإِسْلَامُ وَلِأَنَّ الْبَحْثَ لَا يُؤَدِّي إِلَى لُحُوقِ الْعَدَالَةِ وَإِذَا كَانَ الْمَقْصُودُ الظَّاهِرَ فَالْإِسْلَامُ كَافٍ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَتَمُّ وَأَرْجَحُ وَلِأَنَّ صَرْفَ الصَّدَقَةِ بحوزها عَلَى ظَاهِرِ الْفَقْرِ مِنْ غَيْرِ

بَحْثٍ وَعُمُومَاتُ النُّصُوصِ وَالْأَوَامِرِ تُحْمَلُ عَلَى ظَوَاهِرِهَا من غير بحث فَكَذَلِك هَاهُنَا وَيَتَوَضَّأُ بِالْمِيَاهِ وَيُصَلِّي بِالثِّيَابِ بِنَاءً عَلَى الظَّاهِرِ مِنْ غَيْرِ بَحْثٍ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ مُطْلَقٌ فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ النَّصُّ الْمُقَيِّدُ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {ذَوي عدل مِنْكُم} فَقيل بِالْعَدَالَةِ وَقيل ايضا بِرِضا الْحُكَّام وَالْمُسْلِمين هُوَ مَشْرُوطٌ بِالْبَحْثِ وَلِأَنَّ الْإِسْلَامَ لَا يَكْفِي فِيهِ ظَاهِرُ الدَّارِ فَكَذَلِكَ لَا نَكْتَفِي بِالْإِسْلَامِ فِي الْعَدَالَةِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِ وَصْفِ الْعَدَالَةِ لِقَوْلِهِ عُدُولٌ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُعْتَبَرًا لَسَكَتَ عَنْهُ وَهُوَ مُعَارَضٌ بِقَوْلِهِ لَا يؤسر مُسْلِمٌ بِغَيْرِ الْعُدُولِ وَلِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي صَدره الْإِسْلَامِ حَيْثُ الْعَدَالَةُ غَالِبَةٌ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ السُّؤَالَ عَنِ الْإِسْلَامِ لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ سُؤَالِهِ عَنْ غَيْرِهِ فَلَعَلَّهُ سَأَلَ أَوْ كَانَ غَيْرُ هَذَا الْوَصْفِ مَعْلُومًا عِنْدَهُ وَعَن الرَّابِع ان لاتقبل شَهَادَتُهُ حَتَّى تُعْلَمَ سَجَايَاهُ وَجُرْأَتُهُ عَلَى الْكَذِبِ وَإِنْ قَبِلْنَاهُ فَذَلِكَ لِتَيَقُّنِنَا عَدَمَ مُلَابَسَتِهِ لِمَا يُنَافِي الْعَدَالَةَ بَعْدَ إِسْلَامِهِ وَعَنِ الْخَامِسِ أَنَّهُ بَاطِلٌ بِالْإِسْلَامِ فَإِنَّ الْبَحْثَ عَنْهُ لَا يُؤَدِّي إِلَى يَقِينٍ وَيَحْكُمُ الْحَاكِمُ فِي الْقَضِيَّةِ الَّتِي لَا نَصَّ فِيهَا وَلَا إِجْمَاعَ فَإِنَّ بَحْثَهُ لَا يُؤَدِّي إِلَى يَقِينٍ وَأَمَّا الْفَقِيرُ فَلَا بُدَّ مِنَ الْبَحْثِ عَنْهُ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ هُوَ الْفقر بِخِلَاف العالة بل من أَنه هَاهُنَا أَنْ تُعْلَمَ عَدَالَتُهُ فِي الْأَصْلِ فَإِنَّهُ لَا يُبْحَثُ عَنْ مُزِيلِهَا وَكَذَلِكَ أَصْلُ الْمَاءِ الطَّهَارَةُ وَلَا يَخْرُجُ عَنْ ذَلِكَ إِلَّا بِتَغَيُّرِ لَوْنِهِ أَوْ طَعْمِهِ أَوْ رِيحِهِ وَذَلِكَ مَعْلُومٌ بِالْقَطْعِ فَلَا حَاجَةَ إِلَى الْبَحْثِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ بِخِلَاف الْعَدَالَة والاوأمر فَإنَّا لَا نكتفي بظاهرها بل لابد من الْبَحْث عَن الصَّارِف والمخصص

والاعدل على ظَاهرهَا وَفِي التَّفْرِيع ثَلَاثَة وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةً الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى عَدَمُ قَبُولِ ظَاهِرِ عَدَالَتِهِمْ حَتَّى يَسْأَلَ عَنْهُمْ فِي السِّرِّ وَيُكْتَفَى بِتَزْكِيَةِ السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ وَلَا تُقْبَلُ التَّزْكِيَةُ إِلَّا مِنْ مَقْبُولِ الشَّهَادَةِ وَيُزَكَّى الشَّاهِدُ وَهُوَ غَائِبٌ لَان الْمَقْصُود الِاطِّلَاع على حَاله من النَّاسِ مَنْ لَا يُسْأَلُ عَنْهُ لِشُهْرَةِ عَدَالَتِهِ عِنْدَ الْقَاضِي وَالنَّاسِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ يُشْتَرَطُ فِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ خَمْسَةُ أَوْصَافٍ الْبُلُوغُ الْوَازِعُ التَّكْلِيفُ وَالْعَقْلُ لِأَنَّ عَدَمَهُ يُنَافِي التَّكْلِيفَ وَالْحُرِّيَّةُ لَان شرف الرُّتْبَة تمنع ان يخل فِيهِ نَاقض بالعبودية والاسلام لَان نَقصه بالْكفْر يشر وَالْعَدَالَةُ وَهِيَ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ يَجْتَنِبُ الْكَبَائِرَ وَيَتَوَقَّى الصَّغَائِرَ قَالَ وَمَنْ شَرْطِهِ أَيْضًا الْيَقَظَةُ وَالتَّحَرُّزُ لِأَنَّ الْمُغْفِلَ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهِ التَّحَيُّلُ من اهل التحيل وَاخْتلف فِي اشْتِرَاطه عَدَمِ الْحَجْرِ فَعَنْ مَالِكٍ عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ لِأَنَّ السَّفَهَ اسْتِهْزَاءٌ بِالْمَالِ وَالشَّهَادَةُ مُعْتَمَدُهَا ضَبْطُ الدِّينِ فَلَا يُنَافِي وَاشْتَرَطَهُ أَشْهَبُ لِأَنَّ السَّفَهَ إِضَاعَةُ الْمَالِ وَهِيَ حَرَامٌ فَهُوَ يُخِلُّ بِدِينِهِ وَبَالَغَ أَشْهَبُ فَقَالَ وَلَوْ كَانَ لَوْ طَلَبَ مَالَهُ أُعْطِيَهُ وَمَنَعَ مُحَمَّدٌ شَهَادَةَ الْبِكْرِ حَتَّى تُعَنَّسَ وَفِي الْجَوَاهِرِ الَّذِي تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ الْمُجْتَنِبُ لِلْكَبَائِرِ الْمُتَّقِي لِلصَّغَائِرِ ذُو مروة وَتَمْيِيزٍ مُسْتَيْقِظٌ مُتَوَسِّطُ الْحَالِ بَيْنَ الْبُغْضِ وَالْمَحَبَّةِ وَالِاعْتِدَالُ فِي الْأَحْوَالِ الدِّينِيَّةِ هُوَ الْعَدَالَةُ بِأَنْ يَكُونَ ظَاهِرَ الْأَمَانَةِ بَعِيدًا مِنَ الرَّيْبِ مَأْمُونًا فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ قَالَ قَالَ بَعْضُ عُلَمَائِنَا وَلَيْسَتِ الْعَدَالَةُ أَنْ يُمَحِّضَ الطَّاعَةَ حَتَّى لَا تَشُوبَهَا مَعْصِيَةٌ لِتَعَذُّرِهِ لَكِنْ مَنْ كَانَتِ الطَّاعَةُ أَكْثَرَ حَالِهِ وَهُوَ مُجْتَنِبٌ الْكَبَائِرَ يُحَافِظُ عَلَى ترك الصَّغَائِر يسْتَعْمل المرؤة الَّتِي تلِيق بِمثلِهِ فِي دينه ودنياه فَكل من صدر مِنْهُ تعد ادى لسُقُوط الدينوالمرؤة فَهُوَ قَادِحٌ فِي

شَهَادَته قَالَ القَاضِي ابو بكر ضَابِط المرؤة ان لَا يَأْتِيَ بِمَا يَعْتَذِرُ مِنْهُ مِمَّا لَا يُنَحِّيهِ عَنْ مَرْتَبَتِهِ عِنْدَ أَهْلِ الْفَضْلِ قَالَ ابْنُ مُحرز وَلَيْسَ المُرَاد بالمرؤة نَظَافَةَ الثَّوْبِ وَفَرَاهَةَ الْمَرْكُوبِ وَجَوْدَةَ الْآلَةِ وَالشَّارَةِ وَلَكِنِ التَّصَوُّنُ وَالسَّمْتُ الْحَسَنُ وَحِفْظُ اللِّسَانِ وَتَجَنُّبُ السخف والمجون والارتفاع عَن كل خلق ردئ يُرَى أَنَّ مَنْ تَخَلَّقَ بِهِ لَا يُحَافِظُ مَعَهُ عَلَى دِينِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي نَفْسِهِ جُرْحَةٌ وَرَأَى بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ شَهَادَةَ الْبَخِيلِ لَا تُقْبَلُ لِأَنَّ احْتِيَاطَ الْبُخْلِ يُؤَدِّيهِ إِلَى منع الْحُقُوق وأخد مَا لَيْسَ بِحَقٍّ وَلَا تُرَدُّ شَهَادَةُ أَرْبَابِ الْحِرَفِ الدَّنِيَّةِ كَالْكَنَّاسِ وَالدَّبَّاغِ وَالْحَجَّامِ وَالْحَائِكِ إِلَّا أَن يكون يفعل ذَلِك اخْتِيَارا مِمَّنْ لَا يَلِيقُ بِهِ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى خبل فِي الْعقل وَقلة المرؤة قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ وَيُشْتَرَطُ فِيمَنِ اجْتَمَعَ فِيهِ هَذَانِ الْوَصْفَانِ الْعِلْمُ بِتَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ إِذْ لَا يُؤْمَنُ الْغَلَطُ عَلَى الْجَاهِلِ بِشَرْطِ ذَلِكَ وَالتَّحَرِّي لِيُؤْمَنَ عَلَيْهِ التَّحَيُّلُ مِنْ أَهْلِ التَّحَيُّلِ فَإِنَّ الْفَاضِلَ الْخَيِّرَ الضَّعِيفَ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهِ التَّلَبُّس فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِلْإِمَامِ خَوْفًا مِنْ ذَلِكَ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ أَجَازَ ابْنُ حَبِيبٍ شَهَادَةَ الْمَجْهُولِ عَلَى الْمَوْسِمِ فِيمَا يَقَعُ بَيْنَ الْمُسَافِرِينَ فِي السَّفَرِ لِلضَّرُورَةِ قِيَاسًا عَلَى شَهَادَةِ الصِّبْيَانِ فِي الْجِرَاحِ وَقِيلَ تَجُوزُ فِي الْيَسِيرِ اسْتِحْسَانًا تَنْبِيهٌ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ مَرَاتِبُ الشُّهُودِ إِحْدَى عَشْرَةَ كُلُّ مَرْتَبَةٍ لَهَا حُكْمٌ يَخُصُّهَا الشَّاهِدُ المبرز فِي الْعَدَالَة الْقَائِم بِمَا تَصِحُّ بِهِ الشَّهَادَةُ يُقْبَلُ فِي كُلِّ شَيْء ويزكي ويجرح إِن سُئِلَ عَنْ كَيْفِيَّةِ ذَلِكَ إِذَا أَبْهَمَ وَلَا يُقْبَلُ فِيهِ التَّجْرِيحُ إِلَّا بِالْعَدَاوَةِ وَقِيلَ وَلَا بِالْعَدَاوَةِ لتمكن وَكَذَلِكَ المبرز غير الْعَالم بِمَا

تصح الشَّهَادَة غير أَنه يسئل عَنْ كَيْفِيَّةِ عِلْمِهِ بِمَا شَهِدَ بِهِ إِذَا وَغَيْرُ الْمُبْرِزِ الْمَعْرُوفُ الْعَدَالَةِ الْعَالِمُ بِمَا تَصِحُّ فِيهِ الشَّهَادَة تجوز إِلَّا فِي سِتَّةِ مَوَاضِعَ عَلَى اخْتِلَافِ التَّزْكِيَةِ وَلِأَخِيهِ وَلِمَوْلَاهُ وَلِصَدِيقِهِ الْمُلَاطِفِ وَشَرِيكِهِ فِي غَيْرِ التِّجَارَةِ وَإِذَا زَادَ فِي شَهَادَتِهِ أَوْ نَقَصَ وَيُقْبَلُ فِيهِ الْجَرْحُ بِالْعَدَاوَةِ وَغَيْرِهَا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ كَيْفِيَّةِ عِلْمِهِ إِذَا أَبْهَمَ وَكَذَلِكَ الْمَعْرُوفُ بِالْعَدَالَةِ غَيْرُ الْعَالِمِ بِمَا تَصِحُّ فِيهِ الشَّهَادَةُ إِلَّا أَنَّهُ يُسْأَلُ عَنْ كَيْفِيَّةِ عِلْمِهِ إِذَا أَبْهَمَ وَالشَّاهِدُ الْمَعْرُوفُ بِالْعَدَالَةِ إِذَا قَذَفَ قَبْلَ ان يحد منع مَالك وش شَهَادَتَهُ لِتَحَقُّقِ الْجَرِيمَةِ وَأَجَازَهَا ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُور لِاحْتِمَالِ بُطْلَانِ الْجَرِيمَةِ قَبْلَ الْحَدِّ وَمَنْ تُتَوَسَّمُ فِيهِ الْعَدَالَةُ تَجُوزُ بِغَيْرِ تَزْكِيَةٍ فِيمَا يَقَعُ بَيْنَ الْمُسَافِرِينَ فِي السَّفَرِ مِنَ الْمُعَامَلَاتِ فَقَطْ عَنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ وَمَنْ لَا تُتَوَسَّمُ فِيهِ الْعَدَالَةُ وَلَا الْجُرْحَةُ فَلَا بُدَّ مِنْ تَزْكِيَتِهِ وَشَهَادَتُهُ شُبْهَةٌ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ فَتُوجِبُ الْيَمِينَ وَالْقَسَامَةَ وَالْحَمِيلَ وَتَوْقِيفَ الْمُدَّعِي بِهِ وَمَنْ تُتَوَسَّمُ فِيهِ الْجُرْحَةُ فَلَا بُدَّ مِنْ تَزْكِيَتِهِ وَلَيْسَتْ شَهَادَتُهُ شُبْهَةً تُوجِبُ حُكْمًا وَمن ثبتَتْ جرحته قديمَة اَوْ يعلمهَا الْحَاكِم بِهِ لَا يُقْبَلُ إِلَّا بِتَزْكِيَتِهِ مِمَّنْ عَلِمَ جُرْحَتَهُ تِلْكَ لِأَنَّ الْجَاهِلَ بِهَا قَدْ يُزَكِّيهِ مَعَهَا فَيُشْهَدُ عَلَى تَوْبَتِهِ وَصَلَاحِ حَالِهِ مِنْهَا وَكَذَلِكَ الْمَحْدُودُ فِي الْقَذْفِ عِنْدَ مَالِكٍ وَمَنْ هُوَ مُقِيمٌ عَلَى الْجُرْحَةِ مَشْهُورٌ بِهَا لَا تُقْبَلُ تَزْكِيَتُهُ فِي تِلْكَ الْحَالِ حَتَّى يَتُوبَ وَتَحْسُنَ حَالُهُ لِأَنَّ تَزْكِيَتَهُ حِينَئِذٍ كَذِبٌ وَشَاهِدُ الزُّورِ لَا يُقْبَلُ أَبَدًا وَإِنْ تَابَ وَحَسُنَتْ حَالُهُ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْجَوَازُ إِذَا عُرِفَتْ تَوْبَتُهُ بِتَمَكُّنِ حَالِهِ فِي الصَّلَاحِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا قَوْلَ مَالِكٍ فَقِيلَ اخْتِلَافٌ وَقِيلَ مَعْنَى الثَّانِي إِذَا جَاءَ تَائِبًا مُقِرًّا عَلَى نَفْسِهِ بِشَهَادَةِ الزُّورِ قَبْلَ أَنْ يَظْهَرَ عَلَيْهِ قَالَ وَهُوَ الْأَظْهَرُ نَظَائِرُ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ فِي نَظَائِرِهِ سِتَّةٌ لَا يُقْبَلُ فِيهَا إِلَّا الْعَدْلُ الْمُبْرَزُ التَّعْدِيلُ

(فرع)

وَالشَّهَادَةُ لِلْأَخِ وَلِلْمَوْلَى وَلِلصَّدِيقِ الْمُلَاطِفِ وَالتَّزْكِيَةُ فِي غَيْرِ الزِّيَادَةِ وَإِذَا زَادَ فِي شَهَادَتِهِ أَوْ نَقَصَ فَائِدَةٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ الْمُبَرِّزُ بِكَسْرِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ مَأْخُوذٌ مِنَ السَّابِقِ فِي حَلَبَةِ خَيْلِ السِّبَاقِ أَيْ بَرَّزَ وَسَبَقَ أَمْثَالَهُ فِي الْعَدَالَةِ (فَرَعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنِ ارْتَضَى الْقَاضِي رَجُلًا لِلْكَشْفِ قَبِلَ مِنْهُ يَنْقُلُ إِلَيْهِ عَنْ رجلَيْنِ للاقل مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ جَاءَهُ تَزْكِيَةُ رَجُلٍ مِنْ رَجُلٍ ثِقَةٍ عِنْدَهُ وَأَتَاهُ آخَرُ ثِقَةٌ عِنْدَهُ أَنَّهُ غَيْرُ عَدْلٍ أَعَادَ الْمَسْأَلَةَ قَالَ سَحْنُونٌ وَلَا يَأْخُذُ بِقَوْلٍ وَاحِدٍ فِي الْفَسَادِ قَالَ أَشْهَبُ وَلَا يَنْبَغِي لِلْكَاشِفِ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى اثْنَيْنِ بَلْ ثَلَاثَةٍ فَأَكْثَرَ خِيفَةَ أَنْ يَكُونُوا أَهْلَ وِدِّهِ أَوْ أَهْلَ عَدَاوَتِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْأَلَ فِي مَسَاكِنِ النَّاسِ وَأَعْمَالِهِمْ وَلَا يَعْرِفَ المسؤول وَلَا يَصْغَ الْقَاضِي أُذُنَهُ لِلِنَّاسِ وَلَكِنْ يَكْشِفُ عَنِ الْمَقُولِ فِيهِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَكُلُّ مَا يبتديء الْقَاضِي السُّؤَالَ عَنْهُ قَبِلَ فِيهِ الْوَاحِدَ لِأَنَّهُ رِوَايَةٌ وَمَا ابْتَدَأَ بِهِ غَيْرُهُ فَلَا بُدَّ مِنِ اثْنَيْنِ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ (فَرْعٌ) قَالَ ابْن يُونُس وَلَا يجزىء فِي التَّعْدِيلِ إِلَّا قَوْلُ مُعَدَّلٍ عَدْلٍ مُرْضِيٍّ لقَوْله تَعَالَى {ذَوي عدل} وَقَوله تَعَالَى {مِمَّن ترْضونَ من الشُّهَدَاء} فَنَصَّ عَلَى الْوَصْفَيْنِ قَالَ مَالِكٌ وَيُقْبَلُ فِي التجريح لَا اراه عدلا وَلَا اصحابه عَدَلًا قَالَ سَحْنُونٌ يَكْفِي فِي التَّعْدِيلِ هُوَ عِنْدِي مِنْ أَهْلِ الْعَدَالَةِ جَائِزُ الشَّهَادَةِ أَوْ

عَدْلٌ وَلَا يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يَكْفِي فِي التَّعْدِيل وَلَا التحريج سَمِعْنَا فُلَانًا وَفُلَانًا يَقُولُ إِنَّ فُلَانًا عَدْلٌ أَوْ غَيْرُ عَدْلٍ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى السَّمَاعِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَائِلُ أَشْهَدَهُمْ عَلَى التَّزْكِيَةِ وَفِي النَّوَادِرِ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا قَالَ الْبَيِّنَةُ الْمُجَرِّحَةُ تَشْهَدُ أَنَّ هَذِهِ الْبَيِّنَةَ شَهِدَتْ فِي هَذِه الْقَضِيَّة بزور لست جُرْحَةً لِأَنَّ حَاصِلَهُ أَنَّهَا تُعَارِضُهَا فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُقْبَلُ التَّجْرِيحُ الْمُجْمَلُ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ فِي ظَاهِرِ الْعَدَالَةِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ أَشهب لايقبل فِي شُهُودِ الْعَدَالَةِ إِلَّا التَّجْرِيحُ الْمُفَصَّلُ وَإِذَا جَرَّحَهُ رَجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ بِكَبِيرَةٍ ضُمَّتِ الشَّهَادَتَانِ لِاجْتِمَاعِهِمَا عَلَى أَنَّهُ رَجُلُ سُوءٍ قَالَهُ ابْنُ سَحْنُونٍ وَعَنْهُ لَا بُدَّ مِنَ الِاجْتِمَاعِ عَلَى مَعْنًى وَاحِدٍ أَوْ مَا هُوَ فِي مَعْنَاهُ نَحْو جَائِز وَآكِلُ مَالِ الْيَتَامَى وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ يُكْتَفَى بِقَوْلِهِ عَدْلٌ لِأَنَّ كُلَّ عَدْلٍ مَرْضِيُّ الشَّهَادَةِ وَقَالَ ش لَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ عَدَلَ عَلَيَّ وَلِيَ وَلَا يُشْتَرَطُ رِضًا لِأَنَّ قَوْلَهُ عَدْلٌ قَدْ يَكُونُ عَدْلًا فِي بَعْضِ الْأَشْيَاءِ أَوْ عِنْدَ بَعْضِ النَّاسِ فَقَوْلُهُ عَلَيَّ وَلِيَ يَقْتَضِي نفي الْعَدَاوَة ولي يَقْتَضِي نَفْيَ الصَّدَاقَةِ الْمَانِعَةِ مِنَ الشَّهَادَةِ لَهُ فَثَبَتَتِ الْعَدَالَةُ سَالِمَةً عَنِ الْمَانِعِ وَالْجَوَابُ عَمَّا قَالَهُ أَحْمَدُ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْعَدْلَ مَرْضِيُّ الشَّهَادَةِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا فِي دِينِهِ دون مرؤته وتعلقه وفرط حميته فَإِذا قَالَ رضى حَصَلَ الْجَمِيعُ وَعَنْ كَلَامِ ش لَا نُسَلِّمُ أَنَّ عَلَيَّ وَلِيَ يَقْتَضِي الْعَدَالَةَ عَلَى الْإِطْلَاقِ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ عَدَلَ عَلَيَّ وَلِيَ فِي الْأَمْوَالِ أَوْ فِي الْأَشْيَاءِ الْمُحْتَقَرَةِ لَمْ يَكُنْ مُنَاقِضًا لِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ عَلَيَّ وَلِيَ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَلَا عِنْدَ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ بَلْ هَذِهِ الْعِبَارَةُ تَقْتَضِي عَدَمَ التَّعْمِيمِ لِأَنَّ مَفْهُومَهَا أَنَّهُ لَيْسَ عَدْلًا عَلَى غَيْرِهِ وَلَا لغيره لِأَنَّهُ خصص بِنَفسِهِ والتخصيص بقتضي سَبَب الْحُكْمِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ ثُمَّ فِي هَذَا الشَّرْطِ مَفْسَدَةٌ عَظِيمَةٌ وَهُوَ أَنَّ الْعَدْلَ الْمُتَّفَقَ على عَدَالَته ذكر كَذَا يُقْبَلُ لِهَذَا لِفَرْطِ الْقَرَابَةِ أَوِ الْمَحَبَّةِ الْمُوجِبَةِ لِلتُّهْمَةِ وَالرِّيبَةِ وَإِنْ كَانَ مَقْبُولًا لِغَيْرِهِ اتِّفَاقًا وَلَا

يُقْبَلُ عَلَيْهِ لِفَرْطِ عَدَاوَةٍ وَيُقْبَلُ عَلَى غَيْرِهِ فَإِذَا لَمْ يُقْبَلْ مِنَ الْمُزَكِّي إِلَّا هَذِهِ الْعِبَارَةُ امْتُنِعَ تَزْكِيَةُ الْعَدُوِّ لِعَدُّوِهِ وَفِي ذَلِكَ سَدُّ بَابِ الْمَعْرُوفِ وَالْإِعَانَةِ عَلَى تَخْلِيصِ الْحُقُوقِ أَوْ يُزَكِّيهِ فَيَكْذِبُ فِي قَوْلِهِ عَدَلَ عَلَيَّ لِأَنَّهُ لَا يقبل عَلَيْهِ أَنه عبارَة الْمَالِكِيَّة فَتَقْتَضِي أَنَّهُ عَدْلٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَهَذَا صَادِقٌ وَإِنْ كَانَ عَدُوَّهُ وَهُوَ مَقْصُودُ الْحَاكِمِ وَلَيْسَ مَقْصُودُ الْحَاكِمِ أَنَّهُ يَقْبَلُهُ عَلَى الْمُزَكِّي اوله بل ثُبُوت الْعَدَالَة فِي نفس الْأَمر لمحل كَذَا الْمُزَكِّي فَيَقْبَلُهُ وَيَعْتَمِدُ عَلَيْهِ حَتَّى يَقُومَ مَانِعٌ مِنْ عَدَاوَةٍ أَوْ غَيْرِهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يجزىء تَعْدِيلُ الْعَلَانِيَةِ دُونَ تَعْدِيلِ السِّرِّ لِأَنَّ النَّاسَ قد يستحيون اَوْ يخَافُونَ ويجتزىء بِالسِّرِّ لِأَنَّهُ لَا رَيْبَ فِيهِ وَلَا يُزَكِّي الا المبرز النَّافِذ الْفَطِنُ الَّذِي لَا يُخْدَعُ فِي عَقْلِهِ وَلَا يُستَرْذَلُ فِي رَأْيِهِ قَالَ سَحْنُونٌ قَوْلُهُ يُزَكَّى الْغَائِبُ مَعْنَاهُ إِذَا كَانَ الشَّاهِدُ مَشْهُورًا مَعْرُوفًا وَإِلَّا فَلَا يُزَكَّى إِلَّا بِمَحْضَرِهِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ غَائِب عَن مجْلِس حَاضِرٌ فِي الْبَلَدِ أَوْ قَرِيبُ الْغَيْبَةِ وَأَمَّا بَعِيدُهَا فَيُزَكَّى كَمَا يُقْضَى عَلَيْهِ وَقَالَهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْمَشْهُورُ بِالْعَدَالَةِ لَا يحْتَاج لتزكية وَقد إِنَّكَ صَاحِبُ هَذَا الِاسْمِ يُرِيدُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إِلَى تَزْكِيَةٍ وَاخْتُلِفَ إِذَا سَأَلَ الْقَاضِي مَنْ حَضَرَ أَوْ سَأَلَ مَنْ كَاشَفَهُ فَقِيلَ لَا بُدَّ مِنِ اثْنَيْنِ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ قَالَ وَهُوَ أَحْسَنُ لِقِلَّةِ الْوُثُوقِ الْيَوْمَ بِالنَّاسِ وَقِيلَ يَكْفِي الْوَاحِدُ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْخَبَرِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ضَابِطُ الشَّهَادَةِ وَالرِّوَايَةِ وَإِذَا ثَبَتَتِ الْعَدَالَةُ بِاثْنَيْنِ فَحَسَّنَ أَنْ يُزِيدَ الْكَشْفَ فَلَا يُزِيدُهُ إِلَّا خَيْرًا فَإِنِ ارْتَابَ وَقَفَ وَكَشَفَ وَلَا يَقْبَلُ التَّعْدِيلَ بِيَسِيرِ الْمُخَالَطَةِ بِخِلَافِ الْجَرْحِ لِأَنَّهُ يَقِينٌ وَالْأَوَّلَ ظَنٌّ قَالَ سَحْنُونٌ لَا يُزَّكَّى إِلَّا الْمُخَالِطُ فِي الْأَخْذِ وَالْعَطَاءِ الطَّوِيلُ الصُّحْبَةِ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ وَاخْتُلِفَ إِذَا اقْتُصِرَ عَلَى عدل اَوْ رَضِي هَلْ يَكُونُ تَعْدِيلًا أَمْ لَا لِأَنَّ الْعَدْلَ رَضِي وَالْمَرْضِيَّ عَدْلٌ وَقَدْ وَرَدَ الْقُرْآنُ بِقَبُولِ شَهَادَةِ مَنِ اتَّصَفَ بِأَحَدِهِمَا فَلَوْ وَصَفَهُ بِأَحَدِهِمَا فَسُئِلَ عَن الآخرى

(فرع)

فَوَقَفَ فَهُوَ رِيبَةٌ وَسُئِلَ عَنْ سَبَبِ وُقُوفِهِ فَقَدْ يُكْرَهُ مَا لَا يَقْدَحُ فِي الْعَدَالَةِ وان لم يسئل فَهُوَ عَدْلٌ وُفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِذَا قَالَ اخْتَبَرْتُهُ أَوْ عَامَلْتُهُ فَمَا عَلِمْتُ إِلَّا خَيْرًا أَوْ إِنَّهُ لَرَجُلٌ صَالِحٌ فَاضِلٌ فَهُوَ ثِقَةٌ لَا يَكُونُ ذَلِكَ تَزْكِيَةً حَتَّى يَقُولَ عَدْلٌ أَوْ أَرَاهُ عَدْلًا قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا كَانَ يَعْلَمُ وَجْهَ الْعَدَالَةِ وَعَلِمَ أَنَّ السُّؤَالَ لِتُمْضَى شَهَادَتُهُ فَذَلِكَ تَعْدِيلٌ خِلَافًا لِ ش وَقَدْ خَرَّجَ الْبُخَارِيُّ فِي بَابِ الْعَدَالَةِ قَوْلَ مَنْ يُرِيدُهُ أَعْلَمُ إِلَّا خَيْرًا غَيْرَ أَنَّ الْعُدُولَ الْيَوْمَ عَن عدل رضى رِيبَةً وَيُزَكِّي أَهْلَ سُوقِهِ وَمَحَلَّتِهِ وَجِيرَانِهِ وَلَا يُقْبَلُ مِنْ غَيْرِهِمْ لِأَنَّ وُقُوفَهُمْ عَنْ تَعْدِيلِهِ مَعَ أَنَّهُمْ أَعْلَمُ بِهِ رِيبَةٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ عَدْلٌ قَبِلَ غَيْرَهُمْ مِنْ بَلَدِهِ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ إِنْ عَدَّلَ الرَّجُلُ مَنْ لَا يَعْرِفُ اسْمَهُ قُبِلَ تَعْدِيلُهُ فَإِنَّ الصِّفَاتِ قَدْ تُعْلَمُ مَعَ الْجَهْلِ بِالِاسْمِ وَالتَّزْكِيَةِ عَلَى الْمَشْهُودِ لَهُ دُونَ الشَّاهِدِ وَإِنَّمَا عَلَى الشَّاهِدِ أَنْ يُخْبِرَ الْمَشْهُودَ لَهُ بِمَنْ يَعْرِفُهُ وَمَنْ يَعْدِلُهُ قَالَ مَالِكٌ لَا يَقْدَحُ فِي الْعَدَالَةِ الْأَمْرُ الْخَفِيفُ مِنَ الزَّلَّةِ وَالْغَيْبَةِ وَلَا يُسْلَمُ مِنْ ذَلِكَ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا عَدَلَ ثُمَّ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ رَدَّهُ الْقَاضِي لِأَمْرٍ تَبَيَّنَ لَهُ وَالْقَاضِي لَا يَحْفَظُ ذَلِكَ قَبِلَ شَهَادَتَهُمَا (فَرْعٌ) فِي الْمُنْتَقَى تَزْكِيَة اثْنَيْنِ فِي كل شيءالا فِي الزِّنَا فَنَصُّ مَالِكٍ لَا يَعْدِلُ كُلَّ وَاحِدٍ إِلَّا أَرْبَعَةٌ قِيَاسًا عَلَى الْأَصْلِ وَجَوَّزَ عَبْدُ الْمَلِكِ اثْنَيْنِ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ وَأَرْبَعَةً لِجَمِيعِهِمْ قِيَاسًا عَلَى الْإِحْصَانِ وَاخْتُلِفَ فِي عَدَدِ تَزْكِيَةِ السِّرِّ فَعَنْ مَالِكٍ يَكْفِي الْوَاحِدُ لِأَنَّهُ فِي مَعَاني أَصْحَابِ الْمَسَائِلِ وَعَنْهُ لَا بُدَّ مِنِ اثْنَيْنِ قِيَاسًا عَلَى الْجَهْرِ

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا ثَبَتَتْ شَهَادَتُهُ ثُمَّ شَهِدَ مَرَّةً أُخْرَى فَإِنْ ظَهَرَ لِلْقَاضِي فَضْلُهُ وَبُرُوزُهُ لَمْ تُعَدَّ التَّزْكِيَةُ إِلَّا أَنْ يَطُولَ الزَّمَانُ فَيُسْأَلُ عَنْهُ لِإِمْكَانِ حُدُوثِ الْعَيْبِ وَإِلَّا كُلِّفَ التَّعْدِيلَ ثَانِيَةً قَالَهُ ابْنُ كِنَانَةَ وَقَالَ سَحْنُونٌ يُكَلَّفُهُ كُلَّمَا شَهِدَ حَتَّى يَكْثُرَ تَعْدِيلُهُ وتشهر تَزْكِيَتُهُ فَلَا يُكَلَّفُ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَيْسَ عَلَيْهِ إِذَا شَهِدَ بَعْدَ سَنَةٍ إِعَادَةُ التَّزْكِيَةِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهَا إِلَّا أَنْ يَظُنَّ فِيهِ أَوْ يَرْتَابَ (فَرْعٌ) قَالَ يُسْمَعُ الْجَرْحُ فِي الْمُتَوَسِّطِ مُطْلَقًا وَفِي الْمُبْرِزِ بِالْعَدَاوَةِ أَوِ الْهِجْرَةِ أَوِ الْقَرَابَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَاخْتُلِفَ فِي الْإِسْفَاهِ وَمَنْ هُوَ الَّذِي يُجَرِّحُهُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ قَالَ سَحْنُونٌ لَا يُقْبَلُ إِلَّا مِنَ الْمُبْرِزِ قَالَ مُطَرِّفٌ يُجَرِّحُ الشَّاهِدَ مِثْلُهُ أَوْ أَعْلَى مِنْهُ دُونَ مَنْ هُوَ دُونَهُ إِلَّا بِالْعَدَاوَةِ وَالْهِجْرَةِ دُونَ الْإِسْفَاهِ وَقَالَ مِمَّا يَثْبُتُ بِالْكَشْفِ وَقَالَ مُطَرِّفٌ تُقْبَلُ جُرْحَتُهُ مِمَّنْ هُوَ دونه بالاسفاه والعداوة قَالَ وَهُوَ أَحْسَنُ لِأَنَّ الْجَرْحَ مِمَّا يُكْتَمُ فقد لَا يطلع عَلَيْهِ الا من هودونه وَهِي شَهَادَة فَقيل كَسَائِر الشَّهَادَات وَسُئِلَ عَن الجرحة فَقيل كَذَا مَا لَا يَخْفَى عَنِ النَّاسِ لَمْ يُقْبَلْ فِيهِ مُنْفَرِدًا وَإِنْ كَانَ يَخْفَى مِثْلُهُ قُبِلَ قَالَ وَالْأَحْسَنُ التَّجْرِيحُ سِرًا لِيَسْلَمَ الشَّاهِدُ مِنَ الْأَذَى وَمِنْ حَقِّ الشَّاهِدِ وَالْمَشْهُودِ لَهُ أَنْ يَعْلَمَا بِالْمُجَرِّحِ فَقَدْ يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ أَوْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَشْهُودِ لَهُ قَرَابَةٌ أَوْ غَيْرُهَا مِمَّا يَمْنَعُ الشَّهَادَةَ بِالْجَرْحِ وَيَخْتَلِفُ إِذَا كَانَ الشَّاهِدُ أَوِ الْمَشْهُودُ مِمَّنْ يُخَافُ هَلْ يُسَمَّى الْمُجَرِّحُ أَمْ لَا قَالَ سَحْنُونٌ يُسَمَّى ثمَّ يُوقف وَجَوَّزَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَدَمَ التَّسْمِيَةِ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ لِفَسَادِ الْقُضَاةِ الْيَوْمَ

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ فِي قَبُولِ الْجَرْحِ مُجْمَلًا مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ قَالَ مُطَرِّفٌ يُكْتَفَى مِنَ الْعَالِمِ بِالْمُجْمَلِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا بُدَّ مِنَ التَّفْصِيلِ فِي الْمَجْرُوحِ الْمَشْهُورِ بِالْعَدَالَةِ وَإِلَّا قُبِلَ الْإِجْمَالُ وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ لَا يُسْأَلُ الْمُجَرِّحُ الْمُبْرِزُ وَإِلَّا سُئِلَ وَقَالَ سَحْنُونٌ يَكْفِي الْمُجْمَلَ مُطْلَقًا وَالْأَحْسَنُ الْبَيَانُ إِذَا لَمْ يُفْهَمْ لِأَنَّ الْجَرْحَ قَدْ يَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ فِيهِ هَلْ هُوَ جُرْحَةٌ أَمْ لَا كَتَرْكِ التَّدَلُّكِ فِي الْغُسْلِ وَنَحْوِهُ مِنَ الْمَسَائِلِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا وَقَدْ يكون للمجروح تاويل قبل أَوْ يَكُونُ فِي ذَلِكَ حَقٌّ لِلْمَجْرُوحِ كانِتهاكِ عِرْضِهِ فَلَا يُقْبَلُ (فَرْعٌ) قَالَ فَإِنْ عَدَّلَهُ اثْنَانِ وَجَرَّحَهُ اثْنَانِ قِيلَ يُقْضَى بِأَعْدَلِهِمَا لِأَنَّهُ شَأْنُ التَّعَارُضِ وَقِيلَ يُقَدَّمُ الْجَرْحُ قَالَ وَلِلِاخْتِلَافِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ إِنِ اخْتَلَفَا عَنْ مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فَقَالَتْ إِحْدَاهُمَا فَعَلَ كَذَا وَقْتَ كَذَا فِي مَوْضِعِ كَذَا وَقَالَتِ الْأُخْرَى لَمْ يَفْعَلْهُ قُضِيَ بِالْأَعْدَلِ لِأَنَّهُ تَكَاذَبٌ أَوْ عَنْ مَجْلِسَيْنِ مُتَقَارِبَيْنِ قُدِّمَ الْجَرْحُ مِمَّا يُخْفِيهِ صَاحِبُهُ أَوْ مُتَبَاعِدَيْنِ قُدِّمَ الْأَخِيرُ لِأَنَّهُ نَاسِخٌ إِلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ فِي وَقْتِ الْجَرْحِ كَانَ حَسَنَ الظَّاهِرِ كَمَا هُوَ الْآنَ فَيُقَدَّمُ الْجَرْحُ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فِي الْكِتَابِ تَجُوزُ شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْقَتْلِ وَالْجِرَاحِ مَا لَمْ يَفْتَرِقُوا أَوْ يَخْتَلِفُوا إِنْ كَانُوا اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ وَهُمْ صِبْيَانٌ كُلُّهُمْ وَلَا يَجُوزُ إِثْبَاتُ الصِّبْيَانِ فِي الْجِرَاحِ بَيْنَهُمْ لِعَدَمِ ضَرُورَةِ اجْتِمَاعِهِمْ وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ لِكَبِيرٍ عَلَى صَغِيرٍ وَإِنْ شَهِدَتْ بِيِّنَةٌ عَلَى قَوْلِ صَبِيٍّ أَنَّ فُلَانًا الصَّبِيُّ قَتَلَهُ لَمْ تُقْبَلْ وَلَا يُقْسَمُ بِذَلِكَ وَإِنِ اعْتَرَفَ الْقَاتِلُ لِضَعْفِ اللَّوْثِ وَلَيْسَ فِي الصِّبْيَانِ قَسَامَةٌ فِيمَا بَيْنَ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ إِلَّا أَنْ يَشْهَدَ كَبِيرٌ أَنَّ كَبِيرًا قَتَلَ صَغِيرًا فَيُقْسِمُ أَوْلِيَاؤُهُ لِقُوَّةِ اللَّوْثِ

حِينَئِذٍ وَقَالَ أَشْهَبُ وَغَيْرُهُ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ وَلَا شَهَادَةُ الْإِنَاثِ لِعَدَمِ الْعَدَالَةِ وَقَالَ الْمَخْزُومِيُّ تَجُوزُ شَهَادَةُ الْإِنَاثِ وَشَهَادَةُ ذُكُورِ الصِّبْيَانِ فِي الْقَتْلِ جَائِزَةٌ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ وَغَيْرُهُ فِي شَهَادَةِ الصَّبِيَّيْنِ عَلَى صَبِيَّيْنِ إِنَّهُ جَرَحَ صَبيا ثمَّ فِي جرحه فَمَاتَ ان ولاته يقسمون لمات مِنْ ضَرْبِهِ وَيَسْتَحِقُّونَ الدِّيَةَ وَخَالَفْنَا الْأَئِمَّةَ فِي قَبُولِ شَهَادَةِ الصِّبْيَانِ وَقَالَ بِقَبُولِهَا عَلِيٌّ وَابْنُ الزُّبَيْرِ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَمُعَاوِيَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَخَالَفَهُمُ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَنَا قَوْله تَعَالَى {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} وَاجْتِمَاعُ الصِّبْيَانِ لِلتَّدْرِيبِ عَلَى الْحَرْبِ مِنْ أَعْظَمِ الِاسْتِعْدَادِ لِيَكُونُوا كَثِيرًا أَهْلًا لِذَلِكَ وَيَحْتَاجُونَ فِي ذَلِكَ إِلَى حَمْلِ السِّلَاحِ حَيْثُ لَا يَكُونُ مَعَهُمْ كَبِيرٌ فَلَا يَجُوزُ هَدْرُ دِمَائِهِمْ فَتَدْعُو الضَّرُورَةُ لِقَبُولِ شَهَادَتِهِمْ عَلَى الشُّرُوطِ الْمُعْتَبَرَةِ وَالْغَالِبُ مَعَ تِلْكَ الشُّرُوطِ الصِّدْقُ وَنُدْرَةُ الْكَذِبِ فَتَقْدِيمُ الْمَصْلَحَةِ الْغَالِبَةِ عَلَى الْمَفْسَدَةِ النَّادِرَةِ هُوَ دَأْبُ صَاحب كَمَا جَوَّزَ الشَّرْعُ شَهَادَةَ النِّسَاءِ مُنْفَرِدَاتٍ فِي مَوْضِعٍ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ لِلضَّرُورَةِ وَلِأَقْوَالِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} وَهُوَ مَنْعٌ لِشَهَادَةِ غَيْرِ الْبَالِغِ وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأشْهدُوا ذَوي عدل مِنْكُم} وَالصَّبِيُّ لَيْسَ بِعَدْلٍ وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاء إِذا مَا دعوا} وَهُوَ نَهْيٌ وَالنَّهْيُ لَا يَتَنَاوَلُ الصَّبِيَّ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الشُّهَدَاءِ وَلِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إِقْرَارُهُ فَلَا تُعْتَبَرُ شَهَادَتُهُ كَالْمَجْنُونِ وَلِأَنَّ الْإِقْرَارَ أَوْسَعُ مِنَ الشَّهَادَةِ لِقَبُولِهِ مِنَ الْعَبْدِ وَالْفَاسِقِ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ وَقِيَاسًا عَلَى غَيْرِ الْجِرَاحِ وَلِأَنَّهَا لَو قبلت لقبلت اذا افتروا افْتَرَقُوا

كالرجال وَلَيْسَ فَلَيْسَ وَلِأَنَّهَا لَوْ قُبِلَتْ لَقُبِلَتْ فِي تَخْرِيقِ ثِيَابِهِمْ فِي الْخَلَوَاتِ أَوْ لَجَازَتْ شَهَادَةُ النِّسَاءِ بِعْضِهِنَّ عَلَى بَعْضٍ فِي الْجِرَاحِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ إِنَّمَا يُمْنَعُ الْإِنَاثُ لِانْدِرَاجِ الصِّبْيَانِ مَعَ الرِّجَال فِي قَوْله تَعَالَى {فَإِن كَانُوا إِخْوَةً رِجَالا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الانثيين} وَلِأَنَّ الْأَمْرَ بِالِاسْتِشْهَادِ إِنَّمَا يَكُونُ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُمْكِنُ اسْتِثْنَاءُ الشَّهَادَةِ فِيهَا اخْتِيَارًا لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ النَّهْيِ الْإِمْكَانَ وَهَذَا مَوْضِعُ ضَرُورَةٍ تَقَعُ فِيهِ الشَّهَادَةُ بَغْتَةً فَلَا يَتَنَاوَلُهَا الْأَمْرُ فَتَكُونُ مَسْكُوتًا عَنْهَا وَهُوَ الْجَوَابُ عَنِ الْآيَةِ الثَّانِيَة وَقَوله تَعَالَى وَعَلَيْهِ تُحْمَلُ الْآيَةُ الثَّالِثَةُ فِي الشُّهَدَاءِ الَّذِينَ اسْتشْهدُوا اخْتِيَارا ع ان هَذِه الظَّوَاهِر عَامَّة وَدَلِيلنَا حَاص فَيُقَدَّمُ عَلَيْهَا وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ إِقْرَارَ الصَّبِيِّ ان كَانَ فِي المَال فَنحْن نسويه بِالشَّهَادَةِ لِأَنَّهُمَا لَا يُقْبَلَانِ وَفِي الدِّمَاءِ إِنْ كَانَ عَمْدًا وَعَمْدُهُ خَطَأٌ فَيَؤُولُ إِلَى الدِّيَةِ فَيَكُونُ إِقْرَارُهُ عَلَى الْغَيْرِ فَلَا تُقْبَلُ كَإِقْرَارِ الْبَالِغِ وَعَنِ الثَّالِثِ الْفَرْقُ أَنَّ الدِّمَاءَ حُرْمَتُهَا أَعْظَمُ بِدَلِيلِ قَبُولِ الْقَسَامَةِ وَلَا يُقْسَمُ عَلَى دِرْهَمٍ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ الِافْتِرَاقَ يَحْتَمِلُ التَّعْلِيمَ وَالتَّغْيِيرَ وَالصَّغِيرُ إِذَا خُلِّيَ وَسَجِيَّتَهُ الْأُولَى لَا يَكَادُ يَكْذِبُ وَالرِّجَالُ لَهُمْ وَازِعٌ شَرْعِيٌّ إِذَا افْتَرَقُوا بِخِلَافِ الصِّبْيَانِ وَعَنِ الْخَامِسِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ مَزِيدِ حُرْمَةِ الدِّمَاءِ وَلِأَنَّ اجْتِمَاعَهُمْ لَيْسَ لِتَخْرِيقِ ثِيَابِهِمْ غَالِبًا بَلْ لِلضَّرْبِ وَالْجِرَاحِ وَأَمَّا النِّسَاءُ فَلَا يَجْتَمِعْنَ لِلْقِتَالِ وَلَا هُوَ مَطْلُوبٌ مِنْهُم تَفْرِيعٌ قَالَ الْقَاضِي فِي الْمَعُونَةِ إِذَا أُجِيزَتْ فَبِتِسْعَةِ شُرُوطٍ وَسَتَقِفُ بَعْدَ هَذَا عَلَى اشْتِرَاطِ عَدَمِ شَهَادَةِ الْكَبِيرِ مَعَهُمْ وَأَنْ يَكُونَ الْمَوْطِنُ لَا يَحْضُرُهُ الْكِبَارُ

وَأَنْ يَكُونَ الْمَقْتُولُ حَاضِرَ الْجَسَدِ فَتَكُونُ الشُّرُوطُ اثْنَيْ عَشَرَ الْعَقْلُ لِيَفْهَمُوا مَا رَأَوْهُ وَالذُّكُورَةُ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ لَا تَحْصُلُ فِي اجْتِمَاعِ الْإِنَاثِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْإِنَاثِ اعْتِبَارًا لَهُنَّ بِالْبَالِغِينَ لَوْثًا ثُمَّ فِي الْقَسَامَةِ وَالْحُرِّيَّةِ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَشْهَدُ وَالْإِسْلَامُ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يُقْبَلُ فِي قَتْلٍ أَوْ جُرْحٍ لِأَنَّهُ الَّذِي تَدْعُو الضَّرُورَةُ الشَّرْعِيَّةُ إِلَيْهِ وَقِيلَ يُقْبَلُ فِي الْجِرَاحِ فَقَطْ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ ضَعِيفَةٌ فَاقْتُصِرَ فِيهَا عَلَى أَضْعَفِ الْأَمْرَيْنِ وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ لِعَدَمِ ضَرُورَةِ مُخَالَطَةِ الْكَبِيرِ لَهُمْ قَبْلَ التَّفَرُّق لَيْلًا يُلَقَّنُوا الْكَذِبَ وَاتِّفَاقُ أَقْوَالِهِمْ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ يُخِلُّ بِالثِّقَةِ اثْنَانِ فَصَاعِدًا لِأَنَّهُمْ لَا يَكُونُونَ أَحْسَنَ حَالًا مِنَ الْكِبَارِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا قُيِّدَتْ شَهَادَتُهُمْ قَبْلَ افْتِرَاقِهِمْ بِالْعُدُولِ لَا يَضُرُّ رُجُوعُهُمْ إِلَّا أَنْ يَتَرَاخَى الْحُكْمُ حَتَّى يَكْبُرُوا وَيَعْدِلُوا فَيُؤْخَذُوا بِرُجُوعِهِمْ إِذَا تَيَقَّنُوا أَنَّهُمْ شَهِدُوا بِبَاطِلٍ وَقَالَهُ سَحْنُونٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْكِبَارِ أَنَّ رُجُوعَ الْكِبَارِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا عَلَى بَاطِلٍ خَوْفًا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَالصِّبْيَانُ يَرْجِعُونَ لِأَهْوَاءٍ فَأَوَّلُ أَقْوَالِهِمْ هُوَ الصَّحِيحُ وَلَا تَقْدَحُ فِي شَهَادَتِهِمُ الْعَدَاوَةُ والقرابة لضعف مرواتهم وحمايتهم فَيَنْطِقُونَ بِمَا رَأَوْا مِنْ غَيْرِ مُرَاعَاةٍ لِلْقَرَابَةِ وَالْعَدَاوَةِ وَمَنَعَهَا ابْنُ الْقَاسِمِ قِيَاسًا عَلَى الْكِبَارِ وَمَنَعَهَا ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ فِي الْقَرَابَةِ دُونَ الْعَدَاوَةِ لِأَنَّ الْعَدَاوَةَ تَكُونُ لِسَبَبٍ وَتَزُولُ فَهِيَ ضَعِيفَةٌ وَلِأَنَّهَا لَا غَوْرَ لَهَا عِنْدَهُمْ وَالْقَرَابَةُ دَائِمَةٌ مُتَأَكَّدَةٌ وَلَا يُنْظَرُ إِلَى جَرْحِهِ اتِّفَاقًا وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا تَجُوزُ لِكَبِيرٍ عَلَى صَغِيرٍ فِي الْجراح لِأَنَّهُ بَينهم فَهُوَ يحسهم وَيجوز فِي قَتله على الصَّبِي لعدم التجنيب لِأَنَّهُ عَدَمٌ وَتَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي قَالَ مَالِكٌ إِذَا شَهِدَ صِبْيَانٌ وَكَبِيرٌ عَلَى صَبِيٍّ أَنه قتل صَبيا سَقَطت الصّبيان لِأَنَّ الْكَبِيرَ قَدْ يَخْبُبُهُمْ قَالَ مُحَمَّدٌ وَيُقْسِمُ مَعَ الْكَبِيرِ إِنْ كَانَ عَدْلًا قَالَ سَحْنُونٌ وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ حَيْثُ يَحْضُرُ الْكِبَارُ رجال اَوْ نسَاء لَان النِّسَاءِ تَجُوزُ فِي الْخَطَأِ وَعَمْدُ الصَّبِيِّ كَالْخَطَأِ وَحُضُورُ الْكِبَارِ يُسْقِطُهُمْ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْكِبَارُ ظَاهِرِي الْجُرْحَةِ وَتَوَقَّفَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي إِجَازَتِهَا حِينَئِذٍ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ وَغَيْرُهُ إِذَا شَهِدَ صِبْيَانٌ عَلَى صَبِيٍّ أَنَّهُ جَرَحَ صَبيا ثمَّ نزى فِي جُرْحُهُ وَمَاتَ فِيهِ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ وَقَالَهُ سَحْنُونٌ خلاف الْمُدَوَّنَة

وَإِنَّمَا يَجِبُ فِي الْمُدَوَّنَةِ دِيَةُ الْجُرْحِ فَقَطْ قَالَ مَالِكٌ إِذَا لَعِبَ سِتَّةُ صِبْيَانٍ فِي بَحْرٍ فَغَرَقَ وَاحِدٌ فَشَهِدَ ثَلَاثَةٌ أَنَّ الِاثْنَيْنِ غَرَّقَاهُ وَشَهِدَ الِاثْنَانِ أَنَّ الثَّلَاثَةَ غَرَّقُوهُ الدِّيَةُ عَلَى الْخَمْسَةِ لِاخْتِلَافِ الشَّهَادَةِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَهَذَا لَا يقتسم وَتَسْقُطُ شَهَادَتُهُمْ لِلِاخْتِلَافِ وَقَالَهُ مُطَرِّفٌ وَقَالَ لَوْ كَانُوا كِبَارًا فَاخْتَلَفُوا كَانَتِ الدِّيَةُ عَلَيْهِمْ فِي أَمْوَالِهِمْ لِأَنَّهُ صَارَ إِقْرَارًا كَأَنَّهُمْ قَالُوا لَمْ تَخْرُجِ الْجِنَايَةُ عَنَّا قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَلَوْ شهد صبيان بقتل صبي من صَبِيٍّ وَشَهِدَ آخَرُونَ أَنَّ الْقَاتِلَ لَيْسَ مِنْهُمَا بل دَابَّته قتلته جَبَّار مَضَتِ الشَّهَادَةُ عَلَى الْقَاتِلِ وَقِيلَ ذَلِكَ اخْتِلَافٌ يُسْقِطُ الشَّهَادَةَ وَإِنَّمَا قَاسَهُ عَلَى الْكِبَارِ وَإِنَّ مَنْ أَثْبَتَ حُكْمَهَا أُولَى مِنْ نَافِيهِ قَالَ أَصْبَغُ وَلَوْ شَهِدَ كَبِيرَانِ أَنَّا كُنَّا حَاضِرَيْنِ حَتَّى سقط الصَّبِي فَمَاتَ وَلم يقْتله لعدت شَهَادَة الصّبيان كَمَا لَو تعَارض الْكِبَار هَاهُنَا فِي الْقَتْلِ وَالْحُدُودِ وَالطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ لِأَنَّ الْمُثْبِتَ اولى وانكره سَحْنُون وَقَالَ اصحابنا يقدمُونَ الكبيرين ولان شَهَادَةَ الصِّبْيَانِ تَبْطُلُ بِحُضُورِ الْكِبَارِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ وَابْنِ نَافِعٍ تَجُوزُ شَهَادَةُ صَبِيٍّ مَعَ يَمِينِ الْمَشْهُودِ لَهُ إِذَا بَلَغَ وَقِيلَ يَحْلِفُ وَالِدُهُ عَنْهُ وَيَسْتَحِقُّ وَقِيلَ تَجُوزُ شَهَادَةُ الْإِنَاثِ فِي الْقَتْلِ وَالْجِرَاحِ وَقِيلَ بَلْ فِي الْجِرَاحِ دُونَ الْقَتْلِ وَهُوَ قَوْلُ الْمَخْزُومِيِّ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ وَقِيلَ وَحْدِهِنَّ دُونَ صَبِيٍّ كَمَا تَجُوزُ شَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ دُونَ رَجُلٍ فِيمَا لَا يَحْضُرُهُ الرِّجَالُ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَقَالَ مُطَرِّفٌ لَا بُدَّ مِنِ اثْنَيْنِ فِيهِنَّ صبي لَان الْعَادة يَخْتَلِطْنَ مَعَ الصِّبْيَانِ وَاخْتُلِفَ فِي اشْتِرَاطِ عَدَمِ حُضُورِ الْكَبِيرِ مَعَ الصِّبْيَانِ وَعَدَمِ اشْتِرَاطِهِ قَالَ هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدِي

وَوَقَعَ مَنْعُ شَهَادَةِ الصِّبْيَانِ مُطْلَقًا فِي النَّوَادِرِ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا لَا يَجُوزُ فِي الْقَتْلِ حَتَّى يَشْهَدَ الْعُدُولُ عَلَى رُؤْيَةِ الْبَدَنِ مَقْتُولًا تَحْقِيقًا لِلْقَتْلِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَأَقَلُّ مَا يَجُوزُ فِي شَهَادَةِ الصِّبْيَانِ غُلَامَانِ أَوْ غُلَامٌ وَجَارِيَتَانِ وَلَا يَجُوزُ غُلَامٌ وَجَارِيَةٌ وَقَالَ سَحْنُونٌ وَلَا يَحْلِفُ مَعَ صَبِيَّيْنِ فِي قَتْلِ الْخَطَأِ لِأَنَّهُمَا كَشَهَادَةِ غُلَامٍ وَقَدْ جَاءَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ أَجَازَ شَهَادَةَ الصِّبْيَانِ وَهَذَا جَمْعٌ فِيهِ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ وَعَنْ مَالِكٍ تَجُوزُ شَهَادَة الاناث واقل ذَلِك اثْنَان مَعَ صَبِيٍّ وَإِذَا شَهِدَ صِبْيَانٌ أَنَّ صَبِيًّا قَتَلَ صَبِيًّا لَزِمَ الْعَاقِلَةَ الدِّيَةُ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ لِأَنَّهُمَا كَالْكَبِيرِ وَإِذَا شَهِدَ اثْنَانِ مِنَ الصِّبْيَانِ أَنَّ فُلَانًا الصَّبِيَّ شَجَّ فُلَانًا الصَّبِيَّ وَشَهِدَ آخَرَانِ إِنَّمَا شَجَّهُ فُلَانٌ قَالَ مَالِكٌ بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمْ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَلَا تَبْطُلُ شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ إِلَّا أَنْ يَشْهَدَ الْكِبَارُ أَنَّ مَا شَهِدُوا بِهِ لَمْ يَكُنْ عَنْ مَعْرِفَةٍ وَمُعَايَنَةٍ أَوْ شَهِدُوا بِاخْتِلَافِ قَوْلِهِمْ أَوْ أَنَّهُمُ افْتَرَقُوا قَبْلَ الشَّهَادَةِ وَلَا تَسْقُطُ بِمِثْلِ هَذَا شَهَادَةُ الْكِبَارِ لِقُوَّةِ شَهَادَتِهِمْ وَإِذَا شَهِدَ الصِّبْيَانُ ثُمَّ شَهِدَ اثْنَانِ قَبْلَ الْحُكْمِ وَبَعْدَ الْبُلُوغِ وَالْعَدَالَةِ أَنَّ مَا شَهِدْنَا بِهِ نَحْنُ وَالْبَاقُونَ بَاطِلٌ سَقَطَتِ الشَّهَادَةُ كُلُّهَا بِشَهَادَةِ الْعُدُولِ بِبُطْلَانِهَا قَالَ سَحْنُونٌ لَا رُجُوعَ لِلصَّبِيِّ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَوْ رَجَعَ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَالْحُكْمِ لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهَا كَانَت فِي وَقت تُوجِبُ ضَمَانًا وَلَا أَدَبًا لَوْ رَجَعَ فَائِدَةٌ قَالَ الْأَصْحَابُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ قَبْلَ أَنْ يَخْبُبُوا مَأْخُوذٌ مِنَ الْخِبِّ الَّذِي هُوَ الْخَدِيعَةُ لِقَوْلِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِيَّاكُمْ وَرَطَانَةَ الْأَعَاجِمِ فَإِنَّهَا خِبٌّ أَيْ تَخْدَعُ من لَا يعرفهَا فيتواطؤا عَلَى أَذِيَّتِهِ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ وَلِقَوْلِهِ لَسْتُ بِالْخِبِّ وَالْخِبُّ لَا يَخْدَعُنِي فَكَانَ تَعْلِيمُ الصَّبِيِّ أَنْ يَكْذِبَ وَيُجْرِيَ شَهَادَتَهُ خِدَاعٌ فِي الشَّهَادَةِ وحيلة على الْمَشْهُود لَهُ

المسالة الثَّالِثَة فِي الْكتاب يجمع الرَّجُلُ إِذَا شَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ شَارِبُ خَمْرٍ أَوْ آكِلُ رِبًا أَوْ صَاحِبُ قِيَانٍ أَوْ كَذَّابٌ فِي غَيْرِ شَيْءٍ وَاحِدٍ وَنَحْوُهُ وَلَا يَجْرَحُهُ إِلَّا عَدْلَانِ وَقَالَ رَبِيعَةُ تُرَدُّ شَهَادَةُ الظَّنِينِ وَهُوَ الْمَغْمُوصُ فِي خَلَائِقِهِ وَمُخَالَفَةِ حَالِ الْعَدْلِ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ قَبِيحُ عَمَلٍ فِي التَّنْبِيهَاتِ الْقِيَانُ الْمُغَنِّيَاتُ وَأَصْلُ الْقَيْنَةِ الْأَمَةُ وَصَاحِبُ الْقِيَانِ هُوَ الَّذِي يَكُنَّ عِنْدَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ الَّذِي يَسْمَعُهُنَّ أَيْنَمَا كُنَّ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ وَفِي الْكِتَابِ تُمْنَعُ شَهَادَةُ الْمُغَنِّي وَالنَّائِحَةِ إِذَا عُرِفُوا بِذَلِكَ وَالشَّاعِرِ الَّذِي يَمْدَحُ مَنْ أَعْطَاهُ وَيَهْجُو مَنْ مَنَعَهُ فَإِنْ كَانَ يَأْخُذُ مِمَّن اعطاه وَلَا يهجومن مَنَعَهُ قُبِلَ لِأَنَّ الذَّمَّ حَرَامٌ وَالْأَخْذَ مَكْرُوهٌ وَمُدْمِنُ الشِّطْرَنْجِ لَا يُقْبَلُ بِخِلَافِ لَاعِبِهَا مَرَّةً بعد مرّة لِأَنَّهُ صَغِيرَةٌ مُخْتَلَفٌ فِيهَا وَكَرِهَ مَالِكٌ اللَّعِبَ بِهَا وَقَالَ هِيَ شَرٌّ مِنَ النَّرْدِ وَتَجُوزُ شَهَادَةُ الْمَحْدُودِ فِي الْقَذْفِ إِذَا حَسُنَتْ حَالُهُ فِي الْحُقُوقِ وَالطَّلَاقِ وَفِي النُّكَتِ تَجُوزُ شَهَادَةُ الْفَقِيرِ الَّذِي يَقْبَلُ مَا يُعْطَى مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مااتاك من غير مسالة فَخذه فَإِنَّمَا هُوَ دنق دنقكه اللَّهُ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ الَّذِي لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ بِإِدْمَانِ الشِّطْرَنْجِ الَّذِي يَلْعَبُ بِهَا فِي السَّنَةِ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَعِبُ الْحَمَامِ كَالشِّطْرَنْجِ تُرَدُّ الشَّهَادَةُ بِهِمَا إِنْ قَامَرَ أَوْ أَدْمَنَ مِنْ غَيْرِ قِمَارٍ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِنْ لَعِبَ بِالشِّطْرَنْجِ حَتَّى يَشْغَلَهُ عَنِ الصَّلَوَاتِ فِي الْجَمَاعَات لم يقبل والا قبلت وَقيل ترد شَهَادَته وَلم يذعن لِلشِّطْرَنْجِ وَمَنَعَ مَالِكٌ شَهَادَةَ الْقَدَرِيَّةِ قَالَ سَحْنُونٌ تُرَدُّ شَهَادَةُ أَهْلِ

الْبِدَعِ كُلِّهِمُ الْمُعْتَزِلَةِ وَالْإِبَاضِيَّةِ وَالْجَهْمِيَّةِ وَالْمُرْجِئَةِ وَغَيْرِهِمْ لِأَنَّ الْبِدَعَ إِمَّا كُفْرٌ أَوْ كَبِيرَةٌ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ مَنْ عُرِفَ بِالْبِدْعَةِ لَا يُقْبَلُ بِخِلَافِ مَنْ لُطِّخَ بِهَا غَيْرِ صَرِيحٍ وَمَنَعَ سَحْنُونٌ شَهَادَةَ الْمُنَجِّمِ الَّذِي يَدَّعِي الْقَضَاءَ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ وَلَا الْكَاهِنُ لِوُرُودِ النَّهْيِ عَنْ ذَلِك والتغليط فِيهِ وَاخْتُلِفَ فِي شَهَادَةِ مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ مَرَّةً أَوْ ثَلَاثًا قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ لَا يُقْبَلُ مَنْ لَا يُقِيمُ صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ إِنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ فِي فَرْضٍ أَوْ نَافِلَة لوُجُوب ذَلِك فيهمَا بِالشُّرُوعِ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا لَمْ يَحُجَّ وَهُوَ كَثِيرُ الْمَالِ فِي طُولِ الزَّمَانِ مِنْ غَيْرِ مَانِعٍ لَا يُقْبَلُ وَرَدَّ ابْنُ الْقَاسِمِ قَاطِعَ الدَّنَانِيرِ إِلَّا أَنْ يُعْذَرَ بِجَهْلٍ وَعَنْهُ وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا لِإِفْسَادِ سِكَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ كَانَ الْبَلَدُ دَنَانِيرُهُمْ مَقْطُوعَةٌ مَجْمُوعَةٌ فَأَحْسَنُ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَإِلَّا فَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ فِي قَاطِعِهَا أَقْوَالٌ ثَالِثُهَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْجَاهِلِ وَغَيْرِهِ قَالَ وَهَذَا الِاخْتِلَافُ عِنْدِي إِنَّمَا هُوَ إِذَا قَطَعَ الدَّرَاهِمَ أَوِ الدَّنَانِيرَ وَهِيَ وَازِنَةٌ فَرَدَّهَا نَاقِصَةً فِي الْبَلَدِ الَّذِي لَا تَجُوزُ فِيهِ نَاقِصَة وَهِي تجْرِي فِيهِ عددا بِغَيْر وزن فينفقها وَتبين نَقْصَهَا وَلَا يَغُشُّ بِهَا وَأَمَّا إِنْ لَمْ يبين وغش فَلَا خلاف أَنه جُرْحَةٌ وَأَمَّا إِنْ قَطَعَهَا وَهِيَ مَقْطُوعَةٌ أَوْ غَيْرُ مَقْطُوعَةٍ غَيْرَ أَنَّهَا لَا تَجُوزُ أَعْيَانُهَا بل بالميزان فَلَا خلاف أَنَّهَا لست جُرْحَةً وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِمَكْرُوهِ ذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ حَمْلُ الْخِلَافِ عَلَى اخْتِلَافِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ فَلَا يَكُونُ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ خُرُوجُ الْفَقِيهِ الْفَاضِلِ لِلصَّيْدِ لَيْسَ بِجُرْحَةٍ وَمَطْلُ الْغَنِيِّ بِالدِّينِ جُرْحَةٌ وَالْوَطْءُ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ إِنْ كَانَ لَا يَجْهَلُ مَكْرُوهٌ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ وَطْءُ صَغِيرَةٍ مِثْلُهَا يُوطَأُ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ قَالَ عبد الْملك الاقلف يتْرك القلفة لِعُذْرٍ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ وَإِلَّا فَلَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ سَمَاعُ صَوْتِ الْعُودِ وَحُضُورُهُ مِنْ غَيْرِ نَبِيذٍ جُرْحَةٌ إِلَّا أَنْ يَحْضُرَهَا فِي عُرْسٍ أَوْ صَنِيعٍ فَلَا يَبْلُغُ رَدَّ الشَّهَادَةِ إِذَا لَمْ يَكُنْ

مَعَهُ نَبِيذٌ وَسَمَاعُ الْغِنَاءِ لَيْسَ بِجُرْحَةٍ إِلَّا أَنْ يُدْمَنَ وَلَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ بِالْأَلْحَانِ فَإِنْ فَعَلَ فَفِي رَدِّ شَهَادَتِهِ خِلَافٌ قَالَ أَشْهَبُ مَنْ ظَهَرَتْ تَوْبَتُهُ جَازَتْ شَهَادَتُهُ حُدَّ فِي قَذْفٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنَ الْحُدُودِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {الا اللَّذين تَابُوا} وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَسَحْنُونٌ لَا تُرَدُّ الشَّهَادَة الْقَاذِفِ حَتَّى يُجْلَدَ وَبِقَبُولِ شَهَادَةِ الْقَاذِفِ إِذَا تَابَ قل ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح بِعَدَمِ قَبُولِهَا لنا قَوْله تعإلى {ان جَاءَكُم فَاسق بنباء فَتَبَيَّنُوا} الْآيَةَ فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ الْعَدْلَ لَا يَتَبَيَّنُ فِي خَبَرِهِ وَيُقْبَلُ وَهَذَا عَدْلٌ وقَوْله تَعَالَى {واستشهدوا شهيدين من رجالكم} وَقَالَ ايضا {وَأشْهدُوا ذَوي عدل} وَلَمْ يُفَرِّقْ وقَوْله تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التوابين} وَمَنْ أَحَبَّهُ اللَّهُ تَعَالَى فَهَوَ عَدْلٌ وَالِاسْتِثْنَاءُ فِي آيَاتِ الْقَذْفِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَإِجْمَاعُ الصَّحَابَة فَإِن الَّذين شهدُوا على الْمُغيرَة بالزنى جَلَدَهُمْ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ تُوبُوا تُقْبَلْ شَهَادَتُكُمْ فَتَابَ مِنْهُمُ اثْنَانِ فَقَبِلَ شَهَادَتَهُمَا وَقَالَ لِأَبِي بَكْرَةَ تُبْ تُقْبَلْ شَهَادَتُكَ وَهُوَ يَقُولُ لَا أَتُوبُ وَلَمْ يُخَالِفْهُ أَحَدٌ فَكَانَ إِجْمَاعًا مِنْهُمْ ثُمَّ الْكَافِرُ إِذَا قَذَفَ فَحُدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ فَكَذَلِكَ الْمُسْلِمُ وَجَمِيعُ الْحُدُودِ إِذَا تَابَ جُنَاتُهَا قُبِلُوا وَهِيَ أَعْظَمُ مِنَ الْقَذْفِ كَالزِّنَا إِجْمَاعًا وَالْحَدُّ مُطَهِّرٌ فَيَجِبُ الْقَبُولُ وَالْحَدُّ اسْتِيفَاءُ حَقٍّ فَلَا يَبْقَى مَانِعٌ مِنَ الْقَبُولِ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} وَلَمْ يُفَرِّقْ وَلِأَنَّهُ خَصَّصَ بِهَذَا فَلَوْ أَنَّهُ يُقْبَلُ إِذَا تَابَ وَسَائِرُ الْمَعَاصِي كَذَلِكَ لَمْ يَبْقَ فِي التَّخْصِيصِ فَائِدَةٌ وَلِأَنَّ الْجَلْدَ لَا يرْتَفع بِالتَّوْبَةِ فَكَذَلِك رد

الشَّهَادَة ولان الاستثناءفي الْآيَةِ يَجِبُ عَوْدُهُ عَلَى آخِرِ جُمْلَةٍ فِي الْآيَةِ وَهِيَ قَوْله تَعَالَى {وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} صَوْنًا لِلْكَلَامِ عَنِ الْإِبْطَالِ فَيَبْقَى قَوْله تَعَالَى {وَلَا تقبلُوا لَهُم شَهَادَة أبدا} عَلَى حَالِهِ وَأَصْلُ مَالِكٍ عَوْدُ الِاسْتِثْنَاءِ عَلَى الْجُمْلَة الاخيرة فَلم ينْقض اصله هَاهُنَا وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّا نُخَصِّصُ التَّأْبِيدَ بِحَالَةِ عَدَمِ التَّوْبَةِ لِأَنَّهُ فِسْقٌ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ فَائِدَة التَّخْصِيص ثُبُوت الحكم فِي الزِّنَى وَغَيْرِهِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِأَنَّ الْقَذْفَ أَخْفَضُ رُتْبَةً مِنْهَا فَإِذا ردَّتْ الشَّهَادَة فاولى بِغَيْرِهِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الْحَدَّ حَقٌّ كَأَخْذِ الْمَالِ وَالْقَصَاصِ فَكَمَا لَا يَسْقُطُ رَدُّ الْمَالِ فِي الْحِرَابَة وَغَيرهَا بِالتَّوْبَةِ فَكَذَلِك الْحُدُود لَا شَهَادَة انما هُوَ اهتضام والحار عَن تعظم الله تَعَالَى وَالْحَوْبَةُ تَمْحُوهَا التَّوْبَةُ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي أَحْكَامِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَاحِدَةٌ وَهِيَ الْقَذْفُ وَقُبْحُ الْجِنَايَةِ فَإِذَا زَالَ ذَلِكَ بِالتَّوْبَةِ وَحَسُنَتْ حَالُهُ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى زَالَتْ تِلْكَ الْأَحْكَامُ كُلُّهَا لِزَوَالِ سَبَبِهَا الْمُتَّحِدِ إِلَّا الْحَدَّ لِكَوْنِهِ لَا يَزُولُ لِمَا تَقَدَّمَ وَلقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْغَامِدِيَّةِ لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ تَابَهَا صَاحِبُ مَكْسٍ لَغُفِرَ لَهُ فَأَخْبَرَ عَنْ عَظِيمِ تَوْبَتِهَا وَمَعَ ذَلِكَ رَجَمَهَا فَعُلِمَ بِأَنَّ الْحُدُودَ لَا تَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ إِلَّا الْحِرابَةَ لِكَوْنِ الْحَدِّ فِيهِ تَنْكِيلًا وَلَا تَنْكِيلَ مَعَ التَّوْبَةِ وَهُوَ فِي غَيْرِهَا إِنْ وَقَعَ قَبْلَ التَّوْبَةِ هُوَ تَنْكِيلٌ أَوْ بَعْدَهَا فَتَطْهِيرٌ وَهُوَ الْجَوَابُ عَنْ مُخَالَفَتِنَا لِأَصْلِنَا فَإِنَّا إِنَّمَا نَقُولُ بِعَوْدِهِ عَلَى الْأَخِيرَةِ إِذَا لَمْ يَكُنْ سَبَبُهَا وَاحِدًا قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى إِذَا تَرَكَ الْجُمُعَةَ مَرَّةً وَاحِدَةً قَالَ أَصْبَغُ هِيَ جُرْحَةٌ كَإِحْدَى الْفَرَائِضِ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَمَنَعَ سَحْنُونٌ حَتَّى يَتْرُكَهَا ثَلَاثًا مُتَوَالِيَاتٍ لِأَنَّهُ الَّذِي جَاءَ فِيهِ الْحَدِيثُ وَالْوَاجِبَاتُ عَلَى التَّرَاخِي لَا

يَفْسُقُ إِلَّا بِتَرْكِهَا الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ الَّذِي يَغْلُبُ عَلَى الظَّنِّ تَهَاوُنُهُ بِهَا مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ أَدَائِهَا وَالْمَنْدُوبُ إِنْ كَانَ يَتَكَرَّرُ وَيَتَأَكَّدُ كَالْوَتْرِ وَرَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ تَرَكَهُ جُرْحَةً إِذَا أَقْسَمَ لَا يَفْعَلُهُ أَوْ تَرَكَهُ جُمْلَةً لِأَنَّ ذَلِك يدل على تهاونه بِالدّينِ تَرْكِهِ مَرَّةً وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْحَالِفِ لَا أَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ وَلَا أَنْقُصُ الْحَدِيثُ الْمَشْهُورُ أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ فَالْحَالِفُ انما حلف ان لَا يَفْعَلَ غَيْرَ مَا ذَكَرَهُ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على وَجه الْوُجُوب ان لَا يَزِيدَ زِيَادَةً مُفْسِدَةً كَرَكْعَةٍ خَامِسَةٍ وَلَوْ كَانَ مَعْنَاهُ لَا أَفْعَلُ شَيْئًا مِنَ الْخَيْرِ لَأَنْكَرَ عَلَيْهِ كَمَا أَنْكَرَ عَلَى الَّذِي سَمِعَهُ يَحْلِفُ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ وَخَصْمُهُ يَسْتَوْضِعُهُ مِنْ حَقِّهِ وَهُوَ يَقُولُ وَاللَّهِ لَا أَفْعَلُ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ايْنَ المتالي ان لَا يَفْعَلَ الْمَعْرُوفَ فَقَالَ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ مَهْ أَيْ دَعْ تَنْبِيهٌ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ الْمَشْهُورُ قَبُولُ شَهَادَةِ الْقَاذِفِ قَبْلَ جَلْدِهِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ وَقَالَهُ ح وَرَدَّهَا عبد الْملك ومطرف وش وَابْن حَنْبَل لنا أَنه قبل الْجلد فَاسق لِأَنَّهُ مَا لَمْ يَفْرَغْ مِنَ الْجَلْدِ يَجُوزُ رُجُوعُ الْبَيِّنَةِ وَتَصْدِيقُ الْمَقْذُوفِ فَلَا يَتَحَقَّقُ الْفِسْقُ إِلَّا بَعْدَ الْجَلْدِ وَالْأَصْلُ اسْتِصْحَابُ الْعَدَالَةِ وَالْحَالَةِ السَّابِقَةِ احْتَجُّوا بِأَنَّ الْآيَةَ اقْتَضَتْ تَرْتِيبَ الْفِسْقِ عَلَى الْقَذْفِ وَقَدْ تَحَقَّقَ الْقَذْفُ فَيَتَحَقَّقُ الْفِسْقُ سَوَاءٌ جُلِدَ أَمْ لَا وَلِأَنَّ الْجَلْدَ فَرْعُ ثُبُوتِ الْفِسْقِ فَلَوْ تَوَقَّفَ الْفِسْقُ عَلَى الْحَدِّ لَزِمَ الدَّوْرُ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ قَبُولِ الشَّهَادَةِ الا حَيْثُ تَيَقنا الْعَدَالَة وَلم تتيقن هَاهُنَا فَيرد

وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْآيَةَ اقْتَضَتْ صِحَةَ مَا ذَكَرْنَاهُ وَبُطْلَانَ مَا ذَكَرْتُمُوهُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أبدا وَأُولَئِكَ هم الْفَاسِقُونَ} فَرَتَّبَ رَدَّ الشَّهَادَةِ وَالْفِسْقِ عَلَى الْجَلْدِ وَتَرْتِيبُ الحكم على الْوَصْف يدل على علية ذَلِك الْوَصْفِ لِذَلِكَ الْحُكْمِ فَيَكُونُ الْجَلْدُ هُوَ السَّبَبَ فِي الْفِسْقِ فَحَيْثُ لَا جَلْدَ لَا فُسُوقَ وَهُوَ مَطْلُوبُنَا وَعَكْسُ مَطْلُوبِكُمْ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْجلد فرع ثُبُوت الْفسق ظَاهرا ظُهُورًا ضَعِيفًا لِجَوَازِ رُجُوعِ الْبَيِّنَةِ وَقَالَهُ أَشْهَبُ أَوْ تَصْدِيقِ الْمَقْذُوفِ فَإِذَا أُقِيمَ الْحَدُّ قَوِيَ الظُّهُورُ بِإِقْدَامِ الْبَيِّنَةِ وَتَصْمِيمِهَا عَلَى أَذِيَّةِ الْقَاذِفِ وَكَذَلِكَ الْمَقْذُوفُ وَحِينَئِذٍ نَقُولُ إِنَّ مَدْرَكَ رَدِّ الشَّهَادَةِ إِنَّمَا هُوَ الظُّهُورُ الْقَوِيُّ لِأَنَّهُ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ الاصل بَقَاءُ الْعَدَالَةِ إِلَّا حَيْثُ أَجْمَعْنَا عَلَى انْتِفَائِهَا وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْعَدَالَةِ السَّابِقَةِ تَنْبِيهٌ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى قَالَ الْقَاضِي أَبُو اسحاق وش لابد فِي تَوْبَة الْقَاذِف من تَكْذِيبه لنَفسِهِ فَإِنَّمَا قَضَيْنَا بِكَذِبِهِ فِي الظَّاهِرِ لَمَّا فَسَّقْنَاهُ فَلَوْ لَمْ يُكَذِّبْ نَفْسَهُ لَكَانَ مُصِرًّا عَلَى الْكَذِبِ الَّذِي فَسَّقْنَاهُ لِأَجْلِهِ فِي الظَّاهِرِ وَعَلَيْهِ إِشْكَالَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ صَادِقًا فِي قَذْفِهِ فَتَكْذِيبُهُ لِنَفْسِهِ كَذِبٌ فَكَيْفَ تُشْتَرَطُ الْمَعْصِيَةُ فِي التَّوْبَةِ وَهِيَ ضِدُّهَا وَتُجْعَلُ الْمَعَاصِي سَبَبَ صَلَاحِ الْعَبْدِ وَقَبُولِ شَهَادَتِهِ وَرِفْعَتِهِ وَثَانِيهُمَا أَنَّهُ إِنْ كَانَ كَاذِبًا فِي قَذْفِهِ فَهُوَ فَاسِقٌ أَوْ صَادِقًا فَهُوَ عَاصٍ لِأَنَّ تَعْيِيرَ الزَّانِي بِزِنَاهُ مَعْصِيّة فَكيف يَنْفَعهُ تَكْذِيب مَعَ كَوْنِهِ عَاصِيًا بِكُلِّ حَالٍ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْكَذِبَ لِأَجْلِ الْحَاجَةِ جَائِزٌ كَرَجُلٍ مَعَ امْرَأَتِهِ وَالْإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ وَهَذَا الْكَذِبُ فِيهِ مَصْلَحَةُ السَّتْرِ عَلَى الْمَقْذُوفِ وَتَقْلِيلُ

الْأَذِيَّةِ وَالْفَضِيحَةِ عِنْدَ النَّاسِ وَقَبُولُ شَهَادَتِهِ فِي نَفْسِهِ وَعَوْدُهُ إِلَى الْوِلَايَاتِ الَّتِي تُشْتَرَطُ فِيهَا الْعَدَالَةُ وَتَصَرُّفُهُ فِي أَمْوَالِ أَوْلَادِهِ وَتَزْوِيجُهُ لِمَنْ يَلِي عَلَيْهِ وَتعرض لِلْوِلَايَاتِ الشَّرْعِيَّةِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ تَعْيِيرَ الزَّانِي صَغِيرَة لَا يمْنَع مِنَ الشَّهَادَةِ وَقَالَ مَالِكٌ لَا يُشْتَرَطُ فِي تَوْبَتِهِ وَلَا قَبُولِ شَهَادَتِهِ تَكْذِيبُهُ نَفْسَهُ بَلْ صَلَاحُ حَالِهِ بِالِاسْتِغْفَارِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ كَسَائِرِ الذُّنُوبِ تَفْرِيعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ تُرَدُّ شَهَادَة الْمَحْدُود فِيمَا حد فِيهِ من قدف أَو غَيره وَإِن تَابَ كَشَهَادَة ولد فِي الزِّنَى للتُّهمَةِ فِي تَسْوِيَة النَّاس وجوزها ش وح فِي الزِّنَى وَغَيْرِهِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَغَيْرُهُ تُرَدُّ شَهَادَةُ الزانى فِي الزِّنَى والقدف وَاللِّعَانِ وَإِنْ تَابَ وَالْمَنْبُوذِ وَكَذَلِكَ لَا تَجُوزُ شَهَادَته فِي شَيْء من وجوده الزِّنَى لِلتُّهْمَةِ وَقَالَ مَالِكٌ تُقْبَلُ شَهَادَةُ وَلَدِ الزِّنَى إِلَّا فِي الزِّنَى قَالَ فَإِنْ قِيلَ يَنْبَغِي أَن لَا يُقْبَلَ السَّارِقُ فِي السَّرِقَةِ وَالْقَاذِفُ فِي الْقَذْفِ وَالزَّانِي فِي الزِّنَى قِيلَ قَدْ قِيلَ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ عِنْدَ مَالِكٍ بَلْ قَبِلَ مَالِكٌ الْقَاذِفَ فِي الْقَذْفِ وَغَيْرِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ وَلَدِ الزِّنَى أَنَّ مَعْرِفَةَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ تَزُولُ بِالتَّوْبَةِ كَالْكَافِرِ إِذَا أَسْلَمَ وَكَوْنِهِ وَلَدَ زِنًى دَائِمَ الْمَعَرَّةِ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِلْمُدَوَّنَةِ وَالْقِيَاسُ مَا قَالَه سَحْنُون فِي اعتبارالتهمة فَرْعٌ قَالَ إِذَا حُدَّ نَصْرَانِيٌّ فِي قَذْفٍ ثمَّ أسلم بِالْقربِ فَثَبت شَهَادَته وَتوقف سَحْنُون فِيهِ حَتَّى يظْهر صَلَاحهمْ حَالِهِ كَالْمُسْلِمِ فَرْعٌ فِي النَّوَادِرِ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ تُرَدُّ شَهَادَةُ مَنْ لَا يُحْكِمُ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاة وَلَا يعدر فِي ذَلِكَ بِالْجَهْلِ لِأَنَّ التَّعَلُّمَ وَاجِبٌ قَبْلَ الْعَمَلِ وَكَذَلِكَ إِذَا لَمْ يَعْلَمِ التَّيَمُّمَ

وَقد وَجب علبه وَكَذَلِكَ الْجَهْلُ بِنُصُبِ الزَّكَاةِ وَقَدْرِ الْوَاجِبِ فِيهَا إِذَا كَانَ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَيُرَدُّ الْفَارُّ مِنَ الزَّحْفِ حَيْثُ يَجِبُ الْوُقُوفُ قَالَ سَحْنُونٌ يُرَدُّ بَائِعُ النَّرْدِ وَالْعِيدَانِ والمزامر وَالطُّنْبُورِ وَعَاصِرُ الْخَمْرِ وَبَائِعُهَا وَإِنْ لَمْ يَشْرَبْهَا فَإِنَّ بَاعَهَا عَصِيرًا لَمْ يُرَدَّ إِلَّا أَنْ يقدم إِلَيْهِ فَلَا يَنْتَهِي وَيرد مُوجب الْحَانُوتِ لِبَيْعِ الْخَمْرِ وَهِيَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَكَذَلِكَ الَّذِي يَسْتَحْلِفُ أَبَاهُ فِي حُقٍّ وَهُوَ جَاهِلٌ أَوْ جَدَّهُ وَإِنْ كَانَ حَقه ثَابتا لِأَنَّهُ عقوق وَلَا يعدر بِالْجَهَالَةِ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا تَسَلَّفَ مِنْ حِجَارَةِ الْمَسْجِدِ وَرَدَّ عِوَضَهَا وَقَالَ ظَنَنْتُ أَنَّ هَذَا يجوز إِذْ قَدْ يُجْهَلُ مِثْلُ هَذَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِم اذا سمى ابْن فلَان وَأَنَّهَا مَاتَ ابْن فُلَانٌ وَلَهُ أَمَةٌ حَامِلٌ فَوُلَدَتْ هَذَا فَلَمْ يورثه وَلَا ادَّعَوْا رَقَبَتَهُ وَلَا رَقَبَةَ أُمِّهِ وَكَبُرَ وَانْتَسَبَ إِلَى الْمَيِّتِ وَلَمْ يَطْلُبِ الْمِيرَاثَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَسْأَلَ بَنِي الْمَيِّتِ إِنْ أَقَرُّوا بِهِ لَمْ يَضُرَّهُ تَرْكُ الْمِيرَاثِ وَإِنْ لَمْ يُقِرُّوا وَلَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِوَطْءِ أَبِيهِمُ الْأَمَةَ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُ فَإِنْ أَعْتَقَهُ الْوَرَثَةُ مَعَ أُمِّهِ وَهُوَ مُقِيمٌ عَلَى الِانْتِسَابِ لِلْمَيِّتِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ قَاعِدَةٌ الْكَبِيرَةُ مَا عَظُمَتْ مَفْسَدَتُهَا وَالصَّغِيرَةُ مَا قلت مفسدتها فَيعلم مَا تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ بِأَنْ يُحْفَظَ مَا ورد فِي السّنة أَنَّهَا كَبِيرَةٌ فَيَلْحَقُ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ وَمَا قَصُرَ عَنْهُ فِي الْمَفْسَدَةِ لَا يَقْدَحُ فِي الشَّهَادَةِ فَوَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ وَنَقَلَهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ مَا أَكْبَرُ الَكَبائِرِ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ شَرِيكًا وَقَدْ خَلَقَكَ قُلْتُ ثُمَّ أَيُّ قَالَ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ خَوَفَ أَنْ يَأْكُلَ مَعَكَ قُلْتُ ثُمَّ أَيْ قَالَ أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ وَفِي حَدِيثٍ اخر اجتنبوا

السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ قِيلَ وَمَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الشِّرْكُ بِاللَّهِ وَالسِّحْرُ وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ وَأَكْلُ الرِّبَا وَشَهَادَةُ الزُّورِ وَفِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَفِي آخَرَ وَاسْتِحْلَالُ الْبَيْتِ الْحَرَامِ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ كُلُّ مَا نَصَّ اللَّهُ تَعَالَى وَرَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وتعد عَلَيْهِ أَوْ رَتَّبَ حَدًّا أَوْ عُقُوبَةً فَهُوَ كَبِيرَةٌ وَيَلْحَقُ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ مِمَّا ساواه فِي الْمفْسدَة مَعْنَاهَا وَثَبَتَ فِي الصِّحَاحِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جعل الْقبْلَة فِي الاجنبية صعيرة فَيلْحق بهَا مَا فِي مَعْنَاهُ فَتَكُونُ صَغِيرَةً لَا تَقْدَحُ إِلَّا أَنْ يُصِرَّ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ لَا كَبِيرَةَ مَعَ اسْتِغْفَارٍ وَلَا صَغِيرَةَ مَعَ إِصْرَارٍ تَمْهِيدٌ مَا ضَابِطُ الْإِصْرَارِ الْمُصَيِّرِ لِلصَّغِيرَةِ كَبِيرَةً وَمَا عَدَدُ التَّكْرَارِ الْمُحَصِّلِ لِذَلِكَ وَكَذَلِكَ مَا ضَابِطُ إِخْلَالِ الْمُبَاحِ بِالْعَدَالَةِ كَالْأَكْلِ فِي السُّوقِ وَغَيْرِهِ ضَابِطُهُ كَمَا حَرَّرَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنْ نَنْظُرَ إِلَى مَا يَحْصُلُ مِنْ مُلَابَسَةِ الْكَبِيرَةِ مِنْ عَدَمِ الْوُثُوقِ بِفَاعِلِهَا ثُمَّ نَنْظُرَ إِلَى الصَّغِيرَةِ فَمَتَى حَصَلَ مِنْ تَكْرَارِهَا مَعَ الْبَقَاءِ عَلَى عَدَمِ التَّوْبَةِ وَالنَّدَمِ مَا يُوجِبُ عَدَمَ الْوُثُوقِ بِهِ فِي دِينِهِ وَإِقْدَامِهِ عَلَى الْكَذِبِ فِي الشَّهَادَةِ فَاجْعَلْ ذَلِكَ قَادِحًا وَمَا لَا فَلَا وَكَذَلِكَ الْأُمُورُ الْمُبَاحَةُ وَمَنْ تَكَرَّرَتِ الصَّغِيرَةُ مِنْهُ مَعَ تَخَلُّلِ التَّوْبَةِ وَالنَّدَمِ أَوْ مِنْ أَنْوَاعٍ مُخْتَلِفَةٍ مَعَ عَدَمِ اشْتِمَالِ الْقَلْبِ عَلَى الْعَوْدَةِ لَا يَقْدَحُ فِي الشَّهَادَة

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا تَابَ الْفَاسِقُ قُبِلَ وَلَا يَكْفِي قَوْلُهُ تُبْتُ وَلَا إِقْرَارُ الْقَاذِفِ بِالْكَذِبِ بل لابد فِي كُلِّ فَاسِقٍ أَنْ يُسْتَبْرَأَ حَالُهُ مُدَّةً بِقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ حَتَّى يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ اسْتِقَامَتُهُ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَاتِ وَحَدَّهَا بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بِسَنَةٍ مِنْ حِين اظهار التَّوْبَة كالعنين وتاثير الْوُصُول فِي الغرائم كَتَأْثِيرِهَا فِي الْأَمْرَاضِ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَالتَّحْقِيقُ الرُّجُوعُ لِلْقَرَائِنِ فَمِنَ النَّاسِ بَعِيدُ الْغَوْرِ لَا يَكَادُ يُعْلَمُ مُعْتَقَدُهُ وَيُغَالِطُ الْحُذَّاقَ حَتَّى يَظُنُّوا أَنَّهُ صَالِحٌ فَيَسْتَظْهِرُ فِي حَقِّهِ اكثر وَمِنْهُم من لايكاد يخفى حَاله فَيَكْفِي زَمنا يظْهر فِيهِ الِانْتِقَال الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ فِي الْكِتَابِ يَمْنَعُ شَهَادَةَ الْكَافِرِ على السّلم أَوِ الْكَافِرِ مِنْ أَهْلِ مِلَّتِهِمْ أَوْ غَيْرِهَا وَفِي وَصِيَّة ميت مَاتَ فِي سَفَره فَإِن لَمْ يَحْضُرْهُ مُسْلِمُونَ وَتَمْتَنِعْ شَهَادَةُ نِسَائِهِمْ فِي الِاسْتِهْلَالِ وَالْوِلَادَةِ وَوَافَقَنَا ش وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ تَجُوزُ شَهَادَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي الْوَصِيَّةِ فِي السَّفَرِ إِذَا لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُمْ وَهُمْ ذِمَّةٌ وَيَحْلِفَانِ بَعْدَ الْعَصْرِ مَا خَانَا وَلَا كَتَمَا وَلَا اشْتَرَيَا بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذا لَمِنَ الْآثِمِينَ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَأْوِيلِ الْآيَةِ فَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهَا عَلَى التَّحَمُّلِ دُونَ الْأَدَاءِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {مِنْ غَيْرِكُمْ} أَيْ مِنْ غَيْرِ عَشِيرَتِكُمْ وَقِيلَ الشَّهَادَة فِي الاية الْيَمين وَلَا يقبل فِي غَيْرِ هَذَا عِنْدَ أَحْمَدَ وَقَالَ ح يُقْبَلُ الْيَهُودِيُّ عَلَى النَّصْرَانِيِّ وَالنَّصْرَانِيُّ عَلَى الْيَهُودِيِّ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْكُفْرَ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ وَعَنْ قَتَادَةَ وَغَيْرِهِ تُقْبَلُ عَلَى مِلَّتِهِ دُونَ غَيْرِهَا لَنَا قَوْله تَعَالَى {واغرينا بَينهم الْعَدَاوَة والبغضاء إِلَى يَوْم

القيأمة} وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ عَدُوٍّ عَلَى عَدُوِّهِ وَقِيَاسًا عَلَى الْفَاسِقِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِالتَّوَقُّفِ فِي خَبَرِ الْفَاسِقِ وَهُوَ أَوْلَى وَالشَّهَادَةُ آكَدُ مِنَ الْخَبَرِ وقَوْله تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا ذَوي عدل مِنْكُم} وَفِي الْحَدِيثِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَهْلِ دِينٍ عَلَى غَيْرِ أَهْلِ دِينِهِمْ إِلَّا الْمُسْلِمُونَ فَإِنَّهُمْ عُدُولٌ عَلَيْهِمْ وَعَلَى غَيْرِهِمْ وَلِأَنَّ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى الْمُسْلِمِ لَا تُقْبَلُ عَلَى غَيْرِهِ كَالْعَبْدِ وَغَيْرِهِ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عدل مِنْكُم اَوْ اخران من غَيْركُمْ} مَعْنَاهُ مِنْ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي مُوسَى وَغَيْرِهِ وَإِذَا جَازَتْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ جَازَتْ عَلَى الْكَافِرِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَفِي الصَّحِيحِ أَنَّ الْيَهُودَ جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَمَعَهُمْ يَهُودِيَّانِ فَذَكَرَتْ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ رَجَمَهُمَا بِشَهَادَتِهِمْ وَرَوَى الشَّعْبِيُّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ إِنْ شَهِدَ مِنْكُمْ أَرْبَعَةٌ رَجَمْتُهُمَا وَلِأَنَّ الْكفَّار من اهل الْولَايَة لِأَنَّهُ يُزَوجهُ أَوْلَادَهُ وَلِأَنَّهُمْ يَتَدَايَنُونَ فِي الْحُقُوقِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمن اهل الْكتب من ان تامنه بقنطار يؤده اليك} وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْحَسَنَ قَالَ مِنْ غَيْرِ عَشِيرَتِكُمْ وَعَنْ قَتَادَةَ مِنْ غَيْرِ خَلْقِكُمْ فَمَا تَعَيَّنَ مَا قُلْتُمُوهُ أَوْ مَعْنَى الشَّهَادَةِ التَّحَمُّلُ وَنَحْنُ نُجِيزُهُ

(فرع مرتب)

اَوْ الْيَمين لقَوْله تعإلى {فيقسمان بِاللَّه} كَمَا قَالَ فِي اللِّعَانِ أَوْ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خير الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرَهُمْ وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ فَدَلَّ عَلَى نَسْخِهِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُمْ لَا يَقُولُونَ بِهِ لِأَنَّ الْإِحْصَانَ مِنْ شَرْطِهِ الْإِسْلَامُ مَعَ أَنه يحْتَمل أَنَّهُمَا اعترفا بالزنى فَلم يرجمهم بِالشَّهَادَةِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الْفِسْقَ وَإِنْ نَافَى الشَّهَادَةَ عِنْدَنَا فَإِنَّهُ لَا يُنَافِي الْوِلَايَةَ لِأَنَّ وَازِعَهَا طَبَعِيٌّ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ وَازِعُهَا دِينِيٌّ فَافْتَرَقَا وَلِأَنَّ تَزْوِيجَ الْكُفَّارِ عِنْدَنَا فَاسِدٌ وَالْإِسْلَامُ يُصَحِّحُهُ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّهُ مُعَارَضٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي آخِرِ الْآيَةِ {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيين سَبِيل} فَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُمْ يَسْتَحِلُّونَ مَالَنَا وَجَمِيعُ أَدِلَّتِكُمْ مُعَارَضَةٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} فنفى تعإلى التَّسْوِيَة فَلَا تقبل شَهَادَتهم وَلَا حَصَلَتِ التَّسْوِيَةُ وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ} قَالَ الْأَصْحَابُ وَنَاسِخُ الْآيَةِ قَوْله تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا ذَوي عدل مِنْكُم} (فرع مُرَتّب) من النَّوَادِرِ لَوْ رَضِيَ الْخَصْمَانِ بِشَهَادَةِ كَافِرٍ أَوْ مَسْخُوطٍ لَا يَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْعَبْدِ وَقَالَهُ ش وح وَقَبِلَهَا ابْنُ حَنْبَلٍ إِلَّا فِي الْحُدُودِ لَنَا قَوْله تعإلى {هَل لكم مِمَّا ملكت ايمانكم من شُرَكَاء فِيمَا

رزقنكم} وَمِنْهُ الشَّهَادَةُ وقَوْله تَعَالَى {ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} أَيْ مِنْ أَحْرَارِكُمْ وَإِلَّا لَمْ يَبْقَ لِقَوْلِهِ مِنْكُمْ فَائِدَةٌ وَقِيَاسًا عَلَى التَّوْرِيثِ بِجَامِعِ أَنَّهُ أَمْرٌ لَا يَتَبَعَّضُ احْتِرَازًا مِنَ الْحُدُودِ وَغَيْرِهَا إِلَى تبعيض وَلِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ فَلَا يَتَأَهَّلُ لِلشَّهَادَةِ كَالْبَهَائِمِ أَوْ لِأَنَّهُ مَوْلًى عَلَيْهِ كَالصَّبِيِّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا ياب الشُّهَدَاء اذا مَا دعوا} وَالنَّهْيُ لَا يَكُونُ إِلَّا عَنْ مُمْكِنٍ وَالْعَبْدُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنَ الْإِجَابَةِ لِحَقِّ سَيِّدِهِ وَلَا يُسْتَثْنَى كَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا بِجَامِعِ الْمَفْرُوضِيَّةِ لِأَنَّ ذَلِكَ خَاص بِمَا اوجبه الله تعإلى بخلافا مَا يُوجِبُهُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ عَلَى نَفْسِهِ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} وَهُوَ مِنَ الْعُدُولِ وقَوْله تَعَالَى {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْد الله اتقاكم} وَالْعَبْدُ يُتَصَوَّرُ مِنْهُ ذَلِكَ وَقِيَاسًا عَلَى رُؤْيَتِهِ وَفَرَّقُوا بَيْنَ الْمَالِ وَبَيْنَ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ بِأَنَّ هَذِه امور تدرأ بِالشُّبُهَاتِ فالخلا فِي شَهَادَةِ الْعَبْدِ شُبْهَةٌ تَمْنَعُهَا بِخِلَافِ الْمَالِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ إِنَّمَا يَتَنَاوَلُ مَنْ يَشْهَدُ بِغَيْرِ حَاجَةٍ إِلَى إِذْنِ غَيْرِهِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْعَدْلَ الْمَرْضِيَّ هُوَ الْمُعْتَدِلُ فِي ديانته ومرؤته ومرؤة العَبْد تختل بالاهانة بِشَهَادَة العادلة وَعَن الثَّالِث لذِي التَّقْوَى لَا يُوجب قَبُولَ الشَّهَادَةِ لِأَنَّ الْمُغَفَّلَ مُتَّقٍ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ مَعَ أَنَّ هَذِهِ عُمُومَاتُ أَدِلَّتِنَا تُخَصِّصُهَا وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ الرِّوَايَةَ أَخَفُّ رُتْبَةً بِدَلِيلِ ان الْأمة الْوَاحِدَة تقبل فِي الْخَبَر

(فرع مرتب)

الشَّهَادَةِ وَلِأَنَّ الشَّهَادَةَ تَقَعُ غَالِبًا عَلَى مُعَيَّنٍ وَهِي سلطانة تَقْتَضِي الْكَمَالَ وَالْعَبْدُ نَاقِصٌ وَالرِّوَايَةُ لَيْسَتْ عَلَى معِين فَلَا سلطانة وَعَنِ الْخَامِسِ أَنَّ ثُبُوتَ الرِّقِّ لَا يُوجِبُ الْقَبُولَ فِي الْمَالِ كَالْمُغَفَّلِ (فَرْعٌ مُرَتَّبٌ) فِي النَّوَادِرِ إِذَا ظَنَّ أَنَّهُ حُرٌّ فَحَكَمَ بِهِ فَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ حَتَّى عُتِقَ ثُمَّ يَقُومُ بِهِ الْآنَ فَيَشْهَدُ وَلَوْ قَالَ الْخَصْمُ شَاهِدِي فُلَانٌ الْعَبْدُ فَقَالَ الْقَاضِي لَا أَقْبَلُهُ فَعُتِقَ ثَبَتَتْ شَهَادَتُهُ لِأَنَّ كَلَامَ الْقَاضِي فُتْيَا قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ إِذَا أَشْهَدَ الْعَبْدُ أَوِ الصَّبِيُّ أَوِ النَّصْرَانِيُّ عَلَى شَهَادَتِهِمْ عُدُولًا ثُمَّ انْتَقَلَتْ أَحْوَالُهُمْ إِلَى حَالِ جَوَازِ شَهَادَتِهِمْ قَبْلَ أَنْ يُنْقَلَ عَنْهُمْ لَا يُقْبَلُ النَّقْلُ عَنْهُمْ لِأَنَّ شَهَادَتَهُمْ فِي وَقْتٍ لَا تُقْبَلُ مِنْهُمْ بِخِلَافِ إِنْ شَهِدُوا فِي الْحَالِ الثَّانِي بِمَا عَلِمُوهُ فِي الْحَالِ الْأَوَّلِ وَهَذَا قِيَاسُ قَوْلِ مَالِكٍ واصحابه الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ ابْنِ خَمْسَ عَشْرَةَ سنة الا ان يَحْتَلِم بحلاف ابْنِ ثَمَانِي عَشْرَةَ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الِاحْتِلَامِ وَجَوَّزَ ابْنُ وَهْبٍ الْأَوَّلَ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَجَازَ ابْنَ عُمَرَ وَهُوَ ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَلَا دَلِيلَ فِيهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِنَّمَا أَجَازَ مَنْ يُطِيقُ الْقِتَالَ وَلَمْ يسألهم عَن اسنأنهم الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا عَلِمَ حَيَوَانًا أَوْ عَقَارًا لَكَ وَرَآهُ بِيَدِ غَيْرك يَبِيعهُ ويهبه ويحوله عَنْ حَالِهِ وَلَا يَقُومُ بِشَهَادَتِهِ ثُمَّ يَشْهَدُ فَيَقُول لَهُ لَمْ تَقُمْ بِشَهَادَتِكَ قَبْلَ هَذَا فَيَقُولُ لَمْ أُسْأَلْ وَلَمْ أَرَ فَرْجًا يُطَأُ وَلَا حُرًّا يُسْتَخْدَمُ وَلَيْسَ عَلَيَّ أَنْ أُخَاصِمَ النَّاسَ تُرَدُّ شَهَادَته وَكَذَلِكَ فِي الْجَمِيع

الْعُرُوضِ إِذَا كَانَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ تُحَوَّلُ عَنْ حَالَتِهَا بِعِلْمِهِ قَالَ غَيْرُهُ وَهَذَا إِذَا كَانَ الْمَشْهُود لَهُ غَالِبا أَوْ حَاضِرًا لَا يَعْلَمُ أَمَّا حَاضِرٌ يَرَى فَهُوَ كَالْإِقْرَارِ وَلَمْ يَرَ ذَلِكَ سَحْنُونٌ إِلَّا فِيمَا كَانَ حَقًّا لِلَّهِ وَمَا يَلْزَمُ الشَّاهِدُ ان يقوم بِهِ وان كذبه الْمُدعى بِالْحُرِّيَّةِ وَالطَّلَاقِ وَأَمَّا مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْعُرُوضِ وَغَيْرِهَا فَلَا لِأَنَّ رَبَّهُ إِنْ كَانَ حَاضِرًا فَهُوَ ضَيَّعَ مَالَهُ أَوْ غَائِبًا فَلَا شَهَادَةَ لَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَيَلْزَمُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ المَال اذا كَانَ حَاضرا لَا يعلم لَان هَذَا كَانَت لِأَبِيهِ فَعَلَى الشَّاهِدِ أَنْ يَعْلَمَهُ وَإِلَّا بَطَلَتْ شَهَادَته الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ فِي الْكِتَابِ يُضْرَبُ شَاهِدُ الزُّورِ بِالِاجْتِهَادِ لِأَنَّهَا كَبِيرَةٌ وَيُطَافُ بِهِ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ أَبَدًا وَإِنْ تَابَ وَحَسُنَتْ حَالُهُ وَأَمَرَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بجلده اربعين جلدَة وبتسخيم وَجْهِهِ وَأَنْ يُطَافَ بِهِ حَيْثُ يَعْرِفُهُ النَّاسُ بِطُولِ حَبْسِهِ وَحَلْقِ رَأْسِهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ يَسْوَدُّ وَجْهُهُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَكْتُبُ الْقَاضِي بِذَلِكَ كِتَابًا وَيَشْهَدُ فِيهِ وَيَجْعَلُهُ نُسَخًا يَسْتَوْدِعُهُ عِنْدَ مَنْ يَثِقُ بِهِ وَاخْتُلِفَ فِي عُقُوبَتِهِ إِذَا أَتَى تَائِبًا وَلَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا رَجَعَ الشَّاهِدُ عَنْ شَهَادَتِهِ وَلَمْ يَأْتِ بِعُذْرٍ لَوْ أُدِّبَ لَكَانَ أَهْلًا قَالَ سَحْنُون لَا يُعَاقب لَيْلًا يَمْتَنِعَ النَّاسُ مِنَ الِاسْتِفْتَاءِ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَمْ يُعَاقِبِ الْأَعْرَابِيَّ الَّذِي سَأَلَهُ عَنِ الْوَطْءِ فِي رَمَضَانَ وَأَمَّا قَبُولُ شَهَادَةِ شَاهِدِ الزُّورِ فِي الْمُسْتَقْبل فَإِن اتى تَائِبًا لم تنقل حَالُهُ إِلَى خَيْرٍ قُبِلَتْ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قبل ذَلِك عرفت بِالْخَيْرِ فَلَا يَبْقَى انْتِقَالُهُ دَلِيلًا وَقَالَ أَصْبَغُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ أَبَدًا إِذَا أَقَرَّ

بِشَهَادَةِ الزُّورِ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ لِأَنَّهُ لَا يتهم حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَا يُعْلَمُ إِلَّا مِنْ قِبَلِهِ وَأَمَّا إِنْ ظَهَرَ وَتَابَ وَانْتَقَلَ إِلَى صَلَاحٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تُقْبَلُ وَعَنْهُ أَنَّهُ يقبل قَالَ وَالْمَنْع هَاهُنَا أَحْسَنُ وَلَمْ يَخْتَلِفِ الْمَذْهَبُ فِي الزِّنْدِيقِ يَظْهَرُ عَلَيْهِ ان تَوْبَته لَا تقبل وَلَو عقل عَن الزناديق فَلَمْ يُشْهَدْ عَلَيْهِ حَتَّى ظَهَرَ صَلَاحُهُ وَانْتَقَلَ حَالُهُ وَلَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ قَالَ وَالْأَشْبَهُ قَبُولُ تَوْبَته وَلِأَنَّهَا شُبْهَة يدرا بهَا الْقَتْل وَيُشبه ان لَا يقبل لِأَنَّهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ مِنَ الظُّهُورِ عَلَيْهِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ الصَّحِيحُ أَنَّ اخْتِلَافَ قَول مَالك فِي قبُول شَهَادَته لَيْسَ خلافًا بل مَحْمُول عَلَى حَالَيْنِ إِنْ جَاءَ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ قُبِلَتْ وَإِلَّا فَلَا لِعَدَمِ الْوُثُوقِ بِتَوْبَتِهِ وَقَالَ ش يعرز دُونَ الْأَرْبَعِينَ وَيُشَهَّرُ أَمْرُهُ فِي مَسْجِدِهِ أَوْ قبيله أَوْ سُوقِهِ عَلَى حَسَبِ حَالِهِ وَقَالَ ح لَا يُعَزَّرُ بَلْ يُشَهَّرُ وَيُنَادَى عَلَيْهِ فِي قَبِيلَتِهِ أَوْ سُوقِهِ وَيُحَذَّرُ النَّاسُ مِنْهُ الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ قَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ شَارِبُ النَّبِيذِ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ يُحَدُّ وَيُفَسَّقُ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَقَالَ ح لَا يُحَدُّ وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَقَالَ ش إِنْ شَرِبَهُ مَنْ يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ حُدَّ وَفُسِّقَ اَوْ حَنَفِيّ متاول حد وَقبلت شهاته لَنَا أَنَّ الْحَدَّ لَا يَثْبُتُ إِلَّا عَلَى فَاسِقٍ وَقَدْ حُدَّ فَيَكُونُ فَاسِقًا كَالزِّنَى وَالْقَذْفِ احْتَجُّوا بِأَنَّ مَنِ اعْتَقَدَ اسْتِبَاحَةَ مُحَرَّمٍ فَهُوَ أَشَدُّ مِمَّنْ يَتَنَاوَلُهُ وَهُوَ مُعْتَقِدٌ لِتَحْرِيمِهِ أَلَّا تَرَى أَنَّ مَنِ اعْتَقَدَ اسْتِبَاحَةَ الْخَمْرِ كَفَرَ وَلَو شربهَا مُعْتَقد التَّحْرِيمَ فَسَقَ وَمُعْتَقِدُ حِلِّ النَّبِيذِ لَا يَفْسُقُ بِالِاتِّفَاقِ فَلَا يَفْسُقُ بِالتَّنَاوُلِ أَوْلَى وَلِأَنَّهُ مُتَأَوِّلٌ فَلَا يُفَسَّقُ لِأَنَّهُ مُقَلِّدٌ وَلِأَنَّ الْحَدَّ لَا يُوجب الْفسق لَان الزَّانِي بجد انت بِحَدّ وَلَا هُوَ فَاسِقٌ وَلِأَنَّ الْمَعْقُودَاتِ تَتَّبِعُ الْمَفَاسِدَ دون الْمعاصِي لانا نُؤَدِّبُ الصِّبْيَانَ وَالْبَهَائِمَ مَعَ عَدَمِ

الْمَعْصِيَةِ بَلْ لِدَرْءِ الْمَفْسَدَةِ وَالِاسْتِصْلَاحِ فَكَذَلِكَ الْحَنَفِيُّ يُحَدُّ لِدَرْءِ مَفْسَدَةِ النَّبِيذِ مِنَ الْإِسْكَارِ وَلَا مَعْصِيَةَ لِأَجْلِ التَّقْلِيدِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ يلْزم ان لَا يُحَدَّ شَارِبُ النَّبِيذِ لِاعْتِقَادِهِ تَحْلِيلَهُ كَسَائِرِ الْأَشْيَاءِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا وَلَا يُحَدُّ إِلَّا مُتَنَاوِلٌ وَلَا يكفر باعتقاد اباحة كَبَقِيَّةِ الْحُدُودِ وَإِذَا لَمْ يَفْتَرِقَا فِي الْحَدِّ لَا يفترقان فِي الْفسق ايضا لثُبُوت الْفَرْقِ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ لَا يُوجِبُ اخْتِلَافَهُمَا فِي الْحُكْمِ فَإِنَّ الْحُرَّ أَعْظَمُ حُرْمَةً مِنَ الْعَبْدِ وَقَدْ سَاوَاهُ فِي أَحْكَامٍ كَثِيرَةٍ وَالْعَبْدُ أَقْوَى حُرْمَةً مِنَ الْبَهَائِمِ وَإِنْ كَانَ الْجَمِيعُ مَالًا وَمَعَ ذَلِكَ سَاوَى الْأَمْوَالَ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَحْكَامِ يُشْتَرَى وَيُكَاتَبُ وَيُوهَبُ وَغَيْرَ ذَلِكَ ثُمَّ نَقُولُ التَّنَاوُلُ فِي النَّبِيذِ أَشَدُّ مِنَ اعْتِقَادِ إِبَاحَتِهِ لِأَنَّ التَّنَاوُلَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ بِخِلَافِ الِاعْتِقَادِ وَالتَّنَاوُلُ هُوَ الْمُحَقِّقُ لِلْمَفْسَدَةِ بِخِلَافِ الِاعْتِقَادِ لِأَنَّ الْمَفْسَدَةَ هُوَ التَّوَسُّلُ لِفَسَادِ الْعَقْلِ وَالِاعْتِقَادُ وَسِيلَة بعيدَة وَعَن الثَّانِي ان الثَّانِي مُعْتَبر اوجب ان لَا يحد لاكنه حُدَّ فَهُوَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ وَالْأُصُولُ تَقْتَضِي أَحَدَ قَوْلَيْنَا إِمَّا أَنْ يَكُونَ النَّبِيذُ حَرَامًا فَيُفَسَّقُ وَيُحَدُّ وَهُوَ قَوْلُنَا أَوْ حَلَالًا فَلَا يُحَدُّ وَلَا يُفَسَّقُ وَهُوَ قَوْلُ ح أَمَّا حَلَالًا وَلَا يُفَسَّقُ وَيُحَدُّ فَخِلَافُ الْأُصُولِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّا لَمْ نَقُلْ إِنَّ الْمَحْدُودَ لَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ حَالَةَ إِيقَاعِ الْحَدِّ فَاسِقًا بَلْ نَقُولُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْفِعْلُ مُفَسِّقًا وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ الُعُقُوبَاتِ لَا تَسْتَلْزِمُ الْمَعْصِيَةَ لَكِنَّ الْعُقُوبَاتِ الْمَحْدُودَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا فِي فُسُوقٍ فَلَا نَجِدُ حَدًّا فِي مُبَاحٍ عملا بالاستقراء الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا قَالَ رَضِيتُ بِشَهَادَةِ فُلَانٍ بَيْنِي وَبَيْنَكَ فَشَهِدَ فَقَالَ لَهُ شَهِدَ بِغَيْرِ الْحَقِّ قَالَ مَالِكٌ ذَلِكَ بِخِلَافِ التَّحْكِيمِ يُنَفَّذُ وَإِنْ كَرِهَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الشَّاهِدَ لَمْ يُفَوِّضِ الْأَمْرَ إِلَى اجْتِهَاده بل الْمَطْلُوب معِين تمكن النازعة فِيهِ إِذَا عَدَلَ عَنْهُ وَالتَّحْكِيمُ فِي غَيْرِ مُعَيَّنٍ مُفَوَّضٌ لِلِاجْتِهَادِ

(فرع)

فَتَتَعَذَّرُ الْمُنَازَعَةُ فِيهِ قَالَ ابْنُ دِينَارٍ لَوْ تَنَازَعْتُمَا فِي شَيْءٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا يَظُنُّهُ لَهُ فَسَأَلْتُمَا رَجُلًا فَشَهِدَ بِهِ لِأَحَدِكُمَا جَازَ وَلَا تشبه مسالة مَالك لانك هَاهُنَا حَكَّمْتُمَا فِي غَيْرِ مَعْلُومٍ فَهُوَ كَالتَّحْكِيمِ وَمَسْأَلَةُ مَالِكٍ إِذَا حُكِّمَتْ فِيمَا تَعْلَمُهُ وَتَعْتَقِدُ أَنَّهُ شاركك فِي الْعلم فَإِذا خالفك عِلْمَكَ لَكَ الْإِنْكَارُ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَدَمُ اللُّزُوم فِي الْوَجْهَيْنِ لَان الاصل ان لَا يَلْزَمَ الْإِنْسَانَ إِلَّا شَهَادَةُ الْعَدْلِ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَعَنْ مُطَرِّفٍ لَهُ الرُّجُوعُ مَا لَمْ يَشْهَدْ فَإِذَا شَهِدَ فَلَا يَلْزَمُهُ كَانَ يَعْلَمُ أَوْ يظنّ مَا لم يكن على وَجه التنكيت لصَاحبه والتبرئة لِلشَّاهِدِ مِنْ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ وَهَذَا الِاخْتِلَافُ فِيهِ لِأَنَّ الْمُنَزَّهَ غَيْرُ مُحْكَمٍ وَفِي غَيْرِهِ الاقوال الثَّلَاثَة الْمُتَقَدّمَة يلْزمه لَا يلْزم التَّفْرِقَةُ بَيْنَ التَّحْقِيقِ وَالظَّنِّ وَسَوَاءٌ كَانَ الشَّاهِدُ فِي هَذَا كُلِّهِ عَدْلًا أَوْ مَسْخُوطًا أَوْ نَصْرَانِيًّا وَقِيلَ لَا يَلْزَمُ الرِّضَا بِالنَّصْرَانِيِّ بِخِلَافِ الْمَسْخُوطِ لِبُعْدِ الْكَافِرِ عَنْ دَرَجَةِ الشَّهَادَةِ وَإِذَا لم يظْهر فِي الْمُنَازعَة تنكيت من غَيره فَمَحْمُول على غير التنكيت حَتَّى يتَبَيَّن مِنْهُ التنكيت لِأَنَّهُ ظَاهِرُ التَّحْكِيمِ وَلَوْ قَالَ الْمَرِيضُ مَا قَالَهُ فُلَانٌ إِنَّهُ عَلَيَّ مِنَ الدُّيُونِ فَهُوَ مُصَدَّقٌ وَذَلِكَ عَبْدٌ أَوْ مَسْخُوطٌ لَا يَلْزَمُ ذَلِكَ الْوَرَثَةَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا يَجْرِي الْخلاف الْمُتَقَدّم هَاهُنَا لِأَنَّهُ حَكَمَ عَلَى الْوَرَثَةِ فَسَقَطَ وَالصَّحِيحُ حَكَمَ عَلَى نَفْسِهِ بِحَدَثِ الْخِلَافِ مَعَ أَنَّ أَصْبَغَ خَالَفَ وَقَالَ يَلْزَمُ الْوَرَثَةَ ذَلِكَ كَقَوْلِ مَالِكٍ وَصِيَّتِي عِنْدَ فُلَانٍ فَمَا خَرَجَ فِيهَا فَأَنْفِذُوهُ يُنَفَّذُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ مَتَى لَمْ يكك مُتَّهِمًا عَلَى الْوَرَثَةِ وَخِلَافُهُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ وَالدُّيُونِ أَنَّهَا فِي الثُّلُثِ وَهُوَ لَهُ يُوصِي فِيهِ وَالدُّيُونُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَالْوَصِيَّةُ خُفِّفَ أَمْرُ الشَّهَادَةِ فِيهَا حَتَّى قُبِلَ الْكَافِرُ فِي السَّفَرِ بِخِلَافِ الدُّيُونِ (فَرْعٌ) فِي النَّوَادِرِ قَالَ مُطَرِّفٌ إِنْ قَالَ كُلُّ مَنْ شهد لي فشهادته سَاقِطَة عَنْك اَوْ

(فرع)

مُبْطل لَا يَلْزَمُهُ حَتَّى يُسَمِّيَ مُعَيَّنًا أَوْ مُعَيَّنِينَ فَإِنْ قَالَ مِنْ قَرْيَةِ كَذَا لَزِمَهُ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ اذا شهد على زيد فَعَزله عَمْرٌو فَشَهَادَتُهُ عَلَى عَمْرٍو مَقْبُولَةٌ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةِ تَعْدِيلٍ لِاعْتِرَافِهِ بِعَدَالَتِهِ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا سَأَلَ الْخَصْمَانِ الْحَاكِمَ أَوْ مَنْ حَكَّمَاهُ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمَا بِشَهَادَةِ مَنْ لَا يقبل شَهَادَتُهُ لَا يَفْعَلُ لِأَنَّهُ قَدْ يُقْتَدَى بِهِ وَقَدْ يَعْدِلُ الشَّاهِدُ بِذَلِكَ وَيُقَالُ لَهُمَا مَا علمناه من الشَّهَادَة اجعلا قرارا (فَرْعٌ) قَالَ مَتَى قَالَا رَضِينَا بِشَهَادَةِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ بَعْدَ أَنْ فَسَّرَ الشَّاهِدَانِ الشَّهَادَةَ لَزِمَ الاقرار الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ مَالِكٌ لَا يَقُولُ الْحَاكِمُ لِلْمَطْلُوبِ دُونَكَ فَجَرِّحْ لِأَنَّهُ يُوهِنُ الشُّهُودَ وَخَالَفَهُ ابْنُ نَافِعٍ لِأَنَّهُ بذل الْجهد وَلَيْسَت الْعَدَالَة قطيعة كوتم عَدَاوَةٍ أَوْ قَرَابَةٍ وَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ يَقُولُ لَهُ شَهِدَ عَلَيْكَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ فَإِنْ كَانَ عِنْدَكَ مِدْفَعٌ فَادْفَعْ عَنْ نَفْسِكَ وَإِلَّا حَكَمْتُ عَلَيْكَ وَيُعْلِمُهُ بِأَنَّ لَهُ التَّجْرِيحَ إِنْ كَانَ يَجْهَلُ ذَلِكَ فَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ بِخِلَافِ دُونَكَ فَجَرِّحْ فَإِنَّهُ إِغْرَاءٌ

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا زَكَّى أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ صَاحِبَهُ لَا يَثْبُتُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ حييّ بِوَاحِد ثَبت لَا بِشَاهِدين قَالَ وَلَوْ زَكَّيَا جَمِيعًا شَاهِدًا وَشَهِدَ عَلَى شَهَادَةِ شَاهِدٍ آخَرَ فِي ذَلِكَ الْحَقِّ جَازَ قَالَهُ سَحْنُونٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا شَهِدَ بِحَقٍّ وَجِئْتَ بِآخَرَيْنِ شَهِدَا بِمِثْلِ ذَلِكَ لَكَ وَزَكَّتْ كُلُّ طَائِفَةٍ الْأُخْرَى تَمَّتِ الشَّهَادَةُ وَالتَّزْكِيَةُ لِأَنَّ الشَّاهِدَيْنِ سَأَلَا مَحَالَةً وَلَوْ شَهِدَ كُلُّ فَرِيقٍ بِحَقٍّ غَيْرِ الْحَقِّ الْآخَرِ لِغَيْرِكَ امْتَنَعَتِ التَّزْكِيَةُ لِأَنَّهُ اشْهَدْ لِي وَأَشْهَدُ لَكَ وَكَانَ يَقُولُ يَجُوزُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَالصَّوَابُ مَنْعُ الشَّهَادَةِ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ لَا يَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ إِلَّا بِتَزْكِيَةِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ فَكَيْفَ يُزَكِّي مَنْ يَحْتَاجُ إِلَى تَزْكِيَةٍ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ إِذَا شَهِدَا بِحَقٍّ فَزَكَّى أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ الْحَقَّ مَعَ المدلي لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ إِلَّا الَّذِي زَكَّاهُ صَاحِبُهُ والاجنبي وَلَو شهد الْحَقَّيْنِ وَزَكَّى أَحَدُهُمَا الْآخَرَ امْتَنَعَ وَلَوْ زَكَّى الْوَاحِدُ رَجُلًا آخَرَ مَعَ الشَّاهِدِ الْآخَرِ وَزَكَّى الشَّاهِدُ الْآخَرُ وَرَجُلٌ آخَرُ مَعَهُ الشَّاهِدَ الَّذِي زَكَّاهُ أَوَّلًا فَشَهَادَتُهُمَا جَائِزَةٌ وَيَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا شَهِدَا فِي حَقٍّ وَعَدَّلَا رَجُلًا شَهِدَ فِي ذَلِكَ الْحَقِّ جَازَتْ تَزْكِيَتُهُمَا لِأَنَّهُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إِلَيْهِ لِأَنَّهُمَا عَدْلَانِ وَإِنْ شَهدا على شَهَادَة رجل وعدلا جَازَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَيْسَ نَقْلُ الشَّهَادَةِ عَنْهُ بِتَعْدِيلٍ قَالَ أَشْهَبُ وَيَجُوزُ تَعْدِيلُ غَيْرِهِمَا لَهُ وَقَالَهُ سَحْنُونٌ وُفِي الْعُتْبِيَّةِ إِذَا شَهِدَا فِي حق وجرح مَنْ شَهِدَ بِبُطْلَانِ ذَلِكَ الْحَقِّ جَازَ وَإِذَا نقلا عَن شَاهد لَا أَحدهمَا الآخر كَمَا لَا يعدل الشَّاهِدَيْنِ مَنْ شَهِدَ مَعَهُ لِأَنَّهُ يَصِيرُ الْحَقُّ بِالْمُزَكِّي وَحْدَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا شَهَادَةَ فِي حَقٍّ بِعِلْمِكَ وَتُنْقَلُ مَعَ آخَرَ عَنْ اخر لَان وَاحِدًا احيى الشَّهَادَةَ الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ قَالَ قَالَ مَالِكٌ يَجِبُ عَلَى مَنْ عَلِمَ عَدَالَةَ شَخْصٍ أَنْ يُزَكِّيَهُ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْحُقُوقِ إِلَّا أَنْ يَجِدَ غَيْرَهُ فَهُوَ فِي سَعَةٍ وَرَخَّصَ فِي ذَلِك

ابْنُ نَافِعٍ إِذَا تَعَيَّنَتْ لِأَنَّ الْعَدَالَةَ لَا يُقْطَعُ بِهَا بِخِلَافِ سَائِرِ الْحُقُوقِ قَالَ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَظْهَرُ لِأَنَّ مَدْرَكَ الْعَدَالَةِ الظَّنُّ لِتَعَذُّرِ الْعِلْمِ وَيَجِبُ عَلَى الْمُجَرِّحِ أَنْ يُجَرِّحَ إِذَا خَافَ إِذَا سَكَتَ أَنْ يَحِقَّ بِشَهَادَةِ الْمَجْرُوحِ بَاطِلًا أَوْ يَمُوتَ حَقٌّ الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا سَأَلْتَ بَعْدَ إِسْجَالِ الْحُكْمِ الْقَدْحَ فِي الْبَيِّنَةِ جَازَ إِذَا رَأَى الْقَاضِي لِذَلِكَ وَجْهًا كَقَوْلِكَ مَا سَكَتُّ إِلَّا جَهَالَة فَأَعْلمنِي بهم عدُول وَنَحْو وَكَذَلِكَ لَكَ بَعْدَ عَزْلِ الْقَاضِي أَوْ مَوْتِهِ ذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِلثَّانِي لِأَنَّهُ لَا ينقص قَضَاءَ غَيْرِهِ وَقِيلَ يُمْكِنُهُ كَمَا يُمْكِنُهُ الْأَوَّلُ وَقِيلَ لَا يُمْكِنُهُ الْأَوَّلُ وَلَا الثَّانِي لِأَنَّهُ حكم وانفذ وَانْبَرَمَ فَيَحْصُلُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ يُمْكِنُهُ وَمَنْ بَعْدَهُ لَا هُوَ وَلَا مَنْ بَعْدَهُ يُمْكِنُهُ هُوَ دُونَ مَنْ بَعْدَهُ وَهَذَا فِي الْمَطْلُوبِ وَفِي الطَّالِبِ رَابِعٌ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ عَجَزَ أَوَّلَ قِيَامِهِ قَبْلَ أَنْ يَجِبَ عَلَى الْمَطْلُوبِ عمل وَبَين أَن لَا يَجِبَ وَهَذَا الْخِلَافُ كُلُّهُ إِنَّمَا هُوَ إِذَا عَجَّزَهُ الْقَاضِي بِإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ بِالْعَجْزِ وَأَمَّا إِذَا عَجَّزَهُ بَعْدَ التَّلَوُّمِ وَالْإِعْذَارِ وَهُوَ يَدَّعِي أَنَّ لَهُ حُجَّةً فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَا يَأْتِي بِهِ مِنْ حُجَّةٍ لِأَنَّ قَوْله قد ردمها نفود الْحُكَّامِ الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا سَأَلْتَ الْقَاضِيَ أَنْ يَكْتُبَ لَكَ لِتَثْبُتَ الْعَدَالَةُ عِنْدَهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَكْتُبَ لِغَيْرِهِ فِي تَعْدِيلِ الشُّهُودِ وَعَلَيْكَ أَنَّ شُهُودَكَ حَيْثُ شَهِدَتْ بَلْ يُسْتَحَبُّ لِلْقَاضِي أَنْ يَتَّخِذَ فِي النَّوَاحِي مَنْ يَثِقُ بِهِ يَسْأَلُهُ عَنِ الشُّهُودِ الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ قَالَ قَالَ سَحْنُونٌ تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ بِالْعَدَالَةِ وَالْجَرْحِ بِأَنْ يَشْهَدَ عَلَى مَنْ يَعْلَمُ ذَلِكَ مِنَ الْبَيِّنَةِ فَتَغِيبُ الْأُصُولُ وَتُحْمَلُ الْفُرُوعُ لِلْحَاكِمِ فَيَقْبَلُهُمْ الْغَرِيبُ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ لِأَنَّ الْبَدَوِيَّ لَا يَعْدِلُ الْحَضَرِيَّ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَمُطَرِّفٌ لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي ذَلِكَ إِلَّا

عِنْدَ تَعَيُّنِ الشَّهَادَةِ كَمَا إِذَا شَهِدَ عِنْدَ حَاكِمٍ فَطَلَبَ تَعْدِيلَهُ وَالَّذِي يَعْلَمُ عَدَالَتَهُ مَرِيضٌ عَاجِزٌ عَنِ الْحُضُورِ فَيَبْعَثُ إِلَى الْقَاضِي بِمَا عِنْدَهُ مِنَ التَّعْدِيلِ رَجُلَيْنِ وَرَجَعَ سَحْنُونٌ عَمَّا قَالَهُ وَقَوْلُ مُطَرِّفٌ هُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى ذَلِكَ لَوْ جَازَتْ لَجَازَتْ شَهَادَةُ غَيْرِ الْعُدُولِ لَأَنَّ النَّاسَ قَدْ تَتَغَيَّرُ أَحْوَالُهُمْ بَعْدَ إِشْهَادِهِمْ عَلَى عَدَالَتِهِمْ وَكَذَلِكَ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا سَمِعْتَ عَدْلَيْنِ يَقُولَانِ فُلَانٌ عَدْلٌ أَوْ غَيْرُ عَدْلٍ فَشَهِدَ فُلَانٌ عِنْدَ الْحَاكِمِ لَا يَجُوزُ لَكَ تَعْدِيلُهُ وَلَا تَجْرِيحُهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِذَلِكَ السَّمَاعِ لِأَنَّهُ شَهَادَةٌ عَلَى شَهَادَةٍ وَلَوْ لَمْ تُشْهِدْكَ الْأُصُولُ عَلَى شَهَادَتِهِمَا وَأَمَّا إِنْ شَاعَ سَمَاعُكَ مِنَ الشُّهُودِ الْعُدُولِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ عَدْلٌ أَوْ غَيْرُ عَدْلٍ جَازَ لَكَ الشَّهَادَةُ بِذَلِكَ وَلَا تُسَمِّي مَنْ سَمِعْتَ مِنْهُ اتِّفَاقًا غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ قِيلَ لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى السماع بَاقِل من اربعة شُهُود وَتجوز الْعَدَالَة عَلَى الْعَدَالَةِ إِذَا كَانَ الشُّهُودُ عَلَى الْأَصْلِ غُرَبَاءَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ امْتَنَعَ حَتَّى يَأْتُوا بِتَعْدِيلِهِمْ أَنْفُسَهُمْ وَسَوَاءٌ كَانَ مُعَدِّلُ الْغَرِيبِ غَرِيبًا أَوْ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ غَيْرَ أَنَّهُ إِنْ كَانَ الْمُعَدَّلُونَ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ فَعَدَّلَهُمْ أُنَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ فَلَمْ يُعَرَفُوا حَتَّى يُجَدَّدَ عَلَى أُولَئِكَ تَعْدِيلٌ وَلَوْ كَانَ المعدلون الاولون غرباء فَلم يعرفوا معدلهم نَاسٌ مِنَ الْبَلَدِ فَلَمْ يُعْرَفُوا جَازَ لَهُمْ أَنَّ يَعْدِلَهُمْ غَيْرُهُمْ وَلَمْ يَجُزْ تَعْدِيلُهُمْ عَلَيْهِمْ هَذَا نَصُّ ابْنِ حَبِيبٍ قَالَ وَهُوَ غَلَطٌ وَلَوْ كَانَ الْمُعَدَّلُونَ الْأَوَّلُونَ غُرَبَاءَ فَعَدَّلَهُمْ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ لَمْ يُعْرَفُوا جَازَ لَهُمْ أَنْ يُعَدِّلَهُمْ غَيْرُهُمْ ثُمَّ لَمْ يَجُزْ تَعْدِيلُهُمْ الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ قَالَ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا أَشْهَدْتَ اثْنَيْنِ ثُمَّ اثْنَيْنِ عَلَى حَقٍّ وَاحِدٍ جَازَتْ تَزْكِيَةُ الْآخَرَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَكَذَلِكَ فِي حَقَّيْنِ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَجُرَّا لِأَنْفُسِهِمَا نَفْعًا الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ قَالَ قَالَ سَحْنُونٌ لَا تُجَرِّحْ مَنْ جَرَّحَ أَخَاكَ أَوْ

عَمَّكَ الْعَلِيَّ الْقَدْرِ لِأَنَّكَ تَدْفَعُ الْعَيْبَ عَنْ نَفسك وَلَك ذَلِك فِي غَيرهَا خير وَلَكَ تَعْدِيلُ غَيْرِهِمْ وَلَا يَلْحَقُ ابْنُ الْأَخِ وَابْنُ الْعَمِّ بِأَبَوَيْهِمَا وَلَا يُشْتَمُ أَحَدٌ بِابْنِ أَخِيهِ وَابْنِ عَمِّهِ غَالِبًا وَلَكَ تَجْرِيحُ مَنْ جَرَّحَ أَخَاكَ بِأَنَّهُ عَدُوُّكَ لِأَنَّهُ لَا عَارَ عَلَيْك فِي عَدَاوَة ولاخيك الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ قَالَ وَقَوْلُهُ فِي الْعَدَاوَةِ صَحِيحٌ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يُعَدِّلُ أَخَاهُ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يَعْدِلُهُ فُلَانٌ قِيلَ لَهُ ذَلِكَ وَلَا خِلَافَ أَنَّ لَهُ أَنْ يُعَدِّلَ عَمَّهُ وَإِنَّمَا اخْتُلِفَ فِي تَجْرِيحِ مُجَرِّحِهِ وَفَسَّرَ ابْنُ دَحُونَ قَوْلَ سَحْنُونٍ بِأَنَّكَ لَا تُجَرِّحُ مَنْ جرح اخاك اَوْ عمك تفسق بتفسيقه بَلْ بِعَدَاوَةٍ وَإِنْ جَرَّحَهُمَا بِعَدَاوَةٍ جَازَ لَكَ تَجْرِيحُهُ بِالْفِسْقِ وَالْعَدَاوَةِ قَالَ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ فِي الْمَعْنَى فَتَدَبَّرْهُ الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ قَالَ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا عَلِمْتَ أَنَّهُ شَهِدَ بِحَقٍّ وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ غَيْرُ عَدْلٍ لَا يَجُوزُ لَك تجريحه لَيْلًا يَضِيعَ الْحَقُّ الْمَسْأَلَةُ الْعِشْرُونَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا أَعْتَقْتُمَا عَبْدَيْنِ عِنْدَ عِتْقِهِمَا أَنَّ الْمَوْرُوثَ أَشْهَدَهُمَا أَنَّ فُلَانَةً حَامِلٌ مِنْهُ وَوُلَدَتْ وَأَنْتُمَا تَرِثَانِ بِالتَّعْصِيبِ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّ تَجْوِيزَهَا فَتَشْهَدُ أَنَّكَ غَصَبْتَهُمَا مَائَةَ دِينَارٍ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا فِي الْمَائَةِ لِعَدَمِ يَجُوزُ بَعْضُ الشَّهَادَةِ فِي بَعْضٍ كَمَا لَوْ شَهِدَتِ امْرَأَتَانِ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ لَا تَتَبَعَّضُ الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ قَالَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا كَتَبَ الْقَاضِي شَهَادَةَ الشَّاهِدِ وَلَمْ يَحْكُمْ حَتَّى قَتَلَ وَقَذَفَ أَوْ قَاتَلَ مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ لَمْ تَبْطُلْ شَهَادَتُهُ لِقَبُولِهَا قَبْلَ الْجُرْحَةِ إِلَّا أَنْ يُحْدِثَ مَا يُسِرُّهُ النَّاسُ مِنَ الزِّنَى وَالسَّرِقَةِ فَتَبْطُلُ لِأَنَّهُ مِمَّا ظَهَرَ أَنَّهُ فَعَلَهُ فِيهَا وَلَوْ حَكَمَ بِهِمْ فِي حَدٍّ وَلَمْ يُقِمْهُ حَتَّى فَسَقُوا نَفَّذَا الْحُكْمَ لِوُقُوعِهِ عَلَى الْوَضْعِ الصَّحِيحِ وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ قَالَ أَشْهَبُ بَطَلَتْ كَالرُّجُوعِ قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَهُ قَالَ

أَصْبَغُ أَمَّا فِي حَقِّ الْعِبَادِ فَكَذَلِكَ وَأَمَّا الْحَدُّ الَّذِي لِلَّهِ وَحْدَهُ فَلَا يُنَفَّذُ وَلَوْ شَهِدَ لِامْرَأَةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا قَالَ أَصْبَغُ صَحَّتْ شَهَادَتُهُ بِخِلَافِ مَنْ أَوْصَى لِغَيْرِ وَارِثٍ فَصَارَ وَارِثًا وَالْفَرْقُ أَنَّ الشَّهَادَةَ حَدَثَتِ التُّهْمَةُ فِيهَا بَعْدَ أَدَائِهَا وَالْوَصِيَّةُ إِنَّمَا يُنْظَرُ فِيهَا يَوْمَ تَجِبُ بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَمْ تَجِبْ حَتَّى صَارَ وَارِثًا فَتُرَدُّ وَفِي النَّوَادِرِ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا حَدَثَتِ الْكَبِيرَةُ قَبْلَ التَّعْدِيلِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْحُكْمِ بَطَلَتِ الشَّهَادَةُ بِخِلَافِ بَعْدَ الْحُكْمِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَلَوْ أُشْهِدَ عَلَى شَهَادَتِهِ عَلَيْكَ أَوْ سَمِعْتَ مِنْهُ ثُمَّ عَادَاكَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ بَعْدَ الْعَدَاوَةِ كَمَا لَوْ أَدَّاهَا قَبْلَ الْعَدَاوَةِ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ فِي النَّوَادِرِ إِذَا زَكَّيْتَ الْبَيِّنَة فعورضت بَينته قِيلَ إِنَّهَا مَعْرُوفَةُ الْعَدَالَةِ فِي مَوْضِعِهَا إِنْ كَانَ فِي مَوْضِعِهَا مَنْ يَكْتُبُ إِلَيْهِ الْقَاضِي ساله عَنْهَا فَعَلَ إِنْ كَانَ مِنْ عَمَلِهِ وَإِلَّا تَرَكَهُمْ وَلَا يَقْضِي فِي تِلْكَ الْقَضِيَّةِ فَلَعَلَّهُمْ عُدُولٌ وَأَنْتَ تُسْأَلُ عَمَّا فَعَلْتَ لَا عَمَّا تَرَكْتَ قَالَ أَصْبَغُ ذَلِكَ حَسَنٌ إِذَا كَانَ فِي رفع فسيتاني بِهِ فَإِنْ كَانَ الْكَشْفُ وَلَمْ يَعْدِلُوا حَكَمَ بِالْمُعَدِّلِينَ وَلَا يَسْتَأْنِي فِي غَيْرِ الرَّفْعِ وَيَقْضِي بالمعدلين بعد تلوم يَسِيرا وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَتَى عَجَزَ عَنْ تَعْدِيلِ الْبَيِّنَةِ وَهِيَ مِنَ الْكُورَةِ كَتَبَ قَاضِي الْحَضْرَةِ إِلَى قَاضِي بَلَدِهَا يُعَدِّلُ عِنْدَهُ فَيَكْتُبُ لَهُ بِمَا ثَبت عِنْده ان وثق بقاضي الكور وَبِاحْتِيَاطِهِ وَإِلَّا كَتَبَ إِلَى رِجَالٍ صَالِحِينَ هُنَالِكَ يَسْأَلُهُمْ عَنْهُمْ وَيَكْتَفِي بِرَسُولِهِ فِي ذَلِكَ الَّذِي يَأْتِيهِ بِالْكِتَابِ إِنْ كَانَ مَأْمُونًا وَإِنْ كَانَ الْخَصْمُ الرَّسُولَ فَلَا تُقْبَلُ مِنْهُ إِلَّا شَاهِدِينَ عَلَى كِتَابِ الْقَاضِي أَوِ الْأُمَنَاءِ وَقَالَهُ سَحْنُونٌ وَإِنْ أَرَادَ الْخَصْمُ تَزْكِيَةَ الشَّاهِدِ قَبْلَ أَنْ يَشْهَدَ لَمْ يَلْزَمِ الْقَاضِي ذَلِكَ الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَمُطَرِّفٌ تَجُوزُ شَهَادَةُ مَنْ يُتَوَسَّمُ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ والاسلام والمرؤة وَالْعَدْلُ فِيمَا يَقَعُ بَيْنَ الْمُسَافِرِينَ بِمَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ السَّفَرِ بِخِلَافِ الْعَقَارِ وَالْأَمْوَالِ الْعَظِيمَةِ وَالْحُدُودِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعير الَّتِي أَقبلنَا فِيهَا} وَلَا يُمكن

الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مِنَ التَّجْرِيحِ لِأَنَّهُمْ أَخْبَرُوا عَلَى غَيْرِ الْعَدَالَةِ فَلَا يُجَرَّحُوا كَالصِّبْيَانِ فَإِنِ ارْتَابَ الْحَاكِمُ قَبْلَ الْحُكْمِ بِقَطْعِ يَدٍ أَوْ جَلْدٍ يُوقَفُ فِي الْمُتَوَسَّمِ حَتَّى تَزُولَ الرِّيبَةُ فَيَحْكُمُ وَإِنْ ذَهَبَتِ الرِّيبَةُ أَسْقَطَهُمْ وَإِنْ قِيلَ لَهُ هُمْ عَبِيدٌ وَمَسْخُوطُونَ قَبْلَ الْحُكْمِ كَشَفَ فَإِنْ ظَهَرَ ذَلِكَ أَمْسَكَ عَنْ إِمْضَاءِ الْحُكْمِ وَإِلَّا حكم بهَا وان كَانَ قبل ذَلِك نفذ الحكم فَلَا يرد الحكم شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَشْهَدَ عَدْلَانِ أَنَّهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا عَلَى صِفَةٍ تَمْنَعُ الشَّهَادَةَ

(الباب السابع في اشتراط العدد والذكورة)

(الْبَابُ السَّابِعُ فِي اشْتِرَاطِ الْعَدَدِ وَالذُّكُورَةِ) قَاعِدَةٌ الشَّهَادَات لما كَانَت اخبار عَنْ ثُبُوتِ الْحُكْمِ عَلَى مُعَيَّنٍ وَهُوَ مَظَنَّةُ الْعَدَاوَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّاهِدِ وَلَوْ عَلَى وَجْهٍ يُخْفِي إِسْقَاطَهَا صَاحِبُ الشَّهَادَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا بِخِلَافِ الرِّوَايَةِ وَهِيَ إِخْبَارٌ عَنْ ثُبُوتِ الْحُكْمِ يُتَّهَمُ أَحَدٌ فِي مُعَادَاةِ الْخَلْقِ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ فَاكْتَفَى بِعَدَاوَةِ الشَّخْصِ وَأَمَّا الْأَحْكَامُ الْبَدَنِيَّةُ عَنْ عِلْمِهِ وَمِنْ ذَلِكَ التَّرْجَمَةُ لِقَوْلِ الْخَصْمِ يُجَوِّزُ عَبْدُ الْمَلِكِ الْوَاحِدَ الْعَدْلَ وَالْمَرْأَةَ الْوَاحِدَةَ إِذَا كَانَ مِمَّا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ وَمَنَعَ سَحْنُونٌ تَرْجَمَةَ النِّسَاءِ وَالْعَبْدِ الْوَاحِدِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُقْبَلُ الطَّبِيبُ الْوَاحِدُ فِي عُيُوبِ الرَّقِيقِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُسْلِمٍ لِأَنَّهُ عِلْمٌ يُؤْخَذُ عَمَّنْ هُوَ عِنْدَهُ مَرْضِيٍّ أَوْ غَيْرِ مَرْضِيٍّ مَا كَانَ الْعَبْدُ حَاضِرًا فَإِنْ غَابَ أَوْ مَاتَ انْتَقَلَ إِلَى بَابِ الشَّهَادَةِ عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ فَلَا بُدَّ مِنْ رَجُلَيْنِ فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ قُبِلَ فِيهِ قَول امْرَأَة فَإِن غَابَتْ الْأمة أَو فَاتَت لم تقبل فِيهِ إِلَّا امْرَأَتَانِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ لَا بُدَّ فِي الْقَافَةِ مِنَ الْعَدَالَةِ وَاشْتَرَطَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْعَدَالَةَ مَعَ أَنَّهُ يَكْتَفِي بِالْوَاحِدِ اسْتِحْسَانًا لِأَنَّ الْقَائِفَ عِنْدَهُ عِلْمٌ يُخْبَرُ بِهِ فَهُوَ كَالطَّبِيبِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ كَافِرًا وَعَنْ مَالِكٍ يُقْبَلُ الْقَائِفُ الْوَاحِد غير الْعدْل فَرْعٌ مُرَتَّبٌ فِي الْبَيَانِ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا اسْتَوْدَعَ صَبِيَّةً مَمْلُوكَةً فَمَاتَ الَّذِي هِيَ عِنْدَهُ

فَشَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِصَبِيَّةٍ وَدِيعَةً لَكَ وَعِنْدَهُ ثَلَاثُ صَبَايَا وَلَمْ تُعَيِّنِ الْبَيِّنَةُ الْمُقَرَّ بِهَا قَالَ بَطَلَتِ الشَّهَادَةُ لِعَدَمِ التَّعْيِينِ وَلَمْ يُحْكَمْ فِيهَا بِالْقَافَةِ كَمَا حُكِمَ فِيمَا إِذَا وَضَعَتِ امْرَأَتُكَ مَعَ حَوَامِلَ وَاخْتَلَطَ الصِّبْيَانُ فَقِيلَ اخْتِلَافٌ مِنْ قَوْلِهِ وَقِيلَ الْفَرْقُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ ان الثَّانِيَة نسب فَدخلت الْقَافة والاول مَالٌ وَالْقَافَةُ لَا تَدْخُلُ فِي الْأَمْوَالِ لِأَنَّكَ لَو ادعيت ولد أمة فَقَالَ زوجتنيها فَولدت هَذَا الْوَلَدَ مِنِّي وَادَّعَيْتَ أَنَّهُ وُلِدَ مِنْ زِنًى لَمْ يُحْكَمْ بِهِ لِمُدَّعِيهِ بِالْقَافَةِ تَنْبِيهٌ وَافَقْنَا عَلَى الْحُكْمِ بِالْقَافَةِ ش وَابْنَ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح الْحُكْمُ بَاطِلٌ قَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ إِنَّمَا يُجِيزُهُ مَالِكٌ فِي وَلَدِ الْأَمَةِ يَطَؤُهَا رَجُلَانِ فِي طُهْرٍ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمَا وَالْمَشْهُورُ عَدَمُ قَبُولِهِ وَأَجَازَهُ ش فيهمَا لِقَوْلِ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تبرق اسارير وَجهه فَقَالَ الم تَرَ أنَّ مُجَزَّزًا الْمُدْلِجِيَّ نَظَرَ إِلَى أُسَامَةَ وَزَيْدٍ عَلَيْهِمَا قطيفة قد غطيا رؤوسهما وَبَدَتْ أَقْدَامُهُمَا فَقَالَ إِنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ تَبَنَّى زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ وَكَانَ أَبْيَضَ وَابْنُهُ أُسَامَةُ أَسْوَدَ فَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَطْعَنُونَ فِي نَسَبِهِ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لمكانهما مِنْهُ فَلَمَّا قَالَ محزز ذَلِكَ سُرَّ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يَدُلُّ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ مِنَ الْحَدْسِ الْبَاطِلِ شَرْعًا لَمَا سُرَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِهِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يُسَرُّ بِالْبَاطِلِ وَثَانِيهُمَا أَنَّ إِقْرَارَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِنْ جُمْلَةِ الْأَدِلَّةِ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ مَا أَقَرَّ عَلَيْهِ وَقَدْ أَقَرَّ مُجَزَّزًا عَلَى ذَلِكَ فَيَكُونُ حَقًّا مَشْرُوعًا لَا يُقَالُ النِّزَاعُ إِنَّمَا هُوَ فِي إِلْحَاقِ الْوَلَدِ وَهَذَا كَانَ مُلْحَقًا بِأَبِيهِ بِالْفِرَاشِ فَمَا تَعَيَّنَ مَحَلُّ النِّزَاعِ وَأَيْضًا سُرُورُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِتَكْذِيبِ الْمُنَافِقِينَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْتَقِدُونَ صِحَّةَ الْقِيَافَةِ فَتَكْذِيبُ الْمُنَافِقِ سَارٌّ بِأَيِّ سَبَبٍ كَانَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّ اللَّهَ يُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ

الْفَاجِرِ فَقَدْ يُفْضِي الْبَاطِلُ لِلْحَسَنِ وَالْمَصْلَحَةِ وَأَمَّا عدم إِنْكَاره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلِأَنَّ مُجَزَّزًا لَمْ يَتَعَيَّنْ أَنَّهُ أَخْبَرَ بِذَلِكَ لِأَجْلِ الْقِيَافَةِ فَلَعَلَّهُ أَخْبَرَ بِهِ بِنَاءً عَلَى الْفراش لِأَنَّهُ يكون برقهما قَالَ اصبغ لَو اعتقت عَبْدَيْنِ مرادنا هَاهُنَا لَيْسَ أَنَّهُ ثَبَتَ النَّسَبُ بِمُجَزَّزٍ إِنَّمَا مَقْصُودُنَا ان الشّبَه الْخَاص واما سروره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لتكذيب الْمُنَافِقين فَكيف يَسْتَقِيم السرُور مَعَ عِنْدَ التَّكْذِيبِ كَمَا لَوْ أَخْبَرَ عَنْ كَذِبِهِمْ رَجُلٌ كَذَّابٌ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ كَذِبُهُمْ إِذَا كَانَ الْمُسْتَنَدُ حَقًّا فَيَكُونُ الشَّبَهُ حَقًّا وَهُوَ الْمَطْلُوبُ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ يَنْدَفِعُ قَوْلُكُمْ إِنَّ الْبَاطِلَ قَدْ يَأْتِي بِالْحَسَنِ فَإِنَّهُ عَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ مَا أَتَى بِشَيْءٍ وَأَمَّا قَوْلُكُمْ أَخْبَرَ بِهِ لِرُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ لِأَجْلِ الْفِرَاشِ فَالنَّاسُ كُلُّهُمْ يُشَارِكُونَهُ فِي ذَلِكَ فَأَيُّ فَائِدَةٍ بِاخْتِصَاصِ السُّرُورِ بِقَوْلِهِ لَوْلَا لِأَنَّهُ حُكْمٌ بِشَيْءٍ غَيْرِ الَّذِي كَانَ طَعْنُ الْمُشْرِكِينَ ثَابِتًا مَعَهُ وَلَا كَانَ لِذِكْرِ الْأَقْدَامِ فَائِدَةٌ وَحَدِيثُ الْعَجْلَانِيِّ قَالَ فِيهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَعْدَ التَّلَاعُنِ إِنْ جَاءَتْ بِهِ عَلَى نَعْتِ كَذَا وَكَذَا فَمَا أَرَاهُ إِلَّا قَدْ كَذَبَ عَلَيْهَا وَإِنْ أَتَتْ بِهِ عَلَى نَعْتِ كَذَا فَهُوَ لِشَرِيكٍ فَلَمَّا أَتَتْ بِهِ عَلَى النَّعْتِ الْمَكْرُوه قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَوْلَا الْأَيْمَانُ لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ فَصَرَّحَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَان وجود صِفَات أحدهمما فِي الْآخَرِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمَا نَسَبٌ وَاحِدٌ وَلَا يُقَالُ إِنَّ إِخْبَارَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ مِنْ جِهَةِ الْوَحْيِ لِأَنَّ الْقِيَافَةَ لَيْسَتْ فِي بَنِي هَاشِمٍ إِنَّمَا هِيَ فِي بَنِي مُدْلِجٍ وَلَا قَالَ أَحَدٌ إِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ قَائِفًا وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَمْ يَحْكُمْ بِهِ لِشَرِيكٍ وَأَنْتُمْ تُوجِبُونَ الْحُكْمَ بِالشَّبَهِ وَأَيْضًا لَمْ يَحُدَّ الْمَرْأَةَ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ الشَّبَهِ لِأَنَّا نَقُولُ إِنْ جَاءَ الْوَحْيُ فَإِنَّ الْوَلَدَ لَمْ يُشْبِهْهُ فَهُوَ

مُؤَسِّسٌ لِمَا يَقُولُهُ وَصَارَ الْحُكْمُ بِالشَّبَهِ أَوْلَى من الحكم بالقرائن لِأَنَّ الْفِرَاشَ يَدُلُّ مِنْ جِهَةِ ظَاهِرِ الْحَالِ وَالشَّبَهَ يَدُلُّ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَأَمَّا كَوْنُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَمْ يُعْطَ عِلْمَ الْقِيَافَةِ فَمَمْنُوعٌ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أُعْطِيَ عُلُومَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ سَلَّمْنَاهُ لَكِنَّهُ أَخْبَرَ عَن ضَابِط القيافين أَنَّ الشَّبَهَ مَتَى كَانَ كَذَا فَهُمْ يَحْكُمُونَ بِكَذَا لَا أَنَّهُ ادَّعَى عِلْمَ الْقِيَافَةِ كَمَا يَقُولُ الْإِنْسَانُ الْأَطِبَّاءُ يُدَاوُونَ الْمَحْمُومِينَ بِكَذَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ طَبِيبًا وَلَمْ يَحْكُمْ بِالْوَلَدِ لَشَرِيكٍ لِأَنَّهُ زَانٍ وَإِنَّمَا يَحْكُمُ بِالْوَلَدِ فِي وَطْءِ الشُّبْهَةِ أَوْ بِمِلْكٍ كَمَا إِذَا وَطِئَهَا الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي طُهْرٍ وَأَمَّا عَدَمُ الْحَدِّ فَلِأَنَّ الْمَرْأَةَ قَدْ تَكُونُ مِنْ جِهَتِهَا شُبْهَةً أَوْ مُكْرَهَة اَوْ لَان التعين يُسْقِطُ الْحَدَّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ} الْآيَةَ أَوْ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لايحكم بِعِلْمِهِ وَلَنَا أَيْضًا أَنَّ رَجُلَيْنِ تَنَازَعَا مَوْلُودًا فَاخْتَصَمَا لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَاسْتَدْعَى لَهُ الْقَافَةَ فَأَلْحَقُوهُ بِهِمَا فَعَلَاهُمَا بِالدِّرَّةِ وَاسْتَدْعَى حَرَائِرَ مِنْ قُرَيْشٍ فَقُلْنَ خُلِقَ مِنْ مَاءِ الْأَوَّلِ وَحَاضَتْ عَلَى الْحَمْلِ فَاسْتَحْشَفَ الْحَمْلُ فَلَمَّا وَطِئَهَا الثَّانِي انْتَعَشَ بِمَائِهِ فَأَخَذَ شَبَهًا بِهِمَا فَقَالَ عُمَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالْأَوَّلِ وَلِأَنَّهُ عِلْمٌ عِنْدَ الْقَافَةِ مِنْ بَابِ الِاجْتِهَادِ فَيُعْتَمَدُ عَلَيْهِ كَالتَّقْوِيمِ فِي الْمُتْلَفَاتِ وَتَقْدِيرِ نَفَقَاتِ الزَّوْجَاتِ وَخَرْصِ الثِّمَارِ فِي الزَّكَاةِ وَتَحْدِيدِ جِهَةِ الْكَعْبَةِ فِي الصَّلَوَاتِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ فَكُلُّ ذَلِكَ تَخْمِينٌ وَتَقْرِيبٌ وَلَمَّا قَالَ ح الشَّبَهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ قَالَ يلْحق الْوَلَد بِجَمِيعِ المنازعين خِلَافًا لَنَا وَلِ ش وَيَدُلُّ لَنَا قَوْله تعإلى {إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ من ذكر وَأُنْثَى} أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَلِأَنَّهُ الْعَادة وَقَوله

تَعَالَى {وَورثه أَبَوَاهُ} يَقْتَضِي جَمِيع ذَلِك ان لَا يَكُونَ لَهُ آبَاءٌ وَقَوْلُهُ تَعَالَى {أَنِ اشْكُرْ لي ولوالديك} احْتَجُّوا بِمَا فِي الصِّحَاحِ أَنَّ رَجُلًا حَضَرَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَادَّعَى أَنَّ امْرَأَتَهُ وَلَدَتْ وَلَدًا أَسْوَدَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هَلْ فِي إِبِلِكَ مِنْ أَوْرَقَ فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَ وَمَا أَلْوَانُهَا فَقَالَ سُودٌ ثُمَّ قَالَ لَهُ فَمَا السَّبَبُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ لَعَلَّ عِرْقًا نَزَعَ بِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلَعَلَّ عرقا نزع فَلَمْ يَعْتَبِرْ حُكْمَ الشَّبَهِ وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلَمْ يُفَرِّقْ وَلِأَنَّ خَلْقَ الْوَلَدِ مَغِيبٌ عَنَّا فَجَازَ أَنْ يُخْلَقَ مِنْ رَجُلَيْنِ وَقد نَص عَلَيْهِ سقراط فِي كتاب الْحَمْلَ عَلَى الْحَمْلِ وَلِأَنَّ الشَّبَهَ لَوْ كَانَ مُعْتَبرا لبطلت مَشْرُوعِيَّة اللّعان وَاكْتفى بِهِ وَلَا زيدا حُكِمَ لَهُ مَعَ الْفِرَاشِ فَلَا يَكُونُ مُعْتَبَرًا عِنْد عَدمه كَغَيْرِهِ ولان القيافة لَو كَانَ علما لامكن اكتسابه كَسَائِرِ الْعُلُومِ وَالصَّنَائِعِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ تِلْكَ الصُّورَة لَيست صُورَة نزاع لِأَنَّهُ كَانَ صَاحب فرَاش انما سَأَلَهُ عَنِ اخْتِلَافِ اللَّوْنِ فَعَرَّفَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - السَّبَبَ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْعَادَةِ فِي أَنَّ الْوَلَدَ لِفِرَاشٍ وَاحِدٍ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّهُ خِلَافُ الْعَادَةِ وَظَوَاهِرُ النُّصُوصِ الْمُتَقَدِّمَةِ تَأْبَاهُ وَعَن الرَّابِع ان الحكم لَيْسَ مصافا إِلَى شَاهد من شبه الانسان يجمع مِنَ النَّاسِ إِنَّمَا يُضَافُ لِخَاصِّيَّةٍ أُخْرَى يَعْرِفُهَا اهل الْقَافة

وَعَنِ الْخَامِسِ أَنَّ الْقِيَافَةَ إِنَّمَا تَكُونُ حَيْثُ يَسْتَوِي الْفِرَاشَانِ وَاللِّعَانُ يَكُونُ لِمَا شَاهَدَهُ الزَّوْجُ فَهُمَا بَابَانِ مُتَبَايِنَانِ لَا يَسُدُّ أَحَدُهُمَا مَسَدَّ الْآخَرِ وَعَنِ السَّادِسِ الْفَرْقُ أَنَّ وُجُودَ الْفِرَاشِ وَحْدَهُ سَالِمٌ عَنِ الْمَعَارِضِ يَقْتَضِي اسْتِقْلَالَهُ بِخِلَافِ تَعَارُضِ الْفِرَاشَيْنِ وَعَنِ السَّابِعِ أَنَّهُ قُوَّةٌ فِي النَّفْسِ وَقُوَى النَّفْسِ وَخَوَاصُّهَا لَا يُمْكِنُ اكْتِسَابُهَا واما على قَوْلِ ش إِنَّ الْأَمَةَ يَصِحُّ أَنْ يَمْلِكَهَا جَمَاعَةٌ مِلْكًا صَحِيحًا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَيَطَأَهَا جَمِيعُهُمْ بِالشُّبْهَةِ فَقْدِ اسْتَوَوْا فَاحْتَاجُوا إِلَى الْمُرَجِّحِ وَالنِّكَاحُ لَا يَثْبُتُ عَلَى امْرَأَةٍ لِاثْنَيْنِ فِي وَقْتٍ وَلِأَنَّ وَلَدَ الزَّوْجَةِ لَا يَسْقُطُ نَسَبُهُ الا بِاللّعانِ فَهُوَ اقوى فَلَا تنْدَفع بِالْقَافَةِ بِخِلَافِ الْمِلْكِ لَا يُشْرَعُ فِيهِ اللِّعَانُ احْتَجُّوا بَان عمر ر ضي اللَّهُ عَنْهُ أَجَازَ الْقَافَةَ فِي وَلَدِ الزَّوْجَاتِ ولان الشّبَه مُرَجّح فَإِذا تعادلت الاسباب رَجَعَ بِهِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِك فِي اولاد الْحَرَائِر من الزِّنَى فِي الْجَاهِلِيَّة وَعَن الثَّانِي أَنه لابد أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَقْوَى بِخِلَافِ الْمِلْكِ قَاعِدَةٌ قَوْلُ الْعُلَمَاءِ مَنْشَأُ الْخِلَافِ فِي اشْتِرَاطِ الْعَدَدِ هَلْ هُوَ مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ أَوْ مِنْ بَاب الرِّوَايَة فِي غَايَة الاشكال فِي الخفى وطلبته نَحْو ثَمَانِيَة سِنِين فَلم أَجِدْهُ إِلَّا بَعْدَ ذَلِكَ وَجَدْتُ الْمَازَرِيَّ بَيَّنَهُ فِي شَرْحِ الْبُرْهَانِ وَوَجْهُ الْإِشْكَالِ أَنَّ قَوْلَنَا هَلْ هَذَا مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ أَوْ مِنْ هَذَا الْبَابِ فَرْعُ تَصَوُّرِ حَقِيقَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَضَابِطِهِ كَمَا أَنَّ قَوْلَنَا الْعَبْدُ مُتَرَدِّدٌ بَين الْمَالِيَّة والآدمية فرع تصورهما فَمَا ضابطه مَا وَبَعْضهمْ يُجِيبُ بِأَنَّ الشَّهَادَةَ الَّتِي فِيهَا الْعَدَدُ وَالْحُرِّيَّةَ لَا تَفْتَقِرُ لِذَلِكَ وَهُوَ بَاطِلٌ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الْعدَد

(وفي الباب فروع ثلاثة)

والذكورية فرع كَونهمَا شَهَادَة اَوْ رِوَايَة فتعريفهما بِذَلِكَ دَوْرٌ وَالَّذِي قَالَهُ الْمَازَرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ مُتَعَلَّقُ الْخَبَرِ إِنْ كَانَ خَاصًّا مُطْلَقًا فَهُوَ شَهَادَةٌ اتِّفَاقًا كَإِثْبَاتِ الْحُكْمِ عَلَى زَيْدٍ لِعَمْرٍو أَوْ عَامًّا مُطْلَقًا فَهِيَ رِوَايَةٌ إِجْمَاعًا نَحْو الاعمال بِالنِّيَّاتِ فَإِنَّهُ يَشْمَل الانصار وَالْأَعْصَارَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَتَقَعُ صُورَةٌ عَامَّةٌ مِنْ وَجْهٍ خَاصَّةٌ مِنْ وَجْهٍ يَخْتَلِفُ فِيهَا وُجُودُ الشَّائِبَتَيْنِ فَمَنْ غَلَّبَ إِحْدَاهُمَا أَلْحَقَ تِلْكَ الصُّورَةَ بِبَابِ تِلْكَ الشَّائِبَةِ كَالشَّهَادَةِ عَلَى هِلَالِ رَمَضَان لِأَنَّهُ لَا يتَعَدَّى تِلْكَ السّنة عَام لِأَنَّهُ يَشْمَل جملَة الاقليم وكالقائف والمقدم وَالتُّرْجُمَانِ وَنَحْوِهِمْ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْحَاكِمَ نَصَّبَهُمْ لِلنَّاسِ جِهَةَ عُمُومٍ لَا يَخُصُّ النَّصْبُ أَحَدًا دُونَ أَحَدٍ وَمِنْ جِهَةِ أَنَّ قَضَاءَهُمْ إِنَّمَا يَقَعُ عَلَى مُعَيَّنٍ هُوَ جِهَةُ خُصُوصٍ فَصَارَ الْعُمُوم هُوَ ضَابِط الخبرا وَالْخُصُوصُ ضَابِطَ الشَّهَادَةِ وَحِينَئِذٍ يَتَّجِهُ اشْتِرَاطُ الْعَدَدِ لِتَوَقُّعِ التُّهْمَةِ بِالْعَدَاوَةِ بَيْنَ الْعَدْلِ وَبَيْنَ ذَلِكَ الْخَاص فاستظهر باخر مَعَه وَمَعَ العَبْد لتوقع مِنْهُ الانفقة لنفاستها والنسا غَيْرُ مَوْثُوقٍ بِحِفْظِهِنَّ لِضَعْفِ عَقْلِهِنَّ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} (وَفِي الْبَابِ فُرُوعٌ ثَلَاثَةٌ) (الْفَرْعُ الْأَوَّلُ) فِي الْكِتَابِ تَقَعُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ وَالطَّلَاقِ وَالنِّكَاحِ وَالنَّسَبِ وَالْوَلَاءِ مَعَ رَجُلٍ أَمْ لَا وَإِنَّمَا تَجُوزُ حَيْثُ ذَكَرَهَا اللَّهُ فِي الدَّيْنِ وَمَا لَا يَطَّلِعُ

عَلَيْهِ غَيْرُهُنَّ لِلضَّرُورَةِ وَيَحْلِفُ الطَّالِبُ مَعَ امْرَأَتَيْنِ فِي الْأَمْوَالِ وَيُقْضَى لَهُ وَتَجُوزُ فِي الْمَوَارِيثِ فِي الْأَمْوَالِ إِذَا ثَبَتَ النَّسَبُ بِغَيْرِهِنَّ وَقَتْلِ الْخَطَأِ لِأَنَّهُ مَالٌ قَالَ سَحْنُونٌ إِنَّمَا أُجِزْنَ فِي الْخَطَأِ وَالْأَمْوَالِ لِلضَّرُورَةِ فِي فَوَاتِهَا فَأَمَّا الْجَسَدُ فَهُوَ يَبْقَى فَإِنْ شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى رُؤْيَة جَسَد الْقَتِيل والجنين والا لم تجب شهادتين شَهَادَتهم فِي النُّكَتِ قِيلَ مَعْنَى شَهَادَتِهِنَّ فِي الْمَوَارِيثِ أَنْ يَتْرُكَ الْمَيِّتُ أَخَوَيْنِ فَيَخْتَلِفَانِ فِي أَقْعَدِهِمَا بِالْمَيِّتِ فَيشْهد أَنه أَقْعَدَ بِأَنْ يَكُونَ نَسَبُ الْوَارِثِ ثَابِتًا فَشَهِدْنَ بِحَضْرَةِ الْوَرَثَةِ فَيَجُوزُ مَعَ يَمِينِ الْوَارِثِ أَوِ الْوَرَثَةِ وَيَجُوزُ أَيْضًا فِي ذَلِكَ مَعَ رَجُلٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَوْلُ سَحْنُونٍ خِلَافُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا شَهِدَتِ الْمَرْأَتَانِ عَلَى الِاسْتِهْلَالِ وَعَلَى أَنَّهُ صَبِيٌّ تَجُوزُ مَعَ الْيَمين وَعنهُ الْقيَاس ان لَا تَجُوزَ لِأَنَّهُ يَصِيرُ نَسَبًا قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ مَالًا فَبِأَيِّ شَيْءٍ يَرِثُ وَيُوَرَّثُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَا يَبْقَى إِذَا أُخِّرَ دَفْنُهُ إِلَى أَنْ يُوجَدَ الرِّجَالُ فَتَجُوزُ شَهَادَتُهُنَّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ تَلِدُ ثُمَّ تَمُوتُ هِيَ وَوَلدهَا فِي سَاعَة يحلف ابو الْوَصِيّ أَوِ الْوَرَثَةِ مَعَ شَهَادَةِ النِّسَاءِ أَنَّ الْأُمَّ مَاتَتْ قَبْلَهُ أَوْ مَاتَ قَبْلَهَا فَيَسْتَحِقُّونَ الْمِيرَاثَ مِنْهُ لِأَنَّهُ مَالٌ وَمَنَعَ سَحْنُونٌ وَأَشْهَبُ وَمُحَمَّدٌ ذَلِك لَان الْجَسَد يَفُوتُ وَالِاسْتِهْلَالَ يَفُوتُ إِنَّمَا يَرِثُ عِنْدَ أَشْهَبَ وَسَحْنُونٍ عَلَى أَنَّهُ أُنْثَى وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي وَصَايَا الْمُدَوَّنَةِ إِذَا مَاتَ رَجُلٌ فَشَهِدَ عَلَى مَوْتِهِ امْرَأَتَانِ وَرَجُلٌ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ زَوْجَةٌ وَلَا أَوْصَى بِعِتْقٍ وَلَا لَهُ مُدَبَّرٌ وَلَيْسَ إِلَّا مَالٌ يُقَسَّمُ جَازَتِ الشَّهَادَةُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَتُمْنَعُ شَهَادَتُهُنَّ مَعَ رَجُلٍ عَلَى الْعَفْوِ عَنِ الدَّمِ كَمَا تُمْنَعُ فِي دَمِ الْعَمْدِ وَتَجُوزُ فِي قَتْلِ الْخَطَأِ وَجِرَاحِهِ لِأَنَّهُ مَالٌ وَإِنْ شَهِدْنَ مَعَ رَجُلٍ عَلَى مُنَقَّلَةٍ عمدا اَوْ مامونة عَمْدًا جَازَتْ شَهَادَتُهُنَّ لِأَنَّ الْعَمْدَ وَالْخَطَأَ فِيهِمَا إِنَّمَا هُوَ مَالٌ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي شَهَادَتِهِنَّ فِي الْقِصَاصِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ وَثَبَتَ عَلَى الْمَنْعِ قَالَ وَأَصْلُنَا جَوَازُهَا فِيمَا يَجُوزُ فِيهِ الشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ قِيلَ لِسَحْنُونٍ فَأَنْتَ تُجِيزُ الشَّاهِدَ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ مَعَ الْقَسَامَةِ وَلَا تُجِيزُ فِيهِ الْمَرْأَتَيْنِ مِنَ

(الفرع الثاني)

الْقَسَامَةِ فَقَالَ لَا يُشْبِهُ هَذِهِ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ وَالْقَسَامَةُ خَمْسُونَ يَمِينًا وُفِي الْمَوَّازِيَّةِ تَجُوزُ شَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ وَحْدَهَمَا عَلَى الْجَرْحِ مَعَ يَمِينِ الْمَجْرُوحِ وَعَلَى الْقَتْلِ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ وَكَوْنِهِ فِيهِ الْقَسَامَةُ فِيمَنْ ظَهَرَ مَوْتُهُ وَلَا تَجِبُ بِشَهَادَةِ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى الْقَتْلِ قَسَامَةٌ خِلَافًا لِأَشْهَبَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ مَا جَازَ فِيهِ شَاهِدٌ وَيَمِينٌ جَازَ فِيهِ امْرَأَتَانِ مَعَ يَمِينٍ قَالَ مَالِكٌ وَقَدْ تَجُوزُ شَهَادَتُهُنَّ فِيمَا يُؤَدِّي إِلَى طَلَاق وَعتق وَيَقْتَضِي عتق وَاحِد كشهادتهم بِشِرَاءِ الزَّوْجِ لِامْرَأَتِهِ فَيَحْلِفُ وَتَصِيرُ مِلْكًا لَهُ فَيَجِبُ بِذَلِكَ الْفِرَاقُ أَوْ عَلَى أَدَاءِ الْكِتَابَةِ فَيتم الْعتْق وكشهاتهن مَعَ يَمِينٍ بِدَيْنٍ مُتَقَدِّمٍ عَلَى الْعِتْقِ فَيُرَدُّ الْعِتْقُ وَكَشَهَادَتِهِنَّ مَعَ رَجُلٍ أَنَّ الْمَقْذُوفَ عَبْدٌ فيزول الْحَد (الْفَرْع الثَّانِي) فِي الْكتاب تَجُوزُ شَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ مُسْلِمَتَيْنِ فِي الْوِلَادَةِ وَالِاسْتِهْلَالِ وَتُقْبَلُ حِينَئِذٍ شَهَادَةُ النِّسَاءِ وَحْدَهُنَّ لَا يُقْبَلُ فِيهِ أَقَلُّ مِنِ امْرَأَتَيْنِ وَتَمْتَنِعُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ وحدهن اَوْ مَعَ وَصِيٍّ إِنْ كَانَ فِي الْوَصِيَّةِ عِتْقٌ أَوْ أَبْضَاعُ النِّسَاءِ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا تَجُوزُ فِي الْوَصِيَّةِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَالًا قَالَ سَحْنُونٌ الْوَصِيَّةُ وَالْوِكَالَةُ لَيْسَتَا مَالًا وَلَا يَحْلِفُ وَصِيٌّ أَوْ وَكِيلٌ مَعَ شَاهِدِ رَبِّ الْمَالِ أَنَّ الْمَالَ لِغَيْرِهِمَا وَتَجُوزُ شَهَادَتُهُنَّ أَنَّ فُلَانًا أَوْصَى لَهُ بِكَذَا مَعَ يَمِينِهِ وَلَوْ كَانَ مَائَةَ امْرَأَةٍ يحلف مَعَهُنَّ وَلَا وَاحِدَةٌ لِأَنَّهَا نِصْفُ رَجُلٍ وَإِنْ شَهِدْنَ لِعَبْدٍ اَوْ أمراة اَوْ الذِّمِّيّ حَلَفَ وَاسْتَحَقَّ وَلَا يَحْلِفُ الْوَصِيُّ حَتَّى يَسْمَعَ لِعَدَمِ الْوَازِعِ الشَّرْعِيِّ فِي حَقِّهِ وَإِنْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ أَكَابِرُ حَلَفُوا وَأَخَذُوا مِقْدَارَ حَقِّهِمْ فَإِنْ نَكَّلُوا وَبَلَغَ الصِّغَارُ حَلَفُوا وَاسْتَحَقُّوا حَقَّهُمْ وَإِنْ شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ عَلَى رَجُلٍ بِالسَّرِقَةِ ضَمِنَ الْمَالَ وَلَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّهُ حُكْمٌ بَدَنِيٌّ وَلَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ رَجُلٌ وَاحِدٌ حَلَفَ الطَّالِبُ وَضَمِنَ الْمَالَ الْمَسْرُوقَ وَلَمْ يُقْطَعْ كَمَا لَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ أَنَّ عَبْدَ فُلَانٍ قَتَلَ عَبْدًا عمدا اَوْ خطئا فَإِنَّهُ يَحْلِفُ يَمِينًا وَاحِدَةً وَيَسْتَحِقُّ

العَبْد وَلَا يقبل فِي الْعمد فِي التَّنْبِيهَات فِي الْمُوازِية تمتّع شَهَادَتُهُنَّ فِي الْوِكَالَاتِ عَلَى الْمَالِ وَجَوَّزَ ابْنُ الْقَاسِم تعلمهن الشَّهَادَة وَاسْتدلَّ يذلك عَلَى جَوَازِ نَقْلِ الرَّجُلِ الشَّهَادَةَ عَمَّنْ لَا يعدلنه لِأَنَّ تَعْدِيلَ النِّسَاءِ لَا يَجُوزُ بِاتِّفَاقٍ وَهُوَ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ مَنْعَ تَعْدِيلِهِنَّ إِنَّمَا هُوَ السُّنَّةُ إِذْ قَدْ يَكُونُ الرَّجُلُ مَعْرُوفَ الْعَدَالَةِ وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ يَشْهَدُ عَلَى شَهَادَةِ غَيْرِهِ تعرف عَدَالَتُهُ وَقَدْ قِيلَ إِذَا لَمْ يَعْدِلِ الْفَرْعُ الْأَصْلَ فَهِيَ رِيبَةٌ وَالصَّوَابُ الْجَوَازُ وَقَوْلُهُ يَمْتَنِعُ فِي الْوَصِيَّةِ فِيهَا عِتْقٌ ظَاهِرُهُ مَنْعُهَا فِي الْجَمِيعِ وَعَلَيْهِ حَمَلَهُ شُيُوخُنَا وَهُوَ خِلَافُ أَصْلِهِ فِي الشَّهَادَةِ إِذَا رُدَّتْ لِلسُّنَّةِ لَا لِلتُّهْمَةِ أَنَّهَا تجوز فِيمَا لَا يرد فِيهِ كَقَوْلِهِ فِي السَّرِقَةِ يُضْمَنُ الْمَالُ دُونَ الْقطع وَقَوله فِي شَهَادَة رجل فِي وَصيته فيهمَا عِتْقٌ وَوَصَايَا بِمَالٍ تَجُوزُ فِي الْمَالِ دُونَ الْعِتْقِ وَأَبْضَاعُ الْفُرُوجِ الْبُضْعُ بِضَمِّ الْبَاءِ الْفَرْجُ يُرِيدُ الْوَصِيَّةَ بِإِنْكَاحِهِمْ فِي النُّكَتِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا شَهِدَتَا عَلَى الِاسْتِهْلَالِ وَأَنَّ الْمَوْلُودَ ذَكَرٌ جَازَ وَتَكُونُ مَعَ شَهَادَتِهِنَّ الْيَمِينُ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الْوَصَايَا إِذَا شَهِدَ النِّسَاءُ مَعَ رَجُلٍ عَلَى مَوْتِ مَيِّتٍ إِنْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا قَسْمُ الْمَالِ جَازَ وَهَذَا الْبَدَنُ غَيْرُ حَاضر وَقَالَ ابْن الْقَاسِم فِي شَهَادَة عَلَى الْوَلَاءِ يُؤْخَذُ بِهِ الْمَالُ وَلَا يَثْبُتُ بِهِ الْوَلَاءُ أَوْ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَقَدْ مَاتَتْ أَنَّهُ يَرِثُهَا وَقَالَ أَشْهَبُ فِي جَمِيعِ هَذَا وَقَوْلُهُ تَمْتَنِعُ شَهَادَتُهُنَّ فِي الْوَصِيَّةِ فِيهَا عِتْقٌ هَذَا عَلَى وَجْهِ إِنْ كَانَ لِلْمُوصِي مَدبَّرُونَ أَوْ مُكَاتَبُونَ أَوْ أَمُّ وَلَدٍ أَوْ زَوْجَاتٌ لَا يَضُرُّهُنَّ لِأَنَّ هَذِهِ مَعْلُومَةٌ بِالْبَيِّنَةِ وَلَا حُكِمَ لِلْوَصِيِّ فِي ذَلِكَ فَتَجُوزُ شَهَادَتُهُنَّ وَإِنْ كَانَ فِيهَا عِتْقٌ غَيْرُ مُعَيَّنٍ امْتَنَعَتْ لِأَنَّهَا تَصِيرُ عَلَى الْعِتْقِ وَالْوَصِيُّ إِذَا اشْتَرَى رَقَبَةً يُخَيَّرُ بَيْنَ عِتْقِهَا وَعِتْقِ غَيْرِهَا فَصَارَتْ شَهَادَةً عَلَى الْعِتْقِ أَوْ بِعَيْنِهَا جَازَتِ الشَّهَادَةُ لِأَنَّهُ لَا حُكِمَ لِلْوَصِيِّ فِي ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ لَهُ بَنَاتٌ ثُيَّبٌ فَلَا وَصِيَّةَ عَلَيْهِنَّ وَفِي الْأَبْكَارِ النَّظَرُ لِلسُّلْطَانِ وَيَبْقَى نَظَرُهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَالِ وَلَا تَبْطُلُ الشَّهَادَةُ كُلُّهَا وَأَمَّا شَهَادَتُهُنَّ مَعَ رَجُلٍ عَلَى مَوْتِ رَجُلٍ لَهُ مُدَبَّرٌ

أَوْ أَمُّ وَلَدٍ أَوْ زَوْجَةٌ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَلَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا هُوَ قَسْمُ الْمَالِ جَازَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ التُّونِسِيُّ كَلُّ مَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ حُكْمُ امْرَأَتَيْنِ فِيهِ حُكْمُ الرَّجُلَيْنِ وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى يَمِينٍ كَعَيْبٍ بِالْفَرْجِ وَالسَّقْطِ وَعُيُوبِ النِّسَاءِ وَالرَّضَاعِ وَزَوَالِ الْبَكَارَةِ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا يطلع عَلَيْهِ الْمَشْهُودُ لَهُ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ رَجَاءِ السَّتْرِ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى أَنَّهُ اشْتَرَى جَارِيَةً عَلَى أَنَّهَا بِكْرٌ فَقَالَ وَجَدْتُهَا ثَيِّبًا أَنَّ افْتِضَاضَهَا قَرِيبٌ حَلَفَ الْبَائِعُ مَعَ شَهَادَتِهِمَا وَرَدَّهَا قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْقَائِمَ يَدَّعِي عِلْمَ مَا شَهِدْنَ لَهُ بِهِ فَالْوَاجِبُ عَلَى قَوْلِهِ أَنْ يَحْلِفَ وَلَا يَحْلِفَ وَإِذَا شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى إِقْرَارِهِ بِالْوَطْءِ وَامْرَأَةٌ عَلَى الْوِلَادَةِ حَلَفَ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ فِي هَذَا كَالرَّجُلِ وَلَوْ شهِدت أمرتان بِالْوِلَادَةِ كَانَتْ عَلَى أُمِّ وَلَدٍ وَاخْتُلِفَ فِيمَا تَجُوزُ فِيهِ شَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ هَلْ تَنْقِلُ عَنِ الْمَرْأَةِ امْرَأَتَانِ أَجَازَهُ أَصْبَغُ كَالرِّجَالِ وَمَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ فِي النَّقْلِ وَلَمْ يَجُزْنَ إِلَّا لِلضَّرُورَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ رَجُلٍ مَعَهُنَّ فِي النَّقْلِ وَقِيلَ يَمْتَنِعُ النَّقْلُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ وَتَمْتَنِعُ فِي الْمُدَوَّنَةِ شَهَادَتُهُنَّ فِي جراح الْعمد مَعَ تجويزه فيهمَا لِلشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَجَوَّزَهُنَّ سَحْنُونٌ فِي كُلِّ مَا يَجُوزُ فِيهِ الشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ وَجَوَّزَ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْقَسَامَةَ بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ وَمَنْعَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَوْ شَهِدَتَا مَعَ رَجُلٍ عَلَى قَتْلِ رَجُلٍ عَمْدًا قَالَ لابد مِنَ الْقَسَامَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُلْحَقُ بِعُيُوبِ الْفَرْجِ مَعْرِفَةُ الْحَيْضِ وَحَبْسُ الْحَمْلِ وَلَمْ يُجْعَلْ لِلْوَاحِدَةِ أَصْلٌ فِي مَالٍ وَلَا غَيْرِهِ فَلَوْ سَلَكَ بِالْمَرْأَتَيْنِ مَسْلَكَ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمَالِ فَتَكُونُ فِيهِ الْيَمِينُ وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا شَهِدَ رَجُلٌ وأمراة على الاستهلال لم تجز شَهَادَتهمَا لارْتِفَاع الضَّرُورَة بِحُضُور الرِّجَال بمسقطة شَهَادَة المراة وَبَقِي الرجل وَحده وَجوزهُ ابْنُ حَبِيبٍ لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْ شَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعَلِيًّا أَجَازُوا شَهَادَةَ الْمَرْأَةِ وَحْدَهَا فَكَيْفَ بِهَذَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ

سَحْنُونٌ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُنَّ فِي الْإِحْصَانِ قَالَ اللَّخْمِيُّ يُخْتَلَفُ فِي شَهَادَةِ النِّسَاءِ وَقَبُولِهِنَّ وَحْدَهُنَّ وَالْيَمِينِ وَغَيْرِهَا بِحَسَبِ اخْتِلَافِ الْمَشْهُودِ فِيهِ وَهُوَ سِتَّةَ عَشَرَ قِسْمًا الْأَوَّلُ الْأَمْوَالُ كَالْبَيْعِ وَالْقِرَاضِ وَالْقَرْضِ وَالْوَدِيعَةِ وَالْإِجَارَةِ وَالْكَفَالَةِ بِالْمَالِ وِدِيَةِ الْخَطَأِ وَالْعَمْدِ الَّذِي لَا قَوَدَ فِيهِ الثَّانِي الشَّهَادَةُ عَلَى النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ وَالْإِحْلَالِ وَالْإِحْصَانِ وَالْعِتْقِ وَالْوَلَاءِ وَالنَّسَبِ وَالسَّرِقَةِ وَالْمَوْتِ الثَّالِثُ مَا هُوَ مَالٌ وَيُؤَدِّي إِلَى مَا لَيْسَ بِمَالٍ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْأَبْدَانِ مِنْ عِتْقٍ أَوْ طَلَاقٍ وَعَلَى دَفْعِ الْكِتَابَةِ وَعَلَى بَيْعِ الْعَبْدِ مِنْ أَبِيهِ أَوِ ابْنِهِ أَوْ أَمَةٍ مِنْ زَوْجِهَا الرَّابِعُ مَا لَيْسَ بِمَال وَيُؤَدِّي إِلَى مَال كالو كاله بِمَالٍ وَالنَّقْلِ عَمَّنْ شَهِدَ لَكَ بِمَالٍ وَكِتَابِ الْقَاضِي الْمُتَضَمِّنِ بِمَالٍ وَالنِّكَاحِ بَعْدَ مَوْتِ الزَّوْجِ أَوِ الزَّوْجَةِ أَوْ أَنَّ فُلَانًا أَعْتَقَ هَذَا الْمَيِّتَ أَوْ أَنَّهُ ابْنُ فُلَانٍ أَوْ أَخُوهُ وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ ثَابِتَ النَّسَبِ الْخَامِسُ التَّارِيخُ بِمَا يَتَضَمَّنُ مَالًا وَيُؤَدِّي إِلَى مَا يَتَعَلَّقُ بالأبدان كتاريخ الْحَالِف بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ لَيَقْضِيَنَ فَلَانًا رَأْسَ الشَّهْرِ فَشهد بِأَنَّهُ قَضَى قَبْلَهُ أَوْ أَنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا وَقَدْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ وَلِمَنْ وَطِئَ أَمَةً أَنَّهُ ابْتَاعَهَا مِنْ سَيِّدِهَا قَبْلَ ذَلِكَ السَّادِسُ قَتْلُ الْعَمْدِ السَّابِعُ جِرَاحُ الْعَمْدِ الثَّامِنُ الزِّنَى التَّاسِعُ الْإِقْرَارُ بِالزِّنَى وَعَلَى كِتَابِ الْقَاضِي بِالزِّنَى وَأَنَّ الْقَاضِيَ حَدَّ فُلَانًا أَوْ عَلَى مُعْتَقٍ أَنَّ سَيِّدَهُ كَانَ تَبَرَّأَ مِنْ زِنَاهُ فِي حِينِ بَيْعِهِ الْعَاشِرُ مَا لَا يَحْضُرُهُ غَيْرُ النِّسَاءِ كَالْوِلَادَةِ وَالِاسْتِهْلَالِ وَالْحَيْضِ وَنَحْوِهُ الْحَادِي عَشَرَ النَّقْلُ عَمَّنْ شَهِدَ مِنْهُنَّ بِمِثْلِ ذَلِكَ الثَّانِي عَشَرَ مَا يَقَعُ بَيْنَهُنَّ فِيمَا يَجْتَمِعْنَ لَهُ كَالصَّنِيعِ وَالْمَأْتَمِ وَالْحَمَّامِ مِنَ الْجِرَاحِ وَالْقَتْلِ الرَّابِعَ عَشَرَ التُّرْجُمَانُ وَالْقَائِفُ وَالطَّبِيبُ وَمُقَوِّمُ الْعَيْبِ وَالْقَاضِي وَمُكَشِّفُهُ يسال عَن الرِّجَال عَن التَّعْدِيل والتجريج لَا عَلَى وَجْهِ الشَّهَادَةِ الْخَامِسَ عَشَرَ الِاسْتِفَاضَةُ يشْهد عَلَيْهَا

السَّادِسَ عَشَرَ الشَّهَادَةُ عَلَى السَّمَاعِ بِالْأَمْوَالِ تُسْتَحَقُّ باربعة اوجه رجلَيْنِ وَرجل وَامْرَأَتَانِ وَرَجُلٍ وَالْيَمِينِ وَامْرَأَتَيْنِ وَيَمِينٍ وَالنِّكَاحِ وَنَحْوِهِ بِوَجْهٍ وَاحِدٍ رَجُلَيْنِ بِهِ الْمَالُ وَلَا بُدَّ فِي الْقَطْعِ مِنْ رَجُلَيْنِ وَمَا يُؤَدِّي إِلَى غَيْرِ الْمَالِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ عَلَى أَنَّهُ وَصِيٌّ بِخَمْسِينَ بَشَرًا رَقَبَةٌ لِلْعِتْقِ مَنَعَ عِتْقَهَا إِلَّا بِشَهَادَةِ رجلَيْنِ وَالْعَبْد الْمعِين يجوز واجازه مَالك كَمَا لَوْ فَلَانًا رَقَبَةً لِلْعِتْقِ وَغَيْرُ الْمَالِ يُؤَدِّي إِلَيْهِ أَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ مِنَ النِّسَاءِ نَظَرًا وَاخْتُلِفَ فِي التَّارِيخِ كَذَلِكَ فَنَفَّذَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَمَنَعَ غَيْرُهُمَا لِأَنَّ الْوَقْتَ لَيْسَ كَالنِّكَاحِ وَفِي جُرْحِ الْعَمْدِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فَفِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ مَنْعُ الْقَطْعِ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ كَالْقَتْلِ وَقَالَ فِي كتاب الشَّهَادَات كل جرح لاقصاص فِيهِ كالجائفة يجوز فِيهِ الشَّاهِد وَالْيَمِين لِأَنَّهُ مَالٌ وَقِيلَ يَجُوزُ فِيمَا ظَهَرَ مِنَ الْجراح دون واكثر الشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ فَيَلْحَقُ بِالْحُدُودِ وَقِيلَ فِيمَا كَانَ مِنَ الشَّتْمِ دُونَ الْقَذْفِ يَجُوزُ فِيهِ الشَّاهِدُ الْيَمين وَيُعَاقَبُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ لِمَا كَانَ فِي الْحُرْمَةِ دون الْقَذْف وَقيل لابد مِنْ رَجُلَيْنِ لِأَنَّهُ بَدَنِيٌّ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يقبض بِشَاهِد وَيَمِين بِرَجُل وَامْرَأَتَيْنِ وَأَمَّا الزِّنَى إِنْ كَانَ عَلَى الْمُعَايَنَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ أَرْبَعَةٍ أَوْ عَلَى أَيِّهِمَا كرها فَعَلَى الْقَوْلِ بِالْحَدِّ مَعَ الْإِكْرَاهِ فَعَلَى الْمُعَايَنَةِ وعَلى الآخر يجزىء رَجُلَانِ وَتَسْتَحِقُّ الْمَرْأَةُ الصَّدَاقَ عَلَى الْمُكْرِهِ وَالْمُقِرُّ بِالزِّنَى إِذَا رَجَعَ وَلَمْ يَأْتِ بِعُذْرٍ فَتُقْبَلُ شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ فِي حَدِّهِ وَيُحَدُّ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِكِتَاب القَاضِي مهما وَلَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ فِي ذَلِكَ إِلَّا أَرْبَعَةٌ قَالَهُ مُحَمَّدٌ إِنْ كَانَ ثَبَتَ عِنْدَ الْأَوَّلِ بِأَرْبَعَةٍ وَيُحَدُّ الشَّاهِدَانِ وَإِذَا قَالَ قَاذِفٌ إِنَّ فَلَانًا الْوَالِيَ عَرَفَ الْمَقْذُوفَ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ أَرْبَعَةٍ عَلَى فِعْلِ الْقَاضِي قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَمَالِكٌ وَهُوَ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ وُفِي الْوَاضِحَةِ يُحَدُّ الْقَاذِفُ دُونَ الشَّاهِدَيْنِ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَشْهَدَا عَلَى رُؤْيَةٍ قَالَ أَبُو مُصْعَبٍ وَلَا الْقَاذِفُ أَيْضًا لِأَنَّهُ أَثْبَتَ مَا ادَّعَاهُ وَعَلَى الْقَوْلِ بِحَدِّ الْمُقِرِّ هَاهُنَا يُحَدُّ إِنْ شَهِدَا عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ

وانكر واعترف بِالْوَطْءِ اَوْ بِعِتْق فَأَنْكَرَ وَاعْتَرَفَ بِالْوَطْءِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْحَدِّ لَا يُحَدُّ هَؤُلَاءِ إِلَّا أَنْ يَشْهَدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى الْأَصْلِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يُقَامُ الْحَدُّ عَلَى السَّيِّدِ لِإِمْكَانِ نِسْيَانِ الْعِتْقِ وَإِنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِالطَّلَاقِ وَأَقَرَّ بِالْوَطْءِ حُدَّ قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَقَالَ مَالِكٌ لَا يُحَدُّ وَالْأَصْحَابُ عَلَى الْأَوَّلِ وَإِنْ شَهِدَتِ امْرَأَتَانِ أَنَّ الْوَلَدَ ذَكَرٌ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَحْلِفُ الطَّالِبُ وَيَسْتَحِقُّ فجعلهما لرجل لِأَنَّ الذُّكُورِيَّةَ مِمَّا يُمْكِنُ اطِّلَاعُ الرِّجَالِ عَلَيْهِ وَهِيَ شَهَادَةٌ عَلَى مَا لَيْسَ بِمَالٍ يُسْتَحَقُّ بِهِ مَال وابطلها اشهب لِأَنَّهَا لَيست مَا لَا على اصله وَقَالَ اصبغ ان مَاتَ بِالدَّيْنِ وَطَالَ أَمْرُهُ وَالْمُسْتَحِقُّ بَيْتُ الْمَالِ أَوِ الْقَرَابَةُ الْبَعِيدَةُ جَازَ أَوْ لِبَعْضِ الْوَرَثَةِ دُونَ بعض امْتنع لفوته واذا كَانَ الْعَيْب لغير الْفرج اخْتلف هَل يبْقى الثَّوْبَ عَنْهُ لِيَرَاهُ الرِّجَالُ أَوْ يَكْفِي النِّسَاءُ هَذَا فِي الْحُرَّةِ وَأَمَّا الْأَمَةُ فِي عَيْبِ الْفرج وَالْأمة فَاتَت أَوْ غَابَتْ أَوِ الْقَائِمُ بِالْعَيْبِ هُوَ الَّذِي اتى بِالنسَاء يشهدن فلابد مِنِ امْرَأَتَيْنِ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ أَوِ الْحَاكِمُ الْكَاشِفُ عَنْ ذَلِكَ فَهَلْ تُقْبَلُ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ أَوْ لَا بُدَّ مِنِ امْرَأَتَيْنِ قَوْلَانِ وَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ مِمَّا يَعْلَمُهُ الرِّجَالُ كَالْبَكَارَةِ يَقُولُ وَجَدْتُهَا ثَيِّبًا وَكَذَلِكَ الْبَائِعُ وَلَمْ يَتَوَلَّ الْحَاكِمُ كَشْفَ ذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنِ امْرَأَتَيْنِ وَاخْتُلِفَ فِي الدَّيْنِ وَأَمَّا شَهَادَتُهُنَّ بِانْفِرَادِهِنَّ فِيمَا يَقَعُ بَينهُنَّ فِي المآتم وَنَحْوهَا فَقَوْلَانِ الْجَوَاز على الصّبيان وان لم يَكُونَا وَالْمَنْعُ لِعَدَمِ الْمَصْلَحَةِ الشَّرْعِيَّةِ بِخِلَافِ الصِّبْيَانِ قَالَ وَأَرَى إِنَّ ثَبَتَ فَخَرَجَتْ وَيَقْتَصُّ وَإِنْ عَدَلَ مِنْهُنَّ اثْنَانِ اقْتَصَّ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ عَيْبُ الْفَرْجِ شَيْء قَلِيل هَاهُنَا وَاخْتُلِفَ فِي قَبُولِ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ فِيمَا يَخْتَصُّ بِالنسَاء مَعَ الْيَمين وان شهد حَلَفَ الْمُشْتَرِي وَرَدَّ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ تَنْبِيهٌ قَالَ ش وَابْن حَنْبَل فِي أَحْكَامِ الْأَبْدَانِ وَقَالَ ح يُقْبَلُ

فِي أَحْكَامِ الْأَبْدَانِ شَاهِدٌ وَامْرَأَتَانِ إِلَّا فِي الْحُدُود الْقود فِي النَّفْسِ أَوِ الْأَطْرَافِ لَنَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ فِي الْمُدَايَنَاتِ رَجُلَيْنِ {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رجلَيْنِ فَرجل وَامْرَأَتَانِ} فَكَانَ كُلُّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ مِثْلَهُ وَقَالَ تَعَالَى فِي الطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُم} وَهُوَ حُكْمٌ بَدَنِيٌّ فَكَانَتِ الْأَحْكَامُ الْبَدَنِيَّةُ كُلُّهَا كَذَلِك الا مَوضِع لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لم يَكُونَا رجلَيْنِ} الاية فاقيم الرجل والمراتان مقَام الرجل انما عِنْدَ عَدَمِ الشَّاهِدِينَ وَهُوَ بَاطِلٌ لِجَوَازِهِمَا مَعَ وجود الشَّاهِدين اجماعا فَتعين أَنه تَعَالَى اقامها فِي التَّسْمِيَةِ فَيَكُونَانِ مُرَادَيْنِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ لِوُجُودِ الِاسْمِ وَلِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ {فَرجل وَامْرَأَتَانِ} وَمَا خَصَّ مَوْضِعًا وَلِأَنَّهَا أُمُورٌ لَا تَسْقُطُ بِالشُّبُهَاتِ فَقُبِلَ فِيهَا النِّسَاءُ كَالْأَمْوَالِ وَلِأَنَّ النِّكَاحَ وَالرَّجْعَةَ عَقْدُ مَنَافِعٍ فَيُقْبَلُ فِيهِ النِّسَاءُ كَالْإِجَارَةِ وَلِأَنَّ الْخِيَارَ وَالْآجَالَ لَيْسَتْ أَمْوَالًا وَيُقْبَلُ فِيهَا النِّسَاءُ وَلِأَنَّ الطَّلَاقَ رَافِعٌ لِعَقْدٍ سَابِقٍ فَأَشْبَهَ الْإِقَالَةَ وَلِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ تَحْرِيمٌ فَيُقْبَلْنَ فِيهِ كالرضاع وَكَذَلِكَ الْعتْق كازالة مِلْكٍ كَالْبَيْعِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ أَنَّهُمَا يَقُومَانِ مَقَامَ الرَّجُلَيْنِ فِي الْحُكْمِ بِدَلِيلِ الرَّفْعِ وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ مَا ذَكَرْتُمْ لَقَالَ فَرَجُلًا وَامْرَأَةً بِالنَّصْبِ لِأَنَّهُ خَبَرُ كَانَ وَيَكُونُ تَقْدِيرُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنِ الشَّاهِدَانِ رَجُلَيْنِ فَيَكُونَانِ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ فَلَمَّا رُفِعَ عَلَى الِابْتِدَاءِ كَانَ تَقْدِيرُهُ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ يَقُومَانِ مَقَامَ الشَّاهِدَيْنِ فَحذف الْخَبَر

وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ آخِرَ الْآيَةِ مُرْتَبِطٌ بِأَوَّلِهَا وَقَالَ تَعَالَى فِي أَوَّلِهَا {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} ثمَّ قَالَ {وَأشْهدُوا إِذا تبايعتم} على ان الْعُمُوم لَو سلمناه لخصصناه بِالْقصاصِ عَلَى جِرَاحِ الْقَوَدِ بِجَامِعِ عَدَمِ قَبُولِهِمْ مُنْفَرِدَاتٍ وَلِأَنَّ الْحُدُودَ أَعْلَاهَا الزِّنَى وَأَدْنَاهَا السَّرِقَةُ وَمَا قبل فِي أَحدهمَا يُقْبَلُ فِي الْآخَرِ فَكَذَلِكَ الْأَبْدَانُ أَعْلَى مِنَ الْأَمْوَالِ فَلَا يُقْبَلُ فِيهَا مَا يُقْبَلُ فِي الْأَمْوَالِ وَلِأَنَّ الْقَتْلَ وَحَدَّ الْقَطْعَ فِي السَّرِقَةِ وحد الْخمر لَيْسَ بِثَابِت ولانا بِالْقِيَاسِ على الزِّنَى لَا عدم اشْتِرَاطِ أَرْبَعَةٍ فِيهِ وَلَا بِالْقِيَاسِ عَلَى الْأَمْوَالِ لِأَنَّهَا لَا تَثْبُتُ بِالنِّسَاءِ فَتَعَيَّنَ قِيَاسُهَا عَلَى الطَّلَاقِ وَعَنِ الثَّالِثِ الْفَرْقُ بِأَنَّ أَحْكَامَ الْأَبْدَانِ أَعْظَمُ رُتْبَةً وَلِأَنَّ الطَّلَاقَ وَنَحْوَهُ لَا يُقْبَلْنَ فِيهِ مُنْفَرِدَاتٍ فَلَا يُقْبَلْنَ فِيهِ كَالْقِصَاصِ وَلِأَنَّا وَجَدْنَا النِّكَاحَ آكَدَ مِنَ الْأَمْوَالِ لِاشْتِرَاطِ الْوِلَايَةِ فِيهِ وَلَمْ يَدْخُلْهُ الْأَجَلُ وَالْخِيَارُ وَالْهِبَةُ وَعَنِ الرَّابِع ان الْمَقْصُود من الاجازة الْمَالُ وَعَنِ الْخَامِسِ أَنَّ مَقْصُودَهُ أَيْضًا الْمَالُ بدلي أَنَّ الْأَجَلَ وَالْخِيَارَ لَا يَثْبُتَانِ إِلَّا فِي مَوضِع فِيهِ المَال وَعَنِ السَّادِسِ أَنَّهُ حَلُّ عَقْدٍ لَا يَثْبُتُ بِالنِّسَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ وَالْإِقَالَةُ حَلُّ عَقْدٍ يَثْبُتُ بِالنِّسَاءِ وَالنُّكُولِ أَيْضًا مَقْصُودُ الطَّلَاقِ غَيْرُ الْمَالِ وَمَقْصُودُ الْإِقَالَةِ الْمَالُ وَعَنِ السَّابِعِ أَنَّ الرَّضَاعَ يثبت الطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ إِزَالَةٌ إِلَى غَيْرِ الْمِلْكِ بِخِلَافِ البيع

تَنْبِيهٌ تُقْبَلُ شَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ فِي الدَّيْنِ خِلَافًا لِ ش لِأَنَّهُمَا قَدْ أُقِيمَتَا مَقَامَ رَجُلٍ وَالرجل يحلف مَعَه وَلِأَنَّهُمَا قَدِ انْضَمَّ إِلَيْهِمَا غَيْرُ جِنْسِهِمَا احْتِرَازًا مِنْ كَثْرَتِهِنَّ فَيَثْبُتُ الْحُكْمُ كَالرَّجُلِ مَعَ الْيَمِينِ احْتَجُّوا بِأَنَّ شَهَادَةَ الرَّجُلِ مَعَهُنَّ مِمَّا يَزِيدُ صِدْقَهُنَّ فَإِذَا انْفَرَدَتَا أُسْقِطَتْ لِانْتِفَاءِ الْمُقَوِّي وَجَوَابُهُمْ أَنَّكُمْ تَقْبَلُونَ أَرْبَعَةً فِي الْأَمْوَالِ مَعَ عَدَمِ الرجل فَدلَّ على عدم اعْتِبَاره وَخَالَفنَا ش فِي قبولهن مُفْرَدَات فِي الرَّضَاعِ لِكَوْنِهِ مَعْنًى لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا فَيَجُوزُ ذَلِكَ كَالْوِلَادَةِ وَالِاسْتِهْلَالِ وَخَالَفَنَا ش فِي قبولهن منفردات فَقَالَ لابد مِنْ أَرْبَعٍ وَقَالَ ح إِنْ كَانَتِ الشَّهَادَةُ مَا بَين السوءة وَالرُّكْبَةِ قَبِلَ فِيهَا وَاحِدَةً وَقَبِلَ ابْنُ حَنْبَلٍ الْوَاحِدَةَ مُطْلَقًا فِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ لَنَا أَنَّ كُلَّ جِنْسٍ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ فِي شَيْءٍ عَلَى انْفِرَادٍ كَفَى مِنْهُ شَخْصَانِ كَالرِّجَالِ وَلَا يَكْفِي مِنْهُ وَاحِدَةٌ كَالرِّجَالِ وَكَسَائِرِ الْحُقُوقِ وَلِأَنَّ شَهَادَةَ الرِّجَالِ أَقْوَى وَأَكْثَرُ وَلَمْ يَكْفِ وَاحِدٌ فَالنِّسَاءُ أَوْلَى احْتَجُّوا بِمَا رَوَى عُقْبَةُ بْنُ الْحَارِثِ قَالَ تَزَوَّجْتُ أُمَّ يَحْيَى بِنْتَ أَبِي لَهَبٍ فَأَتَتْ أَمَةٌ سَوْدَاءُ فَقَالَتْ أَرْضَعْتُكُمَا فاتيت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَأَعْرَضَ عَنِّي ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَقلت يارسول اللَّهِ إِنَّهَا كَاذِبَةٌ قَالَ كَيْفَ وَقَدْ زَعَمَتْ ذَلِكَ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ أَجَازَ شَهَادَةَ الْقَابِلَةِ وَحْدَهَا فِي الِاسْتِهْلَالِ وَعَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ فِي الرَّضَاعِ شَهَادَةُ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ تجزي وَقِيَاسًا عَلَى الْآيَةِ وَعَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ شَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ كَشَهَادَةِ رَجُلٍ فِي الْموضع الَّذِي تشهد فِيهِ مَعَ رجل الرجل

(فرع مرتب)

وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ حُجَّةٌ لَنَا لِأَنَّ الْمَرْأَةَ الْوَاحِدَةَ لَوْ كَفَتْ لَأَمَرَهُ بِالتَّفْرِيقِ كَمَا لَو شهد عَدْلَانِ بِحكم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَغَيْرِهِ مِنَ الْحُكَّامِ يَجِبُ عَلَيْهِ تَنْفِيذُهُ لَا سِيَّمَا فِي اسْتِبَاحَةِ الْفُرُوجِ فَلَا يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْوَاحِدَةَ كَافِيَةٌ فِي الْحُكْمِ بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ مِنْ قَاعِدَةٍ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ مَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ تَحْرِيمُ شَيْءٍ بِطَرِيقٍ مِنَ الطُّرُقِ كَانَ ذَلِكَ الطَّرِيقُ يَقْضِي بِهِ الْحَاكِمُ أَمْ لَا فَإِنَّ ذَلِكَ الشَّيْءَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ فَمَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ طُلُوعُ الْفَجْرِ فِي رَمَضَانَ حَرُمَ عَلَيْهِ الْأَكْلُ أَوْ أَنَّ الطَّعَامَ نَجَسٌ حَرُمَ عَلَيْهِ أَكْلُهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ وَإِخْبَارُ الْوَاحِدَةِ يُفِيدُ الظَّنَّ فَأَمَرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِطَرِيقِ الْفُتْيَا لَا بِطْرِيقِ الْحُكْمِ وَالْإِلْزَامِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ مُعَارَضٌ بِأَدِلَّتِنَا الْمُتَقَدِّمَةِ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى الْفُتْيَا وَعَنِ الثَّالِثِ كَذَلِكَ أَيْضًا وَعَنِ الرَّابِع الْفرق ان الرِّوَايَة ثبتَتْ حُكْمًا عَامًّا فِي الْأَمْصَارِ وَالْأَعْصَارِ فَلَيْسَتْ مَظَنَّةَ الْعَدَاوَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْعَدَدُ وَالرَّجُلُ الْوَاحِدُ لَا يُقْبَلُ فِي الشَّهَادَةِ اتِّفَاقًا وَعَنِ الْخَامِسِ أَنَّهُ إِنَّمَا يَدُلُّ بِطَرِيقِ الْمَفْهُومِ أَيْ إِذَا لَمْ يَكُونَا مَعَ رَجُلٍ لَا يَكُونَانِ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ بَلْ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ فَتَكُونُ كُلُّ وَاحِدَةٍ كَرَجُلٍ وَهَذَا لَنَا عَلَيْكُمْ (فَرْعٌ مُرَتَّبٌ) قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى إِذَا لَمْ يُقْبَلْنَ فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ فَإِنَّ شَهَادَةَ امْرَأَتَيْنِ تُوجِبُ الْيَمِينَ عَلَى الزَّوْجِ أَنَّهُ مَا طَلَّقَ وَالسَّيِّدِ أَنَّهُ مَا أَعْتَقَ لِأَنَّهَا شُبْهَةٌ كَالرَّجُلِ الْوَاحِدِ (الْفَرْعُ الثَّالِثُ) قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى اخْتُلِفَ فِي الْقَائِفِ هَلْ هُوَ مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ أَوْ مِنْ بَابِ

الْخَبَر قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَكْفِي الْوَاحِدُ لِأَنَّهُ شَهَادَة وَعَن ابْن الْقَاسِم يَكْفِي الْوَاحِد خبر وَيلْزم على هَذَا قبُول قَول العَبْد قَالَ وَهُوَ الْأَظْهَرُ إِذَا سَأَلَهُ الْحَاكِمُ عَنْهُ لحقارة الْعُبُودِيَّة وَلَا يلْزم دور ويتضح التَّخْرِيج ونصو بِحَقَائِقَ مَعْلُومَةٍ وَمَعَ الْجَهْلِ بِهَذِهِ الضَّوَابِطِ أَمْكَنَ أَنْ يُقَالَ فِي شَيْءٍ لَيْسَ مُتَرَدِّدًا بَيْنَهُمَا هُوَ مُتَرَدِّدٌ كَمَا أَنَّ مَنْ جَهِلَ الْمَالِيَّةَ وَالْآدَمِيَّةَ أَمْكَنَهُ أَنْ يَقُولَ أَنَا أَمْنَعُ قَتْلَ الْوَالِدِ بِوَلَدِهِ لِتَرَدُّدِ الْوَالِدِ بَيْنَ الْمَالِيَّةِ وَالْآدَمِيَّةِ وَبِالْجُمْلَةِ الْإِحَاطَةُ بِهَذَا أَمْرٌ مُهِمٌّ فَتَعَيَّنَ عَلَى الْفَقِيهِ تَحْصِيلُهُ وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ لَا يَعْلَمُ مِنْ هَذِهِ الْحَقَائِقِ إِلَّا آثَارَهَا الَّتِي هِيَ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَيْهَا فَعِلْمُهَا مِنْ قَبْلِهَا دَوْرٌ وَفَسَادُ فَقِهٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ نَظَائِرُ قَالَ الْعَبْدِيُّ الْمُتَرَدِّدُ بَيْنَ الشَّهَادَةِ وَالْخَبَرِ سبع الْقَائِفُ وَالتُّرْجُمَانُ وَالْكَاشِفُ عَنِ الْبَيِّنَاتِ وَقَائِسُ الْجُرْحِ وَالنَّاظِرُ فِي الْعُيُوبِ كَالْبَيْطَارِ وَالطَّبِيبِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَوْ كَانَ الْبَيْطَارُ فَاسِقًا لِأَنَّهُ عِلْمٌ وَضَعَهُ اللَّهُ فِيهِ وَالْمُسْتَنْكِةُ لِلسَّكْرَانِ إِذَا أَمَرَ الْحَاكِمُ بِذَلِكَ وَأَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى الشُّرْبِ فَلَا بُد فِيهِ من اثْنَيْنِ كالتقويم لسلع وَالْعُيُوبِ وَالرَّقَبَةِ وَالصَّيْدِ فِي الْحَجِّ وَاخْتُلِفَ فِي الْحكمَيْنِ فيقيل اثْنَيْنِ وَقِيلَ وَاحِدٌ لِأَنَّهُ حَاكِمٌ

(الباب الثامن في موانع قبول شهادة العدول)

(الْبَابُ الثَّامِنُ فِي مَوَانِعِ قَبُولِ شَهَادَةِ الْعُدُولِ) وَهِيَ عَشَرَةٌ (الْمَانِعُ الْأَوَّلُ) تُهْمَةُ الْقَرَابَةِ وَالنِّكَاحِ وَفِي الْكِتَابِ تَجُوزُ شَهَادَةُ الْأَخِ وَالْأَجِيرِ وَالصَّدِيقِ الْمُلَاطِفِ إِلَّا أَنْ يَكُونُوا فِي عِيَالِهِ وَالْمَوْلَى لِمَنْ أَعْتَقَهُ دُونَ ابْنِهِ وَأَبِيهِ وَأُمِّهِ وَعَبْدِ ابْنه وَالزَّوْج وَالزَّوْجَة وَالْجد وَابْن الابْن وَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ لَهُ وَلَا فِي تَجْرِيحِ مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ فِي التَّنْبِيهَاتِ الْمُلَاطِفُ الْمُخْتَصُّ بِالرَّجُلِ الَّذِي يُلَاطِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ وَالْمُلَاطَفَةُ الْإِحْسَانُ وَالْبِرُّ وَهُوَ أَحَدُ مَعَانِي تَسْمِيَتِهِ تَعَالَى لَطِيفًا وَلَوْ كَانَتِ الْمُلَاطَفَةُ مِنْ أَحَدِهِمَا كَانَتْ مسالة الاخوين الَّذِي ينَال أَحدهمَا بر الآخر وَاشْترط مَرَّةً التَّبْرِيزَ فِي الْآخَرِ وَلَمْ يَشْتَرِطْهُ أُخْرَى وَقِيلَ فِي الْيَسِيرِ دُونَ الْكَثِيرِ وَالْمُبَرِّزُ بِكَسْرِ الرَّاء الْمُهْملَة من البارز فِي حَملَة السِّبَاقِ أَيْ تَقَدَّمَ عَلَى أَقْرَانِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ فِي الصَّدِيقِ الْمَنْعُ لِمَالِكٍ إِذَا كَانَتْ تَنَالُهُ صلته والا جَازَت وَجَوَّزَهُ ابْنُ كِنَانَةَ فِي الْيَسِيرِ وَيَمْتَنِعُ الْمُلَاطِفُ لِلْمُلَاطِفِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ تَجُوزُ مُطْلَقًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ مَعْنَى الَّذِي لَيْسَ فِي عِيَالِهِ مِنَ الْأُجَرَاءِ هُوَ الْأَجِيرُ الْمُشْتَرِكُ نَحْوَ الصّباغ وَمن جَمِيع عمله لَك وَيدْفَع اليه مُؤْنَته امْتنعت شَهَادَته بِشَهَادَتِهِ كَانَ فِي عِيَالِكَ أَمْ لَا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْأَخُ يَعْدِلُ وَمَنَعَهُ أَشْهَبُ لِأَنَّ تَعْدِيلَ أَخِيهِ شَرَفٌ لَهُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ تَجُوزُ شَهَادَتُكَ لِمَنْ هُوَ فِي عِيَالِكَ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ وَقِيلَ إِنْ كَانَ الَّذِي فِي الْعِيَالِ قَرِيبًا كَالْأَخِ وَنَحْوِهِ امْتَنَعَتْ شَهَادَتُكَ لَهُ لِأَنَّكَ تَدْفَعُ بِذَلِكَ النَّفَقَةَ عَنْكَ وَكَوْنُكَ لَا تُنْفِقُ عَلَيْهِ

مَعَرَّةً عَلَيْكَ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ قَالَ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَتَمْتَنِعُ شَهَادَتُهُ لِجَدِّهِ أَوْ جَدَّتِهِ مِنْ قِبَلِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ لِأَنَّ الْجَرَّ إِلَيْهِمْ جَرٌّ لَهُ وَالدَّفْعَ عَنْهُمْ دَفْعٌ عَنْ نَفْسِهِ قَالَ أَصْبَغُ يَمْتَنِعُ نَقْلُ الْأَبِ عَنِ الِابْنِ وَالِابْنِ عَنِ الْأَبِ وَإِنْ كَانَا مَشْهُورَيِ الْعَدَالَة وكل من لَا يعد لَهُ لَا يُنْقَلُ عَنْهُ لِأَنَّ النَّقْلَ عَنْهُ تَقْرِيرٌ لِشَهَادَتِهِ وَعَدَالَتِهِ وَجَوَّزَ مُطَرِّفٌ النَّقْلَ لِأَنَّهُ لَا يمْتَنع بِهِ إِلَّا الْمَشْهُودُ لَهُ دُونَ التَّعْدِيلِ لِأَنَّهُ ينْتَفع الْمُعَدِّلَ وَجَوَّزَ عَبْدُ الْمَلِكِ شَهَادَةَ الِابْنِ مَعَ أَبِيهِ قَالَ مَالِكٌ وَلَا يَشْهَدُ لِأَحَدِ أَبَوَيْهِ عَن الْآخَرِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُبَرِّزًا وَيَشْهَدَ فِي يَسِيرٍ وَجَوَّزَهُ ابْنُ نَافِعٍ إِلَّا فِي وِلَايَةِ الاب اَوْ يُزَوّج على أمه ان يكون غصب لأمه وَقَالَ سَحْنُون فِي وَالدّين مُسلمين شَهدا على غَرِيم لابنهما وَهُوَ كَافِرٌ لَهُ وَلَدٌ كَافِرٌ يُمْنَعُ لِأَنَّهَا شَهَادَة لاخيهما الْكَافِر بِالْمَالِ فَلَا لِلتُّهْمَةِ وَعَلَى هَذَا لَوْ شَهِدَا أَنَّ أَبَاهُمَا العَبْد جنى جِنَايَة امْتنع لاتهأمهما فِي اخراجها من ذَلِك الْمَالِكِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى أَبِيهِمْ بِالزِّنَى لَمْ يُقْبَلُوا لِاتِّهَامِهِمْ عَلَى الْمِيرَاثِ وَيُحَدُّونَ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ كَانَ الْأَبُ عديما اوحده الْجَلْدُ جَازَ وَمَنَعَ أَبُو بَكْرٍ اللَّبَّادَ إِذَا كَانَ مُعْدَمًا لِأَنَّ نَفَقَتَهُ تَلْزَمُهُمْ فَتَزُولُ بِالرَّجْمِ قَالَ أَشْهَبُ وَشَهَادَتُهُمْ أَنَّهُ قَتَلَ فُلَانًا عَمْدًا كشاهدتهم بِالزِّنَى وَهُوَ ثَيِّبٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَيَجُوزُ على وَلَده اَوْ وَالِده الا ان يكون عَدَاوَةً إِلَّا فِي طَلَاقِ ضُرَّةِ أُمِّهِ وَأُمُّهُ حَيَّةٌ أَوْ مُطَلَّقَةٌ بِخِلَافِ إِنْ مَاتَتْ وَتَجُوزُ لِابْنِهِ الْكَبِيرِ عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ إِلَّا أَنْ يتهم بالاثرة والميل اليه وَيمْتَنع لِصَغِيرٍ أَوْ سَفِيهٍ كَبِيرٍ عَلَى كَبِيرٍ لِأَنَّهُمَا مَظَنَّةُ الشَّفَقَةِ وَقَالَهُ سَحْنُونٌ ثُمَّ رَجَعَ لِلْمَنْعِ فِي حَقِّ الِابْنِ مُطْلَقًا

لِمَا جَاءَ مِنَ السُّنَةِ فِي مَنْعِ الشَّهَادَةِ لِلِابْنِ وَمَنْعِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِزَوْجَةِ أَبِيهِ وَلِابْنِ زَوْجَتِهِ وَأُمِّ امْرَأَتِهِ وَوَالِدِهَا وَكَذَلِكَ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ لِابْنِ زَوْجِهَا قَالَ أَصْبَغُ لَيْسَ هُوَ بِالْبَيِّنِ وجوزها سَحْنُون لوالدي أمراته وَولده إِلَّا أَنْ يُلْزِمَ السُّلْطَانُ وَلَدَهَا الْبَيِّنَةَ عَلَيْهَا لِضَعْفِ زَوْجِهَا عَنْ ذَلِكَ وَجَوَّزَ شَهَادَتَهَ لِزَوْجِ ابْنَتِهِ وَأَبِي زَوْجِهَا وَلِأُمِّهِ وَلِأَبِيهِ وَامْرَأَتِهِ الَّتِي فَارَقَهَا وَإِنْ كَانَ لَهُ مِنْهَا وَلَدٌ دُونَ تَزْكِيَتِهِ لَهَا وَعَنْهُ إِنْ كَانَ مَلِيًّا لَا يحْتَاج وَلَده لِأَنَّهُ جَازَ وَإِلَّا فَلَا وَكُلُّ شَهَادَةٍ تَجْلِبُ نَفْعًا لِمَنْ لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ لَهُ تَمْتَنِعُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ دُونَ سَحْنُونٍ وَعَنْ مَالِكٍ تَمْتَنِعُ شهادتك لاخيك كَانَ فِي عِيَالك اَوْ كَانَت عِيَالُهُ عِيَالَكَ إِذَا أَصَبْتَ شَيْئًا نَالَهُ مِنْهُ وَتَجُوزُ شَهَادَتُكَ لِعَمِّكَ وَخَالِكَ وَابْنِ أَخِيكَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ أَنْتَ فِي عِيَالِهِ وَإِنْ كَانَ فِي عِيَالِكَ جَازَتْ فِي الْحُقُوقِ إِلَّا فِي الْقصاص وَمَا فِيهِ جملَة وتتمه وَكُلُّ مَنْ جَازَتْ لَكَ شَهَادَتُهُ جَازَتْ لَكَ عَدَالَتُهُ وَمَنْ لَا فَلَا وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ أَنَّ فُلَانًا قَتَلَ أَخَاهُ إِنْ كَانَ الْوَلِيّ وَالْوَارِث غَيره وَقيل يجوز لِلْأَخِ مُطْلَقًا إِلَّا أَنْ تَنَالَهُ صِلَتُهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تُمْنَعُ شَهَادَةُ الْقَرَابَةِ وَالْمَوَالِي فِي الرَّابِع الَّتِي يَتَّهِمُونَ فِيهَا بِالْجَرِّ إِلَيْهِمْ أَوْ إِلَى بَنِيهِمْ وَلَوْ عَلَى بُعْدٍ مِثْلَ حُبُسٍ مَرْجِعُهُ اليهم وَإِلَى بنيهم قَالَ اللَّخْمِيّ يمْنَع لِلْأَجِيرِ إِذَا كَانَتْ نَفَقَتُكَ عَلَيْهِ تَطَوُّعًا أَوْ مِنَ الْأُجْرَةِ لِأَنَّكَ تَخْشَى إِنْ لَمْ تَشْهَدْ لَهُ يتركك وَكَذَلِكَ شَهَادَة الْقصار وَنَحْوه للتاجر لِأَنَّهُ يَرْجُو مِنْهُ ان يخصمه بِالْعَمَلِ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الصُّنَّاعِ وَتَجُوزُ شَهَادَةُ التَّاجِر لَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَرْغُوبًا فِي عَمَلِهِ

فرع

(فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا رُدَّتْ شَهَادَةُ الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ فِي الْعِتْقِ فَإِنْ كَانَ عَبْدًا فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا أُلْزِمَ الطَّلَاقَ بِإِقْرَارِهِ بِالْعِتْقِ وَاخْتِيَارِهَا أَوِ اخْتَارَتْ الْبَقَاء فَهَل يمْنَع مِنْهَا لَيْلًا يَرِقَّ وَلَدُهُ أَمْ لَا لِأَنَّ لَهُ حَقًا فِي الْإِصَابَةِ وَالتَّعَدِّي مِنَ السَّيِّدِ فِي ثَانِي حَالٍ قَالَ وَإِنَّ الْمَنْعَ إِلَّا أَنْ لَا وَيَعْزِلَ عَزْلًا بَيِّنًا وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ حُرًّا يُخْتَلَفُ فِي تَمْكِينِهِ مِنْهَا (فَرْعٌ) قَالَ إِنْ شَهِدَ أَنَّ زَوْجَ أَمَتِهِ طَلَّقَهَا أَوْ أَنَّ عَبْدَهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ رُدَّتْ لِاتِّهَامِهِ بِتَفْرِيقِهِمَا مِنَ الزَّوَاجِ فَإِنْ صَدَقَتِ الْأَمَةُ السَّيِّدَ حَرُمَ عَلَيْهَا تَمْكِين الزَّوْج (فَرْعٌ) قَالَ يمْنَع لِسَيِّدِ أَبِيهِ وَسَيِّدِ وَلَدِهِ أَنَّهُ بَاعَهُ أَوْ وهبه وَكَانَ السَّيِّد مسيئا ثبتَتْ اسائته أَوِ الثَّانِي ابْنٌ وَإِلَّا جَازَتْ (فَرْعٌ) قَالَ يخْتَلف إِذَا شَهِدَ لِأَحَدِ بَنِيهِ عَلَى الْآخَرِ وَهُمَا صَغِيرَانِ أَوْ كَبِيرَانِ أَوْ صَغِيرٌ وَسَفِيهٌ إِذَا لَمْ يُعْلَمْ حَالُهُ مَعَهُمَا لِأَنَّ الْعَادَةَ إِخْفَاءُ الْمَوَدَّةِ بَيْنَ الْأَقَارِبِ حَتَّى لَا يَتَغَيَّرُوا اسْتِبْقَاءً لَو دهم فَقَدْ يَكُونُ يُحِبُّ أَحَدَهُمَا وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ وَإِلَّا فَالسُّؤَالُ مُتَّجِهٌ بِسَبَبِ اسْتِوَاءِ الْمَشْهُودِ لَهُ وَالْمَشْهُودِ عَلَيْهِ فِي الرِّيبَةِ فَهُمَا كَالْأَجْنَبِيَّيْنِ فَلَا تُهْمَةَ وَالْفَرْقُ مَا تَقَدَّمَ وَهُوَ تَعْلِيلُ الْمَنْعِ بَيْنَ الْأَبَوَيْنِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ لَوْ شَهِدَ لِوَلَدِهِ عَلَى وَلَدِ وَلَدِهِ رُدَّ قَوْلًا وَاحِدًا وَيَجُوزُ عَكْسُهُ اتِّفَاقًا لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ قَالَ فِي النَّوَادِرِ قَالَ مَالِكٌ الَّذِينَ تَمْتَنِعُ الشَّهَادَةُ لَهُمْ مِنَ الْقَرَابَةِ الْأَبَوَانِ وَالْجَدُّ وَالْجَدَّةُ وَالْوَلَدُ وَوُلَدُ الْوَلَدِ مِنَ الذُّكُورِ أَوِ الْإِنَاثِ وَتَجُوزُ شَهَادَةُ غَيرهم

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ عَلَى أَبِيهِ بِطَلَاقِ أُمِّهِ وَهُوَ يُنْكِرُ ذَلِكَ وَاخْتُلِفَ إِنْ كَانَت الْقَائِمَةَ بِذَلِكَ مَنَعَهَا أَشْهَبُ لِأَنَّهَا لِأَحَدِ الْأَبَوَيْنِ وَأَجَازَهَا ابْنُ الْقَاسِمِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلِ إِنْكَارٍ أَوْ غَيْرِهِ وَاخْتُلِفَ إِذَا شَهِدَ بِطَلَاقِ غَيْرِ أُمِّهِ وَأُمُّهُ حَيَّةٌ مُطَلَّقَةٌ مَنَعَهَا ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَجَازَهَا أَصْبَغُ وَهَذَا إِذَا كَانَتْ مُنْكِرَةً فَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً بِالشَّهَادَةِ وَالْأُمُّ فِي عِصْمَةِ الْأَبِ مَنَعَهَا سَحْنُونٌ وَأَجَازَهَا أَصْبَغُ قَالَ وَالْقِيَاسُ الْمَنْعُ وَالْأُمُّ فِي الْعِصْمَةِ أَمْ لَا لِأَنَّ الْعَادَةَ عَدَاوَةُ الْوَلَدِ لِامْرَأَةِ أَبِيهِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ لَا خِلَافَ فِي شَهَادَتِهِ عَلَى أَبِيهِ أَوِ ابْنِهِ فِي الْحُقُوقِ غَيْرِ الطَّلَاقِ فَلَوْ شَهِدَ عَلَى أَبِيهِ أَنَّهُ طَلَّقَ زَوْجَتَيْهِ إِحْدَاهُمَا أُمُّهُ وَهِيَ غَيْرُ طَالِبَةٍ الطَّلَاقَ وَالْأُخْرَى طَالِبَةٌ طُلِّقَتَا كَانَتِ الشَّهَادَةُ وَاحِدَةً مِنْهُمَا اتَّحَدَتِ الشَّهَادَةُ اَوْ تعدّدت لاتهأمه فِي أمه بِمَا رغب وَفِي ضَرَّتهَا بِمَا يكره من رضَا أمه وان كرهتها الطَّلَاقَ امْتَنَعَتِ الشَّهَادَةُ إِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً لِأَنَّهَا تسْقط فِي الضرة التُّهْمَة وَفِي أُمِّهِ لِاتِّهَامِهِ فِي بَعْضِ الشَّهَادَةِ فَإِنْ تَعَدَّدَتْ نَفَذَتْ فِي أُمِّهِ دُونَ الْأُخْرَى أَوْ طَالِبَتَيْنِ الطَّلَاقَ رُدَّتْ إِنِ اتَّحَدَتْ لِأَنَّهَا تَسْقُطُ فِي حَقِّ أُمِّهِ لِلتُّهْمَةِ وَفِي الْأُخْرَى لِاتِّهَامِهِ فِي بَعْضِ الشَّهَادَةِ فَإِنِ افْتَرَقَتْ نَفَذَتْ لِلضُّرَّةِ وَترد لأمه لِأَنَّهُ شَاهد لَهَا لما تَطْلُبُ (فَرْعٌ) قَالَ شَهَادَةُ الْأَخِ تَمْتَنِعُ فِيمَا فِيهِ لَهُ اَوْ عصب أَوْ مَا يُكْسِبُ حَظْوَةً وَمَنْزِلَةً أَوْ يَدْفَعُ مَعَرَّةً كَتَعْدِيلِهِ أَوْ تَعْدِيلِ مَنْ شَهِدَ لَهُ وَتَجْرِيحِ مَنْ جَرَّحَهُ وَفِي الْأَمْوَالِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ ثَالِثُهَا إِنْ كَانَ مُبَرِّزًا جَازَ وَإِلَّا فَلَا وَرَابِعُهَا يَجُوزُ فِي الْيَسِيرِ قَالَ وَأَدَّى الرَّدُّ فِي الْكثير الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى شرفه وَيجوز فِي الْوسط

فرع

ان كَانَ مبرزا وَيرد فِي الْيَسِيرِ مِنْ غَيْرِ الْمُبَرِّزِ وَمَتَى كَانَ لِلْأَخِ الْمَشْهُودِ لَهُ وَالْمَشْهُودِ عَلَيْهِ مُقَابَحَةٌ تُوجِبُ الْحَمِيَّةَ رُدَّتْ مُطْلَقًا وَيُخْتَلَفُ فِي جِرَاحِ الْخَطَأِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَالِ لِأَنَّهَا مَالٌ وَالْمَذْهَبُ الْمَنْعُ فِي جِرَاحِ الْعَمْدِ لِأَنَّهَا مَوْطِنُ الْحَمِيَّةِ وَأَجَازَهَا أَشْهَبُ وَحَيْثُ مَنَعْنَا الشَّهَادَةَ مَنَعْنَا تَعْدِيلَ مَنْ شَهِدَ لِلْأَخِ بِذَلِكَ وَتَجْرِيحَ مَنْ جَرَّحَ شَاهِدَهُ أَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ وَكُلُّ مَنْ لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ لَهُ لَا تَجُوزُ لِغَيْرِهِ بِمَالٍ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ لَا خِلَافَ فِي شَهَادَةِ فِي الْمَالِ وَإِنْ عَظُمَ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِ الْمَشْهُودِ لَهُ وَأَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ شَهَادَته فِي وَمَنَعَ سَحْنُونٌ فِيمَنْ يَتَحَمَّلُ بِنِكَاحِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَفْسِيرًا لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ جَوَازُ تَعْدِيلِهِ وَنَفْيُ التَّجْرِيحِ عَنْهُ (فَرْعٌ) فِي النَّوَادِرِ مَنَعَ سَحْنُونٌ شَهَادَةَ ابْنِ الْمُلَاعِنَةِ لِأَبِيهِ الَّذِي نَفَاهُ لِأَنَّهُ يُتَوَقَّعُ مِنْهُ استلحاقه (فَرْعٌ) قَالَ اصحابنا تجوز شَهَادَة الابْن لابيه أَنَّهُ وَكَّلَ فُلَانًا وَكَذَلِكَ الِابْنُ لِأَبِيهِ وَالْجَدُّ وَالْجَدَّةُ وَأَحَدُ الزَّوْجَيْنِ لِصَاحِبِهِ وَأَمَّا إِنْ كَانَ اجنبيا وكل أحدهم فَيمْتَنع لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ يَسْتَوْجِبُ بِهَا قَبْضَ الْمَالِ وَأَنَّهُ وَكَّلَ غَيْرَهُ عَلَيْهِ لَا لَهُ قَالَ سَحْنُونٌ تَجُوزُ شَهَادَةُ الِابْنِ أَنَّ أَبَاهُ لَمَّا كَانَ قَاضِيا حكم لهَذَا بِكَذَا وَكَذَلِكَ الابْن وَكَانَ يَمْنَعُ ذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَ لِلْجَوَازِ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ قَاعِدَةٌ أَصْلُهَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ خَصْمٍ وَلَا ظَنِينٍ بِالظَّاءِ الْمُعَجَّمَةِ وَهُوَ الْمُتَّهَمُ وَالتُّهْمَةُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ مُلْغَاةٌ اجماعا كَشَهَادَة الانسان

لرجل من قبيله أَوْ أَهْلِ بَلَدِهِ وَمُعْتَبَرَةٌ إِجْمَاعًا وَهِيَ شَهَادَةُ الْإِنْسَانِ لِنَفْسِهِ وَمُخْتَلَفٌ فِيهَا هَلْ تَلْحَقُ بِالْأَوَّلِ لِقُصُورِهَا عَنِ الثَّانِي أَوِ الثَّانِي لِارْتِفَاعِهَا عَنِ الْأَوَّلِ وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ هِيَ مَنْشَأُ الْخِلَافِ فِي جَمِيعِ مَوَانِعِ الشَّهَادَةِ تَنْبِيهٌ وَافَقَنَا الْأَئِمَّةُ فِي عَمُودَيِ النَّسَبِ عُلُوًّا أَوْ سُفْلًا وَخَالَفُونَا فِي الْأَخِ إِذَا انْقَطَعَ لِأَخِيهِ وَفِي الصَّدِيقِ الْمُلَاطِفِ لَنَا الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ وَلُهُمُ الْآيَاتُ الدَّالَّةُ عَلَى قَبُولِ الشَّهَادَةِ وَالْحَدِيثُ أَخَصُّ فَيُقَدَّمُ وَوَافَقَنَا ح وَابْنُ حَنْبَلٍ فِي الزَّوْجَيْنِ وَخَالَفَنَا ش لَنَا الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ مُعْتَضِدًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ انفسكم ازواجا لتسكتوا اليها وَجعل بَيْنكُم مَوَدَّة وَرَحْمَة} وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَنْبَسِطُ فِي مَالِ صَاحِبِهِ أَكْثَرَ مِنْ بَسْطِهِ فِي مَالِ أَبِيهِ وَابْنِهِ وَهُمَا يَتَوَارَثَانِ وَلَا يَسْقُطَانِ فِي الْإِرْثِ كَالِابْنِ وَالْأَبِ احْتِرَازًا مِنْ غَيْرِهِمَا مِنَ الْقَرَابَةِ فَإِنَّهُمْ يَسْقُطُونَ فَكَانَ الشَّبَهُ بِعَمُودَيِ النَّسَبِ أَقْوَى وَالزَّوْجُ يَتَجَمَّلُ بِمَالِ امْرَأَتِهِ وَالْمَرْأَةُ تَتَّسِعُ بِمَالِ زَوْجِهَا وَاحْتَجُّوا بِعُمُوم النُّصُوص ك {ذَوي عدل} و {شهيدين من رجالكم} مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ وَلِأَنَّ كُلَّ شَخْصَيْنِ قُبِلَتْ شَهَادَتهمَا لَهما اذا لم يكن بَينهمَا مُعَاوضَة فَقيل اذا كَانَت كَالْبيع والاجازة وَلِأَنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ لَا يَزِيدُ عَلَى ثُبُوتِ حَقٍّ فِي ذِمَّتِهَا وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الشَّهَادَةَ وَغَايَةُ اسْتِحْقَاقِ الزَّوْجِ لِمَنَافِعِهَا ذَلِكَ وَلِأَنَّ النِّكَاحَ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ فَلَا يَكُونُ سَبَبًا لِإِبْطَالِ الشَّهَادَةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ دَلِيلَنَا خَاصٌّ فَيُقَدَّمُ على العمومات وَعَن الثَّانِي ان مقصودالبيع وَالْإِجَارَةِ الْمُكَايَسَةُ وَمَقْصُودَ النِّكَاحِ الْمَوَدَّةُ

(المانع الثاني)

وَالْمُكَارَمَةُ فَحَصَلَتِ التُّهْمَةُ وَلِأَنَّهُ سَبَبٌ يُوجِبُ الْإِرْثَ وَذَلِكَ دَلِيلُ قُوَّتِهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ ثُبُوتَ الْحُقُوقِ فِي الذِّمَمِ لَا يُوجِبُ مَوَدَّةً بِخِلَافِ النِّكَاحِ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ الْمَنْدُوبَ إِذَا أَفْضَى لِلتُّهْمَةِ مَنْعَهَا مِنْ جِهَةِ التُّهْمَةِ لَا مِنْ جِهَةِ النَّدْبِ كَالشَّرِيكَيْنِ إِذَا نُدِبَا لِلشَّرِكَةِ كَالْمُتَسَاعِدَيْنِ فِي الْحَجِّ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَحدهمَا للاخر (الْمَانِعُ الثَّانِي) الْعَدَاوَةُ فِي الْكِتَابِ تَجُوزُ شَهَادَةُ الْمُسْلِمِ عَلَى الْكَافِرِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يُقْبَلُ الْعَدُوُّ عَلَى عَدُوِّهِ وَيُقْبَلُ لَهُ وَالْعَدَاوَةُ الْمَانِعَةُ الَّتِي لَيست من اسباب الدّين فالمنازعة فِي مَال اَوْ جاه الَّتِي تحمل الْغَصْب وَتحمل على الْفَرح بالمعصية وَالْغَمِّ بِالسُّرُورِ وَالْغَضَبُ لِلَّهِ لَا يَمْنَعُ كَكَوْنِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِ كَافِرًا أَوْ فَاسِقًا فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى قُوَّةِ الْإِيمَانِ فَهُوَ أَوْلَى بِأَنْ يُؤَكِّدَ الْعَدَالَةَ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِلَّا ان يسري ذَلِك إِلَى افراط لذى الْفَاسِدِ حَتَّى يَحْقِدَ الصَّدْرُ فَيُعَادِيَهُ حِينَئِذٍ لِنَفْسِهِ لَا لله افترد الشَّهَادَةُ إِذَا تَحَقَّقَتِ التُّهْمَةُ وَلَوْ كَانَتْ عَدَاوَةُ الدّين تمنع لما قبلت شهادتها عَلَى الْكَافِرِ وَوَافَقَنَا ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح الْعَدَاوَةُ لَا تَمْنَعُ مُطْلَقًا لَنَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا تقبل شَهَادَة خصم وَلَا ظنين والظنة التُّهْمَةُ وَالْعَدُوُّ مُتَّهَمٌ عَلَى عَدُوِّهِ وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلَا تقبل شَهَادَة ذِي الْعُمر على اخيه وَلَا الخائن والخائنة وَلَا البَائِع لاهل الْبَيْت وَالْبَائِع قيل السَّائِل وَقيل البَائِع لِأَهْلِ الْبَيْتِ كَالْوَكِيلِ وَغَيْرِهِ وَالْغَمْرُ الْحِقْدُ وَهَذَا نَصٌّ وَقِيَاسًا عَلَى الْوَلَدِ بِجَامِعِ التُّهْمَةِ

(وفي الباب ثمان مسائل)

احْتَجُّوا بِالظَّوَاهِرِ نَحْوَ قَوْله تَعَالَى {ذَوَيْ عَدْلٍ} {وشهيدين من رجالكم} وَلِأَنَّ عَدَالَتَهُ تَمْنَعُهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى عَدُوِّهِ بِالْبَاطِلِ وَلِأَنَّهُمَا لَيْسَ بَيْنَهُمَا سَبَبُ تَوَارُثٍ فَلَا تَمْتَنِعُ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِ قِيَاسًا عَلَى غَيْرِ الْعَدُوِّ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ دَلِيلَنَا أَخَصُّ مِنْ تِلْكَ الْعُمُومَاتِ فَيُقَدَّمُ عَلَيْهَا وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ ينتفض بِغَمْرِ ذِي النَّسَبِ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْعَدَالَةَ تمنع إِلَّا عِنْدَ عَدَمِ الْمُعَارِضِ وَعَنِ الثَّالِثِ الْفَرْقُ أَنَّ الْعَدَاوَةَ تُوجِبُ التُّهْمَةَ بِخِلَافِ غَيْرِ الْعَدُوِّ (وَفِي الْبَابِ ثَمَانِ مَسَائِلَ) الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ مَالِكٌ إِذَا رُدَّتْ لِلْعَدَاوَةِ لَا يَحْلِفُ بِخِلَافِ الْخُلْطَةِ وَعَنْ سَحْنُونٍ ذَلِكَ آكَدُ مِنَ الْخُلْطَةِ فَيَحْلِفُ وَهَذَا عَلَى الْخِلَافِ فِي الْخُلْطَةِ هَلْ لَا تَثْبُتُ إِلَا بِمَا تَثْبُتُ بِهِ الْحُقُوقُ أَوْ يُكْتَفَى فِيهَا بِالشَّاهِدِ الْوَاحِدِ وَالْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا شَهِدَ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُخْبِرَ الْحَاكِمَ بِأَنَّهُ عَدُوٌّ وَعَنْ سَحْنُونٍ لَا يُخْبِرُ تَنْفِيذًا لِلْحَقِّ وَلَا يَسْعَى فِي إِبْطَالِهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَقَوْلُهُمْ لَوْ سَكَتَ لَكَانَ سَاعِيًا فِي إِثْبَاتِ الْحُكْمِ بِغَيْرِ سَبَبِيَّةٍ ضَعِيفٌ لَأَنَّ الْحَقَّ يَصِلُ وَهُوَ الْمَقْصُودُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِذَا ادَّعَى أَنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّ الَّذِي يَشْهَدُ عَلَيْهِ برِيح الْخمر عدوله أَخْبَرْتَ بِذَلِكَ الْقَاضِيَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ أَقَرَّ عِنْدَكَ أَنَّ الَّذِي وَجَدَ مِنْهُ خمر فَلَا يُخبرهُ بِذَلِكَ حَتَّى يُقَامَ الْحَدُّ وَكَذَلِكَ إِذَا أَقَرَّ عِنْدَكَ بِالدَّيْنِ الَّذِي شَهِدَ بِهِ عَلَيْهِ أَعْدَاؤُهُ لَا يخبر الْقَاضِي بِذَلِكَ الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا سَجَنَ صَاحِبُ السُّوقِ سَكْرَانًا لَا يَشْهَدُ عَلَيْهِ وَبِسِجْنِهِ صَارَ عَدُوًّا وَكَذَلِكَ إِذَا شَهِدُوا بِالزِّنَى وَتَعَلَّقُوا بِالْمَشْهُودِ

عَلَيْهِ وَرَفَعُوهُ لِلسُّلْطَانِ لِأَنَّ الرَّفْعَ وَالتَّعَلُّقَ لَا يَلْزَمُهُمْ بَلْ مَكْرُوهٌ لِأَنَّهُمْ مَأْمُورُونَ بِالسَّتْرِ فَلَا تَنْفُذُ شَهَادَتُهُمْ عَلَيْهِ وَصَارُوا قَذَفَةً يُحَدُّونَ إِلَّا أَنْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةٍ غَيْرِهِمْ عَلَى شُرُوطِ شَهَادَةِ مُوَكَّلِينَ بِذَلِكَ صَحَّتْ شَهَادَتُهُمْ وَقَالَ أَصْبَغُ وَمُطَرِّفٌ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَوَّلِينَ لِأَنَّ السَّتْرَ وَإِنْ أُمِرُوا بِهِ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ فَيُقْبَلُوا إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ لِلَّهِ وَلَوْ شَهِدُوا فِيمَا يُسْتَدَامُ فِيهِ التَّحْرِيمُ كَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ لَجَازَتْ وَإِنْ قَامُوا لِأَنَّ الْقِيَامَ مُتَعَيَّنٌ وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ تُرَدُّ لِاتِّهَامِهِمْ فِي إِتْمَامِ مَا قَامُوا فِيهِ الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تَجُوزُ شَهَادَةُ أَعْدَاءِ الْوَصِيِّ عَنِ الصَّبِيِّ أَنَّهُ جَرَحَ إِنْسَانًا أَوْ عَلَى الْمَيِّتِ بِدَيْنٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ بِيَدِ الْوَصِيِّ مَالٌ تُؤْخَذُ مِنْهُ دِيَةُ الْجِرَاحِ أَوْ كَانَت دِيَته اكثر من الثُّلُث حَتَّى تحمل الْعَاقِلَةُ وَكَذَلِكَ الدَّيْنُ يَجُوزُ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ الْمَالُ بِيَدِ الْوَصِيِّ أَمَّا بَعْدُ فَلَا وَتَمْتَنِعُ شَهَادَةُ أَعْدَاءِ الْأَبِ عَلَى الِابْنِ قَالَ سَحْنُونٌ تَجُوزُ عَلَى الِابْنِ وَكَذَلِكَ أَعْدَاءُ الِابْنِ عَلَى الْأَبِ فِي الْمَالِ دُونَ الْقِصَاصِ وَالْحُدُودِ وَكَذَلِكَ عَلَى الْأَخِ وَوَافَقَ ابْنَ الْقَاسِمِ سَحْنُونٌ أَنَّهَا تَجُوزُ عَلَى الْأَخِ فِي الْمَالِ لِخِفَّتِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ تَمْتَنِعُ شَهَادَةُ عَدُوِّكَ عَلَيْكَ وَتَجُوزُ عَلَى وَلَدِكَ وَإِنْ كَانَ فِي كَفَالَتِكَ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي شَهَادَتِهِ حَدٌّ أَوْ قِصَاصٌ لِأَنَّ ذَلِكَ يُلْصَقُ بِكَ وَكَذَلِكَ الام وَالْجَلد وَمَنَعَ عَبْدُ الْمَلِكِ شَهَادَتَهُ عَلَى ابْنِكَ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ يؤملك الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا حَدَثَتِ الْعَدَاوَةُ بَعْدَ الْأَدَاءِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ لَا يَضُرُّ لِتَأَخُّرِ الْمَانِعِ عَنْ زَمَنِ الِاعْتِبَارِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا كَانَتْ عِنْدَهُ شَهَادَةٌ وَهُوَ يَذْكُرُهَا ثُمَّ عَادَاهُ فَاخْتُلِفَ فِي قَبُولِ شَهَادَتِهِ قَالَ وَالْقَبُولُ أَحْسَنُ إِذَا كَانَتْ قُيِّدَتْ عَنْهُ حَذَرَ الزِّيَادَةِ وَالتَّغَيُّرِ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ يُلَاحَظُ

(المانع الثالث)

أَنَّ الشَّاهِدَ قَدْ تَكُونُ عِنْدَهُ شَهَادَةٌ فِيهَا رِيبَةٌ فَيَتَحَدَّثُ بِهَا قَبْلَ الْأَدَاءِ وَلَا يَذْكُرُ الرِّيبَةَ فَيُؤَدِّيهَا بَعْدَ الْعَدَاوَةِ مَعَ الرِّيبَةِ الْمَانِعَةِ الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ إِنْ شَهِدْتَ عَلَيْهِ فَشَهِدَ عَلَيْكَ بَعْدَ ذَلِكَ وَهُوَ فِي خُصُومَتِهِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ وَذَلِكَ بَعْدَ الشَّهْرَيْنِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ وَقْتِ شَهَادَتِكَ عَلَيْهِ الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا اصْطَلَحَ الْمُتَهَاجِرَانِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ تُرَدُّ الشَّهَادَةُ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ بِقُرْبِ الصُّلْحِ حَتَّى تَظْهَرَ الْبَرَاءَةُ مِنَ الْعَدَاوَةِ قَالَ ابْن كنَانَة يجوز عُقَيْبَ الصُّلْحِ إِنْ كَانَتِ الْهِجْرَةُ خَفِيفَةً فِي أَمْرٍ خَفِيفٍ وَقَالَ مُحَمَّدٌ تَجُوزُ الشَّهَادَةُ إِذَا اصْطَلَحَا وَلَمْ يُفَرِّقْ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُكَلِّمْهُ امْتَنَعَتِ الشَّهَادَةُ الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ فِي الْجَوَاهِرِ كُلُّ مَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ عَلَيْكَ لَا يُزَكِّي مَنْ شَهِدَ عَلَيْكَ (الْمَانِعُ الثَّالِثُ) تُهْمَةُ جَرِّ الشَّاهِدِ النَّفْعَ لِنَفْسِهِ فِي ضمن الشَّهَادَة وَفِي الْكِتَابِ تَمْتَنِعُ شَهَادَتُهُ لِمُكَاتَبِهِ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ لَهُ وَلَا مراته بِالْعِتْقِ لِأَنَّ وَلَدَهُ يَبْقَى حُرًّا بِخِلَافِ شَرِيكِهِ الْمُفَاوِضِ فِي غَيْرِ التِّجَارَةِ إِذَا لَمْ يَجُرَّ لنَفسِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ بَاعَ أَحَدُهُمَا سِلْعَةً بَيْنَهُمَا مِنْ رَجُلٍ وَلَمْ يَقْبِضْهَا الْمُبْتَاعُ حَتَّى بَاعَهَا الْبَائِعُ مِنْ آخَرَ وَقَبَضَهَا الثَّانِي فَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الَّذِي لَمْ يَتَوَلَّ الْبَيْعَ لِلْأَوَّلِ بِالشِّرَاءِ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي قَدِ اشْتَرَاهَا بِفَضْلِ الشَّاهِدُ مِنَ الْفَضْلِ شَيْئًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ يَنْبَغِي إِذَا اشْتَرَاهَا الثَّانِي بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ قَبُولُ شَهَادَتِهِ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّهُمَا مُتَفَاوِضَانِ فَكَأَنَّهُمَا مَعًا بَاعَا مِنَ الثَّانِي وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إِنَّ شَرِيكَهُ بَاعَهَا مِنَ الْأَوَّلِ وَيَجِبُ عَلَى الْمُقِرِّ أَنْ يُعْطِيَ نِصْفَ الزَّائِدِ عَنِ الصَّفْقَةِ الْأُولَى لِلْأَوَّلِ

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ تَجُوزُ شَهَادَةُ الْوَصِيَّيْنِ أَوِ الْوَارِثَيْنِ بِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ وَيَحْلِفُ الطَّالِبُ مَعَ الْوَارِثِ الْوَاحِدِ إِنْ كَانَ عَدْلًا وَيَسْتَحِقُّ فَإِنْ نَكَّلَ أَخَذَ مِنْ شَاهِدِهِ قَدْرَ مَا يُصِيبُهُ مِنَ الدَّيْنِ لِاعْتِرَافِهِ بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ سَفِيهًا امْتَنَعَتْ شَهَادَتُهُ لِسَفَهِهِ وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ لِعَدَمِ نُفُوذِ إِقْرَارِهِ وَتَجُوزُ شَهَادَةُ الْوَصِيَّيْنِ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى إِلَى فُلَانٍ مَعَهُمَا لِأَنَّهُ نَفْعٌ لِغَيْرِهِمَا وَقَالَ غَيْرُهُ إِنِ ادَّعَى ذَلِكَ فُلَانٌ وَلَمْ يَجُرَّا بِذَلِكَ لِأَنْفُسِهِمَا نَفْعًا وَكَذَلِكَ الْوَارِثَانِ فَتَجُوزُ وَتَجُوزُ شَهَادَةُ الْوَارِثَيْنَ عَلَى نَسَبٍ يُلْحِقَانِهِ بِالْمَيِّتِ أَوْ دَيْنٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ أَنَّ فُلَانًا وَصِيٌّ وَإِنْ شَهِدَا أَنَّ أَبَاهُمَا أَعْتَقَ هَذَا الْعَبْدَ وَمَعَهُمَا أَخَوَاتٌ أَوْ زَوْجَةُ الْأَبِ فَإِنْ لَمْ يُتَّهَمَا فِي وَلَائِهِ لِذَاتِهِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا وان اتهمهافي جَرِّ وَلَائِهِ امْتَنَعَتْ وَتَمْتَنِعُ شَهَادَةُ الْوَصِيِّ بِدَيْنٍ للْمَيت لِأَنَّهُ خَليفَة إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَرَثَةُ كِبَارًا عُدُولًا وَلَا يجْبر بِشَهَادَتِهِ شَيْئًا يَأْخُذُهُ وَتَمْتَنِعُ شَهَادَةُ الْوَصِيِّ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ بِدَيْنٍ لَهُمْ عَلَى النَّاسِ لِأَنَّهُ النَّاظِرُ لَهُمْ إِلَّا أَنْ يَكُونُوا كِبَارًا عُدُولًا فَإِنَّهُ لَا يُتَّهَمُ لَهُمْ فِي التَّنْبِيهَاتِ قَوْلُهُ لِلسَّفِيهِ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ ظَاهِرُهُ اشْتِرَاطُ الرُّشْدِ فِي الْعَدَالَةِ هُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَلَمْ يَشْتَرِطْهُ مَالِكٌ فِي كِتَابِ التَّفْلِيسِ وَقَوْلُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَرَثَةُ كِبَارًا عُدُولًا يَقْتَضِي اشْتِرَاطَ الْعَدَالَةِ فِي الرُّشْدِ قَالَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا حَتَّى قَالَ وَمَعْنَاهُ عِنْدِي أَنْ يَكُونُوا مَرْضِيِّينَ فِي أَحْوَالِهِمْ لَا عَدَالَةَ الشَّهَادَةِ وَالْقَوْلَان فِي الْمَذْهَب فِي اشْترط الدَّيْنِ فِي الرُّشْدِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ أَرَادَ بِالْعَدَالَةِ الْوَجْهَ الَّذِي لَا يُخْتَلَفُ فِيهِ أَنَّهُ لَا يَحْجُرُ عَلَيْهِمْ فَتَنْتَفِي التُّهْمَةُ عَنِ الْوَصِيِّ وَإِذَا لَمْ يَكُونُوا عُدُولًا فَهُمْ مُخْتَلَفٌ فِيهِمْ فَيُتَّهَمُ الْوَصِيُّ لِكَوْنِ الْوَرَثَةِ مُعَرَّضِينَ لِلْإِيصَاءِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يَحْلِفُ مَعَ الْوَارِثِ الْعَدْلُ إِنَّ حَقَّهُ لَحَقٌّ وَإِنَّهُ مَا قَبَضَ مِنَ الْمَيِّتِ شَيْئًا مِنْهُ وَلَا أَسْقَطَهُ عَنْهُ وَقَوْلُهُ يَأْخُذُ مِنْهُ نَصِيبَهُ يُرِيدُ إِذَا أَقَرَّ الشَّاهِدُ أَنَّ الدَّيْنَ بَاقٍ على

(فرع)

الْمَيِّت وان لَا يَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا حَتَّى يَحْلِفَ أَنَّهُ مَا قَبَضَ مِنْهُ وَلَا أَسْقَطَهُ عَنْهُ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا احْتَضَرَ فَقَالَ مَا شَهِدَ عَلَيَّ بِهِ أَنه مِنْ دَيْنٍ أَوْ شَيْءٍ فَهُوَ مُصَدَّقٌ إِلَى مِائَةِ دِينَارٍ وَلَمْ يُوَقِّتْ وَقْتًا ثُمَّ مَاتَ فَشَهِدَ الْوَلَدُ لِقَوْمٍ فَلَا بُدَّ مِنَ الْيَمِينِ إِنْ كَانَ الْوَلَدُ عَدْلًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا أَوْ نَكَّلَ الْمَشْهُودُ لَهُ لَزِمَ الْوَلَدَ نَصِيبُهُ مِنَ الدَّيْنِ وَإِنْ كَانَ سَفِيهًا امْتَنَعَ اقراره فِي مِيرَاثِهِ وَلَمْ يَحْلِفِ الطَّالِبُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَوْ شَهِدَ الْوَلَدَانِ أَنَّ أَبَاهُمَا أَعْتَقَ هَذَا الْعَبْدَ وَشَهِدَ أَجْنَبِيَّانِ أَنَّهُ أَوْصَى بِالثُّلُثِ ذَانِ إِنَّهُمَا فِي وِلَايَتِهِ امْتَنَعَتْ شَهَادَتُهُمَا وَإِلَّا جَازَتْ وَفِي النَّوَادِرِ قَالَ مَالِكٌ إِذَا شَهِدَ وَلِيُّ الْيَتِيمِ لَهُ وَهُوَ يُخَاصِمُ قَبْلَ الْخُصُومَةِ أَوْ بَعْدَهَا فِي مَالٍ يَلِي قَبْضَهُ لَا تُقْبَلُ قبل وَلَا بعد وَيقبل فِيمَا لَا يَلِي قَبْضَهَ لِأَنَّ الْقَبْضَ وِلَايَةٌ وَقَدْ يَقْتَرِضُ وَيَتَّجِرُ فِيمَا قَبَضَ فَيُتَّهَمُ فِي ذَلِكَ وَإِذَا زَالَتِ الْوِلَايَةُ قُبِلَتْ إِلَّا أَنْ تُرَدَّ أَوْ لَا قَالَ مَالِكٌ وَتَجُوزُ شَهَادَةُ الْوَصِيّ على الْيَتِيم فِي زمن الاية كَالْوَالِدِ وَفِي الْجَلَّابِ الْمَنْعُ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ فِي رَاحَة مِنْ ضَبْطِ الْمَالِ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا أَتَيَا بِكِتَابٍ مَخْتُومٍ لِلْقَاضِي عَلَى وَصِيَّةٍ وَهُمَا الْوَصِيَّانِ سَأَلَهُمَا إِنْ قَالَا قَبِلْنَا الْوَصِيَّةَ رُدَّتْ شَهَادَتُهُمَا (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ شَهِدَ أَنَّ فُلَانًا كَفِيلٌ لفُلَان ولوالدهما بِمَال اولهما وَلفُلَان على فلَان مائَة بِأَنَّهُ لم يجر أَحدهمَا لِجَرِّ النَّفْعِ بِهِمَا بِخِلَافِ شَهَادَةٍ بِوَصِيَّةٍ أَوْصَى لَهُ فِيهَا بِشَيْءٍ تَافِهٍ لَا يُتَّهَمُ فِيهِ فَيَجُوزُ لَهُ وَلِغَيْرِهِ وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ بَعْضُ الشَّهَادَة دون بَعْضهَا وَعَن مَالك اذا أَنهم امْتَنَعَتْ لَهُ وَلِغَيْرِهِ وَقَالَ سَحْنُونٌ فِي هَذَا الاصل

اخْتِلَافٌ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ إِنْ شَهِدَ مَعَهُ غَيْرُهُ جَازَتْ لَهُ وَلِغَيْرِهِ وَإِلَّا جَازَتْ لِغَيْرِهِ دُونَهُ وَعَنْ مَالِكٍ لَا تَجُوزُ لَهُ وَلَا لِغَيْرِهِ مُطْلَقًا فِي التَّنْبِيهَاتِ لَا يُخْتَلَفُ فِي رَدِّ شَهَادَتِهِ لِنَفْسِهِ إِذَا اشهدهما بِشَيْء وَلِغَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ الَّذِي شَهِدَ بِهِ لِنَفْسِهِ حَقِيرًا إِلَّا مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ أَنَّهَا تَجُوزُ لَهُ وَلِغَيْرِهِ إِذَا كَانَ الَّذِي لَهُ يَسِيرًا كَالْوَصِيَّةِ وَقيل يجوز مِنْهَا شَهَادَتُهُ فَقَطْ تَخْرِيجًا وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَقَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْوَصِيَّةِ إِنَّهُ ان كَانَ الشَّاهِد فِيهَا يبين أَنَّهُ إِنْ كَانَ وَحْدَهُ حَلَفَ الْمَشْهُودُ لَهُ وَأَخَذَ مَا شَهِدَ لَهُ بِهِ لِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ كخز وَاحِدٍ وَهُوَ فِيهِ يَحْكُمُ اتَّبَعَ وَقَدْ حَلَفَ الْآخَرُ عَلَى تَصْحِيحِ شَهَادَتِهِ وَأَنَّ مَعَهُ غَيْرَهُ أَخَذَ الْآخَرُ حَقَّهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ لِاجْتِمَاعِ شَاهِدَيْنِ لَهُ وَأَخَذَ أَيْضًا حَقَّهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ لِكَوْنِهِ تَبَعًا لِحَقِّ صَاحِبِهِ لَمْ يَخْتَلِفْ شُيُوخُنَا أَنَّ هَذَا مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاخْتُلِفَ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ ابْنِ سَعِيدٍ قِيلَ مَعْنَاهُ إِنْ كَانَ وَحْدَهُ جَازَتْ لِغَيْرِهِ مَعَ يَمِينِهِ وَامْتَنَعَتْ لَهُ وان كَانَ مَعَه غَيره جَازَت لغير بِغَيْر يَمِين وَله بِغَيْر يَمِين معاتبة بشتهدين وَقِيلَ إِنْ كَانَ مَعَهُ غَيْرُهُ لَمْ يَأْخُذْ هُوَ حَقَّهُ إِلَّا بِيَمِينٍ مَعَ شَهَادَةِ صَاحِبِهِ وَقَالَهُ مَالك فَفِي الْمُدَوَّنَة قَولَانِ لمَالِك وتاويلا قَوْلِ ابْنِ سَعِيدٍ قَوْلَانِ آخَرَانِ وَإِنْ كَانَ مَا شَهِدَ بِهِ لِنَفْسِهِ فِي الْوَصِيَّةِ كَثِيرًا رُدَّتْ شَهَادَتُهُ فِي الْجَمِيعِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِلتُّهْمَةِ وَقيل يجوز لِغَيْرِهِ دُونَ نَفْسِهِ وَهُوَ أَحَدُ الْأَقْوَالِ فِي الْجلاب قَالَ بعض الاندلسيين تجويزه هَاهُنَا إِنْ كَانَ الَّذِي لَهُ يَسِيرًا مَعَ الْمَنْعِ مُطْلَقًا إِذَا شَهِدَ أَنَّهُ أَوْصَى لِابْنِهِ اخْتِلَافٌ إِذْ لَا فَرْقَ فِي التُّهْمَةِ قَالَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ فِي الْقَرَابَةِ إِنَّمَا أَجَابَ عَنْ شَهَادَة الاب لِابْنِهِ وَلم يعْتَرض لِلْوَصِيَّةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ لَهُ أَوْ إِلَيْهِ فِي تَنْفِيذِ يَسِيرِ الْمَالِ الَّذِي لَوْ أَوْصَى لَهُ فِي جُمْلَةِ وَصِيَّةٍ لَمْ يُتَّهَمْ فِيهِ أَوْ تَنْفِيذِ عِتْقٍ وَشُبْهَةٍ مِمَّا لَا يُتَّهَمُ فِيهِ أَوْ هُوَ لَا يَتَشَرَّفُ مِثْلُهُ بِإِسْنَادِ الْوَصِيَّةِ قَالَهُ فِي الْمُسْتَخْرَجَةِ وَفِي النُّكَتِ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ فِي الْوَصِيَّةِ لَهُ فِيهَا يَسِيرٌ

بِخِلَاف سَائِر الْحُقُوق لِأَنَّهُ ضَرُورَة يخْشَى من تَأْخِيرهَا معالجة الْمَوْتِ وَقَوْلُهُ إِذَا شَهِدَ وَارِثَانِ أَنَّ فُلَانًا تَكَفَّلَ لِفُلَانٍ وَلِوَالِدِهِمَا لَا يَجُوزُ مَعْنَاهُ فِي حق وَاحِد وَأَمَّا فِي حَقَّيْنِ تَكَفَّلَ لِفُلَانٍ بِكَذَا وَلِوَالِدِهِمَا فِي شَيْء اخر بِكَذَا فَيجوز لِلْأَجْنَبِيِّ قَالَ التُّونِسِيُّ إِذَا رُدَّتِ الشَّهَادَةُ لِلتُّهْمَةِ لم يجز لِلْغَيْرِ بِخِلَافِ إِذَا رُدَّتْ لِلسَّنَةِ كَشَهَادَتِهِ بِمَالٍ وَعِتْقٍ فَيَجُوزُ مَا قَابَلَ الْمَالَ دُونَ مَا قَابَلَ الْعِتْقَ لِأَنَّ الشَّاهِدَ لَمْ يُتَّهَمْ فِي صِدْقِهِ بِخِلَافِ التُّهْمَةِ وَقَالَ أَصْبَغُ إِذَا شَهِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لَهُ بِكَذَا وَالْكِتَابُ وَاحِدٌ أَوْ مُتَعَدِّدٌ صَحَّتِ الشَّهَادَةُ وَيَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مَعَ شَاهِدِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا شَهِدَ عَلَى وَصِيَّةٍ أَوْصَى لَهُ فِيهَا ثَبَتَ الثُّلُثُ وَالْوَصَايَا تُحِيطُ بِالثُّلُثِ فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ يُدَايِنُ النَّاسَ وَيُشَكُّ أَنْ كَانَ لَهُ عَلَى النَّاسِ دُيُونٌ ثَبَتَتْ بَطَلَتِ الشَّهَادَةُ أَوْ لَا يُدَايِنُ النَّاسَ جَازَتْ قَالَ ابْنُ يُونُس اذا شهد فِي وَصِيَّتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ لَهُمَا فِي إِحْدَاهُمَا يَسِيرٌ جَازَتِ الْوَصِيَّتَانِ وَإِلَّا رُدَّتْ فِيهِمَا وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا أَشْهَدَهُمَا أَنَّ ثُلُثَ مَالِهِ ثُلُثٌ لِلْمَسَاكِينِ وَثُلُثٌ لِجِيرَانِهِ وَثُلُثٌ لَهُمَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّهَا يَسِيرَةٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ فِي الْمُدَوَّنَةِ إِذَا شَهِدَ فِي ذِكْرِ حَقٍّ لَهُ فِيهِ شَيْءٌ رُدَّتْ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا لَا يَأْخُذُ مِنْهُ شَيْئًا إِلَّا شَارَكَهُ الْآخَرُ فِيهِ وَلَوِ اقْتَسَمَا قَبْلَ الشَّهَادَةِ جَازَتْ شَهَادَتُهُ قَالَ فَعَلَى هَذَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ فِي الْوَصِيَّةِ لِغَيْرِهِ وَإِنْ كَثُرَ مَا يَخُصُّهُ مِنْهَا إِذَا كَانَتِ الْوَصِيَّةُ لِأَحَدِهِمَا بِعَبْدٍ وَلِلْآخَرِ بِثَوْبٍ مَثَلًا لِأَنَّ أَحَدَهُمَا لَا يَدْخُلُ عَلَى الْآخَرِ فَهِيَ كَشَهَادَتَيْنِ فَلَا تُرَدُّ شَهَادَةُ الْأَجْنَبِيِّ فَإِنْ قَالَ أَنَا أَعْلَمُ أَنَّ شَهَادَتِي لَا تُقْبَلُ فِي نَصِيبِي وَإِنَّمَا قَصَدْتُ حَقَّ غَيْرِي وَذَكَرْتُ مَا أَوْصَى لِي بِهِ لِأُؤَدِّيَ أَمْ جَلَسَ عَلَى مَا وَقَعَ فَأَوْلَى أَنْ تَبْطُلَ فِي حَقِّ الْأَجْنَبِيِّ قَالَ مُطَرِّفٌ وَعَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا شَهِدَ بَعْضُ الشُّهُودِ لِبَعْضٍ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ فِي مَجْلِسٍ امْتَنَعَتْ أَوْ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ جَازَ أَوْ عَلَى رَجُلَيْنِ جَازَ فِي مَجْلِسٍ اَوْ مجَالِس قَالَ واخرى رَدُّهَا كَانَتْ عَلَى رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ فِي مَجْلِسٍ أَوْ مَجَالِسَ لَفْظًا

(فرع)

أَوْ بِكِتَابٍ لِاتِّهَامِهِمَا عَلَى اشْهَدْ لِي وَأَشْهَدُ لَكَ إِلَّا أَنْ يَطُولَ مَا بَيْنَهُمَا قَالَ مَالِكٌ إِذَا شَهِدْتَ عَلَيْهِ بِمَالٍ فِي يَدِكَ أَنَّهُ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٌ حَاضِرٌ جَازَ اَوْ غَائِب امْتنعت لِأَنَّهَا ملك على اقر لَك الْمَالَ فِي يَدِكَ قَالَ مُحَمَّدٌ سَلِّمِ الْمَالَ وَلَا تَشْهَدْ لِأَنَّكَ إِنْ شَهِدْتَ رُدِدْتَ لِلتُّهْمَةِ فَلَا تُقْبَلُ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا قَدِمَ الْغَائِبُ لِتُهْمَةِ الرَّدِّ وَإِذَا سَلَّمْتَهُ شَهِدْتَ لَهُ إِذَا قدم قَالَ وارى ان يثبت بِالْمَالِ لِلْحَاكِمِ أَوْ قُلْتَ لَهُ أَوْقِفْهُ حَيْثُ تَرَى أَنْ تُقْبَلَ الشَّهَادَةُ وَيُكَاتِبَ الْمَشْهُودَ لَهُ إِلَّا أَنْ تَبْعُدَ غَيْبَتُهُ فَيَحْلِفُ صَاحِبُهُ الْغَائِبُ وَيَأْخُذُ فَإِنْ قَدِمَ حَلَفَ وَاسْتَرْجَعَهُ وَلَوْ كَانَ الْمَالُ مِمَّا لَا تُتَّهَمُ أَنْتَ فِي الِانْتِفَاعِ بِهِ يبْقى بِهِ عِنْدَكَ كَالثَّوْبِ قُبِلَتِ الشَّهَادَةُ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يُتَّهَمُ فِي مِثْلِ هَذَا وَقَدْ تَسَلَّفَ الدَّنَانِيرَ حَكَى صَاحِبُ الْبَيَانِ فِيمَا إِذَا شَهِدَ بِوَصِيَّةٍ لَهُ فِيهَا شَيْءٌ الْأَرْبَعَةُ الْأَقْوَالِ الْمُتَقَدِّمَةُ ثُمَّ قَالَ وَهَذَا إِذَا كَانَتِ الشَّهَادَةُ عَلَى وَصِيَّةٍ مَكْتُوبَةٍ أَمَّا اللَّفْظُ فَقَطْ نَحْوَ لِفُلَانٍ كَذَا وَلِفُلَانٍ كَذَا وَالشَّاهِدُ أَحَدُهُمْ وَالَّذِي لَهُ يَسِيرٌ امْتَنَعَتْ شَهَادَتُهُ لِنَفْسِهِ دُونَ غَيْرِهِ وَقَدْ يُقَالُ يبطل لِغَيْرِهِ أَيْضًا عَلَى تَأْوِيلٍ ضَعِيفٍ وَإِنْ كَانَ الَّذِي لَهُ كَثِيرًا امْتَنَعَتْ لِنَفْسِهِ اتِّفَاقًا وَلِغَيْرِهِ عَلَى رِوَايَةِ أَشْهَبَ لِأَنَّهُ رَوَى أَنَّهُ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ فِي وَصِيَّةٍ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ الَّتِي لَهُ هُوَ وَلَيْسَ لَهُ فِي الثَّانِيَة شيءومع ذَلِكَ مُنِعَ الْإِشْهَادُ بِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ فِي الثَّانِيَةِ إِلَّا أَنْ يَشْهَدَ أَنه نسخ الاولى وَيجوز لِغَيْرِهِ عَلَى قَوْلِ مُطَرِّفٍ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ تُوُفِّيَ أَحَدُ الْمُسَافِرِينَ مِنْ قَبَائِلَ شَتَّى وَأَوْصَى بِوَصِيَّةٍ تَمْتَنِعُ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ فِيهَا وَإِنْ شَهِدَ عَلَى وَصِيَّةٍ فِيهَا عِتْقٌ وَوَصَايَا الْقَوْمِ نَفَذَتْ فِي الْوَصَايَا لِلْقَوْمِ مَعَ أَيْمَانِهِمْ دُونَ الْعِتْقِ فَإِنْ ضَاقَ الثُّلُثُ فَإِنَّمَا لَهُمْ مِنَ الثُّلُثِ مَا فَضُلَ عَنِ الْعِتْقِ وَإِنَّمَا تَبْطُلُ كلهالو شَهِدَ لِنَفْسِهِ فِيهَا وَلَوْ شَهِدْتَ

(فرع)

أَنَّهُ تَصَدَّقَ بِمَا أَوْدَعَكَ لِفُلَانٍ أَوْ أَقَرَّ بِهِ حَلَفَ مَعَ شَهَادَتِكَ وَاسْتَحَقَّ إِنْ كَانَ حَاضِرًا وَتَبْطُلُ شَهَادَتُكَ إِنْ كَانَ غَائِبًا خَشْيَةَ اتهامك بانتفاعك بذلك المَال قد تَقَدَّمَ كَلَامُ اللَّخْمِيِّ عَلَى هَذَا فِي الْفَرْعِ الَّذِي قَبْلَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنَّمَا يُتَّهَمُ فِي الْوَدِيعَةِ إِذَا كَانَتْ طَيِّبَةً تَنْتَفِعُ أَنْتَ فِي مثلهَا بِالْمَالِ فِي الْمُوازِية اذا أوصى لَك بِعَبْدِهِ وَلَهُمَا ثَبت مَالِهِ فَشَهِدَا عَلَيْكَ أَنَّكَ قَتَلْتَ الْمُوصَى لَهُ ردَّتْ شَهَادَتهمَا لِأَنَّهُمَا ينتفعان بهما فِي الثُّلُثِ وَلَوْ لَمْ يُوصِ إِلَّا بِثَلَاثَةٍ إِذَا جَمَعَ مَعَ الْعَبْدِ لَمْ تُرَدَّ لِارْتِفَاعِ الْحِصَاصِ وَجَوَّزَهَا مُحَمَّدٌ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ الْحِصَاصِ إِمَّا لَهُ وَإِمَّا لِلْوَرَثَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَهَذَا إِذَا كَانَا فَقِيهَيْنِ يَعْلَمَانِ أَنَّ الْحِصَاصَ لَا بُدَّ مِنْهُ إِمَّا لَهُ وَإِمَّا لِلْوَرَثَةِ وَأَمَّا الْجَاهِلَانِ الظَّانَّانِ أَنَّ الْحِصَاصَ يَسْقُطُ عَنْهُمَا بِسُقُوطِكَ فَلَا قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَوْ شَهِدَ بِأَنَّكَ قَتَلْتَ الْمُوصِيَ لَمْ تُرَدَّ لِعَدَمِ انتقاعهم لِأَنَّ الْوَرَثَةَ تَقُومُ مَقَامَ الْمَيِّتِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَسْلُوبِينَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ فِي الْحَدِّ لِلْحِرَابَةِ دُونَ الْأَمْوَالِ وَقَالَ مُطَرِّفٌ تُقْبَلُ فِيهِمَا لِأَنَّ الشَّهَادَةَ لَا تَتَبَعَّضُ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ تَجُوزُ فِي الْجَمِيعِ إِذَا كَانَ مَا لِلْمَشْهُودِ مِنَ الْمَالِ يَسِيرًا كَالْوَصِيَّةِ وَقَالَ سَحْنُونٌ فِي أَكْرِيَاءِ السَّفِينَةِ تَعْطَبُ قَبْلَ الْبَلَاغِ وَقَدْ نُقِدَ الْكِرَاءُ شَهِدَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ وَيَرْجِعُونَ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ ضَرُورَةٍ فَلَا تُقْبَلُ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَجِدُونَ مَنْ يَشْهَدُ سِوَاهُمْ نَظَائِرُ قَالَ الْعَبْدِيُّ يَجُوزُ اشْهَدْ لِي وَأَشْهَدُ لَكَ فِي مَسْأَلَتَيْنِ الْمَسْلُوبِينَ وَأَهْلِ الْمَرْكَبِ إِذَا كَانُوا ثَلَاثِينَ وَقِيلَ عِشْرِينَ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا شَهِدَ لَهُ أَعْمَامُهُ أَنَّ فُلَانًا الْمَيِّتَ مَوْلَى أَبِيهِ وَلَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا وَلَا مَوَالِيَ بَلْ مَالًا جَازَ لِارْتِفَاعِ التُّهْمَةِ وَإِنْ تَرَكَ وَلَدًا وموالى يتهمون

(فرع مرتب)

بِذَلِكَ عَلَى جَرِّ وَلَائِهِمْ يَوْمًا مَا لِتَعَدُّدِهِمْ امْتَنَعَ وَلَوْ شَهِدَ ابْنَا عَمٍّ لِابْنِ عَمِّهِمَا عَلَى عِتْقٍ وَهُمَا يُتَّهَمَانِ لِقُرْبِهِمَا فِي جَرِّ الْوَلَاءِ امْتَنَعَ وَإِنْ لَمْ يُتَّهَمَا لِبُعْدِهِمَا جَازَ وَإِنْ كَانَ الْوَلَاءُ قَدْ يَرْجِعُ إِلَيْهِمَا يَوْمًا مَا قَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ إِنَّمَا يُرَاعَى لَوْ مَاتَ ابْنُ الْعَمِّ الْآنَ وَرِثَاهُ وَأَمَّا بِتَنَاسُخٍ وَطُولٍ فَلَا (فَرْعٌ مُرَتَّبٌ) قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا رُدَّتْ شَهَادَةُ الْوَارِثَيْنِ فِي الْعِتْقِ إِمَّا لِكَوْنِهِمَا غَيْرَ جَائِزِيِ الشَّهَادَةِ أَوْ مُتَّهَمَيْنِ فِي جر الْوَلَاء فَلَا يَلْزَمُ الشَّاهِدَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ حَظُّهُ مِنْهُ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ بَيْعُهُ فَيَجْعَلُهُ فِي عِتْقٍ فَإِنْ مَلَكَهُ يَوْمًا مَا عُتِقَ عَلَيْهِ ان حمله الثُّلُث اَوْ الشَّهَادَة فِي الصِّحَّةِ لِمَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَيُعْتَقُ عَلَيْهِ حَظُّهُ قَالَهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ وَيَقُومُ عَلَيْهِ أَيْضًا لِشُرَكَائِهِ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي شَهَادَتِهِ عَلَى عِتْقِ نَصِيبِهِ بِغَيْرِ تَقْوِيمٍ وَمَالِكٌ يَرَى أَنَّ الْعِتْقَ لَا يَصِحُّ تَبْعِيضُهُ لِأَنَّ الْعَبْدَ يَتَضَرَّرُ وَكَذَلِكَ الشُّرَكَاءُ وَوَاخَذَهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بِإِقْرَارِهِ فِي نَصِيبِهِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ تَمْتَنِعُ شَهَادَةُ الْقَاسِمِ عَلَى مَا قَسَمَ وَالْقَاضِي الْمَعْزُولِ عَلَى مَا حَكَمَ بِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنِ ثَبَتَ أَنَّ الْقَاضِيَ أَمَرَهُمْ بِالْقَسَمِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا قَوْلُهُمْ إِنَّ الْقَاضِيَ أَمَرَهُمْ بِالْقَسَمِ لَمْ يُقْبَلْ لِأَنَّهُمْ يُتَّهَمُونَ عَلَى تَنْفِيذِ فِعْلِهِمْ قَالَ صَاحب الْبَيَان لم يُصَرح بِأَنَّهُ هَاهُنَا يجوز قَبْلَ أَنْ يُعْزَلَ وَهِيَ لَا تَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يُعْزَلْ وَإِنَّمَا يَجُوزُ لَهُ التَّسْجِيلُ بِمَا قضى وَشهد عَلَيْهِ وَيُخْبِرُ بِذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْإِعْلَامِ وَالْإِخْبَارِ لَا عَلَى وَجْهِ الشَّهَادَةِ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ قَبْلَ الْعَزْلِ وَبَعْدَهُ عَلَى تَنْفِيذِ فِعْلِ نَفْسِهِ فَلَا يُقْبَلُ وَحْدَهُ وَلَا مَعَ غَيْرِهِ قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ أَقَمْتَ شَاهِدًا عَلَى أَنَّهُ قَضَى لَكَ قَالَ مَالِكٌ لَا تَحْلِفْ مَعَهُ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ أَحْكَامِ الْأَبْدَانِ لَا يُقْبَلُ فِيهِ إِلَّا شَاهِدَانِ قَالَهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ

(فرع)

خِلَافَهُ لِقَوْلِهِ فِي الْأَقْضِيَةِ إِذَا وُجِدَ بَعْدَ الْعَزْلِ فِي دِيوَانِهِ شَهَادَةُ الشُّهُودِ وَأَثْبَتَهَا يَحْلِفُ الْمَطْلُوبُ بِاللَّهِ بِأَنَّ مَا فِي الشَّهَادَةِ عَلَيَّ فَإِنْ نَكَّلَ حَلَفَ الْمَشْهُودُ لَهُ وَثَبَتَتْ لَهُ الشَّهَادَةُ فَأَثْبَتَهَا بِالْيَمِينِ وَالنُّكُولِ فَأَوْلَى بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الْحُكْمِ وَفِي النِّكَاحِ الثَّانِي إِذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي فَرِيضَةِ الْقَاضِي صُدِّقَ الزَّوْجُ إِذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِمَا يُشْبِهُ الْكُلَّ صُدِّقَتِ الْمَرْأَةُ بِمَا يُشْبِهُ فَاسْحَبِ الْمَرْأَةَ بِالْيَمِينِ مَعَ فَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ يَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِين بِخِلَاف الشَّهَادَة على الشَّهَادَة والإضهر من جِهَة النّظر لِأَن الْمَقْصُود هَاهُنَا الْمَالُ وَهُوَ يَثْبُتُ بِذَلِكَ وَالشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ لَا يَثْبُتُ بِهِ الْمَالُ وَلَا يَجُوزُ فِي كِتَابِ الْقَاضِي الشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَفِي النَّوَادِرِ مَنَعَ سَحْنُونٌ شَهَادَةَ الْقَاسِمِ وَفِي الْوَاضِحَةِ شَهَادَةُ الْقَاسِمِ جَائِزَةٌ عِنْدَ الْقَاضِي الَّذِي أَمَرَهُ بِالْقَسَمِ دُونَ غَيْرِهِ إِنْ ذَكَرَ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِذَلِكَ (فَرْعٌ) فِي الْبَيَانِ قَالَ مَالِكٌ إِذَا كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى الْمَشْهُودِ لَهُ جَازَت شهادتك إِنْ كَانَ الْمَشْهُودُ لَهُ مُوسِرًا وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ تَجُرُّ لِنَفْسِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ حق لِأَنَّك ترجو بشهادتك تَأْخِيره والساقط إِلَّا أَنْ تَكُونَ مَلِيًّا فَتَجُوزُ وَهَذَا إِذَا كَانَ الدَّيْنُ حَالًا أَوْ حُلُولُهُ قَرِيبًا أَمَّا بَعِيدًا فَتَجُوزُ كَالْوَلِيِّ وَتَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَهُ فِيمَا عدا الْأَمْوَال لَا يَنْتَفِعُ بِشَهَادَتِهِ وَفِي دَيْنِهِ بِغَيْرِ الْأَمْوَالِ واما إِذا كَانَ الدّين على الشَّاهِد فالشهود لَهُ فَقَدْ أَجَازَهَا أَشْهَبُ كَانَ مَلِيًّا أَوْ معدما وَمنعه ابْنُ الْقَاسِمِ كَمَا تَقَدَّمَ كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ مَالًا أَمْ لَا وَفِي شَهَادَتِكَ لِمَنْ لَكَ مَعَهُ أَوْ لَهُ مَعَكَ قِرَاضٌ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ تَجُوزُ شَهَادَةُ كِلَيْكُمَا لِلْآخَرِ وَهُوَ

(فرع)

ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ كَذَلِكَ إِنْ كَانَ الْعَامِلُ مَلِيًّا بِالْمَالِ وَإِنْ كَانَ مُعْدَمًا امْتَنَعَتْ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَجُوزُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ قَبْلَ تَحْرِيكِ الْمَالِ فِي شِرَاء السّلع وان غره شَغَلَهُ جَازَ لِتُهْمَةِ النَّزْعِ مِنْ يَدِ الْعَامِلِ لِلْمَالِ بِخِلَافِ بَعْدَ الشُّغْلِ قَاعِدَةٌ يَقَعُ التَّعَارُضُ بَيْنَ الْأَصْلَيْنِ كَالْقَاطِعِ لِرَجُلٍ بِنِصْفَيْنِ يَدَّعِي أَوْلِيَاؤُهُ الْحَيَاةَ قَبْلَ الْجِنَايَةِ وَهُوَ الْأَصْلُ وَيَدَّعِي الْجَانِي الْمَوْت والاصل بَرَاءَة ذمَّته والدليلان كالاثنين وَالْخَبَرَيْنِ الْمُتَعَارِضَيْنِ وَالظَّاهِرَيْنِ كَالْبَيِّنَتَيْنِ فَإِنَّ ظَاهِرَ كُلِّ وَاحِدَة الصدْق والتزين للزوجين على مَتَاع الْبَيْت وظاهرين الْملك والاصل وَالظَّاهِر الْأَصْلُ الطَّهَارَةُ وَظَاهِرُ حَالِهَا النَّجَاسَةُ وَيَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ فِي أَيِّ ذَلِكَ يُقَدَّمُ وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُهُ فِي مُقَدِّمَةِ الْكِتَابِ وَهَذِهِ الْفُرُوعُ تَعَارَضَ فِيهَا ظَاهِرَانِ ظَاهِرُ عَدَالَةِ الْعَدْلِ الصِّدْقُ وَظَاهِرُ كَوْنِهِ مَدْيُونًا لِلْمَشْهُودِ لَهُ أَوْ غَيْرِ ذَلِك التُّهْمَة وَعدم الدُّيُون بِالصّدقِ فَيَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ أَيَّ الظَّاهِرَيْنِ يُقَدِّمُ فَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ تخرج عَلَيْهَا فُرُوعٌ كَثِيرَةٌ فِي الشَّرِيعَةِ فَتَأَمَّلْهَا فِي مُوَاطِنِهَا وَعَلَيْهَا تُخَرَّجُ مَسَائِلُ مَوَانِعِ الشَّهَادَةِ فِي جَمِيعِ هَذَا الْبَابِ (فَرْعٌ) فِي الْبَيَانِ قَالَ مَالك اذا شهِدت عَلَيْهِ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ لَيَدْفَعَنَّ حَقَّكَ إِلَيْكَ وَإِنَّهُ حَنِثَ ترد شَهَادَته لِتَعَلُّقِهَا بِحَقِّكَ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَالظَّاهِرُ جَوَازُهَا لِأَنَّ التَّطْلِيقَ عَلَيْهِ لَا يَدْعُوهُ إِلَى تَعْجِيلِ حَقِّكَ إِنَّمَا يَدْعُوهُ الْيَمِينَ لَكِنَّكَ لَوْ شَهِدْتَ عَلَيْهِ فَذَلِك قَبْلَ الْحِنْثِ رُدَّتْ شَهَادَتُكَ فَرُدَّتْ بَعْدَ الْحِنْثِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ وَقَعَ وَأَرَدْتَ تَحْقِيقَ دعواك ثَابتا وَهُوَ ضَعِيفٌ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا قَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا وَعُزِلَ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا أَنَّ

(فرع)

الْقَاضِيَ قَضَى بِكَذَا لِضَعْفِ التُّهْمَةِ وَرَوَى عَنْهُ سَحْنُون لَا يجوز عَلَى الْحُكْمِ لِاتِّهَامِهِمَا أَنَّهُ قَبِلَ شَهَادَتَهُمَا وَحَكَمَ بهَا ذَلِك لانفسهما وَيجوز على الشَّهَادَة يحكم الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا لِأَنَّ الْإِشْهَادَ عَلَى الْحُكْمِ غَيْرُ الْحُكْمِ وَلَمْ يُجِزْهَا عَبْدُ الْمَلِكِ مُطْلَقًا (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَيْنَكُمَا عَبْدٌ شَهِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا عَلَى صَاحِبِهِ أَنَّهُ أَعْتَقَ تُرَدُّ لِاتِّهَامِكُمَا فِي التَّقْوِيمِ وَلَا يَمِينَ عَلَيْكُمَا لِأَنَّ كُلَّ شَهَادَةٍ رُدَّتْ لِعَدَمِ الْعَدَالَةِ أَوِ التُّهْمَةِ لَا يَمِينَ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا كَالْعدمِ وَالْعِتْق لَا يحكم فِيهِ ابتدات اوتقبل شَهَادَتُكُمَا اتِّفَاقًا إِذَا لَمْ يَكُنْ لَكُمَا غَيْرُ الْعَبْدِ لِعَدَمِ التَّقْوِيمِ فَلَا تُهْمَةَ فَإِنْ كَمُلَ نِصَابُ الشَّهَادَةِ عُتِقَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ نَصِيبُهُ وَإِلَّا حَلَفَ وَمَنْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ هَلْ يُعْتَقُ نَصِيبُهُ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ عَلَى نَفْسِهِ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالْعِتْقُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَهُ قَوْلَانِ فِي لُزُومِ الْيَمِينِ إِذَا رُدَّتِ الشَّهَادَةُ لِأَنَّ ذَلِكَ أَقْوَى مِنَ الْخُلْطَةِ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا كَانَ لَكَ مَكْتُوبٌ بِحَقٍّ شَاهِدَاهُ أَخَوَاكَ فَحَضَرَكَ الْمَوْتُ وَلَا يَرِثُكَ غَيْرُهُمَا وَابْنَتُكَ فَسَأَلْتَهُمَا أَنْ يَهَبَا الْحَقَّ لِلْبِنْتِ أَوْ أَحَدِهِمَا حَتَّى تَصِحَّ شَهَادَتُهُ فِيهِ فَيَتَصَدَّقُ أَحَدُهُمَا عَلَى أَخِيهِ بِنَصِيبِهِ ثُمَّ مَاتَ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ فِيمَا وَهَبَ مِنْ مَالِكَ فِي مَرَضِكَ لِأَنَّهُ ثبتَتْ لَهُ بِالْمَرَضِ فَهُوَ يَشْهَدُ عَلَى تَنْفِيذِ هِبَتِهِ وَأَجَازَهَا أَصْبَغُ لِأَنَّ الَّذِي ثَبَتَ لِلْوَارِثِ فِي الْمَرَضِ إِنَّمَا هُوَ الْحَجْرُ دُونَ الْإِرْثِ وَهَذِهِ الْهِبَةُ نَافِذَةٌ عَلَى جَادَّةِ الْمَذْهَبِ

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا اسْتُحِقَّتْ قَرْيَةٌ بِالْعُدُولِ وَأُدْخِلَ إِلَى تَحْدِيدِهَا قَرْيَةٌ إِلَى جَانِبِهَا فَشَهِدَ أَهْلُهَا أَنَّ الْقَرْيَتَيْنِ لِغَائِبٍ رُدَّتْ شَهَادَتُهُمْ لِانْتِفَاعِهِمْ بِإِنْقَاذِ قَرْيَتِهِمْ مِنْ يَدِهِ (فَرْعٌ) قَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إِذَا أَرْسَلْتَهُمَا يُزَوِّجَانِكَ أَوْ يَشْتَرِيَانِ لَكَ جَارِيَةً تُرَدُّ شَهَادَتُهُمَا فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ صنيعهما وَضَعفه اصبغ وَقَالَ مُحَمَّد ان عقد النِّكَاح ردَّتْ وان شَهدا على الْعَاقِد جَازَتْ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الرَّسُولَيْنِ عَلَى الْقَابِضِ بِالْقَبْضِ لِأَنَّهُمَا يَدْفَعَانِ عَنْهُمَا مَعَرَّةَ التُّهْمَةِ وَتُقْبَلُ فِي أَنَّ الْمَالَ وَدِيعَةٌ لَا سَلَفٌ إِذَا نَازَعَكَ الْمُرْسَلُ إِلَيْهِ لِأَنَّهُ أَمْرٌ خَارِجٌ عَنْهُمَا وَفِي أَنَّ مَا تَحْتَ يَدِهِ رَهْنٌ لِزَيْدٍ وَلَا يُعْلَمُ الدَّيْنُ وَالرَّهْنُ إِلَّا مِنْ قَوْلِهِ فَيُقْبَلُ قَوْلُ الْأَمِينِ فِي ذَلِكَ مَعَ يَمِينِ الطَّالِبِ إِنْ شَهِدَ قَبْلَ بَيْعِ الرَّهْنِ وَيَمْتَنِعُ بَعْدَهُ لِأَنَّهُ يَدْفَعُ الضَّمَانَ عَنْ نَفْسِهِ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ أَصْبَغُ تَمْتَنِعُ شَهَادَتُهُ هَذِهِ الدَّابَّةُ لِأَبِي مَاتَ وَأَوْصَى بِهَا لِزَيْدٍ وَهِيَ تَخْرُجُ مِنَ الثُّلُثِ لِأَنَّهُ حق يَلْحَقُ أَبَاهُ دَيْنٌ فَيَجُرُّ ذَلِكَ نَفْعًا (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا حَبَّسْتَ عَلَى أَهْلِ الْحَاجَةِ مِنْ قَرَابَتِكَ حُبُسًا فَشَهِدَ فِيهِ أَهْلُ الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْحُبُسُ يَسِيرٌ لَا يَنْفَعُ هَؤُلَاءِ إِنِ احْتَاجُوا جَازَت شَهَادَتهم والا ردَّتْ

(المانع الرابع)

(الْمَانِعُ الرَّابِعُ) تُهْمَةُ الْحِرْصِ عَلَى الْقَبُولِ بِزَوَالِ معرة الْكَذِب وَفِي الْكِتَابِ إِذَا أَدَّى الصَّبِيُّ أَوِ الْكَافِرُ أَوِ الْعَبْدُ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُمْ لَمْ تُقْبَلْ أَبَدًا وُفِي الْجَوَاهِرِ يَمْنَعُ الشَّهَادَةَ الْحِرْصُ عَلَى الْبَرَاءَةِ مِمَّا يُنْسَبُ إِلَيْهِ مِنْ تَوَهُّمِ الْكَذِبِ كَمَنْ شَهِدَ فَرد لنَفسِهِ ثمَّ تَابَ فَلَا تقبل وَقَالَهُ ابْن جنبل وَقَالَ ش وح يقبل الْكل الا الْفَاسِق لما أَنهم يُتَّهَمُونَ عَنْ إِظْهَارِ صِدْقِهِمْ وَالْعَوَائِدُ دَالَّةٌ عَلَى ذَلِك وبالقياس على الفواسق لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ مِنْ غَيْرِ مُخَالِفٍ مِنَ الصَّحَابَةِ احْتَجُّوا بِأَنَّ الثَّلَاثَةَ لَا تسمع شَهَادَتهم لما علم من صفاتهم فَمَا تحقق الرَّدُّ وَبِهِ يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْفَاسِقِ لِأَنَّهُ تُسْمَعُ شَهَادَتُهُ ثُمَّ يُنْظَرُ فِي عَدَالَتِهِ فَإِنْ ظَهَرَ فِسْقُهُ رُدَّ فَيَبْقَى طَبْعُهُ يَحُثُّهُ على تَنْفِيذ مَا تعلق بِهِ اهله أَوَّلًا بِخِلَافِ الْأُوَلِ لَمْ تَتَعَلَّقْ آمَالُهُمْ بِذَلِكَ لَا يلحقهم عَار لكَون الْفسق وَلِأَنَّهُم لَا يلحقهم عَار يكون أَحَدِهِمْ صَبِيًّا أَوْ كَافِرًا أَوْ عَبْدًا لِأَنَّهَا امور توطنت نُفُوسهم عَلَيْهَا بِخِلَاف الْفسق لَا تُسْمَعُ شَهَادَتُهُمْ يَعْنِي مَقْطُوعٌ بِهِ فِيهِمْ وَالْفِسْقُ يُعْلَمُ غَالِبًا بِالِاجْتِهَادِ فَلَا يُقْبَلُ تَائِبًا بِالِاجْتِهَادِ فِي الْعَدَالَةِ وَالِاجْتِهَادُ لَا يُنْقَضُ بِالِاجْتِهَادِ وَهَاهُنَا نَنْتَقِلُ مِنْ مَعْلُومٍ إِلَى مَعْلُومٍ فَإِنَّ زَوَالَ هَذِهِ الْأَوْصَافِ مَعْلُومٌ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الثَّلَاثَةَ قَدْ لَا يَعْلَمُ الْحَاكِمُ أَحْوَالَهُمْ ثُمَّ يَسْأَلُ عَنْهُمْ فَيَحْصُلُ السَّمَاعُ وَالرَّدُّ فَلَوْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُمْ شَيْئًا حَتَّى كَشَفَ عَنْ أَحْوَالِهِمْ فمحال ان يتَّفق اذا حِينَئِذٍ وَنَحْنُ نَقُولُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُقْبَلُونَ بَعْدَ زَوَالِ تِلْكَ الْأَوْصَافِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ إِذَا أَدَّوْا فَسَقَطَ الْفَرْعُ بَلْ نَعْكِسُ وَنَقُولُ لَوْ حصل الْبَحْث عَن الْفَاسِق قبل الاداء إِذَا زَالَ فِسْقُهُ كَمَا تَقَدَّمَ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْعَارَ يَلْحَقُهُمْ بِكَوْنِهِمْ يُحْصَرُونَ عِنْدَ التَّحَمُّلِ والاداء وَلَا

(المانع الخامس)

يُعَرَّجُ عَلَيْهِمْ فَالنُّفُوسُ الْأَبِيَّةُ تَرْتَغِمُ ذَلِكَ بَلِ الْفَاسِقُ وَهُوَ أَوْلَى لِعَدَمِ الِارْتِغَامِ وَالْعَارِ لِأَنَّهُ اطرَح الْحيَاء وَلَا بَأْس مَا يُمْكِنُهُ تَرْكُهُ وَهَؤُلَاءِ مَقْهُورُونَ لِنَقْصِهِمْ فَيَكُونُ الْفَاسِقُ بَعِيدًا عَنِ النَّاسِ بِخِلَافِهِمْ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الْكَافِرَ يُقْبَلُ بَعْدَ إِسْلَامِهِ عِنْدَكُمْ مَعَ أَنَّ الْإِسْلَامَ غَيْرُ مَعْلُومٍ بَلْ ظَاهِرٌ فَقَدْ نَقَضَ الظَّنَّ أَوِ الْعِلْمَ السَّابِقَ بِكُفْرِهِ بِالظَّنِّ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ الْعِلَّةَ الْأُولَى أَخْلَفَهَا عِلَّةٌ أُخْرَى وَهِيَ التُّهْمَةُ تَفْرِيعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ جَهِلَ الْقَاضِي فَأَجَازَهَا فِي الْحَالة الثَّانِيَة نقض حكمه وَلَو شهد أَوَّلًا فَلَمْ يَرَوْا حَتَّى تَغَيَّرَتْ أَحْوَالُهُمْ قُبِلُوا لِعَدَمِ أَلَمِ نُفُوسِهِمْ بِالرَّدِّ فَلَا تُهْمَةَ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا قُلْتَ لِلْحَاكِمِ شَاهِدِي فُلَانٌ الْعَبْدُ أَوِ الْكَافِرُ أَوِ الصَّبِيُّ فَقَبِلَ شَهَادَتَهُ ثُمَّ تَغَيَّرَ حَالُهُ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ فُتْيَا لارد قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ يَنْبَغِي أَنْ يُعِيدُوا شَهَادَتَهُمْ بَعْدَ زَوَالِ نَقْصِهِمْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ حَكَمَ بِشَهَادَةِ الْعَبْدِ يَظُنُّهُ حُرًّا فَقُمْتَ بِذَلِكَ بَعْدَ عِتْقِهِ رُدَّ الْحُكْمُ الْأَوَّلُ وَيُقَامُ بِهَا الْآنَ فَشَهِدَ لَكَ ثَانِيًا وَقِيَاسُ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ إِذَا كَانَ الثَّلَاثَةُ أُصُولًا أُشْهِدُوا عَلَى شَهَادَتهم تمّ انْتَقَلُوا إِلَى حَالَةِ الْقَبُولِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْفُرُوعِ لِتَحَمُّلِهِمْ عَمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ بِخِلَافِ إِنْ شَهِدُوا فِي الْحَالِ الثَّانِي بِمَا عَلِمُوا فِي الْحَالِ الْأَوَّلِ قَالَ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ العَبْد الَّذِي حكم بِشَهَادَتِهِ لابد أَنْ يُعِيدَ الْأَوَّلَ قَالَ سَحْنُونٌ أَجْمَعَ أَصْحَابُنَا أَنَّ كُلَّ مَنْ رُدَّ بِجُرْحَةٍ أَوْ ظِنَّةٍ أَوْ مَانِعٍ لَا يُقْبَلُ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا زَالَ ذَلِك الْمَانِع لَان قَاضِيا وَحكم بردهَا (الْمَانِع الْخَامِس) تُهْمَة الاحسان وَفِي الْكِتَابِ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ مَنْ فِي عِيَالِكَ لَكَ وَكَذَلِكَ السُّؤَالُ إِلَّا فِي الْقَدْرِ الْيَسِيرِ فِي النُّكَتِ يَجُوزُ إِذَا كَانَ الْمَشْهُودُ لَهُ فِي عِيَال

(المانع السادس)

الشَّاهِدِ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إِنْ كَانَ الَّذِي فِي عِيَالِكَ أَخًا أَوْ نَحْوَهُ امْتَنَعَتِ الشَّهَادَةُ لَهُ فِي مَالٍ لِأَنَّهُ تنْدَفع بِهِ نَفَقَته عَنهُ وَأَنْتَ تَخْشَى مِنْ عَدَمِ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ الْمَعَرَّةَ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَا تُرَدُّ شَهَادَةُ مَنْ تُصِيبُهُ الْحَاجَةُ فَسَأَلَ بَعْضَ إِخْوَانِهِ وَلَيْسَ بِالْمَشْهُورِ بِالْمَسْأَلَةِ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الرَّجُلِ الصَّالِحِ يَسْأَلُ الصَّدَقَةَ أَوْ يَسْأَلُ الرَّجُلَ الشَّرِيفَ وَلَا يَتَكَفَّفُ النَّاسَ وَهُوَ مَعْرُوفٌ بِالْمَسْأَلَةِ بِخِلَافِ مَنْ يَقْبِضُ الصَّدَقَةَ إِذَا خَرَجَتْ مِنْ عِنْدِ الْإِمَامِ أَوْ مِنْ وَصِيَّةٍ فُرِّقَتْ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْفَقِيرِ اذا كَانَ يقبل الشَّيْء غَيْرِ مَسْأَلَةٍ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا أَتَاكَ مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ فَخُذْهُ فَإِنَّمَا هُوَ رِزْقٌ رَزَقَكَهُ اللَّهُ فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ بَابِ السُّؤَالِ وَقِيلَ يُقْبَلُ فِي الْيَسِيرِ دُونَ الْكَثِيرِ الَّذِي هُوَ نَحْوُ خَمْسِمِائَةِ دِينَارٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ ظَاهِرَ الْعَدَالَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ كَانَ الْفَقِيرُ لَا يَقْبَلُ الصَّدَقَةَ قُبِلَ فِي الْقَلِيلِ وَاخْتُلِفَ فِي الْكَثِيرِ نَحْوَ خَمْسِمِائَةِ دِينَارٍ إِذَا كَانَتْ بِوَثِيقَةٍ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنْ يَقْصِدَ بِالْكَثِيرِ طَبَقَةً غَيْرَ هَؤُلَاءِ وَأَمَّا إِنْ قَالَ سَمِعْتُهُ يُقِرُّ قَالَ أَرَى قَبُولَهَا وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ مُنْقَطِعًا فِي الصَّلَاحِ أَوْ مُشْتَهِرًا بِالشَّهَادَةِ اَوْ يقْصد النَّاسُ بِالْكِتَابَةِ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ يُقْبَلُ الْمُعْتَرِضُ لِإِخْوَانِهِ وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ إِنْ كَانَ يَسْأَلُ فِي مَعْصِيّة نزلت بِهِ اودية وَقَعَتْ عَلَيْهِ لَمْ تُرَدَّ وَتُرَدُّ شَهَادَةُ هَؤُلَاءِ لِمَنْ عَادَتُهُ رِفْقَةٌ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ الْمَسْأَلَةُ الْعَامَّةُ تُبْطِلُ الشَّهَادَةَ اتِّفَاقًا وَالْخَاصَّةُ فِيهَا قَوْلَانِ لِابْنِ وَهْبٍ وَغَيْرِهِ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُعْتَرِضِ لِصِلَاتِ الْوُلَاةِ لِقُبْحِ أَمْوَالِهِمُ الْيَوْمَ إِذَا كَانَ مَعْرُوفًا بِالطَّلَبِ (الْمَانِعُ السَّادِسُ) تُهْمَةُ بُطْلَانِ الْحَقِّ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَهْلِ الْبَادِيَةِ إِذَا قَصَدُوا دُونَ الْحَاضِرِ فِي الْمُبَايَعَاتِ وَالنِّكَاحِ وَالْهِبَةِ وَالْإِجَارَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْعِتْق

وَالتَّدْبِيرِ لِأَنَّ الْعُدُولَ إِلَيْهِمْ فِي هَذِهِ رِيبَةٌ فِي أَصْلِ الْحَقِّ فَلَا شَهَادَةَ لِبَدَوِيٍّ فِي الْحَضَرِ عَلَى حَضَرِيٍّ وَلَا بَدَوِيٍّ إِلَّا فِي الْجراح وَالْقَتْل والزنى وَالشُّرْبِ وَالضَّرْبِ وَالشَّتْمِ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا يُقْصَدُ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ بَلْ يَقَعُ بَغْتَةً وَتَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ فِيمَا يَقَعُ فِي الْبَادِيَةِ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى الْحَضَرِيِّ وَالْبَدَوِيِّ لِأَنَّ الْمَوْجُودَ ثَمَّ لَيْسَ إِلَّا عُدُولُهُمْ دُونَ الْحَضَرِ قَالَ فَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ لَوْ حَضَرُوا فِيمَا يَقَعُ بَيْنَ أَهْلِ الْحَاضِرَةِ مِنَ الْمُعَامَلَاتِ وَغَيْرِهَا دُونَ أَنْ يُحْضَرُوا لِذَلِكَ أَوْ يُقْصَدُوا لَهُ فَشَهِدُوا جَازَ وَعَنْ مَالِكٍ تُرَدُّ شَهَادَةُ الْبَدَوِيِّ عَلَى الْحَضَرِيِّ لِبَدَوِيٍّ مُطْلَقًا كَانَ فِي الْحَضْرَةِ وَالْبَدَوِيَّةِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْبَدَوِيِّ عَلَى الْقَرَوِيِّ وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى شَهَادَةُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَالِمِ فَعَنِ ابْن وهب لَا يقبل القاريء على القاريء لِمَا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ التَّحَاسُدِ وَجَوَّزَ ابْنُ الْقَاسِمِ شَهَادَةَ الْبَدَوِيِّ فِي رُؤْيَةِ الْهِلَالِ قَالَ مَالِكٌ وَإِذَا انْقَطَعَ الْقَرَوِيُّ فِي الْبَادِيَةِ وَصَارَ مِنْهُمْ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ لَهُ وَفِي النَّوَادِرِ إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ بِالْبَادِيَةِ وَكَانَ يَتَّجِرُ بِهَا قُبِلَتْ شَهَادَةُ أَهْلِ الْبَادِيَةِ لِعَبْدِهِ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ وَجَمِيعِ أُمُورِهِ إِذَا كَانَ لَا يَجِدُ غَيْرَهُمْ وَلَوْلَا ذَلِكَ بَطَلَتْ حُقُوقُهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ التُّهْمَةُ إِذَا كَتَبَ خَطَّهُ فِي الْوَثِيقَةِ أَوْ فِي الصَّدَاقِ وَهُوَ الْحَضَر بِخِلَاف مَا لَو سمعهما يتقارران أَوْ فِي سَفَرٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ لَا يُقْبَلُ البدوي الا ان يعلم بِهِ كَانَ مُخَالِطًا لِلْحَضَرِيِّينَ أَوْ يَكُونَ جَمِيعُهُمْ مُسَافِرِينَ وَكَذَلِكَ بَيْنَ حَضَرِيٍّ وَبَدَوِيٍّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَدَوِيُّ مِنْ قَرْيَةِ الشَّاهِدِ فَيَشْهَدُ بِمُدَايَنَةٍ كَانَتْ فِي الْقَرْيَةِ أَوْ فِي الْحَاضِرَةِ إِذَا كَانَ مَعْرُوفًا بِالْعَدَالَةِ وَمِمَّنْ يُعَوَّلُ فِي الْمُدَايَنَةِ عَلَى مِثْلِهِ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ لَا يُقْبَلُ الْبَدَوِيُّ مُطلقًا على الْقَرَوِي وَقَالَ ش وح يُقْبَلُ مُطْلَقًا لَنَا الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ وَهُوَ فِي ابي دَاوُد وبدوي لَا يقبل شَهَادَةُ بَدَوِيٍّ عَلَى صَاحِبِ قَرْيَةٍ وَهُوَ مَحْمُولٌ عندنَا على

تَوَقُّعِ التُّهْمَةِ جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعُمُومَاتِ كَقَوْلِهِ تعإلى {شهيدين من رجالكم} الْكِتَابِ وَيُحْمَلُ الْحَدِيثُ عَلَى مَنْ لَمْ تُعْلَمْ عَدَالَتُهُ مِنَ الْأَعْرَابِ وَهَذَا أَوْلَى لِأَنَّهُ يُفْضِي إِلَى عَدَمِ التَّعَارُضِ وَبِمَا رُوِيَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شَهِدَ عِنْدَهُ أَعْرَابِيٌّ عَلَى رُؤْيَةِ الْهِلَالِ فَقَبِلَ شَهَادَتَهُ عَلَى النَّاسِ وَلِأَنَّ مَنْ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ فِي الْجِرَاحِ قُبِلَتْ فِي غَيْرِهَا أَصْلُهُ الْقَرَوِيُّ وَلِأَنَّ الْجِرَاحَ آكَدُ مِنَ الْمَالِ فَهُوَ فِي الْمَالِ أَوْلَى وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ جَمْعَنَا أَوْلَى لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِأَجْلِ عَدَمِ الْعَدَالَةِ لَمْ يَبْقَ فِي تَخْصِيصِهِ لِصَاحِبِ الْقَرْيَةِ فَائِدَةٌ فَدلَّ التَّخْصِيص على الْمُرَادَ التُّهْمَةُ وَعَنِ الثَّانِي نَحْنُ نَقْبَلُهُ فِي رُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَعَنِ الثَّالِثِ الْفَرْقُ أَنَّ الْقَرَوِيَّ لَا يُتَّهَمُ وَالْبَدَوِيَّ يُتَّهَمُ وَلِأَنَّ الْجِرَاحَ فِي الْغَالِب بهَا الخلوات والمغفلات بِخِلَافِ الْعُقُودِ إِذَا عَدَلَ فِيهَا عَنْ أَهْلِ بَلَدِهِ إِلَى بَدَوِيٍّ كَانَ ذَلِكَ رِيبَةً فَإِنْ قِيلَ الرِّيبَةُ فِيمَنْ أُشْهِدَ لَا فِي الشَّاهِدِ قِيلَ الرِّيبَةُ حَصَلَتْ فِي بُطْلَانِ الْحَقِّ فَيَكُونُ اجلد الشَّاهِد عَنهُ كذبا فَيرد وَعَن الرَّابِع ان الْجراح اكل مُسلم وَلَكِنَّهَا سَلِمَتْ عَنِ التُّهْمَةِ وَالْعُقُودُ فِيهَا التُّهْمَةُ فَائِدَة البدوي مَنْسُوبٌ لِلْقَرْيَةِ وَهِيَ الدُّورُ الْمُجْتَمِعَةُ مِنْ قَرَيْتُ الْمَاءَ فِي الْحَوْضِ إِذَا جَمَعْتَهُ فَكُلُّ مَدِينَةٍ قَرْيَةٌ وَلَيْسَ كُلُّ قَرْيَةٍ مَدِينَةً لِأَنَّ الْمَدِينَةَ مِنَ الْإِدَانَةِ وَهِيَ الطَّاعَةُ فَإِذَا كَانَ فِي الْقَرْيَةِ مَنْ يُطَاعُ مِنْ وُلَاةِ الْأَمْرِ فَهِيَ مَدِينَة

(المانع السابع)

(الْمَانِعُ السَّابِعُ) تُهْمَةُ عَدَمِ الضَّبْطِ مِنْ جِهَةِ التغفل وَفِي الْجَوَاهِر من لايفهم مَا يَشْهَدُ فِيهِ أَوْ تَذْهَبُ عَلَيْهِ الْأُمُورُ فَيَحْمِلُ الشَّيْءَ عَلَى خِلَافِ مَا هُوَ عَلَيْهِ وَقَدْ يَتَلَقَّنُ فَيَقْبَلُ التَّلْقِينَ وَرُبَّ شَيْءٍ يَحْمِلُهُ فَهْمُ بَعْضِ النَّاسِ وَلَا يَفْهَمُهُ بَعْضُهُمْ وَرُبَّ أَمْرٍ يَفْهَمُهُ كُلُّ أَحَدٍ فَالشَّيْءُ الَّذِي لَا يَلْتَبِسُ أَوِ اللَّفْظُ الَّذِي لَا يَتَعَلَّقُ بِغَيْرِهِ وَلَا يطول الْخطاب مَعَه يقبل مِنْهُ وَالْقَصَصُ الطَّوِيلَةُ أَوْ مَا فِيهَا مُرَاجَعَةٌ لَا يقبل فِيهَا وَلَعَلَّ مَا فهم مُتَعَلق بِمَا ذهب اليه (الْمَانِعُ الثَّامِنُ) فِي الْجَوَاهِرِ الْحِرْصُ عَلَى زَوَالِ التَّغْيِير بِالتَّأَسِّي وَالتَّسَلِّي بِأَنْ يَجْعَلَ غَيْرَهُ مِثْلَهُ كَقِصَّةِ زُلَيْخَا وَقَالَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَدَّتِ الزَّانِيَةُ أَنَّ النِّسَاءَ كُلَّهُنَّ زَوَانٍ وَنَبَّهَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ {وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظلمتم أَنكُمْ فِي الْعَذَاب مشتركون} فَلَا يُقْبَلُ الْمَحْدُودُ فِيمَا حُدَّ فِيهِ وَإِنْ صَلَحَتْ حَالُهُ قَالَ سَحْنُونٌ وَجَمَاعَةٌ مَعَهُ فِي الزَّانِي وَالْمَنْبُوذِ تُرَدُّ شَهَادَتُهُمَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالزِّنَى وَاللِّعَانِ وَالْقَذْفِ وَقَبِلَهُمْ كُلَّهُمُ ابْنُ كِنَانَةَ فِيمَا حُدُّوا فِيهِ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْكِتَابِ وَإِطْلَاقُ غَيْرِهِ مِنَ الْكُتُبِ وَلنْ يَخْتَلِفِ الْمَذْهَبُ فِي رَدِّ وَلَدِ الزِّنَى فِي الزِّنَى وَقَبُولِهِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالزِّنَى وَالْقَذْفِ وَظَاهِرُ الْكِتَابِ أَنَّ مَعَرَّةَ الْكَبِيرَةِ يُكَفِّرُهَا الْحَدُّ وَتَمْحُوهَا التَّوْبَةُ وَالْوَرَعُ وَالْعَفَافُ فَيَصِيرُ فَاعِلُهَا كَأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ قَبِيحًا لِأَنَّ التَّائِبَ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لاذنب لَهُ

(المانع التاسع)

(الْمَانِعُ التَّاسِعُ) تُهْمَةُ الْحِرْصِ عَلَى مَنْصِبِ الشَّهَادَةِ بِالِابْتِدَاءِ بِهَا حَيْثُ لَا تَجِبُ فَفِي الْجَوَاهِرِ كالزنى وَشرب الْخمر قَالَ ابْن الْقَاسِم يكتم وَلَا يُشْهَدُ بِهَا إِلَّا فِي جُرْحَةٍ إِنْ شَهِدَ عَلَى أَحَدٍ أَوْ حَقٍّ لِآدَمِيٍّ فَلَا يبتدا بِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُ الْحَقِّ يَعْلَمُ أَعْلَمَهُ بِمَا لَهُ عِنْدَهُ مِنَ الشَّهَادَةِ فَإِنْ بَادَرَ بهَا قبل طلبه لَهَا لم يقبل قَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِذَا حَلَفَ عَلَى صِحَّةِ شَهَادَتِهِ قَدَحَ ذَلِكَ فِي شَهَادَتِهِ لِأَنَّ الْيَمِينَ دَلِيلُ التَّعَصُّبِ وَالْحَمِيَّةِ وَالْحِرْصِ عَلَى قَبُولِ الشَّهَادَةِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ الصَّحِيحُ عَدَمُ الْقَدْحِ إِلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ لَهُ مَقْصُودٌ قَبْلَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ فِيمَا يَنْقُلُهُ مِنَ الشَّهَادَةِ بِالْحَلِفِ فَقَالَ {قُلْ بلَى وربي لتبعثن} {فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنكُمْ تنطقون} (الْمَانِعُ الْعَاشِرُ) تُهْمَةُ الرِّيبَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا قَالَ الْمَرِيضُ كُلُّ شَهَادَةٍ اشْهَدْ بَيْنكُمَا فَهِيَ بَاطِل ثُمَّ شَهِدَ بَيْنَهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ وَقَالَ كُنْتُ مَرِيضا اخاف وَسَأَلَ أَبُو بَكْرِ بْنُ حَزْمٍ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ عَنْ شَهَادَةٍ عِنْدَهُ فَلَمْ يَذْكُرْهَا ثُمَّ ذَكَرَهَا ذُكِرَتْ كَانَ رَدَدْنَا قَالَ مَالِكٌ إِذَا أَنْكَرَ ثُمَّ ذَكَرَ قُبِلَ إِنْ كَانَ مُبَرِّزًا وَلم يمكر مِنْ طُولِ الزَّمَانِ مَا يُنْكِرُ قَالَ سَحْنُونٌ اذا قَالَ اخبروني لِأَذْكُرَ قُبِلَ إِنْ كَانَ مُبَرِّزًا وَإِنْ قَالَ مَا عِنْدِي عِلْمٌ ثُمَّ رَجَعَ فَقَدِ اخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ مَالِكٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا شَهِدَ بِعَشَرَةٍ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى خَمْسَةَ عَشَرَ قُبِلَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا كَانَ بَيْنَ الْعَدَالَةِ وَكَذَلِكَ إِنْ نَقَصَ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا كَانَ مِمَّنْ لَا يُتَّهَمُ فِي عَقْلِهِ فَمَا زَادَ أَوْ نَقَصَ قَبْلَ الْحُكْمِ قُبِلَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي عَدَالَتِهُ كَذَلِكَ لَمْ تُقْبَلْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي السَّرِقَةِ مِنَ الْمُدَوَّنَةِ وَفِي

(الباب التاسع في الشهادة على الشهادة)

كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ يُؤَدَّبُ مَعَ إِسْقَاطِ شَهَادَتِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يُؤَدَّبُ الرَّاجِعُ عَنْ شَهَادَته قبل الحكم لَيْلًا يَمْتَنِعَ النَّاسُ عَنِ الرُّجُوعِ إِلَى الْحَقِّ وَالْحَاصِلُ فِيمَنِ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ فَرَجَعَ قَبْلَ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِ قُبِلَ رُجُوعُهُ وَفِيمَا يُسْتَقْبَلُ أَوْ بَعْدَ الْحُكْمِ لَمْ يُنْقَضْ وَاخْتُلِفَ فِي تَضْمِينِهِ وَفِي رَدِّهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَيُقْبَلُ الْمُبَرِّزُ اتِّفَاقًا وَإِنْ رَجَعَ وَلم يات بِعُذْر يشبه اوتبين بَعْدَهُ الزُّورُ أُدِّبَ وَلَمْ يُقْبَلْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ رَجَعَ قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَهُ وَقِيلَ لَا يُؤَدَّبُ إِذَا رَجَعَ قَبْلَ الْحُكْمِ (الْبَابُ التَّاسِعُ فِي الشَّهَادَة على الشَّهَادَة) وَفِي الْكِتَابِ تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي الْحُدُودِ وَالطَّلَاقِ وَالْوَلَاءِ وَكُلِّ شَيْءٍ وَتَجُوزُ شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ عَلَى شَهَادَةِ عَدَدٍ كَثِيرٍ وَلَا يُقْبَلُ أَقَلُّ من اثْنَيْنِ عَن وَاحِد لَان احياء الْوَاحِدِ تَصَرُّفٌ يَحْتَاجُ إِثْبَاتُهُ إِلَى مَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ التَّصَرُّفَاتُ وَلَا يُقْبَلُ فِي النَّقْلِ وَاحِدٌ مَعَ يَمِين الطَّالِب فِي مَال لِأَنَّهَا بَعْضُ شَاهِدٍ وَالنَّقْلُ لَيْسَ بِمَالٍ وَلَوْ أُجِيزَ ذَلِك لم يصل إِلَى قبض المَال إِلَى يمينين وَقضى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْأَمْوَالِ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَاحِدَةٍ وَتَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي الْأَمْوَالِ مَعَ رَجُلٍ فِي الْمَالِ أَوِ الْوِكَالَةِ عَلَيْهِ يَنْقُلْنَ عَنْ رَجُلٍ أَوِ امْرَأَةٍ وَإِنْ كَثُرْنَ فَلَا بُدَّ مِنْ رَجُلٍ وَقَالَهُ أَشْهَبُ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا تجوز شَهَادَتهم وَقَالَ غَيْرُهُ تَمْتَنِعُ شَهَادَتُهُنَّ عَلَى الشَّهَادَةِ وَلَا عَلَى وِكَالَةٍ فِي مَالٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَا تَمْتَنِعُ فِيهِ شَهَادَتُهُنَّ لَا يَنْقُلْنَ فِيهِ الشَّهَادَة عَن غَيْرهنَّ مَعَهُنَّ رجلا أَمْ لَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنَّمَا يُنْقَلُ عَنْ مَرِيضٍ أَوْ غَائِبٍ إِلَّا النِّسَاءَ فَيَنْقُلْنَ عَنِ الْحَاضِرَةِ الصَّحِيحَةِ لِأَنَّ الْأُنُوثَةَ عُذْرٌ كَالْمَرَضِ وَلَا يُنْقَلُ فِي الْحُدُودِ إِلَّا فِي غَيْبَةٍ بَعِيدَةٍ بِخِلَافِ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ وَيَجُوزُ فِي مِثْلِ هَذَا فِي غَيْرِ الْحُدُودِ وَلَا يُنْقَلُ عَنْ غير الْعُدُول إِلَى القَاضِي لَيْلًا يَغْلَطَ فَيُقْضَى بِهَا قَالَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ لَمْ يَعْرِفُوهُمْ

بِالْعَدَالَةِ وَالْقَاضِي يَعْرِفُهُمْ أَوْ عَدَّلَهُمْ غَيْرُهُمْ جَازَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ الْوُثُوقُ بِقَوْلِ الْأَصْلِ قَالَ أَصْبَغُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَعْلَمَ الْقَاضِي أَنَّ الْمُعَدَّلَ هُوَ الْمَنْقُول عَنهُ لَيْلًا يَجْعَلَ اسْمَهُ لِغَيْرِهِ قَالَ مُطَرِّفٌ فَإِنْ قَالُوا كَانُوا يَوْمَ تَحَمَّلْنَا عَنْهُمْ عُدُولًا وَلَا نَدْرِي الْيَوْمَ حَالَهُمْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُمْ حَتَّى يَعْلَمُوا أَنَّهُمْ غُيَّبٌ أَوْ أَمْوَاتٌ فَلَعَلَّهُمْ حَضَرُوا وَرَجَعُوا عَنْ شَهَادَتِهِمْ أَوْ نَسُوهَا أَوْ ذَهَبَتْ عَدَالَتُهُمْ قَالَ مُطَرِّفٌ إِذَا سَمِعْتَ رَجُلًا يَشْهَدُ عِنْدَ الْقَاضِي جَازَ النَّقْلُ عَنْهُ وَقَالَ أَصْبَغُ يُمْنَعُ حَتَّى يَشْهَدَ عَلَى قَبُولِ الْقَاضِي لِتِلْكَ الشَّهَادَةِ وَهُوَ أَشْبَهُ بِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى شَهَادَةِ رَجُلٍ وَأَحَدُهُمَا وَثَالِثٌ عَلَى شَهَادَةِ آخَرَ فِي ذَلِكَ الْحَقِّ يَمْتَنِعُ لَان بِوَاحِد احيي شَهَادَتهمَا واجازه وَاحِد لَهُ جَمْعُ الرَّجُلَيْنِ فَلَوْ كَانَ مَعَهُمَا آخَرُ يَنْقُلُ عَنْهُمَا جَازَ عِنْدَهُ فَكَيْفَ وَهُوَ مَعَ رَجُلَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَنْقُلُ عَنْ رَجُلٍ وَهُوَ أَقْوَى قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا شَهِدَ امْتَنَعَ آخَرُ عَنْ رَجُلٍ امْتَنَعَ لِأَنَّ وَاحِدًا أَدَّى الشَّهَادَةَ وَتَجُوزُ شَهَادَتُكَ إِذَا قَدَّمَ الْأَصْلَ فَأَنْكَرَ أَوْ شَكَّ عَنْ قُرْبٍ أَوْ بُعْدٍ امْتَنَعَ النَّقْلُ قَالَ مَالِكٌ وَيُنْقَضُ الْحُكْمُ وَعَنْهُ لَا عزم عَلَيْهَا وَهَذَا أَصْوَبُ وَلَوْ كَانَ قَبْلَ الْحُكْمِ سَقَطَتِ الشَّهَادَةُ كَالرُّجُوعِ عَنِ الشَّهَادَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَجُوزُ فِي الزِّنَى شَهَادَةُ أَرْبَعَةٍ عَلَى أَرْبَعَة اَوْ اثْنَان على اثْنَيْنِ وَاثْنَانِ عَلَى اثْنَيْنِ آخَرَيْنِ حَتَّى يَتِمَّ أَرْبَعَةٌ مِنْ كلا النَّاحِيَتَيْنِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى شَهَادَةٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَرْبَعَةِ جَازَتْ والا تفَرقُوا جلو لِسَان عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ لِأَنَّ النَّقْلَ حُكْمٌ بَدَنِيٌّ كَالْقَتْلِ يُلْغَى فِيهِ اثْنَانِ وَيَجُوزُ فِي تَعْدِيلِهِمْ مَا يَجُوزُ فِي تَعْدِيلِ غَيْرِهِمُ اثْنَانِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ وَأَرْبَعَةٌ عَلَى جَمِيعِهِمْ قَالَ مُطَرِّفٌ لَا يَجُوزُ إِلَّا أَرْبَعَةٌ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَرْبَعَةِ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ فِي الزِّنَى فَيَسْتَوِي الْأَصْلُ وَالْفَرْعُ فَلَا بُدَّ مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ وَلَو

شَهِدَ ثَلَاثَةٌ عَلَى الرُّؤْيَةِ فَلَا يُنْقَلُ عَنِ الرَّابِعِ وَحْدَهُ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَرْبَعَةٍ يَجْتَمِعُونَ عَلَى الرُّؤْيَةِ وَلَا يَعَدِلُ كُلَّ وَاحِدٍ من شُهُود الرُّؤْيَا إِلَّا أَرْبَعَةٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ مَتَى أَمْكَنَ الْأَصْلُ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْ نَفْسِهِ لَا يُؤَدِّي غَيْرُهُ لِإِمْكَانِ رِيبَةٍ عِنْدِهِ وَشَهَادَةُ الْأَصْلِ أَحْوَطُ لِأَنَّ الْخلَل مُمكن على الاصل وعَلى الْفَرْع فحال وَاحِدٌ أَقْرَبُ لِلصَّوَابِ وَهُوَ مِنْ حَقِّ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَالْغَيْبَةُ قِيلَ الْيَوْمَانِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَالِ وَفِي الْحُدُودِ يَكْفِي ذَلِكَ وَقَالَهُ سَحْنُونٌ وَقِيلَ مَسَافَةُ الْقَصْرِ فِي الْمَالِ وَغَيْرِهِ وَيجوز نقل النِّسَاء عَن رجل ولامرأتين شَهدا عَلَى طَلَاقٍ أَوْ قَتْلٍ أَوْ عِتْقٍ فَيَحْلِفُ الزَّوْجُ أَوِ السَّيِّدُ وَيُقْسِمُ الْأَوْلِيَاءُ وَلَا يَصِحُّ نَقْلُ امْرَأَتَيْنِ مُنْفَرِدَتَيْنِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كَمَا يَمْتَنِعُ رَجُلٌ عَنْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَجَوَّزَ أَصْبَغُ نَقْلَ امْرَأَتَيْنِ شَهِدَتَا عَلَى وِلَادَةٍ وَاسْتِهْلَالٍ قِيَاسًا عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِهِمَا فِي الْأَصْلِ وَمَنَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِلَّا رَجُلًا وَاحِدًا وَامْرَأَتَيْنِ وَمَنَعَ نَقْلَ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ لِأَنَّ الْأَوَّلَ أُجِيزَ لِلضَّرُورَةِ لَمَّا كَانَ لَا يَحْضُرُ غَيْرُهُنَّ بِخِلَافِ النَّقْلِ وَقَدْ مَنَعَ أَشْهَبُ نَقْلَهُنَّ مُطْلَقًا لِأَنَّ النَّقْلَ لَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ تُمْنَعُ شَهَادَةُ أَرْبَعَةٍ عَلَى أَرْبَعَةٍ فِي الزِّنَى إِلَّا أَنْ يَشْهَدُوا مَعًا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ من الاربعة فَإِن افْتَرَقُوا فالتحمل عَنْهُمْ فَشَهِدَ الْأَرْبَعَةُ الْيَوْمَ عَلَى أَحَدِهِمْ وَغَدًا عَلَى الثَّانِي وَكَذَلِكَ إِلَى الرَّابِعِ امْتَنَعَ إِلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ تَفَرُّقِ الْأُصُولِ فِي الْأَدَاءِ وَيَشْتَرِطُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنْ يَكُونَ الْأَرْبَعَةُ نَقَلُوا عَنْ زِنًى وَاحِدٍ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ وَأَنْ يُؤَدِّيَ الْفُرُوعَ مُجْتَمِعِينَ كَالْأُصُولِ وَكُلُّ مَا هُوَ مُعْتَبَرٌ فِي الْأُصُولِ مُعْتَبَرٌ فِي الْفُرُوعِ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى إِذَا سَمِعْتَهُ يَقُصُّ شَهَادَتَهُ لَا تَنْقُلْهَا عَنْهُ حَتَّى يُشْهِدَكَ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ وَقْتِ الْأَدَاءِ قَدْ يُتْرَكُ التَّجَوُّزُ وَأَنْتَ مَعَهُ كَالْحَاكِمِ إِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ لَمْ يَحْكُمْ بِشَهَادَتِهِ حَتَّى يُؤَدِّيَهَا عِنْدَهُ قَالَهُ مَالِكٌ وَلَوْ سَمِعْتَهُ يُشْهِدُ غَيْرَكَ عَلَى شَهَادَتِهِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ لَا تَشْهَدْ أَنْتَ بِخِلَافِ الْمُقِرِّ قَالَ وَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَن

سَمِعْتَهُ يُؤَدِّي عِنْدَ الْحَاكِمِ مَنَعَ أَشْهَبُ النَّقْلَ عَنْهُ وَأَجَازَهُ مُطَرِّفٌ إِذَا مَاتَ الْقَاضِي أَوْ عُزِلَ وَمَنَعَ أَصْبَغُ حَتَّى يُشْهِدَكَ أَوْ تَشْهَدَ أَنْتَ عَلَى قَبُولِ الْقَاضِي تِلْكَ الشَّهَادَةَ تَنْبِيهٌ اتَّفَقَ النَّاسُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي الْمَالِ وَقَالَهُ ش فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ وَقَالَ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ لَا تقبل فِي قصاص ولأحد لَنَا عُمُومُ قَوْله تَعَالَى {شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} و {ذَوي عدل مِنْكُم} وَلَمْ يَخُصَّ أَصْلًا مِنْ فَرْعٍ وَلِأَنَّ الْقِصَاصَ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ كَالْمَالِ وَلِأَنَّهَا إِذَا جَازَتْ فِي المَال للْحَاجة اولى فِي الْقصاص اشد وان الشَّهَادَةَ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالزِّنَى تَجُوزُ وَهُوَ إِخْبَارٌ عَن الْفِعْل وَكَذَلِكَ الْإِخْبَارُ عَنِ الشَّهَادَةِ احْتَجُّوا بِأَنَّ النَّقْلَ خِلَافُ الْقِيَاسِ لِأَنَّ الشَّاهِدَ يَنْقُلُ لِلْحَاكِمِ حَقًا لَزِمَ غَيْرَهُ الشَّهَادَةُ حَقًّا تَلْزَمُ لِأَنَّكَ لَوِ ادَّعَيْتَ عَلَى شَاهِدٍ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ وَلِأَنَّ الْفَرْعَ يَتَرَتَّبُ على شَهَادَة اقامة الْحَد وَهُوَ لم يُعلمهُ بذلك - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذَا رَأَيْتَ مِثْلَ هَذِهِ الشَّمْسِ فَاشْهَدْ وَإِلَّا فدع ولان الْحَاكِم يحكم فِي عَلَى شَهَادَةِ الْأَصْلِ وَهُوَ لَمْ يُؤَدِّ عِنْدَهُ فَهُوَ حُكْمٌ بِشَهَادَةٍ لَمْ تُؤَدَّ عِنْدَ حَاكِمٍ تَرَكَ هَذَا الْقِيَاسَ فِي مُعَارَضَةِ الْإِجْمَاعِ فَيُسْتَعْمَلُ فِي صُورَةِ النِّزَاعِ وَلِأَنَّ الْحُدُودَ تَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ وَتُوهِمُ الْغَلَطَ فِي الْفَرْعِ مَعَ الْأَصْلِ شُبْهَةٌ مُعْتَبَرَةٌ بِدَلِيلِ أَنَّ الْفَرْعَ لَا يُقْبَلُ مَعَ وجود الأَصْل وَلِأَن السّتْر مَكْتُوب فِي الْحُدُودِ فَلَا إِلَى إِقَامَتِهَا وَشَهَادَةُ الْفَرْعِ إِنَّمَا أُجِيزَتْ لِلْحَاجَةِ وَهَذَا فَرْقٌ يَمْنَعُ صِحَّةَ الْقِيَاسِ عَلَى الْمَالِ مَعَ عَدَمِ النَّصِّ فَتَنْحَسِمُ مَادَّة مشروعيتها

وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الشَّهَادَةَ حَقٌّ وَاجِبٌ بالاجماع وَيَقْضِي كاتبها وَإِنَّمَا امْتَنَعَتْ إِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ الْبَيِّنَةِ الْإِنْكَارَ وَالشَّاهِدُ إِذَا أَنْكَرَ بَطَلَ مَا عِنْدَهُ مِنَ الشَّهَادَةِ وَالْحَدِيثُ حُجَّةٌ لَنَا لِأَنَّ الْفَرْعَ إِنَّمَا شَهِدَ بِمَا سَمِعَهُ مِنَ الْأَصْلِ وَهُوَ مَعْلُومٌ لَهُ بِحَاسَّةِ السَّمْعِ وَأَمَّا قَوْلكُم هُوَ حكم الشَّهَادَة لَمْ تُؤَدَّ عِنْدَ حَاكِمٍ فَمَمْنُوعٌ بَلْ نَقْلُ الْفَرْعِ قَامَ مَقَامَ الْأَصْلِ وَالْحُدُودُ أَنْ يُتَّقَى هِيَ ان وعدلها وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ هَذَا الِاحْتِمَالَ شُبْهَةٌ مُتَنَازَعٌ فِيهَا فَنَحْنُ نَمْنَعُهَا وَالشُّبْهَةُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ مُجْمَعٌ عَلَى اعْتِبَارِهَا وَعَلَى إِلْغَائِهَا وَمُخْتَلَفٌ فِيهَا فَلَا يَنْتَفِعُ الْخَصْمُ إِلَّا بِالْمُجْمَعِ عَلَى اعْتِبَارِهِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّهُ يُنْتَقَضُ بِشُهُودِ الْأَصْلِ فَإِنَّ قَبُولَهُمْ يَأْبِي السَّتْرَ وَهُمْ لَا حَاجَةَ إِلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ أُمِرُوا بِالْكَتْمِ وَالسَّتْرِ وَوَافَقَنَا الْأَئِمَّةُ عَلَى أَنَّ الْفُرُوعَ إِذَا زَكَّوُا الْأُصُولَ وَلَمْ يَذْكُرُوا نَسَبَهُمْ وَأَسْمَاءَهُمْ لَا يُقْبَلُ وَأَنَّكَ لَا تَشْهَدُ عَلَيْهِ حَتَّى يَقُول لَك اشْهَدْ عَليّ لي اشْهَدْ بِكَذَا ووافقنا ش وح عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْأُصُولِ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ يَكْفِي شَاهِدَانِ عَلَى شَاهِدَيْنِ فَيَكْفِي عَلَى أَحَدِ الْأَصْلَيْنِ وَاحِدٌ وَعَنِ الْآخَرِ آخَرُ لَنَا قِيَاسُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْأُصُولِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِجَامِعِ الْإِخْبَارِ وَظَاهِرُ قَوْله تَعَالَى {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رجالكم} وَقَوله تَعَالَى {وَأشْهدُوا ذَوي عدل مِنْكُم} احْتَجُّوا بقياسن الْفَرْعِ عَلَى الْأَصْلِ وَلِأَنَّ الْفَرْعَ لَا يَنْقُلُ حَقًا لَازِما للاصل فيستعدى فِيهِ الْوَاحِد كَرِوَايَة وَالْجَوَاب عَن الاول ان الاصل اذا انْفَرد وَاحِد مِنْكُم لَا بُدَّ مَعَهُ فِي الْحَقِّ

فرع

الْوَاحِدِ مِنْ شَاهِدٍ آخَرَ أَوْ يَمِينٍ وَالْإِخْبَارَانِ عَنِ الْأَصْلَيْنِ حُكْمَانِ فَلَا يَكْفِي فِي أَحَدِهِمَا وَاحِدٌ قِيَاسًا لِلْفَرْعِ عَلَى الْأَصْلِ فَتَنْقَلِبُ النُّكْتَةُ عَلَيْكُمْ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الرِّوَايَةَ حَقٌّ عَامٌّ فِي الْأَعْصَارِ وَالْأَمْصَارِ فَلَا تُتَوَهَّمُ فِيهِ الْعَدَاوَةُ فَاكْتُفِيَ فِيهِ بِالْوَاحِدِ وَهَذَا خَاصٌّ مِمَّا يُتَوَهَّمُ فِيهِ الْعَدَاوَةُ فَهُوَ بِالشَّهَادَةِ أَلْيَقُ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَدُ {فَرْعٌ} فِي الْجَوَاهِرِ طَرَؤُ الْمَوْتِ وَالْغَيْبَةِ وَالْمَرَضِ وَالْجُنُونِ عَلَى شُهُودِ الْأَصْلِ لَا يَمْنَعُ من وصف اشرف وَبَقَاء حكمه شرعا وَهَذِه الاوصاف تمنع بقا الشَّرَفِ وَمَعْنَى الْعَدَاوَةِ شَرْعًا وَإِذَا بَطَلَ الْأَصْلُ بَطل الْفَرْع (فَرْعٌ) قَالَ وَلَيْسَ الْفَرْع تَزْكِيَةُ الْأُصُولِ وَإِنْ زَكَّوْهُمْ ثَبَتَتْ عَدَالَتُهُمْ وَشَهَادَتُهُمْ بِقَوْلِهِمْ وَلَيْسَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَى صِدْقِ شُهُودِ الْأَصْلِ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُعَايِنُوهُ

(الباب العاشر في الرجوع عن الشهادة)

(الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي الرُّجُوعِ عَنِ الشَّهَادَةِ) فِي الْمُغْنِي عَنْ أَبِي ذِئْبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ فِي شَاهِدٍ شَهِدَ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ شَهَادَتِهِ بَعْدَ أَنْ حَكَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَضَى شَهَادَتَهُ الْأُولَى لِأَهْلِهَا وَهِيَ الشَّهَادَةُ وَالْأَخِيرَةُ بَاطِلَة وَفِي الْجَوَاهِر إِنَّ جَمِيعَ أَصْحَابِهِ يَرَوْنَ أَنْ يَغْرَمَ مَا تَلَفَ بِشَهَادَتِهِ إِذَا أَقَرَّ بِتَعَمُّدِ الزُّورِ قَالَهُ مُحَمَّدٌ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ لَمْ يُقِرَّا بِتَعَمُّدِ الزُّورِ لَمْ يَغْرَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ إِنْ قَالَا قَبْلَ الْحُكْمِ بَلْ هُوَ هَذَا لِرَجُلٍ آخَرَ وَقَدْ وَهِمْنَا لَمْ يُقْبَلَا فِي الْأُولَى وَلَا فِي الْآخِرَةِ لِعَدَمِ الْوُثُوقِ بِهِمَا ثُمَّ النَّظَرُ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ يَتَعَلَّقُ بِأَطْرَافٍ سِتَّةٍ الطَّرَفُ الْأَوَّلُ فِي الدِّمَاءِ وَلِلرُّجُوعِ ثَلَاث حالات الْحَالة الاولى نقل الْقصاص قَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِعَدَمِ السَّنَدِ وَلَوْ لَمْ يُصَرِّحِ الشَّاهِدُ بِالرُّجُوعِ بَلْ قَالَ لِلْحَاكِمِ تَوَقَّفْ فِي قَبُولِ شَهَادَتِي ثُمَّ عَادَ فَقَالَ اقْضِ فَقَدْ ذَهَبَ الشَّكُّ قَالَ الْمَازَرِيُّ لَا يَبْعُدُ أَنْ يَجْرِيَ الْقَوْلَانِ الْجَارِيَانِ فِي

(فرع)

الشَّاكِّ قَبْلَ الْأَدَاءِ مَعَ أَنَّ مَالِكًا يَشْتَرِطُ فِي قَبُولِ الشَّاكِّ قَبْلَ الْأَدَاءِ إِذَا رَجَعَ البروز الْحَالة الثَّانِيَة بعد إنقضاء قبل الِاسْتِيفَاء قَالَ ابْن الْقَاسِم ليستوفى كَمَا فِي الْمَالِ وَمَنَعَ أَصْبَغُ وَقَالَهُ أَيْضًا ابْنُ الْقَاسِمِ لِحُرْمَةِ الدَّمِ وَرَأَى فِيهِ الْعَقْلَ وَيَقْرُبُ مِنْ قَوْلِهِ هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ فِي رُجُوعه الشُّهُودِ بِزِنَى الْمُحْصَنِ بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ النُّفُوذِ أَنَّهُ لَا يُرْجَمُ وَيُجْلَدُ جَلْدَ الْبِكْرِ الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ فَيَغْرَمَانِ الدِّيَةَ فِي الْخَطَأِ وَكَذَلِكَ الْعَمْدُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيُقْتَصُّ مِنْهُمَا عِنْد اشهب فِي تعمد الْكَذِب اذا لم يقتلا عوقبا اذا تعمدا الزُّور وَظهر ليهما وَلَمْ يَأْتِيَا تَائِبَيْنِ وَلَوْ عَلِمَ الْقَاضِي أَنَّ الشُّهُودَ كَذَّبُوهُ وَحَكَمَ وَأَرَاقَ الدَّمَ لَكَانَ حُكْمُهُ حكمهم إِذا لم يُبَاشر الْعقل بِنَفسِهِ بل أَمر غَيره مِمَّن تلْزمهُ طلقه وَلَوْ عَلِمَ وَلِيُّ الْقِصَاصِ أَنَّ الْقَاضِيَ عَلِمَ ذَلِكَ مِنْهُمْ وَبَاشَرَ بِنَفْسِهِ لَكَانَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ إِنِ اعْتَرَفَ وَالشَّاهِدُ مَعَهُ كَالشَّرِيكِ (فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ فِي الدِّيَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فِي مَالِ الشَّاهِدِ تَعَمَّدَ الزُّورَ أَوْ شُبِّهَ عَلَيْهِ قَالَه ابْن الْقَاسِم وح وَقَالَ أَشْهَبُ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ الله عَنهُ وش عَلَيْهِ الْقِصَاصُ إِنْ تَعَمَّدَ وَإِنْ شُبِّهَ عَلَيْهِ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ اعْتِرَافًا وَهَذَا فِي مَعْنَاهُ وَالثَّالِثُ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَغَيْرُهُ إِنْ تَعَمَّدَ فَفِي مَالِهِ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ عَمْدًا وَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُلْجِئًا لِلْحَاكِمِ وَإِنْ شُبِّهَ عَلَيْهِ فَهُوَ هَدَرٌ لِأَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي الشَّهَادَةِ بِحَسَبِ اعْتِقَادِهِ فَيَحْصُلُ فِي الْعَمْدِ قَوْلَانِ الْقِصَاصُ وَالدية فِي مَاله وَفِي الْبَيِّنَة ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الدِّيَةُ فِي الْمَالِ وَعَلَى الْعَاقِلَةِ أَو هدر وَإِذا رَجَعَ الشَّاهِد أَن يَغْرَمَ الشَّاهِدُ نِصْفَ الدِّيَةِ وَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً فَرَجَعَ أَحَدُهُمْ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ فَإِنْ رَجَعَ بَعْدَ ذَلِكَ آخَرُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَيْهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَلَيْهِمَا

(فرع)

ثلث الْمَالِ نَظَرًا لِأَصْلِ عَدَدِهِمْ فَإِنْ رَجَعَ ثَلَاثَتُهُمْ فَالْمَالُ عَلَيْهِمْ أَثْلَاثًا وَلَا خِلَافَ إِذَا رَجَعُوا كُلُّهُمْ أَنَّ الْمَالَ عَلَى عَدَدِهِمْ وَأَنْ لَا شَيْء على الرَّابِع إِذَا بَقِيَ بَعْدَهُ نِصَابٌ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ إِذَا زَادُوا عَلَى النِّصَابِ فَإِنْ رَجَعَ تِسْعَةٌ مِنْ عَشَرَةٍ فَقِيلَ عَلَيْهِمْ نِصْفُ الْمَالِ لِبَقَاءِ نِصْفِ النّصاب فَإِن رَجَعَ الْعَاشِر بِالْمَالِ فَالْمَالُ عَلَيْهِمْ بِالسَّوَاءِ وَقِيلَ بَلْ عَلَيْهِمْ تِسْعَةُ أَعْشَارِهِ فَإِنْ رَجَعَ الْعَاشِرُ فَعَلَيْهِ الْعُشْرُ الْبَاقِي فَإِنْ كَانَ الِاسْتِحْقَاقُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَلَى الشَّاهِدِ نِصْفُ الْحَقِّ لِأَنَّ الْيَمِينَ مَقَامُ الشَّاهِدِ الْآخَرِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ جَمِيعُ الْحَقِّ لِأَنَّ الْيَمِينَ تَبَعٌ وَمَتَى كَانَ رُجُوعُهُ لِتَعَمُّدِ الْكَذِبِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِي الْحَالِ وَلَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَلِأَنَّهُ يُشْبَهُ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ وَالْمُسْتَقْبَلِ قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَهُ قَالَهُ أَصْبَغُ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ لَا يُقْبَلُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ الْحُكْمُ بَعْدَ رُجُوعِهِ وَإِنْ كَانَ قَبْلُ شُبِّهَ عَلَيْهِ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ تُقْطَعُ يَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِيَدِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ خِلَافًا لِ ح وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ شَهِدَ عِنْدَهُ اثْنَانِ عَلَى رَجُلٍ بِالسَّرِقَةِ فَقَطَعَ يَدَهُ ثُمَّ أَتَيَا بِآخَرَ وَقَالَا كُنَّا وَهِمْنَا وَهَذَا هُوَ فَأَبْطَلَ شَهَادَتهمَا عَن الآخر واغرم دِيَةَ الْأَوَّلِ وَقَالَ لَوْ أَعْلَمُكُمَا تَعَمَّدْتُمَا قَطْعَهُ لَقَطَعْتُكُمَا فَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ عَلَى ضَمَانِ الدِّيَةِ فِي النَّفْسِ وَالْيَدِ وَالْعَمْدِ وَالْخَطَأِ وَلَوْ شَهِدَا بِقَطْعِ يَدِهِ قِصَاصًا فَحُكِمَ بِهِ ثُمَّ رَجَعَا قَالَ مُحَمَّد لَا يقْتَصّ مِنْهُ قَالَهُ سَحْنُونٌ (فَرْعٌ) قَالَ وَإِذَا شَهِدَا عَلَى وَالِي الدَّمِ أَنَّهُ عَفَا أَوْ عَلَى الْمَجْرُوحِ أَنَّهُ عَفَا فَحُكِمَ بِإِسْقَاطِ الْقَوَدِ ثُمَّ رَجَعَا لَا يَضْمَنَانِ شَيْئًا لِأَنَّهُمَا لَمْ يُتْلِفَا مَالًا وَلَا قصاص على

(فرع)

الْجَانِي للْحكم بسقوطه كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ فِعْلِ الْخُلَفَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ويجلد الْقَاتِل فَإِنَّهُ وَيُحْبَسُ سَنَةً وَيُؤَدَّبُ الشَّاهِدَانِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَغْرَمَانِ الدِّيَةَ لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ فِي أحد قولي مَالك ان يقبل أَوْ يَأْخُذَ الدِّيَةَ قَالَ سَحْنُونٌ وَلَوْ كَانَتْ شَهَادَتُهُمَا أَنَّهُ عَفَا عَلَى مَالٍ فَلَا شَيْءَ لَو لي الْقصاص للْحكم بسقوطه ويغرمان الْجَانِي مَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ وَيُؤَدَّبَانِ (فَرْعٌ) فِي النَّوَادِرِ قَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ أَنَّ الْعَبْدَ قَتَلَ حُرًّا وَقَالَ اثْنَانِ مِنْهُمْ أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ قَبْلَ الْجِنَايَةِ فَقَتَلَ وَرَجَعَ الْأَرْبَعَةُ وَأَقَرُّوا بِالزُّورِ فَعَلَى الْأَرْبَعَةِ دِيَةُ حُرٍّ لِوَرَثَتِهِ الْأَحْرَارِ وَيَرْجِعُ سَيِّدُهُ وَالشَّاهِدَانِ عَلَى أَنَّهُ عَبْدٌ عَلَى شَاهِدي الْحُرِّيَّة السَّيِّد بِقِيمَةِ عَبْدِهِ مَا بَلَغَتْ لِأَنَّهُمَا مَنَعَاهُ مِنْهَا وَالشَّاهِدَانِ بِالرِّقِّ بِمَا زَادَتْ نِصْفُ الدِّيَةِ عَلَى نِصْفِ الْقِيمَةِ لِأَنَّهُ لَوْلَا شَهَادَتُهُمَا بِالْحُرِّيَّةِ لَمْ يَغْرَمَا إِلَّا نِصْفَ قِيمَةِ الْعَبْدِ قَالَ مُحَمَّدٌ الصَّوَابُ عَلَى الْأَرْبَعَةِ قِيَمَةُ الْمُقْتَصِّ مِنْهُ قِيمَةُ عَبْدٍ لِلسَّيِّدِ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْحُرِّيَّةِ لَمْ تَتِمَّ لرجوع من شهد بِهِ وَلَوْ رَجَعَ شَاهِدَا الرِّقِّ فَقَطْ أَوْ شَاهِدَا الْحُرِّيَّةِ فَقَطْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا لِبَقَاءِ مَنْ يُكْتَفَى بِهِ إِلَّا أَنْ يَرْجِعَ الْبَاقِيَانِ بَعْدَهُمَا فَيغرم الا قِيمَةَ الْعَبْدِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْأَرْبَعَةِ وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ بِالْقَتْلِ وَاثْنَانِ بِالْعِتْقِ دُونَ الْقَتْلِ وَرَجَعُوا جملَة فَقيمته عِنْد السَّيِّد على شَاهِدي الْقَتْل لِأَنَّهُمَا تلفاه عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ ان ابتدا بِالرُّجُوعِ شَاهد الْحُرِّيَّة فَإِن ابتدا الْآخرَانِ غرما دِيَة عدالتهما فَإِن انفذ الْحُرِّيَّة بشهادتها عَلَى شَهَادَتَيِ الْقَتْلِ لَا تَبْطُلُ الْحُرِّيَّةُ بِرُجُوعِهِمَا لِنُفُوذِ الْحُكْمِ وَيَغْرَمَانِ لِلسَّيِّدِ قِيمَةَ عَبْدٍ وَلِشَاهِدَيِ الْقَتْلِ مَنْ غَرِمَاهُ مِنْ فَضْلِ الدِّيَةِ فَإِنْ رَجَعَ أَحَدُ شَاهِدَيِ الْقَتْلِ ثُمَّ أَحَدُ شَاهِدَيِ الْحُرِّيَّةِ قَبْلَهُ أَوْ

فرع

أَحَدُهُمَا فَرُجُوعُهُمَا سَوَاءٌ أَنْ تَنْفُذَ الْحُرِّيَّةُ وَمَتَى رَجَعَ أَحَدُ شَاهِدَيِ الْقَتْلِ فَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ أَمَّا لَوْ أَقَرَّ السَّيِّدُ بِعِتْقِهِ قَبْلَ رُجُوعِ شَاهِدَيِ الْقَتْلِ فَعَلَيْهِمَا دِيَةُ حُرٍّ لِوَرَثَتِهِ بِشَهَادَة شَاهد فِي الْحُرِّيَّةِ دُونَ الْإِقْرَارِ فَإِنْ رَجَعَ بَعْدَ ذَلِك شَاهد الْحُرِّيَّة لم يغرما لشاهدي الْقَتْل الافضل مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ وَدِيَةِ حُرٍّ لِأَنَّ بِشَهَادَتِهِمَا غرما الدِّيَة وَلَو رَجَعَ شَاهد الْقَتْلِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ وَرُجُوعِ الْآخَرِينَ فَعَلَيْهِمَا قِيمَةُ عَبْدٍ لِوَرَثَتِهِ لِإِقْرَارِ سَيِّدِهِ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِيهَا وَلَا يُوجِبُ إِقْرَارُهُ عَلَيْهِمَا دِيَةً (فَرْعٌ) قَالَ اذا شهد أَنَّهُ عَفَا عَلَى دِيَةٍ خَطَأً أَوْ جُرْحٍ خَطَأً أَرْشُهُ أَقَلُّ مِنْ ثُلُثِ الدِّيَةِ وَالْجِنَايَةُ ثَابِتَة لغَيْرِهِمَا بعد الحكم ضمنا دِيَة النَّفس واسقاطهما عَن الْعَاقِلَة وَيكون عَلَيْهِمَا فِي ثَلَاث سِنِين الا ان يكون فد حَلَّتْ وَمَا دُونَ الثُّلُثِ يَضْمَنَانِهِ حَالًا لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِغَيْرِ تَنْجِيمٍ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا قَدِمَ الْمَشْهُودُ بِقَتْلِهِ حَيًّا لَا شَيْءَ عَلَى الْإِمَامِ وَعَاقِلَتِهِ وَلَا الطَّالِبِ وَدِيَةُ الْمَقْتُولِ فِي أَمْوَالِ الْبَيِّنَةِ إِنْ تَعَمَّدُوُا أَوْ شُبِّهَ عَلَيْهِمْ فَعَلَى عَوَاقِلِهِمْ بِخِلَافِ رُجُوعِهِمْ وَلَوْ صَالَحَ الْوَلِيُّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ عَلَى مَالٍ رَدَّهُ وَإِنْ كَانَ عَدِيمًا لَمْ يَتْبَعِ الشُّهُودَ فَلَو شهدُوا بِالْخَطَأِ وَأُخِذَتِ الدِّيَةُ مِنَ الْعَاقِلَةِ رُدَّتْ إِلَيْهَا فَإِنْ كَانَ عَدِيمًا غَرِمَهَا الشَّاهِدَانِ بِخِلَافِ رُجُوعِهِمَا للْقطع بكذبهما هَاهُنَا وَلَوْ شَهِدَا بِالْعَمْدِ فَقُتِلَ ثُمَّ قَدِمَ حَيًّا قَالَ سَحْنُونٌ يَضْمَنَانِ الدِّيَةَ وَلَا يَرْجِعَانِ بِهَا على الْقَاتِل لِأَنَّهُمَا متعديان فاباحت الْقَتْلِ لِلْوَلِيِّ فَإِنْ كَانَا عَدِيمَيْنِ

رَجَعَ عَلَى الْقَاتِلِ لِأَنَّهُ الْمُتْلِفُ وَلَا يَرْجِعُ الْقَاتِلُ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ كَمَنْ أَطْعَمَ مَالَكَ لِغَيْرِكَ لَا يعلم بتغريمه فَلَكَ طَلَبُ الْمُتَعَدِّي وَلَا تَرْجِعُ عَلَى الْآكِلِ فَإِنْ كَانَ الْمُتَعَدِّي عَدِيمًا رَجَعْتَ عَلَى الْآكِلِ وَلَا يَرْجِعُ الْآكِلُ عَلَى الْمُتَعَدِّي لِأَنَّهُ الْمُتْلِفُ وَرُوِيَ أَنَّ وَلِيَّ الدَّمِ مُخَيَّرٌ فَإِنِ اتَّبَعَ الشَّاهِدَيْنِ لَمْ يَتَحَوَّلْ عَنْهُمَا إِلَّا أَنْ يَعْدَمَا فيتحول فَإِنَّهُ لَو اخذه من الشَّاهِدين ترجعا بِهِ عَلَى الْوَلِيِّ وَإِنِ اتَّبَعَ الْقَاتِلَ لَمْ يتَحَوَّل الشُّهُودِ أُعْدِمَ أَمْ لَا وَلَوْ شَهِدُوا بِالْخَطَأِ وَقَدِمَ حَيًّا بَعْدَ أَخْذِ الدِّيَةِ مِنَ الْعَاقِلَةِ أَخَذَتْهَا الْعَاقِلَةُ مِنَ الشُّهُودِ قَالَ سَحْنُونٌ وَلَوْ شهدُوا على اقراره ولولي الْمَقْتُولِ تَضْمِينُ الْقَاتِلِ الدِّيَةَ إِلَّا أَنْ يَرْجِعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا فَكَمَا تَقَدَّمَ وَكَذَلِكَ لَا يَضْمَنَا فِي شَهَادَتِهِمَا عَلَى إِقْرَارِهِ بِالْقَتْلِ الْخَطَأِ ثُمَّ يُقْدِمُ حَيًّا وَيَرْجِعُ دَافِعُ الدِّيَةِ عَلَى قَابِضِهَا إِلَّا أَنْ يَرْجِعَا وَلَوْ شَهِدَا عَلَى شَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ فِي قَتْلِ الْخَطَأِ ثُمَّ قَدِمَ حَيًّا رجعت الْعَاقِلَة على الْقَابِض بهَا حَالَّةً دُونَ الشُّهُودِ لِأَنَّهُمْ شَهِدُوا عَلَى شَهَادَةِ غَيْرِهِمْ إِلَّا أَنْ يُقِرُّوا بِتَعَمُّدِ الْكَذِبِ فَكَمَا تَقَدَّمَ أَنَّ لِلْعَاقِلَةِ أَخْذَ الْوَلِيِّ بِالدِّيَةِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الشُّهُودِ وَإِنْ رَجَعُوا بِهَا عَلَى الشُّهُودِ كَانَ لِلْبَيِّنَةِ الرُّجُوعُ بِهَا عَلَى الْوَلِيِّ قَاعِدَةٌ أَسْبَابُ الضَّمَانِ ثَلَاثَةٌ الْإِتْلَافُ وَالتَّسَبُّبُ لِلْإِتْلَافِ كَحَفْرِ الْبِئْرِ وَوَضْعِ الْيَدِ غَيْرِ الْمُؤْمِنَةِ كَيَدِ الغاضب وَالْبَيْعُ الْفَاسِدُ قَاعِدَةٌ الْإِكْرَاهُ يُصَيِّرُ فِعْلَ الْمُكْرَهِ كَالْعَدَمِ حَيْثُ يُعْفَى عَنِ الْمُكْرَهِ كَالْإِكْرَاهِ عَلَى الْأَقْوَالِ دُونَ الْأَفْعَالِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ الْإِكْرَاهُ يمْنَع الْمُؤَاخَذَة بالاقوال اتِّفَاقًا نَحْو كَامِله وَالطَّلَاق وَنَحْوه وَلَا يمْنَع فِي الاحوال إِذَا كَانَتْ حَقًّا لِآدَمِيِّ اتِّفَاقًا كَالْقَتْلِ وَفِي مَنْعِهِ الْمُؤَاخَذَةَ إِذَا كَانَتْ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى قَوْلَانِ الْأَظْهَرُ عَدَمُ

(الطرف الثاني)

الْمَنْعِ وَبَسْطُهُ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ وَمُقْتَضَى هَاتَيْنِ الْقَاعِدَتَيْنِ أَنْ يَجِبَ الضَّمَانُ عَلَى الْحَاكِمِ لِكَوْنِهِ مُكْرَهًا عَلَى فِعْلٍ حَرَامٍ حَقًّا لِآدَمِيٍّ أَكْرَهَهُ الشُّهُودُ بِظَاهِرِ الْعَدَالَةِ غَيْرَ أَنَّ الْحُكَّامَ مُثَابُونَ مُتَقَرِّبُونَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِتَصَرُّفِهِمْ وَإِنْ أَخْطَأُوا فَلِذَلِكَ لَمْ يُضَمَّنُوا بِخِلَافِ الْمُكْرَهِ عَلَى الْقَتْلِ حَيْثُ ضَمَّنَّاهُ وَلِأَنَّهُ لَوْ فَتَحَ بَابَ الضَّمَانِ عَلَى وُلَاةِ الْأُمُورِ لَزَهِدَ فِي الْوِلَايَاتِ وَتَمَكَّنَ شُهُودُ السِّرِّ مِنْ أَذِيَّتِهِمْ بِالتَّضْمِينِ فَتَعَطَّلَتْ مَصَالِحُ الولايات من الْقَضَاء وَغَيره وَلم يَضْمَنُوا لِذَلِكَ (الطَّرَفُ الثَّانِي) فِي الْحُدُودِ فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا رَجَعُوا قَبْلَ الْحُكْمِ رُدَّتِ الشَّهَادَةُ وحدوا الْقَاتِل اعتفوا بتعمد حدوا وَهل يقتلُون اَوْ ياخذ الدِّيَةُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ قَوْلَانِ لِأَشْهَبَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِم الْمُبَاشرَة وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدُوا فَالدِّيَةُ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَى فَرَجَعَ أَحَدُهُمْ قَبْلَ الْحُكْمِ حُدُّوا لِأَنَّهُمْ قَذَفَةٌ أَوْ بعد اقأمة الْحَد حد الرَّابِع بِغَيْرِ خِلَافٍ لِاعْتِرَافِهِ بِالْقَذْفِ وَهَلْ يُحَدُّ الْبَاقُونَ لَان الزِّنَى لَمْ يَثْبُتْ بِأَرْبَعَةٍ أَمْ لَا لِنُفُوذِ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِمْ وَلَمْ يُكَذِّبُوا أَنْفُسَهُمْ (فَرْعٌ) قَالَ لَوْ كَانُوا سِتَّةً فَرَجَعَ اثْنَانِ لَمْ يُحَدَّ الْبَاقُونَ لبَقَاء النّصاب وَلابْن الْقَاسِم فِي حد الرَّابِع قَوْلَانِ لِأَنَّهُمْ قَذْفَةٌ شَهِدَ بِصِدْقِهِمْ أَرْبَعَةٌ أَوْ هُمْ مُكَذِّبُونَ لِأَرْبَعَةٍ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ التَّحْقِيقُ إِنْ قَالَ الرَّاجِعَانِ كَذَبْنَا وَمَنْ شَهِدَ حُدَّا أَوْ قَالَا لَا نَعْتَقِدُ كَذِبَ مَنْ شَهِدَ مَعَنَا بَلِ الْغَالِبُ صِدْقُهُمْ لِعَدَالَتِهِمْ لم يحدا

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ إِذَا انْكَشَفَ بَعْدَ رُجُوعِ الِاثْنَيْنِ أَنَّ أَحَدَ الْأَرْبَعَةِ عَبْدٌ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ يُحَدُّ الرَّاجِعَانِ وَيَغْرَمَانِ رُبُعَ الدِّيَةِ لِعَدَمِ النِّصَّابِ وَلَا غَرَامَةَ عَلَى الْعَبْدِ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْجِعْ وَيُحَدُّ لِعَدَمِ النِّصَّابِ وَهُوَ قَاذِفٌ وَلَا حَدَّ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَلَا غَرَامَةَ وَلَوْ كَانَ الْأَرْبَعَةُ أَحَدُهُمْ عَبَدٌ حُدُّوا كُلُّهُمْ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْأَرْبَعَةِ الْأَحْرَارِ يَرْجِعُ أَحَدُهُمْ لَا يُحَدُّ الْبَاقِي أَنَّ الرَّاجِعَ اهل الشَّهَادَة فَقَدِ انْعَقَدَ النِّصَابُ فِي حَقِّ أَصْحَابِهِ وَسَقَطَتْ عَدَالَتُهُ بِرُجُوعِهِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ عَلَيْهِمْ وَالْعَبْدُ لَيْسَ أَهْلًا فَلَمْ يَنْعَقِدِ النِّصَابُ (فَرْعٌ) قَالَ لَو رَجَعَ اثْنَان بَعْدَ إِقَامَةِ الْحَدِّ لَزِمَهُ غُرْمُ رُبُعِ الدِّيَةِ يدْخل فِيهِ مَعَه من سبقت بِالرُّجُوعِ قَلُّوا أَوْ كَثُرُوا وَيُحَدُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ رَجَعُوا مَعًا أَوْ مُفْتَرِقِينَ فَإِنْ رَجَعَ آخَرُ أَيْضًا لَزِمَهُ رُبُعُ الدِّيَةِ يُشَارِكُهُ فِيهِ كُلُّ مَنْ رَجَعَ قَبْلَهُ وَيُشَارِكُهُمْ فِيمَا غَرِمُوا قَبْلَهُ فَيَصِيرُ نِصْفُ الدِّيَةِ بَيْنَ جَمِيعِهِمْ عَلَى عَددهمْ فَإِنْ رَجَعَ آخَرُ أَيْضًا لَزِمَهُ رُبُعُ الدِّيَةِ يُشَارِكهُ فِيهِ كل من رَجَعَ قبله وشاركهم فِيمَا غرموا قبل فَيَصِيرُ نِصْفُ الدِّيَةِ بَيْنَ جَمِيعِهِمْ عَلَى عَدَدِهِمْ فَإِنْ رَجَعَ آخَرُ لِرِيبَةٍ رَجَعَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الدِّيَةِ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا رَجَعَ أَحَدُ السِّتَّةِ بعد فَمَعَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ فِي الرَّجْمِ وَتَمَادَى الرَّجْمُ فَأَوْضَحَ مُوضِحَةً فَرَجَعَ ثَانٍ وَرَجَعَ ثَالِثٌ بَعْدَ الْمَوْتِ قَالَ مُحَمَّدٌ لَوْ لَمْ يَرْجِعِ الثَّالِثُ مَا كَانَ على من تقدم من رُجُوعَهُ شَيْءٌ وَعَلَى الْأَوَّلِ سُدْسُ دِيَةِ الْعَيْنِ

(فرع)

وَعَلَى الثَّانِي مِثْلُ ذَلِكَ وَخُمُسُ دِيَةِ الْمُوضِحَةِ وَعَلَى الثَّالِثِ رُبُعُ دِيَةِ النَّفْسِ فَقَطْ وَقِيلَ مُضَافًا إِلَى الْخُمُسِ وَالسُّدُسِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِالزِّنَى وَاثْنَانِ بِالْإِحْصَانِ فَرَجَعَ الْجَمِيعُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَخْتَصُّ غُرْمُ الدِّيَةِ بِالْأَرْبَعَةِ لِأَنَّهُمْ سَبَبُ الْحَدِّ وَلَوْ شاؤا لَمْ يَشْهَدُوا وَقَالَ أَشْهَبُ الدِّيَةُ عَلَى جَمِيعِهِمْ بمركب السَّلب مِنْهُمْ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى هَذَا قَالَ أَشْهَبُ يقسم اسداسا لَان السَّلب مِنْ جَمِيعِهِمْ وَقَالَ مُحَمَّدٌ عَلَى كُلِّ فَرِيقٍ نصفهَا فعلى كل وَاحِد من الاربعة ربعهَا وعَلى كل وَاحِد من الاربعة الْآخرَانِ كَانُوا اربعة ثمنهَا لِأَنَّ الْعَدَدَ لَيْسَ مَقْصُودًا وَإِنَّمَا الْقَصْدُ إِثْبَاتُ الوضعين الزِّنَا وَالْإِحْصَانِ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا أَكْذَبَا أَنْفُسَهُمَا بَعْدَ حَدِّ الْقَذْفِ قَالَ سَحْنُونٌ لَا غُرْمَ فِي ذَلِكَ بَلِ الْأَدَبُ وَكَذَلِكَ رُجُوعُهُمَا بَعْدَ قِصَاصِ الضَّرْبِ أَوِ اللَّطْمِ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُتْلِفَا مَالًا (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا طَلَبْتَ إِقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِمَا أَنَّهُمَا شَهِدَا بِالزُّورِ مُكِّنْتَ فَإِنْ أَقَمْتَهَا قُضِيَ عَلَيْهِمَا بِالْمَالِ وان اقامتهما على غُرْمُ نِصْفَ الْمَالِ وَقَالَ سَحْنُونٌ تُحَلِّفُهُمَا أَنَّهُمَا مَا رَجَعَا إِذَا اتَّجَهَ وَجَبَ الْيَمِينُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَيْسَ لَكَ تَحْلِيفُهُمَا (فَرْعٌ) قَالَ لَو رجعا عَن الرُّجُوع وَقضى قضى الرَّاجِعِ لِأَنَّ الرُّجُوعَ لَيْسَ شَهَادَةً بَلْ إِقْرَارٌ بِمَا أُتْلِفَ بِالشَّهَادَةِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ إِذَا اطَّلَعَ بَعْدَ الرَّجْمِ عَلَى أَنَّهُ مَجْبُوبٌ فَفِي الْكِتَابِ يَغْرَمُ الشُّهُودُ الدِّيَةَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَجَعَلَهَا أَشْهَبُ عَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا أَقَامَتْ شَاهِدَيْنِ أَنَّ زَوْجَهَا رَمَاهَا بِالزِّنَى فَأَمَرَ الْقَاضِي بِاللِّعَانِ وَفَرَّقَ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ أَحَدَهُمَا عَبَدٌ أَوْ مَحْدُودٌ قَالَ سَحْنُونٌ تَرُدُّهَا لِزَوْجِهَا وَلَا يَكُونُ قَوْلُ الزَّوْجِ أَشْهَدُ بِاللَّهِ إِنِّي لَمِنَ الصَّادِقِينَ إِقْرَارًا لِأَنَّهُ مُقِرٌّ خَوْفَ الضَّرْبِ وَلَوْ عَلِمَ الزَّوْجَانِ كَذِبَهُمَا وَالْتَعَنَا خَوْفًا فَهِيَ حَلَالٌ لَهُ بَيْنَهُ وَبَين الله تَعَالَى وَيكرهُ لَهُ ذَلِك لَيْلًا يُعَدَّ زَانِيًا فَتُهْتَكَ حُرْمَتُهُ وَيَضِيعَ نَسَبُهُ إِنْ حملت وليلا يرْجم وَيحرم عيه نِكَاحُ أُخْتِهَا وَسَائِرُ أَحْكَامِ النِّكَاحِ بَاقِيَةٌ وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ هِيَ إِلَّا ظَاهِرَ الْأَمْرِ أُبِيحَ لَهَا وَلَوْ رَمَاهَا الزَّوْجُ بِالزِّنَى وَهِيَ تَعْلَمُ كذبه وحرمها على الْحَاكِمُ بِاللِّعَانِ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهَا هِيَ النِّكَاحُ لِأَنَّ الزَّوْجَ رَاضٍ بِحُكْمِ السُّلْطَانِ (فَرْعٌ) قَالَ الْمَازَرِيُّ إِذَا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى الزِّنَى وَاثْنَانِ مِنْهُم على الاحصان وَرجع أحد الَّذين شَهِدَا بِالْإِحْصَانِ مَعَ الزِّنَى فَقَدْ أَبْطَلَ رُجُوعُهُ نِصْفَ الْإِحْصَانِ وَرَفَعَ حُجَّةَ الزِّنَى فَعَلَيْهِ مِنَ الغرابة مِثْلُ ذَلِكَ وَلَوْ شَهِدَا وَزَكَّاهُمَا اثْنَانِ وَأَمْضَاهُمَا الْحَاكِم فَرجع المزكيان فَلَا غرابة على المزكيين قَالَ سَحْنُون لثُبُوت الْحق بِعَين الْمُزَكِّيَيْنِ وَلَوْ شَاءَ الشَّاهِدَانِ بِالْحَقِّ مَا شَهِدَا قَالَ الْمَازَرِيُّ وَهَذَا يَنْقُضُ أَصْلَ شُهُودِ الْإِحْصَانِ والزنى ونفرق بَان شُهُود الاحصان اثبتوا عَيْبا مؤثرا فِي الرَّجْم بِخِلَاف الْمُزَكي انما اثبه مؤثرا فِي قبُول القَوْل فَبعد عَن الْجِنَايَة فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ اخْتِلَافٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَ ش قَالَ وَيَلْحَقُ بِهَذَا الاسلوب من غرابة تَزْكِيَةٍ مِنْ شَاهِدَيْنِ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا شَهِدَ اثْنَانِ بِأَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ وَأَرْبَعَةٌ عَلَيْهِ بِالزِّنَى فَرُجِمَ ثُمَّ رَجَعَ السِّتَّةُ غَرِمَ الِاثْنَانِ قِيمَتَهُ لِلسَّيِّدِ لِأَنَّهُمَا حَالَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ حَتَّى تَلَفَ وَيغرم

(فرع)

الْأَرْبَعَةُ دِيَتَهُ لِوَرَثَتِهِ الْأَحْرَارِ لِأَنَّ حُرِّيَّتَهُ ثَبَتَتْ بالحكم الَّذِي لَا ينتفض بِالرُّجُوعِ فَلَمْ يَسْتَحِقَّ السَّيِّدُ قِيمَتَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ فَإِنَّمَا لِلسَّيِّدِ الْقِيمَةُ إِنْ غَرِمَهَا شُهُودُ الْعِتْقِ رَجَعُوا بِهَا عَلَى شُهُودِ الزِّنَى لِأَنَّهُمْ أَتْلَفُوا عَيْنَهُ أَوْ غَرِمَهَا شُهُودُ الزِّنَى لَمْ يَرْجِعُوا عَلَى شُهُودِ الْعِتْقِ لِأَنَّهُمُ المتلفون فَإِن السَّيِّد كَانَ مُعْتَرِفًا بِعِتْقِهِ وَلَمْ يَرِثْهُ سِوَاهُ لَأَخَذَ الدِّيَةَ بِحُكْمِ الْوَلَاءِ (فَرْعٌ) فِي النَّوَادِرِ وَلَوْ شَهِدَ ثَمَانِيَةٌ عَلَيْهِ بِالزِّنَى وَالْإِحْصَانِ كُلُّ أَرْبَعَةٍ عَلَى زِنًى عَلَى حِدَةٍ بِامْرَأَةٍ عَلَى حِدَةٍ فَرَجَعَ أَحَدُ الْأَرْبَعَتَيْنِ بَعْدَ الرَّجْمِ لَا حَدَّ عَلَيْهِم وَلَا غرم الان الْفَرِيقَ الْآخَرَ لَوِ انْفَرَدَ لَرُجِمَ بِهِ فَإِنْ رَجَعَ وَاحِدٌ مِنَ الْأَرْبَعَةِ الْبَاقِيَةِ حُدَّ وَحُدَّ الرَّاجِعُونَ قَبْلَهُ لِإِقْرَارِهِمْ بِقَذْفِ مَنْ لَمْ يَزْنِ وَعَلَيْهِمْ رُبُعُ الدِّيَةِ أَخْمَاسًا وَنَفَذَ الْحُكْمُ حَتَّى لَوْ قَذَفَهُ أَحَدٌ لَمْ يُحَدَّ بَلْ يُؤَدَّبُ لادائه لَهُ إِلَّا الرَّاجِعُونَ مَتَى قَذَفُوا حُدُّوا لِإِقْرَارِهِمْ أَنهم حُدَّ بِغَيْرِ حَقٍّ وَلَوْ رَجَعَ مِنْ كُلِّ أَرْبَعَةٍ وَاحِدٌ لَكَانَ عَلَيْهِمَا رُبُعُ الدِّيَةِ وَالْحَدُّ لِعَدَمِ النِّصَابِ فِي كُلِّ امْرَأَةٍ فَلَوْ رَجَعَ اثْنَان من كل طبقَة فَعَلَيْهِمْ نِصْفُ الدِّيَةِ أَرْبَاعًا مَعَ الْحَدِّ وَلَوْ رَجَعَ مَنْ كُلِّ فَرِيقٍ ثَلَاثَةٌ فَعَلَيْهِمْ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الدِّيَةِ بَيْنَ السِّتَّةِ مَعَ الْحَدِّ وَلَوْ رَجَعَ الثَّمَانِيَةُ فَعَلَيْهِمُ الدِّيَةُ وَحَدُّ الْقَذْفِ وَلَوْ رَجَعَ ثَلَاثَة وَوَاحِد من الْفَرِيق للاخر فَعَلَيْهِم ربع الدِّيَة

فارغة

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ إِذَا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِعِتْقِهِ وَزِنَاهُ بَعْدَ عِتْقِهِ مُحْصَنًا فَرَجَعَ اثْنَانِ عَنِ الزِّنَى وَاثْنَانِ عَنِ الزِّنَى وَذَلِكَ بَعْدَ الرَّجْمِ لَمْ يَضْمَنِ الراجعان عَن الزِّنَى لنعا يَتِمُّ بِهِ الْعِتْقُ وَإِنْ كَانَ لِلْمَرْجُومِ وَارِثٌ بست فَلهُ نصف الدِّيَة على الراجعين على الزِّنَى لِأَنَّهُمَا أَتْلَفَاهُ وَيُحَدَّانِ لِلْقَذْفِ لِإِقْرَارِهِمَا أَنَّهُ حد بِغَيْر حق فَإِن وته سَيِّدُهُ فَقَدْ أَقَرَّ لَهُ بِنِصْفِ الدِّيَةِ لِاعْتِرَافِهِمَا بِالْحُرِّيَّةِ وان اعْترف السَّيِّد بِالْعِتْقِ نصف الدِّيَة وان بَقِي على حجوده غرما لَهُ نصف الْقيمَة الا ان يزِيد عَلَى نِصْفِ الدِّيَةِ (فَرْعٌ) قَالَ وَإِنْ شَهِدَا عَلَيْهِ بِسَرِقَةِ مِائَةِ دِينَارٍ فَقُطِعَ وَأُغْرِمَ الْمِائَةَ ثُمَّ رَجَعَا غَرِمَا نِصْفَ الدِّيَةِ إِلَيْهِ وَالْمِائَةَ وَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا غَرِمَ نِصْفَ ذَلِكَ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا وُجِدَ أَحَدُ الْأَرْبَعَةِ بَعْدَ الرَّجْمِ عَبْدًا حُدُّوا كُلُّهُمْ لِلْقَذْفِ وَعَلَى الْعَبْدِ نِصْفُ حَدٍّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ عَلِمَ الشُّهُودُ أَنَّهُ عَبْدٌ فَعَلَيْهِمُ الدِّيَةُ فِي أَمْوَالِهِمْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمُوا فَعَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْعَبْدِ فِي الْوَجْهَيْنِ أَمَّا إِنْ وُجِدَ أَحَدُهُمْ مَسْخُوطًا فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُنْقَضُ الْحُكْمُ كَمَا لَوْ كَانَ عَبْدًا أَوْ ذِمِّيًّا وَيُحَدُّ هُوَ وَمن تبعه من مُسلم اَوْ حد حَدَّ الْقَذْفِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُرَدُّ الْحُكْمُ فِي الْمَسْخُوطِ وَلَا يُضْرَبُ هُوَ وَلَا مَنْ مَعَهُ وَيُنْقَضُ فِي الْعَبْدِ وَالذِّمِّيِّ (الطَّرَفُ الثَّالِثُ) فِي الْبُضْعِ فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا رَجَعَا بَعْدَ الْقَضَاءِ بِالطَّلَاقِ نَفَذَ وَلَا غُرْمَ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُ لَيْسَ مَالًا إِنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا وَإِنْ شَهِدَا أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا وَطَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَغْرَمَانِ نِصْفَ الصَّدَاقِ لِأَنَّهُ الَّذِي أَتْلَفَاهُ أَوْ عَلَى دُخُولِهِ بِزَوْجَةِ عَبْدِهِ مَعَ

(فرع)

اقراره بِالطَّلَاق وانكاره الدُّخُول فَكَذَلِك لاتلافهما نصفا الصَدَاق المكمل وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا شَهِدَا بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا غُرْمَ عَلَيْهِمَا وَالْخِلَافُ يَنْظُرُ إِلَى أَصْلَيْنِ على مَنْفَعَةُ الْبِضْعِ تَتَقَدَّمُ أَمْ لَا وَهَلِ الصَّدَاقُ كُلُّهُ يَثْبُتُ بِالْعَقْدِ أَوْ كُلُّهُ مُتَرَقَّبٌ فَابْنُ الْقَاسِمِ يَرَاهُ مُتَرَقَّبًا لِجَوَازِ ارْتِدَادِهِمَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَيسْقط كُله فَلَا يلْزم الشُّهُود مالم يَلْزَمْهُ فَهُمْ كَمَنَ حَالُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ سِلْعَةٍ بَعْدَ لُزُومِ الثَّمَنِ لَهُ وَهُمْ عِنْدَ أَشْهَبَ كَمَنْ شَهِدَ عَلَى وَلِيِّ الدَّمِ بِالْعَفْوِ لَا يغرمان شَيْئا لِأَنَّهُمَا أما فرقا دَمًا وَهِي لَيْسَ بِمَالٍ وَلَوْ شَهِدَا بِطَلَاقِهَا وَنِكَاحُهَا ثَابِتٌ بِشَهَادَةِ غَيْرِهِمَا وَشَهِدَ آخَرَانِ بِالدُّخُولِ وَجَهِلَ شَاهِدَا الطَّلَاقِ هَلْ هُوَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَمْ لَا وَجَهِلَ الْآخَرَانِ الطَّلَاقَ فَلَا غَرَامَةَ عَلَى شَاهِدَيِ الطَّلَاقِ بِالرُّجُوعِ عَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ أَكْثَرُ الرِّوَايَةِ عَلَى خِلَافِهِ وَيَغْرَمُ شَاهِدَا الدُّخُولِ بِالرُّجُوعِ نِصْفَ الصَّدَاقِ بَيْنَهُمَا وَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا غَرِمَ رُبُعَ الصَّدَاقِ فَإِذَا غَرِمَ شَاهِدَا الدُّخُولِ النِّصْفَ ثُمَّ مَاتَتِ الزَّوْجَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ اسْتَرْجَعَاهُ لاعتقاد الزَّوْج أَنَّهُمَا مَاتَتْ فِي عِصْمَتِهِ لِإِنْكَارِهِ الطَّلَاقَ وَإِذَا شَهِدَا عَلَيْهِ أَنَّهُ طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَقُضِيَ بِالنِّصْفِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ وَرَجَعَا غرما للمراة فاحرماها من الْمِيرَاث وَمَا اسقط عَن صَدَاقِهَا وَلَوْ مَاتَتْ هِيَ رَجَعَ الزَّوْجُ عَلَيْهِمَا بِمِيرَاثِهِ فَقَطْ لَا بِمَا غَرِمَ مِنَ الصَّدَاقِ وَهَذَا إِذَا كَانَ كِلَا الزَّوْجَيْنِ يُنْكِرُ الطَّلَاقَ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا شَهِدَا بِطَلَاقِ أَمَةٍ مِنْ زَوجهَا وَقضي بِهِ وَشهد اخران ان الاولى يُزَوِّرَانِ إِمَّا لِعِلْمِهِمَا بِغَيْبَتِهِمَا عَنِ الْبَلَدِ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَ الْمُكَذِّبَانِ غَرِمَا لِلسَّيِّدِ مَا نَقَصَ مِنْ ثَمَنِهَا بِمَا أَصَابَهَا مِنْ عَيْبِ الزَّوْجِ فَيَبْقَى مَعَهُ وَيَغْرَمَانِ لِلسَّيِّدِ مَا بَين ثمنهَا

فرع

(فَرْعٌ) قَالَ لَوْ شَهِدَا أَنَّهَا اخْتَلَعَتْ بِمَالٍ وَقَالَتْ طَلِّقْنِي بِغَيْرِ عِوَضٍ فَأَغْرَمَتْ ثُمَّ رَجَعَا غَرِمَا مَا غَرِمَتْ لِلزَّوْجِ (فَرْعٌ) قَالَ لَوْ كَانَ الْخُلْعِ الْمَشْهُودِ بِهِ ثَمَرَةً قَبْلَ زَهْوِهَا قَالَ مُحَمَّد لَا يرجع عَلَيْهَا حَتَّى يَجِدَ الزَّوْجُ الثَّمَرَةَ وَيَقْبِضَهَا أَوْ عَبْدًا آبِقًا قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَغْرَمَانِ قِيمَتَهُ عَلَى أَقْرَبِ صِفَاتِهِ فَإِنْ ظَهَرَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ مَيِّتًا عِنْدَ الْخُلْعِ اسْتَرَدَّا مَا غَرِمَاهُ أَوْ مَعِيبًا اسْتَرَدَّا مَا يُقَابِلُ الْعَيْبَ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ إِنْ كَانَ حُصُولُهُ قَرِيبًا أُخِّرَتِ الْغَرَامَةُ إِلَى حُصُولِهِ كَمَا قَالَهُ فِي الثَّمَرَةِ قبل هَذَا الْفَرْع أَوْ بَعِيدًا غَرِمَا قِيمَتَهُ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي أَبَقَ عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ مُحَمَّدٌ فَقَالَ لَا يَغْرَمَانِ فِي هَذَا وَلَا فِي الْجَنِينِ وَقَبْضِهِ وَبَعْدَ وُجُودِ الْآبِقِ وَالْبَعِيرِ الشَّارِدِ فَيَغْرَمَانِ قِيمَةَ ذَلِكَ يَوْمَئِذٍ لِأَنَّهُ قَبْلَ ذَلِكَ تَالِفٌ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا شَهِدَا عَلَيْهَا أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى مِائَةٍ وَخَمْسِينَ وَصَدَاقُ مِثْلِهَا مِائَةٌ فَقُضِيَ عَلَيْهَا وَدَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ ثُمَّ أَقَرَّ بِالزُّورِ نَفَذَ الْحُكْمُ وَعَلَيْهِمَا مَا أَتْلَفَاهُ عَلَيْهَا مِنْ صَدَاقِ مِثْلِهَا وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَثَبَتَتْ عَلَى إِنْكَارِهَا فَلَا شَيْءَ لَهَا وَإِلَّا فَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ كَالْمَرْأَةِ تَدَّعِي أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَلَمْ تَجِدْ بَيِّنَةً فَبَقِيَتْ حَتَّى مَاتَتْ وَصَارَتْ وَارِثَةً فَإِنَّهَا إِنْ تَمَادَتْ عَلَى دَعْوَاهَا فَلَا مِيرَاثَ لَهَا وَإِلَّا فَلَهَا الْمِيرَاثُ قَالَ الشَّيْخُ ابو مُحَمَّد وَيحلف (فَرْعٌ) قَالَ الْمَازرِيّ لَو شهد عَلَيْهَا بِالطَّلَاقِ فَتَزَوَّجَ بِهَا أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بَعْدَ الْعدة

(فرع)

ثُمَّ رَجَعَ فَتُطَلَّقُ عَلَيْهِ لِإِقْرَارِهِ وَيَغْرَمُ نِصْفَ الصَّدَاقِ إِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَإِنْ رَجَعَ قَبْلَ الزَّوَاجِ مَنَعَهُ الْإِمَامُ إِلَّا أَنْ يَرْجِعَ عَنْ رُجُوعِهِ فَيَحْلِفُ أَنَّ الْحَقَّ مَا رَجَعَ إِلَيْهِ ثَانِيًا وَهُوَ أَنَّ الْحَقَّ شَهَادَتُهُ الْأُولَى وَهَذَا كَأَحَدِ قَوْلَيِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الشَّاهِدِ يَشْتَرِي الْعَبْدَ الَّذِي شَهِدَ بِعِتْقِهِ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ حَتَّى يَتَمَادَى عَلَى إِقْرَارِهِ غَيْرَ أَنَّ الْمَشْهُور الْعتْق وَالْقَوْلَان يتخرجان هَاهُنَا غير أَن الْمَشْهُور هَاهُنَا غَيْرُ الْمَشْهُورِ فِي الْعِتْقِ وَالْفَرْقُ حُرْمَةُ الْعِتْقِ وَلَوْ كَانَتِ الزَّوْجَةُ مُدَّعِيَةً لِلنِّكَاحِ دُونَ الزَّوْجِ فقضي عَلَيْهِ فَإِن وطىء لَزِمَهُ الصَّدَاقُ بِوَطْئِهِ لَا غَيْرَ مَقْهُورًا عَلَيْهِ لِتَمَكُّنِهُ مِنَ الطَّلَاقِ فَإِنْ زَادَ الصَّدَاقُ الْمَشْهُودُ بِهِ عَلَى الْمُسَمَّى فَفِي رُجُوعِهِ بِالزَّائِدِ عَلَى الْمَشْهُورِ قَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مُوجِبَ الصَّدَاقِ الْوَطْءُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ لَهُ فَلَا يُلْزَمُ الشَّاهِدَانِ الزَّائِدَ أَوْ أَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَيْهِ بِالتَّسْمِيَةِ (فَرْعٌ) فِي النَّوَادِر إِذا شَهدا عَلَيْهِ أَن دَخَلَ بِهَا وَهُوَ يُنْكِرُ الدُّخُولَ وَقَبْضَ الصَّدَاقِ فَيَحْلِفُ الزَّوْجُ عَلَى رُبُعِ الصَّدَاقِ فَإِنْ رَجَعَا رَجَعَتْ عَلَيْهِمَا بِالصَّدَاقِ إِذَا حَلَفَتْ مَا قَبَضْتُهُ لِأَن بِشَهَادَتِهِمَا صَار القَوْل الزَّوْج فَإِن رجعا رجعت عَلَيْهَا بِالصَّدَاقِ إِذَا حَلَفَتْ مَا قَبَضْتُهُ لِأَنَّ بِشَهَادَتِهِمَا صَارَ الْقَوْلُ قَوْلَ الزَّوْجِ فَإِنْ رَجَعَا بَعْدَ مَوْتِ الْمَرْأَةِ حَلَفَ مَنْ بَلَغَ مِنْ وَرَثَتِهِمَا مَا يَعْلَمُ قَبْضَ ذَلِكَ وَلَا شَيْءَ مِنْهُ وَرَجَعَ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ (فَرْعٌ) قَالَ لَوْ شَهِدَا عَلَيْهِ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ تَسْمِيَةٍ وَأَنَّهُ طَلَّقَهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ فَرَجَعَا وَقَدْ تَزَوَّجَتْ أَمْ لَا بِالتَّسْمِيَةِ فغرما نصف الصَدَاق وَشد الآخر شَاهِدَانِ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ هَذَا رَجَعَ هَذَا عَلَى الْمَرْأَةِ بِمَا أَخَذَتْ مِنْهُ فَإِنْ أُعْدِمَتْ رَجَعَ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ وَيَرْجِعُ الشَّاهِدَانِ عَلَيْهَا وَقِيلَ هَذَا إِنْ كَانَتْ عَالِمَةً بِالزُّورِ وَإِلَّا لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهَا الشَّاهِدَانِ كَهِبَةِ الْغَاصِبِ الْمَغْصُوبَ لِمَنْ يَجْهَلِ الْغَصْبَ فَيَأْكُلُهُ فَيَغْرَمُ الْغَاصِبُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَوْهُوبِ وَقِيلَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْغَاصِبِ

فرع

وَالْمَوْهُوبِ إِنْ دَخَلَ بِهَا الْأَوَّلُ وَقَضَى بِهَا على الاول الصَدَاق بالسبيين إِنْ كَانَتْ غَيْرَ عَالِمَةٍ وَإِلَّا فَلَا صَدَاقَ (فَرْعٌ) قَالَ لَو شَهدا أَنَّهَا تَزَوَّجَهَا بِأَلْفٍ وَهُوَ يَقُولُ بِخَمْسِمِائَةٍ فَدَخَلَ بِهَا وصداق مثلهَا لَمْ يَغْرَمْ بِالرُّجُوعِ شَيْئًا لِأَنَّهُمَا وَصَّلَا إِلَيْهِ مَا قِيمَتُهُ أَلْفٌ فَلَمْ يُتْلِفَا شَيْئًا وَلَوْ كَانَ خَمْسمِائَة غرما الزَّائِد (فَرْعٌ) قَالَ لَو ادّعى بعد تقررالنكاح ان الصَدَاق عشرَة وَهُوَ لَا يشبه صَدَاقَ مِثْلِهَا وَشَهِدَا بِمِائَةٍ وَهِيَ تُشْبِهُ صَدَاقَ مِثْلِهَا وَرَجَعَا بَعْدَ الْبِنَاءِ رَجَعَتْ عَلَيْهِمَا بِكَمَالِ الْمِائَة وَقبل الْبناء كَمَال الْخمسين لِأَنَّهُ كَانَ القَوْل قَوْلهَا لاجل أَنه يشبه وَلَوْ كَانَ صَدَاقُ مِثْلِهَا عَشَرَةً لَمْ يَغْرَمَا شَيْئا لِأَنَّهُمَا لم يتلفا مَا كَانَت غير مُتَمَكِّنَةً مِنْهُ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا شَهِدَا بِطَلْقَةٍ وَآخَرَانِ بِالثُّلُثِ وَالزَّوْجُ لَمْ يَبْنِ ثُمَّ رَجَعَ الْأَرْبَعَةُ فَعَلَى شَاهِدَيِ الْوَاحِدَةِ رُبُعُ الصَّدَاقِ وَشَاهِدَيِ الثَّلَاثِ رُبُعُهُ لِأَنَّ كُلَّ شَهَادَةٍ لَوِ انْفَرَدَتْ لَزِمَهُ بِهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ الْجَمِيعُ على شَاهِدي الثَّلَاث لِأَنَّهَا حرمته إِلَّا بَعْدَ زَوْجٍ وَأَشْهَبُ لَا يُوجِبُ عَلَى بَيِّنَةٍ قَبْلَ الْبِنَاءِ شَيْئًا لِأَنَّ النِّصْفَ وَجَبَ بِكُلِّ حَالٍ وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَغَرِمَا بِالرُّجُوعِ نِصْفَ الصَّدَاقِ فَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا فِي شَعْبَانَ مِنْ تِلْكَ السَّنَةِ قَبْلَ الْبِنَاءِ رَدَّ الزَّوْجُ عَلَى الْأَوَّلَيْنِ مَا أَخَذَ مِنْهُمَا لِتَقَدُّمِ الْإِتْلَافِ عَلَيْهِمَا وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ لَا يَبْرَآنِ بِالشَّهَادَةِ الثَّانِيَةِ بَلْ بِالْإِقْرَارِ عِنْدَ الْحَاكِمِ

فرع

وَالْجَوَابُ قَدْ سَوَّى الشَّرْعُ بَيْنَ الْإِقْرَارِ وَالْبَيِّنَةِ فِي الْبَرَاءَة (فَرْعٌ) قَالَ اذا شَهدا أَنَّهُ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَآخَرَانِ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَالزَّوْج يجْحَد الدُّخُول وَالطَّلَاق يحكم عَلَيْهِ بِجَمِيعِ الصَدَاق مَعَ الطَّلَاق وَيرجع أَحَدُ شَاهِدَيِ الطَّلَاقِ وَأَحَدُ شَاهِدَيِ الدُّخُولِ غَرِمَ شَاهدا التَّنَازُع الصَّدَاقَ وَلَا شَيْءَ عَلَى شَاهِدَيِ الطَّلَاقِ وَلَوْ رَجَعَ شَاهِدَا الدُّخُولِ دُونَ شَاهِدَيِ الطَّلَاقِ فَعَلَيْهِمَا نِصْفُ الصَّدَاقِ وَلَوْ رَجَعَ شَاهِدَا الطَّلَاقِ دُونَ شَاهِدَيِ الدُّخُولِ لَمْ يَغْرَمْ شَاهِدَا الطَّلَاقِ شَيْئًا لَان نصف الصَدَاق ثَابت لكل حَالٍ وَإِنَّمَا زَادَ شَاهَدُ الدُّخُولِ النِّصْفَ الْآخَرَ وَلَوْ أَقَرَّ بِالطَّلَاقِ وَجَحَدَ الدُّخُولَ لَمْ يَغْرَمْ شَاهِدَا الدُّخُولِ إِلَّا نِصْفَ الصَّدَاقِ (الطَّرَفُ الرَّابِعُ) فِي الْعِتْقِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا شَهِدَا بِالْعِتْقِ النَّاجِزِ غَرِمَا بِالرُّجُوعِ قِيمَتَهُ وَالْوَلَاءُ لِلسَّيِّدِ وَيَسْتَحِقُّ السَّيِّدُ مَالَهُ بِمُقْتَضَى إِنْكَارِهِ فَإِنْ كَانَتْ أَمَةً عَالِمَةً بِتَزْوِيجِهَا حَرُمَ عَلَيْهَا إِبَاحَةُ فَرْجِهَا بِالتَّزْوِيجِ أَوْ بِالْعِتْقِ إِلَى أَجَلٍ غرم بِالرُّجُوعِ الْقِيمَةَ حَالَّةً لِأَنَّهُمَا مَنَعَاهُ مِنَ الْبَيْعِ وَهُوَ أَهَمُّ الْمَقَاصِدِ إِلَّا قِيمَةَ خِدْمَةِ الْعَبْدِ تِلْكَ الْمدَّة لِأَنَّهَا تندرج فِي قيمَة الرّقية وَقد ابقياها فَلَا تاخذ قِيمَتُهُ وَقِيمَةُ مَنْفَعَتِهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ تُقَوَّمُ هَذِهِ الْمَنَافِعُ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ فَتَسْقُطُ الْقيمَة وَتبقى الْمَنَافِع للسيدا قَالَ مُحَمَّدٌ هَذَا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِأَنَّ قِيمَةَ الْمَنْفَعَةِ هَكَذَا قَدْ تَزِيدُ عَلَى قِيمَةِ الرَّقَبَةَ فَلَا يَغْرَمُ الشَّاهِدَانِ شَيْئًا قَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَصْبَحَ مِنْ جِهَةِ الْفِقْهِ مُتَعَذِّرًا مِنْ حَيْثُ الْعَادَةُ لِأَنَّا نُقَوِّمُ الْعَبْدَ مَمْلُوكًا طُولَ حَيَاتِهِ مَنَافِعَ تِلْكَ الْمُدَّةِ

وَقَدْ مَنَافِعَ الْعَبْدِ إِلَيْهِمَا حَتَّى يَنْقَضِيَ الْأَجَلُ فيؤجران حَتَّى يستويا مَا غَرِمَاهُ وَمَا بَقِيَ فَلِلسَّيِّدِ فَإِنْ لَمْ تَفِ مَنَافِعُ الْمُدَّةِ غَرِمَا مَا لَمْ يَرْجِعَا وَكَذَلِكَ لومات فِي أَضْعَافِ الْمُدَّةِ أَوْ بَعْدَ فَرَاغِهَا وَلَمْ يَسْتَوْفِ إِلَّا أَنْ يَتْرُكَ مَالًا فَيَأْخُذَانِ مِنْهُ كَمَالَ مَا غَرِمَ وَكَذَلِكَ لَوْ قُتِلَ إِلَّا ان تُؤْخَذ قِيمَته فياخذاها لِاعْتِرَافِ السَّيِّدِ أَنَّ مَا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ مَالِ الْعَبْدِ عَلَيْهِ فِيهِ مَا غَرِمَاهُ وَخَيَّرَ مُحَمَّدٌ السَّيِّدَ بَيْنَ قَوْلِ سَحْنُونٍ إِنَّ لَهُ قِيمَةَ هَذِهِ الْمَنَافِعِ وَقْتًا بَعْدَ وَقْتٍ بِحَسَبِ مَا يُرَى فِي ذَلِكَ مِنْ مُقْتَضَى الِاخْتِلَافِ وَمَنْشَأُ الْخلاف تقَابل الْحُقُوق فحد السَّيِّد التَّمَسُّك بِالْعَبدِ لنامن عَلَيْهِ وندفع الْقيمَة وحقهما ان نقولا غرمنا قيمَة الْمَنَافِع فِي قيمَة الرَّقَبَة فَكَانَا اشْتَرَيْنَاهَا فَنَحْنُ أَحَقُّ بِعَيْنِ الْمَنَافِعِ وَإِنْ شَهِدَا بِالتَّدْبِيرِ غرما قيمَة حَالَّةً بِرُجُوعِهِمَا بَعْدَ الْحُكْمِ وَيَدْخُلَانِ فِيمَا أَدْخَلَاهُ فِيهِ فيقتضيان من الْخدمَة الَّتِي القياها بِيَدِهِ بِمَا وديا ثُمَّ تَرْجِعُ خِدْمَتُهُ لِسَيِّدِهِ وَمَوْتُهُ فِي حَيَاةِ السَّيِّد اَوْ بعد مَا قَبِلَ الِاسْتِيفَاءِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمُعْتَقِ إِلَى أَجَلٍ فَإِنْ خَرَجَ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ حُرًّا فَلَا شيئ لَهما وان رق مِنْهُ شيئ فَهُمَا أَوْلَى بِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَا مِنْهُ وَإِنْ رَدَّهَا دَيْنٌ فَهُوَ أَوْلَى مِنَ الدَّيْنِ كَأَهْلِ الْجِنَايَةِ لِاخْتِصَاصِهِمْ بِالرَّقَبَةِ وَالدَّيْنُ لَا يَخْتَصُّ فَإِنْ شَهدا بِالْكِتَابَةِ غرما بِالرُّجُوعِ بعد الحكم قيمَة نَاجِزَةً قَالَ مُحَمَّدٌ يَوْمَ الْحُكْمِ ثُمَّ يَتَأَدَّيَانِهَا مِنَ الْكِتَابَةِ عَلَى النُّجُومِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَا ثُمَّ يَتَمَادَى السَّيِّدُ بِمَا بَقِيَ مِنْهَا وَلَوْ رَقَّ لِعَجْزِهِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَا بِيعَ لَهُمَا مِنْهُ بِمَا بَقِيَ لَهُمَا فَإِنْ لَمْ يَفِ فَلَا شيئ لَهُمَا قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَغْرَمَانِ الْقِيمَةَ فَيُوضَعُ بِيَدِ عَدْلٍ وَيَتَأَدَّى السَّيِّدُ الْكِتَابَة فَإِن استفوى مِنَ الْكِتَابَةِ مِثْلَهَا رَجَعَتْ إِلَى الشَّاهِدَيْنِ فَإِنْ كَانَتِ الْكِتَابَةُ أَقَلَّ أَوْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ دُفِعَ لِلسَّيِّدِ مِنْ تِلْكَ الْقِيمَةِ تَمَامُ قِيمَةِ عَبْدِهِ لِأَنَّهُ مَظْلُومٌ قَدْ مُنِعَ مَنْ عَبده وَمَاله فِيهِ من التَّصَرُّف وايقاف الْقيمَة لَيْلًا يُتْرَكَ فَيَغْرَمَانِهَا ثَانِيَةً قَالَ مُحَمَّدٌ وَعَلَى الْأَوَّلِ أَصْحَابُ مَالِكٍ قَالَ وَلَوِ اسْتَحْسَنْتُ

(فرع)

قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَقُلْتُ كُلَّمَا قَبَضَ السَّيِّدُ مِنَ الْكِتَابَةِ شَيْئًا رَدَّ مِثْلَهَ مِنَ الْقِيمَةِ الْمَوْقُوفَةِ لِلشَّاهِدَيْنِ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِذَا رَجَعَا بِيعَتِ الْكِتَابَة بِعرْض فَازَ دمت بِأَكْثَرَ فَلِلسَّيِّدِ أَوْ أَقَلَّ رَجَعَ عَلَيْهِمَا بِتَمَامِ الْقيمَة وان شَهدا أَنه اسْتَوْلدهَا غرم بِالرُّجُوعِ بَعْدَ الْحُكْمِ قِيمَتَهَا وَلَا شَيْءَ لَهُمَا لِأَنَّهُمَا لَمْ يَتْرُكَا خِدْمَةً يَرْجِعَانِ فِيهَا فَإِنْ جرحت اَوْ قلت رَجَعَا بِمَا غَرِمَاهُ فِي الْأَرْشِ وَالْفَاضِلُ لِلسَّيِّدِ مَعَ مَا أَخَذَ قَالَ سَحْنُونٌ وَكَذَلِكَ إِنْ أَفَادَتْ مَالًا وَقَالَ مُحَمَّدٌ بَلْ ذَلِكَ لِلسَّيِّدِ لِأَنَّهُ لم يبقيا لَهُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا من الْقيمَة لما نفياه مِنَ الِاسْتِمْتَاعِ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَتْ حَامِلًا وَإِنْ شَهدا ان وَلَدهَا وَلدته مِنْهُ غرم قِيمَتَهُ وَقِيلَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا فِي الرُّجُوعِ عَنِ الِاسْتِيلَادِ وَإِنْ شَهِدَا أَنَّهُ أَعْتَقَ أَمَّ وَلَدِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُمَا لَمْ يُتْلِفَا غَيْرَ الْوَطْءِ وَهُمَا غَيْرُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قِيمَتُهَا كَمَا لَوْ قَتَلَهَا رَجُلٌ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا بِقَدْرِ مَا كَانَ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِذَا قَيَّدَهُ وَحَلَفَ بِحُرِّيَّتِهِ لَا يُنْزَعُ الْقَيْدُ وَحَلَفَ أَنَّ فِي الْقَيْدِ عَشَرَةً فَحَكَمَ بِعِتْقِهِ فَنَزَعَ الْقَيْدَ بَعْدَ الشَّهْرِ فَوَجَدَ عَشَرَةً كَذَّبَهُمَا (فَرْعٌ) قَالَ الْمَازَرِيُّ إِذَا أُعْتِقَ إِلَى أَجَلٍ فَشَهِدَا أَنَّهُ نَجَزَ الْعِتْقَ غَرِمَا بِالرُّجُوعِ قِيمَةَ الْخِدْمَةِ عَلَى غَرَرِهَا بِإِمْكَانِ مَوْتِ الْعَبْدِ قَبْلَ الْأَجَلِ بِمُدَّةٍ يَسِيرَةٍ أَوْ طَوِيلَةٍ وَلَوْ كَانَ

(فرع)

الْأَجَلُ غَيْرَ مَعْلُومٍ نَحْوَ مَوْتِ زَيْدٍ قَوِّمَتْ على اقْتصّ الْعُمْرَيْنِ عُمْرِ الَّذِي عَلِقَ بِمَوْتِهِ وَعُمْرِ الْعَبْدِ وَقَالَ أَصْبَغُ إِذَا أُعْتِقَ إِلَى أَجَلٍ فَشَهِدَا بِالتَّعْجِيلِ غَرِمَا قِيمَةَ الرَّقَبَةِ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ قِيمَتَهَا لَوْ قُتِلَ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا شَهِدَا عَلَيْهِ بَان نِصْفَهُ لِفُلَانٍ وَأَنَّهُ أَيْضًا أَعْتَقَ النِّصْفَ الْآخَرَ فَأَعْتَقَ عَلَيْهِ وَأَغْرَمَ قِيمَةَ النِّصْفِ ثُمَّ أَكْذَبَا انفسهما فِي الْعتْق غرما قيمَة جمع الْعَبْدِ لِأَنَّهُمَا أَتْلَفَا نِصْفَهُ بِالْعِتْقِ وَنِصْفَهُ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ وَيَغْرَمَانِ أَيْضًا قِيمَةَ النِّصْفِ الَّتِي اخذها الشَّرِيك الْمقر وَلَوْ شَهِدَا أَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ أَعْتَقَ النِّصْفَ الْمُقَرَّ بِهِ فَقُوِّمَ عَلَيْهِ غَرِمَا أَيْضًا قِيمَةَ جَمِيعه وَقِيمَة نصفه ان صدقهما الْإِقْرَارِ لَهُ وَأَكْذَبَهُمَا فِي الْعِتْقِ قَالَهُ مُحَمَّدٌ قَالَ وَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ قَضَاءُ الْقَاضِي بِبَيِّنَةِ الْمُقِرِّ لَهُ كَذَّبَهُمَا فِي الْعِتْقِ وَصَدَّقَهُمَا فِي الْإِقْرَارِ وَهُوَ الْمَحْكُوم لَهُ بهَا مَعَ أَنَّهَا مَا شهد لَهُ بِالْإِقْرَارِ إِلَّا بِوَصْفِ الْعِتْقِ فَلَا يُحْكَمُ لَهُ بِبَيِّنَةٍ يَدَّعِي كَذِبَهَا وَلَوْ كَانَ يَقُولُ إِنَّهُمَا وَهِمَا فِي الْعِتْقِ وَلَمْ يَتَعَمَّدَا الْكَذِبَ لَكَانَ خَفِيفًا قَالَ وَقَدْ يُتَصَوَّرُ مِنْ جِهَةٍ أَنَّهُ لَمْ يُضِفْ إِلَيْهِمَا فُسُوقًا قَالَ وَلَمْ يُشْكِلْ أَيْضًا مِنْ جِهَةِ أَنَّهُمَا لَمْ يُتْلِفَا عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ مِلْكًا اسْتَقَرَّ بِيَدِهِ فَهُمَا أَدْخَلَاهُ فِي مِلْكٍ وَأَخْرَجَاهُ عَنْهُ فَإِنْ صَدَقَا فَلَا غَرَامَةَ وَإِنْ كَذَبَا فَقَدْ أَبْطَلَا عَلَيْهِ مِلْكًا كَذَبَا فِيهِ فَلَا غَرَامَةَ وَلَوْ أَكْذَبَهُمَا فِي شَهَادَةِ الْإِقْرَارِ وَالْعِتْقِ بَعْدَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ وَأَكْذَبَا أنْفُسَهُمَا فِي الْجَمِيعِ غَرِمَا قِيمَةَ نِصْفِ الْعَبْدِ الْمُقَوَّمِ عَلَيْهِ وَلِلْمُقِرِّ قِيمَةُ النِّصْفِ الْمُقَرِّ بِهِ (فَرْعٌ) قَالَ لَوْ شَهِدَا بِالتَّدْبِيرِ وَأَغْرَمَا الْقِيمَةَ ثُمَّ شَهِدَ آخَرَانِ بِتَقَدُّمِ عِتْقِهِ أَوْ تَدْبِيرِهِ اسْتَرَدَّ الْأَوَّلَانِ مَا غَرِمَاهُ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُتْلِفَا عَلَيْهِ شَيْئًا وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَا بِمَا يَمْنَعُ التَّدْبِيرَ مِنْ بَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ وَإِنْ رَجَعَ الشَّاهِدَانِ بِالْبَيْعِ وَالشَّاهِدَانِ

(الطرف الخامس)

بِالتَّدْبِيرِ لَمْ يَغْرَمْ شَاهِدَا التَّدْبِيرِ لِتَقَدُّمِ مَا يُبْطِلُهُ وَأَبْطَلَهُ الشَّرْعُ قَبْلَ تَكْذِيبِهِمَا أَنْفُسِهِمَا وَيَغْرَمُ شَاهدا البيع مَا اتلفا فَإِنْ أَنْكَرَ الْبَيْعَ غَرِمَا مَا زَادَ عَلَى الثَّمَنِ فِي الَّذِي يَرُدُّهُ عَلَى شُهُودِ التَّدْبِيرِ وان كذبهما للْمُشْتَرِي دُونَ الْبَائِعِ يَغْرَمَانِ لِلْمُشْتَرِي الزِّيَادَةَ لِأَنَّهَا الَّتِي أَتْلَفَاهَا (الطَّرَفُ الْخَامِسُ) فِي النَّسَبِ وَالْوَلَاءِ وَإِرَاقَةِ الْحر فِي الْجَوَاهِر اذا شهد أَنه افر بنه فاقر بِالزُّورِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِقُرْبِ ذَلِكَ قَبْلَ مَوْتِ الْأَبِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا قَبْلَ أَنْ يُؤْخَذَ بِشَهَادَتِهِمَا مِيرَاثٌ فَإِنْ وُرِّثَ غَرِمَا لِلْعُصْبَةِ مَا أَتْلَفَا عَلَيْهِمْ فَإِنْ كَانَ الْمَشْهُودُ بِنَسَبِهِ عَبْدًا لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ غَرِمَا فَإِنْ مَاتَ الْأَبُ بَعْدَ ذَلِكَ وَتَرَكَ وَلَدًا غَيْرَ الْمُسْتَلْحَقِ تَرَكَهُ الْأَبُ الَّذِي أَخَذَهُ الدَّيْنُ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلِابْنِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْمُسْتَلْحَقَ كَانَ يُدْعَى الْمَشْهُودَ فِيهَا وَأَنْ لَا شِرْكَةَ فِيهَا فَإِذَا اقْتَسَمَا مَا عَدَاهَا غَرِمَ الشَّاهِدَانِ الْمُسْتَلْحَقَ لِلِابْنِ الْآخَرِ لِأَنَّهُمَا عَلَيْهِ فَلَوْ طَرَأَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْمَيِّتِ أَخَذَ مِنْ وَاحِدٍ نِصْفَهُ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ كَمُلَ مِنْ تِلْكَ الْقِيمَةِ الَّتِي انْفَرَدَ بِهَا الْأَوَّلُ وَرَجَعَ الشَّاهِدَانِ عَلَيْهِ فَأَغْرَمَاهُ مِثْلَ الَّذِي غَرِمَهُ الْمُحِقُّ لِلْغَرِيمِ لِأَنَّهُ أَخَذَهَا عِوَضًا عَمَّا أَخَذَ الْمُحِقُّ مِنْ تَرِكَةِ أَبِيهِ وَالْآنَ فَقَدْ صَرَفَ فِي دَيْنِ أَبِيهِ فَلَمْ يُتْلِفَا عَلَيْهِ شَيْئًا بِشَهَادَتِهِمَا وَلَوْ لَمْ يَتْرُكْ غَيْرَ الْمُسْتَلْحَقِ وَمِائَةٍ أَخَذَهَا قِيمَةً مِنَ الشَّاهِدَيْنِ فِي قِيمَةِ الْمُسْتَلْحَقِ فَالْمِائَةُ الْوَاحِدَةُ لَهُ فَقَطْ وَالْمِائَةُ الْأُخْرَى لِلْعُصْبَةِ وَإِلَّا فَلِبَيْتِ الْمَالِ وَيَغْرَمُ الشَّاهِدَانِ بِمَا ادبا لِلْعُصْبَةِ أَوْ لِبَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ شَهِدَا أَنَّهُ أَخُو الْمَيِّتِ فَانْتَزَعَ الْمِيرَاثَ مِنِ ابْنِ الْعَمِّ ثُمَّ شَهِدَ آخَرَانِ لِآخَرَ أَنَّهُ ابْنُ الْمَيِّتِ وانتزع مِنْ يَدِ الْآخَرِ ثُمَّ رَجَعَ الْجَمِيعُ فَعَلَى شُهُودِ الِابْنِ غُرْمُهَا لِلْأَخِ وَعَلَى شُهُودِ الْأَخِ غُرْمُهَا لِابْنِ الْعَمِّ وَعَلَى شُهُودِ ابْنِ الْعَمِّ للموالي

(فرع)

وَإِنْ شَهِدَا أَنَّ فُلَانًا مَوْلَاكَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا بِالرُّجُوعِ بَعْدَ الْحُكْمِ إِلَّا أَنْ يَمُوتَ وَيَتْرُكَ مَالًا لَا يَرِثُهُ غَيْرُكَ فَيَغْرَمَانِهِ لَكَ إِنْ كَانَ لَكَ مُنَازِعٌ وَإِلَّا وُقِفَ مَا يضمنانه حَتَّى يثبت مَا يَسْتَحِقُّهُ وَيَضْمَنَانِ التَّرِكَةَ الَّتِي مَاتَ عَنْهَا كَانَتْ أَكْثَرَ يَوْمَ الْحُكْمِ أَوْ أَقَلَّ وَإِنْ شَهِدَا أَنَّ فُلَانًا عَبْدَكَ لَمْ يَضْمَنَا قِيمَةَ الرَّقَبَةِ بِالرُّجُوعِ بَعْدَ الْحُكْمِ بَلْ يَضْمَنَانِ لِلْعَبْدِ كُلَّ مَا اسْتَعْمَلْتَهُ وَكُلَّ خَرَاجٍ أَدَّاهُ إِلَيْكَ وَمَالٍ انتزعنه مِنْهُ لَيْلًا يَتَسَلْسَلَ وَلَوْ مَاتَ وَهُوَ فِي يَدِهِ لَمْ تاخذه وَيُوقف حَتَّى يَسْتَحِقَّ ذَلِكَ مُسْتَحِقٌّ يَرِثُهُ بِالْحُرِّيَّةِ وَلَوْ أَعْتَقَ مِنْهُ الْعَبْدُ قَبْلَ مَوْتِهِ عَبْدًا جَازَ عِتْقُهُ وَوَلَاؤُهُ بَعْدَ ذَلِكَ لِمَنْ كَانَ يَرِثُ عَنْهُ الْوَلَاءَ لَوْ كَانَ حُرًّا وَيَرِثُهُ الْعَبْدُ إِنْ مَاتَ وَمُعْتِقُهُ حَيٌّ وَإِنْ أَوْصَى مِنْهُ الْعَبْدُ فَهِيَ فِي الثُّلُثِ مِنْهُ وَيَجُوزُ رَهْنُهُ وَصَدَقَتُهُ وَيَرِثُ بَاقِيَهُ وَرَثَتُهُ إِنْ كَانَ لَهُ مَنْ يَرِثُهُ لَوْ كَانَ حُرًّا وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنْهُ لَأَنَّ الزَّوَاجَ يُنْقِصُ رَقَبَتَهُ (فَرْعٌ) قَالَ الْمَازَرِيُّ لَوْ تَرَكَ أَخَاهُ لِأَبِيهِ فَأَخَذَ جَمِيعَ الْمَالِ وَقَدِمَ رَجُلٌ وَمَعَهُ ثَلَاثَةُ شُهُودٍ شَهِدَ أَحَدُهُمْ أَنَّ الْقَادِمَ شَقِيقُ الْمَيِّتِ وَالثَّانِي أَنَّهُ لِأَبِيهِ لَا يَعْلَمُ غَيْرَ ذَلِكَ وَالثَّالِثُ أَنَّهُ مِنْ أُمِّهِ فَقَدْ حَصَلَ أَنَّهُ شَقِيق لَان شَاهد الشقاقة مَعَ الْأَبِ اتَّفَقَا عَلَى الْأَبِ وَهُوَ مَعَ شَاهِدِ الْأُمِّ اتَّفَقَا عَلَى الْأُمِّ فَتَثْبُتُ كُلُّ جِهَةٍ بِشَاهِدَيْنِ فَيُنْتَزَعُ الْمَالُ مِنَ الْأَوَّلِ فَإِنْ رَجَعَ الثَّلَاثَةُ بَعْدَ الْحُكْمِ وَاخْتَلَفَ مِقْدَارُ مَا أَتْلَفَا فَالشَّاهِدُ بِأَنَّهُ أَخٌ لِلْأُمِّ أَثْبَتَ لِلْقَادِمِ السُّدُسَ وَلَو انْفَرد لم يقْض بِهِ فقد شَارَكَهُ مَنْ شَهِدَ بِالشَّقَّاقَةِ فَيَكُونُ السُّدُسُ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ وَلَا يَسْتَقِلُّ وَحْدَهُ فَشَارَكَهُ فِيهِ شَاهِدُ الشَّقَّاقَةِ بِالنِّصْفِ مِنْهُمَا بنصفين بالسواء فَيغرم شَاهد الشقاقة مثلهمَا واصلهما اثْنَا عَشَرَ نِصْفُ سُدُسِهَا وَاحِدٌ وَنِصْفُهَا سِتَّةٌ على شَاهد الشقاقة مِنْهُمَا ثَلَاثَة وَشَاهد ثَلَاثَةٌ فَيَكُونُ غُرْمُ الْمَالِ بَيْنَهُمْ عَلَى ثَمَانِيَةٍ على شَاهد الامومية بَينهم وَعَلَى شَاهِدِ الشَّقَّاقَةِ

(فرع)

أَرْبَعَةٌ مِنَ اثْنَيْ عَشَرَ فَيَغْرَمُ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ بِالْأُبُوَّةِ وَالْأُمُومَةِ النِّصْفَ بِالسَّوِيَّةِ وَلَوْ كَانَ الْمَالَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَبِالتَّقَادُمِ صَارَ لِلْعَبْدِ الثُّلُثُ لِأَنَّهُ يُعَادُ لِأَخِيهِ السُّدُسُ وَلَا يَدْخُلُ فِي أَثْلَاثِهِ لِشَاهِدِ الْأُمُومَةِ لِكَوْنِ الْجَدِّ يَحْجُبُ الْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ بَلْ يَكُونُ لِلْآخَرِينَ نِصْفَيْنِ قَالَ التُّونِسِيُّ أَخُ الْأُبُوَّةِ أَتْلَفَ مِنَ النِّصْفِ ثُلُثَهُ وَشَارَكَهُ فِيهِمَا شَاهِدُ الشَّقَّاقَةِ فَيَكُونُ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ وَيَغْرَمُ أَخُ الشَّقَّاقَةِ ثُلُثَ النِّصْفِ وَحْدَهُ وَعَلَى شَاهِدِ الْأُمُومَةِ ثُلُثُ النِّصْفِ فَيَكْمُلُ النِّصْفُ لِلْأَخِ مِنَ الثَّلَاثَةِ (فَرْعٌ) فِي النَّوَادِرِ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا تَرَكَ عَبْدَيْنِ وَأَمَةً فَشَهِدَ شَاهِدَانِ لِرَجُلٍ بِأَنَّهُ أَخٌ شَقِيقٌ فَقُضِيَ بِالنَّسَبِ وَالْإِرْثِ وَشَهِدَ آخَرَانِ بِبُنُوَّةِ أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ فَانْتَزَعَ التَّرِكَةَ ثُمَّ شَهِدَ آخَرَانِ بِبُنُوَّةِ الْعَبْدِ الْآخَرِ فَشَارَكَ الْأَوَّلَ وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّ الْمَيِّتَ أَعْتَقَ الْأَمَةَ فِي صِحَّتِهِ وَتَزَوُّجِهَا فَأَخَذَتِ الثُّمُنَ مِنَ الِاثْنَيْنِ فَرَجَعَ شَاهِدَا الْعَبْدِ الاول فيغرمان قِيمَته للِابْن الآخر وللزوجة مِنْهَا وَيَأْخُذُ مَا فِي يَدِهِ مِنَ الْمَالِ الِابْنُ الثَّانِي لِأَنَّ الْمَرْأَةَ قَدْ أَخَذَتْ ثُمُنَهُ فَإِنْ رَجَعَتْ بَيِّنَةُ الْعَبْدِ الثَّانِي غَرِمَتْ مَا تَقَدَّمَ وَكَذَلِكَ لَوْ رَجَعَا بَعْدَ رُجُوعِ الْأَوَّلَيْنِ ثُمَّ إِنْ رَجَعَ شَاهِدَا الْأَمَةِ غَرِمَا قِيمَةَ الْأَمَةِ وَمِيرَاثَهَا لِلْوَلَدَيْنِ نِصْفَيْنِ وَلَا يُبَالِي بِمَنْ رَجَعَ أَوَّلًا وَآخِرًا أَوْ مُجْتَمِعَيْنِ لِأَنَّهُمْ شَهِدُوا عَلَى أَشْيَاءَ مُخْتَلِفَةٍ وَلَوْ شَهِدُوا كُلُّهُمْ بِالنَّسَبِ وَالْعِتْقِ وَالنِّكَاحِ وَرَجَعُوا بَعْدَ الْحُكْمِ لَغَرِمُوا لِلْأَخِ قِيمَةَ الْعَبْدَيْنِ وَجَمِيعَ الْمِيرَاثِ (فَرْعٌ) لَوْ شَهِدَا بَرِقِّهِ وَرَجَعَا بَعْدَ الْحُكْمِ فَجَرَحَاهُ غَرِمَا لِلسَّيِّدِ مَا نَقَصَهُ مِنْ قِيمَتِهِ وَلِلْمَجْرُوحِ أَيْضًا إِنْ كَانَ خَطَأً لَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ وَإِنْ كَانَ مِمَّا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ لَا يَلْزَمُهُ بِقَوْلِهِمَا بَلْ يَغْرَمَاهُ فِي أَوْقَاتِ وُجُوبِ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَلَهُ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْهُمَا فِي الْعَمْدِ لِإِقْرَارِهِمَا أَنَّهُ حر

فرع

(فَرْعٌ) قَالَ اذا شهد أَنَّهُ ابْنُ الْقَتِيلِ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ وَلَهُ أَخٌ أَوْ مَوْلًى مَعْرُوفُ النَّسَبِ وَالْقَاتِلُ مقرّ بقتل عمد فَحكم بِالنّسَبِ وَالْقَتْل ثمَّ اقر بِالزُّورِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا فِي الْقِصَاصِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَال وَضَمان الاخ التَّرِكَةَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُقْتَلُ الشَّاهِدَانِ لَان بِشَهَادَتِهِمَا قُتِلَ هَذَا الْقَتِيلُ وَابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَرَى ذَلِكَ (الطَّرَفُ السَّادِسُ) فِي الْمَالِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا شَهِدَا لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو بِمِائَةٍ ثُمَّ قَالَا الْمِائَةُ كُلُّهَا لِزَيْدٍ بَعْدَ الْحُكْمِ غَرِمَا خمسين للْمَشْهُود عَلَيْهِ لاقرارهما أَنَّهُمَا اخرجاه مِنْهُ بِغَيْرِ حَقٍّ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُمَا الثَّانِي لِإِقْرَارِهِمَا بِالزُّورِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَلَوْ كَانَ بَدَلُ الْمِائَةِ عَبْدًا مُعَيَّنًا فَإِنْ صَدَقَهُمَا الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لِزَيْدٍ لَمْ يَغْرَمَا شَيْئًا وَإِنْ أَنْكَرَ الشَّاهِدَيْنِ غَرِمَا النِّصْفَ لَهُ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا رَجَعَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْحُكْمِ غَرِمَ نِصْفَ الْحَقِّ قَالَ مُحَمَّدٌ لَوْ رَجَعَ عَنْ نِصْفِ مَا شَهِدَا بِهِ غَرِمَ رُبُعَ الْحَقِّ أَوْ عَنِ الثُّلُثِ غَرِمَ السُّدس وَلَو رجعا جَمِيعًا فَالْحق عَلَيْهِمَا رُجُوعُهُمَا غَرِمَ كُلُّ وَاحِدٍ نِصْفَ مَا رَجَعَ عَنْهُ لِأَنَّهُ الَّذِي أَنَابَهُ قِيمَةَ الَّذِي أَخَذَهُ شَيْئًا لِاسْتِقْلَالِ الْحَقِّ بِالْبَاقِي فَإِنْ رَجَعَ ثَانٍ غَرِمَ نِصْفَ الْحَقِّ ثُلُثَ الْحَقِّ لِأَنَّهُ أَخَذَ ثَلَاثَةً وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا رَجَعَ ثَلَاثَةٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ غَرِمُوا ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْحَقِّ قَالَ مُحَمَّدٌ لَوْ شَهِدَ ثَلَاثَةٌ بِثَلَاثِينَ فَرَجَعَ أَحَدُهُمْ بَعْدَ الْحُكْمِ عَنِ الثَّلَاثِينَ وَالثَّانِي عَنْ عِشْرِينَ وَالثَّالِثُ عَنْ عَشَرَةٍ غَرِمَهَا الْجَمِيعُ أَثْلَاثًا إِلَّا عَشَرَةً لَا يَغْرَمُ أَحَدٌ مِنْهَا شَيْئًا لِاسْتِقْلَالِ ثُبُوتِهَا

(فرع)

بِشَاهِدَيْنِ وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ إِذَا بَقِيَ نِصَابٌ لَا يَغْرَمُ الرَّاجِعُ وَيَغْرَمُ الْأَوْلَادُ الْعَشَرَةَ نِصْفَيْنِ وَإِذَا حَكَمَ بِرِجَالٍ وَنِسَاءٍ فَعَلَى الرَّجُلِ نِصْفُ الْحَقِّ لِكَوْنِهِ نِصْفَ النِّصَابِ وَعَلَى النِّسَاءِ نِصْفُهُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ وَكَذَلِكَ لَوْ رَجَعْنَ وَحْدَهُنَّ فَلَوْ كُنَّ عَشْرًا فَرَجَعَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ إِلَى ثَمَانٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِنَّ لِبَقَاءِ مَا يُحْتَاجُ مِنْهُنَّ فِي نِصْفِ النِّصَابِ فَإِنْ رَجَعَ تِسْعٌ أَوْ ثَمَانٍ ثُمَّ وَاحِدَةٌ بَعْدَهُنَّ فَعَلَى التِّسْعِ رُبُعُ الْمَالِ بَيْنَهُنَّ بِالسَّوِيَّةِ لِأَنَّهُ بَقِيَ مِنْ أَخِي ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْحَقِّ وَذَلِكَ فِي كُلِّ مَا تَجُوزُ فِيهِ شَهَادَتُهُنَّ مَعَ الرِّجَالِ وَأَمَّا مَا يَنْفَرِدْنَ بِهِ كَشَهَادَةِ عَشَرَةٍ عَلَى رَضَاعٍ مَعَ رَجُلٍ فَرَجَعَ الْكُلُّ بَعْدَ الْحُكْمِ فَعَلَى الرَّجُلِ سُدُسُ مَا يَجِبُ مِنَ الْغَرَامَةِ وَعَلَى كل امْرَأَة نصف سدس لِأَنَّ الرَّجُلَ كَامْرَأَتَيْنِ فَيَكُنَّ اثْنَيْ عَشَرَ وَلَيْسَ مُحْتَاجًا إِلَيْهِ حَتَّى يَكُونَ نِصْفَ النِّصَابِ فَيَكُونُ عَلَيْهِ النِّصْفُ وَلَوْ رَجَعَ الْكُلُّ إِلَّا امْرَأَتَيْنِ لَمْ يَجِبْ غُرْمٌ عَلَى الْقَوْلِ بِاعْتِبَارِهَا الْمُسْتَقِلِّ وَلَوْ رَجَعَ الْكُلُّ إِلَّا وَاحِدَةً وُزِّعَ جَمِيعُ الْحَقِّ عَلَى جَمِيعِ مَنْ رَجَعَ (فَرْعٌ) قَالَ اذا هرب الْمقْضِي عَلَيْهِ لَا يلْزمهَا غرم حَتَّى يغرم الْمقْضِي عَلَيْهِ وَلَيْسَ يغرمه أَخْذُ ذَلِكَ مِنْهُمَا إِنْ أَقَرَّا بِتَعَمُّدِ الزُّورِ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُتْلِفَا مَا يُوجِبُ الْغَرَامَةَ بَعْدُ لِبَقَاءِ الْمَالِ تَحْتَ يَدِ رَبِّهِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ ذَلِكَ لِغَرِيمِهِ وَهُمَا غَرِيمُ الْغَرِيمِ لَيْلًا يُؤَدِّيَ ذَلِكَ لِبَيْعِ دَارِهِ وَتَلَفِ مَالِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ حَبَسَهُ الْقَاضِي لَا يُتْرَكُ مَحْبُوسًا أَبَدًا بَلْ يُخَلِّصَاهُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلَا حُبِسَا مَعَهُ لِأَنَّهُمَا مورطان وَلَو ضرب للْمَشْهُود عَلَيْهِ اجلا فَرجع الشَّاهِد ان قبله غرما وبرى الْمَطْلُوبُ (فَرْعٌ) فِي النَّوَادِرِ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِأَرْبَعِينَ فَرَجَعَ أَحَدُهُمْ عَنْهَا وَآخَرُ عَنْ عَشَرَةٍ وَآخَرُ عَن عشْرين اخر عَنْ ثَلَاثِينَ فَقَدْ ثَبَتَ عِشْرُونَ بِشَهَادَةِ الرَّاجِعِ عَنِ الْعَشَرَةِ وَالرَّاجِعُ عَنْ عِشْرِينَ لَا يَرْجِعُ بهَا عَن أَحَدٍ وَالرَّاجِعُ عَنْ عَشَرَةٍ أَثْبَتَ عَشَرَةً أُخْرَى فَلَا رُجُوعَ بِنِصْفِهَا عَلَى أَحَدٍ وَيَغْرَمُ أَصْحَابُهُ الْخَمْسَةَ الْبَاقِيَةَ اثْنَانِ إِلَّا ثُلُثَ كُلِّ وَاحِدٍ وَلم ثبتَتْ عشرَة أحد فيغرمهما الْأَرْبَعَةُ بِالسَّوِيَّةِ فَإِنْ مَاتَ أَحَدُ الْأَرْبَعَةِ ثُمَّ

رَجَعَ وَاحِدٌ عَنْ عَشَرَةٍ وَآخَرُ عَنْ عِشْرِينَ وَآخَرُ عَنْ أَرْبَعِينَ فَقَدْ ثَبَتَ ثَلَاثُونَ بِالْمَيِّتِ وَالرَّاجِعُ عَنْ عَشَرَةٍ لَا رُجُوعَ بِهَا وَبَقِيَ عَشَرَةٌ أَثْبَتَهَا الْمَيِّتُ وَحْدَهُ فَعَلَى الثَّلَاثَةِ نِصْفُهَا بَينهم ثَلَاثًا فَلَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِعَشَرَةٍ وَآخَرُ بِعِشْرِينَ وَآخَرُ بِثَلَاثِينَ وَآخَرُ بِأَرْبَعِينَ فَلَهُ الثَّلَاثُونَ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَالْأَرْبَعِينَ بِيَمِينٍ لِتَفَرُّدِهَا بِوَاحِدٍ فَإِنْ أَخَذَ الثَّلَاثِينَ وَحَلَفَ الْمَطْلُوبُ فَلَا يَغْرَمُ لِرُجُوعِ شَاهِدِ الْعَشَرَةِ وَشَاهِدِ الْعِشْرِينَ لِبَقَاءِ مَنْ شَهِدَ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ رَجَعَ ثَلَاثَةً بَعْدَ الْأَرْبَعِينَ فَيَغْرَمَا خَمْسَةً نِصْفَيْنِ لِأَنَّهُمَا زَادَا عَشَرَةً عَلَى الْعِشْرِينَ يَشْهَدُ بِهَا غَيْرُ عَشَرَةً شَهِدَا بِهَا مَعَ عِشْرِينَ وَهُوَ لَمْ يَرْجِعْ بِمَا تَلَفَ وَعَشَرَةٌ تَثْبُتُ بِالْبَاقِيَتَيْنِ لَا يَرْجِعُ فِيهَا شَيْءٌ وَلَوْ رَجَعُوا كلهم الا شَاهد بِعَشَرَةٍ غَرِمَ الرَّاجِعُونَ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ شَاهِدُ الْعِشْرِينَ خَمْسَةً وَالْآخَرَانِ عَشَرَةً عَشَرَةً لِأَنَّ شَاهِدَ الْعَشَرَةِ وَافق الثَّلَاثَة الراجعون فيغرمهم نصفهَا سوية لِأَنَّهُ تبث من يتينه بِهِ نصفهَا وَعشرَة يشْهد بهَا غير الراجعين فيلزمهم بِالسَّوِيَّةِ فَيَصِيرُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ خَمْسَةٌ وَعَشَرَةٌ وَلم يَشْهَدْ بِهَا غَيْرُ شَاهِدِ الثَّلَاثِينَ وَشَاهِدِ الْأَرْبَعِينَ فَيَغْرَمَانِهَا نِصْفَيْنِ وَلَوْ رَجَعَ غَيْرُ شَاهِدِ الْعِشْرِينَ لغرم شَاهد الْعشْرَة اثْنَيْنِ الا ثلثا وَالْآخرُونَ ثَمَانِيَة عشر وَثلث نِصْفَيْنِ لِأَنَّ الرَّاجِعِينَ شَهِدُوا مَعَهُ فِي عَشَرَةٍ فعلَيْهِمَا نصفهَا اثلاثا اثْنَتَانِ وَثُلُثَانِ وَالْعشرَة الآخرى من الْعشْرين قارنه فِيهَا شاهدى الثَّلَاثِينَ وَشَاهد الاربعين فعلهمَا نصفهَا نِصْفَيْنِ وانفرادهما بِعشْرَة وَهِي عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ وَعَلَى شَاهِدِ الْعَشَرَةِ دِينَارٌ وَثُلُثَانِ فَذَلِكَ عِشْرُونَ وَلَوْ رَجَعَ شَاهِدُ الْأَرْبَعِينَ وَحْدَهُ غَرِمَ عَشَرَةً لِأَنَّ الْيَمِينَ إِنَّمَا كَانَتْ مَعَ شَهَادَتِهِ فِي الْعَشَرَةِ الَّتِي انْفَرَدَ بِهَا قَالَ مُحَمَّدٌ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَغْرَمُ إِلَّا خَمْسَةً لِأَنَّ الْيَمِينَ بِمَنْزِلَةِ شَاهِدٍ وَلَوْ رَجَعَ غَيْرُ شَاهد

(فرع)

الْأَرْبَعِينَ لَمْ يَضُرَّ بِثُبُوتِهَا بِهِ مَعَ الْيَمِينِ وَكَذَلِكَ لَوْ وَجَدُوا عَبِيدًا وَلَوْ رَجَعَ شَاهِدُ الْأَرْبَعِينَ وَشَاهِدُ الثَّلَاثِينَ غَرِمَ شَاهِدُ الْأَرْبَعِينَ سَبْعَةً وَنصفا وَشَاهد الثَّلَاثِينَ اثْنَان وَنصف لِأَنَّ شَاهِدَ الْأَرْبَعِينَ انْفَرَدَ بِعَشَرَةٍ فَعَلَيْهِمَا نِصْفُهَا وَشَهِدَا عَشَرَةَ أَجْزَاءٍ قَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ عَلَيْهِمَا نِصْفُهَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ بَلْ كُلُّهَا لِأَنَّهَا شَهَادَتُهُمَا خَاصَّةً وَالْيَمِينُ إِنَّمَا حُكِمَ بِهَا فِي عَشَرَةِ الْأَرْبَعِينَ فَلَوْ رَجَعَ مَعَهُمَا شَاهِدُ الْعِشْرِينَ فَإِنَّ عَشَرَةً مِنْهَا ثَابِتَةٌ بِالشَّاهِدِ الْبَاقِي وَالْيَمِينِ وَعَشَرَةً مِنْهَا يَغْرَمُ شَاهِدُ الْعِشْرِينَ خَمْسَةً شَارَكَهُ فِيهَا شَاهِدُ الثَّلَاثِينَ وَشَاهِدُ الْأَرْبَعِينَ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا لِأَنَّهُ قَدْ بَقِيَ فِيهَا يَمِينُ الطَّالِبِ وَهُوَ كَشَاهِدٍ فَلَا يَكُونُ عَلَى شَاهِدِ الْعِشْرِينَ غير اثْنَيْنِ الا لمساو على صَاحب الثَّلَاثِينَ حمسة شَارَكَهُ فِيهَا شَاهِدُ الْأَرْبَعِينَ وَعَلَى شَاهِدِ الْأَرْبَعِينَ خَمْسَة اجزاء وَهِيَ نِصْفُ الْعَشَرَةِ الَّتِي انْفَرَدَ بِهَا وَيَثْبُتُ مَعَ يَمِينِ الطَّالِبِ فَجَمِيعُ مَعَارِفِهِمْ خَمْسَةَ عَشَرَ (فَرْعٌ) لَوْ شَهِدَا عَلَى مَيِّتٍ بِدِينَارٍ وَآخَرَانِ بدينارين والتركة دِينَار وَهِي يدعيهما فَرجع الاربعة بعد الحكم يغرم شَاهد الدِّينَار ربع دِينَار وَشَاهد الدِّينَارَيْنِ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ دِينَارٍ لِأَنَّ جَمِيعَهُمُ اجْتَمَعُوا عَلَى دِينَارٍ وَانْفَرَدَ اثْنَانِ بِدِينَارٍ آخَرَ وَأَخَذَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ دِينَارًا (فَرْعٌ) قَالَ لَوْ شَهدا على اقراره بِدِينَار اخر بِدِينَارَيْنِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا دِينَارَيْنِ مَعَ يَمِينِهِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ حَلَفَ الطَّالِبُ عَلَى ثَلَاثَةٍ إِنِ ادَّعَاهَا وَأَخَذَهَا وَلَا يَغْرَمُوا بِرُجُوعِهِمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا دِينَارَيْنِ لِأَنَّ الثَّالِثَ إِنَّمَا وَجَبَ بِالنُّكُولِ وَالْيَمِين

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ شَهِدَا بِدِينَارَيْنِ وَأَنَّ فُلَانًا حَمِيلٌ بهما واخران أَنه أَمر بِدِينَار بِغَيْر حمالَة فَلَيْسَ عَلَيْهِ الا دينارين بحمالة وَلم يُوجد للْمقر الا دِينَار واخذه ثمَّ رَجَعَ شَاهد الْحمالَة فقد برىء الْحَمِيلُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ دِينَارٍ لِأَنَّ شَاهِدَيِ الدِّينَار انْفَرد بِدِينَارِ الْآخَرِ فِي الدِّينَارِ الْآخَرِ فَإِنْ أَخَذَ مِمَّنْ الدِّينَارَيْنِ وَلَمْ يُؤْخَذْ مِنَ التَّرِكَةِ شَيْءٌ رَجَعَ بهما غير شَاهِدي الْحِوَالَة لِأَنَّهُ يَرْجِعَانِ عَلَى شَاهِدَيِ الدِّينَارِ وَإِنْ رَجَعَ شَاهِدَا الدِّينَارِ وَقَدْ أَخَذَ مِنَ التَّرِكَةِ غَرِمَا رُبُعَ دِينَارٍ لِأَنَّهُ الْمَأْخُوذُ بِشَهَادَتِهِمَا وَإِنْ أَقَرَّ بِالْحِمَالَةِ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ وَرُدَّ عَلَى الَّذِي غرم عَنهُ بِالدِّينَارَيْنِ وَإِنْ أُخِذَ ذَلِكَ مِنْ مَالِ الْمَشْهُودِ لَهُ رَجَعَ بِهِ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ لِأَنَّ رُجُوعَ الشَّاهِدَيْنِ لَا يَسْقُطُ عَنِ الْحَمِيلِ مَا شَهِدَ بِهِ عَلَيْهِ (فَرْعٌ) قَالَ تَرَكَ أَرْبَعَةَ بَنِينَ شَهِدَ ثَلَاثَةٌ عَلَيْهِ بِثَلَاثِينَ فَرَجَعَ أَحَدُهُمْ عَنْ عَشْرٍ وَآخَرُ عَنْ عِشْرِينَ وَآخَرُ عَنْ ثَلَاثِينَ فَاجْتَمَعُوا عَلَى الرُّجُوعِ عَنْ عَشَرَةٍ فَمَا لِأَخِيهِمُ الَّذِي لَمْ يَشْهَدْ إِلَّا رُبُعَهَا عَلَيْهِمْ أَثْلَاثًا وَالْعَشَرَةُ الثَّانِيَةُ رَجَعَ عَنْهَا الْبَاقِيَانِ وَثَبَتَ عَلَيْهَا الرَّاجِعُ عَنْ عَشَرَةٍ وَإِنَّمَا لِأَخِيهِمْ رُبُعُهَا فَيَغْرَمَانِ لَهُ نِصْفَ ذَلِكَ نِصْفَيْنِ فَذَلِكَ كُلُّهُ أَرْبَعَةٌ إِلَّا رُبُعًا يَأْخُذُهَا الَّذِي لَمْ يَشْهَدْ وَلَا شَيْءَ عَلَى الرَّاجِعِ عَنِ الثَّلَاثِينَ فِي الْعَشَرَةِ الَّتِي انْفَرَدَ بِهَا لِلرُّجُوعِ عَنْهَا لِأَنَّهَا ثَبَتَ عَلَيْهَا شَاهِدَانِ وكل مَا رجعُوا عَنهُ ورثوه وَالَّذِي لَمْ يَشْهَدْ رُبُعَهَ قِيلَ لِمُحَمَّدٍ فَإِذَا أُلْزِمَ الرَّاجِعُ عَنْ ثَلَاثِينَ رُبُعَهَا لِلَّذِي لَمْ يَشْهَدْ فَلَمْ يَلْزَمْهَا رُبُعُ آخِرِ الرَّاجِعِ عَنْ عَشَرَةٍ فَلَمْ يَذْكُرْ فِي كِتَابِهِ جَوَابًا وَالْجَوَابُ أَنَّهُ مقرّ بهَا عَن ابيه فَكيف يغرمهم مِمَّا يقر بِصِحَّتِهِ

فرع

4 - (فَرْعٌ) ان تداعيا ثَلَاثمِائَة فِي أَيْدِيهِمَا فَادَّعَى أَحَدُهُمَا جَمِيعَهَا وَالْآخَرُ مِائَةً مِنْهَا وَتَكَافَأَتِ الْبَيِّنَتَانِ فَيَحْلِفَانِ وَيَأْخُذُ مُدَّعِي الْمِائَتَيْنِ مائَة ويقاسم فِي الْمِائَة الآخرى نِصْفَيْنِ رَجَعَ مِنْ كُلِّ شَاهِدٍ غَرِمَ كُلُّ وَاحِدٍ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ لِمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ أَوْ رَجَعُوا كُلُّهُمْ غَرِمَ شَاهِدَا الْمِائَتَيْنِ خَمْسِينَ لِمُدَّعِي الْمِائَةِ وَشَاهد الْمِائَتَيْنِ خَمْسِينَ لِمُدَّعِي الْمِائَتَيْنِ لِأَنَّ مُدَّعِي الْمِائَةِ لَوْلَا شَهَادَتُهُمَا لِمُدَّعِي الْمِائَتَيْنِ لَمْ يَأْخُذْ غَيْرَ مِائَةٍ لِتَسَاوِي الْأَسْبَابِ وَالْحُجَجِ وَلَوْلَا شَهَادَةُ الْآخَرِينَ لَأَخَذَ الْآخَرُ الْجَمِيعَ فَنَقَصَ كُلُّ وَاحِدٍ خَمْسِينَ (فَرْعٌ) قَالَ شَهدا على مائَة بِمِائَة لم يتْرك غَيرهَا فغرماه بِالرُّجُوعِ بَعْدَ الْحُكْمِ لِلْوَارِثِ فَطَرَأَ غَرِيمٌ آخَرُ وَثبتت لَهُ مائَة بعدلين رَجَعَ الاولاد عَلَى الْوَارِثِ بِجَمِيعِ الْمِائَةِ لِأَنَّهُ لَا يَرِثُ مَعَ الدَّيْنِ وَيَأْخُذُ الْغَرِيمُ الثَّانِي خَمْسِينَ مِمَّا أَخَذَ الْأَوَّلُ وَيُبْقِي بِيَدِ الْأَوَّلِ خَمْسِينَ الَّتِي يَسْتَحِقهَا بالحصاص وَيغرم الشَّاهِدَانِ الثَّانِي الْخَمْسِينَ الْبَاقِيَةَ لَهُ بِيَدِ الْغَرِيمِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ لَوْلَا شَهَادَتُهُمَا لَمْ يُحَاصِصْهُ الْأَوَّلُ فَإِنْ رَجَعَ شَاهد الثَّانِي بَعْدَ الْحُكْمِ غَرِمَا لِلْوَارِثِ الْمِائَةَ الَّتِي رَدَّهَا وَلِلْغَرِيمِ الْأَوَّلِ الْخَمْسِينَ الَّتِي انْتُزِعَتْ مِنْهُ قَيلَ لِمُحَمَّدٍ كَيْفَ يَغْرَمَانِ مِائَةً وَخَمْسِينَ وَالتَّرِكَةُ إِنَّمَا هِيَ مِائَةٌ قَالَ قَدْ يَغْرَمَانِ مِائَتَيْنِ بَان يستودع الْمِائَة الْمِائَة ثمَّ يشْهد بِمِائَة دين فياخذها الْغَرِيم ثمَّ يردان فَيَغْرَمَانِهَا لِلْوَرَثَةِ ثُمَّ يُثْبِتُ الْآخَرُ أَنَّ تِلْكَ الْمِائَةَ بِعَيْنِهَا لَهُ كَانَتْ وَدِيعَةً عِنْدَ الْمَيِّتِ فَيرد الْوَارِث الْمِائَة على الشُّهُود لِعَدَمِ الْإِرْثِ مَعَ الدَّيْنِ وَيَرُدُّ الْغَرِيمُ الْأَوَّلُ الْمِائَة الثَّانِيَة لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِهِ فَإِنْ رَجَعَ الشَّاهِدَانِ الْآخَرَانِ غَرِمَا مِائَةً لِلْوَرَثَةِ وَمِائَةً لِلْغَرِيمِ الْأَوَّلِ

فرع

(فَرْعٌ) قَالَ إِذا قَالَ لِلْحَاكِمِ إِنَّمَا شَهِدْنَا لِلَّذِي قَضَيْتَ عَلَيْهِ عَلَى الْمقْضِي لَهُ وَقَالَ القَاضِي بل للْأولِ أوشك رد المَال للثَّانِي وأخد من الثَّانِي للْأولِ فَإِن القَاضِي أوشك رد المَال للثَّانِي واخد مِنَ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ وَإِنْ قَالَ أَنَا شَهِدْتُ غَرِمَ الْمَالَ لِلثَّانِي لِأَنَّ الْغَرِيمَ غَرِمَا الْمَالَ عَنْ الْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَتْ شَهَادَتُهُمَا فِي دِيوَانِهِ إِلَّا أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةٌ بِشَ كَانَ ذَلِكَ لِمَنْ فَوْقَهُ فَيُقْضَى لَهُ بِبَيِّنَتِهِ وَإِنْ كَانَتِ الْبَيِّنَةُ الْأُولَى أَعْدَلَ لِأَنَّهَا جُرْحَةٌ وَتَمْتَنِعُ شَهَادَتُهُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ خَصْمٌ قَالَهُ مَالِكٌ وَأَصْحَابِهِ (فَرْعٌ) قَالَ اذا شهد بِثمن إِلَى اجل فَرجع بَعْدَ الْحُكْمِ خُيِّرَ الْبَائِعُ بَيْنَ الرِّضَا بِذَلِكَ وَيَتْبَعُ الْمُشْتَرِي أَوْ يَغْرَمَانِ لَهُ الْقِيمَةَ وَيُتْبِعَانِ الْمُشْتَرِيَ بِالثَّمَنِ أَوْ يَأْخُذُ مِنَ الْمُشْتَرِي الْقِيمَةَ إِنْ كَانَتْ أَقَلَّ وَإِذَا غَرِمَا وَرَجَعَا عَلَى الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْأَجَلِ رَجَعَ الْبَائِعُ بِمَا يَفْضُلُ من الثّمن وَلَا يرِيح الشَّاهِدَانِ قَالَهُ سَحْنُونٌ فَإِنْ شَهِدَا عَلَى الْمُشْتَرِي وَخير بَيْنَ الْأَخْذِ بِالثَّمَنِ لِرِضَا الْبَائِعِ بِهِ وَإِنْ كَانَتِ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ أَوْ يَلْزَمُ الشَّاهِدَيْنِ الْمَبِيعُ وَيَأْخُذُ مِنْهُمَا الثَّمَنَ فَإِنْ فَاتَ الْمَبِيعَ عِنْدَهُ بِمَوْتٍ أَوْ نَقْصٍ أَوْ إِبَاقٍ وَالْقِيمَةُ مِثْلَ الثَّمَنِ فَأَكْثَرَ وَإِلَّا رَجَعَ بِالْفَاضِلِ وَقِيلَ إِذَا مَاتَ اَوْ ابق رَجَعَ بِجَمِيعِ الثّمن كَأَنَّهَا هَلَكت مِنْهُمَا وَإِنْ دَخَلَهُ نَقْصٌ فَلَهُ إِلْزَامُهُ الشَّاهِدَيْنَ وَيَأْخُذُ الثَّمَنَ وَإِنْ أَعْتَقَهَا وَقِيمَتُهَا مِثْلُ الثَّمَنِ فَأَكْثَرَ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ وَإِلَّا رَجَعَ بِتَمَامِ مَا ودى وَلَو باعهما بِالثّمن واكثر وَلم يَرْجِعْ بِشَيْءٍ أَوْ بِأَقَلَّ وَقِيمَتُهَا مِثْلُ مَا خَرَجَ مِنْهُ فَأَكْثَرَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا أَوْ قيمتهمَا اقل مِمَّا ودى وَأَكْثَرُ مِمَّا بَاعَ بِهِ فَلَهُ مَا بَيْنَ الْقِيمَةِ الَّتِي خَرَجَتْ مِنْ يَدَيْهِ بِالْحُكْمِ وَقِيلَ بَيْعُهَا وَعِتْقُهَا وَوَطْؤُهَا رِضًا مِنْهُ بِالشِّرَاءِ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي هُوَ الْمُدَّعِيَ وَالْبَائِعُ مُنْكِرٌ حَرُمَ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا

فرع

وَتَكَلَّفَ الشَّاهِدَانِ شِرَاءَهَا لِلْبَائِعِ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُا أَكْثَرَ مِنَ الْمَأْخُوذِ مِنَ الْمُشْتَرِي غَرِمَا لَهُ تَمام الْقيمَة وَإِن لااشتراها الشَّاهِدَانِ مِنَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ رَجَعَا وَلَمْ تَفُتْ رداها على البَائِع وَيلْزمهُ ذَلِك وَيَردهُ اليها مَا قبض جَازَ كَانَت فَلَهُ مَا بَقِيَ مِنْ قِيمَتِهَا عَلَى الثَّمَنِ الَّذِي أَخَذَا يَرْجِعُ عَلَيْهِمَا وَيَبْقَى لَهُمَا إِلَّا أَنْ يَأْخُذَهَا وَيُعْطَى الثَّمَنَ فَإِنْ قُضِيَ عَلَى الْبَائِعِ بِشَهَادَتِهِمَا وَهُوَ يُنْكِرُ ثُمَّ اعْتَرَفَا بِالزُّورِ وصدقهما المُشْتَرِي وَلم يفت اخذها البَائِع كالمغصوبة مِنْهُ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَإِنْ فَاتَتْ فَعَلَيْهِمَا فَضْلُ الْقِيمَةِ عَلَى الثَّمَنِ وَإِنْ غَابَتْ صُدِّقَ الْمُبْتَاعُ فِي الصِّفَةِ مَعَ يَمِينِهِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الشَّاهِدَانِ عَلَى الصِّفَةِ فَإِنْ نَكَلَا صَدَقَ الْبَائِعُ فِي الصِّفَةِ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَمَتَى غَرِمَا الْفَضْلَ لِلْبَائِعِ رَجَعَا بِهِ عَلَى الْمُبْتَاعِ وَمَتَى كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ ذُكِّرَا فِي شَهَادَتِهِمَا أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِي ذَلِكَ الْبَيْعِ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِمَا بِالرُّجُوعِ لِأَنَّهُ كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ خِيَارِ الْبَيْعِ عَنْ نَفْسِهِ فَحَيْثُ لَمْ يَفْعَلْ فَهُوَ رَاضٍ قَالَه ابْن عبد الحكم واذا رجعا عِنْد السَّادة وَالْخيَار للْمُشْتَرِي فضاعوفا عَلَى الْبَائِعِ عَبْدَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ بِبَيْعٍ وَغَيْرِهِ وَهُوَ لَمْ يَقْبِضِ الثَّمَنَ فَيَغْرَمَا قِيمَةَ الْعَبْدِ وَتُوقَفُ الْقِيمَةُ فَإِنْ لَزِمَ الْبَيْعُ فَلَهُ الْقِيمَةُ وَإِنْ رَدَّهُ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ عَادَتِ الْقِيمَةُ اليها وان تغيب فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ رَدَّهُ الْمُبْتَاعُ لِأَنَّهُ حَكَمَ الْخِيَار (فَرْعٌ) قَالَ لَو شهد مُسلم دِينَار فِي طَعَام غرم الدِّينَار للْمُشْتَرِي وَاتبع للْبَائِع بِالطَّعَامِ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي يَجْحَدُ فَلَا يَغْرَمَانِ حَتَّى يُعْطَى الطَّعَامَ فَيَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِمَا وَيُعْطَى الثَّمَنَ وَإِنْ إِنْ شَاءَ الْبَائِعُ أَخَذَ مِنْهُمَا الطَّعَام واعطاهما الدِّرْهَم اَوْ يلْزم نَفسه البيع أَفْضَلَ الطَّعَامِ رَجَعَ إِلَيْهِمَا بِنِصْفِ الطَّعَامِ وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ الْمُدَّعِيَ وَالْمُشْتَرِي الْجَاحِدَ فَيُرَدَّ الثَّمَنُ وَغرم وَطلب البَائِع بِالطَّعَامِ ولكان المُشْتَرِي وَلَا هما اياه

فرع

(فَرْعٌ) واذا فِي الشُّفْعَةِ وَالْمُبْتَاعُ يَجْحَدُ الشِّرَاءَ لَمْ يَغْرَمَا لِأَخْذِ الْمُشْتَرِي مِنَ الشَّفِيعِ مَا أُخِذَ مِنْهُ وللشفيع الاخذ بادارته وَإِنْ أَخَذَ مِنَ الْمُشْتَرِي فِي الشِّقْصِ غُلَامًا وَهُوَ مُنْكِرٌ لِلشِّرَاءِ فَاسْتَشْفَعَ بِالْقِيمَةِ فِي الْغُلَامِ لم يَغْرَمَاهُ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ رَجَعَ عَلَيْهِ قِيمَةُ مَا أُخِذَ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ الْجَاحِدَ وَفِي قِيمَةِ الشِّقْصِ فَضْلٌ غَرِمَا الْفَضْلَ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا شَهِدَا أَنَّهُ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ هَذَا الْعَبْدِ فَقُضِيَ بِذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَا إِنْ حَلَفَ الْوَكِيل أَنه دفع الثّمن لرب العَبْد برآ وَغَرِمَا الْأَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ أَوْ ثَمَنِهِ بَعْدَ حَلِفِ رَبِّهِ عَلَى عَدَمِ قَبْضِ الثَّمَنِ فَإِنْ نَكَلَ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِلَّا مَا زَادَتِ الْقِيمَةُ عَلَى الثَّمَنِ قَالَهُ مُحَمَّدٌ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِذَا شَهِدَا أَنَّهُ بَاعَ مِنْ زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ ضَمِنَ الْآخَرَ بِالثَّمَنِ ثُمَّ رَجَعَا غَرِمَا لَهما مَا وديا واخذ السّلْعَة ان لم يتماسك بِهَا الْمُشْتَرِي وَإِنْ أَدَّى أَحَدُهُمَا الثَّمَنَ بِالْحِمَالَةِ لَا يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ لِاعْتِرَافِهِ أَنَّهُ مَظْلُومٌ بَلْ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ (فَرْعٌ) قَالَ لَوْ شَهِدَ أَنَّهُ أَسْلَمَ فِي عَبْدٍ دِينَارًا وَآخَرَانِ شَهِدَا أَنَّهُ فِي عَبْدَيْنِ فَقُضِيَ بِعَبْدٍ ثُمَّ رَجَعَا غَرِمَا قِيمَةَ عَبْدٍ لِأَنَّهُ لَوْلَا شَهَادَتُهُمَا لَقُضِيَ لَهُ بِعَبْدَيْنِ بِشَهَادَةِ الْآخَرَيْنِ قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَقَالَ أَيْضًا أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَغْرَمَا مَا بَيْنَ قِيمَةِ عَبْدٍ وَالثَّمَنِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ لَهُ الْحُكْمُ بِعَبْدَيْنِ وَلَا يَدْرِي كَيْفَ كَانَ يَكُونُ الْحَالُ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا شَهِدَا بِالْبَيْعِ وَغَرِمَا فَضْلَ الْقِيمَةِ بِالرُّجُوعِ ثُمَّ رَجَعَ الْمَبِيعُ لِلْبَائِعِ بِهِبَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَقَبِلَهُ وَقِيمَتُهُ مِثْلُ قِيمَتِهِ يَوْمَ أُخِذَ رَجَعَا عَلَيْهِ بِمَا غَرِمَا لَهُ لِرُجُوعِهِ لِيَدِهِ

فرع

بِحَالِهِ وَيَرُدُّ الْمُشْتَرِي الْمِائَةَ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْهُ فَلَوْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ خُيِّرَ بَيْنَ التَّمَسُّكِ بِهِ ورد مَا غرمه الشَّاهِدَانِ عَلَيْهِمَا كالمغصوب بِنَقص وَلَوْ نَقَصَ سُوقُهُ فَقَطْ رَدَّ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ وَالْبيع مَا أَخَذَ وَإِنَّ وَزَنَهُ بِحَالِهِ رَدَّ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ مَا أَخَذَ وَإِنْ نَقَصَ فِي يَدَيْهِ خُيِّرَ بَيْنَ رَدِّهِ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ وَيُمْسِكُ بِمَا أَخَذَ مِنْهُمَا أَوْ حَبْسِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا وَلَو رَجَعَ للشاهدين بِهِبَة اَوْ غَيرهمَا فلهَا رَدُّهُ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَيَرُدُّ عَلَيْهِمَا الْقِيمَةَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ نَاقِصًا فَيَجِبُ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَوِ اشْتَرَاهُ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَقْضِيِّ لَهُ بِحَالِهِ فِي يَدَيْهِ فَلَا يَنْظُرْ بِقِيمَتِهِ فَلَا رُجُوع (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ سَحْنُون اذا اشهدا أَنَّهُ صَرَفَ دِينَارًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَقَضَى عَلَيْهِ الْقَاضِي بِدَفْعِ الدَّرَاهِمِ وَأَخْذِ الدِّينَارِ ثُمَّ رَجَعَا رَجَعَ مُؤَدِّي الدَّرَاهِمِ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ بِهَا وَأَدَّى إِلَيْهِمَا الدِّينَارَ وَلَا يَنْظُرُ إِلَى صَرْفٍ يَوْمَئِذٍ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ كَانَتِ الدَّرَاهِمُ صَرْفَ الدِّينَار فَلَا يغرم الْبَيِّنَةَ شَيْئًا (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا شَهِدَا أَنَّهُ اخره حولا ثمَّ رجعا بعد الحكم غرم الْحق حَالا لَان النظرة نقض أَدْخَلَاهُ عَلَيْهِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْغَرِيمُ مُعْدَمًا فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِمَا وَإِذَا غَرِمَا رَجَعَا عَلَى غَرِيمِ صَاحِبِ الْحَقِّ عِنْدَ الْأَجَلِ فَإِنْ رَجَعَا بَعْدَ الْأَجَلِ وَهُوَ مَلِيءٌ فَقَوْلَانِ الْأَصَحُّ لَا شَيْءَ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ الْفَسَادُ إِذَا مَلِيًّا وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَكَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَجَلَ مُتَعَيَّنٌ فِي حَقِّهِ فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا ثُمَّ أَيْسَرَ فَإِنْ جَحَدَ حُكِمَ بِذَلِكَ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْمُطَالَبَةِ وَإِنْ جَهِلَ حَالَهُ عِنْدَ الْأَجَلِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا حَيْثُ لَا يَسَارَ

(فرع)

(فَرْعٌ) قَلَّ أَوْ أَكْثَرَ لَمْ يَغْرَمْ لِأَنَّ الْقِيمَةَ بِالْقَضَاءِ وَكَذَلِكَ إِنْ تَطَوَّعَ (فَرْعٌ) قَالَ اذا شهدُوا على شَهَادَتهم لغَيرهم فَحكم بهَا فَلَزِمَ الاصول فَأنْكر ذَلِكَ قِيلَ يُنْتَقَضُ الْحُكْمُ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ نقل الشَّهَادَة اعمن يُنْكِرُهَا أَوِ اعْتَرَفُوا بِإِشْهَادِهِمْ وَكَذَّبُوا أَنْفُسَهُمْ ضَمِنُوا دون الْفُرُوع وَقيل لايضر رجوعهم لأَنهم قد يَكُونُوا رجوه قَبْلَ الْحُكْمِ وَهُمْ غُيَّبٌ لَمْ يُمْكِنْهُمْ إِعْلَامُ الْفُرُوعِ وَهَذَا الْقَائِلُ يَقُولُ إِذَا رَجَعَ الْأُصُولُ وَالْفُرُوعُ ضَمِنَ الْفُرُوعُ فَقَطْ بِقَدْرِ مَا كَانَ يَلْزَمُ أُصُولَهُمْ فَإِنْ كَانُوا عَشَرَةً شَهِدَ عَلَى ثَمَانِيَةٍ اثْنَانِ ضَمِنَ فُرُوعُ الثَّمَانِيَةِ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ الْحَقِّ وَفُرُوعُ الِاثْنَيْنِ خَمْسَهُ وَلَوْ نَقَلَ ثَمَانِيَةٌ عَنْ رَجُلٍ وَاثْنَانِ عَنْ رَجُلٍ ضَمِنَ الثَّمَانِيَةُ النِّصْفَ وَالِاثْنَانِ النِّصْفَ لِأَنَّهُ الَّذِي يَلْزَمُ الْأُصُولَ وَلَوْ رَجَعَ سِتَّةٌ مِنَ الثَّمَانِيَةِ لَمْ يَضُرَّ لِبَقَاءِ مَنْ يَقُومُ بِهِ النَّقْلُ أَوْ سَبْعَةٌ مِنْهُمْ وَوَاحِدٌ مِنَ الِاثْنَيْنِ غَرِمَ السَّبْعَةُ رُبُعَ الْحَقِّ وَالْوَاحِدُ رُبُعَهَ وَلَوْ رَجَعَ الْفُرُوعُ كُلُّهُمْ وَثَبَتَ الْأُصُولُ وَهُمْ عُدُولٌ يَوْمَ رُجُوعِ الْفُرُوعِ مَضَى الْحُكْمُ بِغَيْرِ غُرْمٍ كَشَهَادَةِ بَيِّنَةٍ بَعْدَ رُجُوعِ بَيِّنَةٍ فَإِنَّ الْحَقَّ يَثْبُتُ وَلَا غُرْمَ فَإِنْ كَانَ الْأُصُولُ غَيْرَ عُدُولٍ يَوْمَئِذٍ ضَمِنَ الْفُرُوع فَلَو لم تشهدهم الاصول على خطهما وَلَا لَفْظهمَا ضَمِنَ الْفُرُوعُ بِالرُّجُوعِ وَلَا يُسْقِطُ الضَّمَانُ تَكْذِيبَ الْأُصُولِ وَلَا يُنْقَضُ بِهِ الْحُكْمُ وَإِنْ قَالَ الْأُصُولُ شَهِدْنَا وَكَتَبْنَا وَلَكِنَّهُ زَوَّرَ فَأَعْلَمَنَا أَنَّهُ يَعْلَمُ بِهِ سَقَطَ الْغُرْمُ وَإِنْ قَالَ الْأُصُولُ مَا تشهد بِهِ وَصَدَّقَهُمُ الْفُرُوعُ خُيِّرَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ بَيْنَ اتِّبَاعِ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ فَإِنِ اتَّبَعَ الْفُرُوعَ لَمْ يرجِعوا عل أَحَدٍ أَوِ الْأُصُولَ رَجَعُوا عَلَى الْفُرُوعِ

فرع

(فَرْعٌ) قَالَ إِذَا شَهِدَا بِتَعْجِيلِ الدَّيْنِ وَقَالَ الْمَطْلُوبُ مُؤَجَّلٌ وَهُوَ عَيْنٌ أَوْ عَرْضٌ وَرَجَعَا بَعْدَ الْأَجَلِ غَرِمَا رِبْحَ مَا أَخْرَجَا مِنْ يَدِهِ إِنْ كَانَ لِمِثْلِهِ رِبْحٌ فِي ذَلِكَ الْأَجَلِ وَقِيلَ إِذَا رَجَعَا بَعْدَ الْأَجَلِ لَمْ يضمنا والا ضمن الرِّبْحَ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا شَهِدَا بِهِبَةِ الدَّيْنِ أَوِ الْبَرَاءَةِ مِنْهُ ضَمِنَاهُ إِنْ كَانَ الْغَرِيمُ مَلِيًّا والا غرما عِنْد يسره لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ بِعَين ضَرَرُ الشَّهَادَةِ وَيَغْرَمَانِ فِي الْمَثَلِيِّ الْمِثْلَ وَالْعَرْضِ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ لِأَنَّهُ قِيمِيٌّ أَوْ مِثْلِهِ لِأَنَّهُمَا بِالضَّمَانِ صَار امكان الْغَرِيم (فَرْعٌ) قَالَ اذا شهد بِرَهْنٍ غَرِمَا مَنَافِعَهُ وَإِنْ مَاتَ فَمِنْهُمَا وَإِنْ بِيعَ فِي الدَّيْنِ رَجَعَا عَلَيْهِ بِمَا أَدَّيَا عَنْهُ وَلَهُمَا فَضْلُ الثَّمَنِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْغَرِيمِ مَالٌ فَيُؤَدِّيَ عَنْ نَفْسِهِ وَيَرْجِعُ الْعَبْدُ إِلَيْهِمَا بِحَالِ الَّتِي يَرْجِعُ بِهَا سَالِمًا أَوْ مُعْطًى وَتَلَافُ الْمُبْتَاعِ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ فَهُوَ كَمَوْتِ الْعَبْدِ وَإِنْ تَلِفَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَقِيمَتُهُ الْكَثِيرَةُ مِنَ الَّذِينَ سَقَطَ الدَّيْنُ قِصَاصًا وَخُيِّرَ فِي فضل الْقيمَة ان اخذها من الْمُرْتَهن برىء الرَّاجِعَانِ أَوْ مِنْهُمَا رَجَعَا بِهَا عَلَى الْمُرْتَهِنِ (فَرْعٌ) قَالَ اذا شهد أَنَّهُ قَارَضَهُ عَلَى الثُّلُثِ وَهُوَ يَدَّعِي النِّصْفَ غرم السُّدُسَ فَإِنْ كَانَ الرِّبْحُ دِينَارًا فَكُلَّمَا اقْتَضَى شَيْئا قس رَجَعَ عَلَيْهِمَا بِالسُّدُسِ مِنْهُ وَإِذَا تَمَادَى الْعَمَلُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ عَلَى مَا قَضَى بِهِ وَقَدْ كَانَ الْمَالُ نُضَّ وَأَمْكَنَتِ الْقِسْمَةُ لَمْ يَضْمَنَا مَا هُوَ بعد ذَلِك

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ إِذَا شَهِدَا أَنَّ الْحَاكِمَ اسْتَحْلَفَهُ فَزَالَتْ عَنْهُ الْيَمِينُ لَمْ يَغْرَمَا بِالرُّجُوعِ أَوْ شَهِدَا أَنَّ اللُّصُوصَ أَخَذُوا الْوَدِيعَةَ لَمْ يَغْرَمَا لِأَنَّهُ كَانَ مُصدقا انما سَقَطَ عَنْهُ الْيَمِينُ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا شَهِدَا بِالْمُسَاقَاةِ فَإِنَّ مَا صَارَ فِيمَا غَرِيمَا أَفْضَلُ لِصَاحِبِ الْحَائِطِ وَإِنْ كَانَ الْعَامِلُ الْمُنْكِرَ وَلَزِمَهُ أَوِ الدَّابَّةَ أَوِ الْأَرْضَ إِنْ كَانَ صَاحِبُ الاصل مدعي الارض لعمل وَالْكِرَاءَ وَغَرِمَا قِيمَةَ الْفَضْلَ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا شَهِدَا أَنَّهُ أَجَّرَهُ يَصْبُغُ لَهُ ثَوْبَهُ غَرِمَا قِيمَةَ الثَّوْبِ وَيُطَالِبَانِ الصَّبَّاغَ بِالثَّوْبِ يَصْبُغُهُ بِدِينَارٍ كَمَا حَكَمَ بِهِ وَإِنْ أَخَذَ الصَّبَّاغُ مِنْ رَبِّ الثَّوْبِ الدِّينَارَ رَجَعَ بِهِ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ فَإِنْ رَضِيَ رَبُّ الثَّوْبِ بِالصَّبْرِ حَتَّى يَخْرُجَ الثَّوْبُ فَذَلِكَ لَهُ فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ ثَوْبَهُ لِنَفْسِهِ وَدَفَعَ لِلصَّبَّاغِ دِينَارًا قَالَ أَمَّا أَخْذُهُ فَهُوَ كَمَنْ عَدَا عَلَيْهِ الشَّاهِدَانِ بِصِبَاغِ ثَوْبِهِ وَأَخَذَ مِنْهُ دِينَارًا وَهُوَ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْهُ الصَّبَّاغُ فَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ فَإِنْ أَخَذَ الثَّوْبَ دَفَعَ إِلَيْهِمَا مَا زَادَهُ الصَّبْغُ أَوْ يَغْرَمُهُمَا قِيمَتَهُ وَكَانَ الثَّوْبُ لَهُمَا وَهَذَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْغَصْبِ وَأَشْهَبُ يَرُدُّ لرَبه اخذه مَصْبُوغًا بِغَيْرِ غُرْمٍ كَتَزْوِيقِ الدَّارِ (فَرْعٌ) قَالَ اذا شَهدا بِكَذَا مَضْمُونٍ أَوْ دَابَّةٍ بِعَيْنِهَا وَرَجَعَا بَعْدَ الْحُكْمِ وَقيل الْحمل دخلا مدْخل الْمقْضِي عَلَيْهِ فَلَهُمَا فَضله وَعَلَيْهِمَا نقضه فَإِن كَانَ عديمين غرما

(فرع)

فَضْلَ مَا أَخْرَجَاهُ مِنْ يَدِهِ وَلَهُ بَيْعُ ذَلِك الْكِرَاء ويبيعها بِالْفَضْلِ وَلَهُ إِسْلَامُهُ إِلَيْهِمَا وَلَهُمَا غُنْمُهُ وَغُرْمُهُ وَلَهُ إِبْقَاؤُهُ لِنَفْسِهِ وَلَا يُتْبِعُهُمَا بِشَيْءٍ وَلَهُ غُنْمُهُ وَغُرْمُهُ وَلَهُ التَّمَسُّكُ بِهِ وَمُطَالَبَتُهُمَا بِالْفَضْلِ هَذَا اذا كَانَ الطَّالِب الْكِرَاء اما اذا كَانَ الطَّالِب هُوَ الْمُكْتَرِي والكري هُوَ الْجَاحِدَ غَرِمَا لِرَبِّ الظَّهْرِ مَا نَقَصَاهُ مِنْ أُجْرَتِهِ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا شَهِدَا بِإِجَارَةِ عَبْدِهِ سِنِينَ غَرِمَا قِيمَتَهُ وَأَخَذَاهُ لِأَنَّهُمَا حَالَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ إِلَى أَجَلٍ وَكَذَلِكَ إِنْ شَهِدَا أَنه اجره إِلَى مَكَّة وَالْقيمَة يَوْم خُرُوجه من يَوْمه بالحكم ويقاصهما بِمَا اخذا فِي اجازته وَيتبع الشَّاهِدَانِ العَبْد حَيْثُ كَانَ

(كتاب الوثائق)

{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} (كِتَابُ الْوَثَائِقِ) (الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي النِّكَاحِ) إِنَّهُ شَقِيقٌ أَوْ لِأَبٍ احْتِرَازًا مِنْ إِخْوَةِ الْأُمِّ وَكَذَلِكَ بَقِيَّةُ الْأَوْلِيَاءِ تميزهم بِمَا يُحَقّق وَلَا يتهم وَإِنْ أَذِنَ الْوَلِيُّ لِلْحَاكِمِ قُلْتَ وَلِيَ تَزْوِيجَهَا الْحَاكِمُ فُلَانٌ الْحَاكِمُ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيَّةِ بِإِذْنِ أَبِيهَا أَوْ أَخِيهَا فُلَانٍ وَإِذْنِهَا لَهُمْ فِي هَذَا الْإِذْنِ شَهِدَ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ شُهُودُهُ وَبَعْدَ أَنْ حَضَرَ الْعَاقِدُ الْمَذْكُورُ مَنْ عَرَّفَ بِهَا عِنْدَهُ وَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ شَهِدُوا أَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ هَذِهِ الزَّوْجَةَ مَعْرِفَةً صَحِيحَةً شَرْعِيَّةً وَأَنَّهَا خَالِيَةٌ مِنْ مَوَانِع النِّكَاح الشَّرْعِيَّة ومنذ طَلقهَا وزجها فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الَّذِي دَخَلَ بِهَا وَأَصَابَهَا الطَّلْقَةَ الْأُولَى الْمُخْتَلَعَ أَوِ الرَّجْعِيَّةَ الَّتِي انْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْهُ وَلَمْ يُرَاجِعْهَا الْمَسْطُورَةَ عَلَى ظَهْرِ كتابها المؤرخة بِكَذَا وَلم تتصل بِزَوْج بعد إِلَى الْآنَ وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ ذَكَرْتُهُ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ مَاتَ قُلْتَ وَمُنْذُ تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا فُلَانٌ مِنْ مُدَّةِ كَذَا أَوْ مُدَّة تزيد

عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ وَلَمْ يَتَّصِلْ بِهَا زَوْجٌ إِلَى الْآنَ وَتَقُولُ فِي الْحَامِلِ وَأَنه توفّي وَهِي مُشْتَمِلَة على حمل وَأَنَّهَا وَضَعَتْ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِوَضْعِهِ وَتَقُولُ فِي الْفَسْخِ وَمُنْذُ فَسْخِ نِكَاحِهَا مِنْ زَوْجِهَا فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ الْعَزِيزِ الْفَاسِخِ بِالْقَاهِرَةِ الْمَحْرُوسَةِ عِنْدَ الْقَاضِي فُلَانٍ الْحَاكِمِ بِهَا فِي شَهْرِ كَذَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْهُ لَمْ تَتَّصِلْ بِزَوْجٍ بَعْدَهُ إِلَى الْآنَ وَتَقُولُ إِنْ كَانَ الزَّوْجُ الْمُطَلِّقَ هَذَا مَا أَصْدَقَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ مُطَلَّقَتَهُ الْأُولَى الْخُلْعَ الْمُؤَرَّخَةَ فِيهِ وَالْمُكْتَتَبَةَ فِي بَرَاءَةٍ مُجَرَّدَةٍ تَارِيخُهَا كَذَا وَإِنْ زَوَّجَهَا أَحَدُ الْإِخْوَةِ قُلْتَ زَوَّجَهَا أَخُوهَا فُلَانٌ بِإِذْنِ إِخْوَتِهَا جَمِيعِهِمْ وَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَان لَيْلًا يَدَّعُوَا عَدَمَ الْمُوَافَقَةِ وَتَقُولُ فِي غَيْبَةِ الْوَلِيِّ أَوْ عَدَمِهِ وَلَا وَلِيَّ لَهَا سِوَى الْحُكْمِ الْعَزِيزِ بِحُكْمِ غَيْبَةِ أَخِيهَا فِي بَلَدِ كَذَا وَمُدَّةِ كَذَا لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي الْغَيْبَةِ الْمُوجِبَةِ لِسُقُوطِ الْوِلَايَةِ وَأَنَّ هَذَا الزَّوْجَ كُفْءٌ لَهَا الْكَفَاءَةَ الشَّرْعِيَّةَ فِي النَّسَبِ وَالصَّنْعَةِ وَالْحُرِّيَّةِ بِشَهَادَةِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ احْتِرَازًا مِنَ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي اشْتِرَاطِ هَذِهِ الصِّفَةِ فِي الْكَفَاءَةِ ثُمَّ تَقُولُ وَحِينَئِذٍ أَذِنَ بِكَتْبِهِ فَكُتِبَ وَزَوَّجَهَا مِنَ الزَّوْجِ الْمَذْكُور وعَلى الصَدَاق الْمَذْكُور وَقَبله لنَفسِهِ ورضيعه وَتقول فِي المحضرة إِذَا دَعَتْ لِكُفْءٍ وَوَلِيَ تَزْوِيجَهَا الْعَاقِدُ فُلَانٌ بِإِذْنِهَا لَهُ وَرِضَاهَا وَبِحُكْمِ أَنَّ وَالِدَهَا الْمَذْكُورَ حَضَرَ إِلَى الْقَاضِي فُلَانٍ وَسَأَلَتْهُ ابْنَتُهُ الْمَذْكُورَةُ تَزْوِيجَهَا مِنَ الزَّوْجِ الْمَذْكُورِ لَمَّا ثَبَتَ كَفَاءَتُهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ فَامْتَنَعَ مِنْ تَزْوِيجِهَا فَوَعَظَهُ الْعَاقِدُ الْمَذْكُورُ وَأَعْلَمَهُ مَا لَهُ مِنَ الْأَجْرِ فِي تَزْوِيجِهَا وَمَا لَهُ مِنَ الْإِثْمِ فِي الْمَنْعِ وَلَمْ يُصْغِ إِلَى وَعْظِهِ وَأَصَرَّ عَلَى الِامْتِنَاعِ وَعَضَلَهَا الْعَضْلَ الشَّرْعِيَّ وَقَالَ بِمَحْضَرٍ مِنْ شُهُودِهِ عَضَلْتُهَا وَلَا زَوَّجْتُهَا وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ

بَعْدَ أَزْوَاجٍ فَهُوَ أَحْوَطُ لِأَنَّ مَالِكًا لَا يَرَى الْأَبَ عَاضِلًا بِرَدِّ زَوْجٍ وَاحِدٍ ثُمَّ تَقُولُ وَبَعْدَ أَنْ حَضَرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَشَهِدُوا عِنْدَهُ أَنَّ هَذِهِ الزَّوْجَةَ عِنْدَهُ خَالِيَةٌ مِنْ مَوَانِعِ النِّكَاحِ الشَّرْعِيَّةِ وَأَنَّ أَخَاهَا أَوْ أَبَاهَا مُسْتَحِقٌّ لِوَلَايَتِهَا وَعَضَلَهَا الْعَضْلَ الشَّرْعِيَّ وَأَنَّ هَذَا الزَّوْجَ كُفْءٌ لَهَا الْكَفَاءَةَ الشَّرْعِيَّةَ فِي النَّسَبِ وَالدِّينِ وَالصَّنْعَةِ وَالْحُرِّيَّةِ وَلَمَّا وَضَحَ ذَلِكَ عِنْدَهُ أَذِنَ بِكَتْبِهِ فَكُتِبَ وَزَوَّجَهَا مِنَ الزَّوْجِ الْمَذْكُورِ وَعَلَى الصَّدَاقِ الْمَذْكُورِ وَقَبِلَهُ لِنَفْسِهِ وَرَضِيَهُ وَتَقُولُ فِي كُلِّ صَدَاقٍ وَعَلَيْهِ أَنْ يُحْسِنَ صُحْبَتَهَا وَمُعَاشَرَتَهَا كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَهُ عَلَيْهَا مِنْ حُسْنِ الصُّحْبَةِ وَجَمِيلِ الْعِشْرَةِ مِثْلُ ذَلِكَ وَدَرَجَةٌ {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَة} وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا شُرُوطٌ مِنْ عَدَمِ التَّزْوِيجِ اَوْ غَيره ذَلِكَ ذَكَرْتَهُ تَنْبِيهٌ هَذَا مَا أَصْدَقَ خَيْرٌ مِنْ قَوْلِهِ أَصْدَقَهَا كَتَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِأَهْلِ مَكَّةَ فِي عَهْدِهِ هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فالافتداء بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَوْلَى وَفِيهِ إِشْعَارٌ بِتَعَيُّنِ هَذَا الْمَكْتُوبِ وَإِلَّا فَأَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ أَصْدَقَ إِخْبَارًا عَنْ إِصْدَاقٍ فِي مَكْتُوبٍ آخَرَ وَلَفْظُ مَا مَوْصُولٌ وَعَائِدُهُ مَجْهُولٌ مُحْتَمِلٌ وَجْهَيْنِ الْجَرُّ تَقْدِيرُهُ هَذَا مَا أَصْدَقَ فِيهِ وَتَكُونُ الْإِشَارَةُ إِلَى الْوَرَقِ الْمَكْتُوبِ فِيهِ وَالنَّصْبُ وَتَكُونُ الْإِشَارَةُ لِلْمَالِ الْمَبْذُولِ صَدَاقًا وَالتَّقْدِيرُ هَذَا مَا أَصْدَقَهُ فَحَذَفَ الْعَائِدَ عَلَى مَا وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ الْمَكَاتِيبِ اقْتِدَاءً بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلِمَا تَقَدَّمَ مِنَ الْفَائِدَةِ فِي تَعْيِينِ الْمَكْتُوبِ وَالْفَصِيحُ فِي الْمَرْأَةِ زَوْجٌ بِغَيْرِ هَاءٍ قَالَ الله تعإلى {وأصلحنا لَهُ زوجه} وَالثَّانِيَةُ شَاذٌّ وَقَدْ شَاعَ بَيْنَ الْمُوَرِّقِينَ الْمُتَأَخِّرِينَ وَنُقِلَ التَّذْكِيرُ فِي الْعُرْفِ وَرَأَى بَعْضُ الْفُضَلَاءِ ان يجمع بَين الْعرف اللُّغَة فَتَقول

(فصل)

أمراته بل زَوْجَتِهِ وَهُوَ كَلَامٌ عَرَبِيٌّ عُرْفِيٌّ قَالَ اللَّهُ تعإلى {وَكَانَت امْرَأَتي عاقرا} وَالدِّرْهَم منضبط بِكُل بلد وَالدِّينَار اسْم الصَّغِير وَالْكَبِيرِ فَاسْمُ الدِّينَارِ غَيْرُ مُنْضَبِطٍ وَالْمِثْقَالُ اسْمٌ لِوَزْنٍ مَخْصُوصٍ وَكَوْنُهُ ذَهَبًا أَوْ غَيْرَهُ لَا يُفِيدُهُ اللَّفْظُ كَالرَّطْلِ وَالْقِنْطَارِ فَمَنْ أَرَادَ الضَّبْطَ ولاهمل كَذَا عَلَى الْعَادَةِ فَلْيَقُلْ كَذَا وَكَذَا مِثْقَالًا مِنَ الذَّهَبِ وَإِلَّا فَاللَّفْظُ مُهْمَلٌ (فَصْلٌ) إِذَا زَوَّجَ الْأَبَوَانِ صَغِيرَيْنِ قُلْتَ هَذَا مَا أَصْدَقَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ عَنْ وَلَدِهِ لِصُلْبِهِ فُلَانٍ الْمُرَاهِقِ الَّذِي تَحْتَ حِجْرِهِ وَوِلَايَةِ نَظَرِهِ وَكَفَالَتِهِ دَارا فِيهِ مِنَ الْحَظِّ وَالْمَصْلَحَةِ فِي دِينِهِ وَدُنْيَاهُ فُلَانَةَ الْبِكْرَ ابْنَةَ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الَّتِي تَحْتَ حِجْرِ وَالِدِهَا الْمَذْكُورِ وَكَفَالَتِهِ وَوِلَايَةِ نَظَرِهِ لِمَا رَأَى لَهَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْحَظِّ وَالْمَصْلَحَةِ ثُمَّ تَذْكُرُ الصَّدَاقَ وَتَذْكُرُ هَلِ الْتَزَمَهُ الْأَبُ مِنْ مَالِهِ أَوْ مِنْ مَالِ الِابْنِ فَإِنْ كَانَ مِنْ مَالِ الِابْنِ فَتَقُولُ وَشَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ مَهْرُ مِثْلِهِ عَلَى مِثْلِهَا لَا حيف فِيهِ وَلَا شطط احْتِرَازًا لمن يَمْنَعُ مِنَ الْعُلَمَاءِ الزِّيَادَةَ لِلْمَصْلَحَةِ ثُمَّ تُكْمِلُ الصَّدَاقَ (فَصْلٌ) وَتَقُولُ فِي زَوَاجِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِيَدِ الْحَاكِمِ هَذَا مَا أَصْدَقَ فُلَانُ بْنُ فلَان الْمَحْجُور عَلَيْهِ بيد الحكم الْعَزِيز بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ عِنْدَمَا دَعَتْ حَاجَتُهُ إِلَى النِّكَاحِ وَتَاقَتْ نَفْسُهُ إِلَيْهِ وَذَكَرَ ذَلِكَ لِلْقَاضِي فُلَانٍ مُتَوَلِّي الْحُكْمَ الْعَزِيزَ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ بِمَحْضَرِ شُهُودِهِ وَسَأَلَهُ الْإِذْنَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَأَذِنَ لَهُ فِيهِ عَلَى الصَّدَاقِ الَّذِي ذَكَرَهُ فِيهِ الْإِذْنَ الصَّحِيحَ الشَّرْعِيَّ فُلَانَةَ الْبِكْرَ الْبَالِغَ ابْنَةَ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَتَزَوَّجَهَا بِهِ أَصْدَقَهَا بِهِ كَذَا قَبَضَتْهُ الزَّوْجَةُ الْمَذْكُورَةُ مِنَ الْقَاضِي فُلَانٍ أَمِينِ الْحُكْمِ الْعَزِيز

(فصل)

بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ مِنْ مَالِ هَذَا الزَّوْجِ الْمَذْكُورِ الَّذِي هُوَ لَهُ تَحْتَ يَدِهِ وَصَارَ بِيَدِهَا وَقَبْضِهَا وَتَكْتُبُ آخِرَ الصَّدَاقِ وَشَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ أَنَّ الصَّدَاقَ الْمَذْكُورَ صَدَاقُ مِثْلِهِ عَلَى مِثْلِهَا وَتُؤَرِّخُ (فَصْلٌ) وَتَذْكُرُ فِي آخِرِ صَدَاقِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهَا وَقَبَضَ الصَّدَاقَ أَمِينُ الْحُكْمِ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ لِيَصْرِفَهُ فِي مَصَالِحِهَا وَشَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ مَهْرُ مِثْلِهَا عَلَى مِثْلِهِ (فَصْلٌ) وَتَقُولُ فِي عَقْدِ الْوَكِيلِ هَذَا مَا أَصْدَقَ فُلَانٌ عَنْ مُوَكِّلِهِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ بِإِذْنِهِ لَهُ فِي ذَلِكَ وَتَوْكِيلِهِ إِيَّاهُ فِي قَبُولِ عَقْدِ مَا يَأْتِي ذِكْرُهُ فِيهِ بِالْوِكَالَةِ الشَّرْعِيَّةِ بِمَا عَيَّنَهُ لَهُ مِنَ الصَّدَاقِ الْحَالِّ مِنْهُ مَبْلَغُهُ كَذَا وَقَبَضَتْهُ الزَّوْجَةُ مِنَ الْوَكِيلِ مِنْ مَالِ مُوَكِّلِهِ وَالْبَاقِي وَهُوَ كَذَا يَقُومُ بِهِ مُوَكِّلُهُ الْمَذْكُورُ فِي كُلِّ سَنَةٍ كَذَا وَتَعْمَلُ الْكِتَابَ وَتَقُولُ قَبِلَ هَذَا الْوَكِيلُ الْمَذْكُورُ عَقْدَ هَذَا النِّكَاحِ لِمُوَكِّلِهِ فُلَانٍ الْمَذْكُورِ عَلَى الصَّدَاقِ الْمُتَعَيَّنِ فِيهِ قَبُولًا شَرْعِيًّا (فَصْلٌ) وَتَقُولُ فِي زَوَاجِ الْحُرِّ الْأَمَةَ هَذَا مَا أَصْدَقَ فُلَانٌ مَمْلُوكَةَ فُلَانٍ الْمُقَرِّ لَهُ بِالرِّقِّ وَالْعُبُودِيَّةِ عِنْدَمَا خَشِيَ عَلَى نَفْسِهِ الْعَنَت وَخَافَ الْوُقُوع فِي الْمَحْدُود لِعَدَمِ الطَّوْلِ وَلَمْ يَكُنْ سَيِّدُهَا الْمَذْكُورُ بِحَقِّ وَلَايَتِهِ عَلَيْهَا شَرْعًا لَا يَحْتَاجُ إِلَى إِذْنِهَا لِأَنَّهَا تُجْبَرُ وَتَقُولُ بَعْدَ الصَّدَاقِ وَشَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ فَقِيرٌ لَيْسَ لَهُ مَوْجُودٌ ظَاهِرٌ وَلَا بَاطِنٌ وَلَا لَهُ قُدْرَةٌ لِزَوَاجِ حُرَّةٍ وَلَا فِي عِصْمَتِهِ زَوْجَةٌ وَأَنَّهُ عَادِمُ الطَّوْلِ وَتُكَمِّلُ الْكِتَابَةَ وَتَكْتُبُ فِي زَوَاجِ الْعَبْدِ الْحُرَّةَ هَذَا مَا أَصْدَقَ فُلَانٌ الْمُسْلِمُ الْبَالِغُ مَمْلُوكُ

(فصل)

فُلَانٍ الْمُقِرُّ لَهُ بِالرِّقِّ وَالْعُبُودِيَّةِ وَأَذِنَ سَيِّدُهُ لَهُ فِي ذَلِكَ الْإِذْنَ الصَّحِيحَ الشَّرْعِيَّ شَهِدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ شُهُودُ هَذَا الْكِتَابِ فُلَانَةَ الْمَرْأَةَ الْكَامِل ابْنة فلَان صدقا تَزَوَّجَهَا بِهِ مَبْلَغُهُ كَذَا عَجَّلَ إِلَيْهَا مِنْ ذَلِكَ كَذَا مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ الَّذِي بِيَدِهِ احْتِرِازًا مِنْ قَوْلِ ش الْعَبْدُ لَا يَمْلِكُ وَبَاقِي ذَلِكَ يَقُومُ بِهِ سَيِّدُهُ عَنْ مَمْلُوكِهِ مِنْ مَالِهِ فِي كُلِّ سَنَةٍ كَذَا أَوْ يَقُومُ بِهِ الزَّوْجُ مِنْ كَسْبِهِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ لَهُ فِي الْكَسْبِ وَلْتَكْتُبْ آخِرَ الصَّدَاقِ وَعَلِمَتِ الزَّوْجَةُ بِأَنَّ الزَّوْجَ مَمْلُوكٌ وَرَضِيَتْ بِهِ وَإِنْ كَانَ لَهَا ان أَوْلِيَاءٌ كَتَبْتَ رِضَاهُمْ (فَصْلٌ) وَتَكْتُبُ فِي الْأَخْرَسِ هَذَا مَا أَصْدَقَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ أَخْرَسُ أَبْكَمُ لَا يَنْطِقُ بِلِسَانِهِ أَصَمٌّ لَا يَسْمَعُ بِأُذُنَيْهِ عَاقِلٌ يَعْرِفُ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَرْعًا كُلُّ ذَلِكَ بِالْإِشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ عَنْهُ يَعْلَمُهَا مِنْهُ شُهُودُهُ وَلَا يُنْكِرُهَا مِنْهُ مَنْ يَعْرِفُهَا عَنْهُ فُلَانَةً وَتُكْمِلُ الصَّدَاقَ وَتَكْتُبُ عِنْدَ الْقَبُولِ وَقَبِلَ الزَّوْجُ هَذَا الْعَقْدَ لِنَفْسِهِ بِالْإِشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ عَنْهُ وَكَذَلِكَ تَقُولُ فِي جَمِيعِ الْعُيُوبِ الْخَرَسِ وَالْجَبِّ وَالْعُنَّةِ وَغَيْرِهَا وَعَلِمَتِ الزَّوْجَةُ بِذَلِكَ وَرَضِيَتْ بِهِ (فَصْلٌ) وَتَكْتُبُ فِي إِقْرَارِ الزَّوْجَيْنِ بِالزَّوْجِيَّةِ أَقَرَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَفُلَانَةَ بِنْتِ فُلَانٍ عِنْدَ شُهُودِهِمَا إِقْرَارًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا أَنَّهُمَا زَوْجَانِ مُتَنَاكِحَانِ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ عُقِدَ بَيْنَهُمَا عَلَى الْأَوْضَاعِ الشَّرْعِيَّةِ وَأَنَّ الزَّوْجَ مِنْهُمَا دَخَلَ بِالزَّوْجَةِ وَأَصَابَهَا وَأَوْلَدَهَا عَلَى فِرَاشِهِ وَلَدًا ذَكَرًا يُسَمَّى فُلَانًا وَأَنَّ الزَّوْجَةَ الْمَذْكُورَةَ لَمْ تَبِنْ مِنَ الزَّوْجِ بِطَلَاقٍ بَائِنٍ وَلَا رَجْعِيٍّ وَلَا فَسْخٍ وَلَا غَيْرِهِ مُنْذُ تَزَوَّجَهَا إِلَى الْآنَ وَأَنَّ أَحْكَامَ الزَّوْجِيَّةِ قَائِمَةٌ بَيْنَهُمَا إِلَى الْآنَ وَتَصَادَقَا عَلَى ذَلِكَ وَاعْتَرَفَ الزَّوْجُ

(فصل)

أَنَّ فِي ذِمَّتِهِ مَبْلَغَ صَدَاقِهَا عَلَيْهِ الَّذِي عَدَّتْهُ وَهُوَ كَذَا دِينَارًا حَالَّةً وَأَنَّ ذَلِكَ باقٍ فِي ذِمَّتِهِ إِلَى الْآنَ وَإِنْ كَتَبَهُ الْعَاقِدُ قُلْتَ وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ وَضَحَ لِلْعَاقِدِ فُلَانٍ شَهَادَةُ فُلَانٍ وَفُلَانٍ مَضْمُونُ مَا أَقَرَّا بِهِ (فَصْلٌ) وَتَكْتُبُ إِذَا كَانَ الْوَلِيُّ الزَّوْجَ بَعْدَ ذِكْرِ الصَّدَاقِ وَمَا قَبْلَهُ أَنْكَحَهَا مِنْ نَفْسِهِ ابْنُ عَمِّهَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ بَعْدَ أَنْ فَوَّضَتْ ذَلِكَ إِلَيْهِ وَرَضِيَتْ بِهِ زَوْجًا وَبِمَا بَذَلَهُ لَهَا مَهْرًا وَهِيَ ثَيِّبٌ مَالِكَةٌ أَمْرَ نَفْسِهَا بِشَهَادَةِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَهُمَا يَعْرِفَانِهَا بِذَلِكَ وَتَكْتُبُ فِي إِنْكَاحِ الْوَصِيِّ الْيَتِيمَةِ مِنْ نَفْسِهِ هَذَا مَا أَصْدَقَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانٍ الْيَتِيمَةَ الْبِكْرَ الَّتِي هِيَ فِي حِجْرِهِ وَوِلَايَةِ نَظَرِهِ بِإِيصَاءِ أَبِيهَا فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ بِهَا إِلَيْهِ أَوْ بِتَقْدِيمِ الْقَاضِي فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ قَاضِي الْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ إِيَّاهُ عَلَى النَّظَرِ لَهَا ثُمَّ تَقُولُ فِي آخِرِ الْعَقْدِ بَعْدَ أَنْ فَوَّضَتْ إِلَيْهِ ذَلِكَ وَاسْتَأْمَرَهَا فِي نَفْسِهَا فَصَمَتَتْ عِنْدَ ذَلِكَ وَأَعْلَمَتْ أَنَّ إِذْنَهَا صُمَاتُهَا وَهِيَ بِكْرٌ بَالَغٌ فِي سَنِّهَا بِشَهَادَةِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَهُمَا يَعْرِفَانِهَا بِاسْمِهَا وَعَيْنِهَا وَتَكْتُبُ فِي الدَّنِيَّةِ إِذَا زَوَّجَهَا الْأَجْنَبِيُّ مِنْ نَفْسِهِ بَعْدَ أَنْ فَوَّضَتْ ذَلِكَ إِلَيْهِ وَكَّلَتْهُ عَلَى إِنْكَاحِهَا (فَصْلٌ) وَتَكْتُبُ إِذَا زَوَّجَ عَبْدَهُ مِنْ أَمَتِهِ هَذَا مَا أَصْدَقَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ مَمْلُوكَهُ فُلَانًا بِمَمْلُوكَتِهِ فُلَانَةَ بِمَهْرِ كَذَا الْتَزَمَهُ فُلَانٌ لِمَمْلُوكَتِهِ فُلَانَةَ عَنْ زَوْجِهَا مَمْلُوكِهِ فُلَانٍ وَإِنْ كَانَ الصَّدَاقُ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ قُلْتَ قَبَضَهُ فُلَانٌ مِنْ مَمْلُوكِهِ فُلَانٍ لِزَوْجَتِهِ فُلَانَةَ وَصَارَ بِيَدِهِ لِيُجَهِّزَهَا بِهِ إِلَيْهِ وَتَقُولَ آخِرَ الْعَقْدِ وَشَهِدَ عَلَى إِشْهَادِ الْمُنْكِحِ فُلَانٌ سَيِّدُ الْمُنْكِحِينَ فُلَانٌ وَفُلَانَةٌ عَلَى نَفسه ذُكِرَ عَنْهُ فِي هَذَا الْكِتَابِ مَنْ عَرَفَهُ وَسَمِعَهُ مِنْهُ فِي حَالِ صِحَّتِهِ وَجَوَازِ أَمْرِهِ فِي شَهْرِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا وَقَالَ

(فصل)

الشَّافِعِيَّةُ تَكْتُبُ الْعَقْدَ بِغَيْرِ صَدَاقٍ لِأَنَّ الصَّدَاقَ رَاجِعٌ عَلَى السَّيِّدِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الرَّقِيقَ لَا يَمْلِكُهُ عِنْدَهُمْ (فَصْلٌ) وَتَكْتُبُ فِي زَوَاجِ الْكِتَابِيَّةِ الصَّدَاقَ ثُمَّ تَقُولُ فِي آخِرِهِ أَنْكَحَهُ إِيَّاهَا أَخُوهَا شَقِيقُهَا النَّصْرَانِيُّ أَوِ الْيَهُودِيُّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ قُلْتَ أَنْكَحَهُ إِيَّاهَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْأَسْقُفُ بَعْدَ أَنْ فَوَّضَتْ ذَلِكَ إِلَيْهِ وَرَضِيَتْ بِالزَّوْجِ الْمَذْكُورِ وَعَلِمَتْ أَنَّهُ مُسْلِمٌ يَلْزَمُهَا الِاغْتِسَالُ لَهُ مِنَ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَيُجْبِرُهَا عَلَى ذَلِكَ فَرَضِيَتْ بِهِ عَلَى ذَلِكَ وَبِمَا بَذَلَ لَهَا مَهْرًا وَرَضِيَتْ مِنْهُ بِاجْتِنَابِ مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَكْلُهُ وَشُرْبُهُ وَلَا تَكْرَهُ مَا يَكْرَهُ قُرْبَهُ لِلْمُسْلِمِ وَهِيَ خُلُوٌّ مِنَ الزَّوْجِ وَالْعِدَّةِ صَحِيحَةُ الْجِسْمِ وَالْعَقْلِ وَلَا يَكُونُ الشُّهُودُ إِلَّا مُسْلِمِينَ (فَصْلٌ) تَكْتُبُ فِي تَنْفِيذِ عَقْدِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ جَوَّزَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ إِنْكَاحَ ابْنِهِ فُلَانٍ الصَّغِيرِ فِي حِجْرِهِ وَوِلَايَةِ نَظَرِهِ الَّذِي عَقَدَهُ عَلَى فُلَانَةَ الْبِكْرِ بِنْتِ فُلَانٍ مَعَ وَالِدِهَا الْمَذْكُورِ بِصَدَاقِ كَذَا ثُمَّ تَقُولُ بَعْدَ أَنْ تَعَقَّبَهُ فُلَانٌ فَأَلْفَاهُ سَدَادًا لِابْنِهِ الْمَذْكُورِ وَتَبَيَّنَ لَهُ فِيهِ أَلْفٌ وَالنَّظَرِ فَأَمْضَاهُ عَلَيْهِ شَهِدَ عَلَى إِشْهَادِ فُلَانٍ الْمَذْكُورِ على نَفسه بِمَا فِيهِ عَنهُ من عرفه وَسمع مِنْهُ وَهُوَ بِحَال صِحَة وَجَوَازِ أَمْرِهِ فِي شَهْرِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا وَكَذَلِكَ السَّيِّدُ فِي عَبْدِهِ وَتَزِيدُ فِي الْوَصِيِّ بَعْدَ قَوْلِكَ وَجَوَازِ أَمْرِهِ وَهُوَ مِمَّنْ يَعْرِفُ السَّدَادَ وَالنَّظَرَ لِلْمَحْجُورِ الْمَذْكُورِ فِي النِّكَاحِ الْمَذْكُورِ وَإِنْ أَسْقَطَهُ لَمْ يَضُرَّ لِأَنَّ أَفْعَالَ الْوَصِيِّ عَلَى السَّدَادِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ

فصل

( فصل) وتكتب فِي النِّكَاح التَّفْوِيضِ أَصَدَقَ فُلَانٌ فُلَانَةَ وَتَبْسُطُهُ وَتَقُولُ عَلَى غَيْرِ تَسْمِيَةِ صَدَاقٍ عَلَى سُنَّةِ نِكَاحِ التَّفْوِيضِ وَمُقْتَضَى كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى ثُمَّ تُكْمِلُ تَنْبِيهٌ مَعْنَى قَوْلِهِمْ فِي الصَّدَاقِ تَزَوَّجَهَا بِكَلِمَةِ اللَّهِ الْكَلِمَةُ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَا اللَّهُ وَقِيلَ قَوْله تَعَالَى {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} قَالَ ابْن الْقَاسِم تكْتب فِي وَثَائِقِهِ تَكْتُبُ فِي الشُّرُوطِ كُلِّهَا أَوْ جُلِّهَا بِإِذْنِهَا وَرِضَاهَا فَهِيَ عَلَى شُرُوطِهَا لِرَفْعِ الْخلاف ابْنِ الْقَاسِمِ فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْبَيَانُ إِذَا أَذِنَتْ مَرَّةً وَتَبِعَهُ سَحْنُونٌ وَتَكْتُبُ فِي الْإِخْدَامِ وَعَلَى الزَّوْجِ الْمَذْكُورِ أَنَّ امْرَأَتَهُ الْمَذْكُورَةَ لَا تَخْدِمُ نَفْسَهَا وَأَنَّهَا مَخْدُومَةٌ لِحَالِهَا وَمَنْصِبِهَا فَرَضِيَ بِذَلِكَ أَمْرُ الزَّوْجِيَّةِ بَيْنَهُمَا وَأَقَرَّ أَنَّ مَالَهُ يَتَّسِعُ لِذَلِكَ إِشْهَادٌ أَشْهَدَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ فُلَانًا أَنه كَانَ من قَضَاء الله تَعَالَى وَقَدَرِهِ عَلَى ابْنَتِهِ فُلَانَةَ الْبِكْرِ الصَّغِيرَةِ فِي حجره ان سَقَطت من درج علو فَسَقَطَتْ عُذْرَتُهَا فَأَشَاعَ أَبُوهَا الْمَذْكُورُ ذَلِكَ لِيَشِيعَ عِنْد الْجِيرَان وَيدْفَع عَنْهَا بذلك الْعَار لَيْلًا يُظَنَّ بِهَا عِنْدَ بُلُوغِهَا غَيْرُ مَا نَزَلَ

(الباب الثاني في الفروض)

(الْبَابُ الثَّانِي فِي الْفُرُوضِ) تَكْتُبُ فِي تَقْدِيرِهِ عَلَى نَفْسِهِ لِامْرَأَتِهِ فَرْضٌ قَدَّرَهُ عَلَى نَفْسِهِ فلَان بن فلَان الْفُلَانِيّ لأمراته فُلَانَة ابْنة فُلَانٍ الَّذِي دَخَلَ بِهَا وَأَصَابَهَا وَأَوْلَدَهَا عَلَى فرَاشه ولدا يُسمى فلَانا الطِّفْل لما يحْتَاج إِلَيْهِ مِنَ طَّعَامِ وَإِدَامٍ وَمَاءٍ وَزَيْتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنَ الْأَيَّامِ دِرْهَمًا قِسْطَ كُلِّ يَوْم فِي اوله حَسْبَمَا انفق عَلَيْهِ فَإِنْ قَدَّرَهُ حَاكِمٌ أَوْ فَارِضٌ كَتَبْتَ هَذَا مَا أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ الْقَاضِي فُلَانٌ أَنَّهُ فَرَضَ عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ لِامْرَأَتِهِ فُلَانَة لما تحْتَاج اليه من نَفَقَة وَزَيْتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ كَذَا خَارِجًا عَمَّا يلْزمه لَهُ مِنَ اللَّوَازِمِ الشَّرْعِيَّةِ قَدَّرَ الْحَاكِمُ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَأَوْجَبَهُ فِي مَالِهِ وَإِنْ فَرَضَ عَيْنًا وَهُوَ الاصل فِي النَّفَقَة قلت فرض لَهَا وَتبين فِي كُلِّ شَهْرٍ قَمْحًا وَطَحَنَهَا وَخَبَزَهَا رَضَّتْ وَتَعَيَّنَ مَا يَلِيقُ بِهَا مِنَ الْإِدَامِ وَاللَّحْمِ فِي الْوَقْتِ اللَّائِقِ بِهَا وَآلَةِ الْحَمَّامِ فِي كُلِّ شَهْرٍ دُفْعَتَيْنِ أَوْ عَلَى حَسَبِ ضَرُورَةِ الْعَادَةِ (فَصْلٌ) وَتَكْتُبُ فِي قَبْضِهَا لِلْكِسْوَةِ أَقَرَّتْ فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ عِنْدَ شُهُودِهِ طَوْعًا أَنَّهَا قَبَضَتْ وَتَسَلَّمَتْ مِنْ زَوْجِهَا فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ كِسْوَتَهَا الْوَاجِبَةَ عَلَيْهِ لَهَا شَرْعًا وَهِيَ ثَوْبٌ وَسَرَاوِيلُ وَمِقْنَعَةٌ وَذَلِكَ عَنْ فَصْلٍ وَاحِدٍ أَوَّلُهُ يَوْمُ تَارِيخِهِ وَكَذَلِكَ كِسْوَةُ الْوَلَدِ

(فصل)

(فَصْلٌ) وَتَكْتُبُ فِي فَرْضِ مُطَلَّقَةٍ ظَهَرَتْ حَامِلًا فَرْضٌ قَدَّرَهُ عَلَى نَفْسِهِ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ لمطلقته الطَّلقَة الاولى الْخلْع اَوْ الثَّلَاث فُلَانَة المراة الْعَامِل ابْنَةِ فُلَانٍ الْمُشْتَمِلَةِ مِنْهُ عَلَى حَمْلٍ وَتَصَادَقَا عَلَى ذَلِكَ عِوَضًا عَمَّا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ طَعَامٍ أَوْ إِدَامٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنَ الْأَيَّامِ كَذَا وَكَذَا قِسْطُ كُلِّ يَوْمٍ فِي أَوَّلِهِ مِنَ اسْتِقْبَالِ تَارِيخِهِ حَسْبَمَا اتَّفَقَا وَتَرَاضَيَا عَلَيْهِ وَذَلِكَ خَارِجٌ عَمَّا يُوجِبُهُ الشَّرْعُ الشَّرِيفُ واذن لَهَا ان تقترض عَلَى ذِمَّتِهِ قَدْرَ مَا قَدَّرَ لَهَا عِنْدَ تَعَذُّرِ وُصُولِ ذَلِكَ إِلَيْهَا وَتُنْفِقُهُ عَلَيْهَا وَتَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ إِذْنًا شَرْعِيًّا قَبِلَتْهُ مِنْهُ (فَصْلٌ) وَتَكْتُبُ فِي فَرْضِ الْوَلَدِ قَدَّرَ عَلَى نَفْسِهِ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ لِوَلَدِهِ الطِّفْلِ فُلَانٍ الَّذِي فِي كَفَالَة والدته مطلقته فُلَانَة المراة الكافل ابْنَةِ فُلَانٍ لِمَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ الطَّعَامِ وَالْإِدَامِ وَمَاءٍ وَزَيْتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنَ الايام كَذَا دَرَاهِم مِنَ اسْتِقْبَالِ تَارِيخِهِ قِسْطُ كُلِّ يَوْمٍ فِي أَوَّلِهِ حَسْبَمَا اتَّفَقَا وَتَرَاضَيَا عَلَيْهِ وَذَلِكَ خَارِجٌ عَمَّا يُوجِبُهُ الشَّرْعُ الشَّرِيفُ وَأَذِنَ لَهَا أَنْ تَقْتَرِضَ عَلَى ذِمَّتِهِ وَتُنْفِقَ عَلَى وَلَدِهَا وَتَرْجِعَ بِهِ عَلَيْهِ إِذْنًا شَرْعِيًّا (فَصْلٌ) وَتَكْتُبُ فِي الْفَرْضِ لِلْأَبَوَيْنِ فَرْضٌ قَدَّرَهُ عَلَى نَفْسِهِ فُلَانُ بن فلَان لوالدته فُلَانَة المراة الكافل ابْنَةِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ بِحُكْمِ عَجْزِهَا وَطَوْرِهَا وَحَاجَتِهَا لِمَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ طَعَامٍ وَإِدَامٍ وَمَاءٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنَ الْأَيَّامِ كَذَا وَكَذَا قِسْطُ كُلِّ يَوْمٍ فِي أَوَّلِهِ مِنَ

(فصل)

اسْتِقْبَالِ تَارِيخِهِ حَسْبَمَا اتَّفَقَا وَتَرَاضَيَا عَلَيْهِ وَأَذِنَ لَهَا أَنْ تَقْتَرِضَ عَلَى ذِمَّتِهِ وَتُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهَا وَتَرْجِعَ بِهِ عَلَيْهِ إِذْنًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا (فَصْلٌ) وَتَكْتُبُ فِي فَرْضِ الْحَاكِمِ لِلْمَحْجُورِ هَذَا مَا شَهِدَ عَلَيْهِ الْقَاضِي فُلَانٌ الْفَارِضُ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ بِالتَّوْلِيَةِ الشَّرْعِيَّةِ أَنَّهُ قَدَّرَ لِفُلَانِ بْنِ فلَان الْمَحْجُور عَلَيْهِ بيد الحكم الْعَزِيز بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ وَلِامْرَأَتِهِ فُلَانَةَ وَخَادِمَتِهَا فُلَانَةَ فِي مَالِهِ الَّذِي لَهُ مُودَعُ الْحُكْمِ الْعَزِيزِ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ أَوْ مِنْ مَالِهِ مِنْ أُجْرَةِ الْعَقَارِ الْمَنْسُوبِ لَهُ الَّذِي تَحْتَ نَظَرِ الْحَكَمِ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ لِمَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ وَتُكَمِّلُهُ إِلَى آخِرِهِ تَنْبِيهٌ وَهَذِهِ الْفُرُوضُ كُلُّهَا يَلْزَمُ مِنْهَا بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ بَلِ الْوَاجِبُ أَنْ يُقَدِّرَ الطَّعَامَ لَا ثَمَنَهُ لَكِنَّ الْعَادَةَ خِلَافُهُ

(الباب الثالث في الطلاق)

(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الطَّلَاقِ) تَكْتُبُ فِي الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ عَلَى ظَهْرِ الْكِتَابِ احْتِرَازًا مِنْ اخراج الْبَرَاءَة المجهو عَنْ غَيْرِ زَوْجٍ فَتَتَزَوَّجُ بِهَا وَهِيَ فِي عِصْمَةِ زَوْجٍ طَلَّقَ الزَّوْجُ الْمُسَمَّى الْمُحَلَّى بَاطِنَهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ امْرَأَتَهُ فُلَانَةَ ابْنَةَ فُلَانٍ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا وَإِصَابَتِهِ إِيَّاهَا طَلْقَةً وَاحِدَةً أُولَى أَوْ ثَانِيَةً أَوْ ثَالِثَةً عَلَى حَسَبِ حَالِهَا بَانَتْ بِهَا مِنْهُ بِحُكْمِ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَلَمْ يُصِبْهَا وَبِحُكْمِ ذَلِكَ تَشْطُرُ الصَدَاق الْمَعْقُود عَلَيْهِ بَاطِنه نِصْفَيْنِ سقط عَنهُ النّصْف فَإِن اخْتلفت بِبَاقِي الصَّدَاقِ كَتَبْتَ سَأَلَتْ فُلَانَةُ الْمُسَمَّاةُ الْمُحَلَّاةُ بَاطِنه فُلَانَة ابْنة فُلَانٍ زَوْجَهَا الْمُسَمَّى الْمُحَلَّى بَاطِنَهُ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ الَّذِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَلَمْ يُصِبْهَا وَتَصَادَقَا عَلَى ذَلِكَ أَنْ يُخَالِعَهَا مِنْ عِصْمَتِهِ وَهُوَ عَقْدُ نِكَاحِهِ عَلَى مَا يُشْتَرَطُ لَهَا مِنَ الصَّدَاقِ بَاطِنَهُ بَعْدَ الطَّلَاقِ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا دِينَارًا نِصْفُ جُمْلَةِ الصَّدَاقِ بَاطِنَهُ بِطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ أُولَى فَأَجَابَهَا إِلَى سُؤَالِهَا وَقَبِلَ مِنْهَا الْعرض الْمَذْكُور وَطَلقهَا عَلَيْهِ الطَّلقَة المسؤولة وَبَانَتْ بِهَا مِنْهُ وَمَلَكَتْ نَفْسَهَا عَلَيْهِ وَبِحُكْمِ ذَلِك تشطر الصَدَاق الْمَعْقُود عَلَيْهِ بَاطِنه نِصْفَيْنِ سَقَطَ عَنْهُ النِّصْفُ وَبَرِئَتْ ذِمَّتُهُ مِنَ النِّصْفِ الثَّانِي بِحُكْمِ هَذَا الِاخْتِلَاعِ فَإِنْ بَذَلَ الْوَلِيُّ الْعرض كَتَبْتَ سَأَلَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْوَلِيُّ بَاطِنَهُ فُلَانًا وَهُوَ الزَّوْجُ الْمُسَمَّى بَاطِنَهُ أَنْ يَخْلَعَ امْرَأَتَهُ فُلَانَةَ الْمُسَمَّاةَ الْمُحَلَّاةَ بَاطِنَهُ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَلَمْ يُصِبْهَا أَوْ دَخَلَ بِهَا اَوْ اصابها وَهِي ابْنة السَّائِل الْمَذْكُور اجنبية اَوْ اخت شَقِيقَتُهُ مِنْ عِصْمَتِهِ وَعَقْدِ نِكَاحِهِ بِطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ أُولَى أَوْ ثَانِيَةٍ أَوْ ثَالِثَةٍ عَلَى مَا بَذَلَهُ فِي ذِمَّتِهِ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا دِينَارًا من ذَلِك

فصل

مَا هُوَ حَالٌّ كَذَا وَمَا هُوَ مُؤَجَّلٌ كَذَا فاجابه إِلَى سُؤَاله وَقبض مِنْهُ الْعرض الْمَذْكُورَ وَطَلَّقَ امْرَأَتَهُ الْمَذْكُورَةَ طَلْقَةً وَاحِدَةً أُولَى خلعي بَانَتْ بِهَا مِنْهُ وَمَلَكَتْ نَفْسَهَا عَلَيْهِ وَبِحُكْمِ هَذَا الطَّلَاقِ تَشَطَّرَ الصَّدَاقُ الْمَذْكُورُ نِصْفَيْنِ سَقَطَ عَنْهُ النِّصْفُ وَبَقِيَ فِي ذِمَّتِهِ النِّصْفُ الثَّانِي وَأَقَرَّ الْمُطَلِّقُ أَنَّهُ قَبَضَ مِنَ السَّائِلِ مَبْلَغَ الْحَال الَّذِي اخْتلف لَهُ بِهِ وَاعْتَرَفَ أَيْضًا أَنَّهُ قَبَضَ نِصْفَ الْمُعَجَّلِ بَاطِنَهُ وَصَارَ بِيَدِهِ وَقَبَضَهُ ثُمَّ بَعْدَ تَمَامِ ذَلِكَ وَلُزُومِهِ أَحَالَ الْمُطَلِّقُ مُطَلَّقَتَهُ الْمَذْكُورَةَ على ابْنهَا بِالْمَبْلَغِ الْمُؤَجَّلِ وَهُوَ نَظِيرُ نِصْفِ الصَّدَاقِ بَاطِنَهُ فِي جِنْسِهِ وَصِفَتِهِ وَاسْتِحْقَاقِهِ حِوَالَةً شَرْعِيَّةً قَبِلَهَا مِنْهُ لَهَا وَالِدُهَا بِحُكْمِ أَنَّهَا تَحْتَ حِجْرِهِ وكفالته متولى شرعا وَبِحُكْمِ ذَلِكَ وَجَبَ لَهَا مُطَالَبَةُ أَبِيهَا وَتُؤَرِّخُ ( فصل) وتكتب فِي الرَّجْعِيِّ بَعْدَ الدُّخُولِ طَلَّقَ الزَّوْجُ الْمُحَلَّى الْمُسَمَّى بَاطِنَهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ زَوْجَتَهُ فُلَانَةَ ابْنَةَ فُلَانٍ الَّتِي دَخَلَ بِهَا وَأَصَابَهَا وَأَوْلَدَهَا وَلَدًا ذَكَرًا يُسَمَّى كَذَا طَلْقَةً وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً أُولَى أَوْ ثَانِيَةً تَكُونُ بِهَا جَارِيَةً فِي عِصْمَتِهِ إِلَى انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَلَا سَبِيل لَهُ عَلَيْهَا ولارجعة إِلَّا بِأَمْرِهَا وَرِضَاهَا وَعَقْدٍ جَدِيدٍ وَبِذَلِكَ شُهِدَ عَلَيْهِ فِي تَارِيخِ كَذَا فَإِنِ ارْتَجَعَهَا كَتَبْتَ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ اسْتَرْجَعَ الْمُطَلِّقُ الْمَذْكُورُ مُطَلَّقَتَهُ اوتكتب أَقَرَّ فُلَانٌ أَنَّهُ اسْتَرْجَعَ مُطَلَّقَتَهُ مِنَ الطَّلَاقِ الْمَذْكُورِ اسْتِرْجَاعًا شَرْعِيًّا وَرَدَّهَا وَمَلَكَهَا وَصَارَ حُكْمُهَا حُكْمَ الزَّوْجَاتِ وَتُؤَرِّخُ (فَصْلٌ) وَتَكْتُبُ فِي الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ طَلَّقَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ امْرَأَتَهُ فُلَانَةَ ابْنَةَ فُلَانٍ الَّتِي دَخَلَ بِهَا وَأَصَابَهَا طَلَاقًا ثَلَاثًا بَتَاتًا حَرُمَتْ بِذَلِكَ عَلَيْهِ فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى

فصل

تنْكح زوجا غَيره وان كَانَ طَلَّقَهَا مِنْ مُدَّةٍ كَتَبْتَ أَقَرَّ فُلَانٌ أَنَّهُ كَانَ مِنْ كَذَا طَلَّقَ فُلَانَةَ أَوْ تَكْتُبُ إِقْرَارَ الْمُطَلِّقِ الْمَذْكُورِ بِالطَّلَاقِ الْمَذْكُورِ صَدَرَ عَنْهُ من مُدَّة كَذَا وتؤرخ ( فصل) تكْتب إِنِ اخْتَلَعَتْ بِصَدَاقِهَا سَأَلَتْ فُلَانَةُ الْمَرْأَةُ الْكَامِلُ ابْنَةُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ زَوْجَهَا عَلَى مَا ذَكَرَ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ الَّذِي اتَّصَلَ بِهَا وَأَصَابَهَا أَنْ يَخْلَعَهَا مِنْ عِصْمَتِهِ وَعَقْدِ نِكَاحِهِ عَلَى مُؤَخَّرِ صَدَاقِهَا عَلَيْهِ الشَّاهِدِ بِهِ كِتَابُهَا الْمُتَقَدِّرِ بِحُضُورِهِ وَهُوَ كَذَا دِينَارًا فَأَجَابَهَا إِلَى سُؤَالِهَا وَقَبِلَ مِنْهَا الْعِوَضَ الْمَذْكُورَ وَطَلَّقَهَا عَلَيْهِ طَلْقَةً وَاحِدَةً أُولَى خُلْعًا بَانَتْ بِهَا مِنْهُ وَمَلَكَتْ نَفْسَهَا عَلَيْهِ وَأَقَرَّتْ أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ كِسْوَةً وَلَا نَفَقَةً وَلَا حَقًّا مِنَ الْحُقُوقِ الشَّرْعِيَّةِ كُلِّهَا (فَصْلٌ) تَكْتُبُ فِي وِكَالَةِ الطَّلَاقِ عَنِ الزَّوْجِ سَأَلَتْ فُلَانَةُ الْمَرْأَةُ الْكَامِلُ ابْنَةُ فُلَانٍ مِنْ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ الْوَكِيلِ عَنْ زَوْجِهَا فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْوَكِيلِ عَنْهُ فِي طَلَاقِهَا بِالْوِكَالَةِ الَّتِي بِيَدِهِ الَّتِي جَعَلَ لَهُ فِيهَا أَنْ يُطَلِّقَ عَنْهُ امْرَأَتَهُ الْمَذْكُورَةَ طَلْقَةً وَاحِدَةً أُولَى خُلْعًا عَلَى مُؤَخَّرِ صَدَاقِهَا عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَا الْمَشْرُوحِ ذَلِكَ فِي الْوَكَالَةِ الْمُؤَرَّخَةِ بِكَذَا أَنْ يُطَلِّقَهَا عَنْ مُوَكِّلِهِ فُلَانٍ الْمَذْكُورِ طَلْقَةً وَاحِدَةً أُولَى خُلْعًا عَلَى جَمِيعِ صَدَاقِهَا عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَا فَأَجَابَهَا الْوَكِيلُ إِلَى ذَلِكَ وَقبل مِنْهَا الْعرض الْمَذْكُورَ وَطَلَّقَهَا عَنْ مُوَكِّلِهِ طَلْقَةً وَاحِدَةً أُولَى خُلْعًا بَانَتْ بِهَا مِنْهُ وَمَلَكَتْ نَفْسَهَا عَلَيْهِ من مُوَكِّلِهِ وَأَقَرَّتْ أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ صَدَاقًا وَلَا بَقِيَّةً مِنْهُ وَلَا نَفَقَةً وَلَا كِسْوَةً وَلَا حَقًّا مِنَ الْحُقُوقِ كُلِّهَا تَنْبِيهٌ يَنْبَغِي فِي الْمُبَارَأَةِ أَنْ تَذْكُرَ عِلْمَهَا بِمَا أَبْرَأَتْ مِنْهُ مِقْدَارًا وجنسا

(فصل)

وَصفَة لَان ش إِنْ طَلَّقَ الِابْنُ الْبَالِغُ قَبْلَ الْبِنَاءِ رَجَعَ نِصْفُ الصَّدَاقِ إِلَى أَبِيهِ إِنْ كَانَ قَدْ تَحَمَّلَهُ وَلَوْ خَالَعَهَا الِابْنُ عَلَى جَمِيعِهِ لَكَانَ النِّصْفُ الثَّانِي لِابْنِهِ لِأَنَّهُ عِوَضُ الطَّلَاقِ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَرْجِعُ الْجَمِيعُ لِلْأَبِ لِأَنَّهُ بَاذِلُهُ (فَصْلٌ) فِي الْإِجْبَارِ عَلَى الرَّجْعَةِ أَشْهَدَ الْقَاضِي فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ النَّائِبُ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ أَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَهُ مِنْ قَبْلِ شَهَادَتِهِ وَأَجَازَهُ أَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فُلَانَةَ بَعْدَ بِنَائِهِ عَلَيْهَا طَلْقَةً وَاحِدَةً بِغَيْرِ خُلْعٍ فِي زَمَانِ الْخُلْعِ وَأَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ طَلَاقٌ يَمْنَعُهُ مِنْ مُرَاجَعَتِهَا فَأَمَرَهُ بارتجاعها لما ورد عَن رَسُول الله لله مِنَ الْأَمْرِ بِذَلِكَ فَامْتَنَعَ مِنَ ارْتِجَاعِهَا وَثَبَتَ امْتِنَاعه عِنْده فاخبره عَلَى الرَّجْعَةِ وَقَضَى عَلَيْهِ بِهَا وَأَلْزَمَهُ الطَّلَاقَ الْمَذْكُورَ شَهِدَ عَلَى إِشْهَادِ الْقَاضِي الْمَذْكُورِ مَنْ يَضَعُ خَطَّهُ آخِرَهُ وَذَلِكَ فِي يَوْمِ كَذَا مَحْضَرٌ فِي إِثْبَاتِ اسْتِيطَانِ الْأَبِ شَهِدَ مَنْ يَضَعُ خَطَّهُ آخِرَ هَذَا الْمَحْضَرِ أَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ مَعْرِفَةً صَحِيحَةً شَرْعِيَّةً وَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ اسْتَوْطَنَ بَلَدَ كَذَا مُدَّةَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُتَقَدِّمَةٍ عَلَى تَارِيخِ هَذَا الْمَحْضَرِ وَاسْتَقَرَّ فِيهَا بِمَالِه وَثقله واستقل اسْتِيطَانُهُ فِي الْبَلَدِ الْمَذْكُورِ فِي عِلْمِهِمْ إِلَى الان ويعرفونه مُسْتَحقّ الْحَضَانَة بِبَيِّنَتِهِ فلَان وَفُلَانٍ الَّذِينَ هُمْ مَعَ أُمِّهِمْ فُلَانَةَ فِي بَلَدِ كَذَا وَلَا يَعْلَمُونَهُ انْتَقَلَ عَنْ هَذِهِ الصِّفَةِ إِلَى حِينِ إِيقَاعِهِمْ شَهَادَتَهُمْ فِي هَذَا الْمحْضر

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ مُغِيثٍ أَقَلُّ مُدَّةِ الِاسْتِيطَانِ الَّتِي يَسْتَحِقُّ بِهَا الْأَبُ أَخْذَ الْوَلَدِ مِنْ أُمِّهِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَقَالَ ابْنُ الْهِنْدِيِّ بَلْ اذا اراد الِانْتِقَال وَيحلف عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرُ كِتَابِ إِرْخَاءِ السُّتُورِ وَإِنْ شَاءَتِ الْأُمُّ تَتْبَعُهُمْ وَلَا يَمْنَعُهُمُ الْأَبُ مِنْ جَوَازِ الْبَحْرِ خَوْفَ تَعَذُّرِ زِيَارَةِ الْأُمِّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْر} وَقِيلَ يَمْنَعُ عَقْدُ لِعَانٍ هَذَا مَا أَشْهَدَ فُلَانٌ الْقَاضِي الْمُتَوَلِّي بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ أَنَّ امْرَأَةً تَسَمَّتْ بِفُلَانَةَ بِنْتِ فُلَانٍ قَامَتْ عِنْدَهُ فَذَكَرَتْ ان لَهَا زوجا يُسمى فلَان ابْن فُلَانٍ رَمَاهَا أَوْ نَفَى حَمْلَهَا وَسَأَلَتْهُ النَّظَرَ لَهَا فَنَظَرَ فِي ذَلِكَ نَظَرًا أَوْجَبَ إِحْضَارَهُ وَوَقْفَهُ عَلَى مَا ادَّعَتْهُ بَعْدَ أَنْ ثَبَتَ عِنْدَهُ مِنْ قَبْلِهِ وَأَجَازَهُ وَثَبَتَ عِنْدَهُ قَوْلُهَا زَوْجُهَا مِنْهَا عَلَى قَوْلِهِ فَقَضَى بِاللِّعَانِ وَأَحْضَرَهُمَا بِمحضر اللّعان بالجامع بِمَدِينَة كَذَا وشهدهما واحضر لذَلِك عُدُولًا وَأمر الزَّوْج فلَان بِالْبَدَاءَةِ بِالْيَمِينِ لِأَنَّهُ قَدَّمَهُ فِي كِتَابِهِ فَقَامَ عَلَى قَدَمَيْهِ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ دُبُرَ صَلَاةِ الْعَصْرِ فَحَلَفَ أَرْبَعَةَ أَيْمَانٍ بِمَا وَجَبَ أَنْ يَحْلِفَ بِهِ لِمَحْضَرٍ وَهُوَ يُشِيرُ إِلَيْهَا ثُمَّ خَمَّسَ بِاللَّعْنَةِ ثُمَّ حَلَفَتْ فِي ذَلِكَ الْمَوْقِفِ فُلَانَةُ أَرْبَعَةَ أَيْمَانٍ بِمَا وَجَبَ أَنْ تَحْلِفَ وَخَمَّسَتْ بِالْغَضَبِ وَثَبَتَتْ أَيْمَانُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عِنْدَ الْقَاضِي الْمَذْكُورِ بِمَنْ قَبِلَ وَأَجَازَ وَوَقَعَتِ الْفُرْقَةُ بَين التلاعنين بِاللِّعَانِ الْمَذْكُورِ وَحَرُمَ عَلَيْهِمَا التَّنَاكُحُ أَبَدًا بِالسُّنَّةِ وَسقط بِهَذَا نسب حمل فلَان مِنْ فُلَانٍ الْمُلَاعِنِ وَحَكَمَ الْقَاضِي فُلَانٌ

بِجَمِيعِ ذَلِكَ وَأَمْضَاهُ بَعْدَ الْإِعْذَارِ إِلَيْهِمَا فَلَمْ يَأْتِ أَحَدُهُمَا بِمِدْفَعٍ وَشَهِدَ عَلَى إِشْهَادِ الْقَاضِي الْمَذْكُورِ بِمَا ذُكِرَ عَنْهُ فِي هَذَا فِي يَوْمِ كَذَا وَتَكْتُبُ ثَلَاثَ نُسَخٍ نُسْخَةٌ بِيَدِ الْقَاضِي وَنُسْخَتَانِ بِيَدِ الزَّوْجَيْنِ عَقْدُ إِيلَاءٍ هَذَا مَا أَشْهَدَ الْقَاضِي فُلَانٌ الْمُتَوَلِّي بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ أَنَّ امْرَأَةً تَسَمَّتْ عِنْدَهُ بِفُلَانَةَ بِنْتِ فُلَانٍ وَذَكَرَتْ أَنَّ لَهَا زَوْجًا آلَى مِنْهَا بِتَرْكِ الْمَسِيسِ أَزْيَدَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَسَأَلَتْهُ النَّظَرَ لَهَا بِوَاجِبِ الشَّرْعِ الْعَزِيزِ فَاقْتَضَى نَظَرُهُ تَكْلِيفَهَا إِثْبَاتَ الزَّوْجِيَّةِ فَثَبَتَتْ عِنْدَهُ بِمَنْ قَبِلَهُ وَأَجَازَهُ عَلَى أَعْيَانِ الزَّوْجَيْنِ وَذَكَرَتْ زَوْجَهَا فُلَانًا عَلَى مَا ذَكَرَتْهُ مِنَ الْإِيلَاءِ فَأَقَرَّ بِهِ وَثَبَتَ عِنْدَ الْقَاضِي فُلَانٍ إِقْرَارُهُ فِي مَجْلِسِ نَظَرِهِ وَأَنَّ يَمِينَهُ وَقَعَتْ بِتَرْكِ مَسِيسِهَا مُنْذُ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَتَمَادَى عَلَى ذَلِكَ فَأَمَرَهُ بِالْفَيْئَةِ وَخَيَّرَهُ بَيْنَ أَنْ يُحَنِّثَ نَفْسَهُ وَيَبْقَى مَعَ امْرَأَتِهِ فُلَانَة اَوْ يألي فَتُطَلَّقَ عَلَيْهِ فَأَبَى الْفَيْئَةَ وَتَمَادَى عَلَى الِامْتِنَاعِ وَثَبَتَ امْتِنَاعُهُ عِنْدَهُ بِمَنْ قَبِلَهُ وَرَضِيَهُ وَعَرَضَ الْقَاضِي فُلَانٌ عَلَى فُلَانَةَ الصَّبْرَ مَعَ زَوْجِهَا فابته ودعته إِلَى القضاث بِمُوجَبِ الشَّرْعِ الشَّرِيفِ فَقَضَى عَلَى فُلَانٍ بِتَطْلِيقِ امْرَأَتِهِ فُلَانَةَ طَلْقَةً وَاحِدَةً يَمْلِكُ فِيهَا رَجْعَتَهَا إِنْ فَاءَ فِي عِدَّتِهَا وَأَلْزَمَهُ ذَلِكَ وَأَنْفَذَ الْحُكْمَ عَلَيْهِ بِهِ وَأَمَرَ فُلَانَةَ أَنْ تَعْتَدَّ مِنْهُ وَحَكَمَ بِذَلِكَ وَأَمْضَاهُ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ وَعَلَى ثُبُوتِ ذَلِكَ عِنْدَهُ بَعْدَ أَنْ أَعْذَرَ إِلَى مَنْ يَتَعَيَّنُ الْإِعْذَارُ إِلَيْهِ مِمَّنْ سُمِّيَ فِيهِ فَلم يبد أحد مِنْهُم مدفعا وابقى كُلُّ ذِي حُجَّةٍ عَلَى حُجَّتِهِ وَهُوَ فِي ذَلِكَ ثَابِتُ الْحُكْمِ وَالْقَضَاءِ مَاضِيهُمَا عَقْدُ الْحَكَمَيْنِ هَذَا مَا أَشْهَدَ الْقَاضِي فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ أَنَّ فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانٍ حَضَرَتْ مَجْلِسَ حُكْمِهِ وَقَضَائِهِ فَذَكَرَتْ لَهُ أَنَّ زَوْجَهَا فُلَانَ بْنَ فلَان يضْربهَا فِي نَفْسِهَا وَمَالِهَا وَسَأَلَتْهُ النَّظَرَ لَهَا بِمُوجَبِ الشَّرْعِ الشَّرِيفِ فَاقْتَضَى نَظَرُهُ أَعَزَّهُ اللَّهُ إِحْضَارَ زَوْجِهَا الْمَذْكُورِ وَوَقْفَهُ عَلَى مَا ذَكَرَتْهُ عَنْهُ فَتَبْرَأُ مِنْهُ وَذَكَرَ أَنَّهَا هِيَ الْمُضِرَّةُ بِهِ فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ فَثَبَتَ عِنْدَهُ مَقَالُهُمَا جَمِيعًا بِمَنْ قَبِلَ وَأَجَازَ وَأَشْكَلَ عَلَيْهِ أَمْرُهُمَا فَتَكَلَّمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي صَاحِبِهِ وَثَبَتَتْ عِنْدَهُ الزَّوْجِيَّة بَينهمَا

وَخَافَ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا وَلَمْ يَجِدْ فِي أَهْلِهِمَا من يصلح للتحكم بَيْنَهُمَا عَلَى مُقْتَضَى كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَبَعَثَ مِنْ قِبَلِهِ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ وَفُلَانَ بْنَ فُلَانٍ لِاجْتِمَاعِ شُرُوطِ التَّحْكِيمِ فِيهِمَا بَعَثَهُمَا حَكَمَيْنِ لِيَحْكُمَا بَيْنَهُمَا بِمَا ظَهَرَ لَهُمَا مِنْ فُرْقَةٍ اَوْ اجْتِمَاع فَثَبت عِنْده الْقَاضِي فُلَانٍ بِشَهَادَةِ الْحَكَمَيْنِ أَنَّهُمَا رَأَيَا أَنْ يَأْخُذَ الزَّوْجُ مِنِ امْرَأَتِهِ فُلَانَةَ كَذَا عَلَى ان طَلقهَا عَلَيْهِ طَلْقَةً وَاحِدَةً تَمْلِكُ بِهَا الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا بَعْدَ اجْتِمَاعِهِمَا عَلَى ذَلِكَ وَأَنْفَذَ حُكْمَهُمَا بِذَلِكَ لِمَا رَأَيَاهُ مِنَ الصَّلَاحِ لَهُمَا وَثَبَتَ عِنْدَهُ قَبْضُ فُلَانٍ لِمَا أَخَذَاهُ لَهُ مِنِ امْرَأَتِهِ الْمَذْكُورَةِ وَأَعْذَرَ الْقَاضِي إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ بِمَا وَجَبَ أَنْ يَعْذُرَ إِلَيْهِ فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مِدْفَعٌ فَحَكَمَ لَهُ بِذَلِكَ وَأَمْضَاهُ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ ذَلِكَ فِي يَوْمِ كَذَا فِي شَهْرِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ الظَّالِمَ قُلْتَ وَظَهَرَ لِلْحَكَمَيْنِ مِنَ النَّظَرِ وَالِاجْتِهَادِ فِي الْحُكُومَةِ وَالتَّحَكُّمِ أَنْ طَلَّقَا عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ فُلَانَةَ بِغَيْرِ أَخْذِ شَيْءٍ مِنْهَا لَهُ وَإِسْقَاطُ حَقٍّ مِنْ حُقُوقِهَا لَمَّا تَبَيَّنَ لَهُمَا عُدْوَانُهُ عَلَيْهَا وَطُلِّقَتْ فُلَانَةُ وَاحِدَةً وَتُكَمِّلُ الْمَكْتُوبَ تَنْبِيهٌ إِذَا اعْتَرَفَ بِالطَّلَاقِ وَقَالَ هُوَ وَاحِدَةٌ وَقَالَتِ الْمَرْأَةُ ثَلَاثٌ فَالْمُوَرِّقُ إِنَّمَا يَكْتُبُ فِي الْعَادَةِ وَاحِدَةً لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا يَكْتُبُونَ مَا يَسْمَعُونَ مِنَ الْمُقِرِّ لَا مِنْ خَصْمِهِ وَقَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ يَنْبَغِي ان تكْتب مَا قَالَتْهُ الْمَرْأَةُ أَيْضًا حَتَّى تُؤَاخَذَ بِمُوجَبِ اقرارها عِنْد ارادة تَحْرِيك عَقْدٍ مَعَ هَذَا الزَّوْجِ فَيَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَمِنَ الْمُطَالَبَةِ بِمُوجَبَاتِهِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ

(الباب الرابع في البيوع)

(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْبُيُوعِ) تَكْتُبُ فِي الْعَقَارِ وَنَحْوِهِ هَذَا مَا اشْتَرَى فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ بِمَالِهِ لِنَفْسِهِ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ جَمِيعَ الدَّارِ الْكَامِلَةِ الَّتِي ذِكْرُهَا وَوَصْفُهَا وَتَحْرِيرُهَا فِيهِ الَّتِي ذَكَرَ الْبَائِعُ أَنَّهَا فِي يَدِهِ وَملكه وتصرفه وان كَانَ عمر قُلْتَ مَعْرُوفَةٌ بِإِنْشَائِهِ وَعِمَارَتِهِ وَتَقُولُ فِي بَيْعِ الْحِصَّةِ جَمِيعُ الْحِصَّةِ الَّتِي مَبْلَغُهَا كَذَا قِيرَاطًا مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ قِيرَاطًا شَائِعًا غَيْرَ مَقْسُومٍ من جَمِيع الدَّار الْكَامِلَة الَّتِي ذكرالبائع كَذَا وَلَهَا حُدُودٌ أَرْبَعَةٌ تَذْكُرُهَا وَتَذْكُرُ وَصْفَهَا وَحُقُوقَهَا بِأَسْرِهَا وَمَا تُعْرَفُ وَتُنْسَبُ إِلَيْهِ فَإِنِ اسْتَثْنَى الْبَائِعُ مَكَانًا كَتَبْتَ خَلَا الْمَوْضِعَ الْفُلَانِيَّ فَإِنَّهُ خَرَجَ عَنِ الْعَقْدِ لَيْسَ دَاخِلًا فِي هَذَا الْبَيْعِ وَعَلِمَ بِهِ الْمُشْتَرِي وَرَضِيَ بِهِ شِرَاءً صَحِيحًا شَرْعِيًّا قَاطِعًا مَاضِيًا جَائِزًا نَافِذًا بِثَمَنٍ مَبْلَغُهُ مِنَ الْعَيْنِ الْمِصْرِيِّ كَذَا وَكَذَا دِينَارًا وَمِنَ الدَّرَاهِمِ النُّقْرَةِ الْجَيِّدَةِ الْفِضَّةِ الْمَضْرُوبَةِ الْمُتَعَامَلِ بِهَا بِالدِّيَارِ الْفُلَانِيَّةِ حَرَسَهَا اللَّهُ تَعَالَى كَذَا وَكَذَا الْمُتَّصَفِ مِنْ ذَلِكَ تَحْقِيقًا لِلْأَصْلِ كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا تَقَابَضَا وَافْتَرَقَا بِالْأَبْدَانِ بَعْدَ النَّظَرِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالْمُعَاقَدَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَضَمَانِ الدَّرَكِ فِي الْمَبِيعِ وَإِنْ أَرَدْتَ بَسْطَ الْعِبَارَةِ قُلْتَ بَعْدَ الثَّمَنِ دَفَعَهُ الْمُشْتَرِي الْمَذْكُورُ مِنْ خَالِصِ مَالِهِ وَصُلْبِ حَاله قاما وَافِيًا وَأَقْبَضَهُ لَهُ بَعْدَ وَزْنِهِ وَنَفَّذَهُ فَقَبَضَهُ الْبَائِعُ مِنْهُ وَتَسَلَّمَهُ عَلَى تَمَامِهِ وَكَمَالِهِ مَوْزُونًا مُنْتَقَدًا وَصَارَ بِيَدِهِ وَقَبْضِهِ وَحَوْزِهِ مَالًا مِنْ جُمْلَةِ أَمْوَالِهِ وَبِحُكْمِ ذَلِكَ بَرِئَتْ ذِمَّةُ الْمُشْتَرِي الْمَقْبُوضِ مِنْهُ مِنَ الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ بَرَاءَةً صَحِيحَةً شَرْعِيَّةً قَبْضًا وَاسْتِيفَاءً وَسَلَّمَ الْبَائِعُ الْمَذْكُورُ لِلْمُشْتَرِي الْمَذْكُورِ مَا بَاعَهُ إِيَّاهُ فِيهِ فَتَسَلَّمَهُ مِنْهُ خَالِيًا لَا شَاغِلَ لَهُ وَلَا مَانِعَ لَهُ

(فصل)

مِنْهُ وَلَا دَافِعَ لَهُ عَنْهُ وَصَارَ بِيَدِهِ وَقَبضه وحوزه الْمُلَّاكِ فِي أَمْلَاكِهِمْ وَذَوِي الْحُقُوقِ فِي حُقُوقِهِمْ مِنْ غَيْرِ مَانِعٍ وَلَا مُعْتَرِضٍ وَلَا دَافِعٍ بِوَجْهٍ وَلَا بِسَبَبٍ وَذَلِكَ بَعْدَ نَظَرِهِمَا جَمِيعَ ذَلِك ومعرفتهما جَمِيعَ ذَلِكَ وَمَعْرِفَتِهِمَا إِيَّاهُ وَإِحَاطَتِهِمَا بِهِ عِلْمًا وخبرته نَافِيَةً لِلْجَهَالَةِ وَتَعَاقُدِهِمَا عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ الْمُعَاقَدَةَ الصَّرِيحَةَ الصَّحِيحَةَ الشَّرْعِيَّةَ الْمُعْتَبَرَةَ شِفَاهًا بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ ثُمَّ تَفَرَّقَا بِالْأَبْدَانِ مِنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ التَّفَرُّقَ الشَّرْعِيَّ عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَضَمَانِ الدَّرَكِ فِي صِحَّةِ الْمَبِيعِ حَيْثُ يُوجِبُهُ الشَّرْعُ الشَّرِيفُ وَيَقْتَضِيهِ حُكْمُهُ الْمُنِيفُ (فَصْلٌ) وَتَكْتُبُ فِي الْخِيَارِ بَعْدَ قَوْلِكَ عَنْ تَرَاضٍ وَانْقِضَاءِ أَمَدِ الْخِيَارِ الشَّرْعِيِّ الَّذِي اشْتَرَطَهُ الْبَائِعُ أَوِ الْمُشْتَرِي لِنَفْسِهِ دُونَ البَائِع ان اشْتَرَطَاهُ لِأَنْفُسِهِمَا وَهُوَ كَذَا مِنَ الْأَيَّامِ وَإِنْ لَمْ يَفْتَرِقَا مِنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ قُلْتَ عِوَضَ التَّفَرُّقِ بَعْدَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَاخْتِيَارُ كُلِّ وَاحِدٍ من المتقاعدين الْمَذْكُورَيْنِ الْمَذْكُورَ بَيْنَهُمَا فِي الدِّيَارِ الْمَبِيعَةِ أَعْلَاهُ وَإِلْزَامَهُ وَإِبْرَامَهُ وَتَمَامَ أَحْكَامِهِ وَنُفُوذَهُ عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَالْقَانُونِ الْمَرْضِيِّ وَهَذَا كَذَا احْتِرَازًا مِنْ مَذْهَب ش وان كَانَ البَائِع احضر كتبا قُلْتَ وَأَحْضَرَ الْبَائِعُ مِنْ يَدِهِ كِتَابًا يَتَضَمَّنُ ابْتِيَاعَهُ لِلدَّارِ الْمَذْكُورَةِ وَسَطَّرَ عَلَيْهِ فَصْلَ هَذِهِ الْمُبَايَعَةِ وَتَسَلَّمَ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي تَوْثِقَةً لَهُ وَصَحَّتِ الْيَوْمَ وَمَا بَعْدُ وَإِنْ تَقَدَّمَ لِلْمُشْتَرِي حِصَّةٌ فِيهَا قُلْتَ وَقَدْ كَمَّلَ لِلْمُشْتَرِي الْمَذْكُورِ بِمَا فِي مِلْكِهِ مُتَقَدِّمًا وَهَذِهِ الْمُبَايَعَةُ مِلْكُ جَمِيعِ الدَّار اَوْ جَمِيع كَذَا سمهما وَصَدَّقَهُ الْبَائِعُ عَلَى ذَلِكَ وَإِنِ اشْتَرَطَ عَيْبًا ذَكَرْتَهُ مُفَصَّلًا فَقُلْتَ وَرَضِيَ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ وَكِيلًا قُلْتَ وَأَعْلَمَ مُوَكِّلَهُ بِذَلِكَ وَرَضِيَ بِهِ

(فصل)

(فَصْلٌ) وَتَكْتُبُ فِي الْبِنَاءِ وَحْدَهُ جَمِيعَ الْبِنَاءِ الْقَائِمِ عَلَى الْأَرْضِ دَارًا أَوْ طَاحُونًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ الْجَارِي هَذَا الْبِنَاءُ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ وَتَصَرُّفِهِ وَتُكْمِلُ الْمُبَايَعَةَ وَتَقُولُ فِي آخِرِهَا وَأُعْلِمَ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْأَرْضَ الْحَامِلَةَ لِلْبِنَاءِ الْمَذْكُورِ مُحْتَكَرَةٌ وَمَبْلَغُ الْحَكْرِ كَذَا فَرَضِيَ بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ وَكِيلًا قُلْتَ وَأَعْلَمَ مُوَكِّلَهُ فَرَضِيَ بِذَلِكَ وَتَكْتُبُ فِي الْأَرْضِ وَحْدَهَا جَمِيعُ الْقِطْعَةِ الْأَرْضَ الْحَامِلَةَ لِبِنَاءِ الْبَائِعِ أَوْ جَمِيعَ الْمِسَاحَةِ الْكَشْفَ الَّتِي لَا بِنَاءَ عَلَيْهَا الْجَارِيَةَ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَمِلْكِهِ وَتَذْكُرُ ذَرْعَهَا وَحُدُودَهَا وَتُكْمِلُ الْكِتَابَةَ (فَصْلٌ) وَتَكْتُبُ فِي الْآبَارِ جَمِيعَ بِنَاءِ الْبِئْرِ الْمعينَة وَمَكَانَهَا وَأَرْضَهَا الْمَبْنِيَّةَ بِالطُّوبِ وَالْآجُرِّ وَالطِّينِ وَالْجِيرِ أَوْ نَقْرًا فِي الْجَبَلِ الْمَاءَ الْمَعِينَ وَفِي الصِّهْرِيجِ الْمَبْنِيِّ بِالطُّوبِ وَالْآجُرِّ وَالطِّينِ الْمُصْتَكِّ الْمُبَيَّضِ بِالْخَابِعِي الَّذِي بِرَسْمِ حَوْزِ الْمَاءِ الْعَذْبِ وَفِي الْبِئْرِ الْهِمَالِيَّةِ جَمِيعَ بِنَاءِ الْهِمَالِيَّةِ وَمَكَانَهَا مِنَ الْأَرْضِ الْمَبْنِيَّةِ بِالطُّوبِ الْآجُرِّ وَالطِّينِ وَالْجَارِي ذَلِكَ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَمِلْكِهِ وَتَصَرُّفِهِ عَلَى مَا ذكر وَيذكر موضعهَا وذرعها ان امكن ويحدد وَتُكْمِلُ الْمُبَايَعَةَ (فَصْلٌ) وَتَكْتُبُ فِي النَّخْلِ دُونَ الْأَرْضِ جَمِيعَ النَّخْلِ الْمَذْكُورِ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَمِلْكِهِ وَتَصَرُّفِهِ عَلَى مَا ذُكِرَ وَعَدَدُهُ كَذَا وَبَقِي على مَالك الْبَائِعِ بَقِيَّةُ الْأَرْضِ فَإِنَّهَا غَيْرُ دَاخِلَةٍ فِي هَذَا الْمَبِيعِ وَتَكْتُبُ فِي آخِرِهَا وَلِهَذَا الْمُشْتَرِي الْعُبُورُ فِي الْأَرْضِ الْمَذْكُورَةِ وَالتَّطَرُّقُ فِيهَا إِلَى النَّخْلِ الْمَذْكُورِ بِمُوجَبِ الشَّرْعِ وَتَقُولُ فِي ثَمَرَةِ النَّخْلِ ثَمَرَةُ الْجَارِي ذَلِكَ فِي يَدِهِ وَمِلْكِهِ على ماذكر وعدده كَذَا نَخْلَة وتحدد

(فصل)

الارض الَّتِي بدا اصلاحها وَاحْمَرَّتْ وَاصْفَرَّتْ وَأَجَازَ بَيْعَهَا بِشَرْطِ الْقَطْعِ أَوْ بِشَرْطِ التَّبْقِيَةِ إِلَى أَوَانِ الْجِذَاذِ وَتُكْمِلُ الْمُبَايَعَةَ (فَصْلٌ) وَتَكْتُبُ فِي الْمَرْكَبِ جَمِيعَ الْمَرْكَبِ الْعُشَارِيِّ أَوِ الدَّرْمُونَةِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَجَمِيعَ عِدَّتِهَا الْمُتَّحِدَةِ بِرَسْمِهَا الَّتِي ذَكَرَهَا الْجَارِي ذَلِكَ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَمِلْكِهِ وَتَصَرُّفِهِ عَلَى مَا ذُكِرَ وَصِفَتُهَا أَنَّهَا طُولُ كَذَا ذِرَاعًا بِالنَّجَّارِيِّ وَمَحْمَلُهَا كَذَا إِرْدَبًّا أَوْ قَفِيزًا بِالْمِصْرِيِّ أَوِ الْقَيْرَوَانِيِّ وَصِفَةُ الْعِدَّةِ أَنَّهَا صَارَتْ قِطْعَةً وَقِطَعُ فَرُوزٍ أَوْ سَيَّارَةٍ عِدَّتُهُ كَذَا وَكَذَا سِلْسَانًا وَحِبَالُ قنب اَوْ قطن كذااورجل قِطْعَةٍ أَوْ قِطْعَتَيْنِ وَكَذَا مِجْدَافًا وَأَصْقَالُهُ حَضَرٌ وَغَرْسٌ وَقَمْلُوسُ وَمِدْرَاسٌ مُدْهَنُ السُّفْلِ وَالْعُلُوِّ مَسْدُودُ الشرفين مقطن الجنبين ومرساة حَدِيد وزنهما رُبُعُ قِنْطَارٍ بِالْمِصْرِيِّ مُكَمَلُ الْعَدَدِ وَالْآلَةِ شِرَاءً شَرْعِيًّا وَتُكْمِلُ الْمُبَايَعَةَ (فَصْلٌ) وَتَكْتُبُ فِي الرَّقِيقِ جَمِيعَ الْعَبْدِ الْبَالِغِ أَوِ الْوَصِيفِ الْجَارِي ذَلِكَ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَمِلْكِهِ وَتَصَرُّفِهِ الْمُقِرِّ لَهُ بِالرّقِّ والعبودية الْمَدْعُو فلَان الحبشي الْجِنْس الْمُسلم وَمِنْ حِلْيَتِهِ كَذَا وَكَذَا وَإِنْ ذُكِرَ عَيْبٌ قُلْتَ وَأُعْلِمَ الْمُشْتَرِي أَنَّ بِهِ كَذَا وَكَذَا وَدَخَلَ عَلَيْهِ وَتُكْمِلُ الْمُبَايَعَةَ (فَصْلٌ) وَمَتَى كَانَ الْمَبِيع بِغَيْر بلد العقد قلت وخلى عوض 000 بَين الْمَبِيع وَالْمُشْتَرِي تحلية شَرْعِيَّة وَجب لَهُ بذلك قبض الْمَبِيع وتسليمه بِمُقْتَضى هَذَا الابتياع الشَّرْعِيّ واقر أَنَّهُمَا عَارِفَانِ بِذَلِكَ الْمَعْرِفَةَ الشَّرْعِيَّةَ قَبْلَ تَارِيخِهِ (فَصْلٌ) وَإِذَا دَفَعَ لَهُ فِي الثَّمَنِ دَيْنًا لَهُ عَلَيْهِ تَكْتُبُ قَاصَّ بِهَا دَوًّا حَدَثَ المُشْتَرِي

(فصل)

الْمَذْكُورِ وَالْبَائِعِ الْمَذْكُورِ مِنَ الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ بِمَا لَهُ من ذِمَّةِ الْبَائِعِ مِنَ الدَّيْنِ الَّذِي فِي الْقَدْرِ وَالْجِنْس وَالصّفة فِي الاستحاق مقامة صَحِيحَةً شَرْعِيَّةً قَبِلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ذَلِكَ قَبُولًا شَرْعِيًّا وَلَمْ يَبْقَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُطَالَبَةٌ قِبَلَ الْآخَرِ بِسَبَبِ ثَمَنٍ وَلَا مُثْمَنٍ وَلَا دَيْنٍ وَلَا عَيْنٍ وَلَا حُجَّةٍ بِمَسْطُورٍ وَلَا ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ وَلَا دِرْهَمٍ وَلَا دِينَارٍ وَلَا حَقٍّ مِنَ الْحُقُوقِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى اختلافها لما مضى من الزَّمَان اَوْ إِلَى يَوْمِ تَارِيخِهِ وَتَصَادَقَا عَلَى ذَلِكَ (فَصْلٌ) وَتَكْتُبُ فِي شِرَاءِ الْجَمَاعَةِ هَذَا مَا اشْتَرَى فلَان بن فلَان وَفُلَان بن فلَان ان فلَانا وَفُلَانًا مِمَّا لَهُم لانفسهم بِالسَّوِيَّةِ اثلاثا فَإِن تفَاوت قلت باموالهم لانفسهم فَمن ذَلِك بِمَا اشْتَرَاهُ فُلَانٌ الْمُبْدَأُ بِاسْمِهِ لِنَفْسِهِ النِّصْفَ وَمَا اشْتَرَاهُ فلَان الْمُسَمّى باسمه لنَفسِهِ الرّبع وَمَا اشْتَرَاهُ فلَان الثُّلُث بِاسْمِهِ لِمُوَكِّلِهِ فُلَانٍ الرُّبُعَ الثَّانِي بِمَالِهِ وَإِذْنِهِ وتوكيله إِيَّاه فِي ابتياع مَا يذكر فِيهِ بِالثّمن الْمعِين فِيهِ وَفِي التَّسْلِيم وَالسّلم الَّذِي يُشْرَحُ فِيهِ عَلَى مَا يَشْهَدُ بِهِ مَنْ تَعَيَّنَهُ فِي رَسْمِ شَهَادَتِهِ أَخُوهُ فُلَانٌ وَفُلَان وَفُلَان الْإِخْوَة الأشقاء أَوْلَاد فلَان جَمِيع الدَّارِ الْفُلَانِيَّةِ وَتُحَدِّدُهَا ثُمَّ تَقُولُ وَصَدَقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُبَايِعِينَ الْآخَرِينَ عَلَى صِحَّةِ مِلْكِهِ لِمَا بَاعَهُ وَقَبَضَ بِسَبَبِهِ تَصْدِيقًا شَرْعِيًّا وَكَذَلِكَ إِنْ صَدَقَهُمُ الْمُشْتَرُونَ (فَصْلٌ) وَتَكْتُبُ فِي شِرَاءِ الطَّاحُونِ جَمِيعَ حَجَرِ الطَّاحُونِ الْفَارِسِيِّ وَعِدَّتَهَا الدَّاخِلَ ذَلِكَ فِي عَقْدِ هَذَا الْبَيْعِ الْجَارِي ذَلِكَ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَمِلْكِهِ وَتَصَرُّفِهِ عَلَى مَا ذُكِرَ وَهُوَ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ وَتَصِفُ الطَّاحُونَ وَتُحَدِّدُ وَالْعدة التَّوَايِبَةُ الْخَشَبُ وَالْحَجَرُ وَالْجَرْبَانُ وَالْقَاعِدَتَانِ الصِّقَلَانِ وَتُكْمِلُ وصف الْعدة

(فصل)

(فَصْلٌ) وَتَكْتُبُ فِي شِرَاءِ الْأَخْرَسِ اشْتَرَى فُلَانٌ الْأَخْرَس اللِّسَان الاصم الاذنان الْبَصِيرُ الصَّحِيحُ الْبَدَنِ وَالْعَقْلِ الْعَارِفُ مَا يَلْزَمُهُ شَرْعًا الْخَبِيرُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْأَخْذِ وَالْعَطَاءِ كُلُّ ذَلِكَ بِالْإِشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ عَنْهُ الْمَعْلُومَةِ عِنْدَ الْبَائِعِ وَعِنْدَ شُهُودِ هَذَا الْمَكْتُوبِ الْقَائِمَةِ مَقَامَ النُّطْقِ الَّتِي لَا تُجْهَلُ وَلَا تُنْكَرُ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ جَمِيعَ الدَّارِ وَتُكْمِلُ الْمُكَاتَبَةَ (فَصْلٌ) وَتَكْتُبُ فِي بَيْعِ الْوَلِيِّ أَوِ الْوَصِيِّ لِمَنْ يجب نَظَرِهِ هَذَا مَا اشْتَرَى فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ بِمَالِهِ لِنَفْسِهِ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْقَائِمِ فِي بَيْعِ مَا يُذْكَرُ فِيهِ عَلَى وَلَدِهِ لِصُلْبِهِ فُلَانٍ الطِّفْلِ الَّذِي تَحْتَ حِجْرِهِ وَكَفَالَتِهِ وَوِلَايَةِ نَظَرِهِ لِمَا رَأَى لَهُ فِي ذَلِكَ مِنَ الْحَظِّ وَالْمَصْلَحَةِ وَحُسْنِ النَّظَرِ وَالِاحْتِيَاطِ وَأَنَّ هَذِهِ الدَّارَ خَرَابٌ لَا انْتِفَاعَ بِهَا وَلَا اجرة فِيهَا وان بيعهَا والعوض بِثمنِهَا غَيرهَا اصلح مِنْهَا لتعود مَنْفَعَة مَا يتَحَمَّل مِنْهَا الْأُجْرَةِ عَلَى وَلَدِهِ الْمَذْكُورِ وَتُكْمِلُ الْمُبَايَعَةَ وَتَكْتُبُ فِي ذَيْلِ الْمُبَايَعَةِ وَإِقْرَارِ الْبَائِعِ الْمَذْكُورِ أَنَّ الثَّمَنَ الْمُعَيَّنَ أَعْلَاهُ هُوَ قِيمَةُ الْمِثْلِ يَوْمَئِذٍ لَا حَيْفَ فِيهِ وَلَا شَطَطَ وَلَا غَبِينَةَ وَلَا فَرْطَ وَأَنَّ الْحَظَّ وَالْمَصْلَحَةَ فِي الْبَيْعِ عَلَى الصَّغِيرِ الْمَبِيعِ عَلَيْهِ بِهَذَا الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ وتؤرخ وَفَائِدَة هَذَا الْقُيُودِ سَدُّ بَابِ الْمُنَازَعَةِ بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ الصَّغِيرِ إِذَا بَلَغَ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَإِنِ اشْتَرَى لَهُ قُلْتَ اشْتَرَى لِوَلَدِهِ لِصُلْبِهِ فُلَانٍ الْمُرَاهِقِ الَّذِي تَحْتَ حِجْرِهِ وَكَفَالَتِهِ وَوِلَايَةِ نَظَرِهِ لِمَا رَأَى لَهُ مِنَ الْحَظِّ وَالْمَصْلَحَةِ وَحُسْنِ النّظر بِمَالِه الَّذِي بجمله إِيَّاهُ وَمَلَّكَهُ لَهُ وَقَبِلَهَا مِنْ نَفْسِهِ قَبُولًا شَرْعِيًّا

وَإِنْ كَانَ بِمَالِهِ إِرْثًا عَنْ أُمِّهِ أَوْ غَيره ذَكَرْتَهُ وَتُكْمِلُ الْمُبَايَعَةَ وَتَكْتُبُ آخِرَهَا وَأَقَرَّ كُلٌّ مِنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي أَنَّ الثَّمَنَ الْمَذْكُورَ هُوَ ثَمَنُ الْمِثْلِ يَوْمَئِذٍ لَا حَيْفَ فِيهِ وَلَا شَطَطَ وَتُؤَرِّخُ فَإِنِ ابْتَاعَ مِنْ نَفْسِهِ لِوَلَدِهِ بِمَالِهِ الَّذِي تَحْتَ يَدِهِ قُلْتَ أَقَرَّ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ عِنْدَ شُهُودِهِ إِقْرَارًا صَحِيحًا أَنَّ لَهُ فِي يَدِهِ وَمِلْكِهِ وَتَصَرُّفِهِ جَمِيعَ الدَّارِ الْفُلَانِيَّةِ وَتُوصَفُ وَتُحَدَّدُ مِلْكًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا وَأَنَّ تَحْتَ يَدِهِ وَحَوْطَتِهِ وَفِي حَوْزِهِ لِوَلَدِهِ لِصُلْبِهِ فُلَانٍ الْمُرَاهِقِ مِنَ الْعَيْنِ الْمِصْرِيِّ كَذَا وَكَذَا دِينَارًا وَأَنَّهَا مِلْكٌ لِوَلَدِهِ دُونَهُ وَدُونَ كل أحد يتسبب إِلَيْهِ فَلَمَّا كَانَ فِي يَوْمِ تَارِيخِهِ أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ طَوْعًا أَنَّهُ بَاعَ هَذِهِ الدَّارَ الْمَذْكُورَةَ وَاشْتَرَاهَا مِنْ نَفْسِهِ لِوَلَدِهِ لِصُلْبِهِ فُلَانٍ الطِّفْلِ الْمَذْكُورِ بِمَالِهِ الَّذِي تَحْتَ يَدِهِ الْمُعَيَّنِ أَعْلَاهُ لِمَا رَأَى فِيهِ مِنَ الْحَظِّ وَالْمَصْلَحَةِ وَحُسْنِ النَّظَرِ شِرَاءً شَرْعِيًّا بِالْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ أَعْلَاهُ وَهُوَ كَذَا دِينَارًا قَبَضَهَا فُلَانٌ الْمُقِرُّ مِنْ نَفْسِهِ مَنْ مَالِ وَلَدِهِ الْمَذْكُورِ الَّذِي لَهُ تَحْتَ يَدِهِ وَصَارَ ذَلِكَ بِيَدِهِ وَقَبَضَهُ لِنَفْسِهِ وَتَسَلَّمَ مِنْ نَفْسِهِ لِوَلَدِهِ الْمَذْكُورِ الدَّارَ الْمَذْكُورَةَ وَصَارَتْ بِيَدِهِ مِلْكًا لِوَلَدِهِ دُونَهُ وَدُونَ كُلِّ أحد يتسبب إِلَيْهِ وَذَلِكَ بَعْدَ إِقْرَارِهِ وَإِحَاطَتِهِ بِهَا عِلْمًا وَخِبْرَةً وَيَرَى لَهُ الرُّؤْيَةَ الشَّرْعِيَّةَ وَقَبِلَ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِهِ لِوَلَدِهِ الْمَذْكُورِ قَبُولًا شَرْعِيًّا وَضَمَانُ الدَّرَكِ فِي ذَلِكَ عَائِدٌ عَلَيْهِ وَاعْتَرَفَ أَنَّ ثمن الدَّار الْمَذْكُورَة هُوَ ثمن الْمثل يرضيك لَا حَيْفَ فِيهِ وَلَا شَطَطَ وَتُؤَرِّخُ وَإِنْ بَاعَ للْحَاجة قلت بِحكم ان الْوَلَد فلَان مُحْتَاجٌ إِلَى بَيْعِ هَذِهِ الدَّارِ أَوِ الْحِصَّةِ مِنْهَا فِيمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ نَفَقَةٍ وَمُؤْنَةٍ وَكِسْوَةٍ وَلَوَازِمَ شَرْعِيَّةٍ وَلِكَوْنِهِ لَيْسَ لَهُ مَوْجُودٌ غَيْرُهَا وَأَنَّ وَالِدَهُ الْمَذْكُورَ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ بِحكم مَا لَهُ من الْمَوْجُود المذكورا وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ أَمِينَ الْحُكْمِ فَلَا بُدَّ مِنْ إِثْبَاتِ مَحْضَرٍ لِلْقِيمَةِ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَتَكْتُبُ اشْتَرَى فُلَانٌ مِنَ الْقَاضِي فُلَانٍ أَمِينِ الْحُكْمِ الْعَزِيزِ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ فِي بَيْعِ مَا يُذْكَرُ فِيهِ عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِيَدِ الْحُكْمِ الْعَزِيزِ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ لِمَا دَعَتْ إِلَيْهِ حَاجَتُهُ مِنْ كَذَا بِإِذْنِ سَيِّدِنَا قَاضِي الْقُضَاةِ فُلَانٍ الْحَاكِمِ بِالدِّيَارِ الْفُلَانِيَّةِ أَمِينِ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ فِي بَيْعِ الدَّارِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا بِالثّمن الَّذِي تعين فِيهِ وَقَبضه وَتَسْلِيم الدَّارَ لِمُشْتَرِيهَا الْإِذْنَ الشَّرْعِيَّ شَهِدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ أَدَامَ اللَّهُ أَيَّامَهُ بِذَلِكَ مَنْ تَعَيَّنَهُ فِي رسم

(فصل)

شَهَادَتِهِ آخِرَ الْمَكْتُوبِ اشْتَرَاهُ مِنْهُ بِقَضِيَّةِ ذَلِكَ وَحُكْمِهِ جَمِيعَ الدَّارِ الْفُلَانِيَّةِ الْجَارِيَةِ فِي مِلْكِ فُلَانٍ ثُمَّ تَكْتُبُ وَصَدَّقَ الْمُشْتَرِي عَلَى ذَلِكَ تَصْدِيقًا شَرْعِيًّا ثمَّ تَقول بعد الثّمن دفعت المُشْتَرِي من مَاله امين الْحُكْمِ الْعَزِيزِ الْمَذْكُورِ فَتَسَلَّمَهُ وَصَارَتْ بِيَدِهِ وَقَبَضَهُ لِفُلَانٍ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ الْفُلَانِيِّ وَسَلَّمَ أَمِينُ الْحُكْمِ الْمَذْكُورُ لِلْمُشْتَرِي مَا بَاعَهُ فِيهِ فَتَسَلَّمَهُ مِنْهُ وَصَارَ بِيَدِهِ وَمِلْكِهِ وَحَوْزِهِ وَذَلِكَ بَعْدَ النَّظَرِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالْمُعَاقَدَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَالتَّفَرُّقِ بِالْأَبْدَانِ عَنْ تَرَاضٍ وَتَذْكُرُ أَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَ الْحَاكِمِ الْقِيمَةُ وَالْحَاجَةُ وَشُهُودُ ذَلِكَ تُسَمِّيهِمْ ثُمَّ تَقُولُ وَحِينَئِذٍ تَقَدَّمَ الْحَاكِمُ الْمَذْكُورُ بِالنِّدَاءِ عَلَى الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ وَإِشْهَارِهَا بصفتها وَغَيره فَاشْتُهِرَتْ بِحَضْرَةِ عَدْلَيْنِ هُمَا فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَسَمِعَ النداء فَلم يسْمعهَا من بذل زَائِد عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْ شَاهِدَيِ الْقِيمَةِ وَالْمُهَنْدِسِينَ وَشَاهِدَيِ النِّدَاءِ شَهَادَتَهُ فِيهِ عِنْدَ الْحَاكِمِ الْمَذْكُورِ وَأَعْلَمَ تَحْتَ رَسْمِ شَهَادَتِهِ عَلَامَةَ الاداء وَالْقَبُول على الرَّسْم الْمَعْهُود تُضَمِّنُهُ الْمَحْضَرَ الشَّرْعِيَّ الْمُؤَرَّخَ بِكَذَا وَكَذَا وَالَّذِي بِأَعْلَاهُ عَلَامَةُ الثُّبُوتِ وَمِثَالُهَا كَذَا فَلَمَّا تَكَامَلَ ذَلِكَ عِنْدَ الْحَاكِمِ الْمَذْكُورِ سَأَلَهُ مَنْ جَازَ سُؤَاله وسوغت الشَّرْعِيَّة الْمُطَهَّرَةُ إِجَابَتَهُ لِأَمِينِ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ فِي بَيْعِ الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ بِالثَّمَنِ الْمَذْكُورِ وَالْإِشْهَادَ عَلَيْهِ بِثُبُوتِ ذَلِكَ عِنْدَهُ عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَأُذِنَ لِأَمِينِ الْحُكْمِ فِي بَيْعِ ذَلِكَ عَلَى مَا شُرِحَ أَعْلَاهُ شَهِدَ عَلَى الْحَاكِمِ الْمَذْكُورِ بِذَلِكَ مَنْ يُعينهُ فِي رسم شهادتها آخِرَهُ فَامْتَثَلَ أَمِينُ الْحُكْمِ ذَلِكَ وَعَاقَدَ الْمُشْتَرِي الْمَذْكُورَ عَلَى ذَلِكَ حَسْبَمَا شُرِحَ أَعْلَاهُ مَضْمُونُهُ شَهِدَ عَلَى الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِتَارِيخِ كَذَا (فَصْلٌ) وَإِنْ مَاتَ وَتَرَكَ دَارًا وَفِي ذِمَّتِهِ صَدَاقٌ وَذَيْلُ الدَّار فِي صَدَاقهَا فشخصه بعدلين

وَهُوَ مَيِّتٌ وَيَكْتُبَانِ لَهَا فِي ذَيْلِ صَدَاقِهَا أَنَّهُمَا عَايَنَاهُ مَيِّتًا وَلَا يَشْهَدَانِ بِمَوْتِهِ بِالِاسْتِفَاضَةِ وَيُؤَدِّي شُهُود العقد وَلَا للتشخيص عِنْدَ الْحَاكِمِ ثُمَّ تَحْلِفُ الْمَرْأَةُ وَتَكْتُبُ حَلَفَتِ الْمَرْأَةُ الْمَشْهُودُ لَهَا أَعْلَاهُ أَوْ بَاطِنَهُ فُلَانَةُ الْمَرْأَةُ الْكَامِلُ ابْنَةُ فُلَانٍ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ الَّذِي لَا اله الاهو يَمِينًا شَرْعِيَّةً مُؤَكَّدَةً مُسْتَوْفَاةً جَامِعَةً لِمَعَانِ الْحَلِفِ أَنَّهَا مُسْتَحِقَّةٌ فِي تَرِكَةِ الْمُصْدِقِ الْمُسَمَّى بَاطِنَهُ فُلَانٍ بِمَبْلَغِ صَدَاقِهَا عَلَيْهِ الشَّاهِدِ بِهِ كِتَابُهَا بَاطِنَهُ أَوِ الشَّاهِدِ بِهِ الِاسْتِرْجَاعُ أَعْلَاهُ وَأَنَّ شاهديها بذلك صادقان فِيمَا شَهدا لَهُ بِهِ مِنْ ذَلِكَ وَأَنَّ ذِمَّتَهُ لَمْ تَبْرَأْ مِنَ الصَّدَاقِ الْمَذْكُورِ وَلَا مِنْ شَيْءٍ مِنْهُ وَأَنَّهَا مَا قَبَضَتْهُ وَلَا شَيْئًا مِنْهُ وَلَا أَبْرَأَتْهُ مِنْهُ وَلَا شَيْئًا مِنْهُ وَلَا تَعَرَّضَتْ عَنهُ وَلَا عَن شَيْء مِنْهُ وَلَا لحالة بِهِ وَلَا بِشَيْء مِنْهُ وَلَا بَرى لَهَا مِنْهُ وَلَا مِنْ شَيْءٍ مِنْهُ بِقَوْلٍ وَلَا فعل وَأَنَّهَا مُسْتَحقَّة قبضت ذَلِكَ مِنْ تَرِكَتِهِ حَالَ حَالِهَا هَذَا وَأَنَّ مَنْ شَهِدَ لَهَا صَادِقٌ فِيمَا شَهِدَ لَهَا بِهِ مِنْ ذَلِكَ فَحَلَفَتْ كَمَا أُحْلِفَتْ بِالْتِمَاسِهَا لِذَلِكَ وَحُضُورِ مَنْ يُعْتَبَرُ حُضُورُهُ عَلَى الْأَوْضَاعِ الشَّرْعِيَّةِ بَعْدَ تَقَدُّمَ الدَّعْوَى الْمَسْمُوعَةِ وَمَا تَرَتَّبَ عَلَيْهَا بِتَارِيخِ كَذَا وَيَقُولُ الشُّهُودُ آخِرَ الْحَلِفِ حَضَرنَا الْحلف الْمَذْكُور وشهدته وَتَكْتُبُ اسْمَهُ وَإِنْ كَانَ الصَّدَاقُ لَمْ يَشْهَدْ بِهِ إِلَّا وَاحِدٌ أَحْلَفْتَ بِيَمِينٍ وَتَذْكُرُهَا كَمَا تَقَدَّمَ ثُمَّ تَكْتُبُ إِسْجَالَ الْحَاكِمِ بَعْدَ ذَلِكَ هَذَا مَا أَشْهَدَ عَلَيْهِ الْقَاضِي فُلَانٌ بِالدِّيَارِ الْفُلَانِيَّةِ بِالْوِلَايَةِ الصَّحِيحَةِ الشَّرْعِيَّةِ مَنْ حَضَرَ مَجْلِسَهُ مِنَ الْعُدُولِ أَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَهُ وَصَحَّ لَدَيْهِ فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ وَمَحَلِّ قَضَائِهِ وَوِلَايَتِهِ فِي الْيَوْمِ الْفُلَانِيِّ مِنَ الشَّهْرِ الْفُلَانِيِّ مِنْ سَنَةِ كَذَا بَعْدَ صُدُورِ دَعْوَى مُحَرَّرَةٍ مُقَابَلَةٍ بِالْإِنْكَارِ عَلَى الْوَضْعِ الْمُعْتَبَرِ الشَّرْعِيِّ بِشَهَادَةِ الْعُدُولِ الَّذِي أَعْلَمَ تَحْتَ رَسْمِ شَهَادَتِهِ بِالْأَدَاءِ فِي بَاطِنِهِ وَيَمِين الْمَشْهُود لَهَا فِيهِ فُلَانَة ابْنة فُلَانٍ عَلَى اسْتِحْقَاقِهَا فِي ذِمَّةِ الْمُصْدِقِ الْمُسَمَّى بَاطِنه فلَان من فُلَانٍ مَبْلَغَ صَدَاقِهَا عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَا دِينَارًا عَلَى مَا تَضَمَّنَهُ الصَّدَاقُ بَاطِنَهُ وَقَدْ أَقَامَ الْعُدُولُ الْمُشَارُ إِلَيْهِمْ بِشَهَادَتِهِمْ بِذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي فُلَانٍ الْحَاكِمِ الْمَذْكُورِ بِشُرُوطِ الْأَدَاءِ الْمُعْتَبَرَةِ وَشَخَّصُوا

لَهُ الْمَشْهُودَ لَهَا الْمَذْكُورَةَ تَشْخِيصًا مُعْتَبَرًا وَقَبِلَ ذَلِك مِنْهُم الْقبُول السَّامع فِيهِ وَسَطَّرَ مَا جَرَتِ الْعَادَةُ بِهِ مِنْ عَلَامَةِ الْأَدَاءِ وَالشَّخْصِ عَلَى الرَّسْمِ الْمَعْهُودِ فِي مِثْلِهِ وَذَلِكَ بَعْدَ ثُبُوتِ وَفَاةِ الْمُصْدِقِ الْمَذْكُورِ الثُّبُوتَ الشَّرْعِيَّ وَأَحْلَفْتَ الْمَشْهُودَ لَهَا الْمَذْكُورَةَ عَلَى اسْتِحْقَاقِهَا لِذَلِكَ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْيَمِينِ الثَّابِتَةِ الشَّرْعِيَّةِ الْمُسَطَّرَةِ فِي فُصُولِ الْحلف بَاطِنه على مَا تصرف شرح فِيهِ فَحَلَفَتْ كَمَا أُحْلِفَتْ بِالْتِمَاسِهَا لِذَلِكَ وَحُضُورِ مَنْ يُعْتَبَرُ حُضُورُهُ عَلَى الْأَوْضَاعِ الشَّرْعِيَّةِ فِي تَارِيخِ الْحَلِفِ الْمَذْكُورِ وَلَمَّا تَكَامَلَ ذَلِكَ عِنْدَهُ وَصَحَّ لَدَيْهِ أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْهِ سَأَلَهُ مَنْ جَازَ سُؤَالُهُ الْإِشْهَادَ عَلَى نَفْسِهِ بِثُبُوتِ ذَلِكَ عِنْدَهُ فَأَجَابَهُ إِلَى سُؤَالِهِ وَتَقَدَّمَ بِكِتَابَةِ هَذَا الْإِسْجَالِ فَكَتَبَ عَنْ إِذْنِهِ وَأَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِثُبُوتِ ذَلِكَ لَدَيْهِ وَأَبْقَى كُلَّ ذِي حُجَّةٍ مُعْتَبرَة فِيهِ على حجَّته نَافِذا للْقَضَاء وَالْحُكْمِ مَاضِيهُمَا بَعْدَ تَقَدُّمِ الدَّعْوَى الْمَوْصُوفَةِ وَمَا تَرَتَّبَ عَلَيْهَا وَحُضُورِ سَمَاعِ الدَّعْوَى وَإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَحِينَئِذٍ أَذِنَ الْقَاضِي فُلَانٌ لِأَمِينِ الْحُكْمِ الْعَزِيزِ بِالْبِلَادِ الْفُلَانِيَّةِ فِي إِيصَالِ الْحَقِّ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ شَرْعًا وَوَقَعَ الْإِشْهَادُ فِيهِ بِتَارِيخِ كَذَا ثُمَّ تَكْتُبُ ابْتِيَاعَهَا مِنْ أَمِينِ الْحُكْمِ فِي ذَيْلِ الْإِسْجَالِ هَذَا مَا اشْتَرَتْ فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ لِنَفْسِهَا مِنَ الْمَشْهُودِ لَهَا بَاطِنَهُ وَالْمُسْتَحْلَفَةُ فِيهِ مِنَ الْقَاضِي فُلَانٍ أَمِينِ الْحُكْمِ الْعَزِيزِ بِالْمَدِينَةِ الْفُلَانِيَّةِ الْقَائِمِ فِي بَيْعِ مَا يُذْكَرُ فِيهِ عَلَى الْمُصْدِقِ الْمُسَمَّى الْمُحَلَّى بَاطِنَهُ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ فِيمَا ثَبَتَ عَلَيْهِ مِنْ صَدَاقِ امْرَأَتِهِ الْمُشْتَرِيَةِ الْمَذْكُورَةِ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ الْعَزِيزِ بِالْمَدِينَةِ الْفُلَانِيَّةِ وَهُوَ من الْعين كَذَا وَكَذَا بالمعارضة الشَّرْعِيَّةِ عَلَى الْأَوْضَاعِ الشَّرْعِيَّةِ الْمُعْتَبَرَةِ وَذَلِكَ بِإِذْنٍ صَحِيحٍ شَرْعِيٍّ مِنْ سَيِّدِنَا قَاضِي الْقُضَاةِ فُلَانٍ الْحَاكِمِ بِالدِّيَارِ الْفُلَانِيَّةِ أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْهِ لِأَمِينِ الحكم فلَان فِي ذَلِك اشترت مِنْهُ تفضية ذَلِك وَحكمه جَمِيع الدَّار الْكَامِلَة الْجَارِيَة فِي يَدِهِ وَتَصَرُّفِهِ مَنْسُوبَةٍ لِمِلْكِ فُلَانٍ الْمُتَوَفَّى الْمَذْكُورِ وَهِيَ بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيِّ وَتُوصَفُ وَتُحَدَّدُ شِرَاءً صَحِيحًا شَرْعِيًّا بِثَمَنٍ مَبْلَغُهُ مِنَ الْعَيْنِ الْمِصْرِيِّ كَذَا دِينَارا حَالا وتسلم البَائِع امين الحكم الْمَذْكُور لمشتريه مَا

ابتاعته فِيهِ فَتَسَلَّمَتْهُ مِنْهُ وَصَارَتْ بِيَدِهَا وَقَبْضِهَا وَمِلْكِهَا وَمَالًا مِنْ جُمْلَةِ أَمْوَالِهَا وَذَلِكَ بَعْدَ النَّظَرِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالْمُعَاقَدَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَالتَّفَرُّقِ بِالْأَبْدَانِ عَنْ تَرَاضٍ وَأَقَرَّتِ الْمُشْتَرِيَةُ الْمَذْكُورَةُ أَنَّ الدَّارَ الْمَذْكُورَةَ جَارِيَةٌ فِي ملك زَوجهَا الْمَذْكُورَة ثمَّ بعد تَمام ذَلِك ولزومه الْقَاضِي فُلَانٌ الْحُكْمُ الْعَزِيزُ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ الْبَائِعِ الْمَذْكُورِ الْمُشْتَرِيَةَ الْمَذْكُورَةَ لِمَا فِي ذِمَّتِهَا مِنَ الثّمن الْمَذْكُور لما ثَبَتَ لَهَا عَلَى الْمَبِيعِ عَلَيْهِ مِنَ الصَّدَاقِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ كَذَا دِينَارًا وَهُوَ قَدْرُ الثَّمَنِ الْمَذْكُور وحبسه وَصِفَتُهُ وَحُلُولُهُ مَقَاصَّةً صَحِيحَةً شَرْعِيَّةً بَرِئَتْ لَهَا ذمَّة المُشْتَرِي مِنَ الصَّدَاقِ وَذِمَّةُ الْمُشْتَرِيَةِ مِنَ الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ بَرَاءَةً صَحِيحَةً شَرْعِيَّةً بَرَاءَةَ إِسْقَاطٍ وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ ثَبَتَ عِنْدَ سَيِّدِنَا قَاضِي الْقُضَاةِ فُلَانٍ شَهَادَةُ مَنْ يَضَعُ خَطَّهُ آخِرَهُ مِنَ الْعُدُولِ وَالْمُهَنْدِسِينَ الْمَنْدُوبِينَ لِتَقْوِيمِ الْأَمْلَاكِ وَهُمْ أَهْلُ الْخِبْرَةِ بِذَلِكَ أَنَّ قِيمَةَ الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ جَمِيعُ الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ وَأَنَّ ذَلِكَ قِيمَةُ الْمِثْلِ يَوْمَئِذٍ لَا حَيْفَ فِيهَا وَلَا شَطَطَ وَلَا غَبِينَةَ وَلَا فَرْطَ وَأَنَّ الْحَظَّ وَالْمَصْلَحَةَ فِي الْبَيْعِ بِذَلِكَ وَتُؤَرِّخُ ثُمَّ يَكْتُبُ شُهُودُ الْقِيمَةِ وَالْمُهَنْدِسُونَ خُطُوطَهُمْ بِأَنَّ الثَّمَنَ الْمَذْكُورَ قِيمَةُ يَوْمَئِذٍ وَيُؤَدُّوا عِنْدَ الْحَاكِمِ وَيُعْلَمُ تَحْتَ رَسْمِ شَهَادَتِهِمْ وَيَكْتُبُ شُهُودُ الْمُعَاقَدَةِ الشَّهَادَةَ عَلَيْهَا بِالِابْتِيَاعِ وَقَدْ تَمَّ ذَلِكَ فَإِنِ اشْتَرَى غَيْرُ الزَّوْجَةِ كَتَبْتَ هَذَا مَا اشْتَرَى فُلَانٌ مِنَ الْقَاضِي فُلَانٍ أَمِينِ الْحُكْمِ الْعَزِيزِ الْقَائِمِ فِي بَيْعِ مَا يُذْكَرُ فِيهِ عَلَى فُلَانٍ الْمُصْدِقِ فِيمَا ثَبَتَ عَلَيْهِ مِنْ صَدَاقِ امْرَأَتِهِ فُلَانَةَ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ وَهُوَ كَذَا إِلَى وَفَاءِ الصَّدَاقِ الْمَذْكُورِ لِلْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ وَذَلِكَ بِإِذْنٍ صَحِيحٍ شَرْعِيٍّ مِنْ سَيِّدِنَا قَاضِي الْقُضَاةِ فُلَانٍ شَهِدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ مَنْ يُعَيِّنُهُ فِي شَهَادَتِهِ اخره اشْترى مِنْهُ بِنصْف ذَلِك وَحكمه جَمِيع الدَّار الْكَامِلَة الْجَارِيَة فِي يَدِهِ وَتَصَرُّفِهِ مِلْكًا لِفُلَانٍ الْمُتَوَفَّى الْمَبِيعِ عَلَيْهِ وتوصف وتحدد وتستوفى النعوت والانساب شرات صَحِيحًا شَرْعِيًّا بِثَمَنٍ مَبْلَغُهُ كَذَا قَبَضَهُ أَمِينُ الحكم الْمَذْكُور

مِنَ الْمُشْتَرِي الْمَذْكُورِ وَصَارَ بِيَدِهِ وَقَبْضِهِ وَحَوْزِهِ وَسلم البَائِع للْمُشْتَرِي الْمَذْكُور مَا بَاعَهُ فِيهِ فَتَسَلَّمَهُ مِنْهُ وَصَارَ بِيَدِهِ وَقَبْضِهِ وَحَوْزِهِ وَمِلْكًا مِنْ جُمْلَةِ أَمْلَاكِهِ وَذَلِكَ بَعْدَ النَّظَرِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالْمُعَاقَدَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَالتَّفَرُّقِ بِالْأَبْدَانِ عَنْ تَرَاضٍ وَالسَّبَبُ فِي هَذِهِ الْمُبَايَعَةِ أَنَّ فُلَانَةَ امْرَأَةَ فُلَانٍ الْمُتَوَفَّى الْمَذْكُورِ أَثْبَتَتْ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ الْعَزِيزِ بِالْمَدِينَةِ الْفُلَانِيَّةِ عِنْدَ الْحَاكِمِ الْمَذْكُور صَدَاقهَا على زَوجهَا الْمَذْكُور شَهَادَة الْعَدْلِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ فِي الْإِسْجَالِ وَهُوَ فُلَانٌ الَّذِي أَعْلَمَ تَحْتَ رَسْمِ شَهَادَتِهِ آخِرَهُ وَقَالَ إِنَّهُ عَارِفٌ بِالْمُصْدِقِ وَالْمُصْدَقَةِ الْمَذْكُورَيْنِ وَمَا عُلِمَ مغيرا لشهادته إِلَى أَقَامَهَا عِنْدَ شُرُوطِ الْقَضَاءِ وَشَخَّصَ الْمَرْأَةَ الْمَذْكُورَةَ وَقَبِلَهَا فِي ذَلِكَ بِمَا رَأَى مَعَهُ قَبُولَهُ وَأَعْلَمَ تَحْتَ رَسْمِ شَهَادَتِهِ عَلَامَةَ الْأَدَاءِ وَالتَّعْرِيفَ بِالتَّشْخِيصِ عَلَى الرَّسْمِ الْمَعْهُودِ فِي مِثْلِهِ وَأُحْلِفَتِ الْمَرْأَةُ الْمَذْكُورَةُ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْيَمِينَيْنِ الشَّرْعِيَّتَيْنِ الْجَامِعَتَيْنِ لِمَعَانِي الْحَلِفِ الْمَشْرُوحَيْنِ فِي مَسْطُورِ الْحَلِفِ الْمُؤَرَّخِ بِكَذَا بِحُضُورِ مَنْ يُعْتَبَرُ حُضُورُهُ فَلَمَّا تَكَامَلَ ذَلِكَ عِنْدَ الْحَاكِمِ الْمَذْكُور سَالَتْ المراة الْحَاكِم الْمَذْكُور ليصالها إِلَى مَبْلَغِ صَدَاقِهَا الْمَذْكُورِ الْمَشْهُودِ لَهَا بِهِ من زَوجهَا الْمَذْكُور اذن الْحَاكِمُ الْمَذْكُورُ لِأَمِينِ الْحُكْمِ فِي بَيْعِ ذَلِكَ وَقَبْضِ ثَمَنِهِ وَإِيصَالِهِ لِلْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيمَا ثَبَتَ لَهَا مِنَ الصَّدَاقِ الْمَذْكُورِ وَالْإِشْهَادِ عَلَيْهَا بِقَبْضِ ذَلِكَ إِذْنًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا فَشَهِدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ مَنْ يَضَعُ خَطَّهُ آخِرَهُ وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ ثَبَتَ عِنْدَ الْحَاكِمِ الْمَذْكُورِ أَنَّ هَذِهِ الْقِيمَةَ الْمَبِيع لَهَا قِيمَةُ الْمِثْلِ يَوْمَئِذٍ لَا حَيْفَ فِيهَا وَأَنَّ الْحَظَّ وَالْمَصْلَحَةَ فِي الْبَيْعِ بِذَلِكَ شَهِدَ بِهِ الْمَحْضَرُ الْمُؤَرَّخُ بِكَذَا وَفِيهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُدُولِ وَالْمُهَنْدِسِينَ أَرْبَابِ الْخِبْرَةِ بِالْعَقَارِ وَتَقْوِيمِهِ وَذَلِكَ بَعْدَ ان شهد أَمِينُ الْحُكْمِ الْمَذْكُورُ الدَّارَ الْمَذْكُورَةَ بِيَدِ الدَّلَّالِينَ عَلَى الْعَقَارِ بِالشَّارِعِ وَالْأَسْوَاقِ الْجَارِي بِهِ الْعَادَةُ أَيَّامًا مُتَوَالِيَةً بِحَضْرَةِ عَدْلَيْنِ هُمَا فُلَانٌ وَفُلَانٌ فَكَانَ الَّذِي انْتَهَى إِلَيْهِ الْبَذْلُ فِيهَا مِنْ هَذَا الْمُشْتَرِي كَذَا وَكَذَا وَهُوَ الثَّمَنُ الْمَذْكُورُ

فَلَمَّا تَكَامَلَ ذَلِكَ وَوَقَعَ الْإِشْهَادُ عَلَى الْحَاكِمِ الْمَذْكُورِ وَأَمِينِ الْحُكْمِ وَالْمُشْتَرِي بِمَا نُسِبَ إِلَى كل مِنْهُم فِيهِ يتاريخ كَذَا ثُمَّ تَكْتُبُ خَلْفَ الصَّدَاقِ قَبْضَ الْمَرْأَةِ أَقَرَّتْ فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ الْمَرْأَةُ الْكَامِلُ عِنْدَ شُهُودِهِ طَوْعًا فِي صِحَّتِهَا وَجَوَازِ أَمْرِهَا أَنَّهَا قَبَضَتْ وَتَسَلَّمَتْ مِنَ الْقَاضِي فُلَانٍ أَمِينِ الْحُكْمِ الْعَزِيزِ مَبْلَغَ صَدَاقِهَا الَّذِي لَهَا فِي ذِمَّةِ زَوْجِهَا فُلَانٍ الْمُتَوَفَّى الْمَذْكُورِ وَهُوَ كَذَا دِينَارًا وَصَارَ بِيَدِهَا وَقَبْضِهَا وَحَوْزِهَا وَهُوَ ثَمَنُ الدَّارِ الَّذِي ابتاعها بِهِ أَمِينُ الْحُكْمِ عَلَى زَوْجِهَا فُلَانٍ لِأَجْلِ وَفَاءِ صَدَاقِهَا الْمَذْكُورِ وَبِحُكْمِ ذَلِكَ بَرِئَتْ ذِمَّةُ الْمُصْدِقِ مِنَ الصَّدَاقِ الْمَذْكُورِ بَرَاءَةً شَرْعِيَّةً بَرَاءَةَ قَبْضٍ وَاسْتِيفَاءٍ وَتُؤَرِّخُ وَقَدْ عَرَفْتَ مِمَّا تَقَدَّمَ مِنَ الْقُيُودِ وَالِاحْتِيَاطَاتِ كَيْفَ تَكْتُبُ إِذَا بَاعَ الْوَصِيُّ بِغِبْطَةٍ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ مِنْ غَيْرِ حاحة فَتذكر أَنَّهَا سَبَب بَيْعه وَبَينهَا عِنْدَ الْحَاكِمِ كَمَا تَقَدَّمَ وَتَذْكُرُ وَصِيَّتَهُ هَلْ مِنْ قِبَلِ الْحَاكِمِ أَوْ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وان اثْبتْ عِنْدَ حَاكِمٍ ذَكَرْتَهَا وَشُهُودَهَا وَصِفَتَهَا وَعَلَامَةَ الْحَاكِمِ عَلَيْهَا وَاسْمَ الْحَاكِمِ وَتَسْتَوْعِبُ الْمَقَاصِدَ وَالنُّعُوتَ وَالْأَسْمَاءَ والانساب المميزة لكل من يذكرهُ وَإِنْ بَاعَ لِلْحَاجَةِ ذَكَرْتَهَا وَإِنْ أَثْبَتَهَا عِنْدَ الْحَاكِم ذكر مَحْضَرَ الْإِثْبَاتِ مُفَصَّلًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْوَصِيَّةِ وَتَذْكُرُ حَصْرَ مَوْجُودِهِ فِي الْمَبِيعِ حَتَّى يَتَعَيَّنَ الْبَيْعُ وَاعْتِرَافَ الْوَصِيِّ أَنَّ الثَّمَنَ ثَمَنُ الْمِثْلِ يَوْمئِذٍ وان عوض الابْن ابْنَتَهُ دَارًا بِدَارٍ ذَكَرْتَ أَنَّ الثَّانِيَةَ أَجْوَدُ وَأَعْمَرُ وَأَكْثَرُ أُجْرَةً وَقِيمَةً وَأَنَّهُ قَبِلَ مِنْ نَفْسِهِ قَبُولًا شَرْعِيًّا وَأَخْرَجَ الدَّارَ الْأُولَى مِنْ مِلْكِهِ وَنَقَلَهَا إِلَى مِلْكِ ابْنَتِهِ وَتَسَلَّمَهَا مِنْ نَفْسِهِ لَهَا وَرَفَعَ عَنْهَا يَدَ مِلْكِيَّتِهِ وَوَضَعَ عَلَيْهَا يَد ولَايَته وَنَظره واخراج الدَّارَ الثَّانِيَةَ عَنْ مِلْكِ ابْنَتِهِ إِلَى مِلْكِهِ وَتَسَلَّمَهَا مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ وَصَارَتْ بِيَدِهِ وَقَبْضِهِ وحوزه مَالا مِنْ جُمْلَةِ أَمْوَالِهِ كُلُّ ذَلِكَ بِحَقِّ هَذَا التَّفْوِيضِ وَبِحُكْمِ ذَلِكَ صَارَتِ الدَّارُ الْفُلَانِيَّةُ مِلْكًا لِابْنَتِهِ الْمَذْكُورَةِ دُونَهُ وَدُونَ كُلِّ أَحَدٍ يَنْتَسِبُ اليه وَالدَّار الآخرى ملك لَهُ دُونَ ابْنَتِهِ الْمَذْكُورَةِ وَدُونَ كُلِّ

(فصل)

أحد بِسَبَبِهَا وَأَقَرَّ أَنَّهُ عَارِفٌ بِهِمَا الْمَعْرِفَةَ الشَّرْعِيَّةَ النَّافِيَةَ لِلْجَهَالَةِ وَأَنَّهُ رَآهُمَا الرُّؤْيَةَ الْمُعْتَبَرَةَ وَأَحَاطَ بِهِمَا عِلْمًا وَخِبْرَةً وَتُؤَرِّخُ (فَصْلٌ) وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي سُلْطَانا اَوْ عَظِيما ذكرت من االنعوت مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ لِمِثْلِ ذَلِكَ الْعَظِيمِ وَإِنِ اشْتَرَى وَكِيلُهُ لَهُ بَدَأْتَ بِذِكْرِ الْعَظِيمِ فَقلت هَذَا مَا اشْترى فلَان الْفُلَانِيّ إِلَى اخر نعوته وَكيله وعدى نِعْمَتَهُ وَالْمُعْتَرِفُ بِخِدْمَتِهِ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْمُبَارَكُ النَّامِي وَأَمْرُهُ الْعَالِي وَتَوْكِيلُهُ إِيَّاهُ فِي ابْتِيَاعِ مَا يُذْكَرُ فِيهِ بِالثَّمَنِ الَّذِي تَعَيَّنَ فِيهِ وَفِي التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ الَّذِي يُشْرَحُ فِيهِ شَهِدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ أَدَامَ اللَّهُ أَيَّامَهُ مَنْ يَتَعَيَّنُ فِيهِ برسم شَهَادَته اخره من فلَان ابْن فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ جَمِيعَ الدَّارِ الْفُلَانِيَّةِ وَتُكْمِلُ الْمُبَايَعَةَ وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ وَكِيلَ السُّلْطَانِ لِبَيْتِ الْمَالِ كَتَبْتَ مَشْرُوحًا عَلَى بَعْضِ الْمُهَنْدِسِينَ بِشَاهِدَيْنِ مِثَالَهُ مَشْرُوحَ رَقْمِهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ عَلَى الْعَقَارِ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ بِقَبْضِهِ حَالَ الدَّارِ الْكَامِلَة الْجَارِيَة فِي ديوَان الْمَوَارِيث الحشوية فَتُوصَفُ وَتُحَدَّدُ وَتُذْكَرُ حُقُوقُهَا أَنَّهُمَا شَاهَدَا الدَّارَ الْمَذْكُورَةَ عَلَى الصِّفَةِ الْمَشْرُوحَةِ أَعْلَاهُ وَأَحَاطُوا بِهَا عِلْمًا وَخِبْرَةً وَكُتِبَ هَذَا الْمَشْرُوحُ لِيَبْقَى عِلْمُهُ فِي الدِّيوَانِ الْمَعْمُورِ وَتُؤَرِّخُ ثُمَّ تَكْتُبُ مَسْطُورَ المهندسين وَشهد فِي اخره شُهُود الْقيمَة والمهندسين مِثَالُهُ يَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَفُلَانٍ الْمُهَنْدِسِينَ عَنِ الْعَقَارِ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ إِنَّهُمْ صَارُوا صُحْبَةَ الْقَاضِي فُلَانٍ وَكَيْلِ بَيْتِ الْمَالِ الْمَعْمُورِ إِلَى جَنْبِ الدَّارِ الَّتِي ذَكَرَهَا وَوَصَفَهَا وحددها فِيهِ الْجَارِيَةُ فِي دِيوَانِ الْمَوَارِيثِ الْحَشْرِيَّةِ وَهِيَ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ وَتُوصَفُ وَتُحَدَّدُ وَشَاهَدُوهَا بِالنَّظَرِ وَأَحَاطُوا بِهَا عِلْمًا وَخِبْرَةً وَقَوَّمُوهَا بِمَا مَبْلَغُهُ كَذَا وَكَذَا وَقَالُوا إِنَّ ذَلِكَ قِيمَةُ الْمِثْلِ يَوْمَئِذٍ لَا حَيْفَ فِيهِ وَلَا

شطط وَلَا غبينة وَلَا فرط وَأَن الْحَظ وَالْمَصْلَحَةَ فِي الْبَيْعِ بِذَلِكَ وَتُؤَرِّخُ ثُمَّ تَكْتُبُ مَسْطُورًا عَلَى سَمَاسِرَةِ الْعَقَارِ عَلَى ظَهْرِ الْحُجَّةِ مِثَالُهُ يَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ الْمُنَادِيَيْنِ عَلَى الْعَقَارِ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ إِنَّهُمْ أَشْهَرُوا مَا ذُكِرَ بَاطِنَهُ فِي مَظَانِّ الرَّغَبَاتِ وَمَوَاطِنِ الطَّلَبَاتِ فِي صَقْعِهَا وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَصْقَاعِ دُفُعَاتٍ مُتَفَرِّقَةً وَأَوْقَاتٍ مُتَعَدِّدَةً فَلَمْ يَسْمَعُوا وَلَا حَضَرَ إِلَيْهِمْ زَائِدٌ عَلَى مَا قُوِّمَ بَاطِنَهُ وَتُؤَرِّخُ وَشهد عَلَيْهِم ثمَّ تكْتب قَضِيَّة يُوقع الْمَقَامُ السُّلْطَانِيُّ وَيَكْتُبُ عَلَيْهَا صَاحِبُ الدِّيوَانِ وَيَخْرُجُ عَلَى ظَهْرِهَا الْحَالُ ثُمَّ يُوَقِّعُ صَاحِبُ الدِّيوَانِ ثُمَّ يُجَاوِبُ وَكِيلُ بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ يُوَكِّلُ صَاحِبُ الدِّيوَانِ وَيُلْصِقُ الْحُجَّةَ عَلَى الْقِصَّةِ فَإِذَا كَمُلَ ذَلِكَ كَتَبْتَ مُبَايَعَةً مِنْ وَكِيلِ بَيْتِ الْمَالِ الْمَعْمُورِ الْقَائِمِ فِي بَيْعِ مَا يُذْكَرُ فِيهِ بِحكم الْوكَالَة الَّتِي بِيَدِهِ المفوضة إِلَيْهِ من الْمقَام السلطاني وتذكر النعوت المدعا الَّتِي جَعَلَ لَهُ فِيهِ بَيْعَ مَا هُوَ جَارٍ فِي أَمْلَاكِ بَيْتِ الْمَالِ الْمَعْمُورِ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا نَصَّ وَشَرَحَ فِيهَا الثَّابِتَ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ الْعَزِيزِ 0 بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ الثُّبُوتَ الصَّحِيحَ الشَّرْعِيَّ الْمُتَوَجَّهَ بِا مِثَالُهَا كَذَا أَنْثَى مِنْهُ مَحْضَةُ ذَلِكَ جَمِيعَ الدَّارِ الْفُلَانِيَّةِ الْجَارِيَةِ فِي رباع الْمَوَارِيث الحسرية الْمَقْبُوضَةِ عَنْ فُلَانٍ الْمُتَوَفَّى أَوِ الَّذِي أَظْهَرَهَا الْكَشْفُ وَتُوصَفُ وَتُحَدَّدُ شِرَاءً صَحِيحًا شَرْعِيًّا بِثَمَنٍ مَبْلَغُهُ كَذَا حَالَّةً وَذَلِكَ مَحْمُولٌ إِلَى بَيْتِ الْمَالِ الْمَعْمُورِ عَلَى مَا يَشْهَدُ بِهِ وُصُولُ بَيْتِ الْمَالِ الْمَعْمُورِ الْمَشْرُوحِ آخِرَهُ وَتَسَلَّمَ الْمُشْتَرِي الْمَذْكُورُ مَا ابْتَاعَهُ بَعْدَ النَّظَرِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالْمُعَاقَدَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَالتَّفَرُّقِ بِالْأَبْدَانِ عَنْ تَرَاضٍ وَانْقَضَى أَمَدُ الْخِيَارِ الشَّرْعِيِّ الَّذِي اشْتَرَطَهُ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي الْمَذْكُورِ وَهُوَ كَذَا وَأَقَرَّ الْمُشْتَرِي الْمَذْكُورُ أَنَّ ذَلِكَ جَارٍ فِي أَمْلَاكِ بَيْتِ الْمَالِ الْمَعْمُورِ وَالسَّبَبُ فِي هَذِهِ الْمُبَايَعَةِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ الْمَذْكُورَ رَفَعَ قِصَّةً مُتَرْجَمَةً بِاسْمِهِ إِذْ هِيَ فِيهَا بَعْدَ الْبَسْمَلَةِ وَالدُّعَاءِ وَتَنْقُلُ

(فصل)

جَمِيع مَا فِي الْقِصَّة فَوَقع عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ جِهَةِ مُتَوَلِّي الدِّيوَانِ مِثَالُهُ امْتَثِلِ الْمَرْسُومَ وَتَنْقُلُ أَوَّلَهَا إِلَى عَقْدِ الصِّفَةِ فَتَكْتُبُ وَقَدْ ذُكِرَ فِيهِ مِنَ الصِّفَاتِ وَالْحُدُودِ مَا وفْق أَعْلَاهُ وَتَكْتُبُ تَارِيخَهُ ثُمَّ تَلَاهُ تَوْقِيعُ كَرِيمٍ مِثَالُهُ لِيَقِفَ الْمَجْلِسُ وَتَنْقُلُ جَمِيعَ مَا فِيهِ ثُمَّ تَلَاهُ جَوَابُ مُتَوَلِّي الْوِكَالَةِ الشَّرِيفَةِ بِمَا مِثَالِهِ امْتَثَلَ الْمَمْلُوكُ فُلَانٌ وَتَنْقُلُ جَمِيعَ مَا فِيهِ فَنَحَّى هَذَا الْمُشْتَرِي وُصُولًا مِنْ بَيْتِ الْمَلِكِ الْمَعْمُورِ فِي هَذَا شَهِدَ لَهُ بِحَمْلِ الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ وَنَسَخْتَهُ بَعْدَ الْبَسْمَلَةِ وَتَنْقُلُ جَمِيعَ مَا فِيهِ ثُمَّ تَلَاهُ تَوْقِيعُ كَرِيمٍ مِثَالِهِ إِذَا كَانَ وَتَنَقُلُ جَمِيعَ مَا فِيهِ وَذَلِكَ ان اخذت الْحجَّة الملصقة بأعلا التَّوْقِيعِ الدِّيوَانِيِّ الْمُتَضَمِّنَةِ الْإِشْهَادَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ الْمُهَنْدِسَيْنِ عَلَى الْعَقَارِ وَالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ أَنَّ الْقِيمَةَ الْمُعَيَّنَةَ فِيهَا وَهِيَ مِنَ الدَّرَاهِمِ كَذَا هِيَ قِيمَةُ الْمِثْلِ يَوْمَئِذٍ لَا حَيْفَ فِيهَا وَلَا شَطَطَ وَلَا غَبِينَةَ وَلَا فرط وان الْحَظ ووالمصلحة فِي البيع بذلك وَهِي مُؤَرَّخَةٌ بِكَذَا وَبِآخِرِهَا رَسْمُ شَهَادَةِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ شَهدا بَان الْقيمَة الْمَذْكُورَة قيمَة الْمثل وَهَذَا لَا حَيْفَ فِيهَا وَلَا شَطَطَ وَعَلَى ظَهْرِ هَذَا الْإِشْهَادِ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ الْمُنَادِيَيْنِ عَلَى الْعَقَارِ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ بِأَنَّهُمَا أَشْهَرَا ذَلِكَ فِي مَظَانِّ الرَّغَبَاتِ بِصَقْعِهِ وَغَيْرِهِ فَلَمْ يَحْضُرْ مَنْ بَذَلَ زَائِدًا عَلَى مَا قُوِّمَ فَلَمَّا تَكَامَلَ ذَلِكَ كُلُّهُ وَوَقَعَ الْإِشْهَادُ عَلَى الْقَاضِي فُلَانٍ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي بِمَا نُسِبَ إِلَى كُلٍّ مِنْهُمَا بِتَارِيخِ كَذَا (فَصْلٌ) يَنْبَغِي أَنْ تَكْتُبَ فِي الْهِبَاتِ وَالصَّدَقَاتِ وَجَمِيعِ هَذِهِ التَّمْلِيكَاتِ أَنَّهُمَا عَارِفَانِ بِمَا وَقَعَ التَّمْلِيكُ فِيهِ احْتِرَازًا مِنْ مَذْهَبِ ش لِأَنَّهُ يَشْتَرِطُ الْعِلْمَ بِذَلِكَ (فَرْعٌ) إِذَا بَاعَ رَجُلَانِ حِصَّتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ عَيَّنْتَ مَا لِكُلِّ حِصَّةٍ مِنَ الثَّمَنِ لِتُوقِعَ الِاسْتِحْقَاقَ فَيَتَعَيَّنُ مَا يَرْجِعُ بِهِ الْمُسْتَحِقُّ مِنْهُ وَلِأَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يحرم جَمِيعهَا سِلْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ الثَّمَنِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ لَا يَدْرِي بِمَا بَاعَ سِلْعَتَهُ وَأَجَازَهُ اشهب

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ فِي وَثَائِقِهِ لَا يَجُوزُ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْبَيْعُ عَلَى الْتِزَامِ مَا عَلَى الْأَرْضِ أَوْ غَيْرِهَا مِنَ الْمَغْرَمِ لِأَنَّهُ عذر وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ لِلضَّرُورَةِ لِأَنَّ السُّلْطَانَ لَا يَتْرُكُ الْمَغَارِمَ وَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْأَرْضِ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا اشْتَرَى بَيْتًا مِنْ دَارٍ أَوْ قِطْعَةً مِنْهَا وَسَكَتَا عَنِ التَّصَرُّفِ فَلِلْمُبْتَاعِ الدُّخُولُ وَالْخُرُوجُ وَالتَّصَرُّفُ فِي دَارِ الْبَائِعِ وَالِانْتِفَاعُ بِمَرَافِقِهَا فَإِنِ اشْتَرَطَا عَدَمَ ذَلِكَ فُسِخَ الْبَيْعُ لِأَنَّهُ مِنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ وَإِنِ اسْتُحِقَّتِ الدَّارُ الَّتِي لِلْمُبْتَاعِ الَّذِي اشْتَرَى الْبَيْتَ وَصَرَفَهُ إِلَيْهَا انْفَسَخَ الْبَيْعُ فِي البيع وَصُرِفَ إِلَى بَائِعِهِ وَرَدَّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ لِأَنَّهُ يبْقى اليه فَلَا مَدْخَلٍ إِلَيْهِ وَكَذَلِكَ إِذَا اشْتَرَى قِطْعَةَ بُسْتَانٍ لتصرفه لبستانه وَاسْتحق الْبُسْتَان فإنفسخ الْبَيْعُ لِأَنَّهُ يَبْقَى بِلَا مَاءٍ وَقَالَهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا كَانَ الْأَخْرَسُ أَعْمَى امْتَنَعَتْ مُعَامَلَتُهُ وَمُنَاكَحَتُهُ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ مِنْهُ معتذرة تَنْبِيهٌ فَائِدَةُ قَوْلِنَا شَهِدَ عَلَى إِشْهَادِ الْمُتَبَايِعَيْنِ دُونَ قَوْلِكَ شَهِدَ عَلَيْهِمَا بِذَلِكَ الْخُرُوجُ مِنَ الْخِلَافِ فِي أَنَّ الْمُقِرَّ لَا يُشْهَدُ عَلَيْهِ حَتَّى يأدن وَلِأَنَّ الْمُقِرَّ إِذَا قَالَ اشْهَدُوا عَلَيَّ كَانَ فِي الْغَايَة التَّحَرُّزِ بِخِلَافِ أَنْ يَسْمَعَهُ وَلَا يَقْصِدَ إِشْهَادًا عَلَيْهِ فَهُوَ زِيَادَةُ وُثُوقِ ثُبُوتِ الْحَقِّ وَانْتِفَاءِ الرِّيبَة وَقَوْلنَا فِي الْحُدُود الْحَد القلبي يَنْتَهِي إِلَى دَارِ فُلَانٍ أَوْلَى مِنْ قَوْلِنَا آخر هَا دَارُ فُلَانٍ لِأَنَّ آخِرَ الشَّيْءِ مِنْهُ فَيَلْزَمُ فَيَلْزَمُ دُخُولُ دَارِ فُلَانٍ فِي الْبَيْعِ وَكَذَلِكَ إِذا قلت حَدهَا دَار فلَان ردا لِدُخُولِ الْخِلَافِ فِي دُخُولِ الْحَدِّ فِي الْمَحْدُودِ وَقَوْلُنَا اشْتَرَى فُلَانٌ مِنْ فُلَانٍ جَمِيعَ الدَّارِ خَيْرٌ مِنْ قَوْلِنَا دَارَهَ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ إِلَيْهِ تَقْتَضِي اعْتِرَافَ الْمُشْتَرِي لَهُ بِالْمِلْكِ فَيَمْتَنِعُ

فصل

رُجُوعُهُ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ وَإِذَا كَانَتِ الدَّار مَشْهُورَة بِحَدّ وَأحد وَقلت شُهْرَتُهَا تُغْنِي عَنْ تَحْدِيدِهَا وَمِنَ الْمُوَثِّقِينَ مَنْ يَصِفُ جِدَارَاتِ الدَّارِ طُولًا وَعَرْضًا وَارْتِفَاعًا وَالسُّقُوفَ وَغَيْرَ ذَلِكَ لِاحْتِمَالِ وُقُوعِ الِاسْتِحْقَاقِ بَعْدَ الْفَوْتِ وَالتَّغْيِيرِ فَيَرْجِعُ بِالْقِيمَةِ عَلَى الصِّفَةِ قَبْلَ التَّغْيِيرِ ( فصل) وتكتب فِي البيع الأنقاض الْقَائِمَة هَذَا مَا اشْتَرَى جَمِيعَ أَنْقَاضِ الدَّارِ الْقَائِمَةِ عَلَى قَاعَةٍ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ بِمَدِينَةِ كَذَا فِي صُقْعِ كَذَا وَحُدُودُهَا كَذَا بِمَا لِلْأَنْقَاضِ الْمَذْكُورَةِ مِنَ الْخَشَبِ وَالْقَصَبِ وَالْأَلْوَاحِ وَالْأَدْوَارِ وَالرُّخَامِ والبلاط والجوائز والآجر والطوب وَالتُّرَاب والعب عَلَى شَرْطِ أَنْ يَقْلَعَهَا الْبَائِعُ وَتَكُونَ لَهُ مقلوعة بعد مَعْرفَتهَا بِقَدَرِ الْمَبِيعِ الْمَذْكُورِ وَصِفَتِهِ وَتَفَاصِيلِهِ وَمَا يَنْتَهِي إِلَيْهِ خَطَرُ قَلْعِ الْأَنْقَاضِ الْمَذْكُورَةِ وَوُقُوفِ الْمُبْتَاعِ عَلَى مَا هُوَ مَسْتُورٌ مِنَ الْأَنْقَاضِ مِنْ ظُهُور الْعَيْب وَأَطْرَافِ الْجَوَائِزِ وَالْأُسُسِ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الموثق فِي وثائقة لَا يجوز بيع النَّقْص عَلَى التَّبْقِيَةِ لِأَنَّهُ غَرَرٌ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ على أَن بعطي السُّلْطَان وَصَاحب الْقَاعَةِ كِرَاءَهَا شَهْرًا بِشَهْرٍ لِأَنَّهُ كَرَاءٌ إِلَى غَيْرِ أَجْلٍ وَلِأَنَّهُ يُشْبِهُ شِرَاءَ الْقَرْيَةِ بِشَرْطِ مَا عَلَيْهَا مِنَ الْغُرْمِ وَأَجَازَ مَالِكٌ بَيْعَ النَّقْضِ كَالْمَقَاثِيِّ وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ (فَصْلٌ) وَتَكْتُبُ فِي بَيْعِ الْأَهْوِيَةِ ابْتَاعَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ مَا فَوْقَ سَقْفِ الْبَيْتِ الْقِبْلِيِّ مِنْ دَارِهِ

(فرع)

الَّتِي بِمَوْضِعِ كَذَا وَهُوَ الْبَيْتُ الَّذِي بَابُهُ إِلَى نَاحِيَةِ كَذَا لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ الْمُبْتَاعُ غُرْفَةً يَكُونُ بِنَاءُ جِدَارِهَا بِالْآجُرِّ أَوْ بِالْحَجَرِ وَالْجِبْسِ وَارْتِفَاعُهُ كَذَا وَعَرْضُهُ كَذَا وَمَفْتَحُ بَابِهَا إِلَى نَاحِيَةِ كَذَا فِي دَاخِلِ كَذَا إِلَى جَانِبِ كَذَا أَوِ الْمَحَجَّةِ وَفَرْشُهَا كَذَا وَكَذَا جَائِزَةٌ مِنْ خَشَبٍ غِلَظُ كُلِّ خَشَبَةٍ كَذَا وَطُولُهَا كَذَا وَيَفْرِشُهَا بِأَلْوَاحٍ صِفَتُهَا كَذَا وَتُكْمِلُ الْعَقْدَ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْمُوَثِّقُ عَلَى الْبَائِعِ إِصْلَاحُ حِيطَانِهِ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ الْحَمْلَ وَعَلَى الْمُبْتَاعِ إِصْلَاحُ مَا هُوَ عَلَى الْمُبْتَاعِ إِنِ اشْتَرَطَ وَإِلَّا فَهَلْ هُوَ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّهُ سَقْفُهُ أَوِ الْمُبْتَاعِ لِأَنَّهُ أَرْضُهُ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ وَيَمْتَنِعُ بَيْعُ الْمُبْتَاعِ لِمَا فَوْقَ غُرْفَتِهِ لِأَنَّهُ زِيَادَةُ ثِقَلٍ عَلَى مِلْكِ الْغَيْرِ إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ (فَصْلٌ) وَتَكْتُبُ فِي السَّلَمِ أَسْلَمَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ مِائَةَ دِرْهَمٍ مِنْ سَكَّةِ الْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ وَقَدْ قَبَضَهَا مِنْهُ قَبْلَ افْتِرَاقِهِمَا فِي خَمْسِينَ إِرْدَبًّا مِنَ الْقَمْحِ الْأَحْمَرِ الْمُسَمَّى الْيَابِسِ السَّالِمِ مِنَ الْعَلْثِ وَالطِّينِ وَالسُّوسِ الْجَدِيدِ بِكَيْلِ الْمَوْضِعِ الْفُلَانِيِّ يُوَفِّيهِ إِيَّاهُ فِي أَوَّلِ شَهْرِ كَذَا وَكَذَلِكَ تَذْكُرُ فِي كُلِّ سَلَمٍ الْأَوْصَافَ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِهَا الْأَغْرَاضُ فِي ذَلِكَ الْمُسَلَّمِ فِيهِ وَمَكَانَهُ وَزَمَانَهُ وَمَكَانَ قَبْضِهِ وَتَفَرُّقِهِمَا بَعْدَ قَبْضِ الثَّمَنِ حَذَرًا مِنَ الْغَرَرِ وَالدَّيْنِ بِالدَّيْنِ تَنْبِيهٌ كُلُّ عَقْدٍ يَتَعَلَّقُ بِهِ غَرَضَانِ يَنْبَغِي أَنْ يُكْتَبَ فِي ثَلَاثِ نُسَخٍ عِنْدَ الْقَاضِي وَاحِدَةٌ وَعِنْدَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ اثْنَتَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ وَاحِدَة كَبيع الْوَصِيّ يحتاجها لَيْلًا يتهم بِالْبيعِ بِدُونِ الْقيمَة فَشهد لَهُ بِالْقيمَةِ يحتاجها لَيْلًا يضيعها اَوْ إِحْدَاهمَا فَرُبَّمَا اتُّهِمَ بِالْجَوْرِ فِي الْحُكْمِ وَتَمْتَنِعُ الْخُصُومَةُ بِظُهُورِ النُّسْخَةِ مِنْ جِهَتِهِ وَكَذَلِكَ الْوَفَاةُ وَحَصْرُ الْوَرَثَة وَحفظ الْحَرَام لِنُسَخِ الْإِسْجَالَاتِ لُطْفًا بِالنَّاسِ

(الباب الخامس في الإجارات)

(الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْإِجَارَاتِ) اسْتَأْجَرَ فُلَانُ بْنُ فلَان من فلَان ابْن فُلَانٍ جَمِيعَ الدَّارِ الْجَارِيَةِ فِي يَدِهِ وَمِلْكِهِ وَتَصَرُّفِهِ عَلَى مَا ذُكِرَ وَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى ذَلِكَ قُلْتَ وَصَدَّقَهُ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى ذَلِكَ اَوْ جَمِيعَ الْحِصَّةِ الَّتِي مَبْلَغُهَا الرُّبُعُ سِتَّةُ أَسْهُمٍ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ شَائِعًا مِنْ جَمِيعِ الدَّارِ الْجَارِي ذَلِكَ فِي يَدِهِ وَتَصَرُّفِهِ وَقْفًا عَلَيْهِ انْتَهَتْ مَنَافِعُ ذَلِكَ إِلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِلَّا مُجَرَّدُ التَّصَرُّفِ كَتَبْتَ الْجَارِيَةَ فِي يَدِهِ وَتَصَرُّفِهِ وَلَهُ قَبْضُ أُجْرَتِهَا بِطَرِيقٍ شَرْعِيٍّ عَلَى مَا ذُكِرَ وَصَدَّقَهُ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ لِمُوَكِّلِهِ قُلْتَ الْجَارِيَةُ فِي تَصَرُّفِهِ مِلْكًا لِمُوَكِّلِهِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَلَهُ إِيجَارُهَا عَنْهُ وَقَبْضُ أُجْرَتِهَا بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي بِيَدِهِ عَلَى مَا ذُكِرَ وَهَذِهِ الدَّارُ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ وَتُوصَفُ وَتُحَدَّدُ لِيُنْتَفَعَ بِهَا بِالسُّكْنَى وَالْإِسْكَانِ وَوَقِيدِ النَّارِ إِنْ أُذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ لِمُدَّةِ سَنَةٍ كَامِلَةٍ أَوْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ كَوَامِلَ أَوْ ثَلَاثِينَ سَنَةً كَوَامِلَ أَوَّلُ ذَلِكَ يَوْمُ تَارِيخِهِ أَوِ الْيَوْمُ الْفُلَانِيُّ مِنَ الشَّهْرِ الْفُلَانِيِّ بِأُجْرَةٍ مَبْلَغُهَا فِي كُلِّ شَهْرٍ مِنْ شُهُورِهَا كَذَا دِرْهَمًا قِسْطُ كُلِّ شَهْرٍ فِي سَلْخِهِ أَوْ فِي أَوَّلِهِ وَتَسَلَّمَ مَا اسْتَأْجَرَهُ بَعْدَ النَّظَرِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالْمُعَاقَدَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَالتَّفَرُّقِ بِالْأَبْدَانِ عَنْ تَرَاضٍ وَتُؤَرِّخُ (فَصْلٌ) وَتَكْتُبُ إِذَا اسْتَأْجَرَ بِدَيْنٍ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ فِيمَا لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي ذِمَّةِ الْآجِرِ مِنَ الدَّيْنِ الْحَالِّ الَّذِي اعْتَرَفَ بِهِ عِنْدَ شُهُودِهِ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا وَتَسَلَّمَ مَا استاجره

(فصل)

وتكمل العقد فَإِن قاصصه الْمُسْتَأْجِرُ بِدَيْنٍ فِي الْأُجْرَةِ تَكْتُبُ بِأُجْرَةٍ مَبْلَغُهَا كَذَا دِرْهَمًا حَالَّةٍ وَتَسَلَّمَ الْمُسْتَأْجِرُ مَا اسْتَأْجَرَهُ بَعْدَ النَّظَرِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالْمُعَاقَدَةِ الشَّرْعِيَّةِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِك قاصص الْمُسْتَأْجِرُ الْمَذْكُورُ الْآجِرَ الْمَذْكُورَ بِمَا لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي ذِمَّةِ الْآجِرِ مِنَ الدَّيْنِ الَّذِي اعْتَرَفَ بِهِ عِنْدَ شُهُودِهِ وَهُوَ نَظِيرُ الْأُجْرَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي قدرهَا وجنسها وصفتها وَحلوهَا مُقَاصَّةً شَرْعِيَّةً قَبِلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِنَفْسِهِ قَبُولًا شَرْعِيًّا وَلَمْ يَبْقَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قِبَلَ الْآخَرِ مُطَالَبَةٌ بِسَبَبِ دَيْنٍ وَلَا أُجْرَةٍ وَلَا حَقٍّ مِنَ الْحُقُوقِ الشَّرْعِيَّةِ كُلِّهَا (فَصْلٌ) وَإِنِ اسْتَأْجَرَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ الْأُولَى كَتَبْتَ لِمُدَّةِ سَنَةٍ كَامِلَةٍ مُسْتَأْنَفَةٍ تَلِي الْمُدَّةَ الْأُولَى أَوَّلُهَا الْيَوْمُ الْفُلَانِيُّ بِحُكْمِ أَنَّ الدَّارَ مُسْتَأْجَرَةٌ مَعَهُ مُدَّةً مَعْلُومَةً وَقَدِ اسْتَأْنَفَ هَذِهِ الْمَدَّةَ الثَّانِيَةَ زِيَادَةً عَلَى مُدَّةِ إِجَارَتِهِ الْأُولَى ثُمَّ تَقُولُ بَعْدَ قَوْلِكَ وَذَلِكَ بَعْدَ الْمُعَاقَدَةِ الشَّرْعِيَّةِ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ اعْتَرَفَ الْمُسْتَأْجِرُ أَنَّ الدَّارَ فِي يَدِهِ وَتَصَرُّفِهِ وَأَنَّهُ عَارِفٌ بِهَا الْمَعْرِفَةَ الشَّرْعِيَّةَ (فَصْلٌ) وَإِنِ اسْتَأْجَرَ جَمَاعَةٌ أَرْضًا لِلْبِنَاءِ قُلْتَ اسْتَأْجَرَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَفُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَفُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْإِخْوَةُ الْأَشِقَّاءُ أَوْلَادُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ بِالسَّوِيَّةِ أَثْلَاثًا مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ جَمِيعَ الْقِطْعَةِ الْمَدَرِ الطِّينِ الْأَسْوَدِ الْجَارِيَةِ فِي يَدِهِ وَفِي مِلْكِهِ وَهِيَ بِالْمَوْضِعِ الْفُلَانِيِّ ومساحتها كَذَا فلَانا بالقصبة العلامية أَوْ ذِرَاعًا بِذِرَاعِ الْعَمَلِ لِيَبْنُوا عَلَيْهَا مَا أَرَادُوا بِنَاءَهُ وَيَحْفِرُوا مَا أَرَادُوا حَفْرَهُ مِنَ الابار الْمعينَة ووالمجاري ويعلوا مَا أَرَادُوا تَعْلِيَتَهُ وَيَزْرَعُوا مَا أَرَادُوا وَأَحَبُّوا وينتفعوا بهَا كَيفَ شاؤا عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ لِمُدَّةِ كَذَا وَتُكْمِلُ الْعَقْدَ

(فصل)

(فَصْلٌ) وَإِنِ اسْتَأْجَرَ لِمُوَكِّلِهِ مِنْ جَمَاعَةٍ قُلْتَ اسْتَأْجَرَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ لِمُوَكِّلِهِ فُلَانِ بْنِ فلَان الْفُلَانِيّ باذنه وتوكيله اياه فِي استيجار مَا يُذْكَرُ فِيهِ بِالْأُجْرَةِ الَّتِي تُعَيَّنُ فِيهِ لِلْمُدَّةِ الَّتِي تُذْكَرُ فِيهِ وَفِي تَسْلِيمِهِ مَا اسْتَأْجَرَهُ لَهُ عَلَى مَا ذُكِرَ أَوْ عَلَى مَا شُهِدَ لَهُ بِهِ فِي الْوَكَالَةِ الَّتِي بِيَدِهِ مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَفُلَانٍ الْإِخْوَةِ الْأَشِقَّاءِ أَوْلَادِ فُلَانٍ جَمِيعَ الدَّارِ الْكَامِلَةِ الْجَارِيَةِ فِي أَيْدِيهِمْ وَمِلْكِهِمْ بِالسَّوِيَّةِ وَمِنْ ذَلِكَ مَا هُوَ فِي مِلْكِ فُلَانٍ الرُّبُعُ وَمَا هُوَ فِي مِلْكِ فُلَانٍ السُّدُسُ وَمَا هُوَ فِي مِلْكِ فُلَانٍ النِّصْفُ وَنِصْفُ السُّدُسِ كُلُّ ذَلِكَ مِنْ اربعة وَعشْرين سَهْما ويوصف ويحدد لِمُدَّةِ كَذَا بِأُجْرَةٍ مَبْلَغُهَا كَذَا مِنْ ذَلِكَ مَا هُوَ أُجْرَةُ فُلَانٍ كَذَا وَمَا هُوَ أُجْرَةُ فُلَانٍ كَذَا وَتَسَلَّمَ مَا اسْتَأْجَرَهُ لِمُوَكِّلِهِ بَعْدَ النَّظَرِ وَالْمُعَاقَدَةِ الشَّرْعِيَّةِ (فَصْلٌ) وَتَكْتُبُ فِي حَمْلِ الرَّجُلِ وَزَادِهِ فِي الْحَجِّ وَنَحْوِهِ عَاقَدَ فلَان بن فلَان السيروان الْحَاج فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ الْفُلَانِيَّ عَلَى حَمْلِهِ وَحَمْلِ تِجَارَته ودقيقه وقماشه وزيت ذَلِكَ كَذَا وَكَذَا رِطْلًا مِنْ مِصْرَ إِلَى مَكَّةَ الْمُعَظَّمَةِ عَلَى ظَهْرِ جَمَلِهِ الَّذِي بِيَدِهِ وَتَصَرُّفِهِ بِأُجْرَةٍ مَبْلَغُهَا كَذَا قَبَضَهَا مِنْهُ مُعَاقَدَةً شَرْعِيَّةً بَعْدَ النَّظَرِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالْإِحَاطَةِ بِذَلِكَ عِلْمًا وَخِبْرَةً وَعَلَيْهِ الشُّرُوعُ فِي حَمْلِ فُلَانٍ يَوْمَ تَارِيخِهِ (فَصْلٌ) وَتَكْتُبُ فِي الْمَرْكَبِ طَوَّقَ مَحْمَلَهَا وَعِدَّتَهَا لِيَنْتَفِعَ بِهَا فِي حَمْلِ الْغَلَّاتِ وَالرُّكَبَانِ فِي بَحر النّيل الْمُبَارك مقلعا وَمُنْحَدِرًا وَتُكْمِلُ الْعَقْدَ (فَصْلٌ) وَتَكْتُبُ فِي إِجَارَةِ الرَّضَاعِ أَجَّرَتْ نَفْسَهَا لِمُطَلِّقِهَا الطَّلْقَةَ الْأُولَى الْخُلْعَ

(فصل)

فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ عَلَى إِرْضَاعِ ابْنَتِهَا مِنْهُ فُلَانَةَ وَحَضَانَتِهَا وَغَسْلِ ثِيَابِهَا وَتَسْرِيحِ رَأْسِهَا وَالْقِيَامِ لِمَصَالِحِهَا فِي مَنْزِلِهَا بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ لِمُدَّةِ كَذَا وَتُكْمِلُ الْعَقْدَ (فَصْلٌ) وَتَكْتُبُ فِي إِجَارَةِ الْوَلِيِّ اسْتَأْجَرَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْقَائِمُ فِي إِيجَارِ مَا يُذْكَرُ فِيهِ عَنْ وَلَدِهِ لِصُلْبِهِ فُلَانٍ الطِّفْلِ الَّذِي تَحْتَ حِجْرِهِ وَكَفَالَتِهِ لِمَا رَأَى لَهُ فِي ذَلِكَ مِنَ الْحَظِّ وَالْمَصْلَحَةِ وَتَكْتُبُ فِي الْوَصِيِّ الْقَائِمُ فِي إِيجَارِ ذَلِكَ عَنْ فُلَانٍ الَّذِي تَحْتَ حِجْرِهِ وَوِلَايَةِ نَظَرِهِ حَسْبَ مَا فَرْضه لَهُ فلَان وَالِد الْمُوجب عَلَيْهِ مِنَ الْوَصِيَّةِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي بِيَدِهِ وَقَبَضَ الْأُجْرَةَ وَتَسَلَّمَ مَا أَجَّرَهُ لِمُسْتَأْجِرِهِ وَتَكْتُبُ فِي امين الحكم الْقَائِم فِي ايجاب مَا يُذْكَرُ فِيهِ عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِيَدِ الْحُكْمِ الْعَزِيزِ أَمِينِ الْحُكْمِ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيّ فَإِن كَانَ الْحَاكِم أَذِنَ لَهُ كَتَبْتَ وَذَلِكَ بِإِذْنٍ مِنْ سَيِّدِنَا قَاضِي الْقُضَاةِ فُلَانٍ الْحَاكِمِ بِالدِّيَارِ الْفُلَانِيَّةِ لَهُ فِي ذَلِكَ جَمِيعَ الدَّارِ الْفُلَانِيَّةِ وَإِنْ شَهِدَ بِقِيمَةِ الْأُجْرَةِ أَخَّرَ شَرْحَ ذَلِكَ فِي ذَيْلِ الْإِجَارَةِ وَإِنِ اسْتَأْجَرَ لِوَلَدِهِ قُلْتَ بِمَالِهِ الَّذِي تَحْتَ يَدِهِ لِمَا رَأَى لَهُ فِي ذَلِكَ مِنَ الْحَظِّ وَالْمَصْلَحَةِ وَتَقُولُ فِي أَمِينِ الْحُكْمِ استاجر فلَان القَاضِي لفُلَان ابْن فلَان المجور عَلَيْهِ بِيَدِ الْحُكْمِ الْعَزِيزِ بِمَالِهِ الَّذِي تَحْتَ يَدِهِ لِمَا رَأَى لَهُ فِيهِ مِنَ الْحَظِّ وَالْمَصْلَحَةِ وَذَلِكَ بِإِذْنِ سَيِّدِنَا قَاضِي الْقُضَاةِ لِفُلَانٍ فِي ذَلِكَ جَمِيعَ الدَّارِ وَتُكْمِلُ الْعَقْدَ (فَصْلٌ) وَتَكْتُبُ فِي إِجَارَةِ الرَّجُلِ نَفْسَهُ لِلْحَجِّ أَقَرَّ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ عِنْدَ شُهُودِهِ طَوْعًا أَنَّهُ أَجَّرَ نَفْسَهُ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَصِيِّ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْمُتَوَفَّى إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى الْقَائِمِ فِي مُعَاقَدَتِهِ بِالْوَصِيَّةِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي بِيَدِهِ الثَّابِتَ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ الْعَزِيزِ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ أَنْ يَحُجَّ بِنَفْسِهِ عَنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْمَذْكُور حجَّة

(فصل)

الْإِسْلَامِ الْوَاجِبَةَ عَلَيْهِ أَوِ الَّتِي هِيَ تَطَوُّعٌ أَوْ تَسْكُتُ عَنْ هَذَا الْقَيْدِ عَلَى أَنْ يَتَوَجَّهَ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ عَامَ تَارِيخِهِ فِي مُدَّةٍ يَتَمَكَّنُ فِيهَا مِنْ أَدَاءِ الْحَجِّ فِي عَامِ تَارِيخِهِ فِي الْبَحْرِ الْفُلَانِيِّ أَوْ فِي الْبَرِّ الْفُلَانِيِّ وَيُحْرِمُ مِنَ الْمِيقَاتِ الَّذِي يَجِبُ عَلَى مِثْلِهِ وَيَنْوِي حِجَّةً مُفْرَدَةً كَامِلَةً وَيَدْخُلُ إِلَى الْحَرَمِ الشَّرِيفِ بِمَكَّةَ شَرَّفَهَا اللَّهُ تَعَالَى فَيَنْوِي عَنْهُ الْحِجَّةَ الْمَذْكُورَةَ بِأَرْكَانِهَا وَوَاجِبَاتِهَا وَشُرُوطِهَا وَسُنَنِهَا ثُمَّ يَعْتَمِرُ عَنْهُ عُمْرَةً مِنْ مِيقَاتِهَا عَلَى الْأَوْضَاعِ الشَّرْعِيَّةِ أَوْ تَقُولُ هُوَ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ أَفْرَدَ وَإِنْ شَاءَ تَمَتَّعَ أَوْ قَرَنَ عَلَى حَسَبِ مَا يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ وَيَنْوِي بجيع افعاله وفرعها عَنِ الْمُتَوَفَّى الْمُوصِي الْمَذْكُورِ وَأَجْرُ ثَوَابِهِ لَهُ وَمَتَى وَقَعَ مِنْهُ إِخْلَالٌ يَلْزَمُ فِيهِ فِدَاءٌ وَجَبَ عَلَيْهِ دَمٌ كَانَ ذَلِكَ مُتَعَلِّقًا بِهِ وَبِمَالِهِ دُونَ مَالِ الْمُوصِي الْمُتَوَفَّى الْمَشْرُوحِ جَمِيعُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْوَصِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ عَاقِدَةٌ عَلَى ذَلِكَ مُعَاقَدَةً صَحِيحَةً شَرْعِيَّةً بِالْأُجْرَةِ الْمُعَيَّنَةِ أَعْلَاهُ الْمَذْكُورَةِ فِي كِتَابِ الْوَصِيَّةِ وَهِيَ كَذَا دِينَارًا قَبَضَهَا مِنْهُ وَتَسَلَّمَهَا وَصَارَتْ بِيَدِهِ وَحَوْزِهِ مِنْ مَالِ الْمُوصِي الْمَذْكُورِ حَسْبَمَا فَوَّضَ ذَلِكَ لَهُ فِي تَسْلِيمِ ذَلِكَ كُلِّهِ بَعْدَ أَنْ ثَبَتَ أَنَّ الْأَجِيرَ الْمَذْكُورَ حَجَّ عَنْ نَفْسِهِ الْحِجَّةَ الْوَاجِبَةَ عَلَيْهِ شَرْعًا وَتُؤَرِّخُ (فَصْلٌ) وَتَكْتُبُ فِي الْإِجَارَةِ مِنْ وَكِيلِ بَيْتِ الْمَالِ مَشْرُوحًا فِيهِ خَطُّ شُهُودِ الْقِيمَةِ وَالْمُهَنْدِسِينَ ثُمَّ تَكْتُبُ الْإِجَارَةَ وَتَشْرَحُ فِي ذَيْلِهَا الْمَشْرُوحِ وَإِنَّ كَانَتِ الْإِجَارَةُ بِتَوْقِيعِ وَكَيْلِ بَيْتِ الْمَالِ كَتَبْتَ فِي آخِرِ الْإِجَارَةِ مِثْلَ مَا كَتَبْتَ فِي الْمُبَايَعَةِ وَهُوَ أَنْ تَقُولَ وَالْمُثْبَتُ فِي هَذِهِ الْإِجَارَةِ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ الْمَذْكُورَ رَفَعَ قِصَّةً وَتَشْرَحُ كَمَا شُرِحَ فِي الْمُبَايَعَةِ وَمِثَالُ الْمَشْرُوحِ مَشْرُوحٌ رَفَعَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْمُهَنْدِسِينَ عَلَى الْعَقَارِ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيّ بقضية حَال الْقطعَة الْأَرْضِ الَّتِي ذَكَرَهَا وَذَرَعَهَا وَتَحْدِيدُهَا فِيهِ الْجَارِيَةُ فِي رُبَاعِ الْمَوَارِيثِ الْحَشْرِيَّةِ وَهِيَ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ وَتَذْرَعُ وَتَحُدُّهُ وَشَمِلُوهَا بِالنَّظَرِ وَأَحَاطُوا بِهَا

عِلْمًا وَخِبْرَةً وَقَالُوا إِنَّ الْأُجْرَةَ عَنْهَا لِمَنْ يَرْغَبُ فِي اسْتِئْجَارِهَا لِيَنْتَفِعَ بِمَا شَاءَ وَأَحَبَّ وَاخْتَارَ عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَيَبْنِي عَلَيْهَا مَا أَحَبَّ بِنَاءَهُ وَيُعْلِي مَا أَرَادَ تَعْلِيَتَهُ وَيَحْفُرُ الابار الْمعينَة وابار الْمُسَمّى والقتا لِأَدَاءِ الْمَاءِ وَيُشَقِّقُ الْأَسَاسَاتِ وَيُخْرِجُ الرَّوَاشِنَ وَإِنْ كَانَ المستاجر سطحا ذكرت رقة مَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ أَوْ تَقْرِيبَهُ فَتَقُولُ كَذَا كَذَا دِرْهَمًا الْحَالُّ مِنْ ذَلِكَ كَذَا وَبَاقِي ذَلِك وَهُوَ كَذَا درهما فتؤمر بِهِ مُنَجِّمًا فِي سَلْخِ كُلِّ سَنَةٍ كَامِلَةٍ كَذَا وَقَالُوا إِنَّ ذَلِكَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ يَوْمَئِذٍ لَا حَيْفَ فِيهَا وَلَا شَطَطَ وَلَا غَبِينَةَ وَلَا فَرْطَ وَإِنَّ الْحَظَّ وَالْمَصْلَحَةَ فِي الْإِجَارَةِ بِذَلِكَ وَكُتِبَ بِتَارِيخِ كَذَا وَمِنْهُمْ مَنْ يَكْتُبُ أَوَّلَ الْمَشْرُوحِ لِمَغَارِسِهِمْ بِعَمَلِ مَشْرُوحٍ يَقْتَضِيهِ حَالُ الْوَضْعِ الَّتِي ذَكَرَهُ فِيهِ الْجَارِي فِي دِيوَانِ الْمَوَارِيثِ الْحَشْرِيَّةِ امْتَثَلَ الْمَرْسُومُ فِي ذَلِكَ كُلُّ وَاحِدٍ فلَان وَفُلَان وَفُلَان المهندسين على الْعقار بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ وَصَارُوا إِلَى الْمَوْضِعِ الْمَذْكُورِ بِالْفَوْتِ بِظَاهِرِ الْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ وَيُوصَفُ وَيُحَدَّدُ وَيُكْمِلُ الْمَشْرُوحَ ثُمَّ تَكْتُبُ الْإِجَارَةَ اسْتَأْجَرَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ مِنَ الْقَاضِي فُلَانٍ وَكَيْلِ بَيْتِ الْمَالِ الْمَعْمُورِ لِلْقَائِمِ فِي إِيجَارِ مَا يُذْكَرُ فِيهِ بِحُكْمِ الْوَكَالَةِ الَّتِي بِيَدِهِ الْمُفَوَّضَةِ إِلَيْهِ مِنَ الْمَقَامِ الْعَالِي الملو السُّلْطَانِيِّ الْمَلَكِيِّ الْفُلَانِيِّ خَلَّدَ اللَّهُ مُلْكَهُ الَّذِي جَعَلَ لَهُ فِيهَا إِيجَارَ مَا هُوَ جَارٍ فِي أَمْلَاكِ بَيْتِ الْمَالِ الْمَعْمُورِ وَغَيْرَ ذَلِكَ بِمَا نُصَّ وَشُرِحَ فِيهَا وَمَا مَالُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ الْمَعْمُورِ بِالْقَضَايَا الشَّرْعِيَّةِ الثَّابِتِ وَكَالَةِ هَذِهِ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ الْعَزِيزِ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ الثُّبُوتَ الصَّحِيحَ الشَّرْعِيَّ الْمُتَوَجِّهَ بِالْعَلَامَةِ الشَّرِيفَةِ وَمِثَالُهَا كَذَا استاجر مِنْهُ بقضية وَحكمه جَمِيع الْقطعَة الْأَرْضِ الَّتِي لَا بِنَاءَ عَلَيْهَا أَوِ الْحَامِلَةِ بِنَاءَ الْمُسْتَأْجِرِ الَّتِي ذَكَرَهَا وَذَرَعَهَا وَتَحْدِيدُهَا فِيهِ الْجَارِيَةِ فِي دِيوَانِ الْمَوَارِيثِ الْحَشْرِيَّةِ يَبْنِي عَلَيْهَا مَا أَحَبَّ بِالطُّوبِ وَالطِّينِ مَا زَمَلَتْ كَذَا لِمُدَّةِ ثَلَاثِينَ سَنَةً كَوَامِلَ أَوَّلُهَا يَوْمُ تَارِيخِهِ بِأُجْرَةٍ مَبْلَغُهَا عَنْ جَمِيعِ هَذِهِ الْمُدَّةِ مِنَ الدَّرَاهِمِ النُّقْرَةِ كَذَا الْحَالُّ مِنْ ذَلِكَ كَذَا بِمَا

(فصل)

فِيهِ من المستظهر وَمَا فِي ذَلِك وَهُوَ كَذَا يقوم بِهِ مُنَجِّمًا فِي سَلْخِ كُلِّ سَنَةٍ كَذَا مِنِ اسْتِقْبَالِ تَارِيخِهِ وَسَلَّمَ مَا اسْتَأْجَرَهُ بَعْدَ النَّظَرِ والمعرفة وَالْمُعَاقَدَة الشَّرْعِيَّة واقر المستاجر من الْأَرْضَ جَارِيَةٌ فِي دِيوَانِ الْمَوَارِيثِ الْحَشْرِيَّةِ وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ تُنْجِزَ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْمَذْكُورِ مَشْرُوحًا يَتَضَمَّنُ الْإِشْهَادَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ المهنسين على الْعقار بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيّ بِأَنَّهُم صَارُوا مَا ذُكِرَ أَعْلَاهُ وَذَكَرُوا مِنَ الذَّرْعِ وَالتَّحْدِيدِ مَا وَافَقَ أَعْلَاهُ وَقَالُوا إِنَّ الْأُجْرَةَ عَلَى ذَلِكَ فِي كُلِّ سَنَةٍ كَذَا وَتَذْكُرُ مَا فِي الْمَشْرُوحِ مِنَ الْقِيمَةِ وَإِنَّ ذَلِكَ أُجْرَةُ الْمثل يَوْمئِذٍ لَا حيف فِيهَا وَلَا شطط وَلَا غبينة وَلَا فرط ولان الْحَظَّ وَالْمَصْلَحَةَ فِي إِجَارَتِهَا بِذَلِكَ وَبِآخِرِهِ تَرْسِمُ شَهَادَةَ الْقَاضِي الْعَدْلِ فُلَانٍ وَالْقَاضِي الْعَدْلِ فُلَانٍ شهد بِأَنَّ الْأُجْرَةَ الْمُعَيَّنَةَ فِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ يَوْمَئِذٍ لَا حَيْفَ فِيهَا وَلَا شَطَطَ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَحْضَرَ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ يَدِهِ وُصُولَاتِ بَيْتِ المَال الْمَعْمُور شاهدة لَهُ بجمل الْحَالِ الْمَذْكُورِ وَنُسِخَتِ الدَّارُ لَمَّا تَكَامَلَ ذَلِكَ كُلُّهُ وَقَّعَ الْإِشْهَادَ عَلَى الْقَاضِي الْآجِرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ بِمَا نُسِبَ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَتُؤَرِّخُ وَإِنْ أَجَّرَ نَائِبٌ عَنْ وَكِيلِ بَيْتِ الْمَالِ كَتَبْتَ اسْتَأْجَرَ فُلَانٌ مِنْ نَائِبِ وَكِيلِ بَيْتِ الْمَالِ فُلَانٍ الْقَائِمِ فِي إِيجَارِ مَا يُذْكَرُ فِيهِ مِنْ مُسْتَنِيبِهِ فُلَانٍ بِحُكْمِ الْوَكَالَةِ الَّتِي بِيَدِ مُسْتَنِيبِهِ الْمُفَوَّضَةِ إِلَيْهِ مِنَ الْمَقَامِ السُّلْطَانِيِّ وَتَذْكُرُ مَا تَقَدَّمَ (فَصْلٌ) وَتَكْتُبُ فِي إِجَارَةِ ارْض سوقية نشاها اسْتَأْجَرَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ مِنْ فُلَانِ بْنِ فلَان جَمِيع الْقطعَة الارض الاسود المتحللة بِالْأَعْشَابِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِيهِ وَمِسَاحَتُهَا كَذَا بِالْقَصَبَةِ الْحَاكِمِيَّةِ الْجَارِيَةِ هَذِهِ الْأَرْضُ فِي يَدِهِ وَعَقْدِ إِجَارَتِهِ أَوْ فِي يَدِهِ وَمَالِهِ وَجَمِيعَ الْبِئْرِ الْمُعَيَّنَةِ وَالسَّاقِيَةِ الْمُرَكَّبَةِ عَلَيْهَا الْمُكَمِّلَةِ الْعُدَّةِ بِالْمَوْضِعِ الْفُلَانِيِّ وَصِفَةُ الْأَعْشَابِ النَّخْلُ وَالْكَرْمُ وَالتِّينُ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَتُحَدِّدُ ذَلِكَ كُلَّهُ

(فرع)

خَلَا الْأَعْشَابِ وَمَوْضِعِ مَغَارِسِهَا فَإِنَّهَا خَارِجَةٌ عَنْ حُكْمِ هَذِهِ الْإِجَارَةِ لِمُدَّةِ كَذَا وَتُكْمِلُ الْعَقْدَ فَائِدَة حَيْثُ وَقع فِي الوكالات وَغَيرهَا حَسْبَمَا فُوِّضَ إِلَيْهِ فَهُوَ بِتَحْرِيكِ السِّينِ فَإِنَّهُ مَعْنَاهُ الْمِقْدَارُ أَيْ هَذَا التَّصَرُّفُ مُقَدَّرٌ بِقَدْرِ ذَلِكَ التَّفْوِيضِ مَا يَحْسِبُ الْمِقْدَارَ وَالْحَسَبُ الْمَآثِرُ الْجَمِيلَةُ وَهُوَ الْمَذْكُورُ مَعَ النَّسَبِ لِأَنَّ الْحَسِيبَ يَعُدُّ مَا اثره فَهُوَ مِنَ الْحِسَابِ وَبِتَسْكِينِ السِّينِ الْكَافِي حَسْبُنَا اللَّهُ أَيْ كَافِينَا فَلَا يَغْلَطُ فِي ذَلِكَ (فَرْعٌ) نَقَلَ ابْنُ الْعَطَّارِ إِجَارَةَ الرَّحَى بِالطَّعَامِ وَمَعْصَرَةِ الزَّيْتِ بِالزَّيْتِ وَالْمَلَّاحَةِ بِالْمِلْحِ وَقَالَ لَيْسَ الْمِلْحُ يَخْرُجُ مِنْهَا وَإِنَّمَا يَتَوَلَّدُ فِيهَا بِصِنَاعَةِ وَجَلْبِ الْمَاءِ لِلْأَحْوَاضِ وَتَرْكِهِ الشَّمْسَ فِيهَا حَتَّى يَمْلَحَ وَلَيْسَ كَالتَّمْرِ الْمُتَوَلَّدِ فِي النَّخِيلِ مِنْ حتلتها فَإِنَّهُ يطلع عولج ام لَا وَيُفَارق كراا الْأَرْضِ بِمَا تُنْبِتُ لِأَنَّهَا لَا تُنْبِتُ الْمِلْحَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْمُوَثِّقُ فِي وَثَائِقِهِ لَا يجوز كراؤها بالملح لِأَنَّهُ مُزَابَنَةٌ وَقَدْ رُوِيَ الْجَوَازُ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَأَخَذَ بهَا ابْنُ الْعَطَّارِ وَذَكَرَ تَعْلِيلَهُ الْمُتَقَدِّمَ ثُمَّ قَالَ وَأَبْطَلَهُ ابْنُ النَّجَّارِ بِأَنَّ الرُّطَبَ لَا يَصِيرُ تَمْرًا إِلَّا بِجَذِّهِ وَجَلْبِهِ إِلَى الْجَرِينِ وَتَرْكِهِ فِيهِ لِلشَّمْسِ قَالَ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي وَثَائِقِهِ يُفْسَخُ عَقْدُ الْإِجَارَةِ فِي السَّفِينَةِ بِشَرْطِ السَّفَرِ فِي الشِّتَاءِ وَكَذَلِكَ إِذَا مَنَعَتِ الرِّيحُ السَّيْرَ أَوِ الْعَدُوُّ أَوِ السُّلْطَانُ حَتَّى خَرَجَ وَقْتُ الرُّكُوبِ

(فصل)

(فَصْلٌ) تَكْتُبُ فِي إِجَارَةِ مُعَلِّمِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ أَوْ يَوْمِ كَذَا بِأُجْرَةٍ مَبْلَغُهَا كَذَا حَالَّةً قَبَضَهَا الْمُسْتَأْجَرُ الْمَذْكُورُ أَوْ مُقَسَّطَةً فِي سَلْخِ كُلِّ شَهْرٍ كَذَا مِنْ شُهُورِ السَّنَةِ الْمَذْكُورَةِ وَشَرَعَ الْمُسْتَأْجَرُ الْمَذْكُورُ فِي تَعْلِيمِ الْوَلَدِ الْمَذْكُورِ وَعَلَيْهِ فِي ذَلِكَ بَذْلُ النَّصِيحَةِ وَالِاجْتِهَادُ بَعْدَ أَنْ وَقَفَ عَلَى مِقْدَارِ مَا اسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ إِذَا مَاتَ الصَّبِيُّ انْفَسَخَتِ الْإِجَارَةُ كَمَا تَنْفَسِخُ فِي الرَّضَاعِ لِتَعَذُّرِ الْبَذْل بِاخْتِلَافِ الصِّبْيَانِ فِي الْفَهْمِ وَالْأَخْلَاقِ وَالْإِدْرَاكِ وَتَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى جُزْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ بِأُجْرَةٍ حَالَةٍ أَوْ مُؤَجَّلَةٍ وَتَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى تَعْلِيمِ الصَّبِيِّ مُشَاهَرَةً وَإِنْ جُهِلَتْ فِطْنَةُ الصَّبِيِّ وَبَلَادَتُهُ وَكَرِهَ مَالِكٌ الْإِجَارَةَ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ فِي تَعْلِيمِ الْقرَان وَتجوز بغيراجل وَيَمْتَنِعُ ضَرَبُ الْأَجَلِ إِلَّا فِيمَا يُعْرَفُ أَنَّهُ يَفْرَغُ مِنْهُ فِيهِ وَلَا تَجِبُ الْحَذَاقَةُ إِلَّا بِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ جَارٍ عَلَى الْأَجْزَاءِ الْمَعْلُومَةِ وَقِيلَ لَا حَذَاقَةَ إِلَّا فِي جَمِيعِ الْقُرْآنِ وَهِي مقدرَة بغنا وَالِدِ الصَّبِيِّ وَفَقْرِهِ فَإِنْ شَرَطَهَا الْمُؤَدِّبُ فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرٍ وَإِلَّا لَمْ تَجُزِ الْإِجَارَةُ وَلَيْسَ لِلْأَبِ إِخْرَاجُ ابْنِهِ إِذَا قَرُبَتِ الْحَذَاقَةُ وَإِنْ أَخْرَجَهُ وَقَدْ قَرُبَتْ جِدًّا وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْحَذَاقَةُ وَإِلَّا فَلِلْمُؤَدِّبِ الثَّانِي وَلِلْأَوَّلِ مِنْهَا بِقَدْرِ مَا عَلِمَ وَلِلْمُؤَدِّبِ وَالْإِمَامِ الْغَيْبَةُ فِي حَوَائِجِهِ وَنفذ منيعته الْجُمُعَة وَنَحْوهَا وَلَا تنقص ذَلِكَ الْأُجْرَةَ شَيْئًا وَكَذَلِكَ الْمَرَضُ فِي الْأَيَّامِ الْيَسِيرَةِ وَيُحَطُّ مِنَ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ مَرَضِ الصَّبِيِّ وَكَرَاهَةُ مَالِكٍ الْإِجَارَةَ عَلَى الْفِقْهِ وَالشِّعْرِ وَنَحْوِهُ مُعَلَّلَةٌ بِأَنَّ فِي ذَلِكَ صَحِيحًا وَسَقِيمًا وَجَوَّزَ ابْنُ حَبِيبٍ الْجَوَابَ بِالشِّعْرِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ هجات وَلَا ذِكْرُ الْخَمْرِ وَأَيَّامِ الْعَرَبِ وَالرَّسَائِلِ وَنَحْوِ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ وَإِنْ غَيَّبَ الصَّبِيَّ وَلِيُّهُ أَوْ شَغَلَهُ لَمْ تَنْقُصِ الْأُجْرَةُ وَتَنْقُصُ الْأُجْرَةُ بِمَرَضِ الصَّبِيِّ إِذَا طَالَ

(فصل)

(فَصْلٌ) وَتَكْتُبُ فِي إِجَارَةِ الْفَحْلِ لِلنَّزْوِ هَذَا مَا آجَرَ عَامِلُ فُلَانٍ فُلَانًا لِيَنْزِيَ لَهُ حِمَارُهُ الْأَشْهَبُ الَّذِي صِفَتُهُ كَذَا عَلَى حِمَارَتِهِ السَّوْدَاءِ أَوْ فَرَسُهُ الْوَرْدُ عَلَى رَمْكَتِهِ الشَّهْبَاءِ عَشْرَ نَزَوَاتٍ وَيُكَوِّمُهَا عَشَرَةَ أَكْوَامٍ بِكَذَا دِرْهَمًا عَلَى أَنْ يُنْزِيَهُ عَلَيْهِ شَهْرًا أَوْ شَهْرَيْنِ أَوَّلُهُمَا كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا وَقَبَضَ فُلَانٌ الْفَحْلَ وَصَارَ بِيَدِهِ بَعْدَ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ وَالْمُعَاقَدَةِ الشَّرْعِيَّةِ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ إِنْ مَاتَتِ الدَّابَّةُ دُونَ تِلْكَ الْمُدَّةِ مِنَ النَّزَوَاتِ فَلِلْفَحْلِ مِنَ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ النَّزَوَاتِ الَّتِي وَقَعَتْ وَكَذَلِكَ اذا انْقَضتْ بَعْدَ الْمُدَّةِ وَإِنِ انْقَضَتِ الْمُدَّةُ أَوِ النَّزَوَاتُ وَلَمْ تَحْمِلِ اسْتَحَقَّتِ الْأُجْرَةَ

(الباب السادس في القراض)

(الْبَابُ السَّادِسُ فِي الْقِرَاضِ) هَذَا مَا قَارَضَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ فِي مِائَةِ دِينَارٍ مِنْ سَكَّةِ كَذَا وَقَبَضَهَا مِنْهُ فُلَانٌ وَصَارَتْ فِي يَدِهِ وَازِنَةً جَيِّدَةً مُنْتَقَدَةً عَلَى سَبِيلِ الْقِرَاضِ الشَّرْعِيِّ فَيَتَّجِرُ بِهَا فِيمَا شَاءَ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَتَاجِرِ وَيَضْرِبُ بِهَا فِي الْبُلْدَانِ إِنْ شَاءَ وَفِي الطُّرُقِ الْمَأْمُونَةِ وَيَبْتَغِي فِيهَا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَهُ مِنْهَا نَفَقَتُهُ فِي سَفَرِهِ وَإِقَامَتِهِ فِي سَفَرِهِ وَرُجُوعِهِ إِلَى بَلَدِهِ بِالْمَعْرُوفِ عَلَى عَادَةِ مِثْلِهِ وَمَا يَسَّرَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمَا فِيهَا مِنَ الرِّبْحِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا بِالسَّوَاءِ بَعْدَ أَنْ يَنُضَّ رَأْسَ الْمَالِ وَيَحْصُلَ بِيَدِ رَبِّهِ وَعَلَى الْعَامِلِ بَذْلُ النَّصِيحَةِ وَإِخْلَاصُ النِّيَّةِ وَإِصْلَاحُ السَّرِيرَةِ وَالِاجْتِهَادُ فِي أَدَاءِ الْأَمَانَةِ فِي سِرِّهِ وَجَهْرِهِ وَأَنْ لَا يُحَابِيَ فِي بَيْعِهِ وَابْتِيَاعِهِ قَرِيبًا مُنَاسِبًا وَلَا صَدِيقًا مُلَاطِفًا وَلَمْ يَقَعْ بَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ شَرْطٌ وَلَا مَثْنَوِيَّةٌ وَلَا خِيَارٌ بَلْ تَعَاقَدَا مُعَاقَدَةً صَحِيحَةً شَرْعِيَّةً عَلَى سُنَّةِ الْقِرَاضِ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَالتَّفَرُّقِ بِالْأَبْدَانِ عَنْ تَرَاضٍ وَقَبِلَ كُلٌّ مِنْهُمَا ذَلِكَ لِنَفْسِهِ قَبُولًا شَرْعِيًّا وَعَلَى هَذَا الْعَامِلِ حِفْظُ هَذَا الْمَالِ عَلَى عَادَةِ مِثْلِهِ وَإِيصَالُهُ عِنْدَ وُجُوبِ رده

(الباب السابع في المساقاة)

(الْبَابُ السَّابِعُ فِي الْمُسَاقَاةِ) هَذَا مَا سَاقَى فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ مَالِكُ الْأَعْشَابِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِيهِ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ الْعَامِلَ عَلَيْهَا عَلَى الْأَعْشَابِ الْقَائِمَةِ فِي الْأَرْضِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِيهِ الْجَارِي ذَلِكَ فِي يَدِهِ مَا يَذْكُرُهُ وَمِلْكَهُ وَهِيَ الْأَرْضُ الَّتِي بِالْمَوْضِعِ الْفُلَانِيِّ وَمِسَاحَتُهَا كَذَا وَكَذَا فَدَّانًا بِالْقَصَبَةِ الْحَاكِمِيَّةِ وَصِفَةُ الْأَعْشَابِ الْمُسَاقَى عَلَيْهَا أَنَّهَا النَّخْلُ وَالرُّمَّانُ وَالتِّينُ وَالزَّيْتُونُ وَالْكَرْمُ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَيُحِيطُ بِذَلِكَ حُدُودٌ أَرْبَعَةٌ وَتَذْكُرُهَا مُسَاقَاةً صَحِيحَةً شَرْعِيَّةً جَائِزَةً نَافِذَةً لِمُدَّةِ سَنَةٍ كَامِلَةٍ أَوَّلُهَا يَوْمُ تَارِيخِهِ عَلَى أَنْ تولى سَقْيَ ذَلِكَ وَتَنْظِيفَهُ وَتَأْبِيرَهُ وَتَلْقِيحَهُ وَحَرْثَهُ وَإِصْلَاحَهُ بِنَفْسِهِ وَبِمَنْ يَسْتَعِينُ بِهِ وَمَهْمَا أَطْلَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى من ثَمَرَة كَانَت مقسمة على ثَلَاث اشهر شهر وَاحِدٌ لِفُلَانٍ الْمُبْدَأِ بِاسْمِهِ مَالِكِ الْأَعْشَابِ الْمُسَاقِي وَبَقِيَّةُ ذَلِكَ وَهُوَ سَهْمَانِ لِفُلَانٍ الْمُثَنَّى بِذِكْرِهِ الْمُسَاقَى الْعَامِلِ وَذَلِكَ بَعْدَ إِخْرَاجِ الْمُؤَنِ وَالْكُلَفِ وَحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى إِنْ وَجَبَ مُتَعَاقِدًا ذَلِكَ مُعَاقَدَةً صَحِيحَةً شَرْعِيَّةً وَسَلَّمَ فُلَانٌ الْمَالِكُ لِفُلَانٍ الْعَامِل جَمِيع الاعشاب الْمَذْكُورَة فتسلمها عَنهُ لِيَعْمَلَ عَلَيْهَا وَصَارَتْ بِيَدِهِ وَقَبْضِهِ وَحَوْزِهِ وَذَلِكَ بَعْدَ النَّظَرِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالْإِحَاطَةِ بِجَمِيعِ ذَلِكَ عِلْمًا وَخِبْرَةً فَإِنْ كَانَ الْبُسْتَانُ يَشْرَبُ مِنْ نَهْرٍ قُلْتَ عِنْدَ الشُّرُوطِ وَعَلَى الْعَامِلِ تَمْشِيَةُ الْمَاءِ مِنَ النَّهْرِ الْفُلَانِيِّ إِلَى الْبُسْتَانِ الْمَذْكُورِ أَوْ مِنْ سَاقِيَةٍ قُلْتَ وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَخْرِجَ مَا فِي هَذَا الْبُسْتَانِ بِدَوَابِّهِ وَآلَاتِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْبُسْتَانِ دَوَابٌّ وَآلَاتٌ فَتَسْكُتُ عَنْ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ يَشْرَبُ مِنْ عَيْنٍ ذَكَرْتَ حِصَّتَهُ مِنْهَا

فصل

( فصل) وتكتب فِي الزَّرْع اَوْ المقتاة المعجوز عَنْهَا هَذَا مَا ساقى فلَان ابْن فُلَانٍ فِي جَمِيعِ زَرْعِهِ الْأَخْضَرِ الْمَزْرُوعِ فِي أَرْضِهِ بِقَرْيَةِ كَذَا بِمَوْضِعِ كَذَا بَعْدَ أَنْ نَبَتَ وَاسْتَقَلَّ وَعَجَزَ فُلَانٌ الْمُبْدَأُ بِذَكَرِهِ عَنِ الْقِيَامِ بِخِدْمَتِهِ وَالنَّفَقَةِ فِي تَنْقِيَتِهِ وَيَخَافُ عَلَيْهِ التَّلَفَ إِنْ تَرَكَهُ عَلَى أَنَّ عَلَى فُلَانٍ الْمُسَاقَى الْمُثَنَّى بِذِكْرِهِ تَنْقِيَةَ حَشِيشِهِ وَحِرَاسَتَهُ مِنْ شوايب الدَّوَابّ تنقية بِئْرِ شُرْبِهِ وَهُوَ كَذَا وَفَتْحَ سَوَاقِيهِ وَتَجْرِيَةَ الْمَاءِ إِلَيْهِ فَإِذَا أَيْبَسَ وَاسْتَحْصَدَ وَدَرَسَهُ وَذَرَّاهُ وكربله حَتَّى يَصِيرَ حَبًّا نَقِيًّا يَكُونُ لَهُ مِنْهُ كَذَا ولصاحبه فلَان المبدا بِذكرِهِ كَذَا مسافاة صَحِيحَةً شَرْعِيَّةً وَتُكْمِلُ الْعَقْدَ كَمَا تَقَدَّمَ

(الباب الثامن في المغارسة)

(الْبَابُ الثَّامِنُ فِي الْمُغَارَسَةِ) هَذَا مَا غَارَسَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ جَمِيعَ الْأَرْضِ الْبَيْضَاءِ الَّتِي بِقَرْيَةِ كَذَا وَمِسَاحَتُهَا كَذَا فَدَّانًا بِالْقَصَبَةِ الْحَاكِمِيَّةِ وَتُحِيطُ بِهَا حُدُودٌ أَرْبَعَةٌ وتذكرها على ان يغرسها كرما وتصنف اجناس عنبه اَوْ شَجرا كَذَا جِنْسُهُ كَذَا فَإِذَا بَلَغَ الْغَرْسُ مَبْلَغَ الْإِطْعَامِ فَالْأَرْضُ وَالْغَرْسُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ مُغَارَسَةً صَحِيحَةً شَرْعِيَّةً بِغَيْرِ شَرْطٍ يُفْسِدُهَا وَلَا ثُنْيَا وَلَا خِيَارٍ يُبْطِلُهَا بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ وَالْإِحَاطَةِ بِمَا عَقَدَا عَلَيْهِ المغارسة ومنتهاه وَقَبَضَ الْغَارِسُ فُلَانٌ الْمُثَنَّى بِذِكْرِهِ الْأَرْضَ الْمَذْكُورَةَ بِيَدِهِ وَتَصَرُّفِهِ وَشَهِدَ عَلَى إِشْهَادِهِمَا فِي ذَلِكَ فِي تَارِيخِ كَذَا

(الباب التاسع في المزارعة)

(الْبَابُ التَّاسِعُ فِي الْمُزَارَعَةِ) هَذَا مَا زَارَعَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ جَمِيعَ الْأَرْضِ الْبَيْضَاءِ الَّتِي بِقَرْيَةِ كَذَا مِنْ عَمَلِ كَذَا الزِّرَاعَةَ سَنَةَ كَذَا عَلَى أَنْ يَزْرَعَ فِيهَا مِنَ الزَّرِيعَةِ الْفُلَانِيَّةِ الْمَوْصُوفَةِ بِكَذَا مِقْدَارَ كَذَا فِي كُلِّ فَدَّانٍ عَلَى أَنَّ عَلَى فلَان المبدا بِذكرِهِ من البقرالصالح للحرث عشرَة رُؤُوس صِفَتُهَا كَذَا وَسِنُّهَا كَذَا وَجَمِيعَ الْحَرْثِ وَهُوَ سكتان علوفتها كُلِّ رَأْسٍ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ كَذَا وَعَلَيْهِمَا مِنَ الْعُمَّالِ خَمْسَةٌ يَقُومُونَ لِعَلَفِهَا وَالْحَرْثِ عَلَيْهَا وَسَوْقِهَا مِنْ مَوَاضِعِ مَبِيتِهَا إِلَى الْأَرْضِ الْمَذْكُورَةِ وَالْأَرْضُ الْمَذْكُورَةُ مِلْكٌ لَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ وَجَعَلَ فُلَانٌ الْمُبْدَأُ بِذِكْرِهِ الْبَقَرَ وَالْمُؤْنَةَ قُبَالَةَ الزَّرِيعَةِ تَعَاقَدَا عَلَى ذَلِكَ مُعَاقَدَةً شَرْعِيَّةً صَحِيحَةً بَعْدَ النَّظَرِ وَالْمَعْرِفَةِ بِجَمِيعِ ذَلِكَ وَشُهِدَ عَلَى إِشْهَادِهِمَا بِذَلِكَ فِي تَارِيخِ كَذَا وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ بَيْنَهُمَا قُلْتَ نَصِفُهُ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَخَلَطَا ذَلِكَ وَصَارَ الْجَمِيعُ بَين الْعَامِلِ فُلَانٍ وَمَهْمَا وَقَعَ بَيْنَهُمَا مِنَ الشُّرُوطِ الْجَائِزَة ذكرتها مُؤنَة هِيَ وَمَنِ اشْتَرَطَهَا وَعَلَى مَنْ هِيَ عَلَيْهِ

(الباب العاشر في الإقرار)

(الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي الْإِقْرَارِ) أَقَرَّ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ عِنْدَ شُهُودِهِ إِقْرَارًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا أَنَّ فِي ذِمَّتِهِ بِحَقٍّ صَحِيحٍ شَرْعِيٍّ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ مِنَ الْعَيْنِ الْجَيِّدِ الْمِصْرِيِّ الذَّهَبِ الْأَحْمَرِ الْمَضْرُوبِ الْمَسْكُوكِ السُّلْطَانِيِّ كَذَا دِينَارًا أَوْ مِنَ الدَّرَاهِمِ النُّقْرَةِ الْفِضَّةِ الْجَيِّدَةِ الْبَيْضَاءِ الْمَسْكُوكَةِ السُّلْطَانِيَّةِ الْمُتَعَامَلِ بِهَا فِي الدِّيَارِ الْفُلَانِيَّةِ كَذَا دِرْهَمًا وَتَصِفُ أَيَّ شَيْءٍ أَقَرَّ بِهِ بِمَا يَلِيقُ ثُمَّ تَقُولُ النِّصْفُ مِنْ ذَلِكَ تَحْقِيقًا لِأَصْلِهِ وَتَصْحِيحًا لِجُمْلَتِهِ كَذَا وَيَقُومُ بِهِ مُؤَجَّلًا فِي سَلْخِ كُلِّ يَوْمٍ كَذَا مِنِ اسْتِقْبَالِ كَذَا أَوْ يَقُومُ بِهِ مُؤَجَّلًا فِي سَلْخِ الشَّهْرِ الْفُلَانِيِّ مِنَ السَّنَةِ الْفُلَانِيَّةِ جُمْلَةً وَاحِدَةً وَأَقَرَّ الْمُقِرُّ الْمَذْكُورُ أَنَّهُ مَلِيءٌ بِالْعَيْنِ الْمُعَيَّنِ فِيهِ قَادر عَلَيْهِ وَفَائِدَة هَذَا ان لَا تُقْبَلَ مِنْهُ بَعْدَ هَذَا دَعْوَى الْإِعْسَارِ إِلَّا بِبَيِّنَة والا فَالْقَوْل قَوْله على قَول جمناعة مِنَ الْعُلَمَاءِ ثُمَّ تَقُولُ وَصَدَّقَ الْمُقَرُّ لَهُ الْمَذْكُورَ فِي صِحَّةِ مَا أَقَرَّ بِهِ تَصْدِيقًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا وَتَكْتُبُ فِي الْغَلَّةِ أَنَّهَا مَحْمُولَةٌ إِلَى مَوضِع كَذَا لَيْلًا يَخْتَلِفَا بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ ثَمَنُ مَبِيعٍ كتبت فِي اخر المطور وَهَذَا الدَّيْنُ الْمُقَرُّ بِهِ أَعْلَاهُ هُوَ ثَمَنُ مَا ابْتَاعَهُ الْمُقِرُّ الْمَذْكُورُ وَتَسَلَّمَهُ مِنْهُ وَهُوَ جَمِيعُ الدَّارِ الْفُلَانِيَّةِ وَتُوصَفُ وَتُحَدَّدُ الْجَارِيَةِ فِي يَدِهِ وَمِلْكِهِ عَلَى مَا ذُكِرَ بَعْدَ النَّظَرِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالْمُعَاقَدَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَالتَّفَرُّقِ بِالْأَبْدَانِ عَنْ تَرَاضٍ وَتُؤَرِّخُ وَإِنْ كَانَ الْمُقِرُّ جَمَاعَةً وَتَضَامَنُوا قُلْتَ وَضَمِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا فِي ذِمَّةِ الْآخَرِ مِنْ ذَلِكَ لِلْمُقَرِّ لَهُ فِيهِ عَلَى حُكْمِهِ فَأَذِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ فِي الضَّمَانِ وَالْأَدَاءِ وَالرُّجُوعِ وَأَقَرَّا أَنَّهُمَا مَلَّيَانِ بِمَا ضَمِنَاهُ قَادِرَانِ عَلَيْهِ لِأَنَّ مَذْهَبَ ش إِذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي الضَّمَانِ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ وَإِنْ حَضَرَ مَنْ يَضْمَنُ قُلْتَ وَحَضَرَ بِحُضُورِ

الْمقر الْمَذْكُور فلَان بن فلَان وَأشْهد عَلَيْهِ طَوْعًا أَنَّهُ ضَمِنَ فِي ذِمَّةِ الْمُقِرِّ الْمَذْكُورِ وَهُوَ الدَّيْنُ الْمُعَيَّنُ أَعْلَاهُ عَلَى حُكْمِهِ وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا كَتَبْتَ يَقُومُ بِهِ بَعْدَ انْقِضَاءِ شَهْرٍ وَاحِدٍ مِنْ يَوْمِ تَارِيخِهِ وَإِنْ ضَمِنَ بِغَيْرِ إِذْنٍ كَتَبْتَ ضَمِنَ مُتَبَرِّعًا مِنْ غَيْرِ إِذَنِ عَدْلٍ مِنَ الْمَضْمُونِ لَهُ فِي ذَلِكَ وَأَقَرَّ أَنَّهُ مَلِيءٌ بِذَلِكَ وَإِنْ ضَمِنَ الْوَجْهَ فَقَطْ كَتَبْتَ وَحَضَرَ بِحُضُورِ الْمُقِرِّ الْمَذْكُورِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَأُشْهِدَ عَلَيْهِ طَوْعًا وَاخْتِيَارًا أَنَّهُ ضَمِنَ وَتَكَفَّلَ وَجْهَ وَبَدَنَ الْمُقِرِّ الْمَذْكُورِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَإِحْضَارَهُ إِلَى الْمُقَرِّ لَهُ فِيهِ ضَمَانًا شَرْعِيًّا مَتَى الْتَمَسَ إِحْضَارَهُ مِنْهُ فِي سَائِرِ الْأَوْقَاتِ وَاخْتِلَافِ السَّاعَاتِ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ والصباح والمساء إِلَى حيّز وَفَاءِ الدَّيْنِ أَوْ لِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ وَذَلِكَ بِإِذْنِهِ لَهُ فِي الضَّمَان الاذن الشَّرْعِيّ قَالَ للَّذي يُمْلِي عَلَى الْوَثَاقِ وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ الله ربه وَلَا يبخس مِنْهُ شَيْئا} وَلِأَنَّهُ مَطْلُوب فَكَانَ القَوْل قَوْلَهُ وَفِي قَوْله تَعَالَى {وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئا} دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْعَقْدِ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ ثُمَّ يَشْهَدُ بَعْدَ ذَلِكَ وقَوْله تَعَالَى {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} قِيلَ الْهَاءُ فِي وَلِيُّهُ عَائِدَةٌ عَلَى الَّذِي لَهُ الْحَقُّ وَقِيلَ عَلَى وَلِيِّ الْمَطْلُوبِ وَقِيلَ السَّفِيه الْجَاهِل بالاشياء وَقيل المبذرا وَقِيلَ الضَّعِيفِ الْعَاجِزِ عَنِ الْإِمْلَاءِ وَقِيلَ الْأَحْمَقِ الضَّعِيفِ عَقْلُهُ وَالَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ لِغَيْبَةٍ أَوْ عُذْرٍ وَيُحْتَمَلُ فِي السَّفِيهِ أَنَّهُ بَاشَرَ الْعَقْدَ أَوْ وَلِيُّهُ عَقَدَ فَهُوَ أَوْلَى لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ مَأْذُونٌ فِيهِ وَوَلِيُّ الضَّعِيفِ وَكِيلُهُ

(الباب الحادي عشر في الرهن)

(الْبَابُ الْحَادِي عَشَرَ فِي الرَّهْنِ) أَقَرَّ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ عِنْدَ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ تَوَثَّقَتْ عَلَى مَا أَقَرَّ بِهِ أَوْ لَزِمَتْهُ وَيُوصَفُ ذَلِك الدّين مَوْصُولا مَوْصُوفًا ثُمَّ تَقُولُ وَعَلَى كُلِّ جُزْءٍ مِنْهُ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَهُ وَفِي يَدِهِ وَمِلْكِهِ وَتَصَرُّفِهِ وَهُوَ جَمِيعُ كَذَا وَيُوصَفُ بِمَا يَلِيقُ بِهِ رَهْنًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا مُسَلَّمًا مَقْبُوضًا بِيَدِ الْمُقَرِّ لَهُ الْمُرْتَهِنِ مِنَ الْمُقِرِّ الرَّاهِنِ بِإِذْنِهِ لَهُ فِي ذَلِك بعد النّظر والمعرفة والمعاملة الصَّحِيحَةِ الشَّرْعِيَّةِ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَاعْتَرَفَ الْمُرْتَهِنُ الْمَذْكُورُ أَنَّ الرَّهْنَ الْمَذْكُورَ بَاقٍ تَحْتَ يَدِهِ وَحَوْزِهِ وَعَلَيْهِ إِحْضَارُهُ لِلرَّاهِنِ عِنْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ الْمَذْكُورِ وَتُؤَرِّخُ وَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ فِي مَسْطُورِ الدَّيْنِ قُلْتَ فِي ذَيْلِهِ ثُمَّ بَعْدَ تَمَامِ ذَلِكَ وَلُزُومِهِ رَهَنَ الْمُقِرُّ الْمَذْكُورُ عِنْدَ الْمُقَرِّ لَهُ الْمَذْكُور توثقت عَلَى الدَّيْنِ الْمَذْكُورِ وَعَلَى كُلِّ جُزْءٍ مِنْهُ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ فِي يَدِهِ وَتُكْمِلُ الْعَقْدَ وَإِنْ أَعَارَهُ أَحَدٌ لِيَرْهَنَ قُلْتَ وَحَضَرَ بِحُضُورِ الْمُقِرِّ الْمَذْكُورِ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَأُشْهِدَ عَلَى نَفْسِهِ طَائِعًا مُخْتَارًا أَنَّهُ أَعَارَ الْمُقِرَّ الْمَذْكُورَ أَعْلَاهُ جَمِيعَ الدَّارِ الْفُلَانِيَّةِ الْجَارِيَةِ فِي يَدِهِ وَمِلْكِهِ عَلَى مَا ذُكِرَ وَتُوصَفُ وَتُحَدَّدُ لِيَرْهَنَهَا عِنْدَ الْمُقَرِّ لَهُ فِيهِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ عَلَى مَا فِي ذِمَّتِهِ لَهُ مِنَ الدَّيْنِ الْمُعَيَّنِ أَعْلَاهُ وَهُوَ كَذَا دِرْهَمًا بِسُؤَالِهِ فِي ذَلِكَ عَارِيَةً صَحِيحَةً شَرْعِيَّةً مُسَلَّمَةً مُفَوَّضَةً وَذَلِكَ بَعْدَ النَّظَرِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالْمُعَاقَدَةِ الشَّرْعِيَّةِ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَإِذْنِ الْمُعِيرِ لِلْمُسْتَعِيرِ فِي رَهْنِهَا عِنْدَ الْمُقَرِّ لَهُ عَلَى الدَّيْنِ الْمَذْكُورِ وَتَسْلِيمِهَا لَهُ التَّسْلِيمَ الشَّرْعِيّ ثمَّ يستعيرها مِنْهُ ليعيرها لِلْمُعِيرِ الْمَالِكِ لِيَنْتَفِعَ بِهَا مَعَ بَقَائِهَا عَلَى حُكْمِ الرَّهْنِ الْمَذْكُورِ إِنْ كَتَبْتَ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِي فِي أَنَّ عَوْدَ الرَّهْنِ لَا يُبْطِلُهُ وَإِلَّا على مَذْهَب مَالك فَلَا

فصل

( فصل) وان كَانَ الرَّاهِن من بيع الرَّهْنَ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ قُلْتَ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ وَلُزُومِهِ وَكَّلَ الْمُقِرُّ الْمَذْكُورُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ فِي قبض الرَّهْن الْمَذْكُور وَمِمَّنْ هُوَ تَحت يَده فَرضِي الْمُرْتَهِنُ وَبِبَيْعِهِ لِمَنْ يَرْغَبُ فِي شِرَائِهِ بِمَا يَرَاهُ مِنَ الْأَثْمَانِ وَقَبْضِ الثَّمَنِ وَتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ لمبتاعه وَكتب مَا يجب كتبه وَقضى مَا عَلَيْهِ من الدّين الْفُلَانِيّ ولمعين فِيهِ وَأَخَذَ الْحُجَّةَ مِنْهُ وَالْإِشْهَادَ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ الْمَذْكُورِ مِنْ يَدِهِ عَلَى الْمُقِرِّ الْمَذْكُورِ وَكَّلَهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَكَالَةً شَرْعِيَّةً قَبِلَهَا مِنْهُ قَبُولًا شَرْعِيًّا أَقَامَهُ فِي ذَلِك مقَام نَفسه ورضيه وَاخْتَارَ تَصَرُّفَهُ لِعِلْمِهِ بِدِينِهِ وَأَمَانَتِهِ وَإِنْ نَزَلَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّهْنِ قُلْتَ أَقَرَّ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْمُقَرُّ لَهُ بَاطِنَهُ عِنْدَ شُهُودِهِ إِقْرَارًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا وَأَبْطَلَ حَقَّهُ مِنْ تَوَثُّقِهِ وَسَلَّمَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ الْمَذْكُورَ لِلرَّاهِنِ عَلَى صِفَتِهِ الْأُولَى يَتَسَلَّمُهُ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ حَادِثٍ غَيَّرَهُ عَنْ صِفَتِهِ الْأُولَى وَذَلِكَ بَعْدَ النَّظَرِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالْإِحَاطَةِ

(الباب الثاني عشر في الحوالة)

(الْبَابُ الثَّانِي عَشَرَ فِي الْحَوَالَةِ) أَقَرَّ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ عِنْدَ شُهُودِهِ إِقْرَارًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا أَنَّهُ أَحَالَ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ الْمقر لَهُ بَاطِنه فلَان بن فلَان بِمَالِه فِي ذِمَّتِهِ مِنَ الدَّيْنِ الْمُعَيَّنِ بَاطِنَهُ وَهُوَ كَذَا عَلَى حُكْمِ مَا ذُكِرَ بَاطِنَهُ وَذَلِكَ تطيرنا لفُلَان الْمثنى باسمه الْمحَال فِي ذمَّته فُلَانٍ الْمُبْدَأِ بِاسْمِهِ الْمُحِيلِ مِنَ الدَّيْنِ الَّذِي اعْتَرَفَ بِهِ عِنْدَ شُهُودِهِ وَهُوَ قَدْرُ الْمَبْلَغِ الْمُحَالِ بِهِ فِي الْقَدْرِ وَالْجِنْسِ وَالصِّفَةِ وَالِاسْتِحْقَاقِ حَوَالَةً صَحِيحَةً شَرْعِيَّةً قَبِلَهَا مِنْهُ قَبُولًا شَرْعِيًّا وَرَضِيَ قَبُولًا شَرْعِيًّا وَرَضِيَ بِذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ تَعَاقَدَا ذَلِكَ مُعَاقَدَةً صَحِيحَةً شَرْعِيَّةً وَافْتَرَقَا عَنْ ترَاض وبحكم ذَلِك بَرِئت ذمَّة الْمُحِيل المبدا بِاسْمِهِ مِنَ الدَّيْنِ الَّذِي كَانَ فِي ذِمَّتِهِ وَهُوَ نَظِيرُ مَا أَحَالَ بِهِ فِي قَدْرِهِ وَجِنْسِهِ وَصِفَتِهِ وَاسْتِحْقَاقِهِ بَرَاءَةً صَحِيحَةً شَرْعِيَّةً بَرَاءَةَ إِسْقَاطٍ قَبِلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ذَلِكَ مِنَ الْآخَرِ لِنَفْسِهِ قَبُولًا شَرْعِيًّا وَتُؤَرِّخُ

(الباب الثالث عشر في الشركة)

(الْبَابُ الثَّالِثَ عَشَرَ فِي الشَّرِكَةِ) أَقَرَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ وَفُلَانِ بن فلَان عِنْد شُهُوده إِقْرَارا صَحِيحا شَرْعِيًّا أَنَّهُمَا اشْتَرَكَا عَلَى تَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى وَإِيثَارِ طَاعَتِهِ وَخَوْفِهِ وَمُرَاقَبَتِهِ وَالنَّصِيحَةِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ وَالْعَمَلِ بِمَا يُرْضِي اللَّهَ تَعَالَى فِي الْأَخْذِ وَالْعَطَاءِ وَهُوَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَخْرَجَ مِنْ مَالِهِ وَصُلْبِ حَالِهِ مِنَ الدَّرَاهِمِ النُّقْرَةِ الْجَيِّدَةِ الْفِضَّةِ الْبَيْضَاءِ الْمُتَعَامَلِ بِهَا بِالدِّيَارِ الْفُلَانِيَّةِ كَذَا درهما وخلط ذَلِكَ حَتَّى صَارَ جُمْلَةً وَاحِدَةً وَنَقْدًا وَاحِدًا لَا يَتَمَيَّزُ بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ جُمْلَتُهُ كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا وَوَضَعَا أَيْدِيَهُمَا عَلَى هَذَا الْمَالِ واتفقا وتراضيا على أَنَّهُمَا يتنازعان بِهِ من مَدِينَة كَذَا مَا احبا وارادا مِنْ أَصْنَافِ الْبَضَائِعِ وَأَنْوَاعِ الْمَتَاجِرِ يَجْلِسَانِ بِهِ فِي حَانُوتٍ فِي الْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ أَوْ تَقُولُ لِيُسَافِرَا بِهِ إِلَى الْبَلَدِ الْفُلَانِيَّةِ فِي الْبَرِّ أَوِ الْبَحْرِ أَوْ هَمَّا الْبَحْرَ الْمَالِحَ أَوِ الْعَذْبَ وَيَتَوَلَّيَانِ بَيْعَ ذَلِكَ بِأَنْفُسِهِمَا وَبِمَنْ يَخْتَارَانِ مِنْ وُكَلَائِهِمَا وَنُوَّابِهِمَا وَغَيْرَ ذَلِكَ عَلَى مَا يَرَيَانِ فِي ذَلِكَ مِنَ الْمَصْلَحَةِ وَيَبِيعَانِ ذَلِكَ بِالنَّقْدِ دون النَّسِيئَة وينسبان الْمَبِيع لمبتاعه ويتعارضان بِالثَّمَنِ مَا أَحَبَّا وَأَرَادَا مِثْلَ ذَلِكَ وَيُرِيدَانِ هَذَا الْمَالَ فِي أَيْدِيهِمَا عَلَى ذَلِكَ كَذَلِكَ حَالًا بَعْدَ حَالٍ وَفِعْلًا بَعْدَ فِعْلٍ وَمَهْمَا فتح اللَّهُ فِي ذَلِكَ مِنْ رِبْحٍ وَفَائِدَةٍ بَعْدَ إِخْرَاجِ رَأْسِ الْمَالِ وَالْمُؤَنِ وَالْكُلَفِ وَحَقِّ اللَّهِ إِنْ وَجَبَ كَانَ الرِّبْحُ مَقْسُومًا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ بِالسَّوِيَّةِ تعاقدا ذَلِكَ مُعَاقَدَةً صَحِيحَةً شَرْعِيَّةً شِفَاهًا بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَأَذِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْأَخْذِ وَالْعَطَاءِ فِي غَيْبَةِ صَاحِبِهِ وَحُضُورِهِ اذنا شَرْعِيًّا قبل كُلٌّ مِنْهُمَا مِنَ الْآخَرِ قَبُولًا شَرْعِيًّا وَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا أَدَاءُ الْأَمَانَةِ

(فصل)

وَتَجَنُّبُ الْخِيَانَةِ وَاتِّقَاءُ اللَّهِ تَعَالَى فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ وَالنَّصِيحَةُ لِصَاحِبِهِ وَمُعَامَلَةُ شَرِيكِهِ بِالْمَعْرُوفِ وَالْإِنْصَافِ وَعَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَيْهِ مِنَ الْعَمَلِ وَالتَّنْمِيَةِ مَا عَلَى صَاحِبِهِ وَأَنَّ تَصَرُّفَ كُلٍّ مِنْهُمَا جَائِزٌ عَلَى صَاحِبِهِ لَا يَحِلُّ لَهُ عَقْدًا وَلَا يَنْتَقِصُ لَهُ بَيْعًا إِلَّا أَنْ يَخْرُجَ عَنْ مَنْهَجِ الْتِمَاسِ النَّفْعِ ثُمَّ تُؤَرِّخُ وَتَقُولُ بَعْدَ التَّارِيخِ وَالْكِتَابِ عَقْدَانِ يَشْهَدُ كُلُّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ (فَصْلٌ) وَتَكْتُبُ فِي شَرِكَةِ الابدان اشْترك فلَان بن فلَان وَفُلَان الْحَدَّادَانِ فِي عَمَلِ الْحَدِيدِ بِسُوقِ كَذَا مِنْ مَدِينَة كَذَا بعد ان فِي حَانُوتٍ وَاحِدٍ وَيَعْمَلَانِ فِيهِ عَلَى السَّوَاءِ بَعْدَ أَنْ يُقِيمَا مِنْ أَمْوَالِهِمَا بِالسَّوَاءِ مَا يَحْتَاجَانِ إِلَيْهِ فِي الصِّنَاعَةِ مِنْ آلَةٍ وَغَيْرِهَا وَيَكُونُ مَا أَفَاءَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمَا فِيهِ مِنْ رِزْقٍ بِالسَّوِيَّةِ وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى وَبَذْلُ النَّصِيحَةِ وَإِخْلَاصُ النِّيَّةِ وَالِاجْتِهَادُ ثُمَّ تُكْمِلُ الْعَقْدَ وَتَقُولُ فِي غَيْرِ الصَّنْعَةِ اشْتَرَكَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ السِّمْسَارَانِ أَوِ الْحَمَّالَانِ لِلَّبَنِ أَوْ لِغَيْرِهِ أَوِ السِّمْسَارَانِ لِلرَّقِيقِ أَوْ لِغَيْرِهِ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مَعَ صَاحِبِهِ لَا يَفْتَرِقَانِ مَعَ بَذْلِ الْجُهْدِ وَالنَّصِيحَةِ وَاجْتِنَابِ الْخِيَانَةِ وَتُكْمِلُ الْعَقْدَ

(الباب الرابع عشر في العارية)

(الْبَابُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي الْعَارِيَةِ) أَقَرَّ فُلَانُ بن فلَان عِنْد فُلَانٍ الْمُثَنَّى بِذِكْرِهِ عَلَى ذَلِكَ تَصْدِيقًا شَرْعِيًّا وَهُوَ جَمِيعُ الدَّارِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِيهِ وَهِيَ فِي الْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ بِالِاسْمِ الْفُلَانِيِّ وَمِنْ صِفَتِهَا كَذَا وَتُحَدَّدُ عَارِيَةً صَحِيحَةً شَرْعِيَّةً مُسَلَّمَةً مَقْبُوضَةً بيد المسعتير باذنه لَهَا فِي ذَلِكَ وَذَلِكَ بَعْدَ النَّظَرِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالْمُعَايَنَةِ الصَّحِيحَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَعَلَى هَذَا الْمُسْتَعِيرِ حِفْظُ الْعَارِيَةِ الْمَذْكُورَةِ وَلَهُ الِانْتِفَاعُ بِهَا انْتِفَاعَ مِثْلِهِ بِمِثْلِهَا وَعَلِيهِ اعارتها لِلْمُعِيرِ عَلَى الصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ وَعَلِمَ الْمُسْتَعِيرُ جَمِيعَ ذَلِك واحاط بِهِ وتؤرخ وان كَانَ دَابَّةً رُكُوبُهَا الْمَسَافَةَ وَلِلْحَمْلِ ذَكَرْتَ مِقْدَارَهُ وَجِنْسَهُ أَوْ حُلِيًّا ذَكَرْتَ مَا يَلِيقُ بِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ تَزِيدَ فِي الْقَبْضِ أَنَّهُ فِي صِحَّةِ الْمُعِيرِ وَجَوَازِ أَمْرِهِ حَذَرًا مِنْ تَبَرُّعَاتِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ أَقَرَّ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْعَيْنِ الْمُسْتَعَارَةِ إِلَّا بِطَرِيقِ الْعَارِيَةِ سَدًّا لِدَعْوَى الْمِلْكِ

(الباب الخامس عشر في الهبة)

(الْبَابُ الْخَامِسَ عَشَرَ فِي الْهِبَةِ) أَقَرَّ فُلَانُ بن فلَان عِنْد شُهُوده إِقْرَارا صَحِيحا شَرْعِيًّا أَنَّهُ وَهَبَ لِوَلَدِهِ لِصُلْبِهِ فُلَانٍ الرَّجُلِ الْكَامِلِ الرَّشِيدِ الَّذِي اعْتَرَفَ أَنَّ لَا حِجْرَ لَهُ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَهُ وَفِي يَدِهِ وَمِلْكِهِ وَتَصَرُّفِهِ وَهُوَ جَمِيعُ الدَّارِ الَّتِي بِالْمَوْضِعِ الْفُلَانِيِّ وَتُوصَفُ وَتُحَدَّدُ بِحُدُودِهَا وَحُقُوقِهَا هِبَةً صَحِيحَةً شَرْعِيَّة جَائِزَة نَافِذَة مَاضِيَةً بِغَيْرِ عِوَضٍ عَنْهَا وَلَا قِيمَةٍ قَبِلَهَا مِنْهُ قَبُولًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا وَسَلَّمَ الْوَاهِبُ لِلْمَوْهُوبِ مَا وهبه فِيهِ فَتَسَلَّمَهُ مِنْهُ وَصَارَ بِيَدِهِ وَقَبْضِهِ وَحَوْزِهِ وَبِحُكْمِ ذَلِك وَجب لَهُ التَّصَرُّف فِيهَا تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ فِي أَمْلَاكِهِمْ وَذِي الْحُقُوقِ فِي حُقُوقِهِمْ وَأَقَرَّا أَنَّهُمَا عَارِفَانِ بِذَلِكَ الْمَعْرِفَةَ الشَّرْعِيَّةَ النَّافِيَةَ لِلْجَهَالَةِ وَتُؤَرِّخُ وَإِنْ وَهَبَ لِمَنْ تَحْتَ حِجْرِهِ قُلْتَ وَقَبِلَ ذَلِكَ الْوَاهِبُ مِنْ نَفْسِهِ لِوَلَدِهِ الْمَذْكُورِ بِحُكْمِ أَنَّهُ تَحْتَ حِجْرِهِ وَوِلَايَةِ نَظَرِهِ قَبُولًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا وَتَسَلَّمَ مِنْ نَفْسِهِ لِوَلَدِهِ الْمَذْكُورِ مَا وَهَبَهُ فِيهِ التَّسْلِيمَ الشَّرْعِيَّ وَرَفَعَ يَدَ مُلْكِهِ عَنْهُ وَوَضَعَ عَلَيْهِ يَدَ نَظَرِهِ وَوِلَايَتِهِ وَأَقَرَّ أَنَّهُ عَارِفٌ بِذَلِكَ الْمَعْرِفَةَ الشَّرْعِيَّةَ وَإِنْ كَانَتْ هِبَةَ ثَوَابٍ قُلْتَ بَعْدَ وَصْفِهَا وَتَحْدِيدِهَا وَهَبَهَا لَهُ عَلَى سُنَّةِ هِبَةِ الثَّوَابِ وَحُكْمِهَا وَرَضِيَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِذَلِكَ وَالْتَزَمَ مُوجَبَهَا وَقَبِلَهَا وَتَسَلَّمَهَا تَسْلِيمَ مِثْلِهَا بَعْدَ الْمُعَاقَدَةِ الصَّحِيحَة الشَّرْعِيَّة بالانجاب وَالْقَبُولِ وَالْمَعْرِفَةِ النَّافِيَةِ لِلْجَهَالَةِ وَتُكْمِلُ الْعَقْدَ (فَصْلٌ) وَتَكْتُبُ فِي الِاعْتِصَارِ حَضَرَ إِلَى شُهُودِهِ يَوْمَ تَارِيخِهِ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَهُوَ الْوَاهِبُ بَاطِنَهُ الْمُسَمَّى الْمُحَلَّى فِيهِ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى نَفْسِهِ طَائِعًا مُخْتَارًا أَنَّهُ رَجَعَ فِي الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ بَاطِنَهُ الَّتِي كَانَ وَهَبَهَا لِوَلَدِهِ الْمَذْكُورِ بَاطِنَهُ فُلَانًا رُجُوعا صَحِيحا

شَرْعِيًّا واعادها إِلَى ملكه وَبِيَدِهِ وتصرفه وابطل حكمهَا وَنقض شَرطهَا وتسلمها تَسْلِيم مِثْلِهِ لِمِثْلِهَا وَأَقَرَّ أَنَّهُ عَارِفٌ بِهَا الْمَعْرِفَةَ الشَّرْعِيَّةَ وَكَانَ اعْتِصَارُهُ هَذَا وَالدَّارُ الْمَذْكُورَةُ بَاقِيَةٌ عَلَى حَالِهَا لَمْ تَتَغَيَّرْ بِمَا يَمْنَعُ الِاعْتِصَارَ فِيهَا وَشَهِدَ عَلَى إِشْهَادِهِ بِذَلِكَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ فِي تَارِيخِ كَذَا

(الباب السادس عشر في الشفعة)

(الْبَابُ السَّادِسَ عَشَرَ فِي الشُّفْعَةِ) حَضَرَ إِلَى شُهُودِهِ يَوْمَ تَارِيخِهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَأَعْلَمَ فُلَانٌ الْمُبْدَأُ بِاسْمِهِ فُلَانًا الْمُشْتَرِيَ بَاطِنَهُ الَّذِي فِي مِلْكِهِ مِنَ الدَّارِ الْمَوْصُوفَةِ الْمَحْدُودَةِ بَاطِنَهُ كَذَا وَكَذَا سَهْمًا مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا شَائِعًا مِنْ جَمِيعِ الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ بَاطِنَهُ وَأَنَّ مِلْكَهُ لَهَا سَابِقٌ عَلَى ابْتِيَاعِ الْمُشْتَرِي بَاطِنَهُ الْحِصَّةَ الَّتِي ابْتَاعَهَا بَاطِنَهُ وَأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ أَخْذَهَا مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَقَامَ عَلَى الْفَوْرِ عِنْدَ سَمَاعِهِ بِابْتِيَاعِ الْحِصَّةِ بَاطِنَهُ مِنْ غَيْرِ إِهْمَالٍ وَلَا عَاقِبَةٍ وَاجْتَمَعَ بِالْمُشْتَرِي الْمَذْكُورِ فَصَدَّقَهُ عَلَى صِحَّةِ ذَلِك جَمِيعه تَصْدِيقًا شَرْعِيًّا وَالْتمس مِنْهُ بِنَظِيرِ الثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَهُ لِلْبَائِعِ الْمَذْكُورِ بَاطِنَهُ عَنِ الْحِصَّةِ الْمَذْكُورَةِ بَاطِنَهُ فَأَحْضَرَهُ إِلَيْهِ بِكَمَالِهِ وَهُوَ مِنَ الْعَيْنِ الْمِصْرِيِّ كَذَا وَأَقْبَضَهُ لَهُ وَتَسَلَّمَهُ وَصَارَ بِيَدِهِ وَحَوْزِهِ وَتَسَلَّمَ الْمُسْتَشْفَعُ الْمَذْكُورُ الْحِصَّةَ الْمُشَارَ إِلَيْهَا بَاطِنَهُ وَمَبْلَغُهَا كَذَا وَكَذَا سَهْمًا مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا شَائِعًا مِنْ جَمِيعِ الدَّارِ الْمَوْصُوفَةِ الْمَحْدُودَةِ بَاطِنَهُ مِنَ الْمُشْتَرِي الْمَذْكُورِ وَصَارَتْ بِيَدِهِ وَبِقَبْضِهِ وَحَوْزِهِ وَمِلْكِهِ بِحَقِّ هَذِه الشُّفْعَة وَأقر أَنَّهُمَا عَارِفَانِ بِهَا الْمَعْرِفَةَ الشَّرْعِيَّةَ النَّافِيَةَ لِلْجَهَالَةِ وبحكم ذَلِك تكمل لفُلَان المستشفع لما فِي ملكه مُتَقَدما وبهذه الْحِصَّةِ جَمِيعُ الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ بَاطِنَهُ بِالشُّفْعَةِ الْمَذْكُورَةِ وَلَمْ يَبْقَ لِفُلَانٍ الْمُشْتَرِي بَاطِنَهُ فِي الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ بَاطِنَهُ حَقٌّ وَلَا طَلَبٌ بِسَبَبِ مُلْكٍ وَلَا يَدٌ وَلَا ابْتِيَاعٌ وَلَا حَقٌّ مِنَ الْحُقُوق الشَّرْعِيَّة وبمضمونه شهد عَلَيْهَا وَتُؤَرِّخُ وَقَوْلُكَ عَلَى الْفَوْرِ احْتِرَازًا مِنْ مَذْهَبِ ش وَعِنْدَ مَالِكِ السَّنَةُ وَنَحْوُهَا لَا تَضُرُّ الْحَاضِرَ الْمُتَمَكِّنَ فَإِنْ نَازَعَ الْمُشْتَرِي الشَّفِيعَ فِي مِلْكِهِ وَقَبُولِ الْقِسْمَةِ الْمِلْكِ

عَنْهُ الْحَاكِمُ أَوَّلًا سَابِقًا عَلَى عَقْدِ الْمُشْتَرِي وَأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْهُ إِلَى الْآنَ بِمَحْضَرٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي إِثْبَاتِ الْإِمْلَاكِ ثُمَّ مَحْضَرِ الْقَبُولِ لِلْقِسْمَةِ وَصِفَتُهُ شَهِدَ الشُّهُودُ الْوَاضِعُونَ خُطُوطَهُمْ آخِرَ هَذَا الْمَحْضَرِ وَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِالْعَقَارِ وَتَقْوِيمِهِ وَقِسْمَتِهِ وَتَعْدِيلِهِ أَنَّهُمْ صَارُوا بِإِذْنٍ شَرْعِيٍّ مِنَ الْقَاضِي فُلَانٍ الْحَاكِمِ بِالدِّيَارِ الْفُلَانِيَّةِ أَدَامَ اللَّهُ أَيَّامَهُ وَأَعَزَّ أَحْكَامَهُ إِلَى حَيْثُ الدَّارُ الَّتِي ذَكَرَهَا فِيهِ الْجَارِي مِنْهَا حِصَّةٌ مَبْلَغُهَا كَذَا سَهْمًا فِي مِلْكِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ مُتَنَجِزَا الْمَحْضَرَ الْأَوَّلَ الْمَذْكُورَ الْمُسْتَشْفَعَ فِيهِ وَحِصَّتُهُ مَبْلَغُهَا كَذَا سَهْمًا فِي مِلْكِ فُلَانٍ الْمُشْتَرِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمَذْكُورِ الْمُنْتَقِلَةُ إِلَيْهِ بِالِابْتِيَاعِ الشَّرْعِيِّ مِنْ شَرِيكِ الشَّفِيعِ الْمَذْكُورِ لِكَشْفِ حَالِهَا وَمَعْرِفَةِ حُكْمِهَا وَتَفْصِيلِهَا وَسَبَبِ طَلَبِ الشُّفْعَةِ مِنْ مُنْتَجِزِ هَذَا الْمَحْضَرِ بِحُكْمِ ابْتِيَاعِ الْمُشْتَرِي حِصَّتَهُ فِيهَا ودخوله على المستشفع وَأَنَّهَا هَل يتهيا فِيهَا قِسْمَةُ التَّعْدِيلِ الْمُوجِبَةُ الْمُقْتَضِيَةُ لِجَبْرِ الشَّرِيكِ أَمْ لَا فَأَلْفَوْهَا بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ بِالْمَوْضِعِ الْفُلَانِيِّ وَتُوصَفُ وَتُحَدَّدُ وَتَأَمَّلُوهَا وَأَحَاطُوا بِهَا عِلْمًا وَخِبْرَةً فَوَجَدُوهَا قَابِلَةً لِقِسْمَةِ التَّعْدِيلِ الْمُوجِبَةِ لِجَبْرِ الشَّرِيكِ وشهدوا أَنَّهَا يُمكن قسمتهَا جزئين أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ عَلَى قَدْرِ مِلْكِ الشُّرَكَاءِ كُلُّ جُزْءٍ مُسَاوٍ لِلْجُزْءِ الْآخَرِ فِي الْقِسْمَةِ وَالِانْتِفَاعِ بِهِ شَهِدُوا بِذَلِكَ بِسُؤَالِ مَنْ جَازَتْ مَسْأَلَتُهُ وَشَرَعَتِ الشَّرِيعَةُ الْمُطَهَّرَةُ إِجَابَتَهُ وَتُؤَرِّخُ ثُمَّ يَشْهَدُونَ عِنْدَ الْحَاكِمِ ثُمَّ يَكْتُبُ عَلَى ظَهْرِ المحضرين اسجال الْحَاكِم هَذَا مَا أشهد علينا سَيِّدُنَا قَاضِي الْقُضَاةِ وَحَاكِمُ الْحُكَّامِ مُفْتِي الْأَنَامِ جَلَالُ الْأَحْكَامِ قُدْوَةُ الْعُلَمَاءِ الْأَعْلَامِ مُرْشِدُ الْأُمَّةِ إِمَامُ الْأَئِمَّةِ فُلَانُ الدِّينِ بَقِيَّةُ السَّلَفِ عِمَادُ الْخَلَفِ وَلِيُّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدٌ الْحَاكِمُ بِالدِّيَارِ الْفُلَانِيَّةِ كُلِّهَا أَدَامَ اللَّهُ تَعَالَى أَيَّامَهُ وَأَعَزَّ أَحْكَامَهُ مَنْ حَضَرَ مَجْلِسَ حُكْمِهِ وَقَضَائِهِ وَمَحَلَّ وِلَايَتِهِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ نَافِذُ الْقَضَاءِ وَالْحُكْمِ مَاضِيهُمَا أَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَهُ وَصَحَّ لَدَيْهِ فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ الْمَذْكُورِ بِمَحْضَرٍ مِنْ مُتَكَلِّمٍ جَائِزٌ كَلَامُهُ مَسْمُوعَةٌ دَعْوَاهُ عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ مَضْمُونُ الْمَحْضَرَيْنِ الْمَسْطُورَيْنِ بَاطِنَهُ أَحَدُهُمَا وَهُوَ الْأَوَّلُ وَتَذْكُرُ الْقِصَّةَ ثُمَّ تَقُولُ وَقَدْ قَامَ كُلٌّ مِنْ شُهُودِهِ بِشَهَادَتِهِ بِذَلِكَ عِنْدَ الْحَاكِمِ الْمَذْكُورِ عَلَى مَا تَضَمَّنَهُ الْمَحْضَرُ الْأَوَّلُ الْمُؤَرَّخُ بِكَذَا وَقَبِلَ ذَلِكَ

(فصل)

الْقَبُولَ السَّائِغَ فِيهِ وَأَعْلَمَ تَحْتَ رَسْمِ شَهَادَتِهِ عَلامَة الْأَدَاء وَالْقَبُول على الرَّسْم الْمَعْهُود فِي مِثْلِهِ فَلَمَّا تَكَامَلَ ذَلِكَ عِنْدَهُ وَصَحَّ لَدَيْهِ أَشْهَدَ عَلَيْهِ بِثُبُوتِ الْمَحْضَرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ لَدَيْهِ عَلَى الْوَجْه الشَّرْعِيّ فَحِينَئِذٍ ساله الْمَحْضَرَيْنِ الْمُدَّعِي الْمَذْكُورُ الْحُكْمَ لَهُ بِمُقْتَضَى مَا ثَبَتَ لَهُ عِنْدَهُ فَأَوْجَبَ لَهُ الشُّفْعَةَ الْمَذْكُورَةَ وَأَلْزَمَهُ الْحَاكِمُ الْقِيَامَ بِنَظِيرِ الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ الَّذِي ابْتَاعَ بِهِ الْحِصَّةَ مِنْ شَرِيكِ الْمُدَّعِي الْمَذْكُورِ وَهُوَ كَذَا وَأَنَّهُ حَكَمَ عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي الْمَذْكُورِ بِتَسْلِيمِ الْحِصَّةِ الَّتِي ابْتَاعَهَا مِنْ شَرِيكِ الشَّفِيعِ وَهِيَ كَذَا سَهْمًا لِفُلَانٍ الْمُدَّعِي مُنْتَجِزَ الْمَحْضَرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ بِحُكْمِ ثُبُوتهَا عِنْدَهُ فَحِينَئِذٍ أَشْهَدَ فُلَانٌ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ قَبَضَ مِنَ الشَّفِيعِ نَظِيرَ الثَّمَنِ الَّذِي قَامَ بِهِ الْبَائِعُ وَهُوَ كَذَا عَنِ الْحِصَّةِ الَّتِي ابْتَاعَهَا وَصَارَ بِيَدِهِ وَقَبْضِهِ وَحَوْزِهِ وَسَلَّمَ لِلشَّفِيعِ الْمَذْكُورِ الْحصَّة الْمَذْكُورَة الثَّابِت أَحدهمَا م الشُّفْعَةِ وَهِيَ كَذَا سَهْمًا فَتَسَلَّمَهَا مِنْهُ وَصَارَتْ بِيَدِهِ وَقَبْضِهِ وَحَوْزِهِ وَمِلْكًا مِنْ جُمْلَةِ أَمْلَاكِهِ وَمَالًا مِنْ جُمْلَةِ أَمْوَالِهِ وَأَضَافَهَا إِلَى مَا يَمْلِكُهُ مِنَ الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ فَكَمُلَتْ لَهُ جَمِيعُ الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ فَلَمَّا تَكَامَلَ ذَلِكَ عِنْدَهُ كُلُّهُ سَأَلَهُ مَنْ جَازَ سُؤَالُهُ الْإِشْهَادَ عَلَى نَفْسِهِ الْكَرِيمَة بِثُبُوتِهِ ذَلِكَ عِنْدَهُ وَالْحُكْمَ بِمُوجَبِهِ فَأَجَابَهُ إِلَى سُؤَالِهِ وَأَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِثُبُوتِ ذَلِكَ عِنْدَهُ وَحَكَمَ بِمُوجَبِهِ وَأَبْقَى كُلَّ ذِي حُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ فِي ذَلِكَ عَلَى حُجَّتِهِ وَهُوَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ نَافِذ الْقَضَاء وَالْحكم ماضيهما بِعَدَمِ تَقَدُّمِ الدَّعْوَى الْمَسْمُوعَةِ وَمَا تَرَتَّبَ عَلَيْهَا وَتَقَدَّمَ أَدَامَ اللَّهُ أَيَّامَهُ بِكِتَابَةِ هَذَا الْإِسْجَالِ فَكُتِبَ عَنْ إِذْنِهِ مُتَضَمِّنًا لِذَلِكَ وَذَلِكَ بَعْدَ قِرَاءَتِهِ مَا تَضَمَّنَهُ بَاطِنَهُ عَلَى شُهُودِ هَذَا الْإِسْجَالِ وَأَشْهَدَ الشَّفِيعَ وَالْمُسْتَشْفَعَ عَلَيْهِمَا بِمَا نُسِبَ إِلَى كل مِنْهُمَا باعاليه وَذَلِكَ بِتَارِيخِ كَذَا (فَصْلٌ) وَتَكْتُبُ فِي أَخْذِ الْوَلِيِّ وَالْحَاكِمِ لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ أَقَرَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ فُلَانِ بْنِ

فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ وَهُوَ كَافِلُ وَلَدِهِ فُلَانٍ الْمُرَاهِقِ الَّذِي تَحْتَ حِجْرِهِ وَكَفَالَتِهِ وَوِلَايَةِ نَظَرِهِ وَفُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَهُوَ الْمُشْتَرِي بَاطِنَهُ عِنْدَ شُهُودِهِ طَوْعًا أَنَّ فُلَانًا الْمُبْدَأَ بِاسْمِهِ كَافِلٌ لِوَلَدِ لصُلْبِهِ الْمَذْكُورِ وَاجْتَمَعَ بِفُلَانٍ الْمُثَنَّى بِاسْمِهِ وَأَعْلَمَهُ أَنَّ فِي مِلْكِ وَلَدِهِ لِصُلْبِهِ الْمَذْكُورِ جَمِيعَ الْحِصَّةِ الَّتِي مَبْلَغُهَا كَذَا سَهْمًا مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا شَائِعًا مِنْ جَمِيعِ الدَّارِ الْمَوْصُوفَةِ وَالْمَحْدُودَةِ بَاطِنَهُ مِلْكًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا وَأَنَّ وَلَدَهُ الْمَذْكُورَ يَسْتَحِقُّ أَخْذَ الْحِصَّةِ الَّتِي ابْتَاعَهَا الْمُشْتَرِي الْمَذْكُورُ وَمَبْلَغُهَا كَذَا سَهْمًا شَائِعًا مِنْ جَمِيعِ الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ بِالشُّفْعَةِ الشَّرْعِيَّةِ بِحُكْمِ تَقَدُّمِ وَالِدِهِ الْمَذْكُورِ لِلْحِصَّةِ الَّتِي فِي يَدِهِ لِوَلَدِهِ الْمَذْكُورِ وبحكم ان الدَّار قَابِلَة للْقِسْمَة وَأَنَّ الثَّمَنَ الَّذِي قَامَ بِهِ الْمُشْتَرِي الْمَذْكُورِ لِلْبَائِعِ هُوَ ثَمَنُ الْمِثْلِ يَوْمَئِذٍ وَقِيمَةُ الْعَدْلِ وَأَنَّهُ قَامَ فِي طَلَبِهَا عَلَى الْفَوْرِ وَأَنَّ الْمُشْتَرِيَ الْمَذْكُورَ صَدَّقَهُ عَلَى ذَلِكَ جَمِيعِهِ تَصْدِيقًا شَرْعِيًّا وَالْتَمَسَ مِنْهُ الْقِيَامَ لَهُ بِنَظِيرِ مَا كَانَ دَفَعَهُ ثَمَنًا عَنِ الْحِصَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَهُوَ مِنَ الْعَيْنِ الْمِصْرِيِّ كَذَا وَأَنَّهُ أَجَابَهُ لِذَلِكَ وَسَلَّمَ لَهُ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ فُلَانٍ الَّذِي تَحْتَ يَدِهِ وَحَوْطَتِهِ نَظِيرَ الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ كَذَا دِينَار فَقبض مِنْهُ وَتَسَلَّمَهُ وَتَسَلَّمَ الْمُشْتَرِي الْمَذْكُورُ لِفُلَانٍ الْمُسْتَشْفَعِ لِوَلَدِهِ الْحِصَّةَ الْمُعَيَّنَةَ بَاطِنَهُ وَصَارَتْ فِي قَبْضِهِ وحوزه مَالِكًا لِوَلَدِهِ بِحَقِّ هَذَا الِاسْتِشْفَاعِ وَصَارَتْ بِيَدِهِ مُضَافَةً لِمَا فِي يَدِهِ مِمَّا هُوَ جَارٍ فِي مِلْكِ وَلَدِهِ وَبِحُكْمِ ذَلِكَ كَمُلَ لِوَلَدِهِ جَمِيعُ الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ بَاطِنَهُ وَأَقَرَّا أَنَّهُمَا عَارِفَانِ بِهَا الْمَعْرِفَةَ الشَّرْعِيَّةَ النَّافِيَةَ لِلْجَهَالَةِ وَتُؤَرِّخُ

(الباب السابع عشر في القسمة)

(الْبَابُ السَّابِعَ عَشَرَ فِي الْقِسْمَةِ) أَقَرَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ فُلَانٍ زَيْدٍ وَعَمْرٍو عِنْدَ شُهُودِهِ إِقْرَارًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا أَنَّ لَهُمَا وَفِي أَيْدِيهِمَا وَمِلْكِهِمَا وَتَصَرُّفِهِمَا نِصْفَيْنِ بِالسَّوِيَّةِ جَمِيعَ الدَّارِ وَتُوصَفُ وَتُحَدَّدُ مِلْكًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ بِالسَّوِيَّةِ وَأَنَّ مِلْكَهُمَا لِذَلِكَ سَابِقٌ عَلَى هَذَا الْإِقْرَارِ وَمُتَقَدِّمٌ عَلَيْهِ وَأَقَرَّا أَنَّهُمَا عَارِفَانِ بِهَا الْمَعْرِفَةَ الشَّرْعِيَّةَ وَأَنَّ يَدَهُمَا فِيهَا مُتَصَرِّفَةٌ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ فِي أَمْلَاكِهِمْ وَذَوِي الْحُقُوقِ فِي حُقُوقِهِمْ مِنْ غَيْرِ مَانِعٍ وَلَا مُعْتَرِضٍ وَلَا رَافِعٍ لِيَدٍ بِوَجْهٍ وَلَا بِسَبَبٍ وَتَصَادَقَا عَلَى ذَلِكَ تَصْدِيقًا شَرْعِيًّا فَلَمَّا كَانَ فِي يَوْمِ تَارِيخِهِ اتَّفَقَا وتراضيا على قسْمَة ذَلِك وتجزئته جزئين قِبْلِيٍّ وَبَحْرِيٍّ صِفَةُ الْقِبْلِيِّ كَذَا وَصِفَةُ الْبَحْرِيِّ كَذَا وَهُوَ صنفإن وَيُحَدَّدَانِ ثُمَّ بَعْدَ تَمَامِ ذَلِكَ اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو جَمِيعَ النِّصْفِ شَائِعًا مِنْ جَمِيعِ الْجُزْء القبلي شرات صَحِيحا شَرْعِيًّا قَاطعا مَاضِيا تقابضا وَافْتَرَقَا بِالْأَبْدَانِ عَنْ تَرَاضٍ بَعْدَ النَّظَرِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالْمُعَاقَدَة الشَّرْعِيَّة وبحكم بذلك وَمُقْتَضَاهُ كَمُلَ لِعَمْرٍو جَمِيعُ الْجُزْءِ الْقِبْلِيِّ وَكَمُلَ لِزَيْدٍ جَمِيعُ الْجُزْءِ الْبَحْرِيِّ وَتَصَادَقَا عَلَى ذَلِكَ تَصْدِيقًا شَرْعِيًّا وَتُؤَرِّخُ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُهَنْدِسُونَ كَتَبْتَ فِي ذَيْلِهِ وَذَلِكَ كُلُّهُ بَعْدَ أَنْ احضراه رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْهَنْدَسَةِ عَارِفَيْنِ بِمِسَاحَةِ الْأَرَاضِي وَذَرْعِهَا وَقِسْمَتِهَا وَقِيمَتِهَا وَهُمَا فُلَانٌ وَفُلَانٌ الْمُهَنْدِسَيْنِ عَلَى الْعَقَارِ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ إِلَى الْمَوْضِعِ الْمَذْكُورِ وَشَاهَدَاهُ وَأَحَاطَا بِهِ عِلْمًا وَخِبْرَةً وَقَسَّمَاهُ بَيْنَهُمَا جزئين كُلُّ جُزْءٍ مُسَاوٍ لِلْجُزْءِ الْآخَرِ فِي قِيمَتِهِ وَمَنْفَعَتِهِ لَا مَزِيَّةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ فِي قِيمَتِهِ وَمَنْفَعَتِهِ لَا مَزِيَّةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ عَلَى مَا شُرِحَ أَعْلَاهُ وَأَنَّهُمَا اتَّفَقَا وَتَرَاضَيَا على ذَلِك

(فصل)

وَرَضِيَا قَوْلَهُمَا وَفِعْلَهُمَا وَإِنْ تَقَارَعَا كَتَبْتَ وَذَلِكَ كُلُّهُ بَعْدَ أَنْ أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا قُرْعَةً شَرْعِيَّةً وَرَضِيَا بِهَا وَحَصَلَ الِاتِّفَاقُ عَلَى مَا ذُكِرَ أَعْلَاهُ وَتُؤَرِّخُ (فَصْلٌ) وَتَكْتُبُ فِي قِسْمَةِ الْحَوَانِيتِ وَنَحْوِهَا إِذَا وَصَلْتَ إِلَى قَوْلِكَ فَلَمَّا كَانَ فِي يَوْمِ تَارِيخِهِ قُلْتَ بَعْدَهُ رَغِبَا فِي قِسْمَتِهَا بَيْنَهُمَا بِالتَّعْدِيلِ وَالْقُرْعَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَأَنَّهُمَا أَحْضَرَا رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْهَنْدَسَةِ خَبِيرَيْنِ بِالْأَرَاضِي وَذَرْعِهَا وَقِيمَتِهَا وَقِسْمَتِهَا وَهُمَا فُلَانٌ وَفُلَانٌ الْمُهَنْدِسَانِ عَلَى الْعَقَارِ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ إِلَى الْحَوَانِيتِ الْمَذْكُورَةِ وَسَأَلَاهُمَا قِسْمَتَهَا بَيْنَهُمَا قِسْمَةً عَادِلَةً شَرْعِيَّةً بِالذَّرْعِ وَالْقِيمَةِ وَالْمَنْفَعَةِ وَأَقْرَعَا بَيْنَهُمَا قُرْعَةً صَحِيحَةً شَرْعِيَّةً جَائِزَةً مَرْضِيَّةً وَكَانَ الَّذِي حَصَلَ لِفُلَانٍ الْمُبْدَأِ بِاسْمِهِ جَمِيعَ الْحَوَانِيتِ الثَّلَاثَةِ وَتُوصَفُ وَتُحَدَّدُ الَّتِي قِيمَتُهَا كَذَا بِجَمِيعِ حَقِّهِ وَحِصَّتِهِ مِنْ جُمْلَةِ الْحَوَانِيتِ الْمَذْكُورَةِ وَكَانَ الَّذِي حَصَلَ لِفُلَانٍ الْمُثَنَّى بِاسْمِهِ جَمِيعُ الْحَوَانِيتِ وَتُوصَفُ وَتُحَدَّدُ الَّتِي قِيمَتُهَا كَذَا بِجَمِيعِ حَقِّهِ وَحِصَّتِهِ مِنَ الْحَوَانِيتِ الْمَذْكُورَةِ وَسَلَّمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ مَا وَجَبَ لِلْآخَرِ عَلَيْهِ تَسْلِيمُهُ بِمُقْتَضَى هَذِهِ الْقِسْمَةِ الْعَادِلَةِ وَتَسَلَّمَهُ مِنْهُ باذنه وَصَارَ بِيَدِهِ وقبضته وَحَوْزِهِ وَأَقَرَّا أَنَّهُمَا عَارِفَانِ بِذَلِكَ الْمَعْرِفَةَ الشَّرْعِيَّةَ تَعَاقَدَا عَلَى أَحْكَامِ هَذِهِ الْقِسْمَةِ عَلَى ذَلِكَ مُعَاقَدَةً صَحِيحَةً شَرْعِيَّةً شِفَاهًا بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ ثُمَّ تَفَرَّقَا بِالْأَبْدَانِ عَنْ تَرَاضٍ وَأَقَرَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ وَلَا طَلَبَ فِيمَا صَارَ لِصَاحِبِهِ مِمَّا ذُكِرَ أَعْلَاهُ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ الشَّرْعِيَّةِ كُلِّهَا عَلَى اخْتِلَافِهَا وَتَصَادَقَا عَلَى ذَلِكَ وَرَضِيَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِهَذِهِ الْقِسْمَةِ وَاعْتَرَفَا أَنَّ الَّذِي قُوِّمَ بِهِ كُلُّ مَوْضِعٍ قِيمَةَ الِمثْلِ يَوْمَئِذٍ لَا حَيْفَ فِيهَا وَلَا شَطَطَ وَلَا غَبِينَةَ وَلَا فَرْطَ وَتُؤَرِّخُ وَلَوْ وَقَعَتْ فِي دَارٍ فِيهَا بِئْرٌ ذَكَرْتَ لِمَنْ حَصَلَتْ لَهُ وَتَذْكُرُ صِفَةَ الْبُيُوتِ الَّتِي تَحْصُلُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَفَتْحَ أَبْوَابِهَا لِأَيِّ جِهَة وطرقها والجدرات الحائلة فِيهَا يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ أَوْ كَيْفَ يَقَعُ وَكَذَلِكَ تَسْتَوْعِبُ الصِّفَاتِ وَالْمَقَاصِدَ فِي كُلِّ مَقْسُومٍ

(الباب الثامن عشر في الوصايا)

(الْبَابُ الثَّامِنَ عَشَرَ فِي الْوَصَايَا) هَذَا مَا اوصى بِهِ فلَان بن فلَان حذارا مِنْ هُجُومِ الْمَنِيَّةِ وَعَمَلًا بِالسُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ وَامْتِثَالًا لِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَيْثُ نَدَبَ لِلْوَصِيَّةِ وَأَرْشَدَ وَعَلَّمَ فَقَالَ مَا مِنْ عَبْدٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ تَحْتَ رَأْسِهِ فَبَالَغَ فِي التَّعْلِيمِ وَأَفْهَمَ وَأَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ الْمَذْكُورَ فِي حَالِ عَقْلِهِ وَيُوصَفُ جِسْمُهُ وَحُضُورُ حِسِّهِ وَثُبُوتُ فَهْمِهِ وَجَوَازُ أَمْرِهِ وَهُوَ عَالِمٌ بأْرَكانِ الْإِسْلَامِ عَارِفٌ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مُتَمَسِّكٌ بِكِتَابِ اللَّهِ الْعَظِيمِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ الْكَرِيمِ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالتَّسْلِيمِ عَالِمٌ بِالْمَوْتِ وَحَقِيقَتِهِ والفتان ومسائلته مُتَيَقِّنٌ بِالْبَعْثِ وَالنُّشُورِ وَالصِّرَاطِ وَالْعُبُورِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَالْخُلُودِ وَالِاسْتِقْرَارِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إِلَى تَعْلِيمٍ وَلَا تَفْهِيمٍ وَذَكَرَ أَنَّ الَّذِي لَهُ مِنَ الْوَرَثَةِ الْمُسْتَحقّين لميراثه المستوعبين لجمعه زَوجته فُلَانَة ابْنة فُلَانٍ الَّتِي لَمْ تَزَلْ فِي عِصْمَتِهِ وَعَقْدِ نِكَاحِهِ إِلَى الْآنَ وَأَوْلَادُهُ مِنْهَا وَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَان لغير شَرِيكٍ لَهُمْ فِي مِيرَاثِهِ وَلَا حَاجِبَ يَحْجُبُهُمْ عَنِ اسْتِكْمَالِهِ وَأَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ لِزَوْجَتِهِ كَذَا وَأَنَّ ذَلِكَ باقٍ فِي ذِمَّتِهِ إِلَى الْآنَ وَأَنَّ الَّذِي لَهُ مِنَ الدَّيْنِ عَلَى فُلَانٍ كَذَا وَعَلَى فُلَانٍ كَذَا وَأَنَّ ذَلِكَ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِمْ إِلَى الْآنَ وَأَنَّ الَّذِي لَهُ مِنَ الْمَوْجُودِ الْجَارِيَةِ بِيَدِهِ وَمِلْكِهِ كَذَا وَيُعَيَّنُ إِنْ أَمْكَنَ وليشهد عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ دَبَّرَ مَمْلُوكَهُ فُلَانًا الْمُقِرَّ لَهُ بِالرِّقِّ وَالْعُبُودِيَّةِ تَدْبِيرًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا وَقَالَ لَهُ انت حر بعد موتِي وان ثَبت مَالِهِ الْمَفْسُوخِ لَهُ فِي إِخْرَاجِهِ صَدَقَةٌ وَأَشْهَدَ على نَفسه

أَنَّهُ وَصَّى فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ وَجَعَلَ لَهُ أَنَّهُ إِذَا نَزَلَ بِهِ حَادِثُ الْمَوْتِ الَّذِي كتبه الله على خَلِيفَته وَسَاوَى فِيهِ بَيْنَ بَرِيَّتِهِ أَنْ يَقْبِضَ جَمِيعَ مَوْجُودِهِ وَيَحُوزَهُ تَحْتَ يَدِهِ ثُمَّ يَبْدَأَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ بِتَجْهِيزِهِ وَتَغْسِيلِهِ وَتَكْفِينِهِ وَمُوَارَاتِهِ فِي قَبره مِمَّن يرَاهُ أَهلا لذَلِك على الاوضاع السرعية وَالسُّنَنِ النَّبَوِيَّةِ ثُمَّ يُسَارِعَ إِلَى قَضَاءِ دَيْنِهِ الْوَاجِب عَلَيْهِ وَبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ وَتَبْدِيلِ جِلْدَتِهِ وَيَأْخُذَ مِنْ ثلث مَاله من الْعين كَذَا دِينَار ليستاجر بِهِ رجلا مَشْهُورا بِالْخَيرِ والصللاح عَارِفًا باداء الْحَج من حج عَن على ان ينشيء السَّفَرَ مِنْ بَلَدِ كَذَا فِي الْبَرِّ أَوِ الْبَحْرِ الْمِلْحِ أَوِ الْحُلْوِ أَوْ هُمَا بِنِيَّةِ بِالْحَجِّ عَنْ هَذَا الْمُوصِي الْمَذْكُورِ وَتُكْمِلُ مَا تَقَدَّمَ فِي بَاب الاجارات عَلَى الْحَجِّ ثُمَّ تَقُولُ وَلِلْوَصِيِّ النَّاظِرِ أَنْ يُسَلِّمَ لَهُ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ فِي ابْتِدَاءِ مَسِيرِهِ لِيَكُونَ عَوْنًا لَهُ عَلَى هَذِهِ الْعِبَادَةِ وَعَلَى الْآجِرِ نَفْسِهِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِأَدَاءِ ذَلِك عَن الْمُوصى ليثبت علمه عِنْد الْمُوصي الْمَذْكُورِ ثُمَّ يَبِيعَ مَا يَرَى بَيْعَهُ وَيَقْتَضِي ثَمَنَهُ وَيَسْتَخْلِصُ مَا لَهُ مِنْ دَيْنٍ عَلَى أَرْبَابِهِ وَيَحُوزَ جَمِيعَ ذَلِكَ تَحْتَ يَدِهِ ثُمَّ يَصْرِفَ لِلْفُقَرَاءِ ثُلُثَ مَالِهِ الْمَفْسُوحِ لَهُ فِي إِخْرَاجِهِ فَيُقَدِّمُ الْمُدَبِّرُ الْمَذْكُورُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ وَيُثْبِتُ عِتْقَهُ وَتَسْتَوْعِبُ مَقَاصِدَ الْوَصِيَّةِ كُلِّهَا مُفَصَّلَةً ثمَّ تَقول ثمَّ تقسم بَاقِي المَال وَمَا يفضل من الثُّلُثِ الْمَفْسُوحِ لَهُ فِي إِخْرَاجِهِ عَلَى وَرَثَتِهِ بِالْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ فَيُسَلِّمُ لِلْبَالِغِ الرَّشِيدِ حِصَّتَهُ وَيَبْقَى مَا لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ تَحْتَ يَدِهِ مِنْ عَيْنٍ وَنَقْدٍ وَعَرَضٍ وَعَقَارٍ يَصْرِفُهُ عَلَيْهِ عَلَى وَجْهِ النّظر وَالِاحْتِيَاط إِلَى حِين بُلُوغه وَالنَّاس مرشدة من نَفَقَته وَمَا تدعوا الْحَاجة اليه وَمن بَلَغَ مِنْهُمْ أَشُدَّهُ وَآنَسَ النَّاظِرُ عَلَيْهِ صَلَاحَهُ وَرُشْدَهُ سَلَّمَ إِلَيْهِ مَا عَسَاهُ يَبْقَى لَهُ تَحت يَده من ذَلِك وَشهد عَلَيْهِ بِقَبْضِهِ اَوْ بِجَمِيعِ ذَلِكَ وَصِيَّةً صَحِيحَةً شَرْعِيَّةً ثَابِتَةً فِي حَيَاتِهِ مَعْمُولًا بِهَا بَعْدَ وَفَاتِهِ أَقَامَهُ فِيهَا مَقَامَ نَفْسِهِ لِعِلْمِهِ بِدِينِهِ وَأَمَانِتِهِ وَعَدَالَتِهِ وَلَهُ ان يستعه عَنهُ فِي

(فصل)

ذَلِكَ مَنْ يَرَاهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ تَصَرُّفُ ذَلِكَ الْوَصِيِّ كَانَ الْوَصِيُّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَحَاكِمُ الْمُسْلِمِينَ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ ثُمَّ تُؤَرِّخُ (فَصْلٌ) وَإِذَا كُلِّفْتَ إِثْبَاتَ الْأَهْلِيَّةِ كَتَبْتَ عَلَى ظَهْرِ الْوَصِيَّةِ شَهِدَ الشُّهُودُ الْوَاضِعُونَ خُطُوطَهُمْ آخِرَ هَذَا الْمَسْطُورِ وَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ الْبَاطِنَةِ فِيمَا شهدُوا بِهِ أَنهم يعْرفُونَ فلَان الْمُوصي الْمَذْكُورَ مَعْرِفَةً صَحِيحَةً شَرْعِيَّةً وَيَشْهَدُونَ أَنَّهُ أَهْلٌ لِمَا فَوَّضَ إِلَيْهِ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْمُوصِي الْمَذْكُورُ الْمُتَوَفَّى إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى مِنَ الْوَصِيَّةِ الْمَشْرُوحَةِ بَاطِنَهُ وَأَنَّهُ كَافِي التَّصَرُّفِ عَدْلٌ لَهُمْ وَعَلَيْهِمْ رِضًا يَعْلَمُونَ وَيَشْهَدُونَ بِهِ بِسُؤَالِ مَنْ جَازَتْ مَسْأَلَتُهُ وَسَوَّغَتِ الشَّرِيعَةُ الْمُطَهَّرَةُ إِجَابَتَهُ وتؤرخ

(الباب التاسع عشر في العتق)

(الْبَابُ التَّاسِعَ عَشَرَ فِي الْعِتْقِ) هَذَا مَا أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ شُهُودَ هَذَا الْعِتْقِ الْكَرِيمِ أَنَّهُ أَعْتَقَ فِي يَوْمِ تَارِيخِهِ بِكَذَا مَمْلُوكَهُ الْمُقِرَّ لَهُ بِالرِّقِّ وَالْعُبُودِيَّةِ الْمَدْعُو فُلَانٌ الْحَبَشِيَّ الْجِنْسِ الْمُسْلِمَ وَتَكْتُبُ فِي غَيْرِ الْبَالِغِ مَمْلُوكَهُ الْمُرَاهِقَ الْمَاثِلَ بِيَدِهِ عِنْدَ شُهُوده وعَلى عتقا صَحِيحًا لِوَجْهِ اللَّهِ الْكَرِيمِ وَطَلَبِ ثَوَابِهِ الْعَمِيمِ يَوْمَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُحْسِنِينَ وَلَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُتَصَدِّقِينَ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أمدا بَعيدا ويحذركم الله نَفسه وَالله رؤوف بالعباد} لقَوْل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْ أَعَتَقَ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً أَعَتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْهُ مِنَ النَّارِ حَتَّى الْفَرْجُ بِالْفَرْجِ فَقَدْ صَارَ فُلَانٌ حُرًّا مِنْ أَحْرَارِ الْمُسْلِمِينَ لَا سَبِيلَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ إِلَّا سَبِيلَ الْوَلَاءِ الشَّرْعِيِّ فَإِنَّهُ لِمُعْتِقِهِ وَلِمَنْ يَسْتَحِقُّهُ مِنْ بَعْدِهِ وَتُؤَرِّخُ (فَصْلٌ) وَتَكْتُبُ فِي التَّكْمِيلِ عَلَى الْمُعْتِقِ أَقَرَّ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ أَنَّهُ أَعْتَقَ مَا يَمْلِكُهُ مِنَ الْجَارِيَةِ الْمَذْكُورَةِ بَاطِنَهُ وَهُوَ النِّصْفُ مُوسِرًا وَأَنَّهُ مَعَ شَرِيكِهِ أَحْضَرَا رجلَيْنِ خبيرين بِقِيمَة الرَّقِيق وهما فلَان وَفُلَان وَقَوَّمَا النِّصْفَ الْبَاقِيَ فِي الْجَارِيَةِ يَوْمَ

الْعِتْقِ بِكَذَا دِرْهَمًا وَأَنَّهُمَا رَضِيَا قَوْلَهُمَا وَعَلِمَا أَنَّهُمَا قِيمَةُ الْمِثْلِ يَوْمَ ذَلِكَ وَأَنَّ فُلَانًا الْمُعْتِقَ دَفَعَ ذَلِكَ لِشَرِيكِهِ فَقَبَضَهُ مِنْهُ وَتَسَلَّمَهُ وَبِحُكْمِ ذَلِكَ عَتَقَ النِّصْفُ الثَّانِي مِنَ الْجَارِيَةِ عَلَى فُلَانٍ الْمَذْكُورِ عِتْقًا شَرْعِيًّا وَصَارَ الْعَبْدُ بِكَمَالِهِ حُرًّا مِنْ أَحْرَارِ الْمُسْلِمِينَ لَا سَبِيلَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ إِلَّا سَبِيلَ الْوَلَاءِ الشَّرْعِيِّ وَإِنْ كَانَ التَّكْمِيلُ بِحُكْمِ حَاكِمٍ ذَكَرْتَ صِفَةَ ثُبُوتِ الْقِيمَةِ عِنْدَهُ وَالْعِتْقَ وَالْمِلْكَ وَأَنَّهُ حَكَمَ بِذَلِكَ عَلَى وُجُوبِيَّةٍ انْقَضَتْ مِنْ أَسْمَاءِ الشُّهُودِ وَغَيْرِهِمْ

(الباب العشرون في التدبير)

(الْبَابُ الْعِشْرُونَ فِي التَّدْبِيرِ) هَذَا مَا دَبَّرَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ عَبْدَهُ فُلَانًا الْمُقِرَّ لَهُ بِالرِّقِّ وَالْعُبُودِيَّةِ الرُّومِيَّ أَوِ الْحَبَشِيَّ الْمُسْلِمَ تَدْبِيرًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا وَقَالَ لَهُ مَتَى مُتُّ فَأَنْتَ حُرٌّ مِنْ بَعْدِ مَوْتِي يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِي الْمَفْسُوحِ لِي فِي إِخْرَاجِهِ فَبِحُكْمِ ذَلِكَ صَارَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْمُدَبِّرِينَ لَهُ مَا لَهُمْ وَعَلَيْهِ مَا عَلَيْهِمْ وَتُؤَرِّخُ

(الباب الحادي والعشرون في الكتابة)

(الْبَابُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ فِي الْكِتَابَةِ) هَذَا مَا كَاتَبَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ مَمْلُوكَهُ الَّذِي بِيَدِهِ وَمِلْكِهِ الْمُقِرَّ لَهُ بِالرِّقِّ وَالْعُبُودِيَّةِ الْمَدْعُو فُلَانًا الْهِنْدِيَّ أَوِ الْحَبَشِيَّ الْمُسْلِمَ لِمَا يَعْلَمُ فِيهِ مِنَ الْخَيْرِ وَالدِّيَانَةِ وَالْأَمَانَةِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {فكاتبوهم إِن علمْتُم فيهم خيرا} وتحلى عَلَى مَالٍ جُمْلَتُهُ كَذَا دِينَارًا يَقُومُ بِهِ مُنَجَّمًا فِي سَلْخِ كُلِّ شَهْرٍ دِينَارٌ وَاحِدٌ مُكَاتَبَةً صَحِيحَةً شَرْعِيَّةً تَعَاقَدَاهَا بَيْنَهُمَا مُعَاقَدَةً شَرْعِيَّةً وَأَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْأَخْذِ وَالْعَطَاءِ وَمَتَى أَوْفَى ذَلِكَ كَانَ حُرًّا مِنْ أَحْرَارِ الْمُسْلِمِينَ لَهُ مَا لَهُمْ وَعَلَيْهِ مَا عَلَيْهِمْ لَا سَبِيلَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ إِلَّا سَبِيلَ الْوَلَاءِ الشَّرْعِيِّ وَلَوْ عَجَزَ وَلَوْ عَنِ الدِّرْهَمِ الْفَرْدِ كَانَ بَاقِيًا عَلَى حُكْمِ الْعُبُودِيَّةِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ وَبِمَضْمُونِهِ شَهِدَ عَلَيْهِمَا (فَصْلٌ) وَتَكْتُبُ فِي عَجُزِهِ حَضَرَ إِلَى شُهُودِهِ يَوْمَ تَارِيخِهِ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى نَفْسِهِ طَوْعًا مِنْهُ وَاخْتِيَارًا أَنَّهُ لَمَّا كَاتَبَ عَبْدَهُ فُلَانًا الْمَذْكُورَ الْمُسَمَّى الْمُحَلَّى بَاطِنَهُ إِلَى الْمُدَّةِ الْمُعَيَّنَةِ بَاطِنَهُ انْقَضَتِ الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ وَزَادَتْ مُدَّةً ثَانِيَةً وَاسْتَحَقَّتْ كَذَا دِينَارًا عَنْ قِسْطٍ وَلَمْ يَقُمْ لَهُ بِهَا وَصَدَّقَهُ الْعَبْدُ عَلَى ذَلِكَ وَاعْتَرَفَ أَنَّهُ عَاجِزٌ عَنِ الْقِيَامِ بِمَا فَضُلَ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ سَأَلَهُ بعد الِاسْتِحْقَاق الْمعبر عَلَيْهِ

إِلَى يَوْمِ تَارِيخِهِ لِيَسْعَى فِي تَحْصِيلِ مَا بَقِي عَلَيْهِ فيصبر عَلَيْهِ وَأَمْهَلَهُ إِلَى الْآنَ وَأَنَّهُ عَجَزَ عَنْ تَحْصِيلِ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ وَبِحُكْمِ ذَلِكَ فَسَخَ السَّيِّد الْمُكَاتبَة فسخا شَرْعِيًّا وتؤرخ وان كَانَ تَحَاكَمَا عِنْدَ حَاكِمٍ قُلْتَ حَضَرَ إِلَى شُهُودِهِ يَوْمَ تَارِيخِهِ مَنْ ذُكِرَ أَنَّهُ حَضَرَ إِلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ الْعَزِيزِ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ عِنْدَ سَيِّدِنَا الْقَاضِي فُلَانٍ الْحَاكِمِ بِهَا أَدَامَ اللَّهُ سَعَادَتَهُ كل وَاحِد من فلَان بن فلَان مَمْلُوكِهِ وَادَّعَى فُلَانٌ الْمُبْدَأُ بِاسْمِهِ عَلَى مَمْلُوكِهِ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَنَّهُ كَاتَبَهُ عَلَى جُمْلَةِ كَذَا وتنص الْكِتَابَة إِلَى اخرها ثمَّ تَقول صيره عَلَيْهِ الَّذِي تَقَدَّمَ ثُمَّ تَقُولُ فَصَدَّقَ سَيِّدُهُ على دَعْوَاهُ واعترف أَنه عَاجز على الْوَفَاءِ وَأَنَّهُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَحْصِيلِ مَا تَحَمَّلَ عَلَيْهِ فَحِينَئِذٍ سَأَلَهُ الْحَاكِمُ بِمَا يُوجِبُ الشَّرْعُ الشَّرِيفُ فَأَذِنَ الْحَاكِمُ الْمَذْكُورُ لِلسَّيِّدِ فِي فَسْخِ الْكِتَابَةِ الْمَذْكُورَةِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ وَتَصَادَقَا عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ فَحِينَئِذٍ فَسَخَ السَّيِّدُ الْمَذْكُورُ الْكِتَابَةَ الْمَذْكُورَةَ فَسَخًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا وَأَبْطَلَ حُكْمَهَا وَشَهِدَ عَلَيْهِمَا بِذَلِكَ بِتَارِيخِ كَذَا وَإِنْ كَانَ أَنْكَرَ عِنْدَ الْحَاكِمِ كَتَبْتَ بَعْدَ دَعْوَى الْعَجْزِ فَكَلَّفَهُ الْحَاكِمُ إِثْبَاتَ ذَلِكَ فَشَهِدَ عِنْدَهُ بِذَلِكَ فلَان وَفُلَان فَقبل شَهَادَتهمَا وَاعْلَم تَحت رسمها عَلَامَةَ الْأَدَاءِ وَالْقَبُولِ عَلَى الرَّسْمِ الْمَعْهُودِ وَأَعْلَمَ عَلَامَةَ الثُّبُوتِ عِنْدَهُ ثُمَّ سَأَلَ الْحَاكِمُ الْمَذْكُورُ الْمُكَاتَبَ الْمَذْكُورَ الْقِيَامَ بِمَا بَقِيَ عَلَيْهِ فَادَّعَى عَدَمَ الْقُدْرَةِ وَسَأَلَ التَّلَوُّمَ لَهُ فِيمَا حَلَّ عَلَيْهِ مِنْ نُجُومِهِ فَأَجَّلَهُ الْحَاكِمُ الْمَذْكُورُ فِي ذَلِكَ أَجَلًا بِقَدْرِ اجْتِهَادِهِ فَانْتَهَى ذَلِكَ الْأَجَلِ ثُمَّ حَضَرَ الْمُكَاتَبُ مَجْلِسَ نَظَرِهِ فَاعْتَرَفَ أَنَّهُ لَمْ يُؤَدِّ وَزَعَمَ أَنَّهُ سَاعٍ فِي الْأَدَاءِ فَتُلُوِّمَ لَهُ تَلَوُّمًا قَاطِعًا حَاسِمًا فَانْصَرَمَ وَلَمْ يُؤَدِّ وَأَقَرَّ بِذَلِكَ وَادَّعَى أَنَّهُ طَامِعٌ فِي الْأَدَاءِ فَبَانَ لِلْقَاضِي عَجْزُهُ فَعَجَّزَهُ لِلْعَجْزِ لَمَّا سَأَلَهُ فُلَانٌ السَّيِّدُ ذَلِكَ وَقَضَى بِرَدِّهِ فِي الرِّقِّ وَفَسْخِ كِتَابَتِهِ وَعَادَ رَقِيقًا لِسَيِّدِهِ بَعْدَ أَنْ أَعْذَرَ لِلْمُكَاتَبِ

(فرع)

وَلِسَيِّدِهِ فُلَانٍ بِمَا وَجَبَ أَنْ يَعْذُرَ بِهِ إِلَيْهِمَا فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَ مَنْ أَعْذَرَ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ مِدْفَعٌ فَحَكَمَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَأَمْضَاهُ وَأَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ الْكَرِيمَةِ بِثُبُوتِ ذَلِكَ عِنْدَهُ مَنْ حَضَرَ مَجْلِسَ حُكْمِهِ وَقَضَائِهِ وَأَبْقَى كل ذِي حجَّة شَرْعِيَّة على حجَّته وَهُوَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ ثَابِتُ الْحُكْمِ وَالْقَضَاءِ وَمَاضِيهُمَا بعد تقدم الدَّعْوَى المسموعة وَمَا ترَتّب عَلَيْهَا وَشَهِدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ فِي تَارِيخِ كَذَا (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي وَثَائِقِهِ إِذَا غَابَ فَحَلَّ عَلَيْهِ نُجُومٌ لَمْ يُعْجِزْهُ السَّيِّدُ إِلَّا بِالْحَاكِمِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَثْبُتَ عِنْدَهُ أَنَّهُ مَمْلُوكه إِلَى حِينِ عَقْدِ الْكِتَابَةِ وَأَنَّهُ غَائِبٌ وَحُلُولِ النُّجُومِ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ لَمْ يُخْلِفْ شَيْئًا فَإِذَا ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ حَلَفَ السَّيِّدُ ثُمَّ تَلَوَّمَ الْقَاضِي لِلْغَائِبِ كَمَا يَتَلَوَّمُ لِلْحَاضِرِ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ حَتَّى انْقَضى الاجل لعَجزه

(الباب الثاني والعشرون في الوكالة)

(الْبَابُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ فِي الْوَكَالَةِ) هَذَا مَا وَكَّلَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ زَيْدًا فِي الْمُطَالَبَةِ بِحُقُوقِهِ كُلِّهَا وَدُيُونِهِ بِأَسْرِهَا عَلَى غُرَمَائِهِ وَخُصُومِهِ وَالْمُحَاكَمَةِ بِسَبَبِهَا عِنْدَ الْقُضَاةِ وَالْحُكَّامِ وَوُلَاةِ أُمُورِ الْإِسْلَامِ وَالدَّعْوَى عَلَى غُرَمَائِهِ وَاسْتِمَاعِ الدَّعْوَى وَرَدِّ الْأَجْوِبَةِ عَنْهَا بِمَا يُسَوَّغُ شَرْعًا وَاسْتِيفَاءِ الْأَيْمَانِ الْوَاجِبَةِ لَهُ شَرْعًا وَالْحَبْسِ وَالتَّرْسِيمِ وَالْإِطْلَاقِ وَالْإِعَادَةِ وَالْإِيدَاعِ وَأَخْذِ الْكُفَلَاءِ وَالضُّمَنَاءِ وَقَبُولِ الْحَوَالَاتِ عَلَى الْأَمْلِيَاءِ وَإِثْبَاتِ حُجَجِهِ وَمَسَاطِيرِهِ وَإِقَامَةِ بَيِّنَاتِهِ وَقَبْضِ كل من يَتَوَجَّهُ لَهُ قَبْضُهُ بِكُلِّ طَرِيقٍ شَرْعِيٍّ وَالْإِشْهَادِ عَلَى الْقُضَاةِ وَالْحُكَّامِ بِمَا ثَبَتَ لَهُ شَرْعًا وَفِي ايجار مَا يجرا فِي ملكه من الْعقار الْكَامِل مِنْهُ وَالْمَتَاع لِمَنْ يَرْغَبُ فِي اسْتِئْجَارِهِ بِمَا يَرَاهُ مِنَ الاجرة حَالهَا ومنجمها ومؤجلها ومعجلها لما يتهبا مِنَ الْمُدَّةِ قَلِيلِهَا وَكَثِيرِهَا وَقَبْضِ الْأُجْرَةِ وَاكْتِتَابِ مَا يَجِبُ اكْتِتَابُهُ فِي ذَلِكَ وَتَسْلِيمِ مَا يُؤَجِّرُهُ لِمُسْتَأْجِرِهِ وَمَهْمَا وَكَّلَهُ فِيهِ كَتَبَهُ وَعَيَّنَهُ بِمَا يَلِيقُ تَعْيِينُهُ وَكَّلَهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَكَالَةً صَحِيحَةً شَرْعِيَّةً قَبِلَهَا مِنْهُ قَبُولًا شَرْعِيًّا وَأَذِنَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ إِنْ شَاءَ مَنْ شَاءَ وَيَعْزِلَهُ مَتَى شَاءَ وَيُعِيدَهُ مَتَى شَاءَ

(الباب الثالث والعشرون في المحاضر)

(الْبَابُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْمَحَاضِرِ) وَتَكْتُبُ فِي مَحْضِرِ الْوَفَاةِ عِنْدَهُ شَهِدَ الشُّهُودُ الْوَاضِعُونَ خُطُوطَهُمْ آخِرَ هَذَا الْمَحْضَرِ وَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ الْبَاطِنَةِ بِمَا شَهِدُوا بِهِ فِيهِ أَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ فلَان بن فلَان وورثته الا ذكر هم فِيهِ مَعْرِفَةً صَحِيحَةً شَرْعِيَّةً وَيَشْهَدُونَ أَنَّهُ تُوُفِّيَ إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ مِنْ مُدَّةِ كَذَا وَخَلَّفَ مِنَ الْوَرَثَةِ الْمُسْتَحِقِّينَ لِمِيرَاثِهِ الْمُسْتَوْعِبِينَ لِجَمِيعِهِ وَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَزَوْجَتُهُ فُلَانَةُ الَّتِي لَمْ تَزَلْ فِي عِصْمَتِهِ وَعَقْدِ نِكَاحِهِ إِلَى حِينِ وَفَاتِهِ بِغَيْرِ شَرِيكٍ لَهُمْ فِي مِيرَاثِهِ وَلَا حَاجِبَ يَحْجُبُهُمْ عَنْهُ بِوَجْهٍ وَلَا سَبَبٍ وَهُمْ بِمَا شَهِدُوا بِهِ عَالِمُونَ وَلِلْوَرَثَةِ مستخصون يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ سَأَلَ مَنْ جَازَتْ مَسْأَلَتُهُ وَسَوَّغَتِ الشَّرِيعَةُ الْمُطَهَّرَةُ إِجَابَتَهُ وَتُؤَرِّخُ فَإِنْ خَلَّفَ أَبَوَيْنِ وَأَخَوَيْنِ فَالْعَادَةُ ان تكْتب الام لِأَنَّهَا الوارثة ويسكتون عَنْ إِخْوَةِ الْأُمِّ لِأَنَّهُمْ لَا يَرِثُونَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَالْمَحْضَرُ لِوَرَثَتِهِ دُونَ غَيْرِهِمْ وَيَنْبَغِي أَنْ يذكرُوا بَيَانَ الْحَجْبِ (فَصْلٌ) تَكْتُبُ فِي الرُّشْدِ أَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ فُلَانًا وَيَشْهَدُونَ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ وَالْعِفَّةِ وَالْفَلَاحِ وَالصِّيَانَةِ وَالْأَمَانَةِ وَالثِّقَةِ وَالدِّيَانَةِ مُحَافِظٌ عَلَى صَلَاتِهِ أَمِينٌ فِي جَمِيعِ أَفْعَالِهِ صَادِقٌ فِي أَقْوَالِهِ رَشِيدٌ صَالِحٌ فِي دِينِهِ مُصْلِحٌ لِمَالِهِ مُسْتَحِقٌّ لِفَكِّ الْحَجْرِ عَنْهُ غَيْرُ مُبَذِّرٍ وَلَا مُفَرِّطٍ يَعْلَمُونَ ذَلِكَ وَيَشْهَدُونَ بِهِ

(فصل)

(فَصْلٌ) تَكْتُبُ فِي نَسَبِ الشُّرَفَاءِ وَيَشْهَدُونَ بِالِاسْتِفَاضَةِ الشَّرْعِيَّةِ بِالشَّائِعِ الذَّائِعِ وَالنَّقْلِ الصَّحِيحِ الْمُتَوَاتِرِ أَنَّهُ شَرِيفُ النَّسَبِ صَحِيحُ الْحَسَبِ شَرِيفٌ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْحُسَينِ بْنِ عَلَيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَأَنَّ نَسَبَهُ صَرِيحٌ صَحِيحٌ مُتَّصِلٌ بِنَسَبِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ أَوْلَادِ الصُّلْبِ أَبًا عَنْ أَبٍ إِلَى أَنْ يَرْجِعَ نَسَبُهُ إِلَى أَصْلِ نَسَبِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (فَصْلٌ) وَتَكْتُبُ فِي الْعَدَالَةِ بَعْدَ أَوَّلِ الْمَحْضَرِ وَيَشْهَدُونَ بِشَهَادَةٍ عَلِمُوا صِحَّتَهَا وَتَيَقَّنُوا مَعْرِفَتَهَا لَا يَشُكُّونَ فِيهَا وَلَا يَرْتَابُونَ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ وَالْوَفَاءِ وَالصَّفَاءِ صَادِقٌ فِي أَقْوَالِهِ مُحَقَّقٌ فِي افعاله حسن السِّيرَة طَاهِر السريرة منتقط فِي أُمُورِهِ سَالِكٌ شُرُوطَ الْعَدَالَةِ وَأَفْعَالَهَا صَالِحٌ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْعُدُولِ الْمُبْرِزِينَ وَالْأَعْيَانِ الْمُتَمَيِّزِينَ مُسْتَحِقٌّ أَنْ يَضَعَ خَطَّهُ فِي مَسَاطِيرِ الْمُسْلِمِينَ عَدْلٌ رِضًا لَهُمْ وَعَلَيْهِمْ يَعْلَمُونَ ذَلِكَ وَيَشْهَدُونَ بِهِ

(الباب الرابع والعشرون في الإسجالات)

(الْبَابُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْإِسْجَالَاتِ) تَكْتُبُ فِي ثُبُوتِ الْعَدَالَةِ هَذَا مَا أَشْهَدُ عَلَيْهِ الْقَاضِي فُلَانٌ الْحَاكِمُ بِالدِّيَارِ الْفُلَانِيَّةِ نَصَرَ اللَّهُ مَلِكَهَا وَأَمَّنَ مَمَالِكَهَا بِالتَّوْلِيَةِ وَتَكْتُبُ فِي إِسْجَالِ عَدَالَةٍ هَذَا مَا أَشْهَدَ عَلَيْهِ سَيِّدُنَا وَمَوْلَانَا الْقَاضِي فُلَانٌ الْحَاكِمُ بِالدِّيَارِ الْفُلَانِيَّةِ سَيِّدَنَا وَمَوْلَانَا قَاضِيَ الْقُضَاةِ وَحَاكِمَ الْحُكَّامِ وَتُكْمِلُ النُّعُوتَ الَّتِي تَقَدَّمَتْ فِي بَابِ الشُّفْعَةِ ثُمَّ تَقُولُ الْحَاكِمُ بِالدِّيَارِ الْفُلَانِيَّةِ نَصَرَ اللَّهُ مَلِكَهَا وَأَمَّنَ مَمَالِكَهَا بِالتَّوْلِيَةِ الصَّحِيحَةِ الشَّرْعِيَّةِ الْمَلَكِيَّةِ الظَّاهِرِيَّةِ الْمُتَّصِلَةِ بِالْخِلَافَةِ النَّبَوِيَّةِ الْعَبَّاسِيَّةِ الْحَاكِميَّةِ أَدَامَ اللَّهُ اقْتِدَارَهَا وَأَعْلَا أَبَدًا منارها واعز اوليااها وَأَنْصَارَهَا مَنْ حَضَرَ مَجْلِسَ حُكْمِهِ وَقَضَائِهِ وَنَقْضِهِ وَإِمْضَائِهِ مِنَ الشُّهُودِ الْمُعَدَّلِينَ فِي زَمَنِ حُكْمِهِ وَقَضَائِهِ وَهُوَ نَافِذُ الْقَضَاءِ وَالْحُكْمِ مَاضِيهُمَا أَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَهُ وَصَحَّ لَدَيْهِ أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْهِ عَدَالَةُ فُلَانٍ وَدِيَانَتُهُ وَأَمَانَتُهُ وَأَنَّهُ صَالِحٌ وَأَهْلٌ أَنْ يُنَصَّبَ عَدْلًا مِنْ عُدُولِ الْمُسْلِمِينَ ثُبُوتًا مَسْكُوتًا مُعَوَّلًا عَلَيْهِ وَأَنَّهُ أَدَامَ اللَّهُ أَيَّامَهُ وَأَجْرَى عَلَى سُنَنِ السَّدَادِ أَحْكَامَهُ نَصَّبَهُ وَأَبْرَزَهُ عَدْلًا مِنَ الْعُدُولِ الْمَقْبُولَةِ أَقْوَالُهُمْ فِي الْعَقْدِ والحل الْمَعْمُول عَلَى شَهَادَتِهِمْ فِيمَا قَلَّ وَجَلَّ وَأَذِنَ لَهُ فِي التَّحَمُّلِ وَالْأَدَاءِ أُسْوَةَ أَمْثَالِهِ مِنَ الْعُدُولِ الْمُعْتَبَرِينَ وَذَلِكَ لِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ مِنْ صَلَاحِيَّتِهِ لِذَلِكَ وَسُلُوكِهِ مَنَاهِجَ السَّدَادِ وَأَوْضَحَ الْمَسَالِكِ وَتَفَطُّنِهِ لِلْأُمُورِ وَبُعْدِهِ مِنْ كُلِّ مَحْذُورٍ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى نَفْسِهِ الْكَرِيمَةِ بِذَلِكَ بِتَارِيخِ كَذَا وَإِنْ كَانَ الثُّبُوت عَلَيْهِ نَائِبا فِي الحكم كِتَابَة فِي ذَيْلِ الْإِسْجَالِ وَذَلِكَ بِالْإِذْنِ

(فصل)

الصَّحِيحِ الشَّرْعِيِّ مِنْ سَيِّدِنَا قَاضِي الْقُضَاةِ فُلَانٍ لَهُ فِي ذَلِكَ شَهِدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ مَنْ يُعَيِّنُهُ فِي رَسْمِ شَهَادَتِهِ آخِرَهُ وَتُؤَرِّخُ (فَصْلٌ) وَتَكْتُبُ فِي إِقْرَارِ الْمُتَبَايِعَيْنِ بَعْدَ النُّعُوتِ وَصَدْرِ الْإِسْجَالِ أَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَهُ وَصَحَّ لَدَيْهِ بِمَحْضَرٍ من تكلم جَائِزٌ كَلَامُهُ مَسْمُوعَةٌ دَعْوَاهُ عَلَى الْوَضْعِ الْمُعْتَبَرِ الشَّرْعِيِّ بِشَهَادَةِ الْعُدُولِ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ أَعْلَمَ تَحْتَ شَهَادَتِهِمْ بِالْأَدَاءِ فِي بَاطِنِهِ إِقْرَارُ فُلَانٍ وَفُلَانٍ بِمَا نُسِبَ إِلَيْهِمَا فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ بَاطِنَهُ عَلَى مَا شُرِحَ بِهِ وَهُوَ مُؤَرَّخٌ بِكَذَا وَبِآخِرِهِ رَسْمُ شَهَادَتِهِمْ وَقَدْ أَرَّخَ شَاهِدَانِ مِنْهُمْ شَهَادَتَهُمَا بِتَارِيخِ الْكِتَابِ وَالثَّالِثُ أَرَّخَ شَهَادَتَهُ بِكَذَا وَلَمَّا تَكَامَلَ ذَلِكَ عِنْدَ سَيِّدِنَا قَاضِي الْقُضَاةِ فُلَانٍ الْحَاكِمِ الْمَذْكُورِ أَعْلَى اللَّهُ أَيَّامَهُ وَأَنْفَذَ أَحْكَامَهُ وَصَحَّ لَدَيْهِ أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْهِ سَأَلَهُ مَنْ جَازَ سُؤَالُهُ الْإِشْهَادَ عَلَى نَفْسِهِ الْكَرِيمَةِ بِثُبُوتِ ذَلِكَ عِنْدَهُ فَأَجَابَهُ إِلَى سُؤَالِهِ وَأَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِثُبُوتِ ذَلِكَ عِنْدَهُ وَالْحُكْمِ بِمُوجَبِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ فِيهِ وَأَبْقَى كُلَّ ذِي حُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ فِي ذَلِكَ عَلَى حُجَّتِهِ وَهُوَ فِي ذَلِك كُله نَافِذ القضاث وَالْحكم ماضيهما بعد تقدم الدَّعْوَى المسموعة وَمَا تَرَتَّبَ عَلَيْهَا وَتَقَدَّمَ أَدَامَ اللَّهُ أَيَّامَهُ وَأَنْفَذَ احكأمه بِكِتَابَة هَذِه الإسجال فَكتب عَن إِذْنه متضمنا لذَلِك وَذَلِكَ بَعْدَ قِرَاءَةِ مَا يَحْتَاجُ إِلَى قِرَاءَتِهِ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ وَوَقَعَتِ الشَّهَادَةُ بِتَارِيخِ كَذَا وَإِنْ كَانَ الْحَاكِمُ نَائِبًا قُلْتَ بَعْدَ ذِكْرِ اسْمِهِ خَلِيفَةُ الْحُكْمِ الْعَزِيزُ بِالدِّيَارِ الْفُلَانِيَّةِ وَإِنْ كَانَ فِي الشُّهُودِ فَرْعٌ قُلْتَ بَعْدَ ذِكْرِ الْأُصُولِ الْحَاضِرِينَ الَّذِينَ أَدَّوْا وَقَامَ شَاهِدَا الْفَرْعِ الْعَدْلَانِ وَهُمَا فُلَانٌ وَفُلَانٌ بِشَهَادَتِهِمَا عَلَى أَصْلِهِمَا الْعَدْلِ بِمَا يحملاه مِنْهُ وَهُوَ أَنه شهد على المتقاعدين بَاطِنَهُ بِمَا نُسِبَ إِلَى كُلٍّ مِنْهُمَا فِيهِ وَأَنَّهُ ذَاكِرٌ لَهَا وَأَشْهَدَهُمَا عَلَى شَهَادَتِهِ بِذَلِكَ على مَا

(فصل)

تَضَمَّنَهُ رَسْمُ شَهَادَتِهِمَا آخِرَ الِابْتِيَاعِ وَبَاطِنَهُ فِي حَالٍ يُسَوِّغُ شَهَادَةَ الْفَرْعِ عَلَى أَصْلِهِ عِنْدَ سيدنَا القَاضِي فلَان الْحَاكِم الْمَذْكُور وَقبلهَا مِنْهَا الْقَبُولَ السَّائِغَ فِيهِ وَسَطَّرَ تَحْتَ رَسْمِ شَهَادَةِ كُلٍّ مِنْهُمْ مَا جَرَتِ الْعَادَةُ بِهِ مِنْ عَلامَة الْأَدَاء وَالْقَبُول على الرَّسْم الْمَعْهُود فِي مَثَلِهِ (فَصْلٌ) وَتَكْتُبُ فِي إِثْبَاتِ إِسْجَالِ حَاكِمٍ إِلَى حَاكِمٍ بَعْدَ ذِكْرِ صَدْرِ الْإِسْجَالِ أَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَهُ وَصَحَّ لَدَيْهِ فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ وَمَحَلِّ وِلَايَتِهِ الْمَذْكُورِ بَعْدَ صُدُورِ دَعْوَى مُحَدَّدَةٍ مُقَابَلَةٍ بِالْإِنْكَارِ عَلَى الْوَضْعِ الْمُعْتَبَرِ الشَّرْعِيِّ بِشَهَادَةِ الْعَدْلَيْنِ اللَّذَيْنِ أَعْلَمَ تَحْتَ رَسْمِ شَهَادَتِهِمَا بِالْأَدَاءِ بَاطِنَهُ إِشْهَادُ الْقَاضِي فُلَانٍ الْحَاكِمِ بِالدِّيَارِ الْفُلَانِيَّةِ بِمَا نُسِبَ إِلَيْهِ فِي إِسْجَالِهِ الْمُسَطَّرِ أَعْلَاهُ عَلَى مَا نُصَّ وَشُرِحَ فِيهِ وَهُوَ مُؤَرَّخٌ بِكَذَا وَقَدْ أَقَامَ الْعَدْلَانِ الْمُشَارُ إِلَيْهِمَا شَهَادَتَهُمَا بِذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي الْمُبْدَأِ بِاسْمِهِ بِشُرُوطِ الْأَدَاءِ عَلَى الرَّسْمِ الْمَعْهُودِ فِي مِثْلِهِ فَلَمَّا تَكَامَلَ ذَلِكَ عِنْدَهُ وَصَحَّ لَدَيْهِ أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْهِ سَأَلَهُ مَنْ جَازَ سُؤَالُهُ الْإِشْهَادَ عَلَى نَفْسِهِ بِثُبُوتِ ذَلِكَ لَدَيْهِ وَتَنْفِيذِهِ وَإِمْضَائِهِ وَأَنَّهُ حَكَمَ وَارْتَضَاهُ وَأَبْقَى كُلَّ ذِي حُجَّةٍ مُعْتَبَرَةٍ عَلَى حُجَّتِهِ وَهُوَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ نَافِذُ الْقَضَاءِ وَالْحُكْمِ مَاضِيهُمَا بَعْدَ تَقَدُّمِ الدَّعْوَى الْمَوْصُوفَةِ وَمَا تَرَتَّبَ عَلَيْهَا وَإِنْ حَضَرَ مَنْ أَشْهَدَ أَنَّهُ لَا مَطْعَنَ لَهُ فِي ذَلِكَ وَلَا فِي شَيْءٍ مِنْهُ كَتَبْتَ وَحَضَرَ إِقَامَةَ الْبَيِّنَةِ فُلَانٌ أَوْ وَكِيلُ بَيْتِ الْمَالِ الْمَعْمُورِ بَعْدَ ذِكْرِ وَاعْتَرَفَ أَنَّهُ لَا مَطْعَنَ لَهُ فِي ذَلِكَ وَلَا فِي شَيْءٍ مِنْهُ وَوَقَعَ الْإِشْهَادُ بِتَارِيخِ كَذَا وللكتاب التَّصَرُّفُ بِكُتُبِ الْإِسْجَالِ عَلَى قَدْرِ الْوَقَائِعِ وَيَتَصَرَّفُ فِي أَلْفَاظِهَا وَلَا يُخِلُّ بِالْمَقَاصِدِ وَهِيَ غَيْرُ مُشَاهَدَةٍ وَفِيمَا تَقَدَّمَ كِفَايَةٌ فِي ذَلِكَ

(الباب الخامس والعشرون في الكتب الحكمية الصادرة والواردة)

(الْبَابُ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْكُتُبِ الُحُكْمِيَّةِ الصَّادِرَةِ والواردة) فتكتب فِي كتاب بِجمع الْقُضَاة هَذِه الْكتاب الحكيمة إِلَى كل من يصل إِلَيْهِ مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ وَحُكَّامِهِمْ أَدَامَ اللَّهُ عُلَاهُمْ وَتَوْفِيقَهُمْ وَتَسْدِيدَهُمْ وَأَجْزَلَ مِنْ عَوَارِ خَطِّهِمْ وَمَزِيدِهِمْ بِمَا ثَبَتَ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ الْعَزِيزِ بِالْمَدِينَةِ الْفُلَانِيَّةِ عِنْدَ سَيِّدِنَا وَمَوْلَانَا الْقَاضِي فُلَانٍ الْحَاكِم بالديار الْفُلَانِيَّة وفقد اللَّهُ لِمَرَاضَيْهِ وَأَعَانَهُ عَلَى مَا هُوَ مُتَوَلِّيهِ وَصَحَّ لَدَيْهِ فِي الْمجْلس حُكْمِهِ وَقَضَائِهِ بِمَحْضَرٍ مِنْ مُتَكَلِّمٍ جَائِزٌ كَلَامُهُ مَسْمُوعَةٌ دَعْوَاهُ عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ هُمَا فُلَانٌ وَفُلَانٌ جَمِيعُ مَا تَضَمَّنَهُ مَسْطُورُ الدَّيْنِ الْمُتَّصِلُ أَوَّلُهُ بِآخِرِ كِتَابِي هَذَا الَّذِي مَضْمُونُهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَشْهَدَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَتَنْقُلُ جَمِيعَ الْمَسْطُورِ وَتَارِيخَهُ وَرَسْمَ شَهَادَته الْعُدُولِ وَتَقُولُ وَقَدْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمْ شَهَادَتَهُ بِذَلِكَ عِنْدَهُ وَقَالَ إِنَّهُ بِالْمُقِرِّ عَارِفٌ وَقَبِلَ ذَلِكَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا الْقَبُولَ السَّائِغَ فِيهِ وَسَطَّرَ تَحْتَ رَسْمِ شَهَادَتِهِمَا مَا جَرَتِ الْعَادَةِ بِهِ من عَلامَة الْأَدَاء وَالْقَبُول على الرَّسْم الْمَعْهُود فِي مثله وَذَلِكَ بعد أَن ثبث عِنْدَهُ عَلَى الْوَضْعِ الشَّرْعِيِّ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ هُمَا فُلَانٌ وَفُلَانٌ الْوَاضِعَانِ رَسْمَ شَهَادَتِهِمَا فِي مَسْطُورِ الدّين الْمَذْكُور وَقَالا أَنَّهُمَا عارفإن بِهِ وَقيل ذَلِكَ مِنْهُمَا الْقَبُولَ الشَّرْعِيَّ وَسَطَّرَ تَلَوُّمَ رَسْمِ شَهَادَتِهِمَا مَا جَرَتِ الْعَادَةِ بِهِ مِنْ عَلَامَةِ الْأَدَاء وَالْقَبُول على الرَّسْم الْمَعْهُود فِي مثله وأحلف الْمقر بِهِ بِاللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْيَمين الشَّرْعِيَّةَ الْمُتَوَجِّهَةَ عَلَيْهِ الْمَشْرُوعَةَ فِي مَسْطُورِ الْحَلِفِ المكتتب على ظهر المسطور ووإن كَانَ

(فصل)

مُلْصقًا كتب الْمُلْصَقُ بِذَيْلِ مَسْطُورِ الَّدَّيْنَ الْمَذْكُورِ بِالْتِمَاسِهِ لِذَلِكَ عَلَى الْأَوْضَاعِ الشَّرْعِيَّةِ ثُبُوتًا شَرْعِيًّا صَحِيحا مُعْتَبَرًا وَأَنَّهُ حَكَمَ بِذَلِكَ وَأَمْضَاهُ وَالْتَزَمَ مُقْتَضَاهُ عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ مَعَ إِبْقَاءِ كُلِّ ذِي حُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ عَلَى حُجَّتِهِ وَهُوَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ نافد الْقَضَاءِ وَالْحُكْمِ مَاضِيهُمَا بَعْدَ تَقَدُّمِ الدَّعْوَى الْمَشْرُوعَةِ وَمَا تَرَتَّبَ عَلَيْهَا وَلَمَّا تَكَامَلَ ذَلِكَ عِنْدَهُ وَصَحَّ لَدَيْهِ أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْهِ سَأَلَهُ مَنْ جَازَ سُؤَاله وسوغت الشَّرِيعَة المطهرة من الْمُكَاتبَة عِنْد بِذَلِكَ فَأَجَابَهُ إِلَى سُؤَالِهِ وَتَقَدَّمَ بِكِتَابَةِ هَذَا الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ فَكَتَبَ عَنْ إِذْنِهِ فَمَنْ وَقَفَ عَلَيْهِ مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ وَحُكَّامِهِمْ أَدَامَ اللَّهُ نِعْمَتَهُمْ وَرَفَعَ دَرَجَتَهُمْ وَاجْتَهَدَ فِي تَنْفِيذِهِ وَإِمْضَائِهِ حَاز الْأجر وَالثَّوَاب والزلفى وَحسن المآب وَفقه اللَّهُ وَإِيَّاهُ لِمَا يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ وَكَتَبَ عَنِ الْحُكْمِ الْعَزِيزِ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ وَأَعْمَالِ الدِّيَارِ الْفُلَانِيَّةِ فِي الْفُلَانِيّ مِثَالُ الْعَلَامَةِ فِي الْكِتَابِ الْحُكْمُ بَعْدَ الْبَسْمَلَةِ كَذَا وَكَذَا عَدَدُ الْأَوْصَالِ كَذَا وَكَذَا وَتَخْتِمُ الْكِتَابَ ثُمَّ تَكْتُبُ عُنْوَانَهُ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْحَاكِمِ بِالدِّيَارِ الْفُلَانِيَّةِ وَيُشْهِدُ عَلَيْهِ رَجُلَيْنِ بِثُبُوتِ ذَلِكَ عِنْدَهُ وَيَأْخُذُ خَطَّهُمَا وَإِنْ كَتَبَ أَوَّلُهُ هَذَا الْفَصْلُ كَانَ أَحْسَنَ وَهُوَ هَذَا كِتَابُ حُكْمِيٌّ مُحَرَّرٌ مَرْضِيٌّ تَقَدَّمَ بِكِتَابَتِهِ وتسيطره وَتَنْجِيزِهِ وَتَحْرِيرِهِ الْعَبْدُ الْفَقِيرُ إِلَى اللَّهِ قَاضِي الْقُضَاةِ فُلَانٌ وَفَّقَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِمَا يُرْضِيهِ وَأَعَانَهُ عَلَى مَا هُوَ مُتَوَلِّيهِ الْحَاكِمُ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ وَجَمِيعِ أَعْمَالِ الدِّيَارِ الْفُلَانِيَّةِ نَصَرَ اللَّهُ مَلِكَهَا وَضَاعَفَ اقْتِدَارَهُ وَأَعْلَى أَبَدًا مَنَارَهُ وَأَنْصَارَهُ بِالْوِلَايَةِ الصَّحِيحَةِ الشَّرْعِيَّةِ الْمُتَّصِلَةِ بِالْمَوَاقِفِ الْمُقَدَّسَةِ الزَّكِيَّةِ النَّبَوِيَّةِ الْإِمَامِيَّةِ الْعَبَّاسِيَّةِ الْحَاكِمِيَّةِ بِاللَّهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَعَزَّ اللَّهُ بِهِ الدِّينَ وَأَمْتَعَ بِبَقَائِهِ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ إِلَى كُلِّ مَنْ يَصِلُ إِلَيْهِ مِنْ حكام الْمُسلمين ونوابهم وخلفائهم متضمنا أَنه ثبث عِنْدَهُ وَتُكْمِلُ الْكِتَابَ (فَصْلٌ) وَإِذَا وَرَدَ كِتَابٌ حكمي فقد خَتمه فَكتب عَلَى ظَهْرِهِ هَذَا مَا أَشْهَدَ عَلَى

نَفْسِهِ سَيِّدُنَا وَمَوْلَانَا الْقَاضِي فُلَانٌ بِالْقَاهِرَةِ وَمِصْرَ الْمَحْرُوسَتَيْنِ وَمَا أُضِيفَ إِلَيْهِمَا مِنْ أَعْمَالِ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ أَدَامَ اللَّهُ سَعَادَتَهُ وَأَيَّدَ سِيَادَتَهُ أَنَّهُ ورد عَلَيْهِ الْكتاب الْحُكْمِيُّ الصَّادِرُ عَنْ مُصْدِرِهِ فُلَانٍ الْحَاكِمِ الْمَذْكُورِ بِدِمَشْقَ الْمَحْرُوسَةِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْعَدْلَيْنِ أَوِ المقبولين أَو المزكيين وَهُمَا فُلَانٌ وَفُلَانٌ عِنْدَ سَيِّدِنَا قَاضِي الْقُضَاةِ فُلَانٍ الْمَذْكُورِ الْحَاكِمِ بِالْقَاهِرَةِ وَمِصْرَ الْمَحْرُوسَتَيْنِ أَدَامَ اللَّهُ سَعَادَتَهُ وَقَالَا إِنَّ الْحَاكِمَ الْمَذْكُورَ أَشْهَدَهُمَا عَلَى نَفْسِهِ بِمَا تَضَمَّنَهُ الْكِتَابُ الْحُكْمِيُّ الْمَسْطُورُ بَاطِنَهُ بَعْدَ قِرَاءَتِهِ عَلَى مُصْدِرِهِ بِحَضْرَتِهِمَا وَحُضُورِ من يعْتَبر حُضُوره وَأَن الْحَاكِم فلَان بِالْقَاهِرَةِ وَمِصْرَ الْمَحْرُوسَتَيْنِ قَبِلَهُمَا فِي ذَلِكَ الْقَبُولَ السَّائِغَ فِيهِ وَيَقْرَأُ الْكِتَابَ الْحُكْمِيَّ الْمَشْرُوحَ بَاطِنَهُ عَلَى مَنْ يَشْهَدُ عَلَى الْحُكْمِ وَأَنَّ الْحَاكِمَ فَضَّ خَتْمَهُ بِسُؤَالِ مُورِدِهِ وَقَابَلَهُ بِمَضْمُونِهِ فَوَافَقَ مَا ذُكِرَ فِيهِ وَلَمَّا تَكَامَلَ ذَلِكَ كُلُّهُ عِنْدَهُ سَأَلَ مَنْ جَازَتْ مَسْأَلَتُهُ وَسَوَّغَتِ الشَّرِيعَةُ الْمُطَهَّرَةُ إِجَابَتَهُ الْإِشْهَادَ عَلَى نَفْسِهِ الْكَرِيمَةِ بِثُبُوتِ ذَلِكَ لَدَيْهِ وَأَنَّهُ قَبِلَهُ قَبُولَ أَمْثَالِهِ مِنَ الْكُتُبِ الْحُكْمِيَّةِ قَبُولًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا وَنَفَّذَ مَا حَكَمَ بِهِ الْحَاكِمُ الْمَذْكُورُ فَأَمْضَاهُ وَالْتَزَمَ مُقْتَضَاهُ وَذَلِكَ كُلُّهُ بَعْدَ تَقَدُّمِ الدَّعْوَى الْمَسْمُوعَةِ فِي ذَلِكَ وَمَا تَرَتَّبَ عَلَيْهَا وَأَبْقَى كُلَّ ذِي حُجَّةٍ مُعْتَبَرَةٍ فِيهِ عَلَى حُجَّتِهِ وَهُوَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ نَافِذُ الْقَضَاءِ وَالْحُكْمِ مَاضِيهُمَا وَذَلِكَ بِتَارِيخِ كَذَا وَإِنْ كَتَبَ عَلَى غَيْرِ ظَهْرِ الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ فِي كِتَابٍ مُجَرَّدٍ جَازَ وَيَذْكُرُ مَا يُنَاسِبُهُ مِنَ اللَّفْظِ عَلَى الْمَقَاصِدِ الْمُتَقَدِّمَةِ وتبدل الالفاظ بِمَا يُنَاسِبهَا وَتقول وَكَتَبَ عَنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ الْعَزِيزِ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ بتاريخ كَذَا

(الباب السادس والعشرون في التقاليد)

(الْبَابُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ فِي التَّقَالِيدِ) تَكْتُبُ فِي تَقْلِيدِ نِيَابَةِ الْقَضَاءِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَا يذهل وَلَا يجوز الْبَاقِي عَلَى كُرُورِ الدُّهُورِ وَمُرُورِ الْعُصُورِ كَافِلِ الشَّكُورِ الْقَائِلِ فِي كِتَابِهِ الْحَكِيمِ {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُور} أَحْمَدُهُ حَمْدَ مَنْ أَحَلَّهُ مِنَ الْعِلْمِ عَظِيمًا أَثِيرَا وَآتَاهُ الْحِكْمَةَ {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خيرا كثيرا} وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ شَهَادَةً تَرِدُ عَلَى الْحَاكِمِ فَلَا تُرَدُّ وَتَغْسِلُ مِنَ الْمَآثِمِ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَرْسَلَهُ بالحكمة وَفصل الْخطاب وفضله بالعصمة من السَّبَبِ وَالسِّبَابِ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ {فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ} صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ الَّذِينَ كَانُوا بِمَا عمِلُوا يَعْمَلُونَ وَأَصْحَابِهِ الَّذِينَ قَضَوْا بِالْحَقِّ وَبِهِ كَانُوا يَعْدِلُونَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ صَاحِبَ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْمُتَصَدِّي لِفَصْلِ الْخِصَامِ بَيْنَ الرَّعِيَّةِ بِالطُّرُقِ الشَّرْعِيَّةِ الْمَرْعِيَّةِ عُقُودٌ لَا يَصْلُحُ تَقْلِيدُهَا إِلَّا لِمَنْ دَرَسَ عُلُومَ الشَّرِيعَةِ وَحَصَّلَهَا وَجَمَعَ بَيْنَ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ وَوَصَلَهَا وَجَدَعَ أَنْفَ الْأَنَفَةِ مِنَ الْمَطَالِبِ وفصلها ومحا عَن نَفسه

النفسية وَضِيعَةَ الْجَهَالَةِ وَوَصَلَهَا وَصَرَفَ إِلَى طَلَبِ النَّجَاةِ مَكْنُونَ الْحَيَاةِ وَأَصَّلَهَا فَعَافَ الْوِسَادَةَ لِطَلَبِ السِّيَادَةِ وَفَارَقَ الْعَادَةَ لِيَظْفَرَ بِالْعِبَادَةِ وَتَقَمَّصَ بِزُهْدِ الصَّادِقِينَ وَصِدْقِ الزَّاهِدِينَ وَتَحَلَّى بِتَقْوَى الْأَوْلِيَاءِ وَوِلَايَةِ الْمُتَّقِينَ وَقَصَدَ بِعِلْمِهِ إِرْشَادَ الْخَلِيقَةِ إِلَى الْحَقِيقَةِ وَسَاهَمَ حَتَّى اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ وَلَمَّا كُنْتَ أَيُّهَا الْقَاضِي الْفَاضِلُ النَّبِيهُ فُلَانُ الدِّينِ أَسْعَدَكَ اللَّهُ بِالْحِكْمَةِ وَأَسْعَدَ بِكَ وَضَاعَفَ لَكَ الْمَثُوبَةَ عَلَى سَعْيِكَ وَتَعَبِكَ مِمَّنْ تُزَفُّ هَذِهِ الْمَحَاسِنُ إِلَيْهِ وَلَا يَصِحُّ تَنْزِيلُهَا إِلَّا عَلَيْهِ اسْتَخَرْتُ اللَّهَ تَعَالَى وَاسْتَنَبْتُكَ عَنِّي فِي الْقَضَاءِ وَالْحُكْمِ بِالْعَمَلِ الْفُلَانِيّ وَجَمِيع اعماله وبلاده وَسَائِر كوره وبلاد فَبَاشِرْ مَا قَلَّدْتُكَ مُبَاشَرَةَ الْغَيْثِ لِلنَّبَاتِ وَتَوَلَّ مَا وليتك بالجد والاقبال وصون اموال الايتام عَن الضّيَاع وَزوج من اولى لَهَا عِنْدَ الشُّرُوطِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الْإِبْضَاعِ وَاضْبُطِ الْأَحْكَامَ بِشَهَادَةِ الثِّقَاتِ الْعُدُولِ وَمَيِّزْ بَيْنَ الْمَرْدُودِ مِنْهُمْ وَالْمَقَبُولِ وَرَاعِ أَحْوَالَ النُّوَّابِ فِي الْبِلَادِ وَأَرِهِمْ يَقَظَةً تَرْدَعُ الْمُفْسِدِينَ عَنِ الْفَسَادِ وَالْحَازِمُ مَنْ إِذَا وَلَّى لَمْ يُطْبِقْ بَيْنَ جُفُونِهِ وَيُرْسل الْعُيُون عل عُيُونِهِ وَعَلَيْكَ بِالتَّقْوَى تَقْوَى بِهَا عَلَى الْفَادِحِ الْعَظِيمِ فَقَدْ قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {وَاتَّقُوا اللَّهَ ويعلمكم الله وَالله بِكُل شَيْء عليم} وَكَتَبَ مِنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ الْعَزِيزِ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ وَمَا مِنْهَا من الْبِلَاد الْفُلَانِيَّة ادام الله ايامه مَالِكِ مِلْكِهَا وَضَاعَفَ اقْتِدَارَهُ وَأَعَزَّ أَوْلِيَاءَهُ وَأَنْصَارَهُ وَذَلِكَ بِتَارِيخِ كَذَا وَيَنْبَغِي لَكَ أَنَّ تَصْنَعَ فِي كُلِّ تَقْلِيدٍ مَا يَلِيقُ بِهِ مِنَ الْأَلْفَاظِ بِسَبَبِ ذَلِكَ التَّقْلِيدِ وَمَا يَلِيقُ لِمُتَوَلِّيهِ وموليه وولايته

(الباب السابع والعشرون في الأحباس)

(الْبَابُ السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْأَحْبَاسِ) وَهَيَ كَثِيرَةُ الْفُرُوعِ مُخْتَلِطَةُ الشُّرُوطِ مُتَبَايِنَةُ الْمَقَاصِدِ فَيَنْبَغِي لِكَاتِبِهَا أَنْ يَكُونَ حَسَنَ التَّصَرُّفِ فِي وَقَائِعِهَا عَارِفًا بِفُرُوعِهَا وَقَوَاعِدِهَا وَأَنَا أَذْكُرُ مِنْهَا مَا يَكُونُ عَوْنًا عَلَى غَيْرِهِ هَذَا مَا وَقَفَ وَحَبَسَ وابل وَسَبَلَ وَحَرَمَ وَتَصَدَّقَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَأَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ وَقْفًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا تَقَرَّبَ بِهِ وَأَوْقَفَهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى رَغْبَةً فِيمَا لَدَيْهِ وَذَخِيرَةً لَهُ إِلَى يَوْمِ الْعَرْضِ عَلَيْهِ يَوْمَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَصَدِّقِينَ وَلَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ وَهُوَ جَمِيعُ الدَّارِ الَّتِي فِي يَدِهِ وَمِلْكِهِ وَتَصْرُّفِهِ الَّتِي عَرَفَهَا وَأَحَاطَ بِهَا عِلْمًا وَخِبْرَةً وَتُوصَفُ وَتُحَدَّدُ عَلَى أَوْلَادِهِ لِصُلْبِهِ وَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ الْمُرَاهِقِينَ وَعَلَى مَنْ يُحْدِثُ اللَّهُ لَهُ مِنْ وَلَدٍ غَيْرِهِمْ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ أَيَّامَ حَيَاتِهِمْ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى أَوْلَادِهِمْ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَإِنْ سَفَلُوا الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ مِنْ وَلَدِ الظَّهْرِ وَالْبَطْنِ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا وَدَائِمًا مَا تَعَاقَبُوا طَبَقَةً بَعْدَ طَبَقَةٍ وَنَسْلًا بَعْدَ نَسْلٍ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ تَحْجُبُ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا الطَّبَقَةَ السُّفْلَى أَوْ على ان مَاتَ من هَؤُلَاءِ المقوف عَلَيْهِمْ أَوَّلًا وَمِمَّنْ يُحْدِثُهُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ انْتَقَلَ نَصِيبُ الْمُتَوَفَّى مِنْهُمْ لِأَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَإِنْ سَفَلُوا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ طَبَقَةً بعد طبقَة ونسلا بعد نسل تَحت الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا مِنْهُمُ الطَّبَقَةَ السُّفْلَى فَإِنْ لَمْ يكن للمتوفى ولد وَلَا وَلَدٍ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ لِإِخْوَتِهِ أَشِقَّائِهِ الَّذِينَ هُمْ فِي دَرَجَته الداخلتين مَعَهُ فِي هَذَا الْوَقْفِ بَيْنَهُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظّ الانثيين فَإِن

يَكُنْ أَحَدٌ مِنَ الْإِخْوَةِ مَوْجُودًا وَكَانَ لَهُمْ أَوْلَادٌ انْتَقَلَ نَصِيبُ الْمُتَوَفَّى لَهُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ لِأَوْلَادِهِمْ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ طَبَقَةً بَعْدَ طَبَقَةٍ وَنَسْلًا بَعْدَ نَسْلٍ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ أَحَدٌ مِنْ أَوْلَادِ هَذَا الْوَاقِفِ وَلَا مِنْ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَانْقَرَضُوا كَانَ ذَلِكَ وَقْفًا عَلَى المسجونين والمعتقلين فِي سجون الْحُكَّام وولات أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ وَأَعْمَالِهِمْ وَظَوَاهِرِهِمَا الْمَنْسُوبُ ذَلِكَ إِلَيْهِمَا مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ يَقُومُ النَّاظِرُ بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَيُوَصِّلُهُ إِلَيْهِمْ عَلَى مَا يَرَاهُ مِنْ مُسَاوَاةٍ وَنُقْصَانٍ وَحِرْمَانٍ مِنْ صَرْفِهِ نَقْدًا أَوْ خُبْزًا أَوْ مَاءً أَوْ ثَرِيدًا اَوْ كسْوَة اَوْ وَفَاء دين اَوْ مطبخة عَلَيْهِ أَوْ قِصَاصٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَإِنْ تَعَذَّرَ الصَّرْفُ إِلَى الْمَسْجُونِينَ بِالْمَوَاضِعِ الْمَذْكُورَةِ صَرَفَ ذَلِكَ فِي فِكَاكِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ يَدِ الْعَدُوِّ الْكَافِرِ الْمَخْذُولِ عَلَى اخْتِلَافِ أَجْنَاسِهِمْ مِنَ الْفِرِنْجِ والنشر وَالروم والارمن والسليس وَالْكَرَجِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا قَرُبَ مِنْ بِلَادِ الْعَدو المخذول وَمَا بعد مِنْهَا يستفك النَّاس من ذَلِكَ أَسْرَى الْمُسْلِمِينَ الرِّجَالَ مِنْهُمْ وَالنِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ وَالْأَطْفَالَ عَلَى اخْتِلَافِ أَعْمَارِهِمْ وَأَجْنَاسِهِمْ وَبِلَادِهِمْ عَلَى مَا يَرَاهُ النَّاظِرُ فِي افْتِكَاكِ رَقَبَةٍ كَامِلَةٍ أَوِ الْمُشَارَكَةِ فِيهَا إِلَى أَنْ يَسْتَغْرِقَ صَرْفَ الرِّيعِ فِي خَلَاصِهِمْ وَاحِدًا كَانَ أَوْ أَكْثَرَ وَله أَن يسير مَا يتَحَمَّل من الرّبع فِي كُلِّ وَقْتٍ وَأَوَانٍ عَلَى يَدِ مَنْ يَرَاهُ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ وَيَرْتَضِيهِ مِنَ التُّجَّارِ وَغَيْرِهِمْ إِلَى بِلَادِ الْعَدُوِّ الْكَافِرِ الْمَخْذُولِ لِيَصْرِفَ مَا يستسلم مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ فِي فِكَاكِ الْأَسْرَى عَلَى مَا عين أَعْلَاهُ وَإِنْ حَضَرَ مَنْ يَسْعَى فِي فِكَاكِ أَسِيرٍ وَاحِدٍ أَوْ أَكْثَرَ وَتَبَيَّنَ لِلنَّاظِرِ صِحَّةُ أَمْرِ مَنْ يَسْعَى فِي خَلَاصِهِ صَرَفَ لَهُ النَّاظِرُ مِنْ رِيعِ هَذَا الْوَقْفِ مَا يَرَاهُ وَيُؤَدِّي إِلَيْهِ اجْتِهَادَهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ صَرْفُ ذَلِكَ إِلَى الْأَسْرَى صَرَفَ ذَلِكَ إِلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ الْمُسلمين أَيْنَمَا كَانُوا وَحَيْثُ مَا وُجِدُوا مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ عَلَى مَا يَرَاهُ النَّاظر فِي

ذَلِك وَمَتى أمكن الصّرْف إِلَى الْجِهَة المعذرة صَرَفَ إِلَيْهَا يَجْرِي ذَلِكَ كَذَلِكَ إِلَى أَنْ يَرِثَ اللَّهُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَهُوَ خَيْرُ الْوَارِثين وعَلى الناضر فِي هَذَا الْوُقُوف يُؤَجِّرُهُ لِمَنْ شَاءَ مِنْ طَوِيلِ الْمُدَّةِ وَقَصِيرِهَا بِمَا يَرَاهُ مِنَ الْأُجْرَةِ الْمُعَجَّلَةِ أَوِ الْمُؤَجَّلَةِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فَمَا فَوْقَهَا وَلَا يَتَعَجَّلُ أُجْرَةً وَلَا يُدْخِلُ عَقْدًا فِي عَقْدٍ إِلَّا أَنْ يَجِدَ لِمُخَالَفَتِهِ ذَلِكَ مَصْلَحَةً ظَاهِرَةً أَوْ غِبْطَةً وافرة ويستغل باجرة الِاسْتِغْلَالَ الشَّرْعِيَّ وَمَا حَصَلَ مِنْ رِيعِهِ بَدَأَ مِنْهُ بعمارته ومرمته وإصلاحه وَمَا فِيهِ بقاب عينه ثمَّ مَا فضل بعد تصرفه لِمُسْتَحِقِّيهِ عَلَى مَا شُرِحَ أَعْلَاهُ وَجَعَلَ الْوَاقِفُ النَّظَرَ فِي هَذَا الْوَقْفِ وَالْوِلَايَةِ عَلَيْهِ لِفُلَانٍ وَتَذْكُرُ شُرُوطَ النَّاظِرِ مِنْ تَشْدِيدٍ وَتَسْهِيلٍ فَإِنْ تعدر النَّظَرُ مِنْ فُلَانٍ بِسَبَبٍ مِنَ الْأَسْبَابِ كَانَ النَّظَرُ فِي ذَلِكَ لِحَاكِمِ الْمُسْلِمِينَ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ وَمَتَى عَادَ إِمْكَانُ النَّظَرِ إِلَى مُسْتَحَقِّهِ نَظَرَ دُونَ الْحَاكِمِ وَلِكُلِّ نَاظِرٍ فِي هَذَا الْوَقْفِ أَنَّ يَسْتَنِيبَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ مَنْ هُوَ أَهْلٌ لَهُ وَعَلَى كُلِّ نَاظِرٍ فِي هَذَا الْوَقْفِ أَنْ يَتَعَاهَدَ إِثْبَاتَهُ عِنْدَ الْحُكَّامِ وَيَحْفَظَهُ بِتَوَاتُرِ الشَّهَادَاتِ وَاتِّصَالِ الْأَحْكَامِ وَلَهُ أَنْ يَصْرِفَ مِنَ الْوَقْفِ كُلْفَةَ إِثْبَاتِهِ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ وَقَفَ فُلَانٌ الْمُبْدَأُ بِاسْمِهِ جَمِيعَ ذَلِك على الْجِهَات المعنية والشروط المبنية عَلَى مَا شُرِحَ أَعْلَاهُ وَقْفًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا مُؤَبَّدًا دَائِمًا سَرْمَدًا وَصَدَقَةً مَوْقُوفَةً لَا تُبَاعُ وَلَا تُوهَبُ وَلَا تُمَلَّكُ وَلَا تُرْهَنُ وَلَا تُتْلَفُ بِوَجْهِ تَلَفٍ قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا مَحْفُوظَةً عَلَى شُرُوطِهَا إِلَى أَنْ يَرِثَ اللَّهُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَهُوَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ وَقَبِلَ جَمِيعَ هَذَا الْوَقْف لما شَرَحَ فِيهِ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ قَبُولًا شَرْعِيًّا وَتَسَلَّمَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ الدَّارَ الْمَذْكُورَةَ بِإِذْنِ الْوَاقِفِ لَهُ فِي ذَلِكَ وَصَارَتْ بِيَدِهِ وَقَبْضِهِ وحوزه وَمَالك بَعْدَ النَّظَرِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالْإِحَاطَةِ بِهِ عِلْمًا وَخِبْرَةً فَقَدْ تَمَّ هَذَا الْوَقْفُ وَوَجَبَ وَأَخْرَجَهُ هَذَا الْوَاقِفُ عَنْ يَدِهِ وَأَبَانَهُ عَنْ حِيَازَتِهِ وَسَلَّمَهُ

فرع

لِمُسْتَحِقِّهِ وَصَارَ بِيَدِهِ وَقْفًا عَلَيْهِ فَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ إِخْرَاجُهُ مَنْ أَهْلِهِ فَحَرَامٌ عَلَى مَنْ غَيَّرَهُ أَوْ بَدَّلَهُ بعد مَا سَمعه {فَمن بدله بعد مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ الله سميع عليم} وَتُؤَرِّخُ وَذِكْرُ الْقَبُولِ إِنَّمَا يُذْكَرُ إِذَا كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ مُعَيَّنًا وَتَفَاصِيلُ الْأَوْقَافِ لَا تَتَنَاهَى وَهَذَا الْقَدْرُ مُنَبِّهٌ عَلَى مَا يُقَالُ فِي غَيره فليقتصر عَلَيْهِ (فَرْعٌ) وَقع فِيهِ النِّزَاعِ بَيْنَ فُقَهَاءِ الْعَصْرِ وَهُوَ بِعِيدُ الْغَوْرِ يَنْبَغِي الْوُقُوفُ عَلَيْهِ وَهُوَ إِذَا قِيلَ فَمَنْ مَاتَ مِنْهُم فَنَصِيبُهُ لِأَهْلِ طَبَقَتِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ قَبْلَ هَذَا الشَّرْطِ ذِكْرُ الْوَاقِفِ فَيَبْقَى الضَّمِيرُ دَائِرًا بَيْنَ طبقَة الْوَاقِف وَالْمَوْقُوف عَلَيْهِ ابْن الْأَخِ وَابْنِ الْعَمِّ لِأَنَّهُ مَعَ ابْنِ عَمِّهِ الْجَمِيعُ أَوْلَادُ عَمٍّ وَهُوَ مَعَ أَخِيهِ الْكَلُّ إِخْوَةٌ فَكِلَا الْجِهَتَيْنِ طَبَقَةٌ وَاحِدَةٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يُبَيِّنَ ذَلِكَ فَيُقَالُ مِنْ إِخْوَتِهِ أَوْ يُقَالُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ فَيَتَعَيَّنُ الْأَخُ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ فِي الطَّبَقَةِ وَابْنُ الْعَمِّ كَذَلِكَ إِلَّا أَنَّ الاخ اقْربْ فَإِن قَالَ الاقرب فالاقرب فَافْتَرقَا بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَ الشَّقِيقَيْنِ وَأَخِ الْأَبِ فَإِنَّ حَجْبَ الشَّقِيقِ لَهُ لَيْسَ بِالْقُرْبِ بَلْ بِالْقُوَّةِ فَإِنْ قَالَ طبقَة وَسكت فاب بَعْضُهُمْ بِالْأَخِ دُونَ ابْنِ الْعَمِّ قَالَ لِأَنَّهُ حمل للفظ على اثر مَوَارِدِهِ وَبَعْضُ الْفُقَهَاءِ يَتَوَهَّمُ أَنَّهُ إِذَا قِيلَ فِي طَبَقَتِهِ فَلَا احْتِمَالَ فِيهِ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ لِمَا بَيَّنْتُ لَكَ

(الباب الثامن والعشرون في الحلى)

(الْبَابُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْحُلَى) وَهُوَ فَصْلَانِ (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ) أَوَّلُ مَا يُذْكَرُ مِنَ الْإِنْسَانِ سِنُّهُ ثُمَّ لَوْنُهُ ثُمَّ قَدُّهُ ثُمَّ جَبِينُهُ ثُمَّ جَبْهَتُهُ ثُمَّ حَاجِبَاهُ ثُمَّ عَيْنَاهُ ثُمَّ أَنفه ثمَّ وجنته وخداه ثُمَّ فَمُهُ ثُمَّ لِحْيَتُهُ ثُمَّ أَسْنَانُهُ ثُمَّ عُنُقُهُ ثُمَّ يَدَاهُ ثُمَّ صَدْرُهُ ثُمَّ رِجْلَاهُ وَمَا أَمْكَنَ ذِكْرُهُ مِنْ أَثَرٍ أَوْ شَامَةٍ اَوْ حسة أَوْ ثُؤْلُولٍ أَوْ نَمَشٍ أَوْ كَلَفٍ أَوْ اثر جدري اَوْ لعوط أَوْ شُرُوطٍ وَأُورِدَ ذَلِكَ مُرَتَّبًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ السِّنُّ طِفْلٌ وَرَضِيعٌ ثُمَّ صَبِيٌّ ثُمَّ إِذا قَارَبَ الْبُلُوغَ يَافِعٌ وَيَفَعَةٌ وَمُرَاهِقٌ ثُمَّ بَعْدَ الْبُلُوغِ شَابٌّ إِلَى ثَلَاثِينَ سَنَةً ثُمَّ كَهْلٌ إِلَى سِتِّينَ سَنَةً ثُمَّ شَيْخٌ إِلَى آخِرِ الْعُمْرِ وَإِذَا كَانَ الصَّبِيُّ طُولُهُ أَرْبَعَةُ أَشْبَارٍ فَرُبَاعِيُّ الْقَدِّ أَوْ خَمْسَةٌ فَخُمَاسِيُّ الْقَدِّ أَوْ سِتَّةٌ فَسُدَاسِيُّ الْقَدِّ اللَّوْنُ شَدِيدُ السَّوَادِ خَالِصُهُ حَالِكٌ بِاللَّامِ وَحَانِكٌ بِالنُّونِ وَالْمَمْزُوجُ سَوَادُهُ بِصُفْرَةٍ أَصْحَمُ وَكَدَرُ اللَّوْنِ أَرِيرٌ وَصَافِيهِ أَصْفَرُ وَالْبَعِيدُ عَنِ الصُّفْرَةِ مَعَ سَوَادِ قَلِيلٌ آدَمُ اللَّوْنِ وَالْمَرْأَةُ أُدْمَى وَفَوْقَ الْأُدْمَةِ يُقَالُ شَدِيدُ الْأَدْمَةِ وَالْمُفَارِقُ لِذَلِكَ الْمَائِلُ إِلَى الْبَيَاضِ وَالْحُمْرَةِ صَافِي السُّمْرَةِ بِحُمْرَةٍ وَالصَّافِي الْخَالِصُ مِنَ الْحُمْرَةِ رَقِيقُ السُّمْرَةِ وَلَا يَقُولُ الْمُوَرِّقُونَ فِي الْحُلَى ابيض لَان

الْبَيَاضَ عَلَى زَعْمِهِمْ هُوَ الْبَرَصُ وَلَيْسَ كَمَا قَالُوا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ} وَلَيْسَ المُرَاد البرص والا لَا نعكس الْمَدْحُ وَقَالَ الشَّاعِرُ (وَأَبْيَضَ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ ... ثمال الْيَتَامَى عصمَة للارامل) وَظَاهر الْبيَاض افصح وَالْأَبْيَضُ بِشُقْرَةٍ أَشْقَرُ وَمَعَ ذَلِكَ حُمْرَةٌ زَائِدَةُ السِّرِّ وَالَّذِي بِوَجْهِهِ وَرَاجَدَرْ الْقَدُّ الزَّائِدُ الطُّولِ عَتيق الْقَامَة والناقص عَن ذَلِك عطنط الْقَامَةِ وَالنَّاقِصُ عَنْ ذَلِكَ تَامُّ الْقَامَةِ وَالنَّاقِصُ عَنْ ذَلِكَ مُعْتَدِلُ الْقَامَةِ وَالنَّاقِصُ عَنْ ذَلِكَ رَبْعُ الْقَامَةِ وَالنَّاقِصُ عَنْ ذَلِكَ حَسِيرُ الْقَامَةِ ويجترها فَإِنْ زَادَ حَتَّى يَصِيرَ كَالصَّبِيِّ قِيلَ دَحْدَاحٌ وَالشَّيْخُ الطَّوِيلُ إِذَا انْحَنَى أَسِيفُ الْقَامَةِ وَالْمَرْأَةُ سَيْفَاءُ الْجَبْهَةُ وَالْجَبِينُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْجَبْهَةَ مَوْضِعُ السُّجُودِ وَالْجَبِينَانِ جَانِبَا مَوْضِعِ السُّجُودِ فَإِذَا عرضت الْجِهَة وَتَوَسَّعَتْ قِيلَ رَحْبُ الْجَبْهَةِ وَإِنِ اعْتَدَلَ عَظْمُهَا وَاتَّسَعَتْ جِدًّا قِيلَ أَغَرُّ وَامْرَأَةٌ غَرَّاءُ وَإِنْ تطا من وَسَطُهَا قِيلَ أَفْرَقُ وَإِنِ اسْتَوَى عَظْمُهَا وَقَدْرُهَا وَسَلِمَتْ مِنَ الِانْكِمَاشٍ قِيلَ وَاضِحُ الْجَبْهَةِ أَوْ ضَاقَتْ قيل ضيق الْجِهَة مدنيها وَذَات انكماش يَسِيرا يُقَالُ بِهَا انْكِمَاشٌ يَسِيرٌ أَسَارِيرُ وَكَثِيرُ غُضُونٍ وَإِنْ صَغُرَتِ الْجَبْهَةُ وَضَاقَتْ قِيلَ ضَيِّقُ الْجَبْهَةِ وَإِنْ نَزَلَ شَعْرُ رَأْسِهِ مِنْ وَسَطِ جَبْهَتِهِ وَخَلَا جَانِبَاهَا مِنَ الشَّعْرِ مِمَّا يَلِي الصُّدْغَيْنِ قِيلَ أَنْزَعُ وَإِنْ عَمَّتْهَا مِنْ جَمِيعِ الْجِهَاتِ قيل اغم

الحواجب مُتَّصِل شعرهَا مقرون الحاجبين خفِيا وَمُفْتَرِقُهَا أَبْلَجُ الْحَاجِبَيْنِ وَامْرَأَةٌ بَلْجَاءُ وَإِنْ كَانَ بَلْجُهُ مُنْكَمِشًا قِيلَ بِبَلْجِهِ غُضُونٌ وَإِنْ خَفَّ ذَلِكَ قِيلَ بَيْنَهُمَا خُطُوطٌ أَوْ خَطَّانِ أَوْ خطّ فَإِن كن بَيْنَهُمَا شِبْهُ خَطٍّ بِالْمِشْرَاطِ قِيلَ بَيْنَهُمَا شُرُوطٌ أَوْ شَرْطٌ فَإِنْ كَانَ شَعْرُ الْحَاجِبَيْنِ وَرِقَا وَتَقَوَّسَا قِيلَ أَزَجُّ الْحَاجِبَيْنِ فَإِنْ غَزُرَ حَجْبُهُمَا قيل اَوْ طف شَعْرِ الْحَاجِبَيْنِ وَامْرَأَةٌ وَطْفَاءُ وَإِنْ غَزُرَ وَطَالَ قِيلَ أَزَبٌّ وَامْرَأَةٌ زَبَّاءُ وَمُهَلْهَلُ شَعْرِ الْحَاجِبَيْنِ وَامْرَأَةٌ مُهَلْهَلَةٌ فَإِنْ سَقَطَ شَعْرُهُمَا فَأَمْرَطُ وَامْرَأَةٌ مَرْطَاءُ وَإِنَّ عَرْمَى امْرَأَةٍ زَعْرَلُ وَإِنْ خَفَّ شعرهما فامعط والمراة معطاء الْعَيْنَانِ إِنِ اتَّسَعَتْ فَأَعْيَنُ وَالْمَرْأَةُ عَيْنَاءُ وَإِنِ انْفَتَحَ جَفْنُ الْعَيْنِ الْأَعْلَى وَكَثُرَ لَحْمُهُ فَأَنْحَطُ أمراة نَحْطَاءُ أَوْ قَلَّ لَحْمُ الْجُفُونِ وَغَارَتِ الْحَدَقَتَانِ فَغَائِرُ الْعَيْنَيْنِ أَوْ قَلَّ لَحْمُ الْجُفُونِ وَنَتَأَتِ الْحَدَقَتَانِ فَجَاحِظُ الْعَيْنَيْنِ وَالْمَرْأَةُ كَذَلِكَ أَوْ غَارَتِ الْعُيُون اَوْ صغرت فاحوص وَقيل الحوص الْغرُور مَعَ الضعْف فَإِن صغرتا فاخفش الْخَفَشُ الصِّغَرُ مَعَ الِانْكِمَاشِ فَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى لَا يُرَى إِلَّا مَا قَارَبَهُ فَهُوَ أَكْمَشُ أَوْ بِهَا رُطُوبَةٌ فَمَرْطُوبُ الْعَيْنِ وان اشْتَدَّ سَواد الْعنين فَأَدْعَجُ وَامْرَأَةٌ دَعْجَاءُ أَوْ أَسْوَدُ أَطْرَافِ الْجُفُونِ فاكحل وأمراة كحلاء اَوْ اشْتَدَّ سوادهما وصفاب بَيَاضُهُمَا وَاتَّسَعَ مَا بَيْنَ الْأَجْفَانِ فَأَحْوَرُ وَامْرَأَةٌ حَوْرَاءُ أَوْ خَالَطَ سَوَادَ الْعَيْنِ خُضْرَةٌ يَسِيرَةٌ فَأَشْهَلُ وَامْرَأَةٌ شَهْلَاءُ أَوْ سَوَادُهُمَا بَيْنَ الْحُمْرَةِ والسواد فاشهل فَإِن خالط بياضهما حمرَة فاشجر وأمراة شجراء أَوْ زُرْقَةٌ فَأَزْرَقُ الْعَيْنِ فَإِنْ خَالَطَ الْحُمْرَةَ زرقة فاشكل وطويل الاشفار اَوْ طف وَإِنْ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا زَرْقَاءَ وَالْأُخْرَى سَوْدَاءُ فَأَخْيَفُ وَامْرَأَةٌ خَيْفَاءُ وَإِنْ أَقْبَلَ النَّاظِرُ إِلَى النَّاظِرِ وَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ

الْعَيْنَيْنِ تَنْظُرُ إِلَى الْأُخْرَى أَوْ يَنْظُرُ بِإِحْدَاهُمَا إِلَى أَنْفِهِ فَهُوَ أَقْبَلُ الْعَيْنَيْنِ وَهُوَ دُونَ الْحَوَلِ وَالَّذِي يَنْظُرُ بِمُؤَخَّرِ الْعَيْنَيْنِ إِلَى الْأُخْرَى يُقَالُ بِهِمَا قَبَلٌ فَإِنِ ارْتَفَعَ النَّاظِرُ إِلَى أَعْلَى وَلَمْ يُمْكِنْهُ النَّظَرُ إِلَى النُّورِ فَأَجْهَرُ أَوْ دُونَهُ فَهُوَ أَدْرَشُ وَامْرَأَةٌ دَرْشَاءُ أَوْ سَالَتْ إِحْدَاهُمَا إِلَى الْأَحَطِّ وَهُوَ مُؤَخَّرُ الْعَيْنِ أَوْ إِلَى مُقَدَّمِهِمَا فَهُوَ أَحْوَلُ وَإِنْ كَانَ يَنْظُرُ إِلَى غَيْرِكَ وَتَحْسَبُهُ يَنْظُرُ إِلَيْكَ فَأَشْطَرُ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الْحَوَلِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعِ النَّظَرَ إِلَى النُّورِ فَأَجْهَرُ وَهُوَ الَّذِي لَا يُبْصِرُ بِالنَّهَارِ وَالَّذِي لَا يُبْصِرُ بِاللَّيْلِ أَعْشَى اَوْ انْقَلب جفن الْعين فاشرى أَوْ تَسَاقَطَ شَعْرُ الْأَجْفَانِ فَأَعْمَشُ أَوْ ذَهَبَتْ إِحْدَى الْحَدَقَتَيْنِ فَأَعْوَرُ وَتَقُولُ فِي الْبَيَاضِ بِعَيْنِهِ الْيُمْنَى إِبْيَاضٌ أَوِ الْيُسْرَى عَشِيُّ النَّاظِرِ أَوْ بَعْضِهِ أَوْ عَشِيُّ السَّوَادِ أَوْ بَعْضِهِ عَلَى مَا يحده والاعمى مكفوف الباصر وَضَرِيرُ الْعَيْنَيْنِ وَإِنْ كَانَتَا مَفْتُوحَتَيْنِ قِيلَ قَائِمُ الْعَيْنَيْنِ ضَرِيرُهُمَا الْأَنْفُ إِذَا ارْتَفَعَتْ قَصَبَتُهُ وَاحْدَوْدَبَ وَسطهَا قِيلَ أَقْنَى الْأَنْفِ وَإِنْ غَلُظَ حَرْفُهُ ثُمَّ اسْتَوَى فَأَدْلَفُ وَإِذَا قَصُرَ الْأَنْفُ وَصَغُرَتِ الْأَرْنَبَةُ وَارْتَفَعَتْ عَنِ الشَّفَةِ فَأَخْنَسُ وَامْرَأَةٌ خَنْسَاءُ وَإِنْ عَرَضَتِ الْأَرْنَبَةُ وَاطْمَأَنَّتِ الْقَصَبَةُ وَانْتَشَرَ الْمِنْخَرَانِ وَانْفَطَسَ رَأْسُ الْأَنْفِ فَأَفْطَسُ فَإِنِ اطْمَأَنَّ وَسَطُهُ وَارْتَفَعَتِ الْأَرْنَبَةُ فَأَفْقَمُ الْأَنْفِ فَإِنْ قَصُرَ الِارْتِفَاعُ وَغَلُظَ قيل اختم الانف وأمراة ختماء الانف فَإِن اعتدلت قصبته فارنبته فَأَفْعَا وَامْرَأَةٌ فَعْوَاءُ فَإِنْ غَلُظَتِ الْأَرْنَبَةُ قِيلَ غَلِيظُ الْأَرْنَبَةِ فَإِنِ اتَّسَعَ الْمِنْخَرَانِ اتِّسَاعًا فَاحِشًا قِيلَ وَاسِعُ الْمِنْخَرَيْنِ الْوَجْنَتَانِ وَالْخَدَّانِ الْخَدُّ مَجْرَى الدمع والوجنة الْعظم الشاخص تَحت الْعين ان اعْتَدَلَ لَحْمُ الْخَدَّيْنِ وَاسْتَوَى عَظْمُ الْوَجْنَتَيْنِ فَأَسْيَلُ الْخَدين وأمراة

أَسِيلَةُ الْخَدَّيْنِ فَإِنْ ضَاقَ الْوَجْهُ وَصَغُرَ جِدًّا فَضَيِّقُ الْوَجْهِ وَصَغِيرُ الْوَجْهِ وَإِنِ انْضَمَ الْخَدَّانِ الْفَم فمضموم الْخَدين اَوْ انتظما وانحفر فَمَضْمُومُ الْخَدَّيْنِ مَحْفُورُهُمَا وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ مَضْمُومَةُ الْخَدَّيْنِ مَحْفُورَتُهُمَا وَإِنِ ارْتَفَعَتِ الْوَجْنَتَانِ فَأَوْبَنُ وَمُؤَخَّرٌ وَامْرَأَةٌ مُوجِنَةٌ الْفَمُ الْوَاسِعُ أَفْوَهُ وَإِنْ زَادَ فَأَهْوَةُ وَامْرَأَةٌ هَوْتَا أَوْ صَغُرَ جِدًّا فَصَغِيرُ الْفَمِ أَوْ مُتَطَامِنًا فَأَفْقَمُ وَإِنْ دَقَّ شَفَتَاهُ فَرَقِيقُ الشَّفَتَيْنِ أَوْ غَلُظَتْ وَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُطْبِقَهُمَا فَهُوَ افوه وأمراة فوهاء وغليط الشَّفَتَيْنِ يَسِيرًا يُقَالُ غَلِيظُ الشَّفَتَيْنِ فَإِنْ كَثُرَ ذَلِكَ فَأَتْلَمُ وَامْرَأَةٌ تَلْمَاءُ فَإِنِ انْقَلَبَتِ الشَّفَةُ الْعُلْيَا وَاسْتَرْخَتْ كَشَفَةِ الْبَعِيرِ فَأَهْدَلُ وَامْرَأَةٌ هَدْلَاءُ وَإِنِ اسْوَدَّ مَا ظَهَرَ مِنْ لَحْمِ الشَّفَتَيْنِ فَأَلْعَسُ وَامْرَأَةٌ لَعْسَاءُ فَإِنِ انْشَقَّتِ الْعُلْيَا فِي الْخِلْقَةِ كَشَفَةِ الْبَعِيرِ فَأَعْلَمُ أَوِ السُّفْلَى فَأَفْلَحُ اَوْ كِلَاهُمَا فَأَشْرَمُ وَامْرَأَةٌ شَرْمَاءُ وَإِنْ كَانَ يَلْفِظُ فِي كَلَامِهِ بِالْفَاءِ قِيلَ فَأْفَاءُ وَامْرَأَةٌ كَذَلِكَ أَوْ تَرَدَّدَ بِالتَّاءِ فَتِمْتَامٌ أَوْ غَلُظَ كَلَامُهُ وَثَقُلَ لسأنه فالفظ اَوْ يردد الْكَلَام إِلَى خيشومه فاخذ أَوْ جَالَ لِسَانُهُ فِي فِيهِ إِذَا تَكَلَّمَ فَلَجْلَاجٌ أَوْ يُبَدِّلُ الْحُرُوفَ بِغَيْرِهَا فَأَرَتٌّ وَأَلْثَغُ وَإِنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ فَأَبْكَمُ وَأَخْرَسُ وَامْرَأَةٌ خَرْسَاءُ اللِّحْيَةُ كَثُّ اللِّحْيَةِ وَكَثِيفُ شَعْرِ اللِّحْيَةِ أَوْ خف فَخَفِيفُ شَعْرِ اللِّحْيَةِ أَوْ بِعَارِضَيْهِ شَعْرٌ يَسِيرٌ مُفْتَرَقٌ وَفِي فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ فَسِقَاطٌ اولا شَعْرَ بِعَارِضَيْهِ بَلْ بِرِقَّةٍ فَكَوْسَجٌ أَوْ كَبُرَ سنه وَهُوَ أَمْرَد فاتط بِالتَّاءِ والطاء اولا شَعْرَ بِعَنْفَقَتِهِ وَهِيَ الْبَصْرَةُ الَّتِي تَحْتَ الشَّفَةِ السُّفْلَى فَأَخَصُّ الْعَنْفَقَةِ وَأَكْثَفُ الْغَمَّةِ وَالْعَنْفَقَةِ أَوْ تَوَفَّرَ شَعْرُ الْعَنْفَقَةِ فَوَافِرُ الْعَنْفَقَةِ أَوْ هِيَ مَلْآنَةٌ بِالشَّعْرِ وَمَا حَوْلَهَا فَاسِدُ الْعَنْفَقَةِ وَمَا حولهَا اَوْ

فِيهَا شَعْرٌ وَحَوْلَهَا نَقِيٌّ فَنَقِيٌّ مَا حَوْلَ العنفقة وحالي مَا حولهَا اَوْ نفي جَانِبَيِ الْعَنْفَقَةِ فَنَقِيٌّ جَانِبَهَا فَإِنْ حَلَّتْ وَمَا حَوْلَهَا فَأَكْثَفُ الْعَنْفَقَةِ وَمَا حَوْلَهَا أَوْ شَعْرُ اللِّحْيَةِ أَشْقَرُ فَأَشْقَرُ اللِّحْيَةِ وَيُقَالُ بِهَا شُقْرَةٌ أَوْ خَفَّتِ الشُّقْرَةُ فَأَصْهَبُ شَعْرِ اللِّحْيَةِ وَيُقَالُ بِهَا صُهُوبَةٌ يَسِيرَةٌ أَوْ شَائِبُهَا وَهُوَ يُخَضِّبُهَا بِالْحِنَّاءِ فَمَسْتُورُ شَعْرِ اللِّحْيَةِ أَوْ يُقَالُ بِالْحِنَّاءِ الْأَسْنَانُ إِذَا اتَّسَعَ مَا بَيْنَ الثَّنَايَا الْعُلْيَا فَفَلْجُ الثَّنَايَا الْعُلْيَا وَكَذَلِكَ يُقَالُ فِي السُّفْلَى وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا وَاسِعًا قِيلَ فَلْجًا بَيِّنًا أَوْ يَسِيرًا أَوِ انْفَرَجَ مَا بَيْنَ الْأَسْنَانِ اَوْ تنظمت الاسنان فمنتظم الاسنان والفلجة جَمِيعُ الْأَسْنَانِ فَالِجُ جَمِيعِ الْأَسْنَانِ أَوِ الْأَسْنَانِ السُّفْلَى أَوِ الْعُلْيَا إِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي إِحْدَى الْجِهَتَيْنِ وَإِنْ تَفَلَّجَتْ بِاتِّسَاعٍ فَمُرَوَّقُ الْأَسْنَانِ وَإِنْ تَفَلَّجَ بَعْضُهَا ذَكَرْتَ ذَلِكَ أَوْ دَقَّتْ وَتَحَدَّدَتْ فَأَشْنَبُ الْأَسْنَانِ وَامْرَأَةٌ شَنْبَاءُ وَقِيلَ الشَّنَبُ بصيص الاسنان وعذوبة مَائِهَا ودقته أَوْ تَغَيَّرَ شَيْءٌ مِنَ الْأَسْنَانِ ذَكَرْتَ ذَلِكَ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ وَإِنِ اصْفَرَّتْ أَوِ اخضرت فافلج الاسنان وان برزت فبادي الْأَسْنَانِ أَوْ تَرَاكَبَتْ فَمُتَرَاكِبُ الْأَسْنَانِ أَوْ أَكَتُّ بِغَيْرِ تَاءٍ أَوْ تَاءٍ كَذَا أَوْ زَادَ بَيْنَ الْأَسْنَانِ سِنٌّ قِيلَ بَيْنَ الْأَسْنَانِ سِنٌّ زَائِدٌ وَيُقَالُ شَاغِيَةُ الْأَسْنَانِ سِتَّ عَشْرَةَ عُلْيَا وَمِثْلُهَا سُفْلَى وَقَدْ تَكُونُ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ ثَنِيَّتَانِ وَرُبَاعِيَّتَانِ وَنَابَانِ وَضَاحِكَانِ وَسِتَّةُ أَرْحِيَةٍ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ ثَلَاثَةٌ وَبَازِلٌ مِنْ كُلِّ نَاجِدٍ وَهُوَ ضِرْسُ الْحُلْمِ وَالْأَرْحَى الْأَضْرَاسُ فَتَقُولُ سَاقِطُ السِّنِّ الْفُلَانِيِّ أَوْ مُتَغَيِّرُهَا أَوِ انْقَصَمَ فَتَصِفُهَا وَاسْمَهَا وان نحتت قيل منحوت الاسنان الْعُنُق سالفان مَا بَين الْعرض ونقرة الْقَفَا والاخدعان مَكَان الجمتين وَإِنِ اعْتَدَلَ الْعُنُقُ وَطَالَ فَأَجْيَدُ وَامْرَأَةٌ جَيْدَاءُ أَوْ طَالَ وَرَقَّ فَأَعْنَقُ وَامْرَأَةٌ عَنْقَاءُ أَوْ مَالَ إِلَى نَاحِيَةٍ فَأَمْيَلُ الْعُنُقِ إِلَى النَّاحِيَةِ الْفُلَانِيَّةِ أَوِ امْتَدَّتْ وَأَقْبَلَتْ عَلَى مُقَدَّمِهَا فَأَبْرَكُ أَوْ قَصُرَتْ حَتَّى تَكَادَ تُلْصَقُ بِأَصْلِهِ فَأَوْقَصُ وَامْرَأَةٌ وَقْصَاءُ وَإِنْ لَانَتْ وَاعْتَدَلَتْ فَأَغْيَدُ وَامْرَأَةٌ غيداء

(الفصل الثاني في حلى غير الناطق)

اليدان ان اعرجت مِنْ قَبْلِ الْكُوعِ إِلَى خَارِجِ الْيَدِ فَأَكْوَعُ اَوْ فِي الاربع تقبض فمقمع أَوْ غَلِيظُ الْكَفَّيْنِ فَشَتْنُ الْكَفَّيْنِ وَالْكُرْسُوعُ صَرْفُ الزَّنْدِ الْخِنْصِرِ ثُمَّ الْبِنْصِرِ ثُمَّ الْوُسْطَى الصُّدْرُ إِنْ خَرَجَ الصَّدْرُ فَقَعْسٌ وَمِنْ جِهَةِ الظَّهْرِ الْحَدَبُ الرِّجْلَانِ إِنِ انْقَبَضَ وَسَطُ قَدَمِهِ فَلَا يَمَسُّ الْأَرْضَ فَأَخْمَصُ الْقَدَمِ أَوْ فِي عُقْدَتَيْ إِبْهَامَيْ رِجْلَيْهِ شَيْءٌ مَعَ مَيْلٍ إِلَى جِهَةِ الْأَصَابِعِ مِنْ غَيْرِ تَرْكِيبٍ فَهُوَ أَجَذْعُ أَوْ اقبل بابهاميه على مَا بَينهمَا وتركبها فَلَا حنف النَّوَادِر انحسار الشّعْر عَن جَانِبي الْجِهَة وَيزِيد على ذَلِك اجلح اَوْ زَاد واجلى أَوْ زَادَ إِلَى الْيَافُوخِ فَأَصْلَعُ أَوِ اجْتَمَعَ فِي وَسَطِ الرَّأْسِ شَعْرُهُ وَخَلَا مِنْ جَمِيعِ الْجَوَانِبِ فَأَقْرَعُ أَوْ سَالَ الشَّعْرُ عَلَى الْقَفَا فَأَغَمُّ الْقَفَا كَأَغَمِّ الْوَجْهِ أَوْ تَفَلْفَلَ فَمُفَلْفَلُ الشَّعْرِ وَإِنِ انْشَقَّ الْحِجَابُ الَّذِي بَيْنَ الْمِنْخَرَيْنِ فَأَخْرَمُ أَوْ مَقْطُوعُ الْأَنْفِ فَأَجْدَعُ أَوْ مَقْطُوعُ الْأُذُنَيْنِ فَأَصْلَمُ أَوْ إِحْدَاهُمَا فَأَصْلَمُ الْأُذُنِ الْفُلَانِيَّةِ أَوْ صَغُرَتِ الْأُذُنَانِ فَأَصْمَعُ الْأُذُنَيْنِ وَعَرَجُ الْمَفَاصِلِ فَدَعٌ وَالْمُقْعَدُ مَفْلُوجُ الرِّجْلَيْنِ وَتَقَدُّمُ الثَّنَايَا السُّفْلَى الْمِعْصَمُ وَتَزَاحُمُ الرُّكْبَتَيْنِ اصْطِكَاكٌ وَإِنِ انْتَصَبَ بَعْضُ الْأَصَابِعِ قِيلَ مُنْتَصِبُ الْأُصْبُعِ الْفُلَانِيِّ مِنَ الرِّجْلِ الْفُلَانِيِّ وَإِذَا كَانَ فِي الشَّعْرِ جُعُودَةٌ فَلَا يُقَالُ أَجْعَدُ لِكُلِّ جَعْدٍ وَامْرَأَةٌ جَعْدَاءُ (الْفَصْلُ الثَّانِي فِي حُلَى غَيْرِ النَّاطِقِ) الْفَرَسُ الْأَسْوَدُ أَخْضَرُ أَوْ قَلَّ سَوَادُهُ فَأَدْهَمُ أَوْ خَالَطَهُ بَيَاض فاشهب سوسي وتسميه الْعَامَّة حديدي اَوْ الْبيَاض اكثر فاشهب قرطاسي اَوْ السَّوْدَاء اكثر فاحمر اَوْ خالطت شبهته حمرَة فصنابي اَوْ حمرته فِي سَوْدَاء فَكُمَيْتٌ أَوْ خَالِصُ الْحُمْرَةِ فَوَرْدٌ أَوْ خَالَطَتِ الْحُمْرَةَ صُفْرَةٌ فَأَشْقَرُ أَوْ سَوَادُهُ فِي شُقْرَةٍ فادبر اَوْ كتته بَين الْبيَاض والسواد فاعبس أَوْ هُوَ بَيْنَ الدُّهْمَةِ وَالْخُضْرَةِ فَأَحْوَى أَوْ قاربت حمرته السَّوْدَاء فَأَصْدَى وَإِذَا كَانَ أَصْفَرَ قُلْتَ أَصْفَرُ أَوْ فِيهِ نُكَتٌ بِيضٌ فِي غَيْرِ سَوَادٍ فَأَنْمَشُ وان اتسعت النكت فموتر وانمر اَوْ فِي جَبهته بَيَاض قدر الدِّرْهَم وَهِي الفرحة اَوْ زَاد

فَهِيَ الْغُرَّةُ وَإِنْ سَالَتْ وَدَقَّتْ وَلَمْ تُجَاوِزِ الْعَينَيْنِ فَهِيَ العصفور فَإِن جالت وَلم تبلغ الحجفلة فَهِيَ شمواح وان مَالَتْ الْجَبْهَةُ وَلَمْ تَبْلُغِ الْعَيْنَيْنِ فَهِيَ الشَّادِخَةُ وَإِنْ أَخَذَتْ جَمِيعَ الْوَجْهِ وَهُوَ يَنْظُرُ فِي سَوَادٍ فَهُوَ برقع فَإِن رجعت فِي أَحَدِ شِقَّيْ وَجْهِهِ فَهُوَ لَطِيمٌ وَإِنْ اخذت عَيْنَيْهِ وابيضت اشقارهما فمعرب اَوْ بحجفلته الْعليا بَيَاض فارثم اَوْ فِي السُّفْلى فالمط اَوْ ابيض الراس والعنق فاردع اَوْ ابيض اعلى الراس فَهُوَ امقع أَوْ أَبْيَضُ الْقَفَا فَهُوَ أَقْنَفُ أَوْ أَبْيَضُ الراس فارخم اَوْ ابْيَضَّتْ النَّاصِيَةِ فَأَسْعَفُ أَوْ أَبْيَضُ الظَّهْرِ فَأَرْحَلُ أَوْ ابيض الْعجل فازر اَوْ ابيض الجنبين فاحفص اَوْ ابْيَضَّتْ قَائِمَة من ثُلُثَ الْوَضِيفِ فَأَقَلَّ فَمُحَجَّلٌ أَوْ حَاذَى الرُّكْبَتَيْنِ فمخضب أَوْ جَاوَزَ إِلَى الْحِقْوَيْنِ وَالْمِرْفَقَيْنِ وَمَرَاجِعِ الرُّكْبَتَيْنِ فَهُوَ مسدول أَوِ الْبَيَاضُ فِي يَدَيْهِ فَأَعْصَمُ أَوْ وَصَلَ إِلَى مرفقيه فإنفر أَوْ فِي الرِّجْلَيْنِ فَهُوَ مُحَجَّلٌ أَوْ إِحْدَاهُمَا فمحجل الرجل الْفُلَانِيَّة الْيُمْنَى اَوْ ابيض الذيل فاسعد وَفِي الْحَمِيرِ الصُّهْبَةُ وَالْخُضْرَةُ الشُّهُوبَةُ وَالْغُبْرَةُ وَكَذَلِكَ الْبِغَالُ تَقُولُ فِيهَا أَشْهَبُ وَأَشْقَرُ وَكُمَيْتٌ وَوَرْدٌ وَالْأَدْهَمُ مِنَ الْحَمِيرِ كَالْأَخْضَرِ مِنَ الْخَيْلِ وَالْمُذَكَّرُ كُلُّهُ أَفْعَلُ وَالْأُنْثَى فَعْلَاءُ فَهُوَ أَشْقَرُ وَشَقْرَاءُ الذّكر ورد والانثى وردة وَالذكر وَالْأُنْثَى كُمَيْتٌ بِخِلَافِ قِيَاسِ الْأَوَّلِ وَالْأَحْمَرُ مِنَ الْإِبِلِ أَحْمَرُ أَوْ خَالَطَهُ حُمْرَةٌ فَكُمَيْتٌ وَإِنِ اشْتَدَّتْ كَمِّيَّتُهُ حَتَّى يَدْخُلَهَا سَوَادٌ فَأَرْمَدُ أَوْ خالط الْحمرَة صفرَة كالعدس فاحمر رادي أَوْ خَالَطَ سَوَادَهُ بَيَاضٌ فَأَوْرَقُ أَوِ اشْتَدَّتْ وُرْقَتُهُ حَتَّي يَذْهَبَ بَيَاضُهُ فَأَدْهَمُ فَإِنِ اشْتَدَّ السوَاد فجواز اَوْ هُوَ أبْيَضُ فَآدَمُ أَوْ خَالَطَتْهُ حُمْرَةٌ فَأَصْهَبُ أَوْ خَالَطَ الْبَيَاضَ شُقْرَةٌ فَأَعْيَسُ فَإِنِ اغْبَرَّتْ حَتَّى تَضْرِبَ إِلَى الْخُضْرَةِ فَأَخْضَرُ فَإِنْ خَالَطَ خُضْرَتَهُ سَوَادٌ وَصُفْرَةٌ فَأَحْوَى أَوْ شَدِيدُ الْحُمْرَةِ يُخَالِطُهَا سَوَادٌ لَيْسَ بِخَالِصٍ فَأَكْلَفُ وَيُوصَفُ الْبَقَرُ بِالْأَحْمَرِ وَالْأَصْفَرِ وَالْأَسْوَدِ وَالضَّأْنُ إِذَا كَانَ لَهَا شَعْرَةٌ حَمْرَاء واخرى بَيْضَاء وَهِي ضخا كَذَا اَوْ خَالص الْحُمْرَةِ فَدَهْمَاءُ أَوْ بَيَاضٌ وَسَوَادٌ فَرَقْطَاءُ أَوِ اسود راسها فزأساء اَوْ بيض راسها من بَين جَسدهَا فرخماء اَوْ

اسود عُنُقهَا فروعاء اَوْ ابْيَضَّتْ خاصراتها فحصفاء اَوْ اسودت قَوَائِمهَا فرملاء اَوْ اببيض وَسطهَا فحوراء وَالْمَعْزَةُ الَّتِي بَيْنَ السَّوَادِ وَالْحُمْرَةِ حَلْسَاءُ وَالسَّوْدَاءُ المشوبة بحمرة الصداء والدمساء أَقَلُّ مِنْهَا حُمْرَةً وَالَّتِي يَعْلُوهَا سَوَادٌ فِي غَيْرِهِ كَهْمَاءُ وَهِيَ نَحْوُ الدَّهْمَاءِ وَالْبَيْضَاءُ الَّتِي فِي أَعَالِيهَا مَمَرُّ حُمْرَةٍ عَفْرَاءُ وَالْمَلْحَاءُ الَّتِي مَعَ كُلِّ شَعْرَةٍ سَوْدَاءَ شَعْرَةٌ بَيْضَاءُ وَالدَّبَّاءُ مِثْلُ الْبَلْقَاءِ مِنَ الْخَيْلِ وَالَّتِي جِلْدُهَا كَالنَّمِرِ رَقْشَاءُ وَالرَّقْشَاءُ الْأُذُنَيْنِ دَرَّاءُ أَوْ بَيْضَاءُ الْجَنْبِ بَيْضَاءُ وَالْبَيْضَاءُ الْعَيْنَيْنِ غَرْبَاءُ وَبَيْضَاءُ الْيَدَيْنِ عَصْمَاءُ وَمُلْتَوِيَةُ الْقَرْنَيْنِ عَلَى أُذُنِهَا مِنْ خَلْفِهَا عَفْصَاءُ أَوِ انْتَصَفَ قَرْنَاهَا فَنَصْفَاءُ وَمَكْسُورَةُ الْقَرْنِ الْخَارِجِ قصماء ومكسورة الدَّاخِل عضباء والجلجاء الْجَمَّاءُ وَصَغِيرَةُ الْأُذُنَيْنِ صَكَّاءُ وَأَكْثَرُ مِنْهَا قَلِيلًا صَمْعَاءُ وَمَشْقُوقَةُ الْأُذُنِ طُولًا شَرْقَاءُ وَعَرْضًا خَرْقَاءُ وَمَقْطُوعَةُ طَرَفِ الْأُذُنِ قَصْوَاءُ الْأَسْنَانُ وَلَدُ الْفَرَسِ مُهْرٌ وَمُهْرَةٌ وَالْجَمْعُ مُهَرٌ وَالصَّغِيرُ مِنْهُ وَمِنْ كُلِّ ذِي حَافِرٍ فَلُوٌّ وَالْجَمِيعُ فَلَاءُ وَوَلَدُ الْحمار والبغل جحش وعقوق وَالْجمع جِحَاشٌ وَعِقَاقٌ وَإِذَا كَمُلَتْ لِذَلِكَ كُلِّهِ سَنَةٌ فحولي وَالْجمع حَولي وَفِي الثَّانِيَة جدع وجدعان وَفِي الثَّالِثَةِ ثَنِيٌّ وَثَنِيَّانِ وَفِي الرَّابِعَةِ رُبَاعٌ وربعان بِكَسْر الرَّاء وَضمّهَا وَفِي الْخَامِسَة فارح وَفَرح وَيُقَال اجدع الْمهْر واثنى واربع وَفَرح هَذِه وَحْدَهَا بِغَيْرِ أَلِفٍ وَأَسْنَانُ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ تقدم فِي كتاب الزَّكَاة فاطلبه هُنَالك انْتهى كتاب الوثائق وَبِه انْتهى الْجُزْء الْعَاشِر من الذَّخِيرَة يَلِيهِ الْجُزْء الْحَادِي عشر واوله كتاب الدعاوي

كتاب الدعاوي

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَصلى الله على سيدنَا ومولانا مُحَمَّد وعَلى آله وَصَحبه وَسلم عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ ( كتاب الدعاوي) وَيتَوَجَّهُ النّظر فِي حَقِيقَة الدَّعْوَى وَشُرُوطِهَا ثُمَّ حَقِيقَةِ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي جَوَابِهَا ثُمَّ فِي تَصَرُّفِ الْحَاكِمِ فِيهَا فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَنْظَارٍ (النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي حَقِيقَتِهَا) فَالدَّعْوَى لُغَةً الطَّلَبُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلَهُمْ مَا يدعونَ} أَي مَا يطْلبُونَ وَأما فِي الشَّرْح فَهِيَ طَلَبٌ مُعَيَّنٌ أَوْ مَا فِي ذِمَّةِ مُعَيَّنٍ أَوْ أَمْرٌ يَتَرَتَّبُ لَهُ عَلَيْهِ نَفْعٌ مُعْتَبَرٌ شَرْعًا فَالْأَوَّلُ كَدَعْوَى أَنَّ السِّلْعَةَ الْمُعَيَّنَةَ اشْتَرَاهَا أَو غصبت مِنْهُ وَالثَّانِي كالديوان وَالسَّلَمِ ثُمَّ الْمُعَيَّنُ الَّذِي يُدَّعَى فِي ذِمَّتِهِ قَدْ يَكُونُ مُعَيَّنًا بِالشَّخْصِ كَزَيْدٍ أَوْ بِالصِّفَةِ كَدَعْوَى الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ أَوِ الْقَتْلِ عَلَى جَمَاعَةٍ أَوْ أَنَّهُمْ أَتْلَفُوا لَهُ مُتَمَوَّلًا وَالثَّالِثَةُ كَدَعْوَى الْمَرْأَةِ الطَّلَاقَ أَوِ الرِّدَّةَ عَلَى الزَّوْجِ أَوِ الْوَارِثِ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا فَإِنَّهَا لَا مُعَيَّنَةٌ وَلَا فِي الذِّمَّةِ إِنَّمَا تَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا مَقَاصِدُ صَحِيحَةٌ وَقَوْلُنَا مُعْتَبَرٌ شرعا احْتِرَازًا مِنْ دَعْوَى عُشْرِ سِمْسِمَةٍ فَإِنَّ الْحَاكِمَ لَا يَسْمَعُ مِثْلَ هَذَا لِأَنَّهُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ لِطَالِبِهِ نَفْعٌ شَرْعِيٌّ

(فرع مرتب)

وَلِلدَّعْوَى أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ أَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً مُحَقَّةً لَا تُكَذِّبُهَا الْعَادَةُ يَتَعَلَّقُ بِهَا غَرَضٌ صَحِيحٌ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَوْ قَالَ لِي عَلَيْهِ شَيْءٌ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ وَكَذَلِكَ إِذَا قَالَ أَظُنُّ أَنَّ لِي عَلَيْكَ شَيْئًا أَوْ لَكَ عَلَيَّ كَذَا وأظن أَنِّي قَضيته الم تُسْمَعْ لِتَعَذُّرِ الْحُكْمِ بِالْمَجْهُولِ إِذْ لَيْسَ بَعْضُ الْمَرَاتِبِ أَوْلَى مِنْ بَعْضٍ وَلِأَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَدْخُلُ فِي خَطَرٍ بِمُجَرَّدِ تَوَهُّمِ الْمُدَّعِي قَالَ الشَّافِعِيَّة لَا يَصح دَعْوَى الْمَجْهُولِ إِلَّا فِي الْإِقْرَارِ وَالْوَصِيَّةِ لِصِحَّةِ الْقَضَاءِ بِالْوَصِيَّةِ الْمَجْهُولَةِ كَثُلُثِ الْمَالِ وَالْمَالُ غَيْرُ مَعْلُوم وَصِحَّة الْملك فِي الْإِقْرَار فِي الْمَجْهُولِ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ وَيُلْزِمُهُ الْحَاكِمُ بِالتَّعْيِينِ وَقَالَهُ أَصْحَابُنَا وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ إِنِ ادَّعَى بِدَيْنٍ مِنَ الْأَثْمَانِ ذَكَرَ الْجِنْسَ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ وَالنَّوْعَ دَنَانِيرَ مِصْرِيَّةً أَوْ مَغْرِبِيَّةً وَالصِّفَةَ صحاحاً اَوْ مَكْسُورَة والمقدار وَالسِّكَّة وَإِن فِي غَيْرِ الْأَثْمَانِ ذَكَرَ الصِّفَاتِ الْمُعْتَبَرَةَ فِي السَّلَمِ وَذِكْرُ الْقِيمَةِ فِي جَمِيعِ الصِّفَاتِ أَحْوَطُ وَمَا لَا يَنْضَبِطُ بِالصِّفَةِ كَالْجَوَاهِرِ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْقِيمَةِ مِنْ غَالَبِ نَقْدِ الْبَلَدِ وَيذكر فِي الأَرْض وَالدَّار اسْم الصنع وَالْبَلَدِ وَفِي السَّيْفِ الْمُحَلَّى بِالذَّهَبِ تُذْكَرُ قِيمَتُهُ فِضَّةً وَبِالْفِضَّةِ تُذْكَرُ قِيمَتُهُ ذَهَبًا أَوْ بِهِمَا قَوَّمَهُ بِمَا شَاءَ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ مَوْضِعُ ضَرُورَةٍ وَلَا يَلْزَمُ ذِكْرُ سَبَبِ مِلْكِ الْمَالِ بِخِلَافِ سَبَب الْقَتْل والجراح وَيلْزم الْحَاكِم هَلْ قَتَلَهُ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً لِأَنَّ إِتْلَافَهُ لَا يُسْتَدْرَكُ بِخِلَافِ الْمَالِ وَهَذَا كُلُّهُ لَا يُخَالِفُ فِيهِ أَصْحَابُنَا وَقَوَاعِدُنَا تَقْتَضِيهِ (فَرْعٌ مُرَتَّبٌ) إِنِ ادَّعَى نِكَاحَ امْرَأَةٍ وَأَنَّهُ تَزَوَّجَهَا تَزْوِيجًا صَحِيحًا فَفِي الْجَوَاهِرِ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَ بِوَلِيٍّ وَبِرِضَاهَا بَلْ لَوْ أَطْلَقَ فَقَالَ هِيَ زَوْجَتِي كَفَاهُ وَقَالَهُ ح وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ لَا تُسْمَعُ حَتَّى يَقُولَ بِوَلِيٍّ وَبِرِضَاهَا وَبِشَاهِدَيْ عَدْلٍ بِخِلَافِ دَعَاوِي الْمَالِ وَغَيْرِهَا

(النظر الثاني في بيان حقيقة المدعي والمدعى عليه)

لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى الْبَيْعِ وَالرِّدَّةِ وَالْعِدَّةِ وَلِأَنَّ ظَاهر عُقُودِ الْمُسْلِمِينَ الصِّحَّةُ احْتَجُّوا بِأَنَّ النِّكَاحَ خَطَرٌ وَالْوَطْءُ لَا يُسْتَدْرَكَ فَأَشْبَهَ الْقَتْلَ وَأَنَّ النِّكَاحَ لَمَّا اخْتَصَّ بِشُرُوطٍ زَائِدَةٍ عَلَى الْبَيْعِ مِنَ الصَّدَاقِ وَغَيْرِهِ خَالَفَتْ دَعْوَاهُ الدَّعَاوَى وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ جَمِيعِ الْعُقُودِ يَدْخُلُهُ الْبَدَلُ وَالْإِبَاحَةُ بِخِلَافِهِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْغَالِبَ فِي دَعْوَى الْمُسْلِمِ مَعَ بَيِّنَتِهِ الصِّحَّةُ فَالِاسْتِدْرَاكُ نَادِرٌ لَا عِبْرَة بِهِ وَالْقَتْل خطر أَعْظَمُ مِنْ حُرْمَةِ الْفَرْجِ وَهُوَ الْفَرْقُ فَلَا يُلْحَقُ بِهِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ دَعْوَى الشَّيْءِ يتَنَاوَلهُ بِشُرُوطِهِ بِدَلِيلِ الْبَيْعِ فَلَا يُحْتَاجُ إِلَى الشُّرُوطِ فِي الدَّعْوَى كَالْبيع لَهُ شُرُوط لَا يشْتَرط فِي دَعْوَاهُ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الرِّدَّةَ وَالْعِدَّةَ لَا يَدْخُلُهُمَا الْبَدَلُ وَالْإِبَاحَةُ وَيَكْفِي الْإِطْلَاقُ فِيهِمَا وَأَمَّا قَوْلُنَا لَا تُكَذِّبُهَا الْعَادَةُ فَفِي الْجَوَاهِرِ الدَّعَاوَى ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ قِسْمٌ تُصَدِّقُهُ الْعَادَةُ كَدَعْوَى الْقَرِيبِ الْوَدِيعَةَ وَتُكَذِّبُهُ الْعَادَةُ كَدَعْوَى الْحَاضِرِ الْأَجْنَبِيِّ مِلْكَ دَارٍ فِي يَدِ زَيْدٍ وَهُوَ حَاضِرٌ يَرَاهُ يَهْدِمُ وَيَبْنِي وَيُؤَجِّرُ مَعَ طُولِ الزَّمَانِ مِنْ غَيْرِ وَازِعٍ يَزَعُهُ عَنِ الطَّلَبِ مِنْ رَهْبَةٍ أَوْ رَغْبَةٍ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَالثَّالِثُ مَا لَمْ يُقْضَ بِصِدْقِهَا وَلَا بِكَذِبِهَا بَلْ أَنَّهَا مشبه كَدَعْوَى الْمُعَامَلَةِ فِي مَوْضِعٍ بِشُرُوطِ الْخَلْطِ عَلَى مَا يَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَوْلُنَا فِيهَا غَرَض شَرْعِي كَمَا تقدم فِي غير السِّمْسِمَةِ وَمَا عُلِمَ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِهِ اللُّعْبَةُ وَالتَّعَنُّتُ (النَّظَرُ الثَّانِي فِي بَيَانِ حَقِيقَةِ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعى عَلَيْهِ) وَأَصله قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَوْ أُعْطِيَ النَّاسُ بِدَعَاوِيهِمْ لَادَّعَى قَوْمٌ دِمَاءَ قَوْمٍ وَأَمْوَالَهُمْ وَلَكِنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَنِ ادَّعَى وَالْيَمِينَ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ فَلَيْسَ كل طَالب

(النظر الثالث في جواب الدعوى)

مُدَّعِيًا بَلْ قَدْ يَكُونُ مُدَّعًى عَلَيْهِ كَالْيَتِيمِ إِذَا بَلَغَ وَادَّعَى عَدَمَ قَبْضِ مَالِهِ تَحْتَ يَد الْوَصِيّ فَإِنَّهُ مدعي عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وَطَالِبُ الْوَدِيعَةِ الَّتِي سَلَّمَهَا بِبَيِّنَةٍ مُدَّعًى عَلَيْهِ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمَطْلُوبِ الْمُودَعِ إِلَّا بِبَيِّنَة أَن الْوَصِيّ مَا يُؤمنهُ اللَّهُ فِي الدَّفْعِ لِأَمْرِهِ إِيَّاهُ فِيهِ بِالْإِشْهَادِ وَالْمُودِعُ لَمْ يُؤَمِّنِ الْمُودَعَ عِنْدَهُ لِأَنَّهُ أَشْهَدَ عَلَيْهِ عِنْدَ الدَّفْعِ فَقَدْ أَمِنَهُ عَلَى الْحِفْظِ دُونَ الرَّدِّ وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ فَلِذَلِكَ قَالَ الْأَصْحَابُ الْمُدَّعِي مَنْ خَالَفَ قَوْلَهُ أَصْلًا كَدَعْوَى الدِّينِ أَوْ عُرْفًا كَالْوَدِيعَةِ الْمَشْهُودِ بِهَا فَإِنَّ الْعَادَةَ أَنَّ مَنْ أُشْهِدَ عَلَيْهِ لَا يُعْطِي إِلَّا بِبَيِّنَةٍ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَنْ وَافَقَ قَوْلَهُ أَصْلًا أَوْ عُرْفًا وَقِيلَ الْمُدَّعِي هُوَ أَضْعَفُ الْمُتَدَاعِيَيْنِ سَبَبًا وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ أَقْوَى الْمُتَدَاعِيَيْنِ سَبَبًا وَهُوَ رَاجِعٌ إِلَى الْأَوَّلِ فَالْيَمِينُ أَبَدًا مِنْ جِهَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي لِيَكُونَ هَذَا شَأْنَكَ فِي التَّرْجِيحِ بِالْعَوَائِدِ وَمَا يُشْبِهُ مِنَ الْأَثْمَانِ وَظَوَاهِرِ الْأَحْوَالِ وَهِيَ أُمُورٌ غَيْرُ مُنْحَصِرَةٍ فَمَنْ رَجَّحَ بِوَاحِدٍ مِنْهَا فَهُوَ الْمُدَّعِي غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ الطَّالِحَ إِذَا ادَّعَى عَلَى الصَّالِحِ فِلْسًا أَوْ بِالْعَكْسِ فَإِنَّ الثَّانِيَ مُصَدَّقٌ مِنْهُمَا كَائِنًا مَنْ كَانَ وَلَا يُصَدَّقُ الصَّالِحُ عَلَى الطَّالِحِ وَلَوْ وَصَلَ الصَّالِحُ إِلَى أَقْصَى مَرَاتِبِ الصَّلَاحِ وَالْآخَرُ إِلَى أَقْصَى مَرَاتِبِ الْكَذِبِ وَالْفَسَادِ بَلِ الْمُرَجِّحَاتُ تَفْتَقِرُ إِلَى دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ يَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِهَا وَبِهَذَا يَنْتَقِضُ قَوْلُ الْأَصْحَابِ الْمُدَّعِي مَنْ خَالَفَ قَوْلَهُ عُرْفًا أَوْ أَصْلًا فَإِنَّ الْفَاسِقَ إِذَا كَذَّبَ الصِّدِّيقَ فِي دَعْوَى الْفِلْسِ الْعَادَةُ تُكَذِّبُهُ مَعَ أَنَّهُ مُدَّعًى عَلَيْهِ إِجْمَاعًا فَاعْلَمْ ذَلِكَ تَنْبِيهٌ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِي تَقْدِيمِ الْأَصْلِ عَلَى الْغَالِبِ لَيْسَ عَلَى إِطْلَاقِهِ فَقَدِ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى تَقْدِيمِ الْأَصْلِ عَلَى الْغَالِبِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَعَلَى تَقْدِيمِ الْغَالِبِ عَلَى الْأَصْلِ فِي الْبَيِّنَةِ لِأَنَّ غَالِبَهُمَا الصِّدْقُ وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ ذِمَّةِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَالْبَيِّنَةُ مُقَدَّمَةٌ إِجْمَاعًا (النَّظَرُ الثَّالِثُ فِي جَوَابِ الدَّعْوَى) وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ إِقْرَارٌ أَوْ إِنْكَارٌ فَإِنْ قَالَ لَا أُقِرُّ وَلَا أُنْكِرُ وَلَكِنْ تُقِيمُ

(فرع مرتب)

الْبَيِّنَة أَولا وَأَحْكَامه إِلَيْك خير على أَن يقْرَأ وينكر رَوَاهُ أَشهب لإظهاره اللَّدَدِ وَقَالَ أَصْبَغُ يَقُولُ لَهُ الْقَاضِي إِمَّا أَنْ تُحَاكَمَ وَإِلَّا أَحْلَفْتُ الْمُدَّعِيَ وَحَكَمْتُ لَهُ عَلَيْكَ هَذَا إِنْ كَانَتِ الدَّعْوَى مُشْبِهَةً تَسْتَحِقُّ الْيَمين مَعَ النّكُول لِأَن نُكُوله عَن الْكَلَامِ نُكُولٌ عَنِ الْيَمِينِ وَإِلَّا فَقَالَ مُحَمَّدٌ حُكِمَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ يَمِينٍ مِنَ الْمُدَّعِي لِأَنَّهُ كَالْإِقْرَارِ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ الْمُدَّعِي بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَخْذِ الْمُدَّعَى بِغَيْرِ يَمِينٍ عَلَى أَنَّهُ مَتَى عَادَ إِلَى الْإِنْكَارِ عَادَ ذَلِكَ لَهُ أَوْ يَحْلِفُ الْآنَ وَيَحْكُمُ لَهُ بِهِ مَالِكٌ لِكَمَالِ الْحُجَّةِ بِالْحَلِفِ بَعْدَ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ وَلَمْ يُنْكِرْ حُكِمَ عَلَيْهِ كَالنَّاكِلِ وَلَا يُنْقَضُ لَهُ الْحُكْمُ بَعْدَ أَنْ يَأْتِيَ بِحُجَّةٍ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ لَمْ يَكُنْ عُلِمَ بِهَا وَإِمَّا أَنْ يُسْجَنَ لَهُ حَتَّى يُقِرَّ أَوْ يُنْكِرَ لِأَنَّهُ يَقُولُ هُوَ يَعْرِفُ حَقِّي فَإِذَا سُجِنَ أَقَرَّ وَاسْتَغْنَيْتُ عَنِ الْيَمِينِ وَفِي هَذَا النَّظَرِ سَبْعَةُ فُرُوعٍ الْأَوَّلُ فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا أَقَرَّ بِخَمْسِينَ مِنْ سِتِّينَ وَامْتنع فِي الْعدة من الْإِقْرَار وَالْإِنْكَار قَالَ مُحَمَّدٌ أُجْبِرَ بِالْحَبْسِ حَتَّى يُقِرَّ أَوْ يُنْكِرَ إِذَا طَلَبَ ذَلِكَ الْمُدَّعِي فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى الِامْتِنَاعِ حُكِمَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ يَمِينٍ قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَكَذَلِكَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِدَارٍ فِي يَدِهِ فَلَا يقر وَلَا يُنكر فَإِذا أجبر وَتَمَادَى حكم عَلَيْهِ بِغَيْر يَمِين الثَّانِي وَقَالَ مَا تَقَدَّمَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ مُخَالَطَةٌ مِنْ أَيِّ وَجْهٍ يَدَّعِي هَذَا لَزِمَ أَنْ يُسْأَلَ الطَّالِبُ عَن ذَلِك بِسَبَب دَعْوَاهُ فَإِنِ ادَّعَى نِسْيَانَهُ قُبِلَ ذَلِكَ مِنْهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ لِأَنَّ ذَلِكَ مُتَوَقَّعٌ وَأُلْزِمَ الْمَطْلُوبُ أَنْ يُقِرَّ أَوْ يُنْكِرَ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيد لَا يُوقف الْمَطْلُوب حَتَّى يحلف المطالب أَنه لَا يذكر مَا يَدَّعِيهِ إِذْ لَعَلَّهُ يَذْكُرُ السَّبَبَ فَيَجِدُ مَخْرَجًا فَإِنِ امْتَنَعَ مِنْ ذِكْرِ ذَلِكَ السَّبَبِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَدَّعِيَ سَبَبًا لَمْ يُسْأَلِ الْمَطْلُوبُ عَنْ شَيْءٍ (فَرْعٌ مُرَتَّبٌ) قَالَ لَوْ ذَكَرَ السَّبَبَ فَقَالَ الْمَطْلُوبُ أَنَا أَحْلِفُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ عِنْدِي مِنْ هَذَا السَّبَبِ قَالَ أَشْهَبُ لَا يُجْزِيهِ حَتَّى يَقُولَ وَلَا أَعْلَمُ لَهُ شَيْئًا بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يُجْزِيهِ لِأَنَّ الطَّالِبَ لَمْ يَطْلُبْ بِغَيْرِ ذَلِكَ

الثَّالِثُ قَالَ إِذَا قَالَ لِي عَلَيْكَ عَشَرَةٌ فَقَالَ لَا يَلْزَمُنِي الْعَشَرَةُ لَمْ تَكْفِ الْيَمِينُ مُطْلَقًا حَتَّى يَقُولَ وَلَا شَيْءَ مِنْهَا لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الْكُلِّ نَفْيُ الْبَعْضِ الرَّابِعُ قَالَ إِذَا ادَّعَى سَلَفًا أَوْ بَيْعًا لَا يَكْفِي أَنْ يُقَالَ لَا حَقَّ لَهُ عِنْدِي بَلْ لَمْ يُسَلِّفْنِي مَا يَدَّعِيهِ أَوْ لَمْ يَبِعْ مِنِّي شَيْئًا مِمَّا ذَكَرَ قَالَهُ مَالِكٌ وَسَحْنُونٌ وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ يُجْزِئُ ثُمَّ رَجَعَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ لَا بُد من ذكر السَّبَب لَيْلًا يُلْغِزَ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ حَلَفَ أَنَّهُ مَا لَكَ عَلَيَّ مِمَّا تَدَّعِيهِ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ بَرِئَ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِمَّنْ لَا يُتَّهَمُ وَالْمُدَّعِي يُتَّهَمُ بَطَلَتِ الْبَيِّنَةُ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَشْهُورَ فِيهِ مَصَالِحُ وَمَفَاسِدُ أَمَّا مَصَالِحُهُ فَلِأَنَّهُ إِذَا قَالَ مَا اشْتَرَيْتُ مِنْهُ أُمْكِنَ الْمُحِقُّ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الشِّرَاءِ فَيَخْلُصُ حَقُّهُ وَأَمَّا مَفَاسِدُهُ فَإِنَّهُ قَدْ يَكُونُ وَفَّاهُ الثَّمَنَ وَنَحْوَهُ فَيَعْتَرِفُ بِالشِّرَاءِ فَيَلْزَمُهُ الثَّمَنُ مَرَّةً أُخْرَى وَهَذَا هُوَ الْمُوجِبُ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ ذِكْرِ السَّبَبِ الْخَامِسُ قَالَ إِذَا أدعى عَلَيْهِ مَالك فَقَالَ لَيْسَ لِي بَلْ وَقْفٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَو على وَلَدي أَو مَالك لم يمْتَنع ذَلِكَ مِنْ إِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ مِنَ الْمُدَّعِي مَا لَمْ يَثْبُتْ مَا ذَكَرَ فَتَقِفُ الْمُخَاصَمَةُ عَلَى حُضُورِ مَنْ تَثْبُتُ لَهُ عَلَيْهِ الْوِلَايَةُ وَلَوْ قَالَ لَيْسَ لِي بَلْ لِمَنْ لَا أُسَمِّيهِ فَأَوْلَى أَنْ لَا يُمْنَعَ مِنْ تَمَامِ الْمُحَاكَمَةِ وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ وَهُوَ حَاضِرٌ فَلِلْمُدَّعِي تَحْلِيفُ الْمُقَرِّ لَهُ فَإِنْ نَكَلَ حُلِّفَ الْمُدَّعِي وَأَخَذَ الْمُدَّعَى بِهِ وَإِنْ حَلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ فَلِلْمُدَّعِي بِهِ وَإِنْ حَلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ فَلِلْمُدَّعِي أَنْ يُحَلِّفَ الْمُقِرَّ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي وَأَخَذَ قِيمَةَ الْمُقَرِّ بِهِ مِنَ الْمُقِرِّ فَإِنْ أَضَافَ إِلَى غَائِبٍ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ انْصَرَفَتِ الْخُصُومَةُ عَنْهُ إِلَى الْغَائِبِ وَإِنْ لَمْ يُثْبِتْ ذَلِكَ لَمْ يُصَدَّقْ وَحَلَفَ فَإِنْ نَكَلَ رَجَعَ الْمُدَّعَى بِهِ إِلَى الْمُدَّعِي بِغَيْرِ يَمِينٍ فَإِنْ جَاءَ الْمُقَرُّ لَهُ فَصَدَّقَ الْمُقِرَّ أَخَذَهُ لِأَنَّ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ يُتَّهَمُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ صَرْفَ الْخُصُومَةِ عَنْ نَفْسِهِ السَّادِسُ قَالَ جَوَازُ دَعْوَى الْقِصَاصِ عَلَى الْعَبْدِ لِيَطْلُبَ مِنَ الْعَبْدِ الْأَرْشَ يُطْلَبُ جَوَابُهَا من السَّيِّد

(النظر الرابع في كيفية تصرف الحكام في الدعاوى)

السَّابِع قَالَ إِذا ادّعى لَمْ يَحْلِفْ وَقَالَ لِي بَيِّنَةٌ قَرِيبَةٌ فَاطْلُبُوا مِنْهُ كَفِيلًا أُخِذَ مِنْهُ كَفِيلٌ بِنَفْسِهِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَمْسَةِ أَيَّامٍ إِلَى الْجُمُعَةِ وَلِمَالِكٍ إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ لَهُ طَلَبَ الْكَفِيلَ قَبْلَ التَّعْدِيلِ لِوُجُودِ سَبَبِ صِدْقِهِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ وَلَوِ ادَّعَى عَلَيْهِ خُلْطَةً وَادَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً قَرِيبَةً عَلَى اللَّطْخِ كَالْيَوْمِ وَنَحْوِهِ وُكِّلَ مَا الْمَطْلُوب كَذَا وَقَالَ سَحْنُونٌ يُؤْخَذُ مِنْهُ كَفِيلٌ (النَّظَرُ الرَّابِعُ فِي كَيْفِيَّةِ تَصَرُّفِ الْحُكَّامِ فِي الدَّعَاوَى) وَفِي الْكِتَابِ إِذَا أَقَامَ غَيْرُ الْحَائِزِ بَيِّنَةً دُونَ الْحَائِزِ قُضِيَ لِلْمُدَّعِي إِلَّا أَنْ تَطُولَ الْحِيَازَةُ كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ فَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ عَلَى نِتَاجٍ أَوْ نَسْجٍ فَهُوَ لِمَنْ بِيَدِهِ مِنْهُمَا لِرُجْحَانِ بَيِّنَتِهِ بِالْيَدِ فَعِنْدَنَا تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ صَاحِبِ الْيَد وَهُوَ الدَّاخِل على بَيِّنَة الْخَارِج شَهِدَتْ بِمُطْلَقِ الْمِلْكِ نَحْوَ هُوَ مِلْكِي أَوْ مُضَافًا إِلَى سَبَبٍ عَنْ مِلْكِي نَسَجْتُهُ فِي مِلْكِي أَوْ وَلَدَتِ الدَّابَّةُ عِنْدِي قُبِلَ السَّبَبُ المتكرر كَنَسْجِ الْخَزِّ وَغَرْسِ الشَّجَرِ أَمْ لَا كَالْوِلَادَةِ وَنَسْجِ الْقُطْنِ وَقَالَهُ ش وَقَالَ ح إِنْ شَهِدَتْ لِلْخَارِجِ بِمُطْلَقِ الْمِلْكِ قُدِّمَتْ عَلَى بَيِّنَةِ صَاحِبِ الْيَدِ أَوْ مُضَافٌ إِلَى سَبَبٍ يَتَكَرَّرُ وَيَتَدَاعَيَانِ السَّبَبَ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ صَاحِبِ الْيَدِ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ مُطْلَقًا لَنَا مَا رَوَاهُ جَابِرٌ أَنَّ رَجُلَيْنِ تَنَازَعَا دَابَّةً وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ بَيِّنَةً أَنَّهُ نَتَّجَهَا فَقَضَى بهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِمَنْ هِيَ فِي يَدِهِ وَلِأَنَّ أَحَدَهُمَا تَرَجَّحَ بِالْيَدِ فَيُقَدَّمُ كَمَا إِذَا لَمْ يُقِيمَا بَيِّنَةً وَلقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْبَيِّنَةَ عَلَى مَنِ ادَّعَى وَالْيَمِينَ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ) وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي اخْتِلَاف الْبَينَات فقهاً وسؤالاً وجواباً

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ وَمَنْ أَقَامَتْ بِيَدِهِ دَارٌ سِنِينَ يَكْرِي وَيَهْدِمُ وَيَبْنِي وَقَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهَا لَكَ أَوْ لِأَبِيكَ أَوْ جَدِّكَ وَثَبَتَتِ الْمَوَارِيثُ وَأَنْتَ حَاضِرٌ تَرَاهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ فَلَا حُجَّةَ لَكَ أَوْ غَائِبٌ فَقَدِمْتَ فَلَكَ إِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ وَكَذَلِكَ مَنْ حَازَ عَلَى حَاضِرٍ عُرُوضًا أَوْ حيوإناً أَو رَقِيقا فلك الدَّارُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنَ الْعَادَةِ كَذِبُ الْحَاضِرِ وَالْحَالَةُ ذَلِكَ وَلَمْ يَحُدَّ مَالِكٌ فِي حِيَازَةِ الرُّبْعِ عَشْرَ سِنِينَ وَلَا غَيْرَهَا وَقَالَ رَبِيعَةُ عشرَة تُقْطَعُ دَعْوَى الْحَاضِرِ إِلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً أَنَّهُ أَكْرَى أَوْ أَسْكَنَ أَوْ أَعَارَ وَنَحْوَهُ وَلَا حِيَازَةَ عَلَى غَائِبٍ وَعَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْ حَازَ عَشْرَ سِنِينَ فَهُوَ لَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَوْ وَرِثْتَهَا عَنْ أَبِيكَ فَأَقَامَ ابْنُ عَمِّكَ بَيِّنَةً أَنَّهَا دَارُ جَدِّهِ فَهِيَ حِيَازَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ لَمَّا أَبَاحَ اللَّهُ تَعَالَى الْقِتَالَ بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ كَانَ ذَلِكَ أَبْلَغَ شَيْءٍ فِي الْإِعْذَار لقَوْله تَعَالَى {وَأمر بِالْمَعْرُوفِ} وَكُلُّ شَيْءٍ يُكَذِّبُهُ الْعُرْفُ وَالْعَادَةُ وَجَبَ أَنْ لَا يُؤْمَرَ بِهِ بَلْ يُؤْمَرُ بِالْمِلْكِ لِلْحَائِزِ لِأَنَّهُ الْعُرْفُ فِيمَنْ رَأَى هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ مَعَ طُولِ السِّنِينَ مِنْ غَيْرِ مَانِعٍ وَلَمْ يَدَّعِ مِلْكًا وَلَا تعرض ويكذب دَعْوَاهُ وَيُصَدِّقُ الْحَائِزَ أَنَّ ذَلِكَ صَارَ إِلَيْهِ بِبَيْعٍ وَاخْتُلِفَ فِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةُ أَضْعَفُهُمَا قَالَ وَالصَّوَابُ التَّسْوِيَةُ وَحَدَّدَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْحِيَازَةَ بِعَشْرِ سِنِينَ وَبِثَمَانِيَةٍ إِلَى الْعَشْرَةِ وَعَنْهُ زَرْعُ الْأَرْضِ عَشْرَ سِنِينَ يُبْطِلُ دَعْوَى الْأَجْنَبِيِّ بِخِلَافِ الْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ وَقَالَ أَصْبَغُ مُدَّةُ الْحِيَازَةِ الْمَانِعَةِ فِي الثِّيَابِ وَالْحَيَوَانِ وَالْعَبِيدِ أَقْصَرُ كُلُّ شَيْءٍ بِقَدْرِهِ فالثوب السّنة إِذا ألبس وَالدَّابَّة السنتين إِذا ركبت واغلتها عَلَى وَجْهِ الْمِلْكِ وَالْأَمَةُ كَذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَطَأَهَا وَهُوَ يَعْلَمُ وَلَا يُنْكِرُ فَتَسْقُطُ حُجَّتُهُ وَإِنْ لَمْ تَطُلِ الْمُدَّةُ قَبْلَ الْوَطْءِ وَالْعَبِيدُ وَالْعُرُوضُ فَوْقَ ذَلِكَ قَلِيلًا وَقَالَ مُطَرِّفٌ عَشْرُ سِنِينَ قَاطِعَةٌ فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ وَقَدْ يَكُونُ فِي بَعْضهَا

الْخَمْسُ وَالسِّتُّ وَالسَّبْعُ وَالثَّمَانِ بِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ فِي ذَلِكَ وَالْبَيْعُ وَالْعِتْقُ وَالتَّدْبِيرُ وَالْكِتَابَةُ وَإِصْدَاقُ الْأَمَةِ كَوَطْئِهَا يَقْطَعُ الْحُجَّةَ إِذَا عَلِمَ الطَّالِبُ وَلَمْ يُغَيِّرْ قَامَ بِحُدُوثِ ذَلِكَ أَوْ بَعْدَهُ قَالَ إِذَا أَثْبَتَ الطَّالِبُ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ يُخَاصِمُ فِي عَشْرِ السِّنِينِ نَفَعَهُ ذَلِكَ وَلَا يَكْفِي الْيَوْمَانِ ثُمَّ يُمْسِكُ قَالَ جَرْيُ الْقَنَاةِ سَنَةً لَا يَمْنَعُ أَنَّ الْجَارَ قَدْ يَغْفُلُ عَنْ ذَلِكَ بِخِلَافِ أَرْبَعِ سِنِينَ قَالَ فَإِذَا فُتِحَتْ كُوَّةٌ تَرَى مِنْهَا مَا فِي دَارِ جَارِكَ وَأَقَامَتْ أَرْبَعَ سِنِينَ فَفَتَحَ جَارُكَ قُبَالَتَكَ كُوَّةً فَطَلَبْتَ سَدَّهَا فَطَلَبَ الْآخَرُ سَدَّ الْقَدِيمَةِ يَحْلِفُ جَارُكَ مَا تَرَكَ الْقَدِيمَةَ إِلَّا عَلَى مَعْنَى الْجِوَارِ وَتُسَدُّ الْكُوَّتَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَقَرَّ الْحَائِزُ أَنَّهُ ابْتَاعَهَا مِنْكَ أَوْ وَهَبْتَهَا لَهُ أَوْ تَصَدَّقْتَ بِهَا عَلَيْهِ وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةُ صِدْقٍ فِي الْبَيْعِ مَعَ يَمِينِهِ إِذَا حازها زَمَانا يهْلك فِي مَثَلِهِ الْبَيِّنَاتُ وَتَحْلِفُ أَنْتَ فِي الصَّدَقَةِ وَالْهِبَةِ مَا خَرَجَتْ مِنْ مَالِكَ وَتَدْفَعُ قِيمَةَ مَا بَنَى وَمَا نَقَصَتْ وَيُصَدِّقُ هُوَ إِنْ كَانَ وَرِثَهَا إِلَّا أَنْ تَكُونَ أَنْتَ غَائِبًا فَأَنت أولى إِلَّا أَن تقيم بَيِّنَةَ سَمَاعٍ عَلَى الشِّرَاءِ فِيمَا طَالَ زَمَانُهُ قَالَ مُطَرِّفٌ إِذَا عُلِمَ أَصْلُ الْحِيَازَةِ بِكِرَاءٍ وَنَحْوِهِ فَالْحَقُّ لِصَاحِبِ الْأَصْلِ وَإِنْ طَالَتِ الْحِيَازَةُ إِلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً بِالْبَيْعِ أَوِ الْهِبَةِ أَوْ يُحْدِثَ فِيهَا بِحَضْرَتِكَ مَا لَا يُحْدِثُهُ إِلَّا مَالك وَأَنت سَاكِت ووالد الْحَائِزِ وَوَلَدُ الْوَلَدِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ كَآبَائِهِمْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا حِيَازَةَ عَلَى غَائِبٍ وَلَو كَانَ على مسيرَة أَرْبَعَة أَيَّام وَنَحْو هَات وَهُوَ يبلغهُ موت الْحَائِز وَأولى وَأَتَتْ كَذَا وَلَا يُطْلَبُ وَلَا يُوَكَّلُ فَلَهُ الْقِيَامُ وَلَا يُقْطَعُ دَعْوَاهُ إِلَّا الْأَمْرُ الْغَرِيبُ وَلَيْسَ كُلُّ النَّاسِ يَتَيَسَّرُ عَلَيْهِ الطَّلَبُ فِي ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ بِذَلِكَ وَيَطُولَ الزَّمَانُ وَمَسْأَلَةُ ابْنِ الْعَمِّ جَعَلَ فِيهَا الْحِيَازَةَ بَيْنَ الْأَجْنَبِيَّيْنِ وَالْأَقَارِبِ سَوَاءً بِخِلَافِ مَالِهِ فِي غَيْرِ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ بَعْضُ الْقُرَوِيِّينَ إِنْ كَانَتِ الْقَرَابَةُ يَتَسَامَحُونَ الثَّلَاثِينَ سَنَةً لَمْ تَكُنْ حِيَازَةٌ وَيَنْظُرُ مَا يَتَشَاحُّونَ فِيهِ وَيَنْظُرُ فِي الْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ فَإِنْ كَانُوا لَا يَفْعَلُونَهُ إِلَّا بَعْدَ الْمُقَاسَمَةِ فَهُوَ حَوْزٌ وَإِلَّا فَلَا إِلَّا أَنْ يَطُولَ الزَّمَانُ كَالْخَمْسِينَ سَنَةً وَمَا حَازَ الْوَارِثُ بِالْوَطْءِ وَالْبَيْعِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَة والعطية فَذَلِك يقطع حَتَّى بَاقِي الْوَرَثَةِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْهَدْمُ وَالْبِنَاءُ وَنَحْوُهُ فِي الْحِيَازَةِ يَسْتَوِي فِيهِ الْوَرَثَةُ وَالْقَرَابَةُ وَالْأَجْنَبِيُّونَ فِي طُولِ ذَلِكَ وَعَنْهُ لَا يُقْطَعُ حَقُّ الْوَارِثِ بِالْبِنَاءِ وَالْهَدْمِ عَشْرَ سِنِينَ

بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ وَيَخْتَصُّ الْوَارِثُ بِمَا حَازَهُ بِالْوَطْءِ وَالْبَيْعِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ وَالْعَطِيَّةِ بِخِلَافِ الْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ وَالْأَرْبَعِينَ سَنَةً لَيْسَتْ طُولًا مَاتَ الْوَارِثَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ بَقِيَا إِلَّا أَنْ يَطُولَ جِدًّا وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ مَعَ وَلَدِ زَوْجِهَا إِلَّا أَنْ يُقَسِّمُوا أَوْ يَبِيعُوا أَوْ يُعْتِقُوا بِعِلْمِهَا أَوْ عِلْمِ وَارِثِهَا فَيَقْطَعُ حَقَّهُمْ ذَلِكَ فَإِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ فِي بَعْضِ الرَّقِيقِ فِي سَتْرٍ مِنْهُمْ أَخَذَتْ حَقَّهَا فِيمَا أَعْتَقُوهُ أَوْ بَاعُوهُ لِأَنَّهَا تُعْذَرُ بِالسُّكُوتِ عَنِ الْيَسِيرِ فِي جَنْبِ كَثِيرِ الْمِيرَاثِ وَإِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ فِي جُلِّ الْمِيرَاثِ بَطَلَ حَقُّهَا فِي الْجَمِيعِ قَالَ مُطَرِّفٌ لَا حِيَازَةَ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ وَالْوَرَثَةِ فِيمَا يُزْرَعُ أَوْ يُسْكَنُ لِغَيْرِ عِمَارَةٍ وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ إِلَّا فِي الْخَمْسِينَ سَنَةً أَوْ يَحْدُثُ فِيمَا لَمْ يَطُلْ بَيْعٌ أَوْ هِبَةٌ أَوْ قِسْمٌ أَوْ صَدَاقٌ بِحُضُورِ الْبَاقِينَ وَلَا يَقُومُونَ بِحِدْثَانِ ذَلِكَ وَمَا حِيزَ بِالْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ وَالْإِحْيَاءِ فَهُمْ فِيهِ كَالْأَجْنَبِيِّينَ قَالَ ابْنُ دِينَارٍ مَا حَازَ الِابْنُ مِنْ أَرْضِ أَبِيهِ فِي حَيَاتِهِ بِالْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ وَالْإِحْيَاءِ وَلَمْ يَنْقُلْهُ الْأَبُ حَتَّى مَاتَ وَطَالَ فَهُوَ لِلْوَلَدِ إِنِ ادَّعَاهُ مِلْكًا لِنَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ أَبُوهُ يَنْقُلُهُ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى مَوْضِعٍ فَلَا وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا حَوْزَ بَيْنَ الْوَالِدِ وَالْوَلَدِ لِأَنَّهُ كَالْحَوْزِ لِلْأَبِ إِلَّا مَا يَنْسِبُهُ لِنَفْسِهِ بِشِرَاءٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ هبة وَالْحَد الْموضع وَالْمولى والحتز كَذَا كَالْأَجْنَبِيِّ قَالَ مُطَرِّفٌ مَا عَدَا الشُّرَكَاءَ وَالْوَرَثَةَ مِنْ جَمِيعِ الْقَرَابَاتِ الْإِخْوَةُ وَبَنُوهُمْ وَالْأَعْمَامُ وَبَنُوهُمْ وَالْأَخْوَالُ وَالْأَصْهَارُ وَالْمَوَالِي فَكَالْأَجْنَبِيِّ قَالَ أَصْبَغُ إِلَّا الْمَوَالِي الْخُوَلَةُ الْمُدَبِّرِينَ لِأَمْوَالِهِمْ مِنَ الْخَاصِّيَّةِ وَكَذَلِكَ الْأَصْهَارُ يَكُونُونَ خَوَلًا وَوُكَلَاءَ لِصَاحِبِ الْأَصْلِ أَوْ مُخْتَلِطِينَ بِهِ حَدًّا وَلَا حِيَازَةَ لِلِابْنِ عَلَى أَبِيهِ وَإِنْ كَانَ مُنْقَطِعًا عَنْهُ قَالَ وَحَاصِلُ الْخِلَافِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْوَرَثَةُ وَالشُّرَكَاءُ صِنْفٌ لَا يُقْضَى لَهُمْ إِلَّا بِطُولِ الْحِيَازَةِ كَالْخَمْسِينَ سَنَةً وَالْأَجْنَبِيِّينَ وَالْقَرَابَةُ غَيْرُ الْوَارِثَةِ وَالْأَصْهَارُ وَالْمَوَالِي صِنْفٌ يُقْضَى لَهُمْ بِحِيَازَةِ عَشْرِ سِنِينَ وَيَسْتَوُونَ كُلُّهُمْ فِي بيع المحوز وصدقته وهبته ووطؤه وكتابته وتدبيره فَوْتٌ وَإِنْ قَرُبَ وَاخْتُلِفَ فِي حَوْزِ الْوَرَثَةِ بِالْبِنَاءِ وَالْهَدْمِ فَقِيلَ كَالْأَجْنَبِيِّ وَقَالَ أَشْهَبُ الْوَرَثَةُ وَالْأَصْهَارُ وَالْمَوَالِي كَالْأَجْنَبِيِّ يُقْضَى لَهُمْ بِالْعَشَرَةِ وَنَحْوِهَا قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا أَدْخَلَ فِي دَارِهِ مِنْ رقاق الْمُسْلِمِينَ النَّافِذِ يُزِيلُهُ الْحَاكِمُ وَلَا حَوْزَ فِيهِ لِأَنَّهُ طَرِيقُ الْمُسْلِمِينَ بِخِلَافِ الْأَمْلَاكِ إِلَّا فِي نَحْوِ سِتِّينَ سَنَةً

(فرع)

فَيُتْرَكُ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ بِأَيِّ وَجْهٍ وُضِعَ قَالَ اللَّخْمِيُّ كِرَاءُ الدَّارِ أَبَيْنُ مِنَ السُّكْنَى لِأَنَّهُ لَيْسَ الْبُنيان فِيمَنِ اكْتَرَى أَنْ يَكْرِيَ إِلَّا أَنْ يَقُولَ تَرَكْتُ لَهُ الْكِرَاءَ لِيَرْتَفِقَ بِهِ وَبَيْنَهُمَا مُؤَاخَاةٌ فَقيل إِنْ كَانَ يَحْتَاجُ إِلَى الرِّفْقِ وَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الدَّارِ يَحْتَاجُ إِلَى الرِّفْقِ لَمْ يُصَدَّقْ وَالْهَدْمُ لِمَا يُخْشَى سُقُوطُهُ لَا يُمْنَعُ وَتُسْأَلُ الْجَارِيَةُ هَلْ تَرَكَتْ وَدِيعَةً أَوْ عَارِيَةً أَوْ إِجَارَةً وَهَلْ يُودِعُ مَثَلُهَا لِمِثْلِهِ أَمْ لَا وَهَلْ هُوَ مِمَّنْ يُؤَجِّرُ جَوَارِيَهِ وَالْآخَرُ مِمَّنْ يَسْتَأْجِرُ أَمْ لَا وَمَتَى أَشْكَلَ الْأَمْرُ حَلَفَ الْمَالِكُ وَيُتَّبَعُ فِي ذَلِكَ قَرَائِنُ كُلِّ نَازِلَةٍ وَكَذَلِكَ فِي الْقَرَابَةِ مَنْ عُلِمَ مِنْهُ الْمُشَاحَّةُ فَهُوَ على حَقه وَإِن طَالَتْ السنون ونواريه كَذَا نَظَائِرُ قَالَ الْعَبْدِيُّ يُعْتَبَرُ مَا بَيْنَ الْخَمْسِينَ إِلَى السِّتِّينَ فِي خَمْسِ مَسَائِلَ فِي الْحِيَازَةِ عَلَى الْأَقَارِبِ وَتَعْنِيسِ الثَّيِّبِ وَالْأَرْبَعُونَ دِينَارًا إِلَى الْخَمْسِينَ مَالٌ تَجِبُ فِيهِ النَّفَقَةُ فِي الْقِرَاضِ وَالْكِسْوَة وَكَذَلِكَ البضاعة وَالْخَمْسُونَ ثمن الرابعية كَذَا وَقِيلَ فِي وَصِيِّ الْأُمِّ إِنَّ السِّتِّينَ دِينَارًا فِي حَيِّزِ الْقَلِيلِ فَيَكُونُ وَصِيًّا فِيهِ (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ لَيْسَ كُلُّ شَيْءٍ يَحْتَاجُ إِلَى الدَّعْوَى فَالْقَادِرُ عَلَى أَخْذِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ مَعَ الْأَمْنِ مِنَ الْفِتْنَةِ وَسُوءِ الْعَاقِبَةِ بِأَنْ يُعَدَّ سَارِقا وَنَحْوه ذَلِك يَأْخُذهُ وَلَا يلْزمه الرّفْع للْحَاكِم وَحقّ الْعُقُوبَةِ لِأَنَّهُ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ الْحَاكِمِ فَإِنِ امْتَنَعَ الْمَدِينُ مِنَ الدَّفْعِ لَكَ وَحَصَلَ لَهُ فِي يدك شَيْء من جنس مَا عَلَيْهِ اَوْ من غير جنسه فَروِيَ لَك اخذ قدر دينك مِنَ الْجِنْسِ وَالْغَرِيمُ غَيْرُ مِدْيَانٍ أَوْ مِقْدَارُ حِصَّتِكَ فِي حِصَاصِ الْمُدْيَانِ وَرُوِيَ الْمَنْعُ مُطْلَقًا وَرُوِيَ لَكَ الْأَخْذُ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ بِتَحَرِّي الْقِيمَةِ وَمُسْتَنَدُ ذَلِكَ قِصَّةُ هِنْدَ بِنْتِ عُتْبَةَ وَلَوْ جَحَدَكَ وَعَلَيْكَ لَهُ مِثْلُ مَا لَهُ عَلَيْكَ وَهُمَا حَالَانِ جَازَ لَكَ الْجَحْدُ عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى وَإِلَّا حِيزَتْ وَيَحْصُلُ الْقِصَاصُ قُلْتُ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ الْمَنْعُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْخِيَانَةِ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ لَا يَحْلِفُ مَعَ شَاهِدَيْهِ إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَ غَرِيمُهُ قَضَاءً أَوْ بَيْعًا فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمَطْلُوبُ وَيُرْوَى فَإِنْ نَكَلَ أُلْزِمَ وَلَا بُدَّ مِنَ الْيَمِينِ فِي الْحَقِّ عَلَى الْمَيِّتِ أَنَّهُ مَا قَبَضَهُ مِنَ الْمَيِّتِ وَلَا شَيْئًا مِنْهُ وَلَا أسْقطه وَلَا شَيْئا فَإِن ادعيت عَن ميت حَلَفت من يضن بِهِ عِلْمُ ذَلِكَ مِنَ الْوَرَثَةِ الْبَالِغِينَ عَلَى الْعِلْمِ وَمَتَى نَكَلَ سَقَطَتْ حِصَّتُهُ مِنَ الدَّيْنِ بَعْدَ يَمِينِكَ (فَرْعٌ) قَالَ مَالِكٌ لَكَ أَنْ تُوَكِّلَ فِي الْخُصُومَةِ إِلَّا عَدُوَّ الْخَصْمِ وَنَحْوَهُ لِأَنَّهُ فِعْلٌ يَتَأَتَّى لِلْوَكِيلِ كَالْبَيْعِ وَمَنَعَهُ سَحْنُونٌ لِأَنَّهُ يُفْضِي إِلَّا طُولِ الْخُصُومَةِ بِالْمُرَاجَعَةِ وَمَنَعَهُ مَالِكٌ إِذَا شَرَعَا فِي الْخِصَامِ إِلَّا لِعُذْرٍ كَسَمَاعِهِ لِقَبِيحٍ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا ادَّعَتِ الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ وَأَنْكَرَهُ الزَّوْجُ أَمر بِالنَّفَقَةِ لإِقْرَاره بِسَبَبِهَا قَالَه سَحْنُونٌ وَرُبَّمَا لَمْ يَفْرِضْ لَهَا نَفَقَةً وَيَقُولُ هُوَ كَمَنْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ وَالْآخَرُ يُنْكِرُهُ قَالَ بَعْضُ الْقُرَوِيِّينَ فِيهَا نَظَرٌ لِأَنَّهَا وَإِنِ اعْتَرَفَتْ بِعَدَمِ الِاسْتِحْقَاقِ فَهِيَ مَحْبُوسَةٌ مَمْنُوعَةٌ مِنَ الْأَزْوَاجِ مَعَ أَنَّهَا لَا يَحِلُّ لَهَا تَمْكِينُهُ وَقَدْ يَعْجَزُ عَنْهَا فَهُوَ مَوْضِعُ نَظَرٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ أَرَى إِنْ قَدَرَ عَلَى وَطْئِهَا لَزِمَتْهُ نَفَقَتهَا لإِقْرَاره واستمتاعه وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَتَقُولُ لَهُ امْرَأَتُهُ أَنْفِقْ عَلَيَّ أَوْ طَلِّقْنِي وَإِن عجز عَن وَطئهَا وَهِي كالناشز وَقد اخْتلفت فِي النَّفَقَةِ عَلَيْهَا قَالَ وَأَحَبُّ إِلَيَّ فِي هَذَا أَنْ لَا نَفَقَةَ لِإِقْرَارِهَا وَمَنْعِهَا (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِنْ أَقَرَّ بِالسَّلَفِ مِنْ مَيِّتٍ وَأَنَّهُ قَضَاهُ وَلَمْ يَطُلِ الزَّمَانُ غَرِمَ لِلْوَارِثِ

(فرع)

لإِقْرَاره إِلَّا أَن يثبت الْقَضَاء وَإِن طَال حلف وَبرئ إِلَّا أَنْ يَذْكُرَ ذَلِكَ شُكْرًا فَيَقُولُ جَزَاهُ اللَّهُ خَيْرًا سَلَّفَنِي فَقَضَيْتُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ قَرُبَ أَمْ لَا (فَرْعٌ) قَالَ إِنِ ادَّعَيْتَ عَلَيْهِ حُرًّا وَادَّعَيْتَ قُرْبَ الْبَيِّنَةِ فِي يَوْمِكَ أَوْ غَدِكَ وَقَفَهُ الْقَاضِي وَلَا يَحْبِسُهُ إِلَّا أَن يُقيم شَاهِدًا وَلَوِ ادَّعَيْتَ عَبْدًا وَسَأَلْتَ وَضْعَ قِيمَةِ العَبْد وَيذْهب بِهِ إِلَى بَلَدِكَ لِتَشْهَدَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ عِنْدَ قَاضِيهَا فَلَكَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ عُذْرٌ إِذَا أَقَمْتَ الْآنَ شَاهِدًا عَلَى الْقَطْعِ أَوْ بَيِّنَةَ سَمَاعٍ أَنَّهُمْ سَمِعُوا أَنَّهُ عَبَدُكَ وَأَنَّهُ سَرَقَ مِنْكَ وَإِلَّا فَلَا لَكَ أَخْذُهُ وَلَا إِيقَافُهُ إِلَّا أَنْ تَدَّعِيَ الْبَيِّنَةَ حَاضِرَةً أَوْ بَيِّنَةً بِسَمَاعٍ سُمِعَتْ دَعْوَاكَ وَلَكَ ذَلِكَ فِي قُرْبِ الْبَيِّنَةِ الْيَوْمَ وَنَحْوَهُ فَإِنْ أَتَيْتَ بِشَاهِدٍ أَوْ سَمَاعٍ فَلَكَ وَضْعُ الْقِيمَةِ عِنْدَ مَالِكٍ وَالذَّهَابُ بِهِ إِلَى بَلَدِكَ لِحُصُولِ شُبْهَةِ الثُّبُوتِ وَهُوَ كَالْإِيقَافِ وَنَفَقَة العَبْد فِي الإيقاف عَلَى مَنْ يُقْضَى لَهُ بِهِ قَالَ غَيْرُهُ إِنَّمَا يُوقف مَا شُهِدَ عَلَى عَيْنِهِ مِنَ الرَّقِيقِ وَالْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ لِأَنَّ ذَلِكَ تَحَوُّلٌ وَتَرْكُ عَيْنِهِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُوقَفُ مَا لَا يُؤْمَنُ تَغْيِيرُهُ والمأمون كالعقار والرباع وَمَا لَهُ عِلّة إِنَّمَا يُوقَفُ وَقْفًا يُمْنَعُ فِيهِ مِنَ الْإِحْدَاثِ فِيهَا وَالْغَلَّةُ لِلَّذِي هِيَ بِيَدِهِ حَتَّى تُقْضَى الْمَطَالِبُ وَقَالَ سَحْنُونٌ هَذَا إِنْ كَانَ هُنَاكَ وَسَارَتْ إِلَيْهِ مِنْ مُبْتَاعٍ وَمَتَى كَانَ فِي إِيقَافِ الْعَبْدِ ضَرَرٌ اسْتَحْلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَهُ إِلَيْهِ بِغَيْرِ كَفِيلٍ وَإِنِ ادَّعَى بَيِّنَةً حَاضِرَةً عَلَى حَقِّهِ أُوقِفَ لَهُ نَحْوُ خَمْسَةِ أَيَّامٍ وَهَذَا التَّحْدِيدُ لِغَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ غَيْرُهُ إِن ادعيت اَوْ مُسْتَهْلكا كَذَا وَطَلَبْتَ كَفِيلًا سَأَلَكَ الْقَاضِي بَيِّنَةً عَلَى خُلْطَةٍ أَوْ مُعَامَلَةٍ أَوْ ظِنَّةٍ فَإِنِ ادَّعَيْتَ عَلَى الْخُلْطَةِ بَيِّنَةً قَرِيبَةً وُكِّلَ بِهِ حَتَّى يُبَيَّنَ اللطخ يَوْمًا وَنَحْوه فَإِن أتيت بذلك وادعين عَلَى الْحَقِّ بَيِّنَةً بَعِيدَةً اسْتَحْلَفَهُ وَأَطْلَقَهُ بِغَيْرِ كَفِيلٍ لِعَدَمِ الشُّبْهَةِ فِي أَصْلِ الْحَقِّ أَوْ قريبَة ألزمهُ كَفِيلا بِوَجْهِهِ إِلَى جَمِيعه لَا بِالْمَالِ لِعَدَمِ ثُبُوتِهِ كَمَا يُوقَفُ الْحَيَوَانُ وَالْعُرُوضُ لِلْحَاجَةِ لِلْحُضُورِ لِلشَّهَادَةِ عَلَى عَيْنِهِ وَمَا لَا يُحْتَاجُ إِلَى إِحْضَارِهِ لِتَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ عَلَى عينه لَا

يُؤْخَذُ فِيهِ كَفِيلٌ وَفِي النُّكَتِ نَفَقَةُ الْعَبْدِ عَلَى مَنْ يُقْضَى لَهُ بِهِ وَقِيلَ إِنْ لَمْ يَتَطَوَّعْ أَحَدُهُمَا بِالنَّفَقَةِ وَتَشَاحَّا فَهِيَ عَلَى مَنْ هُوَ بِيَدِهِ لِأَنَّهُ عَلَى أَصْلِ مِلْكِهِ فَإِنْ ثَبَتَ لِلْآخَرِ رَجَعَ عَلَيْهِ وَإِذَا هَلَكَ الشَّيْءُ الْمَوْقُوفُ لِأَنَّكَ أَقَمْتَ شَاهِدًا وَلَمْ تَحْلِفْ قِيلَ إِمَّا أَنْ تَحْلِفَ أَوْ تَغْرَمَ الْقِيمَةَ لِأَنَّك بِسَبَبِكَ عُرِّضَ لِلْهَلَاكِ وَأَعِيبُ قَوْلَ مَنْ يَقُولُ إِنَّكَ تَحْلِفُ لِأَنَّ عِنْدَكَ هَلَاكُ ذَلِكَ الشَّيْءِ فَيَكُونُ بِيَمِينُكَ قَدْ ثَبَتَ لَكَ وَيَجِبُ رُجُوعُ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَقِيمُ أَنْ تَحْلِفَ لِحَقٍّ ثَبَتَ لِغَيْرِكَ وَإِذَا أُوقِفَ لِتَرِكَتِهِ لِلشَّاهِدِينَ فَخَافَ فَسَادَهُ فَأَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا فَالْجَوَابُ سَوَاءٌ يُبَاعُ بِخِلَافٍ إِذَا أَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا عَدْلًا وَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ وَقَالَ أَيْ تَأَخَّرَ فَخَافَ الْحَاكِمُ فَسَادَهُ وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ فَيُسَلِّمُهُ لِلْمَطْلُوبِ لِأَنَّ الطَّالِبَ قَادِرٌ عَلَى إِثْبَاتِ حَقِّهِ بِيَمِينِهِ مَعَ شَاهِدِهِ وَإِذَا لَمْ تَثْبُتْ عَدَالَةُ الشَّاهِدَيْنِ وَبَاعَهُ الْحَاكِمُ خَوْفَ الْفَسَادِ يُدْفَعُ الثَّمَنُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَهُوَ أَقَلُّ بِمَا شَهِدَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ الَّتِي كَانَتْ لِلْمُشْتَرِي فَلَا يُقَالُ لِلْمُشْتَرِي هَاهُنَا يَخْرُجُ لِأَنَّ الْبَائِعَ قَدْ رَجَعَ إِلَيْهِ ثَمَنُ سِلْعَتِهِ فَهُوَ كَرُجُوعِ عَيْنِهَا إِلَيْهِ وَالْمُشْتَرِي يَقُولُ لَمْ أُسَلِّمِ الْمَبِيعَ وَلَا صَحَّ لِي شَيْءٌ فَلَا ثَمَنَ لَهُ قِبَلِي قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا ثَبَتَ الْقَذْفُ فَادَّعَى الْقَاذِفُ بَيِّنَةً قَرِيبَةً تَشْهَدُ أَنَّ الْمَقْذُوفَ كَمَا قَالَ الْقَاذِفُ فِي السُّوقِ وَنَحْوِهِ حَبَسَهُ عِنْدَهُ وَأَمَرَهُ بإحضارها اَوْ بعيدَة جدا وَإِنْ جَاءَ بِالْبَيِّنَةِ بَعْدَ ذَلِكَ زَالَتْ عَنْهُ جَرْحَةُ الْحَدِّ وَحُدَّ الْمَقْذُوفُ وَكَذَلِكَ الْجِرَاحُ وَمَا يَكُونُ فِي الْأَبْدَانِ يَحْبِسُهُ مَعَ الشَّاهِدِ وَلَا يَأْخُذُ بِهِ كَفِيلًا وَيُسْجَنُ إِذَا شَهِدَ شَاهِدٌ فِي الْعَمْدِ دُونَ الْخَطَأِ لِأَنَّ الدِّيَةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ كَفِيلٌ إِلَى تَزْكِيَةِ الشَّاهِدِ إِلَّا أَنْ يَطْلُبَ الشَّهَادَةَ عَلَى عَيْنِهِ وَإِنْ كَانَ الْخَطَأُ يُوجِبُ أَقَلَّ مِنْ ثُلُثِ الدِّيَةِ أُخِذَ مِنْهُ كَفِيلٌ لِأَنَّهُ مَالٌ عَلَيْهِ وَأَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى عَبْدٍ غَائِبٍ إِذَا وَصَفْتَهُ وَحَلَّيْتَهُ وَيُقْضَى لَهُ بِهِ كَالسَّلَمِ وَمَنَعَهُ ابْنُ كِنَانَةَ لِاحْتِمَالِ وُقُوعِ الْخِلَافِ عِنْدَ حُضُورِهِ وَالَّذِي قَالَ فِي

(فرع)

الْكِتَابِ إِنَّ التَّحْدِيدَ لِغَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ هُوَ سَحْنُون وَهُوَ المُرَاد بعد ذَلِك بِقُوَّة وَقَالَ غَيره إِنَّمَا توقف مِثْلُ مَا شُهِدَ عَلَى عَيْنِهِ مِنَ الْحَيَوَانِ وَقَالَ سَحْنُون لَا يُوكل بِالْمَطْلُوبِ إِذَا ادَّعَيْتَ بَيِّنَةً قَرِيبَةً عَلَى اللَّطْخِ وَأَيْنَ يجد من يُوكل بِهَذَا وَهَذَا بل يَأْخُذ مِنْهُ كَفِيلا حَتَّى يَأْتِي بالمطلوب قبل وعَلى قَول سَحْنُون إِذا لم يجد كفلا سُجِنَ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مَالِكٌ الْعَبْدُ فِي الْوَقْفِ ثُمَّ ثَبَتَ لِلْمُدَّعِي فَهُوَ مِنْهُ إِلَّا أَن تكون جَارِيَة وَالْمُشْتَرِي مقرّ بِالْوَطْءِ وَلِأَنَّهُ لم يستبرئ فَمن الْمُشْتَرِي وَلَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ وَعَلَى قَوْلِهِ مِنَ الْمُسْتَحِقِّ تَكُونُ الْغَلَّةُ لَهُ وَقَالَ سَحْنُونٌ الْمُصِيبَةُ مِنَ الْمُشْتَرِي حَتَّى يُحْكَمَ بِهِ لِلْمُسْتَحِقِّ قَالَ مَالِكٌ وَإِذَا ادَّعَى الْعَبْدُ أَوِ الْجَارِيَةُ الْحُرِّيَّةَ بِبَيِّنَةٍ غَائِبَةٍ لَمْ يُمَكَّنَا مِنْ طَلَبِهِمَا إِلَّا أَنْ يَأْتِيَا بِمَا يُشْبِهُ الْحَقَّ وَيَأْتِي الْعَبْدُ بِحَمِيلٍ فَإِنْ أَتَيَا بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ وَادَّعَيَا أَنَّهُ بعيد الْغَيْبَة لم يقبل يطْلب شُهُودِهِمَا وَإِنْ كَانَ سَيِّدُ الْجَارِيَةِ غَيْرَ مَأْمُونٍ وَقَفَتْ وَضُرِبَ لَهَا أَجْلُ الشَّهْرَيْنِ وَنَحْوُهُمَا قَالَ أَصْبَغُ إِنْ كَانَتْ مِنَ الْوَخْشِ رَأَيْتُهَا مِثْلَ العَبْد ويخلى سَبِيلهَا تطلب إِذا جَاءَت بِحمْل (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِنِ ادَّعَيْتَ مَا يُفْسِدُ مِنَ اللَّحْمِ وَرُطَبِ الْفَوَاكِهِ وَأَقَمْتَ لَطْخًا أَوْ شَاهِدًا وَأَبَيْتَ أَنْ تَحْلِفَ وَادَّعَيْتَ بَيِّنَةً قَرِيبَةً أُجِّلَتْ مَا لَمْ يُخَفْ فَسَادُ ذَلِكَ الشَّيْءِ فَإِنْ أَقَمْتَ شَاهِدَيْنِ وَأَخَذَ ذَلِكَ الْكَشْفَ عَنْهُمَا وَخِيفَ فَسَادُهُ بِيعَ وَوُقِفَ ثَمَنُهُ جَمْعًا بَيْنَ الْمَصَالِحِ فَإِذَا زَكَّيْتَ الْبَيِّنَةَ وَأَنْتَ مُبْتَاعٌ أَخَذْتَ الثّمن وَأديت الثّمن الَّذِي قَالَت بَيِّنَتُكَ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ وَيُقَالُ لِلْبَائِعِ إِذَا كَانَ يَأْخُذُ أَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ الْمَوْقُوفِ أَنْتَ أَعْلَمُ بِالْمُخْرَجِ عَنِ الزِّيَادَةِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرَا أَخَذَ

(فرع)

الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الثَّمَنَ الْمَوْقُوفَ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ بِيعَ نَظَرًا وَإِنْ ضَاعَ الثَّمَنُ قَبْلَ الْقَضَاءِ أَوْ بعده فَمن قُضِيَ لَهُ بِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا ادَّعَيْتَ عَلَى مَنْ بَيْنَكُمَا خُلْطَةً فَلَيْسَ عَلَيْهِ كَفِيلٌ بِوَجْهِهِ حَتَّى يُثْبِتَ الْحَقُّ الْخُلْطَةَ لَكَ الْكَفِيلُ لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ الْحَقِّ قَالَ سَحْنُونٌ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ كَفِيلًا حُبِسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَيْسَ طَلَبُ وَكِيلٍ مِنْهُ لِسَمَاعِ بَيِّنَةٍ لِجَوَازِ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْغَائِبِ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا كَانَ مَشْهُورًا سُمِعَتِ الْبَيِّنَةُ فِي غَيْبَتِهِ قَالَ اللَّخْمِيّ أرا لِيَنْظُرَ فِي الْبَيِّنَةِ وَعَدَلْتُ أَنْ يُخَيَّرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ فَسْخُ الْبيعِ عَنْ نَفْسِهِ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَمْ يُمَكِّنْهُ مِنْهُ أَوْ يُغَرِّمْهُ مِثْلُهُ أَوْ يَأْخُذُ مَا بِيعَ بِهِ إِذَا كَانَ الْأَوَّلُ جُزَافًا وَيُغَرَّمُ الثَّمَنُ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكِ الْبَيِّنَةَ فَالْمَوْقُوفُ لِلْبَائِعِ وَلَا شَيْء لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي إِنْ بِيعَ بِأَقَلَّ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأَوَّلُ إِذَا ثَبَتَتِ الْبَيِّنَةُ بِالْبَيْعِ كَانَتْ شَهَادَةً عَلَى الْبَائِعِ بِالتَّعَدِّي وَإِنْ أَتَى بِلَطْخٍ فَسُلِّمَ لِلْبَائِعِ لِلْخَوْفِ عَلَيْهِ ثُمَّ ثَبَتَ الْبَيْعُ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الْفَسْخِ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ يُغَرِّمُهُ الْمِثْلَ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ فِيهِ بَعْدَ تَسَلُّمِهِ فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ يَدَّعِي الْبَيْعَ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ الشِّرَاء وَبيع لتعدل الْبَيِّنَةِ فَإِنْ عُدِّلَتْ كَانَ مَا بِيعَ بِهِ للْمُشْتَرِي وَغرم الثّمن وَإِن لم يعدل فَمَا بِيعَ بِهِ لِصَاحِبِهِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذا أمرت غريمك يدْفع دَيْنِكَ لِرَجُلٍ بِعَيْنِهِ فَقَالَ دَفَعْتُهُ وَأَنْكَرَ الْقَابِضُ لَمْ يَبْرَأِ الْمَأْمُورُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَمِينًا عَلَى الْمَأْمُورِ بِالدَّفْعِ إِلَيْهِ وَإِنْ قَالَ الْقَابِضُ قَبَضْتُ فَضَاعَ مِنِّي لَمْ يَبْرَأِ الدَّافِعُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ وَكَذَلِكَ مَنْ وَكَّلْتَهُ عَلَى قَبْضِ مَالٍ فَقَالَ قَبَضْتُهُ وَضَاعَ مِنِّي لَا يَبْرَأُ الدَّافِع إِلَّا بِبَيِّنَة ان دَفَعَ إِلَيْهِ أَوْ يَأْتِي الْوَكِيلُ بِالْمَالِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَكِيلُ مُفَوَّضًا لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الدَّيْنِ عِنْدَهُ أَوْ وَصِيًّا بِخِلَافِ وَكِيلٍ مَخْصُوصٍ لِقُوَّةِ التَّفْوِيضِ الْعَامِّ يَقْتَضِي إِبَاحَةَ الْإِذْنِ

(فرع)

لِلنَّاسِ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ الدَّافِعَ إِلَى غَيْرِ الَّذِي دُفِعَتْ إِلَيْهِ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ أَصْلُهُ قَوْله تَعَالَى فِي الْوَصِيِّ {فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِم} (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا ثَبَتَتْ دَعْوَاكَ الْأَرْضَ بِمُوجِبِهَا وَالَّذِي هِيَ بِيَدِهِ يَحْفِرُهَا مُنِعَ مِنَ الْحَفْرِ وَوُقِفَتْ وَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ قَالَ إِنْ ثَبَتَتْ لِغَيْرِي هُدِمَتْ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَتَصَرَّفُ فِيمَا ظَاهِرُهُ لِغَيْرِهِ وَقَالَ غَيْرُهُ إِذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ غَيْرُ قَاطِعَةٍ فِي أَرْضٍ امْتَنَعَ بَيْعُ الَّذِي هِيَ بِيَدِهِ لِأَنَّهُ غُرِّرَ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا ادَّعَيْتَ عَيْنًا قَائِمَةً بِيَدِ رَجُلٍ فَلَا بُدَّ أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَتُكَ مَعَ الْمِلْكِ بِأَنَّكَ مَا بِعْتَ وَلَا وَهَبْتَ وَلَا خَرَجْتَ مِنْ مِلْكِكَ وَلَا يُقْضَى بِهَا مَعَ ذَلِكَ حَتَّى تَحْلِفَ عَلَى الْبَتِّ مَا بِعْتَ وَلَا وَهَبْتَ وَلَا خَرَجْتَ مِنْ مِلْكِكَ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ وَلَيْسَ عَلَيْكَ بَيِّنَةٌ بِأَنَّكَ مَا بِعْتَ وَلَا خرجت من ملكه لِأَنَّهَا شاهدة عَلَى نَفْيٍ غَيْرِ مَحْصُورٍ قَاعِدَةٌ شَاعَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى النَّفْيِ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ وَفِيهِ تَفْصِيلٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَهُوَ أَنَّ النَّفْيَ الْمَحْصُورَ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ فِيهِ كَالشَّهَادَةِ عَلَى هَذَا الْبَيْتِ لَيْسَ قِبَلِي فَإِنَّهُ مَعْلُومُ النَّفْيِ بِالضَّرُورَةِ وَكَذَلِكَ غَيْرُ الْمَحْصُورِ إِذَا عُلِمَ بِالضَّرُورَةِ أَوِ النَّظَرِ كَالشَّهَادَةِ عَلَى نَفْيِ الشَّرِيكِ لِلَّهِ تَعَالَى وَنَفْيِ زَوْجِيَّةِ الْخَمْسَةِ فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ فِيهَا عَلَى النَّفْيِ إِجْمَاعًا أَمَّا غَيْرُ الْمَحْصُورِ وَغَيْرُ الْمَعْلُومِ نَحْوَ مَا بَاعَ زَيْدٌ وَمَا دَايَنَ فَهُوَ غَيْرُ مَحْصُورٍ فَهَذَا مُرَادُ الْعلمَاء بِبَيِّنَة فَقَدْ صُرِّحَ فِيمَا تَقَدَّمَ أَنَّ النِّصَابَ إِذَا كَمُلَ لَا يُحْلَفُ مَعَهُ وَهَاهُنَا

(فرع)

ألزمهُ الْحلف وَالْقَاعِدَة خِلَافه أَن مَنْ كَمُلَ سَبَبُهُ لَا يَحْلِفُ إِنَّمَا يُحْلَفُ لِكَمَالِ السَّبَبِ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ أَوِ الدَّفْعِ كيمن الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِيَبْرَأَ وَإِنَّمَا يُحْلَفُ فِي الدَّعْوَى عَلَى الْمَيِّتِ وَالْغَائِبِ لِعَدَمِ مَنْ يَقْدَحُ فِي الْبَيِّنَةِ فَجَعَلَ عِوَضَ ذَلِكَ تَحْلِيفَ الطَّالِبِ وَرَأَيْتُ بَعْضَ الْفُقَهَاءِ يَقُولُ هَذِهِ مَحْمُولَةٌ عَلَى أَنَّهُ ادّعى على غَائِب فعلى هَذِه وَإِلَّا فَهِيَ مُشْكِلَةٌ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ (فَرْعٌ) قَالَ مَنْ قُضِيَ لَهُ بِحَقٍّ مِنْ مِيرَاثٍ أَوْ غَيْرِهِ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ كَفِيلٌ وَذَلِكَ حَوْزٌ لِكَمَالِ سَبَبِ الْمِلْكِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ مُعَارَضَتِهِ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا ادَّعَى أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ عَلَى رَجُلٍ دَيْنًا مِنْ شَرِكَتِهِمَا لَيْسَ لِلْمَطْلُوبِ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى حِصَّةِ الطَّالِبِ وَحْدَهُ بَلْ عَلَى الْجَمِيعِ لِأَنَّ فِعْلَ أَحَدِهِمَا كَفِعْلِهِمَا فَإِذَا حَلَفَ هَذَا ثُمَّ أَتَى صَاحِبُهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَهُ لِأَنَّهُ قَدْ حَلَفَ لِشَرِيكِهِ وَلَوْ وَكَّلْتَ فِي قَبْضِ مَالِكِ عَلَى فُلَانٍ فَجَحَدَهُ فَحَلَّفَهُ لَمْ يَكُنْ لَكَ تَحْلِيفُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ كِلَا الْمُتَفَاوِضَيْنِ وَكِيلٌ لِصَاحِبِهِ فِي التَّحْلِيفِ قَالَ بَعْضُ الْقُرَوِيِّينَ لَيْسَ عَلَيْهِ الْحَلِفُ فِي الْجَامِعِ إِذَا ادَّعَى عَلَيْهِ بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ إِنَّمَا يَجِبُ لَهُ دِرْهَمٌ وَنِصْفٌ وَلَوِ ادَّعَى عَلَيْهِمَا ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ حَلَّفَهُمَا فِي الْجَامِعِ لِأَن على كل وَاحِد دِرْهَم وَنصف وَهُوَ كَفِيلٌ بِالْبَاقِي فَالثَّلَاثَةُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا (فَرْعٌ) إِذَا ثَبَتَ دَيْنٌ لِمَيِّتٍ فَادَّعَى الْمَطْلُوب الْقَضَاء حلف من يظنّ الْعِلْمَ مِنَ الْوَرَثَةِ الرُّشَدَاءِ عَلَى عِلْمِهِمْ دُونَ مَنْ لَمْ يَظُنَّ بِهِ ذَلِكَ وَدُونَ الصَّغِيرِ وَمَنْ نَكَلَ مِنْهُمْ سَقَطَتْ حِصَّتُهُ فَقَطْ

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا قَالَ أَبْرَأَنِي مُوَكِّلُكَ الْغَائِبُ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ يُحَلَّفُ الْوَكِيلُ مَا عَلِمَ ذَلِكَ وَيَقْبِضُ الدَّيْنَ وَلَا يَنْتَظِرُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا عَلَى مِثْلِ الْيَوْمَيْنِ فَيَكْتُبُ إِلَيْهِ فَيُحَلِّفُهُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُحَلَّفُ الْوَكِيلُ وَيُنْتَظَرُ الْمُوَكَّلُ (فَرْعٌ) قَالَ الْمُسْتَرَقُّ إِذَا ادَّعَى أَنَّهُ حُرٌّ الْأَصْلُ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بِيَدِ حَائِزٍ لَهُ حَوْزَ الْمِلْكِ لِأَنَّ الْيَدَ ظَاهِرَةٌ فِي الْمِلْكِ فَإِنِ ادَّعَى الْإِعْتَاقَ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَالصَّغِيرُ الْمُعْرِبُ عَنْ نَفْسِهِ يَدَّعِي الْحُرِّيَّةَ فَإِنْ تَقَدَّمَتْ لِمَنْ هُوَ بِيَدِهِ حِيَازَةٌ وَخِدْمَةٌ لَا يُصَدَّقُ أَوْ مُتَعَلِّقًا بِهِ لَا يُعْلَمُ فِيهِ خِدْمَةٌ وَلَا حِيَازَةٌ صُدِّقَ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ هِيَ أَصْلُ ابْنِ آدَمَ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ إِذَا تَنَازَعَا دَارًا لَيْسَتْ فِي أَيْدِيهِمَا وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً أَنَّ الدَّارَ كُلَّهَا لَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الدَّارُ بَيْنَهُمَا بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا وَقَالَهُ ح وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ يُوقَفُ الْحُكْمُ فِيهَا إِذَا تَسَاوَتِ الْعَدَالَةُ وَعِنْدَ ش أَقْوَالٌ أَحَدُهَا الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ وَثَانِيهَا الْأُولَى وَثَالِثُهَا يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا وَقَالَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِي الله عَنهُ لَنَا عَلَى الْمَشْهُورِ مَا رَوَاهُ تَمِيمُ بْنُ طَرَفَةَ الطَّائِيُّ أَنَّ رَجُلَيْنِ تَنَازَعَا شَيْئًا

(فرع)

وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً فَجَعَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَلِأَنَّ الْيَدَ حُجَّةٌ وَإِذَا تَقَابَلَتِ الْيَدَانِ يُقَسَّمُ فَكَذَلِكَ إِذَا تَقَابَلَتِ الْبَيِّنَتَانِ وَلِأَنَّ إِعْمَالَ الْحُجَّتَيْنِ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مِنْ وَجْهٍ اَوْ لِأَن إلغائهما كالعمريين إِذَا تَعَارَضَا وَجْهُ الْقَوْلِ الْآخَرِ بِالْوَقْفِ أَنَّ الْحَاكِمَ قَدْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ الدَّارَ لِأَحَدِهِمَا وَلَمْ يَظُنَّ عَيْنَهُ لِعَدَمِ الْمُرَجِّحِ فَهُوَ كَمَا لَوْ قَامَتِ الْبَيِّنَةُ أَنَّ الدَّارَ لِأَحَدِهِمَا وَلم يعين الْمَالِك فَإِنَّهُ لَا يسمع شَهَادَتهمَا وَلِأَن الأَصْل أَن لَا يُحْكَمَ إِلَّا بِسَالِمٍ عَنْ مُعَارِضٍ وَلَمْ يُوجَدْ (فَرْعٌ) قَالَ أَشْهَبُ إِذَا ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهَا فِي يَدِهِ لَمْ يُصَدَّقَا إِلَّا بِبَيِّنَةٍ فَمَنْ أَقَامَهَا بِالْيَدِ أَوْ بِالْمِلْكِ قُضِيَ لَهُ بذلك فَإِن أَقَامَا ببينتين قُضِيَ بِأَعْدَلِهِمَا فَإِنِ اسْتَوَتَا وَلَمْ يَكُنْ فِي شَهَادَةِ كُلِّ بَيِّنَةٍ أَنَّهَا لَيْسَتْ فِي يَدِ الآخر جعلتا فِي يديهما نِصْفَيْنِ فِي أَيْدِيهِمَا فَإِنْ شَهِدَتْ كُلُّ بَيِّنَةٍ أَنَّهَا فِي يَدِ هَذَا دُونَ الْآخَرِ سَقَطَتَا إِنِ اسْتَوَتَا وَبَقِيَتْ على مَا هِيَ عَلَيْهِ والا قضي بأعدل وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا لِزَيْدٍ وَالْآخَرُ أَنَّهَا فِي يَدِ عَمْرٍو قُضِيَ بِهَا لِزَيْدٍ وَإِنْ لَمْ يُقِيمَا بَيِّنَةً فَلَا يُسْتَحْلَفُ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ أَنَّهَا لَيْسَتْ فِي يَدِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَا جَمِيعًا فِي الدَّارِ وَقَدْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ بَيِّنَةً أَنَّهَا فِي يَدِهِ دُونَ غَيْرِهِ فَيَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ أَنَّهَا فِي يَدَيْهِ دُونَ الْآخَرِ فَإِنْ حَلَفَا عَدَلَ مُخَالِفٌ تَنْبِيهٌ الْيَدُ مَا فَأَعْظَمُهَا ثِيَابُ الْإِنْسَانِ الَّتِي عَلَيْهِ وَنَعْلُهُ وَمِنْطَقَتُهُ وَيَلِيهِ الْبِسَاطُ الَّذِي هُوَ جَالِسٌ عَلَيْهِ أَوِ الدَّابَّةُ الَّتِي هُوَ رَاكِبُهَا وَيَلِيهِ الدَّابَّةُ الَّتِي هُوَ سَائِقُهَا وَقَائِدُهَا وَيَلِيهِ الدَّارُ الَّتِي هُوَ سَاكِنُهَا فَهِيَ دُونَ الدَّابَّةِ لِعَدَمِ الِاسْتِيلَاءِ

فرع

عَلَى جَمِيعِهَا قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فَيُقَدَّمُ أَقْوَى الْيَدَيْنِ عَلَى أَضْعَفِهِمَا فَلَوْ تَنَازَعَ السَّاكِنَانِ الدَّارَ سُوِّيَ بَيْنَهُمَا بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا أَوِ الرَّاكِبُ مَعَ الرَّاكِبِ وَالسَّائِقِ قَالَ يُقَدَّمُ الرَّاكِبُ مَعَ يَمِينِهِ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا كَانَتْ بِيَدِ رَجُلٍ فَادَّعَاهَا آخَرُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا مُنْذُ سَنَةٍ لَا يَعْلَمُونَ لَهُ وَارِثًا غَيره وَشهِدت بَيِّنَة صَاحب الْيَد لمثل ذَلِك قضي بالأعدل فَإِن اسْتَويَا بَقِيَتْ لِذِي الْيَدِ وَلَيْسَ بِقَضَاءٍ قَالَ سَحْنُونٌ فَلَوْ لَمْ يُقِمْ صَاحِبُ الْيَدِ بَيِّنَةً وَأَقَامَ اثْنَانِ بَيِّنَتَيْنِ تَسَاقَطَتَا وَبَقِيَتْ لِذِي الْيَدِ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا تَعَارَضَتْ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ وَالْخَارِجِ قَضَيْتُ بِأَعْدَلِهِمَا فَإِنِ اسْتَوَتَا قَضَيْتُ لِصَاحِبِ التَّوْقِيتِ فَإِن وقتتا فلأولهما توقيتاً فَإِن لم يوتيا وَبَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ شَهِدَتْ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ أُجِيزَ الْعِتْقُ وَلَا يُرَدُّ حَتَّى يُقِيمَ الَّذِي بِيَدِهِ الْبَيِّنَةُ أَنَّ الْعِتْقَ بَعْدَ مِلْكِهِ إِيَّاهُ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إِذَا قَالَ صَاحِبُ الْيَدِ هِيَ لِزَيْدٍ فَقُضِيَ بِهَا لَهُ وَيُقِيمُ بَيِّنَتَهُ وَيُقِيمُ مُدَّعِيهَا بَيِّنَةً لَا يَكُونُ ذُو الْيَدِ أَوْلَى لِأَنَّهَا صَارَتْ فِي يَدَيْهِ بِدَعْوَى الْمُدَّعِي تَنْبِيهٌ الْيَدُ إِنَّمَا تَكُونُ حُجَّةً إِذَا جُهِلَ أَصْلُهَا أَمَّا إِذَا كَانَتْ بِغَصْبٍ أَوْ عَارِيَةً أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يُعْلَمُ أَنَّهَا لَمْ تَنْشَأْ عَنْ مِلْكٍ فَلَا تُعْتَبَرُ فِي التَّرْجِيحِ (فَرْعٌ) قَالَ فَإِذَا اسْتَوَتَا فِي الْيَدِ عَلَى عَبْدٍ قُضِيَ بِالْأَعْدَلِ فَإِنِ اسْتَوَتَا فَحِينَئِذٍ أَرْجَحُ بِالْعَبْدِ إِنْ كَانَ كَثِيرًا فَهُوَ لِمَنِ اعْتَرَفَ لَهُ وَمَتَى جَاءَ الْآخَرُ بِالْأَعْدَلِ قُضِيَ بِهِ لِلْآخَرِ وَأُلْغِيَ الْإِقْرَارُ مِنَ الْعَبْدِ وَكَذَلِكَ إِذَا ادَّعَيَاهَا فِي يَدِ ثَالِثٍ فَإِقْرَارُ الثَّالِثِ

(فرع)

بالعارية من إِحْدَاهمَا مُرَجّح عِنْد عدم الْبَيِّنَة اَوْ تعادلها بعد يَمِينه فِي التكافي وَبِغَيْرِ يَمِينٍ عِنْدَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ وَلَا يَمِينَ عَلَى الْمُقِرِّ لِأَنَّهُ لَوْ رَجَعَ عَنِ الْإِقْرَارِ لَمْ يُصَدَّقْ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا ادَّعَيَاهَا فِي يَدِ ثَالِثٍ وَقَالَ أَحَدُهُمَا أَجَّرْتُهُ إِيَّاهَا وَقَالَ الْآخَرُ أَوْدَعْتُهُ صُدِّقَ مَنْ عُلِمَ سَبْقُ كِرَائِهِ أَوِ إِيدَاعِهِ إِلَّا أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةٌ لِلْآخَرِ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ بِحِيَازَةٍ عَنِ الْأَوَّلِ وَحُضُورِهِ وَلَمْ يُنْكِرْ فَيُقْضَى لَهُ وَإِنْ جُهِلَ السَّبْقُ قُسِّمَ بَيْنَهُمَا قَالَهُ أَشْهَبُ فَلَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةُ أَحدهمَا بِغَصب الثَّالِث مِنْهُ وَبَيِّنَة الآخر الثَّالِثَ أَقَرَّ لَهُ بِالْإِيدَاعِ قُضِيَ لِصَاحِبِ الْغَصْبِ لتضمين بَيِّنَة الْيَدَ السَّابِقَةَ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا كَانَتْ دَارٌ فِي يَدِ رَجُلَيْنِ وَعَبْدٌ لِأَحَدِهِمَا ادَّعَاهَا الثَّلَاثَةُ قُسِّمَتْ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا إِنْ كَانَ الْعَبْدُ تَاجِرًا وَإِلَّا بنصفين لِأَنَّ الْعَبْدَ فِي يَدِ مَوْلَاهُ أَوْ فِي يَدِ عَبْدٍ وَاحِدٍ فَتَدَاعَيَاهَا لِأَنْفُسِهِمَا فَهِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَلَوْ أَقَرَّ بِهَا الْعَبْدُ السَّاكِنُ مَعَهُ فَادَّعَاهَا مَوْلَى الْعَبْدِ لِنَفْسِهِ أَوْ لِعَبْدِهِ تَحَالَفَا وَأَخَذَ الْحُرُّ النِّصْفَ وَالْعَبْدُ أَوْ مَوْلَاهُ النِّصْفَ لِأَنَّ إِقْرَارَ الْعَبْدِ بِمَا فِي يَدِهِ لَا يُقْبَلُ إِذَا نَازَعَهُ السَّيِّدُ وَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِ حُرٍّ وَعَبْدَيْنِ تَاجِرَيْنِ أَوْ غَيْرِ تَاجِرَيْنِ وَادَّعَاهَا العبدان سيدهما وَالْحُرُّ لِنَفْسِهِ أَوِ ادَّعَاهَا كُلٌّ لِنَفْسِهِ قُسِّمَتْ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا لِتَقَابُلِ الدَّعَاوَى وَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ مَعَهُمْ فِي الدَّارِ وَهُمَا غَيْرُ مأذونين لقسمت بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُدَّعِي لِنَفْسِهِ نِصْفَيْنِ وَلَمْ يَكُنْ لِلْعَبْدَيْنِ دَفْعُ السَّيِّدِ لِأَنَّهُمَا مَالُهُ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ مَعَهُ فِي الدَّارِ عِيَالٌ لَهُ أَوْ أَضْيَافٌ لَمْ يُنْظَرْ إِلَى عَدَدِهِمْ وَدَعْوَاهُمْ لِأَنَّ يَدَهُمْ لَيْسَتْ مُسْتَفَادَةً مِنْ يَدِهِ فَإِنْ

(فرع)

كَانُوا أَرْبَعَة أحدهم يَدَّعِيهَا لِنَفْسِهِ وَالْبَاقُونَ لِلَّذِي لَيْسَ مَعَهُمْ فَالرُّبُعُ لِمُدَّعِيهَا لِنَفْسِهِ وَالْبَاقِي لِمَنِ ادَّعَاهَا الْبَاقُونَ لَهُ وَلَوْ كَانَ مَعَهُمْ فِي الدَّارِ قُسِّمَتْ بَيْنَهُمْ نِصْفَيْنِ وَلَوْ قَالَ الثَّلَاثَةُ أَكْرَاهَا مِنَّا وَهِيَ لَهُ لَقُسِّمَتْ عَلَى أَرْبَعَةٍ كَانَ مَعَهُمْ فِي الدَّارِ أَمْ لَا لِأَنَّ الْكِرَاءَ أَوْجَبَ لَهُمْ يَدًا فِيهَا وَالَّذِي ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا قُضِيَ لَكَ بِبَيِّنَةٍ ثُمَّ ادَّعَاهُ آخر بِبَيِّنَة قضي بأعدلهما أَوْ يُقَسَّمُ بَيْنَكُمَا إِنِ اسْتَوَتَا بَعْدُ أَيْمَانُكُمَا فَإِن نكل أحد كَمَا قُضِيَ لِلْحَالِفِ فَإِنْ نَكَلْتُمَا قُضِيَ لِلَّذِي انْتَزَعَ من يَده فَإِن اقتسمتا فِي تكافئ الْبَيِّنَتَيْنِ ثمَّ أَقَامَ أَحدهمَا بَيِّنَةً أُخْرَى أَعْدَلَ مِنْ بَيِّنَةِ صَاحِبِهِ الْأُولَى قُضِيَ لَهُ لِمَزِيدِ الْعَدَالَةِ أَوْ مِثْلَ الْأُولَى أَوْ دُونَهَا أُقِرَّتْ بَيْنَكُمَا نِصْفَيْنِ وَلَوْ قُضِيَ لَكَ بِمِيرَاثِ مَنِ ادَّعَيْتَ الْوَلَاءَ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ ثمَّ ادَّعَاهُ نَظَرَ فِي حُجَّتِهِ وَمِنْ حُجَّتِهِ أَنْ يُقْضَى لِمَنْ أُعْتِقَ أَوَّلًا وَإِنْ كَانَتْ بَيِّنَةُ الْآخَرِ أَعْدَلَ لِأَنَّ التَّارِيخَ أَقْوَى وَإِنْ جُهِلَ التَّارِيخُ قُضِيَ لِأَعْدَلِهِمَا وَإِنِ اسْتَوَتَا صَارَ كَمَا لَا شَهَادَة فِيهِ فَيبقى تَحت يَد من كَانَت تَحْتَ يَدِهِ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ قُلْتَ هِيَ لِي وَقَالَ صَاحِبُ الْيَدِ بَلِ النّصْف حلف صَاحب ليد مَالَكَ إِلَّا النِّصْفُ وَإِنْ كَانَتْ بِيَدِ غَيْرِكُمَا تَحَالَفْتُمَا وَلَكَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا وَلَهُ رُبُعُهَا لِوُقُوعِ التَّدَاعِي فِي أَحَدِ النِّصْفَيْنِ فَلَكَ نِصْفُهُ وَقَالَ مَالِكٌ لَكَ ثُلُثَاهَا لِأَنَّ الْقِسْمَةَ عَلَى الدَّعَاوَى تضرب أَنْت بِسَهْم وَهُوَ بسهمين قَالَ ماك وَكَذَلِكَ إِنْ أَبْضَعْتَ مَعَ رَجُلٍ دِينَارًا وَآخَرَ دينارين فخلطتهما فَضَاعَ دِينَار اقسمتما الْبَاقِيَيْنِ أثلاثاُ وَقَالَ ابْنُ أَبِي سَلَمَةَ أَحَدُهُمَا بَيْنكُمَا نِصْفَانِ

(فرع)

وَالْآخَرُ لِصَاحِبِ الدِّينَارَيْنِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنِ ادَّعَيْتَ الدِّينَارَ وَآخَرُ الثُّلُثَيْنِ وَالْآخَرُ النِّصْفَ وَتَكَافَأَتِ الْبَيِّنَاتُ أَوْ لَا بَيِّنَةَ بَيْنَهُمْ فَلِمُدَّعِي الْجَمِيعِ ثُلُثُهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَدَّعِهِ أَحَدٌ وَالسُّدُسُ بَيْنَ مُدَّعِي الْكُلِّ وَمُدَّعِي النِّصْفِ نِصْفَيْنِ وَنِصْفُ السُّدُسِ بَيْنَ مُدَّعِي الْكُلِّ وَمُدَّعِي النِّصْفِ وَمُدَّعِي الثُّلُثِ أَثْلَاثًا وَالرُّبُعُ بَيْنٍ جَمِيعِهِمْ وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا ادَّعَيْتَ الْكُلَّ وَادَّعَى النِّصْفَ وَهُوَ فِي أَيْدِيكُمَا هُوَ بَيْنكُمَا نِصْفَانِ لِتَسَاوِيكُمَا فِي الْحِيَازَةِ وَقِيلَ يُقَسَّمُ مِثْلُ هَذِهِ عَلَى عَوْلِ الْفَرَائِضِ وَإِنْ قَالَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لِي ثُلُثُ الْمَالِ وَقَالَ الْآخَرُ بَلِ النِّصْفُ فَالَّذِي ثَبَتَ عَلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ لِمُدَّعِي الثُّلُثَيْنِ النّصْف ومدعي النّصْف الثُّلُث وَالسُّدُس بَينهمَا نِصْفَانِ وَقَالَ أَشْهَبُ يُقَسَّمُ نِصْفَيْنِ إِذَا حَلَفَ (فَرْعٌ) قَالَ دَارٌ فِي أَيْدِيكُمَا ادَّعَى أَحَدُكُمَا جَمِيعَهَا وَالْآخَرُ نَصِفَهَا وَفِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا مِنْهَا بَيت وَحده وَالْبَيْت الَّذِي لمُدعِي النّصْف بَينهمَا نِصْفَانِ لِأَنَّهُ إِقْرَار لصَاحبه فِيهِ النّصْف والساحة بَينهمَا نِصْفَانِ قَالَ سَحْنُونٌ وَلَيْسَتْ كَالدَّارِ الَّتِي بِأَيْدِيهِمَا جَمِيعًا لِأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ مِنْهَا فِي أَيْدِيهِمَا وَهَذِهِ بيد كل وَاحِد مِنْهَا شَيْءٌ لَيْسَ بِيَدِ صَاحِبِهِ قَالَ أَشْهَبُ فَإِنْ لم يكن فِيهَا غير الْبَيِّنَتَيْنِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ الدَّارِ فِي أَيْدِيهِمَا وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي مَنْزِلٍ مِنْهَا فَيَكُونُ المنزلان كَمَا تقدم وَبقيت الدَّار بَينهمَا نِصْفَانِ لِعُمُومِ الْحَوْزِ وَمَتَى اسْتَوَيَا فِي حَوْزِ دَارٍ أَوْ عَبْدٍ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ مِنَ النِّصْفِ حَلَفَ لَهُ الْآخَرُ لَيْسَ إِلَّا (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ أَشهب دَار بِبَلَد كم على أَحَدُكُمْ لِي ثُلُثُهَا وَلِصَاحِبِي ثُلُثُهَا وَلَا

(فرع)

شَيْءَ لِلْآخَرِ وَقَالَ الْآخَرُ لِي نِصْفُهَا وَلِصَاحِبِي نِصْفُهَا وَلَا شَيْءَ لِلْآخَرِ فَهِيَ بَيْنَكُمْ أَثْلَاثًا فَلَوْ قَالَ أَحَدُكُمْ لِلْأَجْنَبِيِّ فُلَانٍ نِصْفُهَا وَلِي نصفهَا وَلَا شَيْء لَكمَا لِي ثُلُثُهَا وَلِلْأَجْنَبِيِّ ثُلُثَاهَا وَقَالَ الْآخَرُ لِي ثلثهَا وَلِلْأَجْنَبِيِّ ثُلُثُهَا لَدَفَعَ الْأَوَّلُ لَهُ نِصْفَ مَا فِي يَدَيْهِ وَمَنْ قَالَ لَهُ ثُلُثُهَا أَعْطَاهُ ثُلُثَ مَا فِي يَدَيْهِ وَمَنْ لَهُ ثُلُثُهَا أَعْطَاهُ ثُلُثَيْهَا وَلَو قَالَ رجلَانِ لِي الثُّلُثَانِ وَلِزَيْدٍ الثُّلُثُ وَقَالَ الْآخَرُ لِي ثُلُثُهُ وَلِزَيْدٍ ذَلِكَ الرَّجُلِ بِعَيْنِهِ ثُلُثَاهُ لَا شَيْءَ لِزَيْدٍ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ إِنَّمَا أَقَرَّ بِمَا فِي يَدِ صَاحِبِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَا عَدْلَيْنِ فَيَحْلِفُ مَعَ كُلٍّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَمِينًا وَيَأْخُذُ الْجَمِيعُ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ أَشْهَبُ سُفْلُهَا بِيَدِكَ وَعُلُوُّهَا بِيَدِهِ وَطَرِيقُهُ فِي سَاحَةِ السُّفْلِ فَتَدَاعَيْتُمَا كُلُّ وَاحِدٍ جَمِيعَ الدَّارِ فَلَكَ الدَّارُ إِلَّا الْعُلُوَّ وَطَرِيقَهُ فَهُوَ لِصَاحِبِ الْعُلُوِّ بَعْدَ أَيْمَانِكُمَا أَوْ نُكُولِكُمَا لِأَنَّ يَدَ كُلِّ وَاحِدٍ على مَا قُضِيَ لَهُ بِهِ وَيُقْضَى بِأَعْدَلِ بَيِّنَتَيْكُمَا فَإِنِ اسْتَوَتَا بَقِيَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مَا فِي يَدِهِ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا تَدَاعَيَا جِدَارًا مُتَّصِلًا بِبِنَاءِ أَحَدِهِمَا وَعَلَيْهِ جُذُوعُ الْآخَرِ فَهُوَ لمن اتَّصل ببنائه وَلِصَاحِب الْجُذُوع مَوْضُوع جُذُوعِهِ لِأَنَّهُ حَوْزُهُ وَيُقْضَى بِالْجِدَارِ لِمَنْ إِلَيْهِ عُقُود الأريطة وَالْآخر بِمَوْضِعِ جُذُوعِهِ وَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ عَشْرُ خشبات وَللْآخر خمس خشبات وَلَا ريط وَلَا غير ذَلِك فَهُوَ بَينهمَا نِصْفَانِ لَا عَلَى عَدَدِ الْخَشَبِ وَبَقِيَ مَا تَحْتَ الْخشب مِنْهَا بِحَالِهَا وَإِذَا انْقَسَمَ خَشَبُ أَحَدِهِمَا رُدَّ مِثْلُ مَا كَانَ وَلَا يُجْعَلُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مَا تَحْتَ خَشَبِهِ مِنْهُ وَلَوْ كَانَ عَقْدُهُ لِأَحَدِهِمَا مِنْ ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ وَلِلْآخَرِ مِنْ مَوْضِعٍ قُسِّمَ بَيْنَهُمَا عَلَى عَدَدِ الْعُقُودِ وَإِنْ لَمْ يُعْقَدْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ خُشُبٌ مَعْقُودَةٌ بِعَقْدِ الْبِنَاءِ أَوْ مُتَقَوِّيَةٌ بِعَقْدٍ لِبِنَاءٍ يُوجِبُ مِلْكَ الْحَائِطِ وَقِيلَ لَا يُوجِبُهُ وَفِي

(فرع)

الْمَقْرُبَةِ نَظَرٌ لِأَنَّهَا طَارِئَةٌ عَلَى الْحَائِطِ وَالْكُوَى فَعَقْدُ الْبِنَاءِ يُوجِبُ الْمِلْكَ وَكُوَى الضَّوْءِ الْمَنْفُوذَةِ لَا دَلِيلَ فِيهَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا عَقْدٌ وَلِلْآخَرِ عَلَيْهِ خُشُبٌ وَلَوْ وَاحِدَةٌ فَهُوَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا كُوًى غَيْرَ مَنْفُوذَةٍ أَرْحَمَتِ الْمِلْكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا حَظِيرُ قَصَبٍ لِأَحَدِهِمَا فَلهُ الْملك والقصب وَالطُّوبُ سَوَاءٌ (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ مَنْ أقرّ لغيره بِملك ثمَّ أدعاه لم يقبل دَعْوَاهُ حَتَّى يَدَّعِيَ تَلَقِّيَ الْمِلْكِ مِنَ الْمُقَرِّ لَهُ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا ادَّعَى الِابْنُ الْإِرْثَ وَادَّعَتْ زَوْجَةُ أَبِيهِ أَنَّ أَبَاهُ أَصْدَقَهَا ذَلِكَ أَوْ بَاعَهُ لَهَا قَدَّمَتْ بَيِّنَتَهَا (فَرْعٌ) فِي النَّوَادِرِ قَالَ أَشْهَبُ ادَّعَيْتَ الشِّرَاءَ بِمِائَتَيْنِ مِنْهُ وَالنَّقْدَ وَادَّعَى آخَرُ الشِّرَاءَ بِمِائَةٍ وَأَنَّهُ نَقَدَ فَإِنْ وُقِّتَتِ الْبَيِّنَتَانِ فَهِيَ لِلْأَوَّلِ وَالْآخَرِ كُلٌّ مِنْكُمَا فِي أَخْذِ نِصْفِ الدَّارِ وَنِصْفِ الثَّمَنِ الَّذِي نَقَدَ أَوْ جَمِيعِ الثَّمَنِ وَإِنْ قَالَ كُلٌّ مِنْكُمَا شَرَاهُ قَبْلَ الْآخَرِ حَلَفْتُمَا وَسُئِلَ الْبَائِعُ أَيُّكُمَا الْأَوَّلُ فَإِنْ قَالَ صَاحِبُ الْمِائَتَيْنِ وَجَبَ لِلْبَائِعِ الثَّمَنُ كُلُّهُ وَلِي عَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَةِ الدَّارِ يَوْمَ زَعَمَ أَنَّهُ بَاعَهَا مِنَ الْآخَرِ وَإِنْ قَالَ مَا أَعْرِفُ الْأَوَّلَ أَوْ مَا بِعْتُ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا اقْتَسَمَاهُ نِصْفَيْنِ وَرجع كل وَاحِد بِنصْف ثمنه وَإِن شا ردهَا وأخذا ثمنيهما وَإِن ردهَا فَللْبَائِع إِلْزَام أَيهمَا

(فرع)

أَيِّهِمَا شَاءَ فَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا أَخَذْتُ نِصْفَهَا فَنِصْفُ مَا دَفَعَ وَقَالَ الْآخَرُ أَرُدُّ فَذَلِكَ لَهُمَا وَإِنْ وُقِّتَتْ إِحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ دُونَ الْأُخْرَى قُضِيَ بِالتَّوْقِيتِ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ شَهِدَ شَاهِدٌ بِمِلْكِهِ لِزَيْدٍ وَشَهِدَ شَاهِدٌ أَنَّ زَيْدًا أَقَرَّ بِهِ لِعَمْرٍو وَهُوَ بِيَدِ ثَالِثٍ حَلَفَ زَيْدٌ وَأَخَذَهُ ثُمَّ يَحْلِفُ عَمْرٌو عَلَى إِقْرَارِ زَيْدٍ مَعَ شَاهِدِهِ وَيَأْخُذُهُ مِنْهُ فَإِنْ قَالَ زَيْدٌ لَا أَحْلِفُ أَوْ قَالَ لَيْسَ هُوَ لي لِأَن اعْتِبَارَ الْإِقْرَارِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى ثُبُوتِ مِلْكِ زَيْدٍ وَلَا يَحْلِفُ أَنَّهُ لِزَيْدٍ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ مِلْكُ زَيْدٍ بِيَمِينِ عَمْرٍو وَلَيْسَ كَيَمِينِ الْغُرَمَاءِ فِي دَيْنِ الْمَيِّتِ إِنْ نَكَلَ وَرَثَتُهُ لِثُبُوتِ أَصْلِ حَقِّهِمْ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ إِذا اشْهَدْ لَكَ أَنَّ الَّذِي فِي يَدِهِ غَصَبَهُ مِنْكَ وَأَقَامَ هُوَ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْكَ قُدِّمَ الشِّرَاءُ لِأَنَّهُ مُزِيلٌ لِلْغَصْبِ وَلَوْ شَهِدَ لَكَ بِرَهْنِهِ عِنْدَهُ وَلَمْ تُوَقَّتِ الْبَيِّنَتَانِ فَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ يُقَدَّمُ الشِّرَاءُ إِلَّا أَنْ يَثْبُتَ تَأْخِير الرَّهْن فَيعلم وجوعه لَكَ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقِيلَ يُقْضَى بِأَعْدَلِهِمَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَكُمَا بَيِّنَةٌ صُدِّقْتَ مَعَ يَمِينِكَ لِأَنَّهُ أَقَرَّ لَكَ بِالْمِلْكِ وَادَّعَى الشِّرَاءَ وَكَذَلِكَ فِي تكافئ الْبَيِّنَتَيْنِ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَدَتْ أَمَتُكَ ابْنَيْنِ فَاشْتَرَى أَحَدَهُمَا وَأَعْتَقَهُ وَتَرَكَهُ عِنْدَ أُمِّهِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا فَادَّعَى أَنَّ الْحَىَّ عَتِيقُهُ وَقُلْتَ بَلِ الْهَالِكُ صُدِّقْتَ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مِلْكِكَ عَلَى هَذَا

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ قَالَ أَشْهَبُ مَنْ بِيَدِهِ صَبِيٌّ أَقَامَ آخَرُ عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّهُ ابْنُهُ وَقَامَتْ بَيِّنَةٌ أُخْرَى عَلَى إِقْرَارِ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ أَنَّهُ ابْنُهُ قُضِيَ لِمَنْ شَهِدَ لَهُ أَنَّهُ ابْنُهُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ بِإِقْرَارِهِ أَيْضًا فَيُلْحَقُ نَسَبُهُ بِمَنْ هُوَ بِيَدِهِ لِأَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِالْوَلَاءِ لِرَجُلٍ ثُمَّ طَلَبَ نَقْلَهُ عَنْهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ أَقَامَ آخر بَيِّنَة أَنه مَوْلَاهُ مَوْلَاهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ لِشَهَادَتِهِ بِزِيَادَةٍ (فَرْعٌ) قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا تَدَاعَيَا امْرَأَةً بِيَدِ أَحدهمَا قدمت بَيِّنَة أَولهَا وَقْتًا فَإِنْ لَمْ يُؤَرِّخَا أَوِ اتَّفَقَ التَّارِيخُ قُضِيَ لِمَنْ هِيَ فِي يَدِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِم إِن كَانَت لأحداهما أَعْدَلُ وَالْمَرْأَةُ مُقِرَّةٌ لِأَحَدِهِمَا أَوْ مُنْكِرَةٌ فُسِخَ النِّكَاحُ بِطَلْقَةٍ بِخِلَافِ الْبُيُوعِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا أُلْزِمُ الطَّلْقَةَ مَنْ تَزَوَّجَهَا مِنْهُمَا الْآنَ قَبْلَ أَنْ يَنْكِحَ أَحَدٌ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ الزَّوْجُ وَقَالَ سَحْنُون يقْضى بأعدلهما فَإِن اسْتَوَت لَمْ يَكُنِ الْفَسْخُ طَلَاقًا لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ نِكَاحٌ وَمَنْ أَصَابَ بَيِّنَةً بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ الْقِيَامُ (فَرْعٌ) إِذَا ادَّعَى صَبِيًّا نَصْرَانِيٌّ وَمُسْلِمٌ لَمْ يُولَدْ عِنْدَهُمَا فَقَالَ النَّصْرَانِيُّ هُوَ ابْنِي وَقَالَ الْمُسْلِمُ عَبْدِي يُقَوَّمُ عَلَى النَّصْرَانِيِّ وَيَكُونُ عَتِيقًا وَلَا يُلْحَقُ بِهِ نَسَبُهُ وَلَمَّا قَالَ هُوَ ابْنِي فَقَدْ أَقَرَّ أَنَّهُ حُرٌّ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ أصبغ قَالَت بَيِّنَة الْمُسْلِمَةِ مَاتَ مُسْلِمًا وَأُخْتُهُ النَّصْرَانِيَّةُ مَاتَ نَصْرَانِيًّا فَقَدْ تَدَاعَيَا النِّصْفَ فَيُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِبَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ قَالَ الِابْنُ الْمُسْلِمُ مَاتَ مُسْلِمًا وَقَالَتِ الْبِنْتُ النَّصْرَانِيَّةُ بَلْ

نَصْرَانِيًّا فَلِلْبِنْتِ الرُّبُعُ لِأَنَّهَا تَدَّعِي النِّصْفَ وَلِلِابْنِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ لِأَنَّهُ يَدَّعِي الْكُلَّ وَلَوْ تَأَخَّرَ قَسْمُ التَّرِكَةِ ثُمَّ وُجِدَ فِي الْأَوْلَادِ مُسْلِمٌ فَقَالَ أَسْلَمْتُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَالُوا قَبْلَهُ فَلَا يسْتَحق فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الْأَصْلُ أَنْ لَا يَرِثَ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ الْقَوْلُ قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّقَدُّمِ وَالْأَصْلُ مِيرَاثُهُ مِنْ أَبِيهِ فَهُوَ عَلَى وفْق الْأَصْلَيْنِ وَقَالَ أَشهب إِن أقرّ أَنَّ أَبَاهُمَا مَاتَ مُسْلِمًا وَفِي يَدِهِمَا دَارٌ وَقَالَ أَحدهمَا أسلمت وَإِنِّي مُسلم وَصَدَّقَهُ أَخُوهُ وَادَّعَى الْآخَرُ ذَلِكَ فَكَذَّبَهُ أَخُوهُ وَقَالَ بَلِ أَسْلَمْتُ بَعْدُ فَهِيَ لِلْمُسْلِمِ الَّذِي اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَعَلَى الْآخَرِ الْبَيِّنَةُ وَكَذَلِكَ إِذَا تَنَازَعَا فِي الْحُرِّيَّةِ وَهَذَا إِذَا لَمْ تَطُلْ حِيَازَتُهُمَا لِلدَّارِ مَا تَكُونُ حِيَازَةً عَلَى الْآخَرِ وَلَوِ ادَّعَى الْكَافِرُ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ كَافِرًا وَقَالَ الْمُسْلِمُ مَاتَ مُسْلِمًا حَلَفَ كُلٌّ عَلَى دَعْوَاهُ وَقُسِّمَ بَيْنَهُمَا وَلَوْ قَالَ الْأَوْلَادُ الْمُسْلِمُونَ مَاتَ مُسْلِمًا وَقَالَ الْأَبَوَانِ الْكَافِرَانِ بَلْ كَافِرًا فَكُلُّ فَرِيقٍ يَدَّعِي الْجَمِيعَ فَيَحْلِفُ عَلَى دَعْوَاهُ وَيَرِثُونَ كُلُّهُمْ قَالَ سَحْنُونٌ وَهَذَا إِذَا كَانَ الْأَبَوَانِ غَرِيبَيْنِ لَا يُعْرَفُ أَصْلُهُمَا وَإِلَّا صُدِّقَا لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي ابْنِ النَّصْرَانِيِّ أَنَّهُ نَصْرَانِيٌّ وَإِذَا قَالَ رَجُلٌ هَذَا الْمَيِّتُ ابْنِي وَهَذَا أَخِي وَأَنَا مُسْلِمٌ وَهُوَ مُسْلِمٌ وَادَّعَى نَصْرَانِيٌّ أَنَّهُ أَبُوهُ وَالصَّغِيرُ أَخُوهُ وَأَنَّهُ نَصْرَانِيٌّ فُعِلَ بِالْمَيِّتِ مَا يُفْعَلُ بِالْمُسْلِمِينَ وَإِنْ كَانَ لَهُ تَرِكَةٌ بِأَيْدِيهِمَا اقْتَسَمَاهَا بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا وَوُقِفَ ثُلُثُ مَا بِيَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَإِنْ كَبُرَ الصَّغِيرُ وَادَّعَى الْإِسْلَامَ أَخَذَ ثُلُثَ مَا أَقَرَّ بِهِ الْمُسْلِمُ أَوِ النَّصْرَانِيُّ أَخَذَ ثُلُثَ مَا بِيَدِ النَّصْرَانِيِّ بَعْدَ يَمِينِ الْمُنْكِرِ وَإِنْ لَمْ يعلم أَنَّهُمَا والداه كُلِّفَا إِثْبَاتَ النَّسَبِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَالُ بأيديهما وَإِن كَانُوا ثَلَاثَة أحدهم نَصْرَانِيّ وَادّعى أَحَدُ الْمُسْلِمِينَ مَوْتَهُ مُسْلِمًا وَالنَّصْرَانِيُّ أَنَّهُ مَاتَ كَافِرًا وَوَقَفَ أَحَدُ الْمُسْلِمِينَ فَقَدِ اعْتَرَفَ الْمُسْلِمُ الْمُدَّعِي أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ إِلَّا النِّصْفَ وَالنَّصْرَانِيُّ يَدَّعِي جَمِيعَ الْمَالِ وَلَا مُنَازِعَ لَهُ فِي النِّصْفِ وَيُقَسَّمُ النِّصْفُ

(فرع)

الْآخَرُ بَيْنَهُمَا بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا فَيُقَسَّمُ الرُّبُعَ وَثَلَاثَةَ أَرْبَاعٍ وَلَا شَيْءَ لِغَيْرِ الْمُدَّعِي وَإِنْ كَانُوا نَصْرَانِيِّينَ وَكَافِرَيْنِ وَتَدَاعَى الْفَرِيقَانِ قُسِّمَ أَرْبَاعًا بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ فَإِنْ نَكَلَ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ فَجَمِيعُهُ لِلْفَرِيقِ الْحَالِفِ وَإِنْ نَكَلَ وَاحِدٌ مِنْ كُلِّ فَرِيقٍ فَنَصِيبُهُ لِلَّذِي مَعَهُ إِنْ حَلَفَ فَلَوْ رَجَعَ أَحَدُ الْمُسْلِمِينَ وَأَحَدُ الْكَافِرِينَ بَعْدَ أَنْ قَبَضُوا فَالرَّاجِعُ أَوَّلًا يُسَلَّمُ حَقُّهُ لِلطَّائِفَةِ الْأُخْرَى فَإِنْ رَجَعَا مَعًا فَالرَّاجِعُ يُسَلَّمُ لِمَنْ لَمْ يَرْجِعْ مِنَ الْفَرِيقِ الْآخَرِ لِأَنَّهُمَا لَوْ نَكَلَا قَبْلَ الْقَسْمِ كَانَ الْمَالُ بَيْنَ الْحَالِفِينَ مِنْ كُلِّ فَرِيقٍ نِصْفَيْنِ وَإِنْ قَالَ ابْنُ نَصْرَانِيٍّ أَبَوْهُ كَانَ نَصْرَانِيًّا وَقَالَتِ ابْنَتُهُ كَانَ مُسْلِمًا وَلَهُمَا أُخْتٌ صَغِيرَةٌ فَهُوَ مُقِرٌّ لِلصَّغِيرَةِ بِالثُّلُثِ وَالْكَبِيرَةُ الْمُسْلِمَةِ تُقِرُّ لِلصَّغِيرَةِ بِالثُّلُثِ وَالْكَبِيرَةِ فَتَأْخُذُهُ وَالتَّدَاعِي فِي الثُّلُثِ فَيُقَسَّمُ بَيْنَ الْكَبِيرَةِ وَلِلذَّكَرِ الثُّلُثُ الَّذِي يَصِيرُ لِلْكَبِيرَةِ لِأَنَّهَا يَقُولُ فِي الثُّلُثِ وَالثُّلُثُ لِلْعَصَبَةِ فَيَصِيرُ لِلذَّكَرِ الثُّلُثُ وَلِلْعَصَبَةِ السُّدُسُ وَلِلْكَبِيرَةِ السُّدُسُ إِنْ كَانَ الْعَصَبَةُ عَلَى دِينِ الْبِنْتِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي اخْتِلَافِ الشَّهَادَاتِ بَعْضُ هَذَا (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ أَشْهَبُ أَشْهَدُ إِنْ مَاتَ مِنْ هَذَا الْمَرَضِ فَهَذَا الْعَبْدُ حُرٌّ وَقَالَ الْعَبْدُ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ وَقَالَ الْوَارِثُ صَحَّ مِنْهُ صَدَقَ الْوَارِثُ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ الْعَبْدَ يَدَّعِي الْحُرِّيَّةَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ شَهِدْتَ بِأَنَّهُ أَوْصَى فِي مَرَضِهِ صُدِّقَ الْعَبْدُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الصِّحَّةِ فَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ قُضِيَ بِالْأَعْدَلِ وَلَوْ قَالَ إِنْ مُتُّ مِنْ هَذَا الْمَرَض فميمون حر وَإِن بَرِئْتُ فَمَرْزُوقٌ حُرٌّ فَتَنَازَعَ مَيْمُونٌ وَمَرْزُوقٌ الصِّحَّةَ وَالْمَرَضَ وَصَدَّقَ الْوَارِثُ مَرْزُوقًا عَلَى الصِّحَّةِ صُدِّقَ الْوَارِثُ مَعَ يَمِينِهِ وَلَا قَوْلَ لِمَنْ أَخَذَ بِهِ لِأَنَّهُ مَرْجُوحٌ بِهِ وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ قُضِيَ بِالْأَعْدَلِ وَإِنِ

(فرع)

اسْتَوَتَا عُتِقَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ النِّصْفُ قَالَ مُحَمَّدٌ وَذَلِكَ إِذَا لَمْ يَغِيبُوا غَيْبَةً يُمْكِنُ فِيهَا صِحَّةٌ وَقَالَ أَصْبَغُ تُقَدَّمُ شَهَادَةُ الصِّحَّةِ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ نَافِعٍ إِذَا شَهِدْتَ بِالْبَيْعِ بِعِشْرِينَ وَشَهِدَتْ أُخْرَى لِلْمُبْتَاعِ أَنَّهُ بَاعَ بِعَشْرَةٍ قُضِيَ بِالزِّيَادَةِ وَكَذَلِكَ الطَّلَاقُ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنِ اتَّفَقُوا عَلَى اتِّحَادِ الْمَجْلِسِ قُضِيَ بِالْأَعْدَلِ وَإِلَّا سَقَطَتَا وَتَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ سَحْنُونٌ إِنْ قَالَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ لَكَ فُلَانٌ فَعَلَ وَشَهِدَ بِحِنْطَةٍ زَرَعَهَا إِنَّهَا شَهَادَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِنِ ادَّعَيْتَ أَحَدَهُمَا حُلِّفْتَ مَعَهُ وَإِنِ أادعيت الشَّهَادَتَيْنِ بَطَلَتَا لِلتَّكَاذُبِ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ ابْنُ دِينَارٍ إِنْ شَهِدَ ثَلَاثَةٌ أَنَّهُ أَوْصَى لَكَ بِمِائَةٍ وَاثْنَانِ أَنَّهُ أَوْصَى بِخَمْسِينَ وَلِزَيْدٍ بِخَمْسِينَ فَلَكَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمِائَةِ وَلِزَيْدٍ رُبُعُهَا لِاجْتِمَاعِهِمْ عَلَى خَمْسِينَ وَالتَّدَاعِي فِي خَمْسِينَ فَإِنْ شَهِدَتْ بِمِائَةٍ لَكَ وَبِخَمْسِينَ لِزَيْدٍ وَشَهِدَتِ الْأُخْرَى بِأَنَّ الْخَمْسِينَ لَكَ وَالْمِائَةَ لِعَمْرٍو قُسِّمَ الْجَمِيعُ نِصْفَيْنِ بَيْنَكُمَا وَلَوْ شَهِدَتْ أَنَّهُ ذَبَحَهُ وَأُخْرَى أَنَّهُ غَرَّقَهُ سَقَطَتَا لِأَنَّهَا أَفْعَالٌ مُخْتَلِفَةٌ وَلَا يُقَسَّمُ عَلَى إِحْدَاهُمَا إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَهَا دُونَ الْأُخْرَى (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا ثَبَتَ عَلَيْهِ أَلْفُ دِينَارٍ فَأَتَى بِبَرَاءَةٍ وَبَرَاءَةٍ بِأَلِفٍ فَأَكْثَرَ وَقَالَ الْمُدَّعِي مِنْهَا وَلَا تَارِيخَ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ حَقِّ

(فرع)

آخر وَضَعفه سَحْنُونٌ الْيَمِينَ بَلْ يُصَدِّقُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِن ثَبت إِقْرَارَكَ بِخَمْسِمِائَةٍ وَأَقَامَ بَيِّنَةً أُخْرَى أَنَّكَ قَبَضْتَ خَمْسَمِائَةٍ وَادَّعَيْتَ التَّدَاخُلَ وَادَّعَى التَّبَايُنَ صُدِّقْتَ مَعَ يَمِينِكَ إِلَّا أَنْ تَكْتُبَ عَلَيْكَ بَرَاءَتَيْنِ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا مَعَ التَّبَايُنِ أَوْ فِي بَرَاءَة ألف مائَة فِيهَا وَحدهَا بَرِيء مَعَ يَمِينِهِ وَإِلَّا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ أَقْرَرْتَ بِقَبْضِ مِائَةٍ فَأَقَامَ بَيِّنَةً بِقَضَائِكَ مِائَةً فَقلت هِيَ الَّتِي اعْترفت بهَا وَقَالَ غَيره صَدَقَ مَعَ يَمِينِهِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ تَصْدُقُ أَنْتَ مَعَ يَمِينِكَ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الدَّيْنِ وَالْجَمْعُ بَيْنَ الشَّهَادَةِ وَالْإِقْرَارِ مُمْكِنٌ وَقَدْ جَعَلَ أَصْحَابنَا الْإِقْرَار فِي مجَالِس وَاحِدًا بِخِلَاف البراآت (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا شَهِدَا أَنَّكَ قُلْتَ إِنْ دَخَلْتُ الدَّارَ فَعَبْدِي حُرٌّ وَشَهِدَاهُمَا أَوْ غَيْرَهُمَا بِالدُّخُولِ عَتَقَ وَإِنْ شَهِدَ بِالدُّخُولِ وَاحِدٌ حَلَّفَهُ وَبَرِئَ وَإِنْ شَهِدَ بِالْيَمِينِ وَاحِدٌ بالجنب اثْنَانِ أَوْ أَقَرَّ بِهِ وَأَنْكَرَ الْيَمِينَ حَلَفَ أَنه مَا حلف وبريء وَلَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِالْيَمِينِ وَوَاحِدٌ بِالْفِعْلِ لَمْ يَحْلِفْ لِعَدَمِ مُوجِبِ الْحِنْثِ وَلَوْ كَانَ عَلَى أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ شَاهِدَانِ وَعَلَى الْآخَرِ شَاهِدٌ لَمْ يَبْرَأْ إِلَّا بِشَاهِدَيْنِ سَبَبُ اللُّزُومِ فَيُلْزَمُ الْيَمِينَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَوْ شَهِدَ بِالْحَلِفِ وَالْحِنْثِ وَاحِدٌ حَلَّفْتُهُ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا جَحَدَ الْوَدِيعَة ثمَّ ادّعى ردهَا لم تسمع ببنته لِأَنَّهُ كَذَّبَهَا بِالْجَحْدِ وَكَذَلِكَ الدَّيْنُ قَالَهُ مَالِكٌ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَكَذَلِكَ الْقِرَاضُ وَالْبِضَاعَةُ إِذَا جَحَدَهُ ثُمَّ ادَّعَى تَلَفَهُ وَذَلِكَ إِذَا قَالَ مَا كَانَ ذَلِكَ أَمَّا إِذَا قَالَ مَا لَكَ عِنْدِي مِنْهُ شَيْءٌ نَفَعَتْهُ الْبَرَاءَةُ لِأَنَّ لَفْظَهُ مُحْتَمَلٌ وَالرَّسُولُ يَجْحَدُ أَصْلَ الرِّسَالَةِ ثُمَّ يَعْتَرِفُ وَيَدَّعِي التَّلَفَ قَالَ مَالِكٌ يَحْلِفُ بِاللَّهِ وَيبرأ وَكَذَلِكَ

(فرع)

الْقِرَاضُ وَعَنْ مَالِكٍ إِنْ جَحَدَ حَتَّى قَامَتِ الْبَيِّنَةُ لَمْ يُصَدَّقْ فِي الضَّيَاعِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا جَحَدَ الْقِرَاضَ ثُمَّ ادَّعَى الرَّدَّ ضَمِنَ بِخِلَافِ الضَّيَاعِ وَقَالَ مَالِكٌ يَحْلِفُ فِي الْوَجْهَيْنِ وَيَبْرَأُ وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ إِذَا ادَّعَيْتَ عَلَيْهِ مَالًا فَجَحَدَكَ ثُمَّ أَتَى بِبَيِّنَةٍ بِالرَّدِّ لَمْ يَنْفَعْهُ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِوَجْهِ عُذْرٍ وَإِنِ ادَّعَيْتَ أَيْضًا حَازَهَا عِشْرِينَ سَنَةً فَأَنْكَرَ فَأَقَمْتَ الْبَيِّنَةَ فَأَقَامَ هُوَ أَيْضًا بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا من ابْنك نَفَعَهُ لِأَنَّهُ يَقُولُ رَجَوْتُ أَنْ تَنْفَعَنِي الْحِيَازَةُ بِخِلَافِ الدَّيْنِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَوْ قَتَلَ الْمُوصَى لَهُ الْمُوصِي عَمْدًا وَشَهِدَتْ بَيِّنَتُهُ فَصَدَّقَهَا بَعْضُ الْوَرَثَةِ فَيَأْخُذُوا نَصِيبَهُمْ مِنَ الْوَصِيَّةِ وَمَنْ كَذَّبَهَا لَمْ يَأْخُذْ وَكَذَلِكَ الْوَارِثُ إِذَا قَتَلَ فَصَدَّقَ الْبَعْض بَيِّنَة دون الْبَعْض وَأقر الْمَوْرُوثُ بِدَيْنٍ لِبَعْضِ الْوَرَثَةِ فَصَدَّقَهُ بَعْضُهُمْ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا ادَّعَاهَا مِيرَاثًا ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً أَن اباه بَاعهَا لَهُ لم يسمع لِأَنَّهُ كَذَّبَهَا بِدَعْوَاهُ وَلَا يَنْفَعُهُ قَوْلُهُ كُنْتُ أَجْهَلُ الْبَيِّنَةَ الْأَخِيرَةَ وَإِذَا قُلْتَ لَيْسَ لِي عِنْدَهُ إِلَّا أَلْفُ دِرْهَمٍ فَأَقَمْتَ بَيِّنَةً بِأَلْفَيْنِ بطلت إِلَّا أَن يَقُول كُنْتُ أَبْرَأْتُهُ مِنْ أَلْفٍ وَنَحْوَ ذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَوْ جَحَدَكَ الْبَيْعَ فَأَقَمْتَ بَيِّنَةً بِالْبَيْعِ بِخَمْسِينَ دِينَارًا لَمْ تَنْفَعْهُ بَيِّنَةٌ بِثَمَنٍ أَكْثَرَ وَإِنْ أَقَرَّ الْوَصِيُّ لِلْيَتِيمِ بِعَشَرَةٍ وَجَحَدَ خَادِمًا ثُمَّ أَتَى بِبَرَاءَةٍ بِعِشْرِينَ وَقَالَ دَخَلَ فِيهَا ثَمَنُ الْخَادِمِ يُقْبَلُ مِنْهُ فِي الْخَادِمِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يُقْبَلُ لِأَنَّهُ كَذَّبَ نَفْسَهُ وَمَنْ كَتَبَ صَكًّا بِقَرْضٍ ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ قِرَاض لزمَه إِقْرَاره الْقَرْض إِلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى إِقْرَارِ الطَّالِبِ لِأَنَّ الطَّالِبَ يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ كَمَا يُؤَاخَذُ هُوَ بِإِقْرَارِهِ قَالَهُ سَحْنُونٌ وَخَالَفَهُ ابْنُهُ وَقَالَ تَنْفَعُهُ بَيِّنَتُهُ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ أَتَيْتَ بِذِكْرِ حَقٍّ بِمَحْوٍ وَشَهِدَتْ بَيِّنَتُكَ فَقَالَ قَضَيْتُهُ وَمَحَاهُ يَلْزَمُهُ وَتَحْلِفُ أَنْتَ مَا قَضَاهُ فَإِنْ قُلْتَ أَنَا مَحَوْتُهُ وَظَنَنْتُ أَنَّهُ قَضَانِي حَلَفَ هُوَ وُبُرِّئَ لِإِقْرَارِكَ بِمَحْوِهِ

فرع

(فَرْعٌ) قَالَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِذَا قَضَاكَ لَمْ تُجْبَرْ عَلَى إِعْطَاءِ الصَّكِّ بَلْ تَكْتُبُ لَهُ بَرَاءَةً كَانَ فِي الْمَوْضِعِ مَنْ يَكْتُبُ الشُّرُوطَ أَمْ لَا (فَرْعٌ) قَالَ إِنْ قُلْتَ أَعْطِنِي ثَمَنَ الثَّوْبِ فَقَالَ وَكَّلْتَنِي فِي بَيْعِهِ صُدِّقْتَ مَعَ يَمِينِكَ بِنَفْيِ الْوَكَالَةِ لَا بِالْبَيْعِ فَتَطْلُبُ بِالْقِيمَةِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ مَالك إِن قلت اشتريها لَكَ فَلَكَ طَلَبُهُ بِالثَّمَنِ إِنْ قَبَضَهَا وَلَمْ تنقد وَإِن نفذت صدق فِي جَمِيعِ الثَّمَنِ إِلَيْكَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ إِسْلَافِكَ إِيَّاهُ قَالَ سَحْنُونٌ إِلَّا أَنْ تَشْهَدَ عِنْدَ الرّفْع أَنَّكَ تُعْطِي مِنْ مَالِكَ فَتُصَدَّقُ مَعَ يَمِينِكَ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ سَحْنُون إِذا احلته بِأَلْفٍ عَلَى أَلْفٍ وَقَامَ بِالِاسْتِحْقَاقِ فَإِنْ كَانَ الْمُحَالُ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لَهُ قَبْلَكَ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ أَمَرْتَهُ يَدْفَعُ عَنْكَ مَالًا فَفَعَلَ وَقُلْتَ كَانَ لِي دَيْنًا وَأَنْكَرَ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ دَيْنِكَ عِنْدَهُ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ أَشْهَبُ إِنْ مَاتَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ صُدِّقَ أَحَدُهُمَا أَنَّ لِلْمَيِّتِ مَعَهُ السُّدُسَ فِيمَا فِي يَدِهِ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ أَشْهَبُ إِنْ قُلْتَ بِعْتُكَ هَذَا الْعَبْدَ وَدَبَّرْتُهُ وَأَنْكَرَ لَزِمَكَ التَّدْبِيرُ وَتَأْخُذُ الثَّمَنَ مِنْ خِدْمَتِهِ الَّذِي يَدَّعِي إِلَّا أَنْ يُقِرَّ فَتُعْطِيَهُ مَا بَقِيَ مِنْهُ فَإِنِ

(فرع)

اسْتَوْفَيْتَ بَقِيَ مُدَبَّرًا مُؤَاخَذَةً لَكَ بِإِقْرَارِكَ فَإِنْ مُتَّ وَهُوَ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِكَ عَتَقَ وَإِنْ كَانَ عَلَيْكَ دَيْنٌ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ أَشْهَبُ إِن ابضعت ثلثمِائة دِينَارٍ مَعَ ثَلَاثَةٍ فِي شِرَاءِ جَارِيَةٍ فَأَتَوْا بهَا فَزعم اثْنَان أَنهم اشتروها على صفته بِمِائَةٍ وَقَالَ الثَّالِثُ بِثَمَانِينَ وَهُمْ كُلُّهُمْ عُدُولٌ أخذت من الْإِثْنَيْنِ تِسْعَة وَسِتِّينَ إِلَّا ثلثه وَمِنَ الْقَائِلِ بِثَمَانِينَ ثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ وَثُلُثًا وَلَمْ يَرَ شَهَادَةَ الِاثْنَيْنِ شَهَادَةً (فَرْعٌ) قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا نَسَجَتِ الْمَرْأَةُ الثَّوْبَ فَادَّعَاهُ زَوْجُهَا فَيَقُولُ الْكِتَّانُ لِي وَتَقُولُ الْمَرْأَةُ إِنَّهُ لَهَا أَوْ إِنَّهَا غَزَلَتْهُ مِنْ كِتَّانِهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هِيَ أَوْلَى بِمَا فِي يَدِهَا مَعَ يَمِينِهَا إِلَّا أَنْ تُقِرَّ أَنَّ الْكِتَّانَ لِلزَّوْجِ فَيَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ فِي الثَّوْبِ بِقَدْرِ مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا (فَرْعٌ) قَالَ مُطَرِّفٌ تَأَخُّرُ ذِكْرِ الْحَقِّ عَشْرَ سِنِينَ لَا يُبْطِلُهُ وَإِنْ قُسِّمَتِ التَّرِكَةُ وَهُوَ حَاضِرٌ لَمْ يُعْلِمْ بَطَلَ إِلَّا أَنْ يَعْتَذِرَ بِغَيْبَةٍ بَيِّنَةٍ أَوْ قَالَ لَمْ أَعْرِفْهُمْ أَوْ لَمْ أَجِدِ الْكِتَابَ أَوْ لِلْوَرَثَةِ سُلْطَانٌ فَيَحْلِفُ مَا تَرَكَ الْقِيَامَ إِلَّا لِذَلِكَ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْوَارِثُ مَا يَعْلَمُ لَكَ حَقًّا قَبْلَ وَلِيِّهِ فَإِنْ نَكَلُوا غَرِمُوا (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ مُطَرِّفٌ إِذَا بَاعَ أَجِيرٌ عِنْدَ فِرَّاءٍ بِمَحْضِرِهِ فَرْوًا فَقَالَ هُوَ لِي إِنْ كَانَ مِثْلُهُ يَعْمَلُ لِنَفْسِهِ وَهُوَ أَجِيرٌ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ تَنْبِيهٌ مَسَائِلُ أُثْبِتَتْ عَلَى خِلَافِ الظَّاهِرِ إِذَا ادَّعَى الْبَرُّ التَّقِيُّ عَلَى فَاجِرٍ

(تمهيد)

غَاصِبٍ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ وَإِذَا ادَّعَى الْفَاجِرُ عَلَى التَّقِيِّ حَلَّفْنَاهُ أَوْ أَتَتِ الْمَرْأَةُ بِوَلَدٍ لدوّنَ خمس سِنِين بِحَق الزَّوْج اَوْ يُولد لسِتَّة أشهر مَعَ قدوته وَلَوْ زَنَتْ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِتِسْعَةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الزِّنَا وَلِسِتَّةٍ مِنْ يَوْمِ الزَّوَاجِ لَحِقَ بِالزَّوْجِ وَإِنْ أَنْكَرَ الْوَطْءَ مَعَ ظُهُورِ صِدْقِهِ بِالظَّاهِرِ وَالْأَصْلِ وَلَكِنَّ الزَّوْجَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ دَفْعِهِ عَنْ نَفْسِهِ بِاللِّعَانِ وَالْمُقِرُّ بِمَالٍ عَظِيمٍ قِيلَ يَلْزَمُهُ أَقَلُّ مَا يَتَمَوَّلُ وَالْحَالِفُ بِالْقُرْآنِ تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ إِنْ حَنِثَ مَعَ أَنَّ الْقُرْآنَ ظَاهِرٌ فِي اللَّفْظِ الْمُحْدَثِ (تَمْهِيدٌ) إِذَا ادّعى خصم من مَسَافَة الْعَدو فَمَا دُونَهَا وَجَبَتِ الْإِجَابَةُ لِأَنَّهُ لَا تَتِمُّ مَصَالِحُ الْأَحْكَامِ وَإِنْصَافُ الظَّالِمِينَ مِنَ الْمَظْلُومِينَ إِلَّا بذلك فَإِن لم يكن عَلَيْهِ حق لم تجب الْإِجَابَة أَوله وَلَكِنْ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْحُكَّامِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَدَائِهِ لَزِمَهُ أَدَاؤُهُ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِجَابَةُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الِامْتِنَاعُ لَا سِيَّمَا فِي الدِّمَاءِ وَالْفُرُوجِ وَالْحُدُودِ وَسَائِرِ الْعُقُوبَاتِ الشَّرْعِيَّةِ فَإِنْ كَانَ الْحَقُّ مَوْقُوفًا عَلَى الْحُكَّامِ كَأَجَلِ الْعِنِّينِ يُخَيَّرُ الزَّوْجُ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْإِجَابَةُ وَبَيْنَ الْإِجَابَةِ وَلَيْسَ لَهُ الِامْتِنَاعُ مِنْهُمَا وَكَذَلِكَ الْفُسُوخُ الْمَوْقُوفَةُ عَلَى الْحُكَّامِ وَإِنْ دَعَاهُ إِلَى حَقٍّ مُخْتَلَفٍ فِي ثُبُوتِهِ وَخَصْمُهُ يَعْتَقِدُ ثُبُوتَهُ وَجَبَ أَوْ عَدَمَ ثُبُوتِهِ لَمْ يَجِبْ لِأَنَّهُ مُبْطل وَإِن دَعَاهُ الْحَاكِم وَجَبت وَإِنْ طُولِبَ بِحَقٍّ وَجَبَ عَلَيْهِ عَلَى الْفَوْرِ كَرَدِّ الْغُصُوبِ وَجَبَ أَدَاؤُهُ فِي الْحَالِ وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَقُولَ لَا أَدْفَعُهُ إِلَّا بِالْحَاكِمِ لِأَنَّ وُقُوفَ النَّاسِ عِنْدَ الْحَاكِمِ صَعْبٌ وَأَمَّا النَّفَقَاتُ فَيَجِبُ الْحُضُورُ فِيهَا عِنْدَ الْحُكَّامِ لتقريرها إِن كَانَت للأقارب وَإِن كَانَت الزَّوْجَة أَوِ الرَّقِيقُ يُخَيَّرُ بَيْنَ إِبَانَةِ الزَّوْجَةِ وَعِتْقِ الرَّقِيقِ أَوِ الْإِجَابَةِ (فَرْعٌ) قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِذا ألزم الْمُدعى عَلَيْهِ بإحضارالمدعى بِهِ لِتَشْهَدَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ

(فرع)

فَإِنْ ثَبَتَ الْحَقُّ فَالْمُؤْنَةُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مُبْطِلٌ صَلَحَ كَذَلِكَ وَإِلَّا فَعَلَى الْمُدَّعِي لِأَنَّهُ مُبْطِلٌ فِي ظَاهِرِ الشَّرْعِ وَلَا تَجِبُ أُجْرَة تَعْطِيل الْمُدعى عَلَيْهِ فِي مُدَّة الإحضارلأنه حق للْحَاكِم لَا تتمّ مصَالح الْأَحْكَام الابه نَظَائِر خولفت قَاعِدَة الدعاوي فِي قبُول قَول الْمُدَّعِي فِي خَمْسِ مَسَائِلَ أَحَدُهَا اللِّعَانُ يُقْبَلُ فِيهِ قَوْلُ الزَّوْجِ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ الرَّجُلَ يَنْفِي عَنِ امْرَأَتِهِ الْفَوَاحِشَ بِحَيْثُ أَقْدَمَ عَلَى رميها بهَا مدمة كَذَا الشَّرْعُ مُضَافًا إِلَى الْأَيْمَانِ وَالدُّعَاءِ عَلَى نَفْسِهِ باللعن وَهُوَ أَشد العَبْد مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَثَانِيهَا الْأَمَةُ يُقْبَلُ فِيهَا قَول الطَّالِب لمن كَذَا حجه باللوث وَثَالِثهَا قبُول قَول الْأُمَنَاء لَيْلًا يُزَهِّدُ النَّاسَ فِي قَبُولِ الْأَمَانَاتِ فَتُفَوَّتُ الْمَصَالِحُ الْمُتَرَتِّبَةُ عَلَى حِفْظِ الْأَمَانَاتِ وَرَابِعُهَا قَبُولُ قَوْلِ الْحُكَّامِ فِيمَا يَدَّعُونَهُ مِنَ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ وَغَيْرِهِمَا من الْأَحْكَام لَيْلًا تفوت الْمصَالح المترتبة على ولَايَة الْأَحْكَام وخامسها قَبُولُ قَوْلِ الْغَاصِبِ مَعَ يَمِينِهِ فِي تَلَفِ الْمَغْصُوب للضَّرُورَة الْخَاصَّة لَيْلًا يَخْلَدَ فِي الْحَبْسِ ثُمَّ الْأَمِينُ قَدْ يَكُونُ أَمِينًا مِنْ جِهَةِ مُسْتَحِقِّ الْأَمَانَةِ أَوْ مِنْ قِبَلِ الشَّرْعِ كَالْوَصِيِّ وَالْمُلْتَقِطِ وَمَنْ أَلْقَتِ الرِّيحُ ثَوْبًا إِلَى بَيْتِهِ (فَرْعٌ) قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِذَا عَجَزْتَ عَنْ إِقَامَةِ الْحُجَّةِ الشَّرْعِيَّةِ فَاسْتَعَنَتْ عَلَى ذَلِكَ بِوَالٍ يَحْكُمُ بِغَيْرِ الْحُجَّةِ الشَّرْعِيَّةِ أَثِمَ دُونَكَ إِنْ كَانَ الْحَقُّ جَارِيَةً يُسْتَبَاحُ فَرْجُهَا بَلْ يَجِبُ ذَلِكَ عَلَيْكَ لِأَنَّ مَفْسَدَةَ الْوَالِي أَخَفُّ مِنْ مَفْسَدَةِ الزِّنَا وَالْغَصْبِ وَكَذَلِكَ الزَّوْجَةُ وَكَذَلِكَ اسْتِعَانَتُكَ بِالْأَجْنَادِ يَأْثَمُونَ وَلَا تَأْثَمُ وَكَذَلِكَ فِي

(فرع)

غَصْبِ الدَّابَّةِ وَغَيْرِهَا أَوْ جَحْدُ ذَلِكَ لِأَنَّ الصَّادِرَ مِنَ الْمُعَيَّنِ عِصْيَانٌ لَا مَفْسَدَةَ فِيهِ وَالْجَحْدُ وَالْغَصْبُ عِصْيَانٌ وَمَفْسَدَةٌ وَقَدْ جَوَّزَ الشَّرْعُ الِاسْتِعَانَةَ بِالْمَفْسَدَةِ لَا مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا مَفْسَدَةٌ على دَرْء مفْسدَة أعظم مِنْهَا كفداء الأسراء فَإِنَّ أَخْذَ الْكُفَّارِ لِمَالِنَا حَرَامٌ عَلَيْهِمْ وَفِيهِ مَفْسَدَةُ إِضَاعَةِ الْمَالِ فَمَا لَا مَفْسَدَةَ فِيهِ أَوْلَى أَنْ يَجُوزَ فَإِنْ كَانَ الْحَقُّ يَسِيرًا نَحْو كسرة وَتَمْرَة حرمتا بالإستعانة على تَحْصِيله بِغَيْر حجَّة شَرْعِيَّة لِأَن الْحَاكِم بِغَيْرِ مَا أَمَرَ اللَّهُ أَمْرٌ عَظِيمٌ لَا يُبَاحُ بِالْيَسِيرِ (فَرْعٌ) قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِذَا تَنَازَعْتُمَا حَائِطًا مُنْتَصِبًا هَلْ هُوَ مُنْعَطَفٌ لِدَارِكَ أَمْ لَا فَأَمَرَ الْحَاكِمُ بِكَشْفِ الْبَيَاضِ لِيَنْظُرَ إِنْ جُعِلَتِ الْأُجْرَةُ فِي الْكَشْفِ عَلَيْكَ فَمُشَكِلٌ لِأَنَّ الْحَقَّ قَدْ يَكُونُ لِخَصْمِكَ وَالْأُجْرَةُ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ لِمَنْ لَهُ نَفْعُ الْعَمَلِ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ تَقَعَ الْإِجَارَةُ عَلَى أَنَّ الْأُجْرَةَ على من ثَبت لَهُ الْملك لأنكما حرمتما بالملكية فَمَا وَقعت الْإِجَارَة إِلَّا جَازِمًا وَكَذَلِكَ الْقَائِفُ لَوِ امْتَنَعَ إِلَّا بِأَجْرٍ قَالَ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ يُلْزِمُ الْحَاكِمُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِاسْتِئْجَارِهِ وَتَلْزَمُ الْأُجْرَةُ فِي الْأَجِيرِ مِمَّنْ ثَبَتَ لَهُ الْمِلْكُ كَمَا يُحْلَفُ فِي اللِّعَانِ وَغَيْرِهِ وَأَحَدُهُمَا كَاذِبٌ تَنْبِيهٌ الْإِبْرَاءُ مِنَ الْمُعَيَّنِ لَا يَصِحُّ بِخِلَافِ الدَّيْنِ فَلَا يَصِحُّ إِبْرَاؤُكَ مِنْ دَارِي الَّتِي تَحْتَ يَدِكَ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ الْإِسْقَاطُ وَالْمُعَيَّنُ لَا يَسْقُطُ نَعَمْ تَصِحُّ فِيهَا الْهِبَةُ وَنَحْوُهَا قَاعِدَةٌ الْحَبْسُ يَكُونُ لِغَيْبَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ حِفْظًا لِمَحَلِّ الْقِصَاصِ أَوْ لِلِامْتِنَاعِ مِنْ دفع الْحق لَجأ إِلَيْهِ اَوْ تغييراً وَرَدْعًا عَنِ الْمَعَاصِي أَوْ لِلِامْتِنَاعِ مِنَ التَّصَرُّفِ الْوَاجِبِ الَّذِي لَا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ كَحَبْسِ مَنْ أَسْلَمَ عَنْ أُخْتَيْنِ وَامْتَنَعَ مِنْ تَعْيِينِ

أحداهما اَوْ أقرّ بِأخذ عين وَامْتَنَعَ مِنْ تَعْيِينِهَا أَوْ لِلِامْتِنَاعِ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي لَا يَدْخُلُهَا النَّائِبُ كَالْمُمْتَنِعِ مِنْ صَوْمِ رَمَضَانَ فَهَذِهِ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ سُؤَالٌ كَيْفَ يَخْلُدُ فِي الْحَبْسِ مَنِ امْتَنَعَ مِنْ دَفْعِ دَارِهِمْ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ وَعَجْزِنَا عَنْ أَخْذِهَا مِنْهُ لِأَنَّهَا عُقُوبَةٌ عَظِيمَةٌ لِجِنَايَةٍ حَقِيرَةٍ جَوَابُهُ أَنَّهَا عُقُوبَةٌ صَغِيرَةٌ بِإِزَاءِ جِنَايَةٍ صَغِيرَةٍ لِأَنَّهُ فِي كُلِّ سَاعَةٍ مُمْتَنِعٌ مِنْ أَدَاءِ الْحَقِّ فَتُقَابِلُ كُلُّ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ الِامْتِنَاعِ سَاعَة من سَاعَات الْحَبْس

فارغة

(كتاب الأيمان)

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَصلى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا وَمَوْلَانَا مُحَمَّدٍ (كِتَابُ الْأَيْمَانِ) وَالنَّظَرِ فِي الْحَالِفِ وَالْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَالْحَلِفِ وَحُكْمِهِ وَالنُّكُولِ فَهَذِهِ خَمْسَةُ أَنْظَارٍ (النَّظَرُ الْأَوَّلُ الْحَالِفُ) وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ كُلُّ مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ دَعْوَى صَحِيحَة فَصمت احْتِرَازًا من المجهولة اَوْ غير المحررة ومشتبهة احْتِرَازًا مِنَ الَّتِي يُكَذِّبُهَا الْعُرْفُ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَن الدَّعْوَى ثَلَاثَة أَقسَام مَا يكذبها وَمَا يَشْهَدُ أَنَّهَا غَيْرُ مُشْبِهَةٍ وَمَا يَشْهَدُ بِأَنَّهَا مُشْبِهَةٌ كَدَعْوَى سِلْعَةٍ مُعَيَّنَةٍ بِيَدِ رَجُلٍ أَوْ دَعْوَى غَرِيبٍ وَدِيعَةً عِنْدَ جَارِهِ أَوْ مُسَافِرٍ أَنَّهُ أَوْدَعَ أَحَدَ رُفْقَتِهِ وَكَدَعْوَى عَلَى الصَّانِع المنتصب أَنه دفع إِلَيْهِ مَتَاعا ليصبغه وَعَلَى أَهْلِ السُّوقِ الْمُنْتَصِبِينَ لِلْبَيْعِ أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْهُ أَوْ يُوصِي فِي مَرَضِ مَوْتِهِ أَنَّ لَهُ دَيْنًا عِنْدَ رَجُلٍ فَيُنْكِرُ فَهَذِهِ الدَّعَاوَى مَسْمُوعَةٌ وَيُشْرَعُ فِيهَا التَّحْلِيفُ بِغَيْرِ خُلْطَةٍ وَالَّتِي شَهِدَ الْعُرْفُ بِأَنَّهَا غَيْرُ مُشْبِهَةٍ كَدَعْوَى دَيْنٍ لَيْسَ مِمَّا تَقَدَّمَ فَلَا يُسْتَحْلَفُ إِلَّا بِإِثْبَاتِ خُلْطَةٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهِيَ أَنْ يُسَالِفَهُ وَيُبَايِعَهُ مِرَارًا وَأَنْ يَتَقَابَضَا فِي ذَلِكَ الثَّمَنَ أَوِ السِّلْعَةَ وَتَفَاصَلَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ وَقَالَ سَحْنُونٌ لابد فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ مِنَ الْمُتَدَاعِيَيْنِ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ هِيَ أَنْ تَكُونَ الدَّعْوَى عَلَيْهِ يُشْبِهُ أَنْ يُدَّعَى لِمِثْلِهَا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا يُحَلَّفُ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ الْمُدَّعِي بِلَطْخٍ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُشْبِهُ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ وَقَالَ ش وح يَحْلِفُ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ

لَنَا مَا رَوَاهُ سَحْنُونٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ إِذَا كَانَتْ بَيْنَهُمَا خُلْطَةٌ وَزِيَادَةُ الْعَدْلِ مَقْبُولَةٌ وَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا يَعْدِي الْحَاكِمُ عَلَى الْخَصْمِ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ بَيْنَهُمَا مُعَامَلَةً وَلَمْ يُرْوَ لَهُ مُخَالِفٌ فَكَانَ إِجْمَاعًا ولعمل الْمَدِينَةِ وَلِأَنَّهُ لَوْلَا ذَلِكَ لَتَجَرَّأَ السُّفَهَاءُ عَلَى ذَوِي الْأَقْدَارِ بِتَبْذِيلِهِمْ عِنْدَ الْحُكَّامِ بِالتَّحْلِيفِ وَذَلِكَ شاق على ذَوي الهيآت وَرُبَّمَا الْتَزَمُوا مَا لَمْ يَلْزَمْهُمْ مِنَ الْجُمَلِ الْعَظِيمَةِ مِنَ الْمَالِ فِرَارًا مِنَ الْحَلِفِ كَمَا فَعَلَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَدْ تُصَادِفُهُ عَقِيبَ الْحَلِفِ مُصِيبَةٌ فَيُقَالُ بِسَبَبِ الْحَلِفِ فَيَتَعَيَّنُ حَسْمُ الْبَابِ إِلَّا عِنْدَ قِيَامِ مُرَجِّحٍ لِأَنَّ صِيَانَةَ الْأَعْرَاضِ وَاجِبَةٌ احْتَجُّوا بِالْحَدِيثِ السَّابِقِ بِدُونِ زِيَادَةٍ وَلَمْ يُفَرَّقْ وَبِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ وَلَمْ يَذْكُرْ مُخَالَطَةً وَلِأَنَّ الْحُقُوقَ قَدْ ثَبَتَتْ بِدُونِ الْخُلْطَةِ فَاشْتِرَاطُ الْخُلْطَةِ يُؤَدِّي لِضَيَاعِ الْحُقُوقِ وَتَخْتَلُّ حِكْمَةُ الْحُكَّامِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ مَقْصُودَ الْحَدِيثِ بَيَانُ مَنْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وَمَنْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ لَا بَيَانُ حَالِ مَنْ تَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ اللَّفْظَ إِذَا وَرَدَ لِمَعْنًى لَا يُحْتَجُّ بِهِ فِي غَيْرِهِ فَإِنَّ الْمُتَكَلِّمَ مُعْرِضٌ عَنْ ذَلِكَ الْغَيْرِ وَلِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ قُلْنَا فِي الرَّدِّ عَلَى ح فِي استدلاله على وجوب الزَّكَاة فِي الخضروات بقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ الْعُشْرُ إِنَّ مَقْصُودَ هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانُ الْجُزْءِ الْوَاجِبِ لَا مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ مَقْصُودَهُ بَيَانُ الْحصْر وَبَيَان مَا تختم بِهِ مِنْهُمَا لَا بَيَانُ شَرْطِ ذَلِكَ أَلَا تَرَى أَنَّهُ أَعْرَضَ عَنْ شَرْطِ الْبَيِّنَةِ مِنَ الْعَدَالَةِ

(فرع)

وَغَيرهَا يَقُول هُوَ مُطْلَقٌ فَيُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ الَّذِي رُوِّينَاهُ وَعَن الثَّالِث أَنه معَارض لِأَن مَا ذكر ثمَّ يُؤَدِّي إِلَى أَنْ يَدَّعِيَ أَدْنَى السُّفَهَاءِ السَّفَلَةِ عَلَى الْخَلِيفَةِ أَوِ الْقُضَاةِ أَوْ أَعْيَانِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُمْ لِكَنْسِ كَنِيفِهِ أَوْ غَصَبُوهُ قَلَنْسُوَةً وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا يُقْطَعُ بِكَذِبِهِ (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا لَمْ تَكُنْ خُلْطَةٌ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُتَّهم لم يسْتَحْلف وَقَالَ سَحْنُون يسْتَحْلف إِن لَمْ تَثْبُتْ (فَرْعٌ) قَالَ تَثْبُتُ الْخُلْطَةُ بِإِقْرَارِ الْخَصْمِ لَهَا وَبِالشَّاهِدَيْنِ وَبِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ لِأَنَّهَا أَسْبَابُ الْأَمْوَالِ وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ تَثْبُتُ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَامْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَهُ مِنْ بَابِ الْخَبَرِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ضَابِطُ الشَّهَادَةِ وَالْخَبَرِ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا رَفَعَ الدَّعْوَى بِعَدَاوَةٍ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ لِأَنَّ الْعَدَاوَةَ مُقْتَضَاهَا الْإِقْرَارُ بِالتَّحْلِيفِ وَالْبِذْلَةِ عِنْدَ الْحُكَّامِ وَقِيلَ يَحْلِفُ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ نَظَائِرُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عِمْرَانَ خَمْسُ مَسَائِلَ لَا تُعْتَبَرُ فِيهَا الْخُلْطَةُ الصَّانِعُ وَالْمُتَّهَمُ بِالسَّرِقَةِ وَالْقَائِلُ عِنْدَ مَوْتِهِ لِي عِنْدَ فُلَانٍ دَيْنٌ وَالْمُتَضَيِّفُ عِنْدَ الرَّجُلِ فَيَدَّعِي عَلَيْهِ وَالْعَارِيَةُ وَالْوَدِيعَةُ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ لَا يُحْلَفُ فِي دَعْوَى الْكَفَالَةِ حَتَّى تَثْبُتَ الْخُلْطَةُ وَإِذَا بِعْتَ مِنْ

رَجُلَيْنِ فَقَبَضْتَ مِنْ أَحَدِهِمَا حِصَّتَهُ ثُمَّ لَقِيتَ الْآخَرَ فَقَالَ دَفَعْتُ لِصَاحِبِي لِيَدْفَعَ لَكَ فَأَنْكَرَ صَاحِبُهُ فَأَرَدْتَ تَحْلِيفَهُ فَلَيْسَ هَذِهِ خُلْطَةٌ تُوجِبُ الْيَمِينَ وَإِذَا ادَّعَيْتَ دَيْنًا أَوْ غَصْبًا أَوِ اسْتِهْلَاكًا فَإِنْ عُرِفَتْ بَيْنَكُمَا مُخَالَطَةٌ فِي مُعَامَلَةٍ أَوْ عُلِمَتْ تُهْمَتُهُ فِيمَا ادَّعَيْتَ عَلَيْهِ مِنَ التَّعَدِّي نَظَرَ فِيهِ الْإِمَامُ فَإِمَّا أَحْلَفَهُ أَوْ أَخَذَ لَهُ كَفِيلًا حَتَّى يَأْتِيَ بِالْبَيِّنَةِ وَإِنْ لَمْ تُعْلَمْ خُلْطَتُهُ وَلَا تُهْمَتُهُ لَمْ يُتَعَرَّضْ لَهُ وَلَا يَحْلِفْ أَحَدٌ حَتَّى تَثْبُتَ الْخُلْطَةُ فِي التَّنْبِيهَاتِ قَوْلُهُ فِي الْكَفَالَةِ حَتَّى تَثْبُتَ الْخُلْطَةُ قِيلَ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَالْكَفِيلِ وَلَا تُرَاعَى خُلْطَةُ الْكَفِيلِ مَعَ الْمَكْفُولِ وَقِيلَ تُرَاعَى بَيْنَ الْكَفِيلِ وَالْمَكْفُولِ لَا غَيْرَ وَهُوَ أَظْهَرُ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَتَكَفَّلُ الرَّجُلُ بِمَنْ يُشْفِقُ عَلَيْهِ وَقَدْ يَتَكَفَّلُ بِخَصْمِهِ وَعَدُوِّهِ مُرَاعَاةً وَقَوْلُهُ نَظَرَ فِيهِ الْإِمَامُ قِيلَ جَعَلَ الْكَفَالَةَ فِي الْغَصْبِ وَالتَّعَدِّي وَلَيْسَ موضوعها وَقِيلَ ظَاهِرُهُ أَخَذَ الْكَفِيلَ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَعْنَى الْكَفِيلِ هَاهُنَا الْمُوَكَّلُ بِهِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَفِي النُّكَتِ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْقُرَوِيِّينَ إِنَّمَا تُرَاعَى الْخُلْطَةُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَمِ دُونَ الْمُعَيَّنَاتِ وَمَسَائِلُ الْمُدَوَّنَةِ فِي الْمُعَيَّنَاتِ تشهد لَك وَقِيلَ الْمُعَيَّنَاتُ أَيْضًا إِلَّا فِي مِثْلِ أَنْ تَعْرِضَ سِلْعَتَكَ فِي السُّوقِ فَيَدَّعِي آخَرُ أَنَّكَ بِعْتَهُ إِيَّاهَا قَالَ وَهُوَ أَبْيَنُ عِنْدِي لِأَنَّ الْخُلْطَةَ اشْتُرِطَتْ لِدَفْعِ الْمَضَرَّةِ قَالَ بَعْضُ الْقُرَوِيِّينَ إِذَا بَاعَهُ بِنَسِيئَةٍ فَهُوَ خُلْطَةٌ وَأَمَّا بِالنَّقْدِ فَحَتَّى تُبَايِعَهُ مِرَارًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا قَدَحَ فِي الْبَيِّنَةِ بِعَدَاوَةٍ أَوْ غَيْرِهَا لَا يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقِيلَ يَحْلِفُ لِأَنَّهَا لَطْخٌ قَالَ أَشْهَبُ لَا يَحْلِفُ فِي تَعَارُضِ الْبَيِّنَاتِ وَإِذَا انْقَضَتْ خُلْطَتُكُمَا لَمْ يَحْلِفْ إِلَّا بِخُلْطَةٍ مُؤْتَنَفَةٍ وَالَّذِي قَالَ إِنَّهُ دَفَعَ لِصَاحِبِهِ إِنَّمَا لَمْ يَجْعَلْ ذَلِكَ خُلْطَةً لِأَنَّكَ إِنَّمَا قُلْتَ إِنَّ الْمُشْتَرِيَ مَعَكَ قَالَ إِنَّهُ دَفَعَ لَكَ مَا عَلَيْهِ وَهَذَا لَمْ يَثْبُتْ وَلَوْ ثَبَتَ لَمْ يَكُنْ خُلْطَةً وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ هَذَا خُلْطَةٌ وَالْمُعْتَبَرُ فِي دَعْوَى الْكَفَالَةِ الْخُلْطَةُ بَيْنك

وَبَين الْكَفِيل دون من عَلَيْهِ الدّين لِأَن إِنَّمَا وَثِقْتَ بِالْمُعَامَلَةِ لِلْكَفِيلِ فَلَكَ تَحْلِيفُهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ لَا يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِلَّا بِخُلْطَةٍ أَوْ بَيِّنَةٍ أَوْ دَلِيلٍ وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الدَّعْوَى فَأَمَّا الدَّيْنُ فَاخْتُلِفَ هَلْ تَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ بِالْخُلْطَةِ أَوْ دَعْوَى الشُّبْهَةِ وَأَمَّا بَيْعُ النَّفَدِ وَالدَّعْوَى فِي الْمُعَيَّنِ وَالصِّنَاعِ وَالْوَدَائِعِ وَالْغَصْبِ وَالتَّعَدِّي وَالْجِرَاحِ فَالْمُرَاعَى دَعْوَى الشُّبْهَةِ وَهِيَ أَنْ يُشْبِهَ أَنْ يَدَّعِيَ مِثْلُهُ عَلَى مِثْلِهِ قَالَ وَأَرَى أَنَّ الدَّعْوَى إِذَا كَانَتْ مِنَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ لَا تكذب غَالِبا أَن تَكْفِي السّنة فِي الدّين وَغَيره وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنَ الْخُلْطَةِ وَالشُّبْهَةِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْمُدَّعَى فِيهِ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي دَعْوَى الْكَفَالَةِ لَا بُدَّ مِنَ الْخُلْطَةِ يُرِيدُ مُؤَاخَاةً تَقْتَضِي الْإِحْسَانَ بِذَلِكَ لَا الْمُدَايَنَةَ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ إِحْسَانٌ وَفِي دَعْوَى الْهِبَةِ قَوْلَانِ يَحْلِفُ إِذَا كَانَ بَيْنَهُمَا مُؤَاخَاةٌ وَلَا يَحْلِفُ وَيُرَاعَى فِي الْكَفَالَةِ مَنْ شَأْنُهُ التَّوَثُّقُ مِنْهُ حِينَ الْمُدَايَنَةِ فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا ثُمَّ أَعْسَرَ لَمْ تُقْبَلْ دَعْوَى الْكَفَالَةِ وَيُرَاعَى فِي الصَّانِع أَن يكون ذَلِك لِبَاسه أَو لِبَاس وَإِلَّا فَلَا يَحْلِفُ وَفِي الْوَدِيعَةِ ثَلَاثَةٌ أَنْ يَمْلِكَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي جِنْسِهِ وَقَدْرِهِ وَأَنْ يَكُونَ هُنَاكَ مَا يُوجِبُ الْإِيدَاعَ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِمَّنْ يَصْلُحُ لِذَلِكَ فَالْمُقِيمُ لَا يَخْرُجُ مَالُهُ من دَاره لودعه والطارئ يودع مَعَ الْإِقَامَة وَدَعوى الْغَضَب والتعدي فِيهَا إِقْرَار بِملك الْمُدَّعِي مثل ذَلِك وَالْمُدَّعى عَلَيْهِ يشبه مِنْهُ ذَلِك الْفِعْل وَفِي دَعْوَى الرسَالَة لَا بُد أَن يثبت أَن الْغَائِب ادّعى الْإِرْسَالَ مَعَهُ بِشَاهِدٍ أَوْ بِكِتَابٍ يَثْبُتُ أَنَّهُ مِنْ قِبَلِهِ أَوْ سَمَاعٍ بَيِّنٍ وَيُشْبِهُ أَنَّ الْغَائِبَ يُرْسِلُ مَعَ هَذَا مِثْلَ هَذَا أَوِ الرِّسَالَةُ مِلْكٌ لِلْمُرْسَلِ إِلَيْهِ أَوْ وَكِيلًا مُفَوَّضًا إِلَيْهِ وَإِلَّا لَمْ يُحَلِّفْهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُوَكَّلْ عَلَى الْخُصُومَةِ وَلَا عَلَى الْيَمِينِ وَإِنِ ادَّعَى أَنَّ الْعَبْدَ أَبَقَ مِنْهُ وَهُوَ فِي يَدِكَ وَأَنْتُمَا مِنْ بَلَدٍ وَاحِدٍ فَلَا بُدَّ مِنْ لَطْخِ أَنَّهُ مِلْكُهُ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا طَارِئًا لم يحلف أَحدهمَا لآخر لِأَنَّ الطَّارِئَ إِنِ ادَّعَى فَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّ الْمُقِيمَ عَرَفَ ذَلِكَ أَوِ الْمُقِيمُ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الطَّارِئَ يَعْرِفُ ذَلِكَ فَإِنْ أَقَامَ شَاهدا حلف مَعَه وَإِن نكل لم

(فرع)

يرد الْيَمِينَ لِعَدَمِ عِلْمِ الْآخَرِ بِكَذِبِ الشَّاهِدِ وَلَهُ إِيقَافُهُ الْيَوْمَ وَنَحْوَهُ حَتَّى يُبَيِّنَهُ وَإِنْ أَتَى بِلَطْخِ سَمَاعٍ أَوْ شَاهِدٍ فَالْوَقْفُ أَقْوَى فِي الشَّهْرِ وَنَحْوِهِ فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ سُلِّمَ لِمَنْ كَانَ بِيَدِهِ بَعْدَ يَمِينِهِ إِذَا أَشْبَهَ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مِنْ ذَلِكَ عِلْمٌ وَإِنْ لَمْ يَكُونَا مِنْ بَلَدٍ سُلِّمَ إِلَيْهِ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ يَحْلِفُ مَنْ قَامَ لَهُ شَاهد وَيسْتَحق بِشَهَادَة وَيَمِينِهِ فِي الْأَمْوَالِ وَحُقُوقِهَا الْخَسِيسِ مِنْهَا وَالنَّفِيسِ الْمعِين وَغَيره من إِلَيْهِ أَوْ فِي الذِّمَّةِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ الشَّاهِدُ الْبَيِّنُ الْعَدَالَةِ لَا يَثْبُتُ بِهِ النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ الْأَمْوَالِ فَيَكُونُ وُجُودُ الشَّاهِدِ أَنْ يُطَالَبَ بِالْإِقْرَارِ أَوْ يحلف الْمَشْهُود عَلَيْهِ فَإِن امْتنع مِنْهَا فَرِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَبِهَا أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يُحْبَسُ لِيُقِرَّ أَوْ يَحْلِفَ وَهِيَ الرِّوَايَةُ الْأَخِيرَةُ وَرُوِيَ يُقْضَى عَلَيْهِ بِمُقْتَضَى الشَّهَادَةِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَتَحَدَّدُ حَبْسُهُ بِسَنَةٍ وَيُخْلَى سَبِيلُهُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَتَمَادَى حَبْسُهُ حَتَّى يَحْلِفَ أَوْ يُقِرَّ فَإِنْ تضمن الْحق المالي بِدِينَار اَوْ بِالْعَكْسِ كَشِرَاءِ زَوْجَتِهِ أَوِ الْوَكَالَةِ عَلَى قَبْضِ مَالٍ فَإِنَّهُ يُلْحَقُ بِالْمَالِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الْمَقْصُود المَال وَغَيره لَغْو وَمنع أَشْهَبُ لِمَا فِيهِ مِنَ الْحُكْمِ الْبَدَنِيِّ وَلَا خِلَافَ أَنَّ الشَّاهِدَ وَحْدَهُ لَا يُقْضَى بِهِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلِ الْقَضَاءُ مُسْتَنِدٌ إِلَى الشَّاهِدِ وَالْيَمِينُ تَقْوِيَةٌ أَوِ الْيَمِينُ مَعَ الشَّاهِدِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَوِ انْفَرَدَ لَا يُقْضَى بِهِ وَفَائِدَتُهُ إِذَا رَجَعَ الشَّاهِدُ غَرِمَ نِصْفَ الْحَقِّ كَأَحَدِ الشَّاهِدَيْنِ وَفِي الْكِتَابِ كُلُّ جُرْحٍ فِيهِ قصاص يقْضى فِيهِ بِالشَّاهِدِ وَكُلُّ جُرْحٍ لَا قِصَاصَ فِيهِ مِمَّا هُوَ متْلف كالجائفة والمأمومة وَنَحْوهَا يُقْبَلُ فِيهِ الشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ لِأَنَّ الْعَمْدَ وَالْخَطَأَ فِيهِ مَال

نَظَائِرُ قَالَ الْعَبْدِيُّ الَّتِي تَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ أَرْبَعَةٌ الْأَمْوَالُ وَالْخُلْطَةُ وَالْكَفَالَةُ وَالْقِصَاصُ فِي جِرَاحِ الْعَمْدِ وَالَّتِي لَا تَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ وَالْوَلَاءُ وَالْأَحْبَاسُ وَالْوَصَايَا لِغَيْر الْمُعَيَّنِ وَهِلَالُ رَمَضَانَ وَذِي الْحِجَّةِ وَالْمَوْتُ وَالْقَذْفُ وَالْإِيصَاءُ وَنَقْلُ الشَّهَادَةِ وَتَرْشِيدُ السَّفِيهِ وَالْمُخْتَلَفُ فِيهَا هَلْ تَثْبُتُ بِذَلِكَ أَمْ لَا خَمْسٌ الْوكَالَة قَدْ مَاتَتْ وَالتَّجْرِيحُ وَالتَّعْدِيلُ وَوَافَقَنَا ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَمَنَعَ ح الْحُكْمَ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ قَالَ وينقض الْقَضَاء إِن وَقع وَهُوَ نَزعه وَأَوَّلُ مَنْ قَضَى بِهِ مُعَاوِيَةُ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ بَلْ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ قَالَهُ وَالْفُقَهَاءُ السَّبْعَةُ وَغَيْرُهُمْ لَنَا مَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ وَرُوِيَ فِي الْمَسَانِيدِ بِأَلْفَاظٍ مُتَقَارِبَةٍ وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ رِوَايَةً عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ذَلِكَ فِي الْأَمْوَالِ وَإِجْمَاعُ الصَّحَابَة على ذَلِكَ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعَلِيٍّ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَعَدَدٍ كَثِيرٍ مِنْ غَيْرِ مُخَالِفٍ رَوَى ذَلِكَ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ وَلِأَنَّ الْيَمين شرع فِي حق من ظهر صدقه وَقَوِيَ جَانِبُهُ وَقَدْ ظَهَرَ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ ليشاهده وَلِأَنَّهُ أَحَدُ الْمُتَدَاعِيَيْنِ فَشُرِعَ الْيَمِينُ فِي حَقِّهِ إِذَا رَجَحَ جَانِبُهُ كَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقِيَاسًا لِلشَّاهِدِ على الْيَد وَلِأَن الْيَمين أقوى من المواثيق لدخولها فِي اللّعان دون المواثيق وَقد حكم بالمواثيق مَعَ الشَّاهِدِ فَيُحْكَمُ بِالْيَمِينِ وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْبَيِّنَة على من ادّعى وَهِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنَ الْبَيَانِ وَالشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ يُبَيِّنُ الْحق وَقَوله تَعَالَى {إِن جَاءَكُم فَاسق بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} وَهَذَا لَيْسَ بِفَاسِقٍ

فَوَجَبَ أَنْ يُقْبَلَ قَوْلُهُ مَعَ الشَّاهِدِ لِأَنَّهُ قَابل بِالْفَرْقِ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} فحصر الْمَشْرُوعَ عِنْدَ عَدَمِ الشَّاهِدَيْنِ فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَتَيْنِ فالشاهد وَالْيَمِين زِيَادَة فِي النَّص وَالزِّيَادَة نسخ وَهولا يَقْبَلُ فِي الْكِتَابِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لحضرمي ادّعى على كندي شَاهِدَاك اَوْ يَمِينه وَلَمْ يَقُلْ شَاهِدُكَ وَيَمِينُكَ وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْبَيِّنَةَ عَلَى مَنِ ادَّعَى وَالْيَمِينَ عَلَى مَنْ أنكر فحصر الْبَيِّنَة فِي الْمُدَّعِي وَالْيَمِينَ فِي جِهَةِ الْمُنْكِرِ لِأَنَّ الْمُبْتَدَأَ مَحْصُورٌ فِي خَبَرِهِ وَاللَّامُ لِلْعُمُومِ فَلَمْ يَبْقَ يَمِينٌ فِي جِهَةِ الْمُدَّعِي وَلِأَنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ نَقْلُ الْبَيِّنَةِ لِلْمُنْكِرِ تَعَذَّرَ نَقْلُ الْيَمِينِ لِلْمُدَّعِي وَقِيَاسًا عَلَى أَحْكَامِ الْأَبْدَانِ وَلِأَنَّ الْيَمِينَ لَوْ كَانَ كالشاهد لجَاز تَقْدِيمه كَأَحَدِ الشَّاهِدَيْنِ مَعَ الْآخَرِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنا نُسَلِّمُ أَنَّهُ زِيَادَةٌ لَكِنْ نَمْنَعُ أَنَّهُ نَسْخٌ لِأَنَّ النَّسْخَ الرَّفْعُ وَلَمْ يَرْتَفِعْ شَيْءٌ وَارْتِفَاعُ الْحَصْرِ يَرْجِعُ إِلَى أَنَّ غَيْرَ الْمَذْكُورِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ وَكَوْنُهُ غَيْرَ مَشْرُوعٍ يَرْجِعُ إِلَى الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ وَالْبَرَاءَةُ الْأَصْلِيَّةُ تَرْتَفِعُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ اتِّفَاقًا وَلِأَنَّ الْآيَةَ وَارِدَةٌ فِي التَّحَمُّلِ دُونَ الْأَدَاءِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} وَقَوله تَعَالَى {أَن تضل حداهما فَتذكر احداهما الْأُخْرَى} وَالْيَمِينُ مَعَ الشَّاهِدِ لَا تَدْخُلُ فِي التَّحَمُّلِ فَالْحَصْرُ فِي التَّحَمُّلِ بَاقٍ وَلَا نَسْخَ بِكُلِّ تَفْسِير وَلِأَنَّ الْيَمِينَ تُشْرَعُ فِيمَنِ ادَّعَى رَدَّ الْوَدِيعَةِ وَجَمِيع الْأُمَنَاء والقسامة وَاخْتِلَاف الْمُتَبَايعين وينتقد مَا ذكر ثمَّ بِالنّكُولِ وَهُوَ زِيَادَة فِي حكم وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْحَصْرَ لَيْسَ مُرَادًا بِدَلِيلِ الشَّاهِد

وَالْمَرْأَتَيْنِ وَلِأَنَّهُ قُضِيَ بِلَفْظٍ يَخْتَصُّ بِاثْنَيْنِ لِخُصُوصِ حَالهمَا فَيعم ذَلِك النَّوْع وكل مَنْ وُجِدَ بِتِلْكَ الصِّفَةِ لَا تُقْبَلُ مِنْهُ إِلَّا بِشَاهِدَيْنِ وَعَلَيْكُمْ أَنْ تُبَيِّنُوا أَنَّ تِلْكَ الْحَالَةَ مِمَّا قُلْنَا نَحْنُ فِيهَا بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الْيَمِينَ الَّتِي عَلَى الْمُنْكِرِ لَا تَتَعَدَّاهُ لِأَنَّهَا الْيَمِينُ الَّتِي عَلَيْهِ وَهِيَ الْيَمين الرافعة وَالْيَمِينُ الَّتِي مَعَ الشَّاهِدِ هِيَ الْجَالِبَةُ فَهِيَ غَيْرُهَا فَلَمْ يَبْطُلِ الْحَصْرُ وَهُوَ الْجَوَابُ عَنْ قَوْلهم إِنَّمَا لم يتَحَوَّل الْيَمِينُ فَإِنَّا لَمْ نُحَوِّلْ تِلْكَ الْيَمِينَ بَلْ أَثْبَتْنَا يَمِينًا أُخْرَى بِالسُّنَّةِ مَعَ أَنَّ التَّحَوُّلَ وَاقِعٌ غَيْرُ مُنْكَرٍ لِأَنَّهُ لَوِ ادَّعَى عَلَيْهِ فَأَنْكَرَ لَمْ يَكُنْ لِلْمُنْكِرِ إِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ وَلَوِ ادَّعَى الْقَضَاءَ كَانَ لَهُ إِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ مَعَ أَنَّهَا بَيِّنَة فَأُقِيمَتْ فِي الْحَالَيْنِ وَعَنِ الرَّابِعِ الْفَرْقُ بِأَنَّ الشَّاهِدَيْنِ مَعْنَاهُمَا مُسْتَوِيَانِ فَلَا مَزِيَّةَ لِأَحَدِهِمَا فِي التَّقْدِيم واما الْيَمين فَإِنَّهَا تدخل الْقُوَّة لجِهَة الْمُدَّعِي بِالشَّاهِدِ فَلَا قُوَّة فَلَا تُشْرَعُ وَالشَّاهِدَانِ شُرِعَا لِأَنَّهُمَا حُجَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ مَعَ الضَّعْفِ وَوَافَقَنَا ح فِي أَحْكَامِ الْأَبْدَانِ وَخَالَفَنَا ش يحلف الْمُدَّعِي قَبْلَ قِيَامِ شَاهِدٍ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي لنا قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا نِكَاحَ إِلَّا بَوْلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ فَأَخْبَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِهِمَا فَمَنْ قَالَ بِالْيَمِينِ مَعَ النُّكُولِ فَعَلَيْهِ الدَّلِيلُ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَأشْهدُوا ذَوي عدل مِنْكُم} وَإِنَّمَا أَمَرَ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ لِأَنَّهَا سَبَبُ الثُّبُوتِ وَلِأَنَّ الشَّاهِدَ وَالْمَرْأَتَيْنِ أَقْوَى مِنَ الْيَمِينِ وَالنُّكُولِ لِأَنَّهَا حُجَّةٌ مِنْ غَيْرِ

جِهَة الْمُدَّعِي وَلم يثبت بهَا فَلَا يَثْبُتُ بِالْآخَرِ وَلِأَنَّ مَا ذَكَرُوهُ يُؤَدِّي إِلَى اسْتِبَاحَةِ الْفُرُوجِ بِالْبَاطِلِ لِأَنَّهَا إِذَا أَحَبَّهَا ادّعى عَلَيْهَا فتنكر فيحلفها فتنكر فَيَحْلِفُ فَيَسْتَبِيحُهَا بِتَوَاطُئٍ مِنْهَا وَلِأَنَّ الْمَرْأَةَ قَدْ تَكْرَهُ زَوْجَهَا فَتَدَّعِي عَلَيْهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ فَتُحَلِّفُهُ وَكَذَلِكَ الْأَمَةُ تَدَّعِي الْعِتْقَ وَهَذَا ضَرَرٌ عَظِيمٌ احْتَجُّوا بِقَضِيَّةِ حُوَيِّصَةَ وَمُحَيِّصَةَ فِي قَضِيَّةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْلٍ وَهِيَ فِي الصِّحَاحِ وَقَالَ فِيهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يحلف لَكُمْ يَهُودُ خَمْسِينَ يَمِينًا وَلِأَنَّ كُلَّ حَقٍّ تَوَجَّهَتِ الْيَمِينُ فِيهِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِذَا نَكَلَ رُدَّتْ عَلَى الْمُدَّعِي أَصْلُهُ الْمَالُ وَقِيَاسًا على اللّعان فَإِن الْمَرْأَة تحدد بِيَمِينِ الزَّوْجِ وَنُكُولِهَا عَنِ الْيَمِينِ وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْبَيِّنَةَ عَلَى مَنِ ادَّعَى وَالْيَمِينَ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ وَهُوَ عَامٌّ يَتَنَاوَلُ صُورَةَ التَّنَازُعِ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لِرُكَانَةَ لَمَّا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ أَلْبَتَّةَ مَا أردْت الْبَتَّةَ فَقَالَ وَاحِدَةً فَقَالَ لَهُ آللَّهِ وَاللَّهِ مَا أَرَدْتَ إِلَّا وَاحِدَةً فَقَالَ وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ إِلَّا وَاحِدَة فحلفه بعد دَعْوَى أَمر الثَّلَاثَ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْأَيْمَانَ تَمَّتْ بَعْدَ الْمَوْتِ وَهُوَ وُجُودُهُ مَطْرُوحًا بَيْنَهُمْ وَهُمْ أَعْدَاؤُهُ وَغَلَّظَهُ خَمْسِينَ بِخِلَافِ صُورَةِ النِّزَاعِ فِي الْمَعْنَيَيْنِ وَلِأَنَّ الْقَتْل نَادِر وَفِي الخلوات حَيْثُ يتَعَذَّر بِالْإِشْهَادِ فَغَلُظَ أَمْرُهُ لِحُرْمَةِ الدِّمَاءِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَاهُنَا لَا يَحْلِفُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى فَانْحَسَمَتِ الْمَادَّةُ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ اللِّعَانَ مُسْتَثْنًى للضَّرُورَة فَجُعِلَتِ الْأَيْمَانُ مَقَامَ الشَّهَادَةِ لِتَعَذُّرِهَا وَضَرُورَةِ

(فرع)

الْأَزْوَاجِ لِنَفْيِ الْعَارِ وَحِفْظِ النَّسَبِ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الضَّرُورَةِ وَخَطَرِ الْبَابِ وَعَنِ الْخَامِسِ أَنَّهُ وَإِنْ صَحَّ فَالْفَرْقُ أَنَّ أَصْلَ الطَّلَاقِ ثَبَتَ بِلَفْظٍ صَالِحٍ بَلْ ظَاهِرٍ لِلثَّلَاثِ وَدَعْوَى الْمَرْأَةِ أَصْلَ الطَّلَاقِ وَلَيْسَ فِيهِ ظُهُورٌ بَلْ مَرْجُوحٌ بِاسْتِصْحَابِ الْعِصْمَةِ (فَرْعٌ) وَفِي الْجَوَاهِرِ يَحْلِفُ مَعَ الْمَرْأَتَيْنِ فِي الْأَمْوَالِ وَقَالَهُ ح وَمَنَعَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَوَافَقَنَا فِي الشَّاهِدِ لَنَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَقَامَ الْمَرْأَتَيْنِ مَقَامَ الرَّجُلِ فَيُقْضَى بِهِمَا مَعَ الْيَمِينِ وَلما علل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نُقْصَانَ عَقْلِهِنَّ قَالَ عُدِلَتْ شَهَادَةُ الْمَرْأَتَيْنِ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَلَمْ يَخُصَّ مَوْضِعًا دُونَ مَوْضِعٍ وَلِأَنَّهُ يَحْلِفُ مَعَ نُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَمَعَ الْمَرْأَتَيْنِ أَوْلَى وَلِأَنَّ الْمَرْأَتَيْنِ أَقْوَى مِنَ الْيَمِينِ لِأَنَّهُ لَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ يَمِينٌ مَعَهَا وَيَتَوَجَّهُ مَعَ الرَّجُلِ وَإِذَا لَمْ يُعَرَّجْ عَلَى الْيَمِينِ إِلَّا عِنْد عدمهما كَانَتَا أقوى فيكونان كَالرَّجُلِ فَيَحْلِفُ مَعَهُمَا احْتَجُّوا بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا شَرَعَ شَهَادَتَهُنَّ مَعَ الرَّجُلِ فَإِذَا عُدِمَ الرجل لقت وَلِأَنَّ الْبَيِّنَةَ فِي الْمَالِ إِذَا خَلَتْ عَنْ رَجُلٍ لَمْ تُقْبَلْ كَمَا لَوْ شَهِدَ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ فَلَوْ أَنَّ امْرَأَتَيْنِ كَالرَّجُلِ لَتَمَّ الْحُكْمُ بِأَرْبَع ولقبلنا فِي غَيْرِ الْمَالِ كَمَا يُقْبَلُ الرَّجُلَانِ وَيُقْبَلُ فِي غَيْرِ الْمَالِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ وَلِأَنَّ شَهَادَةَ الْمَرْأَةِ ضَعِيفَةٌ تَتَقَوَّى بِالرَّجُلِ وَالْيَمِينُ ضَعِيفٌ فَيَنْضَمُّ ضَعِيفٌ إِلَى ضَعِيفٍ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ النَّصَّ دَلَّ عَلَى أَنَّهُمَا يَقُومَانِ مَقَامَ الرَّجُلِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِكَوْنِهِمَا لَا

(تفريع)

يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مَعَ الْيَمِينِ فَهُوَ مَسْكُوتٌ عَنْهُ دلّ عَلَيْهِ الإعتبار الْمُتَقَدّم كَمَا دلّ اعْتِبَاره على اعْتِبَار القمط والجذوع وَغَيرهَا وَعَن الثَّانِي أَن عد بَيَّنَّا أَنَّ الْمَرْأَتَيْنِ أَقْوَى مِنَ الْيَمِينِ وَإِنَّمَا لَمْ تَسْتَقِلَّ النِّسْوَةُ فِي أَحْكَامِ الْأَبْدَانِ لِأَنَّهَا يَدْخُلُهَا الشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ وَلِأَنَّ تَخْصِيصَ الرِّجَالِ بِمَوْضِعٍ لَا يَدُلُّ عَلَى قُوَّتِهِمْ لِأَنَّ النِّسَاءَ قَدْ خُصِّصْنَ بِعُيُوبِ الْفَرْجِ وَغَيْرِهَا وَلَمْ يَدُلَّ ذَلِكَ عَلَى رُجْحَانِهِنَّ عَلَى الرِّجَالِ وَهُوَ الْجَوَابُ عَنِ الثَّالِثِ (تَفْرِيعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ لِلْيَمِينِ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ الْحَالَةُ الْأُولَى أَنْ تَكُونَ مُمْكِنَةً كَمَا تَقَدَّمَ فَيَحْلِفُ وَيَسْتَحِقُّ كَانَ وَاحِدًا أَوْ جَمَاعَةً مُؤْمِنًا أَوْ كَافِرًا حُرًّا أَوْ عَبْدًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى فَإِنْ نَكَلَ رُدَّتْ عَلَى الْمَطْلُوبِ وَإِنْ حلف بَرِيء فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ بِالنُّكُولِ مَعَ الشَّاهِدِ وَهُوَ أَقْوَى مِنَ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ لِكَوْنِهِ مِنْ جِهَةِ الْمَطْلُوبِ (فَرْعٌ مُرَتَّبٌ) فَلَوْ حَلَفَ الْمَطْلُوبُ ثُمَّ وَجَدَ الطَّالِبُ شَاهِدًا آخَرَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُحْكَمُ لَهُ بِهِ لِأَنَّ نُكُولَهُ قَاطِعٌ لِحَقِّهِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ يُحْكَمُ لَهُ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْحُكْمِ فَمَعْنَاهُ يَحْلِفُ مَعَهُ لَا أَنَّهُ يُضَمُّ إِلَى الْأَوَّلِ وَإِذَا نَكَلَ فَهَلْ يَحْلِفُ الْمَطْلُوبُ مَرَّةً أُخْرَى لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَفِدْ بِالْيَمِينِ الْأُولَى سِوَى إِسْقَاطِ الشَّاهِدِ الْأَوَّلِ أَوْ يَسْقُطُ حَقُّهُ بِغَيْرِ يَمِينِ الْمَطْلُوبِ لِأَنَّ يَمِينَهُ قَدْ تَقَدَّمَتْ وَالْأَوَّلُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالثَّانِي لِابْنِ مُيَسِّرٍ الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ أَنْ يَتَعَذَّرَ كَشَاهِدٍ فِي حُبَّسٍ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَيَتَعَذَّرُ تَحْلِيفُهُمْ لِأَنَّ كُلَّ مُعَيَّنٍ مِنْهُمْ لَا يَسْتَحِقُّ الْمِلْكَ فَلَا يَحْلِفُ وانما لم يحلف من يستحف الْمِلْكَ فَهُوَ كَالثَّنْيَا فِي الطَّلَاقِ تَنْتَقِلُ الْيَمِينُ إِلَى الْمَطْلُوبِ بِجَامِعِ التَّعَذُّرِ الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ أَنْ يُمْكِنَ فِي الِاسْتِقْبَالِ دُونَ الْحَالِ كَالصَّبِيِّ يَمْتَنِعُ يَمِينُهُ حَتَّى يَبْلُغَ

(فرع مرتب)

وَيَحْلِفُ الْمَطْلُوبُ الْآنَ عَلَى الْمَشْهُورِ لِحُصُولِ التَّعَذُّرِ الْآنَ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لِلشَّاهِدِ مِنْ أَثَرٍ نَاجِزٍ فَإِنْ حَلَفَ فَفِي إِيقَافِ الْمَشْهُودِ بِهِ إِذَا كَانَ مُعَيَّنًا كَدَارٍ أَوْ عَبْدٍ أَوْ هُوَ مَا يُخْشَى تَلَفُهُ إِنْ لَمْ يُوقَفْ قَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى الْخِلَافِ هَلِ الْحُكْمُ مُسْتَنِدٌ إِلَى الشَّاهِدِ وَالْيَمِينُ مُقَوِّيَةٌ فَيُوقَفُ الْمَطْلُوبُ أَوْ لَيْسَ مُسْتَنِدًا إِلَيْهِ فَلَا يُوقَفُ لِعَدَمِ السَّبَبِ وَإِذَا نَكَلَ الْمَطْلُوبُ أَخَذَ الْمَشْهُودَ بِهِ مِنْهُ وَفِي أَخْذِهِ تَمْلِيكُهُ أَوْ إِيقَافُهُ الْأَوَّلُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالثَّانِي فِي الْوَاضِحَةِ وَيَتَخَرَّجُ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ اسْتِحْلَافُ الصَّبِيِّ عِنْدَ الْبُلُوغِ وَإِذَا قُلْنَا بِأَخْذِ الْإِيقَافِ وَالْحَلِفِ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَنَكَلَ حَلَفَ الْمَطْلُوب وبريء فَإِنْ نَكَلَ أَخَذَ الْحَقَّ مِنْهُ وَإِذَا اسْتَحْلَفَ الْمَطْلُوبَ أَوَّلًا ثُمَّ اسْتَحْلَفَ الصَّبِيَّ فَنَكَلَ اكْتَفَى بِيَمِينِ الْمَطْلُوبِ الْأُولَى عَلَى الْمَشْهُورِ وَأَشَارَ بَعْضُهُمْ إِلَى إِمْكَانِ الْخِلَافِ وَإِذَا حَلَفَ الْمَطْلُوبُ أَوْ نَكَلَ فَلَمْ يُحْكَمْ عَلَيْهِ عَلَى الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ كَتَبَ الْحَاكِمُ شَهَادَةَ الشَّاهِدِ وَسَبَبَهَا وَأَسْجَلَهَا لِلصَّغِيرِ خوفًا من ضيَاع حُقُوقه بِمَوْت الشَّاهِد لم تَغَيُّرِ حَالِهِ عَنِ الْعَدَالَةِ قَبْلَ الْبُلُوغِ (فَرْعٌ مُرَتَّبٌ) إِذَا مَاتَ الصَّبِيُّ قَبْلَ بُلُوغِهِ حَلَفَ وَارِثُهُ الْآنَ وَاسْتَحَقَّ فَلَوْ كَانَ الصَّغِيرُ لَا مَالَ لَهُ يُنْفِقُ عَلَيْهِ أَبُوهُ بِالْحُكْمِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ فَطَلَبَ الْأَبُ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ الشَّاهِدِ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ الْمَنْعُ لِأَنَّهُ يَحْلِفُ لِيَمْلِكَ غَيْرُهُ وَرُوِيَ التَّمْكِينُ مِنْ ذَلِكَ لِمَا لَهُ فِي ذَلِك من النَّفَقَة فَتَسْقُطُ النَّفَقَةُ عَنْهُ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ كَوْنُ الْقَضِيَّةِ مُسْتَنِدَةً إِلَى مُجَرَّدِ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ أَمْ لَا الْحَالَةُ الرَّابِعَةُ إِمْكَانُهَا مِنَ الْبَعْضِ كَشَاهِدٍ عَلَى وَقْفٍ عَلَى بَنِيهِ وَعَقِبِهِمْ فَيُمْكِنُ مِنَ الْوَلَدِ دُونَ أَعْقَابِهِمْ لِعَدَمِهِمْ فَالْأَصْحَابُ عَلَى امْتِنَاعِ الْيَمِينِ مُطْلَقًا تَغْلِيبًا لِلتَّعَذُّرِ وَرُوِيَ يَحْلِفُ الْجُلُّ وَيَثْبُتُ الْوَقْفُ عَلَى حَسَبِ مَا أَطْلَقَهُ الْمُحْبِسُ لِقِيَامِ الْجُلِّ مَقَامَ الْكُلِّ وَرُوِيَ إِنْ حَلَفَ وَاحِدٌ ثَبَتَ كُلُّهُ لِلْمَوْجُودِ وَالْمَعْدُومِ وَالْغَائِبِ وَالْحَاضِرِ تَغْلِيبًا للإمكان وَرُوِيَ تَفْرِيعا على الثُّبُوت فيمين الْحَاضِرِ مَعَ الشَّاهِدِ إِنْ نَكَلَ الْجَمِيعُ لَمْ يَثْبُتْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ حَقٌّ أَوِ الْبَعْضُ فَمَنْ حَلَفَ أَخَذَ نَصِيبَهُ دُونَ مَنْ نَكَلَ وَكَذَلِكَ إِذَا انْقَرَضَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ

فرع

وَوُجِدَ الْبَطْنُ الثَّانِي فَإِنَّهُمْ لَا يَسْتَحِقُّونَ شَيْئًا إِلَّا بِالْأَيْمَانِ كَالْبَطْنِ الْأَوَّلِ وَقِيلَ مَنْ لَمْ يَحْلِفْ أَبُوهُ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا وَإِنْ طَلَبَ الْحَلِفَ وَسَبَبُ الْخِلَافِ هَلْ يَتَلَقَّى الْبَطْنُ الثَّانِي مَنَافِعَ الْوَقْفِ عَنِ الْوَاقِفِ أَوِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ وَعَلَيْهِ يَتَخَرَّجُ لَوْ حَلَفَ وَاحِدٌ مِنَ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ وَنَكَلَ سَائِرُهُمْ وَقُلْنَا يَسْتَحِقُّ نَصِيبَهُمْ ذُو وَبَقِيَ النَّاكِلُ هَلْ يَدْفَعُ نَصِيبَهُ إِلَى بَعْضِ أهل أَوْ إِلَى الْبَطْنِ الثَّانِي وَمَا دَامَ أَحَدُ النَّاكِلَيْنِ حَيًّا لَا يَسْتَحِقُّ الْبَطْنُ الثَّانِي شَيْئًا فَإِذَا مَاتَ جَمِيعُ مَنْ حَلَفَ وَنَكَلَ انْتَقَلَ حُكْمُ الشَّهَادَةِ إِلَى الْبَطْنِ الثَّانِي فَمَنْ حَلَفَ اسْتَحَقَّ وَمَنْ نَكَلَ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا وَيَتَخَرَّجُ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا هَلْ يَفْتَقِرُ أَهْلُ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ فِيمَا رَجَعَ إِلَيْهِ عَمَّنْ مَاتَ مِنْ طبقتهم إِلَى غير محددة كَمَا فِي استحلاف الْبَطْنِ الثَّانِي بَعْدَ انْقِرَاضِ الْأَوَّلِ قَوْلَانِ (فَرْعٌ) قَالَ الشَّاهِدُ وَالنُّكُولُ وَالْمَرْأَتَانِ وَالنُّكُولُ وَالْمَرْأَتَانِ وَالْيَمِينُ والنكول كالشاهد وَالْيَمِين (فَرْعٌ) قَالَ كل دَعْوَى لَا تثبت إِلَّا بشهادين لَا يُحْلَفُ فِيهَا بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى وَلَا يُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعِي وَلَا يَجِبُ فِيهَا كَالْقَتْلِ الْعَمْدِ وَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالنَّسَبِ وَالْوَلَاءِ وَالرَّجْعَةِ وَنَحْوِهِ (فَرْعٌ) فِي النَّوَادِرِ قَالَ مَالِكٌ إِذَا أَقَامَ شَاهِدًا أَنَّهُ شَتَمَهُ لَا يَحْلِفُ بَلْ يَحْلِفُ الشَّاتِمُ كَالطَّلَاقِ وَإِنْ كَانَ الشَّاتِمُ مَعْرُوفًا بِالسَّفَهِ غرم

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ مَالِكٌ يَجُوزُ الشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ وَالْمَرْأَتَانِ وَالْيَمِين فِيمَا يُؤَدِّي إِلَى الطَّلَاق وَالْعِتْق وَنَقْضِ الْعِتْقِ وَالْحَدِّ كَدَيْنٍ مُتَقَدِّمٍ عَلَى عِتْقٍ فَيُنْقَضُ وَكَذَلِكَ بِالنُّكُولِ مَعَ يَمِينِ الطَّالِبِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُرَدُّ بِالنُّكُولِ وَلَا بِإِقْرَارِهِ أَنَّ دَيْنًا عَلَيْهِ قَبْلَ الْعِتْقِ قَالَ مَالِكٌ وَفِي شِرَاء الزَّوْج لامْرَأَته فَيُفَرق بَينهمَا فِي أَنَّ الْمَقْذُوفَ عَبْدٌ فَيَزُولُ الْحَدُّ أَوْ فِي أَدَاءِ الْكِتَابَةِ فَيُعْتَقُ الْمُكَاتَبُ أَوْ فِي بَيْعِ عَبْدٍ مِنْكَ فَيَحْلِفُ وَيَبْطُلُ عِتْقُ الْبَائِعِ الْمُتَقَدِّمِ وَفِيمَنْ حَازَ نَفْسَهُ بِالْحُرِّيَّةِ أَنَّهُ مَمْلُوكٌ لِفُلَانٍ فَيَبْطُلُ الْعِتْقُ وَيَبْطُلُ الْحَدُّ عَنْ قَاذِفِهِ وَيَتَشَطَّرُ الْحَدُّ عَلَيْهِ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا وَطِئَهَا ثُمَّ ادَّعَى شِرَاءَهَا فَأَقَرَّ لَهُ سَيِّدُهَا أَوْ أَنْكَرَ وَنَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ مَلَكَهَا وَلَا يَسْقُطُ الْحَدُّ أَوْ شَاهِدًا وَامْرَأَتَيْنِ سَقَطَ قَالَ وَهَذَا إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي حَوْزِهِ وَخَالَفَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ سَحْنُونٌ وَيَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ الْغَصْبُ والإستهلاك وَجِرَاحُ الْخَطَأِ وَالْإِبْرَاءُ مِنَ الْأَمْوَالِ أَوْ مِنَ الْجِنَايَةِ أَوْ مِنَ الْعُيُوبِ فِي الْمَبِيعِ وَالْإِقْرَارُ بِأَنَّ مَا شَهِدَتْ بِهِ بَيِّنَتُهُ بَاطِلٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَفِي كُلِّ جِنَايَةِ عَمْدٍ لَا قَود فِيهِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي الْقِصَاصِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ وَرَجَعَ لِلْمَنْعِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُقْبَلُ فِي صَغِيرِ جِرَاحِ الْعَمْدِ كَالْمُوضِحَةِ وَالْإِصْبَعِ وَنَحْوِهِ مِنَ الْمَأْمُونِ عَلَى النَّفْسِ بِخِلَافِ مَا يُخَافُ فِيهِ عَلَى النَّفْسِ وَفِي أَنَّهَا أَلْقَتْ بِالْجِنَايَةِ مُضْغَةً وَتَسْتَحِقُّ الْعِدَّةَ دُونَ الْكَفَّارَةِ قَالَ مَالِكٌ وَفِي أَنَّهُ الْوَارِثُ فَيَأْخُذُ الْمِيرَاثَ بَعْدَ الِاسْتِبَاءِ إِذَا ثَبَتَ النَّسَبُ وَالْمَوْتُ بِغَيْرِ ذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا أَقَامَ شَاهِدًا أَنَّهُ أَوْصَى إِلَيْهِ لَا يَحْلِفُ بَلْ يُوَلِّيهِ الْإِمَامُ إِذَا رَآهُ أَهْلًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَيَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ أَنَّهُ خَالِعٌ عَلَى مَالٍ وَيَأْخُذُهُ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ أَنَّهُ أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِلْمَسَاكِينِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا ادَّعَتْ عَلَى زَوْجِهَا صَدَاقًا إِلَى مَوْتٍ

أَوْ فِرَاقٍ حَلَفَتْ مَعَ شَاهِدِهَا وَلَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَا وَصَلَ إِلَيْهَا مِنَ الْعَاجِلِ أَكْثَرَ فَلَا يَنْقُصُ هَذَا وَقَبْلَ الْبِنَاءِ لَمْ تَحْلِفْ لِأَنَّهَا تَدَّعِي فَسْخَ النِّكَاحِ وَيُقْضَى بِذَلِكَ فِي قَتْلِ الْعَبْدِ فَيَسْتَحِقُّ قِيمَتَهُ مِنَ الْحُرِّ أَوْ رَقَبَةِ الْعَبْدِ الْقَاتِلِ وَلَا يُقْتَصُّ مِنَ الْعَبْدِ بِذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَا مِنْ جِرَاحِ الْعَبْدِ بِذَلِكَ وَقَالَ أَصْبَغُ يَأْخُذُ الْأَرْشَ وَإِنْ أَرَادَ الْقِصَاصَ حَلَفَ الْعَبْدُ وَاقْتُصَّ لَهُ قَالَ مَالِكٌ إِنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَيَقْضِيَنَّهُ إِلَى أَجَلٍ فَأَقَامَ شَاهِدًا قَبْلَهُ أَنَّهُ قَضَاهُ حَلَفَ وَسَقَطَ الْحَقُّ وَزَالَ الْحِنْثُ وَكَذَلِكَ الْيَمِينُ وَالنُّكُولُ مِنَ الطَّالِبِ أَوِ إِقْرَارُهُ وَأَمَّا إِلَى الْأَجَلِ فَلَا يَبْرَأُ إِلَّا بِشَاهِدَيْنِ قَبْلَ الْأَجَلِ وَلَا يَبْرَأُ بِإِقْرَارِهِ وَلَا غَيْرِهِ وَلَكِنْ يَسْقُطُ الْحَقُّ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَبْرَأُ بِالْإِقْرَارِ قَالَ مُطَرِّفٌ وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ لَهُ شَاهِدٌ بَعْدَ الْأَجَلِ بِالْقَضَاءِ قَبْلَ الْأَجَلِ وَشَاهِدَانِ عَلَى شَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ بِمِثْلِ ذَلِكَ خَرَجَ مِنَ الْحِنْثِ وَلَوْ شَهِدَتَاهُمَا لِنَفْسِهِمَا مَعَ هَذَا الرَّجُلِ لَمْ يَسْقُطِ الْحِنْثُ وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدٌ بِوَصِيَّةٍ فِيهَا عَوْلٌ أَوْ فِيهَا عَشْرَةُ دَنَانِيرَ لِرَجُلٍ مَاتَ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي وَلَمْ يُعْلَمْ بِهِ وَفِيهَا عَشْرَةٌ فِي السَّبِيلِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَحْلِفُ مَعَ الشَّاهِدِ وَلَا يَأْخُذُ إِلَّا مَا أَعْطَاهُ الْعَوْلُ وَإِنَّمَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ الْعَوْلُ بَعْدَ يَمِينِ الْوَرَثَةِ بِسَبَبِ الشَّهَادَةِ لِلْمَجْهُولِينَ أَوِ الْمَيِّتِ وَهُوَ يُوجِبُ الْعَوْلَ وَيُقَاصُّ مَنْ يَحْلِفُ مِنْ أَهْلِ الْوَصَايَا بِإِدْخَالِ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَصَارَ ذَلِكَ حَقًّا لِلْوَرَثَةِ يَجْعَلُهُمْ يَحْلِفُونَ مَعَ هَذَا الشَّاهِدِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَحْلِفُونَ بَلْ إِجَازَةُ الشَّهَادَةِ لِأَحَدٍ أَخَذَهُ بِقِسْطِهِ وَمَا يَنُوبُهُ مَعَ غَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ أَهْلُهُ وَشَاهِدُهُ أُوجِبَ الْحِصَاصُ ثَمَّ لِمَنْ لَمْ يَحْلِفْ وَلَوْ شَهِدَ آخِرُ النَّاكِلِينَ لَأَخَذَ حَقَّهُ مِنَ الثُّلُثِ بِغَيْرِ حِصَاصٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ شَهِدَ لَكَ بِوَصِيَّةٍ أَوْ صَدَقَةٍ فَوَقَفَ ذَلِكَ لِيَأْتِيَ بِشَاهِدٍ آخَرَ فَلَمْ يجد يقسم ذَلِك القَاضِي بَين الْوَرَثَة فحت بشا أُخْرَى ينْقض الْحُكْمُ وَقُضِيَ لَكَ وَمَا فَاتَ بِوِلَادَةٍ أَوْ عتق لم

(فرع)

يرد وَيَأْخُذ ثَمَنَهُ إِنْ بِيعَ فَإِنْ لَمْ يَفُتْ بِذَلِكَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَخَذْتَهُ وَدَفَعْتَ ثَمَنَهُ لِلْمُشْتَرِي وَتَرْجِعُ أَنْتَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْوَرَثَةِ الْبَائِعِينَ لَهُ وَتَدْفَعُ مَا أُنْفِقَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بِنَاءٍ أَوْ غَيره وَيتبع الْوَارِثُ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَحْلِفُ السَّفِيهُ الْبَالِغُ مَعَ شَاهِدِهِ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ لِأَنَّ لَهُ وَازِعًا دِينِيًّا وَلِأَنَّهُ جَالِبٌ بِيَمِينِهِ لَا دَافِعٌ مَالًا وَالسَّفَهُ إِنَّمَا يَقْدَحُ فِي الدَّفْعِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمَطْلُوبُ وَبَرِئَ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ وَلَا يَعُودُ الْيَمِينُ لِلسَّفِيهِ النَّاكِلِ إِذَا رَشَدَ وَكَذَلِكَ الْمُوَلَّى عَلَيْهَا إِذَا صَلَحَ حَالُهَا وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ لَهَا الرُّجُوعُ إِلَى الْحَلِفِ عِنْدَ صَلَاحِ الْحَالِ وَكَذَلِكَ النَّصْرَانِيُّ يُسْلِمُ لِأَنَّهُ قَضَاءُ قُدِرَ فَلَا رُجُوعَ لَهُ وَقَالَ مُطَرِّفٌ فِي السَّفِيهِ يَقُومُ لَهُ شَاهِدٌ إِنْ حَلَفَ الْمَطْلُوب وخر السَّفِيهُ فَإِذَا رَشَدَ قُضِيَ لَهُ وَإِنْ أَبَى لَمْ يَكُنْ لَهُ يَمِينٌ عَلَى الْمَطْلُوبِ وَلَوْ كَانَ الْمَطْلُوبُ قَدْ نَكَلَ أَوَّلًا أُخِذَ مِنْهُ الْحق فَإِن رشد السَّفِيه مَضَى وَإِنْ نَكَلَ رُدَّ إِلَى الْمَطْلُوبِ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ صَبِيًّا فِي التَّنْبِيهَاتِ اخْتُلِفَ فِي يَمِينِ الْقَضَاءِ عَلَى السَّفِيهِ فَمُعْظَمُ الْأَنْدَلُسِيِّينَ يُسْقِطُونَهَا لِأَنَّهُ لَوْ نَكَلَ عَنْهَا لَمْ يَسْتَحِقَّ الطَّالِبُ بِنُكُولِهِ حَقًّا وَأَوْجَبَهَا جَمَاعَةٌ قَالَ الْأَصِيلِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس ابْن ذَكْوَانَ وَابْنُ عُقَابٍ تُؤَخَّرُ الْيَمِينُ إِلَى رُشْدِهِ وَيحكم فَإِنْ حَلَفَ حِينَئِذٍ وَإِلَّا صُرِفَ مَا حُكِمَ لَهُ بِهِ عَنْهُ فَإِنْ رَشَدَ فَقَامَ بِحَقِّهِ وَقد مَاتَ الْوَصِيّ اَوْ الْمَحْجُور عَلَيْهَا بِمَوْت زَوجهَا وأبويها أَوْ وَصِيُّهَا ثُمَّ تَرْشُدُ فَأَفْتَى الشُّيُوخُ فِي أَحْكَامِ ابْنِ زِيَادٍ أَنْ لَا يَمِينَ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا تحب قَبْلُ وَتَأْخُذُ الْآنَ حَقَّهَا بِغَيْرِ يَمِينٍ إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهَا عِلْمَهَا بِقَبْضِ الْوَصِيِّ فَتَحْلِفُ وَقَالَ ابْنُ عَتَّابٍ وَغَيْرُهُ إِذَا رَشَدَتْ صَارَتْ كَغَيْرِهَا

(فرع

قَالَ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدِي قِيلَ وَسَوَاءٌ ادَّعَى عَلَيْهَا بِذَلِكَ أَمْ لَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ حَاضِرًا وَلَا يَدَّعِي عَلَيْهَا شَيْئًا فَلَا يَمِينَ بِوَجْهٍ يَقْضِي الْقَاضِي لَهَا وَقِيلَ لَا يَحْكُمُ فِي مِثْلِ هَذَا حَتَّى يَحْلِفَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ يَمِينَ الْقَضَاءِ كَانَ حَاضِرًا مَطْلُوبُهُ أَوْ غَائِبًا عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَالصَّحِيحُ لَا يَلْزَمُ فِي الْحَاضِرِ إِلَّا بِدَعْوَاهُ عَلَى مَا ادَّعَى خَصْمُهُ إِلَّا مَا لَيْسَ عَلَيْهِ يَدٌ لِأَحَدٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ لِغَائِبٍ حُجَّةٌ أَقْوَى وَاخْتُلِفَ إِذَا ادَّعَى السَّفِيهُ دَعْوَى وَجَبَتْ فِيهَا الْيَمِينُ فَرُدَّتْ عَلَيْهِ فَقِيلَ يَحْلِفُ وَقِيلَ لَا يَحْلِفُ لِأَنَّ نُكُولَهُ لَا يُوجِبُ شَيْئًا وَالصَّوَابُ يَحْلِفُ وَيَسْتَحِقُّ فَإِنْ نَكَلَ فَهُوَ عَلَى حَقِّهِ مَتَى شَاءَ أَنْ يَحْلِفَ حَلَفَ وَاسْتَحَقَّ كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ شَاهِدٌ وَلَمْ يَحْلِفْ مَعَهُ فَإِنَّهُ عَلَى حَقِّهِ (فَرْعٌ قَالَ فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُون الْأَخْرَس الَّذِي لَا يفهم عَنهُ شهد لَهُ شَاهد فَرد يَمِينه على الْمَطْلُوب فَإِن حلف بَرِيء اَوْ نَكَلَ غَرِمَ وَكَذَلِكَ الْمَعْتُوهُ وَذَاهِبُ الْعَقْلِ إِنْ حَلَفَ الْمَطْلُوبُ تُرِكَ إِلَى أَنْ يَبْرَأَ الْمَعْتُوهُ فَيَحْلِفُ وَيَسْتَحِقُّ (فَرْعٌ) إِذَا ثَبَتَ دَيْنٌ عَلَى الْمَيِّتِ وَوُجِدَ شَاهِدٌ بِالْبَرَاءَةِ وَالْوَارِثُ صَغِيرٌ حَلَفَ الطَّالِبُ مَا قَبَضَ وَيَأْخُذُ الْآنَ فَإِذَا كَبُرَ الْوَارِثُ حَلَفَ وَاسْتَرْجَعَ الْمَالَ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا أَمَرْتَ عَبْدَكَ أَوْ وَكِيلَكَ بِقَضَاءِ دَيْنِكَ فَجَحَدَ الْقَابِضُ وَأَقَامَ شَاهِدًا حَلَفَ الْعَبْدُ أَوِ الْوَكِيلُ وَبَرِئْتَ بِغَيْرِ يَمِينٍ كَانَ الْوَكِيلُ مُسلما ام لَا لِأَنَّهُ للْوَكِيل شهد فَإِنْ نَكَلَ الْوَكِيلُ غَرِمَ بَعْدَ رَدِّ الْيَمِينِ عَلَى الطَّالِبِ لَهُ لِتَفْرِيطِهِ لِعَدَمِ تَكْمِيلِ النِّصَابِ عِنْدَ الدَّفْعِ وَنُكُولِهِ وَإِنْ نَكَلَ الْعَبْدُ حَلَفْتَ كَمَا يُحْلَفُ مَعَ شَاهِدٍ بِحَقٍّ لِلْعَبْدِ بَعْدَ مَوْتِهِ لِأَنَّهُ مَالِكُهُ هُوَ وَمَالُهُ وَإِنْ كَانَ الْوَكِيل

(فرع)

عَدِيمًا أَوْ مَيِّتًا حَلَفْتَ مَعَ الشَّاهِدِ وَإِنْ نَكَلَ وَكِيلُكَ عَبْدٌ لِغَيْرِكَ ضَمِنَ إِذْ لَمْ يُشْهِدْ شَاهِدَيْنِ إِنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ وَإِنْ كَانَ وَكِيلُكَ مُعْدَمًا وَنَكَلَ حَلَفْتَ لَقَدْ وَصَلَ الْحَقُّ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ مُطَرِّفٌ إِذَا شَهِدَ لِلْمَأْذُونِ شَاهِدٌ بِحَقٍّ لَهُ وَنَكَلَ لَا يَحْلِفُ سَيِّدُهُ وَنُكُولُ الْعَبْدِ كَإِقْرَارِهِ جَائِزٌ فَإِنْ مَاتَ حَلَفَ السَّيِّدُ لِأَنَّهُ وَارِثُهُ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا اسْتَحَقَّ مِنْ يَدِكَ مَا اشْتَرَاهُ شَرِيكُكَ الْغَائِبُ الْمُتَفَاوِضُ وَشَهِدَ شَاهِدٌ أَنَّ شَرِيكَكَ اشْتَرَاهُ حَلَفْتَ أَنْتَ مَعَهُ وَإِنْ لَمْ تَثْبُتِ الْوَكَالَةُ حَلَفَ الْوَكِيلُ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ مَالِكٌ الرَّسُول لقبض الثّمن يُنْكِرُ الْقَبْضَ مِنَ الْمُبْتَاعِ يَحْلِفُ الرَّسُولُ مَعَ الشَّاهِدِ فَإِنْ تَعَذَّرَ لِصِغَرٍ وَنَحْوِهِ حَلَفْتَ أَنَّكَ مَا تعلم رَسُوله لِرَسُولِكَ وَتَسْتَحِقُّ (فَرْعٌ) قَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لِمَالِكٍ إِنْ بِعْتَ لِابْنِكَ الصَّغِيرِ أَوْ سَلَّمْتَ حَلَفْتَ مَعَ الشَّاهِدِ فَإِنْ رُدَّتِ الْيَمِينُ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ حلف وبريء وَغَرِمْتَهُ وَكَذَلِكَ يَغْرَمُ الْوَصِيُّ إِذَا ادَّعَى غَرِيمُ الْمَيِّتِ الدَّفْعَ لِلْوَصِيِّ فَرَدَّ الْوَصِيُّ الْيَمِينَ عَلَى الْغَرِيم لجنايته برده الْيَمين

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا امْتَنَعَ الْوَارِثُ مِنَ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ حَلَفَ غَرِيمُ الْمَيِّتِ وَأَخَذَ حَقَّهُ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ لَمْ يَحْلِفِ الْوَارِثُ لِأَنَّهُ نَكَلَ أَوَّلًا إِلَّا أَنْ يَقُولَ لَمْ أَعْلَمْ أَنَّ فِيهِ فَضْلًا وَيُعْرَفُ ذَلِكَ قَالَ سَحْنُون وَإِنَّمَا بَرِيء بِتَحْلِيفِ الْوَارِثِ لِأَنَّهُ لَوْ نَكَلَ الْغَرِيمُ عَنِ الْيَمِينِ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ حَقَّهُ لَكَانَ لِلْوَارِثِ الْيَمين مَه الشَّاهِدِ وَذَلِكَ إِذَا لَمْ يَقُمِ الْغُرَمَاءُ أَمَّا لَوْ قَامُوا أَوْ ثَبَتَتْ حُقُوقُهُمْ وَطَلَبُوا الْحَلِفَ لِأَنَّهُمْ أَوْلَى بِالتَّرِكَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ الْمَعْرُوفُ لِمَالِكٍ تبدئيه الْوَارِثِ إِنْ كَانَ فَضْلٌ وَإِلَّا فَلَا يَحْلِفُ إِلَّا الْغَرِيم فَإِن نكل حلف الْغَرِيم وبريء وَعَنْ مَالِكٍ إِنْ قَامَ الْغَرِيمُ حَلَفَ الْوَارِثُ فَإِن نكل حلف للْغَرِيم وَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ لَمْ يَأْخُذْهُ الْوَارِثُ إِلَّا بِالْيَمِينِ قَالَ أَصْبَغُ فَإِنْ حَلَفَ الْغَرِيمُ ثُمَّ طَرَأَ مَالٌ لِلْمَيِّتِ أُخِذَ مِنْهُ وَلَا يَأْخُذُ الْوَارِثُ بِيَمِينِهِ وَلَا يَكْفِي الْيَمِينُ الَّتِي مَعَ الشَّاهِدِ قَالَ مُحَمَّدٌ بَلْ لَيْسَ لِلْغَرِيمِ وَلَا الْوَارِث أَخذ بِالدّينِ إِلَّا بِيَمِينِ الْوَارِثِ وَلَا يَكْفِي الْيَمِينُ الْغُرَمَاءَ الَّذِينَ حَلَفُوا أَوَّلًا لِأَنَّهُ لَمَّا طَرَأَ مَالٌ يَفِي بِدَيْنِهِمْ صَارَ الْوَارِثُ أَقْصَدَ وَلَوْ لَمْ يَطْرَأْ مَالٌ لَكِنْ لَمَّا حَلَفَ الْغَرِيمُ تُرِكَ دَيْنُهُ لِلْمَيِّتِ فَلَا يَأْخُذُهُ الْوَارِثُ إِلَّا بِالْيَمِينِ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَمَّا تُرِكَ صَارَ الْمَيِّتُ كَمَنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّهُ تَرَكَ لِلْوَارِثِ أَوْ لِلْغَرِيمِ فَإِذَا نَكَلَ الْغَرِيمُ حلف الْمَطْلُوب وبريء وَلَا حَقَّ لِلْوَارِثِ إِلَّا أَنْ يَفْضُلَ عَنِ الدَّيْنِ فَضْلٌ فَيَحْلِفُ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَيْسَ لِلْمَدْيُونِ الْحَيِّ أَنْ يَحْلِفَ غَرِيمُهُ مَا دَامَ لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ فَيَحْلِفُ كُلُّ طَالِبٍ عَلَى أَنَّ الَّذِي شَهِدَ بِهِ الشَّاهِدُ حَقٌّ لَا عَلَى نَصِيبِهِ لِتُطَابِقَ الْيَمِينُ الشَّهَادَةَ وَمَنْ نَكَلَ لَمْ يُحَاصِصْ وَإِنْ رَجَعَ بَعْدَ النُّكُولِ لَا يُقَال قَالَ مُطَرِّفٌ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُقَالُ وَلَيْسَ كَنُكُولِهِ عَنْ حَقِّ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ يَظُنُّ

(فرع)

الْغَرِيمَ يَحْلِفُ وَلَا يَحْلِفُ الْغَرِيمُ عَلَى بَرَاءَةِ ذِمَّةِ الْمَطْلُوبِ الْمَيِّتِ أَوِ الْمُفْلِسِ مِنْ دَيْنٍ كَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ رَجْمٌ بِالْغَيْبِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَهُ ذَلِكَ لِأَجْلِ إِخْبَارِ الشَّاهِدِ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ مَالِكٌ يَحْلِفُ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ مَعَ شَاهد لحق للْمَيت فَإِن نكل حلف الْغَرِيم وبريء (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ شَهِدَ لِلْمَيِّتِ شَاهِدٌ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ يَحْلِفُ غَرِيمُهُ مَعَهُ وَأَخَذَ مِنْهُ فَإِنْ طَرَأَ مَالٌ قَبْلَ الْأَجَلِ أَخَذَ مِنْهُ حَقَّهُ وَلَا يَأْخُذُهُ الْوَارِثُ حَتَّى يَحْلِفَ فَإِنْ نَكَلَ لَمْ يَأْخُذْ مِنَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ شَيْئا وَحلف وبريء فَلَوْ حَلَّ وَأَخَذَهُ الْحَالِفُ ثُمَّ طَرَأَ مَالٌ أَخَذَهُ الْوَارِثُ وَلَا يَأْخُذُ الْأَوَّلُ وَلَوْ كَانَ مَالٌ حَاضِرٌ فَقَالَ الْوَارِثُ آخُذُهُ وَرَضِيَ الْغَرِيمُ بِأَنْ يَحْلِفَ وَيَأْخُذَهُ لَمْ يَجُزْ وَلَا يَحْلِفُ إِلَّا الْوَارِثُ وَإِنَّمَا يَحْلِفُ الْغَرِيمُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ مَالٌ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ غَيْرَ الدَّيْنِ وَحَلَفَ بَعْضُ الْغُرَمَاءِ وَأَبَى الْبَعْضُ أَخَذَ الْحَالِفُ جَمِيعَ حَقِّهِ مِنْ هَذَا الدَّيْنِ لَا مِقْدَارَ حِصَّتِهِ وَالْوَارِثُ لَيْسَ لَهُ فِي مِثْلِهِ إِلَّا حِصَّتُهُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْوَارِثِ بِعَيْنِ الْمَالِ وَالْغَرِيمُ لَا يَخْتَصُّ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا نَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ وَحَلَفَ الْمَطْلُوب وبريء فَوجدَ شَاهدا آخر أيتف لَهُ الْحُكْمُ بِهِ لِأَنَّ الْيَمِينَ أَسْقَطَتِ الْمَطْلُوبَ بِالشَّاهِدِ الْأَوَّلِ وَقَالَ ابْنُ مُيَسِّرٍ لَا تُرَدُّ الْيَمين على الْمَطْلُوب ثَانِيَة لِأَنَّهُ قد بَرِيء بحلفه الأول قَالَ ابْن الْقَاسِم لَا يضر إِلَى الْأَوَّلِ وَقَدْ بَطَلَ حَقُّهُ بِنُكُولِهِ بِخِلَافِ الَّذِي يَحْلِفُ لِعَدَمِ الْبَيِّنَةِ ثُمَّ يَجِدُهَا قَالَ مَالِكٌ فَإِنْ كَانَ الْقَاضِي لَا يَقْضِي

(فرع)

بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ ضَمَّ أَيْضًا إِلَى الْأَوَّلِ وَقَضَى لَهُ كَمَا إِذَا حَلَفَ ثُمَّ وَجَدَ الْبَيِّنَةَ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ هَذَا وَهْمٌ وَإِنَّمَا قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْحُقُوقِ الَّتِي لَا يُحْلَفُ فِيهَا كَالطَّلَاقِ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ مُطَرِّفٌ إِذَا أَحْلَفْتَ غريمك وبريء ثمَّ وجدت شَاهدا لَا يحلف وَلَا يقْضى لَك إِلَّا بِشَاهِدين لِأَنَّهُ لكنه لَا يسْقط يَمِين مبرته بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَقَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغُ (النَّظَرُ الثَّانِي فِي الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ) وَفِي الْجَوَاهِرِ يُحْلَفُ عَلَى الْبَتِّ فِيمَا يُنْسَبُ لِنَفْسِهِ مِنْ نَفْيٍ أَوْ إِثْبَاتٍ وَمَا يُنْسَبُ لِغَيْرِهِ مِنَ الْإِثْبَاتِ وَعَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ فِي النَّفْيِ نَحْوَ لَا أَعْلَمُ عَلَى مَوْرُوثِي دَيْنًا وَلَا أَعْلَمُهُ أَتْلَفَ وَلَا بَاعَ وَيَحْلِفُ مَنِ ادُّعِيَ عَلَيْهِ دَفْعُ الرَّدِيءِ فِي النَّقْدِ مَا أَعْطَى إِلَّا جِيَادًا فِي عِلْمِهِ وَلَوْ قَالَ مَا أَعْرِفُ الْجَيِّدَ مِنَ الرَّدِيءِ قِيلَ يَحْلِفُ مَا أَعْطَيْتُهُ رَدِيئًا فِي عِلْمِي وَيَحْلِفُ فِي النَّقْصِ عَلَى الْبَتّ لَا على الْعلم لَا كل كُلَّ مَوْضِعٍ يَتَمَكَّنُ مِنْ مَعْرِفَتِهِ حَلَفَ عَلَى الْبَتّ وَمَا لَا يكْتَفى بِنَفْيِ الْعِلْمِ (فَرْعٌ) قَالَ تَحِلُّ الْيَمِينُ بِغَلَبَةِ الظَّن بِمَا يحصل لَهُ من حَظّ أَبِيه وحظ نَفْسِهِ أَوْ مَنْ يَثِقُ بِهِ أَوْ قَرِينَةِ حَالٍ مِنْ نُكُولِ خَصْمٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَقَالَهُ ش بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْيَمِينَ إِمَّا دافعة فَهِيَ الْمَقْصُودَة بِالْأَصْلِ فِي بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ أَوْ جَالِبَةٌ وَهِيَ مَقْصُودَة بِشَاهِد اَوْ غَيره وَالشَّهَادَة لَا يقصدها إِلَّا مستندها

(فرع)

وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنَ الْعِلْمِ قِيَاسًا عَلَى الشَّهَادَةِ وَكِلَاهُمَا خَبَرٌ وَالْقَوْلَانِ لِمَالِكٍ (فَرْعٌ) قَالَ الْمُعْتَبَرُ فِي الْيَمِينِ نِيَّةُ الْقَاضِي فَلَا يَصِحُّ تَوْرِيث الْحَالِفِ وَلَا يَنْفَعُهُ قَوْلُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُهُ الْقَاضِي قَاعِدَةٌ يَجُوزُ أَنْ يَنْوِيَ بِاللَّفْظِ مَا يَحْتَمِلُهُ لُغَةً مِنْ تَقْيِيدٍ وَتَخْصِيص ومجاز وَنَحْوه إِجْمَاعًا إِلَّا فِي أَيْمَان فَلَا يُقْبَلُ ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا لِمَا يُؤَدِّي إِلَيْهِ مِنْ إِبْطَالِ فَائِدَةِ الْأَيْمَانِ لِأَنَّهَا إِنَّمَا شُرِعَتْ لِيَهَابَ الْخُصُومُ الْإِقْدَامَ عَلَيْهَا فَلَوْلَا ذَلِكَ لم يهابوها وفسدت الْأَمْوَال والأبضاع ووالدماء وَاسْتَثْنَى بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَهُوَ مُعْسِرٌ تَجُوزُ لَهُ نِيَّةٌ تَخُصُّهُ لِأَنَّ الْقَوْلَ عَدْلًا تَغْيِيرُ الظُّلْمِ وَطَلَبُ الْمُعْسِرِ ظُلْمٌ وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنَ الْقَاعِدَة من منع من النِّيَّة لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ وَيَمِينُكَ عَلَى مَا يُصَدِّقُكَ عَلَيْهِ صَاحِبُكَ وَالْمُسْتَحْلِفُ يُصَدِّقُكَ عَلَى الْحَاكِمِ وَصَاحب الْحق (النَّظَرُ الثَّالِثُ فِي الْحَلِفِ) وَفِي الْجَوَاهِرِ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَا يُزَادُ عَلَى ذَلِكَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْحُقُوقِ وَقَالَهُ فِي الْكِتَابِ وَلَا تَغْلِيظَ بِالْأَلْفَاظِ وَرَوَى ابْنُ كِنَانَةَ الْحَلِفُ فِي رُبُعِ دِينَارٍ وَفِي الْقَسَامَةِ وَاللِّعَانِ عِنْدَ الْمِنْبَرِ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا يُزَادُ عَلَى الْكِتَابِيِّ وَالَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَلَا يَحْلِفُونَ إِلَّا بِاللَّهِ وَعَنْ مَالِكٍ يَحْلِفُ بِاللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ

التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى وَالنَّصْرَانِيُّ بِاللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ الْإِنْجِيلَ وَفِي الْكِتَابِ يُحْلَفُ فِي كُلِّ شَيْءٍ لَهُ بَالٌ فِي جَامِعِ بَلَدِهِ وَفِي أَعْظَمِ مَوَاضِعِهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَلَا يَعْرِفُ مَالِكٌ الْيَمِينَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ إِلَّا مِنْبَرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَأَكْثَرَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ وَإِنْ قَالَ وَالَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لم يقبل مِنْهُ وَوَاللَّه فَقَط لَا يجزيء حَتَّى يَقُولَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لِأَنَّهُ تَحْلِيفُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ مَالِكٌ وَلَا يَحْلِفُ قَائِمًا إِلَّا مَنْ بِهِ غَلَبَة وَفِي الْقَسَامَةِ وَاللِّعَانِ وَفِي رُبُعِ دِينَارٍ فَأَكْثَرَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَفِي مَسَاجِدِ الْمَدَائِنِ يَحْلِفُ جَالِسًا وَيُتَحَرَّى فِي الْمَالِ الْعَظِيمِ وَالدِّمَاءِ وَاللِّعَانِ الْحَلِفُ فِي السَّاعَاتِ الَّتِي يَحْضُرُهَا النَّاسُ فِي الْمَسَاجِدِ وَيَجْتَمِعُونَ لِلصَّلَاةِ وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ فِي كُلِّ حِينٍ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَمُطَرِّفٌ الْأَيْمَانُ فِي الْحُقُوقِ وَالدِّمَاءِ وَغَيْرِهَا بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لِلْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ الْكِتَابِيِّ وَغَيْرِهِ قَالَا وَيَحْلِفُ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ قائيمين مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَأَكْثَرَ عِنْدَ مِنْبَر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَفِي غَيْرِ الْمَدِينَةِ حَيْثُ يُعَظِّمُونَ عِنْدَ مِنْبَرِهِمْ وَتِلْقَاءَ قِبْلَتِهِمْ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغِ الْحَقُّ رُبُعَ دِينَارٍ حَلَفُوا جُلُوسًا إِنْ أَحَبُّوا وَفِي أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ يَحْلِفُ الرَّجُلُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي قُضِيَ عَلَيْهِ وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِهَا وَمَنْ لَزِمَهُ الْحَلِفُ عِنْدَ الْمِنْبَرِ وَنَحْوِهِ مِنَ الْمَوَاضِعِ فَقَالَ أَحْلِفُ فِي مَكَانِي فَهُوَ كَنُكُولِهِ وَيَنْتَقِلُ الْيَمِينُ لِخَصْمِهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَإِنْ كَانَ مُدَّعِيًا بَطَلَ حَقُّهُ وَقَالَهُ مَالِكٌ قَالَ مَالِكٌ وَعَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَمَكَّةَ يُجْلَبُونَ إِلَى مسجديهما فِي الْقَسَامَةِ وَلَوْ بَعُدُوا وَفِي سَائِرِ الْأَمْصَارِ مِنْ نَحْوِ عَشْرَةِ أَيَّامٍ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ التَّخْوِيفُ مِنَ الْيَمِينِ وَقَدْ كتب ابْن عَبَّاس إِلَى ابْن أبي ملكية {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا} الْآيَة

(فرع)

فَاعْتَرَفَ وَتَخْرُجُ الْمَرْأَةُ فِيمَا لَهُ بَالٌ إِلَى الْمَسْجِدِ فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَأَكْثَرَ قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ كَانَتْ لَا تَخْرُجُ نَهَارًا خَرَجَتْ لَيْلًا قَالَ مُحَمَّدٌ لَا تَخْرُجُ لَيْلًا فِي ذَلِكَ بَلْ فِي الشَّيْءِ الْكَثِيرِ قَالَ اللَّخْمِيُّ اخْتُلِفَ إِذَا قَالَ وَاللَّهِ وَلَمْ يَزِدْ أَوْ وَالَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَيَقْتَضِي قَوْلُ مَالِكٍ الْإِجْزَاءَ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ بِهَا الْكَفَّارَةُ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُوازِية يحلف بِاللَّه الَّذِي أحيى الْمَوْتَى قَالَ مَالِكٌ وَيَحْلِفُ بِمَكَّةَ عِنْدَ الرُّكْنِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ تَحْلِفُ الْمَرْأَةُ فِي بَيْتِهَا فِي الْيَسِيرِ إِنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا تَخْرُجُ فَبعث الْقَاضِي إِلَيْهَا مَنْ يُحَلِّفُهَا وَيَكْفِي رَجُلٌ وَاحِدٌ وَأُمُّ الْوَلَدِ كَالْحُرَّةِ مِمَّنْ لَا تَخْرُجُ أَوْ تَخْرُجُ كَمَا أَنَّ الْعَبْدَ وَمَنْ فِيهِ بَقِيَّةُ رِقٍّ كَالْحُرِّ فِي الْيَمِينِ وَالْمُكَاتَبَةُ وَالْمُدَبَّرَةُ كَالْحَرَائِرِ فِي الْيَمِينِ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْمُسَاوَاةُ وَيَحْلِفُ النَّصْرَانِيُّ وَالْيَهُودِيُّ فِي كَنَائِسِهِمْ وَحَيْثُ يُعَظِّمُونَ وَالْمَجُوسِيُّ فِي بَيت ناره وَحَيْثُ يعظم فِي التَّنْبِيهَات قَوْله لَا يحلفُونَ بِاللَّهِ وَلَا يُزَادُ وَالَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ حَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى ظَاهِرِهِ وَلَا يَلْزَمُهُمْ تَمَامُ الشَّهَادَةِ إِذْ لَا يَعْتَقِدُونَهَا فَلَا يُكَلَّفُونَ مَا لَا يدينون بِهِ قَالَ ابْنُ شَبْلُونَ وَأَلْزَمَ غَيْرُهُ الْيَهُودَ ذَلِكَ دُونَ غَيْرِهِمْ لِأَنَّهُمْ لَا يُوَحِّدُونَ وَقِيلَ مُرَادُهُ حَلِفُ الْمُسْلِمِينَ قَالَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَقِيلَ يَلْزَمُ جَمِيعَ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدُوهُ وَيُجْبَرُونَ عَلَيْهِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِسْلَامًا مِنْهُمْ بَلْ هُوَ حُكْمٌ يَلْزَمُهُمْ مِنْ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ بِعَقْدِ الذِّمَّةِ كَقَضَاءِ القَاضِي عَلَيْهِم بِأَحْكَام الْإِسْلَام وَعَلِيهِ متقدموا الْأَصْحَابِ وَالْمَرْأَةُ الَّتِي لَا تَخْرُجُ كَنِسَاءِ الْمُلُوكِ يَبْعَثُ لَهَا الْإِمَامُ مَنْ يُحَلِّفُهَا فِي بَيْتِهَا وَلَا تُمْتَهَنُ وَهَذَا فِيمَا يُدَّعَى عَلَيْهِنَّ وَأَمَّا مَا يدعين فيخرجن لموْضِع الْيَمين وحلفهم سَحْنُونٌ فِي أَقْرَبِ الْمَسَاجِدِ إِلَيْهِنَّ وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ خُرُوجِهِنَّ فَإِنِ امْتَنَعَتْ حُكِمَ عَلَيْهَا حكم الْملك قَالَ وَلَيْسَ بجيد لِأَنَّهُنَّ

مكرهات فَلَا لَذَّة مَعَ الْإِكْرَاهِ وَقِيلَ مَا لَهُ بَالٌ فِي حَقِّ النِّسَاءِ هُوَ الْمَالُ الْكَثِيرُ بِخِلَافِ الرِّجَالِ وَقَالَهُ مُحَمَّدٌ وَقَالَ مُحَمَّدٌ بَلْ رُبُعُ دِينَارٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ للطَّالِب تَحْلِيف الْيَهُود يَوْم السبت وَالنَّصْرَانِيّ يَوْم الْأَحَد لِأَنَّ مِنْ دِينِهِمُ الِامْتِنَاعُ مِنَ الْيَمِينِ فِي يَوْمِ الْأَحَدِ وَغَيْرِهِ وَأَمَّا الْيَهُودِيُّ فَشَرْعُهُ يَوْمُ السبت أَن لَا يَبِيعَ وَلَا يَشْتَرِيَ وَلَا يُطَالَبَ وَلَا يُسْتَحْلَفَ وَبَذْلُ الْجِزْيَةِ عَلَى هَذَا فَكَيْفَ يُخَالِفُ الْعَقْدَ بَلْ يُؤَخَّرُ إِلَى زَوَالِ السَّبْتِ وَأَمَّا تَحْلِيفُهُمْ بِمَوْضِعٍ يُعَظِّمُونَهُ فَمِنْ شَرِيعَتِهِمْ وَإِذَا رَدَّ ثَوْبًا بِالْعَيْبِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ كَانَ النَّقْصُ أَكْثَرَ مِنْ رُبُعِ دِينَارٍ حَلَفَ بِالْجَامِعِ وَقِيلَ بَلِ الْمُرَاعَى إِنْ كَانَ الثَّوْبُ قَائِمًا قِيمَتَهُ لِأَنَّهُ يَطْلُبُ الثَّمَنَ فَلَا يُنْظَرُ إِلَى قِيمَةِ الْعَيْبِ إِلَّا أَنْ يَفُوتَ وَإِذَا كَانَ لَكَ رُبُعُ دِينَارٍ لَا أَقَلَّ وَلَا أَكْثَرَ قَالَ اللَّخْمِيُّ فِي الْكِتَابِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَقَالَ مَالِكٌ يَحْلِفُ جَالِسًا وَعَنْهُ قَائِمًا وَقَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَّا فِي أَقَلَّ مِنْ رُبُعِ دِينَارٍ وَتَحْلِفُ الْمَرْأَةُ فِي بَيْتِهَا جَالِسَةً وَعَنْ مَالِكٍ لَيْسَ عَلَى مَنْ حَلَّفَهُ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ أَنْ يَقُومَ قَالَ وَأرى الإستقبال كَإِن قَلَّ الْحَقُّ دُونَ الْقِيَامِ وَقَدْ يَحْسُنُ الْقِيَامُ فِي الْقَتْلِ وَلَمْ يُقِمِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي اللِّعَانِ إِلَّا فِي الْخَامِسَةِ أَقَامَ الْمَرْأَةَ وَقِيلَ أَقَامَ الرَّجُلَ فِي الْخَامِسَةِ وَلَيْسَ فِي الصَّحِيح وَمن حلف فِي جَمِيعِ ذَلِكَ أَجْزَأَهُ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا أَرَادَتِ الْمَجُوسِيَّةُ تَحْلِفُ بِالنَّارِ مُنِعَتْ وَلَا تَحْلِفُ إِلَّا بِاللَّهِ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى إِنَّمَا يُحْلَفُ فِيمَا عَدَا مَسْجِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِنَ الْمَسَاجِدِ عِنْدَ الْمِحْرَابِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ

بِقُرْبِ الْمِنْبَرِ وَأَعْظَمُ شَيْءٍ فِي الْمَسَاجِدِ الْمَحَارِيبُ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ وَإِذَا كَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ غَيْرَ مَالٍ كَالطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ حَلَفَ عَلَى المنبرا وَقَالَهُ ش وَعِنْدَ ش لَا يُغَلَّظُ فِي الْمَالِ إِلَّا فِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ أَوْ عِشْرِينَ دِينَارًا وَعَرَضٍ يُسَاوِي أَحَدَهُمَا لِأَنَّهُ يَصِلُ بَيْنَ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ وَجَوَابُهُ أَنَّ هَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ رُبُعَ الدِّينَارِ لَيْسَ عَظِيمًا بَلْ كَوْنُهُ سَبَبَ الْقَطْعِ يَدُلُّ عَلَى عِظَمِهِ وَالتَّغْلِيظُ عندنَا يَقع بِخَمْسَة أَشْيَاءَ بِالزَّمَانِ وَفِيهِ قَوْلَانِ وَبِالْمَكَانِ وَاللَّفْظُ بِزِيَادَةِ الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ وَاحِد يَقْتَصِرُ عَلَى اسْمِ اللَّهِ وَالْعَدَدُ فِي الْقَسَامَةِ وَالْهَيْئَةُ فِي الْقِيَامِ وَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَوَافَقَنَا ش فِي الْأَرْبَعَةِ الْأُوَلِ وَقَالَ ح لَا يُغُلَّظُ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَيْمَانِ لَنَا قَوْله تَعَالَى {تحبسونهما من بعد الصَّلَاة} جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ رَجُلٌ مَنَعَ ابْنَ السَّبِيلِ فَضْلَ مَائِهِ بِفَلَاةٍ وَرَجُلٌ بَايَعَ الْإِمَامَ إِنْ أَعْطَاهُ وَفَّى لَهُ وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ خَانَهُ وَرَجُلٌ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَاجِرَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ مُسْلِمٍ وَهُوَ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ إِلَّا بإلجاج مِنَ الْحَاكِمِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَازِمٌ ولاعن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ وَفِي الْمُوَطَّأِ قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

مَنْ حَلَفَ عَلَى مِنْبَرِي آثِمًا تَبَوَّأَ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ وَفِي رِوَايَةِ الْمُوَطَّأِ أَيْضًا مَنِ اقتطع حق أمرىء مُسلم بيمنه حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَأَوْجَبَ لَهُ النَّارَ قَالُوا وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَإِنْ كَانَ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ وَإِنْ كَانَ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ قَالَهَا ثَلَاثًا وَلِأَنَّ فِيهِ زَجْرًا عَنِ الْبَاطِلِ فَشُرِعَ لِتَغْلِيظِ اللَّفْظِ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْبَيِّنَة عَلَى مَنْ أَنْكَرَ فَأَطْلَقَ وَلَمْ يَقُلْ مَكَانٌ وَلَا غَيره وَفِي حَدِيث سَهْلٍ أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ وَلَمْ يَخُصَّ وَلِأَنَّهُ حُجَّةٌ فَلَا يُغَلَّظُ كَالْبَيِّنَةِ وَقِيَاسًا عَلَى مَا دُونَ النِّصَابِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ مَا ذَكرْنَاهُ مُقَيّد وَمَا ذكرتموه مُطلق وَلِأَن مَا ذَكَرْتُمُوهُ إِنَّمَا سِيقَ لِبَيَانِ مَنْ يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ لَا لِبَيَانِ صِفَةِ الْيَمِينِ فَلَا يُحْتَجُّ بِهِ فِيهِ عَلَى الْقَاعِدَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهُوَ الْجَواب عَن الثَّانِي وَعَن الثَّالِث الْفرق فَإِن الْبَيِّنَةَ تُخْبِرُ عَنْ أَمْرِ غَيْرِهَا فَلَا تُهْمَةَ وَلَا تَغْلِيظَ وَالْحَالِفُ مُخْبِرٌ عَنْ أَمْرِ نَفْسِهِ فَاتُّهِمَ فَشُرِعَ لَهُ الزَّاجِرُ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ الِاحْتِيَاطَ لِلْمَالِ الْعَظِيمِ دُونَ غَيْرِهِ مُنَاسِبٌ فِي الْفَرْقِ وَقَالَ ش التَّغْلِيظُ بِزِيَادَةِ لَفْظِ الصِّفَاتِ مُسْتَحَبٌّ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ وَالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فَيَزِيدُ فِي عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الَّذِي يَعْلَمُ مِنَ السِّرِّ مَا يَعْلَمُ مِنَ الْعَلَانِيَةِ وَذَلِكَ عِنْدَهُ مُفَوَّضٌ لِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ وَقَالَ ح إِنِ اسْتَرَابَ مِنْهُ غَلَّظَ وَإِلَّا اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ وَالله والإقتصار عِنْد ش على ذَلِك مخبر أَيْضًا لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اقْتصر

(فرع)

عَلَيْهِ فِي تَحْلِيفِ رُكَانَةَ وَجَوَّزَ ش الِاقْتِصَارَ عَلَى صِفَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ نَحْوَ وَعِزَّةِ اللَّهِ وَاسْتَحْسَنَ ش التَّحْلِيفَ عَلَى الْمُصْحَفِ وَبِالْمُصْحَفِ وَاحْتَجَّ ش بِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَلَّفَ الْيَهُودَ فَقَالَ أُنْشِدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى بَنِيِّ إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَظَلَّلَ عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى وَنَجَّى بَنِي إِسْرَائِيلَ من آل فِرْعَوْن وَجَوَابه أَنه لله حَلَّفَ رَجُلًا فَقَالَ وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَلَمْ يَزِدْ وَافَقَنَا ش وَابْنُ حَنْبَلٍ فِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ التَّحْلِيفِ بِاللَّهِ فِي حَقِّ الْمَجُوسِيِّ وَغَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَعْتَقِدُهُ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَعْظِيمُ غَيْرِ اللَّهِ وَالْحَلِفُ بِالشَّيْءِ تَعْظِيمٌ لَهُ وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ وَلِأَنَّهُ إِذا لم يعْتَقد عظم إثمه قَدِيما تَعَجَّلَتْ عُقُوبَتُهُ فَاتَّعَظَ هُوَ وَغَيْرُهُ وَخَالَفَ ابْنُ حَنْبَلٍ فَقَالَ لَا تَغْلِيظَ بِزَمَانٍ وَلَا مَكَانٍ وَلَا لَفْظٍ (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ يُشْتَرَطُ فِي الْيَمِينِ مُطَابَقَةُ الْإِنْكَارِ قَالَهُ فِي الْكِتَابِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِذَا شَهِدَ شَاهِدٌ بِإِقْرَارِهِ لَمْ يَكُنْ لِلطَّالِبِ الْحَلِفُ عَلَى غَصْبٍ وَلَا غَيْرِهِ بَلْ لَقَدْ أَقَرَّ لَهُ بِكَذَا وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ غَائِبًا زَادَ فِي يَمِينِهِ أَنَّ حَقَّهُ عَلَيْهِ لَبَاقٍ وَمَا عِنْدَهُ بِهِ وَثِيقَة رهن وَيقْضى لَهُ وَإِن مَيِّتًا زَادَ بَعْدَ الرَّهْنِ وَلَا أَبْرَأَ مِنْهُ وَلَا مِنْ شَيْءٍ مِنْهُ وَلَا أَحْتَالُ عَلَى أحد بِهِ وَلَا شَيْء مِنْهُ وَلِأَنَّهُ عَلَيْهِ لِثَابِت

(فرع)

إِلَى سَاعَتِهِ هَذِهِ ثُمَّ يُقْضَى لَهُ وَإِنْ مَاتَ صَاحِبُ الْحَقِّ حَلَفَ الْوَارِثُ الْبَالِغُ مِثْلَ ذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْعِلْمِ وَلَا يَحْلِفُ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ وَيُقْضَى لَهُمَا جَمِيعًا بِالْحَقِّ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا قَبَضَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ وَأنْكرهُ لم يحلف الْمُبْتَاع مَاله عِنْدِي شَيْءٌ بَلْ مَا اشْتَرَيْتُ مِنْهُ سِلْعَةَ كَذَا وَقَالَهُ مُطَرِّفٌ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ حَلَفَ مَا لَهُ عِنْدِي شَيْءٌ مِمَّا يَدَّعِيهِ برىء وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ الْقَوْلَيْنِ قِيلَ لِمُحَمَّدِ بْنِ ابراهيم ابْن عَبدُوس إِن أسلفته فقضاني بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ فَإِنْ حَلَفَ مَا أَسْلَفْتُهُ فَقَدْ كَذَبَ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ غَرِمَ قَالَ يَحْلِفُ وَيَنْوِي مَا استسلفت مِنْهُ سَلَفًا يَجِبُ عَلَى رَدِّهِ إِلَيْهِ فِي هَذَا الْوَقْتِ وَيَبْرَأُ مِنَ الْإِثْمِ وَفِي الْمُنْتَقَى قَالَ مَالِكٌ لَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ مَا اشْتَرِ وَلَمْ أَسْتَسْلِفْ وَإِنْ تَمَادَى عَلَى اللَّدَدِ سَجَنَهُ وَإِنْ تَمَادَى أَدَّبَهُ لِأَنَّهُ غَيَّرَ الدَّعْوَى فَلَا بُدَّ مِنَ الْمُطَابَقَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْيَمِينِ وَأَوَّلُ قَوْلِ مَالِكٍ يَكْفِيهِ مَا لَهُ عَلَيَّ حَقٌّ وَقَالَهُ الشَّافِعِيَّةُ لِأَنَّهُ إِذَا نَفَى كُلَّ حَقٍّ فَقَدِ انْتَفَتِ الدَّعْوَى وَقَدْ يَكُونُ قَضَاهُ فَيَعْتَرِفُ بِالْبَيْعِ فَيَلْزَمُهُ الْغُرْمُ وَإِذَا بَيَّنَ الْمُدَّعِي السَّبَبَ وَأَنْكَرَ الْمَطْلُوبَ وَقَالَ إِنَّمَا أَحْلِفُ مَا لَهُ عِنْدِي شَيْء من هَذَا السَّبَب لم يجزه ذَلِك حَتَّى يَقُول وَلَا أعلم لَهُ علم شَيْءٌ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ قَالَهُ أَشْهَبُ قَالَ وَالظَّاهِرُ إِجْزَاءُ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ لَمْ يَطْلُبْ بِغَيْرِهِ (النَّظَرُ الرَّابِعُ فِي حُكْمِ الْيَمِينِ) وَفِي الْجَوَاهِرِ حكم الْيَمين انْقِطَاع الْخُصُومَة فِي حَال لَا بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ بَلْ لِلْمُدَّعِي بَعْدَ ذَلِكَ إِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ وَيَعْتَذِرُ بِأَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا أَوْ بِغَيْبَتِهَا أَمَّا الْحَاضِرَةُ الْمَعْلُومَةُ فَفِي الْحُكْمِ بِهَا رِوَايَتَانِ الْمَشْهُورَةُ عَدَمُ الْحُكْمِ خِلَافًا لِ ش لِأَنَّ عُدُولَهُ عَنْهَا إِسْقَاطٌ لِحَقِّهِ مِنْهَا احْتُجَّ بِأَنَّ لَهُ غَرَضًا صَحِيحًا فِي

(فرع)

ذَلِكَ وَهُوَ سُلُوكُ أَقْرَبِ الطُّرُقِ وَخِفَّةُ الْكُلْفَةِ مَعَ إِمْكَانِ الِاكْتِفَاءِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا قَالَ لِي بَيِّنَةٌ غَائِبَةٌ فَأَحْلِفْهُ لِي وَإِذَا قَدِمَتْ قُمْتُ بِهَا فَإِنْ خِيفَ ذَهَابُ الْغَرِيمِ وَتَطَاوُلُ الْأَمْرِ لِبُعْدِهَا أَحْلَفَهُ الْإِمَامُ وَلَهُ الْقِيَامُ بِهَا وَإِنْ كَانَتْ فِي نَحْوِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لَمْ يُحْلِفْهُ إِلَّا عَلَى إِسْقَاطِهَا وَمَتَى اسْتَحْلَفَهُ عَالِمًا بِبَيِّنَتِهِ ناكرا لَهَا وَهِيَ حَاضِرَةٌ أَوْ غَائِبَةٌ فَلَا حَقَّ لَهُ فِيهَا وَإِنْ قَدِمَتْ قَالَ ابْنُ يُونُسَ اسْتَحْسَنَ بَعْضُ الْقُرَوِيِّينَ إِذَا كَانَ أَمْرُ الْبَيِّنَةِ يَطُولُ عِنْدَ الْقَضَاءِ وَيَشْتَدُّ عَلَى الْخَصْمِ ذَلِكَ فَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ عَسَاهُ يَنْكِلُ فَتَنْدَفِعُ الْكُلْفَةُ وَإِنْ حَلَفَ فَلَهُ الْقِيَامُ بِبَيِّنَتِهِ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ الْعَادِلَةَ خَيْرٌ مِنَ الْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ وَمَذْهَبُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَهُ الْقِيَامُ بِالْبَيِّنَةِ مُطْلَقًا وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَهُوَ الْأَنْظَرُ الَّذِي تَقْتَضِيهِ الْمَصَالِحُ وَظَوَاهِرُ النُّصُوصِ (فَرْعٌ) فِي الْمُنْتَقَى إِذَا حَلَفَ عَلَى الْمِنْبَرِ دُونَ أَنْ يَقْتَضِيَهُ صَاحِبُ الْيَمِينِ لَمْ يَبْرَأْ وَإِذَا رَضِيَ يَمِينَهُ فِي بَيْتِهِ أَوْ غَيْرِهِ أَجْزَأَهُ وَلَا يَحْلِفُ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّ التَّغْلِيظَ حَقُّهُ وَقَدْ أَسْقَطَهُ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا قَالَ اضْرِبُوا لِي أَجَلًا حَتَّى أَنْظُرَ فِي يَمِينِهِ وَأَتَثَبَّتَ فِي حِسَابِي فُعِلَ ذَلِكَ بِقَدْرِ مَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ بِقَدْرِ طُولِ الْحِسَابِ (فَرْعٌ) قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ يَجُوزُ لَكَ طَلَبُ الْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ وَإِنْ كَانَ سَعْيًا فِي مُنْكَرٍ لِأَنَّهُ لَوْلَا ذَلِكَ لَبَطَلَتِ الْأَيْمَانُ وَضَاعَتِ الْحُقُوقُ وَلِأَنَّهُ لَوْلَا ذَلِكَ لَمَا جَازَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي تَحْلِيفِ خَصْمِهِ لِاعْتِرَافِهِ أَنَّ خَصْمَهُ كَاذِبٌ فَيَكُونُ هَذَا مُسْتَثْنًى كَمَا جُعِلَ الْحَلِفُ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ النِّيَّةَ للابطين

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ الْحَلِفُ لَا يَجِبُ لِأَنَّ جَلْبَ الْحُقُوقِ وَدَفْعَهَا غَيْرُ وَاجِبٍ وَفَصَّلَ غَيْرُهُ فَقَالَ إِنْ كَانَتْ كَاذِبَةً حَرُمَتْ أَوْ صَادِقَةً وَالْحَقُّ مِمَّا يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ كَالْأَمْوَالِ أُبِيحَتْ إِلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ خَصْمَهُ مَتَى نَكَلَ حَلَفَ كَاذِبًا وَجَبَ الْحَلِفُ لِمَعْصِيَةِ الْكَذِبِ أَوْ مِمَّا لَا يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ كَالدِّمَاءِ وَالْأَبْضَاعِ فَإِنْ عُلِمَ أَنَّ خَصْمَهُ لَا يَحْلِفُ إِذَا نَكَلَ خُيِّرَ وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ حَلِفُهُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَلِفُ لِأَنَّ حِفْظَ هَذِهِ الْحُقُوقِ وَاجِبٌ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ فَكَذَلِكَ يَجِبُ حِفْظُ الْوَدَائِعِ مِنَ الظَّلَمَةِ بِالْأَيْمَانِ الْحَانِثَةِ وَكَذَلِكَ مَنِ ادَّعَى الرِّقَّ أَوْ نَحْوَهُ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ دَعْوَى كَاذِبَةً وَهُوَ يُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ مِنْهَا بِالْيَمِينِ (النَّظَرُ الْخَامِسُ فِي النُّكُولِ) وَفِي الْكِتَابِ إِذَا اسْتُحْلِفَ الْمَطْلُوبُ فَنَكَلَ لَمْ يُقْضَ لِلطَّالِبِ حَتَّى يَرُدَّ الْيَمِينَ عَلَيْهِ فَإِنْ جهل الْمَطْلُوب أرسال الْحَاكِم طلب ردهَا فَعَلَيهِ أَنْ يُعْلِمَهُ بِذَلِكَ وَلَا يَقْضِي حَتَّى يَرُدَّهَا فَإِنْ نَكَلَ الطَّالِبُ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَقَالَهُ ش وَقَالَ ح وَابْن حَنْبَل يقْضِي بِالنّكُولِ وَلَا يرد الْيَمين وَيَقْضِي بِالنّكُولِ وَقَالَ ح إِنْ كَانَتِ الدَّعْوَى فِي مَالٍ كُرِّرَ عَلَيْهِ ثَلَاثًا فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ لَزِمَهُ الْحق وَلَا يرد الْيَمِينُ وَلَا يُوجِبُ الْقَوَدَ فَلَا يُحْكَمُ بِالنُّكُولِ بَلْ يُحْبَسُ حَتَّى يَحْلِفَ أَوْ يَعْتَرِفَ وَفِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالنَّسَبِ وَغَيْرِهِ لَا مَدْخَلَ لِلْيَمِينِ فِيهِ فَلَا نُكُولَ وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يُحْبَسُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ حَتَّى يَحْلِفَ لَنَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْقِيَاسُ أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ} وَلَا يَمِينَ بَعْدَ يَمِينٍ إِلَّا

مَا ذَكَرْنَاهُ غَيْرَ أَنَّ ظَاهِرَهُ يَقْتَضِي يَمِينًا بعد يَمِين وَهُوَ خلاف الْإِجْمَاع فَيتَعَيَّن حمله على يَمِين بعد رد يَمِين لِأَنَّ اللَّفْظَ إِذَا تُرِكَ مِنْ وَجْهٍ بَقِيَ حجَّة فِي الْبَاقِي وَأما السّنة افما رُوِيَ أَنَّ الْأَنْصَارَ جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقَالَت إِن إليهود قتلت عبد الله ابْن سَهْلٍ وَطَرَحَتْهُ فِي فَقِيرٍ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ فَقَالُوا لَا قَالَ فَتَحْلِفُ لَكُمْ يَهُودُ قَالُوا كَيْفَ يَحْلِفُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ فَجَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْيَمين فِي جِهَة الْخصم خرجه الْمُوَطَّأُ وَغَيْرُهُ وَمَا رُوِيَ أَنَّ الْمِقْدَادَ اقْتَرَضَ مِنْ عُثْمَانَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا سَبْعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ فَلَمَّا كَانَ وَقْتُ الْقَضَاءِ جَاءَ بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ فَقَالَ عُثْمَانُ أَقْرَضْتُكَ سَبْعَةَ آلَافٍ فَتَرَافَعَا إِلَى عمر فَقَالَ لِلْمِقْدَادِ تَحْلِفُ وَتَأْخُذُ فَقَالَ عُمَرُ لِعُثْمَانَ لَقَدْ أَنْصَفَكَ فَلَمْ يَحْلِفْ عُثْمَانُ فَنَقَلَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ الْيَمِينَ إِلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ فِي ذَلِكَ عُثْمَانُ وَالْمِقْدَادُ وَلَمْ يُخَالِفْهُمْ غَيْرُهُمْ فَكَانَ إِجْمَاعًا وَقِيَاسًا عَلَى النُّكُولِ فِي بَابِ الْقَوَدِ وَالْمُلَاعَنَةُ لَا تُحَدُّ بِنُكُولِ الزَّوْجِ وَلِأَنَّهُ لَو وكل عَنِ الْجَوَابِ فِي الدَّعْوَى لَمْ يُحْكَمْ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ نُكُولٌ عَنِ الْيَمِينِ وَالْجَوَابِ فَالْيَمِينُ وَحده أَولا لعدم الحكم اولأن الْبَيِّنَةَ حُجَّةُ الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ حُجَّةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الْبَغي وَلَوِ امْتَنَعَ الْمُدَّعِي مِنْ إِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ لَمْ يُحْكَمْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فَكَذَلِكَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِذَا امْتَنَعَ مِنَ الْيَمِينِ لَمْ يُحْكَمْ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ الْمُدَّعِي إِذا امْتنع من الْبَيِّنَة كمان لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِقَامَتُهَا وَتَوَجَّهَتْ وَكَذَلِكَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِذا قعد عَن الْيَمين يكون للْآخر وَلِأَنَّ النُّكُولَ إِنْ كَانَ حُجَّةً كَامِلَةً كَالشَّاهِدَيْنِ وَجب القضاب بِهِ فِي الدماث أَوْ نَاقِصَةً كَشَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ يَمِينٍ وَجَبَ استغناؤه عَن التّكْرَار أَو كالإعتراف والإعتراف يقبل فِي الْقود بِخِلَافِهِ والإعتبار لَا يَفْتَقِرُ إِلَى تَكْرَارٍ بِخِلَافِهِ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ

يشْتَرونَ بِعَهْد الله وَأَيْمَانهمْ ثمنا قَلِيلا} فَمَنَعَ تَعَالَى أَنْ يَسْتَحِقَّ بِيَمِينِهِ عَلَى غَيْرِهِ حَقًا فَلَا ترد الْيَمين لَيْلًا يسْتَحق يَمِينه مَالَ غَيْرِهِ وَلِأَنَّ الْمُلَاعِنَ إِذَا نَكَلَ حُدَّ بِمُجَرَّدِ النُّكُولِ وَلِأَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَلَّى ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ قَضَاءَ الْيَمَنِ فَجَاءَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ وَلَّانِي هَذَا الْبَلَدَ وَإِنَّهُ لَا غِنَى لِي عَنْكَ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ اكْتُبْ إِلَيَّ بِمَا يَبْدُو لَكَ قَالَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ فِي جَارِيَتَيْنِ جَرَحَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى فِي كَفِّهَا فَكَتَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عَبَّاس احبسهما إِلَى بَعْدِ الْعَصْرِ وَاقْرَأْ عَلَيْهِمَا {إِنَّ الَّذِينَ يشْتَرونَ بِعَهْد الله وَأَيْمَانهمْ ثمنا قَلِيلا} قَالَ فَفعل ذَلِك وَاسْتَحْلَفَهُمَا فَأَبَتْ فَأَلْزَمَهَا ذَلِكَ وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْبَيِّنَةَ عَلَى مَنِ ادَّعَى وَالْيَمِينَ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ فَجَعَلَ الْيَمِينَ فِي جِهَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَمْ تَبْقَ يَمِينٌ تُجْعَلُ فِي جَانِبِ الْمُدَّعِي وَجَعَلَ حُجَّةَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ وَحُجَّةَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمين وَلما يجز نقل حجَّة الْمُدَّعِي إِلَى جِهَة الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ أَيْضًا نَقْلُ حُجَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِلَى الْمُدَّعِي وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ وَلَمْ يَقُلْ أَوْ يَمِينُكَ وَلِأَنَّ الْبَيِّنَةَ لِلْإِثْبَاتِ وَيَمِينَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلنَّفْيِ فَلَمَّا تَعَذَّرَ جَعْلُ الْبَيِّنَةِ لِلنَّفْيِ تَعَذَّرَ جَعْلُ الْيَمِينِ لِلْإِثْبَاتِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ مَعْنَى الْآيَة أَن لَا يتَعَمَّد الْيَمِينُ الْكَاذِبَةُ لِيَقْطَعَ بِهَا مَالَ غَيْرِهِ وَهَذِهِ لَيست كَذَلِك وَمُجَرَّد الإحتمال لَا يمْنَع وَلَا يمْنَع الْمُدعى عَلَيْهِ من الْيَمين الرَّابِعَة لَيْلًا يَأْخُذَ بِهَا مَالَ غَيْرِهِ بَلْ يُحْكَمُ بِالظَّاهِرِ وَهُوَ الصدْق

(فرع)

وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْمُوجِبَ لِحَدِّ الْمُلَاعِنِ قَذْفُهُ وَإِنَّمَا أيمانه مسقطة فَإِذا نفذ الْمَانِع عمل الْمُقْتَضِي وَالنُّكُولُ عِنْدَكُمْ مُقْتَضًى فَلَا جَامِعَ بَيْنَهُمَا وَعَنِ الثَّالِث أَنه رُوِيَ عَن أبي أَنه قَالَ اعْترفت فألزمها ذَلِكَ وَلَعَلَّهُ بِرَأْيِهِ لَا بِرَأْيِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ لَمْ يَأْمُرْهُ بِالْحُكْمِ عَلَيْهَا بذلك وس لَا حُجَّةَ فِي فِعْلِهِ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّهُ وَرَدَ فِيمَنْ يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ ابْتِدَاءً وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ وَأَمَّا مَا نَحْنُ فِيهِ فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الْحَدِيثُ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُنْكِرَ قد يُقيم الْبَيِّنَة إِذا ادّعى وفا الدَّيْنِ فَكَذَلِكَ الْيَمِينُ قَدْ تُوَجَّهُ فِي حَقِّ الْمُدَّعِي فِي الرُّتْبَةِ الثَّانِيَةِ وَعَنِ الْخَامِسِ أَنَّهُ لِبَيَانِ مَنْ يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ ابْتِدَاءً فِي الرُّتْبَة الأولى كَمَا تقدم تَقْدِيره وَعَن السَّادِس أَنه لم يَجْعَل الْيَمين للإثبات بِالْيَمِينِ مَعَ النُّكُولِ ثُمَّ إِنِ الْبَيِّنَةَ قَدْ تَكُونُ لِلنَّفْيِ كَبَيِّنَةِ الْقَضَاءِ فَإِنَّهُ نَفْيٌ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا قُضِيَ بِالنُّكُولِ وَالْيَمِينِ فَوَجَدَ الطَّالِبُ بَيِّنَةً قَامَ بِهَا (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ يُحْكَمُ بِالشَّاهِدِ وَالنُّكُولِ وَالْمَرْأَتَيْنِ وَالنُّكُولِ مِنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خِلَافًا لِ ش لِأَنَّ النُّكُولَ سَبَبٌ مُؤَثِّرٌ فِي الْحُكْمِ فَيُحْكَمُ بِهِ مَعَ الشَّاهِدِ كَالْيَمِينِ مِنَ الْمُدَّعِي وَتَأْثِيرُهُ أَنَّ نُكُولَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَنْقُلُ الْيَمِينَ فِي الْحُقُوقِ كُلِّهَا بِخِلَافِ الْيَمين

فارغة

(كتاب العتق)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا (كِتَابُ الْعِتْقِ) قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ عَتَقَ الْعَبْدُ فِي نَفْسِهِ وَأَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ فَهُوَ مُعْتَقٌ وَعَتِيقٌ وَالْعِتْقُ فِي اللُّغَةِ الْخُلُوصُ وَمِنْهُ عِتَاقُ الْخَيْلِ وَعِتَاقُ الطَّيْرِ أَيْ خَالِصُوهَا وَالْبَيْتُ الْحَرَامُ عَتِيقٌ لِخُلُوصِهِ مِنْ أَيْدِي الْجَبَابِرَةِ وَفِي الشَّرْعِ خُلُوصُ الرَّقَبَةِ مِنَ الرِّقِّ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ الْعِتْقُ وَالْعَتَاقُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ فِيهِمَا وَأَمَةٌ عَتِيقَةٌ وَإِمَاءٌ عَتَائِقُ وَلَا يُقَالُ عاتق وَلَا عوائق إِلَّا أَنْ يُرَادَ مُسْتَقْبَلُ الْأَمْرِ فَهُوَ عَاتِقٌ غَدًا وَلَا يُقَالُ عُتِقَ بِضَمِّ الْعَيْنِ بِغَيْرِ هَمْزٍ مِنْ أَوَّلِهِ بَلْ أُعْتِقَ بِالْهَمْزَةِ وَالْبَيْتُ الْحَرَامُ عَتِيقٌ قِيلَ عَتَقَ مِنَ الطُّوفَانِ وَقِيلَ لم يملكهُ جَبَّار وَقَالَ وَقد يكون الْعتْق من الْجَوْدَة وَالْكَرَمِ وَفَرَسٌ عَتِيقٌ إِذَا كَانَ سَابِقًا وَعَتَقَ الْعَبْدُ أَيِ الْتَحَقَ بِالْأَحْرَارِ ثُمَّ فَضَّلَهُ وَقَدْ يَكُونُ مِنَ الْقُوَّةِ وَالسَّرَاحِ عَتَقَ الْفَرْخُ إِذَا قَوِيَ عَلَى الطَّيَرَانِ وَالْعَبْدُ إِذَا أَزَالَ ضَعْفَهُ عَنِ الِاكْتِسَابِ وَالْعِبَادَاتِ كَذَا وَالْعِتْقُ مِنَ الْمَنْدُوبَاتِ إِجْمَاعًا قَالَ ابْنُ حَزْمٍ فِي كِتَابِ الْإِجْمَاعِ وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عِتْقُ غَيْرِ بَنِي آدَمَ مِنَ الْحَيَوَانِ لِأَنَّهُ السَّائِبَةُ الْمُحَرَّمَةُ بِالْقُرْآنِ وَأَصْلُهُ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ فك رَقَبَة} وَقَوله تَعَالَى {فَتَحْرِير رَقَبَة} وَأَمَّا السُّنَّةُ فَفِي

(فرع)

الصَّحِيحَيْنِ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً أَعْتَقَ اللَّهُ تَعَالَى بِكُلِّ إِرْبٍ مِنْهَا إِرْبًا مِنْهُ مِنَ النَّارِ حَتَّى إِنَّهُ لِيُعْتِقُ الْيَدَ بِالْيَدِ وَالرِّجْلَ بِالرِّجْلِ وَالْفَرْجَ بِالْفَرْجِ وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّهُ قُرْبَةٌ وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْقُرَبِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَهُ كَفَّارَةَ الْقَتْلِ وَصِلَةُ الرَّحِمِ أَفْضَلُ مِنْهُ لِمَا فِي مُسْلِمٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِامْرَأَةٍ أَعْتَقَتْ رَقَبَةً لَوْ كُنْتِ أَخْدَمْتِيهَا أَقَارِبَكِ لَكَانَ أَعْظَمَ لِأَجْرِكِ (فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ يَقْتَضِي أَنَّهُ إِذَا أُعْتِقَ نَاقِصَ عُضْوٍ لَا يحجب النَّار عَن الغضو الَّذِي يُقَابِلُهُ مِنْهُ وَهُوَ مُمْكِنٌ لِأَنَّ الْأَلَمَ يَخْلُقُهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي أَيِّ عُضْوٍ شَاءَ كَمَا جَاءَ فِي الصَّحِيحِ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ أَثَرَ السُّجُودِ (فَرْعٌ) قَالَ وَعِتْقُ الذَّكَرِ أَفْضَلُ لِأَنَّ أَثَرَ الْعِبَادَةِ فِيهِ أَوْجَدُ وَلِأَنَّ كَثِيرًا مِنَ النِّسَاءِ لَا يرغب فِي الْعتْق لَيْلًا يَضِيعَ وَلِأَنَّ الرِّقَّ فِي الرِّجَالِ أَزْكَى فَإِنِ اسْتَوَوْا فِي الذُّكُورِيَّةِ وَغَيْرِهَا فَأَغْلَا ثَمَنًا لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سُئِلَ أَي الرّقاب أفضل فَقَالَ اغتلاها ثمنا وأنفسها عِنْد أَهلهَا فَإِن كَانَ الأعلا ثَمَنًا كَافِرًا فَضَّلَهُ مَالِكٌ وَخَالَفَهُ

(النظر الأول في أركانه وهي ثلاثة)

أَصْبَغُ قِيَاسًا عَلَى عِتْقِ الْوَاجِبِ وَلِأَنَّ الْآخَرَ يُرَاعَى فِيهِ مَنْ يُصْرَفُ إِلَيْهِ الْإِحْسَانُ وَإِذَا كَانَ عِتْقُ الذَّكَرِ أَفْضَلَ فَالْمَرْأَةُ الْمُسْلِمَةُ أَفْضَلُ مِنَ الْكَافِرِ وَإِذَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ فَالدَّيِّنُ أَفْضَلُ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّهُمَا ثَمَنًا وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ إِنَّمَا يكون إِلَّا علا ثَمَنًا أَفْضَلَ حَالًا عِنْدَ اسْتِوَائِهِمَا فِي الْكُفْرِ وَالْإِسْلَام فالأعلا ثَمَنًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَفْضَلُ وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ أفضل حَالا وَفِي الْكِتَابِ نَظَرَانِ (النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ) الرُّكْنُ الْأَوَّلُ الْمُعْتِقُ وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ كُلُّ مُكَلَّفٍ لَا حَجْرَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ بِالْمَالِ وَفِي الرُّكْنِ تِسْعَةُ فُرُوعٍ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ إِذَا قَالَ الْعَبْدُ كُلُّ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ إِلَى ثَلَاثِينَ سَنَةً حُرٌّ فَعَتَقَ ثُمَّ ابْتَاعَ رَقِيقًا قَبْلَ الْأَجَلِ عَتَقَ لزوَال مَانع الرّقّ دون مَالِكه وَهُوَ فِي مِلْكِ سَيِّدِهِ لِأَنَّهُ لَا يَنْفُذُ عِتْقُ الْعَبْدِ لِعَبْدِهِ إِلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ تَطَوَّعَ بِذَلِكَ أَوْ حَلَفَ بِذَلِكَ فَحَنِثَ إِلَّا أَنْ يُعْتِقَ وَهُوَ فِي يَدِهِ فَيُعْتِقُ إِذَا لَمْ يُرِدِ السَّيِّدُ عِتْقَهُ حِينَ عَتَقَ فَإِنْ رَدَّهُ قَبْلَ عِتْقِهِ وَبَعْدَ حِنْثِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ عِتْقُهُ لِأَنَّ رَدَّ السَّيِّدِ إِبْطَالٌ لِتَصَرُّفِ الْعَبْدِ وَإِنْ قَالَ الْعَبْدُ إِنِ اشْتَرَيْتُ هَذِهِ الْأَمَةَ فَهِيَ حُرَّةٌ فَشَدَّدَ مَالِكٌ الْكَرَاهِيَةَ فِي شِرَائِهَا وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّ سَيِّدَهُ أَمَرَهُ بِالْيَمِينِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ الْمُكَاتَبُ وَالسَّفِيهِ كَالْعَبْدِ فِي رَدِّ الْعِتْقِ يَبْطُلُ وَلَا يَلْزَمُهُمْ بَعْدَ الْعِتْقِ والرشد بِخِلَاف الْمديَان عِتْقُهُ لِلْغُرَمَاءِ ثُمَّ يُفِيدُ مَالًا قَبْلَ بَيْعِ العَبْد إِذا يَقْرُبُ بَيْعُهُ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ أَشْهَبُ رَدُّ الزَّوْجِ عِتْقُ الزَّوْجَةِ ثُمَّ تَزُولُ الْعِصْمَةُ وَالْعَبْدُ بِيَدِهَا فَإِنَّهُ يَبْقَى رَقِيقًا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَعْتِقُ بِغَيْرِ قَضَاءٍ بِخِلَافِ السَّفِيهِ وَالْعَبْدِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمِدْيَانَ وَالْمَرْأَةَ مُطْلَقَا التَّصَرُّفِ فِي أَنْفُسِهِمَا وَإِنَّمَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ فَإِذَا زَالَ الْمَانِع بعد الْعتْق وَالْمولى وَالْعَبْد مسئلتان صِحَّةِ التَّصَرُّفِ وَإِنَّمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ

فِي عِتْقِ الْمَرْأَةِ إِنَّهُ يَنْفُذُ بِغَيْرِ قَضَاءٍ وَفِي الْمِدْيَانِ بِالْقَضَاءِ لِأَنَّ رَدَّ الْغُرَمَاءِ إِيقَافُ النّظر هَلْ لَهُ مَالٌ أَمْ لَا وَلَيْسَ حَقُّهُمْ فِي عين العَبْد وَالزَّوْج حَقه قي عَيْنِ الْعَبْدِ وَلَيْسَ رَدُّهُ لِأَمْرٍ بَيِّنٍ فَهُوَ أَشْبَهُ بِرَدِّ الْوَلِيِّ مِنْ رَدِّ الْغُرَمَاءِ وَرَأَى أَشْهَبُ أَنَّهُ كَرَدِّ الْوَلِيِّ وَالْفَرْقُ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهَا تتصرف فِي ثلثهَا بِخِلَافِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ فَتَوَسَّطَ أَمْرَهَا وَأَمَّا إِنْ حَلَفَ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ وَالْمَرْأَةُ وَالْعَبْدُ فَلَمْ يَحْنَثُوا حَتَّى مَلَكُوا أَمْرَهُمْ فَهُوَ يَلْزَمُهُمْ لِزَوَالِ الْمَانِعِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ وَالنَّصْرَانِيِّ يَحْنَثُونَ بَعْدَ زَوَالِ تِلْكَ الْأَحْوَالِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ نَظَرًا لِحَالَةِ الْيَمِينِ وَهُوَ السَّبَبُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا أَعْتَقَ الْعَبْدُ عَبْدَهُ فَسَكَتَ سَيّده وَقد علم لَا يلْزمه الْعِتْقُ لِسُكُوتِ سَيِّدِهِ وَعِلْمِهِ وَإِنَّمَا كَرِهَ مَالِكٌ شِرَاءَ الْعَبْدِ الْأَمَةَ إِذَا عَلَّقَ عِتْقَهَا لِأَنَّ لِسَيِّدِهَا رَدُّ عِتْقِهَا فَيَبْقَى لِلسَّيِّدِ وَطْؤُهَا وَهِيَ مَحْلُوفٌ بَحُرِّيَّتِهَا وَكَذَلِكَ لَوْ أَمَرَهُ سَيِّدُهُ بِالْيَمِينِ وَلم يَأْمُرهُ بِالشِّرَاءِ أما لَو أَمرهمَا عُتِقَتْ عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ لِلسَّيِّدِ الرَّدُّ كَعِتْقِهِ بِإِذْنِهِ قَالَ مَالِكٌ وَإِذَا كَانَ السَّفِيهُ لَا يُولى عَلَيْهِ وَهُوَ يَلِي نَفسه بعد عِتْقُهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِلَّا الْبَيِّنُ السَّفَهِ الَّذِي يُحْجَرُ مِثْلُهُ وَعَنْ مَالِكٍ الْبَيِّنُ السَّفَهِ فِي إِفْسَادِ مَالِهِ يَنْفَذُ تَصَرُّفُهُ حَتَّى يُحْجَرَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِهِ إِلَّا ابْنَ الْقَاسِمِ قَالَه أَشهب إِذا حلف السَّفِيه الْمولى عَلَيْهِ لعتق رَقِيقِهِ وَحَنِثَ بَعْدَ وِلَايَتِهِ لِنَفْسِهِ يَلْزَمُهُ الْحِنْثُ وَقِيلَ لَمْ يَلْزَمْهُ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا حَنِثَ قبل زَوَال الْحجر فَإِن رد وَصيته لَمْ يَلْزَمْهُ بَعْدَ الْحَجْرِ وَإِلَّا لَزِمَهُ كَالْعَبْدِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ فِي نُفُوذِ عِتْقِ السَّفِيهِ أَمْ وَلَدِهِ لِمَا يَدْخُلُهَا مِنَ الْحُرِّيَّةِ وَلَا يَتْبَعُهَا مَالُهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إِلَّا التَّافِهُ وَقَالَ أَشْهَبُ يَتْبَعُهَا كَمَا لَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَلَهَا مَهْرٌ عَظِيمٌ عَلَيْهِ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ هَاهُنَا وَقَالَ الْمُغِيرَةُ عِتْقُهُ أُمَّ وَلَدِهِ لَا يَنْفُذُ بِخِلَافِ طَلَاقِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا عِتْقَ لِلْعَبْدِ إِلَّا بِإِذْنِ السَّيِّدِ فَيَقُومُ فِي مَالِ

السَّيِّد كَانَ للْعَبد مَال أم لَا وَكَانَ إِنْ كَانَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَأَجَازَهُ قَالَ سَحْنُونٌ وَيَسْتَوْجِبُ مَالَ السَّيِّدِ وَإِنِ احْتِيجَ إِلَى رَقَبَةِ الْعَبْدِ فِيمَا بِيَدِهِ لَمْ يُقَوَّمْ عَلَيْهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا قَالَ الْعَبْدُ كُلُّ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ إِلَى ثَلَاثِينَ سَنَةً كَمَا تَقَدَّمَ فَاشْتَرَى عَبْدًا فِي حَالِ الرِّقِّ بَعْدَ إِجَازَةِ السَّيِّدِ لِيَمِينِهِ لَزِمَهُ الْعِتْقُ وَإِنْ أَجَازَ يَمِينَهُ فِي ذَلِكَ العَبْد وَحده لزمَه عتقه قَوْله رَدُّ مَا يَشْتَرِيهِ بَعْدَهُ وَاخْتُلِفَ فِي حِلِّ السَّيِّدِ لِيَمِينِ الْعَبْدِ فَجَعَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لَهُ دُونَ أَشْهَبَ قَالَ وَقَوْلُ أَشْهَبَ أَظْهَرُ لِأَنَّ ضَرَرَ السَّيِّدِ فِي الْعِتْقِ لِإِبْقَاءِ الْيَمِينِ وَلَا يَنْقُصُ مِنْ ثَمَنِهِ إِذَا بَاعَهُ الثَّانِي إِنْ مَلَّكَ عَبْدَهُ الْعِتْقَ فَقَالَ اخْتَرْتُ نَفْسِي وَقَالَ نَوَيْتُ بِذَلِكَ الْعِتْقَ صَدَقَ وَعَتَقَ قِيَاسًا عَلَى الْمَرْأَةِ فِي الطَّلَاقِ وَإِنْ لَمْ يُرِدِ الْعِتْقَ فَلَا يعْتق وَقَالَ غَيره يعْتق وَإِن لم يرد كَمَا يكون ذَلِك من الْمَرْأَة طَلَاقا وَلم ترده وَإِنْ لَمْ يُرِدِ الْعِتْقَ لَمْ يَعْتِقُ وَقَالَ غَيْرُهُ يَعْتِقُ وَإِنْ لَمْ يُرِدْهُ كَمَا يَكُونُ مِنَ الْمُمَلَّكَةِ طَلَاقًا وَإِنْ لَمْ تُرِدْهُ وَإِنْ قَالَ الْعَبْدُ أَنَا أَدْخُلُ الدَّارَ وَأَرَدْتُ بِذَلِكَ الْعِتْقَ لَمْ يَعْتِقْ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ لَفْظِهِ وَقَالَ غَيْرُهُ لَوْ قَالَ أَنَا أَدْخُلُ أَوْ أَذْهَبُ أَوْ أَخْرُجُ لَمْ يَكُنْ هَذَا عِتْقًا إِلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْعِتْقَ لِأَنَّهُ يَصْلُحُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْعِتْقَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ قَالَ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ ادْخُلِ الدَّارَ يُرِيدُ بِهِ الْعِتْقَ عَتَقَ بِخِلَافِ قَوْلِ الْعَبْدِ لِأَنَّ الْعَبْدَ يَدَّعِي الْعِتْقَ إِذَا أَجَابَ بِغَيْرِ لَفْظِهِ كَالْمُمَلَّكَةِ تَقُولُ لَنَا أَدْخُلُ بَيْتِي وَتَقُولُ أَرَدْتُ الطَّلَاقَ لَا يُقْبَلُ مِنْهَا وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ بِذَلِكَ خِيَارٌ وَإِنْ كَانَا فِي الْمَجْلِسِ فِي قَول مَالِكٍ جَمِيعًا لِتَرْكِهِمَا مَا جُعِلَ لَهُمَا حِينَ أَجَابَا بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَعِتْقٍ وَتَمْلِيكُ الْعَبْدِ كَتَمْلِيكِ الْمَرْأَةِ ذَلِكَ فِي يَدِهِمَا مَا لَمْ يَفْتَرِقُوا مِنَ الْمَجْلِسِ أَوْ يَطُولُ حَتَّى يَرَى أَنَّهُمَا تَرَكَا ذَلِكَ وَلَوْ خَرَجَا مِنَ الَّذِي كَانَا فِيهِ إِلَى كَلَامِ غَيْرِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ تَرْكٌ لِمَا كَانَا فِيهِ بَطَلَ مَا جُعِلَ لَهُمَا وَهُوَ أول قَول مَالِكٍ وَبِهِ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَعَلَيْهِ جَمَاعَةُ النَّاسِ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ ذَلِكَ لَهَا وَإِنْ قَامَتْ مِنَ الْمَجْلِسِ إِلَّا أَنْ تُوقَفَ أَوْ تَتْرُكَهُ يَطَؤُهَا أَوْ يُبَاشِرُهَا وَنَحْوَ ذَلِكَ فَيَزُولُ مَا بِيَدِهَا وَكَذَلِكَ الْعِتْقُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ الْفَرْقُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ فِي اخْتِيَار النَّفس إِن اخْتَار الْعَبْدِ نَفْسَهُ قَدْ يُرَادُ بِهِ الْبَيْعُ وَمَقْصُودُ الْمَرْأَةِ مُنْحَصِرٌ فِي الطَّلَاقِ قَالَ

مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ إِنْ قَالَ الْعَبْدُ اخْتَرْتُ أَمْرِي أَوْ قَبِلْتُ أَمْرِي وَنَوَى الْعِتْقَ فَذَلِكَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ فَذَلِكَ بَاقٍ بِيَدِهِ مَتَى شَاءَ أَعْتَقَ نَفْسَهُ وَإِنْ أَجَابَا بِغَيْرِ مَا جُعِلَ لَهُمَا أُبْطِلَ فِي الْكِتَابِ مَا بِيَدِهِمَا بِخِلَافِ السُّكُوتِ الَّذِي يَتَرَتَّبُ فِيهِ الْجَوَابُ وَقَالَ أَشْهَبُ ذَلِكَ لَهُمَا مَا دَامَا فِي الْمَجْلِسِ وَقَوْلُهُمَا الْأَوَّلُ أَدْخُلُ بَيْتِي مِنَ الْعَبْدِ وَنَحْوِهِ كَالسُّكُوتِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا وَكَلَهُ عَلَى عِتْقِهَا فَقَالَ لَهَا ادْخُلِي الدَّارَ وَقَالَ أَرَدْتُ الْعِتْقَ لَمْ يُصَدَّقْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا لَا يُصَدَّقُ الْعَبْدُ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا قَالَ السَّيِّدُ ادْخُلِ الدَّارَ وَقَالَ أَرَدْتُ بِهِ الْعِتْقَ أَوِ الطَّلَاقَ لَمْ يَلْزَمْهُ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ إِذَا قُلْتَ هَذَا فَهُوَ حُرٌّ أَوْ طَالِقٌ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ صَرِيحًا وَلَا كِنَايَةً الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ إِنْ وَكَّلَتْهُمَا عَلَى عِتْقِهِ فَأَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا فَإِنْ فَوَّضْتَ ذَلِكَ إِلَيْهِمَا لَمْ يَعْتِقْ إِلَّا بِاجْتِمَاعِهِمَا لِأَنَّهُ ظَاهِرُ جَمْعِكَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ جَعَلْتَهُمَا رَسُولَيْنِ عَتَقَ وَكَذَلِكَ الطَّلَاقُ قَالَ أَشْهَبُ وَغَيْرُهُ لَوْ مَلَّكْتَهَا وَأَجْنَبِيًّا عِتْقَهَا فَلَا بُدَّ من اجْتِمَاعهمَا لِأَن لكل وَاحِد مِنْهُمَا واطئها انْتقض ذَلِك فالرابع حكم الْوَكِيلِ حُكْمُ الْمُوَكِّلِ وَتُقْبَلُ دَعْوَاهُ فِي الْبَيِّنَةِ وَيلْزم الْمُوكل بِخِلَاف العَبْد الْمُتَّهم لنَفسِهِ الرَّابِعُ يَنْفُذُ عِتْقُ السَّكْرَانِ وَتَدْبِيرُهُ دُونَ الْمَعْتُوهِ الْمُطْبِقِ وَالصَّبِيُّ وَإِنْ عَلَّقَ الْعِتْقَ ثُمَّ جُنَّ فَفعل مَا جلف عَلَيْهِ فِي جُنُونِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَالَ الصَّبِيُّ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ إِذَا احْتَلَمْتُ فَاحْتَلَمَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْيَمِينَ وَالْحِنْثَ لَا بُدَّ مِنْ حُصُولِهِمَا فِي زَمَانٍ يَنْفُذُ فِيهِ التَّصَرُّفُ وَأَحَدُهُمَا لَا يَسْتَقِلُّ إِجْمَاعًا وَالْإِكْرَاهُ يَمْنَعُ لُزُومَ الْعِتْقِ وَالْبَيْعِ وَغَيْرِهِمَا وَإِكْرَاهُ السُّلْطَانِ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ وَالتَّهْدِيدُ بِالضَّرْبِ إِكْرَاهٌ وَالتَّخْوِيفُ الَّذِي لَا يُشَكُّ فِيهِ وَالسَّجْنُ وَإِكْرَاهُ الزَّوْجِ بِالضَّرْبِ وَإِنِ افْتَدَتْ مِنْهُ بِشَيْءٍ رَدَّهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ

الْقَاسِمِ الْبِكْرُ الَّتِي فِي بَيْتِ أَهْلِهَا وَلَمْ تعنس وَلَا يَجُوزُ عِتْقُهَا وَلَا مَعْرُوفُهَا وَإِنْ أَجَازَهُ وَالِدُهَا لَا يَنْبَغِي لِلسُّلْطَانِ أَنْ يُجِيزَهُ وَهِيَ كَالصَّبِيِّ وَيَجُوزَ عِتْقُ الْمُعْنِسَةِ إِذَا أَنِسَ مِنْهَا الرُّشْدَ فِي بَيْتِ أَبِيهَا وَالْمَعْرُوفُ لِمَالِكٍ لَا يَنْفُذُ عِتْقُهَا وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُ الْبِكْرِ إِذَا دَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا وَإِنْ أَجَازَهُ الزَّوْجُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ رُشْدَهَا الْخَامِسُ فِي الْكِتَابِ دَفَعَ الْعَبْدُ لَكَ مَالا لتشتريه لنَفسك اَوْ تَشْتَرِيَهُ لِتُعْتِقَهُ فَفَعَلْتَ لَزِمَ الْبَيْعُ فَإِنْ كُنْتَ استثنيت مَاله لم تَغْرَمُ الثَّمَنَ ثَانِيَةً وَإِلَّا غَرَّمْتَهُ لِأَنَّ الْمَالَ بَقِيَ لِلْبَائِعِ وَيُعْتِقُ الَّذِي شَرَطَ الْعِتْقَ وَلَا يَتْبَعُكَ بِشَيْءٍ دُونَ الْآخَرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ مَالٌ بِيعَ عَلَيْكَ فِي الثَّمَنِ وَيُبَاعُ الْعَتِيقُ فِي ثَمَنِهِ إِلَّا أَنْ يَكْفِيَ بَعْضُهُ فَإِنْ زَادَ الثَّمَنُ عَلَى الْعَبْدِ فَالزَّائِدُ فِي ذِمَّتك وَإِن اشْترى العَبْد بِنَفسِهِ مِنْكَ شِرَاءً فَاسِدًا عَتَقَ وَلَا تَتْبَعُهُ بِقِيمَةٍ وَلَا غَيْرِهَا بِخِلَافِ شِرَاءِ غَيْرِهِ لِأَنَّكَ بِعْتَ مَالَكَ بِمَالِكَ فَكَأَنَّكَ الْمُعْتِقُ مِنْ غَيْرِ بَيْعٍ إِلَّا أَن يتبعهُ لِنَفْسِهِ بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ فَلَكَ عَلَيْهِ قِيمَةُ رَقَبَةٍ لِبُطْلَانٍ أَصْلِ الْعِوَضِ بِالْكُلِّيَّةِ وَقَالَ غَيْرُهُ هُوَ حُرٌّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ نَظَرًا لِمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي لَهُ بِخَمْرٍ عَتَقَ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ وَفِي النُّكَتِ إِذَا دَفَعَ لَكَ عَرَضًا وَقَالَ لَكَ اشْتَرِ لِنَفْسِكَ وَلَمْ تَسْتَثْنِ مَالَهُ فَأَنْتَ كَمَنِ اشْتَرَى سِلْعَةً بِسِلْعَةٍ فَاسْتَحَقَّتِ السِّلْعَةُ الَّتِي دُفِعَتْ فَلِسَيِّدِ الْعَبْدِ الرُّجُوع فِي غير عَبْدِهِ إِنْ كَانَ قَائِمًا لَمْ يَفُتْ وَإِنْ فَاتَ بِحِوَالَةِ سُوقٍ أَوْ غَيْرِهَا فَعَلَيْكَ قِيمَةُ الْعَبْدِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنْ قَالَ لَهُ الْعَبْدُ اشْتَرِنِي بِهَذَا الْمَالِ لِنَفْسِي فَفَعَلَ وَاسْتَثْنَى مَالَهُ عَتَقَ مَكَانَهُ لِأَنَّهُ مَالِكٌ نَفسه وَوَلَاؤُهُ لسَيِّده الْبَالِغ وَإِن لم يسْتَثْن مَاله عَاد رقا لبَائِعه وَالْمَال لَهُ وَلَا يتبعهُ المُشْتَرِي بِيَمِينِهِ مَلِيًّا أَوْ مُعْدَمًا وَالْبَيْعُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ حَتَّى يَعْلَمَ غَيْرُهُ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي مُبَاشرَة الْعُقُود أَن يكون لِلْمُبَاشِرِ فَإِنْ تَدَاعَيَا ذَلِكَ قَالَ أَصْبَغُ صُدِّقَ المُشْتَرِي اسْتثْنى

مَالَهُ أَمْ لَا لِأَنَّهُ ضَامِنٌ غَارِمٌ وَيَحْلِفُ إِنِ اسْتَثْنَى مَالَهُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْعَبْدُ وَكَانَ حُرًّا وَلَوْ لَمْ يَسْتَثْنِ مَالَهُ لَمْ يَحْلِفْ لِلْعَبْدِ وَلَوِ ادَّعَى الْبَائِعُ عَلَيْهِ أَنَّهُ إِنَّمَا اشْتَرَاهُ لِنَفْسِ الْعَبْدِ حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ وَغَرِمَ الثَّمَنَ ثَانِيَةً فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ السَّيِّدُ وَاسْتَحَقَّ الْعَبْدُ قَالَ أَصْبَغُ وَإِنِ اخْتَلَفَ السَّيِّدُ وَالْمُشْتَرِي فَقَالَ السَّيِّدُ مِنْ مَالِ عَبْدِي دَفَعْتَ إِلَيَّ وَصَدَّقَهُ الْعَبْدُ وَاتَّفَقُوا أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ صدق والمبتاع اسْتَثْنَى مَالَهُ أَمْ لَا فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ وَاسْتَحَقَّ الثَّمَنَ ثَانِيَةً فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي مَال وَأعْتق العَبْد رد الْعتْق وَبيع الثَّمَنُ عُرِفَ بَيْنَهُمَا مُعَامَلَةٌ قَبْلَ ذَلِكَ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ إِذَا اشْتَرَى شِرَاءً فَاسِدًا يَعْتِقُ وَيكون كَمَا بِعته كَانَ لَهُ غَيْرُهُ كَأَنَّكَ انْتَزَعْتَهُ مِنْهُ وَأَعْتَقْتَهُ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُيَسِّرٍ إِنْ أَعْتَقَهُ عَلَى خَمْرٍ فِي يَدِهِ فَهُوَ حُرٌّ وَيَكْسِرُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ فِي ذِمَّتِهِ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ رَقَبَتِهِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلْمُدَوَّنَةِ وَمَسْأَلَةُ الْمُدَوَّنَةِ إِذَا كَانَ مَضْمُونًا وَقَالَ يَنْبَغِي إِذَا كَانَ مَضْمُونًا أَنْ يعجل الْعَبْدَ وَيُتْبَعَ بِقِيمَتِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ بِعْتَ عَبْدَكَ مِنْ نَفْسِهِ بِأَمَتِهِ فَوَجَدْتَ بِهَا عَيْبًا لَمْ تَرُدَّهَا كَأَنَّكَ انْتَزَعْتَهَا وَأَعْتَقْتَهُ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ إِنْ قَاطَعْتَهُ عَلَيْهَا بِعَيْنِهَا رَدَدْتَهَا وَاتَّبَعْتَهُ بِقِيمَتِهَا وَلَوْ كَانَتْ يَوْمَ الْعَقْدِ لَيْسَتْ لَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ رَدَدْتَهَا بِالْعَيْبِ الَّذِي وَجَدْتَهُ وَنَفَذَتِ الْحُرِّيَّةُ وَاتَّبَعْتَهُ بِقِيمَتِهَا كَالْمُكَاتَبِ يُقَاطِعُكَ بِجَارِيَةٍ بِعَيْنِهَا فَتُوجَدُ مَعِيبَةً أَوْ تَسْتَحِقُّ فَإِنَّكَ تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ وَإِذَا دَفَعَ لَكَ عَرَضًا تَشْتَرِيهِ لَهُ بِالْوَكَالَةِ وَعَلِمَ بِهِ السَّيِّدُ قَبْلَ تَغْيِيرِ سُوقِهِ أَوْ بَدَنِهِ قُضِيَ لَهُ بِالْقِيمَةِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَخْذُهُ فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا أُخِذَتْ مِنْهُ الْقِيمَةُ وَإِلَّا اتُّبِعَ بِهَا وَإِنْ أَعْتَقْتَ وَأَنْتَ مُعْسِرٌ رُدَّ عِتْقُكَ وَبِيعَ فِي الْقِيمَةِ إِنْ تَغَيَّرَ سُوقُهُ وَإِلَّا أَخَذَهُ لِأَنَّ الْوَجْهَ الَّذِي تَغَيَّرَتْ بِهِ رَدٌّ مِنْ أَصْلِهِ وَيُبَاعُ عِنْدَ أَشْهَبَ فِي الْقِيمَةِ لِأَنَّهُ مَرَّتْ بِهِ حَالَةٌ فَاتَ بِهَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِنِ اسْتَثْنَيْتَ مَالَهُ عَتَقَ وَوَلَاؤُهُ لِسَيِّدِ الْأَوَّلِ لِبَائِعِهِ وَلَمْ يُفَرِّقْ

بَيْنَ كَوْنِ الثَّمَنِ عَيْنًا أَوْ عَرَضًا قَالَ أَصْبَغُ إِنْ قَالَ لِسَيِّدِهِ بِعْنِي نَفْسِي بِمِائَةٍ وَلَمْ يَقُلْ مِنْ نَفْسِي فَبَاعَ وَقَبَضَ الْمِائَةَ ثُمَّ قَالَ فَلَان أَعْطَانِيهَا لِأَشْتَرِيَ بِهَا نَفْسِي وَقد أعتق فُلَانٌ وَصَدَّقَهُ فُلَانٌ فَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ جَوَابًا لَا كَلَامًا أَوْ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ صدق وَكَانَ مَوْلَاهُ ووارثه وَإِنْ تَبَاعَدَ بَعْدَ الشِّرَاءِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ مِثْلُهُ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ الْمَالَ فَهُوَ كَالْأَوَّلِ أَوْ يَمْلِكُهُ لَمْ يُصَدَّقْ وَالْعِتْقُ مَاضٍ وَوَلَاؤُهُ لِسَيِّدِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ لَا يُصَدَّقُ الْعَبْدُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ فَيَبْطُلُ الْعِتْقُ وَيَكُونُ الْمَالُ لِلْأَمْرِ وَلَيْسَ لَهُ أَن يجْبر وَفعله وَإِذَا اشْتَرَى نَفْسَهُ بِعَبْدٍ آبِقٍ فِي مِلْكِهِ فَلَمْ يَجْدِهِ فَهَلْ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ لِأَنَّهُ قَصَدَ الْمُبَايَعَةَ أَوْ لَا لِأَنَّهُ انْتِزَاعٌ قَوْلَانِ السَّادِسُ فِي الْكتاب إِن حجد الْعتْق فاستغل واستخدم ووطىء ثمَّ ثَبت الْعتْق بِالْبَيِّنَةِ وَهُوَ يحجد فَلَا شَيْء عَلَيْك من ذَلِك وَإِن أقرّ بذلك وَلم تنْزع رددت الْغلَّة للْعَبد وَقِيمَة خِدْمَتِهِ وَيُحَدُّ فِي الْوَطْءِ كَمَنِ ابْتَاعَ حُرَّةً وَهُوَ يعلم بهَا وَإِن حلف لعتقه فَحَنِثَ وَاسْتَغَلَّهُ ثُمَّ مَاتَ وَكَاتَبَهُ وَوَرَثَتُهُ غَيْرُ عَالِمِينَ بِالْحِنْثِ ثُمَّ شَهِدَ بِالْعِتْقِ مَضَى الْعِتْقُ الْآنَ وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِغَلَّةٍ وَلَا كِتَابَةٍ وَكَذَلِكَ إِنْ جَرَحَهُ السَّيِّدُ أَوْ قَذَفَهُ وَثَبَتَ عِتْقُهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَالسَّيِّدُ جَاحِدٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ حُكْمِهِ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ وَقَالَ غَيْرُهُ إِنْ جَحَدَ السَّيِّدُ الْعِتْقَ فَثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ رَدَّ الْغلَّة وَلِلْعَبْدِ حكم الْحر فِيمَا مضى مرددا وجرح لَهُ أَوْ عَلَيْهِ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ أَوِ السَّيِّدِ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ يَثْبُتُ حُكْمُهَا مِنْ يَوْمِ شَهِدُوا أَنَّ الْعِتْقَ وَقَعَ فِيهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ جَحْدُ السَّيِّدِ مَعَ الْبَيِّنَةِ كَالْإِقْرَارِ إِلَّا فِي الْوَطْءِ لِأَنَّ الْجَحْدَ شُبْهَةٌ تَمْنَعُ الْحَدَّ إِلَّا أَنْ يُقِرَّ بِالتَّعَمُّدِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنْ أَقَرَّ وَقَدْ جَرَحَهُ خَطَأً فَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ دِيَةِ جَرْحِهِ عَبْدًا أَوْ حُرًّا لِلْعَبْدِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ثُلُثَ الدِّيَةِ فَأَكْثَرَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَقَرَّ أَوْ جَحَدَ لِأَنَّهُ إِقْرَارٌ على الْعَاقِلَة

وَالْقِيَاسُ أَنَّ عَلَيْهِ مَا يَلْزَمُهُ مَعَ الْعَاقِلَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِذَا اسْتَحَقَّ الْعَبْدُ فَإِنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ لَمْ يُرِدِ السَّيِّدُ مَا أَخَذَهُ مِنْ كِتَابَةٍ أَوْ غَلَّةٍ خِدْمَةٌ أَوْ خَرَاجٌ دون مَا انتزعه من مَاله أَفَادَهُ عِنْده أَمْ لَا وَدُونَ مَا قَبَضَهُ مَنْ أَرْشِ جِرَاحَاتِهِ وَقَطْعِ يَدِهِ لِأَنَّهُ لَا يَضْمَنُهُ لَوْ مَاتَ عِنْدَهُ بَلْ يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ قَالَ الْمُغيرَة يرد غَلَّته وَيُعْطِي الموطؤة صَدَاقَ الْمِثْلِ وَلَمْ يَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ الصَّدَاقَ لِأَن مُسْتَرَقُّ الْحُرِّ دَفَعَ ثَمَنًا انْتَفَعَ بِهِ فَيَنْتَفِعُ بمثمونه كَمَا اسْتَحَقَّ الْمِلْكَ وَالْفَرْقُ لِلْمُغِيرَةِ أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا هَلَكَ بِيَدِ مُشْتَرِيهِ ضَمِنَهُ وَلَا يَرْجِعُ بِثَمَنِهِ وَالْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ وَالْحُرُّ لَا يَضْمَنُهُ حُرٌّ وَلَوْ هَلَكَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي رَجَعَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ قَالَ اللَّخْمِيُّ جَعَلَ مَالِكٌ الْجَاحِدَ فِي الْكِتَابِ لَهُ شُبْهَةُ الْمِلْكِ وَحَمَلَهُ عَلَى النِّسْيَانِ كَمَنْ طَلَّقَ ثُمَّ أَصَابَ عَلَى شُبْهَةِ الْعَقْدِ الْمُتَقَدِّمِ أَنَّهُ لَا صَدَاقَ لَهَا السَّابِعُ فِي الْكِتَابِ إِنْ أَعْتَقَ عَبْدًا مِنَ الْغَنِيمَةِ وَلَهُ فِيهَا نَصِيبٌ لَمْ يَجُزْ عِتْقُهُ وَإِنْ وَطِئَ فِيهَا حُدَّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يقطع للسرقة وَقَالَ غَيره لَا يحد للزِّنَا وَيُقْطَعْ إِنْ سَرَقَ فَوْقَ حَقِّهِ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي الْغَنِيمَةِ وَاجِبٌ مَوْرُوثٌ بِخِلَافِ بَيْتِ الْمَالِ وَوَافَقَ الْجَمِيعُ ابْنَ الْقَاسِمِ فِي الْعتْق إِلَّا قولا أَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلْ يُلَاحَظُ حَقُّهُ فِي الْغَنِيمَةِ أَوْ أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَبِيع هَذِه وَلَا يُعْطِيهِ لغيره وَلَا حَظّ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ حِصَّتَهُ مِنَ الْجِنْسِ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ فَلَا يُعْلَمُ مَا يَقُولُ لِشُرَكَائِهِ قَالَ وَهَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ فِي الْجَيْشِ الْعَظِيمِ وَأَمَّا فِي السَّرِيَّةِ الْيَسِيرَةِ فَحِصَّتُهُ مَعْلُومَةٌ فَيَعْتِقُ عَلَيْهِ وَيقوم وَلَا يحد للزِّنَا بِاتِّفَاقٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ سَحْنُونٌ يَمْضِي عِتْقُهُ مِنَ الْمَغْنَمِ وَيَغْرَمُ نَصِيبَ أَصْحَابِهِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ عَتَقَ نَصِيبُهُ وَغَرَمَ بَقِيَّتَهُ وَإِنْ أَحْبَلَ أَمَةً لَا يُحَدُّ وَغَرِمَ الْقِيمَةَ يَوْمَ أَحْبَلَهَا لِأَمِيرِ الْجَيْشِ وَإِنْ تَفَرَّقُوا تَصَدَّقَ بِهِ وَإِنْ كَانَ عَدِيمًا فَلَهُ نَصِيبُهُ بِحِسَابِ أُمِّ وَلَدٍ وَيُبَاعُ بَاقِيهَا الثَّامِنُ فِي الْكِتَابِ إِنْ أَسْلَمَ عَبْدُ النَّصْرَانِيِّ ثُمَّ أَعْتَقَهُ قَضَى عَلَيْهِ بِعِتْقِهِ لِأَنَّهُ حُكْمٌ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَنَصْرَانِيٍّ ذِمِّيٍّ وَإِذَا دَخَلَ الْحَرْبِيُّ بِأَمَانٍ فَكَاتَبَ عَبْدَهُ أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ فَلَهُ بَيْعُهُ وَكَذَلِكَ النَّصْرَانِيُّ إِنْ أَعْتَقَ عَبْدًا نَصْرَانِيًّا إِلَّا أَن

يَرْضَى أَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ فَيَحْكُمُ عَلَيْهِ بِحُرِّيَّتِهِ وَكَذَلِكَ لَا يَقُومُ عَلَيْهِ حِصَّةُ شَرِيكِهِ وَإِنْ دَبَّرَ أَوْ كَاتَبَ لَمْ يُمْنَعِ الْآنَ الْبَيْعَ لِأَنَّا لَا نَعْرِضُ لَهُمْ فِي أَمْوَالِهِمْ وَلَا نِسَائِهِمْ إِلَّا أَنْ يُسْلِمَ الْعَبْدُ وَهُوَ بِيَدِهِ فيواجر الْمُدَبِّرَ وَتُبَاعُ كِتَابَةُ الْمُكَاتَبِ لِأَنَّهُ لَا يُقِرُّ مِلْكَهُ عَلَى مُسْلِمٍ فَإِنْ بَتَلَ الْعِتْقَ فِي نَصْرَانِيٍّ أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ حَلَفَ بِذَلِكَ ثُمَّ حَنِثَ بَعْدَ إِسْلَامِهِ أَوْ قَبْلَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ وَكَذَلِكَ جَمِيع أيمانه فِي التَّنْبِيهَاتِ إِذَا دَبَّرَ النَّصْرَانِيُّ أَوْ كَاتَبَ فَأَسْلَمَ الْعَبْدُ فَفَسَخَ النَّصْرَانِيُّ ذَلِكَ لَمْ يَعْرِضْ لَهُ إِنْ دَبَّرَ قَبْلَ إِسْلَامِ الْعَبْدِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَرُوِيَ فِيهَا إِنْ كَانَ رَدُّهُ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ الْعَبْدُ قَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ وَهُوَ أَصْوَبُ وَقَدْ جَاءَ مُفَسَّرًا فِي الْعُتْبِيَّةِ لَيْسَ لَهُ رَدُّهُ بَعْدَ إِسْلَامٍ لِأَنَّهُ حُكْمٌ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ فَيُحْكَمُ فِيهِ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ وَفِي النُّكَتِ قَالَ بَعْضُ الْقُرَوِيِّينَ إِذَا أَعْتَقَ نَصْرَانِيٌّ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ الْعَبْدُ أَوِ السَّيِّدُ لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِحُرِّيَّتِهِ وَلَهُ الرُّجُوعُ مَا لَمْ يَبِنْ عَنْهُ عَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَخَالَفَهُ مُحَمَّدٌ وَإِنَّمَا مَنَعَ بَعْدَ بَيْنُونَتِهِ عَنْهُ لتوجه الْحُرِّيَّة عَلَيْهِ لِلْمُسْلِمِينَ فَلَا يُبْطِلُهُ النَّصْرَانِيُّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَإِذا أسلم العَبْد الْمُدبر واجرتاه فَمَاتَ السَّيِّد نَصْرَانِيّا عتق فِي ثُلُثِهِ إِنْ حَمَلَهُ وَإِلَّا فَمَبْلَغُ الثُّلُثِ وَوَرِثَ مَا بَقِيَ فَإِنْ كَانَ وَارِثُهُ نَصْرَانِيًّا خُيِّرَ عَلَى بَيْعِ مَا صَارَ لَهُ أَوْ مُسْلِمًا أَوْ لَا وَارِثَ لَهُ فَمَا رَقَّ مِنْهُ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَرِثُ كَافِرًا وَقيل فِي الدَّاخِل وَأما أَن لَا تُفْسَخَ الْكِتَابَةُ لِأَنَّهُ مِنَ التَّظَالُمِ بَيْنَهُمْ قَالَ مَالِكٌ إِلَّا أَنْ يُسْلِمَ الْعَبْدُ قَبْلَ ذَلِكَ تَلْزَمُهُ الْكِتَابَةُ وَالتَّدْبِيرُ وَإِذَا أَعْتَقَ النَّصْرَانِيُّ عَبْدَهُ وَأَسْلَمَ الْعَبْدُ إِنْ بَانَ عَنْهُ وَصَارَ كَالْأَحْرَارِ لَا يَرْجِعُ فِي عِتْقِهِ وَإِنْ كَانَ يَسْتَخْدِمُهُ كَمَا كَانَ حَتَّى أَسْلَمَ فَلَهُ الرُّجُوعُ كَمَا لَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ فَلَهُ حَبْسُهَا إِنْ لَمْ تَبِنْ عَنْهُ وَإِلَّا فَلَا وَلَيْسَ لَهُ نَقْضُ تَدْبِيرِ الْمُدَبَّرِ يُسْلِمُ وَالْفَرْقُ أَنَّ شَأْنَ الْعِتْقِ بَيْنُونَةُ الْعَتِيقِ بِنَفْسِهِ

فَلَمَّا بَقِيَ فِي خِدْمَتِهِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُعْتِقْهُ وَلَيْسَ شَأْنُ التَّدْبِيرِ الْبَيْنُونَةَ فَلِذَلِكَ لَزِمَ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عَدَمُ الْفَرْقِ وَأَنَّ ذَلِكَ يَثْبُتُ بِإِسْلَامِ الْعَبْدِ وَإِنْ لَمْ يَبِنْهُ فِي الْعِتْقِ فَلِلْعِتْقِ سَبَبَانِ الْعِتْقُ وَالْإِسْلَامُ وَلَا يُحْكَمُ عَلَى الْعَبْدِ بِعَدَمِ الْبَيْنُونَةِ لِأَنَّهُ يَقُولُ لَوْ كَانَتِ الْبَيْنُونَةُ لَرَجَعَ فِي الْعِتْقِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عِتْقُهُ بَاطِلٌ إِلَّا بِإِسْلَامِ أَحَدِهِمَا فَيَصِيرُ حُكْمًا بَيْنَ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ فَيُحْكَمُ فِيهِ بِأَحْكَامِ الْإِسْلَامِ قَالَ وَيَلْزَمُ عَلَى تَعْلِيلِ صَاحِبِ النُّكَتِ الْمُتَقَدِّمِ إِذَا كَانَ الْمُعْتق أمة اَوْ زَوْجَة لاتنفعها الْبَيْنُونَة لِأَنَّهُمَا لَا يلْزم حُرِّيَّةٌ وَهُوَ خِلَافُ الْمَنْقُولِ وَإِنَّمَا الْعِلَّةُ إِذَا بَانَ عَنْهُ فَقَدْ فَعَلَ مُوجِبَ الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ وَأَلْزَمَهُ نَفْسَهُ فَالرُّجُوعُ فِيهِ تَظَالُمٌ بَيْنَهُمْ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ بَلْ ذَلِكَ كَالْهِبَةِ وَالْبَيْنُونَةُ قَبْضٌ فَيُمْنَعُ الرُّجُوعُ وَإِذَا أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ النَّصْرَانِيَّيْنِ وَأَنْفَذَ الْعِتْقَ لَيْسَ لِشَرِيكِهِ التَّقْوِيمُ عَلَيْهِ وَلَهُ قِيمَةُ عَيْبِ الْعِتْقِ لِأَنَّهُ مِنَ التَّظَالُمِ قَالَ الْمُغِيرَةُ إِذَا حَلَفَ النَّصْرَانِيُّ بِعِتْقِ غُلَامِهِ وَطَلَاقِ امْرَأَتِهِ ثُمَّ حَنِثَ فَرَفَعَ الْغُلَامُ أَوِ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ إِلَى السُّلْطَانِ أَلْزَمَهُ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ أُمُّ الْوَلَدِ إِذَا مَاتَ عَنْهَا وَاسْتَرْعَتْ حُكْمَ الْمُسْلِمِينَ وَعَنِ الْقَاضِي إِسْمَاعِيلَ يُحَدُّ إِذَا زَنَا حَدَّ الْبِكْرِ وَكُلُّ ذَلِكَ ضَعِيفٌ التَّاسِعُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أقرّ الْوَارِث اَوْ شهد أَن موروثه أَعْتَقَ هَذَا فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهُ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ وَإِقْرَارُهُ وَلَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْتَقْ وَرَقَّ الْعَبْدُ وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُقِرِّ بَيْعُ حِصَّتِهِ فَيُجْعَلُ ثمنه فِي رقبته يعتقها وَيكون ولاؤها لأَبِيهَا وَلَا يجْبر على ذَلِك ومالا يبلغ رَقَبَة فِي رَقَبَة فَإِن لم يجد فَفِي أَخذ نُجُوم كِتَابَة فَإِن ترك الْمَيِّت عمد آخر وَطلب الْوَرَثَة الْقِسْمَة فَوَقع الْمقر بِهِ لِلْمُقِرِّ عَتَقَ بِالْقَضَاءِ وَإِنِ اخْتَلَفَ اثْنَانِ فَقَالَ

أَحدهمَا أعتق أَي هَذَا وَقَالَ الْآخَرُ بَلْ هَذَا قُسِّمَتِ الْعَبِيدُ فِيمَن وَقَعَ فِي سَهْمِهِ مَنْ أَقَرَّ بِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ مَا حَمَلَ الثُّلُثَ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ لَهُ أَخْرَجَ مِقْدَارَ نِصْفِ ذَلِكَ الْعَبْدِ إِنْ حَمَلَهُ ثُلُثُ الْمَيِّتِ فَيُجْعَلُ فِي رَقَبَةٍ أَوْ يُعَيَّنُ بِهِ فِي رَقَبَةٍ وَلَا يُؤْمَرُ هَاهُنَا بِالْبيعِ لانقسام العبيد وَمَا لَا تَنْقَسِم فالكالعبد الْوَاحِد كَمَا تقدم فِي النُّكَتِ حَيْثُ أَمَرَ بِالْبَيْعِ فِي حِصَّتِهِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَتَقَ عَلَيْهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمِلْكِ ثَانِيًا وَبَيْنَ إِقْرَارِهِ أَوَّلًا أَنَّ الْإِرْثَ جَرّه إِلَيْهِ وَالْمُشْتَرِي منحان لِلْمَالِكِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا أَقَرَّ أَحَدُ الْوَرَثَةِ أَوْ شَهِدَ فَرْدٌ لَكَ فَكُلُّ وَارِثٍ مَالِكٌ نِصَابَهُ فَيَتَوَرَّعُ عَنْ خِدْمَتِهِ وَلَوْ قَالَ أَجَزْتُ عِتْقَ نِصَابِي عَتَقَ وَلَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَرَدُّ الشَّهَادَةِ لِلتُّهَمَةِ فِي جر الْوَلَاء وَإِن ملك الْوَارِث الشَّاهِد اَوْ الْمُقِرُّ الْعَبْدَ يَوْمًا عَتَقَ عَلَيْهِ إِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ رَجَعَ عَنْ شَهَادَتِهِ أَمْ لَا إِذَا كَانَ عَتَقَ الْمَيِّتُ فِي مَرَضِهِ وَلَوْ قَالَ فِي صِحَّتِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ مِلْكُ شَيْءٍ مِنْهُ أَبَدًا وَلَوْ أَعْتَقَهُ فِي مَرَضِهِ وَمَعَهُ وَصَايَا فَقُدِّمَ عَلَيْهَا وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهُ فَقَطْ فَإِنَّهُ مَتَى مَا مَلَكَ مِنْهُ شَيْئًا عَتَقَ عَلَيْهِ مِلْكَهُ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ وَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الْوَصَايَا تُقَدَّمَ عَلَيْهِ عَتَقَ عَلَيْهِ أَيْ أَمْلَكَهُ بِمَا كَانَ يَحْصُلُ لَهُ مِنَ الْعِتْقِ فِي تَبْدِيَةِ غَيْرِهِ أَوْ مُسَاوَاتِهِ لَهُ وَكَذَلِكَ إِذَا لَمْ يَمْلِكْهُ وَإِنَّمَا صَارَ لَهُ مِنْهُ دَنَانِيرُ أَوْ دَرَاهِمُ أَوْ عَرَضٌ وَإِنْ شَهِدَ الْوَارِثُ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى بِعِتْقِ بَقِيَّةِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ عَتَقَ نَصِيبُ الشَّاهِدِ فَقَطْ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فَسَادٌ عَلَى الْوَرَثَةِ لِأَنَّ بَعْضَهُ حُرٌّ وَيَحْلِفُ الْبَاقُونَ على علمهمْ وَإِن كَانَ مَعَ الْوَارِثُ مَنْ لَا يَرِثُ الْوَلَاءَ وَالْعَبْدُ مِمَّنْ يُرْغَبُ فِي وَلَائِهِ بَطَلَتِ الشَّهَادَةُ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُ حُرًّا وَمَتَى مَلَكَهُ عَتَقَ عَلَيْهِ وَلَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ بَقِيَّتُهُ وَمَا عَتَقَ بِهَذَا الْوَجْهِ فَوَلَاؤُهُ لِلْمَيِّتِ وَلِمَنْ يَرِثُهُ عَنْهُ وَإِذَا كَانَ وَارِثٌ وَاحِدٌ هُوَ الشَّاهِدَ بِالْعِتْقِ أَوْ وَارِثَانِ لَمْ يَرِثْهُ غَيْرُهُمَا عَتَقَ جَمِيعَ الْعَبْدِ كَانَ الشَّاهِدُ عَدْلًا أَمْ لَا وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُوَلَّى عَلَيْهِ وَالَّذِي قَالَ فِي

الْمُدَوَّنَةِ فِيهِ يُجْعَلُ مَا صَارَ لَهُ فِي رَقَبَةٍ مِنْ غَيْرِ إِجْبَارٍ قَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ يَعْتِقُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِحُرِّيَّتِهِ قَالَ وَنَقْلُ الثُّلُثِ الْمُتَقَدِّمِ مُشْكِلٌ قَالَ وَلَا أَعْلَمُ فِي أُصُولِنَا عَبْدًا يَجُوزُ مِلْكُهُ وَبَيْعُهُ فَإِذَا اشْتَرَاهُ عَتَقَ عَلَيْهِ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ إِذَا اشْتَرَى بَعْضَهُ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِيَهُ كُلَّهُ مِمَّا لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِالْمِيرَاثِ إِلَّا أَنْ يَمْلِكَهُ كُلَّهُ وَالسَّبَبُ دُخُولُ الضَّرَرِ عَلَى بَقِيَّةِ الشَّرِكَةِ قَالَ مَالِكٌ وَإِذَا تَرَكَ عَبْدَيْنِ قِيمَتُهُمَا سَوَاءٌ لَمْ يَتْرُكْ غَيْرَهُمَا وَتَرَكَ وَلَدَيْنِ تَنَازَعَا أَيُّهُمَا عَتَقَ واقتسما وَوَقع لكل وَاحِد الَّذِي يشْهد بِهِ عتق مِنْهُ ثلثه مثل أَن يكون فِيهِ كل عبد ثَلَاثِينَ وَثَلَاث للْمَيت عشرُون وَهُوَ ثلث الْعَبْدِ لِأَنَّ صَاحِبَهُ لَوْ صَدَّقَهُ كَانَ الَّذِي يَعْتِقُ مِنْهُ وَقَالَ الْبَرْقِيُّ إِنْ لَمْ يَحْمِلَا الْقِسْمَةَ تَقَاوَمَاهُمَا وَإِنْ صَارَ لِكُلِّ وَاحِدٍ الْعَبْدُ الَّذِي لَمْ يُقِرَّ بِهِ أَمَرَ بِإِخْرَاجِ ثُلُثِ قيمَة الَّذِي صَار لَهُ فَجعله فِي رَقَبَةٍ بِغَيْرِ قَضَاءٍ أَوِ الْعَبْدِ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ عَتَقَ عَلَيْهِ ثُلُثَاهُ بِالْقَضَاءِ لِأَنَّ قِيمَتَهُمَا سَوَاءٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا تَرَكَ أبنات وَثَلَاثَةَ أَعْبُدٍ فَقَالَ أَعْتَقَ أَبِي هَذَا ثُمَّ قَالَ بَلْ هَذَا ثُمَّ قَالَ بَلْ هَذَا وَقِيمَتُهُمْ سَوَاءٌ عَتَقَ عَلَيْهِ الثَّلَاثَةَ لِوُجُودِ الْإِقْرَارِ فِي الْجَمِيعِ وَإِنِ اخْتَلَفَتْ قِيمَتُهُمْ عُتِقَ مِنْ كل وَاحِد ثلث الْمَيِّت وَهُوَ ثلث قيمتهم وَمِنَ الثَّانِي ثُلُثُ قِيمَةِ الِاثْنَيْنِ وَثُلُثُ مَا بَقِيَ مِنَ الْأَوَّلِ وَمِنَ الثَّالِثِ ثُلُثُهُ وَثُلُثُ مَا رق من صَاحبه إِنْ رَقَّ شَيْءٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنِ اسْتَوَتِ الْقِيمَةُ وَلَمْ يَتْرُكَ غَيْرَهُمْ عَتَقَ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ ثُلُثُ الْمَيِّتِ وَثُلُثُ الثَّانِي لَا ثُلُثُ مَا بَقِيَ وَأَرْبَعَةُ أَتْسَاعِ الثَّالِثِ لِأَنَّهُ أَيْضًا ثلث مَا بَقِي قَالَ اللَّخْمِيّ قَرَار بَعْضِ الْوَرَثَةِ لَا يُقْبَلُ كَانَ مِنَ الْعَبْدِ الَّذِي ينْقض عِتْقَهُ قِيمَةُ مَا بَقِيَ أَمْ لَا وَفِي إِقْرَارِ الْوَارِثِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ يَرِقُّ نَصِيبُهُ وَيَبْطُلُ إِقْرَارُهُ وَيَجُوزُ وَيَعْتِقُ نَصِيبُهُ وَلَا يُقَوَّمُ وَالثَّالِثُ يَعْتِقُ وَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ نَصِيبُ شُرَكَائِهِ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ أَنْ يَكُونَ الْعِتْقُ مِنْهُ وَيُنْسَبُ ذَلِكَ لِلْمَيِّتِ وَهل

بُطْلَانُ الْعِتْقِ وَالْإِقْرَارِ لِأَنَّهُ يُدْخِلُ عَيْبًا عَلَى الْوَرَثَةِ أَوْ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى عِتْقٍ مِنْ غير استكمال فَاعْتبر فِي الْمُدَوَّنَة حَتَّى الشُّرَكَاء وَلذَلِك أجَازه إِذا كَانَا عَبْدَيْنِ فاقتسماها وَعَلَى هَذَا إِذَا لَمْ يَنْقُصْ أَوْ دَفَعَ النَّقْصَ يَجُوزُ وَإِنْ كَرِهَ الشُّرَكَاءُ وَكَذَلِكَ إِنْ رَضِيَ الشُّرَكَاءُ بِالْعَبْدِ وَإِذَا شَهِدَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ وَهُوَ عَدْلٌ فَلِلْعَبْدِ تَحْلِيفُ الْكِبَارِ الرُّشَّدِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِمْ صَغِيرٌ أَوْ سَفِيه لأَنهم أَقَرُّوا حِينَئِذٍ لَمْ يَعْتِقْ وَعَلَى قَوْلِهِ لَوْ حَلَفَ أَحَدُ الْكِبَارِ لَمْ يَحْلِفِ الْبَاقِينَ لِأَنَّهُمْ لَوْ أَقَرُّوَا لَمْ يَعْتِقْ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الثَّانِي فَإِنْ حَلَفَ لَمْ يَحْلِفِ الثَّالِثُ وَعَلَى الْقَوْلِ بِعِتْقِهِ يَحْلِفُ كُلُّهُمْ فَمَنْ أَقَرَّ عَتَقَ نَصِيبُهُ وَإِنْ نَكَلَ سُجِنَ حَتَّى يَحْلِفَ وَإِنْ شهد اثْنَان من الْوَرَثَة وَلم يعد لَا لَمْ يَعْتِقْ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَعَلَى الآخر يعْتق انصبائهما وَإِنْ كَانَا غَيْرَ عَدْلَيْنِ وَالْوَلَاءُ يَثْبُتُ لِجَمِيعِهِمْ الْمُقِرِّ وَالْمُنْكِرِ وَلِلْمُنْكِرِ خَاصَّةً قُضِيَ بِعِتْقِهِ أَوْ لِلْمُقِرِّ خَاصَّةً كَالْإِخْوَةِ لِلْأَبِ وَالْإِخْوَةِ أَوْ رِجَالٍ وَنسَاء وَالْعَبْد يُرْغَبُ فِي وَلَائِهِ جَازَتِ الشَّهَادَةُ وَإِنْ كَانَ يَرْغَبُ فِي وَلَاءٍ رَدَّهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَجَازَهَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ تَنْبِيهٌ وَافَقَنَا الْأَئِمَّةُ عَلَى عَدَمِ نُفُوذِ عِتْقِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالْمَحْجُورِ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ يَصِحُّ عِتْقُ الصَّبِيِّ وَطَلَاقُهُ وَقَالَ ح لَا يَصِحُّ لِعَدَمِ تَمَامِ مِلْكِهِ بِدَلِيلِ إِبَاحَةِ أَخْذِهِ مِنْهُ وَوَافَقَنَا ش أَنَّ عِتْقَ الْمَرِيضِ الْمَدْيُونِ يُرَدُّ بِالدَّيْنِ وَيُبَاعُ فِيهِ قَالَ ح يَصح ومتعا العَبْد فِي قِيمَته فيمر فِي الدَّيْنِ لِأَنَّهُ عِتْقٌ فِي مِلْكِهِ فَيَصِحُّ كَالصَّحِيحِ وَجَوَابُهُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الصَّحِيحَ ذِمَّتُهُ بَاقِيَةٌ فَأَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ وَالْعِتْقِ بِخِلَافِ الْمَرِيضِ مَعَ أَنَّا نَمْنَعُ الْحُكْمَ عَلَى أَصْلِنَا وَمَتَى تقدم

(وفي الركن ستة فروع)

الدّين أبطلنا فيهمَا الرُّكْن الثَّانِي الْعَتِيق وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ كُلُّ إِنْسَانٍ مَمْلُوكٍ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِرَقَبَتِهِ حَقٌّ لَازِمٌ وَلَا وَثِيقَةٌ عَلَى الْخِلَافِ وَالتَّفْصِيلِ فِي عِتْقِ الرَّهْنِ (وَفِي الرُّكْنِ سِتَّةُ فُرُوعٍ) الْأَوَّلُ مَا فِي الْكِتَابِ إِنْ أَعْتَقَ مَا فِي بَطْنِ أَمَتِهِ أَوْ دَبَّرَهُ وَهِيَ حَامِلٌ يَوْمَئِذٍ فَمَا أَتَتْ بِهِ مِنْ ذَلِكَ إِلَى أَقْصَى حَمْلِ النِّسَاءِ فَهُوَ حُرٌّ وَلَوْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ وَلَا يَعْلَمُ أَنَّ فَسَادًا يَوْمَ يَعْتِقُ إِلَّا مَا وَضَعَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ أَعْتَقَ كَالْمَوَارِيثِ وَإِذَا وُلِدَ مَنْ يَرِثُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَمْ يَرِثْ وَلَوْ كَانَتْ يَوْمَ الْعِتْقِ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ مِنْ زَوْجٍ أَوْ غَيْرِهِ عَتَقَ مَا أَتَتْ بِهِ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَرْبَعِ سِنِينَ لِأَنَّهُ أَقْصَى مَا يُلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ قَالَ غَيْرُهُ إِنْ كَانَ الزَّوْجُ مُرْسَلًا عَلَيْهَا وَلَيْسَتْ بَيِّنَةَ الْحَمْلِ انْتَظَرَتْ إِلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا أَوْ صَبِيًّا فَمَا وَلَدَتْهُ إِلَى أَقْصَى النِّسَاءِ فَهُوَ حُرٌّ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يسترق الْوَلَد بِالشَّكِّ فلعلها كَانَت حَامِلا يَوْمَ الْعِتْقِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ عتق مَا فِي بطن أمته فِي صِحَّته لاتباع وَهِيَ حَامِلٌ إِلَّا فِي قِيَامِ دَيْنٍ اسْتَحْدَثَهُ قَبْلَ عِتْقِهِ أَوْ بَعْدَهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرَهَا وَيَرِقُّ جَنِينُهَا لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ فَإِنْ قَامَ الْغُرَمَاءُ بَعْدَ الْوَضْعِ وَالِدَّيْنِ بَعْدَ الْعِتْقِ عَتَقَ الْوَلَدُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَلَدَتْهُ فِي مَرَضِ السَّيِّدِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ وَتُبَاعُ الْأُمُّ وَحْدَهَا فِي الدَّيْنِ أَوْ قَبْلَ الْعِتْقِ بِيعَ الْوَلَدُ لِلْغُرَمَاءِ إِنْ لَمْ تف الْأُم بِالدّينِ وَفِي هَذَا الْجَنِينِ عِتْقُ جَنِينِ الْأَمَةِ إِذَا طُرِحَ لِأَنَّهُ لَا يَعْتِقُ إِلَّا بَعْدَ الْوَضْعِ وَلَوِ اسْتَهَلَّ صَارِخًا ثُمَّ مَاتَ فَفِيهِ الدِّيَةُ بِاسْتِهْلَالِهِ مَعَ الْقَسَامَةِ قَالَهُ مَالِكٌ وَإِنْ أَوْصَى لَكَ بجنين وَمَات الْمُوصي وَأعْتقهُ وَجَنَى عَلَيْهِ وَاسْتَهَلَّ بَعْدَ الْوَضْعِ فَفِيهِ عَقْلُ حُرٍّ وَكَذَلِكَ الْمَوْهُوبُ لَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَالصَّوَابُ مُرَاعَاةُ يَوْمِ الْمَوْتِ كَمَا قَالَهُ مَالِكٌ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ ثُمَّ مَاتَ لوَارث الْإِسْلَام ووارثوه إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْجُرْحُ أَنْفَذَ مَقَاتِلَهُ

الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِذَا أَعْتَقَ حَامِلًا عُتِقَ جَنِينُهَا وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ لِأَنَّهُ كَعُضْوٍ مِنْهَا قَالَ رَبِيعَةُ وَإِنِ اسْتَثْنَاهُ كَانَ حُرًّا وَلَا يَنْفَعُهُ اسْتِثْنَاؤُهُ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ إِذَا وَهَبْتَ الْجَنِين اَوْ أوصيت ثُمَّ وَهَبْتَ أُمَّهُ لِآخَرَ وَأَعْتَقَهَا هُوَ أَوْ وَارثه بعد مَوته عتق الْجَنِين تبعا لقيمتها وَسَقَطَتِ الْقِيمَةُ وَغَيْرُهَا وَإِنْ وَهَبْتَ عَبْدًا أَوْ أَخَدَمْتَهُ لِرَجُلٍ حَيَاتَهُ ثُمَّ أَعْتَقْتَهُ قَبْلَ الْحَوْزِ نَفَذَ الْعِتْقُ وَبَطَلَ سِوَاهُ عَلِمَ الْمُعْطِي بِالْهِبَةِ أَمْ لَا لِأَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ مَشْرُوطَةٌ بِبَقَاءِ الْمِلْكِ فَتَبْطُلُ لِبُطْلَانِ شَرْطِهَا كَمَا لَوْ مَاتَ فِي النُّكَتِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا تَصَدَّقَ بِأَمَتِهِ عَلَى رَجُلٍ وَبِجَنِينِهَا عَلَى آخَرَ فَوَضَعَتْ أَخَذَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَا وُهِبَ لَهُ فَإِنْ أَعْتَقَهَا الْمُتَصَدِّقُ عَلَيْهِ بِهَا قَبْلَ الْوَضْعِ عُتِقَتْ هِيَ وَجَنِينُهَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِنَّمَا يَكُونُ لِلْمُتَصَدِّقِ عَلَيْهِ بِالْأُمِّ حَتَّى تَضَعَ وَيَبْطُلَ عِتْقُهُ وَاخْتَارَهُ مُحَمَّدٌ لِأَنَّهُ لَا تَصِيرُ لَهُ الْأُمُّ إِلَّا بَعْدَ الْوَضْعِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ إِنْ أعتق صَاحب الْوَلَدَ فَلَا عِتْقَ لَهُ حَتَّى تَضَعَ فَتَتِمُّ حُرِّيَّتُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا تَصَدَّقَ بِالرَّقَبَةِ عَلَى رَجُلٍ وَبِالْجَنِينِ عَلَى آخَرَ فَفَلَّسَ صَاحِبُ الرَّقَبَةِ بِيعَتْ بِمَا فِي بَطْنِهَا أَوْ صَاحِبُ الْجَنِينِ لَمْ يُبَعْ حَتَّى تَضَعَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا تُبَاعُ فِي دَيْنِ صَاحِبِ الرَّقَبَةِ حَتَّى تَضَعَ لِأَنَّهَا يَوْمَئِذٍ تَتَعَيَّنُ لَهُ كَمَا لَوِ اسْتَثْنَى خِدْمَتَهَا سَنَةً وَلَيْسَ كَسَيِّدِهَا الْأَوَّلِ وَلَوْ جَنَّتْ فَافْتَدَاهَا صَاحِبُ الرَّقَبَةِ لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِ الْجَنِينِ شَيْءٌ وَإِنْ أَسْلَمَهَا رَقَّتْ مَعَ جَنِينِهَا كَانَ قَدْ أَعْتَقَ الْجَنِينُ صَاحِبَهُ أَمْ لَا وَلَوْ أَعْتَقَهَا صَاحِبُهَا ثُمَّ جَنَّتِ اتُّبِعَتْ بِالْأَرْشِ وَمَنْ أَعْتَقَ جَنَيْنَ أَمَتِهِ وَعَلِمَ غُرَمَاؤُهُ بِعِتْقِهِ وَقَامُوا قَالَ أَبُو عِمْرَانَ تُبَاعُ لَهُمْ بِمَا فِي بَطْنِهَا لِضَعْفِ عِتْقِ الْجَنِينِ لِأَنَّهَا تُبَاعُ فِي الدَّيْنِ الْمُسْتَحْدَثِ مَعَ جَنِينِهَا وَإِنْ بِيعَتْ فِي الدَّيْنِ الْمُسْتَحْدَثِ بِجَنِينِهَا ثُمَّ رُدَّتْ بِعَيْبٍ وَقَدْ وَلَدَتْ لَا يُبَاعُ الْوَلَدُ الْآنَ لِأَنَّهُ الْآن مُسْتَقْبل لَا يَبِيعهَا أَوْلَادهَا كَعُضْوٍ مِنْهَا الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَعْتَقَهُ وَلَهُ عَلَى السَّيِّدِ دَيْنٌ رَجَعَ عَلَيْهِ إِلَّا أَن يستثنيه

السَّيِّدُ أَوْ يَسْتَثْنِيَ مَالَهُ لِأَنَّ الْعَبْدَ يَتْبَعُهُ مَا لَهُ فِي الْعِتْقِ قَالَ رَبِيعَةُ عَلِمَ السَّيِّدُ بِمَالِ الْعَبْدِ أَمْ لَا قَالَ أَبُو الزِّنَاد تَنْفَعهُ بِمَا لَهُ فِي الْعِتْقِ سُرِّيَّةٌ أَوْلَدَهَا بِإِذْنِ السَّيِّدِ أَوْ لَا وَوَلَدُهَا مِنْهُ رِقٌّ لِلسَّيِّدِ وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الْعَبْدِ حُرًّا لَيْسَ لِمَالِكِ بَقِيَّتِهِ انْتِزَاعُ مَالِهِ وَيُوقَفُ بِيَدِهِ وَلَهُ بَيْعُ حِصَّتِهِ وَيَحِلُّ الْمُبْتَاعُ فِي الْمَالِ مَحَلَّ الْبَائِعِ وَإِنْ مَاتَ فَالْمَالُ لِلْمُتَمَسِّكِ بِالرِّقِّ خَاصَّةً لِأَنَّهُ لَا يُوَرَّثُ حَتَّى تَتِمَّ حُرِّيَّتُهُ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ إِنْ أَعْتَقَ الْعَبْدُ فَمَالُهُ لِسَيِّدِهِ لَنَا مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَالْمَالُ لِلْعَبْدِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ السَّيِّدُ خَرَّجَهُ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ وَلِأَنَّهُ قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ وَعَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَقَالَ وَقَوْلُ الصَّحَابِيِّ حُجَّةٌ وَلِأَنَّ الْمُكَاتَبَ إِذَا كُوتِبَ تَبِعَهُ مَالُهُ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ وَالْكِتَابَةُ سَبَبُ الْعِتْقِ وَالْعِتْق أولى وَلِأَنَّهُ يخرج من ملك لحَاجَة فَمِنَ الْمُنَاسِبِ أَنْ يَتْبَعَهُ مَالُهُ سَدًّا لَخَلَّتِهِ احْتَجُّوا بِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَيُّمَا رَجُلٍ أَعْتَقَ عَبْدَهُ أَوْ غُلَامَهُ وَلَمْ يُخْبِرْهُ بِمَالِهِ فَمَالُهُ لِسَيِّدِهِ وَلِأَنَّ الْعَبْدَ وَمَالَهُ كَانَا لِلسَّيِّدِ فَيَسْتَصْحِبُ مِلْكُهُ وَعَنِ الثَّالِثِ الْفَرْقُ بِأَنَّهُ فِي الْبَيْعِ خَرَجَ مِنْ غِنَى نَفَقَةِ سَيِّدٍ إِلَى غِنَى نَفَقَةِ سَيِّدٍ فَلَا حَاجَةَ لِلْمَالِ وَفِي الْعِتْقِ خَرَجَ مِنْ غِنًى إِلَى فَقْرٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنكُمَا لَا ينتزعان مَالَهُ إِلَّا بِاجْتِمَاعِكُمَا وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدِكُمَا بَيْعُ حِصَّتِهِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ مَالَهُ كَعَبْدٍ بعضه حر إِلَّا أَن يَبِيعهُ مِنْ شَرِيكِكَ قَالَهُ سَحْنُونٌ وَإِذَا أَذِنَ أَحَدُكُمَا لِشَرِيكِهِ فِي أَخْذِ حِصَّتِهِ مِنَ الْمَالِ وَأَبْقَى الْآخَرُ حِصَّتَهُ جَازَ وَإِنْ بَاعَهُ وَاسْتَثْنَى الْمُبْتَاعُ مَالَهُ بَيْنَكُمَا نِصْفَانِ لَا يُحَاصُّ هَذَا بِمَا زَادَ الْمَالُ فِي ثَمَنِهِ لِأَنَّهُ لَا حِصَّةَ لَهُ مِنَ الثَّمَنِ قَالَ اللَّخْمِيُّ اخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ

الْقَاسِمِ فِي دَيْنِ الْعَبْدِ فَفِي كِتَابِ الْمُكَاتَبِ إِذَا كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى أَنْ يُسْلِفَهُ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِسَلَفٍ بَلِ انْتِزَاعٌ وَوَعْدٌ بِالْإِعَادَةِ وَالْمُعْتَقُ بَعْضُهُ إِذَا بَاعَ الْمَالِكُ حِصَّتَهُ وَاسْتَثْنَى نِصْفَ مَالِهِ قَالَ مَالِكٌ لَمْ يَجُزْ وَرُدَّ الْبَيْعُ إِلَّا أَنْ يَسْقُطَ شَرْطُهُ أَوْ يَرْضَى الْعَبْدُ بِهِ لِأَنَّهُ مَالُهُ أَعْطَاهُ لِسَيِّدِهِ وَيَفْسُدُ الْبَيْعُ وَلَوْ كَانَ مَوْقُوفًا حَتَّى يُسْأَلَ عَنِ الْحُكْمِ لَفَسَدَ الْبَيْعُ أَيْضًا وَأَمَّا مَنَافِعُهُ فَيَخْدِمُ السَّيِّدُ يَوْمًا وَيَوْمًا لَهُ أَوْ عَلَى مَا يَتَرَاضَيَانِ مِنْ عَدَدِ الْأَيَّامِ إِلَى خَمْسَةِ أَيَّامٍ وَأَجَازَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ شَهْرًا لِشَهْرٍ وَإِنْ كَانَ عبدا حازه اقْتَسَمَا الْأُجْرَةَ بِخِلَافِ مَا يَكْسِبُهُ مِنْ غَيْرِ خَرَاجِهِ وَلِلسَّيِّدِ أَنْ يَقُولَ يَعْمَلُ لِي يَوْمًا بِيَوْم أَو أُجْرَة فِي يَوْمٍ فِي تِلْكَ الصَّنْعَةِ وَيَأْخُذُ السَّيِّدُ نِصْفَ مَا يُحَصِّلُهُ فِي مُنْجَزِ الْقِرَاضِ مِنْ رِبْحٍ وَإِنْ تَجَرَ بِمَالٍ لِنَفْسِهِ لَمْ يَأْخُذْ لِأَنَّ الْأَوَّلَ مَنَافِعُهُ وَالثَّانِي مِنْ مَالِهِ وَإِنْ قَالَ السَّيِّد أجرك يَوْمِي فَلَهُ ذَلِكَ فَإِنْ أَحَبَّ السَّفَرَ بِهِ فَلَهُ ذَلِكَ فِي الْقَرِيبِ وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا كَتَبَ الْقَاضِي كُتُبًا بِشُهُودِهِ مِنَ الْعَمَلِ الَّذِي يَذْهَبُ إِلَيْهِ إِنْ خَافَ الْبَيْعَ أَوِ الظُّلْمَ هُنَاكَ وَإِنْ كَانَ سَيِّدُهُ غَيْرَ مَأْمُونٍ مُنِعَ مِنَ الْخُرُوجِ بِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ يَخْرُجُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَأْمُونًا لِأَنَّهُ شَرِيكٌ مَعَهُ فِي نَفْسِهِ وَلَيْسَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ السَّفَرُ بِالْعَبْدِ دُونَ رِضَا الْآخَرِ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ لَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَإِذَا سَافَرَ سَيِّدُ الْعَبْدِ بِهِ وَرَجَعَ لَمْ يُحَاسِبْهُ بِشَيْءٍ وَقَالَ أَصْبَغُ يَرْجِعُ عَلَى سَيِّدِهِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ وَحُرِّيَّتِهِ قَالَ وَهَذَا أَشْبَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِصَنْعَةٍ يعملها فِي الْحَاضِرَة وَلَا توفّي إجَازَة فَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَغْرَمَ نِصْفَ الَّذِي يُحَصِّلُهُ فِي حَضَرِهِ وَلَا يَتْبَعُ الْمُعْتَقَ وَلَدُهُ لِأَنَّهُ عَبْدُ حُرٍّ مِثْلِهِ قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَالْمُعْتَقُ بَعْضُهُ مَالُهُ بِيَدِهِ فَيُنْفِقُ مِنْهُ وَيَكْتَسِي لِأَنَّهُ شركَة بَينهمَا وَالنَّفقَة وَالسُّكُوت مفصوصة عَلَيْهِمَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ أَنْفَقَ السَّيِّدُ النِّصْفَ وَنَظَرَ الْعَبْدُ لِنَفْسِهِ فِي النِّصْفِ وَكَذَلِكَ الْكسْوَة

نَظَائِرُ قَالَ الْعَبْدِيُّ يُتْبَعُ الْعَبْدُ فِي مَالِهِ فِي ثَلَاثَةٍ الْعِتْقُ وَالْكِتَابَةُ وَالْجِنَايَةُ وَلَا يَتْبَعُهُ فِي الْبَيْعِ إِلَّا بِشَرْطٍ وَاخْتُلِفَ فِي الْوَصِيَّةِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَفِي النُّكَتِ يَتْبَعُ فِي الْعِتْقِ دون الْبَتّ وَالصَّدَقَةِ وَالْفَرْقُ وَإِنْ كَانَ الْجَمِيعُ مَعْرُوفًا أَنَّهُ فِي الصَّدَقَةِ خَرَجَ مِنْ مَالِكٍ إِلَى مَالِكٍ فَهُوَ أَشْبَهُ بِالْبَيْعِ مِنَ الْعِتْقِ الْخَامِسُ قَالَ الْبَصْرِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ الْعَتِيقُ فِي دَارِ الْحَرْبِ يَقع عتقه قَالَه مَالك وش وَقَالَ ح لَا يَقَعُ لِأَنَّهُ عُرْضَةٌ لِلسَّبْيِ فَأَشْبَهَ الْكَافِرَ لَنَا أَنَّ الْعَبَّاسَ أَعْتَقَ عَبْدَهُ بِمَكَّةَ فَنَفَّذَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عِتْقَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَأَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ عَتَقَ رَقِيقَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَالَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَسْلَمْتَ عَلَى مَا أَسْلَفْتَ مِنَ الْأَجْرِ وَلِأَنَّ النَّسَبَ يَثْبُتُ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَيَثْبُتُ الْوَلَاءُ وَلِأَنَّهُ إِعْتَاقٌ مِنْ مُسْلِمٍ فَيُنَفَّذُ كَدَارِ الْإِسْلَامِ وَأَمَّا الْقِيَاسُ عَلَى الْكَافِرِ فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَوْ أُعْتِقَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ الْوَلَاءُ السَّادِسُ فِي الْكِتَابِ إِنْ أَجَّرَهُ أَوْ أَخْدَمَهُ سَنَةً فَأَعْتَقَهُ قَبْلَ السَّنَةِ لَمْ يَعْتِقْ حَتَّى تَمْضِيَ السَّنَةُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ وَإِن مَاتَ السَّيِّد قبل السّنة لم تنقص إِجَارَتُهُ وَخِدْمَتُهُ لِصِحَّةِ التَّصَرُّفِ فِيهَا حَالَةَ الْحَيَاةِ وَيَعْتِقُ بَعْدَ السَّنَةِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إِلَّا أَنْ يَتْرُكَ مُسْتَحِقُّ الْإِجَارَةِ أَوِ الْخِدْمَةِ حَقَّهُ فَيجْعَل الْعِتْقُ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا اسْتَدَانَ قَبْلَ حَوْزِهَا أَخَذَهَا الْغَرِيمُ لِأَنَّهَا شَرْعٌ بَعْدَ الدَّيْنِ كَالْعِتْقِ وَإِذَا كَانَ الدَّيْنُ قَبْلَ الْعِتْقِ وَهُوَ يَسْتَغْرِقُ قيمَة العَبْد رد الْعتْق وَبيع الْغَرِيم أَوْ لَا يَسْتَغْرِقُ وَفِي قِيمَةِ الْخِدْمَةِ كِفَايَةُ الدَّيْنِ بِيعَتْ بِهِ وَمَضَى الْعِتْقُ إِلَى أَجَلِهِ وَإِنْ كَانَتْ لَا تُوَفِّي وَإِنْ بِيعَتِ الرَّقَبَةُ كَانَ فِيهَا فضل لم بيع وَإِنْ وَفَّى ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْخِدْمَةِ وَرُبُعَ الرَّقَبَةِ وَجل وَكَانَ ثَلَاثَة أَربَاع الرَّقَبَة عقيقاً عِنْد الْأَجَل

الرُّكْن الثَّالِث الصِّيغَة وَفِي الْجَوَاهِرِ صَرِيحُهَا التَّحْرِيرُ وَالْإِعْتَاقُ وَفَكُّ الرَّقَبَةِ وَالْكِنَايَةُ اذْهَبْ وَاعْزُبْ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَلَا تُعْمَلُ إِلَّا بَيِّنَة الْعِتْقِ وَأَلْحَقَ ابْنُ الْقَاسِمِ بِذَلِكَ اسْقِنِي الْمَاءَ وَادْخُلِ الدَّارَ وَنَحْوَهُ إِذَا نَوَى الْعِتْقَ وَلَوْ قَالَ حَالَ الْمُسَاوَمَةِ هَذَا عَبْدٌ جَيِّدٌ حُرٌّ لم يلْزمه شَيْء لصرف الْقَرِينَة إِلَى لمدح قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ إِذَا قَالَ لِعَبْدِهِ هَذَا أَبِي هُوَ كِنَايَةٌ إِنْ أَرَادَ بِهِ الْعِتْقَ عَتَقَ وَقَالَ ش لَا يَعْتِقُ وَإِنْ نَوَى لِأَنَّهَا نِيَّةٌ بِغَيْرِ لَفْظٍ وَقَالَ ح يَعْتِقُ وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ أَكْبَرَ مِنْهُ سِنًّا لَنَا قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ قَاعِدَةٌ الصَّرِيحُ فِي كُلِّ بَابٍ مَا دَلَّ عَلَى الشَّيْءِ بِالْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ أَوِ الشَّرْعِيّ كَمَا جَاءَ {فَتَحْرِير رَقَبَة} فِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ وَفِي السُّنَّةِ مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ الْعِتْقُ وَالْكِنَايَةُ هِيَ كُلُّ لَفْظٍ صَحَّ اسْتِعْمَالُهُ فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى مَجَازًا نَحْوَ اذْهَبْ فَيَحْتَمِلُ الذَّهَابَ عَنِ الْمِلْكِ وَهُوَ عِتْقٌ مِنَ الْبَيْتِ وَلَيْسَ عِتْقًا وَهَذَانِ الْقِسْمَانِ وَافَقَنَا فِيهِمَا الْأَئِمَّةُ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ وَخَالَفَنَا ش فِيمَا لَا يَصِحُّ اسْتِعْمَالُهُ أَلْبَتَّةَ وَعِنْدنَا بعيد أَنَّهُ وَضْعُ هَذَا اللَّفْظِ الْآنَ وَهُوَ يَمْنَعُ أَن أجعَل مِثْلَ هَذَا مِنَ الْمُكَلَّفِ سَبَبَ الْعِتْقِ وَنَحْنُ نَقِيسُهُ عَلَى الْوَضْعِ الْأَصْلِىِّ وَجَعَلَ ش أَنْتَ كِنَايَةً وَنَحْنُ نَقُولُ كُلُّ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابٍ لَا يَنْصَرِفُ إِلَى بَابٍ آخَرَ بِالنِّيَّةِ وَقَالَهُ ح وَلَمْ يُثْبِتِ الْعِتْقَ لَنَا أَنَّ الصَّرِيحَ فِي بَابٍ نَقْلُهُ

(وفي الركن سبعة وعشرون فرعا)

إِلَى بَابٍ آخَرَ نَسْخٌ بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِ الْكِنَايَةِ لِأَنَّهُ أَحَدُ مُحْتَمَلَيْهَا وَالنَّقْلُ الْخَاصُّ نَحْوَ اسْقِنِي لِأَنَّهُ لَيْسَ إِبْطَالًا بِسَبَبٍ شَرْعِيٍّ وَهُمْ نَقَلُوا عَنَّا الْعِتْقَ بِهِ لِأَنَّهُ إِزَالَةٌ لِمُطْلَقِ الْقَيْدِ وَمِنْهُ لَفْظُ مُطْلَقٍ وَوَجْهٌ طَلْقٌ وَحَلَالٌ مُطْلَقٌ وَالْمِلْكُ أَحَدُ أَنْوَاعِ الْقَيْدِ فَيَزُولُ فَيَعْتِقُ وَقَالَهُ صَاحِبُ الْجُلَّابِ وَغَيْرُهُ مِنَّا فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنَ الْقَاعِدَةِ فِي صَرْفِ الطَّلَاقِ لِلْعِتَاقِ كَمَا تَقَدَّمَ وَوَافَقَنَا ش وَابْنُ حَنْبَلٍ فِي لَا سُلْطَانَ لِي عَلَيْكَ وَفِي أَنْتَ لِلَّهِ إِذَا نَوَى بِهِ الْعِتْقَ لِأَنَّهُ يَقْبَلُهُ مَجَازًا وَمَنَعَ ح لِأَنَّ الْأَوَّلَ يَقْتَضِي عِنْدَهُ لَا خِدْمَةَ لِي عَلَيْكَ وَلَوْ صَرَّحَ بِذَلِكَ لَمْ يَعْتِقْ وَالثَّانِي لَوْ قَالَهُ لِامْرَأَتِهِ لَمْ تُطَلَّقْ وَالْجَوَابُ مَنْعُ الْحُكْمِ فِي الْجَمِيعِ وَوَافَقَنَا ح فِي وَهَبْتُ مِنْكَ نَفْسَكَ وَقَالَ ش إِنْ قَبِلَ يَعْتِقُ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ إِيجَابٌ لَا بُدَّ فِيهِ مِنَ الْقَبُولِ لَنَا أَنَّهُ لَفْظٌ يُقْبَلُ اسْتِعْمَالُهُ فِيهِ مَجَازًا فَيَصِحُّ كَسَائِرِ الْكِنَايَاتِ لِأَنَّهُ إِذَا مَلَّكَهُ نَفْسَهُ فَقَدْ عَتَقَ وَالتَّعْبِيرُ بِاللَّازِمِ عَنِ الْمَلْزُومِ مَجَازٌ عَرَبِيٌّ (وَفِي الرُّكْنِ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ فَرْعًا) الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِخِلَافِ تَعْلِيق التَّدْبِير فَلَا حنث فِي الْعتْق عَلَيْهَا إِلَّا أَن يَجْعَل حَقِيقَة بعد موت فلَان اَوْ خِدْمَةِ الْعَبْدِ إِلَى أَجَلٍ فَكَمَا قَالَ وَالْيَمِينُ بِالْعِتْقِ يجب الْوَفَاء بِهِ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ بِهِ فَيَجُوزُ الرُّجُوعُ فِيهَا تَرْغِيبًا فِي الْقُرُبَاتِ عِنْدَ الْمَمَاتِ وَإِذَا حَنِثَ فِي يَمِينِ عِتْقٍ بِالْقَضَاءِ وَفِي النَّذْرِ يُؤْمَرُ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ لِأَنَّ النَّذْرَ قُرْبَةٌ تَفْتَقِرُ إِلَى النِّيَّة والحبر مَنَعَهَا وَإِنْ قَالَ إِنْ مَلَّكْتُكَ أَوِ اشْتَرَيْتُكَ فَأَنْتَ حُرٌّ فَإِنِ اشْتَرَاهُ أَوْ بَعْضَهُ عَتَقَ عَلَيْهِ جَمِيعُهُ وَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ نَصِيبُ شَرِيكِهِ لِأَنَّهُ مدْخل للعيب

عَلَى شَرِيكِهِ بِتَعْلِيقِهِ وَإِنِ اشْتَرَاهُ شِرَاءً فَاسِدًا عَتَقَ عَلَيْهِ وَلَزِمَتْهُ قِيمَتُهُ وَرَدُّ الثَّمَنِ كَمَنْ بَاعَ عَبْدًا بِثَوْبٍ فَأَعْتَقَهُ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الثَّوْبَ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْعَبْدِ وَإِنْ قَالَ إِنْ بِعْتُكَ فَأَنْتَ حُرٌّ فَاشْتَرَاهُ عَتَقَ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّهُ مُرْتَهِنٌ بِيَمِينِهِ وَقَدْ صَارَ عَتِيقًا بِنَفْسِ الْمَوْتِ وَهَذَا الْوَصِيَّةُ وَنَفْسِ الْبَيْعِ قَالَ فِي النُّكَتِ الْعِتْقُ قد لَا بَين فِيهِ فَحَنِثَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَتَارَةً يَكُونُ مُعَلَّقًا على موت وَإِن حنث بعد الْمَوْت هُوَ مثل التَّدْبِير وَلَكِن التَّدْبِير لَا يكون إِلَّا بعد الْمَوْت فَلَمَّا نَشَأَ بِهِ أَشَارَ إِلَى الْفَرْقِ وَفَرْقٌ آخَرُ أَنَّ الْمُدَبَّرَ لَا يُبَاعُ فِي الْحَيَاةِ فِي الدَّيْنِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ يُبَاعُ لِأَنَّهُ قَادِرٌ على المر وَالتَّدْبِيرُ أَقْوَى لِعَجْزِهِ عَنْ حِلِّهِ وَهَذَا يُقَدَّمُ إِذَا ضَاقَ الثُّلُثُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَوْلُهُ إِذَا أعْتقهُ ثمَّ اسْتحق الثَّوْب عَلَيْهِ قيمَة قبل قيل إِنَّمَا رَجَعَ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ إِذَا كَانَ دَافِعُ الثَّوْب قد تقدّمت لَهُ فِيهِ شُهْبَة مِلْكٍ وَأَمَّا إِنْ تَعَدَّى عَلَى ثَوْبِ رَجُلٍ فَبَاعَهُ بعد فينتقض عتق العَبْد وياخذ عَبْدَهُ وَوَجْهُ تَشْبِيهِهِ التَّعْلِيقُ عَلَى الْبَيْعِ بِالْمَوْتِ أَنَّهُ بِالْمَوْتِ فَيَصِيرُ لِلْوَارِثِ وَلَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ الْعِتْقَ كَذَلِكَ الْبَيْعُ يَصِيرُ لِلْمُشْتَرِي فَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ الْعِتْقَ قَالَ سَحْنُونٌ وَمَالُ الْعَبْدِ هَاهُنَا لِلْبَائِعِ لِأَنَّ الْعِتْقَ وَرَدَ بَعْدَ تَقْرِيرِهِ لَهُ بِالْبَيْعِ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ وَإِنِ اسْتَثْنَى الْمُشْتَرِي مَالَهُ بِيَدِ الْعَبْدِ لِأَنَّ شِرَاءَ الْمُشْتَرِي قَدِ انْتَقَضَ بِالْعِتْقِ وَالْبَائِعُ لَمْ يُبْقِهِ لِنَفْسِهِ فَإِنْ قَالَ إِنْ بِعْتُ هَذَا الشَّيْءَ فَهُوَ صَدَقَةٌ فَبَاعَهُ لَمْ يُنْقَضِ الْبَيْعُ بِخِلَافِ الْعِتْقِ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ لَا يُجْبَرُ عَلَى إِخْرَاجِهَا وَإِنْ كَانَتْ عَلَى مُعَيَّنٍ أَوْ عَلَى الْمَسَاكِينِ لَأَنَّهَا يَمِينٌ بِخِلَافِ الْعِتْقِ فَإِنَّهُ يَقْضِي بِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقُ رَقِيقِي هَؤُلَاءِ فَلْيَفِ وَإِنْ شَاءَ حَبَسَهُمْ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى عِتْقِهِمْ لِأَنَّهَا عِدَةٌ جَعَلَهَا لِلَّهِ تَعَالَى وَإِنَّمَا يُعْتِقُهُمُ الْإِمَامُ الَّذِي حَلَفَ لَهُ بِعِتْقِهِمْ وَأَمَّا التَّدْبِيرُ وَالْوَعْدُ فَيُؤْمَرُ بِهِمَا مِنْ غَيْرِ جَبْرٍ وَقَالَ أَشْهَبُ فِي لِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقُ رَقِيقِي يُؤْمَرُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ قُضِيَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَالَ أَنَا أَفْعَلُ تُرِكَ وَذَاكَ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَفْعَلَ لَمْ يُعْتَقُوا فِي ثُلُثٍ وَلَا غَيْرِهِ قَالَ أَبُو

اسحق مَكَانُهُ عِنْدَهُ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ الْفِعْلَ كَمَا أَوْجَبَ هِبَةً لِمُعَيَّنٍ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى إِنْفَاذِهَا وَلَا يَكُونُ الْإِيجَابُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إِلَّا بِأَنْ يُعْتِقَ وَأَمَّا لِلَّهِ عَلَيَّ فَعِدَةٌ لَا إِيجَابٌ وَهُوَ يَقُولُ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ غَدا يجب عَلَيْهِ صِيَامه وَلَا يقْضى عَلَيْهِ قَالَ مَالِكٌ وَمَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ لَأَعْتِقَنَّكَ إِنْ قَدِمْتُ مِنْ سَفَرِي فَهُوَ وَعْدٌ وَأَرَى أَنْ تَعْتِقَ لِمَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ إِخْلَافِ الْوَعْدِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ قَالَ سَحْنُونٌ إِنْ قَالَ إِنْ بِعْتُكَ فَأَنْتَ حُرٌّ فَبَاعَهُ بِالْخِيَارِ لَا يَحْنَثُ حَتَّى يَقْطَعَ الْخِيَارَ وَيَتِمَّ الْبَيْعُ وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ إِنْ قَالَ إِنْ بِعْتُكَ فَأَنْتَ حُرٌّ فَبَاعَهُ لَا يَعْتِقُ لِأَنَّهُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ إِنْ تَحَقَّقَ الشَّرْطُ وَإِلَّا لَمْ يَعْتِقْ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الشَّرْطِ وَيُؤَكِّدُ قَوْلَ مَالِكٍ الْوَصِيَّةُ فَإِنَّ لَهُ الرُّجُوعَ فِيهَا مَا دَامَ حَيًّا وَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ إِلَّا بَعْدَ زَوَالِ مِلْكِهِ بِالْمَوْتِ وَلِأَنَّ عَقْدَ الْعِتْقِ تَقَدَّمَ عَقْدَ الْبَيْعِ فَيُقَدَّمُ أَثَرُهُ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ السَّبَبَ قَدْ يَنْقَطِعُ عَنْهُ أَثَرُهُ لِمَانِعٍ كَمَا إِذَا قَالَ إِنْ مَلَكْتُهُ فَهُوَ صَدَقَةٌ أَوْ إِنْ تَزَوَّجْتُهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَإِنَّ الْعِصْمَةَ وَالْمِلْكَ يَنْتَفِيَانِ لِمَا تَقَدَّمَ الْتِزَامُهُ فَإِنْ بَاعَ نَصِفَهُ وَلَمْ يَسْتَثْنِ الْمُشْتَرِي الْآنَ مَالَهُ فَنِصْفُ مَالِ الْعَبْدِ قَدِ انْتَزَعَهُ الْبَائِعُ بِبَيْعِهِ إِيَّاهُ كَمَا يَكُونُ انْتِزَاعًا لِجَمِيعِهِ إِذَا بَاعَ جَمِيعَهُ وَالنِّصْفُ الثَّانِي بَاقٍ فِي مِلْكِ الْعَبْدِ فَإِذَا عَتَقَ عَلَيْهِ النِّصْفَ الَّذِي لَمْ يَبِعْهُ بِحُكْمِ تَبَعِ الْعَبْدِ نِصْفَ الْمَالِ الَّذِي بَقِيَ عَلَى مِلْكِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَطْرَأْ عَلَيْهِ انْتِزَاعٌ قَالَهُ أَبُو عِمْرَانَ قَالَ سَحْنُونٌ إِنْ قَالَ إِنِ انْتَزَعْتُ شَيْئًا مِنْ مَالِكَ فَأَنْتَ حُرٌّ فَبَاعَهُ مِنْ عَبْدٍ مَأْذُونٍ لَهُ فِي التِّجَارَة فَإِن العَبْد الأعلا حوز الْأَسْفَل وَجَمِيع مَال العَبْد الأعلا لِلسَّيِّدِ لِأَنَّ الْحِنْثَ إِنَّمَا وَقَعَ بَعْدَ الْبَيْعِ وَمَالُ الْعَبْدِ إِذَا بِيعَ لِلْبَائِعِ وَلَوْ لَحِقَ البَائِع دين لَا تنقض بَيْعه إِذا لم يُجَاب لِأَنَّهُ إِذَا رُدَّ بَيْعٌ لِلْغُرَمَاءِ فَالْبَيْعُ لَا بُدَّ مِنْهُ وَلِأَنَّا إِنَّمَا نَقَضْنَا بَيْعَهُ لِحُرْمَةِ الْعِتْقِ وَإِذَا بَطَلَ الْعِتْقُ مَضَى الْبَيْعُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا حَلَفَ بِحُرِّيَّةِ عَبْدِهِ لَا بَاعُهُ فَبَاعَهُ وَمَلَكَ الثَّمَنَ رُدَّ الْبَيْعُ وَعَتَقَ وَيُتْبَعُ الْمُبْتَاعُ بِالثَّمَنِ لِأَنَّهُ عَتَقَ

وَعِنْدَهُ وَفَاءُ الثَّمَنِ وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً فَأَوْلَدَهَا الْمُبْتَاعُ عَتَقَتْ عَلَى الْبَائِعِ وَرُدَّ الثَّمَنُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَيُقَاصُّهُ فِيهِ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ قَالَ مُحَمَّدٌ لَا ثَمَنَ عَلَى الْمُبْتَاعِ فِيهَا لِأَنَّ الْبَائِعَ حَنِثَ فِيهَا حِينَ حَمَلَتْ فَصَارَتْ حُرَّةً بِمَا فِي بَطْنِهَا مِنْ يَوْمِ اسْتَقَرَّتِ النُّطْفَةُ وَكَذَلِكَ مَنِ اشْتَرَى جَارِيَةً فَحَمَلَتْ وَاسْتَحَقَّتْ فَأَعْتَقَهَا سَيِّدُهَا حَامِلًا لَا قِيمَةَ لَهُ فِي وَلَدِهَا وَإِنْ قَالَ لِعَبْدِهِ إِنْ بِعْتُكَ فَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ الْبَيْعِ بِسَنَةٍ فَبَاعَهُ قَالَ مُحَمَّدٌ رُدَّ بَيْعُهُ وَعَتَقَ عَلَيْهِ إِلَى سَنَةٍ وَإِنْ كَانَ الْبَيْعُ وَالْحُرِّيَّةُ وَقَعَا مَعًا فَالْعِتْقُ أَوَّلًا وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ الْعِتْقُ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَوْ كَانَتْ أَمَةً فَوَطِئَهَا الْمُشْتَرِي وَحَمَلَتْ قَبْلَ رَدِّ الْبَيْعِ وَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ لِلْوَلَدِ وَتَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهَا إِلَى سَنَةٍ كَمَا لَوْ بَاعَهُ مُعْتِقُهُ إِلَى سَنَةٍ فَأَوْلَدَهَا الْمُبْتَاعُ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنْ قَالَ غُلَامِي حُرٌّ إِنْ بِعْتُهُ وَغُلَامُكَ حُرٌّ إِنِ اشْتَرَيْتُهُ فَبَاعَ غُلَامَهُ بِغُلَامِكَ عَتَقَا عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ غلامك وَإِن بِعْتُ عَبْدِي مَيْمُونًا فَهُوَ حُرٌّ ثُمَّ حَلَفَ بِحُرِّيَّةِ آخَرَ لَيَبِيعَنَّ مَيْمُونًا فَبَاعَ مَيْمُونًا عَتَقَ عَلَيْهِ وبريء الْآخَرُ كَمَنْ حَلَفَ لَيَبِيعَنَّ فُلَانًا الْحُرَّ فَبَاعَهُ رُدَّ بَيْعُهُ وَعَتَقَ عَلَيْهِ وَسَائِرُ رَقِيقِهِ لِأَنَّهُ هَاهُنَا حَلَفَ عَلَى الْبَيْعِ النَّافِذِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ قَالَ عَبْدِي حُرٌّ إِنْ بِعْتُهُ وَحَلَفَ آخَرُ أَنَّ امْرَأَتَهُ طَالِقٌ لَيَشْتَرِيَنَّهُ فَبَاعَهُ مِنْهُ حَنِثَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي إِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي عَالِمًا بِيَمِينِ الْبَائِعِ إِذَا لَمْ يُتِمَّ الْبَيْعَ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ وَعَلَى مَا تَقَدَّمَ لَا يَحْنَثُ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ قَدِ اشْتَرَاهُ الشِّرَاءَ الَّذِي يُرْجِعُهُ إِلَى حُرِّيَّةٍ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْيَمِينِ حَنِثَ اتِّفَاقًا وَإِنْ حَلَفَ بِحُرِّيَّتِهِ إِنْ بَاعَهُ فَبَاعَهُ بَيْعًا فَاسِدًا حَنِثَ وَهُوَ أَحْوَطُ لِأَنَّ الضَّمَانَ فِيهِ مِنَ الْمُشْتَرِي وَفِي بَيْعِ الْخِيَارِ الضَّمَانُ مِنَ الْبَائِعِ قَالَ اللَّخْمِيُّ اخْتُلِفَ فِي تَعْلِيلِ إِنْ بِعْتُكَ فَأَنْتَ حُرٌّ قَالَ مُحَمَّدٌ وَقَعَ الْبَيْعُ وَالْعِتْقُ مَعًا فَقَدَّمَ الْعِتْقَ قَالَه مُحَمَّد وَقَالَهُ الْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ بَلْ مَعْنَاهُ فَأَنْتَ حُرٌّ قَبْلَ الْبَيْعِ وَقَالَ سَحْنُونٌ بِالْإِيجَابِ قَبْلَ الْقَبُولِ وَهَلْ يَفْتَقِرُ عِتْقُهُ إِلَى حُكْمٍ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ خِلَافٍ قَوْلَانِ وَالِافْتِقَارُ أُجِيزَ بِقُوَّةِ الْخِلَافِ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ تَعْلِيقًا أَوْ تَنْجِيزًا يَعْنِي بِهِ الْقِنَّ وَالْمُكَاتَبَ وَالْمُدَبَّرَ وَأُمَّ الْوَلَدِ وَكُلَّ شِقْصٍ فِي مَمْلُوكٍ وَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِه إِن

كَانَ مَلِيًّا وَأَوْلَاد عبيده من إمَائِهِمْ ولد بعد يَمِينه أَو قبل وَأَمَّا عَبِيدُ عَبِيدِهِ وَأُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِمْ فَلَا يَعْتِقُونَ لأَنهم ملكهم دونه وَيَكُونُونَ لَهُم تبعا فِي التَّنْبِيهَاتِ يَلْزَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْإِنَاثَ يَدْخُلْنَ فِي لَفْظِ الْمَمَالِيكِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ سَحْنُونٍ وَعَنْهُ يَخْتَصُّ بِالذُّكُورِ لِأَنَّهُ يُقَالُ مَمْلُوكٌ وَمَمْلُوكَةٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنَّمَا يَعْتِقُ مَا وُلِدَ لِعَبِيدِهِ بَعْدَ الْيَمِينِ فِي يَمِينه لَأَفْعَلَنَّ لَا فِي يم يخت لَا فَعَلْتُ وَإِلَيْهِ رَجَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ فِي يَمِينِهِ لِأَفْعَلَنَّ عَلَى حِنْثٍ حَتَّى يَبِرَّ فَإِذَا فَاتَهُ الْبِرُّ وَلَزِمَهُ الْعِتْقُ لَزِمَهُ مَا وُلِدَ مِنْ إِمَائِهِ بَعْدَ الْيَمِينِ لِأَنَّ الْأُمَّهَاتِ مُرْتَهِنَاتٌ بِالْيَمِينِ لَا يَسْتَطِيعُ بَيْعَهُنَّ وَلَا وَطْئَهُنَّ كُنَّ حَوَامِلَ يَوْمَ الْيَمِينِ أَوْ بَعْدَهُ وَأَمَّا لَا فَعَلْتُ فَهُوَ عَلَى بِرٍّ فَإِنْ كُنَّ حَوَامِلَ يَوْمَ الْيَمِينِ دَخَلَ الْوَلَدُ وَأَمَّا بَعْدَهُ فَقَوْلَانِ وَقَوْلُهُ كُلُّ شِرْكٍ فِي عَبْدٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَعْنَاهُ لَهُ فِي كُلِّ عَبْدٍ شِرْكٌ أَمَّا عَبِيدٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ فَيَقْتَسِمُونَ فَمَا كَانَ لِلْحَالِفِ يَعْتِقُ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَهَذَا إِنَّمَا يَجْرِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَهُوَ خِلَافُ الْكِتَابِ وَقِيلَ إِنَّمَا يَجْرِي عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ فِي أَرْضٍ بِيَدِ رَجُلَيْنِ يَبِيعُ أَحَدُهُمَا طَائِفَةً بِعَيْنِهَا مِنْهَا فَإِنَّهَا تُقَسَّمُ فَإِنْ وَقَعَ الْمَبِيعُ فِي حَظِّ الْبَائِعِ مَضَى الْبَيْعُ وَلَا نَقْضَ وَمَنَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هَاهُنَا لَا يَعْتِقُ عَبِيدُ عَبِيدِهِ وَفِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ دَابَّةَ فُلَانٍ فَرَكِبَ دَابَّةَ عَبْدِهِ يَحْنَثُ فَقِيلَ اخْتِلَافٌ وَقيل الْفرق أَن الْأَيْمَان راعي فِيهَا المنت وَهِي فِي دَابَّة الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كُلِّ مَمْلُوكٍ حر وَمِمَّا يكى أَحْرَارٍ فَيَخْتَلِفُ فِي انْدِرَاجِ الْإِنَاثِ وَيَنْدَرِجْنَ فِي قَوْلِهِ رَقِيقًا اتِّفَاقًا وَفِي عَبِيدِي لَا يَعْتِقُ إِلَّا الذُّكُورُ وَإِنْ كَانَ لَهُ إِمَاءٌ حَوَامِلُ عَتَقَ مَا أَتَيْنَ بِهِ مِنْ غُلَامٍ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ قَوْلِهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ ظَاهِرًا وَالزَّوْجُ مُرْسَلٌ عَلَيْهَا وَإِلَا عَتَقَ مَا أَتَيْنَ بِهِ لِخَمْسِ سِنِينَ قَالَ اللَّخْمِيّ

الصَّوَابُ انْدِرَاجُ الْإِنَاثِ فِي عَبِيدِي لِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا قَوْله تَعَالَى {وَمَا رَبك بظلام للعبيد} فَانْدَرَجَ الْإِنَاثُ وَثَانِيهِمَا أَنَّهُ مِنْ جَمْعِ التَّكْسِيرِ وَهُوَ يَشْمَلُ الْفَرِيقَيْنِ وَلَمْ يُوجِبْ مَالِكٌ انْدِرَاجَ عَبْدِ الْعَبْدِ هَاهُنَا بِخِلَافِ إِذَا حَلَفَ مَا يملك عبد أَوْ لِجَارِيَتِهِ عَبْدٌ أَنَّهُ يَحْنَثُ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْحَلِفِ فِي هَذَا عَدَمُ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي عَبْدٍ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ قَالَ لِعَبْدِ غَيْرِهِ أَنْتَ حُرٌّ مِنْ مَالِي لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ اوإن أَجَابَ سَيِّدُهُ لِلْبَيْعِ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَلَّقْ وَالتَّخْيِيرُ إِنَّمَا يَقع فِي الْمَمْلُوك أَو لِأَمَةِ غَيْرِهِ إِنْ وَطِئْتُكِ فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَاشْتَرَاهَا وَوَطِئَهَا لَمْ تَعْتِقْ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ إِنِ اشْتَرَيْتُكَ فَوَطِئْتُكِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنِ قَالَ غُلَامُ فُلَانٍ حُرٌّ فَقَالَ فُلَانٌ هُوَ لَكَ بِمِائَةِ دِينَارٍ أَوْ بِقِيمَتِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ أَوْ هُوَ حُرٌّ فِي مَالِي بِقِيمَتِهِ فَرَضِيَ بِذَلِكَ صَاحِبُهُ عَتَقَ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ كَبَيْعٍ فَاسِدٍ فَاتَ بِالْعِتْقِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ قَالَ هُوَ حُرٌّ فِي مَالِي بِخَمْسِينَ فَقَالَ سَيِّدُهُ رَضِيتُ عَتَقَ وَلَا خِيَارَ لِلْمُبْتَاعِ كَمَنِ اشْتَرَى عَبْدًا بِإِيجَابِ الْعِتْقِ مِثْلَ إِنْ وَطِئْتُكِ فَأَنْتِ حُرَّةٌ قَوْلُهُ لِلْحُرَّةِ إِنْ وَطِئْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ إِنْ تَزَوَّجْتُكِ وَقَالَ أَشْهَبُ قَوْلُهُ مَحْمُولٌ عَلَى الشِّرَاءِ وَالتَّزْوِيجِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ لَا عَلَى الْوَطْءِ الْحَرَامِ لِأَنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمُسْلِمِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ إِنْ ضَرَبْتُهَا فَهِيَ حُرَّةٌ فِي الْأَمَةِ أَوْ طَالِقٌ فِي الْحُرَّةِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِنِ اشْتَرَى أَوْ تَزَوَّجَ فَضَرَبَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي خِطْبَةٍ أَوْ سَوْمٍ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي التَّعْلِيقِ عَلَى الشِّرَاءِ أَوِ التَّزْوِيجِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا رَدَّ بِالْعَيْبِ فَحَلَفْتَ بِعِتْقِهِ مَا بِهِ عَيْبٌ لَا شَيْءَ عَلَيْكَ لِأَنَّهُ فِي مِلْكِ غَيْرِكَ الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَوْ جَارِيَةٍ أَوْ عَبْدٍ اشْتَرَيْتُهُ فَهُوَ حُرٌّ فِي غَيْرِ يَمِينٍ أَوْ يَمِينٍ حَنِثَ فِيهَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَا يَشْتَرِيهِ أَوْ كَانَ عِنْدَهُ يَوْمَ الْحَلِفِ

إِلَّا أَن يعين أَو يحبس جِنْسا أَو بَلَدا كَقَوْلِه من الْحَبْس أَو مصرا أَو وَالِي ثَلَاثِينَ سَنَةً كَالطَّلَاقِ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ إِنْ خَلَّصَ يَمِينَهُ لِلِاسْتِقْبَالِ بِحَرْفِ اسْتِئْنَافٍ كَقَوْلِكَ أَمْلِكُ فِيمَا يسْتَقْبل أَو غَدا أَو وأبدا اَوْ اكْتَسبهُ أَو أستفيده أَو اشْتَرَيْته أَوْ يَدْخُلُ فِي مِلْكِي فَلَا يَتَنَاوَلُ الْمُسْتَقْبَلَ وَاخْتُلِفَ فِي أَمْلِكُهُ لِاشْتِرَاكِهِ فِي الْحَالِ وَالِاسْتِقْبَالِ هَلْ يَخْتَصُّ بِالِاسْتِقْبَالِ أَمْ لَا قَالَ وَالْعُمُومُ أَشْبَهُ بِأُصُولِهِمْ وَاخْتَلَفَ جَوَابُهُ فِي الْكِتَابِ فَمَرَّةً سَوَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ اشْتَرَيْتُهُ وَلَمْ يَلْزَمْهُ فِيمَا يَمْلِكُهُ فِي الْحَالِ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ فِيمَا إِذَا قَالَ إِنْ كَلَّمْتُ فُلَانًا فَكُلُّ عَبْدٍ مِنَ الصَّقَالِبَةِ حُرٌّ لَمْ يُلْزِمْهُ مَمْلُوكًا فِي الْحَالِ وَخَالَفَهُ فِي قَوْلِهِ إِنْ دَخَلْتُ الدَّارَ فَكُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ لَا يَحْنَثُ إِلَّا فِيمَا يَمْلِكُهُ يَوْمَ الْحَلِفِ فَقِيلَ خِلَافٌ قَالَهُ سَحْنُونٌ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ هُوَ وِفَاقٌ وَأَنَّ مَسْأَلَةَ الصَّقَالِبَةِ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ يَوْمَ حَلَفَ صَقْلَبِيٌّ أَوْ أَنه نوى خُصُوص الإستقبال وش وَغَيْرُهُ يُخَالِفُنَا فِي إِسْقَاطِ الْيَمِينِ إِذَا عُمِّمَ لَنَا أَنَّهُ مِنَ الْحَرَجِ فَيُنْفَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} وَمِنَ الضَّرَرِ فَيُنْفَى لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ احْتَجُّوا بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ عَلَيَّ لِلَّهِ عِشْرُونَ حَجَّةً لَزِمَهُ ذَلِكَ مَعَ بُعْدِ الدَّارِ وَهِيَ أَشَدُّ حَرَجًا مِنْ عَدَمِ خِدْمَةِ الرَّقِيقِ وَتَرْكِ الزَّوَاجِ لِلْمُشْتَرِي قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ قَالَ إِنْ كَلَّمْتُ فُلَانًا أَبَدًا فَكُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ مِنَ الصَّقَالِبَةِ حُرٌّ فَكَلَّمَهُ عَتَقَ عَلَيْهِ فِيمَا مَلَكَهُ مِنْهُمْ وَفِيمَا يَمْلِكُهُ يَوْمَ يَمِينِهِ إِذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَإِنِ اشْتَرَاهُ بَعْدَ يَمِينِهِ وَقَبْلَ حِنْثِهِ عَتَقَ إِذَا حَنِثَ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ مَا يَمْلِكُهُ بَعْدَ الْحِنْثِ إِنْ

جَاءَ مُسْتَفْتِيًا وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ قَالَ إِنْ كَلَّمْتُهُ فَكُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ مِنَ الصَّقَالِبَةِ أَبَدًا حُرٌّ لَزِمَهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ دون مَا يملكهُ يَوْم الْحلف لقَوْله أبداو إِن اشْتَرَاهُ لَهُ عَبْدُهُ عَتَقَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِأَمْرِهِ وَلَا يَدِينُ فِي هَذَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ نِيَّةٌ وَإِنْ أَمَرَهُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ وَلم يقل صقلابيا فَاشْتَرَى صَقْلَابِيًّا عَالِمًا بِيَمِينِهِ فَلَهُ رَدُّ شِرَائِهِ كَمَا إِذَا اشْتُرِيَ لَهُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ إِذا حلف بِالطَّلَاق من قوم فَزَوجهُ مِنْهُمْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ قَبِلَهُ مِنْ وَاهِبٍ لِلثَّوَابِ عَتَقَ عَلَيْهِ حِينَ قَبُولِهِ سَمَّى ثَوَابًا أَمْ لَا لِأَنَّ هِبَةَ الثَّوَابِ بَيْعٌ وَيَلْزَمُهُ مَا سَمَّى مِنَ الثَّوَابِ فَإِنْ لَمْ يُسَمِّ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ أَوْ لِغَيْرِ الثَّوَابِ أَوْ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَيْهِ أَوْ أَوْصَى لَهُ بِهِ أَوْ وَرِثَهُ لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالشِّرَاءِ الْمِلْكَ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ فِي ثَلَاثِينَ سَنَةً إِذَا أَمْكَنَ أَنْ يَحْيَا لِذَلِكَ الْأَجَلِ وَلَا يَلْزَمُهُ مَا مَلَكَ قَبْلَ ذَلِكَ وَإِذَا وَردت بَعْضَهُ عَبْدٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ نَصِيبُ أَصْحَابِهِ لِأَنَّهُ مِلْكٌ قَهْرِيٌّ وَقَالَ أَشْهَبُ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ بِالْحَلِفِ عَتَقَ عَلَيْهِ وَاتَّفَقَ عَلَى التَّقْوِيمِ إِذَا اشْتَرَى فَإِنِ اشْتَرَى مُكَاتَبًا أَوْ وَرِثَ أَخَاهُ وَهُوَ مَكَاتَبٌ لَمْ يعْتق انه إِنَّمَا مَلَكَ مَالًا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ ثُمَّ رَجَعَ فِي الْآخَرِ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِذَا اشْتَرَى كِتَابَةً حَنِثَ إِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ قَبْلَ مُضِيِّ الْأَجَلِ أَوْ بَعْدَ الْأَجَلِ لَمْ يَعْتِقْ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ يَعْتِقُ لِأَنَّ أَصْلَ شِرَائِهِ فِي السُّنَّةِ وَهَذَا كُلُّهُ خِلَافُ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ جَعَلَ كُلَّ عَبْدٍ أَوْ كُلَّ جَارِيَةٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ تَعْمِيمًا وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ كُلُّهُ صِنْفٌ وَاحِدٌ فَإِنْ قَالَ كُلُّ أَمَةٍ ثُمَّ قَالَ كُلُّ عَبْدٍ لَزِمَهُ الْأَوَّلُ دُونَ الثَّانِي لِأَنَّهُ خَلَّى لنَفسِهِ وَمَالك يَقُول لَا لسد أَحَدُهُمَا مَسَدَّ الْآخَرِ بِخِلَافِ الثَّيِّبِ وَالْأَبْكَارِ فِي الطَّلَاق وَالْعَادَة شاهدة بذلك وَإِن عَمَّمَ فِي التَّسَرِّي فَقَالَ كُلُّ جَارِيَةٍ أَشْتَرِيهَا فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ تَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ أَبْقَى الزَّوْجَ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَلْزَمُهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَمْتَنِعُ ملكهن للْخدمَة

الْخَامِسُ فِي الْكِتَابِ إِنْ دَخَلْتُ هَذِهِ الدَّارَ أَبَدًا فَكُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ فَدَخَلَهَا لَمْ يلْزمه الْعتْق إِلَّا فِي مَا مَلَكَ يَوْمَ حَلَفَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ يَوْمَئِذٍ مَمْلُوكٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مَلَكَهُ قَبْلَ الْحِنْث أم لَا أَشْهَبُ إِنْ دَخَلْتُ هَذِهِ الدَّارَ فَكُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ أَبَدًا حُرٌّ فَدَخَلَهَا لَمْ يُقْضَ عَلَيْهِ فِيمَا يملكهُ الْآن لِأَن قرينَة الْأَبَد تحاصله لِلِاسْتِقْبَالِ كَمَا لَوْ قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ أَبَدًا حُرٌّ وَكُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا أَبَدًا طَالِقٌ السَّادِسُ فِي الْكِتَابِ إِذَا بَاعَ الْعَبْدُ أَوْ بَاعَهُ عَلَيْهِ الْإِمَامُ فِي فَلَسٍ ثُمَّ كَلَّمَهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ ثُمَّ ابْتَاعَ الْعَبْدَ لَمْ يَحْنَثْ بِذَلِكَ الْكَلَامِ بَلْ بِكَلَامٍ بَعْدَ شِرَائِهِ لِعَدَمِ مُصَادَفَةِ الْأَوَّلِ مَحَلًّا يَقْبَلُ الْعِتْقَ وَإِنَّ وِرْثَهُ لَمْ يَحْنَثْ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ مِلْكٌ قَهْرِيٌّ وَقَالَ غَيْرُهُ شِرَاؤُهُ بَعْدَ بَيْعِ الْحَاكِمِ كَالْمِيرَاثِ لِارْتِفَاعِ التُّهْمَةِ فِي الْبَيْعِ قَهْرًا وَإِنْ قَبِلَهُ بِهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ فَكَالشِّرَاءِ وَإِنْ كَاتَبَهُ ثُمَّ كَلَّمَهُ عَتَقَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ لَا تَمْنَعُ فَإِنْ كَاتَبَهُ مَعَ غَيْرِهِ كِتَابَةً وَاحِدَةً لَمْ يَعْتِقْ إِلَّا بِرِضَا صَاحِبِهِ كَمَا لَوِ ابْتَدَأَ عِتْقَهُ وَإِنِ اشْتَرَاهُ مِنْ تَرِكَةِ مَوْرُوثِهِ وَهُوَ قَدْرُ مِيرَاثِهِ فَأَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ عَتَقَ عَلَيْهِ كُلُّهُ لِتَحَقُّقِ الشِّرَاءِ الِاخْتِيَارِيِّ وَإِنْ حَلَفَ بِعِتْقِ شِقْصٍ لَهُ فَاشْتَرَى بَاقِيَهُ ثُمَّ حَنِثَ عَتَقَ عَلَيْهِ وَلَوْ حَنِثَ قَبْلَ الشِّرَاءِ عَتَقَ شِقْصُهُ وَقُوِّمَ عَلَيْهِ بَاقِيهِ مَعَ الْمَالِ وَعَتَقَ عَلَيْهِ وَإِنْ بَاعَ شِقْصَهُ مِنْ غَيْرِ شَرِيكِهِ ثُمَّ اشْتَرَى شِقْصَ شَرِيكِهِ ثُمَّ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يَحْنَثْ وَهُوَ كَعَبْدٍ آخَرَ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ قَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ إِذَا بَاعَ عَبْدَهُ الْمَحْلُوفَ بِطَلَاقِهَا ثَلَاثًا بِجَامِعِ زَوَالِ الْمِلْكِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الطَّلَاقَ الْمَحْلُوفَ بِهِ وَقَعَ فِي الزَّوْجَةِ مِثْلُهُ وَلَمْ يَقَعْ مِثْلُ الْحُرِّيَّةِ الْمَحْلُوفِ بِهَا فِي الْعَبْدِ وَلَوْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي وَالْعَبْدُ نَصْرَانِيٌّ فَذَهَبَ لِأَرْضِ الْحَرْبِ ثُمَّ مَلَكَ سَيِّدَهُ لَمْ تَعُدِ الْيَمِينُ لِعَقْدِ التُّهْمَةِ فَهَذَا شِبْهُ الْمَسْأَلَةِ لَا مَا قَالَه ابْن بكير بل بيع العَبْد يَتَكَرَّرُ فَهُوَ كَطَلَاقِ الْمَرْأَةِ وَاحِدَةً

أَوِ اثْنَتَيْنِ فَإِنَّ الطَّلَاقَ يُمْكِنُ عَوْدُهُ وَتَعُودُ الْيَمِينُ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا حَلَفَ بِشِقْصِ عَبْدِهِ ثُمَّ اشْتَرَى بَقِيَّتَهُ فَحَنِثَ عَتَقَ عَلَيْهِ شِقْصُهُ بِالْحِنْثِ وَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ الشِّقْصُ الْآخَرُ بِالْحُكْمِ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنَّمَا يَصِحُّ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ بِعَدَمِ الْحِنْثِ إِذَا بَاعَ شِقْصَهُ ثمَّ اشْترى شَرِيكه إِذا بَاعَ مِنْ غَيْرِ الشَّرِيكِ وَأَمَّا إِذَا اشْتَرَى نَصِيبَ شَرِيكِهِ قَبْلَ بَيْعِ نَصِيبِهِ ثُمَّ بَاعَ نَصِيبَهُ مِنْ غَيْرِهِ ثُمَّ حَنِثَ عَتَقَ عَلَيْهِ مَا بِيَدِهِ وَقُوِّمَ عَلَيْهِ بَاقِيهِ لِأَنَّ الَّذِي بَاعَ بعد ملك جَمِيعه مشَاعا لَا يَتَمَيَّزُ كَمَا كَانَ أَوَّلًا وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا بَاعَ نَصِيبَهُ مِنْ شَرِيكِهِ بِدَنَانِيرَ ثُمَّ اشْتَرَى نَصِيبَ شَرِيكِهِ أَوْ بَادَلَهُ نَصِيبَهُ بِنَصِيبِهِ حَنِثَ وَعَنْ أَصْبَغَ إِذَا بَاعَ شِقْصَهُ بِشِقْصِ شَرِيكِهِ ثُمَّ حَنِثَ فَلَا يَلْزَمُهُ عِتْقٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ بَعْضُ كِبَارِ أَصْحَابِ مَالك إِن شِرَاؤُهُ بَعْدَ بَيْعِ السُّلْطَانِ كَمِيرَاثِهِ وَابْنُ الْقَاسِمِ يَرَى أَنَّهُ قَدْ يُخْفِي مَالَهُ وَيُظْهِرُ الْعَدَمَ لِيُبَاعَ عَلَيْهِ ثُمَّ يَرْتَجِعُهُ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَوْ بَاعَهُ الْإِمَامُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْحِنْثِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ زَالَتْ عَنْهُ الْيَمِينُ وَقَالَهُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ إِلَّا أَشْهَبَ لِأَنَّهَا قَضِيَّةٌ تَرُدُّ الْعِتْقَ وَقَالَ أَشْهَبُ قَبْلُ وَبَعْدُ يُزِيلُ الْيَمِينَ لِرَفْعِ التُّهْمَةِ وَنُقِضَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ الْبَالِغُ حَنِثَ لَمْ يَعْتِقْ عَبْدُهُ ثُمَّ يَرُدُّ ذَلِكَ بِوَصِيَّةٍ فَيَبْقَى بِيَدِهِ حَتَّى يَرْشَدَ أَنَّهُ يَسْتَرِقُّهُ وَلَوْ كَانَ إِنَّمَا فِيهِ عَقْدُ يَمِينٍ فَإِنَّ يَمِينَهُ تَلْزَمُهُ يُرِيدُ إِنِ اشْتَرَاهُ بَعْدَ أَنْ بَاعَهُ عَلَيْهِ وَلَيُّهُ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ إِذَا قَالَ إِنِ اشْتَرَيْتُهُ فَهُوَ حُرٌّ فَجَنَى عَلَى الْحَالِفِ فَأَسْلَمَ إِلَيْهِ فَذَلِكَ كَالْمِيرَاثِ قِيلَ لَهُ فَإِنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى تَرْكِ الْجِنَايَةِ وَلَا يَأْخُذُهُ قَالَ وَكَذَلِكَ يَقْدِرُ عَلَى تَرْكِ الْمِيرَاثِ وَقَالَ إِذَا زَوَّجَ أَمَتَهُ فَبَاعَهَا الْإِمَامُ فِي فَلَسِهِ قَبْلَ دُخُولِ الزَّوْجِ فَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ نِصْفُ الصَّدَاقِ لِلْبَائِعِ بِخِلَافِ بَيْعه هُوَ بِنَفسِهِ وَعَنْهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ حَلَفَ بِحُرِّيَّةِ عَبْدِهِ إِنْ كَلَّمَ فُلَانًا فَحَنِثَ فَرَدَّ غُرَمَاؤُهُ عتقه

وَبِيعَ عَلَيْهِ ثُمَّ ابْتَاعَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تَعُودُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ وَيَحْنَثُ إِنْ كَلَّمَهُ بِخِلَافِ الرُّجُوعِ بِمِيرَاثٍ قَالَ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّ الْحِنْثَ لَا يتَكَرَّر وَقد حنث أَولا الْحَقُّ أَنَّهُ لَا يَعُودُ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّ الْغُرَمَاءَ رَدُّوا عِتْقَهُ وَبَاعُوهُ مِنْ غَيْرِ رَفْعٍ لِحَاكِمٍ وَالْفَرْقُ أَنَّ بَيْعَ الْغُرَمَاءِ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَخْفَى مَالَهُ وَالْحَاكِمُ يَكْشِفُ عَنْ ذَلِكَ وَيُحَلِّفُهُ بَعْدَ الْكَشْفِ وَلَا يُنْقَضُ حُكْمُهُ بِخِلَافِ الْغُرَمَاءِ زَفْي أَلْفُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ حلف بحريّة فَبَاعَهُ ثُمَّ حَنِثَ فَرَدَّ بَيْعَهُ عَتَقَ لِأَنَّهُ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ بِخِلَافِ لَوِ اشْتَرَاهُ وَلَوْ دَفَعَ قِيمَةَ الْعَبْدِ لَمْ يَحْنَثْ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهُ اذْهَبْ فَبِعْهُ فَمَا نَقَصَ مِنْ ثَمَنِهِ فَعَلَيَّ وَإِنْ حَلَفَتْ بِحُرِّيَّةِ جَارِيَتِهَا إِنْ تَزَوَّجَتْ فُلَانًا فَبَاعَتْهَا وَتَزَوَّجَتْ ثُمَّ اشْتَرَتْهَا حَنِثَتْ وَاسْتَثْقَلَ مَالِكٌ شِرَاءَهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا بَأْسَ بِهِ عِنْدِي قَالَ مُحَمَّدٌ إِنَّمَا اسْتَثْقَلَهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَمَّا بَعْدَهُ فَلَا قَالَ وَوَجْهُ الْحِنْثِ وَإِنْ كَانَ الزَّوَاجُ مِمَّا لَا يَتَكَرَّرُ أَنَّهُ كَرِهَ مُقَارَنَةَ تِلْكَ الزَّوْجَةِ وَالْمُقَارَنَةُ تَتَكَرَّرُ قَالَ مُحَمَّد إِن ذهب الْمَحْلُوفُ بِحُرِّيَّتِهِ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ الَّذِي فِي وِلَايَتِهِ أَوْ وَهَبَهُ لِامْرَأَتِهِ لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ لِلْقُدْرَةِ على الرَّد وَعَن ابْن الْقَاسِمِ تَنْفَعُهُ الصَّدَقَةُ الْمَحُوزَةُ عَنْهُ بِخِلَافِ أَنْ يُبَيِّنَهَا بِنَفْسِهِ أَوْ يَجْعَلَ مَنْ يَحُوزُهَا وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ حَلَفَ بِحُرِّيَّتِهِ إِنْ بَاعَهُ فَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَى ابْنِهِ فِي حِجْرِهِ فَبَاعَهُ لَهُ فِي مَصَالِحِهِ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَيَغْرَمُ الْقِيمَةَ لِابْنِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا اشْتَرَاهُ وَهُوَ مِمَّنْ يُتَّهَمُ بِمُوَاطَأَةِ الْمُشْتَرِي عَادَتِ الْيَمِينُ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الدِّينِ أَوْ تَدَاوَلَتْهُ الْأَمْلَاكُ لَمْ تَعُدْ السَّابِعُ فِي الْكِتَابِ إِنْ كَلَّمْتُ فُلَانًا أَوْ يَوْمَ أُكَلِّمُهُ فَكُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ ثُمَّ كَلَّمَهُ عَتَقَ عَلَيْهِ مَا عِنْدَهُ مِنْ عَبِيدِهِ يَوْمَ حَلَفَ دُونَ مَا يَشْتَرِيهِ بَعْدَ يَمِينه

لِأَنَّهُ إِنَّمَا الْتَزَمَ مَا هُوَ مِلْكٌ لَهُ يَوْمَ الْحَلِفِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ يَوْمَ حَلَفَ عَبْدٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الطَّلَاقُ وَالصَّدَقَةُ الثَّامِنُ فِي الْكِتَابِ إِنْ فَعَلْتُ وَلَا فَعَلْتُ عَلَيَّ بِرٌّ لَا يَحْنَثُ إِلَّا بِالْفِعْلِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ بَيْعٍ وَلَا وَطْءٍ وَإِنْ مَاتَ لَمْ يَلْزَمْهُ وَلَا وَرَثَتَهُ شَيْءٌ وَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ وَلَأَفْعَلَنَّ عَلَى حِنْثٍ يُمْنَعُ مِنَ الْبَيْعِ وَالْوَطْءِ دُونَ الْخِدْمَةِ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْفِعْلِ عَتَقَ الرَّقِيقُ فِي الثُّلُثِ لِأَنَّهُ حِنْثٌ وَقد بقع الْمَوْتِ لِأَنَّ الْحِنْثَ لَمَّا كَانَ بِالْفِعْلِ دَلَّ عَلَى تَقَدُّمِ الْبِرِّ وَحُصُولُ الْبِرِّ بِالْفِعْلِ يَدُلُّ عَلَى تَقَدُّمِ الْحِنْثِ فَهَذَا مِنَ الْفَرْقِ بَيْنَ الصَّنِيع قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ لَا يَطَأُ إِنْ كَانَ مِمَّا يُمْكِنُ الْحِنْثُ فِيهِ حَالَةَ الْحَيَاةِ كَضَرْبِ الْعَبْدِ وَلَمْ يَضْرِبْ أَجَلًا لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ حَالَةَ الْحَيَاةِ بِخِلَافِ لَا يُسَافِرْنَ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ إِلَّا بِالْمَوْتِ فَلَهُ الْوَطْءُ لِأَنَّهَا كَالْمُدَبَّرَةِ لَا تَعْتِقُ إِلَّا بِالْمَوْتِ وَسُؤَالُ صمع وَخَالَفَ ابْنُ كِنَانَةَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَا وُلِدَ لِلْأَمَةِ دَخَلَ فِي الْيَمِينِ وَإِنْ ضَرَبَ أَجَلًا فَلَهُ الْوَطْءُ لِأَنَّهُ عَلَى بِرٍّ وَلَهُ وط ب إماث الْأُمِّ وَأُمِّ الْبِنْتِ وَلَا يَتْبَعُ وَاحِدَةً مِنْهُمَا وَإِنْ حَنِثَ بَعْدَ الْأَجَلِ عَتَقَتْ وَابْنَتَهَا وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْأَجَلِ لَمْ يَحْنَثْ بِالْمَوْتِ لِأَنَّهُ عَلَى رَبِّ الْأَجَلِ وَإِنْ فَلَّسَ قَبْلَ الْفِعْلِ بِيعَتْ فِي الدَّيْنِ تَقَدَّمَ يَمِينُهُ أَمْ لَا بِخِلَافِ الْمُدَبَّرَةِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْبِرِّ وَيَرْتَفِعُ الْعِتْقُ وَعَجْزُهُ عَنْ رَفْعِ التَّدْبِيرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْحَالِفُ إِنْ فَعَلْتُ لَهُ الْبَيْعُ وَالْوَطْءُ فَإِنْ حَنِثَ وَعِنْدَهُ الْأُمُّ عَتَقَتْ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِيمَا وَلَدَهَا بَعْدَ الْيَمِينِ هَلْ يَدْخُلُ أَمْ لَا وَرَجَّحَ ابْنُ الْقَاسِمِ الدُّخُولَ وَلَمْ يَعِبِ الْقَوْلَ الْآخَرَ وَرَجَعَ إِلَى عَدَمِ الدُّخُولِ وَإِنْ حَلَفَ بِحُرِّيَّتِهِ لَا عَفَا عَنْ فُلَانٍ لَمْ يَنْفَعْهُ بَيْعُهُ ثُمَّ يَعْفُو لِأَنَّ مَعْنَى يَمِينِهِ لَا عَاقَبْتُهُ قَالَهُ أَشْهَبُ التَّاسِعُ فِي الْكِتَابِ إِنْ لَمْ تَفْعَلِي كَذَا فَأَنْتِ حُرَّةٌ أَوْ طَالِقٌ وَإِنْ لَمْ

يَفْعَلْ فُلَانٌ فَعَبْدِي حُرٌّ أَوِ امْرَأَتِي طَالِقٌ مُنِعَ الْبَيْعَ وَالْوَطْءَ وَلَا يَضْرِبُ لِامْرَأَتِهِ أَجَلَ الْإِيلَاءِ بَلْ يَتَلَوَّمُ لَهُ بِقَدْرِ مَا يَرَى أَن أرَاهُ مِنَ الْأَجَلِ فِي تَأْخِيرِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ وَيُوقَفُ لِذَلِكَ الْمَرْأَةُ وَالْأَمَةُ وَالْأَجْنَبِيُّ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا عَتَقَ عَلَيْهِ وَطَلَّقَ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ إِكْرَاهَ الْأَمَةِ عَلَى مَا يَجُوزُ لَهُ مِنْ دُخُولِ دَارٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَهُ إِكْرَاهُهَا وَبِرٌّ وَلَوْ مَاتَ فِي التَّلَوُّمِ مَاتَ عَلَى حِنْثِهِ وَعَتَقَتِ الْأَمَةُ فِي الثُّلُثِ وَتَرِثُهُ الزَّوْجَةُ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَعْتِقُ بِمَوْتِهِ فِي التَّلَوُّمِ كَمَوْتِهِ فِي أَجَلٍ ضَرَبَهُ لِنَفْسِهِ وَيُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ فِي لِيَفْعَلَنَّ وَيَتَوَارَثَانِ قَبْلَ الْبِرِّ لِأَنَّهُ لَا يُطَلِّقُ مَيِّتٌ وَلَا يُوصِي مَيِّتٌ بِطَلَاقٍ الْعَاشِرُ فِي الْكِتَابِ الْحَالِفُ بِعِتْقِهِ لَيَضْرِبَنَّهُ ضَرْبًا يُبَاح لَهُ الْبر والاعتق عَلَيْهِ مَكَانَهُ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ الشَّرْعِيَّ كَالْمَنْعِ الْحِسِّيِّ وَلَيَضْرِبَنَّهُ مِائَةَ سَوْطٍ لَا يَبِيعُهُ حَتَّى يَنْظُرَ أببيعه أَمْ لَا وَفِي أَلْفِ سَوْطٍ يُعَجَّلُ عِتْقُهُ وَيُمْنَعُ فِي الضَّرْبِ الْمُبَاحِ حَتَّى يَفْعَلَ لِأَنَّهُ عَلَى حِنْثٍ وَإِنْ بَاعَ نُقِضَ الْبَيْعُ وَإِنْ لم يضر بِهِ حَتَّى مَاتَ عَتَقَ مِنْ ثُلُثِهِ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْبِرِّ إِلَى الْمَوْتِ يَدُلُّ عَلَى إِرَادَتِهِ الْعِتْقَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْعِتْقُ بَعْدَ الْمَوْتِ مِنَ الثُّلُثِ وَلِأَنَّ عِتْقَ الْمَرِيضِ فِي الثُّلُثِ وَهُوَ قَبْلَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى هَذَا وَلِشَبَهِهِ بِالتَّدْبِيرِ قَالَ ابْنُ دِينَارٍ يُنْقَضُ الْبَيْعُ وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ وَلَا تُنْقَضُ صَفْقَةُ مُسْلِمٍ إِلَّا لِعِتْقٍ نَاجِزٍ وَإِنْ حَلَفَ بِعتْقِهَا ليفعلن إِلَى أجل ليفعلنه إِلَى أَجَلٍ مُنِعَ مِنَ الْبَيْعِ دُونَ الْوَطْءِ وَيُرَدُّ الْبَيْعُ وَإِنْ رَضِيَتْ بِهِ لِأَنَّ الْعِتْقَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَعَنْ مَالِكٍ يُمْنَعُ مِنَ الْوَطْءِ كَالْبَيْعِ لِزَلْزَلَةِ الْمِلْكِ بِالْحَلِفِ فَإِذَا انْقَضَى الْأَجَلُ وَلَمْ يَقَعِ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ عَتَقَتْ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَهُوَ كَالْمِدْيَانِ إِذَا عَتَقَ وَإِنْ مَاتَ فِي الْأَجَلِ لَمْ يَعْتِقْ بِمَوْتِهِ لِأَنَّهُ عَلَى بِرٍّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُصَدَّقُ فِي أَنَّهُ أَرَادَ إِكْرَاهَ الْأَمَةِ وَقَوْلُهُ عتق مَكَانَهُ قَالَ سَحْنُون يقْضِي الْإِمَامِ قَالَ ابْنُ

الْقَابِسِيِّ إِنَّمَا يُمْكِنُ فِي الضَّرْبِ الْجَائِزِ إِذَا كَانَ قَدْ أَجْرَمَ وَأَمَّا بِغَيْرِ جِنَايَةٍ فَلَا لِأَنَّ أَذِيَّتَهُ حَرَامٌ مُطْلَقًا إِلَّا بِسَبَبٍ وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ يُمَكَّنُ مِنْ يَسِيرِ الضَّرْبِ قَالَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْكِتَابِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَيَضْرِبَنَّهُ مِائَةَ سَوْطٍ فَقَدْ أَسَاءَ وَيُتْرَكُ وَأَبَاهُ وَأَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ نَقْدٌ تَعَجَّلَ عِتْقَهُ فَإِنْ فَعَلَ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَعْتِقْ إِلَّا أَنْ يَلْحَقَهُ أَمْرٌ فَظِيعٌ قَدْ أَشْرَفَ مِنْهُ عَلَى الْهَلَاكِ فَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ وَقَالَ أَصْبَغُ الْمِائَةُ تُعَدُّ وَيُعَجَّلُ عِتْقُهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَيَضْرِبَنَّهُ ثَلَاثَمِائَةِ سَوْطٍ فَفَعَلَ فَأَنْهَكَهُ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ إِلَى أَنْ يَبْلُغَ مِنْهُ مُثْلَةً شَدِيدَةً مِثْلَ ذَهَابِ لَحْمٍ وَتَآكُلِهِ حَتَّى يَبْقَى جِلْدٌ عَلَى عَظْمٍ فَيُعْتِقُهُ مِثْلَ قَطْعِ عُضْوٍ وَإِنْ حَلَفَ عَلَى ضَرْبٍ يَجُوزُ فَضَرَبَ بَعْدَ أَنْ كَاتَبَهُ بَرَّ وَعَنْ مَالِكٍ لَا يَبِرُّ وَيَمْضِي عَلَى كِتَابَتِهَا وَيُوقِفُ مَا يُؤَدِّي فَإِنْ عَتَقَتْ بِالْأَدَاءِ ثُمَّ فِيهَا بِالْحِنْثِ وَأَخَذَتْ مَا أَدَّتْ وَإِنْ عَجَزَتْ ضَرَبَهَا إِنْ شَاءَ قَالَ ابْنُ الْكَاتِبِ كَيْفَ يَرُدُّ مَا أَخَذَ وَالْعَبْدُ إِنَّمَا عَتَقَ الْآنَ وَخَرَاجُ الْعَبْدِ لَا يُرَدُّ وَلِأَنَّهُ يَعْتِقُ فِي الثُّلُثِ إِنْ تَأَخَّرَ الْبِرُّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَبْلَ ذَلِكَ رَقِيقٌ وَلِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ مِنْ يَدِهِ لَا يَرُدُّ الْخَرَاجَ فَهَذَا أَوْلَى وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمُكَاتَبَ مَشْرُوطٌ لَهُ أَنْ لَا يَنْتَزِعَ مَالَهُ وَالْمُسْتَحِقُّ وَغَيْرُهُ لَمْ يَحُزْ مَالُهُ فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ وَلَمْ يُؤَدِّ الْكِتَابَةَ وَبَيْنَهُ مَحْمِلُهَا عَتَقَتْ عَلَيْهِ وَيَسْقُطُ عَنْهَا بَاقِي الْكِتَابَةِ وَكَانَ مَا وَقَفَ رَدًّا عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِمَالِهِ مَضَتْ عَلَى الْكِتَابَةِ وَلِلْغُرَمَاءِ النُّجُومُ فَإِنْ رَدَّتْ عَتَقَتْ وَإِنْ عَجَزَتْ فَهِيَ وَمَا أَخَذَ مِنْهُمَا فِي الدَّيْنِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَإِنْ حَلَفَ بِحُرِّيَّةِ أَمَتِهِ لَيَضْرِبَنَّهَا مِائَةَ سَوْطٍ فَحَمَلَتْ لَا يَضْرِبُهَا وَهِيَ حَامِلٌ وَيَمْنَعُهُ السُّلْطَانُ وَيُعْتِقُهَا عَلَيْهِ فَإِنْ ضَرَبَهَا قَبْلَ أَنْ تَضَعَ بَرَّ فِي

يَمِينِهِ وَإِنْ حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّهَا فَبَاعَهَا قَبْلَ الضَّرْبِ ثُمَّ ضَرَبَهَا قَالَ أَشْهَبُ بَرَّ وَإِنْ نَقَصَهَا ضَرْبَهَا غَرِمَ النُّقْصَانَ وَإِنْ حَمَلَتْ مِنَ الْمُبْتَاعِ لَمْ يَبِرَّ بِضَرْبِهَا وَيَلْزَمُهُ الْعِتْقُ لِفَوَاتِهَا بِالْحَمْلِ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ وَلَا يُحَاسَبْ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ قَالَهُ مَالِكٌ فَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُشْتَرِي وَلَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ فَهِيَ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ وَيَنْتَظِرُ الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ تَصْدِيقَ الْمُبْتَاعِ فَإِنْ أَفْلَسَ جَعَلَ ثَمَنَهَا فِي رَقَبَةٍ يُعْتِقُهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ حَمْلُهَا فَوْتٌ وَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لِلْمُبْتَاعِ صَدَّقَهُ فِي يَمِينِهِ أَوَ قَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ وَلَا تَعْتِقُ وَهِيَ كَالْمُدَبَّرَةِ تُبَاعُ فَتَفُوتُ بِالْحَمْلِ وَهَذَا إِنْ لَمْ تُوَقِّتْ لِفِعْلِهِ أَجَلًا وَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ فَلَا يَبِرُّ بِضَرْبِهَا عِنْدَ الْمُبْتَاعِ حَتَّى يرد فَيَضْرِبُهَا فِي مِلْكِهِ بِخِلَافِ قَضَاءِ الدَّيْنِ وَهِيَ عِنْد المبيتاع وَكَذَلِكَ إِنْ ضَرَبَ أَجَلًا فَقَضَاهُ قَبْلَ الْأَجَلِ وَهِيَ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ لَبَرَّ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ قَالَ أَصْبَغُ إِنْ ضَرَبَ لِضَرْبِهَا أَجَلًا فَبَاعَهَا قَبْلَهُ فَأَوْلَدَهَا الْمُشْتَرِي عَتَقَتْ عَلَى الْبَائِعِ بِغَيْرِ قِيمَةِ وَلَدِهَا فَإِنْ لَمْ يَضْرِبْ أَجَلًا قَالَ أَشْهَبُ كَمَا تَقَدَّمَ وَقِيلَ إِنَّهَا كَالْمُدَبَّرَةِ تَحْمِلُ مِنْ مُشْتَرِيهَا فَتَمْضِي أُمَّ وَلَدٍ فَيَتَحَصَّلُ مِنَ الْخِلَافِ أَنَّهُ إِنْ بَاعَهَا قَبْلَ الضَّرْبِ قِيلَ يَنْقُضُ الْبَيْعَ وَيَضْرِبُهَا وَقِيلَ يَنْقُضُ وَتَعْتِقُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَنْقُضِ الْبَيْعَ حَتَّى ضَرَبَهَا عِنْدَ الْمُبْتَاعِ فَفِي الْبِرِّ قَوْلَانِ وَإِنْ كَاتَبَهَا قَبْلَ الضَّرْبِ قِيلَ يَبِرُّ بِضَرْبِهَا فِي الْكِتَابَةِ وَقِيلَ حَتَّى يَضْرِبَهَا بَعْدَ الْعَجْزِ وَإِنْ أَحْبَلَهَا قِيلَ يَبِرُّ بِضَرْبِهَا حَامِلًا وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ لَا يَبِرُّ فِي الْكِتَابَةِ وَيُعَجَّلُ عَلَيْهِ عِتْقُهَا وَقَدْ أَحْبَلَهَا الْمُبْتَاعُ لِأَنَّهُ يَضْرِبُهَا وَيُعْتِقُ إِنْ صَدَقَ الْمُبْتَاعُ فِي يَمِينِهِ أَوْ قَامَتْ بَيِّنَتُهُ وَرَدَّ إِلَى هَذَا ثَمَنَهُ وَقِيلَ بَلْ ذَلِكَ فَوْتٌ وَتَكُونُ لِهَذَا أُمَّ وَلَدٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنَّمَا جَازَ الضَّرْبُ الْيَسِيرُ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَخْلُو مِنَ التَّقْصِيرِ وَإِنْ جَنَى أَجَازَ لَهُ الضَّرْبَ بِقَدْرِ جِنَايَتِهِ وَزِيَادَةٍ يَسِيرَةٍ وَيُمْنَعُ مِنَ الزِّيَادَةِ الْكَثِيرَة وَإِن لم يجن

وَيَمِينه يفور مِلْكَهُ لَمْ يُمَكَّنْ مِنْ ضَرْبِهِ وَإِنْ قَلَّ وَإِنْ مُكِّنَ مِنَ الْيَسِيرِ وَإِنْ ضَرَبَ أَجَلًا وَقَالَ بَعْدَهُ ضَرَبْتُهُ صُدِّقَ السَّيِّدُ مَعَ يَمِينِهِ لِأَن الأَصْل بقاب مِلْكِهِ قَالَهُ مَالِكٌ وَلَيْسَ عَلَيْهِ إِحْضَارُ شُهُودٍ فِي هَذَا وَكَذَلِكَ إِنْ حَلَفَ الزَّوْجُ لَيَضْرِبَنَّ الْمَرْأَةَ فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ أَنْ يَذْكُرَ أَنه ضربهَا لِأَن الأَصْل عدم الضَّرْب وترث الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا قَالَ مُحَمَّدٌ لَا يُعْجِبُنِي قَوْلَهُ مِنَ الثُّلُثِ لِأَنَّهُ ضَرَبَ أَجَلًا فَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ أَوْ عَتَقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إِلَى أَنْ يَمْرَضَ قَبْلَ انْقِضَائِهِ الْحَادِي عَشَرَ فِي الْكِتَابِ إِنْ أَعْتَقَ إِلَى أجل لابد مِنْهُ مَنَعَ مِنَ الْبَيْعِ والْوَطْءِ وَيَنْتَفِعُ بِغَيْرِ ذَلِكَ لِأَنَّ الْوَطْءَ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ يُشْبِهُ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ كَالشَّهْرِ وَمَوْتِ فُلَانٍ أَوْ إِذَا حِضْتِ وَلَا يَلْحَقُهُ دَيْنٌ وَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ عَتَقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ بَعْدَ خِدْمَةِ الْوَرَثَةِ بَقِيَّةَ الْأَجَلِ وَإِنْ قَالَ إِنْ حَمَلْتِ فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَلَهُ وَطْؤُهَا كُلَّ طُهْرٍ مَرَّةً قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَغَيْرُهُ لَا يَطَأُ الَّتِي وَهَبَ خِدْمَتَهَا إِلَى أَجَلٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ إِلَى أَجَلٍ تَعَجَّلَ عِتْقَهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ فِيهَا غَيْرُ الْوَطْءِ وَقَدْ حَرُمَ قَالَ مَالِكٌ فِي أَمَتِهِ إِنْ قَالَ هِيَ حُرَّةٌ بَعْدَ سَبْعِينَ سَنَةً إِنْ رَأَى الْإِمَامُ بَيْعَهَا مُعَجِّلًا فَعَلَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ كَانَ أَجَلًا يَتَجَاوَزُ عُمُرَهَا بِيعَتْ كَأَنَّهُ أَعْتَقَهَا بَعْدَ مَوْتِهِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ هِيَ كَالْمُدَبَّرَةِ إِذَا كَانَ الْأَجَلُ لَا يبلغهُ عمره وَلَا عمرها يعْتق فِي الثُّلُثِ وَإِنْ قَالَ ذَلِكَ فِي الصِّحَّةِ فَلَهُ وَطْؤُهَا دون بيعهَا كالمدبرة وَفِي الْعُتْبِيَّة عمل عَلَى هَذِهِ الدَّابَّةِ فَإِذَا مَاتَتْ فَأَنْتَ حُرٌّ فَمَاتَتْ قَبْلَ السَّيِّدِ عَتَقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ الدَّابَّةِ عَتَقَ مِنَ الثُّلُثِ كَالْقَائِلِ اخْدِمْ فُلَانًا مَا عِشْتُ أَنَا فَإِنْ مَاتَ قَبْلِي فَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ مُتُّ قَبْلَهُ فَأَنْتَ حُرٌّ إِلَى مَوْتِهِ فَمَاتَ قِيلَ هُوَ عَتِيقٌ مِنَ الثُّلُثِ قَالَ أَصْبَغُ

لَيْسَ نَظِيرَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ اسْتِثْنَاءٌ قُيِّدَ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ فَاعْتُبِرَ ثِنْيَاهُ وَهَذَا أَعْتَقَ إِلَى أَجَلٍ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَوْتِ إِنْسَانٍ أَوْ دَابَّةٍ يَعْتِقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ عَاشَ السَّيِّدُ أَوْ مَاتَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلِلْوَرَثَةِ بِيعُ الدَّابَّةِ بِمَوْضِعٍ لَا يُغَابُ عَلَيْهَا فَإِنْ قَتَلَ الْعَبْدُ الدَّابَّةَ خَطَأً تُعُجِّلَ عِتْقُهُ أَوْ عَمْدًا أَخْدَمَ إِلَى مِقْدَارِ مَا يُرَى أَنَّهُ عُمْرُ الدَّابَّةِ وَكَذَلِكَ إِنْ بِيعَتْ وَغِيبَ عَلَيْهَا وَإِنْ قَتَلَهَا أَجْنَبِيٌّ عَمْدًا أَوْ خَطَأً عَتَقَ قَالَ سَحْنُونٌ فَإِنْ حَمَّلَهَا الْغُلَامُ فَوْقَ طَاقَتِهَا فَمَاتَتْ أَوْ قَتَلَهَا عَمْدًا عَتَقَ مَكَانَهُ كَأُمِّ الْوَلَدِ تَقْتُلُ سَيِّدَهَا فَيُعْفَى عَنْهَا فَإِنَّهَا تَعْتِقُ وَلَيْسَ عَلَى الْعَبْدِ قِيمَةُ الدَّابَّةِ عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَبَّرِ وَالْمُعْتَقِ إِلَى أَجَلٍ يَجْنِي عَلَى سَيِّدِهِ يَخْتَدِمُهُ فِي ذَلِكَ وَإِنْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ قَبْلَ مَوْتِي بِشَهْرٍ قِيلَ يُوقَفُ لَهُ خَرَاجُ شَهْرٍ فَكُلَّمَا زَادَ عَلَيْهِ يَوْمًا أُطْلِقَ لِلسَّيِّدِ مِثْلُهُ فَإِنْ وَافَقَ الشَّهْرَ مَرَضُهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَهُوَ مِنَ الثُّلُثِ أَوْ صِحَّتُهُ فَهُوَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ كَانَ السَّيِّدُ مَلِيًّا أسلم إِلَيْهِ يختدمه فَإِنْ مَاتَ وَحَلَّ الْأَجَلُ وَهُوَ صَحِيحٌ فَمِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَرَجَعَ بِكِرَاءِ خِدْمَتِهِ أَوْ مَرِيضٍ فَمِنْ ثُلُثِهِ وَيُحَلِّفُهُ الدَّيْنَ وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِخِدْمَةِ الشَّهْرِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ بِخِلَافِ مَنْ حَلَفَ بِحُرِّيَّتِهِ لِيَفْعَلَنَّ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ إِلَى أجل فَلهُ الْوَطْء لقدرته على حل بِالْفِعْلِ فَفَارَقَ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ وَيُرَدُّ الْبَيْعُ حَيْثُ مَنَعَ فَلَوْ لَمْ يُرَدَّ حَتَّى مَضَى الْأَجَلُ وَلَمْ يَفْعَلْ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ لَمْ يُرَدَّ الْبَيْعُ لِأَنَّهُ بِمُضِيِّ الْأَجَلِ حَنِثَ وَلَيْسَتْ فِي مِلْكِهِ وَالرَّدُّ إِنَّمَا هُوَ لِمَا يُتَوَقَّعُ مِنَ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ وَعَنْ مَالِكٍ الْمَنْعُ مِنَ الْوَطْءِ كَالْبَيْعِ وَلَوْ مَاتَ فِي الْأَجَلِ لَمْ يَعْتِقْ لِأَنَّهُ عَلَى بِرٍّ الثَّانِي عَشَرَ فِي الْكِتَابِ أحد أَحْرَار وَلَمْ يُبَيِّنْ مُعَيَّنًا خُيِّرَ فِيهِمْ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ فِي الطَّلَاقِ سُؤَالًا وَجَوَابًا وَكَذَلِكَ واس مِنْهُمْ فِي السَّبِيلِ أَوِ الْمَسَاكِينِ يُخَيَّرُ فِيهِمْ وَإِنْ نَوَى مُعَيَّنًا صُدِّقَ فِي نِيَّتِهِ بِغَيْرِ

يَمِينٍ وَلَوْ فَسَّرَ وَهُوَ مَرِيضٌ يَعْتِقُ مِنْ رَأس المَال لتقدم التَّصَرُّف فِي الصِّحَّة أَي أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْآخَرِ فَالْفَضْلُ مِنَ الثُّلُثِ إِنْ فَسَّرَ فِي الْمَرَضِ لِاخْتِصَاصِ هَذَا الْأَمْرِ بِالْمَرَضِ وَقَالَ غَيْرُهُ بَلْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ نَظَرًا لِوَقْتِ التَّصَرُّفِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ شَهِدَ عَلَيْهِ فَأَنْكَرَ قُضِيَ عَلَيْهِ فَإِنْ أَبَى أَعْتَقَ عَلَيْهِ أَدْنَاهُمْ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مِلْكِهِ وَكَذَلِكَ وَرَثَتُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَإِنْ كَانَ فِي الشَّهَادَةِ أَنَّهُ أَرَادَ أَحَدَهُمَا وَنَسِيَهُ حُكِمَ بِعِتْقِهِمَا مَعًا عَلَيْهِ وَعَلَى وَرَثَتِهِ إِنْ قَالَ ذَلِكَ فِي صِحَّتِهِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ قَالَ أَحَدُهُمْ حُرٌّ وَشَهِدَ عَلَيْهِ وَهُوَ يُنْكِرُ عَتَقُوا عَلَيْهِ كَالطَّلَاقِ وَإِنْ قَالَ غُلَامِي حُرٌّ أَوِ امْرَأَتِي خُيِّرَ فيهمَا وَإِن مرض فَإِن أختيار الْعِتْقَ فَمِنَ الثُّلُثِ أَوِ الطَّلَاقَ وَرِثَتْهُ امْرَأَتُهُ وَإِذَا قَالَ أَحَدُكُمَا حُرٌّ قَالَ سَحْنُونٌ يُصَدَّقُ مَعَ يَمِينِهِ نَفْيًا لِلتُّهْمَةِ فَإِنْ نَكَلَ عَتَقَا عَلَيْهِ هَذَا بِإِقْرَارِهِ وَهَذَا بِنُكُولِهِ وَإِنْ قَالَ لَمْ أَنْوِ شَيْئًا حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ وَاخْتَارَ أَيَّهُمَا شَاءَ وَإِنْ قَالَ نَوَيْتُ وَنَسِيتُ عَتَقَا عَلَيْهِ وَإِذَا فَسَّرَ فِي الْمَرَضِ وَكَانَتِ الزِّيَادَةُ فِي الثُّلُث فَهِيَ مُبَدَّأَةٌ عَلَى الْوَصَايَا وَعَلَى الْعِتْقِ وَالزَّكَاةِ الَّتِي فَرَّطَ فِيهَا وَيُحْتَمَلُ التَّبْدِئَةُ عَلَى التَّدْبِيرِ فِي الصِّحَّةِ لِأَنَّهُ أَمْرٌ عَقَدَهُ فِي الصِّحَّةِ وَيُحْتَمَلُ تَقْدِيمُ التَّدْبِيرِ لِوُقُوعِهِ فَعَلَى التَّفْسِيرِ فِي هَذِهِ الزِّيَادَة فَإِن لم يُخَيّر حَتَّى مَاتَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَخْتَارُ وَرَثَتُهُ لِأَنَّهُ حَقٌّ مَالِيٌّ كَانَ لِمَوْرُوثِهِمْ وَعَنْهُ يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ كَالْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ فَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً عَتَقَ ثُلُثُ قِيمَتِهِمْ وَعَنْهُ يَعْتِقُ أَثَلَاثُهُمْ وَيُشْرَعُ الْعِتْقُ فِي جَمِيعِهِمْ لِعَدَمِ الْمُرَجِّحِ وَعَنْ مَالِكٍ يَعْتِقُ ثُلُثُهُمْ بِالسَّهْمِ وَإِنْ كَانُوا أَرْبَعَةً فَرُبُعُهُمْ قَالَ مُحَمَّدٌ يَخْتَارُ الْوَرَثَةُ كَقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنِ اخْتَلَفُوا فَقَوْلُ مَالِكٍ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنِ اخْتَلَفُوا عَتَقَ الْأَدْنَى وَإِنْ قَالَ فِي مَرضه أَحدهمَا حر فَمَاتَ عتق نصف قيمتهَا بِالسَّهْمِ إِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ فَإِنِ اسْتَوَتِ الْقِيمَةُ عَتَقَ مَنْ أَخْرَجَهُ السَّهْمُ أَوْ أُخْرِجَ السَّهْمُ الْكثير الْقيمَة عتق مِنْهُ مبلغ نصف قيمتهَا أَوِ السَّهْمُ الْقَلِيلُ عَتَقَ كُلُّهُ وَعَتَقَ مِنَ الآخر تَمام نصف قيمتهَا قَالَهُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ إِلَّا الْمُغِيرَةُ قَالَ سَحْنُونٌ وَكَذَلِكَ الْحُكُمُ إِنْ قَالَ فِي مَرَضِهِ زَيْدٌ حُرٌّ وَلَهُ عَبْدَانِ اسْمُهُمَا زَيْدٌ ثُمَّ مَاتَ قَالَ الْمُغِيرَةُ يَعْتِقُ نِصْفُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِن حمله كَذَلِك

الثُّلُثُ وَإِلَّا فَيُقَدَّمُ مَا حَمَلَ قَالَ عَبْدُ الْملك إِن قَالَ عِنْد مَوته أَحَدكُمَا حُرٌّ عَتَقَ نِصْفُ قِيمَتِهِمَا بِالسَّهْمِ وَإِنْ قَالَ زَيْدٌ أَوْ عَمْرٌو عَتَقَ جَمِيعُ أَحَدِهِمَا بِالسَّهْمِ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهِمَا أَوْ أَقَلَّ لِأَنَّ هَذَيْنِ مَعْرِفَتَانِ وَالْأَوَّلُ نَكِرَةٌ وَكَذَلِكَ إِنْ قَالَ أَسْهِمُوا بَيْنَ عَبِيدِي فَالْخَارِجُ أَعْتِقُوهُ وَإِنْ قَالَ أَحَدُكُمَا حُرٌّ فَلَمْ يَخْتَرْ حَتَّى مَاتَ أَحَدُهُمَا عَتَقَ الْبَاقِي وَكَذَلِكَ إِنْ لَمْ يَخْتَرِ الْوَارِثُ حَتَّى مَاتَ أَحَدُهُمَا فَالْبَاقِي حُرٌّ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا ثُمَّ قُتِلَ الْآخَرُ عَمْدًا قُتِلَ قَاتِلُهُ حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا وَفِي الْخَطَأِ دِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ وَإِنْ قُتِلَ أَحَدُهُمَا عَتَقَ الْبَاقِي وَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ حَتَّى جَنَى أَحَدُهُمَا فَلَهُ الِاخْتِيَارُ فَإِنِ اخْتَارَ الْجَانِي فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يحمل عِنْد الْجِنَايَة وَالْآخر فَلَهُ فِدَاءُ الْجَانِي وَإِسْلَامُهُ فَإِنْ مَاتَ الْجَانِي قَبْلَ الْخِيَارِ فَالثَّانِي حُرٌّ بِغَيْرِ عِتْقٍ مُؤْتَنَفٍ وَيُوَرَّثُ الْآخَرُ مَكَانَهُ أَوْ مَاتَ غَيْرُ الْجَانِي عَتَقَ الْجَانِيَ وَاتَّبَعَ بِالْجِنَايَةِ لِنُفُوذِ عِتْقٍ مَعْقُودٍ قَبْلَ الْجِنَايَةِ كَالْمُدَبَّرِ يَجْنِي ثُمَّ يَمُوتُ السَّيِّدُ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهُ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا قَالَ أَحَدُكُمَا حُرٌّ فَلَمْ يَخْتَرْ حَتَّى مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوِ اسْتَحَقَّ بِحُرِّيَّةٍ عَتَقَ الْآخَرُ وَعَنْهُ إِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ مَرِضَ السَّيِّدُ وَعَلَيْهِ فِي الصِّحَّةِ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ يُسْأَلُ وَقَالَ أَرَدْتُ الْمَيِّتَ حُلِّفَ وَإِلَّا عَتَقَ الْحَيُّ أَوْ أَرَدْتُ الْحَيَّ عَتَقَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ بَعْدَ يَمِينِهِ أَوْ قَالَ لَمْ أُرِدْ مُعَيَّنًا عَتَقَ الْحَيُّ فِي رَأْسِ الْمَالِ وَإِنْ أَقَرَّ بِهَذَا فِي مَرَضِهِ أَنَّهُ قَالَه فِي صِحَّته فَلَا يعْتق الْحَيّ فِي ثُلُثٍ وَلَا غَيْرِهِ أَوْ قَالَهُ فِي الصِّحَّةِ فَلَمْ يَخْتَرْ حَتَّى قُتِلَا جَمِيعًا فَعَلَى الْقَاتِلِ قِيمَةُ عَبْدٍ وَدِيَةِ حُرٍّ أَوْ قُتِلَ وَاحِدٌ وَالْبَاقِي حُرٌّ أَوْ قُطِعَتْ يَدُ أَحَدِهِمَا وَمَاتَ الْآخَرُ فَفِي الْيَدِ دِيَةُ حُرٍّ لِأَنَّ مَوْتَ صَاحِبِهِ صَيَّرَهُ حُرًّا وَلَا تُقْطَعْ يَدُ الْجَانِي وَإِنْ تَعَمَّدَ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا اسْتَحَقَّ أَحَدُهُمَا بِحُرِّيَّةٍ أَصْلِيَّةٍ لَا شَيْءَ فِي الْبَاقِي قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ مُلْحِدٌ أَحَدُكُمَا حُرٌّ فَلَا

شَيْءَ عَلَيْهِ أَصْدَقُ الْعِبَارَةِ بِذَلِكَ الْحُرُّ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ قَالَ فِي صِحَّتِهِ لِمُبَارَكٍ وَمَيْمُونٍ أَحَدُكُمَا حُرٌّ وَقَالَ لِمَيْمُونٍ وَزَيْدٍ أَحَدُكُمَا حُرٌّ فَإِنِ اخْتَارَ عَتَقَ الَّذِي وَقَعَ لَهُ القَوْل مرَّتَيْنِ وَهُوَ مَيْمُون رَقَّ الْبَاقِيَانِ أَوِ اخْتَارَ رِقَّهُ عَتَقَ الْبَاقِيَانِ وَإِنْ مَاتَ مَيْمُونٌ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ يَعْتِقُ الْأَوَّلُ وَالثَّالِثُ لِأَنَّهُ كَانَ قَرِينًا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَامْتَنَعَ الْخِيَارُ لِمَوْتِهِ وَإِنِ اخْتَارَ مُبَارَكًا أَوْ زيدا فَلَا بُد من أختيار عتق الْبَاقِيَيْنِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَن يَخْتَارُ وَرَثَتُهُ لِأَنَّهُ مِنْ عِتْقِ الصِّحَّةِ وَقِيلَ يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ فَإِنْ خَرَجَ مَيْمُونٌ رَقَّ الْبَاقِيَانِ اَوْ أَحدهمَا زَيْدٌ أُقْرِعَ بَيْنَ الْآخَرِ وَبَيْنَ مَيْمُونٍ وَمَنْ خَرَجَ أُعْتِقَ وَالْعِتْقُ فِي ذَلِكَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا قَالَ لِمُكَاتَبِهِ وَعَبْدِهِ أَحَدُكُمَا حُرٌّ يُسْأَلُ مَنْ أَرَادَ بَعْدَ يَمِينِهِ وَقيل لَا خلف وَإِنْ قَالَ لَمْ أُرِدْ مُعَيَّنًا عَتَقَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا وَحَلَفَ فَإِنْ لَمْ يُسْأَلْ حَتَّى وديت الْكِتَابَةُ وَقَالَ أَرَدْتُ الْمُكَاتَبَ رُدَّ عَلَيْهِ مَا أُخِذَ مِنْهُ مِنْ يَوْمِ أَعْتَقَهُ وَإِنْ قَالَ لَمْ أَعْتِقْ عَتَقَ الْقِنُّ كَمَا إِذَا اسْتَحَقَّ أَحَدَهُمَا بِحُرِّيَّةٍ أَوْ مَوْتٍ قَالَ سَحْنُونٌ وَإِنْ قَالَ فِي صِحَّتِهِ لِمُدَبَّرِهِ وَعَبْدِهِ أَحَدُكُمَا حُرٌّ سُئِلَ فَإِنْ أَرَادَ هَذَا حَلَفَ وَصُدِّقَ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنِ اخْتَارَهُ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَ وَحَمَلَ الْمُدَبَّرَ الثُّلُثُ عَتَقَا جَمِيعًا هَذَا مِنَ الثُّلُثِ فِيمَا تَرَكَ سِوَى الْقِنِّ وَالْآخَرُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَمَا إِذَا اسْتَحَقَّ أَحَدُهُمَا بِحُرِّيَّةٍ فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ عَتَقَ مِنْهُ مَا حَمَلَ وَخُيِّرَ الْوَرَثَةُ بَيْنَ عِتْقِ بَاقِي الْمُدَبَّرِ وَعِتْقِ الْقِنِّ قَالَ مُحَمَّدٌ فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ عِنْدَ مَوْتِهِ أَوْ فِي وَصِيَّتِهِ أَسْهَمَ عَلَى نِصْفِ قِيمَتِهَا فَإِنْ خَرَجَ الْمُدَبَّرُ عَتَقَ وَإِنْ بَقِي من نصف قيمتهَا شَيْءٌ جُعِلَ فِي الْبَاقِي إِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ وَإِن خرج الْقِنّ بَرِيء الْمُدَبَّرُ ثُمَّ عَتَقَ الْقِنُّ إِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ قيمتهَا فَيعتق مِنْهُ قدر نصف قيمتهَا فِي الثُّلُثِ وَإِنْ كَانَ الْمُدَبَّرُ قَدْرَ الثُّلُثِ عَتَقَ كُلُّهُ وَبَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ قَالَ سَحْنُونٌ وَإِنْ قَالَ فِي صِحَّتِهِ لِأُمِّ وَلَدِهِ وَأَمَتِهِ يُخَيَّرُ وَحُلِّفَ كَالْمُدَبَّرَةِ وَالْمُكَاتَبَةِ وَإِنْ مَاتَ عَتَقَتَا مِنْ راس المَال

كَاسْتِحْقَاقِ إِحْدَاهُمَا بِحُرِّيَّةٍ أَوْ فِي مَرَضِهِ ثُمَّ مَاتَ عَتَقَتْ أُمُّ الْوَلَدِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَالْأمة من الثُّلُث وَأما مَا حَمَلَهُ وَإِنْ قَالَ أَقْرِعُوا بَيْنَهُمَا فَمَنْ خَرَجَ فَأَعْتِقُوهُ أُقْرِعَ فَإِنْ خَرَجَتْ أُمُّ الْوَلَدِ رَقَّتِ الْأَمَةُ أَوِ الْأَمَةُ عَتَقَتْ فِي الثُّلُثِ وَأُمُّ الْوَلَدِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَإِنْ قَالَهُ لِعَبْدَيْنِ أَحَدُهُمَا مُوصًى بِعِتْقِهِ فِيهِمَا كَالْمُدَبَّرِ وَالْقِنِّ أَحَدُهُمَا قِنٌّ وَالْآخَرُ مُوصًى بِهِ لِرَجُلٍ مَا لَمْ يَمُتْ فِي هَذَا فَلِوَرَثَتِهِ الْخِيَارُ فَإِنْ أَعْتَقُوا الْمُوصَى بِعِتْقِهِ فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَبَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ أَوِ الْآخَرُ عَتَقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَبَقِيَتِ الْوَصِيَّةُ وَإِنْ قَالَهُ فِي مَرَضِهِ ثُمَّ مَاتَ نُظِرَ إِلَى نِصْفِ قِيمَتِهِمَا وَأُسْهِمَ بَيْنَهُمَا فَعَتَقَ مَنْ خَرَجَ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِمَا إِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ فَإِنِ اجْتَمَعَتْ مُكَاتَبَةٌ وَمُدَبَّرَةٌ وَأُمُّ وَلَدٍ وَمُعْتَقَةٌ إِلَى أَجَلٍ وَأَمَةٌ وَقَالَهُ فِي صِحَّتِهِ خُيِّرَ فِيهِنَّ وَيَحْلِفُ فَإِنْ مَاتَ عَتَقَتْ أم الْوَلَد فِي رَأس رُدَّتِ الْمُكَاتَبَةُ وَحَلَّ أَجَلُ الْمُعْتَقَةِ فَلْتُعْتَقِ الْأَمَةُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَمَا لَوْ قَالَ اللَّخْمِيُّ فِي الطَّلَاق وَالْعتاق عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ يُخَيَّرُ فِيمَا يَعُمُّ الطَّلَاقَ وَالْعَتَاقَ يُخَيَّرُ فِي الْعِتْقِ دُونَ الطَّلَاقِ الثَّالِثَ عَشَرَ فِي الْكِتَابِ إِنْ دَخَلْتِ هَاتَيْنِ الدَّارَيْنِ فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَدَخَلَتْ إِحْدَاهُمَا عَتَقَتْ لِأَنَّ جُزْءَ الشَّرْطِ كَجُزْءِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَالْحِنْثُ عِنْدَنَا يَقَعُ بِالْجُزْءِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْأَيْمَانِ وَإِنْ قَالَ لِأَمَتَيْهِ أَوْ زَوْجَتَيْهِ إِنْ دَخَلْتُمَا هَذِهِ الدَّارَ فَأَنْتُمَا حُرَّتَانِ أَوْ طَالِقَتَانِ فَدَخَلَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ حَتَّى يَدْخُلَا جَمِيعًا قَالَ أَشْهَبُ تَعْتِقُ الدَّاخِلَةُ فَقَطْ قَالَ ابْن يُونُس عَن ابْن الْقَاسِم يَحْنَث فِيهَا بِدُخُولِ إِحْدَاهُمَا لِأَنَّهُ حَدُّ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ قَالَ وَوَجْهُ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ كَرِهَ اجْتِمَاعَهُمَا فِيهَا لِوَجْهٍ مَا وَعَلَى هَذَا وَقَعَتْ يَمِينُهُ فَلَا يَحْنَثُ بِإِحْدَاهُمَا لِعَدَمِ الِاجْتِمَاعِ وَرَأَى أَشْهَبُ أَنَّهُ حلف على كل وَاحِد مِنْهُمَا فَلَمْ يَتَحَقَّقِ الشَّرْطُ لَا فِي إِحْدَاهُمَا كَأَنَّهُ قَالَ كُلُّ مَنْ دَخَلَتْ فَهِيَ حُرَّةٌ

الرَّابِعَ عَشَرَ فِي الْكِتَابِ قَالَ لِعَبْدِهِ أَوِ امْرَأَتِهِ إِنْ كُنْتَ دَخَلْتَ الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ طَالِقٌ فَقَالَا دَخَلْنَا أَوْ إِنْ دَخَلَتْ فَقَالَ دَخَلْنَا أَوْ لَمْ يُقِرَّ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ صِدْقَهُمَا أَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ إِنْ كُنْتَ تُبْغِضُنِي فَأَنت حر فَقَالَ أَنا احبك وَإِن كنت تحبني فَقل أُبْغِضُكَ أَوْ سَأَلَهُمَا عَنْ خَبَرٍ وَقَالَ إِنْ كَتَمْتَنِي أَوْ إِنْ لَمْ تَصْدُقْنِي فَقَالَ صَدَقْتُكَ وَهُوَ لَمْ يَدْرِ أُمِرَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بِالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ وَجَمِيعِ مَا يَلْتَزِمُهُ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ لِأَنَّهُ شَاكٌّ فِي الْبِرِّ وَالْحِنْثِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ صَدَّقَهُمَا فِي الْحِنْثِ لَزِمَهُ بِالْقَضَاءِ وَإِنْ رَجَعَتْ عَنْ إِقْرَارِهَا الْخَامِسَ عَشَرَ فِي الْكِتَابِ إِنْ قَالَ لِأَمَتِهِ وَامْرَأَتِهِ ادْخُلِي الدَّارَ يُرِيدُ الْعِتْقَ أَوِ الطَّلَاقَ لَزِمَهُ وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ حُرَّةٌ فَقَالَ ادْخُلِي الدَّارَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ حَتَّى يَنْوِيَهُ بِذَلِكَ اللَّفْظِ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ لِأَن الْكَلَام النفساني لابد مَعَهُ مِنَ اللِّسَانِيِّ وَإِنْ قَالَ لِأَمَتِهِ أَنْتِ بَريَّة اَوْ خية اَوْ باين أَوْ بَتَّةٌ أَوْ كُلِي أَوِ اشْرَبِي يُرِيدُ الْحُرِّيَّة عتقت وَإِن قَالَ وَكَذَلِكَ فِي الْعِتْقِ لِلْجَارِيَةِ اذْهَبِي وَقَالَ أَرَدْتُ الْعِتْقَ صُدِّقَ لِأَنَّهُ مِنْ كِنَايَاتِ الْعِتْقِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ ادْخُلِي الدَّارَ الْعِتْقَ أَوِ الطَّلَاقَ لَا يَلْزَمُهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ السَّادِسَ عَشَرَ فِي الْكِتَابِ يَدُكَ حُرٌّ عتق عَلَيْهِ جَمِيعه فِي الْقَضَاء والفتيا وَالْيَوْم عتق أبدا لِأَن الْعتْق لَا يَنْقَضِي وَلَا يتَوَقَّف وحر فِي هَذَا الْيَوْمِ مِنْ هَذَا الْعَمَلِ وَقَالَ أَرَدْتُ عِتْقَهُ مِنَ الْعَمَلِ دُونَ الرِّقِّ صُدِّقَ مَعَ يَمِينه وَاسْتحْسن عَمَلَهُ فَقَالَ مَا أَنْتَ إِلَّا حُرٌّ وَلَمْ يُرِدِ الْعِتْقَ لَا يَعْتِقُ فِي الْقَضَاءِ وَلَا فِي الْفُتْيَا لِلْقَرِينَةِ وَإِنْ مَرَّ عَلَيْهِ عَاشِرٌ فَقَالَ هُوَ حُرٌّ وَلَمْ يُرِدِ الْعِتْقَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْقَضَاءِ وَلَا فِي الْفُتْيَا إِنْ عَلِمَ أَنَّ السَّيِّدَ أَرَادَ دَفْعَ الظُّلْمِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ

سَحْنُونٌ إِنْ قِيلَ لَهُ عَبْدُكَ يَزْعُمُ أَنَّهُ حُرٌّ فَقَالَ هُوَ صَادِقٌ فَسَأَلَ الْعَبْدَ فَقَالَ نَعَمْ أَنَا حُرٌّ فَقَالَ السَّيِّدُ ظَنَنْتُ أَنَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ فَلَا حُرِّيَّةَ لَهُ كَمَنْ رَضِيَ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ فَلَهُ مُنَاكَرَتُهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ سُئِلَ عَنْ عَبْدِهِ فَقَالَ مَا لَهُ رَبٌّ إِلَّا اللَّهُ أَوْ قِيلَ لَهُ أَلَكَ هُوَ فَقَالَ مَا هُوَ لِي فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيَحْلِفُ قَالَ وَإِنْ شَتَمَ عَبْدٌ حُرًّا فَشَكَاهُ لِسَيِّدِهِ فَقَالَ هُوَ حُرٌّ مِثْلَكَ فَهُوَ حُرٌّ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ التَّسْوِيَةُ فِي الْحُكْمِ وَلَنْ يَسْتَوِيَ إِلَّا بِالْحُرِّيَّةِ قَالَ سَحْنُونٌ وَإِنْ قَالَ تَصَدَّقْتُ عَلَيْكَ بِخَرَاجِكَ أَوْ عَمَلِكَ أَوْ خِدْمَتِكَ مَا عِشْتُ أَنَّهُ عَتَقَ مَكَانَهُ لِأَنَّ هَذِهِ صِفَةُ الْحُرِّ وَلَوْ قَالَ تَصَدَّقْتُ عَلَيْكَ بِخَرَاجِكَ وَأَنْتَ مِنْ بَعْدِي حُرٌّ فَهُوَ كَأُمِّ الْوَلَدِ وَلَوْ قَالَ تَصَدَّقْتُ عَلَيْكَ بِخَرَاجِكَ أَوْ عَمَلِكَ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا عَتَقَ مَكَانَهُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ قَالَ تَصَدَّقْتُ عَلَيْكَ بِعِتْقِكَ عَتَقَ وَإِنْ وَهَبَهُ نِصْفَهُ عَتَقَ كُلُّهُ وَوَلَاؤُهُ لِسَيِّدِهِ وَكَذَلِكَ إِنْ أَخَدَمْتَهُ عِوَضًا قَالَ اللَّخْمِيُّ وَمَعْنَى قَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ يَكُونُ كَأُمِّ الْوَلَدِ أَنْ يَعْتِقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَإِذَا قَالَ لَهُ مَعَاشٌ وَنَوَى الْعِتْقَ لَزِمَهُ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ لَا يَتَعَلَّقُ بِالنِّيَّةِ إِنْ كَانَ ذَاكِرًا أَن لَهُ أَن لَا يَنْوِيَهُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ عَتَقَتْ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْإِكْرَاهَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي الْمَالِ السَّابِعَ عَشَرَ فِي الْكِتَابِ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ أَوْ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَقَالَ نَوَيْتُ الْكَذِبَ لَزِمَهُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يُنْوَى فِي الْمُحْتَمَلِ كالعاشر وَنَحْوه وَلَا سَبِيلَ لِي عَلَيْكَ أَوْ لَا مِلْكَ لِي عَلَيْكَ عَتَقَ إِلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ جَوَابٌ لِكَلَامٍ قَبْلَهُ فَيُصَدَّقُ وَإِنْ قَالَ لِأَمَتِهِ هَذِهِ أُخْتِي اَوْ لعبد هَذَا أَخِي وَلَمْ يُرِدِ الْحُرِّيَّةَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ الثَّامِنَ عَشَرَ فِي الْكِتَابِ أَنْتَ حُرٌّ إِنْ شِئْتَ فَذَلِكَ لَهُ وَإِنْ قَامَا مِنَ الْمَجْلِسِ كَالتَّمْلِيكَ فِي الْمَرْأَةِ إِلَّا أَنْ تُمَكِّنَهُ الْأَمَةُ مِنْ وَطْءٍ أَوْ مُبَاشَرَةٍ وَتَوَقَّفَ لِيَخْتَارَ الْعِتْقَ أَوِ التَّرْكَ ثُمَّ قَالَ لَا أَرَى بَعْدَ الْمَجْلِسِ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ شَيْئًا فوضه إِلَيْهَا التَّاسِع عشر عَبِيدِي أحراراً إِلَّا فُلَانًا ذَلِكَ لَهُ دُونَ الِاسْتِثْنَاءِ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى خِلَافًا لِ ش وَتَقَدَّمَ فِي الْأَيْمَانِ تَقْرِيرُهُ وَعَبْدِي حُرٌّ إِنْ كَلَّمْتُ فُلَانًا إِلَّا أَنْ يَبْدُوَ

لِي أَوْ إِلَّا أَنْ أَرَى غَيْرَ ذَلِكَ فَذَلِكَ لَهُ بِخِلَافِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ إِشْكَالٌ كَثِيرٌ وَجَوَابُهُ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ مُتَعَلِّقٌ بِهَذَا قَالَ اللَّخْمِيُّ أَنْتَ حُرٌّ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ أَبِي قِيلَ يَعْتِقُ وَإِنْ كَرِهَ أَبُوهُ وَقِيلَ حَتَّى يَرْضَى لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنْت حر إِن يَشَأْ أبي وَإِلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي إِنْ بَدَا لَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَإِلَّا لَزِمَهُ وَإِنْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ إِلَّا أَنْ أَرَى غَيْرَ ذَلِكَ عَتَقَ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَا يَرْتَفِعُ بَعْدَ وُقُوعِهِ الْعِشْرُونَ فِي الْكتاب قلت يَا نَاصح فأجابك مَيْمُون فَقُلْتَ أَنْتَ حُرٌّ تَظُنُّ نَاصِحًا وَقَامَتْ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ عَتَقَا جَمِيعًا بِالْقَضَاءِ مَرْزُوقٌ بِالْبَيِّنَةِ وَنَاصِحٌ بِالْإِقْرَارِ وَلَا يَعْتِقُ فِي الْفُتْيَا إِلَّا نَاصِحٌ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ وَقَالَ أَشْهَبُ يَعْتِقُ مَرْزُوقٌ فِي الْقَضَاءِ وَالْفُتْيَا وَلَا عِتْقَ لِنَاصِحٍ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَمَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَصْبَغُ يُعْتَقَانِ جَمِيعًا فِي الْقَضَاءِ وَالْفُتْيَا كَمَوُقِعِ الطَّلَاقِ عَلَى إِحْدَى امْرَأَتَيْهِ يَظُنُّهَا الْأُخْرَى وَقَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ لَا يَعْتِقُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا الْحَادِيَ وَالْعِشْرُونَ فِي الْكِتَابِ عَبْدٌ بَيْنَكُمَا فَقُلْتَ إِنْ دَخَلْتُ الْبَيْتَ أَمْسِ فَهُوَ حُرٌّ وَقَالَ الْآخَرُ إِنْ لم يكن دخل الْبَيْت أمس حُرٌّ إِنِ ادَّعَيْتُمَا عِلْمَ ذَلِكَ دُيِّنْتُمَا أَوْ ظَنَنْتُمَا عَتَقَ بِغَيْرِ قَضَاءٍ وَقَالَ غَيْرُهُ بِالْقَضَاءِ قَالَ ابْن يُونُس يحلف كل وَاحِد على قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّ شَرِيكه أعتق حِصَّته فَقَالَ مرّة هُوَ وَغَيره لَا يعْتق مِنْهُ شيئ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي جَرِّ الْوَلَاءِ وَقَالَ مَرَّةً يَعْتِقُ إِنْ كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مُوسِرًا عَتَقَ نَصِيبُ الشَّاهِدِ لِأَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ إِنَّمَا لَهُ عَلَى الْمُعْتَقِ قِيمَةٌ فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ إِنْ كَانَ الْحَالِفَانِ مُوسِرَيْنِ عَتَقَ عَلَيْهِمَا إِنِ ادَّعَيَا الْيَقِين لِأَن كل وَاحِد اقر إِنَّمَا لَهُ قِيمَةٌ وَأَنَّ الْآخَرَ حَنِثَ وَحَكَى هَذَا الْقَوْلَ مُحَمَّدٌ وَعَابَهُ وَقَالَ الْعِتْقُ إِنَّمَا يَكُونُ بِقَبْضِ الْقِيمَةِ بَعْدَ التَّقْوِيمِ وَلَمْ يَقَعْ هَاهُنَا

الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ فِي الْكِتَابِ أَنْتَ حُرٌّ إِذَا قَدِمَ أَبِي لَا يَعْتِقُ حَتَّى يَقْدَمَ وَكَانَ يَمْرَضُ بَيْعُهُ وَأَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْبَيْعَ وَالْوَطْءَ كَالطَّلَاقِ وَإِن جِئْتَنِي أَوْ مَتَى جِئْتَنِي بِأَلْفٍ فَأَنْتَ حُرٌّ فَإِنْ فَعَلَ عَتَقَ وَإِلَّا فَعَبْدٌ وَيُتَلَوَّمُ لَهُ وَلَا يُنَجَّمُ عَلَيْهِ وَلَا يَطُولُ لِسَيِّدِهِ وَلَا يُعَجَّلُ بَيْعُهُ إِلَّا بَعْدَ تَلَوُّمِهِ بِقَدْرِ مَا يَرَى الْإِمَامُ كَمَنْ قَاطَعَ عَبْدَهُ عَلَى مَالٍ إِلَى أَجَلٍ يَمْضِي الْأَجَلُ قَبْلَ أَدَائِهِ يَتَلَوَّمُ لَهُ فَإِنْ دَفَعَ الْمَالَ أَجْنَبِيٌّ جُبِرْتَ عَلَى أَخذه لِأَنَّهُ كفداء الْأَسير وَعتق أَوْ دَفَعَهُ الْعَبْدُ مِنْ مَالٍ كَانَ بِيَدِهِ قُلْتَ هُوَ لِي فَلَيْسَ لَكَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ كَالْمُكَاتَبِ وَتُمْنَعُ مِنْ كَسْبِهِ أَيْضًا وَفِي النُّكَتِ إِذا قَالَ الْمَرَض أَدِّ إِلَيَّ وَزَيْتِي أَلْفًا وَأَنْتَ حُرٌّ تَنَجَّمَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الصَّحِيحِ فَيَفْتَرِقَانِ فِي التَّنْجِيمِ وَيَسْتَوِيَانِ فِيمَا عَدَاهُ مِنْ تَصَرُّفِهِمَا فِيمَا بِأَيْدِيهِمَا وَسُقُوطِ نَفَقَتِهِمَا عَنِ السَّيِّدِ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ قَدِمَ أَبِي صَرَّحَ بِإِجَازَةِ الْبَيْعِ بِخِلَافِ إِذَا قدم أبي لِأَن إِذا للمعلوم وَإِن لِلْمَشْكُوكِ فَلَا تَقُولُ سَافِرْ إِنْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ وَتَقُولُ إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ هُمَا سَوَاءٌ لِأَنَّ النَّاسَ فِي الْعَادَةِ يُسَوُّونَ بَيْنَهُمَا فِي غَالِبِ التَّعْلِيقِ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ يَجِبُ أَنْ يَمْرَضَ فِي الْوَطْءِ كَمَا يَمْرَضُ فِي الْبَيْعِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا قَدَمْتُ مِصْرَ فَأَنْتَ حُرٌّ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ لَا يُسَافِرَ يَعْتِقُ إِلَى مِثْلِ ذَلِكَ الْقَدْرِ الَّذِي يَبْلُغُ فِيهِ وَكَذَلِكَ سِرْ مَعِي إِلَيْهَا وَأَنْتَ حُرٌّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَالَ إِنْ خَرَجْتُ أَنَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ سَحْنُونٌ فِي اخْرُجْ مَعِي إِلَى الْحَجِّ وَأَنْتَ حُرٌّ وَإِن بلغت معي إِلَى الْحجَج فَأَنْتَ حُرٌّ فَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ خَرَجَ أَمْ لَا وَيَعْتِقُ إِلَى أَجَلٍ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَإِن

مَاتَ قبل الْخُرُوج وَهُوَ من بعيد الْخِدْمَةِ عَتَقَ إِذَا مَاتَ السَّيِّدُ قَالَ الْمُغِيرَةُ إِنْ قَالَ لَهُ وَهُمَا مُتَوَجِّهَانِ إِلَى مَكَّةَ إِنْ دَخَلْنَاهَا فَأَنْتَ حُرٌّ فَلَمَّا بَلَغَا مَرَّ الظَّهْرَانِ أَرَادَ بَيْعَهُ لَهُ ذَلِكَ مَا لَمْ يَدْخُلَا مَكَّةَ لِأَنَّهُ أَجَلٌ قَدْ يَكُونُ وَقَدْ لَا كَقُدُومِ فُلَانٍ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ لِأَمَتِهِ إِنْ حَمَلْتِ فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا فَهِيَ حُرَّةٌ وَإِنْ لَمْ يَبِنْ ذَلِكَ حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَوَقَفَ خَرَاجَهَا إِنْ تَبَيَّنَ حملهَا عتقت وَأعْطيت مَا وقفت من خراجها وَإِن لم تحمل بَيْعُهَا وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا تَعْتِقُ بِهَذَا الْحَمْلِ وَقيل يَطَؤُهَا فِي كل مُدَّة مَرَّةً قَاعِدَةٌ عَشْرُ حَقَائِقَ لَا تَتَعَلَّقُ إِلَّا بِمَعْدُومٍ مُسْتَقْبَلُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالدُّعَاءِ وَالْإِبَاحَةِ وَالشَّرْطِ وَجَوَابِهِ وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ وَالتَّرَجِّي وَالتَّمَنِّي فَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ يُشْكِلُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ بِاعْتِبَارِ الْحَمْلِ الظَّاهِرِ وَيَتَّجِهُ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَلِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ احْتَاجَ الْعُلَمَاءُ فِي قَوْله تَعَالَى {إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلمته} إِلَى تَقْدِيرِ فِعْلٍ مُسْتَقْبَلٍ تَقْدِيرُهُ إِنْ يَثْبُتْ كوني قلته وَإِذا قَالَ لَهُ إِن وديت لِي كَذَا فَأَنْتَ حُرٌّ فَوَضَعَهُ عَنْهُ السَّيِّدُ عَتَقَ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ كَالْعَطَاءِ لِجَامِعِ تَحَقُّقِ الْبَرَاءَةِ وَإِنْ قَالَ لَهُ إِنْ أَعْطَيْتَنِي الْيَوْمَ فَلَا بُدَّ مِنَ التَّلَوُّمِ بَعْدَ الْيَوْمِ إِذَا لَمْ يُعْطِهِ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْكِتَابِ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ فَهُوَ حُرٌّ فَوَلَدَتْ وَلَدَيْنِ فِي بَطْنٍ عَتَقَ أَوَّلُهُمَا خُرُوجًا فَإِنْ خَرَجَ مَيِّتًا لَمْ يَعْتِقِ الثَّانِي لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَعْتَقَ الْأَوَّلَ وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ يَعْتِقُ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَى الْمَيِّتِ عِتْقٌ وَإِنْ قَالَ فِي صِحَّتِهِ كُلُّ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ حُرٌّ عَتَقَ مَا وَلَدَتْ وَاسْتَثْقَلَ مَالِكٌ بَيْعَهَا لِمَا يَتَعَلَّقُ بِذُرِّيَّتِهَا مِنْ حَقِّ الْعِتْقِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَنَا أَرَى بَيْعَهَا لعدم وجود شَيْء لعتق إِلَّا أَنْ تَكُونَ حَامِلًا حِينَ التَّعْلِيقِ أَوْ حَمَلَتْ بَعْدَ قَوْلِهِ أَوْ يَقُولُ مَا فِي بَطْنك اَوْ

إِذا وَضعته فَهُوَ حر فَلَا يُبَاع حَتَّى تَضَعَ إِلَّا أَنْ يُرْهِقَهُ دَيْنٌ فَتُبَاعُ وَيَرِقُّ لِأَنَّ الْأَجِنَّةَ تَابِعَةٌ وَلَوْ وَلَدَتْهُ فِي مَرَضِ السَّيِّدِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ وَقد أُشْهِدَ عَلَى قَوْلِهِ فِي صِحَّتِهِ عَتَقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَمُعْتَقٍ إِلَى أَجَلٍ هَذَا إِنْ كَانَ الْحَمْلُ فِي الصِّحَّةِ فَإِنْ كَانَ فِي وَلدته فِيهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ عَتَقَ مِنَ الثُّلُثِ لِأَنَّ عِتْقَ الْمَرِيضِ إِلَى أَجَلٍ مِنَ الثُّلُثِ وَالْأَوَّلُ كَمَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ إِذَا وَضَعَتْ فُلَانَةٌ فَأَنْتَ حُرٌّ وَوَضَعَتْهُ وَالسَّيِّدُ مَرِيضٌ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ عَتَقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي أول ولد فَوَضَعَتْ وَلَدَيْنِ سَوَاءٌ كَانَا غُلَامَيْنِ أَوْ جَارِيَتَيْنِ أَوْ غُلَامًا وَجَارِيَةً وَإِنْ لَمْ يُعْلَمِ الْأَوَّلُ فَهُمَا حُرَّانِ بِالشَّكِّ قَالَ مَالِكٌ إِنْ قَالَ إِنْ وَضَعْتِ غُلَامًا فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَوَضَعَتْ غُلَامَيْنِ فَالْأَوَّلُ حُرٌّ لِأَنَّ الشَّرْطَ لَا يَتَكَرَّرُ أَوْ وَضَعَتْ جَارِيَةً ثُمَّ غُلَامًا فِي بَطْنٍ لَزِمَهُ عِتْقُ الْغُلَامِ أَوْ غُلَامَيْنِ لَزِمَهُ عِتْقُ الْأَوَّلِ وَأَوَّلُهُمَا مَيِّتٌ عَتَقَ الْحَيُّ بِخِلَافِ قَوْلِهِ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ وَشَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي السَّبْقِ بَيْنَهُمَا جَائِزَةٌ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا لَمْ يُعْلَمِ الْأَوَّلُ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَعْتِقَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُهُ وَيَتِمُّ بَاقِيهِ بِالسُّنَّةِ فَيَعْتِقَانِ جَمِيعًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَعْتِقُ بِوَضْعِ الْمَيِّتِ وَإِنْ قَالَ إِنْ وَلَدْتِ جَارِيَةً فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَوَلَدَتْ جَارِيَةً عَتَقَتِ الْأُمُّ وَرَقَّتِ الْجَارِيَةُ لِأَنَّ عِتْقَ الْأُمِّ مُتَأَخِّرٌ عَنِ الْوِلَادَةِ لِأَنَّ الْمَشْرُوطَ مُتَأَخِّرٌ عَنِ الشَّرْطِ أَوْ وَلَدَتْ جَارِيَتَيْنِ فَالْأُمُّ وَالثَّانِيَةُ حُرَّتَانِ بِالشَّكِّ لِتَأَخُّرِهَا عَنْ سَبَبِ الْحُرِّيَّةِ أَوْ وَضَعَتْ غُلَامًا ثُمَّ جَارِيَةً عَتَقَتْ دُونَ الْوَلَدَيْنِ لِتَقَدُّمِهِمَا عَلَى عتقهما أَوِ الْغُلَامُ آخِرًا عَتَقَ هُوَ مَعَ الْأُمِّ وَرَقَّتِ الْجَارِيَةُ لِتَقَدُّمِهَا وَإِنْ قَالَ إِنْ وَلَدْتِ جَارِيَةً فَأَنْتِ حُرَّةٌ أَوْ غُلَامًا فَزَوْجُكِ حُرٌّ فولدتها عتق الأبوان وَإِن ولدت الْجَارِيَة اَوْ لَا عتق الْغُلَام اَوْ الْغُلَام اَوْ لَا رق الْوَالِدَان فَإِن الْغُلَام حُرٌّ وَإِنْ قَالَ أَوَّلُ بَطْنٍ تَضَعِينَهُ فَوَضَعَتْ تَوْأَمَيْنِ عَتَقَا وَإِنْ قَالَ

مَا فِي بَطْنِكَ حُرٌّ وَأَشْكَلَ هَلْ فِي بَطْنِهَا شَيْءٌ لَا يَعْتِقُ إِلَّا مَا تَضَعُهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الْقَوْلِ فَإِنْ كَانَ الْحَمْلُ بَيِّنًا فَهُوَ حُرٌّ وَإِنْ لَمْ تَضَعْهُ إِلَّا إِلَى خَمْسِ سِنِينَ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَعْتَقَهَا عَلَى أَنْ تَتَزَوَّجَ بِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ فَامْتَنَعَتْ عَتَقَتْ وَلَا يَلْزَمُهَا ذَلِكَ وَكَذَلِكَ إِنْ أَعْطَيْتَهُ أَلْفًا عَلَى أَنْ يَعْتِقَ أَمَتَهُ وَيُزَوِّجَكَ بِهَا فَلَا يَلْزَمُهَا وتلزمك الْألف فِي النُّكَتِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِلَّا أَنْ يُبَيِّنَ أَنه زَاد على قيمتهَا للنِّكَاح فيردا الزَّائِد وَرَأى مَالك الْكل سَوَاء والإستناء لَا ينفع فِي الْعتْق كَمَا لَو قَالَ لَهُ خُذْ ثَلَاثِينَ دِينَارًا عَلَى أَنْ يَعْتِقَهَا وَاسْتَثْنِ لِي عَلَيْهَا خِدْمَةَ عَشْرِ سِنِينَ فَلَا خدمَة اله اولا رُجُوعَ عَلَى الْمُعْتِقِ وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمِ الْأَمَةَ الشَّرْطُ لِأَنَّهَا إِذَا عَتَقَتْ سَقَطَ إِجْبَارُ السَّيِّدِ عَنْهَا فَهِيَ أَسْقَطَتْ حَقَّهَا قَبْلَ سَبَبِهِ كَمُسْقِطِ الشُّفْعَةِ قَبْلَ الْبَيْعِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَلَوْ كَانَ السَّيِّدُ يَجْهَلُ فَيَعْتَقِدُ أَنَّ الْأَلْفَ قِيمَتُهَا وَصَدَاقُهَا لَهَا وَأَنَّ الصَّدَاقَ لَهُ قُضِيَ الْأَلْفُ عَلَى قِيمَتِهَا وَصَدَاقُ الْمِثْلِ وَيُنْظَرُ إِلَى قِيمَتِهَا بِشَرْطِ الْعِتْقِ وَعَلَى الْبَيْعِ لِلْمِلْكِ وَكَذَلِكَ إِذَا قَالَ أَعْتِقْهَا وَزَوِّجْنِيهَا عَلَى الْأَلْفِ فَسَقَطَتِ الْأَلِفُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ وَلَكَ أَلْفٌ وَإِذَا أُسْقِطَتْ رَجَعَ لِلدَّافِعِ الزَّائِدُ عَلَى النِّيَّةِ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْكِتَابِ أَنْتَ حُرٌّ الْآنَ وَعَلَيْكَ مِائَةٌ إِلَى أَجَلِ كَذَا عَتَقَ الْآنَ وَاتَّبَعَ بِالْمِائَةِ وَإِنْ كَرِهَ قَالَهُ مَالِكٌ لِأَنَّ لَكَ اتِّبَاعَ مَالِهِ وَعِتْقَهُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيَعْتِقُ لِأَنَّكَ لَيْسَ لَكَ أَنْ تَعْمُرَ ذِمَّتَهُ بَلْ لَكَ انْتِزَاعُ الْمَوْجُودِ وَأَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنْ يدْفع إِلَى مائَة لم يعْتق إِلَّا بأداءها وَله أَن لَا يَقْبَلَ ذَلِكَ وَيَبْقَى رَقِيقًا ذَكَرْتَ أَجَلَ الْمَالِ أَمْ لَا وَلَوْ قَالَ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ إِلَيَّ مِائَةً إِلَى سَنَةٍ فَقِيلَ ذَلِكَ وَلَمْ يَقُلْ حُرٌّ السَّاعَةَ وَلَا

أَرَادَهُ لَمْ يُعْتَقْ إِلَّا بِأَدَاءٍ عِنْدَ الْأَجَلِ وَيَتَلَوَّمُ لَهُ عِنْدَ مَحَلِّهِ فَإِنْ عَجَزَ رَقَّ وَقَوْلُهُ إِنِ أَتَيْتَنِي بِكَذَا إِلَى أَجَلِ كَذَا فَأَنْتَ حُرٌّ مِنَ الْقِطَاعَةِ وَنَاحِيَةِ الْكِتَابَةِ وَيَتَلَوَّمُ لَهُ وَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ وَإِنْ قَالَ إِنْ وديت إِلَيَّ مِائَةً إِلَى سَنَةٍ فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَمَا ولدت فِي هَذِه الْمدَّة بمنزلتها إِن ردَّتْ عَتَقَتْ وَعَتَقَ وَكَذَلِكَ إِنْ لَمْ يَضْرِبْ أَجَلًا فَوَلَدَتْ ثُمَّ أَدَّتْ لِأَنَّ كُلَّ ذَاتِ رَحِمٍ فولدها بمنزلتها إِلَّا ولدا الْأَمَةِ مِنْ سَيِّدِهَا وَكُلُّ شَرْطٍ كَانَ فِي أَمَةٍ فَمَا وَلَدَتْ بَعْدَهُ وَكَانَتْ حَامِلًا بِهِ يَوْمَ الشَّرْطِ فَهُوَ بِمَنْزِلَتِهَا فِي ذَلِكَ وَكَذَلِكَ أَنْتِ حُرَّةٌ إِنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا إِلَى أَجَلِ كَذَا فَتَلِدُ قَبْلَ الْأَجَلِ يَمْتَنِعُ بَيْعُهَا وَبيع وَلَدهَا وَلم يُؤَدِّ لَا يَتَلَوَّمُ لَهُ فِي التَّنْبِيهَاتِ هَذِهِ الْمسَائِل خمس أَنْتَ حُرٌّ وَعَلَيْكَ كَذَا أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنَّ عَلَيْكَ كَذَا أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنْ تَدْفَعَ إِلَيَّ كَذَا أَنْتِ حُرٌّ عَلَى أَنْ تُؤَدِّيَ إِلَيَّ كَذَا الْخَامِسَةُ أَنْتَ حُرٌّ إِنْ أدّيت إِلَيّ كَذَا اَوْ دَفعته اَوْ إِذا أَدَّيْتَهُ أَوْ جِئْتَ بِهِ أَوْ أَعْطَيْتَهُ أَوْ مَتَى جِئْتَ بِهِ أَوْ أَدَّيْتَهُ فَمُعْظَمُ الشُّرَّاحِ وَالْمُخْتَصِرِينَ أَنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ فِي هَذِهِ الْخَمْسِ أَنه ثَلَاثَةٌ لَهَا ثَلَاثَةُ أَجْوِبَةٍ تَرْجِعُ إِلَى جَوَابَيْنِ فِي الْحَقِيقَة الأول عَلَيْك وَعلي أَن عَلَيْك هم سَوَاءٌ يَعْتِقُ عَلَى هَذَا وَإِنْ كَرِهَ الثَّانِيَةُ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنْ تَدْفَعَ إِلَيَّ كَذَا لَا يعْتق حَتَّى تدفع لِأَنَّهُ لَمْ يَبْتِلْ عِتْقَهُ إِلَّا بَعْدَ الدَّفْعِ وَلَمْ يَخْتَلِفِ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ بِالْخِيَارُ فِي الْقَبُولِ لِأَنَّهَا كِتَابَةٌ وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي عَلَى مَذْهَبِهِ أَنْ يكون مثله على أَن يُؤَدِّي إِلَيّ اَوْ يعطيني اَوْ يَجِيء الثَّالِثَةُ إِنْ أَدَّيْتَ إِلَيَّ أَوْ إِذَا أَوْ مَتَى فَهُوَ شَرْطٌ لَا يَعْتِقُ إِلَّا بِالْأَدَاءِ غَيْرَ أَنَّهُ نَوْعٌ مِنَ الْقِطَاعَةِ وَالْكِتَابَةِ وَلِهَذَا مَنَعُوهُ مِنَ الْبَيْعِ حَتَّى يَتَلَوَّمَ لَهُ الْإِمَامُ فَيُؤَدِّي اَوْ يعجز وَهُوَ بِالْحَقِيقَةِ يَرْجِعُ إِلَى الْجَوَابِ فِي قَوْلِهِ عَلَى أَنْ يدْفع إِلَيّ اَوْ على أَن يُؤَدِّي هَذَا مَذْهَب

مَالِكٍ وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ أَنَّهَا أَربع لَهَا أَرْبَعَةُ أَجْوِبَةٍ يُوَافِقُ مَالِكًا مِنْهَا فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ مِنَ الْخَمْسَةِ الْمَذْكُورَةِ وَيُخَالِفُهُ فِي الْآخَرِينَ فَيَلْزَمُهُ الْعِتْقُ فِي قَوْلِهِ وَعَلَيْكَ وَلَا يَلْزَمُهُ الْمَالُ إِذَا كَانَ بِغَيْرِ رِضَا الْعَبْدِ وَإِلَّا لَزِمَهُ وَأَمَّا عَلَى أَنَّ عَلَيْكَ فَلَا يَلْزَمُهُ مَالٌ وَلَا عِتْقٌ إِلَّا بِرِضَا الْعَبْدِ وَقِيلَ هِيَ ثَلَاثَةُ مَسَائِلَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَهَا ثَلَاثَةُ أَجْوِبَةٍ وَكُلُّ جَوَابٍ قَوْلَانِ الْأُولَى وَعَلَيْكَ لَهُ قَوْلَانِ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ وَلَهُ قَوْلٌ مُوَافِقٌ لِمَالِكٍ الثَّانِيَةُ عَلَى أَنَّ عَلَيْكَ أَوْ عَلَى أَنْ تَدْفَعَ بِهَذَا أَنَّ عِنْدَ هَذَا الْقَائِلِ مَسْأَلَةً وَاحِدَةً لِابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا قَوْلَانِ فَقَالَ فِي عَلَى أَنَّ عَلَيْكَ مَا تَقَدَّمَ وَفِي عَلَى أَنْ تَدْفَعَ يُخَيَّرُ الْعَبْدُ كَقَوْلِ مَالِكٍ الثَّالِثَةُ عَلَى أَنْ تُؤَدِّيَ إِلَيَّ فَلَا يَعْتِقُ إِلَّا بِالْأَدَاءِ اتِّفَاقًا وَلَهُ أَن لَا يَقْبَلَ وَتَذْكُرُ الْخِلَافَ مُفَصَّلًا فَتَقُولُ الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى أَنْت حر وَعَلَيْك وَرَضِيَ الْعَبْدُ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قَوْلُ مَالِكٍ إِلْزَامُ السَّيِّدِ الْعِتْقَ مُعَجَّلًا وَالْعَبْدِ الْمَالَ إِنْ كَانَ مُوسِرًا وَإِلَّا بَقِيَ دَيْنًا وَمَشْهُورُ ابْنِ الْقَاسِمِ إِلْزَامُ الْعِتْقِ وَإِسْقَاطُ الْمَالِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْخِيَارُ لِلْعَبْدِ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنَّ عَلَيْكَ فِيهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ إِلْزَامُ الْعِتْقِ وَالْمَالِ يُخَيَّرُ الْعَبْدُ وَلَا يَعْتِقُ إِلَّا بِالْأَدَاءِ لِابْنِ الْقَاسِمِ إِجْبَارُ الْعَبْدِ وَلَا يَعْتِقُ حَتَّى يَدْفَعَ لِأَصْبَغَ الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنْ تَدْفَعَ إِلَيَّ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ يُخَيَّرُ الْعَبْدُ فَإِنْ قَبِلَ فَلَا يَعْتِقُ إِلَّا بِالْأَدَاءِ لِمَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَيُخَيَّرُ الْعَبْدُ فِي الرِّضَا بِالْعِتْقِ مُعَجَّلًا وَيَلْتَزِمُ الْمَالَ دَيْنًا وَيُرَدُّ فَيَرِقُّ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَاخْتَارَ الْعَبْدُ عَلَى الْمَالِ بِنَاءً عَلَى إِجْبَارِهِ عَلَى الْكِتَابَةِ الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ عَلَى أَن يُؤَدِّي إِلَيَّ فَلَا يُعْتَقُ إِلَّا بِالْأَدَاءِ وَلَهُ الرَّدُّ الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة إِن أدّيت اَوْ اعطيت وجئتني فَظَاهره أَنه مثل

على أَن يدْفع وعَلى أَن يُؤَدِّي فَلَا يَلْزَمُ الْعِتْقُ إِلَّا بِرِضَاهُ وَدَفْعِهِ وَلَهُ الرَّدُّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ أَنْتَ حُرٌّ وَعَلَيْكَ أَلْفٌ إِتْبَاعُهُ بِالْمَالِ عِنْدَ مَالِكٍ وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِهِ وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَكَأَنَّهُ بَاعَهُ نَفْسَهُ وَهُوَ كَارِهٌ فَيَلْزَمُهُ كَمَا يُزَوِّجُهُ كَارِهًا وَيَنْتَزِعُ مَالَهُ كَارِهًا وَكَمَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ بِغَيْرِ حُرِّيَّةٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ يَرَى أَنَّهُ مِنْ بَابِ الِاسْتِسْعَاءِ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ وَمُلَخَّصُ قَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ فِي قولي أَنْت حر السَّاعَة وَعَلَيْك وَعلي أَنَّ عَلَيْكَ مِائَةً أَوْ عَلَى أَنْ تَدْفَعَ يعْتق السَّاعَة وتدفع وَإِنْ كَرِهَ وَكَذَلِكَ إِذَا لَمْ يَقُلِ السَّاعَةَ وَأما على أَن يدْفع فَهُوَ بِالْخِيَارِ وَلَا يَعْتِقُ إِلَّا بِالدَّفْعِ لِأَنَّهُ جعل لَهُ دفعا وكسباً وَاخْتِيَار الْخلاف وَعَلَيْك إِلْزَامٌ بِغَيْرِ اخْتِيَارٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا قَبِلَ الْعَبْدُ الْعِتْقَ فِي قَوْلِهِ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنْ تَدْفَعَ إِلَيَّ حِيلَ بَيْنَ السَّيِّدِ وَمَالِ الْعَبْدِ وَخَرَاجِهِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ فِي إِنْ جِئْتَنِي بِمِائَةٍ إِلَى سَنَةٍ لَهُ بَيْعُهُ إِلَّا أَنْ يُقِيمَ بِيَدِهِ حَتَّى يَأْتِيَ بِالْمِائَةِ وَفِي الْمُنْتَقَى إِنِ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ عَمَلًا نَحْوَ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنْ تَخْدِمَنِي سَنَةً قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ ذَلِكَ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ قَبْلَ الْعِتْقِ وَلَا يلْزمه إِن كَانَ بعده وَأَنت حُرٌّ عَلَى أَنْ لَا تُفَارِقَنِي قَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ اشْتَرَطَ شَيْئًا مِنَ الرِّقِّ بَعْدَ الْعِتْقِ فَيُنَفَّذُ الْعِتْقُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ لِأَنَّ الْعِتْقَ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّغْلِيبِ وَالسَّرَايَةِ وَالْعَمَلِ بِخِلَافِ الْمَالِ لِأَنَّ الْمَالَ فِي الذِّمَّةِ لَيْسَ مِنْ أَحْكَامِ الرِّقِّ لِأَنَّ الدُّيُونَ عَلَى الْأَحْرَارِ أَكْثَرُ مِنَ الْعَبِيدِ وَإِنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ حُرَّةٌ عَلَى أَنْ تُسْلِمِي قَالَ أَصْبَغُ إِنِ امْتَنَعَتْ لَا عتق لَهَا كَقَوْلِه إِن شيئت وَلَيْسَ كَقَوْلِهِ أَنْتِ حُرَّةٌ عَلَى أَنْ تَنْكِحِي فلَانا فَيمْتَنع فَيَمْضِي الْعِتْقُ وَالْفَرْقُ أَنَّهَا إِنْ رَضِيَتْ بِنَفْسِ الْعِتْقِ تَكُونُ مُسْلِمَةً كَقَوْلِهِ عَلَى أَنَّ عَلَيْكَ مِائَةً وَالنِّكَاحُ اشْتِرَاطُ عَمَلٍ بَعْدَ الْعِتْقِ لِأَنَّهُ يَطُولُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْكِتَابِ إِذَا قَالَ أعْتقهُ أمس على مَال وَقَالَ العَبْد اعلى غَيْرِ مَالٍ صُدِّقَ الْعَبْدُ مَعَ يَمِينِهِ كَالزَّوْجَةِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ وَقَالَ أَشْهَبُ يُصَدَّقُ السَّيِّد مَعَ يَمِينه لِأَنَّهُ قَالَ أَنْت حر وَعَلَيْك مائَة الزمه

بِخِلَافِ قَوْلِهِ لِلْمَرْأَةِ أَنْتِ طَالِقٌ وَعَلَيْكِ مِائَةٌ يَلْزَمُ الطَّلَاقُ دُونَ الْمَالِ وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّ شَرِيكَهُ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ فَإِنْ كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مُوسِرًا أُعْتِقَ نَصِيبُ الشَّاهِدِ لِإِقْرَارِهِ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ إِلَّا الْقِيمَةُ أَوْ مُعْسِرًا لَمْ يُعْتَقْ مِنَ الْعَبْدِ شَيْءٌ وَقَالَ أَشْهَبُ ذَلِكَ سَوَاءٌ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ لِنَفْسِهِ بِالْقِيمَةِ لَا يُعْتَقُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَقُ حِصَّةُ شَرِيكِهِ إِلَّا بِتَقْوِيمٍ وَدَفْعِ الْقِيمَةِ وَقَالَهُ سَحْنُونٌ وَهُوَ أَجْوَدُ وَعَلَيْهِ جَمِيعُ الرُّوَاةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْمُعْتَقُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ إِنْ كَانَ مَعَ غَيْبَةِ الْعَبْدِ صدق السَّيِّد لتعذر المكارة أَوْ بِحَضْرَتِهِ فَهُوَ مَوْضِعُ الْخِلَافِ إِنِ ادَّعَى أَنَّهُ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنَّ عَلَيْكَ أَمَّا إِنْ قَالَ أَعْتَقْتُكَ وَجَعَلْتُ عَلَيْكَ مِائَةً بمراضاة مِنْك فيرتجح قَوْلُ الْعَبْدِ لَمْ أَرْضَ بِشَيْءٍ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرِّضَا وَيُصَدَّقُ السَّيِّدُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مِلْكِهِ وَلَا يَخْرُجُ إِلَّا بِعِوَضٍ قَاعِدَةٌ إِذَا دَارَ الْمِلْكُ بَيْنَ أَنْ يَبْطُلَ بِالْكُلِّيَّةِ أَوْ مِنْ وَجْهٍ فَالثَّانِي أَوْلَى لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِبَقَاءِ الْمِلْكِ وَلَهَا صُوَرٌ أَحَدُهَا إِذَا أَكَلَ الْمُضْطَرُّ الطَّعَامَ وَوَجَبَتْ إِزَالَةُ مِلْكِهِ عَنْهُ لِلضَّرُورَةِ فَهَلْ بِغَيْر عوض وَهُوَ سُقُوطه بِالْكُلِّيَّةِ أَوْ بِعِوَضٍ وَهُوَ السُّقُوطُ مِنْ وَجْهٍ وَإِذَا أَدَّى مَالًا عَنْهُ وَنَازَعَهُ فِي التَّبَرُّعِ بِهِ صُدِّقَ فِي عَدَمِ التَّبَرُّعِ لِأَنَّهُ إِسْقَاطٌ لِلْمِلْكِ مِنْ وَجْهٍ وَتَصْدِيقُ الْعَبْدِ إِسْقَاطٌ لَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ إِنْ قَالَ أَنْتِ سَائِبَةٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ أَرَادَ بِهِ الْعِتْقَ فَهُوَ حُرٌّ وَوَلَاؤُهُ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ مَكْرُوهٌ لِنَهْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن بيع الْوَلَاء وهبته وَلم يكره أَصْبَغُ كَعِتْقِ عَبْدِهِ عَنْ زَيْدٍ وَيُعْتَقُ أَرَادَ

الْحُرِّيَّةَ أَمْ لَا لِصَرَاحَتِهِ فِي الْعِتْقِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَحْرُمُ عِتْقُ السَّائِبَةِ لِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ} أَيْ لَمْ يَشْرَعْ فَإِنْ فَعَلَ فَالْوَلَاءُ لَهُ إِنْ عَرَفَ فَإِنَّ مَا بَقِيَ مِنْهُ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا أَعْتَقَ الملئ شِقْصًا لَهُ فِي عَبْدٍ فَلَيْسَ لِشَرِيكِهِ التَّمَسُّكُ بِنَصِيبِهِ وَلَا عِتْقُهُ إِلَى أَجَلٍ إِنَّمَا لَهُ أَنْ يَبْتِلَهُ أَوْ يُقَوَّمُ عَلَى شَرِيكِهِ فَإِنْ أَعْتَقَ حِصَّتَهُ إِلَى أَجَلٍ أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ كَاتَبَهُ رُدَّ ذَلِكَ إِلَى التَّقْوِيمِ إِلَّا أَنْ يَبْتِلَهُ قَالَ غَيْرُهُ إِنْ كَانَ الْأَوَّلُ مَلِيًّا بِقِيمَةِ نِصْفِ نَصِيبِ الْمُعْتَقِ إِلَى أَجَلٍ قُوِّمَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَبَقِيَ رُبُعُ الْعَبْدِ مُعْتَقًا وَقَالَ غَيْرُهُ إِنْ كَانَ الْأَوَّلُ مَلِيًّا وَأُعْتِقَ الثَّانِي إِلَى أَجَلٍ فَقَدْ تَرَكَ التَّقْوِيمَ وَيُعَجَّلُ عَلَيْهِ الْعِتْقُ الَّذِي أَلْزَمَ نَفْسَهُ وَاسْتَثْنَى مِنَ الرِّقِّ مَا لَيْسَ لَهُ وَقَالَ ش قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمُوسِرَ يَلْزَمُهُ أَنْ يُؤَدِّيَ قِيمَةَ الْعَبْدِ فَإِذا أدّى عتق فاللفظ وَجب الْأَدَاءِ وَبِالْأَدَاءِ عَتَقَ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ وَالثَّانِي يُعْتَقُ بِالسَّرَايَةِ وَتَكُونُ الْقِيمَةُ فِي ذِمَّةِ الشَّرِيكِ وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح يُتَخَيَّرُ شَرِيكُ الْمُوسِرِ بَيْنَ ثَلَاثٍ بَيْنَ أَنْ يُعْتِقَ نَصِيبَهُ أَوْ يُقَوَّمَ عَلَى شَرِيكِهِ الْمُوسِرِ أَوْ يُسْتَسْعَى الْعَبْدُ فِي قِيمَتِهِ فَإِذَا أَدَّاهَا عَتَقَ وَيتَخَيَّر مَعَ الْعسر فِي الْعِتْقِ وَالِاسْتِسْعَاءِ وَقَالَ صَاحِبَاهُ الْعِتْقُ يَقَعُ جَزْمًا وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا إِذِ الْقِيمَةُ وَالِاسْتِسْعَاءُ لِلْعَبْدِ لَنَا فِي بُطْلَانِ الِاسْتِسْعَاءِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَإِلَّا فقد أعتق مِنْهُ مَا أعتق وَمَا فِي الصَّحِيحِ أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ سِتَّةَ أَعْبُدٍ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ فَدَعَاهُمْ رَسُولُ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً فَلَمْ يلْزمهُم الِاسْتِسْعَاء وح يُعْتِقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ بَعْضَهُ وَيَسْتَسْعِيهِ

فِي الْبَاقِي وَلِأَنَّهُ لَا يجْزِيه على الْكِتَابَة فنقيس عَلَيْهِ لِأَنَّهَا عِتْقٌ بِعِوَضٍ وَلِأَنَّهُ لَوْ أَوْصَى الْمَرِيضَ بِعِتْقِ عَبْدِهِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ عَتَقَ ثُلُثُهُ وَاسْتُسْعِيَ فِي الْبَاقِي فَيُؤَدِّي إِلَى تَقْدِيمِ حَقِّ الْمُوصَى لَهُ عَلَى حَقِّ الْوَارِثِ مَعَ أَنَّ الْوَارِثَ مُقَدَّمٌ فِيمَا عَدَا الثُّلُثَ احْتَجُّوا بِمَا خَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ أَيُّمَا عَبْدٍ كَانَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا قُوِّمَ عَلَيْهِ وَإِلَّا اسْتُسْعِيَ الْعَبْدُ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ وَجَوَابُهُ قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ رَوَى الْحَدِيثَ جَمَاعَةٌ وَالْحُفَّاظُ مِنْهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا السِّعَايَةَ فَضَعَفَ نَقْلُهَا قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ وَإِلَّا اسْتُسْعِيَ الْعَبْدُ من كَلَام الرَّاوِي فتيا من قبل بِنَفسِهِ قَالَهُ عُلَمَاءُ الْحَدِيثِ سَلَّمْنَاهُ لَكِنْ لَيْسَ فِي اللَّفْظ مَا يقْضِي الْجَبْرَ عَلَى ذَلِكَ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ بِرِضَا الْعَبْدِ وَالسَّيِّدِ عَلَى سَبِيلِ النَّدْبِ لِأَنَّهُ تَوَسُّلٌ لِلْعِتْقِ وَيُؤَكِّدُهُ قَوْلُهُ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى الِاخْتِيَارِ وَعَدَمِ الْجَبْرِ وَإِلَّا حَصَلَتِ الْمَشَقَّةُ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى إِثْبَاتِ السَّعْيِ لِلسَّيِّدِ فِي يَوْم الرّقّ لَيْلًا يَظُنَّ السَّيِّدُ أَنَّ اسْتِخْدَامَ الْعَبْدِ بَعْدَ ذَلِكَ يَمْتَنِعُ لِمُشَارَكَةِ الْحُرِّيَّةِ وَقَاسُوهُ عَلَى الْكِتَابَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِالْجَبْرِ عَلَيْهَا وَالْفَرْقُ أَنَّ هَاهُنَا حَصَلَتْ جِنَايَةٌ مِنَ الْمُعْتَقِ فَأَصْلُ التَّعَلُّقَ بِهِ لِجِنَايَةٍ فَقَدْ وُجِدَ الْمُزَاحِمُ فَسَقَطَ الْإِجْبَارُ عَلَى الْعَبْدِ لِتَعَيُّنِ الْغَيْرِ بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ وَلَنَا عَلَى عَدَمِ الْعِتْقِ بِالسَّرَايَةِ حَتَّى يُقَوَّمَ مَا فِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ وَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنُهُ فَهُوَ عَتِيقٌ وَالْفَاءُ لِلتَّرْتِيبِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْعِتْقَ إِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ تَحَقُّقِ ذَلِكَ بِالْكَشْفِ وَالتَّقْوِيمِ وَفِي الْأَحَادِيثِ إِذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ اثْنَيْنِ

فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةُ عَدْلٍ وَلَا لَبْسَ وَلَا شَطَطَ ثُمَّ يُعْطَى صَاحِبَهُ ثُمَّ يُعْتَقُ وَهُوَ يَدُلُّ أَن الْعتْق توقف عَلَى تَسْلِيمِ الْقِيمَةِ لِأَنَّ ثُمَّ لِلتَّرَاخِي وَلِأَنَّ التَّقْوِيمَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُقَوَّمَ مَالٌ لِأَحَدٍ احْتَجُّوا بِأَنَّ التَّقْوِيمَ يَعْتَمِدُ الْإِتْلَافَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ تَلَفَ بِالْعِتْقِ وَلِأَنَّهُ يُرْوَى مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ فَهُوَ حُرٌّ لَهُ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ قَدْ يَكُونُ التَّقْوِيمُ فِيمَا هُوَ فِي حُكْمِ التَّالِفِ كَمَا إِذَا غَصَبَ عَبْدًا فَأَبَقَ مِنْهُ فَإِنَّا نُقَوِّمُهُ عَلَيْهِ وَهَذَا فِي حُكْمِ التَّالِفِ بِتَفْرِيقِ الْخِدْمَةِ وَنُقْصَانِ الثَّمَنِ بِقِلَّةِ الرَّغَبَاتِ فِيهِ وَلِأَنَّهُ لِإِزَالَةِ الضَّرَرِ عَنِ الشَّرِيكِ فَلَا يَزُولُ إِلَّا بَعْدَ قَبْضِ الْمَالِ كَالشُّفْعَةِ وَلِأَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَ نَصِيبَ شَرِيكِهِ ابْتِدَاءً لَمْ يُعْتَقْ مِنْهُ شَيْءٌ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ النَّصِيبَيْنِ كَالْعَبْدَيْنِ وَلَوْ أَعْتَقَ أَحَدَ الْعَبْدَيْنِ لَمْ يُعْتَقِ الْآخَرُ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ أَنَّهُ آئل إِلَى الْعِتْقِ كُلَّهُ بِالتَّقْوِيمِ جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا ذَكَرْنَاهُ تَفْرِيعٌ فِي التَّلْقِينِ لَا يَجُوزُ تَبْعِيضُ الْعِتْقِ ابْتِدَاءً وَمَنْ بَعَّضَ الْعِتْقَ بِاخْتِيَارِهِ اَوْ لسببه لَزِمَهُ تَكْمِيلُهُ كَانَ بَاقِي الْمُعْتَقِ لَهُ أَوْ لغيره وَيُرِيد بِسَبَبِهِ شِرَاء حر مِمَّن يُعْتَقُ عَلَيْهِ أَوْ يَقْبَلُهُ فِي هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ نِكَاحٍ وَفِي الْكِتَابِ يقوم النَّصِيب يَوْم الْقَضَاء وَيعتق عَلَى الْمُعْسِرِ غَيْرُ حِصَّتِهِ وَإِنْ كَانَ مَلِيًّا بِبَعْضِهَا قُوِّمَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَيُبَاعُ عَلَيْهِ فِي شَوَارِ بَيْتِهِ وَالْكُسْوَةِ ذَاتِ الْبَالِ دُونَ مَا لَا بُد مِنْهُ وَعشرَة الْأَيَّامِ فَإِنْ كَانَ مَلِيًّا وَأَعْتَقَ الْآخَرُ نِصْفَ نَصِيبِهِ عَتَقَ بَاقِي حِصَّتِهِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ قَدْ أَتْلَفَ نَصِيبَهُ بِعِتْقِهِ لِبَعْضِهِ وَلَا يُقَوَّمُ

عَلَى الْأَوَّلِ إِذَا قُيِّمَ عَلَيْهِ وَالْعَبْدُ غَيْرُ تَالِفٍ فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ التَّقْوِيمِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ مَاتَ عَلَى مِلْكِ سَيِّدِهِ وَإِنْ مَاتَ الْمُعْتِقُ لِنِصْفِ نَصِيبِهِ قَبْلَ أَنْ يُعْتَقَ عَلَيْهِ مَا بَقِي بِقِيمَة عَلَى الْمُعْتَقِ الْأَوَّلِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا لَمْ يُنْظَرْ فِي أَمْرِهِ حَتَّى أَيِسَ قُوِّمَ عَلَيْهِ لِأَن الْعبْرَة بِحَال الحكم لَا يوقعه الرَّفْعِ إِلَى الْحَاكِمِ وَأَجْمَعَ أَصْحَابُنَا أَنَّهُ بِتَقْوِيمِ الإِمَام حر بِغَيْر إِحْدَاثُ حُكْمٍ لِأَنَّهُ الْوَارِدُ فِي الْحَدِيثِ وَكَذَلِكَ لَو دبر فَقُوِّمَ عَلَيْهِ لِشَرِيكِهِ وَأَنْكَرَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُدَبَّرًا إِلَّا بِالْحُكْمِ وَقَالُوا إِنْ أَعْتَقَ بَعْضَ عَبْدِهِ لَا يُعْتَقُ إِلَّا بِالْحُكْمِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ وَارِدٌ فِي لَفْظِ الْحَدِيثِ قريب فِيهِ الْعِتْقُ عَلَى التَّقْوِيمِ وَلِتَعَيُّنِ ضَرَرِ الشَّرِيكِ وَهَاهُنَا لَمْ يَضُرَّ نَفْسَهُ وَفِي الْعِتْقِ بِالْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ وَعِتْقُ الْقَرَابَةِ بِمُجَرَّدِ الْمِلْكِ قَالَ سَحْنُونٌ وَإِن يَكُنْ لِلْمُعْتَقِ مَالٌ ظَاهِرٌ سُئِلَ عَنْهُ جِيرَانُهُ وَمَنْ يَعْرِفُهُ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمُوا لَهُ مَالًا أُحْلِفَ وَلَا يُسْجَنُ وَإِنْ كَانَ لِلْعَبْدِ يُجْبَرُ بِدَفْعِ قِيمَتِهِ بِمَوْضِعِهِ وَلَا يُجْلَبُ إِلَى غَيْرِهِ وَإِنْ قَالَ هُوَ سَارِقٌ وَشَرِيكِي يَعْلَمُ ذَلِكَ وَأَقَرَّ بِهِ قَوْمٌ سَارِقًا أَوْ أَنْكَرَ فَلَا يَمِينَ لَهُ عَلَيْهِ وَيُقَوَّمُ سَلِيمًا إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ أَوْ شَاهِدٌ قَالَ أَشْهَبُ يَحْلِفُ مَعَهُ فَإِنْ نَكَلَ أُحْلِفَ شَرِيكُهُ فَإِنْ كَانَ الشَّاهِدُ غَيْرَ عَدْلٍ لَمْ يَحْلِفْ مَعَهُ وَتَوَجَّهَتِ الْيَمِينُ عَلَى شَرِيكِهِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ غَيْرُ الْعَدْلِ لَا يُوجِبُ شَيْئًا قَالَ اللَّخْمِيُّ لَوْ تَرَاضَى الشَّرِيكُ وَالْعَبْدُ بِتَرْكِ التَّقْوِيمِ لَمْ يَصِحَّ لِحَقِّ الله تَعَالَى فِي الْعتْق وللملك فِي عتق الْمُقَوّم هَل بِنَفس الْمُعْتق الأول اَوْ بعد الحكم قَالَ وَالْأَحْسَن أَن لَا يَكُونَ إِلَّا بَعْدَ الْحُكْمِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قُوِّمَ عَلَيْهِ وَأُعْتِقَ فَهُوَ أَمْرٌ بِإِيقَاعِ الْعِتْقِ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الرِّقِّ حَتَّى يُتَيَقَّنَ زَوَالُهُ فَإِنْ لم ينظر فِيهِ حَتَّى خرج أَوْ قُذِفَ فَهُوَ عَلَى أَحْكَامِ الْعَبِيدِ وَقِيلَ إِنَّهُ بِنَفْسِ التَّقْوِيمِ يَعْتِقُ وَهُوَ وَهْمٌ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ يَحْصُلُ حَقُّ الشَّرِيكِ وَيَبْقَى حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى يفْتَقر إِلَى حكم

تحَققه وَإِذَا قُوِّمَ عَلَى الشَّرِيكِ صَارَ لَهُ كُلُّهُ وَالْمَعْرُوفُ مِنَ الْمَذْهَبِ إِذَا كَانَ كُلُّهُ لَا يَعْتِقُ إِلَّا بَعْدَ الْحُكْمِ وَإِذَا اخْتَارَ الْمُتَمَسِّكُ أَنْ يُعْتَقَ ثُمَّ انْتَقَلَ لِلتَّقْوِيمِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ إِلَّا إِذَا رَضِيَ شَرِيكُهُ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ عَنْهُ فَإِنِ اخْتَارَ التَّقْوِيمَ ثُمَّ انْتَقَلَ لِلْعِتْقِ قِيلَ لَهُ لَيْسَ لَكَ ذَلِكَ لتعين الْوَلَاء لغيره وَقَالَ ابْن حبيب لَهُ لِأَنَّهُ أولى بالتقريب لِمِلْكِهِ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمُحَمَّدٌ قَالَ مُحَمَّدٌ وَيُقَوَّمُ عَلَى أَنَّهُ لَا عِتْقَ فِيهِ لِأَنَّهُ كَذَلِك عينه وَيقوم لَمْ يُسَوِّ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْحُكْمِ عَلَى أَنَّ نِصْفَهُ حُرٌّ لِأَنَّهُ أَذِنَ فِي الْعَيْبِ وَلَا شَيْءَ لَهُ إِنْ كَانَ مُعْسِرًا وَلَوْ تَأَخَّرَ الإستكمال حَتَّى يُغير سُوقُهُ فَلِمَنْ لَمْ يُعْتَقْ قِيمَةُ عَيْبِ الْعِتْقِ يَوْم أعتق وَقِيمَة النّصْف معينا يَوْمَ الْحُكْمِ فَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ الِاسْتِكْمَالِ اَوْ أَرَادَ الشَّرِيك الْعتْق اَوْ الْمُعْتق مُعْسِرًا بِيعَ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ فِي ذِمَّتِهِ فَإِنْ رَضِي الشَّرِيك بالتقويم مَعَ العسرر لِيَكْمُلَ الْعِتْقُ قَالَ مُحَمَّدٌ ذَلِكَ لَهُ لِأَنَّ تَأْخِيرَ أَخْذِ الْقِيمَةِ بِسَبَبِ الْإِعْسَارِ حَقٌّ لَهُ وَقِيلَ وَلَا يَشْغَلُ ذِمَّةَ شَرِيكِهِ بِغَيْرِ رِضَاهُ وَالْحَدِيثُ لَمْ يَرِدْ فِيهِ قَالَ وَهُوَ أَحْسَنُ وَإِذَا أَعْسَرَ ثُمَّ أَيْسَرَ أَوْ قَالَ كُنْتُ مُعْسِرًا أَوْ عَلِمَ أَنَّ الَّذِي فِي يَدِهِ فَائِدَةٌ لَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي الِاسْتِكْمَالِ لِأَنَّ هَذِهِ فَائِدَةٌ وَالْحَدِيثُ {مَنْ أَعْتَقَ وَلَهُ مَالٌ} وَلَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ إِذَا شَكَّ هَلْ كَانَ لَهُ مَالٌ أَمْ لَا وَالْقِيمَةُ أَصْلُهَا الْحُلُولُ كَسَائِرِ قِيَمٍ الْمُتْلَفَاتِ فَإِنْ تَرَاضَيَا بِالتَّأْجِيلِ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ رِبًا وَفَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَإِنْ تَرَاضَيَا بِالتَّأْجِيلِ مَعَ الْعُسْرِ جَازَ لِأَنَّهُ بَيْعٌ بِاخْتِيَارٍ وَفِي الْجَوَاهِرِ يُتْرَكُ لِلْمُقَوَّمِ عَلَيْهِ عِيشَةُ الْأَيَّامِ وَكُسْوَةُ ظَهْرِهِ كَمَا فِي الدُّيُونِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُتْرَكُ لَهُ إِلَّا مَا يُوَارِيهِ لصلاته وَقل عَبْدُ الْمَلِكِ يَتْرَكُ لَهُ مَا لَا يُبَاعُ عَلَى الْمُفْلِسِ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ بِقَدْرِ مَالِهِ فَهُوَ مُعْسِرٌ وَيُقَوَّمُ كَامِلًا لَا عِتْقَ فِيهِ وَقِيلَ عَلَى أَنَّ نِصْفَهُ حُرٌّ وَعَلَى الْأَوَّلِ اتِّفَاقُ الْأَصْحَابِ وَيُقَوَّمُ بِصَنْعَتِهِ وَمَالِهِ وَمَا حَدَثَ لَهُ مِنْ وَلَدٍ بَعْدَ الْعِتْقِ أَوْ مَال

مَالٍ وَتُقَوَّمُ الْأَمَةُ بِوَلَدِهَا وَمَالِهَا وَلَوْ تَقَاوَمَ الشَّرِيكَانِ الْعَبْدَ وَالْأَمَةَ فَبَلَّغَاهُ أَضْعَافَ ثَمَنِهِ فَأَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ نَزَلْتُ بِالْمَدِينَةِ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَتِهِ فَاسْتَحْسَنَ مَالِكٌ أَنْ يُنَادَى عَلَيْهِ فَإِنْ زَادَتْ عَلَيْهَا وَإِلَّا لَزِمَهُ الزَّوْجُ فَلَوْ بقيت قَبْلَ التَّقْوِيمِ قُوِّمَ بِعَيْنِهِ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى فِي تَحْلِيفِهِ إِذَا لَمْ يُوجَدُ لَهُ مَالٌ قَوْلَانِ التَّحْلِيفُ كَالْمُفْلِسِ لِلتُّهْمَةِ وَعَدَمُهُ لِأَنَّهَا يَمِينٌ لَوْ نَكَلَ عَنْهَا لَمْ يُسْتَحَقَّ بِهَا شَيْءٌ وَالْأَوَّلُ عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ فَإِنْ كَانَ لَهُ مُدَبَّرُونَ أَوْ مُعْتَقٌ إِلَى أَجَلٍ فَلَا حُكْمَ لَهُمْ فِي الْقيمَة وَتقوم دِيَته على مَالِي حَاضِرٍ وَأَمَدٍ قَرِيبٍ وَيَتْبَعُ فِي ذِمَّتِهِ دُونَ أَسِيرٍ أَوْ عَلَى غَائِبٍ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ شَطْرُ دِيَتِهِ وَيُمْنَعُ شَرِيكُهُ مِنَ الْبَيْعِ وَشَطْرٌ فِيهِ وَإِنْ كَانَ مَالُهُ يَبْلُغُ بَعْضَ الْحِصَّةِ فَرَوَى الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ يُعْتَقُ ذَلِكَ فَيَبْقَى الْبَاقِي رِقًّا لِمَالِكِهِ وَقَالَهُ سَحْنُونٌ إِلَّا فِي التَّافِهِ قَاعِدَةٌ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى أَمْرُهُ وَنَهْيُهُ وَحُقُوقُ الْعِبَادِ مَصَالِحُهُمْ فَقَدْ تَنْفَرِدُ فالأيمان حق الله تَعَالَى والقيم والأيمان حُقُوق الْعباد وَقَدْ تَجْتَمِعُ وَيُغَلَّبُ حَقُّ اللَّهِ إِجْمَاعًا فَلَا يَتَمَكَّنُ الْعَبْدُ مِنَ الْإِسْقَاطِ كَالسَّرِقَةِ وَقَدْ يُغَلَّبُ حَقُّ الْعَبْدِ إِجْمَاعًا كَالدَّيْنِ وَمَا مِنْ حَقٍّ لِلْعَبْدِ إِلَّا وَفِيهِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَهُوَ أَمْرُهُ بِإِيصَالِ ذَلِكَ الْحَقِّ وَقَدْ يَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ أَيُّهُمَا يُغَلَّبُ كَالْحَدِّ فِي الْقَذْفِ فَمَنْ غَلَّبَ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى مَنَعَ الْعَفْوَ أَوْ حَقَّ الْآدَمِيِّ جَوَّزَهُ وَالْعِتْقُ اجْتَمَعَ فِيهِ حَقُّ الشَّرِيكِ فتنقيص مَالِهِ بِعَيْبِ الْعِتْقِ وَحَقُّ الْعَبْدِ بِتَخْلِيصِهِ لِاكْتِسَابِهِ وَطَاعَةِ رَبِّهِ وَحَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فِي إِزَالَةِ الاصمة عَنِ ابْنِ آدَمَ الْمُكَرَّمِ مِنْ خَالِقِهِ وَتَوَجُّهِ تَكَالِيفِهِ عَلَيْهِ وَحَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فِيهِ مُغَلَّبٌ

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا أَعْتَقَ الْمُسْلِمُ نَصِيبَهُ قُوِّمَ عَلَيْهِ كَانَ الْعَبْدُ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا لِحَقِّ الشَّرِيكِ وَالْعَبْدِ أَوْ أَعْتَقَ الذِّمِّيُّ حِصَّتَهُ وَالْعَبْدُ مُسْلِمٌ قُوِّمَ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا جِنَايَةٌ مِنْهُ وَأُجْبِرَ عَلَى عِتْقِ جَمِيعِهِ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ لَا يَعْلُوهُ الْكُفْرُ أَوْ كَافِرٌ لَمْ يُقَوَّمْ لِأَنَّ الذِّمِّيَّ لَا يَلْزَمُهُ الْعِتْقُ وَلَوْ أَعْتَقَهُ كُلَّهُ وَقَالَ غَيره يقوم عَلَيْهِ حِصَّةُ الْمُسْلِمِ لِأَنَّهُ حُكْمٌ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَكَافِر قَالَ ابْن يُونُس هَذَانِ أَبَانَ النَّصْرَانِيُّ الْمَعْتِقَ عَنْ نَفْسِهِ حَتَّى لَوْ أَرَادَ رَدَّهُ فِي الرِّقِّ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ جَبْرُ الْمُسْلِمِ عَلَى أَنْ يُقَوِّمَهُ عَلَيْهِ وَيُكْمِلَ عِتْقَهُ وَإِلَّا فَلَا تَقْوِيمَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ الْمُسْلِمُ وَنَصْرَانِيٌّ بَيْنَ نَصْرَانِيَّيْنِ لَا تَقْوِيمَ فِيهِ إِلَّا أَن يرْضوا بحكمها أَوْ بَيْنَ حُرٍّ وَعَبْدٍ فَأَعْتَقَ الْحُرُّ حِصَّتَهُ قُوِّمَ عَلَيْهِ أَوْ لِعَبْدٍ فَلَا عِتْقَ لَهُ إِلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فَيُقَوَّمُ عَلَى سَيِّدِهِ كَانَ لِلْعَبْدِ مَالٌ أَمْ لَا لِأَنَّ السَّيِّدَ هُوَ الْمُعْتِقُ فِي الْمَعْنَى قَالَ سَحْنُونٌ وَتُبَاعُ فِي قِيمَتِهِ وَقِيمَةِ الْعَبْدِ وَغَيْرِهَا مِنْ مَالِ السَّيِّدِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَأَجَازَ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا وَهَبْتَ لِعَبْدٍ نِصْفَهُ أَوْ أَخَذْتَ مِنْهُ دَنَانِيرَ عَلَى عِتْقِ نِصْفِهِ أَوْ عَلَى بَيْعِ نِصْفِهِ مِنْ نَفْسِهِ عَتَقَ كُلُّهُ وَوَلَاؤُهُ لَكَ وَإِنْ أَعْتَقْتَ نَصِيبَكَ مِنَ الْعَبْدِ الْمُشْتَرِكَ عَلَى مَالٍ أَخَذْتَهُ مِنَ العَبْد ووردت وَجْهَ الْعَتَاقَةِ عَتَقَ عَلَيْكَ كُلُّهُ وَغَرِمْتَ حِصَّةَ شَرِيكِكَ وَرَدَدْتَ الْمَالَ إِلَى الْعَبْدِ لِأَنَّ مَنْ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ مِنَ الْعَبْدِ الْمُشْتَرِكِ وَاسْتَثْنَى شَيْئًا مِنْ مَالِهِ عَتَقَ كُلَّهُ وَرَدَّ مَا اسْتَثْنَى لِلْعَبْدِ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّكَ أَرَدْتَ الْكِتَابَةَ فُسِخَ ذَلِكَ وَبَقِيَ الْعَبْدُ بَيْنَكُمَا وَأَعْطَيْتَ نِصْفَ الْمَالِ لشريكك وَفِي الْمُنْتَقى إِذا وهبت العَبْد نَفسك فِيهِ قَالَ مَالِكٌ يُقَوَّمُ عَلَيْكَ لِانْدِرَاجِهِ فِي الحَدِيث

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ أَعْتَقَ أَحَدُكُمْ نَصِيبَهُ ثُمَّ الآخر وأنتما مليان لم يقوم الثَّالِثُ إِلَّا عَلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ الَّذِي أَعَابَ الْعَبْدَ فَإِنْ كَانَ عَدِيمًا لَمْ يُقَوَّمْ عَلَى الثَّانِي لِأَنَّهُ لَمْ يَعِبْهُ فَإِنْ أَعْتَقْتُمَا مَعًا قُوِّمَ عَلَيْكُمَا إِنْ كُنْتُمَا مُوسِرَيْنِ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَحَدكُمَا أولى من الآخر وَإِلَّا قوم الملي مِنْكُمَا لَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ جَمِيعُ الْأَصْحَابِ عَلَى عَدَمِ التَّقْوِيمِ عَلَى الثَّانِي إِذَا أَعْسَرَ الْأَوَّلُ إِلَّا ابْنَ نَافِعٍ قَالَ يُقَوَّمُ عَلَى الثَّانِي إِنْ كَانَ مَلِيًّا لِأَن الأول يقدمهُ فِي حِينِ الْعَدَمِ وَلِأَنَّهُ لَوِ امْتَنَعَ الْمُتَمَسِّكُ مِنَ التَّقْوِيمِ فَلِلْعَبْدِ طَلَبُهُ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ أَعْتَقَا مَعًا لَيْسَ لِلْمُتَمَسِّكِ أَنْ يُقَوَّمَ عَلَى أَحَدِهِمَا وَإِنْ رَضِيَ الْمُقَوَّمُ عَلَيْهِ وَلَوْ جَازَ ذَلِكَ جَازَ لَهُ بَيْعُهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ عَلَى أَنْ يُعْتِقَهُ وَقَالَ إِذَا أَعْسَرَ أَحَدُهُمَا لَا يَلْزَمُ الْمَلِيَّ إِلَّا حِصَّتُهُ إِذَا قُوِّمَ عَلَيْهِمَا الأنهما ابتدآ الْفَسَادَ مَعًا وَعَنْ مَالِكٍ إِنْ كَانَ لِأَحَدِكُمْ نصفه وَللْآخر ثلثه وَللْآخر سدسه فاعتق صَاحب الثُّلُثِ وَالسُّدُسِ حِصَّتَهُمَا مَعًا فَلْيُقَوَّمْ عَلَيْهِمَا بِقَدْرِ مِلْكِهِمَا كَالشُّفْعَةِ فِي اخْتِلَافِ الْأَنْصِبَاءِ فَإِنْ أَعْدَمَ أَحَدُهُمَا فَالْجَمِيعُ عَلَى الْمُوسِرِ كَمَا إِذَا أَسْلَمَ أَحَدُ الشُّفَعَاءِ نَصِيبَهُ لَمْ يَأْخُذِ الْآخَرُ إِلَّا الْجَمِيعَ أَوْ يُسَلِّمُ وَقَالَهُ الْمُغِيرَةُ ثُمَّ رَجَعَ التَّقْوِيم نِصْفَيْنِ كَمَا لَو قَتَلْنَاهُ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ شَاذًّا وَقَالَهُ ش وَاتَّفَقُوا أَنَّ مَنْ عَجَزَ مِنْهُمَا عَنْ بَعْضِ ذَلِكَ أَنَّهُ يَتِمُّ عَلَى الْآخَرِ قَالَ اللَّخْمِيُّ يُقَوَّمُ عَلَى الْأَوَّلِ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ إِلَّا أَنْ يَرْضَى الثَّانِي بِالتَّقْوِيمِ عَلَيْهِ وَلَا مَقَالَ لِلْأَوَّلِ لِأَنَّ الِاسْتِكْمَالَ حَقٌّ لِلْعَبْدِ لَا حَقُّهُ وَإِذَا جَازَ الِاسْتِكْمَالُ عَلَى الْمُتَمَسِّكِ جَازَ عَلَى الْأَوْسَطِ تَنْبِيه قَالَ ش وح إِذا أعتقا مَعًا يقوم عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ لنا أَنَّهُمَا تقاوما فِي الْآجَال الضَّرَر فتقاويان فِي التَّقْوِيمِ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من

(فرع)

أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ الْحَدِيثَ وَظَاهِرُهُ يَقْتَضِي تَقْوِيمَهُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَا لَوِ ادَّعَاهُ الْجَمِيعُ كِلَاهُمَا وَلِأَنَّهُ لَوِ انْفَرَدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَتَقَ عَلَيْهِ الْجَمِيعُ فَقَدِ اسْتَوَى السُّدُسُ وَالنِّصْفُ وَلِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشُّفْعَةِ أَنَّ هَذَا جِنَايَةٌ وَالْمُشْتَرِكَانِ فِي الْجِنَايَةِ لَا يُشْتَرَطُ تَسَاوِي إِتْلَافِهِمَا بَلْ أَصْلُ الِاشْتِرَاكَ فِي الْفِعْلِ وَالشُّفْعَةُ مَالٌ فَيُعْتَبَرُ قَدْرُ الْمَالِيَّةِ كَاسْتِحْقَاقِ كَسْبِ الْعَبْدِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الشُّفْعَةَ لَوِ انْفَرَدَ صَاحِبُ السُّدُسِ أَخَذَ الْجَمِيعَ وَعِنْدَ الِاجْتِمَاعِ يَجِبُ التَّفَاوُتُ وَعَنِ الثَّانِي مَا تقدم فِي الأول وَعَن الثَّالِث لَا يسلم أَنَّ الْعِتْقَ إِتْلَافٌ وَإِلَّا لِمَ أُسْقِطَتِ الْقِيمَةُ عَنِ الْمُعْسِرِ بَلْ يَتْبَعُ فِي الذِّمَّةِ ثُمَّ إِنَّ الشَّرِيكَيْنِ إِذَا أَغْرَمْنَاهُمَا لِإِزَالَةِ الضَّرَرِ فَقَدْ نَفَعْنَاهُمَا بِثُبُوتِ الْوَلَاءِ لَهُمَا فَلَيْسَ إِتْلَافًا مُطْلَقًا نَظَائِرُ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ ثَلَاثَةُ مَسَائِلَ تُعْتَبَرُ فِيهَا الْأَنْصِبَاء دون الرؤس التَّقْوِيمُ فِي الْعِتْقِ وَالْفِطْرَةُ عَنِ الْعَبْدِ وَالشُّفْعَةِ وَسِتَّة على الرؤس دُونَ الْأَنْصِبَاءِ أُجْرَةُ الْقَاسِمِ وَكَنْسُ الْمَرَاحِيضِ وَحِرَاسَةُ أَعْدَالِ الْمَتَاعِ وَبُيُوتِ الْغَلَّاتِ وَأُجْرَةُ السَّقْيِ وَحَارِسُ الدَّابَّةِ وَالصَّيْدُ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ كَثْرَةُ الْكِلَابِ زَادَ الْعَبْدِيُّ كَنْسَ السَّوَاقِي فَتَكُونُ سَبْعَةً (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ لَا يَجُوزُ لِأَحَدِكُمَا مُكَاتَبَةُ نَصِيبِهِ بِغَيْرِ إِذْنِ شَرِيكِهِ أَوْ بِإِذْنِهِ لِأَنَّهُ غَرَرٌ مَعَ ضَرَرِ الشَّرِيكِ وَدَاعِيَةٌ إِلَى عِتْقِ الْبَعْضِ بِغَيْرِ تَقْوِيمٍ وَأَمَّا إِنْ دَبَّرَهُ بِإِذْنِهِ جَازَ وَبِغَيْرِ إِذْنِهِ قُوِّمَ عَلَيْهِ نَصِيبُ شَرِيكِهِ وَلَزِمَهُ تَدْبِير جَمِيعه لِأَنَّهُ بِعَيْبِهِ وَلَا يتقاوماه وَكَانَت المقاواة عِنْدَ مَالِكٍ ضَعِيفَةً لِأَنَّ الْحُكْمَ تَعَيَّينَ فِي جِهَة الْمُدبر والمقاواة تبطله وينقل الْوَلَاء

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا أَعْتَقَ مُعْسِرٌ ثُمَّ قَامَ عَلَيْهِ شَرِيكُهُ عِنْدَ يُسْرِهِ قَالَ مَالِكٌ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ إِنْ كَانَ يَوْمَ الْعِتْقِ يُعْلِمُ النَّاسَ وَالْعَبْدَ وَالْمُتَمَسِّكَ بِالرِّقِّ أَنَّهُ إِنَّمَا تَرَكَ الْقِيَامَ لِأَنَّهُ لَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْعَبْدُ غَائِبًا فَلَمْ يَقُمْ حَتَّى أيسر ليقوم عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْحَاضِرِ لِأَنَّ الْغَيْبَةَ مَانِعَةٌ وَإِنْ أعتق فِي يسره ثمَّ قيم عَلَيْهِ فِي عُسْرِهِ فَلَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي التَّقْوِيمِ حَالَةُ الْحُكْمِ فَإِنْ أَعْتَقَ فِي يُسْرِهِ فَقَالَ الشَّرِيكُ أُقْوِمَ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ أُعْتِقَ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِلَّا التَّقْوِيمُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ لَا يُقَوَّمُ الْغَائِبُ وَلَا الْمَفْقُودُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُقَوَّمُ الْغَائِبُ الَّذِي يَجُوزُ فِي اشْتِرَاطِ النَّقْدِ فَيَقُومُ إِنْ عَرَفَ مَوْضِعَهُ وَصِفَتَهُ وَيَفْتَقِرُ التَّقْوِيمُ لِجَوَازِ الْبَيْعِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يُقَوَّمُ حَتَّى يُعْرَضَ عَلَى الْمُتَمَسِّكَ فَإِنْ أَعْتَقَ فَذَلِكَ لَهُ لِأَنَّهُ أَوْلَى بِنَفْعِ مِلْكِهِ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا أَعْتَقَ مُوسِرًا فَقُلْتُ أُقْوِمَ عَلَيْهِ فَلَمَّا قُمْتُ وجدته معدما فَهُوَ عَتيق عَلَيْهِ ويتبعه بِالْقيمَةِ لِأَنَّهُ ضَمِنْتَهُ فِي وَقْتٍ لَكَ تَضْمِينُهُ كَمَنْ أَعْتَقَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ عِنْدَهُ وَفَاءٌ بِهِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تَأْخُذُ نِصْفَ الْعَبْدِ لِعُسْرِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ التَّقْوِيمُ يَجِبُ إِذَا كَانَ الْمُعْتِقُ وَالْمَالُ وَالْعَبْدُ وَالشَّرِيكُ حُضُورًا فَإِنْ غَابَ أَحَدُهُمْ غَيْبَةً قَرِيبَةً أُخِّرَ التَّقْوِيمُ حَتَّى يَقْدَمَ الْمُعْتِقُ أَوِ الْعَبْدُ أَوِ الْمَالُ وَيُكَاتَبُ الشَّرِيكُ الَّذِي لَمْ يَعْتِقْ فَيُعْتِقُ أَوْ يُقَوَّمُ وَيَمْتَنِعُ الشَّرِيكُ مِنَ الْبَيْعِ فَإِنْ وَقَعَ فَالْأَحْسَنُ عَدَمُ النَّقْضِ وَإِنْ غَابَ الشَّرِيكُ غَيْبَةً بَعِيدَةً قُوِّمَ الْعَبْدُ وَلَا مَقَالَ لَهُ إِذَا قَدِمَ فَقَالَ أَنَا أَعْتِقُ لِتَقَدُّمِ الْحُكْمِ بِالتَّقْوِيمِ وَإِنْ فُلِّسَ الْمُعْتِقُ بِيعَ لِلْغُرَمَاءِ وَلَا يَكْمُلُ الْعِتْقُ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا دبر أَحدهمَا جَنِين أمتهما تقاوياه بَعْدَ الْوَضْعِ فَإِنْ أَعْتَقَ

(فرع)

الْجَنِينَ أَوْ دَبَّرَهُ وَأَعْتَقَ الْآخَرُ نَصِيبَهُ مِنَ الْجَارِيَةِ قَوَّمَتْ عَلَيْهِ وَبَطَلَ تَدْبِيرُ الْآخَرِ وَعِتْقُهُ لِلْجَنِينِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا أَعْتَقَ مُوسِرٌ ثُمَّ بَاعَ الْآخَرُ نَصِيبَهُ نُقِضَ الْبَيْعُ وَقُوِّمَ فَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُعْسِرًا وَالْعَبْدُ غَائِبٌ فَبَاعَ الْمُعْسِرُ حِصَّتَهُ عَلَى الصِّفَةِ وَتَوَاضَعَا الثَّمَنَ فَقَبَضَهُ الْمُبْتَاع وَقدم بِهِ وَالْمُعتق مَلِيء أَوْ لَمْ يَقْدَمْ بِهِ إِلَّا أَنَّ الْعَبْدَ عَلِمَ مَوْضِعَهُ فَخَاصَمَ فِي مَوْضِعِهِ وَالْمُعْتِقُ قَدْ أَيْسَرَ فَإِنَّ الْبَيْعَ يُنْقَضُ وَيُقَوَّمُ عَلَى الْمُعْتِقِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ كَانَ بِمَوْضِعٍ قَرِيبٍ يَجُوزُ فِيهِ النَّقْدُ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِنْ أَعْتَقَ صَحِيحٌ فَلَمْ يُقَوَّمْ عَلَيْهِ حَتَّى مَرِضَ قُوِّمَ فِي الثُّلُثِ وَكَذَلِكَ أَعْتَقَ نِصْفُ عَبْدِهِ قَالَ غَيره فيهمَا لَا يقوم لِأَنَّهُ لايدخل حُكْمُ الصِّحَّةِ فِي حُكْمِ الْمَرَضِ قَالَا وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ إِلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَا تَقْوِيمَ لِأَنَّهُ قَالَ الْمَالُ وَالْفَلَسُ كَالْمَوْتِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَصْبَغُ إِذَا أَعْتَقَ فِي صِحَّتِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ حَتَّى مَرِضَ حُكِمَ الْآنَ عَلَيْهِ بِالتَّقْوِيمِ وَيُوقَفُ الْمَالُ لِحَيَاتِهِ أَوْ بعد مَوْتِهِ وَيَنْفُذُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ فَإِنْ صَحَّ لَزِمَتْهُ تِلْكَ الْقِيمَةُ أَوْ مَاتَ فَمِنَ الثُّلُثِ أَوْ مَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ وَيَبْدَأُ عَلَى الْوَصَايَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يُقَوَّمُ على الْمَرَض وَيُوقف أبدا اَوْ إِن أَضَرَّ ذَلِكَ بِشَرِيكِهِ حَتَّى يَمُوتَ فَيُعْتَقُ مَا بَقِيَ مِنْ ثُلُثِهِ أَوْ يَصِحُّ فَمِنْ رَأْسِ مَالِهِ إِلَّا أَنْ يُعْتِقَ مَعَهُ الشَّرِيكُ قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ إِلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ أَوِ الْفَلَسِ لَمْ يُعْتَقْ مِنْهُ إِلَّا مَا عَتَقَ قَالَ أَشْهَبُ إِنْ مَاتَ بِقُرْبِ ذَلِكَ قُوِّمَ فِي رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِشَرِيكِهِ لَمْ يُفَرِّطْ فِيهِ وَإِنْ فَرَّطَ لَمْ يُعْتَقْ فِي ثُلُثٍ وَلَا غَيْرِهِ وَقَالَهُ مَالِكٌ قَالَ سَحْنُونٌ لَا يُقَوَّمُ وَإِنْ مَاتَ بِقُرْبِ ذَلِكَ وَعَنْ مَالِكٍ إِنْ أَعْتَقَ بَعْضَ عَبْدِهِ فِي صِحَّتِهِ فَلَمْ يُتِمَّ عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ مَكَانَهُ أَوْ أَفْلَسَ لَمْ يُعْتَقْ مِنْهُ إِلَّا مَا عَتَقَ قَالَ سَحْنُونٌ وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا جَمِيعًا

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا أَعْتَقَ الْمُعْسِرُ وَرَفَعَ لِلْإِمَامِ فَلَمْ يُقَوِّمْ لِعُسْرِهِ ثُمَّ أَيْسَرَ فَاشْتَرَى حِصَّته لشَرِيكه لَمْ يُعْتَقْ عَلَيْهِ لِبُطْلَانِ حَقِّ الشَّرِيكِ مَعَ تَقَدُّمِ الْحُكْمِ وَلَوْ لَمْ يَنْظُرْ فِي أَمْرِهِ بَعْدَ الرَّفْعِ لَقُوِّمَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ أَجْمَعَ أَصْحَابُنَا أَنَّ مُعْتِقَ الشِّقْصِ يَكُونُ الْعَبْدُ بِتَقْوِيمِ الْإِمَامِ عَلَيْهِ حُرًّا بِغَيْرِ إِحْدَاثِ حُكْمٍ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ أَعْتَقَ بَعْضَ عَبْدِهِ أَوْ أُمَّ وَلَدِهِ عَتَقَ بَاقِيهِمَا لِأَنَّهُ إِذَا اسْتَكْمَلَ عَلَيْهِ مِلْكَ غَيْرِهِ فَأَوْلَى مِلْكُ نَفْسِهِ فَإِنْ فَقَدَ لَمْ يُعْتَقُ بَاقِيهِ فِي مَالِهِ وَوُقِفَ مَا رَقَّ مِنْهُ كَمَالِهِ إِلَى أَمَدٍ لَا يَحْيَى إِلَى مِثْلِهِ فَيَكُونُ لِوَارِثِهِ يَوْمَئِذٍ إِلَّا أَنْ يَثْبُتَ وَفَاتُهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَيَكُونُ لِوَارِثِهِ يَوْمَ يَصِحُّ مَوْتُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَعَنْ مَالِكٍ إِنْ فُقِدَ بِقُرْبِ الْعِتْقِ قُوِّمَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ الْحَاضِرِ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ فِي الْفِرَارِ وَإِنْ تَبَاعَدَ لَمْ يُقَوَّمْ عَلَيْهِ لِقِيَامِ الشَّكِّ فِي حَيَاتِهِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَتَلَوَّمُ فِي الْمَفْقُودِ بِأَجْلٍ يَخْتَبِرُ فِيهِ حَالَهُ فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ مُكِّنَ الْمُسْتَمْسِكَ مِنْ حِصَّتِهِ لِلْبَيْعِ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنْ جَاءَ أَوْ عُلِمَتْ حَيَاتُهُ وَلَهُ مَالٌ حَاضِرٌ نُقِضَ الْبَيْعُ وَقُوِّمَ عَلَيْهِ وَلَوْ فُقِدَ الْعَبْدُ أَوْ كَانَ غَائِبًا يُعْلَمُ مَكَانُهُ لَمْ يَغْرَمْ إِلَّا بِحَضْرَتِهِ بِخِلَافِ بَيْعِ الْغَائِبِ عَلَى الصِّفَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهِ وَعِتْقُ هَذِهِ عَلَى الصِّفَةِ إِنَّمَا هُوَ عَلَى النَّقْدِ لَا بُدَّ مِنْهُ لِأَنَّ عِتْقَهُ كَالْقَبْضِ فَلَا يُعْتَقُ أَبَدًا إِلَّا بِدَفْعِ الْقِيمَةِ وَإِنْ فُقِدَ الْمُتَمَسِّكُ بِالرِّقِّ وَالْعَبْدُ وَالْمُعْتِقُ حَاضِرَانِ قَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَضُرُّ فَقْدُهُ وَقُوِّمَ وَضُمَّتْ قِيمَتُهُ مَعَ سَائِرِ الْمَفْقُودِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا أَعْتَقَ الْمَرِيضُ بَعْضَ عَبْدِهِ أَوْ نَصِيبَهُ مِنْ عَبْدِهِ وَمَالُهُ مَأْمُونٌ عَتَقَ عَلَيْهِ الْآنَ جَمِيعُهُ وَقُوِّمَ نَصِيبُ شَرِيكِهِ لِوُجُودِ سَبَبِ ذَلِكَ أَوْ غَيْرُ مَأْمُونٍ لَمْ يُعْتَقْ عَلَيْهِ نُصِيبُهُ وَنَصِيبُ شَرِيكِهِ إِلَّا بعد مَوته فَيعتق عَلَيْهِ جَمِيعه فِي ثُلُثِهِ وَيُقَوَّمُ

نَصِيبُ شَرِيكِهِ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ خُرُوجَهُ مِنَ الثُّلُثِ وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ عَتَقَ مَبْلَغُهُ وَرَقَّ مَا بَقِيَ فَإِنْ عَاشَ لَزِمَهُ عِتْقُ نَصِيبِهِ لِيُبَيِّنَ زَوَالَ الْحَجْرِ وَلَوْ أَوْصَى الْمَرِيضُ بِعِتْقِ نَصِيبِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ لَمْ يُقَوَّمْ عَلَيْهِ نَصِيبُ شَرِيكِهِ وَمَالُهُ مَأْمُونٌ أَوْ غَيْرُ مَأْمُونٍ لِانْتِقَالِ الْمَالِ لِلْوَارِثِ وَهُوَ لَمْ يُعْتَقْ وَلِأَنَّ بَتْلَ عَبْدِهِ فِي مَرَضِهِ وَمَالُهُ مَأْمُونٌ عَجَّلَ عتقه اَوْ غَيره مَأْمُونٍ وَهُوَ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِهِ وُقِفَ عِتْقُهُ حَتَّى يُقَوَّمَ بَعْدَ الْمَوْتِ فِي الثُّلُثِ وَمَا الْمَالُ الْمَأْمُونُ إِلَّا الْعَقَارُ وَالْأَرْضُ وَالنَّخْلُ وَعَنْ مَالِكٍ فِي الْمُبَتَّلِ فِي الْمَرَضِ قَوْلٌ ثَانٍ أَنَّهُ عَبْدٌ حَتَّى يُعْتَقَ بَعْدَ الْمَوْتِ فِي الثُّلُثِ لِأَنَّهُ يَجْرِي مَجْرَى الْوَصَايَا وَهِيَ مَا تُعْتَبَرُ بَعْدَ الْمَوْتِ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ إِلَى مَا تَقَدَّمَ فِي التَّنْبِيهَاتِ عَنْ مَالِكٍ قَوْلٌ ثَالِثٌ إِذَا بَتَلَ شِقْصَهُ فِي مَرَضِهِ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ لَهُ مَالٌ مَأْمُونٌ أَمْ لَا وَظَاهِرُهُ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ الْآنَ وَلَا يُعْتَقُ إِلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ وَعَنْهُ قَوْلٌ رَابِعٌ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ إِنْ مَاتَ إِلَّا شِقْصُهُ فَقَطْ إِلَّا أَنْ يَصِحَّ فَيُقَوَّمُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ مَأْمُونٌ فَيُقَوَّمُ وَخَامِسٌ يُخَيَّرُ الشَّرِيكُ بَيْنَ التَّقْوِيمِ وَقَبْضِ الثَّمَنِ وَيَبْقَى كُلُّهُ لِلْمُعْتَقِ مَوْقُوفًا فَإِنْ مَاتَ عَتَقَ عَلَيْهِ فِي ثُلُثِهِ أَوْ مَا حمله ويرق الْبَاقِي للْوَارِث وَإِن شَاءَ تماسك الشَّرِيكُ حَتَّى يَمُوتَ شَرِيكُهُ فَيُقَوَّمُ فِي ثُلُثِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ كَانَ الْمَرَضُ بِفَوْرِ الْعِتْقِ فِي الِاسْتِكْمَالِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فَعَنْ مَالِكٍ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَعْتَقَ بَعْضَ عَبْدِهِ أَوْ نَصِيبًا مِنْ عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ وَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ عِنْدَ أَشْهَبَ فِي الْمُشْتَرَكِ دُونَ مَا هُوَ جَمِيعُهُ لَهُ وَلَا فِي رَأْسِ الْمَالِ وَلَا ثُلُثٍ قَالَهُ الْغَيْر فِي الْمُدَوَّنَة وَأعْتق شِقْصًا مِنْهُ فِي مَرَضِهِ كَمَا عَلَيْهِ وَبَقِيَ الْأَمْرُ مَوْقُوفًا إِنْ صَحَّ فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ مَاتَ فَفِي الثُّلُثِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا أَعْتَقَ نَصِيبَهُ فِي مَرَضِهِ بِتْلًا لَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ حَتَّى يَصِحَّ وَإِنْ مَاتَ لَمْ يُقَوَّمْ عَلَيْهِ وَإِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ لَا يَلْزَمُ إِلَّا فِيمَا يُفْضِي إِلَى حُرِّيَّةٍ نَاجِزَةٍ أَوْ أَجَلٍ قَرِيبٍ لَا يَرُدُّهُ دَيْنٌ وَهَذَا يَرُدُّهُ الدَّيْنُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ أَمْوَالًا مَأْمُونَةً فَيُقَوَّمُ حِينَئِذٍ وَيُعَجَّلُ الْعِتْقُ وَإِنْ أَوْصَى بِعِتْقِ بَعْضِ عَبْدِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ قَالَ

(فرع)

مَالِكٌ لَا يُقَوَّمُ لِانْتِقَالِ الْمَالِ لِلْوَارِثِ وَلَوْ أَعْتَقَهُ الْآنَ وَأَوْصَى بِتَكْمِيلِهِ لَزِمَ شَرِيكَهُ وَإِنْ أَبَى الْآنَ التَّكْمِيلَ وَفِي الْجُلَّابِ قَوْلُ أَنَّهُ يُكْمِلُ عَلَيْهِ فِي ثُلْثِهِ وَإِنْ لَمْ يُوصَ بِهِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا لَمْ يُقَوَّمْ حَتَّى مَاتَ الْعَبْدُ عَنْ مَالٍ فَهُوَ لِلْمُتَمَسِّكِ فَلَا رِقَّ لِأَنَّهُ رَقِيقٌ وَلَا يُقَوَّمُ بَعْدَ الْعِتْقِ لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ الْقِيمَةَ فَإِنْ كَانَا اثْنَيْنِ فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا بِقَدْرِ مِلْكِهِمَا فِيهِ قَالَ يُونُسُ قَالَ مَالِكٌ إِذَا أَعْتَقَ أَحَدَهُمْ وَكَاتَبَ الثَّانِي وتماسك الثَّالِثُ بِالرِّقِّ فَمَاتَ الْعَبْدُ فَمَالُهُ بَيْنَ الْمُتَمَسِّكَ وَالْمُكَاتَبِ وَيَرُدُّ مَا أَخَذَ مِنَ الْكِتَابَةِ لِأَنَّهُ رَقِيقٌ لَهُمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ أَعْتَقَ أَحدهمَا مُعسرا فولد العَبْد مِنْ أَمَتِهِ وَلَدٌ فَهُوَ بِمَنْزِلَتِهِ نِصْفُهُ حُرٌّ وَنِصْفُهُ لِلْمَالِكِ نِصْفُ أَبِيهِ فَإِنْ أَعْتَقَ الْمُتَمَسِّكُ حِصَّتَهُ مِنَ الْوَلَدِ ثُمَّ مَاتَ الْوَلَدُ عَنْ مَالٍ لَمْ يُعْتَقْ أَبُوهُ فَوَلَاؤُهُ وَمَالُهُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ وَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ لَوْ أَعْتَقَ الْعَبْدُ الْمُعْتَقُ نَصِفُهُ عَبْدًا بِإِذْنِ مَالِكِ نِصْفِهِ فَمَاتَ العَبْد عَن مَال فَمَا لَهُ بَيْنَ السَّيِّدَيْنِ دُونَ الْعَبْدِ الَّذِي نِصْفُهُ حُرٌّ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لِلْمُتَمَسِّكِ بِالرِّقِّ خَاصَّةً (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا أَعْتَقَ نَصِيبَهُ إِلَى أَجَلٍ قُوِّمَ عَلَيْهِ الْآنَ وَلَا يُعْتَقُ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى لَفْظِهِ قَالَ غَيْرُهُ إِنْ شَاءَ تَعَجَّلَ الْقِيمَةَ أَوْ أَخَّرَهَا وَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ عَنْ مَالٍ أَوْ قُتِلَ فَقِيمَتُهُ وَمَالُهُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ عِتْقَ النِّصْفِ لَا يَتِمُّ حَتَّى يَمْضِيَ الْأَجَلُ وَإِنْ أَعْتَقْتَ جَنِينَ أَمَةٍ بَيْنَكُمَا مُوسِرًا قُوِّمَ عَلَيْكَ بَعْدَ الْوَضْعِ وَإِنْ جُنِيَ عَلَيْهِ فَأُلْقِيَ مَيِّتًا فَفِيهِ مَا فِي جَنِينِ الْأَمَةِ وَهُوَ بَيْنَكُمَا دُونَ إِخْوَتِهِ الْأَحْرَارِ لِأَنَّهُ رَقِيقٌ قَبْلَ الْوَضْعِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا أَعْتَقَ إِلَى أَجَلٍ وَلَمْ يُوجَدْ لَهُ الْآنَ شَيْءٌ فَلِلشَّرِيكِ الْبَيْعُ وَغَيْرُهُ قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ وَلَوْ قِيلَ لَا يُقَوَّمُ إِلَّا عِنْدَ الْأَجَلِ لم اعبه إِن قرب الْأَجَل اَوْ فِي بعدوعن مَالك يُخَيّر المتمسك اَوْ التَّقْوِيم اَوْ التماسك إِلَى

الْأَجَلِ فَإِذَا حَلَّ كَانَ كَمَنِ ابْتَدَأَ عِتْقًا يُعْمَلُ فِيهِ بِسُنَّةِ التَّقْوِيمِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُخَيَّرُ بَيْنَ التَّقْوِيمِ السَّاعَةَ وَيَأْخُذُ الْقِيمَةَ لِلضَّرَرِ الَّذِي أُدْخِلَ كُلِّهِ وَيَعْتِقُ كُلُّهُ إِلَى الْأَجَلِ بالحكم اَوْ يتماسك تَغْلِيبًا لِحَقِّهِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الْعِتْقِ بِمَوْتِ الْمُعْتِقِ قَبْلَ الْأَجَلِ تَغْلِيبًا لِحَقِّهِ وَلَا يَبِيعُ قَبْلَ الْأَجَلِ إِلَّا مِنَ الْمُعْتَقِ لِأَنَّ بَيْعَهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَإِنْ أَتَى الْأَجَلُ وَهُوَ مُوسِرٌ فَلَهُ الْقِيمَةُ أَوْ مُعْسِرٌ أَخَذَ نِصْفَ الْعَبْدِ وَلَوْ أَعْتَقَ الْأَوَّلُ إِلَى سَنَةٍ وَالثَّانِي إِلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَمْ يُقَوَّمْ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْعِتْقِ كَمَا لَوْ بَتَلَا فَإِنْ أَعْتَقَ الثَّانِي إِلَى سَنَتَيْنِ فَعَلَى التَّقْوِيمِ الْآنَ وَعدم الْخِيَار غير الثَّانِي فِي إِسْقَاطِ السَّنَةِ الزَّائِدَةِ فَيَصِيرُ عِتْقُهُ إِلَى أَجَلِ صَاحِبِهِ وَإِلَّا رُدَّ عِتْقُهُ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْخِيَارِ بَيْنَ تَعْجِيلِ التَّقْوِيمِ وَتَأْخِيرِهِ إِلَى السَّنَةِ لَا يُؤَخَّرُ إِلَى حُلُولِهَا فَإِنْ حَلَّتْ وَالْأَوَّلُ مُعْسِرٌ نَفَذَ عِتْقُ الثَّانِي إِلَى السَّنَتَيْنِ أَوْ مُوسِرٌ خُيِّرَ حِينَئِذٍ بَيْنَ إِسْقَاطِ السَّنَةِ أَوْ يُقَوَّمُ عَلَى الْأَوَّلِ وَإِنْ أَعْتَقَ الْأَوَّلُ إِلَى سَنَةٍ وَالثَّانِي إِلَى مَوْتِ فُلَانٍ وُقِفَ الْأَمْرُ فَإِنْ مَاتَ فُلَانٌ عَتَقَ نَصِيبُ الثَّانِي وَيقف عتق الثَّانِي إِلَى تَمَامِ السَّنَةِ أَوِ انْقَضَتِ السَّنَةُ قَبْلَ مَوْتِهِ فَإِمَّا أَنْ تَعَجَّلَ الثَّانِي عِتْقَهُ أَوْ يُقَوَّمُ عَلَى الْأَوَّلِ وَإِنْ أَعْتَقَ الْأَوَّلُ إِلَى مَوْتِ فُلَانٍ وَالثَّانِي إِلَى سَنَةٍ مَضَى الْعَتَاقُ الْآن شَرْطِهِمَا فَإِنْ مَاتَ فُلَانٌ قَبْلَ السَّنَةِ فَإِمَّا أَنْ يُعَجِّلَ الثَّانِي عِتْقَ نَصِيبِهِ أَوْ يُقَوَّمَ أَوِ انْقَضَتِ السَّنَةُ قَبْلَ عِتْقِ نَصِيبِ الثَّانِي بَقِيَ الْأَوَّلُ إِلَى مَوْتِ فُلَانٍ وَإِنَّمَا يُرَاعَى فِي هَذَا يُسْرُ الْأَوَّلِ وَعُسْرُهُ عِنْدَ ذَهَابِ الْعِتْقِ فِي نَصِيبِهِ قَبْلَ نَفَاذِ عِتْقِ الثَّانِي دُونَ حَالِهِ يَوْمَ الْعِتْقِ فَإِنْ أَعْتَقَ الْأَوَّلُ إِلَى مَوْتِ زَيْدٍ وَالثَّانِي إِلَى مَوْتِ عَمْرٍو وَمَاتَ عَمْرٌو عَتَقَ مَا عُلِّقَ عَلَيْهِ وَبَقِيَ الْآخَرُ حَتَّى يَمُوتَ زَيْدٌ وَإِنْ مَاتَ زَيْدٌ الْأَوَّلُ عَتَقَ نَصِيبُ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي إِمَّا أَنْ يُعَجِّلَ عِتْقَ نَصِيبِهِ أَوْ يُقَوَّمَ فَإِنْ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا إِلَى مَوْتِ نَفْسِهِ وَالْآخَرُ إِلَى مَوْتِ فُلَانٍ فَمَاتَ فُلَانٌ أَعْتَقَ نَصِيبُ مَنْ عَلَّقَ الْعِتْقَ بِمَوْتِهِ ثُمَّ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِطُ بِمَوْتِهِ اَوْ لَا قبل الآخر إِمَّا أَن تعجل عتق نصيبك اَوْ قوم عَلَى شَرِيكِكَ وَإِنْ كَانَ التَّدْبِيرُ قَبْلَ وَحَمَلَ

(تمهيد)

الثُّلُثِ ذَلِكَ النَّصِيبِ عَتَقَ وَيَقِفُ الْآخَرُ إِلَى مَوْتِ فُلَانٍ لِأَنَّهُ لَا تَقْوِيمَ عَلَى مَيِّتٍ فَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ يُرِقُّهُ قُوِّمَ نَصِيبُ الْمَيِّتِ عَلَى الْحَيِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ عَتَقَ مَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ فَاسْتَكْمَلَ نَفْسَهُ عَلَى الْآخَرِ لِأَنَّهُ أَعْتَقَ مَنْ سَبَقَ فِيهِ الْعِتْقُ مِنْ غَيْرِهِ وَإِنْ مَاتَ فُلَانٌ قَبْلُ وَالتَّدْبِيرُ سَابِقٌ أَعْتَقَ من علق لَا لتقويم بِمَوْتِهِ ثُمَّ يَخْتَلِفُ فِي نَصِيبِ الْمُدَبَّرِ هَلْ ينْتَقض التديبر وَيَكْمُلُ عَلَى الْمُعْتِقِ أَوْ لَا لِأَنَّ الْعِتْقَ آكَدُ مِنَ التَّدْبِيرِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنْ أَعْتَقَ الْأَوَّلُ إِلَى سَنَةٍ وَعَجَّلَ الثَّانِي قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تُقَوَّمُ خِدْمَتُهُ إِلَى سَنَةٍ فَتُؤْخَذُ مِنَ الَّذِي عَجَّلَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ يُقْضَى عَلَيْهِ بِعِتْقِ نِصْفِهِ الْآنَ وَبِنِصْفِهِ إِلَى سَنَةٍ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا قِيمَةُ خِدْمَتِهِ وَوَلَائِهِ فَإِنْ بَتَلَ الْأَوَّلُ وَأَجَّلَ الثَّانِي قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُفْسَخُ وَيَضْمَنُ لِلشَّرِيكِ حِصَّتُهُ وَيَدْفَعُ لَهُ الْقِيمَةَ وَيَتَنَجَّزُ الْعِتْقَ وَقَالَ الشَّيْخُ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ أَعْتَقَ الثَّانِي أَوْ كَاتَبَ أَوْ دَبَّرَ وَشَرِيكُهُ مُوسِرٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَلَهُ (تَمْهِيدٌ) فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا أَعْتَقَ نَصِيبَهُ فَفِي عِتْقِ نَصِيبِ شَرِيكِهِ بِالسَّرَايَةِ أَوْ بِالْحُكْمِ رِوَايَتَانِ وَلِلتَّقْوِيمِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ الْيَسَارُ وَالْمَرِيضُ مُوسِرٌ فِي قَدْرِ الثُّلُثِ وَالْمَيِّتُ مُعْسِرٌ مُطْلَقًا وَإِنْ رَضِيتَ بِاتِّبَاعِ الْمُعْسِرِ لَمْ يَكُنْ لَكَ ذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ لَك ذَلِك وَإِن يعْتق بِاخْتِيَارِهِ فَلَوْ وَرِثَ نِصْفَ قَرِيبِهِ لَمْ يُقَوَّمْ بِخِلَافِ الْهِبَةِ وَالشِّرَاءِ وَفِي الْمُنْتَقَى إِنْ وُهِبَتْ لَهُ فَقَبِلَهُ كَمَّلَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهُ عَتَقَ الْحُرُّ وَحْدَهُ قَالَهُ مَالِكٌ لِأَنَّ الْقَبُولَ سَبَبٌ فِي الضَّرَرِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يُقَوَّمُ مُطْلَقًا وَيُعْتَقُ ذَلِكَ الْحَرُّ مُطْلَقًا لِأَنَّ تَرْكَ الْقَبُولِ إِضْرَارٌ بِالْقَبُولِ وَفِي عَدَمِ الْقَبُولِ بِالْمِيرَاثِ وَلَمْ يَحْكِ غَيْرَ ذَلِكَ وَفِي الْجَوَاهِرِ سَوَاء بَين الْهِبَة مُطلقًا وَبَين شِرَاء قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ الشَّرْطُ الثَّالِثُ إِنْ تَوَجَّهَ الْعِتْقُ إِلَى نَصِيبِ نَفْسِهِ أَوِ الْجَمِيعِ حَقَّ بِتَوَجُّهِ الْعِتْقِ لِنَصِيبِهِ وَلَوْ قَالَ أَعْتَقْتُ نَصِيبَ شَرِيكي لعا

(فرع)

وَأَظْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ أَنَّ الْعِتْقَ إِنَّمَا يَحْصُلُ بِالتَّقْوِيمِ وَدَفْعِ الْقِيمَةِ لِلشَّرِيكِ وَيَتَفَرَّعُ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ زَمَنُ اعْتِبَارِ الْقِيمَةِ فَعَلَى أَظْهَرِهِمَا يَوْمَ الْحُكْمِ إِذَا قُصِدَ عِتْقُ نَصِيبِهِ فَإِنْ عَمَّ فِي جُمْلَةِ العَبْد فَيوم الْعِتْقُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَوْمَ الْحُكْمِ كَالْمُعْتَقِ نصِيبه خَاصَّة وَيتَفَرَّع عتق الشَّرِيك لنصيبه ينفذ على الاضح أَنَّ الْعِتْقَ بِالْحُكْمِ وَلَمْ يُوجَدْ وَعَلَى رِوَايَةِ الْعِتْقِ بِالسَّرَايَةِ لَا يَنْفُذُ وَكَذَلِكَ بِيعُهُ لِحِصَّتِهِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ يُقَوَّمُ لِلْمُشْتَرِي كَمَا يُقَوَّمُ لِلْبَائِعِ وَكَذَلِكَ جَمِيعُ أَحْكَامِهِ تَتَخَرَّجُ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ مِنْ جِنَايَتِهِ وَحُدُودِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا أَعْتَقَ بَعْضَ عَبْدِهِ إِلَى أَجَلٍ قَالَ مَالِكٌ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ الْآنَ فَيُعْتَقُ إِلَى أَجَلٍ الْخَاصِّيَّةُ الثَّانِيَةُ عِتْقُ الْقَرَابَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ مَنْ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ أَحَدُ عَمُودَيِ النَّسَبِ أُصُولُهُ وَفُصُولُهُ الْآبَاءُ وَالْأُمَّهَاتُ وَالْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ وَآبَاؤُهُمْ وَأُمَّهَاتُهُمْ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَالْأُمِّ وَإِنْ عَلَوْا وَفُصُولُهُ العمود الاسفل الْوَلَد وَلَدُ الْوَلَدِ ذُكُورُهُمْ وَإِنَاثُهُمْ وَإِنْ سَفُلُوا أُعْتِقُوا عَلَيْهِ دخلُوا قهرا بالارث اَوْ أختيار وَكَذَلِكَ أَجْنِحَة إِخْوَتُهُ وَأَخَوَاتُهُ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ كَانُوا دُونَ أَوْلَادِهِمْ وَهُمْ أَهْلُ الْفَرَائِضِ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى قَالَهُ فِي الْكِتَابِ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ وَمُرَادُهُ الْإِخْوَةُ لِأَنَّ الْجَدَّ لِأُمٍّ يُعْتَقُ وَلَا يَرِثُ وَكَذَلِكَ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ الْعَمُّ خَاصَّةً وَرُوِيَ كُلُّ ذِي رَحِمٍ مُحَرَّمٍ عَلَيْهِ بِالنَّسَبِ وَهُوَ كُلُّ مَنْ لَوْ كَانَ امْرَأَةً حَرُمَتْ عَلَيْهِ وَقَالَهُ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ وَرُوِيَ لَا يُعْتَقُ إِلَّا الْأُصُولُ وَالْفُصُولُ خَاصَّةً وَهُوَ مَذْهَبُ ش قَالَ دَاوُدُ لَا يُعْتَقُ أَحَدٌ بِالْمِلْكِ وَلَا يَلْزَمُ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يَجْزِي وَلَدٌ وَالِدَهُ إِلَّا

أَنْ يَجِدَهُ رَقِيقًا فَيَشْتَرِيهِ فَيُعْتِقُهُ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعِتْقِ وَجَوَابُ الْأَوَّلِ أَنَّ الْفَاءَ هَاهُنَا لِلسَّبَبِيَّةِ أَيْ يُعْتِقُهُ بِسَبَبِ مُلْكِهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - النَّاس غاديان فبائع نَفسه فموبقهما وَمُشْتَرٍ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا وَلَمْ يَرِدْ مُبَاشَرَةً بِاللَّفْظِ بِالْعِتْقِ بِالتَّسَبُّبِ بِالطَّاعَةِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْأَصْلَ تَقَدُّمُ الْمِلْكِ فَيُعْتَقُ ثُمَّ إِنَّهُ مُعَارِضٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عباد مكرمون} فَأخْبر بعد الولدية لاجل ثُبُوت الْعُبُودِيَّة فَدلَّ على أَنَّهَا مُتَنَافِيَانِ وقَوْله تَعَالَى {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا لقد جئْتُمْ شَيْئا إدا إِلَى قَوْله إِن كل من فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض إِلَّا آتِي الرَّحْمَن عبدا} وَفِي التِّرْمِذِيِّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ فَهُوَ حُرٌّ وَلَنَا عَلَى ح أَنَّهُ إِنَّمَا يُتَمَسَّكُ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ وَهُوَ مَطْعُونٌ عَلَيْهِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْأُصُولِ وَالْفُصُولِ وَالْفَرْقُ أَنَّهُمَا اخْتَصَّا بِأَحْكَامِ مِنْ رَدِّ الشَّهَادَةِ وَالْحَجْبِ فِي الْإِرْثِ وَالتَّعْصِيبِ وَيَجِبُ مِنَ الْأَبِ وَالِابْنِ وَالْأَخِ مَا لَا يَجِبُ لِغَيْرِهِ إِجْمَاعًا وَلَنَا عَلَى ش أَنَّ الْإِخْوَةَ يَحْجُبُونَ الْأُمَّ فَأَشْبَهُوا الْوَلَدَ وَلِأَنَّهُمْ يَرِثُونَ بِالْفَرْضِ وَيَرِثُونَ مَعَ الْجِدِّ احْتَجُّوا بِأَنَّهُم لَا بغضية بَيْنَهُمْ تُرَدُّ بِهَا الشَّهَادَةُ وَلَا تَجِبُ بِهَا النَّفَقَةُ فَلَا يُعْتَقُ كَابْنِ الْعَمِّ وَلِأَنَّ الْأَخَ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ وَبَيْنَ ابْنِ الْعَمِّ فَيُلْحَقُ بأقربهما إِلَيْهِ

(تفريع)

وَالْأَبُ مَعَ الِابْنِ يَمْتَنِعُ الْقَوَدُ بَيْنَهُمَا وَدَفْعُ الزَّكَاةِ إِلَيْهِ وَالنَّفَقَةُ وَمَنْعُ الشَّهَادَةِ وَلَيْسَ بَيْنَ الْأَخ وأخيه شَيْء من ذَلِك فالحاجة بِابْنِ الْعَمِّ أَوْلَى وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ لَا يلْزم من عدم البغضية عَدَمُ سَبَبِ الْعِتْقِ لِأَنَّ عِلَلَ الشَّرْعِ يَخْلُفُ بَعْضُهَا بَعْضًا وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِ الْعَمِّ مَا تَقَدَّمَ وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ لِلْأَخِ مَعَ أَخِيهِ أَحْكَامًا نَحْوَ حَجْبِ الْأُمِّ وَالْإِرْثِ مَعَ الْجَدِّ وَفَرْضُ الْوَاحِدَةِ النِّصْفُ كَالْبِنْتِ فَرَدُّهُ إِلَى الْأَبِ بِهَذِهِ الْأَحْكَامِ أَوْلَى مِنِ ابْنِ الْعَمِّ (تَفْرِيعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا اشْتَرَى بَعْضَ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ مِمَّنْ يَمْلِكُ جَمِيعَهُ أَوْ مِمَّنْ مَلَكَ بَعْضَهُ بِإِذْنِ مَنْ لَهُ بَقِيَّتُهُ أَوْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ أَوْ قبله من واهب اَوْ مرض أَوْ مُتَصَدِّقٍ أَوْ مَلَكَهُ بِأَمْرٍ لِوْ شَاءَ دَفَعَهُ عَنْ نَفْسِهِ فَعَلَ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ مَا مَلَكَهُ وَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ بَاقِيهِ إِنْ كَانَ مَلِيًّا وَإِلَّا فَمَا مَلَكَ وَيَخْدُمُ مُسْتَرَقَّ بَاقِيهِ بِقَدْرِ مَا رَقَّ مِنْهُ وَيَعْمَلُ لِنَفْسِهِ بِقَدْرِ مَا عَتَقَ مِنْهُ وَيُوقَفُ مَالُهُ فِي يَدِهِ وَإِن اتبعت مَعَ أَجْنَبِيٍّ أَبَاكَ فِي صَفْقَةٍ جَازَ وَعَتَقَ عَلَيْكَ وَضَمِنْتَ لِلْأَجْنَبِيِّ قِيمَةَ نَصِيبِهِ وَإِنْ وَرِثْتَ شِقْصًا مِنْهُ فَلَا يُعْتَقُ إِلَّا مَا وَرِثْتَ لِأَنَّكَ لَا تَقْدِرُ عَلَى دَفْعِ الْمِيرَاثِ وَإِنْ وهب لصغير أَخَاهُ فَقبله اخوه جَازَ ذَلِكَ وَعَتَقَ عَلَى الِابْنِ وَإِنْ أَوْصَى لِصَغِيرٍ بِبَعْضِ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ أَوْ وَرِثَهُ فَقَبِلَ ذَلِكَ أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ فَإِنَّمَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَلَا يُقَوَّمُ عَلَى الصَّبِيِّ بَقِيَّتُهُ وَلَا عَلَى الْأَبِ وَلَا الْوَصِيِّ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ ذَلِكَ الْأَبُ أَوِ الْوَصِيُّ فَهُوَ حُرٌّ عَلَى الصَّبِيِّ لِوُجُودِ سَبَبِ الْعِتْقِ وَكُلُّ مَنْ جَازَ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ عَلَى الصَّبِيِّ فَقَبُولُهُ لَهُ الْهِبَة جَائِز وَإِذا مَلَكَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ مَنْ يُعْتَقُ عَلَى الْحُرِّ لم يَبِعْهُ إِلَّا بِإِذن سَيّده وَلَا يتبع أُمَّ وَلَدِهِ إِلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ السَّيِّدِ بِمَا فِي يَدِهِ وَإِنْ عَتَقَ وَفِي يَدِهِ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ عَتَقَ عَلَيْهِ وَتَبْقَى أُمُّ وَلَدِهِ أَمَةً لَهُ لِصِحَّةِ الْمِلْكِ فِيهَا وَإِنِ اشْتَرَى الْمَأْذُونُ قَرِيبَ سَيِّدِهِ الَّذِي يُعْتَقُ عَلَى سَيِّدِهِ لَوْ

مَلَكَهُ وَالْعَبْدُ لَا يَعْلَمُ بِذَلِكَ عَتَقَ لِوُجُودِ السَّبَبِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى الْمَأْذُونِ دَيْنٌ يَغْتَرِقُهُمْ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ قَالَ سَحْنُونٌ مَعْنَاهُ اشْتَرَاهُمْ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَفِي مُرَاعَاةِ عِلْمِهِ قَوْلَانِ فَعَنِ ابْن الْقَاسِم يعتقون علم اَوْ لَا فِي النُّكَتِ إِنَّمَا افْتَرَقَتْ مَسْأَلَةُ مَنِ اشْتَرَى هُوَ وأجنبي أَبَاهُ من مَسْأَلَةِ مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ مِنْ عَبْدٍ وَهُوَ مُوسِرٌ ثُمَّ بَاعَ صَاحِبُهُ نَصِيبَهُ أَنَّ التَّقْوِيمَ يَجِبُ هَاهُنَا فِي الْعَبْدِ قَبْلَ بَيْعِ الشَّرِيكِ لِدُخُولِ الْمُشْتَرِي عَلَى فَسَادٍ لِأَنَّهُ لَا يُؤَدِّي ثَمَنًا لِيَأْخُذَ قِيمَةً مَجْهُولَةً وَمَسْأَلَةُ الْأَبِ لَا يَجِبُ التَّقْوِيمُ قَبْلَ الشِّرَاءِ إِلَّا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْعِتْقُ إِلَّا بِثُبُوتِ الشِّرَاءِ قَالَ سَحْنُونٌ كَيْفَ يَجُوزُ هَذَا الشِّرَاءُ وَالْأَجْنَبِيُّ لَا يَدْرِي مَا يَحْصُلُ لَهُ هَلْ نِصْفُ الْأَبِ أَوْ نِصْفُ قِيمَتِهِ الَّتِي رَجَعَ بِهَا عَلَى الِابْنِ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ وَيُحْتَمَلُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ أَبُوهُ فَلَمْ يَدْخُلْ عَلَى الْفَسَادِ وَعَلَّلَ مَنْعَ الْمَأْذُونِ بَيْعَ أُمِّ وَلَدِهِ إِلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ بِأَنَّهَا قَدْ تَكُونُ حَامِلًا وَحَمْلُهَا مِلْكُ السَّيِّدِ فَلَا يَبِيعُهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ أَوْ لِأَنَّهَا تَكُونُ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ إِذَا عَتَقَ عَلَى قَوْلِ قَائِلٍ فَإِنْ بَاعَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ قِيلَ لَمْ يُفْسَخْ إِنْ لَمْ يَظْهَرْ بِهَا حَمْلٌ وَإِنْ بَاعَ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدَهُ فُسِخَ بَيْعُهُ لِأَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ إِنْ بَقِيَ فِي يَدِهِ حَتَّى يُعْتَقَ قَالَ وَعَلَى مَا عَلَّلَ بِهِ أم الْوَلَد لَا يتبع أمته الَّتِي يَطَأهَا إِلَّا بِإِذن سَيّده وَفرق ابْن مناس بِأَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ أَوْقَفَهَا الْأَوْلَادُ بِخِلَافِ الْأَمَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي كِتَابِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ إِذَا أَوْصَى لَهُ بِبَعْضِ أَبِيهِ فَقَبِلَهُ قُوِّمَ عَلَيْهِ بَاقِيهِ أَوْرَدَّهُ بَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُعْتَقُ ذَلِكَ الشِّقْصُ فَقَطْ وَقَالَهُ مَالِكٌ لِأَنَّ رَدَّهُ بِالْقَرِيبِ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ قَالَ مَالِكٌ إِنِ اشْتَرَى بَعْضَ مَا بَقِيَ بَعْدَ الْإِرْثِ لَمْ يُعْتَقْ إِلَّا مَا وَرِثَ وَاشْتَرَى وَكَذَلِكَ لَوْ وُهِبَ لَهُ بَعْضُ الْبَاقِي قَالَهُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ إِلَّا ابْنُ نَافِعٍ قَالَ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ الْبَاقِي وَالْمُدَبَّرُ وَالْمُعْتَقُ إِلَى أَجَلٍ إِذَا ملك أَبَاهُ يَبِيعهُ إِلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ مَا لَمْ يَمْرَضْ سَيِّدُ الْمُدَبَّرِ أَوْ يَقْرُبْ أَجَلُ الْمُعْتِقِ فَيَمْتَنِعُ إِذْنُ السَّيِّدِ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ حِينَئِذٍ انْتِزَاعَهُ وَلَيْسَ لَهُ بيع مَا ولد وللمدبر

(فرع)

أَوِ الْمُعْتَقِ إِلَى أَجَلٍ بَعْدَ عَقْدِ ذَلِكَ فِيهِمَا وَإِنْ أَذِنَ السَّيِّدُ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَدْخُلُ فِي الْعَقْدِ مُتَأَخِّرًا عَنْهُ قَالَ مُحَمَّدٌ وَالْمُعْتَقُ بَعْضُهُ يَشْتَرِي ذَلِكَ بِإِذْنِ السَّيِّدِ فَلَا يَبِيعُهُ وَإِنْ أَذِنَ السَّيِّدُ وَإِنْ أَذِنْتَ لِلْمُكَاتَبِ فِي شِرَاءِ مَنْ يُعْتَقُ عَلَى الْحُرِّ فَإِنَّهُمْ يَدْخُلُونَ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ وَقِيلَ لَا يَدْخُلُ إِلَّا الْوَلَدُ وَالْوَالِدُ وَإِذَا اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ قَالَ غَيْرُ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ كَانَ عَلَى الْمَأْذُونِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِمَالِهِ عَتَقُوا وَيَغْرَمُ سَيِّدُهُ الثَّمَنَ لِأَجْلِ الدَّيْنِ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَأْذُونٍ فَلَا يُعْتَقُونَ وَيُرَدُّ الشِّرَاءُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِلْمُكَاتَبِ مِلْكُ أَبَوَيْ سَيِّدِهِ وَبَيْعُهُمَا وَوَطْءُ الْأُمِّ فَإِنْ عَجَزَ عَتَقَ مَنْ بِيَدِهِ مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَى سَيِّدِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ اخْتُلِفَ هَلْ يُعْتَقُ الْقَرِيبُ بِالْمِلْكِ أَوِ الْحُكْمِ وَعَلَى الثَّانِي هَلْ لَهُ انْتِزَاعُ مَالِهِ قَبْلَ الْعِتْقِ فَعَنْ مَالِكٍ يُعْتَقُ بِالْمِلْكِ قَالَ وَالْأَحْسَنُ فِي الْأَبَوَيْنِ عتقهم بِنَفس الْملك لِاتِّفَاق فقهاث الْأَمْصَارِ عَلَى عِتْقِهِمْ بِخِلَافِ الْإِخْوَةِ لِلْخِلَافِ فِيهِمْ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِنِ اشْتَرَيْتَ أَبَاكَ بِالْخِيَارِ إِنْ كَانَ لِلْبَائِعِ لَمْ يُعْتَقْ إِلَّا بَعْدَ زَوَالِ الْخِيَارِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ إِن اشْترى لَا يُعْتَقُ مَنِ اشْتَرَاهُ مِنْ ذَوِي مَحَارِمِهِ من الرضَاعَة اَوْ الظهارة يتبعهُم إِنْ شَاءَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنِ اشْتَرَى مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ بَيْعًا حَرَامًا لَمْ يُفْسَخْ شِرَاؤُهُ وَعَتَقَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْعِتْقَ الِاخْتِيَارِيَّ يُفِيتُ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ فَالِاضْطِرَارِيُّ أَوْلَى وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَفَعَ الثَّمَنَ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ بِيعَ مِنْهُ بِالْأَقَلِّ مِنَ الْقِيمَةِ أَوِ الثَّمَنِ وَعَتَقَ الْبَاقِي لِأَنَّ الْقِيمَةَ إِنْ كَانَتْ أَقَلَّ فَهِيَ الَّتِي وَجَبَتْ لِفَسَادِ الْبَيْعِ أَوِ الثَّمَنِ فَالزَّائِدُ مِنَ الْقِيمَةِ إِنَّمَا يَلْزَمُ بَعْدَ الْعِتْقِ فَهُوَ دَيْنٌ طَرَأَ بَعْدَ الْعِتْقِ فَيُتْبَعُ بِهِ فِي الذِّمَّةِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنِ اشْتَرَى أَبَاهُ عَلَى عُهْدَةِ الْإِسْلَامِ فَهُوَ حُرٌّ بِعَقْدِ الشِّرَاءِ وَلَا عُهْدَةَ فِيهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ حَبَسَ الْبَائِعُ الْأَبَ بِالثَّمَنِ فَهَلَكَ فَهُوَ حُرٌّ بِالْعَقْدِ وَإِنِ اشْتَرَاهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ بِيعَ فِي دَيْنِهِ

وَكَذَلِكَ إِنْ وَرِثَهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْإِحْسَانِ إِلَى الْقَرِيبِ بِخِلَافِ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يُبْدَلْ فيهمَا بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون التَّاء وَهُوَ التَّمْثِيلُ وَالنَّكَالُ قَالَ وَلَمْ يَخْتَلِفِ الْمَذْهَبُ أَنَّ إِزَالَةَ عُضْوٍ مِنْهُ وَإِنْ قَلَّ كَالظُّفْرِ مُثْلَةٌ إِلَّا فِي السِّنِّ الْوَاحِدَةِ وَإِنْ شَوَّهَهُ مِنْ غَيْرِ تَنْقِيصٍ نَحْوَ كَيِّ الْوَجْهِ فَأَصْلُهُمُ الْعِتْقُ وَعَلَيْهِ مَا فِي الْكِتَابِ أَوْ حُرِّقَ بالنَّار وَلم يَشْتَرِطه فِي الْفَرْجِ وَالْأَشْبَهُ أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْفَرْجِ تَفْسِيرٌ وَوِفَاقٌ وَرَاعَى الْمَدَنِيُّونَ حَلْقَ الرَّأْسِ فِي الْعَلِيِّ لِأَنَّهُ مُثْلَةٌ فِيهِمْ وَاخْتُلِفَ فِي حَلْقِ شَعْرِ الْمَرْأَةِ هَلْ يُطَلِّقُ بِهِ أَمْ لَا وَسَجْلِهِ بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَزِنْبَاعٍ بِكَسْرِ الزَّايِ وَسَنْدَرَ بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ النُّونِ وَفَتْحِ الرَّاء الْمُهْمَلَةِ وَمَعْنَى مَوْلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ أَيْ عَتَقَ بِحُكْمِهِمَا وَقِيلَ نَاصَرَاهُ عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ إِنْ قَطَعَ أُنْمُلَتَهُ أَوْ أُذُنَهُ أَوْ أَرْنَبَتَهُ أَوْ سِنَّهُ أَوْ بَعْضَ جَسَدِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ وَعُوقِبَ قَالَ أَشْهَبُ وَيُسْجَنُ قَالَ مُطَرِّفٌ أَوْ خَزَمَ أَنْفَهُ أَوْ سَوَّدَ أُذُنَهُ قَالَ أَصْبَغُ مَنْ جَلَّلَ الْأَسْنَانَ أَوِ الْأَضْرَاسَ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ إِذْ عُرِفَ بِالْإِبَاقِ فَوَسَمَهُ فِي بَعْضِ جَبْهَتِهِ أَنَّهُ عَبْدُ فُلَانٍ عَتَقَ عَلَيْهِ وَلَوْ وَسَمَهُ بِمِدَادٍ أَوْ إِبْرَةٍ عَتَقَ خِلَافًا لِأَشْهَبَ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَيُؤَدَّبُ فِي حَلْقِ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَا يُعْتَقُ بِالْمَعْضِ فِي الْجَسَدِ وَلَكِنْ يُبَاعُ عَلَيْهِ قَالَ أَشْهَبُ مَا لَمْ يَقْطَعْ بِذَلِكَ شَيْئًا مِنْ جَسَدِهِ يَبِينُ مِنْهُ قَالَ مَالِكٌ وَلَا يُعْتَقُ بِالْمُثْلَةِ إِلَّا بَعْدَ الْحُكْمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَعَنْهُ الْمُثْلَةُ الْمَشْهُورَةُ لَا تَفْتَقِرُ لحكم بِخِلَاف مَا يشك فِيهَا وَفِي طَرِيق الْحَدِيثِ مَنْ مَثَّلَ بِعَبْدِهِ فَأَعْتِقُوهُ وَلَمْ يَقُلْ هُوَ حُرٌّ وَعَلَى هَذَا إِذَا مَاتَ لَا يُعْتَقُ عَلَى الْوَرَثَةِ

وَإِذَا رُفِعَ لِلْإِمَامِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِهِ بِيعَ وَإِنْ فُلِّسَ أَوْ مَاتَ قَالَ سَحْنُونٌ لَا يُعْتَقُ لِسَبْيٍ وَقَالَ سَحْنُونٌ وَإِنْ ضَرَبَ رَأْسَهُ فَنَزَلَ الْمَاءُ فِي عَيْنَيْهِ فَلَيْسَ بِمُثْلَةٍ وَإِذَا عَتَقَ تَبِعَهُ مَالُهُ وَقَالَ أَصْبَغُ إِنِ اسْتَثْنَاهُ عِنْدَمَا مَثَّلَ أَوْ بَعْدَ الْمُثْلَةِ قَبْلَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِعِتْقِهِ وَقَبْلَ أَنْ يُشْرِفَ عَلَى الْحُكْمِ فَذَلِكَ لَهُ وَأَمَّا عِنْدُ الْحُكْمِ فَلَا لِأَنَّهُ قَبْلَ الْحُكْمِ يُورَثُ بِالرِّقِّ وَيُدْرِكُهُ الدَّيْنُ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا فَقَأَ عَيْنَهُ وَقَالَ خَطَأً وَقَالَ الْعَبْدُ عَمْدًا صُدِّقَ الْعَبْدُ عَلَى السَّيِّدِ وَالْمَرْأَةُ عَلَى الزَّوْجِ بِخِلَافِ الطَّبِيبِ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ يُصَدَّقُ السَّيِّدُ وَالزَّوْجُ لِأَنَّهُمَا عازمان قَالَ اللَّخْمِيّ يعْتَبر العَبْد وَإِلَّا زَالَت اَوْ شين وَأَنَّ الْمُمَثِّلَ بَالِغٌ صَحِيحُ الْعَقْلِ وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ وَفِي الْأَوَّلِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ يُعْتَقُ فِي وَاحِد للْعَمَل عَلَى وَجْهِ الْعَذَابِ دُونَ الْخَطَأِ وَعَمْدُ الْمُدَاوَاةِ وَشِبْهُ الْعَمْدِ كَحَذْفِهِ بِسَيْفٍ فَيُبِينُ عُضْوًا قَالَ ابْنُ دِينَارٍ إِلَّا أَنْ يَقْصِدَ الْمُثْلَةَ فِي مثل مَا يقاه مِنْ أَبِيهِ لِأَنَّ الْغَالِبَ شَفَقَةُ الْإِنْسَانِ عَلَى مَالِهِ وَقَدْ يُرِيدُ تَهْدِيدَهُ دُونَ التَّمْثِيلِ وَإِذَا احْتَمَلَ أُحْلِفَ وَتُرِكَ وَكَذَلِكَ لَا يُعْتَقُ بِضَرْبِ الرَّأْسِ إِنْ نَزَلَ الْمَاءُ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَقْصِدُ نُزُولَ الْمَاءِ وَيُصَدَّقُ السَّيِّدُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْرُوفًا بِالْجُرْأَةِ وَإِنْ زَالَ الشَّيْنُ وَبَقِيَ الْيَسِيرُ لَا يُعْتَقُ وَإِنْ أَبْطَلَ أُنْمُلَةً أَوْ اصبعا فَلم يبنهما لم يعْتق لِأَنَّهُ لَا يسْتَحق كثير شَيْء وَيُعْتَقُ بِإِبْطَالِ الْكَفِّ وَاسْتَحْسَنَ أَصْبَغُ الْعِتْقَ بِإِزَالَةِ سِنِين من الثنايا لِأَنَّهَا سبق بِخِلَافِ ضِرْسَيْنِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ يُعْتَقُ بِقَطْعِ طَرَفِ الْأُذُنِ وَالْأَحْسَنُ الْعِتْقُ بِإِزَالَةِ اللِّحْيَةِ إِذَا كَانَ شَيْء لَا يَعُودُ مَعَهُ وَيُعْتَقُ عَلَى الْمُمَثِّلِ بِسِتَّةِ شُرُوطٍ أَنْ يَكُونَ بَالِغًا عَاقِلًا حُرًّا رَشِيدًا مُسْلِمًا لَا دَيْنَ عَلَيْهِ لِأَنَّ عَمْدَ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ كَالْخَطَأِ وَاخْتُلِفَ فِي أَرْبَعَةٍ

(فرع)

السَّفِيهِ وَالْمِدْيَانِ وَالْمَرِيضِ وَذَاتِ الزَّوْجِ فَأَعْتَقَ أَشْهَبُ عَلَى السَّفِيهِ وَالْمَدْيُونِ لِأَنَّهَا جِنَايَةٌ حَدُّهَا الْعِتْقُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِمْ كَابْتِدَائِهِمُ الْعِتْقَ وَقَالَ فِي الْمَرِيضِ يُمَثِّلُ الْعِتْقُ عَلَيْهِ إِنْ مَاتَ فِي ثُلُثِهِ وَعَلَى ذَاتِ الزَّوْجِ فِي ثُلُثِهَا أَوْ مَا حَمَلَهُ وَعَلَى أَصْلِ أَشْهَبَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمَرِيضِ وَذَاتِ الزَّوْجِ وَالْعِتْقُ عَلَى الْعَبْدِ أَبْيَنُ لِأَنَّ السَّيِّدَ مَلَّكَهُ فَتَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْأَمْوَالِ كَالْحُرِّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُعْتَقُ عَلَى الذِّمِّيِّ كَابْتِدَائِهِ الْعِتْقَ وَأَعْتَقَهُ أَشْهَبُ لِأَنَّهُ مِنَ التَّظَالُمِ وَيُعْتَقُ بِالْمُثْلَةِ الْمُدَبَّرُ وَالْمُعْتَقُ إِلَى أَجَلٍ وَإِنْ مَثَّلَ بِعَبْدٍ مُعْتِقُهُ إِلَى أَجَلٍ قَبْلَ قُرْبِ الْأَجَلِ أَوْ عَبْدٍ مُدَبِّرُهُ وَأُمِّ وَلَدِهِ فِي صِحَّتِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ انْتِزَاعُ أَمْوَالِهِمْ بِخِلَافِ قُرْبِ الْأَجَلِ قَالَهُ مَالِكٌ وَلَا يُعْتَقُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِم إِلَّا بِمَا يُعْتَقُ بِهِ الْمُعْتَقُ إِلَى أَجَلٍ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ كَعَبْدِ نَفْسِهِ ثُمَّ يَكُونُ الْحُكْمُ لِأَنَّ لَهُ انْتِزَاعَ مَالِهِ مَا لَمْ يُعْتَقْ وَكَذَلِكَ عَبْدُ الْمُدَبِّرِ وَأُمُّ الْوَلَدِ إِذَا كَانَ فِي مَرَضِهِ فَهُمَا سَوَاءٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ كَعَبْدِ الْأَجْنَبِيِّ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ كَعَبْدِ نَفْسِهِ ثُمَّ يَكُونُ الْحُكْمُ فِيهِمَا كَمُثْلَتِهِ بِعَبْدٍ فَيَخْتَلِفُ هَلْ يُعْتَقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوِ الثُّلُثِ فَمَنْ جَعَلَهُ مِنَ الثُّلُثِ قَدَّمَ الْمُدَبَّرَ عَلَى الْمُمَثَّلِ بِهِ لِأَنَّهُ عَزَّرَهُ بِمُثْلَةِ الْهِنْدِ أَيْ عَتَقَا فِي الْمَرَضِ وَلَهُ مُدَبَّرٌ وَمَنْ قَالَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ قَدَّمَهُ عَلَى الْمُدَبَّرِ وَإِنْ سَقَطَ التَّدْبِيرُ وَإِذَا قُدِّمَ الْمُدَبَّرُ لَمْ يُعْتَقِ الْمُمَثَّلُ إِلَّا أَنْ يَحْمِلَ الثُّلُثُ قِيمَتَهُمَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ يُعْتَقُ عَلَى السَّفِيهِ وَيَتْبَعُهُ مَالُهُ كَالْإِتْلَافِ قَالَ مَالِكٌ وَإِذَا أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ تَبِعَهَا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَلَا يَتْبَعُهُ مَالُهُ ثُمَّ قَالَ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَمَنْ لَا يَنْفُذُ إِعْتَاقُهُ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ بِالْمُثْلَةِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِنْ مَثَّلَ بِمُكَاتَبِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ فِي تِلْكَ الْجِنَايَةِ مَا عَلَى

(فرع)

الْأَجْنَبِيِّ لِأَنَّهُ خَارِجَ نَفْسِهِ وَمَالِهِ وَيُقَاصُّ بِالْأَرْشِ فِي الْكِتَابَةِ فَإِنْ سَاوَاهَا عَتَقَ وَإِنْ نَافَتْ عَلَيْهَا الْكِتَابَة عتق وَلَا يتبع بِنَفسِهَا وَإِنْ نَافَ الْأَرْشُ عَلَيْهَا اتَّبَعَ الْمُكَاتَبُ سَيِّدَهُ بِالْفَضْلِ وَعَتَقَ وَإِنْ مَثَّلَ بِعَبْدٍ مُكَاتِبُهُ لَمْ يُعْتَقْ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ مَا نَقَصَهُ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ حَازَ مَالَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِثْلَهُ مَفْسَدَةً فَلَهُ تَضْمِينُهُ كَالْأَجْنَبِيِّ وَيُعْتَقُ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ عَبْدُ امْرَأَتِهِ مَعَ الْعُقُوبَةِ فِي الْعَمْدِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ كَانَ الْأَرْشُ أَقَلَّ حَاسَبَهُ بِهِ مِنْ آخر نجومه والمثل وَالْجَرْحُ سَوَاءٌ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يَتَّبِعُ سَيِّدَهُ لِعَدَمِ خُلُوصِ حُرِّيَّتِهِ وَحَوْزِهِ حَالَةَ الْجِنَايَةِ (فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ مُثْلَتُهُ بِعَبْدِ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ كَعَبْدِ نَفْسِهِ لِاسْتِيلَائِهِ عَلَى مَالِهِ إِنْ كَانَ مُوسِرًا بِقِيمَتِهِ أَوْ فَقِيرًا لَمْ يُقَوَّمْ عَلَيْهِ فَجَعَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ تَمْثِيلَهُ ابْتِدَاءً قَالَ وَلَيْسَ بِالْبَيِّنِ لِأَنَّهُ إِذَا أَعْتَقَ أَلْزَمَ نَفْسَهُ الْقِيمَةَ وَهَاهُنَا بِحُكْمِ الْقَهْرِ الشَّرْعِيِّ وَمُثْلَتُهُ بِعَبْدِ وَلَدِهِ الْكَبِيرِ كَالْأَجْنَبِيِّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ سَفِيهًا فِي وِلَايَتِهِ فَيُعْتَقُ عَلَيْهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا مَثَّلَ بِعَبْدِ أَجْنَبِيٍّ وَلَمْ يَبْطُلِ الْغَرَضُ الَّذِي يَكْتَسِبُ لِأَجْلِهِ فَعَلَيْهِ أَرْشُ الْجِنَايَةِ وَإِنْ أَبْطَلَتْهُ الْجِنَايَةُ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ يُقَوَّمُ عَلَى الْجَانِي حُرًّا وَإِنْ لَمْ يَقُمْ بِذَلِكَ السَّيِّدُ لَمْ يُعْتَقْ لِأَنَّهُ حَقُّهُ وَقِيلَ يُقَدَّمُ خِيَارُ السَّيِّدِ إِنِ اخْتَارَ الرُّجُوعَ بِالْأَرْشِ صَارَ الْعَبْدُ إِلَيْهِ يَغْرَمُ الْقِيمَةَ لِأَنَّ الْحَدِيثَ إِنَّمَا جَاءَ فِي مُثْلَتِهِ بِعَبْدِ نَفْسِهِ وَلِأَنَّ الْعِتْقَ يُسْرِعُ السَّادَاتِ إِلَى ذَلِكَ وَالْأَجْنَبِيُّ لَا يُسْرِعُ لِمَالِ غَيْرِهِ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ مَثَّلَ بِعَبْدِهِ النَّصْرَانِيِّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْحَدِيثَ وَارِدٌ فِي الْمُسْلِمِ وَهُوَ قَاصِرٌ عَنْهُ وَقَالَ أَشْهَبُ يُعْتَقُ قِيَاسًا عَلَى الْمُسلم

نَظَائِرُ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ شُرُوطُ الْعِتْقِ بِالْمُثْلَةِ سِتَّةٌ أَنْ يَكُونَ الْمُمَثِّلُ بَالِغًا عَاقِلًا مُسْلِمًا حُرًّا رَشِيدًا مِدْيَانًا الْخَاصِّيَّةُ الرَّابِعَةُ امْتِنَاعُ الْعِتْقِ لِحَجْرِ الْمَرَضِ أَوِ الدَّيْنِ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ أَعْتَقَهُمْ فِي صِحَّتِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يَغْتَرِقُهُمْ لَا مَالَ لَهُ سِوَاهُمْ لَمْ يَجُزْ عِتْقُهُ لِأَنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى التَّبَرُّعِ أَوْ لَا يَغْتَرِقُهُمْ بِيعَ مِنْ جَمِيعِهِمْ بِمِقْدَارِ الدَّيْنِ بِالْحِصَاصِ لَا بِالْقُرْعَةِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْجَمِيعِ بِالْعِتْقِ وَعَتَقَ مَا بَقِيَ وَإِنَّمَا الْقُرْعَةُ فِي الْوَصَايَا وَعِتْقُ الْمَرَضِ وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ عَتَقَ وَلَا هِبَةَ وَلَا صَدَقَةَ وَإِنْ بَعُدَ أَجَلُ الدَّيْنِ إِلَّا بِإِذْنِ غَرِيمِهِ لِأَنَّ الْمَالَ تَعَيَّنَ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى التَّبَرُّعِ وَجَوَّزَهُ ش لِأَنَّ الدَّيْنَ مُتَعَلِّقٌ بِالذِّمَّةِ وَجَوَابُهُ لَا فَائِدَةَ فِي الذِّمَّةِ إِذَا عُدِمَ الْمَالُ وَلِذَلِكَ شُرِعَ التَّفْلِيسُ وَلَا يَطَأُ أَمَةً رَدَّ عِتْقَهُ فِيهَا لِأَنَّ الْغَرِيمَ إِنْ أَجَازَ عِتْقَهُ أَوْ أَيْسَرَ قَبْلَ أَنْ تُبَاعَ عِتْقُهُ وَبَيْعُهُ وَرَهْنُهُ وَشِرَاؤُهُ جَائِزٌ لِأَنَّهُ لَا يُخِلُّ بِالْمَالِ بَلْ لنميه وَإِنْ بَاعَ عَبْدُكَ سِلْعَتَكَ بِأَمْرِكَ ثُمَّ اسْتَحَقَّتْ بَعْدَ عِتْقِهِ وَلَا مَالَ لَكَ فَلَا رَدَّ لِلْعِتْقِ لِأَنَّهُ ديت لِحَقِّكَ بَعْدَ الْعِتْقِ وَإِذَا أَعْتَقْتَ وَعَلَيْكَ دَيْنٌ وَلَكَ عَرَضٌ أَوْ مَالٌ غَيْرُ الْعَبْدِ يَفِي بِالدَّيْنِ فَلَمْ يَقُمِ الْغُرَمَاءُ حَتَّى هَلَكَ الْعَرَضُ فَلَا يردوا الْمُعْتِقَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمُوا وَلَا يُبَاعُ لَهُمْ إِلَّا مَا كَانَ يُبَاعُ لَهُمْ يَوْمَ الْعِتْقِ بَعْدَ إِدْخَالِ الْمَالِ الْكَائِنِ يَوْمَئِذٍ وَكَذَلِكَ التَّدْبِيرُ لِتَقَدُّمِهِ عَلَى حَقِّهِمْ فَلَمْ يُصَادِفْ حَجْرًا بِخِلَافِ الْخِلَافِ لِأَنَّهُ لَا يُكَاتَبُ بَعْضُ عَبْدٍ وَيُبَاعُ فِي الدَّيْنِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْكِتَابَةُ إِنْ بِيعَتْ وَبَعْضُهَا كَفَافًا لِدَيْنٍ فَبَاعَ وَلَا يَرُدُّ الْكِتَابَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ إِنْ وَطِئَ جَارِيَةً رَدَّ الْغُرَمَاءُ عِتْقَهُ فِيهَا أَوْ وَطِئَ جَارِيَةً أَوْقَفَهَا الْحَاكِمُ لِلْبَيْعِ فَحَمَلَتْ إِنْ عُذِرَ بِالْجَهَالَةِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا أَدَبَ وَإِن وضعت

وَلم يعد مَالًا بِيعَتْ هِيَ وَوَلَدُهَا حُرٌّ لِأَنَّهُ سَبَبٌ قَدْ تَقَدَّمَ الدَّيْنُ عَلَيْهِ وَمَنَعَ الْحَاكِمُ وَالْوَلَدُ عَلَى الْحُرِّيَّةِ لِأَنَّهُ وَلَدُ السَّيِّدِ مِنْ أَمَتِهِ وَكَذَلِكَ إِن وَطئهَا بعد الْإِنْفَاق وَقبل الْعتْق إِذا وَطِئَهَا قَبْلَ الْعِتْقِ فَحَمَلَتْ لَا تُبَاعُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَاكِمُ انْتَزَعَهَا وَوَقَفَهَا لِلْبَيْعِ فَوَطِئَهَا فَحملت فهاهنا تُبَاعُ قَالَ وَالصَّوَابُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ إِيقَافِ الْغُرَمَاءِ وَالسُّلْطَانِ لِأَنَّ ضَمَانَهَا مِنْهُ فِي الْوَجْهَيْنِ قَالَ وَكَذَلِكَ عِنْدِي لَوْ تَشَاوَرَ الْغُرَمَاءُ فِي تَفْلِيسِهِ فَقَالَ أَنَا أَقِفُهَا بِالْوِلَادَةِ وَشُهِدَ عَلَى قَوْلِهِ فَإِنَّهَا تُبَاعُ بَعْدَ الْوَضْعِ لِتَسَبُّبِهِ فِي إِتْلَافِ أَمْوَالِهِمْ كَبَيْعِ الْعَامِلِ الْمِيرَاثَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ تَصَدَّقَ أَوْ أَعْتَقَ ثُمَّ قَامَ الْغُرَمَاءُ وَأَثْبَتُوا أَنَّهُ لَا وَفَاءَ عِنْدَهُ حِينَ الصَّدَقَةِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمُوا بِالصَّدَقَةِ رَدَّهَا الْغُرَمَاءُ وَأَثْبَتُوا أَنَّهُ لَا وَفَاءَ عِنْدَهُ لَا الْفَضْلُ عَنْ دِينِهِمْ وَلَا يُرَدُّ الْعِتْقُ إِنْ طَالَ زَمَانُهُ وَوَارَثَ الْأَحْرَارَ قَالَ مَالِكٌ وَتُرَدُّ الصَّدَقَةُ وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ إِلَّا أَنْ يُسَرِّيَ خِلَالَ ذَلِكَ وَلَا يُرَدُّ إِنْ أَعْدَمَ بَعْدَ ذَلِكَ قَبْلَ قِيَامِهِمْ قَالَ أَصْبَغُ وَالتَّطَاوُلُ فِي الْعِتْقِ الَّذِي رُبَّمَا أَتَتْ عَلَى السَّيِّدِ أَوْقَاتٌ أَيْسَرَ فِيهَا وَينزل الْغُرَمَاء على أَنهم عمِلُوا لِطُولِ الزَّمَانِ وَلَوْ تَيَقَّنَّا بِشَهَادَةٍ قَاطِعَةٍ عَدَمَ الْيَسَار وَعدم علمهمْ فَرد عِتْقَهُ وَلَوْ أُولِدَ لَهُ سَبْعُونَ وَلَدًا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِنْ قَامُوا بَعْدَ ثَلَاثِ سِنِينَ وَهُمْ فِي الْبَلَدِ صُدِّقُوا فِي عَدَمِ الْعِلْمِ وَإِنْ قَالُوا عَلِمْنَا الْعِتْقَ دُونَ عَجْزِهِ عَنِ الْوَفَاءِ يَمْضِي الْعِتْقُ بِقَدْرِ دَيْنِ مَنْ عَلِمَ الْعِتْقَ بِالْحِصَصِ قَالَ مَالِكٌ إِنْ أَعْتَقَ وَلَهُ مَا يَفِي بِنِصْفِ دَيْنِهِ وَأَفَادَهُ بَعْدَ الْعِتْقِ ثُمَّ ذَهَبَ رُدَّ مِنَ الْعِتْقِ بِقَدْرِ تَمَامِ دَيْنِهِ لِأَنَّهُ مُتَعَلِّقُ الْحَجْرِ دُونَ غَيْرِهِ

قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنْ أَفَادَ بَعْدَ تَلَفِ هَذَا الْمَالِ بِمَا يَفِي بِنِصْفِ دَيْنِهِ أَيْضًا فَلَمْ يَقُمِ الْغُرَمَاءُ حَتَّى ذَهَبَ فَلَمْ يُرَدَّ مِنَ الْعِتْقِ شَيْءٌ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ أَعْتَقَ عَبْدَيْنِ مَعًا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مِثْلَ نِصْفِ قِيمَتِهِمَا فَمَاتَ أَحَدُهُمَا فَلَا يُبَاعُ مِنَ الثَّانِي إِلَّا مَا كَانَ بَاعَ مِنْهُ لَوْ لَمْ يَفُتِ الْآخَرَ وَكَذَلِكَ لَوْ أَعْوَرَ أَحَدَهُمَا لِأَنَّهُ مُقْتَضَى السَّبَبِ السَّابِقِ وَلَوْ أَعْتَقَ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ وَفِي الْأَخِيرِ كَفَافَ الدّين عتق الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ مِنَ الدَّيْنِ بِيعَ مِنَ الْأَوَّلِ بِبَقِيَّةِ الدَّيْنِ وَإِنْ لَمْ يَبِعِ الْآخَرَ حَتَّى نَقَصَتْ قِيمَةُ الْآخَرِ بِحِوَالَةِ سُوقٍ أَوْ نَقْصِ بَدَنٍ لَمْ يَنْظَرْ لِذَلِكَ وَعَتَقَ الْأَوَّلُ أَوْ مَا كَانَ يُعْتَقُ مِنْهُ يَوْمَ الْعِتْقِ قَالَهُ كُلَّهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ حَالَتْ قِيمَتُهُ بِزِيَادَةٍ ثُمَّ نَقَصَتْ فَلْيَحْسِبِ الْمُفْلِسُ لِدَفْعِ قِيمَتِهِ بَلَغَتِ الْآخَرَ وَإِنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ وَعَلَيْهِ مَا يَغْتَرِقُ نِصْفَ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْعِتْقِ لَمْ يُنْظَرْ إِلَّا مَا زَادَ بَعْدَ ذَلِكَ اَوْ نقص من الْقيمَة وينبذ عتق مَالك الْحصَّة أما النَّقْص فَعم وَيَنْبَغِي فِي الزِّيَادَةِ أَلَّا تُبَاعَ إِلَّا بِقَدْرِ الدَّيْنِ وَذَلِكَ يَزِيدُ فِي عِتْقِهِ قَالَ أَصْبَغُ أَعْتَقَ جَارِيَةً قِيمَتُهَا أَلْفٌ وَعَلَيْهِ تِسْعُمِائَةٍ فَإِنْ بِيعَ مِنْهَا لِلدَّيْنِ لَمْ يَكُنْ فِي بَعْضِهَا وَفَاء وَإِن بِيعَتْ كلهَا بِيعَتْ بِأَكْثَرَ مِنْهَا قَالَ تبَاع كلهَا وَيمْنَع بِمَا بَقِيَ مِنْ ثَمَنِهَا بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ مَا شَاءَ وَإِنْ يَئِسَ أَنْ يُبَاعَ مِنْهَا بتسعمائة وَلَو اكثر من تِسْعَة اعشارها ليبيع وَعَتَقَتِ الْفَضْلَةُ وَلَوْ تَأَخَّرَ بَيْعُهَا حَتَّى حَالَ سُوقُهَا فَلَا تُسَاوِي تِسْعَمِائَةٍ فَإِنَّمَا يُبَاعُ مِنْهَا الْيَوْمَ مَا يُبَاعُ قَبْلَ ذَلِكَ وَيُتَّبَعُ بِالْبَاقِي فِي ذِمَّتِهِ أَوْ بِزِيَادَةٍ لَمْ يَبِعْ إِلَّا كَفَافَ الدَّيْنِ بِحُصُولِ الْمَقْصُودِ وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا بعضه لم يوف بِالدّينِ لتعينه بِالْحُرِّيَّةِ إِذَا بِيعَ كُلُّهُ كَانَ أَكْثَرَ مِنَ

الدّين يُبَاع كُلُّهُ وَيُسْتَحَبُّ جَعْلُ الْفَضْلِ فِي حُرِّيَّةٍ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِنْ أَعْتَقَ عَبْدَيْنِ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِائَةٌ وَعَلَيْهِ خَمْسُونَ وَإِنْ بِيعَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ جُزْءٌ لَمْ يَكْفِ الدَّيْنُ لِدُخُولِ الْحُرِّيَّةِ وَإِنْ بِيعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَانَ ثَمَنُهُ أَكْثَرَ مِنَ الدَّيْنِ فَيُقْرَعُ بَيْنَهُمَا فَيُبَاعُ الْخَارِجُ بِالْقُرْعَةِ وَيُصْنَعُ بِفَضْلِ ثَمَنِهِ مَا شَاءَ وَيعتق الآخر قَالَ ابْن عبد الْحَكَمِ وَكَذَلِكَ إِنْ مَاتَ عَنْ مُدَبَّرٍ قِيمَتُهُ مِائَةٌ وَعَلَيْهِ عِشْرُونَ وَإِنْ بِيعَ جُزْءٌ بِالدَّيْنِ لَمْ يَبْلُغِ الدَّيْنُ فَيُبَاعُ كُلُّهُ وَيُقْضَى الدَّيْنُ وَيَفْعَلُ الْوَارِثُ بِالْفَاضِلِ مَا شَاءَ لِأَنَّهُ مَالٌ أذن إِلَيْهِ الاحكام لَا عِتْقَ فِيهِ قَالَ سَحْنُونٌ يُبَاعُ عَلَى التَّبْعِيضِ فَيُقَالُ مَنْ يَشْتَرِي مِنْهُ بِعِشْرِينَ فَيُقَالُ زَيْدٌ اخذ ربعه وَيَقُول أخرجه حَتَّى ينْتَه فَهُوَ الْعَدْلُ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ أَعْتَقَهُمْ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِبَعْضِهِمْ فَلَمْ يَعْلَمِ الْغُرَمَاءُ حَتَّى أَدَّانَ مَا يُحِيطُ بِبَقِيَّتِهِمْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُبَاعُ إِلَّا قَدْرُ الدَّيْنِ الْأَوَّلِ بِفَلَسِهِ لِأَنَّهُ الَّذِي تَقَدَّمَ الْعِتْقَ وَقَالَ أَشْهَبُ يُبَاعُونَ كُلَّهُمْ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْأَوَّلَ وَالْآخِرَ لِأَنَّهُ إِذَا دَخَلَ الْآخَرُ مَعَ الْأَوَّلِ لَمْ يَسْتَوْفِ الْأَوَّلُ حَتَّى يَسْتَوْعِبَ الْجَمِيعَ وَالصَّوَابُ لَا يُبَاعُ الْأَوَّلُ وَيَدْخُلُ الْآخَرُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ دَبَّرَهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِبَعْضِهِ ثُمَّ ادَّانَ مَا يغترقه بِيعَ بِقَدْرِ الدَّيْنِ الْأَوَّلِ مَا حَدُّهُ الدَّيْنُ الْأَوَّلُ وَلَا يُدْخَلُ فِيهِ الْآخَرُ وَلَا يُبَاعُ لَهُ شَيْءٌ وَقَدْ بَقِيَ لَهُ مَا يُبَاعُ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ وَإِنِ ابْتَاعَ بَيْعًا فَاسِدًا وَأَعْتَقَ قَبْلَ دَفْعِ الثَّمَنِ وَقِيمَتُهُ أَكْثَرُ وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُهُ قَالَ أَشْهَبُ يُرَدُّ مِنْهُ قَدْرُ الثَّمَنِ لِأَنَّ الْقِيمَةَ تَحَدَّدَتْ بَعْدَ الْعِتْقِ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا بِيعَ الْجَمِيعُ لِأَن الْبَعْض لَا يُوفي مِنْهُ بِالدّينِ لتعينه بِالْحُرِّيَّةِ وَجَبَ جَعْلُ الْفَضْلِ فِي عِتْقٍ وَإِذَا كَانُوا عَدَدًا وَالْعِتْقُ فِي الصِّحَّةِ بِيعَ فِي الدَّيْنِ بِالْحِصَصِ وَلَا مَقَالَ لِلْعَبِيدِ فِي الْعِتْقِ وفيمن يُبَاع إِلَّا أَن يكون مَتى يبع بِالْحِصَصِ لَا يَفْضُلُ لِلْعِتْقِ لِعَيْبِ الْعِتْقِ فَيُقْرَعُ فِيمَنْ يُبَاعُ لِلدَّيْنِ وَيُعْتَقُ الْبَاقِي وَإِنْ بَتَلَ فِي الْمَرَضِ أَوْ وَصَّى بِالْبَيْعِ لِلدَّيْنِ

حُسِبَ مَا كَانَ الْعِتْقَ إِذَا ضَاقَ الثُّلُثُ وَلَمْ يُجْزِ الْوَرَثَةَ فَيُبَاعُ بِالْقُرْعَةِ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ بِالْقُرْعَةِ وَإِذَا وَقَعَ بِالْقُرْعَةِ لِلْبَيْعِ عَبْدٌ وَبَعْضُ آخَرَ لَمْ يَبِعِ الْبَعْضَ حَتَّى يُقْرَعَ عَلَى نَفْسِهِ فَإِنْ خَرَجَ لِلْعِتْقِ بِيعَ عَلَى أَنَّ بَقِيَّتَهُ حُرٌّ وَلِلْوَرَثَةِ فِعْلُ ذَلِكَ نَفْيًا للغررفي البيع فَإِن بيع قبل علم المُشْتَرِي فَإِن بَقِيَّتَهُ حُرٌّ أَوْ رَقِيقٌ فَسَدَ الْبَيْعُ وَإِنْ كَانَ مَعَه مائَة ثمَّ ذهب للَّذي أَفَادَ وَذَهَبَ الْمِائَةُ الْأُولَى إِذَا ذَهَبَ جَمِيعُ ذَلِكَ يَمْضِي الْعِتْقُ لِحُصُولِ كَمَالِ الْيَسَارِ بَعْدَ الْعِتْقِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِذَا أَفَادَ بَعْدَ ذَهَابِ الأول بِمَعْنى الْعتْق فَإِن أَرَادَ الْعِتْقُ وَأَفَادَ بَعْدُ قَبْلَ الْبَيْعِ أَوْ بَعْدَهُ قَالَ مَالِكٌ يَنْفُذُ الْعِتْقُ وَإِنْ وَقَعَ قَبْلَ إِنْفَاذِ الْبَيْعِ لِأَنَّ بَيْعَ الْإِمَامِ بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ رَدُّ الْإِمَامِ يَمْنَعُ الْعِتْقَ وَإِنْ أَفَادَ مَالًا وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَقَارِ إِنْ أَفَادَ بِالْقُرْبِ عَتَقُوا وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ لَمْ يُرِدِ الْعِتْقَ حَتَّى مَاتَ الْعَبْدُ عَنْ مَالٍ وَلَهُ وَرَثَةٌ أَحْرَارٌ أَوْ مَاتَ لَهُ وَلَدٌ حُرٌّ وَخَلَفَ مَالًا ثُمَّ أَجَازَ الْغُرَمَاءُ الْعِتْقَ لَمْ يُوَرَّثْ وَلَمْ يَرِثْ بِالْحُرِّيَّةِ وَفِي هَذَا خِلَافٌ لِأَشْهَبَ وَالْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ لِأَنَّهُ عَبْدٌ حَتَّى يعلم الْعلمَاء وَيُخَير قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَوْلُهُ أَوَّلَ الْفَرْعِ إِذَا اسْتَحَقَّتِ السِّلْعَةُ بَعْدَ الْعِتْقِ لَا يُرَدُّ الْعِتْقُ هَذَا إِذَا كَانَ الثَّمَنُ بِيَدِ السَّيِّدِ حِينَ أَعْتَقَ أَمَّا إِنْ تَلَفَ أَوْ أَنْفَقَهُ قَبْلَ الْعتْق رد الْعتْق لِأَن السّلْعَة لم يكن لَهُ مَال وَلَوْ كَانَ لَهُ رُجُوعٌ بِالثَّمَنِ عَلَى أَحَدٍ لَمْ يُرَدَّ الْعِتْقُ حَتَّى يُوئِسَ مِنَ الثَّمَنِ وَلَو كَانَ إِنَّمَا قَامَ الْمُبْتَاع السِّلْعَةَ بِعَيْبٍ فَقَدْ هَلَكَ الثَّمَنُ وَلَا شَيْءَ للْبَائِع لَمْ يُنْقَصْ مِنَ الْعِتْقِ إِلَّا قَدْرُ قِيمَةِ الْعَيْبِ رَدَّهَا بِقِيمَتِهَا أَوْ فَاتَتْ وَأَخَذَ الْأَرْشَ وَلَا يُقْبَلُ فِي ذَلِكَ إِقْرَارُ الْبَائِعِ وَلَا يُقْبَلُ الْعَيْبُ إِلَّا بِالْبَيِّنَةِ وَيُتَّبَعُ بِحِصَّةِ الْعَيْبِ دَيْنًا إِنْ أَقَرَّ قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَهُوَ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ بَعْضُ الْقُرَوِيِّينَ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا فِي كِتَابِ الرَّهْنِ إِذَا زَوَّجَ أَمَةً وَقَبَضَ صَدَاقَهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا الزَّوْجُ قَبْلَ الْبِنَاءِ يَرْجِعُ بِنِصْفِ الصَّدَاقِ فَوَجَدَ السَّيِّدَ عَدِيمًا لَا يرد

الْعِتْقُ لِوُجُوبِ نِصْفِ الصَّدَاقِ بَعْدَ الْعِتْقِ بِالطَّلَاقِ وَلَوْ شَاءَ الزَّوْجُ لَمْ يُطَلِّقْ وَلَوْ طَلَّقَ قُبِلَ ثُمَّ أَعْتَقَ السَّيِّدُ بَعْدُ مُعْدِمًا رُدَّ مِنَ الْعِتْقِ بِقَدْرِ نِصْفِ الصَّدَاقِ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا تزويجاً يجب فَسخه قبل الْبَنَّا ثُمَّ أَعْتَقَهَا قَبْلَ الْفَسْخِ ثُمَّ فَسَخَ فَوَجَدَ السَّيِّدَ عَدِيمًا رَدَّ الْعِتْقَ لِأَنَّ الصَّدَاقَ مِنْ حِينِ قَبْضِهِ دَيْنٌ عَلَيْهِ لِفَسَادِ النِّكَاحِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ حَلَفَ بِحُرِّيَّةِ عَبْدِهِ فَبَاعَهُ وَقَبَضَ ثَمَنَهُ وَأَتْلَفَهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهُ عَتَقَ وَيتبع لوُقُوع الْحِنْث فالعتق قَبْلَ إِتْلَافِ الثَّمَنِ قَالَ وَيُشْكِلُ قَوْلُهُ لِأَنَّ الْعتْق إِنَّمَا يتم فِيهِ بالحكم فقد لَحِقَهُ الدَّيْنُ قَبْلَ إِنْفَاذِ الْعِتْقِ وَلَوِ اسْتَحْلَفْتَهُ فِي بيع بحيرة عَبْدِهِ لِيَدْفَعَنَّ لَكَ الثَّمَنَ إِلَى أَجَلِ كَذَا يَحْنَثُ وَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُ الْعَبْدِ فَلَكَ رَدُّ عِتْقِهِ لِتَقَدُّمِ الدَّيْنِ قَالَهُ أَصْبَغُ وَقَالَ ابْن وهب لَا يردهُ اسْتِحْسَانًا كَانَ التَّحْلِيفُ تَسْلِيمًا لِلْعِتْقِ وَرِضًا بِهِ وَإِذَا أَعْتَقَ الْمِدْيَانُ لَيْسَ لَهُ وَلَا لِلْغَرِيمِ الْبَيْعُ دُونَ الْإِمَامِ فَإِنْ بَاعُوا بِغَيْرِ إِذْنِهِ ثُمَّ رَفَعَ لِلْإِمَامِ وَقَدْ أَيْسَرَ رُدَّ الْبَيْعُ وَإِنَّمَا يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ لِيُسْرِهِ يَوْمَ الدَّفْعِ فَلَوْ تقدر الْيَسَارُ وَيَوْمَ الدَّفْعِ هُوَ مُعْسِرٌ وَلَمْ يَعْلَمِ الْغَرِيمُ حَتَّى أَيْسَرَ نَفَذَ الْعِتْقُ وَلَوْ بَاعَهُمُ الْإِمَامُ ثُمَّ اشْتَرَاهُمْ بَعْدَ يُسْرِهِ لَمْ يَعْتِقُوا لِأَنَّهُ حُكْمُ حَاكِمٍ قَاعِدَةٌ كُلُّ مَا هُوَ مفتقر إِلَى فحص وتخليص وَتَخْتَلِفُ فِيهِ الْأَحْوَالُ لَا يَقَعُ إِلَّا بِحُكْمِ حَاكم وَلَا يَكْفِي فِيهِ وجود سَببه وَلَا يُحْتَاجُ لِلْحَاكِمِ فَطَلَاقُ الْمُعْسِرِ يَحْتَاجُ لِتَحْقِيقِ الْإِعْسَارِ وَتَقَدُّمِ الدَّيْنِ وَالْحَالِفُ لِيَضْرِبَنَّ عَبْدَهُ ضَرْبًا مُبَرِّحًا يَحْتَاجُ الْعِتْقُ عَلَيْهِ لِتَحْقِيقِ أَنَّ ذَلِكَ الضَّرْبَ مِنْ قَبِيلِ مَا يُبَاحُ أَوْ يَحْرُمُ وَهَلْ جِنَايَةُ الْعَبْدِ مُبِيحَةٌ أَمْ لَا يَفْتَقِرُ جَمِيعُ ذَلِك للْحَاكِم وَهَكَذَا إِذا لم يحْتَج لتلخيص لَكِن الْخِلَافَ فِيهِ قَوِيٌّ كَالْإِعْتَاقِ عَلَى الشَّرِيكِ أَمَّا إِن ضعف الْخلاف واستغني عَن التَّلْخِيص اكْتُفِيَ بِالسَّبَبِ كَمَنْ حَلَفَ إِنْ لَمْ يَشْرَبِ الْيَوْمَ خَمْرًا فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ أَوْ عَبْدُهُ حُرٌّ اَوْ عَلَيْهِ صَدَقَة لزمَه ذَلِك عقيب تلطفه

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا بتل فِي مَرضه عتق عَنهُ ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ وَلَهُ أَمْوَالٌ مُفْتَرِقَةٌ يُخْرِجُ من ثلثهَا فَهَلَك العَبْد قيل جَمِيعهَا لَا يَرِثُهُ الْأَحْرَارُ لِأَنَّ عِتْقَهُ إِنَّمَا يَتِمُّ بعد جَمِيع الْمَالِ وَخُرُوجُ الْعَبْدِ مِنْ ثُلُثِهِ قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخ إِن اشْتريت عبدا فأعتته وَوَرِثَ وَشَهِدَ ثُمَّ اسْتَحَقَّ إِنْ أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ الْبَيْعَ نَفَذَ الْعِتْقُ وَالْمِيرَاثُ وَغَيْرُهُ وَإِلَّا بَطَلَ الْجَمِيعُ قَالَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عِتْقِ الْمِدْيَانِ أَنَّ عِتْقَهُ عُدْوَانٌ عَلَى الْغُرَمَاءِ وَلَوْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ الْعَبْدَ لَيْسَ مِلْكَ الْبَائِعِ كُنْتَ مُتَعَدِّيًا وَاسْتَوَى الْحُكْمُ وَلَا مِيرَاثَ بِالشَّكِّ قَالَ ابْن يُونُس وَإِن لم يعلم الْغُرَمَاء الْمِدْيَانَ حَتَّى وَرِثَ ثُمَّ أَجَازُوا الْعِتْقَ لَنُفِّذَتِ الْأَحْكَامُ كَالْمُشْتَرِي وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ عَتَقَ الْمِدْيَانُ عَلَى الْإِجَازَةِ حَتَّى يَرُدَّ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ بَتَلَهُ فِي مَرَضِهِ وَقِيمَتُهُ مِائَةٌ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ فَهَلَكَ الْعَبْدُ قَبْلَهُ وَتَرَكَ ابْنَتَهُ حُرَّةً وَتَرَكَ أَلْفًا فَقَدْ مَاتَ رَقِيقًا وَمَالُهُ لِسَيِّدِهِ وَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ مَأْمُونٌ كَالْعَقَارِ يَخْرُجُ الْعَبْدُ مِنْ ثُلُثِهِ نَفَذَ عِتْقُهُ وَوَرِثَتْهُ ابْنَتُهُ وَالسَّيِّدُ نِصْفَيْنِ وَقِيلَ لَا ينظر لفعله إِلَّا بعد مَوته لَهُ مَالٌ مَأْمُونٌ أَمْ لَا مَنْ أَعَادَ لِلطَّوَارِئِ الْبَعِيدَةِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا بَتَلَ الْمَرِيضُ عَتَقَ رَقِيقُهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَعِنْدَهُ وَفَاءٌ فَلَمْ يَمُتْ حَتَّى هَلَكَ مَالُهُ فَالدَّيْنُ يُرَدُّ عِتْقُهُ بِخِلَافِ الصَّحِيحِ لِأَنَّ فِعْلَ الْمَرِيضِ مَوْقُوفٌ وَكَذَلِكَ وَصيته بعتقهم فَإِن اغترقهم الدّين رقوا وَفِيهِمْ فَضْلٌ أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ أَيُّهُمْ يُبَاعُ لِلدَّيْنِ ثُمَّ يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ فِيمَنْ يُعْتَقُ فِي ثُلُثِ بَقِيَّتِهِمْ فَإِنْ خَرَجَ أَحَدُهُمْ وَقِيمَتُهُ

فرع

اكثر من الدّين بيع مِنْهُ بِقَدرِهِ وأ فرع لِلْعِتْقِ فَإِنْ خَرَجَ بَقِيَّةُ هَذَا وَفِيهِ كَفَافُ الثُّلُثِ عَتَقَتْ بَقِيَّتُهُ وَإِذَا كَثُرَ عَتَقَ مِنْهُ بِقَدْرِ الثُّلُثِ وَبَاقِيهِ لِلْوَرَثَةِ وَإِنْ لَمْ تَفِ بَقِيَّتُهُ أُعْتِقَتْ بَقِيَّتُهُ وَأُعِيدَتِ الْقُرْعَةُ حَتَّى يَكْمُلَ الثُّلُث فِي غَيره وكذاك يُعَادُ فِي الدَّيْنِ إِنْ خَرَجَ مَنْ لَا يَكْفِي الدَّيْنُ حَتَّى يَكْمُلَ الدَّيْنُ وَإِنْ بِيعَ بَعْضُ عَبْدِهِ ثُمَّ يُقْرَعُ لِلْعِتْقِ كَمَا تَقَدَّمَ (فَرْعٌ) قَالَ إِنِ اشْتَرَى أَبَاهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يَغْتَرِقُهُ بِيعَ فِي دَيْنِهِ لِأَنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى بِرِّ الْوَالِدِ أَوْ لَيْسَ عِنْدَهُ إِلَّا بَعْضُ ثَمَنِهِ رُدَّ بَيْعُهُ قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُبَاعُ مِنْهُ بِبَقِيَّةِ الثَّمَنِ وَيُعْتَقُ مَا بَقِيَ جَمْعًا بَيْنَ الْحَقَّيْنِ وَقَالَ غَيْرُهُ يُمْنَعُ فِي السُّنَّةِ أَنْ يَمْلِكَ أَبَاهُ إِلَّا لِلْعِتْقِ فَإِذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَرُدُّهُ فَهُوَ خِلَافُ السُّنَّةِ إِنْ تَمَلَّكَهُ فَيُبَاعُ فِي دَيْنِهِ فِي التَّنْبِيهَاتِ غَيْرُهُ هُوَ الْمُغِيرَةُ وَاخْتُلِفَ هَلْ مَلَكَ أَوْ لَا لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ يَرُدُّ الْبَيْعَ فِي الثَّانِي قَالَهُ الْقَابِسِيُّ وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ هُمَا مُخْتَلِفَانِ وَلَا يُرَدُّ فِي الأول وَيُبَاع فِي الدّين بِخِلَاف الثَّانِيَة قَالَ وَالْأَوَّلُ الصَّحِيحُ وَقَدْ بَيَّنَهُ مَالِكٌ فِي الْمَبْسُوطِ وَقَوْلُ الْمُغِيرَةِ حُجَّةٌ لِمَالِكٍ وَلِذَلِكَ أَتَى بِهِ سَحْنُونٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ الْفَرْقُ عِنْدَ مَالِكٍ بَيْنَهُمَا أَنَّ فِي الْأَوَّلِ لَيْسَ لَهُ شِرَاؤُهُ وَدَفْعُ جَمِيعِ ثَمَنِهِ وَلَا حُجَّةَ لِلْبَائِعِ إِذَا قَبَضَ جَمِيعَ ثَمَنِهِ وَلَا عَلَيْهِ إِذَا بَاعَ جَمِيعَ مَا يَجُوزُ لَهُ وَيُبَاعُ فِي دَيْنِ الِابْنِ إِذَا تَلِفَ ثَمَنُهُ مَالَ غُرَمَائِهِ وَفِي الثَّانِي لَمْ يُدْفَعْ جَمِيعُ الثَّمَنِ فَلِلْبَائِعِ نَقْضُ الْبَيْعِ إِذْ لَوْ بِيعَ عَلَيْهِ فِي بَقِيَّةِ الثَّمَنِ لَدَخَلَ عَلَيْهِ غُرَمَاءُ إِنْ كَانُوا لِلْوَلَدِ وَاحْتَاطَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِلْعِتْقِ وَلَمْ يَرَ للْبَائِع حجَّة إِذا قبض بَقِيَّة وَالدَّيْنُ أَمْرٌ طَارِئٌ فَلَا يُعْتَبَرُ بِهِ وَهُوَ الْقِيَاسُ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنْ وَرِثَ أَبَاهُ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ قَالَ أَشْهَبُ يُعْتَقُ

(فرع)

وَبَاعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمِيرَاثِ لِلدَّيْنِ دُونَ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ لِأَنَّ مَقْصُودَ الرَّافِعِ الْعِتْقُ عَلَى الْوَلَدِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يُبَاعُ فِي الْجَمِيعِ قَالَ اللَّخْمِيّ نقض البيع فِي متالي الْكِتَابِ ظُلْمٌ لِأَنَّ الْبَائِعَ بَاعَ مَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ مِمَّنْ يَجُوزُ شِرَاؤُهُ وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا بَاعَهُ أَخَاهُ عَلَى أَنَّهُ اخوه يعْتق عَلَيْهِ وتقاصاه فِي الثّمن فَلم يجد غير الْأَخَ قَالَ يُبَاعُ عَلَيْهِ فِي الثَّمَنِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ فَضْلَةٌ فَلَا يُبَاعُ لِأَنَّهُ كَانَ ظَاهِرُهُ الْيُسْرَ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا اشْتَرَى الْمَرِيضَ مُحَابَاةً فَأَعْتَقَهُ فَالْعِتْقُ مُبَدَّأٌ عَلَى الْمُحَابَاةِ لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ وَالْعِتْقُ مُبَدَّأٌ عَلَى الْوَصِيَّةِ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ كَفَافَ الثُّلُثِ سَقَطَتْ وَلَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ غَيْرُ قِيمَةِ الْعَبْدِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِسُقُوطِ الْوَصِيَّةِ فَإِنْ بَقِيَ بَعْدَ قِيمَةِ الْعَبْدِ شَيْءٌ مِنَ الثُّلُثِ فَهُوَ الْمُحَابَاةُ وَقد قَالَ تبدأ الْمُحَابَاة لِأَن الْمَبِيع لَا يَتِمُّ إِلَّا بِهَا فَكَأَنَّهُ أَمَرَ بِتَبْدِيَتِهَا فِي الثُّلُثِ فَإِنْ بَقِيَ بَعْدَهَا مِنَ الثُّلُثِ شَيْءٌ فَهُوَ فِي الْعَبْدِ أَتَمَّ ذَلِكَ عِتْقَهُ أَمْ لَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ وَهَذَا الْقَوْلُ أَحْسَنُ مِنَ الْأَوَّلِ قَالَ مَالِكٌ وَلَوْ لَمْ يُحَابِ لَجَازَ عِتْقُهُ وَشِرَاؤُهُ إِنْ يحملهُ الثُّلُثُ وَإِنْ كَرِهَ الْوَرَثَةُ وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ فَمَا حَمَلَ وَرَقَّ الْبَاقِي قِيلَ كَيْفَ يَجُوزُ هَذَا الْبَيْعُ وَالْبَائِعُ لَا يَدْرِي مَا حَصَّلَ مِنَ الثَّمَنِ أَوْ قِيمَةَ الْعَبْدِ وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَإِقَالَةُ الْمَرِيضِ مِنْ طَعَامٍ فِيهِ مُحَابَاةٌ وَشِبْهُهَا إِنَّمَا وَقَعَ الْبَيْعُ فِيهِ عَلَى الْمُنَاجَزَةِ وَهَذَا طَارِئٌ بَعْدَ الِانْعِقَادِ فَلَوْ قِيلَ لَهُمَا فِي عَقْدِ الْبَيْعِ إِنَّ فِي هَذَا الْبَيْعِ مُحَابَاةً وَمُحَابَاةُ الْمَرِيضِ وَصِيَّةٌ مِنَ الثُّلُثِ وَلَا تَدْرِي أَيُّهَا الْبَائِعُ مَا يَحْصُلُ لَكَ لَمْ يَجُزِ الْبَيْعُ

فرع

(فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِنْ بَتَلَهُ فِي مَرَضِهِ وَقَالَ قِيمَتُهُ ثَلَاثُمِائَةٍ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ فَهَلَكَ الْعَبْدُ قَبْلَهُ وَتَرَكَ ابْنَةً حُرَّةً وَأَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَدْ مَاتَ رَقِيقًا وَمَا تَرَكَ لِسَيِّدِهِ بِالرِّقِّ دُونَ ابْنَتِهِ وَإِنْ كَانَ لِلسَّيِّدِ مَالٌ مَأْمُونٌ يَخْرُجُ الْعَبْدُ مِنْ ثُلُثِهِ جَازَ عِتْقُهُ وَوَرِثَتْهُ ابْنَتُهُ وَسَيِّدُهُ قَالَ غَيْرُهُ لَا يُنْظَرُ فِي فِعْلِ الْمَرِيضِ إِلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ كَانَ لَهُ مَالٌ مَأْمُونٌ أَمْ لَا لِأَنَّ الطَّوَارِئَ إِنَّمَا يَتَعَيَّنُ انْحِسَامُهَا بَعْدَ الْمَوْتِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوِ احْتَمَلَ الْمَأْمُونُ نِصْفَ الْعَبْدِ لَمْ يعجل عتق شَيْء مِنْهُ لاحْتِمَال الطواريء وَإِنَّمَا يُعْتَقُ إِذَا كَانَ الْمَالُ الْمَأْمُونُ أَضْعَافَ قِيمَته (فَرْعٌ) قَالَ فِي الْكتاب إِذا عتق مَا فِي بَطْنِ أَمَتِهِ فِي صِحَّتِهِ فَوَلَدَتْ فِي مَرَضِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ فَذَلِكَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ كَعَتِيقٍ إِلَى أَجَلٍ حَلَّ جَنِينًا بِخِلَاف الحانث فِي مَرضه بِيَمِين تعقدها فِي صِحَّتِهِ لِتَنَجُّزِ السَّبَبِ فِي الْأَوَّلِ فِي الصِّحَّةِ وَهَاهُنَا الْحِنْثُ فِي الْمَرَضِ وَقَدْ حَابَى اَوْ شَرط (فَرْعٌ) قَالَ الَّتِي لَا يَعْتِقُ مَا فِي بَطْنِهَا فِي صِحَّتِهِ لَا تبَاع وَهِي حَامِل لَيْلًا يُبَاعَ الْحُرُّ إِلَّا فِي قِيَامِ دَيْنٍ اسْتَحْدَثَهُ قَبْلَ عِتْقِهِ أَوْ بَعْدَهُ فَيُبَاعُ تَبَعًا لِأُمِّهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهَا وَيَرِقُّ جَنِينُهَا تَبَعًا إِذْ لَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ فَأَمَّا قِيَامُ الْغُرَمَاءِ بَعْدَ الْوَضْعِ وَالدَّيْنُ حَدَثَ بَعْدَ الْعِتْقِ عَتَقَ الْوَلَدُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِعِتْقِهِ فِي الصِّحَّةِ وَلَدَتْهُ فِي مَرَضِ السَّيِّدِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ وَتُبَاعُ الْأُمُّ وَحْدَهَا فِي الدَّيْنِ وَلَا يُفَارِقُهَا وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ قَبْلَ الْعِتْقِ بِيعَ الْوَلَد للْغُرَمَاء إِن لم يفت الْأُمُّ لِأَنَّ تَقْدِيمَ الدَّيْنِ مُبْطِلٌ لِلتَّبَرُّعِ وَلَوْ جَنَى عَلَيْهِ بِعَقْلِ جَنِينِ أَمَةٍ بِخِلَافِ جَنِينِ أُمِّ الْوَلَدِ مِنْ سَيِّدِهَا لِأَنَّ جَنِينَ الْأَمَةِ لَا يُعْتَقُ إِلَّا بَعْدَ الْوَضْعِ وَفِي أُمِّ الْوَلَدِ حِينَ الْحَمْلِ

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ إِنْ أَخْدَمَهُ سَنَتَيْنِ ثُمَّ هُوَ حُرٌّ فَاسْتَدَانَ السَّيِّدُ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنَ الْمُخْدِمِ فالغرماء أَحَق بِالْخدمَةِ لِأَنَّهَا تبرع يُؤَاجر لَهُمْ فَإِنْ لَمْ يَقُومُوا حَتَّى بَتَلَ الْخِدْمَةَ فَلَا سَبِيلَ لَهُمْ عَلَى الْخِدْمَةِ وَالْعِتْقُ فِي الْوَجْهَيْنِ نَافِذٌ إِلَى أَجَلِهِ لَا سَبِيلَ لِلْغُرَمَاءِ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ وَالْهِبَةُ وَإِذَا وَقَعَ الدَّيْنُ بعدهمَا وَقَبْلَ الْقَبْضِ فَالْغُرَمَاءُ أَوْلَى قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَالْفَلَسُ كَالْمَوْتِ وَقَالَ أَصْبَغُ الصَّدَقَةُ تُقَدَّمُ عَلَى الدَّيْنِ الْحَادِثِ بَعْدَهَا وَإِنْ لم يقبض نَظَرًا لِأَصْلِ الْعَقْدِ وَهُوَ لِيَوْمِ الْعَقْدِ لَا لِيَوْمِ الْقَبْضِ مَا دَامَ حَيًّا إِذْ لَوْ حتم عَلَيْهِ أُخِذَتْ مِنْهُ مَا لَمْ يَمْرَضْ أَوْ يَمُتْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ حُدُوثُ الْفَلَسِ وَهُوَ كَمَا إِذَا أَعْتَقَ وَلَهُ مَالٌ يَفِي بِدَيْنِهِ لَمْ يضر ذَلِك مَا لم يَحْدُثُ مِنَ الدَّيْنِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الْفَرْقُ أَنَّ الْمُعْتِقَ قَبَضَ وَالصَّدَقَةُ لَمْ تُقْبَضْ حَتَّى حَدَثَ الدَّيْنُ (فَرْعٌ) فِي الْمُنْتَقَى إِذَا أَعْتَقَ الْمَرِيضُ شِقْصًا قَالَ مَالِكٌ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ فِي ثُلُثِهِ مَتَى عُثِرَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْمَوْتِ أَوْ بَعْدَهُ تَعْجِيلًا لِمَصْلَحَةِ الْعِتْقِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ حَتَّى يَصِحَّ فَيُقَوَّمُ فِي مَالِهِ أَوْ يَمُوتَ فَيُعْتَقُ مَا أُعْتِقَ فِي ثُلُثِهِ وَلَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ نَصِيبُ صَاحِبِهِ وَإِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ لَا يَلْزَمُ إِلَّا فِي عِتْقٍ يُتَعَجَّلُ أَوْ يُتَأَجَّلُ أَجَلًا قَرِيبًا لَا يَرُدُّهُ دَيْنٌ وَهَذَا قَدْ يَرُدُّهُ الدَّيْنُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ لَهُ أَمْوَالٌ مَأْمُونَةٌ فَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ وَيُتَعَجَّلُ لَهُ الْعِتْقُ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُوقَفُ فَإِنْ مَاتَ فَفِي الثُّلُثِ أَوْ مَا حَمَلَهُ وَإِنْ كَانَتْ لَهُ أَمْوَالٌ مَأْمُونَةٌ قُوِّمَ فِيهَا (فَرْعٌ) قَالَ إِنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ فِي مَرَضِهِ فَلَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ وَأَجَازَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ حِصَّتَهُ فَلَا تَقْوِيمَ عَلَيْهِ وَالْوَلَاءُ لِلْمَيِّتِ قَالَهُ مَالِكٌ لِأَنَّ الْوَارِثَ إِنَّمَا أَجَازَ فِعْلَ الْمَيِّتِ فَلم يدْخل ضَرَرا فِي الْمَالِ وَعَنْ مَالِكٍ إِنْ أَعْتَقَ بَعْضَ عَبْدِهِ فِي صِحَّتِهِ وَيُتِمُّ عَلَيْهِ وَهُوَ مَرِيضٌ

فَإِنْ صَحَّ عُتِقَ عَلَيْهِ كُلُّهُ وَإِنْ مَاتَ فَالْبَاقِي فِي ثُلُثِهِ لِوُجُودِ السَّبَبِ مُتَقَدِّمًا وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ قُيِّمَ عَلَيْهِ فِي مَرَضِهِ فَلَا تَقْوِيمَ إِنْ مَاتَ لِحُصُولِ الْحَجْرِ وَإِنْ قُلْنَا يُتَمُّ عَلَى الْمَرِيضِ عَهْدُهُ قَالَ أَصْبَغُ يقوم عَلَيْهِ نصِيبه غَيْرِهِ إِذَا أَعْتَقَ شِقْصَهُ الْآنَ وَيُوقَفُ الْآنَ حَتَّى يُعْتَقَ مِنْهُ مَا حَمَلَ مِنَ الثُّلُثِ مِنْ تِلْكَ الْقَيِّمَةِ الَّتِي كَانَتْ فِي الْمَرَضِ إِنْ مَاتَ مُبَدَّأً عَلَى الْوَصَايَا وَمَا أَعْتَقَ أَوَّلًا فَمِنْ رَأْسِ مَالِهِ فَإِنْ صَحَّ لَزِمَتْهُ الْقِيمَةُ وَقَالَهُ مَالِكٌ لِأَنَّ الْقِيمَةَ إِنَّمَا تَلْزَمُ يَوْمَ الْحُكْمِ لَكِنَّهُ حُكْمٌ مُتَوَقَّعٌ فِيهِ الصِّحَّةُ فَإِنْ صَحَّ لَزِمَتْهُ الْقِيمَةُ فِي جَمِيعِ مَالِهِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا تَقْوِيمَ فِي الْمَرَضِ وَلْيُوقَفْ أَبَدًا حَتَّى يَمُوتَ فَيُعْتَقُ مَا بَقِيَ فِي ثُلُثِهِ أَوْ يَصِحُّ فَيَكُونُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ إِلَّا أَنْ يَعْتِقَ الشَّرِيكُ لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَنْفُذِ الْحُكْمُ الْآنَ فَلَا مَعْنَى لِتَعْجِيلِ التَّقْوِيمِ الْخَاصِّيَّةُ الْخَامِسَةُ الْقُرْعَةُ وَمَحَلُّهَا وَفِي الْكتاب إِذا أوصى بِعِتْق عبيده اَوْ بتلفهم فِي الْمَرَضِ ثُمَّ مَاتَ عَتَقُوا إِنْ حَمَلَهُ الثُّلُث وَإِلَّا تبلغه بِالْقُرْعَةِ وَإِن لم يدع غَيرهم قبلهم بِالْقُرْعَةِ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح لَا تَجُوزُ الْقُرْعَةُ فِي الْأَوْلَى وَيُعْتَقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثُهُ وَيُسَعَّى فِي بَاقِي قِيمَتِهِ لِلْوَرَثَةِ حَتَّى يُؤَدِّيَهَا فَيُعْتَقَ لَنَا مَا فِي الْمُوَطَّأِ إِنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ عَبِيدًا لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ فَأَسْهَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَعْتَقَ ثُلُثَ الْعَبِيدِ قَالَ مَالِكٌ وَبَلَغَنِي أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِذَلِكَ الرَّجُلِ مَالٌ غَيْرَهُمْ وَفِي غير الْمُوَطَّأ من الصِّحَاح أعتق سِتَّة ممالك فِي مَرَضِهِ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ فَدَعَاهُمُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَجَزَّأَهُمْ فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ وَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَرَقَّ أَرْبَعَةً وَلِأَن الْإِجْمَاع فِي حصر التَّابِعِينَ عَلَيْهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَخَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ وَأَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ وَابْنِ سِيرِين وَغَيرهم وَلم يخالفهم من حصرهم أَحَدٌ وَوَافَقَنَا ح فِي الْقُرْعَةِ فِي قِسْمَةٍ

الْأَرْضِ لِعَدَمِ الْمُرَجِّحِ وَهُوَ هَاهُنَا وَلِأَنَّ فِي الِاسْتِسْعَاءِ ضَرَرًا عَلَى الْعَبِيدِ بِالْإِلْزَامِ وَعَلَى الْوَرَثَةِ بِتَأْخِيرِ الْحَقِّ وَتَعْجِيلِ حَقِّ الْمُوصَى لَهُ وَالْقَوَاعِدُ تَقْتَضِي تَقْدِيمَ حَقِّ الْوَارِثِ لِأَنَّ لَهُ الثُّلُثُيْنِ وَلِأَنَّ مَقْصُودَ الْمُوصِي كَمَالُ الْعِتْقِ فِي الْعَبْدِ لِيَتَفَرَّغَ لِلطَّاعَاتِ وَالْكَسْبِ وَتَجْزِئَةُ الْعِتْقِ تَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ لَا يَحْصُلُ الْكَمَالُ أَبَدًا احْتَجُّوا بِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا عِتْقَ إِلَّا فِيمَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ وَاحِد جَازَ وَالْبَيْعُ يَلْحَقُهُ الْفَسْخُ وَالْعِتْقُ لَا يَلْحَقُهُ الْفَسْخُ فَأَوْلَى لِعَدَمِ الْقُرْعَةِ لِأَنَّ فِيهَا تَحْوِيلَ الْعِتْقِ وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَالِكًا لِثُلُثِهِمْ فَأَعْتَقَهُ لَمْ يَجْمَعْ ذَلِكَ فِي اثْنَيْنِ مِنْهُمْ وَالْمَرِيضُ لَمْ يملكهُ غَيْرَ الثُّلُثِ فَلَا يُجْمَعُ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْعِ التَّصَرُّفِ وَعَدَمِ الْمِلْكِ فِي نُفُوذِ الْعِتْقِ وَلِأَنَّ الْقُرْعَةَ فِي جَمِيعِ الْحُقُوقِ إِنَّمَا تَدْخُلُ فِيمَا يَجُوزُ التَّرَاضِي عَلَيْهِ لِأَنَّ الْحَدِيثَ حَالَ الصِّحَّةِ لَمَّا لَمْ يَجُزِ التَّرَاضِي عَلَى إِسْقَاطِهَا لَمْ تَدْخُلِ الْقُرْعَةُ فِيهَا وَقِسْمَةُ الْأَمْوَالِ يَجُوزُ التَّرَاضِي فِيهَا فَدَخَلَتِ الْقُرْعَةُ فِيهَا وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْعِتْقَ مَا وَقَعَ إِلَّا فِيمَا يَمْلِكُ وَمَا قَالَ الْعِتْقُ فِي كُلِّ مَا يَمْلِكُهُ فَإِذَا نَفَذَ الْعِتْقُ فِي عَبْدَيْنِ وَقَعَ الْعِتْقُ فِيمَا يَمْلِكُ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ قَضِيَّةٌ فِي عَيْنٍ لِتَمْهِيدِ قَاعِدَةٍ كُلِّيَّةٍ كَالرَّحِمِ وَغَيره وَلقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حُكْمِي عَلَى الْوَاحِدِ كَحُكْمِي عَلَى الْجَمَاعَةِ وَعَنِ الثَّالِثِ لَوْ كَانَ الْعِتْقُ شَائِعًا لَبَطَلَتِ الْقُرْعَةُ واتفاقهم فِي الْقيمَة

اَوْ إثنين سهم لَهُ مُتَعَذِّرًا عَادَةً لَا سِيَّمَا الْجَلَبُ وَوَخْشُ الرَّقِيقِ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ الْمَيْسِرَ هُوَ الْقِمَارُ وَمَيْسِرُ الْحُقُوقِ لَيْسَ قِمَارًا وَقَدْ أَقْرَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَيْنَ أَزْوَاجِهِ وَغَيْرِهِمْ وَاسْتُعْمِلَتِ الْقُرْعَةُ فِي شَرَائِعِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ السَّلَامُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَسَاهَمَ فَكَانَ من المدحضين} و {إِذْ يلقون اقلامهم ايهم يكفل وَمَرْيَم} وَلَيْسَ فِيهَا نَقْلُ الْحَدِيثِ لِأَنَّ عِتْقَ الْمَرِيضِ لَمْ يَتَحَقَّقْ لِأَنَّهُ إِنْ صَحَّ عَتَقَ الْجَمِيعُ وَإِنْ طَرَأَتْ دُيُونٌ بَطَلَ وَإِنْ مَاتَ وَهُوَ يَخْرُجُ مِنَ الثُّلُثِ عَتَقَ الثُّلُثُ فَلَمْ يَقَعْ فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى مِنَ الْعِتْقِ إِلَّا مَا أَخْرَجَتْهُ الْقُرْعَةُ وَعَنِ الْخَامِسِ الْفَرْقُ بِأَنَّ مَقْصُودَ الْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ التَّمْلِيكُ وَهُوَ حَاصِلٌ فِي الْمِلْكِ الشَّائِعِ كَغَيْرِهِ وَمَقْصُودُ الْعِتْقِ التَّخْلِيصُ لِلطَّاعَاتِ والاكتساب وَلَا يحصل مَعَ التَّبْعِيض وَلِأَن الْمَالِك شَائِعًا لَا يُؤَخِّرُ حَقَّ الْوَارِثِ وَهَاهُنَا يَتَأَخَّرُ بِالِاسْتِسْعَاءِ وَعَنِ السَّادِسِ إِنَّ الْبَيْعَ لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الْوَارِثِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْوَصِيَّةُ وَلَا تَحْوِيلَ لِلْعِتْقِ كَمَا تَقَدَّمَ وَعَنِ السَّابِعِ أَنَّهُ إِذَا مَلَكَ الثُّلُثَ فَقَطْ لَمْ يَحْصُلْ تَنَازُعٌ فِي الْعِتْقِ وَلَا جَرَيَانَ مِنْ تَنَاوُلِهِ لَفْظَ الْعِتْقِ وَعَنِ الثَّامِنِ أَنَّ الْوَارِثَ لَوْ رَضِيَ تَنْفِيذَ عِتْقِ الْجَمِيعِ فَهُوَ يَدْخُلُهُ الرِّضَا تَمْهِيدٌ الْإِقْرَاعُ عِنْدَ تَسَاوِي الْحُقُوقِ وَدَفْعِ الضَّغَائِنِ وَالْأَحْقَادِ وَالرِّضَا بِمَا جَرَتْ بِهِ الْأَقْدَارُ وَقَضَاءِ الْمِلْكِ الْجَبَّارِ وَهِيَ مَشْرُوعَةٌ بَيْنَ الْخُلَفَاءِ إِذَا اسْتَوَت

(تفريع)

فهم أَهْلِيَّةُ الْوِلَايَةِ وَالْأَئِمَّةِ وَالْمُؤَذِّنِينَ وَالتَّقَدُّمِ لِلصَّفِّ الْأَوَّلِ عِنْدَ الزِّحَامِ وَتَغْسِيلِ الْأَمْوَاتِ عِنْدَ تَزَاحُمِ الْأَوْلِيَاءِ وَتَسَاوِيهِمْ فِي الصِّفَاتِ وَبَيْنَ الْحَاضِنَاتِ وَالزَّوْجَاتِ فِي السَّفَرِ وَالْقِسْمَةِ وَالْخُصُومِ عِنْدَ الْحُكَّامِ (تَفْرِيعٌ) فِي الْكِتَابِ إِنْ قَالَ ثُلُثُهُمْ أَحْرَارٌ أَوْ نِصْفُهُمْ عَتَقَ ذَلِكَ بِالْقُرْعَةِ إِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ وَإِلَّا فَمَا حَمَلَهُ مِمَّا سَمَّى وَإِنْ قَالَ فِي مَرَضِهِ عَشَرَةٌ مِنْهُمْ وَهُمْ سِتُّونَ عَتَقَ سُدُسُهُمْ أَخْرَجَتِ الْقُرْعَةُ أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةٍ أَوْ أَقَلَّ وَلَوْ هَلَكُوا إِلَّا عَشَرَةً لَعَتَقُوا إِنْ حَمَلَهُمُ الثُّلُثُ وَإِنْ كَثُرَتْ قِيمَتُهُمْ وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُمُ الثُّلُثُ عَتَقَ مَبْلَغُهُ بِالْقُرْعَةِ وَإِنْ بَقِيَ أَحَدَ عَشَرَ عَتَقَ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا بِالْقُرْعَةِ إِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ أَوْ عِشْرُونَ عَتَقَ نِصْفُهُمْ بِالْقُرْعَةِ فِي الثُّلُثِ أَوْ ثَلَاثُونَ فثلاثهم وَإِن سمى حرا فَقَالَ سُدُسُهُمْ لَمْ يَعْتِقْ إِلَّا سُدُسُ مَنْ بَقِيَ وَلَوْ بَقِيَ وَاحِدٌ وَإِنْ قَالَ رَأْسٌ مِنْهُم وَلم يُعينهُ عَتَقَ بِالْقُرْعَةِ إِنْ كَانُوا خَمْسَةً يَوْمَ التَّقْوِيمِ فَخُمُسُهُمْ أَوْ سِتَّةً فَسُدُسُهُمْ خَرَجَ أَقَلُّ مِنْ وَاحِدٍ أَوْ أَكْثَرُ تُوَفِّيهِ بِلَفْظِهِ وَإِذَا انْقَسَمُوا على الْجُزْء الَّذِي يعْتق مِنْهُم جزؤا بِطَاقَةً وَأُقْرِعَتْ بَيْنَهُمْ فَمَنْ خَرَجَ اسْمُهُ وَقِيمَتُهُ مَبْلَغَ الْجُزْءِ الَّذِي يُعْتَقُ عَتَقَ مَبْلَغُهُ فَقَطْ اَوْ نقص وَأُعِيدَتِ الْقُرْعَةُ لِتَمَامِ مَا بَقِيَ مِنْ جُزْءِ الْوَصِيَّةِ فَمَا وَقَعَ لِذَلِكَ عَتَقَ عَبْدٌ أَوْ بَعْضُ عَبْدٍ وَإِنْ قَالَ عِنْدَ مَوْتِهِ أَثْلَاثُ رَقِيقِي أَوْ أَنْصَافُهُمْ أَحْرَارٌ أَوْ ثُلُثُ كُلِّ رَأْسٍ أَوْ نِصْفُ كُلِّ رَأْسٍ عَتَقَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مَا ذُكِرَ إِنْ حَمَلَ ذَلِكَ الثُّلُثُ وَلَا يُبَدَّأُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ لِأَنَّهُ عَيَّنَ الْعِتْقَ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَوْ مَا حَمَلَ ثُلُثُهُ فِيمَا سَمَّى بِالْحِصَصِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ بِغَيْرِ قُرْعَةٍ لِأَنَّهُ عَيَّنَ الْعِتْقَ لِكُلِّ وَاحِدٍ فِي التَّنْبِيهَاتِ الْقُرْعَةُ تَتَكَرَّرُ فِي الْمُنَاظَرَاتِ وَهِيَ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ لِلْفُقَهَاءِ وَتَحْقِيقُ مَذْهَبِ مَالِكٍ عِنْدَ أَكْثَرِهِمْ عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ لَفْظِةٍ فِي الْكِتَابِ وَقِيلَ مَذْهَبُهُ فِي الْكِتَابِ مَعَ ضِيقِ الْمَالِ وَأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكَ سِوَاهُ وَأَمَّا

مَتَى كَانَ لَهُ سِوَاهُ فَإِنَّهُ يَتْلَفُ فِي الْعَدَدِ حَتَّى يَسْتَكْمِلَ مِنَ الثُّلُثِ عَشَرَةً وَإِنْ كَانَ نَوَى ثُلُثَ جَمِيعِ تَرِكَتِهِ مِنَ الْعَبِيدِ وَغَيْرِهِمْ عَنْ مَالِكٍ إِذَا قَالَ أَحَدُ عَبِيدِي حُرٌّ فِي الْوَصِيَّةِ عَتَقَ وَاحِدٌ كَامِلٌ أَوْ ثَلَاثَةٌ عَتَقَ وَاحِدٌ بِالسَّهْمِ وَإِنْ كَانُوا أَقَلَّ مِنَ الثُّلُثِ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ عَيَّنَهُ عَتَقُوا بِالْحِصَصِ وَقَالَهُ سَحْنُونٌ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ سَمَّى أَمْ لَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ اخْتُلِفَ فِي الرَّجُلِ الْوَارِدِ فِي الْخَبَرِ فَقِيلَ بَتَلَهُمْ وَقِيلَ أَوْصَى بِعِتْقِهِمْ فَحَمَلْنَا الْقُرْعَةَ عَلَيْهِمَا عِنْدَ ضِيقِ الثُّلُثِ دُونَ تَصَرُّفِ الصِّحَّةِ لِأَنَّهَا رُخْصَةٌ لَا يُقَاسُ عَلَيْهَا وَقَالَ الْمُغِيرَةُ إِنَّمَا الْقُرْعَةُ عِنْدَ مَنْ أَعْتَقَ عَبِيدَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ قَالَ الْمُغِيرَةُ وَلَوْ قَالَ فِي وَصِيَّتِهِ أَحَدُ عَبِيدِي حُرٌّ وَهُمْ خَمْسَةٌ أَعْتَقَ خُمُسَ كُلِّ وَاحِدٍ وَقَالَ أَصْبَغُ فِي الْمُبَتَّلِينَ فِي الْمَرَضِ لَا يَحْمِلُهُمُ الثُّلُثُ يُعْتَقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ بِغَيْرِ سَهْمٍ وَإِنَّمَا السُّنَّةُ بِالسَّهْمِ فِي الْوَصِيَّةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَإِنْ قَالَ مَيْمُونٌ وَمَرْزُوقٌ حُرَّانِ تَحَاصَّا عِنْدَ ضِيقِ الثُّلُثِ لِأَنَّهُ لَمَّا سَمَّى فَقَدْ قَصَدَ لَهُ الْعِتْقَ وَقِيلَ يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ وَالْمَذْهَبُ الْفَرْقُ بَيْنَ التَّسْمِيَةِ وَغَيْرِهَا فَيَحْصُلُ إِذَا بَتَلَ عَبِيدَهُ أَوْ أَوْصَى فَقَدْ سَمَّى أَمْ لَا وَلَمْ يَحْمِلِ الثُّلُثُ فَفِي كل وَجه قَولَانِ فالقرعة وَالْمُحَاصَّةُ قَالَ مَالِكٌ وَمِمَّا تَكُونُ فِيهِ الْقُرْعَةُ فِي الصِّحَّةِ أَنْ يَعْتِقَ نِصْفَ رَقِيقِهِ أَوْ جُزْءًا يُسَمِّيهِ فَإِنَّ ذَلِكَ فِي الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ وَفِي الْوَصِيَّةِ سَوَاءٌ فَيُعْتَقُ مَنْ خَرَجَ إِلَى مَبْلَغِ قِيمَةِ الْحُرِّ الَّذِي سَمَّى فَإِنْ فَضَلَ مِنْ قِيمَةِ نِصْفِهِمْ أَوِ الْجُزْءِ الَّذِي سَمَّى فَضْلَةٌ حَتَّى يَقَعَ ذَلِكَ فِي بَعْضِ عَبْدٍ فَإِن كَانَ فِي وَصِيَّة رق بَاقِيه ااو فِي صِحَّةٍ كَمَلَ عِتْقُهُ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنْ قَالَ أَنْصَافُهُمْ أَوْ أَثَلَاثُهُمْ لَا يُسْهَمُ فِي ذَلِكَ فِي الصِّحَّةِ وَلَا فِي الْوَصِيَّةِ لَكِنْ يُعْتَقُ الْجُزْءُ الَّذِي سَمَّى مِنْ كُلِّ رَأْسٍ إِنْ حَمَلَ ذَلِكَ الثُّلُثُ فِي الْوَصِيَّةِ وَتَكْمُلُ النَّفَقَةُ فِي الصِّحَّةِ وَقَالَ ابْنُ الْكَاتِبِ فِي قَوْلِ الْمَرِيضِ أَثْلَاثُ رَقِيقِي لَمْ يُرِدْ

تَكْمِيلِ عِتْقِ أَحَدِهِمْ وَأَمَّا الْمُوصِي إِذَا لَمْ يَحْمِلِ الثُّلُثُ وَقَالَ ثُلُثُهُمْ فَمَا زَادَ تَمَامُ الْحُرِّيَّةِ فَيُمَيَّزُوا بِالْقُرْعَةِ لِيَحْصُلَ مُرَادُهُ بِخِلَافِ مَنْ أَوْصَى بِثُلُثِهِمْ لِرَجُلٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ شَرِيكًا لِأَنَّهُ أَقَامَهُ مَقَامَهُ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا قَالَ رَأَسٌ مِنْهُمْ حُرٌّ وَلَمْ يُعَيِّنْهُمْ وَهُمْ خَمْسَةٌ يُعْتَقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ خُمُسُهُ قَالَ وَيُعْتَقُ خُمُسُ قِيمَتِهِمْ خَرَجَ رَأْسٌ أَوْ بَعْضُهُ قَالَ مُحَمَّدٌ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ قَالَ أَشْهَبُ وَإِنْ أَوْصَى بِذَلِكَ عَنْ رَقَبَةِ ظِهَارٍ أَوْ بَتْلٍ فَيُسْهَمُ بَيْنَ كُلِّ مَنْ يَصْلُحُ لِلرِّقَابِ الْوَاجِبَةِ فَمَنْ خَرَجَ عَتَقَ كُلُّهُ لِأَنَّ التَّبْعِيضَ فِي الْكَفَّارَةِ مُمْتَنِعٌ وَلَا عِتْقَ لِمَنْ بَقِيَ وَعَنْ مَالِكٍ إِنْ قَالَ عِنْدَ مَوْتِهِ رَأَسٌ مِنْ رقيقي وَأحد عَبِيدِي حر وهم ثلث فَأُقْرِعَ بَيْنَهُمْ فَخَرَجَ أَحَدُهُمْ وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ ثُلُثِ قِيمَتِهِمْ عَتَقَ كُلُّهُ إِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَأَصْحَابُ مَالِكٍ كُلُّهُمْ عَلَى خِلَافِهِ وَأَمَّا الصَّحِيحُ فَيَخْتَارُ وَاحِدًا مِنْهُمْ فَيُعْتِقُهُ أَوْ وَرَثَتُهُ إِنْ مَاتَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَإِنْ قَالَ الصَّحِيحُ أَثْلَاثُ رَقِيقِي عَتَقَ عَلَيْهِ ثُلُثُ كُلِّ رَأْسٍ وَكَمَّلَ لِأَنَّهُ أَعْتَقَ بَعْضَ عَبْدِهِ أَوْ مَرِيضٌ فَمَاتَ عَتَقَ مَا سَمَّى وَكُمِّلَ فِي ثُلُثِهِ بَاقِيهِمْ وَإِنْ عَاشَ أَتَمُّوا فِي راس المَال مَالِهِ لِأَنَّ الْمَرِيضَ تَصَرَّفَ فِي حَالٍ لَا يَمْلِكَ إِلَّا الثُّلُثَ فَإِذَا عَاشَ مَلَكَ جَمِيعَ مَالِهِ وَإِنْ قَالَهُ فِي وَصِيَّتِهِ عَتَقَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثَهُ فَقَطْ لِأَنَّهُ أَوْقَعَهُ فِي حَال مَا وَمَالُهُ لِوَرَثَتِهِ وَإِنْ قَالَ الصَّحِيحُ نِصْفُ عَبِيدِي أَحْرَارٌ قَالَ سَحْنُونٌ يَحْلِفُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ وَاحِدًا بِعَيْنِهِ خِلَافًا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يُعْتَقُ بِالسَّهْمِ نِصْفُ قِيمَتِهِمْ فَإِنْ وَقَعَ النِّصْفُ فِي بَعْضِ عَبْدٍ كُمِّلَ لِأَنَّهُ صَحِيحٌ وَالْمَرَضُ وَالْوَصِيَّةُ يُعْتَقُ نِصْفُ قِيمَتِهِمْ بِالْقُرْعَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا قَالَ فِي مَرَضِهِ أَوْ وَصِيَّتِهِ عَشَرَةٌ مِنْ عَبِيدِي أَحْرَارٌ وَهُمْ خَمْسُونَ فَخَمْسَةُ أَقْوَالٍ رَقِيق خُمُسُهُمْ بِالْقُرْعَةِ خَرَجَ خَمْسَةٌ أَوْ خَمْسَةَ عَشَرَ وَعَنْ مَالِكٍ إِنْ خَرَجَ أَكْثَرُ مِنْ عَشَرَةٍ عَتَقُوا أَوْ أَقَلُّ

أُقْرِعَ بَيْنَ الْبَاقِينَ حَتَّى تَكْمُلَ عَشَرَةٌ مَا لَمْ يُجَاوِزْ ثُلُثَ الْمَيِّتِ وَخَيَّرَ أَشْهَبُ بَيْنَ الْعِتْقِ بِالسَّهْمِ أَوِ الْحِصَصِ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ بِالْحِصَصِ إِنْ أَعْتَقَ الْمَيِّتُ أَمَّا إِنْ أَوْصَى بَقِيَّتُهُ أَنْ يُعْتِقُوا عَنْهُ خُيِّرُوا بَيْنَهُمَا وَعَنْ مَالِكٍ فِي رَأس مِنْهُم جُزْء وهم ثَلَاثَة فَعتق ثُلُثُهُمْ بِالْقُرْعَةِ ثُمَّ لَمْ يُرِدِ الْمَيِّتُ إِلَّا عِتْقَ وَاحِدٍ فَيُقْرَعُ بَيْنَهُمْ فَإِنْ خَرَجَ وَاحِدٌ وَهُوَ أَدْنَى مِنَ الثُّلُثِ عَتَقَ وَلَمْ تَعُدِ الْقُرْعَةُ أَوْ أَكْثَرُ عَتَقَ إِنْ حَمَلَهُمُ الثُّلُثُ فَاعْتُبِرَ فِي الْأَوَّلِ خُمُسُ قِيمَتِهِمْ لِأَنَّهُ الْعَدْلُ بَيْنَ الْعَبِيدِ وَالْوَرَثَةِ لِأَنَّ أَعْلَاهُمْ أَوْ أَدْنَاهُمْ ظلم بِأحد الْفَرِيقَيْنِ وَمَنْ رَضِيَ بِالْأَدْنَى قِيلَ لَهُ لِلْمَيِّتِ حق فِي عتق الأعلا اَوْ خص الْوسط بالم الأعلا وَالْأَدْنَى لِفَوَاتِ الْعِتْقِ قَالَ سَحْنُونٌ إِنْ قَالَ نصفكما حر أعتق أيكما شَاءَ اَوْ نصفا كَمَا أَعْتَقَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَأَرَى أَنْ يُسْأَلَ وَيُصَدَّقَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَإِنْ عُدِمَتِ النِّيَّةُ فَالتَّجْزِئَةُ أَشْبَهُ لِذِكْرِ النِّصْفِ وَإِنْ قَالَ فِي صِحَّتِهِ عَشَرَةٌ مِنْ رَقِيقِي أَحْرَارٌ فَمَاتَ أَرْبَعُونَ فَقِيلَ الْعَشَرَةُ الْبَاقِيَةُ أَحْرَارٌ لِتَعَيُّنِ الصِّيغَةِ وَقِيلَ لَا عِتْقَ لَهُمْ لِأَنَّ السَّيِّدَ كَانَ قَبْلَ مَوْتِ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ بِالْخِيَارِ وَكَانَ يَعْتِقَ غَيْرَ هَؤُلَاءِ فَإِنْ كَانَ فِي وَصِيَّةٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُعْتَقُونَ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِيَوْمِ الْحُكْمِ فِي الثُّلُثِ لَا يَوْمِ الْمَوْتِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُعْتَقُ خُمُسُ الْبَاقِي لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِيَوْمِ الْمَوْتِ وَإِنْ أُمًّا فَوَلَدَتْ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْكُنَّ وَلَدًا وَالتَّصَرُّفُ فِي الصِّحَّةِ اخْتَارَ عَشْرًا مِنَ الْأُمَّهَاتِ مَعَ أَوْلَادِهِنَّ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَتْبَعُ أُمَّهُ أَوْ فِي الْمَرَضِ يُعْتَقُ خُمُسُهُنَّ الَّذِي كَانَ يعْتق قبل الْولادَة وَيقوم كل وَاحِد بِوَلَدِهَا وَيَتْبَعُهَا فِي الْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ أَوْ فِي وَصِيَّةٍ وَعَيَّنَهُنَّ فَقَالَ هَؤُلَاءِ الْخَمْسِينَ رَقَّ مَا وُلِدَ فِي جِنَايَةٍ وَلَا يَدْخُلُونَ فِي الْقُرْعَةِ وَيَدْخُلُ الْمَوْلُودُ بَعْدَ ذَلِكَ فَيُعْتَقُ خُمُسُ الْمِائَةِ وَتُقَوَّمُ كُلُّ أَمَةٍ بِمَا وَلَدَتْ وَيَتْبَعُهَا إِنْ عَتَقَتْ وَلَا يُقْرَعُ عَلَيْهِ بِانْفِرَادِهِ وَإِنْ قَالَ عَشْرَةٌ مِمَّنْ يَكُونُ يَوْمَ أَمُوتُ وَلَمْ يَقُلْ هَؤُلَاءِ

دَخَلَ جَمِيعُ الْوَلَدِ فِي الْعِتْقِ وُلِدَ قَبْلُ أَوْ بَعْدُ وَتَخْتَلِفُ صِفَةُ الْعِتْقِ فَمَا وُلِدَ قَبْلُ قُوِّمَ بِانْفِرَادِهِ وَقَدْ يُعْتَقُ دُونَ أُمِّهِ أَوْ أُمُّهُ دُونَهُ إِنْ وَقَعَتْ عَلَيْهَا وَمَا وُلِدَ بَعْدُ قُوِّمَ مَعَ أُمِّهِ يَتْبَعُهَا فِي الْعِتْقِ وَالرِّقِّ لِتَعْلِيقِهِ الْعِتْقَ بِالْكَائِنِ عِنْدَ الْمَوْتِ فَالْمَوْلُودُ قَبْلُ كَعَبْدٍ اشْتَرَاهُ وَإِنْ قَالَ يَوْمَ يُنْظَرُ فِي ثُلُثَيْ لَمْ يَدْخُلِ الْمَوْلُودُ فِي الْحَيَاة لقَوْله مَنْ هَؤُلَاءِ وَدَخَلَ فِي الْعِتْقِ مَنْ وُلِدَ بعد لِأَنَّهُ بعد مَوته كالمعتقة إِلَى أَجَلٍ فَمَوْتُهُ أَثْبَتَ لَهُ عَقْدَ الْعِتْقِ وَسَقَطَ تَخْيِيرُ الْمَيِّتِ وَإِنْ قَالَ عَشَرَةٌ مِمَّنْ يَكُونُ فِي مِلْكِي يَوْمَ يُنْظَرُ فِي ثُلُثِي وَلَمْ يَقُلْ مَنْ هَؤُلَاءِ دَخَلَ جَمِيعُ الْأَوْلَادِ وُلِدَ فِي الْحَيَاةِ أَوِ الْمَمَاتِ وَأُقْرِعَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ بِانْفِرَادِهِ وَكَانَ الْمُعْتَقُ فِي عَشَرَةٍ من مائَة وَخمسين إِن ولد لكل وَاحِدٌ قَبْلُ وَبَعْدُ فَإِنْ حَصَلَتِ الْقُرْعَةُ لِمَنْ وُلِدَ قَبْلُ أَوْ بَعْدُ أَوِ الْأُمُّ وَحْدَهَا عَتَقَ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الْعِتْقَ بِمَجْهُولٍ مِمَّنْ يَكُونُ يَوْمَ الْحُكْمِ تَنْبِيهٌ إِذَا أَعْتَقَ فِي مَرَضِهِ عَبِيدًا لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ فَمَاتَ بَعْضُهُمْ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ أُقْرِعَ بَيْنَ الْبَاقِينَ وَلَا يَدْخُلُ الَّذِي مَاتَ وَقَالَ ش يَدْخُلُ فَإِنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ عَتَقَ مِنْ يَوْمِ أَعْتَقَهُ وَإِنْ خَرَجَتْ لَهُ قُرْعَةٌ رَقَّ أَوْ خَرَجَتْ عَلَى أَحَدِ الْبَاقِينَ قُرْعَةُ حُرِّيَّةٍ بَطَلَتْ وَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَوَقَعَتِ الْقُرْعَةُ بَيْنَ مَنْ بَقِيَ فَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً فَخَرَجَتْ لِلْمَيِّتِ رَقَّ الْأَحْرَارُ اَوْ خرج لَهُم سَهْمُ الرِّقِّ أُقْرِعَ بَيْنَ الْبَاقِينَ وَبَطَلَ حُكْمُ الْمَيِّتِ وَيُعْتَقُ ثُلُثُ مَا بَقِيَ كَمَذْهَبِنَا لَنَا أَنَّ عِتْقَ الْمَرِيضِ مَوْقُوفٌ عَلَى الثُّلُثِ بَعْدِ الْمَوْتِ كَالْوَصِيَّةِ بِعِتْقِهِمْ فَلَمْ يَتَقَرَّرْ حُكْمُهُ إِلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ وَلَمْ يُؤَجَّلْ حِينَئِذٍ إِلَّا الْأَحْيَاءُ وَلِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ لِلْوَارِثِ شَيْءٌ إِلَّا بَعْدَ حُصُولِ الثُّلُثِ لِلْمَيِّتِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي رَسَمَهُ وَإِنَّمَا كَانَ قَصْدُهُ حُصُولَ الْحُرِّيَّةِ فِي عَبْدٍ فَتَتِمُّ خِدْمَتُهُ فَإِذَا حَسَبْنَا الْمَيِّتَ حَصَلَ مَقْصُودُ الْوَارِثِ دُونَ الْمُعْتِقِ وَلِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى إِخْرَاجِ الثُّلُثِ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي فَيَلْزَمُ مِلْكُ الْوَارِثِ الثُّلثَيْنِ قبل

(فرع)

مَوته وَلِأَنَّهَا حريَّة مَوْقُوفَة على مَوته لنَفسهَا عَلَى الْوَصِيَّةِ إِذَا مَاتَ أَحَدُهُمْ احْتَجُّوا بِأَنَّهُ إِذَا وَقَعَتْ عَلَى الْمَيِّتِ قُرْعَةُ الْحُرِّيَّةِ حَصَلَ للْمُعْتق ثَوَاب الْمُعْتق لِأَنَّ ثَوَابَهُ بِالْعِتْقِ لَا يُطَوِّلُ حَيَاةَ الْعَتِيقِ أَوْ قُرْعَةُ الرِّقِّ بَطَلَ حُكْمُهُ وَلَمْ يُحْسَبْ عَلَيْهِمْ كَمَا لَوْ أَوْصَى وَلَهُ مَالٌ غَائِبٌ فَهَلَكَ لَا يُحْسَبُ ذَلِكَ الْمَالُ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ لَهُمْ يَدٌ وَلِأَنَّ الْعَبْدَ الْمُوصَى بِهِ لِإِنْسَانٍ إِذَا تَلِفَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَقَبْلَ قَسْمِ التَّرِكَةِ لَمْ يَكُنْ لِلْمُوصَى لَهُ فِي التَّرِكَةِ شَيْءٌ فَكَذَلِكَ الْمُعْتَقُ وَالْجَوَابُ عَنِ الأول لَا يسلم حُصُول ثَوَاب الْعتْق لعتق لِعَدَمِ تَقْرِيرِهِ وَمَوْتِ الْعَبْدِ رَقِيقًا بِدَلِيلِ مَنْعِ شَهَادَتِهِ وَكَمَا لَا يُحْسَبُ الْمَالُ الْغَائِبُ عَلَى الْوَارِثِ فَكَذَلِكَ لَا يُحْسَبُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ مِثَالَهُ عِتْقَ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ فِي مَرَضِهِ فَيَمُوتُ فِي مَرَضِ سَيِّدِهِ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَقُ مِنْ تَرِكَتِهِ بَدَلُهُ وَأَمَّا هَاهُنَا فِي الثُّلُثِ فَيَكُونُ الْمَوْتُ قَبْلَ مَوْتِهِ مِنَ التَّرِكَةِ لِأَنَّ الثُّلُثَ يَجُوزُ بَعْدَ الْمَوْتِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِنْ قَالَ فِي صِحَّتِهِ إِنْ كَلَّمْتُ فُلَانًا فَرَقِيقِي أَحْرَارٌ فَكَلَّمَهُ فِي مَرَضِهِ ثُمَّ مَاتَ عَتَقُوا إِنْ حَمَلَهُمُ الثُّلُثُ أَوْ مَا حَمَلَهُ بِالْقُرْعَةِ وَرَقَّ الْبَاقِي كَمَنَ بَتَلَهُمْ فِي الْمَرَضِ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِحَالِ الْحِنْثِ لَا بِحَالِ التَّعْلِيقِ لِأَنَّهُ حَالُ كَمَالِ السَّبَبِ وَلِأَنَّهُ عتق فِي حَال الْمَرَض كالمثل وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ يُعْتَبَرُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ نَظَرًا لِحَالَةِ الْحَلِفِ وَإِنْ قَالَ إِنْ لَمْ أَفْعَلْ فَمَاتَ وَلَمْ يَفْعَلْ عَتَقُوا إِنْ حَمَلَهُمُ الثُّلُثُ أَوْ مَبْلَغُهُ مِنْ جَمِيعِهِمْ بِالْحِصَصِ بِلَا قُرْعَةٍ وَيَدْخُلُ مَعَهُمْ كُلُّ وَلَدٍ وُلِدَ لَهُمْ بَعْدَ الْيَمِينِ مِنْ إِنَاثِهِمْ فَيُقَوَّمُ مَعَهُمْ فِي الثُّلُثِ وَهُمْ كَالْمُدَبَّرِينَ وَإِنْ قُلْتَ فِي صِحَّتِكَ لِعَبْدِكَ إِنْ دَخَلْتَ هَذِهِ الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ فَدَخَلَهَا فِي مَرَضِكَ ثُمَّ مُتَّ مِنْهُ عَتَقَ فِي الثُّلُثِ وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ فِي الطَّلَاقِ إِذا دخلت فِي الْمَرَضِ وَتَرِثُكَ (179) وَإِنِ انْقَضَتْ عَدَّتُهَا كَمَا لَوْ طَلَّقْتَهَا فِي مَرَضِكَ لِمَا تَقَدَّمَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَكَانَتْ يَمِينُهُ فِي الْمَرَضِ إِنْ لَمْ أَفْعَلْ فَمَاتَ قَبْلَ الْفِعْلِ قِيلَ يُعْتَقُ بِالْحِصَصِ كَالْمَدْيُونِ وَقِيلَ بِالسَّهْمِ كَالْمُبَتَّلِينَ (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِر إِذا أعتقت الْمَرِيض على تَرْتِيب بديء السَّابِقِ لِأَنَّ تَقَدُّمَ السَّبَبِ يُعِينُ الْمُسَبَّبَ لَهُ (فَرْعٌ) لَا يَتَعَيَّنُ لِلْقُرْعَةِ الْوَرَقُ بَلِ الْخَشَبُ وَغَيْرُهُ وَيَمْتَنِعُ الْخَطَرُ نَحْوَ إِنْ طَارَ غُرَابُ فُلَانٍ يَتَعَيَّنُ لِلْحُرِّيَّةِ وَنَحْوَهُ وَصُورَةُ التَّجْزِئَةِ قِسْمَتُهُمْ ثَلَاثَةُ أَجْزَاءٍ مُتَسَاوِيَةٍ فِي الْقِيمَةِ فَإِنْ لَمْ يَتَسَاوَ عَدَدُهُمْ خُيِّرَ الْخَسِيسُ بِالتَّفْلِيسِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَمَا إِذَا كَانُوا ثَمَانِيَةَ أَعْبُدٍ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِائَةٌ أُقْرِعَ بَيْنَ جَمِيعِهِمْ فَمَنْ خَرَجَ سَهْمُهُ الَّذِي يَلِيهِ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى كَمَالِ الثُّلُثِ بِوَاحِدٍ أَوْ بِبَعْضِهِ فَإِنْ يَخْرُجْ أَوْرَاقُ الرُّبْعِ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ (فَرْعٌ) إِذَا ابهم الْعتْق بَين جاريتين وَقُلْنَا تجزأت فوطيء إِحْدَاهُمَا تَعَيَّنَتْ لِلْبَقَاءِ وَكَذَلِكَ اللَّمْسُ بِالشَّهْوَةِ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا قَالَ إِنْ أَعْتَقَتْ غَانِمًا فَسَالِمٌ حُرٌّ فَأَعْتَقَ غَانِمًا وَكُلُّ وَاحِدٍ ثُلُثُ مَالِهِ عَتَقَ غَانِمٌ وَلَا قُرْعَةَ لِأَنَّهُ رُبَّمَا تَخْرُجُ عَلَى سَالِمٍ فَيُعْتَقُ مِنْ غَيْرِ وُجُودِ الصِّفَةِ

(والنظر في سببه وحكمه فهما نظران)

الْخَاصِّيَّةُ السَّادِسَةُ الْوَلَاءُ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ الْوَلَاءُ بِفَتْحِ الْوَاوِ مَمْدُودٌ مِنَ الْوَلَايَةِ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَهُوَ مِنَ النَّسَبِ وَالْعِتْقِ وَأَصْلُهُ الْوَلَاءُ وَهُوَ الْقُرْبُ وَأَمَّا مِنَ الْإِمَارَةِ وَالتَّقْدِيمِ فَبِالْكَسْرِ وَقِيلَ بِالْوَجْهَيْنِ فِيهِمَا وَالْوَلَاءُ لُغَةٌ يُقَالُ لِلْمُعْتِقِ وَالْمُعْتَقِ وَأَبْنَائِهِمَا وَالْمُنَاظِرِ وَابْنِ الْعَمِّ وَالْقَرِيبِ وَالْغَاصِبِ وَالْحَلِيفِ وَالْقَائِمِ بِالْأَمر وناظر الْيَتِيم والنافع الْمُحِبِّ وَالْمُرَادُ بِهِ هَاهُنَا وِلَايَةُ الْإِنْعَامِ وَالْعِتْقِ (وَالنَّظَرُ فِي سَبَبِهِ وَحُكْمِهِ فَهُمَا نَظَرَانِ) النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي سَبَبِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ زَوَالُ الْمِلْكِ بِالْحُرِّيَّةِ فَمَنْ زَالَ مِلْكُهُ بِالْحُرِّيَّةِ عَنْ رَقِيقٍ فَهُوَ مَوْلَاهُ سَوَاءً نَجَّزَ أَوْ عَلَّقَ أَوْ دَبَّرَ أَوِ اسْتَوْلَدَ أَوْ كَاتَبَ أَوْ أَعَتَقَ بِعَرَضٍ أَوْ بَاعَهُ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ أَعَتَقَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ السَّيِّدُ كَافِرًا وَالْعَبْدُ مُسْلِمًا أَوْ عَبْدًا أَعَتَقَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فِي حَالَةٍ يَجُوزُ لَهُ فِيهَا التَّبَرُّعُ فَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ كَافِرًا فَأَسْلَمَ الْعَتِيقُ فَمَتَى أَسْلَمَ السَّيِّدُ فَوَلَاؤُهُ عَلَيْهِ بَاقٍ وَإِنْ مَاتَ الْعَتِيقُ قَبْلَ إِسْلَامِهِ وَرِثَهُ أَقْرَبُ النَّاسِ لِلْكَافِرِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَّا الْعَبْدُ فَلَا يُرْجَعُ الْوَلَاءُ إِلَيْهِ أَبَدًا وَإِنْ عَتَقَ وَهُوَ مُحَالِفٌ لِلْمُكَاتَبِ وَإِنْ أَعْتَقَهُ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ حَتَّى عَتَقَ الْعَبْدُ فَالْوِلَايَةُ لَهُ دُونَ السَّيِّدِ وَحَقِيقَةُ الْوَلَاءِ أَنَّهُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ فَإِنَّ الْعِتْقَ سَبَبٌ لِوُجُودِ الْعَتِيقِ بِإِحْيَاءِ عِبَادَاتِهِ وَوِلَايَتِهِ الْمَنَاصِبَ وَصِدْقِ اكْتِسَابِهِ عَلَيْهِ كَمَا أَنَّ الْأَبَ سَبَبُ وُجُودِ الِابْنِ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَنْ يَجْزِيَ وَلَدٌ وَالِدَهُ حَتَّى يَجِدَهُ رَقِيقًا فيشتريه فيعتقه أَي يوجده حكما اوجده حسا وَكَذَلِكَ اَوْ شَرَطَ لِغَيْرِ الْمُعْتِقِ لَمْ يَصِحَّ كَالنَّسَبِ

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِنِ أَعْتَقَ عَنْ غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ أَمْ لَا فَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتَقِ عَنْهُ أَوْ سَائِبَةً لِلَّهِ فَوَلَاؤُهَا لِلْمُسْلِمِينَ وَعَلَيْهِمُ الْعَقْلُ وَلَهُمُ الْمِيرَاثُ أَوْ عَنْ عَبْدِ رَجُلٍ فَالْوَلَاءُ لِلرَّجُلِ وَلَا يجده غَيره كَعبد أعتق عَبده بِإِذن سَيّده لم أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ فَالْوَلَاءُ لَهُ وَقَالَ أَشْهَبُ يَرْجِعُ إِلَيْهِ لالولاء لِأَنَّهُ يَوْم عقل عِتْقَهُ لَا أَذِنَ سَيِّدُهُ فِيهِ وَلَا رَدَّ فِي النُّكَتِ نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ نَقْلِ الْوَلَاءِ وَعَنْ هِبَتِهِ وَالْعِتْقُ عَنِ الْغَيْر كَذَلِك وَلِأَنَّهُ مَعْرُوف فَلَا يجد بقوله قَالَ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ نُهِيَ عَنْ وَلَاءٍ تقرر الأول وَهَذَا لَمْ يَتَقَرَّرِ ابْتَدَأَ إِلَّا لِمُعْتَقٍ عَنْهُ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْحَقَّ فِيهِ لَهُ وَلِمَنْ بَعْدَهُ مِمَّنْ يَدُورُ الْوَلَاءُ لَهُ فَلَيْسَ لَهُ إِبْطَالُ حَقِّ الْغَيْرِ قُلْتُ الْأَوْقَافُ وَالْأَمْوَالُ تَنْتَقِلُ لِلْغَيْرِ وَمَعَ ذَلِكَ الْقَبُولُ شَرْطٌ بَلِ الْجَوَابُ أَنَّ الْعِتْقَ غُلِّبَ فِيهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى بِدَلِيلِ أَنَّهُمْ إِذَا اتَّفَقُوا عَلَى عَدَمِ التَّقْوِيمِ لَا يَصِحُّ قَالَ بَعْضُ الْقُرَوِيِّينَ فِيمَنْ أَعْتَقَ عَنْ عَبْدِ غَيْرِهِ إِنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ أَرَادَ أَنَّ سَيِّدَ الْمُعْتَقُ عَنْهُ عَلِمَ بِذَلِكَ فَلِذَلِكَ كَانَ الولاب لَهُ وَلَمْ يُعَدْ لِعَبْدِهِ إِنِ أَعْتَقَ فَيَصِيرُ كَعِتْقِ الْعَبْدِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ أَمَّا إِنْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى عَتَقَ الْعَبْدُ فَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتَقِ عَنْهُ كَالْعَبْدِ يُعْتِقُ عَبْدًا وِلَايَةَ السَّيِّدِ حَتَّى يُعْتَقَ وَالْوَلَاءُ لِمَنْ أُعْتِقَ عَنْهُ مَيِّتًا أَوْ حَيًّا وَقَدْ أَعْتَقَ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ سَوَائِبَ فَلَمْ يَرِثُوهُمْ وَكَانَ مِيرَاثُهُمْ لِلْمُسْلِمِينَ وَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِيرَاثُ السَّائِبَةِ لِبَيْتِ الْمَالِ وَلِأَنَّ مُعْتِقَهَا أَعْتَقَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالسَّائِبَةُ الْمَنْهِيُّ عَنْهَا إِنَّمَا هِيَ عِتْقُ الْأَنْعَامِ وَالسَّائِبَةُ أَنْ يَقُولَ لَهُ اذْهَبْ فَأَنْتَ سَائِبَةٌ يُرِيدُ الْحُرِّيَّةَ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي

عِتْقِ الْوَصِيِّ عَنِ الْمَيِّتِ أَنَّ وَلَاءَهُ لِلْمَيِّتِ وَفِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ قَالَ يَا رَسُول الله إِنَّ أُمِّي هَلَكَتْ وَلَيْسَ لَهَا مَالٌ أَيَنْفَعُهَا أَنْ أُعْتِقَ عَنْهَا فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَعَمْ فَأَعْتَقَ عَنْهَا وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ أَعْتِقْ عَنْهَا وَتَصَدَّقْ فَإِنَّهُ سَبَبٌ لَهَا وَأَعْتَقَتْ عَائِشَةُ رَضِي الله عَنْهَا عَن عبد الرَّحْمَن ابْن أَبِي بَكْرٍ رِقَابًا كَثِيرَةً بَعْدَ مَوْتِهِ وَكَانَ وَلَاؤُهُمْ لِمَنْ يَرِثُ الْوَلَاءَ عَنْ أَخِيهَا وقَوْله تَعَالَى {وَفِي الرّقاب} هِيَ الرَّقَبَةُ تُعْتَقُ مِنَ الزَّكَاةِ فَوَلَاؤُهَا لِلْمُسْلِمِينَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ بِشَرْطِ أَنَّ وَلَاءَهُ لِفُلَانٍ بَطَلَ الشَّرْطُ وَهُوَ لِلْمُعْتِقِ إِلَّا أَنْ يَقُولَ أَنْتَ حُرٌّ عَنْ فُلَانٍ وَإِنْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ عَنْ فُلَانٍ وَوَلَاؤُكَ لِي بَطَلَ الشَّرْطُ وَهُوَ لِلْمُعْتَقِ عَنْهُ وَإِنْ قُلْتَ لِمُدَبَّرِكَ أَنْتَ حُرٌّ عَنْ فُلَانٍ عَتَقَ وَوَلَاؤُهُ لِلْمُعْتَقِ عَنْهُ وَإِنْ قُلْتَ لِمُدَبَّرِكَ أَنْتَ حُرٌّ عَنْ فُلَانٍ عَتَقَ وَوَلَاؤُهُ لَكَ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِعَقْدِ التَّدْبِيرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ بِعْتَ مُدَبَّرَكَ بِشَرْطِ الْعِتْقِ فَأَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي فَوَلَاؤُهُ لِلْمُشْتَرِي وَإِنِ أَعْتَقْتَ أُمَّ وَلَدِكَ عَنْ رَجُلٍ نَفَذَ الْعِتْقُ وَوَلَاؤُهَا لَكَ وَكَذَلِكَ بَيْعُهَا مِمَّنْ يُعْتِقُهَا كَمَا لَوْ أَعْطَاهُ مَالًا عَلَى عِتْقِهَا وَقَالَ سَحْنُونٌ يَبْطُلُ الْعِتْقُ وَتُرَدُّ إِلَيْكَ تَبْقَى أُمَّ وَلَدٍ وَإِنْ بِعْتَهَا بِغَيْرِ شَرْطِ الْعِتْقِ فَأَعْتَقَهَا الْمُشْتَرِي قَالَ مُحَمَّدٌ يُنْقَضُ الْعِتْقُ وَتَرْجِعُ أُمَّ وَلَدِ سَيِّدِهَا وَيُرَدُّ الثَّمَنُ بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ لِتَأَكُّدِ عِتْقِهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ بَيْعُ الْوَلَاءِ لَا يَجُوزُ لِلْحَدِيثِ وَلِأَنَّهُ غَرَرٌ لَا يَدْرِي هَلْ لَا يُتْبَعُ بِإِرْثِهِ وَغَيْرِهِ أَمْ لَا وَأَمَّا الْهِبَةُ فَلِأَنَّهَا هِبَةٌ لِمَا بَعْدَ مَوْتِ الْمُعْتِقِ فَهِيَ هِبَةٌ لِمِلْكِ الْغَيْرِ وَتَخْتَلِفُ هَلْ يَصِحُّ فِيمَا يَكُونُ فِي حَيَاةِ الْوَاهِبِ لِأَنَّهُ وَهَبَ مَا يَكُونُ مِنَ الْمِيرَاثِ فِي صِحَّتِهِ كَمَا لَوْ وَهَبَ فِي صِحَّتِهِ مَا يَرِثُ مِنْ أَبِيهِ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ وَإِنْ وَهَبَ ذَلِكَ فِي مَرَضِ الْمَوْلَى صَحَّتِ الْهِبَةُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ وَأَعْتَقَهُ عَنْ نَفْسِهِ وَأَنْ يَكُونَ الْمُعْتِقُ كَأَصْلِ الْحُرِّيَّةِ لَيْسَ مُدَبَّرًا وَلَا مُكَاتَبًا وَلَا مُعْتَقًا إِلَى أَجَلٍ

وَلَا مُعْتَقًا بَعْضُهُ وَالتَّسَاوِي فِي الدَّيْنِ فَيَكُونَانِ مُسْلِمَيْنِ أَوْ نَصْرَانِيَّيْنِ فَإِنِ انْخَرَمَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَثْبُتْ لَهُ الْوَلَاءُ وَعَنْ مَالِكٍ لَا يُعْتِقُ أَحَدٌ سَائِبَةً لِنَهْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ وَعَنْ هِبَتِهِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِم يمْنَع ابْتِدَاء فَإِن وَقع فالولاب لِلْمُسْلِمِينَ وَيَتَخَرَّجُ عَلَى هَذَا الْعِتْقُ عَنِ الْحَيِّ أَوِ الْمَيِّتِ وَعَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ الْوَلَاءُ لِلسَّيِّدِ دون الْمُعْتق فِي الْمُقدمَات منشأ الْخلاف فِي الْمَسْأَلَة فالمنع لِأَنَّهُ هِبَتُهُ لِلْوَلَاءِ وَالْقَائِلُ بِالْجَوَازِ فُهِمَ أَنَّ مُرَادَهُ جَعْلُ الْوَلَاءِ لِلْمُسْلِمِينَ ابْتِدَاءً وَلَمْ يَتَحَقَّقْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ مُرَادُهُ فَكَرِهَهُ ابْتِدَاءً وَلَوْ قَالَ أَنْت حر عني وولاؤك للْمُسلمين وَلم يَخْتَلِفْ أَنَّ الْوَلَاءَ لَهُ دُونَ الْمُسْلِمِينَ أَوْ أَنْتَ حُرٌّ عَنِ الْمُسْلِمِينَ وَوَلَاؤُكَ لِي لَمْ يَخْتَلِفْ فِي جَوَازِهِ وَأَنَّ الْوَلَاءَ لِلْمُسْلِمِينَ تَمْهِيدٌ قَالَ ش وح وَلَاءُ السَّائِبَةِ لِلْمُعْتِقِ لَنَا مَا تَقَدَّمَ وَلِأَنَّ الْمُعْتِقَ مَلَّكَهُمْ مَلَّكَ الْمُسْلِمِينَ فِي عِتْقِهِ فَهُوَ كَالْوَكِيلِ عَنْهُمْ كَأَرْبَابِ الزَّكَاةِ وَلِأَنَّ الْوَلَاءَ كَالنَّسَبِ وَلَمَّا كَانَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ وَيَتَسَرَّى فَيَدْخُلُ النَّسَبُ عَلَى عَصْبَتِهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِمْ فَكَذَلِكَ الْوَلَاءُ وَالْوَلَاءُ يَرْجِعُ لِلْمِيرَاثِ وَالْإِنْسَانُ يَتَزَوَّجُ فَيَلِدُ مَنْ يَرِثُهُ الْمُسْلِمُونَ احْتَجُّوا بِأَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تُسَيِّبُ الْأَنْعَامَ وَالْعَبِيدَ فَنُهُوا بِالْآيَةِ وَلِأَنَّهُ لَوْ صَرَّحَ بِقَوْلِهِ لَا وَلَاءَ لِي عَلَيْكَ لَمْ يَبْطُلْ وَلَاؤُه وَأولى فِي قَوْلِهِ أَنْتَ سَائِبَةٌ وَعِتْقُ الْإِنْسَانِ عَنْ أَبِيهِ إِنَّمَا جَازَ لِأَنَّ النَّسَبَ قَدْ يُلْحَقُ بِأَبِيهِ فَكَذَلِكَ يُعْتِقُ عَنْهُ وَالْمُسْلِمُونَ يَرِثُونَ بِالدَّيْنِ لَا بِالنَّسَبِ وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَمْ يُعْرَفْ عَنْهُمْ فِي الْعَبِيدِ

وَعَنِ الثَّانِي أَنَّا نَلْتَزِمُهُ فَإِذَا قَالَ لَا وَلَاءَ لِي عَلَيْكَ يَكُونُ وَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ النَّسَبَ يُلْحَقُ أَيْضًا بِالْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهُمْ عَصَبَةُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ الْوَارِثَ يَرِثُ بِالدَّيْنِ لَا بِالنَّسَبِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَافِرًا مَا وَرِثَهُ الْمُسْلِمُ وَعَنِ الْخَامِسِ أَنَّهُ مُطْلَقٌ فِي الْأَعْيَانِ فَحَمْلُهُ عَلَى مَنْ أَعْتَقَ عَنْ نَفْسِهِ وَإِلَّا لَزَمَ عِتْقُ الْوَكِيلِ وَقَالَ ش إِنْ أَعْتَقَ عَنِ الْغَيْرِ بِأَمْرِهِ فَالْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ عَنْهُ أَوْ بِغَيْرِ أمره فَالْولَاء لِلْعِتْقِ وَقَالَ ح لمعتق مُطْلَقًا لَنَا مَا تَقَدَّمَ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لأمريء مَا نَوَى وَلِأَنَّهُ إِذَا أَعْتَقَ بِأَمْرِهِ كَأَنَّهُ مَالِكُهُ وَأَعْتَقَ عَنْهُ بِالْوَكَالَةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَنَا لِأَنَّهُ نَوَى أَنْ يَكُونَ الْوَلَاءُ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي أَنَّ الْإِذْنَ لَيْسَ شَرْطًا لِأَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَ عَنْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ وَقيل وليه ذَلِك صَحَّ فَيُفْرَضُ مَنْ أَعْتَقَ عَنِ الْمُسْلِمِينَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ وَإِذَا صَحَّ ذَلِكَ صَحَّ فِي جَمِيعِ الصُّور لِأَنَّهُ لَا قَلِيل يقوت فَإِن قيل ولَايَة الْيَتِيم خَاصَّة لِأَنَّهُ يتبع مَالَهُ وَيُخْرِجُ جَمِيعَ مَا يَلْزَمُهُ وَوِلَايَةُ الْإِمَامِ عَامَّةٌ قُلْنَا يَلْزَمُكُمْ أَنَّكُمْ وَافَقْتُمْ إِذَا مَاتَ وَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ فَأَعْتَقَ عَنْهُ وَلَدُهُ وَقَعَ الْعِتْقُ وَكَانَ الْوَلَاءُ لِلْمُعْتَقِ عَنْهُ وَلَا إِذْنَ لِلْمَيِّتِ قَاعِدَةٌ التَّقْدِيرَاتُ الشَّرْعِيَّةُ إِعْطَاءُ الْمَوْجُودِ حُكْمَ الْمَعْدُومِ كَمَا تَدْعُو إِلَيْهِ الضَّرُورَةُ مِنَ الْجَهَالَةِ وَالْغَرَرِ فِي الْعُقُودِ وَالنَّجَاسَاتِ مِنْ دَمِ الْبَرَاغِيثِ وَدِمَاءِ الْجَرَّاحِ فِي الْعِبَادَاتِ وَتَقْدِيرُ عَدَمِ الْعِصْمَةِ إِذَا قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ إِنْ قَدِمَ زَيْدٌ غَدًا فَإِنَّ الْإِبَاحَةَ حَاصِلَةٌ الْيَوْمَ إِجْمَاعًا فَإِذَا قَدِمَ زَيْدٌ غَدًا قُدِّرَ رَفْعُهَا وَكَذَلِكَ إِذَا اشْتَرَى أَمَةً وَوَطِئَهَا سَنَةً ثُمَّ ظَهَرَ عَلَى عَيْبِهَا فَرَدَّهَا وَقُلْنَا الرَّدُّ بِالْعَيْبِ فَسْخٌ لِلْعَقْدِ مِنْ أَصْلِهِ فَإِنَّ الْإِبَاحَةَ السَّابِقَةَ يُقَدَّرُ عَدَمُهَا

(فرع)

واعطاء الْمَعْدُوم حكم الْمَوْجُود كتقديم مِلْكِ الدِّيَةِ لِلْمَقْتُولِ خَطَأٌ حَتَّى تُورَثَ عَنْهُ فَإِنَّ الْمِيرَاثَ فَرْعُ الْمِلْكِ وَالْمِلْكُ بَعْدَ الْمَوْتِ مُحَالٌ وَقَبْلَهُ فِي الْحَيَاةِ فِي الدِّيَةِ مُحَالٌ لِأَنَّ سَبَبَهَا زَهُوقُ الرُّوحِ وَكَتَقْدِيرِ الْمِلْكِ لِلْمُعْتَقِ عَنْهُ فَيُقَدَّرُ أَنَّهُ مَلَكَهُ وَأَعْتَقَ عَنْهُ بِطَرِيقِ الْوكَالَة وهوسحه فِيمَا إِذَا أَذِنَ لَهُ فَيَكُونُ ذَلِكَ الْإِذْنُ تَوْكِيلًا فِي نَقْلِ الْمِلْكِ وَالْعِتْقِ أَوْ أَعْتَقَهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَإِنَّ كَوْنَهَا وَاجِبَةً عَلَيْهِ وَظَاهِرُ حَالِهِ يَقْتَضِي الْقِيَامَ بِالْوَاجِبِ فَهُوَ كَالْإِذْنِ فِي الْعِتْقِ فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ فَهُوَ مُشْكِلٌ فِي التَّطَوُّعِ أَيْ أَنْ يُلَاحِظَ تَغْلِيبَ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْعِتْقِ عَنِ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الزَّكَاةِ وَعَنِ الْمَيِّتِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِنْ أَعْطَيْتَهُ مَالًا عَلَى تَعْجِيلِ عِتْقِ عَبْدِهِ وَمُدَبَّرِهِ لَزِمَكَ الْمَالُ وَالْوَلَاءُ لَهُ لِأَنَّكَ مُعِينٌ لَا مُعْتِقٌ وَإِنْ كَانَ الْعِتْقُ إِلَى أَجَلٍ امْتَنَعَ كَأَخْذِ الْمَالِ عَلَى الْكِتَابَةِ أَوِ التَّدْبِيرِ لِأَنَّهُ غَرَرٌ وَإِنْ أَعْتَقْتَ الْعَبْدَ عَنِ امْرَأَتِهِ الْحُرَّةِ فَوَلَاؤُهُ لَهَا وَلَا يُفْسَخُ النِّكَاحُ لِأَنَّهَا لَمْ تَمْلِكْهُ إِلَّا بِدَفْعِ مَالٍ لَكَ لِأَنَّهُ شِرَاءٌ وَسَوَّى أَشْهَبُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ فَإِنْ وَقَعَ الْغَرَرُ فِي الْعِتْقِ إِلَى أَجَلٍ أَوِ التَّدْبِيرِ أَوِ الْكِتَابَةِ فَيَرُدُّ مَا أَخَذَ مِنَ الْمَالِ وَلَا يَكُونُ لَهُ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْءٌ لِفَسَادِ الْعَقْدِ وَقَالَ أَشْهَبُ يَمْضِي ذَلِكَ كُلُّهُ وَيَأْخُذُ الْمَالَ لِأَنَّ الْفَاسِدَ يَثْبُتُ بِالْعِتْقِ قَالَ ابْن الْقَاسِم إِن بَاعه على أَنْ يُدَبَّرَهُ الْمُبْتَاعُ أَوْ يُعْتِقَهُ إِلَى أَجَلٍ امْتَنَعَ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْعِتْقِ قَدْ لَا يَحْصُلُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ أَوِ الْعَقْدِ أَوْ حُدُوثِ الدَّيْنِ فَإِن فَاتَ بِالْعِتْقِ بِذَلِكَ فَالْوَلَاءُ لِلْمُبْتَاعِ لِتَقَرُّرِ الْمِلْكِ لَهُ بِالْقُرْبِ وَلِلْبَائِعِ الْأَكْثَرُ مِنَ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْقَبْضِ أَوِ الثَّمَنُ لِأَنَّهُ رَضِيَ أَنْ يَأْخُذَهُ بِذَلِكَ وَكَذَلِكَ إِنْ بِعْتَهَا عَلَى أَنْ يَتَّخِذَهَا أُمَّ وَلَدٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ فِي دَفْعِ الْمَالِ لِيُدَبَّرَ وَنَحْوِهِ قَالَ سَحْنُونٌ يُوقَفُ الْمَالُ فَإِنْ حَصَلَتِ الْحُرِّيَّةُ أَخَذَهُ وَإِلَّا رَدَّهُ وَقَوْلُ أَشْهَبَ حَسَنٌ لِأَنَّ هَذَا يُرَادُ بِهِ الْمَعْرُوفُ وَالتَّعَاوُنُ عَلَى الْقُرْبِ دُونَ الْمُكَايَسَةِ وَلِذَلِكَ يَخْتَلِفُ إِذَا دَفَعَهُ عَلَى الْكِتَابَة وَإِذا

(فرع)

دَفَعَتِ الزَّوْجَةُ مَالًا لِسَيِّدِ زَوْجِهَا عَلَى أَنْ يعتقهُ وَلم تقل عني فالولاب لِلسَّيِّدِ وَالزَّوْجِيَّةُ بَاقِيَةٌ لِأَنَّهَا لَمْ تَمْلِكْهُ أَوْ قَالَتْ عَنِّي فَالْوَلَاءُ لَهَا وَانْفَسَخَ النِّكَاحُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهَا مَلَكَتْهُ وَلَا يَنْفَسِخُ عِنْدَ أَشهب لِأَنَّهَا لم تسرهُ وَإِنَّمَا أَعَانَتْ حُرُوفًا وَإِنْ قَالَتْ أَعْتِقْهُ وَلَمْ تَقُلْ عَنِّي فَالْوَلَاءُ لَهُ وَالنِّكَاحُ بَاقٍ وَإِنْ سَأَلَتْهُ أَنْ يُعْتِقَهُ عَنْهَا فَالْوَلَاءُ لَهَا وَيَنْفَسِخَ النِّكَاحُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهَا اسْتَوْهَبَتُهُ دُونَ أَشْهَبَ وَإِنْ أَعْتَقَ عَنْهَا بِغَيْرِ أَمْرِهَا فَالْوَلَاءُ لَهَا وَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ قَوْلًا وَاحِدًا (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِنْ أَعْتَقَ عَنْ أَبِيهِ النَّصْرَانِيِّ فَلَا وَلَاءَ لَهُ وَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهُ لَا مِيرَاثَ مَعَ اخْتِلَافِ الدِّينِ وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ نَصْرَانِيًّا فَوَلَاؤُهُ لِأَبِيهِ وَإِنْ أَعْتَقَ النَّصْرَانِيُّ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ وَلِلسَّيِّدِ وَارِثٌ مُسْلِمٌ رَجُلٌ كَأَبٍ وَأَخٍ وَابْنِ عَمٍّ فَوَلَاؤُهُ لَهُ وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ حَيًّا وَلَا يَحْجُبُ وَارِثَهُ كَمَا لَوْ مَاتَ ولد النَّصْرَانِي مُسلما وَرَثَة عبته الْمُسْلِمُونَ فَإِنْ أَسْلَمَ السَّيِّدُ يَرْجِعُ إِلَيْهِ الْوَلَاءُ وَإِنْ أَعْتَقَ نَصْرَانِيٌّ عَبْدًا قَدْ أَسْلَمَ أَوِ ابْتَاعَ مُسْلِمًا فَأَعْتَقَهُ فَالْوَلَاءُ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ إِنْ أَسْلَمَ فَإِنْ أَعْتَقَ نَصْرَانِيٌّ نَصْرَانِيًّا إِلَى أَجَلٍ أَوْ كَاتَبَهُ فَأَسْلَمَ الْعَبْدُ قَبْلَ الْأَجَلِ بِيعَتِ الْكِتَابَةُ وَأَجَلُ الْمُؤَجِّلِ فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ وَأَدَّى الْمُكَاتَبُ عَتَقَ وَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ لِمَنْعِ الْكُفْرِ مِنَ التَّوَارُثِ فَإِنْ أَسْلَمَ رَجَعَ إِلَيْهِ لِزَوَالِ الْمَانِعِ وَلِأَنَّهُ عَقَدَ لَهُ الْعِتْقَ وَهُوَ عَلَى دِينِهِ فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مُسْلِمًا فَأَعْتَقَهُ بَتْلًا أَوْ إِلَى أَجَلٍ وَكَاتَبَهُ ثُمَّ اسْلَمْ السَّيِّد قبل الْأَجَل أَو أدّى الْكِتَابَةِ أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ أَعْتَقَ الْعَبْدَ فَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَإِنْ أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِهِ فَعَتَقَتْ عَلَيْهِ فَوَلَاؤُهَا لِلْمُسْلِمِينَ فَإِنْ أَسْلَمَ رَجَعَ إِلَيْهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا أَعْتَقَ نَصْرَانِيٌّ مِنَ الْعَرَبِ مِنْ بَنِي تَغْلِبَ عَبْدًا نَصْرَانِيًّا ثُمَّ أَسْلَمَ فَمِيرَاثُهُ لِعَصَبَةِ السَّيِّدِ الْمُسْلِمِينَ وَجِنَايَةُ الْعَبْدِ بعد إِسْلَامه يَعْقِلهَا

من تَغْلِبَ وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا أَعْتَقَ النَّصْرَانِيُّ الذِّمِّيُّ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ الْعَتِيقُ ثُمَّ جَنَى وَسَيِّدُهُ نَصْرَانِيٌّ لَا يَلْزَمُ ذَلِكَ وَرَثَةَ السَّيِّدِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا قرَابَته وَلَا سَيّده إِنْ أَسْلَمَ بَلْ بَيْتُ الْمَالِ لِأَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ سَيِّدُهُ ثُمَّ جَنَى خَطَأً يَبْلُغُ ثُلُثَ الدِّيَةِ فَأَكْثَرَ لَمْ يَكُنْ عَلَى عَصَبَتِهِ وَقَوْمِهِ شَيْءٌ بَلْ بَيْتُ الْمَالِ بِخِلَافِ الْقُرْبَى وَإِذَا دَبَّرَ النَّصْرَانِيُّ نَصْرَانِيًّا وَمَاتَ السَّيِّدُ عَلَى النَّصْرَانِيَّةِ عَتَقَ فِي ثُلُثِهِ وَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لِهَذَا النَّصْرَانِيِّ وَرَثَةٌ مُسْلِمُونَ فَإِنْ حَمَلَ الثُّلُثُ نِصْفَهُ رَقَّ بَاقِيهِ وَإِنْ كَانَ وَرَثَتُهُ نَصَارَى بيع عَلَيْهِم مَا رق وولاب مَا عَتَقَ لِلْمُسْلِمِينَ وَإِنْ كَانُوا مُسْلِمِينَ فَمَا رَقَّ لِلْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ وَرَثَتَهُ لَا يَرِثُونَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ فَمَا رَقَّ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا تَرَكَهُ النَّصْرَانِيُّ مِنَ الْمَوَالِي وَمَا تَركه من مَال أَن الموَالِي كَوَلَدٍ حَدَثَ لَهُ فَأَسْلَمَ لِأَنَّ الْوَلَاءَ كَالنَّسَبِ فاخوته الْمُسلمُونَ يرثونه فَكَذَلِك يَرِثُونَ الموَالِي وَالْمَالُ يُورَثُ عَنْهُ إِنْ كَانَ عَلَى دِينِهِ لِأَنَّ شَرْطَ التَّوَارُثِ اتِّحَادُ الدِّينِ وَإِنَّمَا كَانَ بَيْتُ الْمَالِ يَرِثُ مَا تَرَكَهُ النَّصْرَانِيُّ مِنْ وَلَدِهِ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ السُّنَّةَ مَضَتْ أَنْ يَرِثَهُ عَصَبَتُهُ الْمُسْلِمُونَ فَصَارَ كَمَنْ لَا وَارِثَ لَهُ وَإِذَا أَعْتَقَ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ لَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ الْوَلَاءُ إِذَا أَسْلَمَ لِأَنَّهُ يَوْمَ أَعْتَقَ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَاءٌ وَإِنْ أَعْتَقَهُ عَلَى دِينِهِ فَوَلَاؤُهُ لَهُ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ مِلْكُهُ فَيَرْجِعُ إِلَى الاباء بِالْإِسْلَامِ وَإِنْ أَسْلَمَتْ أَمَتُهُ فَأَوْلَدَهَا بَعْدَ إِسْلَامِهَا عَتَقَتْ عَلَيْهِ وَوَلَاؤُهَا لِلْمُسْلِمِينَ وَلَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ لِأَنَّهُ أَوْلَدَهَا بَعْدَ إِسْلَامِهَا وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ مِلْكُهَا وَلَوْ أَسْلَمَ قَبْلَ أَنْ تَعْتِقَ عَلَيْهِ لَبَقِيَتْ فِي مِلْكِهِ وَتُعْتَقُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَوَلَاؤُهَا لِلْمُسْلِمِينَ كَمَا لَوْ دَبَّرَ عَبْدَهُ أَوْ كَاتَبَهُ بَعْدَ إِسْلَامِهِ فَلَمْ يُؤَجِّلِ الْمُدَبَّرَ وَلَا بِيعَتْ كِتَابَةُ الْمُكَاتَبِ حَتَّى أَسْلَمَ السَّيِّدُ فَإِنَّهُمَا يَبْقَيَانِ عَلَى حَالِهِمَا بِيَدِهِ فَإِذَا عَتَقَا فَوَلَاؤُهُمَا لِلْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهُ عَقَدَ لَهُمَا ذَلِكَ وَهُمْ مُسلمُونَ وَقَالَ ش وح إِنْ أَسْلَمَ الْعَبْدُ فَأَعْتَقَهُ قَبْلَ بَيْعِهِ عَلَيْهِ فَوَلَاؤُهُ لَهُ لِأَنَّهُ أَعْتَقَ قَبْلَ زَوَالِ مِلْكِهِ وَالْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ

(فرع)

وَجَوَابُهُ مَنَعْنَا مِنْ بَيْعِهِ عَلَيْهِ بِعِتْقِهِ لِيَبْقَى لَهُ الْوَلَاءُ فَيُمْنَعُ مِنَ الْوَلَاءِ كَالْمِلْكِ وَإِذَا أَعْتَقَ الْمُسْلِمُ نَصْرَانِيًّا قَالَ مَالِكٌ يَرِثُهُ وَلَدُهُ الَّذِي عَلَى دِينِهِ دُونَ أَخِيهِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ الْوَلَدَ مَوْلَى مَنْ عَتَقَ أَبُوهُ وَعَنْهُ لَا يَرِثُهُ وَرَثَتُهُ الْكُفَّارُ بَلِ الْمُسْلِمُونَ وَعَنْهُ يَرِثُهُ ابْنُهُ وَأَبُوهُ دُونَ غَيْرِهِ وَعَنْهُ يَرِثُهُ إِخْوَتُهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَرِثُهُ كُلُّ وَارِثٍ مِنَ الْقَرَابَةِ وَقَالَ الْمَخْزُومِيُّ لَا يَرِثُهُ مَوْلَاهُ أَبَدًا بل وَلَده وَإِلَّا فبنوا عَمِّهِ وَإِلَّا فَمَنْ أَخَذَ مِيرَاثَهُ مِنَ النَّصَارَى فَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ مِيرَاثَهُ أَحَدٌ أَوْقَفْنَاهُ فِي بَيت المَال وَلَا يكون فَيْئا فتلخص إِن لم يتْرك وَرَثَة ثَلَاثَة أَقْوَالٍ مَالُهُ لِلْمُسْلِمِينَ دُونَ الْوَرَثَةِ لِوَلَدِهِ خَاصَّةً لِأَبِيهِ وَابْنِهِ لَهُمَا وَلِإِخْوَتِهِ لِكُلِّ مَنْ يَرِثُ مِنَ الْقَرَابَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا كَاتَبَ الْمُسْلِمُ عَبْدَهُ النَّصْرَانِيَّ وَكَاتَبَ الْمُكَاتَبُ عَبْدًا لَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ الْأَسْفَلُ أَوْ جَهِلَ بَيْعَ الْكِتَابَةِ حَتَّى أَدَّيَا جَمِيعًا فَعَتَقَا فولاء الأعلا لِسَيِّدِهِ وَلَا يَرِثُهُ لِاخْتِلَافِ الدِّينِ بَلِ الْمُسْلِمُونَ وَإِنْ أَسْلَمَ وَرَثَةُ السَّيِّدِ عِنْدَ عَدَمِ الْقَرَابَةِ وَوَلَاء الْأَسْفَل للسَّيِّد الأعلا مَا دَامَ سَيِّدُهُ نَصْرَانِيًّا وَلَوْ وُلِدَ لِلْمُكَاتَبِ الأعلا وَلَدٌ بَعْدَ الْعِتْقِ فَبَلَغَ وَأَسْلَمَ ثُمَّ مَاتَ وَرِثَ مَوْلَى أَبِيهِ وَإِنْ أَعْتَقَ عَبِيدًا مُسْلِمِينَ وماتوا ورثهم بَيت المَال لِأَن ولااهم لَمْ يَثْبُتْ لِهَذَا النَّصْرَانِيِّ حِينَ أَعْتَقَهُمْ فَيَجُرُّهُ إِلَى سَيِّدِهِ فَإِنْ أَسْلَمُوا بَعْدَ الْعِتْقِ وَرِثَهُمُ السَّيِّد سيد مَوْلَاهُمْ أَوْ وَلَدٍ مُسْلِمٍ إِنْ كَانَ لِهَذَا الْمُكَاتَبِ النَّصْرَانِيِّ وَكُلُّ مَنْ لَا يَرْجِعُ إِلَى النَّصْرَانِيِّ وَلَاؤُهُ إِذَا أَسْلَمَ فَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ مِنْ ذَلِكَ الْوَلَاءِ شَيْءٌ فَكُلُّ وَلَاءٍ إِذَا أَسْلَمَ رَجَعَ إِلَيْهِ فَذَلِكَ الْوَلَاءُ مَا دَامَ نَصْرَانِيًّا لِسَيِّدِهِ الَّذِي أَعْتَقَهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا أَعْتَقَ النَّصْرَانِيُّ نَصْرَانِيًّا فَلَهُ وَلَاؤُهُ وَيَعْقِلُ عَنْهُ أَهْلُ جِزْيَتِهِ فَإِنْ مَاتَ مُعْتِقُهُ ثُمَّ مَاتَ الْعَتِيقُ وَرِثَهُ مَنْ لَهُ الْوَلَاءُ عِنْدَ أَهْلِ دِينِهِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ يَمْتَنِعُ عِتْقُ الْمُكَاتَبِ وَالْعَبْدِ وَتَدْبِيرُهُمَا بِغَيْرِ إِذْنِ السَّيِّدِ وَلِلسَّيِّدِ رَدُّ ذَلِكَ لِأَنَّهُ تَنْقِيصٌ لِمَالِهِ فَإِنْ رَدَّهُمْ يَلْزَمُهُمَا إِذَا أَعْتَقَا لِأَنَّ رَدَّ السَّيِّدِ فَسْخٌ وَإِنْ لَمْ

يَعْلَمْ حَتَّى عَتَقَا نَفَذَ وَالْوَلَاءُ لَهُمَا لِعَدَمِ الْفَسْخِ إِلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَ السَّيِّدُ مَالَ عَبْدِهِ عِنْدَ الْعِتْقِ وَيُرَدُّ فِعْلُ الْعَبْدِ وَيَرْجِعُ مُعْتِقُ الْعَبْدِ رَقِيقًا لِلسَّيِّدِ وَمَا أَعْتَقَا بِإِذْنِ السَّيِّدِ جَازَ وَالْوَلَاءُ لِلسَّيِّدِ لِأَنَّهُ كَالْمُعْتِقِ فِي الْمَعْنَى بِإِذْنِهِ وَإِذَا أَعْتَقَ الْمُكَاتَبُ رَجَعَ إِلَيْهِ الْوَلَاءُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ انْتِزَاعُ مَالِهِ وَإِنْ عَتَقَ الْعَبْدُ لَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ الْوَلَاءُ وَأُمُّ الْوَلَدِ فِي الْعِتْقِ كَالْعَبْدِ لِأَنَّهَا رَقِيقٌ وَلَهُ انْتِزَاعُ مَالِهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا عَلِمَ السَّيِّدُ وَلَمْ يُرِدْ هُوَ كَعَدَمِ عِلْمِهِ كَالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَأَصْلُ مَالِكٍ أَنَّ من لَهُ انتزاع مَاله فؤلاه مَنْ أَعْتَقَ بِإِذْنِهِ وَمَنْ لَا فَلَا كَالْمُكَاتَبِ فَإِنْ أَعْتَقَ الْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ فِي مَرَضِ السَّيِّدِ بِإِذْنِهِ فَقَالَ أَصْبَغُ الْوَلَاءُ لَهُمَا لِتَعَذُّرِ نَزْعِ الْمَالِ حِينَئِذٍ وَقِيلَ لِلسَّيِّدِ لِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ انْتُزِعَ وَقَالَهُ أَشْهَبُ فِي الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ يُعْتَقُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَلَا يَرْجِعُ وَإِنِ امْتَنَعَ النَّزْعُ وَخَالَفَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ عِتْقُ الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ بِإِذْنِهِ فِي الْمَرَضِ مَوْقُوفٌ إِنْ مَاتَ فَالْوَلَاءُ لَهُمَا وَإِلَّا فَلَهُ لِكَشْفِ الْغَيْبِ عَنِ امْتِنَاعِ النَّزْعِ وَجَوَازِهِ وَكَذَلِكَ الْمُكَاتَبُ يعجز ثمَّ يعْتق لَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ الْوَلَاءُ لِانْكِشَافِ الْغَيْبِ عَنْ إِمْكَانِ النَّزْعِ فَإِنْ أَعْتَقَ عَبْدٌ مُشْتَرَكٌ فِيهِ عَبْدًا بِإِذْنِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ وَلَمْ يَعْلَمِ الْآخَرُ حَتَّى أَعْتَقَاهُ أَنَّ وَلَاءَ ذَلِكَ الْعَبْدِ لَهُ دُونَ سَيِّدَيْهِ مَا بَقِيَ الْعَتِيقُ أَوْ عَصَبَتُهُ الْأَحْرَارُ لِتَعَذُّرِ النَّزْعِ فِي الْمَالِ عَلَى السَّيِّدِ دُونَ الْآخَرِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ إِنْ أَعْتَقَ الْمُعْتَقُ بَعْضُهُ بِإِذْنِ مَنْ لَهُ فِيهِ الرِّقُّ فَالْوَلَاءُ بَيْنَ الْمُعْتِقِ لِبَعْضِهِ وَالْمُتَمَسِّكِ نِصْفَيْنِ فَإِذَا عَتَقَ رَجَعَ إِلَيْهِ وَإِنْ أَعْتَقَ نِصْفَهُ فَلَهُ رَدُّ عِتْقِهِ قَالَ مَالِكٌ إِنْ أَعْتَقَ الْمُدَبَّرُ أَوِ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ وَقَبْلَ التَّقْوِيمِ فِي الثُّلُثِ وَقَفَ عِتْقُهُ فَإِنْ خَرَجَا مِنْهُ انْعَدَمَا أَعْتَقَا أَوْ جَنَيَا بِعِتْقِهِ وَإِنْ خَرَجَ الْبَعْضُ رَدَّ الْعِتْقُ كُلُّهُ لتعيين الْحَجِّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ إِنْ أَعْتَقَ الْمُكَاتَبُ عَبْدَهُ عَلَى مَالِ الْعَبْدِ امْتَنَعَ لِأَنَّ لَهُ انْتِزَاعَهُ وَإِلَّا جَازَ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ لِأَنَّ لَهُ مُكَاتَبَةَ عَبْدِهِ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ وَإِنْ كَرِهَ السَّيِّدُ فَإِذَا أَدَّى الْمُكَاتَبُ كِتَابَتَهُ فَلَهُ وَلِمُكَاتَبِهِ وَإِلَّا فَلِلسَّيِّدِ وَفِي الْكِتَابِ قُلْتَ لِلْمُكَاتَبِ اعْتِقْ عَبْدَكَ عَلَى أَلْفٍ وَلَمْ

(فرع)

تَقُلْ عَنِّي جَازَ إِنْ كَانَ الْأَلْفُ ثَمَنَ الْعَبْدِ أَوْ أَكْثَرَ وَالْوَلَاءُ لِلْمُكَاتَبِ إِنْ عَتَقَ وَإِلَّا فَلِلسَّيِّدِ وَلَا شَيْءَ لَكَ لِأَنَّكَ مُعِينٌ لَا مُعْتِقٌ وَإِنْ حَابَى الْمُكَاتَبُ الْمُشْتَرِيَ حِينَ قَالَ لَهُ أَعْتِقْهُ وَلَمْ يَقُلْ عَنِّي لَمْ يَكُنْ لِلسَّيِّدِ إِلَّا إِجَازَةُ ذَلِكَ أَوْ يَرُدُّهُ أَوْ يَنْقُضُ الْعِتْقَ وَالْفَرْقُ وَأَنَّهُ إِذَا قَالَ أَعْتِقْهُ عَنِّي فَكَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ وَأَعْتَقَهُ فَوَجَبَ عَلَيْهِ غُرْمُ الْمُحَابَاةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ رُدَّ مِنْ عِتْقِ الْعَبْدِ بِقَدْرِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ دين قبل الْعتْق وَإِذا لم يقل عَنِّي فَإِنَّمَا دَفَعْتَ الْمَالَ لِيُعْتِقَهُ عَنْ نَفْسِهِ فَهُوَ كَعِتْقِهِ فَإِمَّا يُجِيزُهُ السَّيِّدُ أَوْ يَرُدُّهُ وَأَمَّا رَغْبَةٌ فِي أَنَّكَ اشْتَرَطْتَ عَلَيْهِ الْوَلَاءَ لَك وَأَنَّك قُلْتَ لَهُ عَنِّي صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفْتَ وَلَكَ الْوَلَاءُ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَإِنْ أَعْتَقَ الْعَبْدُ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ فَعَلِمَ بِهِ فَأَجَازَهُ فَهُوَ كَالْعِتْقِ بِإِذْنِهِ وَإِنْ عَلِمَ وَلَمْ يَرُدَّ فَقَوْلَانِ وَقِيلَ إِذَا لَمْ يَعْلَمُ حَتَّى عَتَقَ الْعَبْدُ فَالْوَلَاءُ لِلسَّيِّدِ وَإِذَا أَعْتَقَ الْمُكَاتَبُ فَمَاتَ الْعَتِيق قبل الْعَجز وَالْأَدَاء ورثهَا السَّيِّد الأعلا إِن لم يكن لَهُ نسب دون نسب الْمُكَاتَبِ وَلَا يَجُرُّ الْوَلَاءَ حَتَّى يَسْتَكْمِلَ الْحُرِّيَّةَ فَإِن بَعْدَ الْأَدَاءِ وَمَوْتِ الْمُكَاتَبِ الَّذِي هُوَ سَيِّدُهُ الْأَدْنَى وَرثهُ الْوَلَد الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا كَاتَبَ الْمُسْلِمُ عَبْدَهُ النَّصْرَانِيَّ وَكَاتَبَ الْمُكَاتَبُ عَبْدًا لَهُ نَصْرَانِيًّا ثُمَّ أَسْلَمَ الْأَسْفَلُ فَلَمْ تَقَعِ الْكِتَابَةُ وَجُهِلَ ذَلِكَ حَتَّى أَدَّيَا جَمِيعًا فَعَتَقَا فولاء الأعلا لِسَيِّدِهِ وَلَا يَرِثُهُ لِاخْتِلَافِ الدِّينِ وَيَرِثُهُ الْمُسْلِمُونَ وَلَوْ أَسْلَمَ كَانَ مِيرَاثُهُ لِسَيِّدِهِ وَوَلَاءُ الْأَسْفَلِ للسَّيِّد الأعلا مَا دَامَ سَيِّدُهُ نَصْرَانِيًّا وَإِنْ وُلِدَ لِلْمُكَاتَبِ الأعلا بَعْدَ الْعِتْقِ وَلَدٌ فَبَلَغَ وَأَسْلَمَ وَمَاتَ فَوَلَاؤُهُ لِوَرَثَةِ مَوْلَى أَبِيهِ وَأَمَّا إِنْ أَعْتَقَ عَبْدًا مُسْلِمًا وَمَاتَ عَنْ مَالٍ وَرِثَهُ الْمُسْلِمُونَ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ وَلَاؤُهُ فَيَجُرُّهُ لِلسَّيِّدِ وَإِنْ تَأَخَّرَ إِسْلَامُ الْعَبْدِ

(فرع)

بَعْدَ عِتْقِهِ وَرِثَهُ سَيِّدُهُ أَوْ وَلَدُهُ الْمُسْلِمُ إِنْ وُجِدَ لِهَذَا الْمُكَاتَبِ النَّصْرَانِيِّ وَكُلُّ مَنْ لَا يَرْجِعُ إِلَى النَّصْرَانِيِّ مِنْ وَلَائِهِ شَيْءٌ إِذَا أَسْلَمَ هُوَ فَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ الَّذِي أَعْتَقَهُ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا أَعْتَقَ حَامِلًا مِنْ زَوْجٍ حُرٍّ فَوَلَاءُ جَنِينِهَا لِلسَّيِّدِ لِأَنَّهُ الْمُعْتِقُ وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ مِيرَاثُهُ لِأَخِيهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا أَعْتَقَ أَمَتَهُ الْحَامِلَ مِنَ الْعَبْدِ وَوَضَعَتْهُ بَعْدَ الْعِتْقِ ثُمَّ حَمَلَتْ بِآخَرَ وَلَدَتْهُ فَمِيرَاثُ الْوَلَدَيْنِ لِمُعْتِقِ الْأَبِ وَالْأُمِّ يَرِثُهُمَا جَمِيعًا بِالنَّسَبِ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَهَا ثُمَّ مَاتَ بَعْدَهُ وَرِثَ الْأَوَّلُ مَوْلَى الْأُمِّ وَالثَّانِي مَوْلَى الْأَبِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ إِنْ تَزَوَّجَ أَمَةً بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ فَأَوْلَدَهَا فَعَتَقَ الْوَلَدُ قَبْلَ أَبَوَيْهِ ثُمَّ عَتَقَا فَيَرِثَاهُ مَا بَقِيَا قَالَ مَالِكٌ فَإِن مَاتَ فَوَلَاءُ الْوَلَدِ لِمَنْ أَعْتَقَهُ وَلَا يَجُرُّ الْوَالِدُ وَلَاء ولد لِسَيِّدِهِ وَإِنَّمَا يَجُرُّ إِلَيْهِ وَلَاءَ وَلَدِهِ مِنْ زَوجته الْحرَّة وَأما الْأمة فولاؤهم لمعتقهم لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالك وَمَا ولد للمدبر أَوِ الْمُكَاتَبَةِ مِنْ زَوْجٍ حُرٍّ أَوْ مُكَاتَبٍ فمنزلتها وَلَاؤُهُ لِسَيِّدِهَا دُونَ سَيِّدِ الْأَبِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ لَوْ وَضَعَتْهُ الْمُكَاتَبَةُ بَعْدَ الْأَدَاءِ إِذَا مَسَّهُ الرِّقُّ فِي بَطْنِهَا لِأَنَّ الْأُمَّ أقوى فِي تَبَعِيَّة الْوَلَد بِدَلِيل الرّقّ للحرية وَإِذَا مَاتَ مُكَاتَبٌ وَتَرَكَ وَلَدًا مِنْ زَوْجَةٍ حرَّة وَولدا أُخَرَ حُدِّثُوا فِي الْكِتَابَةِ مِنْ أَمَتِهِ وَتُرِكَ وَفَاءُ الْكِتَابَةِ أَوْ لَمْ يُتْرَكْ فَأَدَّى عَنْهُ وَلَدُهُ الْحَادِثُ فِي الْكِتَابَةِ فَلَا يَجُرُّ إِلَى سَيّده وَلَا وَلَدِهِ الْأَحْرَارِ فِي الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ تَمَامِ حُرِّيَّتِهِ وَلَا يَجُرُّ الْوَلَدُ الْحَادِثُ فِي الْكِتَابَة إِلَى السَّيِّد

(فرع)

وَلَاء إِخْوَتهم قَالَ مَالِكٌ فَإِنْ كَاتَبَ الْمُكَاتَبُ عَبْدًا لَهُ ثُمَّ هَلَكَ الْمُكَاتَبُ الْأَوَّلُ وَتَرَكَ وَلَدًا حُدِّثُوا فِي الْكِتَابَةِ أَوْ كَاتَبَ عَلَيْهِمْ وَوَلَدًا أَحْرَارًا فَأَدَّى وَلَدُهُ الَّذِينَ فِي الْكِتَابَةِ كَانَ وَلَاءُ الْمُكَاتَبِ الْأَسْفَلِ إِذَا أَدَّى لِوَلَدِ الْمُكَاتَبِ الْأَوَّلِ الدَّيْنَ فِي الْكِتَابَةِ دُونَ وَلَدِهِ الْأَحْرَارِ كَفَاضِلِ مَاله قَالَ عبد الْملك وَلَا الْأَسْفَل للسَّيِّد الأعلا دُونَ وَلَدِ الْمُكَاتَبِ الَّذِينَ أَدَّوْا بَقِيَّةَ الْكِتَابَةِ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِمْ لِأَنَّ أَبَاهُمْ مَاتَ قَبْلَ تَمَامِ حُرِّيَّتِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ الْأَسْفَلُ قَبْلَ الْأَعْلَى ثُمَّ أَدَّى الْمُكَاتَبُ الأعلا لَرَجَعَ إِلَيْهِ وَلَاءُ مُكَاتَبِهِ الْأَسْفَلِ عِنْدَ مَالِكٍ لِأَنَّهُ كَانَ حَائِزًا لِمَالِهِ وَنَفْسِهِ (فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ دَبَّرَ الْعَبْدُ أَمَتَهُ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيّده فَأجَاز اَوْ أُذُنه فَذَلِك انتزاع وَالْوَلَاء للسَّيِّد الأعلا وَيُعْتَقُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَالْعِتْقُ مُعَلَّقٌ بِحَيَاةِ الْعَبْدِ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ وَعَلَى السَّيِّدِ وَطْؤُهَا فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى عَتَقَ الْعَبْدُ فَعَلَى الْقَوْلِ أَنَّ الْوَلَاءَ لِلْعَبْدِ يَكُونُ يُعْتَقُ مِنْ ثُلُثِهِ وَالْوَلَاءُ لَهُ وَيَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا وَإِنْ دَبَّرَ الْمُعْتَقَ إِلَى أَجَلٍ قَبْلَ قُرْبِ أَجَلِهِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فَهُوَ انْتِزَاعٌ وَهُوَ عِتْقٌ إِلَى أَجَلٍ وَإِنْ قَرُبَ الْأَجَلُ وَامْتَنَعَ نَزْعُ مَالِهِ فَهُوَ تَدْبِيرٌ فَإِذَا انْقَضَى الْأَجَلُ عَتَقَ بِمَوْتِهِ مِنْ ثُلُثِهِ وَإِنْ دَبَّرَتْ أُمُّ الْوَلَدِ فِي صِحَّتِهِ بِإِذْنِهِ فَهُوَ مُعْتَقٌ إِلَى أَجَلٍ مِنْ رَأْسِ مَال السَّيِّد الأعلا وَالْعِتْق مُعَلّق بحياتها اَوْ فِي مَرضه فَهُوَ مُدبر مُعتق من ثلثهَا وأعتقت بعد موت سَيِّدهَا ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى فَوَلَاؤُهُ لِوَلَدِهَا دُونَ وَلَدِ سَيِّدِهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلِوَلَدِ سَيِّدِهَا لِأَنَّ وَلَدَهَا يَرِثُ بِالنَّسَبِ وَوَلَدُ السَّيِّدِ بِالْوَلَاءِ وَإِنْ دَبَّرَ الْمُكَاتَبُ خُيِّرَ سَيِّدُهُ بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَالرَّدِّ وَإِن أجَاز الْمكَاتب من الوطث خوفًا أَن يعجز فَيكون مُعْتقه إِلَى اجل فَلَا يحل لوَاحِد مِنْهُمَا فَإِن أديا كِتَابَته كَانَت مُدبرَة يعْتق من ثلثه وَلَا يمْنَع عَنْهَا وَإِن دبرالمعتق بَعْضُهُ بِإِذْنِ مَنْ لَهُ فِيهِ رِقٌّ فَهُوَ مُدبر

(فرع)

لِامْتِنَاعِ نَزْعِ مَالِهِ وَيَجُوزُ لَهُ الْوَطْءُ فَإِنْ مَاتَ عَتَقَتْ مِنْ ثُلُثِهِ وَأَخَذَ الْمُتَمَسِّكُ بِالرِّقِّ الْبَاقِيَ وَهُوَ الثُّلُثَانِ لِأَنَّهُ مَاتَ الْمُعْتَقُ بَعْضُهُ قَبْلَ تَمَامِ حُرِّيَّتِهِ وَكُلُّ مَوْضِعٍ يَصِحُّ فِيهِ التَّدْبِير يكون الولاب فِيهِ لِلسَّيِّدِ الْأَسْفَلِ وَإِلَّا فَمُعْتَقٌ إِلَى أَجَلٍ وَالْوَلَاء للأعلا (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا أَسْلَمَ عَبْدُ الْحَرْبِيِّ وَخَرَجَ إِلَيْنَا وَأَسْلَمَ بَعْدَ خُرُوجِهِ فَهُوَ حُرٌّ وَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ لِزَوَالِ الْمِلْكِ عَنْهُ بِالْخُرُوجِ وَإِنْ أَسْلَمَ سَيِّدُهُ بَعْدَهُ وَقَدِمَ لَمْ يَرُدَّهُ فِي الرِّقِّ وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيْهِ الْوَلَاءُ فَأَمَّا إِنْ أَعْتَقَهُ بِبَلَدِ الْحَرْبِ ثُمَّ أَسْلَمَ الْعَبْدُ وَخَرَجَ إِلَيْهَا ثُمَّ خَرَجَ سَيِّدُهُ فَأَسْلَمَ رَجَعَ وَلَاؤُهُ إِلَيْهِ إِنْ ثَبَتَ عِتْقُهُ إِيَّاهُ بِشُهُودٍ مُسْلِمِينَ لِثُبُوتِ الْمِلْكِ وَقْتَ الْعِتْقِ وَإِنْ قَدِمَتْ جَارِيَتُهُ بِأَمَانٍ فَأَسْلَمَتْ فَوَلَاؤُهَا لِلْمُسْلِمِينَ فَإِنْ سُبِيَ أَبُوهَا بَعْدَ ذَلِك فَعتق واسلم جر وَلَاؤُه لِمُعْتِقِهِ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ وَلَاءَهَا أُحْرُورَة تَقَدَّمَ فِيهَا أَوْ فِي ابْنَتِهَا وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَجُرُّ الْأَبُ وَلَاءَهَا لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ لِلْمُسْلِمِينَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ قَدِمَ التَّاجِرُ فَأَسْلَمَ فَقَدِمَ أَبُوهُ بَعْدَهُ وَشَهِدَ مُسْلِمُونَ أَنَّهُ أَبُوهُ لَحِقَهِ نَسَبُهُ قَالَ أَشْهَبُ عِتْقُ الْحَرْبِيِّ فِي دَارِ الْحَرْبِ بَاطِلٌ وَلَا وَلَاءَ لَهُ بِهِ وَإِنَّمَا أَعْتَقَ هَذَا الْعَبْدَ خُرُوجُهُ إِلَيْنَا وَلَوْ مَاتَ عِنْدَنَا بَعَثْنَا بِتَرِكَتِهِ إِلَيْهِ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ عِتْقَ النَّصْرَانِيِّ بَاطِلٌ إِلَّا أَنْ يُسْلِمَ أَحَدُهُمَا وَإِنَّمَا يَصِحُّ كَلَامُ أَشْهَبَ إِذَا أَسْلَمَ الْعَبْدُ بَعْدَ خُرُوجِهِ وَعَلَيْهِ يَدُلُّ كَلَامُ مُحَمَّدٍ أَمَّا قَبْلَ خُرُوجِهِ فَيَنْتَفِي الْوِفَاقُ عَلَيْهِ لِأَنَّ أَشْهَبَ يَجْعَلُهُ حُرًّا بِإِسْلَامِهِ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ إِلَيْنَا وَلَمْ يُعْتِقْهُ سَيِّدُهُ فَكَيْفَ إِذَا أَعْتَقَهُ فَيَكُونُ وَلَاؤُهُ لِمَوْلَاهُ لِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ وَهُوَ عَلَى دِينِهِ فَإِذَا قَدِمَ مَوْلَاهُ فَأَسْلَمَ رَجَعَ إِلَيْهِ وَلَاؤُهُ فِي قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَإِنْ

أَسْلَمَ عَبْدُ الْحَرْبِيِّ بِيَدِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا حُرِّيَّةَ لَهُ إِلَّا أَنْ يَخْرُجَ قَبْلَ سَيِّدِهِ فَيَكُونُ حُرًّا بِخُرُوجِهِ فَإِنْ جَاءَ سَيِّدُهُ فَلَا مِلْكَ لَهُ وَلَا وَلَاءَ لَهُ أَوْ جَاءَ سَيِّدُهُ قَبْلَهُ كَافِرًا أَوْ مُسْلِمًا كَانَ لَهُ رِقًّا وَكَذَلِكَ لَوْ تَقَدَّمَ مَعَهُ يَوْمَ يَبِيعُهُ مِنْ مُسْلِمٍ إِنْ لَمْ يُسْلِمْ وَذَلِكَ أَنَّهُ خَرَجَ قَبْلَ سَيِّدِهِ فَقَدْ غَنِمَ نَفْسَهُ كَمَا لَوْ غَنِمَ غَيْرَهُ وَإِنْ أَسْلَمَ سَيِّدُهُ قَبْلَ خُرُوجِ الْعَبْدِ الَّذِي أَسْلَمَ لَبَقِيَ مِلْكُهُ عَلَيْهِ وَإِنْ خَرَجَ الْعَبْدُ قَبْلَهُ وَجَعَلَهُ أَشْهَبُ حُرًّا بِإِسْلَامِهِ قَالَ لَوْ صَحَّ ذَلِكَ مَا كَانَ وَلَاءُ بِلَالٍ لِأَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَقَدْ أَعْتَقَهُ قَبْلَ إِسْلَامِهِ فَاضْطُرَّ أَشْهَبُ إِلَى أَنْ قَالَ لَمْ يَكُنْ وَلَاؤُهُ لِأَبِي بَكْرٍ وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ بَلَغَنِي أَنَّ بِلَالًا طَلَبَ الْخُرُوجَ إِلَى الشَّامِ فِي الْجِهَادِ فَمَنَعَهُ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَقَالَ لَهُ بِلَال إِن كنت أعتقتني لنَفسِهِ فاحبسني اَوْ أعتقني لِلَّهِ فَخَلِّ سَبِيلِي فَقَالَ لَهُ خَلَّيْتُكَ وَهُوَ يُؤَيِّدُ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ أَشْهَبُ لَوْ أَسْلَمَ سَيِّدُهُ بَعْدَهُ بِسَاعَةٍ مَا كَانَ لَهُ وَلَاؤُهُ حَتَّى يُسْلِمَ قَبْلَهُ أَوْ مَعَهُ وَاتَّفَقَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ إِنْ دَخَلْنَا دَارَ الْحَرْبِ وَقَدْ أَسْلَمَ الْعَبْدُ وَحْدَهُ أَنَّهُ بِذَلِكَ حُرٌّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَذَلِكَ اسْتِحْسَانُ وِلَايَتِهِ لِخُرُوجِهِ إِلَيْنَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ أَسَلَمَ وَلَدُ الذِّمِّيِّ قَبْلَ أَبِيهِ فَلَحِقَ الْأَبُ بِدَارِ الْحَرْبِ ناقضاً فَيُسْبَى وَيُبَاعُ وَيَعْتِقُهُ الْمُبْتَاعُ وَيُسْلِمُ لَا يُجَرُّ وَلَاءُ وَلَدِهِ إِلَى مُعْتِقِهِ لِأَنَّهُ ثَبَتَ لِلْمُسْلِمِينَ وَهُوَ شِبْهُ قَوْلِ سَحْنُونٍ فِي الْحَرْبِيَّةِ الَّتِي قَدِمَتْ بِأَمَانٍ قَالَ وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ مِلْكَ ابْنِ الْحَرْبِيَّةِ مِلْكٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ فَإِذَا أَعْتَقَ قَوِيَ فِي جَرِّ الْوَلَاءِ وَملك الذِّمِّيّ النَّاقِص مُخْتَلَفٌ فِيهِ لِأَنَّ أَشْهَبَ يَقُولُ هُوَ حُرٌّ يَمْتَنِعُ اسْتِرْقَاقُهُ وَإِنَّ وَلَاءَ وَلَدِهِ قَائِمٌ لِلْمُسْلِمِينَ

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا أَعْتَقَ الذِّمِّيُّ عَبْدًا لَهُ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ وَلَحِقَ السَّيِّدُ بِدَارِ الْحَرْبِ نَاقِضًا لِلْعَهْدِ فَسُبِيَ ثُمَّ أَسْلَمَ رَجَعَ إِلَيْهِ وَلَاؤُهُ وَلَا يَرِثُهُ لِمَا فِيهِ مِنَ الرِّقِّ بَلِ الْمُسْلِمُونَ إِلَّا أَنْ يُعْتَقَ قَبْلَ مَوْتِهِ وَلَا يَرِثَهُ سَيِّدُهُ الَّذِي اسْتَرَقَّهُ مَا دَامَ هُوَ فِي الرِّقِّ وَلَا يُشْبِهُ ذَلِكَ الْمُكَاتَبَ الْأَسْفَل يُؤَدِّي قبل الأعلا ثمَّ يَمُوت عَن مَال هَذَا يَرِثهُ السَّيِّد الأعلا لِأَنَّهُ قَدْ أَعْتَقَهُ مُكَاتَبٌ هُوَ فِي مِلْكِهِ وَهَذَا أَعْتَقَ هَذَا وَهُوَ حُرٌّ قَبْلَ أَنْ يَمْلِكَهُ هَذَا السَّيِّدُ فَإِنْ عَتَقَ فَوَلَاؤُهُ لَهُ وَلَا يَجُرُّهُ إِلَى مُعْتِقِهِ الْآنَ وَإِنَّمَا يَجُرُّ إِلَيْهِ وَلَاءَ مَا يُعْتَقُ أَوْ يُولَدُ لَهُ مِنْ ذِمِّيٍّ قَبْلُ فَأَمَّا مَا تَقَدَّمَ لَهُ فَاسْلَمْ قبل أَن يؤسر فَلَا يجر ولاءه لِمُعْتِقِهِ لِأَنَّهُ ثَبَتَ لِلْمُسْلِمِينَ وَلَوْ صَارَ هَذَا حِينَ سُبِيَ فِي سَهْمِ عَبْدِهِ الَّذِي كَانَ أَعْتَقَهُ فَأَعْتَقَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ هُوَ أَيْضًا فَوَلَاءُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَمِيرَاثُهُ لِصَاحِبِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ فِي عِتْقِ الذِّمِّيِّ ثُمَّ يَهْرُبُ إِنَّهُ يَجُرُّ وَلَاءَ مَنْ أَعْتَقَهُ وَوَلَاءَ مَا كَانَ أَعْتَقَ قَبْلَ لُحُوقِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ وَهُوَ خِلَافُ الْمُدَوَّنَةِ كَجَوَابِهِ فِي الْحَرْبِيَّةِ وَهُمَا سَوَاء لم يملك ولااهم أحد وَإِن هرب ثَانِيَة لدار الْحَرْب وجاوب فَسُبِيَ وَبِيعَ فَأَعْتَقَهُ مُشْتَرِيهِ فَوَلَاؤُهُ لِمُعْتِقِهِ آخِرًا وَلَا يجره إِلَيْهِ وَلَا مَا أعتق قَبْلَ لُحُوقِهِ الثَّانِي لِدَارِ الْحَرْبِ وَلَا وَلَاءَ وَلَدِهِ لِأَنَّ وَلَاءَهُمْ لِمُعْتِقِهِمْ أَوَّلًا وَلَكِنْ مَا أَعْتَقَ مِنَ الْآنِ أَوْ وُلِدَ لَهُ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ إِنْ أَعْتَقَ الْمُسْلِمُ عَبْدَهُ النَّصْرَانِيَّ فَنَقَضَ الْعَهْدَ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَسُبِيَ وَاشْتُرِيَ فَأُعْتِقَ فَوَلَاؤُهُ لِلثَّانِي وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ وَلَدٍ مِنْ حُرَّةٍ أَوْ أَعْتَقَ مِنْ عَبْدٍ قَبْلَ نَقْضِهِ فَوَلَاؤُهُمْ لِلْأَوَّلِ لِأَنَّ الْوَلَاءَ نَسَبٌ ثَابِتٌ وَهَؤُلَاءِ لَمْ يَنْقُضُوا الْعَهْدَ فَيَنْتَقِضُ وَلَاؤُهُمْ وَحُرِّيَّتُهُمْ كَالْعَبْدِ يَتَزَوَّجُ حرَّة فيولدها والأملاك تتداوله حَتَّى يعْتق فؤلاء أَوْلَادِهِ لِمُعْتِقِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ نَاقِضُ الْعَهْدِ يُرَدُّ مَعَهُ إِلَى حُرِّيَّتِهِ إِلَّا وَلَاءَ أَوْلَادِهِ وَالْفَرْقُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْقَادِمَةِ بِأَمَانٍ فَتُسَلَّمُ فَيَصِيرُ وَلَاؤُهَا لِلْمُسْلِمِينَ ثُمَّ يُسْبَى أَبُوهَا وَيُعْتَقُ أَنَّهُ يُجَرُّ وَلَاؤُهَا

(فرع)

لِأَن هَذِه لم يملك ولااها أَحَدٌ مَسَّهُ عِتْقٌ وَلَوْ سُبِيَ أَوَّلًا فَعَتَقَتْ لبقي ولاؤها وَلَا من أعتقت كمعتقها وَلَا منتقل إِلَى مُعْتَقِ أَبِيهَا وَإِذَا قُلْنَا بِمَا فِي الْكِتَابِ إِذَا سَبَاهُ عَبْدُهُ فَأَعْتَقَهُ وَصَارَ وَلَاءُ كُلِّ وَاحِدٍ لِصَاحِبِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَرِثَهُ الْبَاقِي وَمِيرَاثُ الْبَاقِي لِلْمُسْلِمِينَ وَقَالَ أَشْهَبُ يَرْجِعُ الْأَوَّلُ حُرًّا وَيُرَدُّ إِلَى ذِمَّتِهِ وَلَهُ وَلَاءُ مَوْلَاهُ وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يُجَرُّ إِلَى مُعْتِقِهِ الْآنَ وَلَاءُ مَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْ عِتْقٍ أَوْ وُلِدَ مِنْ حُرَّةٍ إِنْ لم يمس رقبته وَلَا عَتَقَ أَمَّا لَوْ مَسَّهُ فَلَا يَجُرُّ مَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْ وَلَاءِ عِتْقٍ أَوْ وَلَدٍ إِلَى مُعْتَقِهِ أَحَدًا (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا أَعْتَقَ الْمُسْلِمُ نَصْرَانِيًّا فَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ ناقضاً للْعهد فسبي وَهُوَ فسيء فَإِنْ عَتَقَ فَوَلَاؤُهُ لِمُعْتِقِهِ أَخِيرًا فَإِنْ أَعْتَقَ فَصَارَ قَبْلَ لُحُوقِهِ أَوْ تَزَوَّجَ حُرَّةً نَصْرَانِيَّةً فَوَلَدَتْ مِنْهُ أَوْلَادًا ثُمَّ أَسْلَمُوا فَوَلَاؤُهُمْ لِمَوْلَاهُ الْأَوَّلِ لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ ثَبَتَ لَهُ وَوَلَاؤُهُ هُوَ وَوَلَاءُ مَا تَوَلَّدَ لَهُ أَوْ يُعْتَقُ مِنَ الْآنَ لِمَوْلَاهُ الثَّانِي وَلَا يَجُرُّ إِلَيْهِ مَا قَبْلَ الرِّقِّ الثَّانِي (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذا ردَّتْ شَهَادَته بِالْعِتْقِ ثمَّ اشْتَرَاهُ أَوْصَى ابْنُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ أَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدًا فِي وَصِيَّتِهِ ثُمَّ وَرِثَهُ عَنْهُ مُبَاشَرَةً أَوْ أَقَرَّ بَعْدَ الشِّرَاءِ أَنَّهُ حُرٌّ أَوْ أَنَّ الْبَائِعَ أَعْتَقَهُ وَالْبَائِعُ مُنْكِرٌ أَوْ قَالَ كُنْتُ بِعْت عَبدِي مِنْك فأعتقته وَأَنت تحجد

عتق العَبْد فِي ذَلِك كُله بالقضا وَوَلَاؤُهُ لِمَنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ مُؤَاخَذَةً بِالْإِقْرَارِ أَوْ أَقَرَّ أَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ لِبَائِعِهَا لَهُ حَرُمَ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا وَلَا يُعَجِّلُ عِتْقَهَا حَتَّى يَمُوتَ الْبَائِعُ إِذْ لَعَلَّ الْبَائِعَ يُقِرُّ بِذَلِكَ فتعود لَهُ فِي التَّنْبِيهَاتِ قَالَ أَشْهَبُ إِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ بَاعَهُ مِنْ فُلَانٍ فَأَعْتَقَهُ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يُقِرَّ بَعْدَمَا اشْتَرَاهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ إِقْرَارًا عَلَى نَفْسِهِ وَفِي النُّكَتِ إِذَا أَقَرَّ أَنَّ بَائِعَهُ لَهُ أَعْتَقَهُ وَالْبَائِعُ مُنْكِرٌ عَتَقَ عَلَى الْمُشْتَرِي لِإِقْرَارِهِ زَادَ ابْنُ يُونُسَ وَوَلَاؤُهُ لِلَّذِي قُضِيَ عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ وَإِذَا مَاتَ الْعَبْدُ عَنْ مَالٍ فَلِلْمُشْتَرِي مِنْهُ مِقْدَارُ ثُمُنِهِ وَبَاقِي الْمَالِ يَكُونُ لِلْبَائِعِ إِنِ ادَّعَاهُ وَإِلَّا كَانَ مَوْقُوفًا فَإِنْ تَرَكَ أَقَلَّ مِنَ الثَّمَنِ فَلَيْسَ لَهُ غَيره فَإِن مَاتَ البَائِع اَوْ لَا قَبْلَ الْعَبْدِ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ وَلَمْ يَتْرُكِ الْبَائِعُ مَالًا فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي مِنْ مَالِ الْعَبْدِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ يُورَثُ بِالْوَلَاءِ وَلَمْ يَظْلِمْهُ الْوَصِيَّةَ وَلَا الثَّمَنَ فِي ذِمَّةِ مَنْ ظَلَمَهُ وَالثَّمَنُ عَلَى الْبَائِعِ إِنَّمَا يَلْزَمُ تَرِكَتُهُ وَلَمْ يَتْرُكْ مَالًا فَلَا شَيْءَ لَهُ فَإِنْ تَرَكَ الْبَائِعُ مِقْدَارَ الثَّمَنِ لَمْ يَأْخُذِ الْوَرَثَةُ مَا تَرَكَ الْعَبْدُ حَتَّى يَرِثُوا الثَّمَنَ أَوْ مِقْدَارَ مَا تَرَكَ الْبَائِعُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ قَالَ الشَّاهِدُ كُنْتُ شَهِدْتُ بِبَاطِلٍ قَالَ أَشْهَبُ لَا أُعْتِقُهُ عَلَيْهِ بَعْدَ تَحْلِيفِهِ فَإِنْ نَكَلَ عَتَقَ عَلَيْهِ وَوَلَاؤُهُ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَإِذَا مَاتَ الْمَشْهُودُ بِعِتْقِهِ بعد الْمَشْهُود عَلَيْهِ لَا يَرِثُونَ الْوَلَاءَ كَالنِّسَاءِ وَيَرِثُهُ الْمُسْلِمُونَ وَلَا شَيْءَ لِلشَّاهِدِ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانُوا يَرِثُونَ الْوَلَاءَ وَتَرَكَ الْعَبْدُ مَنْ يَرِثُهُ بِالنَّسَبِ فَلَا شَيْءَ لِلشَّاهِدِ مِنَ التَّرِكَتَيْنِ وَإِذَا اشْتَرَى عَبْدًا فَأَقَرَّ أَنَّ بَائِعَهُ أَعْتَقَهُ وَتَرَكَهُ الْمُعْتِقُ قَبْلَ مَوْتِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ اَوْ بعده كَمَا تقدم فَمن ردَّتْ شَهَادَته لعتقه ثُمَّ اشْتَرَاهُ وَإِذَا قَالَ كُنْتُ بِعْتُ عَبْدِي هَذَا ابْن فُلَانٍ فَأَعْتَقَهُ وَهُوَ يَجْحَدُ وَالْمُشْتَرِي مَلِيءٌ بِالثَّمَنِ لَمْ يَسْتَرِقَّهُ الْبَائِعُ وَيُحْكَمُ عَلَيْهِ بِعِتْقِهِ أَوْ مُعْدِمًا وَلَا فَضْلَ فِي قِيمَتِهِ فَلَا بَأْسَ بِاسْتِرْقَاقِهِ وَإِذَا أَقَرَّ أَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ لِلْبَائِعِ

(فرع)

فَمَاتَتْ عَنْ مَالٍ قَبْلَ مَوْتِ الْبَائِعِ أَخَذَ هَذَا مِنْهُ قَدْرَ الثَّمَنِ وَالْبَاقِي لِلْبَائِعِ إِنْ أَقَرَّ وَإِلَّا وُقِفَ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَهَا فَمَا تَرَكَتْ لِمَنْ يَرِثُ الْوَلَاءَ عَنِ الْبَائِعِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْعَبْدِ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا نَفَقَتُهَا فِي الْإِيقَافِ إِنْ عَجَزَتْ عَنْ نَفَقَةِ نَفْسِهَا عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّهَا وَقَفَتْ لَهُ فَإِنْ أَبَى عَتَقَتْ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ أُمُّ وَلَدِ الذِّمِّيِّ إِذَا وُقِفَتْ لَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَعِنْدِي أَنَّ نَفَقَتَهَا عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّهَا فِي ضَمَانِهِ فَهُوَ يدْفع بإقرارها النَّفَقَةَ عَنْ نَفْسِهِ وَرَدِّ ثَمَنِهَا فَلَا يَقْبَلُ مِنْهُ فِيهَا وَلِأَنَّهُ ظَالِمٌ فِي شِرَائِهَا وَالظَّالِمُ أَحَق أَن يحمل عَلَيْهِ بِخِلَاف أم الْوَلَد الذِّمِّيِّ فَإِنَّ نَفَقَتَهَا كَانَتْ عَلَى سَيِّدِهَا وَلَيْسَتْ بِمُتَعَدِّيَةٍ فِي إِسْلَامِهَا وَمِلْكُهُ بَاقٍ عَلَيْهَا قَالَ اللَّخْمِيّ إِذا كَانَ وَرَثَة البَائِع رجَالًا ونسات فَلِلْمُشْتَرِي الْأَقَلُّ مِنْ ثُلُثِ مَا خَلَّفَهُ الْعَبْدُ أَوِ الثَّمَنُ أَوْ مَا يَنُوبُ الذُّكُورُ مِنَ الْمِيرَاثِ وَقِيلَ يَأْخُذُ جَمِيعَ الثَّمَنِ لِإِقْرَارِهِمْ أَنَّ الَّذِي أَخَذَهُ السَّيِّدُ أَخَذَهُ بِغَيْرِ وَجْهٍ وَالْمِيرَاثُ مُؤَخَّرٌ عَنِ الدَّيْنِ فَإِنْ كَانَ وَارِثُ الْوَلَاءِ عصبَة اَوْ بنُون وَلم يتْرك للْبَائِع مَالا فلعصبته جَمِيع مَا خلف الْوَلِيّ وَلَا شَيْءَ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَ وَرَثَةُ السَّيِّدِ نسات وَأَحَطْنَ بِجَمِيعِ تَرِكَتِهِ وَوَرِثَ الْوَلَاءَ عَصَبَتُهُ لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي شَيْءٌ وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى الْآخَرِ أَنَّهُ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ مِنَ الْعَبْدِ وَهُوَ مُوسِرٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُعْتَقُ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يُعْتَقُ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنَّمَا يَصِحُّ الْعِتْقُ عَلَى الْقَوْلِ بِالسَّرَايَةِ دُونَ الْقَوْلِ أَنَّهُ لَا يُعْتَقُ بِالْقِيمَةِ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَقُ نَصِيبُهُ إِلَّا بَعْدَ أَدَائِهَا (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا أَعْتَقَ الْمُكَاتَبُ عَبْدَهُ عَلَى مَالِ الْعَبْدِ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى

(فرع)

انْتِزَاعِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ جَازَ عَلَى وَجه النّظر فَإِن كره الس فَإِن أدّى فَلهُ وَلَا مُكَاتِبِهِ أَوْ عَجَزَ فَالْوَلَاءُ لِسَيِّدِهِ (فَرْعٌ) قَالَ إِنْ قُلْتَ لِمُكَاتَبِكَ أَوِ الْمَأْذُونِ لَهُ اعْتِقْ عَبْدَكَ هَذَا عَنِّي وَلَكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ جَازَ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَبَيْعُهُمَا جَائِزٌ (فَرْعٌ) قَالَ وَلَدُ الْمُدَبَّرَةِ وَالْمُكَاتَبَةِ مِنْ زَوْجٍ حُرٍّ أَوْ مُكَاتَبٍ لِغَيْرِ سَيِّدِهَا مِثْلُهَا فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ وَوَلَاؤُهُ لِسَيِّدِهَا دُونَ سَيِّدِ الْأَبِ وَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَتْهُ بَعْدَ الْأَدَاءِ إِذَا مَسَّهُ الرِّقُّ فِي بَطْنِهَا لِأَنَّ مَنْ أَعْتَقَ أَمَتَهُ وَهِيَ حَامِلٌ مِنْ زوج عبد فولدته بعد الْعتْق أَن وَلَدَهَا حُرٌّ وَوَلَاؤُهُ لِسَيِّدِهَا (فَرْعٌ) قَالَ عَبْدٌ مُسلم بَين مُسلم وذمي فأعتقاه مَعًا فولاب حِصَّةِ الذِّمِّيِّ لِلْمُسْلِمِينَ لِاخْتِلَافِ الدِّينِ أَوْ نَصْرَانِيًّا فَنِصْفُ جِنَايَتِهِ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ لَا عَلَى الْمُسْلِمِ لِأَنَّهُ لَا يَرِثُهُ وَنِصْفُهَا عَلَى أَهْلِ خَرَاجِ الذِّمِّيِّ الَّذِينَ يُؤَدُّونَ مَعَهُ وَإِنْ أَسْلَمَ الْعَبْدُ بَعْدَ الْعِتْقِ ثُمَّ جَنَى فَحِصَّةُ الذِّمِّيِّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهُمْ وَرِثُوا حِصَّتَهُ وَالنِّصْفُ عَلَى قَوْمِ الْمُسْلِمِ لِأَنَّهُ صَارَ وَارِثًا لِحِصَّتِهِ مِنْهُ فَإِن اسْلَمْ الذِّمِّيّ رَجَعَ إِلَيْهِ ولاب حِصَّتِهِ ثُمَّ تَكُونُ جِنَايَةُ الْخَطَأِ نِصْفُهَا فِي بَيت المَال وَنِصْفهَا على قوم الْمُسلم فِي النُّكَتِ قِيلَ فِي الْمُشْتَرَكِ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الذِّمِّيِّ عَلَيْهِ نِصْفُ الْجِزْيَةِ وَهُوَ النَّصِيبُ الَّذِي يَخُصُّ النَّصْرَانِيَّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ فِي الْجِنَايَةِ إِنَّهَا تَبْلُغُ ثُلُثَ دِيَتِهِ أَوْ ثُلُثَ دِيَةِ الْمَجْنِي عَلَيْهِ

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ إِنْ عَتَقَ الْعَبْدَ مِنَ الزَّكَاةِ فَوَلَاؤُهُ وَوَلَاءُ وَلَدِهِ مِنَ الْحُرَّةِ لِلْمُسْلِمِينَ لِعِتْقِهِ مِنْ مَالِهِمْ وَعَقْلُ مَوَالِي الْمَرْأَةِ عَلَى قَوْمِهَا وَمِيرَاثُهَا إِنْ مَاتَتْ لِوَلَدِهَا الذُّكُورِ وَإِنْ لَمْ يكن فلذكور وَلَدهَا الذُّكُور دون الْإِنَاث وَيَنْتَهِي موليها إِلَى قَوْمِهَا كَمَا كَانَتْ هِيَ تَنْتَهِي فَإِذَا انْقَرَضَ وَلَدُهَا وَوَلَدُ وَلَدِهَا وَرِثَتْهَا مَوَالِيهَا لِعَصَبَتِهَا الَّذِينَ هُمْ أَقْعَدُ بِهَا يَوْمَ يَمُوتُ الْمَوْلَى دُونَ عَصَبَةِ الْوَلَدِ قَالَهُ عَدَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ مَا أَعْتَقَهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ فَوَلَاؤُهُ لَهُ لِأَنَّهُ اسْتَحْدَثَ ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ فَهُوَ كَإِحْدَاثِ الْعِتْقِ وَالزَّكَاةُ أَوْجَبَهَا اللَّهُ لِلْفُقَرَاءِ وَيُكْتَبُ الْمُعْتَقُ مِنَ الزَّكَاةِ أَوْ سَائِبَةً فِي شَهَادَتِهِ فُلَانٌ مَوْلَى الْمُسْلِمِينَ ابْنُ فُلَانٍ وَلَا يكْتب فلَان بن فَلِأَن مولى الْمُسلمين لَيْلًا يَدْخُلَ أَبَاهُ فِي وَلَاءِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ مَالِكٌ فِي الْكِتَابِ وَمَنْ أَسْلَمَ وَكَانَ وَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنَ الْعَرَبِ أَوْ مِنَ الْمَوَالِي مُعْتِقُهُ فَوَلَدَتْ فَوَلَاءُ الْوَلَدِ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْوَلَدُ هَاهُنَا تَبَعٌ لِلْأَبِ فَإِنْ مَاتَ الْأَبُ ثُمَّ مَاتَ وَلَدُهُ فَمِيرَاثُهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَكُلُّ مُعْتَقَةٍ أَوْ حُرَّةٍ من الْعَرَب تزَوجهَا حر عَلَيْهِ ولاب حر وَلَده مِنْهَا لِمَوَالِيهِ وَيَرِثُ وَلَدَهُ مَنْ كَانَ يَرِثُ الْأَبَ إِنْ كَانَ الْأَبُ قَدْ مَاتَ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِذَا مَاتَ أَبُوهُ وَرِثَتْهُ أُمُّهُ وَإِخْوَتُهُ لِأُمِّهِ لِلْأُمِّ السُّدُسُ وَلِإِخْوَتِهِ الثُّلُثُ وَالْبَاقِي لِبَيْتِ الْمَالِ إِنْ كَانَتْ أَمَةً عَرَبِيَّةً أَوْ لِمَوْلَاهَا إِنْ كَانَتْ مُعْتَقَةً (فَرْعٌ) إِذَا تَزَوَّجَتِ الْحُرَّةُ عَبْدًا فَوَلَدَتْ مِنْهُ فَوَلَاءُ الْوَلَدِ لِمَوَالِي الْأُمِّ مَا دَامَ الْأَبُ عَبْدًا فَإِنْ عَتَقَ الْأَبُ جر ولائهم لِمُعْتِقِهِ كَوَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ يُنْسَبُ لِمَوَالِي أُمِّهِ يَرِثُونَهُ ويعقلون عَلَيْهِ فَإِذا اعْترف أَبوهُ وَأَنْتَقِلَ الْوَلَاءُ لِمَوَالِيهِ فَإِنْ كَانَ لِوَلَدِ الْعَبْدِ مِنَ الْحرَّة عبد جَدٌّ أَوْ جَدُّ جَدٍّ قَدْ عَتَقَ قَبْلَ الْأَبِ جَرَّ وَلَاءَ الْوَلَدِ لِمُعْتِقِهِ قَالَ ابْنُ يُونُس قَالَ مُحَمَّد لَو أَن ولد هَذَا من الْحرَّة كبر فَاشْترى ابواه فشق عَلَيْهِ

(فرع)

لَكَانَ ولاب هَذَا الْأَبِ لِابْنِهِ يَجُرُّهُ لِمَوَالِي أُمِّهِ كَمَا لَوِ اشْتَرَاهُ غَيْرُ الِابْنِ فَأَعْتَقَهُ فَجَرَّ وَلَاءَهُ لمواليه فولاء الْأَب هَاهُنَا وَوَلَاء وَلَده لموَالِي أم وَلَده الَّتِي أَعْتَقَهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ مِيرَاثُ مَوَالِي الْمَرْأَةِ لِعَصَبَتِهَا وَعَقْلُهُمْ عَلَى قَوْمِهَا هَذَا مَعَ عَدَمِ الْوَلَدِ وَاخْتُلِفَ فِي مِيرَاثِ وَلَدِهَا مِنْهُمْ قَالَهُ مَالِكٌ وَمَنَعَهُ ابْنُ بُكَيْرٍ لِأَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَهُ وَسُنَّةُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَلَاءُ وَلَدِ الْحُرَّةِ الْمُعْتَقَةِ إِذَا كَانَ زَوْجُهَا عَبْدًا لِمَوَالِي أُمِّهِ مَا دَامَ أَبُوهُ عَبْدًا فَإِذَا عَتَقَ جَرَّهُ إِلَى مَوَالِيهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ فَمُعْتِقُ أَبِيهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَالْمُسْلِمُونَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكتاب وَقَالَ مُحَمَّد إِذا عدم الموَالِي فَمَوْلَى الْأُمِّ بَيْتُ الْمَالِ عِنْدَ مَالِكٍ وَقَالَ مُحَمَّدٌ مُعْتِقُ الْأُمِّ فَهَذَا جَوَابُ الْوَلَاءِ فِيمَنْ أَعْتَقَ وَأَمَّا مَنْ أَعْتَقَ مَنْ أَعْتَقْنَ فَلَهُنَّ وَلَاءُ الْمُعْتِقِ الْأَسْفَلِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَأَمَّا وَلَدُهُ فَإِنْ أَعْتَقَ عَبْدًا وَأَمَةً ثُمَّ أَعْتَقَ ذَلِكَ الْعَبْدُ الْمُعْتَقُ أَوِ الْأَمَةُ عَبْدًا أَوْ امة فولاؤهم للأعلا فَإِنْ عُدِمَ فَلِلْأَسْفَلِ فَإِنْ كَانَ الْأَسْفَلُ عَبْدًا جَرَّ وَلَاءَ أَوْلَادِهِ لِمُعْتِقِ مُعْتِقِهِ ذُكُورِهِمْ وَإِنَاثِهِمْ وَإِنْ كَانَ الْأَسْفَلُ أَمَةً فَوَلَاءُ وَلَدِهَا لِمُعْتِقِ زَوجهَا ذكورهم وإناثهم وَلَا يجرهم لِمُعْتِقِهَا وَلَا لِمُعْتِقِ مُعْتِقِهَا (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِنِ اشْتَرَى بِنْتَانِ أَبَاهُمَا فَعَتَقَ عَلَيْهِمَا وَرِثَتَا مِنْهُ بِالنَّسَبِ الثُّلُثَيْنِ وَالثُّلُثَ بِالْوَلَاءِ إِنْ لَمْ يَكُنْ عَصَبَةً فَإِنْ مَاتَتْ إِحْدَاهُمَا قَبْلَهُ فَمَالُهَا لِأَبِيهَا فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلِلِابْنَةِ الْأُخْرَى النِّصْفُ بِالْفَرْضِ وَنِصْفُ مَا بَقِيَ بِمَا أَعْتَقَتْ مِنْهُ فَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً وَاشْتَرَى الْأَبُ بَعْدَ عِتْقِهِ ابْنًا لَهُ فَعَتَقَ عَلَيْهِ ثُمَّ مَاتَ الْأَب وَرثهُ الاب وَالِابْنَةُ لِلذَّكَرِ حَظُّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ مَاتَ الِابْنُ ورثتا النِّصْفَ بِالنَّسَبِ وَالنِّصْفَ بِالْوَلَاءِ لِأَنَّ الِابْنَ مَوْلَى مَنْ أَعْتَقَتْ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ ابْنٌ وَابْنَةٌ اشْتَرَيَا أَبَاهُمَا ثُمَّ أَعْتَقَ الْأَبُ عَبْدًا ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ ثُمَّ مَوْلَاهُ فَمِيرَاثُ الْأَبِ بَيْنَهُمَا عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ

وَمِيرَاثُ الْمَوْلَى لِلِابْنِ وَحْدَهُ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتِ الْبِنْتُ مُعْتِقَةً الْأَبَ كُلَّهُ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُورَثُ بِالْوَلَاءِ إِذَا عُدِمَ النَّسَبُ وَوَلَدُ الرَّجُلِ يَرِثُ مَوَالِيَهُ دُونَ مَنْ أَعْتَقَ أَبَاهُ فَإِنِ اشْتَرَى الِابْنُ وَأَجْنَبِيٌّ الْأَبَ فَأَعْتَقَاهُ فَمَاتَ عَنْ مَوَالِيهِ فميراث الإبن وَحْدَهُ دُونَ الْأَجْنَبِيِّ لِأَنَّهُ لَا يُورَثُ بِالْوَلَاءِ مَعَ النَّسَبِ فَإِنْ مَاتَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى الِابْنُ أَوَّلًا فَوَرِثَهُ أَبُوهُ ثُمَّ مَاتَ عَنْ موَالِي فَلِلْبِنْتِ مِنْ أَبِيهَا النِّصْفُ وَنِصْفُ النِّصْفِ بِالْوَلَاءِ لِأَنَّهَا أَعْتَقَتْ مِنَ الْأَبِ النِّصْفَ وَالرُّبُعُ الْبَاقِي لِأَخِيهَا فَهُوَ مَوْلَى ابْنِهِ وَمَوْلَى أَبِيهِ هُوَ وَأُخْتُهُ فَلَهَا نِصْفُ ذَلِكَ الرُّبُعِ فَيَصِيرُ لَهَا سَبْعَةُ أَثْمَانٍ وَالثُّمُنُ الْبَاقِي لِمَوَالِي أُمِّ أَخِيهَا إِنْ كَانَتْ أَمَةً مُعْتَقَةً وَإِنْ كَانَتْ عَرَبِيَّةً فَلِبَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ مَاتَ مَوْلَى أَبِيهَا فَلَهَا مِنْهُ النّصْف وَالنّصف الْبَاقِي لأَخِيهَا فَهُوَ لمولى ابيه وموالي ابيه هُوَ وَأُخْتهَا فلهَا نصفه يصير لَهَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ مِيرَاثِ الْمَوْلَى وَلِمَوَالِي أُمِّ أَخِيهَا الرُّبُعُ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنِ اشْتَرَى ابْنَتَانِ أَبَاهُمَا فَمَاتَتْ إِحْدَاهُمَا وَلَا يَرِثُ غَيْرُ أُخْتِهَا فَلَهَا النِّصْفُ بِالرَّحِمِ وَنِصْفُ النِّصْفِ بِالْوَلَاءِ بِمَا جَرَّ إِلَيْهَا الْأَبُ وَالرُّبُعُ الْبَاقِي لِمَوَالِي أُمِّ أُخْتِهَا وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ تَأْخُذُ سَبْعَةَ أَثْمَانِ مَا تَرَكَتِ النِّصْفُ بِالرَّحِمِ وَالرُبُعُ بِشَرِكَةِ الْوَلَاءِ وَالثُّمُنُ بِجَرِّ الْوَلَاءِ إِلَيْهَا قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَهُوَ غَلَطٌ فَإِنْ مَاتَتِ الثَّانِيَةُ وَلَا وَارِثَ لَهَا فَنِصْفُ مِيرَاثِهَا لِمَوَالِي أَبِيهَا وَالنِّصْفُ لِمَوَالِي أُخْتِهَا فَإِنْ مَاتَتْ إِحْدَاهُمَا ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ وَتَرَكَ الثَّانِيَةَ فَلَهَا سِتَّةُ أَثْمَانِ الْمِيرَاثِ النِّصْفُ بالرحم وَنصف الْبَاقِي بِعِتْق ابيهما ولأخيها نصف يكون لموَالِي أَبِيهَا وهم هِيَ وإخوتها فَتَأْخُذُ الْحَيَّةُ نِصْفَهُ وَيَبْقَى الثُّمُنُ لِمَوَالِي أُمِّ الْمَيِّتَةِ وَإِنْ كَانَتْ عَرَبِيَّةً فَلِبَيْتِ الْمَالِ فَضَابِطُ هَذَا الْبَابِ عَلَى كَثْرَةِ مَسَائِلِهِ أَنْ يُقْسَمَ لمن يَرث بِالنّسَبِ فَإِن اسْتكْمل فرعت الْمَسْأَلَة وَإِن لم تستكمل كَمَا لَوْ تَرَكَ بَنَاتٍ أَوْ أَخَوَاتٍ فَيُوَرَّثُ أولى بِالنَّسَبِ ثُمَّ يَقُولُ وَمَا بَقِيَ لِمَوَالِيهِ فَإِنْ كَانُوا أَحْيَاءً أَخَذُوهُ وَكَمُلَتِ الْقِسْمَةُ وَإِنْ كَانُوا اثْنَتَيْنِ وَأَنْتِ إِحْدَاهُمَا

(فرع)

أَخَذَتِ الْحَيَّةُ نَصِيبَهَا وَالْبَاقِيَ لِمَوَالِي أَبِي الْمَيِّتِ فتأخذ الْحَيَّة وَالْميتَة وَنصِيب الْميتَة لموَالِي أَبِيهَا فَالْقِسْمَةُ أَبَدًا عَلَى أَرْبَعَةِ رُتَبٍ النَّسَبُ ثُمَّ الْمَوَالِي وَمَا بَقِيَ لِمَوَالِي أُمِّهِ (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا أَعْتَقَ ابْنٌ وَابْنَةٌ أَبَاهُمَا وَمَاتَ الِابْنُ أَوَّلًا عَنْ بِنْتٍ ثُمَّ الْبِنْتُ عَنِ ابْنٍ ثُمَّ هَلَكَ الْأَبُ عَنْ مَالٍ وَمَوَالٍ فلبنت الْبِنْت النّصْف بالرحم النّصْف وَلِابْنِ الْبِنْتِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ النِّصْفِ الْبَاقِي وَالثُّمُنُ الْبَاقِي فِي مَوَالِي أُمِّ أَخِيهَا لِابْنِ الْبِنْتِ مَا لِأُمِّهِ مِنَ الْوَلَاءِ وَلَهَا نِصْفٌ وَالنِّصْفُ لأَخِيهَا يجر لَهَا الاب نصف وَلِأَخِيهَا فَوَرِثَ ابْنُهَا نِصْفَ نَصِيبِهِ أَيْضًا فَإِنِ اشْتَرَى ابْنَتَانِ أَبَاهُمَا ثُمَّ اشْتَرَتْ إِحْدَاهُمَا مَعَ الْأَب أخاها هُوَ ابْن الاب فَعتق عَلَيْهَا ثمَّ مَاتَت مشتراة الاخ فمالها لابنها ثمَّ مَاتَ الْأَب فَمَاله بَين الاب وَالْبِنْتِ أَثْلَاثًا بِالنَّسَبِ لَا بِالْوَلَاءِ فَإِنْ مَاتَ الاخ فلأخيه النِّصْفُ بِالنَّسَبِ وَالْبَاقِي لِمَوَالِيهِ وَهُمْ هِيَ وَأَبُوهُ الْمَيِّت بَينهَا نِصْفَانِ صَارَ لَهَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَالِ وَلِلْأَبِ الرُّبُعُ فَهُوَ لِمَوَالِيهِ وَهُمُ ابْنَتَاهُ هَذِهِ وَالْمَيِّتَةُ قبله بَينهَا نِصْفَانِ صَارَ لِهَذِهِ سَبْعَةُ أَثْمَانِ الْمَالِ وَلِلْمَيِّتَةِ قبل الْأَب نصف ثمن يكون لموَالِي ابْنهَا وَتَصِحُّ الْمَسْأَلَةُ مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ فَقَدْ وَرِثَتْ هَذِهِ الْأُخْتُ مَرَّةً بِالنَّسَبِ وَثَلَاثَ مَرَّاتٍ بِالْوَلَاءِ مَرَّةً بِصَرِيحِ عِتْقِ أَبِيهَا وَمَرَّةً بِصَرِيحِ عِتْقِ أَخِيهَا وَمَرَّةً جَرَّ إِلَيْهَا أَبُوهَا مِنْ وَلَاءِ أُخْتِهَا وَإِنِ اشْتَرَتْ إِحْدَاهُمَا وَأَبُوهَا أُمًّا لَهَا فَأعتق الاب نصِيبهَا مِنْهَا ثُمَّ اشْتَرَتِ الْأُمُّ مَعَ الَّتِي اشْتَرَتْهَا اخاً لَهما وَهُوَ ابْن إِلَّا وَالْأُمِّ فَمَاتَتِ الَّتِي لَمْ تَشْتَرِ غَيْرَ الْأَبِ فَورثَهَا أَبوهَا لأمها السُّدس ولابنها مَا بَقِيَ ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ فَمَالُهُ لِابْنِهِ وَابْنَته للذّكر مثل حَظّ

(فرع)

الانثنيين بِالنَّسَبِ وَلَا شَيْءَ لِلزَّوْجَةِ لِأَنَّ نِكَاحَهَا انْفَسَخَ بِملكه بَعْضهَا ثمَّ مَاتَت فميراثها بَين أَبِيهَا وَابْنَتِهَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ بِالنَّسَبِ ثُمَّ مَاتَ الْأَخُ فَلِأُخْتِهِ النِّصْفُ بِالنَّسَبِ وَمَا بَقِيَ لِمَوَالِيهِ وَمَوَالِيهِ أُخْتُهُ هَذِهِ وَأُمُّهُ فَيَصِيرُ لِلْأُخْتِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَالِ وَلِلْأُمِّ رُبُعُهُ وَهِيَ مَيِّتَةٌ فَهُوَ مَوْرُوثٌ عَنْهَا لِمَوَالِيهَا وَمَوَالِيهَا ابْنَتُهَا هَذِهِ وَزَوْجُهَا فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ صَارَ لِهَذِهِ سَبْعَةُ أَثْمَانِ الْمَالِ وَلِلْأَبِ الثُّمُنُ فَهُوَ مَوْرُوثٌ عَنْهُ يَكُونُ لِمَوَالِيهِ وَمَوَالِيهِ ابْنَتُهُ هَذِهِ وَالْمَيِّتَةُ قَبْلَهُ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ صَارَ لِهَذِهِ سَبْعَةُ أَثْمَانِ الْمَالِ وَنِصْفُ ثُمُنِهِ وَفِي يَدَيِ الْمَيِّتَةِ نِصْفُ ثُمُنٍ فَهُوَ مَوْرُوثٌ عَنْهَا لِمَوَالِي أَبِيهَا وَهُمْ هِيَ نَفْسُهَا وَأُخْتُهَا فَيَصِيرُ لِلْحَيَّةِ سَبْعَةُ أَثْمَانِ الْمَالِ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الثُّمُنِ وَرُبُعُ الثُّمُنِ وَهُوَ وَاحِد من اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ بَينهمَا لِلْمَيِّتَةِ فَهُوَ يُورَثُ عَنْهَا لِمَوَالِي أُمِّهَا وَهُمْ أُخْتُهَا هَذِهِ وَأَبُوهَا بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَتَصِيرُ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَسِتِّينَ فَلِلْبِنْتِ الْبَاقِيَةِ ثَلَاثَةٌ وَسِتُّونَ وَلِلْأَبِ سَهْمٌ فَتَجُرُّهُ إِذْ مِنْ يَدِهِ خَرَجَ وَإِلَيْهِ رَجَعَ فَيَصِيرُ جَمِيعُ الْمَالِ لِلْبِنْتِ الْبَاقِيَةِ فَقَدْ ورثت بِالنَّسَبِ وَخَمْسَ مَرَّاتٍ بِالْوَلَاءِ ثَلَاثًا بِالصَّرِيحِ وَاثْنَيْنِ بِالْجَرِّ والصريح عتق اختها وَالثَّانيَِة بِصَرِيح عتق أَبِيهَا وَالرَّابِعَة بِمَا جَرَّ إِلَيْهَا أَبُوهَا مِنَ الْوَلَاءِ مِنْ أَخِيهَا وَالْخَامِسَةُ مَا جَرَّتْ إِلَيْهَا أُمُّهَا مِنْ أَخِيهَا (فَرْعٌ) فِي الْجَعْدِيَّةِ الْأَبُ يَجُرُّ وَلَاءَ وَلَده لمن حَاز وَلَاؤُه كَانَ وَلَاؤُهُ لِمَوَالِي أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ أَوِ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ الْأَبَ أَوْلَى مِنَ الْأُمِّ فِي جَرِّ الْوَلَاءِ وَإِنَّمَا يَجُرُّ الْجَدُّ وَلَاءَ وَلَدِهِ وَالْجد جر أَمَّا إِذَا مَاتَ ثُمَّ وُلِدَ لِأَبِيهِ وَلَدٌ آخر فَإِن وَلَاؤُه لِمَوَالِي أُمِّهِ مَا دَامَ الْأَبُّ عَبْدًا وَوَلَاءَ الْوَلَدِ الْأَوَّلِ لِمَوَالِي الْجَدِّ مَا لَمْ يَعْتَقِ الْأَبُ فَيَنْتَقِلُ لِمَوَالِيهِ (تَمْهِيدٌ) فِي الْمُقَدِّمَاتِ الْمَوَالِي أَرْبَعَة لَا يَتَوَارَثُونَ وَهُمُ الْمُسْلِمُونَ الَّذِينَ لَا يَتَنَاسَبُونَ وموالي يَتَوَارَثُونَ وَهُمُ الْمُسْلِمُونَ الْمُتَنَاسِبُونَ وَيَرِثُونَ وَلَا يُورَثُونَ وهم المعتقون

(فرع)

وَعَكسه وَالثَّالِث ثَلَاثَة وَالْمُعتق وَمُعْتِقُ الْأَبِ وَمُعْتِقُ الْأُمِّ فَيَرِثُ الْمُعْتِقُ وَإِلَّا فَمُعْتِقُ أَبِيهِ وَإِلَّا فَمُعْتِقُ جَدِّهِ وَإِنْ عَلَا فَإِن لم يكن فِي آبَائِهِ جر مُعْتَقٌ وَرِثَهُ بَيْتُ الْمَالِ دُونَ مَوْلَى الْأُمِّ إِن كَانَ فِي الْآبَاءِ عَتِيقٌ فَانْقَرَضَ الْمُعْتِقُ وَعَصَبَتُهُ فَبَيْتُ الْمَالِ دُونَ مَوَالِي الْأُمِّ فَإِنْ كَانَ مُنْقَطع النّسَب ولد رقا ومنتفياً بِاللِّعَانِ أَوْ آبَاؤُهُ كُفَّارٌ وَعَبِيدٌ فَوَلَاؤُهُ لِمَوَالِي الْأُمِّ إِنْ كَانَتْ مُعْتَقَةً فَإِنْ كَانَتْ حُرَّةً لم يعْتق فَمَوَالِي الْجَدِّ أَبِي الْأُمِّ فَإِنْ كَانَتْ مُنْقَطِعَةَ النّسَب ابْنة رقا اَوْ منفية اللّعان أَوْ أَبُوهَا عَبْدًا أَوْ كَافِرًا كَانَ الْوَلَاءُ لِمَوَالِي الْجَدَّةِ أُمِّ الْأُمِّ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ وَجَمِيعُ هَذَا الْوَلَاءِ يُورَثُ بِهِ وَلَا يُوَرِّثُ لِأَنَّهُ يكون لأَقْرَب الْمُعْتِقِ يَوْمَ مَاتَ الْمَوْلَى الْمَوْرُوثُ وَلَا لِمَنْ وَرِثَ الْمَوْلَى الْمُعْتَقَ وَإِذَا عُدِمَ الْمَوْلَى الَّذِي أَعْتَقَهُ وَهُوَ مُعْتَقٌ أَسْفَلُ الْوَلَاءُ لِمَوْلَاهُ ثُمَّ لِمَنْ يَجِبُ لَهُ ذَلِكَ بِسَبَبِهِ كَوَلَدِهِ بَعْدَهُ وَأَخِيهِ وَعَمِّهِ وَجَمِيعِ الْعَصَبَةِ ثُمَّ بَعْدَهُمْ لِمَوْلَى مَوْلَاهُ ثُمَّ لِمَنْ هُوَ يَرِثُهُ بِنَسَبِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ فَمَوْلَى أَبِيهِ ثُمَّ لِمَنْ يَجِبُ لَهُ ذَلِكَ بِسَبَبِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ فَمَوْلَى أُمِّهِ وَلِمَنْ يَجِبُ لَهُ ذَلِكَ بِسَبَبِهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ فَمَوْلَى أَبِيهَا وَمَنْ يَجِبُ لَهُ ذَلِكَ من سَببه فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ فَمَوَالِي أُمِّ مَوْلَاهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَبَيْتُ الْمَالِ وَكُلُّ وَلَدٍ يُولَدُ لِلْحُرِّ مِنْ حُرَّةٍ فَوَلَاؤُهُ لِمَوْلَى أَبِيهِ وَإِلَّا فَلِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ إِنْ كَانَ حُرًّا وَلَا يَرْجِعُ وَلَاؤُهُ لِمَوَالِي أُمِّهِ أَبَدًا إِلَّا أَنْ تُعْتَقَ وَهِيَ حَامِلٌ فَيَكُونُ وَلَاؤُهَا لِمُعْتِقِهَا وَلِمَنْ يَجِبُ ذَلِكَ بِسَبَبِهِ لِأَنَّ الرِّقَّ قَدْ مَسَّهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ إِنْ كَاتَبَتْ أَوْ دَبَّرَتْ أَوْ أُعْتِقَتْ إِلَى أَجَلٍ فَوَلَاءُ مَا فِي بَطْنِهَا لِسَيِّدِ أُمِّهَا وَلَدَتْهُ فِي الْكِتَابَةِ أَوْ بَعْدَ أَدَائِهَا أَوْ وَلَدَتْهُ الْمُدَبَّرَةُ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ أَمْ لَا وَالْمُعَتَقَةُ إِلَى أَجَلٍ قَبْلَ الْأَجَلِ أَوْ بَعْدَهُ (فَرْعٌ) فِي الْمُنْتَقَى قَالَ مَالِكٌ ابْنُ الْعَبْدِ مِنَ الْحُرَّةِ إِذَا اشْتَرَى أَبَاهُ فَعَتَقَ عَلَيْهِ فَوَلَاؤُهُ لَهُ وَيَجُرُّهُ لِمَوَالِي أُمِّهِ وَقَالَهُ جَمِيعُ الْأَصْحَابِ إِلَّا ابْنَ دِينَارٍ قَالَ هُوَ لِلْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ الِابْنَ لَا يَجُرُّ

(تمهيد)

(تَمْهِيدٌ) وَافَقَنَا الْأَئِمَّةُ إِذَا تَزَوَّجَ عَبْدُكَ بِمُعْتَقَةِ غَيْرِكَ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ أَنَّ الْوَلَدَ تَبَعٌ لِأُمِّهِ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ فَإِنْ أَعْتَقْتَ الْعَبْدَ انْجَرَّ وَلَاءُ الْوَلَدِ مِنْ مَوَالِي الْأُمِّ لِمَوَالِي الْعَبْدِ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الزُّبَيْرَ مَرَّ بموال لرافع بن خديج فاعجبوه لطربهم وَجَمَالِهِمْ فَقَالَ لِمَنْ هَؤُلَاءِ فَقَالُوا هَؤُلَاءِ مَوَالٍ لِرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أُمُّهُمْ لِرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ وأبوهم عبد لفُلَان رجل من الحرقة فَاشْتَرَى الزُّبَيْرُ أَبَاهُمْ فَأَعْتَقَهُ ثُمَّ قَالَ أَنْتُمْ مَوَالِيَّ فَاخْتَصَمَ الزُّبَيْرُ وَرَافِعٌ إِلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَقَضَى عُثْمَانُ بِالْوَلَاءِ لِلزُّبَيْرِ وَلِأَنَّ الْوَلَاءَ فَرْعُ النَّسَبِ وَالنَّسَبُ مُعْتَبَرٌ بِالْأَبِ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ لِمَوَالِي الْأُمِّ لِعَدَمِ الْوَلَاءِ مِنْ جِهَةِ الْوَلَاء كَوَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ يَنْتَسِبُ لِلْأُمِّ لِعَدَمِ الْأَبِ فَإِذَا اعْتَرَفَ الْأَبُ عَادَ الْوَلَاءُ إِلَيْهِ وَفِي الْمُنْتَقَى اتَّفَقَ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ وَتَابِعُوهُمْ أَنَّ وَلَدَ الْعَبْدِ من الْمُعتقَة ولاؤهم لموَالِي أُمِّهِمْ مَا كَانَ أَبُوهُمْ عَبْدًا فَإِذَا عَتَقَ جَرَّ الْوَلَاءَ لِمَوَالِيهِ وَإِنْ كَانَتْ عَرَبِيَّةً فَوَلَاؤُهُمْ لِلْمُسْلِمِينَ حَتَّى يَعْتِقَ أَبُوهُمْ قَالَ مَالِكٌ يَجُرُّهُ الْأَبُ بِغَيْرِ حُكْمٍ لِوُجُودِ السَّبَبِ كَإِقْرَارِ أَبِ ابْن الْمُلَاعنَة قيقدم الْأَبُ عَلَى الْأُمِّ فِي جَرِّ الْوَلَاءِ إِلَّا أَنْ يَمَسَّ الْوَلَدَ الرِّقُّ فَيُعْتِقَهُ سَيِّدُ الْأُمِّ فَيُقَدَّمُ لِكَوْنِهِ مُبَاشِرًا لِلْعِتْقِ وَالْمُبَاشِرُ مُقَدَّمٌ وَالْمُنْعِمُ عَلَى الْوَلَدِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُنْعِمِ عَلَى أَبِيهِ وَإِذَا أَعْتَقَ مُسْلِمٌ نَصْرَانِيًّا فَمَاتَ نَصْرَانِيًّا لَمْ يَرِثهُ الْمُسلم وَورثه ش لما أَنَّ الْوَلَاءَ أَضْعَفُ مِنَ النَّسَبِ لِتَقْدِيمِ النَّسَبِ وَاخْتِلَافُ الدِّينِ يَمْنَعُ فِي النَّسَبِ فَأَوْلَى فِي الْوَلَاءِ قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي الْإِشْرَافِ إِذَا جَرَّ الْأَبُ أَوِ الْجَدُّ وَلَاءَ الْوَلَدِ عِنْد مَوَالِي الْأُمِّ ثُمَّ عُدِمَ هُوَ وَعَصَبَتُهُ لَمْ يعد الْوَلِيّ إِلَى مَوَالِي الْأُمِّ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِأَنَّ الْوَلَاءَ إِذَا اسْتَحَقَّ عَلَى وَفْقِ الْأَصْلِ لَمْ يَنْتَقِضْ كَوَلَد الْمُعتقَة لَا يَرْجِعُ إِلَيْهَا الْوَلَاءُ بَعْدَ

اعْتِرَافِ الْأَبِ قَالَ فَإِنْ تَزَوَّجَ حُرٌّ لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ بِمُعْتَقَةٍ فَوَلَدُهَا حُرٌّ لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ وَقَالَهُ ح وش إِن كَانَ جَمِيعًا ثَبَتَ الْوَلَاءُ عَلَى وَلَدِهِ وَبَنَاهُ عَلَى أَصْلِهِ فِي جَوَازِ اسْتِرْقَاقِ الْعَجَمِ مِنْ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ دُونَ الْعَرَبِ لَنَا أَنَّ الِاسْتِدَامَةَ فِي الْأُصُولِ أقوى من الِابْتِدَاء ثمَّ ابتداب الْحُرِّيَّةِ فِي الْأَبِ يُسْقِطُ اسْتِدَامَةَ الْوَلَاءِ لِمَوَالِي الْأُمِّ فَلَأَنْ يَمْنَعَ اسْتِدَامَةُ الْحُرِّيَّةِ فِي الْأَبِ ابْتِدَاءَ الْوَلَاءِ لِمَوَالِي الْأُمِّ أَوْلَى وَقِيَاسًا عَلَى الْعَرَبِيِّ بِجَامِعِ حُرِّيَّةِ الْأَصْلِ وَإِذَا عُدِمَ الْمَوَالِي وعاتهم وَرِثَ مَوَالِي الْأَبِ وَقَالَ ش ثَبَتَ الْمَالُ لَنَا أَنَّ مَوَالِيَ الْأَبِ ثَبَتَ لَهُمُ الْوَلَاءُ على الْأَب فينجز على وَلَدِهِ كَالْجَدِّ وَوَلَاءُ الْمَوَارِيثِ لَا يُوَرَّثُ خِلَافًا ل ش وح لنا قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ وَهَذَا لَمْ يُعْتِقْ وَقِيَاسًا عَلَى مَا إِذَا أَسْلَمَ عَلَى يَدِهِ وَخَالَفَ ابْنُ حَنْبَلٍ إِذَا أَسْلَمَ عَلَى يَدِهِ لنا الحَدِيث الْمُتَقَدّم

فارغة

(كتاب التدبير)

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد الْكَرِيم وعَلى آله وَصَحبه وَسلم تَسْلِيمًا وَعَلَيْهِم اجمعين (كتاب التَّدْبِير) وَفِي التَّنْبِيهَاتِ مَأْخُوذٌ مِنْ إِدْبَارِ الْحَيَاةِ وَدُبْرُ كل شَيْء مَا وَرَاءه بِسُكُون الباث وَضَمِّهَا وَالْجَارِحَةُ بِالضَّمِّ لَا غَيْرُ وَأَنْكَرَ بَعْضُهُمُ الضَّمَّ فِي غَيْرِهَا قَالَ غَيْرُهُ سُمِّيَ الْعَبْدُ مُدَبَّرًا لِأَنَّهُ يُعْتَقُ فِي دُبُرِ حَيَاةِ السَّيِّدِ وَقِيلَ لِأَنَّ السَّيِّدَ دَبَّرَ أَمْرَ دُنْيَاهُ بِمِلْكِهِ لَهُ فِي حَيَاتِهِ وَأَمْرَ آخِرَتِهِ بِعِتْقِهِ بِمَوْتِهِ وَهُوَ فِي الشَّرْعِ تَعْلِيقُ عِتْقِ الرَّقِيقِ بِالْمَوْتِ وَأَصْلُهُ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ فَالْكِتَابُ قَوْله تَعَالَى {وافعلوا الْخَيْر} وَنَحْوُهُ وَالسُّنَّةُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمُدَبَّرُ مِنَ الثُّلُثِ وَانْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّهُ قربَة وَالنَّظَر فِي الْكَاتِب وَأَحْكَامِهِ فَهَذَانِ نَظَرَانِ (النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهِ) وَهِي اللَّفْظ والأهل الرُّكْنُ الْأَوَّلُ اللَّفْظُ وَهُوَ يَنْقَسِمُ إِلَى الصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ فَفِي الْجَوَاهِرِ

صَرِيحُهُ دَبَّرْتُكَ وَأَنْتَ مُدَبَّرٌ وَأَنْتَ حُرٌّ عَنْ دُبُرٍ مِنِّي وَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي تَدْبِيرًا وَأَنْتَ عَتِيقٌ عَنْ دُبُرٍ وَنَحْوُهُ مِمَّا يُفِيدُ تَعْلِيقَ عِتْقِهِ بِمَوْتِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ لَا عَلَى وَجْهِ الْوَصِيَّةِ بِخِلَافِ تَقْيِيدِهِ بِوَجْهٍ مَخْصُوصٍ كَقَوْلِهِ إِنْ مُتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا أَوْ سَفَرِي هَذَا فَهَذَا وَصِيَّةٌ لَا تَدْبِيرٌ وَكِنَايَتُهُ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي وَيَوْمَ أَمُوتُ فَهُوَ وَصِيَّةٌ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ التَّدْبِيرَ وَنَحْوَهُ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ قَالَ فِي صِحَّتِهِ أَنْتَ حُرُّ يَوْمَ أَمُوتُ أَوْ بَعْدَ مَوْتِي يُسْأَلُ فَإِنْ أَرَادَ الْوَصِيَّةَ صُدِّقَ أَوِ التَّدْبِيرَ صُدِّقَ وَمُنِعَ الْبَيْعُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هِيَ وَصِيَّةٌ حَتَّى يُبَيِّنَ أَنَّهُ أَرَادَ التَّدْبِيرَ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ قَالَ هَذَا فِي غَيْرِ إِحْدَاثِ الْوَصِيَّةِ لِسَفَرٍ امْتِثَالًا لِلسُّنَّةِ فِي الْأَمْرِ بِالْوَصِيَّةِ فَهُوَ تَدْبِيرٌ إِنْ قَالَ ذَلِك فِي صِحَّته فِي التَّنْبِيهَاتِ مَتَى نَصَّ عَلَى لَفْظِ التَّدْبِيرِ أَوْ هُوَ حُرٌّ عَنْ دُبُرٍ مِنِّي فَهُوَ تَدْبِيرٌ إِلَّا أَن يُقَيِّدهُ بِمَا يُريدهُ عَنْ حُكْمِهِ كَقَوْلِهِ مَا لَمْ أُغَيِّرْ ذَلِكَ أَوْ أَرْجِعْ عَنْهُ أَوْ أَنْسَخْهُ بِغَيْرِهِ أَوْ أُحْدِثْ فِيهِ حَدَثًا فَهُوَ وَصِيَّةٌ وَمَتَى كَانَ الْعِتْقُ بِلَفْظِ الْوَصِيَّةِ وَلَمْ يُذْكَرِ التَّدْبِيرُ فَلَيْسَ لَهُ حُكْمُ التَّدْبِيرِ وَإِذَا لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ فَلَهُ نِيَّتُهُ وَابْنُ الْقَاسِمِ يَرَاهُ وَصِيَّةً إِذَا لَمْ يُقَيَّدْ حَتَّى يُرِيدَ التَّدْبِيرَ وَعَكَسَهُ أَشْهَبُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ قَيَّدَ التَّدْبِيرَ بِقَوْلِهِ إِنْ مِتُّ فِي سَفَرِي أَوْ مِنْ مَرَضِي أَوْ فِي هَذَا الْبَلَدِ فَهُوَ مُدَبَّرٌ هَذَا وَصِيَّة لَهُ الرُّجُوع فِيهِ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ التَّدْبِيرَ وَعَنْهُ هُوَ تَدْبِيرٌ لَازِمٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي كَأَنَّ الْيَوْمَ لَمْ يَزِدْ وَيُحْمَلُ عَلَى الْوَصِيَّةِ حَتَّى يَنْوِيَ غَيْرَهَا وَلَوْ قَصَدَ الْيَوْمَ لَكَانَ مُعْتَقًا إِلَى أَجَلٍ عَلَى أَصْلِهِمْ فِي الْبُطْلَانِ كَالْقَائِلِ أَنْتَ حُرٌّ قَبْلَ مَوْتِي بِشَهْرٍ وَقَدْ سَوَّى مَالِكٌ بَيْنَ أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ أَمُوتُ وَقبل موتِي بِشَهْر فَعجل الطَّلَاقَ فِيهِمَا وَيَحْتَمِلُ الْفَرْقَ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ يَلْزَمُهُ إِذَا أَوْقَعَهُ إِلَى أَجَلٍ وَيُعَجَّلُ وَلَا يَلْزَمُ إِذَا أَوْقَعَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَمَّا أَتَى بِلَفْظ يحْتَمل أَن يَقع مِنْهُ الطَّلَاق وَأَن لَا يَقع لِأَنَّ أَصْلَنَا التَّحْرِيمُ بِالْأَقَلِّ وَالْعِتْقُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَقَعَ قَبْلَ الْمَوْتِ وَبَعْدَهُ وَمِنْهُ مَا يُرْجَعُ فِيهِ فَإِذَا احْتَمَلَ رُجِعَ فِيهِ لِقَوْلِكَ وَلِذَلِكَ أَلْزَمَهُ أَشْهَبُ التَّدْبِيرَ كَمَا أَلْزَمَهُ فِي الطَّلَاقِ للطَّلَاق لِأَنَّهُ أَشْهَدَ عَلَيْهِ وَقَالَ أَشْهَبُ فِي أَنْتِ طَالِق

(فرع)

يَوْم اموت وَقبل مَوْتِي بِشَهْرٍ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَا يَكْشِفُهُ إِلَّا الْمَوْتُ وَكَذَلِكَ قَالَ فِي الْعتْق لايعتق إِلَّا مِنَ الثُّلُثِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعِتْقِ إِذَا قَالَ أَنْتَ حُرٌّ قَبْلَ مَوْتِي بِشَهْرٍ وَالسَّيِّدُ مَلِيٌّ أُسْلِمَ إِلَيْهِ يَخْدُمُهُ فَإِذَا مَاتَ نُظِرَ فَإِنْ حَلَّ الْأَجَلُ وَالسَّيِّدُ صَحِيحٌ فَهُوَ من رَأس المَال وَرجع لكراء خِدْمَتِهِ بَعْدَ الْأَجَلِ فِي رَأْسِ مَالِهِ أَوْ مَرِيضٌ فَهُوَ مِنْ ثُلُثِهِ وَيَلْحَقُهُ الدَّيْنُ وَلَا رُجُوعَ بِخِدْمَةٍ وَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ غَيْرَ مَلِيٍّ خُورِجَ الْعَبْدُ وَوَقَفَ لَهُ خِدْمَةَ شَهْرٍ فَإِذَا زَادَ عَلَى الشَّهْرِ يَوْمٌ أُطْلِقَ لِلسَّيِّدِ مِثْلُهُ من الْمَوْقُوف هَكَذَا حَتَّى يَمُوتَ فَإِنْ وَافَقَ صِحَّتَهُ فَمِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَفِي النُّكَتِ لَمْ يُجِبْ فِي الْكِتَابِ فِي أَنْتَ حُرٌّ يَوْمَ أَمُوتُ بِشَيْءٍ وَإِنَّمَا ذَكَرَ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي وَلَمْ يَرِدْ أَنَّهَا مِثْلُهَا وَسَوَّى ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِي مُخْتَصَرِهِ بَيْنَهُمَا وَالْقَائِلُ أَنْتَ حُرٌّ قَبْلَ مَوْتِي بِشَهْرٍ أَوْ بِسَنَةٍ وَحَلَّ الْأَجَلُ وَهُوَ مَرِيضٌ فَهُوَ مِنْ ثُلُثِهِ فَإِنْ كَانَ عَلَى مَلِيٍّ خُورِجَ وَوُقِفَ خَرَاجُهُ فَإِذَا مَضَتِ السَّنَةُ وَشَهْرٌ بَعْدَهَا أُعْطِيَ السَّيِّدُ خَرَاجَ شَهْرٍ مِنْ أَوَّلِ السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ بِقَدْرِ مَا يَنُوبُ كُلَّ شَهْرٍ مِنَ الْخَرَاجِ فَكُلَّمَا مَضَى شَهْرٌ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ أُعْطِيَ خَرَاجَ شَهْرٍ مِنْ تِلْكَ وَهَكَذَا يُعْمَلُ فِيمَا قَرُبَ مِنَ الْأَجَلِ أَوْ بَعُدَ وَعَلَى هَذَا يَتَخَرَّجُ قَوْلُ الْقَائِلِ لِأَمَتِهِ إِذَا حَمَلْتِ فَأَنْتِ حُرَّةٌ إِنْ وَطِئَهَا مَرَّةً فِي طُهْرٍ يُوقَفُ خَرَاجُهَا فَإِنْ صَحَّ الْحَمْلُ عَتَقَتْ وَهُوَ مَرْدُودٌ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ مَلِيًّا مُكِّنَ مِنْ خَرَاجِهَا ثُمَّ إِنْ وَجَبَ عِتْقُهَا رَجَعَتْ عَلَيْهِ كَالْقَائِلِ أَنْتِ حُرَّةٌ قَبْلَ مَوْتِي بِشَهْرٍ وَلَا يُنْفِقُ عَلَيْهَا مِنْ خَرَاجِهَا بَلْ عَلَى السَّيِّدِ لِأَنَّهَا أَمَتُهُ وَإِنْ حَمَلَتْ فَهُوَ يُنْفِقُ عَلَى وَلَدِهِ كَالْحَامِلِ الْبَائِنِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي وَمَوْتِ فُلَانٍ عَتَقَ مِنَ الثُّلُثِ كَأَنَّهُ قَالَ إِنْ مَاتَ فلَان فَأَنت حر بعد موتِي وَإِن مت أَنا فَأَنت حر بعد موتِي وَإِنْ قَالَ إِنْ كَلَّمْتُ فُلَانًا فَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي فَكَلَّمَهُ لَزِمَهُ عِتْقُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْ ثُلُثِهِ لِأَنَّهُ

يُشْبِهُ التَّدْبِيرَ وَإِنْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِيَوْمٍ أَوْ شَهَرٍ فَهُوَ مِنَ الثُّلُثِ وَيَلْحَقُهُ الدَّيْنُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ فِي أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي وَمَوْتِ فُلَانٍ لَا رُجُوعَ لَهُ فِيهِ لِذِكْرِ الْأَجْنَبِيِّ وَهِيَ كَمَسْأَلَةِ الرُّقْبَى كَعَبْدٍ بَيْنَكُمَا اجْتَمَعْتُمَا عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْكُمَا أَوَّلًا فَنَصِيبُهُ يَخْدُمُ الْبَاقِيَ حَيَاتَهُ فَإِذَا مَاتَ فَهُوَ حُرٌّ وَلَمْ يُجِزْهَا مَالِكٌ إِلَّا أَنَّهُ أَلْزَمَهُمَا الْعِتْقَ إِلَى مَوْتِ أَحَدِهِمَا وَمَنْ مَاتَ أَوَّلًا خَدَمَ نَصِيبُهُ وَرَثَتَهُ دُونَ صَاحِبِهِ فَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ هَاهُنَا وَلَا رُجُوعَ لَهُ وَقِيلَ لَهُ كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرُّقْبَى أَنَّهَا خَرَجَتْ عَلَى مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ فَبَطَلَتْ لِفَسَادِهَا وَلَزِمَ الْعِتْقُ الَّذِي الْتَزَمَاهُ قَالَ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّهَا إِذَا بطلت وَجب أَن لَا تُوجِبَ حُكْمًا بَلْ إِنَّمَا لَزِمَهُمَا الْعِتْقُ لِدُخُولِ الْأَجْنَبِيِّ فَهُوَ عِتْقٌ إِلَى أَجَلٍ وَيُرِيدُ فِي قَوْلِهِ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ أَنَّهَا وَصِيَّةٌ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ قَالَ فِي مَرَضِهِ إِنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي فَعَبْدِي حُرٌّ مُدَبَّرٌ هُوَ تَدْبِيرٌ لَازِمٌ لَا رُجُوعَ لَهُ فِيهِ وَقَالَ أَصْبَغُ هَذَا إِنْ أَرَادَ التَّدْبِيرَ وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ مُدَبَّرٌ عَلَى الْوَارِثِ فَلَهُ الرُّجُوعُ وَيُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ قَالَ مَرِيضٌ عَبْدِي ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ أَرَدْتُ بَعْدَ مَوْتِي وَلَمْ أُبَتِّلْ صُدِّقَ وَقَالَ أَصْبَغُ إِلَّا أَنْ يَرَى أَنَّهُ أَرَادَ الْبَتْلَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ قَالَ فِي مَرَضِهِ هُوَ مُدَبَّرٌ عَلَى أَبِي لَزِمَهُ وَلَا يَرْجِعُ إِنْ كَانَ مِنْهُ عَلَى البتل دون الْوَصِيَّة ويخدم الْأَب ورثته حَيَاةَ الِابْنِ وَالْوَلَاءُ لِلِابْنِ وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً لَمْ يَطَأْهَا الْأَبُ وَلَا الِابْنُ كَالْمُعْتَقَةِ إِلَى أَجَلٍ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي أَنْتَ مُدَبَّرٌ عَلَى أَبِي هُوَ مُدَبَّرٌ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا يَعْتِقُ إِلَّا بِمَوْتِهِ مِنَ الثُّلُثِ لَا بِمَوْتِ الْأَبِ إِلَّا أَنْ يَقُولَ هُوَ مُدَبَّرٌ عَنْ أَبِي أَوْ أَنْتَ عَنْ دُبُرٍ عَنْ أَبِي فَيُنَفِّذُ ذَلِكَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ مُحَمَّدٌ ذَلِكَ سَوَاءٌ وَهُوَ مُعْتِقٌ إِلَى أَجَلِ حَيَاةِ أَبِيهِ وَالْوَلَاءُ لِأَبِيهِ وَإِنْ كَانَ أَبُوهُ مَيِّتًا عَتَقَ مَكَانَهُ وَالْوَلَاءُ لِابْنِهِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ سَوَاءٌ قَالَ كَذَا وَلَعَلَّهَا وَإِنْ قَالَ مُدَبَّرٌ عَنْ أَبِي كَانَ الْأَبُ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا لَا يُعْتَقُ إِلَّا بَعْدَ مَوْتِ الِابْنِ لَا بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ إِلَّا أَنْ يَقُولَ أَنْتَ حُرٌّ عَنْ دُبُرٍ مِنْ

أَبِي فَإِنْ كَانَ الْأَبُ مَيِّتًا عَتَقَ السَّاعَةَ لِحُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ أَوْ حَيًّا فَإِذَا مَاتَ أَبُوهُ فَوَلَاؤُهُ لِلْأَبِ وَإِنْ قَالَ مَرِيضٌ جَارِيَتِي مُدَبَّرَةٌ عَلَى وَلَدِي إِنْ مِتُّ ثُمَّ صَحَّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا تَكُونُ مُدَبَّرَةٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا خِلَافَ إِنْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ عَنْ دُبُرِ أَبِي أَنَّهُ يَعْتِقُ بِمَوْتِ الْأَبِ وَاخْتُلِفَ إِنْ قَالَ مُدَبَّرٌ عَلَى أَبِي فَقَالَ كَالْأَوَّلِ وَهُوَ الْأَصْوَبُ وَقِيلَ عَنْ نَفْسِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ فِي أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي وَمَوْتِ فلَان فَمَاتَ السَّيِّد أَحدهمَا وَلَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ عَتَقَ مَا حَمَلَهُ أَوْ مَاتَ السَّيِّدُ أَوَّلًا خُيِّرَ الْوَرَثَةُ بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَتَكُونُ لَهُمُ الْخِدْمَةُ حَتَّى يَمُوتَ فُلَانٌ أَوْ أعتق مَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ وَيُرَقُّ الْبَاقِي وَإِنْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي وَإِنْ مَاتَ فُلَانٌ فَأَنت حر تُوجد لَهُ الْعِتْقُ بِأَحَدِ الْوَجْهَيْنِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إِنْ مَاتَ فُلَانٌ كَانَ السَّيِّدُ صَحِيحًا أَوْ مَرِيضًا أَوْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلُ عَتَقَ مِنَ الثُّلُثِ أَوْ مَا حَمَلَهُ وَرَقَّ الْبَاقِي مِنَ الثُّلُثِ وَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِ فُلَانٍ فَإِنْ مت أَنا فَأَنت حر تُوجد عَتَقَ بِالشَّطْرَيْنِ فَإِنْ مَاتَ فُلَانٌ قَبْلُ عَتَقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوِ السَّيِّدُ قَبْلُ وَلَمْ يحملهُ الثُّلُث عجل مَا حمل الثُّلُثُ وَيَعْتِقُ الْبَاقِي إِذَا مَاتَ فُلَانٌ وَاخْتُلِفَ فِيمَا يُجْعَلُ فِي الثُّلُثِ فَقِيلَ الرَّقَبَةُ لِأَنَّهُ ظَاهِرُ اللَّفْظِ وَقِيلَ الْخِدْمَةُ لِأَنَّهُ بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ عَتَقَ مِنْهُ إِلَى أَجَلٍ لَا يَمْلِكُ مِنْهُ سِوَى الْخِدْمَةِ وَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي إِلَّا أَنْ يَمُوتَ فُلَانٌ إِلَّا أَنْ أَمُوتَ أَنَا فَأَنْتَ حُرٌّ فَقِيلَ هُوَ كَقَوْلِهِ إِنْ مِتُّ أَنَا فَأَنْتَ حُرٌّ وَقِيلَ إِنْ مَاتَ السَّيِّدُ أَوَّلًا وَلَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ فَهُوَ رَقِيقٌ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَبْيَنُ وَلَيْسَ قَصْدُهُ بِقَوْلِهِ إِلَّا أَنْ أَمُوتَ أَنَا الرُّجُوعَ عَنِ الْأَوَّلِ وَأَنْتَ حُرٌّ لِآخِرِنَا مَوْتًا هُوَ كَقَوْلِكَ بَعْدَ مَوْتِي وَمَوْتِ فُلَانٍ وَإِنْ قَالَ لِأَوَّلِنَا مَوْتًا عَتَقَ بِأَحَدِ الْوَصْفَيْنِ فَإِنْ مَاتَ فُلَانٌ عَتَقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوِ السَّيِّدِ فَمِنَ الثُّلُثِ وَرَقَّ مَا عَجَزَ عَنْهُ الثُّلُثُ وَإِنْ كَانَ عَبْدٌ بَيْنَكُمَا فَقُلْتُمَا هُوَ حُرٌّ لِأَوَّلِنَا مَوْتًا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ بِغَيْرِ كِتَابٍ أَوْ فِي كِتَابٍ وَاحِدٍ فَمَاتَ أَحَدُكُمَا فَنَصِيبُ الْحُرِّ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَنَصِيبُ الْمَيِّتِ مِنَ الثُّلُثِ فَإِنْ عَجَزَ

(فرع)

نَصِيبُهُ عَنْ ثُلُثِهِ لَمْ يُقَوِّمِ الَّذِي عَجَزَ عَن الْحَيِّ وَإِنْ قُلْتُمَا لِآخِرِنَا مَوْتًا فَنَصِيبُ الْمَيِّتِ أولى مِنْ ثُلُثِهِ فَإِنْ حَمَلَهُ خَدَمَ وَرَثَتَهُ حَيَاةَ الْحَيِّ وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ خُيِّرَ الْوَارِثُ بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَيَكُونُ لَهُ خِدْمَةُ ذَلِكَ النَّصِيبِ حَيَاةَ الْحَيِّ أَوْ يُعْتِقُ مَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ مُعَجَّلًا وَلَا يُقَوَّمُ مَا بَقِيَ مِنْهُ عَلَى الْآخَرِ فَإِنْ مَاتَ الْآخَرُ فَنَصِيبُهُ فِي ثُلُثِهِ وَيُعَجَّلُ عِتْقُهُ إِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ أَوْ مَا حَمَلَهُ وَإِنْ جَعَلْتُمَا ذَلِكَ فِي عَقْدَيْنِ فَقُلْتَ هُوَ حُرٌّ لِأَوَّلِنَا مَوْتًا ثُمَّ قَالَ الْآخَرُ مثلك فَمَاتَ الْقَائِل عَتَقَ نَصِيبُ الْحَيِّ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَنَصِيبُ الْمَيِّتِ مِنَ الثُّلُثِ وَمَا عَجَزَ مِنْهُ لَمْ يُقَوَّمْ عَلَى الثَّانِي لِأَنَّهُ لَمْ يَبْتَدِئْ عِتْقًا فَإِنْ كَانَ عَلَى الْأَوَّلِ دَيْنٌ فَوْقَ نَصِيبِهِ قُوِّمَ عَلَى الثَّانِي وَيَصِيرُ كَمَنْ لَمْ يُعْتِقْ سِوَاهُ فَإِنْ مَاتَ الْقَائِلُ أَوَّلًا أَخِيرًا عَتَقَ نَصِيبُ الْحَيِّ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَالْمَيِّتُ مِنَ الثُّلُثِ وَمَا عَجَزَ عَنِ الثُّلُثِ قُوِّمَ عَلَى الْحَيّ لِأَنَّهُ المبتديء بِالْعِتْقِ وَإِنْ قَالَ هُوَ حُرٌّ لِآخِرِنَا مَوْتًا فِي عَقْدَيْنِ ثُمَّ قَالَ ثُمَّ مَاتَ الْقَائِلُ أَوَّلًا وَحَمَلَ الثُّلُثُ نُصِيبَهُ خَدَمَ وَرَثَتَهُ حَيَاةَ الْحَيِّ مِنْهُمَا فَإِذَا مَاتَ عَتَقَ وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ لَمْ يَسْتَتِمَّ عَلَى الْحَيِّ وَإِنْ مَاتَ أَوَّلًا الْقَائِلُ آخِرًا وَلَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ وَلم يعجز وَرَثَتَهُ عُجِّلَ مَا حَمَلَ الثُّلُثُ وَكُمِّلَ الْبَاقِي على الْحَيّ لِأَنَّهُ مبتديء الْعِتْقِ فَإِنْ قُلْتَ هُوَ حَرُّ لِأَوَّلِنَا مَوْتًا وَقَالَ الْآخَرُ لِآخِرِنَا مَوْتًا عَتَقَ نَصِيبُ الْحَيِّ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَالْمَيِّتُ مِنْ ثُلُثِهِ فَإِنْ حَمَلَهُ خَدَمَ وَرَثَتَهُ حَتَّى يَمُوتَ الْآخَرُ وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ وَلَمْ يُجِزْ وَرَثَتُهُ عُجِّلَ عِتْقُ مَا حَمَلَهُ هَذَا إِذَا كَانَ الْأَوَّلُ فَقِيرًا وَإِلَّا كُمِّلَ عَلَيْهِ كَالْعِتْقِ بَتْلًا ثُمَّ يُعْتِقُ الْآخَرُ إِلَى مَوْتِ فُلَانٍ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ الثَّانِي بَيْنَ تَبْتِيلِ الْعِتْقِ وَالتَّقْوِيمِ عَلَى الْأَوَّلِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِ فُلَانٍ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ عَتَقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إِلَى الْأَجَلِ وَلَا يَلْحَقُهُ دِيْنٌ لِأَنَّهُ أُعْتِقَ فِي الصِّحَّةِ وَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ فُلَانٍ خَدَمَ الْوَرَثَةَ إِلَى مَوْتِ فُلَانٍ أَوْ إِلَى بَعْدِ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ وَعَتَقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ فِي

مَرَضِهِ عَتَقَ مِنْ ثُلُثِهِ إِلَى أَجَلِهِ وَخَدَمَ الْوَرَثَة إِلَى الْأَجَل وَإِن لم يحمل الثُّلُثَ خُيِّرَ الْوَارِثُ فِي إِنْفَاذِ الْوَصِيَّةِ أَوْ عِتْقِ مَحْمِلِ الثُّلُثِ نَاجِزًا وَإِنْ قَالَ إِنْ خَدَمْتَنِي سَنَةً فَأَنْتَ حُرٌّ فَمَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَهَا خَدَمَ الْعَبْدُ وَرَثَتَهُ فَإِذَا تَمَّتِ السَّنَةُ عَتَقَ فَإِنْ وَضَعَ السَّيِّدُ عَنْهُ الْخِدْمَةَ عَجَّلَ عِتْقَهُ وَإِنْ قَالَ اخْدُمْ فُلَانًا سَنَةً وَأَنْتَ حُرٌّ فَمَاتَ فُلَانٌ قَبْلَ السَّنَةِ خَدَمَ الْوَارِثَ بَقِيَّةَ السَّنَةِ وَعَتَقَ وَأَمَّا اخْدُمْ وَلَدِي وَأَخِي وَابْنَ فُلَانٍ سَنَةً وَأَنْتَ حُرٌّ فَيَمُوتُ الْمُخْدَمُ قَبْلَ السَّنَةِ فَإِنْ أَرَادَ الْحَضَانَةَ وَالْكَفَالَةَ عُجِّلَ عِتْقُ الْعَبْدِ بِمَوْتِ الْمُخْدَمِ أَوِ الْخِدْمَةَ خَدَمَ الْعَبْدُ وَرَثَةَ الْمُخْدَمِ بَقِيَّةَ السَّنَةِ وَعَتَقَ وَإِنْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنْ تَخْدُمَنِي سَنَةً وَأَرَادَ الْعِتْقَ بَعْدَ الْخِدْمَةِ فَلَا يُعْتَقُ حَتَّى يَخْدُمَ أَوْ يَنْوِيَ تَعْجِيلَ الْعِتْقِ وَشَرَطَ عَلَيْهِ الْخِدْمَةَ عَتَقَ وَلَا خِدْمَةَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ سَنَةٍ أَوْ إِذَا خَدَمْتَنِي سَنَةً قَالَ هَذِهِ السَّنَةُ بِعَيْنِهَا أَوْ لَمْ يَقُلْ فَهُوَ سَوَاءٌ وَتُحْسَبِ السَّنَةُ مِنْ يَوْمِ قَوْلِهِ فَإِنْ أَبَقَ فِيهَا الْعَبْدُ أَوْ مَرِضَ فَصَحَّ بَعْدَ زَوَالِهَا عَتَقَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ مَنْ أَكْرَى دَارَهُ أَوْ دَابَّتَهُ أَوْ غُلَامَهُ سَنَةً فَقَالَ أَكْرَيْتُهَا سَنَةً إِنَّمَا يُحْسَبُ مِنْ يَوْم قَوْله قَالَ هَذِهِ السَّنَةَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا قَالَ اخْدُمْ فُلَانًا سَنَةً وَأَنْتَ حُرٌّ فَمَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ السَّنَةِ وَتَرَكَ مَالًا فَهُوَ لسَيِّده اَوْ لوَرثَته لِأَنَّهُ رَقِيق ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ قَالَ اخْدُمْنِي سَنَةً وَأَنْتَ حُرٌّ فَإِنْ أَبَقْتَ فِيهَا فَلَا حُرِّيَّةَ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ قَضَاءُ مَا أَبَقْتَ فِيهِ فَلَهُ شَرطه قَالَ غَيره وَإِن دَبَّرَهُ وَشَرَطَ عَلَيْهِ إِنْ أَبَقَ فَلَا حُرِّيَّةَ لَهُ نَفَعَهُ شَرْطُهُ لِأَنَّ الْعِتْقَ إِلَى أَجَلٍ أَقْوَى مِنَ الْمُدَبَّرِ فَإِذَا نَفَعَ الشَّرْطُ فِيهِ فَالْمُدَبَّرُ أَوْلَى وَلَيْسَ كَالْمُكَاتَبِ يُشْتَرَطُ عَلَيْهِ إِنْ أَبَقْتَ فَلَا حُرِّيَّةَ لَكَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ إِذا الْمَالِ فَلَا يَقْدَحُ فِيهِ الْإِبَاقُ إِذَا أَدَّى فَإِن عجز فسوى أَبَقَ أَمْ لَا يَعْجَزُ بَعْدَ التَّلَوُّمِ وَالْمُدَبَّرُ وَالْمُعْتَقُ إِلَى أَجَلٍ الْمَقْصُودُ مِنْهُمَا الْخِدْمَةُ وَالْإِبَاقُ يُخِلُّ فِيهِمَا وَقَدْ سَوَّى بَيْنَهُمَا قَالَ وَهُوَ غَلَطٌ وَقِيلَ فِي الْمُعْتَقِ إِلَى أَجَلٍ يَأْبَقُ فِي الْأَجَلِ وَيَأْتِي بَعْدَهُ وَقَدِ اكْتَسَبَ مَالًا فِي إِبَاقِهِ أَنَّ لِلسَّيِّدِ أَخْذَهُ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَحَبُّ إِلَيْنَا وَإِنْ قَالَ اخْدُمْ فُلَانًا حَيَاتِي

فَإِذَا مِتُّ فَأَنْتَ حُرٌّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ حُرٌّ مِنَ الثُّلُثِ لِأَنَّهُ عَتَقَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَالَ أَشْهَبُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَانْقَطَعَ مِلْكُهُ عَنْهُ وَكُلُّ مَنْ خَرَجَ فِي الصِّحَّةِ لَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ وَلَا لِوَرَثَتِهِ بَعْدَهُ بِوَجْهٍ فَهُوَ من رَأس المَال وَإِن كَانَ لايعتق إِلَّا بِمَوْتِ صَاحِبِهِ فَهُوَ مِنْ ثُلُثِهِ وَأَصْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ كُلَّ عِتْقٍ يَكُونُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ فَلَا يَكُونُ إِلَّا مِنَ الثُّلُثِ وَإِنْ كَانَ لَا يَرْجِعُ إِلَى سَيِّدِهِ وَلَا إِلَى وَرَثَتِهِ أَبَدًا وَإِنْ كَانَ عِتْقُهُ بِمَوْتِ غَيْرِ السَّيِّدِ مِنْ مُخْدَمٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَمْ يَخْتَلِفْ فِيهِ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَإِنْ قَالَ اخْدُمْ فُلَانًا حَيَاتَهُ فَإِذَا مت أَنا فَأَنت حر فاتفقا أَنَّهُ مِنَ الثُّلُثِ أَوْ قَدْ يَرْجِعُ لِلسَّيِّدِ إِنْ مَاتَ الْمُخْدَمُ قَبْلَهُ وَإِنْ قَالَ اخْدُمْ عَبْدَ اللَّهِ حَيَاةَ زَيْدٍ فَإِذَا مَاتَ سَعِيدٌ فَأَنْتَ حُرٌّ فَهُوَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَإِنْ مَاتَ زَيْدٌ قَبْلَ سَعِيدٍ رَجَعَ الْعَبْدُ إِلَى سَيِّدِهِ أَوْ إِلَى وَرَثَتِهِ إِنْ مَاتَ سَعِيدٌ وَإِنْ لَمْ يَمُتْ زَيْدٌ أَخْدَمَهُ عَبْدُ اللَّهِ وَوَرَثَتُهُ حَتَّى يَمُوتَ سَعِيدٌ فَيُعْتَقُ وَإِنْ قَالَ اخْدُمْ فُلَانًا حَيَاتَهُ وَأَنْتَ حُرٌّ فَإِنْ مِتُّ أَنَا فَأَنْتَ حُرٌّ فَهُوَ عِنْدَ أَشْهَبَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّهُ لَا يَرْجِعُ لِلسَّيِّدِ وَلَا لِوَرَثَتِهِ وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ يَنْبَغِي إِنْ مَاتَ الْأَجْنَبِيُّ قَبْلَ سَيِّدِهِ فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوِ السَّيِّدُ قَبْلَ الْأَجْنَبِيِّ فَمِنْ ثُلُثِهِ فَإِنْ عَجَزَ الثُّلُثُ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ فَرُقَّ كَانَ مَا رُقَّ مِنْهُ يَخْدُمُ الْأَجْنَبِيَّ حَيَاتَهُ ثُمَّ يُعْتَقُ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنَّمَا تُجْعَلُ فِي ثُلُثِ سَيِّدِهِ خِدْمَتُهُ حَيَاةَ الْمُخْدَمِ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ فِيهِ رِقٌّ غَيْرُ الْخِدْمَةِ وَإِنْ قَالَ اخْدُمْ فُلَانًا وَأَنْتَ حُرٌّ إِلَّا أَنْ أَمُوتَ أَنَا فَأَنْتَ حُرٌّ فَمَاتَ الْأَجْنَبِيُّ أَوَّلًا وَلَمْ يَسْتَحْدِثِ السَّيِّدُ دَيْنًا يَوْمَ قَالَ ذَلِكَ عَتَقَ عِنْدَ أَشْهَبَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ لحقه دين فالدين أولى بِهِ وَإِن مَا السَّيِّدُ أَوَّلًا عَتَقَ فِي ثُلُثِهِ فَإِنْ عَجَزَ رَقَّ بَاقِيهِ لِوَرَثَتِهِ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى عَلَيْهِ رِقًّا بِقَوْلِهِ إِلَّا أَنْ أَمُوتَ وَأَنْتَ حُرٌّ إِذَا غَابَتْ الشَّمْس إِلَّا أَن دخل الدَّار فأجل فِيهَا فُلَانًا فَالرِّقُّ يَلْحَقُهُ إِذَا دَخَلَهَا قَبْلَ الْمَغِيبِ وَأُسْقِطَ أَجَلُ مَغِيبِ الشَّمْسِ وَقَدْ أَبْقَى الرّقّ موضعهَا

بِاسْتِثْنَائِهِ هَذَا أَوْ مَتَى كَانَ فِيهِ أَبَدًا مَوضِع الرِّقِّ لَحِقَهُ الدَّيْنُ وَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهُ عَتَقَ مِنَ الثُّلُثِ وَكَذَلِكَ أَنْتَ حُرٌّ إِلَى عَشْرِ سِنِينَ إِلَّا أَنْ أَمُوتَ قَبْلَهَا فَإِنْ حَلَّتِ السِّنِينَ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ عَتَقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ ذَلِكَ عَتَقَ فِي ثُلُثِهِ أَوْ مَا حَمَلَهُ وَرُقَّ الْبَاقِي وَسَقَطَ عِتْقُ الْأَجَلِ قَاعِدَةٌ الصَّرِيحُ مِنَ اللَّفْظِ مَا وُضِعَ لِلْمَعْنَى لُغَةً كَالطَّلَاقِ فِي إِزَالَةِ الْعِصْمَةِ أَوْ عُرْفًا كَالْحَرَامِ فِي إِزَالَةِ الْعِصْمَةِ وَالْكِنَايَةُ هُوَ اللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَى الْمَعْنَى بِطَرِيقِ الِاحْتِمَالِ وَالْمَجَازِ لَا بِالصَّرِيحِ فَالْمَجَازُ كَالذَّهَابِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالْمُتَرَدِّدُ مَعَ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ كَقَوْلِهِ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي فَهُوَ صَادِقٌ عَلَى الْوَصِيَّةِ وَالتَّدْبِيرِ حَقِيقَةً وَلَا يَتَعَلَّقُ إِلَّا بِالنِّيَّةِ على الْخلاف الْمُتَقَدّم الرُّكْن الثَّانِي الْأَهْلِيَّة وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يَصِحُّ التَّدْبِيرُ مِنَ الْمَجْنُونِ وَغَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَيُنَفَّذُ مِنَ الْمُمَيِّزِ وَلَا يُنَفَّذُ مِنَ السَّفِيهِ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ وَجَوَّزَهُ ش لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ عَلَى أَصْلِهِ فِي جَوَازِ بَيْعه وَبعد الْمَوْت وَهُوَ مُسْتَغْنٍ عَنِ الْمَالِ وَتَصَرُّفُهُ فِي التَّبَرُّعِ بَعْدَ الْمَوْت جَائِز كَالْوَصِيَّةِ ووافقنا ش وح فِي الصَّبِيِّ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْعُقُودِ وَالسَّفِيه من أَهلهَا وَينفذ من ذَوَات الزَّوْجِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا سِوَى مَا دَبَّرَتْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْ يَدِهَا شَيْءٌ بِخِلَافِ الْعِتْقِ وَمَنَعَهُ سَحْنُونٌ إِلَّا بِإِذْنِ زَوَّجَهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَلْزَمُ الْمَوْلَى عَلَيْهِ تَدْبِيرٌ إِلَّا بَعْدَ رُشْدِهِ كَعِتْقِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا دَبَّرَ الْعَبْدُ أَمَتَهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ لَا يَمَسُّهَا السَّيِّدُ وَلَا الْعَبْدُ وَهِيَ مُعْتَقَةٌ إِلَى أَجَلٍ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَلَا يَلْحَقُهَا دَيْنٌ وَوَلَاؤُهَا لِلسَّيِّدِ وَإِنْ عَتَقَ الْعَبْدُ فَإِنْ وَطِئَهَا الْعَبْدُ فَحَمَلَتْ أُوْقِفَتْ هِيَ وَوَلَدُهَا حَتَّى يَمُوتَ الْعَبْدُ فَتُعْتَقُ فَإِنْ وَطِئَهَا السَّيِّدُ فَحَمَلَتْ لَحِقَ بِهَا الْوَلَدُ لِأَنَّ لَهُ الِانْتِزَاعَ وَلَا يَقْرَبُهَا وَتُعْتَقُ إِمَّا بِمَوْتِ

(فرع)

الْعَبْدِ أَوِ السَّيِّدِ أَيُّهُمَا مَاتَ أَوَّلًا عَتَقَتْ لِوُجُودِ أَحَدِ السَّبَبَيْنِ قَالَ لَوْ قِيلَ تَعَجَّلَ عِتْقُهَا حِينَ حَمَلَتْ لَصَحَّ إِذْ لَا خِدْمَةَ فِيهَا وَلَا وَطْءَ كَوَلَدِ أُخْتِهِ مِنَ الرَّضَاعَةِ قَالَهُ عِيسَى قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا يَطَأُ الرَّجُلُ مُدَبَّرَةً لِمُدَبَّرَتِهِ وَلَا لِأُمِّ وَلَدِهِ وَلَا الْمُعتقَة إِلَى أَجَلٍ وَهِيَ كَالْمُعْتَقَةِ إِلَى أَجَلٍ لِأَنَّهَا تُعْتَقُ بِمَوْتِ مَنْ دَبَّرَهَا وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ تَدْبِيرٌ إِلَّا بِإِذْنِ السَّيِّدِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ دَبَّرَ الْمُكَاتَبُ فَعَلِمَ السَّيِّدُ وَلَمْ يُنْكِرْهُ حَتَّى عَجَزَ فَلَا تَدْبِيرَ لَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَمَرَهُ سَيِّدُهُ بِذَلِكَ وَلَيْسَ سُكُوتُهُ بِشَيْءٍ قَالَ أَصْبَغُ وَإِنَّ دَبَّرَ بِإِذْنِهِ لَمْ يَطَأْهَا حَتَّى يُؤَدِّيَ جَمِيعَ الْكِتَابَةِ إِذْ قَدْ يَعْجَزُ فَتَرْجِعُ الْأَمَةُ إِلَى السَّيِّدِ مُعَتَقَةً إِلَى أَجَلٍ (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ يَصِحُّ تَدْبِيرُ الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ لِعَبْدِهِ بَعْدَ إِسْلَامِهِ ثُمَّ يَعْتِقُ عَلَيْهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ عِزَّةِ الْإِسْلَام وَأَحْكَام الْملك (النَّظَرُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ التَّدْبِيرِ) وَفِي الْكِتَابِ التَّدْبِيرُ لَازِمٌ إِنْشَاءً وَتَعْلِيقًا فَإِنْ قَالَ إِنِ اشْتَرَيْتُهُ فَهُوَ مُدَبَّرٌ فَاشْتَرَى بَعْضَهُ فَذَلِكَ الْبَعْضُ مُدَبَّرٌ وَلِشَرِيكِهِ مُقَاوَاتُهُ لِمَا دَخَلَ عَلَيْهِ مِنَ الْعُيُوبِ قَالَ سَحْنُونٌ أَوْ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ أَوْ يَتَمَاسَكُ لِأَنَّهُ يَقُولُ لَا أُخْرِجُ عَبْدِي مِنْ يَدِي إِلَّا بِعِتْقٍ نَاجِزٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنَّمَا أَمر - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالتَّقْوِيمِ فِيمَنْ تَكْمُلُ حُرِّيَّتُهُ وَيَشْهَدُ وَيُوَارَثُ وَلَيْسَ التَّدْبِيرُ كَذَلِكَ وَلَمْ يُرِدِ الشَّرِيكُ إِلَّا خُرُوجَ الْعَبْدِ مِنْ يَدِ الشَّرِيكِ وَتَمَلُّكَهُ دُونَهُ وَيَقْضِي بِهِ دَيْنَهُ وَيَسْتَمْتِعُ بِهَا إِنْ كَانَتْ أَمَةً قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا دَبَّرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ قَالَ مَالِكٌ يُخَيَّرُ شَرِيكُهُ بَيْنَ تَدْبِيرِ نَصِيبِهِ الْمُقَوَّمِ عَلَى شَرِيكِهِ أَوْ يُدَبَّرُ جَمِيعُهُ كَالْعِتْقِ وَعَنْهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ مَا تَقَدَّمَ أَوِ الْتَمَسَكِ بِهِ رَقِيقًا أَوْ يُقَوِّمُهُ فَيُدَبَّرُ عَلَى الشَّرِيكِ وَلَمْ يَذْكُرِ الْمُقَاوَاةَ فِي الْوَجْهَيْنِ وَرَأَى أَنَّ الْوَلَاءَ قَدْ ثَبَتَ وَهِيَ

(فرع)

تُؤَدِّي لِنَقْضِ التَّدْبِيرِ وَأَثْبَتَهَا مَرَّةً وَخَيَّرَهُ بَيْنَ تَدْبِيرِ نَصِيبِهِ أَوْ يُقَوِّمُهُ أَوْ يُقَاوِي شَرِيكَهُ وَلَا يَتَمَسَّكُ بِهِ رَقِيقًا وَعَنْهُ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْأَرْبَعَةِ وَالْمُقَاوَاةُ مَيْلٌ إِلَى بَيْعِ الْمُدَبَّرِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا مَاتَ وَتَرَكَ مُدَبَّرِينَ دَبَّرَهُمْ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ أَوْ فِي مَرَضِهِ ثُمَّ صَحَّ فَدَبَّرَ فَهُوَ سَوَاءٌ يُقَدَّمُ الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ إِلَى مَبْلَغِ الثُّلُثِ وَيُرَقُّ الْبَاقِي لِأَنَّ تَقَدُّمَ السَّبَبِ يُعَيِّنُ الِاسْتِحْقَاقَ أَوْ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ فِي صِحَّةٍ أَوْ مَرَضٍ عَتَقَ جَمِيعُهُمْ إِنْ حَمَلَهُمُ الثُّلُثُ وَإِلَّا فض عِتْقُهُمْ بِالْقِيمَةِ فَيُعْتَقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ حِصَّةٌ وَإِنْ لَمْ يَدَعْ غَيْرَهُمْ عَتَقَ ثُلُثُ كُلِّ وَاحِدٍ لِتَسَاوِيهِمْ فِي السَّبَبِ وَلَا يُسْهِمُ بَيْنَهُمْ بِخِلَافِ الْمُبَتَّلِينَ فِي الْمَرَضِ وَيَبْدَأُ الْمُدَبَّرُ فِي الصِّحَّةِ عَلَى الْمُبَتَّلِ فِي الْمَرَضِ لِأَنَّ الْحَجْرَ يُضْعِفُهُ وَيُعْتَقُ الْمُدَبَّرُ فِي الثُّلُثِ أَوْ مَا حمل مِنْهُ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمُدَبَّرُ مِنَ الثُّلُثِ وَإِنْ لَمْ يَدَعْ غَيْرَهُ عَتَقَ ثُلُثُهُ وَإِنْ كَانَ عَلَى السَّيِّدِ دَيْنٌ لَا يغترقه بيع مِنْهُ الدّين وَيُعْتَقُ ثُلُثُ بَقِيَّتِهِ وَإِنِ اغْتَرَقَهُ رُقَّ لِأَنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعِتْقِ إِذَا تَقَدَّمَ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي الْحَيَاةِ وَعِتْقُ الْمُدَبَّرِ بَعْدَ الْوَفَاةِ فَإِنْ بِيعَ فِيهِ فَطَرَأَ لِلْمَيِّتِ مَالٌ نُقِضَ الْبَيْعُ وَعَتَقَ فِي ثُلُثِهِ وَمَا هَلَكَ مِنَ التَّرِكَةِ قَبْلَ تَقْوِيمِ الْمُدَبَّرِ لَمْ يَحْسُبْهُ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَلَوْ لَمْ يَبْقَ إِلَّا الْمُدَبَّرُ لَمْ يُعْتَقْ إِلَّا ثُلُثُهُ وَإِلَّا كَانَ الْمُدَبَّرُ مِنَ الثُّلُثِ لِاتِّهَامِ السَّيِّدِ أَنْ يَسْتَخْدِمَ عَبْدَهُ حَيَاتَهُ وَيُعْتَقُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ فَيُمْنَعُ الْمِيرَاثُ الَّذِي قَدَّرَ اللَّهُ تَعَالَى وَفِي الْمُنْتَقَى قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا كَتَبَ وَصِيَّةً فَبَدَأَ بِعَبْدٍ ثُمَّ قَامَ لِيَشْتَغِلَ ثُمَّ عَادَ فَكَتَبَ الْآخَرُ هَذَا فَصْلٌ وَيُقَدَّمُ الْأَوَّلُ قَالَ الْمَخْزُومِيُّ إِذَا دبر ثمَّ

أُغْمِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَفَاقَ فَدَبَّرَ آخَرُ يَتَحَاصَّانِ ورآهما سَوَاء وَإِن قَالَ فِي مَرَضِهِ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْجَمِيعَ فِي ثُلُثِهِ بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ بِالْبَتْلِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ بِيعَ فِيهِ الْمُدَبَّرُ الْآخَرُ فَالْآخَرُ إِنْ دَبَّرَهُمْ مَرَّتَيْنِ قَالَ مُحَمَّدٌ الْمُدَبَّرُ فِي الصِّحَّةِ يُقَدَّمُ عَلَى كُلِّ وَصِيَّةٍ مِنْ عِتْقٍ وَاجِبٍ أَوْ زَكَاةٍ اَوْ بت فِي الْمَرَضِ وَصَدَاقِ الْمَرِيضِ وَيَدْخُلُ فِيمَا عَلِمَ بِهِ الْمَيِّتُ وَمَا لَمْ يَعْلَمْ وَفِيمَا يُبْطِلُ مِنْ إِقْرَارٍ بِدَيْنٍ لِوَارِثٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ الْمُدَبَّرُ فِي الْمَرَضِ يَدْخُلُ فِيمَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ بِخِلَافِ الْمُبَتَّلِ فِي الْمَرَضِ وَزَكَاةٍ يُوصِي بِهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا اجْتَمَعَ مَا يَدْخُلُ فِي الطَّارِئِ وَمَا لَا يَدْخُلُ قُدِّمَ الْمُدَبَّرُ فِي الثُّلُثِ الْحَاضِرِ فَإِنْ لَمْ يَفِ كُمِّلَ مِنَ الطَّارِئِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُعْتَقُ فِي الْمَالَيْنِ بِالْحِصَصِ قَالَ بَعْضُ فُقَهَائِنَا إِذَا بتل ودبر فِي الْمَرَض فِي فَور وَاحِدٍ تَحَاصُّوا عِنْدَ ضِيقِ الثُّلُثِ فَمَا نَابَ الْمُدَبَّرِينَ عَتَقُوا فِيهِ بِالْحِصَصِ أَوِ الْمُبَتَّلِينَ فَبِالْقُرْعَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا بَتَّلَهُمْ فِي كَلِمَةٍ أَوْ نَسَقًا بِيعُوا فِي الدَّيْنِ بِالْحِصَصِ وَعَتَقُوا بَعْدَ قَضَائِهِ بِالْحِصَصِ وَعَنِ ابْنِ نَافِعٍ إِذَا قَالَ رَقِيقِي مُدَبَّرُونَ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ كَالْمُبَتِّلِينَ فِي الْمَرَضِ فَمَنْ خَرَجَ عَتَقَ وَرُقَّ الْآخَرُ وَهُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّهُ كُلَّهُ عِتْقٌ بَعْدَ الْمَوْتِ وَإِذَا ضَاقَ وَلِلسَّيِّدِ دَيْنٌ عَلَى حَاضر بيع بِالنَّقْدِ على غَائِب قريب الْغَيْبَة وَهُوَ حَال اسْتَوَى بِالْعِتْقِ حَتَّى يُقْبَضَ الدَّيْنُ أَوْ بَعِيدِ الْغَيْبَةِ أَوْ حَاضِرٍ يُقَدَّمُ بَيْعُ الْمُدَبَّرِ لِلْغُرَمَاءِ الْآنَ فَإِنْ قُبِضَ الدَّيْنُ وَالْعَبْدُ بِيَدِ الْوَرَثَةِ عَتَقَ فِي ثُلُثِ ذَلِكَ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ فَإِنْ خَرَجَ عَنْ أَيْدِيهِمْ بِيعَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يعْتق وَقَالَ اصبغ يعْتق مِنْهُ قَالَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْأَوَّلُ أَقْيَسُ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَا يَنْقُضُهُ الْغُرَمَاءُ فِي الْحَيِّ وَإِذا طَرَأَ مَال لَمْ يُعْلَمْ بِهِ نُقِضَ الْبَيْعُ إِنْ كَانَ فِي الثُّلُثِ أَوْ قَرِيبَ الْغَيْبَةِ وَيُخْتَلَفُ فِي بَعِيدِ الْغَيْبَةِ فِي مَوْضِعٍ لَوْ عُلِمَ بِهِ لَبِيعَ وَلَمْ يُنْظَرْ ذَلِكَ الْمَالُ كَمَا تَقَدَّمَ لَوْ عُلِمَ بِهِ وَإِنْ بِيعَ

الْمُدَبَّرُ مَالُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ بِيعَ لَهُ وَقَالَ يَحْيَى بِغَيْرِ مَالٍ قَالَ وَهُوَ الصَّوَابُ إِنْ لَمْ يُرْجَ لِلسَّيِّدِ مَالٌ وَإِلَّا فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يَنْقُضُ الْبَيْعَ مَتَى طَرَأَ ذَلِكَ الْمَالُ بِيعَ بِغَيْرِ مَالٍ وَعَلَى النَّقْضِ يُبَاعُ بِمَالِهِ وَقَالَهُ سَحْنُونٌ فِيمَنْ دَبَّرَ أَمَةً فَوَلَدَتْ أَوْلَادًا فَالْقَوْلُ ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِرَقَبَةِ الْأَمَةِ وَلَا مَالَ لَهُ يُبَاعُ لِلْغُرَمَاءِ وَلَا يُنْتَظَرُ الْأَوْلَادُ فَإِنْ أَتَوْا بَعْدَ ذَلِكَ نُظِرَ الدَّيْنُ فَإِنْ كَانَ يُحِيطُ بِأَثْلَاثِهِمْ وَثُلُثِ الْأُمِّ بِيعَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثُهُ وَيُعْتَقُ ثُلُثُ مَا بَقِيَ مِنَ الْأُمِّ وَالْوَلَدِ وَيُخَيَّرُ مُشْتَرِيهَا بَيْنَ الرَّدِّ وَالتَّمَسُّكِ فَإِنْ لَمْ يَحْمِلِ الثُّلُثَ وَبِيَدِهِ مَالٌ إِنِ انْتُزِعَ وَكَثْرَتُهُ حَمَلَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تنتزع وَيُعْتَقُ مِنْهُ مَا حُمِلَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ بِيَدِهِ وَقَالَ ابْن وهب ينْزع وَيُعْتَقُ قَالَ مَالِكٌ فَإِنْ دَبَّرَهُ فِي صِحَّتِهِ وَاسْتَثْنَى مَالَهُ جَازَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِيَسْتَبِدَّ بِهِ بعد الْمَوْت يقوم بِغَيْرِ مَالٍ وَيُحْسَبُ مَا فِي يَدِهِ مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ فَإِنْ مَاتَ عَنْ مُدَبَّرَةٍ فِي يَدِهَا أَمْوَالٌ مُخْتَلِفَةٌ فَيُخْتَلَفُ فِي النِّحَلِ وَالْهِبَاتِ كَمَا تَقَدَّمَ وَالْغَلَّاتِ وَالْخَرَاجِ وَالْجِنَايَاتِ لِلْوَرَثَةِ حَمَلَهَا الثُّلُثُ أَمْ لَا وَيَكْثُرُ بِهَا مَالُ الْمُعْتِقِ إِن لم يحملهَا الثُّلُث فَيعتق فِيهِ قولا وَاحِدًا وَأما مهرهَا قَالَ ابْن الْقَاسِم يقوم بِهِ وَقِيلَ لِلْوَرَثَةِ لِأَنَّهُ ثَمَنُ نَقْصِ مَنَافِعِهَا وَبَعْضِ رَقَبَتِهَا وَالْأَوَّلُ يَرَى حَقَّ الزَّوْجِ فِيهِ أَوْ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْهِبَةِ لِأَنَّ كِلَا الزَّوْجَيْنِ يسْتَمْتع بِصَاحِبِهِ وَمَا اغلب فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ جُنِيَ عَلَيْهَا فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ سَوَاءٌ ذَلِكَ لِلْوَرَثَةِ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ مَا يَحْمِلُ الْمُدَبَّرُ مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ يَوْمَ يُنْظَرُ فِيهِ لَا يَوْمَ الْمَوْتِ وَإِنْ كَانَ لَا يَحْمِلُهُ وَلَمْ يُنْظَرْ فِيهِ حَتَّى زَادَ بِالْخَرَاجِ أُضِيفَ الْخَرَاجُ إِلَيْهِ كَمَا يَتَضَرَّرُ بِالنَّقْصِ يَنْتَفِعُ بِالزِّيَادَةِ فَإِنْ تَغَيَّرَتْ قِيمَةُ الْمُدَبَّرِ بِزِيَادَةِ حَوَالَةِ سُوقٍ أَوْ نَقْصٍ بِعَيْبٍ فَلَا يُعْتَقُ إِلَّا مَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ فِي الزِّيَادَةِ وَيُعْتَقُ جَمِيعُهُ فِي النَّقْصِ وَإِنْ وُلِدَتِ الْمُدَبَّرَةُ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ وَقَبْلَ أَنْ يُنْظَرَ فِي الثُّلُثِ قَالَ مَالِكٌ تَقُومُ بِوَلَدِهَا وَيُعْتَقُ مِنْهُمَا مَا يَحْمِلُهُ الثُّلُثُ وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ مَعَهَا يَوْمَ الْمَوْتِ فَمَاتَ وَالْأُمُّ قَبْلَ النَّظَرِ فِي ذَلِكَ يَحْمِلِ الثُّلُثُ الْبَاقِيَ مِنْهُمَا

(فرع)

عِتْقُ جَمِيعِهِ فَإِنْ حَازَ الْوَرَثَةُ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ الْمَالَ لِأَنْفُسِهِمْ عَلَى وَجْهِ التَّصَرُّفِ فِيهِ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُ الْعَبْدَ ثُمَّ هَلَكَ الْمَالُ فَمُصِيبَتُهُ مِنْهُمْ وَيُعْتَقُ جَمِيعُ الْعَبْدِ بِخِلَافِ إِيقَافِ الْمَالِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنْ تَرَكَ أَمْوَالًا مَأْمُونَةً عَتَقَ بِمَوْتِ السَّيِّدِ قَبْلَ النَّظَرِ وَالتَّقْوِيمِ فَإِنْ هَلَكَتْ بَعْدَ ذَلِكَ الْأَمْوَالُ لَمْ يُرَدَّ الْعِتْقُ وَفِي الْمُنْتَقَى إِذَا كَانَ لِلسَّيِّدِ مَالٌ حَاضِرٌ وَمَالٌ غَائِب وَلنْ يَفِ الْحَاضِرُ بِالْمُدَبَّرِ قَالَ مَالِكٌ يُوقَفُ الْمُدَبَّرُ بِمَالِهِ وَبِمَا يَخْرُجُ مِنْ خَرَاجِهِ لِأَنَّ حُرِّيَّتَهُ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمَالَيْنِ فَإِنْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ لِعَشْرِ سِنِينَ وَنَحْوِهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُبَاعُ الدَّيْنُ بِمَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِخِلَافِ الْمَالِ الْغَائِبِ لِتَعَذُّرِ ذَلِكَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ الْغَرِيمُ مُعْدَمًا اَوْ بعد غَيْبَتُهُ سَقَطَ وَاعْتُبِرَ غَيْرُهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ وَالدَّيْنُ عَلَى غَائِبٍ قَرِيبٍ يُنْتَظَرُ فَإِذَا حَضَرَ بَعْدَ ذَلِكَ الْبَعِيدُ الْغَيْبَةِ أَوْ أَيْسَرَ الْمُعْدِمُ وَالْعَبْدُ بِيَدِ الْوَرَثَةِ عَتَقَ فِي ثُلُثِ ذَلِكَ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ فَإِنْ خَرَجَ مِنْ أَيْدِيهِمْ بِيعَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ مَا قُضِيَ مِنَ الدِّينِ دُونٌ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَعْرُوفُ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِي كُلِّ دِيوَانٍ أَنَّهُ يُعْتَقُ مِنْهُ حَيْثُ كَانَ لِأَنَّ عَقْدَ التَّدْبِيرِ اقْتَضَاهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ ظَاهِرُ الْكِتَابِ وَالْأَوَّلُ أَقْيَسُ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ الْمُدَبَّرُ كَالرَّقِيقِ فِي خِدْمَتِهِ وَحْدَهُ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَقُ إِلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا وُجِدَ الدَّيْنُ مُحِيطًا بِالسَّيِّدِ فَبِيعَ ثُمَّ طَرَأَ لِلسَّيِّدِ مَالٌ وَقَدْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي عَتَقَ عَنِ الْميتَة إِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ بَعْدَ رَدِّ ثَمَنِهِ وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْ إِلَّا بَعْضَهُ عَتَقَ مَا حُمِلَ مِنْهُ وَخُيِّرَ الْمُبْتَاعُ إِنْ لَمْ يَكُنْ أَعْتَقَهُ بَين الرَّد والتمسك بِحِصَّتِهِ من الثّمن إِن أَعْتَقَهُ مَضَى عِتْقُ بَاقِيهِ عَلَيْهِ وَرُدَّ عَلَيْهِ مِنَ الثَّمَنِ بِقَدْرِ مَا عَتَقَ مِنْهُ عَنِ الْمَيِّتِ وَمِنْ قِيمَةِ الْعَيْبِ الَّذِي دَخَلَهُ مِنَ الْعتْق بِقدر مَا فَوت بِالْعِتْقِ فَإِن قِيمَته غير عَتيق سِتُّونَ ومعتقا ثَلَاثَة وَثَلَاثُونَ فَبَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ ثَلَاثُونَ فَيُقْبَضُ عَلَى مَا عَتَقَ مِنْهُ عَنِ الْمُبْتَاعِ عِشْرُونَ وَيَرْجِعُ بِهَا الْمُبْتَاعُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ أَخَذَ ثَمَنَهُ قَالَهُ أَصْبَغُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ هُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ

(فرع)

عَبْدٌ دَخَلَهُ اسْتِحْقَاقُ نَفْسِهِ وَفَاتَ رَدُّ جَمِيعِهِ بِعِتْقِ الْمُشْتَرِي فَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ كَمْ قِيمَةُ جَمِيعِهِ يَوْمَ الْبَيْعِ فَتَكُونُ سِتِّينَ وَقِيمَتُهُ عَلَى أَنَّهُ مُعْتَقٌ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ فَقَدْ نَقَصَهُ عِتْقُ ثُلُثِهِ نِصْفَ قِيمَتِهِ فَيَرْجِعُ الْمُبْتَاعُ بِنِصْفِ مَا دفع كَانَ اقل من قِيمَته اَوْ اكثرفإن بَاعَهُ سَيِّدُهُ فِي صِحَّتِهِ فَأَعْتَقَهُ الْمُبْتَاعُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهُ أَوْ نِصْفَهُ لِنَقْصِ ذَلِكَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ بِخِلَافِ عِتْقِ الْمُبْتَاعِ فِي حَيَاةِ الْبَائِعِ يَمْضِي عِتْقُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَصَابَهُ مِنْ عِتْقِ الْبَائِعِ شَيْءٌ بَعْدُ فَإِنْ بِيعَتِ الْمُدَبَّرَةُ بَعْدَ الْمَوْتِ لِدَيْنٍ فَأَوْلَدَهَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ طَرَأَ مَالٌ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ تُرَدُّ لعتق السَّيِّد إِن حملهَا الثُّلُث بِالْمَالِ الطارىء بَعْدَمَا عَتَقَ لِأَنَّ إِجَازَةَ الْبَيْعِ نَقَلُ الْوَلَاءِ وَوَلَدُهَا يَجْرِي عَلَى الْخِلَافِ فِي وَلَدِ الْمُسْتَحَقَّةِ فَإِن حمل ثلث الطارىء بعْدهَا عتق مِنْهَا مَا حمل الثُّلُث فالتدبير وَعَتَقَ بَاقِيهَا عَلَى مُسْتَوْلِدِهَا لِتَعَذُرِّ الْوَطْءِ وَيَجْرِي فِي الْوَلَدِ فِي النَّصِيبِ الْمُعْتَقِ مِنْ أُمِّهِ الْخِلَافُ وَعَنْ سَحْنُونٍ فِيمَنْ تَرَكَ زَوْجًا وَأَخَاهَا ومدبرها قيمتهَا خَمْسُونَ لَمْ تَدَعْ غَيْرَهَا وَلَهَا عَلَى الزَّوْجِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ وَهُوَ عَدِيمٌ يُعْتَقُ ثُلُثُهَا وَلِلْأَخِ ثُلُثُهَا يُؤْخَذُ مِنْهُ ذَلِكَ لِلْمُدَبَّرَةِ وَلِلْأَخِ فَيُعْتَقُ بِذَلِكَ نِصْفُهَا يَصِيرُ لِلْأَخِ فَإِنْ بَاعَهُ الْأَخُ ثُمَّ أَيْسَرَ الزَّوْجُ رُدَّ حَتَّى يُعْتَقَ جَمِيعُهَا أَوْ بِقَدْرِ مَا أَفَادَ فَإِنْ أَفَادَ عِنْدَ ذَلِكَ حَتَّى يَحْمِلَ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ لِلْأَخِ حِينَ بَاعَهَا أَنَّ عَلَى الزَّوْجِ دَيْنَهَا إِنْ أَفَادَ يَوْمًا مَالًا أُعْتِقَتْ مِنْهُ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ عَيْبًا تُرَدُّ بِهِ لِأَنَّ الْفَائِدَةَ غَيْرُ مُحَققَة الطريان كالإستحقاق فَإِن أَفَادَ الزَّوْج مَا لَا يعْتق فِيهِ بَعْضُهَا فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ إِنْ كَانَ الَّذِي أَعْتَقَ يَسِيرًا وَإِلَّا رُدَّ قَالَ سَحْنُونٌ مِثْلُ أَنْ يَبْقَى مِنَ الصَّفْقَةِ يَسِيرٌ كَالِاسْتِحْقَاقِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ وَلَدُ الْمُدَبَّرَةِ وَالْمُدَبَّرِ مِنْ أَمَتِهِ بَعْدَ التَّدْبِيرِ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ أَوْ بَعْدَهُ بِمَنْزِلَتِهَا وَالْمُحَاصَّةُ بَيْنَ الْإِمَاءِ وَالْأَبْنَاءِ فِي الثُّلُثِ وَيُعْتَقُ مَحْمِلُ الثُّلُثِ جَمِيعُهُمْ بِغَيْرِ قُرْعَةٍ وَإِنَّ دَبَّرَ حَامِلًا فَوَلَدُهَا بِمَنْزِلَتِهَا وَوَلَدُ أُمِّ الْوَلَدِ مِنْ غَيْرِ السَّيِّدِ وَالْمُعْتَقَةُ

(فرع)

وَالْمُعْتَقُ إِلَى أَجَلٍ يَلِدُ مَنْ أَمَتِهِ أَوِ المخدمة إِلَى سِتِّينَ بمنزلتهم وَولد الْمُوصى يعتقها وَالْمُوصَى بِعِتْقِهِ مِنْ أَمَتِهِ قَبْلَ مَوْتِ سَيِّدِهِ رَقِيقٌ وَمَا وُلِدَ لَهُمْ بَعْدَ مَوْتِهِ بِمَنْزِلَتِهِمْ يُعْتَقُ مِنْ جَمِيعِهِمْ مَحْمِلُ الثُّلُثِ وَإِذَا لَمْ يدع غير المدبريعتق ثُلُثُهُ فَوُلِدَ لَهُ مَنْ أَمَتِهِ ثُمَّ مَاتَ وَتَرَكَ مَالًا أَمْ لَا عَتَقَ مِنْ وَلَدِهِ مِثْلُ مَا عَتَقَ مِنْهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ وَزَيْدٍ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّ وَلَدَ الْمُدَبَّرَةِ بِمَنْزِلَتِهَا يَرِقُّ بِرِقِّهَا وَيُعْتَقُ بِعِتْقِهَا وَلِأَنَّ شَأْنَ الْوَلَدِ التَّبَعِيَّةُ فِي الدِّينِ وَالنَّسَبِ وَمُرَادُهُ فِي الْكِتَابِ سَوَاءً حَمَلَ الْمُدَبَّرَةِ قَبْلَ التَّدْبِيرِ أَوْ بَعْدَهُ أَمَّا وَلَدُ الْمُدَبَّرِ مِنْ أَمَتِهِ تَحْمِلُ بِهِ بَعْدَ التَّدْبِيرِ فَهُوَ بِمَنْزِلَتِهِ بِخِلَافٍ قَبْلَهُ وَيُرَقُّ لِسَيِّدِهِ وَمَا وَضَعَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ يَوْمِ التَّدْبِيرِ فَهُوَ بِمَنْزِلَتِهِ أَوْ لِأَقَلَّ فَهُوَ رَقِيقٌ وَمَا وَلَدَتِ الْمُدَبَّرَةُ قَبْلَ التَّدْبِيرِ فَهُوَ رَقِيقٌ قَالَ أَصْبَغُ فَإِنِ اسْتَحْدَثَ السَّيِّدُ دَيْنًا مُحِيطًا فَلَا يُبَاعُ الْوَلَدُ وَهُوَ صَغِيرٌ وَيُوقَفُ إِلَى حَدِّ التَّفْرِقَةِ أَوْ يَمُوتُ السَّيِّدُ فَيُبَاعُ مَعَ أُمِّهِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الصَّغِيرُ هُوَ الْمُدَبَّرُ دُونَهَا وَيَعْنِي أَيْضًا أَنَّ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ إِنْ حَمَلَتْ أَمَتُهُ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ فَوَلَدُهَا بِمَنْزِلَتِهَا أَوْ قَبْلَ مَوْتِهِ رُقَّ وَالْمُوصَى بِعِتْقِهَا سَوَاءً حَمَلَتْ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ فَوَلَدْتُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ كَانَتْ حَامِلًا يَوْمَ الْوَصِيَّةِ فَوَلَدُهَا بِمِثْلِهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ وَلَدِ الْمُدَبَّرَةِ وَوَلَدِ الْمُدَبَّرِ مِنْ أَمَتِهِ أَنَّ أَمَتَهُ لَيْسَ فِيهَا عَقْدُ تَدْبِيرٍ وَإِنَّمَا عَقْدٌ فِي سَيِّدِهَا فَمَا فِي ظَهْرِ الْمُدَبَّرِ مِنْ وَلَدٍ قَبْلَ التَّدْبِيرِ فَخُرُوجُ النُّطْفَةِ مِنَ الْمُدَبَّرِ كَوِلَادَةِ الْمُدَبَّرَةِ وولادة الْمُدبرَة كحمل امة الْمُدبر وَهُوَ الْفرق بَين الْمُوصى بِعِتْقِهِ وَبَين ولد الْمُدبر أَنَّ الْمُوصَى بِعِتْقِهَا لَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا وَإِنَّمَا يَنْعَقِدُ أَثَرُهَا بِالْمَوْتِ وَالْمُدَبَّرَةُ وَالْمُعْتَقَةُ إِلَى أَجَلٍ انْعَقَدَ عِتْقُهُمَا مِنْ حِينِ اللَّفْظِ لَا يَسْتَطِيعُ السَّيِّدُ نَقْضَهُ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ عَقْلُ الْمُدَبَّرَةِ وَعَمَلُهَا وَغَلَّتُهَا لِسَيِّدِهَا وَأَمَّا مَهْرُهَا وَمَالُهَا وَمَا كَسَبَتْ مِنْهُ قَبْلَ التَّدْبِيرِ أَوْ بَعْدَهُ فَمَوْقُوفٌ بِيَدِهَا وَلِسَيِّدِهَا انْتِزَاعُهُ وَانْتِزَاعُ أُمِّ وَلَدِ مُدَبَّرِهِ مَا لَمْ يَمْرَضْ مَرَضًا مَخُوفًا وَيُنْزَعُ مَالُ الْمُعْتَقِ إِلَى أَجَلٍ مَا لَمْ يَقْرُبِ الْأَجَلُ فَإِنْ لَمْ يُنْزَعْ مَالُ الْمُدَبَّرَةِ حَتَّى مَاتَ قُوِّمَتْ فِي الثُّلُثِ بِمَالِهَا لِأَنَّهُ تَبَعٌ لَهَا فَإِنْ حَمَلَ الثُّلُثُ بَعْضَهَا أَقَرَّ الْمَالَ بِيَدِهَا كَالْمُعَتَقِ بَعْضُهُ بَتْلًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ

(فرع)

مَالِكٌ قِيمَةُ الْمُدَبَّرَةِ مِائَةٌ وَالتَّرِكَةُ مِائَةٌ يُعْتَقُ نِصْفُهَا وَيُقَرُّ مَالُهَا بِيَدِهَا لِأَنَّ قِيمَتَهَا بِمَالِهَا مِائَتَانِ وَثُلُثَ السَّيِّدِ مِائَةٌ وَهُوَ نِصْفُ الْمِائَتَيْنِ الَّتِي هِيَ قِيمَتُهَا بِمَالِهَا فَقَدْ حَمَلَ الثُّلُثُ نِصْفَهَا فَإِنْ كَانَتِ الْقِيمَةُ مِائَةً وَمَالُهَا مِائَتَانِ وَلَمْ يَتْرُكِ السَّيِّدُ شَيْئًا عَتَقَ ثُلُثُهَا وَأُقِرَّ مَالُهَا بِيَدِهَا وَعَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ يُجْمَعُ مَالُهَا بِمَالِ الْمَيِّتِ فَإِنْ خَرَجَتْ مِنَ الثُّلُثِ أُقِرَّ لَهَا مَالُهَا وَإِنْ حَمَلَ الثُّلُثُ الرَّقَبَةَ وَبَعض المَال وعتقت وَلَهَا مِنْ مَالِهَا مَا حَمَلَ الثُّلُثُ مَعَ رَقَبَتِهَا فَإِنْ لَمْ يَدَعْ غَيْرَهَا وَمَا لَهَا وَقيمتهَا مائَة وَمَا لَهَا ثَمَانمِائَة عتق الْمُدبر وَله مِنْ مَالِهِ مِائَتَا دِينَارٍ وَهَكَذَا يُحْسَبُ قَالَ وَكَذَلِكَ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ وَلَهُ مَالٌ وَمَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ عَلَى الْأَوَّلِ وَلَمْ يَرَ مَالِكٌ أَنَّ سَنَةً مِنْ أَجَلِ الْمُعْتَقِ إِلَى أَجَلٍ أَنَّهَا قُرْبُ الْأَجَلِ وَلَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ إِجْبَارُ الْمُفْلِسِ عَلَى انْتِزَاعِ أُمِّ وَلَدِهِ أَوْ مُدَبَّرِهِ بَلْ لَهُ إِنْ شَاءَ لِأَنَّهُ تَجْدِيدُ مَالٍ كَمَا لَا يُجْبِرُونَهُ عَلَى الْكَسْبِ وَلَا يُنْزَعُ فِي الْمَرَضِ لِأَنَّهُ يُنْزَعُ لِغَيْرِهِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا دَبَّرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ أَمَةً تَقَاوَيَاهَا فَإِنْ صَارَتْ لِمَنْ دَبَّرَهَا كَانَتْ مُدَبَّرَةً أَوْ لِلْآخَرِ رُقَّتْ كُلُّهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ غَيْرُ الْمُدَبَّرِ تَسْلِيمَهَا لِلْمُدَبَّرِ وَيَتْبَعُهُ بِنِصْفِ قِيمَتِهَا فَلَهُ فَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً فَأعتق الثَّانِي وتماسك الثَّالِث وَالْمُعتق عَليّ قُوِّمَتْ عَلَيْهِ وَعَتَقَتْ كُلُّهَا لِأَنَّهُ ابْتَدَأَ عِتْقًا اَوْ مُعسرا فالتمسك مقاواة الْمُدبر إِلَّا أَن يكون الْمُعْتق قَبْلَ التَّدْبِيرِ وَالْمُعْتِقُ عَدِيمٌ فَلَا يَلْزَمُ الْمُدَبَّرَ مقاواة لِأَنَّهُ يرا عتق بعد مقدم لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ تَقْوِيمٌ وَإِنْ كَانَ مَلِيًّا وَيَجُوزُ تَدْبِيرُ أَحَدِكُمَا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ فَإِنْ رَضِيَ سقط حَقه وللمستمسك بَيْعُ حِصَّتِهِ إِذَا بَيَّنَ أَنَّ نِصْفَهُ مُدَبَّرٌ وَلَا مَقَالَ لِلْمُبْتَاعِ مَعَ الْمُدَبَّرِ لِأَنَّهُ تَنَزَّلَ مَنْزِلَةَ الْبَائِعِ وَإِنْ دَبَّرَاهَا مَعًا أَوْ وَاحِدًا بعد وَاحِد فَإِن مَاتَ أَحَدكُمَا عتقت حِصَّته فِي ثلثه وَلَا يقوم عَلَيْهِ حِصَّةُ شَرِيكِهِ فَإِنْ لَمْ يَحْمِلِ الثُّلُثُ حِصَّتَهُ فَمَا حَمَلَ وَيُرَقُّ الْبَاقِي لِلْوَارِثِ وَلَيْسَ لَهُ مقاواة الشَّرِيك لِأَنَّهُ بمنزلتك فَإِنْ مَاتَ الثَّانِي عَمِلَ فِي حِصَّتِهِ كَالْأَوَّلِ فَإِنْ دَبَّرَ أَحَدُكُمَا ثُمَّ أَعْتَقَ

الْآخَرُ أَوْ أَعْتَقَ حِصَّتَهُ مِنْ مُدَبَّرٍ بَيْنَكُمَا قوم على الْمُعْتق حِصَّة الآخر قيمَة عبدا لِأَنَّ التَّدْبِيرَ انْفَسَخَ كَمَا تَقَدَّمَ وَالْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُعْتَقُ إِلَى أَجَلٍ فِي جِرَاحِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ قِيمَةُ عَبْدٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ كَانَتِ الْمُقَاوَاةُ عِنْدَ مَالِكٍ ضَعِيفَةً وَإِنَّمَا هِيَ شَيْءٌ جَرَتْ فِي كُتُبِهِ وَقَالَ مَرَّةً بِغَيْرِهَا وَقَالَ يَقُومُ عَلَيْهِ لِأَنَّ فِيهَا إِبْطَالُ الْوَلَاءِ وَعَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ لَا بُدَّ مِنَ الْمُقَاوَاةِ لِحَقِّ الْعَبْدِ أَعَتَقَ الشَّرِيكُ بِإِذْنِكَ أَمْ لَا وَقَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ إِنْ كَانَ الْمُدَبَّرُ عَدِيمًا تَقَاوَاهُ فَإِنْ وَقَعَ عَلَيْهِ بَيْعٌ مِنْ نَصِيبِ صَاحِبِهِ يُرِيدُ فَمَا عَجَزَ عَنْهُ بِيعَ لَهُ وَلَا يُبَاعُ مِنْ نَصِيبِهِ الَّذِي دَبَّرَ شَيْءٌ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا مُقَاوَاةَ فِيهِ وَقَالَ سَحْنُونٌ تَدْبِيرُهُ بَاطِلٌ إِنْ لَمْ يَرْضَ شَرِيكُهُ لِأَنَّهُ لَا يَجِدُ مَا يُغْرَمُ بِالْمُقَاوَاةِ بِخِلَافِ الْمُبَتَّلِ لِأَنَّ مصلحَة الْعتْق تحَققه فاغتفر إِعَادَة وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ أَرَادَ الْمُتَمَسِّكُ مُقَاوَاةَ الْمُعْدِمِ عَلَى أَنْ يَتْبَعَهُ إِنْ وَقَعَ عَلَيْهِ فَلَهُ ذَلِكَ وَإِنْ قَاوَاهُ وَلَا يَعْلَمُ بِعَدَمِهِ ثُمَّ عَلِمَ بَعْدَ أَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ فَلَهُ فَسْخُ الْمُقَاوَاةِ قَالَ أَصْبَغُ لَا يَنْفَسِخُ وَيُبَاعُ مِنْهُ كُلِّهِ بِقَدْرِ مَا عَلَيْهِ لِأَنَّهَا كَالْبَيْعِ وَلَا يُفْسَخُ بِعَدَمِ الثَّمَنِ وَمَا بَقِيَ فَهُوَ مُدَبَّرٌ كَمَنْ دَبَّرَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَهُوَ الْقِيَاسُ وَالِاسْتِحْسَانُ لَا يُبَاعُ لَهُ إِلَّا قَدْرُ مَا يُبَاعُ فَفِي تَدْبِيرِ أَحَدِكُمَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ التَّقْوِيمُ وَالْمُقَاوَاةُ وَالتَّخْيِيرُ بَيْنَ التَّمَسُّكِ وَالتَّقْوِيمِ وَالْمُقَاوَاةِ وَمَعْنَى الْمُقَاوَاةِ تَقْوِيمُهُ قِيمَةَ عَدْلٍ وَيُقَالُ لِلَّذِي لَمْ يُدَبَّرْ يَزِيدُ عَلَيْهَا وَيُسَلَّمُ هَكَذَا حَتَّى يَصِيرَ إِلَى أَحَدِكُمَا وَعَنْ سَحْنُونٍ إِنْ شَاءَ الْمُتَمَسِّكُ إِلْزَامه الْمُدَبَّرِ بِالْقَيِّمَةِ يَقُومُ عَلَيْهِ صَارَ مُدَبَّرًا كُلَّهُ فَالتَّقْوِيمُ دُونَ ائْتِنَافٍ حُكْمٌ ثَانٍ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يَكُونُ النِّصْفُ الْمُقَوَّمُ إِلَّا بِحُكْمٍ جَدِيدٍ وَقَاسَ الْأَوَّلَ عَلَى الْمُعْتَقِ لِأَنَّهُ بِالتَّقْوِيمِ حُرٌّ وَلَا فَرْقَ وَلِوَرَثَةِ غَيْرِ الْمُدَبَّرِ مُقَاوَاةُ الْمُدَبَّرِ كَمَوْرُوثِهِمْ إِلَّا أَنْ يُعْلَمَ بِالتَّدْبِيرِ بَعْدَ سِنِين وَمَا ترى أَنَّهُ تَرَكَ الْمُقَاوَاةَ بِخِلَافِ الْعِتْقِ وَهَذَا عَلَى القَوْل بِتَخْيِير الشَّرِيك وعَلى تعْيين الْمُقَاوَاةِ لِلْوَارِثِ وَإِنْ طَالَ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلْعَبْدِ وَإِذَا أَعْتَقَ أَحَدُكُمَا ثُمَّ دَبَّرَ الْآخَرُ عَتَقَ نَصِيبُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إِلَّا أَنْ يُعْتِقَ ناجزا وَيقوم فَلَمَّا ترك التَّقْوِيم لزمَه التَّخْيِير فَإِنْ قَالَ دَبَّرْتُ أَوَّلًا وَقُلْتُ بَلْ أَعْتَقْتُ أَوَّلًا فَأَنْتَ مُدَّعًى عَلَيْكَ وَتُصَدَّقُ مَعَ يَمِينِكَ لِأَنَّكَ مُدَّعًى عَلَيْهِ اسْتِحْقَاقُ التَّقْوِيمِ فَإِنْ نَكَّلْتَ حلف

وَوَجَبَتْ لَكَ الْقِيمَةُ فَإِنْ نَكَلَ فَلَا شَيْءَ لَهُ ويعيق عَلَيْهِ نَصِيبُهُ فَإِنْ كُنْتُمَا فِي بَلَدَيْنِ وَلَا عِلْمَ عِنْدَ أَحَدِكُمَا يَدَّعِيهِ وَلَا بَيِّنَةَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْكَ وَيُعْتَقُ عَلَيْهِ حِصَّتُهُ لِنُكُولِهِ عَنِ الْيَمِينِ وَهَذَا عَلَى غَيْرِ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَمَّا عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنَّ عَلَى الْمُعْتِقِ الْقِيمَةَ لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ أَوَّلًا فَالتَّدْبِيرُ بَعْدَهُ بَاطِل وَيقوم عَلَيْهِ اَوْ ثَانِيَة قُوِّمَ عَلَيْهِ فَعِنْدَ الْجَهْلِ يَلْزَمُ التَّقْوِيمُ قَالَ اللَّخْمِيُّ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنَّ التَّقْوِيمَ حَقٌّ لِلَّهِ دُونَ الشَّرِيكِ لَا يُجْبَرُ عَلَى التَّقْوِيمِ وَإِنَّ دَبَّرَ بِإِذْنِهِ وَتُخَلَّفُ صِفَةُ التَّقْوِيمِ فَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ قُوِّمَ عَلَى أَنَّهُ لَا تَدْبِيرَ فِيهِ أَوْ بِإِذْنِهِ قَوِّمَ عَلَى أَنَّ نِصْفَهُ مُدَبَّرٌ لِدُخُولِهِ عَلَى الْعَيْبِ فَإِنْ لَمْ يُقَوَّمْ وَتَمَسَّكَ أَوْ دَبَّرَ وَالتَّدْبِيرُ الْأَوَّلُ بِغَيْرِ إِذْنِ الشَّرِيكِ اتَّبَعَهُ الْآخَرُ بِعَيْبِ التَّدْبِيرِ وَبِإِذْنِهِ لَمْ يَتَّبِعْهُ بِشَيْءٍ وَإِذَا دَبَّرْتَ ثمَّ أعتق الآخر يقوم حِصَّةُ الْمُدَبَّرِ عَلَى الْمُعْتِقِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَعنهُ لَا يقوم وَلَا يُبْطَلُ التَّدْبِيرُ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَسْقُطُ عَيْبُ التَّدْبِيرِ لِسُقُوطِهِ وَيُقَوَّمُ عَلَى الْمُعْتِقِ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُدَبَّرٍ وَلَا مُعْتَقٍ وَعَلَى عَدَمِ التَّقْوِيمِ يَرْجِعُ الْمُعْتَقُ عَلَى الْمُدَبِّرِ بِعَيْبِ التَّدْبِيرِ فَإِنْ أعتق احدكم مُعسرا ثُمَّ دَبَّرَ الثَّانِي قُوِّمَ عَلَى الْمُعْتِقِ نَصِيبُ شَرِيكه اَوْ الْمُعْتق مُعسر قضى الْمُعْتق فِي نَصِيبِ الْمُعْتِقِ وَالتَّدْبِيرِ وَرُقَّ نَصِيبُ الثَّالِثِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ يُقَوِّمُ الثَّالِثُ نَصِيبَهُ عَلَى الْمُدَبَّرِ إِنْ شَاءَ وَإِنْ تَقَدَّمَ التَّدْبِيرُ ثُمَّ الْمُعْتَقُ وَالْمُعْتِقُ مُعْسِرٌ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ يُقَوَّمُ الْمُدَبَّرُ وَالْمُتَمَسِّكُ عَلَى الْمُعْتِقِ وَعَلَى قَوْلِ الْآخَرِ لَا يقوم الْمُدبر لَيْلًا يَنْتَقِلَ الْوَلَاءُ وَيُقَوَّمُ الْمُتَمَسِّكُ عَلَى الْمُدَبَّرِ لِأَنَّهُ مُبْتَدٍ لِلْفَسَادِ وَلَا يُقَوَّمُ عَلَى الْمُعْتِقِ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ يُقَوَّمُ عَلَى الْمُعْتِقِ لِأَنَّهُ الْمُحَقِّقُ لِلْعَيْبِ بِالْعِتْقِ فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا قُوِّمَ الثَّالِثُ عَلَى الْمُدَبَّرِ أَوْ يُقَاوِيهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَفِي كَرَاهَةِ مَالِكٍ لِتَدْبِيرِ أَحَدِكُمَا قَوْلَانِ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِلْعِتْقِ مِنْ غَيْرِ اسْتِكْمَالٍ إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمَا وَلَمْ يَحْمِلْ ثُلُثُهُ نَصِيبَهُ فَإِن نزل مضى

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْمُنْتَقَى مَنْ دَبَّرَ بَعْضَ عَبْدِهِ كمل عَلَيْهِ تَدْبيره كَالْعِتْقِ وَقَالَهُ ح وش (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ رَهْنُ الْمُدَبَّرِ وَالْمُرْتَهِنُ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ أَحَقُّ مِنَ الْغُرَمَاءِ وَإِنْ لَمْ يَدَعْ غَيْرَهُ بِيعَ الْمُرْتَهِنُ لِأَنَّهُ حَازَهُ وَلَوْ لَمْ يَقْبِضْهُ بِيعَ لِجَمِيعِ الْغُرَمَاءِ قَالَ اللَّخْمِيُّ مَنَعَ أَشْهَبُ رَهْنَهُ إِنْ كَانَ فِي أَصْلِ الْبَيْعِ أَمَّا بَعْدَهُ أَوْ فِي قَرْضٍ فِي الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ جَازَ لِأَنَّ الْغَرَرَ يَجُوزُ فِيهِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَدْرِي مَتَى يَقْبِضُ دَيْنَهُ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ لِدَيْنِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ لَا يُبَاعُ الْمُدَبَّرُ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ فِي فَلَسٍ وَلَا غَيْرِهِ إِلَّا فِي دَيْنٍ قَبْلَ التَّدْبِيرِ وَيُبَاع بعد الْمَوْت إِذا اغترفه الدَّيْنُ تَقَدَّمَ التَّدْبِيرُ أَوْ تَأَخَّرَ وَلَا بِصَدَقَةٍ لِامْرَأَةٍ فِي مَهْرِهَا لِأَنَّهَا بَيْعٌ وَإِذَا بِيعَ فُسِخَ بَيْعُهُ فَإِنْ تَعَيَّبَ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ فَعَلَيْهِ مَا نَقَصَهُ وَوَافَقَنَا ح وَجَوَّزَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ بَيْعَهُ لَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لَا يُبَاعُ الْمُدَبَّرُ وَلَا يُشْتَرَى وَهُوَ جُزْء مِنَ الثُّلُثِ وَنُهِيَ عَنْ بَيْعِ الْمُدَبَّرِ وَلِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْعِتْقَ بَعْدَ الْمَوْتِ فَيَمْتَنِعُ الْبَيْعُ كَأُمِّ الْوَلَدِ وَلِأَنَّهُ آكَدُ مِنَ الْمُكَاتَبِ لِعِتْقِهِ بِمَوْتِ مَوْلَاهُ فَيَمْتَنِعُ بَيْعُهُ كَالْمُكَاتِبِ وَلِأَنَّهُ يُعْتَقُ بِالْمَوْتِ اتِّفَاقًا فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ عِتْقًا مُعَلَّقًا بِشَرْطٍ فلدخول الدَّارِ أَوْ عِتْقًا مُسْتَحَقًّا قَبْلَ الْمَوْتِ وَالْأَوَّلُ بَاطِلٌ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ يَبْطُلُ بِالْمَوْتِ فَتَعَيَّنَ أَنَّهُ مُسْتَحقّ قبل الْمَوْت كالإستيلاد قِيلَ لَا يُسَلَّمُ أَنَّهُ فَرْعُ النَّسَبِ احْتَجُّوا بقوله تَعَالَى {وَأحل الله البيع} وَبِقَوْلِهِ

تَعَالَى {إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُم} وَفِي مُسْلِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاعَ مُدبرا وَهُوَ معنى مُشْتَركا بَيْنَ الْمُدَبَّرِينَ وَيُرْوَى أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ غُلَامًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرَهُ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَبيع بتسعمائة اَوْ بثمان مائَة وَفِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ هُوَ أَحَقُّ بِثَمَنِهِ وَفِي بَعْضِهَا مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنْهُ فَاشْتَرَاهُ رَجُلٌ مِنْهُ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ وَلِأَنَّهُ عِتْقٌ مُعَلَّقٌ بِالْمَوْتِ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ كَالْمُوصَى بِعِتْقِهِ وَلِأَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا دَبَّرَتْ جَارِيَةً لَهَا فَسَحَرَتْهَا فَبَاعَتْهَا وَلَا مُخَالِفَ لَهَا مِنَ الصَّحَابَةِ فَكَانَ إِجْمَاعًا وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي أَنَّهُمَا مَخْصُوصَانِ بِمَا رَوَيْنَاهُ وَعَن الثَّالِث أَنه حر عَيْنٍ فَمَا تَعَيَّنَ مَوْضِعُ الْخِلَافِ فَإِمَّا يُخَيَّرُ بَيْنَ مُدَبَّرِينَ إِنْ دَبَّرَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ يَلْحَقُهُ دَيْنٌ بَعْدَ الْمَوْتِ وَلَعَلَّهُ مِنْهَا أَوْ بَاعَ خِدْمَتَهُ مُدَّةً وَلَوْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لَمْ يَتَعَرَّضِ الْإِمَامُ لِبَيْعِهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ بَاعَهُ فِي دَيْنٍ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاعَهُ فِي دَيْنٍ وَهُوَ ظَاهِرُ بَيْعِهِ لَهُ دُونَ صَاحِبِهِ وَلِأَنَّ خَبَرَنَا يُفِيدُ الْحَظْرَ وَخَبَرَكُمْ يُفِيدُ الْإِبَاحَةَ وَالْحَظْرُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهَا وَحُمِلَ خَبَرُكُمْ على مَذْهَبنَا وَحمل خبرناعلى مَذْهَبِكُمْ مُتَعَذِّرٌ وَعَنِ الرَّابِعِ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ يُسْتَأْنَفُ فِيهِ الْعِتْقُ وَالْمُدَبَّرُ تَقَرَّرَ عِتْقُهُ فِي الْحَيَاةِ وَعَنِ الْخَامِسِ أَنَّهُ مَذْهَبٌ لَهَا أَوْ لِأَنَّهَا سَحَرَتْهَا لِتَمُوتَ فَسَأَلَتْهَا فَقَالَتْ أَرَدْتُ أَنْ أَتَعَجَّلَ الْعِتْقَ فَقَدِ اسْتَحَقَّتِ الْقَتْلَ وَالنِّزَاعَ فِي الْبَيْعِ مَعَ الْعِصْمَةِ

(تفريع)

(تَفْرِيعٌ) فِي الْكِتَابِ لَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ مَالًا عَلَى أَنْ يُعْتِقَ مُدَبَّرَهُ وَوَلَاؤُهُ لَهُ وَلَا أُحِبُّ بَيْعَهُ مِمَّنْ يُعْتِقُهُ وَمَنْ بَاعَ مُدَبَّرَهُ فَمَاتَ بِيَدِ الْمُبْتَاعِ ضَمِنَهُ وَأَمْسَكَ الْبَائِعُ من الثّمن قدر الْقيمَة أَن لَو كَانَ يحل بَيْعه عَلَى رَجَاءِ الْعِتْقِ لَهُ وَخَوْفِ الرِّقِّ عَلَيْهِ كَمُسْتَمْلِكِ الزَّرْعِ يَغْرَمُهُ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ وَالْفَاضِلُ بيد البَائِع يَشْتَرِي بهَا مُدَبَّرًا وَإِلَّا أَعَانَ بِهِ فِي رَقَبَةٍ وَإِنْ أعْتقهُ الْمُبْتَاع بعد الْعِتْقُ وَوَلَاؤُهُ لِلْمُبْتَاعِ وَجَمِيعُ الثَّمَنِ لِلْبَائِعِ وَإِنْ وَطِئَ الْمُبْتَاعُ الْمُدَبَّرَةَ فَحَمَلَتْ فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ وَبَطَلَ التَّدْبِيرُ لِأَنَّ الِاسْتِيلَادَ أَقْوَى لِأَنَّهُ يُعْتَقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا بَيْنَ قِيمَتِهَا مُدَبَّرَةً وَغَيْرَ مُدَبَّرَةً قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا أَعْتَقَ الْمُبْتَاعُ نَفَذَ الْعِتْقُ فِي أَحَدِ قَوْلَيْ مَالِكٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَرْجِعُ الْمُبْتَاعُ بِشَيْءٍ إِذَا أَعْتَقَهُ عَلِمَ بِالتَّدْبِيرِ حِينَ الشِّرَاءِ أَمْ لَا لِانْفِسَاخِ التَّدْبِيرِ قَالَ مَالِكٌ وَلَيْسَ عَلَى الْبَائِعِ فِي الثَّمَنِ شَيْءٌ فَإِنْ عُمِيَ خَبَرُهُ فَلَا يُدْرَى أَمَاتَ أَوْ عَتَقَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُجْعَلُ الثَّمَنُ كُلُّهُ فِي مُدَبَّرٍ قَالَ وَالْقِيَاسُ إِذَا اسْتَقْصَى أَمْرَهُ وَأَيِسَ مِنْهُ جُعِلَ مَيِّتًا كَالْمَفْقُودِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِبَيْعِهِ حَتَّى مَاتَ سَيِّدُهُ وَقَدْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ لَمْ يُرَدَّ لِعَدَمِ الْفَائِدَة وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ رُدَّ فَإِنْ لَمْ يَدَعْ غَيْرَ ثَمَنِهِ أُعْتِقَ ثُلُثُهُ وَلِلْمُبْتَاعِ رَدُّ الثُّلُثَيْنِ لِلضَّرَرِ بِالْعِتْقِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلِمَ حِينَ الْبَيْعِ بِالتَّدْبِيرِ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ إِذَا غَابَ اشْتَرَى عَلَيْهِ وَجَعَلَ ثَمَنَهُ فِي عَبْدِ مُدَبَّرِهِ فَوُجِدَ الْأَوَّلُ انْتَقَضَ الْبَيْعُ وَيُغَرَّمُ الثَّمَنُ لِمُشْتَرِيهِ وَيَمْضِي التَّدْبِيرُ فِي الْعَبْدَيْنِ كَالْهَدْيِ الْوَاجِبِ يَضِلُّ فَيُبَدِّلُهُ وَيُشْعِرُ الثَّانِي فَيَجِدُ الْأَوَّلَ فَيَنْحَرُهُمَا جَمِيعًا وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَوْتِهِ فَيُجْعَلُ فَضْلُ ثَمَنِهِ كُلِّهِ أَنَّ الْمَيِّتَ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يُدْرِكُهُ عِتْقٌ وَفَضَلَ ثَمَنُهُ كَعُضْوٍ بَقِيَ مِنْهُ وَالْغَائِبُ لَمْ يَنْفَسِخْ تَدْبِيرُهُ فَهُوَ مُدَبَّرٌ تَامٌّ كَالْهَدْيِ يَضِلُّ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَوْتِهِ وَمَوْتِ الْمُكَاتَبِ بَعْدَ الْبَيْعِ أَنَّهُ يسوغ لَهُ

جمع الثّمن أَن الْمكَاتب لَهُ تَعْجِيل نَفْسِهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ فَرِضَاهُ بِبَيْعِهِ رِضًا بِالْفَسْخِ وَلَا يَجُوزُ لِلْمُدَبَّرِ فَسْخُ تَدْبِيرِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ بَاعَهُ الْوَرَثَة بعد موت السَّيِّد لغَرَض فَتغير الْمقْرض فِي سُوقِهِ أَوْ أَخَذَ قِيمَةَ ذَلِكَ الْعَرَضِ فِي فَوْتِهِ لِحُصُولِ الْعِتْقِ بِالْمَوْتِ أَوْ لَا مَالَ لِسَيِّدِهِ مَأْمُونٌ وَمَاتَ الْمُدَبَّرُ لِحَدَثَانِ بَيْعِهِ قَبْلَ النَّظَرِ فِي مَالِ الْمَيِّتِ فَهُوَ مِنَ الْمُبْتَاعِ وَيَنْفُذُ بَيْعُهُ وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ طُولِ الزَّمَان وعرفانه كَأَن يَخْرُجُ مِنَ الثُّلُثِ فَمُصِيبَتُهُ مِنَ الْوَرَثَةِ وَيَأْخُذُ الْمُشْتَرِي قِيمَةَ عَرْضِهِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فَاسِدٌ اتَّصَلَ بِهِ التَّغْيِيرُ فَيَمْضِي بِالْقِيمَةِ فَإِنْ خَرَجَ بَعْضُهُ فِي الثُّلُث رَجَعَ بِقدر ذَلِك ومصيبته مَا رق من المُشْتَرِي وَإِذا بَاعه مُدبرا وَلم يعلم فَأَعْتَقْتَهُ عَنْ رَقَبَةٍ وَاجِبَةٍ أَجْزَأَكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِم لانفساخ التَّدْبِير وَالْوَلَاء لَك وَلَا يرجع لشَيْء وَلَا يُجْزِئُ عِنْدَ أَشْهَبَ وَيُنَفَّذُ الْعِتْقُ وَلَا شَيْءَ لَكَ وَإِنْ بَاعَكَ بِشَرْطِ الْعِتْقِ رُدَّ مَا لَمْ يَفُتْ بِالْعِتْقِ فَيُنَفَّذُ وَالْوَلَاءُ لِلْبَائِعِ لِانْعِقَادِهِ لَهُ أَوَّلًا وَكَذَلِكَ الْمُكَاتَبُ وَإِنْ بِيعَ الْمُكَاتَبُ وَلَمْ يُشْتَرَطْ عِتْقُهُ فَأَعْتَقَهُ الْمُبْتَاعُ نُفِّذَ عِتْقُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَالْوَلَاءُ لِلْمُشْتَرِي عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَهُ أَشْهَبُ إِنْ بِيعَ بِعِلْمِ الْمُكَاتَبِ وَرِضَاهُ عَلَى أَنَّهُ عَبْدٌ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِالْعَجْزِ وَإِلَّا فَالْوَلَاءُ لِلسَّيِّدِ وَرَدَّ عَبْدُ الْمَلِكِ بَيْعَهُ وَنَقَضَ عِتْقَهُ وَرَدَّهُ لِكِتَابَتِهِ لِأَنَّهُ محرم وَإِن وهبك مدبره فِي صِحَّته فحرمته فَمَاتَ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ عَتَقَ ثُلُثُهُ وثلثاه لَك قَالَه ابْن الْقَاسِم وَلذَلِك إِذَا تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى ابْنِهِ الْكَبِيرِ وَحَازَهُ فِي صِحَّةِ أَبِيهِ وَلَوْ كَانَ الِابْنُ صَغِيرًا لَعَتَقَ ثُلُثُهُ وَرَقَّ ثُلُثَاهُ لِلْوَرَثَةِ وَلَا تَكُونُ حِيَازَة الْأَب فِي مِثْلِ هَذَا حِيَازَةً لِأَنَّهُ فَعَلَ فِي الْمُدَبَّرِ مَا يَحْرُمُ وَلِأَنَّهُ لَوْ نَازَعَ الْغُرَمَاءُ الِابْنَ الْكَبِيرَ فِي تَقَدُّمِ الدَّيْنِ الصَّدَقَةَ أَلْزَمَ الْغُرَمَاءَ الْبَيِّنَةُ وَفِي الصَّغِيرِ تَقَدَّمَ الدَّيْنُ حَتَّى

يَثْبُتُ بِأُجْرَةٍ قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُرَدُّ الصَّدَقَةُ وَإِنْ قُبِضَتْ مِنَ الْأَجْنَبِيِّ أَوِ الْوَلَدِ يُرَدُّ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ وَكَذَلِكَ الْمُكَاتَبُ وَالْمُعْتَقُ إِلَى أَجَلٍ قَالَ أَصْبَغُ إِنْ لَمْ يَعْثُرْ عَلَى هَذَا حَتَّى مَاتَ السَّيِّدُ عَتَقَ فِي ثُلُثِهِ وَمَا لَمْ يَحْمِلْهُ رُقَّ لِلْوَرَثَةِ لِبُطْلَانِ الصَّدَقَةِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْمُتَصَدِّقُ وَالْمُشْتَرِي ولي بِمَا رُقَّ مِنْهُ لِكَشْفِ الْغَيْبِ عُدِمَ الْعِتْقُ فِي الْبَقِيَّةِ فَإِنْ مَاتَ الْمُتَصَدَّقُ بِهِ عَلَيْهِ وَقَدْ أَوْصَى بِعِتْقِهِ فَلَا وَصِيَّةَ لَهُ وَيُرَدُّ مُدَبَّرُ السَّيِّدِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَعْتَقَهُ فِي صِحَّتِهِ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي يُعْتَقُ أَوْ يُوصِي بِعِتْقِهِ فَيُعْتَقُ فِي ثُلُثِهِ وَيُرَقُّ الْبَاقِي لِلْبَائِعِ لِأَنَّهُ ضَمِنَهُ بِالشِّرَاءِ وَبَيْعُهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ قَالَهُ أَصْبَغُ قَالَ وَالْقِيَاسُ إِذَا عَتَقَ بِوَجْهٍ مَا يَجُوزُ عِتْقُهُ لِحُصُولِ مَقْصُودِ التَّدْبِيرِ فَلَا يُرَدُّ إِلَى الرِّقِّ لِأَمْرٍ مَوْهُومٍ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا وَهَبَهُ ثُمَّ مَاتَ وَقَدِ اسْتَحْدَثَ دَيْنًا بَعْدَ الْهِبَةِ رُقَّ لِلْمَوْهُوبِ إِنْ أَحَاطَ بِهِ الدَّيْنُ أَوْ مَا رُقَّ مِنْهُ إِنْ لَمْ يُحِطْ بِهِ أَوِ الدَّيْنُ قَبْلَ الْهِبَةِ فَالدَّيْنُ أَوْلَى فَإِنِ اجْتَمَعَ الْمُتَقَدِّمُ وَالْمُتَأَخِّرُ وَالْمُتَقَدِّمُ دِرْهَمٌ وَالْمُتَأَخِّرُ يَغْتَرِقُ بَقِيَّتَهُ بِيعَ كُلُّهُ لِلْمُتَقَدِّمِ قَالَهُ أَشْهَبُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يُبَاعُ بِقَدْرِ الْمُتَقَدِّمِ فَقَطْ وَيَدْخُلُ مَعَهُمْ فِيهِ الْآخَرُونَ وَيُرَقُّ بَاقِيهِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِذَا أَشْهَدَهُ قَبْلَ النِّكَاحِ صَحِيحٌ وَيُرَدُّ إِلَى سَيِّدِهِ وَلِلزَّوْجَةِ قِيمَتُهُ عَبْدًا كَالِاسْتِحْقَاقِ وَإِنْ مَاتَ السَّيِّد لم يتْرك غَيره عتق ثلثه وَرجعت بِقِيمَة ثلثه وخيرت فِي إِِمْسَاكهَا رق ورده وَيرجع بِقِيمَةِ جَمِيعِهِ وَإِنْ عَلِمَتْ أَنَّهُ مُدَبَّرٌ فَسَدَ النِّكَاحُ وَفُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَثَبَتَ بَعْدَهُ لِأَنَّ الصَّدَاقَ غَيْرُ مَقْصُودٍ فِي النِّكَاحِ وَلَهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ وَعَتَقَ فِي ثُلُثِهِ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَرِقُّهُ فَأَمْسَكَتْهُ الْمَرْأَةُ لِأَجْلِ صَدَاقِهَا فَيَجْرِي الْخلاف فِي الْقَرْض يشترى شرات فَاسِدًا فَيُفْلِسُ الْبَائِعَ وَيُمْسِكُ الثَّمَنَ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا وَلَدَتِ الْمُدَبَّرَةُ مِنَ الْمُشْتَرِي رُدَّتْ وَأُخِذَ مِنَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنُ وَهَلْ عَلَيْهِ قِيمَةُ الْوَلَدِ إِذَا غَرَّهُ الْبَائِعُ وَلَمْ

يَعْلَمْ بِالتَّدْبِيرِ خِلَافٌ وَغُرْمُ الْقِيمَةِ أَحْسَنُ وَإِنْ كَاتَبَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ مَاتَ الْبَائِعُ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهُ عَتَقَ عَلَيْهِ وَرُدَّتِ الْكِتَابَةُ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يُرِقُّهُ مَضَى الْبَيْعُ وَالْكِتَابَةُ وَإِنْ لَمْ يُخْلِفْ غَيْرَهُ عَتَقَ ثُلُثُهُ وَمَضَتِ الْكِتَابَةُ فِي الثُّلُثَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَمُتِ السَّيِّدُ وَأَدَّى الْكِتَابَةَ عَتَقَ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ مَالِكٍ وَإِنْ لَمْ يَنْظُرْ فِيهِ حَتَّى عَجَزَ وَإِذَا اسْتُولِدَتْ وَلَمْ يُرَدَّ حَتَّى مَاتَ الْبَائِعُ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهَا عَتَقَتْ على البَائِع وَإِن كَانَ عَلَيْهِ دين فرقها بقيت وَأم ولد للْمُشْتَرِي وَإِن لم يخلف غَيرهَا بَقِي ثُلُثَاهَا أُمُّ وَلَدٍ لِلْمُشْتَرِي وَيَخْتَلِفُ فِي عِتْقِ الثُّلثَيْنِ لِتَعَذُّرِ الْوَطْءِ بِالشَّرِكَةِ وَإِذَا أَخْدَمَ الْمُدَبَّرُ عَشْرَ سِنِينَ وَحَازَهُ الْمُخْدَمُ ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ وَخَرَجَ مِنَ الثُّلُثِ سَقَطَتِ الْخِدْمَةُ أَوْ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ عَتَقَ ثُلُثُهُ وَالْمُخْدَمُ أَوْلَى بِمَا رُقَّ مِنْهُ إِلَى تَمَامِ الْأَجَلِ ثُمَّ هُوَ لِلْوَرَثَةِ وَإِنْ كَانَ دَيْنٌ يَرِقُّهُ فَالْمُخْدَمُ أَوْلَى بِهِ إِلَى الْأَجَلِ وَلَوْ لَمْ يَكُنِ الدَّيْنُ إِلَّا دِينَارٌ وَاحِدٌ لَمْ يُبَعْ مِنْهُ شَيْءٌ إِلَّا بَعْدَ الْخِدْمَةِ فَإِنْ أَجَّرَهُ سَنَةً وَقَبَضَ الْأُجْرَةَ وَمَاتَ بِقُرْبِ ذَلِكَ وَلَمْ يُخْلِفْ إِلَّا الْمُدَبَّرَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ أَحَاطَتِ الْأُجْرَةُ بِهِ لم يبع حَتَّى تَقْتَضِي الْإِجَارَةُ فَيُعْتِقُ ثُلُثَهُ وَيَرِقُّ ثُلُثَاهُ أَوْ لَا يُحِيط بِهِ بيع من جَمِيعه بِثلث الْأُجْرَة ويستخدمك لمستأجره فَيعتق ثلثه ويرق ثلثله أَو لَا يُحِيط بِهِ بيع من جَمِيعه بثبث الْأُجْرَة ويستخدم ثُلُثَهُ فَإِنْ فَضُلَ مِنْهُ أَكْثَرُ مِنْ ثُلُثَيِ الرَّقَبَةِ وَيَخْدِمُ ثُلُثَاهُ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ فَإِذَا مَضَتْ عَتَقَ تَمَامُ مَا بَقِيَ بَعْدَ الدَّيْنِ وَرُقَّ ثُلُثَاهُ وَيَرْجِعُ مَا بِيعَ مِنْهُ عَنْ ثُلُثِ الْأُجْرَةِ إِلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَيَنْفَسِخُ مِنْهُ ثُلُثُ الْخِدْمَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ لَمْ تُحِطِ الْأُجْرَةُ بِرَقَبَتِهِ فَأحب إِلَيّ أَن لَا يُبَاعَ مِنْهُ شَيْءٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا كَانَتِ الْأُجْرَةُ تِسْعَةً وَقِيمَتُهُ ثَلَاثُونَ وَلَا مَالَ لَهُ غَيره فضت التِّسْعَةُ عَلَى قِيمَتِهِ فَيَنُوبُ الثُّلُثُ الْمُعَتَقُ ثَلَاثَةً فَيُبَاعُ مِنْهُ بِهَا وَيُعْتَقُ بَقِيَّةُ الثُّلُثِ

(فرع)

وَهُوَ تِسْعَة وللمستأجر ثلث الْخدمَة وثلثها بَين العَبْد وَالذِّمِّيّ اشْتُرِيَ مِنْهُ بِثَلَاثَةٍ فَإِذَا تَمَّ أَجَلُ الْإِجَارَةِ رَجَعَ لِلْوَرَثَةِ فَيَقُولُ أَكْمِلُوا إِلَيَّ ثُلُثَ الْمِائَةِ فَيَجْمَعُ عِشْرِينَ وَمَا صَارَ لِلْعَبْدِ وَهُوَ سَبْعَةٌ وَذَلِكَ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ فَيُعْتَقُ مِنْ ذَلِكَ الثُّلُثُ وَهُوَ تِسْعَةٌ وَمُرَادُ الْعَبْدِ دِينَارَانِ فَإِنْ كَانَ على السَّيِّد دين خَمْسَة أضيف إِلَى ثَلَاثَة الْعِتْقُ لِأَنَّ ثُلُثَيِ الْوَرَثَةِ لَا سَبِيلَ لِأَصْحَابِ الدّين عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ أَحَقُّ بِهِ وَالدَّيْنُ الْأَجْنَبِيُّ أَوْلَى مِنَ التَّدْبِيرِ فَيُبَاعُ مِنَ الْعَبْدِ بِثَمَانِيَةٍ فَإِذَا انْقَضتْ الْإِجَارَة وَدُفِعَ الْعَبْدُ لِلْوَرَثَةِ رَجَعَ عَلَيْهِمْ فَيُعْتَقُ مِنْهُ تَمَامُ الثُّلُثِ (فَرْعٌ) فِي تَجُوزُ كِتَابَةُ الْمُدَبَّرِ فَإِنْ أَدَّى عَتَقَ وَإِلَّا عَتَقَ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ فِي ثُلُثِهِ وَيُقَوَّمُ بِمَالِهِ فِي الثُّلُثِ وَيَسْقُطُ عَنْهُ بَاقِي الْكِتَابَةِ وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُث فَمَا حبا وَيُقِرُّ بِمَالِهِ بِيَدِهِ عَتَقَ عَنْهُ ثُلُثُهُ وَيُوضَعُ عَنْهُ ثُلُثُ كُلِّ نَجْمٍ بَقِيَ عَلَيْهِ بِقَدْرِ مَا عَتَقَ لِأَنَّهُ لِلْعَدْلِ إِنْ لَمْ يَدَعْ غَيْرَهُ عَتَقَ عَنْهُ ثُلُثُهُ وَوُضِعَ عَنْهُ ثُلُثُ كُلِّ نَجْمٍ بَقِيَ عَلَيْهِ وَلَا يُنْظَرُ إِلَى مَا أَدَّى قَبْلَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَمْ يُصَادِفْهُ وَلَوْ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ إِلَّا نَجْمٌ حُطَّ عَنْهُ ثُلُثُهُ وَيَسْعَى فِيمَا بَقِيَ عَلَيْهِ فَإِنْ أَدَّى عَتَقَ كُلُّهُ وَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يَغْتَرِقُ قِيمَةَ رَقَبَتِهِ تَبِعَ فِيهِ كِتَابه فَإِنْ أَدَّى فَوَلَاؤُهُ لِنَاقِدِهَا أَوْ عَجْزٍ رُقَّ لِمُبْتَاعِهِ لِأَنَّهُ شَأْنُ بَيْعِ الْكِتَابَةِ أَوِ اغْتَرَقَ بَعْضَ رَقَبَتِهِ بِيعَ مِنَ الْكِتَابَةِ بِقَدْرِهِ وَعَتَقَ قَدْرُ ثُلُثِ مَا لَمْ يَبِعْ مِنْ كِتَابَتِهِ وَحُطَّ مِنْ كُلِّ نَجْمٍ ثُلُثُ مَا لَمْ يَبِعْ مِنْ ذَلِكَ النَّجْمِ فَإِنْ وَفَى عَتَقَ وَوَلَاؤُهُ لِلْمَيِّتِ أَوْ عَجَزَ فَبِقَدْرِ مَا بِيعَ مِنْ كِتَابَتِهِ رُقَّ لِمُبْتَاعِهِ وَمَا عَتَقَ مِنْهُ لَا سَبِيلَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ وَبَاقِي رَقَبَتِهِ

بعد أدّى عتق مِنْهُ برق الْوَرَثَة وَلَكَ مُكَاتَبَةُ عَبْدِكَ مَعَ مُدَبَّرِكَ كِتَابَةً وَاحِدَةً فَإِنْ مِتَّ مَضَتِ الْكِتَابَةُ عَلَى قَدْرِ قُوَّتِهِمَا عَلَى الْأَدَاءِ يَوْمَ الْكِتَابَةِ وَعَتَقَ الْمُدَبَّرُ فِي الثُّلُثِ وَسَقَطَتْ حِصَّتُهُ عَنْ صَاحِبِهِ وَيَسْعَى الْعَبْدُ فِي قِيمَةِ حِصَّتِهِ وَحْدَهُ وَلَا يَسْعَى الْمُدَبَّرُ مَعَهُ لِأَنَّهُ إِنَّمَا دَخَلَ مَعَهُ عَلَى أَنْ يُعْتَقَ بِمَوْتِ سَيِّدِهِ فَلَا حُجَّةَ لَهُ بِخِلَافِ عِتْقِ السَّيِّدِ لِأَحَدِ الْعَبْدَيْنِ فِي كِتَابَةٍ وَاحِدَةٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ عَلَى هَذَا وَإِنْ لَمْ يَحْمِلِ الْمُدَبَّرُ الثُّلُثَ عَتَقَ مَحْمِلُهُ وَسَقَطَ مِنَ الْكِتَابَةِ قَدْرُ ذَلِكَ وَيَسْعَى فِي بَاقِي الْكِتَابَةِ وَهُوَ صَاحبه وَلَا يُعْتِقُ بَقِيَّتَهُ إِلَّا بِصَاحِبِهِ وَلَا صَاحِبُهُ إِلَّا بِهِ فَإِن عتقا رَجَعَ من ودى مِنْهُمَا على صَاحبه بِمَا ودى عَنهُ إِلَّا أَن يكون ذُو رَحِمٍ لَا يَمْلِكُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَلَا تَرَاجُعَ بَينهمَا لِأَن أحد الْعرض فرع قبُول مَالك المعرض وَقَالَ أَشْهَبُ لَا تَجُوزُ مُكَاتَبَةُ الْعَبْدِ مَعَ الْمُدبر الْمَحْض عَلَى الْعَبْدِ مُعْتَقِ الْمُدَبَّرِ فِي النُّكَتِ إِذَا اغْتَرَقَ الدَّيْنُ رَقَبَتَهُ تُبَاعُ كِتَابَتُهُ يُرِيدُ لَا فَضْلَ فِي الْكِتَابَةِ وَقَوْلُهُ إِذَا اغْتَرَقَ بَعْضَ الرَّقَبَةِ يُبَاعُ مِنَ الْكِتَابَةِ بِقَدْرِ الدَّيْنِ يُرِيدُ وَفِي الْكِتَابَةِ فَضْلٌ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنِ اغْتَرَقَ الدَّيْنُ قِيمَةَ رَقَبَتِهِ بِيعَ مِنَ الْكِتَابَةِ بِقَدْرِ الدّين ثمَّ يعْتق ثلثه الْبَاقِي وَيَسْقُطُ مِنَ الْكِتَابَةِ بِقَدْرِ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ يُحِيطُ بِالْكِتَابَةِ وَحْدَهَا وَفِي الرَّقَبَةِ فضل فَقيل لابد مِنْ تَعْجِيزِهِ حَتَّى يُبَاعَ مِنْ رَقَبَتِهِ قَدْرُ الدَّيْنِ ثُمَّ يُعْتَقُ ثُلُثُ مَا بَقِيَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُتْرَكُ عَلَى كِتَابَتِهِ يُؤَدِّيهَا فِي الدَّيْنِ عَلَى نُجُومِهِ مِنْهُ فَيُعْتَقُ وَإِنْ عَجَزَ عَتَقَ مِنْهُ ثُلُثُ مَا يَفْضُلُ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ فَإِنِ اغْتَرَقَ نِصْفَ الرَّقَبَةِ وَثُلُثَ الْكِتَابَةِ فَإِنْ بِيعَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْكِتَابَةِ فَيَعْجَزُ فَيُرَقُّ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ أَوْ يُبَاعُ نِصْفُ رَقَبَتِهِ أَوْلَى أَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهَا كَمَسْأَلَةِ مُحَمَّدٍ إِذَا كَانَ الدَّيْنُ يُحِيطُ بِالْكِتَابَةِ وَحْدَهَا وَفِي الرَّقَبَةِ فَضْلٌ فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا بُدَّ مِنْ تَعْجِيزِهِ وَلَا يُبَاعُ مِنْهُ شَيْءٌ وَيُؤَدِّي عَلَى نُجُومِهِ فَإِنْ عَجَزَ فَهُوَ كَمُدَبَّرٍ لَا كِتَابَةَ

فِيهِ يُبَاعُ مِنْهُ بِقَدْرِ الدَّيْنِ وَيُعْتَقُ ثُلُثُ الْبَاقِي وَإِنَّمَا يُبَاعُ مِنْ كِتَابَتِهِ بِمِقْدَارِ الدَّيْنِ إِذَا اغْتَرَقَ مِنَ الْكِتَابَةِ مِثْلَ مَا اغْتَرَقَ من الرَّقَبَة اَوْ اقل أما مِنَ الْكِتَابَةِ أَكْثَرَ فَعَلَى مَا تَقَدَّمَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا كُوتِبَ الْمُعْتَقُ إِلَى أَجَلٍ ثُمَّ فَلَسَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِأَضْعَافِ قِيمَتِهِ لَا تُبَاعُ كِتَابَتُهُ وَيُؤَدِّيهَا لِلْغُرَمَاءِ فَإِن وداها قَبْلَ الْأَجَلِ عَتَقَ أَوْ سَبَقَ الْأَجَلُ عَتَقَ وَسَقَطَ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ قَلَّ الدَّيْنُ أَوْ كثر فَإِن ودى وَبَقِيَّةٌ مِنَ الْكِتَابَةِ بَاقِيَةٌ فَهِيَ لِسَيِّدِهِ أَوْ لِوَرَثَتِهِ أَوْ حَلَّ الْأَجَلُ قَبْلَ وَفَاءِ الدَّيْنِ وَبَقِي الْكِتَابَةُ عَتَقَ وَسَقَطَ بَاقِي الْكِتَابَةِ وَبَقِيَ عَلَى سَيِّدِ الْبَقِيَّةِ دَيْنُهُ قَالَ ابْنُ مُيَسَّرٍ هَذَا إِذَا كَانَ الْعِتْقُ قَبْلَ الدَّيْنِ وَيَجُوزُ تَقْدِيمُ التَّدْبِيرِ عَلَى الْعِتْقِ إِلَى أَجَلٍ وَتَأْخِيرُهُ فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ الْأَجَلِ قُوِّمَ فِي الثُّلُثِ الْخِدْمَةُ بَقِيَّةِ الْأَجَلِ وَقِيلَ إِنْ تَقَدَّمَ التَّدْبِيرُ قَوِّمَتْ رَقَبَتُهُ وَهُوَ ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ يَسْتَوْعِبُ الثُّلُثَ فِي عِتْقِهِ وَمَا عَجَزَ عَنْهُ فَهُوَ مِنْ ثُلثي الْمَوْت فَهُوَ يعتقهُ إِلَى تَمام الْأَجَل فتظلم الْوَرَثَةِ لَا يُقَوَّمُ فِي الثُّلُثِ مَا لَا يَمْلِكُهُ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى السَّيِّدِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِهِ لَمْ يَزَلِ الْعِتْقُ إِلَى أَجَلٍ وَإِنْ كَانَ التَّدْبِيرُ قَبْلُ وَلَمْ يُبَعْ مِنْ رقبته لَهُ شَيْء فِي دينه وينقض الدَّيْنُ التَّدْبِيرَ وَلَمْ يَنْقُضْ عِتْقُ الْأَجَلِ فَكَانَ لِلْغُرَمَاءِ خِدْمَتُهُ فَنَسَوْا إِلَى الْأَجَلِ وَلَيْسَ لِلْمَيِّتِ مَالٌ غَيْرَ خِدْمَتِهِ تَقَدَّمَ التَّدْبِيرُ أَمْ تَأَخَّرَ فَإِنْ كَانَ مُعْتَقًا إِلَى الْأَجَلِ ثُمَّ فَلَسَ أَوْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِرَقَبَتِهِ اسْتَدَانَهُ بَعْدَ عِتْقِ الْأَجَلِ فَلَا تُبَاعُ كِتَابَتُهُ وَيُؤَدِّيهَا للْغُرَمَاء على النُّجُوم وَإِن ودى الدّين ودى الْبَاقِي للْوَرَثَة وَإِن وداها قَبْلَ الْأَجَلِ عَتَقَ وَقُضِيَ الدَّيْنُ أَوْ مَا بَقِي مِنْهُ مِنْهَا وَإِن لم يود حَتَّى حل الْأَجَل سقط عِنْد الْبَاقِي مِنْهَا وَلَمْ يُتْبَعْ بِشَيْءٍ مِنْ دَيْنِ سَيِّدِهِ عَتَقَ بِالْأَدَاءِ أَوْ بِحُلُولِ الْأَجَلِ وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ قَبْلَ عِتْقِ الْأَجَلِ فَالدَّيْنُ أَوْلَى بِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ كَاتَبَ ثُمَّ دَبَّرَ جُعِلَ فِي الثُّلُثِ الْأَقَلِّ مِنْ قِيمَةِ الرَّقَبَةِ أَوْ قِيمَةِ الْكِتَابَةِ أَوْ دَبَّرَ ثُمَّ كَاتَبَ فَقِيمَةُ الرَّقَبَةِ خَاصَّةٌ لِأَنَّ السُّنَّةَ فِي الْمُدَبَّرِ إِذَا لَمْ يُكَاتَبْ أَنَّ فِي الثُّلُثِ قِيمَةَ رَقَبَتِهِ الَّتِي كَانَ يَمْلِكُهَا

(فرع)

قَبْلَ التَّدْبِيرِ وَهُوَ عِتْقٌ الْتَزَمَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ فَإِذَا كَاتَبَ لَمْ يَنْتَقِلْ عَنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ عَجَزَ عَادَ مُدَبَّرًا وَإِنْ تَقَدَّمَتِ الْكِتَابَةُ فَقَدْ صَارَ لَا يَتَغَيَّرُ مَا يَمْلِكُهُ مِنْهُ إِذْ قَدْ يَعْجَزُ فَتُمْلَكُ رَقَبَتُهُ أَوْ يُؤَدِّي فَتَصِحُّ لَهُ الْكِتَابَةُ وَإِذَا دَبَّرَ جَعَلَ فِي الثُّلُثِ الْأَقَلِّ بِمَا كَانَ قَدْ صَحَّ لَهُ احْتِيَاطًا لِلْعِتْقِ بِتَدْبِيرِهِ إِيَّاهُ كَإِيصَائِهِ بِعِتْقِهِ هَذَا إِذَا كَاتَبَهُ فِي الصِّحَّةِ ثُمَّ دَبَّرَهُ بَعْدَهَا فِي صِحَّةٍ أَوْ مَرَضٍ أَمَّا إِنْ كَاتَبَهُ فِي الْمَرَضِ ثُمَّ دَبَّرَهُ فِيهِ فَيُجْعَلُ فِي الثُّلُثِ قِيمَةُ الرَّقَبَةِ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ فِي الْمَرَضِ إِذا لم يقبض إِنَّمَا تُجْعَلُ فِي الثُّلُثِ قِيمَةُ الرَّقَبَةِ لِأَنَّهَا مِنْ نَاحِيَةِ الْعِتْقِ وَفِي التَّدْبِيرِ تُجْعَلُ قِيمَةُ الرَّقَبَةِ فَاتَّفَقَا فَلِذَلِكَ جُعِلَتْ قِيمَةُ الرَّقَبَةَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ سَوَاءً بَدَأَ بِالتَّدْبِيرِ أَمْ لَا فَلَا يُقَوَّمُ إِلَّا بِأَقَلِّهِمَا لِأَنَّ مَنْ أَوْصَى بِعِتْقِ مُكَاتَبِهِ جَعَلَ فِي الثُّلُثِ الْأَقَلِّ مِنْ قِيمَةِ رَقَبَتِهِ أَوْ مِنْ قِيمَةِ كِتَابَتِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ بِالْمُكَاتَبِ أَوْ تَدْبِيرِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا كَاتَبَهُمَا كِتَابَةً وَاحِدَةً ثُمَّ دَبَّرَ أَحَدَهُمَا فَإِنْ أَدَّيَا عِتْقًا أَوْ عَجْزًا لَزِمَ السَّيِّدُ تَدْبِيرَ مَنْ كَانَ دَبَّرَ وَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ عَجْزِهِمَا وَالْمُدَبَّرُ يَحْمِلُهُ الثُّلُثُ وَهُوَ قَوِيٌّ عَلَى السَّعْيِ حِينَ مَاتَ السَّيِّدُ لَمْ يُعْتَقْ إِلَّا بِرِضَا صَاحِبِهِ لِحَقِّ الْكِتَابَةِ الَّتِي الْتَزَمَهَا مَعَهُ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ مُدَبَّرَةٌ بَيْنَكُمَا وَطِئَهَا أَحَدُكُمَا فَحَمَلَتْ قُوِّمَتْ عَلَيْهِ وَتَصِيرُ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ لِأَنَّهُ أَقْوَى لَهَا وَقَالَ غَيْرُهُ إِنْ كَانَ الْوَاطِئُ مُعْسِرًا خُيِّرَ شَرِيكُهُ بَيْنَ اتِّبَاعِهِ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَبَيْنَ التَّمَسُّكِ بِحِصَّتِهِ لِأَجْلِ عسره واتباعه بِنصْف قِيمَته الْوَلَدِ يَوْمَ اسْتِهْلَاكِهِ ثُمَّ لَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ إِنْ أَيْسَرَ فَإِنْ مَاتَ الْوَاطِئُ عَدِيمًا عَتَقَ عَلَيْهِ نَصِيبُهُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ لِأَنَّهُ مِنْ أُمِّ وَلَدٍ وَبَقِيَ نَصِيبُ الْمُتَمَسِّكِ مُدَبَّرًا أَوْ مَاتَ غَيْرُ الْوَاطِئِ وَقَدْ كَانَ تَمَسَّكَ بِنَصِيبِهِ وَعَلِيهِ دين

(فرع)

يُرَدُّ التَّدْبِيرُ بِيعَتْ حِصَّتُهُ لِأَنَّهُ شَأْنُ التَّدْبِيرِ فَإِنِ ابْتَاعَهَا الْوَاطِئُ لَيْسَ حَدَثٌ لَهُ حَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا وَإِنْ مَاتَ فَنِصْفُهَا رَقِيقٌ وَنِصْفُهَا حُرٌّ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قِيلَ يُقَوَّمُ عَلَى الْوَاطِئِ الْوَلَدُ خَاصَّةً وَتَبْقَى هِيَ عَلَى حَالِهَا وَإِنْ مَاتَ غَيْرُ الْوَاطِئِ عَن نِصْفُهَا فِي ثُلُثِهِ فَإِنْ لَمْ يُتْرَكْ وَفَاءً قومت على الوطيء وَبَقِيَتْ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ وَقَوْلُهُ يُتْبَعُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ يَوْمَ اسْتِهْلَاكِهِ يُرِيدُ وَكَذَلِكَ إِذَا تَأَخَّرَ الْحُكْمُ حَتَّى كَبُرَ الصَّبِيُّ وَقِيلَ فِي ولد الْمُسْتَحقَّة فِيهِ الْقيمَة يَوْم يحكم وَالْفَرْقُ أَنَّ وَطْءَ الشَّرِيكِ عُدْوَانٌ فَلَزِمَتْهُ الْقِيمَةُ يَوْم التَّعَدِّي وَإِنَّمَا تكون الْقيمَة يَوْم الحكم بِاسْتِحْقَاقِ أُمِّهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ كَانَ مِنْ ثُلُثِ الْمُدَبَّرِ وَنَصِيبِهِ عَتَقَ بِالتَّدْبِيرِ وَأُعْتِقَ نَصِيبُ الْوَاطِئ لتَحْرِيم الوطئ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ إِنْ حَمَلَ الثُّلُثُ بَعْضَ نَصِيبِهِ وَعَنْ مَالِكٍ يُقَوَّمُ نَصِيبُهُ مِنَ الْوَلَدِ وَحْدَهُ وَيُمْنَعُ الْوَاطِئُ مِنْهَا فَإِنْ مَاتَ الْمُدَبَّرُ وَتَرَكَ وَفَاتَ أعتق نصفه وَإِن لم يتْركهُ وَفَاتَ قَوِّمَتْ عَلَى الْوَاطِئِ وَبَقِيَتْ أُمَّ وَلَدٍ لِأَنَّ الْوَلَاءَ قَدْ ثَبَتَ بِالتَّدْبِيرِ فَلَا يَنْتَقِلُ وَقَوْلُهُ إِنَّمَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ إِنَّمَا يَصِحُّ عَلَى الْقِيمَةِ تَكُونُ يَوْمَ حَمَلَتْ وَتَسْقُطُ الْقِيمَةُ الْمَأْخُوذَةُ مِنَ الْوَاطِئِ فِي الْوَلَدِ وَتُعَادُ لَهُ أَوْ تُحَاسَبُ بِهَا وَإِنِ الْتَزَمَ قِيمَةَ الْوَلَدِ الْيَوْمَ أَوْ يَوْمَ وَلَدَتْ لَمْ تَكُنْ أُمَّ وَلَدٍ وَإِذَا كَانَ الْوَاطِئُ مُعْسَرًا لَا يُخَيَّرُ الْمُدَبَّرُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَلَا يَنْتَقِضُ التَّدْبِيرُ وَيَرْجِعُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَإِذَا لَمْ يُقَوَّمْ عَلَى الْوَاطِئِ لِلْعُسْرِ أَوْ لِمَنْعِ نَقْلِ الْوَلَاءِ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيِ مَالِكٍ فَلَا يُعْتَقُ نَصِيبُ الَّذِي أَوْلَدَ عِنْدَ أَشْهَبَ وَيَتْبَعُهُ وَلَا يَكُونُ عِنْدَهُ بَعْضُ أُمِّ وَلَدٍ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا دَبَّرَ جَنِينَهَا حُرِّمَ بَيْعُهَا دُونَ رَهْنِهَا كَمَا لَوْ أَعْتَقَ مَا فِي بَطْنِهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ إِنَّمَا يَرْهَنُهَا فِي دَيْنٍ قَبْلَ الْحُرِّيَّةِ وَقَبْلَ التَّدْبِيرِ وَأَمَّا مَا يَحْدُثُ فَيُبَاعُ مَا فِي بَطْنِهَا فِيهِ وَلَا يَتَعَرَّضُ هُوَ بِهِ لِلْبَيْعِ

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا ارْتَدَّ الْمُدَبَّرُ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ اسْتُتِيبَ فَإِنْ لَمْ يَتُبْ قُتِلَ وَإِنْ تَابَ لَمْ يُقْسَمْ فِي الْمَغْنَمِ وَرُدَّ لِسَيِّدِهِ إِنْ عُرِفَ فَإِنْ جُهِلَ أَنَّهُ مُدَبَّرٌ حَتَّى قُسِمَ فَلِسَيِّدِهِ فِدَاؤُهُ بِالثَّمَنِ وَيَرْجِعُ مُدَبَّرًا فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ وَقَدْ تَرَكَهُ فِي يَدِ مَنْ صَارَ فِي سَهْمِهِ يَخْتَدِمُهُ فِي ثَمَنِهِ فَمَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ وَفَاءِ ذَلِكَ عَتَقَ مِنْ ثُلُثِهِ وَاتُّبِعَ بِبَاقِي الثَّمَنِ فَإِنْ لَمْ يَسَعْهُ الثُّلُثُ فَمَا وَسِعَ وَرُقَّ بَاقِيهِ لِوَارِثِهِ لِأَنَّ سَيِّدَهُ أَسْلَمَهُ قَالَ غَيْرُهُ إِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ عَتَقَ وَلَمْ يُتْبَعْ بِشَيْءٍ أَوْ بَعْضُهُ لَمْ يُتْبَعْ بِحِصَّةِ الْبَعْضِ الْعَتِيقِ بِخِلَافِ الْجِنَايَةِ الَّتِي هِيَ فعله وَإِن رهن السَّيِّد فَمَا لم يحمل الثُّلُث مِنْهُ فرق وَلَا خِيَارَ لِلْوَارِثِ وَفِي الْجِنَايَةِ يُخَيَّرُ الْوَرَثَةُ فِيمَا رُقَّ مِنْهُ إِذَا سَلَّمَهُ وَمَاتَ وَالثُّلُثُ لَا يَحْمِلُهُ وَالسَّيِّدُ قَدْ أَسْلَمَهُ فِيهَا وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَدْ أَخَذَهُ فِي الْأَصْلِ عَلَى مَالِكِ رَقَبَتِهِ وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ إِنَّمَا أُسْلِمَتْ لَهُ خِدْمَتُهُ فَهِيَ أَضْعَفُ فِي التَّنْبِيهَاتِ اخْتُلِفَتِ الرِّوَايَاتُ فَوَقَعَ سَيِّدُهُ الْغَيْبَةَ وَسَقَطَ بِعَيْنِهِ فِي بَعْضِهَا وَهُوَ الصَّحِيحُ وَهُوَ أَنَّهُ إِذَا عَرَفَ أَنَّهُ مُدَبَّرٌ أَوْ حُرٌّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ أَرَادَ سَيِّدُهُ تَرْكَهُ فِي يَدِ مَنْ حُسِبَ عَلَيْهِ يَخْدُمُهُ فِي ذَلِكَ فَإِنْ وَفَّى وَالْمُدَبَّرُ حَيٌّ رَجَعَ مُدَبَّرًا أَوْ هَلَكَ قَبْلَ وَفَائِهِ خَرَجَ مِنْ ثُلُثِهِ وَاتُّبِعَ بِبَاقِي الثَّمَنِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ اتِّبَاعُهُ بِحِصَّةِ مَا عَتَقَ إِنَّمَا هُوَ فِيمَا اشْتُرِيَ مِنْ يَدِ الْعَدُوِّ وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي الْغَنَائِمِ فَلَا كَالْحُرِّ يَقَعُ فِي الْمَقَاسِمِ لَا يُتْبَعُ وَإِنْ بَاعَهُ الْعَدُوُّ اتُّبِعَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَالْقَوْلُ مَا قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَكَذَلِكَ الْمُكَاتَبُ وَالْمُعْتَقُ إِلَى أَجَلٍ لَا يُتْبَعُ إِلَّا بِمَا يُتْبَعُ فِيهِ الْحُرُّ وَجَعَلَ ابْن الْقَاسِم أَبَا قر لدار الْحَرْب بِجِنَايَة فِعْلِهَا إِلَّا فِي قَوْلِهِ إِذَا لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُث رق بَاقِيه لمشتريه وَإِن اريد السَّيِّدُ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ دُونَ الْمُدَبَّرِ فَفِي الْكِتَابِ يُوقَفُ مُدَبَّرُهُ لِمَوْتِهِ فَيُعْتَقُ بَعْدَ مَوْتِهِ كَمَا يُوقَفُ مَالُ الْأَسِيرِ وَإِذَا

(فرع)

وُقِفَ أُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ وَكَذَلِكَ أُمُّ وَلَدِهِ بِخِلَافِ صِغَارِ وَلَدِهِ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَا يَرِثهُ إِن قل عَلَى رِدَّتِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا لَمْ يُعْرَفْ سَيِّدُ الْمُدَبَّرِ الْوَاقِعِ فِي الْمَقَاسِمِ لَمْ يُبَعْ وخدمته للجيش فَإِن افْتَرَقُوا بِيعَتْ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَكُونُ رَقِيقا لمشتريه وَيبْطل تَدْبيره وَقَالَ مُحَمَّد لمشتري خِدْمَتُهُ حَيَاةَ السَّيِّدِ وَإِنْ كَثُرَتْ وَلِمَالِكٍ فِي خِيَارِ الْوَرَثَةِ إِذَا أَسْلَمَهُ قَوْلَانِ وَهُمَا يَجْرِيَانِ فِي الْغُرَمَاءِ أَنْ يَدْفَعُوا لَهُ بَاقِيَ ثَمَنِهِ وَيُبَاعَ لَهُمْ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ أَحْسَنُ وَالْمَبِيعُ فِي الْمُقَاسِمِ أَقْوَى مِنَ الْجَانِي لِأَنَّ الْعَبْدَ الْقِنَّ لَا يُبَاعُ مِنْهُ بِقَدْرِ الثَّمَنِ وَيُؤْخَذُ الْبَاقِي وَكَذَلِكَ اتِّبَاعُهُ بَعْدَ الْعِتْقِ الصَّحِيحُ أَنْ لَا يتبع لِأَن الْمُسْتَحَقَّ مِنْهُ بَعْدَ الْقَسْمِ مَالِكٌ وَحُرِّيَّةٌ بِالْمَالِكِ لَا يُنْزَعُ إِلَّا بِالثَّمَنِ وَالْمُدَبَّرُ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّهُ مُدَبَّرٌ فَلَمْ يَفْعَلْ فَهُوَ كَالْحُرِّ يَقَعُ فِي الْمَقَاسِمِ فَيَغُرُّ مِنْ نَفْسِهِ وَإِنِ اشْتُرِيَ مَنْ أَرْضِ الْحَرْبِ مُدَبَّرٌ وَأُخْرِجَ ثُمَّ ثَبَتَ أَنَّهُ مُدَبَّرٌ وَهُوَ كَانَ يَظُنُّ أَنَّهُ عَبْدٌ وَأَسْلَمَهُ سَيِّدُهُ ثُمَّ مَاتَ وَحَمَلَهُ الثَّالِث لَا يُتْبَعُ بِالْبَاقِي بِخِلَافِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ مَنْ أَخْرَجَ حُرًّا مِنْ أَرْضِ الْحَرْبِ لَهُ أَنْ يُتْبِعَهُ بِمَا اشْتَرَاهُ وَلَوْ قُدِّمَ حَرْبِيٌّ بِمُدَبَّرٍ وَأَسْلَمَ عَلَيْهِ لَمْ يَنْزِعْ مِنْهُ وَكَانَ لَهُ فِيهِ مَا لِسَيِّدِهِ فِيهِ وَهُوَ الْخِدْمَةُ لِأَنَّ الْحَرْبِيَّ يَمْلِكُ مَالَ الْمُسْلِمِ فَإِنْ مَاتَ الَّذِي دَبَّرَهُ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهُ عَتَقَ وَوَلَاؤُهُ لِمُدَبِّرِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهُ عَتَقَ ثُلُثُهُ وَرُقَّ بَاقِيهِ لِلْحَرْبِيِّ وَإِنْ كَانَ عَلَى السَّيِّدِ دَيْنٌ يُرِقَّهُ رُقَّ كُلُّهُ لَهُ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا أَسْلَمَ مُدَبَّرٌ نَصْرَانِيٌّ أَوِ ابْتَاعَ مُسْلِمًا فدبره أجزناه لَهُ وَقَبَضَ أُجْرَتَهُ وَلَمْ يُتَعَجَّلْ رِقُّهُ بِالْبَيْعِ فَقَدْ يُعْتَقُ بِمَوْتِ سَيِّدِهِ فَإِنْ أَسْلَمَ النَّصْرَانِيُّ قبل

مَوْتِهِ رَجَعَ إِلَيْهِ عَبْدُهُ وَلَهُ وَلَاؤُهُ فَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ حَتَّى مَاتَ عَتَقَ فِي ثُلُثِهِ وَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لِلنَّصْرَانِيِّ وَلَدٌ وَأَخٌ مُسْلِمٌ مِمَّنْ يُجَرُّ وَلَاؤُهُ إِلَيْهِ فَيَرِثُهُ هَذَا إِنْ أَسْلَمَ الْمُدَبَّرُ بَعْدَ التَّدْبِيرِ أَمَّا إِنْ دَبَّرَهُ وَالْعَبْدُ مُسْلِمٌ فَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ لَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ إِنْ أَسْلَمَ وَلَا وَلَدٌ لَهُ مُسْلِمٌ لِأَنَّهُ يَوْمَ عَقْدِ التَّدْبِيرِ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهِ وَلَاءٌ وَلَا مِلْكٌ مُسْتَقِرٌّ بِخِلَافِ تَدْبِيرِهِ كَافِرًا وَإِنْ عَتَقَ فِي الثُّلُثِ نِصْفُهُ وَالْوَرَثَةُ نَصَارَى بِيعَ عَلَيْهِمْ نِصْفُهُ مِنْ مُسْلِمٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَرَثَةٌ رُقَّ لِلْمُسْلِمِينَ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَجُوزُ لِلنَّصْرَانِيِّ شِرَاءُ مُسْلِمٍ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ لَا يُعْلَى عَلَيْهِ فَإِذَا أَسْلَمَ عَبْدُهُ ثُمَّ دبر عتق لِأَنَّهُ مَعنا من ابيعه بِتَدْبِيرِهِ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ قَوْلُ بَعْضِ الرُّوَاةِ إِنِ اشْتَرَى مُسْلِمًا وَدَبَّرَهُ لَا يَجُوزُ الشِّرَاءُ لِأَنَّا لَو اجزناه لبعناه عَلَيْهِ بِلَا فَائِدَةَ وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْبَيْعَ وَالتَّدْبِيرَ يُفْسَخَانِ وَقِيلَ يُعَجَّلُ عِتْقُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا أَسْلَمَ عَبْدُهُ فَأَعْتَقَهُ إِلَى أَجَلٍ عَجَّلَ عَتْقَهُ أَوْ كَاتَبَهُ بِيعَتْ كِتَابَتُهُ عَلَيْهِ نَفْيًا لِسُلْطَانِ الْكُفْرِ على الْمُسلم قَالَ ابْن يُونُس وَإِذا اجزنا الْمُدَبَّرَ عَلَيْهِ وَقَبَضَ الْأُجْرَةَ وَأَتْلَفَهَا وَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَخْدُمَ الْعَبْدُ مِنَ الْإِجَارَةِ شَيْئًا وَلَمْ يَتْرُكْ غَيْرَهُ فَإِنْ رَضِيَ الْعَبْدُ أَنْ يَخْدُمَ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ لِرَغْبَتِهِ فِي عِتْقِ ثُلُثِهِ فَلَهُ ذَلِك وَيعتق ثُلُثِهِ وَيَخْدُمُ الْمُدَّةَ ثُمَّ يُبَاعُ ثُلُثَاهُ عَلَى الْوَرَثَةِ وَلَا كَلَامَ لِمَنِ اسْتَأْجَرَهُ وَإِنِ امْتَنَعَ الْعَبْدُ مِنَ الْخِدْمَةِ وَلَمْ يَرْضَ الْمُسْتَأْجِرُ أَنْ يَخْدِمَ مَا رُقَّ مِنْهُ لِاسْتِحْقَاقِ بَعْضِ مَا اسْتَأْجَرَ بِيعَ مِنْ جَمِيعِهِ بِقَدْرِ الْإِجَارَةِ وَعَتَقَ ثُلُثُ مَا بَقِيَ وَبِيعَ عَلَى الْوَرَثَةِ مَا بَقِي وَإِن رَضِي الْمُسْتَأْجر أَن يخْدم مَا رق مِنْهُ فليبع مِنْ ثُلُثِهِ قَدْرَ ثُلُثِ الْإِجَارَةِ وَعَتَقَ مَا بَقِي من ثلثه ويخدم الْمُسْتَأْجِرُ ثُلُثَهُ فَإِذَا تَمَّتِ الْإِجَارَةُ بِيعَ عَلَى الْوَرَثَةِ مَا رُقَّ لَهُمْ إِلَّا أَنْ يُسَلِّمُوا قَبْلَ ذَلِكَ فَيَبْقَى لَهُمْ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْإِسْلَامُ إِمَّا قَبْلَ التَّدْبِيرِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَالْخِلَافُ فِي الثَّلَاثَةِ فَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدَ التَّدْبِيرِ قِيلَ يَبْقَى مُدَبَّرًا

(فرع)

وَقِيلَ يُبَاعُ وَإِنْ أَسْلَمَ قَبْلَ التَّدْبِيرِ لَمْ يبع قولا وَاحِدًا وَهل يواجر إِلَى مَوْتِ سَيِّدِهِ أَوْ يُعَجَّلُ عِتْقُهُ قَوْلَانِ وَالْمُسْلِمُ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَالتَّدْبِيرِ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ يُمْضَى تَدْبِيرُهُ يُعَجَّلُ عِتْقُهُ يَبْطُلُ الشِّرَاءُ نَفْسُهُ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ إِذَا أَسْلَمَ بَعْدَ التَّدْبِيرِ يتَخَرَّج فِيهِ قَول أَنه يُبَاع وَيرْفَع ثَمَنَهُ لِلنَّصْرَانِيِّ كَإِسْلَامِ أُمِّ وَلَدِهِ لِأَنَّ حُرِّيَّتَهَا أَقْوَى مِنَ الْمُدَبَّرِ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ هَذَا صَوَابٌ وَيُبَاعُ لِأَنَّ الْعَقْدَ الْمُتَقَدِّمَ كَانَ بَيْنَ كَافِرَيْنِ وَالْعِتْقُ فِيهِ حَقٌّ لِلَّهِ وَهِبَةٌ لِسَيِّدِ العَبْد وَهبة للْكَافِرِ لَا يلْزم الْفُرُوعَ حَالَةَ كُفْرِهِ بِخِلَافِ الْعِتْقِ الْبَتْلِ إِذَا حَوَّزَ نَفْسَهُ فَإِنَّ الرُّجُوعَ بَعْدَ الْحَوْزِ تَظَالُمٌ وَلِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ مَرَّةً فِي أُمِّ وَلَدِ النَّصْرَانِي إِنَّهَا تبَاع وَيتبع مُكَاتَبَهُ عَبْدًا لَا كِتَابَةَ فِيهِ وَالْكِتَابَةُ أَبْيَنُ لِأَنَّهُ جوزه نَفْسَهُ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِنِ ادَّعَى أَنَّ سَيِّدَهُ دَبَّرَهُ أَوْ كَاتَبَهُ لَمْ يُحَلَّفِ السَّيِّدُ إِلَّا أَنْ يَقُومَ شَاهِدٌ كَالْعِتْقِ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ يَجُوزُ وطب الْمُدَبَّرَةِ وَالْمُوصَى بِعِتْقِهَا لِأَنَّهُ لَا يَزِيدُهَا إِلَّا خَيْرًا فَتَصِيرُ تُعْتَقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَيَمْتَنَعُ فِي الْمُكَاتَبَةِ وَالْمُعْتَقَةِ إِلَى أَجَلٍ وَالْمُعْتَقَةِ بَعْضُهَا وَالْمُخْدَمَةِ وَالْمُشْتَرَكَةِ لِتَزَلْزُلِ الْمِلْكِ فِي الْجَمِيعِ وَتَوَقُّعِ الْعِتْقِ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ بِخِلَافِ غَيْرِهِنَّ لَا يُعْتَقْنَ إِلَّا بَعْدَ الْوَفَاةِ وَأُمُّ الْوَلَدِ لِضَعْفِ الْمِلْكِ جِدًّا وَيَجُوزُ وَطْؤُهَا لِتَأَخُّرِ عِتْقِهَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَيُلَاحَظُ فِيهِنَّ شِبْهُ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ لِتَوَقُّعِ الْعِتْقِ فِي الْحَيَاةِ وَإِبْطَالِ الْحَوْزِ فِي الْخِدْمَةِ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ عِتْقُ الْمُسْتَأْجَرَةِ (فَرْعٌ) فِي الْمُنْتَقَى وَلَدُ الْمُدَبَّرَةِ بِمَنْزِلَتِهَا قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ دَبَّرَهَا عَلَى أَنَّ وَلَدَهَا رَقِيقٌ

فرع

فَهُوَ بِمَنْزِلَتِهَا وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت حرَّة على أَن مَا تكسبه لِي (فَرْعٌ) قَالَ إِنْ دَبَّرَهُ وَاسْتَثْنَى مَالَهُ جَوَّزَهُ مَالِكٌ كَالْعِتْقِ وَمَنَعَهُ ابْنُ كِنَانَةَ وَقَالَ يَتْبَعُهُ مَالُهُ كَمَا يُمْنَعُ مِنِ انْتِزَاعِ مَالِ مُدَبَّرِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِذَا اسْتَثْنَاهُ فِي التَّدْبِيرِ قُوِّمٌ بِغَيْرِ مَالٍ وَحُسِبَ مَا بِيَدِهِ مِنْ مَالِ السَّيِّدِ فَيُقَوَّمُ الْمُدَبَّرُ دونهَا (فَرْعٌ) فِي الْمُنْتَقى إِذا اخْرُج الْمُدَبَّرُ غَيْرَهُ خُيِّرَ سَيِّدُهُ فَإِنْ أَسْلَمَهُ أَسْلَمَ إِلَيْهِ خِدْمَتَهُ لِتَعَلُّقِ التَّدْبِيرِ بِالرَّقَبَةِ وَيُقَاصُّهُ مِنْ دينه لخراجه فَإِن أدّى عِنْد سَيِّدُهُ رَجَعَ لِسَيِّدِهِ مُدَبَّرًا وَإِنْ افْتَكَّهُ سَيِّدُهُ رَجَعَ أَيْضًا وَإِنْ جَنَتْ حَامِلٌ عَلَى رَجُلٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُخَيَّرُ سَيِّدُهَا إِذَا وَضَعَتْ فَإِنْ أَسْلَمَهَا بِغَيْرِ وَلَدِهَا وَلَمْ يُؤَدِّ حَتَّى مَاتَ سَيِّدُهَا وَخَرَجَتْ هِيَ وَوَلَدُهَا مِنَ الثُّلُثِ اتَّبَعَتْ بَقِيَّةَ الْأَرْشِ وَإِنْ ضَاقَ الثُّلُثُ عَتَقَ مِنْهَا وَمِنْ وَلَدِهَا بِالْحِصَصِ وَيُتْبَعُ مَا عَتَقَ مِنْهَا بِحِصَّتِهِ مِنْ ذَلِكَ وَيُخَيَّرُ الْوَرَثَةُ فِي إِسْلَام مَا رق مِنْهَا اَوْ مَا فدَاه بِمَا عَلَيْهِ وَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ مَدِينًا بِيعَ مِنْهَا وَمِنْ وَلَدِهَا بِقَدْرِ الدَّيْنِ وَمِنْهَا خَاصَّةٌ بِقَدْرِ الْجِنَايَةِ فَإِنْ كَانَ مُدَبَّرًا فَمَاتَ سَيِّدُهُ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ عَتَقَ ثُلُثُهُ وَقُسِّمَ الْجرْح اثلاثاً ثَلَاثَة عَلَى مَا عَتَقَ وَالْبَاقِي عَلَى مَا رُقَّ يُخَيَّرُ الْوَرَثَةُ فِيهِ بَيْنَ إِعْطَاءِ ثُلُثَيِ الْعَقْلِ وَأَمْسَكُوا الثُّلُثَيْنِ أَوْ أَسْلَمُوهُ فَإِنْ كَانَ عَلَى السَّيِّدِ دَيْنٌ مَعَ الْجِنَايَةِ بِيعَ مِنَ الْمُدَبَّرِ بِقَدْرِ عَقْلِ الْجَرْحِ وَقَدْرِ الدَّيْنِ وَيَبْدَأُ بِالْعَقْلِ ثُمَّ الدَّيْنِ ثُمَّ يُعْتَقُ ثُلُثُ الْبَاقِي وَيُرَقُّ ثُلُثَاهُ لِلْوَرَثَةِ لِتَعَلُّقِ الْجِنَايَةِ بِعَيْنِ الْعَبْدِ وَالدَّيْنِ بِذِمَّةِ السَّيِّدِ وَإِنْ كَانَ فِي ثُلُثِ سَيِّدِهِ مَا يَحْمِلُهُ عَتَقَ كُلُّهُ وَكَانَتِ الْجِنَايَةُ دَيْنًا عَلَيْهِ وَإِن كَانَ الْعقل دِيَته عت لَة إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى سَيِّدِهِ دَيْنٌ لِأَنَّ تَأْثِيرَ الدَّيْنِ فِي بَيْعِ الْمُدَبَّرِ أَقْوَى مِنَ الْجِنَايَةِ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَيْسَ لَهُ غَيْرُ ذِمَّةِ السَّيِّدِ وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُ الْعَبْدِ وَالْجِنَايَةُ تَتَعَلَّقُ بِالرَّقَبَةِ تَارَةً وَبِالذِّمَّةِ تَارَةً وَبِالْخِدْمَةِ

تَارَةً فَإِنْ قَتَلَ سَيِّدَهُ عَمْدًا فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ لَا يُعْتَقُ فِي ثُلُثِ مَالٍ وَلَا دِيَةٍ وَيُبَاعُ وَلَا يُتْبَعُ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ اسْتَعْجَلَ مَا أَجَّلَهُ اللَّهُ فَيُؤْخَذُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ وَلَا يُتَّبَعُ لِأَن العَبْد فِيمَا جَنَى أَوْ أَخْطَأَ عَتَقَ فِي الْمَالِ دُونَ دِيَة الدِّيَةِ لِأَنَّهُ لَا يُعَجَّلُ بِقَتْلِ الْخَطَأِ فَمَنْعُ الدِّيَةِ لِوُجُوبِهَا عَلَيْهِ وَإِنْ جَرَحَ جَنِينًا فَأُسْلِمَ لِسَيِّدِهِ ثُمَّ مَاتَ وَعَلَيْهِ دِينٌ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ فَقَالَ الْوَرَثَةُ نُسَلِّمُهُ لِلْمَجْرُوحِ وَقَالَ صَاحِبُ الدَّيْنِ أَزِيَدُ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ أَوْلَى وَيُحَطُّ عَنِ السَّيِّدِ قَدْرُ زِيَادَةِ الْغَرِيمِ عَلَى دِيَةِ الْجَرْحِ فَإِنْ لَمْ يُرِدْ لَمْ يَأْخُذِ الْعَبْدَ وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ أَوْلَى بِهِ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْجِنَايَةِ وَالدَّيْنُ فِي الذِّمَّةِ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ الْغُرَمَاء فيعظى من ذَلِك الْأَرْش للمجروح ويحط الزِّيَادَةُ عَنِ السَّيِّدِ وَيَأْخُذُ الْغَرِيمُ الْعَبْدَ وَإِذَا جَرَحَ الْمُدَبَّرُ وَلَهُ مَالٌ وَامْتَنَعَ سَيِّدُهُ مِنْ فِدَائِهِ فَلِلْمَجْرُوحِ أَخْذُ مَالِ الْمُدَبَّرِ فِي جَرْحِهِ فَإِنْ وَفَّى بَقِيَ الْمُدَبَّرُ لِسَيِّدِهِ وَإِلَّا اسْتَعْمَلَ الْمُدبر فِيمَا وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا أَسْلَمَ خِدْمَتَهُ ثُمَّ عَتَقَ مِنْ ثُلُثِ سَيِّدِهِ قِيلَ لَا يُتْبَعُ بِمَا بَقِيَ مَنْ أَرْشٍ فَإِنْ جَرَحَ اثْنَيْنِ تَحَاصَّا فِي خِدْمَتِهِ فَإِنْ جَرَحَ وَاحِدًا فَأُسْلِمَ إِلَيْهِ ثُمَّ جَرَحَ آخَرَ تَحَاصَّا بِبَقِيَّةِ جِنَايَةِ الْأَوَّلِ وَحمله جِنَايَةِ الثَّانِي بِخِلَافِ الْقِنِّ لِأَنَّهُ يَمْلُكُهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ إِذَا أُسْلِمَ إِلَيْهِ وَإِذَا جَنَى خُيِّرَ هَذَا الَّذِي مَلَكَهُ كَمَا خُيِّرَ الْأَوَّلُ وَفِي الْمُدَبَّرِ يَأْخُذُ الْخِدْمَةَ أَوَّلًا فَأَوَّلًا وَلَا يَكُونُ أَوْلَى بِالْمُسْتَقْبَلِ وَخَرَّجَ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ الْمُدَبَّرَ عَلَى الْقِنِّ فَإِنِ افْتَكَّهُ اخْتَصَّ بِخِدْمَتِهِ أَوْ أَسْلَمَهُ بَطَلَ حَقُّهُ فَإِنْ جَنَى الْمُدَبَّرُ الصَّغِيرُ الَّذِي لَا يَعْمَلُ رَوَى أَشْهَبُ لَا يُسَلَمُ حَتَّى يَبْلُغَ الْخِدْمَةَ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فَإِنْ مَاتَ قَبْلُ سَقَطَتِ الْجِنَايَةُ وَكَذَلِكَ الْمُدَبَّرَةُ الَّتِي لَا عَمَلَ عِنْدَهَا قِيلَ قَدْ يَمُوتُ سَيِّدُهَا أَوْ يُصِيبُ مَالًا وَقَالَ ح لَا تُسْلَمُ خِدْمَةُ الْمُدَبَّرِ كَأُمِّ الْوَلَدِ وَعَلَى السَّيِّدِ الْأَقَلِّ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ أَوْ قِيمَةِ الرَّقَبَةِ وَقَالَ ش يُسْلِمُهُ لِأَنَّهُ عِنْدَهُ عِتْقٌ إِلَى أَجَلٍ وَكُلُّ عِتْقٍ إِلَى أَجَلٍ مُتَعَيِّنُ الْوُجُودِ أَمْ لَا لَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ وَفِي

(فرع)

الْجَلَّابِ إِذَا أَسْلَمَ خِدْمَتَهُ لِلْمَجْنِيِ عَلَيْهِ فَمَاتَ السَّيِّدُ وَخَرَجَ مِنْ ثُلُثِهِ عَتَقَ وَبَقِيَتِ الْجِنَايَةُ فِي ذِمَّتِهِ لِأَنَّهُ الْجَانِي وَقِيلَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِتَوَجُّهِ الْجِنَايَةِ لِلْخِدْمَةِ أَوَّلًا دُونَ الرَّقَبَةِ فَلَا يَتَغَيَّرُ مُتَعَلِّقُهَا وَإِذَا جَنَى عَلَى وَاحِدٍ بَعْدَ وَاحِدٍ يَتَخَرَّجُ فِيهِ قَوْلُ إِنْ عَزَا الْمَجْرُوحُ الْأَوَّلُ فِي افْتِكَاكِهِ وَإِسْلَامِهِ فَإِنْ افْتَكَّهُ اخْتُصَّ بِخِدْمَتِهِ أَوْ أَسْلَمَهُ بَطَلَ حَقُّهُ مِنْ خِدْمَتِهِ وَإِنْ جَنَى عَلَى سَيِّدِهِ وَبَطَلَتْ خِدْمَتُهُ بِالتَّدْبِيرِ واختدمه بِالْجِنَايَةِ وقامه مِنْ أُجْرَتِهَا بِأَرْشِهَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ لِسَيِّدِهِ أَرْشَ جِنَايَتِهِ لِأَنَّهُ لَوْ فَدَاهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ لَمْ يُتْبِعْهُ بِمَا فَدَاهُ وَإِن خرج السَّيِّدُ مُدَبَّرَهُ لَمْ يَضْمَنْ لَهُ أَرْشَ جِرَاحِهِ وَإِنْ قَتَلَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَوْ ضَمَان شَيْئًا لَأَخَذَهُ فَلَا فَائِدَةَ فِيهِ وَإِنْ قَتَلَ الْمُدَبَّرُ سَيِّدَهُ عَمْدًا بَطَلَ تَدْبِيرُهُ لِأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُعَجِّلَ مَا أَجَّلَهُ اللَّهُ فَيُؤَاخَذُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ كَالْوَارِثِ أَوْ خَطَأٍ لَمْ يَبْطُلْ تَدْبِيرُهُ (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ التَّدْبِيرُ يَرْتَفِعُ بِقَتْلِ السَّيِّدِ عَمْدًا وَبِاسْتِغْرَاقِ الدَّيْنِ لَهُ وَلِلتَّرِكَةِ وَبِمُجَاوَزَةِ الثُّلُثِ يُرْفَعُ كَمَالُ الْحُرِّيَّةِ تَمْهِيدٌ خَالَفَنَا ح إِذَا مَاتَ السَّيِّدُ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَغْتَرِقُهُ قَالَ يُسْتَسْعَى للْغُرَمَاء فَإِذا أعتق عَلَى قَاعِدَتِهِ فِي الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ لَنَا أَنَّ التَّدْبِيرَ فِي مَعْنَى الْوَصِيَّةِ وَالدَّيْنُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهَا وإحالة الْغُرَمَاء على سِعَايَة قد لَا يحصل مَفْسَدَةٌ عَلَيْهِمْ وَإِلْزَامُ الْعَبْدِ مَا لَمْ يَجُزْ ظلم عَلَيْهِ وَافَقنَا ش فِي حَمْلِ الْمُدَبَّرَةِ إِذَا وَضَعَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بَعْدَ التَّدْبِيرِ أَنَّهُ يَتْبَعُهَا فِي الْعِتْقِ وَإِذَا مَلَّكَ السَّيِّدُ الْمُدَبَّرُ أَمَةً فَوَطِئَهَا فَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَلَهُ قَوْلَانِ فِي مِلْكِهِ بِالتَّمْلِيكِ فَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْمِلْكِ الْوَلَدُ مِلْكٌ للسَّيِّد وَإِلَّا فَالْوَلَد مِلْكِهِ وَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ عَبَدُهُ لِأَنَّ مِلْكَهُ غَيْرُ تَامٍّ وَلَهُ فِي تَبْقِيَتِهِ فِي التَّدْبِيرِ

قَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَتَّبِعُهُ وَلَدُهُ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ وَإِنَّمَا أُمُّهُ وَلَهُ فِي بَيْعِ وَلَدِ الْمُدَبَّرَةِ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ زنا قَوْلَانِ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ يَتْبَعُهَا وَلَدُهَا مِنْ غَيْرِ السَّيِّدِ عِنْدَهُ

(كتاب الكتابة)

(كتاب الْكِتَابَة) وَفِي التَّنْبِيهَاتِ هِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنَ الْأَجَلِ الْمَضْرُوبِ وَالْكِتَابَةُ الْأَجَلُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كتب على الَّذين من قبلكُمْ} أَيِ الْتَزَمْتُمُ الصِّيَامَ كَمَا الْتَزَمَهُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَ {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} وَالْعَبْدُ أَلْزَمَ نَفْسَهُ الْمَالَ أَوْ مِنَ الْكِتَابَةِ لَا يَقع بِمَكْتُوبٍ وَيُقَالُ فِي الْمَصْدَرِ كِتَابٌ وَكِتَابَةٌ وَكُتُبٌ وَمُكَاتَبَةٌ وَقَالَ غَيْرُهُ مِنَ الضَّمِّ وَمِنْهُ سُمِّي الْجَيْشُ كَتِيبَةً لِضَمِّ بَعْضِهِ لِبَعْضٍ وَالنُّجُومُ يُضَمُّ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ وَكَانَتِ الْعَرَبُ لَا تُعَانِي الْحِسَابَ وَتَعْرِفُ الْأَوْقَاتَ بِطُلُوعِ النُّجُومِ فَسُمِّيَتِ الْأَوْقَاتُ نُجُومًا وَكَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَقَرَّهَا الْإِسْلَامُ وَأَصْلُ جَوَازِهَا الْكِتَابُ وَالسَّنَةُ وَالْإِجْمَاعُ فَالْكِتَابُ قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ علمْتُم فيهم خيرا} وَالْخَيْرُ قِيلَ الدِّينُ لِيَتَخَلَّصُوا لِطَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَقِيلَ الْمَالُ لِيَتِمَّ الْعَقْدُ وَالسُّنَّةُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ دِرْهَم وأجمعت الْأمة على جَوَازهَا

(النظر في أركانها وأحكامها)

(النَّظَرُ فِي أَرْكَانِهَا وَأَحْكَامِهَا) النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي الْأَرْكَانِ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ الرُّكْنُ الْأَوَّلُ الصِّيغَةُ وَفِيهِ سِتَّةُ فُرُوعٍ الْأَوَّلُ فِي الْجَوَاهِرِ هِيَ أَنْ تَقُولَ كَاتَبْتُكَ عَلَى خَمْسِينَ فِي نَجْمٍ أَوْ نَجْمَيْنِ فَصَاعِدًا كُلُّ نَجْمٍ كَذَا وَإِنْ لَمْ يقبل أَن أدّيت حرَّة قَالَ ش لَا يجوز إِلَّا عَلَى نَجْمَيْنِ وَلَا يَجُوزُ نَجْمٌ وَلَا الْحَالَّةُ لِمَا رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أَنه غضب على عَبده فَقَالَ لَا عاقبتك وَلَا كاتبتك عَلَى نَجْمَيْنِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اقل من ذَلِك وَلَا يُعَاقِبهُ بِالتَّضْيِيقِ بِهِ وَعَنْ عَلَيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنه قَالَ الْكِتَابَة على نجمين والإتيان مِنَ الثَّانِي وَوَافَقَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ عَلَى مَنْعِ الْحَال ووافقنا ح احْتَجُّوا بالأثر السَّابِق وَلِأَنَّهُ يَعْجَزُ عَنْ أَدَائِهِ فَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ وَيَبْطُلُ الْمَقْصُودُ فَيَمْتَنِعُ كَالسَّمَكِ فِي الْمَاءِ وَالطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ بِخِلَافِ بَيْعِهِ مِنْ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ بِالْعَجْزِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَثَرَيْنِ أَمَّا أَثَرُ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ تَضْيِيقٌ عَلَى ذَلِكَ الْعَبْدِ لِقُصُورِ قُدْرَتِهِ عَلَى الْحُلُولِ وَأَمَّا أَثَرُ عَلَيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَهُوَ إِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْحُلُولِ بِمَفْهُومِهِ لَا بِمَنْطُوقِهِ وَهُوَ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ وَأَمَّا التَّعْجِيزُ فَذَلِكَ غَيْرُ لَازِمٍ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ فَلَا تَحْصُلُ هَذِهِ الدَّعْوَى مِنْ هَذَا الدَّلِيلِ وَيُؤَكِّدُ مَا قُلْنَا الْقِيَاسُ عَلَى الْبَيْعِ وَسَائِرِ الْمُعَاوَضَاتِ وَبِالْقِيَاسِ على مَا أدّى قَالَ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى مَالٍ وَقَالَ ش كَاتَبْتُكَ عَلَى كَذَا لَيْسَ صَرِيحًا فَلَا يُعْتَقُ بِالْأَدَاءِ حَتَّى يَقُولَ السَّيِّدُ نَوَيْتُ إِنْ أَدَّى فَهُوَ حُرٌّ لِدَوَرَانِ كَاتَبْتُكَ بَيْنَ الْكِتَابَةِ وَمُخَارَجَةِ العَبْد وَالْكِتَابَة بالقلم فَلَا تَنْصَرِف لأَحَدهمَا إِلَّا بِالنِّيَّةِ وَوَافَقَنَا ح وَالْجَوَابُ أَنَّهُ

مُشْتَهِرٌ فِي الْعُرْفِ فِي الْكِتَابَةِ الْمَخْصُوصَةِ فَتَنْصَرِفُ إِلَيْهِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ كَالْمُخَالَعَةِ تَحْتَمِلُ خَلْعَ الثِّيَابِ وَغَيْرِهَا وَهِيَ تَنْصَرِفُ لِزَوَالِ الْعِصْمَةِ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ إِذَا دَفَعْتِ الْعِوَضَ فَأَنْتِ طَالِقٌ الثَّانِي فِي الْجَوَاهِرِ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَلْفٍ قِيلَ يُعْتَقُ فِي الْحَالِ وَالْأَلْفُ فِي ذِمَّتِهِ لِأَنَّ لَهُ انْتِزَاعَ مَالِهِ وَعِتْقَهُ وَلَوْ بَاعَهُ مِنْ نَفْسِهِ صَحَّ وَلَهُ الْوَلَاءُ وَكَذَلِكَ إِنَّ دَسَّ مَنِ اشْتَرَاهُ أَوِ اشْتَرَطَ أَنْ يُوَالِيَ مَنْ شَاءَ لِأَنَّ السَّيِّدَ هُوَ الْمُعْتِقُ فَلَهُ أَخْذُ مَالِهِ مِنْ غَيْرِ بَيْعٍ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ إِنِ اشْتَرَطَ أَنَّهُ إِنْ عَجَزَ عَنْ نَجْمٍ رق وَإِن لَمْ يُؤَدِّ نُجُومَهُ إِلَى أَجَلِ كَذَا فَلَا كِتَابَةَ لَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَعْجِيزُهُ بِمَا شرطت ويعجز السُّلْطَانُ بَعْدَ أَنْ يَجْتَهِدَ لَهُ فِي التَّلَوُّمِ بعد الْأَجَل فَإِن رجاه وَإِلَّا لِأَنَّك تتهم فِي تعجيزه والغطاعة كَذَلِك قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ بَعْضُ فُقَهَائِنَا إِنْ شَرَطْتَ عَلَيْهِ إِنْ شُرْبَ خَمْرًا أَوْ نَحْوَهُ فَهُوَ مَرْدُود للرق فَفعل لَا يردهُ فِي الرِّقِّ بِخِلَافِ الْعِتْقِ إِلَى أَجَلٍ فَيَشْتَرِطُ عَلَيْهِ إِنْ أَبَقَ فَلَا حُرِّيَّةَ لَهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الثَّانِي ضَرَرٌ عَلَيْكَ الرَّابِعُ إِنْ شَرَطْتَ وَطئهَا مُدَّةَ الْكِتَابَةِ بَطَلَ الشَّرْطُ دُونَ الْكِتَابَةِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَهَا إِلَى أَجَلٍ عَلَى أَنْ يَطَأَهَا وَقَالَ ش وح الْكِتَابَة فَاسِدَة لمناقضته لَهُ لِأَنَّ شَأْنَ الْكِتَابَةِ حَوْزُ النَّفْسِ وَجَوَابُهُ أَنَّ ذَلِكَ اشْتَرَطُ مَنْفَعَةٍ مِنْ مَنَافِعِهَا وَذَلِكَ لَا يُنَاقِضُ الْعَقْدَ كَمَا لَوْ شَرَطَ أَنْ يُزَوِّجَهَا من غلامها ويستخدمها اَوْ شَرط ايما وَلَدَتْ فِي كِتَابَتِهَا رُقَّ لَكَ لِأَنَّهَا لَا تَنْفَسِخُ بِالْغَرَرِ كَمَا تَنْفَسِخُ بِالْبَيْعِ إِذَا شَرَطَ وطئا قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَيَكُونُ الْوَلَدُ الْمُشْتَرَطُ تَبَعًا لِأُمِّهِ وَلَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ مَا فِي بَطْنِهَا وَيَبِيعُهَا وَعَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا كُلِّهِ تُفْسَخُ الْكِتَابَةُ إِلَّا أَنْ يَرْضَى السَّيِّدُ بِإِسْقَاطِ الشَّرْطِ وَقَالَ أَشْهَبُ تَنْفَسِخُ وَلَوْ بَقِيَ مِنْهَا دِرْهَمٌ إِلَّا أَن

يَرْضَى السَّيِّدُ بِإِسْقَاطِ الشَّرْطِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا حَتَّى أَدَّى الْمُكَاتِبُ تَبِعَهَا الْوَلَدُ وَقَالَ مُحَمَّد ة إِذَا أَدَّى وَلَوْ نَجْمًا بَطَلَ الشَّرْطُ وَصَحَّتِ الْكِتَابَة وَقيل ذَلِكَ يُخَيَّرُ السَّيِّدُ بَيْنَ إِبْطَالِ الشَّرْطِ وَالْكِتَابَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ لَوْ كَانَ الشَّرْطُ من الْمكَاتب إِن مَاتَ لَهُ زَوجته وَهِي امة السَّيِّد وَهُوَ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ فَذَلِكَ جَائِزٌ فَإِنْ بَاعَهَا السَّيِّدُ أَوْ وَهَبَهَا لَمْ يَدْخُلْ مَا تَلِدُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنْ كَاتَبَ السَّيِّدُ امْرَأَتَهُ عَلَى حَدَثٍ سَقَطَ شَرْطُ الزَّوْجِ فِي وَلَدِهَا الْمَوْلُودِ بَعْدَ كِتَابَتِهَا وَيُعْتَقُ الْوَلَدُ مَعَ أَوَّلِهِمَا عِتْقًا وَيَسْعَى مَعَهُمَا مَعُونَةً لَهُمَا وَيَرِثُ مَنْ مَاتَ مِنْ أَبَوَيْهِ قَبْلَ الْعِتْقِ وَإِذَا أُعْتِقَ مَعَ أَوَّلِهِمَا لَمْ يَبْقَ لَهُ مَعَ الثَّانِي سِعَايَةٌ وَلَا مُوَارَثَةٌ وَمَا وَلَدَتْهُ بَعْدَ إِسْقَاطِ الشَّرْطِ فَفِي كِتَابَتِهَا خَاصَّةً الْخَامِس فِي الْكتاب إِن كَاتبه عَلَى خِيَارِ أَحَدِكُمَا شَهْرًا أَوْ يَوْمًا كَانَ كَالْبَيْعِ وَبِالْأَولى لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُسَامَحَةِ وَمَا وَلَدَتْ فِي الْخِيَارِ دَخَلَ فِي كِتَابَتِهَا إِنْ أَمْضَاهَا مَنْ لَهُ الْخِيَارُ وَإِنْ كَرِهَتْ يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ مَا وَلَدَتِ الْمَبِيعَةُ فِي الْخِيَارِ وَوَلَدُ الْمُكَاتَبَةِ فِي الْخِيَارِ أَبْيَنُ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا تدخل لِأَنَّهُ لَمْ تَتِمَّ الْكِتَابَةُ إِلَّا بَعْدَ الْوِلَادَةِ وَكَذَلِكَ الْوَلَدُ فِي الْبَيْعِ لِلْبَائِعِ وَلَا يَنْبَغِي لِلْمُبْتَاعِ أَنْ يَخْتَارَ الشِّرَاءَ لِلتَّفْرِقَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ الْوَلَدُ لِلسَّيِّدِ وَلَا يُدْخِلُ فِي الْكِتَابَةِ وَكَذَلِكَ أَرْشُ جِنَايَتِهَا وَمَا وُهِبَ لَهَا وَالْوَلَدُ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ وَلَا يَنْبَغِي لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَخْتَارَ الْبَيْعَ لِلتَّفْرِقَةِ فَإِنْ فَعَلَ فَإِمَّا أَنْ يَضُمَّ الْمُشْتَرِي الْوَلَدَ إِلَى أُمِّهِ أَوْ يَأْخُذَ الْبَائِعُ الْأُمَّ فَيُجْمَعَانِ فِي حَوْزِ أَحَدِهِمَا وَإِلَّا نَقَضْتَ الْبَيْعَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ بِخِلَاف الْوَلَد وَهُوَ رُجُوع لأَشْهَب يَرَى فِي الْخِيَارِ أَنَّ الْعَقْدَ يَوْمَ وَقَعَ الِاخْتِيَارُ وَابْنُ الْقَاسِمِ يَرَى أَنَّ الِاخْتِيَارَ مَضَى لِلْعَقْدِ الْأَوَّلِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُنْعَقِدًا وَالْفَرْقُ عِنْدَهُ بَيْنَ الْهِبَةِ وَالْوَلَدِ أَنَّ مَالَ الْعَبْدِ لِلْبَائِعِ فَحُمِلَ مَا طَرَأَ لَهُ لِلْبَائِعِ وَالْوَلَدُ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَرْشُ مَا جنى عَلَيْهِمَا فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ وَفِي عُهْدَةِ الثَّلَاثِ لِلْبَائِعِ لِأَنَّهَا فِي ضَمَانِهِ وَعَلَيْهِ نَفَقَتُهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ يَجُوزُ الْخِيَارُ وَإِنْ بَعُدَ وَهُوَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِأَنَّ الْخَوْفَ فِي الْبَيْعِ مِنْ بَيْعٍ مُعَيَّنٍ فَتَأَخَّرَ ضَمَانُهُ عَلَى الْبَائِعِ فَيَزِيدُ فِي الثَّمَنِ لِمَكَانِ

(تفريع)

الضَّمَانِ وَفِي الْكِتَابَةِ الضَّمَانُ مِنَ السَّيِّدِ قَبْلَ الْكِتَابَةِ وَبَعْدَهَا وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ انْتِزَاعُ مَالِهِ فِي زمن الْخِيَار بل الْخِيَار فِي الْعقل وَالْمَالِ أَرْبَعَةٌ مُتَقَدَّمٌ لَا يُنْزَعُ إِلَّا أَنْ يُرِيد الْكِتَابَة اَوْ حدث من خراجه محمل يَده فينتن اَوْ حدث من غلَّة ثَالِث بحبلته أَوْ عَبِيدِهِ فَلَا يَنْتَزِعُهُ وَاخْتُلِفَ فِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ قَالَ وَأَرَاهُمَا لِلسَّيِّدِ إِلَّا أَنْ يَقْصِدَ الدَّافِعُ الْعَوْنَ فِي الْكِتَابَةِ وَإِنْ لَمْ يَمْضِ الْكِتَابَةَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ فَلِلْوَاهِبِ وَالْمُتَصَدِّقِ رَدُّهُ السَّادِس فِي الْمُنْتَقى إِذا شَرط عَلَيْهِ أَن لَا يُسَافِرَ صَحَّ الْعَقْدُ وَالشَّرْطُ وَأَبْطَلَ ح الشَّرْطَ دُونَ الْعَقْدِ وَجَعَلَ لَهُ السَّفَرَ وَعِنْدَنَا يُمْنَعُ مِنْ سَفَرٍ بَعِيدٍ يَحِلُّ فِيهِ نَجْمٌ إِلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَهُوَ سَوَّى بَيْنَ السَّفَرَيْنِ وَعِنْدَ ش فِي السَّفَرِ وَالشَّرْطِ قَوْلَانِ لَنَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَالْعَبْدُ لَا يُسَافر إِلَّا بِإِذن سَيّده وَالتَّقوى قَبْلَ الْكِتَابَةِ عَلَى ذَلِكَ وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ وَلِأَنَّ السَّفَرَ غَرَرٌ وَخَطَرٌ وَرُبَّمَا أَتْلَفَ أَمْوَالَهُ فِيهِ أَوْ حَلَّتِ الْكِتَابَةُ لَهُ احْتَجُّوا بِأَنَّهُ مَالِكُ التَّصَرُّفِ فِيمَا يَتَوَصَّلُ بِهِ إِلَى الْأَدَاءِ وَمِنْهُ السّفر وَجَوَابه أَن الْملك السَّيِّد وَالْغَالِب أَنه لَا يَمْلِكْهُ الْخَطَرُ بِشَهَادَةِ الْعَادَةِ (تَفْرِيعٌ) إِنْ شَرَطَ أَن لَا يُسَافِرَ وَلَا يَنْكِحَ وَلَا يَخْرُجَ مِنْ أَرْضِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَإِنْ فَعَلَ فَلَهُ إِبْطَالُ كِتَابَتِهِ قَالَ مَالك إِبْطَالهَا إِن فعل وَيَرْفَعهُ لِلسُّلْطَانِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ إِلَّا بإذنك شَرطه عَلَيْهِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ قَدْ يَضِيعُ مَالُهُ فِي الصَدَاق وَغَيره وَكَذَلِكَ لَو شرطت وَلَاؤُه لِغَيْرِكَ بَطَلَ الشَّرْطُ دُونَ الْعَقْدِ وَالرَّفْعُ لِلسُّلْطَانِ لِيَنْظُرَ هَلْ لَكَ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ أَمْ لَا لَا تَنْفَسِخُ الْكِتَابَةُ وَلَا يَتَزَوَّجُ الْمُكَاتَبُ إِلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَقَالَهُ ش وَلَكَ إِجَازَتُهُ وَفَسْخُهُ كَالْقِنِّ وَالزَّوْجَةِ بَعْدَ الدُّخُولِ بِمَا اسْتَحَلَّ بِهِ وَهُوَ ربع

(وفي الركن سبعة فروع)

دِينَارٍ فَإِنْ أُدِّيَتْ لَهُ وَمَعَهُ غَيْرُهُ فِي الْكِتَابَةِ قَالَ أَشْهَبُ لَيْسَ لَكَ إِجَازَةُ ذَلِكَ إِلَّا بِإِجَازَةِ مَنْ مَعَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونُوا صِغَارًا فَيُفْسَخُ بِكُلِّ حَالٍ الرُّكْن الثَّانِي الْعِوَض وَفِي الْجَوَاهِرِ شَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ دَيْنًا مُنَجَّمًا وَمُؤَجَّلًا قَالَ ابْنَ الْقَصَّارِ فِي تَعْلِيقِهِ التَّأْجِيلُ والتنجيم ظَاهر قَوْلَ مَالِكٍ وَشُيُوخِنَا وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْإِشْرَافِ لَيْسَ عَنْ مَالِكٍ نَصٌّ صَرِيحٌ فِي الْحَالَةِ وَأَصْحَابُهُ يُجِيزُونَهَا وَهُوَ وَأَصْحَابُنَا جَوَّزُوا الْحَالَةَ وَقَالَهُ ح وَقَالَ ش لابد من نجمين وَتقدم الْبَحْث فِي الرُّكْنِ الْأَوَّلِ (وَفِي الرُّكْنِ سَبْعَةُ فُرُوعٍ) الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ عَلَى وَصْفِ حُمْرَانِ أَوْ سُودَانِ مِنْ غَيْرِ وَصْفِهِمْ وَلَهُ الْوَسَطُ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ كَالنِّكَاحِ وَوَافَقَنَا ح وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ش لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ أَوْصَافِ السَّلَمِ لَنَا أَنَّ الْعِتْقَ مَعْنًى لَا يَلْحَقُهُ الْفَسْخُ فَجَازَ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ الْمُطْلَقُ عرضا كَالْغُرَّةِ احْتَجُّوا بِالْقِيَاسِ عَلَى الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَجَوَابُهُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْكِتَابَةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُسَامَحَةِ لِأَنَّهُ بِيعَ مَالُهُ بِمَالِهِ وَمَقْصُودُهَا الْمُهِمُّ الْعِتْقُ فَلَا يُضَرُّ الْغَرَرُ فِي الْمَالِيَّةِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ مَقْصُودُهُ الْمَالِيَّةُ وَالْمُكَايَسَةُ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ أَوْصَى أَنْ يُكَاتَبَ عَبْدٌ كُوتِبَ بِكِتَابَةِ مِثْلِهِ فِي أَدَائِهِ وَإِنْ كَاتَبَهُ عَلَى قِيمَتِهِ جَازَ وَيُنَجَّمُ عَلَيْهِ الْوَسَطُ مِنْ قِيمَتِهِ وَمَنَعَهُ ح لِلْجَهَالَةِ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى الْوَصْفِ أَوْ لِأَنَّهَا مَعْلُومَةٌ غَالِبًا وَيَجُوزُ عَلَى عَبْدِ فُلَانٍ بِخِلَافِ النِّكَاحِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ خُلُوُّهُ عَنِ الْعِوَضِ بِخِلَافِ الْعِتْقِ وَيَمْتَنِعُ عَلَى لُؤْلُؤٍ غَيْرِ مَوْصُوفٍ لِتَفَاوُتِ الْإِحَاطَةِ بِصفتِهِ فِي التَّنْبِيهَات قيل قَوْله فِي الؤلؤا مُخَالِفٌ لِجَوَازِ السَّلَمِ فِيهِ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ فِي السَّلَمِ يُوصَفُ وَهَاهُنَا غَيْرُ مَوْصُوفٍ فَيَتَعَذَّرُ ضَبْطُ وَسَطِهِ لِاخْتِلَافِ أَجْنَاسِ وَسَطِهِ وَأَيْسَرُ تَفَاوُتِهِ عَظِيمٌ بِخِلَاف الْوَصْف اَوْ سوى غَيْرُهُ بَيْنَهُمَا وَاتَّفَقَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ إِذَا لَمْ يسم عدد

اللُّؤْلُؤِ أَوْ وَزْنُ جُمْلَتِهِ امْتَنَعَتِ الْكِتَابَةُ وَاخْتَلَفُوا إِذَا لَمْ يُسَمَّ عَدَدُ الْوَصْفِ فَقِيلَ تُمْتَنَعُ الْكِتَابَةُ وَقِيلَ تَجُوزُ وَلَهُ كِتَابَةُ مِثْلِهِ وَصْفًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ لَمْ يَصِفِ الْجِنْسَ وَفِي الْبَلَدِ سُودَانُ وَحُمْرَانُ مِنْ غَيْرِ غَلَبَةِ أَحَدِهِمَا أَعْطَى النِّصْفَ مِنْ كُلِّ جِنْسٍ كَالنِّكَاحِ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إِذَا لَمْ يَذْكُرْ عِدَّةَ الْوَصْفِ فَلَهُ عَلَيْهِ كِتَابَةُ مِثْلِهِ وَصْفًا مَا لَمْ يَنْقُصْ عَنْ وَصْفَيْنِ وَكَذَلِكَ قَوْلُ غَيْرِهِ فِي اللُّؤْلُؤِ مَا لَمْ يَنْقُصْ عَنْ لُؤْلُؤَتَيْنِ وَجعله مثل إِذَا أَوْصَى أَنْ يُكَاتِبَ وَلَمْ يُسَمَّ مَا يُكَاتِبُ بِهِ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الصِّحَّةِ وَيَجُوزُ فِي الْوَصِيَّةِ لِتَعَذُّرِ مُرَاجَعَةِ الْمَيِّتِ فِي إِرَادَتِهِ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَذْكُرْ أَجَلًا نُجِّمَتْ عَلَيْهِ وَشَأْنُ الْكِتَابَةِ التَّأْجِيلُ وَكَذَلِكَ إِنْ أَوْصَى أَنْ يُكَاتَبَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَضْرِبْ أَجَلًا وَمِنْ هَاهُنَا قِيلَ إِنَّ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ مَنَعُ الْكِتَابَةِ الْحَالَّةِ قَالَ سَحْنُونٌ وَإِنْ كَاتَبَهُ عَلَى عَبْدِ فُلَانٍ وَلَمْ يَصِلْ إِلَيْهِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ وَمَنَعَهُ أَشْهَبُ لِلْخَطَرِ وَتَفَسُّخِ الْكِتَابَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنْ لم يشْتَرط ودى قِيمَتَهُ وَلَا يُفْسَخُ وَقَالَ ابْنُ مُيَسَّرٍ لَا يَتِمُّ لَهُ شَيْءٌ إِلَّا بِعَبْدِ فُلَانٍ كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا كَاتَبَهُ عَلَى عَبْدٍ آبِقٍ أَوْ بَعِيرٍ شَارِدٍ وَلَمْ يَأْتِ بِهِ فَقَدْ عَجَزَ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَكَرِهَ أَشْهَبُ الْبَعِيرَ الشَّارِدَ وَنَحْوَهُ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَحْسَنُ لِأَنَّ لَهُ انْتِزَاعُ ذَلِكَ مِنْهُ بِغَيْرِ عِتْقٍ فَإِذَا أَعْتَقَهُ عَلَيْهِ فَقَدْ تَفَضَّلَ عَلَيْهِ وَجَوَّزَهَا ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى إِتْيَانِهِ بِعَبْدِهِ الْآبِقِ لِأَنَّ لَهُ إِجْبَارَهُ عَلَى طَلَبِهِ وَيَجُوزُ عَلَى أَنْ يَغْرِسَ أَرْضَهُ وِدِّيًّا فَإِذَا بَلَغَتْ فَهُوَ حُرٌّ وَاخْتُلِفَ فِي هَذَا الْأَصْلِ هَلْ هِيَ كِتَابَةٌ فَتَثْبُتُ عِنْدَ الْفَلَسِ وَالْمَوْتِ أَوْ عِدَّةٌ فَتَبْطُلُ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِم وَمِنْه تربية الْبَقر حَتَّى يصير عَدَدَ كَذَا وَإِذَا كَاتَبَهُ بِقِيمَتِهِ قُوِّمَ بِالْحَالِّ لِأَنَّهُ أَصْلُ الْقِيَمِ ثُمَّ يُنَجَّمُ وَإِنْ سَمَّى النُّجُوم وَلم يسلم مَا يُؤَدِّي فِيهَا جُعِلَ عَلَيْهِ مَا يَسْتَطِيعُهُ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِنْ أَعْتَقَ بِأَدَاءِ الْعَبْدِ الْمَوْصُوفِ فَوُجِدَ مَعِيبًا رَدَّهُ وَاتَّبَعَهُ بِمِثْلِهِ وَلَا يُرَدُّ الْعِتْقُ وَكَذَلِكَ النِّكَاحُ لِأَنَّ الْعَبْدَ فِي الذِّمَّةِ وَإِنْ كَاتَبَهُ عَلَى طَعَامٍ

مُؤَجَّلٍ فَلَهُ مُصَالَحَتُهُ عَلَى دَرَاهِمَ مُعَجَّلَةٍ وَلَا يَبِيعُهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ لِأَنَّهُ بِيعَ الطَّعَامُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَيَجُوزُ فَسْخُ الْعَيْنِ أَوِ الْعَرَضِ حَلَّ أَمْ لَا فِي عَرَضٍ نَقْدًا أَوْ مُؤَجَّلًا مُخَالِفًا لِلْعَرَضِ الَّذِي عَلَيْهِ أَوْ مِنْ صِنْفِهِ بِخِلَافِ الْبُيُوعِ لِأَنَّهُ فَسَخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَلَا تَبِعْهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ إِلَّا بِثَمَنٍ مُعَجَّلٍ وَيجوز أَن يضع عَنهُ ويتعجل اَوْ يُؤَخر وَيَزِيدَكَ وَتُفْسَخُ الدَّنَانِيرُ فِي دَرَاهِمَ إِلَى أَجَلٍ وَيُعَجَّلُ عِتْقُهُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِدَيْنٍ ثَابِتٍ لِأَنَّهُ لَا يُحَاصُّ بِهَا فِي الْفَلَسِ وَلَا الْمَوْتِ إِنَّمَا هِيَ كَمَنْ قَالَ إِنْ جِئْتَنِي بِكَذَا فَأَنْتَ حُرٌّ ثُمَّ قَالَ إِنْ جِئْتَنِي بِأَقَلَّ فَأَنْتَ حُرٌّ وَلَكَ مُقَاطَعَتُهُ بِمَا عَلَيْهِ فِي عَمَلٍ يَعْمَلُهُ أَوْ حَفْرِ بِئْرٍ طُولُهَا كَذَا فَائِدَةٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ الْقَطَاعَةُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِهَا لِأَنَّهُ قَطَعَ طَلَبَ سَيِّدِهِ عَنْهُ بِمَا أَعْطَاهُ اَوْ قطع لَهُ بِتمَام حُرِّيَّته بِذَلِكَ أَوْ قَطَعَ بَعْضَ مَا كَانَ لَهُ عِنْدَهُ وَجَوَّزَهَا مَالِكٌ بِمَا يَجُوزُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ غَرِيمِكَ عَجَّلْتَ الْعِتْقَ بِذَلِكَ الْقَبْضِ أَوْ أَخَّرْتَهُ بِتَأْخِيرِ بَعْضِهِ عَجَّلَ قَبْضَ مَا قَاطَعَ عَلَيْهِ أَوْ أَخَّرَهُ وَمَنَعَهَا سَحْنُونٌ إِلَّا مَا يَجُوزُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ غَرِيمِكَ الْأَجْنَبِيِّ وَقَالَهُ ش قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ فَائِدَةٌ الْفَعَالَةُ بِفَتْحِ الْفَاءِ السَّجَايَا الخلقية كالشجاعة وألفسالة وَالنَّجَابَةِ وَبِكَسْرِهَا الصَّنَائِعُ كَالنِّجَارَةِ وَالْخِيَاطَةِ وَالصِّيَاغَةِ وَبِضَمِّهَا لما يطْرَح كالنخالة وألفصالة والنحالة والزبالة وَهَذِه الإستعمالات لُغَة لكثرته غَيْرُ مُطَّرِدَةٍ وَالْقِطَاعَةُ هِيَ بَيْعُ الْكِتَابَةِ بِشَيْءٍ آخَرَ فَهِيَ نَحْوٌ مَنِ الصِّنَاعَةِ وَالتِّجَارَةِ فَالْكَسْرُ فِيهَا أَنْسَبُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا كَانَتِ الْقِطَاعَةُ يَعْمَلُهَا سَيِّدُهُ امْتَنَعَ لِأَنَّ كُلَّ خِدْمَةٍ تَبْقَى بَعْدَ عِتْقِهِ فَهِيَ سَاقِطَةٌ وَإِنْ كَانَتْ عَلَيْهِ دَيْنًا عَاشَ أَوْ مَاتَ جَازَت تعجل الْعِتْقُ وَإِلَّا امْتَنَعَ وَكَانَ دَيْنًا بِدَيْنٍ وَقَدْ كَرِهَ مَالِكٌ الرِّبَا بَيْنَ الْعَبْدِ وَسَيِّدِهِ قَالَ ابْن الْقَاسِم وَإِذا احل لَك مُكَاتِبُكَ بِالْكِتَابَةِ عَلَى مُكَاتِبٍ لَهُ وَلَهُ عَلَيْهِ

مثل مَا على الأعلا امْتنع إِلَّا أَن يثبت اخت عتق الأعلا فَإِنْ عَجَزَ الْأَسْفَلُ كَانَ رِقًّا لَكَ وَلَا يرجع على الْمكَاتب الأعلا بِشَيْءٍ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ كَالْبَيْعِ وَقَدْ تَمَّتْ حُرْمَتُهُ وَمَنَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْحَمَالَةَ بِالْكِتَابَةِ إِلَّا عَلَى تَعْجِيلِ الْعِتْقِ وَأَمَّا الْحَوَالَةُ عَلَى مَنْ لَا دين لَهُ قبله فَيمْتَنع لِأَنَّهَا حَمَالَةٌ أَوْ عَلَى مَنْ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنُ حَالَّ أَوْ لَمْ يَحِلَّ جَازَ إِنْ حَلَّتِ الْكِتَابَةُ وَيُعْتَقُ مَكَانَهُ وَكَذَلِكَ إِنْ حَلَّ عَلَيْهِ نَجْمٌ وَيَبْرَأُ مِنْ ذَلِكَ النَّجْمِ وَإِنْ كَانَ آخِرَ نُجُومِهِ عَتَقَ مَكَانَهُ وَإِنْ لَمْ يَحِلَّ النَّجْمُ لَمْ يَحِلَّ امْتَنَعَتِ الْحَوَالَةُ وَإِنْ حَلَّ الدَّيْنُ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ لَمْ يَحِلَّ فِي دَيْنٍ حَالَّ أَوْ لَمْ يَحِلَّ وَكَرِهَ مَالِكٌ بَيْعَ الْكِتَابَةِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ بِعَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ إِلَى أَجَلٍ لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ وَوَسَّعَ فِيهِ بَيْنَكَ وَبَيْنَ مُكَاتَبِكَ وَجَوَّزَ أَشْهَبُ الْحَوَالَةَ وَإِنْ لَمْ تَحِلَّ الْكِتَابَةُ وَيُعْتَقْ مَكَانَهُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِدَيْنٍ ثَابِتٍ وَكَأَنَّهُ عَجَّلَ عِتْقَهُ عَلَى دَرَاهِمَ نَقْدٍ وَمُؤَجَّلَةٍ وَالْكِتَابَةُ دَنَانِيرُ لَمْ تَحِلَّ فَمن قَالَ إِنْ جِئْتَنِي بِدَرَاهِمَ فَأَنْتَ حُرٌّ ثُمَّ قَالَ إِنْ جِئْتَنِي بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَأَنْتَ حُرٌّ وَإِنَّمَا كرهه ابْن الْقَاسِم فِيمَا لَا تعْتق بِهِ كُلُّهُ مَكَانَهُ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ إِنْ كَاتَبَهُ عَلَى خِدْمَةِ شَهْرٍ جَازَ عِنْدَ أَشْهَبَ وَلَا يُعْتَقُ حَتَّى يَخْدِمَ شَهْرًا لِأَنَّهُ ظَاهِرُ الشَّرْطِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ عَجَّلَ عِتْقَهُ عَلَى خِدْمَةِ شَهْرٍ بَعْدَ الْعِتْقِ بَطَلَتِ الْخِدْمَةُ وَهُوَ حُرٌّ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى مِنَ الْحُرِّيَّةِ الْخِدْمَةَ وَالْحُرِّيَّةُ لَا يُسْتَثْنَى مِنْهَا وَكَمَا لَوْ قَالَ عَلَى أَنْ أَطَالَ وَإِنْ أَعْتَقَهُ بَعْدَ الْخِدْمَةِ لَزِمَتِ الْعَبْدَ الْخِدْمَةُ لِوُقُوعِهَا فِي زَمَنِ الرِّقِّ وَكُلُّ خِدْمَةٍ اشْتَرَطَهَا بَعْدَ أَدَاءِ الْكِتَابَةِ بَطَلَتْ أَوْ فِي كِتَابَةٍ فَأَدَّى الْكِتَابَةَ قَبْلَ تَمَامِهَا سَقَطت فِي النُّكَتِ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا إِذَا كَاتَبَهُ عَلَى خِدْمَةِ شَهْرٍ لَا يَخْتَلِفُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ إِلَّا فِي وَجْهٍ وَاحِدٍ إِذَا عَجَّلَ قِيمَةَ الْخِدْمَةِ فَيُتَعَجَّلُ عِتْقُهُ عِنْدَ أَشْهَبَ كَتَعْجِيلِ الْكِتَابَة وَلَا

يُتَعَجَّلُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَالْمُكَاتَبُ إِلَى مُدَّةٍ يَخْدِمُهَا مَعْلُومَةٍ لَهُ حُكْمُ الْمكَاتب لِأَن الْمُعْتق إِلَى اجل لإشعار لفظ الْكِتَابَة بِإِرَادَة السَّيِّد لذَلِك فيحوز مَاله وَينْفق عَلَيْهِ نَفْسِهِ وَقَوْلُهُ إِذَا عَجَّلَ الْكِتَابَةَ سَقَطَتِ الْخِدْمَةُ إِنَّمَا يَصِحُّ فِي الْخِدْمَةِ الْيَسِيرَةِ لِأَنَّهَا فِي حَيِّزِ التَّبَعِ فَإِنْ كَانَ الْأَقَلَّ مَالًا وَالْأَكْثَرَ خِدْمَةً فَلَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا ادَّانَ لَهُ حكم الْمكَاتب لَا الْمُعْتق إِلَى أجل يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ التَّعْجِيلُ قِيمَةَ الْخِدْمَةِ وَإِنَّمَا يُمْتَنَعُ إِذَا قَالَ اخْدُمْنِي شَهْرًا وَأَنْتَ حُرٌّ لِأَنَّهُ مُعْتَقٌ إِلَى أَجَلٍ قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ كَاتَبَهُ وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَسْفَارًا وَضَحَايَا فَأَدَّى الْكِتَابَةَ وَعَجَّلَ الضَّحَايَا عَتَقَ وَسَقَطَتِ الْأَسْفَارُ وَعَنْهُ إِذَا لَمْ تَحِلَّ الضَّحَايَا وَعَجَّلَ قِيمَتَهَا عَتَقَ وَالْقِيمَةُ عَلَى أَنَّهَا حَالَةٌ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ خِدْمَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ كُلَّ أُسْبُوعِ مُدَّةَ الْكِتَابَةِ فَقَطْ وَالْأُضْحِيَةُ مَا عَاشَ لَزِمَهُ فَإِنْ أَدَّى الْكِتَابَةَ قَبْلَ مَحَلِّهَا أَوْ بعده سَقَطت الْخدمَة ويعمر الْمكَاتب وَتُؤَدِّي قِيمَةَ الضَّحَايَا فِي تَعْمِيرِهِ مُعَجَّلَةً وَلَا يُعْتَقُ حَتَّى يُؤَدِّيَهَا قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُؤَدِّي الْقِيمَةَ حَالَّةً إِلَى أَجْلِهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِم وَإِن شَرط أَن لَا يَخْرُجَ مِنْ خِدْمَتِهِ حَتَّى يُؤَدِّيَ لَا يُفْسَخُ بِذَلِكَ وَلَزِمَ الشَّرْطُ قَالَ مُحَمَّدٌ سَقَطَتِ الْخِدْمَةُ إِذَا بَقِيَتْ بَعْدَ الْأَسْفَارِ لِأَنَّهَا بَقِيَتْ مِنَ الرِّقِّ وَقَدْ أَمَرَ الشَّرْعُ بِتَكْمِيلِ الْعِتْقِ عَلَى مُعْتَقِ بَعْضِهِ حَتَّى لَا يَبْقَى فِيهِ شَيْءٌ مِنَ الرِّقِّ إِلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ الْعِتْقُ بَعْدَ أَدَاءِ الْخِدْمَةِ وَالْأَسْفَارِ فَيَلْزَمُهُ وَلَا يُعْتَقُ حَتَّى يَفْعَلَ ذَلِكَ أَوْ يُعَجَّلَ قِيمَتُهُ وَعَنْ مَالِكٍ ابْنِ لِي هَذِهِ الدَّارَ وَأَنْتَ حُرٌّ فَمَرِضَ فَلَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِمَنْ يَبْنِي وَإِنْ كَرِهَ السَّيِّد قَالَ احْمَد ابْن مُيَسَّرٍ هَذَا فِي الْعَمَلِ الْمَفْهُومِ كَالْبِنَاءِ بِخِلَافِ الْخِدْمَةِ إِلَّا أَنْ يَرْضَى السَّيِّدُ لِأَنَّهُ مُعْتَقٌ إِلَى أَجَلٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ التَّفْرِقَةُ الَّتِي فِي الثُّلُثِ بَيْنَ الْخِدْمَةِ الْيَسِيرَةِ وَغَيْرِهَا مُخَالِفَةٌ للتَّعْلِيل محمل بِبَقَاء الرّقّ فَإِن الرّقّ يكمل

حُرِّيَّتُهُ وَإِنْ بَقِيَ الْأَكْثَرُ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ كَاتَبَهُ عَلَى خِدْمَةِ هَذَا الشَّهْرِ فَمَرِضَ أَوْ أَبَقَ لَمْ يُعْتَقْ بِخِلَافِ الْمُعَتَقِ إِلَى أَجَلٍ لِأَنَّهُ مُكَاتَبٌ لَمْ يُؤَدِّ مَا عَلَيْهِ فَإِنْ أَعْطَى قِيمَةَ ذَلِكَ الشَّهْرِ عَتَقَ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ قَالَ عَلَى خِدْمَةِ شَهْرٍ فَمَرِضَ بَعْدَ الْعَقْدِ شَهْرًا عَلَى سَنَةِ الْكِتَابَةِ فَإِنِ اعْتَرَفَ أَنَّهُ أَرَادَ تَعْجِيلَ الْعِتْقِ عَتَقَ وَسَقَطَتِ الْخِدْمَةُ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِذَا اشْتَرَطَ مَعَ الْمَالِ أَسْفَارًا فَأَدَّى لَا يُعْطِيهِ مَكَانَ الْأَسْفَارِ شَيْئًا وَعَلَى هَذَا يُعْطِيهِ قِيمَةَ الْخِدْمَةِ الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ إِنْ كَاتَبَ عَلَى أَلْفٍ عَلَى أَنَّهُ إِذَا أَدَّى وَعَتَقَ فَعَلَيْهِ مِائَةٌ جَازَ كَمَنْ أَعْتَقَهُ عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ مِائَةٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّد وَسعه بِالْمَالِ وَلَا يُحَاصُّ بِهِ الْغُرَمَاءُ قَالَ سَحْنُونٌ قَوْلُ مَالِكٍ أَنْتَ حُرٌّ وَعَلَيْكَ أَوْ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنَّ عَلَيْكَ سَوَاءٌ وَهُوَ حُرٌّ وَعَلَيْهِ مَا سُمِّيَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُخَيَّرُ الْعَبْدُ فِي عَلَى أَنَّ عَلَيْكَ فِي الْعِتْقِ وَالِاتِّبَاعِ بِذَلِكَ أَوْ يَبْقَى رِقًّا الْخَامِسُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ يَمْتَنِعُ بِالْغَرَرِ وَالْمَجْهُولِ إِلَّا أَنْ يَسْتَخِفَّ فَإِن كَانَ حَقِّهِمَا أَوْ حَقِّ السَّيِّدِ نَحْوَ الْكِتَابَةِ إِلَى مَوْتِ فُلَانٍ بِكَذَا أَوْ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ بِالشَّارِدِ وَالْآبِقِ أَوْ جَنِينٍ فِي بَطْنِ أُمِّهِ لِفُلَانٍ فَيُمْتَنَعُ اتِّفَاقًا أَوْ فِي حَقِّ الْمُكَاتِبِ خَاصَّةً كَالْمُكَاتَبَةِ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ عَلَى عَبْدِ فُلَانٍ أَوْ يَأْتِيهِ بِعَبْدِهِ الْآبِقِ أَوْ إِنْ بَلَغَتِ الْبَقَرَاتُ كَذَا إِلَى أَجَلِ كَذَا فَقَوْلَانِ الْجَوَازُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالْمَنْعُ لِأَشْهَبَ وَأَمَّا إِنْ كَانَ الْآبِقُ لِلْعَبْدِ وَبَدَأَ إِلَيْهِ مِنْهُ الْآنَ فَهُوَ حُرٌّ وَالْآبِقُ لِلسَّيِّدِ وَجَدَهُ أَمْ لَا لِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ وَانْتَزَعَهُ مِنْهُ السَّادِسُ قَالَ الْبَصْرِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ إِذَا كَاتَبَهُ عَلَى مَيْتَةٍ أَوْ مَوْقُوذَةٍ وَدَفَعَ الْعَبْدُ ذَلِكَ رَجَعَ السَّيِّدُ عَلَيْهِ بِالْقيمَةِ كَمَا يَقُوله فِي الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَقَالَهُ ش قِيَاسًا عَلَى الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَكَالْخُلْعِ وَالنِّكَاحِ وَقَالَ ح لَا يَرْجِعُ فِي الْمَيْتَةِ لِأَنَّهَا شَرْطٌ لَا عِوَضٌ لعدم قبُولهَا للعوض بِخِلَاف الْميتَة وَالْخِنْزِير لَهُ مَاله عِنْد الذِّمَّةِ السَّابِعُ قَالَ إِذَا وَجَدَ الْعِوَضَ مَعِيبًا وَلَيْسَ مَعَه مَاله رُدَّ عِتْقُهُ وَقَالَهُ

ش وَقَالَ ح لَا يُرَدُّ لَنَا أَنَّ الْعِوَضَ لَمْ يَحْصُلْ فَلَا يُعْتَقُ كَمَا إِذَا كَاتَبَهُ عَلَى عِوَضٍ فَلَمْ يُؤَدِّهِ احْتَجُّوا بِأَنَّا قَدْ حَكَمْنَا بِالْعِوَضِ فَلَا يُرَدُّ جَوَابُهُ حُكْمُنَا بِهِ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا فَيُرَدُّ كَمَا لَوْ حكمنَا ثمَّ ظهر كذب الْبَيِّنَة فِي الْجَوَاهِرِ إِنْ كَاتَبَهُ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ شَيْئًا بِنِصْفِ الْكِتَابَةِ لَمْ يَلْزَمْهُ الشِّرَاءُ وَإِنْ كَاتبه وَبَاعَ شَيْئًا عَلَى عِوَضٍ وَاحِدٍ دُفْعَةً وَاحِدَةً صَحَّ وَلَزِمَ الْبَيْعُ وَالْكِتَابَةُ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَازَةِ الرُّكْن الثَّالِث الْمكَاتب وَفِي الْجَوَاهِرِ شَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا أَهْلًا لِلتَّصَرُّفِ لِأَنَّهَا عَقْدٌ وَلَا يُشْتَرَطُ أَهْلِيَّةُ التَّبَرُّعِ لِأَنَّهُ لم يتَعَيَّن بَلْ رُبَّمَا أَخَذَ أَضْعَافَ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَهُوَ الْغَالِبُ وَفِي الرُّكْنِ سِتَّةُ فُرُوعٍ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ إِذَا كَاتَبَ الشَّرِيكَانِ مَعًا امْتَنَعَتْ مُقَاطَعَةُ أَحَدِهِمَا عَلَى حِصَّتِهِ إِلَّا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فَقَاطَعَهُ مِنْ عِشْرِينَ مُؤَجَّلَةٍ فِي حِصَّتِهِ عَلَى عَشَرَةٍ مُعَجَّلَةٍ ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتِبُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ هَذَا مِثْلَ مَا أَخَذَ الْمُقَاطِعُ خُيِّرَ الْمُقَاطِعُ بَيْنَ أَنْ يُؤَدِّيَ لِشَرِيكِهِ مَا أَخَذَ وَيَبْقَى الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا أَوْ يُسَلِّمَ حِصَّتَهُ مِنَ الْعَبْدِ إِلَيْهِ رَقِيقًا وَإِنْ مَاتَ الْمُكَاتِبُ عَنْ مَالٍ فَلِلْآخَرِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ جَمِيعَ مَا بَقِيَ لَهُ مِنَ الْكِتَابَةِ بِغَيْرِ حَطِيطَةٍ حَلَّتْ ام لَا لِأَن الْمَوْت يُوجب الْحُلُول وَالْمَالِك مَالُهُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ حِصَّتِهِمَا فِي الْمُكَاتَبَةِ لِأَنَّهُ مَاتَ رَقِيقًا وَإِنْ حَلَّ نَجْمٌ فَقَالَ آتوني بِهِ وَخُذِ الْمُسْتَقْبَلَ فَفَعَلَ ثُمَّ عَجَزَ عَنِ النَّجْمِ الثَّانِي رَدَدْتَ نِصْفَ مَا قَبَضْتَ لِأَنَّهُ سَلَفٌ مِنْهُ لَكَ وَيَبْقَى الْعَبْدُ بَيْنَكُمَا وَلَا خِيَارَ لِلْمُقْتَضِي بِخِلَافِ الْقِطَاعَةِ وَهُوَ كَالْمَالِ مُنَجَّمٌ بَدَأَ أَحَدُهُمَا بِنَجْمٍ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ الْآخَرُ النَّجْمَ الثَّانِيَ فَفَلَسَ الْغَرِيمُ فِي الثَّانِي رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ وَإِنْ أَخَذَ أَحَدُهُمَا مِنَ الْمُكَاتَبِ جَمِيع حَقه بعد مَحَله بِإِذن صَاحبه وَأَخذه صَاحِبُهُ ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ فَلَا رُجُوعَ لِلَّذِي أَخَّرَهُ عَلَى الْمُقْتَضِي وَيَعُودُ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا كَقَبْضِ أَحدهمَا من غريمهما حَظه بعد مَحَله وَأَخذه الْآخَرُ ثُمَّ فَلَسَ الْغَرِيمُ فَلَا رُجُوعَ عَلَى الْمُقْتَضِي بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ لَمْ يُسْلِفْهُ شَيْئًا بَلْ أَغَرَّ غَرِيمَهُ وَإِنْ تَعَجَّلَ أَحَدُهُمَا جَمِيعَ حَقِّهِ مِنَ النُّجُومِ قَبْلَ مَحِلِّهِ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتِبُ عَنْ نَصِيبِ

شَرِيكِهِ فَهَذَا يُشْبِهُ الْقِطَاعَةَ وَقِيلَ كَالْقِطَاعَةِ وَيُعَدُّ ذَلِكَ سَلَفًا مِنَ الْمُكَاتِبِ الْمُعَجَّلِ وَالْقِطَاعَةُ الَّتِي أَذِنَ فِيهَا أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ كَالْبَيْعِ لِأَنَّهُ بَاعَ حَظَّهُ عَلَى مَا تَعَجَّلَ مِنْهُ وَرَأَى أَنَّ مَا قَبَضَ أَفْضَلُ لَهُ مِنْ حَظِّهِ فِي الْعَبْدِ إِنْ عَجَزَ قَالَ رَبِيعَةُ قِطَاعَةُ الشَّرِيكِ بِخِلَافِ عِتْقِهِ لِنَصِيبِهِ بَلْ كَشِرَاءِ الْعَبْدِ نَفْسَهُ فِي التَّنْبِيهَاتِ إِنَّمَا قَالَ فِي الْمُقَاطِعِ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ إِنْ أَحَبَّ أَنْ يَرُدَّ مَا أَخَذَ وَيَكُونُ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا قَائِمًا يَرُدُّ مَا أَخَذَ حَتَّى يَتَسَاوَى مَعَ الَّذِي لَمْ يُقَاطِعْ وَلَوْ كَانَ الْآخَرَ قَبَضَ أَقَلَّ مِمَّا قَاطَعَ الْآخَرُ فَإِنَّهُ يَرُدُّ عَلَيْهِ بِقَدْرِ مَا يَشْتَرِي مَعَهُ وَهُوَ نِصْفُ مَا فَضَلَ بِهِ فِي النُّكَتِ إِذا قاطعه بِإِذن شَرِيكه ثمَّ قبل الْمكَاتب قبل أَن يُؤَدِّي الشَّرِيك الْآخَرِ فَهُوَ مِثْلُ عَجْزِهِ لَا كَمَوْتِهِ لِأَنَّ الْقِيمَةَ الْمَأْخُوذَةَ مِنَ الْقَاتِلِ عِوَضٌ مِنْ رَقَبَتِهِ فَإِنْ حَصَّلَ مَنْ قِيمَتِهِ مِثْلَ مَا قَبَضَهُ الْمُقَاطِعُ فَلَا مَقَامَ لِمَنْ يُقَاطِعُ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فَهُوَ كَمَا قَالَهُ فِي الْكِتَابِ فِي عَجْزِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ قَاطَعَهُ عَلَى عَرَضٍ أَوْ حَيَوَانٍ مِنَ الْعِشْرِينَ الَّتِي لَهُ نَظَرَ إِلَى قِيمَةِ ذَلِكَ نَقْدًا يَوْمَ قَبْضِهِ ثُمَّ رَدَّ فَضْلًا إِنْ كَانَ وَأَخَذَ حِصَّتَهُ مِنَ الْعَبْدِ وَإِنْ قَاطَعَهُ عَلَى مِثْلِيٍّ رَدَّ مِثْلَهُ وَرَدَّ الْآخَرُ كُلَّ مَا قبض يكون بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ مَعَ رَقَبَةِ الْعَبْدِ إِلَّا أَنْ يَشَاء أَن يتماسك بِمَا قَاطَعَهُ بِهِ وَيُسَلِّمُ حِصَّتَهُ وَإِذَا قَاطَعَهُ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ فَاقْتَضَى الْمُتَمَسِّكُ أَكْثَرَ مِمَّا أَخَذَ الْمُقَاطِعُ أَوْ مِثْلَهُ ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتِبُ لَمْ يرجع المقاطع على المستمسك بِشَيْءٍ مِمَّا عِنْدَهُ مِنَ الْفَضْلِ وَلَوْ لَمْ يَأْخُذِ الْمُقَاطِعُ جَمِيعَ مَا قَاطَعَهُ عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ وَلَمْ يَتْرُكْ إِلَّا أَقَلَّ مِمَّا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنَ الْكِتَابَةِ تَحَاصَّا فِيهِ جَمِيعًا بِمَا بَقِيَ مِنَ الْقِطَاعَةِ وَالْكِتَابَةِ فَإِنْ لَمْ يَقْبِضِ الْمُقَاطِعُ شَيْئًا وَقَبَضَ الَّذِي لَمْ يُقَاطِعْ ثُمَّ عجز قبل أَن قبض الَّذِي لَمْ يُقَاطِعْ عِنْدَ حُلُولِ كُلِّ نَجْمٍ فَلَا رُجُوعَ لِلْمُقَاطِعِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِتَأْخِيرِ الْمُكَاتَبِ وَتَرَكَ لِصَاحِبِهِ مَا أَخَذَ وَإِنْ تَعَجَّلَ قَبْلَ الْحُلُولِ أَخَذَ الْمُقَاطِعُ نِصْفَ مَا اقْتَضَى قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَأَرَى إِنِ اقْتَضَى نَجْمًا مِمَّا حَلَّ عَلَيْهِ فَلِلْمُقَاطِعِ مَحَاصَّتُهُ فِيهِ بِقَدْرِ مَا قاطعه والمتمسك بِقدر النَّجْم الْمحَال لِأَنَّهُ حل لَهما فَيَتَحَاصَّانِ فِيهِ بِقَدْرِ مَا حَلَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ وَإِنْ عَجَّلَهُ قَبْلَ مَحَلِّهِ فَلِلْمُقَاطِعِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ قَدْرَ مَا قَاطَعَهُ عَلَيْهِ وَمَا

فَضَلَ لِلْمُتَمَسِّكِ لِأَنَّ حَقَّ الْمُقَاطِعِ قَدْ حَلَّ وَحَقَّ الْآخِذِ لَمْ يَحِلَّ فَتَعْجِيلُهُ هِبَةً لِلْمَقَاطِعِ رَدُّهُ وَهَذَا إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ وَلَا أَخَذَ الْمُقَاطِعُ مِنْهُ حَقَّهُ وَتَمَّ لِلْآخَرِ مَا عُجِّلَ لَهُ فَإِنْ قَاطَعَهُ بِغَيْرِ إِذَنِ شَرِيكِهِ وَعَلِمَ بِذَلِكَ قَبْلَ عَجْزِ الْمُكَاتَبِ وَمَوته مَا قَبَضَهُ الْمُقَاطِعُ بَيْنَهُمَا إِلَّا أَنْ يُسَلِّمَهُ لَهُ شَرِيكُهُ وَيَتَمَسَّكَ بِالْكِتَابَةِ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَاطَعَهُ بِإِذْنِهِ فَإِنْ لَمْ يَرْضَ فَلَهُ نِصْفُ مَا أَخَذَ الْمُقَاطِعُ لِأَنَّ الْعَبْدَ وَمَالَهُ بَيْنَهُمَا فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ وَلِذَلِكَ امْتَنَعَتِ الْمُقَاطَعَةُ إِلَّا بِإِذْنِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ فَإِنْ قَاطَعَهُ بِغَيْرِ إِذْنِ شَرِيكِهِ ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ أَوْ مَاتَ وَقَدِ اسْتَوْفَى الْمُتَمَسِّكُ مِثْلَ مَا أَخَذَ الْمُقَاطِعُ أَوْ تَرَكَ الْمَيِّتُ مَا يَأْخُذُ الْآخَرُ مِنْهُ مَا بَقِيَ لَهُ أَوْ مِثْلَ مَا أَخَذَ فَلَا حُجَّةَ لِلْمُتَمَسِّكِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَاخْتُلِفَ إِذَا عَجَزَ وَلَمْ يَأْخُذِ الْمُتَمَسِّكُ إِلَّا أَقَلَّ مِمَّا أَخَذَ الْمُقَاطِعُ فَخَيَّرَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْمُتَمَسِّكَ بَيْنَ الرُّجُوعِ عَلَى الْبَائِعِ بِنِصْفِ مَا فَضَلَهُ بِهِ وَيَكُونُ الْعَبْدُ بَينهمَا اَوْ يتماسك بِالْعَبْدِ وَلَا يَكُونُ لِلْمُقَاطِعِ نِصْفُ رَدِّ الْفَضْلِ وَأَخَذَ نَصِيبَهُ فِي الْعَبْدِ بِخِلَافِ الْمُقَاطِعِ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ وَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا تماسك هَذَا بِالْعَبْدِ رَجَعَ الْخِيَارُ لِمُقَاطِعِهِ فَلَهُ رَدُّ نِصْفِ الْفَضْلِ وَلَهُ نِصْفُ الْعَبْدِ قَالَ مَالِكٌ إِنْ قَاطَعَ الْمُكَاتَبُ أَحَدَهُمَا عَلَى نِصْفِ نَصِيبِهِ عَلَى مِائَةٍ وَالْمُكَاتَبَةُ ثَمَانُمِائَةٍ وَأَبْقَى الرُّبُعَ الْآخَرَ مُكَاتَبًا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ جَازَ فَإِنْ عَجَزَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمُتَمَسِّكُ شَيْئًا خُيِّرَ الْمُقَاطِعُ بَيْنَ رَدِّ نِصْفِ مَا قَاطَعَ بِهِ عَلَى شَرِيكِهِ وَيَبْقَى الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا وَيَبْقَى لَهُ رُبُعُ الْعَبْدِ وَلِلْآخَرِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ فَإِنْ قَبَضَ مِنْهُ الْمُتَمَسِّكُ مِثْلَ مَا أَخَذَ الْمُقَاطِعُ وَذَلِكَ مِائَةٌ خُيِّرَ المقاطع فِي عَجزه بَين سَلامَة مَا اخذ المتمسك وَله نصف العَبْد وَيَأْخُذ ثُلُثَ الْمِائَةِ وَلَهِ رُبُعُ الْعَبْدِ وَلِلْآخَرِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ وَكَذَلِكَ إِنْ قَبَضَ الْمُتَمَسِّكُ مِائَتَيْنِ فَلِلْمَقَاطِعِ ثُلُثُهَا وَرُبُعُ الْعَبْدِ وَيَأْخُذُ خَمْسِينَ نِصْفَ مَا فَضَّلَهُ بِهِ فَيَسْتَوِيَانِ فِي الْأَخْذِ وَيَكُونُ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَإِنْ قَبَضَ الْمُتَمَسِّكُ ثَلَاثَمِائَةٍ أَخَذَ مِنْهُ الْمُقَاطِعُ مَا بَقِيَ لَهُمَا مِنَ الْعَبْدِ مُكَاتَبًا وَبَقِيَ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْأَخْذِ وَإِنَّمَا خُيِّرَ الْمُقَاطِعُ إِذَا قَبَضَ مِائَتَيْنِ فَأَقَلَّ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْبَضْ غَيْرَ مَا

قَاطَعَ عَلَيْهِ وَحَقُّهُ أَنْ يَأْخُذَ الثُّلُثَ مِنْ كُلِّ مَا يَقْتَضِي لِأَنَّ لَهُ رُبُعَ الْعَبْدِ الْمُكَاتَبِ وَلِشَرِيكِهِ نِصْفَهُ فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ ذَلِكَ وَلَهُ التَّمَسُّكُ بِمَا قَبَضَ وَلَهُ رُبُعُ الْعَبْدِ أَوْ يَرُدَّ مَا فَضَلَ بِهِ صَاحِبَهُ وَيَكُونُ لَهُ نِصْفُ الْعَبْدِ قَالَهُ مُحَمَّدٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يَنْبَغِي إِذَا عَجَزَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ المتمسك أَن يُخَيّر الْمُقَاطِعُ لِشَرِيكِهِ نِصْفَ مَا فَضَلَهُ بِهِ وَيَبْقَى الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا أَوْ يَبْقَى لَهُ ثُلُثُ الْعَبْدِ وَلِلْآخَرِ ثُلُثَاهُ لِأَنَّهُ أَبْقَى رُبُعَ الْعَبْدِ مُكَاتَبًا وَلِلْآخَرِ نَصْفَهُ مُكَاتَبًا فَلَهُ مِثْلُ مَا لَهُ فَيكون بَينهمَا اثلاثاً كَمَا لَو كَانَ من ثلثة لوَاحِد نصفه وَللْآخر الرّبع فيقاطع صَاحِبُ الرُّبُعِ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ ثُمَّ عَجَزَ الْعَبْدُ قَبْلَ قَبْضِ الْمُتَمَسِّكِ شَيْئًا خُيِّرَ الْمُقَاطِعُ بَيْنَ أَنْ يَدْفَعَ لِشَرِيكِهِ مَا فَضَّلَهُمَا بِهِ وَيَبْقَى الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا كَمَا كَانَ أَوْ يَبْقَى الْعَبْدُ بَيْنَ شَرِيكِهِ أَثْلَاثًا لِصَاحِبِ الرُّبُعِ ثُلُثُهُ وَلِصَاحِبِ النِّصْفِ ثُلُثَاهُ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا فَقَاطَعَ أَحَدُهُمَا نِصْفَ نَصِيبِهِ لِأَنَّ الْمُقَاطِعَ لَمَّا رَضِيَ بِمَا قاطعه بِهِ فقد سلم ذَلِك الرّبيع لِشَرِيكِهِ لِأَنَّهُ أَخَذَ عِوَضَهُ قَالَ مُحَمَّدٌ فَإِنْ قَاطَعَهُ أَحَدُهُمَا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ مِنَ الْأَرْبَعِمِائَةٍ حِصَّتَهُ عَلَى مِائَةٍ ثُمَّ زَادَ الْآخَرُ فِي النُّجُومِ عَلَى أَنْ يَزِيدَهُ الْمُكَاتِبُ عَلَى حِصَّتِهِ مِائَةً وَرَضِيَ شَرِيكُهُ جَازَ وَلَا يَجُوزُ عَلَى مَا بَيَّنَ سَحْنُونٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَجَّلْ عِتْقَهُ قَالَ مُحَمَّدٌ فَإِنْ عَجَزَ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ الْمُزَادُ شَيْئًا خُيِّرَ الْمُقَاطِعُ بَيْنَ نِصْفِ مَا فَضَلَهُ بِهِ وَيكون العَبْد بَينهمَا اَوْ يتماسك وَيُسَلِّمُ الْعَبْدَ وَإِنْ قَبْضَ الْمُزَادُ مِثْلَ مَا أَخَذَ الْمُقَاطِعُ وَأَخَذَ جَمِيعَ حَقِّهِ الْأَوَّلِ بِلَا زِيَادَةٍ بَقِيَ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَإِنْ قَبَضَ أَكْثَرَ الزِّيَادَةِ رَدَّ نِصْفَ ذَلِكَ لِلْمَقَاطِعِ وَبَقِيَ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ الْمُزَادُ شَيْئًا وَتَرَكَ مَالًا فَلْيَأْخُذْ مِنْهُ الْمُزَادُ جَمِيعَ مَا لَهُ عَلَيْهِ مِنْ حَقِّهِ الْأَوَّلِ وَالزِّيَادَةُ وَالْفَاضِلُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا لَمْ يَرْجِعِ الْمُزَادُ عَلَى الْمُقَاطِعِ بِشَيْءٍ فَإِنْ قُتِلَ الْعَبْدُ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ قِيمَتُهُ مِثْلُ تَرِكَتِهِ لَا كَرَقَبَتِهِ لِأَنَّهَا مَالٌ وَمِنْ جِنْسِ مَا أَخَذَ الْمُقَاطِعُ وَالرَّقَبَةُ تَقَعُ الرَّغْبَةُ فِيهَا فَلِذَلِكَ خَيَّرْنَاهُ وَقِيلَ هِيَ كَالرَّقَبَةِ فَإِنْ كَانَ فِيهَا مِثْلُ مَا أَخَذَ المقاطع أَخذه

الْمُتَمَسِّكُ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فَكَالْجَوَابِ فِي عَجْزِهِ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ فَالْمُكَاتَبَانِ يُقْتَلُ أَحَدُهُمَا فَقِيمَتُهُ كَرَقَبَتِهِ وَإِنْ كَانَ الْمُكَاتَبُ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ قَاطع أَحدهمَا بِإِذن صَاحبه وَتَمَسَّكَ الثَّانِي وَوَضَعَ الثَّالِثُ ثُمَّ عَجَزَ الْعَبْدُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ رَدَّ الْمُقَاطِعُ نِصْفَ مَا قَاطَعَ لِلْمُتَمَسِّكِ فَالْعَبْدُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ بِالسَّوَاءِ وَإِنْ أَبَى فَهُوَ بَيْنَ الْمُتَمَسِّكِ وَالْوَاضِعِ نِصْفَيْنِ لِأَن المتماسك احل اخذ وَالْوَاضِعُ وَضَعَ حَقَّهُ مِنَ الْمَالِ دُونَ الرَّقَبَةِ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَوْ أَدَّى لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْهُ شَيْءٌ وَإِنْ لَمْ يُقَاطِعْ وَإِنْ عَجَزَ فَهُوَ عَلَى حَقِّهِ مِنَ الرَّقَبَةِ وَإِذَا حَلَّ نجم فغلب بَدَأَ بِهِ وَخذ الْمُسْتَقْبَلَ فَعَجَزَ أَوْ مَاتَ قَبْلَ حُلُولِ الثَّانِي عَلَيْهِ لَا يرد نِصْفَ مَا قُبِضَتْ قَالَهُ مَالِكٌ فَإِنْ حَلَّ الْبَاقِي قَبْلَ عَجْزِهِ فَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ وَانْتَظَرَ لِمَا يُرْجَى لَهُ فَعَلَى الشَّرِيكِ أَنْ يَعْجِزَ لِشَرِيكِهِ سَلَفَهُ وَيَتْبَعَانِ جَمِيعًا الْمُكَاتِبَ بِالنَّجْمِ الثَّانِي وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا تَقَدَّمَهُ بِنَجْمٍ فَحَلَّ نَجْمٌ بعده فَقَالَ لَهُ تقاص أَنْت وَأَنا واقضي مَا أَسْلَفْتُكَ فَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلَا لَهُ قَبْلَهُ شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يَعْجَزَ الْمُكَاتِبُ فَلَوْ حَلَّ عَلَيْهِ نَجْمٌ وَلَمْ يَحِلَّ إِلَّا نِصْفُهُ فَقُلْتَ ائْتُونِي وَانْظُرْ أَنْتَ الْمُكَاتِبَ أَوْ سَأَلَهُ الْمُكَاتِبُ ذَلِكَ فَهُوَ انْتِظَارٌ فِي الْوَجْهَيْنِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْكَ إِنْ مَاتَ أَوْ عَجَزَ وَيَكُونُ الْعَبْدُ بَيْنَكُمَا إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيمَا جَاءَ بِهِ زِيَادَةٌ عَلَى حَقِّ أَحَدِهِمَا فَإِنْ كَانَتْ فِيهِ زِيَادَةٌ فَأَخَذْتَهَا بِإِذْنِ الشَّرِيكِ وَاشْتَرَطْتَ إِنْظَارَ الْمُكَاتِبِ لَمْ يَلْزَمْ ذَلِكَ فِي الزِّيَادَةِ لِأَنَّهَا الَّذِي لَمْ يَقْتَضِ وَهِيَ مَحَالُّ بِهَا فِيمَا لَمْ يَحِلَّ فَإِنْ لَمْ يَدْفَعْهَا الْمُكَاتِبُ رَجَعَ بِهَا الشَّرِيك وَإِنَّمَا الإنظار فِيمَا لم يحل وَإِن سَأَلَ الْمكَاتب أَحَدكُمَا قبل مَحل فِي التَّأْخِيرِ بِحِصَّتِهِ كُلِّهَا حَتَّى يَتِمَّ اقْتِضَاءُ الْآخَرِ فَرَضِيَ لَزِمَهُ بِخِلَافِ مَا أَحْضَرَهُ

الْمُكَاتِبُ لِأَنَّهُ بِإِحْضَارِهِ وَجَبَ لَهُمَا قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ كَانَتِ الْقِطَاعَةُ عَلَى عِشْرِينَ فَقَبَضَ عَشَرَةً فَعَجَزَ الْعَبْدُ فَهُوَ كَمَنْ قَاطَعَ عَلَى نِصْفِ نَصِيبِهِ وَاخْتُلِفَ فِيهِ فَقِيلَ يُخَيَّرُ الْأَوَّلُ بَيْنَ رَدِّ خَمْسَةٍ وَيَبْقَى الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ أَوْ لَا يُرَدُّ وَيَكُونُ لَهُ مِنَ الْعَبْدِ رُبُعُهُ وَلِلْمُتَمَسِّكِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ وَقِيلَ الرُبُعُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا مفضوضاً عَلَى مَا بَقِيَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُ وَإِنْ قَاطَعْتُهُ عَلَى عِشْرِينَ نَقْدًا وَالْآخَرُ قَاطَعَهُ عَلَى مِائَةٍ إِلَى أَجَلٍ وَتَرَاضَيْتُمَا بِذَلِكَ جَازَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا كَانَتْ زِيَادَةُ الثَّانِي بَعْدَ قَبْضِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُضْعِفَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْأَوَّلُ فَإِنْ عَجَزَ قَبْلَ قَبْضِ الثَّانِي شَيْئًا قِيلَ لِلْأَوَّلِ إِنْ شِئْتَ فَرُدَّ لِشَرِيكِكَ نصف مَا عنْدكُمْ مِنَ الزَّائِدِ وَيَكُونُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ قَبَضَ أَكْثَرَ مِمَّا قَبَضَ الزِّيَادَةَ الَّتِي زَادَهَا فَعَلَيْهِ رَدُّ نِصْفِ الزِّيَادَةِ قَالَ وَالْقِيَاسُ أَنْ تَخْتَصَّ بِهَا لِأَنَّهَا ثَمَنٌ لِذَلِكَ التَّأْخِيرِ قَالَ وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُضْعِفَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْأَوَّلُ فَغَلِطَ لِأَنَّ الثَّانِيَ أَخَّرَهُ عَنِ الْأَجَلِ فَكَيْفَ يَقْبِضُ الثَّانِيَ قَبْلَ الْأَوَّلِ وَإِنْ أَخَذَ الْأَوَّلُ نَصِيبَهُ وَهُوَ عِشْرُونَ فَمَاتَ الْمُكَاتِبُ عَنْ غَيْرِ شَيْءٍ فَلَا رُجُوعَ لِلثَّانِي عَنِ الْأَوَّلِ فَإِن خلف مَا لَا حل عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ وَمَا فضل بَينهمَا نِصْفَانِ وَإِنْ لَمْ يَأْخُذِ الْأَوَّلُ شَيْئًا فَمَا خَلَّفَ بَيْنَهُمَا أَسْبَاعًا وَالْفَاضِلُ عَنِ الْحَقَّيْنِ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ بِخِلَافِ الْمُعْتَقِ فَإِنَّ التِّرْكَةَ لِلْمُتَمَسِّكِ بِالرِّقِّ وَإِذَا عَجَّلَ الْمُكَاتَبُ قَبْلَ الْحُلُولِ نَصِيبَ أَحَدِكُمَا مِنَ الْكِتَابَةِ فَرَضِيَ الْآخَرُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ كَالْقِطَاعَةِ إِنْ شَاءَ تَمَسَّكَ بِمَا قَبَضَ وَلَهُ نِصْفُ الْعَبْدِ وَقِيلَ سَلَفَ مِنَ الْعَبْدِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى شَرِيكِهِ فَكُلَّمَا عَجَزَ عَنْ نَجْمٍ رَجَعَ بِقَدرِهِ فَإِن عجز رق لَمْ يَرْجِعْ إِلَّا عَلَى النُّجُومِ لِأَنَّهُ رَضِيَ الثَّانِي تَمْتَنِعُ كِتَابَةُ الْمَأْذُونِ وَعِتْقُهُ إِلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ إِلَّا فِي الْمَتْجَرِ الَّذِي أَذِنَ لَهُ فِيهِ فَإِنْ فَعَلَ بِإِذْنِهِ وَعَلَى الْمَأْذُونِ دَيْنٌ يَغْتَرِقُ مَالَهُ امْتَنَعَ إِلَّا

بِإِذن الْغُرَمَاء لِأَن مَا لَهُ لَهُمْ وَكِتَابَتُهُ نَوْعٌ مِنَ الْعِتْقِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي ثَمَنِ الْكِتَابَةِ إِنْ بِيعَتْ كَفَافُ الدَّيْنِ أَوْ لِقِيمَةِ الرَّقَبَةِ فَتُبَاعُ الْكِتَابَةُ لِلْغُرَمَاءِ فَيُعَجِّلُ بِهَا إِنْ شَاءَ وَكَذَلِكَ الْمِدْيَانُ الْحُرُّ يُكَاتَبُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَأْذُونِ وَبَيْنَ الْوَصِيِّ يُكَاتِبُ عَبْدَ مَنْ يَلِي عَلَيْهِ أَنَّ الْوَصِيَّ أُقِيمَ مَقَامَ الْأَبِ وَالْمَأْذُونَ لَمْ يَقُمْ مَقَامَ السَّيِّدِ بَلْ أَذِنَ لَهُ فِي الْمَتْجَرِ وَسَوَّى أَشْهَبُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمُكَاتَبِ تَغْلِيبًا لِلتِّجَارَةِ وَمَنَعَ مَقَالَ الْغُرَمَاءِ وَجَوَّزَ مُكَاتَبَةَ الْحُرِّ الْمِدْيَانِ مِنْ غَيْرِ مُحَابَاةٍ وَإِنْ كَرِهَ الْغُرَمَاءُ وَاخْتُلِفَ فِي الْمَرِيضِ فَعَكَسَا قَوْلَيْهِمَا وَمَنْعَهَا سَحْنُونٌ فَإِنْ كَاتَبَ الْمِدْيَانُ وَعَلَى الْعَبْدِ جِنَايَةٌ قَبْلَ الْكِتَابَةِ فَقِيمَ عَلَيْهِ فَقَالَ الْعَبْدُ أُؤَدِّيَ عَقْلَ الْجِنَايَةِ وَالدَّيْنِ وَأَثْبُتُ عَلَى الْكِتَابَةِ قَالَ مَالِكٌ ذَلِكَ لَهُ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ الْفَاسِيُّ وَيُحَاسَبُ سَيِّدُهُ فِي الْكِتَابَةِ وَلَمْ يَكُنْ لِلْمَكَاتَبِ مِنْهُ شَيْءٌ بَلْ تُبَاعُ كِتَابَتُهُ بِالدَّيْنِ وَلَا يُحَاسَبُ بِالْجِنَايَةِ لِأَنَّهَا لَوْ طَرَأَتْ لَمْ يَكُنْ عَلَى السَّيِّدِ مِنْهَا شَيْءٌ وَيَقُومُ بِهَا الْمُكَاتَبُ أَوْ يَعْجَزُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ كَاتَبَهَا الْمِدْيَانُ فَوَلَدَتْ مِنْ غَيْرِهِ فَلِلْغُرَمَاءِ فَسْخُ الْكِتَابَةِ وَيُرِقُّهَا الدَّيْنُ وَوَلَدَهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي ثَمَنِ الْكِتَابَةِ إِنْ بِيعَتْ مِثْلُ الدَّيْنِ أَوْ قِيمَةُ رَقَبَتِهَا فَتُبَاعُ الْكِتَابَةُ فَإِنْ فَلَسَ السَّيِّدُ بِدَيْنٍ لَحِقَهُ بَعْدُ بِيعَتِ الْكِتَابَةُ وَلَا شَيْءَ لِلْغُرَمَاءِ غَيْرَ الْكِتَابَةِ وَإِنْ كَثُرَ الدَّيْنُ الثَّالِثُ فِي الْكتاب للْوَصِيّ عِنْد الْمُوصَى عَلَيْهِ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ وَيُمْتَنَعُ عِتْقُهُ عَلَى مَالٍ لِإِمْكَانِ الِانْتِزَاعِ وَيَجُوزُ مِنَ الْأَجْنَبِيِّ على عتقه كَبَيْعِهِ إِن كَانَ نظراء وَلِلْأَبِ مُكَاتَبَةُ مُدَبَّرِ ابْنِهِ نَظَرًا لَهُ كَمَا يَبِيعُ وَيَشْتَرِي لَهُ نَظَرًا وَيُعْتِقُ عَبْدَ ابْنِهِ الصَّغِير وَالْأَب ملي وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ قَالَ غَيْرُهُ إِلَّا إِنْ تيَسّر قَبْلَ النَّظَرِ فِي ذَلِكَ فَيَتِمُّ عِتْقُهُ وَيَقُومُ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْأَبُ مُوسِرًا يَوْمَ أَعْتَقَ فَرَفَعَ لِلْحَاكِمِ رُدَّ عِتْقُهُ إِلَّا أَنْ يَتَطَاوَلَ زَمَانُهُ وَتَجُوزَ شَهَادَتُهُ وَيَتَزَوَّجُ

الْأَحْرَارَ فَيُتْبَعُ بِقِيمَتِهِ وَأَمَّا الْكَبِيرُ الْخَارِجُ عَنْ وِلَايَتِهِ فَيُرَدُّ عِتْقُهُ لِعَبْدِهِ كَالْأَجْنَبِيِّ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنْ أَعْتَقَ عَبْدَ ابْنِهِ الصَّغِيرِ عَنِ الِابْنِ امْتَنَعَ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ وَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ إِذَا أَعْتَقَهُ عَن نَفسه وَقَالَهُ ش وح لَا تَجُوزُ مُكَاتَبَةُ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ لَنَا قَوْله تَعَالَى {أَوْفوا بِالْعُقُودِ} وَقَوله تَعَالَى {وَلَا تُبْطِلُوا أَعمالكُم} وَقَوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَإِنَّمَا لِامْرِئٍ مَا نَوَى وَهُمَا قَدْ نَوَيَا الْكِتَابَة وَلِأَن لَهما البيع وهما فِي مَعْنَى الْبَيْعِ احْتَجُّوا بِأَنَّهَا عِتْقٌ بِغَيْرِ عوض لِأَن لَهَا اخذ الْيَسِير بِغَيْرِ عِتْقٍ وَلِأَنَّ فِيهَا تَغْرِيرًا بِمَالِ الصَّبِيِّ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ يَحُوزُ مَالَهُ فَقَدْ يَتْلَفُ وَيَعْجَزُ وَالْجَوَابُ أَنَّ النَّظَرَ قَدْ يُؤَدِّي إِلَى ذَلِكَ فَإِن يخف افاته كَمَا لَهُ بَيْعُهُ بِالثَّمَنِ الْيَسِيرِ نَظَرًا وَقَدْ لَا يَكُونُ لَهُ كَسْبٌ فَيَحْتَاجُونَ لِلْكِتَابَةِ بِكَسْبِهَا وَيَحْصُلُ فِي الْكِتَابَةِ أَضْعَافُ قِيمَتِهِ الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ يُمْتَنَعُ مُكَاتَبَتُكَ شِقْصًا لَكَ بِإِذْنِ شَرِيكِكَ أَوْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ لِلذَّرِيعَةِ إِلَى عِتْقِ النَّصِيبِ بِغَيْر تَقْوِيم وَيفْسخ وَيرد مَا أَخَذْتَ فَيَكُونُ بَيْنَكُمَا مَعَ رَقَبَةِ الْعَبْدِ قَبَضْتَ الْكِتَابَةَ كُلَّهَا أَوْ بَعْضَهَا قَالَ غَيْرُهُ إِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ بَيْنَكُمَا إِذَا اجْتَمَعْتُمَا قِسْمَةً وَمَنْ طَلَبَ رَدَّ الْعَبْدِ فَذَلِكَ لَهُ لِأَنَّ مَالَ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ لَا يَأْخُذُ أَحَدُكُمَا مِنْهُ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ وَلَا يُنْزَعُ مَالُهُ حَتَّى يجتمعا وَإِنْ كَاتَبْتَ حِصَّتَكَ ثُمَّ كَاتَبَ الْآخَرُ حِصَّتَهُ وَلم يتساويا امْتنع ذَلِك إِذا لم يكاتباه جَمِيعًا كِتَابَةً وَاحِدَةً كَاتَبْتُمَاهُ عَلَى مَالٍ مُتَّفِقٍ أَوْ مُخْتَلِفٍ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَقْتَضِي دُونَ الْآخَرِ قَالَ غَيْرُهُ إِنْ تَسَاوَيَا فِي الْأَجَلِ وَالْمَالِ جَازَ ذَلِكَ وَأَمَّا إِنْ أَعْتَقَ هَذَا اَوْ

دَبَّرَ ثُمَّ فَعَلَ الْآخَرُ مِثْلَهُ وَلَمْ يُعْلَمْ صَاحِبُهُ جَازَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَقِيلَ إِنْ كَاتَبَهُ إِلَى سَنَتَيْنِ بِمِائَتَيْنِ وَالْآخَرُ بِمِائَةٍ إِلَى سنة فَإِن حطه صَاحب الْمِائَتَيْنِ مائَة وخيره بِمِائَةٍ إِلَى سَنَةٍ جَازَ وَكَأَنَّهُمَا كَاتَبَاهُ مَعًا وَإِنْ أَبَقَ قِيلَ لِلْمُكَاتَبِ أَتَرْضَى أَنْ تَزِيدَ صَاحِبَ الْمِائَةِ مِائَةً وَتُؤَجِّلُهَا إِلَى سَنَةٍ لِيَتَّفِقَ الْأَدَاءُ فَإِنْ فَعَلَ جَازَ وَإِلَّا فُسِخَتِ الْكِتَابَةُ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنِ اتَّفَقَتْ فِي الْقَدْرِ وَالنُّجُومِ وَالْعَقْدُ مُفْتَرِقٌ امْتَنَعَ فَإِنْ وَقَعَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِم يفْسخ وَأَمْضَاهَا غَيْرُهُ وَأُبْطِلَ الشَّرْطُ وَيَكُونُ الِاقْتِضَاءُ وَاحِدًا وَإِذَا فَسَدَتْ وَلَمْ يَعْلَمْ حَتَّى أَدَّى نَجْمًا أَوْ صَدْرًا مِنَ الْكِتَابَةِ فَفِي الْفَسْخِ قَوْلَانِ وَيَسْقُطُ الشَّرْطُ إِنْ أُمْضِيَتْ وَإِنْ أَدَّى الْجَمِيعَ عَتَقَ قَوْلًا وَاحِدًا وَقَالَهُ ش الْفَوْتُ إِنْ كَانَ الْفَسَادُ بِإِمْكَانِ الِافْتِرَاقِ فِي الِاتِّصَالِ وَاخْتِلَافِ النُّجُومِ أَمَّا اخْتِلَافُ الْأَدَاءِ فَإِنْ أَخَذَ أَحَدُهُمَا مِائَةً وَالْآخَرُ مِائَتَيْنِ فَالْفَسْخُ بَاقٍ إِلَّا أَنْ يُسْمِيَ الْعَبْدُ الْآخَرَ مِائَةً أَوْ يَرْضَى السَّيِّدُ أَنْ تَكُونَ الدَّنَانِيرُ وَالْعُرُوضُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَاتَبَهُ عَلَى مِائَةٍ إِلَى سَنَةٍ وَالْآخَرُ عَلَى مِائَةٍ إِلَى سَنَةٍ وَالثَّانِي بِمِائَةٍ إِلَى سَنَةٍ فُسِخَتْ فَإِن أدّى نجما اَوْ صخرا فَإِنْ رَضِيَ مَنْ لَهُ الْفَضْلُ وَالْعَبْدُ بِلُحُوقِ الأعلا أَوْ رَضِيَا بِأَنْ يَكُونَ الِاقْتِضَاءُ وَاحِدًا مَضَتِ الْكِتَابَةُ وَإِلَّا مَضَتْ عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ وَيَكُونُ اقتضاؤهما وَاحِدًا وَيفْسخ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ مَا لَمْ يُؤَدِّ نَجْمًا أَوْ صَدْرًا وَإِنْ كَاتَبَ نَصِيبَهُ وَحْدَهُ فَفِي الْكِتَابِ يُفْسَخُ وَعَنْهُ يَحْلِفُ السَّيِّدُ مَا عَلِمَ أَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ إِذَا أَدَّى فَإِنْ حَلَفَ لَمْ يُقَوَّمْ عَلَيْهِ وَإِلَّا قُوِّمَ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ أَنَّهُ لَا يُرَدُّ عِتْقُ ذَلِكَ النَّصِيبِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ إِنْ حَلَفَ رُدَّ عِتْقُ النَّصِيبِ الَّذِي أَدَّى وَيَخْتَلِفُ عَلَى هَذَا إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْكٌ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ يَرِقُّ مَا كُوتِبَ مِنْهُ وَإِنْ أَدَّى وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ يَحْلِفُ فَإِنْ نَكَلَ عَتَقَ كُلُّهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَغْتَرِقُ مَا لَمْ يُكَاتِبْ مِنْهُ فَيَمْضِي مَا كَاتَبَ فِي نِصْفِهِ لِلْخِلَافِ أَنَّهَا

بَيْعٌ أَوْ عِتْقٌ فَإِنْ كَانَ فِيهِ شِرْكٌ وَفَاتَ بِالْأَدَاءِ أَوْ فَاتَ مَا قَبَضَهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ وَالَّذِي اقْتَضَاهُ مِثْلُ مَا يَنُوبُهُ مِنْ مَالٍ كَانَ بِيَدِهِ أَوْ مِنْ خَرَاجِهِ مَضَى عِتْقُ مَا كَاتَبَ مِنْهُ لِأَنَّ الرَّدَّ إِمَّا لِلِاسْتِكْمَالِ وَهُوَ مُعْسِرٌ أَوْ لَحِقَ الشَّرِيكَ فِيمَا يَأْخُذُهُ وَهَذَا لَمْ يَأْخُذْ فَوْقَ حَقِّهِ إِنْ كَانَ مِنْ خَرَاجِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَذِنَ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ الْخَرَاجِ مَضَى إِنْ كَانَ بِإِذْنِهِ فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مُعْتَقًا نِصْفُهُ جَازَ مَكَاتَبَةُ بَقِيَّتِهِ وَيُخْتَلَفُ فِي كِتَابَةِ نِصْفِ الْبَقِيَّةِ فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِزِيَادَةٍ فَسَادٌ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ نِصْفُهُ مُدَبَّرًا جَازَتْ كِتَابَةُ الْآخَرِ إِذَا كَانَ يَسْعَى فِي كِتَابَتِهِ فِي يَوْمِ مَنْ لَمْ يُدَبَّرْ وَإِنْ كَانَتِ السِّعَايَةُ مِنْ مَالٍ بِيَدِهِ قُسِّمَ فَكَانَ لِلْمُدَبَّرِ نَصِيبُهُ وَيسْعَى فِي الْيَوْم وَالْآخر لِلْكِتَابَةِ وَكَذَلِكَ إِذَا أَعْتَقَ الْأَوَّلُ وَهُوَ مُعْسِرٌ أَوْ أَوْلَدَ لِأَنَّ الْمَقَالَ فِي قِسْمَةِ الْمَالِ لِلثَّانِي لِأَنَّ بَيْعَهُ بِمَالِهِ أَفْضَلُ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ إِنْ أَعْتَقَ أَحَدُهُمْ وَهُوَ مُعْسِرٌ وَدَبَّرَ الْآخَرُ وَكَاتَبَ الثَّالِثُ يُؤَدِّي مِنْ ثُلُثَيِ الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِهِ أَوْ ثُلُثَيْ مَا يَكْسِبُهُ وَلَا يُؤَدِّي مِنَ الْجَمِيعِ لِأَنَّ لِلْمُدَبَّرِ أَخَذَ ثُلُثَ مَالِهِ وَخِدْمَتِهِ الْخَامِسُ فِي الْكِتَابِ إِذَا كَاتَبَ النَّصْرَانِيُّ عَبْدًا لِنَصْرَانِيٍّ جَازَ وَلَا يُمْنَعُ مِنْ بَيْعِهِ وَلَا فُسِخَ الْكِتَابَةُ لِأَنَّهُ مِنَ الْمَظَالِمِ وَإِنْ كَاتَبَ مُسْلِمًا ابْتَاعَهُ أَوْ كَانَ عِنْدَهُ أَوْ أَسْلَمَ مُكَاتَبُهُ بِيعَتِ الْكِتَابَةُ مِنْ مُسْلِمٍ فَإِنْ عَجَزَ رُقَّ لِمُشْتَرِي الْكِتَابَةِ أَوْ أَدَّى عَتَقَ وَوَلَاءُ الَّذِي كُوتِبَ وَهُوَ مُسْلِمٌ لِلْمُسْلِمِينَ دُونَ مُسْلِمِي وَلَدِ سَيِّدِهِ وَلَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ وَلَاؤُهُ إِنْ أَسْلَمَ لِأَنَّ يَوْمَ الْعَقْدِ لَمْ يَكُنْ مُمَكَّنًا مِنْهُ وَوَلَاءُ مَنْ أَسْلَمَ بَعْدَ الْكِتَابَةِ لِمَنْ يُنَاسِبُ سَيِّدُهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَلَدًا أَوْ عَصَبَةً لِاسْتِيلَائِهِ يَوْمَ الْعَقْدِ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَلِلْمُسْلِمِينَ فَإِنْ أَسْلَمَ رَجَعَ إِلَيْهِ وَلَاؤُهُ لِتَسْوِيَتِهِ لَهُ عِنْدَ الْعَقْدِ لِأَنَّهُ كَانَ عَلَى دِينِهِ وَإِنْ أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِ الذِّمِّيِّ وَقَفَتْ حَتَّى يَمُوت اَوْ يسلم فَيحل لَهُ لِبَقَاءِ حَقِّ الْوَطْءِ

ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَنَّهَا تُعْتَقُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا مِنْ سِعَايَةٍ وَلَا غَيْرِهَا لِبُطْلَانِ الْوَطْءِ بِإِسْلَامِهَا وَوَلَاؤُهَا لِلْمُسْلِمِينَ إِلَّا أَنْ يُسْلِمَ سَيِّدُهَا بعد عتقهَا عَلَيْهِ فَيرجع إِلَيْهِ وَوَلَاؤُهَا لَهُ لِثُبُوتِهِ لَهُ يَوْمَ الِاسْتِيلَادِ فَإِنْ أَوْلَدَ أَمَتَهُ بَعْدَ أَنْ أَسْلَمَتْ عَتَقَتْ عَلَيْهِ وولاؤها للْمُسلمين وَلَا يرجع ولاؤها إِنْ أَسْلَمَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَوْلُهُ إِلَّا أَنْ يُسْلِمَ يُرِيدُ فَتَلْزَمُهُ كِتَابَتُهُ وَعِتْقُهُ وَلَهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ إِنْ أَسْلَمَ وَبَانَ عَنْهُ حَتَّى صاركحال الْأَحْرَارِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ هُوَ مُخْتَدِمُهُ عَلَى حَالِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ فَلَمْ يُعْتَبَرِ الْإِسْلَامُ إِلَّا بِالْبَيْنُونَةِ مَعَ أَنَّ الْبَيْنُونَةَ عِنْدَنَا تَمْنَعُ الرُّجُوعَ وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ وَإِلَّا فُرِّقَ بَيْنَ الْكِتَابَةِ وَالْعِتْقِ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْإِسْلَامَ كَافٍ لِأَنَّهُ حَكَمَ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ قَالَ سَحْنُونٌ إِنْ كَاتَبَهُ بِخَمْرٍ فَأَسْلَمَ الْعَبْدُ بعد إداء نصفه فَعَلَيهِ نصف قِيمَته نصفه عَبْدًا قِنًّا وَنِصْفُ كِتَابَةِ مِثْلِهِ فِي قُوَّتِهِ عَلَى السَّعْيِ وَكَذَلِكَ إِنْ أَسْلَمَ السَّيِّدُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ أَسْلَمَ سَيِّدُ أُمِّ الْوَلَدِ بعد إسْلَامهَا وَقبل أَن يعْتق فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَإِنْ طَال مَا بَين إسْلَامهَا مَا لم يقْض بهَا الْإِمَامُ وَإِنْ أَوْلَدَ أَمَتَهُ بَعْدَ أَنْ أَسْلَمَتْ عَتَقَتْ عَلَيْهِ وَوَلَاؤُهَا لِلْمُسْلِمِينَ لَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ اخْتُلِفَ فِي الْكِتَابِ فِي فَسْخِهِ للكتابة بَنَات عَلَى أَنَّهُ مِنَ التَّظَالُمِ أَمْ لَا قَالَ وَأَرَى إِنْ كَاتَبَهُ عَلَى مَا يُقَارِبُ الْخَرَاجَ فَهُوَ عِتْقٌ وَبَابُهَا الْهِبَاتُ فَلَهُ الرُّجُوعُ أَوْ عَلَى أَكْثَرَ مِنَ الْخَرَاجِ بِكَثِيرٍ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْبَيْعِ فَيُحْكَمُ عَلَيْهِ وَإِذَا أَسْلَمَ الْمُكَاتَبُ قَالَ القَاضِي إِسْمَاعِيل يُبَاع عبد خلاف الْمُدَوَّنَة قَالَ وَهُوَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ إِنْ كَاتَبَهُ عَلَى أَكْثَرَ مِنَ الْخَرَاجِ بِالْكَثِيرِ بِيعَ مُكَاتِبًا لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُسْلِمْ مُنِعَ مِنْ بَيْعِهِ عَبْدًا غَيْرَ مُكَاتَبٍ أَوْ عَلَى نَحْوِ الْخَرَاجِ بِيعَ مُكَاتَبًا عَلَى نَحْوِ مَا عَقَدَ لَهُ إِلَّا أَنْ يَرْجِعَ فِي الْكِتَابَةِ فَيُبَاعُ عَبْدًا السَّادِسُ فِي الْكِتَابِ إِذَا كَاتَبَ الْمَرِيضُ مَنْ قِيمَتُهُ أَكْثَرُ مِنَ الثُّلُثِ وَامْتَنَعَ الْوَارِثُ مِنَ الْإِمْضَاء عتق مبلغ الثُّلُث فَإِن حَاز الْوَارِث الْكَبِير قَبْلَ الْمَوْتِ لَزِمَهُ ذَلِكَ بَعْدَهُ كَمَا لَوْ أَسْقَطَ الشُّفْعَةَ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَقَبْلَ الْأَخْذِ أَوْ عَفَا عَنِ الْقِصَاصِ

بَعْدَ الْجَرْحِ وَإِنْ قَبَضَ الْكِتَابَةَ فِي مَرَضِهِ وَلم يحاب وَمَات جَازَ كَبَيْعِهِ ومحاباة فِي الْبَيْعِ فِي ثُلُثِهِ وَتَمْتَنِعُ كِتَابَةُ الْمِدْيَانِ مِنْ نَاحِيَةِ الْعِتْقِ بِخِلَافِ الْمَرِيضِ وَقَالَ غَيْرُهُ الْكِتَابَةُ فِي الْمَرَضِ مِنْ نَاحِيَةِ الْعِتْقِ بِمُحَابَاةٍ أَمْ لَا وَيُوقَفُ بِخِدْمَةٍ فَإِنْ مَاتَ وَالثُّلُثُ يحمل جَازَت الْكِتَابَة وللأخير الْوَرَثَة فِي الْإِجَارَة أَوْ بَتْلِ مَحْمِلِ الثُّلُثِ فَمِنْهُ بِمَا فِي يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابَةِ وَإِنْ كَاتَبَهُ فِي صِحَّتِهِ وَأَقَرَّ فِي مَرَضِهِ بِقَبْضِ الْكِتَابَةِ جَازَ وَلَا يُتَّهَمُ إِنْ تَرَكَ وَلَدًا وَإِنْ وَرِثَ كَلَالَةً وَالثُّلُثُ لَا يَحْمِلُهُ لَمْ يُصَدَّقْ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ وَإِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ صُدِّقَ لِأَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَهُ جَازَ عتقه وَقَالَ غَيره إِذا اقْسمْ فالميل وَالْمُحَابَاةُ لَهُ لَمْ يَجُزْ إِقْرَارُهُ حَمَلَهُ الثُّلُثُ أَمْ لَا وَلَا يَكُونُ فِي الثُّلُثِ إِلَّا مَا أُرِيدَ بِهِ الثُّلُثُ وَإِنْ كَاتَبَهُ فِي مَرَضِهِ وَأَقَرَّ بِقَبْضِ الْكِتَابَةِ فِي مَرَضِهِ وَحَمَلَهَ الثُّلُث وَعتق ورثته ولدا وكلالة وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ خُيِّرَ وَرَثَتُهُ فِي إِمْضَاءِ كِتَابَتِهِ أَوْ عِتْقِ مَحْمِلِ الثُّلُثِ وَقَالَ غَيْرُهُ تُوقَفُ نُجُومُهُ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ فِي الْمَرَضِ عَتَاقَةٌ مِنَ الثُّلُثِ لَا مِنْ نَاحِيَةِ الْبَيْعِ لِأَنَّ الْمُؤَدَّى مِنْ جِنْسِ الْغَلَّةِ وَإِنْ كَاتَبَهُ فِي الْمَرَضِ بِأَلِفٍ وَقِيمَتُهُ مِائَةٌ وَأَوْصَى بِكِتَابَتِهِ لِرَجُلٍ وَحَمَلَ الثُّلُثُ رَقَبَتَهُ جَازَتِ الْكِتَابَةُ وَالْوَصِيَّةُ كَالْوَصِيَّةِ بِأَنْ يَخْدُمَ فُلَانًا سَنَةً ثُمَّ هُوَ حُرٌّ وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ وَلَمْ يُجِزِ الْوَرَثَةُ عَتَقَ مِنْهُ مَحْمِلُ الثُّلُثِ وَبَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ بِالْكِتَابَةِ لِتَبْدِيَةِ الْعِتْقِ عَلَيْهَا قَالَ فِي النُّكَتِ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا إِذَا كَاتَبَهُ فِي الْمَرَضِ وَحَابَى وَقَبَضَ الْكِتَابَةَ جُعِلَ فِي الثُّلُثِ قِيمَةُ الرَّقَبَة كلهَا بِخِلَاف محاباته فِي البيع تعجل الْمُحَابَاةُ خَاصَّةً لِأَنَّ الْكِتَابَةَ فِي الْمَرَضِ عِتْقٌ وَإِذَا حَابَى وَالثُّلُثُ يَحْمِلُ رَقَبَتَهُ جَازَ وَلَا يغرم فِي النُّجُوم المقبوضة وَلَا يُضَاف لِلْمَالِ الْميتَة وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ رُدَّتِ النُّجُومُ الْمَقْبُوضَةُ لِيَدِ الْعَبْدِ وَأُعْتِقَ مِنْهُ بِمَالِهِ مَحْمِلُ الثُّلُثِ لِأَن الثُّلُث إِذا حمل

أَخَذَ الْمَالَ الْوَرَثَةُ فَلَا يَكْثُرُ مَالُ الْمَيِّتِ الْمَيِّتِ بِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ فِيمَا إِذَا كَاتَبَ فِي الصِّحَّةِ وَأَقَرَّ فِي الْمَرَضِ بِقَبْضِ الْكِتَابَةِ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهُ إِنَّمَا يَصِحُّ إِذَا كَانَ الثُّلُثُ لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ بِشَيْءٍ وَإِلَّا فَمُرَادُهُ تَنْفِيذُ وَصَايَاهُ وَيُخْرِجُ الْعَبْدَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ فَهُوَ كَالْقَائِلِ أَعْتَقْتُ عَبْدِي فِي صِحَّتِي فَلَا يُعْتَقُ وَقِيلَ سَوَاءٌ أَوْصَى أَمْ لَا يَجُوزُ إِقْرَارُهُ إِذَا كَانَتْ وَصَايَاهُ يُقَدَّمُ عَلَيْهَا هَذَا الْعَبْدُ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ كَانَتْ كِتَابَةُ الْمَرِيضِ بِمِثْلِ الْخَرَاجِ فَهِيَ مِنْ نَاحِيَةِ الْعِتْقِ لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يُحَابِهِ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَهُ أَخْذُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ كِتَابَةٍ وَأَكْثَرُ مِنَ الْخَرَاجِ بِالْأَمْرِ الْبَيِّنِ فَهِيَ مُبَايَعَةٌ وَيَنْظُرُ هَلْ فِيهَا مُحَابَاةٌ أَمْ لَا عَلَى الْمَجْنُونِ أَوْ لِأَنَّهُ أَحَدُ طَرَفَيِ الْعَقْدِ فَلَا يَصِحُّ مِنَ الصَّبِيِّ كَالطَّرَفِ الْآخَرِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ أَدِلَّةَ الْكِتَابَةِ خَاصَّةٌ وَآيَةَ الْبَيْعِ عَامَّةٌ فَيُقَدَّمُ الْخَاصُّ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى إِجْبَارِ الْعَبْدِ فَتَكُونُ الْمُكَاتَبَةُ كَالْمُعَاقَبَةِ لَا تَفْتَقِرُ إِلَى تَكَرُّرِ الْفِعْلِ مِنْ عَاقِبَةِ اللِّصِّ وَطَارِقَةِ الْفِعْلِ مَعَ أَنَّ تَكَرُّرَ الْفِعْلِ أَنْ يَفْعَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِثْلَ فِعْلِ الْآخَرِ وَهَذَا مَنْفِيٌّ إِجْمَاعًا وَإِلَّا لَزِمَ أَنَّ كُلَّ وَاحِد مِنْهُمَا يُوجب وَيقبل وَيسْتَحق الْعرض وَهَذَا مُحَالٌ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ كِتَابَةَ الْمَجْنُونِ عِنْدَنَا جَائِزَةٌ عَلَى كَرَاهَةٍ قَالَهُ ابْنُ الْقَصَّارِ تَخْرِيجًا عَلَى رِوَايَةِ الْجَرِّ وَقَدْ يُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ بِالْأَدَاءِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا فَرَّعْنَا عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ فِي مَنْعِ كِتَابَةِ الصَّغِيرِ فَعَنْهُ حَدُّهُ عَشْرُ سِنِينَ لِأَنَّهُ حَدُّ الضَّرْبِ عَلَى الصَّلَاةِ وَالتَّفْرِيقُ فِي الْقُوَّةِ عَلَى الْعَمَلِ وَلَمْ يَكْرَهْ ش كِتَابَةَ الْأُمَّةِ غَيْرِ الْمُكْتَسِبَةِ لَنَا مَا رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لَا تُكَلِّفُوا الْأَمَةَ الْكَسْبَ فَإِنَّهَا تَكْسِبُ بِفَرْجِهَا وَرُوِيَ مَرْفُوعًا

الثَّانِي فِي الْكِتَابِ تُمْتَنَعُ كِتَابَةُ بَعْضِ عَبْدِهِ وَإِنْ أَدَّى لَمْ يُعْتَقْ مِنْهُ شَيْءٌ كَكِتَابَةِ شِقْصِهِ لِأَنَّهُ ذَرِيعَةٌ إِلَى عَدَمِ اسْتِكْمَالِ الْعِتْقِ بِالتَّقْوِيمِ الثَّالِثُ فِي الْجَلَّابِ لَا تُكَاتَبُ أُمُّ الْوَلَدِ وَتُفْسَخُ إِنْ أُدْرِكَتْ قَبْلَ فَوْتِهَا فَإِنْ فَاتَتْ بِالْأَدَاءِ عَتَقَتْ وَلَا تَرْجِعُ عَلَى السَّيِّدِ بِمَا أَدَّتْ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ وَاللَّخْمِيُّ أَصْلُ مَالِكٍ جَوَاز إجازتها بِرِضَاهَا وَإِذَا جَازَ ذَلِكَ جَازَتِ الْكِتَابَةُ بِرِضَاهَا وَأولى بِالْجَوَازِ بمصلحة الْعِتْقِ قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ يَنْبَغِي إِذَا كَاتَبَهَا فِي مَرضه أَن يرجع على بركته إِذَا مَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ وَيُكَاتِبُ الْمُدَبِّرَةَ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْأَدَاءِ عَتَقَتْ فِي الثُّلُثِ وَسَقَطَتِ الْكِتَابَةُ وَإِلَّا عَتَقَ ثُلُثُهَا الرُّكْن الرَّابِع العَبْد الْمكَاتب وَفِي الْجَوَاهِرِ لَهُ شَرْطَانِ قُدْرَتُهُ عَلَى الْأَدَاءِ وَاخْتُلِفَ فِي الصَّغِيرِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَمُكَاتَبَةُ الْعَبْدِ كُلِّهِ إِلَّا مِنْ نَصْفِهِ حُرٌّ فَتَجُوزُ مُكَاتَبَةُ بَعْضِهِ لِحُصُولِ الِاسْتِقْلَالِ أَمَّا الأول فليحصل مَقْصُود العقدا وَأما الثَّانِي فَلِأَنَّهُ ذَرِيعَة لعقد الْبَعْضِ مِنْ غَيْرِ تَقْوِيمٍ وَفِي الرُّكْنِ أَرْبَعَةُ فُرُوعٍ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ كِتَابَةُ الصَّغِيرِ وَمَنْ لَا حِرْفَةَ لَهُ وَإِنْ كَانَ يَسْأَلُ وَقَالَ غَيْرُهُ يَمْتَنِعُ إِلَّا أَنْ يَفُوتَ بِالْأَدَاءِ أَوْ يَكُونَ بِيَدِهِ مَا يُؤَدِّي عَنْهُ فَيُؤْخَذُ مِنْ يَدِهِ وَلَا يُتْرَكُ لَهُ فَيُتْلِفُهُ وَيَرْجِعُ رَقِيقًا وَكَرِهَ كِتَابَةَ الْأَمَةِ لَا صَنْعَةَ بِيَدِهَا وَلَا لَهَا عَمَلٌ مَعْرُوفٌ قَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ مَنَعَ مَالِكٌ كِتَابَةَ الصَّغِيرِ وَعَنْهُ إِجَازَتُهَا لَنَا عَلَى اخْتِلَافِهِ هَلْ يَكُونُ إِسْلَامُهُ إِسْلَامًا أَمْ لَا وَعَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي إِجْبَارِ السَّيِّدِ عَبْدَهُ على الْكتاب فَعَلَى الْإِجْبَارِ تَصِحُّ كِتَابَةُ الصَّغِيرِ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إِلَى قَبُولِهِ وَعَلَى عَدَمِ الْإِجْبَارِ لَا يُكَاتَبُ إِلَّا بَالِغًا عَاقِلًا وَقَالَ ح يُجْبَرُ الْمُرَاهق كإحدى

(النظر الثاني في أحكام الكتابة)

الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ فِي أَنَّ إِسْلَامَهُ إِسْلَامٌ وَمَنَعَ الشَّافِعِيُّ إِلَّا مِنْ بَالَغٍ عَاقِلٍ لَنَا قَوْله تَعَالَى {أَوْفوا بِالْعُقُودِ} وَقَوله تَعَالَى {وَلَا تُبْطِلُوا أَعمالكُم} وَقَوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِامْرِئٍ مَا نَوَى وقَوْله تَعَالَى {فكاتبوهم} وَالْقِيَاسُ عَلَى التَّدْبِيرِ وَالْعِتْقِ إِلَى أَجَلٍ وَعَلَى الشَّرْطِ احْتَجُّوا عَلَى جَوَازِ بَيْعِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأحل الله البيع} وَيَجِبُ الْوَفَاءُ لِعَقْدِ الْبَيْعِ لِمَا ذَكَرْتُمْ مِنَ النُّصُوص وَلِأَن قَوْله {فكاتبوهم} يَقْتَضِي الْمُفَاعَلَةَ مِنَ الْجَانِبَيْنِ كَالْمَحَاصَّةِ وَنَحْوِهَا وَالصَّبِيُّ لَا يَصْلُحُ لِذَلِكَ قِيَاسًا وَسَقَطَ ثُلُثَا الْكِتَابَةِ الرَّابِعُ فِي الْجَوَاهِرِ فَاسِدُ الْكِتَابَةِ يُسَاوِي مَا اجْتمعت شُرُوطه فِي أَنه يحصل الْعين بِالْأَدَاءِ وَيُفَارِقُهُ فِي أَنَّهُ إِذَا أَخَذَ مَا عَلَّقَ بِهِ الْعِتْقَ رَدَّهُ إِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ كَالْخَمْرِ وَرَجَعَ عَلَى الْعَبْدِ بِالْقِيمَةِ لِفَسَادِ الْعِوَضِ (النَّظَرُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْكِتَابَة) وَهِيَ مَنْدُوبٌ إِلَيْهَا وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ خِلَافًا لِابْنِ عَبَّاسٍ وَأَهْلِ الظَّاهِرِ لِأَنَّهَا سَبَبُ الْعِتْقِ وَالْعِتْقُ مَنْدُوبٌ غَيْرُ وَاجِبٍ فَوَسِيلَتُهُ أَوْلَى بِعَدَمِ الْوُجُوبِ وَلِأَنَّهُ عَقْدُ حَظْرٍ لِبَيْعِهِ مَالَهُ بِمَالِهِ وَهَذَا جَوَابُنَا عَنْ صَرْفِ الْأَمْرِ فِي الْآيَةِ إِلَى النَّدْبِ عَنِ الْوُجُوبِ الَّذِي تَمَسَّكُوا بِهِ وَيُكْرَهُ عِنْدَ ش فِي الْعَاجِزِ عَنِ الْأَدَاءِ لِعَدَمِ إِفْضَاءِ الْعَقْدِ لِمَقْصُودِهِ وَيُسْتَحَبُّ عِنْدَ ابْنِ حَنْبَلٍ لِأَنَّهُ يحصل قَالَ اللَّخْمِيُّ الْكِتَابَةُ أَرْبَعَةٌ مَنْدُوبَةٌ وَمُبَاحَةٌ مِنْ وَجْهٍ وَمَنْدُوبٌ إِلَيْهَا مِنْ وَجْهٍ وَمَكْرُوهَةٌ وَمَمْنُوعَةٌ بِحَسَبِ دِينِهِ وَقُوَّتِهِ عَلَى الْأَدَاءِ وَالْوَجْهُ الَّذِي يُؤَدِّي مِنْهُ فَكِتَابَةُ الدَّيْنِ عَلَى مِثَالِ

(فرع)

الْخَرَاجِ وَالسَّعْيِ مِنْ وَجْهٍ جَائِزٌ مَنْدُوبٌ وَعَلَى أَكْثَرَ مِنَ الْخَرَاجِ بِالشَّيْءِ الْكَثِيرِ رُخْصَةٌ وَمُبَاحَةٌ مِنْ جِهَةِ الْحَصْرِ وَمَنْدُوبَةٌ لِمَا فِيهَا مِنَ الْعتْق ومكرهة فِي الشرير لِأَنَّهُ يتسلط عَن النَّاسِ بَحُرِّيَّتِهِ وَمُحَرَّمَةٌ فِيمَنْ يَسْعَى بِالسَّرِقَةِ وَنَحْوِهَا (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ الْإِيتَاءُ مَنْدُوبٌ وَهُوَ أَنْ يَضَعَ مِنْ أَجْرِ كِتَابَتِهِ وَقَدْ وَضَعَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خَمْسَةَ آلَافٍ مِنْ خمسو وَثَلَاثِينَ أَلْفًا وَوَضَعَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رُبُعَ الْكِتَابَةِ وَوَافَقَنَا ح على النّدب وَقَالَ ش بِالْوُجُوبِ لَنَا أَنَّ الْإِيتَاءَ مِنْ بَابِ الْإِبْرَاءِ مِنَ الدُّيُونِ وَهُوَ غَيْرُ وَاجِبٍ وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمكَاتب عبد مَا بَقِي عيه شَيْءٌ وَقِيَاسًا عَلَى إِذَا مَا أُعْتِقَ عَلَى مَالٍ وَسَائِرِ عُقُودِ الْمُعَاوِضَاتِ وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ يُشْتَرَطُ فِي رِضَا الْمَالِكِ وَهُوَ لَمْ يَرْضَ بِخُرُوجِ الْعَبْدِ مِنْ مِلْكِهِ بِغَيْرِ الْكِتَابَةِ وَلِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْمُخَالِفِ قَبْلَ قَبْضِ الْكِتَابَةِ فَنَقِيسُ عَلَى مَا قَبْلَ الْقَبْضِ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَآتُوهُمْ} وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ وَلِأَنَّهُ إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ أَمَرَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ وَفَعَلُوهُ مِنْ غَيْرِ مُخَالَفَةٍ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ مَالَ اللَّهِ تَعَالَى ظَاهِرٌ فِيمَا يَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَيْهِ وَالتَّصَدُّقُ بِالْمَالِ غَيْرُ وَاجِبٍ وَلَمْ يَقُلْ فِي الْآيَةِ أَسْقَطُوا مِنَ الْكِتَابَةِ بَلْ قَالَ {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ} وَقد قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَيْسَ فِي الْمَالِ حَقٌّ غَيْرَ الزَّكَاةِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُمْ أَجْمَعُوا مُسَلَّمٌ لَكِنْ عَلَى النَّدْبِ فَلِمَ قُلْتُمْ إِنَّهُمْ

(فرع)

أَجْمَعُوا عَلَى الْوُجُوبِ وَلِأَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى الْكِتَابَةِ وَهِيَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ وَالْأَصْلُ فِي الْعَطْفِ التَّسْوِيَةُ وَلِأَنَّهُ مَجْهُولٌ وَغَيْرُ مُقَدَّرٍ بِالْعُرْفِ فَلَا يَكُونُ وَاجِبًا لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْوَاجِبِ أَنْ يُقَدَّرَ إِمَّا نَصًّا كَالزَّكَاةِ أَوْ عُرْفًا كَالنَّفَقَاتِ وَيُؤَدِّي قَوْلُهُمْ إِلَى خِلَافِ قَوْلِهِمْ فَإِنَّ السَّاقِطَ مَجْهُولٌ فَالْبَاقِي مِنَ الْكِتَابَةِ عَلَى الْعَبْدِ مَجْهُولٌ وَهُمْ لَا يَقُولُونَ بِهِ وَعبد الْمُكَاتِبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ دِرْهَمٌ فَإِنْ كَانَ دِرْهَمٌ مِمَّا كَاتَبَهُ عَلَيْهِ فَقَدْ تَرَكَ قَوْلَهُ أَوْ مِمَّا بَعْدَ الْوَضْعِ فَيَتَعَيَّنُ الْإِحَاطَةُ بِهِ حَتَّى يعلم زمَان الْعتْق وَهُوَ لايحدده وَأَيْضًا إِذَا لَمْ يَكُنْ مُحَدَّدًا فَأَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ دَانِقًا مِنْ عَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ وَحَمْلُ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى مِثْلِ هَذَا مَعَ اعْتِقَادِ الْوُجُوبِ بَعِيدٌ جِدًّا (فَرْعٌ) فِي الْمُقَدِّمَاتِ عَنْ مَالِكٍ لَكَ إِجْبَارُ عَبْدِكَ عَلَى الْكِتَابَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّهُ جَعَلَ لَكَ أَنْ تَعْتِقَهُ عَلَى مَالٍ تَجْعَلُهُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْعِتْقِ وَالْكِتَابَة أَوْلَى وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الْمُكَاتَبِ لِأَنَّهُ جَعَلَ لَهُ أَنْ يُكَاتِبَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى عَبْدٍ غَائِبٍ وَلَزِمَ الْغَائِبَ وَخَالَفَ قَوْلَهُ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ فِي قَوْلِهِ إِذَا قُلْتَ أَنْتَ حُرٌّ وَعَلَيْكَ كَذَا إِنَّ ذَلِكَ بِخِيرَةِ الْعَبْدِ وَقِيلَ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُجْبِرَ عَبْدَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ} فَجَعَلَهَا مَنُوطَةً بِخِيرَتِهِمْ وَلِأَنَّ السَّيِّدَ يُتَّهَمُ عَلَى إِسْقَاطِ نَفَقَتِهِ وَقَالَهُ ش وَجَوَابُهُ أَنَّ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُؤَجِّرَهُ سِنِينَ وَيُجْبِرَهُ عَلَى ذَلِكَ بِغَيْرِ عِتْقٍ فَأَوْلَى مَعَ الْعِتْقِ وَلِأَنَّ الْعِتْقَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى فَيُجْبَرُ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ عَدَمُ الْإِجْبَارِ قَالَهُ أَشْهَبُ وَابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ اللَّخْمِيُّ لَهُ جَبْرُهُ عَلَى مِثْلِ الْخَرَاجِ وَنَحْوِهِ وَلَا يُجْبِرُهُ فِي الزِّيَادَةِ الْكَثِيرَةِ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ بِهِ وَيَذْهَبُ سَعْيُهُ بَاطِلًا (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ الْمُكَاتَبُ كَالرَّقِيقِ فِي الْمِيرَاثِ وَالشَّهَادَةِ وَالْحُدُودِ وَغَيْرِهَا

(فرع)

حَتَّى يُؤَدِّيَ أَوْ يَعْجَزَ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ إِذَا أَدَّى قَدْرَ قِيمَتِهِ عَتَقَ وَضَمِنَ الْبَاقِيَ بَعْدَ عِتْقِهِ وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِذَا أَدَّى نِصْفَ مَا عَلَيْهِ وَأُتْبِعَ بِالْبَاقِي لَنَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ مِنْ كِتَابَتِهِ دِرْهَمٌ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ وَلَدُ الْمُكَاتَبِ مِنْ أَمَتِهِ وَوَلَدُ الْمُكَاتَبَةِ بَعْدَ الْكِتَابَةِ بِمَنْزِلَتِهِمَا يَرِقُّ بِرِقِّهِمَا وَيُعْتَقُ بِعِتْقِهِمَا وَإِنْ شَرَطَ فِي الْكِتَابَةِ أَوِ الْعِتْقِ الْجَنِينَ بَطُلَ الشَّرْطُ دُونَ الْعَقْدِ كَمَا لَوْ شَرَطَ الْوَطْءَ بَعْدَ الْعِتْقِ لَأَنَّ الْوَلَدَ كَالْجُزْءِ مِنْهَا فَيَتْبَعُهَا (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ كِتَابَةُ جَمَاعَةٍ كِتَابَةً وَاحِدَةً وَعِنْدَ ش قَوْلَانِ ووافقنا ح لنا قَوْله تَعَالَى {فكاتبوهم} الْآيَةَ وَهِيَ عَامَّةٌ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ وَلِأَنَّ الْبَدَلَ مَعْلُومٌ وَالْعَقْلَ بِالتَّفْصِيلِ كَمَا لَوْ بَاعَهُمْ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ احْتَجُّوا بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْعَامِل مُتَعَدِّدًا صَارَتْ فِي مَعْنَى الصَّفَقَاتِ وَالْجَهْلُ بِكُلِّ صَفْقَة يجب فَسَادَهَا كَمَا لَوْ بَاعَهُمْ لِثَلَاثَةٍ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيل لكل وَاحِد عقل فَإِن الْعقل يَفْسُدُ وَلِأَنَّ مَا يَلْزَمُ كُلَّ وَاحِدٍ مَجْهُولٌ فَلَا يَدْرِي بِمَا كُوتِبَ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ السَّيِّدَ وَاحِدٌ وَهُوَ الْمُعْتِقُ الْبَائِعُ مَالَ نَفْسِهِ بِمَالِ نَفْسِهِ وَلِذَلِكَ جَبَرَهُمْ عَلَى الْكِتَابَةِ عَلَى الصَّحِيحِ وَلِأَنَّهُ لَوْ بَاعَ مِنْ ثَلَاثَةٍ دَارا وأحدث بِثمن وَاحِد فَإِنَّهُ يجوز وَإِن كَاتب صَفَقَاتٍ وَلَوْ بَاعَ ثَلَاثَةَ أَعْبُدٍ مُسْتَوِيَةٍ مِنْ ثَلَاثَةٍ جَازَ عِنْدَنَا أَوْ مُخْتَلِفَةٍ وَتَرَاضَوْا بِتَسْمِيَةِ كُلِّ عَبْدٍ مِنْهُمْ لِكُلِّ وَاحِدٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ نَقَلَهُ ابْنُ الْقَصَّارِ مَعَ أَنَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْكِتَابَةَ يُعْتَقُ فِيهَا بِالْكِتَابَةِ

(تفريع)

ألفاسدة فَيعتق بِالْمَجْهُولِ وَلِأَن مَقْصُوده الْمُبَايَعَةِ بِالثَّمَنِ فَفَسَدَ بِالْجَهَالَةِ وَمَقْصُودُ الْكِتَابَةِ الْعِتْقُ فَلَا يَضُرُّ بِالْجَهْلِ كَالْإِنْكَاحِ وَالْخُلْعِ وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي أَنَّهُ يُوَزَّعُ بِقَدْرِ الْقُوَّةِ (تَفْرِيعٌ) فِي الْكِتَابِ يَضْمَنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَنْ بَقِيَّتِهِمْ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ ذَلِكَ بِخِلَافِ حَمَّالَةِ الدُّيُونِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِي الْعَقْدِ الْعِتْقُ فَيُبَالِغُ فِي التَّوَسُّلِ إِلَيْهِ وَلَا يُعْتَقُ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلَّا بِأَدَاءِ الْجَمِيعِ وَلِلسَّيِّدِ أَخَذُهُمْ بِذَلِكَ وَأَخْذُ الْمَلِيءِ بِالْجَمِيعِ وَلَا يوضع مِنْهُم شَيْءٌ لِمَوْتِ أَحَدِهِمْ لِأَنَّهُمْ كَالرَّجُلِ الْوَاحِدِ وَيَرْجِعُ الْمُؤَدِّي عَلَى الْمُؤَدَّى عَنْهُ بِحِصَّتِهِ بَعْدَ قِسْمَةِ الْكِتَابَة بِقدر الْقُوَّة على الْأَدَاءِ يَوْمَ الْكِتَابَةِ لَا عَلَى قِيمَةِ الرِّقَابِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ أَنْ لَوْ مَلَكَهُ الْحُرُّ لَأَنَّ الْأَصْلَ لَا يَمْلِكُهُ فَكَذَلِكَ بَدَّلَهُ الَّذِي هُوَ الْعِوَضُ فَإِنْ أَدَّى حَالًا رَجَعَ بِحِصَصِهِمْ عَلَى النُّجُومِ لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا التزموا ذَلِك وَإِن زمن أَحدهمَا فَأَدَّى الصَّحِيحُ رَجَعَ عَلَيْهِ بِحِصَّتِهِ بِمَا يَنُوبُهُ يَوْمَ الْعَقْدِ وَلَكَ عِتْقُ الزَّمِنِ قَبْلَ الْأَدَاءِ فَأنكرهُ الصَّحِيحُ لِأَنَّهُ لَا نَفْعَ لَهُ فِيهِ وَتَبْقَى جَمِيعُ الْكِتَابَةِ عَلَى الصَّحِيحِ وَإِنْ أَدَّى وَعَتَقَ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْتَقْ بِالْأَدَاءِ تَبَرُّعًا مِنْكَ وَلَيْسَ لَكَ عِتْقُ قَوِيٍّ عَلَى السَّعْيِ وَيُرَدُّ إِنْ فَعَلْتَ لِأَنَّ فِيهِ تَعْجِيزًا لَهُم فَإِن أَدّوا عتقوا اَوْ عجز فألزمت مَا صَنَعْتَ مِنَ الْعِتْقِ كَمَنْ أَخْدَمَ عَبَدَهُ أَوْ آجَرَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ فَلَمْ يَجُزْ ذَلِكَ لِلْمُخْدَمِ أَوِ الْمُؤَاجِرِ فَإِذَا تَمَّتِ الْمُدَّةُ عَتَقَ وَكَمَنْ رَدَّ غُرَمَاؤُهُ عِتْقَهُ ثُمَّ أَيْسَرَ قَبْلَ بَيْعِهِ فَأَدَّى الدَّيْنَ فَإِنْ أَجَازُوا عِتْقَكَ وَهُمْ أَقْوِيَاءُ عَلَى السِّعَايَةِ جَازَ وَيُوضَعُ عَنْهُمْ حِصَّةٌ لِلْمُعْتَقِ لِأَنَّهُ مُوجِبُ الْعَقْدِ وَيَسْعَوْنَ فِيمَا بَقِيَ فَإِنْ أَجَازُوا عَلَى أَنْ يَسْعَى الْمُعْتَقُ مَعَهُمُ امْتُنِعَ الْعِتْقُ وَسَعَوْا كُلُّهُمْ فِي جَمِيعِ الْكِتَابَةِ وَإِن دبرت أحدهم بعد الْكِتَابَة ثمَّ

عجز وألزمت تدبيرك ولزمت قَبْلَ الْعَجْزِ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهُ وَهُوَ قَوِيٌّ عَلَى الْأَدَاءِ حِينَ مِتَّ لَمْ يُعْتَقْ إِلَّا بِرِضَا أَصْحَابِهِ وَإِنْ كَانَ زَمِنًا عَتَقَ فِي الثُّلُثِ وَلَا يُوضَعُ عَنْ أَصْحَابِهِ شَيْئًا لِأَنَّ مَنْ لَا قُوَّةَ لَهُ مِنْ صَغِيرٍ أَوْ زَمِنٍ يَجُوزُ عِتْقُهُ وَإِنْ كَرِهُوا وَلَا يُوضَعُ عَنْهُمْ شَيْء فِي الثُّلُث قيل إِذا لم يجْبر واعتق الْقَوِيُّ وَأَدُّوا لَمْ يَرْجِعِ الْمُعْتَقُ عَلَيْكَ بِشَيْءٍ لِأَنَّكَ أَخَّرْتَهُ بِوَجْهٍ جَائِزٍ وَلَوْ كَانَ يَرْجِعُ عَلَيْكَ سَقَطَ عَلَى الْمُكَاتَبِينَ أَوَّلًا وَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا إِذَا أَعْتَقْتَ زَمِنًا لَا حُجَّةَ لَهُمْ بِأَنَّهُمْ إِذَا أَدُّوا رَجَعُوا عَلَيْهِ لِأَنَّ نَفَقَةَ الَّذين تلزمهم ورفها بِالْعِتْقِ أَنْفَعُ لَهُمْ مِنَ اتِّبَاعِهِ فَإِنَّهُ قَدْ لَا يَتَيَسَّرُ لَهُ شَيْءٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَكَ كِتَابَةُ كُلِّ عَبْدٍ بِكِتَابَةٍ ويتحمل بَعضهم بِبَعْض وَلَا يتبع كل وَاحِد مِنْهُم وَلَا تَنْقَضِي كِتَابَته وَلَا يعتقهُ بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِهِ وَإِسْقَاطِ ضَمَانِهِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ يَعْنِي أَنَّ ذَلِكَ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ وَيُلْزَمُ عَلَى مَا قَالَ أَنْ يُؤَدِّيَ وَاحِدٌ قَبْلَ الْآخَرِ وَلَا يُعْتَقُ حَتَّى يُؤَدِّيَ الْآخَرُ وَيَجُوزَ أَنْ يَتَحَمَّلَ عَبْدُكَ بِمُكَاتَبِكَ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُقَسِّمُ الْكِتَابَةَ بِالْحِصَّةِ عَلَى الْعَدَدِ لَا بِحَسَبِ الْقُوَّةِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ إِنِ اسْتَحَقَّ أَحَدٌ أَرْبَعَةً سَقَطَ الرُبُعُ وَقَالَ ش عَلَى قَدْرِ الْقِيمَةِ دُونَ الْقُوَّةِ وَالْعَدَدِ لَنَا أَنَّ وَضْعَ عَقْدِ الْكِتَابَةِ الْقُدْرَةُ وَالْكَسْبُ وَإِنَّ السَّادَاتِ يُوَصِّفُونَ الْخَرَاجَ وَالْكِتَابَةَ وَالْكَسْبَ لَا بِكَسْبِ الْقِيمَةِ وَإِذَا كَانَ هُوَ الْمَقْصُودُ دُونَ غَيْرِهِ احْتَجُّوا بِأَنَّ الْكِتَابَةَ تَجْرِي مَجْرَى الْبَيْعِ وَالْأَثْمَانُ تَتْبَعُ الْقِيَمَ وَجَوَابُهُمْ أَنَّ مَقْصُودَهَا الْعِتْقُ لَا الْبَيْعُ لِثُبُوتِ الْوَلَاءِ وَدُخُولِ الْغرَر وَبيع مَاله بِمَالِه

وَالْعِتْق فِي فَسَادهَا كَصَحِيحِهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَقَوْلُهُ إِذَا أَدَّى أَحَدُهُمُ الْكِتَابَةَ رَجَعَ بِحِصَصِهِمْ عَلَى النُّجُومِ يُرِيدُ عَلَى مَا يَقَعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ من الْكِتَابَةِ يَوْمَ الْعَقْدِ وَيَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَرْجِعُ عَلَى قَدْرِ قُوَّتِهِمْ وَقَالَ أَشْهَبُ عَلَى قِيمَتِهِمْ يَوْمَ كُوتِبُوا وَقَالَ أَصْبَغُ عَلَى قَدْرِ قِيمَتِهِمْ يَوْمَ عَتَقُوا وَعَنْهُ يَوْمَ كُوتِبُوا وَحَالُهُمْ يَوْمَ عَتَقُوا أَنْ لَوْ كَانَتْ حَالُهُمْ يَوْمَ كُوتِبُوا قَالَ أَشْهَبُ إِنْ كَانَ فِيهِمْ صَغِيرٌ فَبَلَغَ السَّعْيَ قَبْلَ أَنْ يُؤَدُّوا فَعَلَيْهِ بِقَدْرِ مَا يَطِيقُ يَوْمَ وَقَعَتِ الْكِتَابَةُ عَلَى حَالِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ عَلَى حَالِهِ يَوْمَ الْحُكْمِ لَوْ كَانَ هَذَا يَوْمَ الْكِتَابَةِ وَقَالَ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ يَوْمَ بَلَغَ السَّعْيَ أَنْ لَوْ كَانَ بِهَذَا الْحَالِ يَوْمَ الْكِتَابَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا أَدَّى الْكِتَابَةَ وَعَتَقُوا فَإِنْ كَانَتِ الْكِتَابَةُ قَدْ حَلَّتْ رَجَعَ بِذَلِكَ حَالًّا وَإِلَّا رَجَعَ بِهِ عَلَى النُّجُومِ وَالْحَمَالَةُ بَاقِيَةٌ عَلَيْهِمْ لِلسَّيِّدِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ فَلَسَ أَحَدُهُمْ حَاصَّ بِمَا أَدَّى عَنْهُمْ غُرَمَاؤُهُ لِأَنَّهُ سَلَفٌ أَخْرَجَهُ عَنْهُمْ مِنْ مَالِهِ بِخِلَافِ السَّيِّدِ فِي الْكِتَابَةِ وَالْقِطَاعَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَلَيْهِمْ إِذَا أَدَّى جَمِيعَ الْكِتَابَةِ وَعَتَقُوا وَأَمَّا مَا لَا يُعْتَقُونَ بِهِ فَلَا يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَيْهِم إِلَّا بعد الْعتَاقَة لِأَن أحدهم قَبْلَهَا يُضْعِفُهُمْ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مَالِكٌ إِذَا مَاتَ أَحَدُهُمْ لَا يُحَطُّ عَنْهُمْ وَالْقِيَاسُ الْحَطُّ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مَا يَنُوبُهُ لِأَنَّ وَاحِدًا اشْتَرَى نَفْسَهُ بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ تِلْكَ الْكِتَابَةِ وَإِنِ اسْتَحَقَّ أَحَدُهُمْ بِحُرِّيَّةٍ أَوْ بِمِلْكٍ سَقَطَ مَا يَنُوبُهُ عَنْهُمْ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّ السَّيِّدَ عقد على غير مَالك وَلَا تَلْزَمَهُمُ الْحَمَالَةُ بِمِلْكِ الْغَيْرِ وَإِنْ غَابَ بَعْضُهُمْ أَوْ عَجَزَ لَمْ يَسْقُطْ عَنِ الْبَاقِي شَيْءٌ فَإِنْ عَجَزَ الْبَعْضُ وَأَدَّى الْآخَرُ جَمِيعَ الْكِتَابَةِ قَالَ مُطَرِّفٌ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِمْ يَوْمَ عَتَقُوا وَقَالَ أَشْهَبُ يَوْمَ كُوتِبُوا قَالَ وَالْقِيَاسُ بِمَا كَانُوا يُؤَدُّونَهُ لَوْ لَمْ يَعْجَزْ عَلَى صِفَةِ الْقَبْضِ الْأَوَّلِ قَبْلَ الْعَجْزِ لِأَنَّهُ الَّذِي كَانَتِ الْحَمَالَةُ بِهِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ صَغِيرًا وَمَضَتِ الْكِتَابَةُ وَهُوَ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَى السَّعْيِ لَمْ يُتْبَعْ بِشَيْءٍ فَإِنْ قَوِيَ بَعْدَ مُضِيِّ بَعْضِ النُّجُومِ قَالَ أَشْهَبُ عَلَيْهِ بِقَدْرِ مَا يُطِيقُ يَوْمَ وَقَعَتِ الْكِتَابَةُ عَلَى حَالِهِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَوْمَ الْحُكْمِ لَوْ كَانَ يَوْمَ الْكِتَابَةِ بَالِغًا وَقَالَ أَصْبَغُ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ يَوْمَ بَلَغَ السَّعْيَ لَوْ كَانَ بِحَالِهِ تِلْكَ يَوْمَ وَقَعَتِ الْكِتَابَةُ لِأَنَّهُ يَوْمَئِذٍ وَقَعَتْ عَلَيْهِ حَمَالَةُ الْكِتَابَةِ

وَإِنْ وُلِدَ بَعْدَ الْكِتَابَةِ لِلْمُكَاتَبِ مَنْ أَمَتِهِ اَوْ الْمُكَاتبَة ثُمَّ بَلَغَ السَّعْيَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْكِتَابَةِ فَلَا سَبِيلَ لَهُمْ عَلَيْهِ فِي السِّعَايَةِ وَلَا فِي الْمَالِ الَّذِي فِي يَدَيْهِ إِذَا كَانَتِ الْأُمُّ أَوِ الْأَبُ فِي كِتَابَةٍ فَإِنِ احْتَاجُوا سَعَى مَعَهم اَوْ اخذو الْمَالَ مِنْ يَدِهِ وَقِيلَ تُفَضُّ الْكِتَابَةُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ كَالْمَوْجُودِ يَوْمَ الْعِتْقِ وَإِنْ كَانَ الصَّغِيرُ قارداً عَلَى السَّعْيِ يَوْمَ الْكِتَابَةِ فُضَّ عَلَيْهِ كَمَا يُفَضُّ عَلَى الْكَبِيرِ عَلَى قَدْرِ قُوَّتِهِ فَلِلصَّغِيرِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ يُعْتَقُ بِعِتْقِهِمْ وَلَا يَتْبَعُ وَلَا يَسْعَى مَعَهُمْ وَالثَّانِيَةُ أَنْ يَسْعَى مَعَهُمْ وَيُفَضَّ عَلَيْهِ وَالْحَالَةُ الثَّالِثَةُ لَا يَسْعَى وَلَا يُؤْخَذُ مَالُهُ إِلَّا أَنْ يُحْتَاجَ إِلَيْهِ وَالزَّمِنُ كَالصَّغِيرِ فِي أَحْوَالِهِ إِنْ كَانَ زَمِنًا يَوْمَ الْعَقْدِ واستم لم يتبع وَإِن بقيت الزمانة قبل الْأَدَاء وَكَانَت يوجادها بهَا حِينَ الْعَقْدِ فَعَلَيْهِ السَّعْيُ وَيُخْتَلَفُ فِيمَا يَحْمِلُ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الصَّغِيرِ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُرْجَى وَصَارَ ذَا قُوَّةٍ وَمَالٍ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يَحْتَاجَ إِلَى مَعُونَةٍ وَإِلَى مَا فِي يَدَيْهِ وَعَلَى الْقُوَّة الْآخَرِ بَعْضُ الْبَاقِي عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ فِيهِمْ شَيْخٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى السَّعْيِ عَتَقَ بِعِتْقِهِمْ وَإِنْ وُهِبَ لَهُ مَالٌ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يُتْبَعْ بِشَيْءٍ وَإِنْ وُهِبَ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ لِلْعِتْقِ جَرَى عَلَى الْخِلَافِ إِذَا حَدَثَ الْوَلَدُ بَعْدَ الْكِتَابَةِ وَلَا تَجُوزُ كِتَابَتُكَ لِعَبْدَيْنِ لَا شِرْكَةَ سَادَاتِهِمَا فِيهِمَا فَإِنْ تُرِكَ هَلْ يَمْضِي وَيُفَضُّ عَلَيْهِمَا وَتَسْقُطُ حَمَالَةُ أَحَدِهِمَا عَنِ الْآخَرِ أَوْ يُفْسَخُ مَا لَمْ يؤد نجماً اوصل رامن الْكِتَابَةِ عَلَى الْخِلَافِ فِي الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فِي الْكِتَابَةِ إِذَا اسْتَثْنَى مَا يُولَدُ أَوْ شَرَطَ الْوَطْءَ وَإِنْ كَاتَبْتَ عَبْدَيْكَ فَأَعْتَقْتَ أَحَدَهُمَا وَرَضِيَ الْآخَرُ وَالْمُعْتَقُ أَدْنَاهُمَا فِي السِّعَايَةِ جَازَ وَسَقَطَ عَن الْبَاقِي نصيب الْمُعْتق اَوْ اقواهما اَوْ مسا وَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَمِنَ الْعَجْزَ وَمَنَعَهُ غَيْرُهُ لِأَنَّهُ

وَسِيلَةً لِلْعَجُزِ وَالْعَبْدُ مَمْنُوعٌ مِنَ الرِّضَا بِالْعَجْزِ وَإِن قَوِيًّا وَزَمِنًا فَأَعْتَقْتَ الْقَوِيَّ فَعَلَى الْقَوْلَيْنِ وَإِنْ كَانَا كَبِيرًا وَصَغِيرًا وَالصَّغِيرُ يَبْلُغُ السَّعْيَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْكِتَابَةِ لَمْ يُعْتَقْ إِلَّا بِرِضَا صَاحِبِهِ وَيُحَطُّ لِأَجْلِهِ وَإِنْ وُلِدَ بَعْدَ الْعَقْدِ وَبَلَغَ اَوْ صَار لَهُ مَا لَمْ يُعْتَقْ إِلَّا بِرِضَا مَنْ مَعَهُ لِأَنَّ مَالَهُ قُوَّةٌ لَهُمْ إِنِ احْتِيجَ إِلَيْهِ وَلَا يُحَطُّ لِأَجْلِهِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ عِنْدَ الْعَقْدِ شَيْءٌ وَإِنْ أَعْتَقْتَ الْأَبَ قَبْلَ بُلُوغِ الْوَلَدِ السَّعْيَ رُدَّ عِتْقُكَ لِأَنَّهُ يُرِقُّ الِابْنَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عِتْقُهُ بَعْدَ زَمَانَةٍ وَنَحْوِهَا فَيَرِقُّ الِابْنُ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ الْأَبِ مَالٌ أَوْ كَانَ لَهُ مِنَ المَال مَا لَا يَفِي بالنجوم إِلَّا أَنْ يَبْلُغَ الِابْنُ السَّعْيَ فَإِنْ كَانَ لَهُ مَا يَفِي بِالنُّجُومِ أَدَّيْتَ عَنْهُ وَهَلْ يَقْبِضُهَا السَّيِّدُ أَوْ يُوقَفُ خِلَافٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا زَمِنَ أَحَدُ الْمُكَاتَبَيْنِ فَأَدَّى الْآخَرُ عَنْهُ وَعَنْ نَفْسِهِ فَأَعْتَقْتَ الزَّمِنَ قَبْلَ تَمَامِ الْكِتَابَةِ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ لِأَنَّكَ أَسْقَطْتَ عَنْهُ بَاقِيَ الْكِتَابَةِ وَمَا أَدَّاهُ كَدَيْنٍ لَزِمَهُ قَبْلَ الْعِتْقِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا أَعْتَقْتَ أَحَدَ الْمُكَاتَبِينَ وَلَمْ يُجِزِ الْبَاقُونَ قِيلَ يَجْرِي فِيهِ الْقَوْلَانِ فِيمَنْ آجَرَ عَبْدَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ أَنَّهُ إِذَا قَالَ أَرَدْتُ عِتْقَهُ الْآنَ كَانَتْ بَقِيَّةُ الْإِجَارَةِ لِلْعَبْدِ فَكَذَلِكَ الْمُكَاتِبُ إِذَا قَصَدَ عتقه للْوَقْت فَمَا أَخَذَهُ مِنْهُ يَرُدُّهُ عَلَى الْعَبْدِ قَالَ سَحْنُونٌ فِي عِتْقِ أَحَدِ الْمُكَاتَبِينَ يَنْبَغِي أَنْ ينظر إِن إِذْنُهُمْ لِلسَّيِّدِ أَنْفَعَ لَهُمْ أَمْ لَا وَالضَّعِيفُ يَنْبَغِي أَنْ يَعْتَبِرَ إِذْنَهُمْ فِيهِ بِخِلَافِ الْقَوِيِّ وَإِن دبرت أَحَدَهُمَا ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ لَمْ يُعْتَقْ إِلَّا بِرِضَاءِ الْآخَرِ وَيَكُونُ فِي الثُّلُثِ الْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ مِنْ بَقِيَّةِ الْكِتَابَةِ وَقِيلَ إِنْ دَبَّرْتَ مَنْ لَا سِعَايَةَ فِيهِ جَعَلَ قِيمَةَ الرَّقَبَةِ دُونَ الْكِتَابَةِ لِعَجْزِهِ عَنْهَا وَقِيلَ هُمَا سَوَاءٌ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ قَائِمَةٌ وَرُفَقَاؤُهُ يُؤَدُّونَ عَنْهُ قَالَ وَهُوَ الصَّوَابُ وَإِنْ كَاتَبْتَ ثَلَاثَةً فَأَبَقَ أَحَدُهُمْ وَعَجَّزَهُمُ السُّلْطَانُ فَقَدِمَ الْآبِقُ قَوِيًّا وَالسُّلْطَانُ الَّذِي عَجَّزَهُمْ قَائِمٌ قَالَ الْمُغِيرَةُ الْقَادِمُ بَاقٍ عَلَى كِتَابَتِهِ إِنْ عَتَقَ هُوَ والمكاتبون مَعَهُ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِمْ بِمَا أَدَّى وَقِيلَ إِنَّمَا ذَلِكَ إِذَا لَمْ يَعْلَمِ الْغَائِبُ أَوْ

فرع

جَهِلَ وَجْهَ الْحُكْمِ فَعَجَزَ أَصْحَابُهُ دُونَهُ فَوَجَبَ نَقْضُ الْحُكْمِ أَمَّا لَوْ عَلِمَ وَتَلَوَّمَ لَهُ ثُمَّ عَجَزَ الْجَمِيعُ مَضَى الْحُكْمُ عَلَيْهِ وَعَلَى أَصْحَابِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِذَا زَمِنَ أَحَدُهُمَا فَقُلْتَ لَهُ إِنْ عَجَزْتَ فَأَنْتَ حُرٌّ عَتَقَ الْآنَ لِأَنَّهُ يقنع فِي توقيفه وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ لَهُ تَعْجِيلُ الْمُؤَجَّلِ عَلَيْهِ وَيَلْزَمُكَ أَخْذُهُ كَالدَّيْنِ وَيُعَجَّلُ عِتْقُهُ قَضَى بِهِ عُمَرُ وَعُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَإِذَا عَجَّلَ وَضَعْتَ عَنْهُ مَا عَلَيْهِ مِنْ سَفَرٍ أَوْ خِدْمَةٍ لِأَنَّهُ مِنْ آثَارِ الرِّقِّ فيأباه الحَدِيث فِي النُّكَتِ إِنَّمَا يَصِحُّ قَوْلُهُ إِذَا كَانَتِ الْخِدْمَةُ يَسِيرَةً أَمَّا الْكَثِيرَةُ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ تَبْقَى لِأَنَّ الْأَقَل مَال وَهِي الْمَقْصُودَة فَلَا يسْقط (فَرْعٌ) فِي الْكتاب إِن كَاتبه عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى عَبْدٍ لَكَ غَائِبٍ لَزِمَ الْغَائِبَ لِأَنَّ هَذَا يُؤَدِّي عَنْهُ وَيَتْبَعُهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ بِالْمِلْكِ أَنْ لَوْ كَانَ حُرًّا كَمَنْ أَعْتَقَهُ عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ كَذَا فَيَلْزَمُهُ الْمَالُ وَكَالْعَبْدِ يُكَاتَبُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ أَخٍ لَهُ صَغِيرٍ وَوَافَقَنَا ح وَمَنَعَ ش انْعِقَادَهَا فِي الْغَائِبِ دُونَ الْحَاضِرِ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى التَّدْبِيرِ وَلَهُمُ الْقِيَاسُ عَلَى مَا لَو افرده بِالْعقدِ وَلَا يبعد ابْنهَا يلْتَزم افراده بَنَات عَلَى إِجْبَارِهِ عَلَى الْكِتَابَةِ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ إِلْزَامُ الْغَائِبِ وَإِنْ كَرِهَ دَلِيلُ إِجْبَارِ الْعَبْدِ عَلَى الْكِتَابَةِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَفِيهِ خِلَافٌ فِي النُّكَتِ إِذَا قَدِمَ الْغَائِبُ فَكَرِهَ لَزِمَهُ وَآجرَهُ الْمُكَاتِبُ الْآخَرُ وَيُعْطِيهِ مِنَ الْأُجْرَةِ مِقْدَارَ نَفَقَتِهِ وَالزَّائِد على نَفَقَته وَإِن أَدَّيَا الْكِتَابَةَ وَبَقِيَتْ مِنْهُ بَقِيَّةٌ فَهِيَ لِلَّذِي كَرِهَ الْكِتَابَةَ وَإِنْ بَقِيَ عَلَى الَّذِي كَرِهَ الْكِتَابَةَ دَرَكٌ طَالَبَهُ صَاحِبُهُ بَعْدَ الْعِتْقِ بِمَا يَجِبُ لَهُ عَلَيْهِ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ بعد الْعتْق وَهُوَ خلافهما إِذَا أَعْتَقْتَ عَبْدَكَ عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ كَذَا فَابْنُ الْقَاسِمِ يُسْقِطُهُ وَمَالِكٌ يُثْبِتُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ كَاتَبْتَ

(فرع)

الْحَاضِرِينَ كُرْهًا عَلَى كَذَا فِي كُلِّ نَجْمِ فَرَضِيَ أَحَدُهُمَا وَكَرِهَ الْآخَرُ لَزِمَهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ كَانَ غَائِبًا فَإِنَّ الْإِجْبَارَ عَلَى الْكِتَابَةِ إِحْسَانٌ مَعَ تَحْصِيلِ مَصْلَحَةِ الْعِتْقِ لِأَنَّ لَكَ أَخْذَ الْمَالِ بِغَيْرِ عِتْقٍ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ يَمْتَنِعُ جَمْعُ عَبْدَيْكُمَا فِي كِتَابَةٍ وَاحِدَةٍ وَكُلُّ وَاحِدٍ حَمِيلٌ بِمَا عَلَى صَاحِبِهِ لِلْغَرَرِ إِذْ لَوْ هَلَكَ أَحَدُهُمَا أَخَذَ سَيِّدُ الْهَالِكِ مِنْ مَالِ الْآخَرِ بَاطِلًا وَهُوَ يُشْبِهُ الْوَقْفَ وَيُمْتَنَعُ حَمَالَةُ الْأَجْنَبِيِّ بِالْكِتَابَةِ إِذا لَيْسَتْ بِدَيْنٍ ثَابِتٍ وَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ أَوْ عَجَزَ لَمْ يَنْتَفِعِ الْحَمِيلُ بِمَا أَدَّى فِي النُّكَتِ إِذَا نَزَلَتْ حَمَالَةُ الْأَجْنَبِيِّ وَفَاتَتْ بِالْعِتْقِ رَجَعَ الْحَمِيلُ عَلَى الْمُكَاتَبِ وَتَحَاصَصَ غُرَمَاؤُهُ بِمَا أَدَّى عَنْهُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى السَّيِّدِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَمَعْنَى الرُّقْبَى الَّتِي شَبَّهَ بِهَا دَارٌ بَيْنَكُمَا حَبَسْتُمَاهَا عَلَى أَنْفُسِكُمَا عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْكُمَا فَنَصِيبُهُ حُبِسَ عَلَى الْبَاقِي فَيَأْخُذُهُ بِالْبَاطِلِ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا نَزَلَتِ الْكِتَابَةُ لَزِمَتْ لِأَنَّ الْحَمَالَةَ لَا تُبْطِلُ الْكِتَابَةَ وَأَمَّا عَبْدٌ بَيْنَكُمَا أَوْ ثَلَاثَةُ أَعْبُدٍ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثُ عَبْدٍ مَنَعَهُ أَشْهَبُ لِأَنَّ كُلَّ عَبْدٍ تَحَمَّلَ لِغَيْرِ سَيِّدِهِ بِحِصَّةٍ لِغَيْرِ سَيّده وينقض إِلَّا أَن يسْقط الْحَمَالَةُ فَتَكُونُ كِتَابَةُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى حِدَةٍ وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مَا يَلْزَمُهُ قَالَ ابْنُ مُيَسَّرٍ إِنَّمَا يَقْبِضُ كُلُّ وَاحِدٍ عَنْ ثُلُثِ الْكِتَابَةِ فَلَمْ يَقْبِضْ عَنْ غَيْرِ مَالِهِ شَيْئًا فَيَصِحُّ قَالَ أَشْهَبُ وَإِذَا كَاتَبْتَ عَبْدَيْكَ لَا تبع كِتَابَة إحدهما وَلَا تتبع نَصْفَهُمَا وَلَا نِصْفَ أَحَدِهِمَا لِأَنَّ النِّصْفَ الْمَبِيعَ يتَحَمَّل عَن من لَا يَمْلِكُهُ سَيِّدُهُ وَلَكَ بَيْعُهُمَا مِنْ رَجُلٍ لَا مِنْ رَجُلَيْنِ لِأَنَّ كُلَّ رَجُلٍ يَتَحَمَّلُ عَلَى مَنْ لَا يَمْلِكُهُ وَإِنْ أَسْقَطْتَ الْحَمَالَةَ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ يُضْعِفُهُمْ عَنِ الْأَدَاءِ وَجَوَّزَ مُحَمَّدٌ بَيْعَهُمَا مِنْ رَجُلَيْنِ وَمِنْ رَجُلٍ نِصْفَ كِتَابَتِهِمَا وَلَو ورثهما رجال جَازَ لكل مَبِيع نصِيبه

(فرع)

وَقَدْ أَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ بَيْعَ الْمُكَاتَبِ أَوْ نَجْمًا بِغَيْرِ حِينِهِ قَالَ وَأَكْرَهُ لِكُلِّ مَنِ اشْتَرَاهُمَا وَلِلْوَرَثَةِ قَسْمَهُمَا يَأْخُذُ هَذَا مُكَاتَبًا وَهَذَا مُكَاتَبًا وَيَجُوزُ قِسْمَةُ مَا عَلَيْهِمَا وَمَنَعَ ابْن الْقَاسِم مَا عَلَى الْمُكَاتِبِ إِلَّا عِنْدَ انْقِضَاءِ كُلِّ نَجْمٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ دَيْنًا ثَابِتًا وَجَوَّزَ مُحَمَّدٌ كِتَابَةَ رَجُلَيْنِ عَبْدَيْهِمَا كِتَابَةً وَاحِدَةً (فَرْعٌ) فِي الْكتاب إِذا غَابَ أحد المكاتبين اَوْ عجز الْحَاضِرُ لَمْ يُعَجِّزْهُمَا إِلَّا السُّلْطَانُ بَعْدَ التَّلَوُّمِ وَكَذَلِكَ إِنْ غَابَ الْمُكَاتَبُ وَحَلَّتْ نُجُومُهُ فَأُشْهِدَ السَّيِّدُ أَنَّهُ يُعْجِزُهُ ثُمَّ قَدِمَ فَهُوَ عَلَى كِتَابَتِهِ وَلَا يُعَجِّزُهُ إِلَّا السُّلْطَانُ وَإِذَا كَانَ الْمكَاتب ذَا مَال ظَاهر فَلَيْسَ لَهُ تَعْجِيل نَفْسِهِ فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ مَالٌ فَذَلِكَ لَهُ دُونَ الْإِمَامِ وَكَذَلِكَ إِنْ عَجَّزَ نَفْسَهُ قَبْلَ مَحِلِّ النَّجْمِ بِالْأَيَّامِ أَوْ بِالشَّهْرِ وَإِنَّمَا الَّذِي لَا يُعَجِّزُهُ إِلَّا السُّلْطَانُ الَّذِي يُرِيدُ سَيِّدُهُ تَعْجِيزَهُ بَعْدَ مَحِلِّ مَا عَلَيْهِ وَهُوَ يَأْبَى الْعَجز وَيَقُول اؤدي إِلَّا أَنه مطل فَإِنْ عَجَّزَ نَفْسَهُ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ لَا مَال غَيره فَظَهَرَ مَالٌ غَائِبٌ أَخْفَاهُ أَوْ طَرَأَ لَهُ فَهُوَ رَقِيقٌ وَلَا يَرُدُّ مَا رَضِيَ بِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ إِنْ عَجَّزَ نَفْسَهُ وَهُوَ يَكْرَهُ الْكِتَابَةَ وَأَشْهَدَ بِذَلِكَ رَجَعَ مَمْلُوكًا وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لَا يُعَجِّزُهُ إِلَّا السُّلْطَانُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَهُ تَعْجِيزُ نَفْسِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ وَإِلَّا فَلَا قَالَ مُحَمَّدٌ إِنَّمَا لَهُ تعجيز نفسع وَلَا مَالَ لَهُ إِذَا كَانَ وَحْدَهُ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ وَلَدُهُ فَلَا تَعْجِيزَ لَهُ وَيَلْزَمُهُ السَّعْيُ وَإِنْ تَبَيَّنَ لِرَدِّهِ عُوقِبَ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا دَعَا السَّيِّدُ إِلَى فَسْخِ الْكِتَابَةِ فَلِلْمُكَاتَبِ الِامْتِنَاعُ مِنْ ذَلِكَ لِحَقِّهِ فِي الْعِتْقِ وَإِنْ رَضِيَ فَلِلسَّيِّدِ الْمَنْعُ لِحَقِّهِ فِي الْمَالِ وَالْوَلَاءِ وثواب الْعتْق فَإِن رَضِي فَهُوَ مَوْضِعُ الْخِلَافِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ كَانَ مَانِعا لَا مَال لَهُ

(فرع)

تَعْجِيزُ نَفْسِهِ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَيْسَ لَهُ إِلَّا عِنْدَ الْإِمَامِ فَإِنْ كَانَتْ مَنَاعَتُهُ قَائِمَةً وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الْوَفَاءِ مَنَعَهُ وَالرِّضَا مُطْلَقًا قِيَاسًا على البيع إِذْ ارضيا بِالْإِقَالَةِ وَالْمَنْعِ لِمَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَصَبَاتِ الْبَعِيدَةِ مِنْ حَقِّ الْوَلَاءِ وَحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْعِتْقِ وَعَلَى الْمَنْعِ إِذَا رَضِيَ وَلَمْ يَنْظُرْ فِي ذَلِكَ حَتَّى فَاتَ بِبَيْعٍ أَوْ عِتْقٍ مِنَ الْمُشْتَرِي فَقِيلَ الْبَيْعُ فَوْتٌ كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَقِيلَ لَا يَفُوتُ إِلَّا بِالْعِتْقِ وَقِيلَ لَيْسَ يَفُوتُ وَيُنْقَضُ الْعِتْقُ كَبَيْعِ الْمُعَتَقِ وَالْفَوْتُ بِالْعِتْقِ فِي الْكِتَابِ وَقَالَ ح الْعَقْدُ لَازِمٌ وَلَيْسَ لَهُ الرِّضَا بِتَعْجِيزِ نَفْسِهِ وَيُلْزِمُهُ الْحَاكِمُ بِالْأَدَاءِ وَلَا يُجْبِرُهُ عَلَى الْكَسْبِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُ اكْتِسَابٍ بِغَيْرِ مَالٍ ظَاهِرٍ وَقَالَ ش هُوَ عَقْدٌ جَائِزٌ مِنْ قِبَلِ الْعَبْدِ فَلَهُ الِامْتِنَاعُ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْمَالِ وَالْكَسْبِ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى الْبَيْعِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ الثَّمَنِ وَكَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ عَلَى مَالٍ بِرِضَاهُ احْتَجُّوا بِأَنَّهُ شَرْطٌ لَا يَلْزَمُ الْعَبْدَ لَوْ لَمْ يُعَلَّقْ عَلَيْهِ الْعِتْقُ فَلَا يَلْزَمُهُ عِنْدَ التَّعْلِيقِ كَمَا لَوْ كَانَ الشَّرْطُ دُخُولَهُ الدَّارَ وَلِأَنَّهُ مَالٌ لَا يَصِحُّ ضَمَانُهُ فَلَا يَلْزَمُ كَالْجُعَالَةِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ عَكْسُهُ مَا يُضْمَنُ يَلْزَمُ كَالْبَيْعِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ لِلسَّيِّدِ إِجْبَارَهُ عَلَى دُخُولِ الدَّارِ وَنَحْوِهُ تَحْصِيلًا لِمَقَاصِدِ الْعِتْقِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّا نَمْنَعُهُ فَإِن ضَمَان الْمَجْهُول عندنَا يجوز فِي الْجَهَالَة وَغَيْرِهَا (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ لَهُ تَعْجِيلُ كِتَابَتِهِ وَأَنْتَ غَائِبٌ لَا وَكِيلَ لَكَ يَدْفَعُهَا لِلْإِمَامِ وَيُعْتَقُ كَالدَّيْنِ وَإِنْ حَالَّ نَجْمٌ وَلَهُ عَلَيْكَ مثله قَاصِدا إِلَّا أَن يفلس فيحاص غرماءك إِلَّا أَن يقاصد قَبْلَ قِيَامِهِمْ وَلَا يَأْخُذُ غُرَمَاؤُهُ مَا دُفِعَ لَكَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ

مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَيَأْخُذُوهُ وَيَرِقُّ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ عَتَقَ فَإِنْ قَاطَعَكَ عَلَى مَا بَقِيَ عَلَيْهِ بِعَبْدٍ فَظَهَرَ مَسْرُوقًا رَجَعْتَ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ كَالنِّكَاحِ قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ عَادَ مُكَاتَبًا كَالْمَبِيعِ يَسْتَحِقُّ ثَمَنَهُ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُرَدُّ عِتْقُهُ إِذَا تَمَّتْ حُرِّيَّتُهُ وَيُتْبَعُ بِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ قَاطَعَكَ عَلَى وَدِيعَةٍ فَاعْتَرَفَ يُرَدُّ عِتْقُهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ إِنْ غَرَّ سَيِّدَهُ بِمَا لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ فِيهِ شُبْهَةٌ مَلَكَ رَدَّ عِتْقِهِ وَإِلَّا مَضَى عِتْقُهُ وَاتَّبَعَ بِقِيمَةِ ذَلِكَ دَيْنًا وَإِنْ كَانَ مِدْيَانًا فَلَيْسَ لَهُ مُقَاطَعَةُ سَيِّدِهِ وَيَبْقَى لَا شَيْءٌ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْغُرَمَاءَ أَحَقُّ مِنَ السَّيِّدِ فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يَجُزْ قَالَ ابْنُ يُونُسَ اخْتُلِفَ فِي قَوْلِهِ إِنْ عَلِمَ أَنَّهُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ هَلْ يُرِيدُ أَمْوَالَهُمْ بِعَيْنِهَا أَوْ دَفَعَ وَقَدِ اسْتَغْرَقَ مَا كَانَ بِيَدِهِ وَالَّذِي أَرَى إِنْ دَفَعَ وَهُوَ مُسْتَغْرِقُ الذِّمَّةِ فَلَهُمْ رَدُّهُ لِأَنَّهُ تَوَلَّدَ عَنْ أَمْوَالِهِمْ وَلِذَلِكَ مُنِعَ الْحُرُّ مِنَ الْعِتْقِ وَالصَّدَقَةِ وَإِذَا اسْتَغْرَقْتَ الدَّيْنَ فَكَذَلِكَ يُمْنَعُ مِنْ عِتْقِ نَفْسِهِ وَقَدْ مَنَعَهُ مِنَ الْمُقَاطَعَةِ لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ وَقِيلَ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ أَمْ لَا لَمْ يُنْقَضِ الْعِتْقُ وَلَوِ اعْتَرَفَ بِذَلِكَ السَّيِّدُ فَالْقِيَاسُ نُفُوذُ الْعِتْقِ وَيَرْجِعُ الْغُرَمَاءُ عَلَى السَّيِّدِ بِمَا قَبَضَ لِإِقْرَارِهِ أَنَّهُمْ أَوْلَى مِنْهُ قَالَ سَحْنُونٌ فَإِنْ زَعَمَ أَنَّ كُلَّ مَا كَسَبَهُ الْمُكَاتَبُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ قَبْلَ عَجْزِهِ فَإِنَّهُ لِلْغُرَمَاءِ لِأَنَّهُ أَحْرَزَهُ عَنْ سَيِّدِهِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا مَاتَ وَتَرَكَ مَالًا فَغُرَمَاؤُهُ أَحَقُّ بِهِ وَلَا يَحَاصُّهُمُ السَّيِّدُ بِمَا قَاطَعَهُ كَمَا لَا يَحَاصُّ بِالْكِتَابَةِ وَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتِبُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ بَقِيَ دَيْنُ النَّاسِ فِي ذِمَّتِهِ دُونَ رَقَبَتِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ السَّيِّدُ وَإِنْ كَاتَبْتَهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ كَتَمَهُ يَسِيرًا بَدَأَ بِقَضَائِهِ قَبْلَ الْكِتَابَةِ أَوْ كَثِيرًا تُؤَخَّرُ نُجُومُهُ خَيَّرَهُ فِي فَسْخِ كِتَابَتِهِ وَتَرْكِهَا حَتَّى يُؤَدِّيَ دَيْنَهُ ثُمَّ يَسْتَقْبِلُ نُجُومَهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا اسْتَحَقَّ مَا أَخَذَهُ السَّيِّدُ مِنْ كِتَابَةٍ أَوْ قِطَاعَةٍ وَالْمُكَاتَبُ مُوسِرٌ غَرِمَ مِثْلَ مَا أَخَذَ مِنَ السَّيِّدِ لَهُ فِيهِ شُبْهَةٌ أَمْ لَا أَوْ مُعْسِرًا وَلَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ أُجْبِرَ رَدِّ الْكِتَابَةِ إِنْ رُجِيَ

(فرع)

لَهُ مَالٌ وَإِلَّا رُقَّ وَسَقَطَتْ وَلَا يَفْعَلُ الْحق بِالْبَاطِلِ أَوله فِيهِ شُبْهَةٌ اتُّبِعَ فِي ذِمَّتِهِ وَلَا يَرُدُّ الْكِتَابَةَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ السَّيِّدَ أَعْتَقَهُ عِنْدَ دَفْعِ ذَلِكَ إِلَيْهِ وَإِلَّا رَدَّ عِتْقَهُ وَرُقَّ إِنْ كَانَ لَا يُرْجَى لَهُ مَالٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الِاسْتِحْقَاقُ بَعْدَ أَنْ طَالَ أَمْرُهُ وَوَارَهُ الْأَحْرَارُ (فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ لَهُ إِعْطَاءُ كِتَابَتِهِ مِنْ خَرَاجِهِ مِنْ رِبْحِ تِجَارَتِهِ وَهِبَاتِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ صَانِعًا يَحْتَاجُ لِرَأْسِ مَالٍ فَلَا يَقْضِي إِلَّا مِنَ الْفَاضِلِ بَعْدَ قَضَاءِ مَا دَايَنَ عَلَيْهِ لِتِلْكَ الصَّنْعَةِ وَإِنْ نَقَصَ رَأْسُ الْمَالِ لَا يُؤَدِّي مِنَ الرِّبْحِ حَتَّى يُجِيزَ الْوَضِيعَةَ وَإِنْ وَهَبَ هِبَةً وَقَصَدَ الْوَاهِبُ أَنْ يُوَفِّيَ مِنْهَا كِتَابَتَهُ جَعَلَهَا لِلْكِتَابَةِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدِ الْوَاهِبُ شَيْئًا خُيِّرَ بَيْنَ الْكِتَابَةِ وَغَيْرِهَا (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ لَيْسَ لَهُ التَّزَوُّجُ وَإِنْ رَآهُ نَظَرًا أَوْ يُسَافِرُ بِغَيْرِ إِذْنِكَ فَيُبَدِّلُ إِبْطَالَ كِتَابَتِهِ فَفَعَلَ فَذَلِكَ الْإِمَامُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى بِالْعِتْقِ قَالَ رَبِيعَةُ لَيْسَ لَكَ فَسْخُ الْكِتَابَةِ فِي بَعِيدِ السَّفَرِ إِلَّا بِالْإِمَامِ لِيَجْتَهِدَ فِي كَوْنِهِ بَعِيدًا أَمْ لَا وَإِنْ تَزَوَّجَ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَانْتُزِعَ مَا أَعْطَاهُ مِنْهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ أَمَّا إِنْ كَانَ صَانِعًا أَوْ تَاجِرًا قَبْلَ الْكِتَابَةِ فَلَكَ مَنْعُهُ لِأَنَّ مَقْصُودَكَ أَنْ يوفيك من الَّذِي حدث بِهِ عَادَتُهُ فَإِنْ بَارَتِ الصِّنَاعَةُ أَوِ التِّجَارَةُ وَاحْتَاجَ لِلسَّفَرِ فَلَكَ مَنْعُهُ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِحَمِيلٍ بِالْأَدَاءِ مِنَ الْبَاقِي مِنْ كِتَابَتِهِ أَوْ قِيمَتِهِ وَإِنْ كَانَ شَأْنُهُ الْكَسْبَ بِالسَّفَرِ قَبْلَ الْكِتَابَةِ لَمْ يَمْنَعْهُ وَلَا يَلْزَمْهُ حَمِيلٌ وَإِنْ أَحَبَّ السَّفَرَ إِلَى مَوْضِعٍ يَحُلُّ النَّجْمُ قَبْلَ رُجُوعه منع وَإِن كَانَ يسود قَبْلَ ذَلِكَ وَهُوَ مُبْهَمٌ فَتَعَدَّى ويج هُنَالِكَ منع

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ يَتْبَعُهُ مَالُهُ مِنْ رَقِيقٍ وَعرض وَعين وَدين لَيْلًا يتَعَذَّر الْوَفَاء بِالْكِتَابَةِ وَلَيْسَ لَهُ أَخذه بعد الْكِتَابَة إِلَّا أَن يَشْتَرِطه عِنْدَ الْعَقْدِ فَهُوَ لَكَ وَلَا يَتْبَعُهُ وَلَدٌ مُتَقَدم وَإِن كتمه لِأَنَّهُ ملكك وَلنْ يَتَنَاوَلْهُ الْعَقْدُ وَلَا حَمْلُ أَمَتِهِ وَلَا أَمَةٍ تبع لَهُ لِأَنَّهَا مَاله وَلِأَنَّهُ إِذَا فَلَسَ أَخَذَ مَالَهُ دُونَ وَلَدِهِ وَكَذَلِكَ الْبَيْعُ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ وَالْمُكَاتَبَةُ إِذَا كُوتِبَتْ حَامِلًا تَبِعَهَا وَلَدُهَا قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَيْهِ وَعَلَى أُمِّ وَلَدِهِ كِتَابَةً وَاحِدَةً أَوْ مُفْتَرَقَيْنِ جَازِ وَيَحْرُمُ عَلَى الْمُكَاتِبِ أمته لِأَنَّهَا وولاؤها لِلسَّيِّدِ وَإِنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ بِيعَتْ وَحْدَهَا لِأَنَّهَا فِي عَقْدِ الْكِتَابَةِ وَإِنْ تَرَكَ وَفَاءَهُ عَتَقَتْ فِيهِ وَاتَّبَعَهَا وَلَدُهَا مِنْهُ وَإِنْ تَزَوَّجَهَا الْمُكَاتَبُ بَعْدَ أَنْ كَاتَبَهَا السَّيِّدُ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا السَّيِّدُ وَلَا الْوَلَدُ بِمَا أَدَّى عَنْهَا مِنْ مَالِ زَوْجِهَا الْمَيِّتِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ كَانَ لَهُ مَال فكتمه قَالَ مَالك لِلْعَبْدِ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَكُونَ لِلسَّيِّدِ إِنْ ظَنَّ أَنَّ السَّيِّدَ لَوْ عَلِمَ بِهِ لَا يَنْزَعُهُ قَبْلَ الْكِتَابَةِ ثُمَّ يُكَاتِبُهُ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَتْرُكُهُ فِي يَدِهِ وَيَزِيدُ فِي كِتَابَتِهِ وَيَعْلَمُ بِذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ الْكِتَابَةَ فَإِنْ رَضِيَ الْعَبْدُ بِتِلْكَ الزِّيَادَةِ وَإِلَّا فُسِخَتِ الْكِتَابَةُ إِلَّا أَنْ يَرْضَى الْعَبْدُ بِتَسْلِيمِ ذَلِكَ الْمَالِ وَإِنْ أُشْكِلَ الْأَمْرُ صُدِّقَ الْعَبْدُ فِيمَا يَقُولُهُ مِنْ ذَلِكَ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِنْ أَعَانَهُ قَوْمٌ بِمَالٍ يُؤَدِّي مِنْهُ كِتَابَتَهُ وَفَضَلَتْ فَضْلَةٌ رَدَّهَا عَلَيْهِمْ بِالْحِصَصِ إِنْ قَصَدُوا فَكَّ رَقَبَتِهِ لَا الصَّدَقَةَ عَلَيْهِ وَإِنْ عَجَزَ لَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ مَعَ قَبْضِهِ مِنْهُ قَبْلَ الْعَجْزِ مِنْ كَسْبٍ أَوْ صَدَقَةٍ عَلَيْهِ فَإِنْ أَعَانُوهُ لِفَكِّ الرَّقَبَةِ فَلَمْ يَفُكَّ بِالْكِتَابَةِ رَجَعَ كَلٌّ بِمَا أَعْطَى إِلَّا أَنْ يُحَلِّلَ مِنْهُ الْمُكَاتَبُ فَيَكُونَ لَهُ وَإِنْ اعانوه صدقته لَا عَلَى الْفَكَاكِ فَعَجَزَ حَلَّ لَكَ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ إِنْ أَعَانُوهُ عَلَى الْفَكَاكِ وَعَجَزَ فَعَرَفَهُمْ رَدَّهُ عَلَيْهِمْ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُمْ جَعَلَهُ فِي مُكَاتَبِينَ أَوْ فِي رِقَابٍ لِأَنَّ مَقْصُودَ الدَّافِعِ قُرْبَةُ الْعِتْقِ قَالَ سَحْنُونٌ إِنْ لَمْ يَعْرِفْهُمْ وُقِفَ

(فرع)

الْمَالُ بِيَدِهِ أَبَدًا لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا قَصَدُوا الْإِحْسَانَ إِلَيْهِ خَاصَّةً وَهَذَا الْمَالُ كَالْوَدِيعَةِ قِيلَ يَعْمَلُ صَاحِبُهَا وَيَتَصَدَّقُ بِهَا فَإِنْ قَالُوا أَرَدْنَا فَكَاكَ الرَّقَبَةِ وَقَالَ السَّيِّدُ بَلِ الصَّدَقَةُ حُمِلَ عَلَى عُرْفِ الْبَلَدِ فَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ صُدِّقُوا مَعَ أَيْمَانِهِمْ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا كَانَ الْحُكْمُ رَدَّ الْفَضْلَةِ وَأَخْذَ الْمَالِ مِنْ رَجُلَيْنِ وَلَمْ يَدْرِ ايهما هِيَ تَحَاصَّا مِنْ فَكَاكِ الْفَضْلِ فَإِنْ عَرَفْتَ مِنْ أَيِّ الْمَالَيْنِ هِيَ كَانَتْ لِصَاحِبِهِ أعْطَى أَوَّلًا أَوْ آخِرًا وَإِنْ أَعْطَاهُ ذَلِكَ مِنْ زَكَاةٍ وَلَمْ يُوَفَّ انْتُزِعَ مِنَ السَّيِّدِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فَقِيرًا وَإِنْ فَضُلَتْ فِي يَدِ الْعَبْدِ جَازَ لَهُ حَبْسُهَا إِنْ كَانَ مِمَّنْ يَجُوزُ لَهُ الزَّكَاةُ وَإِنْ أَخَذَ مَالَيْنِ وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا كَفَافُ أَمْرٍ أَنْ يُؤَدِّيَ مِنَ الْأَوَّلِ وَيَرُدَّ الثَّانِيَ فَإِنْ أَدَّى مِنَ الثَّانِي خُيِّرَ الْأَوَّلُ بَيْنَ أَخْذِ مَالِهِ بِعَيْنِهِ أَوْ يَدْفَعهُ للثَّانِي وَيبقى لَهُ الآخر (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِنْ أَعْتَقْتَ نِصْفَ مُكَاتَبِكَ فِي صِحَّتِكَ فِي غَيْرِ وَصِيَّةٍ فَهُوَ وَضْعُ مَالٍ فَيُوضَعُ عَنْهُ نِصْفُ كُلِّ نَجْمٍ وَلَا يُعْتَقُ عَلَيْكَ إِنْ عَجَزَ أَوْ وَضَعْتَ حِصَّتَكَ مِنَ الْمُشْتَرِي أَوْ أَعْتَقَهَا وَضَعْ لَكَ مِنْ كُلِّ نَجْمٍ فَإِنْ عَجَزَ رُقَّ لَكُمَا وَإِنْ مَاتَ مُكَاتَبًا أَخَذَ الْمُتَمَسِّكُ مِمَّا تَرَكَ مَا بَقِي لَهُ وَمَا ترك بَيْنَكُمَا وَلَوْ كَانَ عِتْقًا لَكَانَ لِلْمُتَمَسِّكِ خَاصَّةً وَيُقَوَّمُ عَلَى الْمُعْتِقِ مَا بَقِيَ مِنَ الْكِتَابَةِ وَلَكَانَ مَنْ تَرَكَ مُكَاتَبًا وَوَرِثَهُ بَنُونَ وَبَنَاتٌ فَأَعْتَقَ الْبَنَاتُ حِصَّتَهُنَّ أَنَّ لَهُنَّ وَلَاءَ نَصِيبِهِنَّ وَهُنَّ لَا يَرِثْنَ مِنْ وَلَاءِ الْمُكَاتَبِ شَيْئًا وَإِن أعتقن نصيبهن وَإِنَّمَا يَرث وَلَاؤُه ذُكُورا وَلَدِ السَّيِّدِ أَوْ عَصَبَتُهُ مِنَ الرِّجَالِ وَلَوْ كَانَ لَكَ مُكَاتَبٌ فَأَعْتَقْتَ نِصْفَهُ لَمْ يُعْتَقْ عَلَيْكَ النِّصْفُ الْبَاقِي إِلَّا بِأَدَاءِ بَقِيَّةِ الْكِتَابَةِ وَإِنْ أَعْتَقَ الْمَرِيضُ بَعْضَ مُكَاتَبِهِ وَضَعَ حِصَّةَ ذَلِكَ مِنْ كِتَابَتِهِ وَإِنْ عَجَزَ عَتَقَ ذَلِكَ الشِّقْصُ مِنْ ثُلُثِهِ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ لِلْعَبْدِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ قُلْتَ

لِعَبْدٍ إِنْ كَلَّمْتُ فُلَانًا فَنِصْفُكَ حُرٌّ فَكَاتَبْتَهُ ثُمَّ كَلَّمْتَ فُلَانًا وَضَعْتَ عَنْهُ نِصْفَ مَا بَقِيَ مِنَ الْكِتَابَةِ يَوْمَ الْكِتَابَةِ وَإِنْ عَجَزَ رُقَّ كُلَّهُ وَلَا يَلْزَمُكَ حِنْثٌ كَمَنْ أَعْتَقَ نِصْفَ مُكَاتَبِهِ وَكَذَلِكَ حِنْثُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ بَعْدَ أَنْ كَاتَبَاهُ وَإِنْ حَلَفْتَ بِحُرِّيَّةِ جَمِيعِهِ ثُمَّ كاتبته مَعَ آخر ثمَّ حنث عَتَقَ إِنْ عَجَزَ وَلَا يُعَجَّلُ عِتْقُهُ حَتَّى يَعْجَزَ وَهُوَ كَمَنْ أَعْتَقَ أَحَدَ مُكَاتِبَيْهِ فَإِنْ أَعْتَقْتَ عُضْوًا مِنْ مُكَاتِبِكَ عَتَقَ جَمِيعُهُ لِأَنَّكَ قَاصِدٌ لِلْعِتْقِ هَاهُنَا لَا وَضْعَ الْكِتَابَةِ بِخِلَافِ عِتْقِ الْحُرِّ قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ إِنْ قُلْتَ اخْدُمْ فُلَانًا وَأَنْتَ حُرٌّ فَوَضَعَ عَنْهُ الْمُخْدَمُ نِصْفَ الْخِدْمَةِ فَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ تَرَكَ لَهُ خِدْمَةَ نِصْفِ سَنَةٍ فَهُوَ كَذَلِكَ أَوْ تَمْلِيكَ سَيِّدِهِ وَإِنْ شَرَكَهُ فِيهَا عَتَقَ الْمُكَاتَبُ كُلُّهُ كَمَنْ وَهَبَ لِعَبْدِهِ نِصْفَ خِدْمَتِهِ لِأَنَّ الْخِدْمَةَ كالرقب فَكَأَنَّهُ وهب نِصْفَ رَقَبَتِهِ وَمَنْ عَلَّقَ الْعِتْقَ عَلَى الْخِدْمَةِ فَعَجَّلَ الْعِتْقَ عَتَقَ وَسَقَطَتِ الْخِدْمَةُ وَالْمُكَاتَبُ إِنَّمَا يَمْلِكُ فِيهِ مَالًا يُعْتَقُ نِصْفُهُ وُضِعَ مَالٌ فَقَطْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ وَضَعْتَ نَجْمًا بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَهِيَ عِنْدَ الْمَوْتِ ثَلَاثَةٌ وُضِعَ عَنْهُ مِنْ كُلِّ نَجْمٍ ثُلُثُهُ فَإِنْ أَدَّى عَتَقَ وَإِنْ عَجَزَ عَتَقَ ثُلُثُهُ وَإِنْ أَوْصَيْتَ بِالنَّجْمِ الْأَوَّلِ اعْتُبِرَتْ قِيمَتُهُ لَوْ بِيعَ قُرْبَ مَحِلِّهِ فَإِنْ كَانَتْ عَشَرَةً وَقِيمَةُ بَقِيَّةِ النُّجُومِ عَلَى مَحِلِّ آجَالِهَا عَشَرَةٌ فَالْوَصِيَّةُ بِالنِّصْفِ مِنْ رَقَبَتِهِ فَيُجْعَلُ فِي الثُّلُثِ الْأَقَلِّ مِنْ نِصْفِ قِيمَةُ رَقَبَتِهِ أَوْ قِيمَةُ ذَلِكَ النَّجْمِ فَأَيُّ ذَلِكَ حَمَلَهُ الثُّلُثُ عَتَقَ نِصْفُهُ وَوُضِعَ عَنْهُ ذَلِكَ النَّجْمُ بِعَيْنِهِ وَكَذَلِكَ يَعْمَلُ فِي النَّجْمِ الآخر والأوسط فَإِن لم يدع غير الْمكَاتب خُيِّرَ الْوَرَثَةُ بَيْنَ وَضْعِ ذَلِكَ النَّجْمِ وَعِتْقِ نَصْفِهِ أَوْ يُعْتِقُوا ثُلُثَهُ وَيُوضَعَ عَنْهُ مِنْ كُلِّ نَجْمٍ ثُلُثُهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ قُلْتَ إِنْ مِتُّ فَنِصْفُ مُكَاتَبِي حُرٌّ عَنْ ذَلِكَ النِّصْفِ مِنْ ثُلُثِهِ فَإِنْ عَجَزَ عَنِ الْأَدَاءِ فِي النِّصْفِ الْبَاقِي كَانَ نِصْفُهُ عَتِيقًا

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ يُمْتَنَعُ وَطْؤُهَا فَإِنْ فَعَلْتَ درئ الْحَد بِالشُّبْهَةِ اكرهتها ام لَا ويعاقب إِلَّا أَن يعْذر بِالْجَهْلِ وَلَا صَدَاقَ لَهَا وَلَا مَا نَقَصَهَا إِنْ طَاوَعَتْهُ وَإِنْ أَكْرَهَهَا فَمَا نَقَصَهَا وَعَلَى الْأَجْنَبِيّ أَرْشهَا بِكُل حَال إِذْ قد يعجز فَتَرْجِعُ مَعِيبَةً لِسَيِّدِهَا وَهِيَ بَعْدَ وَطْءِ سَيِّدِهَا عَلَى كِتَابَتِهَا فَإِنْ حَمَلَتْ خُيِّرَتْ بَيْنَ أَنْ تكون أم ولد وتمضي عَلَى كِتَابَتِهَا وَإِنْ جَنَى عَلَى جَنِينِهَا فَفِيهِ مَا فِي جَنِينِ الْحُرَّةِ مَوْرُوثٌ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ مِنَ السَّيِّدِ كَجَنِينِ أُمِّ الْوَلَدِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ إِنَّمَا يَنْقُصُهَا إِذَا كَانْتَ بِكْرًا وَلَهَا إِذَا حَمَلَتْ أَنْ تُعَجِّزَ نَفْسَهَا وَتَرْجِعَ أُمَّ وَلَدٍ وَلَهَا مَالٌ كَثِيرٌ وَقُوَّةٌ عَلَى السَّعْيِ قَالَ مَالِكٌ وَإِنِ اخْتَارَتِ الْكِتَابَةَ فَنَفَقَتُهَا عَلَى سَيِّدِهَا فِي الْحَمْلِ مَا دَامَتْ حَامِلًا كَالْمَبْتُوتَةِ فَإِنَّهُ يُنْفِقُ عَلَى وَلَدِهِ وَقَالَ أَصْبَغُ نَفَقَتُهَا عَلَى نَفْسِهَا لِاخْتِيَارِهَا الْكِتَابَةَ وَالْمُكَاتبَةُ نَفَقَتُهَا عَلَيْهَا حَتَّى تَعْجَزَ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا وَلَدَتْ بِنْتًا وَابْنَتُهَا بِنْتًا أُخْرَى فَزَمِنَتِ الْبِنْتُ الْعُلْيَا فَأَعْتَقَهَا جَازَ وَبِيعَتِ الْأُمُّ مَعَ السُّفْلَى وَبِيعَتِ السُّفْلَى وَلَوْ وُلِدَتِ السُّفْلَى فَوَلَدُهَا حُرٌّ وَلَا يَخْرُجُ مِنَ الْكِتَابَةِ وَتَسْعَى هِيَ مَعَهُمْ إِلَّا أَنْ تَرْضَى هِيَ وَهُمْ بِإِسْلَامِهَا إِلَى السَّيِّدِ وَيُحَطُّ عَنْهُمْ حِصَّتُهَا وَتَصِيرُ حِينَئِذٍ أُمَّ وَلَدٍ لَكَ قَالَ سَحْنُونٌ إِنْ كَانَ مَعَهَا فِي الْكِتَابَةِ مَنْ يَجُوزُ رِضَاهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَإِنْ كَانَ فِي قوتها مِمَّن يُرْجَى نَجَاتُهُمْ بِهَا وَيُخَافُ عَلَيْهِمْ إِذَا رَضُوا بِإِجَارَتِهَا الْعَجْزُ امْتَنَعَ إِذْ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُرْقُوا أَنْفُسَهُمْ وَقَالَ بَعْضُ الرُّوَاةِ يَمْتَنِعُ وَإِنْ رَضُوا وَرَضِيَتْ وَإِنْ كَانَتْ قُوَّتُهُمْ مِثْلَ قُوَّتِهَا لِأَنَّ حَالَهُمْ قَدْ يَتَغَيَّرُ وَيَبْقَى مَعَهُمْ إِنْ عَتَقُوا عِتْقَهُ وَإِنْ عَجَزُوا كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ وَيَعْرِفُ مَا يَخُصُّهَا مِنَ الْكِتَابَةِ بِأَنْ يَعْرِفَ كَمْ يَلْزَمُهَا حِينَ بَلَغَتِ السَّعْيَ أَنْ لَوْ كَانَتْ هَكَذَا يَوْمَ عَقْدِ الْكِتَابَةِ فَيُحَطُّ عَنْهُمْ قَدَرُ ذَلِكَ عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ ذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِذَا كَاتَبَ

الْمُكَاتَبُ أَمَتَهُ بِإِذْنِ السَّيِّدِ ثُمَّ وَطِئَهَا الْمُكَاتَبُ فَحَمَلَتْ فَلَا خِيَارَ لَهَا فِي التَّعْجِيزِ وَإِنْ أَدَّتْ عَتَقَتْ وَوَلَدَهَا وَإِنْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ قَبْلَهَا عَتَقَ مَعَ وَلَدِهَا وَسَعَتْ فِيمَا بَقِيَ عَلَيْهَا إِنْ شَاءَتْ أَوْ عَجَّزَتْ نَفْسَهَا وَبَقِيَتْ أُمَّ وَلَدٍ وَإِنْ مَاتَ فِي كِتَابَتِهِ قَبْلَ خُرُوجِهَا وَتَرَكَ وَفَاءَ كِتَابَتِهِ عَتَقَتْ مَعَ وَلَدِهَا وَإِنْ بَلَغَ الْوَلَدُ قَبْلَ عِتْقِهَا سَعَى مَعَ أَقْرَبِهِمَا عِتْقًا وَعَتَقَ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ مَا يُؤَدِّي عَنْ أَبَوَيْهِ أُخِذَ مِنْ مَالِهِ مَا يُؤَدِّي عَنْهُمَا وَعَتَقُوا وَإِنْ مَاتَتْ هِيَ أَوَّلًا وَتَرَكَتْ مَالًا أَخَذَ الْمُكَاتَبُ مِنْ مَالِهَا مَا بَقِيَ عَلَيْهِ وَعَتَقَ هُوَ وَوَلَدُهَا وَوَرِثَ الْوَلَدُ مَا بَقِيَ مِنْ مَالِهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ وَفَاءٌ فَلِلْوَلَدِ أَخْذُهُ وَالسِّعَايَةُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يدع شَيْئًا فَإِنْ أَدَّى عَتَقَ فَإِنْ كَانَ سَيِّدُ الْمكَاتب هُوَ الَّذِي وطيء هَذِهِ الْمُكَاتَبَةَ فَحَمَلَتْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَهَا الْخِيَارُ فِي تَعْجِيزِ نَفْسِهَا وَتَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ للسَّيِّد الواطىء وَيُغَرَّمُ قِيمَتُهَا لِلْمُكَاتَبِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْوَلَدِ وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَحْسِبَ بِالْقِيمَةِ الْمُكَاتَبَةِ فِي كِتَابَتِهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ الْمُكَاتَبُ وَإِنِ اخْتَارَ الْبَقَاءَ عَلَى الْكِتَابَةِ غَرِمَ قِيمَتَهَا يَوْمَ وَطْئِهَا قِيمَةَ أَمَةٍ تُوقَفُ خِيفَةَ أَنْ يُعْدَمَ الواطىء عِنْد العجزا وَوَلَدُهُ حُرٌّ مَكَانُهُ وَإِنْ أَدَّتْ عَتَقَتْ وَأَخَذَ الواطيء الْقِيمَةَ أَوْ عَجَزَتْ فَالْقِيمَةُ لِسَيِّدِهَا الْمُكَاتِبِ وَهِيَ أم ولد السَّيِّد الواطيء وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَ الْأَدَاءِ فَالْقِيمَةُ لِسَيِّدِهَا الْمُكَاتِبِ وَعَنْهُ إِنْ مَاتَتْ قَبْلَ الْأَدَاءِ أُخِذَ مِنَ الْقِيمَةِ الْمَوْقُوفَةِ قِيمَةَ الْوَلَدِ فَدُفِعَتْ لِلْمُكَاتَبِ وَرَجَعَ بَاقِيهَا للواطيء وَإِنِ اشْتَرَيْتَ أَمَةً فَأَوْلَدْتَهَا فَاسْتَحَقَّتْ لِأَنَّهَا مُكَاتَبَةٌ غَرِمْتَ قِيمَةَ الْوَلَدِ وَيَأْخُذُهُ السَّيِّدُ وَيَحْسُبُ لِأَمَتِهِ مِنْ آخِرِ كِتَابَتَهَا لِأَنَّ هَذِهِ تَرْجِعُ لِرِقِّ الْكِتَابَة وَلَا تكون أم ولد الواطيء فَوَلَدُهَا بِمَنْزِلَتِهَا فَلِذَلِكَ غَرِمَ الْأَبُ قِيمَتَهُ وَلَوْلَا السُّنَّةُ الَّتِي جَرَتْ بِحُرِّيَّتِهِ لَكَانَ مُكَاتَبًا مَعَ أُمِّهِ وَإِنَّمَا فَدَاهُ أَبُوهُ عَنِ الْكِتَابَةِ لِأَنَّهُ لَوْ تَأَخَّرَ الْحُكْمُ عَنِ الْأَبِ حَتَّى أَدَّتِ الْأُمُّ الْكِتَابَةَ وَعَتَقَتْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ قِيمَةٌ وَمن وطيء مُكَاتَبَةَ ابْنِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ حَمَلَتْ خُيِّرَتْ بَيْنَ أُمِّ الْوَلَدِ

(فرع)

وَالْكِتَابَةِ فَإِنْ وَلَدَتْ عَتَقَتْ أَوْ عَجَزَتْ قُوِّمَتْ عَلَيْهِ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَيْسَ لَهُ نَقْلُ الْوَلَاءِ إِلَّا بِعَجْزٍ وَإِذَا عَجَزَتْ خُيِّرَ الِابْنُ فِي تقويمها على ابيه وَالْمَعْرُوف لِأَصْحَابِنَا لابد أَنْ يُقَوِّمَهَا عَلَيْهِ لِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ لَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنِ اخْتَارَتِ الْبَقَاءَ عَلَى الْكِتَابَةِ وَقَفَتِ الْقِيمَةُ أَوْ عَجَزَتْ أَخَذَهَا الِابْنُ وَصَارَت أم ولد وَإِن جنى عَلَيْهَا قبل عجزها مَا يبْقى عقله بِعتْقِهَا عتقت وَرجعت الْقيمَة إِلَى الواطيء وَإِلَّا بِيعَتْ فِيمَا بَقِيَ عَلَيْهَا فَإِنْ أَدَّتْ عَتَقَتْ أَوْ عَجَزَتْ حُوصِصَ وَاطِؤُهَا بِمَا أَخَذَ سَيِّدُهَا مِنْ ثَمَنِ خِدْمَتِهَا فِيمَا عَلَيْهِ مِنَ الْقِيمَةِ وَإِنْ أَصَابَهَا ذَلِكَ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ ثُمَّ عَجَزَ أَخَذَ الِابْنُ الْقِيمَةَ بِالْإِحْصَاصِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابَة لَا يُبَاعُ الْمُكَاتَبُ وَإِنْ رَضِيَ لِثُبُوتِ الْوَلَاءِ لِعَاقِدِ الْكِتَابَةِ وَيُرَدُّ الْبَيْعُ إِلَّا أَنْ يُعْتِقَهُ الْمُشْتَرِي فَيَمْضِي وَلَاؤُهُ لَهُ إِنْ كَانَ الْعَبْدُ رَاضِيًا كَأَنَّهُ رَضِيَ بِالْعَجْزِ وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ إِنْ بِيعَ الْمُدَبَّرُ فَأَعْتَقَهُ الْمُبْتَاعُ رُدَّ بَيْعُهُ ثُمَّ قَالَ لَا يُرَدُّ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ الْعِتْقُ وَقَالَ غَيْرُهُ عَقْدُ الْكِتَابَةِ قَوِيٌّ فَيُرَدُّ وَيُنْقَضُ الْعِتْقُ وَقَالَ أَشْهَبُ هَذَا إِذَا لَمْ يَعْلَمِ الْمُكَاتَبُ بِالْبَيْعِ وَافَقَنَا فِي مَنْعِ بَيْعِ الْمكَاتب ح وش فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ لَنَا نَهْيُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ وَعَنْ هِبَتِهِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِنْ كَاتَبَ الْمُكَاتِبُ عَبْدًا لَهُ فَبِيعَتْ كِتَابَة الأعلا تبعه مكَاتبه لِأَنَّهُ مَاله وَأدّى الْأَسْفَل للأعلا فَإِن عجز الْأَسْفَل رد للأعلا وَإِن عجز الأعلا رقا مَعًا للْمُشْتَرِي وَإِن عجز الأعلا وَحده أدّى الْأَسْفَل للْمُبْتَاع وَعتق فولاؤه للْبَائِع وَإِن لم يبع الْكِتَابَة وَعجز الأعلا وَأدّى الْأَسْفَل للسَّيِّد الأعلا فولاؤه لَهُ وَإِن عتق الأعلا بَعْدَ عَجْزِهِ لَمْ يَرْجِعْ إِلَيْهِ وَلَا الْأَسْفَلِ وَلَا

شَيْءَ مِمَّا أَدَّى لِلسَّيِّدِ لِأَنَّهُ بِالْعَجْزِ رَجَعَ رَقِيقًا وَمَالُهُ وَمَا عَلَى مَكَاتَبِهِ لِلسَّيِّدِ وَكِتَابَةُ الْمُكَاتِبِ عَبْدَهُ لِابْتِغَاءِ الْفَضْلِ جَائِزَةٌ وَإِلَّا امْتَنَعَتْ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْعِتْقِ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ لِعَبْدِهِ إِنْ جِئْتَنِي بِكَذَا فَأَنْتَ حُرٌّ إِلَّا أَنَّهُ يَتَلَوَّمُ لِلْعَبْدِ فِي هَذَا وَيَجُوزُ بَيْعُ كِتَابَةِ الْمُكَاتَبِ إِنْ كَانَتْ عَيْنًا بِعَرَضٍ نَقْدًا أَوْ عَرَضًا بِعَرَضٍ مُخَالِفٍ لَهُ أَوْ بِغَيْرِ نَقْدٍ وَمَا تَأَخَّرَ كَانَ دَيْنًا بِدَيْنٍ وَيَتْبَعُهُ فِي بَيْعِهَا مَالُهُ قَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ الْمُكَاتَبُ أَحَقُّ بكتابته إِذا بِيعَتْ بِالثّمن وَمنع ش وح بَيْعَ الْكِتَابَةِ لَنَا قَوْله تَعَالَى {وَأَحَلَّ اللَّهُ البيع} وَقَوله تَعَالَى {أَوْفوا بِالْعُقُودِ} وَلِأَنَّهَا مِلْكٌ لِلسَّيِّدِ وَبَيْعُ الْمَمْلُوكِ جَائِزٌ احْتَجُّوا بنهيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن بيع وَلِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَدْرِي أَيَحْصُلُ لَهُ النُّجُومُ أَوِ الرَّقَبَةُ فَهُوَ كَمَا لَوْ بَاعَهُ ثَوْبًا فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ أَخَذَ عَبْدَهُ وَهُوَ بَاطِلٌ إِجْمَاعًا وَلِأَن سِعَايَتَهُ لِلْمُشْتَرِي لَا يَدْرِي أَيَأْخُذُ نُجُومًا أَوْ بَعْضَهَا أَوْ رَقَبَةً وَلِأَنَّهُ قَدْ يَمُوتُ قَبْلَ النُّجُومِ فَيَذْهَبُ الثَّمَنُ بَاطِلًا وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِمَا فِي مُسْلِمٍ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا جاءتها بَرِيرَة تستسعيها فِي كتَابَتهَا وَلم تكن قبضت مِنْ كِتَابَتِهَا شَيْئًا فَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ارْجِعِي إِلَى أَهْلِكِ فَإِنْ أَحَبُّوا أَنْ أَقْضِيَ عَنْكِ كِتَابَتِكِ وَيَكُونَ وَلَاؤُكَ لِي فَعَلْتُ فَذكرت ذَلِك فانتهرتها وَقلت لَاهَا اللَّهِ فَسَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَسَأَلَنِي فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ اشْتَرِيهَا وَأَعْتِقِيهَا وَاشْتَرِطِي

(فوائد)

لَهُمُ الْوَلَاءَ فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ ثُمَّ قَامَ رَسُول الله لله فَقَالَ مَا بَالُ النَّاسِ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَلَيْسَ لَهُ وَإِنْ شَرَطَ مِائَةَ مَرَّةٍ شَرْطُ اللَّهِ أَحَقُّ وَأَوْثَقُ (فَوَائِدُ) قَالَ صَاحِبُ الْمُفْهِمِ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ فَسْخُ الْكِتَابَةِ وَبَيْعُ الْمُكَاتَبِ وَقَالَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ شَاذًّا وَتَأَوَّلَهُ الْجُمْهُورُ فَإِنَّ الْكِتَابَةَ لَمْ تَكُنِ انْعَقَدَتْ وَمَعْنَى كَاتَبْتُ أَهْلِي أَيْ رَاوَدْتُهُمْ عَلَى الْكِتَابَةِ فِي أَجَلِهَا وَمَبْلَغِهَا وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ وَقِيلَ بيع الْكِتَابَة وَهُوَ فَاسد لأمن أجَاز بيع الْكِتَابَة لم يحصل الْوَلَاءَ لِلْمُشْتَرِي وَقِيلَ عَجَزَتْ فَاتَّفَقَتْ هِيَ وَأَهْلُهَا عَلَى فَسْخِ الْكِتَابَةِ وَإِنَّمَا يَصِحُّ إِذَا قُلْنَا إِنَّ التَّعْجِيزَ غَيْرُ مُفْتَقِرٍ إِلَى حُكْمِ حَاكِمٍ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ مِنَ الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ لِأَنَّ الْحَيّ لَا يعدرهما أَوْ يُلَاحِظُ أَنَّ فِيهَا حَقًّا لِلَّهِ وَأَنَّهُمَا يَتَّهِمَانِ عَلَيْهِ وَيَدُلُّ عَلَى الْعَجْزِ قَوْلُهَا وَلَمْ تَقْضِ مِنْ كِتَابَتِهَا شَيْئًا فِي بَعْضِ الطُّرُقِ وَقَضَاءُ الْحَقِّ إِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ اسْتِحْقَاقِهِ وَجَاءَتْ تَسْتَعِينُهَا وَذَلِكَ عَجْزٌ ظَاهِرٌ وَقَوْلُهَا لَاهَا اللَّهِ بِمَدِّهَا يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ بَرِيرَةَ أَيْ لَا أَسْتَسْفِهُكَ أَوْ مِنْ قَوْلِ عَائِشَةَ أَيْ لَا أَشْتَرِطُ لَهُمُ الْوَلَاءَ وَقَوْلُهُ وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلَاءَ لَمْ يَرْوِهَا أَكْثَرُ الرُّوَاةِ وَهِيَ مُشْكِلَةٌ مِنْ جِهَةِ أَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِاشْتِرَاطِ مَا لَا يَجُوزُ وَإِدْخَالِهِمْ فِي الْغَرَرِ وَبِالْخَدِيعَةِ وَذَلِكَ كُلُّهُ مُحَالٌ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأُجِيبُ بِأَنَّ لَهُمْ بِمَعْنَى عَلَيْهِمْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِن أسأتم فلهَا} أَيْ عَلَيْهَا وقَوْله تَعَالَى {أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ} أَيْ عَلَيْهِمْ أَوْ مَعْنَى الْأَمْرِ الْإِبَاحَةُ وَالتَّنْبِيهُ عَلَى عَدَمِ النَّفْعِ أَيِ اشْتَرِطِي أَوْ لَا

(تفريع)

تَشْتَرِطِي فَإِنَّهُ لَا يَنْفَعُهُمْ أَوْ إِنْ عُدِمَ نَفْعُ ذَلِكَ كَانَ مُشْتَهِرًا فَلَا غَرَرَ وَأَطْلَقَ الْأَمْرَ أَيْ هُمْ يَعْرِفُونَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَنْفَعُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلكُمْ} وَيُرِيد أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَدَأَ بِالْإِنْكَارِ وَلَوْ كَانَ الْحُكْمُ مَجْهُولًا لَبَدَأَ بِالتَّعْلِيمِ وَقِيلَ اشْتَرِطِي لَهُمْ أَيْ أَظْهِرِي لَهُمْ حُكْمَ الْوَلَاءَ وَالِاشْتِرَاطُ الْإِظْهَارُ لُغَةً أَيْضًا قَالَ أَوْسُ بْنُ حَجَرٍ (فَأَظْهَرَ فِيهَا نَفْسَهُ وَهُوَ مُعْلِمٌ ... وَأَلْقَى بِأَسْبَابٍ لَهُ وَتَوَكَّلَا) أَيْ أَظْهَرَ نَفْسَهُ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَفْعَلَ وَيَقْرُبُ مِنْهُ قَوْله تَعَالَى {فقد جَاءَ أشراطها} أَيْ عَلَامَاتُهَا الَّتِي تُعْلِمُ بِقُرْبِهَا وَهَذَا لِلْخَطَّابِيِّ وَالثَّلَاثَة الأول للمالكية فَهَذِهِ أَربع تَأْوِيلَاتٍ وَقَوْلُهُ كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ الله أَي لَيْسَ فِيهِ اجمال وَلَا تَفْصِيل وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْمَبِيعَ فِي الْحَالِ إِنَّمَا هُوَ الْكِتَابَةُ كَبَيْعِ الدُّيُونِ وَالرَّقَبَةِ أَمْرٌ تُؤَدِّي إِلَيْهِ الْأَحْكَامُ كَمَنْ أَسْلَمَ فِي مَوْصُوفٍ فَيَتَعَذَّرُ عِنْدَ الْأَجَلِ فَيَأْخُذُ الثَّمَنَ وَهُوَ جَائِزٌ إِجْمَاعًا وَلِمَالِكٍ تَوَقُّعُ الِاسْتِحْقَاقِ وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ يُرَدُّ فِيهِ الثَّمَنُ وَيُفَارِقُ بَيْعَ أَحَدِ عَبْدَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ لِأَنَّ الْمَبِيعَ لَيْسَ مُعَيَّنًا وَهَاهُنَا مُعَيَّنٌ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّهُ فِي السَّلَمِ لَا يَدْرِي أَيَأْخُذُ بَعْضَ الْمُسْلَمِ فِيهِ أَوْ كُلَّهُ أَوِ الثَّمَنَ (تَفْرِيعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ الْمُكَاتَبُ أَحَقُّ بكتابته إِذا بِيعَتْ لِأَنَّهُ أَخَفُّ لِلْغَرَرِ وَأَعْذَرُ مِنَ الْأَجْنَبِيِّ إِنْ بِيعَتْ كُلَّهَا حَتَّى يُعْتَقَ وَلَيْسَ أَحَقَّ بِبَيْعِ بَعْضِهَا لِعَدَمِ الْعِتْقِ

فِي الْكُلِّ بَلْ فِي الْبَعْضِ قَالَ مَالِكٌ وَيَرِثُهُ الْمُشْتَرِي إِذَا مَاتَ كَاسْتِرْقَاقِهِ وَكَذَلِكَ فِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَإِنْ كَانَ الْمَتْرُوكُ أَكْثَرَ مِنَ الْكِتَابَةِ وَإِنْ وُهِبَتْ كِتَابَتُهُ فَعَجَزَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِم يرق الْمَوْهُوب لَهُ كَالْبَيْعِ وَعَنْهُ يَرْجِعُ لِلْوَاهِبِ لِأَنَّ الْهِبَةَ لَمْ تَتَنَاوَلِ الرَّقَبَةَ وَالْفَرْقُ أَنَّ الثَّمَنَ بَدَلٌ يرجع فِي مبدله عِنْد التَّعَذُّر وَالْهِبَة لابدل فِيهَا وَقَالَ أَبُو بكر ابْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِذَا اشْتَرَى الْكِتَابَةَ وَظَهَرَ فِيهَا عَيْبٌ وَأَدَّى فَلَا رُجُوعَ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ قَدْ حَصَلَ لَهُ مَا اشْتَرَى أَوْ عَجَزَ رُقَّ لَهُ وَلَهُ رَدُّهُ بِالْعَيْبِ وَيَرُدُّ جَمِيعَ مَا أَخَذَ مِنَ الْكِتَابَةِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ كَالْغَلَّةِ لِأَنَّهُ لَوِ اقْتَضَى تِسْعَةَ أَعْشَارِ الْكِتَابَةِ ثُمَّ عَجَزَ فَرُدَّ بِالْعَيْبِ يَكُونُ لَهُ مَا اقْتَضَى لَأَنَّ الْكِتَابَةَ هِيَ نَفْسُ الْمُشْتَرِي لَا الْغَلَّةُ المُشْتَرِي وَقيل لَا يُرَدُّ كَالْغَلَّةِ وَقِيلَ لَهُ رَدُّهُ وَإِنْ لَمْ يَعْجَزْ فَحُجَّتُهُ أَنَّهُ بِالْعَجْزِ رُقَّ وَلَا يَرُدُّ مَا قَبَضَ وَلِأَنَّ الْأَمْرَ كَانَ فِيهِ مُتَرَقِّبًا هَلْ تَحْصُلُ الرَّقَبَةُ بِالْعَجْزِ أَوِ الْكِتَابَةِ فَإِذَا عَجَزَ كَأَنَّهُ إِنَّمَا اشْتَرَى رَقَبَةً فَالْكِتَابَةُ عِلَّةٌ وَلَا يَبِيعُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ شَرِيكُهُ إِلَّا أَنْ يَبِيعَاهَا جَمِيعًا وَلَا يَشْتَرِيَ الْمُكَاتَبُ نَصِيبَ أَحَدِهِمَا لِأَنَّ بَيْعَ أَحَدِهِمَا كَالْقِطَاعَةِ وَجَوَّزَ أَشْهَبُ بَيْعَ نِصْفِ الْكِتَابَةِ أَوْ خِدْمَتِهِ أَوْ يَجُوزُ بِغَيْرِ عَيْبِهِ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ إِلَى خِدْمَتِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ مَنَعَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بَيْعَ الْكِتَابَةِ مُطْلَقًا قَالَ وَهُوَ أَقْيَسُ لِلْغَرَرِ وَجَوَّزَهُ سَحْنُونٌ عِنْدَ الضَّرُورَةِ كَالْفَلَسِ دُونَ الِاخْتِيَارِ وَأَجَازَ عَبْدُ الْمَلِكِ بَيْعَ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّته وَلَا يُبَاع نجم بِعَيْنِه لَا غَرَرٌ إِنْ عَجَزَ بَعْدَ أَنِ اقْتَضَى ذَلِكَ النَّجْمُ أَخَذَ مَا يَنُوبُهُ مِنَ الرَّقَبَةِ فَكَانَ الْمَبِيعُ النَّجْمَ أَوِ الرَّقَبَةَ وَلَا يَأْخُذُ الْمُكَاتَبُ بَيْعَ بَعْضِ كِتَابَتِهِ إِلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ يُضْعِفُ مَا فِي يَدَيْهِ وَلِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى أَنْ يُعْطِيَ مِنْهُ عَنْ جَمِيعِهِ وَإِنْ بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لَمْ يَكُنْ أَحَقَّ بِنَصِيبِ الشَّرِيكِ إِلَّا بِإِذْنِ الشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يَبِعْ لِأَنَّ لِلَّذِي لَمْ يَبِعْ حَقًّا فِي الْمَالِ الَّذِي يَدْفَعُهُ لِلْبَائِعِ فَإِنْ أَذِنَ

(فرع)

وَعجز عَن أَدَاء الْبَاقِي مِنْهُ عتق الجزب الْمُشْتَرَى بِخِلَافِ وَضْعِ السَّيِّدِ وَفِي الْمُنْتَقَى إِنَّمَا امْتنع بيع الْجُزْء لِأَنَّهُ يُؤَدِّي أدائين مُخْتَلفين للسَّيِّد بِالْكِتَابَةِ وَالْمُشْتَرِي بِالِابْتِيَاعِ كَمَا لَا يَجُوزُ كِتَابَةُ بَعْضِهِ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي عَنْ أَحَدِ النِّصْفَيْنِ بِالْخَرَاجِ وَعَنِ الْآخَرِ بِالْكِتَابَةِ وَتُشْتَرَطُ الْمُخَالَفَةُ فِي الثَّمَنِ وَالْكِتَابَةِ إِذَا بِيعَتْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ لِأَنَّهُ لَهُ نَقله عَن ذَهَبٍ إِلَى وَرِقٍ وَمِنْ عَرَضٍ إِلَى جِنْسِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُعَاوَضَةً بَلْ تَرَكَ مَا عَلَيْهِ وَوَضَعَ غَيْرَهُ وَإِذَا أَدَّى لِلْمُشْتَرِي فَوَلَاؤُهُ لِعَاقِدِ الْكِتَابَةِ وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ لِلْمُشْتَرِي لَنَا أَن الْوَلَاء لمن أعتق وَالْمُعتق عَاقد للكتابة وَلَا يُنْتَقَضُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْعَجْزِ وَالْبَيْعُ إِنَّمَا تعلق بِمَا عَلَيْهِ دون الْوَلَاء وَاحِد الْعَبْدِ بَيْعَ الْكِتَابَةِ مِنَ الْمُشْتَرِي لَيْسَ مِنْ بَابِ الشُّفْعَةِ بَلْ مِنْ بَابِ تَقْدِيمِ الْعِتْقِ عَلَى الْمِلْكِ لِأَنَّهُ إِذَا اشْتَرَى نَفْسَهُ عَتَقَ وَالْمُشْتَرِي رُبَّمَا أَفْضَى أَمْرَهُ إِلَى الِاسْتِرْقَاقِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا كَاتَبْتَهُ وَعَلَيْكَ دَيْنٌ وَعَلَيْهِ جِنَايَةٌ فَقِيمَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ الْآنِ فَقَالَ أُؤَدِّي عقل الْجِنَايَة وَالدّين وَثَبت الْكِتَابَةُ فَذَلِكَ لَهُ وَإِنْ كَاتَبَ أَمَتَهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يَغْتَرِقُهَا فَوَلَدَتْ فِي كِتَابَتِهَا فَلِلْغُرَمَاءِ رَدُّ ذَلِكَ وَيَرُدُّهَا الدَّيْنُ وَوَلَدَهَا إِلَّا أَنْ تَكُونَ فِي ثَمَنِ الْكِتَابَةِ إِنْ بِيعَتْ بِنَقْدٍ مِثْلِ الدَّيْنِ فَلَا تُفْسَخُ الْكِتَابَةُ وَتُبَاعُ الْكِتَابَةُ وَإِنْ فَلَسَ بِدَيْنٍ حَدَثَ بَعْدَ الْكِتَابَةِ لَمْ يَكُنْ لِلْغُرَمَاءِ غَيْرُ بَيْعِ الْكِتَابَةِ لِتَأَخُّرِ الدَّيْنِ عَنْ سَبَبِ الْعِتْقِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِنْ أَسْلَمَ أَحَدُ مَكَاتَبَيِ الذِّمِّيِّ فِي كِتَابَةٍ وَاحِدَةٍ بِيعَتْ كِتَابَتُهُمَا جَمِيعًا وَلَا يُفَرَّقَا كَعَقْدِ الْحَمَالَةِ رَضِيَا أَمْ كَرِهَا وَكَذَلِكَ إِنْ أَسْلَمَ وَلَدُ مُكَاتَبِهِ وَالْمُكَاتِبُ نَصْرَانِيٌّ بِيعَتْ كِتَابَتُهُمَا

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ إِذَا غَنِمْتُمَا مُكَاتَبًا لِمُسْلِمٍ أَوْ ذمِّي إِلَيْهِ اَوْ اسدلك اللَّهُ إِنْ عُرِفَ سَيِّدُهُ غَابَ أَوْ حَضَرَ وَلَا يُقْسَمُ تَوْفِيَةً بِعَقْدِ الْكِتَابَةِ وَإِنْ لَمْ يعرف بِيعَتْ كِتَابَته فِي الْمغنم وتؤدى لِمَنْ صَارَ إِلَيْهِ فَيُعْتَقُ وَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ فَإِنْ عَجَزَ رُقَّ لِمَنْ صَارَ إِلَيْهِ كَالْبَيْعِ فِي النُّكَتِ إِنْ أَتَى سَيِّدُهُ الْمَجْهُولُ وَقَدْ قَبَضَ المُشْتَرِي بعض الْكِتَابَة فَأحب افتكاكه قاصص الْمُشْتَرِيَ فِيمَا قَبَضَ وَلَا يَبْدَأُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ الْمُكَاتَبُ بِالتَّخْيِيرِ فَيُقَالُ أَدِّ وَإِلَّا عُجِّزْتَ لِأَنَّهُ لَمْ يُقْسَمْ عَلَى أَنَّهُ عَبْدٌ وَإِنَّمَا بِيعَتِ الْكِتَابَةُ وَيُخَيَّرُ إِنْ قُسِمَ عَلَى أَنَّهُ عَبْدٌ ثُمَّ عُلِمَ أَنَّهُ مَكَاتَبٌ وَامْتَنَعَ سَيِّدُهُ فَيُقَالُ لَهُ أَدِّ مَا اشْتَرَاكَ بِهِ الْمُشْتَرِي وَإِلَّا عُجِّزْتَ فَإِنْ عَجَزَ خُيِّرَ سَيِّدُهُ بَيْنَ إِسْلَامِهِ رَقِيقًا وَافْتِكَاكِهِ كَمَا إِذَا جَنَى (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا تَنَازَعْتُمَا فِي حُلُولِ نَجْمٍ صدق الْمكَاتب كمن أكرى كَارِه سَنَةً أَوْ بَاعَ بِدَنَانِيرَ إِلَى أَجَلٍ بِسَنَةٍ فَادَّعَى حُلُولَهَا صُدِّقَ الْمُكْتَرِي وَالْمُشْتَرِي وَإِنْ قَالَ خَمْسُونَ فِي عَشَرَةِ أَنْجُمٍ وَقُلْتَ فِي خَمْسَةٍ صُدِّقَ وَيُصَدَّقُ عِنْدَ تَكَافُؤِ الْبَيِّنَتَيْنِ لِأَنَّهُ الْمَطْلُوبُ والا قضى بأعدلهما قَالَ أَشهب وَقَالَهُ غَيْرُهُ يُقْضَى بِبَيِّنَةِ السَّيِّدِ لِأَنَّهَا زَادَتْ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ الْكِتَابَةُ أَلْفٌ وَقَالَ الْمُكَاتَبُ تِسْعُمِائَةٍ صُدِّقَ الْمُكَاتَبُ وَيُقْضَى بِبَيِّنَةِ السَّيِّدِ لِأَنَّهَا زَادَتْ وَإِنْ قُلْتَ مِائَةٌ وَقَالَ ثَمَانِينَ صُدِّقَ إِنْ أَشْبَهَ قَوْلَهُ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ فَوْتٌ كَمَنِ اشْتَرَى عَبْدًا فَكَاتَبَهُ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَيَتَرَادَّانِ إِنْ لَمْ تَفُتِ السِّلْعَةُ بِحَوَالَةِ سُوقٍ فَاعِلًا وَإِنْ بَعَثَ بِكِتَابَتِهِ فَأَنْكَرْتَ قَبْضَهَا وَلَمْ يُقِمِ المرسول بَيِّنَةً فَالدَّافِعُ ضَامِنٌ كَمَنْ بُعِثَ بِدَيْنٍ أَوْ خلع فِي النُّكَتِ الْفَرْقُ بَيْنَ اخْتِلَافِهِمَا فِي عَدَدِ النُّجُومِ وَاخْتِلَافِهِمَا فِي عَدَدِ

الْكِتَابَةِ وَتَكَافَأَتِ الْبَيِّنَتَانِ لِأَنَّ بَيِّنَةَ السَّيِّدِ زَادَتْ فِي اخْتِلَافِهِمَا فِي النُّجُومِ فَشَهِدَتْ لَهُ بِنَفْعِ قِلَّةِ النُّجُومِ وَنَفَعَتْ بَيِّنَةُ الْعَبْدِ بِالتَّأْخِيرِ فَيُقَابَلُ النَّفْعُ فَلَا مَزِيَّةَ وَبِهِ يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ مَاله هَاهُنَا وَبَيْنَ مَا اسْتَشْهَدَ بِهِ الْغَيْرُ قَالَ اللَّخْمِيُّ اخْتِلَافُهُمَا يَقَعُ فِي سِتَّةِ مَوَاضِعَ الْقَدْرِ وَالْجِنْسِ وَالْحُلُولِ وَالْقِطَاعَةِ هَلْ كَانَتْ عَلَى أَحَدِ الْوُجُوهِ السَّابِقَةِ أَوْ أَنَّهُ لَا يَكُونُ حُرًّا إِلَّا بِأَدَاءِ مَا قَاطَعَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ يُعَجِّلُ ويختلفان فِيمَا قاطعه وَعجل عتقه عَلَيْهِ وَإِن اخْتَلَفَ فِي الْقَدْرِ فَقَدْ تَقَدَّمَ وَعَلَى أَصْلِ أَشهب يتكالفان وَيَتَفَاسَخَانِ مَا لَمْ يُؤَدِّ نَجْمًا فَيَتَحَالَفَانِ وَيَرْجِعُ إِلَى كِتَابَة الْمثل مَا لم يزدْ على دَعْوَى السَّيِّد اَوْ ينقص عَنْ دَعْوَى الْعَبْدِ وَهُوَ أَصْلُهُ فِي الْبَيْعِ أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ مَعَ فَوَاتِ السِّلْعَةِ وَيَرُدُّ الْقِيمَةَ مَا لَمْ تَزِدْ أَوْ تَنْقُصْ وَكُلُّ هَذَا إِذَا أَتَيَا بِمَا يُشْبِهُ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْأَشْبَهِ مِنْ سَيِّدٍ أَوْ عَبْدٍ اخْتَلَفَا هَل نَجْمٍ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنِ اخْتَلَفَا فِي الْجِنْسِ هَلْ هُوَ ثَوْبٌ أَوْ زَيْتٌ فَعَلَى أَصْلِ قَول ابْن الْقَاسِم الْكِتَابَة فَوت وَيَتَحَالَفَانِ وَعَلَيْهِ كِتَابَةُ مِثْلِهِ مِنَ الْعَيْنِ فَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا صُدِّقَ الْحَالِفُ فَإِنْ قَالَ دَنَانِيرُ وَقُلْتَ دَرَاهِمُ وَهُمَا فِي الْعَدَدِ سَوَاءٌ أَخَذَ مَا قَالَهُ الْعَبْدُ وَاشْتَرَى بِهِ مَا قَالَهُ السَّيِّدُ وَلَمْ يَتَحَالَفَا وَإِنِ اخْتَلَفَ قَدْرُهُمَا فَالْجَوَابُ مَا تَقَدَّمَ وَإِنْ قُلْتَ عَيْنًا وَقَالَ عُرُوضًا صدقت لِأَنَّهَا غَالب الْكِتَابَة إِلَّا أَن الْأَشْبَه فِي قَدْرِهِ وَيُصَدَّقُ الْعَبْدُ فِي التَّنْجِيمِ لِأَنَّهُ سنة الْكِتَابَة إِلَّا إِن يَأْتِي بالأشبه مِنْ كَثْرَةِ النُّجُومِ نَحْوَ عِشْرِينَ سَنَةً وَيُصَدَّقُ السَّيِّدُ فِي حُلُولِ الْقِطَاعَةِ لِأَنَّهُ أَصْلُهَا إِنْ كَانَتِ الْقِطَاعَةُ أَقَلَّ مِنَ الْكِتَابَةِ وَقَالَ أَصْبَغُ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَبْدِ أَنَّكَ قَسَّمْتَ الْكِتَابَةَ فِي قَدْرِهَا إِلَى مِثْلِ ذَلِكَ الْأَجَلِ أَوْ دُونِهِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ إِذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ إِنْ عَجَّلْتَ لَهُ الْعِتْقَ وَإِلَّا تَحَالَفْتُمَا

وَتَفَاسَخْتُمَا وَعَادَتِ الْكِتَابَةُ فَإِنِ اخْتَلَفْتُمَا فِي جِنْسٍ مَا قاطعه بِهِ تَحَالَفْتُمَا وَتَفَاسَخْتُمَا وَعَادَتِ الْكِتَابَةُ إِنْ لَمْ يُعَجَّلْ لَهُ الْعِتْقُ وَإِلَّا صُدِّقَ الْعَبْدُ لِأَنَّهُ مُدَّعًى عَلَيْهِ وَوَافَقَنَا ح إِذَا اخْتَلَفَا فِي مَالِ الْكِتَابَةِ وَقَالَ ش يَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ وَيَرْجِعُ رَقِيقًا لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى مَا إِذَا أَعْتَقَهُ فِي الْحَالِ عَلَى مَالٍ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ مَعَ يَمِينِهِ اتِّفَاقًا وَلِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ يَدِ مَوْلَاهُ بِالْكِتَابَةِ فَلَا يَكُونُ كَمَا إِذَا كَاتَبَهُ الْمُشْتَرِي وَاخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ لَمْ يَتَحَالَفَا لِخُرُوجِهِ عَنِ الْيَدِ وَلِأَنَّهَا عِتْقٌ بِشَرْطٍ فَلَا يَثْبُتُ فِيهِ التَّحَالُفُ كَمَا إِذَا قَالَ إِنْ جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَأَنْتَ حُرٌّ وَادَّعَى الْعَبْدُ أَنَّ الشَّرْطَ دُخُولُ الدَّارِ وَإِذَا سَقَطَ التَّحَالُفُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ مَنْ عَلَيْهِ الْبَدَلُ كَالْمُتَبَايِعَيْنِ إِذَا سَقَطَ بَيْنَهُمَا التَّحَالُفُ فَيَحْلِفُ مَنْ عَلَيْهِ الْبَدَلُ احْتَجُّوا بِأَنَّهَا عَقْدٌ يَلْحَقُهُ الْفَسْخُ فَأَشْبَهَ الْبَيْعَ وَلِأَنَّهُ لَوْ شَهِدَ شَاهِدٌ أَنَّهُ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفٍ وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ كَاتَبَهُ عَلَى مِائَةٍ لَمْ يَحْكُمْ بِالْكِتَابَةِ كَمَا لَا يَحْكُمُ بِالْبَيْعِ فَهِيَ كَالْعُقُودِ يَدْخُلُهَا التَّحَالُفُ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْكِتَابَةَ تَثْبُتُ مَعَ نَوْعٍ مِنَ الْجَهَالَةِ وَلَا يُفْسِدُهَا الشَّرْطُ الَّذِي يُفْسِدُ الْبَيْعَ لِأَنَّهَا مَوضِع مُسَامَحَة وَعتق فَلَا يفْسخ بِالتَّحَالُفِ كَالْبَيْعِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ السَّيِّدَ يَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِ الْأَلْفِ قَاعِدَةٌ الْمُدَّعِي الَّذِي عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ مِنْ قَوْلِهِ عَلَى خِلَافِ أَصْلٍ أَوْ عَادَة وَالْمُدَّعى عَلَيْهِ الَّذِي يصدق من واث اصلا كمدعي الْقِلَّةِ وَالْبَرَاءَةِ أَوْ عَادَةً كَمُدَّعِي الْأَشْبَهِ وَرَدِّ الْوَدِيعَة وَقد قبضهَا بِبَيِّنَة اَوْ إتفاق مَا لَمْ يُوَافِقِ الْعَادَةَ عَلَى الْيَتِيمِ وَعَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ تَتَخَرَّجُ فُرُوعُ الدَّعَاوِي كُلِّهَا وَلَيْسَ الْمُدَّعِي هُوَ الطَّالِبَ بَلْ قَدْ يَكُونُ الْمَطْلُوبَ كالوصي وَالْمُودع

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا أَخَذْتَ مِنْهُ رَهْنًا يَمْلِكُهُ فَغَابَ عَلَيْهِ فَضَاعَ بِيَدِكَ ضَمِنْتَ قِيمَتَهُ فَإِنْ سَاوَى الْكِتَابَةَ عَتَقَ مَكَانَهُ وَإِنْ فَلَسْتَ أَوْ مِتَّ وَاشْتَرَطْتَهُ فِي عَقْدِ الْكِتَابَةِ فَهُوَ انتزاع لَا يحاصص بِهِ العَبْد عَن مَالِكٍ وَإِنْ وُجِدَ رَهْنُهُ بِعَيْنِهِ فِي فَلَسٍ أَوْ مَوْتٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ فِيهِ وَلَا مُحَاصَّةَ لَهُ بِهِ وَلَا لِغُرَمَائِهِ وَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ بَعْدَ عَقْدِ الْكِتَابَةِ لِنَجْمٍ حَلَّ أَوْ نَحْوِهِ فَلِلْمُكَاتَبِ أَخْذُهُ إِنْ وَجَدَهُ بِعَيْنِهِ أَوِ المحاصاة بِقِيمَتِهِ إِنْ لَمْ يَجِدْهُ فَمَا صَارَ لَهُ قاص بِهِ عَاجل عَلَيْهِ وَمَا بَقِيَ لَهُ مِنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ فَفِي ذمَّة اليسد يُقَاصُّ بِهِ الْمُكَاتَبُ فِيمَا يَحِلُّ عَلَيْهِ قَالَ غَيْرُهُ وَهُوَ أَشْهَبُ لَيْسَ ذَلِكَ انْتِزَاعًا رَهَنَهُ فِي الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ وَيَضْمَنُهُ السَّيِّدُ إِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ فَإِنْ كَانَتِ الْقِيمَةُ دَنَانِيرَ وَالْكِتَابَةُ دَنَانِيرَ تَقَاصَّا لِأَنَّ فِي وَقْفِ الْقِيمَةِ ضَرَرًا عَلَيْهِمَا إِلَّا أَنْ يَتَّهِمَ السَّيِّدَ بِالْعُدْوَانِ عَلَى الرَّهْنِ لِيَتَعَجَّلَ الْكِتَابَةَ فَتُوقَفُ الْقِيمَةُ بِيَدِ عَدْلٍ وَإِنْ كَانَتِ الْكِتَابَةُ عَرَضًا أَوْ طَعَامًا وقفت الْقيمَة رجار خصما عَلَيْهِ عِنْدَ مَحِلِّهِ وَيُحَاصُّ الْغُرَمَاءُ بِالْقِيمَةِ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ وَيُمْتَنَعُ الرَّهْنُ مِنْ غَيْرِ الْمُكَاتَبِ كَالْحَمَالَةِ لِأَنَّهُ حَمَالَةٌ فِي النُّكَتِ قِيلَ إِنْ كَانَ الرَّهْنُ انْتِزَاعًا فَلَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْمُكَاتَبُ فَلَسَ السَّيِّدُ أَمْ لَا أَوْ لَيْسَ بِانْتِزَاعٍ فَيُحَاصُّ بِهِ غُرَمَاءُ سَيِّدِهِ قِيلَ هُوَ انْتِزَاعٌ وَوَعَدَهُ بِرَدِّهِ بَعْدَ وَفَاءِ الْكِتَابَةِ وَذَلِكَ كَالْهِبَةِ يَقُومُ بِهَا عَلَيْهِ مَا لَمْ يُفْلِسْ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ حَيْثُ يُحَاصَصُ الْمُكَاتَبُ غُرَمَاءَ سَيِّدِهِ وَمَا صَارَ لَهُ فِي الْمَحَاصَّةِ حُوصِصَ بِهِ فِيمَا حَلَّ عَلَيْهِ قَالَ مُحَمَّدٌ فَيَأْخُذُهُ الْغُرَمَاءُ ثُمَّ يُبَاعُ لَهُمْ بَقِيَّةُ الْكِتَابَةِ فَإِنْ أَدَّى كَانَ حُرًّا أَوْ عَجَزَ رُقَّ لِلْمُشْتَرِي كُلُّهُ وَاتُّبِعَ الْمَوْلَى بِبَقِيَّةِ رَهْنِهِ وَإِذَا بِيعَتْ كِتَابَتُهُ فَلَهُ أَنْ يَحَاصَّ الْغُرَمَاءَ فِي ثَمَنِهِ كَمَا يَحَاصُّهُمْ فِيهَا بِيَدِهِ فَإِنَّ نَابَهُ أَكْثَرُ مِمَّا حَلَّ عَلَيْهِ حُسِبَ ذَلِكَ مِنْ أَوَّلِ نَجْمٍ ثُمَّ مِمَّا يَلِيهِ وَإِنْ كَانَ

فِيهِ كَفَافُ مَا عَلَيْهِ مِنَ الْكِتَابَةِ عَتَقَ مَكَانَهُ وَلَا يُدْفَعُ ذَلِكَ لِلْمَكَاتَبِ حَتَّى تَحِلَّ النُّجُومُ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ الْمُكَاتَبُ بِرَهْنِ ثَمَنِهِ وَيَأْخُذَهُ وَيَثْبُتَ عَلَى كِتَابَتِهِ وَيَتْبَعَ السَّيِّدَ بِمَا بَقِيَ لَهُ مِنْ قِيمَةِ رَهْنِهِ وَإِنْ كَاتَبَهُ بِمِائَةٍ وَقِيمَةُ الرَّهْنِ مِائَتَانِ فَضَاعَ وَعَلَى السَّيِّدِ دَيْنٌ مِائَتَا دِينَارٍ فَفَلَسَهُ الْغَرِيمُ فَوَجَدَ بِيَدِ السَّيِّدِ مِائَتَيْنِ حَاصَصَ الْمُكَاتَبَ فِيهَا بِقِيمَةِ رَهْنِهِ فَإِنْ شَاءَ الْمُكَاتَبُ تَعَجَّلَ الْعِتْقَ بِمَا يَقَعُ لَهُ قَالَ لَهُ الْغَرِيمُ عَلَيْكَ مِائَةٌ فَأَخَذْنَا مِنَ الْمِائَتَيْنِ مِائَةً وَيَتَحَاصَّانِ فِي الْمِائَةِ الثَّانِيَةِ فَيَقَع لمكاتب خَمْسُونَ فَيَأْخُذُهَا وَيَخْرُجُ حُرًّا وَيَتْبَعُ السَّيِّدَ بِخَمْسِينَ بِقِيمَةِ رَهْنِهِ فَإِنْ شَاءَ الْمُكَاتَبُ أَخَذَ مَا يَقع لَهُ فِي الحصاص وَيَأْتِي برهن مكَاتب وَيُؤَدِّي عَلَى نُجُومِهِ تَحَاصَّا فِي الْمِائَتَيْنِ فَيَقَعُ لَهُ مِائَةٌ وَيَأْتِي بِرَهْنٍ قِيمَتُهُ مِائَةٌ وَيَأْخُذُ الْمِائَةَ وَيُؤَدِّي عَلَى نُجُومِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ حَلَّ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْهَا فَيَأْخُذُ الْغَرِيمُ مِنَ الْمِائَتَيْنِ مِثْلَ الَّذِي حَلَّ عَلَى الْمُكَاتَبِ وَيَتَحَاصَّانِ فِيمَا بَقِيَ وَيَأْتِي الْمُكَاتَبُ بِرَهْنٍ مِثْلِ مَا يَقَعُ لَهُ فِي الْحِصَاصِ قَالَ مُحَمَّدٌ لِلْمُكَاتَبِ الْمَحَاصَّةُ وَإِنْ كَانَ فِي أَصْلِ الْكِتَابَةِ لِأَنَّهُ وَإِنْ شَرَطَهُ رَهْنًا فَهُوَ مَالُ الْمُكَاتَبِ لَمْ يَشْتَرِطْهُ السَّيِّدُ لِنَفْسِهِ وَمَا نَابَهُ فِي الْحِصَاصِ لَا يَتَعَجَّلُهُ السَّيِّدُ لِنَفْسِهِ وَلَا لِغُرَمَائِهِ وَيَكُونُ رَهْنًا وَكَذَلِكَ إِنْ كَاتَبَهُ عَلَى أَنْ يُسْلِفَهُ أَوْ يَبِيعَهُ سِلْعَةً أَجَّلَهَا لِبُعْدِ الْكِتَابَةِ فَفَلَسَ السَّيِّدُ حَاصَّ بِقِيمَتِهَا حَالَّةً وَيَقْبِضُهَا إِلَّا أَنْ يَحِلَّ عَلَيْهِ فَيُقَاصِصْ وَإِنْ رَهَنَ الْعَبْدُ مَالًا فِي مِلْكِهِ وَلَمْ يَعْلَمِ السَّيِّدُ بَطَلَ كَحَمَالَةِ الْأَجْنَبِيِّ فَإِنْ أَرَادَ السَّيِّدُ إِمْضَاءَ الْكِتَابَةِ بِلَا رَهْنٍ فَلَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا نَقَضَ الْكِتَابَةَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِلَّا أَنْ يُؤَدِّيَ جُلَّ الْكِتَابَةِ فَلَا يُفْسَخُ وَيُفْسَخُ الرَّهْنُ قَالَ وَلَوْ عَلِمَ السَّيِّدُ أَنَّ الرَّهْنَ لَيْسَ لِعَبْدِهِ فَسْخُ الرَّهْنِ دُونَ الْكِتَابَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ الرَّهْنُ إِذَا أُرْهِنَ بَعْدَ الْعَقْدِ فَلَهُ أَحْكَامُ الرِّهَانِ وَإِنْ فَلَسَ السَّيِّدُ أَوْ مَاتَ فَالْمُكَاتَبُ أَحَقُّ بِالرَّهْنِ إِنْ وَجَدَهُ أَوْ بِقِيمَتِهِ إِنْ فَاتَ فِي الْفَلَسِ فَإِنْ كَانَ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ فَجَعَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ انْتِزَاعًا وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ وَيَلْزَمُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ جَوَازُ الرِّبَا بَيْنَ السَّيِّدِ وَعَبْدِهِ لِأَنَّ الزَّائِد انتزاع

فرع

(فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِنْ زَوَّجْتَهَا مِنْ رَجُلٍ عَلَى أَنْ يَضْمَنَ لَكَ كِتَابَتَهَا فَوَلَدَتْ مِنْهُ بِنْتًا ثُمَّ هَلَكَ الزَّوْجُ فَالْحَمَالَةُ بَاطِلَةٌ وَتَبْقَى الْكِتَابَةُ عَلَى حَالِهَا وَابْنَتُهَا مِنْهُ لَا تَرِثُهُ وَيَرِثُهُ أَقْرَبُ النَّاسِ إِلَيْهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا لَمْ يُؤَدِّ الْحَمَالَةَ حَتَّى مَاتَ وَتَرَكَ مَالًا كَثِيرًا فَلَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ قَالَهُ مُحَمَّدٌ لِأَنَّهُ شَيْءٌ لَمْ يُحْكَمْ عَلَيْهِ بِهِ فِي حَيَاتِهِ إِلَّا أَنَّهُ لَوْ أَدَّى ذَلِكَ حَتَّى يُعْتَقَ وَيَفُوتَ ذَلِكَ جَازَ للسَّيِّد وَيرجع بِهِ الزَّوْج عَلَيْهِمَا وَرَجَعَتْ هِيَ عَلَيْهِ بِصَدَاقِ مِثْلِهَا يَوْمَ وَقَعَ النِّكَاح فيتقاصان (فَرْعٌ) فِي الْكتاب إِذا ورثته مَعَ أَخِيكَ لِأَبِيكَ مُكَاتَبًا هُوَ أَخُوكَ لِأُمِّكَ وَضَعْتَ عَنْهُ حِصَّتَكَ وَيَسْعَى لِأَخِيكَ فِي نَصِيبِهِ وَيَخْرُجُ حُرًّا فَإِنْ عَجَزَ بِيعَتْ حِصَّتُكَ وَلَا يَقُومُ عَلَيْكَ بَقِيَّتُهُ فَإِنْ وَهَبَ لَكَ نِصْفًا أَوْ أَوْصَى لَكَ بِهِ فَقَبِلْتَهُ وَلَا مَالٌ ظَاهِرٌ لِلْمَكَاتَبِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي أَنْ يَعْجَزَ وَيُقَوَّمَ بَاقِيهِ عَلَيْكَ وَيُعْتَقَ إِنْ كَانَ لَكَ مَالٌ وَإِلَّا عَتَقَ مِنْهُ نَصِيبُكَ وَرُقَّ بَاقِيهِ وَإِنْ شَاءَ بَقِيَ عَلَى كِتَابَتِهِ فَإِنْ ثَبَتَ عَلَيْهَا حُطَّتْ عَنْهُ حِصَّتُكَ وَإِنْ أَدَّى فَوَلَاؤُهُ لِعَاقِدِ الْكِتَابَةِ وَلَيْسَ لَهُ تَعْجِيزُ نَفْسِهِ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ لِلتَّقْوِيمِ عَلَيْكَ فَإِنْ تَمَادَى فِي كِتَابَتِهِ ثُمَّ عَجَزَ قُوِّمَ بَاقِيهِ عَلَيْكَ إِنْ كُنْتَ مَلِيًّا وَعَتَقَ وَإِلَّا عَتَقَ مِنْهُ نَصِيبُكَ وَرُقَّ بَاقِيهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ الْفَرْقُ بَيْنَ مَنْ وَهَبَ بَعْضَ مَكَاتَبٍ مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ فَقَبِلَهُ وَبَيْنَ مَنْ أَعْتَقَ حِصَّتَهُ مِنْ مُكَاتَبٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ أَنَّ عِتْقَ هَذَا وميع مَال وَأَنَّهُ إِنْ عَجَزَ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ حِصَّتُهُ وَلَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ حِصَّةُ صَاحِبِهِ وَمَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ بَقِيَّتُهُ فَالْفَرْقُ أَنَّ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ لَا يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ مِلْكُهُ إِنْ عَجَزَ فَلَا بُدَّ مِنْ عِتْقِهِ فَجَعَلْنَا قَبُولَهُ لِمَا وُهِبَ لَهُ قَصْدًا لِلْعِتْقِ فِي تِلْكَ الْحصَّة قيل لِابْنِ الْقَاسِم فَلم أدّى مثله وَلم يعجز لتوضع عَنْهُ حِصَّتُهُ وَهُوَ لَمْ يَمْلِكْ مِنْهُ رِقًّا وَلَوْ أَدَّى لَكَانَ وَلَاؤُهُ لِعَاقِدِ كِتَابَتِهِ قَالَ لِأَنَّهُ إِنْ عَجَزَ وَصَارَ لَهُ عِتْقٌ عَلَيْهِ وَإِذا عجز يقوم عَلَيْهِ الْأَخ بَقِيَّته وَولى

(فرع)

هَذَا النِّصْفِ الْمَوْهُوبِ لِلْوَاهِبِ لِأَنَّهُ لَوْ وَهَبَهُ جَمِيعَهُ لَعَتَقَ وَكَانَ وَلَاؤُهُ لِلْوَاهِبِ فَكَذَلِكَ هِبَةُ نِصْفِهِ وَأَمَّا النِّصْفُ الَّذِي عَتَقَ عَلَى الْأَخِ فَوَلَاؤُهُ لَهُ لِأَنَّهُ عَتَقَ عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ صَارَ رِقًّا (فَرْعٌ) يَدْخُلُ فِي كِتَابَتِهِ وَلَدُهُ مِنْ أَمَتِهِ إِنْ حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ الْكِتَابَةِ وَإِنْ بَلَغَتْ أَوْلَادَهُ جَازَتْ فَيُوعِهِمْ وَقِسْمَتُهُمْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ إِنْ كَانُوا مَأْمُونِينَ وَمَا وَلَدَتْهُ لَهُ بَعْدَ الْكِتَابَةِ أَوْ كُوتِبَ وَأَمَتُهُ حَامِلٌ مِنْهُ لَا يَدْخُلُ مَعَهُ لِتَأَخُّرِ الْعَقْدِ عَنْهُ وَلَا يَشْتَرِي وَلَدَهُ أَوْ أَبَوَيْهِ إِلَّا بِإِذْنِكَ فَإِنَّهُ ينقص مَاله فَإِن اشْترى مِمَّن يُعْتَقُ عَلَى الْحُرِّ دَخَلَ مَعَهُمْ وَجَازَ بَيْعُهُمْ وشراؤهم وقسمتهم بِغَيْر إِذْنه وَلَا يتبعهُم فِي عَجزه فَإِن عجز وَعجز وأرقوا كلهم وَإِن ابتاعهم بِغَيْرِ إِذْنِكَ لَمْ يُفْسَخْ وَلَا يَدْخُلُونَ مَعَهُ وَلَا يتبعهُم إِلَّا أَنْ يَخْشَى عَجْزًا وَلَا بَيْعَ لَهُمْ وَلَا شِرَاءَ وَلَا قَسْمَ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَيُعْتَقُونَ بِأَدَائِهِ وَكَذَلِكَ أُمُّ الْوَلَدِ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَتَخَيَّرَ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَلَا لَهُ بَيْعُهَا إِلَّا أَنْ يَخَافَ الْعَجْزَ وَإِنِ ابْتَاعَ مَنْ لَا يعْتق على المحرمين الْقَرَابَاتِ بِإِذْنِكَ أَمْ لَا لَمْ يَدْخُلُوا فِي كِتَابَتِهِ وَلَهُ بَيْعُهُمْ وَإِنْ لَمْ يَعْجَزُوا وَلَا فِعْلَ لَهُمْ إِلَّا بِإِذْنِهِ قَالَ أَشْهَبُ يَدْخُلُ الْوَلَدُ وَالْوَالِدُ إِذَا اشْتَرَاهُمْ بِإِذْنِكَ دُونَ الْأَخِ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ لَا يَدْخُلُ فِي الْكِتَابَةِ بِالشِّرَاءِ بِإِذْنِكَ إِلَّا الْوَلَدُ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَسْتَحْدِثَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ كَانَ مِدْيَانًا فَابْتَاعَ ابْنَهُ لَمْ يَدْخُلْ لِأَنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعِتْقِ وَإِنْ أَذِنْتَ لَهُ حَتَّى يَأْذَنَ غُرَمَاؤُهُ وَمَنْ دَخَلَ لَهُ حُكْمُ مَنْ كُوتِبَ فَإِنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ أَدُّوا عَلَى تِلْكَ النُّجُومِ وَمَا وُلِدَ لِلْمُعْتَقِ إِلَى أَجَلٍ أَوْ لِلْمُدَبَّرِ مِنْ أَمَتِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ بِمَنْزِلَتِهِ وَمَا وُلِدَ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ كَانَتْ حَامِلًا حِينَ الْعَقْدِ رُقَّ وَإِنِ اشْتَرَى وَمَا وُلِدَ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَدْخُلْ مَعَهُ وَيُبَاعُ إِنْ أَذِنَتْ فِي ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَقْرُبَ أَجَلُ الْعِتْقِ إِلَى الْأَجَل اَوْ يَأْذَن لِلْمُدَبَّرِ وَأَنْتَ مَرِيضٌ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ إِذْنُكَ حَيْثُ يَكُونُ لَكَ الِانْتِزَاعُ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ وَلَمْ ينتزعهم حَتَّى عَتَقُوا تَبِعُوهُمْ كَأَمْوَالِهِمْ وَيُعْتَقُونَ عَلَيْهِمْ وَمَا وَلَدَتِ الْمُكَاتَبَةُ بَعْدَ

الْكِتَابَةِ بِمَنْزِلَتِهَا لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهِ فِي السِّعَايَةِ مَا دَامَتْ عَلَى نُجُومِهَا وَلَهَا اسْتِسْعَاؤُهُ فَإِنْ أَبَى وَأَجَّرَتْهُ فَلَا تَأْخُذُ مِنْ إِجَارَتِهِ وَلَا مِمَّا بِيَدِهِ إِلَّا مَا يتقوى بِهِ عَلَى الْأَدَاءِ وَالسَّعْيِ فَإِنْ مَاتَتْ وَتَرَكَتْ وَلَدَيْنِ حَدَثَا فِي كِتَابَتِهَا سَعْيًا فِيمَا بَقِيَ فَإِن از من أَحَدُهُمَا سَعْيَ الصَّحِيحِ وَلَا يُوضَعُ عَنْهُ لِمَوْتِ أُمِّهِ وَلَا لِزَمَانَةِ أَخِيهِ شَيْءٌ وَإِنْ وُلِدَ للْمكَاتب من أمته ولدان اتخذ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أُمَّ وَلَدٍ فَأَوْلَدَهَا وَأَهْلَكَ أَوْلَادَهَا ثُمَّ مَاتَ الْجَدُّ فَالْوَالَدَانِ مَعَ أُمِّهِمَا يَسْعَوْنَ فَإِنْ أَدُّوا أُعْتِقَتْ مَعَهُمْ وَإِنْ مَاتَ أحدهم قَبْلَ الْأَدَاءِ وَلَمْ يَدَعْ وَلَدًا وَتَرَكَ أُمَّ وَلَدِهِ بِيعَتْ وَيُعْتَقُ أَخُوهُ فِي ثَمَنِهَا وَلَا يَرْجِعُ السَّيِّدُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ وَإِنْ وُلِدَ لِلْمُكَاتَبِ وَلَدٌ مِنْ أَمَتِهِ بَعْدَ الْكِتَابَةِ فَأَعْتَقَ السَّيِّدُ الْأَبَ لَمْ يَجُزْ عِتْقُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَبُ زَمِنًا فَإِنْ كَانَ لِلْأَبِ مَالٌ يَفِي بِالْكِتَابَةِ وَلَا سِعَايَةَ فِي الْوَلَدِ أَدَّى مِنْهُ عَنِ الْوَلَدِ حَالًا وَعَتَقُوا قَالَ غَيْرُهُ هَذَا إِنِ ارْتَضَى الْعَبْدُ الْعِتْقَ وَإِلَّا امْتَنَعَ لِاتِّهَامِ السَّيِّدِ فِي التَّعْجِيلِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ لم يكن فِي مَال إِلَّا قرر مَا يُؤَدِّي عَنْهُمْ إِلَّا أَنْ يَبْلُغُوا السَّعْيَ أَخَذَ وَأَدَّى نُجُومًا إِلَى أَنْ يَبْلُغُوا السَّعْيَ وَلَا يُؤْخَذ حَالا إِذا لَوْ مَاتُوا قَبْلَ بُلُوغِ السَّعْيِ كَانَ الْمَالُ لِأَبِيهِمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَالِ الْأَبِ مَا يَبْلُغُهُمُ السَّعْيُ مَضَى عِتْقُ الْأَبِ وَرُقُّوا قِيلَ فَإِنْ كَانُوا يَقْوَوْنَ عَلَى السَّعْيِ يَوْمَ عِتْقِ الْأَبِ وَلَهُ مَالٌ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُكَاتَبِ يُولَدُ لَهُ وَلَدَانِ فِي كِتَابَتِهِ فَيُعْتِقُ السَّيِّدُ الْأَوْلَادَ وَهُوَ قَوِيٌّ عَلَى السَّعْيِ رُدَّ عِتْقُهُ وَإِلَّا جَازَ وَلَمْ يُوضَعْ عَمَّنْ بَقِيَ شَيْءٌ وَلَا يُرْجِعُ الْمُؤَدِّي عَلَى أَخِيهِ قَالَ غَيْرُهُ إِنْ كَانَ لِلْأَبِ الزَّمِنِ مَالٌ وَالْوَلَدُ قَوِيٌّ عَلَى السَّعْيِ امْتَنَعَ عِتْقُهُ لِأَنَّ مَالَهُ مَعُونَةٌ كَبَدَنِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ كَاتَبَ أَمَتَهُ وَبِهَا حَمْلٌ عَلِمَ بِهِ أَمْ لَا فَإِنَّهُ يَدْخُلُ مَعَهُمَا قَالَ مَالِكٌ إِنْ خَافَتِ الْعَجْزَ لَمْ يُتْبَعْ وَلَدُهَا الْحَادِثُ فِي الْكِتَابَةِ إِلَّا بِإِذْنِ السَّيِّدِ قَالَ أَشْهَبُ وَكَذَلِكَ الْمُكَاتَبُ فِي بَيْعِ وَلَدِهِ مِنْ أَمَتِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَالْأَبُ وَالْأَخُ لَا يَبِيعُهُ وَإِن عجز إِلَّا بِإِذن السَّيِّد لِأَن السَّيِّد تبع الْوَلَدِ مَعَ الْعَجْزِ

(فرع)

نَفْسِهِ وَإِذَا أُذِنَ لِأَبِيهِ فِي بَيْعِهِ فَلَا حُجَّةَ لِلْوَلَدِ وَلَا لِلْأَخِ لِأَنَّهُمْ قَدْ وُقِفُوا عَلَى الْعَجْزِ كُلُّهُمْ وَالرُّجُوعِ إِلَى الرِّقِّ وَلَا فرق بَين مَالك السَّيِّد لَهُم وَلَا مَالك غَيره فَلم يكنت لَهُمْ حُجَّةٌ فِي بَيْعِهِمْ قَالَ مُحَمَّدٌ وَأَمَّا أُمُّ وَلَدِهِ فَلَهُ بَيْعُهَا عِنْدَ الْعَجْزِ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي لَوْ لَمْ يبعها لعجز فَمنع السَّيِّد من يبعها ضَرَر واستدعاب رِقٍّ وَعَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ إِذَا كَاتَبَ عَنْ نَفْسِهِ وَأَمَتِهِ فَعَجَزَ عَنْ بَعْضِ نُجُومِهِ فَأَذِنَ السَّيِّدُ فِي بَيْعِهَا امْتَنَعَ إِلَّا أَنْ يُعَجِّزَهُ السُّلْطَانُ فَإِنْ تُرِكَ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ مِنْ مُشْتَرِيهَا فَلَا يُرَدُّ لِأَنَّهَا لَا تَرْجِعُ لِأَحْسَنَ مِنْ ذَلِك وَإِن بَقِي بيد أَبِيهَا فَضْلٌ فَمَا أَدَّى مِنْ ثَمَنِهَا مِنَ الْكِتَابَةِ مَلَكَهُ كَمَا لَوْ قَتَلَتْ وَقَوْلُهُ قَالَ غَيْرُهُ هَذَا إِنِ ارْتَضَى الْعَبْدُ بِالْعِتْقِ تَفْسِيرٌ وَإِنْ لم يرض الْأَب بِالْعِتْقِ تَمَادى على الْكِتَابَة ثمَّ عجزوا وَقَالَ ولد وَعتق الْأَب بِالْعِتْقِ الأول كمعتق أحد مكاتبيه فَرده أَصْحَابه ثُمَّ عَجَزُوا عَتَقَ بِالْعِتْقِ الْأَوَّلِ وَلَيْسَ كَمَنْ جَعَلَ عِتْقَهُ فِي يَدَيْهِ فَرَدَّهُ لِأَنَّ هَذَا إِنَّمَا رده لعِلَّة استعجل الْمَالِ فَهُوَ كَرَدِّ أَصْحَابِهِ عِتْقَهُ قَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ وَفِيهِ نَظَرٌ هَلْ هُوَ كَمُعَجِّلِ عِتْقِ مكَاتبه على تعجل كِتَابَته فيافا مِنْ ذَلِكَ وَيَتَمَادَى عَلَى كِتَابَتِهِ ثُمَّ يَعْجَزُ فَإِنَّهُ يُرَقُّ لِعَدَمِ رِضَاهُ بِمَا طَلَبَهُ السَّيِّدُ قَالَ اللَّخْمِيُّ حَمْلُ الْمُكَاتَبَةِ يَدْخُلُ بِخِلَافِ حَمْلِ أَمَةِ الْمُكَاتِبِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ وَإِنِ اشْتَرَى امة حاملة بِإِذْنِ سَيِّدِهِ دَخَلَ الْحَمْلُ إِنْ وُلِدَ فِي كِتَابَته وَإِن يَأْذَنِ السَّيِّدُ وَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّ لَهُ الشِّرَاءَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَيُولَدُ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِنْ أَوْصَى بِمُكَاتَبِهِ أَوْ بِمَا عَلَيْهِ أَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ مُكَاتَبِهِ أَوْ بِوَضْعِ مَا عَلَيْهِ جعل فِي الثُّلُث الْأَقَل من قيمَة الْمُكَاتبَة اَوْ قيمَة الرَّقَبَة على أَن عَبْدٌ مُكَاتَبٌ فِي أَدَائِهِ وَجَزَائِهِ كَمَا لَوْ قُتِلَ وَقَالَ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ لَا يُنْظَرُ إِلَى قِيمَةِ الْكِتَابَةِ بَلِ الْكِتَابَةِ أَيْ ذَلِكَ حَمْلُ الثُّلُث جَازَت الْوَصِيَّة إِذا وَهَبَ الْمَرِيضُ نَجْمًا لِلْمُكَاتَبِ أَوْ تَصَدَّقَ أَوْ

أَوْصَى لَهُ بِهِ ثُمَّ مَاتَ قُوِّمَ ذَلِكَ النَّجْمُ مَعَ بَقِيَّةِ النُّجُومِ بِالنَّقْدِ بِقَدْرِ آجَالِهَا فَيقدر حِصَّة النَّجْم مِنْهُمَا فَيعتق الْآن فِي رَقَبَتِهِ وَيُوضَعُ عَنْهُ النَّجْمُ بِعَيْنِهِ إِنْ حَمَلَهُ فِي الثُّلُثُ وَإِلَّا خُيِّرَ الْوَارِثُ بَيْنَ إِجَازَةِ ذَلِكَ أَوْ بَتْلِ مَحْمَلِ الثُّلُثِ وَيَحُطُّ عَنْهُ مِنْ كُلِّ نَجْمٍ بِقَدْرِ مَا أُعْتِقَ مِنْهُ لَا مِنَ النَّجْمِ الْمُعَيَّنِ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ قَدْ حَالَتْ عَن وجههما لِامْتِنَاعِ الْوَارِثِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنَّمَا جُعِلَ فِي الثُّلُثِ الْأَقَلِّ مِنْ قِيمَةِ النَّجْمِ أَوْ مَا قَابَلَهُ مِنَ الرَّقَبَةِ كَمَا لَوْ أَوْصَى لَهُ بِجَمِيعِ الْكِتَابَةِ بِأَنْ يَنْظُرَ مَا قِيمَةُ النَّجْمِ فَإِنْ كَانَ الرُبُعَ فَمُقَابِلُهُ مِنَ الرَّقَبَةِ فَينْظر لقيمة الرّبع الرَّقَبَةِ وَقِيمَةِ النَّجْمِ قَالَ أَشْهَبُ فَإِنْ لَمْ يكن للسَّيِّد مَال غير الْمكَاتب وَقد أدّى لَهُ بِالنَّجْمِ الأول فسخ الْوَارِثُ عَلَيْهِ فَإِنْ خَرَجَتْ قِيمَتُهُ مِنْ قِيمَةِ بَاقِي الْكِتَابَةِ مِنَ الثُّلُثِ جَازَ ذَلِكَ عَلَى الْوَارِث وضع النَّجْمِ بِعَيْنِهِ وَإِلَّا عَتَقَ مِنْهُ مَحْمَلُهُ وَوُضِعَ عَنْهُ بِقَدْرِ مَا يَحْمِلُ الثُّلُثُ فَإِنْ عَجَزَ عَتَقَ مِنْهُ بِقَدْرِ ذَلِكَ وَلَا يُخَيَّرُ الْوَارِثُ فِي ذَلِكَ لِقُدْرَتِهِمْ عَلَى مَنْعِ سَائِرِ الْكِتَابَةِ وَيُخَير قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ وَهَبَ الصَّحِيحُ نِصْفَ الْكِتَابَةِ يعجز فَلَهُ نِصْفُ الرَّقَبَةِ فِي الْبَيْعِ وَكَذَلِكَ بَقِيَّةُ الْأَجْزَاءِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَلْ جَمِيعُ الرَّقَبَةِ لِلْوَاهِبِ كَهِبَةِ ذَلِكَ لِلْمُكَاتَبِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ وَهَبَهُ نَجْمًا شَارَكَهُ فِي النُّجُومِ كُلِّهَا بِقَدْرِ ذَلِكَ كَبَيْعِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي خُمُسُ كُلِّ نَجْمٍ إِنْ كَانَتْ خَمْسَةً وَإِنْ عَجَزَ فَلَهُ مِنَ الرَّقَبَةِ الْخُمُسُ قَالَ مُحَمَّدٌ كَانَ ذَلِكَ فِي صِحَّةِ السَّيِّدِ أَمْ لَا وَإِنْ وَهَبَهُ نَجْمًا بِعَيْنِهِ فِي صِحَّتِهِ فَلَا يَكُونُ لَهُ شَيْءٌ مِنَ الرَّقَبَةِ وَإِنْ عَجَزَ لِأَنَّهُ وَهَبَهُ مَالًا قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنْ أَوْصَى بِنَجْمٍ بِعَيْنِهِ لِرَجُلٍ فَعَجَزَ فَلَهُ حِصَّتُهُ مِنَ الرَّقَبَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الصِّحَّةِ وَالْوَصِيَّةِ أَنَّهُ فِي الْوَصِيَّةِ أَشْرَكَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَرَثَةِ عَلَى قَدْرِ مَا أَوْصَى لَهُ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ لِرَجُلٍ وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنَ الْآخَرِ وَالصَّحِيحُ إِنَّمَا أُعْطِيَ مَالًا فَإِنِ اقْتَضَى الْمُوصَى لَهُ ذَلِكَ النَّجْمَ الْمُعَيَّنَ أَوْ بَعْضَهُ ثُمَّ عَجَزَ وَقِيمَتُهُ مِنْ بَقِيَّةِ النُّجُومِ نِصْفُ الْكِتَابَةِ فَلَهُ نِصْفُ نِصْفِ رَقَبَةِ الْعَبْدِ وَلَا يَرُدُّ مِمَّا أَخَذَ شَيْئًا قَالَهُ أَشْهَبُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ رَدَّ مَا أَخَذَ الْعَبْدُ رَجَعَ نَصِيبُهُ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ وَإِنْ لَمْ يَرُدَّ كَانَ الْعَبْدُ لِلْوَرَثَةِ قَالَ وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّوَابُ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضِ الْمُوصَى لَهُ النَّجْمَ حَتَّى

مَاتَ الْمُكَاتَبُ وَتَرَكَ مَالًا كَثِيرًا أَخَذَ صَاحِبُ النَّجْمِ نَجْمَهُ وَالْوَرَثَةُ نُجُومَهُمْ عَلَى عَدَدِ الْمَالِ لَا عَلَى عَدَدِ الْقِيمَةِ لِأَنَّ النُّجُومَ قَدْ حَلَّتْ بِمَوْتِهِ وَاسْتَوَى الْمُتَقَدِّمُ وَالْمُتَأَخِّرُ فَمَا فَضُلَ بَعْدَ ذَلِكَ بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَبَيْنَ صَاحِبِ النَّجْمِ نِصْفَيْنِ بِقَدْرِ مَا كَانَ يَقَعُ لَهُ مِنْ رَقَبَةِ الْعَبْدِ لَوْ عَجَزَ وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ مَا يَفِي بِالْكِتَابَةِ حَاصَّ الْمُوصَى لَهُ وَالْوَارِثُ فِي ذَلِكَ بِالْعَدَدِ لَا قِيَمَ الْأَنْجُمِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ قَالَ الْوَارِثُ أَدْفَعُ لَكَ نَجْمًا كَمَا أَوْصَى لَكَ بِهِ وَامْتَنَعَ الْمُوصَى لَهُ لَعَلَّهُ يَعْجَزُ فَيَكُونُ لَهُ فِي الرَّقَبَةِ حَقُّ قَدَمِ الْمُوصِي لَهُ إِنْ لَمْ يَحِلَّ النَّجْمُ وَإِلَّا قُدِّمَ الْوَارِثُ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ أوصى بِالنَّجْمِ الأول ثُمَّ بِالثَّانِي لِآخَرَ وَخَرَجَ الْمُكَاتَبُ مِنَ الثُّلُثِ عجز فَلِلْأَوَّلِ مِنْ رَقَبَتِهِ بِقَدْرِ فَضْلِ قِيمَةِ نَجْمِهِ عَلَى الثَّانِي وَلِلثَّانِي بِقَدْرِ قِيمَةِ نَجْمِهِ فَإِنْ قَبَضَ الْأَوَّلُ نَجْمَهُ ثُمَّ عَجَزَ قَبْلَ قَبْضِ الثَّانِي فَرَقَبَتُهُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَالْأَوَّلُ مَا اقبض وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ الثَّانِي بِشَيْءٍ وَإِنْ كَانَ ثمَّ نجم ثَالِث للْوَرَثَة فَقبض صَاحب النجمين نجميه ثُمَّ عَجَزَ فَالْعَبْدُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْوَرَثَةِ عَلَى قَدْرِ قِيمَةِ النَّجْمِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَلَا يَرْجِعُ الْوَرَثَةُ عَلَيْهِمَا بِشَيْءٍ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ رَدَّا مَا أَخَذَا لِلْمُكَاتَبِ رَجَعَا فِيهِ بِأَنْصِبَائِهِمَا وَإِلَّا فَنصِيبه مِنْهُ لِلْوَرَثَةِ قَالَ وَالصَّوَابُ مَا تَقَدَّمَ فَإِنْ أوصى بِالنَّجْمِ الْأَخير قبل أَن يُنَادى مِنَ الْكِتَابَةِ شَيْءٌ فَأَخَذَ الْوَرَثَةُ نُجُومَهُمْ وَسَلَّمُوا الْمُكَاتَبَ لِلْمُوصَى لَهُ فَعَجَزَ فَرَقَبَتُهُ لَهُ وَلِلْوَرَثَةِ بِقَدْرِ قِيمَةِ نَجْمِهِ مِنْ قِيمَةِ نُجُومِهِمْ لِأَنَّهُمْ كَانُوا لَهُ فِيهِ شُرَكَاءُ بِخِلَافِ أَنْ لَوْ كَانَ السَّيِّدُ أَخذ نجوماً إِلَّا النَّجْم الآخر فينقد لَهُ فعجز والرقبة كُلُّهَا لَهُمْ وَكَأَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِجَمِيعِ الْكِتَابَةِ إِذَا كَانَ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ لَمْ يُعْتَقْ لِأَجَلِهِ وَلَا شَرِكَةَ لِأَحَدٍ فِيهِ

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا أَدَّى كِتَابَتَهُ فِي مَرَضِهِ جَازَتْ وَصِيَّتُهُ فِي ثُلُثِ مَا بَقِيَ مِنْ مَالِهِ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ دَفْعِهَا أَوْ أَمَرَ بِدَفْعِهَا فَلَمْ تَصِلْ إِلَيْكَ حَتَّى مَاتَ فَلَا وَصِيَّةَ لَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ إِنْ بَعَثَ بِهَا لِسَيِّدِهِ فِي مَرَضِهِ فَلَمْ يَقْبَلْهَا حِينَ وُصُولِهَا لَا يُعْتَقُ حَتَّى يُقْضَى بِذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بِمَوْضِعٍ لَا حَاكِمَ فِيهِ فَتَكُونُ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ كَالْحُكْمِ (فَرْعٌ) إِذَا كُوتِبَ وَقَدْ وَلَدَتْ أَمَتُهُ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ تَكُنْ بِذَلِكَ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ وَلَا يَبِيعُهَا إِلَّا أَنْ يَخَافَ الْعَجْزَ قَالَ رَبِيعَةُ أَوْ لِعَدَمِهِ لِدَيْنٍ عَلَيْهِ قَالَ رَبِيعَةُ وَإِنْ مَاتَ حَدِيثًا مِدْيَانًا فَأُمُّ وَلَدِهِ فِي دَيْنِهِ وَأَوْلَادِهِ مِنْهَا رق لَك قَالَ ابْن الْقَاسِم وَشِرَاء زَوْجَتِهِ الْحَامِلِ مِنْهُ وَلَا يَمْنَعُهُ لِأَنَّهُ إِنِ ابْتَاعَهَا بِغَيْرِ إِذْنِكَ لَمْ يَدْخُلْ جَنِينُهَا مَعَهَا فِي الْكِتَابَةِ وَلَا تَكُونُ هِيَ أُمَّ وَلَدٍ وَإِنِ ابْتَاعَهَا بِإِذْنِكَ دَخَلَ حَمْلُهَا فِي الْكِتَابَةِ وَكَانَت بِهِ أم ولد إنن مَاتَ وَتَرَكَ أُمَّ وَلَدٍ وَوُلِدَا مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا وَلَمْ يَدَعْ مَالًا سَعَتْ مَعَ الْوَلَد وسعت عَلَيْهِم إِن لم يقووا وَقَوِيَتْ وَكَانَتْ مَأْمُونَةً عَلَيْهِ وَإِنْ تَرَكَ أُمُّ ولد ولدا مِنْهَا حَدَثَ فِي الْكِتَابَةِ فَخَشِيَ الْوَلَدُ الْعَجْزَ فَلَهُمْ بَيْعُهَا وَإِنْ كَانَتْ أُمَّهُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْأَبِ أُمَّهَاتُ أَوْلَادٍ سِوَاهَا فَخَشِيَ الْوَلَدُ الْعَجْزَ فَلَهُمْ بَيْعُ مَنْ فِيهَا نَجَاتُهُمْ كَانَتْ أُمَّهُمْ اَوْ غَيرهَا قَالَ ابْن الْقَاسِم وَأرى أَن لَا يَبِيعَ أُمَّهُ إِنْ كَانَ فِي بَيْعِ غَيْرِهَا مَا يُعِينُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ خَافَ الْمُكَاتَبُ الْعَجْزَ فَبَاعَ أُمَّ وَلَدِهِ حَامِلًا مِنْهُ فَوَلَدَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَإِنْ كَانَ الْمُكَاتَبُ بِحَالِهِ لم يعْتق وَلم يعجز رد بيعهَا ليعتق بِعِتْقِهِ اَوْ يعجز فيتبعها دُونَ وَلَدِهَا وَإِنْ كَانَ الْأَبُ قَدْ عَتَقَ بِأَدَائِهِ أَوْ عَجَزَ فَرُقَّ مَضَى الْبَيْعُ

(فرع)

بِالْقِيمَةِ عَلَى أَنَّ جَنِينَهَا مُسْتَثْنَى وَرُدَّ الْجَنِينُ فَكَانَ بِحَالِ أَبِيهِ مِنْ عِتْقٍ أَوْ رِقٍّ فَإِنْ لَمْ يَعْثُرْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى أَعْتَقَهَا الْمُبْتَاعُ وَوَلَدَهَا فَسَوَاءً عَجَزَ الْأَبُ أَوْ أَدَّى أَوْ بَقِيَ عَلَى كِتَابَتِهِ يَمْضِي الْعِتْقُ فِي الْأَمَةِ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا عَلَى أَنَّ جَنِينَهَا مُسْتَثْنَى فَيُرَدُّ عِتْقُ الْوَلَدِ وَسَبِيلُهُ سَبِيلُ أَبِيهِ مِنْ عِتْقٍ أَوْ رِقٍّ أَوْ كِتَابَةٍ وَلَيْسَ كَمَنْ بَاعَ مُكَاتَبَهُ فَأَعْتَقَهُ الْمُبْتَاعُ لِأَنَّ هَذَا بَاعَهُ غير سَيّده قَالَ اللَّخْمِيّ هَذَا أم الْوَلَد الْمُكَاتَبِ بِمَنْزِلَتِهَا قَبْلَ وِلَادَتِهَا فَيَبِيعُهَا اخْتِيَارًا فِي الْكِتَابَةِ وَبَعْدَ عِتْقِهِ أَوْ كَأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ لَا يَبِيعهُ إِلَّا إِنْ كَانَتْ فِي الْكِتَابَةِ إِلَّا أَنْ يَخَافَ الْعَجْزَ وَإِنْ أَدَّى كِتَابَتَهُ وَهِيَ عِنْدَهُ عَتَقَتْ بِمَوْتِهِ إِنْ حَمَلَتْ بَعْدَ الْكِتَابَةِ قَوْلَانِ لِمَالِكٍ مُرَاعَاةً لِعَقْدِ الْحُرِّيَّةِ وَإِنْ وَقَعَتِ الْوِلَادَةُ قَبْلَ الْكِتَابَةِ لَمْ تَكُنْ أُمَّ وَلَدٍ قَوْلًا وَاحِدًا اَوْ يخْتَلف إِذَا كَانَتِ الْكِتَابَةُ وَهِيَ حَامِلٌ قِيَاسًا عَلَى الْحر يَشْتَرِي الْأمة وَهِي حَامِل مِنْهُ فرق (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِنْ مَاتَ وَتَرَكَ مَا فِيهِ وَفَاءَ الْكِتَابَةِ وَتَرَكَ أُمَّ وَلَدٍ وَوَلَدًا مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا عَتَقَتْ مَعَ الْوَلَدِ فِيهِ لِأَنَّهُ بِالْأَدَاءِ يُعْتَقُ فَتُرَتَّبُ أَحْكَامُ الْحُرِّيَّةِ وَكَذَلِكَ إِنْ تُرِكَ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ أَجْنَبِيٌّ وَترك مَالا فِيهِ وفاخ بِالْكِتَابَةِ فَإِنَّ كِتَابَتَهُ تَحِلُّ بِمَوْتِهِ وَيَتَعَجَّلُهَا السَّيِّدُ مِنْ مَالِهِ وَيُعْتِقُ مَنْ مَعَهُ وَلَيْسَ لِمَنْ مَعَهُ أَجْنَبِيًّا أَوْ وَلَدًا أَخَذَ الْمَالَ وَأَدَاؤُهُ عَلَى النُّجُومِ إِنْ كَانَ فِيهِ وَفَاءُ الْكِتَابَةِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْغَرَرِ فَإِنْ لَمْ يَفِ بِالْكِتَابَةِ فَلِوَلَدِهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَخْذُهُ إِنْ كَانَتْ لَهُمْ أَمَانَةٌ وَقُوَّةٌ عَلَى السَّعْيِ وَيُؤَدُّونَ نُجُومًا قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْوَلَد مَأْمُونا لم يدْفع لَهُ مَال قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا يُدْفَعُ الْمَالُ لِغَيْرِ الْوَلَدِ وَيَتَعَجَّلُهُ السَّيِّدُ لِأَنَّ وَلَدَ الْمُكَاتَبِ عُضْوٌ مِنْهُ بِمَنْزِلَتِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَالْكِتَابَةُ كَالدَّيْنِ وَصَاحِبُ الدّين أولى

بِالتَّرِكَةِ إِذا تَعَجَّلَهُ السَّيِّدُ سَعَوْا فِي الْبَقِيَّةِ فَإِنْ أَدُّوا عَتَقُوا وَيُتْبِعُ السَّيِّدُ الْأَجْنَبِيَّ بِحِصَّةِ مَا أَدَّى عَنْهُ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ وَيَحَاصُّ بِهِ غُرَمَاءَهُ بَعْدَ عِتْقِهِ وَلَيْسَ كَالْمُعْتَقِ عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ مَالًا بَعْدَ الْعِتْقِ وَقَالَ رَبِيعَةُ لَا يَدْفَعُ الْمَالَ لِوَلَدٍ وَلَا غَيْرِهِ وَإِنْ كَانُوا ذَوِي قُوَّةٍ وَأَمَانَةٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ أَصْلُهُ وَلَا يُؤْمَنُ عَلَيْهِ التَّلَفُ وَيَتَعَجَّلُهُ السَّيِّدُ وَيَحَاصُّهُمْ بِهِ مِنْ آخِرِ كِتَابَتِهِمْ وَإِنْ كَانُوا صِغَارًا لَا قُوَّةَ فِيهِمْ عَلَى السَّعْيِ فَهُمْ رَقِيقٌ وَذَلِكَ الْمَالُ لِلسَّيِّدِ وَإِنْ تَرَكَ أُمَّ وَلَدٍ وَلَا وَلَدَ مَعَهَا وَمَالًا يُوَفِّي الْكِتَابَةَ فَهِيَ وَالْمَالُ مِلْكٌ لِلسَّيِّدِ لِأَنَّهُ مَاتَ رَقِيقًا قَالَ رَبِيعَةُ وَكَذَلِكَ إِنْ تَرَكَ وَلَدًا فَمَاتَ الْوَلَدُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ تَرَكَ وَلَدًا أَحْدَثَ فِي كِتَابَتِهِ وَمَالًا يُوفِي بِالْكِتَابَةِ وَيُفْضِلُ أَخَذَ السَّيِّدُ الْكِتَابَةَ وَيَرِثُ الْفَضْلَ مَنْ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُمْ سَاوَوْهُ فِي أَحْكَامِهِ بِعَقْدِ الْكِتَابَةِ وَلَا يَرِثُهُ وَلَدُهُ الْأَحْرَارُ الَّذِينَ لَيْسُوا مَعَهُ فِي كِتَابَتِهِ وَلَا زَوْجَتُهُ وَإِنْ كُوتِبَتْ مَعَهُ وَلَا يَكُونُ لِلسَّيِّدِ مَا فَضَلَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ ابْنًا أَوْ بِنْتا فالباقي لَهُ دون أَحْرَار ورثت الْمُكَاتَبِ لِحُصُولِ الْمُخَالَفَةِ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ عِنْدَ الْمَوْتِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ أحد اَوْ ترك اجنبيا ووفى الْكِتَابَةِ تَعَجَّلَهَا السَّيِّدُ وَالْفَضْلُ لَهُ دُونَ وَرَثَةِ الْمُكَاتَبِ الْأَحْرَارِ وَإِنْ كَانَ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ وَلَدٌ فِي الْكِتَابَةِ اتَّبَعَهُ الْوَلَدُ بِمَا أَدَّى عَنْهُ دُونَ السَّيِّدِ وَوَرِثَ السَّيِّدُ بَقِيَّةَ الْمَالِ وَإِنْ تَرَكَ ابْنَتَيْهِ وَابْنَ ابْنٍ مَعَهُمَا فِي الْكِتَابَةِ وتارك فضلا عَن كِتَابَته فلإبنتين من الْفضل الثَّلَاث وَلابْن الأبن وَمَا بَقِيَ وَإِنَّمَا يَرِثُ الْمُكَاتَبَ مَنْ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ مِنَ الْقَرَابَةِ الْوَلَدُ وَوَلَدُ الْوَلَدِ وَالْأَبَوَانِ وَالْجُدُودُ وَالْإِخْوَةُ دُونَ أَحْرَارِ وَلَدِهِ وَلَا يَرِثُهُ غَيْرُهُمْ مِنْ عَمٍّ وَابْنِ عَمٍّ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْعَصَبَةِ وَلَا زَوْجَةٍ وَإِنْ كَانُوا مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ وَضَابِطُهُمْ مَنْ أَدَّى عَنْهُمْ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ إِلَّا الزَّوْجَةَ فَإِنَّهَا لَا تَرِثُهُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا مَنْ يَرِثُهَا وَلَا السَّيِّدُ وَيَرْجِعُونَ عَلَى كُلِّ مَنْ كَانَ هُوَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ إِلَّا الزَّوْجَةَ وَإِنْ هَلَكَ أَحَدُ الْأَخَوَيْنِ فِي كِتَابَتِهِ وَتَرَكَ فَضْلًا فَلِلْأَخِ دُونَ السَّيِّدِ وَلَا يَرْجِعُ السَّيِّدُ عَلَى الْأَخِ بِمَا أَدَّى عَنْهُ من مَال أَخِيه لَو

تَرَكَ الْمَيِّتُ وَلَدًا فَأَدَّى الْوَلَدُ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ جَمِيعَ الْكِتَابَةِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ وَإِذَا مَاتَ الْمُكَاتَبُ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ وَتَرَكَ وَفَاءَ الْكِتَابَةِ وَلَمْ يَدَعْ وَلَدًا فَلِوَرَثَةِ السَّيِّدِ يَدْخُلُ فِيهِ بَنَاتُهُ وَأُمَّهَاتُهُ وَزَوْجَاتُهُ وَغَيْرُهُنَّ لِأَنَّهُ مَوْرُوثٌ بِالرِّقِّ دُونَ الْوَلَاءِ وَإِنْ هَلَكَ أَحَدُ الْأَخَوَيْنِ وَترك أم ولد لَا ولد مَعهَا فَهُوَ رَقِيقٌ إِلَّا أَنْ يَدَعَ وَلَدًا مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا كَاتَبَ عَلَيْهِمْ أَوْ حَدَثُوا فِي الْكِتَابَةِ فَلَا تُرَقُّ إِلَّا أَنْ يَعْجَزَ الْوَلَدُ وَلَا تَقْوَى هِيَ عَلَى السَّعْيِ عَلَيْهِمْ أَوْ يَمُوتَ الْوَلَدُ قَبْلَ الْأَدَاءِ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ وَلَدٌ فَمَاتَ وَلَدُهُ عَنْ أُمِّ وَلَدٍ لَا وَلَدَ مَعَهَا رَقَّتْ لِلْأَبِ وَإِنْ كَثُرَ مَا تَرَكَ إِلَّا أَنْ يَتْرُكَ وَلَدًا كَمَا تقدم وَإِن كَاتبه ثُمَّ كَاتَبَتْ امْرَأَتُهُ كِتَابَةً عَلَى حِدَةٍ فَحَدَثَ بَينهمَا ولد فَهُوَ فِي كِتَابَة الْأُم بِعِتْق بِعتْقِهَا لَا يعْتق الْأَبِ وَنَفَقَتُهُمْ عَلَيْهَا وَوَافَقَنَا ح عَلَى أَنَّهُ إِذا مَاتَ وَخلف وَفَاء لم يمت على الرّقّ ووارث وَيَقُول مَاتَ حرا مكَاتبا نَحن نَقُولُ مَاتَ مُكَاتَبًا وَقَالَ ش مَاتَ عَبْدًا وَلَا يُورَثُ لَنَا قَوْله تَعَالَى {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّة} فَحَكَمَ تَعَالَى بِبَقَاءِ دَيْنِ الْمَيِّتِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَأوجب قضااه مِنْ مَالِهِ فَالْكِتَابَةُ دَيْنٌ وَيَرِثُ الْفَضْلَ وَرَثَتُهُ لَا بِآيِ الْمَوَارِيثِ وَلِأَنَّ الْمُسَاوَاةَ إِذَا حَصُلَتْ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ وَالدَّيْنِ وَجَبَ الْإِرْثُ وَهُوَ هَاهُنَا مَوْجُودٌ لِأَنَّهُمْ سَاوَوْهُ فِي عَقْدِ الْحُرِّيَّةِ وَيُفَارِقُ الْعَبْدَ بِأَنَّهُ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ فَتَقَرَّرَ مِلْكُهُ وَلَهُ عَقْدُ حُرِّيَّةٍ وَلَمْ يَلْحَقْ بِالْحُرِّ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْجَزُ فَلَا يَرِثُهُ الْحُرُّ وَلَا العبيد وَلِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَلَا يَبْطُلُ بِالْمَوْتِ كَالْبَيْعِ وَيُفَارِقُ النِّكَاحَ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ إِلَّا بِشَرْطِ الْعِوَضِ وَالنِّكَاحُ يَصِحُّ تَفْوِيضًا وَكَالْعِتْقِ عَلَى مَالٍ لَا يبطل بِمَوْت العَبْد وَلِأَنَّهُ أَحَدُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَلَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ بِمَوْتِهِ كَالسَّيِّدِ طَرْدًا لِلْبَابِ كَالْبَيْعِ وَلَا يَشْكُلُ بِمَوْتِهِ مُفْلِسًا لِأَنَّ الْمُبْطِلَ الْعَجْزُ لَا الْمَوْتُ احْتَجُّوا بِأَنَّ الْمَوْتَ يُبْطِلُ الشَّرْطَ كَمَا لَوْ جُعِلَ الشَّرْطُ دُخُولَ الدَّارِ هَذَا عُمْدَتُهُمْ وَلِأَنَّ الْمَوْتَ يُبْطِلُ سَبَبَ الِاسْتِيلَادِ وَهُوَ أَقْوَى لِتَعَذُّرِ إِبْطَالِهِ فَالْكِتَابَةُ أَوْلَى لِأَنَّهَا تَبْطُلُ

بِالْعَجزِ وَلِأَنَّهُ مَاتَ عنْدكُمْ مكَاتبا وأولادا عَتَقُوا بِالْأَدَاءِ فَلَا مُسَاوَاةَ فَلَا إِرْثَ أَوْ مَاتَ حرا فيرثه الْأَحْرَار كلهم اَوْ تَقولُوا عَتَقَ بِالْأَدَاءِ فَيَلْزَمُكُمْ عِتْقُ الْمَوْتَى وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ عَقْدَ الْكِتَابَةِ لَيْسَ للْوَلَد الْحَادِثَ فِي الْكِتَابَةِ وَيُعْتَقُ بِعِتْقِ أَبِيهِ كَاتَبَ عَلَيْهِ أَوْ حَدَثَ فِيهَا فَإِذَا مَاتَ الْوَالِدُ بَقِيَ حَقُّ الْوَلَدِ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ وَلِوَلَدِهِ إِذَا أَدَّيْتُمْ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَنْتُمْ أَحْرَارٌ فَمَا أَحَدٌ مِنْهُمْ ثُمَّ أَدَّى الْبَاقُونَ الْأَلْفَ فَإِنَّهُمْ يُعْتَقُونَ وَلَا يَبْطُلُ حَقُّهُمْ بِمَوْتِ بَعْضِهِمْ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ حُكْمَ أُمِّ الْوَلَدَ إِذَا مَاتَتْ قبل السَّيِّد كَمَا كَانَ وَيُعْتَقُ بِمَوْتِ سَيِّدِهِ وَكَذَلِكَ وَلَدُ الْمُدَبَّرِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّهُ مَاتَ مُكَاتَبًا لَا حُرًّا وَلَا قِنًّا فَعَدَمُ خُلُوصِهِ لِلْحُرِّيَّةِ يَمْنَعُ وَرَثَتَهُ الْأَحْرَارَ وَعَدَمُ خُلُوصِ الرِّقِّ يَمْنَعُ وِرَاثَةَ السَّيِّدِ فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَوْلَادُهُ الَّذِينَ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ فَالْمُكَاتَبُ أَصْلٌ فِي نَفْسِهِ كَأُمِّ الْوَلَدِ لَا حُرَّةٌ فَتَجِبُ دِيَّتُهَا وَلَا أَمَةٌ فَيَجُوزُ بيعهَا وَلَا تجوز إِجَارَتُهَا كَالنِّكَاحِ لَا بَيْعَ وَلَا إِجَارَةَ وَكَالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ فِيهِ شِبْهُ الصَّحِيحِ فِي لُحُوقِ النَّسَبِ وَسُقُوطِ الْحَدِّ وَشَبَهُ الزِّنَا فِي امْتِنَاعِ الطَّلَاقِ وَالْمِيرَاثِ وَهَذِهِ قَاعِدَةٌ مَتَى كَانَ لِلْفَرْعِ أَصْلٌ وَاحِدٌ لَحِقَ بِهِ وَمَتَى كَانَ بَيْنَ أَصْلَيْنِ فَأَكْثَرَ يَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ بِأَيِّهِمَا يُلْحَقُ وَأَيِّهِمَا أَرْجَحُ وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ فِي الشَّرْعِ فَالْمُكَاتَبُ كَذَلِكَ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ نَاظَرَ بِهَا الْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ

(تفريع)

فَإِنْ قَالُوا لَا يَصِحُّ عَقْدُ الْكِتَابَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَا يَصِحُّ بَقَاؤُهَا كَالنِّكَاحِ وَغَيْرِهِ قُلْنَا قد يُخَالف الإبتداء الْبَقَاء كَالْعِدَّةِ وَالْإِحْرَامِ لَا تَبْقَى الْمَرْأَةُ مُعْتَدَّةً بَعْدَ مَوْتِهَا وَلَا مُحَرَّمَةً وَلَا مُعْتَكِفَةً وَتَبْقَى زَوْجَةً وَحُرَّةً وَمُؤْمِنَةً وَابْنَةً وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْقَرَابَاتِ مَعَ أَنَّهَا أُمُورٌ لَا يَصِحُّ ابْتِدَاؤُهَا بَعْدَ الْمَوْتِ فَالْأَوْصَافُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ مَا لَا يَثْبُتُ إِلَّا بعد الْمَوْت نَحْو كَونه موروثا وَلَا يَثْبُتُ إِلَّا قَبْلَ الْمَوْتِ كَالْعِدَّةِ وَالْإِحْرَامِ وَمَا يَقْبَلُ الْأَمْرَيْنِ كَالْحُرِّيَّةِ وَالْقَرَابَاتِ وَإِذَا اخْتَلَفَتِ الْأَحْوَالُ فَلَيْسَ قِيَاسُكُمْ عَلَى أَحَدِهَا بِأَوْلَى مِنَ الْآخَرِ وَيُلْزِمُ ح فِي قَوْلِهِ إِذَا خَلَّفَ وَفَاءً أَنَّهُ مَاتَ حُرًّا أَنْ يُكْمِلَ دِيَتَهُ وَلَمَّا لَمْ يَقُلْ إِلَّا بِالْقِيمَةِ بَطَلَتِ الْحُرِّيَّةُ (تَفْرِيعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا كَانَ مَعَهُ أَبٌ أَوْ أَخٌ فِي الْكِتَابَةِ وَتَرَكَ أُمَّ وَلَدٍ لَا وَلَدَ مَعَهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ رُقَّتْ لِلْأَبِ أَوِ الْأَخِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ مَاتَ عَنْ أُمِّ وَلَدٍ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا وَتَرَكَ مَالًا عَتَقُوا بِهِ وَلَا يَرْجِعُونَ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ مَالا فسعوا لَهُم فعتقت بِأَدَائِهِمْ كَانُوا وَلَدَهَا أَمْ لَا وَلَا يَرْجِعُونَ عَلَيْهَا قَالَ مَالِكٌ إِنْ تَرَكَ وَلَدًا لَا سِعَايَةَ فِيهِ وَلَمْ يَتْرُكْ مَالًا رَقَّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِيمَا تَرَكَ مَا يُؤَدَّى عَلَى النُّجُومِ إِلَى أَنْ يَبْلُغَ السَّعْيَ أَوْ يَتْرُكَ ولدا فِيمَن يسْعَى فَدفع الْمَالَ إِلَيْهِمْ فَإِنْ لَمْ يَقْوَوْا وَمَعَهُمْ أُمُّ وَلَدٍ لِلْأَبِ دَفَعَ إِلَيْهَا الْمَالَ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ وَفَاءٌ وَهِيَ مَأْمُونَةٌ قَوِيَّةٌ عَلَى السَّعْيِ وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ فِي الْمَالِ مَعَ ثَمَنِهَا إِنْ بِيعَتْ كَفَافُ الْكِتَابَةِ بِيعَتْ وَرُدَّتِ الْكِتَابَةُ وَعَتَقَ الْوَلَدُ أَوْ يَكُونُ فِي ثَمَنِهَا مَا يُؤَدِّي إِلَى بُلُوغِ الْوَلَدِ السَّعْيَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ رُقُّوا جَمِيعًا وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا مَاتَ وَتَرَكَ مَالًا يُدْفَعُ لِلْوَلَدِ وَغَيْرِهِ مِنْ قَرِيبٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ فِي كِتَابَةٍ وَاحِدَةٍ إِنْ كَانُوا مَأْمُونِينَ وَلَيْسَ ذَلِكَ

كَالدَّيْنِ الثَّابِتِ يَحِلُّ بِالْمَوْتِ وَهُمْ كَانُوا يَرْتَقِبُونَ بِالْمَوْتِ وَمَاله فأخوه يُضْعِفُهُمْ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مَأْمُونِينَ لَمْ يَتَعَجَّلْهُ السَّيِّدُ أَيْضًا وَيَدْفَعُ لِأَمِينٍ يُؤَدِّيهِ إِلَى السَّيِّدِ عَلَى أَدَاءِ النُّجُومِ قَالَ مُحَمَّدٌ فَإِنِ ارْتَدَّ وَقُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ وَمَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ وَلَدُهُ وَأُمُّ وَلَدِهِ وَتَرَكَ وَفَاءَ الْكِتَابَةِ وَفَضْلَةً عَتَقَ بِذَلِكَ وَلَدُهُ وَالْفَاضِلُ لِلسَّيِّدِ وَلَا يَرِثُهُ الْوَلَدُ لِاخْتِلَافِ الدِّينِ وَلَا يَرْجِعُ السَّيِّدُ عَلَيْهِمْ بِشَيْءٍ من مَال الْأَب لِأَن الْأَب لايرجع وَيَرْجِعُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّينَ لِأَنَّ السَّيِّدَ وَرِثَهُ بِالرِّقِّ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِيمَنْ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ الْمكَاتب من قرَابَته إِذا ادّعى عَنْهُ فَعَنْهُ لَا يُتْبَعُ كُلُّ ذِي رَحِمٍ مِنْهُ وَعَنْهُ كُلُّ ذِي رَحِمٍ يَتَوَارَثُونَ بِهَا وَعَنْهُ يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْوَلَدِ وَالْإِخْوَةِ وَالْوَالِدِ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ مَنْ هُوَ الَّذِي يُعْتَقُ عَلَيْهِ إِذَا مَلَكَهُ وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ يَرِثُهُ مِمَّنْ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ فَقِيلَ لَا يَرِثُهُ إِلَّا مَنْ يُعْتِقُ على الْحر قَالَه ابْن الْقَاسِم وَعنهُ بِمن يُورث الْحُرَّ مِنْ عَمٍّ وَغَيْرِهِ مِنْ نِسَاءٍ أَوْ رِجَالٍ وَقَوْلُ مَالِكٍ الْأَوَّلُ إِنَّ امْرَأَتَهُ تَرِثُهُ وَرَجَعَ إِلَى أَنَّهَا لَا تَرِثُهُ وَيُعْتَقُ فِيمَا ترك وَلَا يتبع لشَيْء اسْتِحْسَانًا كَمَنْ فَدَى زَوْجَتَهُ مِنَ الْعَدُوِّ وَهُوَ يَعْرِفُهَا فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ فَدَى مَنَافِعَهُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا تَرْثُهُ وَلَا يَرِثُهَا وَلَا يَرْجِعُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ لَا يَرِثُ الْمُكَاتَبَ أَحَدٌ إِلَّا الْوَلَدُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ وَلَدٌ وَلَا وَلَدَ لِلْمَيِّتِ اتَّبَعَهُ السَّيِّدُ بِجَمِيعِ مَا أَخَذَ مِنْ بَاقِي الْكِتَابَةِ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ يُحَطُّ عَنْهُ بِمَوْتِ الْمَيِّتِ شَيْءٌ ويتمادى مِنْهُ عَلَى النُّجُومِ إِنْ كَانَ قَبَضَهَا هُوَ قَبْلَ مَحِلِّهَا فَإِنْ كَانَ مَعَهُ وَلَدٌ لَمْ يُتْبِعْهُ إِلَّا بِنِصْفِ مَا أَدَّى مِنْ مَالِ أَبِيهِ إِنْ كَانَتِ الْكِتَابَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِأَنَّهُ الَّذِي كَانَ يُتْبِعُهُ بِهِ أَبُوهُ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ مَاتَ أَحَدُهُمْ لَمْ يَسْقُطْ عَنِ الْبَاقِينَ شَيْءٌ وَإِنِ اسْتَحَقَّ أَحَدُهُمْ سَقَطَ عَنِ البَاقِينَ جِهَته على الْعدَد إِن كَانُوا أَرْبَعَةً سَقَطَ رُبُعُ الْكِتَابَةِ وَفِيهِ خِلَافٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ مَاتَ عَنْ مَالٍ لَا وَفَاءَ فِيهِ فَفِي سَعْيِ مَنْ مَعَهُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ الْمُتَقَدِّمُ وَقَالَ أَشْهَبُ يَسْعَى مَنْ مَعَهُ وَإِنْ كَانَ أَخًا أَوْ أَجْنَبِيًّا وَقَالَ رَبِيعَةُ

(فرع)

السَّيِّدُ أَحَقُّ بِهِ مِنَ الْوَلَدِ وَغَيْرِهِ وَإِذَا كَانَ السَّيِّدُ أَخَذَهُ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ إِذَا لَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا فَيُخْتَلَفُ هَلْ يُحْسَبُ لَهُمْ ذَلِكَ مِنْ آخِرِ كِتَابَتِهِمْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُحْسَبُ مِنْ أَوَّلِهَا وَهُوَ الَّذِي لَا أَخْتَارُ آخِرِهَا وَلَا مِنْ وَسَطِهَا وَإِنَّمَا يُنْظَرُ إِلَى الْمَتْرُوكِ إِنْ كَانَ هُوَ الَّذِي يَنُوبُهُ مِنَ الْكِتَابَةِ أَخَذَهُ عَنِ الْمَيِّتِ وَعَلَى الْحَيِّ السَّعْيُ فِيمَا عَلَيْهِ مِمَّا يَنُوبُهُ مِنَ الْكِتَابَةِ فَإِنْ عَجَزَ فَلَا يُعَجِّلُ عَلَيْهِ بِفَسْخِ الْكِتَابَةِ وَيُحَاسِبُهُ بِمَا تَرَكَهُ الْمَيِّتُ كَمَا لَوْ كَانَ حَيًّا يَعْجَزُ عَمَّا يَنُوبُهُ أُخِذَ مِنْ يَدِ صَاحِبِهِ ذَلِكَ النَّجْمُ وَأَدَّى عَنْهُمَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيمَا تَرَكَهُ وَفَاءٌ بِمَا يَنُوبُهُ سَعَى هَذَا فِيمَا يَنُوبُهُ وَحُوسِبَ السَّيِّدُ بِمَا خَلَّفَهُ عَنْ أَوَّلِ نُجُومِهِ فَإِذَا ذَهَبَ مِنَ النُّجُومِ مَا يُقَابِلُ مَا خَلَّفَ أَخَذَ حِينَئِذٍ الْحَيُّ بِالْأَدَاءِ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ فِيمَا خَلَّفَهُ فَضْلٌ عَمَّا يَنُوبُهُ سَعَى هَذَا الْبَاقِي خَاصَّةً لِأَنَّهُ لَوْ خَلَّفَ وَفَاءً عَتَقَ فِيهِ وَمِنْ حَقِّ السَّيِّدِ أَنْ يَبْدَأَ بِمَا يَنُوبُهُ فَإِذَا لَمْ يَبْقَ إِلَّا مَا يُوَفِّي بِهِ الثَّانِي فَمَا خَلَّفَهُ الْمَيِّتُ مِمَّا يَنُوبُهُ عَتَقَ لِأَنَّ الْحَمَالَةَ وَإِنْ حَلَّتْ بِالْمَوْتِ فَإِنَّ التَّعْجِيلَ وَالْأَخْذَ بِهَا مِنْ حَقِّ السَّيِّدِ فَلَهُ أَنْ يَقُولَ إِنَّمَا آخُذُ مِمَّا يَنُوبُكَ الْآنَ وَلَا آخُذُ مَا خَلَّفَهُ الْمَيِّت عَن الْمَيِّت إِلَّا أَن يعجز وَاخْتُلِفَ إِذَا قُتِلَ بِالرِّدَّةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُعْتَقُ الْوَلَدُ فِيهِ وَلَا يُتْبَعُ بِمَا يَنُوبُهُ وَعَنْهُ سَعْيُ الْوَلَدِ فِيمَا عَلَيْهِ وَلَا يُعْتَقُ فِيمَا تَرَكَ أَبُوهُ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ إِذَا زَوَّجَ الْمَوْلَى بِنْتَهُ بِمُكَاتَبِهِ صَحَّ النِّكَاحُ فَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى وَوَرِثَتْهُ ابْنَتُهُ انْفَسَخَ نِكَاحُهَا وَقَالَهُ ش وَقَالَ ح لَا يَنْفَسِخُ لَنَا الْمِلْكُ يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ النِّكَاحِ فَيَمْنَعُ اسْتَدَامَتَهُ فَلَوْ أَرَادَتْ أَنْ تَتَزَوَّجَ عَبْدَهَا امْتَنَعَ إِجْمَاعًا أَوِ اشْتَرَتْ زَوْجَهَا انْفَسَخَ نِكَاحُهَا احْتَجُّوا بِأَنَّ الْمُنْتَقِلَ إِلَيْهَا مَالٌ فِي ذِمَّةِ الْمُكَاتَبِ لَا رَقَبَتَهُ وينوب حَقِّهَا فِي ذِمَّتِهِ

(فرع)

لَا يُبْطِلُ نِكَاحَهَا وَلِأَنَّهُ مُكَاتَبُ أَبِيهَا دُونَهَا لِأَنَّ الْوَلَاءَ يَثْبُتُ لَهُ دُونَهَا وَلِأَنَّ رَقَبَةَ الْمُكَاتَبِ لَا تَقْبَلُ الْمِلْكَ لِأَنَّهُ ثَبَتَ لَهُ حَقُّ الْحُرِّيَّةِ فَيُمْنَعُ انْتِقَالُ الْمِلْكِ بِدَلِيلِ تَعَذُّرِ بَيْعِهِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمُنْتَقِلَ مَا كَانَ لِلْمَيِّتِ وَالْمُكَاتَبُ مَمْلُوكٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ لِسَيِّدِهِ فَيَنْتَقِلُ الْمِلْكُ لِلْوَارِثِ وَعَنِ الثَّانِي لَوْ عَجَزَ لَرُقَّ لِلْوَارِثِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَا كَانَ لِلسَّيِّدِ انْتَقَلَ لِلْوَارِثِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَتَزَوَّجُ بِمُكَاتَبِهَا فَإِذَا مَاتَتِ انْتَقَلَ مَا كَانَ لَهَا لِابْنَتِهَا فَيَمْتَنِعُ أَنْ تَتَزَوَّجَهُ ابْنَتُهَا وَإِنْ كَانَ الْوَلَاءُ لِأُمِّهَا وَيَلْزَمُكُمْ أَن تبتديء ابْنَةُ السَّيِّدِ بَعْدَ مَوْتِهِ نِكَاحَ مُكَاتَبِ أَبِيهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ مُكَاتَبًا لَهَا وَلَمَّا مَنَعَ الِابْتِدَاءَ مَنَعَ الِاسْتِدَامَةَ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّا نَمْنَعُ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ الْمِلْكَ سَلَّمْنَاهُ لَكِنْ يَنْتَقِلُ لِلْوَارِثِ مَا كَانَ لِلْمَوْرُوثِ وَالسَّيِّدَةُ الْمُكَاتَبَةُ لَا تَنْكِحُ مكاتبها فَينْتَقل ذَلِك لابنتها وَابْنَة الْمكَاتب كَاتبه الْمُكَاتَبَةِ (فَرْعٌ) قَالَ الْبَصْرِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ إِذَا أَدَّى فِي الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ عَتَقَ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ خِلَافًا لِأَهْلِ الظَّاهِرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} وَإِذا ابطلا الْكِتَابَة ألفاسدة دون الحكم جَازَ وَقَالَهُ ش وَقَالَ ح لَا تَبْطُلُ إِلَّا بالحكم لَنَا أَنَّ لَهُمَا إِبْطَالَ صَحِيحَةٍ فَلَهُمَا إِبْطَالُ فَاسِدَةٍ كَسَائِرِ الْعُقُودِ لِأَنَّهُ عَقْدٌ لَا يَحْتَاجُ إِلَى اجْتِهَادٍ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى الْحُكْمِ كَالْإِجَارَةِ نَظَائِرُ قَالَ صَاحِبُ الْخِصَالِ سَبْعُ خِصَالٍ لَيْسَ لِلْمَكَاتَبِ أَنْ يَفْعَلَهَا بِغَيْرِ إِذَنْ سَيِّدِهِ الزَّوَاجُ وَالْعِتْقُ وَالْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ وَالْإِقْرَارُ بِجِنَايَةِ الْخَطَأِ أَوْ بِجِنَايَةٍ فِي رَقَبَتِهِ وَالسَّفَرُ الْبَعِيدُ يَحِلُّ عَلَيْهِ نَجْمٌ فِيهِ فَإِنْ لَمْ يُرِدِ السَّيِّدُ عِتْقَهُ وَلَا هِبته وَلَا صدقته حَتَّى عتق بعد ذَلِكَ وَالَّتِي لَهُ أَنْ يَفْعَلَهَا بِغَيْرِ إِذْنِهِ تِسْعَةٌ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ وَالشَّرِكَةُ

(فرع)

وَالْقِرَاضُ وَمُكَاتَبَةُ عَبْدِهِ وَأَنْ يَأْمُرَ مَنْ يَعْقِدُ النِّكَاح على أمائه وعبيده ابتغاا الْفَضْلِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَالسَّفَرُ الْقَرِيبُ لَا يَحِلُّ فِيهِ نَجْمٌ وَلَا كُلْفَةٌ عَلَى السَّيِّدِ فِيهِ وَالْإِقْرَارُ بِالدَّيْنِ وَإِسْقَاطُ شُفْعَةٍ وَاجِبَةٍ لَهُ (فَرْعٌ) فِي الْمُنْتَقَى إِذَا كَاتَبَهُمَا بِعَقْدٍ وَاحِدٍ فَحَنَثَ فِي أَحَدِهِمَا بِيَمِينٍ لَزِمَتْهُ قَبْلَ الْكِتَابَةِ لَا يَتَعَجَّلُ عِتْقُهُ فَإِنْ عَجَزَ عَتَقَ بِالْحِنْثِ لِأَنَّ عِتْقَهُ يَعْجَزُ صَاحِبُهُ وَإِذَا عَتَقَ بِالْأَدَاءِ لَا يَرْجِعُ عَلَى سَيِّدِهِ بِمَا أَدَّاهُ عَنْ نَفْسِهِ قَالَهُ أَصْبَغُ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا وَجَبَ عَلَيْهِ عَقْلُ جَرْحٍ أَدَّى ذَلِكَ الْعَقْلَ قَبْلَ الْكِتَابَةِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ خُيِّرَ سَيِّدُهُ بَيْنَ أَدَاء الْعقل ورق الْمكَاتب اَوْ اسْلَمْ الْعَبْدَ وَقَبْلَ عَجْزِهِ عَنْهُ هُوَ عَلَى كِتَابَتِهِ فَإِن كَاتبه جمَاعَة فَخرج أَحَدُهُمْ أَجْنَبِيًّا أَدَّوْا جَمِيعًا الْعَقْلَ وَثَبَتُوا عَلَى كِتَابَتِهِمْ وَإِنْ لَمْ يُؤَدُّوا فَقَدْ عَجَزُوا وَيُخَيَّرُ السَّيِّدُ حِينَئِذٍ فِي دَفْعِ الْعَقْلِ وَيَسْتَرِقُّهُمْ أَوْ يسلم الْجَانِي وَحده وَيرجع الْآخرُونَ عبدا لَهُ لِأَنَّ الْعَقْلَ مُقَدَّمٌ عَلَى مِلْكِ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمِلْكِ قَبْلَ الْكِتَابَةِ وَيُخَيَّرُ السَّيِّدُ فِي إِسْلَامِهِ فَبُعْدِ الْكِتَابَةِ أَوْلَى لِأَنَّهَا لَا تنظر إِلَّا بِالْأَدَاءِ فَإِنْ عَجَزَ الْجَانِي عَنْ أَدَاءِ الْعَقْلِ فَأَدَّاهُ الْآخَرُ خَوْفًا مِنَ الرِّقِّ ثُمَّ عَتَقَا بِسِعَايَتِهِمَا فَإِنَّهُ يَتْبَعُهُ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ الَّذِي أَدَّى عَنْهُ إِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ بِالْمِلْكِ كَالْكِتَابَةِ فَإِنْ جَنَى أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ خَطَأً وَهُمَا أَجْنَبِيَّانِ عَقَلَ الْجَانِي جِنَايَتَهُ وَبَقِيَا عَلَى كِتَابَتِهِمَا وَيُحْتَسَبُ بِذَلِكَ لَهُمَا مِمَّا عَلَيْهِم من آخر نجومهم وَيتبع الْمَجْرُوح الْخَارِج بِنِصْفِ عَقْلِ الْجَرْحِ إِنِ اسْتَوَيَا فِي الْكِتَابَةِ وَإِلَّا رَجَعَ عَلَيْهِ بِقَدْرِ مَا يَنُوبُ الْجَارِحَ لِأَنَّ أَرْشَ الْجَرْحِ تَأَدَّى عَنْهُمَا وَعَتَقَا بِهِ فَإِنْ عَجَزَ الْجَارِحُ عَنْ أَدَاءِ الْعَقْلِ فَأَدَّى الْمَجْرُوحُ الْأَرْشَ كُلَّهُ خَوْفًا أَنْ يُرَقَّ بِالْعَجْزِ فَكَأَنَّهُمَا أَدَّيَا الْكِتَابَةَ وَبَقِيَ أَرْشُ

(فرع)

الْجِنَايَة على الْجَانِي وَهَذَا إِذا أَدَّيَا عَنْهُ بَعْضَ الْجِنَايَةِ أَمَّا إِنْ أَدَّيَا جَمِيعًا فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْأَرْشِ كُلِّهِ فَإِنْ كَانَ الْجَانِي أَخًا لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ مِمَّنْ يُعْتَقُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ جَنَى أَحَدُ الْأَخَوَيْنِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ فَأَدَّى الثَّانِي ارش الْجِنَايَة خوف الْعَجز فعجز أَخِيه رَاجع على أَخِيه وألفرق أَنه مَال أُدي الْأَجْنَبِيّ لَا فِي شَيْءٍ مِمَّا يُعْتَقَانِ بِهِ وَإِنْ جَنَى أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ فَأَدَّى الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ لِأَنَّهُمَا يُعْتَقَانِ بِهِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا رَجَعَ عَنِ الرُّجُوعِ عَلَى أَخِيهِ فِي حَيَاتِهِ الْأَجْنَبِيُّ لِأَنَّهُ افْتَكَّ بِهِ مِنَ الْمِلْكِ كَمَا لَوِ اشْتَرَاهُ وَهُوَ مُكَاتَبٌ لعتق عَلَيْهِ وَلم يتبعهُ فَإِن خرج الْمكَاتب اَوْ وَلَدَهُ الَّذِي مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ فَعَقْلُهُمْ عَقْلُ الْعَبِيدِ وَيُحْسَبُ لَهُمْ فِي آخِرِ الْكِتَابَةِ لِأَنَّهُمْ أَحْرَزُوا أَنْفُسَهُمْ فَيُحَاسِبُهُمْ بِمَا أَخَذَ مِنْ عَقْلِهِمْ فَإِن زَاد الْعقل على الْكِتَابَة وَمَا بَقِيَ مِنْهَا أَخَذَ السَّيِّدُ الْكِتَابَةَ وَعَتَقَ الْعَبْدُ وَالْفَضْلُ لِلْمُكَاتَبِ وَلَا يُدْفَعُ لِلْمُكَاتَبِ عَقْلٌ يَسْتَهْلِكُهُ فَيَعْجَزُ فَيَرْجِعُ لِسَيِّدِهِ أَعْوَرَ أَوْ مَقْطُوعَ الْيَدِ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا كُوتِبَ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى أم وَلَده حرم عَلَيْهِ وَطْؤُهَا كَأَنَّهُ بِالْكِتَابَةِ أخرجهَا عَن ملكهَا لِسَيِّدِهِ فَإِنْ مَاتَ فَلَهَا أَنْ تَسْعَى وَإِنْ لم يمت وعتقها بِالْأَدَاءِ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهَا سَبِيلٌ وَوَلَاؤُهَا لِسَيِّدِ الْمُكَاتَبِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ مَالِكٌ لِلْمُكَاتَبِ تَعْجِيلُ مَا عَلَيْهِ وَلَيْسَ لَكَ الِامْتِنَاعُ كَتَعْجِيلِ الدَّيْنِ وَإِنْ كَانَ مَرِيضًا وَأَرَادَ ذَلِكَ لِيَرِثَهُ وَرَثَتُهُ الْأَحْرَارُ وَتَتِمَّ شَهَادَتُهُ وَيَصِحَّ إِقْرَارُهُ فَلَيْسَ لَكَ الِامْتِنَاعُ مِنْ ذَلِكَ وَيَقُولُ مَرِيضٌ لِمَالِهِ إِذَا عَقَلَ كِتَابَتَهُ فِي الصِّحَّةِ وَثَبَتَتِ الدَّفْعُ لَكَ بَيِّنَةٌ إِمَّا بِإِقْرَارِ السَّيِّدِ فِي مَرَضِهِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ

(فرع)

حَمَلَهُ الثُّلُثُ جَاءَ تُهْمَةً أَمْ لَا وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ وَوَرِثَكَ وَلَدٌ نَفَّذَ إِقْرَارَكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ لَمْ يَقْبَلْ قَوْلَكَ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِن لم يتهم بِانْقِطَاعِ الْمُكَاتَبِ إِلَيْكَ جَازَ كَالْأَجْنَبِيِّ (فَرْعٌ) قَالَ إِنْ أَعْتَقَ بَعْضَ مُكَاتَبِهِ قَالَ مَالِكٌ هُوَ وَصِيَّةٌ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ الْعِتْقَ فَهُوَ حُرٌّ كُلُّهُ وَالْوَصِيَّةُ بِعِتْقِ بَعْضِهِ أَوْ هُوَ بَيْنَهُ وَبَين الآخر إِلَّا أَنْ يُرِيدَ الْعِتْقَ فَهُوَ حُرٌّ وَأُعْتِقَ عِنْدَ مَوْتِهِ أَوْ وُضِعَ ذَلِكَ مِنْ كِتَابَتِهِ فَهُوَ عِتْقٌ يَنَفَّذُ مِنَ الثُّلُثِ وَإِنْ عَجَزَ الْعَبْدُ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ وَضَعَ بَعْضَ كِتَابَتِهِ ثُمَّ عَجَزَ عَنِ الْبَاقِي رُقَّ جَمِيعُهُ (فَرْعٌ) قَالَ إِذا عتق مكَاتب الْمكَاتب بِالْأَدَاءِ وَالْمكَاتب الأعلا لَمْ يُؤَدِّ فَمَاتَ الْأَسْفَلُ وَرِثَهُ أَقْرَبُ النَّاسِ للأعلا لمَانع الرّقّ فِي الأعلا (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إِذَنِ سَيِّدِهِ فَأَجَازَهُ السَّيِّدُ جَازَ وَإِنَّ فَسَخَهُ فَلِلزَّوْجَةِ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ وَمَعَهُ غَيْرُهُ فِي الْكِتَابَةِ قَالَ أَشْهَبُ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ ذَلِكَ إِلَّا بِإِجَازَةِ مَنْ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونُوا صِغَارًا فَيُفْسَخُ بِكُلِّ حَالٍ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا أَجَازَ سَيِّدُهُ عِتْقَهُ فَالْوَلَاءُ للْمكَاتب إِن عتقه وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْعِتْقِ فَالْوَلَاءُ لِلسَّيِّدِ وَإِنْ مَاتَ الْمُعْتِقُ قَبْلَ عِتْقِ الْمُكَاتَبِ وَرِثَهُ سَيِّدُ الْمُكَاتَبِ وَكَذَلِكَ مُكَاتَبُ الْمُكَاتَبِ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ مَالك إِن مَاتَ رجل وَترك مكَاتبا وابنين وَبَنَاتٍ فَأَعْتَقَ أَحَدُ الْبَنِينَ نَصِيبَهُ لَمْ يَثْبُتْ بِذَلِكَ مِنَ الْوَلَاءِ شَيْئًا وَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبِ لَمْ يُقَوَّمْ عَلَى الْمُعْتَقِ لِأَنَّ عِتْقَهُ

(فرع)

لَيْسَ عَتَاقَةً بَلْ إِسْقَاطَ مَالٍ وَمِنَ السُّنَّةِ أَنَّ مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي مُكَاتَبٍ لَمْ يُقَوَّمْ عَلَيْهِ إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ يَعْقِدُ الْكِتَابَةَ وَلَا وَلَاءَ لِبِنْتِ السَّيِّدِ وَإِنْ أَعْتَقَتْ نَصِيبَهَا مِنَ الْمُكَاتَبِ بَلْ لِلرِّجَالِ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِنْ أَوْصَى رَجُلٌ لَكَ بِرُبُعِ مُكَاتَبِهِ وَأَعْتَقَ رُبُعَهُ فَهَلَكَ الرَّجُلُ ثُمَّ الْمُكَاتَبُ وَتَرَكَ أَكْثَرَ مِمَّا عَلَيْهِ فَلِوَرَثَةِ السَّيِّدِ وَلَكَ مَا بَقِيَ لَكُمْ عَلَى الْمُكَاتَبِ وَلَكَ ثُلُثُ الْفَضْلِ وَلَهُمُ الثُّلُثَانِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا وَرِثَ بِالرِّقِّ وَالَّذِي لِلْوَرَثَةِ رُبُعَانِ وَلِلْمُوصَى لَهُ رُبُعٌ (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا قَبَضَ الْعَبْدُ الْمَوْصُوفُ الَّذِي كَاتَبَ عَلَيْهِ فَوَجَدَهُ مَعِيبًا اتَّبَعَهُ بِمِثْلِهِ أَوْ كَاتَبَهُ عَلَيْهِ بِعَيْنِهِ رَجَعَ بِقِيمَتِهِ وَلَا يُرَدُّ عِتْقُهُ (فَرْعٌ) قَالَ إِذَا قَالَ السَّيِّدُ إِنْ عَجَّلْتَ بَعْضَ النُّجُومِ أَبْرَأْتُكَ مِنَ الْبَاقِي فَعَجَّلَ بَرِيء وَعَتَقَ (فَرْعٌ) قَالَ لِتَعَذُّرِ النُّجُومِ أَرْبَعَةُ أَسْبَابٍ الأول الْعَجز عَنْهَا اَوْ نجم وَاحِد فَيُفَرق بَعْدَ تَلَوِّمِ الْإِمَامِ لَهُ بَعْدَ الْأَجَلِ الثَّانِي الْغَيْبَةُ بِغَيْرِ إِذْنِ السَّيِّدِ وَقْتَ الْحُلُولِ فَلَهُ الْفَسْخُ عِنْدَ الْإِمَامِ وَكَذَلِكَ إِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنَّكَ إِنْ عَجَزْتَ عَنْ نَجْمٍ فَأَنْتَ رِقٌّ لَا يُرَقُّ إِلَّا بِالسُّلْطَانِ وَالشَّرْطُ فِي ذَلِكَ بَاطِلٌ الثَّالِثُ الِامْتِنَاعُ مَعَ الْقُدْرَةِ فَيُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ وَلَا يُفْسَخُ الرَّابِعُ الْمَوْتُ فَيَنْفَسِخُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ مَنْ يَقُومُ بِهَا مِنْ وَلَدٍ دَخَلَ مَعَهُ بِالشَّرْطِ أَوْ بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ

فرع

(فَرْعٌ) قَالَ إِذا ادّعى أَنه أدّى الشَّرِيكَيْنِ النُّجُومَ فَصَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ وَحَلَفَ فَلَهُ مُشَارَكَةُ الْمُصَدِّقِ فِيمَا أَقَرَّ بِقَبْضِهِ وَلَهُ مُطَالَبَةُ الْمُكَاتَبِ بِتَمَامِ نَصِيبِهِ وَلَا تَرَاجُعَ بَيْنَ الْمُصَدِّقِ وَالْمُكَاتَبِ لِمَا أَخَذَهُ الْمُكَاتَبُ مِنْ أَحَدِهِمَا لِأَنَّ مُوجب قَوْلهمَا أَنه ظَالِم وَيثبت دَعْوَى الْأَدَاءِ بِشَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ لِأَنَّهُ مَالٌ وَلَا تَثْبُتُ الْكِتَابَةُ وَلَكِنَّ قَبْضَ النَّجْمِ الْأَخِيرِ وَيَتَعَلَّقُ بِهِ الْعِتْقُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ (فَرْعٌ) قَالَ مَاتَ الْمُكَاتَبُ وَلَهُ وَلَدٌ مِنْ مُعْتقه فَقَالَ السَّيِّد عتق قبل الْمَوْت وَجرى إِلَى ولد وَلَدي صدقت الْأُمِّ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْوَلَاءِ لَهُمْ (فَرْعٌ) قَالَ لَا يَكْفُرُ الْمُكَاتَبُ إِلَّا بِالصِّيَامِ وَإِنِ اشْتَرَى مَنْ يُعْتَقُ عَلَى سَيِّدِهِ صَحَّ فَإِنْ عَجَزَ رَجَعَ لِلسَّيِّدِ وَعَتَقَ عَلَيْهِ (فَرْعٌ) فِي الْجَلَّابِ لَا يَبْتَاعُ وَلَدَهُ إِلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَإِنِ ابْتَاعَهُ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ لَمْ يُدْخُلْ فِي كِتَابَته وَإِن ابْتَاعَ عتق الْوَلَد من الْأَقَارِب فَأذن سَيِّدِهِ لَمْ يَدْخُلْ فِي كِتَابَتِهِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَدْخُلُ كُلُّ من يعْتق على إِذَا ابْتَاعَهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا كَانَ مَعَ الْمُكَاتَبِ غَيْرُهُ لَمْ يَدْخُلِ الْوَلَدُ مَعَهُ وَعَنْ مَالِكٍ فِي الْمُسْتَخْرَجَةِ لَا يَدْخُلُ مَعَهُ إِذَا اشْتَرَاهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ إِلَّا الْوَلَدُ لِأَن لَهُ استحداث الْوَلَد بِالْوَطْءِ

(كتاب أمهات الأولاد)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَى سيدنَا ومولانا مُحَمَّد وعَلى آله وَصَحبه وَسلم عَلَيْهِم اجمعين (كتاب أُمَّهَات الْأَوْلَاد) وَالنَّظَرُ فِيمَا تَصِيرُ الْأَمَةُ بِهِ فِرَاشًا وَبِمَا تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ وَفِي الِاسْتِلْحَاقِ وَأَحْكَامِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَنْظَارٍ (النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِيمَا تَصِيرُ بِهِ الْأَمَةُ فِرَاشًا) الْفِرَاشُ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ صَارَتْ بِحَيْثُ يَلْحَقُ بِكَ وَلَدُهَا وَلِذَلِكَ سَبَبَانِ الْعَقْدُ فِي الْحُرَّةِ مَعَ إِمْكَانِ الوطث عَادَةً وَالْوَطْءُ فِي الْأَمَةِ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ // خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ // وَفِي الْمُوَطَّأِ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَيُّمَا وَلِيدَةٍ وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا فَإِنَّهُ لَا يَبِيعُهَا وَلَا يَهَبُهَا وَلَا يُوَرِّثُهَا وَيَسْتَمْتِعُ بِهَا فَإِذَا مَاتَ فَهِيَ حرَّة وَعنهُ لَا تأتين وَلِيدَةٌ يَعْتَرِفُ سَيِّدُهَا أَنَّهُ أَصَابَهَا إِلَّا أَلْحَقْتُ بِهِ وَلَدهَا

وَفِيهِ خَمْسَةُ فُرُوعٍ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَقَرَّ بِوَطْئِهَا وَلَمْ يَدَّعِ اسْتِبْرَاءً لَزِمَهُ مَا أَتَتْ بِهِ مِنْ وَلَدٍ لِأَقْصَى مَا تَلِدُ لَهُ النِّسَاءُ إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الِاسْتِبْرَاءَ بِحَيْضَةٍ لَمْ يَطَأْ بَعْدَهَا وَيَنْفِي الْوَلَدَ فَيُصَدَّقُ فِي الِاسْتِبْرَاءِ وَلَا يَلْزَمُهُ مَا وَلَدَتْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الِاسْتِبْرَاءِ تَنْبِيهٌ مَعْنَى قَوْلِ الْفُقَهَاءِ لَا يَلْحَقُ إِلَّا مَا وُلِدَ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَنَّ الْوَلَدَ تَامٌّ وَأَمَّا النَّاقِصُ فَيَلْحَقُ فِي أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ الْجَنِين ذُو اطوار كل أَرْبَعِينَ طور لما جَاءَ فِي الْحَدِيثِ فَمَتَى وَضَعَتْهُ نَاقِصًا يُنَاسِبُ ذَلِك الطّور اَوْ اكثر مِنْهُ فَفِي الْحَدِيثِ يُجْمَعُ أَحَدُكُمْ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا نُطْفَةً ثُمَّ أَرْبَعِينَ عَلَقَةً ثُمَّ أَرْبَعِينَ مُضْغَةً ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ وَنَصَّ أَرْبَابُ التَّشْرِيحِ عَلَى أَنَّ الْجَنِينَ يَتَحَرَّكُ فِي ضِعْفِ مَا يُخْلَقُ فِيهِ وَيُوضَعُ فِي ضِعْفَيْ مَا يَتَحَرَّكُ فِيهِ فَإِنْ تَخَلَّقَ فِي خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ تَحَرَّكَ فِي ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَوُضِعَ لِتِسْعَةٍ وَإِنْ تَخَلَّقَ فِي شَهْرٍ تَحَرَّكَ فِي شَهْرَيْنِ وَوضع لسِتَّة اشهر وعَلى هَذَا النَّسَقِ وَتُعْتَبَرُ الْأَطْوَارُ فِي إِلْحَاقِ الْوَلَدِ بِهَذِهِ الْقَرَائِنِ الْعَادِيَّةِ فَمَتَى جَاءَ طَوْرٌ فِي زَمَنٍ أَكْثَرَ لَحِقَ بِهِ أَوْ أَقَلَّ لَمْ يَلْحَقْ بِهِ فَإِنْ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ بِحَمْلِهَا وبولد آخر اَوْ بِولد ثَالِث لم يدع استبراءها وَأَتَتْ يُولد يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ وَطْئِهِ لَحِقَ بِهِ أَوْلَادُهُنَّ وَكُنَّ أُمَّهَاتِ أَوْلَادٍ وَإِنْ قَالَ فِي مَرَضِهِ كَانَتْ هَذِهِ وَلَدَتْ مِنِّي وَلَا يُعْرَفُ ذَلِكَ إِلَّا مِنْ قَوْلِهِ وَلَا وَلَدَ مَعَهَا وَوَارِثُهُ وَلَدٌ صُدِّقَ وَعَتَقَتْ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ لِأَنَّهُ لَا يُتَّهَمُ فِي

حِرْمَانِ الْوَلَدِ مِنْ ثَمَنِهَا وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ ولداُ لَمْ يُصَدَّقْ وَتُرَقُّ لِلتُّهْمَةِ إِلَّا أَنْ يكون مَعهَا وَلَدهَا اَوْ بِبَيِّنَة تَشْهَدُ فَتُعْتَقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَعَنْ مَالِكٍ لَا تُعْتَقُ إِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا وَلَدٌ فِي ثُلُثٍ وَلَا غَيْرِهِ وَرِثَهُ وَلَدٌ أَوْ كَلَالَةٌ كَقَوْلِهِ أَعْتَقْتُ عَبْدَيْنِ فِي صِحَّتِي وَقَالَهُ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ فِي التَّنْبِيهَاتِ قَوْلُهُ يُصَدَّقُ فِي الِاسْتِبْرَاءِ ظَاهِرُهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمَوَّازِيَّةِ وَفِي طَلَاقِ السُّنَّةِ بِيَمِينٍ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ إِنِ اتُّهِمَ حَلَفَ وَإِنْ نَكَلَ لَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ وَلَا تُرَدُّ الْيَمِينُ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ وَالْمُغِيرَةُ لَا يَرَى نَفْيَهُ بِالِاسْتِبْرَاءِ جُمْلَةً وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا تُسْتَبْرَأُ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثِ حِيَضٍ وَالرَّجُلُ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ فَيُطَلِّقُهَا فَيَزْعُمُ أَنَّهُ لَمْ يَمَسَّهَا فَالطَّلْقَةُ بَائِنَةٌ وَلَا تَرْجِعْ إِلَيْهِ إِلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ فَإِنْ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ فَادَّعَاهُ لَحِقَ بِهِ وَكَانَتْ لَهُ الرَّجْعَةُ بِغَيْرِ عَقْدٍ وَلَا صَدَاقٍ قَالَ التُّونِسِيُّ يُصَدَّقُ فِي الِاسْتِبْرَاءِ بِغَيْرِ يَمِينٍ قَالَ وَانْظُرْ هَلْ تحد الْأمة مَعَ إِقْرَار السَّيِّد بالوطث فَإِنَّهُ اسْتِبْرَاءٌ وَالْحَامِلُ يُمْكِنُ أَنْ تَحِيضَ مَعَ قَوْلِهِ فِي الْمُطَلَّقَةِ تَحِيضُ ثَلَاثَ حِيَضٍ ثُمَّ تَلِدُ لَا يَنْتَفِي الْوَلَدُ إِلَّا بِاللِّعَانِ لِأَنَّ الْحَامِلَ تَحِيضُ وَعَنْهُ لَا يَلْحَقُهُ إِذَا حَاضَتْ حَيْضَةٌ مُسْتَقِيمَةٌ قَالَ وَهُوَ ضَعِيفٌ قَالَ فَإِنْ قِيلَ إِذَا تَزَوَّجَتْ زَوْجًا ثَانِيًا بَعْدَ حَيْضَةٍ مُسْتَقِيمَة فَالْوَلَد للثَّانِي إِن ولد لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ قِيلَ الثَّانِي أَقْوَى لِأَنَّ الْحَيْضَ عَلَى الْحَمْلِ نَادِرٌ وَهُوَ مِنَ الثَّانِي غَالِبًا فَغُلِبَ وَحَمْلُهُ عَلَى الْوَلَدِ عِنْدَ عَدَمِ الثَّانِي أولى من إلزأمها الزِّنَا لِأَنَّ الشَّرْعَ طَلَبُ السِّتْرِ فَجَعَلَ الْمُغِيرَةُ الْأَمَةَ الثَّانِيَةَ فِي مِلْكِ الرَّجُلِ لَا يُنْتَفَعُ فِيهَا بِالِاسْتِبْرَاءِ كَمَا لَا يُنْتَفَعُ فِي الْحُرَّةِ بَعْدَ الطَّلَاقِ بِالِاسْتِبْرَاءِ إِذَا لَمْ تَتَزَوَّجْ غَيْرَهُ حَتَّى يَمْضِيَ مَا لَا يَلْحَقُ فِيهِ الْوَلَدُ وَهُوَ خَمْسُ سِنِينَ وَإِذَا وَطِئَهَا ثُمَّ اسْتَبْرَأَهَا بِحَيْضَةٍ ثُمَّ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ قَبْلَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ حَاضَتْ أَوْ تَحَرَّكَ لِأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لَزِمَهُ الْوَلَدُ وَحُمِلَ عَلَى أَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ وَقَعَ مَعَ الْحَمْلِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَظْهَرَ الْوَلَدُ لِأَقَلَّ

مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ أَوْ يَتَحَرَّكُ لِأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَقَوْلُهُ كُنْتُ أَعْتَقْتُ هَذَا الْعَبْدَ فِي صِحَّتِي قِيلَ إِنَّهُ بَاطِلٌ وَقِيلَ إِنَّهُ مِنَ الثُّلُثِ وَقِيلَ إِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ جَازَ وَإِلَّا بَطَلَ كُلُّهُ لِأَنَّ حَمْلَ الثُّلُثِ لَهُ يَنْفِي تُهْمَتَهُ إِذْ لَوْ شَاءَ عَيَّنَهُ مِنَ الثُّلُثِ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَقَالَ وَلَدَتْ مِنِّي لَمْ يُصَدَّقْ كَمَا لَوْ قَالَ كُنْتُ أَعْتَقْتُ وَاخْتُلِفَ إِذَا بَاعَهَا فَقَالَ وَلَدَتْ مِنِّي وَلَا ولد مَعهَا وَالْأَشْبَه أَن لَا يعْتق لِأَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي الْعَبْدِ فَأَوْلَى فِي الْأَمَةِ لِأَنَّهُ يُسْتَمْتَعُ بِهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنَّمَا سَقَطَتْ عَنِ السَّيِّدِ الْيَمِينُ لِأَنَّهُ كَدَعْوَاهَا عَلَيْهِ الْعِتْقَ وَالطَّلَاقَ وَكَذَلِكَ الْحُدُودُ لَا يَمِينَ لِمُدَّعِيهَا وَوَجْهُ الْيَمِينِ أَنَّ الْحَرَائِرَ يَلْزَمُ فِيهِنَّ اللِّعَانُ فَإِنْ نَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ دَخَلَهُ الْخِلَافُ إِذَا شَهِدَ وَاحِدٌ بِالْعِتْقِ فَنَكَلَ أَنَّهُ يُحْبَسُ أَمْ لَا فَإِنَّهُ يُحْبَسُ هَاهُنَا عَلَى ذَلِكَ الْقَوْلِ حَتَّى يَحْلِفَ وَإِنْ أَقَرَّ بِالْوَطْءِ مَعَ الْعَزْل لحقه مَا أَتَت بِهِ وَإِنْ قَالَ كُنْتُ أُفَخِّذُ وَلَا أُنْزِلُ فِيهَا أَوْ أَطَأُ فِي الْفَرْجِ وَلَا أُنْزِلُ لَمْ يَلْحَقْهُ الْوَلَدُ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنْ قَالَ كُنْتُ أَطَأُ فِي الدُّبُرِ أَوْ بَيْنَ الْفَخِذَيْنِ حُمِلَ عَلَى لَحْقِهِ وَلَا لِعَانَ لَهُ فِي الْحُرَّةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ وَلَدَتْ مِنِّي وَبَيْنَ أَعْتَقْتُ فِي صِحَّتِي أَنَّ الْوِلَادَةَ شَأْنُهَا الْإِسْرَارُ وَالْغَالِبُ فِي الْعِتْقِ الْإِشْهَارُ فَلَمَّا لَمْ يُعْلَمُ إِلَّا مِنْ قَوْلِهِ فِي الْمَرَضِ اتُّهِمَ وَلَمْ يَكُنْ فِي الثُّلُثِ لِأَنَّهُ لَمْ يَرُدَّ الْوَصِيَّةَ وَإِنْ كَانَتْ فِي الصِّحَّةِ وَأَقَرَّ بِقَبْضِ الْكِتَابَةِ فِي الْمَرَضِ وَوِرْثُهُ كَلَالَةٌ وَحَمْلُهُ الثُّلُثُ جَازَ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ ثُبُوتِ الْكِتَابَةِ فِي الصِّحَّةِ وَإِقْرَارِهِ بِالْكِتَابَةِ كَوَصِيَّتِهِ بِوَضْعِ الْكِتَابَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ لَمْ يَخْتَلِفِ الْمَذْهَبُ فِي تَصْدِيقِهِ إِذَا نَفَى الْوَطْءَ كَانَتْ رَائِعَةً أَوْ مِنْ

الْوَخْشِ قَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا دَعْوَى عِتْقٍ قَالَ وَأَرَى الْيَمِينَ فِي الرَّائِعَةِ لِأَنَّ الْعَادَةَ تُصَدِّقُهَا وَلِلْوَطْءِ تُشْتَرَى وَالْفَرْقُ أَنَّ الْعِتْقَ نَادِرٌ وَالْوَطْءَ غَالِبٌ وَلَوْ قِيلَ لَا يُصَدَّقُ فِي الْعَلِيِّ وَإِنْ طَالَ الْمُقَامُ لَكَانَ وَجْهًا وَإِنْ عُلِمَ مِنَ السَّيِّدِ مَيْلُهُ لِذَلِكَ الْجِنْس احْلِف وَإِن اعْترف لوطء وَأَنْكَرَ الْوِلَادَةَ وَلَا وَلَدَ مَعَهَا صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ إِنِ ادَّعَتْ عَلَيْهِ الْعِلْمَ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا لَمْ يَحْلِفْ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُقْبَلُ قَوْلُهَا مَاتَ السَّيِّدُ أَمْ هُوَ حَيٌّ وَإِنْ بَاعَهَا فَإِنْ شَهِدَتِ امْرَأَةٌ بِالْوِلَادَةِ فَخِلَافٌ أَوِ امْرَأَتَانِ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَنَعَ سَحْنُونٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهَا وَلَدٌ وَإِنْ شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى إِقْرَارِهِ بِالْوَطْءِ وَامْرَأَتَانِ بِالْوِلَادَةِ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ وَثَبَتَ نَسَبُ الْوَلَدِ قَالَ مُحَمَّدٌ يُصَدَّقُ قَوْلُهَا إِذَا صَدَّقَهَا جِيرَانُهَا أَوْ أَحَدٌ حَضَرِهَا وَلَيْسَ يَحْضُرُ مِثْلَ هَذَا الثِّقَاتُ وَإِنْ شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى الْوَطْءِ وَلَا بَيِّنَةَ عَلَى الْوِلَادَةِ وَلَا وَلَدَ مَعَهَا لَمْ يقبل عِنْد مَالك قَوْلهَا وَيخْتَلف إِنْ كَانَ مَعَهَا وَلَدٌ وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدٌ عَلَى الْوَطْءِ وَامْرَأَتَانِ عَلَى الْوِلَادَةِ وَلَيْسَ مَعَهَا وَلَدٌ وَحَلَفَ عَلَى تَكْذِيبِ الشَّاهِدِ فَخِلَافٌ وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى الْوَطْءِ وَامْرَأَةٌ عَلَى الْوِلَادَةِ حَلَفَ عَلَى تَكْذِيبِ شَهَادَةِ الْمَرْأَةِ إِنْ لَمْ يكن مَعهَا ولد شهد وَيخْتَلف إِن كَانَ مَعهَا ولد هَل تصدق وَيَحْلِفُ أَوْ يُقْبَلُ قَوْلُهَا وَإِنْ شَهِدَ رَجُلٌ عَلَى الْوَطْءِ وَامْرَأَةٌ عَلَى الْوِلَادَةِ وَمَعَهَا وَلَدٌ احْلِف عَلَى تَكْذِيبِ شَاهِدِ الْوَطْءِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا وَلَدٌ فَفِي يَمِينِهِ قَوْلَانِ وَالْيَمِينُ أَحْسَنُ لِأَنَّهَا اقامت لطخا فَإِنْ حَلَفَ عَلَى تَكْذِيبِ إِحْدَى الشَّهَادَتَيْنِ لَمْ يَحْلِفْ لِلْأُخْرَى وَإِنِ اعْتَرَفَ بِالْوَطْءِ وَالْوِلَادَةِ وَلَمْ

يَدَّعِ الِاسْتِبْرَاءَ فَلَا يَمِينَ إِنْ أَتَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ مُدَّةِ الْحَمْلِ أَوْ أَكْثَرِهَا إِلَّا أَنْ يَخْتَلِفَا فِي وَقْتِ الْإِصَابَةِ فَيَصْدُقُ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مِلْكِهِ وَإِنِ اعْتَرَفَ بِالْوَطْءِ فِي الدبر اَوْ بَين ألفخدين فَقَوْلَانِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ كَانَ الْمَوْضِعُ يَصِلُ مِنْهُ الْمَاءُ إِلَى الْفَرْجِ لَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ وَقِيلَ لَا يَلْحَقُ لِأَنَّ الْمَاءَ يَفْسُدُ بِمُلَاقَاةِ الْهَوَاءِ قَالَ وَالْأَحْسَنُ اللُّحُوقُ لِأَنَّ فَسَادَهُ بِالْهَوَاءِ مَظْنُونٌ فَلَا تَبْطُلُ بِهِ الْأَنْسَابُ وَإِنْ أَنْزَلَ بَيْنَ شُفْرَيِ الْفَرْجِ لَحِقَهُ قَوْلًا وَاحِدًا وَإِنْ قَالَ بَعْدَ الْبَيْعِ وَلَدَتْ مِنِّي قَالَ مَالِكٌ تُرَدُّ إِلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَتَّهِمَ عَلَيْهَا وَقَالَ أَشْهَبُ لَا تُرَدُّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهَا وَلَدٌ وَعَنْ مَالِكٍ يُصَدَّقُ فِي وَلَدِهَا دُونَهَا لِأَنَّ إِقْرَارَهُ بِالنَّسَبِ يُبْعِدُ التُّهْمَةَ فِيهِ بِكَثْرَةِ أَحْكَامِهِ وَيُرَدُّ نَصِيبُهُ مِنَ الثَّمَنِ وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِلَّا أَنْ يَثْبُتَ إِقْرَارُهُ بِالْمَسِيسِ قَبْلَ الْبَيْعِ فَتُرَدُّ مَعَ الْوَلَدِ وَإِنْ كَانَ معدما اتبع بِالثّمن وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِلَّا أَنْ يَثْبُتَ إِقْرَارُهُ بِالْمَسِيسِ قَبْلَ الْبَيْعِ فَتُرَدُّ مَعَ الْوَلَدِ وَإِنْ كَانَ مُعْدِمًا اتُّبِِعَ بِالثَّمَنِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ تُرَدُّ إِلَيْهِ إِلَّا أَنْ يُتَّهَمَ بِالْعِشْقِ أَوْ بِزِيَادَةٍ أَوْ إِصْلَاحِ حَالِ مَا فِي نَفْسِهَا وَهُوَ مُوسِرٌ وَإِلَّا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ لِتَقَرُّرِ الْوَلَاءِ وَعَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ إِنْ سُمِعَ إِقْرَارُهُ بِمَسِيسِهَا قَبْلَ بَيْعِهَا رُدَّتْ إِلَيْهِ فِي مَلَائِهِ وَعُدْمِهِ اتُّهِمَ أَمْ لَا مَعَهَا وَلَدٌ أَمْ لَا عَتَقَتْ أَمْ لَا كَأُمِّ وَلَدٍ بِيعَتْ قَالَ وَأَرَى تَصْدِيقَهُ تَقَدَّمَ إِقْرَارُهُ بِالْوَطْءِ أَمْ لَا لِأَنَّهَا إِنْ كَانَتْ مِنَ الْعَلِيِّ فشأنهن الوطب أَوْ مِنَ الْوَخْشِ فَإِنَّ وَلَدَهُنَّ يُكْتَمُ خَشْيَةَ الْمَعَرَّةِ إِلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ لَهُ هَوًى فِي تِلْكَ الْأَمَةِ وَيُقْبَلُ الْإِقْرَارُ بِالْوَلَدِ إِذَا وُلِدَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ مَلَكِ أُمِّهِ أَقَرَّ عِنْدَ قِيَامِ الْغُرَمَاءِ أَوْ فِي مَرَضِهِ أَوْ وَرِثَهُ كَلَالَةً أَوْ بَاعَهُ وَالْوَرَثَةُ وَلَدٌ وَاخْتُلِفَ إِذَا كَانَ كَلَالَةً لَمْ يَقْبَلْهُ مَالِكٌ وَقَبِلَهُ غَيْرُهُ إِذَا لَمْ يُعْلَمْ لَهُ نَسَبٌ لِغَيْرِهِ قَالَ سَحْنُونٌ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ

الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِنْ بَاعَهَا فَوَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ وَادَّعَى الْبَائِعُ الْوَطْءَ أَوْ أَقَرَّ بِالْوَطْءِ أَو بَاعهَا حَامِلا فِي ادَّعَى الْوَلَدَ بَعْدَ الْوَضْعِ لَحِقَ إِنْ لَمْ يتهم وَيرد الْبَيْعُ وَصَارَتْ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ بَاعَهَا وَمَعَهَا وَلَدٌ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ بَعْدَ سِنِينَ كَثِيرَةٍ لَحِقَ إِنْ لَمْ يُتَّهَمْ بِانْقِطَاعِ الْوَلَدِ إِلَيْهِ وَهُوَ لَا وَلَدَ لَهُ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ وُلِدَ عِنْدَهُ مَنْ أَمَتِهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ نَسَبٌ لَحِقَ بِهِ وَيُرَدُّ الثَّمَنُ وَتَكُونُ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ وَإِنْ كَانَ وَرَثَتُهُ كَلَالَةً وَقَالَهُ كِبَارُ أَصْحَابِ مَالِكٍ قَالَ سَحْنُونٌ هَذَا أَصْلُ قَوْلِنَا كَقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمديَان يسْتَحْلف وَلَا يَلْحَقُ الْأَمَةَ الدَّيْنُ وَكَذَلِكَ أُمَّهَاتُ الْأَوْلَادِ لَا يَلْحَقُهُنَّ الدَّيْنُ بِخِلَافِ الْمِدْيَانِ يُعْتَقُ وَقَالَهُ جَمِيعُ الرُّوَاةِ فَهَذَا كَانَ أَوْلَى بِالتُّهْمَةِ مِنَ الْمُسْتَلْحَقِ فِي الْمَرَضِ لِإِتْلَافِهِ أَمْوَالَ النَّاسِ إِلَّا أَنَّ اسْتِلْحَاقَ النَّسَبِ يَقْطَعُ كُلَّ تُهْمَةٍ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَادَّعَى حَمْلَهَا جَازَ ارْتِجَاعُهَا بِغَيْرِ صَدَاقٍ وَلَا عَقْدٍ لِأَنَّ الْوَلَدَ قَاطِعٌ لِلتُّهَمِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ كَانَ مَلِيًّا غَيْرَ مُتَّهَمٍ بِهَوًى رُدَّ الْبَيْعُ أَيْضًا اتِّفَاقًا وَتَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ وَلَا تُرَدُّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ حَتَّى يَسْلَمَ مِنْ هَذَيْنِ وَإِلَّا رُدَّ إِلَيْهِ الْوَلَدُ خَاصَّةً بِمَا يَنُوبُهُ مِنَ الثَّمَنِ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ إِلَّا أَنْ يَثْبُتَ إِقْرَارُهُ بالمسيس قبل البيع فَيرد مَعَ وَلَدَهَا وَيُتْبِعُهُ بِالثَّمَنِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنِ ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي وَقَدْ وَلَدَ عِنْدَهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنَ الْبَائِعِ وَحُجَّةُ سَحْنُونٍ عَلَى ابْنِ الْقَاسِمِ بِاسْتِلْحَاقِ الْمِدْيَانِ عَلَى اسْتِلْحَاقِ الْمَرِيضِ لَا يلْزم مِنْ وَجْهَيْنِ أَنَّ الْمِدْيَانَ اسْتَلْحَقَ مَا فِي مِلْكِهِ بِخِلَافِ الْمَرِيضِ وَأَبْقَى ذِمَّتَهُ لِغُرَمَائِهِ بِخِلَافِ الْمَرِيضِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمِدْيَانَ يُمْتَنَعُ تَبَرُّعُهُ وَالْمَرِيضُ يتَبَرَّع فِي بِالثُّلثِ فَهُوَ أَمَلَكُ لِمَا فِي يَدَيْهِ فَتُهْمَتُهُ أَضْعَفُ وَذِمَّةُ الْمِدْيَانِ لَا أَثَرَ لَهَا وَلَا يَرْضَى بِهَا أَحَدٌ وَلَوْ كَانَتْ شَيْئًا مُعْتَبَرًا لَلَزِمَ ذَلِكَ فِي عِتْقِهِ بَلْ

الْعِلَّةُ أَنَّ الِاسْتِلْحَاقَ لَا يُتَّهَمُ فِيهِ لِأَنَّ فِيهِ ضَيَاعَ مَالِيَّةِ الْأَمَةِ وَالْتِزَامَ نَفَقَتِهَا وَنَفَقَةِ الْوَلَدِ وَقَطْعَ مِيرَاثِ رَحِمِهِ وَدَفْعَهُ لِأَجْنَبِيٍّ وَلَا سِيَّمَا حَالَةَ الْمَوْتِ وَلِذَلِكَ لَا يُتَّهَمُ الْمِدْيَانُ فِي ضَيَاعِ مَالِ الْغُرَمَاءِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِهِ وَادَّعَى أَنَّ وَلَدَ هَذِهِ الْأَمَةِ مِنْهُ صُدِّقَ فِي الْأَمَةِ وَفِيهِ بِخِلَافِ الْمَبِيعَةِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ لَمْ يُصَدَّقْ مَعَ الدَّيْنِ الْمُحِيطِ وَلَا تُصَدَّقْ أَنَّهَا أسقطت إِلَّا أَن تشهد النساب بِهِ أَوْ فَشَا ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلَ دَعْوَاهُ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ إِنْ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا وَبَاعَهَا قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ وَطْئِهِ فَأَنْكَرَهُ الْبَائِعُ لِحَقِّهِ وَرَدَّ الْبَيْعَ إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الِاسْتِبْرَاءَ وَإِنْ أَقَرَّ بِوَطْءِ أَمَتِهِ وَأَنْكَرَ أَنْ تَكُونَ وَلَدَتْهُ فَهُوَ كَقَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُطَلَّقَةِ تَدَّعِي الْإِسْقَاطَ وَانْقِضَاءَ الْعِدَّةِ وَلَا يُعْلَمُ ذَلِكَ إِلَّا مِنْ قَوْلِهَا فَلَا يَكَادُ يَخْفَى عَلَى الْجِيرَانِ السَّقْطُ وَالْوِلَادَةُ وَهِيَ وُجُوهٌ تُصَدَّقُ النِّسَاءُ فِيهَا فِي التَّنْبِيهَاتِ قِيلَ يُصَدَّقُ بِحُضُورِ الْوَلَدِ بِكُلِّ حَالٍ وَهُوَ عَنْ مَالِكٍ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمِ الْجِيرَانُ حَمْلًا وَلَا وِلَادَةً وَلَا طَلَاقًا كَانَ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ إِذَا كَانَ مَعَهَا الْوَلَدُ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ شَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ عَدْلَتَيْنِ وَقِيلَ إِنِ ادَّعَتْ عَلَى سَيِّدِهَا عِلْمًا أَحْلَفَتْهُ وَإِلَّا فَلَا وَقِيلَ فَرَّقَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ أَقَرَّ بِالْوَطْءِ صُدِّقَتْ لِاعْتِرَافِهِ أَنَّهُ أَوْدَعَهَا الْوَلَدَ وَهِيَ تَقُولُ هَذِهِ وَدِيعَتُكَ وَإِنْ لَمْ تَعْتَرِفْ بِالْوَطْءِ لَا تُصَدَّقُ إِلَّا بِالْمَرْأَتَيْنِ وَقِيلَ سَوَاءً عَلَى قَوْلِهِ أَقَرَّ أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِالْإِقْرَارِ قَالَهُ سَحْنُونٌ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا تُصَدَّقُ فِي الْوِلَادَةِ كَمَا لَا يَحْلِفُ فِي الْعِتْقِ إِلَّا أَنْ يَشْهَدَ رَجُلَانِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْوَطْءِ وَامْرَأَتَانِ عَلَى الْوِلَادَةِ إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَ اسْتِبْرَاءً وَظَاهِرُهُ لَا يُصَدَّقُ وَإِنْ كَانَ مَعَهَا وَلَدٌ إِلَّا بِمَا ذُكِرَ وَإِذَا لَمْ يُولَدْ عِنْدَهُ وَلَا عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَعَنْ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ يَلْحَقُ بِهِ إِلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ كَذِبُهُ وَعَنْهُ إِذَا لَمْ تَكُنِ الْوِلَادَةُ عِنْدَهُ أَوْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لَا تنقض الصَّفْقَة

(فرع)

وَلَا يَلْحَقُ النَّسَبُ لِحَقِّ الْمُشْتَرِي فِي الْعَقْدِ وَإِنْ قَالَ أَوْلَادُ أَمَتِكَ مِنِّي زَوَّجْتَنِيهَا وَأَنْكَرَ ذَلِكَ السَّيِّدُ ثَبَتَ نَسَبُهُمْ مِنْهُ وَإِنْ أُشْكِلَ قَوْلُ الْأَبِ صُدِّقَ عِنْدَ مَالِكٍ وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ فِيمَا ظَاهَرُهُ كَذِبٌ مَعَ تَجْوِيزِ صِدْقِهِ كَادِّعَائِهِ مَوْلُودًا فِي أَرْضِ الشِّرْكِ وَلَمْ يَعْلَمْ دُخُولَهُ تِلْكَ الْبِلَادِ وَمِثْلُهُ دَعْوَاهُ غُلَامًا لَمْ تَزَلْ أُمُّهُ مِلْكًا لِغَيْرِهِ حَتَّى مَاتَتْ وَقَالَ لَا أَدْرِي مَا هَذَا وَفُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ لَمْ تَزَلْ زَوْجَتَهُ وَجَعَلَهُ مِثْلَ دَعْوَاهُ الْوِلَادَةَ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ وَقِيلَ تَسْتَوِي الْمَسْأَلَتَانِ وَالْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ إِنْ لَمْ يَكُنْ نَسَبٌ مَعْرُوفٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا ادَّعَى الِاسْتِبْرَاءَ وَلَمْ يُلْحَقِ الْوَلَدُ هَلْ تُحَدُّ الْأَمَةُ تَوَقَّفَ فِيهِ الْأَصْحَابُ قَالَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ شُبْهَةٌ تَدْرَأُ الْحَدَّ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَإِنْ وَلَدَتْ أُمُّ وَلَدِ رَجُلٍ وَلَدًا فَنَفَاهُ جَازَ إِنِ ادَّعَى الِاسْتِبْرَاءَ هُوَ إِلَّا لَحِقَهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَى إِقْرَارِهِ بِالْوَطْءِ بِخِلَافِ الْأَمَةِ لِأَنَّهُ جَعَلَهَا أَمَةَ وَلَدِهِ يَسْتَلْحِقُهُ حَتَّى يَدَّعِيَ اسْتِبْرَاءً وَإِنْ مَاتَ سَيِّدُ أُمِّ الْوَلَدِ وَأَعْتَقَهَا فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِأَرْبَعِ سِنِينَ أَوْ لِمَا تَلِدُ لَهُ النِّسَاءُ لَحِقَهُ إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الْحَيُّ اسْتِبْرَاءً أَوْ يَنْفِيَ الْوَلَدُ وَيُصَدَّقَ فِي الِاسْتِبْرَاءِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مُحَمَّدٌ أَمَةٌ مَعَهَا ثَلَاثَةُ أَوْلَادٍ ادَّعَتْ أَنَّهُمْ مِنْ سَيِّدِهَا فَأَقَرَّ بِالْوَسَطِ وَقَالَ لَمْ تَلِدِ الْآخَرَيْنِ مِنِّي صُدِّقَ فِي الْأَوَّلِ لِأَنَّهَا أَمَةٌ لَا أُمَّ وَلَدٍ وَصُدِّقَتْ فِي الثَّالِثِ لِأَنَّهَا صَارَتْ فِرَاشًا إِلَّا أَن يَدعِي اسْتِبْرَاء وَإِن اعْترف بِالْآخرِ صُدِّقَ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ أَنَّهُ يُصَدَّقُ فِي نَفْيِ الْوِلَادَةِ وَإِنِ اعْتَرَفَ بِالْوَطْءِ وَهُوَ أحد الْقَوْلَيْنِ وَإِن أنكر الْوَطْء فساوى الأول وَالثَّالِث

الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ إِذَا زَوَّجَ أَمَتَهُ بِعَبْدِهِ أَوْ بِأَجْنَبِيٍّ ثُمَّ وَطِئَهَا السَّيِّدُ فَالْوَلَدُ لِلزَّوْجِ لِأَنَّهَا فِرَاشُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُنْعَزِلًا عَنْهَا مُدَّة يبرأ فِيهَا الرَّحِم فَيعتق بِالسَّيِّدِ لِأَنَّهَا أَمَتُهُ وَلَا يُحَدُّ وَكَذَلِكَ إِنْ أَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَقَدْ دَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا فَسَدَ نِكَاحُهُ لِأَنَّهُ تَزَوَّجَ حَامِلًا وَلَحِقَ الْوَلَدُ بِالسَّيِّدِ إِنْ أَقَرَّ بِالْوَطْءِ إِلَّا إِنِ ادّعى اسْتِبْرَاء وَإِن وطيء أَمَةَ مُكَاتَبِهِ لَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ وَكَانَتْ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ وَلَا يَجْتَمِعُ الْحَدُّ وَالنَّسَبُ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا يَوْمَ حَمَلَتْ دُونَ الْوَلَدِ فَإِنْ كَانَ عَدِيمًا وَالَّذِي عَلَى الْمُكَاتَبِ كَفَافُ الْقِيمَةِ عُجِّلَ عِتْقُهُ وَقَاصَّ الْمُكَاتَبُ سَيِّدَهُ بِذَلِكَ وَإِنْ زَادَتِ الْقِيمَةُ اتُّبِعَ سَيِّدَهُ بِالزِّيَادَةِ وَقَالَ غَيْرُهُ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ تَعْجِيلُ مَا عَلَى الْمُكَاتَبِ وَتوقف الْقيمَة فِي ملائمه وَتُبَاعُ الْكِتَابَةُ لِذَلِكَ فِي عَدَمِهِ فَإِنْ كَانَتْ كَفَافًا كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ لِلسَّيِّدِ وَلِلْمُكَاتَبِ أَخْذُ قِيمَةِ أَمَتِهِ مُعَجَّلًا وَالْأَدَاءُ عَلَى نُجُومِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ أَنْ يَأْخُذَ مَا بِيعَ مِنْ كِتَابَتِهِ لِتَعْجِيلِ عِتْقِهِ فَذَلِكَ فَإِنْ كَانَتِ الْكِتَابَةُ نِصْفَ قِيمَةِ الْأَمَةِ بَقِيَ نِصْفُهَا رَقِيقًا وَنِصْفُهَا لِلسَّيِّدِ بِحِسَابِ أُمِّ الْوَلَدِ وَاتُّبِعَ السَّيِّدُ بِنِصْفِ قيمَة الْوَلَد فَإِن وطيء امة ابْنه الصَّغِير أَو الْكَبِير دريء عَنهُ الْحَد لِأَن لَهُ مَالِهِ شُبْهَةَ الْإِنْفَاقِ وَالْإِعْفَافِ وَقُوِّمَتْ عَلَيْهِ يَوْمَ الْوَطْء حملت ام لَا مَلِيًّا أَوْ مُعْدِمًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا وَطِئَهَا السَّيِّدُ لَيْسَ لِلزَّوْجِ نَفْيُهُ إِلَّا بِاللِّعَانِ كَرُؤْيَةِ الزِّنَا وَأَمَّا بِوَطْءِ السَّيِّدِ فَلَا قَالَ أَصْبَغُ وَالِاسْتِبْرَاءُ فِي هَذَا حَيْضَةٌ أَوْ قَدْرُهَا نَحْوَ الشَّهْرِ فَيَلْحَقُ حِينَئِذٍ بِالسَّيِّدِ وَيُؤَدَّبُ إِنْ لَمْ يُعْذَرْ بِجَهْلٍ وَتُرَدُّ الْأَمَةُ إِلَى زَوْجِهَا إِذَا وَضَعَتْ وَإِذَا مَاتَ سَيِّدُهَا عَتَقَتْ وَلَهَا اخْتِيَارُ نَفْسِهَا وَالزَّوْجُ عَبْدٌ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الزَّوْجِ أَنَّ الْوَلَد مِنْهُ وَقَالَ كُنْتُ أَغْشَاهَا مِنْ مَوْضِعٍ سِرًّا

(فرع)

إِلَّا بِبَيِّنَةٍ لِأَنَّ فِيهِ إِبْطَالَ الْوَلَاءِ وَالْعِتْقِ على السَّيِّد بالإستيلاد وَإِن مَاتَ الزوح أَو طلق رجعت السَّيِّد وَحَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا قَالَ مُحَمَّدٌ وَطْؤُهُ لِأَمَةِ عَبْدِهِ انْتِزَاعٌ لَهَا (فَرْعٌ) فِي الْعُتْبِيَّةِ قَالَ مَالِكٌ إِنْ مَاتَ عَنْ أَمَةٍ حَامِلٍ مِنْهُ حَمْلًا بَيِّنًا تَمَّتْ حُرِّيَّتُهَا فِي الشَّهَادَةِ وَغَيْرِهَا وَتَعَجَّبَ مِنْ قَوْلِ غَيْرِهِ لَا تَتِمُّ حُرِّيَّتُهَا حَتَّى تَضَعَ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ تُوقَفُ أَحْكَامُهَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ رِيحًا أَوْ مَرَضًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ يَحْتَمِلُ قَوْلُ مَالِكٍ فِي مَقَاصَّةِ الْمُكَاتَبِ إِنْ رَضِيَ الْمُكَاتَبُ فَيَتَّفِقُ الْقَوْلَانِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِن وطيء أَمَةَ ابْنِهِ الصَّغِيرِ وَلَزِمَتْهُ الْقِيمَةُ حَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا قَالَ سَحْنُونٌ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ وَلَيْسَ لِلْوَلَدِ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِهَا إِذَا لَمْ تَحْمِلْ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَا لَهُ أَخْذُهَا فِيمَا ثَبَتَ لَهُ مِنَ الْقِيمَةِ قَالَ مَالِكٌ إِذَا وَطِئَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فَلِلْآخَرِ التَّمَسُّكُ بِنَصِيبِهِ إِنْ لَمْ تَحْمِلْ بِخِلَافِ الِابْنِ لِأَنَّهَا تَحِلُّ لَهُ وَتَحْرُمُ عَلَى الِابْنِ يُخِيفُ أَنْ يَغِيبَ عَلَيْهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ كَانَ الِابْنُ كَبِيرا أَو الْأَب عقيما قَوِّمَتْ عَلَيْهِ يَوْمَ الْوَطْءِ وَبِيعَتْ فِي الْقِيمَةِ إِنْ لَمْ تَحْمِلْ وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ تُحِلُّ جَارِيَتَهَا لزَوجهَا أَو لغيره فَتحمل غرم قيمتهَا مَلِيًّا يَوْمَ أَحْبَلَهَا وَبَقِيَتْ أُمَّ وَلَدٍ وَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ فِي وَلَدِهِ وَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ فَقِيمَتُهَا يَوْمَ الْوَطْءِ أَوْ عَدِيمًا وَلَمْ تَحْمِلْ بِيعَتْ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ تُوَفِّ بِالْقِيمَةِ اتُّبِعَ بِالْبَقِيَّةِ وَلَيْسَ لِلْمُحِلِّ التَّمَسُّكُ بِهَا وَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ لِأَنَّ رَدَّ مَالِهِ تَحْقِيقٌ لِعَارِيَةِ الْفُرُوجِ وَيُخَافُ أَن يحلبها ثَانِيَةً وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لِلِابْنِ التَّمَسُّكُ فِي عُدْمِ الْأَبِ وَمَلَائِهِ إِذَا لَمْ تَحْمِلْ إِنْ كَانَ مَأْمُونًا عَلَيْهَا بِخِلَافِ الْمُحَلَّلِ لَهُ لِأَنَّ الْمُحَلَّلَ لَهُ تَعَمَّدَ ذَلِكَ فَعُوقِبَ بِأَنْ لَا تعود

إِلَيْهِ وَخَوْفًا أَنْ يُحْبِلَهَا ثَانِيَةً وَذَرِيعَةً لِعَارِيَةِ الْفُرُوجِ وَالِابْنُ لَمْ يُبِحْ أَمَتَهُ فَيُخْشَى مِنْهُ فَإِذَا كَانَ مَأْمُونًا رُدَّتْ إِلَيْهِ كَالشَّرِيكِ وَإِذَا قَوِّمَتْ عَلَى الْأَبِ إِنْ حَمَلَتْ وَكَانَ الِابْنُ قَدْ وَطِئَهَا قَبْلَ ذَلِكَ عَتَقَتْ عَلَى الْأَبِ لِأَنَّهُ حَرُمَ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا وَبَيْعُهَا وَلَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ وَلَوْ لَمْ تَحْمِلْ حَلَّ لَهُ بَيْعُهَا دُونَ وَطْئِهَا قَالَهُ مَالِكٌ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَإِنْ وَطِئَهَا الِابْنُ بَعْدَ وَطْءِ الْأَبِ سَقَطَتِ الْقِيمَةُ عَنِ الْأَبِ بِمُصَابِ الِابْنِ وَتُبَاعُ عَلَى الِابْنِ فَيُعْطَى ثَمَنَهَا مَا بَلَغَ أَقَلَّ مِنَ الْقيمَة اَوْ اكثر وَقَالَ اصبغ يقوم عَلَى كُلِّ حَالٍ وَيَأْخُذُ قِيمَتَهَا يَوْمَ وَطِئَهَا إِنِ اخْتَلَفَتِ الْقِيمَةُ لِأَنَّهُ يَوْمُ التَّفْوِيتِ وَتُبَاعُ عَلَى الِابْنِ لِأَنَّهُ وَطِئَهَا بَعْدَ لُزُومِ قِيمَتِهَا لِلْأَبِ يَوْمَ وَطْءِ الْأَبِ وَضَمِنَهَا ثُمَّ يَتَحَاسَبَانِ فَمَنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ أَخَذَهُ أَوْ عَلَيْهِ نقص أَدَّاهُ فَإِن وَطئهَا فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ فَأَلْحَقَ الْقَافَةَ وَلَدَهَا بِالِابْنِ فَهُوَ لِلْوَاطِئِ أَوَّلًا وَتُعْتَقُ عَلَيْهِ وَلَزِمَ الْأَبُ قِيمَتَهَا لَهُ لِأَنَّهُ أَفْسَدَهَا عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْأَبُ لَزِمَتْهُ الْقِيمَةُ وَيَلْزَمُ قِيمَتُهَا لِلْأَبِ يَوْمَ وَطِئَهَا الِابْنُ وَيَتَحَاسَبَانِ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِنَ أَلْحَقْتَهُ بِالثَّانِي وَكَانَ هُوَ الِابْنَ تَحَاسَبَا أَوْ كَانَ هُوَ الْأَبَ غَرِمَ قِيمَتَهَا لِلِابْنِ عَلَى كُلِّ حَالٍ بِمَا أَفْسَدَهَا قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَإِنْ وَطِئَ الِابْنُ أَمَةَ الْأَبِ حُدَّ وَأَمَّا الْجَدُّ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَالْأُمِّ فَلَا يُحَدُّ مِنْ وَطْءِ أَمَةِ ابْنِهِ وَلَا يُقْطَعُ مِنْ سَرِقَةِ مَالِهِ لِأَنَّهُمْ آبَاءٌ وَإِنْ لَمْ تَلْزَمْ نَفَقَتُهُمْ لِأَنَّ الْأَبَ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ ابْنِهِ الْكَبِيرِ أَوِ ابْنَتِهِ الثَّيِّبِ وَلَا يُقْطَعُ فِي سَرِقَتِهِ مِنْ مَالِهِمَا وَلَا يُحَدُّ فِي جَوَارِيهِمَا وَقَالَ أَشْهَبُ يُحَدُّ فِيهِمَا كَالْأَجْنَبِيِّ وَإِنَّمَا جَاءَ أَنْتَ وَمَالُكَ إِلَى أَبِيكَ فِي

الْأَبِ وَلِأَنَّ الْجَدَّ لَا نَفَقَةَ لَهُ قَالَ مُحَمَّد إِن وطىء الْجَدُّ أَمَةَ وَلَدِهِ الْعَبْدِ فَحَمَلَتْ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا وَلَا يُحَدُّ وَهِيَ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ وَإِنْ كَانَ مُعْدِمًا بَقِيَتْ رَقِيقًا لِلِابْنِ وَأَتْبَعَهُ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ بَعْدَ وَضْعِهِ فَإِنْ عَتَقَ الِابْنُ وَهِيَ حَامِلٌ بَعْدَ النَّظَرِ فِيهَا بَقِيَ الْأَمْرُ عَلَى مَا كَانَ فَإِنْ أَيْسَرَ الْأَبُ فَاشْتَرَاهَا فَلَهُ بيعهَا إِن شَاءَ وَإِن أعتق الِابْنُ قَبْلَ النَّظَرِ فِيهَا كَانَتْ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ وَاتَّبَعَهُ بِقِيمَتِهَا فَقَطْ فِي عُدْمِهِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا حَمَلَتْ أَمْ لَا وَلَا يَكُونُ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ خِيَارٌ فَإِنْ كَانَ مَلِيًّا أَعْطَى السَّيِّدُ الْعَبْدَ قِيمَتَهُ أَوْ مُعْسِرًا اتَّبَعَهُ بِهَا إِنْ حَمَلَتْ وَبِيعَتْ إِنْ لَمْ تَحْمِلْ لِأَنَّهُ أَفْسَدَهَا بِوَطْئِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ فَإِنْ كَانَ الْأَبُ الرَّقِيقَ لَمْ تَكُنْ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ لِأَنَّهُ عَبْدٌ وَلَا يُتْبَعُ بِقِيمَتِهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَعْنَى الْعَطَبِ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ لِلشُّبْهَةِ وَلَوْ قَالَ الِابْنُ أُسَلِّمُهَا إِلَيْهِ وَأَتْبَعَهُ بِقِيمَتِهَا لِأَنَّهُ حَرَّمَهَا عَلَيَّ امْتَنَعَ لِأَنَّ مَا فِي بَطْنِهَا عِتْقٌ عَلَى أَخِيهِ فَإِنْ سَلَّمَهَا بِلَا ثَمَنٍ لَمْ تَكُنْ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ ذَلِكَ جِنَايَةٌ وَالْقِيمَةُ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ أَفْسَدَهَا وَإِنْ شَاءَ السَّيِّدُ فَدَاهُ بِقِيمَةِ الْجَارِيَةِ وَتَكُونُ الْجَارِيَةُ لِلْعَبْدِ وَالْعَبْدُ للسَّيِّد وَإِن سلمه كَانَ حرا على ابيه وَتَتْبَعُهُ الْجَارِيَةُ وَتَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ إِنْ كَانَتْ حَامِلًا لِأَنَّهَا مِنْ مَالِهِ وَالْوَلَدُ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ أَسْلَمَهُ أَوْ فَدَاهُ وَلَا يُخَيَّرُ الِابْنُ فِي أَخْذِ الْجَارِيَةِ فَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَ تَخْيِيرِ السَّيِّدِ ضمنهَا العَبْد فِي رقبته كالخيانة فَإِنْ فَدَاهُ السَّيِّدُ بِقِيمَتِهَا فَهِيَ لِلسَّيِّدِ وَإِنْ اسلمه عتق على ابيه قَالَ مُحَمَّدٌ لَا يُعْجِبُنِي هَذَا وَأَيُّ جِنَايَةٍ فِي تَحْرِيمِهَا عَلَى الِابْنِ وَلَا قِيمَةَ لِلْوَطْءِ كَمَا لَوْ رَجَعَ شَاهِدُ الطَّلَاقِ بَعْدَ الْحُكْمِ لَمْ يَغْرَمْ شَيْئًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ وطىء الْأَبُ أُمَّ وَلَدِ ابْنِهِ غَرِمَ قِيمَتَهَا عَلَى أَنَّهَا أَمَةٌ وَعَتَقَتْ عَلَى الِابْنِ لِثُبُوتِ الْوَلَاءِ وعتقها لتحريمها علهما وَإِن وطىء زَوْجَةَ ابْنِهِ لَمْ تَحْرُمْ عَلَى الِابْنِ فِي أَحَدِ قَوْلَيْ مَالِكٍ بِخِلَافِ أُمِّ الْوَلَدِ لِعَدَمِ الْحَدِّ فِي أُمِّ الْوَلَدِ وَثُبُوتِهِ فِي الزَّوْجَةِ فَإِنْ وَلَدَتْ أُمُّ الْوَلَدِ بَعْدَ وَطْءِ

الْأَبِ لَحِقَ بِهِ الِابْنُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْزُولًا عَنْهَا قَبْلَ الْوَطْءِ مُدَّةً مِثْلُهَا اسْتِبْرَاءٌ فَيَلْحَقُ بِالْأَبِ وَقِيلَ إِنْ أَشْبَهَ أَنْ يَكُونَ مِنْ وَطْءِ الْأَبِ دُعِيَ لَهُ الْقَافَةُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْزُولًا عَنْهَا لِأَنَّهُ كَوَطْءِ مَالِكَيْنِ بِخِلَافِ وَطْءِ السَّيِّدِ أَمَتَهُ وَهِيَ زَوْجَةٌ لِعَبْدِهِ اَوْ لأَجْنَبِيّ وَالزَّوْج مُرْسل عَلَيْهَا هَذِه يَلْحَقُ الْوَلَدُ بِالزَّوْجِ لِأَنَّ فِرَاشَهُ مُقَدَّمٌ لِصِحَّتِهِ وَإِنْ وَلَدَتْ أَمَةٌ وَلَدًا فَادَّعَاهُ أَبُو سَيِّدِهَا قَالَ مُحَمَّدٌ لَحِقَهُ وَقُوِّمَتْ عَلَيْهِ وَتَكُونُ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ أَنْكَرَ ذَلِكَ الِابْنُ أَمْ لَا إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَهُ فَهُوَ أَحَقُّ لِلْفِرَاشِ الصَّحِيحِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ كَانَ الْوَلَدُ عَبْدًا لَمْ يُحَدَّ وَقِيمَةُ أُمِّ وَلَدِ ابْنِهِ فِي رَقَبَتِهِ يَفْدِيهِ السَّيِّدُ أَوْ يُسْلِمُهُ وَتُعْتَقُ أُمُّ الْوَلَدِ عَلَى الِابْنِ لِتَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ وَلَا يُتَّهَمُ الْأَبُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِابْنِهِ كَمَا لَوْ قَطَعَ لَهُ عُضْوًا لَكَانَ فِي رَقَبَتِهِ وَكَذَلِكَ وَطْؤُهُ لِأَمَتِهِ الْبِكْرِ عَلَيْهِ مَا نَقَصَهَا وَلَا يَلْزَمُهُ مِنَ الثَّيِّبِ شَيْءٌ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِنْ وَطِئَ نَصْرَانِيٌّ أُمَّ وَلَدِ وَلَدِهِ النَّصْرَانِيِّ وَأَسْلَمَا عَتَقَتْ عَلَى الْوَلَدِ لِتَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ وَلَا قِيمَةَ عَلَى الْوَالِدِ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَوْ وَطِئَهَا بَعْدَ وَطْءِ أَبِيهِ لَمْ يَمْتَنِعْ فِي نَصْرَانِيَّتِهِمَا وَلَوْ كَانَتْ أَمَةً فَأَسْلَمَتْ وَهِيَ حَامِلٌ فَلْيُعْتَقْ مَا فِي بَطْنِهَا عَلَى أَخِيهِ وَلَا يُقَوَّمُ عَلَى الْأَبِ وَهِيَ أَمَةٌ لِلِابْنِ وَمَنْ وَطِئَ مُدَبَّرَةَ ابْنِهِ فَحَمَلَتْ ضَمِنَ قِيمَتَهَا أَمَةً وَتَكُونُ أُمَّ وَلَدِ الْأَبِ وَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ وَقَفَتِ الْقِيمَةُ إِنْ مَاتَ الِابْنُ وَحَمَلَهَا الثُّلُثُ رَجَعَتِ الْقِيمَةُ لِلْأَبِ وَإِنْ لَحِقَهُ دَيْنٌ بِرِقِّهَا كَانَتْ لِلْأَبِ بِالْقِيمَةِ الْأُولَى قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنْ زَوَّجَ أَمَتَهُ وَقَالَ هِيَ ابْنَتِي فَوَلَدَتْ لَمْ يُحَدَّ وَلَحِقَ الْوَلَدُ بِالزَّوْجِ بِقِيمَتِهِ وَلَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ بَلْ زَوْجَةً إِنْ شَاءَ فَارَقَهَا وَعَلَيْهِ قَدْرُ مَا يَسْتَحِلُّ بِهِ فَرْجَهَا وَرَجَعَ بِبَقِيَّةِ الصَّدَاقِ عَلَى سَيِّدِهَا لِأَنَّهُ غَرَّهُ أَوْ ثَبَتَتْ عَلَى النِّكَاحِ بِالصَّدَاقِ الْمُسَمَّى وَمَا ولدت قبل وَتَلْزَمُ قِيمَتُهُمْ وَمَا وَلَدَتْ بَعْدَ عِلْمِهِ وَرِضَاهُ فَرَقِيقٌ لِلسَّيِّدِ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي الْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّيَةِ وَإِنْ زَوَّجَهُ ابْنَتَهُ

وَأَدْخَلَ عَلَيْهِ جَارِيَتَهُ فَوَلَدَتْ فَهِيَ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ وَتَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْحَمْلِ دُونَ وَلَدِهَا كَمَنْ أَحَلَّ جَارِيَتَهُ وَسَوَاءً عَلِمَ الزَّوْجُ قَبْلَ الْوَطْء أَنَّهَا غير زَوجته ام لَا لَا يُحَدُّ وَتَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا حَمَلَتْ أَمْ لَا وَتَكُونُ مِلْكًا لَهُ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ وَطِئَ الْمُوصَى لَهُ الْمُوصَى بِهَا قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي ثُمَّ مَاتَ وَدُفِعَتْ لَهُ هُوَ زَانٍ وَيُحَدُّ وَلَا يَلْحَقُهُ النَّسَبُ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تُمَلَّكُ إِلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ فَإِنْ وَطِئَهَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَالدَّيْنِ يَغْتَرِقُهَا فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَيَلْحَقُهُ الْوَلَدُ وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا غَرِمَ قِيمَتَهَا وَكَانَتْ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ مُعْدِمًا بِيعَتْ بَعْدَ الْوَضْعِ دُونَ وَلَدِهَا وَاتُّبِعَ بِقِيمَتِهِ كَالِابْنِ يَطَأُ مِنْ تَرِكَةِ أَبِيهِ وَالدَّيْنُ يَغْتَرِقُهَا لِأَنَّ الدَّيْنَ لَيْسَ فِي عَيْنِ الْجَارِيَةِ وَالْإِرْثُ وَالْوَصِيَّةُ فِي عَيْنِهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا زَوَّجَهَا السَّيِّدُ وَوَطِئَهَا هُوَ وَالزَّوْجُ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ تُدْعَى لَهُ الْقَافَةُ قَالَهُ مَالِكٌ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ هُوَ الثَّانِي وَإِنْ كَانَ بَين الوطئين يَوْمٌ وَقَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ لِلْأَوَّلِ لِأَنَّهُ صَحِيحٌ وَالثَّانِي فَاسِدٌ وَإِنْ صَحَّ النِّكَاحُ لِوُقُوعِهِ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ وَأَصَابَ الزَّوْجُ ثُمَّ السَّيِّدُ فِي طُهْرٍ قَالَ مَالِكٌ لَحِقَ بِالزَّوْجِ وَفَرْقٌ بَيْنَ تَقَدُّمِ الْمِلْكِ فَتُدْعَى لَهُ الْقَافَةُ أَوْ تَقَدُّمِ النِّكَاحِ فَهُوَ لِلْأَوَّلِ وَإِذَا قُلْنَا لِلْأَوَّلِ فَفِي مِقْدَارِ الْفَصْل بَين الوطئين شَهْرٌ لِأَصْبَغَ وَلِلْمُغِيرَةِ قَدْرُ مَا لَا يَحْمِلُ لَهُ النِّسَاءُ وَإِذَا وَطِئَ أَمَةَ عَبْدِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يَغْتَرِقُهَا غَرِمَ قِيمَتَهَا لِلْغُرَمَاءِ فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا وَقِيمَتُهَا وَقِيمَةُ الْعَبْدِ سَوَاءٌ بِيعَ الْعَبْدُ فِي قِيمَتِهَا وَإِنْ كَانَ ثَمَنُهُ يَفِي بِنِصْفِ قِيمَتِهَا بِيعَ لَهُمْ نِصْفُهَا فِي بَاقِي الدَّيْنِ فَإِنْ وَطِئَ مُكَاتَبَةَ عَبْدِهِ وَلَمْ تَحْمِلْ بَقِيَتْ عَلَى كِتَابَتِهَا وَلَا يُحَدُّ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ وَإِنْ حَمَلَتْ خُيِّرَتْ بَيْنَ الْكِتَابَةِ وَالتَّعْجِيزِ وَتَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ وَيُخْتَلَفُ إِذَا وَطِئَ أُمَّ وَلَدِ ابْنِهِ فِي عِتْقِهَا عَلَى الِابْنِ وَتَغْرِيمِ الْقِيمَةِ وَصِفَةِ الْقِيمَةِ فَقِيلَ لَا تُعْتَقُ وَإِنْ حَرُمَ الْوَطْءُ وَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ فِي تَزْوِيجِهَا فَمَنْ أَجَازَهُ لم

النظر الثاني فيما تكون به أم ولد

يُعْتِقْهَا لِأَنَّهُ بَقِيَ لَهُ عِوَضُ الْبُضْعِ بِالزَّوَاجِ وَإِنْ جَنَى عَلَيْهَا انْتَفَعَ بِقِيمَتِهَا وَإِنْ وَلَدَتْ حرمه وَلَدَهَا فَمَا لَزِمَ ثَمَنَ التَّحْرِيمَ عَدِمَ النَّفْعَ وَالصَّحِيح الْعتْق لندرة هَذِه الْأُمُور وَإِن وطىء مُعْتَقَةً إِلَى أَجَلٍ لِوَلَدِهِ فَلَمْ تَحْمِلْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ لِأَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَى الِابْنِ قَبْلَ الْوَطْءِ كَالْمُكَاتَبَةِ وَإِنْ حَمَلَتْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لَيْلًا يَنْتَقِلَ الْوَلَاءُ وَيُعْتَقُ الْوَلَدُ عَلَى أَخِيهِ الْخَامِسُ فِي الْكتاب إِذا وطىء الشَّرِيكُ فَلَمْ تَحْمِلْ فَلِشَرِيكِهِ التَّمَسُّكُ بِنَصِيبِهِ بِخِلَافِ الِابْنِ إِنْ كَانَ الِابْنُ كَبِيرًا وَالْأَبُ عَدِيمًا قُوِّمَتْ عَلَيْهِ يَوْمَ الْوَطْءِ وَبِيعَتْ عَلَيْهِ فِي تِلْكَ الْقِيمَةِ إِنْ لَمْ تَحْمِلْ وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ تُحِلُّ جَارِيَتَهَا لِزَوْجِهَا أَوِ ابْنِهَا أَوْ أَجْنَبِيٍّ وَالْفَرْقُ حِلُّهَا لِلشَّرِيكِ وَتَحْرِيمُهَا عَلَى الِابْنِ وَإِذَا بِيعَتْ عَلَيْهِمْ فِي الْعُدْمِ فَلَمْ يُوفِ الثَّمَنَ بِالْقِيمَةِ اتُّبِعَتْ بِالْبَقِيَّةِ وَلَيْسَ لِلْمُحِلِّ التَّمَاسُكُ بِهَا وَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهَا وَإِذَا قُوِّمَتْ أَمَةُ الِابْنِ عَلَى الْأَبِ وَقَدْ حملت مِنْهُ وَكَانَ الإبن قد وَطئهَا عَتَقَتْ عَلَى الْأَبِ لِأَنَّهُ حَرُمَ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا وَبَيْعُهَا وَلَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ وَلَمْ تَحْمِلْ مِنَ الْأَبِ حَلَّ لَهُ بَيْعُهَا وَقَدْ وَطِئَهَا وَإِنْ وَطِئَ الْأَبُ أَمَةَ وَلَدِ ابْنِهِ غَرِمَ لِابْنِهِ قِيمَتَهَا وَعَتَقَتْ عَلَى الِابْنِ لَا عَلَى الْأَبِ لِتَحْرِيمِهَا عَلَيْهِمَا وَلِثُبُوتِ الْوَلَاءِ لَهُ أَوْ لَا النَّظَرُ الثَّانِي فِيمَا تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ فِي الْجَوَاهِرِ مَنْ أَقَرَّ بِوَطْءِ أَمَتِهِ وَوَلَدَتْ لِمُدَّةٍ لَمْ تَزِدْ عَلَى مُدَّةِ الْحَمْلِ وَلَا تَنْقُصْ عَنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ صَارَتْ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ أَتَتْ بِهِ فِي حَيَاتِهِ أَوْ بَعْدَ وَفَاتِهِ أَوْ بَعْدَ أَنْ أَعْتَقَهَا إِلَّا أَنْ يَدعِي استبرات لَمْ يَطَأْ بَعْدَهُ فَإِنِ ادَّعَتِ الْوَطْءَ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ لَمْ يَكُنْ لَهَا تَحْلِيفُهُ

كَدَعْوَى الْعِتْقِ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ لَا بُدَّ فِي الِاسْتِبْرَاءِ مِنْ ثَلَاثِ حِيَضٍ وَتَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ وَقَالَ سَحْنُون أَصْحَابنَا كلهم يَقُولُونَ تجزىء حَيْضَةٌ لِدَلَالَتِهَا عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ وَلَا تَحْلِفُ وَمَا أَتَتْ بِهِ مِنْ وَلَدٍ حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ مُخَلَّقٍ أَوْ غَيْرِ مُخَلَّقٍ مِمَّا يَقُولُ النِّسَاءُ إِنَّهُ مُتَنَقِّلٌ فِي الْأَطْوَارِ كَالْعَلَقَةِ وَالْمُضْغَةِ فَهِيَ بِذَلِكَ أُمُّ وَلَدٍ وَخَالَفَنَا الشَّافِعِيُّ فِي الْمُضْغَةِ وَإِنْ قَالَ النِّسَاءُ إِنَّهُ مَبْدَأُ خَلْقٍ ووافقنا فِيمَا إِذا كَانَ فِيهَا أصبغ أَوْ عُضْوٌ لِأَنَّ اللَّحْمَ قَدْ يَتَوَلَّدُ مِمَّا يُسَمِّي الحيا مَعْلُومٌ عِنْدَ الْأَطِبَّاءِ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الْمِلْكِ وَجَوَابُهُ الْغَالِبُ التَّوْلِيدُ وَالسَّلَامَةُ مِنَ الْأَمْرَاضِ لَا سِيَّمَا هَذَا الْمَرَضُ وَفِي الْمُنْتَقَى قَالَ أَشْهَبُ إِذَا طَرَحَتْ دَمًا مُجْتَمِعًا أَوْ غَيْرَ مُجْتَمِعٍ لَا تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ فَإِذَا صَارَ عَلَقَةً خَرَجَ عَنِ الدَّمِ الْمُجْتَمِعِ لِأَنَّ الدَّمَ قَدْ تُرْخِيهِ الرَّحِمُ مِنْ غَيْرِ وِلَادَةٍ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ لِمَا فِي الصَّحِيحِ أَنَّ الْجَنِينَ يَكُونُ عَلَقَةً أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي النَّظَرِ الْأَوَّلِ فُرُوعٌ مِنْ هَذَا النَّظَرِ وَنَذْكُرُ هَاهُنَا فَرْعَيْنِ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ إِنِ اشْتَرَيْتَ امْرَأَتَكَ لَمْ تَكُنْ أُمَّ وَلَدٍ بِمَا وَلَدَتْهُ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَتَكُونُ أم وَلَده إِنِ اشْتَرَيْتَهَا حَامِلًا قَالَهُ ابْنُ الْقَصَّارِ وَقَالَ ح تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ بِمَا وُلِدَ قَبْلَ الشِّرَاءِ إِذَا اشْتَرَاهُ مَعَهَا وَبِمَا هِيَ حَامِلٌ بِهِ وَقَالَ ش لَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ بِالْحَمْلِ وَلَا بِمَا تَقَدَّمَ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ لَنَا عَلَى ح قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَيُّمَا رَجُلٍ وَلَدَتْ مِنْهُ أَمَتُهُ فَهِيَ مُعْتَقَةٌ عَلَيْهِ

عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ مَفْهُومُهُ إِنْ وَلَدَتْ وَلَيْسَتْ أَمَتَهُ لَا تُعْتَقُ عَلَيْهِ وَمَنْطُوقُهُ أَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ إِنِ اشْتَرَاهَا حَامِلًا لِأَنَّهَا وَلَدَتْ مِنْهُ وَهِيَ أَمَتُهُ وَفِي الصَّحِيحِ عَنهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي مَارِيَةَ أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا لَمَّا وَلَدَتْ إِبْرَاهِيمَ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ أَعْتَقَهَا يَعُودُ عَلَيْهَا بِصِفَتِهَا وَمن صفتهَا أَنَّهَا أمته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَفْهُومُهُ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ أَمَةَ غَيْرِهِ لَمْ يعتقها وَلَدهَا احْتَجُّوا بقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أعْتقهَا وَلَدهَا فَجعل السَّبَبَ فِي عِتْقِهَا ثُبُوتَ نَسَبِ وَلَدِهَا مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ مَعْنًى مَوْجُودٌ فِي الْوَلَدِ السَّابِقِ وَلِأَنَّهَا إِنَّمَا كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ إِذَا أَحْبَلَهَا فِي مِلْكِهِ لِأَنَّ نَسَبَ وَلَدِهِ ثَابِتٌ مِنْهَا فَكَذَلِكَ هَاهُنَا وَلِأَنَّ نَسَبَهُ مِنْ وَلَدِهِ يَثْبُتُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ فَكَذَلِكَ الِاسْتِيلَادُ لِأَنَّهُمَا حُكْمَانِ تَابِعَانِ لِلْوَلَدِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الضَّمِيرَ يَمْتَنِعُ عَوْدُهُ عَلَى الذَّاتِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ مَعْنًى هُوَ صِفَةٌ مُشْتَقَّةٌ تُنَاسِبُ الْعِتْقَ وَمَا ذَاكَ إِلَّا كَوْنُهَا أمته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَالْحُكْمُ يَنْتَفِي لِانْتِقَاءِ عِلَّتِهِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ يَنْتَقِضُ بِزَوَاجِهِ كَافِرَةً حَرْبِيَّةً أَوْ ذِمِّيَّةً فَيُولِدُهَا ثُمَّ يَنْسَى فَيَشْتَرِيهَا فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ وَلِأَنَّ الْفَرْقَ أَنَّهُ إِنْ أَوْلَدَهَا فِي مِلْكِهِ حَمَلَتْ بِوَلَدٍ حُرٍّ فَيُنَاسِبُ أَنْ يُفِيدَ الْحُرِّيَّةَ لَهَا وَفِي مِلْكِ غَيْرِهِ رَقِيقٌ فَيَضْعُفُ عَنْ إِفَادَةِ الْحُرِّيَّةِ وَعَنِ الثَّالِثِ الْفَرْقُ بِأَنَّ قُوَّةَ النَّسَبِ أَعْظَمُ مِنْ قُوَّةِ كَوْنِهَا أُمَّ وَلَدٍ لِأَنَّ الِابْنَ إِذَا مَلَكَهُ يُعْتَقُ فِي الْحَالِ وَأُمُّ الْوَلَدِ لَا تُعْتَقُ فِي الْحَالِ وَلَنَا عَلَى ش إِجْمَاعُنَا عَلَى امْتِنَاعِ بَيْعِهَا وَهِيَ حَامِلٌ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ ذَلِكَ وَلِأَنَّ النُّصُوصَ الْمُتَقَدِّمَةَ عَامَّةٌ فِي الْحَمْلِ الْمُفَارِقِ لِلشِّرَاءِ والمتأخر وَلِأَن وَطئه أَوْ مِلْكَهُ فِي الْأُمِّ بِأَثَرِ الْحَمْلِ فَيُعْتَقُ وَيكون

كالمتأخر احتجبوا بِقَوْلِ جَابِرٍ كُنَّا نَبِيعُ أُمَّهَاتَ الْأَوْلَادِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ مُتَقَدِّمٌ فِي الْوَلَدِ الْمُتَأَخِّرِ فَيَبْقَى حُجَّةً فِي غَيْرِهِ وَلِأَنَّ الْوَلَدَ كَانَ رَقِيقًا وَإِنَّمَا حَصَلَتْ لَهُ الْحُرْمَةُ فِي ثَانِي حَالٍ فَأَشْبَهَ مَنْ أَعْتَقَ جَنِينَ أَمَتِهِ فَإِنَّهَا لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ وَلِأَنَّ الْوَلَدَ الَّذِي أَجْمَعْنَا عَلَيْهِ هُوَ الَّذِي لَا يُمْكِنُ إِثْبَاتُ وَلَائِهِ لِلْغَيْرِ وَهَذَا يُمْكِنُ إِثْبَاتُ وَلَائِهِ لِبَائِعِ الْأَمَةِ بِأَنْ يَغْفُلَ عَنْ شِرَائِهَا حَتَّى تَضَعَهُ وَلِأَنَّهَا لَوِ اشْتَرَاهَا أَبوهُ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ فَلَوْ كَانَتِ الْحُرِّيَّةُ تَنْتَشِرُ لَانْتَشَرَتْ بِشِرَاءِ الْجَدِّ لِأَنَّهُ كَالْأَبِ لِأَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ ابْنُ الِابْنِ كَمَا يَعْتِقُ الِابْنُ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الِاحْتِجَاجَ بِهِ مَوْقُوفٌ عَلَى عِلْمِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِهِمْ فَيُقِرُّهُمْ عَلَيْهِ وَهُوَ مُعَارَضٌ بِالنُّصُوصِ الْمَانِعَةِ مِنْ بَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ وَعَنِ الثَّانِي الْفَرُقُ أَنَّ مُعْتِقَ جَنِينَ أَمَتِهِ لَمْ يَتَّصِلْ نَسَبُهُ بِالْوَلَدِ حَتَّى يُؤَثِّرَ فِي أَمَتِهِ حَرِيَّةً بِخِلَافِ الْحمل وَعَن الثَّالِث أَنه اعلا رُتْبَةً مِنَ الْوَلَدِ السَّابِقِ بِإِجْمَاعِ بَعْضِ تَخْلِيقِهِ مَعَ مِلْكِ أَبِيهِ لِأُمِّهِ فَلَوِ أُلْغِيَ لَتَسَاوَى مَوْطِنُ الْإِلْغَاءِ حَيْثُ أَجْمَعْنَا عَلَى الْإِلْغَاءِ فَيَتَعَيَّنُ إِضَافَةُ الْحُرِّيَّةِ فِي الْأُمِّ لِلْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الْحمل وَالْولد

(تفريع)

اللَّاحِقِ وَهُوَ اجْتِمَاعُ التَّخْلِيقِ مَعَ مِلْكِ الْأُمِّ لِأَنَّهُ مَعْنًى مُنَاسِبٌ فَيَصِيرُ فِي جَمِيعِ مَوَارِدِهِ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ مِلْكَ الْجَدِّ أَضْعَفُ لِأَنَّهُ لَا تَجِبُ لَهُ النَّفَقَةُ وَلَا يَحْجُبُ الْإِخْوَةَ وَيَحْجُبُهُ الْأَبُ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْأَبَ أَقْوَى مِنْهُ فَلَا يَلْحَقُ بِهِ الْجَدُّ (تَفْرِيعٌ) فِي الْكِتَابِ إِنِ ابْتَعْتَهَا حَامِلًا مِنِ ابْنِكَ لَمْ تَكُنْ أُمَّ وَلَدٍ وَعِتْقُ الْحَمْلِ عَلَى جَدِّهِ بِخِلَافِ أَمَةِ الْأَجْنَبِيِّ لِأَنَّ الْأَبَ لَوْ أَرَادَ بِيعَ أَمَتِهِ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ عَتَقَ عَلَيْهِ حَمْلُهَا بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ وَقَالَ غَيْرُهُ يُمْتَنَعُ شِرَاؤُهَا مِنْ وَالِدِهِ حَامِلًا لِحُرْمَةِ الْحَمْلِ عَلَى الْجَدِّ وَاسْتِثْنَاؤُهُ غَرَرٌ لَمْ يُقَابِلْهُ مِنَ الثَّمَنِ وَلَا يُتَيَقَّنُ وُجُودُهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنِ ابْتَاعَ زَوْجَةَ وَالِدِهِ حَامِلًا انْفَسَخَ نِكَاحُ الْأَبِ لِتَعَذُّرِ نِكَاحِ أَمَةِ وَلَدِهِ وَلَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدِ الْأَبِ وَتَبْقَى رَقِيقًا لِلِابْنِ وَيُعْتَقُ عَلَيْهِ حَمْلُهَا وَلَا يَبِعْهَا حَتَّى تَضَعَ إِلَّا أَنْ يُرْهِقَهُ دَيْنٌ فَتُبَاعُ حَامِلًا وَقَالَ غَيْرُهُ لَا تُبَاعُ فِي الدَّيْنِ حَتَّى تَضَعَ لِأَنَّهُ عِتْقٌ بِالسُّنَّةِ لَا بِالِافْتِرَاقِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ كَانَ حَمْلُهَا مِنْ أَخِيكَ بِنِكَاحٍ فَابْتَعْتَهَا فَهِيَ وَالْوَلَدُ رَقِيقٌ لَكَ وَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ فِي النُّكَتِ قَوْلُ غَيْرِهِ لَا يَجُوزُ لِلِابْنِ شِرَاءُ زَوْجَتِهِ الْحَامِلِ مِنْ أَبِيهِ لَيْسَ بِخِلَافٍ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِنَّمَا تَكَلَّمَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ وَفَاتَ أَمَّا الْجَوَازُ ابْتِدَاءً فَلَا وَيَلْزَمُ الْوَلَدَ قِيمَتُهَا يَوْمَ قَبَضَهَا بِالشِّرَاءِ عَلَى أَنَّ حَمْلَهَا حُرٌّ لِأَنَّهُ كَبَيْعٍ فَاسِدٍ فَاتَ بِالْوِلَادَةِ وَقَوْلُ غَيْرِهِ لَا يُرَقُّ جَنِينُهَا وَلَا يَلْحَقُهُ دَيْنٌ لَيْسَ بِخِلَافٍ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَلَيْسَتْ

كَمَسْأَلَةِ مَنِ ابْتَاعَ امْرَأَةَ وَالِدِهِ حَامِلًا وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَلَدَ خُلِقَ حُرًّا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَفِي عِتْقِ شِرَاءِ الْوَلَدِ فَأَشْبَهَ الْعِتْقَ الْمُبْتَدَأَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَبَاعَهَا فِي الدَّيْنِ وَسَوَاءِ الْغَيْرِ لِأَنَّهُ كُلَّهُ عِتْقُ سُنَّةٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ تَزَوَّجَ أَمَةَ وَالِدِهِ فَمَاتَ الْأَبُ فَوَرِثَهَا وَهِيَ حَامِلٌ فَوَضَعَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَمْ تَكُنْ أُمَّ وَلَدٍ بِهِ لِعِتْقِهِ عَلَى جَدِّهِ فِي بَطْنِهَا قَبْلَ الْإِرْثِ وَلَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ حَتَّى تَمْلِكَ رَقَبَتَهَا بِمَا فِي بَطْنِهَا حَتَّى يُعْتَقَ الْجَنِينُ عَلَيْهِ لَا عَلَى غَيْرِهِ فَإِنْ وَضَعَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ فَهِيَ بِهِ أُمُّ وَلَدٍ إِلَّا أَنْ يَقُولَ لَمْ أَطَأْهَا بَعْدَ مَوْتِ أَبِي وَيُصَدَّقُ بِغَيْرِ يَمِينٍ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنِ اشْتَرَى امْرَأَتَهُ بَعْدَ أَنِ أَعْتَقَ السَّيِّدُ مَا فِي بَطْنِهَا جَازَ الشِّرَاءُ وَتَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ لِأَنَّ عِتْقَ السَّيِّدِ لَا يَتِمُّ إِلَّا بِالْوَضْعِ وَلِأَنَّهَا تُبَاعُ فِي فلسه ويتبعها وَرَثَتُهُ قَبْلَ الْوَضْعِ إِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهَا وَفِي الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ مَا فِي جَنِينِ الْأَمَةِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ أَنِ اسْتَبْرَأَهَا لَكَانَ فِيهِ مَا فِي جَنِينِ الْحُرَّةِ وَوَلَاؤُهُ إِنِ اسْتَهَلَّ لِأَبِيهِ وَلَا يُنْظَرُ إِلَى عِتْقِ السَّيِّدِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِيَهَا أَجْنَبِيٌّ بَعْدَ عِتْقِ جَنِينِهَا قَبْلَ أَنْ يُرْهِقَهُ دَيْنٌ وَيُرَدُّ إِنْ فَعَلَ وَشِرَاؤُهُ زَوْجَةَ وَالِدِهِ حَامِلًا بِخِلَافِ شِرَائِهِ لِزَوْجَتِهِ الْحَامِلِ وَهِيَ أَمَةُ أَبِيهِ عِنْد ابْن الْقَاسِم مَالِكٌ لَا يُرَقُّ جَنِينُهَا وَلَا يَلْحَقُهُ دَيْنٌ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْجَنِينَ فِي الْأُولَى لَمْ يَمَسَّهُ رِقٌّ وَفِي الثَّانِي مَسَّهُ الرِّقُّ فِي بَطْنِهَا وَإِنَّمَا عَتَقَ بِالشِّرَاءِ فَأَشْبَهَ الْعِتْقَ الْمُبْتَدَأَ وَغَيْرُهُ لَمْ يُفَرِّقْ لِأَنَّهُ كُلَّهُ عِتْقُ سُنَّةٍ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ إِذَا اشْتَرَى امْرَأَتَهُ حَامِلًا

من ابيه اَوْ من يُعْتَقُ عَلَيْهِ الْجَنِينُ فَلَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ اتِّفَاقًا لِعِتْقِهِ عَلَى مَنِ اشْتَرَاهُ مِنْهُ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ إِذَا عَتَقَ عَلَيْهِ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِذَا اشْتَرَى الْمَأْذُونُ أَمَةً بِإِذْنِ سَيِّدِهِ أَمْ لَا فَعَتَقَ لَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ بِمَا وَلَدَتْ قَبْلَ عِتْقِهِ وَلَا تَحَمِلُ جَنِينَ الْعِتْقِ لِأَنَّهُ رَقِيقٌ لِسَيِّدِهِ إِلَّا أَنْ يَمْلِكَ الْمَأْذُونُ حَمْلَهَا قَبْلَ الْوَضْعِ وَإِنْ أَعْتَقَهَا بَعْدَ عِتْقِهِ لَمْ يَتَعَجَّلْ لَهَا ذَلِكَ وَحُدُودُهَا حُدُودُ الْأمة حَتَّى تضع فيرق الْوَلَد للسَّيِّد الأعلا وَتُعْتَقُ هِيَ بِالْعِتْقِ الْأَوَّلِ وَمَا وُلِدَ لِلْمُكَاتَبِ أَوِ الْمُدَبَّرِ مِنْ أَمَتِهِ مِمَّا حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ التَّدْبِيرِ أَوِ الْكِتَابَةِ بِمَنْزِلَتِهِ يُعْتَقُ مَعَ عِتْقِهِ وَتَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ بِذَلِكَ لَهُمَا كَانَ الْوَلَدُ الْأَوَّلُ حَيًّا أَمْ لَا وَعَنْ مَالِكٍ لَا تَكُونُ بِذَلِكَ أُمَّ وَلَدٍ وَقَالَهُ أَكْثَرُ الروَاة فِي الْمُدبر خَاصَّةً لِأَنَّ لِلسَّيِّدِ انْتِزَاعَهَا وَلَيْسَ لِلْمُدَبَّرِ بَيْعُ أُمِّ وَلَدِهِ فِي حَيَاةِ سَيِّدِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَإِنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ حَدَثَ فِي تَدْبِيرِهِ مِنْ أَمَتِهِ ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ وَمَا تَرَكَ مِنْ مَالِ السَّيِّدِ لِأَنَّهُ رَقِيقٌ وَيُعْتَقُ وَلَدُهُ فِي ثُلُثِ سَيِّدِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ فِي التَّنْبِيهَاتِ تَأَوَّلَ أَبُو مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُ أَنَّ الْمُدَبَّرَ مَلَكَ الْحَمْلَ بِهِبَةٍ أَوْ مِيرَاثٍ لَا بِشِرَاءٍ لِتَعَذُّرِ الشِّرَاءِ لِلْغَرَرِ إِلَّا أَنْ يَفُوتَ بِالْوَضْعِ فَتَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ فَقِيلَ يَنْقُصُ قَبْلَ الْوِلَادَةِ وَقِيلَ بِتَمَامِ الشِّرَاءِ تَمَّتْ حُرِّيَّتُهُ فَفَاتَ النَّقْصُ وَقِيلَ يَجُوزُ الشِّرَاءُ هَاهُنَا لِلضَّرُورَةِ وَرُفِعَ التَّحْجِيرُ وَرَوَى أَشْهَبُ لَا تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ مُطْلَقًا فِي النُّكَتِ إِنَّمَا لَمْ يَمْضِ عِتْقُ الْمَأْذُونِ الَّذِي أَعْتَقَهُ السَّيِّدُ فِي أَمَتِهِ الْحَامِلِ وَيُعْتَقُ جَنِينُهَا بِخِلَافِ مَنْ أَعْتَقَ أَمَةً قَدْ وَهَبَ جَنِينَهَا لِرَجُلٍ لِأَنَّ السَّيِّدَ مَلَكَ الْجَنِينَ مِلْكًا أَصْلِيًّا فَلَمْ يَبْطُلْ مِلْكُهُ بِعِتْقِ الْمَأْذُونِ الْأَمَةَ وَوَاهِبُ الْجَنِينِ لَيْسَ لَهُ مِلْكٌ أَصْلِيٌّ قَالَ التُّونِسِيُّ إِنْ وَهَبَ جَنِينَ أَمَةٍ لِرَجُلٍ وَرَقَبَتَهَا لِلْآخَرِ فَأَعْتَقَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْأَمَةَ قِيلَ عِتْقُهُ ثَابِتٌ وَلَا شَيْءَ لِصَاحِبِ الْجَنِينِ كَمَا لَوْ وَهَبَ جَنِينَهَا لِرَجُلٍ ثُمَّ أَعْتَقَهَا أَوْ أَعْتَقَهَا وَرَثَتُهُ

بَعْدَ مَوْتِهِ وَقِيلَ عَلَيْهِ قِيمَةُ الْجَنِينِ يَوْمَ تَضَعُهُ وَيَجُوزُ عِتْقُهُ فِيهِ وَقِيلَ عِتْقُهُ الْأَمَةَ مَوْقُوفٌ حَتَّى تَضَعَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا اشْتَرَى الْمَأْذُونُ زَوْجَتَهُ حَامِلًا مِنْهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ السَّيِّدُ تَبِعَهُ الْوَلَدُ وَأُمُّهُ لِأَنَّهُ كَمَالِهِ هَاهُنَا وَيُعْتَقُ عَلَيْهِ وَتَكُونُ لَهُ بِذَلِكَ أُمَّ وَلَدٍ بِخِلَافِ الَّذِي يُوَلِّدُ أَمَةَ نَفْسِهِ لِأَنَّ هَذَا الْوَلَدَ كَأُمِّهِ لِأَنَّهُ مِنْ نِكَاحٍ وَأُمُّهُ صَارَتْ بِالشِّرَاءِ أَمَةً لِلْعَبْدِ فَكَذَلِكَ وَلَدُهَا أَلَا تَرَى أَنَّهُمَا يُبَاعَانِ عَلَيْهِ فِي الدَّيْنِ وَوَلَدُ أَمَتِهِ كنفسه عِنْد السَّيِّد قَالَ أَشْهَبُ لَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ بِمَا حَمَلَتْ بَعْدَ التَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ وَعِتْقِ الْأَجَلِ وَإِنْ وَلَدَتْهُ بَعْدَ تَمَامِ الْحُرِّيَّةِ فِي الْأَبِ إِلَّا أَنَّ لِلْوَلَدِ حُكْمَ الْأَبِ وَإِنْ شَكَّ فِي الْحَمْلِ فَإِنْ وَلَدَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ تَمَامِ عِتْقِ الْأَبِ لَمْ تَكُنْ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ لِأَنَّ مَا فِي بَطْنِهَا لَمْ يَمْلِكْهُ الْأَبُ وَجَرَى لِغَيْرِهِ فِيهِ حُرِّيَّةٌ وَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ عَتَقَ الْمُدَبَّرُ مَعَ وَلَدِهِ وَمَا فِي بَطْنِ أُمِّ وَلَدِهِ بِالْحِصَصِ فَإِنْ خَرَجُوا بَقِيَتْ أَمَةُ الْمُدَبَّرِ أُمَّ وَلَدِهِ عَلَى الْخِلَافِ وَإِنْ عَتَقَ بَعْضُهُمْ بَقِيَتْ لَهُ رَقِيقًا وَإِنْ أَوْلَدَهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ تَكُنْ أُمَّ وَلَدٍ لِأَنَّ نِصْفَهُ رَقِيقٌ وَإِنْ أَعْتَقَ بَاقِيهِ وَهِيَ حَامِلٌ مِنْهُ لَمْ تَكُنْ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ بِخِلَافِ الْمُعَتَقِ إِلَى أَجَلٍ يُعْتَقُ وَأَمَتُهُ حَامِلٌ مِنْهُ تَكُونُ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ لِأَنَّهُ كَتَمَامِ الْأَجَلِ فِيهِ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْأَجَلِ رُقَّتْ وَكَانَ وَلَدُهَا مُعْتَقًا إِلَى أَجَلٍ فَالْأَجْلُ فِيهِ كَمَوْتِ السَّيِّدِ فِي الْمُدَبَّرِ وَمَوْتُهُ قَبْلَ الْأَجَلِ كَمَوْتِ الْمُدَبَّرِ قَبْلَ سَيِّدِهِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ فِي الْمُدَبَّرِ وَالْمُكَاتَبِ وَالْمُعَتَقِ إِلَى أَجَلٍ تَلِدُ إِمَاؤُهُمْ هَلْ يَكُنَّ أُمَّهَاتِ أَوْلَادٍ إِذَا أَفْضَوْا إِلَى الْحُرِّيَّةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ ثَالِثُهَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمُعَتَقِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ إِمَاءَهُمْ هَلْ لَهُنَّ حُرْمَةٌ بِالْإِيلَادِ مِنْهُمْ أَوْ لَا قَوْلَانِ وَإِذَا قُلْنَا لَهُنَّ حُرْمَةٌ فَإِنَّهُنَّ يَكُنَّ أُمَّهَاتِ أَوْلَادٍ بِمَا حَمَلْنَ بِهِ بَعْدَ هَذِهِ الْعُقُودِ إِذا افضوا

النظر الثالث في الاستلحاق

إِلَى الْحُرِّيَّةِ وَإِنْ وَضَعْنَ قَبْلَ الْإِفْضَاءِ اتِّفَاقًا وَمَنْ حَمَلْنَ بِهِ قَبْلَ ذَلِكَ وَوَضَعْنَهُ بَعْدَهُ بِأَنْ يَطَأَ زَوْجَةً فَتَحْمِلَ قَبْلَ الْكِتَابَةِ أَوِ التَّدْبِيرِ أَوِ الْعِتْقِ إِلَى أَجَلٍ فَيَشْتَرِيَهَا حَامِلًا بَعْدَ الْعَقْدِ فَلَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ إِلَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى أَنَّ الْحُرَّ إِذَا اشْتَرَى امْرَأَتَهُ حَامِلًا تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ وَفِيهِ قَوْلَانِ وَإِنْ قُلْنَا لَا حُرْمَةَ لَهُنَّ فَهُنَّ كَأَمَةِ الْعَبْدِ تَلِدُ مِنْ سَيِّدِهَا إِلَّا أَنْ تَنْقَضِيَ هَذِهِ الْعُقُودُ وَيَخْرُجُونَ لِلْحُرِّيَّةِ وَإِمَاؤُهُمْ حَوَامِلُ فَيَمْلِكُونَ ذَلِكَ الْحَمْلَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَفِي الْمُنْتَقَى إِذَا قُلْنَا بِحُرْمَةِ اسْتِيلَادِ الْمُدَبَّرِ لَمْ يَنْتَزِعْهَا السَّيِّدُ كَانَتْ حَامِلًا اَوْ لَا وَإِنْ قُلْنَا بِعَدَمِ الْحُرْمَةِ انْتَزَعَهَا غَيْرَ حَامِلٍ وَلَا يَنْتَزِعُهَا حَامِلًا اتِّفَاقًا لِدُخُولِ الْوَلَدِ فِي التَّدْبِيرِ وَهَذَا الْخِلَافُ يَجْرِي فِي أُمِّ الْوَلَدِ لِلْمُعَتَقِ إِلَى أَجَلٍ النَّظَرُ الثَّالث فِي الِاسْتِلْحَاقِ وَأَصْلُهُ قَوْله تَعَالَى {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} وَفِيهِ فُرُوعٌ (فَرْعٌ) فِي الْكتاب إِذا بَاعه ثمَّ استلحفه بَعْدَ طُولِ الزَّمَانِ لُحِقَ وَرُدَّ الثَّمَنُ وُلِدَ عِنْده أَولا إِلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ كَذِبُهُ قَالَ التُّونِسِيُّ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنِ ادَّعَى أَنَّهُ وَلَدَهُ وَلَا يُنْسَبُ لَهُ وَلَا هُوَ عَبْدُ غَيْرِهِ وَلَا هُوَ مَجْلُوبٌ وَيُعْلَمُ عَدَمُ دُخُولِهِ تِلْكَ الْبِلَادِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ يُصَدَّقُ فِي عَبْدِ الْغَيْرِ إِذَا لَمْ يَبِنْ كَذِبُهُ وَيَكُونُ ابْنًا لَهُ وَعَبْدًا لِلْآخَرِ فَإِذَا أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ فَمَاتَ وَرِثَ بِالْبُنُوَّةِ قَبْلَ الْوَلَاءِ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا ادَّعَى مَنْ لَا يَلْحَقُ بِهِ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ إِذَا اشْتَرَاهُ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ كَذِبُهُ وَقَالَ

(فرع)

ابْنُ الْقَاسِمِ يُعْتَقُ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ الْأَحْوَالُ ثَلَاثٌ حَالٌ يُولَدُ عِنْدَهُ أَوْ بَعْدَ بَيْعِهَا لِمِثْلِ مَا يَلْحَقُ فِيهِ النَّسَبُ وَلَمْ يَطَأْهَا الْمُبْتَاعُ وَلَا زَوْجٌ وَلَا تَبَيَّنَ كَذِبُهُ فَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَحَالٌ لَمْ يُولد عِنْده وَلَا علم ملكه لأمة وَلَا زَوَاجُهُ لَهَا وَلَا تَبَيَّنَ كَذِبُهُ فَيَلْحَقُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ دُونَ سَحْنُونٍ وَحَالٌ يَسْتَلْحِقُ فِي ملكه غَيْرَهُ أَوْ بَعْدَ عِتْقِ غَيْرِهِ فَلَا يَلْحَقُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ أَكْذَبَهُ الْحَائِزُ لِرِقِّهِ أَوْ لِوَلَائِهِ وَيَلْحَقُ عِنْدَ أَشْهَبَ بِهِ وَيَكُونُ وَلَدًا لَهُ وَمَوْلًى لِلَّذِي أَعْتَقَهُ عَبْدًا لِمَنْ مَلَكَهُ فَإِنِ أَعْتَقَهُ وَرِثَ أَبَاهُ وَوَرِثَهُ قَالَ سَحْنُونٌ وَمَا عَلِمْتُ خِلَافًا بَيْنَ النَّاسِ أَنَّ الْإِقْرَارَ بِوَلَدِ الْوَلَدِ أَوِ الْجَدِّ أَوِ الْأَخِ اَوْ غَيرهم من الْقرَابَات لَا يَثْبُتُ مَعَ وَارِثٍ مَعْرُوفٍ أَوْ مَعَ غَيْرِ وَارِثٍ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ الْإِقْرَارُ بِوَلَدِ الصُّلْبِ خَاصَّةً وَلَا يَثْبُتُ وَإِنْ وَرِثَهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ فَيَرِثُ مِنْ غَيْرِ ثُبُوتِ نَسَبٍ وَعَنْهُ لَا يَرْثُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ يَرِثُونَهُ قَالَ أَصْبَغُ وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّ هَذَا وَارِثُهُ وَلَهُ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ فَلَمْ يَمُتِ الْمُقِرُّ حَتَّى مَاتَ الْوَارِثُ وَرِثَهُ الْمُقِرُّ لَهُ وَكَأَنَّهُ أَقَرَّ وَلَا وَارِثَ لَهُ وَاخْتُلِفَ إِذَا أَقَرَّ بَعْدَ بَيْعِهِ هَلْ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِنَفَقَةِ الْوَلَدِ قَالَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ كَمَنْ طَرَحَ وَلَدَهُ فَأَنْفَقَ عَلَيْهِ رَجُلٌ وَقِيلَ لَا يَرْجِعُ كَالْعَبْدِ يَسْتَحِقُّ بِالْحُرِّيَّةِ فَلَا يَغْرَمُ أَجْرَ خِدْمَتِهِ وَخِدْمَتُهُ بِنَفَقَتِهِ فَإِنْ كَانَ صَغِيرًا لَا خِدْمَةَ لَهُ فَلَا نَفَقَة لِأَنَّهُ مِمَّنْ تَكُونُ لَهُ الْخِدْمَةُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَقِيلَ إِنْ كَانَ فِيهِ خِدْمَةٌ وَأَقَرَّ الْمُبْتَاعُ أَنَّهُ خَدَمَهُ فَلَا نَفَقَةَ وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا فَلَهُ النَّفَقَةُ لِعَدَمِ الْمُقَابِلِ قَالَ وَهُوَ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ وَرُوِيَ عَنْ سَحْنُونٍ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِنِ اسْتَلْحَقَ مَنْ لَا يُعْرَفُ لَهُ نَسَبٌ لَحِقَهُ إِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مِلْكُ أَمَةٍ

بِشِرَاءٍ أَوْ نِكَاحٍ وَكَذَلِكَ إِنِ اسْتَلْحَقَ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ إِلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ كَذِبُهُ أَوْ يَكُونَ لَهُ أَبٌ مَعْرُوفٌ أَوْ هُوَ مَحْمُولٌ مِنْ بَلَدٍ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْهَا أَوْ تَشْهَدْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ أُمَّهُ لَمْ تَزَلْ زَوْجَةً لِغَيْرِ الْمُقِرِّ حَتَّى مَاتَتْ فَإِنْ قَالُوا لَمْ تَزَلْ أَمَةً فَلَا أَدْرِي مَا هَذَا فَلَعَلَّهُ تَزَوَّجَهَا أَوْ تَلِدُ بَعْدَ شِرَائِهِ بِأَيَّامٍ فَلَا يَلْحَقُ بِهِ وَلَا يُحَدُّ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتَرِفْ بِالزِّنَا بَلْ كَذَبَ فِي النَّسَبِ وَإِنْ كَانَتْ لَهُ زَوْجَةً ثُمَّ ابْتَاعَهَا حَامِلًا فَتَصِحُّ دَعْوَاهُ وَإِنْ قَصُرَتْ هَذِهِ الْمُدَّةُ مُدَّةُ الشِّرَاءِ فِي التَّنْبِيهَاتِ اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ فِي الْمَحْمُولِ مِنْ بِلَادٍ فَرِوَايَةُ عِلْمِ عَدَمِ الدُّخُولِ وَرِوَايَةُ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ دَخَلَهَا فَعَلَى هَذِهِ لَا يُصَدَّقُ مَنْعُ الشَّكِّ كَالْعَالِمِ وَقِيلَ فِي الْأَمَةِ وَالزَّوْجَةِ لَمْ تَزَلْ لِلْغَيْرِ وَلَا فَرْقَ إِذَا لَمْ يَكُنْ نَسَبٌ مَعْرُوفٌ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ يُؤْخَذُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْمَحْمُولِ أَنَّ الْمَحْمُولِينَ يَصِحُّ لَهُمُ الِاسْتِلْحَاقُ وَيُصَدَّقُونَ وَيُكَلَّفُونَ الْبَيِّنَةَ إِذَا ادَّعَوْا غَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْقَرَابَةِ وَمَنَعَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ وَابْنُ الْقَصَّارِ قَبُولَ قَوْلِ الْحُمَلَاءِ فِي الْوَلَدِ وَغَيْرِهِ قَالَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَإِذَا عَتَقُوا وَادَّعَى بَعْضُهُمْ قَرَابَةَ بَعْضٍ فَقِيلَ لَا يُصَدَّقُونَ فِي غَيْرِ الْوَلَدِ وَقِيلَ بِعَدَمِ الْفَرْقِ وَأَفْتَى الْقَاضِي ابْنُ سَهْلٍ بِإِلْزَامِ النَّفَقَةِ لِلْأَبِ أَوِ الِابْنِ وَإِنْ لَمْ يَتَوَارَثَا مُؤَاخَذَةً بِالْإِقْرَارِ وَتُرَدُّ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ وَفِي الْوَاضِحَةِ إِنِ اشْتَرَى أَبَاهُ وَهُوَ مَوْلُودٌ فِي الشِّرْكِ لَمْ يُعْتَقْ عَلَيْهِ وَإِنِ اسْتُحِبَّ وَهُوَ يُعَارِضُ مَا تَقَدَّمَ قَالَ التُّونِسِيُّ لَمْ يُعْمِلِ ابْنُ الْقَاسِمِ قَوْلَ مُدَّعِي اللَّقِيطِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَدَعْوَاهُ وَجْهٌ كَمَنْ لَا يَعِيشُ لَهُ وَلَدٌ فَسَمِعَ قَوْلَ النَّاسِ إِذَا طُرِحَ عَاشَ وَنَحْوَهُ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَقْبَلَ قَوْلَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ نَسَبٌ مَعْرُوفٌ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ كَذِبُهُ وَإِذَا ادَّعَى النَّصْرَانِيُّ اللَّقِيطَ فِي بَلَدِ الْإِسْلَامِ صُدِّقَ إِذَا كَانَ لَهُ وَجْهٌ كَمَا تَقَدَّمَ وَيَكُونُ عَلَى دِينِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا قَالَ مَلَكْتُ أُمَّهُ قَبْلَ هَذَا الْمِلْكِ وَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهَا حِينَئِذٍ كَانَتْ مِلْكَ غَيْرِهِ لَمْ يُصَدَّقْ وَلَا يُعْتَقْ عَلَيْهِ قَالَهُ

(فرع)

سَحْنُون قَالَ وَأرى أَنْ يُعْتَقَ وَتَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ لَا يقطع بصدقها وَهُوَ مكذب لبينته وَلم يُعْلَمْ هَلْ مَلَكَهَا أَمْ لَا صُدِّقَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَمْ يُصَدَّقْ عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ لِأَنَّهَا لم تبثت أَنَّهَا فِرَاشُهُ وَإِنْ كَذَّبَهُ سَيِّدُهَا لَمْ يُصَدَّقْ وَأَصْلُ مَالِكٍ تَصْدِيقُهُ فِي كُلِّ مَوْطِنٍ يَشْكُلُ أَمْرُهُ وَالْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نَسَبٌ مَعْرُوفٌ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا وُلِدَ عَبْدُكَ فَأَعْتَقْتَهُ فَاسْتَلْحَقْتَهُ بَعْدَ طُولِ الزَّمَانِ لَحِقَكَ وَإِنْ أَكْذَبَكَ وَإِنِ اسْتَلْحَقْتَ صَبِيًّا فِي مِلْكِ غَيْرِكَ أَوْ بَعْدَ أَنْ أَعْتَقَهُ غَيْرُكَ فَأَكْذَبَكَ الْحَائِزُ لِرِقِّهِ أَوْ لِوَلَائِهِ لم يصدق إِلَّا بِبَيِّنَةٍ لِقُوَّةِ خَصْمِكَ بِالْحَوْزِ وَكَذَلِكَ ابْنُ امة لرجل أدعيت نِكَاحهَا وأكذبك اليسد إِلَّا أَن تشتريه فَيلْحق بك كمن رددت شَهَادَتُهُ بِعِتْقٍ ثُمَّ ابْتَاعَهُ وَإِنِ اشْتَرَيْتَ الْأُمَّ لَمْ تَكُنْ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ لِأَنَّكَ أَوْلَدْتَهَا فِي مِلْكِ غَيْرِكَ وَإِنِ أَعْتَقَ السَّيِّدُ الْوَلَدَ قَبْلَ أَنْ يَبْتَاعَهُ مُسْتَلْحِقُهُ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ وَلَا مُوَارَثَتُهُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ لِثُبُوتِ الْوَلَدِ لِلسَّيِّدِ فَإِنْ بَاعَ أَمَةً فَعَتَقَتْ لَمْ يُصَدَّقِ الْبَائِعُ أَنَّهُ أَوْلَدَهَا إِلَّا بِبَيِّنَةٍ قَالَ فِي النُّكَتِ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ إِذَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي وَلَدِ الْأَمَةِ الْمَبِيعَةِ حَامِلًا وَلَمْ يُرَدَّ رُدَّ الْوَلَدُ بِمَا يَنُوبُهُ بِأَنْ يَقُومَ الْعَبْدُ عَلَى هَيْئَتِهِ الْآنَ ثُمَّ تَقُومُ الْأُمُّ بِلَا وَلَدٍ فَيُرَدُّ مِنَ الثَّمَنِ حِصَّةُ الْوَلَدِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا أَعْتَقَهُ السَّيِّدُ قَبْلَ الِاسْتِلْحَاقِ لَحِقَ بِالْمُسْتَلْحِقِ وَوَلَدُهُ لِلسَّيِّدِ وَمَتَى عَتَقَ وَرِثَ أَبَاهُ وَوَرِثَهُ أَبُوهُ وَإِذَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي الْمَبِيعَةِ بَعْدَ عِتْقِهَا قُبِلَ فِي الْوَلَدِ وَيَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ وَيُرَدُّ الثَّمَنُ لِإِقْرَارِهِ أَنَّهُ ثَمَنُ أُمِّ وَلَدٍ وَلَوْ أُعْتِقَ الْوَلَدُ خَاصَّةً لَثَبَتَ الْوَلَاءُ لِمُعْتِقِهِ وَلَحِقَ الْوَلَدُ بِمُسْتَلْحِقِهِ وَوَرِثَهُ وَأَخَذَ الْأُمَّ

إِنْ لَمْ يُتَّهَمْ فِيهَا بِزِنَاهُ بِهَا وَرُدَّ الثَّمَنُ وَإِنِ اتُّهِمَ لَمْ تُرَدَّ لَهُ وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُ لَا يُرَدُّ الثَّمَنُ إِذَا اتُّهِمَ هَذَا إِذَا كَانَ الْوَلَدُ يَوْمَ الْبَيْعِ حَمْلًا لَازِمًا لِأَنَّ الْبَائِعَ لَمْ يَأْخُذْ لَهُ حِصَّةً فَيَرُدُّهَا وَالْمُشْتَرِي قَدْ أَعْتَقَهُ فَلَا حُجَّةَ لَهُ وَلَوْ لَمْ يُعْتِقْهُ لَكَانَ لَهُ حُجَّةً وَلَوْ كَانَ مَوْلُودًا بِيعَ مَعَهَا لِرَدِّ حِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ وَلَا حُجَّةَ عَلَى الْمُبْتَاعِ فِي عِتْقِ الْوَلَدِ كَعِتْقِ الْأُمِّ وَيَرُدُّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ لِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ وَإِنِ ادَّعَاهُ بَعْدَ عِتْقِ الْمُبْتَاعِ الْأُمَّ مَضَى الْعِتْقُ وَلَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ وَبَقِيَ الْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ وَيُرَدُّ الثَّمَنُ لِمَنِ اسْتَلْحَقَهُ بَعْدَ مَوْتِهِمَا وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ بَاعَ مِنْ وَلَدِ عَبْدِهِ فَأَعْتَقَهُ الْمُبْتَاعُ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ البَائِع صدق إِن لم يتَبَيَّن قَالَ سَحْنُونٌ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَعْدَلُ فِي هَذَا الْأَصْلِ وَعَنْ أَشْهَبَ إِنْ بَاعَهَا وَوَلَدَهَا وَقَدْ وَلَدَتْ عِنْدَهُ أَوْ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ لِمَا تَلِدُ لَهُ النِّسَاءُ وَلَمْ يَطَأْهَا الْمُبْتَاعُ وَلَا زَوْجَ أَوْ بَاعَ الْوَلَدَ دُونَهَا فَاسْتَلْحَقَ الْوَلَدَ وَهُوَ وَأُمُّهُ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ أَوْ أَحَدُهُمَا وَقَدْ أَحْدَثَ فِي أَحَدِهِمَا عِتْقًا أَوْ كِتَابَةً أَوْ تَدْبِيرًا أَوْ لَمْ يُحْدِثِ انْتَقَضَ ذَلِكَ وَرُدَّا أَوْ أَحَدُهُمَا لِلْبَائِعِ وَيُرَدُّ الثَّمَنُ فَإِنْ كَانَ عَدِيمًا فَقِيلَ يُتْبَعُ بِالْوَلَدِ دَيْنًا وَقَالَ مَالِكٌ يُرَدُّ إِلَيْهِ الْوَلَدُ خَاصَّةً بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ لِثُبُوتِ نَسَبِهِ وَلَا تُرَدُّ الْأُمُّ لِتُهْمَتِهِ فِي رَدِّهَا لِلْمُتْعَةِ بِغَيْرِ ثَمَنٍ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِنِ اسْتَلْحَقَهُ بَعْدَ أَنْ مَاتَ وَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي وَقَدْ أَعْتَقَ الْأُمَّ أَوْ دَبَّرَ أَوْ كَاتَبَ أَوْ أَوْلَدَ فَلَا تُرَدُّ إِلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُحْدِثْ ذَلِكَ رَدَّهَا وَأَخَذَ الثَّمَنَ وَإِنْ كَذَّبَهُ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْء وَاسْتحْسن إِن صدقه وَقد اعتاا الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ وَتَبْقَى عَلَى حَالِهَا وَفِي الْكِتَابَةِ تُسْأَلُ هِيَ فَإِنْ أَقَرَّتْ بِهِ انْتَقَضَتِ الْكِتَابَةُ وَعَادَتْ أُمَّ وَلَدٍ وَرُدَّ الثَّمَنُ وَإِلَّا أَدَّتِ الْكِتَابَةَ وَعَتَقَتْ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهَا فِي الْكِتَابَةِ وَيَرْجِعُ الْمُبْتَاعُ بِالثَّمَنِ وَمَا أَدَّتْ مِنَ الْكِتَابَةِ وَإِن استلحق ولد امة عبد لَحِقَهُ إِنْ وَلَدَتْهُ فِي مِلْكِ عَبْدِهِ لَمْ

يَنْسُبْهُ الْعَبْدُ لِنَفْسِهِ وَتَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَإِنْ وَلَدَتْهُ فِي مِلْكِ غَيْرِ الْعَبْدِ لَحِقَهُ أَيْضًا وَالْأَمَةُ مِلْكٌ لِلْعَبْدِ إِنْ تَرَكَهَا لَهُ السَّيِّدُ وَكَذَلِكَ أَمَةُ مُدَبَّرِهِ وَمَعْنَى وَلَدَتْهُ فِي غَيْرِ مِلْكِ الْعَبْدِ أَنَّ الْعَبْدَ اشْتَرَاهَا وَوَلَدَهَا فَادَّعَى السَّيِّدُ أَنَّهُ كَانَ تَزَوَّجَهَا عِنْدَ الْبَائِعِ مِنَ الْعَبْدِ وَأَمَّا أَمَةُ مُكَاتَبِهِ فَإِنْ لَمْ يَدَعْهُ لَحِقَ بِالسَّيِّدِ وَأَدَّى قِيمَةَ أَمَةٍ لِلْمُكَاتَبِ وَكَانَتْ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ وَإِنْ وَلَدَتْهُ فِي غَيْرِ مِلْكِ الْمُكَاتَبِ انْتَظَرَ الْمُكَاتَبُ إِنْ عَجَزَ لَحِقَ الْوَلَدُ بِالسَّيِّدِ وَلَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ وَإِن أعتق الْمكَاتب صدق سَيِّدُهُ وَلَحِقَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِنِ اسْتَلْحَقَ وَلَدَ أَمَةِ وَلَدِهِ لَحِقَهُ إِنْ لَمْ يَدَّعِهِ الْوَلَدُ وَيَغْرَمُ قِيمَةَ الْأُمِّ فِي مَلَائِهِ وَعُدْمِهِ وَهِيَ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ وَإِنْ وَلَدَتْهُ فِي غير ملك الْوَلَد فأمه امة الْوَلَد وَعَتَقَ الْوَلَدُ عَلَى أَخِيهِ وَأَمَّا أَمَةُ وَالِدِهِ فَهِيَ كَأَمَةِ الْأَجْنَبِيِّ وَإِنِ اسْتَلْحَقَهُ بِمَا يَجُوزُ وَصدقه الْأَب على عتق الْحق وَلَا تَكُونُ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ وَإِنْ لَمْ تصدقه لم يلْحق بِعْ إِلَّا أَنْ يَمْلِكَهُ يَوْمًا مَا وَإِنِ اسْتَلْحَقَهُ بِمَا لَا يَجُوزُ بِهِ الِاسْتِلْحَاقُ لَمْ يَلْحَقْ وَحُدَّ إِنْ ثَبَتَ عَلَى قَوْلِهِ فَإِنِ اسْتَلْحَقَ الْجَدُّ وَلَدَ أَمَةِ ابْنِهِ فَقِيلَ كَالْأَبِ فِي الْحُرْمَةِ وَدَرْءِ الْحَدِّ وَقِيلَ ذَلِكَ فِي الْأَبِ وَحده وَإِن بِيعَتْ أَمَةٌ فَشَهِدَتْ بَيِّنَةً أَنَّ الْبَائِعَ كَانَ اقر قبل البيع بإيلادها ردَّتْ إِلَيْهِ مَعَ قِيمَةِ وَلَدٍ إِنْ حَدَثَ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ فَإِنْ مَاتَتْ رَجَعَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ وَأَدَّى إِلَيْهِ قِيمَةَ الْوَلَدِ وَيَتَقَاصَّانِ فَإِنْ مَاتَ الْبَائِعُ قَبْلَ مَوْتِهَا عَتَقَتْ مِنْ يَوْمِ مَوْتِهِ فَإِنْ أَصَابَهَا الْمُبْتَاعُ بَعْدَ ذَلِكَ لَزِمَهُ صَدَاقُ الْمِثْلِ عِنْدَ الْمُغِيرَةِ دُونَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ فِي مَالِ الْمَيِّتِ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي عَبْدًا مَأْذُونًا رُدَّتْ أُمَّ وَلَدٍ وَرُدَّ مَعَهَا

(فرع)

وَلَدُ الْعَبْدِ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَتِهَا وَلَا يُوطَأُ شَيْءٌ مِنْ بَنَاتِهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ لِأَنَّهُنَّ مُعْتَقَاتٌ إِلَى أَجَلٍ قَالَهُ سَحْنُونٌ قَالَ انْظُرْ قَوْلَهُ لَا يُوطَأَنَّ بِمِلْكِ الْيَمِينِ لِأَنَّهُنَّ يَمْلِكُهُنَّ غَيْرُ سَيِّدِ أُمِّهِنَّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَهُوَ لَا يَطَؤُهُنَّ لِأَنَّهُنَّ كَالرَّبَائِبِ الْمَدْخُولِ بِأُمَّهَاتِهِنَّ (فَرْعٌ) قَالَ سَحْنُونٌ إِنْ قَالَ فِي ثَلَاثَةٍ مِنْ أَمَتِهِ أَحَدُهُمْ وَلَدِي وَمَاتَ عَتَقَ الصَّغِيرُ جَزْمًا لِأَنَّ الْمُسْتَلْحَقَ إِنْ كَانَ الْكَبِيرَ عَتَقَ الْأَوْسَطُ وَالصَّغِيرُ أَوِ الْأَوْسَطُ فَالصَّغِيرُ حُرٌّ أَوِ الصَّغِيرُ فَالْكَبِيرُ وَالْأَوْسَطُ عَبْدَانِ وَعَنِ الْمُغِيرَةِ يُعْتَقُ الصَّغِيرُ وَثُلُثَا الْأَوْسَطِ وَثُلُثُ الْأَكْبَرِ لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ الْأَكْبَرَ فَالْجَمِيعُ أَحْرَارٌ أَوِ الْأَوْسَطَ فَهُوَ وَالصَّغِيرُ حُرَّانِ أَوِ الصَّغِيرُ عَتَقَ وَحْدَهُ فَيُعْتَقُ الْأَوْسَطُ فِي حَالَيْنِ وَالْأَكْبَرُ فِي حَالِهِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُعْتَقُونَ كُلُّهُمْ بِالشَّكِّ وَإِنْ أَقَرَّ بِإِحْدَى بَنَاتِهَا عِنْدَ الْمَوْت ونسيت الْبَيِّنَة وَالْوَرَثَة اسْمَهَا قَالَ سَحْنُونٌ إِنْ أَقَرَّ الْوَرَثَةُ بِذَلِكَ عَتَقْنَ وَأَخَذْنَ مِيرَاثَ وَاحِدَةٍ يُقَسَّمُ بَيْنَهُنَّ وَلَا يَلْحَقُهُ نَسَبُ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا بِيعَتْ مَعَ وَلَدِهَا أَوْ وَحْدَهَا فَوَلَدَتْ عِنْده لما يَلْحَقُ فِيهِ النَّسَبُ وَلَمْ يَدَّعِهِ وَادَّعَاهُ الْبَائِعُ لَحِقَهُ وَرَدَّ الثَّمَنَ إِنْ لَمْ يُتَّهَمْ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ لَا تُهْمَةَ فِي هَذَا إِنْ كَانَ مَلِيًّا وَالْوَلَدُ مَعَهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَدْ يُتَّهَمُ

(فرع)

بِمَحَبَّتِهَا فَيُرَدُّ الْوَلَدُ وَحْدَهُ بِحِصَّتِهِ وَتُرَدُّ هِيَ بِشَرْطِ سَلَامَتِهِ مِنَ الْعُدْمِ وَالْمَحَبَّةِ فِيهَا وَعَنْ مَالِكٍ يُصَدَّقُ فِيهَا وَإِنْ أُعْدِمَ لِأَنَّهُ لَا تُهْمَةَ فِي الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ وَهَذَا لَمْ يُعْرَفْ مَسِيسُهُ إِيَّاهَا إِلَّا بِقَوْلِهِ الْيَوْمَ أَمَّا إِنْ أَقَرَّ بِهِ قَبْلَ الْبَيْعِ فَيُصَدَّقُ فِي عُدْمِهِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِنِ ادَّعَى الْمُلْتَقِطُ اللَّقِيطَ لَمْ يُصَدَّقْ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لِدَعْوَاهُ وَجْهٌ بِأَنْ يُعْرَفَ بِأَنْ لَا يَعِيشَ لَهُ وَلَدٌ وَزَعَمَ أَنَّهُ رَمَاهُ لِقَوْلِ النَّاسِ إِنْ طُرِحَ عَاشَ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا تُصَدَّقُ فِيهِ دَعْوَى أَحَدٍ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُسْلِمِينَ بِمِيرَاثِهِ فَإِنْ صَدَّقَهُ اللَّقِيطُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَرَاهُ شَاهِدًا وَلَا يَجُوزُ مَعَ الْيَمِينِ فِي النَّسَبِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا يُقْبَلُ فِيهِ غَيْرُ الْمُلْتَقِطِ إِلَّا كَمَا تَقَدَّمَ وَقَالَ أَشْهَبُ تُقْبَلُ دَعْوَاهُ كَانَ الْمُلْتَقِطَ أَوْ غَيْرَهُ إِلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ كَذِبُهُ كَغَيْرِ اللَّقِيطِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ خَالَفَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ أَصْلَيْهِمَا فِي الِاسْتِلْحَاقِ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنِ اسْتَلْحَقَ مَنْ لَمْ يُولد عِنْده وَلَا علم ملكه لأمة وَلَا زَوَاجُهُ لَهَا وَلَا تَبَيَّنَ كَذِبُهُ لَحِقَ بِهِ فَيَلْزَمُهُ تَصْدِيقُ الْمُلْتَقِطِ وَلِقَوْلِ أَشْهَبَ لَا يَلْحَقُهُ حَتَّى يَكُونَ أَصْلُ الْحَمْلِ عِنْدَهُ أَوْ بَعْدَ خُرُوجِ أَمَةٍ مِنْ عِنْدِهِ لِمِثْلِ مَا يَلْحَقُ بِهِ النَّسَبُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنَ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى قَوْلِهِ الَّذِي يُوَافِقُ فِيهِ أَشْهَبَ فِي الِاسْتِلْحَاقِ أَوِ الْفَرْقِ بِأَنَّ وَلَاءَ اللَّقِيطِ لِلْمُسْلِمِينَ فَهُوَ كَالنَّسَبِ الْمُجَوَّزِ وَأَمَّا أَشْهَبُ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْهُ عَلَى قَوْلِهِ إِنِ اسْتَلْحَقَ مَنْ أَعْتَقَهُ غَيْرُهُ أَوْ هُوَ فِي مِلْكِهِ لَحِقَهُ إِلَّا أَنَّ وَلَاءَ الْمُعْتَقِ لِسَيِّدِهِ وَمَتَى عَتَقَ وَرِثَ أَبَاهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تُصَدَّقُ الْمَرْأَةُ فِي اللَّقِيطِ وَإِنْ جَاءَتْ بِمَا يُشْبِهُ مِنَ الْعُذْرِ لِأَنَّهَا تَلْحَقُ بِالْغَيْرِ وَقَالَ أَشْهَبُ تُصَدَّقُ وَإِنْ قَالَتْ مِنْ زِنًا حَتَّى يُعْلَمَ كَذِبُهَا كَالرَّجُلِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنِ ادَّعَتْهُ من زنا

(فرع)

صُدِّقَتْ وَحُدَّتْ أَوْ مِنْ زَوْجٍ فَلَا إِلَّا أَن يقربهُ الزَّوْجُ فَيَلْحَقَ بِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَأَحْسَنُ مَا بَلَغَنِي إِنْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ حَاضِرٌ لَحِقَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ بِلِعَانٍ وَإِنْ قَدِمَا مِنْ بَلَدٍ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهَا إِلَّا أَنْ يُقِرَّ بِهِ الزَّوْجُ فَيَلْحَقُ بِهِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِنِ الْتَقَطَهُ مُسْلِمٌ وَادَّعَاهُ نَصْرَانِيٌّ وَشَهِدَ لَهُ مُسْلِمُونَ صُدِّقَ وَهُوَ عَلَى دِينِهِ إِلَّا أَنْ يُسْلِمَ قَبْلَ ذَلِكَ وَيَعْقِلَ الْإِسْلَامَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنِ الْتَقَطَهُ عَبْدٌ وَنَصَرَانِيٌّ وَعَلَيْهِ زِيُّ النَّصَارَى فَهُوَ حُرٌّ مُسْلِمٌ تَغْلِيبًا لِشَرَفِ الْإِسْلَامِ إِلَّا أَنْ يَلْتَقِطَهُ فِي قرى الشّرك فَهُوَ مُشْرك تَغْلِيبًا للدَّار وَفِي كِتَابِ تَضْمِينِ الصُّنَّاعِ إِنِ الْتَقَطَهُ النَّصْرَانِيُّ فِي قُرَى الْإِسْلَامِ فَهُوَ مُسْلِمٌ أَوْ فِي قُرَى الشِّرْكِ فَهُوَ مُشْرِكٌ أَوْ فِي قَرْيَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِلَّا ثَلَاثَةٌ أَوِ اثْنَانِ مُسْلِمُونَ وَالْمُلْتَقِطُ نَصْرَانِيٌّ فَهُوَ نَصْرَانِيٌّ أَوْ مُسْلِمٌ فَهُوَ مُسْلِمٌ وَقَالَ أَشْهَبُ بَلْ هُوَ مُسْلِمٌ مُطْلَقًا وَإِنِ الْتَقَطَهُ مُسْلِمٌ فِي قُرَى الشِّرْكِ فَكَذَلِكَ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِنْ كَانَتْ أَمَةً بَيْنَ حُرَّيْنِ أَوْ عَبْدَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا أَوْ ذِمِّيٍّ وَمُسْلِمٍ وَطِآهَا فِي طُهْرٍ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ وَطْءِ الثَّانِي وَادَّعَيَاهُ دُعِيَ لَهُ الْقَافَةُ فَمَنْ أَلْحَقُوهُ بِهِ لِحَقَهُ فَإِنْ أَشْرَكُوهُمَا فِيهِ وَالَى إِذَا كبرأيهما شَاءَ قَالَه عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَإِنْ وَالَى الذِّمِّيَّ لَحِقَ بِهِ وَالْوَلَدُ مُسْلِمٍ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِيهِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُوَالِي أَيَّهُمَا شَاءَ وَيَبْقَى ابْنا لَهما

وَلَا يَزُولُ النَّسَبُ لِشَهْوَةِ الْوَلَدِ وَيَرِثُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفَ الْمِيرَاثِ وَقَالَ مُطَرِّفٌ تُلْحِقُهُ الْقَافة باولهما شبها وَلَا يخبر فِي الْمُوَالَاةِ قَالَ مَالِكٌ وَالْقَائِفُ الْوَاحِدُ الْعَدْلُ يجزيء وَأَجَازَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَعَنْ مَالِكٍ لَا بُدَّ مِنَ اثْنَيْنِ كَالشَّهَادَةِ فَإِنْ تَعَذَّرَتِ الْقَافَةُ بَعْدَ الِاجْتِهَادِ وَالَى بَعْدَ بُلُوغِهِ أَيَّهُمَا شَاءَ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ يُوقَفُ حَتَّى تُوجَدَ الْقَافَةُ قَالَ مَالِكٌ وَإِنَّمَا الْقَافَةُ فِي وَطْءِ الْمِلْكِ أَمَّا فِي الزَّوَاجِ فَهُوَ لِلْأَوَّلِ إِلَّا أَنْ يَنْكِحَ بَعْدَ حَيْضَةٍ فَلِلْآخَرِ إِنْ وَضَعَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ وَالْفَرْقُ أَنَّهَا إِنَّمَا يُحْكَمُ بِهَا عِنْدَ تَسَاوِي الْفِرَاشَيْنِ وَهُوَ فِي الْإِمَاءِ لِتَسَاوِي الْمِلْكِ وَكَذَلِكَ حَكَمَ بِهِ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لِتَسَاوِيهَا وَكَذَلِكَ إِذَا وَطِئَهَا الْبَائِعُ وَالْمُبْتَاعُ فِي طُهْرٍ وَالْحُرَّةُ لَا تَكُونُ امْرَأَةً لِاثْنَيْنِ فِي حَالَة وَاحِدَة وَلِأَن ولد الْحرَّة يَنْتَفِي بِاللّعانِ وَولد الْأمة يَنْتَفِي بِغَيْر لعان وَالْقِيَافَةُ اجْتِهَادٌ فَقَامَ مَقَامَ النَّفْيِ بِمُجَرَّدِ الْقَوْلِ وَعَنْ مَالِكٍ إِلْحَاقُ الْحَرَائِرِ بِالْإِمَاءِ لِأَنَّ الْقِيَافَةَ عِلْمٌ فَلَا يُخْتَلَفُ وَهُوَ أَقْيَسُ وَالْأَوَّلُ أَحْوَطُ قَالَ سَحْنُونٌ فَإِنْ قَالَتْ لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا طُلِبَ لَهُ الْآخَرُونَ ثُمَّ آخَرُونَ أَبَدًا لِأَنَّهَا دُعِيَتْ لَهُ آخَرُونَ لِتُلْحِقَ لَا لِتَنْفِيَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ قَالَتِ الْقَافَةُ اشْتَرَكَا فِيهِ عَتَقَتْ عَلَيْهِمَا الْأَمَةُ مَكَانَهَا وَيُوَالِي الصَّبِيُّ إِذَا بلغ من شَاءَ وَإِن مَاتَ الْوَلَد حَيْثُ قُلْنَا بِالْمُوَالَاةِ عَنْ مَالٍ وُهِبَ لَهُ أَوْ وَرِثَهُ فَهُوَ بَيْنُهُمَا نِصْفَيْنِ كَانَا حُرَّيْنِ أَوْ عَبْدَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ ذِمِّيًّا وَمُسْلِمًا فَإِنْ مَاتَ الْأَبَوَانِ قَبْلَ بُلُوغِهِ وُقِفَ قَدْرُ مِيرَاثِهِ مِنْهُمَا حَتَّى يَبْلُغَ فَيُوَالِي مَنْ شَاءَ وَيَرِثُهُ وَيُرَدُّ مَا وُقِفَ

لِلْآخَرِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَبْقَى لَا أَبَ لَهُ وَتُعْتَقُ الْأَمَةُ عَلَيْهِمَا وَإِنَّمَا وَرَّثَهُمَا مِنْهُ وَلَمْ يُوَرِّثْهُ مِنْهُمَا لِأَنَّهُمَا تَدَاعَيَا مِيرَاثَهُ وَالتَّدَاعِي لَا بُدَّ فِيهِ مِنَ الْقَضَاءِ بِخِلَافِهِ قَالَ أَصْبَغُ يَرِثُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفَ مِيرَاثِ وَلَدٍ وَهُوَ تَوْرِيثٌ بِالشَّكِّ فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا وُقِفَ مِرَاثُهُ لِلصَّبِيِّ فَإِنْ مَاتَ الصَّبِيُّ بَعْدَ مَوْتِ أَحَدِهِمَا وَمِيرَاثُهُ مِنْهُ مَوْقُوفٌ فَمِيرَاثُ الصَّبِيِّ لِلْأَبِ الْبَاقِي وَيُرَدُّ مَا وُقِفَ مِنَ الْأَوَّلِ لِوَرَثَتِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ دَخَلَ الْبَاقِي فِيمَا يُورث عَن الْأَب لدخل ورثته فِيمَا يُورث الصَّبِي عَنِ الْأَبِ لَدَخَلَ وَرَثَتُهُ فِي مِيرَاثِ الصَّبِيِّ وَقَالَ سَحْنُونٌ فِي مَالِ الصَّبِيِّ يَرِثُ الْبَاقِيَ مَا تَرَكَ الصَّبِيُّ وَنِصْفَ مَا وَرِثَ الصَّبِيُّ مِنَ الْأَوَّلِ وَيُصْبِحُ لِلصَّبِيِّ مِنَ الْأَوَّلِ نِصْفُ مَا وَقْفٌ لَهُ وَإِنْ كَانَ لِلْوَصِيِّ الْأَوَّلِ عَصَبَةٌ وَرِثَتْ مَعَ الْبَاقِي مَا تَرَكَهُ الصَّبِيُّ قَالَ سَحْنُونٌ وَإِنْ وُقِفَ لَهُ مِيرَاثُهُ فَمَاتَ الصَّبِيُّ قَبْلَ الْمُوَالَاةِ فَنِصْفُ مِيرَاثِهِ مِنْ كُلِّ أَبٍّ مَوْرُوثٍ عَنْهُ لِوَرَثَتِهِ مِنْ قَبْلَ أَبَوَيْهِ جَمِيعًا لكل فريق نصف يراثه يَقْتَسِمُونَهُ عَلَى الْفَرَائِضِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا مَاتَ بَعْدَهُمَا وَرُدَّ مَا كَانَ وُقِفَ لَهُ مِنْ مِيرَاثِهِمَا إِلَى وَرَثَتِهِمَا دُونَهُ وَمِيرَاثُهُ لِمَنْ يَرِثُهُ مِنَ الْأَبَوَيْنِ جَمِيعًا أَقْعَدِ النَّاسِ بِهِ مِنْهُمَا نِصْفٌ لِكُلِّ فَرِيقٍ مِنْهَا عَلَى قَدْرِ تَعَدُّدِهِمْ بِالصَّبِيِّ قَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ وَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِ إِلَى حِينِ بُلُوغِهِ الْمُوَالَاةَ عَلَى الشَّرِيكَيْنِ فَإِذَا وَالَى أَحَدُهُمَا فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ الَّذِي لَمْ يُوَالِهِ بِشَيْءٍ وَقَالَ أَصْبَغُ يُنْفِقُ الْمُشْتَرِي حَتَّى يَبْلُغَ فَإِنْ وَالَاهُ فَذَلِكَ أَوِ الْبَائِعُ رَجَعَ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُنْفِقُ الشَّرِيكَانِ فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا أُنْفِقَ عَلَيْهِ مِمَّا أُوقِفَ مِنْهُ لَهُ النِّصْفُ

وَالنّصف على الْحَيّ فَإِن مَاتَا فَلهُ وأوقف لَهُ مِيرَاثه مِنْهُمَا فَوَالَاهُمَا جَمِيعًا أَخَذَ النِّصْفَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ وَعَصَبَةُ كُلِّ وَاحِدٍ النِّصْفَ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ مَاتَ قَبْلَ الْمُوَالَاةِ فَمَالُهُ بَيْنَ الْأَبَوَيْنِ نِصْفَانِ أَوْ مَاتَا قَبْلَهُ بَقِيَ لَا أَبَ لَهُ وَلَمْ يَرِثْهُمَا قَالَ سَحْنُونٌ إِنْ مَاتَ الصَّبِيُّ وَتَرَكَ وَلَدًا قَبْلَ أَنْ يُوَالِيَ وَهُمَا حَيَّانِ فَلِوَلَدِهِ أَنْ يُوَالِيَ أَوْ وَلَدَيْنِ وَالَيَا جَمِيعًا وَاحِدًا وَلَا يَفْتَرِقَا كَمَا كَانَ لأبيهما وَقَالَ ابْن الْقَاسِم إِن وضعت من وطئهما تَوْأَمَيْنِ وَالَيَا مَنْ أَحَبَّا وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الِابْنَيْنِ أَنْ يُوَالِيَ مَنْ شَاءَ مِنَ الْأَبَوَيْنِ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا قَالَتِ الْقَافَةُ فِي التَّوْأَمَيْنِ هَذَا مِنْ هَذَا وَالْآخَرُ مِنَ الْآخَرِ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ مَلِيًّا قُوِّمَتْ عَلَيْهِ وَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ وَيَغْرَمُ نِصْفَ قِيمَتِهَا يَوْمَ حَمَلَتْ وَيَرْجِعُ عَلَى الثَّانِي بِقِيمَةِ وَلَدِهِ وَكَانَتْ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ مُعْدِمًا رَجَعَ عَلَيْهِ الثَّانِي بِنِصْفِ قِيمَةِ وَلَدِهِ وَلَا يَرْجِعُ هُوَ عَلَى الثَّانِي بِشَيْءٍ وَقِيلَ يَرْجِعُ وَتُعْتَقُ عَلَيْهِمَا الْأَمَةُ لِأَنَّهُمَا اسْتَوْلَدَاهَا قَالَ سَحْنُونٌ إِنْ كَانَا حُرًّا وَعَبْدًا فَوَطِآهَا فِي طُهْرٍ فَأَلْحَقَتِ الْقَافَةُ الْوَلَدَ بِالْعَبْدِ فَلِلْحُرِّ أَنْ يَضْمَنَ لِلْعَبْدِ قيمَة نصِيبه يَوْم الوطث أَوْ يَتَمَاسَكُ لِأَنَّهَا لَا تَخْرُجُ مِنْ رِقٍّ إِلَى عِتْقٍ كَمَا لَوْ وَطِئَهَا أَحَدُ الْحُرَّيْنِ وَلَمْ تَحْمِلْ وَلَهُ نِصْفُ وَلَدِ الْعَبْدِ رَقِيقًا وَفِي الْعُتْبِيَّةِ إِنْ أَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ بِهِمَا عَتَقَ عَلَى الْحُرِّ لِأَنَّهُ عَتَقَ عَلَيْهِ نِصْفُهُ فَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ بَاقِيهِ وَيُغَرَّمُ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ وَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ نَصِيبُ الْعَبْدِ مِنَ الْأَمَةِ وَيَصِيرُ لَهُ نِصْفُهَا رَقِيقا وَنِصْفهَا أم ولد وَإِن وَلَدهَا بَعْدَ مِلْكِهِ لِجَمِيعِهَا كَمُلَتْ أُمَّ وَلَدٍ وَإِذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ وَالَى أَيَّهُمَا شَاءَ وَإِنْ وَالَى العَبْد فَهُوَ تبن لَهُ وَهُوَ حُرٌّ فَإِنْ

أُعْتِقَ الْعَبْدُ وَرِثَهُ فَإِنْ قَالَتِ الْقَافَةُ اشْتَرَكَا فِيهِ عَتَقَ نَصِيبُ الْحُرِّ مِنَ الْأَمَةِ وَنصِيب العَبْد مقَام أم ولد توفق بِيَدِهِ لَا يَطَأُهَا وَلَا يَبِيعُهَا إِلَّا بِإِذْنِ السَّيِّدِ وَتُبَاعُ لِغُرَمَائِهِ فِي دَيْنِهِ فَإِنْ كَبُرَ الصَّبِيُّ وَوَالَى الْحُرَّ لَحِقَ بِهِ وَغَرِمَ نِصْفَ قِيمَتِهِ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ أَوْ وَالَى الْعَبْدَ لَحِقَهُ وَبَقِيَ نِصْفُهُ رَقِيقًا لِسَيِّدِ الْعَبْدِ وَنِصْفُهُ حُرًّا وَلَا يُقَوَّمُ عَلَى الْحُرِّ لِأَنَّهُ لَيْسَ يُعْتَقُ أَبَدًا بَلْ حُكْمٌ لَزِمَهُ كَمَا لَوْ وَرِثَ نِصْفَهُ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا وَأَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ بِهِ فَهُوَ عَلَى دِينِهِ وَالْأَمَةُ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ وَغرم نِصْفَ قِيمَتِهَا لِلْكَافِرِ أَوْ أَلْحَقَتْهُ بِالْكَافِرِ فَهُوَ على دينه وَالْأمة أم ولد لَهُ وَيغرم نِصْفَ قِيمَتِهَا لِلْمُسْلِمِ فَإِنْ كَانَتْ كَافِرَةً أُقِرَّتْ عِنْدَهُ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ مُسْلِمَةً عَتَقَتْ عَلَيْهِ وَإِنْ قَالَتِ الْقَافَةُ اشْتَرَكَا فِيهِ فَالْأَمَةُ أُمُّ وَلَدٍ مُعَتَقَةٌ بَيْنَهُمَا وَالْوَلَدُ مَوْقُوفٌ حَتَّى يَبْلُغَ فَيُوَالِيَ الْمُسْلِمَ فَيَكُونُ عَلَى دِينِهِ أَوِ الْكَافِرَ فَهُوَ وَلَدُهُ وَلَا يُتْرَكُ عَلَى دِينِهِ فَإِنْ مَاتَ الْكَافِرُ قَبْلَ بُلُوغِ الصَّبِيِّ وُقِفَ لَهُ قَدْرُ مِيرَاثِهِ مِنْهُ إِنْ وَالَاهُ أَخَذَهُ أَوِ الْمُسْلِمُ رُدَّ الْمَوْقُوفُ لِوَرَثَةِ الْكَافِرِ فَإِنْ مَاتَا قَبْلَ بُلُوغِهِ وُقِفَ قَدْرُ مِيرَاثِهِ مِنْهُمَا أَيُّهُمَا وَالَى أَخَذَ مِيرَاثَهُ وَجُبِرَ عَلَى الْإِسْلَامِ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ قَالَهُ كُلَّهُ أَصْبَغُ وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ لَا قِيَاسَ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ مَوْتِهِمَا وَقَبْلَ الْبُلُوغِ رُدَّ مَا وُقِفَ لِوَرَثَتِهِمَا فَإِنْ وَرِثَ مَالًا وُهِبَ لَهُ أَوْ وَرِثَهُ فَنِصْفُهُ لِعَصَبَةِ أَبِيهِ الْمُسْلِمِ بَعْدَ فَرْضِ ذَوِي الْفُرُوضِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِأَبِيهِ وَرَاثٌ مُسْلِمٌ فَلِبَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ حَمَلَتْ مُسْلِمَةٌ مِنْ ثَلَاثَةٍ عَبْدٍ وَمُسْلِمٍ وَكَافِرٍ وَأَشْرَكَتْهُمُ الْقَافَةُ فِيهِ عَتَقَتْ عَلَى الْمُسْلِمِ وَالنَّصْرَانِيِّ وَقُوِّمَ عَلَيْهِمَا نَصِيبُ الْعَبْدِ فَإِنْ كَانَتْ نَصْرَانِيَّةً عَتَقَ جَمِيعُهَا عَلَى الْحُرِّ الْمُسْلِمِ وَقُوِّمَ عَلَيْهِ نُصِيبُهُمَا وَإِنْ نَفَتْهُ الْقَافَةُ عَنْهُمْ دُفِعَ أَبَدًا الى غَيرهم فَإِن اقر

(فرع)

الآباب بِالْوَطْءِ فِي طهر والى ايهم شَاءَ ويتبعه بِأَمَةٍ إِذَا وَضَعَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْءِ أَحَدِهِمُ ادَّعُوهُ أَمْ لَا أَوِ ادَّعَاهُ أَحَدُهُمْ وَأَنْكَرَهُ غَيْرُهُ فَيُكْشَفُ عَنْ وَطْءِ الْمُنْكِرِ فَإِنْ كَانَ وَطْؤُهُ يُمْكِنُ فِيهِ الْإِنْزَالُ اشْتَرَكُوا فِيهِ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِنْ وَطِئَهَا أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ وَالْآخَرُ فِي طُهْرٍ بَعْدَهُ فَالْوَلَدُ لِلْآخَرِ إِنْ وَضَعَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْئِهِ وَغَرِمَ فِي مَلَائِهِ لِشَرِيكِهِ نِصْفَ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْوَطْءِ وَلَا قيمَة فِي الْوَلَدِ فِي مَلَائِهِ وَإِنْ كَانَ عَدِيمًا فَنِصْفُ قِيمَةِ الْأُمِّ يَوْمَ حَمْلِهَا مَعَ نِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَبِيعَ عَلَيْهِ نَصْفُهَا فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا فَإِنْ كَانَ ثَمَنُهُ كَفَافًا اتَّبَعَهُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ أَوْ أَنْقَصَ أَتْبَعَهُ بِمَا نَقُصَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ أَوْ فِيهِ فَضْلٌ لَمْ يَتْبَعْ إِلَّا بِمَا بَقِيَ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهَا وَبَاقِيهَا بِحِسَابِ أُمِّ الْوَلَدِ وَاتُّبِعَ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَد وَالْولد حر لَا حق النَّسَبَ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ وَطِئَ أَمَتَهُ فَبَاعَهَا فَوَطِئَهَا الْمُبْتَاعُ فِي ذَلِكَ الطُّهْرِ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الْبَيْعِ فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ أَوْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ فَادَّعَيَاهُ دُعِيَ لَهُ الْقَافَةُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ إِنْ أَسْقَطَتْ عَتَقَتْ عَلَيْهِمَا وَقُضِيَ بِالثَّمَنِ عَلَيْهِمَا وَجُلِدَا خَمْسِينَ خَمْسِينَ وَكَذَلِكَ إِنْ مَاتَتْ قَبْلَ الْوَضْعِ مُصِيبَتُهَا مِنْهُمَا وَقَالَ مُطَرِّفٌ مُصِيبَتُهَا مِنَ الْبَائِعِ طَالَ الْحَمْلُ أَوْ لَمْ يِطُلْ وَيَأْخُذُ الْمُبْتَاعُ مَالَهُ وَيُعَاقَبُ إِنْ لَمْ يُعْذَرْ بِجَهْلٍ فَإِنْ أَقَرَّ الْمُشْتَرِي وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ الْوَطْءَ فَأَوْقَفَهَا الْإِمَامُ فَمَاتَتْ قَبْلَ تَبَيُّنِ الْحَمْلِ أَوْ قَبْلَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَالْمُصِيبَةُ مِنَ الْبَائِعِ وَبَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ يَلْحَقُ المُشْتَرِي ولدت ام لَا مَاتَت اَوْ لَا وَلَا يَنْظُرُ لَهُ الْقَافَةُ إِذَا لَمْ يقر البَائِع بِالْوَطْءِ فَإِن وَطئهَا فِي طُهْرٍ وَمَاتَتْ قَبْلَ تَبَيُّنِ الْحَمْلِ أَوْ بَعْدَهُ فَهُوَ مِنَ الْبَائِعِ

بِخِلَافِ الْأَمَةِ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ يَطَآنِهَا فِي طُهْرٍ ثمَّ تَمُوت بَعْدَ بَيَانِ الْحَمْلِ أَوْ قَبْلَهُ مُصِيبَتُهَا مِنْهُمَا فَإِن وضعت لأَقل من سِتَّة فِي وَطْءِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ فَهِيَ مِنَ الْبَائِعِ كَانَ سَقْطًا أَوْ تَامًّا حَيًّا أَوْ مَيِّتًا وَهُوَ وَلَدٌ لَهُ وَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ أَوْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْءِ الْمُبْتَاعِ أَوْ بَعْدَ نُقْصَانِهَا بِالْأَهِلَّةِ تَقَارَبَ الْوَطْآنِ فِي ذَلِكَ أَمْ لَا أَوْ وَطِئَ هَذَا الْيَوْمَ وَهَذَا غَدا وَالْوَالِد سَقْطٌ أَوْ تَامٌّ أَيِ مِنَ الْمُبْتَاعِ وَالْوَلَدُ لَهُ وَهِيَ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ وَلَا قَافَةَ فِي الْأَمْوَاتِ وَإِنْ كَانَ حَيًّا دُعِيَ لَهُ الْقَافَةُ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِنْ مَاتَ بَعْدَ الْوَضْعِ دُعِيَ لَهُ الْقَافَةُ لِأَنَّ الْمَوْتَ لَا يُغَيِّرُ شَخْصَهُ وَقَالَ فِي كِتَابِ ابْنِهِ إِذَا وَطِئَهَا الشَّرِيكَانِ أَوِ الْمُبْتَاعَانِ وَتَمُوتُ قَبْلَ الْوَضْعِ فَضَمَانُهَا مِنْهُمَا وَعَلَى الْمُشْتَرِي الْأَكْثَرِ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهَا يَوْمَ وَطِئَهَا أَوْ نِصْفِ الثَّمَنِ وَإِنْ أَسْقَطَتْ قَبْلَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ بَعْدَهَا عَتَقَتْ عَلَيْهِمَا وَيَضْمَنُ الْمُشْتَرِي الْأَكْثَرَ وَإِنْ مَاتَ أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ قَبْلَ الْقَافَةِ فَأَلْحَقُوهُ بِالْحَيِّ لَحِقَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَإِلَّا لَمْ يَلْحَقْ بِالْمَيِّتِ لَعَلَّ الْقَافَةَ لَوْ كَانَ حَيًّا نَفَتْهُ عَنْهُمَا وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَلْحَقُ بِالْمَيِّتِ إِذَا بَرِئَ مِنْهُ الْحَيُّ لِلْحَصْرِ وَتُعْتَقُ الْأَمَةُ بِمَوْتِ الْأَوَّلِ عَلَى أَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ فَإِنِ أَشْرَكَتْهُ مِنَ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ وَوَرِثَ مِنَ الْحَيِّ نِصْفَ مِيرَاثِهِ إِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُوَالِيَهُ فَإِنْ بَلَغَ وَوَالَاهُ فَهُوَ ابْنُهُ وَلَهُ مِيرَاثُهُ كُلُّهُ وَلَا يَرِثُ مِنَ الْمَيِّت الأول شَيْئا لِأَنَّهَا لَا يلْحق بِابْنِهِ مَيِّتٌ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ وَطِئَهَا الْمُشْتَرِي بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ لَحِقَ الْوَلَدُ إِنْ

وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْئِهِ أَوْ لَا فَلَا يَلْحَقُ بِهِ وَإِنِ ادَّعَاهُ لِتَبَيُّنِ كَذِبِهِ وَلَا يُحَدُّ وَيُلْحَقُ بِالْبَائِعِ إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَ اسْتِبْرَاءً وَفِي الْكِتَابِ إِنْ تَزَوَّجَتِ الْمُطَلَّقَةُ قَبْلَ حَيْضَةٍ لَحِقَ بِالْأَوَّلِ لِأَنَّ الْوَلَدَ لِلْفِرَاشِ وَالثَّانِي فرَاشه فَاسد أوبعد حَيْضَةٍ لَحِقَ بِالْآخِرِ أَوْ وَضَعَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَإِنْ وَطِئَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فَلَمْ تَحْمِلْ خُيِّرَ الشَّرِيك فِي التَّمَسُّك بِنَصِيبِهِ اَوْ ابْتَاعَ الْوَاطِئِ بِنِصْفِ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْوَطْءِ لِأَنَّهُ حَائِزٌ بِالْوَطْءِ لَوْ مَاتَتْ حَمَلَتْ أَمْ لَا وَلَا حَدَّ عَلَى الْوَاطِئِ وَلَا عُقُوبَةَ لِلشُّبْهَةِ وَكَذَلِكَ إِنْ تَمَاسَكَ وَلَا صَدَاقَ لَهُ وَلَا مَا نَقَصَهَا لِأَنَّ الْقِيمَةَ وَجَبَتْ لَهُ فَتَرَكَهَا وَإِنْ حَمَلَتْ قَوِّمَتْ عَلَى الْوَاطِئِ يَوْمَ الْحَمْلِ إِنْ كَانَ مَلِيًّا لِأَنَّهُ أَفَاتَهَا بِالْحَمْلِ لِمَا دَخَلَ فِيهَا مِنَ الْعِتْقِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ شَاءَ قَوَّمَهَا عَلَيْهِ يَوْمَ الْحَمْلِ أَوْ يَوْمَ الْوَطْءِ وَفِي الْكِتَابِ لَا تَمَاسُكَ لِشَرِيكِهِ إِنْ كَانَ الْوَاطِئ مَلِيًّا وَيلْحق الْوَلَد بِأُمِّهِ وَهِيَ بِهِ أُمُّ وَلَدٍ فَإِنْ كَانَ عَدِيمًا فَهِيَ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ وَيُتْبَعُ بِنِصْفِ قِيمَتِهَا وَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ فِي الْوَلَدِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ وَبِهِ آخُذُ أَنْ يُقَوَّمَ نِصْفُهَا يَوْمَ حَمَلَتْ وَيُبَاعُ عَلَيْهِ نَصِفُهَا بعد الْوَضع فِيمَا يلْزمه ويتبعه بِنصْف مَا بَقِي مَعَ نصف قيمَة الْوَلَد قَالَ مُحَمَّد يَوْم الْوَضْعِ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي قِيمَةِ الْوَلَدِ إِنِ اخْتَارَ قِيمَتَهَا لِأَنَّ الْوَلَدَ جَاءَ بَعْدَ أَنْ ضَمَّنَهُ الْقِيمَةَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُبَاعُ الْوَلَدُ وَهُوَ حُرٌّ وَإِنْ شَاءَ تَمَاسَكَ بِنَصِيبِهِ وَاتَّبَعَهُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ لِأَنَّ نَصِيبَهُ مِنْهُ حُرٌّ وَيُكْمِلُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْوَضْعِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ هَلْ يَتْبَعُ بِنِصْفِ مَا نَقصهَا الْوِلَادَةُ مِنْ ثَمَنِهَا إِنْ بَاعَ نَصِيبَهُ بِأَقَلَّ مِمَّا كَانَت تسوى بِسَبَبِ مَا نَقَصَهَا قَالَ مُحَمَّدٌ وَهُوَ الصَّوَابُ أَولا يَتْبَعُهُ لِأَنَّ الْقِيمَةَ وَجَبَتْ لَهُ فَتَرَكَهَا وَفِي الْكِتَابِ يُعْتَقُ عَلَيْهِ نِصْفُ الْأَمَةِ الَّذِي بَقِيَ

فِي يَدَيْهِ لِعَدَمِ انْتِفَاعِهِ بِهِ كَمَا لَوْ أَوْلَدَ أَمَةً فَإِذَا هِيَ أُخْتُ رَضَاعَةٍ لَحِقَهُ الْوَلَدُ وَلَا خِدْمَةَ لَهُ فِيهَا وَعَنْهُ لَا تُعْتَقُ عَلَيْهِ لَعَلَّهُ يَمْلِكُ بَاقِيهَا فَتَحِلُّ لَهُ وَاخْتَارَهُ مُحَمَّدٌ وَفِي الْكِتَابِ قَالَ غَيْرُهُ إِنْ وَلَدَتْ مِنْ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ يُعَاقَبُ إِنْ لَمْ يُعْذَرْ بِجَهْلٍ لِأَنَّهُ عَاصٍ وَتُقَوَّمُ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مَلِيًّا أَوْ يُخَيَّرُ الشَّرِيكُ بَيْنَ التَّمَسُّكِ بِنَصِيبِهِ وَيَتْبَعُهُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ إِنْ كَانَ عَدِيمًا وَلَيْسَ كَالْمُعْتِقِ شِقْصَهُ مِنْ عَبْدٍ لَا يَضْمَنُهُ شَرِيكُهُ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَعْتَقَ نَصِيبَهُ وَهَذَا وطئ النَّصِيبَيْنِ وَإِنْ تَمَاسَكَ بِنَصِيبِهِ وَتَرَكَ تَضْمِينَهُ لِلْوَاطِئِ لِعُدْمِهِ ثُمَّ أَرَادَهُ بَعْدَ يُسْرِهِ أَوْ أَرَادَهُ الْوَاطِئُ وَأَبَاهُ الْمُتَمَسِّكُ لَمْ يَلْزَمِ الْمُمْتَنِعَ مِنْهُمَا قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ كَانَ الْوَاطِئُ أَبَا أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فَهُوَ كَالشَّرِيكِ نَفْسِهِ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ غَيْرَ أَنَّ ابْنَهُ يَتْبَعُهُ بِقِيمَةِ نَصِيبِهِ مَعَ مَا يَتْبَعُهُ الشَّرِيكُ مِنْ نِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَنِصْفِ مَا نَقَصَتْهَا وِلَادَتُهُ إِنْ كَانَ مُعْدِمًا فَإِنْ أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ وَلَمْ يُقَوَّمْ عَلَيْهِ فِي الْيَسَارِ حَتَّى أَحْبَلَهَا الثَّانِي قَالَ مُحَمَّدٌ عَتَقَتْ سَاعَةَ حَمَلَتْ وَلَحِقَ الْوَلَدُ بِلَا قِيمَةٍ وَقِيلَ يُقَوَّمُ عَلَى الْمُعْتِقِ الْأَوَّلِ وَيَغْرَمُ لَهُ هَذَا نِصْفَ مَا نَقَصَهَا وَنِصْفَ قِيمَةِ الْوَلَدِ قَالَ وَهُوَ وَهْمٌ وَوَلَاءُ الْوَلَدِ لِأَبِيهِ وَقِيلَ نِصْفُهُ لِمُعْتِقِ نِصْفِ الْأُمِّ كَنِصْفِ وَلَاءِ الْأُمِّ وَهُوَ وَهْمٌ لِأَنَّ الْمُعْتَقَةَ إِذَا حَمَلَتْ بِنِكَاحٍ لَيْسَ مِنَ الْمُعْتِقِ مِنْ وَلَاءِ الْوَلَدِ شَيْءٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا حَمَلَتْ مِنَ الشَّرِيكِ وَوَضَعَتْ فِي عُدْمِهِ فَلَزِمَهُ نِصْفُ قِيمَةِ الْوَلَدِ يَوْمَ وَضَعَتْهُ وَنِصْفُ مَا نَقَصَهَا وَبَقِيَ نِصْفُهَا بِحِسَابِ أُمِّ وَلَدٍ فَوَطِئَهَا الثَّانِي فَأَحْبَلَهَا عَتَقَتْ مَكَانَهَا يَوْمَ حَمَلَتْ وَلَا يَتْبَعُ الثَّانِيَ فِي الْوَلَدِ بِشَيْءٍ وَإِنْ كَانَ مَلِيًّا وَقيل إِن يُنْظَرْ فِي الثَّانِي حَتَّى وَضَعَتْ فَإِنَّهُ يَكُونُ عَلَى الثَّانِي غُرْمُ نِصْفِ قِيمَةِ وَلَدِهَا مُوسِرًا

كَانَ أَمْ لَا وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ حُكِمَ عَلَى الْأَوَّلِ فَأَحْبَلَهَا الثَّانِي فَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْوَلَدِ عَلَى أَنَّهُ وَلَدُ أُمِّ وَلَدٍ عَلَى الرَّجَاء وَالْخَوْف لِأَنَّهُ نِصْفَهَا لِلْأَوَّلِ بِحَسْبَ أُمِّ الْوَلَدِ وَإِذَا أَحْبَلَهَا الثَّانِي غَرِمَ فِي الْوَلَدِ قَدْرَ حِصَّتِهِ مِنَ الْأُمِّ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْظُرْ فِي الْوَلَدِ الْأَوَّلِ حَتَّى أَوْلَدَ الثَّانِي عَتَقَتْ عَلَيْهِمَا وَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَوَّلِ وَلَا الثَّانِي فِي الْوَلَدِ وَلَا غَيْرِهِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يَقُولُ قَوِّمُوا عَلَى نَصِيبِ صَاحِبِي يَوْمَ وَطِئْتَ حَتَّى لَا يَلْزَمَهُ لِلْوَلَدِ قِيمَةٌ وَيَتَعَذَّرُ ذَلِكَ لِفَوْتِهَا الْحَمْلَ الثَّانِي فَتُعْتَقُ عَلَيْهِمَا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا وَلَدَتْ مِنَ الْأَوَّلِ فَأَوْلَدَهَا الثَّانِي فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ مَلِيًّا غَرِمَ نِصْفَ قِيمَتِهَا فَقَطْ وَبَقِيَتْ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ وَإِنْ نَكَلَ وَنَكَلَ الثَّانِي أَكْثَرَ وَلَحِقَهُ الْوَلَدُ قَالَ سَحْنُونٌ وَعَلَى الْأَوَّلِ نِصْفُ قِيمَةِ الْوَلَدِ عَلَى أَنَّهُ وَلَدُ أُمِّ وَلَدٍ يُقَاصُّ بِذَلِكَ فِيمَا لَزِمَهُ مِنْ نِصْفِ قِيمَةِ الْأُمِّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَالصَّوَابُ أَنَّ عَلَى الثَّانِي قِيمَةَ الْوَلَدِ كَامِلَةً عَلَى أَنَّهُ وَلَدُ أُمِّ وَلَدٍ لِأَنَّ الْأَوَّلَ قَدْ لَزِمَهُ نِصْفُ قِيمَةِ الْوَلَدِ يَوْمَ أَحْبَلَهَا وَوَطِئَ الثَّانِي أم ولد الأول قَالَ ابْن الْقَاسِم إِن لَمْ يَكُنْ لِلْأَوَّلِ مَالٌ لَمْ يُقَوَّمْ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَعَتَقَتْ عَلَيْهِمَا وَلَحِقَ بِهِمَا أَوْلَادُهَا قَالَ سَحْنُونٌ وَيَكُونُ لِلثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ نِصْفُ قِيمَةِ وَلَدِهِ عَلَى أَنَّهُ وَلَدُ أُمِّ وَلَدٍ وَإِنْ وَلَدَتْ مِنَ الْأَوَّلِ ثُمَّ مِنَ الثَّانِي وَهُوَ لَا يَعْلَمُ ثُمَّ مِنَ الثَّالِثِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ ضَمِنَهَا الْأَوَّلُ وَهِيَ بِهِ أُمُّ وَلَدٍ وَعَلَيْهِ لِشُرَكَائِهِ ثُلُثَا قِيمَتِهَا يَوْمَ وَطِئَ وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ شَرِيكَيْهِ لَهُ قِيمَةُ وَلَدِ أُمِّ وَلَدٍ فَيَتَقَاصُّونَ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ عَدِيمًا عَتَقَ نَصِيبُهُ وَعَلَيْهِ ثُلُثَا قِيمَةِ وَلَدِهِ وَفَاءً لِشُرَكَائِهِ وَعَلَى الثَّانِي ثُلُثُ قِيمَةِ وَلَدِهِ رِقًّا لِلثَّالِثِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَوَّلِ

لِأَنَّ نَصِيبَهُ مِنَ الْأَمَةِ يَوْمَ وَطِئَ الثَّانِي حُرٌّ وَيُعْتَقُ نَصِيبُ الثَّانِي وَالثَّالِثِ عَلَيْهِمَا وَلَا شَيْءَ عَلَى الثَّالِثِ فِي قِيمَةِ وَلَدِهِ لِلْأَوَّلِينَ لِأَنَّ بِاسْتِقْرَارِ نُطْفَةِ الثَّانِي عِتْقَ نَصِيبِ الْأَوَّلِ وَلَا قِيمَةَ لَهُ فِي وَلَدِهَا مِنَ الثَّانِي وَعَلَى قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ لِلْأَوَّلِ عَلَى الثَّانِي ثُلُثُ قِيمَةِ وَلَدِهِ عَلَى أَنَّهُ وَلَدُ أُمِّ وَلَدٍ وَعَلَيْهِ لِلثَّالِثِ ثُلُثُ قِيمَةِ وَلَدِهِ عَلَى أَنه ولد أم ولد وَعَلِيهِ للثَّالِث قيمَة وَلَده قَالَ سَحْنُونٌ فَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا الثَّالِثُ وَالْأَوَّلُ مَلِيءٌ غَرِمَ لِشُرَكَائِهِ ثُلُثَيْ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْوَطْءِ وَأَخَذَ مِنَ الثَّانِي قِيمَةَ وَلَدِهِ وَلَدِ أُمِّ وَلَدٍ أَوِ الْأَوَّلُ عَدِيمٌ عَتَقَ عَلَيْهِ نَصِيبُهُ وَنَصِيبُ الثَّانِي وَعَلَى الْأَوَّلِ ثُلُثَا قِيمَةِ وَلَدِهِ عبدا لشريكيه وعَلى الثَّانِي ثلث قيمَة وَلَده الثَّالِث الَّذِي لم يطَأ وَيبقى ثلثهَا لِلثَّالِثِ رَقِيقًا وَإِنْ ضِمْنَ الْأَوَّلُ قِيمَةَ الْأَمَةِ وَأَتْبَعَهُ بِذَلِكَ فَإِنْ ضَمِنَهُ عَتَقَ ثُلُثَا الْأَمَةِ عَلَى الْأَوَّلِ وَعَتَقَ نَصِيبُ الثَّانِي عَلَيْهِ بِالْوَلَدِ وَغَرِمَ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ ثُلُثَ قِيمَةِ وَلَدِ أُمِّ وَلَدٍ مِنْ سَبَبِ هَذَا الثَّانِي الَّذِي قُوِّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ لِلثَّانِي ثُلُثُ قِيمَةِ وَلَدِهِ رَقِيقًا فَيَتَقَاصَّانِ وَلَا يُقَوَّمُ الثَّالِثُ عَلَى الثَّانِي فِي عدم الاعلا لِأَنَّهُ لَمْ يَبْتَدِئْ فَسَادًا فَإِنْ كَانَتْ مُدَبَّرَةً فَأَحْبَلَهَا أَحَدُهُمَا قُوِّمَتْ عَلَيْهِ وَبَقِيَتْ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ فَإِنْ أَعْسَرَ خُيِّرَ شَرِيكُهُ فِي اتِّبَاعِهِ بِنِصْفِ قِيمَتِهَا وَتَصِيرُ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ أَوِ التَّمَاسُكَ وَيَتْبَعَهُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ مِنْ يَوْمِ اسْتِهْلَالِهِ وَلَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ إِنْ أَيْسَرَ فَإِنْ مَاتَ الْوَاطِئُ عَتَقَ عَلَيْهِ نَصِيبُهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَبَقِيَ نَصِيبُ الْآخَرِ مُدَبَّرًا أَوْ مَاتَ غير الْوَاطِئ وَقد كَانَ تمسك وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يُرَدُّ التَّدْبِيرُ بِيعَتْ

حِصَّته للدّين فَإِن ابتاعها الواطىء لسَيِّد حد مثله حَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا فَإِنْ مَاتَ عَتَقَ نَصِفُهَا مِنْ رَأَسِ الْمَالِ وَرُقَّ النِّصْفُ الْمُشْتَرَى فَإِنْ أَوْلَدَهَا ثَلَاثَةُ أَشَرَاكٍ وَطِئَهَا وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ وَالْأَوَّلُ مَلِيءٌ فَعَلَيْهِ لِشَرِيكَيْهِ ثُلُثَا قِيمَتِهَا أَمَةً وَتَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ وَيَرْجِعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَقِيَّة وَلَدِهِ وَلَهُ مُدَبَّرَةٌ عَلَى رَجَاءِ أَنْ تُعْتَقَ أَوْ تُرَقَّ وَيُعْتَقُ عَلَى الثَّانِي نَصِيبُهُ وَعَلَى الثَّالِثِ قِيمَةُ وَلَدِهِ وَيُعْتَقُ نَصِيبُ الثَّالِثِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي وَلَدِهِ لَهُمَا وَإِنْ لَمْ يَطَأِ الثَّالِثُ قُوِّمَتْ عَلَى الْأَوَّلِ فِي مَلَائِهِ وَتَكُونُ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ وَيَغْرَمُ ثُلُثَيْ قِيمَتِهَا لِشَرِيكَيْهِ وَعَلَى الثَّانِي لِلْأَوَّلِ قِيمَةُ وَلَدِهِ وَلَدِ أُمِّ وَلَدٍ وَإِنْ كَانَ عَدِيمًا عَتَقَ نَصِيبُهُ وَلِلثَّالِثِ إِنْ شَاءَ أَنْ يُقَوَّمَ عَلَيْهِ وَيَتْبَعَهُ فَإِنْ فَعَلَ عَتَقَ ثُلُثُهَا عَلَى الْأَوَّلِ وَكَانَ لِلْأَوَّلِ عَلَى الثَّانِي ثُلُثُ قِيمَةِ وَلَدِهِ وَلَدِ مُدبرَة من سَبَب هَذَا الثُّلُث الَّذِي يقوم عَلَيْهِ لِلثَّالِثِ وَيَرْجِعُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ بِثُلُثِ قِيمَةِ وَلَدِهِ وَلَدِ مُدَبَّرَةٍ وَيُعْتَقُ أَيْضًا نَصِيبُ الثَّانِي مِنْهُمَا وَإِنْ تَمَاسَكَ الثَّالِثُ بِنَصِيبِهِ فَلَيْسَ لَهُ تَقْوِيمٌ عَلَى الثَّانِي وَلَهُ عَلَى الْأَوَّلِ ثُلُثُ قِيمَةِ وَلَدِهِ وَعَلَى الثَّانِي كَذَلِكَ وَيَكُونُ لِلثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ ثُلُثَا قِيمَةِ وَلَدِهِ وَلَيْسَ لِلْأَوَّلِ عَلَى الثَّانِي مِنْ قِيمَةِ وَلَدِهِ شَيْءٌ لِأَنَّ نَصِيبَهُ فِيهَا عِتْقٌ قَبْلَ وَطْءِ الثَّانِي وَإِنْ أَوْلَدَ مُعْتَقَةً إِلَى أَجَلٍ ثَلَاثَةٌ بِوَطْءٍ مُتَفَاوِتٍ لَا يَعْلَمُ أَحَدٌ بِصَنِيعِ مَنْ قَبْلَهِ عَتَقَتْ عَلَيْهِمْ كُلِّهِمْ لِتَعَذُّرِ وَطْئِهَا وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ مَلِيًّا عَتَقَتْ عَلَيْهِمْ فِي مَلَائِهِمْ وَعُدْمِهِمْ وَعَلَى الْأَوَّلِ لِشَرِيكَيْهِ ثُلُثَا قِيمَةِ وَلَدِهِ عَلَى أَنَّهُ مُعْتَقٌ إِلَى أَجَلٍ وَعَلَى الثَّانِي لِلثَّالِثِ ثُلُثُ قِيمَةِ وَلَدِهِ كَذَلِكَ وَلَا شَيْءَ عَلَى الثَّالِثِ وَلَا شَيْءَ لِلْأَوَّلِ وَلَوْ لَمْ يُوَلِّدْهَا

غَيْرُ وَاحِدٍ لَمْ تُقَوَّمْ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ لِصَاحِبَيْهِ ثُلُثَا قِيمَةِ وَلَدِهِ وَلَدِ مُعْتَقَةٍ إِلَى أَجَلٍ وَقَالَ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِنَا إِذَا وَلَدَتِ الْمُعْتَقَةُ إِلَى أَجَلٍ يُعَجَّلُ عِتْقُهَا لِزَوَالِ الْخِدْمَةِ بِالْوِلَادَةِ وَالْوَطْءِ وَالْعِتْقِ إِلَى أَجَلٍ قَالَ سَحْنُونٌ وَكَذَلِكَ إِن أَذِنَ لِمُدَبَّرَةٍ فِي تَدْبِيرِ أَمَتِهِ ثُمَّ أَوْلَدَهَا السَّيِّدُ عَتَقَتْ لِأَنَّهَا مُعْتَقَةٌ إِلَى أَجَلٍ فَإِنْ لم يطَأ أعتق نصيب الواطئين وَالثَّالِث عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ بِثُلُثِ قِيمَةِ وَلَدِهِ وَالثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ قِيمَةُ ثُلُثِ وَلَدِهِ وَيَبْقَى نَصِيبُ الثَّالِثِ مُعْتَقًا بِيَدِهِ إِلَى أَجَلٍ وَلَا شَيْءَ على الثَّانِي للْأولِ لِأَنَّهُ وطىء نَصِيبَهُ وَهُوَ حُرٌّ فَلَوْ كَانَتْ مُكَاتَبَةً قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ كَانَ الْأَوَّلُ مَلِيًّا خُيِّرَتْ فِي تَعْجِيزِ نَفْسِهَا وَتُقَوَّمُ عَلَى الْأَوَّلِ أَوْ تَتَمَادَى فَإِنْ قُوِّمَتْ عَلَيْهِ غَرِمَ ثُلُثَيْ قِيمَتِهَا أَمَةً لِشَرِيكَيْهِ وَصَارَتْ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ وَإِنْ تَمَادَتْ عَلَى كِتَابَتِهَا وَأَدَّتْ وَأَعْتَقَتْ وَالْأَوَّلُ عَدِيمٌ عَتَقَتْ عَلَيْهِمْ قَالَ سَحْنُونٌ إِنْ كَانَ لَهَا مَالٌ ظَاهِرٌ وَالْأَوَّلُ مَلِيءٌ فَلَيْسَ لَهُ تَعْجِيزُ نَفْسِهَا وَلْتَتَمَادَ مُكَاتَبَتُهُ قَالَ إِنْ وَطِئَ الشَّرِيكُ مُكَاتَبَتَهُ وَاخْتَارَتِ التَّمَادِيَ أَخَذَتْ نِصْفَ قِيمَتِهَا مِنَ الواطىء فَوَقَفَتْ فَإِنْ أَدَّتْ رُدَّتِ الْقِيمَةُ إِلَيْهِ وَإِنْ عَجَزَتْ بَقِيَتْ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ وَأَخَذَ الْأَخَرُ الْقيمَة وَفِي الْمُوازِية إِنَّمَا يقف نصف الْقيمَة من الْكِتَابَة قَالَ اللَّخْمِيّ الوطآن إِمَّا مِنْ نِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ أَوْ نِكَاحٍ ثُمَّ مِلْكٍ أَوْ عَكْسِهِ أَوْ نِكَاحٍ ثُمَّ زنا أَو عَكسه أَو ملك ثمَّ زنا أَوْ عَكْسِهِ فَهِيَ ثَمَانِيَةٌ فَإِنْ كَانَ نِكَاحٌ ثُمَّ مِلْكٌ فَهُمَا كَالنِّكَاحَيْنِ فِيهِ قَوْلَانِ هَلْ لِلْأَوَّلِ أَوْ تُدْعَى لَهُ الْقَافَةُ وَعَكْسُهُ كَالْمِلْكَيْنِ تدعى لَهُ الْقَافة قولا وَاحِدًا اوالنكاح ثمَّ الزِّنَا فَالْوَلَدُ لِلزَّوْجِ لِأَنَّهُ فِرَاشٌ أَوِ

الْملك ثمَّ الزِّنَا لِمِلْكِ الْيَمِينِ لِأَنَّهُ فِرَاشٌ وَلَا يَنْفِيهِ إِلَّا بِلعان لعدم الزَّوْجِيَّة وَلَا بالقافة لِأَن الزِّنَا مَعَ الْمِلْكِ لَا قَافَةَ فِيهِ لِعَدَمِ التَّسَاوِي وَفِي الزِّنَا ثُمَّ النِّكَاحِ أَوْ مِلْكٍ لَحِقَ الْأَوَّلَ كَمَا إِذا تقدم النِّكَاح اَوْ الْملك وَتَأَخر الزِّنَا وَحَيْثُ دعيت الْقَافة فاشركوهم فِيهِ فَأَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ قَالَ مَالِكٌ يُوَالِي مَنْ شَاءَ قَالَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَالَ عَبْدُ الْملك يلْحق بأقوالهم شَبَهًا لِأَنَّ النَّسَبَ لَا يَبْطُلُ بِالشَّهَوَاتِ وَقَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ إِنْ عُرِفَ الْأَوَّلُ لَحِقَ بِهِ لسَبَب تقدم الْحمل مِنْهُ فَإِن جهل فأقوالهما شبها وَالْقَافَةُ تَعْرِفُهُ فَهْمًا كَالْجَنِينَيْنِ وَإِذَا أَتَتْ بِوَلَدَيْنِ فِي بَطْنَيْنِ فَادَّعَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْأَكْبَرَ وَالْآخَرُ الْأَصْغَرَ صِدْقًا مِنْ غَيْرِ قَافَةٍ أَوِ ادَّعَيَا أَحَدَهُمَا دُعِيَتِ الْقَافَةُ فَإِنْ كَانَ الْأَكْبَرُ فَالْأَصْغَرُ وَلَدَ مَنْ تَقُولُ الْأَمَةُ إِنَّهُ مِنْهُ لِاتِّفَاقِهِمَا بِالْأَكْبَرِ عَلَى أَنَّهَا صَارَتْ فِرَاشًا وَأُمَّ وَلَدٍ وَأُمُّ الْوَلَدِ مُصَدَّقَةٌ أَوِ الْأَصْغَرِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلهَا فِي الْأَكْبَر اَوْ أَتَت بتوأمين فألحقاهما بِأَحَدِهِمَا أَوْ قَالَتِ اشْتَرَكَا فِيهِمَا فَالْأَمْرُ كَذَلِكَ وَإِنْ وَزَّعْتَهُمَا عَلَيْهِمَا فَقَوْلَانِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُرَقُّ لَهُمَا وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يُرَقُّ فَإِنْ ايسر أَولهمَا وطأ فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ وَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَتِهَا يَوْم حملت وَله على الثَّانِي قِيمَةِ الْوَلَدِ وَلَهُ عَلَى الثَّانِي مِثْلُ ذَلِكَ وَقِيلَ لَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهِ وَتُعْتَقُ الْأَمَةُ عَلَيْهِمَا لِتَحْرِيمِ وَطْئِهَا عَلَيْهِمَا وَاخْتُلِفَ فِي تَوْأَمَيِ الْمَسْبِيَّةِ وَالْمُغْتَصَبَةِ وَالْمُلَاعَنَةِ هَلْ يَتَوَارَثَانِ بِالْأُمِّ وَالْأَبِ أَو بِالْأُمِّ

فَقَطْ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الْمَرْأَةِ تَحْمِلُ مِنَ الْعَدُوِّ التَّوْأَمَانِ شَقِيقَانِ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ فِي الْمَسْبِيَّةِ وَالْمُلَاعَنَةِ يَتَوَارَثَانِ بِالْأُمِّ لِعَدَمِ تَيَقُّنِ الْأَبِ وَقَالَ سَحْنُونٌ شَقِيقَانِ لِأَنَّ الْمَسْبِيَّةَ تَحْمِلُ عَلَى أَنَّهَا وُطِئَتْ بِالنِّكَاحِ أَوِ الْمِلْكِ وَإِذَا وَطِئَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ وَهُوَ مُعْسِرٌ اخْتُلِفَ فِي خَمْسَةِ مَوَاضِعَ الْأَوَّلُ هَلْ يَكُونُ كَالْمُوسِرِ وَيُخَيَّرُ الشَّرِيكُ عَلَى التَّقْوِيمِ أَوْ يُخَيَّرُ بَيْنَ التَّقْوِيمِ وَالتَّمَسُّكِ وَالثَّانِي إِذَا خُيِّرَ فَاخْتَارَ التَّمَسُّكَ هَلْ يَتْبَعُ الْوَاطِئَ بِنصْف قيمَة الْوَلَد وبنصف مَا نَقصهَا الْوِلَادَةُ أَمْ لَا وَالثَّالِثُ إِذَا خُيِّرَ فَاخْتَارَ التَّقْوِيمَ هَلْ يَكُونُ لَهُ نِصْفُ قِيمَةِ الْأُمِّ وَنِصْفُ قِيمَةِ الْوَلَدِ أَوْ نِصْفُ قِيمَةِ الْأُمِّ خَاصَّةً وَالرَّابِعُ إِذَا ثَبَتَ التَّقْوِيمُ هَلْ يَتْبَعُهُ بِذَلِكَ فِي الذِّمَّةِ وَلَا يُبَاعُ مِنْهَا شَيْءٌ أَوْ تُبَاعُ وَالْخَامِسُ إِذَا بِيعَتْ هَلْ يُبَاعُ النِّصْفُ أَوْ بِقَدْرِ الدَّيْنِ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنَ النِّصْفِ وَرَجَعَ مَالِكٌ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ كَالْمُوسِرِ وَيُخَيَّرُ فِي التَّمَسُّكِ وَالِاتِّبَاعِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ أَوْ يُقَوَّمُ وَلَهُ نِصْفُ قِيمَتِهَا وَنِصْفُ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَيُبَاعُ لَهُ نِصْفُهُ خَاصَّةً فِيهَا لَزِمَهُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا تَمَسَّكَ بِيعَ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَنَقْصِ الْوِلَادَةِ وَعَنْ مَالِكٍ يُخَيَّرُ فِي التَّمَسُّكِ بِغَيْرِ شَيْءٍ فِي الْوَلَدِ أَوْ يُقَوِّمُهَا عَلَيْهِ وَيَتْبَعُهُ فِي الذِّمَّةِ وَإِنْ بِيعَ لَهُ نَصْفُهَا وَعَنْ أَشْهَبَ يُبَاعُ مَا يُوَفِّي الدَّيْنَ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنَ النِّصْفِ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ بَعْضَ أُمِّ الْوَلَدِ وَيَتْبَعُ الْوَاطِئُ الْبَاقِيَ إِنْ أَحَبَّ فِي النُّكَتِ إِنْ بِيعَ نِصْفُهَا فَبَلَغَتْ قِيمَتُهَا أَكْثَرَ مِمَّا لَزِمَهُ لَا يُبَاعُ مِنْهَا مِنْ أَجْلِ نِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ الَّتِي لَزِمَتْهُ شَيْءٌ لِأَنَّ قِيمَةَ الْوَلَدِ دَيْنٌ عَلَيْهِ فَكَمَا لَا يَقْضِي دُيُونَهُ بِثَمَنِهَا لَا يَقْضِي قِيمَةَ الْوَلَدِ وَإِنَّمَا يُبَاعُ فِيمَا لَزِمَهُ مِنْ أَجْلِهَا فِي التَّنْبِيهَاتِ إِذَا وَطِئَهَا الثَّانِي بَعْدَ الْأَوَّلِ فِي طُهْرٍ آخَرَ فَهَلِ

(فرع)

الْقِيمَةُ يَوْمَ الْوَطْءِ أَوِ الْحَمْلِ قَوْلَانِ فِي الْكِتَابِ وَعِنْدَ التَّخْيِيرِ قَالَ مُحَمَّدٌ التَّخْيِيرُ إِذَا وَطِئَهَا مَرَّاتٍ وَإِلَّا فَيَوْمَ الْحَمْلِ لِأَنَّهُ يَوْمُ الْوَطْءِ قِيلَ هَذَا تَفْسِيرٌ لِلْمُدَوَّنَةِ وَقِيلَ اخْتِلَافٌ فِيهَا وَقَعَ وَفِي الْمُعْسِرِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ أَوَّلُ أَقْوَالِهِ هِيَ أُمُّ وَلَدٍ وَيَتْبَعُهُ بِنِصْفِ قِيمَتِهَا دُونَ قِيمَةِ نِصْفِ الْوَلَدِ لِأَنَّهُ مَجْبُورٌ عَلَى التَّقْوِيمِ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ يُبَاعُ نِصْفُهَا فِيمَا عَلَيْهِ فِيهَا وَيَتْبَعُهُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ أَوْ تَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْوَطْءَ وَلَا تُبَاعُ لَهُ فِي الْقِيمَةِ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى هَذَا فِي الْوَلَدِ وَالرَّابِعُ أَنَّهَا تَكُونُ أَمَةً عَلَى حَالِهَا رَوَاهُ أَشْهَبُ قَالَ التُّونِسِيُّ إِنْ حَمَلَتْ وَهُوَ مُوسِرٌ يُخَيَّرُ فِي وَقْتِ التَّقْوِيمِ هَلْ يَوْمَ الْحمل اَوْ يَوْم الْوَطْء إِن اخْتلف الوطآن وَلَيْسَ بِنَصٍّ خِلَافٌ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ خِلَافًا لِأَنَّ نِصْفَ قِيمَةِ الْوَلَدِ قَدْ وَجَبَتْ مَعَ وُجُوبِ الْقِيمَةِ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ فَلِهَذَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُعْسِرِ يُبَاعُ نِصْفُ الْأَمَةِ فِيمَا لَزِمَهُ فِيهَا وَيُتْبَعُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ فَجَعَلَ الدَّيْنَ وَالْإِيلَادَ إِذَا وَقَعَا رُدَّا لِدَيْنِ الإيلاد لِأَنَّهُ تعد بِخِلَاف إِيلَاء الْمِدْيَانِ لِأَنَّ الْغُرَمَاءَ عَامَلُوهُ عَلَى ذَلِكَ وَهَاهُنَا تَعَدَّى عَلَى شَرِيكِهِ فَيُبَاعُ نِصْفُهَا فِيمَا لَزِمَهُ لأَجلهَا دون الإيلاد ويتبه بِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ مَعَ أَنَّهُ قُوِّمَ عَلَيْهِ الْأَمَةُ يَوْمَ الْوَطْءِ قَالَ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالصَّوَابُ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِنِصْفِ الْأَمَةِ وَيَتْبَعَهُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ أَوْ يَتْبَعَهُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْأَمَةِ وَيُتِمَّ الْإِيلَادَ لِأَنَّ الْأَمَةَ وَالْوَلَدَ فِي ضَمَانِهِ بِالْإِيلَادِ وَوَجَبَتْ بِهِ الْقِيمَةُ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ أَخْدَمَهَا سَنَتَيْنِ أَوْ عُمْرًا فَوَطِئَهَا السَّيِّدُ فَحَمَلَتْ وَهُوَ مَلِيءٌ فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ وَأَخَذَتْ مِنْهُ مَكَانهَا امة قيل تُؤْخَذ قيمتهَا يوجر مِنْهَا خَادِمٌ فَإِنْ مَاتَتِ الْأُولَى وَانْقَضَتِ السُّنُونَ وَبَقِيَ مِنَ الْقِيمَةِ شَيْءٌ أَخَذَهُ السَّيِّدُ أَوْ نقدت الْقيمَة

وَالْأولَى حَيَّة والمدية بَاقِيَةٌ فَلَا شَيْءَ عَلَى السَّيِّدِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا الْتَزَمَ خِدْمَةَ الْأَمَةِ وَقِيمَتُهَا تَقُومُ مَقَامَهَا وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَغْرَمُ لَهُ قِيمَةَ الْخِدْمَةِ مِنْ عمري وَأجل لِأَنَّهُ حَيَّةٌ وَإِنْ كَانَ عَدِيمًا أَخَذَ وَلَدَهُ وَخَدَمَتْ تَمَامَ الْأَجَلِ وَلَمْ يَجْعَلِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا غَيْرُهُ قِيمَةَ الْخِدْمَةِ تِلْكَ السِّنِينَ كَمُفْسِدِ الْعَرَضِ لِإِمْكَان مَوتهَا قبل انْقِضَاء الْأَجَل فَيضمن مَا لَا يَلْزَمُهُ وَإِنْ قُوِّمَتْ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ أَدَّى إِلَى اجل جعل فِي خدمَة وَالْوَاجِبُ فِي التَّعَدِّي الْمِثْلُ وَأَقْرَبُ شَيْءٍ لِذَلِكَ ثَمَنُ الْخِدْمَةِ كَمَا تَقَدَّمَ وَقَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَهُ مَالِكٌ فِي قَتْلِ السَّيِّدِ الْعَبْدَ الْمُخَدَّمَ فَإِنْ وَطِئَهَا الْمُخَدَّمُ وَالْخِدْمَةُ كَثِيرَةٌ كَانَتْ كَالتَّعْمِيرِ أَوْ سِنِينَ كَثِيرَةٍ لَا تُحَدُّ وَيَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ وَتَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْوَضْعِ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ فَإِنْ كَانَ عَدِيمًا كَانَتْ لِرَبِّهَا وَالْوَلَدُ لِأَبِيهِ وَإِنِ ابْتَاعَهَا بَعْدَ يُسْرِهِ لَمْ تَكُنْ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ فِي الْخِدْمَةِ الْقَلِيلَةِ كَشَهْرٍ حُدَّ وَلَا تَكُونُ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ لِضَعْفِ الشُّبْهَةِ وَلَا يُلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ يُحَدُّ فِي خِدْمَةِ السَّنَةِ إِنْ كَانَ عَالِمًا وَإِنْ عُذِّرَ بِالْجَهْلِ عُوقِبَ وَقُوِّمَتْ عَلَيْهِ وَإِنْ وَطِئَ السَّيِّدُ خدمت بَقِيَّة السّنة كَمَا لم أَعْتَقَهَا وَاسْتَحَبَّ مُحَمَّدٌ أَنْ يُغَرَّمَ الْقِيمَةَ فَيُؤَاجَرُ مِنْهَا مَنْ يُخْدَمُ فَمَا فَضُلَ رُدَّ إِلَيْهِ وَمَا عَجَزَ حُطَّ عَنْهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ عبد الْملك فِي قَتْلِ السَّيِّدِ يُغَرِّمُ فِي أَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ السَّيِّدَ الْقِيمَةَ لِأَقْصَى عُمْرِ الْأَمَةِ أَوْ عُمْرِ الْمُخَدَّمِ إِنْ أَعْمَرَ إِيَّاهَا أَوْ سِنِينَ فَالْأَقْصَى من عمر اَوْ السنتين وَإِن عسر اتَّبَعَهُ بِالْقِيمَةِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمَنَافِعِ الْقِيَمُ وَوَجْهُ الْقَضَاءِ بِالْخِدْمَةِ مَكَانَهَا أَنَّهَا عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ فَهِيَ بِخِلَافِ مَنَافِعِ الْمُكَايَسَةِ وَقَدْ قَالَ فِيمَنْ تَزَوَّجَتْ عَلَى عَبْدٍ ثُمَّ اسْتُلْحِقَ أَنَّ الزَّوْجَ يَغْرَمُ مِثْلَهُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ

(النظر الرابع في أحكام أمهات الأولاد)

(النَّظَرُ الرَّابِعُ فِي أَحْكَامِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ) وَفِيهِ خَمْسَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً الْأُولَى فِي التَّنْبِيهَاتِ أُمَّهَاتُ الْأَوْلَادِ سَادَاتُهُنَّ الْأَحْرَارُ لَهُنَّ حُكْمُ الْأَحْرَارِ فِي سِتَّةِ أَوْجُهٍ وَالْعَبِيدُ فِي أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ فَلَا يُبَعْنَ فِي دَيْنٍ وَلَا غَيْرِهِ وَلَا يُرْهَنَّ وَلَا يُوهَبْنَ وَلَا يُؤَاجَرْنَ وَلَا يُسْلَمْنَ فِي جِنَايَةٍ وَلَا يُسْتَسْعَيْنَ وَحُكْمُ الْعَبِيدِ فِي انْتِزَاعِ مَالِهِنَّ مَا لَمْ يَمْرَضِ السَّيِّدُ وَيُجْبَرْنَ عَلَى النِّكَاحِ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَيُسْتَخْدَمْنَ الْخِدْمَةَ الْخَفِيفَةَ مِمَّا لَا يَلْزَمُ الْحُرَّةَ وَيُسْتَمْتَعُ بِهِنَّ كَالْأَمَةِ الثَّانِيَةُ فِي الْكِتَابِ إِذَا وَلَدَتْ فِي حَيَاةِ سَيِّدِهَا أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ بَعْدَ أَنْ أَعْتَقَهَا لِمَا تَلِدُ لَهُ النِّسَاءُ لَحِقَهُ إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الْحَيُّ اسْتِبْرَاءً وَيَنْفِيَ الْوَلَدَ الثَّالِثَةُ إِذَا ارْتَدَّ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ أَوْ أُسِرَ فَتَنَصَّرَ بِهَا وُقِفَ مَالُهُ وَأُمُّ وَلَدِهِ وَمُدَبَّرُوهُ وَتحرم عَلَى الْمُرْتَدِّ أُمُّ وَلَدِهِ فِي رِدَّتِهِ حَتَّى يُسْلِمَ فَتُرْجَعُ إِلَيْهِ مَعَ مَالِهِ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ الْإِذْنُ فِيهَا تَابِعٌ لِاسْتِقْرَارِ الْحَيَاةِ وَحَيَاةَ الْمُرْتَدِّ مَطْلُوبَةُ الْإِعْدَامِ وَإِنْ قُتِلَ عَتَقَتْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَمُدَبَّرُهُ فِي الثُّلُثِ بِمُقْتَضَى الْعُقُودِ وَتَبْطُلُ وَصَايَاهُ وَمَالُهُ لِلْمُسْلِمِينَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ يُعْتَقُ بِالرِّدَّةِ كَمَا تُبْطَلُ عِصْمَةُ الزَّوْجَةِ قَالَ وَهُوَ أَقْيَسُ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ إِذَا حَرُمَ وَطْؤُهَا عَتَقَتْ كَالنَّصْرَانِيِّ تُسْلِمُ أُمُّ وَلَدِهِ وَالرِّدَّةُ أَشَدُّ لِأَنَّ مَنْ أَسْلَمَتِ امْرَأَتُهُ هُوَ أَمَلُكَ بِهَا إِنْ أَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا وَإِذَا ارْتَدَّ لَا تَحِلُّ لَهُ إِلَّا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ بَعْدَ إِسْلَامِهِ وَلِأَنَّهُ أَدْخَلَ الرِّدَّةَ فِي مُدَّة الإيفاق بِخِلَافِ أُمِّ وَلَدِ النَّصْرَانِيِّ لِأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ على

الْإِسْلَامِ وَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ لِأَنَّهُ كَانَ أَوْصَى حَالَ رِدَّتِهِ لَمَّا كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ وَوَصِيَّةُ الْمُرْتَدِّ بَاطِلَةٌ لِلْحَجْرِ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ أَشْهَبُ فِي الزَّوْجَةِ إِنْ لَمْ يَتُبْ حَتَّى انْقَضتْ الْعدة باتت وَكَانَ الطَّلَاقُ مِنْ يَوْمِ ارْتَدَّ فَإِنْ تَابَ قَبْلَ انْقِضَائِهَا بَقِيَتْ عَلَى الزَّوْجِيَّةِ كَإِسْلَامِ الْمَرْأَةِ فعلى هَذَا تكون أم ولد فِي الِاسْتِبْرَاءِ إِنْ تَابَ قَبْلَ فَرَاغِ الْحَيْضَةِ حَلَّتْ لَهُ وَإِلَّا حَرُمَتْ وَكَانَتْ حُرَّةً مِنْ يَوْمِ الرِّدَّةِ الرَّابِعَةُ فِي الْكِتَابِ إِنْ أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِ الذِّمِّيِّ قَالَ مَالِكٌ مَرَّةً تُوقَفُ حَتَّى يَمُوتَ أَوْ يُسْلِمَ فَتَحِلُّ لَهُ وَرَجَعَ إِلَى أَنَّهَا تُعْتَقُ وَوَلَاؤُهَا لِلْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ فِيهَا إِلَّا الْوَطْءُ قَدْ حَرُمَ وَلَا يَسْتَسْعِيهَا فِي قِيمَتِهَا فَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدَهَا قَبْلَ أَنْ تُعْتَقَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا وَتَبْقَى لَهُ أُمَّ وَلَدٍ وَإِنْ طَالَ مَا بَيْنَ إِسْلَامِهَا وَمَا وَلَدَتْ مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا الذِّمِّيِّ بَعْدَ أَنْ أَوْلَدَهَا لَا تُعْتَقُ بِإِسْلَامِهَا لِأَنَّ الِابْنَ يَتْبَعُ الْأَبَ فِي الدِّينِ وَإِنْ أَسْلَمَ كِبَارُ الْوَلَدِ لَمْ يُعْتَقُوا إِلَّا بِمَوْتِ السَّيِّدِ وَإِنْ أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِ الْمُكَاتَبِ الذِّمِّيِّ وَسَيِّدُهَا ذِمِّيٌّ أَوْ مُسْلِمٌ وُقِفَتْ فَإِنْ أَدَّى الْكِتَابَةَ عَتَقَ وعتقت اَوْ عجز رقت وبيعت قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِ الذِّمِّيِّ عُرِضَ عَلَى سَيِّدِهَا الْإِسْلَامُ فَإِنِ امْتَنَعَ عَتَقَتْ بِالْحُكْمِ قَالَهُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِنِ اسْلَمَ قَبْلَ حَيْضَةٍ فَهُوَ أَحَقُّ أَوْ بَعْدَهَا عَتَقَتْ كَإِسْلَامِ امْرَأَتِهِ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ إِذَا وُقِفَتْ حَتَّى تَمُوتَ أَوْ يُسْلِمَ نَفَقَتُهَا عَلَى سَيِّدِهَا يَحْسُبُهَا لَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَلَا لَهَا عَتَقَتْ كَمَا قِيلَ إِنْ عَجَزَ الْمُسْلِمُ عَنْ نَفَقَةِ أُمِّ وَلَدِهِ عَتَقَتْ كَمَا تُطَلَّقُ الزَّوْجَةُ وَقِيلَ فِي الْعَجْزِ عَنِ النَّفَقَةِ بِزَوْجِهَا وَهُوَ الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الزَّوْجَةِ وَإِنْ أَسْلَمَ هُوَ دُونَهَا بَقِيَتْ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ مَاتَ الذِّمِّيُّ وتحاكم الْوَارِث أم الْوَلَدِ إِلَيْنَا قَالَ ابْنُ وَهْبٍ مَنَعْنَاهُ مِنَ الْبَيْعِ وَإِنْ رَضُوا بِحُكْمِنَا لَمْ يُمَكَّنُوا مِنَ الرُّجُوعِ عَنْهُ وَكَذَلِكَ إِنْ حَلَفَ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ وَعِتْقِ عَبْدِهِ فَرَفَعَتِ الْمَرْأَةُ أَوِ الْعَبْدُ ذَلِكَ لِلْحَاكِمِ طَلَّقَ عَلَيْهِ وَأَعْتَقَ قَالَ سَحْنُونٌ وَهُوَ خِلَافُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَإِنْ جَنَتْ أُمُّ وَلَدِ الذِّمِّيِّ جُبِرَ عَلَى افْتِكَاكِهَا بِخِلَافِ لَوْ جَنَى وَلَدُهَا لَمْ يُجْبَرْ بَلْ يَفْدِيهِ بِدِيَةِ الْجِنَايَةِ أَوْ يُسْلِمُ خِدْمَتَهَ حَتَّى يُوفِّيَ الْجِنَايَةَ مِنْهَا فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ اتُّبِعَ الْوَلَدُ بِبَقِيَّةِ الْجِنَايَةِ إِنْ بَقِيَ شَيْءٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ عَلَى الْقَوْلِ بِالْعِتْقِ هَلْ يَفْتَقِرُ إِلَى الْحُكْمِ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ أَمْ لَا قَوْلَانِ لِمَالِكٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْخَامِسَةُ فِي الْكِتَابِ تُمْتَنَعُ كِتَابَةُ أُمِّ الْوَلَدِ بِخِلَافِ عِتْقِهَا عَلَى مَالٍ يَتَعَجَّلُهُ وَتُفْسَخُ الْكِتَابَةُ إِلَّا أَنْ تَفُوتَ بِالْأَدَاءِ فَتُعْتَقُ وَلَا يَرْجِعُ فِيمَا أَدَّتْ لِأَنَّ لَكَ الِانْتِزَاعَ مَا لَمْ تَمْرَضْ وَالْكِتَابَةُ لَا تَزِيدُهَا خَيْرًا فَلَا تَشْرَعُ وَلَيْسَ لَكَ فِيهَا خِدْمَةٌ وَلَا اسْتِسْعَاءٌ وَلَا غَلَّةٌ بَلِ الْمُتْعَةُ وَكَذَلِكَ الْخِدْمَةُ فِي أَوْلَادِهَا مِنْ غَيْرِكَ مِمَّنْ وَلَدَتْهُ بَعْدَ وِلَادَتِهَا مِنْكَ لِأَنَّكَ لَا تَطَؤُهُمْ فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا الْخِدْمَةُ وَيُعْتَقُونَ كَأُمِّهِمْ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ وَلَكَ تَعْجِيلُ عِتْقِهَا عَلَى دَيْنٍ يَبْقَى عَلَيْهَا بِرِضَاهَا قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ اتُّبِعَتْ بِذَلِكَ بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ لِتَحْصِيلِ ذَلِكَ الْمَالِ تَعْجِيلِ عِتْقٍ وَإِنْ كَاتَبَ الذِّمِّيُّ أُمَّ وَلَدِهِ فَأَسْلَمَتْ عَتَقَتْ وَسَقَطَتِ الْكِتَابَةُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قيل

إِذَا كَاتَبَهَا فِي مَرَضِهِ وَدَفَعَتْ إِلَيْهِ شَيْئًا يَنْبَغِي أَنْ تَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَيْهِ وَتُطَالِبُ تَرِكَتَهُ إِنْ مَاتَ وَقَوْلُهُ فِي كِتَابَةِ الذِّمِّيِّ أُمَّ وَلَدِهِ فَتُسْلِمُ أَنَّهَا تُعْتَقُ مَبْنِيٌّ إِمَّا عَلَى قَوْلِهِ فِي إِسْلَامِ أُمِّ وَلَدِهِ أَنَّهَا تُعْتَقُ أَمَّا عَلَى قَوْلِهِ تُوقَفُ حَتَّى يُسْلِمَ أَوْ يَمُوت فتعتق بَيْنَ التَّمَادِي عَلَى كِتَابَتِهَا فَتُعْتَقُ بِأَدَائِهَا أَوْ تُعْجِزُ نَفْسَهَا وَتَبْقَى مَوْقُوفَةً لَهُ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ أُمَّ وَلَدِهِ تُبَاعُ إِذَا أَسْلَمَتْ وَيُدْفَعُ لَهُ ثَمَنُهَا تُبَاعُ كِتَابَتُهَا وَلَا يَكُونُ أَسْوَأَ حَالًا مِنْهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ إِنْ رَضِيَتْ أُمُّ الْوَلَدِ بِالْكِتَابَةِ جَازَ وَهُوَ أَصْلُ مَالِكٍ لِأَنَّ الْحُرَّ لَوْ وَهَبَ مَنَافِعَهُ وَكَسْبَهُ صَحَّ وَهَاهُنَا أولى لِأَنَّهَا تتعجل بذلك عتقا فَإِنْ خَيَّرَهَا وَأَدَّتْ عَتَقَتْ وَلَمْ تُرَدَّ وَإِنْ عَلِمَ بِهِ قَبْلَ الْوَفَاءِ فَاخْتَارَتِ الْإِمْضَاءَ صَحَّ وَإِلَّا امْتَنَعَ مِنْ طَلَبِهَا وَكَذَلِكَ يَجُوزُ عِتْقُهَا عَلَى مَالٍ فِي ذِمَّتِهَا إِنْ رَضِيَتْ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهَا وَيَمْضِي الْعِتْقُ بِلَا مَالٍ وَكَذَلِكَ الْقَطَاعَةُ وَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ وَفَاءِ الْكِتَابَةِ أَوِ الْقَطَاعَةِ عَتَقَتْ وَسَقَطَ ذَلِكَ عَنْهَا وَإِنْ تَعَجَّلَتِ الْعِتْقَ عَلَى مَالٍ يَكُونُ فِي ذِمَّتِهَا فَمَاتَ السَّيِّد قبل وَفَائِهِ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهَا السَّادِسَةُ يُمْتَنَعُ بَيْعُ أُمِّ الْوَلَدِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَلِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ وَدَاوُدَ وَبشر المريسي جَوَاز البيع لنا قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَيُّمَا رَجُلٍ وَلَدَتْ أَمَتُهُ فَهِيَ مُعْتَقَةٌ عَلَيْهِ عَن دبر مِنْهُ وَبِقَوْلِهِ فِي أم ولد إِبْرَاهِيمَ أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا وَالْحُرُّ لَا يُبَاعُ

وَرَوَى مَالِكٌ قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَيُّمَا وَلِيدَةٍ وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا فَإِنَّهُ لَا يَبِيعُهَا وَلَا يَهَبُهَا وَلَا يُوَرِّثُهَا وَيَسْتَمْتِعُ بِهَا مَا عَاشَ فَإِنْ مَاتَ فَهِيَ حُرَّةٌ وَفِي الصِّحَاحِ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ فَأَصَبْنَا سَبْيًا مِنْ سَبْيِ الْعَرَبِ فَاشْتَهَيْنَا النِّسَاءَ وَاشْتَدَّتْ عَلَيْنَا الْعُزْبَةُ وأجببنا الْفِدَاءَ فَأَرَدْنَا أَنْ نَعْزِلَ الْحَدِيثَ فَقَوْلُهُ أَحْبَبْنَا الْفِدَاءَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ يَمْنَعُ الْمُعَاوَضَةَ وَانْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى مَنْعِ بَيْعِهَا حَالَةَ الْحَمْلِ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الْإِجْمَاعِ وَالْمَنْعِ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأحل الله البيع} وَنَحْوِهِ وَعَنْ جَابِرٍ كُنَّا نَبِيعُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَعَهِدِ أَبِي بَكْرٍ وَصَدْرٍ مِنْ خِلَافِةِ عُمَرَ ثُمَّ نَهَانَا فَانْتَهَيْنَا وَلِأَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَ وَلَدَ أَمَةٍ فِي بَطْنِهَا لَمْ تَصِرْ حُرَّةً وَلَمْ يُمْتَنَعْ بَيْعُهَا فَكَذَلِكَ أُمُّ الْوَلَدِ وَلَوْ زَوَّجَ أمته من ابْنه فَإِنَّهَا تعْتق بَحُرٍّ وَمَعَ هَذَا لَا يَزُولُ الْمِلْكُ عَنْهَا وَلَا يُمْتَنَعُ بَيْعُهَا وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ نُصُوصَنَا أَخَصُّ مِنْ تِلْكَ الظَّوَاهِرِ فَتُقَدَّمُ وَعَنِ الثَّانِي تحمل عَلَى بَيْعِهِنَّ إِذَا وَلَدْنَ مِنَ الْغَيْرِ تَوْفِيقًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ أَوْ ذَلِكَ بِغَيْرِ عِلْمِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَمَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ كُنَّا نُخَابِرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَّى رَوَى لَنَا رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ نَهْيَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْهَا فَانْتَهَيْنَا وَإِذَا حُمِلَ عَلَى الْوِلَادَةِ مِنَ الْأَزْوَاجِ يَكُونُ نَهْيُ عُمَرَ عَلَى الْكَرَاهَة

(فرع)

وَعَنِ الثَّالِثِ إِذَا أَعْتَقَ حَمْلَهَا تَكُونُ عُلِّقَتْ بِرَقِيقٍ طَرَأَ عَلَيْهِ الْعِتْقُ وَهَاهُنَا بِحُرٍّ أَصَالَةً فَتَسْرِي إِلَيْهَا حُرِّيَّتُهُ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ الْوَلَدَ يُخْلَقُ مَمْلُوكًا وَالْعِتْقُ عَلَى الِابْنِ لِأَنَّهُ أَخُوهُ (فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِنْ أَعْتَقَهَا الْمُبْتَاعُ نُقِضَ البيع وَالْعِتْق وعادت أم ولد فَإِن مَاتَت بِيَدِهِ قَبْلَ الرَّدِّ ضَمِنَهَا وَيُرَدُّ الثَّمَنُ وَإِنْ مَاتَتْ بَعْدَ مَوْتِ الْبَائِعِ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ بَقِيَتْ يُتْبَعُ الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ فِي ذِمَّتِهِ مَلِيًّا أَوْ مُعْدِمًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ جَهِلَ مَوْضِعَ الْمُبْتَاعِ فَعَلَى الْبَائِعِ طَلَبُهُ حَتَّى يُرَدَّ إِلَيْهِ الثَّمَنُ مَاتَتْ أُمُّ الْوَلَدِ أَوْ بَقِيَتْ فَإِنْ أَوْلَدَهَا الْمُبْتَاعُ قَالَ مَالِكٌ لَحِقَهُ الْوَلَدُ بِغَيْرِ قِيمَةٍ فِيهِ لِأَنَّ الْبَائِعَ أَبَاحَهُ فَرْجَهَا بِخِلَافِ لَوْ بِيعَتْ عَلَيْهِ بِغَيْرِ طَوْعِهِ لَهُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَلَيْهِ قِيمَةُ الْوَلَدِ عَبْدًا وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَلَى أَنَّهُ يُعْتَقُ بِمَوْتِ الْبَائِعِ فَإِنْ زَوَّجَهَا الْمُبْتَاعُ لِعَبْدِهِ فَوَلَدَتْ مِنْهُ رُدَّتْ مَعَ وَلَدِهَا وَلِوَلَدِهَا حُكْمُ وَلَدِ أُمِّ الْوَلَدِ وَقَالَ أَصْبَغُ ذَلِكَ سَوَاءٌ أَوْلَدَهَا الْمُشْتَرِي أَوْ زَوْجُهَا لَا قِيمَةَ لِلْبَائِعِ فِي وَلَدِهَا لِأَنَّهُ أَبَاحَهَا قَالَ أَصْبَغُ وَإِنْ بَاعَهَا فَشَرَطَ أَنَّهَا حُرَّةٌ لَمْ تُرَدَّ وَوَلَاؤُهَا لِسَيِّدِهَا وَيَسُوغُ لَهُ الثَّمَنُ لِعِلْمِ الْمُبْتَاع بأخذها لَا عَلَى أَنْ يُعْتِقَهَا فَإِنْ بَاعَهَا عَلَى أَنْ يُعْتِقَهَا الْمُبْتَاعُ لَا عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ مِنْ حينها ردَّتْ مالم تَفُتْ بِالْعِتْقِ فَيُمْضَى وَالْوَلَاءُ لِلْبَائِعِ وَيَسُوغُ لَهُ الثَّمَنُ لِعِلْمِ الْمُبْتَاعِ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ لَرَجَعَ بِالثّمن قَالَ اللَّخْمِيّ ظَاهر الْمَذْهَب إِذا نقض الْبَيْعُ لَا شَيْءَ عَلَى الْبَائِعِ مِنْ نَفَقَةِ المُشْتَرِي عَلَيْهِ وَلَا لَهُ قِيمَةُ خِدْمَتِهَا لِأَنَّ الْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ وَقَالَ سَحْنُونٌ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالنَّفَقَةِ

وَالْآخر بِالْخدمَةِ لِأَنَّهَا غير مَضْمُونَة وَلَو أَخذهَا السَّيِّدُ فَفَاتَتِ الْإِجَارَةَ لَكَانَتْ لِلسَّيِّدِ وَاخْتُلِفَ فِي الْمُسْتَحَقِّ بِحُرِّيَّتِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْ خَرَاجِهِ وَخَالَفَهُ الْمُغِيرَةُ لِأَنَّهُ غير مَضْمُون وَإِذا رد إِلَيْهِ تحفظ مِنْهُ عَلَيْهَا لَيْلًا يَعُودَ لِبَيْعِهَا وَلَا يُمَكَّنُ مِنَ السَّفَرِ بِهَا فَإِنْ لَمْ يُمَكَّنِ التَّحَفُّظُ عَتَقَتْ عَلَيْهِ كَقَوْلِ مَالِكٍ فِي بَائِعِ امْرَأَتِهِ السَّابِعَةُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَصْبَغُ إِنْ قَالَ لِأُمِّ وَلَدِهِ إِنْ وَطِئْتُكِ فَأَنْتِ حُرَّةٌ لَمْ تُعْتَقْ عَلَيْهِ لِبَقَاءِ التَّلَذُّذِ بِغَيْرِ الْوَطْءِ وَلَوْ كَانَ يَمْلِكُ أُخْتَهَا لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى يَحْرُمَ فَرْجُ هَذِه بِغَيْر هَذِه الْأَيْمَان الثَّامِنَةُ قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا مَاتَ سَيِّدُهَا وَبِيَدِهَا حُلِيٍّ وَمَتَاعٌ فَهُوَ لَهَا لِأَنَّ الْيَدَ تُوجِبُ الْمِلْكَ إِلَّا الْأَمْرُ الْمُسْتَكْثَرُ وَكَذَلِكَ مَا كَانَ لَهَا مِنْ ثِيَابٍ إِنْ عُرِفَ أَنَّهَا كَانَتْ تَلْبَسُهَا فِي حَيَاةِ سَيِّدِهَا وَعَنْهُ الْحُلِيُّ وَاللِّحَافُ وَالْفِرَاشُ وَالثِّيَابُ لَهَا وَمَتَاعُ الْبَيْتِ يُحْتَاجُ فِيهِ لِلْبَيِّنَةِ وَإِنْ كَانَ مِنْ مَتَاعِ النِّسَاءِ بِخِلَافِ الْحُرَّةِ وَعَنْهُ إِنْ وَصَّى عِنْدَ مَوْتِهَا أَنَّهَا إِن قَامَت على وَلَدهَا لدعوا لَهَا مَا كَانَ لَهَا مِنْ حُلِيٍّ وَكُسْوَةٍ وَإِنْ لَمْ تَقُمْ وَتَزَوَّجَتْ فَخُذُوهُ فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ بَلْ هُوَ لَهَا مَتَى مَاتَ وَلَيْسَ لَهُ فِي مَرَضِهِ انْتِزَاعُ مَا كَانَ أَعْطَاهَا وَكَذَلِكَ الْمُدَبَّرَةُ التَّاسِعَةُ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ إِنْ جَنَتْ فَعَلَى السَّيِّدِ فِدَاؤُهَا قِيَاسًا عَلَى الْقِنِّ الَّذِي مُنِعَ مَنْ بِيْعِهِ لِسَبَبٍ قَالَ وَإِذَا قَتلهَا فَبِالْأَقَلِّ مَنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ عَلَيْهَا وَعَلَى وَلَدِهَا لَهُ

وَقيمتهَا فِي جِنَايَةِ الْقَتْلِ وَقِيمَتُهُمْ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ قَبْضِ الْأَرْشِ فَهَلْ هُوَ لِوَارِثِهِ أَوْ يَتْبَعُهَا كَمَالِهَا رِوَايَتَانِ فِي الْمُنْتَقَى وَإِذَا قُوِّمَتْ فِي الْجِنَايَةِ قَالَ مَالِكٌ تُقَوَّمُ بِغَيْرِ مَالِهَا قَالَ وَأَرَى أَنْ تُقَوَّمَ بِمَالِهَا وَقَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ كَالْأَمَةِ الْقِنِّ فَإِنْ مَاتَتْ بَعْدَ الْجِنَايَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا شَيْءَ لِلْمَجْرُوحِ مِنْ مَالِهَا لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ حَيَّةً لَقُوِّمَتْ بِغَيْرِ مَالِهَا وَقَالَ عبد الْملك إِن كَانَ غَنِيا أَدَّى مِنْهُ الْأَرْشَ فَإِنْ لَمْ يَفِ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهُ وَإِنْ كَانَ عَرَضًا خُيِّرَ سَيِّدُهَا فِي فِدَائِهِ أَوْ إِسْلَامِهِ فَإِنْ تَكَرَّرَتْ جِنَايَتُهَا وَتَعْقُبُ كُلُّ جِنَايَةٍ الْحُكْمَ فِيهَا فَحُكْمُ الثَّانِيَة وَمَا بعْدهَا حكم الأولى اَوْ تَكَرَّرت قَبْلَ الْقِيَامِ عَلَيْهَا فَعَنْ مَالِكٍ لَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا قِيمَتُهَا بِجَمِيعِ الْجِنَايَاتِ كَالْقِنِّ إِذَا جَنَتْ جِنَايَاتٍ وَقَالَهُ ح وَأَحَدُ قَوْلَيْ ش وَلَا يَرْجِعُ عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ إِذَا عَتَقَتْ بِشَيْءٍ مِنْ جِنَايَاتِهَا إِذَا حُكِمَ عَلَى السَّيِّدِ بِالْقِيمَةِ لِأَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِقِيمَتِهَا دُونَ ذِمَّتِهَا الْعَاشِرَةُ قَالَ صَاحِبُ الْإِشْرَافِ لَيْسَ لَهُ إِجَارَتُهَا خِلَافًا لِ ح وش قِيَاسًا عَلَى بَيْعِهَا الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ قَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ عَنْ مَالِكٍ لَهُ أَنْ يُجْبِرَهَا عَلَى الزواج وَعنهُ لابد مِنْ إِذْنِهَا وَعَنْهُ وَلَا يَأْذَنُهَا وَبِهَذِهِ الرِّوَايَةِ قَالَ ش وَبِالْجَبْرِ قَالَ ح كَالْأَمَةِ الْقِنِّ وَكَالْمُدَبَّرَةِ وَاشْتِرَاطُ الْإِذْنِ لِمَا فِيهَا مِنْ شَائِبَةِ الْحُرِّيَّةِ وَقِيَاسًا عَلَى الْمُكَاتَبَةِ وَوَجْهُ الْمَنْعِ لِنَقْصِ الْمِلْكِ عَنِ الْجَبْرِ وَلَمْ تَكْمُلِ الْحُرِّيَّةُ فَامْتَنَعَ التَّزْوِيجُ كَنَقْصِ الْعُمْرِ عَنِ التَّزْوِيجِ فِي الصَّغِيرَةِ وَهِيَ تَكْمُلُ فَامْتَنَعَ تَزْوِيجُهَا وَعَلَى الْمَنْعِ فَهَلْ يُمْتَنَعُ تَزْوِيجُ الْحَاكِمِ قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْهَا وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَاقِصٌ وَفِي الْجَلَّابِ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا بِرِضَاهَا لِأَنَّهُ تَمْكِينُ غَيْرِهِ مِنْ فِرَاشِهِ وَهُوَ تَأْبَاهُ الْمُرُوءَةُ فِي الْمُنْتَقَى فَإِنْ زَوَّجَهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا نَفْسَخُهُ

الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ قَالَ الْبَاجِيُّ فِي الْمُنْتَقَى قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَتْبَعُهَا فِي الْخِدْمَةِ وَإِنْ كَانَت دنية بل تخْدم الدنيه فِيمَا خف وَقَالَ ش وح لَهُ فِيهَا الْخِدْمَةُ مَعَ الِاسْتِمْتَاعِ قَالَ وَهُوَ الْأَظْهَرُ عِنْدِي اسْتِصْحَابًا لِلْمِلْكِ فِي ذَلِكَ وَقِيَاسًا عَلَى أَوْلَادِهَا الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ قَالَ عَلَيْهِ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهَا فَإِنْ أَعْسَرَ فَفِي عِتْقِهَا عَلَيْهِ قَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَحْصُلُ النَّفَقَةُ بِالزَّوَاجِ قِيَاسًا عَلَى الْأَمَةِ إِذَا أَعْسَرَ بِنَفَقَتِهَا فَإِنْ غَابَ عَنْهَا وَلَمْ يَتْرُكْ نَفَقَةً فَهَلْ تُعْتَقُ عَلَيْهِ لِأَنَّ تَزْوِيجَهَا مَكْرُوهٌ أَوْ يُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ قَوْلَانِ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ قَالَ حُكْمُهَا بَعْدَ مَوْتِهِ حُكْمُ الْحَرَائِرِ إِنْ وُلِدَتْ قَبْلَ وَفَاتِهِ فَإِنْ مَاتَ وَهِي حَامِل فَعَن مَالك تمت حرمتهَا وَقَالَ الْمُغِيرَةُ يُوقَفُ أَمْرُهَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ رِيحًا قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ إِيقَافُهَا يُرْوَى عَنْ مَالِكٍ وَعَلَيْهِ تَكُونُ لَهَا النَّفَقَةُ وَيُخْتَلَفُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا تَكُونُ حُرَّةً بِتَبَيُّنِ الْحَمْلِ هَلْ لَهَا نَفَقَةٌ عَلَى الْخِلَافِ فِي أُمِّ الْوَلَدِ الْحَامِلِ هَلْ لَهَا نَفَقَةٌ فِي تَرِكَةِ سَيِّدِهَا لِمَالِكٍ قَوْلَانِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ أَنَّ الْحُرَّةَ لَا نَفَقَةَ لَهَا مِنْ مَالِ زَوْجِهَا وَإِنْ حَبَسَهَا الْمِيرَاثُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ فِي الْجَلَّابِ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ فَحَمَلَتْ أَمَتُهُ مِنْهُ لَمْ تبع فِي دَيْنِهِ كَالْمَرِيضِ يَطَأُ فَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ وَتُعْتَقُ وَتُرَدُّ بِالْفِعْلِ أَقْوَى مِنَ الْقَوْلِ قَالَ شَارِحُ الْجَلَّابِ إِلَّا أَنْ يُحَجَّرَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْوَطْء فتباع فِي الدّين بعد الْوَضع تمّ كتاب أُمَّهَات الْأَوْلَاد وبتمامه تمّ الْجُزْء الْحَادِي عشر يَلِيهِ الْجُزْء الثَّانِي عشر وأوله كتاب الْجِنَايَات

(كتاب الجنايات)

(كتاب الْجِنَايَات) وَهِي سَبْعَة: الْبَغي وَالرِّدَّة وَالزِّنَا وَالْقَذْفُ وَالسَّرِقَةُ وَالْحِرَابَةُ وَالشُّرْبُ وَأَصْلُهَا مِنَ الْجَنْيِ كَأَنَّ مَنْ فَعَلَ أَحَدَهَا فَقَدِ اسْتَثْمَرَ أَخْلَاقَهُ كَمَا تُجْنَى الثَّمَرَةُ مِنَ الشَّجَرَةِ 3 - (الْجِنَايَةُ الْأُولَى فِي الْبَغْيِ وَالنَّظَرِ فِي صِفَاتِ الْبُغَاةِ وَأَحْكَامِهِمْ) النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي صِفَاتِهِمْ وَأَصْلُهَا لُغَةً الطَّلَبُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {مَا نَبْغِي هَذِهِ بِضَاعَتُنَا ردَّتْ إِلَيْنَا} أَيْ مَا نَطْلُبُ وَفِي الْجَوَاهِرِ خَصَّصَهُ الشَّرْعُ بِبَعْضِ مَوَارِدِهِ وَهُوَ الَّذِي يَخْرُجُ عَلَى الْإِمَامِ يَبْغِي خَلْعَهُ أَوْ يَمْتَنِعُ مِنَ الدُّخُولِ فِي طَاعَتِهِ أَوْ يَمْنَعُ حَقًّا وَجَبَ عَلَيْهِ بِتَأْوِيلٍ وَوَافَقَنَا الْأَئِمَّةُ عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ غَيْرَ أَنَّهُمْ نصوا على

النظر الثاني في أحكامهم

اشْتِرَاطِ الْكَثْرَةِ الْمُحْوِجَةِ لِلْجَيْشِ وَأَنَّ الْعَشَرَةَ وَنَحْوَهَا قُطَّاعُ الطَّرِيقِ لِأَنَّ ابْنَ مُلْجَمٍ لَمَّا جَرَحَ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لِلْحَسَنِ إِنْ بَرِئْتُ رَأَيْتُ رَأْيِي وَإِنْ مِتُّ فَلَا تُمَثِّلُوا بِهِ فَلَمْ يُثْبِتْ لِفِعْلِهِ حُكْمَ الْبُغَاةِ وَاشْتَرَطُوا التَّأْوِيلَ مَعَ الْكَثْرَةِ وَالْخُرُوجِ عَلَى الْإِمَامِ فَجَعَلُوا الشُّرُوطَ ثَلَاثَةً وَاخْتَلَفُوا فِي الْخَوَارِجِ الْمُكَفِّرِينَ لِكَثِيرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ الْمُسْتَحِلِّينَ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ وَأَمْوَالَهُمْ فَقَالَ (ش) و (ح) ومتأخرو الْجِنَايَات هُمْ بُغَاةٌ وَلِمَالِكٍ فِي تَكْفِيرِهِمْ قَوْلَانِ فَعَلَى تكفيرهم يكونُونَ بغاة النَّظَرُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهِمْ وَهِيَ اثْنَا عَشَرَ الْأَوَّلُ وُجُوبُ قِتَالِهِمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تفيئ إِلَى أَمر الله} وفيهَا أَربع فَوَائِد الأولى أَنه تَعَالَى لَمْ يُخْرِجْهُمْ بِالْبَغْيِ عَنِ الْإِيمَانِ لِأَنَّهُ تَعَالَى سَمَّاهُمْ مُؤْمِنِينَ الثَّانِيَةُ ثُبُوتُ قِتَالِهِمْ لِأَنَّ الْأَمر للْوُجُوب الثَّالِثَة سُقُوط قِتَالهمْ إِذا فاؤوا إِلَى أَمْرِ اللَّهِ الرَّابِعَةُ جَوَازُ قِتَالِ كُلِّ مَنْ مَنَعَ حَقًّا عَلَيْهِ وَقَاتَلَ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَانَعِي الزَّكَاةِ بِتَأْوِيلٍ وَقَاتَلَ عَلِيٌّ رَضِي الله عَنهُ الْبُغَاة الَّذين امْتَنعُوا من بيعَته وهم

أَهْلُ الشَّامِ وَطَائِفَةٌ خَلَعَتْهُ وَهُمْ أَهْلُ الْقَيْرَوَانِ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا خَرَجُوا بَغْيًا وَرَغْبَةً عَنْ حُكْمِ الْإِمَامِ دَعَاهُمُ الْإِمَامُ إِلَى الْحَقِّ فَإِنْ أَبَوْا قَاتَلَهُمْ وَجَازَ لَهُ سَفْكُ دَمِهِمْ حَتَّى يُقِرَّهُمْ فَإِنْ تَحَقَّقَتْ هَزِيمَتُهُمْ وَأُمِنَتْ دَعْوَتُهُمْ فَلَا يَقْتُلْ مُنْهَزِمَهُمْ وَلَا يُذَفِّفْ عَلَى جَرِيحِهِمْ بِالذَّالِ الْمَنْقُوطَةِ وَهُوَ مَا يُسْرِعُ بِهِ إِلَى قَتله وَقَالَهُ الْأَئِمَّة فَإِن لم يَأْمَن رجوعهم قتل مُنْهَزِمُهُمْ وَجَرِيحُهُمْ وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي لله قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (يَا ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ مَا حُكْمُ مَنْ بَغَى مِنْ أُمَّتِي فَقُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ أَن لَا يتبع مدبرهم وَلَا يُجهز بِالرَّأْسِ الْمُقدمَة عَلَى جَرِيحِهِمْ وَلَا يُقْتَلُ أَسِيرُهُمْ وَلَا يُقَسَّمُ فيئهم) وَلِأَن الْعِصْمَةَ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ (فَإِنْ قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا) وَيَقْتُلُ الرَّجُلُ فِي قِتَالِهِمْ أَخَاهُ وَقَرِيبَهُ مُبَارَزَةً وَغَيْرَ مُبَارَزَةٍ وَجَدَّهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ كَمَا فِي قِتَالِ الْكُفَّارِ لِأَنَّهُ قِتَالُ ضَرُورَةٍ وَلَا أُحِبُّ قَتْلَ الْأَب وَحده عمدا مُبَارَزَةً أَوْ غَيْرَهَا وَإِنْ كَانَ كَافِرًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَا تقل لَهما أُفٍّ وَلَا تنهرهما} وَقَالَ تَعَالَى (وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشكر لي ولوالديك الي الْمصير وَإِن جَاهَدَاك

عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تطعهما} فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْكَافِرَ انْدَرَجَ فِي الْمُوصَى ببره لِأَنَّهُ لَا يَأْمر بالشرك إِلَّا كَافِر وَقَالَ أَصْبَغُ يَقْتُلُ أَبَاهُ وَأَخَاهُ وَإِذَا امْتَنَعَ أَهْلُ الْبَغْيِ وَكَانُوا أَهْلَ بَصَائِرَ وَتَأْوِيلٍ أَوْ أهل عصبية من الإِمَام الْعدْل ينصب المجانيق عَلَيْهِم وَيَقْطَعُ مَيْرَتَهُمْ وَمَاءَهُمْ أَوْ يُرْسِلُ الْمَاءَ عَلَيْهِمْ لِيُغْرِقَهُمْ كَالْكُفَّارِ وَإِنْ كَانَ فِيهِمُ النِّسَاءُ وَالذُّرِّيَّةُ وَلَا يرميهم بالنَّار إِلَّا أَن لَا يَكُونَ فِيهِمْ نِسَاءٌ وَلَا ذُرِّيَّةٌ فَلَهُ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِمْ مَنْ لَا يَرَى رَأْيَهُمْ وَيَكْرَهُ بَغْيَهُمْ أَوْ خِيفَ أَنْ يَكُونَ فِيهِمْ فَلَا يَفْعَلُ شَيْئًا مِمَّا ذَكَرْنَاهُ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ إِذَا حَضَرَ مَعَهُمْ مَنْ لَا يُقَاتِلُ فَقَالَ ابْن حَنْبَل وَالشَّافِعِيّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ لَا يُقْتَلُ لِأَنَّ عَلِيًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نَهَى أَصْحَابَهُ عَنْ قَتْلِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ السَّجَّادِ وَقَالَ إِيَّاكُمْ وَصَاحِبَ الْبُرْنُسِ وُصِفَ بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ عِبَادَتِهِ فَقَتَلَهُ رَجُلٌ وَأَنْشَأَ يَقُولُ (وَأَشْعَثَ قَوَّامٍ بِآيَاتِ رَبِّهِ ... قَلِيلِ الْأَذَى فِيمَا تَرَى الْعَيْنُ مُسْلِمِ) (هَتَكْتُ لَهُ بِالرُّمْحِ جَيْبَ قَمِيصِهِ ... فَخَرَّ صَرِيعًا لِلْيَدَيْنِ وَلِلْفَمِ) (عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ غَيْرَ أَنْ لَيْسَ تَابِعًا ... عَلِيًّا وَمَنْ لَمْ يَتْبَعِ الْحَقَّ يُظْلَمِ) (يُنَاشِدُنِي حَامِيم وَالرمْح ساجر ... فَهَلَّا تَلَا حَامِيمَ قَبْلَ التَّقَدُّمِ) وَكَانَ السَّجَّادُ حَامِلَ رَايَةِ أَبِيهِ وَلَمْ يَكُنْ يُقَاتِلُ فَلَمْ يُنْكِرْ عَلِيٌّ قَتْلَهُ وَلِأَنَّهُ

مُبَارَزَةٌ لَهُمْ أَوْ يُلَاحِظُ أَنَّ الْمُؤْمِنَ مَعْصُومُ الدَّمِ إِلَّا مَا أَجْمَعْنَا عَلَى تَخْصِيصِهِ فَتَوَجَّهَ الْخِلَافُ وَإِذَا اسْتَعَانَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ بِالذِّمَّةِ رُدُّوا إِلَى ذِمَّتِهِمْ وَوُضِعَ عَنْهُمْ مِثْلَ مَا وُضِعَ عَنِ الْمُتَأَوِّلِينَ وَإِنْ قَاتَلَ النِّسَاءُ مَعَ الْبُغَاةِ بِالسِّلَاحِ فَلَنَا قَتْلُهُنَّ فِي الْقِتَالِ وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْنَ إِلَّا بِالتَّحْرِيضِ وَرَمْيِ الْحِجَارَةِ فَلَا يُقْتَلْنَ إِلَّا أَنْ يَقْتُلْنَ أَحَدًا بِذَلِكَ وَإِنْ أُسِرْنَ وَقَدْ كُنَّ يُقَاتِلْنَ قِتَالَ الرِّجَالِ لَمْ يُقْتَلْنَ إِلَّا أَن يكن قد قتلن قَالَ الشَّيْخ يُرِيدُ فِي غَيْرِ أَهْلِ التَّأْوِيلِ نَظَائِرُ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ يَمْتَازُ قِتَالُ الْبُغَاةِ عَلَى قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ بِأَحَدَ عَشَرَ وَجْهًا أَنْ يُقْصَدَ بِالْقِتَالِ رَدْعُهُمُ الْقَهْرِيُّ وَيُكَفَّ عَنْ مُدْبِرِهِمْ وَلَا يُجْهَزَ عَلَى جَرِيحِهِمْ وَلَا يُقْتَلَ أَسْرَاهُمْ وَلَا تُغْنَمَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا تُسْبَى ذَرَارِيهِمْ وَلَا يُسْتَعَانَ عَلَيْهِمْ بمشرك وَلَا يوادعهم عَلَى مَالٍ وَلَا تُنْصَبَ عَلَيْهِمُ الرَّعَّادَاتُ وَلَا تحرق عَلَيْهِم المساكن وَلَا يقطع شَجَرُهُمْ وَقِتَالُ الْمُحَارِبِينَ قِتَالُ الْبُغَاةِ إِلَّا فِي خَمْسٍ يُقَاتَلُونَ مُدْبِرِينَ وَيَجُوزُ تَعَمُّدُ قَتْلِهِمْ وَيُطَالَبُونَ بِمَا اسْتَهْلَكُوا مِنْ دَمٍ وَمَالٍ فِي الْحَرْبِ وَغَيْرِهَا وَيَجُوزُ حَبْسُ أَسْرَاهُمْ لِاسْتِبْرَاءِ حَالِهِمْ وَمَا أَخَذُوهُ من الْخراج والزكوات لَا تَسْقُطُ عَمَّنْ كَانَ عَلَيْهِ كَالْغَاصِبِ (الثَّانِي فِي الْجَوَاهِر إِن ولوا قَاضِيا وَأخذُوا الزَّكَاةَ أَوْ أَقَامُوا حَدًّا نَفَّذَ عَبْدُ الْمَلِكِ ذَلِكَ كُلَّهُ لِلضَّرُورَةِ مَعَ شُبْهَةِ التَّأْوِيلِ وَرَدَّهُ ابْن الْقَاسِم كُله بِعَدَمِ صِحَة الْولَايَة)

فرع

3 - فرع قَالَ وَلَا يَضْمَنُونَ مَا أَتْلَفُوهُ فِي الْفِتْنَةِ مِنْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ إِنْ كَانُوا خَرَجُوا بِتَأْوِيلٍ وَأَهْلُ الْعَصَبِيَّةِ وَمُخَالِفِةِ السُّلْطَانِ بِغَيْرِ تَأْوِيلٍ يَلْزَمُهُمُ النَّفْسُ وَالْمَالُ قَائِمًا أَوْ فَائِتًا قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ وَلَا يَضْمَنُ الْمُرْتَدُّونَ النَّفْسَ وَالْمَالَ وَهُوَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ لِابْنِ بَشِيرٍ قَالَ وَلَا خِلَافَ أَنَّ أَهْلَ الْعَدْلِ لَا يَضْمَنُونَ وَأَنَّ مَا أَتْلَفَتْهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى فِي غَيْرِ الْقِتَالِ أَنَّهُ يُضْمَنُ وَقَالَ (ح) مَا أَتْلَفَهُ الْبُغَاةُ لَا يُضْمَنُ بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ قَبْلَ الدُّخُول بدار الْحَرْب وَبعد اللحوق بدار الْحَرْب يُضْمَنُ وَوَافَقَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ فِي الْبُغَاةِ وَعِنْدَ (ش) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ قَوْلَانِ لَنَا فِي الْمُرْتَدِّينَ قَوْله تَعَالَى {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يغْفر لَهُم مَا قد سلف} وَقَوله عَلَيْهِ السَّلَام - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (الْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ) وَإِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ لِأَنَّ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لِلْمُرْتَدَّيْنِ مُسَيْلِمَةَ وطليحة وَغَيْرِهِمَا تَدُونُ قَتْلَانَا وَلَا نَدِي قَتْلَاكُمْ فَقَالَ عُمَرُ وَلَا يَدُونَ

قَتْلَانَا وَإِنَّمَا أَصْحَابُنَا عَمِلُوا لِلَّهِ تَعَالَى فَأَجْرُهُمْ عَلَى اللَّهِ فَسَكَتَ أَبُو بَكْرٍ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ وَكَانَ إِجْمَاعًا وَلَنَا فِي الْبُغَاةِ قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا - إِلَى قَوْله - فَقَاتلُوا الَّتِي تبغي} وَالْإِذْنُ فِي الْقِتَالِ يُسْقِطُ الضَّمَانَ كَالسَّبْعِ وَالصَّائِلِ وَقِيَاسًا عَلَى الْحَرْبِيِّينَ وَلِأَنَّهُ لَا يَضْمَنُ الْمُحِقُّ فَلَا يَضْمَنُ الْمُبْطِلُ كَالْمُسْلِمِينَ عَلَى الْكُفَّارِ احْتَجُّوا بِالْقِيَاسِ عَلَى الْأَمْوَالِ الْبَاقِيَةِ الْعَيْنِ وَلِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الضَّمَانِ فِي حَقِّ الْآخَرِ فِي إِتْلَافِ الْعُدْوَانِ فَيَضْمَنُ مُطْلَقًا كَغَيْرِ الْبَاغِي وَقِيَاسًا عَلَى مَا بَعْدَ الْقِتَالِ وَقَاطِعِ الطَّرِيقِ وَأَهْلِ الْعَدْلِ فِي بَعْضِهِمْ وَعَلَى الْجَمَاعَةِ الَّتِي لَا تَمْتَنِعُ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ بِالْفَرْقِ بِأَنَّ الْمُعَيَّنَ لَا يَتَقَرَّرُ فِي الذِّمَّةِ بِخِلَافِ التَّالِفِ وَلِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِي رَدِّ الْعَيْنِ الْقَائِمَةِ وَالْغَرَامَةِ فِي التَّالِفَةِ. وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي بِالْفَرْقِ بِعَدَمِ الْعُذْرِ وَتَحَقُّقِ الْقَصْدِ لِلْفَسَادِ وَهُوَ جَوَابُ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ وَالْخَامِسِ وَعَنِ السَّادِسِ أَنَّهُمْ إِذَا امْتَنعُوا كَانُوا أضرّ على الْإِسْلَام فيتلافوا بِإِسْقَاطِ التَّبِعَاتِ إِذَا رَجَعُوا الرَّابِعُ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ لَا تُؤْخَذُ أَمْوَالُهُمْ وَلَا حَرِيمُهُمْ وَلَا يُقْتَلُ أَسِيرُهُمْ وَيُؤَدَّبُ وَيُسْجَنُ حَتَّى يَتُوبَ وَإِنْ قَتَلَ أَحَدًا قُتِلَ بِهِ إِنْ كَانُوا بِغَيْرِ تَأْوِيلٍ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ كَانَتْ لَهُمْ فِيهِ قَائِمَةٌ اسْتَعَانَ الْإِمَامُ بِسِلَاحِهِمْ وَكُرَاعِهِمْ عَلَى قِتَالِهِمْ إِنِ احْتَاجَ إِلَيْهِ وَيُرَدُّ لِرَبِّهِ إِذَا زَالَتِ الْحَرْبُ وَلَا يُسْتَعَانُ

بِشَيْءٍ مِنْهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ قَائِمَةٌ وَيُرَدُّ إِلَيْهِمْ أَوْ لِأَهْلِهِمْ عِنْدَ الْأَمْنِ مِنْهُمْ الْخَامِسُ قَالَ إِذَا سَأَلَ أَهْلُ الْبَغْيِ الْإِمَامَ الْعَدْلَ التَّأْخِيرَ أَيَّامًا أَوْ شَهْرًا حَتَّى يَنْظُرُوا فِي أَمْرِهِمْ أَوْ يُدْلُوا بِحُجَّةٍ لَمْ يَحِلَّ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُمْ وَلَهُ تَأْخِيرُهُمْ تِلْكَ الْمُدَّةَ مَا لم يقاتلوا فِيمَا أخذُوا أَو يفسدوا فَلَا يُؤَخِّرُهُمْ حِينَئِذٍ السَّادِسُ فِي النَّوَادِرِ إِذَا قَتَلَ الْبُغَاةُ أَوِ الْكُفَّارُ رَهَائِنَنَا لَمْ نَقْتُلْ رهائنهم ونردهم اليهم وَكَذَلِكَ فعله مُعَاوِيَةُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ نَسْتَرِقُّهُمْ وَلَا نَرُدُّهُمْ السَّابِعُ قَالَ قَتْلَانَا فِي الْقِتَالِ كَالشُّهَدَاءِ وَقَتْلَاهُمْ يُتْرَكُونَ إِنْ صَلَّى عَلَيْهِمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ وَإِلَّا دُفِنُوا بِغَيْرِ صَلَاةٍ وَعِنْدَ سَحْنُونٍ يُصَلِّي عَلَيْهِمْ غير الإِمَام الثَّامِن لَا يبْعَث بالرؤس لِلْآفَاقِ لِأَنَّهُ مِثْلُهُ التَّاسِعُ مَنْ قَتَلَ أَبَاهُ أَوْ أَخَاهُ مِنَ الْبُغَاةِ لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ مِيرَاثُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَجَّلْ مَا أَجَّلَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَيحرم الْعَاشِر قَالَ إِن ألجأونا إِلَى دَار الْحَرْب لم يجز أَن يغزوا بِمُشْرِكِينَ عَلَيْهِمْ الْحَادِيَ عَشَرَ قَالَ إِذَا اقْتَتَلَ مِنْهُمْ طَائِفَتَانِ لَا نَقْدِرُ نَحْنُ عَلَى إِحْدَاهُمَا (فَلَا نُقَاتِلُ مَعَ إِحْدَاهُمَا) الْأُخْرَى لِأَنَّهُمْ غَيْرُ مُنْضَبِطِينَ لِلْقِتَالِ الْمَشْرُوعِ الثَّانِيَ عَشَرَ إِنْ سَبَوْا مُشْرِكِينَ قَدْ صَالَحْنَاهُمْ حَرُمَ عَلَيْنَا شِرَاؤُهُمْ مِنْهُمْ

- (الجناية الثانية الردة)

وَنُقَاتِلُهُمْ لِخَلَاصِهِمْ وَكَذَلِكَ مَنْ صَالَحَهُمْ أَهْلُ الْبَغْيِ مِنَ الْكُفَّارِ بِخِلَافِ لَوِ اسْتَعَانُوا بِهِمْ لِأَنَّ الِاسْتِعَانَة لَيْسَ تَأْمِينًا تَنْبِيهٌ الْأَصْلُ فِي الْإِتْلَافِ إِيجَابُ الضَّمَانِ وَاسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ صُورَتَانِ الْبُغَاةُ تَرْغِيبًا فِي الرُّجُوع إِلَى الْحق والحكام لَيْلًا يَزْهَدَ النَّاسُ فِي الْوِلَايَاتِ فَتَضِيعَ الْحُقُوقُ 3 - (الْجِنَايَةُ الثَّانِيَةُ الرِّدَّةُ) نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى الْعَافِيَةَ مِنْهَا وَمِنْ غَيْرِهَا وَالنَّظَرُ فِي حَقِيقَتِهَا وَحُكْمِهَا النَّظَرُ الْأَوَّلُ: فِي حَقِيقَتِهَا وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ قَطْعِ الْإِسْلَامِ مِنْ مُكَلَّفٍ وَفِي غَيْرِ الْبَالِغِ خِلَافٌ إِمَّا بِاللَّفْظِ أَو بِالْفِعْلِ كإلقاء الْمُصحف فِي الْقَاذُورَاتِ وَلِكِلَيْهِمَا مَرَاتِبُ فِي الظُّهُورِ وَالْخَفَاءِ وَلِذَلِكَ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ فِيهَا إِلَّا عَلَى التَّفْصِيلِ وَلِاخْتِلَافِ الْمَذَاهِبِ فِي التَّكْفِيرِ وَالْأَصْلُ حَمْلُهُ عَلَى الِاخْتِيَارِ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَغَيْرِهِ حَتَّى يَثْبُتَ الْإِكْرَاهُ فَيَسْقُطَ اعْتِبَارُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِلا من أكره وَقَلبه مطمئن بِالْإِيمَان} وَفِي هَذَا الطَّرَفِ سَبْعُ مَسَائِلَ: الْأُولَى فِي الْجَوَاهِرِ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ أَسْلَمَ ثُمَّ ارْتَدَّ عَنْ قُرْبٍ وَقَالَ أَسْلَمْتُ عَنْ ضِيقٍ إِنْ عُرِفَ أَنَّهُ عَنْ ضِيقٍ نَالَهُ أَوْ خَوْفٍ وَنَحْوِهِ عُذِّرَ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُعْذَرُ وَيُقْتَلُ وَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ عَنْ ضِيقٍ وَقَالَهُ (ش) لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ عَلَى الْإِسْلَامِ مَشْرُوعٌ كَمَا فِي الْحَرْبِيِّينَ جَوَابُهُ أَنَّهُ مُسْلِمٌ فِيهِمْ لِعَدَمِ الْعَهْدِ أَمَّا الذِّمِّيُّ فَعَهْدُهُ يَمْنَعُ الْإِكْرَاهَ فَلَا يَثْبُتُ مِنْهُ إِسْلَامٌ حَقِيقِيٌّ مَعَ اخْتِيَارٍ قَالَ أَصْبَغُ قَوْلُ مَالِكٍ أَحْسَنُ إِلَّا أَنْ يَثْبُتَ عَلَى الْإِسْلَامِ بَعْدَ الْخَوْفِ قَالَ مُحَمَّد

فِي النَّصْرَانِيِّ يَصْحَبُ الْقَوْمَ فِي سَفَرٍ فَيُظْهِرُ الْإِسْلَامَ وَيَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي وَرُبَّمَا أَمَّهُمْ فَلَمَّا أَمِنَ قَالَ تحصنت بِالْإِسْلَامِ لَيْلًا توخذ بَنَاتِي وَنَحْوَ ذَلِكَ لَهُ إِنْ أَشْبَهَ مَا قَالَ وَيُعِيدُونَ مَا صَلَّوْا خَلْفَهُ فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ وَقَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ فَدَارَى عَنْهَا وَعَنْ مَالِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيُعِيدُ الْقَوْمُ صَلَاتَهُمْ أَوْ فِي مَوْضِعٍ هُوَ فِيهِ آمِنٌ عُرِضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ إِنْ أَسْلَمَ لَمْ يُعِيدُوا صَلَاتَهُمْ وَإِلَّا قُتِلَ وَأَعَادُوا قَاعِدَةٌ الْإِكْرَاهُ مُسْقِطٌ لِاعْتِبَارِ الْأَسْبَابِ كَالْبَيْعِ وَالطَّلَاقِ وَغَيْرِهِمَا وَالرِّدَّةُ سَبَبُ الْإِهْدَارِ وَالْإِسْلَامُ سَبَبُ الْعِصْمَةِ فَيَسْقُطَانِ مَعَ الْإِكْرَاهِ غَيْرَ أَنَّ (ش) اشْتَرَطَ الْإِكْرَاهَ عَلَى غَيْرِ الذِّمِّيِّ يَقْضِي بِإِسْقَاطِهِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَلْزَمَهُ عَلَى الطَّلَاقِ. وَإِلَّا لَا يَسْقُطُ وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأَسْبَاب وَنحن نلاحظ الْمَعْنى فَمَتَى ألجئ للشيئ بِالْخَوْفِ عَلَى غَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُ الْمُكْرِهُ لَهُ عُدَّ إِكْرَاهًا فِيهِ وَهُوَ مُقْتَضَى الْفِقْهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ وُقُوعُ التَّصَرُّفِ عَلَى خِلَافِ الدَّاعِيَةِ وَالِاخْتِيَارِ وَأَنَّهُ صَارَ كَالْآلَةِ وَمَا فِيهِ مِنَ الدَّاعِيَةِ مَنْسُوبٌ لِلْمُكْرِهِ لَا لَهُ الثَّانِيَةُ فِي النَّوَادِرِ قِيلَ لِرَاهِبٍ أَنْتَ عَرَبِيٌّ عَرَفْتَ فَضْلَ الْإِسْلَامِ فَمَا مَنَعَكَ مِنْهُ قَالَ كُنْتُ مُسْلِمًا زَمَانًا وَلَمْ أَرَهُ خَيْرًا مِنَ النَّصْرَانِيَّةِ فَرَجَعْتُ إِلَيْهَا وَقَالَ عِنْدَ

الْإِمَامِ كُنْتُ كَاذِبًا قَالَ ابْنُ وَهْبٍ لَا يُعَاقَبُ وَلَا يُسْتَتَابُ إِلَّا أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ مَنْ رَآهُ يُصَلِّي وَلَوْ رَكْعَةً الثَّالِثَةُ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ قَالَ أَسْلَمْتُ مَخَافَةَ الْجِزْيَةِ أَوْ أَمْرٌ أُظْلَمُ فِيهِ قُبِلَ مِنْهُ وَلَيْسَ كَالْمُرْتَدِّ وَلَوِ اشْتَرَى مُسْلِمَةً فَأُخِذَ مَعَهَا فَقَالَ أَنَا مُسْلِمٌ وَاعْتَرَفَ أَنَّهُ إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِمَكَانِهَا لَا يَلْزَمُهُ إِلَّا الْأَدَبُ دُونَ السَبْعِينَ سَوْطًا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ الرَّابِعَةُ قَالَ إِنِ ارْتَدَّ وَلَدُ الْمُسْلِمِ الْمَوْلُودُ عَلَى الْفِطْرَةِ وَعَقَلَ الْإِسْلَامَ وَلَمْ يَحْتَلِمْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ بِالضَّرْبِ وَالْعَذْابِ فَإِنِ احْتَلَمَ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَرْجِعْ قُتِلَ بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ يُسْلِمُ ثُمَّ يَرْتَدُّ وَقَدْ عَقَلَ ثُمَّ يَحْتَلِمُ على ذَلِك وَفرق بَينهمَا وَلَيْسَ كَذَلِك الْمُرْتَدِّ وَجَعَلَهُمْ أَشْهَبُ سَوَاءٌ وَيُرَدُّ إِلَى الْإِسْلَامِ بِالسَّوْطِ وَالسِّجْنِ وَقَالَ (ش) لَا تَنْعَقِدُ رِدَّةُ الصَّبِي وَالْمَجْنُون وَلَا اسلامها وَلَهُ فِي السَّكْرَانِ بِمَعْصِيَةٍ قَوْلَانِ وَمَنَعَ (ح) فِي السَّكْرَانِ الْإِسْلَامَ وَالرِّدَّةَ وَقَالَ أَصْبَغُ وَابْنُ حَنْبَلٍ يَصِحُّ إِسْلَامُ الصَّبِيِّ وَرِدَّتُهُ غَيْرَ أَنَّ (ح) قَالَ تَبِينُ امْرَأَتُهُ وَيَزُولُ مِلْكُهُ وَلَا يُقْتَلُ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ يُقْتَلُ بَعْدَ الْبُلُوغِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِلِاسْتِتَابَةِ لَنَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَه إِلَّا الله) الحَدِيث و - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ) وَقِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ وَالْحَجِّ وَهُوَ إِجْمَاعُ الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم فَأول الصِّبْيَانِ إِسْلَامًا عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَكَذَلِكَ الزُّبَيْرُ ابْنُ ثَمَانٍ وَهُوَ كَثِيرٌ وَإِذَا صَحَّ إِسْلَامُهُ فَكَذَلِكَ رِدَّتُهُ لِأَنَّهُمَا مَعْنيانِ يتقرران فِي الْقلب كَالْبَالِغِ احْتَجُّوا بقوله عَلَيْهِ السَّلَام - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ عَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ) وَأَنَّهُ لَا يَصِحُّ إِقْرَارُهُ وَلَا طَلَاقُهُ وَلَا عُقُودُهُ فَلَا تَصِحُّ رِدَّتُهُ وَإِسْلَامُهُ كَالْمَجْنُونِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ رَفْعَ الْقَلَمِ رَفْعُ الْإِثْمِ وَنَحْنُ لَا نُؤَثِّمُهُ حِينَئِذٍ بَلْ نَعْتَبِرُهُ شَيْئًا يَظْهَرُ أَمْرُهُ بعد الْبلُوغ وَالْجَوَاب عَن الثَّانِي أَنَّ هَذِهِ أَعْظَمُ خَطَرًا فَاعْتُبِرَتْ بِخِلَافِ غَيْرِهَا فَإِنْ قَاسُوا عَلَى قَتْلِ الْآدَمِيِّ فَإِنَّهُ لَا يُوجِبُ عَلَيْهِ قَتْلًا بَعْدَ الْبُلُوغِ قَرِيبًا بذلك ويؤكد مَا قُلْنَاهُ أَن الْأَسْبَاب الْعَقْلِيَّة مُعْتَبِرَةٌ مِنَ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ كَالِاصْطِيَادِ وَالِاخْتِطَافِ وَإِحْبَالِ الْإِمَاءِ وَالْكَفْرُ وَالْإِيمَانُ فِعْلَانِ لِلْقَلْبِ فَاعْتُبِرَا قَاعِدَةٌ خِطَابُ التَّكْلِيفِ يَفْتَقِرُ إِلَى الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَأَهْلِيَّةِ التَّكْلِيفِ وَخِطَابُ الْوَضْعِ لَا يَفْتَقِرُ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فِي أَكْثَرِ صُوَرِهِ وَهُوَ وَضْعُ الْأَسْبَابِ وَالشُّرُوطِ وَالْمَوَانِعِ كَالتَّطْلِيقِ بِالْإِعْسَارِ وَالتَّوْرِيثِ بِالْأَسْبَابِ وَالضَّمَانِ بِالْإِتْلَافِ وَالزَّكَاةِ بِمِلْكِ النِّصَابِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَمُقْتَضَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ اعْتِبَارُ الْإِسْلَامِ وَالْكُفْرِ مِنَ الصِّبْيَانِ لِأَنَّهُمَا سَبَبَانِ لِلْعِصْمَةِ وَالْإِهْدَارِ وَكَذَلِكَ الطَّلَاقُ وَالْقَتْلُ

- فرع

وَالْبُيُوعُ وَالْعُقُودُ وَالتَّصَرُّفَاتُ كُلُّهَا لِأَنَّهَا أَسْبَابٌ غَيْرَ أَنَّ ثَمَّ فُرُوقًا وَأَسْرَارًا نَذْكُرُهَا فِي أَبْوَابِ الْفِقْهِ فِي هَذِهِ الْفُرُوعِ غَيْرَ أَنَّ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَعَنَا فَنُنَبِّهُ بِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ عَلَى فُرُوعِهَا وَالسَّعْيِ فِي الْفِرَقِ مِمَّا اسْتُثْنِيَ عَنْهَا فَإِنَّهَا جَلِيلَةٌ تَنْبِيهٌ الطَّلَاقُ وَالْعُقُودُ يَنْبَنِي عَلَيْهَا فَوَاتُ مَصَالِحَ فِي الْأَعْرَاضِ وَالْمُعَوِّضَاتِ فَاشْتُرِطَ فِيهَا رِضَاهُ الْمُطَابِقُ لِلْمَصْلَحَةِ غَالِبًا وَذَلِكَ إِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَكَمَالِ الْعَقْلِ الْمُدْرِكِ لِذَلِكَ فَلَمْ يُعْتَبَرْ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَالْكُفْرُ وَالْإِيمَانُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَمْ يَكُنْ رِضَاهُ الْمُعْتَبَرُ مُعْتَبَرًا فِيهَا إِذْ الْحَقُّ لِغَيْرِهِ كَالْجِنَايَاتِ بِالْإِتْلَافِ وَغَيْرِهِ فَهَذَا سِرُّهَا مِنْ حَيْثُ الْإِجْمَالُ وَالتَّفْصِيلُ يُذْكَرُ فِي مَوَاضِعِهِ 3 - فَرْعٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ طَلَّقْتَ النَّصْرَانِيَّةَ وَغَفَلْتَ عَنْ وَلَدِهَا مِنْكَ حَتَّى احْتَلَمَ عَلَى النَّصْرَانِيَّةِ تُرِكَ وَكَذَلِكَ إِنْ أَسْلَمَ وَتَرَكَ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ حَتَّى كَبِرَ قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ لِتَعَيُّنِ إِسْلَامِهِ الْحُكْمِيِّ بِإِسْلَامِ أَبِيهِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ وَقْتَ الْإِسْلَامِ ابْنَ اثْنَتَيْ عَشَرَةَ سَنَةً لِاسْتِقْلَالِهِ بِالنَّظَرِ حِينَئِذٍ وَإِن مَاتَ أَبوهُ وقف مِيرَاثه وَإِن ثَبَتَ بَعْدَ الْبُلُوغِ نَصْرَانِيًّا لَمْ يَرِثْهُ وَإِلَّا وَرِثَ وَإِنْ أَسْلَمَ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَرِثَ أَيْضًا إِن كَانَ وَقْتَ الْإِسْلَامِ ابْنَ سِتٍّ فَهُوَ مُسْلِمٌ قَالَ مَالِكٌ إِنْ أَسْلَمَ وَالْوَلَدُ مُرَاهِقٌ وُقِفَ الْمِيرَاثُ إِلَى الْبُلُوغِ إِنْ أَسْلَمَ وَرِثَ وَإِلَّا تُرِكَ وَلَمْ يَرِثْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ قَبْلَ الْبُلُوغِ إِنْ قَالَ لَا أسلم وَإِن احْتَلَمت وَإِنْ أَسْلَمَ الْآنَ لَمْ يُعْطَ الْمِيرَاثَ لِلْبُلُوغِ وَالْمُرْتَدُّ قَبْلَ الْبُلُوغِ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ

وَلَا توكل ذَبِيحَتُهُ قَالَ سَحْنُونٌ مَنْ رَأَى عَدَمَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ كَانَتْ رِدَّتُهُ فُرْقَةً مِنِ امْرَأَتِهِ وَإِلَّا فَلَا وَالْأول قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الصَّبِيِّ وَالصَّبِيَّةِ وَإِنْ أَسْلَمَ وَعَقَلَ الْإِسْلَامَ وَارْتَدَّ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَمَاتَ وِرِثَهُ أَهْلُهُ لِضَعْفِ إِسْلَامِهِ لِأَنَّ مَالِكًا يُكْرِهُهُ بِالضَّرْبِ وَإِنْ بَلَغَ وَالْمُغِيرَةُ يَقْتُلُهُ إِنْ تَمَادَى بعد البلغ وَأَمَّا الْمُرْتَدُّ مِنْ أَوْلَادِ الْمُسْلِمِينَ فَأَجْمَعَ أَصْحَابُنَا عَلَى قَتْلِهِ إِذَا بَلَغَ وَتَمَادَى قَالَ مَالِكٌ إِنْ تَزَوَّجْتَ نَصْرَانِيَّةً فَلَمَّا بَلَغَ أَوْلَادُهَا قَالُوا لَا نُسْلِمُ لَا يُجْبَرُونَ عَلَى الْإِسْلَامِ وَلَا يُقْتَلُونَ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِي تَبَعِهِمْ لِأُمِّهِمْ الْخَامِسَةُ قَالَ قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ سَبَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى بِغَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي كَفَرَ بِهِ انْتَقَضَ عَهْدُهُ بِخِلَافِ نِسْبَةِ الصَّاحِبَةِ وَالْوَلَدِ وَالشَّرِيكِ مِمَّا هُوَ دِينُهُمُ الَّذِي أُقِرُّوا عَلَيْهِ بِالْجِزْيَةِ وَمَنْ تَزَنْدَقَ مِنْهُمْ لَا يُقْتَلُ لِخُرُوجِهِ مِنْ كُفْرٍ إِلَى كُفْرٍ قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُقْتَلُ لِأَنَّهُ دِينٌ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ بِالْجِزْيَةِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَمْ أَعْلَمْ مَنْ قَالَهُ وَلَا أَخَذَ بِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَنْ سَبَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوِ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ قُتِلَ وَلَمْ يُسْتَتَبْ وَكَذَلِكَ مَنْ عَابَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوْ نَقَصَهُ لِأَنَّهُ كَالزِّنْدِيقِ لَا تُعْرَفُ تَوْبَتُهُ قَالَ سَحْنُونٌ وَمِيرَاثُهُ لِلْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهُ رِدَّةٌ وَقَبِلَ تَوْبَته (ش) و (ح) واتفقا عَلَى أَنَّ حَدَّهُ الْقَتْلُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قضيت ويسلموا تَسْلِيمًا} فَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّ الْإِيمَانَ لَا يَجْتَمِعُ مَعَ الْحَرَجِ فَالسَّبُّ أَوْلَى بِالْمُنَافَاةِ ثُمَّ هَذَا الْقَتْلُ عِنْدَنَا حَدٌّ لَا يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ كَتَوْبَةِ الْقَاذِفِ

ونعرض للْكَلَام فِي الْقَذْف فَنَقُول هومعنى يُرَاعَى فِيهِ الْإِحْصَانُ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ مَا يعْتَبر فِي الْقَتْل كَالزِّنَا وَلَمْ يُتَصَوَّرِ الْقَتْلُ إِلَّا فِي حَقِّهِ عَلَيْهِ السَّلَام (لِأَن الْحُرْمَة لَهَا مَدْخَلٌ فِي الْقَذْفِ لِأَنَّ قَاذِفَ الْعَبْدِ لَا يُحَدُّ وَحُرْمَتُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا تُسَاوِي حُرْمَةَ أُمَّتِهِ فَيَكُونُ حَدُّهَا الْقَتْلَ احْتَجُّوا بِأَنَّ حُرْمَةَ اللَّهِ أَعْظَمُ وَتَوْبَتُهُ تُقْبَلُ وَلِأَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى الرِّدَّةِ وَالتَّوْبَةُ تُسْقِطُ حَدَّهَا وَفِي الصَّحِيحِ قَالَ بَعْضُ الْيَهُودِ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ السَّامُّ عَلَيْكَ وَلَمْ يَقْتُلْهُ وَلَمْ يَقْتُلِ الْيَهُودِيَّةَ الَّتِي سَمَّتِ الشَّاةَ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّا نَلْتَزِمُ التَّسْوِيَةَ أَوْ نُفَرِّقُ بِأَنَّ الْبَشَرَ قَابِلٌ لِلنَّقْصِ فَكَانَ التَّأْثِيرُ فِيهِ أَعْظَمَ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَظْهَرَ الْمُعْجِزَةَ عَلَى يَدِ مُدَّعِي (الرُّبُوبِيَّةِ كَالدَّجَّالِ وَلَمْ يُظْهِرْهَا عَلَى يَدِ مُدَّعِي) النُّبُوَّةِ لِأَنَّ الْعَقْلَ يُبْطِلُ الْأَوَّلَ دُونَ الثَّانِي وَلِأَنَّ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ كَالْكُفْرِ وَحُقُوقَ الْعِبَادِ لَا تَسْقُطُ بِهَا كَالْقَذْفِ وَالْمَالِ وَهُوَ الْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي فَإِنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ كَالْقَذْفِ وَالرِّدَّةِ مَفْسَدَتُهُمَا خَاصَّةٌ بِالْمُرْتَدِّ وَمَفْسَدَةُ هَذَا تَتَعَدَّى لِلْأُمَّةِ وَيَجُوزُ إِقْرَارُ الذِّمِّيِّ بالجزية على سبّ المعبود بِخِلَاف الْأَنْبِيَاء وَالْجَوَاب عَن الثَّالِثِ أَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ فِي الْخَبَرِ أَنَّهُمْ أَهْلُ عَهْدٍ فَلَا يَتِمُّ الدَّلِيلُ أَوْ كَانَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ حَيْثُ كَانَتِ الْمُوَادَعَةُ مَشْرُوعَةً وَهُوَ الْجَوَابُ عَنِ الرَّابِعِ مَعَ

أَنَّهُ رُوِيَ أَنَّهَا قُتِلَتْ وَإِنْ قُلْنَا قَتْلُهُ كُفْرٌ لَمْ تُقْبَلِ التَّوْبَةُ مِنَ الْمُسْلِمِ لِأَنَّهَا لَا تُعْرَفُ تَفْرِيعٌ، قَالَ أَصْبَغُ مِيرَاثُهُ لِوَرَثَتِهِ إِنْ كَانَ مُسْتَتِرًا أَوْ مُظْهِرًا فَلِلْمُسْلِمِينَ قَالَ ابْن الْقَاسِم وَمَالك لَا يُقْتَلُ السَّابُّ الْكَافِرُ إِلَّا أَنْ يُسْلِمَ قَالَ سَحْنُونٌ لَا يُقَالُ لَهُ أَسْلِمْ وَلَكِنْ إِنْ أَسْلَمَ فَذَلِكَ تَوْبَتُهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنَّ شَتَمَ الْأَنْبِيَاءَ أَوْ أَحَدًا مِنْهُمْ أَوْ نَقَصَهُ قُتِلَ وَلَمْ يُسْتَتَبْ {لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُم} قَالَ مَالِكٌ إِنْ قَالَ الْكَافِرُ مِسْكِينٌ مُحَمَّدٌ يُخْبِرُكُمْ أَنَّكُمْ فِي الْجَنَّةِ فَهُوَ الْآنَ فِي الْجنَّة فَمَاله لَمْ يُغْنِ عَنْ نَفْسِهِ حِينَ كَانَتِ الْكِلَابُ تَأْكُلُ سَاقَيْهِ قَالَ لَوْ قَتَلُوهُ اسْتَرَاحُوا مِنْهُ وَأَرَى أَنْ تُضْرَبَ عُنُقُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ تَوْبَةِ الْمُسْلِمِ لَا تُقْبَلُ بِخِلَافِ الْكَافِرِ أَنَّ قَتْلَ الْمُسْلِمِ حَدٌّ وَهُوَ زِنْدِيقٌ لَا تُعْرَفُ تَوْبَتُهُ وَالْكَافِرُ كَانَ عَلَى كُفْرِهِ فَيُعْتَبَرُ إِسْلَامُهُ وَلَا يُجْعَلُ سَبُّهُ مِنْ جُمْلَةِ كُفْرِهِ لِأَنَّا لَا نُعْطِيهِمُ الْعَهْدَ عَلَى ذَلِكَ وَلَا عَلَى قَتْلِنَا وَأَخْذِ أَمْوَالِنَا وَلَوْ قَتَلَ أَحَدُنَا قَتَلْنَاهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ دِينِهِ اسْتِحْلَالُهُ قَالَ سَحْنُونٌ وَلَوْ بذل الْحَرْبِيّ الْجِزْيَة على إطهار السَّبِّ لِلْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ السَّلَامُ لَمْ نَقْبَلْهُ وَحَلَّ لنا دَمه فَكَذَلِك يُحَلُّ دَمُهُ بِالسَّبِّ الطَّارِئِ وَيَسْقُطُ الْقَتْلُ عَنْهُ فِي السب بِإِسْلَامِهِ وَلَا يسْقط الْقَتْل بِقَتْلِنَا لِأَنَّ حَقَّ الْآدَمِيِّ لَا يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ قَالَ مَالِكٌ إِنْ قَالَ رِدَاءُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَسِخٌ يُرِيدُ عَيْبَهُ قُتِلَ وَإِنْ عُيِّرَ بِالْفَقْرِ فَقَالَ يُعَيِّرُونَ بِالْفَقْرِ وَقَدْ رَعَى رَسُولُ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْغَنَمَ يُؤَدَّبُ لِأَنَّهُ عَرَّضَ

بِذِكْرِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ وَلَا يَنْبَغِي إِذَا عُوقِبَ أَهْلُ الذُّنُوبِ أَنْ يَقُولَ قَدْ أَخْطَأَتِ الْأَنْبِيَاءُ قَبْلَنَا وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ انْظُرُوا لَنَا كَاتِبًا يَكُونُ أَبُوهُ عَرَبِيًا فَقَالَ كَاتِبُهُ قَدْ كَانَ أَبُو النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَافِرًا فَقَالَ لَهُ جَعَلْتَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَثَلًا لَا تَكْتُبْ لِي أَبَدًا قَالَ سَحْنُونٌ إِنْ خَاصَمْتَهُ فَأَغْضَبْتَهُ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ فَقَالَ الطَّالِبُ لَا صَلَّى اللَّهُ عَلَى مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ (هَلْ هُوَ كَمَنْ شَتَمَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَوِ الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ قَالَ لَا إِذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْغَضَبِ (وَالضِّيقِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُصِرًّا عَلَى السَّبِّ بَلْ تَكَلَّمَ على وَجه) قَالَ أَصْبَغُ لَا يُقْتَلُ لِأَنَّهُ إِنَّمَا شَتَمَ النَّاسَ وَقَالَ الْحَارِثُ يُقْتَلُ وَسَبُّ الْمَلَائِكَةِ كَسَبِّ الْأَنْبِيَاء وَعَن ابْن الْقَاسِم فِي الْكتاب أَو الْمَجُوسِيّ يَقُول إِن مُحَمَّد لَمْ يُرْسَلْ إِلَيْنَا بَلْ إِنَّمَا أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ وَإِنَّمَا نَبِيُّنَا مُوسَى أَوْ عِيسَى أَوْ لَمْ يُرْسَلْ أَوْ لَمْ يُنَزَّلْ عَلَيْهِ قُرْآنٌ وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ يَقُولُهُ وَنَحْوَ هَذَا يُقْتَلُ قَالَ مَالِكٌ إِنْ نَادَيْتَهُ فَأَجَابَكَ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ جَاهِلًا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ سَحْنُونٌ يُكْرَهُ قَوْلُكَ عِنْدَ التَّعَجُّبِ صَلَّى اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ وَلَا يُصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَّا عَلَى وَجْهِ التَّقَرُّبِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِن قَالَ ديننَا خير من دِينُكُمْ دِينُ الْحَمِيرِ أَوْ سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ يَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ كَذَلِكَ يَعِظُكُمُ اللَّهُ فِيهِ الْأَدَبُ الْوَجِيعُ وَالسِّجْنُ الطَّوِيلُ وَإِنَّ سَبَّ فَقَتَلْتَهُ غَيْظًا وَثَبَتَ أَنَّ قَوْلَهُ يُوجِبُ الْقَتْلَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْكَ وَإِلَّا فَعَلَيْكَ دِيَتُهُ وَضَرْبُ مِائَةٍ وَحَبْسُ سَنَةٍ وَإِنْ سَبَّ أَحَدٌ مُعَاوِيَةَ أَوْ غَيْرَهُ فَإِنْ نَسَبَهُ لِلضَّلَالِ وَالْكُفْرِ قُتِلَ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ

مُسَافَهَةِ النَّاسِ نُكِّلَ نَكَالًا شَدِيدًا وَإِنْ قَالَ إِن جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام أَخطَأ فِي الْوَصِيّ اسْتُتِيبَ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ وَقِيلَ مَنْ كَفَّرَ صَحَابِيًّا أُوجِعَ ضَرْبًا وَعَنْ سَحْنُونٍ إِنْ كَفَّرَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيًّا قُتِلَ وَيُنَكَّلُ فِي غَيْرِهِمْ قَالَ الْقَاضِي فِي الشِّفَا مَنْ سَبَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوْ عَابَهُ أَوْ أَلْحَقَ بِهِ نَقْصًا فِي نَفْسِهِ أَوْ نَسَبِهِ أَوْ دِينِهِ أَوْ خَصْلَةٍ مِنْ خِصَالِهِ أَوْ عَرَّضَ بِهِ أَوْ شَبَّهَهُ بِشَيْءٍ عَلَى وَجْهِ السَّبِّ أَوِ الِازْدِرَاءِ أَوِ التَّصْغِيرِ لِشَأْنِهِ أَوِ الْغَضِّ مِنْهُ يُقْتَلُ كَالسَّابِّ وَيَسْتَوِي التَّصْرِيحُ وَالتَّلْوِيحُ وَكَذَلِكَ مَنْ دَعَا عَلَيْهِ أَوْ تَمَنَّى مَضَرَّةً لَهُ وَكَذَلِكَ إِن نسب لَهُ سجعا أَوْ هَجْرًا مِنَ الْقَوْلِ أَوْ عَيَّرَهُ بِشَيْءٍ مما جَرَى مِنَ الْبَلَاءِ وَبِشَيْءٍ مِنَ الْعَوَارِضِ الْبَشَرِيَّةِ الْمَعْهُودَةِ لَدَيْهِ وَهَذَا كُلُّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنِ ابْنِ كِنَانَةَ يُخَيَّرُ الْإِمَامُ فِي السَّابِّ الْمُسْلِمِ فِي صَلْبِهِ حَيًّا أَوْ قَتْلِهِ وَيُقْتَلُ مَنْ قَالَ هُوَ يَتِيمُ أَبِي طَالِبٍ أَوْ كَانَ أَسْوَدَ وَإِنْ قِيلَ لِرَجُلٍ لَا وَحَقِّ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ فَعَلَ اللَّهُ بِرَسُولِ اللَّهِ كَذَا وَكَذَا وَذَكَرَ كَلَامًا قَبِيحًا فَقِيلَ لَهُ مَا تَقُولُ يَا عَدُوَّ اللَّهِ فَقَالَ أَشَدَّ مِنَ الْأَوَّلِ وَقَالَ أَرَدْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ الْعَقْرَبَ فَقَالَ ابْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ صَاحِبِ سَحْنُونٍ يُقْتَلُ وَلَا يُقْبَلُ التَّأْوِيلُ لِصَرَاحَةِ اللَّفْظِ وَأَفْتَى ابْنُ عَتَّابٍ فِي عِقَابِ عَشَّارٍ قَالَ لرجل أُدي واشك للنَّبِي وَقَالَ إِنْ جَهِلْتُ فَقَدْ جَهِلَ بِالْقَتْلِ وَأَفْتَى فُقَهَاءُ الْأَنْدَلُسِ بِقَتْلِ ابْنِ حَاتِمٍ الْمُتَفَقِّهِ وَصَلْبِهِ لِتَسْمِيَتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي أَثْنَاءِ الْمُنَاظَرَةِ بِالْيَتِيمِ وَخَتَنِ حَيْدَرَةَ وَزَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَصْدًا قَالَ ابْنُ الْمُرَابِطِ مَنْ قَالَ إِنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ هَرَمٌ يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ لِأَنَّهُ نقص

لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ فِي خَاصَّتِهِ لِأَنَّهُ عَلَى بَصِيرَةٍ مِنْ أَمْرِهِ وَيُقْتَلُ مَنْ نَقَّصَهُ بِسَهْوٍ أَوْ سِحْرٍ أَوْ هَزِيمَةِ بَعْضِ جُيُوشِهِ أَوْ شِدَّةٍ مِنْ زَمَانِهِ أَوْ مَيْلٍ لِبَعْضِ نِسَائِهِ وَمَنْ لَمْ يَقْصِدِ الِازْدِرَاءَ وَلَا يَعْتَقِدْهُ فِي تَكَلُّمِهِ بِالسَّبِّ أَوِ اللَّعْنِ أَوِ التَّكْذِيبِ أَوْ إِضَافَةِ مَا لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ أَوْ نَفْيُ مَا يَجِبُ لَهُ مِمَّا هُوَ نَقْصٌ فِي حَقِّهِ وَظَهَرَ عَدَمُ تَعَمُّدِهِ وَقَصْدُ السَّبِّ إِمَّا لِجَهَالَةٍ أَوْ لِضَجَرٍ أَوْ سُكْرٍ أَوْ قِلَّةِ ضبط لِسَان وتهور فِي كَلَامِهِ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ وَلَا يُعْذَرُ أَحَدٌ فِي الْكُفْرِ بِالْجَهَالَةِ وَلَا غَيْرِهَا وَهُوَ سَلِيمُ الْعَقْلِ إِلَّا لِلْإِكْرَاهِ وَبِهِ أَفْتَى الْأَنْدَلُسِيُّونَ فِي عَلِيِّ بْنِ حَاتِمٍ فِي نَفْيِهِ الزُّهْدَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَالَهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَابْنُ سَحْنُونٍ وأَبُو الْحَسَنِ الْقَابِسِيُّ وَنَظَرَ إِلَى أَنَّ السَّكْرَانَ إِنَّمَا يَنْطِقُ بِمَا يَعْتَقِدُهُ صَاحِيًا وَلِأَنَّهُ حَدٌّ لَا يُسْقِطُهُ السُّكْرُ كَالْقَذْفِ وَالْقَتْلِ وَجَمِيعِ الْحُدُودِ وَأَمَّا الْقَاصِدُ لِذَلِكَ الْمُصَرِّحُ فَأَشْبَهُ بِالْمُرْتَدِّ وَيَقْوَى الْخِلَافُ فِي اسْتِتَابَتِهِ أَوْ مُسْتَتِرًا فَهُوَ كَالزِّنْدِيقِ لَا تُسْقِطُ قَتْلَهُ التَّوْبَةُ وَمَنْ تَنَبَّأَ وَزَعَمَ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ مُرْتَدٌّ لِكُفْرِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} قَالَ أَشْهَبُ فَإِنْ كَانَ ذِمِّيًّا اسْتُتِيبَ إِنْ أَعْلَنَ ذَلِكَ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ وَقَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ مَنْ شَكَّ فِي حَرْفٍ مِمَّا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنِ اللَّهِ فَهُوَ كَافِرٌ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ أبي سُلَيْمَان من قَالَ إِنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَلْتَحِيَ وَأَنَّهُ كَانَ بِتَاهَرْتَ قُتِلَ لِأَنَّ ذَلِكَ نَفْيٌ لَهُ وَتَبْدِيلُ صِفَتِهِ وَمَوْضِعِهِ كُفْرٌ وَاللَّفْظُ الْمُجْمَلُ الَّذِي يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَعَلَى غَيْرِهِ وَيَتَرَدَّدُ فِي حَالِ الْمُطْلَقِ هَلْ أَرَادَهُ مُكْرَهًا أَمْ لَا فَقِيلَ يُقْتَلُ رِعَايَةً لِحِمَاهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقِيلَ لَا يُقْتَلُ حِمَايَةً لِلدَّمِ وَقَالَ سَحْنُونٌ فِيمَنْ أَغْضَبَهُ غَرِيمُهُ فَقَالَ لَهُ صلى الله على مُحَمَّد وَسَلَّمَ فَقَالَ لَا صَلَّى اللَّهُ عَلَى مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ لَيْسَ كَالسَّابِّ لِأَجْلِ الْغَضَبِ وَلَمْ يَتَضَمَّنْ كَلَامُهُ الشَّتْمَ لِأَنَّهُ إِنَّمَا شَتَمَ النَّاسَ دون

الْمَلَائِكَة بل مُخَاطبَة فَقَط وَقَالَ الْحَارِثِ بْنِ مِسْكِينٍ وَغَيْرُهُ يُقْتَلُ وَتَوَقَّفَ الْقَابِسِيُّ فِي الْقَائِلِ كُلُّ صَاحِبِ فُنْدُقٍ قَرْنَانِ وَلَوْ كَانَ نَبيا مُرْسلا وَشَدَّهُ بِالْقُيُودِ حَتَّى يَسْتَفْهِمَ الْبَيِّنَةَ عَمَّا يَدُلُّ عَلَى مَقْصِدِهِ هَلْ أَرَادَ أَصْحَابَ الْفَنَادِقِ الْآنَ فَلَيْسَ فِيهِمْ نَبِيٌّ فَيَكُونُ أَمْرُهُ أَخَفَّ لَكِنَّ ظَاهِرَ لَفْظِهِ الْعُمُومُ وَفِي مُتَقَدِّمِي الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ السَّلَامُ مَنِ اكْتَسَبَ الْمَالَ فَوَقَعَ التَّرَدُّدُ وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِي الْقَائِلِ لَعَنَ اللَّهُ الْعَرَبَ وَلَعَنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَعَنَ اللَّهُ بَنِي آدَمَ وَقَالَ إِنَّمَا أَرَدْتُ الظَّالِمِينَ مِنْهُمْ يُؤَدَّبُ بِاجْتِهَادِ السُّلْطَانِ قَالَ وَكَذَلِكَ لَعَنَ اللَّهُ مَنْ حَرَّمَ الْمُسْكِرَ وَقَالَ لَمْ أَعْلَمْ مَنْ حَرَّمَهُ (لَا وَمن قَالَ لَا بيع حَاضر لباد ان عذر بِالْجَهْلِ أُدِّبَ الْأَدَبَ الْوَجِيعَ كَأَنَّهُ أَرَادَ مَنْ حَرَّمَهُ مِنَ النَّاسِ وَكَذَلِكَ يَا ابْنَ أَلْفِ خِنْزِيرٍ مَعَ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي هَذَا الْعَدَدِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَبَائِهِ أَسَاءَ فَيُزْجَرُ عَنْهُ وَإِنْ عُلِمَ قَصْدُهُ الْأَنْبِيَاءَ قُتِلَ وَقَدْ يَضِيقُ الْقَوْلُ لَوْ قَالَ لهاشمي لعن الله بني هَاشم ولتمن قَالَ لَهُ أَتَتَّهِمُنِي فَقَالَ الْأَنْبِيَاءُ يُتَّهَمُونَ فَكَيْفَ أَنْتَ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ يُقْتَلُ لِبَشَاعَةِ ظَاهِرِ اللَّفْظِ وَتَوَقَّفَ ابْنُ مَنْظُورٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا عَمَّنِ اتَّهَمَهُمْ مِنَ الْكُفَّارِ فَأَطَالَ الْقَاضِي تَصْفِيدَهُ وَاسْتَحْلَفَهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى تَكْذِيبِ مَا شَهِدَ بِهِ عَلَيْهِ وَأَطْلَقَهُ فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ نَقْصًا وَلَا عَيْبًا بَلْ ذَكَرَ بَعْضَ أَحْوَالِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ حُجَّةً وَمَثَلًا لِنَفْسِهِ وَغَيْرِهِ لِبَعْضِ حَالِهِ عَلَى طَرِيقِ التَّأَسِّي بَلْ لِرَفْعِ نَفْسِهِ قَصْدَ الْهَزْلِ كَقَوْلِهِ إِنْ قِيلَ فِيَّ الْمَكْرُوهُ فَقَدْ قِيلَ فِي النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَإِنْ أَذْنَبْتُ فَقَدْ أَذْنَبَ وَكَيْفَ أَسْلَمُ مِنَ الْأَلْسِنَةِ وَلَمْ يَسْلَمِ الْأَنْبِيَاءُ وَقَدْ صَبَرْتُ كَمَا صَبَرَ النَّبِيُّ وَصَبَرَ النَّبِيُّ أَكْثَرَ مِنِّي وَكَقَوْلِ الْمُتَنَبِّي

(أَنا فِي أمة تداركها الله ... غَرِيبٌ كَصَالِحٍ فِي ثَمُودَ) وَقَوْلِ الْمَعَرِّيِّ (كُنْتَ مُوسَى وَافَتْهُ بِنْتُ شُعَيْبٍ ... غَيْرَ أَنْ لَيْسَ فيكما من فَقير) وَآخر الْبَيْت شَدِيد وَدَاخِلٌ فِي الْإِزْرَاءِ وَالتَّحْقِيرِ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ (هُوَ مِثْلُهُ فِي الْفَضْلِ إِلَّا أَنَّهُ ... لَمْ يَأْتِهِ بِرِسَالَةٍ جِبْرِيلُ) هُوَ تَشْبِيهٌ بِالنَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوْ تَفْضِيلٌ عَلَيْهِ بِاسْتِغْنَائِهِ عَنِ الرِّسَالَةِ وَهُوَ أَشَدُّ وَقَوْلِ الْآخَرِ (فَرَّ مِنَ الْخُلْدِ وَاسْتَجَارَ بِنَار ... فَصَبر الله فؤاد رضوَان) وقوا الآخر (كَأَن أَبَا بَكْرٍ أَبُو بَكْرٍ الرِّضَا ... وَحَسَّانَ حَسَّانٌ وَأَنت مُحَمَّد) فَهَذِهِ وَنَحْوهَا إِن درىء بِهَا الْقَتْلُ فَفِيهَا الْأَدَبُ وَالسَّجْنُ بِحَسَبِ شَنَاعَةِ الْمَقَالَةِ وَحَالِ الْقَائِلِ فِي نَفْسِهِ فِي كَوْنِهِ مَعْرُوفًا بِذَلِكَ أَوْ لَا وَلَمْ يَزَلِ الْمُتَقَدِّمُونَ يُنْكِرُونَ مِثْلَ هَذَا فَأَنْكَرَ الرَّشِيدُ عَلَى أَبِي نواس

(فَإِنْ يَكُ بَاقِي سِحْرِ فِرْعَوْنَ فِيكُمْ ... فَإِنَّ عَصَا مُوسَى بِكَفِّ خَضِيبٍ) وَقَالَ لَهُ يَا بن اللَّخْنَاءِ أَنْتَ الْمُسْتَهْزِئُ بِعَصَا مُوسَى وَأَخْرَجَهُ مِنْ عَسْكَرِهِ وَأَنْكَرُوا عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْلَهُ (كَيْفَ لَا يُدْنِيكَ مِنْ أَمَلٍ ... مَنْ رَسُولُ اللَّهِ مِنْ نَفَرِهِ) لِأَنَّ حَقَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ يُضَافَ إِلَيْهِ وَلَا يُضَافُ وَقَالَ مَالِكٌ إِذَا عُيِّرَ بالفقر فَقَالَ قد رعى النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام يُؤَدَّبُ وَمَنَعَ سَحْنُونٌ أَنْ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عِنْدَ التَّعَجُّبِ بَلْ عَلَى وَجْهِ التَّقَرُّبِ وَقَالَ الْقَابِسِيُّ إِذَا قَالَ فِي قَبِيحِ الْوَجْهِ كَأَنَّهُ وَجْهُ نَكِيرٍ أَوْ عَبُوسٍ كَأَنَّهُ وَجْهُ مَالِكٍ يُؤَدَّبُ لِأَنَّهُ قَصَدَ بِالذَّمِّ الْمُخَاطَبَ وَإِنْ أَرَادَ بِهِ كَمَالِكٍ يَغْضَبُ لِغَضَبِ اللَّهِ فَهُوَ أَخَفُّ أَدَبًا وَكُلُّ مَا طَرِيقُهُ الْأَدَبُ إِذَا نَدِمَ قَائِلُهُ لَمْ يُؤَدَّبْ وَأَمَّا إِنْ وَقَعَتْ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ حِكَايَةً عَنِ الْغَيْرِ فَإِنْ كَانَ لِلشَّهَادَةِ أَو للنَّفْي عَنْ قَائِلِهَا لِأَنَّهُ مِمَّنْ يُخْشَى اتِّبَاعُهُ فَحَسَنٌ وَإِلَّا فَلَا يُحْكَى فَإِنَّ التَّفَكُّهَ بِالْأَعْرَاضِ مُحَرَّمٌ وَمَنْ كَانَ مُولَعًا بِذَلِكَ وَرِوَايَةِ هَجْوِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (فَيُقْتَلُ وَلَا يَنْفَعُهُ نِسْبَتُهُ إِلَى غَيْرِهِ وَحُكِيَ الْإِجْمَاعُ فِي تَحْرِيمِ هَجْوِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَكِتَابَتِهِ وَقَدْ أَسْقَطَ الْمُحْرِزُونَ لِدِينِهِمْ مِنْ أَحَادِيثِ الْمَغَازِي وَالسِّيَرِ ذَلِكَ وَقَدْ كُرِهَ تَعْلِيمُ النِّسَاءِ سُورَةَ يُوسُفَ لِضَعْفِ مَعْرِفَتِهِنَّ وَلَا يُرْوَى مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمُحْتَاجَةِ إِلَى التَّأْوِيلِ إِلَّا الصَّحِيحُ بَلْ كَرِهَ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ رِوَايَةَ مَا لَيْسَ فِيهِ عمل ومشهور الْمَذْهَب قتل العاب حَدًّا لَا كُفْرًا لَا تُسْقِطُهُ التَّوْبَةُ وَلَا تُقْبَلُ تَوْبَةُ الزِّنْدِيقِ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَوَافَقَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ وَعِنْدَ (ح) خِلَافٌ وَالسَّابُّ الْمُعْتَقِدُ حِلَّهُ كَافِرٌ اتِّفَاقًا وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ السب كفرا

كَالتَّكْذِيبِ وَيُقْتَلُ وَإِنْ تَابَ حَدًّا فَإِنْ لَمْ تَتِمَّ الشَّهَادَةُ عَلَى السَّابِّ بَلْ شَهِدَ الْوَاحِدُ أَوْ لَفِيفُ النَّاسِ أَوْ ثَبَتَ قَوْلُهُ إِلَّا أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَوْ تَابَ عَلَى الْقَوْلِ بِقَبُولِ تَوْبَته فيعزر بِقَدْرِ حَالِهِ وَقُوَّةِ الشَّهَادَةِ مِنَ التَّضْيِيقِ فِي السحن وَشِدَّةِ الْقُيُودِ إِلَى غَايَةِ انْتِهَاءِ طَاقَتِهِ بِحَيْثُ لَا يَمْنَعُهُ الْقِيَامَ لِضَرُورَتِهِ وَصَلَاتِهِ فَإِنْ أَثْبَتَ عَدَاوَةَ الْبَيِّنَةِ وَهِيَ غَيْرُ مُبْرَزَةٍ وَهُوَ غَيْرُ مُتَّهَمٍ فَلَا يُعْرَضُ لَهُ وَإِلَّا اجْتُهِدَ فِي تَنْكِيلِهِ وَمَنْ سَبَّ النَّبِيَّ بِغَيْرِ مَا بِهِ كَفَرَ قُتِلَ وَوَقَعَ لِأَصْحَابِنَا كَلَامٌ وَظَوَاهِرُ ظَاهِرِهَا أَنْ يَجْرِيَ الْخِلَافُ فِيمَا بِهِ كَفَرَ أَنَّهُ يُقْتَلُ وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُقْتَلُ وَإِنْ أَسْلَمَ قَبْلُ سَقَطَ الْقَتْلُ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ وَقِيلَ لَا لِأَنَّ حَقَّ الْآدَمِيِّ لَا يَسْقُطُ بِالتَّأْوِيلِ بِالتَّوْبَةِ وَاخْتُلِفَ فِي الْقَائِلِ لَقِيتُ فِي مَرَضِي مَا لَوْ قَتَلْتُ أَبَا بَكْرٍ لَمْ أَسْتَوْجِبْهُ قِيلَ يُقْتَلُ لِأَنَّهُ نَسَبَ اللَّهَ تَعَالَى إِلَى الْجَوْرِ وَقِيلَ يُبَالَغُ فِي تَنْكِيلِهِ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ الشَّكْوَى لَا السَّبُّ وَأَكْثَرُ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَالْأَشْعَرِيِّ عَدَمُ تَكْفِيرِ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَإِنَّمَا قَالَ مَالِكٌ إِنْ تَابُوا وَإِلَّا قُتِلُوا لِأَنَّهُ مِنَ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ وَجُمْهُورُ السَّلَفِ عَلَى تَكْفِيرِهِمْ نَظَرًا إِلَى أَنَّهُمْ إِنَّمَا قَصَدُوا التَّعْظِيمَ مَعَ الِاعْتِرَافِ بِالرِّسَالَةِ وَالتَّنْقِيصُ لَازِمٌ لمذهبهم وَلَا خِلَافَ فِي تَكْفِيرِ مَنْ نَفَى الرُّبُوبِيَّةَ أَوِ الْوَحْدَانِيَّةَ أَوْ عَبَدَ مَعَ اللَّهِ غَيْرَهُ أَوْ هُوَ دَهْرِيٌّ أَوْ مَانَوِيٌّ أَوْ صَابِئٌ أَوْ حُلُولِيٌّ أَوْ تَنَاسُخِيٌّ أَوْ مِنَ الرَّوَافِضِ أَوِ اعْتَقَدَ أَنَّ اللَّهَ غَيْرُ حَيٍّ أَوْ قَدِيمٍ أَوْ مُصَوَّرٍ أَوْ صَنَعَ الْعَالَمَ غَيْرُهُ أَوْ هُوَ مُتَوَلِّدٌ مِنْ شَيْءٍ أَوِ ادَّعَى مُجَالَسَةَ اللَّهِ تَعَالَى أَوِ الْعُرُوجَ إِلَيْهِ وَمُكَالَمَتَهُ أَوْ قَالَ بِقِدَمِ الْعَالَمِ أَوْ بَقَائِهِ أَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ أَوْ قَالَ بِنُبُوَّةِ عَلِيٍّ أَوْ جَوَّزَ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ الْكَذِبَ وَأَنَّهُمْ خَاطَبُوا الْخَلْقَ بِالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ

لِلْمَصْلَحَةِ أَوْ قَالَ فِي كُلِّ جِنْسٍ مِنَ الْحَيَوَانِ نَذِيرٌ فَإِنَّ فِيهِ تَجْوِيزُ اتِّصَافِهِ بِوَصْفِ الْكُلِّيَّةِ وَنَحْوِهَا مُحْتَجًّا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ مِنْ أمة إِلَّا خلا فِيهَا نَذِير} أَوْ قَالَ بِتَخْصِيصِ الرِّسَالَةِ لِلْعَرَبِ أَوْ جَوَّزَ اكْتِسَابَ النُّبُوَّةِ أَوْ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ أَوْ يَصْعَدُ السَّمَاءَ أَوْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَوْ يَأْكُلُ مِنْ ثِمَارِهَا أَوْ قَالَ بِإِبْطَالِ الرَّجْمِ وَغَيْرِهِ مِنْ ضَرُورِيَّاتِ الدِّينِ أَوْ كَفَّرَ جَمِيعَ الصَّحَابَةِ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى بُطْلَانِ الدِّينِ أَوْ يَسْعَى لِلْكَنَائِسِ بِزِيِّ النَّصَارَى أَوْ قَالَ بِأَنَّ الصَّلَاةَ طرقي النَّهَارِ أَوْ قَالَ بِسُقُوطِ الْعِبَادَةِ عَنْ بَعْضِ الْأَوْلِيَاءِ أَوْ أَنْكَرَ مَكَّةَ أَوِ الْبَيْتَ أَوِ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ أَوْ قَالَ الِاسْتِقْبَالُ حَقٌّ وَلَكِنْ لِغَيْرِ هَذِهِ الْبُقْعَةِ أَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ وَهُوَ مِمَّنْ يُظَنُّ بِهِ عِلْمُ ذَلِكَ أَوْ يُخَالِطُ الْمُسْلِمِينَ بِخِلَافِ حَدِيثِ الْإِسْلَامِ أَوْ جَحَدَ صِفَةَ الْحَجِّ أَوِ الصَّلَوَاتِ أَوْ جَحَدَ حَرْفًا مِنَ الْقُرْآنِ أَوْ زَادَهُ أَوْ غَيَّرَهُ أَوْ قَالَ لَيْسَ بِمُعْجِزَةٍ أَوْ قَالَ الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ مَعْهُودَانِ وَكَذَلِكَ الْقَائِلُ الْأَئِمَّةُ أَفْضَلُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَأَمَّا مَنْ أَنْكَرَ مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِالدِّينِ كَغَزْوَةِ تَبُوكَ أَوْ وُجُودِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ لَا يُكَفَّرُ إِلَّا أَنْ يُنْكِرَ ذَلِكَ لِتَوْهِينِ نَقْلِ الْمُسْلِمِينَ أَجْمَعَ فَيُكَفَّرُ وَأَمَّا إِنْكَارُهُ الْإِجْمَاعَ الْمُجَرَّدَ الَّذِي لَيْسَ طَرِيقُهُ التَّوَاتُرَ عِنْدَ التَّنَازُعِ فَأَكْثَرُ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالنُّظَّارِ عَلَى تَكْفِيرِهِ لِمُخَالَفَةِ الْإِجْمَاعِ الْجَامِعِ لِلشَّرَائِطِ قَاعِدَةٌ، الْكُفْرُ هُوَ انْتِهَاكٌ خَاصٌّ لِحُرْمَةِ الرُّبُوبِيَّةِ إِمَّا بِالْجَهْلِ بِوُجُودِهِ أَوْ صِفَاتِهِ أَوْ بِفِعْلٍ كَرَمْيِ الْمُصْحَفِ فِي الْقَاذُورَاتِ وَالسُّجُودِ لِلصَّنَمِ أَوِ التَّرَدُّدِ لِلْكَنَائِسِ بِزِيِّ النَّصَارَى فِي أَعْيَادِهِمْ أَوْ جَحَدَ مَا عُلِمَ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ فَقَوْلُنَا خَاصٌّ احْتِرَازٌ مِنَ الْمَعَاصِي فَإِنَّهَا انْتِهَاكٌ وَلَيْسَتْ كُفْرًا وَأَلْحَقَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ بِذَلِكَ إِرَادَةَ الْكُفْرِ كَبِنَاءِ الْكَنَائِسِ لِيُكْفَرَ فِيهَا أَوْ قَتْلِ نَبِيٍّ مَعَ اعْتِقَادِ صِحَّةِ رِسَالَتِهِ لِيُمِيتَ شَرِيعَتَهُ وَمِنْهُ تَأْخِيرُ إِسْلَامِ مَنْ أَتَى يُسْلِمُ وَلَا يَنْدَرِجُ فِي ذَلِكَ الدُّعَاءُ بِسُوءِ الْخَاتِمَةِ

لِلْعَدُوِّ وَإِنْ كَانَ إِرَادَةَ الْكُفْرِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَقْصُودًا فِيهِ حُرْمَةُ اللَّهِ بِدَلَالَةِ الْمَدْعُوِّ عَلَيْهِ وَاسْتَشْكَلَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الْفَرْقَ بَيْنَ السُّجُودِ لِلشَّجَرَةِ أَو للْوَلَد فِي أَن الأول كُفْرٌ دُونَ الثَّانِي مَعَ أَنَّ كِلَيْهِمَا قُصِدَ بِهِ التَّقَرُّبُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى لِقَوْلِهِمْ {مَا نعبدهم إِلَّا ليقربونا إِلَى الله زلفى} مَعَ أَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْكُفْرِ بِالْكَبِيرَةِ وَالصَّغِيرَةِ إِنَّمَا هُوَ بِعِظَمِ الْمَفْسَدَةِ وَصِغَرِهَا لِاشْتِرَاكِ الْجَمِيعِ فِي النَّهْيِ وَمَا بَيْنَ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ مِنَ الْمَفْسَدَةِ الَّتِي يَعْلَمُهَا مَا يَقْتَضِي الْكُفْرَ قَالَ صَاحِبُ الشِّفَا وَلِلْإِجْمَاعِ عَلَى تَكْفِيرِ مَنْ جَحَدَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَالِمٌ أَوْ مُتَكَلِّمٌ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِهِ الذَّاتِيَّةِ فَإِنْ جَهِلَ الصِّفَةَ وَلَمْ يُنْكِرْهَا كَفَّرَهُ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ وَقِيلَ لَا يُكَفَّرُ وَإِلَيْهِ رَجَعَ الْأَشْعَرِيُّ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَمِّمْ عَلَى اعْتِقَادِ ذَلِكَ وَيُعَضِّدُهُ حَدِيثُ الْقَائِلِ (لَئِنْ قَدَرَ اللَّهُ عَلِيَّ) وَحَدِيثُ السَّوْدَاءِ فَأَكْثَرُ النَّاسِ لَوْ كُوشِفُوا عَنِ الصِّفَاتِ لَمْ يَعْلَمْهَا فَرْعٌ فِي الشِّفَا: إِذَا تَزَنْدَقَ الذِّمِّيّ لَا يقتل عِنْد مَال لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ كُفْرٍ إِلَى كُفْرٍ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُقْتَلُ لِأَنَّهُ لَا يُقَرُّ بِالْجِزْيَةِ عَلَيْهِ فَرْعٌ قَالَ السَّكْرَانُ وَالْمَجْنُونُ مَا عُلِمَ أَنَّهُمَا قَالَاهُ فِي حَالٍ لَا يُمَيِّزَانِ فِيهِ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ

وَمَا قَالَاهُ فِي حَالِ الْمَيْزِ وَإِنْ فُقِدَ الْعَقْلُ الْمُوجِبُ لِلتَّكْلِيفِ أَدِّبَا وَيُوَالَى أَدَبُهُمَا عَلَى ذَلِكَ كَمَا يُؤَدَّبَانِ عَلَى قَبَائِحِ أَفْعَالِهِمَا اسْتِصْلَاحًا لَهُمَا كَالْبَهَائِمِ تُرَاضُ قَالَ الْقَابِسِيُّ إِنْ قَالَ السَّكْرَانُ أَنَا اللَّهُ إِنْ تَابَ أُدِّبَ وَإِنْ عَادَ لِقَوْلِهِ طُولِبَ مُطَالَبَةَ الزِّنْدِيقِ فَإِنَّهُ كُفْرُ الْمُتَلَاعِبِينَ فَرْعٌ قَالَ إِنْ أَتَى بِسَخِيفِ الْقَوْلِ غَيْرَ قَاصِدٍ لِلْكُفْرِ وَالِاسْتِخْفَافِ كَالْقَائِلِ لَمَّا نَزَلَ عَلَيْهِ الْمَطَرُ بَدَأَ الْخَرَّازُ يَرُشُّ جُلُودَهُ أَفْتَى جَمَاعَةٌ بِالْأَدَبِ فَقَطْ لِأَنَّهُ عَبَثٌ وَأَفْتَى جَمَاعَةٌ بِقَتْلِهِ لِأَنَّهُ سَبٌّ هَذَا إِنْ كَانَ يَتَكَرَّرُ مِنْهُ أَمَّا الْفَلْتَةُ الْوَاحِدَةُ فَالْأَدَبُ. وَأَفْتَى ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْقَائِلِ لِرَجُلٍ لَمَّا نَادَاهُ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ إِنْ كَانَ جَاهِلًا وَقَالَهُ سَفَهًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَوْلُ بَعْضِ الْجَاهِلِيَّةِ (رَبَّ الْعباد مالنا وَمَالك ... قَدْ كُنْتَ تَسْقِينَا فَمَا بَدَا لَكَ) (أَنْزِلْ علينا الْغَيْث لَا أبالك) وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّنْ لَا تُهَذِّبُهُ الشَّرِيعَةُ وَالْعِلْمُ فَيُعَلَّمَ وَيُزْجَرَ فَرْعٌ قَالَ وَكُلُّ نَبِيٍّ أَوْ مَلَكٍ حُكْمُهُ فِي ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ إِنْ أَجْمَعَتِ الْأَمَةُ عَلَى أَنَّهُ نَبِيٌّ أَوْ مَلَكٌ وَإِلَّا لَمْ يَنْتَهِ الْأَمْرُ إِلَى الْقَتْلِ بَلِ الْأَدَبِ بِقَدَرِ حَالِ الْمَقُولِ فِيهِ كَهَارُوتَ وَمَارُوتَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَالْخَضِرِ وَلُقْمَانَ وَذِي الْقَرْنَيْنِ وَمَرْيَمَ وَآسِيَةَ وَخَالِدِ بْنِ سِنَانَ الْمَقُولِ إِنَّهُ نَبِيُّ أَهْلِ الدَّاسِرِ وَزَرَادَشْتَ الَّذِي تَدَّعِي الْمَجُوسُ وَالْمُؤَرِّخُونَ نبوته وَأما

إِنْكَارُ نُبُوَّتِهِ وَكَوْنِهِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَإِنْ كَانَ الْمُنْكِرُ عَالِمًا لَمْ يُتَعَرَّضْ لَهُ لِأَنَّهَا مَسْأَلَةُ خلاف أَو جَاهِلا زجر عَن الخوص فِيهِ فَإِنْ عَادَ أُدِّبَ إِذْ لَيْسَ لَهُمُ الْكَلَامُ فِي مِثْلِ هَذَا قَالَ الْقَاضِي وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ مُؤْمِنُونَ فَضْلًا وَأَنَّ الْمُرْسَلَ مِنْهُمْ مَعْصُومٌ وَاخْتُلِفَ فِي عِصْمَةِ غَيْرِ الْمُرْسَلِ وَالصَّوَابُ عِصْمَةُ الْجَمِيعِ وَإِنْ لَمْ يُرْوَ فِي هاروت وماروت وخبرهما عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شَيْءٌ إِنَّمَا هُوَ اخْتِلَافُ الْمُفَسِّرِينَ قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ فِي الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مَنْ يَعْصِي وَيَسْتَحَقُّ الْعِقَابَ وَلَا يُعَارِضُ قَوْله تَعَالَى {لَا يعصون الله مَا أَمرهم} يُحْمَلُ عَلَى جُمْهُورِهِمْ وَالْمَعْصُومِينَ مِنْهُمْ وَكَلَامُهُ يُخَالِفُ كَلَامَ الْقَاضِي فَرْعٌ قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ يُقْتَلُ الْقَائِلُ الْمُعَوِّذَتَانِ لَيْسَتَا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ إِلَّا أَنْ يَتُوبَ وَإِنْ قَالَ لَعَنَ اللَّهُ التَّوْرَاةَ بَعْدَ التَّأْوِيلِ فِي صَرْفِهَا لِلْبَاطِلَةِ فَرْعٌ قَالَ مَالِكٌ مَنِ انْتَسَبَ إِلَى بَيْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُضْرَبُ ضَرْبًا وَجِيعًا وَيُشَهَّرُ وَيُحْبَسُ طَوِيلًا حَتَّى تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ لِأَنَّهُ اسْتَخَفَّ بِحَقِّ الرَّسُولِ عَلَيْهِ السَّلَامُ السَّادِسَةُ فِي النَّوَادِرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يقتل المتنبي أَسَرَّ ذَلِكَ أَوْ أَعْلَنَهُ السَّابِعَةُ قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ لِلسِّحْرِ حَقِيقَةٌ وَقَدْ يَمُوتُ الْمَسْحُورُ أَوْ يَتَغَيَّرُ طبعه وعادته وَإِن لم يباشره وَقَالَ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ أَصْحَابُ (ح)

إِنْ وَصَلَ إِلَى بَدَنِهِ كَالدُّخَانِ وَنَحْوِهِ جَازَ أَنْ يُؤَثِّرَ وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ الْقَدَرِيَّةُ لَا حَقِيقَةَ لَهُ لَنَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى {يعلمُونَ النَّاس السحر} وَمَا لَا حَقِيقَة لَهُ (لَا يعلم) وَيلْزم صُدُور الْكفْر من الْمَلَائِكَة لِأَنَّهُ قرىء الْملكَيْنِ بِكَسْر اللَّام أَو مَلِكَانِ وَأُذِنَ لَهُمَا فِي تَعْلِيمِ النَّاسِ لِيُفَرَّقَ بَيْنَ السَّحَرِ وَالْمُعْجِزَةِ لِأَنَّ مَصْلَحَةَ الْخَلْقِ كَانَتْ تَقْتَضِي ذَلِكَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ ثُمَّ صَعَدَا إِلَى السَّمَاء وقولهما {فَلَا تكفر} أَيْ لَا تَسْتَعْمِلْهُ عَلَى وَجْهِ الْكُفْرِ كَمَا يُقَالُ خُذِ الْمَالَ وَلَا تَفْسُقْ بِهِ أَوْ يكون معنى قَوْله تَعَالَى {يعلمُونَ النَّاس} أَيْ يَقَعُ التَّعْلِيمُ لَا عَنِ التَّسْلِيمِ وَقَوْلُهُمَا {إِنَّمَا نَحن فتْنَة فَلَا تكفر} يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَعَلُّمَ السِّحْرِ كُفْرٌ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ (أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ سُحِرَ فَكَانَ عَلَيْهِ السَّلَام يخيل إِلَيْهِ أَنَّهُ يَأْتِي النِّسَاءَ وَمَا يَأْتِيهِنَّ) الْحَدِيثَ وَقَدْ سَحَرَتْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا جَارِيَةٌ اشْتَرَتْهَا وَخَبَرُ السِّحْرِ وَوُقُوعُهُ كَانَ مَعْلُومًا لِلصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فَهُمْ مُجْمِعُونَ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَادِرٌ عَلَى خَلْقِ مَا يَشَاءُ عَقِيبَ كَلَامٍ مَخْصُوصٍ أَوْ أَدْعِيَةٍ مَخْصُوصَةٍ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} وَلِأَنَّهُ لَو

كَانَ لَهُ حَقِيقَةً لَأَمْكَنَ السَّاحِرُ أَنْ يَدَّعِيَ بِهِ النُّبُوَّةَ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِالْخَوَارِقِ عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ حُجَّةٌ لَنَا لِأَنَّهُ تَعَالَى أَثْبَتَ السِّحْرَ وَإِنَّمَا لَمْ يَنْهَضْ بِالْخَيَالِ إِلَى السَّعْيِ وَنَحْنُ لَا نَدَّعِي أَنَّ كُلَّ سِحْرٍ ينْهض إِلَى كل الْمَفَاسِد وَالْجَوَاب عَن الثَّانِي أَن أَنَّ إِضْلَالَ اللَّهِ تَعَالَى لِلْخَلْقِ مُمْكِنٌ لَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَجْرَى عَادَتَهُ بِضَبْطِ مَصَالِحِهِمْ فَمَا يَسَّرَ ذَلِكَ عَلَى السَّحَرَةِ فَكَمْ مِنْ مُمْكِنٍ مَنَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الدُّخُولِ فِي الْعَالَمِ لِأَنْوَاعٍ مِنَ الْحِكَمِ إِذَا ثَبَتَ هَذَا قَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ السَّاحِرُ كَافِرٌ فَيُقْتَلُ وَلَا يُسْتَتَابُ سَحَرَ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا كَالزِّنْدِيقِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ كَانَ أَظْهَرَهُ قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ قَالَ أَصْبَغُ إِنْ أَظْهَرَهُ وَلَمْ يَتُبْ فَقُتِلَ فَمَالُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ وَإِنِ اسْتَسَرَّ فَلِوَرَثَتِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَلَا آمُرُهُمْ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَإِنْ فَعَلُوا فَهُمْ أَعْلَمُ وَمِنْ قَوْلِ عُلَمَائِنَا الْقُدَمَاءِ لَا يُقْتَلُ حَتَّى يَثْبُتَ أَنَّهُ مِنَ السِّحْرِ الَّذِي وَصَفَهُ اللَّهُ بِأَنَّهُ كُفْرٌ قَالَ أَصْبَغُ يَكْشِفُ عَنْ ذَلِكَ مَنْ يَعْرِفُ حَقِيقَتَهُ وَلَا يَلِي قَتْلَهُ إِلَّا السُّلْطَانُ فَإِنْ سَحَرَ الْمُكَاتَبُ أَوِ الْعَبْدُ سَيِّدَهُ لَمْ يَلِ سَيِّدُهُ قَتْلَهُ بَلِ الْإِمَامُ وَلَا يُقْتَلُ الذِّمِّيُّ إِلَّا أَنْ يَضُرَّ الْمُسْلِمَ سِحْرُهُ فَيَكُونُ نَقْضًا لِلْعَهْدِ فَيُقْتَلُ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ الْإِسْلَامُ وَإِنْ سَحَرَ أَهْلَ مِلَّتِهِ فَيُؤَدَّبُ إِلَّا أَنْ يَقْتُلَ أَحَدًا فَيُقْتَلَ بِهِ وَقَالَ سَحْنُونٌ يُقْتَلُ إِلَّا أَنْ يُسْلِمَ كَالسَّابِّ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ مَالِكٍ وَإِنْ ذَهَبَ لِمَنْ يَعْمَلُ لَهُ سِحْرًا وَلَمْ يُبَاشِرْ أُدِّبَ تَهْدِيدًا لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَمْ يُكَفَّرْ وَإِنَّمَا رَكَنَ لِلْكُفْرِ وَأَمَّا حَقِيقَةُ السِّحْرِ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِنْ قَطَعَ أُذُنًا ثُمَّ الصقها أَوْ أَدْخَلَ السَّكَاكِينَ فِي جَوْفِ نَفْسِهِ إِنْ كَانَ سحرًا قتل وَإِلَّا فَلَا وَاخْتلف الْأَولونَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَكُونُ إِلَّا رُقًى أَجْرَى اللَّهُ عَادَتَهُ أَنْ يَخْلُقَ عِنْدَهُ افْتِرَاقَ الْمُتَحَابِّينَ قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ بَلْ يَقَعُ بِهِ التَّغْيِيرُ وَالضَّنَى وَرُبَّمَا أَتْلَفَ وَأَبْغَضَ وَأَحَبَّ وَأَوْجَبَ

الصِّلَة وَفِيه أدوية مثل المراءي وَالْأَكْبَادِ وَالْأَدْمِغَةِ فَهَذَا الَّذِي يَجُوزُ عَادَةً وَأَمَّا طُلُوعُ الزَّرْعِ فِي الْحَالِ وَنَقْلُ الْأَمْتِعَةِ وَالْقَتْلُ على الْفَوْر والعمى والصم وَنَحْوُهُ وَتَعَلُّمُ الْغَيْبِ مُمْتَنِعٌ وَإِلَّا لَمْ يَأْمَنْ أَحَدٌ عَلَى مَالِهِ وَنَفْسِهِ عِنْدَ الْعَدَاوَةِ وَقَدْ وَقَعَ الْقَتْلُ وَالْقِتَالُ بَيْنَ السَّحَرَةِ وَلَمْ يَبْلُغْ أَحَدٌ مَا بَلَغَ فِيهِ الْقِبْطُ وَقَطَعَ فِرْعَوْنُ أَيْديهم وأرجلهم وَلم يتمكنوا من الدفاع عَن أنفسهم والهروب والتبديل وَحكى ابْن الْمَجُوسِيّ أَنَّ أَكْثَرَ عُلَمَائِنَا جَوَّزُوا أَنْ يَسْتَدِقَّ جِسْمُ السَّاحِرِ حَتَّى يَلِجَ فِي الْكُوَّةِ وَيَجْرِيَ عَلَى خَيْطٍ مُسْتَدَقٍّ وَيَطِيرَ فِي الْهَوَاءِ وَيَقْتُلَ غَيْرَهُ قَالَ القَاضِي وَلَا يعق فِيهِ إِلَّا مَا هُوَ مَقْدُورٌ لِلْبَشَرِ وَأَجْمَعْتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ السِّحْرَ لَا يَصِلُ إِلَى إِحْيَاءِ الْمَوْتَى وَلَا إِبْرَاءِ الْأَكْمَهِ وَالْأَبْرَصِ وَفَلْقِ الْبَحْرِ وَإِنْطَاقِ الْبَهَائِمِ وَلَوْلَا الْإِجْمَاعُ لَجَازَ هَذَا عَقْلًا إِذَا ثَبَتَ هَذَا فَتَعَلُّمُهُ وَتَعْلِيمُهُ كُفْرٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ إِنِ اعْتَقَدَ أَنَّ الشَّيَاطِينَ تَفْعَلُ لَهُ مَا يَشَاءُ فَهُوَ كَافِرٌ وَإِن اعْتقد أَنه تخيل وَتَمْوِيهٌ لَمْ يَكْفُرْ وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ يَصِفُهُ فَإِنْ وَجَدْنَا فِيهِ مَا هُوَ كُفْرٌ كَالتَّقَرُّبِ لِلْكَوَاكِبِ أَو يعْتَقد أَنه تَفْعَلُ مَا يُلْتَمَسُ مِنْهَا هُوَ كُفْرٌ وَإِنْ لَمْ نَجِدْ فِيهِ كُفْرًا فَإِنِ اعْتَقَدَ إِبَاحَتَهُ فَهُوَ كُفْرٌ قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْقُرْآنَ نَطَقَ بِتَحْرِيمِهِ قَالَ الشَّافِعِيَّةُ إِنْ قَالَ سِحْرِي يَقْتُلُ غَالِبًا وَقَتَلْتُ بِهِ وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ مِنْهُ السَّلَامَةُ فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ مُغَلَّظَةٌ فِي مَالِهِ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ الْإِقْرَارَ وَقَالَ (ح) إِنْ قَالَ قَتَلْتُهُ بِسِحْرِي لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْقَوَدُ لِأَنَّهُ قَتَلَ بِمُثَقَّلٍ وَإِنْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ قُتِلَ لِأَنَّهُ سَعْيٌ فِي الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ

لَنَا مَفْهُومُ قَوْله تَعَالَى {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تكفر} أَيْ بِتَعْلِيمِهِ {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كفرُوا يعلمُونَ النَّاس السحر} وَلِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى إِلَّا مِمَّنْ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ بِقُدْرَتِهِ عَلَى تَغْيِيرِ الْأَجْسَامِ وَالْجَزْمُ بِذَلِكَ كُفْرٌ أَو نقُول مَا هُوَ عَلَامَةُ الْكُفْرِ بِإِخْبَارِ الشَّرْعِ فَلَوْ قَالَ الشَّارِعُ مَنْ دَخَلَ مَوْضِعَ كَذَا فَهُوَ كَافِرٌ اعْتَقَدْنَا كُفْرَ الدَّاخِلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الدُّخُولُ كُفْرًا وَإِنْ أَخْبَرَنَا هُوَ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ لَمْ نصدقه قَالَ فَهَذَا معنى قَول أَصْحَابنَا لِأَن السِّحْرَ كُفْرٌ أَيْ دَلِيلُ الْكُفْرِ لَا كُفْرٌ فِي نَفْسِهِ كَأَكْلِ الْخِنْزِيرِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَالتَّرَدُّدِ إِلَيَّ الْكَنَائِسِ فِي أَعْيَادِ النَّصَارَى فَنَحْكُمُ بِكُفْرِ فَاعِلِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ هَذِهِ الْأُمُورُ كُفْرًا لَا سِيَّمَا وَتَعَلُّمُهُ لَا يَتَأَتَّى إِلَّا بِمُبَاشَرَتِهِ (كَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَعَلَّمَ الزَّمْرَ أَوْ ضَرْبَ الْعُودِ وَالسِّحَرُ لَا يَتِمُّ إِلَّا بِالْكُفْرِ) كَقِيَامِهِ إِذا أَرَادَ سحر سُلْطَان لبرج الْأسد وَالْجَبَابِرَةِ وَالْأُسُودِ أَسْأَلُكَ أَنْ تُذَلِّلَ لِي قَلْبَ فُلَانٍ الْجَبَّارِ احْتَجُّوا بِأَنَّ تَعَلُّمَ صَرِيحِ الْكُفْرِ لَيْسَ بِكُفْرٍ فَالسِّحْرُ أَوْلَى وَلَوْ قَالَ الْإِنْسَانُ أَنَا تَعَلَّمْتُ كَيْفَ يُكْفَرُ بِاللَّهِ لِأَتَجَنَّبَهُ أَوْ كَيفَ يزنى ويحصن وَلَا أَفْعَلُهُ لَمْ يَأْثَمْ وَالْجَوَابُ لَا نُكَفِّرُهُ بِهِ بَلْ بِأَنَّ صَاحِبَ الشَّرْعِ أَخْبَرَ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّمُهُ وَلِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى عِلْمُهُ إِلَّا بمباشرته كضرب الْعود وَنَحْوه عَنهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ (حَدُّ

السَّاحِرِ ضَرْبُهُ بِالسَّيْفِ) وَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُقْتَلُ كُلُّ سَاحِرٍ وَسَاحِرَةٍ وَقَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ تَنْبِيهٌ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي غَايَةِ الْإِشْكَالِ فَإِنَّ السَّحَرَةَ يَعْتَمِدُونَ أَشْيَاءَ تَأْبَى قَوَاعِدُ الشَّرِيعَةِ تَكْفِيرَهُمْ بِهَا مِنْهَا أَنَّهُمْ يَرْمُونَ الْكَلْبَ بِالْحَجَرِ فَيَعَضُّهُ الْكَلْبُ فَيَجْعَلُ الْحَجْرَ فِي زِيرِ الشُّرْبِ بَعْدَ أَنْ يَكْتُبَ عَلَيْهِ آيَةً مِنَ الْقُرْآنِ عَلَى مَا أُنْزِلَتْ فَيُحْدِثُ أَثَرًا مَخْصُوصًا وَمِنْ هَذَا النَّحْوِ كَثِيرٌ مِمَّا يَعْتَمِدُهُ الْمَغَارِبَةُ وَكثير من النَّاس فِي الْمحبَّة والبغضة وَالرَّحِيلِ وَالْعَقْدِ عَنِ الْوَطْءِ وَغَيْرُ ذَلِكَ آيَاتٌ مِنْ كِتَابِهِ تَعَالَى مُضَافَةً إِلَى تَضْمِيمِ الْفَاعِلِ عَلَى تَأْثِيرِ ذَلِكَ وَخَاصِّيَّةِ نَفْسِهِ فَتَحْصُلُ تِلْكَ الْآثَارُ وَيُسَمُّونَهُ عِلْمُ الْمِخْلَاةِ فَلَا يُمْكِنُ تَكْفِيرُهُمْ بِالْقُرْآنِ وَلَا بِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ عِنْدَهَا ذَلِك فَإِنَّهُم جربوه فوجدوه كَالْعَقَاقِيرِ وَلَا لِخَوَاصِّ نُفُوسِهِمْ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ كَسْبِهِمْ وَأَمَّا اعْتِقَادُهُمْ أَنَّ الْكَوَاكِبَ تَفْعَلُ بِغَيْرِ قُدْرَةِ اللَّهِ فَهِيَ قَرِيبٌ مِنَ الْكُفْرِ مَعَ أَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ قَدْ أَوْرَدَ عَلَيْهِ اعْتِقَادَ الْمُعْتَزِلَةِ أَنَّ الْحَيَوَانَاتِ كُلَّهَا تَفْعَلُ بِغَيْرِ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى مَعَ أَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ تَكْفِيرِهِمْ بِخَلْقِ الْأَفْعَالِ وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ بِأَنَّ الْكَوَاكِبَ فِي جِهَةِ الْعُلُوِّ وَتَبْعُدُ كَثِيرًا فَيَكُونُ ذَلِكَ تَقْرِيبًا من دَعْوَى إلاهية لَهَا بِخِلَافِ الْحَيَوَانَاتِ وَوَرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ الْبَقَرَ عبد كثير وَبِالْجُمْلَةِ وَالتَّكْفِيرُ بِهِ لَيْسَ مُشْكِلًا بَلْ نُكَفِّرُ الْمُعْتَزِلَةُ بِذَلِكَ وَأَمَّا قَوْلُ الْأَصْحَابِ إِنَّهُ عَلَمٌ عَلَى الْكُفْرِ فَمُشْكِلٌ لِأَنَّا نَعْلَمُ أَنَّ حَالَ الْإِنْسَانِ فِي إِيمَانِهِ قَبْلَ السِّحْرِ كَحَالِهِ بَعْدَهُ وَالشَّرْعُ لَا يُخْبِرُ عَلَى خِلَافِ الْوَاقِعِ فَإِنْ أَرَادُوا الْخَاتِمَةَ فَمُشْكِلٌ أَيْضًا لِأَنَّا لَا نُكَفِّرُ فِي الْحَالِ بِكُفْرٍ مُتَوَقَّعٍ فِي الْمَآلِ كَمَا أَنَّا لَا نَجْعَلُهُ مُؤْمِنًا فِي الْحَالِ وَهُوَ يَعْبُدُ الْأَصْنَامَ لِأَجْلِ إِيمَانٍ يُتَوَقَّعُ بَلْ لِكُلِّ حَالٍ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ لِأَنَّهَا أَسْبَابٌ شَرْعِيَّةٌ وَلَا يَتَرَتَّبُ الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ قَبْلَ سَبَبِهِ وَإِنَّ قُطِعَ بِوُقُوعِهِ كَمَا أَنَّا نَقْطَعُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ وَلَا نُرَتِّبُ أَحْكَامَهُ قَبْلَهُ مِنَ الْفِطْرِ وَصَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا

قَضَيْنَا بِكُفْرِ الْمُتَرَدِّدِ لِلْكَنَائِسِ وَنَحْوِهِ فِي الْقَضَاءِ دُونَ الْفُتْيَا وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى قَدْ يَكُونُ مُسْلِمًا فَافْتَرَقَ الْبَابَانِ فَالَّذِي يَسْتَقِيمُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا حَكَاهُ الطَّرْطُوشِيُّ عَنْ قُدَمَاءِ أَصْحَابِنَا أَنَّا لَا نُكَفِّرُهُ حَتَّى يَثْبُتَ أَنَّهُ مِنَ السِّحْرِ الَّذِي كَفَّرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ أَوْ يَكُونُ سِحْرًا مُشْتَمِلًا عَلَى كُفْرٍ كَمَا قَالَهُ (ش) وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَمُشْكِلٌ فَتَأَمَّلْهُ فَلَيْسَ إِرَاقَةُ الدِّمَاءِ بِسَهْلٍ وَلَا الْقَضَاءُ بِالتَّفْكِيرِ وَكَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِنَا يَتَحَسَّرُونَ عَلَيْهَا وَلَقَدْ وَجَدْتُ عِنْدَ بَعْضِ الطَّلَبَةِ فِي بَعْضِ الْمَدَارِسِ كُرَّاسًا فِيهِ الْمَحَبَّةُ وَالْبِغْضَةُ وَنَحْوُهُمَا مِمَّا تَقَدَّمَ وَأَنَّهُ يَتَعَانَاهَا فَأَفْتَى أَصْحَابُنَا بِتَكْفِيرِهِ وَهَذَا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ أَمْرٌ عَظِيمٌ فِي الدِّينِ بَلْ تَحْرِيمُ هَذَا الْبَاب مُطلقًا مُشكل إِلَّا بعض تَفْصِيل طلا فَمَنْ سَعَى فِي مَحَبَّةٍ بَيْنَ زَوْجَيْنِ بِآيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ أَوْ بِغَضَةٍ بَيْنَ زَانِيَيْنِ بِقُرْآنٍ يُتْلَى يَنْبَغِي أَنْ يُجَابَ أَوْ يُنْدَبَ إِلَيْهِ فَضْلًا عَنِ التَّحْرِيمِ النَّظَرُ الثَّانِي فِي الْأَحْكَامِ فِي نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَمَالِهِ وَجِنَايَتِهِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ فَهَذِهِ خَمْسَةُ أَحْكَامٍ الْأَوَّلُ نَفْسُهُ فَفِي الْجَوَاهِرِ يُهْدَرُ دَمُهُ إِنْ لَمْ يَتُبْ فَإِنْ تَابَ عَصَمَهَا وَتَوْبَتُهُ رُجُوعُهُ وَتَغَيُّرُ حَالِهِ بِرُجُوعِ الْمُتَظَاهِرِ عَنِ التَّظَاهُرِ بَلْ يُظْهِرُ ضِدَّهُ مِنَ الْإِيمَانِ وَأَمَا الزِّنْدِيقُ وَهُوَ الَّذِي يُظْهِرُ الْإِيمَانَ وَيُسِرُّ الْكُفْرَ أَوْ ظَهَرْنَا عَلَيْهِ فِي حَالِ زَنْدَقَتِهِ فَأَذْعَنَ فَلَا يَرْجِعُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ حَتَّى يَظْهَرَ صِدْقُهُ لِأَنَّهُ بِدَعْوَاهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ عَادَتِهِ مِنَ التَقِيَّةِ وَلِذَلِكَ نَقُولُ لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ لِأَنَّهَا لَا تُعْرَفُ وَلَا نَقُولُ لَا تُقْبَلُ فَلَوْ جَاءَ تَائِبًا قَبْلَ الظُّهُورِ عَلَيْهِ وَلَمْ نَعْلَمْ كُفْرَهُ إِلَّا مِنْ قَوْلِهِ

قَبِلْنَاهُ وَعَدَمُ قَبُولِهَا شَاذٌّ فِي الْمَذْهَبِ وَكَذَلِكَ السَّاحر قَالَ الطرمطوشي قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ سَوَاءٌ فِي الزِّنْدِيقِ وُلِدَ عَلَى ذَلِكَ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ وَالْعَبْد و (ش) وَمن يزِيد وَمَنْ فِي الذِّمَّةِ لَا يُقْتَلُ قَالَ مَالِكٌ لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ كُفْرٍ إِلَى كُفْرٍ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُقْتَلُ لِأَنَّهُ دِينٌ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ بِجِزْيَةٍ وَقَالَ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ نَقْبَلُ تَوْبَته ظهرنا " ليه أَمْ لَا وَعِنْدَ (ح) الرِّوَايَتَانِ لَنَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ (مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ) وَ (لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ كُفْرٍ بَعْدَ إِيمَانٍ) احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قد سلف} وَلم يخص المجاهر وَبِقَوْلِهِ تعلى {فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاة وآبوا الزَّكَاة فَخلوا سبيلهم} وَبِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ) الحَدِيث وَقَبِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِسْلَامَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبِيٍّ مَعَ عِلْمِهِ

بِزَنْدَقَتِهِ وَكَذَلِكَ غَيْرُهُ مِنَ الْمُنَافِقِينَ وَالْقِيَاسُ عَلَى غَيْرِهِ مِنَ الْكُفَّارِ وَفِي مُسْلِمٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِأُسَامَةَ فِي رَجُلٍ قَتَلَهُ وَهُوَ يَقُولُ لَا إِلَه إِلَّا الله (من لَك بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا قَالَهَا فَرَقًا مِنَ السِّلَاحِ فَقَالَ هَلَّا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ) إِشَارَةً إِلَى تَعَلُّقِ الْحُكْمِ بِالظَّاهِرِ دُونَ الْبَاطِنِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ بِحَمْلِهِ عَلَى الْمُجَاهِرِ جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْله تَعَالَى {فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بأسنا} أَوْ عَلَى أَحْكَامِ الْآخِرَةِ وَهُوَ الْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ وَعَنِ الرَّابِعِ انْعِقَادُ الْإِجْمَاعِ الْيَوْمَ عَلَى أَنَّ مَنْ عُلِمَ نِفَاقُهُ لَا يُقَرُّ فَنَقُولُ عِنْدَنَا وَعِنْدَهُمْ يُسْتَتَابُ وَإِنَّمَا فِعْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَام لَيْلًا يَتَحَدَّثَ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ وَلَوْ ثَبَتَ ذَلِكَ لَقَتَلَهُمْ لِقِيَامِ الْحُجَّةِ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَام كَمَا كَانَ يقتلهُمْ فِي الزِّنَا وَغَيْرِهِ لِقِيَامِ الْبَيِّنَةِ وَعَلِمَهُ هُوَ وَحْدَهُ وَيُقِرُّ مَعَ عِلْمِهِ فَخَاصٌّ بِهِ عِنْدَنَا وَعِنْدَكُمْ وَعَنِ الْخَامِسِ الْفَرْقُ بِأَنَّ تَوْبَةَ هَذَا لَا تُثِيرُ ظنا لِأَنَّهُ حَالَتَهُ الْمُسْتَتِرَةَ بِخِلَافِ مُظْهِرِ الْكُفْرِ وَعَنِ السَّادِسِ أَنَّ الْإِكْرَاهَ عَلَى الْإِسْلَامِ فِي الْحَرْبِيِّ مَشْرُوعٌ إِجْمَاعًا وَيَثْبُتُ إِسْلَامُهُ مَعَ الْإِكْرَاهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ لَا بُدَّ مِنَ الْإِسْلَامِ مِنْ بَاطِنِ الْقَلْبِ فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ عَرْضُ التَّوْبَةِ عَلَى الْمُرْتَدِّ وَاجِبٌ وَالنَّظَرُ أَنَّهُ يُمْهَلُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَيَكُونُ

الْإِمْهَالُ وَاجِبًا أَوْ مُسْتَحَبًّا رِوَايَتَانِ قَالَ مَالِكٌ وَمَا عَلِمْتُ فِي اسْتِتَابَتِهِ تَجْوِيعًا وَلَا تَعْطِيشًا وَأَرَى أَنْ يُقَاتَ مِنَ الطَّعَامِ مَا لَا ضَرَرَ لَهُ مَعَهُ وَلَا عُقُوبَةَ عَلَيْهِ إِنْ تَابَ كَانَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا ذَكَرًا أَوْ أنثر ارْتَدَّ عَنْ إِسْلَامٍ أَصْلِيٍّ أَوْ طَارِئٍ قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ فَإِنْ قَتْلَهُ أَحَدٌ قَبْلَ عَرْضِ التَّوْبَةِ فَلَا قَصَاصَ وَلَا دِيَةَ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحسن يُعَزّر عِنْدِي فِي الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ لِأَنَّهُ فِي رِدَّتِهِ الثَّانِيَةِ بَعْدَ مُبَاشَرَةِ الْإِسْلَامِ وَانْتِفَاءِ الشُّبْهَةِ بِالْإِسْلَامِ الطَّارِئِ بَعْدَ الْمَرَّةِ الْأُولَى وَقَالَ (ح) عَرْضُ التَّوْبَةِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَإِنْ طَلَبَ التَّأْجِيلَ وَعَنْ ش وَأَحْمَدَ قَوْلَانِ وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي مَسْلَمَةَ لَا يُمْهَلُ وَيُقْتَلُ وَإِنْ تَابَ دَلِيلُ وُجُوبِ عَرْضِ التَّوْبَةِ قَوْله تَعَالَى {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قد سلف} وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ وَلِأَنَّهُ إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ وَلِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ عَرَضَتْ لَهُ شُبْهَةٌ فَتَأَوَّلَ أَوْ يُزِيلُهَا عَنْهُ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُم} وَجَوَابُهُ الْقَوْلُ بِالْمُوجِبِ فَلَعَلَّهُمُ الْمُمْتَنِعُونَ عَنِ التَّوْبَةِ فرع وَافَقنَا الشَّافِعِي وَأحمد على قتل الْمُرْتَدَّة وَقَالَ (ح) تُقْتَلُ وَتُحْبَسُ إِنْ كَانَتْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ حَتَّى تُسْلِمَ فَإِنْ لَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ اسْتُرِقَّتْ أَوْ كَانَتْ أَمَةٌ جَبَرَهَا سَيِّدُهَا عَلَى الْإِسْلَامِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْمَلِكَةُ أَوِ السَّاحِرَةُ وَسَابَّةُ النَّبِي

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تُقْتَلُ وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْقَتَلَ حَدٌّ لِلْحَرَابَةِ وَهِيَ تُقَاتِلُ أَوْ لِلْكُفْرِ لَنَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ (مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ) وَلِأَنَّهَا تُقْتَلُ بِالزِّنَا كَالرَّجُلِ فَكَذَلِكَ الرِّدَّةُ وَهِيَ تُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ فَتقْتل كَالرّجلِ أَجَابُوا عَنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ) أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الرَّجُلُ فَقَطْ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ مَنْ بَدَّلَتْ وَلَا دِينَهَا وَلَا فَاقْتُلُوهَا وَمَفْهُومُهُ إِذْ خَصَّصَهُ بِضَمِيرِ الرَّجُلِ أَن لَا تُقْتَلَ الْمَرْأَةُ وَأَنَّ الرَّجُلَ جَنَى عَلَى الْإِسْلَامِ لِأَنَّهُ كَانَ عَاصِمًا لِدَمِهِ وَالْمَرْأَةُ لَا يَعْصِمُ دَمَهَا الْإِسْلَامُ لِأَنَّهَا لَا تُقْتَلُ بِالْكُفْرِ الْأَصْلِيِّ وَلِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَام ينْهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَقِيَاسًا عَلَى كُفْرِهَا الْأَصْلِيِّ وناقصة الْعقل فر تُقْتَلُ كَالصَّبِيِّ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الضَّمَائِرَ إِنَّمَا ذُكِّرَتْ لِلَفْظِ مَنْ لِأَنَّهُ مُذَكَّرٌ وَيَشْمَلُ الْفَرِيقَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} وَعَنِ الثَّانِي النَّقْضُ بِالشُّيُوخِ وَالزَّمْنَى فَإِنَّهُمْ يَقْتُلُونَ بِالرِّدَّةِ دُونَ الْكُفْرِ الْأَصْلِيِّ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنْ خَبَرَنَا عُلِّقَ فِيهِ الْحُكْمُ بِالْمَعْنَى وَفِي خَبَرِكُمْ بِالِاسْمِ وَالْمَعْنَى أَقْوَى فَيُقَدَّمُ وَعَنِ الرَّابِعِ الْفَرْقُ بِأَنَّ الرِّدَّةَ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى مَحَاسِنِ الْإِسْلَامِ فَهِيَ أَقْبَحُ وَلِذَلِكَ لَا يُقَرُّ عَلَيْهَا بِالْجِزْيَةِ وَعَنِ الْخَامِسِ الْفَرْقُ بِالتَّكْلِيفِ فِيهَا دُونَهُ

فَرْعٌ فِي النَّوَادِرِ إِذَا ارْتَدَّ أَهْلُ مَدِينَةِ وغلبوا عَلَيْهَا اسْتُتِيبُوا فَإِنْ لَمْ يَتُوبُوا قُتِلُوا وَلَا يُسْبَوْا وَلَا يُسْتَرَقُّوا قَالَ سَحْنُونٌ يُسْتَتَابُ مَنْ بَلَغَ مِنْ أَوْلَادِهِمْ وَيُكْرَهُ الصِّغَارُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَقِيلَ يُسْبَى مَنْ بَلَغَ كَالْحَرْبِيِّ وَإِنْ لَحِقَ الْمُرْتَدُّ بِدَارِ الْحَرْبِ وَحَارَبَ فَظَفِرْنَا بِهِ يُسْتَتَابُ وَلَيْسَ كَالْمُحَارِبِ يُظْفَرُ بِهِ قَبْلَ التَّوْبَةِ لِأَنَّ أَهْلَ الرِّدَّة قبلت تَوْبَتهمْ الْحُكْمُ الثَّانِي وَلَدُهُ فَفِي النَّوَادِرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُسْتَرْضَعُ لِوَلَدِ الْمُرْتَدَّةِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَتُقْتَلُ فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ غَيْرَهَا أُخِّرَتْ وَوَلَدُ وَلَدِ الْمُرْتَدِّ كَالْوَلَدِ إِذَا أُخِذَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ لَا يُسْبَى بَلْ يَتَحَتَّمُ الْقَتْلُ أَوِ التَّوْبَةُ لِعِظَمِ جِنَايَةِ الرِّدَّةِ وَإِنْ صَارُوا فِي سَهْمَيْنِ أحد أخذُوا مِنْهُ وَلَا يتبعوا بِشَيْءٍ قَالَهُ سَحْنُونٌ وَرَجَعَ إِلَى سَبْيِ الْبَالِغِ مِنَ الْوَلَدِ لِأَنَّ كُفْرَهُ لَمْ يَتَقَدَّمْهُ إِسْلَامٌ فَهُوَ كَالْحَرْبِيِّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا ارْتَدَّ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَارْتَدَّ أَهْلُهُ هُنَاكَ فَوَلَدُهُ الْحَادِث بعد الرِّدَّة فَيْء وَكَذَلِكَ وَلَدُهُ الصِّغَارُ كَوَلَدِ الْحَرْبِيِّ وَكَذَلِكَ الزَّوْجَةُ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ فَيْئًا وَإِذَا ارْتَدَتْ ذَاتُ زَوْجٍ حُرَّةٌ وَلَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ وَتَزَوَّجَتْ فَوَلَدَتْ ثُمَّ سُبِيَتْ مَعَ الْكُفَّارِ فَأَوْلَادُهَا الْكِبَارُ تَبَعٌ لِآبَائِهِمْ فِي الدِّينِ بِخِلَافِ الْمَأْسُورَةِ الْمُسْلِمَةِ وَلَا يَكُونُ زَوْجُ الَّتِي تَابَتْ مِنَ الرِّدَّةِ أَحَقَّ بِهَا قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا ارْتَدَّ أَهْلُ قَرْيَةٍ قُتِلَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ وَبَالِغُو الذُّرِّيَّةِ وَلَا يُسْبَى الصِّغَارُ وَلَا يُسْتَرَقُّوا وَلَا تستحل نِسَاؤُهُم وَإِن كَانُوا

أهل ذمَّة فدراريهم وَأَمْوَالهمْ فِي خَ تَبَعٍ لِرِجَالِهِمْ لِانْدِرَاجِهِمْ فِي نَقْضِ رِجَالِهِمُ الْعَهْدَ كَفِعْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي قُرَيْظَةَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنِ ارْتَدَّ وَلَهُ وَلَدٌ صَغِيرٌ امْتَنَعَ مِنَ الْإِسْلَامِ وَكَبِرَ يُضْرَبُ وَلَا يُقْتَلُ وَإِنْ وُلِدَ حَالَ الرِّدَّةِ وَأُدْرِكَ قَبْلَ الْحُلُمِ جُبِرَ عَلَى الْإِسْلَامِ وَإِنْ بَلَغَ تُرِكَ وَلَا يَكُونُ كَمَنِ ارْتَدَّ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ إِسْلَامٌ فِعْلِيٌّ وَلَا حُكْمِيٌّ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا اتَّخَذَ الْأَسِيرُ بِبَلَدِ الْحَرْبِ أُمَّ وَلَدٍ فَمَاتَ وَغَنِمَ الْمُسْلِمُونَ الْأَمَةَ وَوَلَدَهَا فَهُمْ مَعَهَا أَحْرَارٌ وَمَالُهُ فَيْءٌ وَإِنْ حَمَلَتْ مِنْهُ وَهُوَ مُرْتَدٌّ فالجميع فيئ لِأَنَّهَا حَالَةٌ لَا يَتَقَرَّرُ بِهَا تَصَرُّفٌ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ لَمْ يَعْتِقْهَا حَتَّى بَلَغَ الْوَلَدُ الَّذِي حَمَلَتْ بِهِ قَبْلَ الْكُفْرِ لَمْ يُجْبَرُوا على الْإِسْلَام وهم فَيْءٌ وَصِغَارُهُمْ أَحْرَارٌ مَعَ أَبِيهِمْ قَالَ مَالِكٌ وَكُلُّ مَا وُلِدَ لِلْمُرْتَدِّ بَعْدَ رِدَّتِهِ لَهُمْ حُكْمُ الْمُرْتَدِّ وَلَا يُرَقُّ وَيُجْبَرُ الصِّغَارُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَيُسْتَتَابُ الْبَالِغُ فَإِنْ لَمْ يَتُبْ قُتِلَ وَفِي الْجَوَاهِرِ مَنِ ارْتَدَّ لَا يَتْبَعُهُ وَلُدُهُ الصَّغِيرُ فِي الرِّدَّةِ لِأَنَّ التَّبِعَةَ إِنَّمَا تَكُونُ فِي دِينٍ يُقَرُّ عَلَيْهِ فَإِنْ قُتِلَ الْوَالِدُ عَلَى الْكُفْرِ بَقِيَ الْوَلَدُ مُسْلِمًا فَإِنْ أَظْهَرَ خِلَافَ الْإِسْلَامِ أُجْبِرَ عَلَى الْإِسْلَامِ فَإِنْ غُفِلَ عَنهُ حَتَّى بلغ فَفِي إِجْبَاره خِلَافَ الْإِسْلَامِ أُجْبِرَ عَلَى الْإِسْلَامِ فَإِنْ غُفِلَ عَنهُ حَتَّى بلغ فَفِي إِجْبَار خِلَافٌ إِذَا وُلِدَ قَبْلَ الرِّدَّةِ وَفِي الْإِجْبَارِ بِالسَّيْفِ أَو بالسود خِلَافٌ وَإِنْ وُلِدَ بَعْدَ الرِّدَّةِ أُجْبِرَ وَإِنْ بَلَغَ وَقِيلَ إِنْ بَلَغَ تُرِكَ الْحُكْمُ الثَّالِثُ مَالُهُ فَفِي الْجَوَاهِرِ يُوقَفُ إِنْ عَادَ أَخَذَهُ لِزَوَالِ الْمَانِعِ كَدَمِهِ وَرَوَى الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ أَنَّ مَالَهُ لَا يَعُودُ إِلَيْهِ كَالْحَرْبِيِّ إِذَا أَسْلَمَ بَعْدَ الْغَنِيمَةِ وَإِنْ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ فَفَيْءٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَبْدًا فَلِسَيِّدِهِ وَفِي النَّوَادِرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُطْعَمُ مِنْ مَالِهِ زَمَنَ رِدَّتِهِ وَإِنْ بَاعَ وَاشْتَرَى بَعْدَ

حَجْرِ السُّلْطَانِ فَلَحِقَهُ دَيْنٌ فَقِيلَ لَمْ يَكُنْ دَيْنُهُ فِي هَذَا الْمَالِ بَلْ فِي كُلِّ مَا أَفَادَ مِنْ حِينِ حُجِرَ عَلَيْهِ بِهِبَةٍ أَوْ غَيْرِهَا لِأَنَّهُ انْتَقَلَ لِلْمُسْلِمِينَ وَكُلُّ مَا بَاعَ أَوْ عَمِلَ أَوِ اتَّجَرَ أَوِ اشْتَرَى أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ فَدَيْنُهُ فِيهِ حَتَّى يُوقِفَهُ السُّلْطَانُ لِلْقَتْلِ فَلَا يَلْحَقُهُ دَيْنٌ إِنْ قُتِلَ لِعَدَمِ الذِّمَّةِ بِعَدَمِ الْأَهْلِيَّةِ وَإِنْ رَجَعَ فَدَيْنُهُ فِي مَالِهِ وَذِمَّتِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِذَا تَزَوَّجَ وَبَنَى فَلَا صَدَاقَ لَهَا قَالَ سَحْنُون ردته حجر وَلَا يحْتَاج لحجر إِلَّا أَنْ يُتَابِعَهُ أَحَدٌ فِي ذِمَّتِهِ أَوْ يُزَوِّجَهُ فِي ذِمَّتِهِ كَمَا يُبَايِعُ الْمُفْلِسُ فِي ذِمَّتِهِ وَإِنْ بَاعَ شَيْئًا تَعَقَّبَهُ الْإِمَامُ فَيُمْضِي الْغِبْطَةَ وَيَرُدُّ الْمُحَابَاةَ إِنْ قَتَلَهُ وَإِنْ تَابَ كَانَتْ عَلَيْهِ وَإِنْ تَزَوُّجَ وَبَنَى فَإِنْ قُتِلَ فَلَا شَيْءَ لَهَا وَإِنْ تَابَ فَلَهَا الصَّدَاقُ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ مَا بَاعَ أَوِ اشْتَرَى أَوْ أَقَرَّ بِهِ قَبْلَ الْحَجْرِ بَاطِلٌ بِخِلَافِ نِكَاحِهِ وَمَا أَقَرَّ بِهِ أَوْ بَاعَ بَعْدَ الْحَجْرِ لَمْ يَدْخُلْ فِي مَالِهِ إِلَّا أَنْ يَتُوبَ وَمَنْ أَظْهَرَ رِدَّتَهُ فَقُتِلَ فَمَالُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ وَتَبْطُلُ وَصَايَاهُ وَهُوَ مُسْلِمٌ إِلَّا مَا لَيْسَ لَهُ فِيهِ رُجُوع كَالْمُدَبَّرِ فَهُوَ مِنْ ثُلُثِهِ يَوْمَ قُتِلَ أَوْ مَا خَرَجَ مِنْهُ وَمُعْتِقِهِ إِلَى أَجَلٍ وَأُمِّ وَلَدِهِ وَبِدَيْنِهِ حَالَةَ الْإِسْلَامِ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ كُلُّهُ وَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ رِدَّتِهِ فَهُوَ بَاطِلٌ إِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْحَجْرِ (قَالَهُ أَشْهَبُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تَلْزَمُهُ دُيُونُهُ الَّتِي ادَّانَهَا قَبْلَ الْحَجْرِ) وَيُنَفَّذُ إِقْرَارُهُ وَإِنْ رَجَعَ إِلَى الْإِسْلَامِ لَزِمَهُ ذَلِكَ كُلُّهُ وَيَرْجِعُ إِلَيْهِ مَالُهُ إِلَّا أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ فَفِيهِنَّ خِلَافٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَرْجِعْنَ يَطَؤُهُنَّ وَقَالَ أَشْهَبُ عَتَقْنَ بِالرِّدَّةِ كَامْرَأَتِهِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِم مَا أدان قَبْلَ الرِّدَّةِ يَلْزَمُهُ

أَوْ بَعْدَ الْحَجْرِ فَهَدَرٌ إِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ وَلَازِمٌ إِنْ تَابَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَهُوَ أَصَحُّ مَا سَمِعْتُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُنْفَقُ مِنْ مَالِهِ عَلَى وَلَدِهِ وَلَا عَلَى عِيَالِهِ لِأَنَّهُ مُعْسِرٌ بِالرِّدَّةِ وَلَا مَنْ قُلْنَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَلَدُهُ الْمُسْلِمُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ كَالْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ مَعَ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ وَإِنْ فُقِدُوا فَلِبَيْتِ الْمَالِ وَقَالَ أَشْهَبُ بَلْ لِلْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ الرِّدَّةَ قَطَعَتْ نَسَبَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَا أَعْتَقَ فِي رِدَّتِهِ أَوْ كَاتَبَ فَرُدَّتْ كِتَابَتُهُ فَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ لَهُ وَلَاءٌ وَلَا يَأْخَذُ بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا مَلَّكَ لِضَرُورَةِ الْحَيَاةِ وَهَذَا مَيِّتٌ شَرْعًا وَيَرِثُ الْعَبْدُ الْمُرْتَدُّ سَيِّدَهُ وَكَذَلِكَ مَنْ فِيهِ عَلَقَةُ رِقٍّ لِأَنَّهُ يَرِثُ بِالْمِلْكِ لَا بِأَسْبَابِ الْمِيرَاثِ فَرْعٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إِنْ شَهِدَ عَلَيْهِ وَاحِدٌ بِالرِّدَّةِ فِي رَمَضَانَ وَآخَرُ عَلَيْهِ بِهَا فِي ذِي الْقَعْدَةِ وَمَاتَ مَنْ يَرِثُهُ فِي شَوَّالٍ وَرِثَهُ لِأَنَّ الرِّدَّةَ لَا تَثْبُتُ عَلَيْهِ إِلَّا فِي ذِي الْقَعْدَةِ لِأَنَّ النِصَابَ لَمْ يَكْمُلْ إِلَّا فِيهَا. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ مَاتَ لِلْمُرْتَدِّ وَلَدٌ مُسْلِمٌ وَرِثَهُ غَيْرُ الْأَبِ وَلَا يَرِثُهُ الْأَبُ وَإِنْ رَجَعَ لِلْإِسْلَامِ لِأَنَّ الرِّدَّةَ نَقَلَتِ الْمِيرَاثَ لِغَيْرِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ يَرِثُهُ إِنْ رَجَعَ لزوَال الْمَانِع الْحُكْمُ الرَّابِعُ فِي جِنَايَتِهِ فَفِي النَّوَادِرِ جَعَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ مَرَّةً كَالْمُسْلِمِ إِذَا رَجَعَ وَمَرَّةً جَعَلَهُ كَالنَّصْرَانِيِّ وَرَجَعَ لِلْأَوَّلِ وَذَلِكَ فِيمَا جَرَحَ أَوْ جَنَى عَلَى عَبْدٍ أَوْ سَرَقَ أَوْ قَذَفَ فَيَجْرِي مَجْرَى الْمُسْلِمِ إِذَا رَجَعَ وَإِلَّا قُتِلَ وَلَا يُقَامُ ذَلِكَ عَلَيْهِ إِلَّا الْفِدْيَةُ وَإِنَّ قَتَلَ حُرًّا وَهَرَبَ لِدَارِ الْحَرْبِ لَمْ يَكُنْ لِوُلَاةِ الْمَقْتُولِ مِنْ مَالِهِ شَيْءٌ وَإِنْ قَتَلَ عَبْدًا أَوْ ذِمِّيًّا أُخِذَ ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ لِوُلَاةِ الْمُسْلِمِ الدِّيَةُ مِنْ مَاله إِن شاؤا أَوْ يَصْبِرُوا حَتَّى يَقْتُلُوهُ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ قَتَلَ مُسْلِمًا خَطَأً فَدِيَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّ بَيْتَ الْمَالِ يَرِثُهُ وَإِنْ قَتَلَ نَصْرَانِيًّا أَوْ جَرَحَهُ اقْتُصَّ مِنْهُ لِأَنَّهُ دُونَهُ أَوْ جَرَحَ مُسْلِمًا لَمْ يُقْتَصَّ مِنْهُ وَإِنْ قَتَلَهُ قُتِلَ بِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ قَتَلَ مُسْلِمًا عَبْدًا لَا أُعَجِّلُ الْقِصَاصَ

حَتَّى أَسْتَتِيبَهُ فَإِنْ لَمْ يَتُبْ وَقُتِلَ سَقَطَ عَنهُ ذَلِك إِلَّا الْفِرْيَة لِأَنَّهَا حَقٌّ ذِمِّيٌّ وَإِنْ تَابَ اقْتُصَّ مِنْهُ لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَتُبْ مُسْتَحِقٌّ لِلرِّدَّةِ وَإِنْ قَتَلَ عَبْدًا أَوْ نَصْرَانِيًّا عَمْدًا فَذَلِكَ فِي مَالِهِ قُتِلَ أَوْ تَابَ فَإِنْ قَتَلَ الْمُرْتَدُّ أَحَدًا عَمْدًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ دِيَتُهُ فِي مَالِهِ دِيَةُ أَهْلِ الدِّينِ الَّذِي ارْتَدَّ إِلَيْهِ لِأَنَّهَا سَوَاءٌ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَلْزَمُهُ إِلَّا الْأَدَبُ لِأَنَّهُ مُبَاحُ الدَّمِ وَإِنَّمَا افْتَاتَ عَلَى الْإِمَامِ فَإِنْ قَتَلَ مُسْلِمًا بِدَارِ الْحَرْبِ أَوْ قَذَفَهُ أَوْ زَنَى ثُمَّ يُؤْسَرُ فَلَمْ يَتُبْ يُقْتَلُ وَيَسْقُطُ الْقَذْفُ وَإِنْ تَابَ سَقَطَ عَنْهُ كُلُّ شَيْءٍ فَعَلَهُ بِدَارِ الْحَرْبِ كَالْحَرْبِيِّ وَمَنْ وَجَدَ مَعَهُ مَالَهُ بِعَيْنِهِ أَخَذَهُ وَإِلَّا لَمْ يتبعهُ وَإِن كَانَ مَلِيًّا قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ قَتَلَ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ جلد مائَة وَحبس الْحُكْمُ الْخَامِسُ الْجِنَايَةُ عَلَيْهِ تَقَدَّمَ فِي الْحُكْمِ الرَّابِعِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ قَالَ فِي النَّوَادِرِ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا قَتَلْتَهُ فَلَا قَصَاصَ وَلَا دِيَةَ أَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ فَعَادَ إِلَى الْإِسْلَامِ فَدِيَةُ يَدِهِ لَهُ دِيَةُ الدِّينِ الَّذِي ارْتَدَّ إِلَيْهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ جَرَحَهُ عَمْدًا (أَوْ خَطَأً فَعَقْلُ جِرَاحِهِ لِلْمُسْلِمِينَ إِنْ قَتَلَ وَلَهُ إِنْ تَابَ وَلَوْ جَرَحَهُ عَبَدٌ أَوْ نَصَرَانِيٌّ) فَلَا قَوَدَ بَلِ الْعَقْلَ قَالَهُ أَشْهَبُ وَمَا أُصِيبَ بِهِ فِي رِدَّتِهِ مِنْ جُرْحٍ عَمْدًا أَوْ خَطَأً ثُمَّ تَابَ اقْتُصَّ لَهُ فِي الْعَمْدِ مِنَ الْمُسْلِمِ وَإِنْ كَانَ نَصْرَانِيًّا أَوْ عَبْدًا لَمْ يُقْتَصَّ لَهُ مِنْهُمَا وَذَلِكَ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ وَفِي مَالِ النَّصْرَانِيِّ وَإِنْ كَانَ الْفَاعِلُ مُرْتَدًّا ثُمَّ تَابَ اقْتُصَّ مِنْهُ فَإِنْ تَابَ الْمَفْعُولُ بِهِ دُونَ الْفَاعِلِ أَتَى الْعقل

- (الجناية الثالثة - الزنا)

عَلَى عَاقِلَتِهِ فِي الْخَطَأِ لِأَنَّ مَا أُصِيبَ بِهِ الْمُرْتَد فعقله للْمُسلمين كمن سحن فِي قَتْلٍ فَجُنِيَ عَلَيْهِ فَلَهُ الْقِصَاصُ وَإِنْ قَذَفْتَ مُرْتَدًّا فَلَا حَدَّ تَابَ أَمْ قُتِلَ قَذَفَهُ مُسْلِمٌ أَوْ كَافِرٌ وَكَذَلِكَ إِنْ قُذِفَ قَبْلَ ارْتِدَادِهِ فَلَا حَدَّ وَإِنْ تَابَ كَمَنْ زَنَى بَعْدَ الْقَذْفِ وَلَوْ قَذَفَهُ بِأُمِّهِ حُدَّ لأمه إِن كَانَت مسلمة 3 - (الْجِنَايَة الثَّالِثَة - الزِّنَا) وَفِي التَّنْبِيهَاتِ هُوَ يُمَدُّ وَيُقْصَرُ فَمَدُّهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ فُعِلَ مِنَ اثْنَيْنِ كَالْمُقَاتِلَةِ وَمَصْدَرُهُ الْقِتَالُ وَقَصْرُهُ لِأَنَّهُ اسْمُ الشَّيْءِ نَفْسِهِ وَاشْتِقَاقُهُ مِنَ الشَّيْءِ الضَّيِّقِ وَأَصْلُ تَحْرِيمِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ فَالْكِتَابُ قَوْله تَعَالَى {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا} الْآيَةَ وَفِي السُّنَّةِ أَحَادِيثُ الرَّجْمِ وَغَيْرِهِ وَأَجْمَعَتِ الْأَمَةُ عَلَى تَحْرِيمِهِ قَاعِدَةٌ: الْكُلِّيَّاتُ الْخَمْسُ أَجْمَعَ عَلَى تَحْرِيمِهَا جَمِيعُ الشَّرَائِعِ وَالْأُمَمِ تَحْرِيمُ الدِّمَاءِ والأعراض والعقول الْأَنْسَاب وَالْأَمْوَالِ فَيُمْنَعُ الْقَتْلُ وَالْجِرَاحُ وَالْقَذْفُ وَالْمُسْكِرَاتُ وَالزِّنَا وَالسَّرِقَةُ وَإِنَّمَا اخْتُلِفَ فِي الْقَلِيلِ مِنَ الْخَمْرِ فَعِنْدَنَا يَحْرُمُ تَحْرِيمَ الْوَسَائِلِ وَعِنْدَ غَيْرِنَا مُبَاحٌ وَالنَّظَرُ فِي تَحْقِيقِ السَّبَبِ الْمُوجِبِ وَفِي الْمُوجِبِ

النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي السَّبَبِ وَفِي الْجَوَاهِرِ ضَابِطُهُ انْتِهَاكُ الْفَرْجِ الْمُحَرَّمِ بِالْوَطْءِ الْمُحَرَّمِ فِي غَيْرِ مِلْكٍ وَلَا شُبْهَةٍ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ لَهُ عَشَرَةُ شُرُوطٍ الْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ وَالْإِسْلَامُ وَعَدَمُ الشُّبْهَةِ فِي الْمَوْطُوءَة بِملك أَو نِكَاح ومعيب الْحَشَفَةِ فِي قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ وَكَوْنُهُمَا غَيْرُ مُكْرَهَيْنِ وَلَا جَاهِلَيْنِ بِالتَّحْرِيمِ فَهَذِهِ فِي الْجَلْدِ وَفِي الرَّجْمِ الْإِحْصَانُ وَالْحُرِّيَّةُ أَصَابَ آدَمِيَّةً حَيَّةً فِي سنّ الرجل مَنْ يُطِيقُ الرَّجُلَ وَاخْتُلِفَ فِي مُقَارِبِ الْبُلُوغِ وَفِي النَّصْرَانِيِّ وَفِي الْمُصِيبِ صَغِيرَةً لَا تُطِيقُ الرجل أَو ميتَة أَو بَهِيمَة وَالْمكْره وَالْجَاهِل بِتَحْرِيم الزِّنَا فَفِي الْمُدَوَّنَةِ إِنْ لَمْ يَحْتَلِمْ وَأَنْبَتَ يُحَدُّ وَكَرِهَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِعَدَمِ التَّكْلِيفِ وَالْأَوَّلُ لِحَدِيثِ بَنِي قُرَيْظَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جَعَلَ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى الْمَوْقُوفِينَ فَمَنْ أَنْبَتَ جَرَى عَلَيْهِ حُكْمُ الرِّجَالِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ يُحَدُّ بِالصَّغِيرَةِ إِذَا كَانَ مِثْلُهَا يُوطَأُ وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُحَدُّ وَإِنْ كَانَتْ بِنْتَ خَمْسِ سِنِينَ وَفِي كِتَابِ الرَّضَاعِ يُحَدُّ بِالْمَيِّتَةِ لِأَنَّهَا آدَمِيَّةٌ مُحَرَّمَةُ الْوَطْءِ وَفِي الزَّاهِي لَا يُحَدُّ لِأَنَّهَا لَا تَشْتَهِي غَالِبًا وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا صَدَاقَ لَهَا وَإِنْ زَنَى بِنَائِمَةٍ حُدَّ وَلَهَا الصَّدَاقُ وَلَا يُحَدُّ بِالْبَهِيمَةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِتَعَذُّرِ قِيَاسِهَا عَلَى الْآدَمِيَّةِ بِقِيَامِ الْفَارِقِ وَفِي الثَّانِي يُحَدُّ لِأَنَّهُ فَرْجٌ مُحَرَّمٌ وَعَنْ مَالِكٍ لَا يُحَدُّ النَّصْرَانِيُّ وَيُرَدُّ إِلَى أَهْلِ دِينِهِ وَيُعَاقَبُ إِنْ

أَعْلَنَهُ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ يُجْلَدُ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا وَإِنِ اسْتُكْرِهَتْ هِيَ لَمْ تُحَدَّ وَإِنْ أَكْرَهَتْهُ حدت وَفِي حِدة قَوْلَانِ وَإِنْ أُكْرِهَا جَمِيعًا لَمْ يُحَدَّا وَيُخْتَلَفُ فِيهِ بِنَاء على الْإِكْرَاه يَتَأَتَّى مَعَه الزِّنَا أَمْ لَا وَالصَّحِيحُ يَتَأَتَّى لِأَنَّ الزِّنَا لَا يَتَوَقَّفُ إِلَّا عَلَى إِيلَاجِ الْحَشَفَةِ فِي الْفَرْجِ وَهُوَ غَيْرُ مُتَوَقِّفٍ عَلَى الِانْتِشَارِ وَلِأَنَّ اللَّذَّةَ وَالِانْتِشَارَ طَبِيعَتَانِ عِنْدَ مُلَاقَاةِ الْمُلْتَذِّ فَلَا يَمْنَعُهُمَا الْإِكْرَاهُ كَاللَّذَّةِ بِالشَّمِّ وَالذَّوْقِ وَالْإِكْرَاهُ لَا يُجَوِّزُ الْإِقْدَامَ لِحَقِّ الْمَرْأَةِ وَإِنْ كَانَ بِالْقَتْلِ وَإِنْ فَعَلَ أَثِمَ وَعَلَيْهِ الصَّدَاقُ وَإِنِ اسْتَكْرَهَتْهُ هِيَ بِالْقَتْلِ جَازَ الْإِقْدَامُ لِأَنَّهَا أَبَاحَتْ نَفْسَهَا وَأَوْجَبَ فِي الْكِتَابِ الْحَدَّ عَلَى الْأَعْجَمِيِّ وَحَدِيثِ الْإِسْلَامِ وَالْجَاهِلِ بِالتَّحْرِيمِ وَمَنَعَهُ أَصْبَغُ لِعَدَمِ وُجُودِ الْجُرْأَةِ عَلَى مَحَارِمِ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مَجْنُونًا أَوْ صَغِيرًا حُدَّ الْعَاقِلُ الْبَالِغُ وَعُوقِبَ الْمَجْنُونُ وَالصَّبِيُّ اسْتِصْلَاحًا لَهُ كَتَأْدِيبِ الْبَهِيمَةِ إِنْ لَمْ يُطْبِقِ الْمَجْنُونُ أَوْ أَحَدُهُمَا نَصْرَانِيٌّ حُدَّ الْمُسْلِمُ وَفِي النَّصْرَانِي ثَلَاثَة أَقْوَال يُعَاقب يحد ينْتَقض عَهْدُهُ وَيُحَدُّ الْمُسْلِمُ بِالْحَرْبِيَّةِ إِنْ زَنَى بِهَا فِي أَرْضِ الْإِسْلَامِ وَكَذَلِكَ أَرْضُ الْحَرْبِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ الْمُلْكِ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ وَفِي جَارِيَةٍ مِنَ الْمَغْنَمِ قَوْلَانِ وَفِي هَذَا النَّظَرِ سِتَّةَ عَشَرَ حُكْمًا الْأَوَّلُ فِي كِتَابِ الْقَذْفِ إِذَا جَهِلَتِ الْبَيِّنَةُ الْمَوْطُوءَةَ حُدَّ إِلَّا أَنْ يَثْبُتَ إِبَاحَتُهَا أَوْ يَكُونَا طَارِئَيْنِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِذَا قَالَ هِيَ امْرَأَتِي أَوْ أَمَتِي وَأَقَرَّتْ لَهُ بِذَلِكَ إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِخِلَافِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمُبِيحِ وَلِأَنَّ شَأْنَ النِّكَاحِ الْإِعْلَانُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ سَوَاءٌ وُجِدَ مَعَ امْرَأَةٍ يَطَؤُهَا أَوْ أَقَرَّ بِذَلِكَ وَادَّعَى الْمُبِيحَ وَلَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ أَبِيهَا وَلَا أَخِيهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ سَمِعَ وَعَرَفَ فَلَا يُحَدُّ وَلَا بُدَّ مِنْ جَدِيدِ عَقْدٍ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ قَالَ وَطِئْتُ فُلَانَةً بِنِكَاحٍ أَوِ اشْتَرَيْتُ أَمَةَ فُلَانٍ

فَوَطِئْتُهَا لَا يُكَلَّفُ بَيِّنَةً وَإِنَّمَا يُكَلَّفُ إِذَا وُجِدَ مَعَهَا يَطَؤُهَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَقَالَهُ عُلَمَاؤُنَا وَقَدْ غَلِطَ فِيهِ بَعْضُ مَنْ يُشَارُ إِلَيْهِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَإِنْ رَأَوْهُ يَطَأُ وَلَمْ يَعْلَمُوا حَالَهَا فَقَالَ كَانَتْ زَوْجَتِي وَقَدْ طَلَّقْتُهَا أَوْ أَمَتِي وَقَدْ بِعْتُهَا وَهُوَ مَعْرُوفٌ أَنَّهُ غَيْرُ ذِي امْرَأَةٍ وَلَا جَارِيَةٍ صُدِّقَ وَلَا تَلْزَمُهُ بَيِّنَةٌ وَلَوْ وُجِدَ مَعَهَا كُلِّفَ الْبَيِّنَةَ إِنْ لَمْ يَكُنْ طَارِئًا لِأَنَّهُ أَحْدَثَ فِي معنية نِكَاحا وملكا وَهِيَ تُعْرَفُ بِغَيْرِ ذَلِكَ وَالْأَوَّلُ ادَّعَى مَجْهُولَةً وَلَوْ لَمْ يَدَّعِ ذَلِكَ وَقَالَ كَذِبَ الشُّهُودُ حُدَّ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِذَا تَزَوَّجَ خَامِسَةً أَوْ مَبْتُوتَةً مِنْهُ ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ تَنْكِحَ غَيْرَهُ أَوْ أُخْتَهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ أَوِ النَّسَبِ أَوْ ذَاتَ مَحْرَمٍ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ حُدَّ وَلَا يلْحق بِهِ الْوَلَد لضعف الْعذر فِيهِنَّ أَوِ امْرَأَةً فِي عِدَّتِهَا أَوْ عَلَى خَالَتِهَا أَوْ عَمَّتِهَا أَوْ نِكَاحَ مُتْعَةٍ عُوقِبَ وَلَا حد فِي النُّكَتِ لِأَنَّهُ تَحْرِيمٌ بِالسُّنَّةِ وَيُحَدُّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ أُخْتَيِ النَّسَبِ لِتَحْرِيمِهِ بِالْكِتَابِ وَهُوَ أَصْلٌ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْوَاطِئِ أَمَةً يَدعِي شراءها فَيُطَالب البَائِع بِالْيَمِينِ فينكل فيقسط الْحَدُّ عَنِ الْوَاطِئِ إِذَا حَلَفَ وَقُضِيَ لَهُ بِهَا وَبَيْنَ السَّارِقِ يَدَّعِي عَلَى رَبِّ الْمَتَاعِ أَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَهُ فَيَنْكَلُ أَنَّ الْقَطْعَ يتحتم وَإِن حلف السارف وَاسْتَحَقَّ الْمَتَاعَ أَنَّ شَأْنَ الْوَطْءِ الشُّهْرَةُ بِخِلَافِ الْمَتَاعِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَام (ادرأو الْحُدُود

بِالشُّبُهَاتِ) وَرَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ (خَطَأُ الْحَاكِمِ فِي الْعَفْوِ خَيْرٌ مِنَ الْخَطَأِ فِي الْعُقُوبَةِ) وَيُرِيدُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ وَالْمَبْتُوتَةِ وَالْخَامِسَةِ وَنَحْوِهِمَا إِلَّا أَنْ يُعْذَرَ بِالْجَهَالَةِ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ إِنِ ادَّعَى نِكَاحَهَا وَصَدَّقَتْهُ هِيَ وَوَلِيُّهَا وَقَالُوا عَقَدْنَا وَلَمْ نُشْهِدْ وَنَحْنُ نُشْهِدُ الْآنَ حُدَّ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ إِلَّا بِبَيِّنَة غير الْوَلِيّ للتُّهمَةِ وَإِن جلدا بَعْدَ انْتِفَاءِ النِّكَاحِ بِغَيْرِ الِاسْتِبْرَاءِ وَإِنِ ادَّعَى شِرَاء الْأمة فنكل البَائِع وَحلف الْوَاطِئ درىء عَنْهُ الْحَدُّ لِأَنَّ الْوَطْءَ شَأْنُهُ الْكِتْمَانُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ كَانَتْ بِيَدِهِ لَمْ يُحَدَّ وَلَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ وَيَحْلِفُ الْبَائِعُ مَا بَاعَ وَيَأْخُذُهَا وَيَتْبَعُهُ بِقِيمَةٍ وَإِنْ لَمْ تكن فِي يَدِهِ حُدَّ إِذَا لَمْ يَعْفُ بِجَوْرٍ وَلَا يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ وَيَحْلِفِ السَّيِّدُ وَيَأْخُذُهَا وَمَا وُلَدَتْ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْوَاطِئُ وَبَقِيَتْ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ وَلَا يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ لِأَنَّهُ حُرٌّ وَلَا يُسْتَرَقُّ الْوَلَدُ وَلَا أَمَتُهُ لِإِقْرَارِهِ بِمَانِعِ ذَلِكَ وَلَا يَسْقُطُ الْحَدُّ بِنِكُولِ السَّيِّدِ لِأَنَّ تَصْدِيقَهُ لَا يُسْقِطُ الْحَدَّ وَلَا يَسْقُطُ بِشَاهِدٍ مَعَ إِقْرَارِ السَّيِّدِ وَيَسْقُطُ بِشَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ اسْتِحْسَانًا لِأَنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ الْمِلْكَ وَخَالَفَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فَقَالَ إِذَا نَكَلَ السَّيِّدُ حَلِفَ الْوَاطِئُ وَصَارَتْ لَهُ وَيَسْقُطُ الْحَدُّ وَقَالَ إِذَا أُعْتِقَ عَبْدٌ وَمَال فَشَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ بِدَيْنٍ يُرَدُّ الْعِتْقُ وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ مَعَ الشَّاهِدِ

أَو لم يقم شَاهدا وَطُلِبَ تَحْلِيفُ الْمُعْتِقِ فَنَكَلَ وَحَلَفَ الْمُدَّعِي وَكَذَلِكَ إِنْ تَزَوَّجَ أَمَةً وَأَقَامَ سَيِّدَهَا رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ أَنَّ زَوْجَهَا ابْتَاعَهَا مِنْهُ حُرِّمَتْ عَلَى زَوْجِهَا مَعَ امْتِنَاعِ شَهَادَةِ النِّسَاءِ فِي الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ الرَّابِع فِي الْكتاب ليسأل الشُّهُودُ عَنْ كَيْفِيَّةِ الرُّؤْيَةِ وَالْفِعْلِ فَإِنْ ظَهَرَتْ رِيبَةٌ بَطَلَتِ الشَّهَادَةُ وَإِذَا قُبِلَتْ قُبِلَ قَوْلُهُ إِنَّه بكر فيدسه إِلَّا أَنْ يَشْهَدَ بِالْإِحْصَانِ شَاهِدَانِ فَيُرْجَمَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الزَّوَاجِ وَلَا يُقْبَلُ فِي الْإِحْصَانِ شَهَادَةُ نِسَاءٍ مَعَهُنَّ رَجُلٌ أَمْ لَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَا يَسْأَلُهُ أَبِكْرٌ هُوَ حَتَّى يُكْشَفَ عَنْهُ فَإِنْ وَجَدَ عِلْمًا وَإِلَّا سَأَلَهُ وَقَبِلَ قَوْلَهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ غَابَ الشُّهُودُ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلُوا غَيْبَةً بَعِيدَةً أَوْ مَاتُوا أُقِيمَ الْحَدُّ إِنْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِمَا يَجِبُ بِهِ الْحَدُّ قِيلَ لِابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ أَقَرَّ هَلْ يُسْأَلُ كَمَا تُسْأَلُ الْبَيِّنَةُ (قَالَ الَّذِي جَاءَ فِي الْحَدِيثِ (أَبِصَاحِبِكُمْ جِنَّةٌ) وَلَمْ يَسْأَلْهُ) قَالَ اللَّخْمِيُّ هُوَ كَالْبَيِّنَةِ يُسْأَلُ إِنْ أُشْكِلَ أَمْرُهُ وَفِي الْبُخَارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَأَلَ مَاعِزًا بِالنُّونِ وَالْكَافِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ قَالَ إِذَا شُهِدَتِ الْبَيِّنَةُ أَنَا عَبْدٌ وَهُوَ مُحصن لم يصدق لاتهامه بإيثار الرِّقِّ عَلَى الْقَتْلِ وَإِنْ كَانَ بِكْرًا صُدِّقَ كَذَلِكَ فِي الْقَذْفِ وَالشُّرْبِ يُحَدُّ حَدَّ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ لَا يُتَّهَمُ فِي إِرْقَاقِ نَفْسِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ لَمْ يَكُنْ

طَارِئًا لَمْ يُعَجَّلْ رَجْمُهُ إِنْ كَانَ ثَيِّبًا وَلَمْ يُصَدَّقْ إِنْ كَانَ بِكْرًا وَكُلِّفَ بَيَانَ لِمَنْ هُوَ مَمْلُوكٌ فَإِنْ تَبَيَّنَ كَذِبُهُ حُمِلَ عَلَى أَحْكَامِ الْحُرِّ أَوْ صِدْقُهُ فَأَحْكَامُ الْعَبِيدِ وَإِن كَانَ طاريا وَبَلَدُهُ قَرِيبٌ فَكَذَلِكَ أَوْ بَعِيدٌ وَثَمَّ قَرِينَةُ عجمة لِسَان أَو تغير لون تُقَمْ أَحْكَامُ الْأَحْرَارِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَرِينَةً وَقَالَ أسجن حَتَّى يثبت أَنِّي عَبْدٌ لَمْ يُرْجَمْ وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ إِنْ قَالَ هُوَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ الْخَامِسُ فِي الْكِتَابِ إِنْ قَالَتْ زَنَيْتُ مَعَ هَذَا وَقَالَ هِيَ زَوْجَتِي أَوْ وُجِدَا فِي بَيْتٍ فَأَقَرَّا بِالْوَطْءِ وَادَّعَيَا النِّكَاحَ وَلِمَ يَأْتِيَا بِبَيِّنَةٍ حُدَّا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ السَّبَبِ الْمُبِيحِ وَيُحَدُّ وَاطِئُ الصَّغِيرَةِ يُوطَأُ مِثْلُهَا وَالْمَرْأَةُ يَطَؤُهَا صَبِيٌّ يُجَامِعُ مِثْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَحْتَلِمْ وَلَا حَدَّ عَلَيْهَا بِخِلَافِ أَنْ يَطَأَهَا مَجْنُونٌ لِأَنَّ اللَّذَّةَ تَحْصِيلُ مَقْصُودِ الْوَطْءِ مَعَ الْإِنْزَالِ وَيُحَدُّ الْمُسْلِمُ بِالذِّمِّيَّةِ وَتُرَدُّ هِيَ لِأَهْلِ دِينِهَا وَيَجِبُ الْحَدُّ وَالصَّدَاقُ فِي الْمَجْنُونَةِ وَالنَّائِمَةِ وَالْمَغْصُوبَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ لَا صَدَاقَ لِلصَّغِيرَةِ عَلَى الْبَالِغِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَإِنْ كَانَ غَيْرُ الْبَالِغِ يُلْتَذُّ بِهِ وَتُنْزِلُ الْمَرْأَةُ بِجِمَاعِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَيْهَا الْحَد لنيلها مَا نَالَهُ الْكَبِيرُ مِنَ الصَّغِيرَةِ وَيُحَدُّ الْحَيُّ بِالْمَيِّتَةِ وَلَا صَدَاقَ كَمَا لَوْ قَطَعَ عُضْوًا لَمْ يَلْزَمْهُ أَرْشٌ وَآتِي الْبَهِيمَةَ يُؤَدَّبُ وَلَا يُحَدُّ وَإِنْ غَصَبَ امْرَأَةً فَالْحَدُّ وَالصَّدَاقُ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ أَقَرَّتْ أَنَّهَا زَنَتْ وَقَالَ أَنَا تَزَوَّجْتُهَا لَا حَدَّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتَرِفْ بِوَطْءٍ إِلَّا فِي نِكَاحٍ وَتُحَدُّ هِيَ بِخِلَافِ إِنْ أُخِذَ مَعَ امْرَأَةٍ فَادَّعَى نِكَاحَهَا لِأَنَّهُ أُخِذَ فَهُوَ يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ وَسَوَّى بَيْنَهُمَا ابْنُ الْقَاسِمِ السَّادِسُ فِي الْكِتَابِ لَا يُعْذَرُ الْعَجَمُ بِدَعْوَى الْجَهَالَةِ وَلَا الْمُرْتَهِنُ بِاعْتِقَادِ الْحِلِّ فِي الْمَرْهُونَةِ عِنْدَهُ وَلَمْ يَأْخُذْ مَالِكٌ بِمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ

(زَنَيْتُ بِمَرْغُوسٍ بِدِرْهَمَيْنِ) فِي التَّنْبِيهَاتِ يُقَالُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَسِينٍ مُهْمَلَةٍ يَعْنِي أَسْوَدَ وَقِيلَ اسْمُ عَبْدٍ أَسْوَدَ مُقْعَدٍ وَقيل قَوْله بِدِرْهَمَيْنِ تَفْسِيرٌ لِمَرْغُوسٍ أَيْ بِدِرْهَمَيْنِ وَهُوَ ضَعِيفٌ لِأَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اسْتَفْهَمَهَا وَكَانَتْ نُوبِيَّةً مُعْتَقَةً لِحَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ فَقَالَتْ بِدِرْهَمَيْنِ مِنْ مَرْقُوصٍ بِقَافٍ قَالَ الشِّيرَازِيُّ فِي طَبَقَاتِ الْفُقَهَاءِ وَقَعَتْ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَاسْتَشَارَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَغَيْرَهُ فَقَالُوا عَلَيْهَا الْحَدُّ وَقَالَ عُثْمَانُ مِنْ بَيْنِ الْجَمْعِ لَا حُدَّ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا يَظْهَرُ أَنَّهَا تَعْتَقِدُ أَنَّهَا مَا صَنَعَتْ مَكْرُوهًا وَالْحُدُودُ إِنَّمَا هِيَ لِمَنْ يَعْتَقِدُ ذَلِكَ فَأَخَذَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ فَهُوَ أَثَرٌ لَا حَدِيثٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ الْعَارِيَةُ وَالْمُسْتَأْجَرَةُ كَالْمَرْهُونَةِ وَإِنَّمَا ترك مَالك الحَدِيث لِأَن الزِّنَا الْيَوْمَ اشْتُهِرَ تَحْرِيمُهُ بِخِلَافِ ذَلِكَ الزَّمَانِ وَأَخَذَ أَصْبَغُ بِحَدِيثِ مَرْغُوسٍ وَدَرَأَ الْحَدَّ عَنِ الْجَاهِلِ للزِّنَا كَالسَّبِيِّ وَنَحْوِهِ السَّابِعُ فِي الْكِتَابِ إِنِ اشْتَرَى مَنْ يَعْلَمُ بِحُرِّيَّتِهَا حُدَّ إِنْ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تُحَدُّ هِيَ إِنْ أَقَرَّتْ لَهُ بِالْمِلْكِ وَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ تُحَدُّ إِنْ عَلِمَتْ أَنَّهَا حُرَّةٌ لِأَنَّهَا يَلْزَمُهَا أَنْ تَمْنَعَهُ نَفْسَهَا أَوْ تَدَّعِيَ الْحُرِّيَّةَ فَلَعَلَّهُ يُصَدِّقُهَا أَوْ يَكُفُّ عَنْهَا فَإِنْ أَكْرَهَهَا فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا الثَّامِن فِي الْكتاب شُرُوط الشَّهَادَة فِي الزِّنَا أَن يشْهد أَرْبَعَة فِي وَقت وَاحِد وعَلى وَطْءٍ وَاحِدٍ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ بِصِفَةٍ وَاحِدَةٍ لِأَنَّهُمْ مَأْمُورُونَ بِالسَّتْرِ فَحَيْثُ

خَالَفُوا شُدِّدَ عَلَيْهِمْ وَلِأَنَّ الزِّنَا فِعْلَانِ فَاحْتَاجَ كُلٌّ مِنْهُمَا إِلَى شَاهِدَيْنِ وَيَسْأَلُهُمُ الْإِمَامُ فَإِنْ وَصَفَ ثَلَاثَةٌ وَقَالَ الرَّابِعُ رَأَيْتُهُ بَيْنَ فَخْذَيْهَا حُدَّ الثَّلَاثَةُ لِلْقَذْفِ وَعُوقِبَ الرَّابِعُ وَإِنْ لَمْ يصفوا حدوا للقذف دون الْمَشْهُود عَلَيْهِ وَإِن شهد اثْنَان أَنه زنى بِهَا فِي قَرْيَةِ كَذَا وَقَالَ الْآخَرَانِ قَرْيَةٌ أُخْرَى حُدُّوا كُلُّهُمْ لِلْقَذْفِ وَكَذَلِكَ بِالْفِعْلَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ قَالَ الطوطوشي إِنْ شَهِدَ الْأَرْبَعَةُ عَلَى فِعْلَيْنِ أَوْ عَنْ موطوئتين قَولَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُنْظَرُ الْقَاذِفُ وَيَحُدُّهُ وَمَنْ شَهِدَ مَعَهُ بِأَنْ فَعَلَ فَأَتَى الْقَاذِفُ بِالشُّهُودِ فَشَهِدُوا فِي وَقْتَيْنِ قُبِلَتْ وَحُدَّ الزَّانِي قَالَ مُحَمَّد إِن ادّعى بَيِّنَة بعيدَة حد وَإِنْ جَاءَ بِهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ سَقَطَتْ عَنْهُ الْجُرْحَةُ وَإِذَا وَصَفَ ثَلَاثَةٌ دُونَ الرَّابِعِ قِيلَ لَا عُقُوبَةَ عَلَى الرَّابِعِ وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ بِالزِّنَا فِي زَاوِيَة بَيت وَاثْنَانِ زَاوِيَتِهِ الْأُخْرَى لَمْ يُحَدَّ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يَضُرُّ الِاخْتِلَافُ فِي الْأَيَّامِ وَالْمَوَاطِنِ أَتَوْا مُجْتَمِعِينَ أَوْ مُفْتَرِقِينَ وَقَالَهُ (ش) وَوَافَقَنَا (ح) وَأحمد لنا إِجْمَاع الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم فَإِنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَلَدَ أَبَا بكرَة وصاحبيه حِين شهدُوا على الْمُغيرَة بِالزِّنَا وَلَوْلَا أَنَّ الْإِجْمَاعَ شَرْطٌ لَكَانَ يُنْتَظَرُ الرَّابِعُ وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا بَكْرَةَ وَأَصْحَابَهُ كَانُوا فِي غُرْفَةٍ فَهَبَّتِ الرِّيحُ فَفَتَحَتِ الْبَابَ فَرَأَوْا أَسْفَلَ الدَّارِ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ بَيْنَ رِجْلَيِ الْمَرْأَةِ فَقَالُوا قَدِ ابْتُلِينَا بِهَذَا فَلَمَّا خَرَجُوا لِلصَّلَاةِ تَقَدَّمَ الْمُغِيرَةُ وَكَانَ أَمِيرُهُمْ فَقَالُوا لَا نَدَعُكَ تَتَقَدَّمُ وَقَدْ رَأَيْنَا مِنْكَ مَا رَأَيْنَا فَقِيلَ إِنَّ هَذَا وَالِيكُمْ فَاكْتُبُوا فَكَتَبُوا فَدَعَاهُمْ عُمَرُ فَشهد ثَلَاثَة فَلَمَّا تقدم زِيَاد قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَجُلٌ شَابٌّ أَرْجُو أَنْ لَا يَفْضَحَ اللَّهُ عَلَى لِسَانِكَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ رَأَيْت إستا يَرْبُو ونفسا يَعْلُو ورجلان كَأَنَّهُمَا أُذُنَا حِمَارٍ وَلَا أَدْرِي مَا وَرَاءَ ذَلِكَ فَقَالَ عُمَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَدَرَأَ الْحَدَّ عَنِ الْمُغِيرَةِ وَحُدَّ الثَّلَاثَةُ وَلَمْ يَسْأَلْهُمْ عَنْ رَابِعٍ فَلَمَّا جَلَدَ أَبَا بَكْرَةَ قَالَ أَشْهَدُ ألف مرّة أَنه زنى فَهَمَّ عُمَرُ بِجَلْدِهِ مِنَ الرَّأْسِ فَقَالَ عَلِيٌّ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ أَنْ تَجْلِدَهُ فَارْجُمْ صَاحِبَكَ وَهَذِهِ قَضِيَّةٌ بِمَشْهَدِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَانْتَشَرَتْ وَلَمْ يُنْكِرْ أَحَدٌ وَمَعْنَى قَوْلِ عَلِيٍّ أَنَّهُ إِنْ كَانَ هَذَا قَذْفًا فَالْأُولَى شَهَادَةٌ فَقَدْ كَمُلَتِ الشَّهَادَاتُ أَرْبَعًا وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ قَذْفًا فَهَذَا إِعَادَتُهُ فَمَا تَجَدَّدَ شَيْءٌ بَلْ أَعَادَ الْأَوَّلَ وَقَدْ تَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ مُوجِبُهُ وَيُحْتَمَلُ إِنْ جَلَدْتَ هَذَا مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ جَلْدٌ فَارْجُمِ الْآخَرَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ رَجْمٌ فَإِن قيل كَيفَ ساع لَهُ أَنْ يُلَقِّنَهُ مَا يَرْجِعُ بِهِ عَنِ الشَّهَادَةِ مَعَ أَنَّ فِيهِ تَوَجَّهَ الْحَدُّ عَلَى أَصْحَابِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَنْتَظِرْ رَابِعًا لِأَنَّ أَبَا بَكْرَةَ وَأَخَاهُ نَافِعًا وَشِبْلَ بْنَ مَعْبَدٍ وَزِيَادًا وَالْمُغِيرَةَ نَزَلُوا فِي دَارٍ فَالْأَمْرُ مَحْصُورٌ بَيْنَهُمْ قُلْنَا لِلْإِمَامِ عِنْدَنَا أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ وَيَحْتَالَ لِسُقُوطِ الْحَدِّ وَهُوَ كَقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِمَاعِزٍ لَعَلَّكَ قَبَّلْتَ لَعَلَّكَ لَمَسْتَ وَالتَّحَامُلُ عَلَيْهِمْ أَوْلَى لِأَنَّهُمْ كَانُوا مَنْدُوبِينَ إِلَى السَّتْرِ وَالْقَضِيَّةُ جَرَتْ بِالْبَصْرَةِ وَكُتِبَ بِهَا إِلَى الْمَدِينَةِ فَمِنْ أَيْنَ يَعْلَمُ عُمَرُ أَنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ خَامِسٌ أَوْ سَادِسٌ مَعَ أَنَّ الْحَدَّ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ وَلَمَّا اسْتُحِبَّ التَّلْقِينُ اسْتُحِبَّ التَّأْخِيرُ فَلَمَّا جَزَمَ بِالْحَدِّ علم مَا قُلْنَاهُ وَلِأَن الْإِقْرَار بِالزِّنَا اخْتُصَّ بِأَمْرَيْنِ التَّصْرِيحُ وَعَدَمُ الرُّجُوعِ فَتَخْتَصُّ الشَّهَادَةُ بِمَا يُؤَكِّدُهَا عَنْ سَائِرِ الشَّهَادَاتِ وَلِأَنَّهُمْ إِذَا اجْتَمعُوا ثَبت الزِّنَا فَلَمْ يَتَحَقَّقِ الْقَذْفُ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {ثُمَّ لم يَأْتُوا بأَرْبعَة شَهدا} وَلَمْ يُخَصَّصْ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى سَائِرِ الْحُقُوقِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ مُطْلَقٌ فِي الْأَحْوَالِ وَقَدْ أجمعنا على الْعَمَل بِهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَسَقَطَ الْعَمَلُ بِهِ فِي غَيْرِهَا وَلِأَنَّا نُؤَكِّدُ ذَلِكَ بِالْمَعْنَى أَنَّ الِاجْتِمَاعَ

يَنْفِي الرَّيْبَةَ بِخِلَافِ الِافْتِرَاقِ وَلِأَنَّ الْأَقَاوِيلَ الَّتِي يشْتَرط بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ يُعِيدُهَا افْتِرَاقُ الْمَجْلِسِ كَالصَّرْفِ وَسَائِر الرِّوَايَات وَلِأَن اجْتِمَاعهم يخرجهم عَن الْقَذْف لحُصُول مُوجب الزِّنَا دُفْعَةً وَعَنِ الثَّانِي الْفَرْقُ بِأَنَّ سَائِرَ الْحُقُوقِ لَا يَتَّجِهُ عَلَى الشَّاهِدِ فِيهَا شَيْءٌ بِخِلَافِ الزِّنَا يَتَّجِهُ عَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ فَاشْتُرِطَ الْإِجْمَاعُ دَفْعًا لِحَدِّ الْقَذْفِ عَنِ الشُّهُودِ وَلِأَنَّ الِافْتِرَاقَ يُفْضِي إِلَى نَقْضِ حُكْمِ الْحَاكِمِ فَإِنَّهُ إِذَا لَمْ يَكْمُلِ النِّصَابُ وَقَدْ مَضَى بِأَنَّ الْأَوَّلَ شَهَادَةٌ فَيَصِيرُ قَذْفًا وَسَائِرُ الْحُقُوقِ لَا يُنْتَقَضُ فِيهَا حُكْمٌ وَلِأَنَّهُ لَوْ قَذَفَ ثَلَاثَةً لَمْ يَكْمُلْ عَدَدُهُمْ ثُمَّ جَاءَ رَابِعٌ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ فَعُلِمَ أَنَّ الْمَجْلِسَ شَرْطٌ نَظَائِرُ قَالَ أَبُو عمرَان تقبل الشَّهَادَة مفترقة إِلَّا فِي الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ تَفْرِيعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا شَهِدُوا عَلَى شَهَادَةِ غَيْرِهِمْ فَلَا بُدَّ مِنْ شَهَادَةِ اثْنَيْنِ عَلَى كُلِّ شَاهِدٍ وَإِلَّا كَانُوا قَذَفَةً يُحَدُّونَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ إِذَا شَهِدَ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ عَلَى شَهَادَةِ أَرْبَعَةٍ فَفِي الْكِتَابِ يُحَدُّونَ لِلْقَذْفِ وَقِيلَ لَا إِلَّا أَنْ يَقُولُوا هُوَ زَانٍ أَشْهَدَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ بِذَلِكَ بِخِلَافِ أَشْهَدَنَا فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ بِذَلِكَ قَالَهُ مُحَمَّدٌ لِأَنَّهُمْ لَمْ يصرحوا بِنِسْبَة الزِّنَا إِلَيْهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُحَدُّ الشُّهُودُ عَلَى شَهَادَاتِهِمْ إِنْ أَنْكَرُوا الشَّهَادَةَ وَأَتَى بِهَا وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَلَوْ كَانُوا أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةٍ عَلَى الْخِلَافِ فِي سُقُوط شَهَادَة الْقَاذِف لتقدم الْقَذْفِ أَوْ بِإِقَامَةِ الْحَدِّ وَهُوَ مَذْهَبُ

ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ تُحَدُّ الْأُصُولُ بِشَهَادَةِ الْفُرُوعِ إِنْ كَانُوا أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَأَنْكَرُوا الشَّهَادَةَ أَوْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْفَرْعُ وَاحِدًا فَلَا يُحُدُّونَ وَيُحَدُّ هُوَ لِانْفِرَادِهِ وَقِيلَ لَا يُحَدُّ فَيَتَحَصَّلُ فِي الْفُرُوعِ إِذَا كَانُوا أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةٍ أَوْ نَقَلُوا عَنْ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةٍ أَقْوَالٌ ثَالِثُهَا لَا يُحَدُّونَ إِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ وَإِلَّا حُدُّوا وَفِي الْمُنْتَقَى قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الشُّهُودُ هُمُ الْقَائِمِينَ بِالشَّهَادَةِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ تَعَلَّقُوا بِهِ وَأَتَوُا السُّلْطَانَ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمْ وَعَنْهُ مِثْلُ الْأَوَّلِ وَفِي النَّوَادِر لَو قَالَ اثْنَان أكرهه اَوْ قَالَ اثْنَانِ طَاوَعَتْهُ حُدَّ الشُّهُودُ دُونَهُ لِاخْتِلَافِ الصِّفَةِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا حَدٌّ عَلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَلَا أَدَبٌ وَكَذَلِكَ إِذَا زَنَتِ الْمَرْأَةُ وَعَايَنَهَا اثْنَانِ وَقَالَ الْآخَرَانِ لَا نَدْرِي أَهْيَ أَمْ غَيْرَهَا حُدُّوا دُونَهُ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْإِقْرَارِ أَنْ يَصِفَ بِخِلَافِ الشُّهُودِ إِلَّا أَنْ يَسْتَعْجِلَ لِقُوَّةِ الْإِقْرَارِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يَجِبُ الْحَدُّ بِالْبَيِّنَةِ وَالْإِقْرَارِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَجَمَ بِهِ مَاعِزًا وَبِالْحَمْلِ إِذَا جُهِلَ هَلْ هُوَ من زنى أَمْ لَا قَالَهُ عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَلَمْ يُعْلَمْ لَهُمْ مُخَالِفٌ وَكَتْمُ الشَّهَادَةِ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإذْ لم يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ} وَلَا يَأْتِي الْقَاذِفُ إِلَّا بِمَنْ تَقَدَّمَتْ رُؤْيَتُهُ وَلَمْ يَقْدَحْ فِي شَهَادَتِهِ كَتْمُهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ يُعْتَبَرُ إِقْرَارُ الْأَخْرَسِ إِنْ فُهِمَ عَنْهُ وَقَالَهُ (ش) وَقَالَ (ح) لَا يُحَدُّ بِالْإِشَارَةِ لِتَعَذُّرِ التَّفْرِقَةِ بِهَا بَيْنَ الْحَلَالِ وَالزِّنَا وَهُوَ مَمْنُوعٌ بَلْ يُمْكِنُ ذَلِكَ قَالَ اللَّخْمِيُّ يَكْفِي مِنَ الْإِقْرَار مرّة واحة إِذَا صَرَّحَ وَلَمْ يَرْجِعْ قَالَهُ مَالِكٌ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِعُذْرٍ وَلَا رَجَعَ بَلْ جَرَى الْإِقْرَارُ جُمْلَةً فَقَالَ مَالِكٌ مَرَّةً يُقْبَلُ رُجُوعُهُ وَمَنَعَ مَرَّةً فَإِنْ جَحَدَ الْإِقْرَارَ أَصْلًا جَعَلَهُ مَالِكٌ كَالرُّجُوعِ قَالَ وَلَيْسَ

بِالْبَيِّنِ لِأَنَّهُ رُجُوعٌ عَنِ الْقَوْلِ دُونَ الْفِعْلِ وَيُقْبَلُ الرُّجُوعُ فِي جَمِيعِ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى مِنَ السَّرِقَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَالْحِرَابَةِ إِذَا أَتَى بِعُذْرٍ يُعْرَفُ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ يُخْتَلَفُ فِيهِ فَإِنِ اجْتَمَعَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَحَقُّ آدَمِيٍّ فِي الْإِقْرَارِ كَإِقْرَارِهِ بِسَرِقَةِ سِلْعَةٍ مِنْ فُلَانٍ أَوِ اغْتَصَبَ فُلَانَةً أَوْ حَارَبَ فُلَانًا وَأَخَذَ مَالَهُ ثُمَّ رَجَعَ لَزِمَهُ حَقُّ الْآدَمِيِّ وَإِنْ أَتَى فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى بِعُذْرٍ قُبِلَ وَإِلَّا حُدَّ وَقِيلَ فِي السَّرِقَةِ إِنْ لَمْ يُعَيِّنْهَا قَبْلَ رُجُوعِهِ وَإِلَّا فَلَا وَأَسْقَطَ ابْن الْقَاسِم عَن قَاذف الرَّاجِع عَن الزِّنَا خِلَافًا لِأَشْهَبَ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَا يَتَعَدَّى الْمُقِرَّ فَيَسْقُطُ حَقُّهُ مِنَ الْحَدِّ وَلَوْ كَانَ الْإِقْرَارُ الْأَوَّلُ بِغَصْبِ امْرَأَةٍ لَمْ يَسْقُطِ الصَّدَاقُ وَلَمْ يُحَدَّ بِقَذْفِهَا إِنَّ أَنْكَرَتْ وَيَسْقُطُ فِي السَّرِقَةِ الْقَطْعُ دُونَ الْغُرْمِ وَيُشْتَرَطُ فِي الْحَمْلِ عَدَمُ الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ فَإِنْ كَانَتْ طَارِئَةً صُدِّقَتْ وَالْمُقِيمَةُ إِنِ ادَّعَتِ الْغَصْبَ وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ ذَلِكَ وَادَّعَتْهُ عَلَى مَنْ يُشْبِهُ صُدِّقَتْ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ لَمْ تَذْكُرْ ذَلِكَ إِلَّا بَعْدَ ظُهُورِ الْحَمْلِ حُدَّتْ إِلَّا أَنْ تَكُونَ مَعْرُوفَةً بِالْخَيْرِ فَتَكْتُمُ رَجَاءَ عَدَمِ الْحَمْلِ وَطَلَبِ السَّتْرِ وَفَعَلَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي امْرَأَةٍ قَالَتْ كُنْتُ نَائِمَة فيا أَيْقَظَنِي إِلَّا الرَّجُلُ فَسَأَلَ قَوْمَهَا فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْرًا فَلَمْ يَحُدَّهَا وَكَسَاهَا وَأَوْصَى بِهَا أَهْلَهَا فَإِنْ شَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ بِرُؤْيَتِهِ بَيْنَ فَخْذَيْهَا قَالُوا لَا تُحْمَلُ عَلَى الْوَطْءِ وَإِنْ وَجَدْنَا مَنِيًّا يُمْكِنُ وُصُولُهُ لَمْ يُحْمَلِ الْحَمْلُ عَلَيْهِ وَحُدَّتْ لِأَنَّهَا تَدِّعِي الْإِكْرَاهَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا غَصَبَهَا وَبَاتَ مَعَهَا وَقَالَ لَمْ أُصِبْهَا صُدِّقَ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا وَبَاتَ مَعَهَا وَشَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ مِنَ الْغَدِ بِالزِّنَا رُجِمَتْ مَعَ أَنَّ الْمَسْأَلَتَيْنِ سَوَاءٌ وَإِنْ كَانَتْ تُجَنُّ فَقَالَتْ أَصَابَنِي ذَلِكَ حَالَةَ الْجُنُونِ صُدِّقَتْ وَتُحَدُّ الْأَمَةُ بِالْحَمْلِ وَإِنْ كَانَتْ مِلْكًا لِامْرَأَةٍ أَو لصبي فَإِن حملت وَظهر فَأَنْكَرَهُ وَلَمْ تَدَّعِ أَنَّهُ مِنْهُ أَوِ ادَّعَتْ حَلَفَ مَا أَصَابَهَا وَلَقَدِ اسْتَبْرَأْتُهَا وَلَا تُحَدُّ لِأَنَّ دَعْوَاهَا شُبْهَةٌ وَلَهُ مُعَاقَبَتُهَا لِأَنَّهُ أَمِينٌ على عقوبتها

لِإِصْلَاحِ مَالِهِ وَيَحُدُّهَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ لَهُ إِقَامَةُ الْحَدِّ عَلَيْهَا بِعِلْمِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ لِلْإِمَامِ إِذَا ادَّعَتْ عَلَى السَّيِّدِ لِأَنَّ السَّيِّدَ قَاطِعٌ دُونَ الْإِمَامِ فَإِنْ كَانَ مَعَ امْرَأَةِ وَلَدٌ قَالَتْ لَمْ أَلِدْهُ وَشَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى إِقْرَارِهَا بِوِلَادَتِهَا لَا تُحَدُّ كَمَا لَوْ شَهِدُوا عَلَيْهَا بِالزِّنَا فَجَحَدَتْ فَلَا بُدَّ مِنْ أَرْبَعَةٍ خَالَفَنَا الْأَئِمَّةُ فِي الْحَمْلِ لَنَا مَا فِي الْمُوَطَّأِ قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الرَّجْمُ فِي كِتَابِ الله تَعَالَى حق على من زنى إِذَا قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ أَوْ إِذَا كَانَ الْحَبل الِاعْتِرَافُ وَهُوَ قَوْلٌ مُنْتَشِرٌ فِي الصَّحَابَةِ مِنْ غَيْرِ مُخَالِفٍ فَكَانَ إِجْمَاعًا وَفَعَلَهُ عُمَرُ بِجَارِيَةٍ وَعُثْمَانُ بِجَارِيَةٍ وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُرْجَمَ فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَحَمْلُهُ وفصاله ثَلَاثُونَ شهرا} وَقَالَ تَعَالَى {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} فَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُرَدَّ وَهُوَ قَوْلُهُمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا) وَهَذِهِ لَمْ تَعْتَرِفْ فَلَا تُرْجَمُ وَبِأَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أُتِيَ بِامْرَأَةٍ تَبْكِي حُبْلَى فَقَالَ مَالك فَقَالَتْ رَجُلٌ رَكِبَنِي وَأَثْنَى قَوْمُهَا خَيْرًا فَقَالَ لَوْ قَتَلْتُ هَذِهِ لَخَشِيتُ أَنْ أَدْخُلَ النَّارَ وَعَنْهُ أَنَّهُ سَأَلَ أُخْرَى فَقَالَ لَعَلَّكِ اسْتُكْرِهْتِ فَقَالَتْ نَعَمْ وَأَنَا نَائِمَةٌ فَتَرَكَهَا وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَام (ادرأوا الْحُدُود بِالشُّبُهَاتِ) وَلِأَن الْغَالِب عدم الزِّنَا فَيُحْمَلُ عَلَى الْغَالِبِ

وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمَفْهُومَ مَعَارَضٌ بِظَاهِرِ الْحَالِ وَعَنِ الثَّانِي مَنْعُ الصِّحَّةِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّهُ حُجَّةٌ لَنَا فِي أَنَّ ظَاهِرَ الْحَالِ يَقْضِي بِطَلَبِ الدَّفْعِ لَهُ وَلَعَلَّهَا كَانَتْ مُسْتَغِيثَةً وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّا نَمْنَعُ أَنَّ هَاهُنَا شُبْهَةً بل ظَاهر الْحَال يَقْتَضِي الزِّنَا وَعَنِ الْخَامِسِ أَنَّ الْبَيِّنَةَ لَوْ شَهِدَتْ بِالْوَطْءِ وهما يدعيان الزَّوْجِيَّة حدا وَلم ينفعهما ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ الْغَالِبُ وَوَافَقَنَا الْأَئِمَّةُ عَلَى أَنَّ الرُّجُوعَ عَنِ الْإِقْرَارِ يُسْقِطُ الْحَدَّ وَعَنْهُ إِنْ رَجَعَ إِلَى غَيْرِ شُبْهَةٍ رِوَايَتَانِ لِأَنَّ مَاعِزًا طَلَبَ وَهُوَ يُرْجَمُ الرُّجُوعَ لِلنَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَلَمْ يُمَكَّنْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (هَلَّا تَرَكْتُمُوهُ يَتُوبُ فَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَيْهِ) وَلَا مَعْنَى لِذَلِكَ إِلَّا قَبُولُ رُجُوعِهِ وَوَافَقَنَا (ش) عَلَى أَنَّ الْإِقْرَارَ يَكْفِي مِنْهُ مَرَّةً وَقَالَ (ح) وَأَحْمَدُ لَا بُدَّ مِنْ أَرْبَعٍ وَاشْتَرَطَ (ح) أَنْ يَغِيبَ عَنِ الْمَجْلِسِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ لَنَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ (فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا) وَلَمْ يَقُلْ أَرْبَعًا بَلِ اكْتُفِيَ بِأَصْلِ الِاعْتِرَافِ وَرَجَمَ الْجُهَنِيَّةَ وَإِنَّمَا اعْتَرَفَتْ مَرَّةً وَقَوْلُ عُمَرَ الْمُتَقَدِّمِ وَلَمْ يُشْتَرَطِ التَّكْرَارُ وَكَسَائِرِ الْحُقُوقِ احْتَجُّوا بِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ (أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَسْلَمِيِّينَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي زَنَيْتُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ فَتَنَحَّى تِلْقَاءَ وَجْهِهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي زَنَيْتُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فَدَعَا بِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ أَبِكَ جُنُونٌ قَالَ لَا قَالَ فَهَلْ أَحْصَنْتَ فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ارجموه وَلَو وَجَبَ بِمَرَّةٍ لَمْ

يُعْرِضْ عَنْهُ لَتَعَيُّنِ الْحَدِّ وَفِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ (إِنَّكَ قَدْ زَنَيْتَ أَربع مَرَّات قَالَ نَعَمْ قَالَ وَبِمَنْ قَالَ بِفُلَانَةٍ) وَهَذَا التَّعْلِيلُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا الْمُعْتَبَرَةُ وَرُوِيَ أَنَّ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَهُ إِنِ اعْتَرَفْتَ الرَّابِعَةَ رَجَمَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلَوْلَا أَنَّهُ حُكْمٌ مَعْلُومٌ لَمْ يُخْبِرْ عَلَيْهِ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ أَعْرَضَ عَنْهُ لِتَوَهُّمِ أَنَّهُ مَجْنُونٌ وَلِذَلِكَ سَأَلَهُ عَنِ الْجُنُونِ وَكَانَتْ قَرَائِنُ أَحْوَالِهِ تَقْتَضِي ذَلِكَ جَمْعًا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ وَقَوْلُهُ فِي التَّعْلِيلِ مَعْنَاهُ أَنَّ وُصُولَهَا إِلَى هَذِهِ الْغَايَةِ أَضْعَفَ الرَّيْبَةَ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِأَنَّهُ رَآهُ قَدْ قَارَبَ أَمْرُهُ الْجَلَاءَ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ لَوْ لَحِقَ بِالشَّهَادَةِ لَاشْتَرَطَ الْعَدَالَةَ وَالْحُرِّيَّةَ وَغَيْرَ ذَلِكَ وَهُوَ بَاطِلٌ إِجْمَاعًا وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الْمُلَاعِنَ يُسْقِطُ عَنْ نَفْسِهِ حَدًّا وَيُوجِبُهُ عَلَى غَيْرِهِ فَاحْتَاجَ إِلَى قُوَّةِ السَّبَبِ التَّاسِعُ فِي الْكِتَابِ إِذَا قَالَتْ بَعْدَ الشَّهَادَةِ أَنَا بِكْرٌ أَوْ رَتْقَاءُ وَنَظَرَهَا النِّسَاءُ فَصَدَّقْنَهَا حُدَّتْ لِأَنَّ زَوْجَ الْبِكْرِ إِذَا أَقَرَّ بِالْوَطْءِ بَعْدَ إِرْخَاءِ السِّتْرِ وَادَّعَتْهُ وَشَهِدَ النِّسَاءُ بالبكارة صدقت وَلَا يكْشف الْحَرَائِر عَن مِثْلِ هَذَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ لِأَنَّ شَهَادَةَ النِّسَاءِ لَا تَدْفَعُ الْحَدَّ وَتُؤَخَّرُ خَوْفَ هَلَاكِ الْحَمْلِ قَالَ اللَّخْمِيُّ أَرَى أَنْ لَا تُحَدَّ لِأَنَّ شَهَادَةَ النِّسَاءِ شُبْهَةٌ وَلِأَنَّ شَهَادَتَهُنَّ تُوقِفُ شَهَادَة الرِّجَال

فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنَّ شَهَادَةَ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ تَعْدِلُ شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ فِي الْأَمْوَالِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْظُرَهَا مِنَ النِّسَاءِ جَمَاعَةٌ يَحْصُلُ بِقَوْلِهِنَّ الْعلم فَلَو قَالَت أَنا انْكَشَفَ لأَرْبَع رِجَالٍ لَأُجِيبَتْ لِأَنَّهَا ضَرُورَةٌ لِدَفْعِ الْقَتْلِ فَهُوَ أَوْلَى مِنَ الطَّبِيبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَاشِرُ فِي الْكِتَابِ إِذَا ثَبَتَ زِنَاهَا بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَالزَّوْجُ غَائِبٌ مُنْذُ أَرْبَعَةٍ وَرُجِمَتْ بَعْدَ الْوَضْعِ فَقَدِمَ الزَّوْجُ وَادَّعَى الِاسْتِبْرَاءَ وَكَانَتْ قَالَتْ قَبْلَ الرَّجْمِ لَيْسَ الْوَلَد مِنْهُ وَقد استبرأني أينقى بِغَيْرِ لِعَانٍ كَمَا لَوْ ظَهَرَ بِالْمَرْأَةِ حَمْلٌ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَصَدَّقَتْهُ عَلَى نَفْيِهِ وَعَلَى عَدَمِ الْوَطْء وَلَو لم تصدقه قبل الرَّجْم فلابد مِنَ اللِّعَانِ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي كِتَابِ الْقَذْفِ لَا يُحَدُّ الشَّرِيكُ فِي الْأَمَةِ وَيُؤَدَّبُ إِنْ لَمْ يُعْذَرْ بِجَهْلٍ وَلِشَرِيكِهِ التَّقْوِيمُ عَلَيْهِ وَلَا صَدَاقَ لَهَا وَلَا مَا نَقَصَهَا لِأَنَّ الْقِيمَةَ وَجَبَتْ لَهُ فَتَرَكَهَا وَتَمَسَّكَ بِنَصِيبِهِ نَاقِصًا وَإِنْ حَمَلَتْ وَهُوَ مَا قَوِّمَتْ عَلَيْهِ يَوْمَ الْحَمْلِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ قِيمَةِ وَلَدِهِ وَتَكُونُ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ مُعْسِرًا خُيِّرَ شَرِيكُهُ فَإِنْ تَمَاسَكَ اتَّبَعَهُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَتَبِعَهُ بِنِصْفِ قِيمَتِهَا يَوْمَ حَمَلَتْ وَتُبَاعُ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ إِنِ احْتِيجَ إِلَيْهِ وَيُتْبِعُهُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَإِنْ نَقَصَ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْحَمْلِ اتْبَعَهُ بِالنُّقْصَانِ مَعَ نِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ، فَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَ الْحُكْمِ فَنِصْفُ قِيمَتِهَا مَعَ نِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُعَاقَبُ الْوَاطِئُ مِائَةً قَالَهُ أَبُو الزِّنَادِ وَلَا يُرَدُّ عَلَى ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا أَفْسَدَ الثَّوْبَ فَسَادًا كثيرا أَنه مُخَيّر فِي التَّمَسُّكِ وَيُغَرِّمُهُ النَّقْصَ أَوْ يُضَمِّنُهُ الْقِيمَةَ لِأَنَّ لَهُ فِيهِ خِلَافًا وَجَوَابُهُ فِي الْأَمَةِ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ وَفِي يَوْمِ التَّقْوِيمِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ يَوْمُ الْحَمْلِ يَوْمُ الْوَطْءِ يَوْمُ الْحُكْمِ بِنَاءً عَلَى التَّفْوِيتِ أَوْ سَبَبِهِ وَلِأَنَّهَا مَسْأَلَةُ خِلَافٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمُعْتَقِ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْحُكْمِ مَعَ أَنَّ الْحَمْلَ يُؤَدِّي لِلْعِتْقِ أَنَّ الْوَاطِئَ مُتَعَدٍّ فَاعْتُبِرَ يَوْمَ الْعُدْوَانِ قَالَ سَحْنُونٌ لَا شَيْءَ لَهُ فِي الْإِعْسَارِ فِي قِيمَةِ الْوَلَدِ إِذَا اخْتَارَ قِيمَتَهَا لِأَنَّ الْوَلَدَ مُتَأَخِّرٌ عَنِ الْقِيمَةِ تَقْدِيرًا فَلَا يَسْتَحِقُّ

الشَّرِيك فِيهِ شَيْئا قَالَ ابْن الْقَاسِم يعْتق عَلَيْهِ النِّصْفُ الَّذِي بَقِيَ لَهُ بِيَدِهِ لِعَدَمِ انْتِفَاعِهِ بِهِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ رَقِيقًا لِمَنِ اشْتَرَاهُ وَقِيلَ لَا يُعْتِقُ فَلَعَلَّهُ يَمْلِكُ بَاقِيَهَا فَيَحِلُّ لَهُ وُطُؤُهَا وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا وَمَالِكٌ وَمُحَمَّدٌ فَإِنْ أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ مَلِيًّا فَوَطْئِهَا الْآخَرُ قَبْلَ التَّقْوِيمِ لَمْ يُحَدَّ لِأَنَّ حِصَّتَهُ فِي ضَمَانِهِ وَلَا صَدَاقَ عَلَيْهِ إِنْ طَاوَعَتْهُ وَلَا مَا نَقَصَهَا وَإِنْ أَكْرَهَهَا فَنِصْفُ نَقْصِهَا بِلَا صَدَاقٍ قَالَهُ مَالِكٌ فَإِنْ أَعْتَقَ جَمِيعَهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَيْسَ لِشَرِيكِهِ عِتْقُ حِصَّتِهِ لِتَقَدُّمِ عِتْقِ غَيْرِهِ وَقَالَ بَقِيَّةُ الرُّوَاةِ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ فَإِنْ وَطْئِهَا الْآخَرُ بَعْدَ عِلْمِهِ حُدَّ إِنْ لَمْ يُعْذَرْ بِجَهْلٍ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ وَطِئَ حُرَّةً وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُحَدُّ وَيُلْزِمُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْعِتْقِ وَيَلْزَمُ تَرِكَتَهُ وَلَمْ يَقُلْهُ فَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ لِجَمِيعِهَا مُعْسِرًا لم يحده ابْن الْقَاسِم فَإِن كَانَ مَلِيًّا وَلَمْ يُطَالِبْ حَتَّى أُعْدِمَ وَقَدْ عَلِمَ الْآخَرُ بِهِ فَتَرَكَهُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ وَمَضَى الْعِتْقُ وَاتَّبَعَ بِهَا دَيْنًا وَإِنْ كَانَ غَائِبًا وَلم يعلم بِالْعِتْقِ فَهُوَ على حَقه فاله ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ خِلَافُ أَصْلِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَلْ يَلْزَمُهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْحُضُورِ وَالْغَيْبَةِ لِأَنَّهَا عَتَقَتْ كُلَّهَا لَمَّا كَانَ مَلِيًّا الثَّانِيَ عَشَرَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ طَلَّقَ قبل الْبناء وَالْوَطْء وَقَالَ ظَنَنْت أَن لَا تَبِينَ إِلَّا بِالثَّلَاثِ فَلَا يُحَدُّ وَلَهَا صَدَاقٌ وَاحِد إِذا عذر بالجهالة وَكَذَلِكَ الْمُطلق ثَلَاثَة وَيَطَأُ فِي الْعِدَّةِ وَلَا صَدَاقَ أَوْ أُمَّ وَلَده بعد الْعتْق إِن عذر بالجهالة إِذْ قَالَ ظَنَنْتُ الْحِلَّ وَإِلَّا حُدَّ أَوْ وَطِئَ أُمَّ وَلَدِهِ بَعْدَ الرِّدَّةِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا حرَام لشُبْهَة الْملك أوطئ مَجُوسِيَّةً بِالْمِلْكِ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ بِخِلَافِ لَوْ تَزَوَّجَهَا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ لِعَدَمِ الشُّبْهَةِ إِلَّا أَنْ يُعَذَرَ بِجَهْلِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ وَطِئَ مِنْ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ مَنْ لَا تُعْتَقُ عَلَيْهِ كَالْخَالَةِ لَا يُحَدُّ أَوْ تُعْتَقُ عَلَيْهِ حُدَّ كَالْبِنْتِ وَلَا يلْحق بِهِ الْوَلَد لضعف الشُّبْهَة بعتقهن بِالشِّرَاءِ إِلَّا أَنْ يُعْذَرَ بِجَهَالَةٍ فَلَا يُحَدُّ وَيُلْحَقْ بِهِ الْوَلَدُ وَلَا يُحَدُّ الْأَبُ بِوَطْءِ أمه ابْنه

لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ) وَيُغَرَّمُ قِيمَتَهَا حَمَلَتْ أَمْ لَا لِأَنَّهُ حَرُمَ وَطْؤُهَا عَلَى الِابْنِ فَإِنْ أَعْسَرَ بِيعَتْ عَلَيْهِ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ إِنْ لَمْ تَحْمِلْ فَإِنْ نَقَصَ ثَمَنُهَا عَنِ الْقِيمَةِ اتَّبَعَ بِالتَّمَامِ وَإِنْ فَضَلَ فَلِلْأَبِ وَكَذَلِكَ الْجِدُّ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَخَالَفَهُ أَشْهَبُ فَحَدَّهُمَا لِنَقْصِ رُتْبَتِهِمَا عَنِ الْأَبِ فِي النَّفَقَةِ وَغَيْرِهَا وَمَنْ أُحِلَّتْ لَهُ جَارِيَةٌ رُدَّتْ إِلَّا أَنْ يَطَأَهَا فَلَا يُحَدُّ لِلشُّبْهَةِ كَانَ جَاهِلًا أَوْ عَالِمًا وَتَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا حملت أم لَا وَلَا يتَمَسَّك لَهَا رَبُّهَا بَعْدَ الْوَطْءِ وَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ بِخِلَافِ الشَّرِيكِ لِأَنَّ الشَّرِيكَ مُتَعَدٍّ فَإِنْ تَمَاسَكَ صَحَّ مَا يَخْشَى مِنْ عَارِيَةِ الزَّوْجِ وَلَا يُؤْمَنُ أَنْ يَحِلَّهَا ثَانِيَةً فَإِنْ كَانَ عَدِيمًا وَقَدْ حَمَلَتْ فَالْقِيمَةُ فِي ذِمَّتِهِ وَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ بِيعَتْ عَلَيْهِ وَلَهُ الْفَضْلُ وَعَلَيْهِ النَّقْصُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ وَهَذَا كُلُّهُ إِذَا جَهِلَ التَّحْرِيمَ وَإِلَّا حُدَّ وَلَا يُلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ لِعَدَمِ الْمِلْكِ وَالنِّكَاحِ وَجَهْلِهِ التَّحْرِيمَ وَهُوَ خِلَافُ الْمُدَوَّنَةِ الثَّالِثَ عَشَرَ قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ يُرْجَمُ اللَّائِطُ الْفَاعِلُ وَالْمَفْعُولُ أَحْصَنَا أَمْ لَا عَبْدَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ وَقَالَ أَشْهَبُ يُحَدُّ الْعَبْدُ خَمْسِينَ وَيُؤَدَّبُ الْكَافِرُ وَإِنْ وَطِئَ أَجْنَبِيَّةً فِي الْمَحَلِّ الْمَكْرُوهِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ هُوَ زِنًى يُرْجَمُ الْمُحْصَنُ وَيُجْلَدُ غَيْرُهُ وَيُغَرَّبُ الرَّجُلُ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ حُكْمُ ذَلِكَ حُكْمُ اللِّوَاطِ وَقَالَ كَثِيرٌ من الْعلمَاء الشَّهَادَة على اللواط كَالزِّنَا أَرْبَعَةٌ وَقَالَ _ ش (وَأَحْمَدُ فِي الْجَدِيدِ اللِّوَاطُ كَالزِّنَا يُرْجَمُ الْمُحْصَنُ وَيُجْلَدُ غَيْرُهُ وَقَالَ (ح) إِنَّمَا فِيهِ التَّعْزِيرُ إِلَّا أَنْ يَتَكَرَّرَ فَيُقْتَلُ لَنَا قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي أبي

دَاوُدَ (اقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ) أَحْصَنَا أَوْ لَمْ يُحْصِنَا وَاسْتَشَارَ فِيهِ الصِّدِّيقُ الصَّحَابَةَ فَأَشَارُوا بِالْقَتْلِ وَكَانَ أَشَدَّهُمْ عَلِيٌّ فَأَفْتَى فِيهِ بِالْحَرْقِ فَكَتَبَ الصِّدِّيقُ لِخَالِدٍ بِالْحَرْقِ وَلِأَنَّ الرَّجْمَ هُوَ الْعُقُوبَةُ الْوَاقِعَةُ بِقَوْمِ لُوطٍ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ لَا أرى حرقه إِلَّا بعد أَن نَقْتُلهُ وَلِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنَ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ وَسَعْيٌ فِي سَدِّ بَابِ النَّسْلِ فَيَجِبُ بِهِ الْقَتْلُ كَالْحِرَابَةِ احْتَجَّ (ش) بِأَنَّهُ إِيلَاجٌ فِي فَرَجٍ آدَمِيّ يحرم فَيكون زني كَالْقَتْلِ جَوَابُهُ أَنَّ هَذَا أَفْحَشُ لِأَنَّهُ سَدُّ بَابِ النَّسْل وَقد جعل الله تَعَالَى للزِّنَا سَبِيلًا بِالنِّكَاحِ وَلَمْ يَجْعَلْ لِلِّوَاطِ سَبِيلًا فَكَانَ أَقْبَحَ احْتَجَّ (ح) بِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ إِحْصَانٌ وَلَا إِحْلَالٌ فَلَا يُوجِبُ الْحَدَّ كَالْإِيلَاجِ فِي الْفَمِ وَغَيْرِهِ وَالْجَوَابُ لِأَنَّهُ مُعَارَضٌ بِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ الْغُسْلُ وَالْمَهْرُ عِنْدَنَا وَأَمَّا الْإِحْلَالُ وَالْإِحْصَانُ فَمَنَاطُهُمَا كَمَالُ الْوَطْءِ وَلَمْ يُوجَدْ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا صَدَاقَ على الْفَاعِل فِي طوع وَلَا إِكْرَاه وَلَا يرْجم الْمَفْعُول بِهِ إِن أكره وَيُرْجَمُ الْفَاعِلُ الرَّابِعَ عَشَرَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ الْمَرْأَةُ تَأْتِي الْمَرْأَةَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ ذَلِكَ لِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ بِحَسَبِ شُنْعَةِ ذَلِكَ وَخِفَّتِهِ وَعَنْهُ تُجْلَدَانِ خَمْسِينَ خَمْسِينَ وَنَحْوَهُمَا وَعَلَيْهِمَا الْغُسْلُ إِنْ أَنْزَلَتَا فِي التَّنْبِيهَاتِ الدَّارِئَةُ لِلْحَدِّ ثَلَاثَةٌ فِي الْفَاعِلِ كَاعْتِقَادِ الْحِلِّ كَمَنْ وَطِئَ أَجْنَبِيَّةً يَظُنُّهَا امْرَأَتَهُ وَفِي الْمَفْعُولِ نَحْوَ كَوْنِ الْأَمَةِ مُشْتَرَكَةً وَفِي الطَّرِيقِ كَالنِّكَاحِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ كَالزَّوَاجِ بِلَا وَلِيٍّ أَوْ شُهُودٍ إِذَا اسْتَفَاضَ قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ وَاخْتُلِفَ فِي دَرْءِ الْحَدِّ فِي نِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَالْمَذْهَبُ الدَّرْءُ وَلَيْسَ كُلُّ الْخِلَافِ دَارِئًا بَلِ الضَّعِيفُ لَا يَدْرَأُ وَلَمْ يَصِحَّ مَا

رُوِيَ (ادرأوا الْحُدُودَ بِالشُّبَهَاتِ) فَيَعْتَمِدُ عَلَى أَنَّ صُوَرَ الشُّبَهَاتِ قَاصِرَةٌ عَنْ مَوْطِنِ الْإِجْمَاعِ فَلَا يَلْحَقُ بِهِ الْخَامِس عشر فِي الْجَوَاهِر إِن اسْتَأْجرهَا للزِّنَا لَمْ يَدْرَأْ عَنْهُ عَقَدُ الْإِجَارَةِ الْحَدَّ وَقَالَهُ (ش) وَأسْقط (ح) الْحَد عَنْهُمَا وَنقض أسله بِمَا لَوِ اسْتَأْجَرَهَا لِلطَّبْخِ أَوِ الْخِيَاطَةِ وَنَحْوِهِ مِنَ الْأَعْمَالِ يُحَدُّ وَفُرِّقَ بِأَنَّ النِّكَاحَ يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَأَزْنِي بِكِ لَغْوٌ كَمَا لَوْ صَرَّحَا بِلَفْظِ النِّكَاحِ ثُمَّ قَالَ لِأَزْنِي بِكِ فَهُوَ فَسَادٌ لَا يَثْبُتُ مَعَ الْحَدِّ لَنَا قَوْله تَعَالَى {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} الْآيَةَ وقَوْله تَعَالَى {وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبغاء} وَهُوَ بِعِوَضٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي آخِرِ الْآيَةِ (لتبتغوا عرض الْحَيَاة الدُّنْيَا} وَقَدْ قَالَ (ح) إِذَا قَالَ لَهُ زَنَيْتَ بِدَابَّةٍ لَا يَكُونُ قَاذِفًا أَوْ بِثَوْبٍ فَقَاذِفٌ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ مَكَّنْتَ دَابَّةً مِنْ نَفْسِكَ وَأَخَذْتَ عِوَضَ الزِّنَا ثَوْبًا وَلِأَنَّهُ وَطْءٌ مُجْمَعٌ عَلَى تَحْرِيمه لَا ملك فِيهِ وَلَا شُبْهَة وَالْوَاطِئُ عَالِمٌ بِتَحْرِيمِهِ فَأَشْبَهَ صُوَرَ الْإِجْمَاعِ وَقِيَاسًا عَلَى إِجَارَتِهَا لِلْخِدْمَةِ فَإِنَّهُ إِذَا حُدَّ فِي الْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ فَأَوْلَى فِي الْفَاسِدَةِ وَلَوْ سَقَطَ بِهَا الْعَقْدُ لَسَقَطَ بِالْمُعَاطَاةِ الَّتِي يَنْعَقِدُ بِهَا الْبَيْعُ وَالْإِجَارَةُ عَلَى الْخِلَافِ وَالْخِلَافُ شُبْهَةٌ فَإِنِ التزموا هَذَا فالزنا فِي الْغَالِبِ لَا يَقَعُ إِلَّا فِي مُعَاطَاةٍ احْتَجُّوا بِحَدِيثِ مَرْغُوسٍ الْمُتَقَدِّمِ وَالْقِيَاسِ عَلَى النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ تِلْكَ الْجَارِيَةَ عذرها عمر رَضِي الله عَنهُ بالجهال بِتَحْرِيم الزِّنَا وَمَسْأَلَتُنَا لَيْسَتْ كَذَلِكَ

وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ لَا بُدَّ أَنْ يُخْتَلَفَ فِي أَصْلِ جَوَازِهِ وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَى تَحْرِيمِهِ السَّادِسَ عَشَرَ فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا بَاعَ امْرَأَتَهُ مِنَ الْجُوعِ وَأَقَرَّتْ لَهُ بِالرِّقِّ فَوَطِئَهَا الْمُبْتَاع قَالَ الن الْقَاسِمِ لَا تُحَدُّ وَتُعْذَرُ بِالْجُوعِ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ إِنْ طَاوَعَتْهُ وَأَقَرَّتْ أَنَّهُ أَصَابَهَا طَائِعَةً حُدَّتْ نَظَائِرُ قَالَ تِسْعُ نِسْوَةٍ لَا يُحَدُّ واطئهن الْأمة الْمُشْتَركَة وَالْمُحَلَّلَةُ وَجَارِيَةُ الِابْنِ وَجَارِيَةُ الْأَبِ وَأَجْدَادُ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ كَالْوَالِدِ وَالْأَمَةُ ذَاتِ الْمَحَرَمِ كَالْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ وَذَاتُ مَحَرَمٍ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَمَنْ كَانَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ عُزِّرَ وَالْجَارِيَةُ تَخْدِمُ رَجُلًا يَطَؤُهَا وَالْمُتَزَوِّجَةُ عَلَى عَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا أَوْ فِي عِدَّتِهَا وَيَطَؤُهَا فِي عِدَّتِهَا نَظَائِرُ قَالَ صَاحِبُ الْخِصَالِ خَمْسُ نِسْوَةٍ لَا يُقَامُ الْحَدُّ عَلَيْهِنَّ الْمُكْرَهَةُ وَالنَّائِمَةُ وَالْمَجْنُونَةُ وَالصَّبِيَّةُ الَّتِي لَمْ تَبْلُغُ وَمَوْطُوءَةُ الصَّبِيِّ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ وَمَتَى قَالَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ يَا زَانِيَةُ حُدَّ لِلْقَذْفِ وَيُحَدُّ وَاطِئُهُنَّ وَعَلَيْهِ الصَّدَاقُ إِلَّا الصَّبِيَّ لَا يُحَدُّ قَاعِدَةٌ كُلَّمَا سَقَطَ الْحَدُّ لَحِقَ النَّسَبُ وَمَنْ يُحَدُّ لَا يُلْحَقُ بِهِ النَّسَبُ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ إِلَّا فِي سِتِّ مَسَائِلَ يَشْتَرِيهَا وَيُقِرُّ أْنَهُ أُوَلَدَهَا عَالِمًا بَحُرِيَّتِهَا أَوْ مِمَّنْ تُعْتَقُ عَلَيْهِ أَو يَتَزَوَّجهَا ويقر أَنه أولدها عَالما بِأَنَّهُ ذَاتُ مَحْرَمٍ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ صِهَارَةٍ أَو يَشْتَرِي إِحْدَاهمَا بِخِيَارٍ وَيَقُولُ أَوْلَدْتُ هَذِهِ مِنْهُمَا بَعْدَ اخْتِيَارِ الْأُخْرَى وَتَرْكِ هَذِهِ أَوْ يَقُولُ أَوَلَدْتُ الْمَرْأَةَ عَالِمًا بِأَنَّ لِي أَرْبَعًا سِوَاهَا أَوْ يَقُولُ اشْتَرَيْتُهَا وَالسَّيِّدُ مُنْكِرٌ وَلَا بَيِّنَةَ فَيُحَدُّ هُوَ وَالْجَارِيَة إِن قَامَ السَّيِّدُ عَلَى إِنْكَارِهِ النَّظَرُ الثَّانِي فِي الْمُوجِبِ وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ الرَّجْمُ وَالْجَلْدُ

وَالنَّظَرُ فِي الرَّجْمِ وَشَرْطِهِ وَهُوَ الْإِحْصَانُ وَالْجَلْدُ مِائَةٌ وَمَا يُضَافُ إِلَيْهِ وَهُوَ التَّغْرِيبُ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَطْرَافٍ الطَّرَفُ الْأَوَّلُ فِي الْإِحْصَانِ وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ خَمْسُ خِصَالٍ التَّكْلِيفُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالْإِسْلَامُ وَالتَّزْوِيجُ الصَّحِيحُ وَالْوَطْءُ الْمُبَاحُ وَفِي الْحَقِيقَةِ ثَلَاثَةٌ الْحُرِّيَّةُ وَالتَّزْوِيجُ وَالْوَطْءُ وَغَيْرُهَا مُعْتَبَرٌ فِي أَصْلِ الزِّنَا وَلَمْ يَشْتَرِطْ عَبْدُ الْمَلِكِ إِبَاحَةَ الْوَطْءِ بَلْ يُحَصَنُ وَطْءُ الْحَائِضِ مِنْ زَوْجِهَا وَلَا يُحَصَنُ وَطْء الشُّبْهَة فِي النِّكَاح الْفَاسِد وتشترط الْإِصَابَةُ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ وَلَا يُشْتَرَطُ حُصُولُهُ فِي الْوَطْئَيْنِ بَلْ إِنْ أُحْصِنَ أَحَدُهُمَا رُجِمَ وَجُلِدَ الْآخَرُ فَائِدَةٌ أَصِلُ هَذِهِ اللَّفْظَةِ الْمَنْعُ وَمِنْهُ الْحِصْنُ لِلْبِنَاءِ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ مِنْ فِيهِ مِنَ الْعَدُوِّ فَالتَّكْلِيفُ وَازِعٌ يَمْنَعُ مِنْ تَعَاطِي الْمُحَرَّمَاتِ وَالْحُرِّيَّةُ تَجْعَلُ النَّفْسَ أَبِيَّةً تَمْتَنِعُ مِنَ الْقَاذُورَاتِ الْإِسْلَام يَمْنَعُ الْإِقْدَامَ عَلَى الْمَنْهِيَّاتِ وَالتَّزْوِيجُ يُكْمِلُ النِّعْمَةَ فَيَصِيرُ مِنْ ذَوِي الرُّتَبِ الْعَلِّيَّاتِ وَيَعْظُمُ عَلَيْهَا الْمُؤَاخَذَاتُ وَالْإِجْمَاعُ فِي التَّكْلِيفِ وَالْوَطْءِ وَأَمَّا الْحُرِّيَّةُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} وَالْوَطْءُ الْمُبَاحُ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ فَيُحْمَلُ اللَّفْظُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ النِّعْمَةُ الْكَامِلَةُ وَوَافَقَنَا (ح) عَلَى الْإِسْلَامِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ لَنَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ (لَا إِحْصَانَ مَعَ الشِّرْكِ) وَالْقِيَاسُ عَلَى الْقَذْفِ) بِجَامِعِ تَكَامُلِ النِّعْمَةِ وَهُوَ مُوجِبٌ لِزِيَادَةِ الْعُقُوبَةِ بِشَهَادَةِ قَوْله تَعَالَى {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأحد من النِّسَاء إِن اتقيتن - إِلَى قَوْله - يُضَاعف لَهَا الْعَذَاب ضعفين} وقَوْله تَعَالَى {إِذًا

لأذقناك ضعف الْحَيَاة وَضعف الْمَمَات} وَقَوله تَعَالَى {لأخذنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثمَّ لقطعنا مِنْهُ الوتين} فَجَعَلَ تَعَالَى مُؤَاخَذَتَهُ وَمُؤَاخَذَةَ أَزْوَاجِهِ أَعْظَمَ الْمُؤَاخَذَاتِ لِأَنَّهُمْ أَكْمَلُ مِنْ غَيْرِهِمْ وَلِأَنَّهَا الْعَادَةُ أَنَّ مُنَاقَشَةَ خَوَاصِّ الْمَلْكِ أَعْظَمُ احْتَجُّوا بِمَا فِي الصِّحَاحِ (جَاءَتِ الْيَهُودُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذَكَرُوا أَنْ رَجُلًا وَامْرَأَةً مِنْهُمْ زَنَيَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ فِي شَأْنِ الرَّجْمِ فَقَالُوا نَفْضَحُهُمْ وَيُجْلَدُونَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ كَذَبْتُمْ إِنَّ فِيهَا الرَّجْمَ فَأَتَوْا بِالتَّوْرَاةِ فَنَشَرُوهَا فَوَضَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ عَلَى أَيَةِ الرَّجْمِ ثُمَّ قَرَأَ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ ارْفَعْ يَدَكَ فَرَفَعَ يَدَهُ فَإِذَا فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ فَقَالُوا صدقت إِن فِيهَا آيَة الرَّحِم فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَرُجِمَا) وَفِي الْبُخَارِيِّ وَكَانَا قَدْ أَحْصَنَا وَرَسُولُ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يَحْكُمُ بِغَيْرِ شَرْعِهِ وَلِأَنَّ الْكَافِرَ يَعْتَقِدُ دِينَهُ أَتَمَّ الْأَدْيَانِ وَأَكْمَلَ النِّعَمِ فَيُؤَاخَذُ بِذَلِكَ فِي الْعُقُوبَةِ وَلِأَنَّ غَيْرَهُ مِنَ الشُّرُوطِ إِذَا عُدِمَ خَلَفَهُ ضِدُّهُ فِي عَدَمِ الْمَنْعِ لِأَنَّ الْمَجْنُون وَالصَّبِيّ لَا يمتنعان وَالرَّقِيق أجسر على الزِّنَا وَعدم الْوَطْء يبْعَث على الزِّنَا لِيَقِفَ عَلَى حَقِيقَتِهِ أَمَّا عَدَمُ الْإِسْلَامِ فَلَا لِأَن الْكَافِر يمْتَنع من الزِّنَا كَالْمُسْلِمِ وَلِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَذْفِ أَنَّ الْوَطْءَ لَا يُعْتَبَرُ فِي الْقَذْفِ وَيُعْتَبَرُ فِي الرَّجْمِ وَيُعْتَبَرُ فِيهِ الْعَفَافُ دُونَ الرَّجْمِ وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ إِحْصَانُ الْمَحْدُودِ لِأَنَّ الذِّمِّيَّ يُحَدُّ فِي الْقَذْفِ فَهُوَ حُجَّةٌ لَنَا لِعُمُومِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (الثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ رَجْمٌ بِالْحِجَارَةِ) أَوْ سَبَب

لِلْقَتْلِ عَلَى الْمُسْلِمِ فَيَكُونُ سَبَبًا فِي حَقِّ الْكَافِرِ كَالْقِصَاصِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْحَدِيثَ صَحِيحٌ إِلَّا تِلْكَ الزِّيَادَةَ وَهُمَا مُحَصَنَانِ وَإِنَّمَا رجمهم بِوَحْيٍ يَخُصُّ أُولَئِكَ لِوُجُوهٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يَلِيقُ بِهِ وَلَا بِمَنْ لَهُ أدنى دين أَن يتَصَرَّف فِي الزِّنَا بِغَيْر أَمر الله تَعَالَى وَثَانِيها أَن هَذَا الْقِصَّةَ وَقَعَتْ أَوَّلَ نُزُولِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْمَدِينَةِ وَلَمْ يَكُنْ حَدُّ الزِّنَا نَزَلَ بَعْدُ وَلِذَلِكَ رَوَى ابْنُ عُمَرَ مُفَسِّرًا قَالَ وَكَانَ حَدُّ الْمُسْلِمِينَ يَؤْمَئِذٍ الْجَلْدَ وَثَالِثُهَا قَوْله تَعَالَى {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ الله} وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ إِنَّمَا حَكَمَ بِوَحْيٍ يَخُصُّهُمُ وَرَابِعهَا أَنه رُوِيَ فِي الْخَبَر أَنه رجمهم بِشَهَادَةِ الْكُفَّارِ وَأَنْتُمْ لَا تَقُولُونَ بِهِ وَلِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَسْأَلْ عَنْ شَرَائِطِ إِحْصَانِهِمَا تَنْبِيهٌ الْحَدِيثُ يُشْكَلُ عَلَيْهِ مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْمُخَالِفِ أَمَّا مَذْهَبُنَا فَلِأَنَّا نَدَّعِي وَحْيًا وَتَخْصِيصًا بِهَذَيْنِ الشَّخْصَيْنِ بِغَيْرِ دَلِيلٍ مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ اقْتَضَى الِاعْتِمَادَ عَلَى التَّوْرَاةِ لَا سِيَّمَا إِذَا جُمِعَتْ طُرُقُ الْحَدِيثِ وَأَمَّا مَذْهَبُهُمْ فَإِنَّ التَّوْرَاةَ مُحَرَّفَةٌ وَإِخْبَارُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَغَيْرِهِ إِنَّمَا يُفِيدُ أَنَّهُ رَأَى ذَلِكَ فِي التَّوْرَاةِ لِأَنَّهُ يَرْوِيهَا عَن الصُّدُور بِلَا رِوَايَة فِي كتب الإسرائيليين لِطُولِ الزَّمَانِ وَكَثْرَةِ اللَّعِبِ وَالْإِهْمَالِ وَالِاعْتِمَادُ عَلَى مِثْلِ هَذَا بَاطِلٌ إِجْمَاعًا وَشَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا إِنَّمَا يَكُونُ شَرْعًا لَنَا إِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ شَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا بِوَحْيٍ ثَابِتٍ أَوْ رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ نَقُولَ إِنَّ حَدَّ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ الرَّجْمُ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لما سَأَلَهُمْ عَلَيْهِ السَّلَام عَن التَّوْرَاة وَلَا فَحَصَ لِأَنَّهُ نَهَانَا عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ (لَا تُصَدِّقُوهُمْ وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ) بَلْ مَفْهُومُ الْقُرْآنِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ

الله} يَأْبَى ذَلِكَ وقَوْله تَعَالَى {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِك هم الظَّالِمُونَ} وَفِي الْمُنْتَقَى يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أُوحِيَ إِلَيْهِ بِصِحَّةِ هَذَا مِنَ التَّوْرَاةِ وَعُلِمَ ذَلِكَ عِنْدَ عبد الله ابْن سَلَامٍ وَغَيْرِهِ عَلَى وَجْهٍ يُوجِبُ الْعِلْمَ أَوْ شَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا وَقَدْ نَبَّهْتُ عَلَى ضَعْفِ الْوُجُوهِ الْأَخِيرَةِ قَالَ قَالَ مَالِكٌ لَمْ يَكُونُوا أَهْلَ ذِمَّةٍ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِاعْتِقَادِهِ لِأَنَّهُ نِقْمَةٌ أُخْرَى لَا نِعْمَةٌ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَوْ قَذَفَ كَافِرًا لَا يُحَدُّ وَإِنِ اعْتَقَدَ أَنَّ الْمَقْذُوفَ مُحْصَنٌ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّهُ يَبْطُلُ شَهَادَتُهُ فَإِنَّهُ يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَ الْكَذِبِ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ الْعِفَّة عَن الزِّنَا لَا تَبْقَى مَعَ الْقَذْفِ فَاعْتُبِرَتْ وَفِي الْإِسْلَامِ هُمَا سَوَاءٌ يَبْقَى مَعَهَا فَاعْتُبِرَ فِيهِمَا وَالْجَوَابُ عَنِ الْخَامِسِ أَنَّهُ يُخَصِّصُهُ بِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْأَدِلَّة وَالْجَوَاب عَن السَّادِسِ أَنَّ الْقِصَاصَ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ بِخِلَافِ هَاهُنَا فَرْعٌ فِي الْمُنْتَقَى لَا يَحْكُمْ أَحَدُنَا الْيَوْمَ بِحُكْمِ التَّوْرَاةِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا طَلَبَ أَهْلُ الذِّمَّةِ الرَّجْمَ وَهُوَ دِينُهُمْ فَلَهُمْ ذَلِكَ إِلَّا مَنْ كَانَ رَقِيقًا لِمُسْلِمٍ فَلَيْسَ لَهُمْ فِيهِ رَجْمٌ وَلَا جَلْدٌ وَلَا قَتْلٌ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُسْلِمِ وَقَوْلُهُ (فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بهما فَرُجِمَا) يدل على أَن الإِمَام يَلْزَمُهُ مُبَاشَرَةُ الْحُدُودِ وَقَالَهُ مَالِكٌ وَ (ش) وَقَالَ (ح) فِي الِاعْتِرَاف يلْزمه الِابْتِدَاء بِالرَّجْمِ ثُمَّ يَتْبَعُهُ النَّاسُ بِخِلَافِ الْبَيِّنَةِ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى السَّرِقَةِ وَيَدُلُّ الْحَدِيثُ بِقَوْلِهِ (فَلَقَدْ رَأَيْتُ الرَّجُلَ يَحْنِي عَلَى الْمَرْأَةِ

يَقِيهَا الْحِجَارَةَ) أَنَّ الْمَرْجُومَ لَا يُحْفَرُ لَهُ قَالَهُ مَالِكٌ وَ (ح) وَقَالَ (ش) يُحْفَرُ لِلْمَرْأَةِ وَلَوْ حُفِرَ لَمْ يَكُنْ مُنْحَنِيًا عَلَيْهَا قَالَ ابْن دِينَار يفعل الْإِمَامُ مِنْ ذَلِكَ مَا يَرَاهُ وَقَالَ أَصْبَغُ يُحْفَرُ لِلْمَرْجُومِ وَيُرْسَلُ لَهُ يَدَاهُ يَدْرَأُ بِهِمَا عَنْ وَجْهِهِ إِنْ أَحَبَّ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا زَنَى الْكَافِرُ لَمْ يُحَدَّ وَرُدَّ إِلَى أَهْلِ دينه فَإِن أعْلنُوا الزِّنَا وَشُرْبَ الْخَمْرِ نُكِّلُوا قَالَ ابْنُ يُونُسَ لِأَنَّ الْحَدَّ تَطْهِيرٌ لِلْكَافِرِ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ بِخِلَافِ الْقَذْفِ وَالسَّرِقَةِ وَالْحِرَابَةِ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّظَالُمِ حَقٌّ لِلذِّمِّيِّ فَيُقَامُ عَلَيْهِ وَإِنْ أَسْلَمَ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَنَا بِكْرٌ وَيُجْلَدُ وَلَا يُقْبَلُ فِي الْإِحْصَانِ النِّسَاءُ كَانَ مَعَهُنَّ رَجُلٌ أَمْ لَا لِأَنَّهُ حُكْمٌ بَدَنِيٌّ فَرْعٌ قَالَ إِذَا طَالَ مُكْثُهُ بَعْدَ الدُّخُولِ فَشُهِدَ عَلَيْهِ بِالزِّنَا فَأَنْكَرَ الْإِصَابَةَ لَمْ يُرْجَمْ إِلَّا بِإِقْرَارٍ أَوْ ظُهُورِ وَلَدٍ لِعِظَمِ حُرْمَةِ الدَّم بِخِلَاف الصَدَاق فِي النكت قَالَ النِّكَاحِ الثَّابِتِ إِذَا أَخَذَتْ تَزْنِي بَعْدَ إِقَامَتِهَا مَعَ زَوْجِهَا عِشْرِينَ سَنَةً تُحَدُّ اخْتَلَفَ الْجَوَابُ لِأَنَّ الزَّوْجَ مُقِرٌّ بِالْوَطْءِ أَوْ يُحْتَمَلُ أَنِ الطول فِيهَا أَكثر فَهُوَ اخْتِلَافُ قَوْلٍ كَمَا قَالَهُ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ أَوْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْعَادَةَ فِي طُولِ الْمُدَّةِ إِذَا لَمْ يَحْصُلْ وَطْءٌ تُطَالِبُ الْمَرْأَةُ بِهِ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ دَلَّ عَلَى حُصُولِهِ وَلَيْسَ عَادَةُ الزَّوْجِ إِظْهَارَ الْوَطْءِ قَالَهُ بَعْضُهُمْ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ بَلِ الْفَرْقُ يَنْعَكِسُ فِي الزَّوْجِ إِذا كَانَ هُوَ الزَّانِي يُقَال لَهُ تَرْكُهَا الْقِيَامَ دَلِيلُ الْوَطْءِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا اخْتَلَفَا فِي الْوَطْءِ بَعْدَ الزِّنَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ الزَّانِي مِنْهُمَا وَرُجِمَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ خَلَا بِهَا إِلَّا لَيْلَةً أَوْ أَقَلَّ وَإِنِ اخْتَلَفَا قَبْلَ الزِّنَا لَمْ يَكُنِ الْمُقِرُّ مُحْصَنًا وَلَوْ أَقَامَ مَعَهَا الدَّهْرَ وَقَالَهُ

ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ قَبْلُ وَبَعْدُ أَنَّ الزَّوْجَةَ تَقُولُ قَبْلُ إِنَّمَا أَقْرَرْتُ لِتَكْمِيلِ الصَّدَاقِ أَو يَقُول الزَّوْجُ إِنَّمَا أَقْرَرْتُ لِتَكُونَ لِيَ الرَّجْعَةُ وَالْمُقِرُّ بَعْدُ مِنْهُمَا أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا عُذْرَ لَهُ فَيَكُونُ الْآخَرُ مِثْلَهُ إِذْ لَا يَكُونُ الْوَاطِئُ مُحْصَنًا دُونَ الْمَوْطُوءِ وَلَا يُسْقِطُ إِنْكَارُهُ حداُ وَجب قَالَ اللخعي لَا يَكُونُ مُحْصَنًا بِالْعَقْدِ وَلَا بِالدُّخُولِ فِيمَا يُفْسَخُ بَعْدَ الدُّخُولِ فَإِنْ كَانَ مِمَّا يَثْبُتُ بَعْدَ الدُّخُولِ كَانَ بِهِ مُحْصَنًا بِمَا بَعْدُ بِأَوَّلِ الْمُلَاقَاةِ فَإِنْ صَحَّ الْعَقْدُ وَفَسَدَتِ الْمُلَاقَاةُ لَمْ يُحْصَنْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَا يُحَدُّ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ فِيهِمَا لِأَنَّ إِطْلَاقَاتِ صَاحِبِ الشَّرْعِ تُحْمَلُ عَلَى الْمَشْرُوعِ لِأَنَّهُ عَرَفَهُ وَعِنْدَ ابْنِ دِينَارٍ يُحَصَنُ وَلَا يُحَلُّ قَالَ وَلَوْ عَكَسَ لَكَانَ أَشْبَهَ لِأَنَّ الْحَدَّ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ وَمَتى تَصَادقا فِي الْإِصَابَة قبل الزِّنَا فَمُحْصَنَانِ أَوْ عَلَى نَفْيِهِ فَبِكْرَانِ وَإِنِ اخْتَلَفَا حُدَّ الْمُنْكِرُ وَاخْتُلِفَ فِي الْمُقِرِّ فَقِيلَ يُرْجَمُ إِلَّا أَنْ يَرْجِعَ قَبْلَ الْجَلْدِ فَإِنِ اخْتُلِفَ بعد الزِّنَا فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ وَيُرْجَمَانِ وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُصَدَّقُ الزَّوْجُ وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ فِيمَا تَقَدَّمَتْ حِكَايَتُهُ فِي الثَّلَاثِ وَإِذَا غَابَ أَحَدُهُمَا أَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُسْمَعَ مِنْهُ إِقْرَارٌ أَوْ انكار ثمَّ أَخذ الْأَخْذ لِأَنِّي فَالْجَوَابُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَاضِرِ الَّذِي لَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ شَيْءٌ فِي الْمُقَدِّمَاتِ إِذَا خَالَفَهَا وَأقر بِالْوَطْءِ قبل الزِّنَا أَو بعده فمحصنان وَإِن أنكراه بعد الزِّنَا وَلَمْ يُقِرَّا قَبْلَهُ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لَا يُصَدَّقَانِ عِنْدَ ابْنِ وَهْبٍ وَإِنْ قَرُبَ إِلَيْنَا وَقَالَ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ يُصَدَّقَانِ إِلَّا أَنْ يَطُولَ الزَّمَانُ جِدًّا وَيُصَدَّقَانِ وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الرَّجْمِ وَالثَّانِي ظَاهِرُهَا فِي النِّكَاح الثَّابِت وَإِن أنكرا قبل الزِّنَا صدقا اتِّفَاقًا

فَرْعٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَمَتَى كَانَ الزَّوْجُ وَحْدَهُ غير بَالغ لم يكن وَاحِد مِنْهُمَا مُحْصَنًا وَهِيَ غَيْرُ بَالِغَةٍ وَحْدَهَا يُحَصَنُ دُونَهَا لِأَنَّ مَقْصُودَ الْوَطْءِ يَحْصُلُ مِنَ الصَّغِيرَةِ لَهُ وَلَا يَحْصُلُ لِلْمَرْأَةِ مِنَ الصَّغِيرِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا عَبْدًا يُحْصَنُ الْحُرُّ مِنْهُمَا لِوُجُودِ الْحُرِّيَّةِ وَالزَّوْجِيَّةِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مَجْنُونًا يُحْصَنُ الْعَاقِلُ خَاصَّةً قَالَهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ الْمُعْتَبَرُ الزَّوْجُ إِنْ كَانَ عَاقِلًا فَلَا يُحْصَنُ هُوَ وَهِيَ أَيْضًا إِنْ زَنَتْ فِي إِفَاقَتِهَا أَوْ مَجْنُونًا لَمْ يَتَحَصَّنَا مَعًا وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ صَحَّ الْعَقْدُ مِنْهُمَا أَوْ من وليهما تَحَصُّنًا مَعًا وَإِن كَانَا مجنونين فِي حِين الْبناء إِذا وَقع الزِّنَا فِي الصِّحَّةِ فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ مُسْلِمًا وَهِيَ نَصْرَانِيَّةً يُحْصَنُ دُونَهَا أَوْ مُسْلِمَةً دُونَهُ لَمْ يَكُنْ إِحْصَانًا لَهَا لِأَنَّهُ إِنْ تَزَوَّجَ وَهِيَ مُسْلِمَةٌ كَانَ فَاسِدًا أَوْ نَصْرَانِيَّةٌ فَهِيَ غَيْرُ مُخَاطَبَةٍ بِالْفُرُوعِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ إِنْ وَقْعَ الْوَطْءُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ أَوِ الْحُرِّيَّةِ لَمْ يُعْتَبَرْ حَتَّى يَقَعَ بِعْدَهُمَا وَيُعْتَبَرُ اجْتِمَاعُ الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ أَيُّهُمَا تَقَدَّمَ وَإِذَا انْفَرَدَ الْإِسْلَامُ فَهُوَ إِحْصَانٌ أَوِ الْحُرِّيَّةُ لَمْ يَكُنْ إِحْصَانًا يُعْتَبَرُ وَبِهَذَا تَجْتَمِعُ الْآيَاتُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى {فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يتوفاهن الْمَوْت} وقَوْله تَعَالَى {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تابا وأصلحا فأعرضوا عَنْهُمَا} منسوختان إِجْمَاعًا وَقَوله تَعَالَى {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} قُرِئَ أُحْصِنَّ وَأُحْصَنَّ بِفَتْحِ الصَّادِ وَكَسْرِهَا فَالثَّانِي مَعْنَاهُ تَزَوَّجْنَ قَالَهُ الْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ لِتَقَدُّمِ قَوْلِهِ {من فَتَيَاتكُم الْمُؤْمِنَات} فَيَقْتَضِي أَنَّ التَّزْوِيجَ حَالَ الْعُبُودِيَّةِ لَا يُوجِبُ رجما وَلَا

جَلْدَ مِائَةٍ وقَوْله تَعَالَى {نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصنَات من الْعَذَاب} أَيِ الْحَرَائِرِ الْمُسْلِمَاتِ لَا الْحَرَائِرِ الْمُتَزَوِّجَاتِ لِأَنَّ حَدَّهُنَّ الرَّجْمُ وَهُوَ لَا يَتَبَعَّضُ نَظَائِرُ (أَرْبَعَةٌ لَا يُحْصِنَّ وَلَا تُحْصَنَّ الْأَمَةُ الزَّوْجَةُ لِلْحُرِّ تُحْصِنُهُ وَيُحْصِنُهَا وَالْكِتَابِيَّةُ وَالصَّبِيَّةُ الَّتِي لَمْ تَبْلُغْ وَمِثْلُهَا يُوطَأُ وَالْمَجْنُونَةُ) الطَّرَفُ الثَّانِي الرَّجْمُ فِي التنبيهان لِلرَّجْمِ عَشَرَةُ شُرُوطٍ الْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ وَالْإِسْلَامُ وَعَدَمُ الشُّبْهَة ومعيب الْحَشَفَةِ فِي قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ بَيْنَ آدَمِيَّيْنِ غَيْرِ مُكْرَهَيْنِ وَلَا جَاهِلَيْنِ وَالْإِحْصَانُ وَالْحُرِّيَّةُ وَفِي الْكِتَابِ لَمْ يَعْرِفْ مَالِكٌ أَنَّ الْبَيِّنَةَ تَبْدَأُ بِالرَّجْمِ ثُمَّ النَّاسِ وَفِي الْإِقْرَارِ وَالْحَمْلِ يَبْدَأُ الْإِمَامُ بَلْ يَأْمُرُ كَسَائِرِ الْحُدُودِ وَلَا يُرْبَطُ الْمَرْجُومُ وَلَا يُحْفَرُ لَهُ وَلَا لِلْمَرْأَةِ لِمَا فِي الْحَدِيثِ (رَأَيْتُ الرَّجُلَ يَحْنِي عَلَى الْمَرْأَةِ يَقِيهَا الْحِجَارَةَ) وَلَوْ كَانَ فِي حُفْرَةٍ مَا حَنَى عَلَيْهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُرْمَى بِالْحِجَارَةِ الَّتِي يُرْمَى بِمِثْلِهَا دُونَ الصُّخُورِ وَيُرْمَى حَتَّى يَمُوت وَمنع الحفرة لَازِمٌ لِأَنَّ مَاعِزًا هَرَبَ مِنَ الْحِجَارَةِ وَلَوْ كَانَ فِي حُفْرَةٍ مَا فَرَّ وَلِأَنَّ الْمَطْلُوبَ نَيْلُ الْحِجَارَةِ جَمِيعَ الْجَسَدِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ يُرْمَى بِأَكْبَرِ حَجَرٍ يَقْدِرُ الرَّامِي عَلَى حمله قَالَه فِي الْجَوَاهِر قَالَ اللَّخْمِيّ تجتنب الصُّخُورَ لِأَنَّهَا تُشَوِّهُ وَالصَّفَا لِأَنَّهَا تَطُولُ وَلَا تَخْتَصُّ بِالظَّهْرِ بَلْ مُقَابِلِ الظَّهْرِ وَغَيْرِهِ وَمِنَ السُّرَّةِ إِلَى فَوْقُ وَيُجْتَنَبُ الْوَجْهُ لِلشَّرَفِ وَالرِّجْلَيْنِ وَالْيَدَيْنِ للتعذيب من غير مقبل وَيُجَرَّدُ أَعْلَى الرَّجُلِ دُونَ الْمَرْأَةِ لِأَنَّهَا عَوْرَةٌ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ يُحْفَرُ لَهُ وَلَهَا قَالَ أَشْهَبُ إِنْ حُفِرَ لَهُ خُلِّيَتْ لَهُ يَدَاهُ وَكَذَلِكَ الْمُحَارِبُ إِذَا صُلِبَ تُرْسَلُ يَدَاهُ وَقِيلَ

يُحْفَرُ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ دُونَ الْمُقِرِّ لِأَنَّهُ إِنْ تَهَرَّبَ تُرِكَ وَقَدْ حَفَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِلْغَامِدِيَّةِ دُونَ مَاعِزٍ إِلَى صَدْرِهَا وَأَمْرُ الْبَيِّنَةِ بالتبدئة أحسن لِأَنَّهُ يُؤَدِّي للتثبت فِي الشَّهَادَةِ وَيُعَذِّرُ الْإِمَامُ فِي الْإِقْرَارِ عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ وَسَحْنُونٍ لِأَنَّهُ إِذَا رَجَعَ أَخَذَهُ بِعِلْمِهِ عِنْدَهُمْ وَعِنْدَ مَالِكٍ إِذَا رَجَعَ لَا يُؤْخَذُ إِلَّا بِالْبَيِّنَةِ شَهَادَةُ اثْنَيْنِ أَوْ أَرْبَعَةٍ عَلَى الْخِلَافِ وَيُسْتَحَبُّ بِدَايَةُ الْإِمَامِ فِي الْحَمْلِ لِأَنَّهَا مَسْأَلَةُ خِلَافٍ إِنِ ادَّعَتْ أَنَّهُ بِشُبْهَةٍ وَلَمْ تُصَدَّقْ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ يُغَسَّلُ الْمَرْجُومُ وَيُكَفَّنُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ عِنْدَ الْإِمَامِ وَيُدْفَنُ لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ وَيَنْزَجِرُ الْجُنَاةُ بِعَدَمِ صَلَاةِ الْأَئِمَّةِ فَرْعٌ قَالَ إِذَا رَجَعَ أَحَدُ الْأَرْبَعَةِ الشُّهُودِ قَبْلَ الْحَد أَو وجدا عبدا أَو مسخوطا حُدُّوا حَدَّ الْقَذْفِ لِعَدَمِ ثُبُوتِ قَوْلِهِمْ فَإِنْ رَجَعَ جَمِيعُهُمْ بَعْدَ الرَّجْمِ حَدُّوهُمْ بِإِقْرَارِهِمْ بِالْقَذْفِ وَالدية فِي أَمْوَالهم لأَنهم سَبَب قبله أَوْ رَجَعَ وَاحِدٌ حُدَّ وَحْدَهُ وَإِنْ عُلِمَ بَعْدَ الْحَدِّ أَنَّ أَحَدَهُمْ عَبَدٌ حُدُّوا أَوْ مسخوط لم يحد وَإِلَّا شَهَادَتُهُمْ تَمَّتْ بِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ فِي عَدَالَتِهِمْ بِخِلَافِ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ مِنْ خَطَأِ الْإِمَامِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمِ الشُّهُودَ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ لِتَفْرِيطِهِ أَوْ عَلِمُوا فَعَلَى الشُّهُودِ فِي أَمْوَالِهِمْ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْعَمْدِ فَلَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْعَبْدِ فِي الْوَجْهَيْنِ وَمَا أَخْطَأَ بِهِ الْإِمَامُ مِنْ حَدِّ اللَّهِ فَبَلَغَ ثُلُثَ الدِّيَةِ فَأَكْثَرَ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ أَوْ دُونَ الثُّلُثِ

فَفِي مَالِهِ وَإِنْ وُجِدَ بَعْدَ الرَّجْمِ مَجْبُوبًا لَمْ يُحَدَّ الشُّهُودُ لِأَنَّهُ لَا يُحَدُّ قَاذِفُ الْمَجْبُوبِ وَعَلَيْهِمُ الدِّيَةُ فِي مَالِهِمْ وَالْأَدَبُ وَطُولُ السِّجْنِ مِنَ النُّكَتِ إِنْ رَجَعَ أَحَدُ خَمْسَةٍ فَأَكْثَرَ لَا شَيْءَ عَلَى الرَّاجِعِ لِثُبُوتِ الْحَدِّ بِالنِّصَابِ فَإِنْ رَجَعَ أَحَدُ الْأَرْبَعَةِ غَرِمَ هُوَ وَالْأَوَّلُ رُبُعَ الدِّيَةِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَإِنْ رَجَعَ قَبْلَ أَحَدِ الْأَرْبَعَةِ جَمَاعَةٌ فَذَلِكَ بَيْنَهُمْ بِالسَّوَاءِ مَعَ الرَّابِعِ فَإِنْ رَجَعَ آخَرُ فَعَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ رَجَعَ قَبْلَهُ نِصْفُ الدِّيَةِ بَيْنَهُمْ بِالسَّوَاءِ وَعَلَى هَذَا وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنْ عَلَى الرَّابِع الزَّائِدِ عَلَى الْأَرْبَعَةِ الْحَدُّ لِإِقْرَارِهِ أَنَّ الشَّاهِدِينَ مَعَه مُبْطل ونقذفه وَإِنَّمَا لَا يُحَدُّ قَاذِفُ الْمَجْبُوبِ إِذَا جُبَّ قَبْلَ الِاحْتِلَامِ وَكَذَلِكَ الشُّهُودُ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ رَأَيْنَاهُ يَزْنِي قَبْلَ جَبِّهِ وَلَوْ قَالُوا بَعْدَ جَبِّهِ لَمْ يُحَدُّوا لِأَنَّهُ هَذَيَانٌ فَيَفْتَرِقُ الْحَالُ فِيهِمْ وَقِيلَ الْمَسْأَلَتَانِ سَوَاءٌ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ قَالَتِ الْبَيِّنَةُ تَعَمَّدْنَا شَهَادَةَ الزُّورِ حَتَّى قتل لَا يقتلُون قَالَه ان الْقَاسِمِ لِأَنَّ غَيْرَهُمُ الْمُبَاشِرُ وَكَذَلِكَ الْقَطْعُ وَالْقِصَاصُ وَعَنِ الْحَسَنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ يُقْتَلُونَ وَإِنْ عُلِمَ بَعْدَ الْحَدِّ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَصْرَانِيٌّ أَوْ أَعْمَى وأو وَلَدُ زِنًا حُدَّ الشُّهُودُ أَجْمَعُ الْأَحْرَارُ وَالنَّصْرَانِيُّ ثَمَانُون وَالْعَبْد أَرْبَعُونَ وَإِنْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْقِصَاصِ فِي الْيَدِ عبدا أَو مِمَّن لَا تجوز شَهَادَته لَمْ يَكُنْ عَلَى مُتَوَلِّي الْقَطْعِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ مِنْ خَطَأِ الْإِمَامِ فَإِنْ ظَهَرَ قَبْلَ رَجْمِ الْمَرْأَة أَن أحدهم زَوجهَا خلد الثَّلَاثَةُ وَلَاعَنَ الزَّوْجُ فَإِنْ لَمْ يَلْتَعِنْ جُلِدَ لِأَنَّ الزَّوْجَ خَصْمٌ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فَإِنْ عَلِمَ ذَلِكَ بَعْدَ رَجْمِهَا لَاعَنَ الزَّوْجُ فَإِنْ نَكَلَ حُدَّ دُونَ الثَّلَاثَةِ لَاعَنَ أَمْ لَا إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ تَعَمَّدَ الزُّورَ لِيَقْتُلَهَا وَهُوَ يعلم أَن شَهَادَتهم كذب وفلا يَرِثُ وَيُحَدُّ وَيُصَدَّقُ أَنَّهُ لَمْ يَتَعَمَّدِ الزُّورَ وَإِنَّمَا لَمْ تُحَدَّ الْبَيِّنَةُ لَاعَنَ أَمْ لَا لِأَنَّ الشَّهَادَةَ قَدْ تَمَّتْ وَالزَّوْجُ كَالْمَسْخُوطِ وَكَالرَّاجِعِ مِنْهُم بعد الرَّجْم وَعَن أَسْبغ عَن التعن بعد الرَّحِم لم يحدوا وَإِلَّا حدوا وَالْأول لِابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَيْسَ عَلَى الزَّوْج

مِنْ دِيَّتِهَا شَيْءٌ وَلَا عَلَى الشُّهُودِ وَلَا عَلَى الْإِمَامِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِخَطَأٍ صُرَاحٍ وَإِنْ قدفها أحد بعد زنا الزوح حد وَلَا ينْتَظر ملاعنة الزوح قَالَ مُحَمَّدٌ تُرْجَمُ بِذَلِكَ إِنْ لَمْ تَدْفَعْهُ بِاللِّعَانِ وَإِنْ قَذَفَهَا بَعْدَ مَوْتِهَا لَمْ يُحَدَّ لِأَنَّ لِعَانَ الزَّوْجِ وَاجَبٌ ذَلِكَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ رَجَعَتِ الْبَيِّنَةُ قَبْلَ الْحَدِّ وَبَعْدَ الْحُكْمِ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُقَامُ الْحَدُّ وَيَغْرَمُونَ الدِّيَةَ فِي أَمْوَالِهِمْ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يُنْقَضُ (وَهُوَ فِي مَعْنَى الْعَمْدِ وَعَنْهُ لَا يُرْجَمُ لِحُرْمَةِ الْقَتْلِ وَكَذَلِكَ الْقَطْعُ وَعَنْ أَشْهَبَ الْقَوْلَانِ وَعَنْهُ يُقْتَصَرُ عَلَى أَدْنَى الْحَدَّيْنِ فَيُضْرَبُ وَيُغَرَّبُ وَلَا يُقْطَعُ فِي سَرِقَةٍ وَلَا قِصَاصٍ وَيُغَرَّمُ الْعَقْلَ فِي الْقِصَاصِ لِأَنَّ الرُّجُوعَ شُبْهَةٌ وَلِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ الِاعْتِرَافَ وَإِنْ رَجَعُوا بَعْدَ الْجَلْدِ وَالتَّغْرِيبِ وَاعْتَرَفُوا بِالْعَمْدِ فَيُخْتَلَفُ هَلْ يُضْرَبُ كُلُّ وَاحِدٍ خَمْسَة وَعشْرين على القَوْل بِالْقصاصِ فِي الرَّحِم أَن عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ وَيُزَادُ فِي عُقُوبَتِهِمُ التَّغْرِيبُ إِلَّا أَنْ يَرْجِعُوا قَبْلَ أَنْ يُغَرَّبَ وَيُضْرَبَ كُلُّ وَاحِدٍ الْقَذْفَ ثَمَانِينَ لِلْقَذْفِ لِأَنَّهُمَا حَقَّانِ وَرُجُوعُ أَحَدِهِمْ يَجْرِي عَلَى الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ رَجَعَ بَعْدَ الْحَدِّ جُلِدَ وحجه (دُونَ الثَّلَاثَةِ وَإِلَيْهِ رَجَعَ عَنْ جَلْدِ جَمِيعِهِمْ وَقِيلَ فِي ظُهُورِ عَبْدٍ مَعَهُمْ لَا شَيْءَ عَلَى الْحَاكِمِ وَعَلَى الشُّهُودِ إِذَا لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ عَبَدٌ أَوْ ذِمِّيٌّ أَوْ عَلِمُوا وَجَهِلُوا رج شَهَادَةَ الْعَبْدِ قَالَ وَإِنْ عَلِمَ الْعَبْدُ وَحْدَهُ أَنَّ شَهَادَتَهُ لَا تَجُوزُ فَهِيَ جِنَايَةٌ فِي رَقَبَتِهِ وَإِنْ عَلِمُوا ذَلِكَ كُلُّهُمْ فَالدِّيَةُ عَلَيْهِمْ أَربَاعًا لاشتراكهن فِي تعمد الْجِنَايَة وَقَالَهُ أَبُو مُصعب وَإِن وجد مجبوببا فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ قَالَهُ أَشْهَبُ وَإِنْ قَالَ زَنَيْتَ وَأَنْتَ مَجْبُوبٌ حُدَّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ يَسْتَتِرُ بِقَوْلِهِ وَأَنْتَ مَجْبُوبٌ كَقَوْلِهِ زَنَيْت وَأَنت نَصْرَانِيَّة أَو وَأَنت صَغِيرَة

فرع فِي الْكِتَابِ إِنْ أَقَرَّ الْقَاضِي بِتَعَمُّدِ الْقَتْلِ أوالقطع أَوْ غَيْرِهِ أُقِيدَ مِنْهُ فَرْعٌ فِي النُّكَتِ لَا تُمْهَلُ الْمَرْأَةُ حَتَّى تُسْتَبْرَأَ حَتَّى يَكُونَ حَمْلًا ظَاهِرًا فَحِينَئِذٍ يُؤَخَّرُ الرَّجْمُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا زَوْجٌ مُرْسَلٌ عَلَيْهَا فَتُسْتَبْرَأُ لِأَنَّ طَالِبَ النُّطْفَةِ قَائِمٌ الطَّرَفُ الثَّالِثُ الْجَلْدُ فِي التَّنْبِيهَاتِ لَهُ ثَمَانِيَةُ شُرُوطٍ الْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ وَالْإِسْلَامُ وَعَدَمُ الشُّبْهَةِ وَمَغِيبُ الْحَشَفَةِ مِنْ قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ مِنْ آدَمِيَّيْنِ مِنْ غَيْرِ إِكْرَاهٍ وَلَا جَهْلٍ بِالتَّحْرِيمِ وَفِي الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ اخْتِلَافٌ وَأَصْلُهُ قَوْله تَعَالَى {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مائَة جلدَة} وَفِي الْكِتَابِ يُضْرَبُ فِي الْحُدُودِ كُلِّهَا عَلَى الظَّهْرِ وَيُجَرَّدُ الرَّجُلُ فِي الْحَدِّ وَالنَّكَالِ مِنَ الثِّيَابِ وَيُقْعَدُ وَلَا يُقَامُ وَلَا يُمَدُّ وَتُقْعَدُ الْمَرْأَةُ وَلَا تُجَرَّدُ مِمَّا لَا يَقِيهَا الضَّرْبَ لِأَنَّهُ السُّنَّةُ فِي الْغَامِدِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَيُنْزَعُ مَا يَقِيهَا كاللبد وَنَحْوه وأعجب مَالِكًا أَن تجْعَل فِي القفة للستر وَصفَة الْجلد فِي الْحُدُود وَالتَّعْزِير وَاحِد لَا مُبَّرِحٌ وَلَا خَفِيفٌ وَلَا يُجْزِئُ فِي الْحَدِّ قَضِيبٌ وَلَا شِرَاكٌ وَلَا دِرَّةٌ بَلِ السَّوْطُ وَدِرَّةُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنَّمَا كَانَت للتأديب وكانيجلد بِالسَّوْطِ وَعَلَيْكَ طَاعَةُ الْإِمَامِ الْعَادِلِ الْعَارِفِ بِالسُّنَّةِ فِي الْقَتْلِ وَالْحُدُودِ وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ ذَلِكَ إِلَّا من قَوْله كَقَوْلِه تَعَالَى {وأولي الْأَمر

مِنْكُم} دُونَ الْجَائِزِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (أَطِيعُوهُمْ مَا أَطَاعُوا اللَّهَ فِيكُمْ) إِلَّا أَنْ تُعْلَمَ صِحَّةُ ذَلِكَ وَعَدَالَةُ الْبَيِّنَةِ فِي التَّنْبِيهَاتِ وَقَعَ فِي الْكِتَابِ أَمَرَ الْإِمَامُ بِقَطْعٍ فِي خَرَابَةٍ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَهِيَ سَرِقَةُ الْإِبِلِ خَاصَّةً وَالْمُهْمِلَةِ وَهِيَ الْحِرَابَةُ فِي كُلِّ شَيْءٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ يُجْلَدُ الْحُرُّ وَالْحُرَّةُ مِائَةً وَالْعَبْدُ وَمَنْ فِيهِ عَلَقَةُ رِقٍّ خَمْسِينَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ من الْعَذَاب} بِسَوْطٍ بَيْنَ سَوْطَيْنِ لَا جَدِيدٌ وَلَا بَالٍ بِضَرْبٍ بَيْنَ ضَرْبَيْنِ فِي زَمَانٍ بَيْنَ زَمَانَيْنِ مِنْ رَجُلٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ لَا بِالْقَوِيِّ وَلَا بالضعيف وَفِي الْمُوَطَّأ (اعْترف رجل بِالزِّنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فدعى رَسُول الله بِسَوْطٍ فَأُتِيَ بِسَوْطٍ مَكْسُورٍ فَقَالَ فَوْقَ هَذَا فَأتي بِسَوْط جَدِيد لم تقطع ثَمَرَتُهُ فَقَالَ بَيْنَ هَذَيْنِ فَأُتِيَ بِسَوْطٍ قَدْ رَكِبَ بِهِ وَلَانَ فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ وَلَا يَضَعُ سَوْطًا فَوْقَ سَوْطٍ وَيُعْطَى كُلُّ عُضْوٍ حَقَّهُ إِلَّا الْوَجْهَ وَالْفَرْجَ قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ وَمَذْهَبُ الْكِتَابِ أَظْهَرُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الصَّحِيحَيْنِ لِهِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ لَمَّا قَذَفَ زَوْجَتَهُ بِشريك بن سَحْمَاء

(أَرْبَعَةً وَإِلَّا حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ) وَتُجْعَلُ الْمَرْأَةُ فِي قفة بهَا تُرَاب وَمَاء فَإِن حدث مِنْهَا شَيْءٌ خُفِيَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَيُجَرَّدُ فِي التَّعْزِيرَاتِ إِذَا بَلَغَتْ لِلْحُدُودِ وَفِي الْخَفِيفِ عَلَى ثِيَابِهِ وَفَوْقَ رَأْسِهِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ يجمع عَلَيْهِ بَين حد الزِّنَا وَالْقَذْفِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ إِلَّا أَنْ يُخَافَ عَلَيْهِ فيجتهد فِي التَّفْرِيقِ وَكَذَلِكَ الْمَرِيضُ إِذَا خِيفَ عَلَيْهِ أُخِّرَ كَمَا يُؤَخَّرُ السَّارِقُ لِلْبَرْدِ وَيُؤَخَّرُ الْجَلْدُ للبرد وَالْحر وَيبدأ حد الزِّنَا عَلَى غَيْرِهِ لِأَنَّهُ لَا عَفْوَ فِيهِ وَتُؤَخَّرُ الْحَامِلُ حَتَّى تَضَعَ وَتَسْتَقِلَّ مِنَ النِّفَاسِ وَتُؤَخَّرُ الْمُحْصَنَةُ حَتَّى تَضَعَ وَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْوَلَدُ مُرْضِعَةً فَهِيَ تُرْضِعُ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ (أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا زَنَتْ وَهِيَ حَامِلٌ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اذْهَبِي حَتَّى تَضَعِي فَلَمَّا وَضَعَتْهُ جَاءَتْهُ فَقَالَ اذْهَبْ حَتَّى ترضعيه لفما أَرْضَعَتْه جَاءَتْهُ فَقَالَ لَهَا عَلَيْهِ السَّلَام اذْهَبْ فَاسْتَوْدِعِيهِ فَاسْتَوْدَعَتْهُ ثُمَّ جَاءَتْ فَأَمَرَ بِهَا فَرُجِمَتْ) وَإِنِ ادَّعَتِ الْحَمْلَ أَوْ قَالَتِ الْبَيِّنَةُ رَأَيْنَاهَا تَزْنِي مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ أَوْ أَرْبَعَةٍ نَظَرَ إِلَيْهَا النِّسَاءُ فَإِنْ صَدَّقْنَهَا لَمْ يُعَجَّلْ عَلَيْهَا وَإِلَّا فَلَا وَتُقَدَّمُ حُدُودُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْقِصَاصِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ أُقِيمَ عَلَيْهِ مَا لِلنَّاسِ وَإِنْ خِيفَ عَلَيْهِ لِمَرَضٍ أُخِّرَ حَتَّى يَبْرَأَ وَإِنْ سَرَقَ وَزَنَى وَهُوَ مُحْصَنٌ رُجِمَ وَلَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّ الْقَطْعَ يَدْخُلُ فِي الْقَتْلِ وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ زَنَى بِنِسْوَةٍ أَوْ شُهِدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ فَحَدٌّ وَاحِدٌ أَوْ شُهِدَ عَلَيْهِ بِالزِّنَا وَهُوَ بِكْرٌ ثُمَّ زَنَى وَهُوَ مُحْصَنٌ أَجَزَأَهُ الرَّجْمُ وَكُلُّ حَدٍّ لِلَّهِ أَوْ قِصَاصٍ اجْتَمَعَ مَعَ قَتْلٍ أَجَزَأَ الْقَتْلُ إِلَّا فِي حَدِّ الْقَذْفِ يُقَامُ قَبْلَ الْقَتْلِ لِحُجَّةِ الْمَقْذُوفِ فِي عَارِ الْقَذْفِ إِنْ لَمْ يُجْلَدْ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا زَنَى وَقَذَفَ ضُرِبَ أَكْثَرَ الْحَدَّيْنِ مِائَةً وَأَجْزَأَهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ اخْتُلِفَ إِذَا قَذَفَ وَشَرِبَ أَوْ قَذَفَ جَمَاعَةً هَلْ حَدٌّ وَاحِدٌ أَمْ لَا وَإِنْ سَرَقَ وَقَطَعَ يَمِينَ رَجُلٍ قُطِعَ لِلسَّرِقَةِ تَقَدَّمَتْ أَوْ تَأَخَّرت

لِأَنَّ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَدْخُلُهُ الْعَفْوُ وَلَو قتل ثمَّ قتل وَلَيْسَ وَلَيْسَ لأحد الْأَوْلِيَاء مَا وَلَا دِيَةٌ لِأَنَّهُ لَوْ قَطَعَ يَمِينَهُ ثُمَّ ذَهَبَتْ يَمِينُ الْقَاطِعِ بِأَمْرٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لَمْ يَكُنْ لِلْمَقْطُوعِ يَدُهُ شَيْءٌ وَإِنَّ يَمِينَهُ من الرسغ وسرق وَقَطَعَ قُطِعَ مِنَ الرُّسْغِ وَسَقَطَ يَمِينُ الْمَقْطُوعِ أَوْ مِنَ الْمِرْفَقِ ثُمَّ سَرَقَ قُطِعَ مِنَ الْمِرْفَقِ وَدَخَلَ فِيهِ الْقَطْعُ لِلسَّرِقَةِ لِأَنَّ مَقْصُودَ قَطْعِ السَّرِقَةِ النَّكَالُ بَيْنَ النَّاسِ لَا الْأَلَمُ بِالْقَطْعِ وَإِنْ سَرَقَ وَحَارَبَ وَرَأَى الْإِمَامُ قَطْعَهُ فِي الْحِرَابَةِ دَخْلَ قَطْعُ السَّرِقَةِ فِيهَا أَوْ نَفْيَهُ أَقَامَ عَلَيْهِ الْحَدَّيْنِ أَوْ قَتْلَهُ لَمْ يُقْطَعْ لِلسَّرِقَةِ وَإِنْ سَرَقَ وَقَتَلَ بِحِرَابَةٍ أَوْ عَدَاوَةٍ قُتِلَ وَلَمْ يُقْطَعْ وَإِنْ زَنَى وَحَارَبَ أَجَزَأَ الرَّجْمُ فِي الثَّيِّبِ أَوْ بِكْرًا قُتِلَ بِالسَّيْفِ إِنْ رَأَى الْإِمَامُ قَتْلَهُ لِلْحِرَابَةِ أَوْ رَأَى قَطْعَهُ أَوْ نَفْيَهُ أَقَامَ الْحَدَّيْنِ وَإِنَّ زَنَى وَقَتَلَ أَجَزَأَ الرَّجْمُ وَلَا مَقَالَ لِلْأَوْلِيَاءِ وَإِنْ كَانَ غَيْرُ مُحْصَنٍ قُتِلَ وَلَمْ يُجْلَدْ للزِّنَا وَإِنْ قُتِلَ فِي الْحِرَابَةِ وَأُخِذَ فِي الْعَدَاوَةِ أَوْ غِيلَةً قُتِلَ لِلْحِرَابَةِ وَالْغِيلَةِ وَلَمْ يَكُنْ لِلْأَوْلِيَاءِ مَقَالٌ فِي عَفْوٍ وَلَا دِيَةٍ وَإِنْ زَنَى الْمُحْصَنُ أَوْ قَتَلَ فِي حِرَابَةٍ أَوِ افترى على رجل حد للفرية لِتَنْدَفِعَ الْمَعَرَّةُ ثُمَّ قُتِلَ وَإِنْ قَطْعَ يَمِينَ رجل يقتل لِلْحِرَابَةِ وَلَمْ يُقْطَعْ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ وَأَرَى أَنْ يُقْطَعَ ثُمَّ يُقْتَلَ لِيَسْتَشْفِيَ بِالْقَطْعِ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ الْمَحْدُودُ ضَعِيفَ الْجِسْمِ يُخَافُ عَلَيْهِ الْمَوْتُ سَقَطَ حَدُّ السَّرِقَةِ وَعُوقِبَ وسحن وَفِي الْقِصَاصِ يُرْجَعُ لِلدِّيَةِ وَيُخْتَلَفُ هَلْ فِي مَالِ الْجَانِي أَوِ الْعَاقِلَةِ وَفِي الْقَذْفِ يُفَرَّقُ الضَّرْب عَلَيْهِ وقتا بعد وَقت وَكَذَلِكَ الزِّنَا وَالشرب وَيبدأ بِحَدّ الزِّنَا عَلَى الْقَذْفِ إِذَا اجْتَمَعَا وَإِنَّ كَانَ الْحَقَّانِ لِآدَمِيٍّ كَقَذْفِ هَذَا وَقَطْعِ هَذَا اقْتَرَعَا أَيُّهُمَا يُقَدَّمُ إِنْ خِيفَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ يُكْمِلُ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ أُقِيمُ عَلَيْهِ الْأَدْنَى مِنْهُمَا مِنْ غَيْرِ قُرْعَةٍ أَوْ أَحَدُهُمَا لِلَّهِ قُدِّمَ غلا أَن لَا يَحْتَمِلَ إِلَّا حَقَّ الْآدَمِيِّ

وَيُؤَخَّرُ الْآخَرُ لِوَقْتٍ لَا خَوْفَ فِيهِ وَإِنْ خِيفَ عَلَيْهِ دَائِمًا وَحَقُّ اللَّهِ تَعَالَى جَلْدٌ ابْتُدِئَ بِهِ مُفَرَّقًا ثُمَّ مَا لِلْآدَمِيِّ وَمَتَى تَقَدَّمَ لِلْمَرْأَةِ أَرْبَعُونَ يَوْمًا مِنْ يَوْمِ زَنَتْ انْتُظِرَ حَمْلُهَا وَإِلَّا حُدَّتْ لِأَنَّهُ قَبْلَ الْأَرْبَعِينَ مُضْغَة لَا حُرْمَةَ لَهَا إِلَّا أَنْ تَكُونَ ذَاتَ زَوْجٍ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا خُيِّرَ فِي قِيَامِهِ بِحَقِّهِ فِي الْمَاءِ أَوْ يُسْقِطُ حَقَّهُ فَتُحَدُّ قَاعِدَةٌ الْأَصْلُ أَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَى كُلِّ سَبَبٍ مُسَبِّبُهُ فَكل إِيلَاجَةٍ أَوْ نُقْطَةٍ مِنَ الْخَمْرِ سَبَبٌ لِلْحَدِّ لَكِنْ أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى التَّدَاخُلِ رِفْقًا بِالْعِبَادِ وَلِأَنَّهَا أُمُورٌ مُهْلِكَةٌ فَهِيَ أَوْلَى بِالتَّدَاخُلِ مِنْ غَيْرِهَا وَالتَّدَاخُلُ وَاقِعٌ فِي الشَّرِيعَةِ فِي سِتَّةِ مَوَاطِنَ فِي الطَّهَارَةِ إِذَا تَكَرَّرَتِ الْأَسْبَابُ أَوِ اجْتمعت كالغائط وَالْمُلَامَسَة وَالْحَدَث الْأَغَر مَعَ الْجَنَابَةِ وَالْجَنَابَةِ مَعَ الْحَيْضِ وَفِي الصَّلَاةِ كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ مَعَ الْفَرْضِ وَفِي الصِّيَامِ كَصِيَامِ الِاعْتِكَافِ مَعَ رَمَضَانَ وَفِي الْكَفَّارَاتِ إِذَا وَطِئَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ مِرَارًا عَلَى الْخِلَافِ وَالْحَجِّ كطواف الْعمرَة فِي حق الْقَارِن وَفِي الْحُدُود إِذَا تَكَرَّرَ النَّوْعُ الْوَاحِدُ وَاخْتَلَفَ السَّبَبُ لَكِنَّ الْمُسَبِّبَ وَاحِدٌ كَالشُّرْبِ وَالْقَذْفِ وَالْأَمْوَالِ كَدِيَةِ الْأَعْضَاءِ مَعَ دِيَةِ النَّفْسِ وَالصَّدَقَاتِ فِي وَطْءِ الشُّبَهَاتِ وَيَدْخُلُ الْأَوَّلُ فِي الْأَخِيرِ كَالْجِنَايَةِ مَعَ الْحَيْضِ وَالْأَعْضَاءِ مَعَ النَّفْسِ وَالْأَخِيرُ فِي الْأَوَّلِ فِي وَطْءِ الشُّبْهَةِ وَالطَّرَفَانِ فِي الْوَسَطِ عَلَى الْخِلَافِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي وَطْءِ الشُّبْهَةِ وَقِيمَةُ الْمَغْصُوبِ إِذَا هَلَكَ هَلْ يَلْزَمُ الْحَالَةُ الْمُتَوَسِّطَةُ إِنْ كَانَتْ أَعْلَى صَدَاقًا أَوْ قِيمَةً أَوْ لَا يَلْزَمُ إِلَّا الْأَوَّلُ (وَهُوَ مَذْهَبُنَا وَ (ش) يَعْتَبِرُ أَفْضَلَ الْحَالَاتِ وَيَنْدَرِجُ الْأَقَلُّ فِي الْأَكْثَرِ كَالْأَطْرَافِ مَعَ النَّفْسِ وَالْأُولُ فِي الْأَكْثَرِ كَالْعُضْوِ الْوَاحِدِ مَعَ النَّفْسِ وَهَذَا كُلُّهُ لُطْفٌ مِنَ الله تَعَالَى لِعِبَادِهِ وَإِلَّا فَالْأَصْل مَا

فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ يُقِيمُ السَّيِّدُ الْحَدَّ عَلَى عَبده فِي الزِّنَا وَالْقَذْفِ وَالشُّرْبِ دُونَ السَّرِقَةِ لِأَنَّهَا مُثْلَةٌ وَلَا يقيمه إِلَّا الْوَلِيُّ فَإِنْ قَطْعَهُ السَّيِّدُ وَالْبَيِّنَةُ عَادِلَةٌ وَأَصَابَ وَجْهَ الْقَطْعِ عُوقِبَ لِلتَّعَدِّي وَلَا يُحَدُّ فِي الزِّنَا إِلَّا بِأَرْبَعَةِ شُهُودٍ غَيْرَ السَّيِّدِ فَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ أَحَدَهُمْ رَفَعَهُ لِلْإِمَامِ وَالْحَاكِمِ إِذَا لَمْ تتمّ لشهادة إِلَّا بِهِ رَفْعَهُ لِمَنْ فَوْقَهُ فَيَشْهَدُ عِنْدَهُ أَوْ رَفَعَ ذَلِكَ لِلْإِمَامِ أَوْ لِنَائِبِهِ وَيُقِيمُ الْإِمَامُ عَلَيْهِ حَدَّ السَّرِقَةِ بِشَهَادَةِ السَّيِّدِ مَعَ آخَرَ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ وَلَا يُقِيمُ السَّيِّدُ حَدَّ الزِّنَا عَلَى أَمَتِهِ وَلَهَا زَوْجٌ حَتَّى يَرْفَعَهُ لِلْإِمَامِ وَلَا عَلَى الْعَبْدِ قَصَاصًا حَتَّى يَرْفَعَهُ لِلْإِمَامِ فَإِنْ كَانَ لَهُ عَبْدَانِ جَرَحَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَلهُ الْقصاص مُرَاجَعَةِ الْإِمَامِ وَلَا يُقِيمُ الْحُدُودَ وُلَاةُ الْمِيَاهِ لِأَنَّهَا لَمْ تَنْدَرِجْ فِي وِلَايَاتِهِمْ وَيُجْلَبُ لِلْأَمْصَارِ وَلَا يُقَامُ فِي مِصْرَ إِلَّا فِي الْفُسْطَاطِ أَو بِأَمْر واليها قَالَ أَبُو يُونُسَ يُحْضِرُ السَّيِّدُ فِي الْخَمْرِ وَالْفِرْيَةِ رَجُلَيْنِ وَفِي الزِّنَا أَرْبَعَة عدُول قَالَ مَالِكٌ لَعَلَّهُ يُعْتَقُ فَيُحَدُّ مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ برد شَهَادَته وامتنعت إِقَامَته فللسرقة لِأَنَّهَا ذَرِيعَةٌ لِلتَّمْثِيلِ بِهِ وَيَدَّعِي أَنَّهُ سَرَقَ وَلَا يحكم السَّيِّد بِعِلْمِهِ كَالْحكمِ وَعَنْهُ يَجْلِدُهُ بِعِلْمِهِ لِعَدَمِ اتِّهَامِهِ فِي إِضْرَارِهِ بِمَالِهِ بِخِلَافِ الْحَاكِمِ وَإِنَّمَا يُمْنَعُ الزَّوْجُ فِي الْأَمَةِ إِذَا كَانَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا لِغَيْرِهِ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي الْفِرَاشِ وَمَا يَحَدُثُ مِنْ وَلَدٍ بِخِلَافِ الزَّوْجِ عَبْدِ السَّيِّدِ قَالَ أَشْهَبُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ وَغْدًا لَا يَلْحَقُهُ عَيْبُ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ فِي عَبْدِهَا وَقد حدت

فَاطِمَة بنت رَسُول الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَمْلُوكَهَا وَفِي الصَّحِيحَيْنِ (إِذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا فَلْيَحُدَّهَا وَلَا يُثَرِّبُ عَلَيْهَا) الْحَدِيثَ قَالَ اللَّخْمِيُّ لَا يَحُدُّهَا إِذَا كَانَ زَوجهَا غير عَبْدَهُ إِلَّا أَنْ يَعْتَرِفَ بِصِحَّةِ الشَّهَادَةِ وَلَا خِلَافَ أَنَّ لَهُ التَّأْدِيبَ بِعِلْمِهِ وَإِذَا قَطَعَ الَّذِي اقْتَصَّ مِنْهُ قَالَ وَأَرَى إِنْ أَنْكَرَ وَشَهِدَ عَدْلٌ لَا يُعْتَقُ لِأَنَّهَا شُبْهَةٌ تَنْفِي عَنْهُ التَّعَدِّيَ قَاعِدَةٌ: التَّكَالِيفُ فِي النَّاسِ قِسْمَانِ عَامٌ فِي النَّاسِ كَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا وَخَاصٌّ بِبَعْضِ النَّاسِ كَالْحُدُودِ وَالتَّعْزِيرَاتِ تَخْتَصُّ بِالْوُلَاةِ وَالْقُضَاةِ لِأَنَّهُ لَوْلَا ذَلِكَ فَسَدَ حَالُ الرَّعِيَّةِ بِثَوَرَانِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي الْغِيَاثِيِّ فَإِنْ شَغَرَ الزَّمَانُ مِنَ الْإِمَامِ انْتَقَلَ ذَلِكَ لِأَعْلَمِ النَّاسِ وَأَفْضَلِهِمْ دَفْعًا لِلْحَرَجِ وَالْفَسَادِ تَنْبِيهٌ: وَافَقَنَا (ش) وَأَحْمَدُ فِي السَّيِّدِ وَخَالَفَنَا (ح) لَنَا مَا تَقَدَّمَ وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ (أَقِيمُوا الْحُدُودَ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) وَلِأَنَّهُ يَمْلِكُ توزيجه بِغَيْر قرشية فيحده كَالْإِمَامِ وَلِأَنَّهُ يؤدبه فيجده كَالْإِمَامِ احْتَجُّوا بِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ فَلَا يَتَوَلَّاهُ السَّيِّدُ بِخِلَافِ التَّزْوِيجِ وَلِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إِلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ وَأَوْضَاعٌ

وَمَقَادِرُ فِي الْعَدَدِ وَالْهَيْئَةِ فَلَا يَسْتَقِلُّ بِهِ السَّيِّدُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ وَقِيَاسًا على الْحر وَالْجَوَاب عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ حَقًّا لِلَّهِ فَفِيهِ اسْتِصْلَاحُ الْعَبْدِ وَهُوَ حَقُّ لِلسَّيِّدِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ يُنْتَقَضُ بِتَعْزِيرِ السَّيِّدِ عَبْدَهُ وَالزَّوْجِ امْرَأَته مَعَ احْتِيَاجه للإجتهاد فَرْعٌ مُرَتَّبٌ قَالَ فِي النَّوَادِرِ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ اشْتَرَاهَا حَامِلًا فَعَلِمَ أَنَّ الْبَائِعَ لَمْ يحدها فَهُوَ فس سَعَة أَن لَا يَحُدَّهَا فَإِنْ زَنَى عَبْدُهُ يَحُدُّهُ بِغَيْرِ السَّوْطِ قَالَ مَالك يُقَامُ الْحَدُّ إِلَّا بِالسَّوْطِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ مَالِكٌ إِنْ ضَرَبَهُ بِالدِّرَّةِ عَلَى ظَهْرِهِ أَجْزَأَ وَمَا هُوَ بالبين فرع قَالَ الْحُدُودُ كُلُّهَا تُعْلَنُ وَالنَّاسُ فِيهَا كُلُّهَا سَوَاءٌ خِلَافًا لِ (ح) فِي قَوْلِهِ فِي الزِّنَا أَشَدُّ لِأَنَّ مَفْسَدَتَهُ أَعَظُمُ جَوَابُهُ أَنَّ زِيَادَةَ الْعَدَدِ قُبَالَةَ زِيَادَةِ الْمَفْسَدَةِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الحكم يسْتَحبّ أَن يُقَام قُدَّام القَاضِي لَيْلًا يتَعَدَّى فِيهَا ويختار للجلد الرجل الْعدْل لَيْلًا يستد فِي الضَّرْبِ أَوْ يُرْخِي قَالَهُ مَالِكٌ وَعَنْ مَالِكٍ يُخَفَّفُ فِي حَدِّ الْخَمْرِ لِلْخِلَافِ فِيهِ وَفِي الْجلاب يَنْبَغِي للْإِمَام إِحْضَار حد الزِّنَا طَائِفَةً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الْأَحْرَارِ الْعُدُولِ أَرْبَعَةً فَصَاعِدًا وَكَذَلِكَ السَّيِّدُ فِي عَبْدِهِ وَأَمَتِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وليشهد عذابهما طَائِفَة من الْمُؤمنِينَ}

الطّرف الرَّابِع: التَّغْرِيب وَأَصْلُهُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ (الثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ رَجْمٌ بِالْحِجَارَةِ وَالْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ) وَفِي الْكِتَابِ لَا تُغَرَّبُ النِّسَاءُ وَالْعَبِيدُ وَيُنْفَى الْحر فِي الزِّنَا وَيَبْقَى فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُنْفَى إِلَيْهِ سَنَةً وَفِي الْحِرَابَة حَتَّى تعرف ثوبته وَوَافَقَنَا (ح) وَأَحْمَدُ وَقَالَ (ش) تُغَرَّبُ النِّسَاءُ وَلَهُ فِي الْإِمَاءِ وَالْعَبِيدِ قَوْلَانِ لَنَا مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ عَلَيْهِ اللَّام لَمَّا سُئِلَ عَنِ الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحَصِنْ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ (إِذَا زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا ثمَّ إِن زنت فاجلدوها ثمَّ إِن زنت فاجلدوها ثمن إِنَّ زَنَتْ فَبِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ وَلَوْ كَانَ تَغْرِيبٌ لَذَكَرَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِأَنَّ جَوَابَهُ تَمْهِيدُ قَاعِدَة وتأسيس لحكم لَا يَتْرُكُ مِنْ شَأْنِهِ شَيْئًا وَفِي النِّسَاءِ مَعَهُنَّ قَوْله تَعَالَى {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مائَة جلدَة} وَلَمْ يَذْكُرْ تَغْرِيبًا أَجَمَعْنَا عَلَى تَخْصِيصِهِ بِالْمُحْصَنِ مِنَ الْأَحْرَارِ بَقِيَ حُجَّةً فِي غَيْرِهِ وَلِأَنَّ التَّغْرِيبَ فِي الرَّجُلِ لِيَنْقَطِعَ عَنْ مَعَاشِهِ وَتَلْحَقُهُ الذِّلَّةُ بِغَيْرِ بَلَدِهِ وَالْمَرْأَةُ لَا مَعِيشَةَ لَهَا وَيَجِبُ حِفْظُهَا وَضَبْطُهَا عَنِ الْفَسَادِ وَفِي تَغْرِيبِهَا إِعَانَة على فَسَادهَا وتعرضها للزِّنَا فِي الرَّقِيقِ حُقُوقُ السَّادَاتِ فِي الْخِدْمَةِ فَيَتَأَذَّى بِالتَّغْرِيبِ غَيْرُ الْجَانِي احْتَجُّوا بِحَدِيثِ (الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ)

وَهُوَ عَامٌّ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِمَا ذَكَرْنَا وَلِأَنَّ الْمَرْأَةَ إِنْ غُرِّبَتْ مَعَ مَحْرَمٍ غُرِّبَ مَنْ لَيْسَ بِزَانٍ أَوْ مَعَ غَيْرِ ذِي مَحْرَمٍ خُولِفَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ (لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ) وَمَنَعَ (ح) التَّغْرِيبَ مُطْلَقًا لَنَا عَلَيْهِ الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ احْتَجَّ بِأَنَّ الْقُرْآنَ أَثْبَتَ الْحُدُودَ بِغَيْرِ تَغْرِيبٍ فَلَوْ ثَبَتَ التَّغْرِيبُ بِالسُّنَّةِ لَكَانَ زِيَادَةً عَلَى النَّصِّ وَالزِّيَادَةُ عَلَى النَّصِّ نَسْخٌ وَنَسْخُ الْقُرْآنِ بِالسُّنَّةِ غَيْرُ جَائِزٍ وَالْجَوَابُ مَنْعُ أَنَّ الزِّيَادَةَ نَسْخٌ وَفِي النكت إِنَّمَا فرق بَين الزِّنَا وَالْحِرَابَةِ لِأَنَّ الْمُحَارِبَ جَاهَرَ بِالظُّلْمِ وَعَظُمَ ضَرَرُهُ فَاشْتُرِطَتْ تَوْبَتُهُ بِخِلَافِ الزَّانِي وَتُحْسَبُ السَّنَةُ مِنْ يَوْمِ حُبِسَ وَنَفَقَةُ حَمْلِهِ وَحَمْلِ الْمُحَارِبِ وَحَسْبُهُمَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا فَإِنْ أُعْدِمَا فَبَيْتُ الْمَالِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ كَانَ يُنْفَى عِنْدَنَا إِلَى فَدَكَ وَخَيْبَرَ وَنَفَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمُخَنَّثِينَ قَالَ وَهُوَ رَأْيٌ قَالَ مُحَمَّدٌ إِلَى الْمَوْضِعِ الْقَرِيبِ وَلَا يُحْبَسُ وَيُتْرَكُ الْيَوْمَ بَعْدَ الْأَيَّامِ لِلْمَسْأَلَةِ وَالْمَعَاشِ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ كُلُّ مَنْ فِيهِ بَقِيَّةُ رِقٍّ كَأُمِّ الْوَلَدِ وَنَحْوِهَا وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ مَالِكٍ يُنْفَى مِنْ مِصْرَ إِلَى الْحِجَازِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مِنْ مِصْرَ إِلَى أَسْوَانَ وَدُونَ ذَلِكَ حَيْثُ يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ الاغتراب وَلَا يكثر الْبعد لَيْلًا يَتَعَذَّرَ وَصُولُ مَنْفَعَةِ مَالِهِ وَأَهْلِهِ إِلَيْهِ وَيُكْتَبُ إِلَى وَالِي الْبَلَدِ بِسَجْنِهِ سَنَةً عِنْدَهُ وَيُؤَرِّخُ يَوْمَ سَجْنِهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِن عَام الْمغرب أخرجناه ثَانِيًا

(الجناية الرابعة)

(الْجِنَايَةُ الرَّابِعَةُ) الْقَذْفُ وَأَصْلُهُ الرَّجْمُ بِالْحِجَارَةِ وَنَحْوِهَا ثُمَّ يُسْتَعْمَلُ مَجَازًا فِي الرَّجْمِ بِالْمَكَارِهِ فَمِنَ الْحَقِيقَة قَوْله تعلى {ويقذفون من كل جَانب دحورا} (الْبَاب الأول فِي أَلْفَاظ الْقَذْف) وَهِيَ قِسْمَانِ قَذْفٌ وَنَفْيٌ وَكِلَاهُمَا قِسْمَانِ صَرِيحٌ وَكِنَايَةٌ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ فُصُولٍ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي صَرِيح الْقَذْف وَهُوَ الرَّمْيُ بِالزِّنَا أَوِ اللِّوَاطِ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ يَجِبُ الْحَدُّ بِذَلِكَ دُونَ الرَّمْيِ بِمَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْهُ مِنَ الْقَتْلِ وَالْكُفْرِ لِأَنَّهُ لَا يقدر أَن يُقيم بَيِّنَة على عدم الزِّنَا فِي الزَّمَان الْمَاضِي وَلَيْسَ بشئ لِأَنَّهُ مُشْتَرِكُ الْإِلْزَامِ فَلَا يَقْدِرُ عَلَى إِثْبَاتِ نَفْيِ الْقَتْلِ فِي الزَّمَنِ الْمَاضِي إِلَّا أَنْ يَقُولَ يَقْدِرُ بِأَنْ يُثْبِتَ أَنَّهُ كَانَ حَيًّا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَيُقَالُ لَهُ وَكَذَلِكَ يُثْبِتُ أَنَّهَا كَانَتْ فِي بَلَدٍ آخَرَ غَيْرَ الَّذِي قذفه بِالزِّنَا بِهِ إِنْ قَيَّدَهُ كَمَا قَيَّدَ الْقَتْلَ وَإِنْ تَعَذَّرَ فِي الْفَصْلَيْنِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ تَعْيِينَ هَذَيْنِ لِلْقَذْفِ دُونَ غَيْرِهِمَا يَحْتَاجُ إِلَى نَظَرٍ وَفِي الْكتاب إِذا

رَمَاه بلواط أَو وزنا حد أَو ببهيمة أدب لِأَن آتِي البيهمة لَا يُحَدُّ وَإِنْ قَذْفَهُمَا ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُمَا زَنَيَا حَالَةَ الصِّبَا أَوِ الْكُفْرِ حُدَّ لِأَن هَذَا لَيْسَ بزنا وَإِن قَالَ لَهما وَقد عتقا زينتما حَالَ رِقِّكُمَا أَوْ قَالَ يَا زَانِيًا ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَة أَنَّهُمَا زَنَيَا حَالَةَ رِقِّهِ لَمْ يُحَدَّ لِأَنَّهُ فِي الرِّقِّ زَنَى فَإِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً حُدَّ لِكَذِبِهِ ظَاهِرًا وَمَنْ رَمَى وَاطِئَ أَمَةٍ يَلْحَقُهُ بِذَلِكَ النَّسَبُ أَوِ امْرَأَتِهِ حَائِضًا حُدَّ الْقَاذِفُ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِزِنًى وَإِنْ قَالَ لِامْرَأَةٍ يَا زَانِيَة فَقَالَت بك زَنَيْت حدت للزِّنَا وَلِلْقَذْفِ لِلِاعْتِرَافِ إِلَّا أَنْ تَرْجِعَ فَتُحَدُّ لِلْقَذْفِ وَلَا يُحَدُّ الرَّجُلُ لِأَنَّهَا صَدَّقَتْهُ أَوْ قَالَ يَا ابْنَ الزَّانِيَةِ وَقَالَ أَرَدْتُ جَدَّةً لَهُ لِأُمِّهِ وَقَدْ عُرِفَتْ بِذَلِكَ حَلَفَ مَا أَرَادَ غَيْرَهَا وَيُعَزَّرُ لِلْأَذِيَّةِ وَلَا يُحَدُّ لِأَنَّ الْمَقُولَ لَهُ يُصَدِّقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ ابْنُ جَدَّتِهِ وَكُلُّ مَنْ أدنى زَانِيَةً نُكِّلَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ قَالَ يَا لُوطِيُّ أَوْ يَا فَاعِلَ فِعْلِ قَوْمِ لُوطٍ حُدَّ وَلَيْسَ لِلْقَاذِفِ تَحْلِيفُ الْمَقْذُوفِ مَا زَنَى وَإِنْ عَلِمَ الْمَقْذُوفُ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ زَنَى فَحَلَالٌ لَهُ أَنْ يُحَدَّهُ لِأَنَّهُ أَفْسَدَ عِرْضَهُ قَالَ أَشْهَبُ إِنْ قَالَ زَنَيْتَ فِي صِغَرِكَ أَوْ رِقِّكَ فِي غَيْرِ مُشَاتِمَةٍ لَمْ يحد إِلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ يُحَدُّ وَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِذَلِكَ زَانِيَةً وَمَنْ قَذَفَ مُسْتَكْرَهَةً حُدَّ وَإِنْ قَالَ كُنْتُ فِي نصرانيتك قذفتك بِالزِّنَا فَإِنْ كَانَ إِنَّمَا سَأَلَهَا الْعَفْوَ أَوْ أَخْبَرَ بِهِ عَلَى وَجْهِ النَّدَمِ لَمْ يُحَدَّ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ لَهُ عُذْرٌ حُدَّ وَقَالَ أَشْهَبُ إِن كَانَ فِي مُشَاتَمَةٍ حُدَّ وَإِلَّا فَلَا لِعَدَمِ النِّكَايَةِ بذلك وَإِن

وطئ أمة لَهُ مَجُوسِيَّة فقذفه أحد بِالزِّنَا حد لِأَنَّهُ لَا يحد من وطئ الْمَجُوسِيَّةَ وَإِنْ قَالَ لِمَجْنُونٍ حَالَ جُنُونِهِ يَا زَانٍ حُدَّ قَالَ مُحَمَّدٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَجْنُونًا مِنَ الصِّغَرِ إِلَى الْكِبَرِ لَمْ يَفِقْ لِأَنَّهُ لَا يلْحقهُ إِثْم الزِّنَا حِينَئِذٍ وَإِذَا قَالَ يَا زَانِيَةُ فَقَالَتْ بِكَ زَنَيْتُ قَالَ أَشْهَبُ لَا تُحَدُّ إِنْ قَالَتْ إِنَّمَا أردْت المجاوبة دون الْقَذْف وَالْإِقْرَار بِالزِّنَا فيجلد الرجل وَلَا تجلد هِيَ لزنا وَلَا قَذْفٍ وَقَالَ أَصْبَغُ يُحَدُّ كُلُّ وَاحِدٍ لِصَاحِبِهِ وَإِنْ قَالَتْ ذَلِكَ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ قَاذِفٌ الْآخَرَ لَا مُصَدِّقَ لَهُ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ قَالَ ذَلِكَ لِامْرَأَتِهِ فَقَالَتْ لَهُ بِكَ زَنَيْتُ لَا شَيْءَ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا تَقُولُ أَرَدْتُ إِصَابَتَهُ إِيَّايَ بِالنِّكَاحِ أَيْ إِنْ كُنْتُ زَنَيْتُ فَبِكَ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ هُوَ وَلَا لِعَانٍ وَإِنْ قَالَ لَهُ يَا زَانٍ فَقَالَ لَهُ الْآخَرُ أَنْتَ أَزَنَى مِنِّي فَعَلَيْهِمَا الْحَدُّ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ أَصْبَغُ أَزْنَى مِنِّي إِقْرَارٌ بِالزِّنَا ويحمله مَحْمَلُ الرَّدِّ لِمَا قَالَهُ وَفِي النَّوَادِرِ يَا ذَا الَّذِي تَزْعُمُ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ اغْتَصَبَهَا أَوِ الصَّبِيُّ أَنَّهُ نَكَحَهُ إِنْ قَالَهُ فِي مُشَاتَمَةٍ حُدَّ وَزَنَى فَرْجُكِ أَوْ دُبُرُكِ يُحَدُّ وَإِنْ قَالَ مَنْ يَقُولُ كَذَا فَهُوَ ابْنُ زَانِيَةٍ فَيَقُولُ رَجُلٌ أَنَا قُلْتُهُ فَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ قَالَهُ حُدَّ لَهُ وَإِلَّا فَلَا قَالَهُ ابْن الْقَاسِم قَالَ مَالك إِن يكن فلَان أصبح مِنْكَ فَأَنْتَ ابْنُ زَانِيَةٍ إِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنه أصبح مِنْهُ نُكِّلَ لِلْأَذِيَّةِ وَإِلَّا حُدَّ لِلْقَذْفِ قَالَ سَحْنُونٌ إِنْ قَالَ إِنْ لَمْ يَكُنْ عَبْدِي خَيْرًا مِنْكَ فَأَنْتَ ابْنُ عَشَرَةِ آلَافِ زَانِيَةٍ حُدَّ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَكُونُ خَيْرًا مِنَ الْحُرِّ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ يَا ذَا الَّذِي جَدُّهُ نَصْرَانِيٌّ فَقَالَ إِنْ كَانَ جَدِّي نَصْرَانِيًّا فَأَنْتَ ابْنُ زَانِيَةٍ فَوُجِدَ جَدُّهُ نَصْرَانِيًّا حَلَفَ أَنَّهُ أَرَادَهُ ويؤدب عَال عَبْدُ الْمَلِكِ مَنْ شَهِدَ عَلَيَّ فَهُوَ ابْنُ زَانِيَةٍ فَشَهِدَ عَلَيْهِ رَجُلٌ حُدَّ الْقَائِلُ قَالَ مَالِكٌ إِنْ قَالَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَهُ أَحَدٌ مَنْ رَمَانِي مِنْكُمْ فَهُوَ ابْنُ الزَّانِيَةِ فَرَمَاهُ أَحَدُهُمْ لَمْ يُحَدَّ وَيُعَزَّرُ وَكَذَلِكَ مَنْ لَبِسَ ثَوْبِي أَوْ رَكِبَ دَابَّتِي يُرِيدُ مَنْ فَعَلَهُ فِي

الفصل الثاني في التعريض بالقذف

الْمُسْتَقْبَلِ وَإِنْ أَرَادَ مَنْ قَدْ كَانَ فَعَلَهُ قبل قَوْله حد وَإِن كَانَ قذفه لَمْ يَفْعَلْ مُسْتَقْبَلًا مَا لَا يَمْلِكُ الْمَقْذُوفُ مَنْعَهُ مِنْهُ فَإِنَّهُ يُحَدُّ قَبْلَ الْفِعْلِ إِنْ كَانَ مِنَ الْأُمُورِ الْعَامَّةِ كَدُخُولِ الْمَسْجِدِ وَالْحَمَّامِ وَإِنْ كَانَ خَاصًّا كَرُكُوبِ دَابَّةٍ فَلَا يُحَدُّ حَتَّى يَفْعَلَ أَحَدٌ ذَلِكَ فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ إِنْ قَالَ لِلرَّجُلِ يَا زَانِيَةُ بِالتَّاءِ وَلِلْمَرْأَةِ بِغَيْر تَاء حد فرع إِنْ قَالَ زَنَى فَرْجُكِ أَوْ عَيْنُكِ أَوْ يَدُكِ حُدَّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُحَدُّ لِأَنَّهُ كَذِبٌ إِلَّا عَلَى وَجْهِ الْمجَاز الْفَصْلُ الثَّانِي فِي التَّعْرِيضِ بِالْقَذْفِ قَاعِدَةٌ الصَّرِيحُ فِي كُلِّ بَابٍ مَا يَتَعَيَّنُ لَهُ وَضْعًا وَالْكِنَايَةُ مَا يَحْتَمِلُهُ مَعَ غَيْرِهِ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ قَالَ يَا مُخَنَّثُ حُدَّ إِلَّا أَنْ يَحْلِفَ مَا أَرَادَ قَذْفًا فَيُؤَدَّبُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ غَيْرُهُ هَذَا إِنْ كَانَ فِي كَلَامِهِ أَوْ عَمَلِهِ أَوْ بَدَنِهِ تَوْضِيعٌ وَإِلَّا حُدَّ وَلَمْ يَحْلِفْ لِاشْتِهَارِهِ فِي الْفَاحِشَةِ وَأَصْلُ التَّخَنُّثِ الْمَيْلُ وَقَدْ يَكُونُ صَاحِبُهُ مُتَّقِيًا وَمِنْهُ الْمُخَنَّثُ الَّذِي يَدْخُلُ عَلَى بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (وتخنثه الصاننه)

فرع فِي الْكِتَابِ يَا فَاجِرُ أَوْ يَا فَاسِقُ أَوْ يَا ابْنَ الْفَاجِرَةِ أَوِ الْفَاسِقَةِ، حُدَّ أَوْ يَا خَبِيثُ حَلَفَ مَا أَرَادَ قَذْفًا لقلَّة ظهروه فِي الْقَذْفِ فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ سُجِنَ حَتَّى يَحْلِفَ فَإِنْ طَالَ سَجْنُهُ نُكِّلَ عَلَى حَسَبِ حَاله وَالْمَعْرُوف بِالْأَذِيَّةِ يُبَالَغُ فِي عُقُوبَتِهِ وَالْفَاضِلُ ذُو الْمُرُوءَةِ يَتَجَافَى عَنْ حَقِيقَتِهِ وَيُخَفَّفُ فِي أَدَبِ عَظِيمَةٍ وَيَا تَاجر بِفُلَانَةٍ يُحَدُّ إِلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى أَمْرٍ صَنَعَهُ مَعَهَا مِنَ الْفُجُورِ كَجَحْدِ مَالٍ وَنَحْوِهِ وَيُحَلَّفُ مَا أَرَادَ إِلَّا ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ جَامَعْتَ فُلَانَةً وَإِنْ قَالَ بَاضَعْتُهَا حَرَامًا أَوْ وَطِئْتُهَا وَقَالَ أَرَدْتُ تَزَوَّجْتُهَا تَزْوِيجَا حَرَامًا أَوْ قَالَ ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ وَطَالَبَتْهُ الْمَرْأَةُ حُدَّ إِلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى مُرَادِهِ وَيَحْلِفُ مَا أَرَادَ إِلَّا ذَلِكَ وَكُنْتُ وَطِئْتُ أُمَّكَ وَقَالَ أَرَدْتُ النِّكَاحَ إِنْ أَتَى بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا لَمْ يُحَدَّ وَإِلَّا حُدَّ وَإِنْ قَالَ لَهُ مَا أَنَا بِزَانٍ أَوْ أُخْبِرْتُ أَنَّكَ زَانٍ حُدَّ أَوْ أَشْهَدَنِي فُلَانٌ أَنَّكَ زَانٍ حُدَّ إِلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى قَوْلِ فُلَانٍ وَكَذَلِكَ يَقُولُ لَكَ فُلَانٌ يَا زَانٍ أَوْ جَامَعْتَهَا بَيْنَ فَخْذَيْهَا أَوْ أَعْكَانِهَا حُدَّ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ لَا حَدَّ فِي التَّعْرِيضِ غَيْرَ أَنَّ مَالِكًا قَالَ يُحَدُّ بِهِ إِنْ نَوَى بِهِ الْقَذْفَ كَسَائِرِ الْكِنَايَاتِ فِي الطَّلَاقِ وَغَيره لنا قَوْله تَعَالَى عَن قوم شُعَيْب {إِنَّك لأَنْت الْحَلِيم الرشيد} وَمُرَادُهُمْ ضِدُّ ذَلِكَ وَهُوَ كَثِيرُ فِي الْقُرْآنِ وَفِي الْمُوَطَّأِ (أَنَّ

رَجُلَيْنِ اسْتَبَّا عَلَى عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِي الله ع نه فَقَالَ أَحَدُهُمَا وَاللَّهِ مَا أَبِي بِزَانٍ وَلَا أُمِّي بِزَانِيَةٍ فَاسْتَشَارَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ قَائِلُونَ مَدَحَ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَقَالَ آخَرُونَ قَدْ كَانَ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ مَدْحٌ غَيْرَ هَذَا فَجَلَدَهُ عُمَرُ ثَمَانِينَ وَقَالَ حِمَى اللَّهِ لَا تُرْعَى حواليه) وَلِأَنَّهُ يفهم الْقَذْف فَيحد بِهِ كَالصَّرِيحِ احْتَجُّوا بِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ الْقَذْفَ وَغَيْرَهُ فَلَا يُوجِبُ كَمَا إِذَا قَالَ اسْقِنِي مَاءً وَقَالَ أَرَدْتُ الْقَذْفَ وَهَذَا أَبْلَغُ لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِإِرَادَتِهِ الْقَذْفَ وَلِأَنَّهُ لَمَّا احْتَمَلَ الْأَمْرَ وَجَبَ أَن يرجح اللَّفْظ عَلَى الْمُوجِبِ كَالْأَمَةِ الْمُشْتَرَكَةِ وَهَذَا أَوْلَى لِلْقَطْعِ بِوُجُودِ الْمُوجَبِ وَهُوَ النَّصِيبُ الَّذِي لَيْسَ بِمُشْتَرَكٍ وَمَعَ ذَلِكَ سَقَطَ الْحَدُّ وَلِأَنَّهُ تَعْرِيضٌ فَوَجَبَ أَن يُلْحَقَ بِالتَّصْرِيحِ كَالْخِطْبَةِ فِي الْعِدَّةِ وَلِأَنَّهُ لَا يَكُونُ قَذْفًا مَعَ عَدَمِ الْقَرَائِنِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ جميلَة وأريبة وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْقَرَائِنَ مَعَ اللَّفْظِ تُصَيِّرُهُ كَالصَّرِيحِ بِخِلَافِ مُجَرَّدِ النِّيَّةِ لِذَلِكَ تَقُولُ الْعَرَبُ رُبَّ إِشَارَةٍ أَفْصَحُ مِنْ عِبَارَةٍ وَالتَّعْرِيضُ عِنْدَهُمْ أَبْلَغُ مَوْقِعًا وَعَنِ الثَّانِي الْفَرْقُ بِأَنَّ الْقَرَائِنَ تَنْفِي الِاحْتِمَالَ الْآخَرَ فَيَصِيرُ كَوَطْءِ الْأَجْنَبِيَّةِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ هَذَا الْبَابَ أَحْرَجُ لِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ بِالتَّعْرِيضِ الْقَذْفَ حَرُمَ إِجْمَاعًا وَلَوْ أَرَادَ النِّكَاح عين الج وَعَنِ الرَّابِعِ مَنْعُ الْحُكْمِ إِذَا صَيَّرَتْهُ الْقَرَائِنُ تَصْرِيحًا فِي الْقَذْفِ وَإِلَّا فَعَدَمُ الْقَرَائِنِ يَعْنِي الْفرق

تَفْرِيع قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ الْقَائِلُ يَا قَرْنَانِ لِرَجُلٍ جُلِدَ لِزَوْجَتِهِ لِأَنَّهُ عِنْدَ النَّاسِ من امْرَأَته تفجر قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ لَا يُحَدُّ وَيُجْلَدُ عِشْرِينَ وَيأْمُرُ آخَرُ وَقَالَ أَشْهَبُ يُحَدُّ قَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ يَا قَحْبَةُ يحد لِأَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَدْعُو عَلَى الْفَاجِرَةِ بِالْقِحَابِ والهرثاء أَي السفال والقبح فِي الدِّيَة حَتَّى صَارَتِ الْفَاجِرَةُ تُسَمِّي قَحْبَةُ لِغَلَبَةِ الِاسْتِعْمَالِ وَيَا مأبونا قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُحَدُّ لِأَنَّهُ مِنَ الْأُبْنَةِ وَهِيَ دَاءٌ فِي الدُّبُرِ يَبْعَثُ عَلَى طَلَبِ مَا يَحُكُّ بِهِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَإِنِ اشْتُهِرَ فِي اللِّوَاطِ فِي الْمَفْعُولِ بِهِ وَإِنْ قَالَ لَهُ يَا ابْنَ الزَّانِيَةِ فَقَالَ لَهُ أُمُّكَ شَرٌّ مِنْهَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ يُحَدَّانِ أَوْ يَا أَحْمَقُ فَقَالَ الْآخَرُ أَحْمَقُنَا ابْنُ الزَّانِيَةِ يُحَدُّ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي يَا فَاجِرَ بِفُلَانَةٍ يُحَلَّفُ مَا أَرَادَ قَذْفًا وَكَذَلِكَ يَا خَبِيثُ وَيَا وَلَدَ إِيشْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُحَدُّ وَيَا ابْنَ الْفَاسِقَةِ وَالْفَاجِرِ يُحَلَّفُ فَإِنِ امْتَنَعَ سُجِنَ وَإِنْ طَالَ سَجْنُهُ وَلَمْ يَحْلِفْ أُدِّبَ وَخُلِّيَ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ فِي هَذَا كُلِّهِ النكال وَيَا مُؤَنَّثُ وَفِي كَلَامِهِ لِينٌ حُلِّفَ وَأُدِّبَ وَقَالَ أَشْهَبُ يُحَدُّ فِي زَنَى فَرْجُكَ دُونَ زَنَتْ رِجْلَاكَ وَيَا ابْنَ مُنْزِلَةِ الرُّكْبَانِ يُحَدُّ لِأَن الْمَرْأَة فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانَتْ عَلَى بَابِ الْبَغِيَّةِ رَايَةٌ تَنْبِيه ضبط هَذَا الْبَاب الاشتهار الْعُرْفِيَّة أَو الْقَرَائِن الحالية فَمَتَى فقد

أُحْلِفَ أَوْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا حُدَّ وَإِنِ انْتَقَلَ الْعُرْفُ فَيُقَالُ الْأَصْلُ الْحَدُّ وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِحَسَبِ الْأَعْصَار والأمصار وَبِهَذَا يَظْهَرُ أَنَّ ذَاتِ الرَّايَةِ وَمُنْزِلَةِ الرُّكْبَانِ لَا يُوجِبُ حَدًّا وَأَنَّهُ إِنِ اشْتُهِرَ لَفْظُ أَحَدِهِمَا لَا يُوجِبُ حَدًّا إِلَّا فِي الْقَذْفِ أُوجِبَ الْحَد فَرْعٌ فِي النَّوَادِرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ قَالَ رَأَيْتُ فَلَانًا مَعَ فُلَانَةٍ فِي بَيْتٍ أَوْ عَلَى بَطْنِهَا أَوْ قَالَ فِي لِحَافٍ أَوْ قَالَ رَأَيْتُكَ تَطْلُبُ امْرَأَةً فِي إِثْرِهَا أَو تقبلهَا أَو اقتحمت عَلَيْهِ بَيْتَهَا أَوْ فِي مَقْعَدِ الرَّجُلِ مِنَ الْمَرْأَةِ لَا يُحَدُّ بَلْ يُؤَدَّبُ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يتَوَقَّف على الزِّنَا وَيَحْلِفُ مَا أَرَادَ قَذْفًا أَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ قد سرحتك من زنا حُدَّ وَلَا طَلَاقَ عَلَيْهِ قَالَ مُطَرِّفٌ إِنْ قَالَ كَيْفَ تُكَلِّمُنِي وَأَنَا نَكَحْتُ أُمَّكَ وَكَانَتْ زَوْجَتِي قَالَ مَالِكٌ إِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً أَنه تزَوجهَا حد الْقَذْف وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يُحَدُّ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَامَ شَاهِدَيْنِ بِالزَّوَاجِ كَفَاهُ (وَلَوْ كَانَ قَذْفًا لَمْ يَجْرَحْ إِلَّا بِأَرْبَعَةٍ) وَلَوْ كَانَ فِي غَيْرِ مُنَازَعَةٍ لَمْ يُحَدَّ وَإِنْ قَذَفَهُ رَجُلٌ فَشَكَاهُ ثُمَّ خَاصَمَ آخَرَ فَقَالَ لَهُ سَمِعْتُ فلَانا يَقُول لَك يَا زَان فمالك اشْتَكَيْتَهُ أَيْ مُوجِدَةٌ عَلَيْكَ فَيُحَدُّ فَرْعٌ قَالَ قَالَ مَالِكٌ لَا يُحَدُّ الْأَبُ بِالتَّعْرِيضِ بَلْ بِالتَّصْرِيحِ كَالْقَصْدِ فِي الْقَتْلِ وَيَجُوزُ عَفْوُهُ عَنِ الْقَذْفِ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ سَتْرًا عِنْدَ الْإِمَامِ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يُحَدُّ الْأَبُ أَصْلًا لِعَظِيمِ حَقه وَقَالَ (ش) وَ (ح) وَفِي الْمُنْتَقَى وَإِنْ حَدَّهُ أسقطنا عَدَالَة الابْن لِأَنَّهُ حُقُوق وَإِنْ قَالَ لِوَلَدِهِ لَسْتَ ابْنِي فَطَلَبَتِ الْأُمُّ أَوِ الْوَلَدُ مِنْ غَيْرِهِ

الفصل الثالث في صريح اللفظ والنفي

الْحَدَّ لِقَذْفِ الْأُمِّ وَقَدْ كَانَ فَارَقَهَا فَعَفَا وَلَدُهُ قَالَ مَالِكٌ يَحْلِفُ مَا أَرَادَ قَذْفًا بَلْ لَوْ كَانَ وَلَدِي مَا كَانَ يَصْنَعُ مَا صَنَعَ قَالَ وَهَذَا يَقْتَضِي الْحَدَّ إِنْ لَمْ يَحْلِفْ وَأَنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِعَفْوِ بَعْضِ الْوَلَدِ إِذَا قَامَ الْبَعْضُ فَالْحَدُّ وَغَيْرُهُ لَا يلْحق الْأَب بَلْ يُحَدُّونَ وَلَا يُعْذَرُونَ فِي الشَّتْمِ إِنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْأَدَبِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ يَجُوزُ عَفْوُهُ عَنْ جَدِّهِ لِأَبِيهِ وَإِنْ بَلَغَ الْإِمَامَ دُونَ جَدِّهِ لِأُمِّهِ لِأَنَّهُ لَا يُدْلِي فِي الْمِيرَاث يهما وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَجُوزُ عَفْوُهُ عَنْ أُمِّهِ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ سَتْرًا لِأَنَّ الْإِشْفَاقَ قَدْ يحملهُ عِنْد رؤيتها على الِاعْتِرَاف بِالزِّنَا فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ يَا بَغْلُ يُوجِبُ الْحَدَّ وَإِنْ قَالَ لِنَفْسِهِ أَنَا بَغْلٌ حُدَّ لِأَنَّهُ قَذَفَ أُمَّهُ الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي صَرِيحِ اللَّفْظِ وَالنَّفْي النَّفْيُ عِنْدَنَا مُوجِبٌ لِلْحَدِّ وَقَالَهُ أَحْمَدُ وَقَالَ (ش) وَ (ح) إِذَا قَالَ الْعَرَبِيُّ يَا قِبْطِيُّ وَقَالَ أَرَدْتُ قِبْطِيَّ اللِّسَانِ أَوِ الدَّارِ لِأَنَّهُ نَشَأَ فِيهَا صُدِّقَ بَعْدَ يَمِينِهِ أَوْ قَالَ أَرَدْتُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَبِيهِ حُدَّ إِنْ كَانَتْ أُمُّهُ مُحْصَنَةً يُحَدُّ قَاذِفُهَا وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ سَبَبَ الْحَدِّ فِي الْقَذْف الزِّنَا فِي الْمُحْصَنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصنَات الْغَافِلَات) لَنَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ (لَا أُوتَى بِرَجُلٍ يَقُولُ إِنَّ كِنَانَةَ

لَيْسَتْ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَّا جَلَدْتُهُ) وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (لَا حَدَّ إِلَّا فِي اثْنَيْنِ قَذْفِ مُحْصَنَةٍ وَنَفْيِ رَجُلٍ مِنْ أَبِيهِ) وَلَا يَقُولُ هَذَا إِلَّا تَوْقِيفًا وَعَلَّلَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى وَغَيْرُهُ بِأَنَّ النَّفْيَ قَذْفٌ وَهُوَ يَبْطُلُ بِأَنَّ الْأُمَّ قَدْ تَكُونُ لَا يُحَدُّ قَاذِفُهَا وَقَدْ تَكُونُ مَجْهُولَةً وَفِي الْكِتَابِ إِنْ قَالَ لِمُسْلِمٍ لَسْتَ لِأَبِيكَ وَأَبَوَاهُ نَصْرَانِيَّانِ حُدَّ وَكَذَلِكَ إِنْ قَالَ لَسْتَ ابْنَ فُلَانٍ لِجَدِّهِ وَجَدِّ أُمِّهِ كَافِرٌ أَوْ لِرَجُلٍ مِنْ وَلَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ لَسْتَ ابْنَ الْخطاب وَإِنْ قَالَ لَسْتَ ابْنَ فُلَانٍ لِجَدِّهِ وَقَالَ أَرَدْتُ لَسْتَ ابْنَهُ لِصُلْبِهِ حُدَّ وَإِنْ قَالَ أَنْتَ ابْنُ فُلَانٍ نَسَبَهُ لِجَدِّهِ فِي مُشَاتَمَةٍ وَغَيرهَا لَمْ يُحَدَّ وَكَذَلِكَ إِنْ نَسَبَهُ إِلَى جَدِّهِ لِأُمِّهِ لِأَنَّهُ كَالْأَبِ يَحْرُمُ عَلَيْهِ مَا نَكَحَ فَإِنْ نَسَبَهُ إِلَى عَمِّهِ أَوْ خَالِهِ أَوْ زَوْجِ أُمِّهِ حُدَّ وَإِنْ قَالَ لِعَرَبِيٍّ لَسْتَ مِنْ بَنِي فُلَانٍ لِقَبِيلَتِهِ الَّتِي هُوَ مِنْهَا حُدَّ وَإِنْ كَانَ مَوْلًى لَمْ يُحَدَّ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ مَا أَرَادَ نَفْيًا (أَوْ قَالَ لِعَرَبِيٍّ يَا قِبْطِيُّ حُدَّ وَإِنْ قَالَهُ لِمَوْلًى حَلَفَ) وَنُكِّلَ وَإِنْ نَكَلَ لَمْ يُحَدَّ وَنُكِّلَ وَفِي النُّكَتِ يَجِبُ الْحَدُّ بِالنَّفْيِ (كَانَ الْأَبَوَانِ كَافِرَيْنِ أَوْ عَبْدَيْنِ قَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ فَإِنْ عَفَا وَأَبَوَاهُ عَبْدَانِ أَوْ كَافِرَانِ نُفِّذَ) عَفْوُهُ أَوْ مُسْلِمَانِ حُرَّانِ فَلَهُمَا الْقِيَامُ بِالْحَدِّ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ أَبُوهُ مُسْلِمًا وَأُمُّهُ نَصْرَانِيَّةً أَوْ أمة فَلَا يثبت الْقِيَامُ لِأَنَّهُ حَمَلَ أَبَاهُ عَلَى غَيْرِ أُمِّهِ بِنَسَبِهِ لِلزِّنَا أَوِ انْعَكَسَ الْحَالُ بَيْنَ الْأَبَوَيْنِ قَامَتِ الْأُمُّ بِالْحَدِّ لِأَنَّهُ نَسَبَهَا إِلَى الزِّنَا وَإِنْ قَالَ ذَلِكَ لِعَبْدٍ لَا يُحَدُّ لَهُ وَأَبَوَاهُ عَبْدَانِ أَوْ كَافِرَانِ لَمْ يُحَدَّ وَأَبَوَاهُ حُرَّانِ مُسْلِمَانِ حُدَّ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَتِ الْأُمُّ حرَّة مسلمة وَالْأَب عبدا لِأَنَّهُ رَمَى أُمَّهُ أَوْ أَمَةَ أُمِّهِ أَوْ كَافِرَةً وَأَبُوهُ مُسْلِمٌ حُدَّ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا حَدَّ فِي نَفْيِ الْعَبْدِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ يَا وَلَدَ زِنًا أَوْ أَنْتَ لِزِنْيَةٍ أَوْ وَلَدُ زِنْيَةٍ حد وَإِن كَانَت

الفصل الرابع في التعريض بالنفي

مَمْلُوكَة أَو مُشْتَركَة بِخِلَافِ يَا ابْنَ الزَّانِي أَوِ الزَّانِيَةِ إِنْ كَانَا عَبْدَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ لِأَنَّ هَذَا قَذْفٌ لَهُمَا وَالْأَوَّلُ نَفْيٌ وَإِنْ قَالَ لَسْتَ وَلَدَ فلَان لجده وَقَالَ أردْت لست لصَاحبه حُدَّ كَانَ جَدُّهُ مُسْلِمًا أَمْ لَا قَالَ أَشْهَبُ هَذَا إِذَا كَانَ وِلَادَةُ جَدِّهِ فِي الْإِسْلَامِ وَلَمْ يَكُنْ مَجْهُولًا وَكَذَلِكَ إِذَا نَفَاهُ عَنْ أَبِيهِ دَنِيَّةً لِأَنَّ الْمَجْهُولِينَ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُمْ وَلَا يَتَوَارَثُونَ بِهَا وَإِنْ كَانَ مِنَ الْعَرَبِ حُدَّ وَإِنْ كَانَ وِلَادَةُ أَبِيهِ أَوْ جده فِي الجاهلة وَوُلِدَ الْمَقُولُ لَهُ فِي الْإِسْلَامِ وَإِنْ قَالَ لَسْتَ مِنْ مَوَالِي فُلَانٍ وَهُوَ مِنْهُمْ حُدَّ وَكَذَلِكَ لَسْتَ مِنَ الْمَوَالِي وَلَهُ أَبٌ مُعْتَقٌ بِخِلَاف لست مولى لفرن وَفُلَانٌ قَدْ أَعْتَقَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْفِهِ مِنْ نسب ولسب ابْن فلَان وَأمه ام ولد حد وَلَيْسَ بِابْنِ فُلَانَةٍ لَا يُحَدُّ لِأَنَّهُ مَعْلُومُ الْوِلَادَةِ مِنْهَا فَلَمْ يُؤَثِّرْ ذَلِكَ فِي عِرْضِهِ وَإِنْ قَالَ لِعَبْدٍ وَأَبَوَاهُ حُرَّانِ مُسْلِمَانِ لَسْتَ لِأَبِيكَ حد السَّيِّد فَإِن مَاتَا وَلم يرثهما أجد أَوْ وَرِثَهُمَا غَيْرُهُ فَلَهُ حَدُّ سَيِّدِهِ الْفَصْلُ الرَّابِع فِي التَّعْرِيض بِالنَّفْيِ فِي الْكِتَابِ قَالَ لِعَرَبِيٍّ يَا فَارِسِيُّ أَوْ نَحوه حد أَو قَالَ يَا بن الْأَقْطَعِ وَاخْتُلِفَ عَنْ مَالِكٍ فِي الْقَائِلِ لِبَرْبَرِيٍّ أَوْ رُومِيٍّ يَا حَبَشِيُّ هَلْ عَلَيْهِ الْحَدُّ أم لَا قَالَ ابْن الْقَاسِم وَأرى عج الْحَد إِلَّا أَن يَقُول لَهُ يَابْنَ الْأَسْوَدِ وَلَيْسَ فِي آبَائِهِ أَسْوَدُ وَإِنْ قَالَ لِفَارِسِيٍّ يَا عَرَبِيُّ لَمْ يُحَدَّ أَوْ لِعَرَبِيٍّ يَا فَارسي أَو لمصري أَو يَا يَمَانِيُّ أَوْ لِعَبْسِيٍّ يَا كَلْبِيُّ حُدَّ لِأَنَّ الْعَرَبَ تُنْسَبُ إِلَى آبَائِهَا وَهَذَا نَفْيٌ

لَهَا أَو قَالَ يَابْنَ الْأَعْجَمِيِّ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ آبَائِهِ كَذَلِكَ حُدَّ أَوْ يَا ابْنَ الْحَجَّامِ أَوِ الْخَيَّاطِ وَهُوَ مِنَ الْعَرَبِ جُلِدَ الْحَدَّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي آبَائِهِ أَوْ مِنَ الْمَوَالِي حَلَفَ مَا أَرَادَ قَطْعَ نَسَبِهِ لِأَنَّ هَذِهِ الصِّفَاتِ فِي الْمَوَالِي أَكْثَرُ مِنَ الْعَرَبِ وَيَا ابْنَ الْمُطَوَّقِ يَعْنِي الرَّايَةَ الَّتِي تُجْعَلُ فِي الْأَعْنَاقِ لَا يجد فِي الْمَوَالِي دُونَ الْأَعْرَابِ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَعْمَالَ أَعْمَالُ الْمَوَالِي وَإِنْ قَالَ يَا يَهُودِيُّ لَمْ يُحَدَّ بِخِلَافِ يَا ابْنَ الْيَهُودِيِّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ آبَائِهِ يَهُودِيٌّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يَا ابْنَ الْبَرْبَرِيَّةِ وَأُمُّهُ عَرَبِيَّةٌ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يُحَدُّ لِأَنَّهُ لَا نَفْيَ عَلَى الْأُمِّ وَقَالَ مُطَرِّفٌ يُحَدُّ إِلَّا أَنْ يُسَمِّيَهَا بِاسْمِهَا لِأَنَّهُ نَفَى أُمَّهُ مِنِ ابْنِهَا وَسَوَاءٌ قَالَ لِرُومِيٍّ يَا حَبَشِيُّ أَوْ يَا ابْنَ الْحَبَشِيِّ لَا يُحَدُّ وَيَحْلِفُ مَا أَرَادَ نَفْيَهُ وَلِمَالِكٍ فِي الْحَدِّ قَوْلَانِ وَفِي النَّوَادِرِ (إِنْ قَالَ لِمَوْلًى لَيْسَ فُلَانٌ أَعْتَقَ أَبَاكَ وَهُوَ الَّذِي اعتقه حد لِأَنَّهُ نَفَاهُ عَن أَنَّهُ عَتِيقُ هَذَا) وَإِنْ قَالَ الْأَبُ لَيْسَ فُلَانٌ أَعْتَقَكَ لَمْ يُحَدَّ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ لَا يُحَدُّ فِيهِمَا لِأَنَّهُ نَفَى عِتْقًا لَا نسبا ويعاقب وَفِي الْجَوَاهِر وَإِن قَالَ مَالك أَصْلٌ وَلَا فَصْلٌ فَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُحَدُّ وَقَالَ أَصْبَغُ يُحَدُّ بِنَاءً عَلَى قَوْلِهِ إِنَّهُ أَرَادَ النَّفْيَ أَوِ الشَّتْمَ وَقِيلَ إِلَّا أَنِّي كَون مِنَ الْعَرَبِ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ وَإِنْ قَالَ لِابْنِ أَمَةٍ أَوْ كِتَابِيَّةٍ يَا ابْنَ الزَّانِيَةِ لَمْ يُحَدَّ أَوْ يَا ابْنَ زِنْيَةٍ حُدَّ وَالْفَرْقُ أَنَّ الثَّانِيَ نَفْيُ نَسَبٍ بِإِضَافَتِهِ إِلَى فِعْلٍ لَا يُلْحَقُ الْوَلَدُ فِيهِ وَالْأَوَّلُ قَذْفٌ لِأُمِّهِ وَإِنْ قَالَ مَوْلًى لِعَرَبِيٍّ أَنَا خَيْرٌ مِنْكَ حُدَّ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَهُ أَحَدُ ابْنَيْ عَمٍّ لِصَاحِبِهِ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ اخْتِلَافٌ وَبِهَذَا أَقُول

(الباب الثاني في أحكام القذف)

(الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامُ الْقَذْفِ) وَفِي التَّنْبِيهَاتِ لِلْحَدِّ عَشَرَةُ شُرُوطٍ سِتَّةٌ فِي الْمَقْذُوفِ وَأَرْبَعَةٌ فِي الْقَاذِف أَن يكون الْمَقْذُوف عافلا مُسْلِمًا حُرًّا بَالِغًا لِلتَّكْلِيفِ إِنْ كَانَ ذَكَرًا أَوْ قَدْرَ الْوَطْءِ إِنْ كَانَ أُنْثَى وَإِنْ لم تبلغ التَّكْلِيف وقيه خِلَافٌ بَرِيءٌ مِنَ الْفَاحِشَةِ الَّتِي قُذِفَ بِهَا مَعَهُ إِلَيْهَا وَأَنْ يَكُونَ الْقَاذِفُ عَاقِلًا بَالِغًا صَرَّحَ بِالْقَذْفِ أَوْ عَرَّضَ بِهِ يُمْكِنُ إِقَامَةُ الْحَدِّ عَلَيْهِ لِصِحَّتِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ يُحَدُّ الْمُحْصَنُ وَهُوَ الَّذِي اجْتَمَعَتْ شُرُوطُهُ مِنْهَا الْعِفَّةُ وَمَعْنَاهَا أَنْ لَا يَكُونَ مَعْرُوفًا بِالْقِيَانِ وَمَوَاضِعِ الْفَسَادِ وَالزِّنَا وَلَا يُسْقِطُ الْحَدَّ كَوْنُهُ مَعْرُوفًا بِالظُّلْمِ وَالْغَصْب وَالسَّرِقَة وَشرب الْخمر وَأكل البربا وَيُسْقِطُ الْإِحْصَانَ كُلُّ وَطْءٍ يُوجِبُ الْحَدَّ بِخِلَافِ الَّذِي لَا يُوجِبُهُ كَوَطْءِ الْأَمَةِ الْمُشْتَرَكَةِ (وَالْمُحَرَّمَةِ بِالرَّضَاعِ وَنَحْوِهِ وَكَذَلِكَ وَطْءُ الشُّبْهَةِ) أَوْ فِي الصِّبَا وَيسْقط إِحْصَان الْمَقْذُوف بِالْوَطْءِ الطاريء بعد الْقَذْف وَقَالَهُ (ش) و (ح) وَأَن الشُّرُوطَ يُعْتَبَرُ اسْتَدَامَتُهَا إِلَى حَالَةِ إِقَامَةِ الْحَدِّ لِأَنَّهُ لَوِ ارْتَدَّ لَمْ يُقَمِ الْحَدُّ وَلِأَنَّ طرؤه يُنَبِّهُ أَنَّهُ تَقَدَّمَ مِنْهُ وَقَالَ أَحْمَدُ لَا يَسْقُطُ كَمَا لَوْ زَنَى بِأَمَةٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا أَو سرق عينا فنقصت قيمتهَا أَو ملكهَا وَمُنِعَ اسْتِدَامَةُ الشُّرُوطِ إِلَّا إِلَى حِينِ تُوَجُّهِ الْحَدِّ وَمَتَى سَقَطَ الْإِحْصَانُ بِالزِّنَا مَرَّةً لَمْ يَعُدْ بِالْعَدَالَةِ بَعْدَهُ وَرَوَى عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ قُذِفَ مَنْ حُدَّ بِالزِّنَا بَعْدَ أَنْ حَسُنَتْ تَوْبَته لم يحد

تَنْبِيه يَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ فِي شُرُوطِ الْمَقْذُوفِ أَنْ يَكُونَ مَعْرُوفًا فَإِنَّ الْمَجْهُولَ لَا يُحَدُّ لَهُ لَكِنْ تُرِكَ لِأَنَّ تِلْكَ الشُّرُوطَ لَا تُعْلَمُ إِلَّا فِي مَعْرُوفٍ وَكَوْنُ الْإِحْصَانِ لَا يَعُودُ بَعْدَ الْعَدَالَةِ نَقَلَهُ صَاحِبُ النَّوَادِرِ وَغَيْرُهُ وَمُسْتَنَدُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَفَافِ الْعَفَافُ الْمُطْلَقُ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى {الْغَافِلَات} أَيِ اللَّاتِي لَمْ يَخْطُرْ لَهُنَّ الْفَسَادُ وَلَا يَشْعُرْنَ بِهِ قَطُّ فَتُحْمَلُ الْآيَةُ الْأُخْرَى عَلَى هَذِهِ لِأَنَّهَا مُطْلَقَةٌ وَتِلْكَ مُقَيَّدَةٌ وَهِيَ قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بأَرْبعَة شُهَدَاء} وَهَذَا قد شهر بِالزِّنَا وَفعله فَلَا يكون مِمَّن يحجّ لَهُ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْحَدِّ بَلْ يُؤَدَّبُ عَلَى الْقَاعِدَةِ وَأَصْلُ هَذَا الْبَابِ قَوْله تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَلَهُم عَذَاب عَظِيم} وَلِلْإِحْصَانِ فِي الْقُرْآنِ أَرْبَعَةُ مَعَانٍ الْعَفَافُ وَهُوَ الْمُرَادُ بِهَذِهِ الْآيَةِ وَالثَّانِي الزَّوْجَاتُ فِي قَوْله تَعَالَى {محصنات غير مسافحات} وَالثَّالِثُ الْحُرِّيَّةُ فِي قَوْله تَعَالَى {فَإِذَا أُحْصِنَّ} وَوَافَقَنَا الْأَئِمَّةُ عَلَى شُرُوطِ الْإِحْصَانِ غَيْرَ أَنَّهُمْ قَالُوا لابد مِنَ الْبُلُوغِ قِيَاسًا عَلَى الْعَقْلِ وَلَمْ يُخَالِفْ فِي الْعَبْدِ إِلَّا دَاوُدُ لَنَا أَنَّهُ قَاصِرٌ عَنْ رُتْبَةِ الْإِجْمَاعِ فَلَا يَنْهَضُ لِلْحَدِّ وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ (مَنْ أَشْرَكَ

بِاللَّهِ فَلَيْسَ بِمُحْصَنٍ) وَالرِّقُّ مِنْ جَرَائِرِ الْكُفْرِ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ عَدَمِ الِاعْتِبَارِ وَأَمَّا شَرَائِطُ الْقَاذِفِ فَلِأَنَّ الْعُقُوبَةَ تَعْتَمِدُ التَّكْلِيفَ وَالْقُدْرَةَ عَلَى الْوَفَاءِ بِمَا وَجَبَ عَلَيْهِ نَظَائِرُ قَالَ صَاحِبُ الْخِصَالِ عَشَرَةٌ لَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهِمُ الصَّبِيُّ وَالْعَبْدُ وَالْأمة وَالذِّمِّيّ والذمية وَالْمَحْدُودُ فِي الزِّنَا وَالْمَرْجُومُ فِي الزِّنَا وَالْمَنْبُوذُ وَمَنْ لَيْسَ مَعَهُ مَتَاعُ الزِّنَا وَالْوَلَدُ يَقْذِفُهُ وَالِدُهُ اسْتَبْعَدَ مَالِكٌ حَدَّهُ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِالْقَذْفِ إِقَامَةُ بَيِّنَةٍ أَرْبَعَةٌ بِأَنَّ الْمَقْذُوفَ زَنَى فَيَسْقُطُ عَنْهُ الْحَدُّ لِانْخِرَامِ الْإِحْصَانِ وَعدم الْكَذِب عَلَيْهِ فرع قَالَ يحد الذِّمِّيُّ لِلْمُسْلِمِ ثَمَانِينَ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْعِلْمِ فيقام عَلَيْهِ بِخِلَاف الزِّنَا فرع قَالَ لَيْسَ لِلْقَاذِفِ تَحْلِيفُ الْمَقْذُوفِ أَنَّهُ زَنَى وَإِنْ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ زَنَى جَازَ لَهُ حَدُّهُ لِأَنَّ السَّتْرَ مَأْمُورٌ بِهِ

فَرْعٌ قَالَ إِذَا شَهِدَ عَلَيْهِ رَجُلٌ أَنَّهُ قَذَفَهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَآخَرُ أَنَّهُ قَذَفَهُ يَوْمَ الْجمع حُدَّ كَالطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ فَرْعٌ لِقَذْفِ الْجَمَاعَةِ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ أَوْ مَجَالِسَ حَدٌّ وَاحِدٌ إِنْ قَامَ بِهِ وَاحِدٌ سَقَطَ كُلُّ قَذْفٍ قَبْلَهُ وَقَالَ (ح) وَقَالَ الشَّافِعِي إِنْ قَذَفَهُمْ بِكَلِمَاتٍ مُتَفَرِّقَةٍ فَعَلَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ حَدٌّ وَقَالَهُ أَحْمَدُ أَوْ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَوْلَانِ عَن (ش) وَأَحْمَدَ وَبَنَاهَا الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى فَصَحَّ التَّدَاخُلُ وَبَنَاهَا الْآخَرُونَ عَلَى أَنَّهَا حَقٌّ لِآدَمِيٍّ فَصَحَّ التَّعَدُّدُ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَنَا قَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ حَقٌّ لله تَعَالَى أَمْ لَا وَقَدْ حَكَاهُ الْعَبْدِيُّ فِي نَظَائِرِهِ وَاللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ لَنَا أَنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ الْعَجْلَانِيَّ رَمَى امْرَأَتَهُ بِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ أَوْ تَلْتَعِنُ) فَلَمْ يَقُلْ حدان وَجلد عمر رَضِي الله تعال عَنْهُ الشُّهُودَ عَلَى الْمُغِيرَةِ بِالزِّنَا حَدًّا وَاحِدًا لِكُلِّ وَاحِدٍ مَعَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ قَذَفَ الْمُغِيرَةَ وَالْمُؤْتَى بِهَا وَجَلَدَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَذَفَةَ عَائِشَةَ ثَمَانِينَ ثَمَانِينَ مِنْهُمْ حَسَّانُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مَعَ أَنَّهُمْ قَذَفُوا عَائِشَةَ وَصَفْوَانَ بْنَ الْمُعَطَّلِ وَقِيَاسًا عَلَى الزِّنَا وَلِأَنَّهُ لَوْ قذف ألفا فَمَاتَ قَبْلَ إِقَامَةِ الْحُدُودِ وَقَدْ يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ كَمَا تَسْقُطُ سَائِرُ الْحُدُودِ فَتَتَدَاخَلُ مِثْلُهَا احْتَجُّوا بِأَنَّهُ قَذْفُ جَمَاعَةٍ فَلَا تَدَاخُلَ كَمَا لَوْ قَذَفَ زَوْجَاتِهِ الْأَرْبَعَ لَاعَنَ أَرْبَعَ لِعَانَاتٍ وَلِأَنَّهُ حَقُّ لِآدَمِيِّ فَلَا يُقَاسُ عَلَى الْحُدُودِ وَلِأَنَّهَا لَا تَسْقُطُ بِالرُّجُوعِ فَلَا تَتَدَاخَلُ كَالْإِقْرَارِ بِالْمَالِ

وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ أَيْمَانٌ وَالْأَيْمَانُ لَا تَتَدَاخَلُ بِخِلَافِ الْحُدُودِ وَعَنِ الثَّانِي بِأَنَّهُ لَا يَتَكَرَّرُ فِي الشَّخْصِ فَلَوْ غَلَبَ فِيهِ حَقُّ الْآدَمِيِّ لَتَكَرَّرَ فِيهِ كَتَكَرُّرِ الْإِتْلَافِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الْإِقْرَارَ لَا يَتَدَاخَلُ فِي الْمُتَبَايِنَاتِ وَلَوْ قَالَه لَهُ يَا لائط يَا زاني تَدَاخَلَ قَاعِدَةٌ مُقَابَلَةُ الْجَمْعِ بِالْجَمْعِ فِي اللُّغَةِ تَارَةً تَتَوَزَّعُ الْأَفْرَادُ عَلَى الْأَفْرَادِ نَحْوَ الدَّنَانِيرُ للْوَرَثَة وَتارَة يثبت (أحد الجمعين لكل فردج من الْجمع الآخر نحوالثمانون جَلْدَةً لِلْقَذَفَةِ وَتَارَةً يَثْبُتُ) الْجَمْعُ وَلَا يُحْكَمُ عَلَى الْأَفْرَادِ نَحْوَ الْحُدُودُ لِلْجِنَايَاتِ إِذَا قَصَدَ أَنَّ الْمَجْمُوعَ لِلْمَجْمُوعِ وَإِذَا اخْتَلَفَتْ أَحْوَالُ الْمُقَابَلَةِ بَطل كَونه حَقِيقَة فِي أَحدهمَا لَيْلًا يَلْزَمَ الِاشْتِرَاكُ أَوِ الْمَجَازُ وَبَطَلَ تَخَيُّلُ مَنِ اعْتَقَدَ أَنَّ قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ) يَقْتَضِي أَنَّ قَذْفَ الْجَمَاعَةِ لَهُ حَدٌّ وَاحِدٌ لِأَنَّهُ قَابَلَ الَّذِينَ وَهُوَ جَمْعٌ بِالْمُحْصَنَاتِ وَهُوَ جَمْعٌ فَيَحْصُلُ أَنَّ الْجَمِيعَ إِذَا رَمَى الْجَمِيعَ يجل ثَمَانُونَ فَقَطْ خَالَفْنَا ذَلِكَ فِي قَذْفِ الْجَمْعِ لِلْجَمْعِ وَالْوَاحِدُ يَبْقَى عَلَى مُقْتَضَاهُ فِي قَذْفِ الْوَاحِدِ لِلْجَمْعِ قَالَهُ الطَّرْطُوشِيُّ وَغَيْرُهُ فَيَمْنَعُ كَوْنُ ذَلِكَ مُقْتَضَاهُ نَظَائِرُ قَالَ الْعَبْدِيُّ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ وَالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فِي تِسْعِ مَسَائِلَ مَنْ قَذَفَ رَجُلًا فَعَلَيْهِ حَدٌّ أَوْ جَمَاعَةً فَحَدٌّ وَقِيلَ يَتَعَدَّدُ وَصَاعٌ فِي الْمُصَرَّاةِ الْوَاحِدَةِ وَالْجمع وَقيل يَتَعَدَّد والحالف بنحر وَلَده عَلَيْهِ هدي

وَكَذَلِكَ الْجَمْعُ وَقِيلَ يَتَعَدَّدُ الْهَدْيُ وَمُؤَخِّرُ قَضَاءِ رَمَضَانَ سَنَةً عَلَيْهِ كَفَارَّةٌ وَاحِدَةٌ وَكَذَلِكَ السُّنُونَ وَالْوَاطِئُ فِي رَمَضَانَ مَرَّةً أَوْ مِرَارًا سَوَاءٌ وَالْحَلِفُ إِذَا تَكَرَّرَ كَالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ كَفَارَّةٌ وَاحِدَةٌ وَالْمُتَطَيِّبُ فِي الْحَجِّ مَرَّةً عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ وَكَذَلِكَ الْمِرَارُ إِذَا اتَّحَدَ السَّبَبُ وَالْحَالِفُ بِصَدَقَةِ مَالِهِ مَرَّةً أَوْ مِرَارًا عَلَيْهِ الثُّلُثُ وَيُغْسَلُ الْإِنَاءُ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ وَكَذَلِكَ الْكِلَابُ سَبْعًا فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا حُدَّ لَهُ ثُمَّ قَذَفَهُ حُدَّ لَهُ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ إِذَا قَذَفَهُ مِرَارًا قبل الْحَد اجزأه حد انا بَينا أَنَّ الْحَدَّ السَّابِقَ لَمْ يَفِ بِكَفِّهِ عَنِ الْجِنَايَةِ بِخِلَافِ إِذَا لَمْ يَتَقَدَّمْ وَإِنْ ضُرِبَ أَسْوَاطًا فَقَذَفَ آخَرَ وَقَذْفَ الْأَوَّلَ ابْتُدِئَتْ ثَمَانُونَ مِنْ حِينِ الْقَذْفِ وَلَا يُعْتَدُّ بِمَا مَضَى قَالَ اللَّخْمِيُّ عَنْ مَالِكٍ إِنْ لَمْ يَمْضِ إِلَّا أَيْسَرَهُ أَجْزَأَهُ إِتْمَامُهُ لَهُمَا أَوْ بَقِيَ أَيْسَرُهُ نَحْوَ ثَلَاثَةٍ أَكْمَلَ هَذَا وَاسْتُؤْنِفَ الْآخَرُ وَقَالَ أَشْهَبُ الْعَشَرَةُ قَلِيلٌ وَإِنْ قَذَفَهُ فَحُدَّ لَهُ ثُمَّ قَذَفَهُ بِغَيْرِهِ حُدَّ لَهُ أَوْ بِهِ بِأَنْ يَقُولَ صَدُقَتْ عَلَيْكَ فَاخْتُلِفَ قَالَ مُحَمَّدٌ يُحَدُّ لَهُ وَقِيلَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِلَّا الْعُقُوبَةُ وَقَدْ كَانَ أَبُو بَكْرَةَ بَعْدَ الْجَلْدِ مُتَمَادِيًا عَلَى قَوْلِهِ وَقَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ إِذَا قَذَفَ وَهُوَ يُضْرَبُ يُسْتَأْنَفُ وَهُوَ عَلَى قَوْلِهِ يُحَدُّ لِلْجَمَاعَةِ حَدًّا وَاحِدًا وَعَلَى الْقَوْلِ بِالتَّعَدُّدِ يُتَمُّ الْأَوَّلُ وَيُسْتَأْنَفُ الثَّانِي وَفِي النَّوَادِرِ قَالَ الْمُغِيرَةُ إِنْ قَذَفَ جَمَاعَةً فَقَامُوا جَمِيعًا فحد وَاحِد أَو مفترقين حَدٌّ لِكُلِّ وَاحِدٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ قَذَفَهُمْ ثُمَّ شَرِبَ خَمْرًا فَحُدَّ فِيهِ أَجْزَأَهُ لِكُلِّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَذْفٍ وَشُرْبٍ لِأَنَّ الشُّرْبَ مِنْ حَدِّ الْقَذْفِ مُسْتَخْرَجٌ وَإِنْ قَالَ لِجَمَاعَةٍ أَحَدُكُمْ زَانٍ أَوْ يَا ابْنَ

الزَّانِيَةِ لَمْ يُحَدَّ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ الْمُرَادُ (فَإِنَّهُ قَامَ بِهِ جَمِيعُهُمْ فَقِيلَ لَا حَدَّ عَلَيْهِ لعدم التَّعْيِين فالنكاية فِي الْعرض ضَعِيفَة لعد التَّعْيِينِ) فَإِنْ قَامَ أَحَدُهُمْ وَادَّعَى أَنَّهُ أَرَادَهُ لَمْ يُقْبَلْ إِلَّا بِالْبَيَانِ فَإِنْ عُرِفَ مَنْ أَرَادَهُ لَمْ يَحُدُّهُ الْإِمَامُ إِلَّا بِقِيَامِ الْمَقْذُوفِ وَمن قذف من لَا يعرف لَاحَ حد عَلَيْهِ وَإِن قَالَ يَا زوج لزانية وَتَحْتَهُ امْرَأَتَانِ فَعَفَتْ إِحْدَاهُمَا وَقَامَتِ الْأُخْرَى حَلَفَ مَا أَرَادَ إِلَّا الَّذِي عقت فَإِنْ نَكَلَ حُدَّ وَفِي الْمُنْتَقَى عِنْدَ أَشْهَبَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ إِنْ ذَهَبَ الْيَسِيرُ تَمَادَى وَأَجْزَأَ لَهُمَا أَوِ النِّصْفُ وَمَا يَقْرُبُ مِنْهُ اسْتُؤْنِفَ لَهُمَا أَوْ بَقِيَ الْيَسِيرُ لَمْ يُسْتَأْنَفْ لِلثَّانِي وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ قِسْمَانِ إِنْ مَضَى مِنَ الْحَدِّ الْأَوَّلِ شَيْءٌ اسْتُؤْنِفَ مِنْ حِينِ الْقَذْفِ لِلثَّانِي وَلَا يُحْتَسَبُ بِالْمَاضِي وَإِنْ بَقِيَ الْيَسِيرُ تُمِّمَ الْأَوَّلُ وَاسْتُؤْنِفَ الثَّانِي فَرْعٌ فِي الْمُنْتَقَى مَنْ قَذَفَ مَجْهُولًا لَمْ يُحَدَّ لِعَدَمِ النِّكَايَةِ قَالَهُ مُحَمَّدٌ فَرْعٌ قَالَ مِنْ شُرُوطِ وُجُوبِهِ قِيَامُ الْوَلِيِّ وَلَوْ سَمِعَ الْإِمَامُ رَجُلًا يَقْذِفُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ تَعْرِيفُ الْمَقْذُوفِ فَإِنْ قَامَ بِهِ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ اللَّهِ وَإِلَّا فَلَا وَعَلَى هَذَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ (وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا) قَالَ الْعُلَمَاءُ لَيْسَ الْإِرْسَالُ حِرْصًا عَلَى الِاعْتِرَافِ لأَمره عَلَيْهِ السَّلَام وبالتستر بَلْ أَنَّهَا قُذِفَتْ فَيَكُونُ تَعْرِيفُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ مَذْهَبُ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّ قِيَامَ الْوَلِيِّ لَيْسَ شَرْطًا ويحده وَإِنْ كَانَ الْمَقْذُوفُ غَائِبًا لِأَنَّهُ حَقُّ لِلَّهِ

فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ لَا عَفْوَ فِي حَدِّ الْقَذْفِ إِذَا بَلَغَ الْإِمَامَ أَوْ صَاحِبَ الشَّرَطِ أَوِ الْحَرَسِ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ الْمَقْذُوفُ سَتْرًا وَيَجُوزُ الْعَفْوُ فِيهِ وَالشَّفَاعَةُ إِذَا بَلَغَ الْإِمَامَ وَإِنْ صَدَرَ مُوجَبُ التَّعْزِيرِ مِنْ عَفِيفٍ ذِي مُرُوءَةٍ وَهِيَ طَائِرَةٌ مِنْهُ تَجَافَى الْإِمَامُ عَنْهُ فَإِنْ عَفَا عَنِ الْقَاذِفِ قَبْلَ بُلُوغِ الْإِمَامِ وَلَمْ يُكْتَبْ بِذَلِكَ كِتَابًا فَلَا قِيَامَ لَهُ وَكَذَلِكَ النُّكُولُ وَيَجُوزُ الْعَفْوُ عَنِ الْقِصَاصِ مُطْلَقًا وَإِنْ عَفَا عَلَى أَنَّهُ مَتَى شَاءَ قَامَ وَكتب بذلك وَأشْهد لَهُ فَذَلِك وَلِوَرَثَتِهِ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ فِي الْعَفْوِ عَنِ الْقَاذِفِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ يَجُوزُ وَإِنْ بَلَغَ الْإِمَامَ وَيَمْتَنِعُ إِن لم يبلغ الإِمَام وَيمْنَع إِذَا بَلَغَ الْإِمَامَ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ سَتْرًا وَقِيلَ إِنْ أَرَادَ سَتْرًا لَا يَخْتَلِفُ فِي جَوَازِهِ وَعَلَى الْمَنْعِ مُطْلَقًا يَقُومُ بِهِ بَعْدَ الْعَفْوِ وَقَوْلُهُ طَائِرَةٌ أَيْ كَلِمَةٌ انْفَلَتَتْ مِنْهُ لَيْسَ بِعَادَةٍ وَيُجَافِي الْإِمَامُ بَعْدَهُ عَنْ عُقُوبَتِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (تَعَافَوُا الْحُدُودَ فِيمَا بَيْنَكُمْ فَمَا بَلَغَنِي مِنْ حَدٍّ فَقَدْ وَجَبَ) رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنَّمَا يَجُوزُ الْعَفْوُ إِذَا قَذَفَهُ فِي نَفْسِهِ أَمَّا أَحَدُ أَبَوَيْهِ وَقَدْ مَاتَ فَلَا عَفْوَ بَعْدَ بُلُوغِ الْإِمَامِ وَإِنْ أَرَادَ السَّتْرَ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَيَجُوزُ عَفْوُ الْوَلَدِ عَنِ الْأَبِ عِنْدَ الْإِمَامِ قَالَهُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ إِنْ قذفه فِي نَفسه وَكَذَلِكَ حَده لِأَبِيهِ بِخِلَاف حَده لِأُمِّهِ وَإِذَا قَالَ الشُّهُودُ قَذَفَكَ وَقَالَ لَمْ يَقْذِفْنِي رُدَّتِ الشَّهَادَةُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَذْفُ أَمَامَهُمْ وَادَّعَى ذَلِكَ ثُمَّ أَكْذَبَهُمْ بَعْدَ أَنْ شَهِدُوا عِنْدَ الْإِمَامِ أَوْ قَالَ مَا قَذَفَنِي فَإِنَّهُ حَدٌّ وَجَبَ وَإِذَا هَمَّ الْإِمَامُ بِضَرْبِهِ فَأَقَرَّ الْمَقْذُوفُ بِالزِّنَا

وَصَدَّقَهُ وَثَبَتَ عَلَى إِقْرَارِهِ حُدَّ لِلزِّنَا وَلَمْ يُحَدَّ الْآخَرُ لِلْقَذْفِ وَإِنْ رَجَعَ عَنْ إِقْرَارِهِ لَمْ يُحَدَّ وَحُدَّ الْقَاذِفُ قَالَهُ أَصْبَغُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ رَجَعَ عَنْ إِقْرَارِهِ بِفَوْرٍ يُدْرَأُ عَنْهُ الْحَدُّ وَعَنِ الْقَاذِفِ بِإِقْرَارِهِ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّهُ أَرَادَ إِسْقَاطَ الْحَدِّ قَالَ مَالِكٌ لَا يَجُوزُ أَخْذُ مَالٍ عَلَى إِسْقَاطِ الْحَدِّ فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يَسْقُطْ فِي النَّوَادِرِ وَمَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ أَرَادَ سَتْرًا أَنْ يَكُونَ ضُرِبَ الْحَدُّ قَدِيمًا فَيَخَافُ أَنْ يَظْهَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ الْآنَ فَأَمَّا إِنْ عَمِلَ شَيْئًا لَمْ يَعْلَمْهُ أَحَدٌ إِلَّا نَفْسَهُ حُرِّمَ عَفْوُهُ قَالَ أصْبع فَإِنْ قَالَ أَرَدْتُ سَتْرًا لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ ويكشف ذَلِك للْإِمَام فَإِنْ خَافَ أَنْ يَثْبُتَ عَلَيْهِ أَجَازَ عَفْوَهُ وَإِلَّا لم يجزه قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ أَرَادَ سَتْرًا أَنَّ مِثْلَهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ جَازَ عَفْوُهُ وَلَمْ يُكَلَّفْ أَنْ يَقُولَ أَرَدْتُ سَتْرًا لِأَنَّ قَوْلَ ذَلِكَ عَارٌ وَأَمَّا الْعَفِيفُ الْفَاضِلُ فَلَا يَجُوزُ عَفْوُهُ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ لِلْمَقْذُوفِ أَنْ يَكْتُبَ كِتَابًا بِقَذْفِهِ يَقُومُ بِهِ مَتَى شَاءَ وَكَرِهَهُ مَالِكٌ وَقَالَ مَا هُوَ مِنْ عَمَلِ النَّاسِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ مَعْنَى أَرَادَ سَتْرًا أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَعْفُ عَنْهُ أَثْبَتَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ حَدِّهِ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَا غَيره وقااله فِي الْمُنْتَقَى وَمَعْنَاهُ قَبْلَ بُلُوغِ الْإِمَامِ لِأَنَّ بَعْدَ بُلُوغِهِ يَتَعَيَّنُ إِيقَاعُهُ قَاعِدَةٌ الْحُقُوقُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ حَقٌّ لِلَّهِ صِرْفٌ كَالْإِيمَانِ وَلِلْعَبْدِ صِرْفٌ كالإيمان وَحَقٌّ مُخْتَلَفٌ فِيهِ هَلْ يُغَلَّبُ فِيهِ حَقُّ اللَّهِ أَوْ حَقُّ الْعَبْدِ كَالْقَذْفِ فَيُفْرَقُ فِي الثَّالِثِ إِنِ اتَّصَلَ بِالْإِمَامِ تَعَيَّنَ حَقُّ اللَّهِ لاتصاله بنائبه فِي أرضه وَحقّ الله

تَعَالَى أَمْرُهُ (وَنَهْيُهُ وَحُقُوقُ الْعَبْدِ مَصَالِحُهُ وَمَا مِنْ حَقٍّ لِلْعَبْدِ إِلَّا وَفِيهِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَهُوَ أَمْرُهُ) بِإِيصَالِ ذَلِكَ (لِمُسْتَحِقِّهِ لَكِنَّ الْمَعْنَى فِي أَنَّهُ غَلَبَ فِيهِ حَقُّ الْعَبْدِ أَن العَبْد مَتى أسْقطه حَقُّهُ سَقَطَ حَقُّ اللَّهِ بِإِيصَالِ ذَلِكَ) الْحَقِّ وَيَبْقَى مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى إِثْمُ الْمُخَالَفَةِ فِي الْغَصْبِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ إِذَا أَسْقَطَ الطَّلَبَ بِالْمَغْصُوبِ لَمْ يَأْمُرِ اللَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِإِيصَالِهِ لَكِنْ يُؤَاخَذُ عَلَى جَرِيمَةِ الْغَصْبِ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ أَوْ فِي الدُّنْيَا إِلَّا أَنْ يَعْفُوَ أَوْ يَتَرَجَّحَ كَوْنُ الْقَذْفِ حَقًّا للْعَبد بتوقفه على قايم طَالبه وَكَونه يُورث وَحُقُوق الله تعلى لَا يَدْخُلَانِ فِيهِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ لَا يَقُومُ بِالْحَدِّ إِلَّا الْمَقْذُوفُ فَإِنْ أَكْذَبَ الْمَقْذُوفُ الْبَيِّنَةَ رُدَّتِ الشَّهَادَةُ وَإِنْ قَالَتِ الْبَيِّنَةُ بَعْدَ وُجُوبِ الْحَدِّ شَهِدْنَا بِالزُّورِ سَقَطَ الْحَدُّ وَإِنْ قَذَفَ مَيِّتًا فَلِابْنِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ وَلِجَدِّهِ لِأَبِيهِ الْقِيَامُ وَإِنْ كَانَ ثَمَّ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ مِنْهُ لِأَنَّهُ عَيْبٌ يَلْزَمُهُمْ وَلَيْسَ لِلْعَصَبَةِ وَالْإِخْوَةِ مَعَ هَؤُلَاءِ قِيَامٌ إِلَّا عِنْدَ عَدَمِهِمْ وَلِلْجَدَّاتِ الْقِيَامُ بِالْحَدِّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَقْذُوفِ وَارِثٌ لَمْ يَقُمْ بِهِ أَجْنَبِيٌّ لِعَدَمِ تَعَلُّقِ الضَّرَرِ بِهِ وَأَمَّا الْغَائِب فَلَا يقوم ولد لَا غَيره بِقَذْفِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْتَقِلِ الْحَقُّ عَنْهُ وَإِنْ مَاتَ وَأَوْصَى بِالْقِيَامِ قَامَ الْوَصِيُّ فِي التَّنْبِيهَاتِ قَوْله لَا يقوم أحد للْغَائِب ظَاهره أنهلا يَتَعَرَّضُ لِلْقَاذِفِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُسْجَنُ حَتَّى يَقْدَمَ مَنْ لَهُ عَفْوٌ أَوْ قِيَامٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لَيْسَ لِلْإِخْوَةِ وَالْبَنَاتِ وَالْجَدَّاتِ قِيَامٌ بِقَذْفِ الْمَيِّتِ إِلَّا أَنْ يُوصِيَ بِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَقُومُ إِلَّا الْأَقْرَبُ

فَالْأَقْرَب وَكَذَلِكَ الْعَفو لِأَنَّهُ ميران الِابْنِ ثُمَّ ابْنِ الِابْنِ ثُمَّ الْأَخِ ثُمَّ الْجَدِّ ثُمَّ الْأُمِّ وَكَذَلِكَ الْقَرَابَاتُ مِنَ النِّسَاءِ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ وَلَا حَقَّ لِلزَّوْجَةِ وَلَا بِنْتِ الْبِنْت قَالَ ابْن الْقَاسِم وَلَا يُقَام للغئب وَإِن طالبت غيبته وَقيل لوَلَده القايم فِي الْغَيْبَةِ الْبَعِيدَةِ دُونَ الْقَرِيبَةِ وَيُكْتَبُ لِلْمَقْذُوفِ وَقَالَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَقُومُ لِلْغَائِبِ إِلَّا الْوَلَدُ فِي أَبِيهِ وَأُمِّهِ قَالَ وَلَوْ سَمِعَهُ السُّلْطَانُ مَعَ شَاهِدَيْنِ حَدَّهُ وَإِذَا رَفَعَهُ مَنْ سَمِعَهُ لِلْإِمَامِ سَمِعَ شَهَادَتَهُ فَإِذَا كَمُلَ النِّصَابُ حُدَّ الْقَاذِفُ فِي النَّوَادِرِ إِذَا قَامَ الْمَقْذُوفُ بَعْدَ طُولِ الزَّمَانِ حَلَفَ مَا سَكَتَ تَرْكًا وَإِنَّمَا يَكُونُ الْحَقُّ لِلْأَوْلِيَاءِ إِذَا مَاتَ الْمَقْذُوفُ قَبْلَ طُولِ الزَّمَانِ أَمَّا بَعْدَ طُولِهِ فَلَا لِأَنَّهُ لَيْسَ مَوْجُودًا حَتَّى يَحْلِفَ وَالطُّولُ ظَاهِرٌ فِي التَّرْكِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَهُمْ وَإِنْ طَالَ قَبْلَ مَوْتِهِ لِأَنَّهُ لَوْ عَفَا ثُمَّ قَامَ كَانَ ذَلِكَ لَهُ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ لَا يُحَدُّ الْقَاذِفُ حَتَّى يَبْلُغَ بِالِاحْتِلَامِ أَوْ بِسِنٍّ لَا يَبْلُغُهُ إِلَّا مُحْتَلِمٌ دُونَ الْإِنْبَاتِ وَمَنْ فِيهِ علقَة رق فحده حد العبيد ويؤاخذ المحار إِذَا تَابَ بِمَا قَذَفَهُ حَالَ حِرَابَتِهِ وَبِحُقُوقِ النَّاس فَإِن قَذَفَ حَرْبِيٌّ مُسْلِمًا ثُمَّ أَسْلَمَ أَوْ أُسِرَ لَمْ يُحَدَّ لِأَنَّ الْقِصَاصَ مَوْضُوعٌ عَنْهُ وَإِنْ قدم بِأَمَان فقذف مُسلما حد لِأَنَّهُ لَهُ عَقْدًا كَالذِّمِّيِّ 3 فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا ارْتَدَّ الْمَقْذُوفُ أَوْ قَذَفَ وَهُوَ مُرْتَدٌّ لَمْ يُحَدَّ وَلَوْ رَجَعَ إِلَى الْإِسْلَامِ كَالزِّنَا قَبْلَ الْحَدِّ وَبَعْدَ الْقَذْفِ فَإِنِ ارْتَدَّ الْقَاذِفُ أَوْ قَذَفَ وَهُوَ مُرْتَدٌّ حُدَّ أَقَامَ عَلَى رِدَّتِهِ أَوْ أَسْلَمَ لِأَنَّ الرِّدَّةَ لَا تَأْبَى أَخْذُ الْحُقُوقِ وَتَأْبَى أَنْ تَثْبُتَ لِصَاحِبِهَا

حُقُوقٌ لِكَوْنِهَا مُسْتَصْدِرُ الْحَيَاةِ وَالْحُقُوقُ إِنَّمَا هِيَ للحياة وَكَذَلِكَ لَا شُفْعَةَ لَهُ وَإِنْ قَذَفَ مُلَاعِنَةَ التَّعَنُّتِ بِوَلَدٍ أَوْ بِغَيْرِ وَلَدٍ حُدَّ لِأَنَّ وَلَدَ الْمُلَاعَنَةِ يَتَوَارَثُونَ فَإِنَّهُمْ أَشِقَّاءُ وَلَوْ رَجَعَ الْأَبُ ثَبَتَ النَّسَبُ وَإِنْ قَالَ لِوَلَدِهَا لَسْتَ لِأَبِيكَ اخْتِيَارًا لَمْ يُحَدَّ أَوْ مُشَاتَمَةً حُدَّ وَيُحَدُّ قَاذِفُ الْمَجْنُونِ لِأَنَّ عِرْضَهُ مَمْنُوعٌ كَمَالِهِ وَنَفْسِهِ فَرْعٌ قَالَ إِنْ خَاصَمَ فِي الْقَذْفِ وَمَاتَ قَبْلَ إِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ قَامَ الْوَارِثُ بِهِ قَاعِدَة الْوَارِث ينْتَقل إِلَيْهِ المَال بِالْإِرْثِ فينقل إِلَيْهِ كُلُّ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنَ الْخِيَارِ وَالشُّفْعَةِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَنَحْوِهِ وَلَا يَرِثُ النَّفْسَ وَالْعَقْلَ فَلَا تُنْقَلُ إِلَيْهِ الْإِمَامَةُ وَالْقَضَاءُ وَمَا فُوِّضَ إِلَيْهِ مِنْ خِيَارِ الْغَيْرِ وَلَا اللِّعَانُ وَلَا نِيَّةُ الْإِيلَاءِ وَلَا نَحْوُ ذَلِكَ لِأَنَّهَا أُمُورٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالنَّفْسِ وَالْعَقْلِ وَمُقْتَضَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَن لَا ينْتَقل الْقصاص وَالْقَذْف لَكِن ضررهما مُتَعَدٍّ للْوَارِث فانتقلا إِلَيْهِ لهَذَا السَّبَبِ فَهَذَا ضَابِطُ مَا يَنْتَقِلُ لِلْوَارِثِ وَمَا لَا يَنْتَقِلُ فَلَيْسَ كُلُّ حَقٍّ مَاتَ عَنْهُ ينْتَقل فرع فيا الْكِتَابِ حَدُّ الْقَذْفِ وَالْخَمْرِ عَلَى الْعَبْدِ أَرْبَعُونَ نِصْفُ حَدِّ الْحُرِّ وَحَدُّهُ فِي الزِّنَا خَمْسُونَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ من الْعَذَاب} قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ أُقِيمَ عَلَيْهِ حَدُّ الْعَبْدِ ثُمَّ عُلِمَ أَنَّهُ حُرٌّ حِينَئِذٍ كَمَا حد الْحر

فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا قَالَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ الشُّهُودُ عَبِيدٌ صُدِّقَ الشُّهُودُ فِي الْحُرِّيَّةِ لِأَنَّهَا الأَصْل وَكَذَلِكَ الْقَاذِف للمقذوف عَبْدٌ فَإِنِ ادَّعَى بَيِّنَةً قَرِيبَةً أُمْهِلَ وَإِلَّا جُلِدَ وَإِنْ أَتَى بِهَا بَعْدَ ذَلِكَ زَالَتْ عَنْهُ جُرْحَةُ الْحَدِّ وَلَا أَرْشَ لَهُ فِي الضَّرْبِ فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا ادَّعَى عَلَيْهِ وَأقَام شَاهدا أَنه قذفه أخلفه فَإِن نكل حسب أبدا حَتَّى يحلف اتّفق مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ أَنَّهُ يُحْبَسُ أَبَدًا قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَفِي النَّوَادِر فِي الْمُوازِية إِن طَالَ سَجْنُهُ خُلِّيَ قَالَ أَصْبَغُ وَيُؤَدَّبُ إِذَا خُلِّيَ إِنْ كَانَ يُعْرَفُ بِأَذَى النَّاسِ وَإِلَّا فَأَدَبُهُ حَبْسُهُ وَلَا يُؤَدَّبُ مُسْتَوْجِبُ الْأَدَبِ إِلَّا بَعْدَ الْإِيَاسِ مِنْ يَمِينِهِ وَتَوَقَّفَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي التَّأْدِيبِ فَرْعٌ فِي النَّوَادِرِ إِنْ أَقَامَ الْقَاذِفُ شَاهِدَيْنِ أَنَّ الْوَالِيَ ضَرَبَهُ فِي الْحَدِّ فِي الزِّنَا لَمْ يَسْقُطِ الْحَدُّ عَنْهُ وَحُدَّ الشَّاهِدَانِ مَعَهُ وَلَا تَنْفَعُهُ إِلَّا أَرْبَعَةٌ عَلَى رُؤْيَة الزِّنَا فرع قَالَ إِنْ قَالَ لِلْمَنْبُوذِ يَا وَلَدَ زِنًا أَوْ يَا ابْنَ الزَّانِيَةِ لَا يُحَدُّ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ نَسَبٌ يُنْفَى عَنْهُ وَلَا أُمُّهُ مَعْلُومَة فَيحد لَهَا لخلاف يَا زَان

فَرْعٌ قَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إِنْ قَذَفَ الْغَرِيبَ فَعَلَيْهِ إِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى نَسَبِهِ إِلَّا أَنْ يَطُولَ الزَّمَانُ وَيَنْتَشِرَ عِنْدَ النَّاسِ وَيُعْرَفَ بِهِ فَيَحُدُّ قَاذِفُهُ قَالَ مَالِكٌ وَالنَّاسُ عَلَى أَنْسَابِهِمْ لِأَنَّهُمْ حَازُوهَا وَعُرِفُوا بِهَا كَالْأَمْلَاكِ وَمَنِ ادَّعَى غَيْرَ ذَلِكَ كُلِّفَ الْبَيِّنَةَ وَإِلَّا حُدَّ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ إِنْ قَالَ يَا ابْنَ الزَّانِيَةِ لِلْغَرِيبِ الَّذِي لَا تُعْرَفُ أُمُّهُ وَهُوَ مُسْلِمٌ حُدَّ قَاذِفُهُ قَالَ وَقَدْ يَقْدَمُ الرَّجُلُ مِنْ خُرَاسَانَ وَيُقِيمُ السِّنِينَ فَيُحَدُّ قَاذِفُهُ وَلَا يُكَلَّفُ بَيِّنَةَ أَنَّ أُمَّهُ حُرَّةٌ مَسْلِمَةٌ فَرْعٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْمُعْتَقُ فِي الْوَصِيَّةِ الْمَأْمُونَةِ يُقْذَفُ قَبْلَ تَنْفِيذِهِ مِنَ الثُّلُثِ لَا حَدَّ لَهُ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْحَدِّ إِنْ أَمِنَ الْمَالَ وَيَرِثُ وَيُورَثُ وَالْأَمَةُ الْحَامِلُ مِنْ سَيِّدِهَا يَمُوتُ سَيِّدُهَا قَبْلَ الْوَضْعِ وَلَمْ تَكُنْ وَلَدَتْ مِنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ أَنَّهُ يُحَدُّ قَاذِفُهَا وَلَمْ يُرَاعِ أَنَّ الْحَمْلَ يَنْقُصُ فَرْعٌ قَالَ إِذَا أَخَذَ فِي الزِّنَا أَوِ الْفِرْيَةِ أَوِ الْخَمْرِ فَقَالَ أَنَا مَمْلُوكٌ إِنْ كَانَ مُحْصَنًا رُجِمَ فِي الزِّنَا وَجَعَلَ عَلَيْهِ حَدُّ الْمَمْلُوكِ فِي الْفِرْيَةِ وَالْخَمْرِ لِأَنَّهُ لَا يُتَّهَمُ فِي رِقِّ نَفْسِهِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ أَقَرَّ بِالرِّقِّ لِرَجُلٍ حَاضِرٍ أَوْ قَرِيبِ الْغَيْبَةِ سُئِلَ مَنْ أَقَرَّ لَهُ فَإِنِ ادَّعَاهُ لَمْ يُحَدَّ فِي الْجَلْدِ إِلَّا فِي حَدِّ الْعَبْدِ وَأَمَّا الزِّنَا وَالْقَطْعُ وَالْقَتْلُ فَلَا يَسْقُطُ إِلَّا بِالبَيِّنَةِ لِأَن الأَصْل الْحُرِّيَّة

فَرْعٌ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ قَالَ لعَبْدِهِ أَو أَجْنَبِي قل لفُلَان عَن فلَانا يَقُول لَك يَا ابْن الفاعلو فَفَعَلَ حُدَّ الْآمِرُ دُونَ الْمَأْمُورِ وَإِنْ قَالَ لَهُ اقْذِفْ فُلَانًا يَعْنِي الْعَبْدَ يُحَدُّ مَعَ السَّيِّد وَيحد الْحُرُّ دُونَ الْآمِرِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُنْحَكِمٍ لَهُ وَفِي الْوَاضِحَةِ يُحَدُّ السَّيِّدُ وَالْعَبْدُ أَمَرَهُ بِالْقَذْفِ أَوْ بِقَولِهِ لَهُ يَا ابْنَ الْفَاعِلَةِ وَإِنْ قَالَ لِأَجْنَبِيٍّ قُلْ لَهُ يَا ابْنَ الْفَاعِلَةِ حُدَّا مَعًا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَهُوَ أَحْسَنُ مَا فِيهِ وَفِيهِ خِلَافٌ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِنْ حَمَلَ لِرَجُلٍ كِتَابًا فِيهِ يَا ابْنَ الْفَاعِلَةِ فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ حُدَّ إِنْ عُلِمَ مَا فِيهِ لِأَنَّهُ تَعْرِيض فَرْعٌ قَالَ كَانَ مَالِكٌ إِذَا سُئِلَ عَنْ حَدٍّ أَسْرَعَ الْجَوَابَ وَسَاسَ بِهِ وَأَظْهَرَ السُّرُورَ بِإِقَامَةِ الْحَدِّ وَقِيلَ لَحَدٌّ يُقَامُ بِأَرْضٍ خَيْرٌ لَهَا من مظر أَرْبَعِينَ صَبَاحًا فَرْعٌ فِي الْمُقَدِّمَاتِ فِي ثُبُوتِ الْقَذْفِ بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ وَالشَّاهِدِ مَعَ الْيَمِينِ خِلَافٌ جَارٍ عَلَى الْخِلَافِ فِي شَهَادَتِهِنَّ فِي جِرَاحِ الْعَمْدِ وَفِي الْقِصَاصِ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ وَالِاتِّفَاقِ فِي اللَّفْظِ دُونَ الْمَوَاطِنِ جَازَتِ الشَّهَادَةُ اتِّفَاقًا وَاخْتلف اللَّفْظُ وَالْمَعْنَى وَاتَّفَقَ مَا يُوجِبُ الْحُكْمَ كَشَهَادَةِ أَحَدِهِمَا بِالْقَذْفِ وَالْآخَرِ

بِنَفْيِ النَّسَبِ رُدَّتْ عَلَى الشُّهُودِ أَوِ اخْتَلَفَ الْجَمِيع لم يَأْتُوا اتِّفَاقًا فرع قَالَ قَالَ مَالِكٌ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِهِ وَ (ح) إِنَّ شَهَادَةَ الْقَاذِفِ جَائِزَةٌ حَتَّى يُحَدَّ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ {ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أبدا} فرتبت عَدَمَ الْقَبُولِ عَلَى عَدَمِ الْإِتْيَانِ بِالشَّهَادَةِ وَإِذَا لَمْ يُحَدَّ فَهَلْ تَتَأَتَّى مِنْهُ إِقَامَةُ الشَّهَادَةِ وَقَالَ (ش) وَعبد الْملك لَا يقبل لِأَنَّهُ قَبْلَ الْحَدِّ شَرٌّ مِنْهُ بَعْدَهُ لِأَنَّ الْحَدَّ كَفَّارَةٌ لَهُ وَإِذَا تَابَ قُبِلَتْ عِنْدَ مَالِكٍ وَ (ش) وَمَنَعَهَا (ح) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَا تقبلُوا لَهُم شَهَادَة أبدا} وَالِاسْتِثْنَاء فِي قَوْله تَعَالَى {إِلَّا اللَّذين تَابُوا} يَعُودُ عَلَى التَّفْسِيقِ دُونَ قَبُولِ الشَّهَادَةِ وَهُوَ بَاطِلٌ لِأَنَّ سَبَبَ الرَّدِّ التَّفْسِيقُ إِذَا زَالَ قبلت

(الباب الثالث في التعزير)

(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي التَّعْزِيرِ) وَفِي الْجَوَاهِرِ وَالنَّظَرُ فِي مُوجِبِهِ وَجِنْسِهِ وَمُسْتَوْفِيهِ أَمَّا مُوجِبُهُ فَهُوَ مَعْصِيَةُ اللَّهِ تَعَالَى فِي حَقِّهِ أَوْ حَقِّ آدَمِيٍّ وَأَمَّا قَدْرُهُ فَلَا حَدَّ لَهُ فَلَا يُقَدَّرُ أَقَلُّهُ وَلَا أَكْثَرُهُ بَلْ بِحَسَبِ اجْتِهَادِ الإِمَام على قدر الْجِنَايَة وَيلْزم الِاقْتِصَار على دون الْحُدُود وَلَا لَهُ النِّهَايَةُ إِلَى حَدِّ الْقَتْلِ وَأَمَّا جِنْسُهُ فَلَا يَخْتَصُّ بِسَوْطٍ أَوْ حَدٍّ أَوْ حَبْسٍ أَوْ غَيْرِهِ بَلِ اجْتِهَادِ الْإِمَامِ وَكَانَ الْخُلَفَاءُ الْمُتَقَدِّمُونَ يُعَامِلُونَ بِقَدْرِ الْجَانِي وَالْجِنَايَةِ فَمِنْهُمْ مَنْ يُضْرَبُ وَمِنْهُمْ مَنْ يُحْبَسُ وَمِنْهُمْ مَنْ يُقَامُ عَلَى قَدَمَيْهِ فِي تِلْكَ الْمَحَافِلِ وَمِنْهُمْ مَنْ تُنْزَعُ عِمَامَتُهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يُحَلُّ إِزَارُهُ وَيُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ الْقَائِلِ وَالْمَقُولِ لَهُ وَالْمَقُولُ فَإِنْ كَانَ الْقَائِلُ مِمَّنْ لَا قَدْرَ لَهُ أَوْ عُرِفَ بِالْأَذَى وَالْمَقُولُ لَهُ مِنْ أهل فَعُقُوبَتُهُ أَشَدُّ أَوْ مِنْ أَهْلِ الْخَمْرِ فَعُقُوبَتُهُ أَخَفُّ إِلَّا أَنْ تُخَفَّ الْجِنَايَةُ جِدًّا فَلَا يُعَاقَبُ وَيُزْجَرُ بِالْقَوْلِ إِنْ كَانَ الْقَائِلُ مِمَّنْ لَهُ قدر مُعَرفا بِالْخَيْرِ وَالْمَقُولُ لَهُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ زُجِرَ بالْقَوْل قَالَ مَالك وَقد يَتَجَافَى السُّلْطَانُ عَنِ الْفَلْتَةِ مِنْ ذَوِي الْمُرُوءَةِ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ قَالَ يَا سَارِقُ نُكِّلَ أَوْ قَالَ سَرَقَ مَتَاعِي وَالْمَقُولُ فِيهِ يُتَّهَمُ فَلَا شَيْء عَلَيْهِ والأنكل وَإِنْ نَادَاهُ يَا شَارِبَ الْخَمْرِ وَنَحْوَهُ نُكِّلَ وَيَا برون أَوْ يَا حِمَارُ أَوْ بِمَا يُؤْذِيهِ نُكِّلَ

وَيَجُوزُ الْعَفْوُ وَالشَّفَاعَةُ فِي النَّكَالِ وَإِنْ بَلَغَ الْإِمَامَ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ صِرْفٍ قَالَ مَالِكٌ إِذَا انْتَهَى لِلْإِمَامِ وَالْجَانِي مِنْ أَهْلِ الْعَفَافِ وَالْمُرُوءَةِ وَوَقَعَ ذَلِكَ مِنْهُ فَلْتَةً تَجَافَى الْإِمَامُ عَنْهُ أَوْ مِنْ أَهْلِ الْأَذِيَّةِ فَلَا يُقِلُّهُ ولينكله قَالَ الْأُسْتَاذ أَبُو بكر وَظَاهر هَذَا الْإِطْلَاقَاتِ يَقْتَضِي أَنَّ التَّعْزِيرَ وَاجِبٌ إِذَا قَامَ بِهِ صَاحِبُهُ وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْ لَمْ يُعَزَّرْ وَلَمْ يَفْصِلْ أَصْحَابُنَا بَيْنَ حَقِّ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِ بَلْ أَطْلَقُوا عَدَمَ الْوُجُوبِ عِنْدَ عَدَمِ الْقِيَامِ وَيَنْبَغِي التَّفْصِيل فَرْعٌ قَالَ وَالْمُعْتَبَرُ فِي الدَّفْعِ الْقُرْآنُ وَالْعِلْمُ وَالْآدَابُ الْإِسْلَامِيَّةُ وَفِي الزُّنَاةِ الْجَهْلُ قَالَهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرٍ وَأَمَّا الْمُسْتَوْفِي لِلتَّعْزِيرِ فَهُوَ الْإِمَامُ وَالْأَبُ وَالسَّيِّدُ وَيُؤَدَّبُ الصَّغِيرُ دُونَ الْكَبِيرِ وَيُؤَدِّبُهُ مُعَلِّمُهُ وَصَاحِبُهُ وَيُعَزِّرُ السَّيِّدُ فِي حَقِّهِ وَحَقِّ الله تَعَالَى والزنج فِي النُّشُوز وخما يُشْبِهُهُ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِمَنْعِ حَقِّهِ لِأَنَّ التَّعْزِيرَ لَوْ جُعِلَ لِعَامَّةِ النَّاسِ لَأَدَّى لِتَوَاثُبِ السُّفَهَاءِ للأذية وَكَثْرَة الْهَرج والفتن وَالتَّعْزِير جَائِر بِشَرْطِ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ فَإِنْ سَرَى ضُمِنَتْ عَاقِلَتُهُ بِخِلَافِ الْحَدِّ لِأَنَّ التَّعْزِيرَ بِاجْتِهَادٍ وَالْحَدُّ مُقَدَّرٌ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِيهِ فَلَوْ لَمْ تَتْرُكِ الْمَرْأَةُ النُّشُوزَ إِلَّا بِضَرْبٍ مُخَوِّفٍ لَمْ يَجُزْ تَعْزِيرُهَا أَصْلًا تَنْبِيهٌ قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ مَتَى كَانَ الْجَانِي يَنْزَجِرُ بِالْكَلِمَةِ أَوْ بِالضَّرْبَةِ الْوَاحِدَةِ لَمْ تَجُزِ الزِّيَادَةُ لِأَنَّ الْأَذِيَّةَ مَفْسَدَةٌ يَقْتَصِرُ مِنْهَا عَلَى مَا يَدْرَأُ الْمَفَاسِدَ وَإِنْ

كَانَ لَا يَنْزَجِرُ بِالْعُقُوبَةِ اللَّائِقَةِ بِتِلْكَ الْجِنَايَةِ بَلْ بِالْمُخَوِّفَةِ حَرُمَ تَأْدِيبُهُ مُطْلَقًا أَمَّا اللَّائِقُ بِهِ فَإِنَّهُ لَا يُفِيدُ فَهُوَ مَفْسَدَةٌ بِغَيْرِ فَائِدَة وَأما الزِّيَادَة الْمهْلكَة فَإِن سَببهَا لم يُوجد والصغر وَالْكِبَارُ فِي تِلْكَ سَوَاءٌ فَرْعٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا بَلَغَ التَّعْزِيرُ قَدْرَ الْحَدِّ ضُرِبَ عُرْيَانًا تَنْبِيهٌ قَالَ (ح) لَا يُجَاوِزُ بِهِ أَقَلَّ الْحُدُودِ وَهُوَ أَرْبَعُونَ حَدُّ الْعَبْدِ بَلْ يُنْقَصُ مِنْهُ سَوْطٌ وَالتَّعْزِيرُ وَاجِبٌ لَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ تَرْكُهُ إِلَّا إِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنّه أَن غير الضّر بمصلحة مِنَ الْمَلَامَةِ وَالْكَلَامِ وَعِنْدَ (ش) قَوْلَانِ فِي الْمُجَاوَزَةِ بِهِ وَهُوَ عِنْدَهُ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَى الْإِمَامِ إِنْ شَاءَ أَقَامَهُ أَوْ تَرَكَهُ لَنَا فِي الْمَسْأَلَةِ قَضَاءُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ زَوَّرَ مَعْنُ بْنُ زَائِدَةَ كِتَابًا عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَنَقَشَ خَاتَمَهُ مِثْلَ نَقْشِ خَاتَمِهِ فَجَلَدَهُ مِائَةً فَشُفِّعَ فِيهِ فَقَالَ أذكرني الطَّعْنَ وَكُنْتُ نَاسِيًا فَجَلَدَهُ مِائَةً أُخْرَى ثُمَّ جَلَدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِائَةً أُخْرَى وَكَانَ رَجُلٌ يَأْتِي النَّاسَ فِي أَسْوَاقِهِمْ وَمَجَالِسِهِمْ فَيَقُولُ {وَالذَّارِيَاتِ ذَروا} وَيَقُول {والنازعات غرقا} مَا الذَّارِيَاتُ مَا النَّازِعَاتُ مَا الْفَارِقَاتُ مَا الْحَامِلَاتُ مَا الذَّارِيَاتُ وَكَانَ يُتَّهَمُ بِالْحَرُورِيَّةِ فَكَتَبَ أَبُو مُوسَى إِلَى عُمَرَ

رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِيهِ فَأَمَرَ بِإِقْدَامِهِ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ عَمَّ تَسْأَلُ تَسْأَلُ عَنِ الذَّارِيَاتِ وَالنَّازِعَاتِ فَضَرَبَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِجَرِيدِ النَّخْلِ حَتَّى أَدْمَى جَسَدَهُ كُلَّهُ ثُمَّ حَبَسَهُ حَتَّى كَادَ يَبْرَأُ فَضَرَبَهُ وَسَجَنَهُ فَعَلَ ذَلِك مِرَارًا فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنْ كُنْتَ بريد قَتْلِي فَأَوْجِزْ وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الدَّوَاءَ فَقَدْ بلغ الدَّوَاء مِنِّي فَأَطْلَقَهُ وَأَمَرَهُ أَنْ لَا يُجَالِسَ أَحَدًا إِلَى أَنْ كَتَبَ إِلَيْهِ أَبُو مُوسَى إِنَّهُ قَدْ حَسُنَ حَالُهُ فَأَمَرَ بِمُجَالَسَتِهِ وَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ فَكَانَ إِجْمَاعًا وَقَتَلَ رَجُلٌ عَبْدًا فِي زَمَانِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأمر بِهِ لجلد مِائَةَ جَلْدَةٍ وَقَالَ لَا تَقْبَلُوا لَهُ شَهَادَةً وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ الْحُدُودَ مُخْتَلِفَةً بِحَسَبِ الْجِنَايَات فالزنا أعظم جِنَايَة وقوبة مِنَ الْقَذْفِ (وَالسَّرِقَةُ أَعْظَمُ مِنْهُمَا) وَالْحِرَابَةُ أَعْظَمُ مِنَ الْكُلِّ فَوَجَبَ أَنْ تَخْتَلِفَ التَّعَازِيرُ وَتَكُونُ عَلَى قَدْرِ الْجِنَايَاتِ فِي الزَّجْرِ فَإِذَا زَادَتْ عَلَى مُوجِبِ الْحَدِّ زَادَ التَّعْزِيرُ احْتَجُّوا بِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ (لَا يُجْلَدُ فَوْقَ عَشْرِ جَلْدَاتٍ فِي غَيْرِ حَدٍّ مِنْ حُدُود الله تَعَالَى) وَاحْتَجَّ (ش) بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَمْ يُعَزِّرِ الْأَنْصَارِيَّ لَمَّا قَالَ لَهُ أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ يَعْنِي ابْنَ الزُّبَيْرِ الْحَدِيثَ وَلِأَنَّهُ غَيْرُ مُقَدَّرٍ فَلَا يَجِبُ كَضَرْبِ الْأَبِ وَالْمُعَلِّمِ وَالزَّوْجِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ خِلَافُ مَذْهَبِكُمْ لِأَنَّكُمْ تَزِيدُونَ عَلَى الْعَشْرِ أَوْ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى اتِّبَاعِ السَّلَفِ كَمَا قَالَ الْحَسَنُ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ أُمُورًا هِيَ فِي أَعْيُنِكُمْ أَدَقُّ من الشعيرة إِنْ كُنَّا لَنَعُدُّهَا مِنَ الْمُوبِقَاتِ فَكَانَ يَكْفِهِمْ قَلِيل التَّعْزِير

ثمَّ تتَابع النالس فِي الْمَعَاصِي حَتَّى زَوَّرُوا خَاتَمًا عَلَى خَاتَمِ عُمَرَ وَلِذَلِكَ قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ تَحْدُثُ لِلنَّاسِ أَقْضِيَةٌ عَلَى قَدْرِ مَا أَحْدَثُوا مِنَ الْفُجُورِ وَلَمْ يُرِدْ نَسْخَ حُكْمٍ بَلِ الْمُجْتَهِدُ فِيهِ يَسْتَقِلُّ فِيهِ بِالِاجْتِهَادِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ حَقُّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَلَهُ تَرْكُهُ أَوْ لِأَنَّ تِلْكَ الْكَلِمَاتِ كَانَتْ تَصْدُرُ وَلَمْ يَقْصِدْ بِهَا الِاهْتِضَامَ مِنْ جُفَاةِ الْأَعْرَابِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّهُ يُنْتَقَضُ بِرِيَاضَةِ الدَّابَّةِ إِذَا اسْتُؤْجِرَ عَلَيْهَا وَقَدْ يَجِبُ غَيْرُ الْمُقَدَّرِ كَنَفَقَاتِ الزَّوْجَاتِ وَالْأَقَارِبِ وَنَصِيبِ الْإِنْسَانِ فِي بَيْتِ الْمَالِ غَيْرِ الْمُقَدَّرِ وَهُوَ يَجِبُ فَرْعٌ فِي النَّوَادِرِ قَالَ مَالِكٌ إِنْ شَتمه جده أَو عَمه أَوْ خَالُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ تأديبا وَلم ير الْأَخ مثلهم قائدة التَّعْزِيرُ قِيلَ لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْإِهَانَةِ وَالْإِكْرَامِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ} وَقِيلَ بَلْ مَعْنَاهُ الْمَنْعُ فَتَعْزِيرُ الْجُنَاةِ مَنَعُهُمْ مِنَ الْعَوْدِ إِلَى الْجِنَايَاتِ وَتَعْزِيرُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْعُهُ مِنَ الْمَكَارِهِ

(الجناية الخامسة - الحرابة والنظر في صفة المحاربين وفي أحكامهم)

(الْجِنَايَةُ الْخَامِسَةُ - الْحِرَابَةُ وَالنَّظَرُ فِي صِفَةِ الْمُحَارِبِينَ وَفِي أحكامهم) 3 - (النّظر الأول) وَفِي الْجَوَاهِرِ الْمُشْتَهِرُ بِالسِّلَاحِ لِقَصْدِ السَّلْبِ مُحَارِبٌ كَانَ فِي مصر أَو فقر لَهُ شَوْكَةٌ أَمْ لَا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَلَا تَتَعَيَّنُ آلَةٌ مَخْصُوصَةٌ حَبْلٌ أَوْ حَجَرٌ أَوْ خَنْقٌ بِالْيَدِ أَوْ بِالْفَمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَهُوَ مُحَارِبٌ وَإِنْ لَمْ يَقْتُلْ وَكُلُّ مَنْ قَطَعَ الطَّرِيقَ وَأَخَافَ السَّبِيلَ فَهُوَ مُحَارِبٌ أَوْ حمل السِّلَاح بِغَيْر عدوة وَلَا فَائِدَة وَكَذَلِكَ قَتْلُ الْغِيلَةِ بِأَنْ يَخْدَعَ رَجُلًا أَوْ مَشَى حَتَّى يُدْخِلَهُ مَوْضِعًا فَيَأْخُذُ مَا مَعَهُ وَإِنْ دَخَلَ دَارًا بِاللَّيْلِ فَأَخَذَ مَالًا مُكَابَرَةً وَمَنَعَ الِاسْتِغَاثَةَ فَهُوَ مُحَارِبٌ وَالْخَنَّاقُ وَسَاقِي السُّمِّ لِأَخْذِ الْمَالِ مُحَارِبٌ وَكُلُّ مَنْ قَتَلَ أَحَدًا على مَا مَعَه فَهُوَ محَارب فَهَل ذَلِكَ بَحُرٍّ أَوْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا قَطَعَ أَهْلُ الذِّمَّةِ الطَّرِيقَ إِلَى مَدِينَتِهِمُ الَّتِي خَرَجُوا مِنْهَا فَهُمْ مُحَارِبُونَ وَإِن خَرجُوا تجارًا إِلَى أَرْضِ الْحَرْبِ فَقَطَعَ بَعْضُهُمُ الطَّرِيقَ عَلَى بَعْضٍ بِبَلَدِ الْحَرْبِ أَوْ قَطَعُوهَا عَلَى أَهْلِ ذِمَّةٍ دَخَلُوا إِلَى أَرْضِ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ فَهُمْ مُحَارِبُونَ وَمَنْ دَخَلَ عَلَيْكَ دَارَكَ لِيَأْخُذَ مَالَكَ فَهُوَ مُحَارِبٌ تَمْهِيدٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ أَخْذُ الْمَالِ حَرَامًا عَشَرَةُ أَضْرُبٍ حِرَابَةٌ إِنْ أَخَذَهُ بِمُكَابَرَةٍ وَمُدَافَعَةٍ وَغِيلَةٌ أَخَذَهُ بَعْدَ قَتْلِ صَاحِبِهِ بِحِيلَةٍ مُهْلِكَةٍ لِيَأْخُذَ مَالَهُ مِنْ إِلْقَائِهِ فِي مُهْوَاةٍ أَو نَحوه وغصب وَهُوَ أَخْذُ ذَوِي الْقُدْرَةِ وَالسُّلْطَانِ مِمَّنْ لَا قدرَة

لَهُ عَلَى دَفْعِهِ وَقَهْرِهِ وَهُوَ نَحْوُ الْغَصْبِ وخيانة أَخذه من الودائع وَنَحْوهَا وسرقة أَخْذُهُ مِنْ غَيْرِ أَمَانَةٍ عَلَى الْإِخْفَاءِ مَنْ حرزه اختلاسا وَهُوَ أَخْذُ السَّارِقِ وَأَهْلُهُ يَعْلَمُونَ وَخَدِيعَةٌ بِأَنْ يَأْخُذَهُ بِاخْتِيَارِكَ وَإِيهَامٍ وَتَعَدٍّ كَالْمُسْتَأْجِرِ يَتَجَاوَزُ الْمَسَافَةَ ولمقدار الْمُسْتَأْجِرِ عَلَيْهِ وَجَحَدَ فِي الدُّيُونِ وَنَحْوِهَا وَاسْمُ الْغَصْبِ يُطْلَقُ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ فِي اللُّغَةِ وَلكُل وَاحِد مِنْهَا حكم فِي الشَّرْع حلى حِيَالِهِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِنْ سَقَى السَّكْرَانَ إِنَّمَا يَكُونُ مُحَارَبَةً إِذَا كَانَ مَا سَقَاهُ يَمُوتُ مِنْهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي الْعُتْبِيَّةِ إِذَا لَقِيَهُ عِنْدَ الْعَتَمَةِ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ خَلْوَةٍ فنشر ثَوْبه ونزعه مِنْهُ لَا قطع لعيه إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُحَارِبًا لِأَنَّهُ مُخْتَلِسٌ وَلَا قَطْعَ عَلَى مُخْتَلِسٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ أَصْبَغُ إِذَا قَعَدَ اللُّصُوصُ بِقَوْمٍ فَعَلِمَ بِهِمِ الْإِمَامُ فَأَخَذَهُمْ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ بِهِمْ مَنْ قَعَدُوا لَهُ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ مِنْهُمْ تَلَصُّصٌ فَلَيْسُوا مُحَارِبِينَ فَإِنْ عَلِمُوا بِهِمْ فَامْتَنَعُوا مِنْ تِلْكَ الطَّرِيقِ خَوْفًا مِنْهُمْ فَهُمْ حِينَئِذٍ قُطَّاعُ الطَّرِيقِ يَجْرِي فِيهِمْ حُكْمُ الْمُحَارِبِينَ وَإِنْ أَخَذُوا الْمَالَ بِالْقُوَّةِ بِغَيْرِ سِلَاحٍ وَلَا يُخْشَى مِنْهُمْ قِتَالٌ أَوْ مَنَعُوهُمْ فَهُمْ غُصَّابٌ غَيْرُ مُحَارِبِينَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ تَقَدَّمَ مِنْهُمْ خَوْفٌ وَإِنْ أَخَذُوا بِالْقَهْرِ ثُمَّ قَتَلُوا خَوْفَ أَنْ يُطْلَبُوا لَيْسُوا بِمُحَارِبِينَ بَلْ مُغْتَالُونَ وَإِنْ سَأَلَهُ طَعَامًا فَأَبَى فَكَتَّفَهُ وَنَزَعَ مِنْهُ الطَّعَامَ وَثَوْبَهُ قَالَ مَالِكٌ مُحَارِبٌ وَهُوَ مِمَّنْ يُضْرَبُ وَيُنْفَى وَالْمُحَارِبُ فِي الْمَدِينَةِ مُحَارِبٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِصِدْقِ الِاسْمِ دُونَ عَبْدِ الْمَلِكِ فَإِنَّهَا إِنَّمَا يَكُونُ فِيهَا الْغَصْبُ وَكَذَلِكَ الْقَرْيَةُ إِلَّا أَنْ يَكُونُوا جَمَاعَةً يُرِيدُونَ الْقَرْيَةَ كُلَّهَا عِنَادًا وَإِعْلَانًا فَهُمْ مُحَارِبُونَ وَلَوْ عُلِمَ بِالسَّارِقِ بَعْدَ أَخْذِ الْمَالِ سِرًّا فَقَاتَلَ حَتَّى نجا بِهِ فَهُوَ سَارِق وَلَا قِتَالُهُ لِيَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنْ عُلِمَ بِهِ قبل أَخذه فقاتل حَتَّى نجا بِهِ فَهُوَ سَارِق وَلَا قِتَالُهُ لِيَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنْ عُلِمَ بِهِ قَبْلَ أَخْذِهِ فَقَاتَلَ حَتَّى أَخَذَهُ فَهُوَ مُحَارِبٌ عِنْدَ مَالِكٍ دُونَ عَبْدِ الْمَلِكِ

فَرْعٌ فِي النَّوَادِرِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ قَطَعَ الطَّرِيقَ لَا لِطَلَبِ مَالٍ وَلَا عَدَاوَة وَلَا نابده وَلَا بِدَيْنٍ قَالَ أَمْنَعُ هَؤُلَاءِ يَمْشُونَ إِلَى مَكَّةَ أَوِ الشَّامِ فَهُوَ مُحَارِبٌ لِأَنَّهُ قَطَعَ الطَّرِيق وأخاف السَّبِيل النَّظَرُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهِمْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا} فَجَعَلَ تَعَالَى الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ كَالْقَتْلِ فِي وُجُوبِ الْقَتْلِ وَبَيَّنَ الْفَسَادَ فَقَالَ {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْديهم وأرجلهم من خلاف أَو ينقوا من الأَرْض} فَمُحَارَبَةُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِخَافَةُ السَّبِيلِ وَهُوَ السَّعْيُ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا فَكُرِّرَتِ الْحِرَابَةُ بِلَفْظَيْنِ تَأْكِيدًا فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ مَالِكٌ جِهَادُهُمْ جِهَادٌ وَنُنَاشِدُ الْمُحَارِبَ اللَّهَ تَعَالَى ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَإِنْ عَاجَلَهُ قَاتَلَهُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يَدَعُهُ وليبادر إِلَى الْقِتَالِ قَالَ مَالِكٌ يَدْعُوهُ إِلَى التَّقْوَى فَإِنْ أَبَى قَاتَلَهُ وَإِنْ يَطْلُبْ مِثْلَ الطَّعَامِ وَمَا خَفَّ فَلْيُعْطُوهُ وَلَا يُقَاتِلُوهُ لِأَنَّهُ أَخَفُّ مَفْسَدَةً قَالَ سَحْنُونٌ

أَرَى أَنْ لَا يُعْطَوْا شَيْئًا وَإِنْ قَلَّ وَلَا يُدْعَوْا وَلْيُظْهِرْ لَهُمُ الصَّبْرَ وَالْجَلَدَ وَالْقِتَالَ بِالسَّيْفِ فَهُوَ أَقْطَعُ لِطَمَعِهِمْ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ مَنْ حَارَبَ مِنَ الذِّمَّةِ أَوِ الْمُسْلِمِينَ وَأَخَافُوا السَّبِيلَ وَلَمْ يَأْخُذُوا مَالًا وَلَمْ يَقْتُلُوا خُيِّرَ الْإِمَامُ بَيْنَ الْقَتْلِ وَالْقَطْعِ وَرُبَّ مُحَارِبٍ لَمْ يَقْتُلْ أَعْظَمُ فَسَادًا فِي حِرَابِهِ مِمَّنْ قَتَلَ فَإِذَا نَصَبَ وَعَلَا أَمْرُهُ وَأَخَافَ وَحَارَبَ وَلَمْ يَقْتُلْ وَأَخَذَ الْمَالَ أَوْ لَمْ يَأْخُذْ خُيِّرَ فِي قَتْلِهِ أَوْ قَطْعِ يَدِهِ وَرَجْلِهِ وَلَا يَجْتَمِعُ مَعَ الْقَتْلِ قَطْعٌ وَلَا ضَرْبٌ وَلَا يُضْرَبُ إِذَا قُطِعَتْ يَدُهُ وَرِجْلُهُ وَلَا يَسْتَوِي الْمُحَارِبُونَ مِنْهُمْ مَنْ يَخْرُجُ بِعَصًا فَيُؤْخَذُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ بِحَضْرَةِ الْخُرُوجِ وَلَمْ يُخِفِ السَّبِيلَ وَلَا أَخذ مَالا فَيَكْفِي الضَّرْب وَالنَّفْي والسحن فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي نُفِيَ إِلَيْهِ وَلَا يَجُوزُ الْعَفو عَنهُ لِأَنَّهُ حق الله تَعَالَى وَنَفَى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مُحَارِبًا مِنْ مِصْرَ إِلَى شَفَتَ وَيُنْفَى مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى فدك وخيبر ويسحن هُنَاكَ حَتَّى تُعْرَفَ تَوْبَتُهُ فَإِنْ قَتَلَ وَأَخَذَ الْمَالَ وَأَخَافَ السَّبِيلَ قُتِلَ وَلَا تُقْطَعُ يَدُهُ وَرجله والصلب مَعَ الْقَتْل فيصلب حَيا وَثمّ يُطْعَنُ بِالْحَرْبَةِ وَالْعَبْدُ مِثْلُ الْحُرِّ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُنْفَى لِحَقِّ سَيِّدِهِ فِي خِدْمَتِهِ وَفِي الْمُقدمَات معنى قَول مَال فِي التَّخْيِير إِنَّه يفعل مَا هُوَ أقرّ للصَّوَاب فذوا الرَّأْي يقْتله لِأَن الْقطع لَا يدْفع مضرته وَذُو الْقُوَّةِ فَقَطْ يَقْطَعُهُ مِنَ الْخِلَافِ لِأَنَّ ذَلِكَ يَنْفِي ضَرَرَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى هَذِهِ الْوُجُوهِ وَأُخِذَ عِنْدَ خُرُوجِهِ فَالضَّرْبُ وَالنَّفْيُ لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ بِهَوَاهُ وَمَتَى قَتَلَ فلابد من

قَتْلِهِ وَيَنْحَصِرُ التَّخْيِيرُ فِي قَتْلِهِ وَصَلْبِهِ وَقَطْعِهِ وَقَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ إِنْ نَصَبَ نَصْبًا شَدِيدًا أَوْ عَلَا أَمْرُهُ وَطَالَ زَمَانُهُ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُؤْخَذَ إِلَّا بِالْقَتْلِ وَخَالَفَنَا الْأَئِمَّة فَقَالُوا الْآيَة للتَّرْتِيب فَلَا يقْتله إا لَمْ يَقْتُلْ وَلَا يَقْطَعُهُ إِذَا لَمْ يَأْخُذِ الْمَالَ فَإِنْ قَتَلَ وَأَخَذَ الْمَالَ خَيَّرَهُ (ح) بَين الْقَتْل فق أَوْ مَعَ الْقَطْعِ (وَلَا يُصْلَبُ أَوْ يُجْمَعُ بَيْنَ الْقَتْلِ وَالصَّلْبِ وَقَالَ (ش) يَتَعَيَّنُ الْقَتْلُ وَالصَّلْبُ لِأَنَّهُ يَأْتِي عَلَى الْقَطْعِ) وَإِنْ لَمْ يَقْتُلْ وَلَا أَخَذَ الْمَالَ تَعَيَّنَ النَّفْيُ وَيُقَدِّرُونَ الشَّرْطَ مُكَرَّرًا فِي الْآيَةِ مَعْنَاهَا عِنْدَهُمْ أَنْ يُقَتَّلُوا إِنْ قَتَلُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ إِنْ أَخَذُوا الْمَالَ أَوْ يُنْفَوْا إِنْ لَمْ يَفْعَلُوا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ (ح) نَفْيُهُ حَبْسُهُ بِبَلَدِهِ حَتَّى تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ (ش) نَفْيُهُ أَنْ يَطْلُبَهُ الْإِمَامُ أَبَدًا وَهُوَ يَهْرُبُ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى مَوْضِعٍ لَنَا أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِضْمَارِ وَإِرَادَةُ الْحَقِيقَةِ وَهِيَ التَّخْيِيرُ الَّذِي هُوَ مُسَمًّى وَاحْتَجُّوا بِمَا فِي الصَّحِيحِ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ (لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ كُفْرٍ بَعْدَ إِيمَانٍ أَوْ زَنًا بَعْدَ إِحْصَانٍ أَوْ قَتْلُ نَفْسٍ) وَلَمْ تُوجَدْ فِي الْمُحَارِبِ فَلَا يُقْتَلُ وَلِأَنَّهُ سَبَبٌ وَاحِدٌ فَلَا تَتَعَلَّقُ بِهِ عُقُوبَتَانِ كَالْقَتْلِ وَالسَّرِقَةِ وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى شَرَطَ فِي الْآيَةِ مُحَارَبَةَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ مَعَ الْحِرَابَةِ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ فِي مَسْأَلَتِنَا وَلِأَنَّ عَادَةَ اللَّهِ تَعَالَى فِي التَّخْيِيرِ الْبِدَايَةُ بِالْأَخَفِّ كَمَا فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَفِي التَّرْتِيبِ بِالْأَشَدِّ نَحْوَ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَقَدْ بَدَأَ هَا هُنَا بِالْأَشَدِّ فَتَكُونُ لِلتَّرْتِيبِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ عِظَمَ الْعُقُوبَةِ يَتْبَعُ عِظَمَ الْجِنَايَةِ فَلَا يَتَرَتَّبُ الْقَتْلُ إِلَّا حَيْثُ الْقَتْلُ

وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ عَامٌّ وَالْآيَةُ خَاصَّةٌ فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّا لَمْ نُعَلِّقْ بِالسَّبَبِ الْوَاحِدِ عُقُوبَتَيْنِ بَلْ صِفَةُ كُلِّ مُحَارِبٍ إِلَى عُقُوبَةٍ وَاحِدَةٍ وَالْحِرَابَةُ مِنْ حَيْثُ هِيَ حِرَابَةٌ لَهَا عُقُوبَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ الضَّرْبُ وَالنَّفْيُ كَالزِّنَا وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ مُحَارَبَةَ اللَّهِ تَعَالَى مُحَالٌ فَيَتَعَيَّنُ صَرْفُهَا لِمَعْصِيَتِهِ بِالْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ وَيكون الْمَعْنى وَاحِدًا كَقَوْلِه تَعَالَى {إِنَّمَا أشكوا بثي وحزني إِلَى الله} والحزن البث وَعَبس وَبسر وَمَعْنَاهَا وَاحِدٌ وَهُوَ فِي اللُّغَةِ يَدُلُّ عَلَى اهْتِمَامِ الْمُتَكَلِّمِ بِهِ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ الْمُسْتَنَدَ فِي التَّرْتِيبِ أَنْ يُذْكَرَ بِصِيغَةِ إِنْ وَالتَّخْيِيرِ بِصِيغَةِ أَوْ لِكَوْنِهِ أَشَدَّ وَأَضْعَفَ وَقَدْ وُجِدَتْ أَوْ هَاهُنَا فَتَكُونُ لِلتَّخْيِيرِ وَإِنَّمَا بَدَأَ هَاهُنَا بِالْأَشَدِّ إِشَارَةً إِلَى عِظَمِ رُتْبَةِ الْحِرَابَةِ فِي الْجِنَايَاتِ قَاعِدَةٌ لِلتَّخْيِيرِ فِي الشَّرِيعَةِ أَرْبَعَةُ مَعَانٍ الْمُبَاحُ الْمُطْلَقُ كَالتَّخْيِيرِ بَيْنَ أَكْلِ الطَّيِّبَاتِ وَلُبْسِ الثِّيَابِ وَالْوَاجِبُ الْمُطْلَقُ كَتَصَرُّفَاتِ الْوُلَاةِ فَمَتَى قُلْنَا الْإِمَامُ مُخَيّر فِي صرب بَيْتِ الْمَالِ وَفِي أَسَارَى الْعَدُوِّ أَوِ التَّعْزِيرِ أَوِ الْمُحَارِبِينَ فَمَعْنَاهُ أَنَّ مَا يَتَعَيَّنُ سَبَبُهُ بِرُجْحَانِ مَصْلَحَتِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ وَحَرُمَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ فَهُوَ أَبَدًا يَنْتَقِلُ مِنْ وَاجِبٍ إِلَى وَاجِبٍ وَيُشْبِهُ أَنْ يُخَرَّجَ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ تَخْيِيرُ السَّاعِي بَيْنَ أَرْبَعِ حِقَاقٍ وَخَمْسِ بَنَاتِ لَبُونٍ وَلَا يَتَوَقَّفُ أَخْذُهُ لِأَحَدِهِمَا عَلَى رُجْحَانِ مَصْلَحَتِهِ لوُجُوب

السَّبَبِ الْوَاحِدِ الْمُقْتَضِي لَهُمَا وَهُوَ الْمِلْكُ الْحَاضِرُ مِنَ الْإِبِلِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَأْخُذَ إِلَّا الْأَرْجَحَ لِلْفُقَرَاءِ إِلَّا أَنَّ بَذْلَ النَّصِيحَةِ لِلْأُمَّةِ وَاجِبٌ عَلَى الْأَئِمَّةِ وَنُوَّابِهِمْ وَلَا يَأْخُذُ شَيْئًا دُونَ السِّنِّ الْوَاجِبِ مَعَ دَرَاهِمَ أَوْ عَرَضٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَرْجَحَ لِلْفُقَرَاءِ لِأَنَّ السَّبَبَ إِنَّمَا اقْتَضَى السِّنَّ الْمَتْرُوكَةَ وَالثَّالِثُ التَّخْيِيرُ بَيْنَ وَاجِبٍ مِنْ وَجْهٍ وَمُبَاحٍ مِنْ وَجْهٍ نَحْوَ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ خُيِّرَ بَيْنَهَا وَكُلُّ وَاحِدٍ وَاجِبٌ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ أَحَدُ الْخِصَالِ وَمُبَاحٌ مِنْ (وَجْهٍ نَحْوَ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ مِنْ) جِهَةِ خُصُوصِهِ وَقَدْ يَكُونُ خُصُوصُ الْعِتْقِ أَوِ الطَّعَامِ مَنْدُوبًا فَيَكُونُ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْوَاجِبِ وَالْمَنْدُوبِ لَا عَلَى مَعْنَى تَرْكِ الْوَاجِبِ بَلِ الْمُخَيَّرُ بَيْنَهَا وَاجِبَةٌ مِنْ جِهَةِ عُمُومِهَا لَا من جِهَة خصوصها بِخِلَاف تَخْيِير الْوُلَاة يعق أَبَدًا فِي وَاجِبٍ بِخُصُوصِهِ وَعُمُومِهِ (فِيمَا يُعِينُهُ سَبَبُهُ وَفِي الْقَسَمِ أَوِ الْمُبَاحِ بِخُصُوصِهِ وَعُمُومِهِ) الدائر بَينا لواجب وَالْمَكْرُوهِ كَتَخْيِيرِ الْمُسَافِرِ بَيْنَ الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ وَالْقَصْرُ وَاجِبٌ وَالْإِتْمَامُ مَكْرُوهٌ عَلَى الْمَشْهُورِ وَالتَّخْيِيرُ بَيْنَ الصَّوْمِ وَالْفِطْرِ تَخْيِيرٌ بَيْنَ شَهْرِ الْأَدَاءِ وَشَهْرِ الْقَضَاءِ فَالْوَاجِبُ أَحَدُ الشَّهْرَيْنِ فَهُوَ مِنْ بَابِ خِصَالِ الْكَفَّارَةِ وَكَذَلِكَ الْجُمُعَةُ فِي حَقِّ الْعَبْدِ وَالْمُسَافِرِ وَالْمَرْأَةِ وَإِنْ قُلْنَا الْقَصْرُ لَيْسَ مُسْتَحَبًّا (خُيِّرَ بَيْنَ الْوَاجِبِ الَّذِي هُوَ الْقَصْرُ وَالْمُبَاحِ الَّذِي فَهُوَ الْإِتْمَامُ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ خِصَالِ الْكَفَّارَةِ وَالْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ أَن الْقصر الَّذِي هُوَ الركعتان لابد مِنْهُمَا إِجْمَاعًا وَإِنَّمَا خُيِّرَ بَيْنَ أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهِمَا أَمْ لَا فَالْخُصُوصُ وَاجِبٌ فِي الرَّكْعَتَيْنِ وَلَيْسَ وَاجِبًا فِي خَصْلَةٍ مِنْ خِصَالِ

الْكَفَّارَةِ وَهَذِهِ قَاعِدَةٌ فِي التَّخْيِيرِ أَبَدًا بَيْنَ سَبَبَيْنِ أَحَدُهُمَا جُزْءُ الْآخَرِ كَتَخْيِيرِ اللَّهِ تَعَالَى رَسُوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي قِيَامِ اللَّيْلِ بَيْنَ ثُلُثِهِ وَنِصْفِهِ وَثُلُثَيْهِ فَالثُّلُث لابد مِنْهُ وَمَا زَادَ مَنْدُوبٌ وَالتَّخْيِيرُ وَاقِعٌ فِيهِ بَيْنَ وَاجِبٍ وَمَنْدُوبٍ وَبِهَذِهِ الْقَوَاعِدِ وَالتَّنْبِيهَاتِ يَظْهَرُ بُطْلَانُ مَنْ يَقُولُ التَّخْيِيرُ لَا يَقَعُ إِلَّا بَيْنَ مُتَسَاوِيَيْنِ وَأَنَّ التَّخْيِيرَ يَقْتَضِي التَّسَاوِيَ فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ النَّفْيُ عِنْدَ مَالِكٍ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ لِنَهْيِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ تُسَافِرَ الْمَرْأَةُ يَوْمًا وَلَيْلَةً إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ مِنْهَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ وَلَا نَفْيَ عَلَى النِّسَاءِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الزِّنَا وَيُكْتَبُ لِلْوَالِي بِحَبْسِهِ بِذَلِكَ الْمَوْضِعِ حَتَّى يَتُوبَ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ بِخِلَافِ الزِّنَا وَنَفَقَتُهُمَا فِي حَمْلِهِمَا مِنْ أَمْوَالِهِمَا وَقَاتِلُ النَّفْسِ يُحْبَسُ فِي مَوْضِعِهِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ قَالَ ابْنا لقاسم يصلب حَيا وَيقتل فِي الْخَشَبَة فيسيل دَمه مربوطا عَلَيْهَا من قَوْلهم تمر مصلب إِذا كَانَ شَعْرُهُ سَائِلًا وَقَالَ أَشْهَبُ يُقْتَلُ قَبْلَ الصَّلْبِ ثُمَّ يُصْلَبُ فَالتَّخْيِيرُ وَاقِعٌ فِي صِفَةِ قَتْلِهِ لَا بَيْنَ قَتْلِهِ وَصَلْبِهِ فَعَلَى رَأْيِ أَشْهَبَ يُصَلَّى عَلَيْهِ قَبْلَ الصَّلْبِ وَيُخْتَلَفُ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لِيُتْرَكَ عَلَى الْخَشَبَةِ حَتَّى تَأْكُلَهُ الْكِلَابُ وَلَا يُمَكَّنُ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَعَنْهُ يُصَلَّى خَلْفَ الْخَشَبَةِ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ مَصْلُوبًا وَقَالَ سَحْنُونٌ يُنْزَلُ مَنْ عَلَيْهَا وَيُصَلَّى عَلَيْهِ لِأَنَّهَا سُنَّةُ الصَّلَاةِ وَفِي إِعَادَتِهِ لَهَا لِيَرْتَدِعَ الْمُفْسِدُونَ قَوْلَانِ وَقَالَ (ح) يُتْرَكُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَيُنْزَلُ جَمْعًا بَيْنَ الْمَصَالِحِ وَقَدْ تَوَفَّى مَعْنَى النَّصِّ وَالزِّيَادَةُ مُثْلَةً مَنْهِيٌّ عَنْهَا وَالْقَطْعُ فِي الْيَدِ الْيُمْنَى وَالرجل

الْيُسْرَى فَإِن عَاد قطعت يَده الْيُسْرَى ورحله الْيُمْنَى (فَإِنْ كَانَ أَشَلَّ الْيُمْنَى وَالرِّجْلِ الْيُسْرَى أَوْ مَقْطُوعَهُمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تُقْطَعُ يَدُهُ الْيُسْرَى وَرِجْلُهُ الْيُمْنَى) حَتَّى يَكُونَ الْقَطْعُ مِنْ خِلَافٍ وَقَالَ أَشْهَبُ تُقْطَعُ يَدُهُ الْيُسْرَى وَرِجْلُهُ الْيُسْرَى لِأَنَّهَا الْمُسْتَحِقَّةِ لِلْحِرَابَةِ وَفِي النَّفْيِ ثَلَاثَةُ أَقْوَال فَعَن مَالك السحن وَقَالَهُ سُفْيَانُ وَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ يُنْفَى إِلَى بَلَدٍ أَقَلُّهُ مَسَافَةُ الْقَصْرِ فَيُسْجَنُ حَتَّى تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَطْلُبُهُمُ الْإِمَامُ لِإِقَامَةِ الْحَدِّ فَهُرُوبُهُمْ مِنْهُ هُوَ النَّفْيُ وَإِنْ قُدِرَ عَلَيْهِ لَا يُنْفَى فِي النَّوَادِرِ مَتَى قُتِلَ قُتِلَ بِالسَّيْفِ مِنْ غَيْرِ صَلْبٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ يَسْقُطُ عَنِ الْمَرْأَةِ النَّفْيُ وَالصَّلْبُ وَعَلَى قَول مَالك إِن النَّفْي الْحَبْس بِالْبَلَدِ نفي وَعَلَى الْمَشْهُورِ لَا تُنْفَى قَالَ وَأَرَى إِنْ وَجَدَتْ وَلِيًّا أَوْ جَمَاعَةً مَرْضِيِّينَ وَقَالَتْ أَخْرُجُ إِلَى بَلَدٍ آخَرَ فَأُسْجَنُ فِيهِ أَنَّ لَهَا ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَهْوَنُ عَلَيْهَا مِنَ الْقَطْعِ وَالْقَتْلِ وَحَدُّ الْعَبْدِ ثَلَاثَةٌ الْقَطْعُ مِنْ خِلَافٍ وَالْقَتْلُ بِانْفِرَادِهِ والصلب وَالْقَتْل وَيخْتَلف فينفيه كَمَا فِي الْمَرْأَةِ قَالَ وَأَرَى إِنْ قَالَ سَيّده أرْضى بنفيه وَلَا يقطع أَنِّي يُسَوَّى بِالْحُرِّ وَالْحَدُّ أَرْبَعَةٌ الْقَطْعُ وَالْقَتْلُ بِانْفِرَادِهِ أَوِ الْقَتْلُ وَالصَّلْبُ أَوِ النَّفْيُ وَهُوَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ قَالَ وَأَمَّا الصَّبِيُّ لَمْ يَحْتَلِمْ وَلَمْ يُنْبِتْ فَيُعَاقَبُ وَلَا يُحَدُّ فَإِنْ أَنْبَتَ الْإِنْبَاتُ الْبَيِّنُ فَخِلَافٌ فِي حَدِّهِ وَالْمَجْنُونُ يُعَاقَبُ لِلِاسْتِصْلَاحِ كَمَا تُؤَدَّبُ الْبَهِيمَةُ لِلرِّيَاضَةِ وَإِنْ خَفَّ جُنُونُهُ حُدَّ وَإِنْ حَارَبَ وَقْتَ إِفَاقَته ثمَّ حن أُخِّرَ حَتَّى يُفِيقَ كَالسَّكْرَانِ لِسَكْبِهِ الْعُقُوبَةَ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْعُقُوبَاتِ الْأَرْبَعِ هَلْ هِيَ عَلَى التَّخْيِيرِ فِي الْمُحَارِبِ الْوَاحِدِ أَوْ كُلُّ مُحَارِبٍ تَتَعَيَّنُ لَهُ عُقُوبَةٌ

وَيَجْتَهِدُ الْإِمَامُ فِي ذَلِكَ إِذَا عَظُمَ فَسَادُهُ وَأَخَذَ الْمَالَ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ أَخَذَ بِالْحَضْرَةِ وَلَمْ يَأْخُذْ مَالًا يُخَيِّرُ فِيهِ بَيْنَ الْقَتْلِ وَالْقَطْعِ وَالنَّفْيِ وَكَذَلِكَ إِذَا عَظُمَ أَمْرُهُ وَأَخَذَ الْمَالَ فَإِنْ قَتَلَ تَعَيَّنَ الْقَتْلُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {النَّفس بِالنَّفسِ} وَخُيَّرَ أَبُو مُصْعَبٍ فِيهِ وَإِنْ قَتَلَ لِظَاهِرِ الْآيَةِ وَيُقْتَلُ الْمُحَارِبُ بِالسَّيْفِ أَوِ الرُّمْحِ بِغَيْرِ تَعْذِيبٍ وَلَا يُرْمَى بِشَيْءٍ مِنْ عَالٍ وَلَا حِجَارَةٍ وَإِنْ رَأَى صَلْبَهُ صَلَبَهُ قَائِمًا لَا منكوسا وَتطلق يدا وَإِنْ لَمْ تُطْلَقْ فَلَا بَأْسَ قَالَ وَظَاهِرُ الْقُرْآنِ أَنَّ الصَّلْبَ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ ذَلِكَ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ مُضَافٌ لِلْقَتْلِ وَلَيْسَ يُصْلَبُ وَلَا يُقْتَلُ فَلَوْ حَبَسَهُ الْإِمَامُ لِيَصْلِبَهُ فَمَاتَ لَمْ يَصْلِبْهُ وَلَوْ قَتَلَهُ أَحَدٌ فِي الْحَبْسِ فَلَهُ صَلْبُهُ لِأَنَّهُ بَقِيَّةُ حَدِّهِ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِذَا صُلِبَ وَقُتِلَ أُنْزِلَ مِنْ سَاعَتِهِ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ وَدُفِنِ وَإِنْ رَأَى الْإِمَامُ إِعَادَتَهُ بَعْدَ الصَّلَاةِ لِلْخَشَبَةِ لِمَزِيدِ فَسَادِهِ أَعَادَهُ وَإِنْ كَانَ أَقْطَعَ الرِّجْلِ الْيُسْرَى قُطِعَ الْيَدُ الْيُمْنَى وَالرِّجْلُ الْيُمْنَى قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِلَّا يَدٌ أَوْ رِجْلٌ أَوْ يَدَانِ قُطِعَتِ الْيُمْنَى وَحْدَهَا وَعَلَى هَذَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِلَّا رِجْلَانِ قُطِعَتِ الْيُسْرَى وَحْدَهَا وَالضَّرْبُ مَعَ النَّفْيِ اسْتِحْسَانٌ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ عَلَى النَّصِّ وَلَيْسَ لَهُ حَدٌّ بَلْ بِحَسَبِ الْحَالِ وَلَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ فِي السِّجْنِ بِمُجَرَّدِ الظَّاهِرِ لِأَنَّهُ كالمكره بالسحن بَلْ تَعْتَمِدُ عَلَى الْقَرَائِنِ فَإِنْ عُلِمَتْ تَوْبَتُهُ قبل طُولَ السِّجْنِ حَدٌّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالنَّفْيُ عِنْدَنَا إِلَى أَسْوَانَ قَالَ وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ فِي السحن فَلَا يَدْخُلُ إِلَيْهِ إِلَّا وَقْتَ طَعَامِهِ قَالَ وَأَرَى إِنْ عُوقِبَ بِالنَّفْيِ ثُمَّ عَادَ حُدَّ بِالْقَطْعِ أَوِ الْقَتْلِ لِأَنَّ النَّفْيَ لَمْ يَزْجُرْهُ وَإِنْ عَادَ بَعْدَ الْقَطْعِ إِلَى الْأَمْرِ الْخَفِيفِ ورجي فِي نَفْيه صَلَاحه نفذ ذَلِك أَو

مُتَمَادِيًا عَلَى حِرَابَتِهِ فَالْقَطْعُ أَوِ الْقَتْلُ وَإِنْ قُطِعَ فِي الثَّالِثَةِ قَتَلَهُ فِي الثَّالِثَةِ أَوْ أَبْقَاهُ إِنْ ضَعُفَ شَرُّهُ وَمَتَى رُجِيَ صَلَاحُهُ بِغَيْر الْقَتْل لميقتل فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ قَلِيلُ الْمَالِ دُونَ رُبْعِ دِينَارٍ مِثْلُ كَثِيرِهِ فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ عَلَى مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ فَرْعٌ قَالَ إِنْ تَابَ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ سَقَطَ الْحَدُّ دُونَ حَقِّ الْآدَمِيِّ فِي نَفْسٍ أَوْ جُرْحٍ أَوْ مَالٍ وَلِلْأَوْلِيَاءِ الْعَفْوُ أَوِ الْقَتْلُ فِيمَنْ قَتَلَ وَكَذَلِكَ الْجِرَاحُ فَإِنْ كَانُوا جَمَاعَةً (قَتَلُوا رَجُلًا وَلِيَ أَحَدُهُمْ قَتْلَهُ وَأَعَانَهُ الْبَاقُونَ) قُتِلُوا كُلُّهُمْ وَإِنْ تَابُوا قَبْلَ أَنْ يُؤْخَذُوا فَلِلْوَلِيِّ مَا تَقَدَّمَ من الْعَفو وَالْقصاص وَيَأْخُذ الدِّيَة مَتى شَاءَ وَقَدْ قَتَلَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَبِيئَةً كَانَ نَاطُورًا لِلْبَاقِينَ فَإِنْ وَلِيَ أَخْذَ الْمَالِ وَالْبَاقُونَ لَهُ قُوَّةٌ وَاقْتَسَمُوهُ وَتَابَ بَعْضُ مَنْ لَمْ يَلِ أَخْذَ الْمَالِ ضَمِنَ جَمِيعَ الْمَالِ وَإِنْ تَابُوا مُعْدَمِينَ فَهُوَ دَيْنٌ عَلَيْهِمْ وَإِنْ أُخِذُوا قَبْلَ التَّوْبَةِ وَحُدُّوا أُخِذَتْ أَمْوَالُ النَّاسِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ لَمْ يُتْبَعُوا كَالسَّرِقَةِ وَيَمْتَنِعُ عَفْوُ الْأَوْلِيَاءِ فِي الدِّمَاءِ وَالْأَمْوَالِ وَعَفْوُ الْإِمَامِ إِذَا أُخِذُوا قبل التَّوْبَة وتحرما لشفاعة لِأَنَّهُ حَدٌّ بَلَغَ الْإِمَامَ وَإِنْ تَابُوا قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ وَقَدْ قَتَلُوا ذِمِّيًّا فَعَلَيْهِمْ دِيَتُهُ لِأَوْلِيَائِهِ لِأَنَّهُ لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِذِمِّيٍّ وَإِنْ كَانَ ذِمِّيًّا أُقِيدَ مِنْهُ وَتُعْرَفُ تَوْبَةُ الْمُحَارِبِ الذِّمِّيِّ بِتَرْكِ مَا كَانَ فِيهِ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ نِسَاءٌ فَهُنَّ كَالرِّجَالِ وَلَا يَكُونُ

الصَّبِيُّ مُحَارِبًا حَتَّى يَحْتَلِمَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَوْلُهُ أُخِذَتْ أَمْوَالُ النَّاسِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ يُرِيدُ إِن كانيسرهم مُتَّصِلًا مِنْ يَوْمِ أَخْذِ الْمَالِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ قَالَ لَمْ يُتْبَعُوا بِشَيْءٍ كَالسَّرِقَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ يَسْقُطُ الْحَدُّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} وَالْأَحْسَن عِنْدَمَا لَك فِي تَوْبَة الْمُحَارب أنيأتي السُّلْطَانَ وَتَصِحُّ عِنْدَ جِيرَانِهِ بِاخْتِلَافِهِ لِلْمَسْجِدِ حَتَّى تُعْرَفَ تَوْبَتُهُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يَكُونُ اتيانه للسلطات تَائِبًا تَوْبَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مِنْ قَبْلِ أَنْ تقدروا عَلَيْهِم} فَإِنِ امْتَنَعَ بِنَفْسِهِ حَتَّى أُعْطِيَ الْأَمَانَ فَقِيلَ يَنْفَعُهُ كَالْكَافِرِ وَقِيلَ لَا يَنْفَعُهُ كَالْمُرْتَدِّ وَلَا بُدَّ مِنْ حَقِّ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا يَكُونُ الْأَمَانُ تَوْبَةً وَإِنْ سَأَلَهُ لِأَنَّ تَأْمِينَ الْكَافِرِ لَيْسَ إِسْلَامًا فَإِنْ قَالَ الْوَالِي لِأَحَدِهِمْ لَكَ الْأَمَانُ عَلَى أَنْ تُخْبِرَنِي مَا صَنَعْتُمْ وَمَنْ كَانَ مَعَكُمْ لَا يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ قَالَهُ أَصْبَغُ قَالَ وَأَرَى أَنْ يَلْزَمَهُ إِقْرَارُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُكْرَهًا وَإِذَا تَابَ وَهُوَ عَبْدٌ وَعَفَا الْأَوْلِيَاء فَهِيَ جِنَايَة فِي رقتبه وَإِنْ خَرَجَ الْمُحَارِبُ لَمْ يُقْتَصَّ مِنْهُ وَإِنَّمَا هُوَ قَطْعٌ أَوْ قَتْلٌ وَكَذَلِكَ إِنْ قَتَلَ لَيْسَ لِلْوَلِيِّ عَفْوٌ وَلَا قَوَدٌ بَلِ الْإِمَامُ يُقِيمُ الْحَدَّ وَإِنْ رَأَى الْإِمَامُ أَنْ لَا يقتلهُمْ وَمكن أَوْلِيَاء الْمَقْتُول مِنْهُم فعفوا بعض ذَلِكَ وَاقْتَصَّ مِنْهُمْ وَهَذَا إِذَا قَتَلُوا حِرَابَةً وَأَمَّا غِيلَةً فَيُنَفَّذُ الْعَفْوُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى مَالٍ وَغَيْرِ مَالٍ وَلَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ لِأَنَّهُ مَوْطِنُ خِلَافٍ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ ذَلِكَ فِي قَتْلِ الْحِرَابَةِ وَلَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ وَعَنْ أَشْهَبَ لَا يُقْتَلُ فِي الْجَمَاعَةِ إِلَّا الْقَاتِلُ أَوْ مُعِينٌ أَوْ مُمْسِكٌ أَمْسَكَهُ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يُرِيدُ قَتْلَهُ وَغَيْرُهُمْ يُضْرَبُ عَلَيْهِ وَيُحْبَسُ سَنَةً وَقَوْلُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ لَقَتَلْتُهُمْ كَانَ فِي الْغِيلَةِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ كَانُوا لَا يَعْدُونَ عَلَى الْمَالِ إِلَّا بِالْكَثْرَةِ ضَمِنَ بِكُلِّ وَاحِدٍ الْجَمِيعَ أَوْ

يَقْوَى عَلَيْهِ الْوَاحِدُ وَالِاثْنَانِ فَحِصَّةُ كُلُّ وَاحِدٍ فَقَطْ وَإِنَّمَا فُرِّقَ بَيْنَ قَتْلِ الْقُدْرَةِ وَبَعْدَهَا لِأَنَّ قَبْلَهَا قَبُولُ التَّوْبَةِ مِنْهُ تَرْغِيبٌ لَهُ وَحَسْمٌ لِفَسَادِهِ وَبَعْدَهَا هُوَ عَاجِزٌ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ حَقُّ اللَّهِ وَزَجْرًا لِأَمْثَالِهِ وَعِنْدَنَا حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى لَا تسْقط بِالتَّوْبَةِ كالسرقة وَالْخمر الزِّنَا وَقَالَهُ (ح) وَعِنْدَ (ش) قَوْلَانِ وَاشْتُرِطَ فِي السُّقُوطِ مُضِيُّ مُدَّةٍ تَظْهَرُ فِيهَا التَّوْبَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ قَدَّرَهَا بِسَنَةٍ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بَلْ مُدَّةٌ لَوْ لَمْ يَكُنْ تَائِبًا فِيهَا لَبَاشَرَ الْمَعْصِيَةَ وَحَصَلَ الِاتِّفَاقُ فِي الْحِرَابَةِ قَبْلَ الْقُدْرَةِ لَنَا النُّصُوصُ الْمُقْتَضِيَةُ لِلْحُدُودِ وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي مَاعِزٍ (إِنَّهُ تَابَ وَرُجِمَ) وَلَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِ السَّلَام على ر جمه شَيْئًا وَقَالَ فِي الْغَامِدِيَّةِ (تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ تَابَهَا صَاحِبُ مَكْسٍ لَغُفِرَ لَهُ) وَرَجَمَهَا عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَقُولُ لَوْ سَقَطَ لَسَقَطَ بِالتَّوْبَةِ فِي الْحَالِ كَالْمَقْذُوفِ وَالْمُحَارِبِ لَكِنَّ الْمُدَّةَ مُعْتَبَرَةٌ فَلَا تَكُونُ مُسْتَقْبَلَةً وَقِيَاسًا عَلَى الْقَذْفِ وَاحْتَجُّوا بِالْقِيَاسِ عَلَى الْحِرَابَةِ قَبْلَ الْقُدْرَةِ وَعَلَى الرِّدَّةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ مَفْسَدَتَهَا عَظِيمَةٌ فَرُغِّبَ فِي تَرْكِ ذَلِكَ بِأَنْ جُعِلَتْ تَوْبَتُهُمَا تُزِيلُ حَدَّهُمَا تَرْغِيبًا فِي التَّوْبَةِ مِنْهُمَا بِخِلَافِ الزِّنَا وَالْخَمْرِ وَأَمَّا بَعْدَ الْقُدْرَةِ فِي الْحِرَابَةِ فَلِتَعَلُّقِ حَقِّ الْآدَمِيِّ بِهَا كَالْقَذْفِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ فِي صِفَةِ التَّوْبَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَنْ يَتْرُكَ مَا هُوَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ الْإِمَامَ أَوْ يَكْفِي إِلْقَاءُ السِّلَاحِ وَيَأْتِي الْإِمَامَ طَائِعًا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالثَّانِي يَتْرُكُ مَا هُوَ عَلَيْهِ وَيَجْلِسُ فِي مَوْضِعِهِ وَتظهر تَوْبَته لجيرانه وَأما إِن ألْقى السِّلَاح وَأَتَى الْإِمَامَ وَحْدَهُ (فَإِنَّهُ يُقِيمُ عَلَيْهِ حَدَّ الْحِرَابَةِ) إِلَّا أَنْ يَتْرُكَ قَبْلَ إِتْيَانِهِ مَا هُوَ عَلَيْهِ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ الثَّالِثُ إِنَّمَا تَكُونُ بِإِتْيَانِهِ الْإِمَامَ فَإِنْ تَرَكَ مَا هُوَ عَلَيْهِ لَمْ يَسْقُطِ الْحَدُّ وَفِيمَا يَسْقُطُ عَنْهُ بِالتَّوْبَةِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ الْحَدُّ فَقَطْ

وَالْحَدُّ وَحُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى مِنَ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَالْخَمْرِ دُونَ حُقُوقِ النَّاسِ وَيَسْقُطُ ذَلِكَ مَعَ الْأَمْوَالِ إِلَّا مَا وُجِدَ بِعَيْنِهِ رُدَّ وَيَسْقُطُ ذَلِكَ مَعَ الدُّعَاءِ إِلَّا مَالٌ وُجِدَ بِعَيْنِهِ تَنْبِيهٌ اشْتَرَكَ الْقَذْفُ وَالْحِرَابَةُ فِي اشْتِمَالِهِمَا عَلَى حَقِّ الْآدَمِيِّ لَكِنْ فِي الْقَذْفِ لِمُعَيَّنٍ فَيُمَكَّنُ مِنْ إِسْقَاطِهِ (وَفِي الْحِرَابَةِ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ فَيَتَعَذَّرُ إساقاطه) بَعْدَ الْقُدْرَةِ وَغُلِّبَ قَبْلَ الْقُدْرَةِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى مَعَ مُلَاحَظَةِ عِظَمِ الْمَفْسَدَةِ فَرَغَّبَ صَاحِبُ الشَّرْعِ فِي التَّوْبَةِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ تَجُوزُ عَلَيْهِمْ شَهَادَةُ مَنْ حَارَبُوهُ إِنْ كَانُوا عُدُولًا يَتَعَذَّرُ غَيْرُهُمْ شَهِدُوا بِقَتْلٍ أَوْ أَخْذِ مَالٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَحَدٍ مِنْهُمْ لِنَفْسِهِ بَلْ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنِ اعْتَرَفُوا بِالْحِرَابَةِ وَالْمَالِ لِلرِّفْقَةِ انْتُزِعَ مِنْهُمْ وَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مَا سَلَّمَهُ لَهُ أَصْحَابُهُ وَإِنْ تَنَازَعَ اثْنَانِ تَحَالَفَا وَاقْتَسَمَا فَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا أَخَذَهُ الْحَالِفُ وَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ لَمْ يَدَّعِهِ أَحَدٌ انْتُظِرَ طَالِبُهُ وَإِنْ تَنَازَعَ اثْنَانِ أَحَدُهُمَا من الرّفْقَة والأخر من غَيرهَا يبْدَأ الَّذِي مِنَ الرِّفْقَةِ وَيَحْلِفُ إِنْ أَتَى الْآخَرُ بِشَيْءٍ وَإِنِ ادَّعَى الْمُحَارِبُونَ الْمَتَاعَ وَأَقَرُّوا بِالْحِرَابَةِ تُرِكَ لَهُمْ إِنْ لَمْ يَدَّعِهِ غَيْرُهُمْ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الرِّفْقَةِ لِأَنَّهُ حَدٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَبٍ لِابْنِهِ فِي الْمَالِ وَتُقْبَلُ مَعَ غَيْرِهِ إِنْ قَتَلَ ابْنَهُ أَوْ أَبَاهُ لِأَنَّهُ حَدٌّ لَا قِصَاصٌ لَا يَدْخُلُهُ الْعَفْوُ وَإِنْ شَهِدَ بِذَلِكَ بَعْدَ التَّوْبَةِ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُ يَدْخُلُهُ الْعَفْوُ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَجْنَبِيِّ لأَنهم إِن قَالُوا فِي قَطَعْنَا عَلَيْكُمْ فَقَدْ تَقْوَى التُّهْمَةُ وَإِنْ أَقَرُّوا فَقَدْ صَدَّقُوهُمْ قَالَ

اللَّخْمِيُّ إِنْ صَدَّقُوهُمْ فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ وَادَّعَوْا بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمْ يَأْخُذُوهُ مُنِعَتِ الشَّهَادَةُ لِلْعَدَاوَةِ وَإِذَا حُبِسَ الْمُحَارِبُ بِشَهَادَةِ وَاحِدٍ وَهُوَ مَشْهُورٌ بِالْفَسَادِ أَخْرَجَهُ وَأَشْهَرَهُ لِيَنْظُرَ إِلَيْهِ الْمُسَافِرُونَ فَيَشْهَدُوا عَلَيْهِ وَإِنْ عَظُمَتْ شُهْرَتُهُ حَتَّى يُعْرَفَ بِاسْمِهِ كَذَلِكَ فَمَنْ شَهِدَ أَنَّهُ قَاطِعٌ بِالِاسْتِفَاضَةِ وَأَشْهَدَ أَخَذَ الْمَالَ وَالْقَتْلَ وَغَيْرَهُ قُتِلَ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ وَهَذَا أَعْظَمُ مِنْ شَاهِدَيْنِ عَلَى الْعَيَانِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا اسْتَفَاضَ ذَلِكَ أَدَّبَهُ وَحَبَسَهُ فَإِنِ افْتَرَقَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُمُ الْمَتَاعَ وَأَتَى مَنِ ادّعى عينه انْتَظَرَ بِهِ قَلِيلًا فَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهُ غَيْرُهُ حَلَفَ وَأَخَذَهُ قَالَهُ مَالِكٌ وَيَضْمَنُهُ إِنْ أَتَى أَحَدٌ وَأَثْبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّهُ لَهُ ضَمِنَهُ وَإِنَّمَا يَدْفَعُ لِمَنِ ادَّعَاهُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ إِذَا وَصَفَهُ كَمَا تُوصَفُ اللُّقَطَةُ وَاخْتُلِفَ هَلْ يَلْزَمُ كَفِيلًا وَإِنِ ادَّعَاهُ اثْنَانِ وَنَكَلَا عَنِ الْحَلِفِ لَمْ يأخذاه بِخِلَافِ النُّكُولِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ وَلِأَنَّ الْمَتَاعَ لَا يَعْدُوهُمَا قَبْلَ الِافْتِرَاقِ وَإِنْ قَالَ الْمُحَارِبُ الْمَتَاعُ لِي وَهُوَ كَثِيرٌ لَا يَمْلِكُ مِثْلَهُ صُدِّقَ حَتَّى تَقُومَ بَيِّنَةٌ لِغَيْرِهِ فِي النُّكَتِ إِذَا دُفِعَ لَهُ الْمَتَاعُ وَضَمِنَهُ وَهَلَكَ بِأَمْرٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَضْمَنُهُ إِنْ أَخْذَهُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ أَوْ بَيِّنَةٍ ثُمَّ جَاءَ مَا هُوَ أَقْطَعُ مِنْ ذَلِكَ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا شَهِدُوا لأَنْفُسِهِمْ مَعَ الشَّهَادَة لغَيرهم كَقَوْلِهِم أخذُوا مَا رِفَاقِنَا وَمَالَنَا رُدَّتِ الشَّهَادَةُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَالَهُمْ يَسِيرًا فَيَجُوزُ لَهُمْ وَلِغَيْرِهِمْ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى مُحَارِبٍ فَقَتَلَهُ أَحَدٌ قَبْلَ تَزْكِيَةِ الْبَيِّنَةِ فَإِنْ زُكِّيَتْ أَدَّبَهُ الْإِمَامُ لِأَنَّهُ إِنَّمَا جَنَى عَلَى حَقِّ الْإِمَامَةِ وَإِلَّا قتل لِأَن الأَصْل الذَّخِيرَة 2

فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ وَلَّى اللِّصُّ مُدْبِرًا لَا يُتْبَعُ وَلَا يُقْتَلُ إِلَّا إِنْ قَتَلَ وَيُقْتَلُ الْأَمِيرُ مِنَ اللُّصُوصِ إِذَا قَتَلَ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغِ الْإِمَامَ وَمَتَى قَتَلَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ قُتِلُوا كُلُّهُمْ وَلَوْ كَانُوا مِائَةَ أَلْفٍ قَالَ سَحْنُونٌ يُتَّبَعُ الْمُحَارِبُ وَيُجْهَزُ عَلَيْه وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُجْهَزُ عَلَيْهِ لِانْدِفَاعِ شَرِّهِ فَرْعٌ فِي الْمُقَدِّمَاتِ إِنِ ارْتَدَّ وَحَارَبَ فِي رِدَّتِهِ فَقَتَلَ وَأَخَذَ الْمَالَ قُتِلَ وَلَا يُسْتَتَابُ كَمَا يُسْتَتَابُ الْمُرْتَدُّ وَلَا يُنَفَّذُ عَفْوُ الْأَوْلِيَاءِ عَنْهُ لِأَنَّ الْحِرَابَةَ حَقُّهَا لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ حَارَبَ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ أَوْ دَارِ الْحر ب فَإِنْ أَسْلَمَ الْمُحَارِبُ فِي رِدَّتِهِ بَعْدَ أَنْ أَخَذَ وَقَبْلَ أَنْ يُؤْخَذَ وَحِرَابَتُهُ بِبَلَدِ الْحَرْبِ فَهُوَ كَالْحَرْبِيِّ يُسْلِمُ لَا يُتْبَعُ (بِمَا صَنَعَ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ أَوْ فِي بَلَدِ الْإِسْلَامِ سَقَطَ حُكْمُ الْحِرَابَةِ وَحْدَهُ وَيُغَرَّمُ الْمَالَ وَيُتْبَعُ) إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ كَالْمُسْتَهْلِكِ بِغَيْرِ حِرَابَةٍ وَيُحْكَمُ عَلَيْهِ فِي الْقَتْلِ وَالْجِرَاحِ بِمَا يُحْكَمُ بِهِ عَلَى الْمُرْتَدِّ إِذَا فَعَلَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ وَهَذَا أَصْلٌ اخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَمَرَّةً نَظَرَ لِلْقَوَدِ وَالدِّيَةِ يَوْمَ (الْفِعْلِ وَمَرَّةً يَوْمَ الْحُكْمِ وَمَرَّةً فَرَّقَ فَجَعَلَ الْقَوَدَ يَوْمَ الْفِعْلِ وَالدِّيَةَ يَوْمَ) الْحُكْمِ فَعَلَى اعْتِبَارِ يَوْمِ الْفِعْلِ فِي الْجِنَايَةِ وَالدِّيَةِ إِنْ قَتَلَ مُسْلِمًا أَوْ نَصْرَانِيًّا عَمْدًا أُقِيدَ مِنْهُ لِأَنَّهُ كَافِرٌ يَوْمَ الْفِعْلِ وَالْكَافِرُ يُقْتَلُ بِالْكَافِرِ

وَالْمُسْلِمُ بِالْمُسْلِمِ أَوْ خَطَأٌ فَالدِّيَةُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهُمْ وَرَثَتُهُ يَوْمَ الْجِنَايَةِ وَلَا عَاقِلَةَ لَهُ يَوْمَئِذٍ وَعَلَى مُلَاحَظَتِهِ يَوْمَ الْحُكْمِ يُقْتَلُ بِالْمُسْلِمِ دُونَ النَّصْرَانِيِّ وَالدِّيَةُ فِي مَالِهِ وَإِنْ قَتَلَهُمَا خَطَأً فَعَلَى الْعَاقِلَةِ لِأَنَّهُ يَوْمَ الْحُكْمِ مُسْلِمٌ وَعَلَى هَذَا يَجْرِي الْقَوْلُ الثَّالِثُ وَفِي النَّوَادِرِ لَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَقَاتَلَنَا وَأَسَرْنَاهُ اسْتَتَابَهُ الْإِمَامُ وَقَبِلَ تَوْبَتَهُ وَإِنْ أَبَى قَتَلَهُ عَلَى الرِّدَّةِ وَالْحِرَابَةِ فَإِنْ تَابَ لَزِمَهُ حَقُّ اللَّهِ وَحَقُّ النَّاسِ وَلَا يُزِيلُ ذَلِكَ عَنْهُ رِدَّتُهُ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ فَرْعٌ فِي النَّوَادِرِ قَالَ مَالِكٌ (إِنْ ظَفِرْتَ بِاللِّصِّ وَهُوَ مَشْهُورٌ فَارْفَعْهُ إِلَى الْإِمَامِ وَإِلَّا فَالسَّتْرُ أَحْسَنُ وَلَيْسَ بِالْبَيِّنِ) فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ حُكْمُ الْمُحَارِبِ فِي الْغُرْمِ حُدَّ أَمْ لَا مُوسِرًا أَمْ لَا حُكْمُ السَّارِقِ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا أَخَذَ وَوَفْرُهُ مُتَّصِلٌ لَزِمَهُ الْمَالُ وَصَدَاقُ الْمُكْرَهَةِ وَقِيمَةُ الْمُسْتَهْلَكِ وَدِيَةُ النَّصْرَانِيِّ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ وَإِنْ لَمْ يَتَّصِلْ وَفْرُهُ لَمْ يُتْبَعْ بِشَيْءٍ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ لَزِمَهُ ذَلِكَ فِي مَالِهِ وَذِمَّتِهِ فَرْعٌ قَالَ الْجَرْحُ السَّارِي يَحْتَمِلُ الْقَتْلَ فَرْعٌ قَالَ إِذَا اجْتَمَعَتْ عُقُوبَاتُ الْآدَمِيِّينَ كَالْقَذْفِ وَالْقَطْعِ وَالْقَتْلِ وَطُلِبُوا

(الجناية السادسة في حد السرقة)

جَمِيعًا جدل ثُمَّ قُتِلَ وَدَخَلَ الْقَطْعُ فِي الْقَتْلِ وَحُدُودُ اللَّهِ تَعَالَى كَالْخَمْرِ وَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ فَالْقَتْلُ يَأْتِي عَلَى مَا قَبْلَهُ فَرْعٌ قَالَ إِذَا اشْتُهِرَ فُلَانٌ بِالْحِرَابَةِ فَشَهِدَ عَلَيْهِ مَنْ يَعْرِفُهُ بِعَيْنِهِ أَنه فُلَانٌ الْمَشْهُورُ حُدَّ (الْجِنَايَةُ السَّادِسَةُ فِي حَدِّ السَّرِقَةِ) وَأَصْلُهُ قَوْله تَعَالَى {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالا مِنَ اللَّهِ} وَفِيهِ نَظَرَانِ النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي الْمُوجِبِ وَهُوَ السَّرِقَةُ وَلَهَا ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ الرُّكْنُ الْأَوَّلُ السَّارِقُ وَفِي الْجَوَاهِرِ شَرْطُهُ التَّكْلِيفُ فَلَا يُقْطَعُ الصَّبِيُّ وَلَا الْمَجْنُونُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ الصَّبِيُّ حَتَّى يَحْتَلِمَ وَالْمَجْنُونُ حَتَّى يُفِيقَ وَالنَّائِمُ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ) وَفِي الْكِتَابِ لَا يُحَدُّ الصَّغِيرُ حَتَّى يَحْتَلِمَ الْغُلَامُ وَتَحِيضَ الْجَارِيَةُ أَوْ يَبْلُغَا سِنًّا لَا يَبْلُغُهُ أَحَدٌ إِلَّا بَلَغَ قَالَ مَالِكٌ وَيُحَدُّ بِالْإِنْبَاتِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِم أحب إِلَى أَن لَا يُحْكَمَ بِالْإِنْبَاتِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنَّمَا يُعْتَبَرُ الْإِنْبَاتُ الْبَيِّنُ الْأَسْوَدُ وَالسِّنُّ ثَمَانِ عشرَة سنة وَقَالَ بعض البغداديين الِاحْتِلَامُ مِنَ الْمَرْأَةِ بُلُوغٌ وَإِنْ لَمْ تَحِضْ قَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ كُلُّ شَيْءٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى يُقْبَلُ قَوْلُهُ إِنَّهُ لَمْ يَحْتَلِم وَمَا

يطْلب بِهِ من حدو نَحوه لَا يُنْظَرُ لِإِنْكَارِهِ الْبُلُوغَ وَيُحْكَمُ بِالْإِنْبَاتِ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ يُنْظَرُ إِلَى مِئْزَرِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَيُعْتَبَرُ فِي الْبُلُوغِ حَبَلُ الْمَرْأَةِ وَمَتَى اعْتَرَفَ الصَّبِيُّ بِالِاحْتِلَامِ حُدَّ وَيَنْظُرُ إِلَى إِنْبَاتِ الْجَارِيَةِ النِّسَاءُ وَفِي الرُّكْنِ ثَلَاثَةُ فُرُوعٍ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ يُقْطَعُ الذِّمِّيُّ لِأَنَّ السَّرِقَةَ مِنَ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ وَكَذَلِكَ الذِّمِّيَّةُ وَمَنْ فِيهِ بَقِيَّةُ رِقٍّ وَالْحَرْبِيُّ إِذَا دَخَلَ بِأَمَانٍ فَإِنْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ فَسَرَقَ حَالَةَ إِفَاقَتِهِ قُطِعَ أَوْ أُخِّرَ إِلَى إِفَاقَتِهِ الثَّانِي قَالَ إِنْ سَرَقَ رَجُلٌ مَعَ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ قُطِعَ الْمُكَلَّفُ وَحْدَهُ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا سَرَقَ الْأَبُ مَعَ أَجْنَبِيٍّ مَالَ الْوَلَدِ مَا قِيمَتُهُ نِصَابٌ قَالَ أَشهب أَو مَا يعق عَلَى الْأَجْنَبِيِّ مِنْهُ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ لَمْ يُقْطَعِ الْأَجْنَبِيُّ لِأَنَّ الْأَبَ قَدْ أَذِنَ لَهُ فَذَلِكَ شُبْهَةٌ وَكَذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ مَعَ عَبْدِكَ أَو أَخِيك الذ ائتمنته على بَيْتك لمي قطع وَاحِدٌ مِنْهُمَا قَالَ مُحَمَّدٌ ذَلِكَ إِذَا كَانَ مَوضِع إذنللعبد فِي دُخُولِهِ وَإِلَّا قُطِعَ الْأَجْنَبِيُّ دُونَ الْعَبْدِ وَإِنْ سَرَقَا نِصَابًا فَقَطْ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَشَرِكَةِ الْأَبِ أَنَّ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ لَا يَصِحُّ انهما قَالَ اللَّخْمِيُّ الشَّرِكَةُ ثَلَاثَةٌ يَسْقُطُ الْقَطْعُ عَنْهُمَا لَا يَسْقُطُ عَنِ الثَّانِي وَإِنْ سَقَطَ عَنِ الْآخَرِ يُخْتَلَفُ فِيهِ وَالْأَوَّلُ شَرِكَةُ الْأَبَوَيْنِ لِأَنَّهُ أَذِنَ لَهُ مَنْ لَهُ شُبْهَةٌ وَكَذَلِكَ شَرِكَةُ الْعَبْدِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ شُبْهَةٌ إِذَا لَمْ يَكُنِ الْمَوْضِعُ أُذِنَ لَهُ فِي دُخُولِهِ لِأَنَّ الْقَطْعَ لِصَوْنِ الْمَالِ وَقَطْعُ الْعَبْدِ ضَيَاعُهُ فَلَا يقطع شَرِيكه وغن كَانَ الْأَجِيرُ سَرَقَ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ مِنْ مَوْضِعٍ لم يُؤذن لَهُ فِي دُخُوله قطع وَالثَّالِثُ شَرِكَةُ الِابْنِ وَالْأَجْنَبِيِّ سَرَقَا مِنْ وَالِدِهِ أَوْ أَحَدِ الْأَجْدَادِ إِذَا أَدْخَلَهُ فَإِنْ

أسقطنا أَسْقَطْنَا الْقَطْعَ عَمَّنْ أَدْخَلَهُ لَمْ يُقْطَعِ الْأَجْنَبِيُّ وَإِن ليم يَسْقُطْ عَنِ الْإِذْنِ قَطَعْنَا الْأَجْنَبِيَّ وَكَذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ مَعَ الزَّوْجَةِ أَوِ الضَّيْفِ خِلَافٌ وَإِذَا أَخْرَجَ الْبَالِغ أَو الْعَاقِل سرة وَالصَّبِيُّ أَوِ الْمَجْنُونُ أُخْرَى لَمْ يُقْطَعِ الْمُكَلَّفُ إِلَّا أَن يكون فِيمَا أَخّرهُ يصاب وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ وَالْأَجْنَبِيُّ وَإِنْ حَمَلَاهَا بَيْنَهُمَا لَمْ يُقْطَعِ الْأَجْنَبِيُّ إِلَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهَا نِصْفَ دِينَارٍ الثَّالِثُ فِي الْجَوَاهِرِ يَسْتَوِي فِي الْقَطْعِ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ وَالرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ وَسَوَاءٌ سَرَقَ الْمُعَاهَدُ مِنْ ذِمِّيٍّ أَوْ مُسْلِمٍ وَإِنْ لَمْ يَتَرَافَعُوا إِلَيْنَا لِأَنَّهُ مِنَ الظُّلْمِ الَّذِي لَا يُقَرُّ بَيْنَهُمْ وَفِي النَّوَادِرِ إِنْ سَرَقَ الْعَبْدُ مِنْ مَتَاعِ امْرَأَةِ سَيِّدِهِ مِنْ بَيْتٍ أُذِنَ لَهُ فِي دُخُولِهِ لَمْ يُقْطَعْ وَإِلَّا قُطِعَ إِنْ كَانَ مُسْتَسِرًّا قَالَهُ مَالِكٌ وَكَذَلِكَ عَبْدُ الزَّوْجَةِ يَسْرِقُ مَالَ الزَّوْجِ وَالْمُكَاتَبُ كَذَلِكَ وَإِنْ سَرَقَ عبد مَالك فِيهِ شركَة مَالِكَ لَمْ يُقْطَعْ وَإِنْ سَرَقَ عَبْدُكَ أَوْ مُكَاتَبُكَ أَوْ مُدَبَّرُكَ مِنْ مَالِ عَبْدِكَ أَوْ مُكَاتَبٍ أَوْ مُدَبَّرٍ لَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّهُ كَمَالِكَ وَالْحِكْمَةُ الشَّرْعِيَّةُ تَأْبَى إِفْسَادَ مَالِكَ بِالْقَطْعِ لِمَالِكَ وَفِي الْحَدِيثِ (عَبْدُكُمْ سَرَقَ مَتَاعَكُمْ) وَمَنْ سَرَقَ مِنْ مَالِ ابْنِ سَيِّدِهِ قُطِعَ لِاسْتِقْلَالِ الْمِلْكِ أَوْ مِنْ وَدِيعَةٍ عِنْدَكَ مِنْ بَيْتٍ لَمْ يؤمره عَلَى دُخُولِهِ لَمْ يُقْطَعْ أَوْ مِنْ مَالٍ لَك فِيهِ شرك أَكثر من يصيبك بِنِصَابٍ قَالَ مَالِكٌ يُقْطَعُ إِنْ أَحْرَزَهُ الشَّرِيكُ عَنْكَ وَإِلَّا فَلَا وَاخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ مَالِكٍ وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ إِنْ سَرَقَ الْعَبْدُ مَا مَالِ ابْنِهِ الْحُرِّ أَوِ ابْنِهِ الْعَبْدِ لَا يُقْطَعُ لِأَنَّ مَالَ ابْنِهِ مَالُهُ حَتَّى يَنْتَزِعَهُ سَيِّدُهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ جَمَعْتَ زَكَاةً لِتَقْسِمَهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَغْلَقْتَ عَلَيْهَا فَسَرَقَ عَبْدُكَ مِنْهَا قُطِعَ لِأَنَّكَ لَمْ تَأْمَنْهُ عَلَى دُخُولِهِ وَالْمَالُ لِلْمُسْلِمِينَ قَالَ مَالِكٌ وَإِنِ ائْتَمَنْتَهُ لَمْ يقطع فال ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ سَرَقَ عَبِيدُ الْخُمُسِ مِنَ الْخمس أَو عبيد الْفَيْء وَمن الْفَيْء قطعُوا

الرُّكْنُ الثَّانِي الْمَسْرُوقُ وَلَهُ سِتَّةُ شُرُوطٍ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ النِّصَابُ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ سَرَقَ زِنَةَ رُبُعِ دِينَارٍ ذَهَبًا قُطِعَ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ دِرْهَمًا وَإِنْ نَقَصَ الْوَزْنُ لَمْ يُقْطَعْ فَإِنْ سَاوَى أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ قُطِعَ (وَكَذَلِكَ الْفِضَّةُ وَإِنَّمَا يُقَوَّمُ غَيْرُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَإِنْ وصلت قِيمَته ثَلَاثَة دِرْهَم قُطِعَ) وَإِنْ لَمْ يَصِلْ رُبُعَ دِينَارٍ مِنَ الذَّهَبِ وَإِنْ سَاوَى رُبُعَ دِينَارٍ مِنَ الذَّهَبِ وَلم يساو ثَلَاثَة دَرَاهِم لم يقطع وانم يُقَوَّمُ بِالدَّرَاهِمِ وَدِينَارُ السَّرِقَةِ وَالدِّيَةِ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا ارْتَفَعَ الصَّرْفُ أَوِ انْخَفَضَ وَوَافَقَنَا أَحْمَدُ أَنَّ أَصْلَ الْوَرِقِ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَقَالَ (ح) النِّصَابُ دِينَارٌ أَوْ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَبِهَا يُقَوَّمُ وَقَالَ (ش) النِّصَابُ رُبْعُ دِينَارٍ وَتُقَوَّمُ الدَّرَاهِمُ بِالذَّهَبِ فَإِنْ سَاوَتْ رُبْعَ دِينَارٍ ذَهَبًا وَإِلَّا فَلَا وَكَذَلِكَ الْعُرُوضُ وَإِنْ سَاوَى رُبْعَ دِينَارِ الذَّهَبِ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ لَمْ يُقْطَعْ لنا قَوْله تَعَالَى {وَالسَّارِق والسارقة} وَلَمْ يُفَرَّقْ فَلَا يُشْتَرَطُ الدِّينَارُ بَلْ يَكْفِي أقل المَال وَلَو فلس وَقَدْ قَالَ بِهِ جَمَاعَةٌ وَفِي الصَّحِيحِ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ (لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ فَيُقْطَعُ) وَفِي الصَّحِيحِ (يُقْطَعُ السَّارِقُ فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدَا) وَفِيهِمَا (قَطَعَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي مِجَنٍّ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ) وَفِي أَبِي دَاوُدَ قطع - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْ سَرَقَ تُرْسًا مِنْ صُفَّةِ النِّسَاءِ ثَمَنُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَمَذْهَبُنَا مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعمر

وَعُثْمَانَ وَعَائِشَةَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ فَكَانَ إِجْمَاعًا احْتَجُّوا بِمَا رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَطَعَ فِي مِجَنٍّ قِيمَتُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ (لَا قَطْعَ فِي أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ) وَلِأَنَّ تَعَارُضَ الْأَخْبَارِ شُبْهَةٌ توجب سُقُوط الْحَد وَجَوَابه الْأَوَّلِ الْقَوْلُ بِالْمُوجِبِ فَإِنَّ الْقَطْعَ فِي الْعَشَرَةِ مُتَّفق عَلَيْهِ وَلَا يلْزم مِنْهُ أَن لَا يَقْطَعَ فِي أَقَلَّ مِنْهُ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ أَخْبَارَنَا أَرْجَحُ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى صِحَّتِهَا وَمُوَافَقَتِهَا لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ وَالرَّاجِحُ لَا شُبْهَةَ مَعَهُ وَاحْتَجَّ (ش) بِمَا فِي الْحَدِيثِ (لَا قَطْعَ إِلَّا فِي ربع دِينَار) وَالدِّينَار اسْم لِلذَّهَبِ دُونَ غَيْرِهِ فَنَفْيُ الْقَطْعِ فِي غَيْرِهِ صَرِيحًا وَأَمَّا قَوْلُهُ ثَمَنُهُ أَوْ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ فَقَضِيَّةُ عَيْنٍ يُحْتَمَلُ أَنَّهَا أَصْلٌ أَوْ أَنَّهَا وَصَلَتْ رُبْعَ دِينَارٍ فَيَسْقُطُ وَيُرْجَعُ إِلَى الصَّرِيحِ وَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ قِيمَتُهُ عَشَرَةُ آصُعٍ مِنَ التَّمْرِ فَيُعْلَمُ أَنَّ الْآصُعَ وَصَلَتْ رُبْعَ دِينَارٍ وَإِنَّمَا خَصَّصَ الدَّرَاهِمَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهَا غَالِبُ نَقْدِ الْبَلَدِ فَلَا يَكُونُ النِّصَابُ إِلَّا الذَّهَبَ وَغَيْرَهُ وَالْجَوَابُ عَلَى هَذَا الْكَلَامِ وَإِنْ كَانَ قَوِيا أَن عَائِشَة وَابْن عمر وَغَيرهَا مِنَ الرُّوَاةِ إِنَّمَا ذَكَرُوا الدَّرَاهِمَ لِبَيَانِ تَأْسِيسِ قَاعِدَةِ النِّصَابِ فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ هِيَ الْمُعْتَبَرَةُ وَلَوْ كَانَ الذَّهَبُ هُوَ الْأَصْلُ فَقَطْ لَعَيَّنَهُ الرَّاوِي لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إِلَى ذِكْرِ غَيْرِهِ وَلِأَنَّ بَابَ الذَّهَبِ فِيهِ أَصْلٌ فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ الْفِضَّةُ أَصْلًا أَيْضًا كَالزَّكَاةِ َولَهُمْ قَلْبُ هَذَا الْقيَاس

فَيَقُولُونَ فَلَا يَخْتَصُّ التَّقْوِيمُ بِالدَّرَاهِمِ كَالزَّكَاةِ وَبِالْجُمْلَةِ الْموضع مُحْتَمل وَكَلَامهم قوي تَفْرِيغ فِي التَّنْبِيهَاتِ يَخْتَصُّ التَّقْوِيمُ بِالدَّرَاهِمِ كَانَتِ الْمُعَامَلَةُ بِالدَّرَاهِمِ فِي الْبَلَدِ أَوْ بِالذَّهَبِ قَالَهُ مُعْظَمُ الشُّيُوخِ وَالشُّرَّاحِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَخْتَصُّ النِّصَابُ بِالذَّهَبِ كَمَا قَالَ 0 ش) قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَهُوَ الْأَصْلُ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْبَغْدَادِيِّينَ وَالْمَغَارِبَةِ إِنَّ التَّقْوِيمَ بِنَقْدِ الْبَلَدِ كَيْفَ كَانَ دَرَاهِمَ أَوْ ذَهَبًا وَإِنَّ مَعْنَى مَا فِي الْكِتَابِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الْمُعَامَلَةَ بِالدَّرَاهِمِ حِينَئِذٍ وَإِنْ كَانَتِ الْمُعَامَلَةُ بِهِمَا جَمِيعًا فَأَكْثَرَهُمَا كَسَائِرِ التَّقْوِيمَاتِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَقَدْ قَالَ فِي الْكِتَابِ فِي الذَّهَبِ أَرْسَلْتَ مِنْهُ بِرُبْعِ دِينَارٍ قُطِعَ فَاعْتُبِرَ الذَّهَبُ وَفِي الشَّاةِ إِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا يَوْمَ خَرَجَ بِهَا رُبْعَ دِينَارٍ قُطِعَ فَنُصُوصُ الْكِتَابِ تُشِيرُ إِلَى مَا قَالَهُ هَذَا الْقَائِلُ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ التَّقْوِيمُ عِنْدَ مَالِكٍ بِالدَّرَاهِمِ فِي بَلَدٍ تُبَاعُ فِيهِ الْعُرُوضُ بِالدَّرَاهِمِ أَوْ بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فَإِنْ كَانَ إِنَّمَا يُبَاعُ بِالْعُرُوضِ فَبِالذَّهَبِ وَيُحْمَلُ الْحَدِيثَانِ عَلَى حَالين وَقَوله إِنَّمَا تقوم الْأَشْيَاء بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ اسْتُحِبَّ التَّقْوِيمُ بِالدَّرَاهِمِ) وَقَالَ بَعْضُ الصِّقِلِّيِّينَ إِذَا كَانَ الْبَلَدُ لَا يُتَعَامَلُ فِيهِ بِالنَّقْدَيْنِ بَلْ بِالْعُرُوضِ قُوِّمَتْ بِالدَّرَاهِمِ فِي أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ الْمُتَعَامَلِ فِيهَا بِالنَّقْدَيْنِ فَإِنْ سَرَقَ نِصْفَ رُبْعِ دِينَارٍ ذَهَبًا وَدِرْهَمًا وَنِصْفًا قُطِعَ أَوْ عَرَضًا قِيمَتُهُ دِرْهَمٌ وَنِصْفٌ وَوَرِقٌ أَوْ ذَهَبٌ نِصْفُ نِصَابٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ نَقَصَتِ الثَّلَاثَةُ دَرَاهِمَ خَرُوبَةً لَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّ نُقْصَانَهَا رُبْعُ دِرْهَمٍ أَوْ خُمُسٌ قَالَ أَصْبَغُ يُقْطَعُ فِي مِثْلِ الْحَبَّتَيْنِ مِنْ كُلِّ دِرْهَمٍ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ إِنْ كَانَ فِي الدَّرَاهِمِ نُحَاسٌ

كثيرا اعْتُبِرَ مَا فِيهَا مِنَ الْفِضَّةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ النُّحَاسُ يَسِيرًا جِدًّا وَالنُّحَاسُ الْمُكَسَّرُ عَرَضٌ يُقَوَّمُ وَيُكَمَّلُ بِقِيمَةِ النِّصَابِ قَالَ ابْنُ دِينَارٍ وَيعْتَبر فِي المصاع وَزْنُهُ دُونَ قِيمَتِهِ وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الصِّقِلِّيِّينَ تعْتَبر فِي الحبي المربوط بِالْحِجَارَةِ وَزْنُهُ دُونَ قِيمَتِهِ وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الصِّقِلِّيِّينَ تعْتَبر فِي الْحلِيّ المربوط بِلَا حِجَارَة وَزْنَةُ الْحُلِيِّ وَقِيمَةُ الْحِجَارَةِ كَانَتْ تَبَعًا أَوِ الْحُلِيُّ تَبَعًا نَظَائِرُ الدَّنَانِيرُ خَمْسَةٌ دِينَارُ السَّرِقَةِ وَالدِّيَةِ وَالنِّكَاحِ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا وَدِينَارُ الْجِزْيَةِ وَالزَّكَاة عشرَة دَرَاهِم قَالَ ابْنُ يُونُسَ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِنْ سَرَقَ مَا قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَهِيَ لِرَجُلَيْنِ قُطِعَ لِأَنَّهُ نِصَاب وَإِنْ سَرَقَ مَا قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ مِنَ الطَّعَامِ الَّذِي لَا يَبْقَى كَاللَّحْمِ وَالْقِثَّاءِ قُطِعَ وَالْأُتْرُجَّةِ الَّتِي قَطَعَ فِيهَا عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَتْ تُؤْكَلُ لَا ذَهَبًا وَقَالَهُ (ش) وَقَالَ (ح) لَا يُقْطَعُ لَنَا عُمُومُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةُ وَالْقِيَاسُ بِجَامِعِ الْمَالِيَّةِ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلَا كَثَرٍ) وَلِأَنَّهُ يُفِيدُ الْبَقَاءَ فَضَعُفَتْ مَالِيَّتُهُ عَنْ صُوَرِ الْإِجْمَاعِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ (فَإِذَا أَوَاهُ الْجَرِينُ فَفِيهِ الْقَطْعُ وَعَنِ الثَّانِي إِنَّمَا يُرَدُّ الْفَرْقُ عَلَى الْمُثْبَتِ بِالْقِيَاسِ أَمَّا عُمُومَاتُ النُّصُوصِ فَلَا تُخَصِّصُ بِالْفُرُوقِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِي قَوْله تَعَالَى {وَلا تَقْتُلُوا النَّفس} مُخَصص بِالرجلِ أَوْ بِالْعُلَمَاءِ لِأَنَّ مَنْ عَدَاهُمُ أَنْقَصُ رُتْبَةً وَقَدْ قَطَعَ عُثْمَانُ فِي

الْأُتْرُجَّةِ وَقَوَّمَهَا بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ فَكَانَ إِجْمَاعًا وَلَوْ كَانَتْ ذَهَبًا لَمْ تُقَوَّمْ فِي التَّنْبِيهَاتِ قِيلَ كَانَتْ ذَهَبًا قَدْرَ حِمَّصَةٍ يُجْعَلُ فِيهَا الطِّيبُ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ سَارِقُ الْمَاءِ وَالْحَجَرِ إِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ يُقْطَعُ وَكَذَلِكَ الْبَازِيُّ وَكَذَلِكَ سِبَاعُ الْوَحْشِ إِنْ كَانَتْ قِيمَةُ جُلُودِهَا إِذَا ذُكِّيَتْ قَبْلَ أَنْ تُدْبَغَ نِصَابًا لِأَنَّ لِصَاحِبِهَا بَيْعَ جُلُودِ مَا ذُكِّيَ مِنْهَا وَالصَّلَاةُ عَلَيْهَا وَإِنْ لَمْ تُدْبَغْ فَرْعٌ قَالَ إِنْ سَرَقَ عَبْدًا فَصِيحًا كَبِيرا يُقْطَعْ أَوْ أَعْجَمِيًّا قُطِعَ وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ الصَّغِيرُ وَخَالَفَنَا الْأَئِمَّةُ لَنَا عُمُومُ الْآيَةِ وَالِاسْمُ صَادِقٌ عَلَى سَارِقِ الصَّبِيِّ الْحُرِّ وَغَيْرِهِ وَذُكِرَ عِنْدَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَارِقُ الصِّبْيَانِ فَأَمَرَ بِقَطْعِهِ وَهُوَ نَصٌّ فِي التَّسْمِيَةِ وَالْحُكْمِ وَلِأَنَّهُ نَفْسٌ مَضْمُونَةٌ بِالْجِنَايَةِ فَيُقْطَعُ بِسَرِقَتِهَا كَالْبَهِيمَةِ أَوْ بِجَامِعِ أَنَّهُ غَيْرُ مُمَيَّزٍ سَرَقَ مِنْ حِرْزِهِ أَوْ قِيَاسًا عَلَى الْمَمْلُوكِ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (لَا قَطْعَ إِلَّا فِي رُبْعِ دِينَارٍ) وَهَذَا لَيْسَ بِرُبْعِ دِينَارٍ فَلَا يُقْطَعُ وَلِأَنَّ الْحُرَّ لَا يُحْرِزُ فِي الْعَادَةِ فَهُوَ سَارِقٌ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ وَقِيَاسًا عَلَى الْكَبِيرِ النَّائِمِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ عَامٌّ فِي أَفْرَادِ الْقَطْعِ مُطْلَقٌ فِيمَا يُقْطَعُ فِيهِ وَقَدْ عُيِّنَ مِنْ ذَلِكَ الْمُطْلَقِ رُبْعُ دِينَارٍ فَمَفْهُومُ الْحَصْرِ يَقْتَضِي نَفْيَ الْقَطْعِ عَنْ غَيْرِهِ فَيَخْتَصُّ ذَلِكَ الْمَفْهُومُ بِذَلِكَ الْجِنْسِ وَهُوَ الْأَمْوَال سلمنَا عُمُومه لَا كُنَّا نخصصه بالأدلة الْمُتَقَدّمَة وَبِأَنَّهُ إِذا سبقه ابطل نَفسه بِالْبَيْعِ وَمِيرَاثَهُ وَحَدُّ قَذْفِهِ وَدِيَتِهِ وَإِنْ كَانَتْ

أُنْثَى أَحَلَّ فَرْجَهَا وَأَسْقَطَ صَدَاقَهَا وَقَطَعَ وِلَايَةَ أَوْلِيَائِهَا وَهَذَا مِنَ الْفَسَادِ الْعَظِيمِ فِي الْأَرْضِ أَعْظَمُ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ وَالْفَسَادُ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ الْقَطْعَ وَالْقَتْلَ فِي الْحِرَابَةِ وَعَن الثَّانِي أَنه يُجْعَلَ مَعَهُ مَنْ يَحْفَظُهُ أَوْ فِي مَكَانٍ يَغْلُبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ لَا يُفَارِقُهُ فَهُوَ حِرْزٌ لَهُ كَالْغَنَمِ فِي الْمُرَاحِ وَعَنِ الثَّالِثِ الْفَرْقُ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ بَيْعِ نَفْسِهِ بِخِلَافِ الصَّغِيرِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ ذَلِكَ إِذَا كَانَ الصَّغِيرُ لَا يَعْقِلُ وَإِلَّا قُطِعَ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا قَطْعَ مُطْلَقًا قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ سَرَقَ حُلِيَّهُ وَهُوَ كَبِيرٌ يُحْرَزُ مَا عَلَيْهِ أَوْ صَغِيرٌ أَوْ مَعَهُ مَنْ يَحْفَظُهُ أَوْ فِي دَارِ أَهله قطع أَو صَغِيرا لَا يحفظ مَا عَلَيْهِ خَارِجا عَن دَارِ أَهْلِهِ أَوْ فِيهَا وَالسَّارِقُ أُذِنَ لَهُ فِي الدُّخُول ليقطع قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَوْ أَخَذَ عَلَى وَجْهِ الْخَدِيعَةِ أَوْ كَابَرَهُ فِيهِ الْأَدَبُ إِنْ كَانَ كَبِيرا وَلَا صَغِير عِلْمُهُ وَعَدَمُهُ سَوَاءٌ وَفِي الْمُنْتَقَى حَكَى فِي الْجلَال رِوَايَتَيْنِ فِي خَلْخَالِ الصَّبِيِّ أَوْ شَيْءٍ مِنْ خَلِيَّتِهِ الْقَطْعُ إِنْ كَانَ فِي دَارِ أَهْلِهِ أَو بنانهم وَالْأُخْرَى عدم الْقطع الْمُطلق وَلَمْ يَذْكَرْ تَفْصِيلًا فَيُحْمَلُ عَلَى الصَّغِيرِ الَّذِي لَا يَمْنَعُ نَفْسَهُ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِنْ سَرَقَ ثَوْبًا لَا يُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ فِيهِ دَرَاهِمُ لَمْ يَعْرِفْ بِهَا قُطِعَ فِي الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ مِمَّا عَادَةُ النَّاسِ الدَّفْعُ فِيهِ بِخِلَافِ الْخَشَبَةِ وَالْحَجَرِ لَا يُقْطَعُ إِلَّا فِيمَا قِيمَتُهُ نَفْسُهُ نِصَابٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ بَعْضُ فُقَهَائِنَا لَوْ سَرَقَ خِرْقَةً الْعَادَةُ عَدَمُ الدَّفْعِ فِيهَا لزنابها لَمْ يُقْطَعْ بِمَا فِيهَا إِذَا لَمْ يَعْرِفْ بِهِ قَالَ أَصْبَغُ إِنْ سَرَقَ لَيْلًا

عَصا مفضضة وفضتها طَاهِرَة فِيهَا أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ وَقَالَ لَمْ أَرَ الْفِضَّةَ بِاللَّيْلِ وَظُنَّ بِهِ ذَلِكَ لَمْ يُقْطَعْ كَمَا لَوْ كَانَتِ الْفِضَّةُ دَاخِلَهَا فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ إِنْ سَرَقَ دُونَ النِّصَابِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ حَتَّى سَرَقَ قِيمَتَهُ قَالَ أَشْهَبُ لَا يُقْطَعُ حَتَّى يُخْرِجَ فِي مَرَّةٍ مَا قَيَّمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ لِأَنَّهُ لَمْ يَصْدُقْ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَخْرَجَ نِصَابًا مِنْ حِرْزٍ وَقَالَ سَحْنُونٌ وَإِن كَانَ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ قُطِعَ لِأَنَّ هَذَا مِنْ وَجْهِ الْحِيلَةِ عَلَى أَمْوَالِ النَّاسِ فَإِنْ أَخْرَجَ نِصَابًا مِنْ حِرْزَيْنِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يُقْطَعُ كَالنِّصَابِ فِي مَرَّتَيْنِ وَإِنْ كَانَ لِرَجُلٍ حَانُوتَانِ فِي دَارٍ فَسَرَقَ رَجُلٌ مِنْ وَاحِدٍ دِرْهَمًا وَنِصْفًا لَمْ يُقْطَعْ إِنْ كَانَتْ دَارا مُشْتَركَة وَإِن أخرج ذَلِكَ مِنَ الدَّارِ كُلِّهَا قُطِعَ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ مُشْتَرَكَةً وَأَخْرَجَ ذَلِكَ مِنَ الدَّارِ كُلِّهَا قُطِعَ وَإِنْ أَخَّرَ فِيهَا لَمْ يُقْطَعْ فَرْعٌ قَالَ الْمُعْتَبَرُ فِي قِيمَةِ الْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودُ مِنَ الْعَيْنِ عَادَةً وَشَرْعًا فَيُقَوَّمُ الْحَمَامُ الْمَعْرُوفُ بِالسَّبْقِ وَالْإِجَابَةِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَنْمُو وَتُقَوَّمُ سِبَاعُ الطَّيْرِ الْمُعَلَّمَةِ بِتَعْلِيمِهَا وَعَنْ أَشْهَبَ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا وَهُوَ نَحْوُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي قَتْلِ الْمُحْرِمِ إِيَّاهُ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ يُقَوِّمُ السَّرِقَةَ أَهْلُ الْعَدْلِ وَالنَّظَرِ فَإِنِ اخْتَلَفُوا وَاجْتَمَعَ عَدْلَانِ قُطِعَ وَإِلَّا فَلَا يُقْطَعُ بِرَجُلٍ وَاحِدٍ لِعِظَمِ شَأْنِ الْحُدُودِ قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ قَالَ مَالِكٌ تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ السَّرِقَةِ لَا يَوْمَ الْقَطْعِ لِعَدَمِ الْحُكْمِ بِالْقَطْعِ وَالتَّقْوِيمِ أَمْ لَا

فَإِنْ تَعَارَضَ فِي التَّقْوِيمِ عَدْلَانِ وَعَدْلَانِ حُكِمَ بأقربهما الى السداد ووفقنا (ش) وَقَالَ (ح) إِنْ نَقَصَتْ قَبْلَ الْقَطْعِ امْتَنَعَ الْقَطْعُ وَوَافَقَنَا عَلَى أَنَّهُ إِنْ نَقَصَتْ لِهَلَاكِ بَعْضِهَا أَوْ هَلَاكِهَا لَا يَسْقُطُ الْقَطْعُ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ النَّظَرُ إِلَى حَالِ النِّهَايَةِ لِأَنَّهُ لَوْ رَجَعَ الشُّهُودُ بَطَلَ الْقَطْعُ وَنَحْنُ نَعْتَبِرُ حَالَ الِابْتِدَاءِ بِدَلِيلِ نُقْصَانِ الْعَيْنِ فِي ذَاتِهَا لَنَا الْآيَةُ وَالْأَخْبَارُ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي النِّصَابِ وَالْقِيَاسُ عَلَى نُقْصَانِ الْعَيْنِ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ حِوَالَةُ الْأَسْوَاق لرغبات النَّاس وَهُوَ أَمر خَارج علن الْعَيْنِ وَيُرْجَى زَوَالُهُ وَلِأَنَّ الْقَطْعَ شَرْعٌ زَجْرًا عَنِ الْجُرْأَةِ عَلَى الْأَمْوَالِ وَالْجُرْأَةُ حَصَلَتْ وَقْتَ السَّرِقَةِ عَلَى النِّصَابِ فَتَعِينَ الْقَطْعُ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (لَا قَطْعَ إِلَّا فِي رُبْعِ دِينَارٍ) وَهَذَا لَيْسَ رُبْعَ دِينَارٍ وَلِأَنَّ الْقِيمَةَ مَظْنُونَةٌ فَإِذَا وَجَدْنَاهَا نَقَصَتْ اتَّهَمْنَا الْمُقَوِّمِينَ أَوْ لَا فَيَكُونُ بِسَبَبِهِ يَسْقُطُ الْحَدُّ وَلِأَنَّهُ مُعْتَبَرٌ انْتقض فَيبْطل كالرجوع عَن الْإِقْرَار الْبَيِّنَة تُرْجِعُ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ فِي الْحَدِيثِ لِلسَّبَبِيَّةِ لِاسْتِحَالَةِ أَنْ يَكُونَ الْقَطْعُ مَصْرُوفًا لِلنِّصَابِ بَلْ مَعْنَاهُ لَا قَطْعَ إِلَّا بِسَبَبِ أَخْذِ رُبْعِ دِينَارٍ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (فِي النَّفْسِ الْمُؤْمِنَةِ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ) أَيْ بِسَبَبِ قَتْلِهَا وَهُوَ كَثِيرٌ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْكَلَامَ حَيْثُ كَانَ النَّصُّ لِتَغَيُّرِ السُّوقِ لَا مَعَ بَقَائِهِ وَعَن الثَّالِث أَنه يبطل بِنَقص الْعين فغن عرفُوا بِأَنَّ نُقْصَانَ الْعَيْنِ يَضْمَنُ لِحَقِّ آدَمِيٍّ فَضَمِنَ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَنُقْصَانُ الْقِيمَةِ لَا يَضْمَنُ لِحَقِّ آدَمِيٍّ فَلَمْ يَضْمَنْ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ لِأَنَّ نُقْصَانَ الْعَيْنِ مَضْمُونٌ عَلَى السَّارِقِ فَلَمَّا تقرر

بَدَلُهُ فِي ذِمَّتِهِ لَمْ يَسْقُطِ الْقَطْعُ لِوُجُودِ النّصاب بعضه فِي ذمَّته وَبَعضه مَوْجُود فلنا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى تَعَلَّقَ بِالْعَيْنِ دُونَ الْقِيمَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَكَلَ الطَّعَامَ فِي الْحِرْزِ لَمْ يُقْطَعْ وَأَمَّا حَقُّ الْآدَمِيِّ وَهُوَ الْقِيمَةُ فَلَا يَتَرَتَّبُ إِلَّا عِنْدَ عَدَمِ الْعَيْنِ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ غَيْرُ مَسْرُوقٍ وَالْقَطْعُ فِي غَيْرِ الْمَسْرُوقِ بَاطِلٌ فَرْعٌ فِي الْمُقَدِّمَاتِ إِنْ نَقَصَتِ الدَّرَاهِمُ نَقْصًا لَا تَتَّفِقُ عَلَيْهِ الْمَوَازِينُ قُطِعَ فَإِنْ كَانَتْ يُتَعَامَلُ بِهَا عَدَدًا وَتَنْقُصُ ثَلَاثَ حَبَّاتٍ كُلَّ دِرْهَمٍ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يُقْطَعُ وَإِنْ جَازَتْ لِجَوَازِ الْوَازِنَةِ خِلَافُ الزَّكَاةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الِاحْتِيَاطَ إِيجَابُ الزَّكَاةِ وَعَدَمُ الْقَطْعِ فَيَحْصُلُ الِاحْتِيَاطُ بِهَا الشَّرْطُ الثَّانِي أَن يكون غير مَمْلُوك للسارق فَلَوْ سَرَقَ مَالَهُ الْمُرْتَهِنَ أَوْ مِنَ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ طَرَأَ الْمِلْكُ بِالْإِرْثِ قَبْلَ الْخُرُوجِ مِنَ الْحِرْزِ فَلَا قَطْعَ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ وَرِثَهُ بَعْدَ الْخُرُوجِ أَوْ مَلَكَهُ بِهِبَةٍ أَوْ غَيْرِهَا قُطِعَ وَقَالَهُ (ش) وَقَالَ (ح) إِذَا مَلَكَهُ بِسَبَبٍ مِنَ الْأَسْبَابِ سَقَطَ الْقَطْعُ. لَنَا الْعُمُومَاتُ وَالْقِيَاسُ عَلَى خَرَابِ الْحِرْزِ وَهَلَاكِ الْعَيْنِ أَوْ زَنَى بِجَارِيَةٍ ثُمَّ مَلَكَهَا احْتَجُّوا بِحَدِيثِ صَفْوَانَ (فَإِنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ لَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هَلَّا كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ ذَلِكَ) دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ وَهَبَهُ لَهُ قَبْلَ الْقَطْعِ وَوُصُولِهِ لِلْإِمَامِ سَقَطَ الْقَطْعُ وَلِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى حِينَئِذٍ سَارِقًا إِذَا وَهَبَهُ لَهُ كَمَا لَوْ أَكَلَ الطَّعَامَ دَاخِلَ الْحِرْزِ وَلِأَنَّهُ حَدٌّ لَا يَجِبُ مَعَ الْمِلْكِ (فَلَا يَبْقَى مَعَ

الْمِلْكِ كَالضَّمَانِ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ الضَّمَانَ لَا يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ وَالْحَدُّ يَسْقُطُ مَعَهَا وَبِالْقِيَاسِ عَلَى زنا الْمَقْذُوف وعَلى رُجُوع الشُّهُود فغن الْحُدُودَ تَسْقُطُ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْحَدِيثَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ رَفْعَهُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَسَكَتَ عَنِ الْقَضِيَّةِ لَمْ يُقْطَعْ وَحَصَلَ مَقْصُودُ صَفْوَانَ فَإِنَّهُ هَاجَرَ فَكَرِهَ أَنْ يُقْطَعَ مُسْلِمٌ مِنْ أَجْلِهِ فَتَوَسَّلَ فِي ذَلِكَ بِكُلِّ طَرِيقٍ فَقِيلَ لَهُ هَلَّا قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِ وَالْحَدِيثُ نَصٌّ لَنَا فِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ فَإِنَّ الْهِبَةَ مَا نَفَعَتْ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ إِذَا أَكَلَ لَمْ تَتَحَقَّقِ السَّرِقَةُ (وَهِيَ الْإِخْرَاجُ مِنَ الْحِرْزِ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا فِي تَحْقِيقِ السَّرِقَةِ) وَعَنِ الثَّالِثِ الْفَرْقُ أَنَّ الضَّمَانَ هُوَ الْمُطَالَبَةُ وَهِيَ متعذرة مَعَ مَا لَهُ الْمُعَيَّنِ وَالْحَدُّ لَا يَتَعَذَّرُ مَعَ الْمِلْكِ لِتَحَقُّقِ الجرأة سَابق وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ زِنَا الْمَقْذُوفِ يُورِثُ شُبْهَةَ أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ يَزْنِي فَيُصَدَّقُ الْقَاذِفُ وَطَرَيَانُ الْمِلْكِ لَا يُوجِبُ تَوَهُّمَ تَقَدُّمِهِ وَلِأَنَّ حَدَّهُ لِزَوَالِ الْعَارِ وَإِنْ زَنَى ثَبَتَ الْعَارُ وَأَمَّا رُجُوعُ الشُّهُودِ فَيُخِلُّ بِالسَّبَبِ لِأَنَّا مَا علمناه إِلَّا من قبلهم وَهَا هُنَا السَّبَبُ لَمْ يَخْتَلْ الشَّرْطُ الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ مُحْتَرَمًا فَفِي الْكِتَابِ لَا قَطْعَ فِي خَمْرٍ وَلَا خِنْزِيرٍ وَإِنْ كَانَ لِذِمِّيٍّ سَرَقَهُ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ وَلِلذِّمِّيِّ قِيمَتُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا قيمَة فِيمَا حرمه اللَّهُ تَعَالَى وَفِيهِ الْأَدَبُ وَلَا قَطْعَ فِي كَلْبِ الصَّيْدِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَرَّمَ ثَمَنَهُ وَلَا فِي جِلْدِ الْمَيْتَةِ فَإِنْ دُبِغَ وَقِيمَةُ الصَّنْعَةِ دُونَ الْجِلْدِ

نِصَابٌ قُطِعَ (قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ إِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْجِلْدِ الْمَدْبُوغِ نِصَابًا قُطِعَ) وَإِلَّا فَلَا بقال مَالِكٌ لَا يُقْطَعُ فِي كَلْبِ الصَّيْدِ وَالْمَاشِيَةِ (وَقَالَ أَشْهَبُ يُقْطَعُ فِي كَلْبِ الصَّيْدِ) وَالْمَاشِيَةِ وَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ فِي جَوَازِ بَيْعِهِ قَالَ أَشْهَبُ يُقْطَعُ فِي الزَّيْتِ النَّجِسِ إِنْ سَاوَى فِي بَيْعِهِ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ سَرَقَ الْأُضْحِيَةَ قَبْلَ الذَّبْحِ قُطِعَ وَبَعْدَهُ لَا يُقْطَعُ لِأَنَّهَا لَا تُبَاعُ وَإِنْ سَرَقَ لَحْمَهَا مِمَّنْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ قُطِعَ وَإِنْ سَرَقَ مِزْمَارًا أَوْ غَيْرَهُ مِنْ آلَاتِ الطَّرَبِ وَقِيمَتُهُ بَعْدَ الْكَسْرِ نِصَابٌ قُطِعَ وَإِلَّا فَلَا سَرَقَهُ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ مِنْ مُسْلِمٍ لِأَنَّ عَلَى الْإِمَامِ كَسْرَهَا عَلَيْهِمْ إِذَا أَظْهَرُوهَا وَإِنْ كَانَ فِيهَا فِضَّةٌ نِصَابٌ عَلِمَ بِهَا قُطِعَ وَإِنْ سرق دفا أوو كَبَرًا قِيمَتُهُ صَحِيحًا نِصَابٌ قُطِعَ لِلرُّخْصَةِ فِي اللَّعِبِ بِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ مَا جَازَ بَيْعُهُ وَمِلْكُهُ قُطِعَ بِهِ وَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَا ملكه لَا يقطع فِيهِ إِلَّا الْحر فَفِيهِ قَوْلَانِ وَمَا يَجُوزُ مِلْكُهُ دُونَ بِيعِهِ قَطَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهِ دُونَ أَشْهَبَ وَقَطَعَ أَشْهَبُ فِي لَحْمِ الْأُضْحِيةِ بَعْدَ الذَّبْحِ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ بَيْعِهَا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَأَشْبَهَ حِجَارَةَ الْمَسْجِدِ وَقَالَ أَشْهَبُ يُقَوَّمُ الْبَازِيُّ غَيْرَ مُعَلَّمٍ وَالْمَشْهُورُ أَرْجَحُ إِلَّا أَنْ يُرَادَ لِلَّهْوٍ وَلَوْ قَصَدَ بِالْحَمَامِ حَمْلَ الْأَخْبَارِ لَا اللَّهْوَ قُوِّمَتْ عَلَيْهِ مُعَلَّمَةً وَيُقَوَّمُ الصَّنَمُ الْخَشَبُ مَكْسُورًا وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْكَبَرَ وَالدُّفَّ كَالْعُودِ لَا يُقَوَّمُ غَيْرُ خَشَبِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ أَوَانِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ الْمُحَرَّمَةِ الْمَأْمُورِ بِكَسْرِهَا يُقَوَّمُ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ دُونَ الصَّنْعَةِ الشَّرْطُ الرَّابِعُ أَنْ يَكُونَ الْمِلْكُ تَامًّا قَوِيًّا احْتِرَازًا مِنَ الشَّرِكَةِ فَفِي الْكِتَابِ إِنْ سَرَقَ الشَّرِيكُ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ مِمَّا قَدْ عُلِّقَ عَلَيْهِ لَمْ يُقْطَعْ وَإِنْ أَوْدَعَاهُ رَجُلًا فَسَرَقَ أَحَدُهُمَا مِنْهُ مِمَّا فِيهِ مِنْ حِصَّةِ شَرِيكِهِ نِصَابًا قُطِعَ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ اخْتِلَاطَ الْمِلْكِ وَشِيَاعَهُ شُبْهَةٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا لَمْ

يَأْتَمِنْهُ وَمَنَعَهُ مِنْهُ وَهُوَ بِيَدِ أَجْنَبِيٍّ أَوْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا وَقَدْ حَجَرَهُ عَنِ الْآخَرِ قُطِعَ فَإِنْ سَرَقَ عَبْدٌ مِنْ مَالِ شَرِكَةٍ بَيْنَ سَيِّدِهِ وَرَجُلٍ فَقَوْلَانِ لِمَالِكٍ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ سَرَقَ فَوْقَ حَقِّ سَيِّدِهِ نِصَابًا قُطِعَ إِنْ أَحْرَزَهُ شَرِيكُ سَيِّدِهِ عَنِ السَّيِّدِ وَإِنْ كَانَ عِنْدَ سَيِّدِهِ لَمْ يُقْطَعْ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ جَعَلَ الشَّرِيكَانِ الْمِفْتَاحَ عِنْدَ رَجُلٍ فَسَرَقَ الَّذِي عِنْده الْمِفْتَاح وَإِنْ كَانَ الْمِفْتَاحُ فِي دَارِ أَحَدِهِمَا خَوْفًا مِنَ الْآخَرِ قُطِعَ الْمُخَوِّفُ وَإِلَّا فَلَا وَفِي الْجَوَاهِرِ يُقْطَعُ سَارِقُ بَيْتِ الْمَالِ وَالْغَنَائِمِ وَأَهْرَاءِ الْمُسْلِمِينَ لِحَقَارَةِ مَا يَسْتَحِقُّهُ أَوْ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَا يَحْصُلُ إِلَّا بِالْقِسْمَةِ وَلِلْإِمَامِ صَرْفُ هَذِهِ الْعَيْنِ عَنْهُ بِالْكُلِّيَّةِ وَلَمْ يَقْطَعْهُ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَّا إِنْ سَرَقَ رُبْعَ دِينَارٍ زَائِدًا عَلَى سَهْمِهِ لِأَنَّهُ لَهُ فِيهِ شُبْهَةٌ وَلَا يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْ جُوعٍ أَصَابَهُ قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ قَالَ سَحْنُونٌ يُقْطَعُ سَارِقُ بَيْتِ الْمَالِ مُطْلَقًا بِخِلَافِ الْمُغْنِمِ (لِأَنَّ بَيْتَ الْمَالِ لَا يَجِبُ إِلَّا بَعْدَ أَخْذِهِ وَلِذَلِكَ يَجْرِي فِي وَطْءِ أَمَةٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. . الْمَغْنَمِ) وَقَالَ (ش) و (ح) لَا حد مُطلقًا لشُبْهَة وَقَالَهُ (ش) وَقَالَ (ح) لَا يُقْطَعُ فِي الدَّجَاجِ وَالْأِوَزِّ وَسَائِرِ الْحَيَوَانِ إِلَّا أَنْ يَدْخُلَ الْعَيْنُ صَنْعَةً كَالنَّجَّارِ لِلْخَشَبِ صُنْدُوقًا وَوَافَقَنَا عَلَى الْخَشَبِ الثَّمِينِ كَالسَّاجِ وَالْعُودِ وَنَحْوِهِ وَعَلَى الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَإِنِ اسْتُخْرِجَا مِنَ الْمَعْدِنِ لَنَا الْعُمُومَاتُ وَالْأَقْيِسَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (النَّاسُ

شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ الْمَاءِ وَالْكَلَأِ وَالنَّارِ) وَعَنْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ (لَا قَطْعَ فِي الطَّيْرِ وَلِأَنَّ الْمَجَازَ مِنْهَا يُشْبِهُ غَيْرَ الْمَجَازِ وَذَلِكَ شُبْهَة وَأما الذَّهَب وَالْفِضَّة فليسا على الْإِبَاحَة لِأَنَّهَا كنت لِلْكُفَّارِ وَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كَانَتِ الْيَدُ لَا تُقطَعُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الشَّيْءِ التَّافِهِ وَالْمَاءُ تَافِهٌ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الشَّرِكَةَ مُخْتَصَّةٌ بِمَا قَبْلَ الْإِحْرَازِ كَالْغَنِيمَةِ وَبَيْتِ الْمَالِ لِتَفْسِيقِ أَخْذِ شَيْءٍ مِنْهُ بَعْدَ الْحَوْزِ وَالشَّرِيكُ لَا يُفَسَّقُ وَعَنِ الثَّانِي مَنْعُ الصِّحَّةِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّةَ تُشْبِهُ الزَّوْجَةَ وَالْحَدُّ ثَابِتٌ إِجْمَاعًا وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ مَالَ الْكَافِرِ مُبَاحٌ وَمَنْ سَرَقَهُ بَعْدَ حَوْزِ الْمُسْلِمِ قُطِعَ وَلِأَنَّ الْمَعَادِنَ لَا تُمْلَكُ بِمِلْكِ الْأَرْضِ لِجَوَازِ بَيْعِ أَرْضٍ فِيهَا مَعْدِنُ ذَهَبٍ بِذَهَبٍ وَعَنِ الْخَامِسِ أَنَّ التَّافِهَ جِنْسُهُ لَا قِيمَتُهُ وَالْقَطْعُ فِي الْقِيمَةِ وَفِي الْكِتَابِ يُقْطَعُ سَارِقُ الْمُصْحَفِ وَقَالَهُ (ش) وَلَمْ يَقْطَعْهُ (ح) لَنَا مَا تَقَدَّمَ احْتَجُّوا بِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ فَهُوَ كَأُمِّ الْوَلَدِ وَلِأَنَّ فِيهِ شُبْهَةٌ لِأَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَتَعَلَّمَ الْقُرْآنَ فَيَتَعَلَّمُهُ مِنْهُ أَوْ رَأَى فِيهِ لَحْنًا فَأَخَذَهُ لِيُصْلِحَهُ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَعَنِ الثَّانِي لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْمُصْحَفَ يَتَعَيَّنُ التَّعْلِيمُ مِنْهُ وَعَنِ الثَّالِثِ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ اللَّحْنَ يُبِيحُ أَخْذَهُ بَلْ يُقَالُ لَهُ فِيهِ لَحْنٌ فَأَصْلَحَهُ الشَّرْطُ الْخَامِس سَلَامَته من شُبْهَة الِاسْتِحْقَاق وَفِي الْكِتَابِ إِنْ سَرَقَ أَحَدُ

الْأَبَوَيْنِ مِنْ مَالِ الْوَلَدِ لَمْ يُقْطَعْ أَوِ الْجَدُّ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ أَوِ الْأَبِ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ لَا يُقْطَعُوا لِأَنَّهُ أَبٌ وَلِأَنَّ الدِّيَةَ تُغَلَّظُ عَلَيْهِمْ كَالْأَبِ وَلَيْسَ الْمُسْقِطُ النَّفَقَةُ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ نَفَقَةُ ابْنِهِ الْكَبِيرِ وَلَا ابْنَتِهِ الثَّيِّبِ وَلَا يُقْطَعُ لَهُمَا وَلَا يُحَدُّ فِي وَطْء جواريها وَيُقْطَعُ الِابْنُ وَيُحَدُّ فِي وَطْءِ الْجَارِيَةِ وَتُقْطَعُ الْمَرْأَةُ إِنْ سَرَقَتْ مَنْ مَالِ زَوْجِهَا مِنْ غير بَيتهَا الَّتِي تَسْكُنُهُ وَكَذَلِكَ جَارِيَتُهَا إِنْ سَرَقَتْ مِنْ مَالِ الزَّوْجِ أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهَا وَحَقُّ الْمَرْأَةِ وَالِابْنِ فِي الْمَالِ كَحَقِّ صَاحِبِ الدَّيْنِ وَيُشْتَرَطُ فِي خَادِمِهَا وَخَادِمِهِ الْحَجْرُ عَلَيْهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَإِنْ سَرَقَ الْعَبْدُ أَوِ الْمُكَاتَبُ مَنْ مَالِ السَّيِّدِ لَمْ يُقْطَعْ لِشُبْهَةِ النَّفَقَةِ أَوْ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (عَبْدُكُمْ سَرَقَ مَتَاعَكُمْ) وَفِي الْعُتْبِيَّةِ إِنْ سَرَقَ مَالَ ابْنِ سَيِّدِهِ قُطِعَ أَوِ السَّيِّدِ مِنْ مَالِ عَبْدِهِ أَوْ مُكَاتَبِهِ أَوْ مُكَاتَبِ ابْنِهِ أَوْ عَبْدِ أَبِيهِ لَمْ يُقْطَعْ لشُبْهَة الانتزاع يَوْمًا مَا قَالَه اللَّخْمِيُّ عَنْ أَشْهَبَ لَا يُقْطَعُ الِابْنُ لِشُبْهَةِ الْإِنْفَاقِ كَالْأَبِ وَلَا يُحَدُّ فِي الزِّنَا وَقَالَ ابْن الْقصار يقطع إِن سَقَطت نَفَقَته إِلَّا فَلَا يُقْطَعُ كَالْبِكْرِ وَالذِّمِّيِّ فَإِنْ سَرَقَ مَنْ مَالِ أُمِّهُ أَوْ زَنَى حُدَّ أَوْ وَلَدِ الْوَلَدِ مِنْ أَحَدِ أَجْدَادِهِ أَوْ جَدَّاتِهِ حُدَّ وَعَن أَشْهَبَ يُقْطَعُ الْجَدُّ لِعَدَمِ النَّفَقَةِ فِي مَالِ حَفِيدِهِ وَعَن مُصْعَبٍ يُقْطَعُ الْعَبْدُ فِي مَوْضِعٍ حُجِبَ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ الْمَالُ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ فِي تَابُوتٍ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ فَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي قَطْعِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ قَوْلَانِ وَيُخْتَلَفُ عَلَى قَوْلِهِ فِي الضَّيْفِ وَعَدَمُ قَطْعِ الزَّوْجَيْنِ أَحْسَنُ إِنْ كَانَ الْحَجْرُ تَحَفُّظًا مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَإِنْ خَافَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ قُطِعَ وَإِنْ سَرَقَ الزَّوْجُ مِمَّا شَوَّرَهَا بِهِ وَلَمْ يَبْنِ بِهَا قُطِعَ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهِ كُلِّهِ لَهَا وَعَلَى الْقَوْلِ أَنَّهُ مُتَرَقِّبٌ لَا يُحَدُّ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا أَدْخَلَ

الضَّيْفَ دَارَهُ وَبَيَّتَهُ فِيهَا فَسَرَقَ مِنْهَا لَا يقطع وقطعه سَحْنُون إِن أخرجه إِلَى قاعة الدَّارِ لِأَنَّ الدَّارَ لَيْسَتْ بِحِرْزٍ لِلْإِذْنِ فِي دُخُولِهَا وَالْبَيْتُ حِرْزٌ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يُقْطَعُ مُسْتَحِقُّ الدَّيْنِ إِذَا سَرَقَ مِنْ غَرِيمِهِ الْمُمَاطِلِ حَبَسَ حَقَّهُ وَقَالَ (ح) لَا يُقْطَعُ الزَّوْجَانِ مُطْلَقًا وَكَذَلِكَ الْمُعْتَدَّةُ الْمَبْتُوتَةُ وَالْأَصْهَارُ إِذَا سَرَقُوا مِنْ بَيْتِ الْأَخْتَانِ وَالْأَخْتَانِ مِنَ الْأَصْهَارِ وَكُلُّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ حَتَّى الرَّبِيبِ لِلْمَرْأَةِ أَوِ الرَّجُلِ وَعِنْدَ (ش) ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ يُقْطَعُ الزَّوْجَانِ لَا يُقْطَعَانِ يُقْطَعُ الزَّوْجُ دُونَ الْمَرْأَةِ وَوَافَقَنَا فِي الْأَصْهَارِ وَغَيْرِهِمْ لَنَا فِي الْقَطْعِ الْعُمُومَاتُ وَالْأَقْيِسَةُ عَلَى الْإِجَارَةِ وَالصَّدِيقَيْنِ وَالْمُدَايِنِ احْتَجُّوا بِأَنَّ الْعَادَةَ أَنْ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَنْبَسِطُ فِي مَالِ الْآخَرِ أَمَّا الْمَرْأَةُ فَبِالنَّفَقَةِ وَأَمَّا هُوَ فَيَحْجُرُ عَلَيْهَا فِي مَعْنَى الثُّلُثِ وَيَتَجَمَّلُ بِمَالِهَا ويفترشه ويبتذله وَلِأَن الأوبة فرع المناكحة ولأبوة تَمْنَعُ الْقَطْعَ فَأَصْلُهَا أَوْلَى أَوْ نَقُولُ مُتَوَارَثَانِ فَلَا يُقْطَعُ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ كَالِابْنِ مَعَ الْأَبِ وَلقَوْله تَعَالَى {لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ} فَذَكَرَ الْأَعْمَامَ وَالْعَمَّاتِ وَالْخَالَ وَالْخَالَاتِ وَالْإِخْوَةَ وَالْأَخَوَاتِ فَتَحَقَّقَتِ الشُّبْهَةُ فِي مَالِهِمْ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْعَادَةَ وُصُولُ الْأَجْرِ إِلَيْهِ فَلَا يُقْطَعُ إِنَّمَا النِّزَاعُ فِيمَا حُجِرَ فِيهِ عَلَيْهِ وَأَمَّا النَّفَقَةُ فَمُعَاوَضَةٌ كَالْإِجَارَةِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ يَبْطُلُ بجريان الْقصاص فِيهَا دُونَ الْأَبِ وَعَنِ الثَّالِثِ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْأَبَ أَقْوَى لِامْتِنَاعِ الْقِصَاصِ فِيهِ دُونَهُمَا وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ الصَّدِيقَ فِي الْآيَةِ وَهُوَ يُقْطَعُ اتِّفَاقًا وَإِنَّمَا الْآيَةُ أَذِنَتْ فِي

الْأَكْلِ وَلَمْ تَأْذَنْ فِي دُخُولِ الْمَوَاضِعِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهَا وَهِي صُورَةِ النِّزَاعِ وَقَالَ تَعَالَى {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا} فَتلك الْآيَة فَوتهَا هَذِهِ قَاعِدَةٌ الشُّبْهَةُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ فِي غَايَةِ الْقُوَّةِ اتُّفِقَ عَلَى اعْتِبَارِهِ كَالشَّرِكَةِ وَفِي غَايَةِ الضَّعْفِ اتُّفِقَ عَلَى إِلْغَائِهِ كَالْأَجِيرِ وَالصَّدِيقِ وَقِسْمٌ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ اخْتُلِفَ فِي إِلْحَاقِهِ بِأَيِّ الْقِسْمَيْنِ الشَّرْطُ السَّادِسُ أَنْ يَكُونَ مُحْرَزًا وَوَافَقَنَا فِيهِ الْأَئِمَّةُ وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ وَقَالُوا لَيْسَ فِيهِ خَبَرٌ صَحِيحٌ وَفِي الْمُوَطَّأِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ مُعَلَّقٍ وَلَا فِي حَرِيسَةِ جَبَلٍ فَإِذَا آوَاهُ الْمُرَاحُ أَوِ الْجَرِينُ فَالْقَطْعُ فِيمَا بَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ) فَائِدَةٌ قَالَ صَاحب الْمُنْتَقى شبه الثَّمر فِي اشجار بِالْخَرَائِطِ الْمُعَلَّقَةِ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ الْحَرِيسَةُ الْمَاشِيَةُ فِي الْمَرَاعِي وَالْمُرَاحُ بِضَمِّ الْمِيمِ مَوْضِعُ مَبِيتِ الْمَاشِيَةِ وَقِيلَ مُنْصَرَفُهَا لِلْمَبِيتِ وَالْجَرِينُ بِفَتْحِ الْجِيمِ كَالْأَنْدَرِ لِلتَّمْرِ وَالْمِجَنُّ بِكَسْرِ الْمِيمِ التُّرْسُ هَذَا الْحَدِيثُ وَغَيْرُهُ يُشْعِرُ بِاشْتِرَاطِ الْحِرْزِ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا ذُكِرَ فِي هَذَيْنِ خَاصَّةً فَيَكُونُ فِي غَيْرِهَا بِالْقِيَاسِ وَفِي هَذَا الشَّرْطِ سِتَّةُ فُرُوعٍ

الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ إِنْ كَانَ الْمَسْرُوقُ وَدِيعَةً أَوْ عَارِيَةً أَوْ إِجَارَةً قُطِعَ لِأَنَّهُ حِرْزٌ لَهُ أَوْ سَرَقَ سَارِقٌ مِنْ سَارِقٍ مَا سَرَقَهُ قُطِعُوا كُلُّهُمْ لِأَنَّهُمْ سُرَّاقٌ وَيُقْطَعُ سَارِقُ مَا وضع فِي أقبية الحوانيت للْبيع لأنح حِرْزٌ لِمِثْلِهِ عَادَةً وَكَذَلِكَ الْمُوَاقِفُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ حَانُوتٌ كَانَ رَبُّهُ مَعَهُ أَوْ لَا سَرَقَ بِلَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ أَوْ شَاةٌ وَقَفَهَا رَبُّهَا فِي سُوقِ الْغَنَمِ لِلْبَيْعِ مَرْبُوطَةً أَو لَا وَكَذَلِكَ ظُهُورُ الدَّوَابِّ وَإِذَا اجْتَمَعَ فِي الْجَرِينِ الْحَبُّ وَالتَّمْرُ وَغَابَ رَبُّهُ وَلَا بَابَ عَلَيْهِ وَلَا حَائِطَ وَلَا غَلْقَ قُطِعَ لِأَنَّهُ مُحْرِزٌ عَادَةً وَلَا يُقْطَعُ فِي الْمَوَاشِي فِي الْمَرَاعِي حَتَّى يَأْوِيَهَا الْمُرَاحُ فَيُقْطَعُ وَإِنْ لَمْ يُطْلَقْ عَلَى الْمُرَاحِ حَائِطٌ أَوْ غَلْقٌ وَلَا يَبِيتُ مَعَهَا أَهْلُهَا كَالدَّوَابِّ فِي مَرَابِطِهَا الْمَعْرُوفَةِ وَيُقْطَعُ السَّارِقُ مِنَ الْحَمَّامِ إِنْ كَانَ مَعَ الْمَتَاعِ مَنْ يُحْرِزُهُ وَإِلَّا فَلَا إِلَّا إِنْ سَرَقَهُ أَحَدٌ لَمْ يَدْخُلِ الْحَمَّامَ مَدْخَلَ النَّاسِ مِنْ بَابِهِ كَالْمُتَسَوِّرِ وَالنَّقْبِ فَيُقْطَعُ لِأَنَّ هَذَا الْوَجْهَ لَيْسَ مَأْذُونًا فِيهِ فَيُقْطَعُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ الْمَتَاعِ حَارِسٌ وَإِنْ جَرَّ ثَوْبًا مَنْشُورًا عَلَى حَائِطٍ بَعْضُهُ فِي الدَّارِ وَبَعْضُهُ خَارِجٌ فَلَا يُقْطَعُ إِنْ كَانَ إِلَى الطَّرِيقِ وَكَذَلِكَ إِنْ سَرَقَ مَتَاعًا مِنْ ضِيَعٍ وَمَنْ أَذِنْتَ لَهُ فِي دُخُولِ بَيْتِكَ أَوْ دَعَوْتَهُ لِطَعَامِكَ لَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّكَ لَمْ تُحْرِزْ عَنْهُ وَهَذِهِ خِيَانَةٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ اخْتُلِفَ فِي قَوْلِهِ فِي الضَّيْفِ فَقِيلَ مَعْنَاهُ لَمْ يَخْرُجْ بِهِ وَلَوْ خَرَجَ مِنَ الدَّارِ لَقُطِعَ وَقِيلَ مَعْنَاهُ وَإِنْ أَخْرَجَهُ وَهُوَ مَذْهَبُ مُحَمَّدٍ وَقَالَ سَحْنُونٌ يُقْطَعُ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ بِهِ وَمَسْأَلَةُ الْحَمَّامِ تُشْكِلُ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ لَمْ يُذَاكِرْ فَيَظُنُّ أَنَّ مَنْ لَمْ يَنْقُبْ لَا يُقْطَعُ بَلْ مَنْ دَخَلَ وَسَرَقَ مَنْ نَقَبَ أَوْ غَيْرُهُ مِمَّنْ لَمْ يَدْخُلُ مَعَ النَّاسِ دَاخِلَ الْحَمَّامِ أَوِ اعْتَرَفَ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ لِيَدْخُلَ الْحَمَّامَ بَلْ لِيَسْرِقَ فَقَطْ لِأَنَّ سَبَبَ سُقُوطِ

الْقطع الْإِذْن فِي لبس ثِيَاب بَعضهم بعض وَتَنْحِيَتِهَا عَنْ أَمَاكِنِهَا وَيَضَعُ ثِيَابَهُ مَكَانَهَا فَإِذَا اعْتَرَفَ أَنَّهُ لَيْسَ مَنْ أَهْلِ هَذَا الْإِذْنِ قُطِعَ وَقِيلَ إِنْ سَرَقَ مِنَ الثِّيَابِ الَّتِي فِي الطِّيقَانِ قُطِعَ كَانَ مِنَ الدَّاخِلِينَ لِلْحَمَّامِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْذَنْ فِي التَّصَرُّفِ فِي الطِّيقَانِ وَإِنَّمَا هِيَ لِمَنْ يَسْبِقُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ لَهُمْ عَادَةٌ فِي التَّصَرُّفِ فِيهَا أَوْ تَكُونَ كِبَارًا تَحْمِلُ ثِيَابَ جَمَاعَةٍ كَمَا تُوضَعُ عَلَى الْأَلْوَاحِ وَفِي الْمُنْتَقَى إِنْ وَقَفَ صَبِيٌّ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ عَلَى دَابَّةٍ فَسَرَقَ رَجُلٌ رِكَابَيْ سَرْجِهَا قَالَ مَالِكٌ إِنْ كَانَ الصَّبِيُّ قَائِمًا قُطِعَ السَّارِقُ لِأَنَّ رَبَّهَا إِنَّمَا جَعَلَ ذَلِكَ الْمَكَانَ حِرْزًا بِسَبَبِ يَقَظَةِ الصَّبِيِّ فَإِنْ كَانَ نَائِمًا فَلَا قَطْعَ لِعَدَمِ الْحِرْزِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَيُقْطَعُ سَارِقُ مَا يُبْسَطُ فِي الْمَسْجِدِ فِي رَمَضَانَ لِلْجُلُوسِ إِنْ كَانَ مَعَهُ صَاحِبُهُ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ بِهِ مِنَ الْمَسْجِدِ وَكَذَلِكَ مَا يُعَلَّقُ فِي مَحَارِسِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ مِنَ السِّلَاحِ وَالْمَتَاعِ إِنْ كَانَ مَعَهُ رَبُّهُ قُطِعَ وَإِلَّا فَلَا إِلَّا أَنْ يَنْقُبَ الْجِدَارَ مِنْ وَرَائِهِ فَيُقْطَعُ كَانَ مَعَهُ أَحَدٌ أَمْ لَا وَلَا يُقْطَعُ فِي حُلِيِ الْكَعْبَةِ لِلْإِذْنِ فِي الجهول وَقِيلَ إِنْ سَرَقَ الْحُصْرَ نَهَارًا لَمْ يُقْطَعْ أَوْ تُسَوَّرْ عَلَيْهَا لَيْلَا بَعْدَ غَلْقِ الْبَابِ قُطِعَ وَيُقْطَعُ فِي الْقَمْحِ الَّذِي يُجْمَعُ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ زَكَاةِ الْفِطْرِ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ بِهِ قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُقْطَعُ فِي ثَوْبِ الرَّجُلِ يَكُونُ قَرِيبًا مِنْهُ فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي فَيَتَوَجَّهُ الْقَطْعُ لِقَبْضِهِ قَبْلَ أَنْ يَتَوَجَّهَ بِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ حَوْزُهُ وَإِنْ سَرَقَ الطَّعَامَ مِنَ الْمَطَامِيرِ فِي الْفَلَاةِ أَخْفَاهُ صَاحِبُهُ لَمْ يُقْطَعْ بِخِلَافِ مَا هُوَ بِحَضْرَةِ أَهْلِهِ مَعْرُوفٌ وَأَسْقَطَ الْقَطْعَ فِي الثَّوْبِ الَّذِي بَعْضُهُ لِلطَّرِيقِ بِالشُّبْهَةِ وَعَن ابْنِ الْقَاسِمِ يُقْطَعُ كَمَا عَلَى الْبَعِيرِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِيمَا عَلَى حَانُوتِ الصَّبَّاغِ وَالْقَصَّارِ وَقَالَ فِي الْغَسَّالِ عَلَى الْبَحْرِ يَيْبَسُ الثِّيَابَ لَا يُقْطَعُ كَالْغَنَمِ فِي الْمَرَاعِي قَالَ مُحَمَّدٌ لَا قَطْعَ فِي تمر رُؤْس

النَّخْلِ فِي الْحَوَائِطِ بِخِلَافِ نَخْلَةٍ أَوْ شَجَرَةٍ فِي دَارِ رَجُلٍ يُقْطَعُ وَإِذَا أَوَى الثِّمَارَ الْجَرِينُ قُطِعَ إِلَّا فِي جَرِينِ الصَّحْرَاءِ وَلَا حَائِطَ عَلَيْهِ وَلَا غَلْقَ لِأَنَّ الْحَدِيثَ إِنَّمَا وَرَدَ فِي الْجَرِينِ الَّذِي أَهْلُهُ حَوْلَهُ يَحْرُسُونَهُ وَسَوَّى ابْنُ الْقَاسِمِ لِعُمُومِ الْحَدِيثِ قَالَ مَالِكٌ فِي زَرْعِ مِصْرَ وَقَرَظِهَا يُحْصَدُ وَيُتْرَكُ فِي مَوْضِعِهِ حَتَّى يَيْبَسَ لَا يُقْطَعُ فِيهِ لِأَنَّ الْحَدِيثَ اشْتَرَطَ إِذَا أَوَاهُ الْجَرِينُ وَكَذَلِكَ فِي الزَّرْعِ يُحْصَدُ فَيُجْمَعُ فِي الْحَائِطِ فَيُحْمَلُ مِنْهُ إِلَى الْجَرِينِ يُقْطَعُ فِيهِ لِأَنَّهُ إِذَا ضُمَّ فِي الْحَائِطِ فِي مَوْضِعٍ فَهُوَ كَالْجَرِينِ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْحِرْزُ ثَلَاثَةٌ مَا عَلَيْهِ غَلْقٌ كَالدَّارِ وَالْخِبَاءِ فَيُقْطَعُ مَنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ وَالْإِنْسَانُ لِمَا مَعَهُ أَوْ عَلَيْهِ نَائِمًا أَوْ يَقْظَانَ أَوْ شَيْءٌ يَحْرُسُهُ وَلَا خِلَافَ فِي هَذَيْنِ وَالثَّالِث لَا غلق عَلَيْهِ وَلَا حارس كافلناء وَالْجَبَلِ فَفِيهِ اضْطِرَابٌ وَإِنْ سَرَقَ فِي الْحَمَّامِ مِمَّا يُجْعَلُ فِي الْحُصْرِ لَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ حَصِيرَةً مَعَهَا وَيُوَسِّعَ لِثِيَابِهِ وَإِنْ سَرَقَ مِنَ الْحَارِسِ مَنْ لَيْسَ لَهُ ثِيَابٌ عِنْدَهُ قُطِعَ إِلَّا أَنْ يُوهِمَهُ أَنَّ لَهُ عِنْدَهُ ثِيَابًا أَوْ أُذِنَ لَهُ فِي النَّظَرِ لَمْ يُقْطَعْ لِلْإِذْنِ وَإِنْ نَاوَلَهُ ثِيَابَهُ فَمَدَّ يَدَهُ إِلَى غَيْرِهَا قُطِعَ لِذَهَابِ الشُّبْهَةِ بِأَخْذِهِ ثِيَابِهِ وَإِنْ أُذِنَ لَهُ فِي أَخْذِ ثِيَابِهِ مِنْ جُمْلَةِ الثِّيَابِ لَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّهُ خائن قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْأَضْيَافِ يَسْرِقُ أَحَدُهُمْ لم يقطع لِأَنَّهُ بعد الْإِذْن خائن قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ سَلَبَ بَعْضُهُمْ مِنْ كُمِّ بَعْضٍ أَوْ سَرَقَ رِدَاءَهُ أَوْ نَعْلَهُ لَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّ الْحِرْزَ هُوَ الْبَيْتُ لَا الْكُمُّ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَلَيْسَ بِالْبَيِّنِ إِنْ سَرَقَ مِنَ الْكُمِّ وَالْقَطْعُ أَحْسَنُ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ حِرْزٌ لِمَا عَلَيْهِ وَلِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَأْمَنُ صَاحِبُهُ عَلَى مَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَا يَأْمَنُهُ عَلَى كُمِّهِ وَمِنْ هَذَا سَرِقَةُ أَهْلِ السَّفِينَةِ مِنْ بَعضهم وَعَن

أَصْبَغَ يُقْطَعُ فِي حُصْرِ الْمَسْجِدِ وَبَلَاطِهِ وَقَنَادِيلِهِ قِيَاسًا عَلَى الْبَابِ وَقَالَهُ مَالِكٌ سَرَقَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا عَلَيْهِ غَلْقٌ أَمْ لَا وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ بِهِ مِنَ الْمَسْجِدِ لِأَنَّ تِلْكَ الْمَوَاضِعَ أَحْرَازٌ لِذَلِكَ وَعَن سَحْنُونٍ إِنْ خَيَّطَ الْحُصْرَ بَعْضَهَا لِبَعْضٍ قُطِعَ وَإِلَّا فَلَا وَأَسْقَطَ أَشْهَبُ الْقَطْعَ مُطْلَقًا لِلْإِذْنِ وَرَأَى مَالِكٌ أَنَّ الْإِذْنَ لَيْسَ مِنَ الْمَالِكِ وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ أَوْجَبَهُ الْحُكْمُ وَجَعَلَ مَالِكٌ الْكَعْبَةَ فِي السَّرِقَةِ مِثْلَ الْمَنَازِلِ إِنْ سَرَقَ حُلِيَّهَا وَهِيَ مُغْلَقَةٌ قُطِعَ وَإِلَّا فَلَا وَلَمْ يَجْعَلْهَا مِثْلَ الْمَسَاجِدِ وَيُقْطَعُ فِي بَيْتِ الْقَنَادِيلِ فِيهِ الْحُصْرُ وَغَيْرُهَا وَإِنْ لَمْ يُؤْذَنْ فِي دُخُولِهِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ سَرَقَ فِي الدَّارِ نَعْلًا لَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّهُ جُعِلَ لَهُ تَحْرِيكُهَا وَإِبْعَادُهَا وَجُعِلَ لَهُ تَوْسِعَةً لِنَعْلِهِ قَالَ مَالِكٌ إِنْ أَدْخَلَهُ حَانُوتَهُ فَعَرَضَهَا عَلَيْهِ فَسَرَقَ لَا يُقْطَعُ لِأَنَّهُ ائتمنه على الدُّخُول بِخِلَاف أقبية الحوانيب وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُقْطَعُ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ الْأَحْوَالُ ثَلَاثَةٌ إِنْ أَبَاحَ لَهُ التَّقْلِيبَ فِي صِنْفٍ لَمْ يُقْطَعْ فِيهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ لَمْ يُقْطَعْ عِنْدَ مَالِكٍ وَقُطِعَ عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ وَإِنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي الدُّخُولِ قُطِعَ اتِّفَاقًا وَيُقْطَعُ فِي تَابُوتِ الصَّيْرَفِيِّ كَانَ عِنْدَهُ أَمْ لَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ يَتَقَلَّبُ بِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ فَنَسِيَهُ لَمْ يُقْطَعْ قَالَ مُحَمَّدٌ لَا يُقْطَعُ فِي الْقَطَانِيِّ فِي الْقِفَافِ أَوْ فِي أَقْبِيَةِ الْحَوَانِيتِ فَقَامَ صَاحِبُهَا وَتَرَكَهَا لِأَنَّهَا مِمَّا يَخِفُّ نَقْلُهَا فَلَمْ يُجْعَلْ لَهَا ذَلِكَ الْموضع حرْزا فَقَامَ صَاحِبُهَا وَتَرَكَهَا لِأَنَّهَا مِمَّا يَخِفُّ نَقْلُهَا فَلَمْ يُجْعَلْ لَهَا ذَلِكَ الْمَوْضِعُ حِرْزًا وَإِذَا وَقَفَتِ الْغَنَمُ لِلْبَيْعِ وَسَرَقَ مِنْهَا مِنْ أُذِنَ لَهُ فِي تَقْلِيبِهَا لَمْ يُقْطَعْ وَإِلَّا قُطِعَ وَإِنْ تَعَامَلَ عَلَيْهِ رَجُلَانِ أَحَدُهُمَا يُسَوِّمُ وَيُقَلِّبُ وَالْآخَرُ يَسْرِقُ قُطِعَ السَّارِقُ وَحْدَهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْأَحْسَنُ فِي الشَّاةِ الْوَاحِدَةِ فِي السُّوقِ

إِذَا ذَهَبَ عَنْهَا صَاحِبُهَا عَدَمُ الْقَطْعِ مُطْلَقًا لِأَنَّهَا لَا تَثْبُتُ وَحْدَهَا فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَلِأَنَّهَا مِمَّا يَخِفُّ نَقْلُهَا وَاخْتُلِفَ إِذَا سِيقَتِ الْغَنَمُ مِنَ الْمَرْعَى لِلْمُرَاحِ أَوْ أُخْرِجَتْ مِنْهُ لِلْمَرْعَى وَمَعَهَا مَنْ يَسُوقُهَا هَلْ يُقْطَعُ لِأَنَّهَا أَوَاهَا الْمُرَاحُ أَوْ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِيهِ قَالَ مَالِكٌ فِي الدَّوَابِّ تَكُونُ فِي الرَّبِيعِ وَمَعَهَا قَوَمَتُهَا لَا يُقْطَعُ فِيهَا لِأَنَّهُ مَرْعًى بِخِلَافِ الدَّابَةِ عَلَى بَابِ صَاحِبِهَا الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِنْ سَرَقَ نَخْلَةً مِنْ مَكَانِهَا أَوْ شَجَرَةً فِي حَائِطٍ لَمْ يُقْطَعْ كَالثِّمَارِ فَإِنْ قَطَعَ الْجِذْعَ صَاحِبُهُ وَوَضَعَهُ فِي الْحَائِطِ فَهُوَ حِرْزٌ لَهُ فَيُقْطَعُ وَيُقْطَعُ سَارِقُ الْبَقْلِ إِذَا أَوَاهُ حِرْزُهُ بِخِلَافِهِ قَائِمًا وَإِنْ وَضَعَ الْمُسَافِرُ مَتَاعَهُ فِي خِبَائِهِ أَوْ خَارِجًا مِنْ خِبَائِهِ وَذَهَبَ لِحَاجَتِهِ قُطِعَ فِيهِ وَكَذَلِكَ فُسْطَاطُهُ مَضْرُوبًا فِي الْأَرْضِ أَوِ احْتَلَّ بَعِيرًا مِنْ قِطَارِهِ فِي سبره وَبَانَ بِهِ أَوْ كَفَنًا مِنَ الْقَبْرِ أَوْ حَلَّ الطَّرَّارُ مِنْ دَاخِلِ الْكُمِّ أَوْ خَارِجِهِ أَوْ أَخْرَجَ مِنَ الْخُفِّ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ أَوْ سَرَقَ مِنْ مَحْمَلٍ شَيْئًا مُسْتَتِرًا أَوْ أَخَذَ مِنْ ظَهْرِ الْبَعِيرِ غَرَائِرَ أَوْ شَقَّهَا فَأَخَذَ مِنْهَا أَوْ ثَوْبًا مِنْ عَلَى ظَهْرِ الْبَعِيرِ مُسْتَتِرًا فَائِدَةٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ الطَّرَّارُ الَّذِي يَطُرُّ ثِيَابَ النَّاسِ أَيْ يَشُقُّهَا عَنْ أَمْوَالِهِمْ لِيَأْخُذَهَا وَالنَّطْرُولُ بِفَتْحِ النُّونِ وَضَمِّهَا وَبِالنُّونِ مِنْ أَوَّلِهِ وبالأم قَالَ ابْنُ وَهْبٍ هُوَ جِنْسٌ مِنَ الشَّبِّ وَقَالَ غَيْرُهُ غَاسُولٌ يُشْبِهُ الطِّفْلَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا قُطِعَ الْجِذْعُ وَأُلْقِيَ فِي الْحَائِطِ فِي حِرْزٍ وَلَهُ حَارِسٌ قُطِعَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ قَطَعَتْ لِلْحَمْلِ حَوْلَهَا لَمْ يُقْطَعْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَبْعَدَ الرَّاعِي بِغَنَمِهِ وَدَخَلَ عَلَيْهِ اللَّيْلُ فِي مَوْضِعٍ غَيْرِ مُرَاحٍ فَجَمَعَهَا وَبَاتَ عَلَيْهَا قُطِعَ سَارِقُهَا لِأَنَّهُ كالمراح قَالَ

الطَّرْطُوشِيُّ أَشَارَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى اعْتِبَارِ الْحِرْزِ فِي حَدِيثِ الْجَرِينِ وَلَمْ يُبَيِّنْ صِفَتَهُ وَوَكَلَهُ إِلَى اجْتِهَادِ الْعُلَمَاءِ لِيَعْظُمَ أَجْرُهُمْ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ كُلَّ مَا لَا يُنَصُّ عَلَى ضَبْطِهِ يُرْجَعُ فِيهِ لِلْعَادَةِ كَالنَّفَقَاتِ وَغَيْرِهَا فَحِرْزُ كُلِّ شَيْءٍ على حَسبه عَادَة قَالَ مَالك الْقَبْر حرز لِمَا فِيهِ كَانَ فِي الْبَيْتِ أَوِ الصَّحْرَاءِ يُقْطَعُ سَارِقُهُ إِنْ أَخْرَجَهُ إِلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَإِنْ كُفِّنَ وَطُرِحَ فِي الْبَحْرِ قُطِعَ آخِذُ كَفَنِهِ شُدَّ إِلَى خَشَبَةٍ أَمْ لَا وَوَافَقَنَا أَحْمَدُ قَالَ (ش) إِنْ كَانَ الْقَبْرُ فِي دَارٍ أَوْ فِي الْمَقَابِرِ قُطِعَ أَوْ فِي الصَّحَرَاءِ فَقَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ الْوَلِيَّ يَضْمَنُ الْكَفَنَ فَلَا يُقْطَعُ أَوْ لَا فَيُقْطَعُ وَقَالَ (ح) لَا يُقْطَعُ مُطْلَقًا لَنَا الْعُمُومَاتُ وَالْأَقْيِسَةُ عَلَى الْمَنَازِلِ وَغَيْرِهَا وقَوْله تَعَالَى {أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْض كفاتا أَحيَاء وأمواتا} والكفت السّتْر بالدور كِفَاةُ الْأَحْيَاءِ وَالْقَبْرُ كِفَاةُ الْأَمْوَاتِ وَرُوِيَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ (مَنْ غَرَّقَ غَرَّقْنَاهُ وَمَنْ حَرَقَ حَرَقْنَاهُ وَمَنْ نَبَشَ قَطَعْنَاهُ) وَكَتَبَ ابْنُ مَسْعُودٍ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي نَبَّاشٍ فَأَمَرَ بِقَطْعِهِ فَقَطَعَهُ وَقَطَعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ نَبَّاشًا فِي عَرَفَاتٍ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ فَهُوَ إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ وَلِأَنَّهُ حِرْزٌ تَمْلِكُهُ وَهُوَ عَلَى مِلْكِهِ فَيقطع كالحي وَملك الْمَيِّت إِنَّمَا يَزُول علما لَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ بِدَلِيلِ وَفَاءِ الدَّيْنِ مِنْ تَرِكَتِهِ وَلَا تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ بِغَيْرِ مِلْكِهِ احْتَجُّوا بِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى سَارِقًا بَلْ نَبَّاشًا وَعِنْدَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يُسَمِّي الْمُخْتَفِي قَالَتْ

عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا لَعَنَ اللَّهُ الْمُخْتَفِيَ وَالْمُخْتَفِيَةَ وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ (لَا قَطْعَ عَلَى الْمُخْتَفِي) وَلِأَنَّ الْقَبْرَ لَيْسَ بِحِرْزٍ لِأَنَّهُ لَا قُفْلَ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ لَا تُحْرَزُ فِيهِ الدَّنَانِيرُ كَسَائِرِ الْأَحْرَازِ وَلَوْ دُفِنَ مَعَهُ مَالٌ لَمْ يُقْطَعْ آخِذُهُ اتِّفَاقًا وَلَوْ كَانَ حِرْزًا لَكَانَ حِرْزًا لِمَا زَادَ عَلَى الْكَفَنِ (الْمُعْتَادِ وَلَوْ كُفِّنَ فِي عَشَرَةِ أَثْوَابٍ فَسُرِقَ الزَّائِدُ عَلَى الْكَفَنِ لَمْ يُقْطَعْ) وَلِأَنَّ الْكَفَنَ إِنَّمَا يُوضَعُ لِلْبِلَى لَا لِلْحِفْظِ وَلَوْ وُضِعَ الْكَفَنُ فِي قَبْرٍ بِغَيْرِ مَيِّتٍ لَمْ يَكُنْ حِرْزًا لَهُ وَلَوْ وُضِعَ الْمَيِّتُ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ لَمْ يُقْطَعْ سَارِقُ كَفَنِهِ فَالْمَيِّتُ وَالْقَبْرُ لَيْسَ حِرْزًا وَالِاجْتِمَاعُ لَا يَزِيدُ عَلَى الِانْفِرَادِ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ حِرْزًا لِلنَّاسِ لِأَنَّهُ لَا يُدْخَلُ بِإِذْنِ الْوَلِي وَلَا غَيْرِهِ وَإِنَّمَا هُوَ حِرْزٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَالْخَلْقُ عِبَادُ اللَّهِ وَالْعَبْدُ لَا يُقْطَعُ مِنْ حِرْزِ سَيِّدِهِ وَلِأَنَّهُ مَالٌ مَدْفُونٌ فَلَا يُقْطَعُ فِيهِ كَالْبَذْرِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ سَارِقٌ لِقَوْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا سَارِقُ مَوْتَانَا كَسَارِقِ أَحْيَائِنَا وَيُقَالُ فِي الْعُرْفِ سَرَقَ الْكَفَنَ وَلِأَنَّ السَّارِقَ الْآخِذُ خُفْيَةً وَالنَّبَّاشُ كَذَلِكَ وَعَنِ الثَّانِي مُجْمَلُ الْحَدِيثِ عَلَى مَا إِذَا لَمْ يُخْرِجُهُ أَوْ لَهُ فِيهِ شُبْهَةٌ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ حِرْزَ كُلِّ شَيْءٍ عَلَى حَسَبِهِ فَقَدْ يَصْلُحُ حِرْزًا لِشَيْءٍ دُونَ غَيْرِهِ لِأَنَّ ضَابِطَ الْحِرْزِ الْعَادَةُ وَالْعَادَةُ فِي الْأَمْوَالِ مُخْتَلِفَةٌ اتِّفَاقًا وَهُوَ الْجَوَابُ عَنِ الزَّائِدِ فِي الْكَفَنِ وَالْمَالِ مَعَ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْعَادَةِ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّهُ يَقْصِدُ حِفْظَهُ عَلَيْهِ فِي الْقَبْرِ حَتَّى يَبْلَى فَكَوْنُهُ يَبْلَى لَا يُنَافِي قَصْدَ الْحِفْظِ

وَعَنِ الْخَامِسِ أَنَّ الْعَادَةَ شَهِدَتْ بِأَنَّ الْحَفْرَ لَا يكون حفظا للقماش إِلَّا كفوو وَأَن الْكَفَن وَحْدَهُ خِلَافُ الْعَادَةِ وَكَذَلِكَ الْمَيِّتُ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ لَمْ تَشْهَدِ الْعَادَةُ بِأَنَّ شَفِيرَ الْقَبْرِ حِرْزٌ لِأَنَّ ضَابِطَ الْحِرْزِ مَا لَا يُعَدُّ الْوَاضِع فِيهِ مفرطا والواضع غي غَيْرِ الْقَبْرِ مَعَ تَرْكِهِ مُفْرِطٌ وَبِالضَّابِطِ تَظْهَرُ هَذِهِ النُّصُوصُ كُلُّهَا بِأَنَّ وَاضِعَ الْمَيِّتِ مَعَ الْكَفَنِ فِي الْقَبْرِ لَيْسَ مُفْرِطًا وَغَيْرُ ذَلِكَ يُعَدُّ مُفْرِطًا وَعَنِ السَّادِسِ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لَيْسَ حِرْزًا لِلْغَيْرِ بَلْ حِرْزٌ لِلْمَيِّتِ وَبَيْتِهِ كَالدَّارِ حِرْزٌ لِلْحَيِّ وَبَيْتِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَلَمْ نجْعَل الأَرْض كفاتا أَحيَاء وأمواتا} وَعَدَمُ الدُّخُولِ بِالْإِذْنِ كَعَدَمِ الدُّخُولِ فِي الْبَيْتِ عَلَى الْحَيِّ الْعُرْيَانِ سَلَّمْنَا أَنَّ الْحِرْزَ لِلَّهِ تَعَالَى لَكِنَّ الْكَفَنَ لِلْمَيِّتِ فَهُوَ كَعَبْدٍ سَرَقَ مِنْ بَيْتِ سَيِّدِهِ مَالَ غَيْرِ سَيِّدِهِ يُقْطَعُ وَعِنْدَنَا إِنْ سَرَقَ مِنْ بَيْتِ (سَيِّدِهِ مَالَ غَيْرِ سَيِّدِهِ يُقْطَعُ وَعِنْدَنَا أَنَّ مَنْ سَرَقَ مِنْ بَيْتِ) اللَّهِ تَعَالَى ذَلِكَ يُقْطَعُ وَعَنِ السَّابِعِ أَنَّ الْبَذْرَ فِيهِ لِلْعُلَمَاءِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْقَطْعُ كَالْكَفَنِ وَعَدَمُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُوضَعْ لِلْحِفْظِ بَلْ لِلنَّبَاتِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَفَنِ أَنَّ كُلَّ حَبَّةٍ فِي حِرْزِهَا فَهُوَ مُخْرِجٌ مِنْ كُلِّ حِرْزٍ دُونَ النِّصَابِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ الثَّالِثُ إِنْ نَزَلَ الْمُسَافِرُونَ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى حِدَةٍ فَسَرَقَ أَحَدُهُمَا مِنَ الْآخَرِ قُطِعَ كَأَهْلِ الدَّارِ ذَاتِ الْمَقَاصِيرِ وَمَنْ أَلْقَى ثَوْبَهُ فِي الصَّحْرَاءِ وَذَهَبَ لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ وَهُوَ يُرِيدُ الرَّجْعَةَ إِلَيْهِ ليأخذه

فَسَرَقَهُ رَجُلٌ سِرًّا قُطِعَ إِنْ كَانَ مَنْزِلًا نَزَلَهُ وَإِلَّا فَلَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ إِنْ طَرَحَهُ بِمَوْضِعِ ضَيْعَةٍ لَمْ يُقْطَعْ أَوْ بِقُرْبٍ مِنْهُ أَوْ خِبَائِهِ أَوْ خِبَاءِ أَصْحَابه وسرقع غَيْرُ أَهْلِ الْخِبَاءِ قُطِعَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَأَمَّا أَهْلُ السَّفِينَةِ يَسْرِقُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ فَلَا قَطْعَ كَالْحِرْزِ الْوَاحِدِ إِلَّا أَنْ يَسْرِقَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ السَّفِينَةِ مُسْتَتِرًا فَلْيُقْطَعْ إِذَا خَرَجَ مِنَ المَرْكِبِ الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ إِنْ سَرَقَ من سفينة قطع والسفينة نَفسهَا فِيهِ كَالدَّابَّةِ تُحْبَسُ وَتُرْبَطُ إِنْ كَانَ مَعَهَا مَنْ يُمْسِكُهَا قُطِعَ كَالدَّابَّةِ بِبَابِ الْمَسْجِدِ وَفِي السُّوقِ وَإِنْ نَزَلُوا سَفِينَتَهُمْ مَنْزِلًا فَرَبَطُوهَا قُطِعَ كَانَ مَعَهَا صَاحِبُهَا أَمْ لَا لِأَنَّهُ كَالْحِرْزِ لَهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَوْلُهُ يُقْطَعُ سَارِقُ السَّفِينَةِ يُرِيدُ إِنَّهُ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا فَيُقْطَعُ إِذَا أخرجه من السَّفِينَةَ بِمَوْضِعٍ يَصْلُحُ أَنْ يُرْسَى بِهَا فِيهِ قُطِعَ وَإِلَّا فَلَا لِعَدَمِ شَهَادَةِ الْعَادَةِ بِأَنَّهُ حِرْزٌ لَهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنِ انْفَلَتَتْ مِنَ الْمَرْسَى لَمْ يُقْطَعْ فَإِنْ أُرْسِيَ بِهَا فِي غَيْرِ مَرْسَى قَطَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ دُونَ أَشْهَبَ وَلَوْ كَانَ مَعَهَا فِي الْبَرِّ مَنْ يَحْرُسُهَا قُطِعَ عِنْدَهُمَا الْخَامِسُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ الدُّورُ سِتَّةٌ دَارٌ حَجَرَهَا سَاكِنُهَا أَوْ مَالِكُهَا عَنِ النَّاسِ يُقْطَعُ سَارِقُهَا إِنْ خَرَجَ مِنَ الدَّارِ وَلَا يُقْطَعُ إِنْ خَرَجَ مِنْ بَعْضِ بُيُوتِهَا وَلَمْ يخرج مِنْهَا وَدَار أذن فِيهَا ساكنه أَوْ مَالِكُهَا لِخَاصٍّ كَالضَّيْفِ أَوْ رَسُولٍ يَبْعَثُهُ لِيَأْتِيَهُ بِقُمَاشِهِ فَيَسْرِقُ ذَلِكَ الْخَاصُّ مِنْ بَيْتٍ حُجِرَ عَلَيْهِ فِيهِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يُقْطَعُ وَإِنْ أَخْرَجَهُ مِنْ جَمِيعِ الدَّارِ لِأَنَّهُ خَائِنٌ لَا سَارِقٌ وَقَطَعَهُ سَحْنُونٌ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ منجميع الدَّارِ إِذَا أَخْرَجَهُ إِلَى مَوْضِعِ الْإِذْنِ لِشِبْهِهِ بِالشُّرَكَاءِ فِي سَاحَةِ الدَّارِ إِذَا سَرَقَ أَحَدُهُمْ مِنْ بَيْتِ صَاحِبِهِ وَأَخْرَجَهُ إِلَى سَاحَةِ الدَّارِ وَعنهُ لَا

يُقْطَعُ حَتَّى يُخْرِجَهُ مِنْ جَمِيعِ الدَّارِ وَدَارٌ انْفَرد بساكنها مَعَ امْرَأَتِهِ فَسَرَقَتِ الزَّوْجَةُ أَوْ أَمَتُهَا مِنْ بَيْتٍ حَجَرَهُ عَلَيْهَا أَوِ الزَّوْجُ أَوْ عَبْدُهُ مِنْ مَالِهَا الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ فَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ يُقْطَعُ إِنْ أَخْرَجَهُ إِلَى مَوْضِعِ الْإِذْنِ وَعَنْ مَالِكٍ لَا يُقْطَعُ لِأَنَّهَا خِيَانَةٌ وَدَارٌ أُذِنِ فِيهَا إِذْنًا عَامًا كَالْعَالِمِ وَالطَّبِيبِ أَوْ يُحْجَرُ عَلَى بَيْتٍ مِنْهَا دُونَ بَقِيَّتِهَا يَدْخُلُ بِغَيْرِ إِذْنٍ فَيُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْ بَيْتٍ مَحْجُورٍ إِذَا خَرَجَ بِهِ مِنْ جَمِيعِ الدَّارِ وَلَا يُقْطَعُ السَّارِقُ مِنْ قَاعَتِهَا وَلَا مِنْ غَيْرِ الْمَحْجُورِ مِنْ بُيُوتِهَا اتِّفَاقًا حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ جَمِيعِ الدَّارِ لِأَنَّ بَقِيَّةَ الدَّارِ مِنْ تَمَامِ الْحِرْزِ فَفَارَقَتِ الْحَجْرَ فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ إِلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهَا وَدَارٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ سَاكِنِيهَا مُبَاحَةٌ لِسَائِرِ النَّاسِ كَالْفُنْدُقِ فَقَاعَتُهُ مُبَاحَةٌ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَهِيَ كَالْمَحَجَّةِ فَالسَّارِقُ مِنَ الْبُيُوتِ مِنَ السُّكَّانِ أَوْ غَيرهم إِذا أَخذ فِي عاقة الدَّارِ قُطِعَ اتِّفَاقًا وَدَارٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ سَاكِنِيهَا مَحْجُورَةٌ عَنِ النَّاسِ مَنْ سَرَقَ مَنْ بَيْتِ صَاحِبِهِ قُطِعَ إِذَا خَرَجَ إِلَى قَاعَةِ الدَّارِ (وَإِن لم يخرج بِهِ من الدَّارِ) وَلَا أَدْخَلَهُ بَيْتَهُ وَلَا قَطْعَ فِي السّرقَة من قاعة الدَّار وَإِن أدخلته بَيْتَهُ أَوْ خَرَجَ بِهِ مِنَ الدَّارِ لِأَنَّهَا مَأْذُون فِيهَا لَهُم غلا إِنْ سَرَقَ مِنْ قَاعَتِهَا دَابَّةً مِنْ مَرْبِطِهَا الْمَعْرُوفِ لَهَا وَنَحْوِهِ مِنَ الْمَتَاعِ الثَّقِيلِ الَّذِي يُجْعَلُ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ فَذَلِكَ الْمَوْضِعُ حِرْزٌ لَهُ وَإِنْ سَرَقَتْ زَوْجَتُهُ لِأَحَدِ سُكَّانِهَا أَوْ زَوْجُهَا أَوْ رَقِيقُهَا مَنْ مَالِ صَاحِبِهِ مِنْ بَيْتٍ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ مِنْهُ قُطِعَ اتِّفَاقًا أَوْ أَجْنَبِيٌّ مِنْ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ الدَّارِ وَأُخِذَ فِي قَاعَتِهَا وَكَالثَّوْبِ الْمَنْشُورِ فَيُخْرِجُهُ مِنَ الدَّارِ فَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ يُقْطَعُ فِي الْوَجْهَيْنِ وَالْقِيَاسُ إِذَا قُطِعَ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي أَنْ

لَا يُقْطَعُ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَعَلَيْهِ حَمَلَ عَبْدُ الْحَقِّ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِذَا قُطِعَ فِي الأول أَن لَا يقطع فِي الثَّانِي وَعَلِيهِ حمل مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ فَتَتَحَصَّلُ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ وَاخْتُلِفَ إِذَا سَرَقَ أَجْنَبِيٌّ مَا نَسِيَ بَعْضُ الْأَشْرَاكِ فِي الْقَاعَةِ مِمَّا لَمْ يُقْصَدْ وَضْعُهُ فِيهَا قَطَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ دُونَ مُحَمَّدٍ فَإِنْ كَانَ مَوْضِعًا لَهُ كَمَرْبِطِ الدَّابَّةِ قُطِعَ اتِّفَاقًا إِنْ أَخْرَجَهُ مِنَ الدَّارِ فَإِنْ أُخِذَ قَبْلَ ذَلِكَ وَبَانَ بِهِ عَنْ مَوْضِعِهِ فَعَلَى الْخِلَافِ إِذَا أَخْرَجَهُ مِنَ الْبَيْتِ إِلَى الْقَاعَةِ وَفِي النُّكَتِ الدَّارُ الْمُشْتَرَكَةُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهَا لِغَيْرِ السُّكَّانِ كَدُورِ مصر إِن نَشَرَ أَحَدٌ ثَوْبَهُ عَلَى ظَهْرِ بَيْتِهِ الْمَحْجُورِ عَنِ النَّاسِ قُطِعَ سَارِقُهُ وَإِنْ أُخِذَ فِي الدَّارِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ كَانَ السَّارِقُ مِنْ أَهْلِ الدَّارِ وَإِلَّا لَمْ يُقْطَعْ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ جَمِيعِ الدَّارِ السَّادِسُ فِي الْجَوَاهِرِ إِنْ عَلِمَ صَاحِبُ الْحِرْزِ بِالسَّارِقِ فَتَركه حَتَّى خرج ثَلَاثَة أَقُول لَا يُقْطَعُ لِمَالِكٍ لِأَنَّهُ مُخْتَلِسٌ بِسَبَبِ الِاطِّلَاعِ وَقَطَعَهُ أَصْبَغُ وَفَرَّقَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ إِنْ شَعَرَ بِمَعْرِفَتِهِ فَفَرَّ لَمْ يُقْطَعْ الرُّكْنُ الثَّالِثُ السَّرِقَةُ وَهِيَ الْإِخْرَاجُ وَفِيهِ طَرَفَانِ الطَّرَفُ الْأَوَّلُ فِي وُجُوهِ النَّقْلِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْحِرَابَةِ أَنَّ أَخذ المَال عشرَة أَقسَام أَحدهَا المسر وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُرُوعٍ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ إِذَا سَرَقَ جَمَاعَةٌ مَا تَعَاوَنُوا عَلَى إِخْرَاجِهِ مِنَ الْحِرْزِ لِثِقَلِهِ قُطِعُوا إِنْ كَانَ قِيمَتُهُ نِصَابًا وَإِنْ حَمَلُوهُ عَلَى ظَهْرِ أَحَدِهِمْ لِيَخْرُجَ بِهِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى إِخْرَاجِهِ إِلَّا بِرَفْعِهِمْ مَعَهُ قُطِعُوا وَإِلَّا قُطِعَ الْخَارِجُ بِهِ وَحْدَهُ لِأَنَّهُ السَّارِق وَلَا يُقْطَعْ مَنْ أَعَانَهُ وَإِنْ خَرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ بِشَيْءٍ وَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الْمُخْرَجِ لَمْ يُقْطَعْ إِلَّا من أخرج يصابا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنِ خَرَجُوا بِالشَّيْءِ الْخَفِيفِ يَحْمِلُونَهُ كَالثَّوْبِ وَفِي قِيمَتِهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ رُبْعُ دِينَارٍ قُطِعُوا أَوْ أَقَرَّ لَمْ يُقْطَعُوا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ

سَرَقَ دُونَ النِّصَابِ وَقَالَهُ مَالِكٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَقيل الْخَفِيف كالثقيل كَأَن لَا يُخْرِجَهُ إِلَّا اثْنَانِ فَأَخْرَجَهُ أَرْبَعَةٌ جَرَى عَلَى الْخِلَافِ فِي الْخَفِيفِ وَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ إِخْرَاجَهَا إِلَّا بِحَمْلِ الْجَمَاعَةِ عَلَيْهِ قَالَ أَبُو مُصْعَبٍ يُقْطَعُ الْمُخْرِجُ وَحْدَهُ لِأَنَّ غَيْرَهُ مُتَوَسِّلٌ لَا سَارِقٌ خِلَافُ مَا فِي الْكِتَابِ وَوَافَقُوا إِذَا حَمَلُوهَا عَلَى ظَهْرِ دَابَّةٍ أَنَّهُمْ يُقْطَعُونَ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي هَذَا الْأَصْلِ إِذَا قَرَّبُوهُ فَجَرَّهُ الْخَارِجُ بِيَدِهِ أَوْ رَبَطُوهُ فَجَرَّهُ بِالْقَطْعِ وَعَدَمِهِ وَإِنْ حَمَلُوهُ عَلَى صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ فَكَالدَّابَّةِ وَإِنْ أَخْرَجَهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْمُرُوهُ لَمْ يُقْطَعُوا فَإِنْ سَرَقَ أَحَدُهُمْ دِينَارًا فَقَضَاهُ لِأَحَدِهِمْ قبل أَن يخرجُوا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْمُرُوهُ لَمْ يُقْطَعُوا فَإِنْ سرق أحدهم دِينَارا فقضاه لأَحَدهم فَبل أَنْ يَخْرُجُوا فَأَوْدَعَهُ إِيَّاهُ قَالَ مُحَمَّدٌ يُقْطَعُ مَنْ خَرَجَ وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَهُ ثَوْبًا فِي الْحِرْزِ وَلَوْ دَخْلَ رَجُلٌ عَلَى السَّارِقِ فَبَاعَهُ ثَوْبًا فَخَرَجَ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ سَارِقٌ لَمْ يُقْطَعْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَإِنْ أُخِذَ فِي الْحِرْزِ وَقَدِ ائْتَزَرَ بِإِزَارٍ فَانْفَلَتَ بِهِ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُقْطَعُ عَلِمَ بِهِ أَهْلُ الْبَيْتِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ مُخْتَلِسٌ فَإِنْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا أَخْرَجَهَا إِلَّا الْآخَرُ وَأَنْكَرَ الْكُلُّ وَتَنَازَعُوا لَمْ يُقْطَعُوا وَيُسْتَظْهَرُ فِي ذَلِكَ بِالْيَمِينِ رَجَاءَ الْإِقْرَارِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِمْ مَنْ يُرَادُ سَتْرُهُ فَلَا يَحْلِفُ وَيَحْلِفُ الْبَاقُونَ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِذَا جَمَعَ الْمَتَاع وأردك فِي الْحِرْزِ قَبْلَ الْخُرُوجِ لَمْ يُقْطَعْ وَإِنْ كَانَتْ دَارٌ مَأْذُونٌ فِيهَا وَفِيهَا تَابُوتٌ مُغْلَقٌ فَأَخَذَ رَجُلٌ مَأْذُونٌ لَهُ مَتَاعَ ذَلِكَ التَّابُوتِ فَأُخِذَ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ بِهِ لَا يُقْطَعُ لِأَجْلِ الْإِذْنِ وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ لَمْ يُقْطَعْ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَمْ يَبْرَحْ بِالْمَتَاعِ وَإِذَا نَقَّبَ فَأَخْرَجَ بِعُودٍ قُطِعَ وَإِنْ دَخَلَ وَنَاوَلَ آخَرَ خَارِجَهُ قُطِعَ الدَّاخِلُ وَحْدَهُ أُخِذَ فِي الْحِرْزِ أَوْ خَارِجِهِ لِأَنَّ الْمُخْرِجَ وَالْخَارِجَ آلَةٌ لَهُ وَإِنْ أُخِذَ فِي الْحِرْزِ بَعْدَ أَنْ أَلْقَى الْمَتَاعَ خَارِجَ الْحِرْزِ تَوَقَّفَ ليه مَالِكٌ بَعْدَ أَنْ قَالَ يُقْطَعُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِم وَأَنا أرى أَن يقطع لِأَنَّهُ يخرج وَإِنْ رَبَطَهُ الدَّاخِلُ بِحَبْلٍ وَجَرَّهُ الْخَارِجُ قُطِعَا جَمِيعًا وَإِن ناول أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ وَهُمَا فِي الدَّارِ لَمْ يُقْطَعْ إِلَّا الْمخْرج

وَإِنْ قَرَّبَهُ إِلَى بَابِ الْحِرْزِ أَوِ النَّقْبِ فَتَنَاوَلَهُ الْخَارِجُ قُطِعَ وَحْدَهُ لِأَنَّهُ الْمُخْرِجُ فَإِنِ الْتَقَتْ أَيْدِيهِمَا فِي الْمُنَاوَلَةِ فِي وَسَطِ النَّقْبِ قُطِعَا مَعًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا رَمَى بِالْمَتَاعِ مِنَ الْحِرْزِ فَأَتْلَفَهُ قَبْلَ خُرُوجِهِ فَفَرَّ مِنَ الْحِرْزِ قَاصِدًا لِإِتْلَافِهِ كَرَمْيِهِ فِي نَارٍ لَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ بِهِ مِنَ الْحِرْزِ أَوْ قَاصِدًا أَخْذَهُ بَعْدَ الْخُرُوجِ قُطِعَ وَإِنْ أُخِذَ فِي الْحِرْزِ لِأَنَّهُ قَصَدَ السَّرِقَةَ وَالْفَرْقُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بَيْنَ الْمُتَنَاوِلِ لِلسَّرِقَةِ مِنَ الدَّاخِلِ لَا يُقْطَعُ الدَّاخِل وَبَيت الْمَارِّ بِالْحَبْلِ يُقْطَعُ الدَّاخِلُ أَنَّ الْمُتَنَاوِلَ مِنْهُ كَمَا لَوْ كَانَا جَمِيعًا فِي الْحِرْزِ فَنَاوَلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ شَيْئًا فَخَرَجَ لَا يُقْطَعُ إِلَّا الْخَارِج وربط الْجَبَل مِنْ عَمَلِ الدَّاخِلِ فَقَدِ اسْتَوَيَا فِي الْإِخْرَاجِ فيقطعان وَرَأى أَشهب أَن المناولة كالرباط قَالَ (مَالِكٌ إِنْ أَشَارَ لِلشَّاةِ بِالْعَلَفِ لَا يُقْطَعُ لِأَنَّ خُرُوجَهَا بِإِرَادَتِهَا وَقَطَعَهُ) ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ مُكْرِهٌ لَهَا بِذَلِكَ قَالَ اللَّخْمِيُّ اخْتُلِفَ فِي ثَمَانِ مَسَائِلَ تَقْرِيبُهَا إِلَى النَّقْبِ وَيُخْرِجُهَا مَنْ هُوَ خَارِجُ الْحِرْزِ وَالرَّبْطُ لِمَنْ هُوَ خَارِجٌ وَالرَّبْطُ لِمَنْ هُوَ عَلَى سَقْفِ الْبَيْتِ وَالرَّابِعَةُ رَمْيُهَا فَتُؤْخَذُ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ هُوَ وَالْخَامِسَةُ يَرْمِيهَا فَتَهْلَكُ خَارِجًا وَالسَّادِسَةُ أَنْ يَسْرِقَ بِإِدْخَال يَده والسابقة الْإِشَارَةُ إِلَى طَائِرٍ أَوْ أَعْجَمِيٍّ بِشَيْءٍ فَيَخْرُجُ وَالثَّامِنَةُ حَمْلُ الْمَتَاعِ وَهُوَ فِي الْحِرْزِ عَلَى غَيْرِهِ وَخَالَفَ أَشْهَبُ بِالْقَطْعِ فِي الْمُقَرِّبِ لِلنَّقْبِ وَقَطَعَهُمَا مَعًا وَقَطَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْخَارِجَ وَحْدَهُ إِلَّا أَنْ تَلْتَقِيَ أَيْدِيهِمَا فِي النَّقْبِ فَيُقْطَعَانِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا لَمْ يَبِنْ بِهِ عَلَى السَّطْحِ لَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّ السَّطْحَ مِنَ الْحِرْزِ كَدَاخِلِهِ قَالَ مَالِكٌ فِي ثَلَاثَةٍ أَحَدُهُمْ فِي الْحِرْزِ وَالْآخَرُ عَلَى ظَهْرِهِ وَالْآخَرُ فِي الطَّرِيقِ فَنَاوَلَ الْأَسْفَلُ الَّذِي عَلَى ظَهْرِهِ وَنَاوَلَ الثَّانِي

الَّذِي فِي الطَّرِيقِ قُطِعَ الْأَوَّلَانِ دُونَ الثَّالِثِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحِرْز إِلَّا أَن يمده يَدَهُ حَتَّى يَصِيرَ فَوْقَ ظَهْرِ الْبَيْتِ فَيُقْطَعُ الْكُلُّ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَطْعُ الَّذِي فِي أَسْفَلِ الْبَيْتِ لَيْسَ بِالْبَيِّنِ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ فَقَطَعَ الْعلي وَحْدَهُ إِذَا مَدَّ يَدَهُ (إِلَى مَنْ فِي الطَّرِيقِ أَوْ مَدَّ الْخَارِجُ يَدَهُ) فَوْقَ السَّطْحِ وَقَطَعَ مَالِكٌ فِي الشَّاةِ وَالْأَعْجَمِيِّ لِأَنَّ فِعْلَهُمَا أخرجهُمَا من الْحِرْز وَلَو كَانَ بالرطانة للأعحمي وَمَنَعَ ابْنُ نَافِعٍ فِي الرَّطَانَةِ إِنْ دَعَاهُ فَأَطَاعَهُ بِخِلَافِ لَوْ غَرَّهُ كَقَوْلِهِ سَيِّدُكَ بَعَثَنِي إِلَيْكَ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ إِنْ أَكْلَ الطَّعَامَ فِي الْحِرْزِ لَمْ يُقْطَعْ وَضَمِنَهُ وَإِنْ دَهَنَ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ وَخَرَجَ وَقِيمَةُ مَا يُمْكِنُ سَلْتُهُ عَنْهُ نِصَابٌ قُطِعَ لِأَنَّهُ الَّذِي أَخْرَجَهُ وَإِلَّا لَمْ يُقْطَعْ وَإِنْ ذَبَحَ شَاةً أَوْ أَحْرَقَ ثَوْبًا أَوْ أَفْسَدَ طَعَامًا فِي الْحِرْزِ إِنَّمَا يُنْظَرُ إِلَى قِيمَتِهِ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ وَقَالَهُ (ش) وَقَالَ (ح) لَا يُقْطَعُ لَنَا الْعُمُومَاتُ وَالْقِيَاسُ عَلَى إِخْرَاجِهَا عَنْهُ احْتُجَّ بِأَنَّهُ لَزِمَهُ الضَّمَانُ فَلَا يُقْطَعُ فِيمَا لَزِمَهُ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْقِيمَةَ إِنَّمَا تَلْزَمُ بَعْدَ الْحُكْمِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي العبية لَوْ ابْتَلَعَ دِينَارًا فِي الْحِرْزِ وَخَرَجَ قُطِعَ لِأَنَّهُ خرج بِهِ وَيخرج مِنْهُ وَفِي أَخذه قَالَ مُحَمَّدٌ وَتَضْمِينُهُ مَا يَخْرُجُ بِالثُّلُثِ وَهُوَ نِصَابٌ ضَمِنَهُ فِي يُسْرِهِ دُونَ عُدْمِهِ إِذْ فِيهِ قَطْعٌ وَالزَّائِدُ عَلَى ذَلِكَ يَضْمَنُهُ فِي عَدمه وملائه ويحاص بِهِ غرماءه وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِنْ خَرَجَ بِالشَّاةِ مَذْبُوحَةً وَلَهُ مَالٌ يَوْمَ السَّرِقَةِ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا حَيَّةً وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ اتَّبَعَ بِمَا بَيْنَ قِيمَتِهَا حَيَّةً وَقِيمَتِهَا مَذْبُوحَةً لِأَنَّ مَا أَفْسَدَهُ فِي الْحِرْزِ مِنْ كَسْرِ جَرَّةِ زَيْتٍ أَوْ حَرْقِ ثَوْبٍ ضَمِنَ قِيمَتَهُ إِذَا قُطِعَ لَهُ مَالٌ أَمْ لَا لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ قَطْعٌ وَإِنَّمَا الْقَطْعُ فِي الْمُخْرَجِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ قيمَة

الْجَمِيعِ نِصَابًا أُتْبِعَ بِالْجَمِيعِ فِي مَلَائِهِ وَعُدْمِهِ وَإِلَّا إِن أَرَادَ رب الثَّوْب أَخذه محروقا سَقَطَ الضَّمَانُ وَإِنْ دَخْلَ بِثَوْبٍ الْحِرْزَ فَصَبَغَهُ بِزَعْفَرَانٍ وَخَرَجَ بِهِ فَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْخُرُوجِ نِصَابًا قُطِعَ بِخِلَافِ الدُّهْنِ فِي الرَّأْسِ لِأَنَّهُ لَا يزِيد فِي قمة الْمَدْهُونِ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا وَيُضْمَنُ الزَّعْفَرَانُ كُلُّهُ فِي مَلَائِهِ وَإِنْ كَانَ عَدِيمًا وَقَدْ قُطِعَ فَلَا يَسْقُطُ قِيمَتُهُ الزَّائِدُ لِأَنَّهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ وَلَمْ يُهْلِكِ الثَّوْبَ وَقَيْمَةُ بَاقِي الزَّعْفَرَانِ يَأْخُذُهُ مِنْ بَاقِي ثَمَنِ الثَّوْبِ إِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى السَّارِقِ دَيْنٌ وَإِلَّا تَحَاصَّوْا وَلَوْ أَخْرَجَ الزَّعْفَرَانَ فَصَبَغَ بِهِ خَارِجَ الْحِرْزِ فَرَبُّ الزَّعْفَرَانِ أَوْلَى بِالثَّوْبِ حَتَّى يَقْتَطِعَ مَا زَادَ فِيهِ الصَّبْغُ وَالْغُرَمَاءُ أَحَقُّ بِمَا بَقِيَ مِنَ الثَّوْبِ وَإِنْ لَمْ يَزِدِ الزَّعْفَرَانُ فِي قِيمَةِ الثَّوْبِ وَقُطِعَ فِيهِ وَهُوَ عُدْمٌ لَا يَنْتَفِعُ بِشَيْءٍ مِنْهُ وَغُرَمَاؤُهُ أَحَقُّ بِالثَّوْبِ بِخِلَافِ لَوْ سَرَقَ ثَوْبًا فَصَبَغَهُ بِزَعْفَرَانِ نَفْسِهِ فَلَمْ يَزِدْهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِغُرَمَائِهِ مَعَ صَاحِبِ الثَّوْبِ وَفِيهِ اخْتِلَافٌ فَإِنْ سَرَقَ زَعْفَرَانًا فَصَبَغَ بِهِ ثَوْبَهُ فَبَاعَهُ فَرَبُّ الزَّعْفَرَانِ أَحَقُّ بِالثَّوْبِ فِي عُدْمِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مَا زَادَهُ صَبَغَهُ عَلَى قِيمَتِهِ أَبْيَضَ وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَهُ الْمُبْتَاعُ مِنْ ثَانٍ أَوْ ثَانٍ مِنْ ثَالِثٍ لِأَنَّهُ عَيْنُ شَبَهٍ وَالْبَائِعُ مُتَعَدٍّ بِخِلَافِ بَائِعِ ثَوْبِهِ الَّذِي صَبَغَهُ لَهُ الصَّبَّاغُ لَيْسَ لِلصَّبَّاغِ فِيهِ طَلَبٌ بِصَبْغِهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فِي الْبَيْعِ فَهُوَ كَمَا لَو اشْترى سلْعَة فَبَاعَهَا فَإِن أسده فِي الْحِرْزِ وَأَخْرَجَهُ وَقِيمَتُهُ نِصَابٌ لَيْسَ لِرَبِّهِ أَخْذُهُ فِي الْفَسَادِ الْكَثِيرِ وَيُتْبِعُهُ بِمَا نَقَصَ لِأَنَّهُ لَا يُسَلَّمُ إِلَيْهِ إِلَّا بَعْدَ وُجُوبِ الْقَطْعِ وَلَهُ أَخْذُهُ بِمَا لَزِمَهُ دَاخِلَ الْحِرْزِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى السَّارِقِ دَيْنٌ فَلْيُحَاصِصْ وَلَهُ أَخْذُهُ فِي عَيْنِ الْفَسَادِ الْكَثِيرِ وَيُتْبِعُهُ بِمَا نقص بِفِعْلِهِ فِي الْحِرْز لِأَنَّهُ خِيَانَة قَبْلَ السَّرِقَةِ وَإِنْ أَخْرَجَهُ وَأَفْسَدَهُ فَسَادًا كَثِيرًا لَا يَأْخُذُهُ وَمَا نَقَصَهُ عِنْدَ أَشْهَبَ بَلْ قِيمَته يَوْم سَرقه أَو يَأْخُذهُ مفسودا

بِغَيْرِ شَيْءٍ لِأَنَّهُ أَحْدَثَ ذَلِكَ بَعْدَ ضَمَانِهِ وَإِن سرق أمة عجمية وَأَصَابَهَا عِنْدَهُ عَيْبٌ مُفْسِدٌ تَلْزَمُهُ بِهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ السَّرِقَةِ فَوَطِئَهَا حُدَّ لِلسَّرِقَةِ وَالزِّنَا إِنْ كَانَ بِكْرًا وَإِلَّا رُجِمَ وَلَمْ يُقْطَعْ وَلَا تَصِيرُ الْأَعْيَانُ لَهُ إِذَا جَنَى عَلَيْهَا حَتَّى يُقْضَى عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنْ وَضَعَ الْمَتَاعَ عَلَى الْمَاءِ فَخَرَجَ مِنَ الْحِرْزِ أَوْ فَتَحَ أَسْفَلَ الْمَكَارِحِ حَتَّى ذَهَبَ مَا فِيهِ مِنْ حَبٍّ أَوْ وَضَعَهُ عَلَى ظَهْرِ دَابَّةٍ فَخرجت بِهِ قطع لِأَن ذَلِك كُله من عَمَلِهِ وَبِهِ خَرَجَ الطَّرَفُ الثَّانِي الْمَنْقُولُ إِلَيْهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يُقْطَعُ بِالنَّقْلِ مِنْ زَاوِيَةٍ إِلَى زَاوِيَةٍ بَلْ مِنَ الْحِرْزِ إِلَى مَا لَيْسَ بحرز النَّظَرُ الثَّانِي فِي إِثْبَاتِ السَّبَبِ وَفِيهِ عَشَرَةُ فُرُوعٍ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ يَسْأَلُ الْإِمَامُ الْبَيِّنَةَ عَنْ كَيْفِيَّةِ الْأَخْذِ وَالْإِخْرَاجِ وَالْمَأْخُوذِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ شُبْهَةٌ دَرَأَ الْحَدَّ فِي النُّكَتِ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا كَانُوا عَالِمِينَ بِمَوَاقِعِ الشَّهَادَةِ لَمْ يُسْأَلُوا وَإِلَّا سُئِلُوا وَمَنَعَهُ غَيْرُهُ لِأَنَّ رَأْيَ الْحَاكِمِ قَدْ يَكُونُ نَفْيَ الْقَطْعِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ غَابُوا قَبْلَ أَنْ يُسْأَلُوا لَمْ يُقْطَعْ لِإِمْكَانِ الشُّبْهَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَمَذْهَبُهُمْ مَذْهَبُ الْحَاكِمِ وَكَذَلِكَ الزِّنَا فَإِنْ غَابَ ثَلَاثَةٌ فِي الزِّنَا أَوْ وَاحِدٌ فِي السَّرِقَةِ سُئِلَ الْبَاقِي قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ غَابَ أَرْبَعَةٌ فِي الزِّنَا لَمْ يُسْأَلِ الْبَاقِي وَلَيْسَ بالبين

الثَّانِي فِي الْكِتَابِ يُحْبَسُ حَتَّى تُزَكَّى الْبَيِّنَةُ فَيُحَدُّ وَإِنْ غَابَ الشُّهُودُ أَوْ رَبُّ السَّرِقَةِ أَمْ لَا أَوْ مَاتُوا أَوْ عَمُوا أَوْ جُنُّوا أَوْ خَرِسُوا وَكَذَلِكَ الْحُقُوقُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ ثُبُوتُ مَنَاطِ الصِّدْقِ بِالْعَدَالَةِ وَإِنِ ارْتَدُّوا أَوْ فَسَقُوا قَبْلَ الْحُكْمِ لِأَنَّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى سَوَاء سَرِيرَتِهِمْ قَبْلَ ذَلِكَ وَإِنْ فَسَقُوا أَوْ حُدُّوا بِخَمْرٍ قَبْلَ الْحَدِّ وَبَعْدَ الْحُكْمِ أُقِيمَ الْحَدُّ وَالْقِصَاصُ وَجَمِيعُ الْحُقُوقِ لِتَقَدُّمِ الْحُكْمِ وَلَا تُفَرِّقُ الْبَيِّنَةُ إِنْ كَانُوا عُدُولًا مُبَرِّزِينَ إِلَّا أَنْ يستنكر الإِمَام فِي التَّنْبِيهَاتِ مَنَعَ مَالِكٌ مِنَ الْكَفِيلِ لِأَنَّهُ لَا كَفَالَةَ فِي حَدٍّ أَمَّا بَعْدَ الشَّرْطِ فَلَازِمَةٌ أَوْ مِنَ النَّاسِ فِي الْأَمْرِ الْقَرِيبِ فَيجوز كالسحن وَقَوْلُهُ عَمُوا أَوْ خَرِسُوا مِنْ سُؤَالِ مَنْ تَمْتَنِعُ شَهَادَاتُهُمْ وَالْمَذْهَبُ يُخْبَرُ بِهَا ابْتِدَاءً وَقِيلَ لَعَلَّهُ يُرِيدُ فِي الزِّنَا وَحَيْثُ تَمْتَنِعُ شَهَادَةُ الْأَعْمَى وَهُوَ يَبْطُلُ بِقَوْلِهِ أَوْ خَرِسُوا قَالَ اللَّخْمِيُّ فِيهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ أَنْ يُحْكَمَ بِهَا فَيُقْطَعُ أَمْ لَا فَلَا وَقَالَ مُطَرِّفٌ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْآدَمِيِّ كَالْقَذْفِ وَالْقَتْلِ دُونَ حَقِّ اللَّهِ كَالسَّرِقَةِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ أَحْدَثُوا بَعْدَ الشَّهَادَةِ كَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَالْخَمْرِ لَمْ يحكم بهَا بِخِلَاف أَن يقذفوا أَن يَقْتُلُوا قَتِيلًا عَلَى نَافِذَةٍ أَوِ اقْتَتَلَ هُوَ وَمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ لَمْ تَسْقُطْ وَقُضِيَ بِهَا لِأَنَّهُ مِمَّا لَا يُخْفِيهِ النَّاسُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ أُشْهِدَ عَلَى شَهَادَاتِهِمْ أَوْ سَمِعْتَ مِنْهُمْ قَبْلُ فَعَادُوهُ فَشَهِدُوا عَلَيْهِ بَعْدَ الْعَدَاوَةِ جَازَ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا لَا يُسْتَتَرُ بِهِ كَالْقَذْفِ إِذَا قُيِّدَتْ قَبْلُ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَأَرَى أَنْ لَا يَمْضِيَ بِهَا إِذَا زَنَوْا أَوْ شَرِبُوا وَإِنْ كَانَ حُكِمَ بِهَا كَانَتِ الشَّهَادَةُ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى أَمْ لَا قَالَ وَلَوْ نقض الحكم وَإِن أَخذ الْحق لَا تحد كَمَا لَوْ عَلِمَ ذَلِكَ قَبْلَ الْحُكْمِ وَأَمَّا الِارْتِدَادُ وَمَا لَا يُخْفِيهِ غَالِبًا فَلَا تُرَدُّ الشَّهَادَةُ إِذَا كَانَتْ لِآدَمِيٍّ وَلَا تُمْضَى إِنْ كَانَتْ حَدًّا لِلَّهِ تَعَالَى لِأَنَّ ذَلِكَ شُبْهَةٌ

الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ يَحْرُمُ الْكَفُّ عَنِ الشَّهَادَةِ إِذَا رُفِعَ السَّارِقُ لِلْإِمَامِ لِتَعَيُّنِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى بِوُصُولِهِ إِلَى نَائِبِهِ وَإِنْ عَايَنَتِ الْبَيِّنَةُ إِخْرَاجَ الْمَتَاعِ مِنَ الْبَيْتِ وَلَا يَدْرُونَ لِمَنْ هُوَ فَلَا يشْهدُونَ بِملكه لرب الْبَيْت بل يؤدون مَا عَايَنُوا وَتُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ وَيُقْضَى بِالْمَتَاعِ لِرَبِّ الدَّارِ لِأَنَّ الْيَدَ ظَاهِرَةٌ فِي الْمِلْكِ وَكَذَلِكَ إِنْ عَايَنُوا الْغَصْبَ وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ سَرَقَ نَعْجَةً وَالْآخَرُ كَبْشًا لَمْ يُقْطَعْ وَكَذَلِكَ يَوْم الْخَمِيس ويم الْجُمُعَةِ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَشْهَدُوا عَلَى فِعْلٍ وَاحِدٍ فِي النُّكَتِ قِيلَ إِنِ اتَّفَقَا عَلَى عَيْنِ الْمَسْرُوقِ لَا يَضُرُّ الِاخْتِلَافُ فِي الْيَوْمِ فِي الْغَرَامَةِ وَيَغْرَمُ قِيمَةَ ذَلِكَ الشَّيْءِ وَإِنِ اخْتَلَفَا فيعينه كَالنَّعْجَةِ وَالْكَبْشِ فَلِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ أَنْ يَدَّعِيَ أَحَدَ الشَّهَادَتَيْنِ وَيُقْضَى لَهُ بِهَا قَالَ مُحَمَّدٌ يَحْلِفُ مَعَ أَيِّ شَهَادَةٍ شَاءَ أَوْ مَعَهُمَا وَيُقْضَى بهما فَتَسْقُطَانِ قَالَ اللَّخْمِيُّ يُرِيدُ فِي الْكِتَابِ فِي النعجة والكبس أَنَّهُ فِي سَرِقَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنْ كَانَا فِي سَرِقَتَيْنِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا سَرَقَ أَمْسِ كَبْشًا وَقَالَ الْآخَرُ الْيَوْمَ نَعْجَةً فَفِي جَمْعِ الشَّهَادَةِ وَالْقَطْعِ قَوْلَانِ فَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا سَرَقَ بِالْمَدِينَةِ وَقَالَ الْآخَرُ بِمِصْرَ قَالَ مَالِكٌ لَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّهُمَا فِعْلَانِ قَالَ وَفِيهِ بُعْدٌ الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ إِنْ قَالَتِ الْبَيِّنَةُ قَبْلَ الْقَطْعِ وَهِمْنَا بَلْ هُوَ هَذَا الْآخَرُ لَمْ يُقْطَعْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لِلشَّكِّ وَمَا بَلَغَ مِنْ خَطَأِ الْإِمَامِ ثُلُثَ الدِّيَةِ فَأَكْثَرَ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ مِثْلَ خَطَأِ الطَّبِيبِ وَالْمُعَلِّمِ وَالْخَاتِنِ وَإِذَا رَجَعَ الشَّاهِدَانِ قَبْلَ الْحُكْمِ وَلَهُمَا عُذْرٌ بَيِّنٌ يُعْرَفُ بِهِ صِدْقُهُمَا وَهُمَا بَيِّنَا الْعَدَالَةِ أُقِيلَا وَإِلَّا لَمْ يُقْبَلَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَإِنْ شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ لَمْ يُقْطَعْ وَضُمِنَ الْمَسْرُوقُ فَإِنَّهُ مَالٌ وَلَا يَمِينَ عَلَى صَاحِبِ الْمَتَاعِ إِنْ كَانَ قَائِمًا بِعَيْنِهِ

لِاسْتِقْلَالِ السَّبَبِ فَإِنْ شَهِدَتْ عَلَى غَائِبٍ قُطِعَ إِذَا قَدِمَ وَلَا تُعَادُ الْبَيِّنَةُ إِنْ كَانَ الْإِمَامُ اسْتَوْفَى تَمَامَ الشَّهَادَةِ الْخَامِسُ فِي الْكِتَابِ إِنْ شَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ عَلَى إِقْرَارِهِ بِالسَّرِقَةِ فَأَنْكَرَ وَذَكَرَ قَوْلًا يُعْذَرُ بِهِ أَوْ جَحَدَ الْإِقْرَارَ أَصْلًا قُبِلَ كَالزِّنَا لِأَنَّهُ شُبْهَةٌ وَإِنْ أَقَرَّ عَبْدٌ أَوْ مُكَاتَبٌ أَوْ أُمُّ وَلَدٍ بِالسَّرِقَةِ قطعُوا إِذا عيبوا السّرقَة وأظهروها فَإِن ادّعى السَّيِّد أَنه لَهُ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ وَقَالَ مَالِكٌ فِي ثَوْبٍ بِيَدِ أَمَةٍ ادَّعَاهُ السَّيِّدُ وَأَجْنَبِيٌّ وَصَدَّقَتِ الْأَجْنَبِيَّ قُضِيَ بِهِ لِلسَّيِّدِ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ إِقْرَارَ الْعَبْدِ عَلَى سَيِّدِهِ فِي مَالِهِ بَاطِلٌ وَيَدُ السَّيِّدِ ظَاهِرَةٌ فِي مِلْكِهِ قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ يُقْبَلُ إِقْرَارُ الرَّقِيقِ فِيمَا يَلْزَمُهُ فِي يَدَيْهِ مِنْ حَدٍّ أَوْ قِصَاصٍ دُونَ الْمَالِ وَقَالَ (ح) يُقْبَلُ فِي الْقَطْعِ وَالْمَالِ وَيُرَدُّ الْمَالُ لِصَاحِبِهِ وَعَن (ش) الْقَوْلَانِ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ فِي مَحَلِّهِمَا فَقِيلَ إِذَا كَانَتِ الْعَيْنُ قَائِمَةً أَمَّا الْفَائِتَة فقولا وَاحِد وَمِنْهُمْ مَنْ عَكَسَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَطْلَقَهَا وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ فِي نَفْسٍ وَلَا مَالٍ لَنَا فِي الْقطع ظواهر العمومات وَالْقِيَام عَلَى الْحُرِّ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَكْسِبُ كل نفس إِلَّا عَلَيْهَا} وَقَبُولُ إِقْرَارِهِ كَسْبٌ عَلَى سَيِّدِهِ فَلَا يُقْبَلُ وَبِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَام (لَا يحل مَال امرىء مُسْلِمٍ إِلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ) وَالْعَبْدُ مَالُ السَّيِّدِ (وَلَمْ تَطِبْ بِهِ نَفْسُهُ) وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْقَذْفِ وَاحْتَجَّ (ح) بِالْقِيَاسِ عَلَى الْحر

وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ كَاسِبٌ عَلَى نَفْسِهِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَقَرَّ عَلَيْهَا وَلَزِمَ بِطَرِيقِ الْعِوَضِ حَقُّ السَّيِّدِ فَهُوَ كَالْحُرِّ يُقِرُّ بِالْقَتْلِ فَيُؤْذِي أَبَوَيْهِ وَغَيْرَهُمَا وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْمَالَ ظَاهِرٌ فِي المتمحض للمالية وَهَذَا آدَمِيّ لمَال فِيهِ تَبَعٌ وَالْأَصْلُ عَدَمُ تَنَاوُلِ اللَّفْظِ لَهُ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الدَّيْنَ يُتَّهَمُ فِيهِ بِإِضْرَارِ السَّيِّدِ أَمَّا مَا يُؤْلِمُهُ فَبَشَرِيَّتُهُ تَمْنَعُهُ مِنَ الْكَذِب عَلَيْهَا وَعَن الرَّابِع أَن الْحر فير مُتَّهَمٍ وَالْعَبْدُ مُتَّهَمٌ عَلَى السَّيِّدِ تَفْرِيعٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ إِذَا شَهِدْتَ بِالْإِقْرَارِ بِالْحِرَابَةِ وَهُوَ يُنْكِرُ أُقِيلَ وَفِي غَيْرِ الْكِتَابِ يُقَالُ فِي الزِّنَا وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِعُذْرٍ وَفِي النُّكَتِ قَوْلُهُ إِذَا عَيَّنَ الرَّجُلُ السَّرِقَةَ يُرِيدُ لَا يُقْبَلُ رُجُوعه بعد تعييبه كَالْبَيِّنَةِ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ وَتَمَادَى عَلَى إِقْرَارِهِ قُطِعَ وَإِلَّا فَلَا فِي النَّوَادِرِ قَالَ مَالِكٌ إِذَا تَعَلَّقَ صَبِيٌّ بِعَبْدٍ وَأُصْبُعُهُ تُدْمِي وَادَّعَى أَنَّهُ جَرَحَهُ فَأَقَرَّ قُبِلَ قَوْلُهُ وَذَلِكَ فِي رَقَبَتِهِ وَأَمَّا عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ فَلَا يُقْبَلُ إِقْرَارُهُ قَالَ مُحَمَّدٌ لَا يُتْبَعُ بِالسَّرِقَةِ الْمُقِرِّ بِهَا فِي رِقِّهِ وَلَا بَعْدَ عِتْقِهِ وَإِنْ قُطِعَ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَتْ بَيِّنَةً إِذَا لَمْ تُوجَدْ بِعَيْنِهَا وَقَالَ أَصْبَغُ تُؤْخَذُ قِيمَتُهَا مِمَّا بِيَدِهِ مِنْ مَالٍ قَالَ مُحَمَّدٌ إِلَّا أَنْ يُقِرَّ بَعْدَ الْعِتْقِ أَنَّ ثَمَنَهَا فِي الَّذِي بِيَدِهِ وَمَا سَرَقَ مَا لَا قَطْعَ فِيهِ مِمَّا لَا يُؤْتَمَنُ عَلَيْهِ بِخِيَانَةٍ وَمَا فِيهِ إِذْنٌ فَفِي ذِمَّتِهِ كَإِذْنِكَ لَهُ فِي دُخُولِ مَنْزِلِكَ فَسَرَقَ قَالَ اللَّخْمِيُّ اخْتُلِفَ إِذَا لَمْ يُعَيِّنِ السَّرِقَةَ فَإِنْ عَيَّنَ فَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ يُقَالُ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَرِّقْ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُقَال إِذا عين وَلم يفرق أَنه عَيْنٌ أَوْ عَرَضٌ وَعَنْهُ لَيْسَ فِي الدَّنَانِيرِ تعْيين على أصل الذَّهَب أَنه لَا تَتَعَيَّنُ وَيُرِيدُ أَيْضًا الْمَكِيلَ وَالْمَوْزُونَ وَعَن أَشهب لَا يقبل إِقْرَار العَبْد بِالْقَتْلِ

طوإن عَيَّنَ الْقَتِيلَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ أَوْ يُرَى مُتْبِعَهُ أَوْ نَحْوَهُ وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ مُطْلَقًا إِلَّا أَنْ يَقُومَ لِذَلِكَ دَلِيلٌ لِأَنَّ إِقْرَارَهُ يَتَضَمَّنُ أَذِيَّةَ سَيِّدِهِ وَإِذَا قُبِلَ فِي السَّرِقَةِ عَادَ الْمَقَالُ بَيْنَ الْمُقَرِّ لَهُ بِالسَّرِقَةِ وَبَيْنَ السَّيِّدِ فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مَأْذُونًا لَهُ صدق وأعرم مَا أَقَرَّ بِهِ أَوْ غَيْرَ مَأْذُونٍ لَمْ يُصَدَّقْ إِلَّا أَنْ يَقُولَ السَّيِّدُ لَا أَعْلَمُ لِي فِيهَا حَقًّا وَالْمُقَرُّ بِهِ لَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِلْكَ الْعَبْدِ وَإِنْ قُطِعَ وَقَدِ اسْتُهْلِكَ لَمْ يُتْبَعْ مَعَ الْعُدْمِ وَإِنْ أَقَرَّ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ لَمْ تُؤْخَذْ مِنْهُ السَّرِقَةُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا لَا يُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ مِنْ كَسْبِهِ فَإِنْ أَقَرَّ أَحَدٌ تَحْتَ التَّهْدِيدِ فَخَمْسَةُ أَقْوَالٍ قَالَ مَالِكٌ لَا يُؤَاخَذُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ أَخْرَجَ الْمَتَاعَ أَوِ الْقَتِيلَ أُقِيلَ إِلَّا أَنْ يُقِرَّ بَعْدَ الْأَمْنِ أَوْ يَعْرِفَ وَجْهَ إِقْرَارِهِ وَيُعَيِّنُ مِثْلَ ذِكْرُ أَسْبَابِ ذَلِكَ وَبِدَايَتِهِ وَنِهَايَتِهِ وَمَا يُعْلَمُ أَنَّهُ فِيهِ غَيْرُ مُكْرَهٍ وَعَنْ مَالِكٍ إِنْ عَيَّنَ السَّرِقَةَ قُطِعَ لِأَنَّ التَّعْيِينَ كَالْبَيِّنَةِ إِلَّا أَنْ يَقُولَ دَفَعْتُهَا لِفُلَانٍ وَإِنَّمَا أَقْرَرْتُ لِمَا أَصَابَنِي وَلَوْ أَخْرَجَ الدَّنَانِيرَ لَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّهَا لَا تُعْرَفُ وَعَنْ أَشْهَبَ لَا يُقْطَعُ وَإِنْ ثَبْتَ عَلَى إِقْرَارِهِ لِأَنَّ ثُبُوتَهُ خَوْفَ الْعَوْدَةِ لِلْعُقُوبَةِ إِلَّا أَنْ يُعَيِّنَ السَّرِقَةَ وَيُعْرَفَ أَنَّهَا لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ لَيْلًا يُخْرِجَ مَتَاعَ نَفْسِهِ وَيَعْتَرِفَ بِهِ لِيَخْلُصَ مِنَ الْعُقُوبَةِ وَعَن سَحْنُونٍ يُؤَاخَذُ بِالْإِقْرَارِ مِنَ الرَّجُلِ وَهُوَ فِي الْحَبْسِ مِنْ سُلْطَانٍ عَادِلٍ وَلَا يَعْرِفُ ذَلِكَ إِلَّا مَنِ ابْتُلِيَ بِالْقَضَاءِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ (أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِلِصٍّ اعْتَرَفَ وَلَمْ يُوجَدْ مَعَهُ مَتَاعٌ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا إِخَالُكَ سَرَقْتَ قَالَ بَلَى فَأَعَادَهَا عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا فَأَمَرَ بِهِ فَقُطِعَ فَقَالَ اسْتَغْفِرِ اللَّهَ وَتُبْ إِلَيْهِ فَقَالَ اسْتَغْفَرْتُهُ وَتُبْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ تُبْ عَلَيْهِ) وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ رَجَعَ لَقُبِلَ رُجُوعُهُ وَكُلُّ حَدٍّ لِلَّهِ تَعَالَى يُقْبَلُ فِيهِ الرُّجُوعُ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِمَا يُشْبِهُ الْبَيِّنَةَ مِنْ تَعْيِينِ السَّرِقَةِ أَوْ غَيْرِهَا وَهُوَ مِنْ أَهْلِ التُّهَمِ السَّادِسُ فِي الْكِتَابِ إِنْ أَقَرَّ فَكَذَّبَهُ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ أَوْ قَالَ هُوَ لَهُ أَو

أودعته أَو هبة رَجُلٌ مَعِي إِلَيْهِ قُطِعَ بِإِقْرَارِهِ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ سَبَبٌ لَا يَسْقُطُ إِلَّا بِسَبَبٍ شَرْعِيٍّ وَقَوْلُهُ ذَلِكَ لَيْسَ سَبَبًا شَرْعِيًا السَّابِعُ إِذَا شَهِدَ عَلَى الْآخَرِ سِرًّا أَوْ أَقَرَّ بِوَجْهٍ يُعْرَفُ بِهِ إِقْرَارُهُ وَتَعَيَّنَ قُطِعَ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنَ الْكَلَامِ وَإِلَّا فَلَا لِلشَّكِّ الثَّامِنُ فِي الْكِتَابِ إِنِ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ بِالسَّرِقَةِ لَمْ يَحْلِفْ إِلَّا مَنْ هُوَ مُتَّهَمٌ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ وَيُهَدَّدُ وَيُسْجَنُ لِظُهُورِ الرَّيْبَةِ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ أُدِّبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي النُّكَتِ الْمُتَّهَمُ ثَلَاثَةٌ مُبَرَّزٌ بِالْعَدَالَةِ يُتْرَكُ وَمَعْرُوفٌ بِالسَّرِقَةِ يُهَدَّدُ وَيُحَلَّفُ وَمُتَوَسِّطٌ بَيْنَهُمَا يُحَلَّفُ فَقَطْ قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْلِفَ إِلَّا الْمُتَّهَمُ فَإِنْ كَانَ لَا يُرْمَى بِعَارِ السَّرِقَةِ وَلَكِنَّهُ إِنْ وَجَدَ مَتَاعَ غَيْرِهِ أَخَذَهُ قَالَ مُطَرِّفٌ لَا يَحْلِفُ لِأَنَّ الدَّعْوَى غَيْرُ مَجْزُومٍ بِهَا وَهُوَ فِي مَعْنَى كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُطَرِّفٌ إِنِ اتُّهِمَ مَجْهُولُ الْحَالِ سُجِنَ حَتَّى يُكْشَفَ حَالُهُ مِنْ غَيْرِ طُولٍ (لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَبَسَ رَجُلًا اتَّهَمَهُ رَجُلٌ صَحِبَهُ فِي السَّفَرِ بِسَرِقَة) فَإِن كَانَ مفروقا بِالسَّرِقَةِ سُجِنَ أَطْوَلَ وَإِنْ وُجِدَ مَعَ ذَلِكَ مَعَهُ بَعْضُ السَّرِقَةِ فَقَالَ اشْتَرَيْتُهُ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ التُّهَمِ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ غَيْرُ مَا فِي يَدَيْهِ وَإِنْ كَانَ مَعْرُوفًا سُجِنَ أَبَدًا حَتَّى يَمُوتَ وَقَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَأَصْبَغُ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ شُهِدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُتَّهَمٌ سُجِنَ بِقَدْرِ مَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ وَعَلَى قَدْرِ حَالِهِ وَرُبَّمَا ضُرِبَ بِالسَّوْطِ مُجَرَّدًا وَإِنْ كَانَ الْوَالِيُّ غير عد لَا يَذْهَبُ إِلَيْهِ وَلَا يَشْهَدُ عِنْدَهُ فِي النَّوَادِرِ إِنَّمَا يُؤَدَّبُ الْمُدَّعِي عَلَى غَيْرِ الْمُتَّهَمِ بِالسَّرِقَةِ إِذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْمُشَاتَمَةِ أَمَّا دَعْوَى الظُّلَامَةِ فَلَا قَالَهُ مَالِكٌ

التَّاسِع فِي الْكتاب إِن أقرّ بِغَيْر سجنه ثُمَّ جَحَدَ لَمْ يُقْطَعْ وَغَرِمَ الْمَالَ لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ لِأَنَّ الرُّجُوعَ يُؤْثَرُ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى دُونَ حَقِّ الْعَبْدِ وَفِي الْجَوَاهِرِ وَكَذَلِكَ إِذَا رَجَعَ فِي الزِّنَا لَا يَسْقُطُ الْمَهْرُ وَإِنْ أَقَرَّ قُطِعَ وَلَا يَقِفُ عَلَى دَعْوَى الْمَالِكِ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ رَدَّ الْيَمِينَ ثَبَتَ الْغُرْمُ دُونَ الْقَطْعِ وَيُقْبَلُ إِقْرَارُ الْعَبْدِ فِي الْقَطْعِ (دُونَ الْمَالِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ لِلرُّجُوعِ عَنِ الْإِقْرَارِ ثَلَاثُ حَالَاتٍ إِنْ أَتَى تَائِبًا فها هُنَا اتُّفِقَ عَلَى وُجُوبِ الْقَطْعِ) عَلَيْهِ وَقَبُولِ رُجُوعِهِ إِنْ أَتَى بِشُبْهَةٍ وَيُخْتَلَفُ إِنْ جَحَدَ الْإِقْرَارَ أَصْلًا الثَّانِيَةُ يُقْبَلُ رُجُوعُهُ وَإِنْ جَحَدَ الْإِقْرَارَ قَوْلًا وَاحِدًا وَهُوَ إِذَا لَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى قَطْعِهِ إِنْ أَقَرَّ بَعْدَ أَخْذِهِ وَلَمْ يُعَيِّنْ أَوْ بَعْدَ الضَّرْبِ وَالتَّهْدِيدِ الثَّالِثَةُ لَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ إِذَا جَحَدَ الْإِقْرَارَ اتِّفَاقًا وَيُخْتَلَفُ إِذَا قَالَ أَقْرَرْتُ لِأَجْلِ كَذَا وَهِيَ الْحَالُ الَّتِي يُتَّفَقُ عَلَى قَطْعِهِ وَيُخْتَلَفُ فِي رُجُوعِهِ وَذَلِكَ إِنْ أَقَرَّ بَعْدَ أَنْ أُخِذَ وَعُيِّنَ ثُمَّ رَجَعَ الْعَاشِرُ فِي النَّوَادِرِ كَرِهَ مَالِكٌ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَقُولَ لِلْمُتَّهَمِ أَخْبِرْنِي وَلَكَ الْأَمَانُ لِأَنَّهَا خَدِيعَةٌ فَإِنْ سَبَقَ مِنَ الْإِمَامِ وَقَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ أَوْ أَقَرَّ قَطَعَهُ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَكَذَلِكَ لَوْ قَطَعَ عَلَيْهِ الطَّرِيقَ وَلَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ السَّرِقَةِ بَلْ يَدْفَعُهُ لِمَنْ فَوْقَهُ وَإِنْ شَهِدَ عَلَيْهِ هُوَ وَرَجُلٌ عَدْلٌ قَالَ أَشْهَبُ يُقِيمُ الْحَدَّ وَإِنْ رَفَعَهُ لِلْإِمَامِ كَانَ أَحْسَنَ وَكَرِهَهُ مُحَمَّدٌ النَّظَرُ الثَّالِثُ فِي أَحْكَامِ السَّرِقَةِ وَهِيَ خَمْسَةَ عَشَرَ حُكْمًا الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ سَرَقَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى ثُمَّ رِجْلُهُ الْيُسْرَى ثُمَّ يَدُهُ الْيُسْرَى ثُمَّ رِجْلُهُ الْيُمْنَى وَوَافَقَنَا الْعُلَمَاءُ فِي تَقْدِيمِ الْيَدِ الْيُمْنَى

لِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا إِنْ سَرَقَ السَّارِقُ فَاقْطَعُوا يَمِينَهُ وَلِأَنَّهَا آلَةُ السَّرِقَةِ فَيُنَاسِبُ إِعْدَامَهَا وَالتَّثْنِيَةُ بِالْيُسْرَى قَوْلُ الْجَمَاعَةِ إِلَّا عَطَاءً قَالَ الْيَدُ الْيُسْرَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى ^ 0 فَاقْطَعُوا أَيْدِيهِمَا} وَلِأَنَّهَا آلَة السّرقَة لنا قَوْله علين السَّلَامُ (إِذَا سَرَقَ السَّارِقُ فَاقْطَعُوا رِجْلَهُ) وَقِيَاسًا عَلَى الْحِرَابَةِ وَلِأَنَّ قَطْعَ يَدِهِ تَفْوِيتُ مَنْفَعَةِ الْجِنْسِ فَلَا تَبْقَى لَهُ يَدٌ يَأْكُلُ بِهَا وَلَا يَتَوَضَّأُ وَلَا يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ فَيَصِيرُ كَالْهَالِكِ وَالْمُرَادُ بِالْآيَةِ قَطْعُ يَمِينِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ السَّارِقَةِ وَالسَّارِقِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا تُقْطَعُ الْيَدَانِ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى وَفِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَاقْطَعُوا أَيْمَانَهُمَا وَهُوَ إِمَّا قُرْآنٌ أَوْ تَفْسِيرٌ وَإِنَّمَا ذُكِرَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ لِأَنَّ كُلَّ مُثَنَّى أُضِيفَ إِلَى مُثَنَّى هُوَ بَعْضُهُ لَيْسَ فِي الْجَسَدِ مِنْهُ إِلَّا وَاحِدٌ فَفِيهِ ثَلَاثُ لُغَات الْإِفْرَاد والتثنية وَالْجمع وَهُوَ الْأَفْصَح لَيْلًا يَجْتَمِعَ تَثْنِيَتَانِ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فقد صغت قُلُوبكُمَا} وَتَعَيَّنْتِ الْيُسْرَى فِي الرِّجْلَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ تقطع أَيْديهم وأرجلهم من خلاف} وَلِأَنَّهُ أَرْفَقُ بِهِ لِتَعْوِيضِهَا بِحَبْسِهِ وَلَوْ قُطِعَتِ الْيُمْنَى تَعَذَّرَ الْمَشْيُ وَقَالَ أَحْمَدُ وَ (ح) لَا تُقْطَعُ إِلَّا يَدٌ وَرِجْلٌ فَإِنْ عَادَ حُبِسَ وَوَافَقَنَا (ش) فِي قَطْعِ الْأَرْبَعِ وَفِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي السَّارِقِ (إِنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا يَدَهُ ثُمَّ إِنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا رِجْلَهُ ثُمَّ إِنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا يَدَهُ ثُمَّ إِنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا رِجْلَهُ) احْتَجُّوا بِأَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أُتِيَ بِرَجُلٍ مَقْطُوعِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ قَدْ سَرَقَ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ مَا تَرَوْنَ فِي هَذَا قَالُوا اقْطَعْهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ قَتَلْتُهُ إِذًا وَمَا

عَلَيْهِ الْقَتْلُ بِأَيِّ شَيْءٍ يَأْكُلُ الطَّعَامَ بِأَيِّ شَيْءٍ يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ بِأَيِّ شَيْءٍ يَغْتَسِلُ مِنْ جَنَابَتِهِ بِأَيِّ شَيْءٍ يَقُومُ عَلَى حَاجَتِهِ فَرَدَّهُ للسحن أَيَّامًا ثُمَّ أَخْرَجَهُ فَاسْتَشَارَ أَصْحَابَهُ فَقَالُوا مِثْلَ قَوْلِهِمُ الْأَوَّلِ وَقَالَ لَهُمْ مِثْلَ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ فَجَلَدَهُ جَلْدًا شَدِيدًا ثُمَّ أَرْسَلَهُ وَلِأَنَّ فِيهِ تَفْوِيتُ جِنْسٍ فَلَا يُشْرَعُ كَالْقَتْلِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ قَوْلَهُ مُعَارَضٌ بُقُولِ الصَّحَابَةِ بَلْ هُمْ أَرْجَحُ لِأَنَّ يَدَ اللَّهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ وَعَنِ الثَّانِي الْفَرْقُ بِبَقَاءِ الْحَيَاةِ وَالِاغْتِذَاءِ وَالْحَوَاسِّ وَأَنْوَاعِ التَّعَبُّدِ بِالصَّوْمِ وَغَيْرِهِ فَإِنْ سَرَقَ وَلَا يَمِين لَهُ أَوله يَمِينٌ شَلَّاءُ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى قَالَهُ مَالِكٌ قِيَاسًا عَلَى تَقَدُّمِ الْقَطْعِ ثُمَّ عَرَضْتُهَا فَقَالَ امْحُهَا وَقَالَ تُقْطَعُ يَدُهُ الْيُسْرَى وَتَأَوَّلَ قَوْلَهُ عز وَجل {فَاقْطَعُوا أَيْدِيهِمَا} قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْأَوَّلُ أَحَبُّ إِلَيَّ وَإِنْ سَرَقَ مَنْ لَا يَدَيْنِ لَهُ وَلَا رِجْلَيْنِ أَو أشل الْيَدَيْنِ وَالرّجلَيْنِ فاستهلكهما وَهُوَ عَدِيمٌ لَمْ يُقْطَعْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَكِنْ يُضْرَبُ وَيَضْمَنُ قِيمَةَ السَّرِقَةِ وَإِنْ سَرَقَ وَقَدْ ذهبت من يمنى يدين أُصْبُعٌ قُطِعَتْ يَدُهُ كَمَا لَوْ قُطِعَ يَمِينُ رَجُلٍ وَإِبْهَامُهُ مَقْطُوعَةٌ فَيُقْطَعُ وَإِنْ لَمْ تَبْقَ مِنْهَا إِلَّا أُصْبُعٌ أَوْ أُصْبُعَانِ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى وَإِنْ كَانَتْ يَدَاهُ وَرِجْلَاهُ كُلُّهَا كَذَلِكَ لم يقطع وَشرب وَسُجِنَ وَضَمِنَ قِيمَةَ السَّرِقَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ يُحْسَمُ مَوْضِعُ الْقَطْعِ بِالنَّارِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِمَا رُوِيَ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أُتِيَ بِسَارِقٍ سَرَقَ شَمْلَةً فَقَالَ اقْطَعُوهُ وَاحْسِمُوهُ) وَالْقَطْعُ فِي الْيَدَيْنِ مِنْ مَفْصِلِ الْكُوعِ وَفِي الرِّجْلَيْنِ مِنْ مَفْصِلِ الْكَعْبَيْنِ وَكَذَلِكَ الْحِرَابَةُ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِأَنَّهُ الَّذِي مَضَى بِهِ

الْعَمَلُ وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ مَقْعَدِ الشِّرَاكِ فِي الرِّجْلِ لِيَبْقَى عَقِبُهُ يَمْشِي عَلَيْهِ وَعَن أبي مُصعب عَن سَرَقَ الْخَامِسَةَ قُتِلَ لِحَدِيثٍ لَيْسَ بِالثَّابِتِ وَمَقْطُوعُ أُصْبُعٍ مِنْ يَدِهِ يُقْتَصُّ مِنْهَا وَفِيهَا وَتُلْغَى الْأَصَابِعُ قَالَ اللَّخْمِيُّ اخْتُلِفَ فِي خَمْسَةِ مَوَاضِعَ إِنْ سَرَقَ وَلَا يَمِينَ لَهُ أَوْ شَلَّاءُ أَوْ ذَهَبَتْ مِنْهَا أُصْبُعَانِ أَوْ قُطِعَتِ الشَّمَالُ مَعَ وُجُودِ الْيُمْنَى وَإِنْ سَرَقَ بَعْدَ قَطْعِ أَطْرَافِهِ وَمَتَى كَانَ أَعْسَرَ قُطِعَتِ الْيُسْرَى مَعَ وُجُودِ الْيُمْنَى لِأَنَّهَا كَالْيَمِينِ لَهُ فَإِنْ كَانَتِ الْيُمْنَى شَلَّاءَ قَالَ أَبُو مُصْعَبٍ تُقْطَعُ الشَّلَّاءُ لِأَنَّهَا الَّتِي يَتَنَاوَلُهَا النَّصُّ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ تُقْطَعُ إِنْ كَانَ يُنْتَفَعُ بِهَا وَعَلَى هَذَا إِنْ كَانَ أَعْسَرَ قُطِعَتِ الْيُمْنَى لِأَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِالْيُسْرَى وَإِنْ ذَهَبَ أُصْبُعَانِ قَالَ لَا يُقْطَعُ إِلَّا رِجْلُهُ وَيَدُهُ الْيُسْرَى وَعَنْهُ إِنْ بَقِيَ أَكْثَرُهَا قُطِعَتْ فَإِنْ أَخْطَأَ الْإِمَامُ فَقَطَعَ يُسْرَاهُ مَعَ وُجُودِ الْيَمِينِ قَالَ مَالِكٌ لَا يُقْطَعُ يَمِينه لحُصُول الْمَقْصُود وَقَالَ عبد الْملك تعطع لِأَنَّ الْخَطَأَ لَا يُزِيلُ الْحَدَّ وَعَقْلُ الشِّمَالِ فِي مَالِ السُّلْطَانِ إِنْ كَانَ هُوَ الْقَاطِعُ وَإِلَّا فَفِي مَالِ الْقَاطِعِ وَإِلَيْهِ رَجَعَ مَالِكٌ وَإِذَا قُطِعَتِ الْيُسْرَى فِي سَرِقَةٍ ثُمَّ سَرَقَ فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ تُقْطَعُ رِجْلُهُ الْيُمْنَى لِيَكُونَ مِنْ خِلَافٍ وَعَنِ ابْنِ نَافِعٍ رِجْلُهُ الْيُسْرَى فَإِنْ دَلَّسَ السَّارِقُ بِالْيُسْرَى فَقُطِعَتْ أَجَزْأَهُ قَالَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَعَلَى هَذَا تَكُونُ الْبِدَايَةُ بِالْيُمْنَى مُسْتَحَبَّةً وَعَلَى مَا عِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ لَا تُجْزِئُهُ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ وَاجِبًا لِأَنَّ فِعْلَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَعَ بَيَانًا لِلْقُرْآنِ وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ إِنْ ذَهَبَتِ الْيُمْنَى بَعْدَ السَّرِقَةِ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ أَوْ جِنَايَةٍ لَا يُقْطَعُ مِنْهُ شَيْءٌ لِتَعَيُّنِ الْقَطْعِ لَهَا وَقَدْ ذَهَبَتْ وَعَلَى الْقَوْلِ بِإِجْزَاءِ الشِّمَالِ لَا يَسْقُطُ الْقَطْعُ وَإِنْ سَرَقَ وَقَطَعَ يَمِينَ رَجُلٍ قُطِعَ

لِلسَّرِقَةِ وَسَقَطَ الْقِصَاصُ وَهُوَ عَلَى الْقَوْلِ بِتَعَيُّنِهَا لِلْقَطْعِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ تَبْدِئَتَهَا مُسْتَحَبَّةٌ تُقْطَعُ قَصَاصًا وَتُقْطَعُ يُسْرَاهُ أَوْ رِجْلُهُ لِلسَّرِقَةِ فَائِدَةٌ أَنْشَدَ الْمَعَرِّيُّ (يَدٌ بِخَمْسِ مِئِينَ عَسْجَدٍ فُدِيَتْ ... مَا بَالُهَا قُطِعَتْ فِي رُبْعِ دِينَارٍ) (تَنَاقُضٌ مالنا إِلَّا السُّكُوتُ لَهُ ... فَنَسْتَعِيذُ بِبَارِينَا مِنَ النَّارِ) فَأَجَابَهُ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ الْمَالِكِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (صِيَانَةُ الْعُضْوِ أَغْلَاهَا وَأَرْخَصُهَا ... خِيَانَةُ الْمَالِ فَافْهَمْ حِكْمَةَ الْبَارِي) نَظَائِرُ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ الْمَمْحُوَّاتُ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَرْبَعَةٌ إِذَا وَلَدَتِ الْأُضْحِيَّةُ فَحَسَنٌ أَنْ يُذْبَحَ وَلَدُهَا مَعَهَا وَإِنْ أَبَى لَمْ أَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَاجِبًا ثُمَّ عَرَضْتُهَا عَلَيْهِ فَقَالَ امْحُهَا وَاتْرُكْ إِنْ ذَبَحَهُ مَعَهَا فَحَسَنٌ وَالْحَالِفُ لَا يَكْسُو امْرَأَتَهُ فَافْتَكَّ لَهَا ثِيَابَهَا مِنَ الرَّاهِنِ حَنِثَ وَالْمَرِيضُ لَا يَجُوزُ نِكَاحُهُ أَوِ الْمَرِيضَةُ وَيُفْسَخُ إِنْ دَخْلَا وَكَانَ يَقُولُ وَلَا يَثْبُتُ وَإِنْ صَحَّا ثُمَّ قَالَ امْحُهَا وَأَرَى إِذَا صَحَّا ثَبَتَ وَمَنْ سَرَقَ وَلَا يَمِينَ لَهُ أَوْ لَهُ يَمِينٌ شَلَّاءُ

قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى ثُمَّ عَرَضَهَا عَلَيْهِ فَمَحَاهَا فَقَالَ تُقْطَعُ يَدُهُ الْيُسْرَى وَبِالْأَوَّلِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِنْ قَامَ أَجْنَبِيٌّ بِسَرِقَةِ مَتَاعِ الْغَائِبِ قُطِعَ (السَّارِقُ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ وَإِنْ قَالَ السَّارِقُ رَبُّهُ أَرْسَلَنِي قُطِعَ) وَإِنْ صَدَّقَهُ رَبُّهُ كَانَ فِي الْبَلَدِ أَمْ لَا لِأَنَّ السَّبَبَ الْمُثْبِتَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ سَبَبٍ شَرْعِيٍّ وَإِلَّا سَقَطَ وَإِنْ أُخِذَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ مَعَهُ مَتَاعٌ فَقَالَ فُلَانٌ أَرْسَلَنِي آخُذُ لَهُ هَذَا إِنْ عُرِفَ انْقِطَاعُهُ إِلَيْهِ وَأَشْبَهَ مَا قَالَ لَمْ يُقْطَعْ وَإِلَّا قُطِعَ فِي التَّنْبِيهَاتِ قِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ اعْتَرَفَ بِالسَّرِقَةِ وَأَخَذَهُ خُفْيَةً وَإِنَّمَا قُطِعَ بِإِقْرَارِهِ وَلَوْ قَالَ دَفعه إِلَى مَا قطع قَالَه أَو بعمران وَغَيْرُهُ وَقِيلَ إِنَّمَا لَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّهُ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ وَإِلَّا قُطِعَ وَإِنْ عُرِفَ انْقِطَاعُهُ إِلَيْهِ وَفِي النُّكَتِ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَائِلِ فُلَانٌ أَرْسَلَنِي آخُذُ لَهُ هَذَا وَقَدْ أُخِذَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ وَبَيْنَ الْقَائِلِ فُلَانٌ أَرْسَلَنِي وَقَدْ سَرَقَهُ أَنَّ الْبَيِّنَةَ عَايَنَتْ سَرِقَتَهُ وَدُخُولَهُ الْمَنْزِلَ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ إِنَّمَا وُجِدَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ وَلَمْ تُعَايِنْ سَرِقَتَهُ وَالْأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّهُ مَتى عفل فِعْلَ الرَّسُولِ مِنْ فَتْحِ الْبَابِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُشْبِهُ فِعْلَ الْآمِرِ لَمْ يُقْطَعْ صَدَّقَهُ رَبُّ الْمَالِ أَمْ لَا (وَإِنْ فَعَلَ السَّارِقُ مِنَ السُّور وَالنَّقْبِ قُطِعَ صَدَّقَهُ رَبُّ الْمَتَاعِ أَمْ لَا) قَالَ اللَّخْمِيُّ كَانَتْ بَيْنَهُمَا مُخَالَطَةٌ أَمْ لَا وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ مِثْلُهُ لَا يُرْسَلُ لِذَلِكَ

لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ بِالسَّرِقَةِ وَإِنْ لَمْ يَقُمْ دَلِيلُ صِدْقِهِ وَلَا دَلِيلُ كَذِبِهِ وَأَشْكَلَ لِأَنَّهُ لَا خِلْطَةَ بَيْنَهُمَا وَلَيْسَ مَعْرُوفًا بِالسَّرِقَةِ وَلَا بِالصَّلَاحِ فَإِنْ صَدَّقَهُ لَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّ التَّصْدِيقَ مَعَ الشَّكِّ شُبْهَةٌ وَإِنْ كَذَّبَهُ قُطِعَ وَإِنْ قَامَ دَلِيلُ (كَذِبِهِ وَصَاحِبُ الْبَيْتِ غَائِبٌ قُطِعَ وَلَا يُنْتَظَرُ قُدُومُهُ لِأَنَّهُ لَوْ صَدَّقَهُ قُطِعَ وَإِنْ قَامَ دَلِيلٌ) حَتَّى يَقْدَمَ فَإِنْ صَدَّقَهُ وَإِلَّا قُطِعَ وَالَّذِي يُؤْخَذُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ بِالْمَتَاعِ وَقَالَ فُلَانٌ أَرْسَلَنِي فَإِنْ عُرِفَ بِانْقِطَاعِهِ إِلَيْهِ لَمْ يُقْطَعْ فَأَسْقَطَ الْحَدَّ لِعَدَمِ الْبَيِّنَةِ بِالْأَخْذِ وَاخْتُلِفَ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ هَلْ يَحْلِفُ إِذَا أَكْذَبَهُ هَلْ يَسْقُطُ الْقَطْعُ إِذَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فَنَكَلَ وَحَلَفَ السَّارِقُ وَاسْتَحَقَّ الْمَسْرُوقَ وَهَلْ يَسْقُطُ إِذَا صَدَّقَهُ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ يَحْلِفُ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ أَنَّهُ لَيْسَ مَتَاعَهُ وَيُقْطَعُ فَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفَ الْآخَرُ وَأَخَذَ الْمَتَاعَ لَمْ يُقْطَعْ وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْمُدَوَّنَةِ يُقْطَعُ وَقِيلَ لَا يَمِينَ عَلَى الْمَسْرُوقِ مِنْهُ وَقَالَ أَشْهَبُ يَحْلِفُ فَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفَ الْآخَرُ وَأَخَذَ الْمَتَاعَ لَا يَسْقُطُ الْقَطْعُ لِأَنَّهُ أَخَذَ سِرًّا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ قَالَ السَّارِقُ أَوْدَعْتَنِيهُ وَصَدَّقَهُ لَمْ يَسْقُطِ الْقَطْعُ وَقَالَ ابْنُ دِينَارٍ لَا يُقْطَعُ لِأَنَّهُ شُبْهَةٌ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ إِلَّا أَنْ يَتَنَازَعَا قَبْلَ ذَلِكَ فِيهِ وَإِنْ نَقَبَ وَكَسَرَ الْبَابَ إِلَّا أَنْ يُشْبَهَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ أَمْلَاكِهِ وَإِنْ تَقَدَّمَتِ الدَّعْوَى وَأَكْذَبَهُ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ لَمْ يُحَلِّفْهُ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ السَّارِقُ بِمَا يُشْبِهُ وَأَرَى أَنْ يَسْأَلَ كَيْفَ صَارَ إِلَيْهِ فَإِنْ قَالَ أَوْدَعْتُهُ وَهُنَاكَ سَبَبٌ يَقْتَضِي خُرُوجَ مَتَاعِهِ مِنْ بَيْتٍ أَوْ قَالَ غَصَبَنِي وَالْآخِذُ صَالِحٌ لِذَلِكَ أَوْ قَالَ اشْتَرَاهُ مِمَّنْ سَرَقَهُ مِنِّي وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ مَتَاعِي وَهُوَ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مِنْ ذَلِكَ عِلْمٌ صُدِّقَ وَحَلَفَ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْآخَرُ وَاسْتَحَقَّ وَلَمْ يثبت الْقطع للشُّبْهَة

الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ إِذَا لَمْ يَقُمْ رَبُّ السَّرِقَةِ وَقَدْ أَخَذَهَا أَمْ لَا لَزِمَ الْقَطْعُ لِتَحَقُّقِ السَّبَبِ وَلَا يَعْفُو الْوَالِي إِذَا انْتَهَتْ إِلَيْهِ الْحُدُودُ وَإِنْ قَالَ مَا سَرَقَ مِنِّي وَشهد بِالسَّرقَةِ قُطِعَ فِيهِ ثُمَّ سَرَقَهُ ثَانِيَةً قُطِعَ أَيْضًا لأنالسبب فِعْلُهُ لَا الْمَسْرُوقُ وَإِنْ قَامَ بِالسَّرِقَةِ أَوِ الزِّنَى غلإمام أَقَامَ الْحَدَّ إِذَا ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ لِأَنَّهُ نَائِبُ اللَّهِ وَهَذِهِ حُقُوقُ اللَّهِ بِخِلَافِ حَدِّ الْقَذْفِ لِأَنَّهُ حق الْآدَمِيّ فلابد من قيامع ويشفع للسارق إِذا كانتمنه السَّرِقَةُ فَلْتَةً وَلَمْ يَبْلُغِ الْإِمَامَ أَوِ الشُّرَطَ أَوِ الْحَرَسَ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ (أَنَّ صَفْوَانَ شَفَعَ فِي سَارِقِ رِدَائِهِ بِإِسْقَاطِهِ حَقَّهُ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ هَلَّا قَبْلَ هَذَا) وَإِذَا ثَبَتَتِ السَّرِقَةُ بِالْبَيِّنَةِ فَقَالَ أَحْلِفُوهُ أَنَّ الْمَتَاعَ لَيْسَ لِي قُطِعَ وَيَحْلِفُ الطَّالِبُ وَيَأْخُذُهُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ السَّارِقُ وَأَخَذَهُ فِي التَّنْبِيهَاتِ وَإِذَا أَخَذَ السَّارِقُ لَمْ يُقْطَعْ وَوَقَعَ فِي كَثِيرٍ مِنْ رِوَايَاتِ الْمُدَوَّنَةِ وَحَكَى اللَّخْمِيُّ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ فِي الْمُدَوَّنَةِ يُقْطَعُ فَإِنْ صَدَّقَهُ قُطِعَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافَ ابْنِ دِينَارٍ وَعَن ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَمِينَ عَلَى صَاحِبِ الْمَتَاعِ وَهُوَ أشبه بالأصول الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ إِنْ سَرَقَ وَأَخَذَ مَكَانَهُ أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ وَيُسْرُهُ مُتَّصِلٌ فَقُطِعَ وَقَدِ اسْتَهْلَكَ السَّرِقَةَ ضَمِنَهَا فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا يَوْمَ قُطِعَتْ يَدُهُ أَوْ ذَهَبَ يُسْرُهُ ثُمَّ قُطِعَ مُوسِرًا أَوْ سَرَقَ مُعْسِرًا أَوْ قُطِعَ مُوسِرًا لَمْ يَضْمَنِ الْمُسْتَهْلَكَ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ إِذَا تَمَادَى الْيُسْرُ إِلَى الْقَطْعِ وَضَمَّنَهُ (ش) وَأَحْمَدُ مُطْلَقًا وَلَمْ يُضَمِّنْهُ (ح) مُطْلَقًا وَلَا يَجْتَمِعُ الْقَطْعُ وَالْغُرْمُ عِنْدَهُ إِنْ غَرِمَهَا قَبْلَ الْقَطْعِ سَقَطَ الْقَطْعُ أَوْ قُطِعَ قَبْلَ الْغُرْمِ سَقَطَ الْغُرْمُ وَقَالَ فِيمَن سرق مَرَّات يفرم الْكُلَّ إِلَّا الْآخِرَ لِأَنَّهُ قُطِعَ بِهَا وَقَالَ أَبُو يُوسُفُ قُطِعَ بِالْكُلِّ فَلَا يَغْرَمُ شَيْئًا وَإِن

كَانَت الْعين قَائِمَة درت اتِّفَاقًا لَنَا عَلَى (ش) قَوْله تَعَالَى {فَاقْطَعُوا أَيْدِيهِمَا} فَجُعِلَ حَدُّ الْقَطْعِ فَرْضًا وَجَمِيعُ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْقَطْعُ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (إِذَا أُقِيمَ عَلَى السَّارِقِ الْحَدُّ فَلَا غُرْمَ) خَرَّجَهُ النَّسَائِيُّ وَلِأَنَّ إِتْلَافَ الْمَالِ لَا يُوجِبُ عُقُوبَتَيْنِ وَلَنَا عَلَى الْغُرْمِ مَعَ الْيَسَارِ عَلَى (ح) أَنَّ مُوجِبَ الْقَطْعِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَمُوجِبَ الْغُرْمِ الْإِتْلَافُ وَالْأَصْلُ تُرَتُّبُ الْمُسَبِّبَاتِ عَلَى أَسْبَابِهَا كَالْمُحْرِمِ يُتْلِفُ صَيْدًا مَمْلُوكًا يَلْزَمُهُ الْجَزَاءُ وَالْقِيمَةُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ أَنَّ اتِّبَاعَ الْمُعسر عبوبه لَهُ تَشْغَلُ ذِمَّتَهُ وَالْمُوسِرُ لَا عُقُوبَةَ فِيهِ لِجَوَازِ أَنَّهُ بَاعَهَا وَعَوَّضَهَا فِي مَالِهِ بَلْ هُوَ الرَّاجِحُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ غُرْمِهَا بِالْكُلِّيَّةِ وَلِأَنَّهُ وَفَّرَ بِهَا مَالَهُ وَلِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الْأَدِلَّة وَمثله نَفَقَة الزَّوْجَة وَقِيمَة الشّقص أُعْتِقَ لَا يُضْمَنَانِ فِي الذِّمَّةِ بَلْ مَعَ الْيَسَارِ احْتَجَّ (ح) بِمَا تَقَدَّمَ وَ (ش) بِمَا تَقَدَّمَ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ ضَعِيفٌ وَيُحْتَمَلُ حَمْلُهُ عَلَى أُجْرَةِ الْقَاطِعِ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ لَا يَلْزَمُ إِذَا أَيْسَرَ بَعْدَ الْعَدَم لِأَن الْعَدَم أسقطها عَنهُ وَفِي المعونة قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا التَّغْرِيمُ اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ عَدَمُهُ وَإِلَّا ضَمِنَ مَعَ الْإِعْسَارِ قَالَ وَهُوَ قَوْلُ غَيْرِ (ح) لِأَنَّ (ح) يُخَيِّرُ الْمَالِكَ فِي الْقطع فَلَا عزّر أَوِ الْغُرْمِ فَلَا قَطْعَ وَهَذَا يُحَتِّمُ الْقَطْعَ وَهَذَا كُلُّهُ إِنْ كَانَ الْمَسْرُوقُ نِصَابًا فَقُطِعَ فِيهِ وَإِلَّا ضَمِنَ مَعَ الْيُسْرِ وَالْعُسْرِ اتِّفَاقًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ قُطِعَتْ يَدُهُ وَقَدِ اسْتَهْلَكَهَا وَبِيَدِهِ مَالٌ فَقَالَ أَفَدْتُهُ بَعْدَ السَّرِقَةِ وَقَالَ الطَّالِبُ قَبْلُ صُدِّقَ السَّارِقُ إِلَّا أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ بِالْقُرْبِ مِنَ السَّرِقَةِ فِيمَا لَا يَكُونُ فِيهِ كَسْبٌ وَلَا

مِيرَاثَ وَإِنِ اسْتَمَرَّ مَلَاؤُهُ مِنَ السَّرِقَةِ إِلَى بَعْدَ الْقَطْعِ قِيلَ يُغَرَّمُ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُغَرِّمُ الْمُعْسِرَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُتْبَعُ بِهِ دَيْنًا وَإِنِ اسْتَهْلَكَهَا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَمَا بِيَدِهِ قَدْرُ الدَّيْنِ فَأَهْلُ الدُّيُونِ أَحَقُّ مِنَ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ وَمَا فَضَلَ فَلَهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ يُخْتَلَفُ فِي ثَلَاثَةِ مَسَائِلَ إِذَا لَمْ تَثْبُتِ السَّرِقَةُ إِلَّا بِشَاهِدٍ وَإِذَا لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ وَقَالَ سَرَقْتُ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ (وَقَالَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ من حرز) وَالثَّالِث أَن تذْهب يَمِينه بِأَمْر من الله تعلى فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُتْبَعُ فِي الذِّمَّةِ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا يَوْمَ سَرَقَ أَوْ يَوْمَ الْحَدِّ وَمَنَعَ أَشْهَبُ لِأَنَّ الْمَسْرُوقَ مِنْهُ يُقِرُّ أَنَّ حُكْمَهُ الْقَطْعُ وَأَنَّهُ ظُلِمَ فِي امْتِنَاعِهِ مِنَ الْقَطْعِ كَمَا لَوْ لَمْ يُقْطَعْ بَعْدَ ثُبُوتِ الْقَطْعِ حَتَّى مَاتَ فَإِنَّهُ لَا يَتْبَعُ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ يُتْبَعُ عَلَى أَصْلِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا مَاتَ وَلَا يُسْقِطُ الْغُرْمَ إِلَّا النَّكَالَ بِالْقَطْعِ وَمِثْلُهُ إِذَا أَقَرَّ بِالسَّرِقَةِ ثُمَّ رَجَعَ سَقَطَ الْقَطْعُ دُونَ الْغُرْمِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِم ويقسط الْأَمْرَانِ عِنْدَ أَشْهَبَ وَإِذَا بَاعَ السَّرِقَةَ فَأَهْلَكَهَا الْمُشْتَرِي فَإِنْ أَجَازَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ الْبَيْعَ لَمْ يُتْبَعِ السَّارِقُ بِالثَّمَنِ عِنْدَ مَالِكٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلَ الْيُسْرِ مِنَ السَّرِقَةِ إِلَى الْقَطْعِ وَإِنْ لَمْ يُجِزْ وَأُغْرِمَ الْمُشْتَرِي الْقِيمَةَ اتَّبَعَ الْمُشْتَرِي فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي عَدِيمًا رَجَعَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ عَلَى السَّارِقِ لِأَنَّهُ غَرِيمُ غَرِيمِهِ فَإِنْ كَانَتِ الْقِيمَةُ لَزِمَتِ الْمُشْتَرِيَ بِفَضْلِ الْقِيمَةِ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي بَاعَ السَّرِقَةَ (أُخِذَ مِنْهُ الثَّمَنُ الثَّانِي أَوِ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ وَفِي الْجَوَاهِرِ يَلْزَمُ الْغُرْمُ إِنِ اسْتَمَرَّ الْيُسْرُ مِنَ السَّرِقَةِ) إِلَى الْقَطْعِ عِنْدَ

ابْنِ الْقَاسِمِ وَعِنْدَ أَشْهَبَ إِلَى حِينِ الْقِيَامِ إِلَيْهِ وَإِنْ أَعْسَرَ بَعْدَ الْقَطْعِ وَقَبْلَ الْغُرْمِ اتَّبَعَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ دُونَ أَشْهَبَ وَقِيلَ يَتْبَعُ مُطْلَقًا مَعَ الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ وَقَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ وَفِي النَّوَادِرِ إِذَا قُطِعَتْ أَرْبَعَتُهُ فِي سَرِقَاتٍ أَوْ غَيْرِهَا اتَّبَعَ فِي عُدْمِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ لَمْ يُقْطَعْ وَلَمْ يَتْبَعْ عِنْدَ أَشْهَبَ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ قَطْعٍ وَإِنَّمَا تَعَذَّرَ كَمَا لَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُقْطَعَ وَإِنْ سَرَقَ فَلَمْ يُقْطَعْ حَتَّى زَنَى فَرُجِمَ بَعْدَ أَنْ أَيْسَرَ بَعْدَ الْعُدْمِ يَوْمَ السَّرِقَةِ قَالَ ابْن الْقَاسِم لَا يتبع إِن قُطِعَ لِدُخُولِ الْقَطْعِ فِي الْقَتْلِ وَإِنْ سَرَقَ ثَلَاثَةٌ ثَوْبًا لِرَجُلٍ فَقُطِعُوا وَوُجِدَ مِنْهُمْ مَلِيءٌ ضمن الْجَمِيع لأَنهم كَالرّجلِ الْوَاحِد الْخَامِسُ فِي الْكِتَابِ لَا يُحَدُّ السَّكْرَانُ (حَتَّى يَصْحُوَ مِنَ السُّكْرِ) قَالَ اللَّخْمِيُّ وَلَا يُجْلَدُ فِي حَدٍّ فَإِنْ أَخْطَأَ الْإِمَامُ فَضَرَبَهُ وَهُوَ طَافِحٌ لَمْ يُجِزْهُ لِعَدَمِ النِّكَايَةِ عِنْدَ الْغَفْلَةِ أَو خَفِيف السكر أَجَزَأَهُ وَلَوْ قِيلَ بِقَطْعِهِ حَالَ سُكْرِهِ اتَّجَهَ لِأَنَّ أَلَمَ الْقَطْعِ يَبْقَى بَعْدَ زَوَالِ السُّكْرِ بِخِلَاف الضَّرْب السَّادِسُ فِي الْكِتَابِ إِذَا بَاعَهَا فَقُطِعَ وَلَا مَالَ فَلِرَبِّهَا أَخْذُ قِيمَتِهَا مِنَ الْمُبْتَاعِ لِأَنَّهَا عَيْنُ مَالِهِ وَيَتْبَعُ الْمُبْتَاعُ السَّارِقَ بِالثَّمَنِ وَإِنْ تَوَالَدَتِ الْغَنَمُ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ (أَخَذَهَا مَعَ أَوْلَادِهَا فَإِنْ هَلَكَتْ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ) بِسَبَبِهِ أَوْ بَاعَهَا غَرِمَ قِيمَتَهَا أَوْ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الْعَمْدِ وَإِنْ سَرَقَهُ فَصَبَغَهُ ثُمَّ قُطِعَ مُعْدَمًا أَعْطَيْتَهُ قِيمَةَ الصَّبْغِ

وَأَخَذْتَ ثَوْبَكَ وَإِنِ امْتَنَعْتَ بِيعَ وَأَخَذْتَ عَنِ الثَّوْبِ قِيمَتَهُ يَوْمَ السَّرِقَةِ وَالْفَاضِلُ لَهُ وَإِنْ عجز عَن الثّمن لميتبع لعدمه فَإِن عمله بظهارة تَحْتَهُ فَلَكَ أَخْذُهُ مَقْطُوعًا كَمَا لَوْ سَرَقَ خَشَبَة وَبنى عَلَيْهَا لِأَنَّهُ عرض الْبناء للْفَسَاد فَإِن أَبيت مِنْ أَخْذِهِ مَقْطُوعًا وَهُوَ عَدِيمٌ فَعَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الصَّبْغِ وَإِنْ طَحَنَ الْحِنْطَةَ سَوِيقًا وَلَتَّهُ ثُمَّ قُطِعَ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا وَامْتَنَعْتَ مِنْ أَخْذِ السَّوِيقِ فَكَمَا تَقَدَّمَ فِي الصَّبْغِ يُبَاعُ وَيُشْتَرَى لَكَ مِنْ ثَمَنِهِ مِثْلُ حِنْطَتِكَ لِأَنَّهَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ بِخِلَافِ الثَّوْبِ وَإِنْ عَمِلَ الْفِضَّةَ حُلِيًّا أَوْ دَرَاهِمَ وَقُطِعَ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا فَلَيْسَ لَكَ إِلَّا وَزْنُ فِضَّتِكَ لِأَنَّكَ إِنْ أَخَذْتَهَا بِغَيْرِ شَيْءٍ ظَلَمْتَهُ فَإِنْ أَخَذَهَا وَدَفَعَ أَجْرَ الصِّيَاغَةِ فَهُوَ فِضَّةٌ بِفِضَّةٍ وَزِيَادَةٍ وَإِنْ عَمِلَ النُّحَاسَ قُمْقُمًا فَعَلَيْهِ مِثْلُ وَزْنِهِ وَلِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ قَالَ ابْنُ يُونُس قَالَ مُحَمَّد إِن أهلكها الْمُبْتَاعُ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا وَيَرْجِعُ عَلَى السَّارِقِ بِالْأَقَلِّ مِمَّا يَدْفَعُ لِصَاحِبِهَا أَوِ الثَّمَنِ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي عَدِيمًا اتَّبَعَهُ فِي الذِّمَّةِ فَإِنْ أَيْسَرَ السَّارِق قبله رجعت عَلَيْهِ بِأَقَلّ من الْقيمَة يَوْم أهلكها الْمُشْتَرِي أَوِ الثَّمَنِ أَوْ قِيمَتِهَا يَوْمَ سَرَقَهَا فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْأَكْلِ أَكْثَرَ رَجَعَ عَلَى السَّارِقِ لِأَنَّهُ غَرِيمُ الْغَرِيمِ لِلْمُشْتَرِي وَانْظُرْ إِنْ أَكَلَهَا وَقِيمَتُهَا يَوْمَ الْأَكْلِ مِثْلُ الثَّمَنِ وَقِيمَتُهَا يَوْمَ السَّرِقَةِ أَقَلُّ لَمْ يَأْخُذْ مِنَ السَّارِقِ الثَّمَنَ لِأَنَّهُ غَرِيمُ غَرِيمِهِ وَهُوَ لَوْ أَخَذَ قِيمَتَهَا مِنَ الْمُشْتَرِي فَإِنَّ لَهُ عَلَى السَّارِقِ الثَّمَنَ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِنْ كَانَ لِلسَّارِقِ غُرَمَاءُ فِي مَسْأَلَةِ الصَّبْغِ فَهُمْ أَحَقُّ بِالثَّمَنِ من صَاحب الثَّوْب غلا أَنْ يَفْضَلَ مِنْهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ أَسْلَمَهُ وَفَاتَ بِالْبَيْعِ وَلَيْسَ لِرَبِّهِ نَقْضُ بَيْعِهِ وَلَا أَخْذُ ثَمَنِهِ لِأَنَّهُ بَعْدَ إِسْلَامِهِ بَيْعٌ وَلَيْسَ لَهُ هُوَ ثَمَنُ سَرِقَتِهِ بِعَيْنِهَا فَإِنْ قَامَ رَبُّهُ فَوَجَدَهُ مَصْبُوغًا فَلَهُ

أَخْذُهُ وَدَفْعُهُ لَهُ قِيمَةَ الصَّبْغِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَعَنْهُ لَا يَأْخُذُهُ بِحَالٍ لِأَنَّ ذَلِكَ فَوْتٌ وَخَيَّرَهُ أَشْهَبُ بَيْنَ الْقِيمَةِ يَوْمَ السَّرِقَةِ يَأْخُذُهَا أَوْ يَدْفَعُ قِيمَةَ الصَّبْغِ وَيَأْخُذُ ثَوْبَهُ أَوْ يَكُونُ شَرِيكًا بِقِيمَتِهِ أَبْيَضَ وَعَنْهُ يَأْخُذُهُ أَوْ يَدْفَعُ قِيمَةَ الصَّبْغِ وَيَأْخُذُ ثَوْبَهُ أَوْ يَكُونُ شَرِيكًا بِقِيمَتِهِ أَبْيَضَ وَعَنْهُ يَأْخُذُهُ مَصْبُوغًا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الصَّبْغِ وَإِنْ غَصَبَ دَارا فبيضها والسويق الملتوث وَالْخَشَبَةُ تُعْمَلُ بَابًا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الثَّوْبِ يُصْبَغُ أَنَّ الثَّوْبَ قَائِمٌ بِعَيْنِهِ وَعَن أَشْهَبَ فِي النُّحَاسِ يُعْمَلُ قُمْقُمًا يُخَيِّرُ رَبَّهُ فِي أَخْذِ الْقُمْقُمِ وَإِعْطَاءِ قِيمَةِ الصَّنْعَةِ أَوْ يُغَرِّمُهُ مِثْلَ وَزْنِهِ نُحَاسًا قَالَ سَحْنُونٌ كُلُّ مَا غير حَتَّى صال لَهُ اسْمٌ غَيْرَ اسْمِهِ لَيْسَ لِرَبِّهِ أَخْذُهُ بَلْ قِيمَتُهُ أَوْ مِثْلُهُ فِي الْمِثْلِيَّاتِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ فِي الْفِضَّةِ تُعْمَلُ حُلِيًّا أَوِ النُّحَاسِ آنِيَةً أَوِ الثَّوْبِ يُصْبَغُ أَوْ يُجْعَلُ ظِهَارَةً لِجُبَّةٍ أَوِ الْخَشَبَةِ بَابًا أَوِ الْحِنْطَةِ تُطْحَنُ وَكُلُّ مَا أَثَّرَ فِيهِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِ صَنْعَتِهِ إِلَّا بِالشَّرِكَةِ فَلِرَبِّهِ أَخْذُهُ بالصنعة بِغَيْر غرم نقضه ذَلِكَ أَوْ زَادَهُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ) أَوْ يُضَمِّنُهُ الْقِيمَةَ وَكَذَلِكَ الْغَصْبُ وَإِنْ سَرَقَ عُصْفُرًا لِرَجُلٍ وَثَوْبًا لِآخَرَ وصبغه بذلك لم يقطع وَلَهُ مَالٌ يَوْمَ السَّرِقَةِ لَزِمَهُ قِيمَةُ الثَّوْبِ وَمِثْلُ الْعُصْفُرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ تحاصصا فِي ثمنهَا هَذَا بِقِيمَةِ ثَوْبِهِ وَالْآخَرُ بِقِيمَةِ الْعُصْفُرِ وَالْفَرْقُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بَيْنَ صَبْغِ الثَّوْبِ وَبَيْنَ النُّحَاسِ قُمْقُمًا أَنَّ الثَّوْبَ لَيْسَ مِثْلِيًّا وَمِثْلُ النّحاس يقوم مقَامه السَّابِعُ فِي الْكِتَابِ إِذَا ثَبَتَتِ السَّرِقَةُ فَقَطَعَ رَجُلٌ يَمِينَهُ لَمْ يُقْتَصَّ مِنْهُ لِأَنَّهُ عُضْوٌ مُسْتَحِقٌّ لِلْقَطْعِ وَنُكِّلَ لِجُرْأَتِهِ عَلَى الْإِمَامِ وَأَجْزَأَ ذَلِكَ السَّارِقَ وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ قَبْلَ عَدَالَةِ الْبَيِّنَةِ فَعُدِّلَتْ كَانَ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِلَّا اقْتُصَّ مِنْهُ لِأَنَّ الْعُضْوَ مَعْصُومٌ وَإِذَا أَمَرَ

القَاضِي بِقطع الْيَمين فغلظ الْقَاطِعُ فَقَطَعَ يَسَارَهُ أَجَزَأَهُ لِحُصُولِ النَّكَالِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْقَاطِعِ لِأَنَّهُ كَالْحَاكِمِ وَإِذَا قُطِعَتْ يَمِينُ السَّارِقِ فَهُوَ لِكُلِّ سَرِقَةٍ تَقَدَّمَتْ أَوْ قِصَاصٍ وَجَبَ فِي ذَلِكَ الْعُضْوِ وَكَذَلِكَ الْحُدُودُ قَالَ ابْن يُونُس إِذا قطّ رجل يَده بعد ثُبُوت السّرقَة عُوقِبَ للتعمد وَلَا دِيَةَ فِي الْخَطَأِ وَكَذَلِكَ الْمُحَارِبُ إِذَا قُتِلَ وَمَسْأَلَةُ الْقَاطِعِ يَغْلَطُ مَرْوِيَّةٌ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ خَطَأُ الْإِمَامِ لَا يُزِيلُ قَطْعَ الْيُمْنَى فَتُقْطَعُ وَعَقْلُ الْيُسْرَى فِي مَالِ الْإِمَامِ إِنْ بَاشَرَ أَوِ الْقَاطِعِ دُونَ الْعَاقِلَةِ أَوْ فِي مَالِ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ إِنْ قَطَعَ هُوَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْإِمَامِ إِنْ بَاشَرَ أَوِ الْقَاطِعِ دُونَ الْعَاقِلَةِ أَوْ فِي مَالِ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ إِنْ قَطَعَ هُوَ بِغَيْر أَمر الإِمَام وَإِن يمنه عُوقِبَ هُوَ فَقَطْ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا بَادَرَ الْجَلَّادُ فَقَطَعَ الْيُسْرَى عَمْدًا اقْتُصَّ مِنْهُ وَالْحَدُّ بَاقٍ وَكَذَلِكَ لَو فعل ذَلِك الإِمَام ويجزيء فِي الْغَلَطِ وَرَجَعَ مَالِكٌ إِلَى عَدَمِ الْإِجْزَاءِ وَتُقْطَعُ الْيُمْنَى وَالْعَقْلُ فِي مَالِ الْقَاطِعِ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْأَوَّلِ ثُمَّ سَرَقَ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُمْنَى وَالْعَقْلُ فِي مَالِ الْقَاطِعِ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْأَوَّلِ ثُمَّ سَرَقَ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُمْنَى عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْيُسْرَى عِنْدَ ابْنِ نَافِعٍ الثَّامِن فِي الْكتاب إِن وَلَا مَالَ لَهُ إِلَّا قِيمَةُ السَّرِقَةِ فَغَرِمَهَا ثُمَّ قَامَ قَوْمٌ سَرَقَ مِنْهُمْ (مِثْلَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ مِنْ وَقْتِ أَنْ سَرَقَ مِنْهُمْ) مَلِيًّا بِمثل الَّذِي غرم الْآن بحاصص بِهَا فِي ذَلِكَ دُونَ مَا قَبْلَهَا لِأَنَّ الْعُدْمَ أَسْقَطَهَا وَإِنْ لَمْ يَحْضُرُوا يَوْمَ الْقَطْعِ كُلُّهُمْ فَلِلْغَائِبِ الدُّخُولُ عَلَيْهِمْ كَغُرَمَاءِ الْمُفْلِسِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ سَرَقَ لِرَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا غَائِبٌ قُضِيَ لِلْحَاضِرِ بِنِصْفِ قِيمَتِهَا إِنْ كَانَتْ مُسْتَهْلَكَةً فَإِنْ قَدَمَ الْغَائِبُ وَالسَّارِقُ عَدِيمٌ وَكَانَ يَوْمُ الْقَطْعِ مَلِيًّا بِقِيمَةِ الْجَمِيعِ رَجَعَ عَلَى شَرِيكِهِ بِنِصْفِ مَا أَخَذَ وَلَا يُتْبَعُ السَّارِقُ بِشَيْءٍ كَالدَّيْنِ لَكُمَا عَلَى رَجُلٍ مِنْ شَرِكَةٍ يَقْبِضُ أَحَدُكُمَا حِصَّتَهُ وَصَاحِبُهُ غَائِبٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْكفَالَة إِذا

قُضِيَ لِلشَّرِيكِ بِحَقِّهِ وَالْغَرِيمُ مَلِيءٌ بِحَقِّهِمَا فَيُقَدَّمُ الْغَائِبُ لَا يُدْخِلُ عَلَى شَرِيكِهِ أَنَّ السَّارِقَ لَمْ يَأْمَنْهُ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ عَلَى بَقَاءِ مَا وَجَبَ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ وَكَانَ يَجِبُ أَنَّ الْقَاضِيَ يُوقِفُ نَصِيبَ الْآخَرِ فَلَمَّا غَلِطَ صَارَتْ قِسْمَةً غَيْرَ جَائِزَةٍ وَفِي مَسْأَلَةِ الْكَفَالَةِ صَاحِبُ الدَّيْنِ هُوَ الَّذِي ائْتَمَنَ الْغَرِيمَ عَلَى بَقَاءِ دَيْنِهِ فِي ذِمَّتِهِ فَالْقِسْمَةُ جَائِزَةٌ بِلَا رُجُوعٍ لِلْغَائِبِ عَلَى الْقَابِضِ إِذَا حَكَمَ لَهُ الْقَاضِي بِقَبْضِ نَصِيبِهِ وَأَبَى أَبُو مُحَمَّدٍ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى مَسْأَلَةِ السَّرِقَةِ أَنَّهُ قَبَضَ حِصَّتَهُ بِغَيْرِ حُكْمِ حَاكِمٍ قِيلَ لَهُ قَدْ مَثَّلَهَا بِالدَّيْنِ فَقَالَ إِنَّهُ مَثَّلَهَا بِهِ لِيَفْهَمَ أَنَّ لِلشَّرِيكِ الدُّخُول التَّاسِعُ فِي الْكِتَابِ إِذَا خِيفَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ مِنَ الْحَدِّ لِحَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ خَوْفٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ يُقْطَعُ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُتْلَفٍ وَإِنْ كَانَ فِيهِ بَعْضُ الْخَوْفِ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَزِمَهُ وَإِنْ مَاتَ فِيهَا وَإِنَّمَا يَتَعَاهَدُ فِي الْبَرْدِ قَالَ مُحَمَّدٌ يُقْطَعُ الْمُحَارِبُ فِي الْبَرْدِ الشَّدِيدِ بِخِلَافِ السَّرِقَةِ لِأَنَّ الإِمَام لَو قَتله جَازَ الْعَاشِرُ فِي الْكِتَابِ إِنْ سَرَقَ وَقَتَلَ عَمْدًا كفر الْقَتْلَ فَإِنْ عَفَا الْوَلِيُّ قُطِعَ وَإِنْ سَرَقَ وَقطع يَمِين رجل قطع لسرقة فَقَطْ لِتَعَذُّرِ الْعَفْوِ فِيهَا وَلَا شَيْءَ لِلْمَقْطُوعِ يَدُهُ كَمَا لَوْ ذَهَبَتْ يَدُ الْقَاطِعِ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ أَوْ سَرَقَ وَقَطَعَ يَسَارَ رَجُلٍ قُطِعَ يَمِينُهُ لِلسَّرِقَةِ وَيَسَارُهُ لِلْقِصَاصِ لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ وَلِلْإِمَامِ جمع ذَلِك عَلَيْهِ وتفريغه بِقَدْرِ الْخَوْفِ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْحَدُّ وَالتَّعْزِيرُ وَإِنِ اجْتمع حد الله تَعَالَى وحد الْعباد بديء بِحَدِّ اللَّهِ تَعَالَى لِتَعَذُّرِ الْعَفْوِ فِيهِ فَإِنْ

عَاشَ حُدَّ حَدَّ الْعِبَادِ وَإِنْ مَاتَ بَطَلَ ذَلِكَ وَيَجْمَعُ الْإِمَامُ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَوْ يُفَرِّقُهُ بِحَسَبِ الْخَوْفِ عَلَيْهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ كَانَا لق قُدِّمَ أَكْثَرُهُمَا كَحَدِّ الزِّنَا مَعَ الشُّرْبِ إِلَّا أَنْ يُخَافَ عَلَيْهِ فِي الْمِائَةِ فَيُحَدُّ لِلْخَمْرِ فَإِنْ ضَعُفَتِ الْبِنْيَةُ عَنِ الْحَدِّ الْوَاحِدِ ضُرِبَ الْمَأْمُونَ ثُمَّ يَسْتَكْمِلُ وَقْتًا بَعْدَ وَقْتٍ فَإِنْ فَرَغَ جَلْدُ الزِّنَا جُلِدَ لِلْخَمْرِ وَإِنْ كَانَا لِلْعِبَادِ نَحْوِ قَطْعِ هَذَا وَقَذْفِ هَذَا اقْتَرَعَا فَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْأَدْنَى مِنْ غَيْرِ قُرْعَةٍ وَيُقَدَّمُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى إِلَّا أَنْ يَقْدِرَ عَلَى حَقِّ الْآدَمِيِّ فَقَطْ فَيُقَامُ وَأُخِّرَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى لِوَقْتِ الْأَمْنِ فَإِنْ خِيفَ مِنْهُ دَائِمًا بديء بِهِ مُفَرَّقًا ثُمَّ حَقُّ الْآدَمِيِّ قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ إِذَا اجْتَمَعَ قَتْلٌ فِي حِرَابَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَقَوَدٌ قُدِّمَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُنْتَظَرُ فِي الْقَتْلِ حُضُورُ الْوَلِيّ وَأَنه يقبل بِالْحِجَارَةِ فِي الزِّنَا وَبِالسَّيْفِ فِي الرِّدَّةِ وَقَدْ يَكُونُ قَتْلُ الْآدَمِيِّ بِالْحِجَارَةِ أَمَّا لَوْ قُطِعَ فِي السّرقَة ثمَّ قطع يَمِين جلّ فَعَلَيْهِ دِيَةُ الْيَدِ لِأَنَّهُ يَوْمَ قَطَعَهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ يَمِينٌ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ وَمَتَى اجْتَمَعَتِ الْحُدُودُ كُلُّهَا مَعَ الْقَتْلِ سَقَطَتْ بِالْقَتْلِ إِلَّا الْقَذْفَ فَإِنَّهُ يُجْلَدُ ثُمَّ يُقْتَلُ وَقَالَ (ش) وَ (ح) حُقٌّ الْآدَمِيِّ مُقَدَّمٌ لَنَا أَنَّ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى أَقْوَى لِتَعَذُّرِ الْعَفْوِ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَتَغَلَّظُ كَالْقَتْلِ بِالْحِجَارَةِ فِي الزِّنَا وَعَلَى أَصْلِ (ح) لَا قِصَاصَ إِلَّا بِالسَّيْفِ وَيُنَكَّلُ الْمُرْتَدُّ وَيُمَثَّلُ بِهِ بِخِلَافِ الْقِصَاصَ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ حَقَّ الْآدَمِيِّ أَقْوَى لِأَنَّ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ وَبِرُجُوعِ الْمُقِرِّ وَبِالتَّوْبَةِ قَبْلَ الْقُدْرَةِ فِي الْحِرَابَةِ وَلَوْ كَانَتْ عَلَيْهِ زَكَاةٌ وَكَفَّارَةٌ وَحَجٌّ قُدِّمَ دَيْنُ الْآدَمِيِّ (عَلَى الْحَجِّ وَيَرِث

الْوَارِثُ مَعَ حُقُوقِ اللَّهِ دُونَ حَقِّ الْآدَمِيِّ) وَحَقُّ اللَّهِ تَعَالَى يَسْقُطُ بِالْعَفْوِ مِنْ مَالِكِهِ وَيَظْهَرُ ذَلِكَ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ وَالْجَوَابُ أَنَّا إِنَّمَا رَجَّحْنَا بَيْنَ حُقُوقٍ وَجَبَتْ أَمَّا مَعَ الشُّبْهَةِ فَلَمْ يَجِبْ شَيْءٌ وَكَذَلِكَ الرُّجُوعُ عَنِ الْإِقْرَارِ ثُمَّ مَا ذَكَرْتُمُوهُ دَلِيلَ الْقُوَّةِ لِأَنَّهُ كُلَّمَا كَثُرَتْ شُرُوطُ الشَّيْءِ كَانَ أَقْوَى لِأَنَّ الزِّنَا أَقْوَى فِي الثُّبُوتِ مِنَ الْقَتْلِ لِاشْتِرَاطِ أَرْبَعَةٍ عُدُولٍ وَالنِّكَاحُ أَقْوَى مِنَ الْبَيْعِ لِاشْتِرَاطِ الْوَلِيّ وَالشُّهُود وَالصَّدَاق فَاشْترط عَدَمِ الشُّبْهَةِ وَعَدَمُ رُجُوعِ الْمُقِرِّ دَلِيلُ الْقُوَّةِ وَأَمَّا الْعَفْوُ فِي الْآخِرَةِ فَلَا مَدْخَلَ لَهُ لِأَنَّا إِنَّمَا تَكَلَّمْنَا فِي الْقُوَّةِ فِي حَالِ الدُّنْيَا عَلَى أَنَّ حُقُوقَ الْعِبَادِ قَدْ تَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ لِأَنَّ عَمْدَ الْخَطَأِ لَا قَوَدَ فِيهِ عنْدكُمْ وعندما فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَقَتْلُ الِابْنِ لِأَبِيهِ وَأَمَّا الزَّكَاةُ فَالدَّيْنُ يُسْقِطُهَا عَنِ الْعَيْنِ وَهِيَ فِي الْمُنَاسَبَةِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى دَيْنِ الْآدَمِيِّ وَالْكَفَّارَاتُ لَهَا أبدال إِن كَانَ فَقِيرا يعوضه الصَّوْمُ وَأَمَّا الْمِيرَاثُ فَمُشْتَرَكٌ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ وَالتَّدْبِيرَ لَا تَمْنَعُ مِلْكَ الْوَارِثِ مَعَ أَنَّا إِذَا عَلِمْنَا أَنَّ الزَّكَاةَ عَلَيْهِ لَمْ يُفَرِّطْ فِي إِخْرَاجِهَا قُدِّمَتْ عَلَى الْمِيرَاثِ مِثْلَ أَنْ يُقَدَّمَ عَلَيْهِ مَالٌ لَمْ تُؤَدَّ زَكَاتُهُ أَوْ يَمُوتُ صَبِيحَةَ الْفِطْرِ وَأَمَّا الْحَجُّ فَمُتَعَلِّقٌ بِالْبَدَنِ لَا بِالْمَالِ فَسَقَطَ كَمَا يَسْقُطُ بِعَجْزِ الْبَدَنِ فِي الْحَيَاة الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الْكِتَابِ إِذَا سَرَقَ فَقُطِعَ فِيهِ ثُمَّ سَرَقَهُ ثَانِيَةً قُطِعَ أَيْضًا وَقَالَهُ (ش) وَقَالَهُ (ح) إِنْ سَرَقَهُ مِنَ الْمَالِكِ الْأَوَّلِ لَمْ يُقْطَعْ وَإِلَّا فَعِنْدَهُمْ قَوْلَانِ وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ النَّظَرُ إِلَى تَعَدُّدِ الْفِعْلِ أَوْ إِيجَادُ مَحَلِّهِ فَالْقَطْعُ عِنْدَنَا مِثَالُهُ السَّرِقَةُ

وَهِيَ الْإِخْرَاجُ وَعِنْدَهُ مِثَالُهُ الْمَسْرُوقُ وَهَذَا إِذَا قُطِعَ عِنْدَهُمْ لَمْ يُغَرَّمْ وَإِذَا غَرِمَهَا لَمْ يُقْطَعْ لَنَا الْعُمُومَاتُ الْمُتَقَدِّمَةُ وَالْقِيَاسُ عَلَى الْمَرَّةِ الأولى كَمَا لَو تكَرر الزِّنَا على الْمَرْأَة أَوْ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْغَزَلِ يُقْطَعُ فِيهِ فَرَدَّهُ يُنْسَجُ فَسَرَقَهُ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ احْتَجُّوا بِأَنَّهُ لَوْ قُطِعَ لَسَاوَى تَكَرُّرَ الزِّنَا فِي الْمَرْأَةِ وَلَا يُسَاوِيهِ لِأَنَّ الزِّنَا لَا يَتَعَلَّقُ بِاسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ وَالْمَنْفَعَةُ الثَّانِيَةُ عَيْنُ الْأَوْلَى وَالْقَطْعُ بِالْعَيْنِ وَهِيَ مُتَّحِدَةٌ وَلِأَنَّ الْفِعْلَ وَالْعَيْنَ يُعْتَبَرَانِ لِأَنَّهُ لَوْ فَعَلَ فِي دُونِ النِّصَابِ لَمْ يُقْطَعْ أَوْ سَرَقَ نِصَابَيْنِ بِفِعْلٍ وَاحِدٍ فَقَطْعٌ وَاحِدٌ لِعَدَمِ تعدد الْفِعْل وَإِن كَانَ لابد مِنْهُمَا وَقد تَعَذَّرَتْ الْعَيْنُ فَبَطَلَ الْقَطْعُ وَلِأَنَّهَا عَيْنٌ يُقْطَعُ فِيهَا فَلَا يَتَكَرَّرُ فِيهَا بِتَكَرُّرِ السَّبَبِ كَالْقَذْفِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ سَبَبَ الْقَطْعِ عِنْدَنَا تَكَرُّرُ الْفِعْلِ بِشُرُوطِهِ لَا الْعَيْنِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْعَيْنَ مُعْتَبَرَةٌ فِي الْفِعْلِ فِي كَوْنِهِ نِصَابًا مَعَ بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ أَمَّا اعْتِبَارُ كَوْنِهَا لَمْ تُسْرَقْ قَبْلُ فَهُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّهُ إِذَا قَذَفَهُ بَعْدَ الْحَدِّ تَكَرَّرَ الْحَدُّ كَالسَّرِقَةِ فَهَذَا فَرْقٌ تَمْهِيدٌ الْأَصْلُ تَفَاوُتُ الْعُقُوبَاتِ بِقَدْرِ تَفَاوُتِ الْجِنَايَاتِ بِدَلِيلِ الزِّنَا مِائَةٌ وَالْقَذْفُ ثَمَانُونَ وَالسَّرِقَةُ الْقَطْعُ وَالْحِرَابَةُ الْقَتْلُ وَأَنْوَاعُ التَّعَازِيرِ وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ وَقَدِ اسْتُثْنِي مِنْ ذَلِكَ أُمُورٌ فَسَوَّى الشَّرْعُ بَيْنَ سَرِقَةِ رُبْعِ دِينَارٍ وَآلَافِ الدَّنَانِيرِ وَشَارِبِ قَطْرَةِ خَمْرٍ وَشَارِبِ الْكَثِيرِ فِي الْحَدِّ مَعَ تَفَاوُتِ

مَفَاسِدِهَا جِدًّا وَعُقُوبَةُ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ سَوَاءٌ مَعَ أَن جريمة الْحر أعظم من أَنَّ الْعَبِيدَ إِنَّمَا سَاوَوُا الْحُرَّ فِي السَّرِقَةِ والحرابة لتعذر التَّبْعِيض بِخِلَاف الْجلد واستوى الْحَرج اللَّطِيفُ السَّارِي لِلنَّفْسِ وَالْعَظِيمُ فِي الْقِصَاصِ مَعَ تَفَاوُتِهِمَا وَقَتْلُ الرَّجُلِ الصَّالِحِ الْبَطَلِ الْعَالِمِ وَالصَّغِيرُ الوضيع الثَّانِيَ عَشَرَ فِي النَّوَادِرِ إِذَا سَرَقَ ثُمَّ دره لِحِرْزِهِ قُطِعَ لِتَحْقِيقِ السَّبَبِ الثَّالِثَ عَشَرَ قَالَ إِنْ سَرَقَ بِبَلَدٍ فَوُجِدَ بِبَلَدٍ آخَرَ لَيْسَ لِرَبِّهِ أَخْذُهُ إِلَّا بِبَلَدِ السَّرِقَةِ إِلَّا أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى مَا يَجُوزُ فِي السَّلَفِ كَمَا تقدم فِي الْغَصْب وَكَذَلِكَ الْمثْلِيّ فالملك لَهُ مِثْلُهُ لَا قِيمَتُهُ وَخَيَّرَهُ أَشْهَبُ الرَّابِعَ عَشَرَ قَالَ إِنْ صَالَحْتَهُ قَبْلَ الْوُصُولِ لِلْإِمَامِ ثُمَّ رَفَعْتَهُ رَجَعَ بِمَا صَالَحْتَهُ بِهِ إِنْ كَانَ الصُّلْحُ عَلَى الرَّفْعِ فَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَالِ فَلَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنِ ادَّعَيْتَ عَلَيْهِ وَصَالَحْتَهُ عَلَى الْإِنْكَارِ فَأَقَرَّ غَيْرُهُ بِالسَّرِقَةِ قُطِعَ الْمُقِرُّ وَرَجَعَ عَلَيْهِ الْمُنْكِرُ بِمَا صَالَحَ بِهِ وَإِنْ كَانَ عَدِيمًا لَا يُتْبَعُ وَلَا يَرْجِعُ الْمُنْكِرُ عَلَى الْمُطَالِبِ لِأَنَّ الثَّانِيَ أَقَرَّ وَإِنْ كَانَ عَدِيمًا فَرَجَعَ عَنْ إِقْرَارِهِ قَبْلَ الْقَطْعِ سَقَطَ الْحَدُّ وَاتَّبَعَهُ الْمُنْكِرُ بِمَا صَالَحَ بِهِ وَالْمَسْرُوقُ بِقِيمَةِ سَرِقَتِهِ وَإِنْ أَقَرَّ لَكَ وَأَنْتَ ذَاهِبٌ بِهِ لِلْإِمَامِ أَوْ صَالَحْتَهُ ثُمَّ رَجَعَ عَنِ الْإِقْرَارِ وَالصُّلْحِ وَقَالَ خِفْتُ السُّلْطَانَ قَالَ أَصْبَغُ إِنْ كَانَ السُّلْطَانُ تُخْشَى بَوَادِرُهُ لم يلْزمه أَو الْمَأْمُون الزمه

(الجناية السابعة حد الشرب والنظر في الموجب والواجب)

وَعَلِمَ أَنَّهُ قَاتِلُهُ فَقَتَلَهُ قُتِلَ بِهِ) لِمَا فِي الْحَدِيثِ فِي الرَّجُلِ يَجِدُ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا إِنْ قَتَلَهُ قَتَلْتُمُوهُ الْحَدِيثَ وَإِنْ خَرَجَ وَقَاتَلَكَ وَالْمَتَاعُ مَعَهُ فَقُتِلَ قَالَ أَصْبَغُ هُوَ هَدَرٌ وَلَا دِيَةَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ الْمَتَاع وَإِنَّمَا يطْلب النَّجَاةَ فَفِيهِ الدِّيَةُ إِنْ قُتِلَ بِمَوْضِعٍ سَرَقَ وغلا فالقود لِأَنَّهُ لَا مَتَاعَ مَعَهُ وَلَا هُوَ مَوْضِعٌ يُخَافُ مِنْ شَرِّهِ وَإِنْ أَمَرْتَهُ فَقَتَلَهُ فَفِيهِ الْقَوَدُ مَعَهُ مَتَاعٌ أَمْ لَا (الْجِنَايَةُ السَّابِعَةُ حَدُّ الشُّرْبِ وَالنَّظَرُ فِي الْمُوجِبِ وَالْوَاجِبِ) النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي الْمُوجِبِ وَهُوَ شُرْبُ الْقَطْرَةِ مِمَّا يُسْكِرُ كَثِيرُهُ اخْتِيَارًا مِنْ مُكَلَّفٍ مُسْلِمٍ وَقَدْ تقدم فِي كتاب الْأَشْرِبَة (أَكثر فقها) ونذكرها هَا هُنَا مَا يَتَعَلَّقُ بِالْحَدِّ وَفِيهِ خَمْسُ مَسَائِلَ الْأُولَى فِي الْكِتَابِ مَنْ شَرِبَ خَمْرًا أَوْ نَبِيذًا مُسْكِرًا وَإِنْ قَتَلَ سَكِرَ أَمْ لَا حُدَّ ثَمَانِينَ جَلْدَةً أَوْ شَهِدَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ أَنَّ بِهِ رَائِحَةُ الْخَمْرِ عَصِيرِ عِنَبٍ أَوْ زَبِيبٍ أَو نَبِيذ أَو تمر أَو تبين أَو حِنْطَة أَو الأسكركة قيل أَو يَجْعَل خبز فِي نَبِيذٍ يَوْمَيْنِ قَالَ كَرِهَهُ مَالِكٌ فِي قَوْلِهِ الْآخَرِ فِي التَّنْبِيهَاتِ

الْأُسْكُرْكَةُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ السِّينِ وَضَمِّ الْكَافِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ وَبَيْنَهُمَا رَاءٌ سَاكِنَةٌ وَضَبَطْنَاهُ أَيْضًا بِالسِّينِ الْمَضْمُومَةِ هُوَ شَرَابُ الذُّرَةِ وَالْجَذِيذَةُ بجيم مَفْتُوحَة وذالان معجمات أَوَّلُهُمَا مَكْسُورَةٌ بَيْنَهُمَا يَاءٌ سَاكِنَةٌ هُوَ السَّوِيقُ وَالْجُذَاذُ التَّقْطِيعُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا} وَالْبُسْرُ الْمُذَنَّبُ الَّذِي أَرْطَبَ بَعْضُهُ مِنْ جِهَةِ ذَنَبِهِ فَإِنْ أَرَطَبَ مِنْ جَانِبِهِ فَهُوَ فَوْكَةٌ وَفِي النُّكَتِ إِنْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّ الَّذِي بِهِ رَائِحَةُ خَمْرٍ (وَاثْنَانِ أَنَّهَا لَيْسَتْ رَائِحَةً حُدَّ كَقَوْلِهِ فِي كِتَابِ السَّرِقَةِ إِذَا اخْتَلَفَ المعولون قَالَ ابْن يُونُس الأسركة) شَرَابُ الْقَمْحِ الثَّانِيَةُ فِي الْجَوَاهِرِ يُحَدُّ حَدِيثُ الْعَهْد بِالْإِسْلَامِ وَإِن لم يعلم التَّحْرِيم قَالَ مَالك وأخصابه إِلَّا أَنَّ ابْنَ وَهْبٍ قَالَ فِي الْبَدَوِيِّ الَّذِي لَمْ يَقْرَأِ الْكِتَابَ وَيَجْهَلُ هَذَا لَا يحد لنا أَن الْإِسْلَام قد قشا فَلَا يُجْهَلُ ذَلِكَ فَإِنْ عَلِمَ التَّحْرِيمَ وَجَهِلَ الْحَدَّ حُدَّ اتِّفَاقًا وَلَا حَدَّ عَلَى الْحَرْبِيِّ وَالذِّمِّيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ وَمَنْ تَأَوَّلَ فِي الْمُسْكِرِ مِنْ غَيْرِ الْخَمْرِ وَرَأَى حِلَّ قَلِيلِهِ حُدَّ قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ وَلَعَلَّ هَذَا فِي غَيْرِ الْمُجْتَهِدِ الْعَالِمِ أَمَّا الْمُجْتَهِدُ الْعَالِمُ فَلَا يُحَدُّ إِلَّا أَنْ يَسْكَرَ وَقَدْ جَالَسَ مَالِكٌ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ وَغَيْرَهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ مِمَّنْ يَرَى شرب مُبَاحًا فَمَا دَعَا لِلْحَدِّ مَعَ تَظَاهُرِهِمْ بِشُرْبِهِ ومناظرتهم عَلَيْهِ

تَمْهِيدٌ قَالَ مَالِكٌ أَحُدُّ الْحَنَفِيَّ فِي قَلِيلٍ مِنَ النَّبِيذِ وَلَا أَقْبَلُ شَهَادَتَهُ وَقَالَ (ش) أَحُدُّهُ وَأَقْبَلُ شَهَادَتَهُ أَمَّا مَالِكٌ فَبَنَى عَلَى أَنَّ الْفُرُوعَ قِسْمَانِ مَا يُنْقَضُ فِيهِ قَضَاءُ الْقَاضِي وَمَا لَا يُنْقَضُ فَيُنْقَضُ فِي أَرْبَعَةٍ مَا خَالف الْإِجْمَاع أَو الْقَوَاعِد كالشرحية فِي الطَّلَاقِ أَوِ الْقِيَاسِ الْجَلِيِّ أَوِ النَّصِّ الْوَاضِحِ كَالنَّبِيذِ فَإِنَّ النُّصُوصَ مُتَضَافِرَةٌ بِأَنَّ مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ وَالْقِيَاسُ عَلَى الْخَمْرِ جَلِيٌّ وَمَا يُنْقَضُ فِيهِ قَضَاءُ الْقَاضِي لَا يَصِحُّ التَّقْلِيدُ فِيهِ وَلَا يُثْبِتُ حُكْمًا شَرْعِيًّا لِأَنَّ مَا لَا نُقِرُّهُ إِذَا تَأَكَّدَ بِقَضَاءِ الْقَاضِي لَا نُقِرُّهُ إِذَا لَمْ يَتَأَكَّدْ فَلِذَلِكَ رَدَدْنَا شَهَادَتَهُ وَأَبْطَلْنَا التَّقْلِيدَ وَأَمَّا (ش) فَأَثْبَتَ التَّقْلِيد بانتقاء الْعِصْيَان وأمام الْحَدَّ لِأَنَّ الْعُقُوبَاتِ لِدَرْءِ الْمَفَاسِدِ لَا لِلْمُخَالَفَاتِ بِدَلِيلِ تَأْدِيبِ الصِّبْيَانِ وَالْبَهَائِمِ اسْتِصْلَاحًا لَهَا مِنْ غَيْرِ عِصْيَانٍ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ ذَلِكَ يُسَلَّمُ فِي غَيْرِ الْحُدُودِ مِنَ الْعُقُوبَاتِ أَمَّا الْحُدُودُ بِعَدَدٍ فَلَمْ نَعْهَدْهُ فِي الشَّرْعِ إِلَّا فِي مَعْصِيَةٍ وَلَا يُحَدُّ الْمُكْرَهُ وَلَا الْمُضْطَرُّ لِإِسَاغَةِ الْغُصَّةِ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ حِينَئِذٍ لِإِحْيَاءِ النَّفْسِ الثَّالِثَةُ قَالَ يَحْرُمُ التَّدَاوِي بِالْخَمْرِ وَالنَّجَاسَاتِ وَأَمَّا الدَّوَاءُ الَّذِي فِيهِ خَمْرٌ تَرَدَّدَ فِيهِ عُلَمَاؤُنَا وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَالصَّحِيحُ التَّحْرِيمُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (إِنَّهَا لَيْسَتْ بِدَوَاءٍ وَلَكِنَّهَا دَاءٌ) الرَّابِعَةُ قَالَ إِن ظَنّه غير مُسكر شراراآخر لم يحد وَإِن سكر كَمَا لَو وطىء أَجْنَبِيَّةً يَظُنُّهَا امْرَأَتَهُ لَا يُحَدُّ الْخَامِسَةُ قَالَ لَا يُحَدُّ حَتَّى يَثْبُتَ الْمُوجِبُ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ أَوْ إِقْرَارٍ أَوْ شَهِدَ بِالرَّائِحَةِ مَنْ يَتَيَقَّنُهَا مِمَّنْ كَانَ شَرِبَهَا حَالَ كُفْرِهِ أَوْ فِسْقِهِ ثُمَّ انْتَقَلَ لِلْعَدَالَةِ وَقَدْ يُعْرَفُ الشَّيْء إِذا الرَّائِحَةِ كَالزَّيْتِ وَالْبَانِ وَغَيْرِهِمَا

وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يُحَدَّ سَكْرَانُ إِذْ لَعَلَّهُ سَكْرَانُ مِنْ عِلَّةٍ وَقَدْ حَكَمَ بِهِ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَبِلَ فِيهِ شَهَادَةَ الْعُدُولِ وَهُوَ قَوْلُ عَائِشَةَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَيَكْفِي فِي الشَّهَادَةِ أَنْ يَقُولَ شَرِبَ مُسْكِرًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَلَا بُدَّ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الرَّائِحَةِ مِنْ شَاهِدَيْنِ وَلَا يَكْفِي الْوَاحِدُ إِلَّا أَنْ يُقِيمَهُ الْحَاكِمُ فَيَصِيرُ كَالتُّرْجُمَانِ وَغَيْرُهُ يُقْبَلُ وَحْدَهُ قَالَهُ أَصْبَغُ وَفِي النَّوَادِرِ وَإِنْ أُشْكِلَتِ الرَّائِحَةُ عَلَى الْإِمَامِ وَهُوَ حَسَنُ الْحَالِ تَرَكَهُ (أَوْ سيء الْحَالِ اسْتَقْرَأَهُ مَا لَا يُغْلَطُ فِي مِثْلِهِ مِمَّا يُصَلَّى بِهِ مِنَ الْمُفَصَّلِ فَإِنِ اعْتَدَلَتْ قِرَاءَتُهُ تَرَكَهُ) وَإِلَّا حَدَّهُ وَإِنْ شَكَّ فِي ذَلِكَ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ التُّهَمِ حُدَّ فِيهِ لِلتُّهْمَةِ وَعَنْ مَالِكٍ إِنْ شَكَّ فِي الرَّائِحَةِ أَهُوَ مُسْكِرٌ أَوْ غَيْرُهُ أَوْ أُخِذَ عَلَى مَشْرَبَةٍ وَلَمْ يَسْكَرْ وَلَمْ يَعْرِفْ مَا يَنْبِذُهُمْ وَهُوَ مُعْتَادٌ لِذَلِكَ ضُرِبَ سَبْعِينَ وَنَحْوَهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعْتَادًا بِخَمْسِينَ وَنَحْوِهَا عَبْدًا كَانَ أَوْ حُرًّا لِأَنَّهُ تَغْرِيرٌ وَيُعَاقَبُ مَنْ حَضَرَ المَشَارِبَ وَإِنْ قَالَ أَنَا صَائِمٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَيَخْتَبِرُ الْإِمَامُ السَّكْرَانَ بِالرَّائِحَةِ وَغَيْرِهَا لِأَنَّهُ حَدٌّ انْتَهَى إِلَيْهِ قَالَ أَصْبَغُ إِنْ ظَهَرَتْ أَمَارَاتُ السُّكْرِ وَإِلَّا لَمْ يَتَجَسَّسْ عَلَيْهِ وَإِنْ شَهِدَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ الْخَمْرِ حَدَّهُ وَفَعَلَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَالَتْهُ عَائِشَةُ وَغَيْرُهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِكْرَاهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ شَرِبَ خَمْرًا وَالْآخَرُ أَنَّهُ شَرِبَ نَبِيذًا مُسْكِرًا حُدَّ لِاجْتِمَاعِهِمَا عَلَى أَصْلِ السَّبَبِ فَإِنْ شَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ

مَا شرب وَلَا يُطَلَّقُ عَلَيْهِ وَخَالَفَهُ الْأَئِمَّةُ فِي الرَّائِحَةِ فَلَمْ يَحُدُّوا بِتَحَقُّقِهَا لِأَنَّهُ قَدْ يَتَمَضْمَضُ بِالْخَمْرِ لِلدَّوَاءِ وَيَطْرَحُهَا أَوْ يَظُنُّهَا غَيْرَ خَمْرٍ فَلَمَّا حَصَلَتْ فِي فِيهِ طَرَحَهَا أَوْ كَانَ مُكْرَهًا أَوْ أَكَلَ نَبْقًا بَالِغًا أَوْ شَرِبَ شَرَابَ التُّفَّاحِ فَإِنَّ رَائِحَتَهُ تُشْبِهُ رَائِحَةَ الْخَمْرِ وَإِذَا احْتُمِلَ فَالْحَدُّ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِكْرَاهِ وَإِنَّ الشُّرْبَ أَكْثَرُ مِنَ الْمَضْمَضَةِ وَغَيْرِهَا وَالْكَلَامُ حَيْثُ تَيَقَّنَّا أَنَّهُ رِيحُ خَمْرٍ لَا تُفَّاحَ وَلَا نَبْقَ النَّظَرُ الثَّانِي فِي الْوَاجِبِ وَفِي الْكِتَابِ وَهُوَ ثَمَانُونَ جَلْدَةً وَتَتَشَطَّرُ بِالرِّقِّ وَوَافَقَنَا ح وَأَحْمَدُ وَقَالَ ش أَرْبَعُونَ وَلِلْإِمَامِ أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهِ تَعْزِيرًا لَنَا أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ ضَرَبَ فِي الْخَمْرِ بِالنَّعْلَيْنِ فَلَمَّا كَانَ فِي زَمَانِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَعَلَ مَكَانَ كُلِّ نَعْلٍ سَوْطًا وَفِي الدَّارَقُطْنِيِّ لَمَّا وَلِيَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اسْتَشَارَ النَّاسَ فِي حَدِّ الْخَمْرِ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ اجْعَلْهُ أَخَفَّ الْحُدُودِ ثَمَانِينَ وَقَالَ عَلِيٌّ فِي الْمَشُورَةِ إِذَا سَكِرَ هَذَى وَإِذَا هَذَى افْتَرَى فَحُدُّوهُ حَدَّ الْمُفْتَرِي وَلَمْ يُنْكِرْ أَحَدٌ فَكَانَ إِجْمَاعًا وروى ابْن سعد عَن عَبَّاسٍ حَدُّ الْخَمْرِ ثَمَانُونَ وَلِأَنَّهُ حَدُّ الْعَبْدِ فَلَا يَكُونُ حَدًّا لِلْحُرِّ كَالْخَمْسِينَ وَلِأَنَّهَا جِنَايَةٌ عَلَى الْعَقْلِ مَضْيَعَةٌ لِمَصَالِحَ الدَّارَيْنِ فَلَا تَقْصُرُ عَنِ الْقَذْفِ الْخَاصِّ

بِشَخْصٍ وَاحِدٍ وَلِأَنَّ الزَّائِدَ عَلَى الْأَرْبَعِينَ يَجُوزُ كَالْمِائَةِ فَيَكُونُ حَدًّا وَإِلَّا لَمْ يُجْدِ كَالزِّيَادَةِ عَلَى الْمِائَةِ فِي الزِّنَا وَالثَّمَانِينَ فِي الْقَذْفِ احْتَجُّوا بِمَا فِي مُسْلِمٍ أَنَّ عَلِيًّا فِي زمَان عُثْمَان رَضِي اللهعنهما جَلَدَ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ أَرْبَعِينَ بِأَمْرِ عُثْمَانَ ثُمَّ قَالَ جَلَدَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَرْبَعِينَ وَأَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ وَعُمَرُ ثَمَانِينَ وَكُلٌّ سُنَّةٌ وَلِأَنَّهُ حَدٌّ لِجَرِيمَةٍ فَتَخْتَصُّ بِعَدَدٍ لَا يُشَارَكُ فِيهِ كَالزِّنَا وَالْقَذْفِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَمْ يَضْرِبْ عَلَى وَجْهِ التَّحْدِيدِ وَإِلَّا لَمَا خَالَفَتْهُ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ بَلْ وَكَّلَهُ لِلِاجْتِهَادِ وَمَا ذَكَرْنَاهُ رَاجِحٌ فِي الِاجْتِهَادِ لِمَا تَقَدَّمَ وَعَنِ الثَّانِي بِالْقَلْبِ فَنَقُولُ فَوَجَبَ أَنْ لَا يخْتَص بِأَرْبَعِينَ كَالزِّنَا وَالْقَذْف تَفْرِيغ فِي الْجَوَاهِرِ وَكَيْفِيَّةِ الْجَلْدِ ضَرْبٌ بَيْنَ ضَرْبَيْنِ بِسَوْطٍ بَيْنَ سَوْطَيْنِ فِي زَمَانٍ بَيْنَ زَمَانَيْنِ فِي الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَيُضْرَبُ قَاعِدًا وَلَا يُرْبَطُ وَلَا يُمَدُّ وَيُخْلَى لَهُ يَدَاهُ وَيُضْرَبُ عَلَى الظَّهْرِ وَالْكَتِفَيْنِ دُونَ سَائِرِ الْأَعْضَاءِ وَتُضْرَبُ الْمَرْأَةُ قَاعِدَةً وَعَلَيْهَا مَا يَسْتُرُهَا وَلَا يَقِيهَا الضَّرْبَ وَاسْتُحْسِنَ أَنْ تُقْعَدَ فِي قُفَّةٍ وَالْمُسْتَنَدُ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي الْحُدُودِ وَيُوَالَى بَيْنَ الضَّرْبِ وَلَا يفرق على الْأَيَّام حَتَّى تحصل الْحِكْمَة بالنهاية إِلَّا أَنْ يُخْشَى مِنْ تَوَالِيهِ هَلَاكُهُ وَلَا يُجْلَدُ حَالَ سُكْرِهِ حَتَّى يُدْرِكَ الْأَلَمَ وَلَا الْمَرِيضُ إِنْ خِيفَ عَلَيْهِ وَيُؤَخَّرُ لِلْبَرْدِ فِي النَّوَادِرِ وَرَوَاهُ أَشْهَبُ أَنَّ مُدْمِنَ الْخَمْرِ يُحَدُّ وَيلْزم السجْن إِن كَانَ خَلِيعًا وَقَدْ فَعَلَهُ عَامِرُ بْنُ الزُّبَيْرِ بِابْنٍ لَهُ قَالَ مَالِكٌ إِنْ أُخِذَ فِي الْأَسْوَاق أدّى النَّاسَ يُوصَلُ بِهِ إِلَى الْمِائَتَيْنِ وَيُعْلَنُ ذَلِكَ ويشهر بذلك بِحَالهِ وَيُقَامُ الْحَدُّ فِي الْحَرَمِ وَيُخْتَارُ لِلضَّرْبِ الرَّجُلُ الْعَدْلُ لَا الْقَوِيُّ وَلَا الضَّعِيفُ وَيُضْرَبُ قُدَّامَ الْقَاضِي احْتِيَاطًا وَيُطَافُ بِالْفَاسِقِ الْمُدْمِنِ وَيُعْلَنُ أَمْرُهُ ويفضح قَالَ ابْن الْقَاسِم وَضرب الْمَرْأَة دُونَ الرِّجَالِ وَيَجْلِدُ السَّيِّدُ عَبْدَهُ إِذَا شَهِدَ عَدْلَانِ عِنْده

(كتاب موجبات الضمان)

ويحضر لجلده رجلَيْنِ أَنْ يُعْتَقَ ثُمَّ يُقْذَفَ وَقَدْ تَقَدَّمَ تُقِيمُ الْمَرْأَةُ الْحَدَّ عَلَى مَمَالِيكِهَا وَإِنِ ادَّعَتِ الْمَرْأَةُ الْحمل أخرت حَتَّى يتَبَيَّن أمرهَا والشارب فِي رَمَضَانَ جُلِدَ وَعُزِّرَ لِلشَّهْرِ قَالَهُ مَالِكٌ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنْ رَأَيْتَ مُعْلِنًا رَفَعْتَهُ لِلْإِمَامِ وَيُسْتَرُ عَلَى صَاحِبِ الزَّلَّةِ قَالَ مَالِكٌ إِنْ رَأَيْتَ جَارَكَ عَلَى ذَلِكَ تَقَدَّمْ إِلَيْهِ وَانْهَهُ فَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ ارْفَعْهُ لِلْإِمَامِ وَإِنْ دُعِيَ الْإِمَامُ لِبَيْتٍ فِيهِ فِسْقٌ أَجَابَ إِنْ كَانَ تَقَدَّمَ إِلَيْهِمْ فِي النَّهْيِ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ كَانَ مَعَ الْإِمَامِ رَجُلَانِ فَرَأَوْا حَدًّا لَمْ يَسَعْهُ السَّتْرُ لِأَنَّهُ ثَبَتَ حِينَئِذٍ عِنْدَهُ وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا فَلَهُ سَتْرُهُ مَا لَمْ يَكُنْ مُعْلِنًا فَيَرْفَعُهُ لِمَنْ فَوْقَهُ فَإِنْ أُنْهِيَ إِلَيْهِ أَن فرانا سَكرَان أَو على حد وَلم يَصح عِنْدَهُ أَوْ بِحَضْرَتِهِ فَلَا يُرْسِلُ خَلْفَهُ إِلَّا الْمُعْلن وَإِن بلغه أَن فِي بَيْتِ فُلَانٍ وَهُوَ مَشْهُورٌ بِالْفِسْقِ كَشَفَهُ وَتَعَاهَدَهُ ذُكِرَ عَنْهُ أَمْ لَا وَلَهُ نَقْلُهُ من مَكَانَهُ وتشريده وَغير الْمَشْهُور وَلَا يكشفه (كِتَابُ مُوجِبَاتِ الضَّمَانِ) وَالنَّظَرِ فِي الْفِعْلِ وَمَرَاتِبِهِ ويندرج فِيهِ جِنَايَاتِ الْعَبِيدِ ثُمَّ فِي دَفْعِ الصَّائِلِ ثُمَّ فِي إِفْسَادِ الْبَهَائِمِ فَذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَنْظَارٍ النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي الْأَفْعَالِ وَمَرَاتِبِهَا وَفِي الْكِتَابِ إِنْ قَتَلَ عَبْدٌ رَجُلًا لَهُ وَلِيَّانِ فَعَفَا أَحَدُهُمَا عَنِ الْعَبْدِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ جَمِيعَهُ وَيَعْتَنِيَ السَّيِّدُ فَإِنْ دَفَعَ السَّيِّدُ لِأَخِيهِ نِصْفَ الدِّيَةِ تَمَّ فِعْلُهُ لِعَدَمِ الْمُطَالَبَةِ وَإِلَّا خُيِّرَ بَيْنَ كَون العَبْد بَينهمَا أَو يردهُ فَإِن دره فَلَهُمَا الْقَتْلُ وَالْعَفْوُ وَإِنْ عَفَوَا خُيِّرَ السَّيِّدُ بَيْنَ إِسْلَامِهِ أَوْ فِدَائِهِ مِنْهُمَا بِالدِّيَةِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (الْعَبْدُ فِيمَا جَنَى) وَعَنْهُ أَيْضًا الدُّخُولُ مَعَ أَخِيهِ فَيَكُونُ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا لِشَرِكَتِهِمَا فِي الدَّمِ وَكَذَلِكَ إِنْ عَفَا أَحَدُهُمَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ الْقَاتِلَ وَزِيَادَةَ عَبْدٍ فَإِنْ

دَفَعَ السَّيِّدُ لِغَيْرِ الْعَافِي نِصْفَ الدِّيَةِ تَمَّ فِعْلُهُ وَإِلَّا دَفَعَ الْعَافِي لِأَخِيهِ نِصْفَ الْقَاتِلِ وَحْدَهُ وَيَتِمُّ فِعْلُهُ فَإِنْ أَبَى رَدَّ الْعَبْدَيْنِ (وَقُتِلَ الْقَاتِلُ إِنْ أَحَبَّا لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الدَّمِ وَقيل يدْخل مَعَ قَتْلِهِ فِي الْعَبْدَيْنِ) لِأَنَّهُمَا ثَمَنُ الدَّمِ الَّذِي لَهُمَا فِي التَّنْبِيهَاتِ الْعَبِيدُ عِنْدَنَا ذُكُورُهُمْ وَإِنَاثُهُمْ بَيْنَهُمْ فِي الْقِصَاصِ كَالْأَحْرَارِ بَيْنَهُمْ مَلَكَهُمْ وَاحِدٌ أَمْ لَا لِتَسَاوِيهِمْ وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ إِنْ كَانُوا لِوَاحِدٍ فَلَا لِأَنَّهُ مُضَاعَفَةُ ضَرَرِ النَّاسِ عَلَى السَّيِّدِ كَمَا لَا يُقْطَعُ الْعَبْدُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَعَ الْأَحْرَارِ مَنْ يُقْطَعُ فِي الْجِرَاحِ دُونَ النَّفْسِ فَيُقْتَلُ الْعَبْدُ بِالْحُرِّ إِنْ رَضِيَ الْوَلِيُّ وَلَا يُقْتَلُ الْحُرُّ بِهِ لِعَدَمِ التَّسَاوِي قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ أَبِي مَسْلَمَةَ يُقَادُ لِلْحُرِّ مِنَ الْعَبْدِ فِي الْجِرَاحِ إِنْ رَضِيَ الْحُرُّ وَلَا يُقَادُ لَهُ مِنَ الْحُرِّ وَإِنْ رَضِيَ الْحُرُّ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنْ قَتَلَ الْعَبْدُ رَجُلًا عَمْدًا إِنْ شَاءَ الْوَلِيُّ قَتله أَو استحياءه يَكُونُ عَبْدًا لَهُ وَإِنْ قَالَ أَحَدُ الْوَلِيَّيْنِ إِنَّمَا عَفَوْتُ لِيَكُونَ لِي نِصْفُهُ لَمْ يُصَدَّقْ إِلَّا بِدَلِيلٍ فَيَكُونُ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا إِلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ السَّيِّدُ بِجَمِيعِ الدِّيَةِ وَلَهُ فِدَاءُ نِصْفِهِ بِنِصْفِهَا مِنْ أَحَدِهِمَا وَإِسْلَامِ نِصْفِهِ لِلْآخَرِ وَإِنْ عَفَوْتَ عَنْ عَبْدٍ قَتَلَ عَمْدًا بَقِيَ لِمَوْلَاهُ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ رِقَّهُ فَيُخَيَّرُ السَّيِّدُ فِي فِدَائِهِ أَوْ إِسْلَامِهِ أَوْ قَتْلِ خَطَأٍ وَقِيمَتُهُ ثُلُثُ تَرِكَةِ الْقَتِيلِ جَازَ عَفْوُهُ لِأَنَّ الَّذِي يَجِبُ لَهُ فِي الدِّيَةِ الْعَبْدُ إِلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ سَيِّدُهُ فَلَمَّا عَفَا صَارَ كَأَنَّهُ أَوْصَى بِهِ لِسَيِّدِهِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِائَةً وَالتَّرِكَةُ مِائَتَانِ جَازَ أَوِ التَّرِكَةُ بِمِائَةٍ فَلِسَيِّدِ الْعَبْدِ ثُلُثَاهُ وَيُخَيَّرُ فِي فِدَاءِ الثُّلُثِ بِثُلُثِ الدِّيَةِ أَوْ إِسْلَامِهِ وَقِيلَ إِنَّمَا يَكُونُ فِي الثُّلُثِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ أَوِ الدِّيَةُ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَمَّا كَانَ مُقَدَّمًا عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي أَنْ يُسَلَّمَ لَهُ الْعَبْدُ أَوْ يَفْدِيَهُ بِالدِّيَةِ كَانَ الْوَاجِبُ لَهُ فِي الدِّيَةِ أَحَدُهُمَا وَبِهِ أَوْصَى لَهُ فَيَجْعَلُ فِي الثُّلُثِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَةِ الرَّقَبَةِ أَوْ قِيمَةُ الْكِتَابَةِ وَقِيلَ هَذَا لَا يُخَالِفُهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ وَظَاهِرُهُ يُخَالِفُهُ فَإِنْ قَتَلَهُ خَطَأً وَأَوْصَى أَنْ يُعْفَى عَنْهُ وَيُرَدَّ لِسَيِّدِهِ وَلَا مَالَ لَهُ وَلَمْ يُخَيَّرْ لِلْوَرَثَةِ قَالَ أَشْهَبُ يُخَيَّرُ سَيِّدُهُ فِي فِدَاءِ جَمِيعه

بِثُلُثَيِ الدِّيَةِ لِأَنَّ ثُلُثَهَا عَنْهُ سَقَطَ بِالْوَصِيَّةِ أَوْ يُسَلَّمُ جَمِيعُهُ بِثُلُثَيِ الدِّيَةِ لِأَنَّ اللَّازِمَ فِي الْجِنَايَةِ التَّخْيِيرُ لَا شَيْءَ يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ كَمَا لَو جرح عَبدك حرا جرحا دِيَتُهُ مِائَةٌ فَطَرَحَ عَنْكَ خَمْسِينَ فَلَكَ فِدَاءُ جَمِيعِهِ بِخَمْسِينَ أَوْ تُسَلِّمُ جَمِيعَهُ بِالْخَمْسِينَ وَكَالرَّهْنِ يَضَعُ الْمُرْتَهِنُ بَعْضَ حَقِّهِ بِجَمِيعِ الرَّهْنِ بِمَا بَقِيَ وَقَالَ أَصْبَغُ لَيْسَ لِلْوَرَثَةِ إِلَّا ثُلُثُ أَو ثُلثي الدِّيَةِ وَإِنْ شَاءَ سَيِّدُهُ أَسْلَمَ ثُلُثَيْهِ أَوِ افْتَكَّهُمَا بِثُلُثَيِ الدِّيَةِ وَثُلُثُ الْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ بِالْوَصِيَّةِ أَسْلَمَ بَقِيَّتَهُ أَوْ فَدَاهُ بِخِلَافِ الْمَجْرُوحِ فَإِنَّهُ كَالرَّهْنِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنَّمَا كَانَ لِلْأَوَّلِ الْعَوْدُ لِلْقَتْلِ بَعْدَ تَقَدُّمِ الصُّلْحِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا سَقَطَ الْقَتْلُ فَيَكُونُ جَمِيعُ الْعَبْدِ لَهُ فَلَمَّا اسْتَحَقَّ نِصْفَهُ وَلَمْ تَكُنْ هُنَاكَ ذِمَّةٌ يَتْبَعُهَا عَادَ للْقَتْل بِخِلَافِ الْقَاتِلِ السَّيِّدِ الْعَبْدَ عَلَى إِنْ لَمْ يَجِدِ الْغَائِبُ دَفَعَ لِلْحَاضِرِ نِصْفَ قِيمَةِ الْعَبْدِ لَمْ يَكُنِ الْأَوَّلُ إِنْ لَمْ يَجِدِ الثَّانِي لِأَنَّ لَهُ ذِمَّةً يَتْبَعُهَا فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذا أعْتقهُ بَعْدَ عِلْمِكَ بِقَتْلِهِ لِرَجُلٍ خَطَأً وَأَرَدْتَ حَمْلَ الْجَنَابَة فَذَلِكَ لَكَ أَوْ قُلْتَ ظَنَنْتُ أَنَّهَا تَلْزَمُ ذِمَّتَهُ حَلَفْتَ عَلَى ذَلِكَ وَرُدَّ عِتْقُهُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْجِنَايَةِ بِرَقَبَتِهِ وَكَذَلِكَ إِنْ جَرَحَ الْحُرَّ وَحَلَفْتَ وَإِنْ كَانَ لِلْعَبْدِ مَالٌ مِثْلَ الْجِنَايَةِ أَوْ وَجَدَ مُعِينًا عَلَى أَدَائِهَا نَفَذَ الْعِتْقُ وَإِلَّا بيع مِنْهُ بقدها وَعُتِقَ الْفَاضِلُ وَإِنْ كَانَ لَا فَضْلَ فِيهِ أُسْلِمَ لِأَهْلِ الْجِنَايَةِ (وَإِنْ بَاعَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْجِنَايَةِ) حَلَفَ مَا أَرَادَ الْحَمْلَ ثُمَّ دَفَعَ الْأَرْش وَقَبْضُ الثَّمَنِ وَفَسْخُهُ وَأُخِذَ الْعَبْدُ لِتَعَلُّقِ الْجِنَايَةِ بِهِ قَالَ غَيْرُهُ إِلَّا أَنْ يَشَاءُ الْمُبْتَاعُ دفع الأَرْض لَا يهم فَذَلِك لَهُم لِأَنَّهُ حَقهم وَيرجع على البَائِع بِالْأَقَلِّ بِمَا

افْتَكَّهُ أَوِ الثَّمَنِ لِأَنَّ كِلَيْهِمَا مُتَعَلِّقٌ بِالسَّيِّدِ فغن افْتَكَّهُ الْبَائِعُ فَلِلْمُبْتَاعِ رَدُّهُ بِهَذَا الْعَيْبِ إِلَّا أَنْ يُبَيِّنَهُ الْبَائِعُ لَهُ وَقَالَ غَيْرُهُ هَذَا فِي الْعَمْدِ وَأَمَّا فِي الْخَطَأِ فَلَا وَهُوَ كعيب ذهب فِي التَّنْبِيهَاتِ لِلسَّيِّدِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ إِنْ عَلِمَ الْجِنَايَةَ وَالْحُكْمَ أَسْلَمَ فِي الْعِتْقِ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ رَقِيقًا أَوْ يَفْدِيهِ وَيَمْضِي عِتْقُهُ وَفِي الْبَيْعِ إِنْ أَعْطَى الْجِنَايَةَ مَضَى الْبَيْعُ وَإِلَّا رَدَّهُ أويعلم الْجِنَايَةَ وَيَجْهَلُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عِتْقُهُ وَلَا بَيْعه إِلَّا بعد تحمل الْجِنَايَة فَيحلف ماأراد التَّحَمُّلَ وَيَكُونُ لَهُ مِنَ الْخِيَارِ وَلِلْأَوْلِيَاءِ فِي البيع مَا تقدم الثَّالِث لَا يَعْلَمُ الْجِنَايَةَ وَلَا مَنَعَهُ عَنِ الْبَيْعِ وَالْعِتْقِ فَقَوْلَانِ أَحَدُهُمَا رَضِيَ بِالتَّحَمُّلِ فَيَمْضِي عَلَيْهِ الْبَيْعُ وَالْعِتْقُ وَثَانِيهِمَا أَنَّهُ لَيْسَ يَرْضَى وَيَحْلِفُ مَا أَرَادَ التَّحَمُّل لَكِن يخلف وَصِفَةُ أَيْمَانِهِ أَنْ يَحْلِفَ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي بعد جَهْلِ ذَلِكَ وَفِي الثَّالِثِ مَا أَرَادَ تَحَمُّلَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يُسْتَحْلَفُ فِي كُلِّ هَذَا إِذَا كَانَ لَهُ مَالٌ قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَقَدْ يُقَالُ يُسْتَحْلَفُ عَلَى كُلِّ حَالٍ إِذَا رَضِيَ بِاتِّبَاعِهِ وَكَذَلِكَ إِن وظىء بَعْدَ الْجِنَايَةِ فَحَمَلَتْ فِي الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ لَكِنْ إِنْ لَمْ يَعْلَمْ وَهُوَ مَلِيءٌ فَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهَا أَوْ أَرْشُ الْجِنَايَةِ فَإِنْ كَانَ عَدِيمًا أَخَذَهَا أَهْلُ الْجِنَايَةِ فَإِنْ عَلِمَ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَزِمَهُ أَرْشُ الْجِنَايَةِ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْهُ رِضًا بِتَحَمُّلِ الْجِنَايَةِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِحَمْلِهَا فَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ وَعَلَيْهِ هَذَا التَّفْصِيلُ وَالْخِلَافُ فِي الْعِلْمِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ أَخَذَهَا أَهْلُ الْجِنَايَةِ فَإِنْ لَمْ تُحْمَلْ لَا يَكُونُ وَطْؤُهُ رِضًا بِالْجِنَايَةِ قَالَهُ أَبُو عِمْرَانَ وَفِي النُّكَتِ إِذَا بِيعَ وَافْتَكَّهُ الْمُشْتَرِي وَرَجَعَ فَلِلْأَصْلِ إِنِ افْتَكَّهُ بِأَقَلَّ مِنَ الثَّمَنِ فَعُهْدَتُهُ عَلَى الْبَائِعِ أَوْ بِمِثْلِ الثَّمَنِ فَأَكْثَرَ فَعُهْدَةُ الْمُشْتَرِي عَلَى أَهْلِ الْجِنَايَةِ لِأَنَّ فِي الْأُولَى بَقِيَ لِلْبَائِعِ فَضْلٌ وَهُوَ قَدْ رَضِيَ بِتَمَامِ الْبَيْعِ بِخِلَافِ غَيْرِ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ لِلْمُشْتَرِي الرَّد

بِالْعَيْبِ فِي الْعَمْدِ يُرِيدُ جِنَايَةَ عَمْدٍ فِي الْمَالِ إِلَّا أَنْ يُبَيِّنَ أَمَّا فِي الْقِصَاصِ بِقَدْرٍ لَا يَنْفَعُ الْبَيَانُ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَيُقْتَصُّ مِنْهُ أَوْ لَا وَقَوْلُهُ يُبَاعُ بِقَدْرِ الْجِنَايَةِ وَيُعْتَقُ مَا فَضَلَ يُرِيدُ لَا مَالَ للسَّيِّد وَإِلَّا يكمل عَلَيْهِ عتق جَمِيعه قَالَ مُحَمَّد وَيَنْبَغِي إِن كَانَ مُوسِرًا وَفِي الْعَبْدِ فَضْلٌ أَلَّا يَحْلِفَ السَّيِّدُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ حَمْلَ الْجِنَايَةِ لِأَنَّهُ إِذَا صُدِّقَ بِيعَ بَعْضُهُ فِي الْجِنَايَةِ وَعُتِقَ بَاقِيهِ فَيَلْزَمُهُ التَّقْوِيمُ فَيَلْزَمُهُ الْأَرْشُ وَإِنْ كَرِهَ قَالَ التُّونُسِيُّ الْعُهْدَةُ مُشْكِلَةٌ فِي الْعَبْدِ لِأَنَّهُمْ إِنْ أَجَازُوا الْبَيْعَ وَأَخَذُوا الثَّمَنَ عَلَى مَنْ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي إِذَا اسْتَحَقَّ وَالْبَائِعُ لَوْ أَسْلَمَهُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَانْتَقَضَ الْبَيْعُ فَاسْتَحَقَّ رَجَعَ الْمُسَمَّى لِلْمُشْتَرِي وَأَجَازَ أَهْلُ الْجِنَايَةِ الْبَيْعَ فَاسْتُحِقَّ الْعَبْدُ فَإِنْ رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ لِعَدَمِ أَهْلِ الْجِنَايَةِ أَدْرَكَهُ ضَرَرٌ لِأَنَّهُ قَدْ رَضِيَ بِإِسْلَامِهِ فَسَقَطَتِ الْعهْدَة فَإِذا أَجَازُوا الْبَيْعَ وَالْمُشْتَرِي مَلِيءٌ أَضَرَّ ذَلِكَ بِهِ إِلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا عَلِمَ الْبَائِعُ بِالْجِنَايَةِ وَبَاعَ فَقَدْ رَضِيَ بِالْعُهْدَةِ عَلَيْهِ إِنْ أَجَازُوا الْبَيْعِ قَال ابْنُ يُونُسَ عَنْ مَالِك إِذَا حَلَفَ لَمْ يُرِدْ حَمْلَ الْجِنَايَةِ رُدَّ عِتْقُ الْعَبْدِ وَخُيِّرَ السَّيِّدُ فِي الِافْتِكَاكِ فَإِنِ افْتَكَّهُ كَانَ حرا لِأَنَّهُ أعْتقهُ أَو أسلمه وَله مَال أَو نَحوه معيبا بِقدر الْعتْق وَهُوَ تَفْسِيرٌ لِمَا فِي الْكِتَابِ وَعَنِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ إِذَا حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ حَمْلَ الْجِنَايَةِ رُدَّ عِتْقُهُ وَخُيِّرَ السَّيِّدُ فِي افْتِدَائِهِ وَيَبْقَى لَهُ عَبْدًا أَوْ يُسَلِّمُهُ عَبْدًا وَعَنِ الْمُغِيرَةِ إِذَا أَعْتَقَهُ عَالِمًا بِالْجِنَايَةِ ضَمِنَ كَإِيلَادِ الْأَمَةِ وَإِنْ جَرَحَ رَجُلَيْنِ فَعَلِمَ بِأَحَدِهِمَا فَأعْتقهُ

رَضِيَ فَحَمَلَ الْجِنَايَةَ وَدَفَعَهَا إِلَيْهِ ثُمَّ قَامَ الْآخَرُ فَعَلَيْهِ إِعْطَاءُ الْآخَرِ الْأَقَلَّ مِنْ أَرْشِ جرحه أَو نِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ إِنْ كَانَ الْمَدْفُوعُ إِلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَيَأْخُذُ مَا بَقِيَ لِأَنَّهُ ظَهَرَ أَنَّهُ إِنَّمَا يَسْتَحِقُّ نِصْفَهُ وَهُوَ لَا يَقْدِرُ أَنْ يُسَلِّمَ إِلَيْهِ نِصْفَهُ لِمَا حَدَثَ فِيهِ مِنَ الْعِتْقِ وَإِنْ جَنَى فَوَهَبَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ وَلَمْ يَرْضَ بِأَدَاءِ الْجِنَايَةِ وَحَلَفَ مَا أَرَادَ حملهَا فغن الْجِنَايَةَ أَوْلَى بِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ أَعْتَقَهُ وَالْجِنَايَةُ أَكْثَرُ وَحَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِحَمْلِهَا وَكَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ الدِّيَةَ وَإِنْ كَانَ بِيَدِ الْعَبْدِ مَالٌ يَقُومُ بِالْجِنَايَةِ أُخِذَ مِنْهُ وَعُتِقَ أَوْ وُجِدَ من يغيثه وَاخْتُلِفَ هَلْ يَبْدَأُ بِأَخْذِ مَالِهِ أَوْ يَتَخَيَّرُ السَّيِّدُ فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ السَّيِّدَ يَفْتَدِيهِ لِلرِّقِّ يُبْتَدَأُ بِمَالِهِ وَبِمَنْ يُعِينُهُ وَعَلَى الْقَوْلِ أَنَّهُ يَفْتَدِي لِعَدَمِ تَخْيِيرِ السَّيِّدِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَفِي قِيمَتِهِ فَضْلٌ عَنِ الْجِنَايَةِ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ يُبَاعُ مِنْهُ بِقَدْرِ الْجِنَايَةِ وَيُعْتَقُ الْبَاقِي (وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ يُعْتَقُ) كُلُّهُ عَلَى السَّيِّدِ لِأَنَّهُ يَسْتَكْمِلُ عَلَيْهِ مَا قَابَلَ الْجِنَايَةَ وَقِيلَ يُسَلَّمُ كُلُّهُ لِأَهْلِ الْجِنَايَةِ لِأَنَّ الأَصْل فِي جِنَايَة أَن لَا يُبَاع إِلَّا بعد حَقّهَا وَالْأول يَقْتَضِي أَن لَا يُسْتَكْمَلَ عَلَى الْمُعْتِقِ وَإِلَّا لَا يُسْتَكْمَلُ مِنْ غَيْرِ بَيْعٍ وَإِنَّمَا أُعْتِقَ ذَلِكَ الْقَدْرُ مِنْ بَابِ لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ لِأَنَّ السَّيِّدَ بَرِيءٌ مِنْهُ بِالْبَيْعِ فَعِتْقُ الْبَاقِي أَوْلَى مِنْ رِقِّهِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِنْ جَنَى فَقَالَ أَبِيعُهُ وَأَدْفَعُ الْأَرْشَ عَنْ ثَمَنِهِ مُنِعَ إِلَّا أَنْ يَضْمَنَ وَهُوَ ثِقَةٌ مَأْمُونٌ أَوْ يَأْتِيَ بِضَامِنٍ ثِقَةٍ فَلْيُؤَخَّرِ الْيَوْمَيْنِ وَنَحْوَهُمَا وَإِلَّا فَدَاهُ أَوْ أَسْلَمَهُ لِأَنَّ

الْأَصْلَ تَعَيُّنُهُ لِلْجِنَايَةِ فَإِنْ بَاعَ وَدَفَعَ دِيَةَ الْجُرْحِ جَازَ بَيْعُهُ وَإِلَّا فَلَا قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ فَالْأَحْسَنُ إِجَابَتُهُ لِلْبَيْعِ لِأَنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ إِذَا أَخَذَ حَقَّهُ سَقَطَ مَقَالُهُ وَاخْتُلِفَ إِذَا أَسْلَمَهُ السَّيِّدُ وَأَرَادَ أَوْلِيَاءُ الْجِنَايَةِ نَقْضَ الْبَيْعِ فَدَفَعَ الْمُشْتَرِي الْجِنَايَةَ فَقِيلَ لَهُ ذَلِكَ تَتْمِيمًا لِلْعَقْدِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِأَقَلَّ مِنَ الثَّمَنِ أَوِ الْفِدَاءِ وَقِيلَ لَيْسَ لَهُ لِأَنَّ الْبَائِعَ بَرِيءٌ مِنْهُ وَأَسْلَمَهُ إِلَى أَوْلِيَاءِ الْجِنَايَةِ فَصَارَ مِلْكًا لَهُمْ فَلَا يُبَاعُ إِلَّا بِرِضَاهُمْ وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ إِنْ كَانَ فِي الثَّمَنِ فَضْلٌ عَلَى الْجِنَايَةِ وُقِفَ فَإِنْ رَجَعَ السَّيِّدُ أَوِ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ إِلَى إِجَازَةِ الْبَيْعِ أَخَذُوهُ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِنْ وَلَدَتْ بَعْدَ الْجِنَايَة لم تسلم وَابْنهَا مَعَهَا إِذْ يَوْمَ الْحُكْمِ يَسْتَحِقُّهَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بَلْ تُسَلَّمُ بِمَا لَهَا بَعْدَ الْجِنَايَةِ وَقَالَهُ أَشهب فِي الْوَطْء وَالْمَالِ لِأَنَّهُ جُزْؤُهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ الْمُغِيرَةُ إِنْ وَلَدَتْ بَعْدَ الْجِنَايَةِ فَهُوَ رَهْنٌ مَعَهَا فِي الْجِنَايَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ مَاتَتْ فَأَهْلُ الْجِنَايَةِ أَحَقُّ بِمَالِهَا إِلَّا أَنْ يَدْفَعَ السَّيِّدُ الْأَرْشَ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْجِنَايَةُ لَا تَتَعَلَّقُ بِذِمَّةِ السَّيِّدِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَزِرُ وَازِرَة وزر أُخْرَى} إِلَّا أَنْ يَتَسَبَّبَ السَّيِّدُ فِي ذَلِكَ مِثْلَ أَنْ يُجِيعَهُ فَيَسْرِقُ فَفِي كَوْنِ الْجِنَايَةِ حِينَئِذٍ فِي رَقَبَتِهِ أَوْ ذِمَّةِ سَيِّدِهِ قَوْلَانِ (وَقَضَى عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى حَاطِبٍ لَمَّا أَجَاعَ عَبِيدَهُ حَتَّى سَرَقُوا بَعِيرًا بِقِيمَةِ الْبَعِيرِ وَثَنَّى عَلَيْهِ عُقُوبَةً) فَإِنْ أَمَرَهُ السَّيِّدُ بِذَلِكَ فللمجني عَلَيْهِ اتِّبَاع السَّيِّد قولا وَاحِدًا يتبع بهَا

الْعَبْدُ فَيُفْدَى مِنْهُ أَوْ يُسَلَّمُ وَاخْتُلِفَ إِذَا أسلمه وَله مَال فسلمه بِمَالِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ كَالْعِتْقِ وَقَالَ مَالِكٌ فِي أُمِّ الْوَلَدِ تَجْنِي تُقَوَّمُ بِغَيْرِ مَالِهَا وَقِيلَ تُقَوَّمُ بِهِ فَعَلَى الْأَوَّلِ يُقَوَّمُ الْعَبْدُ بِغَيْرِ مَالٍ وَإِنْ جَنَتْ حَامِلًا أُسْلِمَتْ عَلَى هَيْئَتِهَا وَالْحَمْلُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَإِنْ وَضَعَتْ قَبْلَ الْإِسْلَامِ لَمْ يُسْلَمِ الْوَلَدُ لِانْفِصَالِهِ قَبْلَ الْحُكْمِ وَإِنْ حَمَلَتْ بَعْدَ الْجِنَايَةِ ثُمَّ وَضَعَتْ فَخِلَافٌ وَالْإِسْلَامُ أَحْسَنُ لِتَجَدُّدِهِ بَعْدَ الْجِنَايَةِ وَعَلَى قَوْلٍ لَا يُسلمهُ إِذا جنت حَامِلا وَالِاسْتِثْنَاء لتجد بعد فِيهِ هَا هُنَا أخف من الِاسْتِثْنَاء فِي الْبَيْعِ وَإِذَا قَتَلَ الْعَبْدُ عَبْدًا فَقَتَلَهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِمْ فَالْمَالُ لِلسَّيِّدِ اتِّفَاقًا لِأَنَّ الَّذِي كَانَ لَهُمْ هُوَ نَفْسُ الْقَاتِلِ وَقَدْ أَخَذُوهَا وَاخْتُلِفَ إِذَا عَفَوْا عَنْهُ وَأُسْلِمَ إِلَيْهِمْ فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُسَلَّمُ مَالُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَحِقَّ بِالْقَتْلِ إِلَّا رَقَبَتَهُ وَإِنْ أَسْلَمَهُ لِيَسْتَحْيُوهُ فَقَتَلُوهُ اسْترْجع المَال مِنْهُم فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا جَنَى الْمَأْذُونُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مِنْ تِجَارَةٍ فَأَسَرَهُ الْعَدُوُّ فَابْتَاعَهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَلَمْ يَفْدِهِ سَيِّدُهُ بِالثَّمَنِ فَلَيْسَ لِأَهْلِ الْجِنَايَةِ أَخْذُهُ إِلَّا بِدَفْعِ الثَّمَنِ لِلْمُبْتَاعِ وَلَوْ أسلمه سَيّده أَو لَا بِالْجِنَايَةِ لَمْ يَكُنْ لِمَنْ صَارَ لَهُ أَخْذُهُ إِلَّا بِدَفْعِ الثَّمَنِ وَأَمَّا الدَّيْنُ فَبَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ وَإِنَّمَا سَقَطَ عَنِ الْعَبْدِ وَعَمَّنْ يَصِيرُ لَهُ مَا كَانَ قَبْلَ أَنْ يُؤْسَرَ فِي رَقَبَتِهِ فِي النُّكَتِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا بِيعَ فِي الْمَغْنَمِ وَوَجَدَهُ سَيِّدُهُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي يَفْتَكُّهُ إِنْ أَحَبَّ بِالثَّمَنِ وَالْجِنَايَةُ فِيهَا أَو يُسلمهُ بِخِلَاف قَول سَحْنُون إِنَّمَا يقبله بِالْأَرْشِ بَين الْجِنَايَةِ أَوِ الثَّمَنِ لِلُزُومِ الْجِنَايَةِ لَهُ قَبْلَ الْأَسْرِ فَإِنْ صَارَ فِي سَهْمِ رَجُلٍ مِنَ الْمَغْنَمِ ثُمَّ جَنَى ثُمَّ قَامَ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ وأتى

السَّيِّدُ خُيِّرَ السَّيِّدُ الْأَوَّلُ بَيْنَ افْتِكَاكِهِ وَإِسْلَامِهِ فَإِنِ افْتَكَّهُ بِالَّذِي صَارَ فِي السَّهْمِ ثُمَّ أَخَذَ مِنْهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عَقْلَ جِنَايَتِهِ وَإِنْ فَضَلَ ذَلِكَ لِلَّذِي صَارَ فِي سَهْمِهِ فَإِنْ كَانَ الْأَرْشُ أَكْثَرَ مِمَّا صَارَ لَهُ فِي السَّهْمِ افْتَكَّهُ بِالْأَرْشِ وَكَانَ ذَلِكَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَإِنْ أَبَى السَّيِّدُ الْأَوَّلُ أَنْ يَفْتَكَّهُ بِذَلِكَ خُيِّرَ الَّذِي صَارَ فِي سَهْمِهِ فِي إِسْلَامِهِ لِلْمَجْرُوحِ أَوْ يَفْتَكُّهُ بِالْعَقْلِ فَإِنْ جَنَى ثُمَّ غنم ثمَّ جنى بديء الْآخَرُ قَالَ التُّونُسِيُّ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْكِتَابِ أَن المُشْتَرِي دَفَعَ الْجِنَايَةَ لِأَهْلِ الْجِنَايَةِ وَيُقَدَّمُ عَلَيْهِمْ كَمَنْ جَنَى عَبْدُهُ فَبَاعَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْجِنَايَةِ وَأَسْلَمَهُ لِأَهْلِ الْجِنَايَةِ أَنَّ لِلْمُشْتَرِي دَفْعَ الْأَرْشِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَيرجع البَائِع بِالْأَقَلِّ وَقد يكون المُشْتَرِي هَا هُنَا يُخَالِفُ الْمُشْتَرِي مِنَ الْمَالِكِ الَّذِي جَنَى عَبْدُهُ لِأَنَّهُ هُنَاكَ أَخَذَهُ مِنْ أَهْلِ الْجِنَايَةِ فَرَجَعَ على البَائِع مِنْهُ بِالْأَقَلِّ وَهَا هُنَا إِذَا فَدَاهُ مِنْ أَهْلِ الْجِنَايَةِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى أَحَدٍ فَحَلَّ أَهْلُ الْجِنَايَةِ مَحَلَّ صَاحِبِهِ الَّذِي كَانَ لَهُ وَقد يُقَال المُشْتَرِي هَا هُنَا أَقْوَى مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى أَحَدٍ فَصَارَتْ شُبْهَةً بِالشِّرَاءِ وَقَدْ قَالَ غَيْرُ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنَّ أَهْلَ الْجِنَايَةِ يُقَدَّمُونَ عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْبَائِعَ لَمَّا لَمْ يَفْدِهِ صَارَ مِلْكًا لَهُمْ لَا سِيَّمَا عَلَى الْقَوْلِ إِنَّ أَهْلَ الْجِنَايَةِ مَلَكُوهُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (الْعَبْدُ فِيمَا جَنَى) وَقَدْ أَسْنَدَهُ كَالشِّرَاءِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِنْ جَنَى فَلَمْ يُحْكَمْ فِيهِ حَتَّى جَنَى جِنَايَاتٍ فَإِمَّا فَدَاهُ بِدِيَاتِهِمْ أَجْمَعَ أَوْ أَسَلَمَهُ إِلَيْهِمْ فَيَتَحَاصَصُوا فِيهِ بِقَدْرِ جِنَايَةِ كُلِّ وَاحِدٍ وَلَوْ فَدَاهُ ثُمَّ جَنَى فَدَاهُ ثَانِيَةً أَوْ أَسْلَمَهُ لِلْحَدِيثِ قَالَ اللَّخْمِيُّ عَلَى الْقَوْلِ إِنَّهُ بِالْجِنَايَةِ الْأُولَى مِلْكٌ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ حَتَّى يَفْتَدِيَ مِنْهُ يُخَيَّرُ الْأَوَّلُ إِذَا أَسْلَمَ إِلَيْهِ بَيْنَ أَنْ يُسْلِمَهُ أَوْ يَفْدِيَهُ مِنَ

الثَّانِي فَإِنْ جَنَى ثُمَّ جُنِيَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُخَيَّرُ سَيِّدُهُ بَيْنَ فِدَائِهِ أَوْ يُسلمهُ وَمَا أَخذ فِي جِنَايَته وَقبل نَقْصِ الْجِنَايَةِ عَلَى الْعَبْدِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ وَيُخَيَّرُ سَيِّدُهُ فِي فِدَائِهِ بِحِصَّةِ الْعَبْدِ أَوْ يُسْلِمُهُ وَيَكُونُ عَلَيْهِ الْأَقَلُّ بِمَا أَخَذَ فِي الْجِنَايَةِ أَوْ قِيمَةِ مَا ذَهَبَ مِنْهُ وَيَكُونُ الْفَضْلُ فَإِن جنى ثمَّ حني عَلَيْهِ ثمَّ حَنى قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ أَسْلَمَهُ أَسْلَمَ مَعَهُ دِيَةَ جُرْحِهِ فَكَانَ ذَلِكَ لِلْمَجْرُوحِ الْأَوَّلِ وَحْدَهُ وَيَقْتَسِمَانِ الْعَبْدَ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ الْجِنَايَتَيْنِ وَلَا يُحْسَبُ عَلَى الْأَوَّلِ مِمَّا أَخَذَ شَيْءٌ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ يَتَحَاصَّانِ فِي الْعَبْدِ وَدِيَّةِ الْجُرْحِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ أَسْلَمَهُ فَهُوَ بَيْنَهُمَا وَلِلْأَوَّلِ نِصْفُ دِيَةِ الْجُرْحِ الَّتِي كَانَتْ وَجَبَتْ لِلْعَبْدِ وَلِلسَّيِّدِ نِصْفُهَا لِأَنَّهُ جَرَحَ الْأَوَّلَ صَحِيحًا فَلَهُ نِصْفُهُ صَحِيحًا وَجَرَحَ الثَّانِي مَقْطُوعَ الْيَدِ فَلَهُ نِصْفُهُ كَذَلِكَ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ دِيَةُ الْجُرْحِ الأول الْحَرج الأول ينْسب لِلْعَبْدِ فَإِنْ كَانَ ثُلُثَهُ فَقَدْ أَخَذَ الْمَجْرُوحُ ثلث حَقه وَيضْرب فِي العَبْد فِي الثُّلثَيْنِ وَيضْرب للثَّانِي بِجُرْحِهِ كُلِّهِ قَالَ مُحَمَّدٌ الْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ للسَّيِّد فِي قِيمَةِ جُرْحِهِ بِالْخِيَارِ لِأَنَّ الْعُضْوَ الذَّاهِبَ كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ بَعْضُ الْجِنَايَةِ وَقَدْ أَخذ البعوض عَنْهُ فَيَجْعَلُ عَلَيْهِ مَا يَنُوبُهُ وَيَحُطُّ عَنِ الثَّانِي فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِنْ أَعْتَقَ نِصْفَ عَبْدِهِ فَجَنَى قَبْلَ الْقَضَاءِ لِتَكْمِيلِهِ لَمْ يَكُنْ كَالْحُرِّ إِذْ لَوْ مَاتَ السَّيِّدُ أَوْ لَحِقَهُ دَيْنٌ قَبْلَ الْحُكْمِ رُقَّ بَاقِيهِ بَلْ يَلْزَمُ السَّيِّدَ الْأَقَلُّ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهِ أَوْ نِصْفِ الْأَرْشِ وَيُكْمِلُ عِتْقَهُ لِأَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَهُ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ وَيَكُونُ نِصْفُ الْأَرْشِ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ بِكُلِّ حَالٍ فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ الْقِيَامِ فَنِصْفُ الْأَرْشِ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ وَيُخَيَّرُ الْوَرَثَةُ فِي إِسْلَامِ النِّصْفِ الرَّقِيقَ أَوْ يَفْدُونَهُ وَيَكُونُ لَهُمْ رِقًّا فَإِنْ أَعْتَقَ الْمَلِيءُ شِقْصًا مِنْ عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ فَجَنَى قَبْلَ التَّقْوِيمِ خُيِّرَ الْمُتَمَسِّكُ فِي فدَاء

شِقْصِهِ وَتَقْوِيمِهِ عَلَى الْمُعْتَقِ أَوْ يُسْلِمُهُ فَيُقَوِّمُهُ الْمُسلم إِلَيْهِ على الْمُعْتق بقمته يَوْمَ الْحُكْمِ مَعِيبًا لِأَنَّهُ كَذَلِكَ مَلَكَهُ وَيُتْبَعُ الْعَبْدُ لَا الْعَاقِلَةُ بِنِصْفِ الْجِنَايَةِ وَإِنْ جَاوَزَ ثُلُثَ الدِّيَةِ لِأَنَّهَا لَا تُحْمَلُ عَنْ عَبْدٍ فَإِنْ وَهَبَ الْمُتَمَسِّكُ حِصَّتَهُ مِنْهُ لِرَجُلٍ بَعْدَ العبق فَالتَّقْوِيمُ لِلْمَوْهُوبِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِأَنَّ الْبَائِعَ بَاعَ بِمَعْلُومٍ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ قِيمَةً مَجْهُولَةً وَهُوَ غَرَرٌ وَلَا غَرَرَ فِي الْهِبَةِ وَإِنْ جَنَى الْمُعْتَقُ بَعْضُهُ أَوْ جُنِيَ عَلَيْهِ فَلِسَيِّدِهِ أَوْ عَلَيْهِ بِقَدْرِ مِلْكِهِ مِنْهُ وَلِلْعَبْدِ أَوْ عَلَيْهِ بِقَدْرِ الْمُعَتَقِ مِنْهُ وَتَبْقَى حِصَّةُ الْعَبْدِ فِيمَا يَأْخُذُ مِنْ أَرْشٍ بِيَدِهِ كَمَا لَهُ وَكَانَ ملكه يَقُولُ يَأْخُذُ مَنْ لَهُ رِقٌّ فِيهِ الْأَرْشَ كُلَّهُ كَأَرْشِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ يَخْتَلِفُ فِي صِفَةِ التَّقْوِيمِ إِذَا لَمْ يُقَّوَّمْ حَتَّى جَنَى فَإِنِ افْتَدَاهُ قُوِّمٌ قِيمَةً وَاحِدَةً وَيُقَالُ كَمْ قِيمَةُ جَمِيعِهِ قَبْلَ الْعِتْقِ لِأَنَّهُ لَهُ أَنْ يَدْعُوَهُ إِلَى بَيْعِ جَمِيعِهِ فَيَأْخُذُ نِصْفَ تِلْكَ الْقِيمَةِ إِن كَانَت مائَة خَمْسِينَ فَإِنْ أَسْلَمَهُ زِيدَ تَقْوِيمُ نِصْفِهِ يَوْمَ الْعِتْقِ عَلَى أَنَّ نِصْفَهُ عَتِيقٌ فَإِنْ قِيلَ ثَلَاثُونَ فَلَهُ عِشْرُونَ وَهِيَ فَضْلُ مَا بَيْنَ نصف قِيمَته قبل العبق وَبَعْدَهُ وَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ قِيمَةُ نِصْفِهِ الْبَاقِي يَوْمَ يقوم على أَن نس = صفه عَتِيقٌ وَعَلَى الْقَوْلِ إِنَّهُ حُرٌّ بِالسَّرَايَةِ لِلشَّرِيكِ نصف الْقيمَة يَوْم الْعتْق وللمجني عَلَيْهِ قمية جَمِيعِ الْمَجْنِيِّ بِهِ عَلَى الْعَبْدِ فَإِنْ كَانَ الْعتْق مُفْسِدا بَقِي النّصْف رَقِيقا وَقسمت الْجِنَايَة على الْعتْق وَالرَّقِيق وَيُخَير المتمسك بِالرّقِّ بَين فدائه أَو إِسْلَامه قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا شَيْءَ لِلسَّيِّدِ فِي مَالِهِ إِنِ افْتَدَاهُ وَلَا لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إِنْ أُسْلِمَ إِلَيْهِ وَيُؤْخَذُ مَالُهُ كُلُّهُ عَنِ الْعِتْقِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ فَضْلٌ فَإِنْ قَصُرَ مَالُهُ عَمَّا يَنُوبُهُ أُخِذَ مِنْ كَسْبِهِ مَا يَفْضُلُ مِنْ عَيْشِهِ وَكِسْوَتِهِ وَالْأَحْسَنُ أَنْ لَا يُؤْخَذَ مِنَ الْمَالِ إِلَّا نِصْفُهُ لِأَنَّهُ الَّذِي يَنُوبُ الْعَبْدَ وَيَأْخُذُ الشَّرِيكُ النِّصْفَ لِأَنَّهُ إِذَا دَفَعَ النِّصْفَ فِي الْجِنَايَةِ كَانَ ذَلِكَ مُقَاسَمَةً فَأَخَذَ الشَّرِيكُ نِصْفَهُ وَكَذَلِكَ كَسْبُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ الْفَاضِلُ عَنْ عَيْشِهِ وَإِذَا جُنِيَ عَلَيْهِ فَثَلَاثَةُ أوقال نِصْفُهَا لِلسَّيِّدِ وَنِصْفُهَا لِلْعَبْدِ وَجَمِيعُهَا لِلْمُتَمَسِّكِ بِالرِّقِّ كقيمته

إِذَا قَتَلَ وَجَمِيعُهَا لِلْعَبْدِ كَمَا لَهُ وَإِنْ عُتِقَ وَهُوَ مُوسِرٌ وَبَاعَ الْمُتَمَسِّكُ وَالْمُشْتَرِي عَالِمٌ بِالْعِتْقِ فَالْحُكْمُ التَّقْوِيمُ وَمَتَى عُلِمَ بِالتَّقْوِيمِ وَالْيَسَارِ فُسِخَ الْبَيْعُ لِفَسَادِهِ فَإِنْ فَاتَ بِحِوَالَةِ سُوقٍ فَمَا فَوْقَهَا فَالْقِيمَةُ فِيهِ عَلَى أَنَّ نِصْفَهُ عَتِيقٌ وَأَنَّهُ يُقَوَّمُ وَإِنْ جَهِلَ التَّقْوِيمَ صَحَّ الْبَيْعُ وَهِيَ مَسْأَلَةُ عَيْبٍ فَلَا تُفِيتُهُ حِوَالَةُ سُوقٍ وَتُفِيتُهُ الْعُيُوبُ فَمَا فَوْقَ وَإِنْ أَحَبَّ التَّمَسُّكَ مَعَ الْقِيَامِ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُقَوِّمَ عَلَى الْمُعْتِقِ فَذَلِكَ لَهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ مَالِكُ الرَّدِّ كَالْمُبْتَدِي شِرَاءً يُفْسَخُ وَيُمْنَعُ التَّمَسُّكُ وَإِنْ عُلِمَ بِالْعِتْقِ وَلَمْ يعلم يسر الْمُعْتِقِ حُطَّ عَنْهُ عَيْبُ التَّقْوِيمِ وَلَزِمَهُ التَّقْوِيمُ عَلَى الْمُعْتَقِ فَإِنْ لَمْ يَقُمْ حَتَّى أَعْسَرَ الْمُعْتِقُ سَقَطَ قِيَامُهُ إِنَّ كَانَ عَالِمًا بِالْعِتْقِ وَلم يعلم يسره وَإِن لم يكن علم بِالْعِتْقِ وَأَعْسَرَ الْمُعْتِقُ فَمَقَالُهُ لِعَيْبِ الْعِتْقِ يُرَدُّ مَعَ الْقِيَامِ وَإِنْ فَاتَ رَجَعَ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ أَوْ مَاتَ الْعَبْدُ رَجَعَ بِعَيْبِ الْعِتْقِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِنْ قَالَ عَبْدِي حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ فَلَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ بَيْنَ الْإِجَازَةِ أَوْ عِتْقِ ثُلُثِهِ بَتْلًا فَإِنْ أَجَازَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ تَمَامَ الشَّهْرِ وَعُتِقَ فَإِنْ أَسْلَمَهَا خَدَمَ الْعَبْدُ فِي الْجِنَايَةِ تَمَامَ الشَّهْرِ وَعُتِقَ وَأُتْبِعَ بِقِيمَةِ الْأَرْشِ فِي ذِمَّتِهِ لِتَأَخُّرِ الْجِنَايَةِ عَنْ سَبَبِ الْحُرِّيَّةِ وَإِنِ افْتَكَّهُ الْوَارِثُ خَدَمَهُمْ بَقِيَّةَ الشَّهْرِ ثُمَّ عُتِقَ وَلَمْ يُتْبَعْ بِشَيْءٍ لِأَنَّ مَا يُفْدَى صَارَ كَالرَّقِيقِ وَإِنْ لم

يُجِزِ الْوَارِثُ الْوَصِيَّةَ عُتِقَ مِنَ الْعَبْدِ مَحْمَلُ الثُّلُثِ ثُمَّ إِنْ جَنَى اتُّبِعَ بِمَا يَنُوبُ مَا عبق مِنْهُ وَيُخَيَّرُ الْوَارِثُ فِي إِسْلَامِ مَا رُقَّ مِنْهُ وفدائه فَإِن جنى قيل يُخَيّر الْوَارِث فِي ضيق الثُّلُثُ خُيِّرَ بَيْنَ فِدَائِهِ وَيَخْدِمُهُ إِلَى أَجَلٍ وَيُعْتَقُ وَلَا يُتْبَعُ بِشَيْءٍ فَيَكُونُ قَدْ أَجَازَ الْوَصِيَّةَ وَإِنْ أَبَى عُتِقَ مِنْهُ بَتْلًا مَا حَمَلَ الثُّلُثُ وَأُتْبِعَ مِنَ الْأَرْشِ بِحِصَّةِ ذَلِكَ وَخُيِّرَ فِي فِدَاءِ مَا رُقَّ مِنْهُ وَإِسْلَامِهِ وَإِنْ جَنَى مُوصًى بِعِتْقِهِ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ فللسيد فداؤه وإسلامه فَإِنْ فَدَاهُ بَقِيَ عَلَى الْوَصِيَّةِ أَوْ أَسْلَمَهُ بطلت فَإِن لم يقد الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ السَّيِّدُ فَالْعَبْدُ رَهَنٌ بِالْجِنَايَةِ فَإِنْ أَسْلَمَهُ الْوَرَثَةُ رُقَّ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَو فاتدوه عتق فِي الثُّلُث فَإِن بتل عتقه فِي مَرَضِهِ فَجَنَى وَلَهُ مَالٌ مَأْمُونٌ كَالْعَقَارِ يومالعتق فَهُوَ كَالْحُرِّ فِي الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ وَمِنْهُ وَيُقْتَصُّ مِنْهُ فِي الْعَمْدِ وَيَتْبَعُ الْعَاقِلَةَ فِي الْخَطَأِ فَإِنْ كَانَ الْمَالُ كَثِيرًا غَيْرَ مَأْمُونٍ وُقِفَ لِمَوْتِهِ وَكَانَ كَالْمُدَبَّرِ إِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ اتُّبِعَ بِالْجِنَايَةِ أَوْ بِحِصَّةِ مَا حَمَلَ مِنْهُ وَخُيِّرَ الْوَارِث فَارق وَكَذَلِكَ إِنْ أَوْصَى بِعِتْقِهِ فَجَنَى بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ وَقَبْلَ أَنْ يُقَوَّمَ فِي الثُّلُثِ فَإِنْ حَمَلَ الثُّلُثَ عُتِقَ وَأُتْبِعَ دَيْنًا كَالْمُدَبَّرِ لِأَنَّهُ يُشْبِهُهُ وَهُوَ كَالْعَبْدِ مَا لَمْ يُقَوَّمْ فِي الثُّلُث وَإِن كَانَ الثللاث يَحْمِلُهُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ أَمْوَالُ السَّيِّدِ مَأْمُونَةً فَهُوَ فِي جِنَايَتِهِ وَالْجِنَايَةُ عَلَيْهِ كَالْحُرِّ وَإِنْ قتل فِي الْمَرَضِ وَلَا مَالَ لَهُ أَوْ مَالٌ غير مَأْمُون فجنى العَبْد جناة وَلَمْ يُنْظَرْ فِيهَا حَتَّى أَفَادَ السَّيِّدُ فِي مَرَضِهِ مَالًا مَأْمُونًا بُتِلَ عِتْقُ الْعَبْدِ وَأُتْبِعَ بِالْجِنَايَةِ فِي الذِّمَّةِ وَلَا تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ لِأَنَّهُ يَوْمَ جَنَى كَانَ مِمَّنْ لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ جِنَايَتَهُ لِأَنَّهَا لَا تَحْمِلُ إِلَّا إِذَا حَمَلَ مَعَهُمْ فَإِنْ جَنَى فِي مَرَضِ السَّيِّدِ أَوْ قُتِلَ فَعَقْلُهُ عَقْلُ عَبْدٍ لِأَنَّهُ لَا تُتِمُّ حُرْمَتُهُ حَتَّى تَكُونَ أَمْوَالُ السَّيِّدِ مَأْمُونَةً وَإِنْ بَتَلَهُ فِي الْمَرَضِ فَجَنَى جِنَايَةً ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ عُتِقَ ثُلُثُهُ وَأُتْبِعَ بِثُلُثِ الْأَرْشِ وَخُيِّرَ الْوَرَثَةُ فِي فِدَاءِ مَا رُقَّ مِنْهُ وَإِسْلَامِهِ وَهَذَا وَالْمُدَبَّرُ

سَوَاءٌ وَإِنْ صَحَّ السَّيِّدُ عُتِقَ الْعَبْدُ وَأُتْبِعَ بِالْجِنَايَةِ وَإِذَا وُقِفَ الْمُبَتَّلُ لَمْ يُقَلْ لِسَيِّدِهِ أَسْلِمْهُ أَوْ أَفْدِهِ كَمَا يَجْنِي فِي الْمُدَبَّرِ لِأَنَّ هَذَا لَا خِدْمَةَ فِيهِ وَلَا رِقَّ وَفِي الْمُدَبَّرِ الْخِدْمَةُ وَعَلَى هَذَا ثَبَتَ بَعْدَ أَنْ قَالَ غَيْرُهُ وَإِذَا وُقِفَ الْمُبَتَّلُ فِي الْمَرَضِ وُقِفَ مَالُهُ مَعَهُ فَإِنْ جَنَى لَمْ يُسْلَمْ مَا لَهُ فِي جِنَايَتِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يُعْتَقُ بَعْضُهُ إِذَا مَاتَ سَيِّدُهُ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ وَلَيْسَ لِلْوَارِثِ إِنِ افْتَكَّ مَا رُقَّ مِنْهُ أَخَذَ مَالَهُ أَوْ أَسْلَمَهُ فَلَا يَأْخُذُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مِنْهُ شَيْئًا وَيَقِفُ الْمَالُ مَعَهُ لِأَنَّ مَنْ دَخَلَهُ حُرِّيَّةٌ وُقِفِ مَالُهُ وَإِنْ قَالَ أَعْتِقُوا عَبْدِي فُلَانًا بَعْدَ مَوْتِي فَجَنَى بَعْدَ مَوْتِهِ قَبْلَ الْعِتْقِ فَهُوَ كَالْمُدَبَّرِ يَجْنِي بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ إِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ عُتِقَ وَكَانَتِ الْجِنَايَةُ فِي ذِمَّتِهِ وَإِلَّا خُيِّرَ الْوَارِث فِي اسلام مَا نابه فِيهِ فِي بَاقِي الْجِنَايَةِ أَوْ يَفْدِيهِ بِأَرْشِ مَا بَقِي وَإِن أوصى أنيشتري عبد بِعَيْنِه فَيعتق فاشتى ي فَجَنَى قَبْلَ الْعِتْقِ فَهُوَ كَالْمُوصَى بِعِتْقِهِ يَجْنِي بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ فَيُعْتَقُ وَيُتْبَعُ بِالْجِنَايَةِ فِي ذِمَّتِهِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ لِأَنَّ لَهُمْ إِذَا اشْتَرَوْهُ أَنْ لَا يَفْتَدُوهُ وَيُبَدِّلُوهُ بِغَيْرِهِ إِنْ كَانَ أَفْضَلَ لِلْمَبِيعِ فِي التَّنْبِيهَاتِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ فِي الْمُبَتَّلِ فِي الْمَرَضِ أَنَّهُ يَخْدِمُهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فِي أَرْشِ الْجِنَايَةِ إِذَا أَدَّاهَا قَبْلَ موت سَيّده رَجَعَ إِلَيْهِ ووقف مَوْتِهِ وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ الْأَرْشُ حَتَّى مَاتَ سَيِّدُهُ عُتِقَ فِي ثُلُثِهِ فَمَا عُتِقَ كَانَ عَلَيْهِ مِمَّا بَقِيَ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ لِرَبِّهِ وَخُيِّرَ الْوَارِثُ فِيمَا رُقَّ مِنْهُ وَقِيلَ يُنْظَرُ إِلَى قِيمَةِ الرَّقَبَةِ وَالْجِنَايَةِ (إِنْ عَيَّنَ فِيهَا الْجِنَايَةَ) إِنْ عُتِقَ لِأَنَّهُ أَحَقُّ مِنَ الدَّيْنِ فَلَا مَعْنَى لِتَوْقِيفِ عِتْقِهِ وَلَا حَقَّ فِيهِ بَعْدَ الْجِنَايَةِ لِغَرِيمٍ وَلَا وَارِثٍ فِي النُّكَتِ قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْمُوصَى بِعِتْقِهِ لَا يُقَوَّمُ فِي الْجِنَايَةِ إِلَّا بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ فَيَفْتَكُّهُ الْوَرَثَةُ قَالَ تَسْقُطُ قِيمَةُ الْعِبْدِ مِنْ مَالِ الْمَيِّت فِي وَقل ابْن الْقَاسِم ثمَّ يكون مَا بعد مَا هُوَ مَالُهُ فَإِنْ كَانُوا فَدَوْهُ بِالثُّلُثِ فَأَدَّى عُتِقَ كُلُّهُ أَوْ

أَكْثَرُ عُتِقَ مِنْهُ قَدْرُ ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ بعد اسقاط الْعدَد مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ قَالَ التُّونُسِيُّ اخْتُلِفَ فِي الْمُوصَى بِعِتْقِهِ أَيُجْعَلُ فِي الثُّلُثِ فَعَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ الْأَشْبَهُ أَنَّ مَا دَفَعُوهُ فِي فِدَائِهِ يَذْهَبُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَجَائِحَةٍ أَتَتْ عَلَيْهِ وَتُضَافُ قِيمَتُهُ إِلَى مَا بَقِيَ مَنْ مَالِ الْمَيِّتِ فَإِنْ خَرَجَ مِنَ الثُّلُثِ عُتِقَ وَإِلَّا مَا حَمَلَ الثُّلُثُ وَالْمَدْفُوعُ فِي الْجِنَايَةِ كَالتَّالِفِ مِنَ الْمَالِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ يُجْعَلُ مَا فَدَوْهُ كَأَنَّهُمُ اشْتَرَوْهُ مِنَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَلَا تُضَافُ قِيمَتُهُ إِلَى مَا بَقِيَ مِنَ الْمَالِ لِأَنَّ أَهْلَ الْجِنَايَةِ مَلَكُوا الْجَانِيَ فَأَشْبَهَ الْمُوصِي بِأَن يَشْتَرِي فَلَانٍ فَيُعْتَقُ لَا يُنْظَرُ إِلَى قِيمَتِهِ بَلِ الثَّمَنِ فَإِنْ خَرَجَ مِنَ الثُّلُثِ يُرَدُّ لَكَ وَالْمُوصَى بِعِتْقِهِ بَعْدَ شَهْرٍ إِذَا لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ لِلْوَرَثَةِ إِجَازَةُ الْعِتْقِ إِلَى شَهْرٍ وَيَحْمِلُونَ الْجِنَايَةَ ثُمَّ يُخَيَّرُونَ فِي إِسْلَامِ الْخِدْمَةِ أَوِ افْتِدَائِهِ بِالْجِنَايَةِ وَكَانَ لَهُمْ أَنْ يَفْعَلُوا بَعْدَ الْجِنَايَةِ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يفعلوه فبلها مِنَ الْإِجَازَةِ وَالْمُبَتَّلُ فِي الْمَرَضِ إِذَا وُقِفَ لِيُنْظَرَ أَمْرُهُ فَالصَّوَابُ أَنَّ الْوَرَثَةَ لَا يُخَيَّرُونَ فِي إِسْلَامِ خِدْمَتِهِ لِأَنَّ الْمَيِّتَ أَرَادَ تَعْجِيلَ عِتْقِهِ وَإِنَّمَا وُقِفَ مِنْ جِهَةِ الْأَحْكَامِ فَيَجِبُ إِيقَافُ خَرَاجِهِ مَعَهُ فَإِنْ خَرَجَ مِنَ الثُّلُثِ بَقِيَ خَرَاجُهُ مَعَهُ وَقِيلَ يُخَيَّرُونَ فِي إِسْلَامِ خدمته لِأَنَّ السَّيِّدَ لَمَّا كَانَ غَيْرَ قَادِرٍ عَلَى تَعْجِيلِ عِتْقِهِ فَالْخِدْمَةُ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِهِ فَأَشْبَهَ الْمُعْتَقَ إِلَى أَجَلٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَوْلُهُ فِي الْمُبَتَّلِ فِي الْمَرَضِ إِنْ وُقِفَ لَا يُسْلَمُ مَالُهُ فِي جِنَايَةٍ لِأَنَّهُ قَدْ يُعْتَقُ بَعْضُهُ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ يَلْزَمُهُ أَنَّ الْمُدَبَّرَ لَا يُسْلَمُ مَالُهُ فِي جِنَايَتِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يُعْتَقُ بَعْضُهُ بَلِ الْعِلَّةُ أَنَّ الْمُبَتَّلَ فِي الْمَرَضِ يَتْبَعُهُ مَالُهُ إِذَا لَمْ يَشْتَرِطْهُ السَّيِّدُ فَالسَّيِّدُ لَا يَمْلِكُ خِدْمَتَهُ وَلَا مَالَ لَهُ فَلَا يُسْلَمُ مِنْهُ مَا لَا يَمْلِكُهُ كَمَا لَا يُسَلِّمَ رَقَبَتَهُ وَلَهُ فِي الْمُدَبَّرِ الْخِدْمَةُ وَانْتِزَاعُ الْمَالِ قَالَ اللَّخْمِيّ الْمُوصى

بِعِتْقِهِ إِذَا لَمْ يُفْدَ وَلَمْ يُسَلَّمْ حَتَّى مَاتَ السَّيِّدُ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنِ افْتَدَوْهُ عُتِقَ مِنَ الثُّلُثِ وَقَالَ أَشْهَبُ يَكُونُ رَقِيقًا لِأَنَّ الْجِنَايَةَ مَلَكَتْهُ وَالْفِدَاءُ كَالشِّرَاءِ وَإِنْ قَالَ إِنْ مِتُّ فَهُوَ حُرٌّ وَالْمَالُ مَأْمُونٌ وَالْجِنَايَةُ خَطَأٌ تَبْلُغُ الثُّلُثَ حَمَلَتْهَا الْعَاقِلَةُ وَإِنْ لَمْ يُخْلِفْ مُتَمَوِّلُهُ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ (فَإِنْ لَمْ يُجِيزَا يُعْتَقُ ثُلُثُهُ وَتُفَضُّ الْجِنَايَةُ فَمَا نَابَ الْعَتِيقَ اتُّبِعَ بِهِ أَوِ الرَّقِيقَ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ فِي افْتِدَائِهِ وَاخْتُلِفَ إِنْ أَجَازُوا فَقِيلَ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَحْمِلُوا ثُلُثَيِ الْجِنَايَةِ وَقَالَ أَشْهَبُ يُخَيَّرُوا وَالْجِنَايَةُ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ لِأَنَّ الْعِتْقَ مِنَ الْمَيِّتِ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ لِأَن الثُّلثَيْنِ ملك لَهُم فَإِذا أَجَازُوا كَانَ الْعِتْقُ مِنْهُمْ وَإِنْ قَالَ هُوَ حر بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ وَلَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُخَيَّرُ الْوَرَثَةُ بَيْنَ إِعْطَاءِ الْأَرْشِ كُلِّهِ وَلَهُمْ خِدْمَةُ الْعَبْدِ أَوْ يُعْتَقُ ثُلُثُهُ ويخيروا فِي افتداء الثُّلثَيْنِ وَقَالَ مُحَمَّد إِن شاؤوا أَنْفَذُوا الْوَصِيَّةَ وَالْخِدْمَةَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إِلَى تَمَامِ الشَّهْرِ فَيُعْتَقُ وَيُتْبَعُ بِمَا بَقِيَ إِلَّا أَنْ يَشَاءُوا أَنْ يَفْدُوا تِلْكَ الْخِدْمَةَ بِالْجِنَايَةِ عَلَى أَن لَا يُتْبَعَ الْعَبْدُ أَوْ لَا يُنْفِذُوا الْوَصِيَّةَ وَيَعْتِقُوا ثُلُثَهُ وَتُفَضُّ الْجِنَايَةُ قَالَ وَأَرَى أَنْ يُخَيَّرُوا فِي عِتْقِ ثُلُثِهِ وَفَضِّ الْجِنَايَةِ أَوْ يَفْدُوهُ بِجَمِيعِ الْجِنَايَة وَيَكُونُونَ عَلَى رَأْيِهِمْ فِي عِتْقِ جَمِيعِهِ إِلَى أَجَلٍ وَتَكون لَهُم الْخدمَة وَلَا يجيزوا الْوَرَثَة ويعتقون ثُلُثَهُ بَتْلًا وَإِذَا بَتَلَ فِي مَرَضِهِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ وَلِلْعَبْدِ مَالٌ فَإِنْ أَسْلَمُوهُ لَمْ يَكُنْ لِأَهْلِ الْجِنَايَةِ مِنْهُ شَيْءٌ وَوُقِفَ مَعَهُ وَعَنْهُ فِي كِتَابِ الدِّيَاتِ لِلْعَبْدِ دَفَعُ مَاله عَن النَّصِيب الْمُعْتق مِنْهُ مَال وَأَرَى أَنْ يَدْفَعَ ثُلُثَ مَا فِي يَدَيْهِ عَنِ الْمُعْتَقِ مِنْهُ لِأَنَّهُ الْقَدْرُ الَّذِي يُسْتَحَقُّ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ وَيَنْزِعُهُ الْوَرَثَةُ إِنِ افْتَدَوْهُ أَوِ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الثُّلُثَانِ لِأَنَّ مَا دَفَعَهُ الْعَبْدُ عَنْ نَفْسِهِ كَالْقَسَامَةِ وَإِنْ قَالَ اشْتَرُوا عبدا فأعتقوه هُوَ بِخِلَاف التَّعْيِين وَلِأَن لَهُمْ إِبْدَالَهُ يُرِيدُ أَنَّ مِنْ حَقِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَن لَا ينقذ عِتْقَهُ وَيُقَالُ لَهُ تَتَبَّعْ ذِمَّتَهُ وَهَذَا يَحْسُنُ إِذا

اشْتَرَوْهُ مِنَ التَّرِكَةِ أَوْ لِلْمَيِّتِ وَفِي الثُّلُثِ فَضْلَةٌ أَمَّا إِنِ اشْتُرِيَ لِلْمَيِّتِ وَهُوَ قَدْرُ الثُّلُث فَإِن لَهُم عتقه ويبتع الْمَجْنِي عَلَيْهِ ذمَّته فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِنْ أَخْدَمْ عَبْدَهُ رَجُلًا مُدَّةً مَعْلُومَةً أَوْ حَيَاتَهُ فَجَنَى خُيِّرَ مَالِكُ الرَّقَبَة فَإِن فداءه بَقِيَ فِي خِدْمَتِهِ أَوْ أَسْلَمَهُ خُيِّرَ الْمُخْدِمُ إِنْ فَدَاهُ خَدَمَهُ فَإِذَا تَمَّتْ خِدْمَتُهُ فَإِنْ دَفَعَ إِلَيْهِ السَّيِّدُ مَا فَدَاهُ بِهِ أَخَذَهُ وَإِلَّا أَسْلَمَهُ لِلْمُخْدِمِ رِقًّا لِأَنَّ الْفِدَاءَ صَيَّرَهُ كَالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَإِنْ أَوْصَى بِرَقَبَتِهِ لِآخَرَ وَالثُّلُثُ يحملهُ إِذا قدم صَاحب الْخدمَة إِنْ فَدَاهُ خَدَمَهُ فَإِذَا تَمَّتْ خِدْمَتُهُ فَإِنْ دَفَعَ إِلَيْهِ السَّيِّدُ مَا فَدَاهُ بِهِ أَخَذَهُ وَإِلَّا أَسْلَمَهُ لِلْمُخْدِمِ رِقًّا لِأَنَّ الْفِدَاءَ صَيَّرَهُ كَالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَإِنْ أَوْصَى بِرَقَبَتِهِ لِآخَرَ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهُ إِذَا جَنَى قُدِّمَ صَاحِبُ الْخِدْمَةِ إِنْ فداءه خَدَمَهُ وَأَسْلَمَهُ بَعْدَ الْأَجَلِ لِلْمُوصَى لَهُ بِالرَّقَبَةِ لِأَنَّهَا فِي الْوَصِيَّةِ فَرْعُ اسْتِيفَاءِ الْخِدْمَةِ وَلَا يتبعهُ بِشَيْء مِمَّا ودى لِأَنَّهُ فَدَاهُ لِنَفْسِهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الرَّقَبَةَ فِي الْأَوَّلِ مِلْكٌ لِلْمُوصِي لَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا بِخِلَافِ الْمُوصَى لَهُ وَإِنْ أَسْلَمَهُ خُيِّرَ صَاحِبُ الرَّقَبَةِ إِنْ فَدَاهُ أَخَذَهُ لِسُقُوطِ حَقِّ الْخِدْمَةِ بِالْإِسْلَامِ قَالَ سَحْنُونٌ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي هَذَا الْأَصْلِ وَأَحْسَنُ مَا قِيلَ أَنْ يَبْدَأَ صَاحِبُ الْخِدْمَةِ إِنْ فَدَاهُ خَدَمَهُ بَقِيَّةَ الْأَجَلِ وَلَا يَكُونُ لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ إِلَيْهِ سَبِيلٌ حَتَّى يُعْطِيَ الْفِدَاءَ وَإِلَّا كَانَ لِلَّذِي فَدَاهُ رِقًّا فَإِنْ كَانَ الثُّلُثُ يَحْمِلُهُ وَقَدْ أَوْصَى بِخِدْمَتِهِ لِرَجُلٍ وَبِرَقَبَتِهِ لِآخَرَ فَقُتِلَ أَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ فِي الْخِدْمَةِ فَالْأَرْشُ لِمَنْ لَهُ مَرْجِعُ الرَّقَبَةِ لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْهَا أوجزها قَالَهُ مَالِكٌ وَاخْتَلَفَ فِيهِ أَصْحَابُهُ قَالَ التُّونُسِيُّ قَالَ غَيْرُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ يُبْدَأُ بِالْمُخْدَمِ فَإِنِ افْتَدَاهُ لَمْ يَكُنْ لِلَّذِي لَهُ الرَّقَبَةُ سَبِيلٌ إِلَّا بِدَفْعِ الْجِنَايَةِ وَإِنْ أَسْلَمَهُ خُيِّرَ مَنْ لَهُ مَرْجِعُ الرَّقَبَةِ فَإِنِ افْتَدَاهُ سَقَطَ حَقُّ صَاحِبِ الْخِدْمَةِ وَقَالَ أَصْبَغُ يَبْدَأُ صَاحِبُ الْبَتْلِ فَيُخَيَّرُ كَمَا إِذَا وَهَبَ الْخِدْمَةَ فَقَطْ فَإِنْ أَخْدَمْ عَبْدَهُ مُدَّةً وَمَرْجِعُهُ إِلَيْهِ قَالَ أَشْهَبُ يَكُونَانِ كَالشَّرِيكَيْنِ تُقَوَّمُ رَقَبَتُهُ بَعْدَ الرُّجُوعِ وَهِيَ قِيمَةُ الْخِدْمَةِ خُيِّرَا جَمِيعًا فِي الْفِدْيَةِ وَالْإِسْلَامِ فَإِنْ فَدَيَاهُ دَفَعَ كُلُّ وَاحِدٍ نِصْفَ دِيَةِ الْجُرْحِ وَبَقِيَ الْعَبْدُ عَلَى حَالِهِ وَإِن

أَسْلَمَاهُ بَقِيَ مَمْلُوكًا لِلْمَجْرُوحِ أَوِ افْتَدَى أَحَدَهُمَا مَالَهُ فَذَلِكَ لَهُ وَإِنْ خَالَفَهُ الْآخَرُ فَإِنْ أَخْدَمَهُ رَجُلًا سَنَةً ثُمَّ لِآخَرَ سَنَةً ثُمَّ رَقَبَتَهُ لِآخَرَ فَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُخَيَّرُ الْمُخْدَمَانِ فَإِنِ افْتَدَيَاهُ فَهُوَ عَلَى حَالِهِ وَلَا يَرْجِعَا بِالْفِدَاءِ عَلَى أَحَدٍ أَوْ أَسْلَمَاهُ أَخْدَمَهُ الْمَجْرُوحَ فَإِنِ انْقَضَتِ السَّنَتَانِ وَجَرَحَ حُرًّا اتَّبَعَهُ الْمَجْرُوحُ بِمَا بَقِيَ وَإِنِ اسْتَوْفَى قَبْلَ ذَلِكَ رَجَعَ إِلَيْهِ مِنْهَا سَنَةً وَإِنْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا وَقَالَ الْآخَرُ أَفْدِي فَلِلْفَادِي الْخِدْمَتَانِ خِدَمَتُهُ وَخِدْمَةُ الْآخَرِ وَيَنْبَغِي عَلَى رَأْيِ أَشْهَبَ أَنْ يُقَوِّمَ مُرْجِعُ رَقَبَتِهِ وَيُخَيَّرُونَ كُلُّهُمْ كَالشُّرَكَاءِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُخَيَّرُ الْمُخْدَمُ أَوَّلًا لِتَقَدُّمِهِ فَإِنِ افْتَدَاهُ خَدَمَهُ سَنَةً وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمُخْدَمِ الثَّانِي وَلَا عَلَى صَاحب الرَّقَبَة أَو أسلمه خير الثَّانِي فغن أَسْلَمَهُ خُيِّرَ صَاحِبُ الْبَتْلِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَهُمَا إِلَى حُرِّيَّةٍ اخْتَدَمَهُ الْمُخْدَمُ فِي الْأَجَلَيْنِ فَإِنْ أَدَّى الْجِنَايَةَ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ خِدْمَةِ أَحَدِهِمَا شَيْءٌ رَجَعَ فَخَدَمَهُ ثُمَّ عُتِقَ وَإِنِ افْتَدَاهُ الْأَوَّلُ فَخَدَمَهُ فَلَمْ يَسْتَوْفِ مَا أُدِّيَ خَدَمَهُ فِي أَجَلِ صَاحِبِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ فَإِنْ بَقِيَ فِي أَجَلِ صَاحِبِهِ شَيْءٌ فَأَخَذَهُ فَاخْتَدَمَهُ ثُمَّ خَرَجَ حُرًّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ فَإِنْ كَانَ مرجعه لثالث فَاسْلَمْ للمخدمين خُيِّرَ صَاحِبُ الرَّقَبَةِ فَإِنْ أَسْلَمَهُ كَانَ لِلْمَجْرُوحِ أَوِ افْتَدَاهُ كَانَ لَهُ بَتْلًا وَقِيلَ إِنْ أَسْلَمَهُ الْمُخْدِمُ الْأَوَّلُ وَفَدَاهُ الثَّانِي لَمْ يَخْتَدِمْهُ إِلَّا سَنَةً ثُمَّ يُرْجِعُهُ إِلَى مَا أَرْجَعَهُ إِلَيْهِ سَيِّدُهُ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إِذَا جَنَى أَوَّلَ السَّنَةِ الْأُولَى وَافْتَدَاهُ الثَّانِي بَعْدَ أَن أسلمه الأول فَالَّذِي افتداه لمتأت سَنَتُهُ وَالْأَوَّلُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ لِأَنَّهُ قَدْ سَلَّمَهَا وَالَّذِي لَهُ مَرْجِعُ الرَّقَبَةِ إِنَّمَا هُوَ لَهُ بَعْدَ سَنَتَيْنِ فَكَيْفَ يَأْخُذُ هَذِهِ السَّنَةَ وَالْأَشْبَهُ أَنْ تَكُونَ السَّنَتَانِ لِلثَّانِي الَّذِي فَدَاهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ لَمْ يَخْتَلِفْ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ أَنَّهُ إِنْ أَخْدَمَهُ مُدَّةً ثُمَّ مَرْجِعُهُ إِلَيْهِ فَقُتِلَ فِي الْمُدَّةِ فَقِيمَتُهُ لِسَيِّدِهِ لِأَنَّهَا بَدَلٌ عَنِ الرَّقَبَةِ وَهِيَ لَهُ وَلِأَنَّ السَّيِّدَ لَوْ أَحْدَثَ دَيْنًا لَقُوِّمٍ عَلَى الْمُبَتَّلِ لَهُ بَعْدَ سَنَةٍ وَلَوْ مَاتَ السَّيِّد ورث عَنْهُ لِأَنَّ الْمُبَتَّلَ لَمْ يُحْرِزْهُ بَعْدُ وَإِنَّمَا اخْتلف قَوْله إِذا خدمه ثُمَّ مَرْجِعُهُ لِفُلَانٍ بَتْلًا قَالَ أَشْهَبُ إِنْ قَبضه المخدم

حِيَازَةً لَهُ وَلِلْمُبَتَّلِ لَهُ مَعَهُ لَا يَلْحَقُهُ الدّين المستحدث وَلَا يُبطلهُ موسده وَتُقَامُ قِيمَتُهُ إِنْ قُتِلَ مَقَامَهُ يُشْتَرَى بِهَا مَنْ يَخْدِمُ مَكَانَهُ ثُمَّ يَصِيرُ لِصَاحِبِ الْمَرْجِعِ فَإِنْ أَخْدَمَهُ فَقَتَلَهُ السَّيِّدُ خَطَأً فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيُغَرَّمُ فِي الْعَمْدِ الْقِيمَةَ فَتُجْعَلُ فِي يَدِ عَدْلٍ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْمُخْدَمِ بَقِيَّةُ الْأَجَلِ أَوِ الْعُمُرِ إِنْ أَعْمَرَهُ إِيَّاهُ فَمَا فَضَلَ فَلِلسَّيِّدِ وَمَا عَجَزَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ شَيْئًا فِي ذِمَّتِهِ عِنْدَ الْخِدْمَةِ وَإِنَّمَا ضمن فِي الْعمد بِسَبَبِهِ فِي الإئتلاف وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَشْتَرِي مِنْهَا مَنْ يَخْدِمُهُ تَحْقِيقًا لِلْمُسَاوَاةِ بَيْنَ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ مِنْهُ وَإِنْ أَخْدَمَ أَمَتَهُ رَجُلًا ثُمَّ هِيَ حُرَّةٌ فَجَرَحَتْهُ اخْتَدَمَهَا بِالْجِنَايَةِ فَإِنِ اسْتَوْفَى رَجَعَتْ لِلْخِدْمَةِ بَقِيَّةَ الْأَجَلِ فَإِنِ انْقَضَتْ وَلَمْ يَسْتَوْفِ اتَّبَعَهَا بِالْبَاقِي وَكَذَلِكَ إِنْ جَنَتْ عَلَى عَبْدِهِ كَالْمُدَبَّرِ يَجْنِي عَلَى السَّيِّدِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِنْ جَنَى الْمُعْتق إِلَى أجل ففدى سَيّده الْخدمَة أويسلمها فَإِنْ فَدَاهُ عُتِقَ الْعَبْدُ لِلْأَجَلِ وَلَمْ يُتْبِعْهُ بِشَيْءٍ لِأَنَّ جِنَايَةَ الرَّقِيقِ لَا تَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ وَإِنْ أَسْلَمَهَا خَدَمَ الْعَبْدُ فِي الْجِنَايَةِ فَإِنْ وفاها قبل الْأَجَل لسَيِّده وَإِن أوفى الْأَجَل لم يَتِمَّ عِتْقٌ وَاتُّبِعَ بِبَقِيَّةِ الْأَرْشِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ جَنَى عَلَى سَيِّدِهِ فَكَالْمُدَبَّرِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِنْ جَنَى الْمُدَبَّرُ وَلَهُ مَالٌ دَفَعَ مَالَهُ لِأَهْلِ الْجِنَايَةِ تَوْفِيَةً بِالْعِتْقِ وَالْجِنَايَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ وَفَاءٌ أَسْلَمَ السَّيِّدُ حِصَّتَهُ أَوْ فَدَاهَا بِبَاقِي الْجِنَايَةِ وَإِنْ

جَنَى الْمُدَبَّرُ عَلَى جَمَاعَةٍ فَأَسْلَمَ إِلَيْهِمْ فَحَاصُّوا فِي خِدْمَتِهِ ثُمَّ جَرَحَ آخَرَ حَاصَّ الْأَوَّلَ لِمُسَاوَاتِهِ فِي السَّبَبِ هَذَا بِجِنَايَتِهِ وَالْأَوَّلُ بِمَا بَقِيَ لَهُ قَالَ مَالِكٌ إِنْ جَنَى الْمُدَبَّرُ خُيِّرَ سَيِّدُهُ بَيْنَ فِدَاءِ خِدْمَتِهِ بِمَا جَنَى أَوْ يُسْلِمُهَا فَيُخْدِمَهُ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ فَإِنْ تَمَّ مَالُهُ وَالسَّيِّدُ حَيٌّ رَجَعَ إِلَيْهِ مُدَبَّرًا أَوْ عُتِقَ فِي الثُّلُثِ بِبَقِيَّةِ الْجِنَايَةِ فِي ذِمَّتِهِ فَإِنْ أَدْرَكَهُ دَيْنٌ يَغْتَرِقُهُ (وَمَاتَ السَّيِّدُ وَالدَّيْنُ وَالْجِنَايَةُ يَغْتَرِقَانِهِ بِيعَ مِنْهُ لِلْجِنَايَةِ) فَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ أَحَقُّ بِرَقَبَتِهِ لِتَعَلُّقِ الْجِنَايَةِ بِهَا دُونَ الدَّيْنِ إِلَّا أَنْ يُقَدِّمَهُ أَهْلُ الدَّيْنِ بِبَقِيَّةِ الْجِنَايَةِ أَولا يَغْتَرِقَانِهِ بِيعَ مِنْهُ لِلْجِنَايَةِ وَالدَّيْنِ وَعُتِقَ ثُلُثُ مَا بَقِيَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا جَنَى وعَلى سَيّده دين يغترق قِيمَته أَولا فالجناية أَحَق بِالْخدمَةِ إِلَّا أَن. . الْغُرَمَاءُ الْأَرْشَ فَيَأْخُذُوهُ أَوْ يُؤَخِّرُوهُ حَتَّى يَسْتَوْفُوا دَيْنَهُمْ فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ الْغُرَمَاءُ أُسْلِمَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ يَخْدِمُهُ فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ ورقبته كَافِيَة فِي الدّين وَالْجِنَايَة وفضلة ربيع مِنْهُ لذَلِك وبديء بِالْبَيْعِ لِلْجِنَايَةِ وَعُتِقَ ثُلُثُ الْبَاقِي وَإِنْ كَانَ لَا فَضْلَ فِي قِيمَتِهِ (أَوْ هِيَ أَقَلُّ مِنْهُمَا فَالْجِنَايَةُ أَحَقُّ بِهِ لِتَعَلُّقِهاِ فِي رَقَبَتِهِ) إِلَّا أَنْ يَزِيدَ الْغُرَمَاءُ عَلَى قِيمَةِ الْجِنَايَةِ فَيَأْخُذُوهُ وَيُحَطُّ عَنِ الْمَيِّتِ قَدْرُ الزِّيَادَةِ وَإِنْ جَنَى وَلَهُ مَالُهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَالْغُرَمَاءُ أَحَقُّ بِمَالِهِ لِاخْتِصَاصِ الْجِنَايَةِ بِرَقَبَتِهِ أَوْ لَا مَالٌ لَهُ فَدَيْنُهُ فِي ذِمَّتِهِ وَالْجِنَايَةُ فِي خِدْمَتِهِ فِي النُّكَتِ إِنْ قِيلَ لِمَ لَا يَخْدِمُ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ وَالْمُعْتِقَ إِلَى أَجَلٍ إِلَى مَوْتِ السَّيِّدِ وَانْقِضَاءِ الْأَجَلِ لِأَنَّ السَّيِّدَ مَالِكُ الْخِدْمَةِ لِهَذَا الْحَدِّ وَقَدْ سَلَّمَ مَا يَمْلِكُ فَلَا يُقَاصَصْ بِالْخِدْمَةِ فِي الْأَرْش وَلم لَا كَانَ كَالْعَبْدِ الْقَنِّ إِذَا سُلِّمَ تَكُونُ رَقَبَتُهُ لَهُ وَإِن كَانَ فِيهَا فضل الغي كَذَلِك هَا هُنَا لَا يَأْخُذُ مِنَ الْقِيمَةِ مِقْدَارَ الْأَرْشِ قِيلَ

قَدْ لَا يَبْقَى مِنَ الْأَجَلِ إِلَّا يَوْمٌ أَوْ يَمُوتُ السَّيِّدُ بَعْدَ يَوْمٍ فَتَبْطُلُ الْجِنَايَةُ وَلَا يُمْكِنُ الرُّجُوعُ عَلَى السَّيِّدِ لِأَنَّهُ قَدْ سَلَّمَ مَا يَمْلِكُ وَلَا يُطَالَبُ الْعَبْدُ أَيْضًا بِالْجَمِيعِ لِأَنَّهُ قَدْ يُسَلَّمُ فَيَمْلِكُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ شَيْئَيْنِ مَا أَسْلَمَهُ السَّيِّدُ وَجَمِيعَ الْأَرْشِ وَهُوَ بَاطِلٌ فَتَعَيَّنَ مُطَالَبَةُ الْعَبْدِ بِمَا بَقِيَ لَهُ إِنْ بَقِيَ لَهُ شَيْءٌ فَإِنِ اسْتَوْفَاهُ رَجَعَ السَّيِّدُ وَمَعْنَى مَسْأَلَةِ اجْتِمَاعِ الْجِنَايَةِ وَالدَّيْنِ أَنَّهُمْ إِذَا افْتَكُّوهُ بِالْأَرْشِ فَقَطْ وَلَمْ يَزِيدُوا فَإِذَا بِيعَ وَفَضَلَ عَنِ الْأَرْشِ فَهُوَ فِي دَيْنِهِمْ فَإِنْ فَدَوْهُ بِزِيَادَةٍ كَانَ الْفَضْلُ عَنِ الْأَرْشِ لَهُمْ وَلَا يُحَاسِبُوهُ بِهِ فِي دَيْنِهِمْ لِأَنَّهُمْ لأَنهم كَأَنَّهُمْ ملكوه بِتِلْكَ الزِّيَادَة وفضلهم لَهُمْ وَقَوْلُهُ لَمْ يَزِيدُوا عَلَى الْأَرْشِ مِثَالُهُ الرش خَمْسُونَ فَيَقُولُونَ نَدْفَعُهَا لِأَهْلِهَا وَتَسْقُطُ عَشَرَةٌ مِنْ دَيْنِنَا عَنِ الذِّمَّةِ فَبِالْإِسْقَاطِ يَصِيرُ ذَلِكَ كَثِيرًا إِنْ فَضَلَ عَنِ الْأَرْشِ كَانَ لَهُمْ وَلَا يأخذوه من دينهم وَمَتى كَانَت الجنياة عَشَرَةً وَقِيمَةُ الْعَبْدِ عَشَرَةً وَالدَّيْنُ عَشَرَةً فَهُوَ كَأَهْلِ الْجِنَايَةِ فَقَطْ إِلَّا أَنْ يَفْتَكَّهُ أَهْلُ الدّين فِي قِيمَتِهِ فَضَلَ عَنْ عِشْرِينَ بِيعَ الْأَرْشُ وَالدّين وَعتق ثلث مَا بقى لاحْتِمَاله هَا هُنَا جزأ مِنَ الْحُرِّيَّةِ وَالْجِنَايَةُ إِنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِجَمِيعِ الرَّقَبَةِ حَتَّى يفط لِأَنَّهُ يُبَاعُ مِنَ الْجَانِي بِقَدْرِ الْأَرْشِ فَإِنْ قِيلَ إِذَا اسْتَوَى فِي الدَّيْنِ وَالْجِنَايَةِ وَالْقِيمَةِ إِنَّمَا رُقَّ مِنْ جِهَةِ الدَّيْنِ لَا مِنْ جِهَةِ الْأَرْشِ لِأَنَّهُ إِذَا انْفَرَدَ الْأَرْشُ لَمْ يَمْنَعْ عِتْقَ التَّدْبِيرِ وَاتُّبِعَ مَا عُتِقَ مِنْهُ بمنابه مِنْ أَرْشٍ وَإِذَا كَانَ الْمُوجِبُ لِرِقِّهِ إِنَّمَا هُوَ الدَّيْنُ فَلِمَ لَا يَكُونُ لِلْجِنَايَةِ مِقْدَارُ مَا اغْتَرَقَهُ الدَّيْنُ فَقَطْ فَيَكُونُ لَهُمْ فِي الْمِثَالِ الْمُتَقَدِّمِ نِصْفُهُ لِأَنَّ الدَّيْنَ إِنَّمَا اغْتَرَقَ فِيهِ نِصْفَهُ قِيلَ يَلْزَمُ أَنْ يُعْتَقَ مِنَ الْمُدَبَّرِ مَا يَتَعَيَّنُ لِلْعِتْقِ وَهُوَ بَاطِلٌ لِأَنَّ بعاء بَعْضِ الدَّيْنِ يَمْنَعُهُ لَوْ أَخَذَ أَهْلُ الْجِنَايَةِ مِقْدَار

مَا اغترفه الدَّيْنُ وَقَالَ أَهْلُ الدَّيْنِ فِيمَا بَقِيَ فَإِذَا أخذُوا شَيْئا قَالَ أَهْلُ الْجِنَايَةِ فِيهِ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ أَقْوَى لِتَعَلُّقِهَا بِالرَّقَبَةِ فَلَمَّا كَانَ لَهُمُ الْقِيَامُ كُلَّمَا قَامَ أَرْبَابُ الدَّيْنِ كَانَ جَمِيعُهُ لِلْجِنَايَةِ وَاعْلَمْ أَنَّهَا تَصِيرُ مَسْأَلَةَ دَوْرٍ كَقَوْلِ أَشْهَبَ فِيمَنْ أَعْتَقْ عَبْدًا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يَغْتَرِقُ نِصْفَهُ ثُمَّ اسْتَحْدَثَ دَيْنًا آخَرَ ثُمَّ قَامَ جَمِيعُهُمْ وَابْنُ الْقَاسِمِ يُخَالِفُهُ فَانْظُرْ لِمَ افْتَرَقَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِذَا جَنَى الْمُدَبَّرُ عَلَى سَيِّدِهِ فَمَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ وَفَاءِ الْأَرْشِ فَيُعْتَقُ بَعْضُ الْمُدَبَّرِ فِي الثُّلُثِ وَاتُّبِعَ حِصَّةُ الْعَتِيقِ بِمَا يَقَعُ عَلَيْهِ ورق بَاقِيه للْوَرَثَة يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْعَبْدِ كَمَالِ كَذَا يَدْخُلُ فِي ثُلُثِهِ لِأَنَّ الْمُدَبَّرَ يَدْخُلُ فِيمَا لم يُعلمهُ السَّيِّد غير أناإذا أَعْتَقْنَا مِنْهُ مِثْلَ ثُلُثِ مَا نَقَصَ مِنْهُ أَوَّلًا وَجَبَ أَنْ يُجْعَلَ عَلَى الْقَدْرِ الَّذِي ازْدَادَ فِي عِتْقِهِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ (مِنَ الْأَرْش فَكَمَا امْتنع جُزْء الْعتْق بِمَا يُؤْخَذ بِهِ امْتَنَعَ بِمَا يَفْضُلُ قَالَ التُّونُسِيُّ إِذَا جَنَى الْمُدَبَّرُ قِيلَ يُخَيَّرُ سَيِّدُهُ فِي إِسْلَامِ جملَة الْخدمَة أَو يقيدها لِأَنَّهُ الَّذِي يَمْلِكُهُ مِنَ الْمُدَبَّرِ وَعَلَى هَذَا لَا يَرْجِعُ بَعْدَ إِسْلَامِهَا وَإِنْ عُتِقَ فِي ثُلُثِهِ لَمْ يُتْبَعْ بِبَقِيَّةِ الْجِنَايَةِ وَإِذَا لَمْ يَتْرُكْ غَيْرُهُ فَعُتِقَ ثُلُثُهُ لَا يُتْبَعُ الثُّلُثُ الْمُعْتَقُ وَلَا يُخَيَّرُ الْوَارِثُ وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مثل الْجِنَايَة وَقَالَ أهل الدّين يضمن الْجِنَايَة وَيَأْخُذ الْعَبْدَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَزِيدُوا فَتُحَصَّلُ الزِّيَادَةُ مِنَ الدَّيْنِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ لَوْ أَرَادَ الْوَارِثُ أَنْ يَبِيعَ مِنْهُ بِقَدْرِ الْجِنَايَةِ الَّتِي أَدَّوْا وَيُدْفَعُ الْفَاضِلُ لِلْغُرَمَاءِ (مُنِعَ وَلَا يأخذوه إِلَّا عَلَى طَرْحِ مَا دَفَعُوا وَيُبَاعُ كُلُّهُ لِلْغُرَمَاءِ) وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ حَقٌّ فِي الشُّفْعَةِ لَهُم أَخذهَا وَيكون الْفَضْلُ لِلْغُرَمَاءِ وَإِنِ اشْتَرَى بِالْخِيَارِ

فَمَاتَ لِلْوَارِثِ الْأَخْذُ مِنْ مَالِهِ إِذَا لَمْ يرد الْغُرَمَاء أَخذه إِن كَانَ فِي أَخْذِهِ ضَرَرٌ عَلَى الْمَيِّتِ وَلَمْ يَقُلْ إِنَّ ذَلِكَ الْفَضْلَ لِلْغُرَمَاءِ وَاخْتُلِفَ فِي جِنَايَتِهِ بَعْدَ أَنْ أَسْلَمَ خِدْمَتَهُ لِمَنْ يَكُونُ خَرَاجُهُ لِسَيِّدِهِ وَهُوَ الْأَشْبَهُ أَوْ لِأَهْلِ الْجِنَايَةِ وَإِذَا كَانَ الدَّيْنُ يَغْتَرِقُهُ فَتَرَكَ أَهْلُ الدَّيْنِ دَيْنَهُمْ قِيلَ يُعْتَقُ ثُلُثُهُ كَمَنْ مَاتَ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ وَقِيلَ الْجِنَايَةُ أَحَقُّ بِهِ لِأَنَّهَا كَانَتِ اسْتَحَقَّتْهُ كُلَّهُ وَإِنْ وَلَدَتِ الْمُدَبَّرَةُ فَجَنَتْ فَمَاتَ السَّيِّد مديونا بديء بِالْجِنَايَةِ فَإِنْ أَحَاطَتْ بِرَقَبَتِهَا أُسْلِمَتْ وَحْدَهَا وَيَكُونُ الدَّيْنُ فِي وَلَدِهَا إِنِ اغْتَرَقَهُمْ بِيعُوا أَوْ بَعْضَهُمْ بِيعَ الْبَعْضُ وَعُتِقَ ثُلُثُ الْبَاقِي فَإِنِ اغْتَرَقَتِ الْجِنَايَةُ نِصْفَهَا (بِيعَ نِصْفُهَا) فِي الْجِنَايَةِ وَفُضَّ الدَّيْنُ عَلَى نِصْفِهَا وَعَلَى الْوَلَدِ فَيُبَاعُ مِنْهُمْ بِالْحِصَصِ وَيُعْتَقُ ثُلُثُ الْبَاقِي فَيُعْتَقُ مِنْ وَلَدِهَا أَكْثَرُ مِمَّا عُتِقَ مِنْهَا لِأَنَّ الْجِنَايَةَ مُلِكَتْ بِهَا فَمَا رُقَّ مِنْهَا لِلْجِنَايَةِ وَبِيعَ كَأَنَّ الْمَيِّتَ لَمْ يَتْرُكْهُ وَلَمْ يَمُتْ إِلَّا عَمَّا رق مِنْهَا عَن وَلَدهَا فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا جَنَى الْعَبْدُ وَعَلَيْهِ دين فديته فِي مَالِهِ وَجِنَايَتُهُ فِي رَقَبَتِهِ يُسْلِمُهُ سَيِّدُهُ أَوْ يَفْدِيهِ فَرْعٌ قَالَ إِنْ مَاتَ سَيِّدُ الْمُدَبَّرِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يَغْتَرِقُهُ وَعَلَى الْمُدَبَّرِ دَيْنٌ بِيعَ فِي دَيْنِ سَيِّدِهِ وَأُتْبِعَ هُوَ بِدَيْنِ نَفْسِهِ وَلِغُرَمَاءِ السَّيِّدِ مُؤَاجَرَةُ الْمُدَبَّرِ فِي دَيْنِهِمْ إِنْ أُعْدِمَ السَّيِّدُ فَإِنْ جَنَى الْعَبْدُ عَلَى سَيِّدِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَأَمَّا الْمُدَبَّرُ فَيَخْدِمُهُ بِالْجِنَايَةِ

فَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يُتْبِعْهَا عُتِقَ فِي ثُلُثِهِ وَأُتْبِعَ بِبَقِيَّةِ الْجِنَايَةِ أَوْ عُتِقَ بَعْضُهُ فِي الثُّلُثِ اتُّبِعَ بِحِصَّةِ مَا عُتِقَ مِنْهُ مِنْ بقيتها وَيسْقط مَا بعي وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَخْتَدِمُهُ السَّيِّدُ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِرَقَبَتِهِ وَلِخِدْمَتِهِ قَبْلَ الْجِنَايَةِ وَلَوْ فَدَاهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ لَمْ يُتْبِعْهُ بِمَا فَدَاهُ وَلَوْ أَسْلَمَهُ لَأَتْبَعَهُ الْمَجْرُوحُ بِمَا بَقِيَ إِنْ عُتِقَ فِي الثُّلُثِ فَإِنْ جَنَى عَلَى سَيِّدِهِ وَعَلَى أَجْنَبِيٍّ اخْتَدَمَاهُ بِقَدْرِ جِنَايَتِهِمَا قَالَ سَحْنُونٌ وَهَذِهِ مِثْلُ الْأُولَى فَإِنْ قَتَلَ مُدَبَّرٌ وَحُرٌّ قَتِيلًا خَطَأً فَنِصْفُ الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ وَنِصْفُهَا فِي خِدْمَةِ الْمُدَبَّرِ فَإِنْ قَتَلَ الْمُدَبَّرُ رَجُلًا عَمْدًا فَعَفَا أَوْلِيَاؤُهُ عَلَى أَخْذِ خِدْمَتِهِ فَذَلِكَ لَهُمْ إِلَّا أَنْ يَفْدِيَهَا السَّيِّدُ بِجَمِيعِ الدِّيَةِ وَلَيْسَ لَهُمُ الْعَفْوُ فِي رِقِّهِ لِأَنَّهُ مُدَبَّرٌ فَإِنْ جَنَى فَأَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ وَأَرَادَ حَمْلَ الْجِنَايَةِ لَزِمَهُ وَإِلَّا حَلَفَ مَا أَرَادَ حَمْلَهَا ثُمَّ رُدَّتْ خِدْمَتُهُ وَخُيِّرَ بَيْنَ إِسْلَامِهِ وَافْتِدَائِهِ مُدَبَّرًا فَإِنْ أَسْلَمَهُ وَلِلْمُدَبَّرِ مَالٌ أُدِّيَتْ مِنْهُ الْجِنَايَةُ وَعُتِقَ وَإِنْ لَمْ يُوفِ مَالُهُ أَخَدَمَتْهُ وَأَخْدَمَهُ الْمَجْرُوحُ بِمَا بَقِيَ وَعُتِقَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَال اختدمه فَإِن استوفى وَالسَّيِّد حَيّ عتق أَو مَاتَ السَّيِّد قبل وَالثُّلُثُ يَحْمِلُ الْمُدَبَّرَ عُتِقَ وَاتُّبِعَ بِبَقِيَّةِ الْجِنَايَةِ وَإِنْ لَمْ يَدَعِ السَّيِّدُ غَيْرَهُ عُتِقَ ثُلُثُهُ وَاتُّبِعَ بِثُلُثَيِ الْأَرْشِ وَرُقَّ بَاقِيهِ لِلْمَجْرُوحِ إِنْ كَانَتْ قِيمَةُ ذَلِكَ مِثْلَ مَا قَابَلَهُ مِنْ قِيمَةِ الْأَرْشِ لِأَنَّ سَيِّدَهُ أَسْلَمَهُ حِينَ كَانَ لَهُ الْخِيَارُ وَلَا خِيَارَ فِيهِ لِلْوَرَثَةِ لِأَنَّ الْمَوْرُوثَ أَسْلَمَهُ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفِ السَّيِّدُ أَنَّهُ مَا أَرَادَ حَمْلَ الْجِنَايَةِ عُتِقَ وَكَانَتِ الْجِنَايَةُ عَلَى السَّيِّدِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ رُدَّ عِتْقُهُ وَأُسْلِمَ يَخْدِمُ الْمَجْرُوحَ فَإِنْ أَدَّى فِي حَيَاتِهِ عُتِقَ وَلَمْ يَلْحَقْهُ دَيْنٌ اسْتَحْدَثَهُ السَّيِّدُ بَعْدَ عِتْقِهِ وَإِنْ لَمْ يُوفِهَا حَتَّى مَاتَ السَّيِّدُ وَقَدِ اسْتَحْدَثَ بَعْدَ عِتْقِهِ دَيْنًا

يَغْتَرِقُهُ الْغَيُّ وَعُتِقَ ثُلُثُهُ وَاتُّبِعَ بِثُلُثَيْ بَقِيَّةِ الْأَرْشِ ثُمَّ إِنْ بَاعَهُ أَخَذَ فِي ثُلُثَيْهِ بِثُلُثَيْ بَاقِي الْجِنَايَةِ عُتِقَ وَإِلَّا رُقَّ ثُلُثَاهُ لِأَهْلِ الْجِنَايَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي ثَمَنِ ثُلُثَيْهِ فَضْلٌ عَنْ ثُلُثَيْ بَاقِي الْجِنَايَةِ فَيُبَاعُ مِنْ ثُلُثَيْهِ بِقَدْرِ ثُلُثَيْ بَاقِي الْجِنَايَةِ وَعُتِقَ الْبَاقِي وَإِنْ كَانَ لِلسَّيِّدِ مَالٌ يَخْرُجُ مِنْ ثلثه عُتِقَ وَاتُّبِعَ بِبَاقِي الْجِنَايَةِ وَإِنْ كَانَ دَيْنُ السَّيِّدِ قَبْلَ الْعِتْقِ وَالْجِنَايَةِ فَهُوَ كَمُدَبَّرٍ لَمْ يُعَجَّلْ لَهُ عِتْقٌ وَلَوْ أَنَّ عَبْدًا بَيْنَ رَجُلَيْنِ دَبَّرَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ فَرَضِيَ شَرِيكُهُ وَتَمَاسَكَ وَجَنَى خُيِّرَ الَّذِي دَبَّرَ فِي إِسْلَامِ خِدْمَةِ نِصْفِ الْعَبْدِ أَوْ دَفْعِ نِصْفِ الْجِنَايَةِ وَجِنَايَةُ الْعَبْدِ فِي رَقَبَتِهِ (وَالْخِدْمَةُ خِدْمَتُهُ) وَمَا جَنَىَ على الْمُدَبَّرُ فَعَقْلُهُ لِسَيِّدِهِ بِخِلَافِ (مَالِهِ وَمَهْرُ الْمُدَبَّرَةِ كَمَا لَهَا هِيَ أَحَقُّ بِهِ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ مِنَ الْوَارِثِ لِأَنَّهَا اسْتُحِلَّتْ بِهِ وَيُخَيَّرُ الذِّمِّيُّ فِي مُدَبَّرِهِ الَّذِي فِي إِسْلَامِهِ عَبْدًا لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ بَيْعَهُ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا وَلَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ يَدِهِ وَإِنْ فَدَاهُ بَقِيَ عَلَى تَدْبيره وَإِن أسلم مُدَبَّرَ الذِّمِّيِّ إِذَا أَسْلَمَ لَزِمَهُ تَدْبِيرُهُ وَأُجْرَتُهُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ حُكْمٌ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ وَإِذَا أَسْلَمَ مُدَبَّرُ الذِّمِّيِّ ثُمَّ قُتِلَ أَوْ جُرِحَ فعقله لسَيِّده فِي التَّنْبِيهَات قَالَ فِي الْمَدِين يَكُونُ لَهُ مَالٌ يَبْدَأُ بِمَالِهِ وَقَالَ إِذَا اعتقه وَحلف درت خِدْمَتُهُ وَخُيِّرَ سَيِّدُهُ فَإِنْ أَسْلَمَهُ وَلَهُ مَالٌ أُخِذَ مِنَ الْمُدَبَّرِ فَجُعِلَ تَخْيِيرُ السَّيِّدِ أَوَّلًا قيل إِنَّه مِمَّا يخْتَلف فِيهِ هَل يفْدي بِمَالِ الْمُدَبَّرِ وَمَنْ يُعِينُهُ فَإِنْ فُقِدَ خُيِّرَ السَّيِّدُ وَهُوَ ظَاهِرُ كِتَابِ أَوَّلِ الْجِنَايَاتِ فِي الْجَانِي يُعْتَقُ قَالَ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَهَذَا عَلَى الْخِلَافِ هَلَّا يَرْجِعُ إِلَى فِدَاءِ السَّيِّدِ رَقِيقًا أَوْ حُرًّا فَعَلَى الْأَوَّلِ يُبْتَدَأُ بِمَالِهِ وَعَلَى

الثَّانِي يُبْتَدَأُ بِتَخْيِيرِ السَّيِّدِ وَظَاهِرُ الْكِتَابِ بُطْلَانُ الْعِتْقِ وَهُوَ كَشِرَائِهِ وَقَدْ بَطَلَ التَّدْبِيرُ بِالْجِنَايَةِ وَمِثْلُهُ عَنِ ابْنِ كِنَانَةَ فِي الْعَبْدِ يَجْنِي ثمَّ يعتقهُ سَيّده وَأَنه يَحْلِفُ مَا أَرَادَ حَمْلَ الْجِنَايَةِ وَيُرَدُّ عِتْقُهُ ثمَّ إِن فدَاه بَقِي لَهُ عبدا وواله عِنْدَهُ إِنْ كَانَ لِلْجِنَايَةِ عِنْدَ الْعِتْقِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ فَدَاهُ عُتِقَ تَنْفِيذًا لِعَقْدِ التَّدْبِيرِ قَالَ التُّونُسِيُّ إِنَّمَا يَنْبَغِي عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنْ يُخَيَّرَ السَّيِّدُ أَوَّلًا فَإِنْ فَدَاهُ لَمْ يَحْلِفْ وَإِلَّا حَلَفَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ لَمْ يَكُنْ لِلسَّيِّدِ مَال استحلفه واسلمه للمجروح بختدمه لعدم الْفَائِدَة فِي التَّحْلِيف مَتى رَجَعَ وسيده حَتَّى لَا يَضُرُّهُ الدَّيْنُ الْمُسْتَحْدَثُ وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ حَتَّى مَاتَ سَيِّدُهُ بَطَلَ عِتْقُ الْبَتْلِ وَعُتِقَ بِالتَّدْبِيرِ فَيكون الدَّيْنُ الْمُسْتَحْدَثُ وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ حَتَّى مَاتَ سَيِّدُهُ بَطَلَ عِتْقُ الْبَتْلِ وَعُتِقَ بِالتَّدْبِيرِ فَيَكُونُ الدَّيْنُ الْمُسْتَحْدَثُ أَوْلَى بِهِ وَتَكُونُ الْجِنَايَةُ أَوْلَى بِهِ مِنَ الدَّيْنِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ فِيهِ فضلَة عَن الدّين والحرج فَيُعْتَقُ مِنْ تِلْكَ الْفَضْلَةِ ثُلُثَاهُ وَيُرَقُّ بَقِيَّتُهَا وَإِن جنى الْمُدبر صَغِيرا لَا يكْتَسب لَهُ قَالَ مُحَمَّدٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى سَيِّدِهِ حَتَّى يَبْلُغَ الْعَمَلَ وَيُطِيقَهُ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ سَقَطَ حَقُّ الْمَجْرُوحِ) وَكَذَلِكَ الْمُدبرَة الَّتِي لَا عمل عِنْدهَا وَلَا منعت فرع فِي الْكتاب إِن حنت أُمُّ الْوَلَدِ لَزِمَ سَيِّدَهَا الْأَقَلُّ مِنَ الْأَرْشِ أَوْ قِيمَتُهَا أَمَةً يَوْمَ الْحُكْمِ زَادَتْ قِيمَتُهَا أَوْ نَقَصَتْ لِتَعَذُّرِ رِقِّهَا وَكَذَلِكَ مَا أَفْسَدَتْهُ بِيَدِهَا أَوْ دَابَّتِهَا أَوْ بِتَسَبُّبِهَا فَإِنْ كَانَ الْأَقَلُّ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا لَمْ يُتْبَعِ السَّيِّدُ بِمَا زَادَ وَلَا هِيَ إِنْ عُتِقَتْ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ قِنًّا وَأُسْلِمَتْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا فضل الْجِنَايَة ويحاص أهل الْجِنَايَة عزما سَيِّدِهَا بِذَلِكَ وَتُقَوَّمُ أَمَةً بِغَيْرِ مَالِهَا لِتَعَلُّقِ الْجِنَايَةِ بِرَقَبَةِ الرَّقِيقِ وَقِيلَ بِهِ لِأَنَّهُ زَائِدٌ فِي

قِيمَتِهَا وَلَا يُقَوَّمُ وَلَدُهَا مَعَهَا وَإِنْ وَلَدَتْهُ بَعْدَ الْجِنَايَةِ لِأَنَّهُ رَقِيقٌ آخَرُ وَإِنْ قَتَلَتْ رَجُلًا خَطَأً فَلَمْ يُنْظَرْ فِيهِ حَتَّى قَتَلَتْ آخَرَ خَطَأً فَقِيمَتُهَا بَيْنَ أَوْلِيَائِهِمَا نِصْفَيْنِ وَإِنْ حكم فِي الأول بِالْأولِ وَحب للثَّانِي الْأَقَل أَيْضا ثَانِيَة يَوْمَ الْحُكْمِ وَكَذَلِكَ يَفْدِيهَا كُلَّمَا جُنَّتْ إِلَّا أَنْ يَتَأَخَّرَ الْحُكْمُ حَتَّى تَجْتَمِعَ جِنَايَاتٌ كُلُّ جِنَايَةٍ مِثْلُ قِيمَتِهَا فَأَكْثَرَ فَلَا يُقَوَّمُ إِلَّا قِيمَتُهَا لِعَدَمِ الْحُكْمِ الْمُعَيِّنِ لِلْأَوَّلِ شَيْئًا كَالْعَبْدِ يَجْنِي فَيَفْتَدِيهِ ثُمَّ يَجْنِي فَيُخَيَّرُ فِيهِ ثَانِيَةً بِالْفِدَاءِ وَالْإِسْلَامِ أَوْ إِنِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ جِنَايَاتٌ قَبْلَ أَنْ يَفْدِيَهُ خُيِّرَ بَيْنَ دَفْعِ قِيمَةِ مَا جَنَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَوْ يُسْلِمَهُ فَيُتَحَاصَصْ فِيهِ بِقَدْرِ جِنَايَتِهِمْ فَإِنْ جَنَتْ أَقَلَّ من قيمتهَا ثمَّ على أحد أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا فَعَلَى سَيِّدِهَا قِيمَتُهَا لَهُمَا يقسمانها بِقَدْرِ الْجِنَايَتَيْنِ فَإِنْ قَامَ أَحَدُهُمَا وَالْآخَرُ غَائِبٌ فَلَهُ الْأَقَلُّ مِنْ أَرْشِهِ أَوْ مَا يَنُوبُهُ فِي الْمُحَاصَّةِ مَعَ الْغَائِبِ مِنْ قِيمَتِهَا الْآنَ ثُمَّ إِنْ قَامَ الْآخَرُ فَلَهُ الْأَقَلُّ مِنْ جِنَايَتِهِ أَوْ حِصَّتِهِ مِنْ قِيمَتِهَا يَوْمَ يُقَوَّمُ وَإِن جنب وَلم يحكم عَلَيْهِمَا حَتَّى جَنَى عَلَيْهَا مَا أَخَذَتْ لَهُ إِنْ شَاءَ فَعَلَى سَيِّدِهَا الْأَقَلُّ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ أَو قيمتهَا معنية يَوْمَ الْحُكْمِ فِيهَا مَعَ الْأَرْشِ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ أَرْشٍ أَوْ يَفْدِيهِ وَهَذَا إِذَا أَخَذَ فِي أَرْشٍ أَقَلَّ مِنْ دِيَةِ مَا جَنَى فَإِنْ كَانَ فِيهِ وَفَاءٌ بِذَلِكَ أَوْ أَكْثَرُ فَلَا خِيَارَ لِلسَّيِّدِ وَيُؤَدِّي مِنْ ذَلِكَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الْأَرْشَ وَيَبْقَيَانِ لِسَيِّدِهِمَا جَمْعًا بَيْنَ الْمَصَالِحِ وَإِن قتلت عمدا فعفى الْوَلِيُّ عَلَى قِيمَتِهَا لَمْ يَلْزَمِ السَّيِّدَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ لِأَنَّ جِنَايَةَ الرَّقِيقِ لَا تَتَعَلَّقُ بِالسَّيِّدِ فَإِنْ أَبَى فَلَهُمُ الْقَتْلُ أَوِ الْعَفْوُ كَالْحُرِّ يُعْفَى عَنْهُ عَلَى الدِّيَةِ فَيَأْبَى وَقَالَ غَيْرُهُ يَلْزَمُ السَّيِّدَ غُرْمُ الْأَقَلِّ مِنَ الْقِيمَةِ أَوِ الْأَرْشِ وَلَيْسَتْ

كَالْحُرِّ بَلْ كَالْعَبْدِ وَإِنْ عَفَا عَلَى أَخْذِ رَقَبَتِهَا امْتَنَعَ لِتَعَيُّنِهَا لِلْحُرِّيَّةِ وَإِنْ رَضِيَ السَّيِّدُ وَكَذَلِكَ الْمُدَبَّرُ وَإِنْ جَنَتْ وَلَمْ يُحْكَمْ فِيهَا حَتَّى مَاتَتْ فَلَا شَيْءَ عَلَى السَّيِّدِ لِأَنَّ جنايات الرَّقِيق فِي رقابهم وَإِن لم تمت وَمَاتَ السَّيِّدُ وَلَا مَالَ لَهُ فَلَا شَيْءَ على أم الْوَلَد قَالَ غَيره ذَلِك إِن قاما عَلَى السَّيِّدِ حَيًّا فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ قِيَامِهِمْ فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَهُوَ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا الْجِنَايَة وَمَا جُنِيَ عَلَيْهَا فَعَقْلُهُ لِسَيِّدِهَا وَكَذَلِكَ الْمُدَبَّرَةُ وَإِنِ اغْتَصَبَ حُرَّةً فَعَلَيْهِ صَدَاقُهَا أَوْ أَمَةً أَوْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ مُكَاتَبَةً وَلَمْ يَنْقُصْهَا ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِلَّا الْحَدُّ لِأَنَّهُ يُجْرَى مَجْرَى الْأَمْوَالِ لَا يُضْمَنُ إِلَّا بِالنَّقْصِ فَإِن نقص فَذَلِك للسَّيِّد ويحاص الْمُكَاتَبَةَ بِهِ فِي نُجُومِهَا وَيُقَوَّمُ كُلُّ مَنْ عَلَيْهِ عقلة رِقٍّ قِيمَةَ عَبْدٍ وَإِنْ جَنَتْ عَلَى سَيِّدِهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا وَإِنْ وَلَدَتْ مِنْ غَيْرِ السَّيِّدِ بَعْدَ أَنْ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ فَجَنَى ذَلِك الْوَلَدُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ أَقَلَّ خُيِّرَ السَّيِّدُ فِي فِدَائِهِ وَيَبْقَى عَلَى حَالِهِ أَوْ يُسْلِمُ خِدْمَتَهُ فَيُخْتَدَمُ بِالْأَرْشِ فَإِنْ وَفَّى رَجَعَ لِسَيِّدِهِ وَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ الْوَفَاءِ عُتِقَ تَبَعًا لِأُمِّهِ وَبَقِيَّةُ الْأَرْشِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ الْجَانِي بِخِلَافِ أُمِّهِ وَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَخْذُ خِدْمَةِ الْوَلَدِ حَتَّى يَتِمَّ حَقَّهُ إِلَّا أَنْ يَفْتَكَّهُ السَّيِّدُ بِدِيَةِ الْجِنَايَةِ وَيَفْدِي الذِّمِّيُّ أُمَّ وَلَدِهِ بِالْأَقَلِّ وَلَهُ إِسْلَامُهَا رِقًّا لِأَنَّا لَا نَمْنَعُهُ بَيْعَهَا وَيَحِلُّ وَطْؤُهَا لِلْمُسْلَمِ إِلَيْهِ وَلِمُبْتَاعِهَا وَإِنِ اسْتَدَانَتْ أُمُّ الْوَلَدِ مِنْ تِجَارَةٍ أُذِنَ لَهَا فِيهَا فَفِي ذِمَّتِهَا كَالْعَبْدِ وَإِنْ جَنَتْ أُمُّ الْوَلَدِ فَوَطِئَهَا السَّيِّدُ فَحَمَلَتْ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْجِنَايَةِ أَدَّى الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا يَوْمَ حَمَلَتْ أَوِ الْأَرْش فغن لم يكن مَعَه (مَا أُسْلِمَتْ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) اتُّبِعَ بِهِ وَإِنْ عَلِمَ قبل الْوَطْء

لَزِمَهُ جَمِيعُ الْأَرْشِ وَإِنْ زَادَ عَلَى قِيمَتِهَا لِأَنَّهُ رَضِيَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ أُسْلِمَتْ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْوَلَدِ لِأَنَّهُ لَا يُسْلَمُ أَمَةٌ بِوَلَدِهَا وَالِابْنُ يطَأ مِنْ تَرِكَةِ أَبِيهِ وَعَلَى الْأَبِ دَيْنٌ يَغْتَرِقُهَا فَإِنْ عَلِمَ بِهِ وَبَادَرَ الْغُرَمَاءُ لَزِمَتْهُ قِيمَتُهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ بِيعَتْ لَهُمْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أُتْبِعَ بِقِيمَتِهَا فِي عَدَمِهِ وَكَانَتْ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ وَقَالَ غَيْرُهُ هَذَا بِخِلَاف وَطْء السَّيِّدِ وَعَلَى السَّيِّدِ إِسْلَامُهَا فِي عَدَمِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْجِنَايَةِ (لِأَنَّهُ لَوْ بَاعَهَا وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْجِنَايَةِ) وَأَعْتَقَهَا الْمُبْتَاعُ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ فَوْتًا وَلَوْ بَاعَهَا الْوَرَثَةُ وَلَمْ يَعْلَمُوا بِالدّينِ واعتق الْمُبْتَاع لم يرج الْعِتْقُ وَإِنَّمَا لَهُمُ الثَّمَنُ إِنْ وَجَدُوهُ وَإِلَّا اتَّبَعُوا بِهِ مَنْ أَخَذَهُ فِي التَّنْبِيهَاتِ قَوْلُهُ أَوْ مَاتَتْ قَبْلَ سَيِّدِهَا وَقَبْلَ الْحُكْمِ لَا يَكُونُ عَلَى السَّيِّدِ شَيْءٌ لَمْ يُذْكَرْ أَلَهَا مَا أَمْ لِأَبِيهِ عَلَيْهِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ كَانَ لَهَا مَالٌ وَهُوَ عَيْنٌ فَلِلْمَجْرُوحِ عَقْلُهُ مِنْهُ وَإِنْ قَصَّرَ لَمْ يَكُنْ لِلْمَجْرُوحِ غَيْرُهُ وَإِنْ كَانَ عَرْضًا خُيِّرَ سَيِّدُهَا فِي افْتِكَاكِهِ بِالْأَرْشِ أَوْ إِسْلَامِهِ وَقَوْلُهُ إِنْ مَاتَ السَّيِّدُ فَلَا شَيْءَ عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ وَقَالَ غَيْرُهُ إِنَّمَا ذَلِكَ إِنْ قَامُوا عَلَى السَّيِّدِ حَيًّا لم يبين مَا على السَّيِّد هَا هُنَا وَظَاهِرُ قَوْلِهِ أَنَّ مَذْهَبَهُ إِلْزَامُ السَّيِّدِ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا أَوِ الْأَرْشِ وَكَذَلِكَ جَاءَ مُفَسَّرًا فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ وَعَنْ سَحْنُونٍ لَا شَيْءَ عَلَى وَرَثَةِ السَّيِّدِ وَلَا يَكُونُ لَهُمْ أَنْ يَفْتَكُّوهَا مِنْ مَالِ السَّيِّدِ وَيَكُونُ ذَلِكَ عَلَيْهِ يُتْبَعُ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهَا أَوْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ فَيَتَحَصَّلُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ ذَلِكَ عَلَى السَّيِّدِ وَعِنْدَ

سَحْنُونٍ عَلَيْهَا وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا شَيْءَ عَلَيْهَا وَلَا عَلَى السَّيِّدِ إِلَّا أَنْ يَكُونُوا قَامُوا عَلَيْهِ فِي النُّكَتِ قِيلَ الْأَمَةُ الْجَانِيَةُ إِذا وَطئهَا السَّيِّدِ إِلَّا أَنْ يَكُونُوا قَامُوا عَلَيْهِ فِي النُّكَتِ قِيلَ الْأَمَةُ الْجَانِيَةُ إِذَا وَطِئَهَا السَّيِّدُ عَالما بِالْجِنَايَةِ وَلَا مَال لَهُ إِنَّا تُسَلَّمُ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا فَضْلٌ وَإِلَّا تُبِعَ بِقَدْرِ الْأَرْشِ أَوِ الْبَاقِي بِحِسَابِ أُمِّ الْوَلَد على أحد الْأَقْوَال ولابد أَن تستبرأ المة الْجَانِيَةُ إِنْ لَمْ يَظْهَرْ حَمْلٌ وَلَا يُتَّهَمُ فِي الْإِقْرَارِ بِالْوَطْءِ كَانَتْ وَخْشًا أَمْ لَا قَالَ بَعْضُهُمْ إِنْ حَمَلَتْ فَالْقِيمَةُ إِنَّمَا تَكُونُ يَوْمَ الْحَمْلِ لَا يَوْمَ الْحُكْمِ لِأَنَّ فَوْتَهَا بِالْحَمْلِ وَإِنْ كَانَ لَهَا مَالٌ قُوِّمَتْ بِمَالِهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ بِخِلَافِ أُمِّ الْوَلَدِ الَّذِي اخْتلف فِي بقويمها وَالْفَرْقُ تَعَلُّقُ الْجِنَايَةِ بِرَقَبَةِ هَذِهِ وَمَالِهَا وَوَطْؤُهَا منع من رقتبها بِالْحَمْلِ وَهُوَ حَادِثٌ وَأُمُّ الْوَلَدِ مَمْنُوعَةُ الرَّقَبَةِ فاحتيج فِي قيمتهَا لما لَهَا وَإِذا وطىء الْأَمَةَ عَالِمًا وَسَلَّمَهَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْوَلَدِ وَالِابْنُ يَطَأُ مِنْ تَرِكَةِ أَبِيهِ يَلْزَمُهُ قِيمَةُ الْوَلَدِ لِأَنَّ الْأَمَةَ الْجَانِيَةَ لَا تُسَلَّمُ بِوَلَدِهَا وَإِنْ حَدَثَ بَعْدَ الْجِنَايَةِ وَفِي الدَّيْنِ تبَاع مَعَ وَلَدهَا وألزم الواطىء عَالِمًا الْأَرْشَ وَلَمْ يَحْلِفْ إِنَّهُ لَمْ يَقْصِدِ الْتِزَامَ الْأَرْشِ كَمَا إِذَا أَعْتَقَ عَبْدًا بَعْدَ الْجِنَايَة لنه فِي الْعتْق (يَقُولُ أَرَدْتُ) أَنْ يُتْبَعَ هُوَ بِالْأَرْشِ فِي ذمَّته وَلَا حجَّة لَهُ فِي الْحمل وواطىء الْأَمَةِ مِنْ تَرِكَةِ أَبِيهِ إِنَّمَا يَلْزَمُهُ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهَا أَوِ الدَّيْنُ وَإِنْ وَطِئَهَا عَالِمًا بِالدَّيْنِ لَا يَلْزَمُهُ الدَّيْنُ كُلُّهُ فَمَا يَلْزَمُهُ الْأَرْش كُله فِي الْجِنَايَة إِذَا عَلِمَ بِجِنَايَتِهَا لِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يَتَعَلَّقُ بِعَيْنِهَا خَاصَّةً وَإِنَّمَا الْحُكْمُ أَنْ تُبَاعَ فِيهِ فَإِن كَانَ أَقَلَّ فَهُوَ الَّذِي أُتْلِفَ عَلَى الْغُرَمَاءِ وَإِنْ كَانَ دَيْنُهُمْ أَقَلَّ فَلَا حُجَّةَ لَهُمْ وَالْجِنَايَةُ مُتَعَلِّقَةٌ بِالرَّقَبَةِ وَلَوْ هَلَكَتِ الرَّقَبَةُ بَطَلَتِ الْجِنَايَةُ قَالَ التُّونُسِيُّ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إِذَا جَنَتْ أُمُّ الْوَلَد يفديها بِالْجِنَايَةِ كلهَا أَو ليسلمها قَالَ وَهُوَ صَوَابٌ لِأَنَّهُ إِذَا قَدَرَ عَلَى إِسْلَامِهَا لَمْ يَفْدِهَا إِلَّا بِالْجِنَايَةِ كُلِّهَا كَالْعَبْدِ وَالْأَحْسَنُ تَقْوِيمُ أُمِّ الْوَلَدِ بِحَالِهَا لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ أَمَةً أَسْلَمَهَا بِمَا لَهَا فَكَذَا يَجِبُ أَنْ يَفْدِيَهَا وَفِي الْكِتَابِ خِلَافُهُ

وَلذَلِك إِذا ولدت من غير سَيِّدهَا أَن يُسْلَمَ الْوَلَدُ مَعَهَا لِأَنَّ الْجِنَايَةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِعَيْنِهَا وَهُوَ من نمائها فَيكون للْمَجْنِيّ كَمَا لَوْ هَلَكَتْ ضَمَانُهَا مِنْهُ وَكَذَلِكَ إِنِ اعْتَلَّتْ عِلَّةً بَعْدَ الْجِنَايَةِ أَسْلَمَهَا مَعَهَا وَإِذَا مَاتَ وَلَا مَالَ لَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَيْهَا وَقَالَ غَيْرُهُ ذَلِكَ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا الْجِنَايَة وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِنْ تَرَكَ السَّيِّدُ مَالًا أُخِذَتِ الْجِنَايَةُ مِنْ مَالِهِ وَقَدْ يُقَالُ لَا شَيْءَ عَلَى السَّيِّدِ إِنْ تَرَكَ مَالًا لِأَنَّهُ إِنَّمَا بَطَلَتْ بِقِيمَتِهَا يَوْمَ يُقَامُ عَلَيْهِ وَلَهُ مَالٌ وَالتَّرِكَةُ مِلْكُ غَيْرِهِ بِالْإِرْثِ إِلَّا أَنْ يُقَالَ الْجِنَايَةُ مُتَعَلِّقَةٌ بِذِمَّتِهِ وَإِنْ جُنِيَ عَلَيْهَا أَوْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ قَبْضِهِ فَقِيلَ ذَلِكَ لَهَا وَقيل لسَيِّدهَا وَهُوَ الأصور وَإِنْ جَنَتِ الْأَمَةُ فَبَاعَهَا سَيِّدُهَا وَلَمْ يَعْلَمْ فَأَوْلَدَهَا الْمُشْتَرِي فَإِنِ افْتَكَّهَا السَّيِّدُ تَمَّ الْبَيْعُ وَإِنْ لَمْ يَفْدِهَا الْبَائِعُ فَدَاهَا الْمُشْتَرِي بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهَا أَوْ دِيَةِ الْجِنَايَةِ وَيُرْجَعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ إِلَّا مَا يَقَعُ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ يُفَضُّ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ الْوَلَدِ وَالْأُمِّ كَأَنَّهُ اشْتَرَاهُمَا مَعًا وَرَجَعَ عَلَى الْبَائِعِ بِحِصَّةِ الْأُمِّ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا وَقْتَ الْبَيْعِ قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ إِنْ جَنَتْ أُمُّ الْوَلَدِ عَلَى رَجُلَيْنِ مُوَضِّحَةً فَقَامَ أَحَدُهُمَا فَأَسَلَمَ إِلَيْهِ سَيِّدُهَا قِيمَتَهَا وَلم يعلم بِالْآخرِ وَكَانَت قِيمَته يَوْم الْأَرْش سَوَاءً فَلَمْ يَقُمِ الثَّانِي حَتَّى جَرَحَتْ ثَالِثًا مُوَضِّحَةً ثُمَّ قَامَ هُوَ وَالثَّانِي رَجَعَ السَّيِّدُ عَلَى الْأَوَّلِ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ لِأَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ لَهُ يَوْمَ قَامَ نِصْفُ الْجِنَايَةِ ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى قِيمَتِهَا الْيَوْمَ فَإِنْ كَانَتْ سِتِّينَ فَقَدْ جَنَى عَلَى الثَّالِثِ فَعَتَقَهَا الْمُفَتَّكُ وَهُوَ فَارِغٌ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ وَهُوَ مُرْتَهَنٌ بِجِنَايَةِ الثَّانِي فَنِصْفُ مُوضحَة فِي النّصْف الفارغ فيفتكه السَّيِّد مِنْهُ بِخَمْسَة وَعشْرين لِأَن نِصْفُ جِنَايَتِهِ أَقَلُّ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهَا الْآنَ وَالنِّصْفُ الثَّانِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الثَّانِي عَلَى مَا بَقِي لَهما والبباقي فِي جِنَايَتِهِ وَلِلثَّانِي فِي جَمِيعِ جِنَايَتِهِ فَيَقْتَسِمَانِ نِصْفَ قِيمَتِهَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ فَلِلثَّالِثِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَلِلثَّانِي الْبَاقِي وَعَن ابْنِ الْقَاسِمِ

إِنْ قَامَ الثَّانِي أَوِ الثَّالِثُ رَجَعَ بِنِصْفِ مَا أَعْطَى الْأَوَّلُ وَيُعْطِي هَذَيْنِ إِنْ شَاءَ دِيَة جرحهما أَوْ قِيمَتَهَا الْآنَ فَتَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَأَنْكَرَ سَحْنُون قَوْله نِصْفَيْنِ وَدِيَةَ جُرْحِهِمَا كَامِلًا وَإِنْ جُنِيَ عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ فَأَعْتَقَهَا قَبْلَ أَخْذِ الْأَرْشِ قَالَ مُحَمَّدٌ هُوَ لَهَا كَمَالِهَا وَقَالَ أَشْهَبُ لِلسَّيِّدِ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّهُ قَبْلَ الْعِتْقِ وَأَمَّا الْعَبْدُ يُعْتِقُهُ أَوْ يَهَبُهُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْجُرْحِ فَلِسَيِّدِهِ وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْهُ بِخِلَافِ مَالِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ فِي أُمِّ الْوَلَدِ الذِّمِّيُّ لَا يَفْدِيهَا إِلَّا بِجَمِيعِ الْأَرْشِ فَإِنْ جَنَتْ فَأُسْلِمَتْ قَبْلَ الْحُكْمِ قَالَ ابْنُ حبيب يفديها وتعتق عَلَيْهِ ويسلمها لِأَنَّهَا مُرْتَهَنَةٌ بِالْجِنَايَةِ قَبْلَ أَنْ تُسْلِمَ فَإِنْ أَسْلَمَهَا وَفِي ثَمَنِهَا فَضْلٌ بِيعَ مِنْهَا لِلْجِنَايَةِ وَعُتِقَ الْبَاقِي وَإِنْ كَانَتْ كَفَافًا أَوْ أَقَلَّ مِنَ الْجِنَايَةِ وُقِّتَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَإِنْ أَسْلَمَتْ ثُمَّ جَنَتْ قَبْلَ أَنْ يُحْكَمَ بِعِتْقِهَا عُتِقَتْ وَعَلَى السَّيِّدِ الْأَقَلُّ مِنْ جِنَايَتِهَا أَوْ قِيمَتِهَا كَأُمِّ وَلَدِ الْمُسْلِمِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَقْدِرْ عَلَى بَيْعِهَا وَلَا إِسْلَامِهَا وَلَوْ مَاتَتْ قَبْلَ الحكم يعتقها لِوَرَثَتِهَا بِالرِّقِّ وَإِنْ قُتِلَتْ أَخَذَ قِيمَتَهَا قِيمَةَ أَمَةٍ وَإِنْ أَسْلَمَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا وَإِنْ جُنِيَ عَلَيْهَا فَالْأَرْشُ لِسَيِّدِهَا فِي الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانُ أَنْ يَكُونَ لَهَا إِنْ لَمْ يُسْلِمْ سَيِّدُهَا وَيُعَرِّفُهُ ابْنُ حَبِيبٍ مَرَّةً بِالْجِنَايَةِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ أَوْ بَعْدَهُ اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ عَدَمُ الْفَرْقِ لِأَنَّ إِسْلَامَهَا لَيْسَ بِعِتْقٍ وَلِأَنَّ الْجِنَايَةَ إِنَّمَا تُسْتَحَقُّ يَوْمَ الْحُكْمِ وَقَدْ صَادَفَهَا ذَلِكَ قَبْلَ الْعِتْقِ فَوَجَبَ عَلَى السَّيِّدِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهَا أَوِ الْأَرْشُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُسْلِمَهَا لِأَنَّهَا بِالْإِسْلَامِ صَارَ لَهَا حُكْمُ أُمِّ الْوَلَدِ الْمُسْلِمِ لِأَنَّهُ حُكْمٌ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ وَعَن ابْنِ الْقَاسِم إِن أسلمت ثمَّ جنب قَبْلَ أَنْ تُعْتَقَ عَلَيْهِ (اتُّبِعَتْ بِالْجِنَايَةِ دُونَ سَيِّدِهَا وَلَا يَجْتَمِعُ أَنَّهَا تُعْتَقُ عَلَيْهِ) وَيُغَرَّمُ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ قَتَلَتْ أُمُّ الْوَلَدِ خَطَأً أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ قَالَ مَالِكٌ يَفْدِيهَا

بِالْأَقَلِّ مِنَ الْجِنَايَةِ أَوْ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْحُكْمِ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ الْأَقَلُّ مِنَ الْجِنَايَةِ أَوِ الْقِيمَةُ يَوْمَ جَنَتْ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ بَلْ فِي ذِمَّتِهَا وَقَالَ (ابْنُ الْجَهْمِ) يُخَيَّرُ السَّيِّدُ بَيْنَ أَرْشِ الْجِنَايَةِ أَوْ يُسْلِمُ مَا بَقِيَ لَهُ فِيهَا مِنَ الْخِدْمَةِ فَيَسْتَخْدِمُهَا أَوْ يُؤَاجِرُهَا وَلَا يَلْحَقُهُ مِنْ جِنَايَتِهَا أَكْثَرُ مِمَّا يَمْلِكُ فَإِنْ وَفَّتْ رَجَعَتْ إِلَيْهِ وَإِنْ مَاتَ عُتِقَتْ وَاتُّبِعَتْ بِالْبَاقِي قَالَ وَهُوَ أَبْيَنُ كَالْمُدَبَّرَةِ بَلْ أُمُّ الْوَلَدِ أَقْوَى حُرِّيَّةً فَإِذا لم تلْزمهُ قيمَة الْمُدبرَة فَأولى هَا هُنَا وَإِذَا جَنَتْ ثُمَّ جَنَتْ قَبْلَ الْفِدَاءِ قِيلَ إِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا مِثْلَ أَقَلِّ الْجِنَايَتَيْنِ فَإِنَّهَا تَكُونُ بَيْنَهُمَا بِالسَّوَاءِ لِأَنَّهُ لَوِ انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا أَخَذَ جَمِيعَهَا فَلَا عِبْرَةَ بِالْأَكْثَرِ بِخِلَافِ الْمُفْلِسِ يَكُونُ مَالُهُ أَقَلَّ الدَّيْنَيْنِ لِأَنَّ تِلْكَ مُعَامَلَاتٌ تُؤَثِّرُ فِيهَا فِي يَدَيْهِ بِالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ بِحَسْبِ مَا تُسَلِّمُ وَلَهُ ذِمَّةٌ تُتْبَعُ وَإِنِ اسْتَوَتِ الْجِنَايَاتُ وَقَامَ أَحَدُهُمَا أَوَّلًا فَلَهُ الْأَقَلُّ مِنْ جِنَايَتِهَا أَوْ نِصْفُ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْحُكْمِ لَهُ فَإِنْ قَامَ الْأَوَّلُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالثَّانِي فَافْتَدَاهُ مِنْهُ السَّيِّدُ ثُمَّ قَامَ الثَّانِي نُظِرَ مَا يَنُوبُ الْأَوَّلَ فِي الْحِصَاصِ لَوْ عَلِمَ بِالثَّانِي فَيُتْرَكُ وَانْتَزَعَ مِنْهُ السَّيِّدُ الْفَضْلَ ثُمَّ دَفَعَ لِلثَّانِي الْأَقَلَّ مِنْ جِنَايَتِهِ أَوْ نِصْفَ قِيمَتِهَا الْيَوْمَ وَإِنْ عَلِمَ بِالْجِنَايَتَيْنِ فَافْتَدَى مِنَ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي حَتَّى جَنَتْ عَلَى ثَالِثٍ فَالْجِنَايَةُ الثَّالِثَةُ تُفَضُّ عَلَى نِصْفٍ لَا جِنَايَةَ فِيهِ نصف فِيهِ جِنَايَةٌ وَإِذَا جَنَتِ الْأَمَةُ ثُمَّ أَوْلَدَهَا سَيِّدهَا يخْتَلف فِيهَا فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع إِذا كَانَ غَيْرَ عَالِمٍ مُوسِرًا هَلِ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْحُكْمِ أَوْ يَوْمَ الْحَمْلِ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا غَيْرَ عَالِمٍ هَلْ تَمْضِي أُمَّ وَلَدٍ أَوْ يَأْخُذُهَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ عَالِمًا مُوسِرًا هَلْ تُعَدُّ إِصَابَتُهُ رِضًا فَيَحْمِلُ الْجِنَايَةَ أَمْ لَا (وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا أَوْ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا هَلْ يَتْبَعُهُ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ أَمْ لَا) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي

الْأَوَّلِ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْحُكْمِ وَفِي الثَّانِي تَمْضِي لَهُ أُمَّ وَلَدٍ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهَا أَوْ قيمَة الْجِنَايَة كالمحبل أمة من تركته أَبِيهِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِنْ كَانَ عَالِمًا مُوسِرًا فَهُوَ رِضًا بِحَمْلِ الْجِنَايَةِ وَهَذَا إِذَا عَلِمَ الْجِنَايَةَ وَمَا يُوجِبُهُ الْحُكْمُ أَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْهَا إِلَّا أَن يتحملها فَإِن جهل حَلَفَ أَنَّهُ جَهِلَ الْحُكْمَ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِذَا حَمَلَتْ بَعْدَ الْجِنَايَةِ أَسْلَمَ وَلَدَهَا مَعَهَا فَعَلَى هَذَا إِذَا كَانَ عَالِمًا فَقِيرًا وَأُسْلِمَتِ الْأَمَةُ اتبع بِقِيمَة الْوَلَد فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ جِنَايَةُ الْعَبِيدِ بَيْنَهُمْ كَالْأَحْرَارِ نَفْسُ الْعَبْدِ بِنَفْسِهِ وَجُرْحُهُ بِجُرْحِهِ وَيُخَيَّرُ سَيِّدُ الْمَجْرُوحِ فِي الْمَجْرُوحِ فِي الْقَوَدِ وَأَخْذِ الْعَقْلِ إِلَّا أَنْ يُسْلَمَ إِلَيْهِ الْجَانِي لِأَنَّ الْعَبْدَ فِيمَا جنى وَإِنْ قَالَ سَيِّدُ الْمَجْرُوحِ لَا أَقْتَصُّ بَلْ آخُذُ الْجَارِحَ إِلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ سَيِّدُهُ بِالْأَرْشِ (وَقَالَ سَيِّدُ الْجَارِحِ إِمَّا أَنْ تَقْتَصَّ أَوْ تَنْزِعَ فَالْقَوْلُ لِسَيِّدِ الْمَجْرُوحِ وَكَذَلِكَ فِي الْقَتْلِ) لِأَنَّهُ الْمُسْتَحِقُّ وَإِنْ مَاتَ الْجَانِي قَبْلَ تَخْيِيرِ السَّيِّدِ بَطَلَتِ الْجِنَايَةُ لِأَنَّهُ تَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْحُكْمِ وَلَا قِيمَةَ لِلْمَيِّتِ وَإِنْ كَانَ لِلْجَانِي مَالٌ فَهُوَ مَعَ رَقَبَتِهِ فِي جِنَايَتِهِ أَوْ يفْدِيه سَيّده بِالْعقلِ وللجل أَنْ يَقْتَصَّ مِنْ عَبْدِهِ لِعَبْدِهِ فِي النَّفْسِ وَالْجُرْحِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا عِنْدَ الْإِمَامِ بِالْبَيِّنَةِ وَإِنْ جُرِحَ عَبْدٌ أَوْ قُذِفَ فَادَّعَى سَيِّدُهُ عِتْقَهُ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يُصَدَّقْ وَأَرْشُهُ أَرْشُ عَبْدٍ يَكُونُ لِلْعَبْدِ دُونَ سَيِّدِهِ لِإِقْرَارِهِ بحريَّته وَإِن جرحه السَّيِّد أَوْ قَذَفَهُ فَثَبَتَ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ وَحُكْمُهُ حُكْمُ الْحُرِّ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ دُونَ السَّيِّدِ اسْتِصْحَابًا لِلشُّبْهَةِ وَقَالَ غَيْرُهُ إِنْ جَحَدَ العَبْد وَثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ فَلَهُ حُكْمُ الْحُرِّ لَهُ وَعَلَيْهِ مَعَ السَّيِّدِ وَغَيْرِهِ قَالَ التُّونُسِيُّ إِنْ جَرَحَ عَبْدَيْنِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُسْلِمَ بَعْضَهُ وَيَفْدِيَ بَعْضَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُمَا

سَيِّدَانِ فَلَهُ الْفِدَاءُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالْإِسْلَامُ لِلْآخَرِ وَإِنْ جَنَى عَبْدَانِ عَلَى عَبْدٍ فَإِنَّهُ يُسَلِّمُ أَحَدَهُمَا بِنِصْفِ الْجِنَايَةِ إِنْ شَاءَ وَيَفْتَدِي الْآخَرَ ولاي نظر لِقِيمَةِ الْجَارِحِينَ بَلْ قِيمَةِ الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ أَوِ الْجُرْحِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِنْ قَتَلَ عَبْدٌ بَيْنَهُمَا أَجْنَبِيًّا ثُمَّ قَتَلَ آخَرُ سَيِّدَهُ خُيِّرَ وَرَثَةُ الْمَقْتُول فِي إِسْلَام نصفهم بِجِنَايَتِهِ وافتدوه بِنِصْفِ الْجِنَايَةِ لِأَنَّ هَذَا النِّصْفَ جَنَى عَلَى سَيِّدِهِ وَأَجْنَبِيٍّ وَعَلَى السَّيِّدِ يُطْرَحُ لَا يُحَاصُّ بِهِ كَمَا لَوْ قَطَعَ يَدَ أَجْنَبِيٍّ ثُمَّ قَطَعَ يَدَ سَيِّدِهِ فَخُيِّرَ السَّيِّدُ فِي إِسْلَامِهِ فِي الْجِنَايَةِ كُلِّهَا وَلَا يُحَاصُّ الْأَجْنَبِيُّ أَوْ يَفْدِيهِ فَإِنْ أَسْلَمَ النِّصْفَ لِلْأَجْنَبِيِّ قِيلَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ نِصْفُكَ جَنَى عَلَى الْأَجْنَبِيِّ نِصْفَ جِنَايَةٍ وَعَلَى شَرِيكِكَ نِصْفَ جِنَايَةٍ فَإِنْ أَسْلَمْتَهُ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ أَوْ يَفْدِيهِ فَإِنْ أَسْلَمَهُ النِّصْفَ لأَجْنَبِيّ صَارَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ لِلْآخَرِ وَرُبْعُهُ لِوَرَثَةِ الشَّرِيكِ وَإِن جرح عبد كَمَا أحد كَمَا قيل لغير الْمَجْرُوح إِمَّا أَنْت تُسْلِمَ نَصِيبَكَ كُلَّهُ أَوْ تَفْدِيَهُ بِنِصْفِ دِيَةِ الْجُرْحِ فَإِنْ جَنَى عَبْدَانِ عَلَى رَجُلٍ ثُمَّ قَتَلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ وَسَيِّدُهُمَا وَاحِدٌ خُيِّرَ فِي فِدَاءِ الْبَاقِي بِالْجِنَايَةِ كُلِّهَا وَذَلِكَ دِيَةُ حُرٍّ وَقِيمَةِ الْغُلَامِ مَا كَانَتْ لِأَنَّ فِي رَقَبَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ دِيَةِ الْحُرِّ يَفْدِيهِ سَيِّدُهُ أَوْ يُسْلِمُهُ وَإِنْ قَطَعَ عَبْدٌ يَدَ حُرٍّ ثُمَّ يَدَ سَيِّدِهِ ثُمَّ يَدَهُ ثُمَّ جنى آخر على العَبْد فَقطع يَده قبل أرش العَبْد الأول قالم مُحَمَّدٌ هَذَا ضَعِيفٌ بَلْ يَكُونُ لِلْأَوَّلِ لِأَنَّهُ جَنَى عَلَيْهِ بَعْدَ اسْتِحْقَاقِ الْأَوَّلِ رَقَبَتَهُ فَيُنْظَرُ مَا هُوَ فَيُحَطُّ مِنْ جُرْحِ الْأَوَّلِ فَإِنْ كَانَ ثُلُثُ جُرْحِهِ سَقَطَ ثُلُثُ جُرْحِ الْأَوَّلِ أَوْ ضُرِبَ بِثُلُثَيْ دِيَةِ جُرْحِهِ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ وَضُرِبَ لِلثَّانِي بِدِيَةِ جُرْحِهِ كُلِّهَا لِأَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَى الثَّانِي بَعْدَ أَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ إِذْ هُوَ أَحَقُّ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ فَوَجَبَ أَنْ

يُحَطَّ بِالَّذِي أَخَذَ مِنْ جِنَايَتِهِ فَلِهَذَا ضُرِبَ فِي رَقَبَة العَبْد بِبَقِيَّة جِنَايَته وَيضْرب للثَّانِي بِجِنَايَتِهِ كُلِّهَا وَإِنْ جَنَى الْعَبْدُ بَعْدَ قَطْعِ يَدِهِ عَلَى ثَالِثٍ فَقَطَعَ يَدَهُ بِحَسَبِ مَا نَقَصَ الْعَبْدُ بِجِنَايَتِهِ كَأَنَّهُ اسْتَوْفَاهُ وَتَبْقَى لَهُ بَقِيَّة جِنَايَته الْأَوَّلِ ثُلُثُهَا فَيَبْقَى لَهُ ثُلُثَانِ سَهْمَانِ وَجِنَايَةُ الثَّانِي ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ فَإِنْ كَانَتِ الْجِنَايَتَانِ مُسْتَوِيَتَيْنِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ فَإِنْ جَرَحَ عبد عبدا مُوَضِّحَةً فَلَا قَوَدَ بَيْنَهُمَا وَلَا يُخَيَّرُ السَّيِّدَانِ فَإِنِ اخْتَلَفَتْ قِيمَةُ رِقَابِهِمَا خُيِّرَ سَيِّدُ الدَّنِيِّ فِي فِدَائِهِ بِمَا فَضَلَ مِنْ مُوَضِّحَةِ الرَّفِيعِ أَوْ يُسْلِمُهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يُخَيَّرُ سَيِّدُ الْجَارِحِ الْأَوَّلِ (فَإِنْ أَسْلَمَهُ كَانَ لِلْعَبْدِ الْجَارِحِ الْآخَرِ وَلَا شَيْء لسَيِّد الْجَارِح الأول وَإِنْ فَدَى غَيْرُهُ الْجَارِحَ الْأَوَّلَ وَطَلَبَ جُرْحَ عَبده قيل لسَيِّده أقده أَوْ أَسْلِمْهُ فَإِنِ اصْطَدَمَ عَبْدَانِ فَمَاتَا تَسَاقَطَا وَإِن اخْتلفت أَثْمَانُهُمَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُمَا أَمْوَالٌ فَيَكُونُ مِثْلَ الْجِرَاحِ حِينَئِذِْ وَإِنْ جَرَحَ الْعَبْدُ وَقَالَ السَّيِّدُ أَعْتَقْتُهُ قَبْلُ وَلَمْ يُصَدَّقْ وَقَالَ الْجَارِحُ أَمْكِنْهُ مِنَ الْقِصَاصِ فَذَلِكَ لَهُ وَلَا يَلْزَمُهُ مَا نَقَصَ الْعَبْدَ لِإِقْرَارِ السَّيِّدِ أَنَّهُ حُرٌّ وَإِنْ كَانَ خَطَأً أَقَلَّ مِنَ الثُّلُثِ فَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ دِيَتِهِ حُرًّا وَمَا نَقَصَ مِنْ قِيمَته وَإِن بلغت الثُّلُثَ لَا تُبَعْ بِالْجِنَايَةِ لِأَنَّهُ يُصَدَّقُ سَيِّدُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ وَلَا الْعَاقِلَةَ لِأَنَّ قَوْلَ السَّيِّدِ لَا يُلْزِمُ الْعَاقِلَةَ وَإِنْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ بَيْنَهُ وَبَين السَّيِّد وَثبتت وَقد اختله فَلَا يَرْجِعُ الْعَبْدُ بِالْغَلَّةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَا بِأَرْشِ الْجُرْحِ وَلَا صَدَاقِ الْمِثْلِ إِنْ وَطِئَهَا وَلَا بِمَا نَقَصَهَا وَقِيلَ يَرْجِعُ بِالْكُلِّ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِم وَإِن اشْتَرَاهُ فثبتت لَمْ يَرْجِعْ بِالْغَلَّةِ وَإِنْ هَلَكَ لَمْ يَضْمَنْ ثَمَنًا أَوِ اسْتُحِقَّتْ إِنَّهَا حُرَّةٌ لَا صَدَاقَ لَهَا وَخَالَفَهُ الْمُغِيرَةُ وَهُوَ الْقِيَاسُ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ جَرَحَ الْعَبْدُ رَجُلًا فَقَالَ السَّيِّدُ أَعْتَقْتُهُ قَبْلُ وَكَذَّبَهُمَا الْمَجْرُوحُ وَلِلْعَبْدِ مَالٌ أَخَذَ مِنْهُ دِيَةَ الْجُرْحِ وَإِلَّا خُيِّرَ السَّيِّدُ بَيْنَ فِدَائِهِ أَوْ إِسْلَامِهِ فَإِنْ فَدَاهُ عُتِقَ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ وَإِلَّا

أَخَذَهُ الْمَجْرُوحُ رَقِيقًا وَإِنْ صَدَّقَهُمَا اقْتُصَّ أَوْ يُخَيَّرُ عَلَى دِيَةِ الْجُرْحِ وَيَتْبَعُهُ فِي الذِّمَّةِ وَإِنْ صَدَقَ السَّيِّدُ وَقَالَ الْعَبْدُ أَنَا عَبْدٌ امْتُنِعَ الْقِصَاصُ وَلَهُ دِيَةُ الْجُرْحِ مِنَ الْعَبْدِ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يُمَكَّنُ مِنْ جُرْحِ الْعَبْدِ وَإِنْ قَالَ الْعَبْدُ أَعْتَقَنِي سَيِّدِي وَصَدَّقَهُ الْمَجْرُوحُ وَكَذَّبَهُ السَّيِّدُ قُدِّمَ السَّيِّدُ صَوْنًا لِمَالِهِ وَخُيِّرَ بَيْنَ الْفِدَاءِ بِدِيَةِ الْجُرْحِ وَيَبْقَى فِي يَدِهِ عَبْدًا أَوْ يُسْلِمُهُ فَيُقْتَصُّ مِنْهُ وَيَكُونُ حُرًّا فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِنْ أَقَرَّ الْعَبْدُ بِمَا يَلْزَمُهُ فِي جَسَدِهِ قُتِلَ بِخِلَافِ الْمَالِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْحُدُودِ بَسْطُ هَذَا الْفَرْعِ فَرْعٌ قَالَ إِنْ جَنَى الْمُكَاتَبُ وَأَدَّى جَمِيعَ الْعَقْلِ بَقِي على كِتَابَته وَإِلَّا عَجَزَ وَخُيِّرَ سَيِّدُهُ فِي فِدَائِهِ وَإِسْلَامِهِ وَعَجْزُهُ عَنِ الْأَرْشِ مِنْ قَبْلِ الْقَضَاءِ وَبَعْدَهُ سَوَاءٌ وَإِنْ قَوِيَ عَلَى الْحَالِ مِنَ الْكِتَابَةِ دُونَ حَالِ الْأَرْشِ فَقَدْ عَجَزَ وَلَا يُنَجَّمُ عَلَيْهِ الْأَرْشُ كَقِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ بِخِلَافِ الْعَاقِلَةِ لِأَنَّهَا غَيْرُ جَانِيَةٍ فَإِنْ عَجَزَ عَنِ الْأَرْشِ وَأَدَّاهُ السَّيِّدُ فَقَدْ عَجَزَ وَإِنْ جَنَى عَلَى سَيِّدِهِ فَلَمْ يُعَجِّلْ لَهُ الْأَرْشَ عَجَزَ وَالْأَرْشُ أَقْوَى لِتَحَقُّقِ سَبَبِهِ وَالْكِتَابَةُ لُطْفٌ بِالْعَبْدِ لَا مُعَاوَضَةً مُحَقَّقَةً وَلَهُ دَفْعُ أُمِّ وَلَدِهِ فِي جِنَايَتِهِ إِنْ خَافَ الْعَجْزُ كَبَيْعِهَا فِي عَجْزِهِ وَإِنْ صَالَحَهُ أَوْلِيَاءُ جِنَايَةِ الْعَبْدِ عَلَى مِائَةٍ فَلَمْ يُؤَدِّهَا حَتَّى عَجَزَ فَإِنْ ثَبَتَتْ خُيِّرَ فِي إِسْلَامِهِ وَافْتِدَائِهِ بِالْأَقَلِّ مِنَ الْمِائَةِ أَوْ قِيمَةِ الْأَرْشِ وَإِنْ أَقَرَّ بِقَتْلٍ فَصُولِحَ عَلَى مَالٍ امْتَنَعَ قَتْلُهُ فِي الْعَمْدِ لِإِقْرَارِهِ فَإِنْ لَمْ يَقْتَصُّوا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِي مَالِهِ شَيْءٌ وَلَا فِي رَقَبَتِهِ إِنْ عَجَزَ وَإِنْ أَقَرَّ بِقَتْلٍ خَطَأٍ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ عَجَزَ أَوْ عُتِقَ لِأَنَّهُ مَالٌ لَا يُلْزَمُ أَوْ بِدَيْنٍ لَزِمَ ذِمَّتَهُ عِتْقٌ أَوْ رِقٌّ وَإِنْ قَتَلَ

رَجُلًا عَمْدًا لَهُ وَلِيَّانِ فَعَفَا أَحَدُهُمَا فَإِنْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ لِلْآخَرِ نِصْفَ الدِّيَةِ وَإِلَّا عَجَزَ وَخُيِّرَ سَيِّدُهُ فِي إِسْلَامِ نِصْفِهِ أَوِ افْتِدَائِهِ بِنصْف الدِّيَة وَلَا شَيْء لعافي إِلَّا أَنْ يَزْعُمَ أَنَّهُ عَلَى الدِّيَةِ وَيَهْتَدِفُ إِلَى ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَإِنْ جَنَى ثُمَّ عُتِقَ بِالْأَدَاءِ قَبْلَ الْقِيَامِ عَلَيْهِ فَلَا عِتْقَ لَهُ إِلَّا أَنْ يُؤَدِّيَ الْجِنَايَةَ حَالَّةً وَإِلَّا رُقَّ وَخُيِّرَ سَيِّدُهُ فِي فِدَائِهِ أَوْ يُسْلِمُهُ وَيُؤَدِّي مَعَهُ مَا اقْتَضَى مِنْ نَجْمٍ بَعْدَ الْجِنَايَةِ لِأَنَّ الْخُرُوجَ مِنَ الرِّقِّ فَرْعُ الْخُرُوجِ مِنَ الْجِنَايَةِ لِقُوَّةِ سَبَبِهَا وَتَعَلُّقِهَا بِلَا رَقَبَة وَإِنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَجِنَايَةٌ خَطَأٌ فَمَالُهُ لِلدَّيْنِ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ فِي رَقَبَتِهِ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَهُوَ لِأَهْلِ الْجِنَايَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَيْنٌ فَالْمَالُ لِلْجِنَايَةِ دُونَ السَّيِّدِ إِلَّا أَنْ يَدْفَعَ الْأَرْشَ وَالْعَبْدُ مِثْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ مَالًا بَطَلَ الدَّيْنُ وَإِنْ حَدَثَ لِلْمُكَاتَبِ وَلَدٌ فِي الْكِتَابَةِ لَمْ يَلْزَمِ الْوَلَدَ دَيْنٌ وَلَزِمَتْهُ الْجِنَايَة فِي حَيَاة الْأَب وَإِن عَجَزَ الْأَبُ لِيُخَلِّصَ نَفْسَهُ مِنَ الرِّقِّ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِأَبِيهِ فَإِنْ لَمْ يُؤَدِّهَا عَجَزَ قَالَ غَيْرُهُ وَكَذَلِكَ الدَّيْنُ إِذَا لَمْ يُؤَدِّهِ الْوَلَدُ عَجَزَ إِذْ لَا تُؤَدَّى كِتَابَةٌ قَبْلَ دَيْنٍ وَإِلَّا فَإِنْ عَجَزَ أَسْلَمَ السَّيِّدُ الْجَانِيَ وَحْدَهُ أَوْ فَدَاهُ وَالدَّيْنُ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ قَالَ غَيْرُهُ وَإِنْ أَدَّى الْوَلَدُ الدَّيْنَ وَالْجِنَايَةَ وَعُتِقَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى أَبِيهِ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ خَلَّصَ نَفْسَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ مَاتَ الْأَبُ قَبْلَ الْقِيَامِ عَلَيْهِ وَلَمْ يَتْرُكْ مَالًا بَطَلَتِ الْجِنَايَةُ وَالدَّيْنُ وَلَمْ يَلْزَمَا الْوَلَدَ (وَهُوَ عَدِيمٌ) إِنَّمَا كَانَ لِلْأَبِ مَعُونَةُ مَالِ الْوَلَدِ فِي خَوْفِ الْعَجْزِ فِي حَيَاتِهِ فَإِنْ طُولِبَ الْأَبُ وهوعديم فَاخْتَارَ الْوَلَد أَدَّاهَا وَتَمَادَى عَلَى الْكِتَابَةِ فَلَمْ يُؤَدِّهَا حَتَّى مَاتَ الْأَبُ لَزِمَتْهُ وَإِنْ مَاتَ مَكَاتَبٌ مَدْيُونًا وَتَرَكَ عَبْدًا قَدْ جَنَى قَبْلَ مَوْتِهِ أَوْ بَعْدَهُ فَالْجِنَايَةُ أَوْلَى بِالْعَبْدِ لِتَعَلُّقِهَا بِرَقَبَتِهِ إِلَّا أَنْ يَفْتَكَّهُ الْغُرَمَاءُ بِالْأَرْشِ وَكَذَلِكَ عَبْدُ الْحُرِّ الْمِدْيَانُ وَمن جني

مَالًا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَيْسَ لَهُ إِلَّا عَبْدٌ اشْتَرَكَ فِيهِ الْجِنَايَةُ وَالدَّيْنُ لِلُزُومِهِمَا فِي الذِّمَّةِ فِي التَّنْبِيهَاتِ قَوْلُهُ أَرْشُ الْجِنَايَةِ حَالٌّ مَعْنَاهُ إِذَا كَانَتْ قَتْلَ نَفْسٍ فَالدِّيَةُ حَالَة بِخِلَاف الْحَد وَقِيلَ فِي الْعَبْدِ يَفْدِيهِ سَيِّدُهُ فِي قَتْلِ الْخَطَأِ بِالدِّيَةِ إِنَّهَا تُنَجَّمُ عَلَيْهِ وَيَلْزَمُ ذَلِكَ فِي الْمُكَاتَبِ إِنْ عَجَزَ عَنْهَا حَالَّةً وَفَدَاهُ سَيِّدُهُ تُنَجَّمُ عَلَى السَّيِّدِ وَإِنْ لَمْ تُنَجَّمْ عَلَى الْمُكَاتَبِ لِأَنَّ فِي تَنْجِيمِهَا عَلَى الْمُكَاتَبِ وَالْعَبْدِ إِضْرَارَ السَّيِّدِ إِذْ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُؤَدِّيَ إِلَيْهِ مِنَ الْكِتَابَةِ شَيْئًا حَتَّى يُؤَدِّيَ الْجِنَايَةَ وَتَأْخِيرُ الْكِتَابَةِ ثَلَاثَ سِنِينَ ضَرَرٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قِيلَ إِنْ أَدَّى عَنْهُ سَيِّدُهُ الْأَرْش على أَن لَا يَرْجِعَ بِمَا أَدَّى بَقِيَ عَلَى حَالِهِ مُكَاتَبًا لِأَنَّ الْجِنَايَةَ سَقَطَتْ وَعَلَى أَنْ يَتْبَعَهُ فَعَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرَى أَنَّهُ يُعْجِزُ عَبْدَهُ عَنِ الْكِتَابَةِ يَرْجِعُ لَهُ الْعَبْدُ رِقًّا وَإِنْ بَاعَ أُمَّ وَلَدِهِ مِنْ غَيْرِ خَوْفِ الْعَجْزِ فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ إِذَا عُتِقَ قِيلَ يَنْبَغِي أَن ير البيع إِلَّا أَن يفوت بِغَيْر حُرِّيَّةٍ فَيَمْضِي ذَلِكَ فِيهَا لِأَنَّ غَايَتَهَا الْعِتْقُ وَقَدْ حَصَلَ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا لَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ لَا يُرَدُّ الْبَيْعُ قَالَ أَشْهَبُ عَجْزُ الْمُكَاتَبِ عَنْ دِيَتِهِ كَعَجْزِهِ عَنِ الْأَرْشِ يُبْطِلُ الْكِتَابَةَ وَيُتَّبَعُ بِذَلِكَ فِي ذِمَّتِهِ وَخَالَفَهُ مُحَمَّدٌ لِأَنَّ الْعَبْدَ الْمَدِينَ الْعَاجِزَ عَنِ الدَّيْنِ يَصح أَن يُكَاتب وَلَا تصح مُكَاتبَته وَفِي عتقه جِنَايَةٌ وَإِنْ قَلَّتْ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ إِنْ أَدَّى كِتَابَتَهُ فَقَامَ غُرَمَاؤُهُ لِطَلَبِ مَا أَدَّى لَا سَبِيلَ لَهُمْ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَأْخُوذُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ قَالَ التُّونُسِيُّ اخْتُلِفَ فِي وَلَدِهَا يُولَدُ بَعْدَ الْجِنَايَةِ هَلْ يُسَلَّمُ مَعَهَا أَمْ لَا قَالَ فَإِنْ قِيلَ إِذَا جَنَى وَلَدٌ فِي الْكِتَابَةِ وَهُمْ لَيْسُوا حُمَلَاءَ بِالدَّيْنِ فَيُؤَدِّي الدّين

من خرجه وَيُؤَدُّونَ هُمُ الْكِتَابَةَ الَّتِي هُمْ حُمَلَاؤُهَا وَيَبْقَى عَلَيْهِ الدَّيْنُ فِي ذِمَّتِهِ فَإِنْ أَدَّاهُ مِنْ خَرَاجِهِ وَإِلَّا اتُّبِعَ بِهِ قِيلَ يَلْزَمُ إِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَدَاءِ الْجِنَايَةِ الَّتِي جَنَاهَا هُوَ إِذا عجز عَنْهَا لَا يؤدوا مَعهَا لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا تَحَمَّلُوا الْكِتَابَةَ فَسُلِّمَ هُوَ فِي الْجِنَايَةِ وَيُحَطُّ عَنْهُمْ مَا يَنُوبُهُ مِنَ الْكِتَابَةِ وَيُؤَدُّونَ الْبَقِيَّةَ أَوِ الْكِتَابَةَ كُلَّهَا إِنْ تَعَذَّرَ إِسْلَامُهَا بِمَوْتِهِ وَيُعْتَقُونَ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنْ جَنَى أَحَدُ الْمُكَاتَبَيْنِ عَلَى أَجْنَبِيٍّ فَأَدَّى الْجِنَايَةَ بَقِيَ عَلَى الْكِتَابَةِ فَإِنْ أَدَّاهَا عُتِقَ وَلَا تراجع بَينهمَا أَو أدهاها الْآخَرُ لِعَجْزِ الْجَانِي ثُمَّ أَدَّيَا الْكِتَابَةَ رَجَعَ عَلَى الْجَانِي بِمَا أَدَّى عَنْهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ فَلَا يَرْجِعُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيَرْجِعُ عِنْدَ أَشْهَبَ كَمَا لَوْ أُدِّيَ عَنْهُ دَيْنٌ فَإِنْ كَانُوا أَخَوَيْنِ وَأَجْنَبِيًّا فَجَنَى أَحَدُهُمَا عَلَى الْأَجْنَبِيِّ فَأَدَّى الْجِنَايَةَ وَهُوَ يَقْوَى عَلَى الْكِتَابَةِ لَمْ يَرْجِعْ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَإِنْ أَدَّاهَا أَخُوهُ وَأَدَّوُا الْكِتَابَةَ فَلَا رُجُوعَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ " لِأَنَّهُ فَكَّ رَقَبَتَهُ مِنَ الرِّقِّ أَوْ أَدَّى الْأَجْنَبِيُّ رَجَعَ عَلَى الْجَانِي فَإِنْ أَدَّوُا الْكِتَابَةَ وَعُتِقُوا فَأَيْسَرَ غَيْرُ الْجَانِي رَجَعَ عَلَيْهِ بِنِصْفِ الْجِنَايَةِ لِأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُشَارِكَهُ لِتَسَاوِيهِمَا فِي الْحَمَالَةِ فَإِنْ أَيْسَرَ الْجَانِي بَعْدَ ذَلِكَ رَجَعَا عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ وَيَرْجِعُ الآخر هَا هُنَا وَهُوَ مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ لِأَنَّ عَدَمَ الْأَخِ وَقَعَ بَعْدَ عِتْقِ الْجَانِي فَإِنْ أَيْسَرَا مَعًا وَالْجَانِي عَدِيمٌ فَأَدَّيَا الْجِنَايَةَ رَجَعَ الْأَجْنَبِيُّ دُونَ الْأَخِ لِأَنَّ بِالْأَدَاءِ فَكُّ رَقَبَتِهِ وَلَا رُجُوعَ لِأَجْنَبِيٍّ بَعْدَ الْعِتْقِ لِتَسَاوِيهِمَا فِي الْغُرْمِ قَالَ وَيلْزم على هَذَا لَو لم يجد أَحَدَهُمْ وَأَدَّى الْأَجْنَبِيُّ الْكِتَابَةَ لِعَجْزِهِ عَنْهَا ثُمَّ وُجِدَ أَحَدُ الْأَخَوَيْنِ مُوسِرًا أُخِذَ مِنْهُ قَدْرَ مَا أَدَّى عَنْهُ وَإِنْ قَتَلَ مُكَاتَبٌ مُكَاتَبًا مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ غُرِّمَ قِيمَتَهُ فَإِنْ وَفَّتِ الْكِتَابَةُ عُتِقَ بِهَا الْجَانِي وَالْفَاضِلُ لِلسَّيِّدِ وَيَرْجِعُ السَّيِّدُ عَلَى الْجَانِي بِقَدْرِ مَا عُتِقَ مِنْهُ من الْقيمَة كَانَا أجنبيين أَو قرَابَة وَإِنْ كَانَ أَخُوهُ فَلَا يَرِثُ مِنَ الْقِيمَةِ لِأَنَّهَا كَدِيَةِ الْعَمْدِ لَا يَرِثُ الْقَاتِلُ إِذَا عَفَا عَنْهُ وَلَا مِنَ الْمَالِ وَإِنْ كَانَ

الْقَتْلُ خَطَأً أَخَذَ الْقَاتِلُ بَقِيَّةَ مَالِهِ إِنْ كَانَ يَرِثُ وَغُرِّمَ قِيمَتَهُ وَاتَّبَعَهُ السَّيِّدُ بِقَدْرِ مَا عُتِقَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُغَرَّمُ الْأَخُ قِيمَةَ الْمَقْتُولِ فَإِنْ كَانَتْ مِائَةً وَبَقِيَّةُ الْكِتَابَةُ مِائَةً وَتَرَكَ الْمَقْتُولُ مِائَةً أَدَّى الْقِيمَةَ فَيُعْتَقُ بهَا وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ السَّيِّدُ بِخَمْسِينَ إِنْ تَسَاوَيَا فِي الْأَدَاء وَأخذ الْأَخ مائَة تَركه الْمَقْتُول إِن كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً لِأَنَّهُ يَرِثُهُ مِنْ مَالِهِ لَا من دِيَته فَحَمله غُرْمِ الْقَاتِلِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خَمْسُونَ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُؤَدِّي بَقِيَّةَ الْكِتَابَةِ مِنَ الْقِيمَةِ الَّتِي غرمها الْجَانِي من مَالِهِ فَيُؤْخَذُ مِنَ الْقِيمَةِ خَمْسُونَ وَمِنَ التَّرِكَةِ خَمْسُونَ يُدْفَعُ فِي الْكِتَابَةِ ثُمَّ يَرْجِعُ السَّيِّدُ عَلَيْهِ بِالَّذِي عُتِقَ بِهِ مِنَ الْقِيمَةِ هُوَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَيَأْخُذُ السَّيِّدُ الْخَمْسِينَ الْبَاقِيَةَ مِنَ الْقيمَة وَيَأْخُذ الْمكَاتب الْخمسين الْبَاقِيَة من المَال فَإِن كَانَ مَعَهُمَا أَخٌ ثَالِثٌ وَالْقَتْلُ خَطَأٌ فَغُرِّمَ قِيمَتَهُ وَوَفَّتِ الْكِتَابَة وردع الْأَخُ عَلَيْهِ بِقَدْرِ مَا عُتِقَ بِهِ مِنَ الْقِيمَةِ فَكَانَ مَا تَرَكَ الْمَقْتُولُ بَيْنَهُمَا إِنْ كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً وَإِنْ كَانَ عَمْدًا فَذَلِكَ للَّذي يقتل فَإِن كَانَ الْقَتِيل عَدِيمًا وَلَيْسَ مَعَهُمَا أَخٌ ثَالِثٌ رُقَّ إِنْ كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا وَإِلَّا عُتِقَ فِيمَا تَرَكَ كَأَنَّهُ أَدَّاهُ مِنْ عِنْدِهِ وَرَجَعَ عَلَيْهِ السَّيِّدُ بِقَدْرِ مَا عُتِقَ بِهِ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا أَخٌ ثَالِثٌ وَالْجَانِي عَدِيمٌ وَتَرَكَ الْمَقْتُولُ مَالا فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَقَ الْقَاتِلُ بِمَالِ الْمَقْتُولِ إِنْ كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا وَيُعْتَقُ بِهِ الْأَخُ الَّذِي لَمْ يَجْنِ وَيُرَقُّ الْقَاتِلُ فَإِمَّا أَنْ يَدْفَعَهُ سَيِّدُهُ لِأَخِيهِ يُبَاعُ عَلَيْهِ وَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ أَوْ يُقَدَّمُ بِقِيمَةِ الْمَقْتُولِ فَيَكُونُ عَبْدًا لِلسَّيِّدِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا جَنَى الْمُكَاتَبُ وَأَدَّى الْجِنَايَةَ بِمَا فِي يَدِهِ وَبَقِيَ مَا يُرْجَى أَنْ يَسْعَى فِيهِ أَرَى أَنْ يَسْعَى حَتَّى يُؤَدِّيَ الْكِتَابَةَ وَلَا يَكُونُ لَهُ تَعْجِيزُ نَفْسِهِ وَكَذَلِكَ إِنْ بَقِيَ مَا إِنْ تَلَوَّمْ لَهُ رُجِيَ لَهُ الْقُدْرَةُ عَلَى السَّعْيِ وَإِنْ لَمْ يُرْجَ لَهُ ذَلِكَ عَجَزَ وَخُيِّرَ سَيِّدُهُ وَلَا أَرَى أَنْ يُمَكَّنَ مِنْ تَعْجِيزِ نَفْسِهِ إِلَّا بَعْدَ كَشْفِ السُّلْطَانِ لِمَا عِنْدَهُ وَإِنْ لَمْ يَنْظُرْ قُوَّتَهُ مِنْ ضَعْفِهِ حَتَّى أَدَّى الْجِنَايَةَ ثُمَّ بُيِّنَ أَنَّهُ كَانَ غَيْرَ قَادِرٍ عَلَى الْجَمِيعِ مَضَى فِعْلُهُ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَخْتَارُ

إِلَّا بَقَاءَهُ مِنْ غَيْرِ غُرْمٍ عَلَيْهِ وَحَيْثُ يَرُدُّ السَّيِّدُ مَا أَخَذَ مِنَ الْكِتَابَةِ إِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ خَرَاجِهِ فَإِنْ كَانَ مِنْ خرجه فَمَنْ قَالَ هُوَ مَمْلُوكٌ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مِنْ يَوْمِ جَنَى أَسْلَمَ خَرَاجَهُ وَمَنْ قَالَ غَيْرُ مَمْلُوكٍ لَمْ يُسْلِمْهُ وَإِطْلَاقُ الْكِتَابِ يَصِحُّ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَإِنْ جَنَى عَلَى الْمُكَاتَبِ أَخَذَ السَّيِّدُ الْأَرْشَ وَلَيْسَ لِلْمَكَاتِبِ أَخْذُهُ لِيَتَّجِرَ فِيهِ لِأَنَّهُ ثَمَنُ رَقَبَتِهِ فَإِنْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ كَفَافَ الْكِتَابَة كَانَ حرا أَو فِيهَا فَضْلٌ أَخَذَهُ الْمُكَاتَبُ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا الْكِتَابَةُ أَوْ أَقَلَّ مِنَ الْكِتَابَةِ حَاسَبَهُ بِهِ مِنْ آخِرِ نَجْمٍ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ أَوَّلِ نَجْمٍ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَ ذَلِك لَهُ فغن قَتَلَ وَفِي الْقِيمَةِ فَضْلٌ عَنِ الْكِتَابَةِ وَمَعَهُ وَلَدٌ فِي الْكِتَابَةِ فَهُوَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَفِ بِالْكِتَابَةِ حَاسَبَ السَّيِّدُ بِهَا الْوَلَدَ مِنْ آخِرِ النُّجُومِ وَإِذَا قَتَلَ قَوْمٌ عَبْدًا لَا كِتَابَةَ فِيهِ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ وَالتَّدْبِيرَ وَالْعِتْقَ إِلَى أجل أَو مُعتق بَعْضُهُ سَقَطَ حُكْمُهَا مَعَ الْقَتْلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهُ مُكَاتَبًا أَكْثَرَ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى بَيْعِهِ مُكَاتَبًا فَإِنْ شَجَّ مُوَضِّحَةً فَنِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ مُكَاتَبًا الْآنَ لِأَنَّ جُرْحَهُ لَا يُبْطِلُ حُكْمَ الْكِتَابَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْجُرْحِ تَسْمِيَةُ قوم مَا نَقصه فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِنْ قَتَلَ مُكَاتَبُهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً وَمَعَهُ وَلَدٌ قَاصُّوا السَّيِّدَ بِقِيمَتِهِ فِي آخِرِ نُجُومِهِمْ وَيَسْعَوْنَ فِيمَا بَقِيَ فَإِنْ وَفَّى ذَلِكَ بِالْكِتَابَةِ عُتِقُوا أَوْ فَضَلَ أَخَذُوهُ بِالْمِيرَاثِ كَاتَبَ عَلَيْهِمْ أَوْ حَدَّثُوا فِي الْكِتَابَةِ وَكَذَلِكَ إِنْ قَتَلَهُ أَجْنَبِيٌّ فَأَخَذَ السَّيِّدُ قِيمَتَهُ قَاصَصً بِهَا كَمَا تَقَدَّم فَإِنْ شَجَّهُ السَّيِّدُ مُوَضِّحَةً قَاصَّهُ السَّيِّدُ فِي آخِرِ نُجُومِهِ بِنِصْفِ عُشْرِ قِيمَتِهِ مُكَاتَبًا عَلَى حَالِهِ فِي أَدَائِهِ أَوْ قُوَّتِهِ أَوْ جُرْحِهِ احْتُسِبَ لَهُ بِذَلِكَ آخِرُ كِتَابَتِهِ وَكَذَلِكَ الْمُكَاتَبَةُ تَلِدُ فِي كِتَابَتِهَا وَلَدًا فَيَقْتُلُهُ السَّيِّدُ يُغَرَّمُ قِيمَتَهُ فَإِنْ وَفَّى الْكِتَابَةَ عُتِقَتْ أَوْ فَضَلَ أَخَذَتِ الْأُمُّ مِنْهُ مِيرَاثَهَا وَإِنْ قَتَلَ

الْمُكَاتَبُ وَمَعَهُ أَخُوهُ أَوْ أَبُوهُ أَوْ وَلَدُهُ فَعَجَّلَ السَّيِّدُ قِيمَتَهُ حُسِبَتْ مِنْ آخَرِ النُّجُومِ لِاحْتِمَالِ الْعَجْزِ فَإِنْ وَفَّتْ عُتِقُوا فِيهَا وَلَا تَرَاجُعَ بَيْنَهُمْ أَوْ فَضَلَ فَلِلْوَرَثَةِ الَّذِينَ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ مِيرَاثًا وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ السَّيِّدُ هُوَ الْجَانِي وَلَا شَيْءَ لِغُرَمَاءِ الْمُكَاتَبِ أَوِ الْعَبْدِ مِنْ قِيمَتِهِمَا قَتَلَهُمَا أَجْنَبِيٌّ أَوِ السَّيِّدُ وَلَا فِي شَيْءٍ مِنْ قِبَلِ رَقَبَتِهِمَا مِنْ جُرْحٍ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا لَا يَدْخُلُونَ فِي ثَمَنِ الْعَبْدِ إِنْ بِيعَ وَالدَّيْنُ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِمَا وَعَلَى قَاتِلِ الْمُكَاتَبِ قِيمَتُهُ عَبْدًا مُكَاتَبًا فِي قُوَّةِ مِثْلِهِ عَلَى الْأَدَاءِ وَضَعْفِهِ وَلَا يُنْظَرُ إِلَى قِلَّةِ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ أَوْ كَثِيرِهِ لِأَنَّ يَسِيرَ الْبَاقِي يُرَقُّ مَعَ الْعَجْزِ وَإِنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ وَأَمَتَهُ زَوْجَيْنِ فِي كِتَابَةٍ فَحدث فهما وَلَدٌ فَجُنِيَ عَلَى الْوَلَدِ مَا قِيمَتُهُ أَكْثَرُ مِنَ الْكِتَابَةِ فَلِلسَّيِّدِ تَعْجِيلُ الْكِتَابَةِ وَيُعْتَقُونَ وَالْفَاضِلُ لِلْوَلَدِ وَلَا يُرْجَعُ عَلَى الْوَرَثَةِ لِأَنَّهُ قَدِ أرقا بهما وَأَمَّا مَا اكْتَسَبَهُ الِابْنُ فَهُوَ لَهُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى مَعَهُمْ وَيُؤَدِّيَ فِي الْكِتَابَةِ عَلَى قَدْرِ قُوَّتِهِ وَلَا يَأْخُذُ الْأَبَوَانِ مَالَهُ إِلَّا أَنْ يَخَافَا الْعَجْزَ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ لِلْأَبَوَيْنِ مَالٌ وَخَافَ الْوَلَدُ الْعَجْزَ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ حِمَالَةٌ بَيْنَهُمْ وَإِنْ جَنَى عَبْدُ الْمُكَاتَبِ فَلَهُ إِسْلَامُهُ وَفِدَاؤُهُ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ وَإِنْ قَتَلَ الْمُكَاتَبُ عَبْدَهُ فَلِلسَّيِّدِ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْهُ فِي النَّفْسِ وَالْجُرْحِ بِأَمْرِ الْإِمَامِ فَإِنْ كَانَ مَعَهُ فِي كِتَابَته ولد فَهَل مِثْلُ مَا لِلسَّيِّدِ فِي النَّفْعِ بِمَالِهِ فَإِنِ اجْتَمَعَا عَلَى الْقِصَاصِ قَتْلًا وَمَنْ أَبَى فَلَا قَتْلَ لِلثَّانِي كَعَفْوِ أَحَدِ الْوَلِيَّيْنِ فَإِنْ صَارَ العَبْد للْوَلَد بِالْأَدَاءِ أَو السَّيِّد بِالْعَجزِ لم يكن للعافي الْقَاتِل إِنْ صَارَ إِلَيْهِ وَإِنْ صَارَ لِمَنْ أَرَادَ الْقَتْلَ مِنْهُمَا مِنْ وَلَدٍ أَوْ سَيِّدٍ فَلَهُ الْقَتْلُ وَإِنْ قَتَلَ الْمُكَاتَبُ رَجُلًا فَعَفَا الْوَلِيُّ عَلَى اسْتِرْقَاقِهِ بَطَلَ الْقَتْلُ وَعَادَتْ كَالْخَطَأِ وَقِيلَ لِلْمَكَاتِبِ لِذَا الدِّيَةُ حَالَّةٌ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ خُيِّرَ السَّيِّدُ فِي إِسْلَامِهِ وَفِدَائِهِ بِالدِّيَةِ وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ إِذَا قَتَلَ رَجُلًا عَمْدًا فَعَفَا عَنْهُ الْوَلِيُّ عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ خُيِّرَ سَيِّدُهُ فَإِنْ جَنَى مَكَاتِبٌ عَلَى عَبْدٍ لِلسَّيِّدِ أَوْ مَكَاتِبٍ آخَرَ لِسَيِّدِهِ

مَعَهُ فِي كِتَابَتِهِ أَمْ لَا عَجَّلَ قِيمَتَهُ لِلسَّيِّدِ فَإِنْ عَجَزَ رَجَعَ رَقِيقًا وَسَقَطَ ذَلِكَ عَنْهُ وَكَذَلِكَ مَا اسْتَهْلَكَهُ لَهُ لِأَنَّهُ أَحْرَزَ مَالَهُ بِخِلَافِ الْعَبْدِ يَجْنِي عَلَى السَّيِّدِ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَضْمَنُ لِسَيِّدِهِ مَا اسْتَهْلَكَهُ فِي التَّنْبِيهَاتِ فِي تَقْوِيمِ الْمُكَاتَبِ مُكَاتَبًا كَمَا تَقَدَّمَ أَوْ عَبْدًا قَوْلَانِ قَالَ سَحْنُونٌ بَلْ عَبْدًا وَذَكَرَهُ فِي الْكِتَابِ حَالَةَ وَهَبَهُ مَعْنَاهُ إِنْ كَانَتْ فِي يَدِهِ صِنَاعَةٌ يَكُونُ بِهَا مَاهِرًا أَو تأخرا فِي النكت قَالَ أَشهب إِن قتل السد وَلَدَ الْمُكَاتَبَةِ وَفِي قِيمَتِهِ فَضْلٌ عَلَى الْكِتَابَةِ أَخَذَتِ الْأُمُّ ثُلُثَ الْفَاضِلِ مِيرَاثًا وَسَقَطَ عَنِ السَّيِّد ثُلُثَاهُ إِن كَانَت الْجِنَايَة خطأ أَو عمدا لم تسْقط وَغُرِّمَ الْجَمِيعَ وَيَكُونُ فَضْلُ ذَلِكَ لِأَوْلَى النَّاسِ بِهِ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْقَيِّمَةَ الَّتِي تَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ كَالدِّيَةِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَرِثَ السَّيِّدُ مِنْهَا شَيْئًا بَلِ الْفَاضِلُ لِأَوْلَى النَّاسِ بَعْدَ السَّيِّدِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ جَنَى الْمُكَاتَبُ فَقِيلَ لَهُ أَدِّ الْجِنَايَةَ فَقَالَ مَا عِنْدِي (فَقَدْ عَجَزَ وَخُيِّرَ سَيِّدُهُ بَيْنَ إِسْلَامِهِ وَافْتِدَائِهِ عَبْدًا وَإِنْ قَالَ مَا عِنْدِي الْآنَ لَكِنْ بَعْدَ أَيَّامٍ لَا يُرَقُّ إِلَّا بِالسُّلْطَانٍ يَقُولُ لَهُ إِنْ أَدَّيْتَ هَذَا مِنْ يَوْمِكَ وَشِبْهِهِ وَإِلَّا فَأَنْتَ رَقِيقٌ فَرْعٌ إِنْ قُتِلَ أحد المكاتبين فِي الْكِتَابَة الْوَاحِدَة عَمْدًا أَوْ خَطَأً وَهُمَا أَخَوَانِ أَوْ أَجْنَبِيَّانِ فَلِلسَّيِّدِ الْقِيمَةُ فِي الْخَطَأِ وَيُخَيَّرُ فِي الْعَمْدِ بَين الْقصاص وَالْعَفو عَن أَخْذِ الْقِيمَةِ فَإِنْ أَخَذَهَا فِي عَمْدٍ أَوْ خَطَأٍ (وَفِيهَا وَفَاءٌ بِالْكِتَابَةِ عُتِقَ بِهَا الْجَانِي وَاتَّبَعَهُ السَّيِّدُ بِحِصَّةِ مَا عُتِقَ بِهِ مِنْهَا فِي عَمْدٍ أَوْ خَطَأٍ فَإِنْ) كَانَ أَخًا أَوْ أَجْنَبِيًّا وَلَا يُتَّهَمُ الْجَانِي أَنْ يَكُونَ أَرَادَ تَعْجِيلَ الْعِتْقِ بِالْقِيمَةِ الَّتِي أَدَّى إِنْ كَانَ على أَدَائِهَا قَادر قَبْلَ الْعِتْقِ وَيُعْتَقُ بِهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْجَانِي مَالٌ وَمَعَهُ أَقَلُّ مِنَ الْقِيمَةِ وَلِلْمَقْتُولِ مَال فَلَا

اعتقه فِيمَا تَرَكَ الْمَقْتُولُ إِنْ قَتَلَهُ عَمْدًا لِلتُّهْمَةِ عَلَى تَعْجِيلِ الْعِتْقِ فَإِنْ كَانَتْ كَفَافَ الْكِتَابَةِ عُتِقَ وَاتَّبَعَهُ السَّيِّدُ بِمَا يَنُوبُهُ مِنْهَا وَإِلَّا عَجَزَ وَإِنْ أَدَّاهَا فَلَمْ تَفِ بِالْكِتَابَةِ أَخَذَهَا السَّيِّدُ وَحُبِسَ لَهُ فِي آخِرِ الْكِتَابَةِ وَيَسْعَى الْقَاتِلُ فِيمَا بَقِيَ فَإِنْ أَدَّى وَعُتِقَ رَجَعَ عَلَيْهِ السَّيِّدُ بِمَا كَانَ حَبَسَهُ لَهُ مِنَ الْقيمَة فِي حِصَّته من الْكتاب وَإِنْ كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً أُعْتِقَ الْقَاتِلُ فِي تَرِكَةِ الْمَقْتُولِ كَانَ أَخًا أَوْ أَجْنَبِيًّا لِأَنَّهُ لَا يُتَّهَمُ وَيُرْجَعُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ بِمَا أَدَّى عَنهُ الْمَالِ الَّذِي تَرَكَهُ الْمُكَاتَبُ وَبِقِيمَةِ الْمَقْتُولِ أَيْضًا وَلَا يَرْجِعُ السَّيِّدُ عَلَى الْأَخِ بِمَا عُتِقَ بِهِ من التَّرِكَة لِأَن أَخَاهُ لم يكون يَرْجِعُ عَلَيْهِ لَوْ أَدَّى عَنْهُ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ أَخِيهِ لِأَنَّ الْأَخَ لَا يَرِثُ مِنَ الْقِيمَةِ وَإِنْ قَتَلَ الْمُكَاتَبَ أَجْنَبِيٌّ فَأَدَّى قِيمَتَهُ عُتِقَ فِيهَا مَنْ كَانَ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ وَلَا يُرْجَعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ إِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَجُوزُ لَهُ مِلْكُهُ وَإِنْ جَنَى أَحَدُ الْمُكَاتَبِينَ فِي كِتَابَةٍ فَعَجَزَ عَنِ الْغُرْمِ وَلَمْ يُؤَدِّ مَنْ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ الْأَرْشَ حَالًّا عجز وَإِن لم يحل من نجومهما وَخُيِّرَ السَّيِّدُ فِي الْجَانِي وَحْدَهُ فَإِنْ أَدَّى الَّذِي مَعَه الْأَرْش فَعتق رَجَعَا بِهِ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ فَإِنْ قَتَلَتْ مُكَاتَبَةٌ وَلَدَهَا عَمْدًا لَمْ تُقْتَلْ بِهِ وَلَا يُقَادُ مِنَ الْأَبَوَيْنِ وَلَا يَعْفُو الْمُكَاتَبُ عَنْ قَاتِلِ عَبْدِهِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ إِنْ مَنَعَهُ السَّيِّدُ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ يَحِلُّ بِالْكِتَابَةِ وَيُخَيَّرُ سَيِّدُ الْجَانِي بَيْنَ فِدَائِهِ وَإِسْلَامِهِ رِقًّا وَإِنْ طَلَبَ هُوَ الْقصاص وَعفى سَيِّدُهُ عَلَى أَخْذِ قِيمَةِ الْعَبْدِ فَذَلِكَ لِلسَّيِّدِ دُونَهُ إِلَّا أَنْ يُعَجِّلَ الْمُكَاتَبُ كِتَابَتَهُ فَيَتِمُّ لَهُ مَا شَاءَ مِنْ عَفْوٍ أَوْ قِصَاصٍ وَإِنْ قَتَلَ السَّيِّدُ مُكَاتَبًا لِمُكَاتَبِهِ أَوْ عَبْدًا غُرِّمَ لَهُ قِيمَتَهُ مُعَجَّلًا وَلَا يُقَاصُّهُ بِهَا فِي الْكِتَابَةِ لِأَنَّهُ جَنَى عَلَى مَالٍ لَهُ فَإِنْ كَانَ لِلْمَكَاتِبِ الْأَسْفَلِ وَلَدٌ فِي كِتَابَتِهِ فَلِلْمَكَاتِبِ الْأَعْلَى تَعْجِيلُ تِلْكَ الْقِيمَةِ مِنْ سَيِّدِهِ وَأَخْذُهُ قِصَاصًا مِنْ آخِرِ كِتَابَةِ الْمَقْتُولِ وَيَسْعَى وَلَدُ الْمَقْتُولِ فِيمَا بَقِيَ وَإِنْ كَانَتْ كَفَافًا أُعْتِقُوا أَوْ فَضْلًا أُورِثُوهُ وَإِنْ وَلَدَتِ الْمُكَاتَبَةُ بَعْدَ أَنْ جَنَتْ ثُمَّ مَاتَتْ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْوَلَدِ وَلَا عَلَى السَّيِّدِ وَكَذَلِكَ الْأَمَةُ إِنْ وَلَدَتْ بَعْدَ الْجِنَايَةِ ثُمَّ مَاتَتْ لَا شَيْءَ عَلَى الْوَلَدِ وَلَا عَلَى السَّيِّدِ وَلَوْ لَمْ تَمُتْ لَمْ

تَكُنِ الْجِنَايَةُ إِلَّا فِي رَقَبَتِهَا دُونَ وَلَدِهَا وَلَدَتْهُ قَبْلَ الْجِنَايَةِ أَوْ بَعْدَهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا لَمْ يكن للْأَخ الْقَاتِلِ خَطَأً مَا يُؤَدِّي الْقِيمَةَ أَوْ مَعَهُ بَعْضُهَا عَجَّلَ تَمَامَ الْكِتَابَةِ مِنْ مَالِ الْمَقْتُولِ وَعتق أَو بيع الْقَاتِلُ بِجَمِيعِ الْقِيمَةِ وَبِمَا أَدَّى عَنْهُ مِنْهَا وَإِنْ كَانَ فِي الْقِيمَةِ الَّتِي أَدَّى وَفَاءُ الْكِتَابَةِ فَإِنَّمَا يُؤَدِّي الْكِتَابَةَ مِنْهَا لَا مِنْ مَالِ الْمَقْتُولِ وَإِنْ قَتَلَ أَحَدُ الْأَخَوَيْنِ الْآخَرَ وَلَمْ يَكُنِ السَّيِّدُ قَبَضَ مِنَ الْكِتَابَةِ شَيْئًا وَقِيمَةُ الْمَقْتُولِ مِثْلُ الْكِتَابَةِ فَأَدَّاهَا الْقَاتِلُ وَعُتِقَ رَجَعَ عَلَيْهِ السَّيِّدُ بِمَا عُتِقَ بِهِ مِنْهَا وَهُوَ نِصْفُهَا إِنْ كَانَا فِي الْكِتَابَةِ مُعْتَدِلَيْنِ قَالَ أَشْهَبُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِجَمِيعِهَا لِمَوْتِ أَحَدِ الْمُكَاتَبَيْنَ لِأَنَّهُ لَا يُوضَعُ بِذَلِكَ عَنِ الْبَاقِي شَيْءٌ (قَالَ وَلَا يُعْجِبُنَا لِأَنَّ قِيمَةَ الْمَقْتُولِ عِوَضٌ مِنْهُ فِي النَّفْعِ وَالْمَيِّتُ إِنْ تَرَكَ مَالًا أُدِّيَتْ مِنْهُ الْكِتَابَةُ) قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا قَتَلَ مَكَاتِبٌ مَكَاتِبَهُ وَهُوَ عَدِيمٌ بِيعَ عَلَيْهِ كِتَابَةُ مُكَاتَبِهِ وَيَكُونُ مُكَاتَبًا لِمَنِ اشْتَرَاهُ فَإِنْ عَجَزَتْ كِتَابَتُهُ عَنْ قِيمَةِ الْمَقْتُولِ اتَّبَعَهُ الْمُكَاتَبُ بِذَلِكَ وَهَذَا عَلَى قَوْلِ الْغَيْرِ فِي كِتَابِ أُمَّهَات الْأَوْلَاد إِذا وطىء أَمَةً مُكَاتَبَةً فَحَمَلَتْ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا يُحَاصُّ السَّيِّدُ بِالْكِتَابَةِ فِي الْعُسْرِ فَإِنْ كَانَت عفافا عُتِقَ الْمُكَاتَبُ وَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ اتَّبَعَهُ بِهِ كَمَا قَالَهُ فِي الْأَمَةِ فَرْعٌ فِي النَّوَادِرِ إِن قَتَلَ عَبْدٌ عَبْدًا وَحُرًّا فَاتَّفَقَ الْوَلِيُّ وَالسَّيِّدُ عَلَى الْقِصَاصِ اقْتُصَّ أَوْ عَدَمِهِ خُيِّرَ السَّيِّدُ فِي فدائه أَو اخْتلفَا قدم طَالَبَ الْقَوَدَ وَلَيْسَ كَقَطْعِ الْيَدِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بَين العَبْد وَالْحر قصاص فِي الجراج فَإِذَا قُطِعَ الْعَبْدُ بَقِيَ جُرْحُ الْحُرِّ فِي رقبته فغن قَتَلَ عَشَرَةَ أَعْبُدٍ لِعَشَرَةِ رِجَالٍ قَتَلُوا عَبْدَ رَجُلٍ فَلَهُ قَتْلُهُمْ أَوْ أَخْذُ قِيمَةِ عَبْدِهِ على كل وَاحِد عشرَة قِيمَتِهِ يُؤَدِّيهِ سَيِّدُهُ أَوْ يُسْلِمُهُ وَلَهُ قَتْلُ

الْبَعْضِ وَلَا عِبْرَةَ بِتَفَاوُتِ قِيَمِهِمْ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ أَحَدِهِمْ أَلْفًا فَلَا تُعْتَبَرُ إِلَّا قِيمَةُ الْمَقْتُولِ فَإِنْ قَتَلَ عَبْدٌ وَحُرٌّ عَبْدًا عُوقِبَ الْحُرُّ وَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَلِسَيِّدِ الْمَقْتُولِ الْقَتْلُ أَوْ يَسْتَحْيِيهِ وَيَكُونُ لَهُ فِي رَقَبَتِهِ نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ مُسَلَّمَةً لِسَيِّدِهِ أَوْ يَفْدِيهِ فَرْعٌ قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِنَّمَا نَنْظُرُ إِلَى قِيمَةِ الْجُرْحِ بَعْدَ الْبُرْءِ وَمَا نَقَصَهُ يَوْمَ الْبُرْء وَإِن بَرِيء بِغَيْرِ شَيْنٍ فَلَا شَيْءَ فِيهِ إِلَّا الْأَدَبَ فِي الْعَمْدِ فِي الْحُرِّ وَالْعَبْدِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِم إِن شج عَبْدًا مُوَضِّحَةً فَمَاتَ مِنْ فَوْرِهِ فَلَهُ قِيمَتُهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَإِنْ عَاشَ ثُمَّ مَاتَ حَلَفَ يَمِينا وَاحِدَة لما مَاتَ مِنْهَا وَثلث الْقِيمَةِ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ الْجَارِحِ قَالَ الْمُغِيرَةُ وَلَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى طَلَبِ الشَّجَّةِ وَلَا يَحْلِفُ فَيَفْدِيهِ بِهَا السَّيِّدُ أَوْ يُسْلِمُهُ وَلَهُ تَحْلِيفُ سَيِّدِ الْعَبْدِ الْجَارِحِ أَنَّهُ لَمْ يَمُتْ مِنَ الشَّجَّةِ فَإِنْ نَكَلَ أَسْلَمَهُ أَوْ فَدَاهُ بِقِيمَةِ الْمَيِّتِ وَإِنْ أَقَرَّ الْعَبْدُ أَنَّهُ مِنْهَا مَاتَ فَلَهُ قَتْلُهُ فَإِنِ اسْتَحْيَاهُ خُيِّرَ سَيِّدُهُ وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدٌ أَنَّ عَبْدًا قَطَعَ يَدَ عَبْدٍ فَأَرَادَ السَّيِّدُ الْقِصَاصَ حَلَفَ الْعَبْدُ أَوِ الْعَقْلَ حَلَفَ السَّيِّدُ قَالَهُ الْمُغِيرَةُ وَقَالَ مَالِكٌ بَلِ السَّيِّدُ فِي الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّهُ مَالِكُ الْمَالِ فَرْعٌ قَالَ إِذا أعتق الْمَجْرُوح فغن بَرِيء وَلَمْ يَسْرِ فَلِسَيِّدِهِ مَبْلَغُ ذَلِكَ مِنْ دِيَتِهِ عَبْدًا وَإِنْ زَادَ بَعْدَ الْعِتْقِ فَالزِّيَادَةُ لِلْعَبْدِ عَلَى أَنَّهَا مِنْ دِيَةِ حُرٍّ فَإِنْ زَادَ لِزَوَالِ عُضْوٍ فَلِلْعَبْدِ دِيَتُهُ مِنْ حُرٍّ وَلِسَيِّدِهِ أَرْشُ الْجُرْحِ وَإِنْ بَدَأَتْ بَاضِعَةً لِمُنَقِّلَةٍ بَعْدَ الْعِتْقِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَفِدْ طَرَحَ أَرْشَ الْبَاضِعَةِ مِنْ عَقْلِ مُنَقِّلَةٍ عَنْ حُرٍّ وَالْبَاقِي لِلْعَبْدِ وَإِنْ عُتِقَ بَعْدَ الْجُرْحِ فَتَنَاهَى لِلنَّفْسِ سَقَطَ الْجُرْحُ وَلَا قِصَاصَ لِلسَّيِّدِ وَلَا أَرْشَ وَقَالَ ابْن

الْقَاسِم قيه دِيَةُ حُرٍّ يَرِثُهَا وَرَثَتُهُ بَعْدَ أَنْ يُقْسِمُوا لَمَاتَ مِنْهَا لِأَنَّ الْمَوْتَ وَقَعَ فِي الْحُرِّيَّةِ وَقَالَ أَشْهَبُ دِيَةُ عَبْدٍ تَغْلِيبًا لِلسَّبَبِ وَكَذَلِكَ النَّصْرَانِي يسلم وَإِن أنفذت مقاتله عتق ثُمَّ مَاتَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تَوَارَثَ بِالْحُرِّيَّةِ فرع قَالَ قَالَ ابْن الْقَاسِم إِن كَانَت قِيمَتُهُ يَوْمَ الْجُرْحِ مِائَةً وَيَوْمَ الْمَوْتِ أَلْفًا فَلَيْسَ فِيهِ إِلَّا مِائَةٌ وَكَذَلِكَ إِنْ نَقَصَ وَإِنْ جَنَى عَلَيْهِ ثَانِيًا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَئِذٍ مجروحا وَكَذَلِكَ طرؤ الْجِنَايَاتِ عَلَى الْجِنَايَاتِ فَرْعٌ قَالَ قَالَ مُحَمَّدٌ كل مَا أتلف الْعَبْدُ لَا عَلَى وَجْهِ الْأَمَانَةِ فَفِي رَقَبَتِهِ وَمَا أَتْلَفَهُ عَلَى وَجْهِ الْأَمَانَةِ وَهُوَ صَانِعٌ أَوْ مُودَعٌ أَوْ مُتَّصَعٌ مَعَهُ أَوْ مُسْتَأْجَرٌ عَلَيْهِ فَفِي ذِمَّتِهِ إِلَّا أَنْ يَتَعَدَّى فَفِي رقبته وَلَك مَا لَزِمَ الْعَبْدَ فِي رَقَبَتِهِ لَزِمَ الْيَتِيمَ فِي مَالِهِ وَمَا لَا يَلْزَمُهُ إِلَّا فِي الذِّمَّةِ لَا يَلْزَمُ الْيَتِيمَ فِي مَالِهِ وَلَا فِي ذِمَّتِهِ وَفِي خَدِيعَةِ الْعَبْدِ قَوْلَانِ هَلْ هِيَ فِي الذِّمَّةِ أَوِ الرَّقَبَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِم فِي الْمَأْذُون إِذا أحتل أَمَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فَفِي رَقَبَتِهِ فَرْعٌ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا قَتَلَتْ أَوْ جَرَحَتْ فَبِعْتَهَا فَوَلَدَتْ فَتُقْتَلُ فِي الْعَمْدِ إِنْ كَانَ الْوَلَدُ مِثْلَ الثَّمَنِ فَأَكْثَرَ فَهُوَ فِي الثَّمَنِ (وَلَا شَيْءَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ) وَلَا

لِلْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي الْفَضْلِ أَوْ أَقَلَّ مِنَ الثَّمَنِ رَجَعَ الْمُبْتَاعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالنَّقْصِ وَإِنِ اسْتَحْيَوْهَا خُيِّرُوا بَيْنَ الثَّمَنِ الَّذِي بِيعَتْ بِهِ مِنَ الْبَائِعِ أَوْ أَخَذَ قِيمَتَهَا يَوْمَ الحكم من الْمَيِّت فَإِنْ أَخَذُوا الثَّمَنَ مِنَ الْبَائِعِ فَلَا شَيْءَ لَهُمْ عَلَى الْمُبْتَاعِ أَوِ الْقِيمَةِ مِنَ الْمُبْتَاعِ رَجَعَ الْمُبْتَاعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ كَانَ مَا غرم من الْقيمَة أَكثر أَو أقل بِالِاسْتِحْقَاقِ وَلِلسَّيِّدِ دَفْعُ الدِّيَةِ وَأَخْذُ الثَّمَنِ فَرْعٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَبْدٌ بَيْنَكُمَا جَنَى عَلَى أَحَدِكُمَا يَفْتَكُّ الْآخَرُ نِصْفَهُ بِنِصْفِ الْجِنَايَةِ أَوْ يُسْلِمُهُ أَوْ عَلَى أَحَدِكُمَا أَوْ أَجْنَبِيٍّ فَلِلْأَجْنَبِيِّ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعَبْدِ فَإِنْ شَجَّ كِلَيْكُمَا مُوَضِّحَةً تَسَاقَطَتَا فَرْعٌ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا جَنَى ثُمَّ أَبِقَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُسَلَّمَ آبِقًا لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةُ حَرَامٍ فَرْعٌ قَالَ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إِذَا حَفَرَ حُرٌّ وَعَبْدٌ بِئْرًا فَانْهَارَتْ عَلَيْهِمَا وصف قيمَة السَّيِّد مِثْلُ نِصْفِ دِيَةِ الْحُرِّ أَوْ أَقَلُّ فَلَا تِبَاعَةَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ نِصْفَ دِيَةِ الْحُرِّ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ الذَّاهِبِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ مَال ففضل نصف الدِّيَة فِيهِ وأو نصف قيمَة العَبْد أَكثر فالزائد فِي حَال الْحُرِّ وَالْمُدَبَّرِ وَأُمُّ الْوَلَدِ كَالْعَبْدِ فَرْعٌ قَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إِذَا جَنَى الْعَبْدُ الرَّهْنَ فَفَدَاهُ رَبُّهُ بَقِيَ رَهْنًا أَوْ أَسْلَمَهُ خُيِّرَ الْمُرْتَهِنُ فِي ثَلَاثَة إِسْلَامه وَاتِّبَاع الرَّاهِن بديته أَوْ يَفْدِيهِ فَيَكُونُ مَعَ مَالِهِ

رَهْنًا بِمَا فَدَاهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ سَيِّدُهُ انْتَزَعَهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَهُوَ بِالدَّيْنِ الْأَوَّلِ رَهْنٌ بِغَيْرِ مَالِهِ إِنْ لَمْ يَكُنِ اشْتَرَطَهُ وَلَا يُبَاعُ حَتَّى يَحِلَّ الدَّيْنُ فَإِنْ لَمْ يَفْدِهِ السَّيِّد بِالدّينِ وَالْأَرْش بيع وبدىء بِالْأَرْشِ لِتَعَلُّقِهِ بِالرَّقَبَةِ وَإِنْ فَضَلَ بَعْدَ الدَّيْنِ وَالْأَرْش شَيْء فللسيد أَو يأخذاه لِنَفْسِهِ بِزِيَادَةٍ عَلَى الْجِنَايَةِ قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ فَيَسْقُطُ مِثْلُهَا مِنْ دَيْنِهِ وَيُتْبَعُ السَّيِّدُ بِمَا بَقِيَ مِنَ الدَّيْنِ بَعْدَ إِسْقَاطِ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الزِّيَادَةِ فَإِنْ لَمْ يَفْدِهِ السَّيِّدُ وَإِلَّا أسلمه وَقَالَ الْمُرْتَهن أَفْدِهِ فَفَدَاهُ فَذَلِكَ دَيْنٌ عَلَى الرَّاهِنِ وَلَا يَكُونُ الْعَبْدُ بِهِ رَهْنًا حَتَّى يَقُولَ وَهُوَ بِهِ رَهْنٌ فَإِنْ فَدَاهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ لَمْ يَلْزَمِ السَّيِّدَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا الدَّيْنُ الْقَدِيمُ فَرْعٌ قَالَ سَحْنُونٌ إِن غصب عبدا وَعند الْغَاصِب جَارِيَة وَدفعه لِرَبِّهِ فَجَنَى الْعَبْدُ عِنْدَ الْغَاصِبِ فَقَتَلَ رَجُلًا خطأ ووطىء الْجَارِيَةَ فَلِسَيِّدِهِ تَضْمِينُهُ لِلْغَاصِبِ فَارِغًا بِغَيْرِ جِنَايَةٍ وَيُخَير فِي الْغَاصِبُ فَرْعٌ قَالَ قَالَ سَحْنُونٌ فِي الْأَمَةِ الْمُشْتَركَة يَطَأهَا أَحَدُهُمَا فَتَحْمِلُ وَلَا مَالَ لَهُ فَتَجْنِي فَنِصْفُ الواطىء بِحِسَابِ أُمِّ الْوَلَدِ وَالْآخَرُ يَفْدِي أَوْ يُسْلِمُ فَإِن فدى فَلهُ نصف قيمتهَا على الواطىء أَوْ أُسْلِمَ فَذَلِكَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَيُبَاعُ لَهُ فِيهِ إِلَّا أَنْ يَفْتَدِيَ السَّيِّدُ أَوْ يُسْلِمَ الْمَجْنِي عَلَيْهِ وَلَا يتبع الواطىء بِشَيْء إِلَّا أَن للشَّرِيك اتِّبَاع الواطىء بِنصْف قيمَة الْوَلَد وَيعتق على الواطىء نصفه ويتبغ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ ذَلِكَ النِّصْفَ بِالْأَقَلِّ مِنْ نِصْفِ قِيمَةِ الْجِنَايَةِ أَوْ نِصْفِ قِيمَةِ الرَّقَبَةِ فَرْعٌ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ وَهَبَتْ حَامِلًا أَوْ وَهَبَتَ حَمْلَهَا لِآخَرَ فَجَنَتْ خُيِّرَ مَنْ لَهُ الْأُمُّ فَإِنْ أَسْلَمَهَا فَهِيَ وَحَمْلُهَا لِلْمَجْرُوحِ أَوْ فَدَاهَا فَحَمْلُهَا لِمَنْ وُهِبَتْ لَهُ وَإِنْ تَأَخَّرَ انْتُظِرَ حَتَّى وَضَعَتْ فَالْوَلَدُ لِصَاحِبِهِ وَلَا تَلْحَقَهُ الْجِنَايَةُ وَيُخَيَّرُ صَاحِبُ الْأُمِّ

فَإِنْ أَسْلَمَهَا صَاحِبُ الرَّقَبَةِ حَامِلًا فَقَالَ صَاحِبُ الْوَلَد أَنا افتكها فَذَلِك لَهُ فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ لَا ضَمَانَ عَلَى الطَّبِيبِ وَالْحَجَّامِ وَالْبَيْطَارِ إِنْ مَاتَ حَيَوَانٌ مِمَّا صَنَعَ بِهِ إِنْ لَمْ يُخَالِفُوا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ ضَرَبَ مُعَلِّمُ الْكُتَّابِ أَوِ الصَّنْعَةِ صِبِّيًا مَا يُعْلَمُ أَنَّهُ مِنَ الْأَدَبِ فَمَاتَ لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ ضَرَبَهُ بِغَيْرِ الْأَدَبِ تَعَدِّيًا أَوْ تَجَاوَزَ الْأَدَبَ ضَمِنَ مَا أَصَابَهُ وَكَذَلِكَ الطَّبِيبُ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلِمٌ وَدَخَلَ جُرْأَةً وَيَتَقَدَّمُ إِلَيْهِمْ فِي قَطْعِ الْعُرُوقِ وَنَحْوهَا أَن يقدم أَحَدٌ عَلَى مِثْلِ هَذَا إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ الإِمَام وينهوا عَنِ الْأَشْيَاءِ الْمُخَوِّفَةِ الَّتِي يُتَّقَى فِيهَا الْهَلَاكُ إِلَّا بِإِذن الإِمَام وَأما الْعُرُوق بِالْعِلَاجِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَمَا أَتَى عَلَى يَدِ الطَّبِيبِ مِمَّا لَمْ يَقْصِدْهُ فِيهِ رِوَايَتَانِ يَضْمَنُ لِأَنَّهُ قَتَلَ خَطَأً وَلَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ تَوَلَّدَ عَنْ فِعْلٍ مُبَاحٍ كَالْإِمَامِ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حَارِثٍ إِنْ فَعَلَ الْجَائِزَ فَتَوَلَّدَ عَنْهُ هَلَاكٌ أَوْ فَسَادٌ فَلَا ضَمَانَ أَوْ أَرَادَ فِعْلَ الْجَائِزِ فَفَعَلَ غَيْرُهُ خَطَأً أَوْ جَاوَزَهُ أَوْ قَصَّرَ عَنِ الْجَائِزِ فَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ هَلَاكٌ كَذَلِكَ ضَمِنَ وَمَا خَرَجَ عَنْ هَذَا الْأَصْلِ فَهُوَ مدرود إِلَيْهِ قَالَ عِيسَى مَنْ غَرَّ مِنْ نَفْسِهِ لميضمن ودية ذَلِك على قَاتله كَالْخَطَأِ (قَالَ مَالِكٌ إِنْ سَقَاهُ طَبِيبٌ فَمَاتَ وَسَقَى قَبْلَهُ أَمَةً فَمَاتَتْ لَا يَضْمَنُ وَلَوْ ضَمِنَ لَكَانَ حَسَنًا وَيُقَالُ) لَهُمْ أَيُّ طَبِيبٍ طَبَّ أَوْ بَطَّ فَمَاتَ ضَمِنَ قَالَ مَالِكٌ إِنْ أَمَرَ بِقَطْعِ شَفَةٍ أَوْ يَدٍ قِصَاصًا فَقُطِعَ غَيْرُ ذَلِكَ أَوْ زَادَ فِي الْقِصَاصِ فَهُوَ خَطَأٌ عَلَى عَاقِلَتِهِ إِلَّا دُونَ الثُّلُثِ فَفِي مَالِهِ عَمِلَ ذَلِكَ بِأَجْرٍ أَوْ بِغَيْرِ أجر وَإِن أمره سَيِّدُهُ عَلِمَ أَنَّهُ عَبْدٌ أَمْ لَا وَإِنَ حَفَرَ فِي مِلْكِهِ أَوْ مَا أُذِنَ لَهُ فِي الْحَفْرِ لِمَنْفَعَتِهِ كَقَنَاةِ دَارِهِ

فَأَسْقَطَ جِدَارَ دَارِهِ ضَمِنَهُ وَإِنْ أَوْقَدَ نَارًا عَلَى سَطْحِهِ فِي يَوْمِ رِيحٍ عَاصِفٍ ضَمِنَ مَا أَتْلَفَتْهُ مِمَّا كَانَ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ عِنْدَ وَقُودِهَا وُصُولُهَا إِلَيْهِ وَإِنْ عَصَفَتِ الرِّيحُ بَعْدَ الْوَقُودِ بَغْتَةً فَلَا ضَمَانَ لِعَدَمِ التَّفْرِيطِ وَإِنْ سَقَطَ مِيزَابُهُ فَقُتِلَ فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ كَانَ جِدَارُهُ مَائِلًا لِأَنَّهُ بَنَاهُ مَائِلًا فَهُوَ ضَامِنٌ أَوْ مَالَ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَمْ يَتَدَارَكْهُ مَعَ الْإِمْكَانِ وَالْإِنْذَارِ وَالْإِشْهَادِ وَجَبَ الضَّمَانُ وَإِنْ لَمْ يُنْذِرْ فَفِي الضَّمَانِ خِلَافٌ وَإِنْ رَشَّ الطَّرِيقَ لِتَزْلَقَ فِيهَا دَابَّةٌ ضَمِنَ مَا عَطِبَ أَو تبرد أَو نَحوه وَلم يرد غلا خَيْرًا لَمْ يَضْمَنْ وَفِي النَّوَادِرِ فِعْلُ الدَّابَّةِ وَالْمَجْنُون المطبق وَالصَّبِيّ ابْن سنة وَنَحْوهَا هدر فِي الْأَمْوَال وَتحمل عواقلها فِي الْقَتْل الثُّلُث فاكثر ومأذون الثُّلُثِ يُتَّبَعَانِ بِهِ فِي الْمَالِ وَالذِّمَّةِ قَالَ ابْن الْقَاسِم ويقاد من السَّكْرَانِ بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ لِأَنَّ الْمَعَاصِيَ لَا تَكُونُ أَسْبَابَ الْمُسَامَحَاتِ وَعَن مَالِكٍ إِنْ ضَرَبَ عَبْدَهُ فَعَجَزَ عَنْهُ فَأَمَرَ غَيْرَهُ بِضَرْبِهِ فَمَاتَ لَمْ يضمن وَيكفر وَإِن عدق فِي وَطْءِ بِكْرٍ وَعَلِمَ أَنَّ مَوْتَهَا بَعْدَ قُرْبٍ مِنْ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ وَيُخَيَّرُ أَهْلُهَا وَيُكَفِّرُ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ كَانَ فِيهَا مَحْمَلٌ لِلْوَطْءِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِلَّا ضَمِنَ كَالْحَجَّامِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ خَطَأٌ قَالَ سَحْنُونٌ إِنَّمَا يُخَيِّرُهُمْ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى أَنْ لَا ضَمَانَ بِالْخَطَأِ فِي مَالِهِ قَالَ أَشْهَبُ حَافِرُ الْمِرْحَاضِ إِنْ أَضَرَّ بِالطَّرِيقِ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (الْبِئْرُ جُبَارٌ) وَإِنْ حَفَرَ بِئْرَ مَاشِيَةٍ لِرَجُلٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِ

فَعَطِبَ بِهَا رَجُلٌ لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ حَفْرُهَا وَإِنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي دَارِهِ لِمَصْلَحَتِهِ لَمْ يَضْمَنْ مَا عَطِبَ فِيهَا أَوْ لِيَقَعَ فِيهَا سَارِقٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ ضَمِنَ السَّارِقَ وَغَيْرَهُ أَوْ لِيَقَعَ فِيهَا سَبُعٌ لَمْ يضمن السَّارِق وَلَا غَيره لِأَنَّهُ لَهُ فِعْلَ ذَلِكَ شَرْعًا وَكَذَلِكَ إِنْ رَبَطَ كَلْبًا لِيَعْقِرَ إِنْسَانًا أَوْ لِيَصِيدَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ حَفَرَ فِي دَارِ رَجُلٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِ ضَمِنَ الْحَافِرُ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِي الدَّارِ إِلَّا أَن يعلم صَاحبهَا فَيُخَير أَوْ يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ صَدَاقَةٌ فَهُوَ كَالْإِذْنِ قَاعِدَةٌ أَسْبَابُ الضَّمَانِ ثَلَاثَةٌ الْإِفْسَادُ بِغَيْرِ إِذْنٍ كَإِحْرَاقِ الثَّوْبِ أَوِ التَّسَبُّبِ كَوَقْدِ النَّارِ بِقُرْبِ الزَّرْعِ أَوْ وَضْعِ الْيَدِ غَيْرِ مُؤَمَّنَةٍ كَالْغَاصِبِ وَقَبْضِ الْمَبِيعِ بَيْعًا فَاسِدًا تَنْبِيهٌ ضَمَانُ جِنَايَاتِ الْعَبْدِ عَلَى خِلَافِ الْقَوَاعِدِ غَيْرَ أَنَّ السُّنَّةَ أَتَتْ بِهَا لِأَنَّ الْعَبْدَ قَدْ يَقْصِدُ الْفَسَادَ فَتُؤْخَذُ رَقَبَتُهُ فَيَقَعُ الْإِضْرَارُ بِالسَّيِّدِ وَهُوَ لَمْ يجز وَلَا يَتَأَلَّمُ الْعَبْدُ وَقَدْ جَنَى وَالْقَوَاعِدُ لَا يُعَاقَبُ غَيْرُ الْجَانِي قَاعِدَةٌ الْعَمْدُ وَالْخَطَأُ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ سَوَاءٌ إِجْمَاعًا مِمَّنْ هُوَ مُكَلَّفٌ أَوْ فِيهِ أَهْلِيَّةُ التَّكْلِيفِ كَالتَّمْيِيزِ بِخِلَافِ الرَّضِيعِ فَإِنَّهُ كَالْبَهِيمَةِ قَاعِدَةٌ إِذْنُ الْمَالِكِ الْمَأْذُونِ لَهُ شرعا أَن يَأْذَن مسْقط للضَّمَان وَلِذَلِكَ لَا يَضْمَنُ الْمُودِعُ وَلَا الْمُسْتَعِيرُ فِيمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَا يَضْمَنُ الْمُودِعُ إِذَا حَوَّلَ الْوَدِيعَةَ مِنْ زَاوِيَةِ بَيْتِهِ (إِلَى زَاوِيَةِ بَيْتٍ آخَرَ وَالْإِذْنُ الشَّرْعِيُّ إِذَا عَرِيَ عَنْ إِذْنِ رَبِّ الْمَالِ لَا يَسْقُطُ الضَّمَانُ وَلِذَلِكَ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ أَذِنَ لَهُ الشَّرْعُ فِي التَّصَرُّفِ فِي بَيْتِهِ) وَلَوْ شَالَ شَيْئًا فَسَقَطَ عَلَى الْوَدِيعَةِ ضَمِنَهَا لِانْفِرَادِ الْإِذْنِ الشَّرْعِيِّ لِأَنَّ رَبَّهَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي ذَلِكَ وَكَذَلِكَ فَاتِحُ بَابه فَكسر حَلقَة قلَّة زيته يَضْمَنُ لِانْفِرَادِ الْإِذْنِ الشَّرْعِيِّ وَالصَّائِدُ أُذِنَ لَهُ فِي الصَّيْد فَإِن أفسد بِهِ ضمن لانفرد الْإِذْن الشَّرْعِيّ (والمضطر أُذِنَ لَهُ فِي

الصَّيْدِ فَإِنْ أَفْسَدَ بِهِ ضَمِنَ لِانْفِرَادِ الْإِذْنِ الشَّرْعِيِّ وَالْمُضْطَرُّ أَذِنَ لَهُ الشَّرْعُ فِي أَكْلِهِ طَعَاما وَيضمنهُ لِانْفِرَادِ الْإِذْنِ الشَّرْعِيِّ) فَيَتَخَلَّصُ أَنَّهُ إِنِ اجْتَمَعَ الْإِذْنَانِ فَلَا ضَمَانَ كَالْمُودِعِ أَوِ انْتَفَيَا ضَمِنَ كَالْغَصْبِ أَوْ أَذِنَ الْمَالِكُ فَقَطْ ضَمِنَ فَهِيَ أَرْبَعَة أَقْسَامٍ يَضْمَنُ فِي وَاحِدٍ وَيَظْهَرُ أَنَّ الْإِذْنَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَعَمُّ مِنَ الْآخَرِ وَأَخَصُّ مِنْ وَجْهٍ وَيَجْتَمِعَانِ وَيَنْفَرِدُ كُلُّ وَاحِدٍ بِنَفْسِهِ وَهُوَ ضَابِطُ الْأَعَمِّ وَالْأَخَصِّ مِنْ وَجْهٍ قَاعِدَةٌ الْجَوَابِرُ وَالزَّوَاجِرُ مِنْ قَوَاعِدِ الشَّرْعِ وَقَدْ تُوجَدُ الزَّوَاجِرُ بِلَا جَبْرٍ كَالْحُدُودِ وَالْجَوَابِرُ بِلَا زَجْرٍ كَتَضْمِينِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَقَدْ يَجْتَمِعَانِ نَحْوَ كَفَّارَةِ الظِّهَار وتضمين الْغَصْب وَجَزَاءِ الصَّيْدِ فِي قَتْلِهِ مُتَعَمِّدًا وَغَاصِبِ الْمَرْأَةِ وَنَحْوِهِ وَسَيَأْتِي بَسْطُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ فِي الدِّمَاءِ إِن شَاءَ تَعَالَى فَعَلَى هَذِهِ الْقَوَاعِدِ تَتَخَرَّجُ فُرُوعُ الْجِنَايَاتِ فِي الضَّمَانَاتِ فَتَأَمَّلْهَا وَاسْتَعْمِلْهَا فِي مَوَارِدِهَا تَحْكُمُ الضَّمَانَ بِفَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى فَرْعٌ فِي النَّوَادِرِ قَالَ مَالِكٌ إِنِ اصْطَدَمَتْ سَفِينَتَانِ فَغَرِقَتْ إِحْدَاهُمَا بِمَا فِيهَا فَهدر لِأَن الرّيح تغلبهم غلا أَنْ يُعْلَمَ قُدْرَتُهُمْ عَلَى صَرْفِهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ قَدَرُوا مَعَ هَلَاكِهِمْ ضَمِنَتْ عَوَاقِلُهُمُ النُّفُوسَ وَالْمَالَ فِي مَالِهِمْ لِأَنَّهُمْ وَفَّرُوا نُفُوسَهُمْ فَإِن لم يروهم لظلمة اللَّيْل وَلَو رأوهمم لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهَا لَمْ يَضْمَنُوا وَإِنِ اصْطَدَمَ فَارِسَانِ فَهَلَكَا وَفَرَسَاهُمَا فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ دِيَةُ الْآخَرِ وَقِيمَةُ فَرَسِهِ فِي مَالِهِ لِأَنَّ الْفَارِسَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ فَرَسِهِ بِخِلَافِ أَهْلِ السَّفِينَةِ وَقِيلَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُ دِيَةِ الْآخَرِ لإشراكه فِي نَفْسِهِ قَالَ وَلَوْ لَزِمَ هَذَا إِذَا عَاشَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَلْزَمْ عَاقِلَتَهُ إِلَّا نِصْفُ دِيَةِ

الْآخَرِ وَلَكَانَ الَّذِي يَهْوِي فِي الْبِئْرِ قَاتِلًا لنَفسِهِ مَعَ حافرها ولكان الواطىء عَلَى الْحَسَكِ وَقَدْ نَصَبَهَا رَجُلٌ فِيمَا لَا يَمْلِكُ قَاتِلٌ لِنَفْسِهِ مَعَ نَاصِبِهَا وَبِالْمَشْهُورِ قَالَ عَلِيٌّ وَغَيْرُهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَإِنِ اصْطَدَمَ حُرٌّ وَعَبْدٌ فَمَاتًا فَقِيمَةُ الْعَبْدِ فِي مَالِ الْحُرِّ وَدِيَةُ الْحُرِّ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ وَيَتَقَاصَّانِ فَإِن زاج ثَمَنُ الْعَبْدِ عَلَى الدِّيَةِ فَلِسَيِّدِهِ الزِّيَادَةُ فِي مَالِ الْحُرِّ أَوْ دِيَةُ الْحُرِّ أَكْثَرُ لَمْ يَلْزَمِ السَّيِّدَ شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْعَبْدِ مَالٌ فَالْفَضْلُ فِيهِ وَقَالَ أَصْبَغُ قِيمَةُ الْعَبْدِ فِي مَال الْحر يُؤْتى السَّيِّدُ وَيُقَالُ لَهُ افْتَكَّ قِيمَتَهُ بِدِيَةِ الْحُرِّ أَوْ أَسْلِمْهَا فَإِنْ أَسْلَمَهُ فَلَيْسَ لِوُلَاةِ الْحُرِّ غَيْرُهَا وَإِنْ فَدَاهَا فَبِجَمِيعِ الدِّيَةِ لِأَنَّهَا قَاعِدَةُ الْجِنَايَات وَإِن اصطدم رجلَانِ أَو راكبان فوطىء أَحَدُهُمَا عَلَى صَبِيٍّ فَقَطَعَ إِصْبَعَهُ ضَمِنَاهُ لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَثَرًا فِيهِ بِالِاصْطِدَامِ قَالَ أَشهب حافروا الْبِئْرِ تَنْهَارُ عَلَى أَحَدِهِمْ تَضْمَنُ عَاقِلَةُ الْبَاقِي دِيَتِهِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ هَدَرٌ لِأَنَّ لِلْمَقْتُولِ شِرْكًا فِي قَتْلِ نَفْسِهِ وَلَا تَعْقِلُ الْعَاقِلَةُ قَاتِلَ نَفْسِهِ وَإِنْ مَاتُوا فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُ دِيَةِ الْآخَرِ لِشَرِكَةِ كُلِّ وَاحِدٍ فِي قتل نَفسه قَالَ مَالك عَن ارْتَقَى فِي الْبِئْرِ فَأَدْرَكَهُ آخَرُ فِي أَثَرِهِ فَخَرَّا فَهَلَكَ فَعَلَى عَاقِلَةِ الْأَسْفَلِ الدِّيَةُ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ بِفِعْلِهِ قَالَ مَالِكٌ رُبِطَتْ مَرْكَبٌ فِي صَخْرَةٍ وَرُبِطَ بِهَا أُخْرَى وَرُبِطَ ثَالِثٌ بِأَحَدِهِمَا فجره الثَّالِث حَتَّى كَادُوا يفرقون فَرجوا الثَّالِثَ خَوْفَ الْغَرَقِ فَهَلَكَ بِمَا فِيهِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا لِخَوْفِهِمُ الْهَلَاكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ طَلَبْتَ غَرِيقًا فَخَشِيتَ الْمَوْتَ فَأَفْلِتْهُ (لَا شَيْءَ عَلَيْكَ وَإِنْ عَلَّمْتَهُ الْعَوْمَ فَخِفْتَ الْمَوْتَ عَلَيْكَ فَأَفْلَتَّهُ) ضَمِنْتَ دِيَتَهُ لِأَنَّكَ أَنْشَبْتَهُ وَعَنْهُ لَا ضَمَان كالغريق فَإِن ترجى فِي بِئْرٍ فَطَلَبَكَ تُدْلِي لَهُ حَبْلًا فَرَفَعْتَهُ فَلَمَّا أَعْجَزَكَ خَلَّيْتَهُ فَمَاتَ ضَمِنْتَهُ قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ إِنْ أَمْسَكْتَ لِرَجُلٍ حَبْلًا يَتَعَلَّقُ

- (النظر الثاني في دفع الصائل)

بِهِ فِي الْبِئْرِ فَانْقَطَعَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْكَ لِعَدَمِ صُنْعِكَ أَوِ انْفَلَتَ مِنْ يَدِكَ ضَمِنْتَ فَرْعٌ قَالَ إِنْ سَقَطَ مِنْ دَابَّتِهِ عَلَى رَجُلٍ فَمَاتَ فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ السَّاقِطِ وَإِنْ سَقَطَ عَلَى غُلَامٍ فَانْشَجَّ الْأَسْفَلُ وَانْكَسَرَ الْأَعْلَى ضَمِنَ الْأَعْلَى شَجَّةَ الْأَسْفَلِ وَالْأَعْلَى هَدَرٌ وَإِنْ دَفَعَ رَجُلًا فَوَقَعَ عَلَى آخَرَ فَعَلَى الدَّافِعِ الْعَقْلُ دُونَ الْمَدْفُوعِ لِأَنَّهُ آلَةٌ وَإِنْ دَفَعَهُ فَطَرَحَهُ فَوَقَعَتْ يَدُهُ تَحْتَ سَاطُورِ جَزَّارٍ فَقِيلَ عَلَى عَاقِلَةِ الْجَزَّارِ لِأَنَّهُ (الْمُبَاشِرُ وَقِيلَ عَلَى عَاقِلَةِ الطَّارِحِ لِأَنَّهُ) الْقَاصِدُ قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ قَادَ بَصِيرٌ أُعْمَى فَوَقَعَ الْبَصِيرُ فِي الْبِئْرِ وَوَقَعَ عَلَيْهِ الْأَعْمَى فَمَاتَ الْبَصِيرُ فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْأَعْمَى وَقَضَى بِهِ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ 3 - (النَّظَرُ الثَّانِي فِي دَفْعِ الصَّائِلِ) وَهُوَ فِي الْمَدْفُوعُ فَكُلُّ صَائِلٍ إِنْسَانًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ فَمَنْ خَشِيَ مِنْ ذَلِكَ فَدَفَعَهُ عَنْ نَفْسِهِ فَهُوَ هَدَرٌ حَتَّى الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ إِذَا صَالَا أَوِ الْبَهِيمَةُ لِأَنَّهُ نَابَ عَنْ صَاحِبِهَا فِي دَفعه وَالْمَدْفُوعُ عَنْهُ كُلُّ مَعْصُومٍ مِنْ نَفْسٍ أَوْ بضع أم وَمَال قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ أَعْظَمُهَا النَّفْسُ وَأَمْرُهُ بِيَدِهِ إِنْ شَاءَ سَلَّمَ نَفْسَهُ أَوْ يَدْفَعَ عَنْهَا وَيَخْتَلِفُ الْحَالُ فَفِي زَمَانِ الْفِتْنَةِ الصَّبْرُ أَوْلَى تَقْلِيلًا لَهَا أَوْ مَقْصُودًا وَحْدَهُ فَالْأَمْرُ سَوَاءٌ وَأَعْظَمُ مِنَ الْجَمِيعِ الدِّينُ وَهُوَ أَقْوَى رُخْصَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مطمئن بِالْإِيمَان} وَأَمَّا الدَّفْعُ فَقَالَ الْقَاضِي لَا يَقْصِدُ الْقَتْلَ بَلِ الدَّفْعَ فَإِنْ أَدَّى لِلْقَتْلِ فَذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لَا يَنْدَفِعُ إِلَّا بِالْقَتْلِ فَيَقْصِدُ ابْتِدَاءً وَلَوْ

- (النظر الثالث - في إتلاف البهائم)

قَدَرَ الْمَصُولُ عَلَيْهِ عَلَى الْهَرَبِ مِنْ غَيْرِ مضرَّة تلْحقهُ لم يدْفع بِالْجرْحِ وغلا دَفَعَ بِمَا يَقْدِرُ وَلَا يَتَعَيَّنُ قَصْدُ الْعُضْوِ الْجَانِي لِأَن الشَّرّ من نفس الصَّائِل فغن عَضَّ يَدَ غَيْرِهِ فَنَزَعَ الْيَدَ فَتَبَدَّدَتْ أَسْنَانُهُ ضَمِنَ النَّازِعُ دِيَةَ الْأَسْنَانِ لِأَنَّهَا مِنْ فِعْلِهِ وَقيل لَا يضمن لِأَنَّهُ أَلْجَأَهُ إِلَى ذَلِك وَإِنْ نَظَرَ إِلَى حَرَمٍ مِنْ كُوَّةٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَقْصِدَ عَيْنَهُ أَوْ غَيْرَهَا لِأَنَّهُ لَا يَدْفَعُ الْمَعْصِيَةَ بِالْمَعْصِيَةِ وَفِيهِ الْقَوَدُ إِنْ فَعَلَ وَيَجِبُ تَقَدُّمُ الْإِنْذَارِ فِي كُلِّ دَفْعٍ تَمْهِيدٌ فِي الصِّحَاحِ (كُنْ عَبْدَ اللَّهِ الْمَقْتُولَ وَلَا تَكُنْ عَبْدَ اللَّهِ الْقَاتِلَ) وَعَلَيْهِ اعْتَمَدَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَاتِ وَلِأَنَّهَا تَعَارَضَتْ مَفْسَدَةُ (أَنْ يَقْتُلَ أَوْ) يُمَكِّنَ مِنْ نَفْسِهِ وَالتَّمْكِينُ مِنَ الْقَتْلِ أَخَفُّ مَفْسَدَةً مِنَ الْقَتْلِ فَيُقَدَّمُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يُمَكِّنَ مِنْ قَتْلِ نَفْسِهِ أَوْ يَتْرُكَ الْغِذَاءَ أَوِ الشَّرَابَ حَتَّى يَمُوتَ أَنَّ تَرْكَ الْغِذَاءِ هُوَ السَّبَبُ التَّامُّ فِي الْمَوْتِ لَمْ يَنْضَفْ إِلَيْهِ غ يره ولابد أَنْ يَنْضَافَ فِعْلُ الصَّائِلِ لِلتَّمْكِينِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَنْ تَرَكَ الْغِذَاءَ يَحْرُمُ وَمَنْ تَرَكَ الدَّوَاءَ فَلَا يَحْرُمُ أَنَّ الدَّوَاءَ غَيْرُ مُنْضَبِطِ النَّفْعِ فَقَدْ يُفِيدُ وَقَدْ لَا وَالْغِذَاءُ ضَرُورِيُّ النَّفْعِ 3 - (النَّظَرُ الثَّالِثُ - فِي إِتْلَافِ الْبَهَائِمِ) فِي الْجَوَاهِرِ مَا أَكَلَتْهُ مِنَ الزَّرْعِ بِالنَّهَارِ لَا ضَمَانَ عَلَى أَرْبَابِهَا لِأَنَّ عَلَى أَرْبَابِ الْحَوَائِطِ الْحِفْظُ نَهَارًا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حَارِثٍ وَهَذَا الْكَلَامُ مَحْمُول على أَن

أأهل الْمَوَاشِي لَا تثملها نَهَارًا وَيَجْعَلُونَ مَعَهَا حَافِظًا وَإِلَّا فَإِنْ أَهْمَلُوا ضمنُوا مَا أتلفته لَيْلًا وَإِنْ كَانَ أَضْعَافَ قِيمَتِهَا كَانَ ذَلِكَ الزَّرْعُ أَوِ الْكَرْمُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ أَمْ لَا مَحْرُوسًا أَمْ لَا لِأَنَّ عَلَى أَهْلِ الْمَوَاشِي حِفْظُهَا لَيْلًا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ هَذَا مُخْتَصٌّ بِالْمَوْضِعِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الزَّرْعُ أَوِ الْحَوَائِطُ مَعَ الْمَسَارِحِ أَمَّا الْمُخْتَصُّ بِالْمَزَارِعِ دُونَ الْمَسَارِحِ فيضمنون لَيْلًا ونهار فَرْعٌ مُرَتَّبٌ قَالَ مُطَرِّفٌ عَنْ مَالِكٍ يَضْمَنُونَ قِيمَةَ مَا أَفْسَدَتْ عَلَى الرَّجَاءِ أَوِ الْخَوْفِ وَأَنْ يَتِمَّ أَوْ لَا يَتِمَّ وَإِنْ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ قِيمَتُهُ لَوْ حل بَيْعه لِأَن الْقيمَة عوض الثَّمَنِ وَقَالَ لَا يُسْتَأْنَى بِالزَّرْعِ هَلْ يَنْبُتُ أَمْ لَا كَمَا يُصْنَعُ بِسِنِّ الصَّغِيرِ لِأَنَّ السِّنَّ إِذَا نَبَتَتْ لَمْ تَفُتِ الْمَصْلَحَةُ وَتَأَخُّرُ نَبَات الزَّرْع عَن إبانة يذهب مفسدته فِي النَّوَادِرِ لَوْ وَطِئَتْ عَلَى رِجْلِ إِنْسَانٍ بِاللَّيْلِ فَقَطَعَتْهَا لَمْ تَضْمَنْ بِخِلَافِ الزَّرْعِ وَالْحَوَائِطِ والحروز فَرْعٌ فِي النَّوَادِرِ مَا وَطِئَتِ الدَّابَّةُ بِيَدٍ أَوْ رِجْلٍ أَوْ أَصَابَتْهُ بِيَدِهَا أَوْ فَمِهَا وَعَلَيْهَا رَاكِبٌ قَالَ مَالِكٌ إِنْ كَانَ الرَّاكِبُ يُجْرِيهَا أَوْ يُشِيلُهَا أَوْ يَضْرِبُهَا فَتَرْمَحُ ضَمِنَ لسببه أَوْ مِنْ فِعْلِهَا خَاصَّةً فَهَدَرٌ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (جُرْحُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ) قَالَ قَالَ مَالِكٌ الْقَائِدُ وَالسَّائِقُ وَالرَّاكِبُ ضَامِنُونَ لِمَا أَصَابَتْهُ بِيَدٍ أَو رجل فغن اجْتَمَعُوا فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثُ الدِّيَةِ يُرِيدُ أَنَّ الرَّاكِبَ يُشْرِكُهُمْ فِي فِعْلٍ فَعَلَهُ

بِهَا كَانَ عَنْهُ فِعْلُهَا إِلَّا أَنْ تَرْمَحَ مِنْ غَيْرِ فِعْلِ أَحَدٍ وَفَعَلَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي مُجْرِي الْفَرَسِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ إِذَا اجْتَمَعُوا فَمَا وَطِئَتْ عَلَيْهِ لَمْ يَلْزَمِ الرَّاكِبَ وَلَزِمَ الْقَائِدَ وَالسَّائِقَ لِأَنَّ الرَّاكِب كالتباع لَا يُقَدِّمُهَا وَلَا يُؤَخِّرُهَا إِلَّا أَنْ يَفْعَلَ مَا يبعها عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ مِنَ السَّائِقِ وَالْقَائِدِ عون فَهُوَ الضَّامِن قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَهُوَ الضَّامِنُ قَالَ أَشْهَبُ مَا نَفَجَتْ أَوْ كَدَمَتْ مِنْ غَيْرِ تَهْيِيجٍ من أحد مِنْهُم فأجدرهم بِالضَّمَانِ السَّائِق إِن كَانَ سوقه يدعوها لِأَنَّهُ خَلْفَهَا فَهِيَ تَخَافُهُ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِنْ وَطِئَتِ الدَّابَّةُ وَعَلَيْهَا رَاكِبٌ صَغِيرٌ لَا يَضْبُطُ وَلَا يُحَرك أَو نَائِم أَو مَرِيض وَذَلِكَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا سَائِقٌ أَوْ قَائِدٌ فَعَلَيْهِمَا دُونَهُ قَالَ مَالِكٌ يَضْمَنُ مِنَ المرتسمين الْمُقَدَّمُ إِلَّا أَنْ يُحَرِّكَهَا الْمُؤَخِّرُ (أَوْ يَضْرِبَهَا فَعَلَيْهِمَا أَوْ يَفْعَلَ الْمُؤَخِّرُ) مَا لَا يَقْدِرُ الْمُقَدِّمُ عَلَى دَفْعِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَخْتَصُّ بِهِ الضَّمَانُ عَلَى عَاقِلَتِهِ فِيمَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ قَالَ مَالِكٌ فَإِنْ رَمَحَتْ مِنْ غَيْرِ فِعْلِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِم يضمن قَائِد القطار (مَا وطىء عَلَيْهِ أَو الْقِطَارُ) أَوْ آخِرِهُ لِأَنَّهُ أَوْطَأَهُ بِقَوْدِهِ إِيَّاهُ قَالَ أَشْهَبُ وَقَدْ يَضْمَنُ أَعْذَرَ مِنْهُ كَمَنْ يَرَى طَائِرًا فَيَقَعُ عَلَى إِنْسَانٍ فَيُقْتُلُهُ الطَّائِرُ قَالَ مَالِكٌ لَا يَضْمَنُ الرَّاكِبُ مَا كَدَمَتْ أَوْ ضَرَبَتْ بِيَدٍ أَوْ رِجْلٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْهُ فِعْلٌ بِخِلَافِ مَا وَطِأَتْ لِأَنَّ الرّكُوب سلب الْمَشْيِ لَا الْكَدْمَ وَإِنْ نَزَلَ عَنْ دَابَّتِهِ فَوَقَعت فِي الطَّرِيقِ ضَمِنَ مَا أَصَابَتْ لِأَنَّ ذَلِكَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْوُقُوفُ عَلَيْهَا فِي الطُّرُقِ

لِحَاجَتِهِ أَوْ نَزَلَ عَنْهَا فَيُوقِفُهَا وَلَا يَضْمَنُ وَإِن جمحت براكبها وَعلم أَنه مقلوب ضَمِنَ مَا أَصَابَتْ لِأَنَّ رُكُوبَهُ سَبَبُ ذَلِكَ قَالَ أَشْهَبُ إِنْ رَكِبَهَا فَطَارَتْ مِنْ تَحْتِ يَدهَا حَصَاة ففقأت عينهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ مُحَمَّدٌ هَذَا إِنْ طَارَتْ لحفرة وَقع الْحَافِر من غ ير أَنْ يَدْفَعَهَا بِحَافِرِهَا أَمَّا لَوْ أَطَارَتْهَا بِحَافِرِهَا ضَمِنَ وَإِنْ سَاقَهَا فَوَقَعَ سَرْجُهَا أَوْ مَتَاعٌ عَلَيْهَا فَأُتْلِفَ لَمْ يَضْمَنْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ رَمَحَتِ الدَّابَّةُ فَصِحْتَ إِيَّاكِ فَوَطِئَتْ ضَمِنْتَ لِأَنَّكَ تُهَيِّجُهَا وَإِنِ انْفَلَتَتْ فَصِحْتَ لِرَجُلٍ يُمْسِكُهَا فَقَتَلَتْهُ فَهُوَ جُبَارٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُورُ عَبْدًا لِغَيْرِهِ أَوْ حُرًّا صَغِيرًا وَإِنْ أَفْلَتَتْ من يَد رجل أَو من مدورها فأسدت فَهَدَرٌ وَغَلَبَتُهَا إِيَّاهُ عَلَى الِانْفِلَاتِ كَغَلَبَتِهَا لِلرَّاكِبِ عَلَى الْجِمَاحِ قَالَ مَالِكٌ إِنِ اقْتَنَى كَلْبًا عَقُورًا فِي دَارِهِ لِمَاشِيَةٍ وَهُوَ يَعْلَمُ بِعَقْرِهِ ضَمِنَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَعْنِي إِنِ اتَّخَذَهُ بِمَوْضِعٍ لَا يَجُوزُ لَهُ وَإِلَّا لَمْ يَضْمَنْ إِلَّا أَنْ يَتَقَدَّمَ لَهُ وَعَنِ ابْنِ وَهْبٍ فِي الدَّابَّة الصؤول فِي مِرْبَطِهَا فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ فَتُفْسِدُ لَا يَضْمَنُ صَاحِبُهَا إِلَّا أَنْ يَتَقَدَّمَ لَهُ قَالَ أَشْهَبُ لَا يَضْمَنُ مُطْلَقًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنِ اتَّخَذَ الْكَلْبَ فِيمَا لَهُ اتِّخَاذُهُ كَالصَّيْدِ أَوْ حِرَاسَةِ الدَّارِ لَا يَضْمَنُ مَنْ دَخَلَ دَخَلَ بِإِذْنٍ أَمْ لَا إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ رَبُّهُ أَنَّهُ يَعْقِرُ قَالَ مُحَمَّدٌ أَصْلُ ذَلِكَ إِنِ اتَّخَذَهُ فِيمَا لَا يَجُوزُ لَهُ أَوْ لِحِرَاسَةِ الدَّارِ ضَمِنَ أَوْ بِمَوْضِعٍ يَجُوزُ إِلَّا أَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ يَعْقِرُ وَإِنِ اتَّخَذَهُ لِلسُّرَّاقِ قَالَ مَالِكٌ إِنِ اقْتَنَاهُ فِي دَارِهِ لِلْمَاشِيَةِ ضَمِنَ إِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَعْقِرُ لِأَنَّ الْمَاشِيَةَ فِي الدَّار لَا يخَاف عَلَيْهَا فللناس اتَّخذهُ قَالَ مَالك إِن عرفت الْإِبِل بالعدوى عَلَى أَهْلِ الزَّرْعِ بِيعَتْ بِبَلَدٍ لَا زَرْعَ فِيهِ

تَنْبِيه وَافَقنَا الشَّافِعِي أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ الْعِجْلُ الصَّائِلُ وَالْمَجْنُونُ وَالصَّغِيرُ وَقَالَ (ح) وَافَقنَا الشَّافِعِي أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ الْعِجْلُ الصَّائِلُ وَالْمَجْنُونُ وَالصَّغِيرُ وَقَالَ (ح) يُبَاحُ لَهُ الدَّفْعُ وَيَضْمَنُ وَاتَّفَقُوا إِذَا كَانَ آدَمِيًّا بَالِغًا لَمْ يَضْمَنْ لَنَا أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الضَّمَانِ وَقِيَاسًا عَلَى الْآدَمِيِّ وَعَلَى الدَّابَّةِ الْمَعْرُوفَةِ بِالْأَذَى أَنَّهَا تُقْتَلُ وَلَا يَضْمَنُ إِجْمَاعًا وَلَا يَلْزَمُنَا إِذَا غَصَبَهُ فَصَالَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يَضْمَنُ ثَمَنَهُ (بِالْغَصْبِ لَا بِالدَّفْعِ إِذا اضطره الْجُوع لِأَن الْجُوع الْقَاتِل فِي نفس الْجُوع) لَا فِي الصَّائِلِ وَالصِّيَالِ الْقَاتِلِ فِي الصَّائِلِ احْتَجُّوا بِأَنَّ مُدْرِكَ عَدَمِ الضَّمَانِ إِنَّمَا هُوَ إِذْنُ الْمَالِكِ لَا جَوَازُ الْفِعْلِ لِأَنَّهُ لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي قَتْلِ عَبْدٍ لَمْ يَضْمَنْ وَلَوْ أَكَلَهُ لِمَجَاعَةٍ ضَمِنَ وَالْآدَمِيُّ لَهُ قَصْدٌ وَاخْتِيَارٌ فَلِذَلِكَ لم يضمن وَالْقيمَة لَا اخْتِيَارَ لَهَا لِأَنَّهُ لَوْ حَفَرَ بِئْرًا فَطَرَحَ إِنْسَانٌ نَفْسَهُ فِيهَا لَمْ يَضْمَنْهُ وَلَوْ طرحت بَهِيمَة نَفسهَا ضمنهَا وَجِنَايَةُ الْبَهِيمَةِ لَا تَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهَا وَعُمُومُ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (جُرْحُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ) أَيْ هَدَرٌ فَلَوْ ضَمِنَ لَمْ يَكُنْ جُبَارًا كَالْآدَمِيِّ وَالْجَوَابُ عَن الأول إِن الضَّمَان يتَوَقَّف على جَوَازِ الْفِعْلِ بِدَلِيلِ أَنَّ الصَّيْدَ إِذَا صَالَ عَلَى مُحْرِمٍ لَمْ يَضْمَنْهُ أَوْ صَالَ عَلَى الْعَبْدِ (سَيِّدُهُ فَقَتَلَهُ الْعَبْدُ أَوِ الْأَبُ عَلَى ابْنِهِ فَقَتَلَهُ ابْنُهُ) لَا يَضْمَنُونَ لِجَوَازِ الْفِعْلِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْبَهِيمَةَ لَهَا اخْتِيَارٌ اعْتَبَرَهُ الشَّرْع لِأَنَّهُ الْكَلْبَ لَوِ اسْتَرْسَلَ بِنَفْسِهِ لَمْ يُؤْكَلْ صَيْدُهُ وَالْبَعِيرُ النَّادُّ يَصِيرُ جَمِيعُهُ مَنْحَرًا عَلَى أَصْلِهِمْ وَإِنْ فَتَحَ قَفَصًا فَقَعَدَ الطَّائِرُ سَاعَةً ثُمَّ طَارَ قُلْتُمْ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ طَارَ بِاخْتِيَارِهِ وَأما قَوْلهم

فِي الْآدَمِيِّ لَوْ طَرَحَ نَفْسَهُ فِي بِئْرٍ لَا يَضْمَنُ بِخِلَافِ الْبَهِيمَةِ فَيَلْزَمُكُمْ أَنَّهُ لَوْ نَصَبَ شَبَكَةً فَوَقَعَتْ فِيهَا بَهِيمَةٌ لَا يَضْمَنُهَا وَأَمَّا تَعَلُّقُ الْجِنَايَةِ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ فَيَبْطُلُ بِالْعَبْدِ الصَّغِيرِ فَإِنَّهُ تَتَعَلَّقُ الْجِنَايَةُ بِرَقَبَتِهِ مَعَ مُسَاوَاتِهِ لِلدَّابَّةِ فِي الضَّمَانِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ كَوْنَهُ جُبَارًا أَنَّهُ لَا قِصَاصَ فِيهِ وَلَا يَلْزَمُ عَنْ عَدَمِ اعْتِبَارِهِ (فِي الْقِصَاصِ عَدَمُ اعْتِبَارِهِ) مُطلقًا أَو مَعْنَاهُ يُوجِبُ ضَمَانًا عَلَى مَالِكِهِ وَالنِّزَاعُ فِي الضَّمَانِ عَلَى قَاتِلِهَا تَنْبِيهٌ إِنْ أَرْسَلَ الْمَاشِيَةَ بِالنَّهَارِ لِلرَّعْيِ أَوِ انْفَلَتَتْ فَأَتْلَفَتْ فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ كَانَ صَاحِبُهَا مَعَهَا وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى مَنْعِهَا فَلَمْ يَمْنَعْهَا ضَمِنَ وَوَافَقَنَا (ش) وَ (ح) فَإِنِ انْفَلَتَتْ بِاللَّيْلِ أَوْ أَرْسَلَهَا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى مَنْعِهَا ضَمِنَ وَقَالَهُ (ش) فِي الزَّرْعِ وَفِي غَيْرِ الزَّرْعِ اخْتِلَافٌ عِنْدَهُمْ وَقَالُوا يَضْمَنُ أَرْبَاب القطط الْمُعْتَادَة الْفساد لَيْلًا أَفْسَدَتْ أَوْ نَهَارًا وَإِنْ خَرَجَ الْكَلْبُ مِنْ دَارِهِ فَجَرَحَ ضَمِنَ أَوِ الدَّاخِلَ بِإِذْنٍ فَوَجْهَانِ أَوْ بِغَيْرِ إِذْنٍ لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ أَرْسَلَ الطَّيْرَ فَالْتَقَطَ حَبَّ الْغَيْرِ لَمْ يَضْمَنْ لَيْلًا وَنَهَارًا وَقَالَ (ح) لَا ضَمَانَ فِي الزَّرْعِ لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا لَنَا قَوْله تَعَالَى {وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غنم الْقَوْم} الْآيَةَ وَجْهُ الدَّلِيلِ أَنَّ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَضَى بِتَسْلِيمِ الْغَنَمِ إِلَى أَرْبَابِ الزَّرْعِ قُبَالَةَ زرعهم وَقضى سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام بدفعها لم يَنْتَفِعُونَ بِدَرِّهَا وَنَسْلِهَا وَخَرَاجِهَا حَتَّى يُخْلِفَ الزَّرْعُ وينبت زرع آخر والنفش رعي اللَّيْل والهمد رَعْيُ النَّهَارِ بِلَا رَاعٍ وَلِأَنَّهُ فَرَّطَ فَيَضْمَنُ كَمَا لَوْ كَانَ حَاضِرًا وَلِأَنَّهُ بِالنَّهَارِ يُمْكِنُهُ التَّحَفُّظُ (دُونَ اللَّيْلِ وَقَدِ اعْتَبَرْتُمْ ذَلِكَ فِي قَوْلِكُمْ إِنْ رَمَتِ الدَّابَّةُ حَصَاةً كَبِيرَةً أَصَابَتْ إِنْسَانًا ضَمِنَ الرَّاكِبُ بِخِلَافِ الصَّغِيرَةِ لَا يُمْكِنُهُ التَّحَفُّظُ مِنْهَا وَيَتَحَفَّظُ عَنِ الْكَبِيرِ بِالتَّنَكُّبِ عَنْهُ وقلتم يضمن مَا نفجت

بِيَدِهَا لِأَنَّهُ يُمكنهَا رَدُّهَا بِلِجَامِهَا وَلَا يَضْمَنُ مَا أَفْسَدَتْ بِرِجْلِهَا وَذَنَبِهَا احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (جُرْحُ الْعَجْمَاءِ جَبَّار) وَبلا قِيَاس عَلَى النَّهَارِ وَمَا ذَكَرْتُمْ مِنَ الْفَرْقِ بِالْحِرَاسَةِ بِالنَّهَارِ بَاطِل لِأَنَّهُ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ حَفِظَ مَالَهُ فَأَتْلَفَهُ إِنْسَانٌ أَوْ أَهْمَلَهُ فَأَتْلَفَهُ أَنَّهُ يَضْمَنُهُ فِي الْوَجْهَيْنِ وَقِيَاسًا على حراسة الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ وَجِنَايَةِ مَالِهِ عَلَيْهِ وَجِنَايَتِهِ عَلَى مَالِ أَهْلِ الْحَرْبِ أَوْ أَهْلِ الْحَرْب عَلَيْهِ وَعَكسه جِنَايَة صَاحبه الْبَهِيمَةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْجُرْحَ عِنْدَنَا جُبَارٌ إِنَّمَا النِّزَاعُ فِي غَيْرِ الْجُرْحِ وَاتَّفَقْنَا عَلَى تَضْمِينِ السَّائِقِ وَالرَّاكِبِ وَالْقَائِدِ وَعَنِ الثَّانِي الْفَرْقُ الْمُتَقَدِّمُ وَالْجَوَابُ عَمَّا ذُكِرَ أَنَّ إِتْلَافَ المَال سَبَب الْمَالِك كمن ترك غُلَامه يصول فَيقبل فَلَا وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّهُ يَضْمَنُ قِيَاسٌ مُخَالِفٌ لِلْآيَةِ وَلِأَنَّهُ بِاللَّيْلِ مُفَرِّطٌ وَبِالنَّهَارِ لَيْسَ مُفَرِّطًا وَبَقِيَّةُ التَّعَرُّض لَيْسَ أحدهم من أهل الضَّمَان وَهَا هُنَا أمكن التَّضْمِين

فارغة

(كتاب الجراح)

(كتاب الْجراح) وَفِي التَّنْبِيهَاتِ هُوَ مُشْتَقٌ مِنَ الِاجْتِرَاحِ الَّذِي هُوَ الِاكْتِسَابُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {أَمْ حَسِبَ الَّذين اجترحوا السيات} وَمِنْهُ جَوَارِحُ الصَّيْدِ لِاكْتِسَابِهَا وَلَمَّا كَانَ عَمَلُهَا فِي الصَّيْدِ فِي الْأَجْسَادِ وَالدِّمَاءِ سُمِّيَ بِذَلِكَ جُرْحًا وَصَارَ عُرْفًا فِيهِ دُونَ سَائِرِ الِاكْتِسَابَاتِ وَتَجْرِيحُ الشَّاهِدِ مَجَازٌ كَأَنَّهُ لَمَّا قَدَحَ فِي عَرْضِهِ جَرَحَهُ فِي جِسْمِهِ وَكَذَلِكَ قَالُوا طَعَنَ فِيهِ فَتَخْصِيصُ اسْمِ الْجُرْحِ بِالْكَسْبِ الْخَاصِّ كَتَخْصِيصِ الدَّابَّةِ بِالْفَرَسِ أَوِ الْحِمَارِ وَأَصْلُ تَحْرِيمِ الدِّمَاءِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ فَالْكِتَابُ قَوْله تَعَالَى {وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ} وَقَالَ تَعَالَى {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاس جَمِيعًا وَمن أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أحيى النَّاس جَمِيعًا} وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ كُفْرٍ بَعْدَ إِيمَانٍ وَزِنًى بَعْدَ إِحْصَانٍ أَوْ قَتْلِ نَفْسٍ) وَأَجْمَعَتِ الْأُمَمُ فَضْلًا عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى تَحْرِيمِ الدِّمَاءِ

سُؤَالٌ فِي الْآيَةِ الثَّانِيَةِ التَّشْبِيهُ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ إِنَّمَا يَكُونُ بَيْنَ الْمُتَقَارِبَيْنِ لَا بَيْنَ الْمُتَفَاوِتَيْنِ جِدًّا وَقَتْلُ جَمِيعِ النَّاسِ (بَعِيدٌ مِنْ قَتْلِ النَّفْسِ الْوَاحِدَةِ بُعْدًا شَدِيدًا وَكَذَلِكَ إِحْيَاؤُهَا بَلْ قَتْلُ وَاحِدَةٍ لَا تُشْبِهُ) قَتْلَ عَشَرَةٍ فَمَا وَجْهُ التَّشْبِيهِ الَّذِي فِي قَوْلِهِ (فَكَأَنَّمَا) جَوَابُهُ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِنَّ الْمُرَادَ بِالنَّفْسِ إِمَام مسْقط أَوْ حَكَمٌ عَدْلٌ أَوْ وَلِيٌّ تُرْجَى بَرَكَتُهُ الْعَامَّةُ فَلِعُمُومِ مَفْسَدَتِهِ كَأَنَّهُ قَتَلَ كُلَّ مَنْ يَنْتَفِعُ بِهِ وَهُمُ الْمُرَادُ بِالنَّفْسِ وَكَذَلِكَ إِحْيَاؤُهُ وَإِلَّا فَالتَّشْبِيهُ مُشْكِلٌ وَقَالَ مُجَاهِدٌ لَمَّا قَالَ الله تَعَالَى {وَمن نقْتل مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} وَقَتْلُ جَمِيعِ النَّاسِ لَا يَزِيدُ فِي الْعُقُوبَةِ عَلَى هَذَا وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّ قَاعِدَةَ الشَّرْعِ تَفَاوُتُ الْعُقُوبَاتِ بِتَفَاوُتِ الْجِنَايَاتِ فَغَاصِبُ دِرْهَمٍ لَيْسَ كَغَاصِبِ دِينَارٍ وَقَاتِلُ وَاحِدٍ لَيْسَ كَقَاتِلِ عَشَرَةٍ لِأَنَّهُ الْعَدْلُ فِي الْعَادَةِ فَإِذَا تَوَعَّدَ اللَّهُ تَعَالَى قَاتِلَ الْوَاحِدِ بِالْغَضَبِ وَالْعَذَابِ الْعَظِيمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ اعْتَقَدْنَا مُضَاعَفَةَ ذَلِكَ فِي حَقِّ الِاثْنَيْنِ فَكَيْفَ فِي الْعَشَرَةِ فَضْلًا عَنْ جَمِيعِ النَّاسِ فَرْعٌ فِي الْمُقَدِّمَاتِ لَيْسَ بَعْدَ الْكُفْرِ أَعْظَمُ مِنَ الْقَتْلِ وَجَمِيعُ الذُّنُوبِ تَمْحُوهَا التَّوْبَةُ بِإِجْمَاعٍ إِلَّا الْقَتْلُ قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ إِنَّ الْوَعِيدَ محتم متحتم عَلَيْهِ لَا تَوْبَةَ لَهُ لِلْآيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهِيَ أخص من آيَات التَّوْبَة وأحاديثها فَتقدم عَلَيْهَا وَقَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ لَا يَجُوزُ إِمَامَتُهُ وَإِنْ تَابَ وَعَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (كُلُّ ذَنْبٍ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ إِلَّا مَنْ مَاتَ كَافِرًا أَوْ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا قَالَ وَلِأَنَّ مِنْ شَرْطِ التَّوْبَةِ رَدَّ التَّبعَات

- (النظر الأول - في الجناية)

وَرَدُّ الْحَيَاةِ عَلَى الْمَقْتُولِ مُتَعَذِّرٌ إِلَّا أَنْ يُحَالِلَهُ الْمَقْتُولُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِطِيبِ نَفْسِهِ قَالَ وَمَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ الْقَتْلَ لَا يُحْبِطُ الْأَعْمَال الصَّالِحَة فلابد مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ لِيُجَازَى عَلَى حَسَنَاتِهِ وَكَانَ ابْن شهَاب إِذا سُئِلَ عَن تَوْبَته سَأَلَ هَلْ قَتَلَ أَمْ لَا وَيُطَاوِلُهُ فِي ذَلِكَ فَإِنْ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْ قَالَ لَا تَوْبَةَ لَهُ وَإِلَّا قَالَ لَهُ التَّوْبَةُ وَإِنَّهُ لَحَسَنٌ فِي الْفَتْوَى وَمِنْ تَوْبَتِهِ عَرْضُ نَفْسِهِ عَلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ فَإِنْ أَقَادُوا مِنْهُ وَإِلَّا قَالَ لكم الدِّيَة وَصَامَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ أَوْ أَعْتَقَ رَقَبَةً وَيُكْثِرُ مِنَ الِاسْتِغْفَارِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُلَازِمَ الْجِهَادَ وَيَبْذُلَ نَفْسَهُ لله تعلى رُوِيَ كُلُّهُ عَنْ مَالِكٍ فِي قَبُولِ تَوْبَتِهِ فَإِنْ قُتِلَ الْقَاتِلُ قِصَاصًا قِيلَ ذَلِكَ كَفَّارَةٌ لَهُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (الْحُدُودُ كَفَّارَاتٌ لِأَهْلِهَا) وَقِيلَ لَيْسَ يَكُونُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَقْتُولَ لَا يَنْتَفِعُ بِالْقِصَاصِ بَلْ مَنْفَعَتُهُ بِالْإِحْيَاءِ زَجْرًا وَتَشَفِّيًّا وَالْمرَاد بِالْحَدِيثِ قَول الله تَعَالَى المحصور النَّظَرُ فِي الْجِنَايَةِ وَفِي إِثْبَاتِهَا وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَنْظَارٍ 3 - (النَّظَرُ الْأَوَّلُ - فِي الْجِنَايَةِ) وَلَهَا ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ الرُّكْنُ الْأَوَّلُ الْجَانِي وَفِي الْجَوَاهِر شُرُوطه الْتِزَامُ الْأَحْكَامِ فَلَا قِصَاصَ عَلَى صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ وَلَا حَرْبِيٍّ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ وَيُقْتَصُّ مِنَ الذِّمِّيِّ لِالْتِزَامِهِ أَحْكَامَنَا فِي عَدَمِ التَّظَالُمِ وَالسَّكْرَانِ لِأَنَّ الْمَعَاصِيَ لَا تَكُونُ أَسْبَابَ الرُّخَصِ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ جَنَى الصَّبِيُّ أَوِ الْمَجْنُونُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَكُلُّ خَطَأٍ تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ إِنْ بَلَغَ الثُّلُثَ وَإِلَّا فَفِي مَاله وَيتبع بِهِ دينا فِي 3 الذَّخِيرَة

عُدْمِهِ وَمَا جَنَى الْمَجْنُونُ فِي إِفَاقَتِهِ فَكَالصَّحِيحِ وَإِنْ رُفِعَ لِلْقَوَدِ وَقَدْ أَخَذَهُ الْجُنُونُ أُخِّرَ لِإِفَاقَتِهِ لِأَنَّهَا حَالَةٌ لَا تُنَاسِبُ الْعُقُوبَةَ قِيَاسًا على الْحُدُود وَلِأَنَّهُمَا غير مكلفين فيكونان كالمخطىء فِي الْقِصَاصِ أَوِ الدِّيَةِ لِأَنَّ قَتْلَ الْخَطَأِ لَيْسَ لِلَّهِ تَعَالَى فِيهِ حُكْمٌ لَا تَحْرِيمٌ وَلَا غَيْرُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ هَذَا فِي الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ أَمَّا الرَّضِيعُ وَنَحْوُهُ فَهدر كَالْبَهِيمَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ ابْنُ سَنَةٍ فَأَكْثَرَ مَا أَفْسَدَ فَعَلَيْهِ وَعَنْهُ فِي ابْنِ سَنَةٍ وَنِصْفٍ مَا أَفْسَدَ مِنَ الْمَالِ فَهَدَرٌ أَوِ الدَّمِ فَعَلَى الْعَاقِلَةِ إِنْ بَلَغَ الثُّلُث وَإِلَّا فَفِي مَاله يتبع بِهِ دِينَار فِي ذِمَّتِهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَإِن يأس مِنْ إِفَاقَةِ الْمَجْنُونِ الَّذِي أُخِّرَ حَتَّى يُفِيقَ فَالدِّيَةُ قَالَهُ مُحَمَّدٌ كَالْقِصَاصِ الْمُتَعَذِّرِ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ يُسَلَّمُ لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ وَإِنِ ارْتَدَّ ثُمَّ جُنَّ لَمْ يُقْتَلْ حَتَّى يَصِحَّ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ وَالْقَتْلُ حَقُّ الْعِبَادِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَأَرَى أَنْ يُخَيَّرَ الْوَلِيُّ فِي الْقِصَاصِ أَوِ الْعَفْوِ مَعَ الدِّيَةِ مِنْ مَالِهِ دُونَ الْعَاقِلَةِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِنْ قَتَلَ رَجُلٌ وَصَبِيٌّ عَمْدًا فَالدِّيَةُ عَلَيْهِمَا لِلشَّكِ فِي أَيِّهِمَا مَاتَ بهما قَالَ ابْن يُونُس يُرِيد ف الْأَوَّلِ أَنَّهُمَا تَعَاوَنَا عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَتَعَاقَدَا عَلَيْهِ وَلَا تَعَاوَنَا عَلَيْهِ بَلْ رَمَاهُ هَذَا عَمْدًا وَهَذَا عَمْدًا لَمْ يُقْتَلِ الرَّجُلُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ الْقَاتِلُ وَيُرِيدُ فِي الثَّانِي أَنَّ نِصْفَ الدِّيَةِ فِي مَالِ الرَّجُلِ وَنِصْفَهَا عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ قَالَ أَشْهَبُ يُقْتَلُ الْكَبِيرُ وَعَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ نِصْفُ الدِّيَةِ وَإِنْ قَتَلَ عَبْدٌ وَحُرٌّ عَبْدًا عَمْدًا قُتِلَ الْعَبْدُ وَعَلَى الْحُرِّ نِصْفُ قِيمَتِهِ فِي مَالِهِ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ عَمْدًا وَلَا يُقْتَلُ حُرٌّ بِعَبْدٍ وَإِنْ قَتَلَا حُرًّا خَطَأً فَعَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ نِصْفُ الدِّيَةِ وَيُخَيَّرُ سَيِّدُ الْعَبْدِ فِي إِسْلَامِهِ أَوْ فِدَائِهِ بِنِصْفِ الدِّيَةِ قَالَ مَالِكٌ إِنْ قَتَلَ أَبٌ وَرَجُلَانِ ابْنَهُ عَمْدًا قُتِلُوا أَوْ بِالرَّمْيِ وَالضَّرْبِ لَمْ يُقْتَلِ الْأَبُ قَالَ عبد المل عَلَيْهِ ثُلُثُ الدِّيَةِ مُغَلَّظَةً وَيُقْتَلُ

الرّجلَانِ وَإِن جرحه رجلَيْنِ خَطَأً وَالْآخَرُ عَمْدًا قَالَ أَشْهَبُ يَقْتَسِمُونَ عَلَى أَيهمَا شاؤا فَإِن اقتسموا على الْمُتَعَمد قَتَلُوهُ وعَلى المخطىء دِيَةُ الْجِنَايَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ ذَلِكَ إِنْ عُرِفَتْ جِنَايَةُ الْعَمْدِ مِنْ جِنَايَةِ الْخَطَأِ وَإِنِ اقْتَسَمُوا على المخطىء فَالدِّيَةُ كَامِلَةً عَلَى عَاقِلَتِهِ وَاقْتَصُّوا مِنَ الْمُتَعَمِّدِ جُرْحَهُ إِنْ كَانَ مِمَّا فِيهِ قِصَاصٌ وَإِلَّا أَخَذُوا دِيَةَ جِنَايَتِهِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ عَاشَ بَعْدَ مَوْتِهِمْ فَعَنْهُ الْقَسَامَةُ إِنِ اقْتَسَمُوا عَلَى الْمُتَعَمِّدِ قَتَلُوهُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْآخَرِ أَو على المخطىء فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَيَبْدَأُ الْمُتَعَمِّدُ لِأَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِالْقَسَامَةِ إِلَّا وَاحِدٌ قَالَ مُحَمَّدٌ وَيُضْرَبُ مِائَةً وَيُحْبَسُ سَنَةً فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِنْ قَتَلَ النَّائِمُ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ إِنْ بَلَغَ الثُّلُثَ وَإِنْ نَامَتْ عَلَى وَلَدِهَا فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهَا وَتُعْتِقُ رَقَبَةً فَرْعٌ إِنْ قَتَلَ وَلِيُّكَ عَمْدًا فَقَطَعْتَ يَدَهُ فَلَهُ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْكَ لِأَنَّ يَده يُوجَدُ لَهَا مُبِيحٌ وَفِي الْخَطَأِ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِكَ فَرْعٌ فِي النَّوَادِرِ إِنْ ضَرَبَهُ أَوْ رَفَسَتْهُ دَابَّةٌ أَوْ تَرَدَّى مِنْ حَائِطٍ فَمَاتَ قَعْصًا قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُقْتَلُ مُشَارِكُ الْأَبِ أَو الصَّبِي أَو المخطيء أَوِ الدَّابَّةِ أَوِ الْغَرَقِ أَوْ تَرَدَّى فَلَا قَسَامَةَ وَيَسْتَظْهِرُ فِي شَرِكَةِ الدَّابَّةِ وَالْهَدْمِ وَالْغَرَقِ بِالْقَسَامَةِ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ جُرْحِهِ لِأَنَّ مَا شَارَكَهُ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ تُشْبِهُ الْحَيَاةَ بَعْدَ الْجرْح وَإِن

لَمْ يُقْسِمُوا عَلَى شَرِيكٍ (لِلدَّابَّةِ) وَنَحْوِهَا ضُرِبَ وَسُجِنَ وَهَذَا إِذَا كَانَ اجْتِمَاعُهُمْ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ فَإِنِ افْتَرَقُوا وَعَاشَ بَعْدَ ضَرْبٍ فَهُوَ كَالْفَوْرِ وَإِنْ كَانَ الْأَخِيرَ فَغَصَّهُ وَلَمْ يَتَأَخَّرْ بَعْدَهُ فَهُوَ قَاتِلُهُ يُقْتَلُ إِنْ كَانَ مِمَّنْ يُقْتَلُ فِي الْعَمْدِ وَفِي الْخَطَأِ الدِّيَةُ بِلَا قَسَامَةٍ وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ دَابَّةً وَنَحْوَهُ وَقَدْ ذَهَبَ دَمُهُ هَدَرًا وَيُقْتَصُّ مِنْ جُرْحِ الْأَوَّلِ فِي الْعَمْدِ وَيُعْقَلُ فِي الْخَطَأِ وَمَتَى أَنَفَذَ الْأَوَّلُ مَقَاتِلَهُ فَالْحُكْمُ لَهُ قِصَاصًا وَدِيَةً وَاخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا شَارَكَهُ دَابَّةٌ وَنَحْوُهَا فَقَالَ مَرَّةً يُقْسِمُونَ عَلَى الْعَمْدِ وَجَعَلَهُ كَحَيَاةِ الْمَجْرُوحِ وَقَالَ مَرَّةً عَلَى الْمُتَعَمِّدِ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ وَيُضْرَبُ مِائَةً وَيُحْبَسُ فَرْعٌ قَالَ إِذَا اجْتَمَعَ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ وَصِبْيَانٌ واقتسموا عَلَى رَجُلٍ أَوِ امْرَأَةٍ فَقَتَلُوهُ وَالصِّبْيَانُ خَمْسَةٌ وَالرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ عِشْرُونَ فَخُمُسٌ عَلَى عَوَاقِلِ الصِّبْيَانِ أَخْمَاسًا قَالَ أَشْهَبُ قَالَ مُحَمَّدٌ يَقْسِمُونَ ثَانِيَةً عَلَى الصِّغَارِ وَعَلَى عَوَاقِلِهِمْ قَدْرُ مَا يَقَعُ عَلَيْهِمْ وَالَّذِي عَلَيْهِ أَصْحَابُ مَالِكٍ أَنَّ عَلَى مَنْ بَقِيَ مِنْ رَجُلٍ أَوِ امْرَأَةٍ الْحَبْسُ وَالضَّرْب وَإِن قَالُوا تقسم على الصغر أَقْسَمُوا عَلَيْهِمْ وَلَهُمُ الدِّيَةُ كُلُّهَا عَلَى عَوَاقِلِهِمْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ قُتِلَ الْكِبَارُ فَإِنْ كَانُوا عَشَرَةً وَالصِّغَارُ خَمْسَةً فَعَلَى عَوَاقِلِهِمْ ثُلُثُ الدِّيَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ فَرْعٌ قَالَ قَالَ مَالِكٌ قَطَعَ يَدَهُ حُرٌّ وَثَلَاثَةُ أَعْبُدٍ خطأ فَثَلَاثَة أرباعالعقل فِي رِقَابِ الْعَبِيدِ وَرُبُعُهُ فِي مَالِ الْحُرِّ أَوْ حُرٌّ أَوْ حُرَّانِ وَعَبْدٌ فَثُلُثَاهَا عَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ وَثُلُثُهَا فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ وَفِي الْعَمْدِ يُقْطَعُ الْحُرَّانِ وَثُلُثُ دِيَتِهَا فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ أَوْ مُسْلِمٌ وَنَصْرَانِيٌّ خَطَأً فَعَلَى عَاقِلَتِهِمَا نِصْفَيْنِ أَوْ عَمْدًا قُطِعَ الْمُسْلِمُ وَنِصْفُ الْعَقْلِ فِي مَالِ النَّصْرَانِيِّ

فَرْعٌ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ أَنْفَذَ الْأَوَّلُ مَقَاتِلَهُ وَأَجْهَزَ عَلَيْهِ الثَّانِي اقْتُصَّ مِنَ الْأَوَّلِ وَعُذِّرَ الثَّانِي وَقَدْ أَتَى عَظِيمًا وَعَنْهُ أَنَّهُ يُقْتَلُ الثَّانِي لِأَنَّهُ الْمُزْهِقُ وَيُعَاقَبُ الْأَوَّلُ وَإِنْ قَطَعَ الأول حُلْقُومَهُ وَبَقِيَتْ فِيهِ الْحَيَاةُ وَقطع الثَّانِي أَو داجه وَحَزَّ رَأْسَهُ قُتِلَ الْأَوَّلُ قَالَهُ أَشْهَبُ لِأَنَّهُ لَا يَعِيشُ مَعَ قَطْعِ الْحُلْقُومِ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِنْ ضَرَبَهُ أَحَدُهُمْ بِعَصًا وَضَرَبَ الْآخَرُ عُنُقَهُ قُتِلَ ضَارِبُ الْعُنُقِ فَقَطْ وَكَذَلِكَ إِنْ قَطَعَ يَدَهُ وَضَرَبَ الْآخَرُ عُنُقَهُ لِأَنَّهُ الْمُنْفِذُ لِلْمَقَاتِلِ الرُّكْنُ الثَّانِي الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فِي الْجَوَاهِرِ وَشَرْطُ ضَمَانِهِ بِالْقِصَاصِ أَنْ يَكُونَ مَعْصُومًا وَالْعِصْمَةُ بِالْإِسْلَامِ وَالْحريَّة والأمان فَإِن الْحَرْبِيّ وَال - يهدر الدَّمُ وَكَذَلِكَ الزِّنْدِيقُ وَالزَّانِي الْمُحْصَنُ أَمَّا الْمُسْتَحَقُّ فِي قِصَاصٍ فَدَمُ قَاتِلِهِ لِأَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ وَعَلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ آخِرًا إِرْضَاؤُهُمْ وَبَعْدَ ذَلِكَ شَأْنُهُمْ فِي قَاتِلِ وَلِيِّهِمْ بِالْقَتْلِ أَوِ الْعَفْوِ فَإِنْ لَمْ يُرْضُوهُمْ فَلِلْأَوَّلِينَ قَتْلُهُ أَوِ الْعَفْوُ وَلَهُمْ عَدَمُ الرِّضَا بِالدِّيَةِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهَا وَعَنِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا دِيَةَ لِوَلِيِّ الْأَوَّلِ وَلَا قَوَدَ كَمَا لَوْ مَاتَ الْقَاتِلُ فَإِنْ كَانَ الثَّانِي خَطَأً جَرَى الْخِلَافُ أَمَّا مَنْ فَقَأَ عَيْنَ رَجُلٍ وَفْقَأَ آخَرُ عَيْنَهُ ثُمَّ مَاتَ الفاقىء الثَّانِي فَلَا شَيْءَ لِلْأَوَّلِ لِتَعَذُّرِ الْمَحَلِّ فَإِنْ قُطِعَتْ يَدُهُ مِنْ مَنْكِبِهِ ثُمَّ قُطِعَتْ يَد الْقَاطِع من الْكَفّ فللأول قطع كف قَاطع قَاطِعِهِ أَوْ يُقْطَعُ مِنَ الْمَنْكِبِ فَفِيهِ يَدُ قَاطِعِهِ لِأَنَّهُ بَقِيَّةُ حَقِّهِ فَرْعٌ فِي النَّوَادِرِ قَالَ سَحْنُونٌ إِنْ قَطَعَ الذِّمِّيُّ يَدَ مُعَاهَدٍ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَلَحِقَ بِأَرْضِ الْحَرْبِ نَاقِضًا للْعهد فَمَاتَ منا لجرح فلوليها الْقِصَاصُ فِي الْجِرَاحِ دُونَ الْقَتْلِ لِأَنَّهُ بَعْدَ الْعِصْمَةِ فَإِنْ أَمَّنَهُ الْإِمَامُ فَمَاتَ فَلَا قَوَدَ لِأَنَّهُ سَقَطَ بِنَقْضِ الْعَهْدِ

فَلَا يَعُودُ بِالْأَمَانِ وَعَنْهُ إِنْ حَلَفُوا لَمَاتَ مِنَ الْجُرْحِ فَدِيَتُهُ فِي مَالِ الْجَانِي وعِنْدَ أَشْهَبَ يُقْتَلُ بِأَيْمَانِهِمْ نَظَرًا لِيَوْمِ الْمَوْتِ وَإِنْ قَطَعَ مُسْلِمٌ يَدَ مُسْلِمٍ فَارْتَدَّ الْمَقْطُوعُ وَمَاتَ فَغَيْرُ أَشْهَبَ يَرَى لِلْوَلِيِّ قَطْعَ الْيَدِ وَلَيْسَ لَهُمُ الْقَسَامَةُ لَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ وَيُقْتَلُونَ وَلَهُمُ القاسمة لِأَخْذِ الدِّيَةِ وَفِي الْقَوْلِ الْآخَرِ يُقْسِمُونَ وَيُقْتَلُونَ وَإِنِ اصْطَلَحُوا عَلَى الدِّيَةِ فِدْيَةُ مُسْلِمٍ لِأَنَّهُ وَقْتَ الضَّرْبِ وَإِنْ قَطَعَ مُسْلِمٌ يَدَ نَصْرَانِيٍّ فَأَسْلَمَ فَمَاتَ مِنْ جُرْحِهِ فَلِوَرَثَتِهِ إِنْ كَانُوا مُسْلِمِينَ أَنْ يُقْسِمُوا لَمَاتَ مِنْ جُرْحِهِ وَيَأْخُذُوا دِيَةَ مُسْلِمٍ وَإِنْ جَرَحَ مُسْلِمٌ أَوْ حَرْبِيٌّ معاهدا فلحق بدار الْحَرْب وسباه المسلمونومات مِنْ جُرْحِهِ فَلَا قَوَدَ فِيهِ عَلَى الذِّمِّيِّ فِي النَّفْسِ وَاقْتُصَّ مِنْهُ فِي الْجُرْحِ وَدِيَتُهُ نصف دِيَة نَصْرَانِيّ فيأ لِلْمُسْلِمِينَ قَالَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَقِيلَ دِيَةُ يَدهٍ لِوَرَثَتِهِ فَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدَ حُصُولِهِ فِي يَدِ مَنْ صَارَ لَهُ ثُمَّ مَاتَ عَبْدًا فَلَا قِصَاصَ عَلَى الذِّمِّيِّ فِي النَّفْسِ لِأَنَّهُ مَاتَ عَبْدًا وَلِلْوَارِثِ الْقِصَاصُ فِي الْيَدِ فرع قَالَ قَالَ ابْن الْقسم إِنْ قَالَ أَحَدُ عَبْيدَيَّ حُرٌّ فَقَتَلَهُمْ أَوْ أَحَدَهُمْ رَجُلٌ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَ السَّيِّدُ مَنْ أَرَادَ وَقَالَ السَّيِّدُ الْآنَ أَرَدْتُ الْمَقْتُولَ لَا يُصَدَّقُ فِي أَخْذِ الدِّيَةِ وَإِنَّمَا لَهُ قِيمَةُ عَبْدِهِ وَيُصَدَّقُ أَنَّهُ أَرَادَ الْبَاقِيَ مَعَ يَمِينِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ قَالَ لَمْ تَكُنْ لِي نِيَّةٌ فِي وَاحِدٍ بِعَيْنِهِ عُتِقَ الْبَاقِي وَلَهُ فِي الْمَقْتُولِ قِيمَةُ عَبْدٍ وَإِنْ قَالَ ذَلِكَ فِي وَصِيَّتِهِ وَمَاتَ فَلَهُمَا حُكْمُ الْعَبِيدِ إِنْ قُتِلَا حَتَّى يَنْفُذَا مِنَ الثُّلُثِ فَرْعٌ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ عَقْلُ الْمُرْتَدِّ فِي الْعمد وَالْخَطَأ عقل

فِي النَّفس وَالْجرْح رَجَعَ إِلَى السَّلَام أَمْ لَا لِأَنَّهُمْ أَقَلُّ الْكُفَّارِ عَقْلًا وَأَنْكَرَهُ سَحْنُونٌ وَقَالَ أَشْهَبُ عَقْلُ الدِّينِ الَّذِي ارْتَدَّ إِلَيْهِ وَإِن قتل زنديقا فر قِصَاصَ وَلَا دِيَةَ قَالَه ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ قتل لابد مِنْهُ بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ وَإِنْ قَتَلَ الْمُرْتَدُّ مُسْلِمًا خَطَأً فَالدِّيَةُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ يَرِثُونَهُ أَوْ عَمْدًا فَلَا شَيْءَ فِي مَالِهِ وَإِنْ قَتَلَ الْمُرْتَدُّ نَصْرَانِيًّا أَوْ جَرَحَهُ اقْتُصَّ مِنْهُ كَقَتْلِ الْكَافِرِ بِالْمُسْلِمِ وَإِنْ جَرَحَ مُسْلِمًا لَمْ يُقْتَصَّ مِنْهُ أَوْ قَتَلَ مُسْلِمًا قُتِلَ بِهِ وَإِنْ جَرَحَ الْمُرْتَدُّ أَوْ قَتَلَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْإِسْلَامِ فَإِنْ كَانَ قَتَلَ نَصْرَانِيًّا لَمْ يُقْتَلْ بِهِ أَوْ حُرًّا مُسْلِمًا اقْتُصَّ مِنْهُ تَنْبِيهٌ ثُمَّ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ قَدْ تَكُونُ نَفْسًا تَامَّةً أَوْ جَنِينًا أَوْ عُضْوًا أَوْ مَنْفَعَةً أَوْ هُمَا مَعًا الرُّكْنُ الثَّالِثُ الْجِنَايَةُ نَفْسُهَا وَهِيَ الْعَقْلُ وَيَتَمَهَّدُ فِقْهُهُ بِبَيَانِ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ وَكُلُّهَا إِمَّا مُبَاشَرَةً أَوْ تَسَبُّبًا أَوْ هُمَا أَوْ بِطَرَيَانِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَالشَّرِكَةِ فِيهَا فَهَذِهِ ثَمَانِيَةُ أَقْسَامٍ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ الْعَمْدُ فِي الْجَوَاهِرِ الْعَمْدُ مَا قُصِدَ فِيهِ إِتْلَافُ النَّفْسِ وَكَانَ مِمَّا يَقْتُلُ غَالِبًا مِنْ مُحَدَّدٍ أَوْ مُثَقَّلٍ أَوْ بِإِصَابَةِ الْمَقَاتِلِ كَعَصْرِ الْأُنْثَيَيْنِ أَوْ شَدِّهِ وَضَغْطِهِ أَوْ يَهْدِمُ عَلَيْهِ بُنْيَانًا أَوْ يَصْرَعُهُ وَيَجُرُّ بِرِجْلِهِ عَلَى غَيْرِ اللَّعِبِ أَوْ يُغْرِقُهُ أَوْ يَحْرِقُهُ أَوْ يَمْنَعُهُ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَأَمَّا اللَّطْمَةُ وَاللَّكْزَةُ فَتَتَخَرَّجُ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ فِي نَفْيِهِ وَإِثْبَاتِهِ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ طَرَحَهُ فِي نَهْرٍ وَلَا يَعْلَمُ أَنَّهُ يُحْسِنُ الْعَوْمَ عَلَى وَجْهِ الْعَدَاوَةِ قُتِلَ أَوْ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَفِيهِ الدِّيَةُ وَإِنْ تَعَمَّدَ ضَرْبَهُ بِلَطْمِهِ أَوْ بِلَكْزِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَفِيهِ الْقَوَدُ وَمِنَ الْعَمْدِ مَا لَا قَوَدَ فِيهِ كَالْمُتَصَارِعَيْنِ وَالْمُتَرَامِيَيْنِ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ أَوْ يَأْخُذُ بِرِجْلِهِ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ فَفِيهِ دِيَةُ الْخَطَأِ عَلَى الْعَاقِلَةِ أَخْمَاسًا فَإِنْ تَعَمَّدَ هَؤُلَاءِ الْقَتْلَ بِذَلِكَ فَفِيهِ الْقِصَاصُ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ قِيلَ هَذَا إِذَا كَانَا مَعًا يَتَفَاعَلَانِ ذَلِكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعَ الآخر

وَهُوَ ظَاهِرُ لَفْظِهِ أَمَّا إِذَا فَعَلَ أَحَدُهُمَا عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ وَالْآخِرُ لَمْ يُلَاعِبْهُ وَلَا رَمَاهُ فَالْقِصَاصُ قَالَهُ مَالِكٌ وَقِيلَ سَوَاءٌ اللَّعِبُ وَغَيره مِنْهُمَا أومن أَحَدِهِمَا وَهُوَ الصَّوَابُ وَالتَّفْرِيقُ بَعِيدٌ إِذَا عُرِفَ قصد اللّعب وَتَكون رِوَايَة عبد الْملك أَنه ذَلِكَ كَالْخَطَأِ خِلَافًا وَكَذَلِكَ اخْتُلِفَ فِي الْأَدَبِ وَالْعَقْلِ الْجَامِعِ كَالْحَاكِمِ وَالْجَلَّادِ وَالْمُؤَدِّبِ وَالْأَبِ وَالزَّوْجِ وَالْخَاتِنِ وَالطَّبِيبِ فَقِيلَ كَالْخَطَأِ وَيَدْخُلُهُمَا الِاخْتِلَافُ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ قَالَ اللَّخْمِيُّ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ دِيَةُ اللَّعِبِ مُغَلَّظَةُ الْأَخْمَاسِ الْقِسْمُ الثَّانِي الْخَطَأُ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْخَطَأُ مَا لَا قَصْدَ فِيهِ لِلْفِعْلِ كَمَا لَوْ سَقَطَ عَلَى غَيْرِهِ أَوْ مَا قَصْدَ فِيهِ لِلْفِعْلِ إِلَى الشَّخْصِ كَمَا لَوْ رمى صيدا فَقتل إنْسَانا وَظن الْإِبَاحَة تصير الْعَمْدَ خَطَأً كَقَاتِلِ رَجُلٍ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ غَلَبَةً وَفِي الْكُفَّارِ وَهُوَ مُسْلِمٌ فَلَا قِصَاصَ وَفِيهِ الْكَفَّارَةُ وَالدِّيَةُ أَوْ قَتَلَ رَجُلًا عَمْدًا يَظُنُّهُ مِمَّنْ لَوْ قَتَلَهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ قِصَاصٌ فَلَا قِصَاصَ الْقِسْمُ الثَّالِثُ شِبْهُ الْعَمْدِ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ هُوَ مَا أَشْكَلَ أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ الْقَتْلُ وَلَمْ يَرَهُ مَالِكٌ إِلَّا فِي الْآبَاءِ مَعَ أَبْنَائِهِمْ وَغَيْرُهُ يَرَى فِيهِ الدِّيَةَ مُطْلَقًا مُثَلَّثَةً عِنْدَ (ش) وَمُرَبَّعَةً عِنْدَ (ح) وَصفته عِنْدهم فِي غير الْآبَاءِ مَعَ أَبْنَائِهِمْ وَغَيْرُهُ يَرَى فِيهِ الدِّيَةَ مُطْلَقًا مُثَلَّثَةً عِنْدَ (ش) وَمُرَبَّعَةً عِنْدَ (ح) وَصِفَتُهُ عِنْدَهُمْ فِي غَيْرِ الْآبَاءِ أَنْ يَضْرِبَهُ عَمْدًا عَلَى وَجْهِ الْفَائِدَةِ وَالْغَضَبِ لَا يَقْصِدُ قَتْلَهُ وَبِغَيْرِ آلَةٍ الْقَتْلِ كَالسَّوْطِ وَالْعَصَا (قَالَ اللَّخْمِيُّ شِبْهُ الْعَمْدِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ بِغَيْرِ آلَةٍ الْقَتْل كَالسَّوْطِ وَالْعَصَا) وَالْبُنْدُقَةِ إِلَّا أَنْ يَقُومَ دَلِيلُ الْعَمْدِ لِقُوَّةِ الضَّرْبَةِ أَوْ بِآلَةِ الْقَتْلِ مِمَّنْ لَا يُتَّهَمُ كَالْأَبَوَيْنِ أَوْ مِمَّنْ كَالطَّبِيبِ وَصِفَتُهُ) وَتقدم تسط مَنْعِ إِرَادَتِهِ كَالْمُصَارِعِ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ إِنْ قصد

الْفِعْلَ دُونَ الْقَتْلِ فَثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ لَعِبٌ وَأَدَبٌ وَفَائِدَة فَفِي الول ثَلَاثَة أَقْوَال قَالَ ابْن الفقاسم هُوَ خَطَأٌ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْكِتَابِ وَرُوِيَ عبد الْملك عوم عِنْد يُقْتَصُّ بِهِ وَتَأَوَّلَ الْأَوَّلُ عَلَى أَنَّ صَاحِبَهُ لَاعَبَهُ وَبَقِيَ الْخِلَافُ وَالظَّاهِرُ ثُبُوتُهُ وَالثَّالِثُ ابْنُ وهب هُوَ شبه الْعمد تفلظ دِيَتُهُ عَلَى الْجَانِي فِي مَالِهِ ثَلَاثُونَ حِقَّةً وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً وَأَرْبَعُونَ خَلِفَةً وَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَ أَنْ يلاعبه أم لَا قَول رَابِع وَفِي الدب تَجْرِي الثَّلَاثَةُ الْأَقْوَالِ الْأُوَلِ وَقَالَ الْبَاجِيُّ إِنَّمَا يُخْتَلَفُ فِي تَغْلِيظِ الدِّيَةِ وَلَا قِصَاصَ بِحَالٍ وَهَذَا إِذَا عُلِمَ أَنَّهُ ضَرَبَهُ أَدَبًا وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ إِلَّا مِنْ قَوْلِهِ فَفِي تَصْدِيقِهِ قَوْلَانِ إِنَّ الظَّاهِرَ يَقْتَضِي الْقِصَاصَ وَفِي النَّائِرَةِ قَوْلَانِ الْمَشْهُورُ الْقِصَاصُ إِلَّا فِي الْأَبِ وَالْأُمِّ وَالْجَدِّ وَعَنْهُ لَا قِصَاصَ وَهُوَ شِبْهُ الْعمد فعله فِيهِ الدِّيَةُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ (ش) وَ (ح) وَغَيْرُهُمَا وَاخْتَلَفُوا هَلْ يَخْتَصُّ بِالتَّعْيِينِ قَالَهُ (ح) وَصَاحِبَاهُ أَمْ لَا وَاخْتَلَفُوا فِي صِفَتِهِ فَقَالَ (ح) لَا يُقْتَصُّ إِلَّا فِيمَنْ قتل بحديدة أَو ضهطة الْغَضَب أَوِ النَّارِ وَقِيلَ لَا يُقْتَصُّ إِلَّا فِي الْحَدِيدَةِ وَإِنْ قَصَدَ الْقَتْلَ فَقِسْمَانِ غِيلَةً فَيُقْتَلُ عَلَى كُلِّ حَالٍ لِأَنَّهُ حِرَابَةٌ وَنَائِرَةٌ خُيِّرَ الْوَلِيُّ فِي الْقِصَاصِ وَالْعَفْوِ إِلَّا لِمَنْ يُقْتَلُ بَعْدَ أَخْذِ الدِّيَةِ فَقِيلَ لَا يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ الْعَفو بقوله {فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} وَعَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ (لَا أُعْفِي رَجُلًا قَتَلَ بَعْدَ أَخْذِ الدِّيَةِ) هَذَا نَصُّ الْمُقَدِّمَاتِ وَالشَّافِعِيَّة يسمونه عمد الْخَطَأ وَالْجِنَايَة شبه الْعمد \ وَاحْتج الْأَئِمَّةُ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي أَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِ (أَلَا إِنَّ دِيَةَ الْخَطَأ فِي شبه الْعمد كَانَ بِالسَّوْطِ وَالْعَصَا مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ مِنْهَا أَرْبَعُونَ فِي بطونها أَوْلَادهَا

وَيرى أَلَا إِنَّ فِي قَتِيلِ الْعَمْدِ الْخَطَأِ قَتِيلِ السَّوْطِ وَالْعَصَا مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ وَفَسَّرَهُ الْأَئِمَّةُ بِالضَّرْبِ بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا كَالْعَصَا الصَّغِيرِ وَالسَّوْطِ وَنَحْوِهِ وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْمَعُونَةِ اجْتَمَعَ شِبْهُ الْعَمْدِ لِأَنَّهُ ضَرَبَهُ بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا وَشِبْهُ الْخَطَأِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدِ الْقَتْلَ فَلَمْ يُعْطَ حُكْمَ أَحَدِهَما فَغُلِّظَتِ الدِّيَةُ وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَذْكُرْ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ إِلَّا الْعَمْدَ وَالْخَطَأَ وَلَوْ كَانَ ثَالِثٌ لَذَكَرَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكتاب من شَيْء} الْقِسْمُ الرَّابِعُ فِي بَيَانِ الْمُبَاشَرَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ هِيَ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ زُهُوقُ الرُّوحِ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ كَحَزِّ الرَّقَبَةِ أَوْ بِوَاسِطَةٍ كَالْجِرَاحَاتِ الْمُفْضِيَةِ لِلْمَوْتِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا كَالْخَنْقِ وَالْحَرْقِ وَالتَّغْرِيقِ وَشِبْهِهِ وَتَحْدِيدُهُ مَا يَعُدُّهُ أَهْلُ الْعَادَةِ عِلَّةَ الزُّهُوقِ مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةٍ الْقِسْمُ الْخَامِسُ السَّبَبُ وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ كَحَفْرِ الْبِئْرِ حَيْثُ لَا يُؤْذَنُ لَهُ قَصْدَ الْإِهْلَاكِ وَالْإِكْرَاهِ وَشَهَادَةِ الزُّورِ فِي الْقِصَاصِ عَلَى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَتَقْدِيمِ الطَّعَامِ الْمَسْمُومِ لِلضَّيْفِ وَحَفْرِ بِئْرٍ فِي الدِّهْلِيزِ وَتَغْطِيَتِهِ عِنْدَ دُخُولِ الدَّاخِلِ أَوْ حَفْرِهِ لِيَقَعَ فِيهِ ثمَّ وَقع فِيهِ غَيْرُهُ وَضَابِطُهُ مَا تَشْهَدُ الْعَادَةُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِي زُهُوقِ الرُّوحِ وَأَنَّ لَهُ مَدْخَلًا فِيهِ الْقِسْمُ السَّادِسُ اجْتِمَاعُ السَّبَبِ وَالْمُبَاشَرَةِ وَلَهُ ثَلَاثُ رُتَبٍ الرُّتْبَةُ الْأُولَى تَغْلِيبُ السَّبَبِ عَلَى الْمُبَاشَرَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ ظَاهِرٌ إِذَا لَمْ تَكُنِ الْمُبَاشَرَةُ عُدْوَانًا كَحَفْرِ بِئْرٍ عَلَى طَرِيقِ الْأَعْمَى لَيْسَ فِيهَا غَيْرُهُ وَلَا طَرِيقَ لَهُ غَيْرُهَا أَوْ طَرْحِهِ مَعَ سَبُعٍ فِي مَكَانٍ ضَيِّقٍ أَوْ أَمْسَكَهُ عَلَى ثُعْبَانٍ مُهْلِكٍ أَوْ قَدَّمَ الطَّعَامَ الْمَسْمُومَ أَوْ غَطَّى رَأْسَ الْبِئْرِ فِي الدِّهْلِيزِ وَاتَّفَقَتِ الرِّوَايَةُ عَلَى تَغْلِيبِ السَّبَبِ فِي شُهُودِ الْقِصَاصِ إِذَا رَجَعُوا بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ وَالْوَلِيُّ غَيْرُ عَالِمٍ بِالتَّزْوِيرِ وَإِلَّا

فالولي مَعَهم شريك لاعتدال السَّبَب الْمُبَاشرَة إِنْ حَدَّدَ قَصَبًا أَوْ عِيدَانًا فِي بَابِ الْجنان لتدخل فِي رجل الدَّاخِلِ مِنْ سَارِقٍ أَوْ غَيْرِهِ فِيهِ الدِّيَةُ دُونَ الْقَوَدِ لِأَنَّهُ فَعَلَهُ فِي مِلْكِهِ قَالَ أَشْهَبُ وَكَذَلِكَ إِنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي أَرْضِهِ لِيَسْقُطَ فِيهَا سَارِقٌ أَوْ طَارِقٌ وَكَذَلِكَ إِنْ جَعَلَ عَلَى حَائِطِهِ شَرَكًا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ تَمَادَى بِالْإِشَارَةِ بِالسَّيْفِ عَلَيْهِ وَهُوَ يَهْرُبُ وَهُوَ عَدُوُّهُ فَهَرَبَ حَتَّى مَاتَ فَالْقِصَاصُ وَإِنْ مَاتَ مِنْ أَوَّلِ الْإِشَارَةِ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ طَلَبَهُ بِالسَّيْفِ فَمَا زَالَ يَجْرِي حَتَّى مَاتَ يُقْسِمُ وُلَاتُهُ لَمَاتَ مِنْ خَوْفِهِ وَيُقْتَلُ وَإِنْ أَشَارَ فَقَطْ فَمَاتَ وَبَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ فَهُوَ مِنَ الْخَطَأِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ طَلَبَهُ بِالسَّيْفِ فَعَثَرَ فَمَاتَ فَالْقِصَاصُ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ ابْنُ مُيَسَّرٍ لَا قِصَاصَ فِي هَؤُلَاءِ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مَاتَ مِنْ شِدَّةِ الْجَرْيِ لَا مِنَ الْخَوْفِ أَوْ مِنْهُمَا وَلَا يُمْكِنُ الْقِصَاصُ إِلَّا عَلَى نَفْيِ شُبْهَةِ الْعَمْدِ وَاسْتَحْسَنَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْقَرَوِيِّينَ وَإِنْ طَرَحَ عَلَيْهِ حَيَّةً لَا يَلْبَثُ لَدِيغُهَا عَلَى غَيْرِ وَجْهِ اللَّعِبِ مِثْلَ تَعَوُّدِ الْجُرْأَةِ قُتِلَ بِهِ وَلَا يُصَدَّقُ فِي إِرَادَةِ اللَّعِبِ وَإِنَّمَا اللَّعِبُ مَا يَفْعَلُهُ الشَّبَابُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ فَإِنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ غَائِلَةَ أَنْوَاعِ الْحَيَّاتِ فَهَذَا خَطَأٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ قَالَ لَهُ اقْطَعْ يَدِي أَوْ يَدَ عَبْدِي فَعَلَى الْمَأْمُورِ الْعُقُوبَةُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ فِي الْحُرِّ وَلَا غَيْرِهِ لِلْإِذْنِ الرُّتْبَةُ الثَّانِيَةُ أَنْ تَغْلِبَ الْمُبَاشَرَةُ لِسَبَبٍ كَحَافِرِ الْبِئْرِ فِي دَاره لنفع نَفسه فردى فِيهَا رَجُلًا فَالْقَوَدُ عَلَى الْمَرَدِّي دُونَ الْحَافِرِ تَغْلِيبًا لِلْمُبَاشَرَةِ لِعَدَمِ الْعُدْوَانِ فِي السَّبَبِ وَتَحَقَّقْ فِيهِ الرُّتْبَةُ الثَّالِثَةُ اعْتِدَالُ السَّبَبِ وَالْمُبَاشَرَةِ فَيُقْتَصُّ مِنْهَا كَالْإِكْرَاهِ عَلَى الْفِعْلِ يُقْتَلُ الْمُكْرِهُ لِقُوَّةِ إِلْجَائِهِ وَالْمُكْرَهُ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ وَيَلْحَقُ بِهِ مَنْ تَتَعَذَّرُ مُخَالفَته كالسيد

يَأْمُرُ عَبْدَهُ وَالسُّلْطَانِ يَأْمُرُ رَجُلًا فَأَمَّا الْأَبُ يَأْمُرُ وَلَدَهُ وَالْمُعَلِّمُ يَأْمُرُ صَبِيًّا وَالصَّانِعُ بَعْضَ مُتَعَلِّمِيهِ وَالْمَأْمُورُ مُحْتَلِمٌ قُتِلَ وَحْدَهُ دُونَ الْآمِرِ أَوْ غَيْرُ مُحْتَلِمٍ قُتِلَ الْآمِرُ لِقُوَّةِ إِلْجَائِهِ لِضَعْفِ جَنَانِ الصَّبِيِّ وَعَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ نِصْفُ الدِّيَة لمشاركته قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ لَا يُقْتَلُ الْأَبُ وَلَا السَّيِّدُ وَإِنْ أَمَرَ أَعْجَمِيًّا أَمَّا مَنْ تُخَافُ مُخَالَفَتُهُ فَيُقْتَلُ الْمَأْمُورُ دُونَ الْآمِرِ وَيضْرب الْآمِر وَيحبس فَإِن اسْمك الْقَاتِلُ اقْتُصَّ مِنْهُمَا لِلِاعْتِدَالِ وَشَرَطَ الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا فِي الْمُمْسِكِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لَوْلَاهُ لَمْ يَقْدِرِ الْآخَرُ عَلَى الْقَتْلِ وَكَالْحَافِرِ عُدْوَانًا مَعَ الْمُرَدِّي كَمَنْ حَفَرَ بِئْرًا لِيَقَعَ فِيهَا رَجُلٌ فَرَدَّى ذَلِكَ الرَّجُلَ فِيهَا غَيْرُ الْحَافِرِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحسن يقتلان للاعتدال وَقَالَ القَاضِي أَوب عَبْدِ اللَّهِ بْنُ هَارُونَ يُقْتَلُ الْمُرَدِّي دُونَ الْحَافِر تَغْلِيبًا للمباشرة كشهود الْقصاص مَعَ الْوَلِيّ كَمَا سبق بَيَانه فرع فِي الكتابإن سَقَاهُ سُمًّا قُتِلَ بِهِ بِقَدْرِ مَا يَرَى الْإِمَامُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنِ قَالَ سَقَانِي سُمًّا وَقَدْ تَقَيَّأَ مِنْهُ (أَوْ لَمْ يَتَقَيَّأْ) فَمَاتَ مِنْهُ فَفِيهِ الْقَسَامَةُ (وَلَا يُقَادُ مِنْ سَاقِي السُّمِّ وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ سَقَاهُ سُمًّا فَفِيهِ الْقَسَامَةُ) قَالَ أَصْبَغُ إِنْ قَدَّمَتْ إِلَيْهِ امْرَأَتُهُ طَعَامًا فَلَمَّا أَكَلَهُ تَقَيَّأَ أَمْعَاءَهُ مَكَانَهُ فَأَشْهَدَ أَنَّهَا امْرَأَتُهُ وخالتها فُلَانَة فَإِن فَإِنْ أَقَرَّتِ امْرَأَتُهُ أَنَّ الطَّعَامَ أَتَتْ بِهِ خَالَتُهَا فَفِيهِ الْقَسَامَةُ وَقَوْلُهُ امْرَأَتِي وَخَالَتُهَا يَكْفِي وَإِنْ لَمْ يَقُلْ مِنْهُ أَمُوتُ فَإِذَا ثَبَتَ قَوْله بِشَاهِدين أَقْسمُوا على أإدى الْمَرْأَتَيْنِ فَتُقْتَلُ وَلَا يَنْفَعُ الْمَرْأَةَ قَوْلُهَا خَالَتِي أَتَتْنِي بِهِ وَتُضْرَبُ الْأُخْرَى مِائَةً وَتُحْبَسُ سَنَةً

فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا دَفَعَ لِصَبِيٍّ دَابَّةً يهيئها أَوْ سِلَاحًا فَمَاتَ بِذَلِكَ فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَيُعْتِقُ رَقَبَةً وَإِنْ حَمَلَهُ عَلَى دَابَّتِهِ يُمْسِكُهَا فَوَطِئَتْ رَجُلًا فَقَتَلَتْهُ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ لِأَنَّهُ الْمُحَرِّكُ لِلدَّابَّةِ بِرُكُوبِهِ عَلَيْهَا وَلَا رُجُوعَ لِعَاقِلَتِهِ عَلَى الْعَاقِلَةِ الْأُخْرَى الْقِسْمُ السَّابِعُ فِي طَرَيَانِ الْمُبَاشَرَةِ عَلَى الْمُبَاشَرَةِ فَيُقَدَّمُ الْأَقْوَى فَإِنْ جَرَحَ الْأَوَّلَ وَحَزَّ الثَّانِي الرَّقَبَةَ اقْتُصَّ مِنَ الثَّانِي أَو أنقذ الْأَوَّلُ الْمَقَاتِلَ وَأَجْهَزَ الثَّانِي اقْتُصَّ مِنَ الْأَوَّلِ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ وَبُولِغَ فِي عُقُوبَةِ الثَّانِي قَالَهُ ابْن الْقسم وَعَنْهُ يُقْتَلُ الْمُجْهِزُ وَيُعَاقَبُ الْأَوَّلُ وَإِنِ اجْتَمَعُوا عَلَى ضَرْبِهِ فَقَطَعَ هَذَا يَدَهُ وَقَلَعَ الْآخَرُ عَيْنَهُ وَجَدَعَ الْآخَرُ أَنْفَهُ وَقَتَلَهُ آخَرُ وَقَدِ اجْتَمَعُوا عَلَى قَتْلِهِ فَمَاتَ مَكَانَهُ قُتِلُوا بِهِ لِاشْتِرَاكِهِمْ فِيهِ وَإِنْ كَانَ جُرْحُ بَعْضِهِمْ أَنَكَى وَلَا قصاص لَهُ فِي الْجرْح مَا لَمْ يَتَعَمَّدُوا الْمُثْلَةَ مَعَ الْقَتْلِ وَإِنْ لَمْ يُرِيدُوا قَتْلَهُ اقْتُصَّ مِنْ كُلٍّ بِجُرْحِهِ وَقُتِلَ قَاتِلُهُ وَإِنْ قَتَلَ مَرِيضًا مُشْرِفًا قُتِلَ الْقِسْمُ الثَّامِنُ فِي الشَّرِكَةِ فِي الْمُوجَبِ وَفِي الْجَوَاهِر كَمَا إِذا حفر بِئْرا انهارت عَلَيْهِمْ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا قَالَ أَشْهَبُ عَلَى عَاقِلَةِ الْآخَرِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَكَمَا لَوْ جَرَحَ نَفْسَهُ وَجَرَحَهُ غَيْرُهُ فَمَاتَ فَيَجِبُ لَهُ أَرْشُ مَا يُقَابِلُ فِعْلَ الْغَيْرِ النَّظَرُ الثَّانِي فِي إِثْبَاتِ الْجِنَايَة وَله ثَلَاث طُرُقٍ الْإِقْرَارُ وَالْبَيِّنَةُ وَالْقَسَامَةُ الطَّرِيقُ الْأَوَّلُ الْإِقْرَارُ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ أَقَرَّ بِقَتْلِ خَطَأٍ وَاتُّهِمَ أَنَّهُ أَرَادَ مُنَاوَلَةَ الْمَقْتُولِ كَالْأَخِ وَالصَّدِيقِ لَمْ يُصَدَّقْ أَوْ مِنَ الْأَبَاعِدِ صُدِّقَ إِنْ كَانَ ثِقَة

مَأْمُونًا لَمْ يُخَفْ أَنْ يُرْشَى عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ تَكُونُ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ بِقَسَامَةٍ لَا بِإِقْرَارِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ فَإِنْ لَمْ يُقْسِمِ الْأَوْلِيَاء فَلَا شَيْء لَهُم فِي مَالِ الْمُقِرِّ كَمَا لَوْ ضَرَبَ رَجُلٌ فَقَالَ قَتَلَنِي فُلَانٌ خَطَأً صُدِّقَ وَتَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ بِالْقَسَامَةِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُمْ وَلَا فِي مَال الْمُدَّعِي عَلَيْهِ الطَّرِيق الثَّانِي الْبَيِّنَة وَفِي الْكِتَابِ إِنْ شَهِدَ شَاهِدٌ بِقَتْلٍ خَطَأٍ أَقْسَمَ أَوْلِيَاءُ الْقَتِيلِ وَاسْتَحَقُّوا الدِّيَةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَيُعْتِقُ رَقَبَةً فَإِنْ شَهِدَ آخَرُ عَلَى إِقْرَارِ الْقَاتِلِ بِذَلِكَ لَمْ يَجِبْ لَهُمَا عَلَى الْعَاقِلَةِ وَيُعْتِقُ رَقَبَةً فَإِنْ شَهِدَ آخَرُ عَلَى إِقْرَارِ الْقَاتِلِ بِذَلِكَ لَمْ يَجِبْ لَهُمَا عَلَى الْعَاقِلَةِ شَيْءٌ إِلَّا بِالْقَسَامَةِ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَا يُوجِبُ عَلَيْهِمْ شَيْئًا وَلَا يَثْبُتُ إِقْرَارُ الْقَاتِلِ إِلَّا بِشَاهِدين وَحِينَئِذٍ يقسمون لِأَنَّهُ حكم مشترط فِيهِ النِّصَابُ وَتَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي جِرَاحِ الْخَطَأِ وَقَتْلِ الْخَطَأِ لِأَنَّهُ مَالٌ وَإِنْ شَهِدَ مَعَ رَجُلٍ عَلَى مُنَقِّلَةٍ أَوْ مَأْمُومَةٍ عَمْدًا جَازَت شَهَادَتهم لِأَن عمدها كخطائها قَالَ فِي النُّكَتِ إِنْ شَهِدَ وَاحِدٌ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ حَلَفَ مَعَهُ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ مُقِرٌّ على نَفسه الْقَاتِل مُقِرٌّ عَلَى غَيْرِهِ الَّذِي هُوَ الْعَاقِلَةُ فَهُوَ كَشَاهِدٍ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَإِنَّمَا تَتِمُّ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ إِذَا لَمْ يُعْرَفْ مِنْهُ إِنْكَارٌ فَإِنْ أَنْكَرَ قَوْلَ الشَّاهِدَيْنِ بَطَلَا كَالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَالْأَصْلُ مُنْكَرٌ قَالَهُ أَشْهَبُ وَجَعَلَهُ شَاهِدًا وَعَلَى هَذَا لَا يَشْهَدَانِ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُمَا بِالشَّهَادَةِ عَلَيْهِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ لَيْسَ فِي جُرْحٍ قَسَامَةٌ وَيَحْلِفُ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ يَمِينًا وَاحِدَةً وَيُقْتَصُّ فِي الْعَمْدِ وَيُؤْخَذُ الْعَقْلُ فِي الْخَطَأِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أُثْبِتَ بِذَلِكَ الْقِصَاصُ وَلَيْسَ بِمَالٍ اسْتِحْسَانًا نَظَائِرُ قَالَ الْعَبْدِيُّ الَّذِي يَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ أَرْبَعَةٌ الْقِصَاصُ فِي الْجِرَاحِ والخلطة وَالْكَفَالَة والموال

فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ يَحْلِفُ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ أَنَّهُ قَتَلَ عَبْدَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً يَمِينًا وَاحِدَةً لِأَنَّهُ مَالٌ فَإِنْ كَانَ الْقَاتِلُ عَبْدًا وَأَسْلَمَهُ سَيِّدُهُ لَمْ يُقْتَلْ بِشَهَادَةِ وَاحِدٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَيُضْرَبُ الْقَاتِلُ مِائَةً وَيُحْبَسُ سَنَةً فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ سَيِّدُ الْعَبْدِ يَمِينًا وَاحِدَةً فَإِنْ قَالَ الْعَبْدُ دَيْنٌ عِنْدَ فُلَانٍ الْحُرِّ قَالَ أَشْهَبُ يَحْلِفُ خَمْسِينَ يَمِينًا فَيَبْرَأُ وَيُضْرَبُ مِائَةً وَيُحْبَسُ سَنَةً فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ سَيِّدُ الْعَبْدِ يَمِينًا وَاحِدَةً وَاسْتَحَقَّ قِيمَتَهُ وَيُضْرَبُ وَيُحْبَسُ لِأَنَّ هَذَا الْقَوْلَ يُوجِبُ الْقَسَامَةَ بَيْنَ الْأَحْرَارِ وَلَوِ ادَّعَاهُ حُرٌّ عَلَى الْعَبْدِ كَانَتْ فِيهِ الْقَسَامَةُ وَإِنَّمَا تَزَكَّتْ فِي هَذَا لِأَنَّهُ عَبْدٌ وَلَا قَسَامَةَ فِي عَبْدٍ وَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَمِينًا وَاحِدَةً وَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ وَلَا ضَرْبَ وَلَا سَجْنَ فَإِنْ نَكَلَ فَالْقِيمَةُ وَالضَّرْبُ وَالسَّجْنُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَحْلِفُ يَمِينًا وَاحِدَةً فَإِنْ نَكَلَ عُزِّرَ وَلَا ضَرْبُ مِائَةٍ وَلَا سَجْنٌ بَلْ تَعْزِيرُ مَنْ تَعَيَّنَ قَتْلُهُ وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدٌ أَنَّ عَبْدًا مُعَيَّنًا قَتَلَ عَبْدَهُ عَمْدًا حَلَفَ يَمِينًا وَاحِدَةً وَخُيِّرَ سَيِّدُهُ بَيْنَ غُرْمِ قِيمَةِ أَوْ يُسْلِمُ عَبْدَهُ فَإِنْ أَسْلَمَ لَمْ يُقْتَلْ بِشَاهِدٍ فَإِنْ كَانَ مَاتَ بِسِرَايَةِ جُرْحٍ حَلَفَ خَمْسِينَ يَمِينًا مَعَ الشَّاهِدِ عَلَى الْجُرْحِ وَيَمِينًا لَمَاتَ مِنْهُ فَإِنْ نَكَلَ لَمْ يَحْلِفْ سَيِّدُ الْجَارِحِ إِلَّا عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَيُضْرَبُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِائَةً وَيُحْبَسُ سَنَةً حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا وَإِنْ قَتَلَ الْعَبْدُ حُرًّا حَلَفُوا خَمْسِينَ يَمِينًا مَعَ الشَّاهِدِ وَاسْتَحَقُّوا دَمَ صَاحِبِهِمْ يَقْتُلُونَ الْعَبْدَ إِنْ شَاءُوا وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَحْلِفُوا يَمِينًا وَاحِدَةً وَيَأْخُذُوا الْعَبْدَ لِيَسْتَحْيُوهُ لِأَنَّ دَمَ الْحُرِّ لَا يُسْتَحَقُّ بِذَلِكَ الطَّرِيقُ الثَّالِثُ الْقَسَامَةُ مصدر اقْسمْ مَعْنَاهُ حلم حَلِفًا وَالْمُرَادُ هَاهُنَا الْأَيْمَانُ الْمَذْكُورَةُ فِي دَعْوَى الْقَتْلِ وَقِيلَ هِيَ الْأَيْمَانُ إِذَا كَثُرَتْ عَلَى وَجْهِ الْمُبَالَغَةِ وَأَهْلُ اللُّغَةِ يَقُولُونَ إِنَّهَا الْقَوْمُ الْحَالِفُونَ سُمُّوا بِالْمَصْدَرِ نَحْوَ

رَجُلٍ عَدْلٍ وَرِضًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَقَرَّهَا الشَّرْعُ وَأَصْلُهَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَإِجْمَاعُ الْأَئِمَّةِ لَا إِجْمَاعُ الْأَمَّةِ أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لوَلِيِّه سُلْطَانا} وَوَكَّلَ تَعَالَى بَيَانَ هَذَا السُّلْطَانِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَبَيَّنَهُ بِالْقَسَامَةِ وَأَمَّا السُّنَّةُ فَمَا فِي الصَّحِيحِ (أَن عبد الله ابْن إِسْمَاعِيل وَمُحَيِّصَةَ خَرَجَا إِلَى خَيْبَرَ مِنْ جُهْدٍ أَصَابَهُمْ فَأَتَى مُحَيِّصَةُ فَأَخْبَرَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ إِسْمَاعِيل قَدْ قُتِلَ وَطُرِحَ فِي فَقِيرِ بِئْرٍ فَأَتَى يَهُودٌ فَقَالَ أَنْتُمْ وَاللَّهِ قَتَلْتُمُوهُ قَالُوا وَاللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ فَأَقْبَلَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى قَوْمِهِ فَذكر لَهُم بذلك ثُمَّ أَقْبَلَ هُوَ وَأَخُوهُ حُوَيِّصَةُ وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ فَذَهَبَ مُحَيِّصَةُ لِيَتَكَلَّمَ وَهُوَ الَّذِي كَانَ بِخَيْبَرَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كبر كبر يُرِيد السِّين فَتَكَلَّمَ حُوَيِّصَةُ ثُمَّ تَكَلَّمَ مُحَيِّصَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِمَّا أَنْ تَدُوا صَاحِبَكُمْ وَإِمَّا أَنْ تَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ فَكَتَبَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ فَكَتَبُوا إِنَّا وَاللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لتحويصة وَمُحَيِّصَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ فَقَالُوا لَا فَقَالَ فليحلف لكم يهود فَقَالُوا لَيْسُوا بِمُسْلِمِينَ فَوَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِنْ عِنْدِهِ فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ بِمِائَةِ نَاقَةٍ حَتَّى أُدْخِلَتْ إِلَيْهِمُ الدَّارَ قَالَ سَهْلٌ لَقَدْ رَكَضَتْنِي فَوَائِدُ فِي الْمُنْتَقَى الْفَقِيرُ حَفِيرٌ يُتَّخَذُ فِي السَّرَبِ الَّذِي يُصْنَعُ لِلْمَاءِ تَحْتَ الْأَرْضِ يُحْمَلُ فِيهِ الْمَاءُ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى غَيْرِهِ وَيُعْمَلُ عَلَيْهِ أَفْوَاهٌ كَأَفْوَاهِ الْآبَارِ بِمَنَاقِشَ عَلَى الشُّرْبِ فَتِلْكَ الْآبَارُ وَاحِدُهَا فَقِيرٌ وَقَوْلُهُ كَبِّرْ تَقْدِيمُ السِّنِّ إِمَّا لِأَنَّهُ سَاوَاهُمْ فِي

غير السن وَرجع عَلَيْهِمْ بِهِ أَوْ لِأَنَّ مَا عَدَاهُ مَظْنُونٌ وَفَضِيلَةُ السِّنِّ مَعْلُومَةٌ وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ (إِمَّا أَنْ تَدُوا صَاحِبَكُمْ) يَحْتَمِلُ إِعْطَاءَ الدِّيَةِ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَدَّعُوا قَتْلَهُ عَمْدًا أَوْ لَمْ يُعَيِّنُوا الْقَاتِلَ فَلَا يُلْزَمُ الْقِصَاصَ كَالْقَتِيلِ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ لَا يَقُولُ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ (تَحْلِفُونَ) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ أَقَلُّ مِنَ اثْنَيْنِ وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ (وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ) يَحْتَمِلُ أَنَّهُمْ أَتَوْا بِلَوْثٍ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ اسْمَ مَا يُوجِبُ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ (دَمَ صَاحِبِكُمْ) يَحْتَمِلُ مَا يَجِبُ لَكُمْ فِي دَمِ صَاحِبِكُمُ الْمَقْتُولِ أَوِ الْقَاتِلِ وَفِي بَعْضِ الطُّرُقِ قَاتِلَكُمْ فَعَيَّنَ الِاحْتِمَالَ وَمَا بَعَثَ بِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَيْهِمْ إِنَّمَا هُوَ تَفْضِيل وَجَبْرٌ لِمُصَابِهِمْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِمَا لَمْ يَثْبُتِ لَهُمْ شَيْءٌ وَقَوْلُهُ (رَكَضَتْنِي مِنْهَا نَاقَةٌ حَمْرَاءُ) لِيُبَيِّنَ قُوَّةَ ضَبْطِهِ لِلْحَدِيثِ بِذِكْرِ أَحْوَالِهِ وَفِي الْقَسَامَةِ خَمْسَةُ أَرْكَانٍ الرُّكْنُ الْأَوَّلُ مَظِنَّتُهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ هِيَ قَتْلُ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ فِي مَحَلِّ اللَّوْثِ إِذَا لَمْ يَثْبُتِ الْقَتْلُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إِقْرَارٍ مِنْ مُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَا قَسَامَةَ فِي الْأَطْرَافِ وَالْعَبِيدِ وَالْكُفَّارِ وَاللَّوْثُ هُوَ أَمَارَةٌ تُغَلِّبُ عَلَى الظَّنِّ صِدْقَ مُدَّعِي الْقَتْلِ كَشَهَادَةِ الْعَدْلِ الْوَاحِدِ عَلَى رُؤْيَةِ الْقَتْلِ وَفِي شَهَادَةِ مَنْ لَا تُعْرَفُ عَدَالَتُهُ أَوِ الْعَدْلُ يَرَى الْمَقْتُولَ يَتَشَحَّطُ فِي دَمِهِ وَالْمُتَّهَمُ نَحْوَهُ أَوْ قُرْبَهُ عَلَيْهِ آثَارُ الْقَتْلِ خِلَافٌ وَفِي الرُّكْنِ سِتَّة فروع الإأول فِي الْكِتَابِ إِذَا قَالَ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ قَتَلَنِي عَمْدًا أَوْ قَالَ خَطَأً فَلِوُلَاتِهِ أَنْ يُقْسِمُوا وَيَقْتُلُوا فِي الْعَمْدِ وَيَأْخُذُوا الدِّيَةَ فِي الْخَطَأ من الْعَاقِلَة وَلَا

يقتسمون عَلَى خِلَافِ مَا قَالَ الْمَقْتُولُ فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ عَمْدًا وَلَا خَطَأً فَمَا ادَّعَاهُ الْوُلَاةُ من عمد أَو خطأ يقتسمون عَلَيْهِ فَإِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ عَمْدًا وَبَعْضُهُمْ خَطَأً وَحَلَفُوا كُلُّهُمُ اسْتَحَقُّوا دِيَةَ الْخَطَأِ بَيْنَهُمْ وَامْتَنَعَ الْقَتْل للشُّبْهَة فَإِن نكل مدعوا الْخَطَأ فَلَا قسَامَة لمُدعِي الْعمد لَا دم وَلَا دِيَةَ وَإِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ عَمْدًا وَقَالَ الْآخَرُونَ لَا عِلْمَ لَنَا بِمَنْ قَتَلَهُ وَلَا يحلف بَطل دَمه للشهة وَإِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ خَطَأً وَقَالَ الْآخَرُونَ لَا علم لنا ونكلوا حلف مدعوا الْخَطَأِ وَأَخَذُوا نَصِيبَهُمْ مِنَ الدِّيَةِ لِأَنَّهُ مَالٌ أُمْكِنَ تَوْزِيعُهُ بِخِلَافِ الْعَمْدِ وَلَيْسَ لِلْآخَرِينَ الْحَلِفُ بَعْدَ النُّكُولِ لِأَنَّهُمْ أَسْقَطُوا حَقَّهُمْ وَإِنْ نَكَلَ مُدَّعُو الدَّمِ وَرَدُّوا الْأَيْمَانَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ لَمْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَلِفُ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَقْتُولِ إِلَّا وَارِثٌ وَاحِدٌ وَادَّعَى الْخَطَأَ حَلَفَ خَمْسِينَ يَمِينًا وَاسْتَحَقَّ الدِّيَةَ كُلَّهَا أَوِ الْعَمْدَ لَمْ يُقْتَلِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِلَّا بِقَسَامَةِ رَجُلَيْنِ فَصَاعِدًا فَإِنْ حَلَفَ مَعَهُ آخَرُ مِنْ وُلَاةِ الدَّمِ وَلَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ فِي التَّعَدُّدِ قُبِلَ وَإِلَّا رُدَّتِ الْأَيْمَانُ عَلَى الْمُدَّعِي يحلف خمسين يَمِينا وَإِنْ نَكَلَ حُبِسَ حَتَّى يَحْلِفَ وَإِنْ أَقَامَ شَاهدا على جرح عمد وَحلف اقْتصّ فغن نكل حلف الْمُدَّعِي عَلَيْهِ وبريء فَإِنْ نَكَلَ حُبِسَ حَتَّى يَحْلِفَ وَالْمُتَّهَمُ إِنْ رُدَّتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ لَا يَبْرَأُ إِلَّا بِخَمْسِينَ يَمِينًا وَيُحْبَسُ حَتَّى يَحْلِفَهَا فَائِدَةٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ اللوث مَا لَيْسَ بقاطع لِأَنَّهُ ملبس والآُث من الشّجر مَا الْتبس بغضه قَالَ ابْن يُونُس فِي بقة بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمَّا ذَبَحُوهَا وَضَرَبُوا بِهَا الْقَتِيلَ فَقَالَ قَتَلَنِي فُلَانٌ فَاعْتُبِرَ ذَلِكَ دَلَيْلًا عَلَى أَنَّ قَوْلَ الْمَقْتُولِ لَوْثٌ وَلَا يُقَالُ ذَلِكَ مُعْجِزَةٌ لِنَبِيٍّ فَإِنَّ الْإِعْجَازَ فِي إِحْيَائِهِ لَا قَوْلِهِ بَعْدَ حَيَاتِهِ وَلَا يَقْدَحُ فِي قَوْلِ الْمَقْتُولِ كَوْنُ الْقَاتِلِ عَدُوَّهُ وَقَوْلُ الْعَدُوِّ غَيْرُ مَقْبُول على عداوته لِأَن الْعَدَاوَة هُنَا تؤكد صدقه

لِأَنَّهَا مَظِنَّةٌ الْقَتِلِ بِخِلَافِ سَائِرِ الدَّعَاوِي (وَقَبِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَوْلَ الْجَارِيَتَيْنِ عَلَى الْيَهُودِيِّ مَعَ عَظِيمِ الْعَدَاوَةِ بَيْنَهُمْ تَعْظِيمًا لِحُرْمَةِ الدِّمَاءِ) وَعَنْ مَالِكٍ اللَّوْثُ شَاهِدٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا وَالْمَرْأَةُ دُونَ الْعَبْدِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ وَقَوْلُ أَصْحَابِهِ فِي الْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ وَالذِّمِّيِّ أَنَّهُ لَيْسَ بِلَوْثٍ وَلَا شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي قَتْلٍ عَمْدٍ وَلَا يَكُونُ لَطْخًا يُرِيدُ الْمَرْأَةَ الْوَاحِدَةَ وَيُقْسِمُ مَعَ شَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ عَدْلَتَيْنِ وَيُقْتَلُ بِذَلِكَ وَيُوجِبُ الْقَسَامَةَ أَنْ يَرَى نَحْوَهُ مَيْتًا أَوْ خَارِجًا مُلَطَّخًا بِالدَّمِ مِنْ مَنْزِلٍ فَيُوجَدُ فِيهِ الْقَتِيلُ وَلَيْسَ مَعَهُ غَيره أَو يعدوا عَلَيْهِ فِي سُوقٍ عَامِرٍ فَيَقْتُلُهُ فَيَشْهَدُونَ بِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفُوا وَعَنْ مَالِكٍ وَشَهَادَةُ النِّسَاءِ أَوْ يُرَى الْمُتَّهَمُ حَوْلَهُ وَإِنْ لَمْ يَرَوْهُ حِينَ الْإِصَابَةِ قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ أَوِ الْعَبِيدِ وَالصِّبْيَانِ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسِ إِذَا حَضَرُوا الْقَتْلَ فَجْأَةً وَالضَّرْبَ أَوِ الْجُرْحَ لَا يَقُولُهُ مَالِكٌ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَعَنْ مَالِكٍ اللَّفِيفُ مِنَ السَّوَادِ وَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَغَيْرِ الْعُدُولِ لَوْثٌ (قَالَ وَمَنْ رَوَى عَنْهُ الْعَدْلُ لَوْثٌ) فَقَدْ وَهِمَ إِنَّمَا كَانَ يَسْأَلُ هَلِ الْعَدْلُ لَوْثٌ فَيَقُولُ نَعَمْ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَا يُقْسِمُ مَعَ الْعَدْلِ فِي قَتْلِ الْغِيلَةِ وَلَا يُقْتَلُ فِيهِ إِلَّا بِشَاهِدَيْنِ وَعَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ يُقْسِمُ مَعَهُ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنَّمَا يُقْسِمُ مَعَ الْوَاحِد على معانية الْقَتْل بعد يثبت معانية جَسَدِ الْقَتِيلِ كَمَا عُرِفَ مَوْتُ عَبْدِ اللَّهِ بن سهل وَكَذَلِكَ لَو شهِدت أَن امْرَأَتَانِ وَرَجُلٌ عَلَى قَتْلِهِ وَلَمْ يُعْرَفْ مَوْتُهُ فَلَا قسَامَة

وَيُحْبَسُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ وَلَا يُعَجَّلُ عَسَى أَنْ يَأْتِيَ بِشَاهِدٍ آخَرَ وَيَثْبُتُ مَوْتُ الْقَتِيلِ بِرَجُلَيْنِ لِأَنَّ الْجَسَدَ لَا يَفُوتُ وَالْقَتْلُ يَفُوتُ وَعَنْ أَشْهَبَ إِنْ قَالَ قَتَلَنِي خَطَأً وَقَالَ وُلَاتُهُ عَمْدًا بَطَلَ مَا وَجَبَ لَهُمْ مِنَ الدِّيَةِ وَلَا يُقْتَلُ وَإِنْ قَالَ عَمْدًا وَقَالُوا خَطَأً بَطَلَ الْقَوَدُ وَالدِّيَةُ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إِنِ ادَّعَى الْقَاتِلُ (أَنَّ وَلِيَّ الدَّمِ عَفَا عَنْهُ فَطُلِبَ بِالْيَمِينِ فَنَكَلَ حَلَفَ الْقَاتِلُ) يَمِينًا وَاحِدًا لَا خَمْسِينَ لِأَنَّهَا الْيَمِينُ الَّتِي رُدَّتْ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ تَنَازَعَ فِي عَفْوٍ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ بِخِلَافِ نُكُول الْوَرَثَة عَن الْقسَامَة ويؤدونها على الدعي عَلَيْهِ فَيَحْلِفُ خَمْسِينَ يَمِينًا الْمَرْدُودَةَ عَلَيْهِ وَإِنْ رُدَّتِ الْأَيْمَانُ عَلَى أَوْلِيَاءِ الْقَاتِلِ لِنُكُولٍ أَوْ لِفَقْدِ مَنْ يَحْلِفُ حَلَفَ مِنْ أَوْلِيَاءَ الْقَاتِلِ خَمْسُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِلَّا وَلِيَّانِ حَلَفَا خَمْسِينَ دُونَ الْقَاتِلِ وَيَبْرَأُ وَلَا يجبرون على الْحلف فَإِن لَك يَكُنْ إِلَّا وَلِيٌّ وَاحِدٌ لَمْ يَحْلِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (حَقه لِأَنَّهُ إِذَا حَلَفَ) مَعَهُ لَمْ يُبَرِّئْهُ إِلَّا خَمْسُونَ يَمِينا يحلفهُ وَحْدَهُ (قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ مَعَ مَنْ أَعَانَهُ مِنْ عَصَبَتِهِ يَحْلِفُ أَكْثَرَ مِنْهُمْ أَوْ أَقَلَّ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ حَلَفَ وحد 9) وَإِنْ وَجَبَتِ الْقَسَامَةُ بِقَوْلِ الْمَيِّتِ أَوْ بِشَاهِدٍ على الْقَتْل وَدرت الْأَيْمَانُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَلَفَ هُوَ أَوْ وُلَاتُهُ أَنَّهُ مَا قَتَلَهُ فَإِنْ نَكَلَ حُبِسَ حَتَّى يَحْلِفَ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَإِنْ كَانَتِ الْقَسَامَةُ بِضَرْبٍ أَوْ بِجُرْحٍ ثُمَّ مَاتَ بعد ذَلِك قَالَ ابْن الْقَاسِم يحلف مامن ضَرْبِي وَلَا جَرْحِي مَاتَ (فَإِنْ نَكَلَ حُبِسَ حَتَّى يَحْلِفَ وَضُرِبَ مِائَةً وَحُبِسَ سَنَةً فَإِنْ انه من ضربه مَاتَ) لم يقتل ولابد أَنْ يَحْلِفَ قَالَ أَشْهَبُ لَا يَحْلِفُ فِي هَذَا وَهَذَا غَمُوسٌ وَإِنْ أُبِيحَ لِلْوَلِيِّ الْيَمِينُ فِيمَا لَمْ يَحْضُرْهُ

لِأَنَّ نُكُولَ الْمُدَّعِي يُبْطِلُ الدَّمَ وَتُرَدُّ الْأَيْمَانُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنْ نَكَلُوا لَمْ يَحْكُمْ عَلَيْهِم بنكلوهم وَكَيف يحلفُونَ يَمِينا لَو أَفْرَدُوا أَوْ نَكَلُوا لَمْ يُؤْخَذُوا بِذَلِكَ قَالَ اللَّخْمِيُّ فِي اللَّوْثِ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ خَمْسَةُ أَقْوَال الشَّاهِد الْعدْل مَاله وَعنهُ الَّذِي لَيْسَ بِالْقَوِيّ الْعَدَالَة وَالْمَرْأَة دونالعبد وَقَالَ أَبُو مُصْعَبٍ جَمَاعَةُ نِسَاءٍ أَوْ صِبْيَانٍ أَوْ جَمَاعَةٌ لَيْسُوا عُدُولًا وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَا تَقَدَّمَ فِي ابْنِ يُونُسَ وَعَنْ رَبِيعَةَ الصَّبِيُّ وَالذِّمِّيُّ قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْحُرِّ الْمُسْلِمِ يَقْتُلُهُ الْعَبْدُ وَيَنْكُلُ الْوَلِيُّ إِنْ كَانَتِ الْقَسَامَةُ يَقُول الْمَيِّتِ قَتَلَنِي فُلَانٌ أَوْ بِشَاهِدِ عَدْلٍ عَلَى الْقَتْلِ الْمُوجِبِ حَلَفَ السَّيِّدُ يَمِينًا وَاحِدَةً عَلَى عِلْمِهِ فَإِنْ نَكَلَ أَسْلَمَهُ أَوْ يَفْتَدِيهِ بِدِيَةِ الْمَقْتُولِ وَقِيلَ يَحْلِفُ الْعَبْدُ خَمْسِينَ يَمِينًا وَإِنْ وَجَبت الْقسَامَة بِالنِّيَّةِ وَمَات من الْجرْح لم ترد الْيَمين هَا هُنَا عَلَى الْعَبْدِ وَلَا عَلَى السَّيِّدِ وَثَبَتَ جُرْحُهُ فَيَفْدِيهِ السَّيِّدُ بِدِيَةِ الْجُرْحِ أَوْ يُسَلِّمُهُ وَيُضْرَبُ الْعَبْدُ مِائَةً وَيُحْبَسُ عَامًا لِأَنَّ السَّيِّدَ وَالْعَبْدَ يَقُولَانِ لَا عِلْمَ عِنْدَنَا هَلْ مَاتَ مِنَ الْجُرْحِ أَمْ لَا وَيَجُوزُ مَوْتُهُ مِنْهُ إِلَّا أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ دِيَةً فِي عَمْدٍ وَلَا خَطَأٍ إِلَّا بِقَسَامَةٍ وَلَا وَجْهَ لِيَمِينِ السَّيِّدِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لِأَنَّهُ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ وَاخْتُلِفَ إِذَا قَالَ قَتَلَنِي وَلَمْ يَقُلْ عَمْدًا وَلَا خَطَأً فَقِيلَ مَا تَقَدَّمَ فِي الْكِتَابِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يُقْسِمُونَ إِلَّا عَلَى الْخَطَأِ وَعَنْهُ يَكْشِفُ عَنْ حَالِ الْمَقْتُولِ وَجِرَاحَاتِهِ وَحَالَةِ الْقَاتِلِ مِنْ عَدَاوَةٍ وَغَيْرِهَا فَيُقْسِمُونَ حِينَئِذٍ عَلَى مَا يَظْهَرُ مِنَ الْعَمْدِ وَغَيْرِهِ وَيَقْتُلُونَ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ عَمْدٌ وَلَا خَطَأٌ فَيُتَوَقَّفُ لِأَنَّ السُّنَّةَ إِنَّمَا جَاءَتْ فِي قَبُولِ قَوْلِ الْمَقْتُولِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ قَتَلَ بَعْضُهُمْ عَمْدًا وَبَعْضُهُمْ خَطَأً حَلَفَ جَمِيعُهُمْ فَإِنْ أَقْسَمَ عَلَى الْخَطَأِ نَصِيبُهُ مِنَ الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ وَلِمَنْ أَقْسَمَ عَلَى الْعَمْدِ نَصِيبُهُ فِي مَالِ الْقَاتِلِ قَالَ وَهُوَ حسن تَوْفِيَةً بِالْأَسْبَابِ وَيَكُونُ نَصِيبُ مُدَّعِي الْعَمْدِ مِنَ الْإِبِلِ مِنَ الْأَرْبَعِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ (بِنْتُ مَخَاضٍ وَخَمْسًا وَعِشْرِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَخَمْسًا وَعِشْرِينَ) مِنْ كُلِّ صِنْفٍ وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا رَجَعَ مُدَّعِي الْعمد إِلَى

دِيَةِ الْخَطَأِ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَقَلُّ أَحْوَالِهِ وَمَنَعَهُ أَشْهَبُ لِأَنَّ أَصْلَ الْعَمْدِ الْقَوَدُ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ عَمْدًا وَبَعْضُهُمْ لَا عِلْمَ لَنَا أَوْ قَالَ جَمِيعُهُمْ عَمْدًا وَنكل بَعضهم فلمدعي الْعمد أَن يحلفوا ويستحقون نَصِيبَهُمْ مِنَ الدِّيَةِ وَنُكُوُلُهُمْ عَلَى الْحَلِفِ قَبْلَ وُجُوبِ الدَّمِ كَعَفْوِهِمْ عَنْهُ بَعْدَ الْوُجُوبِ بِخِلَافِ الْقَائِلِينَ لَا عِلْمَ لَنَا وَمَتَى سَقَطَ الدَّمُ بِنُكُولٍ أَوِ اخْتِلَافٍ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ وَكُلُّ هَذَا إِذَا اسْتَوَتْ مَنْزِلَتُهُمْ بَنِينَ أَوْ إِخْوَةٌ أَوْ أَعْمَامٌ فَإِنِ اخْتَلَفَتْ كَابْنَةٍ وَعَصَبَةٍ فَقَالَ الْعَصَبَةُ عَمْدًا وَقَالَتِ الِابْنَةُ خَطَأً فَلَا قَسَامَةَ وَلَا قَود وَلَا دِيَة لِأَنَّهُ إِن كَانَ عَمْدًا فَإِنَّمَا ذَلِكَ لِلْعَصَبَةِ وَلَمْ يَثْبُتْ لَهُمْ ذَلِكَ أَوْ خَطَأً فَإِنَّمَا فِيهِ الدِّيَةُ وَلَمْ يَثْبُتِ الْخَطَأُ وَيُقْسِمِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَا قَتَلَهُ عَمْدًا وَيَنْعَصِمُ دَمُهُ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنِ ادَّعَى الْعَصَبَةُ كُلُّهُمُ الْعَمْدَ لَمْ يُنْظَرْ إِلَى ورثته مَنْ يُشْبِهُ وَاخْتُلِفَ إِذَا قَالَ خَطَأً أَوْ عَمْدًا أَوْ لَا جِرَاحَ بِهِ أَوْ بِهِ جرح فَادّعى على من لَا يشبه من لأجل صَالِحٍ أَوْ عَدُوِّهِ أَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ عَلَى (قَوْلِ الْبَيِّنَةِ فَإِنْ أُنْفِذَتْ مَقَاتِلُهُ فَعَنْ مَالِكٍ لَا يُقْسِمُ عَلَى) قَوْلِهِ فِي الْخَطَأِ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ فِي غَيْرِ وَلَدِهِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنِ ادَّعَاهُ عَلَى رَجُلٍ صَالِحٍ أَقْسَمَ مَعَهُ وَقَتَلُوهُ وَعَنِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ يَبْطُلُ قَوْلُهُ بِخِلَافِ عَدُوِّهِ فَإِنَّهُ يَتَوَقَّعُ قَتْلَ عَدُوِّهِ لَهُ وَقِيلَ يُتَّهَمُ عَلَى عَدُوِّهِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ شَهِدَ وَاحِدٌ عَلَى قَوْلِهِ كَفَى وَيُقْسِمُ مَعَهُ لِأَنَّهُ لَوْثٌ يُرَجَّحُ الصِّدْقُ وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنَ اثْنَيْنِ وَرَجَّحَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ

والموضع الَّذِي يقسم بِوَاحِد على المعانية إِذَا أُنْفِذَتْ مَقَاتِلُهُ يُقْسِمُ مَا شَهِدَ شَاهِدِي إِلَّا بِالْحَقِّ فِي الْخمسين يَمِينا أَو شَاهِدين عَلَى مُعَايَنَةٍ وَلَمْ تُنْفَذْ مَقَاتِلُهُ فَيُقْسِمُ لَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الشَّاهِدُ عَلَى قَوْلِ الْمَيِّت أَو أَنه أَصَابَهُ وَلم ينقذ مَقَاتِلَهُ فَمَنْ صَارَ إِلَى أَنَّهُ يَحْلِفُ فَيَحْلِفُ أَنَّهُ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَأَنَّهُ قَتَلَهُ لِأَنَّهُ لَوْ شهد شاهدات عَلَى قَوْلِ الْمَيِّتِ لَمْ يَسْتَحِقَّ بِذَلِكَ الْقَتْلَ غلا بَعْدَ الْقَسَامَةِ أَنَّهُ قَتَلَهُ فَهُوَ يَحْلِفُ أَنَّهُ شَهِدَ بِحَقٍّ وَلَا يَحْلِفُ (أَنَّهُ قَتَلَهُ وَكَذَلِكَ شَهَادَتُهُ عَلَى مُعَايَنَةِ الضَّرْبِ يَحْلِفُ مَعَ شَاهِدَيْهِ بِضَرْبِهِ لِيَتَوَصَّلَ إِلَى الْيَمِينِ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ الضَّرْبِ وَلَا يَحْلِفُ) عَلَى مَنْ أَجَازَ ذَلِكَ أَنَّهُ يَجْمَعُ ذَلِكَ فِي قَسَامَةٍ وَاحِدَةٍ فِي خمسين يَمِينا نَظَائِر قَالَ ابْن زَرِبٍ تَجِبُ الْقَسَامَةُ بِأَرْبَعَةٍ إِذَا ثَبَتَ قَوْلُ الْمَقْتُولِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ الْبَالِغِ بِشَاهِدَيْ عَدَلٍ أَنَّ فُلَانًا ضَرَبَ الْمَقْتُولَ (حَتَّى قَتَلَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً) ضَرْبَةً فَأَجَافَهُ بِهَا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْجِرَاحِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَعَاشَ الرَّجُلُ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَكَلَ وَشَرِبَ وَلَمْ يَسْأَلْ أَيْنَ دَمُهُ حَتَّى مَاتَ وَإِذَا اعْتَرَفَ رَجُلٌ بِقَتْلِ رَجُلٍ خَطَأً وَالْمُعْتَرِفُ مَأْمُونٌ لَا يُتَّهَمُ فَيُقْسِمُ وُلَاةُ الْمَقْتُولِ فَإِنْ أَبَوْا فَلَا شَيْءَ لَهُمْ قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ لَا يَجِبُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى يَمِينٌ وَلَا شَيْءٌ وَكَذَلِكَ النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَقَالَ (ح) وَ (ش) تَجِبُ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَهَلْ يَحْلِفُ خَمْسِينَ فِي دَعْوَى الْقَتْلِ أَوْ يَمِينًا وَاحِدَةً عِنْدَ (ش) قَوْلَانِ وَخَالَفْنَا الْأَئِمَّةَ فِي شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ عَلَى قَوْلِهِ قَتَلَنِي فُلَانٌ إِنَّهُ لَوْثٌ قَالُوا وَلَا يَجِبُ فِيهِ شَيْءٌ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقَاضِي أَبِي الْوَلِيدِ لَنَا آيَةُ الْبَقَرَةِ وَفِي الْبُخَارِيِّ (أَنَّ يَهُودِيًّا قَتَلَ جَارِيَةً بِحَجَرٍ عَلَى أَوَضَاحٍ لَهُ فَجِيءَ بِهَا إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَبِهَا رَمَقٌ فَقَالَ أَقَتَلَكَ فُلَانٌ فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا أَنْ لَا ثُمَّ قَالَ الثَّانِيَةَ فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا أَنْ نَعَمْ فَأَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَرُضِخَتْ رَأْسُهُ بَيْنَ

حَجَرَيْنِ) وَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ لَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى أَقَرَّ وَلِأَنَّ الْغَالِبَ مِنَ الْمُؤْمِنِ عِنْدَ حُضُورِ الْأَجَلِ الْبُعْدُ عَنِ الذُّنُوبِ وَالْأَذِيَّةِ وَالْخَوْفُ وَالنَّدَمُ عَلَى التَّفْرِيطِ فَإِقْدَامُهُ عَلَى السَّبَبِ لِقَتْلِ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى خِلَافُ الظَّاهِرِ فَيَكُونُ ذَلِكَ لَوْثًا كَسَائِرِ صُوَرِ اللَّوْثِ مِثْلَ كَوْنِهِ عِنْدَهُ وَمَعَهُ آلَةُ الْقَتْلِ وَغَيْرُ ذَلِكَ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (لَوْ أُعْطِيَ النَّاسُ بِدَعَاوِيهِمْ لَادَّعَى قَوْمٌ دِمَاءَ قَوْمٍ وَأَمْوَالَهُمْ وَلَكِنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَنِ ادَّعَى وَالْيَمِينَ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ) وَلِأَنَّ شِيَمَ النُّفُوسِ الظُّلْمُ فَيُتَّهَمُ عَلَى أَذِيَّةِ مَنْ يُعَادِيهِ حَتَّى لَا يَعِيشَ بَعْدَهُ وَآيَةُ الْبَقَرَةِ لَا حُجَّةَ فِيهَا لِأَنَّ الْقَاتِلَ يُشَاهِدُ الْآخِرَةَ وَعَلِمَ مِقْدَارَ الْجِنَايَاتِ وَعُقُوبَاتِهَا فَقَوْلُهُ يُحَصِّلُ الْعِلْمَ بِخِلَافِ صُورَةِ النِّزَاعِ وَلِذَلِكَ قَالَ الْعُلَمَاءُ إِنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَمُوتَ أَحَدٌ كَافِرًا لِمَا يُشَاهِدُ عِنْدَ الِاحْتِضَارِ مَعَ أَنَّ مَالِكًا رَحِمَهُ اللَّهُ نَقَضَ أَصْلَهُ هَذَا وَأَبْطَلَ تَصَرُّفَاتِ الْمُشْرِفِ عَلَى الْمَوْتِ فِي ضَرَرِ التُّهْمَةِ كَمَا قُلْنَاهُ فِي الطَّلَاقِ وَالْمَرَضِ وَالنِّكَاحِ فِيهِ وَالْإِقْرَارِ لِلصَّدِيقِ وَالْجَوَابُ علن الْأَوَّلِ أَنَّا لَا نُعْطِي الْوَلِيَّ بِدَعْوَاهُ بَلْ بِأَيْمَانِهِمْ وَقَوْلُ الْمَيِّتِ مُرَجِّحٌ لِجِهَتِهِمْ لِوُجُودِهِ فِي قَرْيَةٍ أَوْ مَحَلَّةٍ وَبَيْنَهُمْ عَدَاوَةٌ ظَاهِرَةٌ وَلَا يَسْكُنُهَا غَيْرُهُمْ أَوْ تَفَرَّقَ جَمَاعَةٌ فِي دَارٍ عَنْ قَتِيلٍ أَوِ ازْدَحَمَ النَّاسُ فِي الطَّرِيقِ أَوْ دُخُولِ الْبَيْتِ وَنَحْوِهِ فَوُجِدَ هُنَاكَ قَتِيلٌ أَو بَين طائفتين مسلمتين يقتلُون أَوْ شَهِدَ عَبِيدٌ وَنِسَاءٌ فَهَذِهِ كُلُّهَا لَوْثٌ عِنْدَكُمْ يُقْسِمُونَ مَعَهَا وَيَسْتَحِقُّونَ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الظَّاهِرَ عِنْدَ مُفَارَقَةِ الدُّنْيَا عَدَمُ الْعُدْوَانِ وَالصِّدْقُ وَغَيره بِإِذن وَالْمَطْلُوبُ هُوَ الظَّنُّ

وَعَنِ الثَّالِثِ لَا نُسَلِّمُ حُصُولَ الْعِلْمَ بَلْ قد أخبر الله تَعَالَى عَن قولم فِي الْآخِرَة بِأَنَّهُم يكذبُون فِي قَوْله تَعَالَى {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْء أَلا إِنَّهُم هم الْكَاذِبُونَ} وَعَنْ آخَرِينَ {مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِير} وَمَعَ قِيَامِ الِاحْتِمَالِ لَمْ يَبْقَ إِلَّا الظَّنُّ وَعَنِ الرَّابِعِ لَمْ يُورِثِ الْمُطَلَّقَةَ لِلتُّهْمَةِ لِأَنَّهَا لَوْ سَأَلَتْهُ الطَّلَاقُ وَأَعْطَتْهُ مَالًا وَرِثَتْ بَلْ لِلسُّنَّةِ وَفَسْخُ نِكَاحِ الْمَرِيضِ لَا لِلتُّهْمَةِ بَلْ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ إِخْرَاجِ الْمَالِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ إِلَّا مِنَ الثُّلُثِ وَلَا يُمْكِنُ إِيقَافُ الْمُهْرِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنَ الثُّلُثِ وَلِأَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ التُّهْمَةُ فِيهَا عَلَى مَالٍ وَالْجِنَايَةُ عَلَى النَّفْسِ أعظم فَيكون الصدْق أَبْيَنَ وَلِذَلِكَ لَوْ قَالَ قَتَلَنِي عَبْدُ فُلَانٍ لَمْ يَقْتُلْهُ وَلِأَنَّهُ مَالٌ وَإِنَّمَا قَتَلْنَاهُ فِي قَوْلِهِ قَتَلَنِي خَطَأً وَإِنْ كَانَ مَالًا لِأَنَّ الْمَالَ فِي الرُّتْبَةِ الثَّانِيَةِ وَلَمْ يَذْكُرِ الْقَتْلَ كَمَا تَمْتَنِعُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي النَّسَبِ وَنَقْبَلُهَا فِي الْوِلَادَةِ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ لَا يُحْبَسُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ فِي الْخَطَأِ لِأَنَّ الدِّيَةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَيُحْبَسُ فِي الْعَمْدِ حَتَّى يَزَّكَّى الشُّهُودُ فَتجب الْقسَامَة وَإِلَّا فَلَا الْقسَامَة مَعَ غَيْرِ عَدْلٍ وَإِنْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي قَرْيَةِ قَوْمٍ أَوْ دَارِهِمْ لَا يُعْلَمُ مَنْ قَتَلَهُ فَلَا شَيْءَ فِيهِ لَا دِيَةَ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَلَا غَيْرَهَا وَيُقْسَمُ بِقَوْلِهِ دَمِي عِنْد فلَان وَإِن كَانَ مسخوطا وَالْوَلِيّ مسخوط وَالْمَرْأَةُ يُقْسَمُ بِقَوْلِهَا وَإِنْ قَالَ صَبِيٌّ قَتَلَنِي فُلَانٌ الصَّبِيُّ وَأَقَرَّ الْقَاتِلُ فَلَا يُقْسَمُ عَلَى قَوْلِهِ لِعَدَمِ الْوُثُوقِ بِهِ وَلَا يُقْبَلُ الْإِقْرَارُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فِي الدَّمِ وَالصَّبِيُّ بِخِلَافِ الْمَسْخُوطِ لِأَنَّ الصَّبِيَّ لَا يَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ فِي الْمَالِ وَإِنْ

قَالَ النَّصْرَانِيُّ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ لَا يُقْسَمُ عَلَى قَوْلِهِ لِأَنَّ النَّصْرَانِيَّ لَا يُقْسِمُ وَإِنْ قَالَ الْبَالِغُ قَتَلَنِي الصَّبِيُّ فُلَانٌ أُقْسِمَ عَلَى قَوْلِهِ وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ وَإِنْ رَمَى ذِمِّيا أَو عبدا اقتسموا وَلَهُمُ الْقَتْلُ فِي الْعَمْدِ وَإِنْ قَالَ ابْنُ الْمُلَاعَنَةِ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ وَهِيَ مُعْتَقَةٌ أَقْسَمَ مَوَالِيهَا أَوْ مِنَ الْعَرَبِ أَقْسَمَ فِي الْخَطَأِ أُمُّهُ وَإِخْوَتُهُ لِأُمِّهِ وَأَخَذُوا نَصِيبَهُمْ مِنَ الدِّيَةِ وَفِي الْعَمْدِ لَا قَسَامَةَ كَمَنْ لَا عَصَبَةَ لَهُ الثَّالِثُ قَالَ لَا قَسَامَةَ مَعَ شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدٌ أَنَّهُ قَتَلَهُ وَقَالَ دمي عِنْد فلَان لم يكتف بذلك ولابد مِنَ الْقَسَامَةِ وَإِنْ شَهِدَ أَنَّ فُلَانًا ضَرَبَهُ حَتَّى قَتَلَهُ (قُتِلَ بِالْقَسَامَةِ أَوْ أَنْهُ ضُرِبَ وَعَاشَ وَتَكَلَّمَ أَوْ أَكَلَ وَلَمْ يَسْأَلْ حَتَّى مَاتَ فَالْقَسَامَةُ) الرَّابِعُ قَالَ إِنْ صَالَحَ مِنْ مُوَضِّحَةٍ خَطَأٍ عَلَى مَالٍ فَمَاتَ مِنْهَا أَقْسَمَ وُلَاتُهُ لَمَاتَ مِنْهَا وَاسْتَحَقُّوا الدِّيَةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَرَجَعَ الْجَانِي فِيمَا دَفَعَ وَكَانَ فِي الْعَقْلِ كَرَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ لِانْكِشَافِ الْعَاقِبَةِ عَنْ أَنَّهُ قَتْلُ نَفْسٍ أَوْ عَنْ قَطْعِ يَدِهِ عَمْدًا فَعَفَا ثُمَّ مَاتَ مِنْهَا فَلَهُمُ الْقِصَاصُ فِي النَّفس بالقسامة عَن كَانَ عَفْوُهُ عَنِ الْيَدِ لَا عَنِ النَّفْسِ الْخَامِسُ إِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَتَلَهُ بِسَيْفٍ وَالْآخَرُ أَنَّهُ قَتَلَهُ بِحَجَرٍ بَطَلَتِ الشَّهَادَةُ لِلِاخْتِلَافِ وَلَا قَسَامَةَ بِذَلِكَ السَّادِسُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ إِنْ جُرِحَ جُرْحًا لَهُ عَقْلٌ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَمَاتَ فَثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ أَحَدُهُا أَنْ لَا يُعْلَمَ الْجُرْحُ إِلَّا مِنَ الْمَيِّتِ فَيَقُولُ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ جَرَحَنِي هَذَا الْجُرْحَ وَمِنْهُ أَمُوتُ بَطَلَ فِي الْجُرْحِ الْقِصَاصُ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ بِالْقَسَامَةِ وَالدِّيَةِ لِامْتِنَاعِ الْقَسَامَةِ فِي الْجُرْحِ بَلْ يُقْسِمُونَ وَيَقْتُلُونَ فِي الْعَمْدِ أَوْ يَأْخُذُونَ الدِّيَةَ فِي الْخَطَأِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَعَابَ مَا وَقَعَ فِي سَماع يحيى أَنهم إِن شَاءُوا اقسموا وَاسْتحق الدَّم أَو يقتصوا من الْجرْح أَو يَأْخُذُوا دِيَتَهُ إِنْ كَانَ خَطَأً وَثَانِيهَا إِنْ

يَثْبُتْ بِشَاهِدَيْنِ فَيُخَيَّرُوا فِي أَنْ يُقْسِمُوا أَوْ يُقْتَلُوا فِي الْعَمْدِ أَوِ الدِّيَةِ فِي الْخَطَأِ على الْعَاقِلَة أَو لَا يقسموا ويقصوا مِنَ الْجُرْحِ إِنْ كَانَ عَمْدًا وَدِيَتُهُ فِي الْخَطَأ وَعَن ابْن الْقَاسِم إِن أَبُو الْقَسَامَةَ امْتَنَعَ الْقِصَاصُ فِي الْجُرْحِ فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ وَثَالِثُهَا إِنْ شَهِدَ عَلَى الْجُرْحِ شَاهِدٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَفْتَرِقَ الْعَمْدُ مِنَ الْخَطَأ فيخيرون فِي الْخَطَأ فِي أَن يقسموا على الدَّم ويستحقون دِيَتَهُ فِي مَالِ الْجَانِي أَوِ الْعَاقِلَةِ إِنْ بَلَغَ الثُّلُثَ وَإِنْ نَكَلُوا فِي الْعَمْدِ امْتَنَعَ الْقِصَاصُ فِي الْجُرْحِ لِتَعَذُّرِ الْقِصَاصِ فِيهِ بِالْقَسَامَةِ السَّابِع فِي الْجَوَاهِر إِن انْفَصَلَتْ قَبِيلَتَانِ عَنْ قَتِيلٍ لَا يُدْرَى مَنْ قَتَلَهُ فَعَقْلُهُ عَلَى الْفِرْقَةِ الَّتِي نَازَعُوهُ وَنَازَعُوا أَصْحَابَهُ فَتَضْمَنُ كُلُّ فِرْقَةٍ مَنْ أُصِيبَ مِنَ الْفِرْقَةِ الْأُخْرَى فَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِمَا فَعَقْلُهُ عَلَيْهِمَا وَلَا قَسَامَةَ فِي ذَلِكَ وَلَا قَوَدَ قَالَ أَشْهَبُ هَذَا إِذَا لَمْ يَثْبُتْ دَمُهُ عِنْدَ مُعَيَّنٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا قَسَامَةَ بِقَوْلِ الْأَوْلِيَاءِ أَمَّا إِنْ قَالَ فُلَانٌ قَتَلَنِي أَوْ أَقَامَ شَاهِدًا عَدْلًا أَنَّ فُلَانًا قَتَلَهُ فَفِيهِ الْقسَامَة أَو شَاهِدَانِ فَأن فُلَانًا قَتَلَهُ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ يُقْتَلُ بِهِ وَعَنِ ابْن بالقاسم لَا قَسَامَةَ فِيمَنْ قُتِلَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ وَإِنْ شهد على قتل شَاهد أَو على إفرازه وَرَجَعَ عَنْ هَذَا إِلَى الْقَتْلِ بِالْقَسَامَةِ لِمَنِ أدعى عَلَيْهِ الْقَتْل الثَّامِن قَالَ حَيْثُ شَهِدَ عَدْلٌ عَلَى رُؤْيَةِ الْقَتْلِ قَالَ لَا يُقْسِمُ حَتَّى تَثْبُتَ مُعَايَنَةُ الْقَتِيلِ وَيُشْهَدُ بِمَوْتِهِ كَقِصَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ لِأَنَّ اللَّوْثَ يَفُوتُ وَالْجَسَدَ لَا يَفُوتُ قَالَ أَصْبَغُ لَا يُعَجِّلُ الْإِمَامُ بِالْقَسَامَةِ حَتَّى يَكْشِفَ فَإِذَا بَلَغَ أَقْصَى الِانْتِظَارِ قَضَى بِالْقَسَامَةِ التَّاسِعُ قَالَ مُسْقِطَاتُ اللَّوْثِ أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ تَعَذُّرُ إِظْهَارِهِ عِنْدَ الْقَاضِي فَإِن ظهر عمده فِي جَمْعٍ ثَانٍ شَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ قَتَلَ وَدَخَلَ فِي هَؤُلَاءِ وَلَمْ يَعْرِفُوهُ مِنْهُمْ فَلِلْمُدَّعِي اسْتِحْلَافَ كُلٍّ مِنْهُمْ خَمْسِينَ يَمِينًا وَيُغَرَّمُونَ الدِّيَةَ بِلَا قسَامَة

وَمَنْ نَكَلَ مِنْهُمْ فَالْعَقْلُ عَلَيْهِ قَالَ سَحْنُونٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ وَتَبْطُلُ الشَّهَادَةُ لِعَدَمِ تَعْيِينِ الْقَاتِلِ الثَّانِي إِذَا ظَهَرَ فِي أَصْلِ الْقَاتِلِ دُونَ وَصْفِهِ كَمَا إِذَا قَالَ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ وَلَمْ يَقُلْ عَمْدًا وَلَا خَطَأً فَالْأَوْلِيَاءُ إِمَّا أَنْ يَتَّفِقُوا عَلَى الْخَطَأِ أَوِ الْعَمْدِ أَوْ يَخْتَلِفُوا وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانَهُ الثَّالِثُ دَعْوَى الْوَرَثَة خلاف قَول لمَيت مِنْ عَمْدٍ أَوْ خَطَأٍ يُسْقِطُ حَقَّهُمْ مِنَ الدَّمِ وَالدِّيَةِ وَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُمْ لِقَوْلِهِ قَالَهُ أَشهب وَقَالَ بَان الْقَاسِمِ لَا يُقْسِمُوا إِلَّا عَلَى قَوْلِهِ الرَّابِعُ دَعْوَى الْجَانِي الْبَرَاءَةَ وَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ قَالَ ضَرَبَنِي فُلَانٌ وَفُلَانٌ ثُمَّ خُوِّفَ فَقَالَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ غَيْرُ الْأَوَّلَيْنِ فَلَمْ يبرىء الْأَوَّلَيْنِ لَمْ يُقْسَمْ عَلَى الْأَوَّلَيْنِ وَالْآخَرَيْنِ لِأَنَّهُ أَبْرَأَ الْأَوَّلَيْنِ وَقَوْلُهُ الْأَوَّلُ يُكَذِّبُهُ فِي الْآخَرَيْنِ الرُّكْن الأول فِي الْمُقْسِمِ وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ فِي الْعَمْدِ مَنْ لَهُ الْقِصَاصُ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ الرِّجَالِ الْمُكَلَّفِينَ وَفِي الْخَطَأِ جَمِيعُ الْمُكَلَّفِينَ مِنَ الْوَرَثَةِ رِجَالًا أَوْ نِسَاءً يَحْلِفُونَ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ وَمَنْ لَا وَارِثَ لَهُ فَلَا قَسَامَةَ لَهُ لِتَعَذُّرِ قَسَمِ بَيْتِ الْمَالِ وَلَا يُقْسِمُ إِلَّا وَلِيُّ نسب أَو ولاج وَلَا يُقْسِمُ مِنَ الْقَبِيلَةِ إِلَّا مَنِ الْتَقَى مَعَهُ إِلَى نَسَبٍ ثَابِتٍ وَلَا يُقْسِمُ الْمَوْلَى الْأَسْفَلُ بَلْ تُرَدُّ الْأَيْمَانُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ وَفِي الْكِتَابِ لَا يُقْسِمُ فِي الْعَمْدِ أَقَلُّ من رجلَيْنِ كَالشَّهَادَةِ إِن كَانَ لِلْمَقْتُولِ أَوْلَادٌ صِغَارٌ وَالْقَتْلُ بِالْقَسَامَةِ فَلِلْوَلِيِّ تَعْجِيل الْقسَامَة وَلَا ينْتَظر كبرهم لَيْلًا يَفُوتَ الدَّمُ بِفَوَاتِ مَحَلِّهِ وَإِنْ عَفَوُا امْتُنِعَ إِلَّا عَلَى الدِّيَةِ لَا أَقَلَّ مِنْهَا وَإِنْ كَانُوا أَوْلَاده صغَارًا وكبارا اثْنَانِ فَصَاعِدًا فَلَهُمُ الْقَسَامَةُ وَالْقَتْلُ وَلَا يُنْتَظَرُ بُلُوغُ الصِّغَارِ فَإِنْ عَفَا بَعْضُهُمْ فَلْيُقَسَمْ مَعَ الصغر حَظُّهُمْ مِنَ الدِّيَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ

إِلَّا وَلَدٌ كَبِيرٌ وَآخَرُ صَغِيرٌ وَوَجَدَ الْكَبِيرُ مِنْ وُلَاةِ الدَّمِ مَنْ يَحْلِفُ مَعَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ لَهُ الْعَفْوُ حَلَفَا خَمْسِينَ وَلِلْكَبِيرِ أَنْ يَقْتُلَ لِكَمَالِ النَّسَبِ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ (حَلَفَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ يَمِينًا وَانْتُظِرَ الصَّغِيرُ إِذَا بَلَغَ حَلَفَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ يَمِينًا وَاسْتَحَقَّ الدَّمَ) وَلَا يُقْسِمُ النِّسَاءُ فِي دَمِ الْعَمْدِ أَنَّهُنَّ لَسْنَ أَهْلًا لِلْقِيَامِ بِالدِّمَاءِ وَيُقْسِمْنَ فِي الْخَطَأِ لِأَنَّهُ مَالٌ وَإِنْ حَلَفَ رِجَالٌ عَدَدٌ فِي الْعَمْدِ فَأَكْذَبَ نَفْسَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ امْتَنَعَ الْقَتْلُ إِنْ كَانَ مِمَّنْ لَوْ أَتَى بِالْيَمِينِ لَمْ يُقْتَلِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي التَّنْبِيهَاتِ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ تَسْقُطُ الدِّيَةُ عَنْ الْقَاتِلِ بِتَكْذِيبِ أَحَدِهِمْ نَفْسَهُ بِخِلَافِ لَوْ عَفَا أَحَدُهُمْ عَنْهُ وَلَوْ كَانَ قَبْلَ الْقَسَامَةِ اسْتَوَى عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ الْعَفْوُ وَالنُّكُولُ وَيَسْقُطُ الدَّمُ وَالدِّيَةُ وَكَذَلِكَ يَقُولُ عَبْدُ الْمَلِكِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ قَبْلَ وَبَعْدَ فِي الْعَفْوِ وَالنُّكُولِ وَالتَّكْذِيبِ وَقَالَ أَشْهَبُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ لِلْبَاقِينَ حَظُّهُمْ مِنَ الدِّيَةِ وَيُقْسِمُونَ إِنْ لم يَكُونُوا اقتسموا لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ حَقِّهِمْ وَفَرَّقَ ابْنُ نَافِعٍ بَيْنَ نُكُولِهِ عَلَى وَجْهِ الْوَرَعِ فَلِلْبَاقِينَ الْقَسَامَةُ والقود لبَقَاء قُوَّة النِّسْبَة أَوْ عَلَى طَرِيقِ الْعَفْوِ فَلِلْبَاقِينَ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ عَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْقسَامَة على الجاريتين وَكن اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ وَلَا يُقْتَلُ أَحَدٌ إِلَّا بِشَاهِدَيْنِ وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى لِكُلِّ شَهَادَةٍ فِي الزِّنَا يَمِينا فِي اللّعان وَالنِّسَاء لما لم يَشْهَدَانِ فِي الْعَمْدِ لَا يَحْلِفْنَ فِيهِ قَالَ مَالِكٌ إِنْ كَانَ فِي الْوُلَاةِ خَمْسُونَ حَلَفَ كُلُّ رَجُلٍ يَمِينًا أَوْ أَقَلُّ رُدَّ عَلَيْهِمُ الْأَيْمَانُ أَو كثر وَاسْتَوَى فِي التَّعَدُّدِ قَالَ أَشْهَبُ لَا يَحْلِفُ خَمْسِينَ يَمِينًا وَإِنْ أَبَوْا إِلَّا ذَلِكَ لَمْ يُجْدِهِمْ وَهُوَ كَالنُّكُولِ لِعَدَمِ كَمَالِ

الْخَمْسِينَ مِنَ الْجَمِيعِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُجْدِي اثْنَانِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَذَلِكَ عِنْدِي إِذَا تَطَاوَعُوا وَلَمْ يَتْرُكُوا نُكُولًا كَمَا يَحْلِفُ الْخَمْسُونَ عَمَّنْ بَقِيَ وَالْكَبِيرُ عَنِ الصَّغِيرِ إِنْ كَانَ لَهُ إخْوَة وجد قَالَ ابْن الْقَاسِم يقم الْجَدُّ مَعَ الْإِخْوَةِ عَلَى قَدْرِ حَقِّهِ مِنَ الْمِيرَاثِ مَعَهُمْ وَيُقْسِمُ الْإِخْوَةُ عَلَى حُقُوقِهِمْ فِي دَمِ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ إِنْ تَشَاحُّوا فِي قَسَامَةِ الْعَمْدِ وَقَالَ أَشْهَبُ يَحْلِفُ عَلَى قَدْرِ حَقِّهِ فِي الْخَطَأِ وَأَمَّا الْعَمْدُ فَأَيْمَانُ الْعَصَبَةِ عَلَى قَدْرِ الْعَدَدِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ كَانَ لَهُ ابْنٌ وَغَيْرُهُ وَهُوَ مِنَ الْعَرَبِ أَقْسَمَ مَعَ الِابْنِ مَنْ يَنْتَمِي مَعَهُ إِلَى جَدٍّ تَوَارَثَهُ وَأَمَّا مَنْ هُوَ فِي الْعَشَرَةِ بِغَيْرِ نَسَبٍ مَعْرُوفٍ فَلَا لِلْمَقْتُولِ وَلَدٌ أَمْ لَا قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَسْتَعِينُ الْوَلَدُ مِنْ عَصَبَتِهِ بِمَنْ شَاءَ إِلَى خَمْسِينَ رَجُلًا وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُ الْوَلَدَيْنِ ثُمَّ أَصَابَ الْآخَرُ مَنْ يُعِينُهُ فَذَلِكَ لَهُ وَإِنْ حَلَفَ الَّذِي أُعِينَ مَعَ من أَعَانَهُ لم يكن على الثَّانِي الاشطر مَا بَقِي يعد طَرْحِ أَيْمَانِ الْمُعَيَّنِينَ وَيَحْسِبُ الْحَالِفُ مَا حَلَفَ وَيُزَادُ عَلَيْهِ إِلَى مَبْلَغِ ذَلِكَ وَلَا يَحْلِفُ أحد الْوَالِدين أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ كَمَا لَا يَحْلِفُ وَاحِد فِي الْقسَامَة وَالْأَوْلَاد الصغر لَا يُنْتَظَرُ بُلُوغُهُمْ وَيَنْتَظِرُ لَهُمْ وَلِيُّهُمْ فِي الْقَتْلِ وَأَخْذِ الدِّيَةِ قَالَ أَشْهَبُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ وَصِيٌّ جَعَلَ السُّلْطَانُ لَهُمْ وَلِيًّا وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ فِي الْعَمْدِ أَقَلَّ مِنَ الدِّيَة لِأَنَّهُ كَبيع قَالَ سَحْنُون أَشهب يَقُولُ إِنْ طَلَبَ مِنَ الْقَاتِلِ الدِّيَةَ لَزِمَتْهُ فَكَيْفَ يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ الْقِصَاصُ وَالصَّبِيُّ لَوْ بَلَغَ كَانَ لَهُ أَنْ يُلْزِمَهُ إِيَّاهَا وَلَا يَقْتُلُ الْوَلِيُّ الْحَاضِرُ حَتَّى يَقْدُمَ الْغَائِبُ بِخِلَافِ الْكَبِيرِ مَعَ الصَّغِيرِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكْتُبَ إِلَيْهِ وَيُحْبَسُ الْقَاتِلُ حَتَّى يَقْدِمَ إِلَّا

الْبَعِيدَ الْغَيْبَةِ فَلِلْحَاضِرِ الْقَتْلُ كَالْأَسِيرِ بِأَرْضِ الْحَرْبِ وَنَحْوِهِ بِخِلَافِ مِنْ إِفْرِيقِيَّةَ إِلَى الْعِرَاقِ وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ إِنْ كَانَ رَاهَقَ انْتُظِرَ قَالَهُ سَحْنُونٌ وَإِن كَانَ أَحدهمَا مَجْنُونا مطبقا وَللْآخر الْقَتْلُ وَيُنْتَظَرُ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْمُبَرْسَمُ لِقُرْبِهِ وَفِي الْمُقدمَات إِن ووزعت الْأَيْمَانُ فَحَصَلَ فِيهَا كَسْرٌ نَحْوَ كَوْنِهِمْ عِشْرِينَ يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ يَمِينَيْنِ يَمِينَيْنِ تَبْقَى عَشَرَةٌ فَيَمْتَنِعُ الدَّمُ حَتَّى يَأْتُوا بِعَشَرَةٍ مِنْهُمْ يَحْلِفُونَ فَإِنْ أَبَى جَمِيعُهُمْ عَنْهَا بَطَلَ الدَّمُ وَلَا يَسْتَعِينُ إِلَّا بِمَنْ يَلْقَاهُ إِلَى أَبٍ مَعْرُوفٍ فَإِنْ أَرَادَ أَحَدُهُمْ تَحَمُّلَ عَنْهُ أَكْثَرَ مِمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ أَرَادَ هُوَ جَازَ لَهُ ذَلِكَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَمْسَةٍ وَعشْرين يَمِينا وَإِن كَانَ اثْنَيْنِ فَلَهُمْ الِاسْتِعَانَةُ وَتُقَسَّمُ الْأَيْمَانُ عَلَى عَدَدِهِمْ أَجْمَعِينَ وَيَجُوزُ رِضَا أَحَدِهِمَا بِأَكْثَرَ مِمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمُسْتَعَانِ بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ حَلَفَ الْوَلِيَّانِ مَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا فَلِلْمُسْتَعَانِ بِهِمْ أَنْ يَحْلِفَ بَعْضُهُمْ أَكْثَرَ مِنْ بَعْضٍ وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا نِصْفَهَا فَوَجَدَ الْآخَرُ مَنْ يُعِينُهُ فَلَا يَخْتَصُّ الْمُسْتَعَانُ بِهِ بَلْ تُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ حَلَفَ آيِسًا مِمَّنْ يُعِينُهُ فَتُحْسَبُ الْأَيْمَانُ وَالْجَدُّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَخٌ فِي الْعَفْوِ وَيَحْلِفُ ثُلُثَ الْأَيْمَانِ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ قَالَ وَهُوَ صَوَابٌ فِي الْخَطَأِ ويتبغي فِي الْعَمْدِ قَسْمُ الْأَيْمَانِ عَلَى عَدَدِهِمْ لِأَنَّهُ أَخٌ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا حَقَّ لِلْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ فِي الْقِيَامِ بِهِ وَلَا الْعَفْوِ فَيُقْسِمُونَ دونه وَلَهُم الاستعامة بِهِ الرُّكْنُ الثَّالِثُ الْمُقْسَمُ فِيهِ إِنَّمَا يُقْسَمُ فِي الدِّمَاءِ فِي الْأَحْرَارِ لِأَنَّهُ مَوْرِدُ السُّنَّةِ وَالْقَسَامَةُ عَلَى خِلَافِ قَاعِدَةِ الدَّعَاوِي فِي الْقَسَمِ وَعَدَدِ الْأَيْمَانِ وَفِيهَا تَعَبُدٌ بِعَدَدٍ فَيُقْتَصَرُ بِهَا عَلَى مَحَلِّهَا وَفِي الْكِتَابِ لَا قَسَامَةَ فِي الْعَبِيدِ عَمْدًا وَلَا خَطَأً لِأَنَّهُمْ مَالٌ وَإِنْ قَتَلَ عَبْدٌ حُرًّا فَلِوُلَاتِهِ الْقَسَامَةُ خَمْسِينَ يَمِينًا وَيَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِهِمْ لِأَنَّهُ دَمُ حُرٍّ فَيَقْتُلُونَ الْعَبْدَ إِنْ شَاءُوا وَإِنْ قَالُوا يَحْلِفُ يَمِينًا وَاحِدَةً وَيَأْخُذُ الْعَبْدَ يَسْتَحْيِيهِ امْتُنِعَ لِأَنَّ دَمَ الْحر لَا يسْتَحق إِلَّا الْقسَامَة أَو بَيِّنَة

وَلَيْسَ فِيمَنْ قُتِلَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ قَسَامَةٌ لِتَعَيُّنِهِ مِنْهُمَا وَإِنْ ضُرِبَتِ امْرَأَةٌ فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيْتًا وَقَالَتْ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ فَفِيهَا الْقَسَامَةُ وَلَا بُدَّ فِي الْجَنِينِ مِنْ بَيِّنَةٍ لِأَنَّهُ كَجُرْحِ فِيهَا أَوْ شَاهِدِ عَدْلٍ يَحْلِفُ وُلَاتُهُ مَعَهُ يَمِينًا وَاحِدَةً وَيَسْتَحِقُّونَ دِيَتَهُ وَإِنْ قَالَتْ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ فَخَرَجَ جَنِينُهَا حَيًّا وَاسْتَهَلَّ وَمَاتَ وَعَاشَتِ الْأُمُّ لَمْ يُقْسَمْ فِيهِ لِأَنَّهُ جُرْحٌ وَإِنْ قَالَتْ وَهِيَ حَيَّةٌ قُتِلَ ابْنِي لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهَا وَلَا يُقْسَمُ فِيهِ وَإِنْ قَالَتْ دَمِي عِنْدَ أَبِي يُقْسِمُ عَلَى قَوْلِهِ وَالدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَفِي الْعَمْدِ فِي مَالِ الْأَبِ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ قَوْلُهُ لَا قَسَامَةَ فِيمَنْ قُتِلَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ مَعْنَاهُ إِذَا لَمْ يدم عَلَى أَحَدٍ وَلَا شَهِدَ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ وَلَا أَيِّ الصَّفَّيْنِ قَتَلَهُ وَفِيهِ الدِّيَةُ عَلَى الْفِئَةِ الْمُنَازِعَةِ لَهُ وَفِي الْجَلَّابِ فِيهِ الْقَسَامَةُ مُطْلَقًا لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ بِسَبَبٍ يَخُصُّهُ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا رُمِيَ أَوْ شَهِدَ لَهُ شَاهِدٌ بِقَتْلٍ مُعَيَّنٍ لَهُ أَوْ عَلَى أَحَدِ الصَّفَّيْنِ فَحَمَلَا يَقْتُلُهُ هَلْ فِيهِ قَسَامَةٌ أَمْ لَا وَمَا يثبت بِبَيِّنَةٍ فَفِيهِ الْقِصَاصُ هَذَا بِصِفَةِ الْعَصَبِيَّةِ وَالْبَغْيِ المستوي فِي ذَلِك فَإِن كَانَ أَحدهمَا بَاغ وَالْآخر مظلوم ومتأول والقتيل مِنْهُمْ طَلَبَ الْآخَرُونَ بِعَقْلِهِ بِقَسَامَةٍ أَوْ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ عَلَى الْقَوْلَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ إِنْ لَمْ يَثْبُتْ قَاتِلُهُ أَوْ قَتْلُ الصَّفِّ لَهُ بِعَدْلَيْنِ أَوْ مِنْ صَفِّ الْبَاغِينَ الرَّاجِعِينَ فَلَا قِصَاصَ وَلَا دِيَةَ وَإِنْ تَعَيَّنَ قَاتِلُهُ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ الْقَاتِلُونَ مُتَأَوِّلِينَ أَوْ كِلَا الصَّفَّيْنِ مُتَأَوِّلٌ لِأَنَّهُ عَمَلُ السَّلَفِ فِي قِتَالِ الْبُغَاةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُضْرَبُ قَاتِلُ الْعَبْدِ مِائَةً وَيُحْبَسُ سَنَةً وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ سَيِّدُ الْعَبْدِ يَمِينًا (وَاحِدَةً فَإِنْ قَالَ الْعَبْدُ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ قَالَ أَشْهَبُ يَحْلِفُ خَمْسِينَ يَمِينًا

وَيُضْرَبُ وَيُحْبَسُ سَنَةً وَيُبَرَّأُ لِأَنَّ الْحُرَّ ادَّعَى الْقَتْلَ عَلَيْهِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ سَيِّدُ الْعَبْدِ يَمِينًا) وَاسْتَحَقَّ قِيمَتَهُ مَعَ الضَّرْبِ وَالْحَبْسِ لِأَنَّهُ لَو ادَّعَاهُ حر على عبد كَانَت فِي الْقَسَامَةُ وَإِنَّمَا تُرِكَتْ لِأَنَّهُ عَبْدٌ وَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَمِينًا وَاحِدَةً وَلَا قِيمَةَ وَلَا ضَرْبَ وَلَا سَجْنَ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ الْقِيمَةَ وَضُرِبَ مِائَةً وَحُبِسَ سَنَةً وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا قَسَامَةَ فِي قَتِيلِ الصَّفَّيْنِ وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدٌ عَلَى قَتله أَو إِقْرَاره وَيرجع إِلَى الْقَتْلِ بِالْقَسَامَةِ وَإِنْ كَانَ الْقَتِيلُ أَوِ الْجَرِيحُ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيقَيْنِ فَعَقْلُهُ عَلَيْهِمَا وَلَا قَسَامَةَ وَلَا قَوَدَ إِلَّا أَنْ يَثْبُتَ عِنْدَ أَحَدٍ بِعَيْنِهِ (وَقَوْلُ مَالِكٍ) لَا قَسَامَةَ فِي هَذَا يُرِيد بِدَعْوَى الْأَوْلِيَاء أَن فلَان قَتَلَهُ (أَمَّا بِقَوْلِ الْمَيِّتِ أَوْ قِيَامِ شَاهِدٍ أَن فلَان قَتَلَهُ) فَفِيهِ الْقَسَامَةُ وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدٌ أَنَّ فُلَانًا جَرَحَهُ ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ أَيَّامٍ فَفِيهِ الْقَسَامَةُ قَالَ مَالِكٌ فِي جَمَاعَةٍ ضَرَبُوا رَجُلًا ثُمَّ افْتَرَقُوا وَبِهِ مُوَضِّحَةٌ لَا يُدْرَى أَيُّهُمْ شَجَّهُ فَالْعَقْلُ عَلَى جَمِيعِهِمْ وَإِنْ ثَبَتَ أَنَّ أَحَدَهُمْ جَرَحَهُ اقْتُصَّ مِنْهُ بَعْدَ حَلِفِهِ لِأَنَّهُ يتهم أَن يُنكر الْفَاعِل ليلزم الْعَقْلُ وَقَوْلُهُ فِي الْجَنِينِ لَا قَسَامَةَ يُرِيدُ وَيحلف من يَرث الْعدة كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَمِينًا أَنَّهُ قَتَلَهُ وَيَسْتَحِقُّونَ الْعدة فِي مَالِ الضَّارِبِ وَإِذَا خَرَجَ حَيًّا وَقَالَتْ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ لَا قَسَامَةَ فِيهِ لِأَنَّ الْمَضْرُوب غَيره وَلِأَنَّهَا لَوْ قَالَتْ قَتَلَنِي وَقَتَلَ فُلَانٌ مَعِي لَمْ يَكُنْ فِي فُلَانٍ قَسَامَةٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ يُقْسِمُ وُلَاتُهُ بِشَهَادَتِهَا مَا لم تشهد من يَرِثُهَا لِأَنَّهُ يَرَى شَهَادَةَ الْمَرْأَةِ لَوْثًا بِخِلَافِ ابْن الْقَاسِم وَلَو قَالَ أَضْجَعَنِي أَبِي فَذَبَحَنِي أَوْ بَقَرَ بَطْنِي فَيُقْسِمُ مَعَ قَوْلِهِ وَيُقْتَلُ الْأَبُ أَوْ يَعْفُونَ عَنْهُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُقْتَلُ وَالِدٌ بِالْقَسَامَةِ بَلِ الْمَالُ لِأَنَّهُ يُقْتَلُ عَشَرَةٌ بِوَاحِدٍ بِالْبَيِّنَةِ دُونَ الْقَسَامَةِ

قَالَ اللَّخْمِيُّ الْقَتِيلُ مِنَ الصَّفَّيْنِ أَرْبَعَةٌ قِصَاصٌ وَهَدْرٌ وَدِيَةٌ وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ هَلِ الْقِصَاصُ أَوِ الدِّيَةُ فَفِي الْمُتَأَوِّلِينَ هَدَرٌ وَفِي الْبَاغِينَ قِصَاصٌ إو عرف الْقَابِل وفيمن يكون بينالقبائل دَمُ الرَّاجِفَةِ هَدْرٌ وَالدَّافِعَةِ عَنْ نَفْسِهَا قِصَاصٌ وَفِي الْبَاغِينَ إِذَا لَمْ يَثْبُتِ الْقَتْلُ إِلَّا بِشَاهِدٍ عَلَى الْقَتْلِ أَوْ عَلَى قَوْلِ الْقَتِيلِ قَتَلَنِي فُلَانٌ أَوْ وَجَدُوهُ قَتِيلًا هَلِ الْقِصَاصُ بِالْقَسَامَةِ أَوِ الدِّيَةِ عَلَى الْمُنَازَعَةِ مِنْ غَيْرِ قَسَامَةٍ خِلَافٌ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِنْ مَاتَ تَحْتَ الضَّرْبِ أَوْ بَقِيَ مَغْمُورًا لَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ وَلَمْ يُفِقْ حَتَّى مَاتَ لَمْ يُقَسَمْ فِيهِ لِعَدَمِ التَّعَيُّنِ فَإِنْ عَاشَ حَيَاةً بَيِّنَةً ثُمَّ مَاتَ فَفِيهِ الْقَسَامَةُ إِذْ لَعَلَّهُ مَاتَ بِغَيْرِ الضَّرْبِ وَكَذَلِكَ إِنْ مَكَثَ يَوْمًا فَتَكَلَّمَ وَلَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ أَوْ قُطِعَ فَخِذُهُ فَعَاشَ يَوْمَهُ وَأَكَلَ وَشَرِبَ وَمَاتَ آخِرَ النَّهَارِ أُقْسِمَ عَلَيْهِ فَإِنْ شَقَّ حَشَوْتَهُ وَأَكَلَ وَأَقَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ قُتِلَ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ لِتَعَيُّنِ إِنْفَاذِ الْمَقْتَلِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ قِتَالٌ فَأُتِي وَبِه جرح فَقَالَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ فَعَلَا بِي هَذَا وَقَدْ أترث فِيهَا فِي مَوَاضِعَ يُسْجَنَانِ حَتَّى يُكْشَفَ أَمْرُهُمَا وَالصُّلْحُ فِي هَذَا أَحَبُّ إِلَيَّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ جُرِحَ ثُمَّ ضَرَبَتْهُ دَابَّةٌ فَمَاتَ لَا يُدْرَى عَنْ أَيِّهِمَا كَانَ نِصْفُ الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَةِ الْجَارِحِ قَبْلَ الْقَسَامَةِ وَكَيْفَ يُقْسَمُ فِي نِصْفِ الدِّيَةِ وَعَنْهُ يُقَسِمُونَ لَمَاتَ مِنْ جُرْحِ الْجَارِحِ كَمَرَضِ الْمَجْرُوحِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ طَرَحَهُ عَلَى مَوْضِعٍ بَعْدَ جُرْحِ الْأَوَّلِ أَقْسَمُوا عَلَى أَيِّهِمَا شَاءُوا عَلَى الْجَارِحِ أَوِ الطَّارِحِ وَقَتَلُوهُ وَضُرِبَ الْآخَرُ مِائَةً وَحُبِسَ سَنَةً الرُّكْنُ الرَّابِعُ فِي كَيْفِيَّةِ الْقَسَامَةِ وَفِي الْكِتَابِ يُقْسِمُ وُلَاةُ الدَّمِ فِي الْخَطَأِ

عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ وَالْبِنْتُ وَحْدَهَا تَحْلِفُ خَمْسِينَ يَمِينًا وَتَأْخُذُ نِصْفَ الدِّيَةِ أَوْ مَعَ عَصَبَتِهِ فخمسة وَعشْرين والعمة مِثْلُهَا فَإِنْ نَكَلُوا لَمْ تَأْخُذِ الْبِنْتُ إِلَّا خمسين يَمِينًا أَوْ بِنْتٌ وَابْنٌ غَائِبٌ لَمْ تَأْخُذِ الْبِنْتُ حَتَّى تَحْلِفَ خَمْسِينَ فَإِذَا قَدِمَ حَلَفَ ثُلُثَيِ الْأَيْمَانِ وَأَخَذَ ثُلُثَيِ الدِّيَةِ فَإِنِ انْكَسَرَتْ يَمِينٌ جُبِرَتْ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ أَكْثَرُهَا وَإِنْ لزم وَاحِد نصفهَا وَآخَرُ سُدُسَهُا حَلَفَ صَاحِبُ النِّصْفِ وَجَدٌّ وَعَشَرَةُ إِخْوَةٍ يَحْلِفُ الْجَدُّ ثُلُثَهَا وَالْإِخْوَةُ ثُلُثَيْهَا وَفِي النُّكَتِ إِنِ اسْتَوَتِ الْحِصَصُ فِي الْيَمِينِ اقْتَرَعُوا بِيَمِين يجْبر عَلَيْهِ قَالَه بعض مَشَايِخنَا فِي الْجَلَّابِ إِنِ اسْتَوَتْ جُبِرَتْ عَلَيْهِمْ كُلِّهِمْ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تُجْبَرَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَيَحْلِفُ الْجَدُّ مَعَ عَشَرَةِ إِخْوَةٍ فِي الْعَمْدِ كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ بِخِلَافِ الْخَطَأِ لِأَنَّ مِيرَاثَهُ الثُّلُثُ فَيَحْلِفُ الثُّلُثَ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافُهُ وَالْأَوَّلُ أَقْيَسُ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ أَنَّ فُلَانًا قَتَلَهُ أَوْ مَاتَ مِنْ ضَرْبِهِ إِنْ كَانَ عَاشَ وَلَا يُزَادُ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ لِأَنَّهُ السُّنَّةَ فِي الْأَيْمَانِ وَيَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ أَعْمَى أَوْ غَائِبًا حِينَ الْقَتْلِ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْمُدَوَّنَةِ يَزِيدُونَ الرَّحْمَنَ الرَّحِيمَ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُغِيرَةِ وَغَيْرِهِ فِي الْقَسَامَةِ وَشِبْهِهَا فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ نُكُولُ الْمُسْتَعَانِ بِهِمْ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ لِعَدَمِ إحالته كذل الْقَضِيَّةِ بِخِلَافِ نُكُولِ أَحَدِ الْأَوْلِيَاءِ يُسْقِطُ الْقَوَدَ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ فِي الْوَلَدِ وَالْإِخْوَةِ رِوَايَة وَاحِدَة فِي غَيْرِهِمْ مِنَ الْعَصَبَةِ رِوَايَتَانِ السُّقُوطُ وَيَحْلِفُ الْبَاقُونَ وَيَسْتَحِقُّونَ الدَّمَ لِتَعَدُّدِ الْحُقُوقِ وَحَيْثُ قُلْنَا بِالسُّقُوطِ حَلَفَ الْبَاقِي وَيَسْتَحِقُّ نَصِيبَهُ مِنَ الدِّيَةِ لِأَنَّهَا تَتَوَزَّعُ بِخِلَافِ الدَّمِ وَرُوِيَ تُرَدُّ الْأَيْمَانُ عَلَى الْمُدَّعِي

عَلَيْهِمْ لِأَنَّ الدِّيَةَ فَرْعُ مَا لَا يَتَوَزَّعُ فَلَا يَتَوَزَّعُ فَإِنْ نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَزِمَتْهُ الدِّيَةُ كَامِلَةً فِي مَالِهِ لِأَنَّ النُّكُولَ ظَاهِرُهُ صِدْقُ الدَّعْوَى وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ هَذَا يُحْبَسُ حَتَّى يَحْلِفَ قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَرُوِيَ إِنْ طَالَ حَبْسُهُ خُلِّيَ فَرْعٌ فِي الْمُقَدِّمَاتِ إِنْ كَانَ الْأَوْلِيَاءُ رَجُلَيْنِ وَأَرَادَا أَنْ يَسْتَعِينَا بِمَنْ دُونَهُمْ فِي الرُّتْبَةِ جَازَ وَتُقَسَّمُ الْأَيْمَانُ بَيْنَهُمْ عَلَى عَدَدِهِمْ وَإِنْ رَضِيَ الْمُعِينُ أَنْ يَحْلِفَ أَكْثَرَ مِمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ امْتُنِعَ أَوْ رَضِيَ الْوَلِيُّ أَنْ يَحْلِفَ أَكْثَرَ مِمَّا يَلْزَمُهُ جَازَ فِي خَمْسَة وَعشْرين يَمِينا لِأَنَّهَا فإحالة عَلَيْهِ وَإِنَّمَا جَازَتْ الِاسْتِعَانَةُ بِمَنْ يَرْجِعُ إِلَى النَّسَبِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِلْحَارِثِيِّينَ (أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ) وَلَمْ يَكُنِ الْجَمِيعُ إِخْوَةً بَلْ مُخْتَلِفِينَ فِي الرُّتَبِ فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ أَخُوهُ وَحُوَيِّصَةُ وَمُحَيِّصَةُ ابْنَا عَمِّهِ وَفِي حَدِيثِ الْحَارِثِيِّينَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ (أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ الدِّيَةَ بِأَيْمَانِ خَمْسِينَ مِنْكُمْ) وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُزَادُ عَلَى هَذَا الْعَدَدِ مَعَ أَنَّ الْأَنْصَارَ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَرْعٌ قَالَ إِنْ نَكَلَ وُلَاة الدَّم عين الْيَمين وَكَانَت القاسمة وَجَبَتْ بِقَوْلِ الْمَقْتُولِ أَوْ بِشَاهِدٍ عَلَى الْقَتْلِ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ تُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُ أَصْلُ النُّكُولِ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خَمْسِينَ أَوْ يَحْلِفُ عَنْهُ رَجُلَانِ فَأَكْثَرُ مِنْ وُلَاتِهِ إِنْ رَضُوا خَمْسِينَ بِذَلِكَ وَلَا يَحْلِفُ هُوَ مَعَهُمْ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالثَّانِي عَنْهُ يَحْلِفُ مِنْهُمْ رجلَانِ فَأكْثر خمسين ترجج الْأَيْمَانُ عَلَيْهِمْ وَيَحْلِفُ فِيهِمُ الْمُتَّهَمُ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ (فَإِنْ نَكَلُوا أَوْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُ الْمُتَّهَمِ لَمْ تَبْرَأْ حَتَّى يَحْلِفَ الْمُتَّهَمُ وَحْدَهُ قَالَ مُطَرِّفٌ وَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَحْدَهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَعِينَ بِأَحَدٍ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ) وَإِنْ

وَجَبَتِ الْقَسَامَةُ بِشَاهِدَيْنِ عَلَى الْجُرْحِ فَقَوْلَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَحْلِفُ مَا مَاتَ مِنْ ضَرْبِي فَإِنْ نَكَلَ سُجِنَ حَتَّى يَحْلِفَ فَإِنْ حَلَفَ ضُرِبَ مِائَةً وَسُجِنَ سَنَةً وَإِنْ أَقَرَّ قُتِلَ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ يُقْتَصُّ مِنْهُ مِنَ الْجُرْحِ إِنْ نَكَلَ الْأَوْلِيَاءُ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ نَكَلَ لِأَنَّ الْجُرْحَ ثَبَتَ بِشَاهِدَيْنِ وَإِنْ ثَبَتَتِ الْقَسَامَةُ بِشَاهِدٍ عَلَى الْقَتْلِ لَا يُقْتَصُّ مِنَ الْجُرْحِ حَلَفَ الْقَاتِلُ أَوْ نَكَلَ لِأَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ مِنَ الْجُرْحِ (إِنْ نكل الْأَوْلِيَاء حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) إِلَّا بِيَمِينِ الْمَجْرُوحِ لَا يَمِين الْوَارِثِ وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا رُدَّتْ عَلَيْهِمْ فِي الْعَمْدِ فَنَكَلُوا فَالْعَقْلُ فِي مَالِ الْجَارِحِ خَاصَّةً وَيُقْتَصُّ مِنْهُ مِنَ الْجُرْحِ سِوَى الْعَقْلِ وَعَنْهُ إِنْ حَلَفَ ضُرِبَ مِائَةً وَحُبِسَ سَنَةً أَوْ نَكَلَ حُبِسَ حَتَّى يَحْلِفَ وَلَا دِيَةَ فِيهِ قَالَ وَهُوَ الصَّوَابُ وَالْقَوْلُ الثَّانِي لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ لِأَنَّ يَمِينَهُ غَمُوسٌ وَعَلَى هَذَا إِذَا أَقَرَّ لَمْ يُقْتَلْ قَالَهُ أَشْهَبُ وَإِنْ نَكَلَ بعض وُلَاة الدَّم وَهُوَ سَوَاءٌ فِي التَّعَدُّدِ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَبْطُلُ الدَّمُ وَالدِّيَةُ وَلَيْسَ لِمَنْ بَقِيَ أَنْ يُقْسِمَ لِأَنَّ الدَّمَ لَا يَتَوَزَّعُ وَقَالَ أَشْهَبُ لِمَنْ بَقِيَ أَنْ يَحْلِفَ وَيَأْخُذَ حَظَّهُ مِنَ الدِّيَةِ لِإِمْكَانِ تَوْزِيعِهَا وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ إِنْ نَكَلَ عَفَوْنَا قَالَ أَشْهَبُ أَوْ تَوَزَّعَا حَلَفَ الْبَاقُونَ وَقُتِلُوا فَرْعٌ قَالَ قِيلَ يُجْبَرُ كَسْرُ الْيَمِينِ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ أَكْثَرُهَا وَقِيلَ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَيْمَانِ فَإِنْ كَانُوا زَوْجَات وَبَنَات وأخوات فَإِذا قسمت الْأَيْمَان عَلَيْهِم جُبِرَ الْكَسْرُ عَلَى الْأَخَوَاتِ لِأَنَّ حَظَّهُنَّ مِنْهَا أَكْثَرُ وَعَلَى الْبَنَاتِ لِأَنَّ أَيْمَانَهُنَّ أَكْثَرُ عِنْدَ أَشهب وَعَن ابْن كنَانَة لَا يجب الْإِمَامُ عَلَيْهَا أَحَدًا بَلْ لَا يُعْطُوا حَتَّى يَحْلِفُوا بَقِيَّةَ الْأَيْمَانِ

فَرْعٌ قَالَ فَإِنْ نَكَلُوا فِي الْخَطَأِ فَخَمْسَةُ أَقْوَالٍ تُرَدُّ عَلَى الْعَاقِلَةِ فَيَحْلِفُونَ كُلُّهُمْ وَإِنْ كَانُوا عَشَرَةَ آلَافٍ وَالْقَاتِلُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَلَا يلْزم الْحَالِف شَيْء وَيلْزم لنا النَّاكِلَ مَا عَلَيْهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ أبين الْأَقَاوِيل لِأَنَّهُ قَاعِدَةُ النُّكُولِ وَيَحْلِفُ مِنَ الْعَاقِلَةِ خَمْسُونَ رجلا يَمِينا وَتسقط الدِّيَة فَإِن حلف بَعضهم بَرِيء وَلَزِمَ بَقِيَّةَ الْعَاقِلَةِ الدِّيَةُ كَامِلَةً حَتَّى يُتِمُّوا خَمْسِينَ يَمِينًا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالثَّالِثُ إِنْ نَكَلُوا فَلَا حَقَّ لَهُمْ أَوْ بَعْضُهُمْ فَلَا حَقَّ لِلنَّاكِلِ وَلَا يَمِينَ عَلَى الْعَاقِلَةِ لِأَنَّ الدِّيَةَ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِمْ بَعْدُ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَالرَّابِعُ يُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَحْدَهُ إِنْ حَلَفَ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمِ الْعَاقِلَةَ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَا تَحْمِلِ الْإِقْرَارَ قَالَهُ مَالِكٌ الْخَامِسُ يُرَدُّ عَلَى الْعَاقِلَةِ إِنْ حَلَفَتْ بَرِئَتْ أَوْ نَكَلَتْ غَرِمَتْ نِصْفَ الدِّيَةِ قَالَهُ رَبِيعَةُ وَقَضَى بِهِ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى السَّعْدَيْنِ تَنْبِيهٌ فِي الْمُنْتَقَى لَا يَحْلِفُ مِنْ جِهَةِ الْمَقْتُولِ فِي الْعَمْدِ إِلَّا اثْنَانِ وَمِنْ جِهَةِ الْقَاتِلِ وَاحِدٌ وَهُوَ الْقَاتِلُ وَالْفَرْقُ أَنَّ جِهَةَ الْمَقْتُولِ إِذَا تَعَذَّرَتْ بِعَدَمِ اثْنَيْنِ فَلَهُمْ مَا يُرْجَعُ إِلَيْهِ وَهُوَ جِهَةُ الْقَاتِلِ وَإِذَا لَمْ يَقْبَلْ مِنَ الْقَاتِلِ عِنْدَ عَدَمِ الْأَوْلِيَاءِ لَمْ يَجِدْ مَا يرجع إِلَيْهِ فِي بَرَاءَته مِنْهُ وَكَانَتِ الْأَيْمَانُ فِي الرَّدِّ خَمْسِينَ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَرْدُودَة وَكَانَت الْأَيْمَان فِي الرَّد خمسين لِأَنَّهَا رددت فِي الْجِهَتَيْنِ كَاللِّعَانِ قَالَ مَالِكٌ لَيْسَ لِوُلَاةِ الْقَاتِل كَانُوا وَاحِدًا أَو جمَاعَة إِلَّا الِاسْتِعَانَةُ بِأَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ لِأَنَّهُمْ يُبَرِّئُونَ أَنْفُسَهُمْ وَخَالَفَهُ أَصْبَغُ وَإِذَا اقْتَصَرَ عَلَى الْقَاتِلِ وَحْدَهُ حَلَفَ خَمْسِينَ يَمِينًا وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأَيْمَانِ وَالْحَالِفِينَ أَنَّ الضَّرُورَةَ تَدْعُو لِلِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَا ضَرُورَةَ فِي الْأَيْمَانِ وَلَا يُكْمِلُ بَعْضُ الْوَرَثَةِ عَنْ بَعْضٍ (شَيْئًا كَمَا

يُكْمِلُهَا بَعْضُ الْعَصَبَةِ عَنْ بَعْضٍ فِي الْعَمْدِ) لِأَنَّهُ مَال لَا يحْتَمل أَحَدٌ فِيهِ الْيَمِينَ عَنْ غَيْرِهِ فَرْعٌ فِي النَّوَادِرِ قَالَ مَالِكٌ إِذَا اتُّهِمَ جَمَاعَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ حَلِفِ كُلِّ وَاحِدٍ يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ وَلَعَلَّهُ لَوْ أَقْسَمَ الْأَوْلِيَاءُ أَقْسَمُوا عَلَيْهِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ الِاسْتِعَانَةُ بِعَصَبَتِهِ حَتَّى يَنُوبَ كُلَّ وَاحِدٍ يَمِينٌ فَإِنْ كَانُوا مِنْ فَخْذٍ وَاحِدٍ فلمعن هَذَا أَنْ يُعِينَ ذَلِكَ أَوْ مِنْ أَفْخَاذٍ فَلَا يَسْتَعِينُ أَحَدٌ بِغَيْرِ عَصَبَتِهِ وَلَيْسَ لِمُعِينٍ إِذَا كَانُوا عَصَبَةً وَاحِدَةً أَنْ يَجْمَعُوا الْحَلِفَ فِيهِ فَيَقُولُونَ مَا قَتَلَهُ فُلَانٌ وَلَا فُلَانٌ وَيَسْتَعِينُ الْمُتَّهَمُ بِالْمُتَّهَمِ الْآخَرِ مَعَ الْعَصَبَةِ لِأَنَّهُ عَصَبَةٌ لَهُ فَرْعٌ قَالَ قَالَ مَالِكٌ يَحْلِفُ مَنْ بِأَعْرَاضِ الْمَدِينَةِ إِلَيْهَا فِي الْقَسَامَةِ فَإِنْ كَانَت مدية النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَلَفُوا عِنْدَ الْمِنْبَرِ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَفِي غَيْرِهَا فِي الْجَوَامِع يحلفُونَ قيَاما على رُؤُوس النَّاس فَيقسم بِاللَّه الَّذِي أحيى وَأَمَاتَ وَالَّذِي أَخَذَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ فَقَطْ لَمْ يُقْبَلْ حَتَّى يَقُولَ وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ لَهو ضربه وَمن ضَرْبِهِ مَاتَ وَإِنْ قَالُوا لَهُوَ قَتَلَهُ وَلَمْ يَذْكُرُوا الضَّرْبَ وَهُوَ مَضْرُوبٌ جَازَ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَقُولُ وَاللَّهِ الَّذِي لَا

إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ لَقَدْ مَاتَ مِنَ الضَّرْبِ الَّذِي شَهِدَ عَلَيْهِ فُلَانٌ وَفُلَانٌ إِنَّ فُلَانًا ضَرَبَهُ إِيَّاهُ وَالنَّظَرُ فِي التَّغْلِيظِ فِي الْيَمِينِ إِلَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ) وَكَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَحْلِفُ بِمَا قَالَهُ مَالِكٌ أَوْ يُنْظَرُ إِلَى عِظَمِ الدِّمَاءِ وَالْقِيَاسُ عَلَى التَّغْلِيظِ بِالْمَكَانِ وَالْحَلِفِ عَلَى الْبَتِّ لَا عَلَى الْعِلْمَ وَعَنْ أَشْهَبَ يَحْلِفُ الصَّغِيرُ إِذَا كَبِرَ عَلَى الْبَتِّ بِنَاءً عَلَى الشَّهَادَةِ قِيَاسًا عَلَى الْحَلِفِ فِي الدَّيْنِ بِنَاءً عَلَى الشَّهَادَةِ (يَحْلِفُ على الْبَتّ) وَهَا هُنَا أَوْلَى لِحُرْمَةِ الدِّمَاءِ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ يَكْفِي الظَّنُّ فِي الْأَيْمَانِ مُسْتَنِدًا فِي الْحَلِفِ عَلَى الْبَتِّ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَرَضَ الْأَيْمَانَ عَلَى مَنْ لَمْ يَرَ الْقَتْلَ مِنَ الْحَارِثِيِّينَ تَنْبِيهٌ وَافَقَنَا فِي تَقْدِيمِ الْمُدَّعِينَ (ش) وَأَحْمَدُ وَخَالَفَنَا (ح) فَقَالَ يُقَدَّمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ لَنَا حَدِيثُ ابْنِ سَهْلٍ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (الْبَيِّنَةَ عَلَى مَنِ ادَّعَى وَالْيَمِينَ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ وَفِي أَبِي دَاوُدَ (أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَدَأَ بِالْيَهُودِ قَالَ يَحْلِفُ مِنْكُمْ خَمْسُونَ رَجُلًا فَأَبَوا فَقَالَ للْأَنْصَار أتخلفون قَالُوا نخلف عَلَى الْغَيْبِ) وَقِيَاسًا عَلَى سَائِرِ الدَّعَاوِي وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ مِنْ وُجُوهٍ أَحَدُهَا أَنَّ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ إِلَّا فِي الْقَسَامَةِ وَثَانِيهَا أَنَّا نَقُولُ بِمُوجِبِهِ فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ هُوَ مَنْ كَانَتْ دَعْوَاهُ على خلاف الظَّاهِرِ بِلَوْثٍ أَوْ غَيْرِهِ وَثَالِثُهَا أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ سَهْلٍ أَخَصُّ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَالْخَاصُّ يُقَدَّمُ عَلَى الْعَامِّ

وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ رِوَايَتَنَا أَثْبَتُ سَنَدًا فَتُقَدَّمُ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ هَذَا الْقِيَاسَ يَنْقَلِبُ عَلَيْكُمْ فَإِنَّ سَائِرَ الدَّعَاوِي إِنَّمَا يَحْلِفُ مَنْ رُجِّحَ ببر أَو شَاهد أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَهَذَا رَجَحَ جَانِبُهُ بِاللَّوْثِ أَوْ غَيْرِهِ فَيَحْلِفُ كَسَائِرِ الدَّعَاوِي الرُّكْنُ الْخَامِسُ فِيمَا يَتَرَتَّب على الْقسَامَة وَهُوَ إِمَّا الْقِصَاصُ أَوِ الدِّيَةُ وَفِي الْكِتَابِ إِنِ ادَّعَوْا عَلَى جَمَاعَةٍ وَأَتَوْا بِلَوْثٍ أَوْ بَيِّنَةٍ عَلَى أَنَّهُمْ حَمَلُوا صَخْرَةً فَرَمَوْا بِهَا رَأْسَهُ وَعَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ أَيَّامًا وَأَكَلَ وَشَرِبَ وَمَاتَ أَقْسَمُوا عَلَى وَاحِدٍ أَيِّهِمْ شَاءُوا وَقَتَلُوهُ وَلَا يقسموا عَلَى جَمِيعِهِمْ وَيَقْتُلُوهُمْ وَيُقْسِمُونَ فِي الْخَطَأِ عَلَى الْجَمَاعَةِ وَتُفَرَّقُ الدِّيَةُ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَكَذَلِكَ إِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُمْ جَرَحُوهُ خَطَأً فَعَاشَ أَيَّامًا فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُقْسِمُوا عَلَى وَاحِدٍ وَيَأْخُذُوا الدِّيَةَ مِنْ عَاقِلَتِهِ بَلْ عَلَى الْجَمِيعِ وَبَعْضُ الدِّيَةِ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي الْخَطَأِ يَقُولُ الضَّرْبُ مِنَّا أَجْمَعِينَ فَلَا تَخُصُّوا عَاقِلَتِي بِخِلَافِ الْعَمْدِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا أَقْسَمُوا عَلَى وَاحِدٍ قَالُوا فِي الْقَسَامَةِ لَمَاتَ مِنْ ضَرْبِهِ وَلَا يَقُولُونَ مِنْ ضَرْبِهِمْ لِأَنَّ الْأَصْلَ مُطَابَقَةُ الْيَمِينِ لِلدَّعْوَى قَالَ أَشْهَبُ لَهُمْ أَنْ يُقْسِمُوا عَلَى اثْنَيْنِ وَأَكْثَرَ وَعَلَى جَمِيعِهِمْ لِعُمُومِ اللَّوْثِ فِيهِمْ وَلَا يَقْتُلُونَ إِلَّا وَاحِدًا مِنَ الْمُقْسَمِ عَلَيْهِمْ كَأَنْ يَقُولَ الْمَيِّتُ قَتَلَنِي فُلَانٌ وَفُلَانٌ أَوْ ضَرَبُونِي أَوْ شَاهِدٌ عَلَى الْقَتْلِ فَمَاتَ مَكَانَهُ أَوْ عَاشَ أَيَّامًا إِنْ أَقْسَمُوا عَلَيْهِمْ وَهُمْ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ وَصِبْيَانٌ فَلَا يَقْتُلُوا إِلَّا بَالِغًا رَجُلًا أَوِ امْرَأَةً وَعَلَى عَوَاقِلِ الصِّبْيَانِ حِصَّتُهُمْ مِنَ الدِّيَةِ فَإِنْ كَانَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ عِشْرِينَ وَالصِّبْيَانُ خَمْسَةً فَعَلَى عَوَاقِلِهِمْ خُمُسُ الدِّيَةِ خُمُسُ الْخُمُسِ عَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ صَبِيٍّ لِأَنَّهُ مِنْ أَصْلِ دِيَةٍ كَامِلَةٍ قَالَ مَالِكٌ إِنْ قَالَ ضَرَبَنِي فلَان وَفُلَان أنفذ مَا قَتْلِي فَلَا يقسموا " لَا عَلَيْهِ لقُوَّة سَببه وعَلى البَاقِينَ الضَّرْب والسحن وَإِذَا قَالَ لَهُمْ أَقْسِمُوا عَلَى فُلَانٍ لَيْسَ لَهُم

أَنْ يُقْسِمُوا عَلَى غَيْرِهِ لِأَنَّ قَوْلَ الْمَيِّتِ مُقَدَّمٌ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ وَلَا يَقْبَلُ مِنْهُ فِي الْخَطَأ ويقسموا عَلَى الْجَمِيعِ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ فِي الْوَصِيَّةِ بِالدِّيَةِ وَيُنْظَرُ إِلَى حِصَّةِ مَنْ أَبْرَأَهُ إِنْ حَمَلَهَا الثُّلُثُ سَقَطَتْ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِم وَأَشْهَب هُوَ مثل الْعمد وَلَا يقسموا إِلَّا عَلَى مَنْ عَيَّنَهُ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ وَيَلْزَمُ عَاقِلَته حصتهم إِن قَالُوا لَا يقسموا إِلَّا على فلَان وَإِن قَالَ لَا شَيْءَ عَلَى الْآخَرِينَ مِنَ الدِّيَةِ وَلَمْ يَسَعِ الثُّلُثُ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ فِي الْقَسَامَةِ عَلَى ذَلِكَ وَحده ويجبروا وَصيته أَو يقسموا عَلَيْهِ وَيُحَاصِصِ الْمُوصَى لَهُمْ إِلَّا أَنْ يُقَسْمَ الْمُقْسِمُ عَلَيْهِمْ فِي الثُّلُثِ وَيُوضَعَ عَنْ كُلِّ وَارِثٍ مَا يَنُوبُهُ فِي الثُّلُثِ وَمَا بَقِيَ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ وَعَلَى الَّذِي أَمَرَ أَنْ يُقْسِمَ عَلَيْهِ مَا يَنُوبُهُ مِنَ الدِّيَةِ أَقْسَمُوا عَلَيْهِمْ أَوْ عَلَيْهِ وَحْدَهُ وَإِنْ قَالُوا لَا نُقْسِمُ إِلَّا عَلَى جَمِيعِهِمْ فَذَلِكَ لَهُمْ ضَاقَ الثُّلُثُ أملا وَيسْقط عَن الْمُوصى لَهُم مَا عَلَيْهِم إِن جَرَحَهُ أَحَدُهُمَا عَمْدًا وَالْآخَرُ خَطَأً وَثَبَتَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ أَقْسَمُوا (عَلَيْهِمْ أَوْ عَلَيْهِ وَحْدَهُ وَإِنْ قَالُوا لَا نُقْسِمُ إِلَّا عَلَى جَمِيعِهِمْ فَذَلِكَ لَهُمْ ضَاقَ الثُّلُث أم لَا وَسقط عَنِ الْمُوصَى لَهُمْ مَا عَلَيْهِمْ وَإِنْ جَرَحَهُ أَحَدُهُمَا عَمْدًا وَالْآخَرُ خَطَأً وَثَبَتَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ أَقْسَمُوا) عَلَى الْمُتَعَمِّدِ وَقَتَلُوهُ وَأَخَذُوا مِنَ الْآخَرِ عقل الجراج إِنْ عُرِفَتْ جِنَايَةُ الْخَطَأِ مِنَ الْعَمْدِ أَوْ يقسموا على الْخَطَأ عَلَيْهِم ليستفيدوا مِنَ الجُرِحِ وَيَأْخُذُوا الدِّيَةَ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتِ الْجُرْحَانِ إِلَّا بِقَوْلِ الْمَيِّتِ فَكَالْبَيِّنَةِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَهُ سَحْنُونٌ كَذَلِكَ إِنْ عَاشَ وَإِنْ مَاتَ مَكَانَهُ خَالَفَتِ الْبَيِّنَةُ قَوْلَ الْمَيِّتِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ مَاتَ مِنْ ضَرْبِهِمَا مَكَانَهُ قُتِلَ الْمُتَعَمِّدُ وَعَلَى عَاقِلَةِ الْآخَرِ نِصْفُ الدِّيَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ جُرْحُ الْخَطَأِ مَعْرُوفًا بِعَيْنِهِ قَالَ

مَالِكٌ إِنْ أَقَرَّ بِالْقَتْلِ غَيْرُ مَنْ وَجَبَتِ الْقَسَامَةُ عَلَيْهِمْ قُتِلَ وَأَقْسَمَ الْأَوْلِيَاءُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ وَقَتَلُوهُ وَذَلِكَ بِإِقْرَارِهِ وَهَذَا بِالْقَسَامَةِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُقْتَلُ إِلَّا وَاحِد من (المقربين أَوِ الْمُقْسَمِ عَلَيْهِمْ وَعَنْهُ يُقْتَلُ الْمُقِرُّ) بِقَسَامَةٍ وَعَنْهُ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ بَلْ بِإِقْرَارِهِ لِأَنَّهُ سَبَبٌ مُسْتَقِلٌّ وَإِنْ أَقْسَمُوا عَلَى وَاحِدٍ وَأَرَادُوا الْعُدُولَ لغيره امْتنع ثمَّ إِن تَرَكُوهُ بذاة امْتُنِعَ قَتْلُهُ أَوْ عصبهُ عَلَى الثَّانِي وَنَزَاهَةً فَلَهُمْ قَتْلُ الْأَوَّلِ وَإِنْ قَالَ قَتَلَنِي فُلَانٌ وَأُنَاسٌ مَعَهُ وَثَبَتَ أَنَّ قَوْمًا ضَرَبُوهُ أَقْسَمُوا عَلَى أَيِّهِمْ شَاءُوا قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ حَمَلُوا صَخْرَةً فَدَمَغُوهُ بِهَا أَوْ سَقَطَتْ مِنْ أَيْدِيهِمْ فَلَا يُقْسِمُوا إِلَّا لَمَاتَ مِنْ تِلْكَ الضَّرْبَةِ وَيَقْتُلُونَ فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ إِلَّا أَنْ يَقْصِدُوا الْقَسَامَةَ لِمَا هُوَ آمِنٌ وَيَتْرُكُوا الْأَخْوَفَ فَمِنْ حَقِّ صَاحِبِ الضَّرْبَةِ أَنْ لَا يُمَكِّنَهُمْ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ تَعَاوَنُوا عَلَيْهِ عَمْدًا أَقْسَمُوا لَمَاتَ مِنْ كُلِّ الضَّرْبِ وَقَتَلُوهُمْ وَلَوْ كَانَ مِنْهُمُ الْمُمْسِكُ لَقُتِلَ بِهِ لِاشْتِرَاكِهِمْ فِي السَّبَبِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدُوا التَّعَاوُنَ وَإِحْدَى الضَّرَبَاتِ نَافِذَةٌ وَلَا يَعْلَمُ ضَارِبُهَا وَلَا يَعْلَمُ أَنَّهَا قَتَلَتْ وَاخْتَلَطَتِ الضَّرَبَاتُ أَقْسَمُوا لَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ الضَّرْبِ وَتُفَرَّقُ الدِّيَةُ عَلَيْهِمْ فِي أَمْوَالِهِمْ وَيَسْقُطُ الْقصاص للنَّفس وَمِثْلُهُ إِنْ مَاتَ بِالْفَوْرِ وَقَالُوا لَا نَدْرِي أَي الضربات قَتله أَو نفذت إِحْدَاهَا مَقَاتِلَهُ وَلَا يَدْرُونَ أَيَّهُمْ ضَرَبَهَا أَوْ ضَرَبَهُ أَحَدُهُمْ عَمْدًا وَالْآخَرُ خَطَأً وَمَاتَ بِالْحَضْرَةِ فَلَا يقتل الْمُتَعَمد لعدم يُعينهُ وَعَلِيهِ نصف الدِّيَة وَفِي تحمل عَاقِلَة المخطىء نِصْفُ الدِّيَةِ قَوْلَانِ لِأَنَّهُ يُحْمَلُ بِالشَّكِ وَلَا يُسْقِطُ نِصْفَ الدِّيَةِ عَنِ الْمُتَعَمِّدِ لِأَنَّ الظَّالِمَ أَوْلَى أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ الضَّرْبَتَانِ خَطَأً وَشَكُّوا فِي الْقَاتِلَةِ فَيَخْتَلِفُ هَلْ تُفَضُّ الدِّيَة على

عاقلتها أَوْ تَسْقُطُ لِلشَّكِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يُقْتَلُ بِالْقَسَامَةِ إِلَّا وَاحِدٌ لِأَنَّهُ الْمُتَحَقِّقُ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ يقتل بهَا الْجَمَاعَة تَنْبِيه أَحْمد فِي قتل وَاحِد وَقَالَهُ الشَّافِعِي فِي الْقَدِيمِ وَعَنْهُ تُقْتَلُ الْجَمَاعَةُ بِهَا وَقَالَ (ح) وَ (ش) فِي الْجَدِيدِ لَا يُقْتَلُ بِالْقَسَامَةِ أَصْلًا بَلِ الدِّيَةُ لَنَا حَدِيثُ ابْنِ سَهْلٍ وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِيهِ (وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ) فَجُعِلَ الدَّمُ مُسْتَحَقًّا بِالْحَلِفِ وَفِي بَعْضِ طُرُقِهِ (يَحْلِفُ خَمْسُونَ رَجُلًا مِنْكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ فَيُعْطَى بِرُمَّتِهِ) وَلِأَنَّهُمُ ادَّعَوُا الْعَمْدَ وَمُوجِبُهُ الْقِصَاصُ وَقِيَاسًا عَلَى مَا إِذَا نَكَلَ الْمُدَّعُونَ وَلِأَنَّهُ مروري عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قتل بالقسامة احْتَجُّوا بِأَنَّهُ أَيْمَانٌ فَلَا يُقْتَلُ بِهَا كَالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَلِأَنَّهُ تَخْمِينٌ فَيَكُونُ فِيهِ شُبْهَةٌ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ الْفَرْقُ أَنَّ هَذِهِ خَمْسُونَ يَمِينًا وَلَا قِيَاسَ قُبَالَةَ النَّصِّ فَيَكُونُ بَاطِلًا وَعَنِ الثَّانِي لَيْسَ مُجَرَّدُ الِاحْتِمَالِ مَانِعًا وَإِلَّا لَمَا اقْتُصَّ مَعَ الْبَيِّنَةِ لِقِيَامِ الِاحْتِمَالِ فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا اعْتِبَارُ الظَّنِّ الْغَالِبِ وَهُوَ حَاصِلٌ مِنْ خَمْسِينَ يَمِينًا وَلَا قِيَاسَ وَاحْتَجُّوا عَلَى قَتْلِ الْكُلِّ بِأَنَّهَا حُجَّةٌ يُقْتَلُ بِهَا الْوَاحِدُ فَيُقْتَلُ بِهَا الْجَمْعُ كالبينة وَجَوَابه الْفرق أَن الْبَيِّنَة شاهدت وعاينت الْحَالة وَهَا هُنَا لَمْ يَتَعَيَّنْ وَلَمْ يُدْرَ فَقَتَلْنَا الْجَمِيعَ

النَّظَرُ الثَّالِثُ فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْجِنَايَةِ وَهُوَ ثَمَانِيَةُ آثَارٍ الْأَثَرُ الْأَوَّلُ الْقِصَاصُ وَالْبَحْثُ عَنْ مَحَلِّهِ وَشُرُوطُهُ وَكَيْفِيَّتُهُ وَمَنْ يَتَوَلَّاهُ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَبْحَاثٍ الْبَحْثُ الْأَوَّلُ فِي الْمَحَلِّ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ النَّفْسُ وَالْعُضْوُ وَالْمَنْفَعَةُ وَالْجُرْحُ الْمَحَلُّ الْأَوَّلُ فِي النَّفْسِ وَأَصْلُهَا قَوْله تَعَالَى {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنْفَ بِالأَنْفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تصدق بِهِ فَهُوَ كَفَّارَة لَهُ} وَفِي الْكتاب يقتل الصَّحِيح بالسقيم الاجزم الْأَبْرَصِ الْمَقْطُوعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ وَإِنَّمَا هِيَ النَّفْسُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفسِ} وَشَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا وَالرَّجُلُ بِالْمَرْأَةِ وَالْمَرْأَة بِالرجلِ وَفِي الْجرْح بَيْنَهُمَا الْقِصَاصُ قَالَ اللَّخْمِيُّ تُقْتَلُ الْمَرْأَةُ بِالرَّجُلِ وَلَيْسَ عَلَى أَوْلِيَائِهَا فَضْلُ دِيَةِ الرَّجُلِ وَيُقْتَلُ الْبَالِغُ بِالصَّغِيرِ وَالْعَاقِلُ بِالْمَجْنُونِ وَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُمَا لِأَن الْقَاص عَذَابٌ لَا يَثْبُتُ إِلَّا مَعَ التَّكْلِيفِ فَعَمْدُهُمَا خَطَأٌ فَإِنْ جُنَّ بَعْدَ الْقَتْلِ وَلَمْ يُفِقْ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ أُيِسَ مِنْهُ فَالدِّيَةُ فِي مَالِهِ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ يُقْتَصُّ مِنْهُ نَظَرًا لِحَالَةِ الْجِنَايَةِ وَإِنِ ارْتَدَّ ثُمَّ جُنَّ لَمْ يُقْتَلْ لِأَنَّ حُقُوقَ الْعِبَادِ أَقْوَى قَالَ وَهُوَ بَيِّنٌ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ حَقَّهُ نَاقِصًا كَمَا يُقْتَلُ الْعَبْدُ بِالْحُرِّ وَلَا يُقْتَلُ الْحُرُّ بِالْعَبْدِ وَلَا الْمُسْلِمُ بِالنَّصْرَانِيِّ فِي قَتْلٍ وَلَا جُرْحٍ وَيُقْتَصُّ مِنَ الْعَبْدِ وَالنَّصْرَانِيِّ فِي النَّفْسِ لِأَنَّ الدَّنِيَّ يُقْتَلُ بالأعلى بِخِلَاف الْعَكْس وَاخْتلف فِي الْجرْح فَعَن مَالك لَا يقْتَصّ مِنْهُمَا فِيهَا وَعَن الْقِصَاصِ قِيَاسًا عَلَى النَّفْسِ وَعَنْهُ مُنِعَ الْقِصَاصُ فِي الْعَبْدِ دُونَ النَّصْرَانِيِّ لِأَنَّ الْعَبْدَ يُسَلَّمُ وَالنَّصْرَانِيِّ لَا يُسَلَّمُ وَفِي ذَلِكَ تَسْلِيطٌ عَنِ الْمُسْلِمِينَ يَقْلَعُ عَيْنَ الْمُسْلِمِ وَيُعْطِيهِ دَرَاهِمَ وَيُعِينُهُ أَهْلُ جِزْيَتِهِ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ يُخَيَّرُ الْمُسْلِمُ فِي الْقصاص وَالدية

وَالْقصاص بَين العَبْد كَالْأَحْرَارِ فِي النَّفْسِ وَالْجُرْحِ وَالذُّكْرَانُ وَالْإِنَاثُ سَوَاءٌ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلسَّيِّدِ فِي الْقِصَاصِ وَأَخْذِ الْعَقْلِ وَمَنْ فِيهِ عُلْقَةُ رِقٍّ كَالْقِنِّ مِنَ الْمُكَاتِبِ وَالْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَاسْتُحْسِنَ أَنْ يُقْتَصَّ مِنَ الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ لَلْقَنِّ وَفِي الْحَدِيثِ (يَرِثُ هَذَا بِقَدْرِ مَا أُعْتِقَ مِنْهُ وَيَعْقِلُ هَذَا بِقَدْرِ ذَلِكَ) وَلَا يُقْتَصُّ مِنَ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ لِلْحُرِّ النَّصْرَانِيِّ لِشَرَفِ الْإِسْلَامِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (أَلَا لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ) وَاخْتُلِفَ فِي الْقِصَاصِ لَهُ مِنَ النَّصْرَانِيِّ أَثْبَتَهُ أَشْهَبُ بِغَلَبَةِ الْإِسْلَامِ عَلَى شَائِبَةِ الرِّقِّ وَنَفَاهُ سَحْنُونٌ لِلرِّقِّ وَعَلَى الْأَوَّلِ اخْتُلِفَ فِي الْخِيَارِ لِلسَّيِّدِ فَنَفَاهُ ابْنُ الْقَاسِم وَقَالَ لَا يعْفُو من الدِّيَةِ كَالْحُرِّ يُقْتَصُّ أَوْ يَعْفُو عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَهُ أَخْذُ الدِّيَةِ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ مَالَهُ وَيُقْتَصُّ لِلنَّصْرَانِيِّ مِنَ النَّصْرَانِيِّ وَمِنَ الْيَهُودِيّ فِي النَّفس وَلَا جراح إِذَا دَعَا لِذَلِكَ أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ لِأَنَّهُ تَظَالُمٌ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا قَتَلَ نَفَرٌ امْرَأَةً أَوْ صَبِيًّا قُتِلُوا لِاشْتِرَاكِهِمْ فِي السَّبَبِ أَوْ عبدا أَو ذِمِّيا غيلَة قتلوا بِهِ لِأَن حق الله تَعَالَى فِي دَرْء الْمَفَاسِد الْحِرَابَة وَإِنْ قَتَلَ مُسْلِمٌ كَافِرًا عَمْدًا ضُرِبَ مِائَةً وَحُبِسَ عَامًا أَوْ خَطَأً فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ أَوْ جَمَاعَةٌ فَالدِّيَةُ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُقْتَلُ النَّصْرَانِيُّ بِالْمَجُوسِيِّ وَيُقْتَلُ الْمَجُوسِيُّ بِهِ وَبِالْيَهُودِيِّ وَإِنْ قَتَلَ مُسْلِمٌ ذِمِّيًّا فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ أَوْ جَمَاعَةٌ فَالدِّيَةُ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ وَإِنْ شَهِدَ عَدْلٌ أَنَّ مُسْلِمًا قَتَلَ نَصْرَانِيًّا عَمْدًا فَعَنْ مَالِكٍ يَحْلِفُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ خَمْسِينَ يَمِينًا قَالَ أَشهب

وَيُضْرَبُ وَيُحْبَسُ حَلَفَ أَمْ لَا وَعَنْهُ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَحْلِفُ وَرَثَةُ الذِّمِّيِّ يَمِينًا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَيُأْخَذُ مِنْ دِيَتِهِ وَيُضْرَبُ وَيُحْبَسُ قَالَ مُحَمَّدٌ وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيْنَا إِنْ كَانَ بِقَوْلِ النَّصْرَانِيِّ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خَمْسِينَ يَمِينًا وَلَا يضْرب وَلَا يحبس فَإِن حرجه فَمَاتَ مِنْ جُرْحِهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَحْلِفُ وُلَاتُهُ يَمِينًا وَاحِدَةً وَيَسْتَحِقُّونَ الدِّيَةَ لِأَنَّهُ لَا قَسَامَةَ لَهُمْ قَالَ مَالِكٌ إِنْ جَرَحَ مُسْلِمٌ عَبْدًا أَوْ نَصْرَانِيًّا فَأُنْفِذَ هَذَا وَعُتِقَ هَذَا وَقَالَ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ وَلِلنَّصْرَانِيِّ أَوْلِيَاءُ مُسْلِمُونَ وَلِلْعَبْدِ أَوْلِيَاءُ أَحْرَارٌ أَقْسَمُوا مَعَ قَوْلِهِ وَاسْتَحَقُّوا الدِّيَةَ فِي مَالِ الْجَانِي قَالَ الْمُغِيرَةُ إِنْ قَتَلَ نَصْرَانِيٌّ نَصْرَانِيًّا فَخَافَ الْجَانِي فَأَسْلَمَ قُتِلَ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِنْ قَتَلَهُ جَمَاعَةٌ فَلِلْوَلِيِّ قَتْلُ مَنْ أَحَبَّ أَوِ الْعَفْوُ أَوِ الصُّلْحُ وَإِنْ عَفَا الْمَقْتُولُ عَنْ أَحَدِهِمْ فَلِلْوَارِثِ قَتْلُ الْبَاقِي لِأَنَّهُ حَقُّهُ كَمَا لَوْ أَبْرَأَ مِنْ بَعْضِ الدَّيْنِ وَوَافَقَنَا (ش) وَ (ح) وَمَشْهُورُ أَحْمَدَ وَعَنْهُ وَعَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ وَالصَّحَابَةِ عَلَيْهِمُ الدِّيَةُ وَعَنِ الزُّهْرِيِّ وَجَمَاعَةٍ يُقْتَلُ مِنْهُمْ وَاحِدٌ وَعَلَى الْبَاقِي حِصَصُهُمْ مِنَ الدِّيَةِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مُكَلَّفٌ لَهُ فَلَا يُسْتَوْفَى أَبْدَالٌ فِي مُبْدَلٍ وَاحِدٍ كَمَا لَا تَجِبُ ديات وَلقَوْله تعلى {الْحر بِالْحرِّ} وَقَالَ تَعَالَى {النَّفس بِالنَّفسِ} وَلِأَنَّ تَفَاوُتَ الْأَوْصَافِ يَمْنَعُ كَالْحُرِّ وَالْعَبْدِ فَالْعَوْدُ أَوْلَى لَنَا إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ على أَن عمر ضي اللَّهُ عَنْهُ قَتَلَ تِسْعَةً مِنْ أَهْلِ صَنْعَاءَ بِرَجُلٍ وَقَالَ لَوْ تَمَالَأَ عَلَيْهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ

لقتلهم وَقَتَلَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ثَلَاثَةً وَهُوَ كَثِيرٌ وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمْ مُخَالِفٌ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَلِأَنَّهَا عُقُوبَةٌ كَحَدِّ الْقَذْفِ وَيُفَارِقُ الدِّيَةَ لِأَنَّهَا تتعبض دون الْقصاص وَلِأَن الشّركَة لَو أسقطا الْقِصَاصَ وُجِدَتْ ذَرِيعَةٌ لِلْقَتْلِ وَوَافَقَنَا (ش) وَأَحْمَدُ فِي عدم الْقَاص بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ وَقَالَ (ح) يُقْتَلُ الْمُسْلِمُ بِالذِّمِّيِّ لَنَا مَا فِي الْبُخَارِيِّ (لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ) احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوما فقد جعلنَا لوَلِيِّه سُلْطَانا} وَهُوَ مظلوم وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {النَّفس بِالنَّفسِ} وَسَائِرِ الْعُمُومَاتِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْجَمِيعِ بِأَنَّ دَلِيلَنَا خَاصٌّ فَيُقَدَّمُ عَلَى الْعُمُومَاتِ وَخَالَفَنَا (ح) فِي قَتْلِ الْحُرِّ بِعَبْدِ الْغَيْرِ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ يُقْتَلُ بِعَبْدِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ وَوَافَقَنَا (ش) وَأَحْمَدُ لَنَا قَوْله تَعَالَى {الْحر بِالْحرِّ وَالْعَبْد بِالْعَبدِ} وَالْقِصَاصُ لُغَةً الْمُمَاثَلَةُ وَلَا مُمَاثَلَةَ وَقَالَهُ الصِّدِّيقُ وَعَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَغَيْرُهُمَا مِنَ الصَّحَابَةِ وَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ السُّنَّةُ أَنْ لَا يُقْتَلُ الْحُرُّ بِالْعَبْدِ وَلِأَنَّهُ مَالٌ كَالْبَهِيمَةِ احْتَجُّوا بِالْعُمُومَاتِ وَمَا ذَكَرْنَاهُ أَخَصُّ فَيُقَدَّمُ وَعِنْدَنَا يُقْتَلُ الْوَالِدُ بِوَلَدِهِ إِذَا تَحَقَّقْنَا قَصْدَ الْقَتْلِ وَقَالَ (ش) وَ (ح) لَا يُقْتَلُ لَنَا الْعُمُومَاتُ احْتَجُّوا بِمَا رُوِيَ عَنِ

النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ (لَا يُقْتَلُ وَالِدٌ بِوَلَدِهِ) وَالْجَوَابُ مَنْعُ الصِّحَّةِ وَوَافَقَنَا (ش) فِي الْقِصَاصِ فِي الْمُثْقَلِ وَمَنَعَ (ح) لَنَا الْعُمُومَاتُ وَفِي الْبُخَارِيِّ (أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اقْتَصَّ مِنَ الْيَهُودِيِّ الَّذِي قَتَلَ الْجَارِيَةَ بِالْحَجَرِ) (وَكَوْنُهُ اقْتَصَّ بِالْحَجَرِ يَدُلُّ) عَلَى أَنَّ الْقَتْلَ لَمْ يَكُنْ إِلَّا قِصَاصًا لَا نَقْضًا لِلْعَهْدِ كَمَا يَتَأَوَّلُهُ الْحَنَفِيَّةُ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (لَا قَوَدَ إِلَّا بِحَدِيدَةٍ) وَبِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الصَّحِيحِ (إِنَّ فِي قَتِيلِ الْعَمْدِ الْخَطَأِ قَتِيلِ السَّوْطِ وَالْعَصَا مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ) وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ مَعْنَاهُ لَا يُقْتَصُّ إِلَّا بِالسَّيْفِ وَالنِّزَاعُ فِي الْقَتْلِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الحَدِيث عَن الثَّانِي هُوَ مَحْمُول على مثل قتل الْمُدَّعِي عَنهُ فَيَكُونُ فِيهِ الْعَمْدُ مِنْ جِهَةِ قَصْدِ الضَّرْبِ وَالْخَطَأُ مِنْ جِهَةِ شَفَقَةِ الْأَبْنَاءِ فَيَجْتَمِعُ الشَّبَهَانِ فَيَكُونُ عَمْدًا خَطَأً وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ وَخَالَفَنَا (ش) وَ (ح) فِي قَتْلِ الْمُمْسِكِ وَقَالَا يُقْتَلُ الْقَاتِلُ وَحْدَهُ لَنَا الْعُمُومَاتُ الْمُتَقَدِّمَةُ وَقَوْلُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَوْ تَمَالَأَ عَلَيْهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ لَقَتَلْتُهُمْ وَلَا مُمَالَأَةَ أَتَمُّ مِنَ الْإِمْسَاكِ وَقِيَاسًا عَلَى الْمُمْسِكِ لِلصَّيْدِ عَلَى الْمُحْرِمِ فَإِنَّ عَلَيْهِ الْجَزَاءَ أَوْ عَلَى الْمُكْرَهِ الْمَحَلُّ الثَّانِي الْعُضْوُ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ قَطَعَ جَمَاعَةٌ يدا قطعت أَيْديهم

كلهم وَكَذَلِكَ الْعين وإنقطع يَدَهُ مِنْ نِصْفِ السَّاعِدِ اقْتُصَّ مِنْهُ (أَوْ بِضْعَةً مِنْ لَحْمِهِ اقْتُصَّ مِنْهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {والجروح قاص} وَقَوله تَعَالَى {الْعين بِالْعينِ} وَلَا قَوَدَ فِي اللَّطْمَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَيُقَادُ فِي ضَرْبَةٍ الِسَوْطٍ وَعَنْ مَالِكٍ لَا قَوَدَ فِيهَا كَاللَّطْمَةِ بَلِ الْأَدَبُ لِعَدَمِ الِانْضِبَاطِ وَإِنْ فَقَأَ عَيْنَ جَمَاعَةٍ الْيُمْنَى وَقْتًا بَعْدَ وَقْتٍ ثُمَّ قَامُوا فُقِئَتْ عَيْنُهُ بِجَمِيعِهِمْ وَكَذَلِكَ الْيَد وَالرجل كَالنَّفْسِ وَإِنْ قَامَ أَوَّلُهُمْ أَوْ آخِرُهُمْ فَلَهُ الْقِصَاصُ لِثُبُوتِ حَقِّهِ وَلَا شَيْءَ لِمَنْ بَقِيَ لِلتَّعَذُّرِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَتَلَ رَجُلًا ثُمَّ رَجُلًا فَقُتِلَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِلثَّانِي قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ قَطَعَ يَمِينَهُ فَذَهَبَتْ يَدُ الْقَاطِعِ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ أَوْ سَرَقَ فَقُطِعَتْ فَلَا شَيْءَ للمقطوع يَده فِي الْكِتَابِ إِنْ قُطِعَتْ يَدُ الْقَاطِعِ خَطَأً وَقد قطع عمدا فديتها للمقطوع الول لِأَنَّهَا بدل الْيَد أوعمدا اقْتُصَّ مِنْ قَاطِعِ قَاطِعِهِ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ الْمَحَلَّ وَيَدُهُ بَدَلَهُ كَمَنْ قَتَلَ قَاتِلَهُ فَدِيَتُهُ لِأَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ الْأَوَّلِ وَيُقَالُ لِأَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ الْآخَرِ أَرْضُوا أَوْلِيَاءَ الْأَوَّلِ وَشَأْنَكُمْ بِقَاتِلِ وَلِيِّكُمْ وَإِلَّا فَلِأَوْلِيَاءِ الْأَوَّلِ قَتْلُهُ أَوِ الْعَفْوُ وَلَهُمْ عَدَمُ الرِّضَا بِمَا بَذَلُوا لَهُمْ مِنَ الدِّيَةِ أَوْ أَكْثَرَ وَمَنْ حُبِسَ لِلْقِصَاصِ فَفَقَأَ رَجُلٌ عَيْنَهُ أَوْ جرحه فَلهُ الْقود فِي لعمد وَالدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ وَالْعَفْوُ وَلَا شَيْءَ لِوُلَاةِ

الْمَقْتُولِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَإِنَّمَا سَلَّطْنَاهُمْ عَلَى مَنْ أَذْهَبَ نَفْسَهُ لِأَنَّهَا الْمُسْتَحِقَّةُ لَهُمْ وَكَذَلِكَ لَوْ حَكَمَ الْقَاضِي بِقَتْلِهِ وَأَسْلَمَهُ إِلَيْهِمْ فَقَطَعَ رَجُلٌ يَدَهُ عَمْدًا فَلَهُ الْقِصَاصُ وَمَنْ قُطِعَتْ يَده عمدا أَو قد قتل وليك فَلهُ الْقِصَاصُ بِرَأْيِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ قَلَعَ عَيْنَ رَجُلٍ فَفَقَأَ آخَرُ عَيْنَ الفاقيء وَمَات الفاقيء الثَّانِي فَلَا شَيْءَ لِلْمَفْقُوءِ الْأَوَّلِ لِفَوَاتِ الْمَحَلِّ وَإِن قطع يَدَيْهِ مِنَ الْمَنْكِبِ وَقُطِعَتْ يَدُ الْقَاطِعِ مِنَ الْكَفِّ فَلِلْأَوَّلِ قَطْعُ كَفِّ قَاطِعِ قَاطِعِهِ أَوْ قَطْعُ يَدِ قَاطِعِهِ مِنَ الْمَنْكِبِ لِأَنَّهُ بَقِيَّةُ حَقِّهِ وَإِنْ قَتَلَ قَاتِلٌ وَلِيَّهُ قَبْلَ وُصُولِهِ لِلْإِمَامِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ غَيْرَ الْأَدَبِ لِجِنَايَتِهِ عَلَى حق الإِمَام وليلا يَتَجَرَّأَ النَّاسُ عَلَى الدِّمَاءِ قَالَ اللَّخْمِيُّ عَنْ مَالِكٍ إِذَا قَتَلَهُ خَطَأً لَا شَيْءَ لِأَوْلِيَاءِ الْأَوَّلِ وَالدِّيَةُ لِأَوْلِيَائِهِ بِفَوَاتِ الْمَحَلِّ وَالدِّيَةُ مُرَتَّبَةٌ عَلَى الْفَوَاتِ وَلَمْ يُخْتَلَفْ أَنَّ لِأَوْلِيَاءِ الْأَوَّلِ أَنْ يَقْتُلُوهُ دُونَ أَوْلِيَاءِ الثَّانِي أَوْ يَعْفُوا عَنْهُ عَلَى مَالٍ يَكُونُ عِنْدَهُمْ وَعَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ لِأَوْلِيَاءِ الثَّانِي دَفْعُ الدِّيَةِ لِأَوْلِيَاءِ الْأَوَّلِ وَيَقْتَصُّ لِنَفْسِهِ وَمَا فِي الْكِتَابِ أَحْسَنُ لِأَنَّ وَلِيَّ الْأَوَّلِ اسْتَحَقَّ دَمَهُ فَلَهُ الْقِصَاصُ إِنْ لَا يرضى بِعِوَضِ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ مُبَايَعَةٌ فَإِنْ قَطَعَ يَدًا عَمْدًا فَقُتِلَ الْقَاطِعُ خَطَأً أَوْ عَمْدًا فَصَالَحَ أَوْلِيَاءُهُ عَلَى مَالٍ قِيلَ لَا شَيْءَ لِمَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ عَنِ النَّفْسِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لِلْمَقْطُوعِ يَدُهُ حَقُّهُ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ النَّفْسَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى الْأَعْضَاءِ فَإِنْ قُطِعَتْ يَدُهُ مِنَ الْكَفِّ وَقَدْ قُطِعَ مِنَ الْمَنْكِبِ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ اقْتَصَّ الْمَقْطُوعُ

الْأَوَّلُ مِنْ قَاطِعِ قَاطِعِهِ مِنَ الْكَفِّ وَلَا شَيْءَ عَلَى قَاطِعِهِ أَوْ يَقْطَعُ قَاطِعَهُ مِنَ الْمَنْكِبِ وَيُخْلِي قَاطِعُهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَطْعِ كَفِّهِ قَالَ مُحَمَّدٌ بَلِ الْأَوَّلُ أَحَقُّ بِقَطْعِ كَفِّ الْقَاطِعِ الثَّانِي ثُمَّ يَقْطَعُ مَا بَقِيَ لَهُ مِنْ مَنْكِبٍ قَاطِعِهِ لِأَنَّهُ مُسْتَحِقُّ جَمِيعِ ذَلِكَ الْعُضْوِ فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ كُلُّ شَخْصَيْنِ يَجْرِي بَيْنَهُمَا الْقِصَاصُ فِي النُّفُوسِ فِي الْجَانِبَيْنِ يَجْرِي فِي الْأَطْرَافِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا يَقْتَصُّ مِنْهُ (الآخلا وَلَا يَقْتَصُّ الْآخَرُ مِنْهُ) فِي النَّفْسِ (قَالَ مَالِكٌ فِي الْكِتَابِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا يُقْتَصُّ مِنْهُ فِي كَالْعَبْدِ يُقْتَلُ بِالْحُرِّ وَالْكَافِرِ بِالْمُسْلِمِ وَلَوْ قَطَعَ الْعَبْدُ أَوِ الْكَافِرُ الْحُرَّ الْمُسْلِمَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْهُمَا فِي الْأَطْرَافِ فِي ظَاهِرِ الْأَمْرِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْقِصَاصِ الْمُسَاوَاةُ خالفناه فِي النَّفس لعظمها بَقِي الْأَصْلُ فِي الْأَطْرَافِ عَلَى قَاعِدَتِهِ وَخَيَّرَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ الْمُسْلِمَ فِي الْقِصَاصِ وَأَخْذِ الدِّيَةِ قَالَ الْأَصْحَابُ وَالصَّحِيحُ أَنَّ لَهُ الْقَوَدَ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْقِصَاصِ فِي الْأَطْرَافِ التَّسَاوِي فِي الْبَدَنِ وَإِنِ اشْتُرِطَ التَّسَاوِي فِي الْمَنْفَعَةِ فَيَقْطَعُ يَدَ الرَّجُلِ بِالْمَرْأَةِ وَلَا تَقْطَعُ السَّلِيمَةِ بِالشَّلَّاءِ وَلَا يُشْتَرَطُ التَّسَاوِي فِي الْعَدَدِ بَلِ الْأَيْدِي وَالْيَدُ عِنْدَ تَحَقُّقِ الِاشْتِرَاكِ بِأَنْ يُوضَعَ السِّكِّينُ على الْيَد ويتحاملوا كُلُّهُمْ عَلَيْهَا حَتَّى تَبِينَ فَإِنْ تَمَيَّزَتِ الْجِنَايَاتُ بِأَنْ قَطَعَ أَحَدُهُمَا بَعْضًا وَأَبَانَهَا الْآخَرُ أَوْ وَضَعَ أَحَدُهُمَا السِّكِّينَ مِنْ جَانِبٍ وَالْآخَرُ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ حَتَّى الْتَقَيَا فَلَا قِصَاصَ إِلَّا فِي مِسَاحَةِ مَا جُرِحَ إِنْ عُرِفَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ جِنَايَتُهُ وَيَجِبُ الْقِصَاصُ فِي جَمِيعِ الْمَفَاصِلِ إِلَّا الْمَخُوفَ مِنْهَا لِلْأَدِلَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَفِي

معنى المفاصل أبعاض المارن والأذنيين وَالذكر والأجفان والشفتين والشفرين لِأَنَّهَا تقبل التَّقْدِير وَفِي اللِّسَان رِوَايَتَانِ والقاص فِي كَسْرِ الْعِظَامِ إِلَّا مَا كَانَ مُتْلِفًا كعظام الصلب والصدر وَالْعِتْق وَالْفَخِذِ وَنَحْوِهِ وَكُلِّ مَا يَعْظُمُ الْخَطَرُ فِيهِ كَائِنًا مَا كَانَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} وَلَوْ قَطَعَ الْيَدَ مِنَ الْمِرْفَقِ لَمْ يَجُزِ الْقطع من الْكُوع وَإِن رَضِي الْمُقْتَص منهوإن كَسَرَ عَظْمَ الْعَضُدِ فَفِيهِ الْقِصَاصُ وَلَوْ قَطَعَ من الرِّفْق وَكَانَتْ يَدُهُ مَقْطُوعَةً مِنَ الْكُوعِ فَطَلَبَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الْقَطْعَ مِنَ الْمِرْفَقِ أَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ حَقُّهُ وَنَفَاهُ أَشْهَبُ لِعَدَمِ الْمُمَاثَلَةِ وَفِي النَّوَادِرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ ضَرَبَهُ فَشُلَّتْ يَدُهُ أَوْ رِجْلُهُ فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ يَضْرِبُهُ كَمَا ضَرَبَهُ فَإِنْ شُلَّتْ وَإِلَّا فَالْعَقْلُ فِي مَالِ الضَّارِبِ قَالَ أَشْهَبُ هَذَا إِذَا جَرَحَهَا أَمَّا إِنْ ضَرَبَهُ عَلَى رَأْسِهِ فَبَطَلَتْ يَدُهُ فَلَا قصاص وَفِي الْأَنْفِ وَالتَّرْقُوَةِ وَالضِّلْعِ وَفِي إِحْدَى قَصَبَتَيِ الْأَنْفِ الْيَدِ الْقِصَاصُ إِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الظُّفُرُ قَالَهُ مَالِكٌ قَالَ سَحْنُونٌ هُوَ كَسْرُ الصَّبِيِّ الَّذِي لَمْ يَثْغَرْ لِأَنَّهُ يَنْبُتُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا قَوَدَ فِي هَاشِمَةِ الرَّأْسِ وَلِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ تَعُودَ مُنَقِّلَةً بِخِلَافِ هَاشِمَةِ الْجَسَدِ إِلَّا الْفَخِذَ قَالَ مَالِكٌ وَالْقِصَاصُ فِي اللِّسَانِ إِنْ أَمْكَنَ وَإِنْ عَضَّهُ فَقَطَعَ مِنْهُ مَا مَنَعَ الْكَلَامَ شَهْرَيْنِ ثُمَّ تَكَلَّمَ نَاقِصًا اقْتُصَّ مِنْهُ لِأَنِّي أَخَافُ أَنْ يَذْهَبَ مِنْ كَلَامِهِ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ أَشْهَبُ اللِّسَانُ مَخُوفٌ لَا قَوَدَ فِيهِ وَقَالَهُ مَالِكٌ وَفِي الْأُنْثَيَيْنِ الْقِصَاصُ إِنْ قُطِعَتَا أَوْ أُخْرِجَتَا دُونَ الرَّضِّ لِأَنَّهُ مُتْلِفٌ قَالَ مَالِكٌ إِنْ ضَرَبَهُ فَأَذْهَبُ بَصَرَهُ وَالْعَيْنُ قَائِمَةٌ اقْتُصَّ إِنْ أَمْكَنَ وَإِنْ فَقَأَهَا فُقِأَتْ عَيْنُهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْبَيَاضُ كَقِيَامِ الْعَيْنِ وَمَنَعَ أَشْهَبُ الْقَوَدَ فِي الْبَيَاضِ لِتَعَذُّرِهِ قَالَ مَالِكٌ وَفِي إِنْزَالِ الْمَاءِ فِي عَيْنِهِ الْقَوَدُ إِنْ أَمْكَنَ وَقَالَ عَبْدُ الْملك لَا

قَوَدَ فِي الْعَيْنِ إِلَّا أَنْ تُصَابَ كُلُّهَا قَالَ الْمُغِيرَةُ لَا قَوَدَ فِي نَتْفِ اللِّحْيَةِ أَوِ الشَّارِبِ أَوِ الرَّأْسِ أَوْ بَعْضِ ذَلِكَ بَلِ الْعُقُوبَةُ وَالسَّجْنُ لِاخْتِلَافِ عِظَمِ اللِّحَى فِي مَسْكِهِ الشَّعْرِ وَإِنْبَاتِهِ وَعَنْهُ فِي الْجَمِيعِ الْقَوَدُ دُونَ الْبَعْضِ لِأَنَّهُ لِحْيَةٌ بِلِحْيَةٍ وَشَارِبٌ بِشَارِبٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ حَلَقَ الرَّأْسَ وَاللِّحْيَةَ وَالْحَاجِبَيْنِ فَالْأَدَبُ دُونَ الْقَوَدِ وَقَالَ أَشْهَبُ الْقَوَدُ فِي الشَّارِبِ وَأَشْفَارِ الْعَيْنَيْنِ فَإِنْ نَبَتَ لِلْجَانِي وَلَمْ يَنْبُتْ لِلْأَوَّلِ فَعَلَيْهِ قَدْرُ شَيْنِ ذَلِكَ وَقَالَ أَصْبَغُ فِيهِ الْقِصَاصُ بِالْوَزْنِ غَيْرُهُ لِاخْتِلَافِ اللِّحَى بِالصِّغَرِ وَالْكِبَرِ وَإِنْ قَتَلَ الْمَجْرُوحُ قَاطِعَ يَدِهِ قُتِلَ بِهِ وَذَهَبَتْ يَدُهُ لِذَهَابِ الْمَحَلِّ وَإِن قطع يَد أَرْبَعَة الْيُمْنَى فَعَفَا أَحَدُهُمْ فَلِلْبَاقِي الْقَطْعُ لِأَنَّهُ مُسْتَحَقٌّ أَوْ سَبَقَ بَعْضُهُمْ فَقَطَعَ يَمِينَهُ فَلَا شَيْءَ لِلْبَاقِي فَإِنْ قَطَعَ أَصَابِعَهُ فَقَطَعَ هُوَ يَدَهُ مِنَ الْكُوعِ قَطَعَ الْأَوَّلُ الْكَفَّ بَعْدَ الْأَصَابِعِ وَإِنْ قَطَعَ صَحِيحٌ يَدًا شَلَّاءَ (وَقَطَعَ الْأَشَلُّ يَدَ الصَّحِيحِ فَلِلصَّحِيحِ فَضْلُ الدِّيَةِ بَعْدَ الْحُكُومَةِ فِي يَدِ الْأَشَلِّ) فَإِنِ ابْتَدَأَ الْأَشَلُّ رَجَعَ عَلَيْهِ بِمَا بَيْنَ حُكُومَةِ يَدٍ شَلَّاءَ أَوْ دِيَةِ يَدٍ صَحِيحَةٍ وَإِنْ سَلَّمَ لَهُ فِي الْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ فَضَرَبَهُ فَقَطَعَ يَدَهُ وَقَتَلَهُ بِالثَّانِيَةِ عَن تعمد ذَلِك أدب فَقَط وغلا فَلَا أَدَبَ عَلَيْهِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ شُلَّتْ يَدُ الْجَانِي فَضَرَبَ رَجُلٌ اقْتُصَّ مِنْهَا شَلَّاءَ وَرَجَعَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عَلَى الَّذِي أَشَلَّهَا بِدِيَةٍ كَامِلَةٍ وَإِنَّمَا لَا يُقْتَصُّ مِنَ الشَّلَّاءِ قَبْلَ الْجِنَايَةِ وَقَالَ مُطَرِّفٌ هُمَا سَوَاءٌ فِي عَدَمِ الْقِصَاصِ فَرْعٌ فِي النَّوَادِرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ قَطَعَ أَصَابِعَ رَجُلٍ ثُمَّ كَفِّهِ فَإِنَّمَا لَهُ قَطْعُ الْكَفِّ أَوْ أُنْمُلَةً مِنْ سَبَّابَةِ رَجُلٍ وَسَبَّابَةً مِنْ آخَرَ فَإِنَّمَا لَهُمَا قَطْعُ سَبَّابَتِهِ أَوْ

أَصَابِعَ رَجُلٍ وَيَمِينَ آخَرَ قُطِعَتِ الْيَمِينُ لَهُمَا فَإِنْ قَامَ صَاحِبُ الْأَصَابِعِ فَقَطَعَ بِهِ قُطِعَ للْبَاقِي الْبَقِيَّة أَو رجلا من الْكُوع وَلآخر ذِرَاعًا بِغَيْرِ كَفٍّ لَمْ يَقْطَعَاهُ مِنَ الْمِرْفَقِ لِأَنَّ صَاحِبَ الذِّرَاعِ لَمْ يَكُنْ لَهُ يَوْمَ الْجِنَايَةِ إِلَّا حُكُومَةٌ وَلِصَاحِبِ الْكَفِّ الْقِصَاصُ مِنَ الْكُوعِ وَإِنْ جَنَى عَلَى الذِّرَاعِ بَعْدَ أَنِ اقْتَصَّ مِنْهُ صَاحِبُ الْكَفِّ اقْتُصَّ لِلتَّسَاوِي أَوْ أُصْبُعَيْنِ وَلِآخَرَ كَفًّا فِيهَا ثَلَاثَةُ أَصَابِعَ فَلِلثَّانِي ثَلَاثَة أَخْمَاس الدِّيَة وَللْآخر الْقِصَاصُ وَإِنْ جَنَى عَلَى الْكَفِّ بَعْدَ أَنِ اقْتُصَّ مِنْهُ فِي الْأُصْبُعَيْنِ اقْتُصَّ لِلتَّسَاوِي إِنْ كَانَتِ الْأَصَابِعُ نَظِيرَ الْأَصَابِعِ الثَّلَاثَةِ لِلْجَانِي قَالَ سَحْنُونٌ إِنْ قَطَعَ مِنَ الْمَنْكِبِ (وَالْآخَرَ مِنَ الْمِرْفَقِ وَسَرَقَ قُطِعَ مِنَ الْمَنْكِبِ) لِذَلِكَ كُلِّهِ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ يُقْطَعُ مِنَ الْكُوعِ لِلسَّرِقَةِ ثُمَّ يُقْطَعُ لِلْبَاقِينَ قَالَ وَإِنْ قَطَعَ كَفًّا ثُمَّ لِآخَرَ ذِرَاعًا بِغَيْرِ كَفٍّ وَلِآخَرَ عَضُدًا بِغَيْر ذِرَاع قطع الْكَفّ ثمَّ الذِّرَاعِ سَقَطَ قِصَاصُ الْعَضُدِ دُونَ الْكَفِّ أَوْ عَفَا صَاحِبُ الْعَضُدِ لَمْ يَسْقُطِ الْبَاقِيَانِ الْمَحَلُّ الثَّالِثُ الْمَنَافِعُ فِي الْجَوَاهِرِ فِي السَّمْعِ وَالْبَصَرِ الْقِصَاصُ عِنْدَ إِيضَاحِ الرَّأْسِ بِالسِّرَايَةِ بِأَنْ يُقْتَصَّ مِنْهُ فِي الْمُوَضّحَة فَإِن ذهب سَمعه وبصر هـ فَقَدِ اسْتَوْفَى وَإِلَّا فَعَلَيْهِ دِيَةُ مَا لَمْ يَذْهَبْ فِي مَالِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ عَلَى عَاقِلَتِهِ فَإِنْ ذَهَبَتْ عَنْهُ مِنْ لَطْمَةٍ وَنَحْوِهَا فَلَا قِصَاصَ كَالضَّرْبَةِ بِعَصَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُدْمِيَ الْمَحَلُّ الرَّابِعُ الْجِرَاحُ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْقِصَاصُ فِي الْمُوَضِّحَةِ وَهِيَ الَّتِي تُوَضِّحُ الْعَظْمَ مِنَ الرَّأْسِ أَوِ الْجَبْهَةِ وَإِنْ كَانَ مِثْلَ مَدْخَلِ إِبْرَةٍ وَفِي الْحَارِصَةِ وَهِيَ شَقُّ الْجِلْدَ وَفِي الدَّامِيَةِ وَهِيَ الَّتِي تُسِيلُ الدَّمَ وَالسِّمْحَاقِ وَهِيَ الَّتِي تَكْشِفُ الْجِلْدَ وَالْبَاضِعَةِ وَهِيَ الَّتِي تَبْضَعُ اللَّحْمَ وَالْمُتَلَاحِمَةِ وَهِيَ الَّتِي تَغُوصُ فِي اللَّحْمِ غَوْصًا بَالِغًا وَتَقْطَعُهُ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ وَالْمِلْطَاةِ وَهِيَ الَّتِي يَبْقَى بَيْنَهَا

وَبَيْنَ الْعَظْمِ سِتْرٌ رَقِيقٌ وَلَا قِصَاصَ فِيمَا بَعْدَ الْمُوَضِّحَةِ مِنَ الْهَاشِمَةِ الْعَظْمَ وَالْمُنَقِّلَةِ لَهُ عَلَى خِلَافٍ فِيهَا خَاصَّةً وَالْآمَّةِ وَهِيَ الْبَالِغَةُ إِلَى أُمِّ الرَّأْسِ وَالدَّامِغَةِ وَهِيَ الْخَارِقَةُ لِخَرِيطَةِ الدِّمَاغِ وَفِي هَاشِمَةِ الْجَسَدِ الْقِصَاصُ إِلَّا الْمَخُوفَ كَالْفَخِذِ وَلَا قَوَدَ فِي هَاشِمَةِ الرَّأْسِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهَا تَعُودُ مُنَقِّلَةً وَقَالَ أَشْهَبُ فِيهَا الْقِصَاصُ إِلَّا أَنْ تَصِيرَ مُنَقِّلَةً فَائِدَةٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ أَوَّلُهَا الْحَارِصَةُ بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَصَادٍ مُهْمَلَةٍ وَهِيَ الَّتِي حَرَصَتِ الْجِلْدَ أَيْ شَقَّتْهُ وَهِيَ الدَّامِيَةُ لِأَنَّهَا تُدْمِي وَهِيَ الدَّامِعَةُ بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ لِأَنَّ الدَّمَ يَنْبُعُ مِنْهَا كَالدَّمْعِ وَقِيلَ الدَّامِيَةُ أَوَّلًا لِأَنَّهَا تَخْدِشُ فتدمي وَلَا تشق جلدا ثمَّ الحارصة لِأَنَّهُ شَقَّتْهُ وَقِيلَ هِيَ السِّمْحَاقُ: كَأَنَّهَا جَعَلَتِ الْجِلْدَ كَسَمَاحِيقِ السَّحَابِ ثُمَّ الدَّامِعَةُ لِأَنَّ دَمَهَا أَكْثَرُ الزَّمَانِ يَقْطُرُ كَالدَّمْعِ ثُمَّ الْبَاضِعَةُ وَهِيَ الَّتِي أَخَذَتْ فِي اللَّحْمِ وَبَضَعَتْهُ وَهِيَ الْمُتَلَاحِمَةُ بَعْدَ الْبَاضِعَةِ لِأَنَّهَا أَخَذَتْ فِي اللَّحْمِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ ثُمَّ الْمِلْطَاءُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَيُقَالُ مِلْطَاةٌ وَهِي الَّتِي قرت مِنَ الْعَظْمِ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ فَصِيلٌ مِنَ اللَّحْمِ وَقِيلَ هِيَ السِّمْحَاقُ ثُمَّ الْمُوَضِّحَةُ وَهِيَ الَّتِي كَشَفَتْ عَنِ الْعَظْمِ ثُمَّ الْهَاشِمَةُ الَّتِي هَشَّمَتِ الْعَظْمَ ثُمَّ الْمُنَقِّلَةُ وَهِيَ الَّتِي كَسَرَتِ الْعَظْمَ فَتَحْتَاجُ إِخْرَاجَ بَعْضِ عِظَامِهَا لِإِصْلَاحِهَا وَتَخْتَصُّ بِالرَّأْسِ الْمَأْمُومَةُ الَّتِي أَفْضَتْ لِأُمِّ الدِّمَاغِ وَبِالْجَوْفِ الْجَائِفَةُ الَّتِي نَفَذَتْ إِلَيْهِ وَالْقِصَاصُ فِي جَمِيعِ الْجِرَاحِ إِلَّا الْمُنَقِّلَةَ وَالْمَأْمُومَةَ وَالْجَائِفَةَ لِلْخَطَرِ وَتَوَقَّفَ مَالِكٌ فِي الْقَوَدِ فِي هَاشِمَةِ الرَّأْسِ وَقَالَ لَا أَرَى هَاشِمَةً إِلَّا وَهِيَ مُنَقِّلَةٌ

فَرْعٌ فِي النَّوَادِرِ قَالَ مَالِكٌ إِنْ جَرَحَهُ عَمْدًا ثُمَّ قَتَلَهُ آخَرُ فَالْقَتْلُ يَأْتِي عَلَى الْجِرَاحِ فِي رَجُلٍ أَوْ رِجَالٍ فَإِنْ عُفِيَ عَنْ دَمِهِ أُقِيدَ مِنْهُ مِنَ الْجِرَاحِ فَإِنْ قَتَلَ عَمْدًا وَجَرَحَ وَآخَرَ خَطَأً أَوْ قَتَلَ أَوِ الْخَطَأُ أَوَّلًا فَهُوَ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَيُقَادُ مِنْهُ فِي الْعَمْدِ وَإِنْ جَرَحَ جَمَاعَةً (جُرْحًا وَأُخِذَ جُرْحُ ذَلِكَ الْجُرْحِ لِلْجَمِيعِ كَالْعُضْوِ فَإِنْ عَفَا أَحَدُهُمْ فَلِلْبَاقِي الْقِصَاصُ قَالَ مَالِكٌ إِنْ ضَرَبَ جَمَاعَةً) فَوُجِدَتْ مُوَضِّحَةٌ لَا يُعْلَمُ جَارِحُهَا فالعقل عَلَيْهِم كلهم قَالَ ابْن الْقَاسِم لَا يُدْرَى مَنْ شَجَّهُ فَإِذَا حَلَفَ حَلَفُوا مَا شَجُّوهُ فَإِنْ نَكَلُوا أَوْ حَلَفُوا فَالْعَقْلُ عَلَيْهِمْ أَوْ بَعْضِهِمْ وَنَكَلَ الْبَعْضُ فَالْعَقْلُ عَلَى النَّاكِلِينَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ فُلَانٌ جَرَحَنِي كَمَا يَقُولُ فُلَانٌ قَتَلَنِي إِلَّا قَوْمٌ قَدْ شُهِدَ عَلَيْهِمْ بِالْقِتَالِ بَيْنَهُمْ فَيَظْهَرُ بِأَحَدِهِمْ جُرْحٌ فَيَدَّعِي الْمَجْرُوحُ أَنَّ وَاحِدًا جَرَحَهُ فَيَحْلِفُ وَيَقْبِضُ فَإِنْ وُجِدَ بِهِ أَرْبَعُ مُوَضِّحَاتٍ قَالَ مَالِكٌ يَحْلِفُ عَلَى مَنْ يَزْعُمُ أَنه شجه ويستفيد وَكَذَلِكَ إِنْ قَالَ إِنَّ وَاحِدًا شَجَّهَا كُلَّهَا وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ فَلْتُجْعَلِ الشِّجَاجُ عَلَى جَمَاعَتِهِمْ قَالَ الْمُغِيرَةُ إِنْ قَالَ لَا أَدْرِي أَيَّهُمْ شَجَّنِي حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمْ أَنَّهُ مَا شَجَّهُ ثمَّ الشجاج بَينهم وَلَا قد عَلَيْهِمْ فَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُمَا ضَرَبَاهُ ضَرْبَتَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ ضَرْبَةٌ لَمْ يَضْرِبْهُ غَيْرَهَا وَوُجِدَ بِهِ مُوَضِّحَةٌ وَمُنَقِّلَةٌ سُئِلَ مَنْ جَرَحَهُ الْمُوَضِّحَةَ وَمن جرحه المنقلة وَيقبل مَعَ يَمِينِهِ وَإِنْ جَهِلَ حَلَفَ مَا يَدْرِي سَبِيلا فَإِن ادّعى كل وَاحِد الْمُوَضّحَة وَنَفس الْمُنَقِّلَةَ حَلَفَ وَأَخَذَ الْمُوَضِّحَةَ مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ

قَوَدًا وَمِنَ الْآخَرِ نِصْفَ عَقْلِ مُنَقِّلَةٍ وَيُقْبَلُ قَول الْمَجْرُوح أبدا إِذا ثَبت الضَّرْب غلا أَنْ يَسْتَدِلَّ أَنَّ الْجُرْحَ قَدِيمٌ وَمَا أُشْكِلَ يَحْلِفُ وَيَقْتَصُّ مِنْهُ إِنْ شَهِدَ اثْنَانِ بِالضَّرْبِ وَوَاحِد با قَالَ مَالك إِن تراموا بِجرح أَحَدُهُمْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ بَقِيَّتِهِمْ أَنَّ فَلَانًا جَرَحَهُ لِأَنَّهُمْ يَدْفَعُونَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَعَلَيْهِمُ الْعَقْلُ وَإِنْ قَالَ جَرَحَنِي هَذَا ثَلَاثَ جِرَاحَاتٍ فَقَالَ بَلْ جُرْحَتَيْنِ حَلَفَ الْمَجْرُوحُ عَلَى الثَّالِثَةِ وَاقْتُصَّ مِنْهُ مِنَ الثَّلَاثَةِ لِاعْتِرَافِهِ بِأَصْلِ الْجِرَاحِ نَظَائِرُ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً تُعْتَبَرُ فِيهَا السَّنَةُ الْجُرْحُ لَا يُحْكَمُ فِيهِ إِلَّا بَعْدَ الْبُرْءِ وَالسِّنَّةُ وَاللُّقَطَةُ وَالْعَبْدُ الْآبِقُ يُحْبَسُ سَنَةً ثُمَّ يُبَاعُ وَالْمَجْنُونُ وَالْمُعْتَرِضُ وَالْعُهْدَةُ فِي الرَّقِيقِ لِلْأَدْوَاءِ الثَّلَاثَةِ وَالْمُسْتَحَاضَةُ وَالْمُرْتَابَةُ وَالْمَرِيضَةُ فِي الْعِدَّةِ وَالشُّفْعَةُ عِنْدَ أَشْهَبَ وَابْنُ الْقَاسِمِ يَزِيدُ الشَّهْرَيْنِ وَالْيَتِيمَةُ إِذَا مَكَثَتْ سَنَةً فِي بَيْتِ زَوْجِهَا الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ إِذَا أَبَى أَنْ يَحْلِفَ حُبِسَ سِنَةً وَحِيَازَةُ الْهِبَةِ سَنَةً ثُمَّ لَا يَضُرُّ الرَّدُّ وَالْمُوصَى بِعِتْقِهِ وَامْتَنَعَ أَهْلُهُ مِنْ بَيْعِهِ يَنْتَظِرُ سَنَةً فَإِنْ بَاعُوا عُتِقَ بِالْوَصِيَّةِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ اخْتُلِفَ فِي الِاسْتِينَاءِ بِالْجِرَاحِ سَنَةً إِذَا ظَهَرَ بُرْؤُهَا قَبْلَهَا فَتَأَوَّلَ بَعْضُ الشُّيُوخِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ السَّنَةِ مَخَافَةَ أَنْ يَنْتَقِضَ حَتَّى يَمُرَّ عَلَيْهِ الْفُصُولُ الْأَرْبَعَةُ وَقَالَهُ ابْنُ شَاسٍ وَقَالَ غَيْرُهُ خِلَافُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي الْأُصُولِ وَلَا مَعْنَى لِلِانْتِظَارِ بَعْدَ الْبُرْءِ فَإِنْ نَفِدَتِ السَّنَةُ وَلَمْ يَبْرَأْ فَفِي الْكِتَابِ يُنْتَظَرُ بُرْؤُهَا بَعْدَ السَّنَةِ وَلَا قَوَدَ وَلَا دِيَةَ إِلَّا بَعْدَ الْبُرْءِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَيْسَ بَعْدَ السَّنَةِ انْتِظَارٌ فِي الْخَطَأ

وَيُعْقَلُ الْجُرْحُ بِحَالِهِ عِنْدَ تَمَامِهَا وَيُطَالَبُ بِمَا زَاد بعد تَمامهَا قَالَ صَاحب النكت لابد من السّنة إِن برىء قبلهَا وَأمن من الانتقاض وَقَالَ أَحْمد لَا يُقْتَصُّ إِلَّا بَعْدَ الِانْدِمَالِ وَقَالَ (ش) يَجُوزُ قَبْلَهُ وَبَنَى مَالِكٌ وَمَنْ مَعَهُ عَلَى أَصْلِهِمْ أَنَّ الطَّرَفَ إِذَا سَرَى لِلنَّفْسِ يَسْقُطُ فِي الطَّرَفِ الْقِصَاصُ وَعِنْدَ (ش) لَا يَسْقُطُ وَاسْتَظْهَرْنَا نَحْنُ بِالسَّنَةِ لِاحْتِمَالِ الِانْتِقَاضِ فِي أَحَدِ الْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ لَنَا (أَنَّ رَجُلًا طُعِنَ بِقَرْنٍ فِي رِجْلِهِ فَجَاءَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ أَقِدْنِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دَعْهُ حَتَّى يَبْرَأَ فَأَعَادَهَا عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا وَالنَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُولُ حَتَّى يَبْرَأَ فَأَقَادَهَا مِنْهُ ثُمَّ عَرِجَ الْمُسْتَقِيدُ فَأَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ برىء صَاحِبِي وَعَرِجَتْ رِجْلِي فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا حَقَّ لَكَ) وَلِأَنَّهُ مُوجِبُ الْجِنَايَةِ فَلَا يُعَجَّلُ كَالدِّيَةِ وَالْأَرْشِ وَلِأَنَّهُ قَدْ سَرَى لِلنَّفْسِ فيؤول الْحَالُ لِلْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ لَا فِي غَيْرِهَا احْتَجُّوا بقوله تَعَالَى {والجروح قصاص} وَالْأَصْل تَعْجِيل مسببات الْأَسْبَاب وَالْجَوَاب أَن للْقصَاص وَذَلِكَ مُعْلُومٌ قَبْلَ السَّنَةِ فَيُنْتَظَرُ الْبَحْثُ الثَّانِي فِي شُرُوطِ الْقِصَاصِ وَهِيَ سِتَّةٌ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ عَدَمُ التَّعَدِّي إِلَى الزِّيَادَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ خَطَرٌ فِي الْأَطْرَافِ وَالْجِرَاحِ وَفِي الْكِتَابِ يُقْتَصُّ مِنَ الْيَدِ مِنَ الْمَنْكِبِ وَفِي الْكِتَابِ وَشَجه مُوضحَة

وَمَأْمُومَةً فِي ضَرْبَةٍ مُتَعَمِّدًا اقْتُصَّ مِنَ الْمُوَضِّحَةِ وَحَمَلَتِ الْعَاقِلَةُ الْمَأْمُومَةَ وَإِنْ أَوْضَحَهُ فَأَذْهَبَ سَمْعَهُ وَعَقْلَهُ أُقِيدَ مِنَ الْمُوَضِّحَةِ بَعْدَ الْبُرْءِ ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى الْمُقْتَصِّ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يَذْهَبْ بَعْدَ الْبُرْءِ سَمْعُهُ وَعَقْلُهُ فَفِي مَالِهِ عَقْلُ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ عَمْدٌ وَإِنْ قَطَعَ أُصْبُعًا فَشُلَّتِ الْيَدُ اقْتُصَّ فِي الْأُصْبُعِ فَإِنْ بَرِئَتْ وَلَمْ تُشَلَّ الْيَدُ فَعَقْلُهَا فِي مَالِهِ وَفِيهِ خِلَافٌ وَإِنْ قَطَعَ كَفَّهُ فَشُلَّ السَّاعِدُ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَةُ الْيَدِ لِأَنَّهَا ضَرْبَةٌ وَاحِدَةٌ الشَّرْطُ الثَّانِي أَن يكون الْقَاتِل أَعلَى رُتْبَة وللعلو أساب أَرْبَعَةٌ السَّبَبُ الْأَوَّلُ الْإِسْلَامُ فَلَا يُقْتَصُّ مِنْ مُسْلِمٍ لِكَافِرٍ وَلَا مِنْ حُرٍّ لِعَبْدٍ وَتَقَدَّمَ الْخلاف فِيهِ والتعذير وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا صَادَفَ الْقَتْلُ تَكَافُؤَ الدِّمَاءِ لَمْ يَسْقُطِ الْقِصَاصُ بِزَوَالِهِ كَالْكَافِرَيْنِ يُسْلِمُ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْجِنَايَةِ أَوْ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ وَلَا يُعْتَبَرُ التَّفَاوُتُ فِي فَاقِدِ الْعِصْمَةِ فَيُقْتَلُ الذِّمِّيُّ بِالْمُعَاهِدِ فَإِنْ تَغَيَّرَ حَالُ الذِّمِّيِّ قَبْلَ إِصَابَةِ السَّهْمِ ثمَّ إِصَابَةِ السَّهْمِ ثُمَّ أَصَابَهُ فَالْعِبْرَةُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِحَالِ الْإِصَابَةِ لِأَنَّهُ وَقْتٌ لِلسَّبْبِ وَعِنْدَ سَحْنُون حبال الذِّمِّيِّ لِأَنَّهُ وَقْتُ اكْتِسَابِ الْجِنَايَةِ فَإِنْ عُتِقَ الْعَبْدُ الرَّامِي قَبْلَ الْإِصَابَةِ قَالَ سَحْنُونٌ الْجِنَايَةُ فِي رَقَبَتِهِ اعْتِبَارًا بِحَالِ الرَّمْيِ وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرٍ مَنْ يَعْتَبِرُ حَالَ الْإِصَابَةِ فَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَعَكْسُهُ لَوْ رَمَى عَبْدًا فَعُتِقَ قَبْلَ الْإِصَابَةِ فَعَلَى الْأَصْلَيْنِ تَجِبُ إِمَّا دِيَةُ حُرٍّ أَوْ قِيمَةُ عَبْدٍ فَإِنْ رَمَى عَبْدٌ نَفْسَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ قَبْلَ الْإِصَابَةِ تَخَرَّجَتِ الدِّيَةُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَإِنْ رَمَى مُرْتَدًّا فَأَسْلَمَ أَوْ حَرْبِيٌّ فَأَسْلَمَ قَبْلَ الْإِصَابَةِ فَقَتَلَهُ أَوْ جَرَحَهُ قَالَ سَحْنُونٌ لَا قِصَاصَ عَلَى الرَّامِي لِأَنَّهُ رَمَى فِي وَقْتٍ لَا قَوَدَ فِيهِ وَلَا عَقْلَ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الدِّيَةُ عَلَيْهَا حَالَّةٌ فِي مَالِهِ لِأَنَّهُ لَوْ جُرِحَ وَهُوَ مُرْتَدٌّ ثُمَّ مَاتَ مِنْ جُرْحِهِ بَعْدَ أَنْ أَسْلَمَ أَقْسَمَ وُلَاتُهُ لَمَاتَ مِنْهُ وَدِيَتُهُ فِي مَالِهِ وَلَوْ رَمَى صَيْدًا وَهُوَ حَلَالٌ وَلَمْ تَصِلْ إِلَيْهِ الرَّمْيَةُ

حَتَّى أَحْرَمَ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرٍ إِنْ قَطَعَ مُسْلِمٌ يَدَ مُسْلِمٍ ثُمَّ ارْتَدَّ الْمَقْطُوع وماتمرتدا أَو قتل اقْتصّ منا لجاني فِي الْيَدِ وَلَا يُقْسِمُ وُلَاتُهُ فَيَقْتُلُوهُ لِأَنَّ الْمَوْتَ كَانَ وَهُوَ مُرْتَدٌّ فَيُلْزِمُ ابْنُ الْقَاسِمِ مِنْ هَذَا أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِحَالِ الْعَاقِبَةِ لَا بِالْمُبْتَدَأِ وَإِنْ رَمَى مُرْتَدٌّ ثُمَّ أَسْلَمَ ثُمَّ أَصَابَ سَهْمُهُ رَجُلًا خَطَأً قَالَ سَحْنُونٌ أَنَا وَإِن كنت أعتبر حَالَة الرَّمْي فها هُنَا الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَإِنْ كَانَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْعَاقِلَةِ وَقْتَ الرَّمْيِ إِذْ لَا عَاقِلَةَ لِلْمُرْتَدِّ وَإِنَّمَا النَّظَرُ إِلَى الدِّيَةِ وَقْتَ فَرْضِهَا وَلم يحكم فِيهَا هَا هُنَا حَتَّى أَسْلَمَ فَلَهُ عَاقِلَةٌ وَقَدِ اتَّفَقَ الْأَصْحَابُ أَنَّهُ إِنْ جَنَى خَطَأً ثُمَّ أَسْلَمَ أَنَّ عَاقِلَتَهُ تَحْمِلُ ذَلِكَ فَكَذَلِكَ هَذَا وَفِي قَوْلِهِ الْأَوَّلِ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ نَظَرًا إِلَى وَقْتِ الْجِنَايَةِ وَاخْتُلِفَ فِي دِيَةِ الْمُرْتَدِّ إِنْ جُرِحَ مُرْتَدٌّ أَوْ مَاتَ مِنْ جُرْحِهِ بِالسِّرَايَةِ بَعْدَ أَن أسلم فقيلعلى الدَّيْنِ الَّذِي ارْتَدَّ إِلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ دِيَتُهُ دِيَةُ مُسْلِمٍ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمَرْمِيُّ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ قَبْلَ وُصُولِ السَّهْمِ لِأَنَّهُ لَا قِصَاصَ فِيهِ بَلْ دِيَةُ مُسْلِمٍ فِي قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَفِي جُرْحِهِ دِيَةُ مُسْلِمٍ عِنْدَهُ وَقَالَ أَشْهَبُ دِيَةُ نَصْرَانِيٍّ فِي جُرْحِهِ قَالَ سَحْنُونٌ وَيَلْزَمُ عَلَى قَوْلِهِ لَوْ كَانَ مُرْتَدًّا وَأَسْلَمَ قَبْلَ وُصُولِ الرَّمْيَةِ أَنَّهُ لَا قَوَدَ على الرَّامِي ولاد دِيَةَ لِأَنَّهُ وَقْتَ الرَّمْيِ مُبَاحُ الدَّمِ وَقَدْ قَالَ سَحْنُونٌ فِي عَبْدٍ رَمَى رَجُلًا ثُمَّ عُتِقَ قَبْلَ وُصُولِ رَمْيَتِهِ إِنَّ جِنَايَتَهُ جِنَايَةُ عَبْدٍ وَقَالَ أَصْحَابُنَا أَجْمَعُ فِي مُسْلِمٍ قَطَعَ يَدَ نَصْرَانِيٍّ ثُمَّ أَسْلَمَ ثُمَّ مَاتَ أَنَّهُ لَا قَوَدَ عَلَى الْمُسْلِمِ وَلِأَوْلِيَائِهِ أَخْذُ دِيَتِهِ دِيَةَ نَصْرَانِيٍّ أَوْ يُقْسِمُونَ وَلَهُمْ دِيَةُ مُسْلِمٍ فِي مَالِ الْجَانِي حَالَّةً فِي قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ دِيَةُ نَصْرَانِيٍّ اعْتِبَارًا بِوَقْتِ الضَّرْب وَإِن كَانَت الْجِنَايَة خطأ وليم يُقْسِمْ وَرَثَتُهُ فَلَهُمْ دِيَةُ نَصْرَانِيٍّ عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي مُؤَجَّلَةٌ وَفِي قَوْلِ ابْنِ

الْقَاسِمِ دِيَةُ مُسْلِمٍ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَمِنْ هَذَا الْأَصْلِ قَطَعَ رَجُلٌ يَدَ عَبْدٍ ثُمَّ أَعْتَقَهُ سَيّده م ارْتَدَّ فسرى إِلَى النَّفس فَفِي قَوْلِ سَحْنُونٍ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ لِسَيِّدِهِ مَا نَقَصَتْهُ الْجِنَايَةُ وَعَلَى قَوْلِهِ الثَّانِي لَا شَيْءَ عَلَى القطاع لِأَنَّهُ صَارَ مُبَاحَ الدَّمِ يَوْمَ مَاتَ وَكَذَلِكَ إِنْ رَمَى قَاتِلَ أَبِيهِ ثُمَّ عَفَا عَنِ الْقصاص قب الْإِصَابَة فعلى قَول سَحْنُون الأول لَا يحب عَلَيْهِ شَيْءٌ وَعَلَى الثَّانِي يَجِبُ اعْتِبَارًا بِحَالِ الْإِصَابَةِ أَوْ جَنَى مُسْلِمٌ عَلَى نَصْرَانِيٍّ فَتَمَجَّسَ النَّصْرَانِيُّ ثُمَّ سَرَى إِلَى النَّفْسِ أَوْ مُسْلِمٌ عَلَى مَجُوسِيٍّ ثُمَّ تَهَوَّدَ ثُمَّ سَرَى إِلَى النَّفْسِ فَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ دِيَةُ أَهْلِ الدِّينِ الْأَوَّلِ فِي الْمُسْلِمِينَ وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي الدِّينِ الَّذِي انْتَقَلَ إِلَيْهِ وَأَمَّا مُسْلِمٌ جَرَحَ مُسْلِمًا فَارْتَدَّ الْمَجْرُوحُ ثُمَّ سَرَى إِلَى النَّفْسِ فَلَا قَوَدَ لِأَنَّهُ صَارَ إِلَى مَا أَحَلَّ دَمَهُ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْقِصَاصِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالذِّمَّةِ فِي الْأَطْرَافِ وَهِيَ مُعْضِلَةٌ وَهِمَ فِيهَا أَصْحَابُنَا فَظَنُّوا أَنَّ مَالِكًا لَاحَظَ فِيهَا عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّهَا أَمْوَالٌ لِأَنَّهَا يُقْضَى فِيهَا بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَهُوَ يَنْتَقِضُ بِقَوْلِهِ تُقْطَعُ الْأَيْدِي بِالْيَدِ بَلْ لَاحَظَ أَنَّ يَدَ الْمُسْلِمِ تُقْطَعُ بِالْجِنَايَةِ عَلَى مَالِ الْكَافِرِ بِالسَّرِقَةِ فَتُقْطَعُ بِالْجِنَايَةِ عَلَى يَدِهِ بِخِلَافِ النَّفْسِ لِأَنَّهَا أَعْظَمُ حُرْمَةً وَلَاحَظَ فِي الرِّوَايَةِ الصَّحِيحَةِ الْقِيَاسَ عَلَى النَّفْسِ وَالْقَطْعُ فِي السَّرِقَةِ حَقٌّ لله تَعَالَى لَا لِمَالِ الْكَافِرِ كَمَا لَوْ قَتَلَ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ حِرَابَةً فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ وَرَوَى (ش) هَذِهِ الرِّوَايَةَ وَقَالَ (ح) تُعْتَبَرُ الْمُمَاثَلَةُ فِي الدِّيَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُهُ السَّبَبُ الثَّانِي الْحُرِّيَّةُ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يُقْتَلُ حُرٌّ بِرَقِيقٍ وَلَا من بعضه لَاق وَلَا فِيهِ عَقْدٌ مِنْ عُقُودِ الْحُرِّيَّةِ كِتَابَةً أَوْ تَدْبِيرًا وَأُمُّ وَلَدٍ أَوْ مُعْتَقٌ إِلَى أجل

كَمَا لَا يقطع يَدٌ بِيَدِ أَحَدِهِمْ وَقَتْلُ الرَّقِيقِ بِالْحُرِّ إِنِ اخْتَار الْوَلِيّ وَيقتل المستولد بالمكاتب وَالْمُدَبَّرُ وَمَنْ فِيهِ عَقْدُ حَرِيَّةٍ بِمَنْ لَيْسَ هُوَ كَذَلِكَ مِنَ الرَّقِيقِ وَكُلُّ مَنْ لَا يُقْتَصُّ لَهُمْ مِنَ الْحُرِّ لِنُقْصَانٍ حُرْمَتِهِمْ بِالرِّقِّ فَدِمَاؤُهُمْ مُتَكَافِئَةٌ يُقْتَصُّ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ وَإِنْ رَجَحَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ بِعَقْدِ حُرِّيَّةٍ أَوْ بِحُصُولِ بَعْضِ الْحُرِّيَّةِ وَلَا يُقْتَصُّ مِنَ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ لِلْحُرِّ الذِّمِّيِّ تَغْلِيبًا لِلْإِسْلَامِ وَيُخَيَّرُ سَيِّدُهُ فِي افْتِكَاكِهِ بِدِيَتِهِ أَوْ يُسْلِمُهُ فَيُبَاعُ عَلَى أَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ وَيُقْتَصُّ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ مِنْهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنْ قَالَ سَيِّدُهُ لَا أَقْتُلُهُ وَآخُذُ قِيمَةَ عَبْدِي فَذَلِكَ لَهُ لِأَنَّهُ مَالُهُ وَقَالَ سَحْنُون إِنَّمَا ع ليه قِيمَتُهُ لِأَنَّهُ سِلْعَةٌ أَتْلَفَهَا وَاخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَقَالَ يُضْرَبُ وَلَا يُقْتَلُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَعْفُوَ عَلَى الدِّيَةِ وَهُوَ كَالْحُرِّ يَقْتُلُ الْحُرَّ لَيْسَ فِيهِ إِلَّا الْقَتْل أَو يصطلحان على دِيَة شَيْءٍ وَقَالَ أَصْبَغُ فِيهِ الْعَفْوُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ غِيلَةً وَيَصِيرُ كَالنَّصْرَانِيِّ يُقْتَلُ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ عَلَى الْعَدَاوَةِ وَالنَّائِرَةِ فَلِوَلِيِّهِ الْعَفُوُ عَلَى الدِّيَةِ وَالْقَتْلُ قَالَ مُحَمَّدٌ الْأَحْسَنُ أَنْ يُخَيَّرَ السَّيِّدُ فِي قَتْلِ النَّصْرَانِيِّ أَوْ أَخْذِ قِيمَةِ عَبْدِهِ لِأَنَّهُ مَالٌ أَتْلَفَهُ عَلَيْهِ السَّبَبُ الثَّالِثُ الْأُبُوَّةُ وَفِي الْجَوَاهِرِ هِيَ عِنْدَ أَشْهَبَ تَمْنَعُ الْقِصَاصَ مُطْلَقًا فَلَا يُقْتَلُ الْأَبُ بِابْنِهِ بِحَالٍ وَالْمَذْهَبُ لَا يُدْرَأُ إِلَّا مَعَ الشُّبْهَةِ إِذَا أَمْكَنَ عدم الْقَصْد لَهُ وَادّعى كَمَا لَوْ حَذَفَهُ بِالسَّيْفِ أَوْ بِغَيْرِهِ فَقَتَلَهُ ثُمَّ ادَّعَى عَدَمَ إِرَادَةِ الْقَتْلِ بَلْ أَدَبَهُ لِأَن شَفَقَة الْأَب شُبْهَةٌ شَاهِدَةٌ بِعَدَمِ قَصْدِ الْقَتْلِ وَهُوَ

مَوْرِدُ السُّنَّةِ فِي فِعْلِ الْمُدْلِجِيِّ بِابْنِهِ فَإِنْ فَعَلَ مَا لَا شُبْهَةَ مَعَهُ كَشَقِّ جَوْفِهِ أَوْ ذَبْحِهِ أَوْ وَضَعَ أُصْبُعَهُ فِي عَيْنِهِ فَأَخْرَجَهَا فَالْقِصَاصُ وَكَذَلِكَ إِنِ اعْتَرَفَ بِقَصْدِ الْقَتْلِ وَإِنْ كَانَ الِاحْتِمَالُ قَائِمًا لِأَنَّهُ كَشَفَ الْغِطَاءَ عَنْ قَصْدِهِ وَفِي مَعْنَى الْأُبُوَّةِ الْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَالْأُمِّ وَمَنْ لَا يَرِثُ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَقَالَ سَحْنُونٌ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهَا تغلظ فِي الْجد وَالْجدّة وَقَالَ سَحْنُون كالأجنبيين وَحَيْثُ قُلْنَا بِالْقِصَاصِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْقَائِمُ بِالدَّمِ غَيْرَ ولد الْأَب من الْعَصَبَةِ وَنَحْوِهَا فَرْعٌ فِي النَّوَادِرِ قَالَ مَالِكٌ إِن ضرب امْرَأَته بِسَوْط أَو حَبل فِي عَيْنِهَا أَوْ غَيْرِهَا فَفِيهِ الدِّيَةُ دُونَ الْقَتْلِ وَيقتل الخ بِأَخِيهِ إِنْ قَتَلَهُ عَدَاوَةً وَأَمَّا عَلَى وَجْهِ الْأَدَبِ فَالْعَقْلُ كَالْمُعَلِّمِ وَالصَّانِعِ وَالْقَرَابَةِ يُؤَدِّبُونَ مَا لم يتعمدوا بِالسِّلَاحِ فَرْعٌ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ قَتَلَ الْعَبْدُ ابْنَهُ كَفِعْلِ الْمُدْلِجِيِّ فَسَلَّمَهُ لِوَرَثَةِ أَبِيهِ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِمْ وَيُبَاعُ وَلَوْ جَرَحَ أَبَاهُ فَأسلم إِلَيْهِ يعْتق عَلَيْهِ السَّبَبُ الرَّابِعُ فَضْلُ الذُّكُورَةِ وَهِيَ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ عِنْدَنَا وَعِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ الْمَشَاهِيرِ وَعَنْ طَائِفَةٍ إِذَا قَتَلَتْ رَجُلًا قُتِلَتْ وَأُخِذَ مِنْ أَوْلِيَائِهَا نِصْفُ الدِّيَةِ أَوْ قَتَلَهَا رَجُلٌ أَخَذَ أَوْلِيَاءُ الْمَرْأَةِ نِصْفَ دِيَتِهِ وَنَحْوُهُ عَنْ عَلِيٍّ رَضِي الله

عَنْهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} وَالْقِصَاصُ لُغَةً الْمُمَاثَلَةُ فَيَجِبُ التَّمَاثُلُ وقَوْله تَعَالَى {وَلَيْسَ الذّكر كالأنثى} وَلِقَوْلِهِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِالصَّغِيرِ مَعَ الْكَبِيرِ وَالْعَالِمِ الْعَابِدِ الشُّجَاعِ الْبَطَلِ مَعَ ضِدِّهِ فِي ذَلِكَ فَتُخَصُّ هَذِهِ الصُّورَةُ بِالْقِيَاسِ عَلَى ذَلِكَ بَلِ التَّفَاوُتُ هُنَاكَ أَكْثَرُ وَلِأَنَّ الْمَرْأَةَ ساوته فِي الْحُدُود والتكاليف فَكَذَلِك هَا هُنَا وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ نَزَلَ فِي بُطْلَانِ مَا كَانَتِ الْعَرَبُ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ الْقَبِيلَةَ إِذَا غَزَتْ وَقُتِلَ مِنْهَا حُرٌّ مِنَ الْقَبِيلَةِ الْمَغْزُوَّةِ بَذَلُوا مَوْضِعَهُ عَبْدًا أَوِ امْرَأَةً أَوْ قُتِلَ عبد من المغروة لِعَبْدٍ مِنَ الْمَغْزُوَّةِ أَوْ حُرَّةٍ بِحُرَّةٍ طَلَبُوا مَوْضِعَ الْعَبْدِ حُرًّا وَالْمَرْأَةِ رَجُلًا وَهُوَ طَرِيقُ الْجَمْعِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْله تَعَالَى {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَن النَّفس بِالنَّفسِ} وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْحُرِّ جِنْسُهُ الشَّامِلُ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَكَذَلِكَ العَبْد فَالْعَبْد وَالْأُنْثَى سَوَاءٌ فَأَعَادَ ذِكْرَ الْأُنْثَى بِالْأُنْثَى إِنْكَارًا لِمَا كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ عَلَيْهِ وَاسْتِدْلَالُ الْخَصْمِ إِنَّمَا هُوَ بِمَفْهُومِ الْآيَةِ أَيِ الْحُرُّ بِالْحُرِّ مَفْهُومُهُ لَا أَنَّ الْإِجْمَاعَ عَلَى الْقِصَاصِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي أَخْذِ مَالٍ مَعَهُ كَمَا تَقَدَّمَ الشَّرْطُ الثَّالِثُ الْمُمَاثلَة فِي الْعُضْو فَلَا يُقْتَصُّ مِنَ الْيُمْنَى إِلَّا بِالْيُمْنَى وَكَذَلِكَ سَائِر الْأَعْضَاء إِذا اخْتلفت لِأَنَّهُ مَعْنَى الْقِصَاصِ لُغَةً وَفِي الْكِتَابِ إِنْ

قَطَعَ يَمِينَهُ عَمْدًا (وَلَا يَمِينَ لَهُ فَدِيَتُهُ مِنْ مَالِهِ دُونَ الْعَاقِلَةِ فَإِنْ كَانَ عَدِيمًا) فَفِي ذِمَّتِهِ وَلَا تُغَلَّظُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ فِي الْعَمْدِ إِذَا قَتَلَتْ لِتَعَذُّرِ الْقِصَاصِ أَصَالَةً بِخِلَافِ قَبُولِهَا وَإِنْ فَقَأَ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى عَيْنًا يُمْنَى خَطَأً فَعَلَى عَاقِلَتِهِ نِصْفُ الدِّيَةِ أَوْ عَمْدًا فَعَلَيْهِ دِيَتُهَا فِي مَالِهِ وَلَا يُقْتَصُّ مِنَ الْيَدِ أَوِ الرِّجْلِ الْيُمْنَى بِالْيُسْرَى وَلَا الْيُسْرَى باليمنى وَلَا الْعين أَو السن بِمِثْلِهَا فِي صِفَتِهَا وَمَوْضِعِهَا الرَّبَاعِيَةِ بِالرَّبَاعِيَةِ وَالْعُلْيَا بِالْعُلْيَا وَالسُّفْلَى بِالسُّفْلَى فَإِنْ تَعَذَّرَ رُجِعَ لِلْعَقْلِ وَإِنْ فُقِأَتْ عَيْنُ أَعْوَرِ الْعَيْنِ الْيُسْرَى فَفِيهَا الدِّيَةُ كَامِلَةً لِأَنَّهُ لَا قِصَاصَ فِي عَيْنِ الْجَانِي لِلْمُخَالَفَةِ وَإِنْ فَقَأَ الْأَعْوَرُ عَيْنَ الصَّحِيحِ الَّتِي مِثْلُهَا بَاقِيَةً لِلْأَعْوَرِ فَلِلصَّحِيحِ أَنْ يَقْتَصَّ وَإِن أحب أَخذ دِيَةَ عَيْنِهِ ثُمَّ رَجَعَ مَالِكٌ فَقَالَ لَهُ الْقِصَاصُ أَوْ دِيَةُ عَيْنِ الْأَعْوَرِ أَلْفُ دِينَارٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْأَوَّلُ أَحَبُّ إِلَيَّ وَإِنْ فَقَأَ أَعْمَى عَيْنًا فَدِيَتُهَا فِي مَالِهِ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ عَمْدًا وَإِنْ فَقَأَ أَعْوَرُ عَيْنَيْ رَجُلٍ فَلَهُ الْقِصَاصُ فِي عَيْنِهِ وَنِصْفُ الدِّيَةِ فِي الْعَيْنِ الْأُخْرَى فِي التَّنْبِيهَاتِ قَوْلُهُ إِذَا فَقَأَ الْأَعْوَرُ مِثْلَ عَيْنِهِ مِنَ الصَّحِيحِ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ قِيلَ يَتَخَرَّجُ مِنْهُ قَوْلٌ فِي التَّخْيِيرِ فِي أَخْذِ الدِّيَةِ فِي جِرَاحِ الْعَمْدِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَالْمَشْهُورُ خِلَافُهُ وَيَتَخَرَّجُ أَيْضًا إِجْبَارُ الْقَاتِلِ عَلَى الدِّيَةِ كَقَوْلِ أَشْهَبَ وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ الْفَاسِيُّ إِذَا قَالَ ذَلِكَ لِعَدَمِ التَّسَاوِي فِي عَيْنِ الْأَعْوَرِ لِأَنَّهَا أَزْيَدُ مِنْ عَيْنِ الصَّحِيحِ لِأَنَّهُ إِنِ اخْتَارَ الْقِصَاصَ فَفِي مِثْلِ عَيْنِهِ أَوِ الدِّيَةِ فَقَدْ دُعِيَ إِلَى صَوَابٍ قَالَ وَيَلْزَمُهُ عَلَى هَذَا الْإِجْبَارُ عَلَى الدِّيَةِ وَخَرَّجَ بَعْضُهُمْ على هَذِه أَنَّ لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ إِذَا كَانَ الْقَاتِلُونَ جَمَاعَةً أَنْ يَلْزَمَ كُلَّ وَاحِدٍ فِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ عَنْ نَفْسِهِ كَدِيَتِهِ لِأَنَّ

لَهُ قَتله واستحياء من أَرَادَ وَكَذَلِكَ قاطعوا الْيَدِ عَلَى كُلِّ مَنْ عَفَا عَنْهُ دِيَةُ يَدِ نَفْسِهِ قَالَ وَهُوَ لَا يَلْزَمُ أَبَا عِمْرَانَ لِأَنَّ جَمَاعَةَ الْأَنْفُسِ زِيَادَةٌ عَلَى نَفْسٍ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَفِي النُّكَتِ قَوْلُهُ إِذَا فَقَأَ الْأَعْوَرُ الْيُمْنَى عَيْنَ رَجُلٍ فَلَهُ الْقِصَاصُ بِعَيْنٍ وَنِصْفِ الدِّيَةِ مِنَ الْعَيْنِ الْأُخْرَى قَالَ أَشْهَبُ هَذَا إِذَا فَقَأَهُمَا فِي فَوْرٍ أَمَّا وَاحِدَةٌ بَعْدَ وَاحِدَةٍ وَتَقَدَّمَتِ الْيُمْنَى فَفِيهَا نِصْفُ الدِّيَة بِعَدَمِ النَّظِيرِ وَفِي الْأُخْرَى الْقِصَاصُ أَوْ تَقَدَّمَتِ الْيُسْرَى الَّتِي هِيَ بَاقِيَةٌ فَفِيهَا الْقِصَاصُ وَفِي الْأُخْرَى دِيَةٌ كَامِلَةٌ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ خِلَافٌ وَقَوْلُهُ فِي الْأَعْوَر يفقأ عين صَحِيح بِمِثْلِهَا بَاقِيَةٍ يُخَيَّرُ فَلَزِمَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ إِنْ فَقَأَهُمَا مَعًا أَنَّ الْحُرَّ الصَّحِيحَ فِي مَعْنَى عَيْنِ الْأَعْوَرِ بِعَيْنِهِ أَوْ يَأْخُذُ مِنْهُ دِيَةً كَامِلَةً وَخَمْسَمِائَةٍ فِي عَيْنِهِ الْأُخْرَى الَّتِي لَيْسَ لَهَا مِثْلٌ وَإِنَّمَا جَوَابُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ عَلَى مَا قَالَ مَالِكٌ فِي آخِرِ أَقْوَالِهِ أَنْ لَيْسَ لَهُ إِلَّا الْقِصَاصُ وَبَنَى أَشْهَبُ قَوْلَهُ عَلَى مَذْهَبِهِ أَمَّا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ تَقَدَّمَتِ الْيُمْنَى الَّتِي لَا نَظِيرَ لَهَا فِي الْأَعْوَرِ فَلَهُ فِيهَا نِصْفُ الْدِّيَةِ وَيُخَيَّرُ فِي الْأُخْرَى بَيْنَ الْقِصَاصِ وَأَخْذِ دِيَةٍ كَامِلَةٍ أَوْ تَقَدَّمَتْ مِنَ الْيُسْرَى الَّتِي مِثْلُهَا بَاقِيَةٌ خُيِّرَ فِي الْقِصَاصِ أَوْ دِيَةٍ كَامِلَةٍ عِوَضَ مَا بَقِيَ وَلَهُ فِي الْيُمْنَى أَلْفُ دِينَارٍ بِكُلِّ حَالٍ لِأَنَّهَا عَيْنُ الْأَعْوَرِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي عَيْنِ الْأَعْوَرِ كَمَالُ الدِّيَةِ أُخِذَ فِي الْأُولَى عَقْلٌ أَوْ ذَهَبَتْ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ عِنْدَ مَالِكٍ وَجَمِيعِ أَصْحَابِهِ قَالَهُ عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَغَيْرُهُمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي الْجَوَاهِرِ الذَّكَرُ الْمَقْطُوعُ الْحَشَفَةِ وَالْحَدَقَةُ الْعَمْيَاءُ وَالْيَدُ الشَّلَّاءُ لَا يُقْتَصُّ مِنْ صِحَاحٍ وَإِن رَضِي لحق الله تَعَالَى فِيهِ وَإِن ردَّتْ السن فَنَبَتَتْ فَلَهُ الْعَقْلُ فِي الْخَطَأِ وَالْقَوَدُ فِي الْعَمْدِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ الْقَوَدُ

فِي الْعمد فَلَا عَقْلَ فِي الْخَطَأِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْجُرْحُ حَال الجنياة فِي الْقَوَدِ وَالْعَقْلُ يَوْمَ النَّظَرِ وَإِنْ وَقَعَتْ سِنٌّ فَأَخَذَ عَقْلَهَا ثُمَّ نَبَتَتْ لَمْ يَلْزَمْهُ رَدُّهُ وَلَا يُقْلَعْ سِنُّ الْبَالِغِ بِسِنِّ الصَّبِيِّ الَّذِي لَمْ يَثْغَرْ لِأَنَّهُ فَضْلَةٌ فِي الْأَصْلِ وَسِنُّ الْبَالِغِ أَصْلٌ وَإِنْ عَادَتِ الْمُوَضِّحَةُ مُلْتَئِمَةً لَمْ يَسْقُطِ الْقِصَاصُ وَتُقْطَعُ يَدُ الْجَانِي النَّاقِصَةُ أُصْبُعًا وَلَا شَيْءَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ غَيْرَ ذَلِكَ وَرُوِيَ لَهُ الْأُصْبُعُ النَّاقِصَةُ فَإِنْ نَقَصَتْ أَكْثَرَ مِنْ أُصْبُعٍ خُيِّرَ عِنْدَ مَالِكٍ بَيْنَ الْعَقْلِ وَالْقِصَاصِ وَمَنَعَ عَبْدُ الْمَلِكَ الْقِصَاصَ لِأَنَّهُ تَعْذِيبٌ وَعَلَى الْأَوَّلِ اخْتَارَ الْقِصَاصَ لِبَذْلِهِ أَخْذَ مَا نَقَصَ مِنَ الْأَصَابِعِ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنْ كَانَتْ يَدُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ هِيَ النَّاقِصَةُ أُصْبُعًا الْإِبْهَامُ أَوْ غَيْرُهُ اقْتُصَّ عِنْدَ مَالِكٍ أَخَذَ الذَّاهِبُ عَقْلًا أَمْ لَا وَقَالَ أَشْهَبُ لَيْسَ لَهُ إِلَّا الْقِصَاصُ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَهُ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْإِبْهَامَ فَلَا قِصَاصَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ نَقَصَتْ أُصْبُعَيْنِ فَلَا قِصَاصَ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَتُؤْخَذُ الْعَيْنُ السَّالِمَةُ بِالضَّعِيفَةِ مِنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ أَوْ كِبَرٍ فَإِنْ كَانَ مِنْ جُدَرِيٍّ أَوْ كَوْكَبٍ أَوْ قَرْحَةٍ أَوْ رَمْيَةٍ أَخَذَ فِيهَا عَقْلًا أَمْ لَا فَلَا قَوَدَ وَحَمَلَهُ عَبْدُ الْمَلِكَ عَلَى النَّقْصِ الْفَاحِشِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا أُصِيبَتِ الْعَيْنُ خَطَأً فَأَخَذَ عَقْلَهَا وَهُوَ يَنْظُرُهَا ثُمَّ أُصِيبَتْ فَفِيهَا الْقِصَاصُ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِنْ قَطَعَ يَمِينَ رَجُلٍ فَذَهَبَتْ يَمِينُ الْقَاطِعِ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ أَوْ فِي قَطْعِ سَرِقَةٍ فَلَا شَيْءَ لِلْمَقْطُوعِ يَدُهُ بِذَهَابِ الْمَحَلِّ وَإِنْ قَطَعَ أَقْطَعُ الْكَفِّ الْيُمْنَى يَمِينًا مِنَ الْمِرْفَقِ خُيِّرَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فِي مِثْلِ يَدِهِ أَوْ قَطْعِ الْيَدِ النَّاقِصَةِ مِنَ الْمِرْفَقِ وَلَا عقله وَكَذَلِكَ مَنْ قُطِعَتْ مِنْ يَدِهِ ثَلَاثَةُ أَصَابِعَ فَقَطَعَ يَدًا فَيُقْتَصُّ مِنَ الْيَدِ النَّاقِصَةِ أَوْ يَأْخُذُ الْعَقْلَ قَاعِدَةٌ الْأَصْلُ فِي الْقِصَاصِ (التَّسَاوِي لِأَنَّهُ مِنَ الْقَصِّ) وَمَتَى قُصَّ شَيْءٌ مِنْ

شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ مِنَ الْجَانِبَيْنِ فَهُوَ شَرْطٌ إِلَّا أَنْ يُؤَدِّيَ إِلَى تَعْطِيلِ الْقِصَاصِ قَطْعًا أَوْ غَالِبًا وَلَهُ مُثُلٌ أَحَدُهَا التَّسَاوِي فِي أَجْزَاءِ الْأَعْضَاءِ وَسُمْكِ اللَّحْمِ لَوِ اشْتُرِطَ فِي الْجَانِي لِمَا حَصَلَ إِلَّا نَادِرًا بِخِلَافِ الْجِرَاحَات فِي الْجَسَد وَثَانِيها تَسَاوِي الْأَعْضَاءِ الثَّالِثُ الْعُقُولُ الرَّابِعُ الْحَوَاسُّ الْخَامِسُ قَتْلُ الْجَمَاعَةِ بِالْوَاحِدِ وَقَطْعُ الْأَيْدِي بِالْيَدِ لَوِ اشْتَرَطَ الْوَاحِدَة لتساعد الْأَعْضَاء بِبَعْضِهِمْ وَسَقَطَ الْقِصَاصُ السَّادِسُ الْحَيَاةُ الْيَسِيرَةُ كَالشَّيْخِ الْكَبِيرِ مَعَ الشَّابِ وَمَنْفُوذِ الْمَقَاتِلِ عَلَى الْخِلَافِ السَّابِعُ تَفَاوُتُ الصَّنَائِعِ وَالْمَهَارَةِ فِيهَا الشَّرْطُ الرَّابِعُ حُضُورُ الْأَوْلِيَاءِ كُلِّهِمْ وَاجْتِمَاعُهُمْ عَلَى الْقَتْلِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا كَانَ الْقَتْلُ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ وَأَحَدُ الْوَلِيَّيْنِ غَائِبٌ فَإِنَّمَا لِلْحَاضِرِ أَنْ يَعْفُوَ وَلَهُ حِصَّته فِي المدية وَلَا يُقْتَلُ حَتَّى يَحْضُرَ الْغَائِبُ وَيُحْبَسَ الْقَاتِلُ حَتَّى يَحْضُرَ وَلَا يَضْمَنُ إِذْ لَا ضَمَانَ فِي النَّفْسِ وَإِنْ كَانَ لَهُ أَوْلِيَاءُ صِغَارٌ وكبار فللكبار أَن يقتلُوا وَلَا ينتظروا لَيْلًا يَفُوتَ الدَّمُ بِخِلَافِ الْغَائِبِ لِأَنَّهُ تَكْذِيبٌ لَهُ وَلَمَّا قَتَلَ ابْنُ مُلْجِمٍ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَمَرَ الْحَسَنَ بِقَتْلِهِ وَكَانَ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَرَثَةٌ صِغَارٌ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مَجْنُونًا مُطْبِقًا فَلِلْآخَرِ الْقَتْلُ وَيُنْتَظَرُ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْمُبَرْسَمُ حَتَّى يُفِيقَ لِأَنَّهُ مَرَضٌ وَإِنْ مَاتَ أَحَدُ الْأَوْلِيَاءِ قَبْلَ الْقِصَاصِ وَالْقَاتِلُ وَارِثُهُ بَطَلَ الْقِصَاصُ لِأَنَّهُ مَلَكَ مِنْ دَمِهِ حِصَّةً فَهُوَ كَالْعَفْوِ وَلِبَقِيَّتِهِمْ حِصَّتُهُمْ مِنَ الدِّيَةِ لِأَنَّهُ مُمْكِنُ التَّوْزِيع وَإِن مَاتَ وَارِث الدَّمِ فَوَارِثُهُ مَقَامَهُ فِي الْعَفْوِ وَالْقَتْلِ فَإِنْ كَانَ فِي وَارِثِ الْوَلِيِّ نِسَاءٌ وَرِجَالٌ فَلَهُنَّ مِنَ الْقَتْلِ وَالْعَفْوِ مَا لِلرِّجَالِ لِأَنَّهُنَّ وَرِثْنَ الدَّم

عَمَّنْ لَهُ الْعَفْوُ وَالْقَتْلُ وَفِي النَّوَادِرِ إِذَا كَانَ لَهُ وَلَدٌ صَغِيرٌ وَعَصَبَةٌ فَلَهُمُ الْقَتْلُ أَوِ الْعَفْوُ عَلَى الدِّيَةِ كَامِلَةً قَبْلَ كِبَرِ الْوَلَدِ وَإِنْ كَانَ بِالْقَسَامَةِ فَلَهُمُ الْقَسَامَةُ وَالْقَتْلُ وَالْعَفو عَن الدِّيَة فَإِن نكلوا خير الْقَاتِلُ حَتَّى يَبْلُغَ الصَّبِيُّ فَيُقْسِمُونَ وَيَقْتُلُونَ أَوْ يَأْخُذُونَ الدِّيَةَ قَالَهُ مَالِكٌ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِن كَانَ بَيِّنَة فَلَا يَعْفُو الْعَصَبَةُ وَيُحْبَسُ حَتَّى يَبْلُغَ الصَّبِيُّ لِقُوَّةِ الْبُنُوَّةِ وَقُوَّةِ الثُّبُوتِ أَوْ بِقَسَامَةٍ فَلَهُمُ الْعَفْوُ عَلَى الدِّيَةِ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ وَلَهُمُ الْقَتْلُ الْآن قَالَ مَالك وغن لَمْ يَكُنْ إِلَّا صَغِيرٌ فَالْأَبُ يَقْتُلُ أَوْ يَعْفُو عَلَى الدِّيَةِ أَوِ الْجَدُّ لَا الْجَدُّ لِلْأُمِّ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَصَبَةً فَإِنْ عُدِمَ لَهُ وَلِيٌّ فَالسُّلْطَانُ أَوْ مَنْ يُوَلِّيهِ فَيَكُونُ كَالْوَصِيِّ وَلَا يُصَالِحُ إِنْ رَأَى ذَلِكَ إِلَّا عَلَى الدِّيَة فِي مَلأ الْقَاتِل وَإِن لَك يَكُنْ مَلِيًّا فَلَهُ الصُّلْحُ عَلَى دُونِهَا وَإِنْ صَالَحَ فِي مِلَائِهِ عَلَى دُونِهَا طُولِبَ الْقَاتِلُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أحسن} وَلَا يَرْجِعُ الْقَاتِلُ عَلَى الْخَلِيفَةِ بِشَيْءٍ وَأَمَّا الْقَتْلُ فَيُمْتَنَعُ وَإِنْ أَقْسَمَ الْكِبَارُ وَلِلصَّبِيِّ وَصِيٌّ فَلَا يَقْتُلُوا إِلَّا بِرَأْيِهِ وَإِنْ عَفَا الْأَوْصِيَاءُ عَلَى الدِّيَةِ جَازَ لِأَنَّهُ الْمَشْرُوعُ الْأَغْلَبُ وَدَخَلَ فِيهَا الْكِبَارُ لِتَعَذُّرِ الدَّمِ أَوْ عَفْوًا عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ امْتُنِعَ وَلِلْكِبَارِ الْقَتْلُ لِضَعْفِ شَفَقَةِ الْوَصِيِّ عَنْ حُرْقَةِ الْوَلِيِّ أَوْ عَفَا الْكِبَارُ نَظَرَ الْوَصِيُّ فَإِنْ رَأَى أَنْ يَأْخُذَهُ صُلْحًا فَعَلَ قَالَهُ أَشْهَبُ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ كَانُوا مَعَهُمْ فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ جَازَ عَفْوُ مَنْ عَفَا عَنْهُمْ لِتَسَاوِي الرُّتْبَةِ وَلِلْبَاقِي حِصَّتُهُ مِنَ الدِّيَةِ أَوْ طَلَبُوا الْقَتْلَ نَظَرَ مَعَهُمْ أَوْلِيَاءُ الصِّغَارِ وَمَنْ عَفَا مِنْهُمْ عَلَى الدِّيَةِ دَخَلَ فِيهَا الْبَاقُونَ وَالْعَصَبَةُ عِنْدَ أَشْهَبَ غَيْرُ الْإِخْوَةِ مَنْ قَامَ بِالدَّمِ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ كَبِيرٍ

أَوْ وَلِيٍّ صَغِيرٍ وَلَا عَفْوَ إِلَّا لِجَمِيعِهِمْ وَلَا يَعْفُو أَوْلِيَاءُ الصِّغَارِ مَعَ الْكِبَارِ إِلَّا بِنَصِيبِهِمْ مِنَ الدِّيَةِ وَإِلَّا فَلَهُمُ الْقَتْلُ وَعَنْ مَالِكٍ الْوَصِيُّ أَوْلَى بِالْقَتْلِ وَالْعَفْوِ عَلَى الدِّيَةِ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ لِأَنَّهُ خَلِيفَةُ الْأَبِ قَالَ سَحْنُونٌ لَا يُنْتَظَرُ كِبَرُ الصَّغِيرِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَاهَقَ وَإِلَّا فَلِلْكَبِيرِ الْقَتْلُ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُنْتَظَرُ الْغَائِبُ (إِلَّا إِذَا كَانَ الْأَوْلِيَاءُ مَنْ عَفَا مِنْهُمْ كَانَ أَوْلَى وَإِنْ عَفَا بَعْضُ الْحُضُورِ تَمَّ الْعَفْوُ وَلَا يُنْتَظَرُ الْغَائِبُ) وَإِنْ كَانَ مَنْ قَامَ مِنْهُمْ بِالدَّمِ كَانَ أَوْلَى فَلِمَنْ حضر الْقَتْل وَلَا يتهم عَفوه ويجبس الْقَاتِلُ حَتَّى يُكَاتَبَ الْغَائِبُ وَلَيْسَ الصَّغِيرُ كَالْغَائِبِ لِإِمْكَانِ الْمُكَاتَبَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ فَلِمَنْ حَضَرَ الْقَتْلَ وَلَا يُتَّهَمُ عَفْوُهُ قَالَ سَحْنُونٌ كَالْأَسِيرِ وَنَحْوِهِ أَمَّا إِفْرِيقِيَّةُ مِنَ الْعِرَاقِ فَلَا وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ غَابَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ مِمَّن لَهُ الْعَفو أَو نكل ردَّتْ الْأَيْمَان على الْمُدعى عَلَيْهِم وَانْظُر أَبَدًا وَيُؤْمَرُ مَنْ فِي دَرَجَتِهِ أَنْ يُقْسِمُوا لَعَلَّهُمْ يَنْكُلُونَ فَتُرَدُّ الْأَيْمَانُ وَيَبْطُلُ الدَّمُ (فِي قسَامَة سم احْتِيَاط لَيْلًا يَمُوت هَؤُلَاءِ وَيقدم الْغَائِب فلابد من. .) فَإِن نكل الْحَاضِر الأفقد وَالْغَائِب أَو عَفا أَو نكل لم يبطل الدَّم حلف الْحَاضِرُونَ وَقَتَلُوا وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا ضُمَّ إِلَيْهِ إِن وجد من يحلف وَإِن فقد المضموم مِثْلَ الْغَائِبِ فِي الْبُعْدِ أَوْ أَبْعَدَ مِنْهُ وَيَقْتُلُ قَالَ أَشْهَبُ لَا يُنْتَظَرُ الْمُبَرْسَمُ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ إِنَّ مَنْ قَامَ بِالدَّمِ فَهُوَ أَوْلَى وَلِمَنْ بَقِيَ الدِّيَةُ وَإِنْ كَانَ الْمُبَرْسَمُ وَحْدَهُ أَوْلَى انْتُظِرَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُنْتَظَرُ الْمَجْنُونُ الْمُطْبَقُ لِبُعْدِهِ عَادَةً وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ كَانَ مَنْ عَفَا كَانَ أَوْلَى فَلِلْمَجْنُونِ حَظُّهُ مِنَ الدِّيَةِ وَإِنْ كَانَ مَنْ عَفَا مَنْ قَامَ بِالدِّيَةِ كَانَ أَوْلَى فَالصَّحِيحُ الْقَتْلُ بِأَمْرِ الْإِمَامِ وَلَا يُقَامُ لِلْمَجْنُونِ أَحَدٌ إِلَّا مَنْ قَامَ بِالْقَتْلِ فَهُوَ أَوْلَى قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ كَانَ صَغِيرٌ وَكَبِيرٌ لَمْ يُنْتَظَرْ بُلُوغُ الصَّبِيِّ وَلَا يُقْسِمُ

وَصِيُّهُ وَيُقْسِمُ الْكَبِيرُ مَعَ بَعْضِ الْعَصَبَةِ وَيَكُونُ لِلْكَبِيرِ الْقَتْلُ مَعَ وَصِيِّ الصَّغِيرِ أَوْ كَبِيرَانِ وَصَغِيرٌ أَقْسَمَ الْكَبِيرَانِ وَقَتَلُوا مَعَ وَلِيِّ الصَّغِيرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِلْمَقْتُولِ وَلِيَّانِ قَامَ أَحَدُهُمَا فَقَتَلَ الْقَاتِلَ لَا قَتْلَ عَلَيْهِ وَيُغَرَّمُ لِلْآخَرِ نِصْفَ الدِّيَةِ لِأَنَّهُ أَبْطَلَ مَا كَانَ لَهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ عَلَى نِصْفِ الدِّيَةِ فَرْعٌ فِي النَّوَادِرِ إِنْ عُتِقَ ابْنُ الْمَقْتُولِ بَعْدَ الْقَتْلِ فَلَا مَدْخَلَ لَهُ فِي الدَّمِ بَلْ يَسْتَعِينُ بِهِ الْأَوْلِيَاءُ إِنِ احْتَاجُوا وَقَالَ مُطَرِّفٌ لَا يَسْتَعِينُ بِهِ الْأَوْلِيَاءُ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ عِنْدَ الْقَتْلِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَإِنْ أُلْحِقَ بِأَبِيهِ بِحُكْمٍ أُدْخِلَ فِي الْوِلَايَةِ وَيُقْسِمُ مَعَ مَنْ تَقَدَّمَتْ قَسَامَتُهُ مِنْ إِخْوَتِهِ بِقَدْرِ مَا لَوْ كَانَ يَوْم الْقسَامَة لاحقا لَا قسَامَة إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَمْثَالُهُ خَمْسُونَ قَدْ أَقْسَمُوا فَيُسْتَغْنَى عَنْهُ وَإِنْ كَانَ الْمُقْسِمُونَ بَنِي عَمٍّ فلحق ابْن سَقَطت قسامتهم وَصَارَ اللَّاحِق لَهُ وَحده مؤتنف القاسمة قَالَ قَالَ أَشْهَبُ يَقُومُ مَقَامَ الْوَلِيِّ إِذَا مَاتَ مِنْ وَرَثَتِهِ مَنْ لَهُ الْقِيَامُ بِدَمِهِ لَوْ كَانَ هُوَ مَقْتُولًا وَإِنْ وَرِثَهُ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ فَلَا عَفْوَ لِلنِّسَاءِ إِنْ كُنَّ بَنَاتٍ إِلَّا مَعَ الْعَصَبَةِ وَلَا عَفْوَ لِلْعَصَبَةِ إِلَّا بِهِنَّ وَكَذَلِكَ الْعَصَبَةُ وَالْأَخَوَاتُ وَإِنْ كَانَ أَحَدُ وَرَثَةِ الْمَقْتُولِ بِنْتُ الْمَيِّتِ أَوْ رَجُلٌ عَصَبَةً فَالْقَوَدُ قَائِمٌ حَتَّى يَجْتَمِعَ كُلُّ مَنْ فِي دَمِ الْمَقْتُولِ نَظَرٌ عَلَى الْعَفْوِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِم وَأَشْهَب إِذا كَانَ لِلْمَقْتُولِ بَنُونَ وَبَنَاتٌ فَمَاتَتْ بِنْتٌ وَتَرَكَتْ بَنِينَ فَلَا شَيْءَ لَهُمْ فِي الْعَفْوِ وَلَا الْقيام لِأَنَّهُ لَيْسَ لأبيهم وَلَهُم شَيْء فَإِن عَفَا بَعْضُ بَنِي الْمَقْتُولِ فَلَهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الدِّيَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ كَانُوا أُمًّا وَبِنْتًا وَعَصَبَةً وَابْنَ عَمِّ أَوْ مَوَالِيَ فَمَنْ مَاتَ فَوَرَثَتُهُ مَقَامَهُ إِلَّا الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ وَمَنْ

قَامَ بِالدَّمِ أَوْلَى فَإِنِ اخْتَلَفَ وَارِثُ الدَّمِ وَمَنْ بَقِيَ مِنَ الْأُصُولِ (فَلَا عَفْوَ إِلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ وَيَدْخُلُ غُرَمَاءُ الْوَارِثِ إِذَا مَاتَ مَعَ الْوَرَثَةِ فِي الْقَسَامَةِ لِحَقِّهِمْ) فِي الْمَالِ فَهُمْ أَوْلَى مِنَ الْوَرَثَةِ فَهُمْ يُقْسِمُونَ وَيَسْتَحِقُّونَ وَإِنْ أَقْسَمَ الْوَرَثَةُ وَلَمْ يَعْلَمُوا بِالْغُرَمَاءِ أُخِّرَ أَوْ خلف الْغُرَمَاءِ مَا قَبَضُوا شَيْئًا مِنْ دِيَتِهِمْ فَمَنْ نَكَلَ بَقِيَ حَقُّهُ لِلْوَرَثَةِ وَإِنَّمَا يَحْلِفُ الْغُرَمَاءُ إِذَا أَحَاطَ دَيْنُهُمْ فَيَقُومُونَ مَقَامَ غَرِيمِهِمُ الْمَيِّتِ مَعَ بَقِيَّةِ الْأَوْلِيَاءِ وَإِنْ طَرَأَ غَرِيمٌ لَمْ يُعْلَمْ بِهِ حَلَفَ مَا كَانَ يَحْلِفُ لَوْ حَضَرَ قَاعِدَةٌ الْوَارِثُ يَرِثُ الْمَالَ دُونَ الْعَقْلِ وَالرَّأْيِ وَالْخَصَائِصِ الْبَدَنِيَّةِ وَالْآرَاءِ النَّفْسَانِيَّةِ فَلِذَلِكَ لَا يَرِثُ اللِّعَانَ وَلَا فَيْئَةَ الْإِيلَاءِ وَلَا مَا فَوَّضَ إِلَيْهِ الْمُتَبَايِعَانِ أَوِ الْمُعَلَّقُ مِنَ الْمَشِيئَةِ وَالِاخْتِيَارِ وَيَرِثُ الشُّفْعَةَ وَخِيَارَ الْبَيْعِ وَالرَّدَّ بِالْعَيْبِ وَنَحْوَهَا لِأَنَّهُ بَائِعٌ بِالْمَالِ فَكُلُّ مَا هُوَ مَال أَو تَابع لَهُ يُورث مَا لَا فَلَا وَاسْتُثْنِيَ أَمْرَانِ حَدُّ الْقَذْفِ وَالْقِصَاصُ لِمَا يَدْخُلُ فِيهَا عَلَى الْوَارِثِ مِنَ الضَّرَرِ وَالْعَارِ وَفَقْدِ الِانْتِصَارِ فَجَعَلَ لَهُ التَّشَفِّيَ بِالْعُقُوبَاتِ وَالْإِضْرَارِ الشَّرْطُ الْخَامِسُ أَنْ يُبَاشِرَ غَيْرُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَفِي الْكِتَابِ لَا يُمْكِنُ الَّذِي لَهُ الْقِصَاصُ (فِي الْجَرْحِ مِنَ الْقِصَاصِ) لِنَفْسِهِ خَشْيَةَ الزِّيَادَةِ وَعَدَمِ الْمَعْرِفَةِ بَلْ يَقْتَصُّ لَهُ مَنْ يَعْرِفُ ذَلِكَ وَفِي الْقَتْلِ يَدْفَعُ الْقَاتِلُ لِأَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ لِأَنَّ زُهُوقَ النَّفْسِ لَا يَخْتَلِفُ وَيُنْهَى عَنِ الْعَبَثِ قَالَ أَشْهَبُ النَّفْسُ كَالْجُرْحِ لَا يَلِيهَا الْوَلِيُّ خَشْيَةَ التَّعْذِيبِ فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُس الجرة فِي الْجُرْحِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ وَقَالَ (ح) وَ (ش) على

الْمُقْتَصِّ مِنْهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ قَوْلٌ عِنْدَنَا وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلِ الْوَاجِبُ التَّمْكِينُ لِلْآخَرِ عَلَى الْجَانِي أَوِ التَّسْلِيمُ فَيَجِبُ كَحُكْمِ الْمُسْلَمِ فِيهِ لَنَا أَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَة الذِّمَّة وَقِيَاسًا على أُجْرَة الْحمال فِي الزَّكَاةِ لَا تُؤْخَذُ مِنَ الْمَأْخُوذِ مِنْهُمْ احْتَجُّوا بِأَنَّ غَاصِبَ الطَّعَامِ عَلَيْهِ أُجْرَةُ الْكَيْلِ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ مَالَ فَأَشْبَهَ السِّلْمَ الشَّرْطُ السَّادِسُ لَا يَتَعَدَّى الْقَتْلُ لِغَيْرِ الْجَانِي فَفِي النَّوَادِرِ تُؤَخَّرُ الْحَامِلُ حَتَّى تَضَعَ وَكَذَلِكَ فِي الْجِرَاحِ الْمَخُوفَةِ الْبَحْثُ الثَّالِثُ فِي مُسْتَوْفِيهِ وَفِي الْكِتَابِ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَسْتَوْفِيَ لِمُوَلِّيهِ إِذَا جُرِحَ وَالْوَلِيُّ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ فِي الْقَتْلِ وَوَارِثُ الْوَلِيِّ كَالْوَلِيِّ فِي الْقَتْلِ وَالْعَفْوِ وَإِنْ قَتَلَ الْأَوْلِيَاءُ الْقَاتِلَ قَبْلَ وُصُولِهِ إِلَى الْإِمَامِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ غَيْرَ الْأَدَبِ لِلْجِنَايَةِ عَلَى حَقِّ الْإِمَامِ وَمَنْ قَتَلَ عَمْدًا فَكَانَ وَلِيُّ الدَّمِ وَلَدُ الْقَاتِلِ كَرِهَ مَالِكٌ لَهُ أَنْ يَقْتَصَّ وَقَالَ أَكْرَهُ لَهُ تَحْلِيقَهُ فَكَيْفَ قَتْلَهُ وَإِنْ قُتِلَ ابْنُ الْمُلَاعَنَةِ بِبَيِّنَةٍ فَلِأُمِّهِ أَنْ تَقْتُلَ كَمَنْ قُتِلَ وَلَهُ أُمٌّ أَوْ عَصَبَةٌ فَصَالَحَ الْعَصَبَةُ وَابْنُ الْأُمِّ فلهَا الْقَتْل وَإِن مَاتَت الم فَلِوَرَثَتِهَا مَا كَانَ لَهَا وَكَذَلِكَ ابْنُ الْمُلَاعَنَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنْ كَانَ الْأَوْلِيَاءُ فِي الْقِصَاصِ جَمَاعَةٌ فَهُوَ لِجَمِيعِهِمْ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ وَرُوِيَ لَا يَدْخُلُ النِّسَاءُ فِيهِ وَرُوِيَ يَدْخُلْنَ إِلَّا أَن يكون فِي درجتهن عصبَة وعَلى لدُخُول فَهَل فِي الْعقل دُونَ الْقَوَدِ أَوِ الْقَوَدِ دُونَ الْعَفْوِ رِوَايَتَانِ الْبَحْثُ الرَّابِعُ فِي كَيْفِيَّةِ اسْتِيفَائِهِ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ قَتَلَ بِحَجَرٍ قُتِلَ بِهِ أَوْ قَتَلَهُ خنقا خنق أَو غرقه غرق أَو بعصى قُتِلَ بِعَصًا وَلَيْسَ فِي مِثْلِ هَذَا عَدَدٌ وَإِنْ ضَرَبَهُ بِعَصَوَيْنِ ضُرِبَ بِالْعَصَا حَتَّى يَمُوتَ أَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ ثُمَّ رِجْلَيْهِ ثُمَّ

عُنُقَهُ قُتِلَ وَلَا تُقْطَعُ أَطْرَافُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ إِنْ طَرَحَهُ فِي النَّهْرِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ يَعُومُ إِنْ كَانَ لِعَدَاوَةِ قَتْلٍ أَوْ لَعِبٍ فَالدِّيَةُ وَقَالَ فِي الْمَضْرُوبِ بِعَصَوَيْنِ ذَلِكَ لِلْوَلِيِّ يَقْتَادُ بِالسَّيْفِ أَوْ بِمَا قُتِلَ بِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ خيف أَن لَا يَمُوت فِي مثل هَذَا أقيد وَإِن رُجي ذَلِك فَضرب ضَرْبَتَيْنِ كَمَا ضَرَبَ فَإِنْ لَمْ يَمُتْ وَرَجَا زِيدَ ضَرْبَتَيْنِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يُقْتَلُ بِالنَّبْلِ وَلَا بِالرَّمْيِ وَلَا بِالْحِجَارَةِ لِأَنَّهُ لَا يَأْتِي عَلَى تَرْتِيبِ الْقَتْلِ بَلْ تَعْذِيبٌ وَلَا بِالنَّارِ لِأَنَّهُ تَعْذِيبٌ وَقَوْلُهُ لَا تُقْطَعُ أَطْرَافُهُ يُرِيدُ إِلَّا أَنْ يَفْعَلَهُ تَعْذِيبًا وَمَثَّلَهُ فَيُصْنَعُ بِهِ مِثْلُ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ إِنْ قَطَعَ أَصَابِعَهُ ثُمَّ بَقِيَّةَ كَفِّهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ أَصْلُ الْقِصَاصِ التَّسْوِيَةُ وَمَا تَقَدَّمَ مِنَ اقْتِصَاصِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْحَجَرِ مِنَ الْيَهُودِ وَمَتَى طَلَبَ الْوَلِيُّ الْقَوَدَ بِأَخَفَّ مِمَّا لَهُ لَمْ يُمْنَعْ لِأَنَّهُ تَرَكَ بَعْضَ حَقِّهِ أَوْ بِالْأَشَدِّ كَقَتْلِ الْأَوَّلِ بِالسَّيْفِ فَأَرَادَ الثَّانِي بِالرُّمْحِ مُنِعَ فَإِنْ ذُبِحَ الْأَوَّلُ لَمْ يُمْنَعْ مِنَ السَّيْفِ أَوْ بِالنَّارِ لَمْ يُمْنَعْ مِنَ الرُّمْحِ أَوْ بِالرُّمْحِ مُنِعَ مِنَ النَّارِ أَوْ بِالسُّمِّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَنْظُرُ الْإِمَامُ فِيهِ وَالْأَصْلُ إِنْ سُقِيَ سُمًّا أَوْ طُرِحَ مِنْ شَاهِقٍ عَلَى سَيْفٍ أَوْ رُمْحٍ أقيد بِالسَّيْفِ لِأَن الأول قد يخطىء قَتْلَهُ فَيَكُونُ تَعْذِيبًا وَطُولًا وَأَصْلُ قَوْلِ مَالِكٍ الْفَوْتُ بِالْأَوَّلِ وَإِنْ أَمْكَنَ الْخَطَأُ وَالظَّالِمُ أَحَقُّ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمثل مَا عُوقِبْتُمْ} قَالَ وَأَرَى أَنْ يُمَثَّلَ بِهِ بَعْدَ الْقَتْلِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ يُقْتَصُّ فِي الْمُوَضِّحَةِ بِمِسَاحَتِهَا وَإِنْ أَخَذَتْ جَمِيعَ رَأْسِ الثَّانِي وَمِنَ الْأَوَّلِ نِصْفَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنِ اسْتَوْعَبَ الرَّأْسَ وَلَمْ يُكْمِلْ الْقِيَاسُ قَالَ مَالِكٌ لَا شَيْءَ لَهُ كَمَا لَوْ مَاتَ الْجَانِي وَلَا يَتِمُّ لَهُ مِنَ الْجَبْهَةِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ

أَخَذَ مَا بَيْنَ قَرْنَيْهِ (أُخِذَ مِنَ الثَّانِي قرنيه) وَإِن كَانَ أَكثر وَإِن نصف بِنصْف لِأَنَّهَا الْمُمَاثَلَةُ فِي الْعُضْوِ قَالَ مَالِكٌ إِنْ قَطَعَ ثُلُثَ أُصْبُعِ طَوِيلَةٍ قُطِعَ مِنَ الثَّانِي ثُلُثُ أُصْبُعِهِ وَإِنْ كَانَتْ قَصِيرَةً وَكَذَلِكَ الْأُنْمُلَةُ فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ قَتَلَهُ فِي الْحَرَمِ جَازَ قَتْلُهُ فِيهِ أَوْ فِي الْحِلِّ فَوُجِدَ فِي الْحَرَمِ جَازَ الْقَوَدُ فِيهِ قَالَهُ مَالِكٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَيُقْتَلُ وَهُوَ مُحْرِمٌ وَتُفْعَلُ حُدُودُ اللَّهِ تَعَالَى كُلُّهَا فِي الْحَرَمِ وَقَالَ (ش) وَفِي الْجَوَاهِرِ يُخْرَجُ مِنَ الْمَسْجِدِ فَيُقْتَلُ خَارِجَهُ وَقَالَ (ح) لَا يُقْتَلُ بَلْ يُضَيَّقُ عَلَيْهِ حَتَّى يَخْرُجَ وَوَافَقَنَا فِي قَطْعِ الْأَطْرَافِ (وَحَدِّ الزِّنَا) وَإِذَا ابْتَدَأَ الْقَتْلَ فِيهِ وَعَلَى الْحُدُود لنا عمومات الْقصاص وَالْقِيَاس على مبتديء الْقَتْلِ فِيهِ وَالْأَطْرَافِ وَحَدِّ الزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ وبالأولى لِأَن الْحُدُود بسقط بِالرُّجُوعِ عَنِ الْإِقْرَارِ وَبِغَيْرِهِ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {من دخله كَانَ آمنا} وَبِالْقِيَاسِ عَلَى مَا إِذَا دَخَلَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ وَلِأَنَّهُ إِذَا امْتُنِعَ قَتْلُ الصَّيْدِ فَالْآدَمِيُّ أَوْلَى وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّكُمْ خَالَفْتُمُ الْأَمْرَ بِمَنْعِكُمْ إِيَّاهُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ وَلِأَنَّهُ خَبَرٌ عَمَّا مَضَى وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ (مِنْ) شَرْطِيَّةٌ وَلَا أَنَّ (كَانَ) للدوام وانتم لَا تؤمنوه إِذَا ابْتَدَأَ الْقَتْلَ وَلَا فِي الْأَطْرَافِ وَلِأَنَّ الذَّبَائِح تقع فِيهِ وَعَن الثَّانِي أَن حُرْمَة الْبَيْت أعظم

فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ إِنْ زَادَ الطَّبِيبُ الْمُسْتَحِقُّ عَلَى الْمُسْتَحَقِّ فِي الْقِصَاصِ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ إِنْ بَلَغَ الثُّلُثَ مِنَ الدِّيَةِ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ فَرْعٌ قَالَ يُؤْخَذُ الْقِصَاصُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ لِلْحَرِّ المفرط وَالْبرد المفرط وَمرض الْجَانِي لَيْلًا يَتَعَدَّى الْقِصَاصَ إِلَى الْجِنَايَةِ وَيُمْنَعُ مِنَ الْمُوَالَاةِ فِي قطع الْأَطْرَاف خوف الْوَضْعِ إِلَى كَمَالِ الرِّضَاعِ إِنْ تَعَذَّرَ مَنْ يُرْضِعُهُ وَتُحْبَسُ الْحَامِلُ فِي الْحَدِّ وَالْقِصَاصِ فَإِنْ بَادَرَ الْوَلِيُّ فَقَتَلَهَا فَلَا غُرَّةَ فِي الْجَنِينِ إِلَّا أَنْ يُزَايِلَهَا قَبْلَ مَوْتِهَا فَالْغُرَّةُ مَا لَمْ يَسْتَهِلَّ فَرْعٌ قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ من قتل بِشَيْء قتل بِهِ غلا فِي وَجْهَيْنِ وَصِفَتَيْنِ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ الْمَعْصِيَةُ كَالْخَمْرِ واللواط الثانب النَّار والسم وَقيل يقتل لَهَا وَالصِّفَةُ الْأُولَى فَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ إِنْ كَانَتِ الضَّرْبَةُ مُجْهِزَةً قُتِلَ بِهَا أَوْ ضَرَبَاتٌ فَلَا لِأَنَّهُ تَعْذِيبٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِيهِ الصِّفَةُ الثَّانِيَةُ إِذَا قَطَعَ أَرْبِعَتَهُ وَيَمِينَهُ قَصْدَ التَّعْذِيبِ فُعِلَ ذَلِكَ بِهِ كَمَا (فَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَلِكَ بِالْعُرَنِيِّينَ فَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ كَمَا سَمَلُوا) أَوْ لَا عَلَى قَصْدِ التَّعْذِيبِ فِي مُدَافَعَةٍ وَمُضَارَبَةٍ قتل بِالسَّيْفِ لَنَا مَا فِي الْبُخَارِيِّ (أَنَّ الْيَهُودِيَّ رَضَّ رَأْسَ الْجَارِيَةِ بَيْنَ حَجَرَيْنِ عَلَى أَوْضَاحٍ لَهَا فَرَضَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَأْسَهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ) الْحَدِيثَ وَقَدْ تَقَدَّمَ احْتَجُّوا بِمَا رُوِيَ عَنِ

النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (لَا قَوَدَ إِلَّا بِالسَّيْفِ) وَأَجَابُوا عَنِ الْحَدِيثِ بِأَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّمَا قَتَلَهُ لِلْحِرَابَةِ عَلَى مَالِ الْجَارِيَةِ لَا لِلْقِصَاصِ فَإِنَّ الْأَوْضَاحَ حُلِيٌّ مِنَ الْفِضَّةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ مَنْعُ الصِّحَّةِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْمُحَارِبَ لَا يُقْتَلُ بِالْحِجَارَةِ إِجْمَاعًا فَكَيْفَ جَازَ لَكُمْ تَرْكُ إِجْمَاعِ الْأُمَّةِ لِمَا لَمْ يَصِحَّ وَمَعَنَا ظَاهِرُ الْقُرْآنِ قَوْله تَعَالَى {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} وَقَالَ صَاحب الْمُنْتَقى الْمَشْهُور عَن مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ الْقِصَاصُ بِالنَّارِ إِذَا قَتَلَ بِهَا وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْجَوَاهِرِ وَقَالَ (ش) يُقْتَصُّ بِالنَّارِ خِلَافًا لِ (ح) لَنَا قَوْله تَعَالَى {وَجَزَاء سَيِّئَة سَيِّئَة مثلهَا} وَمَا تَقَدَّمَ مِنَ الظَّوَاهِرِ احْتَجُّوا بِنَهْيِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنِ الْمُثْلَةِ وَبِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (لَا يُعَذِّبُ بِالنَّارِ إِلَّا رَبُّ النَّارِ) وَالْجَوَابُ عَنِ الأول أَنه يتعني حَمْلُهُ إِمَّا عَلَى سَبَبِهِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُمَثِّلُونَ بِالْأَنْعَامِ بِقَطْعِ أَيْدِيهَا أَوْ يُحْمَلُ عَلَى عُمُومِهِ فِي تَمْثِيل لميتقدم لَهُ مُقْتَضٍ جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْأَدِلَّةِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ ظَاهِرٌ فِي الْعَذَابِ عَلَى الْكُفْرِ وَالْمَعَاصِي لَا الْقِصَاصِ فَإِنَّ لَفْظَ الْعَذَابِ ظَاهِرٌ فِي ذَلِكَ فَرْعٌ قَالَ الْبَصْرِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ إِذَا مَاتَ مِنَ الْقِصَاصِ فِي الْأَطْرَاف فَلَا شَيْءَ فِيهِ قَالَهُ

مَالِكٌ وَ (ش) وَقَالَ (ح) إِنْ قَطَعَ يَدَهُ فَمَاتَ ضَمِنَ نِصْفَ الدِّيَةِ لَنَا قَوْله تَعَالَى {وَلمن اننصر بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ} وَقِيَاسًا عَلَى قَطْعِ الْإِمَامِ يَدَ السَّارِقِ احْتَجُّوا بِأَنَّ حَقَّهُ فِي الطَّرَفِ لَا فِي النَّفْسِ فَأَفْسَدَ مَا لَيْسَ لَهُ فَيَضْمَنُهُ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ أَفْسَدَهُ بِسَبَبٍ مَشْرُوعٍ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ حَيْثُ لَمْ يُشْرَعْ لَهُ الْفِعْلُ فَرْعٌ فِي النَّوَادِرِ قَالَ مَالِكٌ يُقِيمُ الْإِمَامُ أَهْلَ الْمَعْرِفَةِ فَيَقْتَصُّوا بِأَرْفَقَ مَا يُقْدَرُ عَلَيْهِ وَيُجْزِئُ الرَّجُلُ الْعَدْلُ الْوَاحِدُ فيشرط فِي رَأْسِهِ مِثْلَ الْمُوَضِّحَةِ وَيَنْزِعُ السِّنَّ بِالْكَلْبَتَيْنِ بِأَرْفَقَ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَسَرَ أَطْرَافَهَا أَوْ بَعْضَهَا يَنْحِلُ مِنَ الْجَانِبِ بِقَدْرِ ذَلِكَ فَائِدَة إِنَّمَا مسي الْقِصَاصُ قَوَدًا لِأَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَقُودُ الْجَانِيَ بِحَبْلٍ فِي رَقَبَتِهِ فَتُسْلِمُهُ فَسُمِّيَ الْقِصَاصُ قَوَدًا لِأَنَّهُ كَانَ يُلَازِمُهُ الْأَثَرُ الثَّانِي الْمُتَرَتِّبُ عَلَى الْجِنَايَةِ الدِّيَةُ فِي التَّنْبِيهَاتِ هِيَ مِنَ الْوَدْيِ وَهُوَ الْهَلَاكَ وَمِنْهُ أَوْدَى فُلَانٌ أَيْ هَلَكَ وَهِي

تَجِبُ بِسَبَبِ الْهَلَاكِ فَسُمِّيَتْ مِنْهُ أَوْ مِنَ التودية وَهِي شدّ أطباء النَّاقة لَيْلًا يَرْضَعَهَا فَصِيلُهَا وَالدِّيَةُ يُمْنَعُ مَنْ يُطَالِبُ بِهَا من الْقود الْجِنَايَةَ أَوْ مِنْ دَوَأْتُ الشَّيْءَ مَهْمُوزًا أَيْ شَدَّيْتُهُ لِأَنَّهَا تُسْكِنُ الطَّلَبَ فَيَسْتَوِي النَّاسُ فِي السُّكُونِ عَنِ الْمُطَالَبَةِ وَفِي الدِّيَةِ سِتَّةُ أَرْكَانٍ الرُّكْنُ الْأَوَّلُ فِي جِنْسِهَا وَمِقْدَارِهَا وَفِي الْكِتَابِ لَا يُؤْخَذُ فِيهَا إِلَّا الْإِبِلُ وَالدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ وَإِنَّمَا قَوَّمَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الدِّيَةَ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفَ دِينَارٍ وَعَنْ أَهْلِ الْوَرِقِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ حِينَ صَارَتْ أَمْوَالُهُمْ ذَهَبًا وَوَرِقًا وَتَرَكَ دِيَةَ الْإِبِلِ عَلَى أَهْلِهَا فَأَهْلُ الذَّهَبِ أَهْلُ الشَّامِ وَمِصْرَ وَأَهْلُ الْوَرق أهل الْعرَاق وَأهل اطلإبل أهل الْبَادِيَة والعمود وَلَا يقبل منأهل صِنْفٍ صِنْفٌ غَيْرُهُ وَلَا يُقْبَلُ بَقَرٌ وَلَا غَنَمٌ وَلَا عُرُوضٌ وَأَصْلُ الدِّيَةِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ فَالْكِتَابُ قَوْله تَعَالَى {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلا أَنْ يَصَّدَّقُوا} الْآيَةَ وَفِي الْمُوَطَّأِ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَتَبَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فِي الْعُقُولِ إِنَّ فِي النَّفْسِ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ وَفِي الْأَنْفِ إِذَا أُوْعِبَ جَدْعًا مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ وَفِي الْمَأْمُومَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ وَفِي الْجَائِفَةِ مِثْلُهَا وَفِي الْمُنَقِّلَةِ الْعُشْرُ وَنِصْفُ الْعُشْرِ وَفِي الْعَيْنِ خَمْسُونَ (وَفِي الْيَد خَمْسُونَ) وَفِي الرجل خَمْسُونَ وَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ مِمَّا هُنَالِكَ عَشْرٌ مِنَ الْإِبِل وَفِي السن خمس وَفِي الْمُوَضّحَة خمس) وَفِي غَيْرِ الْمُوَطَّأِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (فِي اللِّسَانِ الدِّيَةُ وَفِي الذَّكَرِ الدِّيَةُ (وَفِي الْإِسْتِ الدِّيَةُ) وَفِي الْعَقْلِ الدِّيَةُ وَفِي الصُّلْبِ الدِّيَةُ وَفِي الشَّفَتَيْنِ الدِّيَةُ) وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ

(قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْأَنْفِ بِالدِّيَةِ كَامِلَةً وَفِي الْأَرْنَبَةِ مِنْهُ بِالدِّيَةِ كَامِلَةً) وَقَضَى عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِيمَنْ ضُرِبَ بِحَجَرٍ فِي رَأْسِهِ فَذَهَبَ كَلَامُهُ وَفِي آخَرَ ضُرِبَ بِحَجَرٍ فِي رَأْسِهِ فَذَهَبَ سَمْعُهُ وَلِسَانُهُ وَعَقْلُهُ وَإِصَابَةِ النِّسَاءِ بِأَرْبَعِ دِيَاتٍ وَهُوَ حَيٌّ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى وُجُوبِهَا فِي الْجُمْلَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ كَتَبَهُ لَهُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى نَجْرَانَ قَالَ أَصْبَغُ أَهْلُ الْمَدَيْنَةِ (وَمَكَّةَ الْآنَ أَهْلُ الذَّهَبِ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى قَالَ مَالِكٌ قَوَّمَهَا رَضِيَ الله عَنهُ) فَكَانَت قيمتهَا فَمن الذَّهَبِ أَلْفُ دِينَارٍ وَمِنَ الْوَرِقِ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَاسْتَقَرَّتْ عَلَى ذَلِكَ الدِّيَةُ لَا تَتَغَيَّرُ بِتَغَيُّرِ الْأَسْوَاقِ وَقَالَهُ (ح) وَقَالَ (ش) وَأَحْمَدُ تُقَوَّمُ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ فَتَكُونُ قِيمَتُهَا الدِّيَةُ وَالْأَصْلُ الْإِبِلُ لَنَا أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَوَّمَهَا بِذَلِكَ بِحَضْرَةِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ عَامٌّ وَإِنِ اخْتَلَفَتِ الْقِيَمُ وَإِلَّا كَانَ يَقُولُ قَوَّمَ دِيَةً وَاحِدَةً عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ وَدِيَةً أُخْرَى عَلَى أهل الْغنم وَالْذَهَبْ والْوَرَقُ وَيُرْوَى ذَلِكَ عَنِ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ نَظَائِرُ الدَّنَانِيرُ خَمْسَةٌ ثَلَاثَةٌ فِي الدِّمَاءِ اثْنَا عَشَرَ الدِّيَةُ وَالسَّرِقَةُ وَالنِّكَاحُ وَاثْنَا عَشَرَ الزَّكَاةُ وَالْحُرِّيَّةُ قُلْنَا الْقِيَاسُ عَلَى الدِّمَاءِ وَقَالَ أَشْهَبُ أَهْلُ الْحِجَازِ أَهْلُ إِبِلٍ وَمَكَّةُ مِنْهُمْ وَأَهْلُ الْمَدَيْنَةِ أَهْلُ ذَهَبٍ وَفِي الْجُلَّابِ أَهْلُ الْمَغْرِبِ أَهْلُ ذَهَبٍ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ أَهْلُ الْأَنْدَلُسِ أَهْلُ وَرِقٍ وَفِي الْجُلَّابِ أَهْلُ فَارِسَ وَخُرَاسَانَ أَهْلُ وَرِقٍ وَقَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى عِنْدِي يَجِبُ أَنْ يُنْظَرَ إِلَى غَالِبِ أَمْوَالِ النَّاسِ فِي الْبَلَدِ وَرُبَّمَا يَنْتَقِلُ

الْغَالِبُ فَتَنْتَقِلُ الدِّيَةُ وَأَشَارَ إِلَى هَذَا أَصْبَغُ بِقَوْلِهِ أَهْلُ مَكَّةَ وَالْمَدَيْنَةِ الْيَوْمَ أَهْلُ ذَهَبٍ وَلَا يُؤْخَذُ فِيهَا غَيْرُ الثَّلَاثَةِ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُف وَمُحَمّد بن الْحسن فِي قَوْلهمَا وَلَا يُؤْخَذُ فِيهَا غَيْرُ الثَّلَاثَةِ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِمَا يُؤْخَذُ مِنْ أَهْلِ الْبَقَرِ مِائَتَا بَقَرَةٍ وَمِنْ أَهْلِ الْغَنَمِ أَلْفُ شَاةٍ وَمِنْ أَهْلِ الْحُلَلِ مِائَتَا حُلَّةٍ يَمَانِيَةٍ لَنَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَثَرِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَلِأَنَّ الْحُلَلَ عُرُوضٌ تُشْبِهُ الْعَقَارَ وَلِأَنَّ الْإِبِلَ سَهْلٌ نَقْدُهَا وَالنَّقْدَانِ يَتَيَسَّرُ حَمْلُهُمَا بِخِلَافِ النَّامِي قَالَ اللَّخْمِيُّ الْمُرَاعَى فِي الدِّيَةِ كَسْبُ الْغَارِمِينَ دُونَ أَوْلِيَاءِ الْقَتْلِ فِي الْإِبِلِ وَالنَّقْدَيْنِ وَدِيَةُ الْخَطَأِ مِنَ الْإِبِلِ أَخْمَاسٌ عِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ وَعِشْرُونَ ابْنَ لَبُونٍ وَعِشْرُونَ حِقَّةً وَعِشْرُونَ جَذَعَةً وَفِي الْعَمْدِ أَرْبَاعٌ رُبُعُ الْمِائَةِ بِنْتُ مَخَاضٍ وَرُبُعُهَا بنت لبون وربعها حقاق وبعها جذعات وَسقط ابْن اللَّبُون الذّكر وَفِي شبه الْعَمْدِ أَثْلَاثٌ ثَلَاثُونَ حَقَّةً وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً وَأَرْبَعُونَ خلفة فِي بطونها أَهْلِ الْوَرِقِ لَكِنَّ لَفْظَ الْأَثَرِ قَوَّمَ الدِّيَةَ عَلَى أَهْلِ الْقُرَى فَجَعَلَهَا عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفَ دِينَارٍ وَلِأَنَّهُ أَتَى بِصِيغَةِ الْعُمُومِ فِي الدِّيَةِ وَالْقُرَى فَعَمَّ الْحُكْمُ الْقُرَى وَالدِّيَاتِ وَإِنِ اخْتَلَفَتْ أَسْوَاقُهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أحد فاكان إِجْمَاعًا وَلِأَنَّ لِلتَّقْدِيرِ فِيهَا مَدْخَلًا فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ أَصْلًا فِي نَفْسِهِ كَالزَّكَاةِ احْتَجُّوا بِمَا رُوِيَ أَنَّهُ كَانَتْ قِيمَةُ الدِّيَةِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثَمَانِمِائَةِ دِينَارٍ وَثَمَانِيَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ وَكَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ حَتَّى اسْتُخْلِفَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَامَ خَطِيبًا فَقَالَ إِنَّ الْإِبِلَ قَدْ غَلَتْ فَقَوَّمَ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفَ دِينَارٍ وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَعَلَى

أَهْلِ الْبَقَرِ مِائَتَيْ بَقَرَةٍ وَعَلَى أَهْلِ الشَّاءِ أَلْفَيْ شَاةٍ وَعَلَى أَهْلِ الْحُلَلِ مِائَتَيْ حُلَّةٍ وَفِي بَعْضِ الطُّرُقِ (كَانَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُقَوِّمُ دِيَةَ الْخَطَأِ عَلَى أَهْلِ الْقُرَى أَرْبَعَمِائَةِ دِينَارٍ وَعِدْلَهَا مِنَ الْوَرِقِ وَيُقَوِّمُهَا عَلَى أَثْمَانِهَا فَإِذا غلت رفع فِي ثمنهما وَإِنْ هَانَتْ نَقَصَ مِنْ ثَمَنِهَا) وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (فِي النَّفْسِ الْمُؤْمِنَةِ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ) فَجَعَلَ فِي كُلِّ نَفْسٍ ذَلِكَ فَمَنِ ادَّعَى غَيْرَهُ فَعَلَيْهِ الدَّلِيلُ وَقَالَ (ح) الدِّيَةُ مِنَ الْوَرِقِ عَشَرَةُ آلَافٍ لَنَا مَا فِي أَبِي دَاوُدَ (أَنَّ رَجُلًا قُتِلَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَجَعَلَ دِيَتَهُ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ) وَلِأَثَرِ عُمَرَ الْمُتَقَدِّمِ احْتَجُّوا بِالْقِيَاسِ عَلَى الزَّكَاةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الزَّكَاةَ مُوَاسَاةٌ تَيَسَّرَتْ أَسْبَابُهَا بِتَعْلِيلِ قَضَائِهَا وَالدِّيَةُ وَاحِدَةٌ فَغَلُظَتْ لِيَكُونَ الزَّجْرُ أَتَمَّ وَعَنْ أَحْمد أَن أصل الدِّيَة الْإِبِل وَالْبَقر وَأَوْلَادهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيُّ سِنٍّ كَانَتْ وَقَالَ أَشْهَبُ مَا بَيْنَ الثَّنِيَّةِ إِلَى بَازِلِ عَامِهَا وَهُوَ مَرْوِيٌّ فِي النَّسَائِيِّ وَقَالَ (ش) الْعَمْدُ أَثْلَاثٌ كَالْمُغَلَّظَةِ وَيُرْوَى عَنْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ (مَنْ قُتِلَ عَمْدًا رُفِعَ إِلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ إِنْ شَاءُوا قَتَلُوا وَإِنْ شَاءُوا أَخَذُوا الدِّيَةَ وَهِيَ ثَلَاثُونَ حَقَّةً وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً وَأَرْبَعُونَ خَلِفَةً)

فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ دِيَةُ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ نِصْفُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ الْحُرِّ وَدِيَةُ نِسَائِهِمْ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ رِجَالِهِمْ وَدِيَةُ الْمَجُوسِيِّ ثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَالْمَجُوسِيَّةِ أَرْبَعُمِائَةِ دِرْهَمٍ وَجِرَاحَاتُهُمْ مِنْ دِمَائِهِمْ كَنِسْبَةِ جِرَاحِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ دِيَتِهِ وَوَافَقَنَا أَحْمَدُ فِي الْجَمِيعِ وَقَالَ (ش) دِيَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ ثُلُثُ دِيَة الْحر المسلمووافقنا فِي الْمَجُوسِيِّ وَقَالَ (ح) دِيَةُ كُلِّ كَافِرٍ مَجُوسِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ دِيَةُ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ لَنَا قَوْله تَعَالَى {لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ} وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ (فِي النَّفْسِ الْمُؤْمِنَةِ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ) عَلَى أَنْ (ح) لَا يَدِي بِالْمَفْهُومِ وَرَوَى أَحْمَدُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (دِيَةُ الْمُعَاهِدِ نِصْفُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ) وَرُوِيَ (قَضَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّ عَقْلَ أَهْلِ الْكِتَابِ نِصْفُ عَقْلِ الْمُسْلِمِينَ) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَفِي لَفْظِهِ (دِيَةُ الْمُعَاهِدِ نِصْفُ دِيَةِ الْحُرِّ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ لَيْسَ فِي دِيَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ شَيْءٌ أَبْيَنَ مِنْ هَذَا وَلَا بَأْسَ بِإِسْنَادِهِ وَلِأَنَّهُ نَقْصٌ فَيُؤْثَرُ النِّصْفُ كَالْأُنُوثَةِ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كَانَ من قوم بينكن وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَة مُؤمنَة) {فَسَوَّى فِي الرَّقَبَةِ) وَسَوَّى فِي الدِّيَةِ وَعَنِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ جَعَلَ دِيَةَ الْيَهُودِيِّ مِثْلَ دِيَةِ الْمُسْلِمِ 4 الذَّخِيرَة

وَرَوَى الزُّهْرِيُّ أَنَّ دِيَةَ الْمُشْرِكِ كَانَتْ عَلَى عهد رَسُول الله وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَلْفَ دِينَارٍ إِلَى زَمَنِ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَعَلَ نِصْفَهَا فِي مَالِ الْقَاتِلِ وَنِصْفَهَا فِي (بَيْتِ الْمَالِ وَلِأَنَّ دِيَاتِ عَبِيدِهِمْ يَسْتَحِقُّونَهَا) مَا بَلَغَتْ كَعَبِيدِ الْمُسْلِمِ فَهُمْ أَوْلَى مِنْ عَبِيدِهِمْ وَنُقْصَانُ الدَّيْنِ لَا يُؤَثِّرُ كَالْفُسُوقِ وَاحْتَجَّ (ش) بِأَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قضى فِي دِيَة النَّصْرَانِي بأرقة آلَافِ دِرْهَمٍ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ قَالَ مَالِكٌ فِي النَّوَادِرِ الْآيَةُ فِي هُدْنَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّهُ مَنْ أُصِيبَ مِنْهُمْ مِمَّنْ أَسْلَمَ وَلَمْ يُهَاجر فَفِيهِ الدِّيَة إِلَى أَهله الْكُفَّارِ الَّذِينَ كَانَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ وقَوْله تَعَالَى فِي الْآيَة الْأُخْرَى {وَإِن كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤمنَة} وَلَمْ يَذْكُرْ دِيَةً فِيمَنْ أَسْلَمَ وَلَمْ يُهَاجِرْ مِنْ مَكَّةَ فَلَا دِيَةَ لَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يهاجروا} مَعَ أَن قَوْله تَعَالَى مَا مضى دِيَةً وَعَنِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ مَنَعَ الصِّحَّةَ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ الْعَبِيدَ لَا تَتَعَدَّى إِلَيْهِمْ جَرِيرَةُ الْكُفْرِ بِخِلَافِ النَّفْسِ الْكَافِرَةِ وَعَنِ الْخَامِسِ أَنَّ الْفُسُوقَ أَخَفُّ وَلَا يَمْنَعُ جَرَيَانَ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ وَعَنْ حُجَّةِ (ش) أَنَّ سَنَدَنَا أَرْجَحُ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْمُعَاهِدُ كَالذِّمِّيِّ وَدِيَةُ

نِسَاءِ كُلِّ صِنْفٍ دِيَةُ رِجَالِهِمْ وَدِيَةُ الْمُرْتَدِّ فِي قَوْلٍ دِيَةُ الْمَجُوسِيِّ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ فِي نَفسه وجرحه رَجَعَ إِلَى الْإِسْلَامِ أَوْ قُتِلَ عَلَى دَيْنِهِ ذَكَرَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَعَنْ أَشْهَبَ عَقْلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي ارْتَدَّ إِلَيْهِ وَعَنْهُ قَتْلُهُ هَدَرٌ لِأَنَّهُ مُبَاحُ الدَّمِ وَفِي النَّوَادِرِ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ إِنْ قُبِلَتِ الدِّيَةُ مُبْهَمَةً فَهِيَ أَرْبَعَةُ أَسْنَانٍ كَمَا تَقَدَّمَ بِذَلِكَ مَضَتِ السُّنَّةُ وَأَمَّا إِنْ تَرَاضَوْا عَلَى شَيْءٍ فَهُوَ ذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ وَتَحْرِيرُ دِيَةِ الْخَطَأِ فِي الْجِرَاحِ عَلَى أَسْنَانِهَا الْخَمْسَة فَفِي الْأُنْمُلَة ثَلَاثَة أَبْعِرَة وَثُلُثَا بَعِيرَيْنِ (وَثُلُثُ بَهِيمَةٍ) كُلُّ صِنْفٍ يَكُونُ لَهُ شَرِيكًا وَكَذَلِكَ بَقِيَّةُ الدِّيَاتِ وَإِنْ قُبِلَتْ فِي الْعَمْدِ فَخَمْسَةُ أَسْدَاسٍ مِنْ كُلِّ سِنٍّ مِنْ دِيَةِ الْعَمْدِ الْمُرَبَّعَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي خَطَأِ الْأُنْمُلَةِ يُؤْتَى بِعَشَرَةِ أَبْعِرَةِ دِيَةِ الْأَصْبَغ عَلَى أَسْنَانِهَا فَيَكُونُ فِيهَا شَرِيكًا بِالثُّلُثِ يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ وَأَنْكَرَهُ سَحْنُونٌ وَقَالَ لَا يَلْزَمُهُ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ (بِخَمْسِينَ إِلَّا ثُلُثًا مِنْهُنَّ خَمْسَةٌ صَحِيحَةٌ وَثُلُثٌ مِنْ كُلِّ فَرِيضَةٍ أَوْ يَأْتِي) بِفَرِيضَةٍ يُشَارِكُهُ بِثُلُثَيْهَا أَوْ يَشْتَرِي ذَلِكَ لَهُ مِنْهَا الرُّكْنُ الثَّانِي فِي مَحَلِّهَا الَّذِي تَجِبُ فِيهِ كَامِلَةً أَوْ بَعْضَهَا وَقَدْ تَقَدَّمَتِ النُّصُوصُ الدَّالَّةُ عَلَى الدِّيَاتِ أَوَّلَ الرُّكْنِ الْأَوَّلِ وَفِي الْكِتَابِ فِي الْأَنْفِ الدِّيَةُ قَطَعَ مِنَ الْمَارِنِ أَوْ مِنْ أَصْلِهِ وَفِي الْحَشَفَةِ الدِّيَةُ كَمَا فِي الذَّكَرِ وَفِي بَعْضِ الْحَشَفَةِ بِحِسَابِ مَا نَقَصَ وَيُقَاسُ مِنَ الْحَشَفَةِ لَا مِنْ أَصْلِ الذَّكَرِ وَمَا قَطَعَ مِنَ الْأَنْفِ يُقَاسُ مِنَ الْمَارِنِ لَا مِنْ أَصْلِهِ لِأَنَّ الْيَدَ إِذَا قُطِعَتْ مِنَ الْكَفِّ تَمَّ عَقْلُهَا أَوْ أُنْمُلَةٌ فَبِحِسَابِهَا وَإِنْ خُرِمَ الْأَنْفُ أَوْ كُسِرَ خَطَأً فَبَرِئَ على

غَيْرِ عَثْمٍ فَلَا شَيْءَ فِيهِ أَوْ عَلَى عَثْمٍ فَفِيهِ (الِاجْتِهَادُ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَيْسَ فِيهِ اجْتِهَاد لِأَن الْأنف إِذا قرض فَإِنْ بَرِئَ عَلَى عَثْمٍ فَفِيهِ) بِحَسَبِ مَا نَقَصَ مِنْ دِيَتِهِ وَكُلُّ نَافِذَةٍ فِي عُضْوٍ إِنْ بَرِئَتْ عَلَى غَيْرِ عَثْمٍ (فَلَا شَيْءَ فِيهِ وَإِلَّا فَالِاجْتِهَادُ وَلَيْسَ كَالْمُوَضِّحَةِ تَبْرَأُ عَلَى غَيْرِ عَثْمٍ فَفِيهَا دِيَتُهَا دِيَةٌ مُسَمَّاةٌ بِخِلَافِ خرم الْأنف وَفِي مُوضحَة الخد عقل الموضجة وَلَيْسَ الْأَنْفُ وَلَا اللَّحْيُ الْأَسْفَلُ مِنَ الرَّأْسِ فِي جرحهما لِأَنَّهُمَا عظمان منفردان بل الِاجْتِهَاد وَلَيْسَ فِيهَا سِوَى الرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ إِذَا وَضُحَ عَنِ الْعَظْمِ عَقْلُ الْمُوَضِّحَةِ وَمُوَضِّحَةُ الرَّأْسِ أَوِ الْوَجْهِ إِذَا بَرِئَتْ عَلَى شَيْنٍ زِيدَ فِي عَقْلِهَا بِقَدْرِ الشَّيْنِ وَعَظْمِ الرَّأْسِ مِنْ حَيْثُ أَصَابَهُ فَأَوْضَحَهُ فَمُوَضِّحَتُهُ وَنَوَاحِيهِ سَوَاءٌ وَحَدُّ ذَلِكَ مُنْتَهَى الْجُمْجُمَةِ وَأَسْفَلُ مِنْ ذَلِكَ مِنَ الْعَيْنِ لَا مُوَضِّحَةَ فِيهِ وَالْمُوَضِّحَةُ أَوِ الْمُنَقِّلَةُ لَا تَكُونُ إِلَّا فِي الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ وَحَدُّ الْمُوَضِّحَةِ مَا أفضي إِلَى الْعظم وَلَو بِقدر إبرة وَالْمُنَقِّلَةِ مَا أَطَارَ فَرَاشَ الْعَظْمِ وَإِنْ صَغُرَ وَلَا تكون المأموة إِلَّا فِي الرَّأْسِ وَهِيَ مَا أَفْضَى إِلَى الدِّمَاغِ وَلَوْ مَدْخَلَ إِبْرَةٍ وَالْجَائِفَةُ مَا أَفْضَى إِلَى الْجَوْفِ وَلَوْ مَدْخَلَ إِبْرَةٍ وَإِذَا نَفَذَتِ الْجَائِفَةُ إِلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ فَاخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ مَالِكٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَكُونَ فِيهَا ثُلُثُ الدِّيَةِ وَفِي اللِّسَانِ إِنْ مِنْ أَصْلِهِ أَوْ قُطِعَ مِنْهُ مَا مَنَعَ الْكَلَامَ الدِّيَةُ وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ مِنَ الْكَلَامِ شَيْئًا فَفِيهِ الِاجْتِهَادُ بِقَدْرِ شَيْنِهِ إِنْ شَانَهُ وَإِنَّمَا الدِّيَةُ فِي الْكَلَامِ لَا فِي اللِّسَانِ كَالدِّيَةِ فِي السَّمْعِ لَا فِي الْأُذُنَيْنِ وَفِي نَقْصِ الْحُرُوفِ فَبِقَدْرِ ذَلِكَ وَلَا يُعْمَلُ فِي نَقْصِ الْكَلَامِ عَلَى عَدَدِ

الْحُرُوفِ فَرُبَّ حَرْفٍ أَثْقَلُ مِنْ حَرْفٍ فِي النُّطْقِ لَكِنْ بِالِاجْتِهَادِ فَإِنْ أَخَذَ فِي الْحَشَفَةِ الدِّيَةَ ثُمَّ قُطِعَ عَسِيبُهُ فَفِيهِ الِاجْتِهَادُ وَيُنْتَظَرُ بِالْعَقْلِ وَالْقَوَدِ فِي الْجِرَاحِ الْبُرْءُ فَإِنْ طَلَبَ تَعْجِيلَ الدِّيَةِ إِذْ لَا بُدَّ لَهُ مِنْهَا عَاشَ أَوْ مَاتَ لَمْ تَجِبْ لِذَلِكَ وَلَعَلَّ أُنْثَيَيْهِ أَوْ غَيْرَهُمَا تَذْهَبُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا تُعَجَّلُ دِيَةُ الْمُوَضِّحَةِ لَعَلَّهُ يَمُوتُ فَتَكُونُ فِيهِ الْقَسَامَةُ وَكَذَلِكَ الْمَأْمُومَةُ تُوقَفُ لِلْقَسَامَةِ قِيلَ لِمَالِكٍ اللِّسَانُ يَعُودُ يَلْبَثُ قَالَ يُنْتَظَرُ إِلَى مَا يصير إِلَيْهِ إنمنع الْكَلَامَ فَالدِّيَةُ وَلَا يُنْتَظَرُ الْقَوَدُ وَفِي الصُّلْبِ الدِّيَةُ وَكَذَلِكَ إِنْ قَعَدَ عَنِ الْقِيَامِ كَالْيَدِ إِذَا شُلَّتْ وَإِنْ مَشَى وَبَرِئَ عَلَى عَثْمٍ أَوْ عَلَى حَدَبٍ فَفِيهِ الِاجْتِهَادُ وَإِنْ عَادَ الصُّلْبُ فَأُصِيبَ فِي الْخَطَأِ لَا شَيْءَ فِيهِ وَكَذَلِكَ جَمِيعُ الْخَطَأِ لِعَدَمِ الْفَوْتِ فَلَا يَجِبُ الْبَدَلُ بِخِلَافِ الْقِصَاصِ لِأَنَّهُ بَدَلُ الْأَلَمِ وَإِنْ عَادَ الْعُضْوُ بِحَالِهِ وَفِي الْيَدَيْنِ الْمَنْكِبُ أَوِ الْأَصَابِعُ فَقَطِ الدِّيَةُ وَفِي الْعَقْلِ الدِّيَةُ وَفِي الْأُذُنِ إِذَا اصْطَلَمَتْ أَوْ شُدِخَتْ الِاجْتِهَادُ وَفِي الأذنيين الدِّيَةُ إِذَا ذَهَبَ السَّمْعُ اصْطَلَمَتَا أَوْ بَقِيَتَا وَإِن رد السن قنبتت أَوْ دُونَهُ فَلَهُ الْقَوَدُ فِي الْعَمْدِ وَلَهُ الْعَقْلُ فِي السِّنِّ فِي الْخَطَأِ وَفِي كُلِّ سِنٍّ خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ وَالْأَضْرَاسُ وَالْأَسْنَانُ سَوَاءٌ وَفِي السِّنِّ السَّوْدَاءِ خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ كَالصَّحِيحَةِ لِبَقَاءِ الْمَنْفَعَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ يَضْطَرِبُ اضْطِرَابًا شَدِيدًا فَفِيهَا الِاجْتِهَادُ وَفِي السِّنِّ الْمَأْكُولَةِ بِحِسَابِ مَا بَقِيَ وَفِي جُفُونِ الْعَيْنِ وَأَشْفَارِهَا الِاجْتِهَادُ وَفِي حَلْقِ الرَّأْسِ إِنْ لَمْ يَنْبُتْ الِاجْتِهَادُ وَكَذَلِكَ اللِّحْيَة وَلَا قصاص غي غَيْرِ هَالِكٍ وَكَذَلِكَ الْحَاجِبَيْنِ وَإِنْ بَرِئَ الظُّفْرُ عَلَى عَثْمٍ فَفِيهِ الِاجْتِهَادُ وَإِنِ

انْخَسَفَتِ الْعَيْنُ أَوِ ابْيَضَّتْ وَذَهَبَ بَصَرُهَا وَهِيَ قَائِمَةٌ فَفِيهَا الدِّيَةُ لِذَهَابِ الْمَنْفَعَةِ وَإِنْ نَزَلَ ثُمَّ بَرِئَتْ رَدَّ الدِّيَةَ وَيُنْظَرُ بِالْعَيْنِ سَنَةً فَإِنْ مَضَتِ السَّنَةُ وَهِيَ مُنْخَسِفَةٌ انْتُظِرَ بُرْؤُهَا وَلَا يُقَادُ إِلَّا بَعْدَ الْبُرْءِ وَإِنْ سَالَ دَمْعُهَا انْتُظِرَتْ سَنَةً فَإِنْ لَمْ يَرْقَأْ دَمْعُهَا فَحُكُومَةٌ وَفِي شَلَلِ الْيَدِ أَوِ الرِّجْلِ الدِّيَةُ لِعَدَمِ الْمَنْفَعَةِ وَفِي شَلَلِ الْأَصَابِعِ الدِّيَةُ وَفِيهَا إِنْ قُطِعَتْ بَعْدَ ذَلِكَ الْحُكُومَةُ وَلَا قَوَدَ فِي عَمْدِهَا وَفِي الْأُنْثَيَيْنِ إِذَا أُخْرِجَتَا أَوْ رُضَّتَا الدِّيَةُ وَفِيهِمَا مَعَ الذَّكَرِ دِيَتَانِ وَإِنْ قُطِعَتَا قَبْلَ الذَّكَرِ أَوْ بَعْدَهُ فَفِيهِمَا الدِّيَةُ وَالْبَيْضَةُ الْيُمْنَى وَالْيُسْرَى فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفُ الدِّيَةِ وَفِي كُلِّ شَفَةٍ نِصْفُ الدِّيَةِ وَفِي إِلْيَتَيِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ حُكُومَةٌ وَفِي ثَدْيِ الرَّجُلِ الِاجْتِهَاد وَفِي ثدي الْمَرْأَة الدِّيَة لمنفعتهما وَقطع حَلَمَتَيْهِمَا وَإِبْطَالِ مَخْرَجِ اللَّبَنِ الدِّيَةُ فَكَذَلِكَ ثَدْيُ الصَّغِيرَةِ إِنْ تُيُقِّنَ (أَنَّهَا لَا تَعُودُ) وَأَبْطَلَهُمَا أَوْ شَكَّ فِيهِ وُضِعَتِ الدِّيَةُ وَانْتُظِرَتْ كَسِنِّ الصَّبِيِّ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ فَالدِّيَةَ وَفِي المفصلين من الْإِبْهَام عق أُصْبُعٍ لِأَنَّهُمَا أُصْبُعٌ وَفِي كُلٍّ مَفْصِلٍ عَقْلُ الْأُصْبُعِ وَمَنْ قُطِعَتْ إِبْهَامُهُ فَأَخَذَ دِيَتَهُ ثُمَّ قُطِعَ الْعَقْدُ الَّذِي بَقِيَ مِنَ الْإِبْهَامِ فِي الْكَفِّ فَحُكُومَةٌ وَكَذَلِكَ فِي الْكَفِّ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا أُصْبُعٌ وَفِي أُصْبُعَيْنِ مِمَّا يَلِيهِمَا مِنَ الْكَفِّ خَمْسُمِائَةِ الْكَفِّ وَلَا حُكُومَةَ لَهُ مَعَ ذَلِكَ فَائِدَةٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ الْعَثْمُ وَالْعَثَلُ بِاللَّامِ وَالْمِيم وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ الْمَفْتُوحَةِ وَالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ مَعَ اللَّامِ وَسَاكِنَةٍ مَعَ الْمِيمِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَهُوَ الْأَثَرُ وَالشَّيْنُ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ أَسْمَاءُ الْجِرَاحِ قَالَ وَظَاهِرُ الْكِتَابِ تَعْجِيلُ الْقَوَدِ فِي سَائِرِ الْأَعْضَاءِ كَمَا يُقَادُ فِي الْجِرَاحِ وَإِنْ نَبَتَ لَحْمُهَا وَإِنَّمَا الِانْتِظَارُ فِي اللِّسَانِ فِي الدِّيَةِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَنْبُتَ فَلَا دِيَةَ أَوْ يَنْبُتَ بَعْضُهُ فَبِحِسَابِهِ وَخَرَّجَ بَعْضُهُمْ تَأْخِيرَ الْقَوَدِ عَلَى قَوْلِهِ فِي سِنِّ الصَّبِيِّ وَثَدْيِ الصَّغِيرَةِ إِذَا نَبَتَ إِنَّهُ لَا قَود

وَيُنْتَظَرُ نَبَاتُهُ قَالَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ السِّنَّ يَسْقُطُ غَالِبًا بِالْإِثْغَارِ فَإِذَا نَبَتَتْ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُجْنَ عَلَيْهَا وَثَدْيُ الصَّغِيرَةِ كَأَنَّهُ لَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَوْجُودٍ وَإِنَّمَا قُطِعَ حَلَمَتُهُ فَإِذَا كَبرت لمي بَطل اللَّبَنُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِلَّا الشَّيْنُ وَإِنْ بَطل اللَّبن والجانب رَجُلٌ فَالدِّيَةُ إِذْ لَا مِثَالَ لَهُ فِي الرَّجُلِ أَوِ امْرَأَةٌ فَالْقِصَاصُ وَاخْتُلِفَ فِي الِاسْتِينَاءِ بِالْجُرْحِ سَنَةً إِذَا ظَهَرَ بُرْؤُهَا فِيهَا فَتَأَوَّلَ بَعْضُ الشُّيُوخِ لَا بُدَّ مِنَ السَّنَةِ مَخَافَةَ انْتِقَاضِهِ حَتَّى تَمُرَّ عَلَيْهِ الْفُصُولُ الْأَرْبَعَةُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ شَاسٍ وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ وَقَالَ مَتَى بَرَأَتْ عُقِلَتْ وَهُوَ ظَاهِرُ الْأُصُولِ وَلَا مَعْنَى لِلِانْتِظَارِ بَعْدَ الْبُرْءِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ يُسْتَأْنَى بِالْعَيْنِ فَإِنِ اسْتَقَرَّتْ بِمَقَرِّهَا عُقِلَ مَا ذَهَبَ مِنْهَا وَإِن كَانَ قبل السّنة وَاخْتلفت إِن مَضَت السّنة فِي الْجرْح قبل الْبُرْء فَفِي الْكِتَابِ يُنْتَظَرُ بُرْؤُهَا وَلَا قَوَدَ وَلَا دِيَةَ إِلَّا بَعْدَ الْبُرْءِ قَالَ أَشْهَبُ تُعْقَلُ بِحَالِهَا عِنْدَ تَمَامِ السَّنَةِ وَيُطَالَبُ بِمَا زَادَ بَعْدَهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ لِذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ إِنْ كَانَ دون الثُّلُث وَيجب تناسيه ثمَّ عقله وَإِن أَمن تناسيه لم يعقل كالموضحة قَالَ ابْن الْقَاسِم لَا يعق إِلَّا بَعْدَ الْبُرْءِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يعقل وَإِن كَانَت الدِّيَة فَيوم مَا أَخَذَهُ وَالْعَيْنُ الدَّامِعَةُ لَا يُنْتَظَرُ بِهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ السَّنَةِ بِخِلَافِ الْعَيْنِ الْمُنْخَسِفَةِ لِأَنَّ الْخَسْف جرح يبرأ فينتظر الْبُرْء والدمع لَا يَدُومُ أَبَدًا فَلَا يُزَادُ عَلَى السَّنَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا أُخْرِقَتِ الْجَائِفَةُ الَّذِي قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ مِنْ ثُلُثِ الدِّيَةِ قَالَهُ أَشْهَبُ وَغَيْرُهُ وَقَضَى بِهِ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَعَن

الصِّدِّيقِ ثُلُثَا الدِّيَةِ وَجَعَلَهَا جَائِفَتَيْنِ وَإِذَا بَرِئَتِ الْجِرَاحُ الْمُقَدَّرَةُ كَالْمُوَضِّحَةِ وَغَيْرِهَا عَلَى شَيْنٍ فَرِوَايَةٌ لبن الْقَاسِمِ يُزَادُ لِلشَّيْنِ وَعَنْ مَالِكٍ لَا يُزَادُ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَدَّرَ ذَلِكَ وَلَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا وَلِأَنَّ الْمُوَضِّحَةَ تَكُونُ قَدْرَ الْإِبْرَةِ وَعَقْلُهَا عَقْلُ الْعَظِيمَةِ فَكَذَلِكَ الشَّيْنُ قَالَ مَالِكٌ وَلَيْسَ لِلْمَجْرُوحِ أُجْرَةُ الطَّبِيبِ وَرَأَى مَالِكٌ مَرَّةً فِي إِشْرَافِ الْأُذُنِ الدِّيَةَ ثُمَّ قَالَ حُكُومَةٌ لِعَدَمِ الْمَنْفَعَةِ وَلَاحَظَ فِي الْأَوَّلِ قَوْلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ (فِي الْأُذُنِ خَمْسُونَ مِنَ الْإِبِلِ) وَلِأَنَّهُمَا يَجْمَعَانِ الصَّوْتَ لِلصِّحَاحِ وَرَوَى ابْنُ شِهَابٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ (إِنَّمَا أُرِيدَ بِالْأُذُنِ السَّمْعُ) وَهُوَ كَلَامُ الْعَرَبِ أَذِنَ الرَّجُلُ إِذَا سَمِعَ وَعَنْ أَشهب إِذا رجت السِّنُّ أَوِ الْأُذُنُ فِي الْخَطَأِ فَبَرِئَتْ لَا شَيْءَ فِيهِمَا قَالَ مَالِكٌ وَإِذَا رُدَّ الْأُذُنُ فَلَمْ يَنْبُتْ فَاقْتُصَّ فَرَدَّهَا الْجَانِي فَنَبَتَتْ فَالْمَجْرُوحُ عَقْلُ أُذُنِهِ وَسِنِّهِ وَكَذَلِكَ لَوْ نَبَتَتِ الْأَوَّلَانِ ثمَّ اقْتصّ فنشا للجاني أَيْضا فللأول العق لوإن لَمْ يَنْبُتْ لِلْجَانِي فَلَا شَيْءَ لَهُ لِأَنَّ نُبُوتَهُمَا يُبْطِلُ حِكْمَةَ الْقِصَاصِ مِنَ التَّشَفِّي وَلَا قِصَاصَ مَرَّتَيْنِ فَلَهُ الْعَقْلُ وَقَضَى عُمَرُ رَضِيَ الله عَنهُ فِي الترقورة بِجَمَلٍ وَفِي الضِّرْسِ بِجَمَلٍ وَفِي الضِّلْعِ بِجَمَلٍ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ لَمَّا قَضَى مُعَاوِيَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الضِّرْسِ بِخَمْسَةِ أَبْعِرَةٍ يُرِيدُ الدِّيَةَ فِي قَضَاءِ عُمَرَ وَلَوْ كُنْتُ أَنَا لَقَضَيْتُ فِي الْأَضْرَاسِ بِبَعِيرَيْنِ فَتَتِمُّ الدِّيَةُ سَوَاءً وَقَالَهُ ابْنُ أَبِي مَسْلَمَةَ وَمُحَمَّدٌ وَفِي الْأَضْرَاسِ عِشْرُونَ وَالْأَسْنَانِ اثْنَا عَشَرَ أَرْبَعِ ثَنَايَا وَأَرْبع رباعيات

وَأَرْبَعَةُ أَنْيَابٍ قَالَهُ ابْنُ مُزَيْنٍ وَهُوَ يَأْتِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ وَغَيْرُ ابْنِ مُزَيْنٍ يَقُولُ الْأَضْرَاسُ سِتَّةَ عَشَرَ وَيُرِيدُ أَرْبَعُ ضَوَاحِكَ وَهِيَ الَّتِي بَيْنَ الْأَنْيَابِ وَإِنْ ضَرَبَ السِّنَّ فاسودت تمّ عقلهَا وغن طُرِحَتْ بَعْدَ ذَلِكَ تَمَّ عَقْلُهَا أَيْضًا قَالَهُ عُمَرُ فِيهَا وَقَالَهُ مَالِكٌ فَإِنِ احْمَرَّتْ أَوِ اصْفَرَّتْ فَبِحِسَابِهَا قَالَ أَشْهَبُ الْحُمْرَةُ أَقْرَبُ لِلسَّوَادِ ثُمَّ الْخُضْرَةُ ثُمَّ الصُّفْرَةُ وَفِي ذَلِكَ كُلِّهِ بِقدر مَا هذب مِنْ بَيَاضِهَا وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا ذَهَبَ بَيَاضُ الْعين أَو مَاؤُهَا بعذ أَخْذِ عَقْلِهَا لَمْ يَزِدْ شَيْئًا إِذَا اسْتُؤْنِيَ بِهَا قَالَ وَلَعَلَّ ذَلِكَ بِقَضَاءِ قَاضٍ وَإِذَا لَمْ يَبْقَ فِي الْكَفِّ أُصْبُعٌ فَفِي قَطْعِهِ حُكُومَةٌ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا شَيْءَ فِيهِ قَالَ مَالك إِذا كَانَت خلفة يَدِهِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَصَابِعَ فَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ عشرَة مِنَ الْإِبِلِ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَتْ ثَلَاثَةً أَوْ أُصْبُعَيْنِ لِأَنَّهُ ظَاهِرُ النَّصِّ وَمَنْ فِي كَفِّهِ أُصْبُعٌ زَائِدَةٌ (قُوَّتُهَا كَقُوَّةِ الْأَصَابِعِ) فَعَقْلُهَا عَشْرٌ مِنَ الْإِبِلِ وَلَا قِصَاصَ فِيهَا عَمْدًا لِعَدَمِ النَّظِيرِ وَإِنْ قُطِعَتْ يَدُهُ كُلُّهَا فَسِتُّونَ مِنَ الْإِبِلِ وَإِنْ كَانَتِ الزَّائِدَةُ ضَعِيفَةً فَقُطِعَتْ يَدَهُ لَمْ يَزِدْ فِي دِيَتِهَا وَإِنْ قُطِعَتْ وَحْدَهَا فَحُكُومَةٌ ثُمَّ إِنْ قُطِعَتِ الْيَدُ فَدِيَتُهَا وَلَا يُحَاسَبُ بِالْحُكُومَةِ قَالَ أَشْهَبُ إِلَّا أَنْ يُنْقِصَ ذَلِكَ مِنْ قُوَّةِ الْأَصَابِعِ فَيُحَاسِبُ وَعَنْ مَالِكٍ فِي الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ الْمَقْطُوعُ مِنْهُمَا أَوَّلًا فِيهِ الدِّيَةُ وَفِي الثَّانِي حُكُومَةٌ لِعَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَحده وَقيل إِن قطعا مَعًا وَبَدَأَ مِنْ أَسْفَلَ فَدِيَتَانِ أَوْ مِنْ فَوْقَ فِدْيَةٌ وحكومة لِأَن الذّكر ينْتَفع بإيلاجه وَعَنِ ابْنِ حَبِيبٍ إِنْ قُطِعَتَا بَعْدَ الذَّكَرِ فَلَا دِيَةَ فِيهِمَا وَفِي الذَّكَرِ الدِّيَةُ قُطِعَ قبل أَو بعد أقو قُطِعَ الْجَمِيعُ فِي مَرَّةٍ فَدِيَتَانِ كَانَ الْقَطْعُ مِنْ فَوْقَ أَوْ أَسْفَلَ وَقِيلَ فِي الْيُسْرَى مِنَ الْبَيْضَتَيْنِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ لِأَنَّ مِنْهَا النَّسْلَ واليمنى اللِّحْيَة وَفِي الشَّفَةِ الْعُلْيَا ثُلُثَا الدِّيَةِ لِأَنَّهَا لِلسِّتْرِ والشارب

وَمَنْعِ مَائِيَّةِ الْأَنْفِ وَعَكَسَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَغَيْرُهُ لِأَنَّ السُّفْلَى تَمْنَعُ جَرَيَانِ اللُّعَابِ وَالطَّعَامِ وَالصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ أَنَّ الْيَدَ الْيُمْنَى أَشَدُّ وَأَنْفَعُ وَلم يعصها أَحَدٌ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي إِلْيَتَيِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ حُكُومَةٌ لِأَنَّهَا لِلْجَمَالِ وَقَالَ أَشْهَبُ فِي إِلْيَتَيِ الْمَرْأَةِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ لِأَنَّهَا تَنْتَفِعُ بِهَا عِنْدَ زَوْجِهَا بَلْ مُصِيبَتُهَا فِيهَا أَعْظَمُ مِنَ الثَّدْيَيْنِ وَعَيْنَيْهَا وَيَدَيْهَا) وَقَالَ مَالِكٌ فِي شَفْرَيْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ تَجِبُ الدِّيَةُ كَامِلَةً وَفِيمَا هُوَ وَاحِدٌ فِي الْإِنْسَانِ وَهُوَ سِتَّةَ عَشَرَ السَّوْأَةُ وجلدة الرَّأْس وَالْعقل وَالْأنف والشم والسان إِذَا امْتَنَعَ الْكَلَامُ وَالصَّوْتُ وَالذَّوْقُ وَالصُّلْبُ وَالصَّدْرُ إِذَا صَدَمَهُ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَقَالَ ابْنُ عبدون حُكُومَة وَالذكر والنسل إِذا أَفْسَدَ الْإِنْعَاظَ وَفَرْجُ الْمُرَأَةِ إِذَا أَفْضَاهَا فَيَبْطُلُ الِاسْتِمْتَاعُ أَوْ جُذَامُ الرَّجُلِ أَوْ بَرَصُهِ أَوْ أَسْقَاهُ فَسَوَّدَ جِسْمَهُ وَالدِّيَةُ فِي كُلِّ اثْنَيْنِ (مِنَ الْأَسْنَانِ وَفِي كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُ الدِّيَةِ وَهِي عشر لعين والسبع ولشرف الاذنيين) عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلِ مَالِكٍ وَالشَّفَتَانِ وَالْيَدَانِ وَالرِّجْلَانِ والاثيان وَثَدْيَا الْمَرْأَةِ وَشَفْرَاهَا وَإِلْيَتَاهَا عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَفِي جُفُونِ الْعَيْنِ وَالْحَاجِبَيْنِ حُكُومَةٌ وَقَالَ (ش) وَأَصْحَاب الرَّأْي فِيهَا الدِّيَةُ فِي كُلِّ جَفْنٍ رُبُعُ الدِّيَةِ (وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ فِي الْحَاجِبَيْنِ الدِّيَةُ) وَقِيَاسُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي السِّنِّ تَسْوَدُّ أَنَّ فِيهَا عَقْلَهَا قَالَ لِأَنَّهُ أَذْهَبَ جَمَالَهَا وَإِنْ بَقِيَتْ مَنْفَعَتُهَا أَنَّ فِي الْجُفُونِ الدِّيَةَ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ ذَهَابَهَا أَفْحَشُ وَأَضَرُّ بِالْبَصَرِ وَتَجِبُ فِي الْعَقْلِ إِنْ كَانَ مُطْبِقًا لَا يُفِيقُ فَإِنْ كَانَ يذهب عقله يَوْمًا وَلَيْلَة من اشهر فَلَهُ مِنَ الدِّيَةِ جُزْءٌ مِنْ ثَلَاثِينَ وَعَلَى هَذِهِ النِّسْبَةِ فَإِنْ لَازَمَ النَّقْصُ وَبَقِيَ تَمْيِيزٌ فَبِحِسَابِهِ يُقَوَّمُ عَبْدًا صَحِيحًا وَمَعِيبًا وَتَلْزَمُ تِلْكَ النِّسْبَةُ (مِنَ الدِّيَةِ) وَعَنْ مَالِكٍ فِي الذَّكَرِ أَنَّ مَا نَقَصَ مِنْهُ يُقَاسُ بِحِسَابِهِ وَهُوَ أَشْبَهُ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ

السَّلَام (إِذا أوعب جدعه) وَقَالَ بابنالقاسم إِذَا ذَهَبَ الْأَنْفُ وَالشَّمُّ مَعًا فَدِيَةٌ وَاحِدَةٌ قَالَ صَاحِبُ الْجُلَّابِ وَالْقِيَاسُ دِيَتَانِ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ كَاللِّسَانِ وَالذَّكَرِ وَإِذَا ذَهَبَ مَعَ اللِّسَانِ الصَّوْتُ وَالذَّوْقُ لَمْ يَرُدَّ شَيْئًا وَإِنْ ذَهَبَ بَعْضُ كلامهوصوته فَالدِّيَةُ كَامِلَةٌ أَوْ نِصْفُ كَلَامِهِ وَنِصْفُ صَوْتِهِ فَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الدِّيَةِ النِّصْفُ لِنِصْفِ الْكَلَامِ وَيَسْقُطُ مَا يُقَابِلُهُ مِنَ الصَّوْتِ وَهُوَ النِّصْفُ لِأَنَّهُ لَوْ ذَهَبَ كُلُّ الْكَلَامِ وَالصَّوْتِ لَمْ يَزِدْ لِلصَّوْتِ شَيْءٌ وَفِي الصُّلْبِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ إِذَا أُقْعِدَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ كَالْيَدِ إِذَا شُلَّتْ وَفِي الْحَدَبِ وَالْعَقْلِ الِاجْتِهَادُ وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا انْحَنَى فَبِقَدْرِهِ وَقِيلَ فِيهِ الدِّيَةُ إِذَا صَارَ كَالرَّاكِعِ وَمَا دُونَ ذَلِكَ فَبِحِسَابِهِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ فِيهِ الدِّيَةُ إِذَا عَجَزَ عَنِ الْجُلُوسِ وَإِنْ نَقَصَ عَنْ جُلُوسِهِ فَيُقَدَّرُ مِنَ الدِّيَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَتَصِحُّ فِيهِ الدِّيَةُ لِلْأَمْرَيْنِ إِذَا قَدَرَ عَلَى الْمَشْيِ مُنْحَنِيًا وَإِنْ لَمْ يَبْلُغِ الرُّكُوعَ فَبِحِسَابِ مَا بَيْنَ قِيَامِهِ مُعْتَدِلًا وَرَاكِعًا فَإِنِ اسْتَوَى مَا بَيْنَهُمَا فَنِصْفُ الدِّيَةِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ فِي الصُّلْبِ ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ فَقَارَةً فِي كُلِّ فَقَارَةٍ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْإِبِلِ فَرَاعَى الصُّلْبَ دُونَ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنَ الْمَشْيِ وَعَنْ مَالِكٍ فِي قَطْعِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ مَعًا دِيَةٌ وَاحِدَةٌ فَيَصِيرُ فِيهِمَا بِمَا تَقَدَّمَ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ وَلِلذَّكَرِ سِتَّةُ أَحْوَالٍ الدِّيَةُ فِي ثَلَاثَةٍ وَتَسْقُطُ فِي وَاحِدٍ وَيُخْتَلَفُ فِي اثْنَيْنِ فَالثَّلَاثَةُ قَطْعُهُ أَوْ قَطْعُ الْحَشَفَةِ وَحْدَهَا أَوْ يُبْطِلُ النَّسْلَ مِنْهُ بِطَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ وَإِنْ لَمْ يُبْطِلِ الْإِنْعَاظَ وَتَسْقُطُ إِذَا وَقَعَ بَعْدَ قَطْعِ الْحَشَفَةِ فَفِيهِ حُكُومَةٌ وَيُخْتَلَفُ إِذَا قَطَعَهُ مِمَّنْ لَا يَصِحُّ مِنْهُ النَّسْلُ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الِاسْتِمْتَاعِ أَوْ عَاجِزٌ عَنْهُ وَالشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَلِمَالِكٍ فِي الْعِنِّينِ وَالَّذِي لَمْ يُخْلَقْ لَهُ مَا يُصِيب لَهُ النِّسَاء

قَوْلَانِ وَإِنِ اتَّفَقُوا فِي الْجِرَاحِ الْمُقَدَّرَةِ الْمُوَضِّحَةِ وَالْمَأْمُومَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ وَالْجَائِفَةِ أَنَّ فِيهَا دِيَتَهَا وَإِنْ عَادَتْ لِحَالِهَا وَقَاسَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْيَسِيرَ عَلَيْهَا إِذَا عَادَتْ وَيُخْتَلَفُ فِي الْأُذُنَيْنِ إِذَا رَدَّهُمَا فَعَادَا فَعَلَى الْقَوْلِ إِنَّ فِيهِمَا حُكُومَةً لَا شَيْءَ فِيهِمَا وَعَلَى الْقَوْلِ بِالدِّيَةِ فِيهِمَا الدِّيَةُ كالسن وَبِخِلَاف عود السّمع وَالْبَصَر وَالْعقل لِأَنَّهُمَا إِذَا تَبَيَّنَ أَنَّهَا مَا زَالَتْ وَإِنَّمَا حَدَّثَتْ لَهَا حَجْبٌ وَإِنْ شَقَّ الشَّفَةَ وَتَبَيَّنَ مَا بَيْنَ الشَّفَتَيْنِ فَبِحِسَابِهِ مِنَ الدِّيَةِ بِقَدْرِ مَا بَان كل وَاحِد مِنْهُمَا عَن صَاحبه لِأَنَّهُ ذَلِكَ يَصِيرُ فِي مَعْنَى الْقَطْعِ وَإِنْ لَمْ يَبِنْ مَا بَيْنَهُمَا وَحَصَلَ شَيْنٌ فَحُكُومَةٌ وَإِنِ اجْتَمَعَ قَطْعٌ وَشَقٌّ فَفِي الْقَطْعِ حِسَابُهُ مِنَ الدِّيَةِ وَإِنْ قُطِعَ مِنَ الشَّفَةِ مَا أَذْهَبَ بَعْضَ الْكَلَامِ عُقِلَ الْأَكْثَرُ مِمَّا ذَهَبَ مِنْهَا أَوْ مِنَ الْكَلَامِ وَقِيلَ فِي هَذَا الْأَصْلِ يَكُونَانِ لَهُ جَمِيعًا وَيَسْتَوِي فِي الرِّجْلِ مِنْ أصل الْفَخْذ أَو الرّكْبَة أَو الْكَعْبَة أَوِ الْأَصَابِعِ أَوْ إِبْطَالِ مَنْفَعَتِهَا أَوْ يَبْقَى مِنَ الْمَنْفَعَةِ مَا لَا قَدْرَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَقْطَعْ مِنْهَا شَيْئًا وَكَذَلِكَ الْيَدُ مِنَ الْمَنْكِبِ أَوِ الْأَصَابِعِ أَوِ الْمَنْفَعَةِ فَقَطْ فَإِنْ أَذْهَبَ بَعْضَ الْمَنْفَعَةِ فَبِحِسَابِهِ مِنَ الدِّيَةِ وَتُعْتَبَرُ الْقُوَّةُ مِنَ الْأَصَابِعِ لَا مِنْ جُمْلَةِ الْيَدِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَا ضَعُفَ مِنَ الْيَدِ أَكْثَرَ مِمَّا ضَعُفَ مِنَ الْأَصَابِعِ فَإِنْ أَبَانَ بعض وَضَعُفَ الْبَاقِي فَبِقَدْرِ مَا أَبَانَ مِنَ الْعُضْوِ وَالْقُوَّةِ فَإِنْ أَبَانَ نِصْفَ الْأَصَابِعِ وَنِصْفَ الْقُوَّةِ مِنَ الْبَاقِي فَنِصْفُ الدِّيَةِ لِلْمَقْطُوعِ وَرُبْعُهَا لِنِصْفِ مَنْفَعَةِ الْبَاقِي وَإِنْ أَذْهَبَ الْأَصَابِعَ وَبَقِيَ الْبَاقِي عَلَى قُوَّتِهِ لَمْ يَنْقُصِ الْعَقْلُ أَوْ نَقُصَتْ (مَنْفَعَةُ) قُوَّتِهِ لَمْ يَزِدْ فِيهِ فَإِنْ ضَعُفَتْ وَصَغُرَتْ فَفِي الضَّعْفِ بِحِسَابِهِ وَفِي الصِّغَرِ بِقَدْرِ مَا ذَهَبَ مِنْهَا وَعَنْ مَالِكٍ إِنْ رَجَعَ إِلَى أَنَّ فِي الْإِبْهَامِ ثَلَاثَةُ أَنَامِلَ لِأَنَّ الثَّالِثَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَائِنًا فَهُوَ يَتَحَرَّكَ بِحَرَكَةِ الْإِبْهَامِ فَيَكُونُ فِي كُلِّ مَفْصِلٍ ثَلَاثَةُ أَبْعِرَةٍ وَثُلُثٌ وَعَنْ سَحْنُونٍ فِي الْأُصْبُعِ السَّادِسَةِ فِي الْيَدِ نِصْفُ الدِّيَةِ قَالَ وَقَدْ قِيلَ فِي الْيَدِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَفِي

الزَّائِدِ حُكُومَةٌ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ ضَعْفِهَا وَقُوَّتِهَا وَإِبْهَامِ الرِّجْلِ مَفْصِلَانِ قَوْلًا وَاحِدًا لِمُنَاسَبَتِهِ فِي الْخلقَة لإبهام الْيَد فَلَيْسَ بعد المفصلين غلا مُشْطُ الرِّجْلِ وَمَنْ أَخَذَ عَقْلَ أُصْبُعٍ ثُمَّ قُطِعَ الْأَرْبَعُ مَعَ الْكَفِّ فِدْيَةُ الْأَرْبَعِ وَلَا يُزَادُ لِلْكَفِّ شَيْءٌ فَإِنْ بَقِيَ ثَلَاثَةٌ فَأَقَلُّ فَسَوَاءٌ عِنْدَ سَحْنُونٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ لَمْ يَبْقَ إِلَّا أُصْبُعٌ فَدِيَتُهُ وَحُكُومَةٌ فِي الْكَفِّ وَإِنْ زَادَ فَدِيَتُهُمَا وَلَا شَيْءَ فِي الْكَفِّ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ فِي الثَّلَاثِ الْخَطَأِ دِيَتُهَا وَفِي الْكَفِّ حُكُومَةٌ فِي خُمْسَيْهِ دُونَ ثَلَاثَةِ أَخْمَاسِهِ لِأَنَّهُ مُقَابِلُ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ الدِّيَةُ وَاخْتُلِفَ فِي الْهَاشِمَةِ إِنْ هَشَّمَتِ الْعَظْمَ وَلَمْ تُنَقِّلْهُ قَالَ مُحَمَّدٌ فِيهِ الْمُوَضِّحَةُ وَقَالَ ابْنُ الْقصار مَعَ ذَلِك حُكُومَة وَقَالَ الْأَبْهَرِيّ قيها مَا فِي المنقلة الثَّانِي أَرْجَحُ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَوْجَبَ فِي الْمُوَضِّحَةِ نِصْفُ الْعُشْرِ مَعَ سَلَامَةِ الْعظم فلابد لِلزَّائِدِ مِنْ أَثَرٍ وَالدِّيَةُ فِي السِّنِّ بِأَرْبَعِ جنانات طُرِحَتْ أَوِ اسْوَدَّتْ أَوْ طُرِحَتْ بَعْدَ السَّوَادِ أَوْ تَحَرَّكَتْ تَحْرِيكًا بَيِّنًا وَإِنْ أَسْقَطَهَا إِنْسَانٌ بَعْدَ ذَلِكَ فَحُكُومَةٌ وَإِنْ تَحَرَّكَتْ وَبَقِيَتْ فِيهَا قُوَّةٌ فَبِحِسَابِ مَا ذَهَبَ مِنْ قُوَّتِهَا فَإِنْ سَقَطَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَبِحِسَابِ مَا بَقِيَ وَإِنْ نَقُصَ الْكَلَامُ لِذَهَابِ الْأَسْنَانِ (فَلَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ دِيَةِ الْأَسْنَانِ) أَوْ مَا نَقُصَ مِنَ الْكَلَامِ وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ (فِي السِّنِّ خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ) عَلَى السِّنِّ الْوَاحِدَةِ لِأَنَّ الْكَلَامَ لَا يَتَغَيَّرُ غَالِبًا بِهَا وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ فِي الْجَسَد على الْمَذْهَب ثَمَان عَشْرَةَ دِيَةً إِحْدَى عَشْرَةَ فِي الرَّأْسِ الْعَقْلُ وَالسَّمْعُ وَإِشْرَافُ الْأُذُنَيْنِ عِنْدَ أَشْهَبَ وَالْبَصَرُ وَالشَّمُّ وَالْأَنْفُ وَالذَّوْقُ وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ نَصًّا لِأَصْحَابِنَا وَالْكَلَامُ وَالشَّفَتَانِ وَالشَّوَى وَهِيَ جِلْدَةُ الرَّأْسِ وَالْأَضْرَاسُ وَالْأَسْنَانُ فِيهَا عِنْدَ مَالِكٍ أَكْثَرُ مِنْ دِيَةٍ وَسَبْعٌ فِي الْجَسَدِ الْيَدَانِ وَالرِّجْلَانِ وَالصُّلْبُ وَالصَّدْرُ وَالذكر والأنثيان وَالْجِمَاع

فِي الْمَرْأَة ثَمَان عَشْرَةَ أَيْضًا غَيْرَ أَنَّ فِيهَا ثَلَاثًا لَيْسَتْ فِي الرَّجُلِ الشَّفْرَانِ وَالْحَلَمَتَانِ وَالْإِلْيَتَانِ عِنْدَ أَشْهَبَ وَفِي الرَّجُلِ ثَلَاثَةٌ الْجِمَاعُ وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَيَانِ قَاعِدَةٌ قَالَ كُلُّ عُضْوٍ فِيهِ مَنْفَعَةٌ فَالدِّيَةُ لِلْمَنْفَعَةِ والعضو بتع فَإِنْ ذَهَبَتِ الْمَنْفَعَةُ وَحْدَهَا فَفِي الْعُضْوِ حُكُومَةٌ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّ الْعَقْلَ فِي الْقَلْبِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلُوب يعْقلُونَ بهَا} كَمَا قَالَ {أعين يبصرون بهَا} وَعَلِيهِ أَكثر الفهاء وَأَقَلُّ الْفَلَاسِفَةِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَأَكْثَرُ الْفَلَاسِفَةِ وَ (ح) وَالْمُعْتَزِلَةُ هُوَ فِي الرَّأْسِ لِأَنَّهُ إِذَا مَرِضَ الدِّمَاغُ أَوْ جُرِحَ ذَهَبَ الْعَقْلُ وَجَوَابُهُ مُسَلَّمٌ وَلَكِنْ لَمْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِأَنَّ اسْتِقَامَةَ الدِّمَاغِ شَرْطٌ لَا أَنَّهُ مَحَلُّهُ جَمْعًا بَيْنَ الْآثَارِ وَالنُّصُوصِ فَإِنَّ ذَلِك الْعَقْلَ فِي الْمَأْمُومَةِ فَلَهُ عِنْدَ مَالِكٍ دِيَةُ الْعَقْلِ وَدِيَةُ الْمَأْمُومَةِ لِاخْتِلَافِ الْمَوْضِعِ كَمَنْ أَذْهَبَ عَيْنَ رَجُلٍ وَسَمْعَهُ وَعَلَى رَأْيِ الْآخَرِينَ دِيَةٌ وَاحِدَة لِاتِّحَاد الْموضع كمن أذهب الْعين الْبَصَر وَالْأُذُنَ وَالسَّمْعَ وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ مَالِكٍ إِذَا ذَهَبَ الشَّمُّ لَا دِيَةَ حَتَّى يَسْتَأْصِلَ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَإِنْ ذَهَبَ الشَّمُّ مَعَ الْجَدْعِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ وَقَالَ ابْنُ الْجُلَّابِ الْقيَاس عِنْدِي ديتان وَإِن وطىء امْرَأَته فأفضاها فكومة فِي مَالِهِ إِنْ قَصَّرَ عَنِ الثُّلُثِ أَوِ الثُّلُث فعلى عَاقِلَته قَالَ مَالِكٌ لِأَنَّهُ تَعَدَّى فِي مَأْذُونٍ فِيهِ فَلَهُ حكم الْخَطَأ وَفِي الجنبية فَفِي مَالِهِ وَإِنْ جَاوَزَ الثُّلُثَ مَعَ صَدَاقِ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ عَمْدٌ لِعَدَمِ الْإِذْنِ وَإِنْ أَذْهَبْ عُذْرَةَ امْرَأَتِهِ بِأُصْبُعِهِ (ثُمَّ طَلَّقَهَا فَعَلَيْهِ بِقَدْرِ مَا شَانَهَا عِنْدَ الْأَزْوَاجِ مَعَ نِصْفِ الصَّدَاقِ لِأَنَّ ذَلِكَ بِأُصْبُعِهِ غَيْرَ مَأْذُونٍ فِيهِ وَلَا يَتِمُّ الصَّدَاقُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَطْءٍ قَالَ مَالِكٌ فِي الذَّكَرِ الْمُسْتَرْخِي وَاللِّسَانِ الْمُسْتَرْخِي مِنَ الْكِبَرِ أَو ضعف الْعين من كبر أَو الدِّيَةُ كَامِلَةٌ وَعَنْ أَشْهَبَ إِنْ أُصِيبَتْ

رجله بعرق أَوْ تَنَقَّصَ عَيْنُهُ بِرَمَدٍ ثُمَّ يُجْنَى عَلَيْهَا فَإِنَّمَا لَهُ بِحِسَابِ ذَلِكَ فَرْعٌ فِي الْمُنْتَقَى إِذَا عَلَاهَا بَيَاضٌ فَادَّعَى ذَهَابَ بَصَرِهِ قَالَ أَشْهَبُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَيُشَارُ إِلَى عَيْنِهِ فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ كَذِبُهُ حَلَفَ وَأَخَذَ مَا ادَّعَى لِأَنَّهُ لَا طَرِيق لصدقه غلا بِهَذَا وَإِنْ تَبَيَّنَ كَذِبُهُ لِاخْتِلَافِ قَوْلِهِ بَطَلَتْ دَعْوَاهُ قَالَ أَصْبَغُ إِنِ ادَّعَى ذَهَابَ جِمَاعِ النِّسَاءِ وَأُمْكِنَ اخْتِبَارُهُ اخْتُبِرَ وَإِلَّا حَلَفَ وَأَخَذَ الدِّيَةَ فَإِنْ رَجَعَ لَهُ جِمَاعُهُ بِقُرْبِ ذَلِكَ أَوْ بِبُعْدِهِ رَدَّ مَا أَخَذَ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا لَا يُعْرَفُ إِلَّا مِنْ قِبَلِهِ نَحْوَ كَلَامِهِ وَسَمْعِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ يُقَرَّبُ إِلَيْهِ بَيْضَةٌ كَمَا فَعَلَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ جِهَاتٍ شَتَّى فِي النَّظَرِ وَفِي السَّمْعِ يُصَاحُ بِهِ مِنْ مَوَاضِعَ شَتَّى وَيسْأل فَإِن تَسَاوَت أواله أَوْ تَقَارَبَتْ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ قَالَ أَشْهَبُ وَيُحْسَبُ لَهُ ذَلِكَ عَلَى سَمْعِ وَسَطٍ مِنَ الرِّجَالِ مِثْلِهِ فَإِنِ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ وَقَالَ ابْنُ دِينَارٍ لَهُ الْأَقَلُّ مَعَ يَمِينِهِ فَرْعٌ فِي النَّوَادِرِ إِنْ ضُرِبَ فَذَهَبَ عَقْلُهُ انْتُظِرَ بِهِ سَنَةً فَإِنْ أَخَذَ الْعقل ثمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ عقله دِيَتهَا وَكَذَلِكَ إِن اشود ثلثهَا وَذهب نصف قوتها ثمَّ عقلهَا أوكسر بَعْضهَا بِقَدرِهِ مِنْهَا لَا مِنْ أَصْلِهَا فَرْعٌ قَالَ قَالَ ابْن الْقَاسِم عَن الك إِذَا تَمَّتِ الْمُوَضِّحَةُ الْخَطَأُ إِلَى الْمُنَقِّلَةِ فَلَهُ عقل منقلة أَو عقله فَلَهُ الْمُوَضِّحَةُ وَعَقْلُ الْعَيْنِ

فَرْعٌ قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِنْ أَصَابَهُ مُوَضِّحَتَيْنِ أَوْ مَأْمُومَتَيْنِ أَوْ مُنَقِّلَتَيْنِ عَقَلَ كُلَّ ذَلِكَ قَالَ أَشْهَبُ إِنْ ضَرَبَهُ ضَرْبَةً فَأَوْضَحَهُ مُوَضِّحَتَيْنِ بَيْنَهُمَا حَاجِزٌ ثُمَّ ضَرَبَهُ فَأَزَالَهُ فَثَلَاثَةُ مَوَاضِحَ فَرْعٌ قَالَ قَالَ مُحَمَّدٌ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ إِنَّ الْعَيْنَ إِذَا أُصِيبَتْ خَطَأً وَقَدْ نَقَصَتْ قَبْلَ ذَلِكَ إِنْ أُخِذَ لَهُ عَقْلٌ حُوسِبَ بِهِ وَإِنْ قَلَّ وَإِنْ ضَعُفَ الْبَصَرُ لَا يَأْخُذُ لَهُ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَنْقُصَ جُزْءًا مَعْلُومًا وَإِنْ قَلَّ وَيَلْزَمُ الْجَانِيَ مَا بَقِيَ وَإِنْ كَانَ عَمْدًا اقْتُصَّ مِنْهُ وَلَمْ يُحَاسَبْ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَمْرٍ سَمَاوِيٍّ لَمْ يُحَاسَبْ وَقَالَ مَالِكٌ يُحَاسَبُ فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ إِنْ بَقِيَ حَوَالَيِ الْجُرْحِ شَيْنٌ وَكَانَ أرش الْجرْح مِقْدَارًا انْدَرَجَ الشَّيْنُ إِلَّا فِي مُوَضِّحَةِ الرَّأْسِ فَإِنَّهُ يُزَادُ عَلَى عَقْلِهَا بِقَدْرِ مَا شَانَتْ بِالِاجْتِهَادِ روى أَشْهَبُ لَا يُزَادُ لِأَنَّهُ مُقَدَّرٌ فَرْعٌ قَالَ إِذَا وُقِفَ لِلصَّبِيِّ الَّذِي لَمْ يُثْغِرْ عَقْلُ سَنَةٍ حَتَّى يُنْظَرَ هَلْ تَجِبُ أَمْ لَا فَمَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ وُرِثَتْ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يُنْبِتْ أَخَذَ هُوَ الْعَقْلَ فَإِنْ نَبَتَتْ قَدْرَهَا أَخذ من دِيَتهَا قدر نصفهَا وإنبتت بَعْضُهَا ثُمَّ مَاتَ دَفَعَ لِوَارِثِهِ عَقْلَهَا لِعَدَمِ حُصُولِ بَدَلِهَا قَالَ سَحْنُونٌ لَا يُوقَفُ كُلُّ الْعَقْلِ بَلْ مِقْدَارُ مَا إِذَا نَقَصَتِ السِّنُّ لَمْ يُعْقَلْ بِهِ كَالْعَيْنِ إِذَا ضَعُفَتْ

فَرْعٌ قَالَ رِجْلُ الْأَعْرَجِ عَرَجًا خَفِيفًا كَالصَّحِيحِ إِن لم يَأْخُذ بِهِ أرشا تمهيد فِي الْمَنَافِعِ الَّتِي فِي كُلٍّ مِنْهَا الدِّيَةُ عَشْرَةٌ الْعَقْلُ وَالسَّمْعُ وَالْبَصَرُ وَالشَّمُّ وَالنُّطْقُ وَالصَّوْتُ وَالذَّوْقُ وَالْجِمَاع والإقضاء فِيهِ حُكُومَةٌ وَقِيلَ كَمَالُ الدِّيَةِ وَهُوَ اخْتِلَاطُ مَسْلَكِ الذَّكَرِ وَالْبَوْلِ الْعَاشِرُ الْقِيَامُ وَالْجُلُوسُ فِيهِمَا الدِّيَةُ فَإِنْ بَطَلَ الْقِيَامُ فَقَطْ فَعَنْ مَالِكٍ فِيهِ الدِّيَةُ وَعَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ إِذَا انْكَسَرَ الصُّلْبُ وَامْتَنَعَ الْجُلُوسُ فَفِيهِ الدِّيَةُ قَالَ صَاحِبُ الْخِصَالِ تِسْعٌ مُفْرَدَاتٌ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا الدِّيَةُ النَّفْسُ وَالْعَقْلُ وَالْأَنْفُ وَالذَّكَرُ وَالْمَارِنُ وَاللِّسَانُ والصلب إِذا كسر فأقعده وَعين العور وَالشَّوَاةُ وَهِيَ جِلْدَةُ الرَّأْسِ وَثَمَانِيَةُ أَزْوَاجٍ فِي كُلِّ زَوْجٍ الدِّيَةُ وَفِي أَحَدِهَا نِصْفُ الدِّيَةِ الْعَيْنَانِ وَنَظَرُهُمَا وَالْأُذُنَانِ وَالْيَدَانِ وَكَفَّاهُمَا وَمِنَ الْمِرْفَقَيْنِ وَثَدْيُ الْمَرْأَةِ وَحَلَمَتَاهَا إِذَا بَطَلَ اللَّبَنُ وَسَبْعَةٌ فِيهَا الْحُكُومَةٌ إِلْيَتَا الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَالْحَاجِبَانِ وَجُفُونُ الْعَيْنِ وَأَشْفَارُهَا وَثَدْيُ الرَّجُلِ وَشَعْرُ الرَّأْسِ إِذَا لَمْ يَنْبُتْ وَاللِّحْيَةُ إِذَا لَمْ تَنْبُتْ تَنْبِيهٌ قَالَ مَالِكٌ لَا تَكُونُ الْمُوَضِّحَةُ وَالْمُنَقِّلَةُ فِي اللَّحْيِ الْأَسْفَلِ وَقَالَ (ش) فِي جَمِيعِ الْوَجْهِ لَنَا أَنَّهُ يَتَغَطَّى بِالشَّعْرِ فَهُوَ غَيْرُ مُوَاجِهٍ فَأَشْبَهَ الْعَيْنَ وَهُوَ يَنْقَلِبُ عَلَيْنَا بِالْقِيَاسِ عَلَى الرَّأْسِ بِجَامِعِ تَغْطِيَةِ الشَّعْرِ بَلْ نَقُولُ عَظْمٌ (مُبَايِنٌ لِعَظْمِ الْفَخِذِ فَيُقَاسُ عَلَى السَّاقِ) وَإِذَا جَرَحَهُ وَأَذْهَبَ عَقْلَهُ فَالْأَرْشُ وَالدِّيَةُ وَقَالَهُ (ش) وَقَالَهُ (ح) دِيَةُ الْعَقْلِ فَقَطْ لَنَا أَنَّهُمَا جِنَايَتَانِ فَيكون لَهما جايزان كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ احْتَجُّوا بِأَنَّ الْعَقْلَ كَالنَّفْسِ وَلَوْ سَرَى إِلَى نَفْسِهِ فَدِيَةٌ وَاحِدَةٌ وَالْعَقْلُ وَالنَّفْسُ حُكْمُهُمَا وَاحِدٌ لِسُقُوطِ التَّكْلِيفِ بِعَدَمِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَجَوَابُهُ أَنَّ

الرُّوحَ إِذَا فَاتَتْ لَا يُنْتَفَعُ بَعْدَ ذَلِكَ بِشَيْءٍ بِخِلَافِ غَيْرِهَا وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْعَقْلَ مَعَ بَقَاءِ النَّفْسِ يُتَوَقَّعُ عَوْدُهُ بِخِلَافِ النَّفْسِ وَقَدْ تَسْتَوِي الْمُخْتَلِفَاتُ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ وَاللَّوَازِمِ وَلَا يلْزم استواؤهما فِي غَيرهمَا لِأَن فِي دي الْمَجْنُونِ الدِّيَةَ وَفِي يَدَيِ الْمَيِّتِ الْأَدَبَ فَقَطْ وَمَنَعَ (ش) تَجَاوُزَ الْحُكُومَةِ الْمُوَضِّحَةَ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى قِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ احْتَجُّوا بِأَنَّ الْمُقَدَّرَاتِ أَهَمُّ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ وَلِذَلِكَ لَمْ يُهْمِلْهَا فَلَا يُتَجَاوَزُ أَقَلُّهَا وَهُوَ الْمُوَضِّحَةُ وَجَوَابُهُ أَنَّ هَذَا عَلَى أَصْلِكُمْ فِي أَنَّ التَّعْزِيرَ لَا يَزِيدُ على الْحَد وَنحن نقُول قد بتجاوز غَيْرَ الْمُقَدَّرِ كَالْمَتْلَفَاتِ وَمِيرَاثُ الِابْنِ غَيْرُ مُقَدَّرِ وَهُوَ أَعْظَمُ مِنَ الْأَخِ لِلْأُمِّ وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ

فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ تُعَاقِلُ الْمَرْأَةُ الرَّجُلَ فِي الْجِرَاحِ إِلَى ثُلُثِ دِيَتِهِ فَتَرْجِعُ إِلَى عَقْلِهَا فَفِي ثَلَاثَة أَصَابِع وَنصف أُنْمُلَة أحد وَثَلَاثُونَ بَعِيرًا وَثُلُثَا بَعِيرٍ فَتُسَاوِي الرَّجُلَ وَتُخَالِفُهُ فِي ثَلَاثَة اصابع أُنْمُلَةٍ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ لِأَنَّهَا وَصَلَتِ الثُّلُثَ وَإِنْ قُطِعَ لَهَا أُصْبُعٌ فَعَشْرٌ كَذَلِكَ ثَانٍ وَثَالِثٌ فَإِنْ قُطِعَ ثَلَاثٌ مِنْ كَفٍّ فَثَلَاثُونَ فَإِنْ قُطِعَ مِنْ تِلْكَ الْيَدِ الْأُصْبُعَانِ الْبَاقِيَانِ فِي مَرَّةٍ أَوْ مَرَّتَيْنِ فَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ خَمْسٌ وَإِنْ قُطِعَ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ مِنَ الْيَدِ الْأُخْرَى أصبغ أَوْ أُصْبُعَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ فِي مَرَّةٍ أَوْ مرَّتَيْنِ فثلاثون لِأَنَّهَا يَد أُخْرَى بكم مُبْتَدَأٍ أَوْ أُصْبُعَانِ مِنْ كُلِّ يَدٍ فِي ضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ فَعِشْرُونَ ثُمَّ إِنْ قُطِعَ لَهَا مِنْ إِحْدَى الْيَدَيْنِ أُصْبُعٌ فَعَشْرٌ وَإِنْ قُطِعَ من الْيَد الْأُخْرَى فَعَشْرٌ (وَكَذَلِكَ إِنْ قُطِعَ لَهَا الْأُصْبُعَانِ مِنَ الْيَدِ مَعًا فَعِشْرُونَ) فَمَا زَادَ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَصَابِعَ مِنْ كُلِّ كَفٍّ فَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ خَمْسٌ خَمْسٌ افْتَرَقَ الْقَطْعُ أَوْ مَعًا وَإِنْ قُطِعَ لَهَا ثَلَاثَةُ أَصَابِعَ مِنْ يَدٍ وَأُصْبُعٌ مِنَ الْأُخْرَى فِي ضَرْبَةٍ فَخَمْسٌ خَمْسٌ ثُمَّ إِنْ قُطِعَ الْأُصْبُعُ أَوِ الْأُصْبُعَانِ مِنَ الْيَدِ الْمَقْطُوعَةِ مِنْهَا الثَّلَاثَةُ رَابِعٌ وَمِنَ الْيَدِ الْأُخْرَى أُصْبُعٌ أَوْ أُصْبُعَانِ فَفِي الرَّابِعِ مِنْ إِحْدَى الْيَدَيْنِ خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ وَفِي الْأُصْبُعِ أَوِ الْأُصْبُعَيْنِ من الدي الْأُخْرَى عَشْرٌ عَشْرٌ افْتَرَقَ الْقَطْعُ أَوْ ضَرْبَةً وَاحِدَةً مَا لَمْ يُقْطَعْ لَهَا فِي ضَرْبَةٍ مِنَ الْيَدَيْنِ أَرْبَعُ أَصَابِعَ وَرِجْلَانِ فَكَالْيَدَيْنِ فِي ذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ قَطَعَ أُصْبُعَانِ عَمْدًا فَاقْتَصَّتْ أَوْ عَفَتْ ثُمَّ قَطَعَ مِنَ الْكَفِّ أُصْبُعَانِ خَطَأً فَفِيهَا عِشْرُونَ وَلَا يُضَمُّ عَمْدٌ إِلَى خَطَأٍ لِتَبَايُنِهِمَا

وَفِي الْمُنَقِّلَةِ ثُمَّ الْمُنَقِّلَةِ ثُمَّ مُنَقِّلَةٍ مَا لِلرَّجُلِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ والمنقلة الثَّانِيَة فِي مَوضِع الأولى بَعْدَ بُرْئِهَا فَكَذَلِكَ وَكَذَلِكَ الْمَوَاضِحُ وَإِنْ أَصَابَهَا فِي ضَرْبَةٍ بِمَوَاضِحَ أَوْ مَنَاقِلَ تَبْلُغُ ثُلُثَ الدِّيَة رجعت لقعلها وَفِي النُّكَتِ إِنَّمَا اسْتَوَيَا فِي دُونِ الْعَقْلِ لِتَسْوِيَةِ السُّنَّةِ فِي الْجَنِينِ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَهُوَ دُونَ الثُّلُثِ وَفِي النَّسَائِيُّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (عَقْلُ الْمَرْأَةِ مِثْلُ عَقْلِ الرَّجُلِ حَتَّى يَبْلُغَ الثُّلُثَ دِيَتَهُ) وَهُوَ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَجَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَمْ يُخْتَلَفْ أَنَّ دِيَةَ نَفْسِهَا كَنِصْفِ دِيَةِ نَفْسِهِ وَأَنَّهَا عَلَى النِّصْفِ مِنْهُ فِي الْمِيرَاثِ وَالشَّهَادَةِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْأَسْنَان فَجَعلهَا مرّة كالأصبع يُحَاسَبُ بِمَا يُقَدَّمُ مِنْ ثُلُثِ الدِّيَةِ وَمَرَّةً لَا يُحَاسَبُ بِمَا تَقَدَّمَ قَالَ أَصْبَغُ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ وَلم يَكُنْ فِي ضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ بِخِلَافِ الْأَصَابِعِ وَعَنِ ابْن الْقَاسِم الْأَسْنَان كموائح أَوْ مَنَاقِلَ لَا يُجْمَعُ مِنْهَا إِلَّا مَا كَانَ فِي ضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ (بِخِلَافِ الْأَصَابِعِ) مَا لم يكن شَيْء لَهُ دِيَة لَا يُحْسَبُ مِنْهُ مَا ذَهَبَ كَالْأَرْنَبَةِ وَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَأَمَّا الْمَوَاضِحُ وَالْمَنَاقِلُ فَلَا وَخَالَفَ عَبْدُ الْعَزِيزِ فَجَعَلَ الْأَصَابِعَ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ كَفٍّ وَاحِدٍ كَالْأَسْنَانِ وَالْمَوَاضِحِ فِي كُلِّ أُصْبُعٍ عَشْرٌ وَإِنْ أَتَى عَلَى جَمِيعِ الْأَصَابِعِ مَا لَمْ يَكُنْ فِي ضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَعَبْدُ الْمَلِكِ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ إِنْ قُطِعَ لَهَا أَرْبَعُ أَصَابِعَ فِي ضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَخَذَتْ عِشْرِينَ فَإِنْ قُطِعَتِ الْخَامِسَةُ فَخَمْسُ فَرَائِضَ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَشْرُ خِلَافًا لِقَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِن

قَطَعَ مِنَ الْيَدَيْنِ أَرْبَعًا مَعًا فَعِشْرُونَ ثُمَّ إِن قطع مِنْهَا أصبعا فعشر لِأَن الْمَقْطُوع حِينَئِذٍ من كل ثَلَاثٍ فَإِنْ قُطِعَ بَعْدَ ذَلِكَ أُصْبُعَانِ فَخَمْسٌ قَالَه ابْن الْقَاسِم وَجعلهَا كمن أخذت مِنَ الْأَوَّلِ عَشْرًا وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ كُلُّ مَا أُصِيبَتْ بِهِ مِنَ الْأَصَابِعِ مُنْفَرِدًا فَعَشْرٌ وَلَا تُضَافُ مُصِيبَةٌ إِلَى مُصِيبَةٍ إِلَّا أَنْ يُقْطَعَ مَعًا مَا يَكُونُ عَقْلُهُ ثُلُثُ دِيَةِ الرَّجُلِ فَتَرْجِعُ لِعَقْلِ نَفْسِهَا وَإِنْ أُصِيبَتْ أُصْبُعَانِ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ ثُمَّ جُنِيَ عَلَى الثَّلَاثَةِ الْبَاقِيَةِ أَخَذَتْ عَشْرًا عَشْرًا فَإِنِ اقْتُصَّتْ فِي الْأَوَّلِ وَفِي الثَّانِي خَطَأً فَلَا يُضَافُ لِلْعَمْدِ وَيُرَاعَى فِي الْمَوَاضِحِ وَالْمُنَقِّلَاتِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْجِرَاحَاتِ أَنْ تَكُونَ فِي ضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنْ وَصَلَتِ الثُّلُثَ فَعَقْلُهَا وَيُسْتَأْنَفُ الْحُكْمُ فِي الْمُعْتَرِفِ وَيُضَمُّ السَّمْعُ وَالْيَدَانِ وَنَحْوُهُ الْآخَرُ لِلْأَوَّلِ وَفِي الْمُنْتَقَى إِنْ قُطِعَ مِنْهَا أَرْبَعُ أَصَابِعَ فِي ضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ أَو مَا هُوَ فيحكمها مِنَ التَّتَابُعِ فَعِشْرُونَ أَوْ بِأَفْعَالٍ مُفْتَرِقَةٍ فَثَلَاثُونَ ويضاف مَا قطع بعد ذلكمن تِلْكَ الْكَفِّ إِلَى مَا تَقَدَّمَ وَفِيهَا خَمْسٌ لِأَنَّ الْكَفَّ الْوَاحِدَ يُضَافُ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ فيراعى اتِّحَاد الْمحل والعمد وَالْخَطَأ وَالْفِعْل لِأَنَّ الْكَفَّ الْوَاحِدَ يُضَافُ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ فيراعى اتحادج وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْيَدِ وَالْمُنَقِّلَةِ أَنَّ الْمُنَقِّلَةَ لَا تُؤَثِّرُ فِي الثَّانِيَةِ وَقَطْعَ الْأُصْبُعِ يَشِينُ الْيَدَ وَالْأَسْنَانُ كَالْمُنَقِّلَةِ وَفِي النَّوَادِرِ لَا يُحْسَبُ قَطْعُ كَفٍّ مَعَ أُخْرَى إِلَّا أَنْ يُقْطَعَ مِنْهُمَا مَعًا وَكَذَلِكَ الرِّجْلَانِ فَلَوْ قَطَعَ لَهَا مِنْ كَفٍّ ثَلَاثًا (ثُمَّ مِنَ الْأُخْرَى ثَلَاثًا) فَعَقْلُ الرجل فَإِن قطع من هَذِه الْأُنْمُلَة على دِيَة الرجل كَانَ نصف الأعلا وَالْأُنْمُلَةِ فِي ضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ ضَرْبَتَيْنِ مِنْ رِجْلٍ أَوْ رِجْلَيْنِ فَإِنْ مَاتَ مَا بَقِيَ مِنَ الْأُنْمُلَةِ فَهِيَ كَأُنْمُلَةِ وَكَذَلِكَ فِيمَا بَقِيَ مَنْ كُلِّ كَفٍّ وَإِنْ أُصِيبَتْ فِي ضَرْبَةٍ بِأُصْبُعَيْنِ مَنْ كُلِّ

يَدٍ لَمْ يُخْتَلَفْ فِي هَذَا أَنَّ لَهَا عَقْلَ نَفْسِهَا أَوْ ضُرِبَتْ وَيَدُهَا عَلَى رَأْسِهَا فَقطعت لَهَا أصبعين وَشَجَّهَا مُنَقِّلَةً أَوْ مَأْمُومَةً فَعَقْلُ نَفْسِهَا فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَإِنْ ذَهَبَ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ كل كف أصبعين ثمَّ أزيل بضربة ثَلَاثَة أَصَابِع أصبعين مِنْ هَذِهِ وَأُصْبُعٍ مِنْ هَذِهِ فَفِي الْأُصْبُعَيْنِ مِثْلُ عَقْلِهَا وَفِي الْأُصْبُعِ عَقْلُ الرِّجْلِ قَالَهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَفِي الْجَوَاهِرِ يُعْتَبَرُ اتِّحَادُ الْفِعْلِ كَضَرْبَةٍ أَوْ ضَرَبَاتٍ فِي مَعْنَى الضَّرْبَةِ الْوَاحِدَةِ مِنْ رَجُلٍ أَوْ جَمَاعَةٍ وَإِنْ تَعَدَّدَ الْكَفُّ وَكَذَلِكَ لَوِ اتَّحَدَ الْمَحَلُّ كَالْكَفِّ الْوَاحِدَةِ وَإِنْ تَعَدَّدَتِ الضَّرَبَاتُ وَتَبَايَنَتْ تَنْبِيهٌ وَافَقَنَا ابْن حَنْبَل وَقَالَ (ح) و (ش) لعاملة الصِّنْف لَنَا الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ قَالَ مَالِكٌ وَقَالَ رَبِيعَةُ قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ كَمْ فِي أُصْبُعِ الْمَرْأَةِ قَالَ عَشْرٌ قُلْتُ فَفِي أُصْبُعَيْنِ قَالَ عِشْرُونَ قُلْتُ فَفِي ثَلَاثِ أَصَابِعَ قَالَ ثَلَاثُونَ قُلْتُ فَفِي أَرْبَعٍ قَالَ عِشْرُونَ قَالَ قُلْتُ لَمَّا عَظُمَتْ مُصِيبَتُهَا قَلَّ عَقْلُهَا قَالَ سَعِيدٌ عراقي أَنْتَ فَقُلْتُ بَلْ عَالِمٌ مُتَثَبِّتٌ أَوْ جَاهِلٌ مُتَعَلِّمٌ فَقَالَ سَعِيدٌ هِيَ السُّنَّةُ يَا ابْنَ أَخِي وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَمْرٌ مَشْهُورٌ عِنْدَهُمْ مِنَ السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ وَيَخْرُجُ مِنَ الثُّلُثِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جعله غَايَة والغاية تخرج من المغيي احْتَجُّوا بِأَنَّهَا جِنَايَةٌ فَتَكُونُ عَلَى النِّصْفِ كَالنَّفْسِ مَعَ النَّفْسِ وَلِأَنَّهُ نَقْصُ نِصْفِ الشَّهَادَةِ فَنِصْفُ الدِّيَةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ قِيَاسٌ قُبَالَةَ النَّصِّ فَيَكُونُ بَاطِلًا سَلَّمْنَاهُ لَكِنَّ الْفَرْقَ بِأَنَّ النَّفْسَ أَعْظَمُ حُرْمَةً يَزِيدُ فِيهَا وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْأَصْلَ قَبُولُ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ لوُجُود وَصْفَ الْعَدَالَة وَإِنَّمَا

أَضَافَ اللَّهُ تَعَالَى امْرَأَةً أُخْرَى لِلتَّذْكِيرِ خَشْيَةَ النِّسْيَانِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} نَظَائِرُ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ الثُّلُثُ فِي حَيِّزِ الْكَثْرَةِ فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ كُلُّهَا جَوَائِحُ الْمُعَاقَلَةُ وَمَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ وَجَائِحَةُ الثِّمَارِ وَفِي حَيِّزِ الْقِلَّةِ فِي تِسْعِ مَسَائِلَ الْوَصِيَّةُ وَهِبَةُ الْمَرْأَةِ ذَاتِ الزَّوْجِ وَاسْتِثْنَاءُ ثُلُثِ الصُّبْرَةِ إِذَا بِيعَتْ وَكَذَلِكَ الثِّمَارُ وَالْكِبَاشُ وَالسَّيْفُ ثُلُثُ وَزْنِهِ حِلْيَةً تُبَاعُ بِذَلِكَ الْجِنْسِ قَالَ الْعَبْدِيُّ هُوَ قَلِيلٌ فِي الطَّعَامُ إِذَا اسْتَحَقَّ مِنْهُ أَوْ نَقَصَ فِي الشِّرَاءِ فَهُوَ قَلِيلٌ عِنْدَ أَشْهَبَ وَفِي الْأَرْطَالِ يَسْتَثْنِيهَا مِنَ الشَّاةِ وَالدَّالِيَةِ فِي دَارِ الْكِرَاءِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ يَجْتَهِدُ فِي لِسَانِ الْأَخْرَسِ وَالرِّجْلِ الْعَرْجَاءِ وَكُلِّ شَيْءٍ أُصِيبَ فَانْتَقَصَ ثُمَّ أُصِيبَ فَإِنَّمَا لَهُ بِحِسَابِ مَا بَقِيَ وَمَا خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَمْ يُنْتَقَصْ مِنْهُ شَيْءٌ كَاسْتِرْخَاءِ الْبَصَرِ وَالْعَيْنِ الرَّمِدَةِ يَضْعُفُ أَوْ يَدٍ تَضْعُفُ إِلَّا أَنَّهُ يَنْظُرُ وَيَنْتَفِعُ بِيَدِهِ فَالدِّيَةُ كَامِلَةً وَكَذَلِكَ الْمُصَابُ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ وَفِي ضَعْفِ الْجِنَايَةِ لَهُ مَا بَقِيَ لِأَنَّهُ أَخَذَ بَدَلَ نَقْصِهَا بِخِلَافِ الضَّعْفِ وَعَنْ مَالِكٍ إِنْ أَصَابَهَا رَجُلٌ فَنَقَصَ بَصَرُهَا وَالْيَدُ وَلَمْ يَأْخُذْ لَهَا عَقْلًا فَفِي الْإِصَابَةِ بَعْدَ ذَلِكَ الدِّيَةُ كَامِلَةً قَالَ ابْنُ يُونُسَ هَذَا يَقْتَضِي اخْتِلَافَ قَوْلِهِ فِي الْمُحَاسَبَةِ بِمَا تَقَدَّمَ إِذَا لَمْ يَأْخُذْ لَهُ عَقْلًا أَمَّا إِنْ أَخَذَ فَالِاتِّفَاقُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْخِلَافُ عَنْ مَالِكٍ فِي غَيْرِهَا إِذَا أَخَذَ عَقْلًا فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِنْ ذَهَبَ سَمْعُ إِحْدَى أُذُنَيْهِ فَضَرَبَهُ رَجُلٌ فَأَذْهَبَ سمع الْأُخْرَى

فَعَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ (وَفِي عَيْنِ الْأَعْوَرِ الدِّيَةُ كَامِلَةً) لِمَا جَاءَ فِيهَا مِنَ السُّنَّةِ وَوَافَقَنَا أَحْمَدُ وَقَالَ (ش) وَ (ح) نِصْفُ الدِّيَةِ لَنَا أَنَّ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيًّا وَابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَضَوْا بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ مُخَالِفٍ فَكَانَ إِجْمَاعًا وَلِأَنَّ الْعَيْنَ الذَّاهِبَةَ يَرْجِعُ ضوؤها للباقية فَهِيَ فِي معتى الْعَيْنَيْنِ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (فِي الْعَيْنِ خَمْسُونَ مِنَ الْإِبِلِ) وَقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (فِي الْعَيْنَيْنِ الدِّيَةُ) يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ دِيَةٌ إِلَّا إِذَا قَلَعَ الْعَيْنَيْنِ وَهَذَا لَمْ يَقْلَعْ عَيْنَيْنِ وَلِأَنَّ مَا ضَمِنَ بِنِصْفِ الدِّيَةِ وَمَعَهُ نَظِيرُهُ ضَمِنَ بِنِصْفِهَا مُنْفَرِدًا كَالْأُذُنِ وَالْيَدِ وَلِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ الْقَوْلُ بِانْتِقَالِ الزَّوْجِ الضَّامِنِ لَمْ يَجِبْ عَلَى الْأَوَّلِ نِصْفُ الدِّيَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يُذْهِبْ نِصْفَ الْمَنْفَعَةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْعَيْنِ غَيْرِ الْعَوْرَاءِ لِأَنَّهُمَا عمومات مُطْلَقَانِ فِي الْأَحْوَالِ فَيُقَيَّدَانِ بِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْأَدِلَّةِ وَعَنِ الثَّالِثِ الْفَرْقُ بِانْتِقَالِ قُوَّةِ الْأَوَّلِ بِخِلَافِ الْأُذُنِ وَلَوِ انْتَقَلَ الْتَزَمْنَاهُ وَعَنِ الرَّابِعِ لَا يَلْزَمُ اطِّرَاحُ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ لَوْ جُنِيَ عَلَيْهِمَا فأحولتا أَو أعمشتا أَو نقص ضوأهما فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَقْلُ لِمَا نَقُصَ وَلَا تَنْقُصُ الدِّيَةُ عَلَى مَا جَنَى ثَانِيًا عَلَى قَوْلِ غَيْرِنَا وَهَذَا السُّؤَالُ قَوِيٌّ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُنَا أَنْ نَقْلَعَ بِعَيْنِهِ عَيْنَيْنِ اثْنَتَيْنِ مِنَ الْجَانِي وَفِي النَّوَادِرِ فِيهَا أَلْفٌ وَإِنْ أَخَذَ فِي الْأُولَى دِيَتَهَا قَالَهُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ قَالَ أَشْهَبُ وَيُسْأَلُ عَنِ السَّمْعِ فَإِنْ كَانَ يَنْتَقِلُ فَكَالْعَيْنِ وَإِلَّا

فَكَالْيَدِ وَإِنْ أُصِيبَ مِنْ كُلِّ عَيْنٍ نِصْفُ بَصَرِهَا ثُمَّ أُصِيبَ بَاقِيهَا فِي ضَرْبَةٍ فَنِصْفُ الدِّيَةِ لِأَنَّهُ يَنْظُرُ بِهِمَا نِصْفَ نَظَرِهِمَا فَإِنْ أُصِيبَ بِبَاقِي أَحَدِهِمَا ثُمَّ أُصِيبَ بِنِصْفِ الصَّحِيحَةِ فَثُلُثُ الدِّيَةِ لِأَنَّهُ أَذْهَبَ مِنْ جَمِيعِ بَصَرِهِ ثُلُثَهُ وَإِنْ أُصِيبَ بِبَقِيَّةِ الْمُصَابَةِ فَقَطْ فَرُبْعُ الدِّيَةِ فَإِنْ ذَهَبَ بَاقِيهَا وَالصَّحِيحَةُ بَصريَةٌ فَالدِّيَةُ كَامِلَةً أَوِ الصَّحِيحَةُ وَحْدَهَا فَثُلُثَا الدِّيَةِ لِأَنَّهَا ثُلُثَا بَصَرِهِ فَإِنْ أُصِيبَ بَقِيَّةُ الْمُصَابَةِ فَنِصْفُ الدِّيَةِ بِخِلَافِ لَوْ أُصِيبَ وَالصَّحِيحَةُ بَاقِيَةٌ قَالَهُ أَشْهَبُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَيْسَ فِيمَا يُصَابُ مِنَ الصَّحِيحَةِ إِذَا بَقِيَ مِنَ الْأُولَى شَيْءٌ إِلَّا مِنْ حِسَابِ نِصْفِ الدِّيَةِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا قُطِعَ كَفُّهُ خَطَأً فَشُلَّ السَّاعِدُ فَدِيَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّهَا ضَرْبَةٌ وَاحِدَةٌ قَاعِدَةٌ كَمَا شرع الله تَعَالَى الزواجر بالجوابر إِخْلَافُ مَا فَاتَ مِنْ مَصَالِحِ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَحُقُوقِ عِبَادِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ (وُجُودُ الْأَوَّلِ وَلِذَلِكَ يُجْبَرُ الْخَطَأُ وَالْعَمْدُ وَالْمَجْهُولُ وَالْمَعْلُومُ وَالذِّكْرِ وَالنِّسْيَانِ وَعَلَى الْمَجَانِينِ) وَالصِّبْيَانِ بِخِلَافِ الزَّوَاجِرِ فَإِنَّ مُعْظَمَهَا عَلَى الْعُصَاةِ زَوَاجِرُ عَنِ الْمَعْصِيَةِ وَقَدْ تَكُونُ عَلَى غَيْرِهِمْ دَفْعًا لِلْمَفَاسِدِ مِنْ غَيْرِ إِثْمٍ كَرِيَاضَةِ الْبَهَائِمِ وَتَأْدِيبِ الصِّبْيَانِ اسْتِصْلَاحًا لَهُمْ وَاخْتُلِفَ فِي بَعْضِ الْكَفَّارَاتِ هَلْ هِيَ زَوَاجِرُ لِمَا فِيهَا مِنْ مَشَاقِّ تَحَمُّلِ الْأَمْوَالِ وَغَيْرِهَا أَوْ جوابر لِأَنَّهَا عبادات تَصِحُّ إِلَّا بِالنِّيَّاتِ

وَلَيْسَ التَّقَرُّبُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى عُقُوبَةً وَزَجْرًا بِخِلَافِ الْحُدُودِ وَالتَّعْزِيرَاتِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ قُرُبَاتٍ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِعْلَ الْمَزْجُورِ بَلْ فِعْلَ وُلَاةِ الْأُمُورِ وَالْجَوَابِرُ تَقَعُ فِي الْعِبَادَاتِ وَالْأَمْوَالِ وَالنُّفُوسِ وَالْأَعْضَاءِ وَمَنَافِعِ الْأَعْضَاءِ وَالْجِرَاحِ وَالزَّوَاجِرِ فَفِي الْعِبَادَاتِ كَالْوُضُوءِ مَعَ التَّيَمُّمِ وَالسَّهْوِ مَعَ السُّجُودِ وَالصَّلَاةِ لِجِهَةِ السَّفَرِ وَجِهَةِ الْعَدُوِّ مَعَ الْخَوْفِ بَدَلًا عَنِ الْكَعْبَةِ وَصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِيمَنْ صَلَّى مُفْرَدًا وَجَبْرِ مَا بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ بِالدَّرَاهِمِ فِي الزَّكَاةِ أَوِ الذُّكُورَةِ فِي ابْنِ لَبُونٍ مَعَ بِنْتِ مَخَاضٍ وَهُوَ مُبَايِنٌ لِقَاعِدَةِ الْجَوَابِرِ لِتَبَايُنِ النَّوْعَيْنِ جِدًّا وَالصِّيَامِ بِالْإِطْعَامِ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَصُمْ أَوَاخِر الْقَضَاء ومناهي النّسك بِالدَّمِ والصنايم وَجَبْرِ الصَّيْدِ الْمَأْكُولِ فِي الْحَرَامِ أَوِ الْإِحْرَامِ بِالْمثلِ أَو الطَّعَام أَو الصّيام أَو اللصيد وَالْمَمْلُوكِ لِلَّهِ تَعَالَى بِمَا تَقَدَّمَ وَمَالِكِهِ لِقِيمَتِهِ وَهُوَ مجبور وَآخر اجْتَمَعَ عَلَيْهِ جَابِرَانِ وَشَجَرُ الْحَرَمِ يُجْبَرُ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تُجْبَرُ إِلَّا بِعَمَلٍ وَالْأَمْوَالَ لَا تُجْبَرُ إِلَّا بِالْمَالِ وَالنُّسْكَانُ تَارَةً بِعَمَلٍ كَالْعُمْرَةِ أَوِ الصَّوْمِ وَتَارَةً بِالْمَالِ كَالْهَدْيِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ وَالطَّعَامِ وَالصِّيَامِ وَالصَّوْمُ يُجْبَرُ بِمِثْلِهِ فِي الْقَضَاءِ وَبِالْمَالِ كَالْإِطْعَامِ وَأَمَّا جَوَابِرُ الْمَالِ فَالْأَصْل رد الْحُقُوق بِأَعْيَانِهَا فَإِن رجها نَاقِصَة الْأَوْصَاف

جبرت بِالْمَالِ أَو لم يردجها جبرنا الْمثْلِيّ لِأَنَّهُ أقرّ للعين من الْقيمَة وَفِي غير امثلي بِالْقيمَةِ لِأَنَّهَا تَحْصِيل الْمثل وتجبر النَّاقِص بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَخَرَجَ عَنْ جَبْرِ الْمِثْلِيِّ صُورَتَانِ الْمُصراة وغاصب المَاء فِي مَوْضِعِ غَلَائِهِ وَالْمَنَافِعُ الْمُحَرَّمَةِ لَا تُضْمَنُ احْتِقَارًا لَهَا كَالزَّمْرِ وَنَحْوِهِ وَكَذَلِكَ الْأَعْيَانُ النَّجِسَةُ وَتُجْبَرُ الْمَنْفَعَةُ الْمُحَرَّمَةُ فِي الْمَزْنِيِّ بِهَا كُرْهًا بِصَدَاقِ الْمِثْلِ دُونَ اللِّوَاطِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ قَطُّ فَأَشْبَهَ الْقَتْلَ وَالْعَتَاقَ وَالْمَنَافِعُ فِي الْجَمَادِ تضمن بِالْعُقُودِ الصَّحِيحَة وَالْفَاسِدِ وَالشُّبْهَةِ وَالْإِكْرَاهِ دُونَ الْفَوَاتِ تَحْتَ الْأَيْدِي الْعَادِيَةِ وَالْفَرْقُ (أَنَّ قَلِيلَ سَائِرِ الْمَنَافِعِ يُجْبَرُ قَلِيلُهَا بِالْقَلِيلِ وَكَثِيرُهَا بِالْكَثِيرِ وَضَمَانُ الْأَبْضَاعِ بِمُهُورِ الْأَمْثَالِ وَهِيَ بِأَيْسَرِ الْمَنَافِعِ مِنَ الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ فَلَوْ ضَرَبَ لَلَزِمَتْ أَمْوَالٌ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا وَهُوَ بَعِيدٌ مِنْ مَقَاصِدِ الشَّرْعِ وَأَمَّا النُّفُوسُ فَخَارِجَةٌ عَنْ قَاعِدَةِ جَبْرِ الْأَمْوَالِ وَالْمَنَافِعِ وَالْأَوْصَافِ إِذْ لَا يُجْبَرُ بِأَمْثَالِهَا وَتَسَاوَتْ جَوَابِرُهَا مَعَ اخْتِلَافٍ قَالَ سَحْنُونٌ إِنَّهَا فِي الْفَضَائِلِ وَالرَّذَائِلِ (وَإِنَّمَا يُخْتَلَفُ بِاخْتِلَافِ الْأَدْيَانِ وَالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ وَلَا عِبْرَةَ فِي الْأَمْوَالِ بِالْأَدْيَانِ) فَيُجْبَرُ الْعَبْدُ الْمَجُوسِيُّ بِالْآلَافِ وَالْعَبْدُ الْمُسْلِمُ بِالْيَسِيرِ لِأَنَّ الْمَجْبُورَ هُوَ الْمَالِيَّة دون الدّين وَسَوَاء فِي الْجرْح الْمُقَدَّرَةُ بَيْنَ صَغِيرِهَا وَكَبِيرِهَا وَأَوْسَعِهَا وَأَضْيَقِهَا وَغَيْرِ الْمُقدر عَلَى قِيَاسِ الْإِتْلَافِ فِي الْحُكُومَاتِ وَدِيَةُ الْأَعْضَاءِ عَلَى خِلَافِ الْقَاعِدَةِ وَإِذَا وَجَبَ فِي الْإِنْسَانِ ديات ثمَّ مَاتَ دفية وَاحِدَةٌ وَلَوْ وَجَبَ فِي الْحَيَوَانِ ضَمَانٌ فِي أَعْضَائِهِ ثُمَّ مَاتَ لَمْ يَتَدَاخَلْ

لِأَنَّ الْغَالِبَ مِنْ جِنَايَاتِ الْأَنَاسِيِّ الْبَعِيدُ الَّذِي لَا يُتَوَقَّفُ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَالْحُكُومَاتُ وَإِنْ كَانَتْ قِيَاسًا فَهِيَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ مِنْ جِهَةِ نِسْبَتِهَا لِلدِّيَةِ وَسُوِّيَ بَيْنَ الْإِبْهَامِ وَالْخِنْصَرِ مَعَ التَّفَاوُتِ فِي الْيَدِ وَالرِّجْلِ وَكَذَلِكَ أَصَابِعُ الْيَدَيْنِ وَالرّجلَيْنِ وَأعظم من ذَلِك إِبْهَام ايد الْيُمْنَى وَسَبَّابَتُهَا مَعَ خِنْصَرِ الرِّجْلِ الْيُسْرَى وَبِنْصَرِهَا وَأَمَّا الزَّوَاجِرُ فَتَارَةً تَجِبُ عَلَى فَاعِلِ الْمَفْسَدَةِ كَمُفْسِدِ الصَّوْمِ وَالْحَجِّ وَالظِّهَارِ وَتَارَةً عَلَى غَيْرِ الْفَاعِلِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ قِسْمَانِ عَلَى الْأَئِمَّةِ كَالْحُدُودِ وَالتَّعْذِيرَاتِ وَقِسْمٌ يُخَيَّرُ مُسْتَوْفِيهِ بَيْنَ الْعَفْوِ وَالِاسْتِيفَاءِ كَالْقصاصِ وَقد يكون الزّجر عَن غير الْمحرم فَمَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فِي ثَلَاثِ مَرَّاتٍ فَيُزْجَرُ بِنِكَايَةِ التَّحْلِيلِ لِأَنَّهُ مُرَاغِمٌ لِلْمُرُوءَةِ وَالْأَنَفَةِ وَقِتَالُ الْبُغَاةِ وَالصِّبْيَانِ عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا الرُّكْنُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ شُرُوطِ حَمْلِ الْعَاقِلَةِ للدية وَهِيَ خَمْسَةُ شُرُوطٍ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ الْمَحْمُولُ الثُّلُثَ فَأَكْثَرَ وَقَالَهُ أَحْمَدُ وَقَالَ (ش) تَحْمِلُ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ وَقَالَ (ح) تَحْمِلُ السِّنَّ وَالْمُوَضِّحَةَ وَمَا فَوْقَهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ إِلَّا مَا أَجْمَعْنَا عَلَيْهِ وقَوْله تَعَالَى {وَلا تزر وَازِرَة وزر أُخْرَى} وَعَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ (لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ عَمْدًا وَلَا عَبْدًا وَلَا اعْتِرَافًا وَلَا صُلْحًا وَلَا مَا دُونَ الْمُوَضِّحَةِ) وَعَنْهُ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَاقَلَ بَيْنَ قُرَيْشٍ وَالْأَنْصَارِ فَجَعَلَ عَلَى الْعَاقِلَةِ ثُلُثَ الدِّيَةِ وَعَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ (تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ الثُّلُثَ فَصَاعِدًا) وَقَالَ (ح) لَيْسَ

بِبَدَلٍ عَنِ النَّفْسِ وَلَا عُضْوِ دِيَتُهُ كَالنَّفْسِ فَلَا تَحْمِلُهُ كَالْأَمْوَالِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ اخْتِصَاصُ الْجَانِي بالغرم الْعَمْدِ فَإِذَا أَسْقَطَ الشَّرْعُ عَنِ الْجَانِي الْغُرْمَ لِعُذْرِ الْخَطَأِ فَغَيْرُهُ أَوْلَى بِالْإِسْقَاطِ وَلِأَنَّهُ إِنَّمَا جعلت على الْعَاقِلَة لَيْلًا يَسْتَوْعِبَ الْجَانِي وَقَدْ يَعْجِزُ عَنْهُ فَتَضِيعُ الْجِنَايَةُ فَجَعَلَ عَلَى الْعَاقِلَةِ الَّذِي يُتَوَقَّعُ فِيهِ ذَلِكَ فَبَقِيَ مَا عَدَاهُ عَلَى الْأَصْلِ وَلِأَنَّ الْحَمْلَ مُوَاسَاةٌ عَلَى قَاعِدَةِ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَلَا ضَرُورَةَ لِلْمُوَاسَاةِ فِي الْقَلِيلِ احْتَجُّوا بِمَا فِي الصَّحِيحِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جَعَلَ غُرَّةَ الْجَنِينِ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَاحْتَجَّ (ح) بِمَا ثَبَتَ فِي الْجَنِينِ وَهُوَ نِصْفُ عُشْرٍ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ أَصْلًا وَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْحَمْلَ خِلَافُ الْأُصُولِ وَالْقِيَاسُ عَلَى خِلَافِ الْأُصُولِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ عَلَى الْخِلَافِ كَمَا لَا تُقَاسُ الْعِمَامَةُ عَلَى الْخُفِّ وَلَا يَسِيرُ الدَّمِ عَلَى الطِّحَالِ وَالْجَرَادِ وَلِأَنَّهُ جِنَايَةٌ عَلَى جُزْءٍ خَطَأٍ فَتُحْمَلُ قِيَاسًا عَلَى الثُّلُثِ وَقِيَاسًا عَلَى الْأَمْوَال والجوال عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ غُرَّةَ الْجَنِينِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ لِنَفْسٍ فَأَشْبَهَتْ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ وَعَنِ الثَّانِي الْفَرْقُ بِكَثْرَةِ الثُّلُثِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ) فِي الْوَصِيَّةِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الْأَمْوَالَ تَنْدُرُ الْكَثْرَةُ فِيهَا فَلِذَلِكَ سَوَّى الشَّرْعُ بَيْنَ قَلِيلِهَا وَكَثِيرِهَا وَالْغَالِبُ فِي الدِّمَاءِ الْكَثْرَةُ لِخَطَرِهَا فَلِذَلِكَ حَقَّقَ الشَّرْعُ فِيهَا ثُمَّ الْقِيَاسُ مُنْعَكِسٌ عَلَيْكُمْ فَنَقُولُ فَلَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ الْقَلِيلَ كَالْأَمْوَالِ الشَّرْطُ الثَّانِي أَنْ تَكُونَ عَنْ دَمٍ حُرٍّ احْتِرَازًا مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ لَا تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ وَقَالَهُ أَحْمَدُ وَقَالَ (ح) تَحْمِلُهُ وَعِنْدَ (ش) الْقَوْلَانِ وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْقِيمَةَ هَلْ هِيَ بَدَلٌ عَنْ مَالِيَّةِ الْعَبْدِ أَوْ عَنْ نَفْسِهِ لَنَا الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُ مُخَالِفٌ فَكَانَ إِجْمَاعًا

وَالْأَحْوُلُ الْبَاقِيَةُ لِشَغْلِ الذِّمَّةِ مَعَ النُّصُوصِ فِي ذَلِكَ وَقِيَاسًا عَلَى أَطْرَافِهِ وَوَافَقَ (ح) فِيهَا لِأَنَّ الطَّرَفَ وَالنَّفْسَ فِي غَيْرِ صُورَةِ النِّزَاعِ فَيَسْتَوِيَانِ فِي الْآدَمِيِّ الْحُرِّ وَالْحَيَوَانِ الْبَهِيمِ فِي الْحَمْلِ وَالثَّانِي فِي عَدَمِ الْحَمْلِ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ) وَهُوَ عَامٌّ فِي الْحُرِّ وَالْعَبْدِ وَقِيَاسًا عَلَى الْحُرِّ بِجَامِعِ النَّفْسِ أَوْ بِجَامِعِ اللَّفْظِ وَالْمُوَاسَاةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الأول الدِّيَةُ ظَاهِرَةٌ فِي الْحُرِّ فَلَا تُحْمَلُ عَلَى غَيره سلمنَا عدم الظُّهُور لَكِن حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ يُخَصِّصُهُ وَعَنِ الثَّانِي الْفَرْقُ بِتَغْلِيبِ شَائِبَةِ الْمَالِيَّةِ فِي الْعَبْدِ وَلِذَلِكَ اخْتَلَفَتِ الْقِيمَةُ فِيهِ كَالْمَالِ وَعَنِ الثَّالِثِ الْفَرْقُ بِأَنَّ قِيمَةَ الْعَبْدِ غَالِبًا لَا تَعْظُمُ بِخِلَافِ الْحُرِّ الشَّرْطُ الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ عَنْ خَطَأٍ فَلَا تَحْمِلُ الْعَمْدَ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِلْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ الشَّرْطُ الرَّابِعُ أَنْ يَثْبُتَ بِغَيْرِ اعْتِرَافٍ وَمِنْهُ الصُّلْحُ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ الشَّرْطُ الْخَامِسُ لَا تَكُونُ عَنْ قَتْلِ الْإِنْسَانِ لِنَفْسِهِ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ تَخْفِيفًا عَنهُ فِيمَا لم يَقْصِدهُ وَهَذَا قَاصد تَفْرِيغ فِي الْكِتَابِ أَقَلُّ مِنَ الثُّلُثِ فِي مَالِ الْجَانِي وَإِنْ جَنَى مُسْلِمٌ عَلَى مَجُوسِيَّةٍ مَا يَبْلُغُ ثُلُثَ دِيَتِهَا أَوْ ثُلُثَ دِيَتِهِ حَمَلَتْهُ الْعَاقِلَةُ أَوْ عَلَى مُسْلِمَةٍ مَا يَبْلُغُ ثُلُثَ دِيَتِهَا حَمَلَتْهُ عَاقِلَتُهَا وَالْأَصْلُ أَنَّ الْجِنَايَةَ مَتَى بَلَغَتْ ثُلُثَ دِيَةِ الْجَانِي أَوِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ حَمَلَتْهُ عَوَاقِلُهُمْ قَالَ اللَّخْمِيُّ عَنْ مَالِكٍ الْمُرَاعَى ثُلُثُ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ خَاصَّةً وَعَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ دِيَةُ الرَّجُلِ كَانَ الْجَانِيَ أَوِ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ وَقِيلَ لَا

تحمل الْعَاقِلَة أُصْبُعِي الْمَرْأَة لِأَنَّهَا لمتأخذ ذَلِكَ عَلَى عَقْلِ نَفْسِهَا بَلْ عَلَى مُسَاوَاةِ الرَّجُلِ لِأَنَّهَا تَأْخُذُ عِشْرِينَ وَلِذَلِكَ إِنْ قُلِعَ لَهَا أَرْبَعَةُ أَسْنَانٍ يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ وَإِنْ قَطَعَتِ امْرَأَةٌ أُصْبُعَيِ امْرَأَةٍ أَوْ أَرْبَعَةَ أَسْنَانٍ جَرَتْ عَلَى الْخِلَافِ لِأَنَّهَا إِنَّمَا تَأْخُذُ عَلَى عَقْلِ الرَّجُلِ قَالَ وَمُرَاعَاةُ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَحْسَنُ لِأَنَّ الْأَصْلَ حَمْلُ الْعَاقِلَةِ الدِّيَةَ كَامِلَةً فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ مَنْ جَنَى مِنْ أَهْلِ الْإِبِلِ مَا لَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ فَفِي مَالِهِ من الْإِبِل فَإِن قطع أصبعا فابنا مخاص وَابْنَا لَبُونٍ وَحِقَّتَانِ وَجَذَعَتَانِ وَكَذَلِكَ إِنْ جَنَى مَا هُوَ أَقَلَّ مِنْ بَعِيرٍ وَإِنْ جَرَحَ الْمُسْلِمُ كَافِرًا أَوْ قَطَعَ يَدَهُ أَوْ رِجْلَهُ أَوْ قَتَلَهُ عَمْدًا فَفِي مَالِهِ وَلَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ مِنْ عَمْدِ الْمُسْلِمِ فِي جِنَايَتِهِ عَلَى الذِّمِّيِّ الْمَأْمُومَةَ وَالْجَائِفَةَ وَإِنَّمَا اسْتَحْسَنَ مَالِكٌ حَمْلَ الْمَأْمُومَةِ وَالْجَائِفَةِ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ بِالْبَيِّنِ وَلَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ الْعَمْدَ مُطْلَقًا فَرْعٌ فِي النَّوَادِرِ كُلُّ جُرْحٍ يَتَعَذَّرُ الْقَوَدُ فِيهِ لِخَطَرِهِ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي الْجَانِي حَمَلَتْهُ الْعَاقِلَةُ إِنْ بَلَغَ الثُّلُثَ وَخَالَفَنَا الْأَئِمَّةُ لَنَا أَنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ الْقِصَاصُ أَشْبَهَ الْخَطَأَ وَعَنْ مَالِكٍ فِي عَمْدِ الْجَائِفَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ وَالْمَأْمُومَةِ قَوْلَانِ يَبْدَأُ بِمَالِ الْجَانِي وَالْبَاقِي عَلَى الْعَاقِلَةِ وَرَجَعَ إِلَى أَنَّ الْجَمِيعَ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَعَلَيْهِ أَصْحَابُهُ وَتَحْمِلُ جِنَايَةَ الصَّبِيِّ وَالصَّبِيَّةِ وَالْمَجْنُونِ فِي حَالِ جُنُونِهِ وَالْمَعْتُوهِ فِي الْعَمْدِ لِأَنَّهُ كَالْخَطَأِ إِنْ بَلَغَ الثُّلُثَ وَإِنْ جُنَّ الْقَاتِلُ انْتُظِرَ إِنْ أَفَاقَ قُتِلَ وَإِنْ إيس مِنْهُ فَالدِّيَة فِي مَاله والنائم كالمخطىء وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَحْمِلُ مَا جَنَاهُ الْعَبِيدُ عَلَى الْحُرِّ أَوْ عَلَى الْعَبْدِ وَلَا حُرَّ عَلَى عَبْدٍ وَإِنَّمَا

تَحْمِلُ جِنَايَةَ الْحُرِّ عَلَى الْحُرِّ وَلَا تَحْمِلُ عَاقِلَةُ الْمُسْلِمِ جِنَايَتَهُ عَلَى يَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ أَوْ مَجُوسِيٍّ وَإِنْ بَلَغَ النَّفْسَ لِأَنَّهُمْ كَالْعَبِيدِ إِلَّا أَنَّ السُّنَّةَ مَضَتْ بِدِيَاتِهِمْ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَعَنْهُ تَحْمِلُ إِذَا بَلَغَ الثُّلُثُ دِيَةَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَإِنْ رَمَى رَجُلٌ بِحَجَرٍ فَأَصَابَ جَمَاعَةً مَوَاضِحَ أَوْ مِلْطَاةً أَوْ شِجَاجًا وَجَمِيعُهَا يبلغ الثُّلُث حمله لِاتِّحَادِ الضَّرْبَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ فَعَلَ بِرَجُلٍ ذَلِكَ قَالَهُ مَالِكٌ أَوْ ضَرَبَهُ فَأَذْهَبَ كُلَّ وَاحِدَةٍ بِمَا يَلِيقُ بِهَا وَإِنْ قَتَلَ عَشَرَةٌ رَجُلًا فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ عُشْرُ الدِّيَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْأَصْلِ دِيَةٌ وَإِنْ جَنَوْا قَدْرَ ثُلُثِ الدِّيَةِ حَمَلَتْهُ عَوَاقِلُهُمْ وَعَن مَالك إِن أقرّ بِالْقَتْلِ وَلم يُتَّهَمْ عَلَى وَلَدِهِ وَهُوَ ثِقَةٌ لَا يُتَّهَمُ فَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِقَسَامَةٍ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ لَمْ يُقْسِمُوا فَلَا شَيْءَ فِي مَالِ الْمُقِرِّ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْإِقْرَارُ فِي مَالِهِ وَلَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ خَطَأً اعْتِرَافًا وَالِاعْتِرَافُ بِالْجِرَاحِ الْخَطَأِ لَا تَحْمِلُهَا لِعَدَمِ الْقَسَامَةِ فِيهَا فَيَتَخَلَّصُ أَنَّ الْمَشْهُورَ حَمْلُ الِاعْتِرَافِ عِنْدَ عَدَمِ التُّهْمَةِ وَإِنَّ الْعَمْدَ يُحْمَلُ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ الصَّبِيِّ وَمَنْ مَعَهُ وَالْجَائِفَةِ وَمَا مَعَهَا وَمَا لَا يُقَادُ مِنْهُ وَلَهُ نَظِيرٌ يُوجَدُ فِي الْجَانِي الرُّكْنُ الرَّابِعُ فِي صِفَةِ مَنْ يَحْمِلُهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ فِي الرُّكْنِ بَحْثَانِ مَنْ يَحْمِلُ وَصِفَتُهُ الْبَحْثُ الْأَوَّلُ مَنْ يَحْمِلُ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ الْعَصَبَةُ وَالْوَلَاءُ وَبَيْتُ الْمَالِ دُونَ الْمُوَالَاةِ وَالْمُخَالِفِ أَمَّا الْعَصَبَةُ فَكُلُّ عَصَبَةٍ يَدْخُلُ فِيهَا الْأَبُ وَالِابْنُ وَفِي دُخُولِ الْجَانِي رِوَايَتَانِ وَيُلْحَقُ بِالْقَرَابَةِ الدِّيوَانُ لِعِلَّةِ التَّنَاصُرِ فَإِنْ كَانَ المعا مِنْ أَهْلِ دِيوَانٍ

مَعَ غَيْرِ قَوْمِهِ حَمَلُوا عَنْهُ دُونَ قَوْمِهِ لأَنهم ناصروه رَحل عَنْهُمْ وَإِنِ احْتَاجَ أَهْلُ دِيوَانٍ إِلَى مَعُونَةِ قَوْمِهِمْ لِقِلَّتِهِمْ أَوْ لِانْقِطَاعِ دِيوَانِهِمْ أَعَانُوهُمْ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنَّمَا يَحْمِلُ عَنْهُ أَهْلُ الدِّيوَانِ إِذَا كَانَ الْعَطَاءُ قَائِمًا وَإِلَّا فَقَوْمُهُ وَالْجِهَةُ الثَّانِيَةُ الْوَلَاءُ إِذَا عُدِمَتِ الْعَصَبَةُ فَعَلَى مُعْتِقِ الْجَانِي وَهُوَ الْمُعَتَقُ الْأَعْلَى وَفِي الْأَسْفَلِ قَوْلَانِ الثَّالِثُ بَيْتُ الْمَالِ عِنْدَ عَدَمِ الْعَصَبَةِ وَالْوَلَاءِ يُأْخَذُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إِنْ كَانَ الْجَانِي مُسْلِمًا وَإِنْ كَانَ ذِمِّيًّا رَجَعْنَا عَلَى الَّذِينَ يُؤَدُّونَ مَعَهُ الْجِزْيَةَ أَهْلِ إِقْلِيمِهِ الَّذِينَ يَجْمَعُهُ وَإِيَّاهُمْ أَدَاءُ الْجِزْيَةِ فَإِذَا لَمْ يَسْتَقِلُّوا ضُمَّ إِلَيْهِمْ أَقْرَبُ الْقُرَى مِنْهُمْ الْبَحْثُ الثَّانِي فِي صِفَاتِهِمْ وَهِيَ التَّكْلِيفُ وَالذُّكُورَةُ وَالْمُوَافَقَةُ فِي الدَّيْنِ وَالدَّارِ فَلَا يُضْرَبُ عَلَى عَبْدٍ وَلَا صَبِيٍّ وَلَا امْرَأَةٍ وَلَا مُخَالِفٍ فِي الدَّيْنِ وَلَا فَقِيرٍ وَإِن كَانَ يعْمل وَلَا حد فغناهم فِي الْحمل وَلَا بِمَا يُؤْخَذُ وَقِيلَ يُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ مائَة دِرْهَم وَنصف وَكَذَلِكَ كَانَ يُؤْخَذ من اعطيات النَّاس تَفْرِيغ عَلَى الْبَحْثَيْنِ فِي الْكِتَابِ إِنْ قَتَلَ ذِمِّيٌّ مُسْلِمًا خَطَأً حَمَلَتْهُ عَاقِلَتُهُ وَإِنْ أَصَابَ أَهْلَ الذِّمَّةِ بَعْضَهُمْ بَعْضًَا حَمَلَ ذَلِكَ عَوَاقِلُهُمْ وَإِنَّمَا الْعَقْلُ فِي الْقَبَائِلِ كَانُوا أَهْلَ دِيوَانٍ أَمْ لَا وَمِصْرُ وَالشَّامُ أَجْنَادُ كُلِّ جُنْدٍ عَلَيْهِمْ جَرَايِرُهُمْ فَلَا يَعْقِلُ أَهْلُ مِصْرَ مَعَ الشَّامِ وَلَا الشَّامُ مَعَ مِصْرَ وَلَا الْحَضَرُ مَعَ الْبَدْوِ وَلَا الْبَدْوُ مَعَ الْحَضَرِ لِعَدَمِ التَّنَاصُرِ وَلَا يَكُونُ فِي دِيَةٍ وَاحِدَةٍ إِبِلٌ وَذَهَبٌ أَوْ ذَهَبٌ وَدَرَاهِمُ وَإِنِ انْقَطَعَ بَدَوِيٌّ فَسَكَنَ الْحَضَرَ عَقَلَ مَعَهُمْ كَالشَّامِيِّ يَسْتَوْطِنُ مِصْرَ ثُمَّ إِنْ جَنَى وَقَوْمُهُ بِالشَّامِ وَلَيْسَ بِمِصْرَ مِنْ قَوْمِهِ مَنْ يَحْمِلُ لِقِلَّتِهِمْ ضُمَّ إِلَيْهِ أَقْرَبُ الْقَبَائِل لَهَا إِلَى قَوْمِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِمِصْرَ أَحَدٌ حَتَّى يَقُودَ إِذْ لَا يَعْقِلُ أَهْلُ الشَّامِ مَعَ مِصْرَ وَيَحْمِلُ الْغَنِيُّ بِقَدْرِهِ (وَمَنْ دُونَهُ بِقَدْرِهِ) عَلَى قَدْرِ يُسْرِهِمْ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ قَوْلُهُ إِذا لم يكن فَمن

قومه من يحمل لقتلهم ضُمَّ إِلَيْهِمْ أَقْرَبُ الْقَبَائِلِ يُرِيدُ فِي النَّسَبِ لَا فِي الْجِوَارِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ حَمْلُ الْعَاقِلَةِ الدِّيَةَ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَقَرَّهُ رَسُولُ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِأَنَّهُ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَلَا عَقْلَ عَلَى مِدْيَانٍ لِأَنَّهُ كَالْفَقِيرِ وَكَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يَبْعَثَ السُّلْطَانُ فِي الدِّيَةِ مَنْ يَأْخُذُهَا مِنَ الْعَاقِلَةِ فَيَدْخُلُ فِيهَا فَسَادٌ كَبِيرٌ وَقَالَ سَحْنُونٌ وَيُضَمُّ أَهْلُ إِفْرِيقِيَّةَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ مِنْ طَرَابُلْسَ إِلَى طُبْنَةَ فِي الْعَقْلِ وَتُعْتَبَرُ صِفَاتُ الْعَاقِلَةِ وَشُرُوطُ حَمْلِهَا يَوْمَ يُقَسِّمُ عَلَيْهِمُ الدِّيَةَ لِأَنَّهُ يَوْمُ الطَّلَبِ لَا يَوْمُ مَاتَ الْمَقْتُولُ وَلَا يَوْمُ جرح وَلَا يَوْم ثَبت الدن وَلَا يَزُولُ عَمَّنْ مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ أُعْدِمَ لِأَنَّهُ حُكْمٌ لَا يُنْقَضُ وَلَا يَدْخُلُ مَنْ بَلَغَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ الصِّبْيَانِ أَوْ غَائِبٍ قَدِمَ أَوْ مُنْقَطِعُ الْغَيْبَةِ وَلَا يُزَادُ عَلَى مَنْ أَيْسَرَ قَالَ سَحْنُونٌ وَمَنِ اسْتَحَقَّ بِمِلْكٍ رَجَعَ مَا عَلَيْهِ عَلَى بَقِيَّةِ الْعَاقِلَةِ لِتَبَيُّنِ الْغَلَطِ فِي الْحُكْمِ وَلَا يُزَادُ فِي التوظيف على بني عَمه دِيَته وَعم وَغَيْرُهُمْ سَوَاءٌ قَالَ أَصْبَغُ وَلَا يَدْخُلُ مَعَ الْعَاقِلَةِ صَبِيٌّ وَلَا مَجْنُونٌ وَيَدْخُلُ السَّفِيهُ الْبَالِغُ فَيُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ كَمَا يُوضَعُ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ يَخْتَلِفُ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ هَلْ يَعْقِلُ أَهْلُ الدِّيوَانِ دُونَ الْقَاتِلِ وَهَلْ يُرَاعَى الْكُورَةُ أَوْ يَكْفِي الْمِصْرُ الْكَبِيرُ وَفِي اجْتِمَاعِ الْبَدْوِ مَعَ الْحَضَرِ وَمَنْ لَا عَاقِلَةَ لَهُ هَلْ تَسْقُطُ جِنَايَتُهُ أَوْ فِي مَالِهِ أَوْ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَمُرَادُ ابْنِ الْقَاسِمِ بِمِصْرَ مِنْ أَسْوَانَ إِلَى الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ وَمِصْرُ اسْمُ الْجَمِيعِ وَهِيَ الْكُورَةُ وَعَنْ أَشْهَبَ يُقْتَصَرُ عَلَى الْفُسْطَاطِ دُونَ بَقِيَّةِ الْكُورَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي قَتِيلٍ مَحْمَلٌ ضُمَّ إِلَيْهِ أَقْرَبُ الْقَبَائِلِ مِنَ الْفُسْطَاطِ خَاصَّةً وَعَنْ أَشْهَبَ إِذَا اجْتَمَعَتِ الْبَادِيَةُ وَالْقُرَى فِي حَمْلِ وَاحِدٍ أُخْرِجَ كُلُّ مَا يَلْزَمُهُ إِبِلًا أَوْ غَيْرَهُ وَإِنْ كَانَ الْقَاتِلُ مِنْ غَيْرِهِمْ وَتُؤْخَذُ الْإِبِلُ بِقِيمَتِهَا وَفِي النَّوَادِرِ مَنْ ظَعَنَ فِرَارًا مِنَ الدِّيَةِ لَحِقَهُ حُكْمُهَا حَيْثُ كَانَ بِخِلَافِ الْغَائِبِ لِغَيْرِ

ذَلِكَ وَالْغُرَمَاءُ مُقْدِمُونَ عَلَى طَالِبِ الدِّيَةِ لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ وَمَنْ مَاتَ فَمَا وُظِّفَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ كَالدَّيْنِ وَعَنْ سَحْنُونٍ يُحَاصِصْ بِهَا لِأَنَّهَا دَيْنٌ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ مَاتَ لَا شَيْءَ فِي مَالِهِ وَلَا عَلَى وَارِثِهِ وَيَرْجِعُ عَلَى بَقِيَّةِ الْعَاقِلَةِ وَأَنْكَرَهُ سَحْنُونٌ وَمَنْ أَسْلَمَ مِنَ الْبَرْبَرِ وَلَمْ يُسْبَوْا فَإِنَّهُمْ يَتَعَاقَلُونَ كَالْعَرَبِ وَمَنْ سُبِيَ وَعُتِقَ فَعَقْلُهُ عَلَى مَوَالِيهِ وَمَتَى اجْتَمَعَ فِي الْعَاقِلَةِ أَهْلُ إِبِلٍ وَأَهْلُ ذَهَبٍ قَالَ أَشْهَبُ يَتْبَعُ الْأَقَلُّ الْأَكْثَرَ فَإِنِ اسْتَوَيَا حمل كل فريق من هم أَهله وَقَالَ مَالِكٌ وَهُوَ خِلَافٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَإِذَا جَنَى بِمِصْرَ وَلَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ حَتَّى أُوْطِنَ الْعِرَاقَ فَجِنَايَتُهُ عَلَى مِصْرَ وَإِذَا جَنَى السَّاكِنُ بِمِصْرَ وَلَيْسَ بِهَا مِنْ قَوْمِهِ أَحَدٌ حَمَلَ جِنَايَتَهُ أَقْرَبُ الْقَبَائِلِ إِلَيْهِ مِمَّنْ بِمِصْرَ وَلَا يَعْقِلُ عَنِ الْمَرْأَةِ أَبُوهَا وَلَا زَوْجُهَا وَلَا إِخْوَتُهَا لِأُمِّهَا إِنْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ قَبِيلَتِهَا لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا عَصَبَةً وَإِذَا قَدِمَ حَرْبِيٌّ بِأَمَانٍ فَقَتَلَ مُسْلِمًا خَطَأً قَالَ مَالِكٌ يُحْبَسُ وَيُرْسَلُ إِلَى أَهْلِ مَوْضِعِهِ وَكُورَتِهِ إِلَى قَوْمِهِ مِنْهَا يُخْبِرُونَهُمْ مَا يَلْزَمُهُمْ فِي حُكْمِنَا فَإِنْ وَدَوْا عَنْهُ لم يلْزمه إِلَّا مَا كَانَ يُؤَدِّيه مَعَهُمْ وَعَنْهُ إِنَّ الدِّيَةَ فِي مَالِهِ وَلَيْسَ عَلَى بَلَدِهِ مِنْهَا شَيْءٌ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ دِيَتُهُ عَلَى أَهْلِ دِينِهِ الْحَرْبِيِّينَ وَأَهْلُ الصُّلْحِ يتعاقلون وَإِن اخْتلفت قبائلهم قَالَ الْغيرَة إِنْ كَانُوا أَهْلَ جِزْيَةٍ وَلَهُمْ مَعْقَلَةٌ يَتَعَاقَلُونَ عَلَيْهَا وَيَحْمِلُهَا بَعْضٌ عَنْ بَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ حَمْلَتُهُمْ عَلَيْهَا وَإِلَّا فَفِي مَالِ الْجَانِي قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا لَزِمَتْ دِيَةُ الْقَيْرَوَانَ دَخَلَ فِيهَا مَنْ بِإِفْرِيقِيَّةَ مِنَ الْيَهُودِ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ مَعَهُ الْخَرَاجَ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرُوا أَسْلَفَهُمُ الْإِمَامُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَلَا يَشُقُّ عَلَيْهِمْ فَرْعٌ فِي النَّوَادِرِ إِنْ حَمَلَتِ الْعَاقِلَةُ شَيْئًا نَظَرَ أَنَّهُ هَلْ يَلْزَمُهَا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا

فَلَهُمُ الرُّجُوعُ مَا لَمْ يَطُلِ الْأَمْرُ بَعْدَ الدّفع سِنِين كَثِيرَة الَّتِي يرى فِيهَا أَنَّهُمْ عَلِمُوا ذَلِكَ فِيهَا وَانْقَرَضُوا عَنْهُ تَنْبِيهٌ وَافَقَنَا (ح) فِي دُخُولِ الْجَانِي وَمَنْعَهُ (ش) لَنَا مَا رُوِيَ أَنَّ نُعَيْمَ بْنَ أَبِي مَسْلَمَةَ رَأَى رَجُلًا يَرْمِي الْكُفَّارَ فَطَعَنَهُ فَقَتَلَهُ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ فَقَضَى عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِدِيَتِهِ عَلَيْهِ وَعَلَى عَاقِلَتِهِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّهُ يُحْمَلُ وَحْدَهُ لِأَنَّهُ الْجَانِي وَلِأَنَّ التَّحَمُّلَ لِلنُّصْرَةِ وَالْمُوَاسَاةِ وَهُوَ أَحَقُّ بِنُصْرَةِ نَفْسِهِ وَمُوَاسَاتِهَا احْتَجُّوا بِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَضَى بِالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَالدِّيَةُ اسْمٌ لِلْجَمِيعِ وَلِأَنَّ كُلَّ غُرْمٍ وَجَبَ بِالْقَتْلِ اسْتَوَى قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ فِي التَّحَمُّل طردا وعكسا لِأَنَّ دِيَةَ الْعَمْدِ لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ قَلِيلَهَا وَلَا كَثِيرَهَا فِدْيَةُ الْخَطَأِ وَجَبَ أَنْ تَحْمِلَهَا كلهَا كالجاني فِي الْعمد وَلِأَن أَن الْقَتْل تَارَة يمْنَع العتم كَالْعَمْدِ فِي الْمِيرَاثِ وَتَارَةً يَمْنَعُ الْغُرْمَ كَدِيَةِ الْخَطَأِ وَالْأَوَّلُ يُمْنَعُ مُطْلَقًا فَالثَّانِي كَذَلِكَ وَالْقِيَاسُ عَلَى الْقَاضِي إِذَا قَتَلَ بِالْحُكْمِ خَطَأً وَكَوَكِيلِ الإِمَام إِذا قتل خطأ وَالْجَوَاب عَن الول الْقَوْلُ بِالْمُوجَبِ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْعَاقِلَةِ وَعَنِ الثَّانِي الْفَرْقُ أَنَّ الْعَمْدَ صَادَفَ الْأَصْلَ (وَهُوَ أَنَّ الْجَانِيَ غَرِمَ وَالْخَطَأُ خَالَفَ الْأَصْلَ) غَرِمَ غَيْرُ الْجَانِي فَلَا يُخْرَجُ الْجَانِي مِنْهُ تَعْلَيْلًا بِمُخَالَفَةِ الْأَصْلِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ مَنْعَ الْغُرْمِ تَخْفِيفٌ وَرَحْمَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى فَنَاسَبَ أَنْ يوزع على الْجَمِيع والعتم عُقُوبَةٌ لَهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ فَتَوْزِيعُ الْمِيرَاثِ مُتَعَذِّرٌ وَتَوْزِيعُ الدِّيَةِ غَيْرُ مُتَعَذِّرٍ وَعَنِ الرَّابِعِ الْفَرْقُ أَنَّ وُلَاةَ الْأُمُورِ لَوْ غَرِمُوا مَعَ تَصَدِّيهِمْ للْأَحْكَام لَأَدَّى

ذَلِك لزهادة فِي الْوِلَايَاتِ فَتَتَعَطَّلُ الْمَصَالِحُ بِخِلَافِ الْجَانِي كَذَلِكَ وَكيل الإِمَام وانفق الْعُلَمَاءُ أَنَّ إِخْوَةَ الْأُمِّ وَسَائِرَ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَالزَّوْجَ وَكُلَّ مَنْ عَدَا الْعَصَبَةَ لَيْسُوا مِنَ الْعَاقِلَةِ وَلَا الْأُمُّ وَلَا آبَاؤُهَا وَلَا أَجْدَادُهَا إِلَّا أَن يَكُونُوا عصبَة للْقَاتِل وَإِنْ كَانَ الْقَاتِلُ امْرَأَةً فَإِنْ كَانَ بَنُوهَا وبنوا بَنِيهَا وَإِنْ سَفُلُوا بَنِي عَمِّهَا لِأَنَّ زَوْجَهَا مِنْ بَنِي عَمِّهَا فَعَاقِلَتُهَا وَإِلَّا فَلَا وَقِيلَ عَاقِلَتُهَا وَافَقَنَا (ح) عَلَى أَنَّ الْآبَاءَ وَالْأَبْنَاءَ وَالْحَفَدَةَ يَتَحَمَّلُونَ كَغَيْرِهِمْ وَقَالَ (ش) لَا يَتَحَمَّلُ هَؤُلَاءِ شَيْئًا بَلِ الْعَصَبَاتُ الَّذِينَ هُمْ جَوَانِبُ النَّسَبِ كَالْإِخْوَةِ وَبَنِي الْإِخْوَةِ وَالْأَعْمَامِ وَبَنِيهِمْ وَعَنْ أَحْمَدَ الْقَوْلَانِ لَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَضَى بِالدِّيَةِ عَلَى عَصَبَةِ الْعَاقِلَةِ وَزَوْجِهَا وَبَنِيهَا وَالْقِيَاسُ عَلَى الْأَخِ بِطَرِيقِ الْأَقَلِّ لِأَنَّ الْأَبَ وَالِابْنَ أَعْظَمُ نُصْرَةً وَأَبْلَغُ مِيرَاثًا فَيَجِبُ كَالْأَخِ وَكَيْفَ يَكُونُ الْعَمُّ أَكْثَرَ تَعْصِيبًا مِنَ الْأَبِ والإبن بل الْمُرَتّب عَلَى النَّسَبِ إِمَّا أَنْ يَخْتَصَّ بِالْأَبِ وَالْجَدِّ كَوِلَايَةِ الْمَالِ وَالْبِضْعِ وَالْعِتْقِ بِالْمِلْكِ وَالنَّفَقَةِ أَوْ يَثْبُتُ الْجَمِيعُ كَوِلَايَةِ النِّكَاحِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ أَمَّا لغير الْأُصُول والفصول وَالرحم فَلَمْ يَقَعْ فِي الشَّرْعِ احْتَجُّوا بِمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ فِي خُطْبَتِهِ (لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ لَا يُؤْخَذُ الرَّجُلُ بِجَرِيرَةِ ابْنِهِ وَلَا ابْنٌ بِجَرِيرَةِ أَبِيهِ) وَلِأَنَّهُ نسلب يُوجِبُ التَّوَارُثَ مِنْ غَيْرِ حَجْبِ إِسْقَاطٍ فَلَا يُحْمَلُ كَالزَّوْجَةِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى ابْنِ الْمَرْأَةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَدِيثِ مَا كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ تَفْعَلُهُ يَأْخُذُونَ الْأَبَ بِالِابْنِ وَالِابْنَ بِالْأَبِ

وَعَنِ الثَّانِي الْفَرْقُ عَدَمُ التَّنَاصُرِ وَالْعُصُوبَةُ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجَةِ بِخِلَافِ الِابْنِ وَالْأَبِ وَعَنِ الثَّالِثِ بِمَنْعِهِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَنُسَلِّمُهُ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّكُمْ لَيْسَ مَنْ عَصَبَتِهَا فَإِنَّهُ عِنْدَهُمْ لَا يَلِي تَزْوِيجَهَا ثُمَّ الرَّضَاعُ حُجَّةٌ عَلَيْكُمُ اسْتَوَى فِيهِ الْجَمِيعُ وَكَذَلِكَ تَحْرِيمُ الْمُصَاهَرَةِ وَوَافَقَنَا (ح) عَلَى أَنَّ الدِّيوَانَ يَعْقِلُ مَعَ أَنَّ صَاحِبَ الزَّاهِي حَكَى فِيهِ قَوْلَيْنِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنَّمَا يَعْقِلُ الدِّيوَانُ إِذَا كَانَ الْعَطَاءُ وَإِلَّا فَقَوْمُهُ وَقَالَ (ش) وَأَحْمَدُ لَا يَعْقِلُ الدِّيوَانُ لَنَا أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَوَّلُ مَنْ دَوَّنَ الدَّوَاوِينَ وَجَعَلَ أَهْلَ كُلِّ دِيوَانٍ يَحْمِلُونَ جِنَايَةَ مَنْ مَعَهُمْ فِي الدِّيوَانِ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ فَكَانَ إِجْمَاعًا وَنُكْتَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ التَّعَاقُلَ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّنَاصُرِ وَلِذَلِكَ اخْتَصَّ الْعَاقِلَةَ الْعَصَبَةَ وَسَقَطت عَن النِّسَاء وَالصبيان والمجانين بِعَدَمِ النُّصْرَةِ مَعَ وُجُودِ الْقَرَابَةِ فِيهِمْ فَقَدْ دَارَ الْعَقْلُ مَعَ النُّصْرَةِ وُجُودًا وَعَدَمًا وَأَهْلُ دِيوَانِهِ يَنْصُرُونَهُ أَشَدَّ مِنَ الْعَصَبَةِ وَالدِّيوَانُ أَخَصُّ مِنَ النَّسَبِ لِأَنَّهُ يَجْمَعُ أَهْلَهُ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَعَطَاء وَاحِد وَتَكون مَوَدَّتهمْ منسجمة زحميتهم لِبَعْضِهِمْ مُتَوَفِّرَةً احْتَجُّوا بِقَضَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَى الْعَاقِلَةِ وَإِذَا اسْتَقَرَّ حُكْمٌ فِي زَمَانِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يَبْطُلُ بَعْدَهُ لِتَعَذُّرِ النَّسْخِ وَلِأَنَّهُ حُكْمٌ يَتَعَلَّقُ بِالْعَصَبَةِ عِنْدَ عَدَمِ الدِّيوَانِ فَيَتَعَلَّقُ عِنْدَ وُجُودِهِ كَالْمِيرَاثِ وَلِأَنَّهُ حُكْمٌ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بَيْنَ الْمُتَوَالِيَيْنِ فِي الدِّينِ فَلَا يَثْبُتُ بِالدِّيوَانِ كَوِلَايَةِ النِّكَاحِ وَلِأَنَّ مُطْلَقَ التَّنَاصُرِ لَا يَكْفِي لِأَنَّ أَهْلَ السِّكَّةِ الْوَاحِدَةِ وَالْبَلْدَةِ الْوَاحِدَةِ فِي أَرْضِ الْغُرْبَةِ يَنْصُرُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَالصُّدَقَاءُ وَالشُّرَكَاءُ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ تَجَدُّدَ الْأَحْكَامِ لِتَعَدُّدِ عِلَلِهَا فِي الْمَحَالِّ بَعْدَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَيْسَ نَسْخًا وَإِنَّمَا النَّسْخُ تَجْدِيدُ حُكْمٍ مُطلقًا لاترتبه عَلَى عِلَّةٍ لَمْ تَكُنْ

مَوْجُودَةً فِي زَمَانِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهُوَ مُبْتَكَرٌ رَتَّبْنَا عَلَيْهِ التَّحْرِيمَ وَلَمْ يَكُنْ نَسْخًا وَكَذَلِكَ لَوْ أَحْدَثُوا آلَةً مُطْرِبَةً أَوْ نَوْعًا مِنَ الْكُفْرِ لَمْ يُعْلَمْ أَنْكَرْنَا وَقَاتَلْنَا وَلَيْسَ نَسْخًا وَعَنِ الثَّانِي لَا يَسْتَقِيمُ تَرْتِيبُهُ عَلَى الْمِيرَاثِ بِدَلِيلِ النِّسْوَانِ وَالصِّبْيَانِ بَلْ عَلَى النُّصْرَةِ وَهِيَ مُشْتَرَكَةٌ بَلْ أَقْوَى كَمَا تَقَدَّمَ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ وِلَايَةَ النِّكَاحِ أَعْظَمُ رُتْبَةً لِدَرْءِ الْعَارِ عَنِ الْمُوَلِّيَةِ وَلِذَلِكَ قُدِّمَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ وَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ فِي الْعَاقِلَةِ اتِّفَاقًا وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ أَهْلَ الْمَحَلَّةِ بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةُ ثُمَّ إِنَّ تِلْكَ الْأَسْبَابَ لَيْسَ التَّنَاصُرُ لَازِمًا لَهَا قَدْ يَقَعُ وَقَدْ لَا يَقَعُ وَأَمَّا الدِّيوَانُ فَمُعَدٌّ لِلنُّصْرَةِ وَالْقِتَالِ عَنْ بَعْضِهِمْ فَائِدَةٌ الدِّيوَانُ قِيلَ إِن كسْرَى أنو شرْوَان اطلع على أهل حسابه فَقَالَ هَؤُلَاءِ ديواناه بِالْهَاءِ ثمَّ إِلَهًا لِطُولِ الِاسْتِعْمَالِ وَمَعْنَاهُ بِالْفَارِسِيَّةِ مَجَانِينُ وَقِيلَ شَيَاطِينُ وَالْعَقْلُ قِيلَ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ تَعْقِلُ لِسَانَ الطَّالِبِ وَقيل تعقل بِسَبَب الغرامة الْجِنَايَة وَقِيلَ لِأَنَّ غَالِبَهُ وَأَصْلَهُ الْإِبِلُ وَهِيَ يُؤْتَى بهَا معقولة فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ مَعَانٍ وَأَصْلُهُ الْمَنْعُ وَمِنْهُ الْعَقْلُ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الْعَاقِلَ مِنَ الْوُقُوعِ فِي الرَّذَائِلِ الرُّكْنُ الْخَامِسُ فِي صِفَةِ التَّوْزِيعِ وَفِيهِ نَظَرَانِ النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي كَيْفِيَّةِ التَّرَتُّبِ عَلَيْهِمْ وَفِي الْجَوَاهِرِ يُبْدَأُ بِأَقْرَبِ الْعَصَبَةِ وَيُضْرَبُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ مَا يحْتَملهُ حَاله وَلَا يضْربهُ فغن فَضَلَ عَنِ الْأَقْرَبِينَ شَيْءٌ تَرَتَّبَ إِلَى الْأَبْعَدِ مِنْهُمُ الْأَوْلَى فَالْأَوْلَى يُبْدَأُ بِالْفَخِذِ ثُمَّ الْبَطْنِ ثُمَّ الْعِمَارَةِ ثُمَّ الْفَصِيلَةِ ثُمَّ الْقَبِيلَةِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَقِلُّوا اسْتَعَانُوا بِأَقْرَبِ الْقَبَائِلِ إِلَيْهِمْ وَقَدْ تقد فِي كِتَابِ الْوَقْفِ تَفْسِيرُ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ

وَفِي الْكِتَابِ يَحْمِلُ الْغِنَيُّ بِقَدْرِهِ وَمَنْ دُونَهُ بِقَدْرِهِ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِمْ فِي الْيُسْرِ وَكَانَ يُؤْخَذُ مِنْ أُعْطِيَاتِ النَّاسِ مِنْ كُلِّ مِائَةِ دِرْهَمِ دِرْهَمٌ وَنِصْفٌ وَإِنْ جَنَوُا الثُّلُثَ حَمَلَتْهُ عواقلهم فِي سنو وَإِنْ جَرَحَهُ جُرْحَيْنِ خَطَأً وَجَرَحَهُ الْآخَرُ جُرْحًا خطأ فَمَاتَ فأقسمت الْوَرَثَة فَالدِّيَة على عاقلتها نِصْفَيْنِ لَا الثُّلُثَ وَالثُّلُثَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يُدْرَى مِنْ أَيِّهِمَا مَاتَ النَّظَرُ الثَّانِي فِي التَّأْجِيلِ فِي الْكِتَابِ يُوَزَّعُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ كَانَتْ إِبِلًا أَوْ ذَهَبًا أَوْ وَرِقًا فِي كُلِّ سَنَةٍ ثُلُثٌ وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنَ الثُّلُثِ بَقِيَ مَالُ الْجَانِي حَالًّا وَثُلُثُ الدِّيَةِ فِي سَنَتَيْنِ وَقَالَ مَالِكٌ مَرَّةً نِصْفُهَا فِي سَنَتَيْنِ وَعَنْهُ يَجْتَهِدُ فِيهِ الْإِمَامُ فِي سَنَةٍ وَنِصْفٍ وسنتين قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي سَنَتَيْنِ أَحَبُّ إِلَيَّ لِمَا جَاءَ أَنَّ الدِّيَةَ تُقْطَعُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ أَوْ أَرْبَعٍ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَخَمْسَةُ أَسْدَاسِهَا يَجْتَهِدُ الْإِمَامُ فِي السُّدُسِ الْبَاقِي وَدِيَةُ الْمُسْلِمِينَ وَالذِّمَّةِ وَالْمَجُوسِ رِجَالِهِمْ وَنِسَائِهِمْ تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَإِنْ صُولِحَتِ الْعَاقِلَةُ بِأَكْثَرَ مِنَ الدِّيَةِ جَازَ إِنْ عُجِّلَ وَإِلَّا امْتُنِعَ لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ وَيَجُوزُ الصُّلْحُ فِي الْعَمْدِ بِمَالٍ مُؤَجَّلٍ لِأَنَّهُ دَمٌ لَا مَال لَهُ وَإِنْ صَالَحَ الْجَانِي عَلَى الْعَاقِلَةِ رَدَّ صُلْحَهُ لِأَنَّ الْحُكْمَ فِي ذَلِكَ لَهُمْ وَفِي النُّكَتِ قَوْلُهُ يَجْتَهِدُ فِي السُّدُسِ الْبَاقِي يَعْنِي عَلَى حِسَاب أَربع سِنِين فو ثَلَاثٍ وَيَلْزَمُهُ فِي ثَلَاثَةِ الْأَرْبَاعِ أَنَّ الثُّلُثَيْنِ فِي سَنَتَيْنِ وَيَجْتَهِدُ فِي الزَّائِدِ بِأَنْ يَجْعَلَ عَلَى حِسَابِ ثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ وَإِنَّمَا جَوَابُهُ فِي الثَّلَاثَةِ أَرْبَاعٍ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ

قَالَ اللَّخْمِيُّ عَلَى الْقَوْلِ بِجَبْرِ قَاتِلِ الْعَمْدِ عَلَى الدِّيَةِ هِيَ حَالَّةٌ فِي مَالِهِ وَكَذَلِكَ التَّرَاضِي عَلَيْهَا إِلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ الْأَجَلُ وَفِي الْمُوازِية هِيَ كدية الْخَطَأ فِي قَالَ مَالِكٌ وَالْمُغَلَّظَةُ عَلَى الْجَانِي وَعَنْهُ عَلَى الْعَاقِلَةِ (يُبْدَأُ بِمَالِ الْجَانِي فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالٌ فَالْعَاقِلَةُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ) مُعَجَّلَةً وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَيْهَا مُنَجَّمَةً ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ عَلَيْهِ مُعَجَّلَةً وَالْعَمْدُ الَّذِي لَا قِصَاصَ فِيهِ كَقَتْلِ الْمُسْلِمِ نَصْرَانِيًّا عَلَى الْعَاقِلَةِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَهَلْ تَكُونُ مُنَجَّمَةً أَوْ حَالَّةً كَالْمُغَلَّظَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ يُحْسَبُ الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ الحكم قَالَ الْعِرَاقِيّ فِي تَعْلِيقه قَالَ الأهري مِنْ يَوْمِ الْقَتْلِ وَقَالَهُ (ش) وَبِالْأَوَّلِ قَالَ (ح) كَالْعِنِّينِ (وَوَافَقَنَا (ش) فِي التَّنْجِيمِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ) وَقَالَ (ح) إِلَى الْعَطَاءِ لَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَضَى بِهَا فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَقَالَهُ عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ مِنْ غَيْرِ مُخَالِفٍ وَقَالَ (ش) يَحْمِلُ الْغَنِيُّ نِصْفَ دِينَارٍ (وَالْمُتَوَسِّطُ رُبُعَ دِينَارٍ وَلِأَنَّ الشَّرْعَ أَوْجَبَ عَلَى الْغَنِيِّ فِي الزَّكَاةِ نِصْفَ دِينَارٍ) وَيُنَاسِبُ أَنَّ الْمُتَوَسِّطَ نِصْفُهُ وَقَالَ (ح) مِنْ ثَلَاثَةٍ إِلَى أَرْبَعَة لِأَن هَذَا هُوَ الَّذِي لَا يجب لَنَا عَلَى عَدَمِ التَّحْدِيدِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَمْ يُحَدِّدْهَا وَكَذَلِكَ أَصْحَابُهُ بَعْدَهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم الرُّكْن السَّادِس فِي تفليظها فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ مُدْلِجٍ يُقَالُ لَهُ

قَتَادَةُ حَذَفَ ابْنَهُ بِالسَّيْفِ فَأَصَابَ سَاقَهُ وَنُزِيَ فِي جُرْحِهِ فَمَاتَ فَقَدِمَ سُرَاقَةُ بْنُ جُعْشَمٍ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ لَهُ اعْدُدْ عَلَى مَاءِ قُدَيْدٍ عِشْرِينَ وَمِائَةَ بَعِيرٍ حَتَّى أَقْدَمَ عَلَيْكَ فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ عُمَرُ أَخَذَ مِنْ تِلْكَ الْإِبِل ثَلَاثِينَ حقة وثلثين جَذَعَةً وَأَرْبَعِينَ خَلِفَةً فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا ثُمَّ قَالَ أَيْن أَخُو الْمَقْتُول فَقَالَ هَا أناذا فَقَالَ خُذْهَا فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ (لَيْسَ لِقَاتِلٍ شَيْءٌ) وَفِي التَّنْبِيهَاتِ الْمُدْلِجِيُّ بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ اللَّامِ مَنْسُوبٌ إِلَى بَنِي مُدْلِجٍ وَسُرَاقَةُ بِضَمِّ السِّينِ وَقُدَيْدٍ بِضَمِّ الْقَافِ وَدَالَيْنِ مُهْمَلَتَيْنِ مُصَغَّرٌ وَفِي الْمُنْتَقَى إِنَّمَا خُصَّ سُرَاقَةُ لِأَنَّهُ سَيِّدُ الْقَوْمِ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ أَوْ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي سَأَلَهُ عَنِ الْقَضِيَّةِ فَيُلْزِمُ الْأَبَ بِإِحْضَارِهَا مِنْ مَالِهِ وَلِذَلِكَ وَقَعَ الْخِلَافُ فِي هَذَا وَقَوْلُهُ مِائَةً وَعِشْرِينَ يُرِيدُ لِيَخْتَارَ مِنْهَا الْمِائَةَ وَفِي الْكِتَابِ لَا تُغَلَّظُ الدِّيَةُ إِلَّا فِيمَا فَعَلَ الْمُدْلِجِيُّ بِابْنِهِ فَإِنَّ الْأَبَ إِذَا قَتَلَ ابْنَهُ بِحَدِيدَةٍ فَإِنَّمَا تَظْهَرُ مَعَهُ الشُّبْهَةُ كَمَا تَقَدَّمَ دَرْءًا لِلْقَوَدِ وَغُلِّظَتِ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ حَالَّةً وَلَا يَرِثُ الْأَبُ فِي هَذَا مِنْ مَالِ الْوَلَد لَا مِنْ دِيَتِهِ شَيْئًا لِأَنَّهُ مِنَ الْعَمْدِ لَا مِنَ الْخَطَأِ وَالْأُمُّ كَالْأَبِ وَيُغَلَّظُ عَلَى الْحُرِّ كَالْأَبِ وَإِنْ قَطَعَ الْأَبُ شَيْئًا مِنْ أَعْضَاءِ الْوَلَدِ أَوْ جُرْحِهِ كَمِثْلِ مَا فَعَلَ الْمُدْلِجِيُّ بِابْنِهِ تُغَلَّظُ فِيهِ فِي مَالِهِ حَالَّةً وَلَا تَغْلِيظَ فِي أَخٍ وَلَا أُخْتٍ وَلَا زَوْجَةٍ وَلَا زَوْجٍ وَلَا قَرِيبٍ غَيْرِ مَا تَقَدَّمَ وَلَا فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ وَلَا مَنْ قُتِلَ خَطَأً فِي الْحَرَمِ وَتُغَلَّظُ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ فَيَنْظُرُ كَمْ قِيمَةُ أَسْنَانِ الدِّيَةِ الْمُغَلَّظَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهَا وَكَمْ قِيمَةُ أَسْنَانِ دِيَةِ الْخَطَأِ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ فَإِذَا زَادَتِ الْمُغَلَّظَةُ نُظِرَ كَمْ ذَلِكَ مِنْ دِيَةِ الْخَطَأِ فَإِنْ كَانَ رُبُعَهَا فَلَهُ دِيَةٌ وَرُبُعٌ وَكَذَلِكَ غَيْرُ الرُّبُعِ وَفِي النُّكَتِ تَقُومُ دِيَةُ الْخَطَأِ وَدِيَةُ التَّغْلِيظِ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ عَلَى أَنَّهَا حَالَّةٌ حَاضِرَةٌ لِأَنَّ الْخَطَأَ مُؤَجَّلَةٌ وَلَوْ رُوعِيَ هَذَا لَرُوعِيَ فِي الْمُغَلَّظَةِ أَنَّهَا عَلَى فَقِيرٍ أَوْ مَلِيٍّ تَقُومُ عَلَى حَالَةِ فَقْرِهِ وَمِلَائِهِ وَدِيَةُ الْخَطَأِ مَأْمُونَةٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ فَرُبَّمَا زَادَتْ قِيمَتُهَا عَلَى

الْمُغَلَّظَةِ لِلْأَمْنِ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ حُضُورُ الْجَمِيعِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ نَزَلَ هَذَا بِبَلَدٍ لَا إِبِلَ فِيهِ كَالْأَنْدَلُسِ اعْتُبِرَ أَقْرَبُ الْبُلْدَانِ إِلَيْهِمْ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ إِذَا جَرَحَ الْأَبُ ابْنَهُ مَا لَا قِصَاصَ فِيهِ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ تُغَلَّظُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ لِأَنَّهُ لَا يُورَثُ بِالتَّغْلِيظِ بَدَلَ الْأَبِ وَالْأَجْنَبِيُّ يُؤَدَّبُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يُغَلَّظُ عَلَيْهِ (كَالْأَجْنَبِيِّ وَالتَّغْلِيظُ بَدَلَ الْقِصَاصِ لَا بَدَلَ الْأَبِ قَالَ عِيسَى قَالَ مَالِكٌ يُغَلَّظُ عَلَيْهِ) وَلَسْتُ أَرَى ذَلِكَ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ وَجَبَ شِبْهُ الْعَمْدِ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لِمَالِكٍ لَا تُغَلَّظُ وَرَجَعَ إِلَى أَنَّهَا تُغَلَّظُ وَتُقَوَّمُ كَمَا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَعَنْهُ تَلْزَمُهُمْ قِيمَةُ الْمُغَلَّظَةِ مَا بَلَغَتْ مَا لم تنقص عَن أَلْفَ دِرْهَمٍ وَقَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ أَحْسَنُ لِأَنَّ قِيمَتَهَا مُطلقًا قد تُؤدِّي الى سُقُوط التَّغْلِيظ بِأَن تَكُونَ الْقِيمَةُ أَلْفَ دِينَارٍ وَاخْتُلِفَ فِي تَغْلِيظِ الْعَمْدِ عَلَى أَهْلِ الْعَيْنِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تُغَلَّظُ وَقَالَ أَشْهَبُ تُغَلَّظُ وَيُنْظَرُ إِلَى قيمَة الْعَمْدِ عَلَى أَهْلِ الْعَيْنِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تُغَلَّظُ وَقَالَ أَشْهَبُ تُغَلَّظُ وَيُنْظَرُ إِلَى قِيمَةِ الْعَمْدِ مِنَ الْإِبِلِ وَهِيَ الْأَرْبَاعُ مِنْ قِيمَةِ الْخَطَأِ وَيُزَادُ ذَلِكَ الْجُزْءُ وَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ تَجِبُ قِيمَةُ دِيَتِهِ مُطلقًا تجب هَا هُنَا قِيمَةُ الْعَمْدِ عَلَى ذَلِكَ الشَّرْطِ وَعَلَيْهِ مَا عَلَيْهِ قَالَ فِي النَّوَادِرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تُغَلَّظُ الدِّيَةُ عَلَى الْأَبِ وَأَنَّ الْأَبَ وَالْأُمَّ وَأُمَّ الْأُمِّ وَقْفٌ عَنْ أُمِّ الْأَبِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ جَمِيعُ الْجُدُودِ وَالْجَدَّاتِ مِثْلُ الْأَبَوَيْنِ وَقَالَ أَشْهَبُ أُمُّ الْأَبِ كَالْأُمِّ وَأَبِ الْأُمِّ كَالْأَجْنَبِيَّيْنِ وَاتَّفَقُوا فِي التَّغْلِيظِ فِي الْجَدِّ وَالْجَدَّةِ لِلْأَبِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْجَدِّ وَالْجَدَّةِ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ كَالْأَبِ وَقَالَ أَشْهَبُ كَالْأَجْنَبِيِّ وَالثَّابِتُ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّ التَّغْلِيظَ فِي الْجِرَاحِ كَالنَّفْسِ إِذَا كَانَتْ مِثْلَ فِعْلٍ الْمُدْلِجِيِّ بِابْنِهِ وَإِنْ ذُكِرَ عَنْهُ غَيْرُ ذَلِكَ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا يُنْظَرُ فِي التَّقْوِيمِ إِلَى مَا زَادَتِ الْمُغَلَّظَةُ عَلَى الْخَمْسَةِ كَمْ هُوَ وجزء مِنْهَا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ كَمْ هُوَ جُزْءٌ مِنْهَا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ كَمْ هُوَ جُزْءٌ مِنْ الْمُغَلَّظَة قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ نَفْسُ الْمُغَلَّظَةِ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَوِ الْوَرِقِ دِيَة وَثلث

فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا قَتَلَ الْمَجُوسِيُّ ابْنَهُ لَا تُغَلَّظُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مُسْتَخْرَجَةً مِنْ دِيَةٍ وَأَنْكَرَهُ سَحْنُونٌ وَقَالَ أَصْحَابُنَا يَرَوْنَ التَّغْلِيظ عَلَيْهِم إِذا حكم بَينهم لِأَنَّ عِلَّةَ التَّغْلِيظِ سُقُوطُ الْقَوَدِ فَرْعٌ فِي الْمُنْتَقَى الْجِرَاحُ قِسْمَانِ مَا لَا يُقْتَصُّ مِنْهَا كالجائفة وأختاها قَالَ سَحْنُونٌ لَا تُغَلَّظُ لِعَدَمِ الْقَوَدِ فِيهَا والتغليظ بدله وَعَن مَالك تَغْلِيظ قِيَاسًا عَلَى النَّفْسِ وَمَا يُقْتَصُّ مِنْهُ بَيْنَ الْأَجَانِبِ إِذَا وَقَعَ مِنَ الْأَبِ عَلَى فِعْلِ الْمُدْلِجِيِّ فَعَنْ مَالِكٍ تُغَلَّظُ كَالْقَتْلِ وَإِذَا قُلْنَا بِالتَّغْلِيظِ فَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَعَنْهُ إِذَا بَلَغَ ثُلُثَ الدِّيَةِ فَأَكْثَرَ وَإِذَا قُلْنَا بِالتَّغْلِيظِ فَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَعَنْهُ إِذَا بَلَغَ ثُلُثَ الدِّيَةِ فَأَكْثَرَ وَإِذَا قُلْنَا بِتَغْلِيظِهَا عَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ فَفِي تَغْلِيظِهَا عَلَى أَهْلِ الْعَيْنِ رِوَايَتَانِ وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تَنْبِيهٌ وَافَقَنَا (ح) عَلَى أَنَّهَا لَا تُغَلَّظُ لِلشَّهْرِ الْحَرَامِ وَقَالَ (ش) تُغَلَّظُ لنا قَوْله تَعَالَى {ودية مسلمة} وَلَمْ يُفَرِّقْ وَلِأَنَّ الْحُدُودَ لَا تُغَلَّظُ بِالْبِقَاعِ فَكَذَلِكَ الدِّيَةُ احْتَجُّوا بِأَنَّهُ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَان ابْن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْكِتَابَ وَالْقِيَاسَ مُقَدَّمَانِ عَلَى قَوْلِ الصَّحَابِيِّ الْأَثَرُ الثَّالِثُ الْمُرَتّب على الْجِنَايَة الْحُكُومَة وَهِيَ الْأَرْشُ غَيْرُ الْمُقَدَّرِ فَفِي الْكِتَابِ إِذَا كُسِرَتِ التَّرْقُوَةُ خَطَأً فَفِيهَا الِاجْتِهَادُ إِذَا بَرِئَتْ عَلَى عَثْمٍ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ فِيهَا وَكَذَلِكَ الْيَدُ وَالرِّجْلُ (وَجَمِيعُ عِظَامِ الْبَدَنِ إِذَا كُسِرَتْ

خَطَأً فَبَرِئَتْ عَلَى غَيْرِ عَثْمٍ فَلَا شَيْءَ فِيهَا وَكَذَلِكَ الْيَدُ وَالرِّجْلُ) فِي التَّنْبِيهَاتِ الْحُكُومَةُ فِيمَا لَا عَقْلَ فِيهِ بِمَا نَقَصَهُ الْجُرْحُ وَتَفْسِيرُهُ أَنْ يُقَوَّمَ أَنْ لَوْ كَانَ عَبْدًا صَحِيحا ثمَّ مجروحا فللناقص عَلَى الْفَاعِلِ بِحِسَابِهِ مِنْ دِيَتِهِ وَقَالَهُ (ش) وَفَسرهُ ابْن بِأَنَّهَا اجْتِهَاد الإِمَام والترقوة لفتح التَّاءِ وَضَمِّ الْقَافِ غَيْرُ مَهْمُوزٍ وَهِيَ الْعَظْمُ الَّذِي أَعْلَى الصَّدْرِ الْمُتَّصِلِ بِالْعُنُقِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الرُّكْنِ الثَّانِي مِنَ الدِّيَةِ كَثِيرٌ مِنْ أَحْكَامهَا وعدة موضعهَا الَّتِي تَجِبُ فِيهَا فِي خِلَالِ فَتْرَةِ الدِّيَةِ الْمُقَدَّرَةِ مِنْ ضَرُورَةِ تِلْكَ الْفُرُوعِ الْأَثَرُ الرَّابِعُ الْمُرَتّب على الْجِنَايَة الْقيمَة وَفِي الْكِتَابِ فِي عَبْدِ الذِّمِّيِّ وَالْمُسْلِمِ قِيمَتُهُ وَإِنْ كَانَتْ أَضْعَافَ الدِّيَةِ وَفِي مَأْمُومَتِهِ أَوْ جَائِفَتِهِ ثُلُثُ قِيمَتِهِ وَفِي مُنَقِّلَتِهِ عُشْرُ قِيمَتِهِ وَنِصْفُ عُشْرِهَا وَفِي مُوَضِّحَتِهِ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ جِرَاحِهِ مَا نَقَصَ بَعْدَ بُرْئِهِ وَفِي النُّكَتِ إِنَّمَا فُرِّقَ بَيْنَ الْمَأْمُومَةِ وَالْجَائِفَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ وَالْمُوَضِّحَةِ لِأَنَّ سَائِرَ الْجِرَاحِ إِذا برىء بَعْضُهَا بَانَتْ وَهَذِهِ إِذَا بَرِئَتْ لَمْ تَنْقُصْ شَيْئًا وَلَوْ رُوعِيَ حَالَةَ بُرْئِهَا سَقَطَتِ الْجِنَايَةُ فَإِنْ بَرِئَتِ الْجِرَاحُ الْأَرْبَعُ (عَلَى شَيْنٍ فَهَلْ يُقَوَّمُ بِهَا ثُمَّ بِهَا وَبِالشَّيْنِ فَيُصْرَفُ الشَّيْنُ فَيُعْطَى لِلسَّيِّدِ أَوْ يُقَوَّمُ سَالِمًا لَيْسَ بِهِ الْجِرَاحُ الْأَرْبَعُ) ثُمَّ يُقَوَّمُ وَهِيَ بِهِ مَعَ شَيْنِهَا فَإِنْ نَقَصَهُ ذَلِكَ مِثْلَ الْوَاجِبِ فِي الْجَائِفَةِ وَغَيْرِهَا أَوْ أَقَلَّ فَإِنْ نَقَصَهُ أَكْثَرَ أُعْطِيَ الْمُوَقَّتَ مَعَ الزِّيَادَةِ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ هُوَ أَصْوَبُ مِنَ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَعَنْ مَالِكٍ لَا يُزَادُ لِلشَيْنِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ

يُزَادُ بِقَدْرِ الشَّيْنِ وَيُحْمَلُ تَحْدِيدُ الشَّرْعِ عَلَى غَيْرِ الشَّيْنِ وَإِنَّمَا نُسِبَتِ الْجِرَاحَاتُ الْأَرْبَعُ لِقِيمَتِهِ كَمَا تُنْسَبُ إِلَى الْحُرِّ فِي دِيَتِهِ فَنُسِبَتْ دِيَةُ الْحُرِّ إِلَيْهِ كَقِيمَةِ الْعَبْدِ إِلَيْهِ فَرْعٌ وَفِي النَّوَادِرِ إِذَا قَطَعَ يَدَ عَبْدٍ خَطَأً ثُمَّ عتق فَقطع آخر رجله خطأ ثمَّ نزا فَمَاتَ مِنَ الْجُرْحَيْنِ (قَالَ سَحْنُونٌ يُقْسِمُ وَرَثَتُهُ كَمَاتَ مِنَ الْجُرْحَيْنِ) فَيَأْخُذُوا دِيَةَ حُرٍّ مِنَ الرَّجُلَيْنِ النِّصْفَ مِنْ عَاقِلَتِهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي ثَلَاثِ سِنِينَ فَإِنْ أَبَوُا الْقَسَامَةَ أَخَذُوا مِنَ الثَّانِي نِصْفَ الدِّيَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَمِنَ الْأَوَّلِ مَا نَقَصَهُ الْجُرْحُ يَوْمَ الْجِنَايَةِ وَهُوَ عبد خَالَفنَا (ح) فِي قِيمَةِ الْعَبْدِ وَقَالَ لَا يُزَادُ فِيهَا على دِيَة الْحر لنا أَنه مَال متْلف فَتجب قِيمَتُهُ مَا بَلَغَتْ كَسَائِرِ الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ احْتَجَّ بِأَنَّهُ أَدْنَى مِنَ الْحُرِّ وَالْأَدْنَى لَا يُزَادُ عَلَى الْأَعْلَى جَوَابُهُ مَا زِيدَ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ أَدْنَى بَلْ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ مَالٌ وَلَيْسَ بَيْنَ الْحُرِّ وَبَيْنَهُ فِي هَذَا قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ حَتَّى يُقَالَ أَدْنَى وَلَا أَعْلَى الْأَثَرُ الْخَامِسُ الْمُرَتَّبُ عَلَى الْجِنَايَةِ غُرَّةُ الْجَنِينِ وَوَافَقَنَا فِيهِ (ش) وَأَحْمَدُ وَقَالَ (ح) لَا شَيْءَ فِيهِ لَنَا مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ (أَنَّ امْرَأَتَيْنِ اقْتَتَلَتَا فَرَمَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِحَجَرٍ فَقَتَلَتْهَا وَمَا فِي بَطْنِهَا فَاخْتَصَمُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ وَقَضَى بِدِيَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا وَوَرِثَهَا وَلَدُهَا وَمَنْ مَعَهم) وَعَن عمر رَضِي الله عَنْهُم أَنَّهُ اسْتَشَارَ النَّاسَ فِي إِمْلَاصِ الْمَرْأَةِ فَقَالَ الْمُغيرَة بن شُعْبَة شهِدت النَّبِي لله قَضَى فِيهِ بِغُرَّةِ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ فَقَالَ لَتَأْتِيَنِي بِمَنْ يَشْهَدُ مَعَكَ فَشَهِدَ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ احْتَجُّوا بِأَنَّهُ عُضْوٌ

مِنْ أَعْضَائِهَا وَلَوْ قَطَعَ يَدَهَا بَعْدَ مَوْتِهَا لم يلْزمه شَيْء وَلِأَنَّهُ يجوز أَن لَا يَكُونَ مِنْ فِعْلِ الضَّارِبِ بَلْ مِنْ أَلَمِ موت أمه فَلَا تعمر الذمرة بِالشَّكِّ وَالْجَوَاب عَن الول أَنه نيتقض بِمَا إِذَا أَلْقَتْهُ حَالَ الْحَيَاةِ لَا يُعْطَى حُكْمَ عُضْوِهَا اتِّفَاقًا وَلِأَنَّهَا لَوِ اسْتُحِقَّ دَمُهَا لَمْ تُقْتَلْ حَتَّى تَضَعَهُ بِخِلَافِ أَعْضَائِهَا وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْأَصْلَ إِضَافَةُ الْحُكْمِ لِلسَّبَبِ الظَّاهِرِ وَهُوَ الضَّرْبَةُ وَالْأَصْلُ عَدَمُ غَيْرِهِ وَفِي هَذَا طَرَفَانِ الطَّرَفُ الْأَوَّلُ فِي الْمُوجَبِ وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ جِنَايَةٌ تُوجِبُ انْفِصَالَ الْجَنِينِ مَيْتًا فِي حَيَاةِ أُمِّهِ قَالَ الْأُسْتَاذُ الِاعْتِبَارُ فِي وُجُوبِ غرته بحياتها وَفِي كَمَا دِيَتِهِ بِحَيَاتِهِ فَإِنْ لَمْ يَنْفَصِلْ حَتَّى مَاتَتِ الْأُمُّ فَلَا شَيْءَ فِيهِ وَإِنِ انْفَصَلَ بَعْدَ مَوْتِهَا فَكَذَلِكَ وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا انْفَصَلَ بَعْدَ مَوْتِ الْأُمِّ وَجَبَتِ الْغُرَّةُ وَإِنِ انْفَصَلَ حَيًّا فَاسْتَهَلَّ وَالْجِنَايَةُ خَطَأٌ وَتَرَاخَى الْمَوْتُ عَنِ الِاسْتِهْلَالِ فَالْوَاجِبُ الدِّيَةُ بِقَسَامَةٍ أَوْ عُقَيْبَ الِاسْتِهْلَالِ فَقَالَ أَشهب لَا يفْتَقر اسحقاق الدِّيَة إِلَى قسَامَة لقَرِينَة الْفَوْت وَقَالَ ابنالقاسم لابد مِنَ الْقَسَامَةِ لِاحْتِمَالِ طَرَيَانِ سَبَبٍ آخَرَ وَإِنْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ عَمْدًا فَمَشْهُورُ مَذْهَبِ مَالِكٍ لَا قثود فِيهِ لِأَنَّ مَوْتَهُ بِضَرْبَةِ غَيْرِهِ وَدِيَتُهُ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ تَعَمَّدَ الْجَنِينَ بِضَرْبِ الْبَطْنِ أَوِ الظَّهْرِ أَوْ مَوْضِعٍ يُرَى أَنَّهُ أُصِيبَ بِهِ فَالْقَوَدُ بِالْقَسَامَةِ وَأَمَّا إِنْ ضَرَبَ رَأْسَهَا أَوْ ثَدْيَهَا أَوْ رِجْلَيْهَا فَالدِّيَةُ بِقَسَامَةٍ قَالَ وَإِنْ جُرِحَ رَأْسُ الْجَنِينِ وَمَاتَتِ الْأُمُّ فَفِي الْغُرَّةِ قَوْلَانِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا ضُرِبَتِ امْرَأَةٌ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيْتًا فَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ حمل وَلَو مضعة أَوْ عَلَقَةً أَوْ مُصَوَّرًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى فَالْغُرَّةُ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ فِي مَالِ الْجَانِي وَلَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ وَلَا شَيْءَ فِيهِ حَتَّى يُزَايِلَ بَطْنَهَا فِي النُّكَتِ إِنْ خَرَجَ حَيًّا وَلَمْ يَسْتَهِلَّ فَقُتِلَ فَلَا قَوَدَ بَلِ الْغُرَّةُ وَعَلَى قَاتله

الْأَدَبُ كَمَا إِذَا ضَرَبَ بَطْنَهَا فَأَلْقَتْهُ مَيْتًا وَلَمْ يَسْتَهِلَّ صَارِخًا لِأَنَّهُ يُقَادُ مِنْهُ فِي الْأَجْنَبِيِّ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ إِذَا اسْتَهَلَّ الْجَنِينُ الْمَضْرُوبُ خَطَأً فَوَجَبَتِ الدِّيَةُ (بِقَسَامَةٍ فَامْتَنَعُوا مِنَ الْقَسَامَةِ فَلَهُمُ الْغُرَّةُ كَمَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ ثُمَّ بَرَأَ مِنْهَا فَمَاتَ فَلَهُمُ الدِّيَةُ) بِالْقَسَامَةِ فَإِنْ أَبَوْا فَدِيَةُ الْيَدِ أَوِ الْجُرْحِ قَالَ وَهَذَا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ بَلْ لَا غُرَّةَ لِأَنَّهُ بِالِاسْتِهْلَالِ صَار من جملَة الْحيَاء وَزَالَتْ دِيَتُهُ عَنِ الْغُرَّةِ فَإِنْ نَكَلُوا فَلَا شَيْءَ لَهُمْ قَالَ ابْنُ يُونُسَ الِاسْتِهْلَالُ الصِّيَاحُ دُونَ الْعُطَاسِ لِأَنَّهُ يَكُونُ عَنْ رُوحٍ مُخْتَصَّةٍ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ الْعُطَاسُ وَالرَّضَاعُ اسْتِهْلَالٌ الطَّرَفُ الثَّانِي فِي الْمُوجَبِ وَفِي الْكِتَابِ اسْتَحْسَنَ مَالِكٌ الْكَفَّارَةَ فِي الْجَنِينِ وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ وَالذِّمِّيُّ فِيهِمَا الْكَفَّارَةُ وَإِنْ ضَرَبَهَا فَمَاتَتْ وَخَرَجَ بَعْدَ مَوْتِهَا مَيْتًا لَا غُرَّةَ فِيهِ لِأَنَّهُ مَاتَ بِمَوْتِ أُمِّهِ وَإِنْ ضَرَبَ بَطْنَهَا فَأَلْقَتْ جَنِينًا حَيًّا ثُمَّ مَاتَتْ بِآخَرَ فِي بَطْنِهَا وَمَاتَ الْخَارِجُ قَبْلَ مَوْتِهَا أَوْ بَعْدَ فَلَا شَيْءَ فِي الَّذِي لَمْ يُزَايِلْهَا وَالَّذِي اسْتَهَلَّ فِيهِ الدِّيَةُ بِالْقَسَامَةِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ فَالْغُرَّةُ وَإِنْ خَرَجَ الْجَنِينُ مَيْتًا أَوْ حَيًّا فَمَاتَ قَبْلَ مَوْتِ أُمِّهِ وَمَاتَتْ بَعْدَهُ وَرِثَتْهُ وَإِنْ مَاتَتْ وَقَدِ اسْتَهَلَّ صَارِخًا ثُمَّ مَاتَ بَعْدَهَا وَرِثَهَا وَإِنْ خَرَجَ مَيْتًا ثُمَّ خَرَجَ آخَرُ بَعْدَهِ حَيًّا أَوْ قَبْلَهُ أَوْ وَلَدُ أَبٍ وُلِدَ مِنَ امْرَأَةٍ أُخْرَى فَعَاشَ أَوِ اسْتَهَلَّ ثُمَّ مَاتَ وَقَدْ مَاتَ الْأَبُ قَبْلَ ذَلِكَ فَلِلْخَارِجِ حَيًّا (مِيرَاثُهُ مِنْ دِيَةِ الْخَارِجِ مَيْتًا لِأَنَّ الْمَوْلُودَ إِذَا خَرَجَ حَيًّا) وَرِثَ أَبَاهُ وَأَخَاهُ الْمَيِّتَ قَبْلَ وِلَادَتِهِ وَإِنْ ضَرَبَ الْأَبُ بَطْنَ امْرَأَتِهِ خطأ فَأَلْقَت

جَنِينًا مَيْتًا لَمْ يَرِثِ الْأَبُ مِنْ دِيَةِ الْجَنِين شَيْئا وَلَا يحجب وميراثه من سِوَاهُ وَإِنْ ضَرَبَ بَطْنَ امْرَأَتِهِ خَطَأً فَأَلْقَتْ جَنِينًا فَاسْتَهَلَّ وَمَاتَ فَفِيهِ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ أَوْ عَمْدًا فَالْقَوَدُ بِالْقَسَامَةِ إِنْ تَعَمَّدَ ضَرْبَ بَطْنِهَا خَاصَّةً وَلَا قَسَامَةَ فِي الْجَنِينِ الْخَارِجِ مَيْتًا لِأَنَّهُ كَرَجُلٍ ضُرِبَ فَمَاتَ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ وَإِنْ صَرَخَ فَمَاتَ فَكَالْمَضْرُوبِ يَعِيشُ أَيَّامًا فَفِيهِ الْقَسَامَةُ لَعَلَّهُ مَاتَ لِعَارِضٍ بَعْدَ الضَّرْبَةِ وَإِنْ ضَرَبَ مَجُوسِيٌّ أَوْ مَجُوسِيَّةٌ بَطْنَ مُسْلِمَةٍ خَطَأً فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيْتًا حَمَلَتْهُ عَاقِلَةُ الضَّارِبِ أَوْ عَمْدًا فَفِي مَالِ الْجَانِي وَفِي جَنِينِ أُمِّ الْوَلَدِ مِنْ سَيِّدِهَا مَا فِي جَنِينِ الْحُرَّةِ لِأَنَّهُ حُرٌّ وَجَنِينُ الْأَمَةِ مِنْ غَيْرِ السَّيِّدِ (عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ كَانَ أَبُوهُ حُرًّا أَوْ عَبْدًا لِأَنَّهُ بِنِسْبَةِ الْخَمْسِينَ دِينَارًا إِلَى جُمْلَةِ الدِّيَةِ وَاعْتُبِرَ بِالْأُمِّ لِأَنَّهُ كَزَوْجِهَا وَفِي جَنِينِ الذِّمِّيَّةِ عُشْرُ دِيَةِ أُمِّهِ أَوْ نِصْفُ) عُشْرِ دِيَةِ أَبِيهِ وَهُمَا سَوَاءٌ وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى سَوَاءٌ وَإِنْ أَسْلَمَتْ نَصْرَانِيَّةٌ حَامِلٌ تَحْتَ نَصْرَانِيٍّ فَفِي جَنِينِهَا مَا فِي جَنِينِ (أُمِّ الْوَلَدِ مِنْ سَيِّدِهَا) النَّصْرَانِيِّ وَهُوَ عُشْرُ دِيَةِ أَبِيهِ وَإِنِ اسْتَهَلَّ صَارِخًا ثُمَّ مَاتَ حَلَفَ مَنْ يَرِثُهُ يَمِينًا وَاحِدَةً وَيَسْتَحِقُّونَ الدِّيَةَ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ نَصْرَانِيًّا وَإِنْ تَزَوَّجَ عَبْدٌ مُسْلِمٌ نَصْرَانِيَّةً فَفِي جَنِينِهَا مَا فِي جَنِينِ الْمَجُوسِيِّ وَإِنْ أَسْلَمَتْ مَجُوسِيَّةٌ حَامِلٌ تَحْتَ مَجُوسِيٍّ فَفِي جَنِينِهَا مَا فِي جَنِينِ الْمَجُوسِيِّ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا لِأَنَّهُ عَلَى دِينِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالْحُمْرَانُ مِنَ الْعَبِيدِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ السُّودَانِ فَإِنْ قَلُّوا بِتِلْكَ الْبَلْدَةِ فَالسُّودَانُ وَالْقِيمَةُ فِي ذَلِكَ خَمْسُونَ أَو سِتّمائَة

دِرْهَمٍ وَلَيْسَتْ لِلْقِيمَةٍ سُنَّةٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهَا بَلِ اسْتِحْسَانٌ لِأَنَّهَا نِصْفُ الْعُشْرِ وَهُوَ أَصْلُ الْمُقَدَّرَاتِ فِي الْمُوَضّحَة فغذا بذل الْجَانِي عبدا أَو ليدة جُبِرُوا عَلَى أَخْذِهِ إِنْ شَاءُوا أَوْ خَمْسِينَ أَو سِتّمائَة وَإِلَّا يُجْبَرُوا وَلَيْسَ عَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ فِي ذَلِكَ إِبِلٌ وَقَدْ قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْغُرَّةِ وَالنَّاسُ يَوْمَئِذٍ أَهْلُ إِبِلٍ فِي التَّنْبِيهَاتِ الْغُرَّةُ لُغَةً النَّسَمَةُ كَيْفَ كَانَتْ عَبْدًا أَوْ أَمَةً مِنْ غُرَّةِ الْوَجْهِ كَمَا تُسَمَّى نَاصِيَةً وَرَأْسًا وَقَدْ تَكُونُ مِنَ الْحُسْنِ وَالْإِنْسَانُ أَحْسَنُ الصُّور وَقيل مَعْنَاهُ الْأَبْيَض قَالَه أَبُو عمر وَمِنْه الْفَرَسِ وَالْغُرُّ الْمُحَجَّلُونَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ وَيَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَنَدُ مَالِكٍ فِي اخْتِيَارِهِ الْحُمْرَانَ لِأَنَّهُمُ الْبِيضُ قَالَ رَوَيْنَاهُ عَبْدًا أَوْ وَلِيدَةً بِالتَّنْوِينِ وَعَدَمِ الْإِضَافَةِ وَهُوَ الصَّوَابُ وَأَكْثَرُ الشُّيُوخِ رَوَوْهُ بِالْإِضَافَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ ابْنُ فَارِسٍ غُرَّةُ كُلِّ شَيْءٍ أَكْرَمُهُ وَالْأَحْمَرُ أَكْرَمُ مِنَ الْأسود ومقصود الحَدِيث أَعلَى من يُرَى لِلْخِدْمَةِ لَا لِلْفِرَاشِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَعْوِيضُ نَفْسٍ بِنَفْسٍ وَهُوَ حِكْمَةُ الْعَشَرَةِ قَالَ مَالِكٌ وَقِيمَةُ الْخَمْسِينَ وَسِتِّ الْمِائَةِ لَيْسَتْ سُنَّةً ثَابِتَةً قَالَ مُحَمَّدٌ كَالسُّنَّةِ الثَّابِتَةِ وَهِيَ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ خَمْسُونَ دِينَارًا وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ سِتُّمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَعَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ خَمْسُ فَرَائِضَ بِنْتُ مَخَاضٍ وَبِنْتُ لَبُونٍ وَابْنُ لَبُونٍ وَخَلِفَةٌ وَجَذَعَةٌ قَالَ أَشْهَبُ لَا يُؤْخَذُ مِنَ الْبَادِيَةِ إِلَّا الْإِبِلُ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ قَوْلَانِ وَالَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهَا لَيْسَتْ عَلَيْهِمْ إِبِلًا وَأَنْكَرَهُ مُحَمَّدٌ عَلَيْهِ وَقَالَ لِمَ جَعَلَ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ الذَّهَبَ وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ الْوَرِقَ وَمُقْتَضَى قَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ أَنَّ

الْجَانِيَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْغُرَّةِ وَعُشْرِ دِيَةِ الْأُمِّ من كسبهم كالدية وَاعْتِبَار الْقِيمَةَ خَمْسِينَ أَوْ سِتَّمِائَةِ دِرْهَمٍ مُشْكِلٌ لِأَنَّ الْحَدِيثَ جَاءَ بِالْغُرَّةِ وَأَثْمَانُ الْعَبِيدِ فِي الْبِلَادِ تَخْتَلِفُ وَتَتَغَيَّرُ الْأَسْوَاقُ بِالزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ فَإِنْ وُجِدَتْ بِعِشْرِينَ لَمْ يَكُنْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ أَوْ بسبعين أخبر عَلَى إِحْضَارِهَا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ خَمْسُونَ لِأَنَّهُ دون الحضرة وَقَوْلُهُ لَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْعَيْنِ بَدَلَ الْغُرَّةِ مُشْكِلٌ لِأَنَّ الْحَدِيثَ إِنَّمَا جَاءَ بِالْغُرَّةِ وَاخْتُلِفَ فِي سَبْعَةِ مَوَاضِعَ الدَّمُ الْمُجْتَمِعُ هَلْ لَهُ حكم العقلة وَإِنْ تَحَرَّكَ بَعْدَ الْوَضْعِ أَوْ عَطِسَ أَوِ ارْتَضَعَ وَلَمْ يَسْتَهِلَّ هَلْ فِيهِ الْغُرَّةُ أَوِ الدِّيَةُ وَإِنِ اسْتَهَلَّ وَمَاتَ بِالْحَضْرَةِ هَلِ الدِّيَةُ قسَامَة أَوْ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ وَهَلْ فِي عَمْدِهِ إِذَا اسْتَهَلَّ قِصَاصٌ وَإِنْ خَرَجَ بَعْدَ مَوْتِ أُمِّهِ هَلْ فِيهِ غُرَّةٌ أَوْ يَبْطُلُ وَهَلِ الْغُرَّةُ فِي مَال الْجَانِي أَو الْعلقَة وَهل أورثها الْأَبَوَانِ أَمِ الْأُمُّ وَحْدَهَا فَفِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الدَّمِ الْمُجْتَمِعِ الْغُرَّةُ لِانْتِقَالِهِ عَنِ النُّطْفَةِ وَخَالَفَهُ أَشْهَبُ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُتَحَرِّكِ إِنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ لَيْسَ بِحَيٍّ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَإِنْ أَقَامَ يَتَحَرَّك وَيفتح عَيْنَيْهِ حَتَّى يسمع صوبا وَإِنْ خَفِيَ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ الرَّضَاعُ كَالصُّرَاخِ يُعْتَبَرُ وَقِيلَ تُعْتَبَرُ الْحَرَكَةُ فَقَطْ وَمَتَى طَالَ الرَّضَاعُ لَمْ يُخْتَلَفْ فِيهِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنِ اسْتَهَلَّ وَمَاتَ بِالْحَضْرَةِ لَمْ يَسْتَحِقَّ الدِّيَةَ إِلَّا بِقَسَامَةٍ وَالْقَوَدَ وَخَالَفَهُ أَشْهَبُ فِي الْوَجْهَيْنِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا طُرِحَ بَعْدَ مَوْتِ الْأُمِّ لَا شَيْءَ فِيهِ لِأَنَّهُ مَاتَ بِمَوْتِهَا وَعَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ الْغرَّة كالموضحة بِجَامِع الْعِفَّة فِيهِ وَعَنْهُ فِي غَيْرِهَا تَحْمِلُهَا كَالدِّيَةِ لِأَنَّهَا دِيَةٌ كَامِلَةٌ كَدِيَةِ الْمَجُوسِيِّ فَهِيَ دِيَةُ نَفْسٍ وَقَالَ مَالِكٌ مِيرَاثُهُ مِنْ أَبَوَيْهِ الثُّلُثَانِ وَالثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ وَالْبَاقِي للْأَب

وَأَحَدُ قَوْلَيِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنَّهُ لِلْأُمِّ خَاصَّةً لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْهَا أَوْ عُضْوٌ وَلِأَنَّ الْحُرَّةَ وَلَدُهَا مِنَ الْعَبْدِ حُرٌّ وَعَكْسُهُ وَهُوَ يُرَجِّحُ الْأُمَّ فِي الْوَلَدِ وَلِأَنَّ الْغُرَّةَ عُشْرُ قِيمَةِ الْأُمِّ لَا الْأَبِ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يبين ثمنهَا فَلَا شَيْء فِيهِ وَمُقْتَضى كَونهَا شَخْصَيْنِ أَنَّ فِيهِ الْقِيمَةَ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَهَذَا الْقَوْلُ أَبْيَنُ وَقَالَ أَشْهَبُ فِي وَلَدِ الذِّمِّيَّةِ مِنَ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ عُشْرُ دِيَةِ أُمِّهِ وَتَرِثُهُ أُمُّهُ وَإِخْوَتُهُ لِأُمِّهِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَهُوَ غَلَطٌ لَا شَيْءَ لِلْأُمِّ وَلَا لِلنَّصْرَانِيِّ وَلَا لِلْعَبْدِ مِنْ دِيَةِ الْمُسْلِمِينَ بَلْ مَنْ يَرِثُهُ سِوَاهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ فَبَيْتُ الْمَالِ وَيَخْتَلِفُ الْجَنِينُ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِهِ فِي الْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ فَفِي جَنِينِ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ مِنَ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ غُرَّةٌ وَكَذَلِكَ وَالزَّوْجُ عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَفِي جَنِينِ الذِّمِّيَّةِ النَّصْرَانِيَّةِ مِنَ النَّصْرَانِيِّ غُرَّةُ دِيَةِ أُمِّهِ كَانَ الزَّوْجُ حُرًّا أَوْ عَبْدًا فَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا حُرًّا مُسْلِمًا فَغُرَّةٌ أَوْ عَبْدًا مُسْلِمًا فَغُرَّةٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْحُرِّ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ وَفِي حُكْمِ الْمُسْلِمِ مِنْ قَبْلَ الْأَبِ وَعَنْ أَشْهَبَ عُشْرُ دِيَةِ أُمِّهِ وَإِنْ كَانَ الزَّوْج حرا نَصْرَانِيّا فَاسْلَمْ فييه غُرَّةٌ وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ وَأَسْلَمَتْ هِيَ فَقَوْلَانِ (مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ وَلَدَ النَّصْرَانِيَّةِ مُسْلِمٌ بِإِسْلَامِ الْأُمِّ أَمْ لَا وَإِنْ كَانَ زَوْجُ النَّصْرَانِيَّةِ مَجُوسِيًّا فَقَوْلَانِ) أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا عَلَى حُكْمِ الْأَبِ أَوْ عُشْرُ دِيَةِ أُمِّهِ وَفِي جَنِينِ الْمَجُوسِيَّةِ من الْمَجُوسِيّ أَرْبَعُونَ درهما فَإِن كن الزَّوْجُ نَصْرَانِيًّا فَقَوْلَانِ نِصْفُ الْغُرَّةِ عَلَى حُكْمِ الْأَبِ وَأَرْبَعُونَ دِرْهَمًا عَلَى حُكْمِ الْأُمِّ فَإِنْ أَسْلَمَ الْأَبُ فَغُرَّةٌ كَانَ الْأَبُ مَجُوسِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا وَاخْتُلِفَ إِذَا أَسْلَمَتِ الْأُمُّ هَلْ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا عَلَى حُكْمِ الْأَبِ أَوْ غُرَّةٌ عَلَى حُكْمِ الْأُمِّ وَفِي جَنِينِ الْأَمَةِ مِنْ سَيِّدِهَا غُرَّةٌ وَفِيهِ مِنْ غُرَّةِ زَوْجٍ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ أَوْ كَانَتْ حَامِلًا مِنْ زِنًا قَالَ مَالِكٌ عُشْرُ قِيمَتِهَا وَابْنُ وَهْبٍ مَا نَقَصَهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مِنْ خَرَاجِهَا قَالَ ابْنُ يُونُس قَالَ

مُحَمَّدٌ إِذَا غَلَتِ الْحُمْرَانُ فَالْوَسَطُ مِنَ السُّودَانِ وَقَالَ (ح) قِيمَةُ الْغُرَّةِ خَمْسُونَ دِينَارًا أَوْ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ لِأَنَّ الدِّيَةَ عِنْدَهُ عَشَرَةُ آلَافٍ وَأَمَّا (ش) (قِيمَةُ الْغُرَّةِ الدِّيَةُ عِنْدَهُ قِيمَةُ الْإِبِلِ مَا بَلَغَتْ فَالْغُرَّةُ عِنْدَهُ بِنْتُ سَبْعِ سِنِين أَو ثَمَان سَالِمَة من الْعُيُوب لِأَنَّهُ تَسْتَغْنِي بِنَفْسِهَا دُونَ هَذَا السِّنِّ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أُمِّهَا فَإِنْ لَمْ تُوجَدِ الْغُرَّةُ هَكَذَا فَقِيمَتُهَا وَقَالَ (ش) وَ (ح) هِيَ على الْعَاقِلَة فرع فِي المتقى إِذَا قُلْنَا لَا يَجِبُ فِيهِ شَيْءٌ إِذَا خرج بعد مَوتهَا فَخرج بعضه ثمَّ مَاتَ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ لَا شَيْءَ فِيهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَارِقْهَا إِلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ وَقِيلَ فِيهِ غُرَّةٌ مُرَاعَاةَ الِابْتِدَاءِ فَرْعٌ فِي النَّوَادِرِ إِن أَلْقَت جنينين فغرتان وَإِن استهلا فدينات الْأَثر السَّادِس الْمُتَرَتب على الْجِنَايَة الْعَفو وَفِيهِ بَحْثَانِ الْبَحْثُ الْأَوَّلُ فِي الصَّحِيحِ مِنْهُ وَالْفَاسِدِ وَفِي الْكِتَابِ لِلْمَقْتُولِ الْعَفْوُ عَنْ قَاتِلِهِ عَمْدًا وَكَذَلِكَ الْخَطَأُ إِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ وَمَنْ قُتِلَ عَمْدًا وَلَهُ إِخْوَةٌ وَجَدٌّ فَمَنْ عَفَى مِنْهُم جازه وَلَا عَفْوَ لِلْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا عَصَبَةً وَإِنْ ثَبَتَ الْعَمْدُ بِبَيِّنَةٍ جَازَ عَفْوُ الْبَنِينَ على الْبَنَات لِأَنَّهُ أُولُوا النُّصْرَةِ وَلَيْسَ لَهُنَّ عَفْوٌ وَلَا قِيَامٌ فَإِنْ عَفَوْا عَنِ الدِّيَةِ دَخَلَ النِّسَاءُ فِيهَا على فَرَائض الله وَقضى مِنْهُ دِيَته وَإِنْ عَفَا أَحَدُ الْبَنِينَ سَقَطَ حَظُّهُ مِنَ الدِّيَةِ وَبَقِيَّتُهَا بَيْنَ مَنْ بَقِيَ عَلَى الْفَرَائِضِ للزواجة وَغَيرهَا

لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَمَرَ بِتَوْرِيثِ امْرَأَةِ أَشْيَمَ الضُّبَابِيِّ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا وَكَذَلِكَ فِي هَذَا إِذَا وَجَبَ الدَّمُ بِقَسَامَةٍ وَلَوْ أَنَّهُ عَفَا عَنِ الدِّيَةِ كَانَتْ لَهُ وَلِجَمِيعِ الْوَرَثَةِ عَلَى الْمَوَارِثِ وَإِنْ عَفَا جَمِيعُ الْبَنِينَ فَلَا شَيْءَ لِلنِّسَاءِ مِنَ الدِّيَةِ لِعَدَمِ اعْتِبَارِ مَنْ مَعَهُمْ وَإِنَّمَا لَهُنَّ إِذَا عَفَا بَعْضُ الْبَنِينَ وَالْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ كَالْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ فِيمَا تَقَدَّمَ فَإِنْ كَانَ الْأَخَوَاتُ شَقَائِقُ وَالْإِخْوَةُ لِلْأَبِ فَلَا عَفْوَ إِلَّا باجتماعهم لِأَن الاخوة لأَب مَعَهُنَّ عَصَبَةٌ وَإِنِ اجْتَمَعَ بَنَاتٌ وَعَصَبَةٌ أَوْ أَخَوَاتٌ وَعَصَبَةٌ قُدِّمَ الطَّالِبُ لِلْقَتْلِ لِأَنَّهُ أَصْلُ الْعَمْدِ وَلَا عَفْوَ إِلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ لِاخْتِصَاصِ كُلٍّ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ نِصْفَهُ نَقْصٌ وَكَمَالٌ إِلَّا أَنْ يَعْفُوَ بَعْضُ الْبَنَاتِ وَبَعْضُ الْعَصَبَةِ أَوْ بَعْضُ الْأَخَوَاتِ وَبَعْضُ الْعَصَبَةِ فَيُمْتَنَعُ الْقَتْلُ كَعَفْوِ أَحَدِ الِابْنَيْنِ وَلِمَنْ بَقِيَ الدِّيَةُ فَإِنْ طَلَبَ بَعْضُ الْبَنَاتِ الْقَتْلَ وَبَعْضُهُنَّ الْعَفْوَ فَإِنْ عَفَا الْعَصَبَةُ تَمَّ الْعَفْوُ أَوْ طَلَبُوا الْقَتْلَ فَذَلِكَ لَهُمْ لِأَنَّهُمْ أَهْلُ النُّصْرَةِ وَسَقَطَتِ الْبَنَاتُ لِانْقِسَامِهِنَّ وَإِنْ طلب بعض الْعصبَة الْقَتْل وَعَفا البَاقِينَ امْتُنِعَ الْقَتْلُ كَأَحَدِ الِابْنَيْنِ فَإِنِ اجْتَمَعَ ابْنَةٌ وَأُخْتٌ فَالْبِنْتُ أَوْلَى بِالْقَتْلِ أَوِ الْعَفْوِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إِنْ مَاتَ مَكَانَهُ وَإِنْ عَاشَ وَأَكَلَ وَشَرِبَ فَلَيْسَ لَهُمَا أَنْ يُقْسِمَا لِأَنَّ النِّسَاءَ لَا يُقْسِمْنَ فِي الْعَمْدِ وَيُقْسِمُ الْعَصَبَةُ فَإِنْ أَقْسَمُوا وَطَلَبُوا الْقَتْلَ وَعَفَتِ الِابْنَةُ فَلَا عَفْوَ لَهَا لِأَنَّ الدَّمَ ثَبَتَ بِحَلِفِهِمْ أَوْ أَرَادَتِ الْقَتْلُ خَطَأً وَلَيْسَ لَهُ إِلَّا ابْنَةٌ وَأُخْتٌ أَقْسَمَتَا وَأَخَذَتَا الدِّيَةَ لِأَنَّهُمَا يَحْلِفَانِ فِي الْمَالِ وَفِي النُّكَتِ (إِذَا اسْتَحَقَّ الدَّمَ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ فِي الدَّرَجَةِ سَوَاءً فَلَا مَدْخَلَ لِلنِّسَاءِ فِي الْعَفْوِ وَلَا فِي الْقَتْلِ وَالنِّسَاءُ أَقْعَدُ) فَلَا عَفْوَ غلا بِالِاجْتِمَاعِ وَإِنْ كُنَّ يَنْفَرِدْنَ بِالْمِيرَاثِ أَوِ اسْتُحِقَّ الدَّم بقسامة فَلَا عفوا لِأَن إِلَّا بِالِاجْتِمَاعِ مِنَ اللَّاتِي هُنَّ أَقْرَبُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّوَاتِي يَرِثْنَهُ وَمِنَ الْعَصَبَةِ وَمَتَى اسْتُحِقَّ الدَّم ببنية فَلَا عَفْوَ لِلرِّجَالِ وَلَا قَتْلَ قَالَ ابْنُ يُونُس قَالَ

ابْنُ الْقَاسِمِ أَوْلَى الْأَوْلِيَاءِ الْأَوْلَادُ الذُّكُورُ وَلَا حَقَّ لِلْأَبِ وَالْجَدِّ مَعَهُمْ فِي عَفْوٍ وَلَا قِيَامٍ (وَإِنْ كَانَ مِنَ الْأَبِ وَالْجَدِّ بَنَاتٌ فَلَا عَفْوَ لَهُنَّ إِلَّا بِهِ وَلَا لَهُ إِلَّا بِهِنَّ وَلَا حَقَّ لِلْأُمِّ مَعَ الْأَبِ فِي عَفْوٍ وَلَا قِيَامٍ) وَلَا حَقَّ لِلْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ مَعَ الْأَبِ فِي عَفْوٍ وَلَا قِيَامٍ وَالْأُمُّ وَالْإِخْوَةُ لَا عَفْوَ لَهُمْ إِلَّا بِهَا وَلَا لَهَا إِلَّا بهم والام وَالْأَخَوَاتُ وَالْعَصَبَةُ إِنِ اجْتَمَعَتِ الْأُمُّ وَالْعَصَبَةُ عَلَى الْعَفْوِ جَازَ على الْأَخَوَاتِ وَإِنْ عَفَا الْعَصَبَةُ وَالْأَخَوَاتُ فَلِلْأُمِّ الْقِيَامُ وَالْأُمُّ وَالْبَنَاتُ وَالْعَصَبَةُ إِنْ عَفَا الْبَنَاتُ وَالْعَصَبَةُ جَازَ عَلَى الْأُمِّ أَوِ الْأُمُّ وَالْعَصَبَةُ لَمْ يَجُزْ إِلَّا بِعَفْوِ الْبَنَاتِ لأَنهم أَقْرَبُ وَقَالَ أَشْهَبُ لَيْسَ لِلْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ عَفْو وَلَا قيام وَلَا من ابْنِ الْأَخِ كَالْوَلَاءِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ كَانَ لَهُ ابْنٌ عَبْدٌ فَعُتِقَ بَعْدَ الْقَتْلِ فَلَا مَدْخَلَ لَهُ مَعَ الْأَوْلِيَاءِ فِي دَمٍ وَلَا مِيرَاثٍ وَلَوْ أُلْحِقَ بِأَبِيهِ بَعْدَ الْقَتْلِ لَدَخَلَ فِي الْمِيرَاثِ وَضَابِطُ هَذَا الْبَابِ أَنَّهُ مَتَى كَانُوا رِجَالًا فِي الْقُعْدُدِ سَوَاءً قُدِّمَ الدَّاعِي للعفو أَو بَعضهم أقرّ فَلَا قَول الْأَبْعَد فِي قَوْلٍ وَلَا قِيَامٍ أَوْ رِجَالًا وَنِسَاءً فِي العقدد سَوَاءً فَلَا قَوْلَ لِلنِّسَاءِ فِي قَتْلٍ وَلَا عَفْوٍ وَالنِّسَاءُ أَقْرَبُ فَلَا عَفْوَ إِلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ وَإِنْ أَسْلَمَ ذِمِّيٌّ أَوْ رَجُلٌ لَا تُعْرَفُ لَهُ عَصَبَةٌ فَلِبَنَاتِهِ أَنْ يَقْتُلْنَ فَإِنِ اخْتَلَفْنَ فِي الْعَفْوِ وَالْقَتْلِ اجْتَهَدَ الْإِمَامُ وَإِنْ قُتِلَ ابْنُ الْمُلَاعَنَةِ بِبَيِّنَةٍ فَلِأُمِّهِ الْقَتْلُ وَعَنْ مَالِكٍ فِي أُمٍّ وَأَخٍ وَابْنِ عَمٍّ عَفَتِ الْأُمُّ فَلَا عَفْو للها دونهَا وَالْجَدُّ لِلْأَبِ أَوِ الْأُمِّ لَا يُجْرَى مَجْرَى الْأُمِّ فِي عَفْوٍ وَلَا قِيَامٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ اخْتُلِفَ فِي الَّذِينَ هُمْ سَوَاءٌ فِي الْقُعْدُدِ إِذَا بَعُدُوا كَالْأَعْمَامِ أَوْ بَنِي الْأَعْمَامِ فَعَنْ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ يُقَدَّمُ الْعَامِّيُّ كَالْبَنِينَ وَالْإِخْوَةِ وَعَن مَالك لابد مِنِ اجْتِمَاعِهِمْ لِضَعْفِ الْحَمِيَّةِ بِسَبَبِ الْبُعْدِ وَالْإِخْوَةِ وَبَنُوهُمْ أَحَقُّ مِنَ الْأَعْمَامِ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ أَخًا لِأُمٍّ هُوَ كَأَحَدِهِمْ عِنْدَ ابْنِ

الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ هُوَ أَحَقُّ لِأَنَّهُ أَقْعَدُ بِالْأُمِّ وَالْقَوْلَانِ جَارِيَانِ فِي الْوَلَاءِ وَالرَّجُلُ مِنَ الْفَخِذِ أَوِ الْقَبِيلِ لَا يُعْلَمُ قُعْدُدُهُ وَلَا مِيرَاثُهُ لَيْسَ لَهُ قِيَامٌ وَلَا عَفْوٌ وَيُقَدَّمُ النَّسَبُ عَلَى الْوَلَاءِ فِي الْقِيَامِ وَالْعَفْوِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَسَبٌ فَالْمَوْلَى الْأَعْلَى فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَالسُّلْطَانُ دُونَ الْمَوْلَى الْأَسْفَلِ وَاخْتُلِفَ عَنْ مَالِكٍ فِي النِّسَاءِ فَعَنْ مَالِكٍ لَا مَدْخَلَ لَهُنَّ وَالْمَعْرُوفُ عَنْهُ لَهُنَّ وَعَلَيْهِ هُنَّ ثَلَاثٌ الْبَنَاتُ وَبَنَاتُ الِابْنِ وَإِنْ سَفَلْنَ وَالْأَخَوَاتِ دُونَ بَنِيهِنَّ وَفِي الْأُمِّ قَوْلَانِ فَمَالِكٌ لَهَا الْقِيَامُ وَمَنَعَهُ أَشْهَبُ وَلَا قِيَامَ لَهَا مَعَ الْوَلَدِ وَلَا مَعَ الاخوة وَلَا مَعَ السُّلْطَانِ وَلَا قِيَامَ لِبَنِي مَنْ ذَكَرْنَا وَالْبَنَاتُ أَوْلَى مِنْ بَنَاتِ الِابْنِ وَقَدَّمَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْبَنَاتِ عَلَى الْأَخَوَاتِ وَقَالَ أَشْهَبُ الْأَخَوَاتُ عَصَبَةُ الْبَنَاتِ فَلَا عَفْوَ إِلَّا بِالْجَمِيعِ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بَنَاتُ الِابْنِ أَوْلَى نِسَاءٍ لَا تَسْقُطُ الْأُمُّ إِلَّا مَعَ الْأَبِ وَالْوَلَدِ الذَّكَرِ فَعَلَى هَذَا لَا بُدَّ مِنَ الْجَمِيعِ فِي الْعَفْوِ وَإِذَا اجْتَمَعَ النِّسَاءُ وَالرِّجَالُ لثَلَاثَة أَحْوَالٍ مِنْ أَقْرَبَ أَوْ أَبْعَدَ أَوْ فِي دَرَجَة فأبعد وَإِذَا اجْتَمَعَ النِّسَاءُ وَالرِّجَالُ فَثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ مِنْ أَقْرَبَ أَوْ أَبْعَدَ أَوْ فِي دَرَجَةٍ فَأَبْعَدُ كالبنين وَبَنَات الابْن أَو بني الِابْنِ وَالْأَخَوَاتِ فَيُسْقِطُ النِّسَاءَ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِنِ ادَّعَى الْقَاتِلُ أَنَّ الْوَلِيَّ عَفَا فَلَهُ تَحْلِيفه فَإِن نكل ردَّتْ الْيَمين على الْقَاتِل أَو ادّعى بَيِّنَة غايبة عَلَى الْعَفْوِ تُلُوِّمُ لَهُ وَإِنْ كَانَ الْأَوْلِيَاءُ أَوْلَادًا صِغَارًا وَعَصَبَةً فَلِلْعَصَبَةِ أَنْ يَقْتُلُوا أَوْ يَأْخُذُوا الدِّيَة ويعفون وَيَجُوزُ عَلَى الصِّغَارِ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِمْ وَلَيْسَ لَهُمُ الْعَفْوُ عَلَى غَيْرِ مَالٍ لِحَقِّ الصِّغَارِ فِي الْمَالِ وَكَذَلِكَ مَنْ وَجَبَ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ دَمٌ عَمْدٍ وَخَطَأٍ لَمْ يَجُزْ عَفْوُ الْأَبِ إِلَّا على الدِّيَة لَا أقل مِنْهُم فَإِنْ عَفَا فِي الْخَطَأِ وَتَحَمَّلَ الدِّيَةَ جَازَ فِي الْمَلِيِّ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ عَفْوُهُ وَكَذَلِكَ الْعَصَبَةُ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا أَوْصِيَاءَ لَهُ وَإِنْ جُرِحَ الصَّبِيُّ عَمْدًا وَلَهُ وَصِيٌّ أَوْ وَلِيٌّ فَلِلْوَصِيِّ أَنْ يَقْتَصَّ لَهُ وَأَمَّا إِنْ قُتِلَ فَوُلَاتُهُ أَوْلَى لِذَهَابِ الْوَصِيَّةِ بِفَوَاتِ الْمَحَلِّ وَلَا يَعْفُو الْأَبُ عَنْ جُرْحِ ابْنِهِ

الصَّغِيرِ إِلَّا أَنْ يُعَوِّضَهُ مِنْ مَالِهِ وَلَا يَعْفُو الْوَصِيُّ فِي ذَلِكَ إِلَّا عَلَى مَالٍ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ وَالْعَمْدُ وَالْخَطَأُ سَوَاءٌ وَلَا يَأْخُذُ الْأَبُ أَوِ الْوَصِيُّ أَقَلَّ مِنَ الْأَرْشِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْجَارِحُ عَيْنًا فَيَرَى الْأَبُ أَوِ الْوَصِيُّ مِنَ النَّظَرِ صُلْحَهُ عَلَى أَقَلَّ من الْأَرْش وَإِن قتل الصَّغِير الصَّغِيرُ عَبْدًا عَمْدًا فَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَخْتَارَ أَبَوَاهُ أَوْ وَصِّيُّهِ أَخْذَ الْمَالِ إِذْ لَا نَفْعَ لَهُ فِي الْقِصَاصِ وَإِنْ عَفَا الْمَقْتُولُ خطأ من دِيَته حَاز فِي ثُلُثِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَأوصى مَعَ ذَلِك بوصايا تحصت الْعَاقِلَةُ وَأَهْلُ الْوَصَايَا فِي ثُلُثِ دِيَتِهِ وَتُوَرَّثُ الدِّيَةَ عَلَى الْفَرَائِضِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَهُوَ أَحَقُّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنِ ادَّعَى عَلَيْهِ الْعَفْوَ اسْتَحْلَفَهُ يَمِينًا وَاحِدَةً الْبَحْثُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْعَفْوِ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ عَفَا عَنْهُ سَقَطَ الْقَتْلُ وَضُرِبَ مِائَةً وَحُبِسَ عَامًا كَانَ الْقَاتِلُ رَجُلًا أَوِ امْرَأَةً مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا وَالْمَقْتُولُ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ يَقْتُلُ وَلِيَّكَ عَمْدًا فَيَعْفُو عَنْهُ عَلَى أَنْ يَأْخُذَهُ يُضْرَبُ مِائَةً وَيُحْبَسُ عَامًا وَإِنْ عَفَوْتَ عَنْهُ وَلَمْ يُشْتَرَطْ فَكَعَفْوِكَ عَنِ الْحُرِّ وَلَا يُشْتَرَطُ الدِّيَةُ لَا شَيْءَ لَك إِلَّا أَن يتَبَيَّن أَنَّك أدركتها فَتَحْلِفُ بِاللَّهِ أَنَّكَ مَا عَفَوْتَ إِلَّا عَلَى أَخْذِهَا وَكَذَلِكَ فِي الْعَبْدِ لَا بُدَّ أَنْ يَعْرِفَ أَنَّكَ عَفَوْتَ لِتَسْتَرِقَّهُ فَذَلِكَ لَكَ ثُمَّ يُخَيَّرُ سَيِّدُهُ لِأَنَّ الْعَفْوَ ظَاهِرٌ فِي السُّقُوطِ مُطْلَقًا وَإِنْ عَفَوْتَ عَلَى أَنْ تَأْخُذَهُ رَقِيقًا وَقَالَ سَيِّدُهُ إِمَّا أَنْ تَقْتُلَهُ أَوْ تَدَعَهُ فَلَا قَوْلَ لَهُ وَالْعَبْدُ لَكَ لِأَنَّكَ اسْتَحْقَقْتَهُ بِدَمِ وَلِيِّكَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ سَيِّدُهُ دَفْعَ الدِّيَة إِلَيْك وَيَأْخُذَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَصْبَغُ لَا يُحْبَسُ الْعَبْدُ وَلَا الْأَمَةُ بَلْ يُجْلَدَانِ كَالزِّنَا لِحَقِّ الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ وَقَوْلُهُ فِي الْعَبْدِ ذَلِكَ لَكَ وَيُخَيَّرُ سَيِّدُ هَذَا إِذَا ثَبَتَ قَتْلُهُ بِالْبَيِّنَةِ فَإِنْ كَانَ بِإِقْرَارِ الْعَبْدِ فَلَيْسَ لَهُ اسْتِجْبَارُهُ عَلَى أَخْذِهِ إِلَّا أَنْ يَقْتُلَهُ أَوْ يَدَعَ لِلتُّهْمَةِ فِي الِانْتِقَالِ إِلَيْكَ قَالَ اللَّخْمِيُّ اخْتُلِفَ فِي الْعَبْدِ إِنْ كَانَ هُوَ الْقَاتِلَ كَمَا تَقَدَّمَ وَالنَّصْرَانِيُّ إِنْ كَانَ الْمَقْتُولَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنَّمَا عَلَيْهِ الْأَدَبُ

دُونَ الْحَبْسِ وَالضَّرْبِ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ صُولِحَ قَاتِلُ الْعَمْدِ عَلَى أَكْثَرَ جَازَ لِأَنَّهُ فِدَاءٌ وَإِنْ بَقِيَتْ مُهْمَلَةً فَفِي مَالِ الْقَاتِلِ مُرَبَّعَةً فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ قَاتِلُ الْعَمْدِ إِذَا طُلِبَتْ مِنْهُ الدِّيَةُ فَأَبَى إِلَّا أَنْ يَقْتُلُوهُ لَيْسَ لَهُمْ إِلَّا الْقَتْلُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {كتب عَلَيْكُم الْقصاص فِي الْقَتْلَى} وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (الْعَمْدُ قَوَدٌ) وَإِنْ عَفَا بَعْضُهُمْ فَنَصِيبُ غَيْرِ الْعَافِي فِي مَالِ الْجَانِي لِتَعَذُّرِ تَبْعِيضِ الْقَتْلِ وَإِنْ طَلَبُوا فِي جُرْحِ الْعَمْدِ الدِّيَةَ فَلَيْسَ لَهُمْ إِلَّا الْقِصَاصُ إِذَا امْتَنَعَ الْجَانِي وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَيْسَ لَهُ الِامْتِنَاعُ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ حِفْظُ نَفْسِهِ وَيُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَأَهْلُهُ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ إِنْ أَحَبُّوا قَتَلُوا وَإِنْ أَحَبُّوا أَخَذُوا الدِّيَةَ) قََالَ سَحْنُونٌ إِنْ عَفَا عَنْ نِصْفِ الْجُرْحِ وَأَمْكَنَ الْقِصَاصُ مِنْ نِصْفِهِ اقْتُصَّ وَإِنْ تَعَذَّرَ فَالْخِيَارُ لِلْمَجْرُوحِ إِنِ اخْتَارَ ذَلِكَ أَدَّى نِصْفَ عَقْلِ الْجُرْحِ وَإِنْ أَبَى قِيلَ لِلْمَجْرُوحِ إِمَّا أَن يعْفُو أَنْ يَقْتَصَّ وَقَالَ أَشْهَبُ يُجْبَرُ عَلَى أَنْ يُعْقَلَ لَهُ النِّصْفُ وَفِي الْجَوَاهِرِ فِي مُوجَبِ الْعَمْدِ رِوَايَتَانِ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ الْقَوَدُ وَرِوَايَةُ أَشْهَبَ أَحَدُهُمَا فَإِنْ عَفَا الْوَلِيُّ عَنْهُمَا صَحَّ أَوْ عَنِ الدِّيَةِ فَلَهُ الْقِصَاصُ أَوْ قَالَ اخْتَرْتُ الدِّيَةَ سَقَطَ الْقَوَدُ أَوِ اخْتَرْتُ الْقَوَدَ لَمْ يَسْقُطِ اخْتِيَارُ الدِّيَةِ بَلْ لَهُ الرُّجُوعُ إِلَيْهَا وَعَلَى رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهِيَ الْمَشْهُورَةُ إِنْ عَفَا عَلَى مَالٍ ثَبَتَ الْمَالُ إِنْ وَافَقَ الْجَانِي وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْإِقْبَاضِ ثَبَتَ الْمَالُ وَإِنْ عَفَا مُطْلَقًا سَقَطَ

الْقِصَاصُ وَالدِّيَةُ وَلِلْمُفْلِسِ الْعَفْوُ عَنِ الْقِصَاصِ دُونَ الدِّيَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ وَإِنْ كَانَ الْوَلِيَّانِ مُفْلِسَيْنِ فَعَفَا أَحَدُهُمَا صَحَّ الْأَوَّلُ دُونَ الثَّانِي إِلَّا فِيمَا زَادَ عَلَى مَبْلَغِ دِيَتِهِ

فرع قَالَ إِن قتل أحدا لابنين أَبَاهُ وَقَتَلَ الْآخَرُ أُمَّهُ فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِمَا وَلِكُلِّ وَاحِدٍ قَتْلُ الْآخَرِ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا وَرِثَ أَبَاهُ وَالْآخَرُ وَرِثَ أُمَّهُ فَإِنْ بَادَرَ أَحَدُهُمَا وَقَتَلَ الْآخَرَ اسْتَوْفَى حَقَّهُ وَلِوَرَثَةِ الْمَقْتُولِ أَنْ يَقْتُلُوا الْقَاتِلَ كَمُورِثِهِمْ فَإِنْ تَنَازَعُوا فِي التَّقْدِيمِ أَيُّهُمَا يَقْتُلُ أَوَّلًا اجْتَهَدَ السُّلْطَانُ وَإِنْ عَفَا كُلُّ وَاحِدٍ عَنْ صَاحِبِهِ وَجَبَ لِأَحَدِهِمَا دِيَةُ أَبِيهِ وَلِلْآخَرِ دِيَةُ أُمِّهِ وَقَالَ سَحْنُونٌ يُعْفَى عَنْهُمَا جَمِيعًا لِأَنَّا إِنْ قَتَلْنَا أَحَدَهُمَا وَرِثَ الْآخَرُ الدَّمَ فَلَا يُقْتَلُ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَقُولُ يُقْتَلُ قَبْلِي حَتَّى لَا أُقْتَلَ أَنَا فَلَا بُدَّ مِنَ الْعَفْوِ عَنْهُمَا فَرْعٌ قَالَ أَرْبَعَةُ إِخْوَةٍ قَتَلَ الثَّانِي الْكَبِيرَ ثُمَّ قَتَلَ الثَّالِثُ الصَّغِيرَ وَجَبَ الْقِصَاصُ عَلَى قَاتِلِ الصَّغِيرِ لِأَنَّ الثَّانِيَ لَمَّا قَتَلَ الْكَبِيرَ ثَبَتَ الْقِصَاصُ عَلَيْهِ لِلثَّالِثِ وَلِلصَّغِيرِ فَلَمَّا قَتَلَ الثَّالِثُ الصَّغِيرَ وَرِثَهُ الثَّانِي وَحْدَهُ فَوَرِثَ مَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ مِنَ الْقِصَاصِ فَسَقَطَ وَسَقَطَتْ حِصَّةُ الشَّرِيكِ إِلَى نِصْفِ الدِّيَةِ وَكَانَ لَهُ قَتْلُ الثَّالِثِ بِالصَّغِيرِ وَإِنْ عَفَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ يُقَاصُّهُ بِنِصْفِهَا فَرْعٌ فِي النَّوَادِرِ قَالَ أَصْبَغُ إِنْ فَوَّضَ أَمْرَ دَمِهِ لِوَكِيلِهِ فَعَفَا وَامْتَنَعَ الْوَلِيُّ أَوِ الْعَكْسُ أَوْ ثَبَتَ الدَّمُ بِبَيِّنَةٍ قُدِّمَ الْوَكِيلُ فِي الْعَفْوِ وَالْقَتْلِ لِأَنَّهُ خَلِيفَةُ الْأَصْلِ ارْتَضَاهُ لِنَفْسِهِ كَالْوَصِيِّ أَوْ بِقَسَامَةٍ فَالْوَلِيُّ لِأَنَّ الدَّمَ ثَبَتَ بِقَسَامَتِهِمْ وَإِنْ قَالَ عِنْدَ مَوْتِهِ لَا يُعْفَى

عَنْ قَاتِلِي وَالدَّمُ بِبَيِّنَةٍ فَلَا عَفْوَ لِلْأَوْلِيَاءِ لِأَنَّهُ مَنَعَ مِنْهُ أَوْ بِقَسَامَةٍ فَلَهُمُ الْعَفْوُ فَرْعٌ قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا عَفَا أَحَدُ الْأَوْلِيَاءِ فِي الْعَمْدِ ضُمِنَ لِلْبَاقِينَ نَصِيبُهُمْ مِنَ الدِّيَةِ فَرْعٌ قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا قَالُوا إِنَّمَا عَفَوْنَا عَلَى الدِّيَةِ فَذَلِكَ لَهُمْ إِنْ كَانَ بالحضرة وَإِن قَالَ فَلَا فَرْعٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ تَابَ وَعَرَضَ نَفْسَهُ عَلَى الْأَوْلِيَاءِ فَامْتَنَعُوا خَشْيَةَ الْوَالِي فَعَرَضَ الدِّيَةَ فَامْتَنَعُوا أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُؤَدِّيَ دِيَتَهُ إِلَيْهِمْ وَيَعْتِقَ الرِّقَابَ وَيَتَقَرَّبَ بِالدُّعَاءِ وَالرَّغْبَةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَيَحُجُّ وَيُكْثِرُ مِنَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ مَا اسْتَطَاعَ وَيَلْحَقُ بِالثُّغُورِ وَيَتَصَدَّقُ بِمَا قَدَرَ عَلَيْهِ وَيَتَعَرَّضُ لِلْعَدُوِّ عَسَاهُ أَنْ يُقْتَلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِنْ قُبِلَتْ دِيَةُ الْعَمْدِ وَرِثَتْ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى النِّسَاءُ وَغَيْرُهُنَّ إِلَّا الْقَاتِلَ وَكَذَلِكَ لَا يَرِثُهُ الْأَبُ إِذَا فَعَلَ فِعْلَ الْمُدْلِجِيِّ بِابْنِهِ قَاعِدَةٌ التَّقَادِيرُ الشَّرْعِيَّةُ إِعْطَاءُ الْمَوْجُودِ حُكْمَ الْمَعْدُومِ وَإِعْطَاءُ الْمَعْدُومِ حُكْمَ الْمَوْجُودِ فَالْأَوَّلُ كَتَقْدِيرِ الْمِلْكِ الْمَوْجُودِ مِنْ دَمِ الْبَرَاغِيثِ الْيَسِيرِ وَنَحْوِهِ وَالْمَنَافِعُ الْكَائِنَةُ فِي الْمُحَرَّمَاتِ وَالْعُقُودِ الْمَاضِيَةِ إِذَا تَعَقَّبَهَا الْفَسْخُ يُقَدَّرُ ذَلِكَ

مَعْدُومًا لَمْ يَكُنْ مَعَ أَنَّهُ كَانَ وَالثَّانِي كَتَقْدِيرِ الْمِلْكِ الْمَعْدُومِ فِي الْإِعْتَاقِ عَنِ الْغَيْرِ فَإِنَّ ثُبُوتَ الْوَلَاءِ لِلْمُعْتَقِ عَنْهُ فَرْعٌ مِلْكُهُ وَلَا مِلْكَ فَيُقَدِّرُ الشَّرْعُ مِلْكَهُ قَبْلَ الْعِتْقِ بِالزَّمَنِ الْمُقَدَّرِ وَكَذَلِكَ الدِّيَةُ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ تَوْرِيثُهَا فَرْعٌ مِلْكُ الْمُوَرِّثِ لَهَا وَلَمْ يَمْلِكْهَا فِي الْحَيَاةِ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِنَفْسِهِ حِينَئِذٍ فَلَا يُجْمَعُ لَهُ بَيْنَ الْعِوَضِ وَالْمُعَوَّضِ وَمِلْكُهَا بَعْدُ مُتَعَذِّرٌ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ فَيُقَدِّرُ الشَّرْعُ مِلْكَهُ لَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِالزَّمَنِ الْفَرْدِ لِيَصِحَّ التَّوْرِيثُ وَقَدْ وَرَدَ بِهِ حَدِيثُ امْرَأَةِ أَشْيَمَ الضَّبَابِيِّ كَمَا تَقَدَّمَ فَيَتَعَيَّنُ التَّقْدِيرُ الْأَثَرُ السَّابِعُ الْمُرَتَّبُ عَلَى الْجِنَايَة الْكَفَّارَة وَأَصْلُهَا قَوْله تَعَالَى {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خطأ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى - فَصِيَام شَهْرَيْن مُتَتَابعين} الْآيَة وَفِي الْجَوَاهِرِ كُلُّ حُرٍّ مُسْلِمٍ قَتَلَ حُرًّا مُسلما مَعْصُوما خطأ معليه تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ سَلِيمَةٍ مِنَ الْعُيُوبِ لَيْسَ فِيهَا شِرْكٌ وَلَا عَقْدُ حُرِّيَّةٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الظِّهَارِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعِ انْتَظَرَ الْقُدْرَةَ عَلَى الصِّيَامِ أَوْ وُجُودَ الرَّقَبَةِ وَلَا إِطْعَامَ فِيهَا لِعَدَمِهِ فِي الْآيَةِ وَتَجِبُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْإِتْلَافِ وَلَا تَجِبُ فِي قَتْلِ الصَّائِلِ لِأَنَّهُ مُبَاحُ الدَّمِ وَلَا عَلَى مَنْ قَتَلَ نَفْسِهِ لِعِظَمِ جَرِيمَتِهِ وَثَبَتَتْ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ عَلَى الرِّوَايَةِ الْمُثْبِتَةِ لَهُ وَيسْتَحب فِي العَبْد وَالذِّمِّيّ لقصورها عَنِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ وَفِي الْعَمْدِ إِذَا عَفَا عَنْهُ لِأَنَّ الْعَمْدَ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يُسَيِّرَهُ كَفَّارَة

الْخَطَأِ وَالشَّرِيكُ فِي الْقَتْلِ عَلَيْهِ كَفَارَّةٌ كَامِلَةٌ وَلَا تَجِبُ فِي الْجَنِينِ حَيْثُ الْغُرَّةِ وَفِي الْكِتَابِ هِيَ مُسْتَحَبَّةٌ فِيهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ إِنْ سَقَتْ وَلَدَهَا دَوَاءً فَشَرِقَ فَمَاتَ الْأَحْسَنُ الْكَفَّارَةُ مِنْ غَيْرِ وُجُوبٍ وَكَذَلِكَ الطَّبِيبُ يَسْقِي الدَّوَاءَ فَيَمُوتُ الْمَرِيضُ وَفِي النَّوَادِرِ إِنْ قَتَلَ جَمَاعَةٌ رَجُلًا خَطَأً قَالَ مَالِكٌ على كل وَاحِد كفارية وَإِنْ دَفَعَ دَابَّةً لِصَبِيٍّ يُمْسِكُهَا فَقَتَلَتْهُ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ وَلَا كَفَارَّةِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ فِيمَا خَرَجَ عَنْ يَدِهِ مِنْ عَمْدٍ أَوْ خَطَأٍ وَكَذَلِكَ بِئْرٌ يَحْفِرُهَا حَيْثُ لَا يَجُوزُ ل أَوْ يَرْبُطُ دَابَّةً بِمَوْضِعٍ لَا يَجُوزُ لَهُ فَالدِّيَةُ دُونَ الْكَفَّارَةِ وَمَنْ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَضْرِبَ عَبْدَهُ أَوْ أَعَانَهُ عَلَى ضَرْبِهِ فَمَاتَ فَلَا ضَمَانَ وَلْيُكَفِّرْ تَنْبِيهٌ قَالَ (ح) لَا تجب فِي قتل الْعمد كملك وَقَالَ تَجِبُ فِي الْخَطَأِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ وَخَالَفَنَا فِي الْعَبْدِ وَالْجَنِينِ وَالذِّمِّيِّ فَأَوْجَبَهَا وَقَالَ (ش) يَجِبُ فِي كُلِّ آدَمِيٍّ مَعْصُومِ الدَّمِ عَمْدًا أَمْ لَا مُسْلِمًا أَمْ لَا حُرًّا أَمْ لَا أَوْ أَجْنَبِيًّا لَنَا فِي الْعَمْدِ قَوْله تَعَالَى {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتدى عَلَيْكُم} وَهُوَ اعْتَدَى بِالْقَتْلِ فَلَا يَلْزَمُهُ غَيْرُهُ وَنَظَائِرُهُ وَمِنْ أَقْوَاهَا قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فقد جعلنَا لوَلِيِّه سُلْطَانا} الْآيَة وَقَوله تَعَالَى {وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا} الْآيَةَ فَإِنَّ جَزَاءَ الشَّرْطِ كَافٍ فِي التَّرَتُّبِ عَلَى ذَلِكَ فَلَا تَلْزَمُ الْكَفَّارَةُ وَمَفْهُومُ آيَةِ الْخَطَأِ يَقْتَضِي عَدَمَ الْكَفَّارَةِ فِي الْعَمْدِ كَمَا اقْتَضَى عَدَمَ الدِّيَةِ وَلِأَنَّ الْكَفَّارَةَ وَضْعُهَا السَّتْرُ

وَسَائِر الْأَدْنَى الَّذِي هُوَ الْخَطَأُ لَا يَصْلُحُ لِسَتْرِ الْأَعْلَى الَّذِي هُوَ الْعَمْدُ وَلِأَنَّهُ مَعْنًى يُوجِبُ الْقَتْلَ فَلَا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ كَالرِّدَّةِ وَالزِّنَا لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا تُسْقِطُ إِثْمَ الْكُفْرِ فَمَا دُونَهُ غَيْرَ مَا أَجْمَعْنَا عَلَيْهِ فَنَقِيسُ عَلَيْهِ احْتَجُّوا بِمَا روى وثلة بْنُ الْأَسْقَعِ قَالَ أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي صَاحِبٍ لَنَا قَدِ اسْتَوْجَبَ النَّارَ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ (أَعْتِقُوا عَنْهُ رَقَبَةً يُعْتِقِ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْهُ مِنَ النَّارِ) وَقَالَ عُمَرُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (أعتق عَن كل موؤدة رقة) وَالْقِيَاسُ عَلَى قَتْلِ الْخَطَأِ بِجَامِعِ الدَّمِ الْمَعْصُومِ بِالْأولَى لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ لِتَكْفِيرِ الذُّنُوبِ وَهِيَ فِي الْعَمْدِ دُونَ الْخَطَأِ وَلِأَنَّهُ دَمٌ مَعْصُومٌ فَيَسْتَوِي عَمْدُهُ وَخَطأَهُ كالسيد وَالْجَوَاب عَن الأول أَنَّ الْمُشْرِكِينَ إِذَا قَتَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا لَا كَفَّارَةَ اتِّفَاقًا فَمَا دَلَّ عَلَيْهِ لَا تَقُولُونَ بِهِ وَمَا تَقُولُونَ بِهِ لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ وَعَنِ الثَّالِثِ الْفَرْقُ أَنَّ الْعَمْدَ أَعْظَمُ إِثْمًا فَلَا يَسْتُرُهُ سَائِرُ الْخَطَأِ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ ذَلِكَ مِنَ الْجَبْرِ وَالْجَابِرُ يَسْتَوِي فِيهِ الْعَمْدُ وَالْخَطَأ كالأموال وَالْكَفَّارَة هَا هُنَا لَا تَجْبُرُ عَلَى الْمَقْتُولِ شَيْئًا وَوَافَقَنَا (ش) فِي إِيجَابِهَا فِي مَالِ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ وَزَادَ وُجُوبُهَا عَلَى الذِّمِّيِّ وَقَالَ (ح) لَا

يَجِبُ إِلَّا عَلَى مُكَلَّفٍ لَنَا آيَةُ الْخَطَأِ وَهِيَ عَامَّةٌ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ) فَذَكَرَ الصَّبِيَّ وَالْمُغْمَى وَقِيَاسًا عَلَى الصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَا يُكَفَّرُ بِهِ وَهُوَ أحدى جُزْئَيِ الْكَفَّارَةِ أَوْ وَاجِبٌ فَلَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمُرَادَ الْإِثْمُ وَنَحْنُ لَا نُؤَثِّمُهُ إِذَا لَمْ يَفْعَلْ بَلْ نُخْرِجُهُ مِنْ مَالِهِ كَجَزَاءِ الصَّيْدِ وَقِيمَةِ الْمُتْلَفِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الصَّوْمَ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ تَتَوَقَّفُ عَلَى التَّكْلِيفِ وَصِحَّةِ الْقَصْدِ وَالْعِتْقُ مَالٌ يُمْكِنُ لِلْوَلِيِّ إِخْرَاجُهُ وَعَنِ الثَّالِثِ جَوَابُ الثَّانِي فَأَوْجَبَ (ش) وَ (ح) الْكَفَّارَةَ فِي الْجَنِينِ وَالْعَبْدِ لَنَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فِي الْآيَةِ إِنَّمَا أَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ فِي قَتْلِ النَّفْسِ الْمَوْصُوفَةِ بِالْإِيمَان والجنين لَيْسَ بموؤمن وَالْعَبْدُ يُبَاعُ فَلَا تَجِبُ بِهِ كَالْعُرُوضِ وَالْبَهَائِمِ احْتَجُّوا بِأَنَّ الْآيَةَ تَنَاوَلَتِ الْمُؤَمَّنَ وَالْعَبْدُ مُؤَمَّنٌ وَالذِّمِّيُّ مُؤَمَّنٌ فَتَجِبُ فِيهِ كَالْحُرِّ وَالْإِشَارَةُ فِي الْجَنِينِ إِلَى أَنَّهُ هَلْ هُوَ كَعُضْوٍ مِنْ أ / هـ وَلذَلِك لَا يفسل وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَالْأَعْضَاءُ لَا كَفَّارَةَ فِيهَا أَو يُلَاحظ أَنه نَفْسٌ وَرُوحٌ لَنَا أَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ وَمَفْهُوم نه الْقَتْلُ احْتَجُّوا بِأَنَّهُ يُضْمَنُ بِالْغُرَّةِ فَتُضْمَنُ بِالْكَفَّارَةِ كَالْكَبِيرِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمُرَادَ الْحُرُّ لِذِكْرِ الدِّيَةِ وَالْعَبْدُ لَا دِيَةَ فِيهِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ ضَمَانَهُ كَضَمَانِ الْجِرَاحِ الْمُقَدَّرَةِ وَلَا كَفَّارَةَ فِيهَا وَلَنَا فِي الدَّيْنِ أَنَّهَا عِبَادَةٌ تَفْتَقِرُ إِلَى النِّيَّةِ فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ كَالصَّلَاةِ احْتَجُّوا بِالْقِيَاسِ عَلَى الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ بِجَامِعِ كَوْنِهَا آثَارَ الْجِنَايَةِ وَالْجَوَابُ شَائِبَةُ الْعِبَادَةِ تَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَهِيَ الْفَرْقُ

الْأَثر الثَّامِن الْمُتَرَتب على الْجِنَايَة التعزيز وَلَهُ صِفَةٌ وَمَحَلٌّ أَمَّا صِفَتُهُ فَفِي الْجَوَاهِرِ يضْرب مائَة وَيحبس سنّ لِأَنَّهُ اللَّازِمُ فِي زِنَا الْبِكْرِ بَدَلًا عَنْ قَتْلِ الثَّيِّبِ بِالْحِجَارَةِ وَهُوَ إِنَّمَا يَتَّجِهُ فِيمَنِ انْدَفَعَ عَنْهُ الْقَتْلُ وَأَمَّا مَحَلُّهُ فَفِي الْجَوَاهِرِ كُلُّ مَنْ قَتَلَ عَمْدًا إِذَا لَمْ يُقْتَلْ كَقَاتِلِ مَنْ لَمْ يُكَافِئْهُ كَالْمُسْلِمِ يَقْتُلُ الْكَافِرَ وَالْحُرُّ الْعَبْدَ أَوْ عَفَا عَنْهُ مِنَ الْقِصَاصِ وَالْعَبْدُ يَقْتُلُ الْعَبْدَ فَيُعْفَى عَنْهُ وَيُسْجَنُ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يُحْبَسُ الْعَبْدُ وَلَا الْأَمَةُ كَالزِّنَا وَكَجَمَاعَةٍ أُقْسِمَ عَلَيْهِمْ فَقَتَلَ أَحَدُهُمْ بِالْقَسَامَةِ فَيُضْرَبُ بَقِيَّتُهُمْ وَيُحْبَسُونَ وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ تمّ الْجُزْء الثَّانِي عشر من الذَّخِيرَة ويليه الْجُزْء الثَّالِث عشر أَوله كتاب الْفَرَائِض

(كتاب الفرائض والمواريث)

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم (كتاب الْفَرَائِض وَالْمَوَارِيثِ) وَقَدْ سَمَّيْتُهُ كِتَابَ الرَّائِضِ فِي الْفَرَائِضِ فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُفْرِدَهُ أَفْرَدَهُ فَإِنَّهُ حَسَنٌ فِي نَفْسِهِ يُنْتَفَعُ بِهِ فِي الْمَوَارِيثِ نَفْعًا جَلِيلًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَالْفَرَائِضُ جَمْعُ فَرِيضَةٍ مُشْتَقَّةٍ مِنَ الْفَرْضِ الَّذِي جَمْعُهُ فُرُوضٌ وَالْفَرْضُ لُغَةً التَّقْدِيرُ مِنَ الْفُرْضَةِ الَّتِي تَقَعُ فِي الْخَشَبَةِ وَهِيَ مُقَدَّرَةٌ وَالْمَوَارِيثُ جَمْعُ مِيرَاثٍ مُشْتَقٍّ مِنَ الْإِرْثِ قَالَ صَاحِبُ كِتَابِ الزِّينَةِ وَهِي لُغَة الأَصْل والبقية وَمِنْه قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (اثْبُتُوا عَلَى مَشَاعِرِكُمْ فَإِنَّكُمْ عَلَى إِرْثِ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَيْ عَلَى أَصْلِهِ وَبَقِيَّةِ شَرَفٍ مِنْهُ قَالَ الشَّاعِرُ: (عَفَا غَيْرَ إِرْثٍ مِنْ رَمَادٍ كَأَنَّهُ ... حَمَامٌ بِأَلْبَادِ الْقِطَارِ جَثُومُ) أَيْ بَقِيَّةٍ مِنْ رَمَادٍ بَقِيَ مِنْ آثَارِ الدِّيَارِ وَالْمِيرَاثُ أُخِذَ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ بَقِيَّةٌ مِنْ سَلَفٍ عَلَى خَلَفٍ وَقِيلَ لِمَنْ يَحْوِيهِ وَارِثٌ وَالْعُلَمَاءُ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ لِأَنَّ الْعِلْمَ بَقِيَّةُ الْأَنْبِيَاءِ وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَارِثٌ لِبَقَائِهِ بَعْدَ خَلْقِهِ حَائِزًا لِمَا كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ {وَتَرَكْتُمْ مَا خولناكم وَرَاء ظهوركم} فَلَا يُتَخَيَّلُ أَنَّ الْإِرْثَ هُوَ انْتِقَالُ الْمَالِ عَنِ الْقَرَابَةِ وَنَحْوِهَا فَتَكُونُ هَذِهِ الْمَوَاضِعُ مَجَازَاتٍ لُغَوِيَّةً بَلْ حَقَائِقُ لُغَوِيَّةٌ لِاشْتِرَاكِهَا كُلِّهَا فِي

الْبَقِيَّةِ وَالْأَصْلِ نَعَمْ انْتَقَلَ اللَّفْظُ فِي الْعُرْفِ لِانْتِقَالِ الْمَالِ وَالْحُقُوقِ الْمَخْصُوصَةِ عَنِ الْقَرَابَةِ وَنَحْوِهَا فَتَكُونُ هَذِهِ الْمَوَاضِعُ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَوِرَاثَةِ الْعُلَمَاءِ الْأَنْبِيَاءَ مَجَازَاتٍ عُرْفِيَّةً لَا لُغَوِيَّةً وَقِيلَ سَمَّتِ الْيَهُودُ التَّوْرَاةَ إِرْثًا لِأَنَّهُمْ وَرِثُوهُ عَنْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهَذَا الْعِلْمُ مِنْ أجل الْعُلُوم وأنفسها قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ وَعَلِّمُوهَا النَّاسَ فَإِنِّي امْرُؤٌ مَقْبُوضٌ وَإِنَّ الْعِلْمَ سَيُقْبَضُ حَتَّى يَخْتَلِفَ الِاثْنَانِ فِي فَرِيضَةٍ فَلَا يَجِدَانِ مَنْ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ وَعَلِّمُوهَا النَّاسَ فَإِنَّهَا نِصْفُ الْعِلْمِ وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ وَاسْتَوْفَتِ الصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ النَّظَرَ فِيهِ وَكَثُرَتْ مُنَاظَرَاتُهُمْ وَأَجْوِبَتُهُمْ وَفُرُوعُهُمْ فِيهِ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ فَمَنِ اسْتَكْثَرَ مِنْهُ فَقَدِ اهْتَدَى بِهَدْيِهِمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِذَا تَحَدَّثْتُمْ فَتَحَدَّثُوا بِالْفَرَائِضِ وَإِذَا لَهَوْتُمْ فالهوا بِالرَّمْي سؤالان جعل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هَذَا الْعلم نصف الْعلم وَعنهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حُسْنُ السُّؤَالِ نِصْفُ الْعِلْمِ وَبَقِيَتْ أُمُورٌ كَثِيرَةٌ مِنَ الْعِلْمِ وَالشَّيْءُ لَا يَكُونُ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ نِصْفَيْنِ وَثَانِيهِمَا مَسَائِلُهُ قَلِيلَةٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْفِقْهِ فَضْلًا عَنِ الْعِلْمِ فَكَيْفَ يُجْعَلُ أَقَلُّ الشَّيْءِ نِصْفَهُ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمُرَادَ الْمُبَالَغَةُ حَتَّى كَأَنَّهُ لِجَلَالَتِهِ نِصْفُ كُلِّ مَا يتَعَلَّم قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - التودد نِصْفُ الْعَقْلِ وَالْهَمُّ نِصْفُ الْهَرَمِ وَالتَّدْبِيرُ نِصْفُ الْعَيْشِ مَعَ حَقَارَةِ هَذِهِ الْأُمُورِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا مَعَهَا فِيمَا نُسِبَتْ إِلَيْهِ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ الْمُبَالَغَةُ فِي الثَّنَاءِ عَلَى عَظِيمِ جَدْوَاهَا وَمَصْلَحَتِهَا وَقَدْ وَرَدَ هَذَا السُّؤَالُ عَلَى بَعْضِ الْفَرْضِيِّينَ وَكَانَ قَلِيلَ الْبِضَاعَةِ فِي التَّصَرُّفِ فَسَكَتَ سَاعَةً وَقَالَ الْجَوَابُ أَنَّ الْعِلْمَ دَخَلَهُ الْعَوْلُ فَعَالَ بِمِثْلِهِ مَرَّاتٍ كَثِيرَةً فَلَمْ يَجِدْ إِلَّا مَا هُوَ متكيف بِهِ من اصْطِلَاحَات الفرضيين

وَالْجَوَاب عَنِ الثَّانِي أَنَّ أَحْوَالَ الْإِنْسَانِ قِسْمَانِ قَبْلَ الْوَفَاةِ وَبَعْدَ الْمَمَاتِ وَهَذَا الْعِلْمُ خَاصٌّ بِمَا بَعْدَ الْمَمَاتِ فَجُعِلَ نِصْفًا وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى نَفَاسَتِهِ فَإِنَّ الشَّيْءَ إِذَا قَلَّ حَجْمُهُ وَكَثُرَ نَفْعُهُ سَاوَى الْكَثِيرَ الْحَجْمِ الْقَلِيلَ النَّفْعِ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ كَالْجَوْهَرِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْحَدِيدِ وَسَائِرِ الْمَعَادِنِ سُؤَالٌ عِلْمُ الْوَصَايَا مُتَعَلِّقٌ بِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَكَذَلِكَ أَحْكَامُ الْكَفَنِ وَالْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ فَلَا يَكُونُ عِلْمُ الْفَرَائِضِ وَحْدَهُ الْمُخْتَصَّ بِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ بَلْ بَعْضُ النِّصْفِ جَوَابُهُ الْتَزَمَ جَمَاعَةٌ أَنَّ الْوَصَايَا وَمَا مَعَهَا إِنَّمَا تُوضَعُ فِي كِتَابِ الْفَرَائِضِ وَأَنَّهَا مِنْ جُمْلَتِهَا فَانْدَفَعَ السُّؤَالُ أَوْ أَنَّ الْوَصَايَا لَيْسَتْ بِلَازِمَةٍ لِكُلِّ مَيِّتٍ مُتَمَوِّلٍ فَقَدْ لَا يُوصِي بِخِلَافِ الْإِرْثِ أَوْ لِأَنَّ أَحْكَامَ الْوَصِيَّةِ فِي مَشْرُوعِيَّتِهَا وَالرُّجُوعِ عَنْهَا وَغير ذَلِك إِنَّمَا يكون فِي الْحَيَاة وَبعد الْمَوْتِ التَّنْفِيذُ وَأَسْبَابُهَا وَجُلُّ أَحْكَامِهَا فِي الْحَيَاةِ وَالْغُسْلُ وَمَا مَعَهُ إِنَّمَا يَجِبُ عَلَى الْأَحْيَاءِ فَهِيَ من حَالَة الْحَيَاة أَو يلْزم ذِكْرُهَا فِي عِلْمِ الْفَرَائِضِ أَوِ الْمُرَادُ انْقِسَامُ حَالِ الْمَالِ لِنِصْفَيْنِ وَهَذِهِ أَحْكَامٌ بَدَنِيَّةٌ لَا مَالِيَّة وَفِي هَذَا الْكتاب قِسْمَانِ

صفحة فارغة

- (القسم الأول في أحكام الفرائض والمواريث)

3 - (الْقسم الأول فِي أَحْكَام الْفَرَائِض والمواريث)

صفحة فارغة

- (القسم الأول في الأحكام)

3 - (الْقسم الأول فِي الْأَحْكَام) اثْنَا عَشَرَ بَابًا (الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي أَسْبَابِ التَّوَارُث) والفرضيون خلقا وَسَلَفًا يَقُولُونَ أَسْبَابُ التَّوَارُثِ ثَلَاثَةٌ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالثَّلَاثَةِ إِمَّا الْأَسْبَابُ التَّامَّةُ أَوْ أَجْزَاءُ الْأَسْبَابِ وَالْكُلُّ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ وَبَيَانُهُ أَنَّهُمْ يَجْعَلُونَ أَحَدَ الْأَسْبَابِ الْقَرَابَةَ وَالْأُمُّ لَمْ تَرِثِ الثُّلُثَ فِي حَالَةٍ وَالسُّدُسَ فِي أُخْرَى بِمُطْلَقِ الْقَرَابَةِ وَإِلَّا لَكَانَ ذَلِكَ ثَابِتًا لِلِابْنِ أَوِ الْبِنْتِ لِوُجُودِ مُطْلَقِ الْقَرَابَةِ فِيهِمَا بَلْ بِخُصُوصِ كَوْنِهَا أُمًّا مَعَ مُطْلَقِ الْقَرَابَةِ وَكَذَلِكَ لِلْبِنْتِ النِّصْفُ لَيْسَ بِمُطْلَقِ الْقَرَابَةِ وَإِلَّا لَثَبَتَ ذَلِكَ لِلْجَدَّةِ أَوِ الْأُخْتِ لِلْأُمِّ بَلْ لِخُصُوصِ كَوْنِهَا بِنْتَا مَعَ مُطْلَقِ الْقَرَابَةِ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْقَرَابَةِ سَبَبٌ تَامٌّ يَخُصُّهُ مُرَكَّبٌ من جزءين مِنْ خُصُوصِ كَوْنِهِ بِنْتًا أَوْ غَيْرَهُ وَعُمُومِ الْقَرَابَةِ وَكَذَلِكَ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ لَيْسَ لِمُطْلَقِ النِّكَاحِ وَإِلَّا لَكَانَ لِلزَّوْجَةِ لِوُجُودِ مُطْلَقِ النِّكَاحِ فِيهَا بَلْ لِلْخُصُوصِ وَالْعُمُومِ كَمَا تَقَدَّمَ فَسَبَبُهُ مُرَكَّبٌ وَكَذَلِكَ الزَّوْجَةُ إِذَا ظَهَرَ هَذَا فَإِنْ أَرَادُوا حَصْرَ الْأَسْبَابِ التَّامَّةِ فِي ثَلَاثَةٍ فَهِيَ أَكْثَرُ مِنْ عَشَرَةٍ لِمَا تَقَدَّمَ أَوِ النَّاقِصَةِ الَّتِي هِيَ الْأَجْزَاء فَالْخُصُوصِيَّاتُ كَمَا رَأَيْتَ كَثِيرَةٌ فَلَا يَسْتَقِيمُ الْحَصْرُ مُطْلَقًا لَا فِي التَّامِّ وَلَا فِي النَّاقِصِ فَتَنَبَّهْ لِهَذَا فَهُوَ حَسَنٌ لَمْ يَتَعَرَّضْ فِيمَا رَأَيْتُ أَحَدٌ لَهُ وَلَا لَخَّصَهُ

فرعان

وَاعْلَمْ أَنَّ أَسْبَابَ الْقَرَابَةِ التَّامَّةَ وَإِنْ كَثُرَتْ فَهِيَ لَا تزيدها وَلَا تزيد النَّاقِصَةَ الَّتِي هِيَ الْخُصُوصِيَّاتُ بَلِ النَّاقِصَةُ الَّتِي هِيَ الْمُشْتَرِكَاتُ لِمُطْلَقِ الْقَرَابَاتِ وَمُطْلَقِ النِّكَاحِ وَمُطْلَقِ الْوَلَاءِ وَالدَّلِيلُ عَلَى حَصْرِ النَّوَاقِصِ فِي هَذِهِ الثَّلَاثِ أَنَّ الْأَمْرَ الْعَامَّ بَيْنَ جَمِيعِ الْأَسْبَابِ التَّامَّة إِمَّا أَن يُمكن إِبْطَاله أَولا فَإِنْ أَمْكَنَ فَهُوَ النِّكَاحُ يَبْطُلُ بِالطَّلَاقِ وَإِنْ لم يكن فَإِمَّا أَنْ يَقْتَضِيَ التَّوَارُثَ مِنَ الْجَانِبَيْنِ غَالِبًا وَهُوَ الْقَرَابَة أَولا يَقْتَضِيَ إِلَّا مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الْوَلَاءُ يَرِثُ الْمَوْلَى الْأَعْلَى الْأَسْفَلَ وَلَا يَرِثُهُ الْأَسْفَلُ قَوْلُنَا غَالِبًا احْتِرَازًا مِنَ الْعَمَّةِ فَإِنَّهَا يَرِثُهَا ابْنُ أَخِيهَا وَلَا تَرِثُهُ وَسَيَأْتِي ضَابِطُ مَنْ يُورَثُ وَلَا يَرِثُ فَرْعَانِ الْأَوَّلُ اتَّفَقَ النَّاسُ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ الرَّجْعِيَّةَ تَرِثُ وَتُورَثُ فِي الْعِدَّةِ وَقَعَ الطَّلَاقُ فِي الْمَرَضِ أَوِ الصِّحَّةِ وَاتَّفَقُوا أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ فِي الْمَرَضِ طَلَاقًا بَائِنًا أَنَّهَا لَا تُورَثُ فَإِنْ مَاتَ زَوْجُهَا فَوَرَّثَهَا مَالِكٌ وَأهل الْعرَاق مواخذة لَهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ كَالْقَاتِلِ وَقَالَ جَمَاعَةٌ لَا تَرِثُهُ وَوَرَّثَهَا مَالِكٌ بَعْدَ الْعِدَّةِ وَإِنْ تَزَوَّجَتْ وَخَصَّهُ (ح) بِالْعِدَّةِ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ لَنَا قَضَاءُ عُثْمَانَ فِي زَوْجَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ لَمَّا طَلَّقَهَا فِي الْمَرَضِ بِمَحْضَرِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ إِلَّا عَبْدَ الرَّحْمَنِ إِلَّا أَنَّهُ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ فَلَا يُعْتَبَرُ رِضَاهُ الثَّانِي أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ لَا يُورَثُونَ خِلَافًا لِلرَّافِضَةِ وَرَأَيْتُ كَلَامًا لِلْعُلَمَاءِ يَدُلُّ ظَاهِرُهُ عَلَى أَنهم لَا يَرِثُونَ أَيْضا لنا قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (نَحْنُ مُعَاشِرُ الْأَنْبِيَاءِ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَاه صَدَقَةٌ) وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ الْمَلِكَ الْعَظِيمَ يُعْطِي عَامَّةَ رَعِيَّتِهِ لِلتَّمْلِيكِ لَا لِلصَّرْفِ عَلَى

غَيْرِهِمْ وَيُعْطِي خَاصَّتَهُ لِلصَّرْفِ لَا لِلتَّمْلِيكِ فَالْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمْ السَّلَامُ خُزَّانُ اللَّهِ وَأُمَنَاؤُهُ عَلَى خَلْقِهِ وَالْخَازِنُ يَصْرِفُ لِغَيْرِهِ وَلَهُ مَا تَدْعُو إِلَيْهِ ضَرُورَةُ حَيَاتِهِ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ فِي أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى إِيَّاهُمْ بِالزَّهَادَةِ وَالْإِعْرَاضِ عَنِ الدُّنْيَا وَإِذَا كَانُوا خزانه والخازن لَا يُورَثُ عَنْهُ مَا يَخْزِنُهُ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَورث سُلَيْمَان دَاوُد} وَبِالْقِيَاسِ عَلَى غَيْرِهِمْ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمَوْرُوث الْعلم والنبوءة لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (الْعُلَمَاءُ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ) وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي أَنَّهُ فَاسِدُ الِاعْتِبَارِ لِمُقَابَلَةِ النَّصِّ فَرْعٌ فِي التَّلْقِينِ لَا تَثْبُتُ أَنْسَابُ الْأَعَاجِمِ بِأَقْوَالِهِمْ لِأَنَّهُمْ يُتَّهَمُونَ فِي إِزْوَاءِ الْمَالِ عَنَّا

(الباب الثاني في شروط التوريث)

(الْبَابُ الثَّانِي فِي شُرُوطِ التَّوْرِيثِ) وَهَذَا الْبَابُ لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ بِاسْمِ الشُّرُوطِ أَحَدٌ مِمَّنْ رَأَيْتُ بَلْ يَذْكُرُونَ الْأَسْبَابَ وَالْمَوَانِعَ دُونَ الشُّرُوطِ وَفِي أَبْوَابِ الْفِقْهِ يَذْكُرُونَ الثَّلَاثَةَ فَإِنْ كَانُوا تَرَكُوا الشُّرُوطَ لِأَنَّهَا مَعْلُومَةٌ [فَالْأَسْبَابُ مَعْلُومَةٌ] فَالصَّوَابُ اسْتِيعَابُ الثَّلَاثَةِ كَسَائِرِ الْأَحْكَامِ وَشُرُوطُ التَّوَارُثِ وَهِيَ مَا يُؤثر عدمهَا بِخِلَاف الْمَوَانِع يؤتر وَجُودُهَا وَهُوَ سِرُّ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فَافْهَمْهُ فِي كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْفِقْهِ وَلِأَجْلِ هَذَا السِّرِّ أَنَّ الشَّكَّ فِي الْمَانِعِ لَا يَقْدَحُ وَفِي الشَّرْطِ يَقْدَحُ كَالسَّبَبِ فَتَأَمَّلِ الْآخَرَ فَالشُّرُوطُ ثَلَاثَةٌ تَقَدُّمُ مَوْتِ الْمَوْرُوثِ عَلَى الْوَارِثِ وَاسْتِقْرَارُ حَيَاةِ الْوَارِثِ بَعْدَهُ كَالْجَنِينِ وَالْعِلْمُ بِالْقُرْبِ وَالدَّرَجَةِ الَّتِي اجْتمع فِيهَا احْتِرَازًا مِنْ مَوْتِ رَجُلٍ مِنْ مُضَرَ لَا يُعْلَمُ لَهُ قَرِيبٌ أَوْ مِنْ قُرَيْشٍ فَإِنَّ مِيرَاثَهُ لِبَيْتِ الْمَالِ مَعَ أَنَّ كُلَّ قُرَشِيٍّ ابْنُ عَمِّهِ وَلَا مِيرَاثَ لِبَيْتِ الْمَالِ مَعَ ابْنِ عَمٍّ لَكِنَّهُ فَاتَ شَرْطُهُ الَّذِي هُوَ الْعِلْمُ بِدَرَجَتِهِ فَلَعَلَّ غَيْرَهُ أَقْرَبُ مِنْهُ فَهَذِهِ شُرُوطٌ لَا يُؤَثِّرُ وُجُودُهَا إِلَّا فِي نُهُوضِ الْأَسْبَابِ لِتَرْتِيبِ مُسَبِّبَاتِهَا عَلَيْهَا

(الباب الثالث في موانع الميراث)

(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي مَوَانِعِ الْمِيرَاثِ) وَهِيَ خَمْسَةٌ وَجَمِيعُهَا مُشْتَرِكٌ فِي تَأْثِيرِ وَجُودِهَا فِي عَدَمِ التَّوْرِيثِ وَلَا يُؤَثِّرُ عَدَمُهَا فِي وُجُودِهِ وَلَا عَدمه وَهِي الْكفْر لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (لَا يتوارث أهل ملتين) وَالْقَتْل الْعمد الْعدوان لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (قَاتِلُ الْعَمْدِ الْعُدْوَانِ لَا يَرِثُ) (فَرْعٌ) فِي النَّوَادِرِ إِذَا قَتَلَ الْأَبَوَانِ ابْنَهُمَا عَلَى وَجْهِ الشَّبْهَةِ وَسَقَطَ الْقِصَاصُ عَنْهُمَا فَالدِّيَةُ عَلَيْهِمَا وَلَا يَرِثَانِ مِنْهَا وَلَا مِنَ الْمَالِ لِأَنَّهُ عُدْوَانٌ مِنَ الْأَجْنَبِيِّ وَالشَّكُّ لِأَنَّ الشَّكَّ فِي الْمُقْتَضَى يَمْنَعُ الْحُكْمَ إِجْمَاعًا وَالرِّقُّ لِأَنَّ مَالَ الْعَبْدِ مُسْتَحَقٌّ لِلسَّيِّدِ وَلِأَنَّهُ مِنْ جَرَائِرِ الْكُفْرِ وَيَسْتَوِي الْقِنُّ وَمَنْ فِيهِ عُلْقَةُ رِقٍّ فَلَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ مِنْهُ وَاللِّعَانُ يَمْنَعُ مِنْ إِرْثِ الْأَبِ وَالْأَبِ مِنْهُ حَتَّى يَسْتَلْحِقَهُ وَالشَّكُّ ثَمَانِيَةٌ فِي الْوُجُودِ كَالْمَفْقُودِ وَالْحَيَاةِ كَاسْتِبْهَامِ اسْتِهْلَالِ أَحَدِ المولدين وَالْعدَد كالحمل والذكورة كالخنتى فَيُعْطَى ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ مِيرَاثٍ وَالنَّسَبِ كَالْمُتَدَاعِي بَيْنَ شَخْصَيْنِ وَجِهَةِ الِاسْتِحْقَاقِ كَمَنْ أَسْلَمَ عَلَى أُخْتَيْنِ وَمَاتَ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ وَتَارِيخِ الْمَوْتِ بِطُرُوِّ النِّسْيَانِ وَالْجَهْلِ بِهِ كَالْغَرْقَى

تَفْرِيعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ تَرَكَ ابْنُ الْمُلَاعَنَةِ أُمَّهُ وَابْنَتَهُ فَالسُّدُسُ لِأُمِّهِ وَالنِّصْفُ لِابْنَتِهِ وَمَا بَقِي للْعصبَةِ قَالَ زَيْدٌ وَقَالَ عَلِيٌّ يُرَدُّ الْبَاقِي عَلَى الْأُمِّ وَالْبِنْتِ عَلَى أَرْبَعَةٍ وَمِنْهَا تَصِحُّ وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ الْبَاقِي لِلْأُمِّ لِأَنَّهَا عَصَبَتُهُ فَتَصِحُّ مِنَ اثْنَيْنِ وَإِنْ تَرَكَ أُمَّهُ وَأُخْتَهُ شَقِيقَتَهُ فَإِنَّ الشَّقِيقَةَ تَصِيرُ أُخْتًا لِأُمٍّ فَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ وَلِلْأُخْتِ السُّدُسُ وَمَا بَقِيَ لِلْعَصَبَةِ قَالَهُ زَيْدٌ وَيُرَدُّ عَلَيْهِمَا عِنْدَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَمِنْهَا تَصِحُّ وَعِنْدَ ابْنِ مَسْعُودٍ الْبَاقِي لِلْأُمِّ فَتَصِحُّ مِنْ سِتَّةٍ وَإِنْ وَلَدَتْ هَذِهِ الشَّقِيقَةُ مَعَهُ فِي بَطْنٍ يَتَوَارَثَانِ لِأَنَّهُمَا شَقِيقَانِ لِاتِّحَادِ الْأَبِ وَالِاسْتِلْحَاقِ وَفِيهِ خِلَافٌ وَعَلَى الْأَوَّلِ لِلْأُمِّ الثُّلُثُ وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ وَالْبَاقِي لِلْعَصَبَةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْخِلَافِ وَالتَّوْأَمَانِ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ مِنَ الْمُلَاعَنَةِ وَالْمُغْتَصَبَةِ وَالْمُتَحَمِّلَةِ بِأَمَانٍ وَالْمَسْبِيَّةِ وَالزَّانِيَةِ وَفِي الْكل قَولَانِ أَحدهمَا يتوارتان بِأَنَّهُمَا شَقِيقَانِ وَثَانِيهِمَا أَخَوَانِ لِأُمٍّ إِلَّا الزَّانِيَةَ فَقَوْل وَاحِد أَنَّهُمَا لِأُمٍّ لِتَعَذُّرِ الِاسْتِلْحَاقِ وَانْتِفَاءِ الشُّبْهَةِ قَالَ وَالصَّوَابُ فِي غَيْرِهَا الشَّقَاقَةُ إِلَّا الْمُغْتَصَبَةَ لِأَنَّهَا لَا شُبْهَةَ فِيهَا وَلَا اسْتِلْحَاقَ قَالَ مَالِكٌ وَالْأَئِمَّةُ مِيرَاثُ الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ كَالْعَبْدِ وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَالْحُرِّ يَرِثُ مَا يَرِثُ الْحُرُّ وَيَحْجُبُ مَا يَحْجُبُ الْحُرُّ تَغْلِيبًا لِلْحُرِّيَّةِ كَمَا غَلَّبْنَا نَحْنُ الرِّقَّ وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَرث ويحجب بِقدر مَا عتق مِنْهُ تَوْفِيَة بِالشَّائِبَتَيْنِ وَعَلَى مَذْهَبِ عَلِيٍّ إِنْ تَرَكَ ابْنَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ مُعْتَقٌ نِصْفُهُ فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ أَوْ ثُلُثُ كُلِّ وَاحِدٍ حُرٌّ فَثُلُثَا الْمَالِ بَيْنَهُمَا وَالْبَاقِي لِلْعَصَبَةِ أَوْ أَحَدُهُمَا حُرٌّ كُلُّهُ وَالْآخَرُ نِصْفُهُ فَاخْتُلِفَ فِي تَفْرِيعِ قَوْلِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قِيلَ لِلْكَامِلِ الْحُرِّيَّةِ الثُّلُثَانِ وَلِلْآخَرِ الثُّلُثُ لِأَنَّهَا نِسْبَةُ حُرِّيَّتِهِ وَقِيلَ كَمَا لَوِ ادَّعَى أَحَدُهُمَا كُلَّهُ وَالْآخَرُ نِصْفَهُ فَلِمُدَّعِي الْكُلِّ النِّصْفُ بِلَا مُنَازَعَةٍ فَيَصِيرُ لَهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ وَعَلَى هَذَا تَتَفَرَّعُ أَجْزَاءُ الْحُرِّيَّةِ وَكَثْرَةُ الْأَوْلَادِ وَكَوْنُهُ ابْنَهُ أَوْ أَبَاهُ أَوْ غَيْرَهُ مِنَ الْوَرَثَةِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ إِذَا أَعْتَقَ الْمِدْيَانُ وَلَمْ يَعْلَمِ الْغُرَمَاءَ حَتَّى مَاتَ بَعْضُ أَقَارِبِ الْعَبْدِ

الْمُعْتَقِ لَا يَرِثُهُ لِأَنَّهُ عَبْدٌ حَتَّى يُجِيزَ الْغُرَمَاءُ عِتْقَهُ وَلِأَنَّهُ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ وَقَرِيبُهُ حُرٌّ صِرْفٌ فَلَمْ تَحْصُلِ الْمُسَاوَاةُ وَإِذَا بَتَلَ عِتْقَهُ فِي مَرَضِهِ وَلِلسَّيِّدِ أَمْوَالٌ مُتَفَرِّقَةٌ إِذَا جُمِعَتْ خَرَجَ الْعَبْدُ مِنْ ثُلُثِهَا فَهَلَكَ العَبْد قبل جمعهَا لَا يَرِثهُ ويرثه الْأَحْرَارُ لِأَنَّ الْمَالَ قَدْ يَهْلِكُ فَلَمْ تَتَحَقَّقِ الْحُرِّيَّةُ وَلَا الْمُسَاوَاةُ قَالَ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ إِذَا اشْتَرَيْتَ عَبْدًا فَأَعْتَقْتَهُ وَوَرِثَ وَشَهِدَ ثُمَّ اسْتَحَقَّ فَإِنْ أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ الْبَيْعَ نَفَذَ الْعِتْقُ وَالْمِيرَاثُ وَغَيْرُهُ وَإِلَّا بَطَلَ الْجَمِيعُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمِدْيَانَ مُتَعَدٍّ عَلَى الْغُرَمَاءِ بِعِتْقِهِ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي مَعَ الْمُسْتَحِقِّ فَلَوْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي مِلْكَ الْمُسْتَحِقِّ عِنْدَ الْعتْق اسْتَوَى الْمَسْأَلَتَانِ وَلَا مِيرَاثَ بِالشَّكِّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمِ الْغُرَمَاءُ حَتَّى وَرِثَ ثُمَّ أَجَازُوا الْعِتْقَ نَفَذَتِ الْأَحْكَامُ كَالْمُشْتَرِي وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى الْإِجَازَةِ حَتَى يُرَدُ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا بَتَّلَهُ فِي مَرَضِهِ وَقِيمَتُهُ مِائَةٌ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرَهُ فَهَلَكَ الْعَبْدُ قَبْلَهُ وَتَرَكَ ابْنَتَهُ حُرَّةً وَتَرَكَ أَلْفًا فَقَدْ مَاتَ رَقِيقًا وَمَالُهُ لِسَيِّدِهِ وَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ مَأْمُونٌ كَالْعَقَارِ يَخْرُجُ الْعَبْدُ مِنْ ثُلُثِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ وَرِثَتْهُ ابْنَتُهُ وَالسَّيِّدُ نِصْفَيْنِ وَقِيلَ لَا ينظر لفعله إِلَّا بعد مَوته لَهُ مَال أَمْ لَا مُرَاعَاةً لِلطَّوَارِئِ الْبَعِيدَةِ وَحَيْثُ شُكَّ فِي تَارِيخِ الْمَوْتِ بِالْجَهْلِ كَالْغَرْقَى وَرِثَ كُلُّ وَاحِدٍ أَحْيَاءَ وَرَثَتِهِ لِأَنَّهُمَا كَأَنَّهُمَا لَا قَرَابَةَ بَيْنَهُمَا لِعَدَمِ التَّرْجِيحِ وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَحْمَدَ يَرِثُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ صَاحِبِهِ وَيَرِثُ الْآخَرُ مِنْهُ مَا وَرِثَهُ مِنْهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنْ لَا يَنْتَقِلَ الْمَالُ عَنْهُمَا إِلَّا بِيَقِينٍ وَلَا يَقِينَ وَعَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنْ وُجِدَتْ يَدُ أَحَدِهِمَا عَلَى صَاحِبِهِ وَرِثَ الْأَعْلَى مِنَ الْأَسْفَلِ فَعَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ إِذَا غَرِقَ أَخَوَانِ وَتَرَكَا أَخًا وَأُمًّا فَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ مِمَّا تَرَكَ كُلُّ وَاحِدٍ وَالْبَاقِي لِلْأَخِ الثُّلُثَ وَالثُّلُثَيْنِ وَعَلَى قَوْلِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تُحْيِي أَحَدَهُمَا وَتُمِيتُ الْآخَرَ وَيُقَسَّمُ مِيرَاثُهُ فَلِلْأُمِّ السُّدُسُ لِتَحَقُّقِ أَخَوَيْنِ وَالْبَاقِي لِلْأَخَوَيْنِ فَتُصْبِحُ مِنَ اثْنَيْ عَشَرَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَخَوَيْنِ خَمْسَةٌ ثُمَّ تُمِيتُ الْحَيَّ وَتُحْيِي الْآخَرَ الْمَيِّتَ وَيُقَسَّمُ تَرِكَةُ الَّذِي أُمِيتَ الْآنَ فَلِلْأُمِّ السُّدُسُ اثْنَانِ وَلِكُلِّ أَخٍ خَمْسَةٌ فَيَصِيرُ لِلْأُمِّ اثْنَانِ مِنْ تَرِكَةِ هَذَا وَاثْنَانِ مِنْ تَرِكَةِ الْأَوَّلِ وَفِي يَدِ الْأَخِ الْحَيِّ

خَمْسَةٌ مِنْ تَرِكَةِ هَذَا وَخَمْسَةٌ مِنْ تَرِكَةِ ذَلِكَ وَفِي يَدِ كُلِّ مَيِّتٍ خَمْسَةٌ وَرِثَهَا مِنَ الْمَيِّتِ الْآخَرِ فَيُمَاتَانِ جَمِيعًا مَيْتَةً وَاحِدَةً فَيَكُونُ لِلْأُمِّ الثُّلُثُ مِمَّا بَقِيَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَالْبَاقِي لِأَخِيهِ وَتَرِكَةُ وَاحِدٍ خَمْسَةٌ لَا تَنْقَسِمُ عَلَى ثَلَاثةٍ فَتَضْرِبُ الِاثْنَيْ عَشَرَ الَّتِي كَانَتْ فَرِيضَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي ثَلَاثَةٍ تَكُونُ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ فِي يَدِ الْأُمِّ اثْنَانِ مِنْ تَرِكَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي ثَلَاثَةٍ بِسِتَّةٍ وَفِي يَدِ الْأَخِ الْحَيِّ خَمْسَةٌ مِنْ تَرِكَةِ كُلِّ وَاحِدٍ فِي ثَلَاثَةٍ بِخَمْسَةَ عَشَرَ وَفِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ تَرِكَةِ الْآخَرِ خَمْسَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِخَمْسَةَ عَشَرَ وَلِلْأُمِّ مِنْ هَذِهِ الْخَمْسَةَ عَشَرَ خَمْسَةٌ وَلِأَخِيهِ عَشَرَةٌ فَيَصِيرُ لَهَا مِنْ تَرِكَتِهِمَا عَشَرَةٌ وَذَلِكَ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ وَيَصِيرُ لِلْحَيِّ مِنْ تَرِكَةِ كُلِّ وَاحِدٍ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فَذَلِكَ خَمْسُونَ فَيَتَّفِقُ مَا فِي يَدِ الْأُم والأخر بِالْأَنْصَافِ فَيَكُونُ فِي يَدِ الْأَخِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَفِي يَدِ الْأُمِّ أَحَدَ عَشَرَ وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ قَاتِلَ الْعَمْدِ لَا يَرِثُ مِنَ الْمَالِ وَلَا مِنَ الدِّيَةِ وَأَنَّ قَاتِلَ الْخَطَأِ لَا يَرِثُ مِنَ الدِّيَةِ وَوَرَّثَهُ مَالِكٌ مِنَ الْمَالِ وَمَنَعَهُ (ش) وَ (ح) مِنَ الْمَالِ قَالَ (ح) إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَاتِلُ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا لِعَدَمِ التَّكْلِيفِ لَنَا قَوْله تَعَالَى {يُوصِيكُمُ الله فِي أَوْلَادكُم} وَعَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ (قَاتِلُ الْخَطَأِ يَرِثُ مِنَ الْمَالِ وَلَا يَرث من الدِّيَة) احْتَجُّوا بقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (الْقَاتِلُ لَا يَرِثُ) وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْمُطْلَقِ فِي الْمَرَضِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الدِّيَةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ مُطْلَقٌ فَيُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى بالعمد وَالْجَوَاب عَن الثَّانِي الْفَرْقُ بِأَنَّ جِهَةَ الْمِيرَاثِ قَدْ بَطَلَتْ بِالطَّلَاق والقرابة هَا هُنَا بَاقِيَة

(فرعان مرتبان)

وَالْجَوَاب عَن الثَّالِث الْفرق أَن الدِّيَة وَجَبت فَلَا يَكُونُ لَهُ مِنْهَا شَيْءٌ لِئَلَّا يَتَنَاقَضَ وَمِيرَاثُ الْمُرْتَدِّ لِلْمُسْلِمِينَ عِنْدَ مَالِكٍ وَ (ش) مَاتَ أَوْ قُتِلَ وَقَالَ عَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَغَيْرُهُمَا لِوَرَثَتِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ اكْتَسَبَهُ قَبْلَ رِدَّتِهِ أَوْ بَعْدَهَا وَقِيلَ مَا بَعْدَ الرِّدَّةِ لِلْمُسْلِمِينَ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَرِثُ وَرَثَتَهُ الْمُسْلِمِينَ وَمِيرَاثُ الذِّمِّيِّ إِذَا مَاتَ لِبَيْتِ الْمَالِ عِنْدَ مَالِكٍ وَ (ش) وَ (ح) كَمَا يَعْقِلُونَ عَنْهُ وَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِلَّذِينَ يُؤَدُّونَ جِزْيَتَهُ وَقَالَ النَّخَعِيُّ لِأَهْلِ قَرْيَتِهِ قُوَّةٌ عَلَى خَرَاجِهِمْ وَإِذَا مَاتَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الصُّلْحِ وَلَا وَارِثَ لَهُ وَرِثَهُ الْمُسْلِمُونَ وَعَنْ مَالِكٍ لِأَهْلِ مُؤَدَّاهُ لِأَنَّ مَوْتَهُ لَا يَضَعُ عَنْهُمْ شَيْئًا وَعَلَى هَذَا يُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ يُشْتَرَطَ السُّقُوطُ أَمْ لَا وَاتَّفَقَ مَالِكٌ وَالْأَئِمَّةُ عَلَى أَنَّ التَّوَارُثَ مُنْقَطِعٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ وَقَالَهُ عُمَرُ وَجُمْهُورُ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ وَعَنْ مُعَاوِيَةَ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ الْكِتَابِيَّ وَلَا يَرِثُ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ بِفَضْلِ الْإِسْلَامِ كَمَا نَتَزَوَّجُ نِسَاءَهُمْ وَلَا يَتَزَوَّجُونَ نِسَاءَنَا (فَرْعَانِ مُرَتَّبَانِ) الْأَوَّلُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ أَسْلَمَ قَبْلَ الْقَسْمِ أَوْ عَتَقَ الْعَبْدَ لَا مِيرَاثَ عِنْدَ مَالِكٍ وَالْأَئِمَّةِ لِقِيَامِ الْمَانِعِ عِنْدَ الْمَوْتِ وَعَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَرِثَانِ نَظَرًا لِعَدَمِ الْقِسْمَةِ وَاتَّفَقُوا بَعْدَ الْقَسْمِ عَلَى عَدَمِ التَّوْرِيثِ الثَّانِي الْكُفَّارُ الْمُخْتَلِفُونَ عِنْدَنَا لَا يَرِثُ الْيَهُودِيُّ النَّصْرَانِيَّ وَلَا النَّصْرَانِيُّ الْيَهُودِيَّ قَالَهُ فِي الْجُلَّابِ لِعَدَمِ الْمُنَاصَرَةِ وَوُقُوعِ الْعَدَاوَةِ كَالْمُسْلِمِ وَقِيلَ الْكُلُّ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فمنكم كَافِر ومنكم مُؤمن} فَجَعَلَ الْإِيمَانَ مِلَّةً وَالْكَفْرَ كُلَّهُ مِلَّةً وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ وَلَا

(فرع)

الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ) فَجَعَلَ كُلَّ فَرِيقٍ قِسْمًا وَاحِدًا قَالَهُ (ش) وَ (ح) وَغَيْرُهُمَا وَالْجَوَابُ الْمُعَارَضَةُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوس وَالَّذين أشركوا} فجعلهم مللا وَقيل أهل الْكتاب مِلَّة والصابون وَعَبَدَةُ الْأَوْثَانِ مِلَّةٌ لِعَدَمِ كِتَابٍ لَهُمْ (فَرْعٌ) فِي الْمُنْتَقَى الزِّنْدِيقُ وَهُوَ الْمُنَافِقُ كَمَنْ يَعْبُدُ شمسا أَو حجرا سرا رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ يَرِثُهُ وَرَثَتُهُ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يُقْتَلُ حَدًّا وَعَنْهُ لَا يَرِثُهُ وَرَثَتُهُ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يُقْتَلُ كُفْرًا تَنْبِيهٌ يَتَحَصَّلُ أَنَّ التَّوَارُثَ لَا يَحْصُلُ بَيْنَ مِلَّتَيْنِ إِلَّا فِي أَرْبَعِ مَسَائِلَ الزِّنْدِيقِ وَالصُّلْحِيِّ وَالذِّمِّيِّ وَالْمُرْتَدِّ يَرِثُهُمْ بَيْتُ الْمَالِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ وَارِثٌ وَقِيلَ حائز فَيَكُونُ الْمُسْتَثْنَى الزِّنْدِيقَ وَحْدَهُ (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ إِنْ تَحَاكَمَ إِلَيْنَا وَرَثَةُ الْكَافِرِ وَتَرَاضَوْا بِحُكْمِنَا قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ عَلَى حُكْمِ الْإِسْلَامِ وَإِنِ امْتَنَعَ بَعْضُهُمْ وَالْجَمِيعُ كُفَّارٌ لَمْ نَعْرِضْ لَهُمْ أَوْ مِنْهُمْ مُسْلِمٌ قَسَّمْنَا بَيْنَهُمْ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى مَوَارِيثِهِمْ إِنْ كَانُوا كِتَابِيِّينَ وَعَلَى قَسْمِ الْإِسْلَامِ إِنْ كَانُوا مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَقَالَ سَحْنُونٌ أَهْلُ الْكِتَابِ وَغَيْرُهُمْ سَوَاءٌ (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ الْمَفْقُودُ أَوِ الْأَسِيرُ إِذَا انْقَطَعَ خَبَرُهُ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ لَا يُقَسَّمُ عَلَى وَرَثَتِهِ مَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى مَوْتِهِ أَوْ لَا يَعِيشُ إِلَى مِثْلِ تِلْكَ الْمُدَّةِ غَالِبًا وَحَدُّهَا سَبْعُونَ وَقِيلَ ثَمَانُونَ وَقِيلَ تِسْعُونَ فَيُقَسَّمُ عَلَى وَرَثَتِهِ الْمَوْجُودِينَ عِنْدَ الْحُكْمِ وَإِنْ مَاتَ

(فرع)

لَهُ قَرِيبٌ حَاضِرٌ تَوَقَّفْنَا فِي نَصِيبِهِ حَتَّى نَعْلَمَ حَيَاةَ الْمَفْقُودِ فَيَكُونُ الْمَالُ لَهُ أَوْ يَمْضِيَ تَعْمِيرُهُ فَيَكُونُ مَالُ الْمَيِّتِ لِوَرَثَتِهِ دُونَ الْمَفْقُودِ وَوَرَثَتِهِ وَإِذَا قَسَّمْنَا عَلَى الْحَاضِرِينَ أَخَذْنَا فِي حَقِّهِمْ بِأَسْوَأِ الْأَحْوَالِ حَتَّى لَا نُورِّثَ بِالشَّكِّ كَمَا نَقُولُ إِنْ مَاتَتْ وَتَرَكَتْ زَوْجًا وَأُمًّا وَأُخْتًا وَأَبًا مَفْقُودًا فَالْفَرِيضَةُ عَلَى أَنَّ الْمَفْقُودَ مَيِّتٌ مِنْ سِتَّةٍ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأُخْتِ ثَلَاثَةٌ وَيُعَالُ لِلْأُمِّ بِالثُّلُثِ فَتَصِيرُ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَعَلَى أَنَّهُ حَيٌّ مِنْ سِتَّةٍ أَيْضًا لِلزَّوْجِ النِّصْفُ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ مِمَّا يَبْقَى سَهْمٌ وَلِلْأَبِ سَهْمَانِ فَتَتَّفِقُ الْفَرِيضَتَانِ بِالنِّصْفِ فَتَضْرِبُ نصف إِحْدَاهَا فِي كَامِلِ الْأُخْرَى تَكُونُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ فَلِلزَّوْجِ ثَلَاثَة من ثَمَانِيَة ببقين مَضْرُوبَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ نِصْفِ الْفَرِيضَةِ الْأُخْرَى وَإِنَّمَا تَكُونُ لَهُ مِنْ سِتَّةٍ بِصِحَّةِ حَيَاةِ الْأَبِ وَهِيَ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ والْأُخْتُ لَا مِيرَاثَ لَهَا مِنْ أُخْتِهَا إِلَّا إِذَا صَحَّ مَوْتُ الْأَبِ قَبْلَ الْأُخْتِ وَهُوَ مَجْهُولٌ فَلَا تَرِثُ وَلِلْأُمِّ مِنَ ابْنَتِهَا السُّدُسُ يَقِينًا سَهْمٌ مِنْ سِتَّةٍ مَضْرُوبٌ فِي أَرْبَعَةٍ نِصْفِ فَرِيضَةِ ثَمَانِيَةٍ وَإِنَّمَا يَكُونُ لَهَا الثُّلُثُ بِالْعَوْلِ بِصِحَّةِ مَوْتِ زَوْجِهَا قَبْلَ ابْنَتِهَا وَهُوَ مَجْهُولٌ وَيَبْقَى مِنَ الْفَرِيضَةِ أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا إِنْ صَحَّ أَنَّ الْأَبَ كَانَ حَيًّا يَوْمَ مَوْتِ ابْنَتِهِ فَلِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ مِنْ سِتَّةٍ مَضْرُوبَةٌ فِي أَرْبَعَةٍ بِاثْنَيْ عَشَرَ فِي يَدِهِ مِنْهَا تِسْعَةٌ الْبَاقِي لَهُ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْمَوْقُوفِ وَلِلْأُمِّ سَهْمٌ مِنْ سِتَّةٍ مَضْرُوبٌ فِي أَرْبَعَةٍ فَفِي يَدِهَا جَمِيعُ حَقِّهَا وَلِلْأَبِ سَهْمَانِ مِنْ سِتَّةٍ مَضْرُوبٌ فِي أَرْبَعَةٍ بِثَمَانِيَةٍ فَتُدْفَعُ لَهُ الثَّمَانِيَةُ الْبَاقِيَةُ وَإِنْ ثَبَتَ مَوْتُهُ قَبْلَ ابْنَتِهِ أَوْ مَاتَ بِالتَّعْمِيرِ فَكَمَا تَقَدَّمَ لِلزَّوْجِ يَقِينًا ثَلَاثَةٌ مِنْ ثَمَانِيَةٍ مَضْرُوبَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِتِسْعَةٍ وَهِيَ فِي يَدِهِ وَلِلْأُمِّ اثْنَانِ مِنْ ثَمَانِيَةٍ فِي ثَلَاثَةٍ بِسِتَّةٍ فِي يَدِهَا أَرْبَعَةٌ يُدْفَعُ إِلَيْهَا سَهْمَانِ مِنَ الْمَوْقُوفِ وَلِلْأُخْتِ ثَلَاثَةٌ مِنْ ثَمَانِيَةٍ فِي ثَلَاثَةٍ بِتِسْعَةٍ فَتُدْفَعُ لَهَا التِّسْعَةُ الْبَاقِيَةُ (فَرْعٌ) قَالَ إِنْ كَانَ لِلْخُنْثَى مَبَالَانِ أُعْطِيَ حُكْمَ مَا بَالَ مِنْهُ فَإِنْ بَالَ مِنْهُمَا اعْتُبِرَتِ

الْكَثْرَةُ فَإِنِ اسْتَوَيَا اعْتُبِرَ السَّبْقُ فَإِنِ اسْتَوَيَا اعْتُبِرَ نَبَاتُ اللِّحْيَةِ أَوْ كِبَرُ الثَّدْيَيْنِ وَمُشَابَهَتُهُمَا لِثَدْيِ النِّسَاءِ فَإِنِ اجْتَمَعَ الْأَمْرَانِ اعْتُبِرَ حَالُ الْبُلُوغِ إِنْ حَاضَ فَامْرَأَةٌ أَوِ احْتَلَمَ فَذَكَرٌ أَوِ اجْتَمَعَا فَهُوَ مُشْكِلٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَرْجٌ لَا لِلرِّجَالِ وَلَا لِلنِّسَاءِ بَلْ مَكَانٌ يَبُولُ مِنْهُ اعْتُبِرَ الْبُلُوغُ كَمَا تَقَدَّمَ وَحَيْثُ أَشْكَلَ فَمِيرَاثُهُ نِصْفُ نَصِيبَيْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى فَتَضْرِبُ مَخْرَجَ التَّذْكِيرِ فِي مَخْرَجِ التَّأْنِيثِ إِنْ تَبَايَنَا وَتَسْتَغْنِي بِهِ عَنْهُ إِنْ كَانَ مِثْلَهُ أَو دَاخِلا فية وتضرب الْحَاصِلَ فِي حَالَتَيِ الْخُنْثَى أَوْ عَدَدِ أَحْوَالِ الخناتى إِنْ زَادُوا عَلَى الْوَاحِدِ وَمَعْرِفَةُ الْأَحْوَالِ تُعْرَفُ بِالتَّضْعِيفِ كُلَّمَا زِدْتَ خُنْثَى أَضْعَفْتَ جَمِيعَ الْأَحْوَالِ الَّتِي كَانَت قبله فللواحد حالان وللأنثين أَرْبَعَةٌ وَلِلثَّلَاثَةِ ثَمَانِيَةٌ ثُمَّ كَذَلِكَ فَمَا انْتَهَى إِلَيْهِ الضَّرْبُ فِي الْأَحْوَالِ فَمِنْهُ تَكُونُ الْقِسْمَةُ ثُمَّ لَهَا طَرِيقَتَانِ الْأُولَى أَنْ تَنْظُرَ فِي الْمُجْتَمِعِ مِنَ الضَّرْبِ كَمْ يَخُصُّ الْخُنْثَى مِنْهُ على تَقْدِير الذُّكُورَة وَكم على تقديرالأنوثة فَتَضُمُّ أَحَدَهُمَا لِلْآخَرِ وَتُعْطِيهِ نِصْفَهُ وَكَذَلِكَ الْوَرَثَةُ الطَّرِيق الثَّانِيَةُ تَضْرِبُ نَصِيبَهُ مِنْ فَرِيضَةِ التَّذْكِيرِ فِي جُمْلَةِ فَرِيضَةِ التَّأْنِيثِ وَتَضْرِبُ نَصِيبَهُ مِنْ فَرِيضَةِ التَّأْنِيث فِي فَرِيضَةِ التَّذْكِيرِ ثُمَّ تَجْمَعُ لَهُ مَا يَخْرُجُ مِنْهُمَا فَهُوَ نَصِيبُهُ نَحْوَ خُنْثَى وَعَاصِبٍ فَرِيضَةُ التَّذْكِير وَاحِد إِذا يَحُوزُ الذَّكَرُ جَمِيعَ الْمَالِ وَفَرِيضَةُ التَّأْنِيثِ مِنَ اثْنَيْنِ وَالْوَاحِدُ دَاخِلٌ فِيهِمَا تَضْرِبُ اثْنَيْنِ فِي حَالِ الْخُنْثَى بِأَرْبَعَةٍ فَعَلَى الطَّرِيقَةِ الْأُولَى لِلْخُنْثَى على تَقْدِير الذُّكُورَة جَمِيع المَال وَهُوَ أَرْبَعَة وَعَلَى الْأُنُوثَةِ نِصْفُ الْمَالِ فَذَلِكَ مَالٌ وَنِصْفٌ تَدْفَعُ نِصْفَ ذَلِكَ وَهُوَ سِتَّةٌ وَرُبْعُ الْمَالِ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْأَرْبَعَةِ وَالسَّهْمُ الْبَاقِي لِلْعَاصِبِ لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ الذُّكُورِيَّةِ لَا يَكُونُ لَهُ شَيْءٌ وَعَلَى الْأُنُوثَةِ لَهُ النِّصْفُ فَلَمَّا ثَبَتَ لَهُ تَارَةً وَسَقَطَ أُخْرَى أُعْطِيَ نِصْفَهُ وَهُوَ الرّبع وَعَلَى الطَّرِيقِ الثَّانِي لِلْخُنْثَى مِنْ فَرِيضَةِ التَّذْكِيرِ سَهْمٌ مَضْرُوبٌ فِي فَرِيضَةِ التَّأْنِيثِ بِاثْنَيْنِ وَلَهُ من فَرِيضَة التَّأْنِيث سهم مَضْرُوبا فِي فَرِيضَةِ التَّذْكِيرِ بِسَهْمٍ فَيَجْتَمِعُ لَهُ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ

الْمَالِ وَلِلْعَاصِبِ سَهْمٌ مِنْ فَرِيضَةِ التَّأْنِيثِ مَضْرُوبٌ فِي فَرِيضَةِ التَّذْكِيرِ بِسَهْمٍ وَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ فَرِيضَةِ التَّذْكِيرِ مِثَالٌ آخَرُ لَهُ وَلَدَانِ ذَكَرٌ وَخُنْثَى فَفَرِيضَةُ التَّذْكِيرِ مِنَ اثْنَيْنِ وَفَرِيضَةُ التَّأْنِيثِ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَهُمَا مُتَبَايِنَانِ فَاثْنَانِ فِي ثَلَاثَةٍ سِتَّةٌ ثُمَّ فِي حَالِ الْخُنْثَى بِاثْنَيْ عَشَرَ فَعَلَى الطَّرِيقِ الْأَوَّلِ لِلْخُنْثَى عَلَى تَقْدِيرِ الذُّكُورَةِ سِتَّةٌ وَعَلَى تَقْدِيرِ الْأُنُوثَةِ أَرْبَعَةٌ فَلَهُ خَمْسَةٌ وَلِلذَّكَرِ عَلَى ذُكُورَةِ الْخُنْثَى سِتَّةٌ وَعَلَى الْأُنُوثَةِ ثَمَانِيَةٌ فَلَهُ سَبْعَةٌ وَعَلَى الطَّرِيقِ الثَّانِي للخنثى من فَرِيضَة للتذكير سَهْمٌ مَضْرُوبٌ لَهُ فِي ثَلَاثَةٍ فَرِيضَةِ التَّأْنِيثِ بِثَلَاثَةٍ وَلَهُ مِنْ فَرِيضَةِ التَّأْنِيثِ سَهْمٌ مَضْرُوبٌ لَهُ فِي فَرِيضَةِ التَّذْكِيرِ وَهِيَ اثْنَانِ بِاثْنَيْنِ وَذَلِكَ خَمْسَةٌ وَلِلذَّكَرِ مِنْ فَرِيضَةِ التَّذْكِيرِ سَهْمٌ فِي ثَلَاثَة فَرِيضَة التَّأْنِيث وَلَهُ مِنْ فَرِيضَةِ التَّأْنِيثِ سَهْمَانِ فِي اثْنَيْنِ فَرِيضَةِ التَّذْكِيرِ بِأَرْبَعَةٍ فَتَجْتَمِعُ سَبْعَةٌ وَهِيَ حِصَّتُهُ مِثَالٌ آخَرُ وَلَدَانِ خُنْثَيَانِ وَعَاصِبٌ لِلْخُنْثَيَيْنِ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ فَالْفَرِيضَةُ عَلَى أَنَّهُمَا ذَكَرَانِ مِنَ اثْنَيْنِ وَأُنْثَيَانِ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَكَذَلِكَ فِي الْحَالَيْنِ الْآخَرَيْنِ أَعْنِي أَحَدُهُمَا ذَكَرٌ وَالْآخَرُ أُنْثَى مِنَ الْجَانِبَيْنِ فَتَسْتَغْنِي بِثَلَاثَةٍ عَنْ ثَلَاثَةٍ وَثَلَاثَةٍ وَتَضْرِبُهَا فِي اثْنَيْنِ بِسِتَّةٍ ثُمَّ فِي الْأَحْوَالِ الْأَرْبَعَةِ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ فَعَلَى الطَّرِيقِ الْأُولَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْخُنْثَيَيْنِ عَلَى تَقْدِيرِ انْفِرَادِهِ بِالذُّكُورَةِ سِتَّةَ عَشَرَ وَعَلَى تَقْدِيرِ مُشَارَكَتِهِ فِيهَا اثْنَا عَشَرَ وَعَلَى تَقْدِيرِ انْفِرَادِهِ بِالْأُنُوثَةِ ثَمَانِيَةٌ وَكَذَلِكَ عَلَى تَقْدِيرِ مُشَارَكَتِهِ فِيهَا وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ فِي الْأَحْوَالِ الْأَرْبَعِ وَإِنَّمَا يَرِثُ بِحَالَةٍ وَاحِدَةٍ فَيَكُونُ لَهُ رُبْعُ الْجَمِيعِ وَهُوَ أَحَدَ عَشَرَ وَيَبْقَى لِلْعَاصِبِ سَهْمَانِ لِأَنَّ الْحَاصِلَ لَهُ فِي حَالَةٍ مِنْ جُمْلَةِ الْأَحْوَالِ الْأَرْبَعَةِ الثُّلُثُ فَلَهُ رُبْعُهُ وَهُوَ سَهْمَانِ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ وَعَلَى الطَّرِيقِ الثَّانِي لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ فَرِيضَةِ تَذْكِيرِهِمَا سَهْمٌ مَضْرُوب لَهُ فِي فَرِيضَة ثانيثهما وَهِي ثَلَاثَة بِثَلَاثَة وَله من فَرِيضَة ثانيثهما سَهْمٌ مَضْرُوبٌ لَهُ فِي اثْنَيْنِ فَرِيضَةِ تَذْكِيرِهِمَا بِاثْنَيْنِ وَلَهُ مِنْ فَرِيضَةٍ

(فرع)

تَذْكِيرِهِ خَاصَّةً سَهْمَانِ فِي اثْنَيْنِ فَرِيضَةِ تَذْكِيرِهِمَا بِأَرْبَعَةٍ وَلَهُ مِنْ فَرِيضَةِ تَأْنِيثِهِ خَاصَّةً سَهْمٌ فِي اثْنَيْنِ أَيْضًا بِاثْنَيْنِ وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَحَدَ عَشَرَ فَهُوَ نَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلِلْعَاصِبِ سَهْمَانِ وَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ مِنَ الْفَرَائِضِ الثَّلَاثِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الذُّكُورَةِ وَإِنَّمَا لَهُ فِي فَرِيضَةِ تَأْنِيثِهِمَا سَهْمٌ مَضْرُوبٌ لَهُ فِي اثْنَيْنِ فَرِيضَةِ التَّذْكِيرِ بِاثْنَيْنِ وَعَلَى هَذَا النَّحْوِ يُعْمَلُ فِيمَا زَادَ عَلَى الِاثْنَيْنِ تَنْبِيهٌ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ لَا يَكُونُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ زَوْجًا وَلَا زَوْجَةً وَلَا أَبًا وَلَا أُمًّا وَقِيلَ قَدْ وُجِدَ مَنْ لَهُ وَلَدٌ مِنْ ظَهْرِهِ وَبَطْنِهِ فَإِنْ صَحَّ وَرِثَ مِنَ ابْنِهِ لِصُلْبِهِ مِيرَاثَ الْأَبِ كَامِلًا وَمِنَ ابْنِهِ لِبَطْنِهِ مِيرَاثُ الْأُمِّ كَامِلًا تَنْبِيهٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ كَانَ الْخُنْثَى صَغِيرًا نُظِرَ لِعَوْرَتِهِ أَوْ كَبِيرًا جُعِلَ يَبُولُ إِلَى حَائِطٍ أَوْ عَلَى حَائِطٍ فَإِنْ ضَرَبَ بَوْلُهُ الْحَائِطَ أَوْ خَرَجَ عَنْهُ إِنْ بَالَ مِنْ فَوْقِهِ فَهُوَ ذَكَرٌ وَإِلَّا فَأُنْثَى وَقِيلَ يُجْعَلُ أَمَامَهُ مِرْآةٌ وَهُوَ يَبُولُ فَيَظْهَرُ بِهَا حَالُهُ وَإِذَا انْتَهَى الْإِشْكَالُ كَمَا تَقَدَّمَ عُدَّتِ الْأَضْلَاعُ فَلِلرَّجُلِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مِنَ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ وَمِنَ الْأَيْسَرِ سَبْعَةَ عَشَرَ وَلِلْمَرْأَةِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ لِأَنَّ حَوَّاءَ مِنْ ضِلْعِ أَضْلَاعِ آدَمَ الْيُسْرَى فَبَقِيَ الذَّكَرُ نَاقِصًا أَبَدًا ضِلْعًا مِنَ الْأَيْسَرِ قَضَى بِهِ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَالَ (ح) حُكْمُهُ حُكْمُ أُنْثَى لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ وَقَالَ (ش) إِنْ أَضَرَّ بِهِ كَوْنُهُ ذَكَرًا فَذَكَرٌ أَوْ أَضَرَّ بِهِ كَوْنُهُ أُنْثَى فَأُنْثَى وَيُوقَفُ مَا بَيْنَ الْحِصَّتَيْنِ حَتَّى يَثْبُتَ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ وَيُوقَفَ أَبَدًا كَمَالٍ يُجْهَلُ صَاحِبُهُ وَقِيلَ بَلْ يُخَرَّجُ عَلَى قَاعِدَةِ الدَّعَاوَى فَيَقُولُ أَنَا ذَكَرٌ وَلِي كُلُّ الْمَالِ وَيُقَالُ لَهُ بَلْ أُنْثَى وَلَكَ نِصْفُ الْمَالِ فَيَقَعُ التداعي فَيَقُولُ أَنَا ذَكَرٌ وَلِي كُلُّ الْمَالِ وَيُقَالُ لَهُ بَلْ أُنْثَى وَلَكَ نِصْفُ الْمَالِ فَيَقَعُ التَّدَاعِي فِي النِّصْفِ بَعْدَ تَسْلِيمِ النِّصْفِ فَيَكُونُ لَهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَالِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ يَتَفَرَّعُ عَلَيْهَا الْوَاقِعُ مِنَ الْمَسَائِلِ (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ وَالشَّكُّ فِي الْوُجُودِ وَالذُّكُورَةِ جَمِيعًا فِي الْحَامِلِ فَيَرْغَبُ الْوَرَثَةُ فِي التَّعْجِيلِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ لَا تُنَفَّذُ وَصَايَاهُ وَلَا تَأْخُذُ امْرَأَتُهُ أَدْنَى سَهْمَيْهَا حَتَّى تَضَعَ فَيَتَعَيَّنُ الْمُسْتَحِقُّ وَعَنْ أَشْهَبَ يَتَعَجَّلُ أَدْنَى السِّهَامِ الَّذِي لَا

(فرع)

يُشَكُّ فِيهِ لِأَنَّ تَأْخِيرَهُ لَا يُفِيدُ إِذْ لَا بُدَّ مِنْ دَفْعِهِ وَقِيلَ يُوقَفُ مِيرَاثُ أَربع ذكورة لِأَنَّهُ أَكْثَرُ مَا تَلِدُهُ وَقَدْ وَلَدَتْ أُمُّ ولد إِسْمَاعِيل أَرْبَعَة ذُكُورا مُحَمَّدًا وَعُمَرَ وَعَلِيًّا وَإِسْمَاعِيلَ وَبَلَغَ مُحَمَّدٌ وَعُمَرُ وَعَلِيٌّ الثَمَانِينَ (فَرْعٌ) فِي الْمُنْتَقَى عَنْ يَحْيَى الْفَرْضِيِّ فِي الصَّبِيِّ يَمُوتُ وَلَهُ أُمٌّ مُتَزَوِّجَةٌ لَا يَنْبَغِي لِزَوْجِهَا وَطْؤُهَا حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَنَّ بِهَا حَمْلًا أَمْ لَا لِمَكَانِ الْمِيرَاثِ لِأَنَّهَا إِنْ كَانَتْ حَامِلًا وَرِثَ ذَلِكَ الْحَمْلُ أَخَاهُ لِأُمِّهِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَنْعَزِلُ عَنْهَا فَإِنْ وَضَعَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَرِثَ أَخَاهُ أَوْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَرِثْهُ وَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا غَائِبًا عَنْهَا غَيْبَةً بَعِيدَةً لَا يُمْكِنُهُ الْوُصُولَ إِلَيْهَا وَرِثَ إِنْ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ (فَرْعٌ غَرِيبٌ) سُئِلَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ عَنْ أَخَوَيْنِ مَاتَا عِنْدَ الزَّوَالِ أَوْ غُرُوبِ الشَّمْسِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْأَوْقَاتِ لَكِنَّ أَحَدَهُمَا بِالْمَشْرِقِ وَالْآخَرَ بِالْمَغْرِبِ فَهَلْ يَتَوَارَثُ الْإِخْوَةُ أَوْ لَا يَتَوَارَثَانِ لِعَدَمِ تَيَقُّنِ تَقَدُّمِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ أَوْ يَرِثُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ أَجَابَ بِأَنَّ الْمَغْرِبِيَّ يَرِثُ الْمَشْرِقِيَّ بِسَبَبِ أَنَّ الشَّمْسَ تَزُولُ أَبَدًا بِالْمَشْرِقِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ وَكَذَلِكَ غُرُوبُهَا وَجَمِيعُ حَرَكَاتِهَا فَالْمَشْرِقِيُّ مَاتَ قَبْلَ الْمَغْرِبِيِّ قَطْعًا لِقَوْلِ السَّائِلِ مَاتَا مَعًا عِنْدَ الزَّوَالِ فِي الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ فَيَرِثُهُ الْمَغْرِبِيُّ جَزْمًا

(الباب الرابع في الفروض المقدرة ومستحقيها)

(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْفُرُوضِ الْمُقَدَّرَةِ وَمُسْتَحِقِّيهَا) وَأَصْلُهَا قَوْله تَعَالَى {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَنْ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حكيما وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدس فَإِن كَانُوا أَكثر من ذَلِك فَهُوَ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} وقَوْله تَعَالَى فِي آخِرِ السُّورَةِ {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَن تضلوا وَالله بِكُل شَيْء عليم} وَفِي الْبُخَارِيِّ: سُئِلَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ عَنْ بِنْتٍ وَابْنَةِ ابْنٍ وَأُخْتٍ، فَقَالَ

لِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ وَائْتِ ابْنَ مَسْعُودٍ فَإِنَّهُ سَيُتَابِعُنِي فَسُئِلَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَأُخْبِرَ بِقَوْلِ أبي مُوسَى فَقَالَ {قد ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ} أَقْضِي فِيهَا بِمَا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَلِبِنْتِ الِابْنِ السُّدُسُ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ وَمَا بَقِيَ فَلِلْأُخْتِ وَفَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِابْنَتَيْ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ مِنْ أَبِيهِمَا الثُّلُثَيْنِ قَالَ سَحْنُونٌ وَهُوَ أَوَّلُ مِيرَاثٍ قُسِّمَ فِي الْإِسْلَامِ وَفِي الْمُوَطَّأِ جَاءَتِ الْجَدَّةُ لِلْأُمِّ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَسَأَلَتْهُ مِيرَاثهَا فَقَالَ لَهَا أَبُو بكر مَالك فِي كِتَابِ اللَّهِ شَيْءٌ وَمَا عَلِمْتُ لَكِ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شَيْئًا فَارْجِعِي حَتَّى أَسْأَلَ النَّاسَ فَسَأَلَ النَّاسَ فَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ حَضَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَعْطَاهَا السُّدُسَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ هَلْ مَعَكَ غَيْرُكَ فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ الْأَنْصَارِيُّ فَقَالَ مِثْلَ مَا قَالَ الْمُغِيرَةُ فَأَنْفَذَهُ لَهَا أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ جَاءَتِ الْجَدَّةُ الْأُخْرَى إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَسَأَلَهُ مِيرَاثهَا فَقَالَ لَهَا مَالك فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى شَيْءٌ وَمَا أَظُنُّ الْقَضَاءَ الَّذِي قُضِيَ بِهِ إِلَّا لِغَيْرِكِ وَمَا أَنَا بِزَائِدٍ فِي الْفَرَائِضِ وَلَكِنَّهُ ذَلِكَ السُّدُسُ فَإِنِ اجْتَمَعْتُمَا فَهُوَ بَيْنَكُمَا وَأَيُّكُمَا خَلَتْ بِهِ فَهُوَ لَهَا وَيُرْوَى أَنَّهُ أَرَادَ إِسْقَاطَهَا فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّكَ لَتُسْقِطُ الَّتِي لَوْ تَرَكَتِ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا لَكَانَ ابْنُ ابْنِهَا وَارِثَهَا وَتُوَرِّثُ الَّتِي لَوْ تَرَكَتِ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا لَمْ يَكُنْ لِابْنِ بِنْتِهَا مِنْهَا شَيْءٌ فَقَالَ حِينَئِذٍ مَا قَالَ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ وَعَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْجَدَّتَيْنِ أَتَتَا أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ السُّدُسَ لِلَّتِي مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ أَمَا إِنَّكَ تَتْرُكُ الَّتِي لَوْ مَاتَتْ وَهُوَ حَيٌّ لَكَانَ يَرِثُهَا فَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ السُّدُسَ بَينهمَا

(فوائد عشرون)

(فَوَائِدُ عِشْرُونَ) (الْفَائِدَةُ الْأُولَى) فِي قَوْله تَعَالَى {فِي أَوْلَادكُم} وَلَمْ يَقُلْ فِي أَبْنَائِكُمْ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَشْمَلُ الذّكر وَالْأُنْثَى وَالِابْن يخْتَص بِالذَّكَرِ (الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ) فِي قَوْله تَعَالَى {لِلذَّكَرِ مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ} لِأَنَّ عَقْلَهُ مِثْلُ عَقْلَيْهِمَا وَشَهَادَتَهُ بِشَهَادَتَيْهِمَا وَدِيَتَهُ بِدِيَتَيْهِمَا فَلَهُ مِنَ الْإِرْثِ مِثْلُهُمَا وَقِيلَ لِأَنَّهُ يَتَزَوَّجُ فَيُعْطِي صَدَاقًا وَهِيَ تَأْخُذُ صَدَاقًا فَيَزِيدُ بِقَدْرِ مَا يُعْطِي وَيَبْقَى لَهُ مِثْلُ مَا أَخَذَتْ فَيَسْتَوِيَانِ (الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ) فِي قَوْله تَعَالَى {فَوق اثْنَتَيْنِ} اعْتَبَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ ظَاهِرَ اللَّفْظِ فَجَعَلَ الثُّلُثَيْنِ لِلثَّلَاثِ مِنَ الْبَنَاتِ وَلِلْبِنْتَيْنِ النِّصْفُ وَاخْتُلِفَ فِيهَا عَلَى رَأْيِ الْجُمْهُورِ فَقِيلَ زَائِدَةٌ وَخَطَّأَهُ الْمُحَقِّقُونَ فَإِنَّ زِيَادَةَ الظَّرْفِ بَعِيدَةٌ وَقِيلَ اثْنَتَيْنِ فَمَا فَوْقَهُمَا وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ أَيْضًا وَالصَّوَابُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَصَّ عَلَى الزَّائِدِ عَلَى الِاثْنَتَيْنِ فِي الْبَنَاتِ وَلَمْ يَذْكُرِ الِابْنَتَيْنِ وَنَصَّ عَلَى اثْنَتَيْنِ فِي الْأَخَوَاتِ وَلَمْ يَذْكُرِ الزَّائِدَ اكْتِفَاءً بِآيَةِ الْبَنَاتِ فِي الْأَخَوَاتِ وَبِآيَةِ الْأَخَوَاتِ فِي الْبَنَاتِ لِأَنَّ الْقُرْآنَ كَالْكَلِمَةِ الْوَاحِدَةِ يُفَسِّرُ بَعْضُهُ بَعْضًا وَعُلِمَ فَرْضُ الْبِنْتَيْنِ بِالْحَدِيثِ النَّبَوِيِّ فَاسْتَقَامَتِ الظَّوَاهِر وَقَامَت الْحجَّة لِأَن الله تَعَالَى إِذا جعل الثُّلثَيْنِ للأختين فالبنتان أَوْلَى لِقُرْبِهِمَا وَلِأَنَّ الْبِنْتَ تَأْخُذُ مَعَ أَخِيهَا إِذَا انْفَرَدَ الثُّلُثَ فَأَوْلَى أَنْ تَأْخُذَهُ مَعَ أُخْتِهَا لِأَنَّهَا ذَاتُ فَرْضٍ مِثْلُهَا وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْبِنْتَيْنِ وَالْأُخْتِ الْوَاحِدَةِ فِي النِّصْفِ خِلَافُ الْقِيَاسِ وَالْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ (الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ) فِي قَوْله تَعَالَى {وَإِن كَانَت وَاحِدَة فلهَا النّصْف} لِأَنَّ الذَّكَرَ لَوِ انْفَرَدَ لَكَانَ لَهُ الْكُلُّ فَهِيَ إِذَا انْفَرَدَتْ لَهَا النِّصْفُ لِأَنَّهَا عَلَى النِّصْفِ مِنْهُ فِي الْأَحْكَامِ كَمَا تَقَدَّمَ

(الفائدة الخامسة)

(الْفَائِدَة الْخَامِسَة) فِي أَن للاثنتين الثُّلُثَيْنِ لِأَنَّ الذَّكَرَ إِذَا كَانَ مَعَ ابْنَةٍ لَهُ الثُّلُثَانِ فَجُعِلَ الِابْنَتَانِ بِمَنْزِلَةِ ذَكَرٍ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ فَهُوَ مِنْ بَابِ مُلَاحَظَةِ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْحِكْمَةِ فِي جَعْلِ الْأُنْثَى عَلَى النِّصْفِ وَالْكَثِيرُ مِنَ الْبَنَاتِ سَقَطَ اعْتِبَارُهُ فِي التَّأْثِيرِ فِي الزِّيَادَةِ كَالذُّكُورِ إِذَا كَثُرَ عَدَدُهُمُ اشْتَرَكُوا فِي نَصِيبِ الْوَاحِدِ إِذَا انْفَرَدَ فَسَوَّى بَيْنِ الْبَابَيْنِ فِي الْإِلْغَاءِ (الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ) فِي قَوْله تَعَالَى {ولأبويه} سَمَّى الْأُمَّ أَبًا مَجَازًا مِنْ بَابِ التَّغْلِيبِ وَهُوَ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ يَقَعُ إِمَّا لِخِفَّةِ اللَّفْظِ كَالْعُمَرَيْنِ فَإِنَّ لَفْظَ عُمَرَ أَخَفُّ مِنْ لَفْظِ أَبِي بَكْرٍ أَوْ لِفَضْلِ الْمَعْنَى وَخِفَّتِهِ نَحْوَ (لَنَا قَمَرَاهَا وَالنُّجُومُ الطَّوَالِعُ ... ) فَغَلَّبَ لَفْظَ الْقَمَرِ عَلَى الشَّمْسِ لِأَنَّهُ مُذَكَّرٌ وَالشَّمْسُ مُؤَنَّثَةٌ وَالْمُذَكَّرُ أَخَفُّ وَأَفْضَلُ وَإِمَّا لِكَرَاهَةِ اللَّفْظِ لِإِشْعَارِهِ بِمَكْرُوهٍ نَحْوَ قَوْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مَا لَنَا عَيْشٌ إِلَّا الْأَسْوَدَانِ تُرِيدُ الْمَاءَ وَالتَّمْرَ وَالتَّمْرُ أَسْوَدُ وَالْمَاءُ أَبْيَضُ وَكِلَاهُمَا مُذَكَّرٌ وَعَلَى وَزْنِ أَفْعَلَ فَلَا تَفَاوُتَ بِلْ لَفْظُ الْأَبْيَضِ يُشْعِرُ بِالْبَرَصِ فَغَلَّبَتِ الْأَسْوَدَ عَلَيْهِ فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَسْبَابٍ لِلتَّغْلِيبِ فِي اللُّغَةِ (الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ) فِي إِعْطَاءِ السُّدُسِ لِلْأَبَوَيْنِ لِأَنَّهُ أَدْنَى سِهَامِ الْفَرَائِضِ الْمَوَارِيث فِي الْقَرَابَاتِ وَكَذَلِكَ فِي الْخَبَرِ فِيمَنْ أَوْصَى لَهُ بِسَهْمٍ مِنْ مَالِهِ قَالَ يُعْطَى السُّدُسُ وَالِابْنُ أَقْوَى الْعَصَبَاتِ وَمُقْتَضَاهُ حِرْمَانُ الْأَبِ وَبِرُّ الْأَبِ يَقْتَضِي عَدَمَ الْحِرْمَانِ فَاقْتُصِرَ لَهُ عَلَى أَقَلِّ السِّهَامِ وَسُوِّيَتِ الْأُمُّ بِهِ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ مُلَاحَظَةِ أَصْلِ الْبِرِّ لَا مِنْ بَابِ تَحْقِيق الْمُسْتَحق

(الفائدة الثامنة)

(الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ) فِي قَوْله تَعَالَى {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فلأمه الثُّلُث} لِأَنَّهُمَا اجْتَمَعَا فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ وَهُمَا ذَكَرٌ وَأُنْثَى فَجُعِلَ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وقَوْله تَعَالَى {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ} وَلَمْ يَذْكِرِ الْأَبَ وَحُجِبَ بِالْإِخْوَةِ لِأَنَّ الْمَالَ قَبْلَ نُزُولِ الْمَوَارِيثِ كَانَ كُلُّهُ لِلْعَصَبَةِ فَلَمَّا قَسَّمَ اللَّهُ تَعَالَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مَا سَمَّاهُ بَقِيَ الْأَبُ عَلَى مُقْتَضَى الْأَصْلِ لَهُ مَا بَقِي بعد السُّدُسِ كَالْعَامِّ إِذَا خُصَّ وَيَأْخُذُ الْأَبُ مَا عَدَا السُّدُسَ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ عَصَبَةٍ مِنَ الْإِخْوَةِ وَحَجَبْنَا الْإِخْوَةَ إِلَى السُّدُسِ لِأَنَّ الْأَخَ يُدْلِي بِالْبُنُوَّةِ لِأَنَّهُ ابْنُ أَبِيهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ شَأْنَ الْبُنُوَّةِ إِسْقَاطُ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ وَإِنَّمَا يَقْتَصِرُ لَهُمَا عَلَى أَدْنَى السِّهَامِ مُلَاحَظَةً لِأَصْلِ بِرِّ الْوَالِدَيْنِ فَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْإِخْوَةَ نَزَعُوا مِنَ الْأُمِّ وَالْأَبِ نَزَعَ مِنَ الْإِخْوَةِ السُّدُسَ الَّتِي كَانَتِ الْأُمُّ تَأْخُذُهُ مَعَهُ وَلَمْ يَحْجُبِ الْأَخُ الْوَاحِدُ وَلَا الْأُخْتُ الْوَاحِدَةُ وَإِنْ حَجَبَ الْوَلَدُ الْوَاحِدُ لِأَنَّ الْوَلَدَ الْوَاحِدَ ابْنُ الْمَيِّتِ وَالْأَخَ ابْنُ أَبِيهِ فَهُوَ أَبْعَدُ رُتْبَةً فَضُوعِفَتِ الرُّتْبَةُ فِي الْبُعْدِ بِوَاحِدٍ كَمَا نَقَصَتِ الرُّتْبَةُ فِي الْقُرْبِ بِوَاحِدٍ فَإِنِ اجْتَمَعَ ابْنَةٌ وَأُخْتٌ فَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ أَمَّا الْبِنْتُ فَلِأَنَّهَا نِصْفُ ابْنٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا الْأُخْتُ فَلِأَنَّهَا وَلَدُ أَبِيهِ فَبِالْأَبِ تَسْتَحِقُّ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ حَضَرَ كَانَ لَهُ وَلِأَنَّ الْعَمَّ وَلَدُ جَدِّهِ وَهُوَ يَأْخُذُهُ لَوْ حَضَرَ وَهَذِهِ وَلَدُ أَبِيهِ فَهِيَ أَقْرَبُ مِنْهُ أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ أُخْتًا لَأُمٍّ لَمْ تَأْخُذْ شَيْئًا لِهَذَا السِّرِّ (الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ) فِي قَوْله تَعَالَى {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دين} جعل الْمِيرَاث مُتَأَخّر عَنِ الدَّيْنِ وَالْوَصِيَّةِ فَانْظُرْ إِنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ مَقَادِيرُ وَهِيَ النِّصْفُ وَالثُّلُثَانِ وَالسُّدُسُ وَالثُّلُثُ وَمُقَدَّرَاتٌ وَهِيَ الْأَنْصِبَاءُ مِنَ الْأَمْوَالِ فَهَلِ الْمُتَأَخِّرُ الْمِقْدَارُ أَوِ الْمُقَدَّرُ فَإِنْ كَانَ الْمُتَأَخِّرُ الْمِقْدَارَ فَيَكُونُ الْمَعْنَى لِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَكَوْنُهُ نِصْفًا إِنْ تَقَدَّمَ عَلَى الدَّيْنِ زَادَ أَوْ تَأَخَّرَ نَقَصَ فَأَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ النِّصْفَ الْمُرَادَ إِنَّمَا هُوَ النِّصْفُ الَّذِي يَصْغُرُ بِتَأْخِيرِهِ عَنْ إِخْرَاجِ الدَّيْنِ وَالْوَصِيَّةِ وَيَكُونُ أَصْلُ التَّمْلِيكِ لَمْ

(الفائدة العاشرة)

يَتَعَرَّضْ لَهُ بِالتَّأْخِيرِ أَوْ أَصْلُ التَّمْلِيكِ مُتَأَخِّرٌ عَنِ الدَّيْنِ فَلَا تَكُونُ التَّرِكَةُ عَلَى مِلْكِ الْوَرَثَةِ قَبْلَ وَفَاءِ الدَّيْنِ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ وَتَكُونُ عَلَى مِلْكِهِمْ عَلَى التَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ وَهُوَ أَصْلٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي قَسْمِ التَّرِكَاتِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (الْفَائِدَةُ الْعَاشِرَةُ) لِمَ قَدَّمَ الْوَصِيَّةَ فِي اللَّفْظِ عَلَى الدَّيْنِ مَعَ عَدَمِ وُجُوبِهَا وَوُجُوبِهِ وَالشَّأْنُ تَقْدِيمُ الْأَعَمِّ وََالْجَوَابُ أَنَّ النُّفُوسَ مَجْبُولَةٌ عَلَى إِهْمَالِ الْوَصِيَّةِ لِعَدَمِ وُجُوبِهَا فِي أَصْلِهَا وَعَدَمِ الْمُعَاوضَة فِيهَا فَقَدَّمَهَا اللَّهُ تَعَالَى لِيُشْعِرَ النُّفُوسَ بِمَيْلِ صَاحِبِ الشَّرْعِ لَهَا فَيَبْعُدُ إِهْمَالُهُمْ لِإِخْرَاجِهَا وَاسْتَغْنَى الدَّيْنُ بِقُوَّةِ جَنَابِ الْمُطَالِبِ بِهِ عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ لِي بَعْضُ الْفُضَلَاءِ إِنَّمَا قَدَّمَ الْوَصِيَّةَ لِأَنَّهُ أَضَافَ إِلَيْهِ بَعْدُ وَالْمِيرَاثُ إِنَّمَا يُقْسَمُ بَعْدَهَا لَا بَعْدَ الدَّيْنِ فَإِنَّ الدَّيْنَ يَخْرُجُ أَوَّلًا ثُمَّ الْوَصِيَّةَ ثُمَّ الْمِيرَاثَ فَلَمَّا كَانَ الْمِيرَاثُ إِنَّمَا يَقَعُ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ لَا بَعْدَ الدَّيْنِ لِأَنَّهَا الْمُتَأَخِّرَةُ فِي الْإِخْرَاجِ جُعِلَ اللَّفْظُ عَلَى وَفْقِ الْوَاقِعِ فَقِيلَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ وَلَوْ قَالَ مِنْ بَعْدِ دَيْنٍ أَوْ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا لَكَانَتِ الْبَعْدِيَّةُ مُضَافَةً لِلدَّيْنِ وَكَانَ الدَّيْنُ يَتَأَخَّرُ إِخْرَاجُهُ عَنِ الْوَصِيَّةِ وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ قُلْتُ لَهُ هَذَا يَتِمُّ لَوْ قَالَ بِالْوَاو الْمُقْتَضِيَة للْجمع وَإِنَّمَا الْآيَة بِأَو الْمُقْتَضِيَةِ أَحَدُهُمَا وَحْدَهُ فَعَلَى هَذَا مَيِّتٌ لَهُ وَصِيَّةٌ بِغَيْرِ دَيْنٍ وَآخَرُ لَهُ دَيْنٌ بِغَيْرِ وَصِيَّةٍ فَلِمَ قُدِّمَتِ الْوَصِيَّةُ مَعَ ضَعْفِهَا مَعَ أَنَّهَا مُنْفَرِدَةٌ فَيَعُودُ السُّؤَالُ قَالَ تَكُونُ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ قُلْتُ يَنْتَقِضُ الْمَعْنَى نَقْضًا شَدِيدًا إِنْ جَعَلْنَا أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ يَكُونُ الْمِيرَاثُ مُتَأَخِّرًا عَنْ مَجْمُوعِهِمَا لَا عَنْ أَحَدِهِمَا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَرْجِيحِ الْمَجْمُوعِ عَلَيْهِ تَرْجِيحُ

(الفائدة الحادية عشرة)

جُزْئِهِ عَلَيْهِ فَلَا يَلْزَمُ التَّأْخِيرُ عَنِ الدَّيْنِ وَحده وَإِن جعلناها على بَابهَا يكون الْمِيرَاثُ مُتَأَخِّرًا عَنْ أَحَدِهِمَا وَيَلْزَمُ مِنْ تَأْخِيرِهِ وَتَرْجِيحِ أَحَدِهِمَا عَلَيْهِ تَرْجِيحُ الْمَجْمُوعِ عَلَيْهِ ضَرُورَةً فَظَهَرَ أَنَّ الْمَعْنَى مَعَ الْوَاوِ يَنْتَقِضُ نَقْضًا شَدِيدًا فَلَا يُصَارُ إِلَيْهِ (الْفَائِدَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ) فِي قَوْله تَعَالَى {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ} لِأَنَّ الزَّوْجَ وَالزَّوْجَةَ كَالشَّرِيكَيْنِ الْمُتَعَاوِنَيْنِ عَلَى الْمَصَالِحِ فَلَمَّا افْتَرَقَا كَانَ لَهُ النِّصْفُ وَمَعَ الْوَلَدِ الرُّبُعُ لِأَنَّ الْوَلَدَ عُضْوٌ مِنْهَا فَقُدِّمَ عَلَيْهِ وَلِقُوَّةِ الْمُشَارَكَةِ أَشْبَهَ صَاحِبُ الدَّيْنِ الَّذِي يُقَدَّمُ عَلَى الِابْنِ فَجَعَلَ لَهُ نِصْفَ مَا كَانَ لَهُ وَهُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الزَّوْجِ وَالْأَبِ لَهُ السُّدُسُ أَقَلُّ السِّهَامِ لِأَنَّهُ صَاحِبُ رَحِمٍ عَرِيَ عَنْ شَائِبَةِ الْمُشَارَكَةِ وَالْمُعَامَلَةِ وَنَاسَبَ الْأَبَ مِنْ وَجْهٍ لِأَنَّ لِلزَّوْجِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ فَأُعْطِيَ لَهُ مِنْ مَالِهَا بِتِلْكَ النِّسْبَةِ وَهِيَ الرُّبُعُ أَقَلُّ السِّهَامِ كَمَا أُعْطِيَ الْأَبُ أَقَلَّ السِّهَامِ وَالْمَرْأَةُ لَهَا الرُّبُعُ لِأَنَّ الْأُنْثَى نِصْفُ الذَّكَرِ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَهَا الثُّمُنُ عِنْدَ الْوَلَدِ بذلك وَلِأَنَّ لَهَا رُبُعَ حَدِّهِ لِأَنَّهُ إِذَا تَزَوَّجَ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ حِصَّتُهَا الرُّبُعُ وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ الزِّيَادَةُ على أَربع فاستحقت الرّبع (الْفَائِدَة الثَّانِيَة عشر) فِي قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَة أَو امْرَأَة} قِيلَ هِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنَ الْإِكْلِيلِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَنْزِلُ مِنْهُ أَبْنَاؤُهُ فَهُمْ تَحْتَهُ وَلِذَلِكَ يَقُولُ الْعُلَمَاءُ الِابْنُ وَإِنْ سَفَلَ وَيَنْزِلُ مِنْ آبَائِهِ وَلِذَلِكَ يَقُولُونَ الْأَبُ وَإِنْ عَلَا فَهُمْ فَوْقَهُ وَإِخْوَتُهُ حَوْلَهُ مِثْلُ الْأَجْنِحَةِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبْنَاءٌ تَحْتَهُ وَلَا آبَاءٌ فَوْقَهُ بَقِيَ فِي الْوَسَطِ وَإِخْوَتُهُ حَوْلَهُ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ فَأشبه الاكليل وَقيل من الكلال الَّذِي هم التَّعَبُ أَيْ كَلَّتِ الرَّحِمُ عَنْ وِلَادَةِ الْأَبْنَاءِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَقِيلَ يَكْفِي فِي الْكَلَالَةِ عَدَمُ الْوَلَدِ وَفِي مُسَمَّاهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قِيلَ اسْمٌ لِلْمَيِّتِ أَيْ هُوَ مَعَ الْوَرَثَةِ كَالْإِكْلِيلِ وَقِيلَ لِلْوَرَثَةِ الَّذِينَ لَيْسَ فِيهِمْ وَلَدٌ وَلَا أَبٌ وَقِيلَ لِلْفَرِيضَةِ الَّتِي لَا يَرِثُ فِيهَا ولد

(الفائدة الثالثة عشرة)

وَلَا وَالِدٌ وَأَجْمَعَ النَّاسُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بالإخوة هَا هُنَا إِخْوَةُ الْأُمِّ وَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ صَالِحًا لَهُمْ وَلِغَيْرِهِمْ مِنَ الْإِخْوَةِ (الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ) فِي قَوْله تَعَالَى {فَلِكُل وَاحِد مِنْهُمَا السُّدس} أُعْطِي لَهُ مَا كَانَ لِأُمِّهِ الَّتِي يُدْلِي بِهَا وَلِذَلِكَ اسْتَوَى ذَكَرُهُمْ وَأُنْثَاهُمْ لِأَنَّ الْأَصْلَ أُنْثَى فَلَا أَثَرَ لِلذُّكُورَةِ وَالْأُمُّ إِنَّمَا تَرِثُ السُّدُسَ مَعَ وُجُودِهِمَا فَكَانَ ذَلِكَ لِلْوَاحِدِ وَالْأُمُّ لَهَا حَالَانِ الثُّلُثُ وَالسُّدُسُ فَجُعِلَ حَالَاهَا لِحَالَتِهِمَا إِنِ انْفَرَدَ الْوَاحِدُ فَالسُّدُسُ أَوِ اجْتَمَعُوا فَالثُّلُثُ فَسِرُّ هَذِهِ الْفُرُوضِ الْأُمُّ وَسِرُّ الْأُمِّ فِيهِمَا الْأَبُ وَالْبُنُوَّةُ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَمَّا كَانَ أَعْلَى أَحْوَالِ الْأُمِّ الثُّلُثَ وَأَقَلُّ أَحْوَالِهَا السُّدُسَ وَأَعْلَى أَحْوَالِ الْإِخْوَةِ الِاجْتِمَاعُ وَأَدْنَاهَا الِانْفِرَادُ فُرِضَ الْأَعْلَى لِلْأَعْلَى وَالْأَدْنَى لِلْأَدْنَى وَاسْتَوَى الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى بِخِلَافِ الْأَشِقَّاءِ وَالْأَوْلَادِ وَسَائِرِ الْقَرَابَاتِ وَالزَّوْجَيْنِ لِأَنَّ الذَّكَرَ حَيْثُ فَضَلَ الْأُنْثَى إِنَّمَا كَانَ إِذَا كَانَ الذَّكَرُ عَاصِبًا وَلَا عُصُوبَةَ مَعَ الْإِدْلَاءِ بِأُنْثَى الَّتِي هِيَ الْأُمُّ وَأَمَّا الزَّوْجُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَصَبَةً فَلِأَنَّهُ يُدْلِي بِنَفْسِهِ وَهُوَ أَشْرَفُ من الزَّوْجَة بالذكورة وَهَا هُنَا الْأَخُ الذَّكَرُ لِلْأُمِّ لَمْ يَدْلُ بِنَفْسِهِ بَلْ بِالْأُمِّ فَيَسْقُطُ اعْتِبَارُ خُصُوصِ كَوْنِهِ ذَكَرًا (الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ) فِي قَوْله تَعَالَى {قُلِ اللَّهُ يفتيكم فِي الْكَلَالَة} تَقَدَّمَ اشْتِقَاقُهَا وَتِلْكَ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ الَّتِي فِي مسماها هَا هُنَا وَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَسْتَشْكِلُهَا كَثِيرًا وَعَنْهُ فِي ذَلِكَ حِكَايَاتٌ نَقَلَهَا ابْنُ عَطِيَّةَ إِحْدَاهَا رُوِيَ عَنْهُ مَا رَاجَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُرَاجَعَتِي فِي الْكَلَالَةِ وَلَوَدِدْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يمت حَتَّى يبينها وثانيتها كَانَ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ ثَلَاثٌ لَوْ بَيَّنَهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَكَانَ أَحَبَّ إِلِيَّ مِنَ الدُّنْيَا الْجَدُّ وَالْكَلَالَةُ وَالْخِلَافَةُ وَأَبْوَابٌ مِنَ الرِّبَا وَثَالِثُهَا أَنَّهُ كَتَبَ كِتَابًا فِيهَا وَمَكَثَ يَسْتَخِيرُ اللَّهَ تَعَالَى فِيهِ وَيَقُولُ اللَّهُمَّ إِنْ عَلِمْتَ فِيهِ خَيْرًا فَأَمْضِهِ فَلَمَّا طُعِنَ دَعَا بِالْكِتَابِ فَمُحِيَ وَلَمْ يُعْلَمْ مَا فِيهِ ورابعتها أَنه جمع

(الفائدة الخامسة عشرة)

أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقَالَ لَأَقْضِيَنَّ فِي الْكَلَالَةِ بِقَضَاءٍ تَتَحَدَّثُ بِهِ النِّسَاءُ فِي خُدُورِهَا فَخَرَجَتْ عَلَيْهِمْ حَيَّةٌ مِنَ الْبَيْتِ وَتَفَرَّقُوا فَقَالَ لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يتم هَذَا الْأَمر لأتمه وخامستها أَنَّهُ خَطَبَ النَّاسَ يَوْمَ جُمُعَةٍ فَقَالَ وَاللَّهِ مَا أَدَعُ بَعْدِي شَيْئًا أَهَمَّ مِنَ الْكَلَالَةِ وَقَدْ سَأَلْتُ عَنْهَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَمَا أَغْلَظَ لِي فِي شَيْءٍ مَا أَغْلَظَ لِي فِيهَا حَتَّى طَعَنَ فِي نَحْرِي وَقَالَ تكفيك آيَة الضَّيْف الَّتِي أُنْزِلَتْ فِي آخِرِ سُورَةِ النِّسَاءِ فَإِنْ أَعِشْ فَسَأَقْضِي فِيهَا بِقَضِيَّةٍ لَا يَخْتَلِفُ فِيهَا اثْنَانِ مِمَّنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ مَا أَعْضَلَ بِأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شَيْءٌ مَا أَعْضَلَتْ بِهِمُ الْكَلَالَةُ قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ فَظَاهِرُ كَلَامِ عُمَرَ أَنَّهَا آيَةُ الصَّيْفِ وَعَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْكَلَالَةِ فَقَالَ أَلَمْ تَسْمَعِ الْآيَةَ الَّتِي أُنْزِلَتْ فِي الصَّيْفِ {وَإِنْ كَانَ رجل يُورث كَلَالَة} إِلَى آخر الْآيَة واستكشل جمَاعَة استكشال عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَهَا فَإِنَّهَا بَيِّنَةٌ غَيْرَ أَنَّ اللَّفْظَ لَا دَلَالَةَ لَهُ عَلَى خُصُوصِ كَوْنِهِ اسْمًا لِلْمَيِّتِ أَوِ الْمَالِ أَوِ الْوَرَثَةِ وَلَا عَلَى إِخْوَةٍ لِأُمٍّ أَوْ أَشِقَّاءَ أَوْ لِأَبٍ فَلَعَلَّهُ مَوْضِعُ الْإِشْكَالِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُعْرَفُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْآيَةِ الْأُولَى إِخْوَةُ الْأُمِّ وَبِهَذِهِ إِخْوَةُ الْأَبِ أَوِ الشَّقَائِقُ (الْفَائِدَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ) فِي قَوْله تَعَالَى {وَلَهُ أُخْتٌ فلهَا نصف مَا ترك} إِنَّمَا كَانَ لَهَا النِّصْفُ لِأَنَّهَا بِنْتُ أَبِيهِ فَالْأَخَوَاتُ فِي الْحَقِيقَةِ بَنَاتٌ غَيْرَ أَنَّهُنَّ أَبْعَدُ مَرْتَبَةً فَلَا جَرَمَ قُدِّمَ بَنَاتُ الصُّلْبِ عَلَيْهِنَّ وَأُجْرَيْنَ مَجْرَاهُنَّ عِنْدَ عَدَمِهِنَّ وَلَمَّا كَانَ الْأَخُ الذَّكَرُ إِذَا انْفَرَدَ لَهُ الْكُلُّ كَانَ لَهَا النِّصْفُ لِأَنَّ الْأُنْثَى نِصْفُ الذَّكَرِ كَمَا تَقَدَّمَ وَلِلْأُنْثَيَيْنِ فَأَكْثَرُ الثُّلُثَانِ لِأَنَّ الْأُنْثَيَيْنِ كَذَكَرٍ وَالذَّكَرُ لَهُ الثُّلُثَانِ مَعَ الْأُخْتِ فَجُعِلَ ذَلِكَ لَهُمَا وَلَوْ بَقِيَتِ الْبِنْتُ أَوِ الْأُخْتُ عَلَى النِّصْفِ حَالَةَ الِاجْتِمَاعِ وَلَمْ تُضَارَّ بِأُخْتِهَا مَعَ أَنَّ الِابْنَ لَا يَبْقَى عَلَى حَالِهِ عِنْدَ الِانْفِرَادِ إِذا كَانَ مَعَه أُخْته ويضاربها لَلَزِمَ تَرْجِيحُ الْأُنْثَيَيْنِ عَلَى الذَّكَرِ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يُجْعَلَ الْأُنْثَيَانِ مِثْلَ الذَّكَرِ فِي أَصْلِ الْفَرْضِ وَالْمُضَارَّةِ وَسُوِّيَ بَيْنِ الْأُنْثَيَيْنِ وَالزَّائِدِ عَلَيْهِمَا كَمَا سُوِّيَ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالزَّائِدِ عَلَيْهِ فِي حوز جَمِيع

(الفائدة السادسة عشرة)

الْمَالِ وَاسْتُفِيدَ الزَّائِدُ مِنْ آيَةِ الْبَنَاتِ كَمَا اسْتُفِيدَ حُكْمُ الْبِنْتَيْنِ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ فَبَقِيَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْآيَتَيْنِ مُبَيِّنَةً لِلْأُخْرَى وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُهُ فِي الْبَنَاتِ (الْفَائِدَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ) فِي قَوْله تَعَالَى {فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ} اتَّفَقَ النُّحَاةُ عَلَى أَنَّ خَبَرَ الْمُبْتَدَأِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا مِنَ الْخَبَرِ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ يَمْتَنِعُ قَوْلُكَ إِنَّ الذَّاهِبَ جَارِيَتِهِ صَاحِبُهَا لِأَنَّهُ قَدْ فُهِمَ مِنْ قَوْلِكَ جَارِيَتُهُ أَنَّهُ صَاحِبُهَا وَكَذَلِكَ يُفْهَمُ مِنْ قَوْله تَعَالَى كَانَتَا أَنَّهُمَا اثْنَتَانِ فَالْخَبَرُ مَعْلُومٌ مِنَ الِاسْمِ وَمُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ الْمَنْعُ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ فِي تَعَالِيقِهِ كَانَتِ الْعَرَبُ تُوَرِّثُ الْكَبِيرَةَ دُونَ الصَّغِيرَةِ اهْتِضَامًا لَهَا فَأَشَارَ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ " اثْنَتَيْنِ " إِلَى أَصْلِ الْعَدَدِ الْمُجَرَّدِ مِنَ الصِّغَرِ وَالْكِبَرِ وَكَأَنَّهُ تَعَالَى يَقُولُ كَيْفَ كَانَتَا فَصَارَ وَصْفُ التَّجْرِيدِ عَنِ الْكِبَرِ وَالصِّغَرِ قَيْدًا زَائِدًا فِي الْخَبَرِ وَهُوَ لَمْ يُعْلَمْ مِنَ الِاسْمِ فَحَسُنَ أَنْ يَكُونَ خَبَرَ الزِّيَادَةِ كَمَا قَالَ أَبُو النَّجْمِ: (أَنَا أَبُو النَّجْمِ وَشِعْرِي شِعْرِي ... ) أَيِ الْمَعْرُوفُ فَحَسُنَ لِإِضْمَارِ الصِّفَةِ وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ (الْفَائِدَةُ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ) فِي قَوْله تَعَالَى {يُبَيِّنُ الله لكم} بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ بَعْدَ أَنْ تَقَدَّمَ الْبَيَانُ فَالْمُطَابِقُ لِتَقَدُّمِ الْبَيَانِ بَيَّنَ اللَّهُ لَكُمْ فَلِمَ عَدَلَ عَنْهُ لِلْمُضَارِعِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْفِعْلَ الْمُضَارِعَ يُسْتَعْمَلُ لِلْحَالَةِ الْمُسْتَمِرَّةِ مَجَازًا كَقَوْلِهِمْ فُلَانٌ يُعْطِي وَيَمْنَعُ وَيَصِلُ وَيَقْطَعُ أَيْ هَذَا شَأْنُهُ وَمِنْهُ قَوْلُ خَدِيجَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمُ وَتَحْمِلُ الْكَلَّ وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ أَيْ هَذَا شَأْنُكَ فَمُرَادُ الْآيَةِ أَنَّ الْبَيَانَ شَأْنُ اللَّهِ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَفِي غَيْرِهَا فَهِيَ

(الفائدة الثامنة عشرة)

تَحْقِيقٌ لِلْمَاضِي وَعِدَةٌ بِوُقُوعِ الْبَيَانِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَكَانَ الْمَعْنَى أَتَمَّ مِنَ الْمَاضِي وَحْدَهُ (الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ) فِي قَوْله تَعَالَى {يُبَيِّنُ اللَّهُ لكم أَن تضلوا} فَإِنَّ أَنْ فِي أَنْ تَضِلُّوا مَصْدَرِيَّةٌ مَفْعُولٌ مِنْ أَجْلِهِ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادِ الظَّاهِرِ لِأَنَّ مَعْنَى الظَّاهِرِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ أَجْلِ أَنْ تَضِلُّوا فَيَكُونُ الْإِضْلَالُ هُوَ الْبَاعِثُ عَلَى الْبَيَان وَلَيْسَ كَذَلِك بل ضِدّه فَيتَعَيَّن مُضَاف مَحْذُوف تَقْدِيرُهُ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ كَرَاهَةَ أَنْ تَضِلُّوا أَوْ خَشْيَةَ أَنْ تَضِلُّوا فَهَذَا الْمَحْذُوفُ هُوَ الْمَفْعُولُ مِنْ أَجْلِهِ عَلَى التَّحْقِيقِ وَنَظَائِرُهُ فِي الْقُرْآنِ كَثِيرَةٌ (الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ) فِي الْحَدِيثِ النَّبَوِيِّ الْمُتَقَدِّمِ لِأَنَّهُ إِذَا اجْتَمَعَ بِنْتٌ وَبِنْتُ ابْنٍ وَأُخْتٌ فَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ لِأَنَّهَا نِصْفُ أَخِيهَا وَهِيَ وَبِنْتُ الِابْنِ ابْنَتَانِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ كَمَا تَقَدَّمَ تَعْلِيلُهُ وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَرْبَاعٍ لِلْبِنْتِ مِنْهَا ثَلَاثَةٌ لِأَنَّهَا النِّصْفُ وَلَوْ كَانَ مَكَانَ ابْنَةِ الِابْنِ أَخُوهَا كَانَ لَهُ النِّصْفُ الْبَاقِي فَإِذَا كَانَتْ أُنْثَى كَانَ لَهَا الرُّبُعُ مِنْ حَظِّهِمَا لِأَنَّهُ إِذَا تَبَيَّنَ أَنَّ الْبِنْتَيْنِ لِلصُّلْبِ لَا يُزَادَانِ عَلَى الثُّلُثَيْنِ فَأَوْلَى إِنْ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا بِنْتَ ابْنٍ وَإِذَا تَعَيَّنَ لَهَا الرُّبُعُ مِنْ حظهما فَهُوَ السُّدس تَكْمِلَة الثُّلثَيْنِ فيلاحظ هَا هُنَا ثَلَاثَةُ أُمُورٍ أَنَّ الْبِنْتَيْنِ لَا يُزَادَانِ عَلَى الثُّلُثَيْنِ وَأَنَّ الْبِنْتَ لِقُرْبِهَا جُعِلَ لَهَا النِّصْفُ وَأَنَّ السُّدُسَ الصَّالِحَ لِبِنْتِ الِابْنِ هُوَ رُبُعٌ بِاعْتِبَارِ الثُّلُثَيْنِ لَا بِاعْتِبَارِ أَصْلِ الْمَالِ وَكَانَ الْأَصْلُ أَنْ يَكُونَ لَهَا الرُّبُعُ مِنْ أَصْلِ المَال لَكِن عدل عَن ذَلِك لَيْلًا ترجع هَاتَانِ عَلَى بَنَاتِ الصُّلْبِ وَلِلْأُخْتِ مَا بَقِيَ لِأَنَّهَا ذَاتُ فَرْضِ النِّصْفِ وَتَقُومُ مَقَامَ الْبِنْتِ عِنْد عدمهَا فَيكون للأثنين مِنْهُنَّ الثُّلُثَانِ وَهِيَ تُدْلِي بِالْبُنُوَّةِ لِأَنَّهَا بِنْتُ ابْنِهِ فَتُقَدَّمُ لِأَنَّهَا مِنْ أَرْبَابِ الْفُرُوضِ عَلَى الْعَصَبَات فتأخذ مَا بَقِي لهَذَا السَّبَبِ صَارَتِ الْأَخَوَاتُ عَصَبَةَ الْبَنَاتِ وَهَذَا الْحَدِيثُ مُخَصِّصٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَيْسَ لَهُ

(الفائدة العشرون)

ولد وَله أُخْت} فَاشْتَرَطَ فِي تَوْرِيثِهَا عَدَمَ الْوَلَدِ وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُقَدَّمُ الْعَصَبَةُ عَلَيْهَا لِظَاهِرِ الْآيَةِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَجْعَلْ لَهَا شَيْئًا إِلَّا عِنْد عَدَمَ الْوَلَدِ وَهَذَا الْحَدِيثُ يُبَيِّنُ أَنَّ مُرَادَ اللَّهِ تَعَالَى بِالْوَلَدِ الذَّكَرُ (الْفَائِدَةُ الْعِشْرُونَ) فِي حَدِيثِ الْجَدَّةِ إِنَّمَا كَانَ لَهَا السُّدُسُ لِأَنَّهَا أَبْعَدُ رُتْبَةً مِنَ الْأُمِّ وَالْأَبِ فَجُعِلَ لَهَا أَدْنَى حَالَتَيِ الْأُمِّ وَالْأَبِ وَهُوَ السُّدُسُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ بِنْتِ الِابْنِ إِذَا انْفَرَدَتْ تَأْخُذُ النِّصْفَ أَنَّ بِنْتَ الِابْنِ تُدْلِي بِالْبُنُوَّةِ وَالْجَدَّةَ تُدْلِي بِالْأُمُومَةِ وَهِيَ أَضْعَفُ مِنَ الْبُنُوَّةِ وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ أَنَّ لَهُمُ الثُّلُثَ إِذَا اجْتَمَعُوا وَإِنْ كَانَ الْجَمِيعُ يُدْلِي بِالْأُمِّ وَهَذَا أَشْكَلُ مِنَ الْأَوَّلِ أَنَّ الْأَخَ لِلْأُمِّ يَقُولُ أَنَا ابْنُ أُمِّهِ وَالْجَدَّةَ تَقُولُ أَنَا أُمُّ أُمِّهِ فَالْأَوَّلُ يُدْلِي بِالْبُنُوَّةِ الْمُقَدَّمَةِ عَلَى الْأُمُومَةِ فَهَذِهِ عِلَلُ مَقَادِيرِ الْفَرَائِضِ وَحِكَمُهَا وَهِيَ مِنْ أَجَلِّ عِلْمِ الْفَرَائِضِ فَتَأَمَّلْهَا تَفْرِيعٌ الْفُرُوضُ الْمُقَدَّرَةُ سِتَّةٌ الثُّلُثَانِ وَنِصْفُهُمَا وَهُوَ الثُّلُثُ وَنِصْفُهُ وَهُوَ السُّدُسُ وَالنِّصْفُ وَنِصْفُهُ وَهُوَ الرُّبُعُ وَنِصْفُهُ وَهُوَ الثّمن قَالَ ابْن يُونُس الْمجمع على توريثه مِنَ الرِّجَالِ خَمْسَةَ عَشَرَ الِابْنُ وَابْنُ الِابْنِ وَإِنْ سَفَلَ وَالْأَبُ وَالْجَدُّ أَبُو الْأَبِ وَإِنْ عَلَا وَالْأَخُ الشَّقِيقُ وَالْأَخُ لِلْأَبِ وَالْأَخُ لِلْأُمِّ وَابْنُ الْأَخِ الشَّقِيقِ وَإِنْ بَعُدَ وَابْنُ الْأَخِ مِنَ الْأَبِ وَإِنْ بَعُدَ وَالْعَمُّ الشَّقِيقُ وَالْعَمُّ لِلْأَبِ وَابْنُ الْعَمِّ الشَّقِيقِ وَإِنْ بَعُدَ وَابْنُ الْعَمِّ لِلْأَبِ وَإِنْ بَعُدَ وَعُمُومَةُ الْأَبِ وَبَنُوهُمْ دَاخِلُونَ فِي الْعُمُومَةِ وَالزَّوْجُ وَمَوْلَى النِّعْمَةِ وَمِنَ النِّسَاءِ عَشَرَةٌ الْبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْنِ وَإِنْ سَفَلَ وَالْأُمُّ وَالْجَدَّةُ لِلْأُمِّ

وَالْجَدَّةُ لِلْأَبِ وَالْأُخْتُ الشَّقِيقَةُ وَالْأُخْتُ لِلْأَبِ وَالْأُخْتُ لِلْأُمِّ وَالزَّوْجَةُ وَمَوْلَاةُ النِّعْمَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ مَنْ عدا هَؤُلَاءِ كأب الْأُمِّ وَأُمِّهِ وَأَوْلَادِ الْبَنَاتِ وَبَنَاتِ الْإِخْوَةِ وَأَوْلَادِ وَأَوْلَادِ الْأَخَوَاتِ وَبَنِي الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ وَالْعَمِّ لِلْأُمِّ وَأَوْلَادِهِ وَالْعَمَّاتِ وَالْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ وَأَوْلَادِهِمْ وَبَنَاتِ الْأَعْمَامِ فَهُمْ ذَوُو أَرْحَامٍ لَا شَيْءَ لَهُمْ وَالْمُسْتَحِقُّونَ بِالْقَرَابَةِ مِنْهُمْ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ وَهُمُ الْبَنُونَ وَالْبَنَاتُ وَالْآبَاءُ وَالْأُمَّهَاتُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَحِقُّ بِوَاسِطَةٍ بَيْنِهِ وَبَيْنَ الْمَيِّتِ وَهُمْ أَرْبَعَةُ أَصْنَافٍ ذَكَرٌ يَتَسَبَّبُ بِذَكَرٍ وَهُمُ الْعَصَبَةُ كَبَنِي الْبَنِينَ وَإِنْ سَفَلُوا وَالْجَدُّ وَإِنْ عَلَا وَالْإِخْوَةُ وَبَنُوهُمْ وَالْأَعْمَامُ وَبَنُوهُمْ وَإِنْ بَعُدُوا وَمَنْ يَتَسَبَّبُ مِنْ هَؤُلَاءِ بِأُنْثَى فَلَا مِيرَاثَ لَهُ كَالْجَدِّ لِلْأُمِّ وَبَنِي الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ وَبَنِي الْبَنَاتِ وَنَحْوِهِمْ إِلَّا الْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ لَكِنْ لَا يَرِثُونَ بِالتَّعْصِيبِ الصِّنْفُ الثَّانِي إِنَاثٌ يتسببون بِإِنَاثٍ وَهُمُ اثْنَانِ فَقَطْ الْجَدَّةُ لِلْأُمِّ وَالْأُخْتُ للْأُم الصِّنْف الثَّالِث ذُكُور يتسببون بِأُنْثَى وَهُوَ وَاحِدٌ فَقَطْ الْأَخُ لِلْأُمِّ وَالصِّنْفُ الرَّابِع إناث يتسببون بِذُكُورٍ وَهُمْ ثَلَاثَةٌ فَقَطْ الْأَخَوَاتُ لِلْأَبِ وَبَنَاتُ الْبَنِينَ وَالْجَدَّةُ أَمُّ الْأَبِ وَالْوَارِثُونَ بِالسِّهَامِ الْمُقَدَّرَةِ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ صِنْفٌ لَا يَرِثُ إِلَّا بِهَا وَهُمْ سِتَّةٌ الْأُمُّ وَالْجَدَّةُ وَالزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ وَالْأَخُ لِلْأُمِّ وَالْأُخْتُ لِلْأُمِّ وَصِنْفٌ يَرِثُونَ بِهَا وَبِالتَّعْصِيبِ وَقَدْ يَجْمَعُونَ بَيْنَهُمَا وَهُمُ اثْنَانِ الْأَبُ وَالْجَدُّ فَيُفْرَضُ لَهُمَا مَعَ الْوَلَدِ أَوْ وَلَدِ الِابْنِ السُّدُسُ وَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ أَخَذَاهُ بِالتَّعْصِيبِ مَعَ الْبِنْتِ وَصِنْفٌ يَرِثُونَ تَارَةً بِالْفَرْضِ وَتَارَةً بِالتَّعْصِيبِ وَلَا يجمعُونَ بَينهمَا وهم أَربع النَّبَات وَبَنَاتُ الِابْنِ وَالْأَخَوَاتُ الْأَشِقَّاءُ وَالْأَخَوَاتُ لِلْأَبِ لِأَنَّهُنَّ إِذا كَانَ

مَعَهُنَّ أَخٌ لَمْ يَرِثْنَ بِالْفَرْضِ بَلْ بِالتَّعْصِيبِ وَكَذَلِكَ بَنَاتُ الِابْنِ يُعَصِّبُهُنَّ ذَكَرٌ إِنْ كَانَ مَعَهُنَّ فِي دَرَجَتِهِنَّ أَوْ أَسْفَلَ مِنْهُنَّ وَيُعَصِّبُ الْأَخَوَاتِ أَرْبَعَةٌ الْأَخُ فِي دَرَجَتِهِنَّ وَالْجَدُّ وَبَنَاتُ الصُّلْبِ وَبَنَاتُ الِابْنِ فَالنِّصْفُ فَرْضُ خَمْسَةٍ بِنْتِ الصُّلْبِ وَبِنْتِ الِابْنِ مَعَ عَدَمِهَا وَالزَّوْجِ مَعَ عَدَمِ الْحَاجِبِ وَالْأُخْتِ الشَّقِيقَةِ وَالْأُخْتِ لِلْأَبِ مَعَ عَدَمِ الْحَاجِبِ وَالرُّبُعُ فَرْضُ صِنْفَيْنِ الزَّوْجِ مَعَ وُجُودِ الْحَاجِبِ وَالزَّوْجَةِ وَالزَّوْجَاتِ مَعَ عَدَمِ الْحَاجِبِ وَالثُّمُنُ فَرْضُ صِنْفٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الزَّوْجَةُ مَعَ وُجُودِ الْحَاجِبِ وَالثُّلُثَانِ فَرْضُ الِابْنَتَيْنِ فَصَاعِدًا وَالْأُخْتَيْنِ الشَّقِيقَتَيْنِ أَوْ لِلْأَبِ إِذَا انْفَرَدْنَ وَالثُّلُثُ فَرْضُ الْأُمِّ مَعَ عَدَمِ الْحَاجِبِ وَالِاثْنَيْنِ فَصَاعِدًا مِنْ وَلَدِ الْأُمِّ وَالسُّدُسُ فَرْضُ سَبْعَةٍ الْأَبِ مَعَ الْحَاجِبِ وَالْأُمِّ مَعَ الْحَاجِبِ وَالْجَدَّةِ لِلْأَبِ إِذَا انْفَرَدَتْ أَوْ مَعَ أَخَوَاتٍ شَارَكْنَهَا وَالْوَاحِدَةِ مِنْ بَنَات الابْن فَأكْثر مَعَ بَنَات الصُّلْبِ وَالْأُخْتِ لِلْأَبِ فَأَكْثَرَ مَعَ الشَّقِيقَةِ وَالْوَاحِدِ مِنْ وَلَدِ الْأُمِّ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَالْجَدِّ مَعَ الْوَلَدِ أَوْ وَلَدِ الْوَلَدِ وَالْفُرُوضُ الْخَارِجَةُ عَن الْمقدرَة بِالنَّصِّ هِيَ ثُلُثُ مَا بَقِيَ فِي زَوْجٍ وَأَبَوَيْنِ وَزَوْجَةٍ وَأَبَوَيْنِ وَلِلْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ إِذَا كَانَ ثُلُثُ مَا بَقِيَ عَنْ ذَوِي السِّهَامِ أَفْضَلَ لَهُ

(باب الخامس في الحجب)

(بَاب الْخَامِسُ فِي الْحَجْبِ) وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ قِسْمَانِ حَجْبُ إِسْقَاطٍ وَحَجْبُ نَقْلٍ وَحَجْبُ الْإِسْقَاطِ لَا يَلْحَقُ مَنْ يَتَسَبَّبُ لِلْمَيِّتِ بِنَفْسِهِ كَالْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ وَالْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ وَفِي مَعْنَاهُمُ الْأَزْوَاجُ وَالزَّوْجَاتُ وَيَلْحَقُ غَيرهم ونرتب الْحَجْبَ عَلَى تَرْتِيبِ الْمَوَارِيثِ فَنَقُولُ لَا يَحْجُبُ ابْنَ الِابْنِ إِلَّا الِابْنُ وَالْقَرِيبُ مِنَ الْحَفَدَةِ يَحْجُبُ الْبَعِيدَ وَلَا يَحْجُبُ الْجَدَّ إِلَّا الْأَبُ وَالْجَدُّ يَحْجُبُ الْأَجْدَادَ الْأَبْعَدَ مِنْهُ وَيَحْجُبُ الْإِخْوَةَ الِابْنُ وَابْنُهُ وَإِنْ سَفَلَ وَالْأَبُ وَيَحْجُبُ بَنِي الْإِخْوَةِ آبَاؤُهُمْ وَمَنْ حَجَبَهُمْ وَيَحْجُبُ بَنِي الْعُمُومَةِ آبَاؤُهُمْ وَمَنْ حَجَبَهُمْ وَمَتَى اجْتَمَعَ فِي طَبَقَةٍ قَرِيبٌ حَجَبَ الْأَبْعَدَ مِنْهُ كَالْإِخْوَةِ مَعَ بَنِيهِمْ وَالْعُمُومَةِ مَعَ بَنِيهِمْ وَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الطَّبَقَةِ وَالْقُرْبِ وَلِأَحَدِهِمْ زِيَادَةُ تَرْجِيحٍ بِمَعْنًى مُنَاسِبٍ لِجِهَةِ التَّعْصِيبِ قُدِّمَ الْأَرْجَحُ كَالْأَخِ الشَّقِيقِ مَعَ الْأَخِ لِلْأَبِ وَالْعَمِّ الشَّقِيقِ مَعَ غَيْرِ الشَّقِيقِ وَيَحْجُبُ الْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ عَمُودُ النَّسَبِ لِظَاهِرِ النَّصِّ الْأَبُ وَالْجَدُّ وَالْوَلَدُ وَوَلَدُ الْوَلَدِ وَأَمَّا الْإِنَاثُ فَيَحْجُبُ بَنَاتِ الِابْنِ الْوَاحِدُ مِنْ ذُكُورِ وَلَدِ الصُّلْبِ وَيَسْقُطْنَ مَعَ الِاثْنَتَيْنِ فَصَاعِدًا مِنْ بَنَاتِ الصُّلْبِ لِأَنَّهُ لَا يُزَادُ الْبَنَاتُ عَلَى الثُّلُثَيْنِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُنَّ ذَكَرٌ فِي دَرَجَتِهِنَّ أَوْ أبعد مِنْهُم فَيَصِرْنَ عَصَبَةً بِهِ وَلَا يُسْقِطُ الْأَخَوَاتِ الشَّقِيقَاتِ إِلَّا الْأَبُ لِأَنَّهُنَّ يُدْلِينَ بِهِ وَالِابْنُ وَابْنُ الِابْنِ لِظَاهِرِ النَّصِّ وَيَحْجُبُ الْأَخَوَاتِ لِلْأَبِ الْوَاحِدُ مِنَ الْأَشِقَّاءِ وَيَسْقُطْنَ بِالشَّقِيقَتَيْنِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُنَّ ذكر

(فرع)

لِأَنَّ الْأَخَوَاتِ لَا يَزِدْنَ عَلَى الثُّلُثَيْنِ وَتَسْقُطُ الْجَدَّاتُ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ كُنَّ بِالْأُمِّ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ وَبِهَا تُدْلِي أُمُّهَا وَتَسْقُطُ الَّتِي مِنْ جِهَةِ الْأَبِ لِأَنَّهَا فَرْعٌ عَمَّنْ يُسْقِطُهَا وَتَسْقُطُ الْبُعْدَى مِنْ جِهَةِ الْأَبِ بِالْقُرْبَى مِنْ جِهَةِ الْأَمِّ وَفِي الْجَعْدِيَّةِ إِنِ اجْتَمَعَتِ الْجَدَّتَانِ فِي دَرَجَةٍ أَوِ الَّتِي لِلْأَبِ أَقْرَبُ فَالسُّدُسُ بَيْنَهُمَا وَلَا تَحْجُبُ جَدَّةُ الْأَبِ الْقَرِيبَةُ الْبَعِيدَةَ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ لِأَنَّهَا مَوْرِدُ النَّصِّ النَّبَوِيِّ وَجَدَّةُ الْأَبِ فَرْعٌ عَلَيْهَا فَلَمْ تَحْجُبْهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ ويحجب الْمُعْتِقَ عَصَبَةُ النَّسَبِ لِقُوَّةِ الْقَرَابَةِ وَيَسْقُطُ إِذَا اسْتَغْرَقَتِ الْفَرَائِضُ كَسَائِرِ الْعَصَبَاتِ وَكَذَلِكَ مَوْلَاةُ النِّعْمَةِ وَأَمَّا حَجْبُ النَّقْلِ فَثَلَاثَةٌ نَقْلٌ مِنْ فَرْضٍ إِلَى فَرْضٍ دُونَهُ وَمِنْ فَرْضٍ إِلَى تَعْصِيبٍ وَمِنْ تَعْصِيبٍ إِلَى فَرْضٍ فَمِنَ الْفَرْضِ إِلَى الْفَرْضِ خَمْسَةُ أَصْنَافٍ الصِّنْفُ الْأَوَّلُ الْأُمُّ يَنْقُلُهَا الْوَلَدُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَوَلَدُ الِابْنِ وَاحِدًا فَصَاعِدًا وَالِاثْنَانِ فَصَاعِدًا مِنَ الْإِخْوَةِ ذُكُورًا أَوْ إِنَاثًا مِنْ أَيِّ جِهَةٍ كَانُوا مِنَ الثُّلُثِ إِلَى السُّدُسِ (فَرْعٌ) فِي الْمُنْتَقَى مَجُوسِيٌّ تَزَوَّجَ ابْنَتَهُ فَأَوْلَدَهَا وَلَدَيْنِ أَسْلَمَتْ مَعَهُمَا وَمَاتَ أَحَدُهُمَا فَفِي الْعُتْبِيَّةِ لِلْأُمِّ السُّدُسُ لِأَنَّهُ تَرَكَ أُمَّهُ وَهِيَ أُخْتُهُ وَتَرَكَ أَخَاهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ الصِّنْفُ الثَّانِي الْأَزْوَاجُ يَنْقُلُهُمُ الْوَلَدُ وَوَلَدُ ذُكُورِهِمْ مِنَ النِّصْفِ إِلَى الرُّبُعِ الصِّنْفُ الثَّالِثُ الزَّوْجَةُ يَنْقُلُهَا مِنَ الرُّبُعِ إِلَى الثُّمُنِ مَنْ يَنْقُلُ الزَّوْجَ الصِّنْفُ الرَّابِعُ بَنَاتُ الِابْنِ يَنْقُلُ الْوَاحِدَةَ عَنِ النِّصْفِ وَالِاثْنَتَيْنِ فَأَكْثَرَ عَنِ الثُّلُثَيْنِ الْبِنْتُ الْوَاحِدَةُ فَوْقَهُنَّ فَيَأْخُذْنَ السُّدُسَ الصِّنْفُ الْخَامِسُ الْأَخَوَاتُ لِلْأَبِ يَنْقُلُهُنَّ إِلَى السُّدُسِ الْأُخْتُ الشَّقِيقَةُ وَمِنَ التَّعْصِيب إِلَى الْفَرْض يخْتَص بِالْأَبِ وَالْجد ينقلها الِابْنُ وَابْنُهُ إِلَى

(الغراء والأكدرية)

السُّدُسِ وَلَا يَرِثَانِ مَعَ هَذَيْنِ بِالتَّعْصِيبِ وَكَذَلِكَ إِنِ اسْتَغْرَقَتِ السِّهَامُ الْمَالَ يُفْرَضُ لِأَيِّهِمَا كَانَ السُّدُسُ كَزَوْجٍ وَابْنَتَيْنِ وَأُمٍّ وَأَبٍ أَوْ جَدٍّ وَمِنْ فَرْضٍ إِلَى تَعْصِيبٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْبَنَاتِ وَبَنَاتِ الِابْنِ وَالْأَخَوَاتِ الْأَشِقَّاءِ أَوْ لِلْأَبِ وَشَذَّتْ مَسْأَلَةٌ تُسَمَّى (الْغَرَّاءَ وَالْأَكْدَرِيَّةَ) لِأَنَّهَا انْفَرَدَتْ وَكَدَّرَتْ عَلَى زَيْدٍ مَذْهَبَهُ أَوْ سُئِلَ عَنْهَا رجل يُسمى الأكدر فَأَخْطَأَ فِيهَا وَهِيَ زَوْجٌ وَأَمٌّ وَجَدٌّ وَأُخْتٌ شَقِيقَةٌ أَوْ لِأَبٍ فَمُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْجد يعصبها فَلَا يفْرض لَهُ شَيْءٌ لَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ التَّعْصِيبُ الْقِسْمَةُ مَعَهُ وَالْقِسْمَة هَا هُنَا مُتَعَذِّرَةٌ لِأَنَّهَا تُنَقِّصُ الْجَدَّ مِنَ السُّدُسِ وَلَا يُمْكِنُ تَنْقِيصُهُ عَنْهُ وَلَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ أَنْ يُفْرَضَ لَهَا النِّصْفُ فَتَعُوُلُ بِنِصْفِهَا فَتَصِيرُ تِسْعَةً فَتَأْخُذُ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ مِنْ تِسْعَةٍ وَلِلْجَدِّ سَهْمٌ ثُمَّ يُقَاسِمُهَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَأَرْبَعَةٌ عَلَى ثَلَاثَةٍ غَيْرِ مُنْقَسِمَةٍ وَلَا مُوَافِقَةٍ فَيضْرب ثَلَاثَةٌ فِي تِسْعَةٍ تَبْلُغُ سَبْعَةً وَعِشْرِينَ لَهَا أَرْبَعَةٌ مَضْرُوبَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِاثْنَيْ عَشَرَ لِلْجَدِّ ثَمَانِيَةٌ وَلَهَا أَرْبَعَةٌ وَلِهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ شَرْطَانِ أَحَدُهُمَا افتران الْأُنُوثَةِ لِأَنَّ الْأَخَ عَاصِبٌ لَا يُفْرَضُ لَهُ وَثَانِيهَما انْفِرَادُهَا فَلَوْ كَانَ لِلْمَيِّتِ أُخْتٌ أُخْرَى مِنْ جِهَةٍ مِنَ الْجِهَاتِ انْتَقَلَتِ الْأُمُّ لِلسُّدُسِ وَيَبْقَى لِلْأَخَوَاتِ سَهْمٌ يُقَاسِمُهُنَّ الْجَدُّ فِيهِ مَا لَمْ تُنْقِصْهُ الْمُقَاسَمَةُ عَنِ السُّدُسِ وَتُسَمَّى أَيْضًا الْحِمَارِيَّةَ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِقَوْلِ الْأَشِقَّاءِ لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هَبْ أَنَّ أَبَانَا كَانَ حِمَارًا أَلَيْسَ نُشَارِكُ الْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ فِي الْأُمِّ وَتُسَمَّى الْمُشْتَرَكَةَ لِمُشَارَكَةِ الْأَشِقَّاءِ لِلْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ وَهِيَ تَتَصَوَّرُ فِي زَوْجٍ وَأُمٍّ أَوْ جَدَّةٍ وَإِخْوَةٍ لِأُمٍّ وَأَخٍ أَوْ إِخْوَةٍ أَشِقَّاءَ فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ وَلِلْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ الثُّلُثُ فَلَمْ يَبْقَ لِلْأَشِقَّاءِ شَيْءٌ فَيُشَارِكُونَ إِخْوَةَ الْأُمِّ فِي الثُّلُثِ يَقْتَسِمُونَهُ على أَنهم الْجَمِيع إخْوَة يَتَسَاوَى الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَلَهَا شَرْطَانِ أَنْ يَكُونَ الْأَشِقَّاءُ ذُكُورًا أَوْ مَعَ

(فرع)

إِنَاثٍ فَلَوِ انْفَرَدَ الْإِنَاثُ فُرِضَ لَهُنَّ لِلْوَاحِدَةِ النِّصْفُ وَلِلِاثْنَتَيْنِ فَصَاعِدًا الثُّلُثَانِ وَأَنْ يَكُونُوا أَشِقَّاءَ فَلَوْ كَانُوا لِأَبٍ لَمْ يَرِثُوا شَيْئًا لِعَدَمِ الْمُشَارَكَةِ فِي الْأُمِّ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ مَتَى فَضَلَ لِلْأَشِقَّاءِ أَوِ الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ شَيْءٌ فَلَا يُشَارِكُونَهُنَّ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِمَّا حَصَلَ لِإِخْوَةِ الْأُمِّ وَفِي الْمُنْتَقَى لَهَا أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ أَنْ يَكُونَ فِيهَا زَوْجٌ وَاثْنَانِ مِنْ وَلَدِ الْأُمِّ وَأَخٌ لِأَبٍ وَأُمٌّ وَمَعَهُمْ أُمٌّ أَوْ جَدَّةٌ فَإِنِ انْخَرَمَ وَاحِدٌ لَمْ تَكُنْ مُشْتَرَكَةً (فَرْعٌ) فِي الْجَعْدِيَّةِ مَنْ سَقَطَ لِعِلَّةٍ فِيهِ لِرِقٍّ أَوْ قَتْلٍ أَوْ كُفْرٍ لَا يَحْجُبُ فَيَرِثُ ابْنُ الِابْنِ الْمُسْلِمُ مَعَ الِابْنِ الْكَافِرِ وَكَذَلِكَ بَقِيَّةُ أَنْوَاعِ الْوَرَثَةِ وَلَا يَحْجُبُ أَمَّا مَنْ سَقَطَ لِأَنَّ غَيْرَهُ حَجَبَهُ فَقَدْ يَحْجُبُ لِأَنَّ الْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ يَحْجُبُونَ الْأُمَّ عَنِ الثُّلُثِ إِلَى السُّدُسِ وَيَأْخُذُ السُّدُسَ الْآخَرَ الْأَبُ وَلَا يَرِثُونَ وَيَحْجُبُونَ الْجَدَّ عَنْ بَعْضِ مِيرَاثِهِ لِمُعَادَّةِ الْأَشِقَّاءِ بِهِمِ الْجَدَّ وَلَا يَرِثُونَ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ كُلُّ مَنْ يُدْلِي بِشَخْصٍ حَجَبَهُ ذَلِكَ الشَّخْصُ فَتَحْجُبُ الْأُمُّ الْجَدَّةَ لِلْأُمِّ وَالْأَبُ الْجَدَّةَ لِلْأَبِ وَالْأُمُّ تَحْجُبُ الْجَدَّتَيْنِ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ وَإِنَّمَا أورث الْجَدَّتَانِ السُّدُسَ لِأَنَّهُمَا أُمٌّ فَقُدِّمَتِ الْأُمُّ عَلَيْهِمَا

(الباب السادس في ترتيب المواريث على النسب)

(الْبَابُ السَّادِسُ فِي تَرْتِيبِ الْمَوَارِيثِ عَلَى النَّسَبِ) وَفِي الْجَوَاهِرِ الْوَاحِدُ مِنْ بَنِي الصُّلْبِ يَحُوزُ الْمَالَ إِذَا انْفَرَدَ وَالِاثْنَانِ وَالْجَمَاعَةُ يُقَسِّمُونَهُ بِالسَّوَاءِ وَالذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَالْإِنَاثُ فَقَطْ لِلْوَاحِدَةِ الْمُنْفَرِدَةِ النِّصْفُ وَلِلِاثْنَتَيْنِ فَصَاعِدًا الثُّلُثَانِ وَوَلَدُ الِابْنِ مَعَ عَدَمِ الْأَبْنَاءِ لِلصُّلْبِ كَمِيرَاثِ ولد الصلب وللواحدة مِنْهُنَّ مَعَ بِنْتِ الصُّلْبِ السُّدُسُ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ الْوَاحِدَةِ وَالْجَمَاعَةِ وَيَسْقُطْنَ مَعَ الِاثْنَتَيْنِ فَصَاعِدًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُنَّ ذَكَرٌ فِي دَرَجَتِهِنَّ أَوْ أَسْفَلَ مِنْهُنَّ فَإِنْ كَانَ بَنَاتُ ابْنٍ بَعْضُهُنَّ أَسْفَلُ مِنْ بَعْضٍ فَلِلْعُلْيَا النِّصْفُ وَلِلْوُسْطَى السُّدُسُ وَتَسْقُطُ السُّفْلَى إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهَا أَوْ أَسْفَلَ مِنْهَا ذَكَرٌ فَيُعَصِّبُهَا أَوْ يُعَصِّبُ مَنْ مَعَهُ فِي دَرَجَتِهِ مَعَهَا وَإِنْ كَانَ مَعَ الْوُسْطَى أَخَذَ الْبَاقِيَ مَعَهَا مُقَاسَمَةً وَسَقَطَتِ السُّفْلَى أَوِ فِي الطَّبَقَة الْعليا اثْنَتَيْنِ اسْتَكْمَلَتَا الثُّلُثَيْنِ وَسَقَطَتِ الْوُسْطََى وَمَنْ بَعْدَهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُنَّ ذَكَرٌ فِي دَرَجَتِهِنَّ أَوْ أَسْفَلَ مِنْهُنَّ وَالْأَبُ إِذَا انْفَرَدَ حَازَ الْمَالَ بِالتَّعْصِيبِ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ ذُو فَرْضٍ سَوَاءٌ إناث ولد الصلبب وَوَلَدِ الِابْنِ أَخَذَ ذُو الْفَرْضِ فَرَضَهُ وَأَخَذَ هُوَ الْبَاقِيَ بِالتَّعْصِيبِ وَيُفْرَضُ لَهُ مَعَ وَلَدِ الصُّلْبَ أَوْ وَلَدِ الِابْنِ ذُكُورِهِمْ وَإِنَاثِهِمْ السُّدُسُ فَإِنْ فَضَلَ عَنْ إِنَاثِهِمْ فَضْلٌ أَخَذَهُ بِالتَّعْصِيبِ وَفَرْضُ الْأُمِّ الثُّلُثُ وَمَعَ الْوَلَدِ وَوَلَدِ الِابْنِ أَوِ اثْنَيْنِ مِنَ الْإِخْوَةِ أَوِ الْأَخَوَاتِ السُّدُسُ وَلَهَا مَعَ الْأَبِ وَزَوْجٍ أَوْ زَوْجَةٍ ثُلُثُ مَا بَقِي وللجد إِذا انْفَرَدَ جَمِيعُ الْمَالِ وَلَهُ السُّدُسُ مَعَ ذَوِي السِّهَامِ إِلَّا أَنْ يَفْضُلَ شَيْءٌ فَيَأْخُذُهُ بِالتَّعْصِيبِ وَلَهُ مَعَ الْإِخْوَةِ أَوِ الْأَخَوَاتِ أَوْ مَجْمُوعِهِمْ كَانُوا أَشِقَّاءَ أَوْ

(المالكية)

لِأَبٍ الْأَفْضَلُ مِنَ الثُّلُثِ أَوِ الْمُقَاسَمَةُ فَفِي ثَلَاث أَخَوَات أَو أَخ الثُّلُثُ أَفْضَلُ وَأَرْبَعِ أَخَوَاتٍ أَوْ أَخَوَيْنِ اسْتَوَى الْمُقَاسَمَةُ وَالثُّلُثُ وَحَيْثُ قَاسَمَهُمْ عَلَى الْمُعَادَّةِ وَبَعْضُهُمْ أَشِقَّاءُ وَبَعْضُهُمْ لِأَبٍ رَجَعَ الْأَشِقَّاءُ عَلَى إِخْوَةِ الْأَبِ فَيَأْخُذُونَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ كَجَدٍّ وَأَخٍ شَقِيقٍ وَأَخٍ لِأَبٍ فَلِلْجَدِّ الثُّلُثُ وَيَأْخُذُ الشَّقِيقُ مَا فِي يَدِ الْأَخِ لِلْأَبِ فَيَتَحَصَّلُ لَهُ الثُّلُثَانِ أَوْ شَقِيقٍ وَأُخْتٍ لِأَبٍ فَالْقِسْمَةُ مِنْ خَمْسَةٍ لِلْجَدِّ سَهْمَانِ وَلَهَا سَهْمٌ يَأْخُذُهُ الْأَخُ مِنْ يَدِهَا فَإِنْ كَانَتْ شَقِيقَةً وَالْأَخُ لِلْأَبِ فَتَأْخُذُ الْأُخْتُ تَمَامَ فَرْضِهَا مِنْ يَدِ الْأَخِ وَهُوَ هَا هُنَا سَهْمٌ وَنِصْفٌ يَكْمُلُ لَهَا بِهِ النِّصْفَ مِنْ أَصْلِ الْمَالِ فَإِنْ كَانَ الْأَشِقَّاءُ يَسْتَوْفُونَ الثُّلُثَيْنِ لم يَقع هَا هُنَا مُعَادَّةٌ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ جَدٌّ وَأُخْتٌ شَقِيقَةٌ وَأَخٌ لِأَبٍ وَأُخْتٌ لِأَبٍ إِذَا فَضَلَ مِنَ الْمَالِ بَعْدَمَا أَخَذَهُ الْجَدُّ أَكْثَرُ مِنَ النِّصْفِ أَخَذَتِ الشَّقِيقَةُ كَمَالَ النِّصْفِ بَعْدَ الْمُعَادَّةِ وَالْفَاضِلُ عَنْهَا لِلْإِخْوَةِ لِلْأَبِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَفِي الْمُنْتَقَى إِنْ لَمْ يَفْضُلْ لَهُمْ شَيْءٌ كُمِّلَ لَهَا فَرضهَا وسقطوا بَعْدَ أَنْ عَادَتْ بِهِمْ هَذَا إِذَا كَانَ مَعَهُ إِخْوَةٌ دُونَ ذَوِي سَهْمٍ فَإِنْ كَانَ مَعَهُ إِخْوَةٌ وَذُو سَهْمٍ أُعْطِيَ الْأَفْضَلَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ السُّدُسُ مِنْ أَصْلِ الْمَالِ أَوْ ثُلُثُ مَا يَبْقَى بَعْدَ ذَوِي السِّهَامِ أَوِ الْمُقَاسَمَةُ نَحْوَ زَوْجَةٍ وَأَخٍ شَقِيقٍ أَوْ لِأَبٍ وجد الْمُقَاسَمَة مَعَ الْأَخِ أَفْضَلُ لِلْجَدِّ وَأَمٍّ وَزَوْجٍ وَجَدٍّ وَثَلَاثَةِ إِخْوَةٍ أَشِقَّاءَ أَوْ لِأَبٍ فَالسُّدُسُ أَفْضَلُ لِأَنَّ لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةً مِنْ سِتَّةٍ وَلِلْأُمِّ سَهْمًا يَبْقَى سَهْمَانِ أَخْذُهُ أَحَدَهُمَا أَفْضَلُ لَهُ وَزَوْجَةٍ وَجَدٍّ وَأَرْبَعِ أَخَوَاتٍ ثُلُثُ الْبَاقِي أَفْضَلُ ثُمَّ إِنْ كَانَ الْإِخْوَةُ أَشِقَّاءَ أَوْ لِأَبٍ فَالْمُعَادَّةُ وَرُجُوعُ الْأَشِقَّاءِ عَلَى الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ كَمَا تَقَدَّمَ إِذَا لَمْ يَكُنْ ذُو سَهْمٍ وَلَا يُفْرَضُ لِلْأَخَوَاتِ مَعَ الْجَدِّ شَيْءٌ لِأَنَّهُ جُعِلَ كَأَخٍ إِلَّا فِي الْأَكْدَرِيَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَا يَسْقُطُ الْأَخُ مَعَ الْجَدِّ إِلَّا إِذَا كَانَ فِيهَا عِوَضُ الْأُخْتِ كَمَا تَقَدَّمَ (الْمَالِكِيَّةُ) وَحَيْثُ كَانَ الْأَخُ عِوَضَهَا أَوْ مَعَهُ فِيهَا إِخْوَةٌ لِلْأُمِّ وَزوج وَكَانَ الْأُخَر لِلْأَبِ خَاصَّةً قَالَ مَالِكٌ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ فَرِيضَةً وَلِلْجَدِّ الْبَاقِي لِأَنَّ الْجَدَّ لَوْ لَمْ يَكُنْ كَانَ لِلْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ الْبَاقِي وَلَا يَأْخُذُ الْأَخُ لِلْأَبِ شَيْئًا فَلَمَّا

(فروع ثلاثة)

حجبهم عَنهُ كَانَ أَحَق بِهِ وَعَن وَعَنْ زَيْدٍ لِلْجَدِّ السُّدُسُ وَلِلْأَخِ لِلْأَبِ السُّدُسُ كَهَيْئَةِ الْمُقَاسَمَةِ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ حِكَايَةُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ فَقَطْ عَنْ مَالِكٍ قَالَ تُسَمَّى الْمَالِكِيَّةُ لِصِحَّةِ اسْتِدْلَالِ مَالِكٍ فِيهَا وَاعْتِبَارِهِ وَنَظَرِهِ وَفَرْضُ الْجَدَّاتِ السُّدُسُ فِي الِاجْتِمَاعِ وَالِانْفِرَادِ وَلَا يَرِثُ مِنْهُنَّ إِلَّا اثْنَتَانِ أَمُّ الْأُمِّ وَأُمَّهَاتُهَا وَأُمُّ الْأَبِ وَأُمَّهَاتُهَا وَلَا تَرِثُ أَمُّ جَدٍّ وَالْأَخُ الشَّقِيقُ إِذَا انْفَرَدَ حَازَ الْمَالَ وَيَقْتَسِمُهُ الذُّكُورُ عَلَى التَّسْوِيَةِ وَمَعَ الْإِنَاثِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَلِلْوَاحِدَةِ الْمُنْفَرِدَةِ النِّصْفُ وَلِلِاثْنَتَيْنِ فَصَاعِدًا الثُّلُثَانِ وَمِيرَاثُ الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ إِذَا انْفَرَدُوا كَالْأَشِقَّاءِ فَإِنِ اجْتَمَعُوا مَعَ الْأَشِقَّاءِ سَقَطُوا وَإِنِ اجْتَمَعَ وَلَدُ الْأَخِ لِلْأَبِ مَعَ الْإِنَاثِ الْأَشِقَّاءِ أَخَذَ ذُكُورُهُمْ مَا فَضَلَ بِالتَّعْصِيبِ بَعْدَ فَرْضِ الْإِنَاثِ وَلِإِنَاثِهِمْ مَعَ الشَّقِيقَة السُّدس تَكْمِلَة الثُّلثَيْنِ ويسقطن مَعَ الانثتين الشَّقِيقَتَيْنِ فَصَاعِدًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُنَّ ذَكَرٌ فِي دَرَجَتِهِنَّ خَاصَّةً فَيُعَصِّبُهُنَّ (فُرُوعٌ ثَلَاثَةٌ) الْأَوَّلُ فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا اجْتَمَعَ لِلشَّخْصِ سَبَبَانِ يَرِثُ ... مِنْهُمَا فرضا مُقَدرا ... وَسقط الأضعف وَقع ذَلِك فِي ... أَو فِي الْمَجُوس كالأم أَو الْبِنْت ... بِخِلَافِ ابْنِ الْعَمِّ يَكُونُ أَخًا لِأُمٍّ فَيَرِثُ بَعْدَ السُّدُسِ مَا بَقِيَ بِالتَّعْصِيبِ لِأَنَّ قَاعِدَةَ الشَّرْعِ إِذَا تَمَاثَلَتِ الْأَسْبَابُ تَدَاخَلَتْ كَالْقَتْلِ وَالْحُدُودِ وَإِنِ اخْتَلَفَتْ تَرَتَّبَ عَلَى كُلِّ سَبَبٍ مُقْتَضَاهُ كَالزِّنَا وَالْقَذْفِ الثَّانِي قَالَ إِذَا عُدِمَتِ الْعُصُوبَةُ مِنَ الْقَرَابَةِ فَالْمُعْتِقُ فَإِنْ عُدِمَ فَعَصَبَةُ الْمُعْتِقِ فَإِنْ عُدِمَ فَمُعْتِقُ الْمُعْتِقِ فَإِنْ عُدِمَ فَعَصَبَةُ مُعْتِقِ الْمُعْتِقِ إِلَى حَيْثُ يَنْتَهِي فَإِنْ عُدِمَ ذَلِكَ فَبَيْتُ الْمَالِ وَهُوَ عَاصِبٌ وَارِثٌ عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَنْ يَعْقِلُ وَالثَّانِي أَنَّهُ حَائِزٌ قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرٍ قَالَ أَصْحَابُنَا هَذَا فِي زَمَانٍ يَكُونُ فِيهِ الْإِمَامُ عَدْلًا وَأَمَّا

حَيْثُ لَا يَكُونُ الْإِمَامُ عَدْلًا فَيَنْبَغِي أَنْ يُوَرَّثَ ذَوُو الْأَرْحَامِ وَأَنْ يُرَدُّ مَا فَضَلَ عَنْ ذَوِي السِّهَامِ عَلَيْهِمْ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ مَاتَ لَا وَارِثَ لَهُ يُتَصَدَّقُ بِمَا تَرَكَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَالِي يُخْرِجُهُ فِي وَجْهِهِ كَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَيُدْفَعُ إِلَيْهِ الثَّالِثُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ إِنْ مَاتَ الْكَافِر الْحر الْمُؤَدِّي للجزية وَلَا جَائِز لِمَالِهِ فَمِيرَاثُهُ لِأَهْلِ كُورَتِهِ مِنْ أَهْلِ دِينِهِ الَّذِينَ جَمَعَهُمْ مَا وُضِعَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْجِزْيَةِ وَمِيرَاثُ الذِّمِّيِّ الْمُصَالَحِ لِمَنْ جَمَعَهُمْ وَإِيَّاهُ ذَلِكَ الصُّلْحُ أَوْ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَعْقَابِهِمْ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَلْ لِلْمُسْلِمِينَ تَمْهِيدٌ الْجَدَّ يُدْلِي بِالْأُبُوَّةِ فَيَقُولُ أَنَا أَبُو أَبِيهِ وَالْإِخْوَةُ يُدْلُونَ بِالْبُنُوَّةِ فَيَقُولُونَ نَحْنُ أَبْنَاءُ أَبِيهِ وَالْبُنُوَّةُ مُتَقَدِّمَةٌ وَمُقْتَضَاهُ سُقُوطُ الْجَدِّ وَالْجَدُّ يَرِثُ مَعَ الِابْنِ السُّدُسَ لِأَنَّهُ أَبٌ دُونَ الْإِخْوَةِ وَيُسْقِطُ إِخْوَةَ الْأُمِّ وَلَا يُسْقِطُهُمُ الْإِخْوَةُ فَهُوَ أَقْوَى بِهَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ وَمُقْتَضَاهُمَا سُقُوطُ الْإِخْوَةِ فَتَعَارَضَتِ الْمُرَجِّحَاتُ فَجُعِلَ أَخًا مَا لَمْ يَنْقُصْ عَنِ الثُّلُثِ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّه من الإخوزة لِلْأُمِّ لِأَنَّهُ يُسْقِطُهُمْ وَلَهُمُ الثُّلُثُ فَهُوَ لَهُ وَلَهُ مَعَ ذَوِي الْفُرُوضِ السُّدُسُ مُلَاحَظَةً لِفَرِيضَةِ الْأُبُوَّةِ وَهِيَ السُّدُسُ فَإِنِ اجْتَمَعَ الْفَرْضُ وَالْإِخْوَةُ فَالْأَحْظَى لَهُ مِنْ ثَلَاثَةٍ السُّدُسِ لِأَنَّهُ أَبٌ أَوِ الثُّلُثِ مِمَّا يَبْقَى لِحَجْبِهِ الْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ أَوِ الْمُقَاسَمَةِ لِأَنَّهُ أَخٌ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَعَ الْإِخْوَةِ لِأَنَّهُ مَعَهُمْ يَصِيرُ الْجَمِيعُ عَصَبَةً فَلَا يُتَصَوَّرُ ثُلُثُ مَا يَبْقَى بَلْ ثُلُثُ أَصْلِ الْمَالِ وَيَرْتَقِي عَنِ السُّدُسِ لِأَنَّ مُزَاحَمَةَ الْفُرُوضِ بِقُوَّتِهَا قَدْ ذَهَبَتْ فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا الْمُقَاسَمَةُ أَوِ الثُّلُثُ مِنْ أَصْلِ الْمَالِ تَنْبِيهٌ إِذَا عَادَّتِ الْأَشِقَّاءُ الْجَدَّ بِإِخْوَةِ الْأَبِ وَهُمْ لَا يَرِثُونَ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعَادَّ الْجَدُّ الشَّقَائِقَ بإخوة الْأُم لِأَنَّهُ حجبهم كَمَا حجب الْأَشِقَّاءُ إِخْوَةَ الْأَبِ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْأَشِقَّاءَ اتَّصَفُوا بِالسَّبَبِ الَّذِي بِهِ وَرَّثَ إِخْوَةَ الْأَبِ لِأَنَّهُمْ إِخْوَةٌ لِأَبٍ فَيَأْخُذُونَ مَا يُوجِبُهُ ذَلِكَ السَّبَبُ وَالْجَدُّ لَمْ يَتَّصِفْ بِأُخُوَّةِ الْأُمُومَةِ فَلَمْ يَأْخُذْ بِمُقْتَضَاهَا وَبِهَذَا نُجِيبُ عَنِ الْقَاعِدَةِ أَنَّ مَنْ لَا يَرِثُ لَا يَحْجُبُ وَإِخْوَةُ الْأَبِ لَا يَرِثُونَ مَعَ الْأَشِقَّاءِ

فَلَا يَحْجُبُونَ الْجَدَّ بِالتَّنْقِيصِ لِأَنَّهُمْ وَإِنْ لَمْ يَرِثُوا فَسَبَبُ تَوْرِيثِهِمُ اتَّصَفَ بِهِ الْأَشِقَّاءُ بِخِلَافِ الِابْنِ الْكَافِرِ لَمْ يَحْصُلْ وَصْفُهُ لِغَيْرِهِ مِنَ الْإِخْوَةِ وَغَيْرِهِمْ تَنْبِيهٌ ابْنُ الِابْنِ يُعَصِّبُ بِنْتَ الِابْنِ وَإِنْ سَفَلَ إِذَا أَخَذَ بَنَاتُ الصُّلْبِ الثُّلُثَيْنِ وَإِذَا أَخَذَ الْأَخَوَاتُ الْأَشِقَّاءُ الثُّلُثَيْنِ وَبَقِيَتْ أَخَوَاتٌ أَوْ أُخْتٌ لِأَبٍ مَعَهُنَّ ابْنُ أَخٍ أَسْفَلَ مِنْهُنَّ لَا يُعَصِّبُهُنَّ وَيَأْخُذُ مَا بَقِيَ دُونَ عَمَّاتِهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ بَابَ الْبُنُوَّةِ أَوْلَى وَأَقْوَى وَلِأَنَّ ابْنَ الْأَخِ لَمْ يَرِثْ ذَلِكَ بِأُخُوَّتِهِ لِلْمَيِّتِ بَلْ بِبُنُوَّةِ إِخْوَةِ الْمَيِّتِ وَابْنُ الِابْنِ ابْنٌ لِلْمَيِّتِ بِوَاسِطَةِ أَبِيهِ فَهُوَ وَارِثٌ بِالْبُنُوَّةِ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ ابْنُ الْأَخِ أَخٌ لِلْمَيِّتِ بِوَاسِطَةِ أَبِيهِ فَانْقَطَعَتِ النِّسْبَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخَوَاتِ الْأَبِ فِي الْأُخُوَّةِ فَلَمْ يُعَصِّبْهُنَّ وَلَمْ تَنْقَطِعْ نِسْبَةُ الْبُنُوَّةِ فِي ابْنِ الِابْنِ فَهَذَا هُوَ السِّرُّ تَنْبِيهٌ الْمَسَائِلُ الْمُلَقَّبَةُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ الْمِنْبَرِيَّةُ وَالْغَرَّاءُ وَالْأَكْدَرِيَّةُ وَالْمُشْتَرَكَةُ وَتُسَمَّى الْحِمَارِيَّةَ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْمُعَادَّةُ وَأُمُّ الْفُرُوجِ وَتُسَمَّى أُمَّ الْأَرَامِلِ وَهَذِهِ الثَّمَانِيَةُ تَقَدَّمَ بَعْضُهَا فِي هَذَا الْبَابِ وَبَعْضُهَا يَأْتِي فِي بَابِ الْعَوْلِ وَالتَّاسِعَةُ الْمَرْوَانِيَّةُ وَقَعَتْ فِي زَمَنِ مَرْوَانَ زَوْجٌ وَسِتُّ أَخَوَاتٍ مُفْتَرِقَاتٍ الْعَاشِرَةُ الدِّينَارِيَّةُ مَاتَ وَتَرَكَ ذُكُورًا وَإِنَاثًا وَسِتَّمِائَةِ دِينَارٍ أَصَابَ أَحَدَ وَرَثَتِهِ دِينَارٌ وَهِيَ زَوْجَةٌ وَجَدَّةٌ وَبِنْتَانِ وَاثْنَا عَشَرَ أَخًا وَأُخْتٌ وَاحِدَةٌ نَصِيبُ الْأُخْتِ دِينَارٌ وَوَقَعَتْ فِي زَمَنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَجَاءَتِ الْأُخْتُ فَشَكَتْ عَامِلَهُ لَهُ وَقَالَتْ تَرَكَ أَخِي سِتَّمِائَةَ دِينَارٍ فَلَمْ يُعْطِنِي إِلَّا دِينَارًا فَقَالَ لَهَا لَعَلَّ أَخَاكِ تَرَكَ وَرَثَةً هُمْ كَذَا فَقَالَتْ نَعَمْ فَقَالَ ذَلِكَ حَقُّكِ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةُ الِامْتِحَانِ عَدَدُ كُلِّ جِنْسٍ مِنَ الْوَرَثَةِ دُونَ الْعَشَرَةِ وَلَا تَصِحُّ إِلَّا مِنْ ثَلَاثِينَ أَلْفًا وَلَا يَقَعُ ذَلِكَ إِلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ وَخَمْسُ جَدَّاتٍ وَسَبْعُ بَنَاتٍ وَتِسْعُ إِخْوَةٍ لِأَبٍ وَأَصْلُهَا مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ وَلَا تَصِحُّ إِلَّا مِنْ ذَلِكَ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ التِّسْعِينِيَّةُ لِأَنَّهَا تَصِحُّ مِنْ تِسْعِينَ وَهِيَ أُمٌّ وَجَدٌّ وَأُخْتٌ لِأَبٍ وَأُمٌّ وَأَخَوَاتٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ الصَّمَّاءُ وَهِيَ كُلُّ مَسْأَلَةٍ انْتَشَرَ فِيهَا جَمِيعُ أَصْنَافِ الْوَرَثَة

(الباب السابع في العصبات)

(الْبَابُ السَّابِعُ فِي الْعَصَبَاتِ) وَأَصْلُهُ الشَّدُّ وَالْقُوَّةُ وَمِنْهُ عَصَبُ الْحَيَوَانِ لِأَنَّهُ مُعِينُهُ عَلَى الْقُوَّةِ وَالْمُدَافَعَةِ وَالْعَصَائِبُ لِشَدِّهَا مَا هِيَ عَلَيْهِ وَالْعَصَبِيَّةُ فِي الْحَقِّ النَّصْرُ فِيهِ وَلَمَّا كَانَ أَقَارِبُ الْإِنْسَانِ مِنْ نَسَبِهِ يُعَضِّدُونَهُ وَيَنْصُرُونَهُ سُمُّوا عَصَبَةً وَلَمَّا ضَعُفَ الْأَخْوَالُ عَنْ ذَلِكَ وَجَمِيعُ قَرَابَاتِ الْأُمِّ لَمْ يُسَمَّوْا عَصَبَةً لِأَنَّ أَصْلَهُمْ لِلْأُمِّ وَهِيَ امْرَأَةٌ وَأَصْلُ تَوْرِيثِ الْعَصَبَةِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ أَمَّا الْكِتَابُ فَفِي وَلَدِ الصُّلْبِ وَالْأَبِ وَالْإِخْوَةِ فَقَطْ كَمَا تَقَدَّمَ صَرِيحُ الْكِتَابِ وَيَدُلُّ الْكِتَابُ بِمَعْنَاهُ لَا بِصَرِيحِهِ عَلَى وَلَدِ الْوَلَدِ وَالْجَدِّ لِلْأَبِ لِأَنَّهُمْ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ وَمن عداهم فَلقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا أَبْقَتِ السِّهَامُ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى تَوْرِيثِهِمْ فَائِدَةٌ مَا فَائِدَة قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَجُلٍ ذَكَرٍ مَعَ أَنَّ الرَّجُلَ لَا يَكُونُ إِلَّا ذَكَرًا وَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ تَأْكِيد كَقَوْلِه تَعَالَى {إِلَهًا آخر} و {إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ) وَثَانِيهِمَا أَنَّ فِيهِ فَائِدَةً وَهِيَ التَّنْبِيهُ عَلَى عِلّة الْحُكْمِ فَنَبَّهَ أَنَّ سَبَبَ اسْتِحْقَاقِ الْمَالِ النُّصْرَةُ وَالْمُعَاوَنَةُ النَّاشِئَةُ عَنِ الرُّجُولَةِ فَكَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لم كَانَ الْعصبَة قَالَ للكذورية وَكَذَلِكَ كَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لِمَ زِيدَ فِي السِّنِّ فِي ابْنِ اللَّبُونِ عَلَى بِنْتِ الْمَخَاضِ قِيلَ لِنَقْصِ الذُّكُورِيَّةِ فَإِنَّ أُنْثَى الْإِبِلِ عِنْدَ الْعَرَبِ أَفْضَلُ مِنْ ذَكَرِهَا لِأَنَّهَا لِلْحَمْلِ وَالنَّسْلِ وَاللَّبن

تَفْرِيعٌ الْعَصَبَةُ اسْمُ مَنْ يَحُوزُ جَمِيعَ الْمَالِ إِذَا انْفَرَدَ أَوْ يَأْخُذُ مَا فَضَلَ وَهُمْ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ عَصَبَةٌ بِنَفْسِهِ وَعَصَبَةٌ بِغَيْرِهِ وَعَصَبَةٌ مَعَ غَيْرِهِ فَالْأَوَّلُ كُلُّ ذَكَرٍ لَا يَدْخُلُ فِي نِسْبَتِهِ إِلَى الْمَيِّتِ أُنْثَى وَهُمْ أَرْبَعَةٌ جَدُّ الْمَيِّتِ وَأَصْلُهُ وَجَدُّ أَبِيهِ وَجَدُّ جَدِّهِ يَحْجُبُ الْأَقْرَبُ الْأَبْعَدَ فَيُقَدَّمُ جَدُّ الْمَيِّتِ ثُمَّ الْبَنُونَ ثُمَّ بَنُوهُمْ وَإِنْ سَفَلُوا ثُمَّ أَصْلُهُ أَيِ الْجَدُّ أَبُو الْأَبِ وَإِنْ عَلَا ثُمَّ بَنُو أَبِيهِ أَيِ الْإِخْوَةُ ثُمَّ بَنُوهُمْ وَإِنْ سَفَلُوا ثُمَّ بَنُو جَدِّهِ أَيِ الْأَعْمَامُ ثُمَّ بَنُوهُمْ وَإِنْ سَفَلُوا وَيُقَدَّمُ ذَوُو الْقَرَابَتَيْنِ عَلَى ذَوي قرَابَة كالشقيق على أَخ الْأَبِ وَأُخْتُ الْأَبِ وَالْأُمِّ مَعَ الْبِنْتِ عَصَبَةٌ مُقَدّمَة على أَخ الْأَبِ وَابْنُ الْأَخِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ أَوْلَى مِنَ ابْنِ الْأَخِ لِلْأَبِ وَكَذَلِكَ الْأَعْمَامُ ثُمَّ أَعْمَامُ أَبِيهِ ثُمَّ أَعْمَامُ جَدِّهِ وَالْعَصَبَةُ بِغَيْرِهِ أَرْبَعٌ مِنَ النِّسْوَةِ اللَّوَاتِي فَرْضُهُنَّ النِّصْفُ وَالثُّلُثَانِ يَصِرْنَ عصبَة بإخوتهم وَمَنْ لَا فَرْضَ لَهَا مِنَ الْإِنَاثِ وَأَخُوهَا عَصَبَةٌ لَا تَصِيرُ عَصَبَةً بِأَخِيهَا كَالْعَمِّ وَالْعَمَّةِ المَال كُله للعم دونهَا والصعبة مَعَ غَيْرِهِ كُلُّ أُنْثَى تَصِيرُ عَصَبَةً مَعَ أُنْثَى أُخْرَى كَالْأُخْتِ مَعَ الْبِنْتِ وَلَيْسَ فِي الْعَصَبَاتِ مَنْ لَهُ فَرْضٌ إِلَّا ثَلَاثَةٌ الْأَبُ وجد وَالْأُخْتُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُقَدَّمُ ابْنُ الْأَخِ لِلْأَبِ عَلَى ابْنِ ابْنِ الْأَخِ الشَّقِيقِ لِقُرْبِهِ وَإِن كَانَ أَبوهُ أبعد من أَب الْآخَرِ وَكَذَلِكَ أَبَدًا إِنِ اسْتَوَتْ مَنْزِلَتُهُمَا فَالشَّقِيقُ أَوْلَى وَإِنِ اخْتَلَفَتْ مَنْزِلَتُهُمَا فَالْأَقْرَبُ أَوْلَى وَكَذَلِكَ الْعُمُومَةُ فِي هَذَا وَابْنُ ابْنٍ وَعَشَرَةُ بَنِي ابْنٍ آخَرَ الْمَالُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوَاءِ وَابْنُ عَمٍّ وَعَشَرَةُ بَنِي عَمٍّ آخَرَ كَذَلِكَ وَلَا يَرِثُ كُلُّ وَاحِدٍ مَا كَانَ يَرِثُ أَبُوهُ لِأَنَّهُمْ يَرِثُونَ بِأَنْفُسِهِمْ لَا بِآبَائِهِمْ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ يَحْجُبُ أَخُ الْأَبِ ابْنَ الْأَخِ الشَّقِيقِ

(الباب الثامن في المسائل المختلف فيها)

(الْبَابُ الثَّامِنُ فِي الْمَسَائِلِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا) وَهِيَ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ (الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى) ذَوُو الْأَرْحَامِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ هُمْ مَنْ لَيْسُوا عَصَبَةً وَلَا ذَوي فرض وهم ثَلَاثَة عشرَة سِتَّة رجال وَالْجد أَبُو الْأُمِّ وَابْنُ الْبِنْتِ وَالْخَالُ وَابْنُ الْأُخْتِ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ كَانَتْ وَابْنُ الْأَخِ لِلْأُمِّ وَالْعَمُّ أَخُو الْأَبِ لِأُمِّهِ وَسَبْعُ نِسْوَةٍ بِنْتُ الِابْنِ وَبِنْتُ الْأَخِ وَبِنْتُ الْأُخْتِ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ كَانَتِ الْأُخْتُ أَوِ الْأَخُ وَبِنْتُ الْعَمِّ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ كَانَ وَالْجَدَّةُ أَمُّ أَبِ الْأُمِّ وَالْعَمَّةُ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ كَانَتْ وَالْخَالَةُ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ كَانَتْ مَنَعَهُمْ زَيْدٌ وَعُمَرُ وَمَالِكٌ وَ (ش) وَقَالَ عَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَ (ح) بِتَوْرِيثِهِمْ إِذَا لَمْ يَكُنْ ذُو سَهْمٍ مِنْ ذَوِي الْأَنْسَابِ وَلَا عَصَبَةٌ وَلَا مَوْلَى نِعْمَةٍ وَإِذَا وَرِثُوا فَهَلِ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ كَالْعَصَبَاتِ كَمَا قَالَهُ (ح) أَوْ يَرِثُ كُلُّ وَاحِدٍ نَصِيبَ مِنْ يُدْلِي بِهِ قَالَهُ عَلِيٌّ وَابْن مَسْعُود لنا قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَمَا أَبْقَتِ السِّهَامُ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ إِشَارَةٌ لِلْعَصَبَةِ وَهُمْ لَيْسُوا عَصَبَةً وَرَوَى سَحْنُونٌ عَنِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ مِيرَاثِ الْعَمَّةِ وَالْخَالِ فَقَالَ لَا مِيرَاثَ لَهُمَا احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُولُو الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض} وَعَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ الْخَالُ وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ وَعنهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

(المسألة الثانية)

أَنَّهُ وَرَّثَ ابْنَ الْأُخْتِ مِنْ خَالِهِ وَوَرَّثَ عُمَرُ الْخَالَةَ الثُّلُثَ وَالْعَمَّةَ الثُّلُثَيْنِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ حُجَّةٌ لَنَا لِأَنَّ الْآيَةَ دَلَّتْ أَنَّ بَعْضَهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فَبَعْضُهُمْ أَوْلَى وَبَعْضُهُمْ مُولًى عَلَيْهِ وَقَدِ اتَّفَقْنَا عَلَى أَنَّ ذَوِي الْفُرُوضِ وَالْعَصَبَاتِ لَهُمُ الْوِلَايَةُ فَيَكُونُ الْقِسْمُ الْآخَرُ هم الْمولى مُطْلَقًا غَيْرُ وَارِثٍ وَإِلَّا لَزِمَ خِلَافَ الْإِجْمَاعِ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي أَنَّ بَيْتَ الْمَالِ وَارِثٌ فَلَا يَرِثُ الْخَالُ إِلَّا عِنْدَ عَدَمِهِ وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ وَعَنِ الْبَاقِي مَنْعُ الصِّحَّةِ (الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) فِي الرَّدِّ عَلَى ذَوِي الْفُرُوضِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُرَدُّ عَلَى زَوْجٍ وَلَا زَوْجَةٍ وَالْبَاقِي عَنْهُمَا لِذَوِي الْأَرْحَامِ أَوْ لِبَيْتِ الْمَالِ عَلَى الْخِلَافِ وَمَنَعَ زَيْدٌ وَمَالِكٌ وَ (ش) الرَّدَّ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ ذَوِي الْفُرُوضِ إِذَا فَضَلَ عَنْهُمْ شَيْءٌ وَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَ (ح) يُرَدُّ عَلَى كُلِّ وَارِثٍ بِقَدْرِ مَا وَرِثَ وَقَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ وَزَادَ لَا يُرَدُّ عَلَى أَرْبَعٍ مَعَ أَرْبَعٍ لَا يُرَدُّ عَلَى الْأُخْتِ لِلْأُمِّ مَعَ الْأُمِّ وَلَا أُخْتٍ لِأَبٍ مَعَ أُخْتٍ شَقِيقَةٍ وَلَا بِنْتِ ابْنِ مَعَ بِنْتٍ وَلَا جَدَّةٍ مَعَ ذَوِي سَهْمٍ وَعَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الرَّدُّ عَلَى الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ وَقَالَهُ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ خِلَافَ مَا نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ لَنَا أَنَّ آيَاتِ الْمَوَارِيثِ اقْتَضَتْ فُرُوضًا مُقَدَّرَةً فَلَوْ قُلْنَا بِالرَّدِّ لَبَطَلَتْ حِكْمَةُ التَّقْدِيرِ وَلِأَنَّ مَفْهُومَ قَوْله تَعَالَى {فلهَا النّصْف} أَيْ لَا يَكُونُ لَهَا غَيْرُهُ وَكَذَلِكَ بَقِيَّةُ الْفُرُوضِ وَلِأَنَّ الْإِسْلَامَ يُوجِبُ حَقًّا وَالْقَرَابَةُ تُوجِبُ حَقًّا وَالْقَوْلُ بِالرَّدِّ يُبْطِلُ حَقَّ الْإِسْلَامِ لِعَدَمِ تَوْرِيثِ بَيْتِ الْمَالِ وَعَدَمُ الرَّدِّ جَمْعٌ بَيْنَ الْحَقَّيْنِ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أولى بِبَعْض فِي كتاب الله} فَيُجْمَعُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ بِآيَةِ الْفُرُوضِ عَلَى أَصْلِ الْمَالِ وَهَذِهِ عَلَى مَا فَضَلَ وَهُوَ أَوْلَى مِنَ التَّرَادُفِ وَلِأَنَّهُ قَوْلُ جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ وَلِأَنَّهُ يُعَارِضُ فِي الْبَاقِي ذَوُو الْفُرُوضِ

وَالْمُسْلِمُونَ وَذَوُو الْفُرُوضِ أَرْجَحُ إِجْمَاعًا مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ فَيُقَدَّمُونَ وَلِأَنَّ ذَوِي الْفُرُوضِ لَمَّا نَقَصُوا بِالْعَوْلِ حَيْثُ النَّقْصُ وَجَبَ أَنْ يُزَادُوا بِالرَّدِّ حَيْثُ الزِّيَادَةُ لِتَجْبُرَ إِحْدَى الْحَالَتَيْنِ الْأُخْرَى وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ قَدْ تَقَدَّمَ فِي تَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَام أَن الْآيَة تدل عَلَيْهِم وَسلمنَا دَلَالَتَهَا لَكِنَّ طَرِيقَ الْجَمْعِ أَنَّ قَوْله تَعَالَى {أولو} مُطْلَقٌ لَا عُمُومَ فِيهِ فَيُحْمَلُ عَلَى الْبِرِّ وَالصِّلَةِ وَالْمُعَاضَدَةِ وَنَحْوِهِ فَيَحْصُلُ الْجَمْعُ وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي أَنَّ قَوْلَ الصَّحَابَةِ يُعَارَضُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّالِثِ سَلَّمْنَا رُجْحَانَ ذَوِي الْفُرُوضِ لَكِنِ اعْتُبِرَ رُجْحَانُهُمْ فِي اسْتِحْقَاقِ الْفُرُوضِ وَإِذَا وُفِّيَ بِمُقْتَضَاهُ سَقَطَ اعْتِبَارُهُ وَالْجَوَابُ عَنِ الرَّابِعِ أَنَّ الْعَوْلَ ثَبَتَ لِمُزَاحَمَةِ مَنْ أَجْمَعْنَا عَلَى تَوْرِيثِهِ فَلَوْلَا الْعَوْلُ بَطَلَ حَقُّهُ فَهُوَ مَوْطِنُ ضَرُورَةٍ وَهَذِهِ الْعِلَّةُ تَقْتَضِي عَدَمَ الرَّدِّ لِإِبْطَالِهِ تَوْرِيثَ بَيْتِ الْمَالِ فَانْعَكَسَ عَلَيْكُمُ الْقَوْلُ فَهُوَ لَنَا لَا لَكُمْ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى قَوْلِ (ح) فَالْمَسَائِلُ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ فِي الْمَسْأَلَةِ جِنْسٌ وَاحِدٌ مَنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ عِنْدَ عَدَمِ مَنْ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ فَالْمَسْأَلَةُ من رُؤْسهمْ كَمَا إِذَا تَرَكَ ابْنَتَيْنِ أَوْ أُخْتَيْنِ أَوْ جَدَّتَيْنِ وَاجْعَلِ الْمَسْأَلَةَ مِنَ اثْنَيْنِ وَثَانِيهِمَا أَنْ يَكُونَ فِي الْمَسْأَلَةِ جِنْسَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ مِمَّنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ عِنْدَ عَدَمِ مَنْ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ فَاجْعَلِ الْمَسْأَلَةَ مِنْ سِهَامِهِمْ أَعَنِي مِنَ اثْنَيْنِ إِنْ كَانَا سُدُسَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ إِنْ كَانَ ثُلُثٌ وَسُدُسٌ أَوْ مِنْ أَرْبَعَةٍ إِنْ كَانَ نِصْفٌ وَسُدُسٌ أَوْ خَمْسَةٍ إِنْ كَانَ ثُلُثَانِ وَسُدُسٌ أَوْ سُدُسَانِ وَنِصْفٌ أَوْ نِصْفٌ وَثلث وَثَالِثهَا أَنْ يَكُونَ مَعَ الْأَوَّلِ مَنْ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ فَأَعْطِ فَرْضَ مَنْ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ من مخارجه فَإِن استقام الْبَاقِي على رُؤُوس مَنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ كَزَوْجٍ وَثَلَاثِ بَنَاتٍ فَذَلِكَ وَإِلَّا فَاضْرب وفْق رؤوسهم فِي مَخْرَجِ فَرْضِ مَنْ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ فَمَا خَرَجَ فَمِنْهُ تَصِحُّ كَزَوْجٍ وَسِتِّ بَنَاتٍ أَصْلُ مَنْ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ مِنْ أَرْبَعَةٍ للزَّوْج سهم

(المسألة الثالثة)

يَبْقَى ثَلَاثَةٌ لَا تَنْقَسِمُ عَلَيْهِنَّ لَكِنَّ بَيْنَ الْبَاقِي ورؤسهم مُوَافقَة بِالثُّلثِ فَترد رؤوسهم للثلث وتضربه فِي مَخْرَجِ فَرْضِ مَنْ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ يَخْرُجُ ثَمَانِيَةٌ كَانَ لِلزَّوْجِ مِنْ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ سهم مَضْرُوب فِي اثْنَيْنِ بِاثْنَيْنِ وَلَهُنَّ ثَلَاثَةٌ مَضْرُوبَةٌ فِي اثْنَيْنِ بِسِتَّةٍ تَنْقَسِمُ عَلَيْهِنَّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَفْقٌ ضَرَبْتَ عدد رؤوسهم فِي مَخْرَجِ فَرْضِ مَنْ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ كَزَوْجٍ وَخَمْسِ بَنَاتٍ فَيَتَحَصَّلُ مِنَ الضَّرْبِ عِشْرُونَ وَمِنْهُ تَصِحُّ وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي خَمْسَةٍ وَرَابِعُهَا أَنْ يَكُونَ مَعَ الثَّانِي مَنْ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ فَاقْسِمْ مَا بَقِيَ مِنْ مَخْرَجِ فَرْضِ مَنْ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ عَلَى مَسْأَلَةِ مَنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ فَإِنِ اسْتَقَامَ فَذَلِكَ كَزَوْجٍ وَأَرْبَعِ جَدَّاتٍ وَسِتِّ أَخَوَاتٍ لِأُمٍّ فَإِنْ لَمْ يَنْقَسِمْ فَاضْرِبْ جَمِيعَ مَسْأَلَةِ مَنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ فِي مَخْرَجِ فَرْضِ مَنْ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ فَالْمَبَلَغُ مَخْرَجُ فَرْضِ الْفَرِيقَيْنِ كَأَرْبَعِ جَدَّاتٍ وَتِسْعِ بَنَاتٍ وَسِتِّ أَخَوَاتٍ ثُمَّ اضْرِبْ سِهَامَ مَنْ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ فِي مَسْأَلَةِ مَنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ وَسِهَامَ مَنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ فِيمَا بَقِيَ مِنْ مَخْرَجِ مَنْ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ وَإِنِ انْكَسَرَ عَلَى الْبَعْضِ صَحِّحِ الْمَسْأَلَةَ بِالْأُصُولِ الْمَذْكُورَةِ (الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ مَسْأَلَةٌ خَالَفَ فِيهَا ابْنُ عَبَّاسٍ عَلِيًّا وَزَيْدًا وَافَقَهُمَا فِيهَا ابْنُ مَسْعُودٍ وَكُلُّ مَسْأَلَةٍ خَالَفَ فِيهَا ابْنُ مَسْعُودٍ عَلِيًّا وَزَيْدًا وَافَقَهُمَا فِيهَا ابْنُ عَبَّاسٍ هَذَا فِي مَسَائِلِ الصُّلْبِ وَانْفَرَدَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ بِخَمْسِ مَسَائِلَ هِيَ الغراوين وَهُمَا زَوْجٌ وَأَبَوَانِ وَزَوْجَةٌ وَأَبَوَانِ فَأَعْطَى الْأُمَّ ثُلُثَ جَمِيعِ الْمَالِ وَقَالَ الصَّحَابَةُ وَعَامَّةُ الْفُقَهَاءِ بِثُلُثِ مَا بَقِيَ وَلَمْ يَقُلْ بِالْعَوْلِ وَأَدْخَلَ النَّقْصَ عَلَى الْبَنَاتِ وَبَنَاتِ الِابْنِ وَالْأَخَوَاتِ الْأَشِقَّاءِ أَوْ لِأَبٍ وَافَقَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ وَلَمْ يَجْعَلِ الْأَخَوَاتِ عَصَبَةً لِلْبَنَاتِ وَخَالَفَهُ جَمِيعُ الْفُقَهَاءِ وَلَمْ يَحْجُبِ الْأُمَّ بِدُونِ الثَّلَاثَةِ مِنَ الْإِخْوَةِ خِلَافًا لِلْفُقَهَاءِ وَانْفَرَدَ ابْنُ مَسْعُودٍ بِخَمْسَةٍ حَجَبَ الزَّوْج وَالزَّوْجَة وَالأُم بالكفار دون العبيد والقائلين

(المسألة الرابعة)

وَأَسْقَطَ الْأَخَوَاتِ بِالْوَلَدِ الْمُشْرِكِ وَالْوَلَدِ الْمَمْلُوكِ وَعَنْهُ لَمْ يُسْقِطْهُنَّ وَأَسْقَطَ الْجَدَّةَ بِالْأُمِّ الْمُشْرِكَةِ وَالْمَمْلُوكَةِ وَعَنْهُ عَدَمُ إِسْقَاطِهَا وَإِذَا اسْتَكْمَلَ الْبَنَاتُ الثُّلُثَيْنِ جَعَلَ الْبَاقِيَ لِبَنِي الْبَنِينَ دُونَ أَخَوَاتِهِمْ وَإِذَا اسْتَكْمَلَ الْأَخَوَاتُ الشَّقَائِقُ الثُّلُثَيْنِ جَعَلَ الْبَاقِيَ لِلْإِخْوَةِ لِلْأَبِ دُونَ أَخَوَاتِهِمْ وَبَقِيَّةُ الصَّحَابَةِ يَجْعَلُونَهُ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَكَانَ يَقُولُ فِي بِنْتٍ وَبَنَاتِ ابْنٍ وَبَنِي ابْنٍ لِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَلِبَنَاتِ الابْن الأضربهن مِنَ الْمُقَاسَمَةِ أَوِ السُّدُسِ وَيَجْعَلُ الْبَاقِيَ لِبَنِي الِابْنِ وَكَذَلِكَ أُخْتٌ شَقِيقَةٌ وَأَخَوَاتٌ وَإِخْوَةٌ لِأَبٍ للأخوات للْأَب الأضربهن مِنَ الْمُقَاسَمَةِ أَوِ السُّدُسِ وَالْبَاقِي لِلْإِخْوَةِ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ مَعَ الْبِنْتِ أَوِ الْأُخْتِ ذُو فَرْضٍ وَسَائِرُ الصَّحَابَةِ يَقُولُونَ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الانثيين فسنردها مَسْأَلَة ونخض هَذِهِ بِالْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لَنَا فِي الْغَرَّاوَيْنِ أَنَّهُمَا ذَكَرٌ وَأُنْثَى اجْتَمَعَا فِي رُتْبَةٍ وَاحِدَةٍ فَيَكُونُ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ كَمَا إِذَا كَانَ ابْنًا وَبِنْتًا أَوْ أَخًا وَأُخْتًا وَبِالْقِيَاسِ عَلَيْهِمَا إِذَا انْفَرَدَا وَلَا يَصِحُّ هَذَا إِلَّا بِثُلُثِ مَا بَقِيَ احْتَجَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ} وَجَوَابُهُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا كَانَ لِلْأَبِ الثُّلُثَانِ أَوْ لَا يَكُونُ أَبٌ فَلَا يُبْخَسُ الْأَبُ أَمَّا إِذَا كَانَ فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ النَّصُّ فَعَيَّنَّاهُ بِالْقَوَاعِدِ (الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ) لَنَا فِي الْعَوْلِ أَنَّهُ قَضَاءُ عُمَرَ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَلِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ أَدِلَّةِ الْفُرُوضِ وَإِلَّا يَلْزَمُ التَّرْجِيحُ مِنْ غَيْرِ مُرَجِّحٍ وَقِيَاسًا عَلَى الْوَصَايَا وَالدُّيُونِ إِذَا تَزَاحَمَتْ فَإِنَّ النَّقْصَ يَعُمُّهَا احْتَجَّ بِأَنَّ الْبِنْتَ وَالْأُخْتَ ينقص بإخوتها وَتَصِيرُ عَصَبَةً فَكَانَ إِلْحَاقُ النَّقْصِ بِهِمْ أَوْلَى وَجَوَابُهُ أَنَّ فِيهِ تَرْكَ الدَّلِيلِ الدَّالِّ عَلَى الْفَرْضِيَّة (الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ) الْأَخَوَاتُ عَصَبَةٌ لِلْبَنَاتِ لِلْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فِي الْفُرُوض

(المسألة السادسة)

احْتج بقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا أَبْقَتِ السِّهَامُ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ مِيرَاثٌ فَلَمْ يَكُنْ ابْنُ الْعَمِّ أَوْلَى بِهِ مِنَ الْأُخْتِ كَمَا إِذَا انْفَرَدَ (الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ) تُحْجَبُ الْأُمُّ بِأُخْتَيْنِ أَوْ أَخَوَيْنِ لَنَا أَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ اثْنَانِ فَيَكُونُ أَقَلَّ الْإِخْوَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْآيَةِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا لَيْسَ الْأَخَوَانِ بِإِخْوَةٍ فِي لِسَانِ قَوْمِكَ فَقَالَ لَهُ عُثْمَان لَا أسطيع أَنْ أُغَيِّرَ أَمْرًا قَدْ قُضِيَ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ قَدْ تَقَرَّرَ ذَلِكَ فِي الشَّرْعِ وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ مَضَتِ السُّنَّةُ أَنَّ الْإِخْوَةَ اثْنَانِ فَصَاعِدًا أَوْ لِأَنَّهُ حُكْمٌ يَتَغَيَّرُ بِالْعَدَدِ فَيَكْفِي الِاثْنَانِ كَإِخْوَةِ الْأُمِّ يَنْتَقِلُونَ لِلشَّرِكَةِ وَالْأُخْتَيْنِ الشقيقتين ينتقلان لِلثُّلُثَيْنِ (الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ) لَا يَحْجُبُ عَبْدٌ وَلَا كَافِرٌ لِأَنَّ مَنْ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي الْإِرْثِ لَا يَدْخُلُ فِي الْحَجْبِ كَذَوِي الْأَرْحَامِ وَفِيهِ احْتِرَازٌ عَنِ الْإِخْوَةِ مَعَ الْأُمِّ لِأَنَّ لَهُمْ مَدْخَلًا فِي الْإِرْثِ احْتَجَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِن لم يكن لكم ولد) وَهَذَا وَلَدٌ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ لَهُ مَدْخَلًا فِي الْإِرْثِ جَمْعًا بَيْنَ النَّصِّ وَمَا ذَكَرْنَاهُ (الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ) إِذَا اسْتَكْمَلَ الْبَنَاتُ أَوِ الْأَخَوَاتُ الثُّلُثَيْنِ فَالْبَاقِي تَعْصِيبٌ لَنَا اسْتِوَاؤُهُمْ فِي الدَّرَجَةِ فَيَكُونُ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ كَمَا إِذَا انْفَرَدُوا وَلِأَنَّ كُلَّ جِنْسٍ عَصَّبَ ذُكُورُهُ إِنَاثَهُ فِي جَمِيعِ الْمَالِ عَصَّبَ فِي بَقِيَّتِهِ أَصْلُهُ وَلَدُ الصُّلْبِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى مَا إِذَا كَانُوا مَعَ زَوْجٍ أَوْ أُمٍّ

(المسألة التاسعة)

احْتج بقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَمَا أبقت السِّهَام فالأولي عَصَبَةٍ ذَكَرٍ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا انْفَرَدَ بِدَرَجَتِهِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ (الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ) لَا يَكُونُ لِبِنْتِ الِابْنِ مَعَ ابْنِ الِابْنِ وَالْبِنْتِ الْأَضَرُّ بِهَا بَلِ الْمُقَاسَمَةُ مَعَ أَخِيهَا بَعْدَ النِّصْفِ لِلْبِنْتِ لِأَنَّهَا تَصِيرُ بِأُخْتِهَا عَصَبَةً كَبِنْتِ الصُّلْبِ مَعَ أَخِيهَا احْتَجَّ بِأَنَّ ظَاهِرَ النَّصِّ يَقْتَضِي أَنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَ الْفُرُوضِ لِلْعَصَبَةِ وَهُوَ ابْنُ الِابْنِ فَيُجْعَلُ لَهَا الْأَضَرُّ لقَضَاء رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بهَا بِالسُّدُسِ وَجَوَابُهُ حَيْثُ يَكُونُ بَقِيَّةُ الْمَالِ لِلْعَاصِبِ الذَّكَرِ إِذَا انْفَرَدَ بِدَرَجَتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ (الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ) ابْنَا عَمٍّ أَحَدُهُمَا أَخٌ لِأُمٍّ قَالَ عُمَرُ وَابْنُ مَسْعُودٍ الْمَالُ كُلُّهُ لِلْأَخِ لِلْأُمِّ دُونَ ابْنِ الْعَمِّ كَالْأَخِ الشَّقِيقِ مَعَ الْأَخِ لِلْأَبِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَقَالَهُ أَشْهَبُ وَقَالَ عَلِيٌّ وَزَيْدٌ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَ (ش) وَ (ح) لِلْأَخِ لِلْأُمِّ فَرْضُهُ وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الشَّقِيقَ وَالْأَخَ لِلْأَبِ وَرِثَا بِوَجْهٍ وَاحِد وَهُوَ الْأُخوة والتعصيب فَقدم الْأَرْجَح وَهَا هُنَا جِهَتَانِ جِهَةُ فَرْضٍ وَهُوَ كَوْنُهُ أَخًا لِأُمٍّ وَجِهَةُ تَعْصِيبٍ وَهُوَ كَوْنُهُ ابْنَ عَمٍّ فَوُفِّيَتْ كُلُّ جِهَةٍ حُكْمَهَا (الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِخْوَةٌ وَأَبَوَانِ لِلْأُمِّ السُّدُسُ وَالْبَاقِي للْأَب وَقَالَ زَيْدٌ وَعَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ لِأَنَّ الْإِخْوَةَ يَحْجُبُونَ الْأُمَّ عَنِ الثُّلُثِ وَلَا يَرِثُونَ مَعَ الْأَبِ شَيْئًا وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِلْإِخْوَةِ السُّدُسُ الَّذِي حَجَبُوا الْأُمَّ عَنْهُ وَالْبَاقِيَ لِلْأَبِ لِأَنَّهُ لَا يَحْجُبُ مَنْ لَا يَرِثُ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَوَابُهُ أَنَّ مَنْ لَا يَرِثُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَدْخَلٌ فِي الْإِرْثِ كَالْكَافِرِ وَالْعَبْدِ أَمَّا مَنْ لَهُ مَدْخَلٌ

(المسألة الثانية عشرة)

فَيَحْجُبُ وَلَا يَرِثُ كَالْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ مَعَ الْأُمِّ وَعَن الثَّانِي أَنه إِن صَحَّ فَلَعَلَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَضَى بِذَلِكَ لَهُمْ بِوَصِيَّةٍ لَا بِالْإِرْثِ (الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ) الْحِمَارِيَّةُ وَتُسَمَّى الْمُشْتَرَكَةُ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ صُورَتُهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَا يَكَادُ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَغَيْرِهِمْ إِلَّا اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِيهَا غَيْرَ أَنَّ مَشْهُورَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَدَمُ التَّشْرِيكِ وَقَالَهُ (ح) وَمَشْهُورُ زَيْدٍ التَّشْرِيكُ وَقَالَهُ مَالِكٌ وَ (ش) وَقَضَى عُمَرُ بِعَدَمِ التَّشْرِيكِ وَفِي الْعَامِ الثَّانِي بِهِ وَقَالَ ذَاكَ عَلَى مَا قَضَيْنَا وَهَذَا مَا نقضي وَقد تقدّمت حجتها احْتَجُّوا بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ لِإِخْوَةِ الْأُمِّ الثُّلُثَ وَلَمْ تُبْقِ الْفَرَائِضُ لِلْإِخْوَةِ الْأَشِقَّاءِ شَيْئًا فَلَا شَيْءَ لَهُمْ وَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ لَو كَانَ إخْوَة الْأُم مائَة أتزيدهم شَيْئا قَالُوا لَا قَالَ فَلَا تنقصوهم وَلَا يَلْزَمُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ إِذَا لَمْ تَكُنْ أَمٌّ أَنْ يُشْرَكُ بَيْنَهُمْ لِلِاشْتِرَاكِ فِي الْأُمِّ وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ وَلَوْ تَرَكَتْ زَوْجًا وَأُمًّا وَأَخًا لِأُمٍّ وَعَشَرَةَ إِخْوَةٍ لِلْأَبِ وَلِلْأُمِّ لَكَانَ للزَّوْج النّصْف وَللْأُمّ السُّدس وللأخ اللأم السُّدُسُ وَلِلْعَشَرَةِ سُدُسٌ بِإِجْمَاعٍ وَلَا يُسَوَّى بَيْنَهُمْ فَبَطَلَ الْقَوْلُ بِمُلَاحَظَةِ أُمُومَتِهِمْ وَاشْتِرَاكِهِمْ فِيهَا (الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ) فِي الْمُنْتَقَى مَا فَضَلَ عَنْ بَنِي الصُّلْبِ أَخَذَهُ بَنَاتُ الِابْنِ إِنْ عَصَّبَهُنَّ ابْنُ ابْنٍ قَالَهُ جُمْهُورُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ لَا يُعَصِّبُهُنَّ ذَكَرٌ فِي دَرَجَتِهِنَّ وَلَا أَسْفَلَ مِنْهُنَّ وَيَنْفَرِدُ بِالْمِيرَاثِ دُونَهُنَّ لِأَنَّهُ أَبْقَتْهُ الْفَرَائِضُ لِلْعَصَبَةِ وَهُوَ عَصَبَةٌ وَجَوَابُهُ أَنَّ كُلَّ جِنْسٍ يُعَصِّبُ ذُكُورُهُمْ إِنَاثَهُمْ فِي جَمِيعِ الْمَالِ عَصَّبَهُنَّ فِي بَاقِيهِ كَوَلَدِ الصُّلْبِ

(المسألة الرابعة عشرة)

(الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ) الْجَدُّ هُوَ أَخٌ مَعَ الْإِخْوَة مَا لم ينقص من الثُّلُث قَالَه زَيْدٌ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَ (ش) وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَغَيْرُهُمَا مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ هُوَ أَبٌ يَحْجُبُ الْإِخْوَةَ وَقَالَهُ (ح) وَرَجَعَ عُمَرُ عَنْهُ وَتَقَدَّمَتْ حُجَّتُنَا فِي تَرْتِيبِ الْمَوَارِيث احْتَجُّوا بِأَن ابْن الابْن ابْن وَأب الْأَبِ أَبٌ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْبُنُوَّةَ أَقْوَى مِنَ الْأُبُوَّةِ بِدَلِيلِ حَجْبِ الِابْنِ لِلْأَبِ عَنْ جَمِيعِ الْمَالِ إِلَى السُّدُسِ وَيَأْخُذُ الِابْنُ خَمْسَةَ أَسْدَاسٍ فَلِذَلِكَ حَجَبَ ابْنُ الِابْنِ الْأَخَ بِخِلَافِ الْجَدِّ (الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ) قَالَ الْجَدُّ يُسْقِطُ بَنِي الْإِخْوَةِ قَالَهُ الْجُمْهُورُ وَ (ش) وَ (ح) وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَحْدَهُ هُمْ كَالْإِخْوَةِ مَعَ الْجَدِّ لَنَا أَنَّهُ ذَكَرٌ لَا يُعَصِّبُ أُخْتَهُ فَلَمْ يُقَاسَمِ الْجَدَّ كَالْعَمِّ وَابْنِ الْعَمِّ احْتَجَّ بِأَنَّ أَبَاهُ يُقَاسِمُ فَيُقَاسِمُ هُوَ كَابْنِ الْعَمِّ يَقُومُ مَقَامَ الْعَمِّ وَابْنُ الِابْنِ يَقُومُ مَقَامَ الِابْنِ فِي الْحَجْبِ وَجَوَابُهُ أَنَّ أَبَاهُ تُسَاوِيهِ أُخْتُهُ فِي الْإِرْثِ وَهَذَا لَمْ تُسَاوِهِ أُخْتُهُ فِي الْإِرْثِ فَدَلَّ عَلَى ضَعْفِهِ (الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ) قَالَ يُقَاسِمُ الْجَدُّ الْإِخْوَةَ مَا لَمْ يَنْقُصْ مِنَ الثُّلُثِ وَقَالَهُ زَيْدٌ و (ش) وَعَن ابْن مَسْعُود يقاسمهم إِلَى ثَمَانِيَةٍ وَقَالَ أَبُو مُوسَى إِلَى اثْنَيْ عَشَرَ لَنَا أَنَّهُ يَحْجُبُ الْأَخَوَاتِ لِلْأُمِّ عَنِ الثُّلُثِ فَلَا يَنْقُصُ مِنْهُ احْتَجُّوا بِأَنَّهُ أَخٌ فَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى اثْنَيْنِ

(المسألة السابعة عشرة)

جَوَابُهُ يَلْزَمُ إِلْغَاءُ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْمُنَاسَبَةِ (الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ) قَالَ الْأَكْدَرِيَّةُ قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مَا أَوْجَبَتْ لَهُ الْفَرِيضَةَ وَقَالَ زَيْدٌ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ لِلْأُخْتِ وَسَهْمٌ لِلْجَدِّ يَقْتَسِمُونَهُ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ لِأَنَّ الْفَرْضَ لِلْأُخْتِ إِنَّمَا كَانَ لِضَرُورَةِ الْمُقَاسَمَةِ (الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ) قَالَ أَمٌّ وَأُخْتٌ وَجَدٌّ عِنْدَ زَيْدٍ لِلْأُمِّ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ بَيْنَ الْجَدِّ وَالْأُخْت للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ وتمسى الْخَرْقَاءَ وَعَنْ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ لِلْأُخْتِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ مِمَّا بَقِيَ وَمَا بَقِيَ لِلْجَدِّ وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ لِلْأُخْتِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ وَالْجَدِّ الْبَاقِي نِصْفَيْنِ وَعَنْ عُثْمَانَ لِلْأُمِّ الثُّلُثُ وَلِلْأُخْتِ الثُّلُثُ وَلِلْجَدِّ الثُّلُثُ وَتُسَمَّى مُثَلَّثَةَ عُثْمَانَ كَمَا سُمِّيَتْ مُرَبَّعَةَ ابْنِ مَسْعُودٍ وَقَالَ عَلِيٌّ لِلْأُمِّ الثُّلُثُ وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ وَالْبَاقِي لِلْجَدِّ لَنَا أَنَّ الْأُمَّ لَا تُحْجَبُ عَنِ الثُّلُثِ بِأُخْتٍ وَأَنَّ الْمُقَاسَمَةَ لِلْجَدِّ أَوْفَرُ فَيُقَاسَمُ (الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ) قَالَ جَدٌّ وَإِخْوَةٌ وَبِنْتٌ أَوْ بَنَاتٌ قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِلْجَدِّ السُّدُسُ بِالْفَرْضِ وَالتَّعْصِيبُ لِلْإِخْوَةِ وَهُوَ مَا فَضَلَ عَنِ النِّصْفِ أَوِ الثُّلُثَيْنِ لِلْبَنَاتِ وَالسُّدُسُ لِلْجَدِّ وَقَالَ زَيْدٌ يُقَاسِمُ الْجَدُّ الْإِخْوَةَ مَا لَمْ يَنْقُصْهُ مِنَ الثُّلُث لما تَقَدَّمَ (الْمَسْأَلَةُ الْعِشْرُونَ) قَالَ مَسْأَلَةُ الْمُعَادَّةِ بِإِخْوَةِ الْأَبِ لِلْجَدِّ قَالَ عَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ لَا يُعَادُّ الْأَشِقَّاءَ بِهِمْ لِأَنَّهُمْ لَا يَرِثُونَ فَلَا يَنْقُصُونَ كَالْعَمِّ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْعَمَّ لَا يَرِثُ مَعَ الْجَدِّ أَصْلًا وَإِخْوَةُ الْأَبِ يَرِثُونَ مَعَهُ فعادوه بهم

(المسألة الحادية والعشرون)

(الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ) قَالَ إِذَا كَانَ فِي مَسْأَلَة الْمُعَادَة أُخْت شَقِيقَة وَأُخْت الْأَب فَإِن عليا وَعبد الله ابْن مَسْعُودٍ يَجْعَلَانِ النِّصْفَ لِلْأُخْتِ الشَّقِيقَةِ وَالسُّدُسَ لِأُخْتِ الْأَبِ وَالْبَاقِيَ لِلْجَدِّ وَعَنْ زَيْدٍ وَمَالِكٍ لِلْجَدِّ النِّصْفُ بِالْمُقَاسَمَةِ كَمَا تَقَدَّمَ (الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ) قَالَ الْجَدَّاتُ أَرْبَعٌ أُمُّ الْأَبِ وَأُمُّ الْأُمِّ وَأم أَب الْأَب وَأم أَب الْأُمِّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَا خِلَافَ أَنَّ الْجَدَّةَ أُمُّ الْأُمِّ وَإِنْ عَلَتْ لَهَا السُّدُسُ إِذَا انْفَرَدَتْ وَكَذَلِكَ أُمُّ الْأَبِ فَإِنْ اجْتَمَعَتَا فِي طَبَقَةٍ فَالسُّدُسُ بَيْنَهُمَا اتَّفَقَ النَّاسُ عَلَى هَذِهِ الْجُمْلَةِ فَإِنِ اخْتَلَفَتِ الطَّبَقَةُ وَرَّثَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْقُرْبَى خَاصَّةً كَانَتْ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ أَوْ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ كَالْأَجْدَادِ وَالْأَوْلَادِ وَالْأَعْمَامِ وَقَالَهُ (ح) وَنَحْوُهُ عَنْ زَيْدٍ وَمَشْهُورُ زَيْدٍ إِنْ كَانَتِ الْقُرْبَى مِنْ قِبَلِ الْأَبِ أَشْرَكَ فِيهِ بَيْنَهُمَا وَقَالَهُ مَالِكٌ وَ (ش) وَأَشْرَكَ ابْنُ مَسْعُودٍ بَيْنَهُمَا لَا يُبَالِي أَيُّهُمَا أَقْرَبُ فَإِنْ كَانَتْ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ فَعَنْهُ التَّشْرِيكُ بَيْنَ الْقُرْبَى وَالْبُعْدَى مَا لَمْ تَكُنْ إِحْدَاهُمَا أُمَّ الْأُخْرَى فَيَكُونُ لِلْأَقْرَبِ وَعَنْهُ السُّدُسُ لِلْقُرْبَى وَتَسْقُطُ الْبُعْدَى وَلَا يُوَرِّثُ مَالِكٌ إِلَّا اثْنَيْنِ أُمَّ الْأَبِ وَأُمَّ الْأُمِّ فَإِنْ عُدِمَتَا فَأُمَّهَاتُهُمَا مَقَامَهُمَا وَعَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ ثَلَاثُ جَدَّاتٍ الاثنتان وَأم أَب الْأَبِ وَرُوِيَ عَنْ (ش) وَقَالَهُ (ح) وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ تَوْرِيثُ أَرْبَعِ جَدَّاتٍ جَدَّتَا الْأُمِّ وَجَدَّتَا الْأَبِ فَإِنِ اجْتَمَعْنَ فَالسُّدُسُ بَيْنَهُنَّ وَمَنِ انْفَرَدَتْ بِهِ فَهُوَ لَهَا لَنَا أَنَّهَا جَدَّةٌ وتدلي بالجد فَلم تَرث كالجدة أم أَب الْأُمِّ وَلِأَنَّ الْأُمَّ أَقْوَى مِنَ الْأَبِ لِأَنَّهَا تُسْقِطُ الْجَدَّاتِ كُلَّهُنَّ وَالْأَبُ لَا يُسْقِطُ الْجَدَّةَ أُمَّ الْأُمِّ وَتَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا يَرِثُ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ غَيْرُ وَاحِدَةٍ فَلَا يَرِثُ مِنْ جِهَة الْأَب إِلَّا وَاحِدَة وَلِأَن الْجد أَب الْأُمِّ لَا يَرِثُ مِنَ الْمُتَوَفَّى شَيْئًا فَأُمُّهُ أَوْلَى وَلَنَا عَلَى عَدَمِ إِسْقَاطِ الْبُعْدَى مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ أَنَّ أُمَّ الْأَبِ تُدْلِي بِالْأَبِ وَالْأَبُ لَوِ اجْتَمَعَ مَعَ الْأُمِّ لَمْ يَحْجُبْهَا فَلَا يَحْجُبُهَا مَنْ يُدْلِي بِهِ أَوْلَى

(فرع)

وَاخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ هَلْ تَرِثُ أُمُّ الْأَبِ وَابْنُهَا حَتَّى قَالَهُ عُمَرُ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَغَيْرُهُمَا لِأَنَّ الْجَدَّاتِ أُمَّهَاتٌ فَلَا يَحْجُبُ الْجَدَّةَ إِلَّا أُمٌّ أَقْرَبُ مِنْهَا كَمَا أَنَّ الْأَجْدَادَ لَا يَحْجُبُ الْجَدَّ إِلَّا أَبٌ أَقْرَبُ مِنْهُ وَخَالَفَهُمْ عُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَزَيْدٌ وَمَالِكٌ وَ (ش) وَ (ح) لِأَنَّ مَنْ يُدْلِي بِشَخْصٍ لَا يَرث مَعَ وُجُودِهِ كَابْنِ الِابْنِ مَعَ الِابْنِ وَالْجَدَّةِ مَعَ الْأُمِّ وَاخْتَلَفُوا إِذَا أَدْلَتْ بِقَرَابَاتٍ نَحْوَ أمِّ أمِّ أبٍ وأمِّ أمِّ أمٍّ وَرَّثَهَا مُحَمَّدٌ وَزُفَرُ وَجَمَاعَةٌ نَصِيبَ جَدَّتَيْنِ وَكُلَّمَا أَدْلَتْ بِقَرَابَةٍ وَرِثَتْ بِمِثْلِهَا مَعَ الْجَدَّاتِ الْأُخَرِ بِقَدْرِ قَرَابَتِهَا وَفِي الْمُنْتَقَى قَالَ ابْنُ سِيرِينَ لَيْسَ لِلْجَدَّاتِ سَهْمٌ وَإِنَّمَا هِيَ طُعْمَةٌ لَنَا أَنَّ الْمِيرَاثَ إِمَّا فَرْضٌ وَإِمَّا تَعْصِيبٌ وَالْجَدَّةُ لَيْسَتْ ذَاتَ تَعْصِيبٍ فَهِيَ ذَاتُ فَرْضٍ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا سُئِلْتَ عَنْ جَدَّتَيْنِ مُتَحَاذِيَتَيْنِ عَلَى أَقْرَبِ مَنَازِلِ الْجَدَّاتِ فَهُمَا أُمُّ الْأُمِّ وَأُمُّ الْأَبِ فَالسُّدُسُ بَيْنَهُمَا وَثَلَاثٌ مُتَحَاذِيَاتٌ يَرِثْنَ فَقُلْ أمُّ أمِّ الْأُمِّ وَأُمُّ أُمِّ الْأَبِ وَأُمُّ أَب الْأَبِ فَالسُّدُسُ بَيْنَهُنَّ فَإِنْ قِيلَ فَأَرْبَعٌ مُتَحَاذِيَاتٌ يَرِثْنَ فَقُلْ أمُّ أمِّ أمِّ الْأُمِّ وَأُمُّ أمّ أمّ الْأَب وَأم أمّ أَب الْأُم وأمّ أَب أَب الْأَب وَالْأَصْل فِي هَذَا أبدا أَن تلفظ بِذِكْرِ الْأُمِّ عَلَى عَدَدِ مَا طَلَبَ مِنَ الْجَدَّاتِ ثُمَّ تُسْقِطُ مِنْ عِدَّةِ الْأُمَّهَاتِ وَاحِدَةً وَتجْعَل مَكَانهَا أما ثُمَّ تُسْقِطُ أُمًّا وَتَجْعَلُ مَكَانَهَا أَبًا ثُمَّ تُسْقِطُ ثَلَاثَ أُمَّهَاتٍ وَتَتَلَفَّظُ بِثَلَاثَةِ آبَاءٍ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ عَدَدَ الْجَدَّاتِ وَإِنَّمَا يَكُونُ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ وَاحِدَةٌ وَالْبَاقِي مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَهُوَ لَا يُدْرَكُ فِي زَمَانِنَا هَذَا لَتَقَاصُرِ الْأَعْمَارِ وَإِنَّمَا يُذْكَرُ لِلتَّعْلِيمِ وَفِي الْجَعْدِيَّةِ لَا يَرِثُ عِنْدَ مَالِكٍ إِلَّا جَدَّتَانِ وَرُوِيَ عَنْ زَيْدٍ تَوْرِيثُ ثَلَاثٍ فِي دَرَجَةٍ وَلَا يَكُونُ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ إِلَّا وَاحِدَةٌ فَإِنْ سُئِلْتَ عَنْ تَرْتِيبِ ثَلَاثِ جَدَّاتٍ

(المسألة الثالثة والعشرون)

مُتَحَاذِيَاتٍ يَرِثْنَ عَلَى مَذْهَبِ زَيْدٍ فَقُلْ تَرَكَ جَدَّةَ أُمِّهِ أُمَّ أُمِّهَا وَجَدَّتَيْ أَبِيهِ أُمَّ أُمِّهِ وَأُمَّ أَبِيهِ فَالسُّدُسُ بَيْنَهُنَّ عِنْدَ زَيْدٍ وَعِنْدَ مَالِكٍ السُّدُسُ بَيْنَ جَدَّةِ أُمِّهِ أُمِّ أُمِّهَا وَجَدَّةِ أَبِيهِ أُمِّ أُمِّهِ وَتَسْقُطُ جَدَّةُ أَبِيهِ أُمُّ أَبِيهِ فَذَكَرَ التَّفْرِيعَ عَلَى مَذْهَبِ زَيْدٍ لَا عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ (الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ) مَنِ اجْتَمَعَ فِيهِ سَبَبَانِ يَرِثُ بِهِمَا فَرْضًا مُقَدَّرًا وَرِثَ بِأَقْوَاهُمَا اتَّفَقَ فِي الْمَجُوسِ أَوْ فِي الْمُسْلِمِينَ كَالْأُمِّ أَوِ الْبِنْتِ تَكُونُ أُخْتًا وَوَرَّثَ (ح) بِهِمَا لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى الْأُخْتِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ فَإِنَّ أُخْتَ الْأَبِ لَهَا فَرْضٌ وَأُخْتَ الْأُمُومَةِ لَهَا فَرْضٌ وَلَيْسَ لَهَا إِلَّا النّصْف (الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة وَالْعشْرُونَ) فرض ابْنَتَيْن الثُّلُثَانِ خِلَافًا لِابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ لَهُمَا النِّصْفَ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْفُرُوضِ تَقْرِيرُهُ (الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ بِنْتٌ أَوْ بِنْتُ ابْنٍ وَأَخٌ شَقِيقٌ أَوْ لِأَبٍ وَجَدٌّ قَالَ زَيْدٌ وَابْنُ مَسْعُودٍ لِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَيُقَسَّمُ الْبَاقِي بَيْنَ الْجَدِّ وَالْأَخِ نِصْفَيْنِ وَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَلِلْجَدِّ السُّدُسُ وَالْبَاقِي لِلْأَخِ وَكَانَ لَا يَزِيدُ الْجَدَّ عَلَى السُّدُسِ مَعَ الْوَلَدِ لَنَا أَنَّهُ أَقْوَى مِنْ أَخٍ تَحْجُبُهُ الْإِخْوَةُ لِلْأُمِّ وَتَوْرِيثُهُ مَعَ الْوَلَدِ فَيُعَصِّبُ الْأَخَ وَيُقَاسِمُهُ كَالْأَخِ بَلْ أَوْلَى (الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ وَالْعِشْرُونَ) فِي مُرَبَّعَاتِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَهِيَ أَرْبَعَةٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ بِنْتٌ وَأُخْتٌ وَجَدٌّ عَلَى قَوْلِ زَيْدٍ لِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَالْبَاقِي بَيْنَ الْأُخْتِ وَالْجَدِّ عَلَى ثَلَاثَةٍ لِلْجَدِّ اثْنَانِ وَعَلَى قَوْلِ عَليّ رَضِي الله عَنهُ

لِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَلِلْجَدِّ السُّدُسُ وَالْبَاقِي لِلْأُخْتِ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ لِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَالْبَاقِي بَيْنَ الْجَدِّ وَالْأُخْتِ نِصْفَيْنِ لِأَنَّ الْجَدَّ إِذَا انْفَرَدَ مَعَ الْبِنْتِ لَهُ مَا بَقِيَ وَإِذَا انْفَرَدَتِ الْأُخْتُ مَعَ الْبِنْتِ لِلْأُخْتِ مَا بَقِيَ فَإِذَا اجْتمعَا كَانَ الْبَاقِي بَين الْجد وَبني الْأُخْتِ نِصْفَيْنِ فَتَكُونُ مِنْ أَرْبَعَةٍ فَهَذِهِ مُرَبَّعَةٌ الثَّانِيَةُ إِذَا تَرَكَ امْرَأَةً وَأُمًّا وَأُخْتًا وَجَدًّا قَالَ لِلْمَرْأَةِ الرُّبُعُ وَلِلْأُمِّ ثُلُثُ مَا بَقِيَ وَالْبَاقِي بَين الْجد وَالْأُخْت نِصْفَانِ فَهِيَ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعَنْهُ أَيْضًا لِلزَّوْجَةِ الرُّبُعُ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ وَالْبَاقِي بَيْنَ الْجَدِّ وَالْأُخْتِ نِصْفَانِ فَتَصِحُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ الثَّالِثَةُ زَوْجٌ وَأُمٌّ وَجَدٌّ فَعَنْهُ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَالْبَاقِي بَيْنَ الْجَدِّ وَالْأُمِّ نِصْفَانِ تَصِحُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعَنْهُ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ ثُلُثُ الْبَاقِي وَالْبَاقِي لِلْجَدِّ وَالرَّابِعَةُ جَدٌّ وَأُمٌّ وَأُخْتٌ فَعَنْهُ لِلْأُخْتِ النِّصْفُ وَالْبَاقِي بَيْنَ الْجَدِّ وَالْأُمِّ نِصْفَانِ تَصِحُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعنهُ للْأُخْت النّصْف وللأخ ثُلُثُ الْبَاقِي وَالْبَاقِي لِلْجَدِّ وَهِيَ كَالَّتِي قَبْلَهَا وَإِنِ اخْتَلَفَتِ الْعِبَارَةُ

(الباب التاسع في كليات نافعة في علم الفرائض)

(الْبَابُ التَّاسِعُ فِي كُلِّيَّاتٍ نَافِعَةٍ فِي عِلْمِ الْفَرَائِضِ) وَعَلَى كُلِّ كُلِّيَّةٍ اسْتِثْنَاءٌ يُنْتَفَعُ بِهَا وَبِاسْتِثْنَائِهَا وَلْنَذْكُرْ مِنْهَا عِشْرِينَ كُلِّيَّةً كُلُّ كَافِرٍ لَا يَرِثُهُ الْمُسْلِمُ إِلَّا أَرْبَعَةً الزِّنْدِيقَ وَالْمُرْتَدَّ وَالذِّمِّيَّ وَالْمُعَاهَدَ كُلُّ عَبْدٍ أَوْ مَنْ فِيهِ بَقِيَّةُ رِقٍّ لَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ إِلَّا الْمُكَاتَبَ يَرِثُهُ مَنْ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ إِلَّا الزَّوْجَةَ عَلَى الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ كُلُّ اثْنَيْنِ اجْتَمَعَا فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ ذَكَرٍ وَأُنْثَى فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ إِلَّا الْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَى كُلُّ مَنْ لَا يَرِثُ لَا يَحْجُبُ إِلَّا الْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ يَحْجُبُونَ الْأُمَّ وَلَا يَرِثُونَ وَالْإِخْوَةَ لِلْأَبِ يَحْجُبُونَ الْجَدَّ مَعَ الْأَشِقَّاءِ وَالْأُمِّ وَلَا يَرِثُونَ كُلُّ مَنْ يُدْلِي بِشَخْصٍ لَا يَرِثُ مَعَ وُجُودِهِ إِلَّا الْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ مَعَ الْأُمِّ فَالْإِخْوَةُ لِلْأُمِّ مُسْتَثْنَوْنَ مِنْ ثَلَاثِ قَوَاعِدَ كُلُّ مَنْ مَاتَ بَعْدَ مَوْرُوثِهِ لَا يَسْقُطُ نَصِيبُهُ إِلَّا الْجَنِينَ إِذَا مَاتَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْرُوثِ كُلُّ مَسْأَلَةٍ لَا تَخْرُجُ فِيهَا الْأُمُّ عَنِ الثُّلُثِ أَوِ السُّدُسِ إِلَّا زَوْجَةً وَأَبَوَانِ لَهَا الرُّبُعُ وَهُوَ ثُلُثُ مَا بَقِيَ كُلُّ مَسْأَلَةٍ لَا يُفْرَضُ فِيهَا لِلْأُخْتِ مَعَ الْجَدِّ شَيْءٌ إِلَّا الْأَكْدَرِيَّةَ كُلُّ وَارِثٍ يُمْكِنُ أَنْ يَسْقُطَ إِلَّا أَرْبَعَة الأبوان والزوجان وَالْأَبْنَاءُ وَالْبَنَاتُ كُلُّ مَنْ وَرِث وُرِث مِنْهُ إِلَّا اثْنَيْنِ الْجَدَّةُ لِلْأُمِّ وَالْمُعْتِقُ الْأَعْلَى كُلُّ مَنْ يُورَثُ يَرِثُ إِلَّا أَرْبَعَةً الْعَمَّةُ وَبِنْتُ الْأَخِ وَبِنْتُ الْعَمِّ وَالْمَوْلَى

الْأَسْفَلُ كُلُّ أَخٍ لَا يَرِثُ دُونَ أُخْتِهِ إِلَّا أَرْبَعَةً الْعَمُّ وَابْنُ الْعَمِّ وَابْنُ الْأَخِ وَالْمَوْلَى الْمُعْتِقُ كُلُّ ذَكَرٍ لَا يُعَصِّبُ أُخْتَهُ إِلَّا أَرْبَعَةً يُعَصِّبُونَ أَخَوَاتِهِمْ الِابْنُ وَابْنُ الِابْنِ وَالْأَخُ الشَّقِيقُ وَالْأَخُ لِلْأَبِ كُلُّ قَاتِلٍ لَا يَرِثُ إِلَّا الْقَاتِلَ عَمْدًا غَيْرَ عُدْوَانٍ لِحَقٍّ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى بِأَمْرِ الْإِمَامِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ يَرِثُ وَقَاتِلَ الْخَطَأِ يَرِثُ مِنَ الْمَالِ دُونَ الدِّيَةِ كُلُّ مَنْ كَانَ أُنْثَى أَوْ يُدْلِي بِأُنْثَى لَا يُعَصِّبُ إِلَّا الْأَخَوَاتِ مَعَ الْبَنَاتِ كُلُّ ذَكَرٍ يُعَصِّبُ أُنْثَى لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مِنْ نَوْعِهَا إِلَّا الْجَدَّ مَعَ الْأُخْتِ كُلُّ ذَكَرٍ عَاصِبٍ أُنْثَى مِنْ نَوْعِهِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِي دَرَجَتِهَا إِلَّا ابْنَ الِابْنِ يُعَصِّبُ بِنْتَ الِابْنِ وَهُوَ أَسْفَلُ مِنْهَا كل أَخَوَيْنِ يتوارثان بِأَنَّهُمَا شقيقان فَلَهُمَا أَبٌ ثَابِتٌ شَرْعًا إِلَّا ثَلَاثَةً تَوْءَمَا الْمُلَاعَنَةِ وَالْمَسْبِيَّةُ وَالْمُحْتَمَلَةُ بِأَمَانٍ كُلُّ شَخْصَيْنِ يُفْرَضُ لَهُمَا فَرْضٌ وَاحِدٌ فَهُمَا فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ إِلَّا الْجَدَّتَيْنِ فَإِنَّ الْقَرِيبَةَ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَالْبَعِيدَةَ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ يَكُونُ السُّدُسُ بَيْنَهُمَا كُلُّ بَائِنِ الطَّلَاقِ لَا تَرِثُ إِلَّا الْمُطَلَّقَةَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ فَهَذِهِ عِشْرُونَ كُلِّيَّةً مَعَ الْمُسْتَثْنَيَاتِ مِنْهَا وَهِيَ نَافِعَةٌ جَلِيلَةٌ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ تَعَالِيلُهَا

(الباب العاشر في المعميات من الفرائض)

(الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي الْمُعَمَّيَاتِ مِنَ الْفَرَائِضِ) وَلْنَذْكُرْ مِنْهَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ الْمُشْكِلُ الْأَوَّلُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ اثْنَانِ لَيْسَ بَيْنَهُمَا قَرَابَةٌ تَزَوَّجَ كُلُّ وَاحِدٍ أُمَّ الْآخَرِ فَأَوْلَدَهَا غُلَامًا فَالْقَرَابَةُ بَيْنَ الْغُلَامَيْنِ قُلْ كُلُّ وَاحِدٍ عَمُّ صَاحِبِهِ لِأُمِّهِ فَإِنْ تَزَوَّجَ كُلُّ وَاحِدٍ بِنْتَ صَاحِبِهِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَالُ صَاحِبِهِ أَوْ أُخْتَهُ فَكُلُّ وَاحِدٍ ابْنُ خَالِ الْآخَرِ أَوْ تَزَوَّجَ هَذَا أُمَّ ذَاكَ وَالْآخَرُ ابْنَتَهُ فَابْنُ الْأُمِّ عَمُّ الْآخَرِ وَأَخُو أَبِيهِ لِأُمِّهِ وَخَالُهُ أَخُو أُمِّهِ لأَبِيهَا وَابْن الْبِنْت ابْن أَخ الْآخَرِ وَابْنُ أَخِيهِ وَأَيُّهُمَا مَاتَ قَبْلَ الْآخَرِ لَمْ يَرِثْهُ الْآخَرُ لِأَنَّ ابْنَ الْأُمِّ عَمُّ عَمِّ الْأُمِّ وَخَالٌ وَابْنَ الْبِنْتِ ابْنُ أَخٍ لِأُمٍّ وَابْنُ أُخْتٍ الْمُشْكِلُ الثَّانِي قَالَ رَجُلٌ وَولده تزوج الرجل الْمَرْأَة وَتزَوج وَلَدُهُ ابْنَتَهَا فَابْنُ الْأُمِّ عَمُّ ابْنِ الْبِنْتِ وَخَالُهُ وَابْنُ الْبِنْتِ ابْنُ أُخْتِ ابْنِ الْأُمِّ وَابْنُ أَخِيهِ وَيَرِثُ كُلُّ وَاحِدٍ صَاحِبَهُ لِأَنَّ ابْنَ الْأُمِّ عَمٌّ لِأَبٍ وَابْنَ الْبِنْتِ ابْنُ أَخٍ لِأَبٍ فَإِنَّ تَزَوَّجَ الْأَبُ الْبِنْتَ وَالِابْنُ الْأُمَّ فَإِنَّ ابْنَ الْأَبِ عَمُّ ابْنِ الْأُمِّ وَابْنُ أُخْتِهِ وَابْنَ الِابْنِ خَالُ ابْنِ الْأَبِ وَابْنُ أَخِيهِ وَالْوِرَاثَةُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ أَحَدَهُمَا عَمٌّ لِأَبٍ وَالْآخَرُ ابْنُ أَخٍ لِأَبٍ الْمُشْكِلُ الثَّالِثُ قَالَ أَخَوَانِ لِأَبٍ وَرِثَاهُ وَلَيْسَ مَوْلَى أَحَدُهُمَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَالِ وَالْآخَرُ رُبُعُهُ وَجَوَابُهُ هِيَ امْرَأَةٌ تَرَكَتِ ابْنَيْ عَمِّهَا أَحَدُهُمَا زَوْجُهَا فَإِنْ أَخَذَ أَحَدُهُمَا الثُّلُثَ وَالْآخَرُ الثُّلُثَيْنِ فَغَيْرُ الزَّوْجِ أَخُوهَا لِأُمِّهَا فَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةَ إِخْوَةٍ وَرِثُوا غير مولى أحدهم النّصْف وَالْأَخ الثُّلُثَ وَالْآخَرُ السُّدُسَ فَهُوَ امْرَأَةٌ تَرَكَتِ اثْنَيْنِ أَبنَاء

عَمِّهَا أَحَدُهُمَا أَخٌ لِأُمٍّ وَالْآخَرُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَينهَا رحم وَهُوَ زوج فَلهُ النّصْف ولأخ الْأُمِّ السُّدُسُ وَمَا بَقِيَ لِابْنِ الْعَمِّ الْمُشْكِلُ الرَّابِعُ قَالَ امْرَأَةٌ وَرِثَتْ مِنْ زَوْجِهَا نِصْفَ مَالِهِ جَوَابُهُ تَزَوَّجَتْ بِمَنْ أَعْتَقَتْ ثُلُثَهُ وَغَيْرُهَا ثُلُثَيْهِ أَخَذَتِ الرُّبُعَ بِالزَّوْجِيَّةِ وَثُلُثَ مَا بَقِيَ وَهُوَ الرُّبُعُ الثَّانِي بِالْوَلَاءِ وَفِيهَا يَقُولُ الشَّاعِرُ: (أَلَا أَيُّهَا الْقَاضِي الْمُصِيبُ قَضَاؤُهُ ... أَعِنْدَكَ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْبِرُنَا وَصْفَا) (بِوَارِثَةٍ مِنْ زَوْجِهَا نِصْفَ مَالِهِ ... بِذَا نَطَقَ الْقُرْآنُ مَا كَذَبَتْ حَرْفَا) الْمُشْكِلُ الْخَامِسُ قَالَ تَرَكَ سَبْعَ عَشْرَةَ امْرَأَةً وَسَبْعَةَ عَشَرَ دِينَارًا وَرِثَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ دِينَارًا جَوَابُهُ هُنَّ ثَلَاثُ زَوْجَاتٍ وَجَدَّتَانِ وَأَرْبَعُ أَخَوَاتٍ لأم وثمان أَخَوَاتٍ لِأَبٍ أَصْلُهَا مِنَ اثْنَيْ عَشَرَ تَبْلُغُ سَبْعَةَ عَشَرَ لِلزَّوْجَاتِ الرُّبُعُ ثَلَاثَةٌ لِثَلَاثَةٍ وَلِلْجَدَّاتِ السُّدُسُ اثْنَانِ لِاثْنَتَيْنِ وَلِأَخَوَاتِ الْأُمِّ الثُّلُثُ أَرْبَعَةٌ لِأَرْبَعَةٍ وَلِأَخَوَاتِ الْأَبِ الثُّلُثَانِ ثَمَانِيَةٌ لِثَمَانِيَةٍ وَفِيهَا يَقُولُ الشَّاعِرُ: (أَلَمْ تَسْمَعْ وَأَنْتَ بِأَرْضِ مِصْرَ ... بِذكر فَرِيضَة فِي الْمُسلمين) (بِسَبْعٍ ثُمَّ عَشْرٍ مِنْ إِنَاثٍ ... فَخَرْتُ بِهِنَّ عِنْدَ الْفَارِضِينَ) (فَأَحْرَزْنَ الْوِرَاثَةَ قَسْمَ حَقٍّ ... سَوَاءٍ فِي حُقُوقِ الْوَارِثِينَا) الْمُشْكِلُ السَّادِسُ قَالَ قُلْتُ لَهُ أَوْصِ فَقَالَ تَرِثُنِي خَالَتُكَ وَعَمَّتَاكَ وَجَدَّتَاكَ وَامْرَأَتَاكَ وَأُخْتَاكَ جَوَابُهُ أَنْتَ تَزَوَّجْتَ جَدَّتَيْهِ أُمَّ أُمِّهِ وَأُمَّ أَبِيهِ وَتَزَوَّجَ الْمَرِيضُ جَدَّتَيْكَ كَذَلِكَ فَأَوْلَدَ الْمَرِيضُ كُلَّ جَدَّةٍ ابْنَتَيْنِ فَابْنَتَا أُمِّ أُمِّكَ وَابْنَتَا أُمِّ أَبِيكَ خَالَتَاكَ وَعَمَّتَاكَ وَكَانَ أَبُو الْمَرِيضِ تَزَوَّجَ أُمَّ الصَّحِيحِ وَأَوْلَدَهَا ابْنَتَيْنِ فَهُمَا أُخْتَا الصَّحِيحِ لِأُمِّهِ وَأُخْتَا الْمَرِيضِ لِأَبِيهِ فَلِبَنَاتِ الْمَرِيضِ لَمَّا مَاتَ الثُّلُثَانِ وَهُمَا عَمَّتَاكَ وَخَالَتَاكَ وَلِزَوْجَتَيْهِ الثُّمُنُ وَهُمَا جَدَّتَاكَ وَلِجَدَّتَيِ الْمَرِيضِ السُّدس وهما زَوْجَتَاكَ وَمَا بَقِيَ فَلِأُخْتَيِ

الْمَرِيضِ وَهُمَا أُخْتَاكَ لِأُمِّكَ وَفِيهَا يَقُولُ الشَّاعِرُ: (أَتَيْتُ الْوَلِيدَ لَهُ عَائِدًا ... وَقَدْ أَوْرَثَ الْقَلْبَ عَنْهُ سَقَامًا) (فَقُلْتُ لَهُ أَوْصِ فِيمَا تَرَكْتَ ... فَقَالَ أَلَا قَدْ كُفِيتَ الْكَلَامَا) (فَفِي خَالَتَيْكَ وَفِي عمتيك ... وَفِي جدتيك تركت السواما) (وَأُخْتَاكَ حَقُّهُمَا ثَابِتٌ ... وَامْرَأَتَاكَ سَوَاءً تَمَامًا) (فَقُلْ لِلْوَلِيدِ أَبِي خَالِدٍ ... سَمِعْتَ بِعَشْرٍ حَوَيْنَ السِّهَامَا) الْمُشْكِلُ السَّابِعُ قَالَ ثَلَاثَةُ أَشِقَّاءَ وَرِثَ أَحَدُهُمْ ثُلُثَيْنِ وَالْآخَرَانِ سُدُسًا سُدُسًا جَوَابُهُ امْرَأَةٌ تَزَوَّجَتْ أَحَدَ ثَلَاثَةِ بَنِي عَمٍّ لَهَا وَهُوَ الْأَصْغَرُ فَلَهُ النِّصْفُ وَالسُّدُسُ لِكُلِّ وَاحِدٍ بِالتَّعْصِيبِ فَيَحْصُلُ لَهُ الثُّلُثَانِ وَفِيهَا يَقُولُ الشَّاعِرُ: (ثَلَاثَةُ إِخْوَةٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ ... وَكُلُّهُمْ إِلَى خَيْرٍ فَقِيرُ) (فَخَصَّ الْأَكْبَرَيْنِ هُنَاكَ ثُلُثٌ ... وَبَاقِي الْمَالِ أَحْرَزَهُ الصَّغِيرُ) الْمُشْكِلُ الثَّامِنُ قَالَ ثَلَاثَةٌ وَرِثُوا مِنْ رَجُلٍ أَحَدُهُمُ النِّصْفَ وَالْآخَرُ الثُّلُثَ وَالْآخَرُ السُّدُسَ جَوَابُهُ أَحَدُهُمْ أَخٌ لِأُمٍّ وَالْآخَرَانِ ابْنَا عَمِّ أَحَدُهُمَا أَخٌ لِأُمٍّ فَلِلْأَخَوَيْنِ لِلْأُمِّ الثُّلُثُ وَالْبَاقِي لِابْنَيِ الْعَمِّ فَلِلْمُنْفَرِدِ بِأُخُوَّةِ الْأُمِّ السُّدُسُ وَلِجَامِعِ الطَّرَفَيْنِ النِّصْفُ وَلِلْمُنْفَرِدِ بِبُنُوَّةِ الْعَمِّ الثُّلُثُ وَفِيهِ يَقُولُ الشَّاعِرُ: (أَتُخْبِرُنَا يَا عَمْرُو عَنْ أَهْلِ مَيِّتٍ ... حَوَوْا مَالَهُ لَمَّا ثَوَى سَاكِنًا رَمْسًا) (ثَلَاثَةُ رَهْطٍ قَدْ أَصَابُوا سِهَامَهُمْ ... وَلَمْ يُدْخِلُوا فِيمَا أَصَابَهُمْ وَكْسَا) (فَأَحْرَزَ مِنْهُمْ أَوَّلَ نِصْفَ مَالِهِ ... وَثَانِيهِمْ ثُلُثًا وَثَالِثُهُمْ سُدُسًا)

الْمُشْكِلُ التَّاسِعُ قَالَ وَرِثَ الْخَالُ دُونَ الْعَمِّ جَوَابُهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَتَزَوَّجَ أَبُوهُ ابْنَتَهَا فَوُلِدَ لِكُلِّ وَاحِدٍ غُلَامٌ فَوَلَدُ الِابْنِ خَالُ ابْنِ الْأَبِ وَابْنُ أَخِيهِ وَتُوُفِّيَ ابْنُ الْأَبِ فَتَرَكَ عَمًّا وَابْنُ أَخِيهِ هَذَا فَوَرِثَهُ دُونَ عَمِّهِ فَقَالَ الشَّاعِرُ: (فَمَا خَالٌ حَوَى الْمِيرَاثَ عَفْوًا ... وَعَمُّ الْمَيِّتِ لَمْ يَأْخُذْ فَتِيلًا) الْمُشْكِلُ الْعَاشِرُ قَالَ مَرَّتِ امْرَأَةٌ بِقَوْمٍ يُقَسِّمُونَ مِيرَاثًا فَقَالَتْ لَا تَعَجَّلُوا إِنِّي حَامِلٌ إِنْ وَضَعْتُ ذَكَرًا لَمْ يَرِثْ أَوْ أُنْثَى وَرِثَتِ الثُّلُثَ جَوَابُهُ تَرَكَتِ الْمُتَوَفَّاةُ زَوْجَهَا وَأُمَّهَا وَإِخْوَتَهَا لِأُمِّهَا لِزَوْجِهَا النِّصْفُ وَلِأُمِّهَا السُّدُسُ وَلِإِخْوَتِهَا لِأُمِّهَا الثُّلُثُ وَالْحَامِلُ هِيَ زَوْجَةُ أَبِي الْهَالِكَةِ تُوُفِّيَ وَتَرَكَهَا حَامِلًا إِنْ وَلَدَتْ غُلَامًا كَانَ أَخًا لِأَبٍ لَا يَرِثُ لِأَنَّهُ عَصَبَةٌ أَوْ أُنْثَى فَأُخْتٌ لِأَبٍ يُعَالُ لَهَا بِالنِّصْفِ فَتَبْلُغُ الْفَرِيضَةُ تِسْعَةً وَيَصِيرُ نِصْفُهَا ثُلُثًا وَفِيهَا يَقُولُ الشَّاعِرُ: (مَا أَهْلُ بَيْتٍ ثَوَى بِالْأَمْسِ مَيِّتُهُمْ ... فَأَصْبَحُوا يَقْسِمُونَ الْمَالَ وَالْحُلَلَا) (فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْ غَيْرِهِمْ لَهُمُ ... إِنِّي سَأُسْمِعُكُمْ أُعْجُوبَةً مَثَلًا) (فِي الْبَطْنِ مِنِّي جَنِينٌ دَامَ رُشْدُكُمُ ... فَأَخِّرُوا الْمَالَ حَتَّى تَعْلَمُوا الْحَمَلَا) (فَإِنْ أَلِدْ ذَكَرًا لَمْ يُعْطَ خَرْدَلَةً ... وَإِنْ أَلِدْ غَيْرَهُ أُنْثَى فَقَدْ فَصَلَا) (بِالثُّلُثِ حَقًّا يَقِينًا لَيْسَ يُنْكِرُهُ ... مَنْ كَانَ يَعْرِفُ فَرْضَ اللَّهِ إِذْ نَزَلَا) الْمُشْكِلُ الْحَادِيَ عَشَرَ قَالَ: تَرَكَ عِشْرِينَ دِينَارًا وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا أَصَابَ كُلَّ امْرَأَةٍ دِينَارٌ وَدِرْهَمٌ جَوَابُهُ خَلَّفَ أُخْتَيْهِ لِأُمِّهِ وَأُخْتَيْهِ لِأَبِيهِ وَأَرْبَعَ زَوْجَاتٍ أَصْلُهَا مِنَ اثْنَيْ عَشَرَ تَعُولُ لِخَمْسَةَ عَشَرَ فَيَصِيرُ رُبُعُ الزَّوْجَاتِ خُمُسًا وَخُمُسُ الْمَالِ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ وَأَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ دِينَارٌ وَدِرْهَمٌ وَفِيهِ يَقُولُ الشَّاعِرُ:

(سَأُلْقِي عَلَى الْفُرَاضِ مِنِّي فَرِيضَةً ... تَوَهَّمْتُهَا بِاللُّبِّ مِنِّي تَوَهُّمًا) (فَمَا تَارِكٌ إِذْ مَاتَ عِشْرِينَ دِرْهَمًا ... وَعِشْرِينَ دِينَارًا عَتِيقًا مُتَمَّمَا) (فَأُعْطِيَتِ امْرَأَةُ الَّذِي مَاتَ حَقَّهَا ... هُنَالِكَ دِينَارًا سَوَاءً وَدِرْهَمًا) (وَكَانَ جَمِيعُ الْمَالِ عِشْرِينَ دِرْهَمًا ... وَعِشْرِينَ دِينَارًا عَلَى ذَاكَ فَاقْسِمَا) الْمُشْكِلُ الثَّانِيَ عَشَرَ امْرَأَةٌ وَرِثَتْ مِنْ أَرْبَعَةِ أَزْوَاجٍ إِخْوَةٍ نِصْفَ جَمِيعِ مَالهم كَمْ مِلْكُ كُلِّ وَاحِدٍ جَوَابُهُ تَزَوَّجَتْهُمْ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ مَلَكَ الْأَوَّلُ ثَمَانِيَةَ دَرَاهِمَ وَالثَّانِي سِتَّة وَالثَّالِث ثَلَاثَة وَالرَّابِع دِرْهَم وَرِثَتْ مِنَ الْأَوَّلِ دِرْهَمَيْنِ وَإِخْوَتُهُ دِرْهَمَيْنِ دِرْهَمَيْنِ صال لِصَاحِبِ السِّتَّةِ ثَمَانِيَةٌ وَلِصَاحِبِ الثَّلَاثَةِ خَمْسَةٌ وَلِصَاحِبِ الدِّرْهَمِ ثَلَاثَةٌ تُوُفِّيَ الثَّانِي أَخَذَتْ مِنْهُ دِرْهَمَيْنِ وَأَخَوَاهُ ثَلَاثَةٌ ثَلَاثَةٌ صَارَ لِلثَّالِثِ ثَمَانِيَةٌ وَلِلرَّابِعِ سِتَّةٌ وَرِثَتْ مِنَ الثَّالِثِ دِرْهَمَيْنِ وَبَقِيَ لِأَخِيهِ سِتَّةٌ صَارَ لَهُ اثْنَا عَشَرَ وَرِثَتْ مِنْهُ ثَلَاثَةً صَارَ بِيَدِهَا تِسْعَةُ دَرَاهِمَ وَهِيَ نِصْفُ جَمِيعِ أَمْوَالِهِمْ وَفِيهَا يَقُولُ الشَّاعِرُ: (لَقَدْ جِئْتُ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ مُبَادِرًا ... لِمِيرَاثِ قَوْمٍ كَانَ فِيهِمْ تَفَكُّرُ) (لِوَارِثَةٍ بَعْلًا وَبَعْلَيْنِ بَعْدَهُ ... وَبَعْلًا أَخُوهُمْ ذُو الْجَنَاحَيْنِ جَعْفَرُ) (فَكَانَ لَهَا مِنْ جُمْلَةِ الْمَالِ نِصْفُهُ ... بِذَلِكَ يَقْضِي الْعَالِمُ الْمُتَدَبِّرُ) الْمُشْكِلُ الثَّالِثَ عَشَرَ قَالَ تَزَوَّجَتْ أَرْبَعَةً أَخَذَتْ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفَ مَا تَرَكَ جَوَابُهُ تَرَكَ رَجُلٌ أَرْبَعَةَ أَعْبُدٍ وَابْنًا وَبِنْتًا فَأَعْتَقَا الْعَبِيدَ ثُمَّ تَزَوَّجَتْهُمُ الْبِنْتُ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ وَرِثَتْ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ الرُّبُعَ بِالنِّكَاحِ وَثُلُثَ الْبَاقِي بِالْوَلَاءِ وَفِيهِ يَقُولُ الشَّاعِرُ: (فَمَا ذَاتُ صَبْرٍ عَلَى النَّائِبَاتِ ... تَزَوَّجَهَا نَفَرٌ أَرْبَعَهْ)

(فَتُحْرِزُ مِنْ مَالِ كُلِّ امْرِئٍ ... لَعَمْرُكَ شَطْرًا لَهُ مَرْبَعَهْ) (وَلَا ظَلَمَتْ وَاحِدًا مِنْهُمْ ... نَقِيرًا وَلَا رَكِبَتْ مَقْطَعَهْ) الْمُشْكِلُ الرَّابِعَ عَشَرَ قَوْلُ الشَّاعِرِ: (لِي عَمَّةٌ وَأَنَا عَمُّهَا ... وَلِي خَالَةٌ وَأَنَا خَالُهَا) (فَأَمَّا الَّتِي أَنَا عَمٌّ لَهَا ... فَإِنَّ أَبِي أُمُّهُ أُمُّهَا) (أَبُوهَا أَخِي وَأَخُوهَا أَبِي ... عَلَى سُنَّةٍ قَدْ جَرَى رَسْمُهَا) (وَلَسْنَا مجوسا وَلَا مُشْرِكين ... بَلَى سُنَّةَ الْحَقِّ نَأْتَمُّهَا) (فَأَيْنَ الْفَقِيهُ الَّذِي عِنْدَهُ ... فُنُونُ النِّكَاحَاتِ أَوْ فَهْمُهَا) (يُبَيِّنْ لَنَا كَيْفَ أَنْسَابُنَا ... وَأَيْنَ يَكُونُ كَذَا حُكْمُهَا) جَوَابُهُ هَذَا الْقَائِلُ تَزَوَّجَ جَدُّهُ بِامْرَأَةِ رَجُلٍ رُزِقَ مِنْهَا أَبَا الْقَائِلِ وَلِتِلْكَ الْمَرْأَةِ ابْنَةٌ مِنْ ذَلِك الرجل وَتزَوج أَبُو الْقَائِلِ بِأُمِّ ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي تَزَوَّجَ الْجَدُّ امْرَأَتَهُ فَرُزِقَ مِنْهَا الْقَائِلَ فَبِنْتُ ذَلِكَ الرَّجُلِ عَمَّةُ الْقَائِلِ لِأَنَّهَا أُخْتُ أَبِيهِ مِنْ أُمِّهِ وَالْقَائِلُ عَمُّهَا لِأَنَّهُ ابْنُ أُمِّ الرَّجُلِ الَّذِي تَزَوَّجَهَا أَبُوهُ وَأُمُّ أَبِيهِ وَأُمُّ عَمَّتِهِ وَاحِدَةٌ وَهِيَ امْرَأَةُ الرَّجُلِ وَأَبُو هَذِهِ الْعَمَّةِ أَخُو الْقَائِل من أمه لِأَن أَب الْقَائِلِ تَزَوَّجَ أُمَّ ذَلِكَ الرَّجُلِ وَأَخُوهَا أَبُو الْقَائِلِ لِأَنَّ جَدَّهُ تَزَوَّجَ أُمَّ ذَلِكَ الرَّجُلِ ثمَّ تزوج أَب أُمِّ الرَّجُلِ بِنْتَ أَبِي الْقَائِلِ مِنَ امْرَأَةٍ أُخْرَى رُزِقَ مِنْهَا ابْنَةً فَهِيَ خَالَةُ الْقَائِلِ وَهُوَ خَالُهَا وَمَهْمَا تَزَوَّجَ رَجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ بِابْنَةِ الْآخَرِ وَجَاءَتْ إِحْدَاهُمَا بِذَكَرٍ فَهُوَ الْقَائِلُ وَالْأُخْرَى بِأُنْثَى فَهِيَ تَكُونُ الْخَالَةَ الْمَذْكُورَةَ

(الباب الحادي عشر في العول وهو الزيادة)

(الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الْعَوْلِ وَهُوَ الزِّيَادَةُ) وَعَوْلُ الْفَرَائِضِ زِيَادَةُ الْفُرُوضِ عَلَى الْمَالِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَمْ يُتَكَلَّمْ عَلَيْهِ فِي زَمَنِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلَا فِي زَمَنِ أَبِي بَكْرٍ وَأَوَّلُ مَنْ نَزَلَ بِهِ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ لَا أَدْرِي مَنْ قَدَّمَهُ الْكِتَابُ فَأُقَدِّمُهُ وَلَا أَخَّرَهُ فَأُؤَخِّرُهُ وَلَكِنْ قَدْ رَأَيْتُ رَأْيًا فَإِنْ يَكُنْ صَوَابًا فَمِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنْ يَكُنْ خَطَأٌ فَمِنْ عُمَرَ وَهُوَ أَنْ يَدْخُلَ الضَّرَرُ عَلَى جَمِيعِهِمْ وَيُنْقِصَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ سَهْمِهِ بِقَدْرِ مَا يَنْقُصُ مِنْ سَهْمِهِ فَحَكَمَ بِالْعَوْلِ وَأَشَارَ بِهِ عَلَيْهِ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَلَمْ يُخَالِفْ إِلَّا ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ لَوْ أَنَّ عُمَرَ نَظَرَ مَنْ قَدَّمَهُ الْكِتَابُ فَقَدَّمَهُ وَمَنْ أَخَّرَهُ فَأَخَّرَهُ مَا عَالَتْ فَرِيضَةٌ فَقِيلَ لَهُ وَكَيْفَ يَصْنَعُ قَالَ يَنْظُرُ إِلَى أَسْوَأِ الْوَرَثَةِ حَالًا وَأَكْثَرِهِمْ تَغَيُّرًا فَيَدْخُلُ عَلَيْهِ الضَّرَرُ وَهُمُ الْبَنَاتُ وَالْأَخَوَاتُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ الِاسْتِدْلَالُ عَلَيْهِ وَالْمَسَائِلُ الِاثْنَانِ وَالثَّلَاثَةُ وَالْأَرْبَعَةُ وَالسِّتَّةُ وَالثَّمَانِيَةُ وَالِاثْنَا عَشَرَ وَالْأَرْبَعَةَ عَشَرَ وَالْعِشْرُونَ وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْمَخَارِجُ وَالْفُرُوضُ وَالِاثْنَا عَشَرَ لَا تكون إِلَّا باجتماع الرّبع من مَعَ الْأَثْلَاثِ وَالْأَسْدَاسِ وَرُبَّمَا اجْتَمَعَ مَعَهُ النِّصْفُ وَلَا تكون الْأَرْبَعَة والعشورن إِلَّا مَعَ الثُّمُنِ وَالْأَثْلَاثِ وَالْأَسْدَاسِ لِأَنَّهُ أَقَلُّ عَدَدٍ يَخْرُجُ مِنْهُ الثُّمُنُ وَالسُّدُسُ أَوِ الثُّلُثُ وَقَدْ يَجْتَمِعُ مَعَ ذَلِكَ النِّصْفُ وَثَلَاثَةٌ مِنْ هَذِهِ تَعُولُ السِّتَّةُ وَالِاثْنَا عَشَرَ وَالْأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ فَهِيَ السِّتَّةُ وَضِعْفُهَا وَضِعْفُ ضِعْفِهَا وَأَرْبَعَةٌ لَا تَعُولُ وَهِيَ الِاثْنَانِ وَالثَّلَاثَةُ وَالْأَرْبَعَةُ وَالثَّمَانِيَةُ فَعَوْلُ السِّتَّةِ لِسَبْعَةٍ كَزَوْجٍ وَأُخْتَيْنِ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لأَب، أَو زوج وَأُخْت شقية وَأُخْتٍ لِأَبٍ، وَلِثَمَانِيَةٍ كَزَوْجٍ وَثَلَاثِ أَخَوَاتٍ مُفْتَرِقَاتٍ وَإِلَى تِسْعَة

كَزَوج وَأم وَثَلَاث أخوت مُفْتَرِقَاتٍ وَإِلَى عَشْرٍ كَزَوْجٍ وَأُمٍّ وَأُخْتَيْنِ لِأَبٍ وَأُخْتَيْنِ لِأُمٍّ وَيُسَمَّى عَوْلُ الْعَشَرَةِ أُمَّ الْفُرُوجِ وَلَا تعول إِلَى أَكْثَرَ وَتَعُولُ الِاثْنَا عَشَرَ إِلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ كَزَوْجٍ وَبِنْتٍ وَأَبَوَيْنِ وَإِلَى خَمْسَةَ عَشَرَ كَزَوْجَةٍ وَأُمٍّ وَثَلَاثِ أَخَوَاتٍ مُفْتَرِقَاتٍ وَإِلَى سَبْعَةَ عَشَرَ كَزَوْجَةٍ وَجَدَّةٍ وَأُخْتَيْنِ لِأَبٍ وَأُخْتَيْنِ لِأُمٍّ وَلَا تَعُولُ لِأَكْثَرَ وَمِنْهُ ثَلَاثُ زَوْجَاتٍ وَجَدَّتَانِ وثمان أَخَوَاتٍ لِأَبٍ وَأَرْبَعِ أَخَوَاتٍ لِأُمٍّ وَتُسَمَّى أُمَّ الْأَرَامِلِ وَيُلْغَزُ بِهَا فَيُقَالُ سَبْعَةَ عَشَرَ أُنْثَى ورثن سَبْعَة عشر دِينَارا قسمناها دِينَارًا دِينَارًا وَعَوْلُ الْأَرْبَعَةِ وَالْعِشْرِينَ عَوْلٌ وَاحِدٌ إِلَى سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ كَزَوْجَةٍ وَأَبَوَيْنِ وَابْنَتَيْنِ وَهِيَ الْمِنْبَرِيَّةُ لِأَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ عَلَى الْمِنْبَرِ صَارَ ثُمُنُهَا تُسُعًا قَالَ الشَّعْبِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا رَأَيْتُ أَحْسَبَ مِنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَتَعُولُ عَلَى أَصْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ إِلَى أَحَدٍ وَثَلَاثِينَ وَهُوَ أَنَّهُ يحجب عِنْده الْمَحْرُومَ حَجْبَ نُقْصَانٍ لَا حَجْبَ إِسْقَاطٍ فَالْوَلَدُ الْقَائِل يَحْجُبُ الزَّوْجَةَ مِنَ الرُّبُعِ إِلَى الثُّمُنِ وَلَا يَحْجُبُ الْأَخَوَاتِ الشَّقَائِقَ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ فَعَلَى هَذَا إِذَا تَرَكَ ابْنًا قَاتِلًا وَأُخْتَيْنِ شَقِيقَتَيْنِ أَوْ لِأَبٍ وَاثْنَيْنِ مِنْ وَلَدِ الْأُمِّ عَالَتْ إِلَى أَحَدٍ وَثَلَاثِينَ

(الباب الثاني عشر في حصر مسائل الفرائض)

(الْبَابُ الثَّانِيَ عَشَرَ فِي حَصْرِ مَسَائِلِ الْفَرَائِضِ) وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ أُصُولَ الْمَسَائِلِ سَبْعَةٌ ثَلَاثَةٌ تَعُولُ وَالسَّبْعَةُ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ مَسْأَلَةً تَنْحَصِرُ فِي ثَلَاثِمِائَةٍ وَثَمَانٍ وَسِتِّينَ صُورَةً وَأُرَتِّبُهَا عَلَى مَرَاتِبِ الْأَعْدَادِ وَمَا فِي كُلِّ عَدَدٍ مِنَ الْمَسَائِلِ وَالصُّوَرِ وَأُقَدِّمُ مُقَدِّمَةً وَهِيَ أَنَّ الْوَرَثَةَ إِنْ كَانُوا عَصَبَاتٍ فَقَطْ فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ عدد رُؤْسهمْ إِنْ كَانُوا ذُكُورًا فَسَوَاءٌ أَوْ مَعَ إِنَاثٍ فللذكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ ونقدر كُلَّ ذَكَرٍ مَكَانَ اثْنَتَيْنِ وَإِنْ كَانُوا ذَوِي فُرُوضٍ فَإِمَّا فَرِيضَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ الْأُصُولِ السِّتَّةِ الَّتِي هِيَ النِّصْفُ وَالرُّبُعُ وَالثُّمُنُ وَالثُّلُثَانِ وَالثُّلُثُ وَالسُّدُسُ أَوْ يَكُونُ هُنَاكَ فَرِيضَتَانِ مُخْتَلِفَتَانِ مِنْ هَذِهِ النِّسْبَةِ أَوْ ثَلَاثَةٌ مِنْهَا أَوْ أَرْبَعَةٌ وَلَا يُمْكِنُ اجْتِمَاعُ السِّتَّةِ فَإِنَّ الرُّبُعَ لَا يَجْتَمِعُ مَعَ الثُّمُنِ لِأَنَّهُ نَصِيبُ الزَّوْجَةِ مَعَ الْوَلَدِ وَالرُّبُعُ نَصِيبُ الزَّوْجِ مَعَ الْوَلَدِ وَالزَّوْجَةُ بِدُونِ الْوَلَدِ فَتَعَذَّرَ الِاجْتِمَاعُ وَكَذَلِكَ الثُّمُنُ وَالثُّلُثُ لِأَنَّ الثُّلُثَ نَصِيبُ الْأُمِّ وَإِخْوَةِ الْأُمِّ وَالْجَدِّ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ وَالثُّمُنُ لَا يُمْكِنُ إِلَّا مَعَ الْوَلَدِ أَوْ وَلَدِ الْوَلَدِ فَيَحْجُبُ إِخْوَةَ الْأُمِّ مُطْلَقًا وَالْأُمَّ وَالْجَدَّ عَنِ الثُّلُثِ إِلَى السُّدُسِ وَكَمَا لَا يَجْتَمِعُ السِّتَّةُ فَكَذَلِكَ خَمْسَةٌ مِنْهَا لِأَنَّهُ إِنْ فُرِضَ الرُّبُعُ وَالثُّمُنُ مِنْ جُمْلَتِهَا فَقَدْ عَلِمْتَ امْتِنَاعَهُ وَإِنْ خَرَجَ الرُّبُعُ فَقْدِ اجْتَمَعَ الثُّلُثُ وَالثُّمُنُ مِنْ جُمْلَتِهَا وَإِنْ كَانَ الْخَارِجُ هُوَ الثُّمُنُ فَقَدِ اجْتَمَعَ النِّصْفُ وَالرّبع وَالثلث وَأَنَّهُ مُمْتَنِعٌ فَإِنَّ النِّصْفَ الَّذِي يَجْتَمِعُ مَعَ الثُّلُثَيْنِ هُوَ نِصْفُ الزَّوْجِ وَالنِّصْفُ الَّذِي هُوَ فَرْضُ الْبِنْتِ عِنْدَ كَوْنِ السُّدُسِ خَيْرَ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ وَلَا يُتَصَوَّرُ سُدُسٌ إِلَّا بِانْعِدَامِ الْوَلَدِ مَعَ اسْتِحْقَاقِ الزَّوْجِ النِّصْفَ وَلَا سُدُسَ تَكْمِلَةَ الثُّلثَيْنِ

(الِاثْنَانِ) مَسْأَلَتَانِ صُوَرُهُمَا سَبْعٌ الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى نِصْفٌ وَمَا بَقِيَ صُوَرُهَا خَمْسٌ زَوْجٌ وَعَصَبَةٌ، بِنْتٌ وَعَصَبَةٌ، بِنْتُ ابْنٍ وَعَصَبَةٌ، أُخْتٌ شَقِيقَةٌ وَعَصَبَةٌ، أُخْتٌ لِأَبٍ وَعَصَبَةٌ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ نِصْفَانِ وَصُوَرُهَا اثْنَتَانِ زَوْجٌ وَأُخْتٌ شَقِيقَةٌ، أَوْ أُخْتٌ لِأَبٍ (الثَّلَاثَةُ) ثَلَاثُ مَسَائِلَ صُوَرُهَا إِحْدَى عَشْرَةَ صُورَةً الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ثُلُثٌ وَمَا بَقِيَ صُوَرُهَا ثَلَاثٌ أُمٌّ وَعَصَبَةٌ، وَلَدُ أُمٍّ وَعَصَبَةٌ، جَدٌّ وَأَخَوَاتٌ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ ثُلُثَانِ وَمَا بَقِيَ صُوَرُهَا أَرْبَعٌ بِنْتَانِ وَعَصَبَةٌ، بِنْتَا ابْنٍ وَعَصَبَةٌ، أُخْتَانِ لِأَبَوَيْنِ وَعَصَبَةٌ، أُخْتَانِ لِأَبٍ وَعَصَبَةٌ الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ ثُلُثٌ وَثُلُثَانِ صُوَرُهَا أَرْبَعٌ وَلَدُ أُمٍّ وَأُخْتَانِ لِأَبَوَيْنِ، ابْنُ أُمٍّ وَأُخْتَانِ لِأَبٍ، جَدٌّ وَخَمْسُ أَخَوَاتٍ لِأَبَوَيْنِ، جَدٌّ وَخَمْسُ أَخَوَاتٍ لِأَبٍ (الْأَرْبَعَةُ) ثَلَاثُ مَسَائِلَ صُوَرُهَا تِسْعٌ الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى رُبُعٌ وَمَا بَقِيَ صُوَرُهَا ثَلَاثٌ زَوْجٌ وَابْنٌ، زَوْجٌ وَابْنُ ابْنٍ، زَوْجَةٌ وَعَصَبَةٌ وَهِيَ مُفْرَدَةٌ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ رُبُعٌ وَنِصْفٌ وَمَا بَقِيَ صُوَرُهَا أَرْبَعٌ زَوْجٌ وَبِنْتٌ وَعَصَبَةٌ، زَوْجٌ وَبِنْتُ ابْنٍ وَعَصَبَةٌ، زَوْجَةٌ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ وَعَصَبَةٌ، زَوْجَةٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ وَعَصَبَةٌ الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ رُبُعٌ وَثُلُثٌ وَمَا بَقِيَ لَهَا صُورَتَانِ زوج وأبوان، زوج وَجدّة وأخوات

(الثَّمَانِيَةُ) مَسْأَلَتَانِ صُوَرُهَا أَرْبَعٌ الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ثُمُنٌ وَمَا بَقِيَ صُورَتَانِ زَوْجَةٌ وَابْنٌ، زَوْجَةٌ وَابْنُ ابْنٍ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ ثُمُنٌ وَنِصْفٌ وَمَا بَقِيَ صُورَتَانِ زَوْجَةٌ وَبِنْتٌ وَعَصَبَةٌ، زَوْجَةٌ وَبِنْتُ ابْنٍ وَعَصَبَةٌ (السِّتَّةُ) مَسَائِلُهَا إِحْدَى عَشْرَةَ صُوَرُهَا مِائَةٌ وَسِتٌّ الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى سُدُسٌ وَمَا بَقِيَ صُوَرُهَا خَمْسٌ أَبٌ وَعَصَبَةٌ، أُمٌّ وَعَصَبَةٌ، جَدٌّ وَعَصَبَةٌ، جدة وَعَصَبَةٌ، وَلَدُ أُمٍّ وَعَصَبَةٌ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ سُدُسَانِ وَمَا بَقِيَ صُوَرُهَا سِتٌّ أَبَوَانِ وَعَصَبَةٌ، جَدَّةٌ وَجَدٌّ وَعَصَبَةٌ، أَبٌ وَجَدَّةٌ وَعَصَبَةٌ، أُمٌّ وَجَدٌّ وَعَصَبَةٌ، أُمٌّ وَوَلَدُ أُمٍّ وَعَصَبَةٌ، جَدٌّ وَوَلَدُ أُمٍّ وَعَصَبَةٌ الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ سُدُسٌ وَثُلُثٌ وَمَا بَقِيَ صُوَرُهَا ثَلَاثٌ أُمٌّ وَأُخْتٌ لِأُمٍّ وَعَصَبَةٌ، جدة وَولد أم وعصبة، مُفْردَة (كَذَا) الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ سُدُسٌ وَنِصْفٌ وَمَا بَقِيَ صُوَرُهَا سَبْعَ عَشْرَةَ أَبٌ وَبِنْتٌ وَعَصَبَةٌ، أَبٌ وَبِنْتُ ابْنٍ وَعَصَبَةٌ، أُمٌّ وَبِنْتٌ وَعَصَبَةٌ، أُمٌّ وَبِنْتُ ابْنٍ وَعَصَبَةٌ، جَدَّةٌ وَبِنْتٌ وَعَصَبَةٌ، جَدَّةٌ وَبِنْتُ ابْنٍ وَعَصَبَةٌ، أُمٌّ وَزَوْجٌ وَعَصَبَةٌ، جَدٌّ وَزَوْجٌ وَعَصَبَةٌ، جَدَّةٌ وَزَوْجٌ وَعَصَبَةٌ، وَلَدُ أُمٍّ وَزَوْجٌ وَعَصَبَةٌ، وَلَدُ أُمٍّ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ وَعَصَبَةٌ، وَلَدُ أُمٍّ وَأُخْتٌ لِأَبٍ وَعَصَبَةٌ، جَدَّةٌ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ وَعَصَبَةٌ، جَدَّةٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ وَعَصَبَةٌ، وَثَلَاثٌ مُفْرَدَاتٌ وَهِي وَبِنْتُ ابْنٍ وَعَصَبَةٌ، أُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ وَأُخْتٌ لِأَبٍ وَعَصَبَةٌ، أُمٌّ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ وَأَخٌ لِأَبٍ الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ سُدُسٌ وَثُلُثَانِ وَمَا بَقِيَ صُوَرُهَا أَرْبَعَ عَشْرَةَ أَبٌ وَبِنْتَانِ

وَعَصَبَةٌ، أَبٌ وَبِنْتَا ابْنٍ وَعَصَبَةٌ، أُمٌّ وَبِنْتَانِ وَعَصَبَةٌ، أُمٌّ وَبِنْتَا ابْنٍ وَعَصَبَةٌ، جَدٌّ وَبِنْتَانِ وعصبة، جد وبنتا ابْن عصبَة، جَدَّةٌ وَبِنْتَانِ وَعَصَبَةٌ، جَدَّةٌ وَبِنْتَا ابْنٍ وَعَصَبَةٌ، أُمٌّ وَأُخْتَانِ لِأَبَوَيْنِ وَعَصَبَةٌ، أُمٌّ وَأُخْتَانِ لِأَبٍ وَعَصَبَةٌ، جَدَّةٌ وَأُخْتَانِ لِأَبَوَيْنِ وَعَصَبَةٌ، جَدَّةٌ وَأُخْتَانِ لِأَبٍ وَعَصَبَةٌ، أُخْتَانِ لِأَبَوَيْنِ وَوَلَدُ أُمٍّ وَعَصَبَةٌ، أُخْتَانِ لِأَبٍ وَوَلَدُ أُمٍّ وَعَصَبَةٌ الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ سُدُسَانِ وَنِصْفٌ وَمَا بَقِيَ صُوَرُهَا ثَلَاثٌ وَعِشْرُونَ أَبَوَانِ وَبِنْتٌ وَعَصَبَةٌ، أَبَوَانِ وَبِنْتُ ابْنٍ وَعَصَبَةٌ، جَدَّةٌ وَجَدٌّ وَبِنْتٌ وَعَصَبَةٌ، جَدٌّ وَجَدَّةٌ وَبِنْتُ ابْنٍ وَعَصَبَةٌ، أُمٌّ وَجَدٌّ وَبِنْتٌ وَعَصَبَةٌ، أُمٌّ وَجَدٌّ وَبِنْتُ ابْنٍ وَعَصَبَةٌ، أَبٌ وَجَدَّةٌ وَبِنْتٌ وَعَصَبَةٌ، أَبٌ وَجَدَّةٌ وَبِنْتُ ابْنٍ وَعَصَبَةٌ، جَدَّةٌ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ وَوَلَدُ أُمٍّ وَعَصَبَةٌ، جَدَّةٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ وَوَلَدُ أُمٍّ وَعَصَبَةٌ، جَدَّةٌ وَوَلَدُ أُمٍّ وَزوج وَعَصَبَةٌ، أُمٌّ وَأُخْتٌ لِأَبٍ وَوَلَدُ أُمٍّ وَعَصَبَةٌ، أُمٌّ وَوَلَدُ أُمٍّ وَزَوْجٌ وَعَصَبَةٌ، أُمٌّ وَأُخْتٌ لأَب وَأُخْت لِأَبَوَيْنِ وعصبة، جدة وَولد أم وَزوج وَعَصَبَةٌ، جَدَّةٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ وَعَصَبَةٌ، أم وَأُخْت لأَب وَولد أم وعصبة، زَوْجَة وجد وَولد أم وعصبة، زَوْجَة وجد وَعَصَبَةٌ الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ سُدُسَانِ وَثُلُثَانِ صُوَرُهَا اثْنَا عَشَرَ أَبَوَانِ وَبِنْتَانِ، أَبَوَانِ وَبِنْتَا ابْنٍ، جَدٌّ وَجَدَّةٌ وَبِنْتَانِ، جَدٌّ وَجَدَّةٌ وَبِنْتَا ابْنٍ، أَبٌ وَجَدَّةٌ وَبِنْتَانِ، أَبٌ وَجَدَّةٌ وَبِنْتَا ابْنٍ، أُمٌّ وَجَدٌّ وَبِنْتَانِ، أُمٌّ وَجَدٌّ وَبِنْتَا ابْنٍ، أُمٌّ وَوَلَدُ أُمٍّ وَأُخْتَانِ لِأَبَوَيْنِ، أُمٌّ وَوَلَدُ أُمٍّ وَأُخْتَانِ لِأَبٍ، جَدَّةٌ وَوَلَدُ أُمٍّ وَأُخْتَانِ لِأَبٍ، جَدَّةٌ وَوَلَدُ أُمٍّ وَأُخْتَانِ لِأَبَوَيْنِ الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ سُدُسٌ وَثُلُثٌ وَنِصْفٌ صُوَرُهَا تِسْعٌ أُمٌّ وَأَوْلَادُ أُمٍّ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ، أُمٌّ وَأَوْلَادُ أُمٍّ وَأُخْتٌ لِأَبٍ، أُمٌّ وَأَوْلَادُ أُمٍّ وَزَوْجٌ، جَدَّةٌ وَأَوْلَادُ أُمٍّ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ، جَدَّةٌ وَأَوْلَادُ أُمٍّ وَأُخْتٌ لِأَبٍ، جَدَّةٌ وَأَوْلَادُ أُمٍّ وَزَوْجٌ، جَدٌّ وَأُمٌّ وَزوج

(عوليات السبعة)

ولد أم وَأَخ وَزوج، وَمُفْرَدَةٌ وَهِيَ أُخْتٌ لِأَبٍ وَأَوْلَادُ أُمٍّ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ ثَلَاثَةُ أَسْدَاسٍ وَنِصْفٌ صُوَرُهَا سِتٌّ أَبَوَانِ وَبِنْتٌ وَبِنْتُ ابْنٍ، جَدٌّ وَجَدَّةٌ وَبِنْتٌ وَبِنْتُ ابْنٍ، أُمٌّ وَجَدٌّ وَبِنْتٌ وَبِنْتُ ابْنٍ، أَبٌ وَجَدَّةٌ وَبِنْتٌ وَبِنْتُ ابْنٍ، أُمٌّ وَوَلَدُ أُمٍّ وَأُخْتٌ لِأَبٍ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ، جَدَّةٌ وَوَلَدُ أُمٍّ وَأُخْتٌ لِأَبٍ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ نِصْفٌ وَثُلُثٌ وَمَا بَقِيَ وَلَهَا صُورَتَانِ مُفْرَدَتَانِ زَوْجٌ وَأُمٌّ وَأَبٌ، زَوْجٌ وَجَدٌّ وَثَلَاثَةُ إِخْوَةٍ الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ ثُلُثٌ وَنِصْفٌ وَمَا بَقِيَ صُوَرُهَا خَمْسٌ أُمٌّ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ وَعَصَبَةٌ أُمٌّ وَأُخْتٌ لِأَبٍ وَعَصَبَةٌ، أَوْلَادُ أُمٍّ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ وَعَصَبَةٌ، أَوْلَادُ أُمٍّ وَأُخْتٌ لِأَبٍ وَعَصَبَةٌ، وَمُفْرَدَةٌ وَهِيَ جَدٌّ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ وَثَلَاثُ أَخَوَاتٍ لِأَبٍ (عَوْلِيَّاتُ السَّبْعَةِ) فِيهَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ صُوَرُهَا ثَلَاثَ عَشْرَةَ صُورَةً الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى سُدُسٌ وَنِصْفَانِ صُوَرُهَا خَمْسٌ وَلَدُ أُمٍّ وَزَوْجٌ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ، وَلَدُ أُمٍّ وَزَوْجٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ، جَدَّةٌ وَزَوْجٌ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ، جَدَّةٌ وَزَوْجٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ، وَمُفْرَدَةٌ وَهِيَ زَوْجٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ سُدُسٌ وَثُلُثٌ وَثُلُثَانِ صُوَرُهَا أَرْبَعٌ أُمٌّ وَأَوْلَادُ أُمٍّ وَأُخْتَانِ لِأَبَوَيْنِ، أُمٌّ وَأَوْلَادُ أُمٍّ وَأُخْتَانِ لِأَبٍ، جَدَّةٌ وَأَوْلَادُ أُمٍّ وَأُخْتَانِ لِأَبَوَيْنِ، جَدَّةٌ وَأَوْلَادُ أُمٍّ وَأُخْتَانِ لِأَبٍ الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ سُدُسَانِ وَثُلُثٌ وَنِصْفٌ لَهَا صُورَتَانِ أُمٌّ وَأُخْتٌ لِأَبٍ وَوَلَدُ أُمٍّ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ، جَدَّةٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ وَوَلَدُ أُمٍّ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ نِصْفٌ وَثُلُثَانِ لَهَا صُورَتَانِ زَوْجٌ وَأُخْتَانِ لِأَبَوَيْنِ، زَوْجٌ وَأُخْتَانِ لِأَبٍ

(عوليات الثمانية)

(عَوْلِيَّاتُ الثَّمَانِيَةِ) ثَلَاثُ مَسَائِلَ لَهَا سَبْعَ عَشْرَةَ صُورَة الْمَسْأَلَة الأولى سدسان ونصفن صُوَرُهَا سَبْعٌ أُمٌّ وَوَلَدُ أُمٍّ وَزَوْجٌ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ، جد وَوَلَدُ أُمٍّ وَزَوْجٌ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ، أُمٌّ وَوَلَدُ أم وَزوج وَأُخْت لأَب، جد وَوَلَدُ أُمٍّ وَزَوْجٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ، أُمٌّ وَأُخْتٌ لِأَبٍ وَزَوْجٌ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ، جَدَّةٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ وَزوج وَأُخْت لِأَبَوَيْنِ، جد وَأُخْتٌ لِأَبٍ وَزَوْجٌ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ سُدُسٌ وَنِصْفٌ وَثُلُثَانِ صُوَرُهَا سِتٌّ أُمٌّ وَزَوْجٌ وَأُخْتَانِ لِأَبَوَيْنِ جَدَّةٌ وَزَوْجٌ وَأُخْتَانِ لِأَبَوَيْنِ أُمٌّ وَزَوْجٌ وَأُخْتَانِ لِأَبٍ جَدَّةٌ وَزَوْجٌ وَأُخْتَانِ لِأَبٍ وَلَدُ أُمٍّ وَزَوْجٌ وَأُخْتَانِ لِأَبَوَيْنِ وَلَدُ أُمٍّ وَزَوْجٌ وَأُخْتَانِ لِأَبٍ الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ ثُلُثٌ وَنِصْفَانِ وَصُوَرُهَا أَرْبَعٌ أُمٌّ وَزَوْجٌ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ، أُمٌّ وَزَوْجٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ، وَلَدُ أُمٍّ وَزَوْجٌ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ، وَلَدُ أُمٍّ وَزَوْجٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ (عَوْلِيَّاتُ التِّسْعَة) مسائلها أَربع وصورها خَمْسَ عَشْرَةَ صُورَةً الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ثَلَاثَةُ أَسْدَاسٍ وَنِصْفَانِ لَهَا صُورَتَانِ أُمٌّ وَوَلَدُ أُمٍّ وَأُخْتٌ لِأَبٍ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ وَزَوْجٌ، جَدَّةٌ وَوَلَدُ أُمٍّ وَأُخْت لأَب وَأُخْت لِأَبَوَيْنِ وَزوج وَهَذِه مُفْرَدَةٌ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ سُدُسَانِ وَنِصْفٌ وَثُلُثَانِ وَصُوَرُهَا أَرْبَعٌ أُمٌّ وَوَلَدُ أُمٍّ وَزَوْجٌ وَأُخْتَانِ لِأَبَوَيْنِ، أُمٌّ وَوَلَدُ أُمٍّ وَزَوْجٌ وَأُخْتَانِ لِأَبٍ، جَدَّةٌ وَوَلَدُ أُمٍّ وَزَوْجٌ وَأُخْتَانِ لِأَبَوَيْنِ، جَدَّةٌ وَوَلَدُ أم وَزوج وأختان لأَب الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ سُدُسٌ وَثُلُثٌ وَنِصْفَانِ صُوَرُهَا سَبْعٌ أُمٌّ وَوَلَدُ أُمٍّ وَزَوْجٌ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ، أُمٌّ وَوَلَدُ أُمٍّ وَزَوْجٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ، جَدَّةٌ وَوَلَدُ أُمٍّ وَزَوْجٌ وَأُخْتٌ

(عوليات العشرة)

لِأَبَوَيْنِ، جَدَّةٌ وَوَلَدُ أُمٍّ وَزَوْجٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ، جَدٌّ وَأُمٌّ وَزَوْجٌ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ، جَدٌّ وَأُمٌّ وَزَوْجٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ، وَلَدُ أُمٍّ وَأُمٌّ وَزَوْجٌ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ ثُلُثٌ وَنِصْفٌ وَثُلُثَانِ لَهَا صُورَتَانِ وَلَدُ أُمٍّ وَزَوْجٌ وَأُخْتَانِ لِأَبَوَيْنِ، ولد أُمٌّ وَزَوْجٌ وَأُخْتَانِ لِأَبٍ (عَوْلِيَّاتُ الْعَشَرَةِ) مَسْأَلَتَانِ صُوَرُهُمَا سِتٌّ الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى سُدُسٌ وَنِصْفٌ وَثُلُثٌ وَثُلُثَانِ صُوَرُهَا أَرْبَعٌ أُمٌّ وَزَوْجٌ وَوَلَدُ أُمٍّ وَأُخْتَانِ لِأَبَوَيْنِ، أُمٌّ وَزَوْجٌ وَوَلَدُ أُمٍّ وَأُخْتَانِ لِأَبٍ، جَدَّةٌ وَزَوْجٌ وَوَلَدُ أُمٍّ وَأُخْتَانِ لِأَبَوَيْنِ، جَدَّةٌ وَزَوْجٌ وَوَلَدُ أُمٍّ وَأُخْتَانِ لِأَبٍ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ سُدُسَانِ وَثُلُثٌ وَنِصْفَانِ لَهَا صُورَتَانِ أُمٌّ وَأُخْتٌ لِأَبٍ وَوَلَدُ أُمٍّ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ وَزَوْجٌ، جَدَّةٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ وَوَلَدُ أُمٍّ وَزَوْجٌ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ (مَسَائِلُ الِاثْنَيْ عَشَرَ) سِتٌّ الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى سُدُسٌ وَرُبُعٌ وَمَا بَقِيَ صُوَرُهَا إِحْدَى عَشْرَةَ أَبٌ وَزَوْجٌ وَابْنٌ، أَبٌ وَزَوْجٌ وَابْنُ ابْنٍ، أُمٌّ وَزَوْجٌ وَابْنٌ، أُمٌّ وَزَوْجٌ وَابْنُ ابْنٍ، جَدٌّ وَزَوْجٌ وَابْنٌ، جَدٌّ وَزَوْجٌ وَابْنُ ابْنٍ، جَدَّةٌ وَزَوْجٌ وَابْنٌ، جَدَّةٌ وَزَوْجٌ وَابْنُ ابْنٍ، وَلَدُ أُمٍّ وَزَوْجٌ وَعَصَبَةٌ، جَدَّةٌ وَزَوْجَةٌ وَعَصَبَةٌ، وَلَدُ أُمٍّ وَزَوْجَةٌ وَعَصَبَةٌ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ ثُلُثٌ وَربع وَمَا بَقِي لَهَا صُورَتَانِ أم وَزوج وَعَصَبَةٌ، وَلَدُ أُمٍّ وَزَوْجَةٌ وَعَصَبَةٌ الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ ثُلُثَانِ وَالرُّبُعُ وَمَا بَقِيَ صُوَرُهَا أَرْبَعٌ بِنْتَانِ وَزَوْجٌ وَعَصَبَةٌ، بِنْتَا ابْنٍ وَزَوْجٌ وَعَصَبَةٌ، أُخْتَانِ لِأَبَوَيْنِ وَزَوْجَةٌ وَعَصَبَةٌ، أُخْتَانِ لِأَبٍ وَزَوْجَةٌ وَعَصَبَةٌ

(عوليات الثلاث عشر)

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ سُدُسٌ وَرُبُعٌ وَثُلُثٌ وَمَا بَقِيَ صُوَرُهَا ثَلَاثٌ أُمٌّ وَزَوْجَةٌ وَوَلَدُ أُمٍّ وَعَصَبَةٌ، جَدَّةٌ وَزَوْجَةٌ وَوَلَدُ أُمٍّ وَعَصَبَةٌ، وَمُفْرَدَةٌ وَهِيَ وَلَدُ أُمٍّ وَزَوْجَةٌ وَأُمٌّ وَعَصَبَةٌ الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ سُدُسَانِ وَرُبُعٌ وَمَا بَقِيَ صُوَرُهَا اثْنَتَا عَشْرَةَ أَبَوَانِ وَزوج وَابْن ابْن، أَبَوَانِ وَزوج وَابْن جد، جدة وَزَوْجَة وَابْن ابْن، أَب وَجدّة وَزوج، ابْن أَب وَجدّة وَزَوْجَة، ابْن أم وجد وَزوج، ابْن أم وجد وَزَوْجَة، أُمٌّ وَوَلَدُ أُمٍّ وَأَخَوَانِ لِأَبَوَيْنِ وَزَوْجَةٌ، أُمٌّ وَولد أم وَأَخَوَانِ لِأَبَوَيْنِ وَزَوْجَة، جَدَّةٌ وَوَلَدُ أُمٍّ وَزَوْجَةٌ وَأَخَوَانِ لِأَبٍ الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ سُدُسٌ وَرُبُعٌ وَنِصْفٌ وَمَا بَقِيَ صُوَرُهَا خَمْسَ عَشْرَةَ صُورَةً أَبٌ وَزَوْجٌ وَبِنْتٌ وَعَصَبَةٌ، أَبٌ وَزَوْجٌ وَبِنْتُ ابْنٍ وَعَصَبَةٌ، أُمٌّ وَزَوْجٌ وَبِنْتٌ وَعَصَبَةٌ، أُمٌّ وَزَوْجٌ وَابْنَةُ ابْنٍ وَعَصَبَةٌ، جَدٌّ وَزَوْجٌ وَبِنْتٌ وَعَصَبَةٌ، جَدٌّ وَزَوْجٌ وَبِنْتُ ابْنٍ وَعَصَبَةٌ، جَدَّةٌ وَزَوْجَةٌ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ وَعَصَبَةٌ، جَدَّةٌ وَزَوْجَةٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ وَعَصَبَةٌ، وَثَلَاثٌ مُفْرَدَاتٌ وَهِيَ أُمٌّ وَزَوْجَةٌ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ وَعَصَبَةٌ، بِنْتُ ابْنٍ وَزَوْجٌ وَبِنْتٌ وَعَصَبَةٌ، أُخْتٌ لِأَبٍ وَزَوْجَةٌ وَأُخْت لِأَبَوَيْنِ وعصبة (عوليات الثَّلَاث عشر) ثَلَاث مسَائِل صورها سبع وَثَلَاثُونَ الْأُولَى سُدُسٌ وَرُبُعٌ وَثُلُثَانِ صُوَرُهَا أَرْبَعَ عَشْرَةَ صُورَةً أَبٌ وَزَوْجٌ وَبِنْتَانِ، أَبٌ وَزَوْجٌ وَبِنْتَا ابْنٍ، أُمٌّ وَزَوْجٌ وَبِنْتَانِ، أُمٌّ وَزَوْجٌ وَبِنْتَا ابْنٍ، جَدٌّ وَزَوْجٌ وَبِنْتَانِ، جَدٌّ وَزَوْجٌ وَبِنْتَا ابْنٍ، جَدَّةٌ وَزَوْجٌ وَبِنْتَانِ، جَدَّةٌ وَزَوْجٌ وَبِنْتَا ابْنٍ، أُمٌّ وَزَوْجَةٌ وَأُخْتَانِ لِأَبَوَيْنِ، أُمٌّ وَزَوْجَةٌ وَأُخْتَانِ لِأَبٍ، جَدَّةٌ وَزَوْجَةٌ وَأُخْتَانِ لِأَبَوَيْنِ، جَدَّةٌ وَزَوْجَةٌ وَأُخْتَانِ لِأَبٍ، وَلَدُ أُمٍّ وَزَوْجَةٌ وَأُخْتَانِ لِأَبَوَيْنِ، ولد أم وَزَوْجَة وأختان لأَب الثَّانِيَةُ سُدُسَانِ وَرُبُعٌ وَنِصْفٌ صُوَرُهَا تِسْعَ عَشْرَةَ صُورَةً أَبَوَانِ وَزَوْجٌ

(عوليات الخمسة عشر)

وَبِنْتٌ، أَبَوَانِ وَزَوْجٌ وَبِنْتُ ابْنٍ، جَدٌّ وَجَدَّةٌ وَزوج وَبنت، جَدٌّ وَجَدَّةٌ وَزَوْجٌ وَبِنْتٌ، جَدٌّ وَجَدَّةٌ وَزَوْجٌ وَبِنْتٌ ابْنٍ، أُمٌّ وَجَدٌّ وَزَوْجٌ وَبِنْتٌ، أُمٌّ وَجَدٌّ وَزَوْجٌ وَبِنْتُ ابْنٍ، أَبٌ وَجَدَّةٌ وَزَوْجٌ وَبِنْتٌ، أَبٌ وَجَدَّةٌ وَزَوْجٌ وَبِنْتُ ابْنٍ، أُمٌّ وَوَلَدُ أُمٍّ وَزَوْجَةٌ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ، أُمٌّ وَوَلَدُ أُمٍّ وَزَوْجَةٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ، جَدَّةٌ وَوَلَدُ أُمٍّ وَزَوْجَةٌ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ، جَدَّةٌ وَوَلَدُ أُمٍّ وَزَوْجَةٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ، أَبٌ وَبِنْتُ ابْنٍ وَزَوْجٌ وَبِنْتُ أُمٍّ وَبِنْتُ ابْنٍ وَزَوْجٌ وَبِنْتٌ، جَدٌّ وَبِنْتُ ابْنٍ وَزَوْجٌ وَبِنْتٌ، جَدَّةٌ وَبِنْتُ ابْنٍ وَزَوْجٌ وَبِنْتٌ، أُمٌّ وَأُخْتٌ لِأَبٍ وَزَوْجَةٌ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ، جَدَّةٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ وَزَوْجَةٌ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ، وَلَدُ أم وَأُخْت لأَب وَزَوْجَة وَأُخْت لِأَبَوَيْنِ الثَّالِثَةُ ثُلُثٌ وَرُبُعٌ وَنِصْفٌ صُوَرُهَا أَرْبَعٌ أُمٌّ وَزَوْجَةٌ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ، أُمٌّ وَزَوْجَةٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ، وَلَدُ أُمٍّ وَزَوْجَةٌ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ، وَلَدُ أُمٍّ وَزَوْجَةٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ (عَوْلِيَّاتُ الْخَمْسَةَ عَشَرَ) مَسَائِلُهَا أَربع صورها خمس وَعِشْرُونَ الْأُولَى رُبُعٌ وَثُلُثٌ وَثُلُثَانِ وَلَهَا صُورَتَانِ زَوْجَةٌ وَوَلَدُ أُمٍّ وَأُخْتَانِ لِأَبَوَيْنِ، زَوْجَةٌ وَوَلَدُ أُمٍّ وأختان لأَب الثَّانِيَةُ سُدُسَانِ وَرُبُعٌ وَثُلُثَانِ صُوَرُهَا اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً أَبَوَانِ وَزَوْجٌ وَبِنْتَانِ، أَبَوَانِ وَزَوْجٌ وَبِنْتَا ابْنٍ، جَدٌّ وَجَدَّةٌ وَزَوْجٌ وَبِنْتَانِ، جَدٌّ وَجَدَّةٌ وَزَوْجٌ وَبِنْتَا ابْنٍ، أَبٌ وَجَدَّةٌ وَزَوْجٌ وَبِنْتَانِ، أَبٌ وَجَدَّةٌ وَزَوْجٌ وَبِنْتَا ابْنٍ، أُمٌّ وَجَدٌّ وَزَوْجٌ وَبِنْتَانِ، أُمٌّ وَجَدٌّ وَزَوْجٌ وَبِنْتَا ابْنٍ، أُمٌّ وَوَلَدُ أُمٍّ وَزَوْجَةٌ وَأُخْتَانِ لِأَبَوَيْنِ، أُمٌّ وَوَلَدُ أُمٍّ وَزَوْجَةٌ وَأُخْتَانِ لِأَبٍ، جَدَّةٌ وَوَلَدُ أُمٍّ وَزَوْجَةٌ وَأُخْتَانِ لِأَبَوَيْنِ، جَدَّةٌ وَوَلَدُ أُمٍّ وَزَوْجَة وأختان لأَب الثَّالِثَة ثَلَاثَة أَسْدَاس وَربع نصف صُوَرُهَا سِتٌّ أَبَوَانِ وَبِنْتُ ابْنٍ وَزَوْجٌ وَبِنْتٌ، جَدَّةٌ وَجَدٌّ وَبِنْتُ ابْنٍ وَزَوْجٌ وَبِنْتٌ، أُمٌّ وَجَدٌّ وَبِنْتُ ابْنٍ وَزَوْجٌ وَبِنْتٌ،

(عول السبعة عشرة)

أَب وَجدّة وَبنت ابْن وَزَوْجَة وَبِنْتٌ، أُمٌّ وَوَلَدُ أُمٍّ وَأُخْتٌ لِأَبٍ وَزَوْجَةٌ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ، جَدَّةٌ وَوَلَدُ أُمٍّ وَأُخْتٌ لِأَبٍ وَزَوْجَة وَأُخْت لِأَبَوَيْنِ الرَّابِعَةُ سُدُسٌ وَرُبُعٌ وَثُلُثٌ وَنِصْفٌ صُوَرُهَا خَمْسٌ أُمٌّ وَزَوْجَةٌ وَوَلَدُ أُمٍّ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ أُمٌّ وَزَوْجَةٌ وَوَلَدُ أُمٍّ وَأُخْتٌ لِأَبٍ جَدَّةٌ وَزَوْجَةٌ وَوَلَدُ أُمٍّ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ، جَدَّةٌ وَزَوْجَةٌ وَوَلَدُ أُمٍّ وَأُخْتٌ لِأَبٍ، وَمُفْرَدَةٌ وَهِيَ أُخْتٌ لِأَبٍ وَزَوْجَةٌ وَوَلَدُ أُمٍّ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ (عَوْلُ السَبْعَةَ عشرَة) مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ سُدُسٌ وَرُبُعٌ وَثُلُثٌ وَثُلُثَانِ صُوَرُهَا أَرْبَعٌ أُمٌّ وَزَوْجَةٌ وَوَلَدُ أُمٍّ وَأُخْتَانِ لِأَبَوَيْنِ، أُمٌّ وَزَوْجَةٌ وَوَلَدُ أُمٍّ وَأُخْتَانِ لِأَبٍ، جَدَّةٌ وَزَوْجَةٌ وَوَلَدُ أُمٍّ وَأُخْتَانِ لِأَبَوَيْنِ، جَدَّةٌ وَزَوْجَةٌ وَوَلَدُ أُمٍّ وَأُخْتَانِ لِأَبٍ (مَسَائِلُ الْأَرْبَعَةِ وَالْعِشْرِينَ) مَسَائِلُهَا سِتٌّ صُوَرُهَا سَبْعٌ وَأَرْبَعُونَ الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ثُمُنٌ وَسُدُسٌ وَمَا بَقِيَ صُوَرُهَا ثَمَانٍ زَوْجَةٌ وَأَبٌ وَابْنٌ، زَوْجَةٌ وَأَبٌ وَابْنُ ابْنٍ، زَوْجَةٌ وَأُمٌّ وَابْنٌ، زَوْجَةٌ وَأُمٌّ وَابْنُ ابْنٍ، زَوْجَةٌ وَجَدٌّ وَابْنٌ، زَوْجَةٌ وَجَدٌّ وَابْنُ ابْنٍ، زَوْجَةٌ وَجَدَّةٌ وَابْنٌ، زَوْجَةٌ وَجَدَّةٌ وَابْنُ ابْنٍ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ ثُمُنٌ وَسُدُسَانِ وَمَا بَقِيَ صُوَرُهَا ثَمَانٍ زَوْجَةٌ وَأَبَوَانِ وَابْنٌ، زَوْجَةٌ وَأَبَوَانِ وَابْنُ ابْنٍ، زَوْجَةٌ وَجَدَّةٌ وَجَدٌّ وَابْنٌ، زَوْجَةٌ وَجَدَّةٌ وَجَدُّ وَابْنُ ابْنٍ، زَوْجَةٌ وَأُمٌّ وَجَدٌّ وَابْنٌ، زَوْجَةٌ وَأُمٌّ وَجَدٌّ وَابْنُ ابْنٍ، زَوْجَةٌ وَأَبٌ وَجَدَّةٌ وَابْنٌ، زَوْجَةٌ وَأَبٌ وَجَدَّةٌ وَابْنُ ابْنٍ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَة ثُمُنٌ وَثُلُثَانِ وَمَا بَقِيَ لَهَا صُورَتَانِ زَوْجَةٌ وَبِنْتَانِ وَعَصَبَةٌ، زَوْجَةٌ وَبِنْتَا ابْنٍ وَعَصَبَةٌ الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَة ثمن وَسدس وَنصف مَا بَقِيَ صُوَرُهَا تِسْعٌ زَوْجَةٌ وَأَبٌ وَبِنْتٌ وَعَصَبَةٌ زَوْجَةٌ وَأَبٌ وَبِنْتُ ابْنٍ وَعَصَبَةٌ زَوْجَةٌ وَأُمٌّ وَبنت وعصبة

(عوليات السبعة والعشرين)

زَوْجَةٌ وَأُمٌّ وَبِنْتُ ابْنٍ وَعَصَبَةٌ، زَوْجَةٌ وَجَدٌّ وَبِنْتٌ وَعَصَبَةٌ، زَوْجَةٌ وَجَدٌّ وَبِنْتُ ابْنٍ وَعَصَبَةٌ، زَوْجَةٌ وَجَدَّةٌ وَبِنْتٌ وَعَصَبَةٌ، وَبَقِيَتْ صُورَةٌ مُفْرَدَةٌ وَهِيَ زَوْجَةٌ وَجَدَّةٌ وَبِنْتُ ابْنٍ وَعَصَبَةٌ الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ ثُمُنٌ وَسُدُسٌ وَثُلُثَانِ وَمَا بَقِيَ صُوَرُهَا ثَمَان زَوْجَة وَأب وبنتان وعصبة، وَزَوْجَة وَأَبٌ وَبِنْتَا ابْنٍ وَعَصَبَةٌ، زَوْجَةٌ وَأُمٌّ وَبِنْتَانِ وَعَصَبَةٌ، زَوْجَةٌ وَأُمٌّ وَبِنْتَا ابْنٍ وَعَصَبَةٌ، زَوْجَةٌ وَجَدٌّ وَبِنْتَانِ وَعَصَبَةٌ، زَوْجَةٌ وَجَدٌّ وَبِنْتَا ابْنٍ وَعَصَبَةٌ، زَوْجَةٌ وَجَدَّةٌ وَبِنْتَانِ وَعَصَبَةٌ، زَوْجَةٌ وَجَدَّةٌ وابنتا ابْنٍ وَعَصَبَةٌ الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ ثُمُنٌ وَسُدُسَانِ وَنِصْفٌ وَمَا بَقِيَ صُوَرُهَا اثْنَتَا عَشْرَةَ زَوْجَةٌ وَأَبَوَانِ وَبِنْتٌ وَعَصَبَةٌ، زَوْجَةٌ وَأَبَوَانِ وَبِنْتُ ابْنٍ وَعَصَبَةٌ، زَوْجَةٌ وَجَدَّةٌ وَجَدٌّ وَبِنْتٌ وَعَصَبَةٌ، زَوْجَةٌ وَجَدٌّ وَجَدَّةٌ وَبِنْتُ ابْنٍ وَعَصَبَةٌ، زَوْجَةٌ وَأَبٌ وَجَدَّةٌ وَبنت عصبَة، زَوْجَةٌ وَأَبٌ وَجَدَّةٌ وَبِنْتُ ابْنٍ وَعَصَبَةٌ، زَوْجَةٌ وَأُمٌّ وَجَدٌّ وَبِنْتٌ وَعَصَبَةٌ، زَوْجَةٌ وَأُمٌّ وَجَدٌّ وَبِنْتُ ابْنٍ وَعَصَبَةٌ، زَوْجَةٌ وَأَبٌ وَبِنْتُ ابْنٍ وَبِنْتٌ وَعَصَبَةٌ، زَوْجَةٌ وَأُمٌّ وَبِنْتُ ابْنٍ وَبِنْتٌ وَعَصَبَةٌ، زَوْجَةٌ وَجَدٌّ وَبِنْتُ ابْنٍ وَبِنْتٌ وَعَصَبَةٌ، زَوْجَة وَجدّة وَبنت ابْن وعصبة (عوليات السَّبْعَة وَالْعِشْرين) مَسْأَلَتَانِ صورها اثْنَتَا عَشْرَةَ الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ثُمُنٌ وَسُدُسَانِ وَثُلُثَانِ صُوَرُهَا ثَمَانٍ زَوْجَةٌ وَأَبَوَانِ وَبِنْتَانِ، زَوْجَةٌ وَأَبَوَانِ وَبِنْتَا ابْنٍ، زَوْجَةٌ وَجَدٌّ وَجَدَّةٌ وَبِنْتَانِ، زَوْجَةٌ وَجَدٌّ وَجَدَّةٌ وَبِنْتَا ابْنٍ، زَوْجَةٌ وَأُمٌّ وَجَدٌّ وَبِنْتَانِ، زَوْجَةٌ وَأُمٌّ وَجَدٌّ وَبِنْتَا ابْنٍ، زَوْجَةٌ وَأَبٌ وَجَدَّةٌ وَبِنْتَانِ، زَوْجَةٌ وَأَبٌ وَجَدَّةٌ وَبِنْتَا ابْنٍ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ ثُمُنٌ وَثَلَاثَةُ أَسْدَاسٍ وَنِصْفٌ صُوَرُهَا أَرْبَعٌ زَوْجَةٌ وَأَبَوَانِ

(الملحق بها من مسائل الجد والإخوة)

وَبِنْتُ ابْنٍ وَبِنْتٌ، زَوْجَةٌ وَجَدٌّ وَجَدَّةٌ وَبِنْتُ ابْنٍ وَبِنْتٌ، زَوْجَةٌ وَأُمٌّ وَجَدٌّ وَبِنْتُ ابْنٍ وَبِنْتٌ، زَوْجَةٌ وَأَبٌ وَجَدَّةٌ وَبِنْتُ ابْنٍ وَبِنْتٌ (الْمُلْحَقُ بِهَا مِنْ مَسَائِلِ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ) مَسْأَلَتَانِ صورها ثَمَانٍ الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى رُبُعٌ وَسُدُسٌ وَثُلُثٌ وَمَا بَقِيَ صُوَرُهَا أَرْبَعٌ زَوْجَةٌ وَأُمٌّ وَجَدٌّ وَخَمْسُ أَخَوَاتٍ لِأَبَوَيْنِ، زَوْجَةٌ وَأُمٌّ وَجَدٌّ وَخَمْسُ أَخَوَاتٍ لِأَبٍ، زَوْجَةٌ وَجَدَّةٌ وَجَدٌّ وَخَمْسُ أَخَوَاتٍ لِأَبَوَيْنِ، زَوْجَةٌ وَجَدَّةٌ وَجَدٌّ وَخَمْسُ أَخَوَاتٍ لِأَبٍ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ سُدُسٌ وَثُلُثٌ وَمَا بَقِيَ صُوَرُهَا أَرْبَعٌ أُمٌّ وَجَدٌّ وَخَمْسُ أَخَوَاتٍ لِأَبَوَيْنِ، أُمٌّ وَجَدٌّ وَخَمْسُ أَخَوَاتٍ لِأَبٍ، جَدٌّ وَجَدَّةٌ وَخَمْسُ أَخَوَاتٍ لِأَبَوَيْنِ، جدة وَجَدَّةٌ وَخَمْسُ أَخَوَاتٍ لِأَبٍ فَهَذِهِ جَمِيعُ مَسَائِلِ الْفَرَائِضِ بِصُوَرِهَا بِحَيْثُ لَا يَشُذُّ مِنْهَا شَيْءٌ مَحْصُورَةٌ بِفَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَكَرَمِهِ

- (القسم الثاني من الكتاب في الحساب)

3 - (الْقسم الثَّانِي من الْكتاب فِي الْحساب)

الصفحة فارغة

- (القسم الثاني من الكتاب في الحساب)

3 - (الْقِسْمُ الثَّانِي مِنَ الْكِتَابِ فِي الْحِسَابِ) وَفِيهِ نَظَرَانِ (النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي الْحِسَابِ الْمَفْتُوحِ) وَفِيهِ عَشَرَةُ أَبْوَابٍ (الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي الضَّرْبِ) وَفِيهِ فَصْلَانِ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي ضَرْبِ الصِّحَاحِ وَحَقِيقَتُهُ تَضْعِيفُ أَحَدِ الْمَضْرُوبَيْنِ بِعَدَدِ الْمَضْرُوبِ الْآخَرِ كَثَلَاثَةٍ فِي أَرْبَعَةٍ فَتُضَعِّفُ الثَّلَاثَةَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ أَوِ الْأَرْبَعَةَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَيَحْصُلُ اثْنَا عَشَرَ وَمَرَاتِبُ الْعَدَدِ أَرْبَعَةٌ آحَادٌ وَعَشَرَاتٌ وَمِئَاتٌ وَأُلُوفٌ ثُمَّ تُكَرِّرُ الْمَرَاتِبَ فِي الْأُلُوفِ وَعَشَرَاتِ الْأُلُوفِ وَمِئَاتِ الْأُلُوفِ وَآلَافِ الْأُلُوفِ ثُمَّ الضَّرْبُ يَقَعُ فِي الْمُفْرَدَاتِ وَهُوَ ضَرْبُ مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الثَّلَاثَةِ وَالْأَرْبَعَةِ وَطَرِيقَةُ الْحِفْظِ وَالتَّدْرِيبِ فِي الضَّرْبِ وَالْجَمَعِ فَإِذَا

ضربت مئين فِي مئين وَنَحْوَهُ وَأَرَدْتَ مَعْرِفَتَهُ بِطَرِيقٍ مُخْتَصَرٍ فَتَجْمَعُ عَدَدَ مَرَاتِبِ الْمَضْرُوبِ وَمَرَاتِبِ الْمَضْرُوبِ فِيهِ وَتَنْقُصُ مِنْهُ وَاحِدًا وَتَحْفَظُهَا وَتَرُدُّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْمَضْرُوبَيْنِ لِمَرْتَبَةِ الْآحَادِ وَتَضْرِبُ أَحَدَهُمَا فِي الْآخَرِ فَمَا حَصَلَ تُرَقِّيهِ فِي الْمَرَاتِبِ الْمَحْفُوظَةِ مَعَكَ فَمَا بَلَغَ فَهُوَ مَطْلُوبُ الضَّرْبِ مِثَالُهُ ثَلَاثُمِائَةٍ فِي أَرْبَعِمِائَةٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُشْتَمِلٌ عَلَى ثَلَاثِ مَرَاتِبَ آحَادٌ وَعَشَرَاتٌ وَمِئَاتٌ فَفِي كُلِّ وَاحِدٍ ثَلَاثَةٌ فَهِيَ سِتَّةٌ إِذَا نَقَصْتَ وَاحِدًا بَقِيَتْ خَمْسَة فَتضْرب ثَلَاثَة فِي أَربع يَحْصُلُ اثْنَا عَشَرَ فَهَذِهِ رُتْبَةٌ كُمِّلَ عَلَيْهَا خَمْسُ رُتَبٍ ثَانِيهَا مِائَةٌ وَعِشْرُونَ ثَالِثُهَا أَلْفٌ وَمِائَتَانِ رَابِعُهَا اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا خَامِسُهَا مِائَةُ أَلْفٍ وَعِشْرُونَ أَلْفًا وَهُوَ الْمُتَحَصِّلُ مِنَ الضَّرْبِ الْمَذْكُورِ فَهَذَا ضَابِطٌ عَلَى وَجْهِ الِاخْتِصَارِ وَإِنْ ضَرَبْتَ مَرْتَبَتَيْنِ فِي مَرْتَبَتَيْنِ نَحْوَ خَمْسَةَ عَشَرَ فِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَاضْرِبْ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ أَحَدِ الْعَدَدَيْنِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَحَدِ الْعَدَدَيْنِ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ فَتَضْرِبُ خَمْسَةً فِي أَرْبَعَةٍ ثُمَّ فِي عَشَرَةٍ ثُمَّ تَضْرِبُ عَشَرَةً فِي خَمْسَةٍ ثُمَّ فِي عَشَرَةٍ وَكَذَلِكَ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فِي مِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ وَطَرِيقَةٌ أُخْرَى فِي الِاخْتِصَارِ فِي الْمُرَكَّبَاتِ وَهِيَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ أَكْثَرُ أَجْزَاءِ أَحَدِهِمَا وَمَرَاتِبِهِ مُسَاوِيًا لِأَعْلَى مَرَاتِبِ الْآخَرِ أَوْ مُخَالِفًا فَفِي الْمُسَاوِي يُضَمُّ الزَّائِدُ عَلَى الْمَرْتَبَةِ الْعُلْيَا مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ إِلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ وَتُضَاعَفُ الْمَرْتَبَةُ الْعُلْيَا بِعَدَدِ مَا يَحْصُلُ ثُمَّ تَضْرِبُ الزَّائِدَ فِي الزَّائِدِ وَتَضُمُّهُ إِلَى الْمُتَحَصِّلِ يَكُونُ الْمَطْلُوبُ مِثَالَانِ خَمْسَةَ عَشَرَ فِي سَبْعَةَ عَشَرَ تَضُمُّ الْخَمْسَةَ إِلَى السَبْعَةَ عَشَرَ تَبْلُغُ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ فَتُضَاعَفُ الْمَرْتَبَةُ الْعُلْيَا الَّتِي هِيَ الْعَشَرَةُ بِذَلِكَ يَحْصُلُ مِائَتَيْنِ وَعشْرين ثُمَّ تَضْرِبُ سَبْعَةً فِي خَمْسَةٍ تَبْلُغُ خَمْسَةً وَثَلَاثِينَ تَضُمُّهَا إِلَى الْحَاصِلِ تَبْلُغُ مِائَتَيْنِ وَخَمْسَةً وَخَمْسِينَ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ أَوْ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ فِي خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ تَضُمُّ الْخَمْسَةَ إِلَى الْأَرْبَعَةِ وَالْعِشْرِينَ تَبْلُغُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ فَتُضَاعِفُ الْعِشْرِينَ وَهِيَ الْمَرْتَبَةُ بِهَذَا تَبْلُغُ خَمْسَمِائَةٍ وَثَمَانِينَ وَتَضْرِبُ أَرْبَعَةً فِي خَمْسَة

(مسألة)

تَبْلُغُ عِشْرِينَ تُضِيفُهَا إِلَى خَمْسِمِائَةٍ وَثَمَانِينَ يَكُونُ سِتَّمِائَةٍ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ وَأَمَّا عِنْدَ الْمُخَالَفَةِ فَتَعُدُّ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَكْثَرِ الْعَدَدَيْنِ الْمَرْتَبَةَ الْعُلْيَا مِنْ أَقَلِّ الْعَدَدَيْنِ وَبِالزَّائِدِ مِنْ أَقَلِّ الْعَدَدَيْنِ الْمرتبَة الْعليا من أَكثر الْعدَد ثمَّ نضرب الزَّائِدَ فِي الزَّائِدِ وَالْمَجْمُوعُ الْمَطْلُوبُ مِثَالُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ فِي أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ فَتَعُدُّ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَرْبَعَةِ وَالْعِشْرِينَ الْعَشَرَةَ تَبْلُغُ مِائَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ ثُمَّ تَعُدُّ بِالْخَمْسَةِ الْعِشْرِينَ تَبْلُغُ مِائَةً ثُمَّ تَضْرِبُ الْأَرْبَعَةَ فِي الْخَمْسَةِ تَبْلُغُ عِشْرِينَ فَجَمِيعُ الْأَعْدَادِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ وَيَطَّرِدُ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْمُرَكَّبَاتِ الْفَصْلُ الثَّانِي فِي ضَرْبِ الْكُسُورِ فِي الصِّحَاحِ وَالْكُسُورِ وَاعْلَمْ أَنَّ حَقِيقَةَ الضَّرْبِ أَبَدًا تُلَاحِظُ فِيهِ حَقِيقَةَ الْإِضَافَةِ عِنْدَ النُّحَاةِ فَإِذَا قُلْتَ ثَلَاثَةً فِي ثَلَاثَةٍ فَمَعْنَاهُ ثَلَاثَةُ الثَّلَاثَةِ فَهِيَ تِسْعَةٌ وَكَذَلِكَ نِصْفٌ فِي اثْنَيْنِ مَعْنَاهُ نِصْفُ الِاثْنَيْنِ فَيَكُونُ وَاحِدًا وَنِصْفٌ فِي نِصْفٍ مَعْنَاهُ نِصْفُ النِّصْفِ فَيَكُونُ رُبُعًا وَرُبُعٌ فِي نِصْفٍ مَعْنَاهُ رُبُعُ النِّصْفِ وَهُوَ ثُمُنٌ وَكَذَلِكَ بَقِيَّتُهَا فَيُفْضِي ضَرْبُ الصَّحِيحِ أَبَدًا لِلزِّيَادَةِ وَضَرْبُ الْكَسْرِ أَبَدًا لِلنُّقْصَانِ (مَسْأَلَةٌ) إِذَا قِيلَ لَكَ كَيْفَ تَضْرِبُ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسٍ فِي أَرْبَعَةِ أَخْمَاسٍ فَاضْرِبْ عَدَدَ الْأَخْمَاسِ فِي نَفْسِهَا تَبْلُغُ سِتَّةَ عَشَرَ ثُمَّ تَضْرِبُ الْمَخْرَجَ فِي نَفْسِهِ وَهُوَ خَمْسَةٌ فِي خَمْسَةٍ تَبْلُغُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ فَيَكُونُ الْمُتَحَصِّلُ مِنَ الضَّرْبِ سِتَّةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنْ وَاحِدٍ وَكَذَلِكَ إِذَا قِيلَ اضْرِبْ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسٍ فِي خَمْسَةِ أَسْبَاعٍ فَتَضْرِبُ أَرْبَعَةً فِي خَمْسَةٍ بِعِشْرِينَ وَتَضْرِبُ مَخْرَجَ السُّبُعِ وَهُوَ سَبْعَةٌ فِي مَخْرَجِ الْخُمُسِ وَهُوَ خَمْسَةٌ تَكُونُ خَمْسَةً وَثَلَاثِينَ جُزْءًا وَكَذَلِكَ إِذَا قِيلَ لَكَ اضْرِبْ نِصْفًا فِي ثُلُثٍ فَتَقُولُ وَاحِدٌ فِي وَاحِدٍ

بِوَاحِدٍ وَثَلَاثَةٌ فِي اثْنَيْنِ بِسِتَّةٍ يَكُونُ الْخَارِجُ من الضَّرْب وَاحِد مِنْ سِتَّةٍ تَنْبِيهٌ عَلَى مِيزَانِ الضَّرْبِ كَيْفَ يُخْتَبَرُ هَلْ هُوَ صَحِيحٌ أَمْ لَا فَتَعُدُّ عُقُودَ أَحَدِ الْعَدَدَيْنِ الْمَضْرُوبَيْنِ فَإِنْ بَلَغَتْ تِسْعَةً أَوْ مَا تَعُدُّهُ التِّسْعَةَ لَزِمَ أَنْ تَكُونَ عُقُودُ الْحَاصِلِ مِنَ الضَّرْبِ تِسْعَةً أَوْ مَا تعده التِّسْعَةِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ تِسْعَةً وَلَا مَا تَعُدُّهُ التِّسْعَةُ وَكَانَ أَقَلَّ مِنَ التِّسْعَةِ ضَرَبْتَهُ فِي الْآخَرِ فَإِنْ زَادَ عَلَى التِّسْعَةِ حَذَفْتَ مِنْهُ التِّسْعَةَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى أَقَلَّ مِنَ التِّسْعَةِ ثُمَّ ضَرَبْتَ عُقُودَ أَحَدَ الْمَضْرُوبَيْنِ فِي الْآخَرِ حَتَّى تَبْلُغَ تِسْعَةً فَمَا دُونَهَا ثُمَّ تُوَازِنُ بِهِ الرَّاجِعَ مِنْ عُقُودِ الْمَضْرُوبَيْنِ بَعْدَ حَذْفِ التِّسْعَةِ إِنْ زَادَ عَلَيْهَا فَإِنْ تَسَاوَيَا فَالضَّرْبُ صَحِيحٌ وَإِلَّا فَلَا مِثَالُهُ فِي التِّسْعَةِ ثَمَانِيَة عشر فِي عشْرين تكن ثَلَاثَمِائَةٍ وَسِتِّينَ وَعُقُودُ أَحَدِ الْمَضْرُوبَيْنِ ثَمَانِيَةٌ وَعَشَرَةٌ وَهِيَ تِسْعَةٌ وَعُقُودُ الْحَاصِلِ مِنَ الضَّرْبِ ثَلَاثُمِائَةٍ بِثَلَاثَةِ عُقُودٍ وَسِتُّونَ بِسِتَّةٍ مَجْمُوعُهَا تِسْعَةٌ مِثَالُهُ فِي الْمَعْدُودِ بِالتِّسْعَةِ إِذَا ضَرَبْتَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ فِي عِشْرِينَ تَبْلُغُ أَلْفًا وَتِسْعَمِائَةٍ وَثَمَانِينَ فَعُقُودُ أَحَدِ الْمَضْرُوبيْنِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ لِأَنَّ التِّسْعَةَ تِسْعَةُ عُقُودٍ وَالتِسْعُونَ مِثْلُهَا فَمَجْمُوعُهَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَتَعُدُّهَا التِّسْعَةَ وَعُقُودُ حَاصِلِ الضَّرْبِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَتَعُدُّهَا التِّسْعَةَ وَمِثَالُ أَقَلِّ مِنَ التِّسْعَةِ إِذَا ضَرَبْتَ الثَّلَاثَةَ فِي الْعِشْرِينَ بَلَغَتْ سِتِّينَ فَعُقُودُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمَضْرُوبَيْنِ أَقَلُّ مِنَ التِّسْعَةِ وَهُوَ الثَّلَاثَةُ وَالِاثْنَانِ فَإِذَا ضَرَبْتَ أَحَدَهَا فِي الْآخَرِ بَلَغَ سِتَّةً وَهُوَ مِثْلُ عُقُودِ السِتِّينَ الْحَاصِلِ مِنَ الضَّرْبِ مِثَالُ الرَّاجِعِ إِلَى أَقَلَّ مِنَ التِّسْعَةِ خَمْسُونَ فِي سَبْعِينَ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ وَخَمْسِمِائَةٍ فَعُقُودُ أَحَدِ الْمَضْرُوبَيْنِ خَمْسَةٌ وَسَبْعَةٌ وَكُلُّ وَاحِدٍ أَقَلُّ مِنْ تِسْعَةٍ فَإِذَا ضَرَبْتَ أَحَدَهُمَا فِي الْآخَرِ بَلَغَ خَمْسَةً وَثَلَاثِينَ فَإِذَا عَدَدْتَهُ بِالتِّسْعَةِ رَجَعَ إِلَى ثَمَانِيَةٍ وَهُوَ مِثْلُ عُقُودِ الْحَاصِلِ مِنَ الضَّرْبِ فَإِنَّ ثَلَاثَةَ آلَافٍ ثَلَاثَةُ عُقُودٍ وَخمْس مائَة ومجموعها ثَمَانِيَة

(الباب الثاني في الكسور ومخارجها)

(الْبَابُ الثَّانِي فِي الْكُسُورِ وَمَخَارِجِهَا) وَهِيَ فِي اصْطِلَاحِ الْحِسَابِ مَعْلُومَةٌ وَهِيَ تِسْعَةٌ النِّصْفُ وَالثُّلُثُ وَالرُّبُعُ وَالْخُمُسُ وَالسُّدُسُ وَالْسُّبُعُ وَالثُّمُنُ وَالتُّسْعُ وَالْعُشْرُ وَمَجْهُولَةٌ وَهِيَ كُلُّ كَسْرٍ يَخْرُجُ مَنْ عَدَدٍ لَا تَخْرُجُ مِنْهُ الْكُسُورُ الْمَعْلُومَةُ كَجُزْءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ وَمِنْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ أَوْ ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ وَنَحْوِهِ وَيُسَمَّى هَذَا الْعَدَدَ الْأَصَمَّ ثُمَّ الْمَعْلُومَة إِن تجردت سميت مُفْرد 4 ة كَالنِّصْفِ وَالثُّلُثِ أَوْ ثُنِّيَتْ فَمُثَنَّاةٌ كَالثُّلُثَيْنِ وَالْخُمُسَيْنِ أَوْ جُمِعَتْ فَمَجْمُوعَةٌ كَثَلَاثَةِ أَرْبَاعٍ أَوْ أُضِيفَتْ فَمُضَافَةٌ كَرُبْعِ الْعُشْرِ أَوْ عُطِفَتْ فَمَعْطُوفَةٌ كَالنِّصْفِ وَالثُّلُثِ فَمَخْرَجُ كُلِّ كَسْرٍ مُفْرَدٍ مِمَا يُنَاسِبُهُ كَالنِّصْفِ مِنَ اثْنَيْنِ وَالثُّلُثِ مِنْ ثَلَاثَةٍ إِلَى الْعُشْرِ مِنْ عَشَرَةٍ وَكَذَلِكَ الْمُثَنَّاةُ وَالْمَجْمُوعَةُ وَمَخْرَجُ الْمُضَافَةِ الْحَاصِلُ مِنْ ضَرْبِ مَخْرَجِ أَحَدِ الْمُضَافَيْنِ فِي مَخْرَجِ الْآخَرِ فَمَخْرَجُ رُبْعِ الْعُشْرِ أَرْبَعُونَ لِأَنَّهُ مِنْ ضَرْبِ أَرْبَعَةٍ فِي عَشَرَةٍ وَالْمُقْتَرِنَةُ وَهِيَ الْمَعْطُوفَةُ لَا تُعْلَمُ إِلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ الْمُمَاثَلَةِ وَالْمُدَاخَلَةِ وَالْمُوَافَقَةِ وَالْمُبَايَنَةِ فَالْمُمَاثَلَةُ ظَاهِرَةٌ وَالْمُدَاخَلَةُ وَتُسَمَّى الْمُنَاسَبَةَ أَنْ يَعُدَّ أَقَلَّ الْعَدَدَيْنِ أَكْثَرَهُمَا كَالِاثْنَيْنِ مَعَ السِّتَّةِ وَالثَّلَاثَةِ مَعَ التِّسْعَةِ وَالْمُوَافَقَةُ وَتُسَمَّى الْمُشَارِكَةَ أَنْ يَحْصُلَ مِنْ أَحَدِ الْعَدَدَيْنِ كَسْرٌ يَحْصُلُ مِثْلُهُ مِنَ الْآخَرِ كَالْأَرْبَعَةِ مَعَ السِّتَّة يحصل مِنْهَا النِّصْفُ وَكُلُّ مُدَاخِلٍ مُوَافِقٌ

مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ فَتُوَافِقُ الْأَرْبَعَةُ السِّتَّةَ وَلَا تداخلها والمباينة أَن لَا يَتَّفِقَا فِي كَسْرٍ كَالْخَمْسَةِ مَعَ الْأَرْبَعَةِ وَكُلُّ عَدَدَيْنِ أَسْقَطْتَ أَقَلَّهُمَا مِنْ أَكْثَرِهِمَا مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى فَإِنْ فَنِيَ بِوَاحِدٍ فَمُتَبَايِنَانِ أَوْ بِالْأَقَلِّ فَمُتَدَاخِلَانِ أَوْ فَنِيَ بِأَكْثَرَ مِنَ الْوَاحِدِ فَمُتَوَافِقَانِ فِيمَا يَصِحُّ مِنْ كَسْرِ ذَلِكَ الْعَدَدِ فَالتِّسْعَةُ مَعَ الْعِشْرِينَ مُتَبَايِنَةٌ وَالْأَرْبَعَةُ أَوِ الْخَمْسَةُ مَعَ الْعِشْرِينَ مُتَدَاخِلَةٌ وَالسِّتَّةُ مَعَ الْعِشْرِينَ مُوَافَقَةٌ وَالْكَسْرُ الَّذِي تَقَعُ بِهِ الْمُوَافَقَةُ قَدْ يَكُونُ مَعْلُومًا كَالرُّبُعِ وَقَدْ يَكُونُ مِنْ عَدَدٍ أَصَمَّ كَجُزْءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ إِنْ وَقَعَ الْإِفْنَاءُ بِأَحَدَ عَشَرَ أَوْ جُزْءٍ مِنْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ إِنْ وَقَعَ الْإِفْنَاءُ بِثَلَاثَةَ عَشَرَ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى كُلُّ عددين يعدهما عدد الثَّالِث فمتوا فقان وكل عددين لَا يعدهما إِلَّا الْوَاحِد فمتناينان وَمن شَرط المتداخلين أَن لَا يَزِيدَ الدَّاخِلُ عَلَى النِّصْفِ فَإِذَا أَرَدْتَ مَعْرِفَةَ الْخَارِجَ لِلْكُسُورِ الْمُفْتَرِقَةِ فَانْظُرْ مَخَارِجَ الْكُسُورِ إِنْ تَبَايَنَتْ فَاضْرِبْ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الْآخَرِ أَوْ تَوَافَقَتْ فَاضْرِبْ وَفْقَ أَحَدِهِمَا فِي كَامِلِ الْآخَرِ أَوْ تَدَاخَلَتْ فَاكْتَفِ بِالْأَكْثَرِ عَنِ الْأَقَلِّ فَمَخْرَجُ الرُّبُعِ وَالْخُمُسِ أَنَّ الرُّبُعَ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَالْخُمُسَ مِنْ خَمْسَةٍ وَهُمَا مُتَبَايِنَانِ فَاضْرِبِ الْأَرْبَعَةَ فِي الْخَمْسَةِ تَبْلُغُ عِشْرِينَ فَهُوَ مَخْرَجُ الْكَسْرَيْنِ لِأَنَّ رُبُعَهُ خَمْسَةٌ وَخُمُسَهُ أَرْبَعَةٌ وَمِثَالُ الْمُوَافَقَةِ الرُّبُعُ وَالسُّدُسُ مَخْرَجُهُمَا أَرْبَعَةٌ وَسِتَّةٌ يَتَّفِقَانِ بِالنِّصْفِ تَضْرِبُ أَحَدَهُمَا فِي نِصْفِ الْآخَرِ تَبْلُغُ اثْنَيْ عشر وَهُوَ مخجرهما لَهُ رُبُعٌ وَسُدُسٌ وَمِثَالُ الْمُدَاخَلَةِ النِّصْفُ وَالسُّدُسُ مَخْرَجُهُمَا اثْنَانِ وَسِتَّةٌ وَيَدْخُلُ الِاثْنَانِ فِي السِّتَّةِ فَمَخْرَجُهُ السِّتَّةُ اكْتِفَاءً بِالْأَكْثَرِ وَكَذَلِكَ إِذَا اقْتَرَنَ بِالْمُفْرَدِ مُضَافٌ كَسُدُسٍ وَرُبُعِ عُشْرٍ فَمَخْرَجُ السُّدُسِ سِتَّةٌ وَرُبُعُ الْعُشْرِ أَرْبَعُونَ يَتَّفِقَانِ بِالنِّصْفِ تَضْرِبُ ثَلَاثَةً فِي أَرْبَعِينَ تَبْلُغُ مِائَةً وَعِشْرِينَ وَهِيَ مَخْرَجُ الثَّلَاثَةِ وَإِنَّمَا أَسْقَطْنَا الْمِثْلَ وَالدَّاخِلَ فِي الْمُتَدَاخِلَيْنِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِطَلَبِ الْوَفْقِ لَا يَحْصُلُ فِيهِمَا فَإِنْ ضُرِبَ وَفْقُ أَحَدِ الْمُتَدَاخِلَيْنِ فِي كُلِّ الْآخَرِ لَا يَزِيدُ الْخَارِجَ عَلَى الْأَكْثَرِ لِأَنَّ الْمُوَافَقَةَ بَيْنَهُمَا بِجُزْءٍ مِنْ جُمْلَةِ آحَادِ أَحدهمَا

(الباب الثالث في النسبة والقسمة)

(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي النِّسْبَةِ وَالْقِسْمَةِ) فَحَقِيقَةُ النِّسْبَةِ مَعْرِفَةُ كَمِّيَّةِ أَحَدِ الْمِقْدَارَيْنِ مِنَ الْمِقْدَارِ الْآخَرِ وَيُنْسَبُ الْقَلِيلُ لِلْكَثِيرِ بِالْجُزْءِ كَنِسْبَةِ اثْنَيْنِ لِسِتَّةٍ فَيُقَالُ ثُلُثُهَا وَنِسْبَةُ الْقَلِيلِ لِلْكَثِيرِ بِالْمِثْلِ وَالزِّيَادَةِ عَلَيْهِ فَالسِّتَّةُ ثَلَاثَةُ أَمْثَالِ الِاثْنَيْنِ وَالْقِسْمَةُ تَوْزِيعُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ فَقِسْمَةُ الْكَثِيرِ عَلَى الْقَلِيلِ بِأَنْ يُحْذَفَ الْأَقَلُّ مِنَ الْأَكْثَرِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى وَتحفظ لكل مرّة وَاحِد فَإذْ فنشي بِهِ فَنَصِيبُ الْوَاحِدِ مَا حَفِظْتَهُ فِي يَدِكَ وَإِنْ لَمْ يَفْنَ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْبَاقِي أَقَلَّ مِنَ الْمَقْسُومِ عَلَيْهِ فَتَقْسِمُهُ عَلَى الْمَقْسُومِ عَلَيْهِ بِتَسْمِيَةِ الْقَلِيلِ عَلَى الْكَثِيرِ وَالْمُعَرِّفُ لِنِسْبَتِهِ هُوَ الْخَارِجُ مِنْ قِسْمَتِهِ كَقِسْمَةِ الثَلَاثِينَ عَلَى الْخَمْسَةِ فَتُحْذَفُ الْخَمْسَةُ مِنْهَا سِتَّ مَرَّاتٍ فَهِيَ سُدُسُهَا وَهِيَ نَصِيبُ الْوَاحِدِ مِنْ قِسْمَةِ الثَلَاثِينَ عَلَى الْخَمْسَةِ وَإِنْ قَسَمْتَ الثَلَاثِينَ عَلَى الْأَرْبَعَةِ فَتَحْذِفُ الْأَرْبَعَةَ مِنْهَا سَبْعَ مَرَّاتٍ وَيَبْقَى اثْنَانِ وَهُمَا نِصْفُ الْأَرْبَعَةِ فَنَصِيبُ الْوَاحِدِ مِنْ قِسْمَةِ الثَلَاثِينَ عَلَى الْأَرْبَعَةِ سَبْعَةٌ وَنِصْفٌ هَذَا قِسْمَةُ الصِّحَاحِ وَأَمَّا قِسْمَةُ الصِّحَاحِ وَالْكُسُورِ عَلَى الصِّحَاحِ فَتَبْسُطُ الصِّحَاحَ كُسُورًا وَتَضْرِبُ الصَّحِيحَ وَالْكَسْرَ فِي مَخْرَجِ الْكَسْرِ فَمَا حَصَلَ قَسَمْتَهُ عَلَى الصِّحَاحِ كَمَا تَقَدَّمَ مِثَالُهُ أَرْبَعَةٌ وَنِصْفٌ تُقْسَمُ عَلَى ثَلَاثَةٍ فَتَضْرِبُ الْأَرْبَعَةَ وَالنِّصْفَ فِي مَخْرَجِ النِّصْفِ وَهُوَ اثْنَانِ تَبْلُغُ تِسْعَةَ أَنْصَافٍ يَخُصُّ كُلَّ وَاحِدٍ بِثَلَاثَةِ أَنْصَافٍ فَالْخَارِجُ مِنْ قِسْمَةِ الْأَرْبَعَةِ وَالنِّصْفِ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَاحِدٌ وَنِصْفٌ وَإِذَا قَسَمْتَ ثَلَاثَةً وَثُلُثًا عَلَى خَمْسَةٍ تَضْرِبُ ثَلَاثَةً وَثُلُثًا فِي مَخْرَجِ الثُّلُثِ يَبْلُغُ عَشَرَةَ أَثْلَاثٍ يَخُصُّ كُلَّ وَاحِدٍ ثُلُثَانِ فَالْخَارِجُ مِنْ قِسْمَةِ الثَّلَاثَةِ وَثُلُثٍ عَلَى الْخَمْسَةِ ثُلُثَانِ

(الباب الرابع في تصحيح المسائل)

(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي تَصْحِيحِ الْمَسَائِلِ) وَفِيهِ فُصُولٌ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي تَصْحِيحِ فَرَائِضِ الصُّلْبِ إِنْ صَحَّتْ عَلَى عَدَدِهِمْ صَحَّتْ كَزَوْجَةٍ وَبِنْتٍ وَعَمٍّ أَصْلُهَا مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَمِنْهَا تَصِحُّ وَكَذَلِكَ ثَلَاثُ زَوْجَات وجدتان وثمان أَخَوَاتٍ مِنَ الْأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ وَأَرْبَعُ أَخَوَاتٍ لِأُمٍّ أَصْلُهَا مِنَ اثْنَيْ عَشَرَ وَتَعُولُ بِالرُّبُعِ وَالسُّدُسِ سَبْعَةَ عَشَرَ ثَلَاثَةٌ لِلزَّوْجَاتِ وَثَمَانِيَةٌ لِلْأَخَوَاتِ الْأَشِقَّاءِ وَأَرْبَعَةٌ لِإِخْوَةِ الْأُمِّ وَاثْنَانِ لِلْجَدَّتَيْنِ وَتُسَمَّى أُمَّ الْأَرَامِلِ لِأَنَّهُنَّ سَبْعَ عَشْرَةَ أُنْثَى مِنْ أَرْبَعَةِ أَصْنَافٍ وَأَغْرَبُ مِنْهَا ثَلَاثُ زَوْجَاتٍ وَأَرْبَعُ جَدَّاتٍ وَسِتَّ عَشْرَةَ بِنْتًا وَأُخْتًا لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ أَصْلُهَا مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ وَمِنْهَا تَصِحُّ وَتُلَقَّبُ أُمَّ الْأَرَامِلِ لِأَنَّهَا أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَصْنَافٍ فَإِنِ انْكَسَرَتْ فَإِمَّا عَلَى فَرِيقٍ أَوِ اثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ وَلَا تَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ عَلَى أَصْلِنَا لِأَنَّ عَدَدَ الْوَرَثَةِ لَا يَزِيدُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَصْنَافٍ عِنْدَنَا وَلَا بُدَّ مِنْ صِحَّةِ وَاحِدَةٍ قَالَهُ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ وَقَالَ الْقَاضِي فِي التَّلْقِينِ تَنْكَسِرُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَحْيَازٍ وَهِيَ النِّهَايَةُ وَمَتَى انْكَسَرَتْ عَلَى خَمْسَةِ أَحْيَازٍ فَمَا زَادَ فَلَا بُدَّ أَنْ تَصِحَّ عَلَى بَعْضِهَا وَوَافَقَ التَّلْقِينُ الْجَعْدِيَّةَ وَهُوَ الصَّحِيحُ (الِانْكِسَارُ عَلَى فَرِيقٍ) إِنِ انْكَسَرَتْ عَلَى فَرِيقٍ وَتَبَايَنَتْ أعداد الرؤس فَاضْرب عدد الرؤس فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وَعَوِّلْهَا إِنْ كَانَتْ عَائِلَةً وَمِنْه تصح وَلَو ضربنا كل الرؤس صَحَّتْ وَلَكِنَّ هَذَا أَخْصَرُ وَإِنْ وَافَقَتِ السِّهَامُ عدد الرؤس فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ رَدَدْتَ عَدَدَ السِّهَامِ

إِلَى الوفق وَتَضْرِبُهُ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وَمِنْهُ تَصِحُّ وَلَا تقع الْمُوَافقَة بَين السِّهَام والرؤس إِلَّا فِي اثْنَيْ عَشَرَ كَسْرًا النِّصْفُ وَالثُّلُثُ وَالرُّبُعُ وَالْخُمُسُ وَالتُّسْعُ وَالثُّمُنُ وَنِصْفُ الثُّمُنِ وَجُزْءٌ من ثَلَاثَة عشرَة وَمِنْ سَبْعَةَ عَشَرَ وَبِالْعُشْرِ وَنِصْفِ السُّبُعِ وَالسُّدُسِ فِي مسَائِل الْجد وَالإِخْوَة مِثَال المتباينة زوج وَخمْس بَنِينَ أَصْلهَا من أَرْبَعَة للزَّوْج وَاحِدٌ وَثَلَاثَةٌ تُبَايِنُ الْخَمْسَةَ تَضْرِبُ الْخَمْسَةَ فِي الْمَسْأَلَةِ تَبْلُغُ عِشْرِينَ وَمِنْهَا تَصِحُّ لِلزَّوْجِ وَاحِدٌ فِي خَمْسَةٍ بِخَمْسَةٍ وَلِلْبَنِينَ ثَلَاثَةٌ فِي خَمْسَةٍ بِخَمْسَةَ عَشَرَ لِكُلِّ وَاحِدٍ ثَلَاثَةٌ وَمِثَالُ الْمُوَافَقَةِ بِالنِّصْفِ أَبَوَانِ وَسِتَّةُ بَنِينَ أَصْلُهَا مِنْ سِتَّةٍ لِلْأَبَوَيْنِ سَهْمَانِ يَبْقَى أَرْبَعَةٌ لَا تَنْقَسِمُ عَلَى السِّتَّة وتوافقهم بِالنِّصْفِ تضرب نصف الرؤس فِي الْمَسْأَلَةِ تَبْلُغُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ نَصِيبُ الْأَبَوَيْنِ اثْنَان مضربان فِي ثَلَاثَةٍ بِسِتَّةٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ ثَلَاثَةٌ وَنَصِيبُ الْبَنِينَ أَرْبَعَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِاثْنَيْ عَشَرَ لِكُلِّ وَاحِدٍ اثْنَانِ فَنَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ بَعْدَ التَّصْحِيحِ نِصْفُ مَا كَانَ يُصِيبُ الْجَمِيعَ قَبْلَ التَّصْحِيحِ مِثَالُ الْمُوَافَقَةِ بِالثُّلُثِ زَوْجَةٌ وَتِسْعَةُ إِخْوَةٍ أَصْلُهَا مِنْ أَرْبَعَةٍ لِلزَّوْجَةِ وَاحِدٌ وَالْبَاقِي ثَلَاثَةٌ لَا تَنْقَسِم على الرؤس وتوافق بِالثُّلثِ فَرد عدد الرؤوس ثَلَاثَةً وَتَضْرِبُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ تَبْلُغُ اثْنَيْ عَشَرَ وَمِنْهَا تَصِحُّ لِلزَّوْجَةِ وَاحِدٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِثَلَاثَةٍ وَلِلْإِخْوَةِ ثَلَاثَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِتِسْعَةٍ لِكُلِّ واحدٍ واحدٌ وَهُوَ ثُلُثُ مَا كَانَ يُصِيبُ الْجَمِيعَ قَبْلَ التَّصْحِيحِ مِثَالُ الْمُوَافَقَةِ بِالرُّبُعِ أَبَوَانِ وَثَمَانِيَةُ بَنِينَ أَصْلُهَا مِنْ سِتَّةٍ لِلْأَبَوَيْنِ اثْنَانِ تَبْقَى أَرْبَعَةٌ لَا تَنْقَسِمُ عَلَى الثَّمَانِيَةِ وَتُوَافِقُ بِالرُّبُعِ فَتضْرب ربع الرؤوس فِي السِّتَّةِ تَبْلُغُ اثْنَيْ عَشَرَ فَتَصِحُّ وَنَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُنْكَسِرِينِ بَعْدَ التَّصْحِيحِ رُبُعُ مَا كَانَ يُصِيبُ الْجَمِيعَ قَبْلَ التَّصْحِيحِ مِثَالُ الْمُوَافَقَةِ بِالْخُمُسِ زَوْجَةٌ وَأُمٌّ وَعِشْرُونَ ابْنَ عَمٍّ أَصْلُهَا مِنَ اثْنَيْ عَشَرَ لِلزَّوْجَةِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأُمِّ أَرْبَعَةٌ وَالْبَاقِي خَمْسَةٌ لَا تَنْقَسِمُ عَلَى بَنِي الْعَمِّ وَتُوَافِقُهُمْ بِالْخُمُسِ وَخُمُسُهُمْ أَرْبَعَةٌ تَضْرِبُهُ فِي المسئلة تَبْلُغُ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ

(الانكسار على فريقين)

فَتَصِح وَنصِيب كل وَاحِد من المنكسرين بعد التَّصْحِيحِ خُمُسُ مَا كَانَ نَصِيبُ الْجَمِيعِ قَبْلَ التَّصْحِيحِ مِثَالُ الْمُوَافَقَةِ بِنِصْفِ السُّبُعِ أُمٌّ وَزَوْجٌ وَجَدٌّ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ أَخًا وَأُخْتَانِ ارْتَفَعَتِ الْمَسْأَلَةُ إِلَى سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ وَالْبَاقِي بَعْدَ نَصِيبِ الزَّوْجِ وَالْأُمِّ وَالْجَدِّ أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَعَدَدُ الْإِخْوَةِ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ إِذَا عَدَدْنَا الذَّكَرَ بِاثْنَيْنِ وَالْأَرْبَعَةُ لَا تَنْقَسِمُ عَلَيْهَا وَتُوَافِقُهَا بِنِصْفِ السُّبُعِ فَتَضْرِبُ نِصْفَ سبع الرؤوس وَهُوَ اثْنَانِ فِي الْمَسْأَلَةِ تَبْلُغُ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ فَتَصِحُّ فَيُصِيبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْإِخْوَةِ بَعْدَ التَّصْحِيح نصف سيع نَصِيبِ الْجَمِيعِ قَبْلَ التَّصْحِيحِ وَبَقِيَّةُ مَثَلِ الْمُوَافَقَةِ سِتَّةٌ كَمَا تَقَدَّمَ (الِانْكِسَارُ عَلَى فَرِيقَيْنِ) فَلَوْ ضربنا رُؤُوس أَحَدِ الصِّنْفَيْنِ فِي عَدَدِ الصِّنْفِ الْآخَرِ ثُمَّ الْمُجْتَمِعُ فِي الْمَسْأَلَةِ صَحَّ لَكِنْ يُعْتَبَرُ عَدَدُ رُؤُوس كُلِّ صِنْفٍ مَعَ سِهَامِهِمْ فِي الْمُوَافَقَةِ وَالْمُبَايَنَةِ كَمَا تقدم للاختصار فَمَنْ وَافَقَ سِهَامُهُ أَقَمْنَا وَفْقَهُ مَقَامَهُ ثُمَّ نَنْظُرُ أَيْضًا طَلَبًا لِلِاخْتِصَارِ فِي الْعَدَدَيْنِ الْمُوَافِقَيْنِ أَوِ الْكَامِلَيْنِ أَوِ الْوَفْقِ وَالْكَامِلِ فَنَنْسِبُ بَعْضُهُمَا لِبَعْضٍ فِي التَّمَاثُلِ وَالتَّدَاخُلِ وَالتَّوَافُقِ وَالتَّبَايُنِ وَيُكْتَفَى بِأَحَدِ الْمِثْلَيْنِ عَنِ الْآخَرِ وَبِالْأَكْثَرِ عَمَّا يَدْخُلُ فِيهِ وَضَرَبْنَاهُ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ أَوْ تَوَافَقًا ضَرَبْنَا وَفْقَ أَحَدِهِمَا فِي كَامِلِ الْآخَرِ ثُمَّ الْمُجْتَمِعُ فِي الْمَسْأَلَةِ أَوْ تَبَايَنًا ضَرَبْنَا جُمْلَةَ أَحَدِهِمَا فِي جُمْلَةِ الْآخَرِ ثُمَّ الْمُجْتَمِعُ فِي الْمَسْأَلَةِ وَمِنْهُ تَصِحُّ وَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ تَعْتَوِرُ عَلَيْهِ الْأُصُولُ الْأَرْبَعَة فتضاعفه بِهَا إِلَى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ صُورَةً وَفْقَانِ مُتَمَاثِلَانِ أَوْ مُتَدَاخِلَانِ أَوْ مُتَوَافِقَانِ أَوْ مُتَبَايِنَانِ أَصْلَا الْعَدَدِ مُتَمَاثِلَانِ أَوْ مُتَدَاخِلَانِ أَوْ مُتَوَافِقَانِ أَوْ مُتَبَايِنَانِ أَوْ يُمَاثِلُ وَفْقُ أَحَدِ الْعَدَدَيْنِ كَامِلَ الْآخَرِ أَوْ يَدْخُلُ فِيهِ أَوْ يُوَافِقُهُ أَوْ يُبَايِنُهُ (الِانْكِسَارُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ) فَلَوْ ضَرَبْنَا أَحَدَهُمَا فِي الْآخَرِ ثُمَّ الْمَجْمُوعَ فِي الثَّالِثِ ثمَّ الْمُجْتَمع فِي الْمَسْأَلَة تصح وَلَكِنْ يَخْتَصُّ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الصِّنْفَيْنِ فَتَرُدُّ عَدَدَ الْمُوَافِقِ إِلَى الْوَفْقِ وَالْمُبَايِنِ

بِحَالهِ أَو تقَابل بَين أعداد الرؤوس فَإِنْ تَمَاثَلَتْ أَوْ تَدَاخَلَتِ اكْتَفَيْتَ بِالْمِثْلِ عَنْ مِثْلِهِ وَبِالْأَكْثَرِ عَمَّا يَدْخُلُهُ فَإِنْ تَوَافَقَتْ ضَرَبْتَ أَحَدَ الْوَفْقَيْنِ فِي وَفْقِ الْآخَرِ أَوْ تَبَايَنَتْ ضَرَبْتَ بَعْضَهَا فِي الْبَعْضِ وَتَضْرِبُ الْحَاصِلَ فِي الْمَسْأَلَةِ وَعَوِّلْهَا إِنْ كَانَتْ عَائِلَةً أَوْ تَبَايَنَ الْبَعْضُ وَتَوَافَقَ الْبَعْضُ ضَرَبْتَ أَحَدَ الْمُتَبَايِنَيْنِ فِي الْآخَرِ فَمَا بَلَغَ تَضْرِبُهُ فِي الْعَدَدِ الثَّالِثِ إِنْ بَايَنَهُ أَوْ وَفْقِهِ إِنْ وَافَقَهُ وَكَذَلِكَ تَفْعَلُ فِي الرَّابِعِ فَمَا بَلَغَ ضَرَبْتَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ وَعَوِّلْهَا وَمِنْهُ تَصِحُّ وَمِثَالُ الْمُبَايَنَةِ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ وَخَمْسُ جَدَّاتٍ وَسَبْعُ بَنَاتٍ وَتِسْعُ أَخَوَاتٍ أَصْلُهَا مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ كُلُّ صِنْفٍ يُبَايِنُ سِهَامَهُ عَدَدُهُ وَالْأَعْدَادُ مُتَبَايِنَةٌ فَتُضْرَبُ بَعْضُهَا فِي الْبَعْضِ تَبْلُغُ أَلْفًا وَمِائَتَيْنِ وَمِنْهُ تَصِحُّ مِثَالُ الْمُمَاثَلَةِ زَوْجَتَانِ وَأَرْبَعُ جَدَّاتٍ وَسِتَّ عَشْرَةَ أُخْتًا لأَب وثمان أَخَوَاتٍ لِأُمٍّ أَصْلُهَا مِنَ اثْنَيْ عَشَرَ وَتَعُولُ إِلَى سَبْعَة عشر وسهام الزوجتين تبَاين رؤوسهما وَنصِيب الْجدَّات يُوَافق عدد رؤوسهن بِالنِّصْفِ فَترد عدد هَذَا إِلَى النِّصْفِ وَنَصِيبُ الْأَخَوَاتِ لِلْأَبِ يُوَافِقُ عَدَدَ رؤوسهن بِالثّمن فَترد عدد رؤوسهن للثّمن وَنصِيب الْأَخَوَات للْأُم يُوَافق رؤوسهن بِالربعِ فَترد عَددهمْ للربع فالأعداد كلهَا متماثلة فيكتفي بأحدها وتضرب فِي الْمَسْأَلَةِ تَبْلُغُ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ وَمِنْهَا تَصِحُّ مِثَالُ الْمُتَدَاخِلَةِ زَوْجَتَانِ وَسِتُّ جَدَّاتٍ وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أَخًا لِأُمٍّ وَسِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ ابْنَ عَمٍّ أَصْلُهَا مِنَ اثْنَيْ عَشَرَ نَصِيبُ الزَّوْجَتَيْنِ يُبَايِنُهُنَّ وَفِي الْجَدَّاتِ تُوَافِقُ بِالنِّصْفِ فَتَرُدُّهُنَّ لِلنِّصْفِ وَفِي الْإِخْوَةِ بِالرُّبُعِ فَتَرُدُّهُمْ لِلرُّبُعِ وَفِي بَنِي الْأَعْمَامِ بِالثُّلُثِ فَتَرُدُّهُمْ لِلثُّلُثِ فَيَجْتَمِعُ اثْنَانِ وَثَلَاثَةٌ وَسِتَّةٌ وَاثْنَا عَشَرَ وَالْأُولَى دَاخِلَةٌ فِي اثْنَيْ عَشَرَ فَيُكْتَفَى بِهَا وَتَضْرِبُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ تَبْلُغُ مِائَةً وَأَرْبَعَةً وَأَرْبَعِينَ وَمِنْهُ تَصِحُّ مِثَالُ الْمُوَافَقَةِ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ وَاثْنَتَا عَشْرَةَ جَدَّةً وَأَرْبَعُونَ أَخًا لِأُمٍّ وَاثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ ابْنَ عَمٍّ أَصْلُهَا مِنَ اثْنَيْ عَشَرَ وَسِهَامُ الزَّوْجَاتِ تُبَايِنُهُنَّ فَتُخَلَّى وَفِي

الْجَدَّاتِ تُوَافِقُ بِالنِّصْفِ فَتَرُدُّهُنَّ لِلنِّصْفِ وَفِي الْإِخْوَةِ بِالرُّبُعِ فَتَرُدُّهُمْ لِلرُّبُعِ وَفِي بَنِي الْأَعْمَامِ بِالثُّلُثِ فَتَرُدُّهُمْ لِلثُّلُثِ فَيَحْصُلُ أَرْبَعَةٌ وَسِتَّةَ عَشَرَ وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ وَهِيَ مُتَوَافِقَةٌ مِنْ غَيْرِ تَدَاخُلٍ وَتَمَاثُلٍ فَتضْرب الْأَرْبَعَة فِي وفقها من السّنة تَبْلُغُ اثْنَتَيْ عَشَرَ ثُمَّ تَضْرِبُ اثْنَيْ عَشَرَ فِي وفقها من الْعشْرَة وَهُوَ الْخَمْسَةُ تَبْلُغُ سِتِّينَ ثُمَّ تَضْرِبُ السِتِّينَ فِي وَفْقِهَا مِنَ الْأَرْبَعَةَ عَشَرَ وَهُوَ سَبْعَةٌ تَبْلُغُ أَرْبَعَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ وَتَضْرِبُ الْمُتَحَصِّلَ فِي الْمَسْأَلَةِ تَبْلُغُ خَمْسَةَ آلَافٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِنْهُ تَصِحُّ مِثَالُ الْمُتَبَايِنَةِ وَالْمُتَوَافِقَةِ مَعًا أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ وَاثْنَتَا عَشْرَةَ جَدَّةً وَسَبْعُ أَخَوَاتٍ لِأُمٍّ وَعَشَرَةُ بَنِي أَعْمَامٍ أَصْلُهَا مِنَ اثْنَيْ عَشَرَ وَنَصِيبُ الزَّوْجَاتِ يُبَايِنُهُنَّ فَيُبَقَّى وَكَذَلِكَ الْأَخَوَاتُ وَبَنُو الْأَعْمَامِ وَنَصِيبُ الْجَدَّاتِ يُوَافِقُ عَدَدَهُنَّ فَتَرُدُّ عَدَدَهُنَّ لِلنِّصْفِ وَهُوَ سِتَّةٌ وَتَضْرِبُ الْأَرْبَعَة فِي الْمَسْأَلَة تَبْلُغُ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ ثُمَّ الثَّمَانِيَةَ وَالْعِشْرِينَ فِي وَفْقِهَا مِنَ الْعَشَرَةِ وَهُوَ خَمْسَةٌ تَبْلُغُ مِائَةً وَأَرْبَعِينَ ثُمَّ تَضْرِبُ فِي وَفْقِ السِّتَّةِ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ تَبْلُغُ أَرْبَعَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَتَضْرِبُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ تَبْلُغُ خَمْسَةَ آلَافٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِنْهُ تَصِحُّ وَاعْلَمْ أَنَّ لِلْحِسَابِ فِي الِاخْتِصَارِ إِذَا انْكَسَرَتِ السِّهَامُ على ثَلَاثَة أَصْنَاف طَرِيقين قَالَ الْكُوفِيُّونَ تعْمل فِي عَدَدَيْنِ مِنْهَا مَا عَمِلْنَا فِي الِانْكِسَارِ عَلَى صِنْفَيْنِ فَمَا انْتَهَى إِلَيْهِ الْعَمَلُ وَهُوَ الْمَبْلَغُ الَّذِي ضُرِبَ فِي الْمَسْأَلَةِ جَعَلْنَاهُ عَدَدًا وَاحِدًا وَوَفَّقْنَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَدَدِ الثَّالِثِ وَفَعَلْنَا فِيهِمَا مَا فَعَلْنَاهُ فِي الْعَدَدَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَقَالَ البصريون يُوقف أحد الْأَعْدَاد وَالْحسن عِنْدهم أَن يُوقف الْأَكْثَرُ وَيُوَفَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَاقِينَ وَيَعْمَلَ فِي وَفْقِهِمَا أَحَدُ الْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ فَمَا حَصَلَ ضَرَبْنَاهُ فِي الْعَدَدِ الْمَوْقُوفِ وَمَآلُ الطَّرِيقَيْنِ وَاحِدٌ وَمِثَالُهُمَا سَبْعٌ وَعِشْرُونَ بِنْتًا وَسِتٌّ وَثَلَاثُونَ جَدَّةً وَخَمْسٌ وَأَرْبَعُونَ أُخْتًا لِأَبٍ فَعِنْدَ الْكُوفِيِّينَ يُوَفَّقُ بَيْنَ السَّبْعِ وَالْعِشْرِينَ وَالسِّتِّ وَالثَلَاثِينَ فَيَتَّفِقَانِ بِالْأَتْسَاعِ فَتَضْرِبُ تسع أَحدهمَا فِي كل الآخر يبلغ ثَلَاثمِائَة وَأَرْبَعَة وَعشْرين ثمَّ

(قاعدة يستعان بها على قسمة الفرائض)

بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْخَمْسَةِ وَالْأَرْبَعِينَ فَيَتَّفِقَانِ فِي الْأَتْسَاعِ أَيْضا فَتضْرب بتسع أَحدهمَا فِي كل الآخر يبلغ خَمْسمِائَة وَأَرْبَعِينَ وَمِنْهُ تَصِحُّ وَعِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ تُوقِفُ الْخَمْسَةَ فَإِذَا وَفَّقْتَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ السَّبْعِ وَالْعِشْرِينَ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ ثُمَّ تُوَفِّقُ بَيْنَ السِّتَّةِ وَالثَلَاثِينَ وَالْخَمْسَةِ وَالْأَرْبَعِينَ فَيَتَّفِقَانِ بِالْأَتْسَاعِ فَتَأْخُذُ تُسْعَ السِّتَّةِ وَالثَلَاثِينَ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ فَتَجِدُ الْوَفْقَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَتَضْرِبُ أَحَدَهُمَا فِي الْآخَرِ تَبْلُغُ اثْنَيْ عَشَرَ ثُمَّ فِي الْمَوْقُوفِ تَبْلُغُ خَمْسَمِائَةٍ وَأَرْبَعِينَ ثُمَّ فِي الْمَسْأَلَةِ تَبْلُغُ ثَلَاثَةَ آلَافٍ وَمِائَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ كَمَا تَقَدَّمَ وَذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا طَرِيقَةً أُخْرَى وَجِيزَةً فِي جَمِيعِ هَذَا الْقِسْمِ أَنْ يَنْظُرَ بَيْنَ صِنْفَيْنِ مِنَ الثَّلَاثَةِ كَأَنَّ الِانْكِسَارَ لَمْ يَقَعْ إِلَّا عَلَيْهِمَا فَتَعْمَلُ فِيهِمَا مَا تَقَدَّمَ فِي الصِّنْفَيْنِ فَإِذَا انْتَهَى الْعَمَلُ إِلَى عَدَدِ الْمُنْكَسِرِينَ أَعْنِي الَّذِي يُضْرَبُ فِي الْمَسْأَلَةِ نَظَرَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَدَدِ الثَّالِثِ وَأَعْمَلَ فِيهِمَا مَا يَعْمَلُ فِي الْعَدَدَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ فَمَا انْتَهَى إِلَيْهِ الْعَمَلُ جَعَلَ عَدَدَ الْمُنْكَسِرِينَ وَضَرَبَ فِي الْمَسْأَلَةِ وَمِنْهُ تصح تَنْبِيه إِنَّمَا ضربت الرؤوس فِي الْمَسْأَلَةِ وَلَمْ تُضْرَبِ السِّهَامُ لِأَنَّ جُزْءَهَا لَا يَنْقَسِمُ إِذَا ضُرِبَ فِي الْمَسْأَلَةِ فَقَدْ ضُرِبَ فِي بَعْضِهِ لِأَنَّهُ بَعْضُ الْمَسْأَلَةِ وَإِذَا ضَربته فِي بعضه فَقَدْ كَرَّرْتَهُ بِعَدَدِ الْمَضْرُوبِ فِيهِ وَغَيْرُ الْمُنْقَسِمِ إِذا تكَرر لَا يَنْقَسِم بِخِلَاف الرؤوس فَإِنَّهُمْ لَيْسُوا جُزْءَ الْعَدَدِ فَأَفَادَ ضَرْبُهُمْ وَسَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ فِي أَوَّلِ حِسَابِ الْجَبْرِ (قَاعِدَةٌ يُسْتَعَانُ بِهَا عَلَى قِسْمَةِ الْفَرَائِضِ) وَهِيَ قَاعِدَةُ الْأَعْدَادِ الْمُتَنَاسِبَةِ فَتُطَالَعُ مِنْ هُنَاكَ فَإِنَّهَا جَلِيلَةُ النَّفْعِ عَظِيمَةُ الْجَدْوَى تُوَضِّحُ هَذَا الْبَابَ إيضاحا حسنا

(الباب الخامس في حساب مسائل الإقرار والإنكار)

(الْبَابُ الْخَامِسُ فِي حِسَابِ مَسَائِلِ الْإِقْرَارِ وَالْإِنْكَارِ) فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا أَقَرَّ بَعْضُ الْوَرَثَةِ بِوَارِثٍ وَأَنْكَرَ الْآخَرُونَ لَمْ يَصِحَّ نَسَبُهُ فَلَا يُعْطَى شَيْئًا إِنْ لَمْ يُوجِبِ الْإِقْرَارُ نَقْصًا مِنْ سَهْمِ الْمُقِرِّ فَإِنْ أَوْجَبَهُ أُعْطِيَ مِنْهُ مِقْدَارَ مَا أَوْجَبَ مِنَ النَّقْصِ لَوْ صَحَّ إِقْرَارُهُ فَيَنْظُرُ فَرِيضَتَهُمْ فِي الْإِنْكَارِ وَفَرِيضَةَ الْمُقِرِّ فِي الْإِقْرَارِ كَأَنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ وَارِثٌ غَيْرُهُ لِأَنَّكَ إِنَّمَا تُرِيدُ مَعْرِفَةَ سِهَامِهِ فِي الْإِقْرَارِ وَحْدَهُ فَإِنْ تَمَاثَلَتِ الْفَرِيضَتَانِ أَجْزَأَتْكَ إِحْدَاهُمَا أَوْ دَخَلَتْ إِحْدَاهُمَا أَجْزَأَكَ أَكْثَرُهُمَا أَوِ اتَّفَقَتَا بِجُزْءٍ ضَرَبْتَ وَفْقَ إِحْدَاهُمَا فِي كَامِلِ الْأُخْرَى وَإِنْ لَمْ تَتَّفِقَا ضَرَبْتَ إِحْدَاهُمَا فِي الْأُخْرَى وَكَذَلِكَ تَعْمَلُ فِي ثَلَاث فَرَائض وَأكْثر ثمَّ أقسمهم عَلَى الْوَرَثَةِ عَلَى الْإِنْكَارِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فَتَعْرِفُ مَا لِكُلِّ وَارِثٍ ثُمَّ انْظُرْ مَا لِلْمُقِرِّ وَحده مِنْ فَرِيضَةِ الْإِقْرَارِ سِهَامُهُ مِنْهَا فِي فَرِيضَةِ الْإِنْكَارِ أَوْ وَفْقِهَا إِنْ كَانَ وَتَعْرِفُ مَا يفصل بِيَدِهِ وَلَا تَضْرِبُ لِمَنْ لَيْسَ لَهُ فِي الْإِقْرَارِ نَصِيبٌ بِشَيْءٍ أَمْثِلَةٌ بِمَسَائِلَ مَسْأَلَةُ الْمُمَاثَلَةِ أم وَأُخْت لأَب وَعم أقرَّت أُخْت للْأَب بِأُخْتٍ شَقِيقَةٍ لِلْمَيِّتِ وَأَنْكَرَتْهَا الْأُمُّ فَفَرِيضَةُ الْإِقْرَارِ سِتَّة وَكَذَلِكَ الْإِنْكَار فتجزيك إِحْدَاهمَا للْأُم الثُّلُثُ سَهْمَانِ وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ وَلِلْعَمِّ الْبَاقِي وَلِأُخْتِ الْأَبِ فِي الْإِقْرَارِ السُّدُسُ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ فَيَفْضُلُ بِيَدِهَا سَهْمَانِ تَدْفَعُهُمَا لِلشَّقِيقَةِ وَلَوْ أَقَرَّتْ بِهَا الْأُمُّ لَدَفَعَتْ لَهُمَا سَهْمًا فَكَمُلَتْ فَرِيضَتُهَا وَلَا تَلْتَفِتُ إِلَى الْعَمِّ فِي الْإِقْرَارِ وَالْإِنْكَارِ لِأَنَّ نَصِيبَهُ فِيهِمَا سَوَاءٌ مَسْأَلَةُ الْمُدَاخَلَةِ أختَان شقيقتان وعاصب أقرب إِحْدَاهُمَا بِأُخْتٍ شَقِيقَةٍ

فَفَرِيضَةُ الْإِنْكَارِ ثَلَاثَةٌ وَعَلَى الْإِقْرَارِ تَصِحُّ مِنْ تِسْعَةٍ فَيُسْتَغْنَى بِهَا عَنِ الثَّلَاثَةِ فَيُعْطَى لِلْمُقَرِّ لَهَا أَقَلُّ سَهْمٍ وَهُوَ الَّذِي يَنْقُصُ لِلْمُقِرَّةِ لِأَن السِّتَّة الَّتِي تخْتَص بالأخوات من التِّسْعَة إِذا قسمت على الْإِنْكَار يخص كُلُّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثَةٌ وَعَلَى الْإِقْرَارِ يَخُصُّ كُلَّ وَاحِدٍ سَهْمَانِ فَالْفَاضِلُ سَهْمٌ مَسْأَلَةُ الْمُوَافَقَةِ ابْنٌ وَابْنَتَانِ أَقَرَّ الِابْنُ بِابْنٍ آخَرَ وَأَنْكَرَتْهُ الِابْنَتَانِ فَفَرِيضَةُ الْإِنْكَارِ أَرْبَعَةٌ وَالْإِقْرَارِ سِتَّةٌ يَتَّفِقَانِ بِالنِّصْفِ فتضربه فِي كُلِّ الْأُخْرَى تَبْلُغُ اثْنَيْ عَشَرَ لِلِابْنِ مِنَ الْإِنْكَارِ اثْنَانِ فِي ثَلَاثَةٍ وَفْقَ فَرِيضَةِ الْإِقْرَارِ سِتَّةٌ وَلِكُلِّ بِنْتٍ سَهْمٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِثَلَاثَة وللابن من فَرِيضَة الْإِنْكَار اثْنَانِ فِي اثْنَيْنِ نِصْفُ فَرِيضَةِ الْإِنْكَارِ بِأَرْبَعَةٍ فَيَفْضُلُ بِيَدِهِ سَهْمَانِ يَدْفَعُهُمَا لِلْمُقَرِّ بِهِ مَسْأَلَةُ الْمُبَايَنَةِ أُخْتَانِ شَقِيقَتَانِ وَعَاصِبٌ أَقَرَّتْ إِحْدَاهُمَا بِشَقِيقٍ فَالْإِنْكَارُ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَالْإِقْرَارُ مِنْ أَرْبَعَةٍ تَضْرِبُهَا فِيهَا تَبْلُغُ اثْنَيْ عَشَرَ لِكُلِّ أُخْتٍ عَلَى الْإِنْكَارِ أَرْبَعَةٌ وَعَلَى الْإِقْرَارِ ثَلَاثَةٌ فَنَقَصَتِ الْمُقِرَّةُ بِسَهْمٍ يَأْخُذُهُ الْمُقَرُّ بِهِ هَذَا وَجْهُ الْعَمَلِ فِي اتِّحَادِ المُقِرّ والمُقَرّ بِهِ فَإِنْ تَعَدَّدَ الْمقر مَعَ اتِّحَاد الْمقر بِهِ فَكَمَا تَقَدَّمَ مِثَالُهُ أَخٌ وَأُخْتَانِ أَشِقَّاءُ أَقَرَّ الْأَخُ وَإِحْدَى الْأُخْتَيْنِ بِأَخٍ شَقِيقٍ وَأَنْكَرَتِ الْأُخْتُ الْأُخْرَى فَفَرِيضَةُ الْإِنْكَارِ أَرْبَعَةٌ وَفَرِيضَةُ الْإِقْرَارِ سِتَّةٌ يَتَّفِقَانِ بِالنِّصْفِ تَضْرِبُ بِهِ فِي كُلِّ الْأُخْرَى تَبْلُغُ اثْنَيْ عَشَرَ فَلِلْأَخِ مِنْ فَرِيضَةِ الْإِنْكَارِ اثْنَانِ فِي ثَلَاثَةٍ نِصْفُ فَرِيضَةِ الْإِقْرَارِ بِسِتَّةٍ وَلِكُلِّ أُخْتٍ سَهْمٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِثَلَاثَةٍ وَلِلْأَخِ مِنْ فَرِيضَةِ الْإِقْرَارِ اثْنَانِ فِي اثْنَيْنِ نِصْفُ الْإِنْكَارِ بِأَرْبَعَةٍ يَفْضُلُ بِيَدِهِ سَهْمَانِ يُدْفَعَانِ لِلْأَخِ الْمُقَرِّ بِهِ وَلِلْأُخْتِ الْمُقِرَّةِ مِنْ فَرِيضَةِ الْإِقْرَارِ سَهْمٌ فِي اثْنَيْنِ وَفْقَ فَرِيضَةِ الْإِنْكَارِ يَفْضُلُ بِيَدِهَا سَهْمٌ تَدْفَعُهُ لِلْأَخِ الْمُقَرِّ بِهِ فَإِنْ تَعَدَّدَ الْمُقِرُّ وَالْمُقَرُّ بِهِ فَتَضْرِبُ فَرِيضَةَ الْإِقْرَارِ فِي فَرِيضَةِ الْإِنْكَارِ عِنْدَ التَّبَايُنِ أَوِ الْوَفْقِ فِي الْمُوَافِقِ وَتَكْتَفِي بِالْأَكْثَرِ فِي التَّدَاخُلِ فَمَا تحصل ينظر نسبته إِلَى فَرِيضَة الْإِنْكَار أَي نِسْبَةٍ هِيَ مِنَ الْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ وَتَعْمَلُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ضَرْبٍ أَوِ اسْتِغْنَاءٍ وَتَقْسِمُ مَا يَنْتَهِي إِلَيْهِ الْعَمَلُ عَلَى الْإِنْكَارِ ثُمَّ تَقْسِمُهُ عَلَى الْإِقْرَار فَمَا نقص الْمقر دَفعه للْمقر لَهُ

(مسألة)

ثُمَّ قَسَّمْتَ الْجُمْلَةَ أَيْضًا عَلَى إِقْرَارِ الْآخَرِ فَمَا نَقصه دَفعته للْمقر لَهُ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ ثَالِثٌ أَوْ أَكْثَرُ مِثَالُهُ ابْنٌ وَبِنْتٌ أَقَرَّ الِابْنُ بِبِنْتٍ وَالِابْنَةُ بِابْنٍ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُنْكِرٌ إِقْرَارَ صَاحِبِهِ وَالْمُسْتَلْحَقَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُنْكِرٌ لِصَاحِبِهِ فَالْفَرِيضَةُ فِي الْإِنْكَار من ثَلَاثَة فِي إِقْرَار الابْن من اثْنَيْنِ لِأَنَّهُ أقرّ أَنَّ الَّذِي لَهُ النِّصْفُ وَفِي إِقْرَارِ الْبِنْتِ مِنْ خَمْسَةٍ فَالْفَرَائِضُ الثَّلَاثَةُ مُتَبَايِنَةٌ فَتُضْرَبُ إِحْدَى فَرِيضَتَيِ الْإِقْرَارِ فِي الْأُخْرَى بِعَشَرَةٍ وَهِيَ مَخْرَجُ الْإِقْرَارِ أَجْمَعَ فَتُضْرَبُ الْعَشَرَةُ فِي فَرِيضَةِ الْإِنْكَارِ تَبْلُغُ ثَلَاثِينَ لِلِابْنِ مِنْ فَرِيضَةِ الْإِنْكَارِ اثْنَانِ فِي عَشَرَةٍ بِعِشْرِينَ وَلَهُ مِنْ فَرِيضَةِ الْإِقْرَارِ سَهْمٌ فِي خَمْسَةٍ إِقْرَارُ الْبِنْتِ ثُمَّ فِي ثَلَاثَةٍ فَرِيضَةُ الْإِنْكَارِ تَبْلُغُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَفْضُلُ بِيَدِهِ خَمْسَةٌ يَدْفَعُهَا لِلْبِنْتِ الْمُقَرُّ بِهَا وَلِلْبِنْتِ الْمُقِرَّةِ مِنْ فَرِيضَةِ الْإِنْكَارِ سَهْمٌ فِي عَشَرَةٍ بِعَشَرَةٍ وَلَهَا مِنْ فَرِيضَةِ الْإِقْرَارِ سَهْمٌ فِي اثْنَيْنِ إِقْرَار الْأَخ ثمَّ فِي ثَلَاثَة يكن سِتَّةً يَفْضُلُ بِيَدِهَا أَرْبَعَةٌ تَدْفَعُهَا لِلْأَخِ الَّذِي أَقَرَّتْ بِهِ فَإِنِ اتَّفَقَ الْوَارِثَانِ عَلَى شَخْصٍ وَاخْتَلَفَا فِي شَخْصٍ كَابْنَيْنِ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِابْنَيْنِ آخَرَيْنِ فَوَافَقَهُ أَخُوهُ عَلَى أَحَدِهِمَا وَخَالَفَهُ فِي الْآخَرِ قَالَ سَحْنُونٌ يَدْفَعُ لَهُمَا الْمُقِرُّ بِهِمَا نِصْفَ مَا بِيَدِهِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ رُبُعُ جَمِيعِ الْمَالِ وَيُعْطِيهِ الْمُقِرُّ بِأَحَدِهِمَا ثُلُثَ مَا بِيَدِهِ وَذَلِكَ سُدُسُ جَمِيعِ الْمَالِ فَتَقُومُ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ لِأَنَّهَا إِقْرَارٌ بِرُبُعٍ بَيْنِهِمَا وَهُوَ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَالسُّدُسُ لِأَحَدِهِمَا خَاصَّةً وَالسُّدُسُ وَالثُّمُنُ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ فَعَلَى الْإِنْكَارِ لِكُلِّ ابْنٍ اثْنَا عشر وعَلى إِقْرَار الَّذِي أقربهما يَكُونُ لَهُ سِتَّةٌ فَتَبْقَى سِتَّةٌ بَيْنَهُمَا وَعَلَى إِقْرَارِ الَّذِي أَقَرَّ بِأَحَدِهِمَا يَكُونُ لَهُ ثَمَانِيَةٌ فَتَبْقَى أَرْبَعَةٌ لِلَّذِي اجْتَمَعَ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ فَيَحْصُلُ لَهُ سَبْعَةٌ وَلِلْآخَرِ ثَلَاثَةٌ هَذَا إِنْ كَانَ الْمُجْتَمَعُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ غَيْرَ مُقِرٍّ بِالْآخَرِ فَإِنْ كَانَ مُقِرًّا بِهِ دَفَعَ لَهُ مَا زَادَ بِيَدِهِ عَلَى رُبُعِ الْمَالِ وَهُوَ سَهْمٌ (مَسْأَلَةٌ) قِيلَ لِأَصْبَغَ تُوُفِّيَ رَجُلٌ وَتَرَكَ أَخَوَيْنِ وَامْرَأَةً حَامِلًا وَلَدَتْ غُلَامًا فَقَالَتْ وَلَدْتُهُ حَيًّا وَقَدِ اسْتَهَلَّ فَصَدَّقَهَا أَحَدُهُمَا وَكَذَّبَهَا الْآخَرُ قَالَ أَصْبَغُ هِيَ مِنْ أَرْبَعَةٍ

(مسألة)

وَعِشْرِينَ لِأَنَّ فَرِيضَةَ الْإِنْكَارِ تُقَسَّمُ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَفَرِيضَةُ الْإِقْرَارِ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَفَرِيضَةُ الِابْنِ عَلَى الْإِقْرَارِ مِنْ ثَلَاثَةٍ تَضْرِبُ ثَلَاثَةً فِي ثَمَانِيَةٍ يَكُونُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ لِلْمَرْأَةِ فِي الْإِنْكَارِ الرُّبُعُ سِتَّةٌ الْبَاقِي ثَمَانِيَةَ عَشَرَ لِكُلِّ أَخٍ تِسْعَةٌ وَلها فِي الْإِقْرَار الثّمن وللابن أحد وَعشْرين تُوُفِّيَ عَنْهَا لِأُمِّهِ الثُّلُثُ سَبْعَةٌ وَلِكُلِّ أَخٍ سَبْعَةٌ يَفْضُلُ بِيَدِ الْمُصَدِّقِ سَهْمَانِ يَدْفَعُهُمَا إِلَى الْأُمِّ فَيَصِيرُ بِيَدِهَا ثَمَانِيَةٌ وَبِيَدِ الْمُصَدِّقِ سَبْعَةٌ وَبِيَدِ الْمُنْكِرِ تِسْعَةٌ (مَسْأَلَةٌ) فِيهَا إِقْرَارٌ وَمُنَاسَخَةٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ تَرَكَ ابْنَيْنِ تُوُفِّيَ أَحَدُهُمَا وَتَرَكَ بِنْتًا فَأَقَرَّ الْحَيُّ بِأَخٍ لَهُ أَصْلُهَا فِي الْإِنْكَار من اثْنَيْنِ مَاتَ أَحدهمَا على سَهْمٍ وَتَرَكَ ابْنَتَهُ وَأَخَاهُ فَفَرِيضَتُهُ مِنَ اثْنَيْنِ وَتَرِكَتُهُ وَاحِدٌ لَا يَتَجَزَّأُ عَلَى اثْنَيْنِ فَتَضْرِبُ اثْنَيْنِ فِي مَسْأَلَةِ الْإِنْكَارِ تَبْلُغُ أَرْبَعَةً وَمَسْأَلَةُ الْإِقْرَارِ مِنْ ثَلَاثَةٍ مَاتَ أَحَدُهُمْ عَنْ سَهْمٍ وَتَرَكَ ابْنَةً وَأَخَوَيْهِ تَصِحُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَتَرِكَتُهُ وَاحِدٌ لَا يَتَجَزَّأُ عَلَى أَرْبَعَةٍ فَتَضْرِبُ أَصْلَ الْفَرِيضَةِ ثَلَاثَةٌ فِي أَرْبَعَةٍ تَكُونُ اثْنَيْ عَشَرَ وَمَسْأَلَةُ الْإِنْكَارِ أَرْبَعَةٌ دَاخِلَةٌ فِي اثْنَيْ عَشَرَ فَاقْسِمْ عَلَى اثْنَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ سِتَّةٌ مَاتَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ عَنْ سِتَّةٍ وَتَرَكَ ابْنَتَهُ وَأَخَاهُ فَلِلِابْنَةِ ثَلَاثَةٌ وَلِأَخِيهِ ثَلَاثَةٌ صَارَ فِي يَدِ الْأَخِ مِنْ أَبِيهِ وَأَخِيهِ تِسْعَةٌ ثُمَّ اعْتَبِرْهَا عَلَى الْإِقْرَارِ فَاقْسِمِ اثْنَيْ عَشَرَ عَلَى ثَلَاثَةٍ يَكُنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَرْبَعَةٌ مَاتَ أَحَدُهُمْ عَنْ أَرْبَعَةٍ وَتَرَكَ ابْنَتَهُ وَأَخَوَيْهِ لِابْنَتِهِ اثْنَانِ وَلِأَخَوَيْهِ وَاحِدٌ صَارَ فِي يَدِ الْمُقِرِّ مِنْ أَبِيهِ وَأَخِيهِ خَمْسَةٌ يَأْخُذُهَا مِنَ التِّسْعَةِ الَّتِي لَهُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْإِنْكَارِ يَفْضُلُ أَرْبَعَةٌ يَدْفَعُهَا لِلْمُقَرِّ بِهِ فَإِنْ أَقَرَّ الْحَيُّ بِأُخْتٍ لَهُمَا وَهِيَ فِي الْإِنْكَارِ بَعْدَ مَوْتِ الْأَخِ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَفِي الْإِقْرَارِ أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى مِنْ خَمْسَةٍ مَاتَ أَحَدُهُمَا عَنْ سَهْمٍ وَتَرَكَ ابْنَتَهُ وَأَخَاهُ وَأُخْتَهُ تَصِحُّ فَرِيضَتُهُ مِنْ سِتَّةٍ وَتَرِكَتُهُ اثْنَا عَشَرَ مُنْقَسِمَةٌ عَلَى سِتَّةٍ وَتُوَافِقُهَا بِالنِّصْفِ اضْرِبْ نِصْفَ السِّتَّةِ ثَلَاثَةً فِي الْفَرِيضَةِ وَهِيَ خَمْسَةٌ تَبْلُغُ خَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ ارْجِعْ إِلَى مَسْأَلَةِ الْإِنْكَارِ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ فَقُلْ أَرْبَعَةٌ مُبَايِنَةٌ لِخَمْسَةَ عشر فاضربها

(مسألة)

فِيهَا تَبْلُغُ سِتِّينَ اقْسِمْهَا عَلَى الْإِنْكَارِ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ لِكُلِّ سَهْمٍ خَمْسَةَ عَشَرَ وَلِلْمُقِرِّ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَلِابْنَةِ الْمَيِّتِ خَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ اقْسِمِ السِتِّينَ عَلَى الْإِقْرَارِ عَلَى خَمْسَةٍ لِكُلِّ سَهْمٍ اثْنَا عَشَرَ لِلذَّكَرِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ وَلِأَخِيهِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ وَلِلْأُخْتِ اثْنَا عَشَرَ مَاتَ أَحَدُهُمْ عَنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ وَابْنَتِهِ وَأَخِيهِ وَأُخْتِهِ لِابْنَتِهِ اثْنَا عَشَرَ وَلِأَخِيهِ ثَمَانِيَةٌ وَلِأُخْتِهِ أَرْبَعَةٌ صَارَ لِلْمُقِرِّ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ يَأْخُذُهَا مِمَّا فِي يَدَيْهِ مِنْ مَسْأَلَةِ الْإِنْكَارِ وَهِيَ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ يَفْضُلُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ لِلْمُقَرِّ بِهَا (مَسْأَلَةٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ تَرَكَ ابْنًا أَقَرَّ بِأَخٍ فَلَهُ نِصْفُ مَا فِي يَدَيْهِ فَإِنْ أَقَرَّ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَخٍ قَالَ سَحْنُونٌ هَذِهِ كَمَسْأَلَةِ وَلَدَيْنِ ثَابِتَيِ النَّسَبِ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِأَخٍ يَدْفَعُ لَهُ ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ بِرَابِعٍ أَوْ خَامِسٍ يَدْفَعُ لَهُ الْفَاضِلَ بَعْدَ إِقْرَارِهِ وَيُمْسِكُ مَا زَعَمَ أَنَّهُ يَجِبُ لَهُ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ ابْن قَاسم وَقَالَ أَشهب لَا ينظر إِلَى مَا يَجِبُ لِلْمُقِرِّ بَلْ مَا يَجِبُ لِلْمُقَرِّ بِهِ لِأَنَّ جَمِيعَ الْمَالِ كَانَ فِي يَدِ الْمُقِرِّ وَكَانَ قَادِرًا عَلَى أَنْ يُقِرَّ لَهُمَا جَمِيعًا مَعًا وَلَا يُتْلِفَ عَلَى الْمُقَرِّ بِهِ الثَّانِي شَيْئًا مِمَّا يَجِبُ لَهُ فَإِذَا أَقَرَّ بِثَالِثٍ فَقَدْ أَقَرَّ أَنَّ الَّذِي يَجِبُ لِلثَّالِثِ ثُلُثُ جَمِيعِ الْمَالِ فَيَدْفَعُ ذَلِكَ إِلَيْهِ وَيَبْقَى فِي يَدَيْهِ السُّدُسُ فَإِنْ أَقَرَّ بِرَابِعٍ أَعْطَاهُ مِنْ عِنْدِهِ رُبُعَ جَمِيعِ الْمَالِ يُعْطِيهِ السُّدُسَ الَّذِي بِيَدِهِ وَيَغْرَمُ لَهُ مِنْ مَالِهِ تَمَامَ الرُّبُعِ وَكَذَلِكَ إِنْ أَقَرَّ بِخَامِسٍ يَغْرَمُ لَهُ مِنْ مَالِهِ مِثْلَ خُمُسِ الْمَالِ ثُمَّ عَلَى هَذَا سَوَاءٌ غَرِمَ لِلْأَوَّلِ مَا يَجِبُ لَهُ قَبْلَ إِقْرَارِهِ بِالثَّانِي أَوْ لَمْ يَغْرَمْ شَيْئًا غَرِمَ لِلْأَوَّلِ نَقْصًا أَمْ لَا أَقَرَّ الْأَوَّلُ عَالِمَاً بِالثَّانِي أَمْ لَا لِأَنَّ جَمِيعَ الْمَالِ كَانَ فِي يَدَيْهِ فَقَدْ أَتْلَفَ عَلَى الْمُقَرِّ بِهِ أَخِيرًا حَقَّهُ أَوْ بَعْضَهُ عَمْدًا أَوْ خطأ وهم سَوَاءٌ فِي الْإِتْلَافِ وَإِنْ قَالَ كُنْتُ كَاذِبًا فِي الْأَوَّلِ قَالَ سَحْنُونٌ يُقَاسِمُ الثَّانِيَ مَا بَقِيَ فِي يَدَيْهِ نِصْفَيْنِ فَإِنْ أَقَرَّ بِثَالِثٍ وَأَنْكَرَ الْأَوَّلَيْنِ قَاسَمَ الثَّالِثَ مَا بَقِيَ فِي يَدَيْهِ نِصْفَيْنِ وَعَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ يَدْفَعُ لَهُ مِثْلَ نِصْفِ جَمِيعِ الْمَالِ (مَسْأَلَةٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ تَرَكَ أُمَّهُ وَعَمَّيْهِ أَقَرَّ الْعَمَّانِ بِأَخٍ لَهما وصدقتهما الْأُم فَقَالَ

(مسألة)

الْمُقَرُّ بِهِ صَدَقْتُمْ وَمَعِي نَصِيبِي مِنْ تَرِكَةِ ابْنِ أَخِي فَكَأَنَّ الْمَيِّتَ تَرَكَ ثَلَاثَةَ أَعْمَامٍ وَأُمًّا أَصْلُهَا مِنْ ثَلَاثَةٍ وَتَصِحُّ مِنْ تِسْعَةٍ لِلْأُمِّ الثُّلُثُ ثَلَاثَةٌ وَلِكُلِّ عَمٍّ اثْنَانِ فَلَمَّا قَالَ معي نَصِيبي أسقط سَهْمَيْهِ مِنَ الْفَرِيضَةِ بَقِيَتْ سَبْعَةٌ وَمِنْهَا تَصِحُّ فَرِيضَةُ الثَّانِي لِلْأُمِّ ثَلَاثَةٌ وَلِكُلِّ عَمٍّ اثْنَانِ (مَسْأَلَةٌ) قَالَ تَرَكَ ابْنَيْنِ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِثَالِثٍ وَأَقَرَّ الثَّالِثُ بِرَابِعٍ قَالَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَدْفَعُ الِابْنُ الْمَعْرُوفُ إِلَى الَّذِي أَقَرَّ بِهِ ثُلُثَ مَا فِي يَدَيْهِ وَهُوَ سُدُسُ الْمَالِ وَيُعْطِي الثَّالِثُ الرَّابِعَ رُبُعَ مَا فِي يَدَيْهِ وَهُوَ ثُلُثُ ثُمُنِ الْمَالِ لِأَنَّ الثَّالِثَ مُقْتَضَى إِقْرَارِهِ أَنَّ لِلرَّابِعِ رُبُعَ جَمِيعِ الْمَالِ فِي يَدِ الْمَعْرُوفِينَ كُلُّ وَاحِدٍ ثُمُنُ الْمَالِ وَأَخَذَ مِنَ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ السُّدُسَ وَإِنَّمَا لَهُ الثُّمُنُ فمعه فَاضل عَن حَقه ثلث الْمَالِ فَتَصِحُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ فِي يَدِ الْمُنْكِرِ اثْنَا عَشَرَ وَفِي يَدِ الْمُقِرِّ ثَمَانِيَةٌ وَفِي يَدِ الثَّالِثِ ثَلَاثَةٌ وَفِي يَدِ الرَّابِعِ وَاحِد

(الباب السادس في حساب الوصايا)

(الْبَابُ السَّادِسُ فِي حِسَابِ الْوَصَايَا) وَفِيهِ فَصْلَانِ 3 - (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْوَصِيَّةِ بِجُزْءٍ مُسَمًّى وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ) كَنِصْفٍ أَوْ ثُلُثٍ مَفْتُوحًا أَوْ أَصَمَّ نَحْوَ بِجُزْءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ وَلَهُ وَرَثَةٌ فَلِلْعَمَلِ طَرِيقَانِ الطَّرِيقُ الْأَوَّلُ فِي الْجَوَاهِرِ تُصَحِّحُ فَرِيضَةَ الْمِيرَاثِ ثُمَّ تَجْعَلُ جُزْءَ الْوَصِيَّةِ مِنْ حَيْثُ تَنْقَسِمُ عَلَى أَصْحَابِ الْوَصَايَا فَرِيضَةً بِرَأْسِهَا وَتَخْرُجُ لِلْوَصِيَّةِ وَتَنْظُرُ لِلْبَاقِي مِنْ فَرِيضَةِ الْوَصِيَّةِ فَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الْبَقِيَّةُ تَنْقَسِمُ عَلَى فَرِيضَةِ الْوَرَثَةِ فَبِهَا وَنِعِمَّتْ وَإِنْ لَمْ تَنْقَسِمْ نَظَرْنَا بَيْنَهُمَا وَاعْتَبَرْنَا إِحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى فَإِنْ تَبَايَنَا ضَرَبْنَا فَرِيضَةَ الْمِيرَاثِ فِي فَرِيضَةِ الْوَصِيَّةِ فَمَا انْتَهَى لَهُ الضَّرْبُ مِنْهُ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ وَالْفَرِيضَةُ وَإِنْ تَوَافَقَا بِجُزْءٍ ضَرَبْنَا ذَلِكَ الْجُزْءَ مِنْ فَرِيضَةِ الْمِيرَاثِ فِي فَرِيضَةِ الْوَصِيَّةِ وَمِنْهُ تَصِحُّ الطَّرِيقُ الثَّانِي تَأْخُذُ مَخْرَجَ جُزْءِ الْوَصِيَّةِ ثُمَّ تَزِيدُ عَلَى سِهَامِ الْفَرِيضَةِ سِهَامًا قَبْلَ مَخْرَجِ الْوَصِيَّةِ أَبَدًا فَإِذَا كَانَتِ الْوَصِيَّةُ بِالثُّلُثِ زِدْتَ نِصْفَهَا أَوْ بِالرُّبُعِ زِدْتَ ثُلُثَهَا أَوْ بِالْخُمُسِ زِدْتَ رُبُعَهَا ثُمَّ كَذَلِكَ إِلَى الْعُشْرِ وَمَا زَادَ عَلَيْهِ يَطَّرِدُ ذَلِكَ فِي الْمَفْتُوحِ وَالْأَصَمِّ فَإِنْ كَانَتِ الْوَصِيَّةُ بِجُزْءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ زِدْتَ الْعُشْرَ أَوْ

بِجُزْءٍ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ زِدْتَ جُزْءًا مِنْ أَحَدَ عَشَرَ ثُمَّ كَذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ بِالنِّصْفِ زِدْتَ مِثْلَهَا لِأَنَّ الَّذِي قَبْلَ مَخْرَجَ الْوَصِيَّةِ وَاحِدٌ فَالْقِسْمَةُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ وَلِأَنَّ النِّصْفَ هُوَ أَكْثَرُ الْأَجْزَاءِ وَأَوَّلُهَا وَمَا قَبْلَهُ هُوَ الْوَاحِدُ فَجَعَلْنَا سِهَامَ الْفَرِيضَةِ كَالْوَاحِدِ وَزِدْنَا عَلَيْهَا مِثْلَهَا وَعَبَّرَ بَعْضُهُمْ عَنْ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ أَنَّا إِذَا صَحَّحْنَا الْفَرِيضَةَ وَالْوَصِيَّةَ وَأَخْرَجْنَا جُزْءَ الْوَصِيَّةِ مِنْهَا وَوَجَدْنَا الْبَقِيَّةَ غَيْرَ مُنْقَسِمَةٍ عَلَى الْفَرِيضَةِ نَظَرْنَا نِسْبَةَ الْجُزْءِ الَّذِي أَخْرَجْنَاهُ مِنَ الْفَرِيضَةِ إِلَى بَقِيَّتِهَا فَمَا كَانَ رَدَدْنَا عَلَى الْفَرِيضَةِ مَا نُسِبَتْ إِلَيْهَا تِلْكَ النِّسْبَةُ مِثَالُ الطَّرِيقَيْنِ أَرْبَعَة بَنِينَ وَأوصى بِالثُّلثِ فعلى الطَّرِيق الأولى الْفَرِيضَة من أَرْبَعَة وَالْوَصِيَّة من ثَلَاث يَخْرُجُ سَهْمُ الْوَصِيَّةِ وَهُوَ سَهْمٌ يَبْقَى اثْنَانِ لَا ينقسمان على الْأَرْبَعَة ويوافقانها فِي بِالنِّصْفِ فَتَضْرِبُ اثْنَيْنِ وَفْقَ فَرِيضَةِ الْوَرَثَةِ فِي ثَلَاثَةِ فَرِيضَةِ الْوَصِيَّةِ تَبْلُغُ سِتَّةً يَخْرُجُ مِنْهَا جُزْءُ الْوَصِيَّةِ يَبْقَى أَرْبَعَةٌ يَنْقَسِمُ عَلَى الْأَرْبَعَةِ وَعَلَى الطَّرِيقِ الثَّانِي عَلَى الْعِبَارَةِ الْأُولَى تَحْمِلُ عَلَى فَرِيضَةِ الْوَرَثَةِ جُزْءًا مَا قَبْلَ مَخْرَجِ الْوَصِيَّةِ وَهُوَ هَاهُنَا النِّصْفُ فَتَصِيرُ سِتَّةً يَخْرُجُ جُزْءُ الْوَصِيَّةِ اثْنَيْنِ تَبْقَى أَرْبَعَةٌ عَلَى أَرْبَعَةٍ وَعَلَى الْعِبَارَةِ الثَّانِيَةِ إِذَا اعْتَبَرْنَا الْجُزْءَ الَّذِي أخرجناه من فَرِيضَة الْوَصِيَّة بِالنِّسْبَةِ إِلَى بقيتها وَجَدْنَاهُ نِصْفَ الْبَاقِي فَزِدْنَا عَلَى الْفَرِيضَةِ نِصْفَهَا كَمَا تَقَدَّمَ وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ يَقَعُ فِي الْفَرِيضَةِ كَسْرٌ بِسَبَبِ حَمْلِ الْجُزْءِ عَلَى الْفَرِيضَةِ فَتَضْرِبُ الْمَسْأَلَةَ وَالْكَسْرَ فِي مَخْرَجِ ذَلِكَ الْكَسْرِ وَمِنْهَا تَصِحُّ مِثَالُ ذَلِكَ أَوْصَى بِالسُّدُسِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَإِذَا أَخْرَجْنَا جُزْءَ الْوَصِيَّةِ وَهُوَ وَاحِدٌ مِنْ مَخْرَجِهَا وَهُوَ سِتَّةٌ تَبْقَى خَمْسَةٌ فَلَا تَنْقَسِمُ عَلَى الْفَرِيضَةِ وَلَا تُوَافِقُ فَعَلَى الطَّرِيقِ الْأَوَّلِ نَضْرِبُ أَرْبَعَةً فِي السِّتَّةِ تَبْلُغُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ وَكَذَا فِي الطَّرِيقِ الثَّانِي أَيْضًا يَخْرُجُ مِنَ الْأَرْبَعَةِ وَالْعِشْرِينَ وَلَكِنْ بَعْدَ وُجُودِ الْكَسْرِ فِيهَا وَضَرْبِهَا وَضَرْبِهِ فِي مَخْرَجِهِ فَنَقُولُ عَلَى الْعِبَارَةِ الْأُوْلَى إِذَا أَوْصَى بِالسُّدُسِ حَمَلْنَا عَلَى الْفَرِيضَةِ مِثْلَ خُمُسِهَا وَخُمُسُ الْأَرْبَعَةِ أَرْبَعَةُ

أَخْمَاس فتكسر السِّهَامُ فَتَضْرِبُ الْأَرْبَعَةَ وَالْأَرْبَعَةَ الْأَخْمَاسِ فِي خَمْسَةٍ تَبْلُغُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ وَكَذَلِكَ إِذَا نَسَبْنَا جُزْءَ الْوَصِيَّةِ إِلَى مَا بَقِيَ مِنْ مَخْرَجِهَا وَجَدْنَاهُ خُمُسَ الْبَقِيَّةِ فَحَمَلْنَا عَلَى الْفَرِيضَةِ خُمُسَهَا انْكَسَرَتِ السِّهَامُ فَتَضْرِبُهَا فِي الْخَمْسَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فَإِنْ أوصى بجزئين ضَرَبْتَ مَخْرَجَ أَحَدِهِمَا فِي مَخْرَجِ الْآخَرِ أَوْ فِي وَفْقِهِ إِنْ كَانَ وَمَا اجْتَمَعَ فَهُوَ مخرج الفريضتين جَمِيعًا فَإِذَا أَخْرَجْتَ جُزْءَ الْوَصِيَّةِ مِنْهُ ثُمَّ قَسَمْتَ الْبَاقِيَ عَلَى الْفَرِيضَةِ فَإِنِ انْقَسَمَ وَإِلَّا ضَرَبْتَ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ الضَّرْبُ فِي عَدَدِ سِهَامِ الْمَسْأَلَةِ أَوْ فِي وَفْقٍ إِنْ كَانَ وَمِنْهُ يَصِحُّ حِسَابُ الْوَصِيَّتَيْنِ مِثَالُ ذَلِكَ ثَلَاثَةُ بَنِينَ وَأوصى بالسدس وَالْآخر بِالسُّبُعِ فَمَخْرَجُ السُّدُسِ مِنْ سِتَّةٍ وَالسُّبُعِ مِنْ سَبْعَةٍ وَهُمَا مُتَبَايِنَانِ تَضْرِبُ أَحَدَهُمَا فِي الْآخَرِ تَبْلُغُ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ يَخْرُجُ جُزْءُ الْوَصِيَّةِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ تَبْقَى تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ لَا تَنْقَسِمُ عَلَى سِهَامِ الْفَرِيضَةِ وَلَا تُوَافِقُهَا تَضْرِبُ الثَّلَاثَةَ سِهَامِ الْفَرِيضَةِ فِي اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ تَبْلُغُ مِائَةً وَسِتَّةً وَعِشْرِينَ جُزْءُ الْوَصِيَّةِ مِنْ ذَلِكَ تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ يَبْقَى سَبْعَةٌ وَثَمَانُونَ لِكُلِّ سَهْمٍ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ وَإِنْ كَانَتِ الْوَصِيَّةُ أَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ فَإِنْ أَجَازَ الْوَرَثَةُ فَالْعَمَلُ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِلَّا فَإِنْ كَانَتِ الْوَصِيَّةُ لِوَاحِدٍ أَوْ لِمَسَاكِينَ فَخُذْ مَخْرَجَ الثُّلُثِ ثُمَّ اعْمَلْ عَلَى نَحْوِ مَا تَقَدَّمَ وَإِنْ كَانَتِ الْوَصِيَّةُ لِجَمَاعَةٍ فَخُذْ مَخْرَجًا تَقُومُ مِنْهُ وَصَايَاهُمْ وَخُذْ مِنْ ذَلِكَ الْمَخْرَجِ جَمِيعَ وَصَايَاهُمْ فَمَا اجْتَمَعَ اجْعَلْهُ ثُلُثَ مَالٍ يَكُونُ مُنْقَسِمًا عَلَى الْوَصَايَا وَالْحِصَصِ ثُمَّ اقْسِمِ الثَلَاثِينَ عَلَى الْوَرَثَةِ فَإِنْ لَمْ يَنْقَسِمْ فَانْظُرْ هَلْ يُوَافِقُ فَرِيضَتَهُمْ مِنْ حَيْثُ يَنْقَسِمُ بِجُزْءٍ أَمْ لَا ثُمَّ اعْمَلْ عَلَى نَحْوِ مَا تَقَدَّمَ مِثَاله تركت أما وزوجا وَأُخْتًا لِأَبٍ وَأَوْصَتْ بِالثُّلُثِ وَلِآخَرَ بِالْخُمُسِ وَلَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ فَهِيَ مِنْ سِتَّةٍ وَتَعُولُ بِالثُّلُثِ بِثَمَانِيَةٍ وَمَخْرَجُ الثُّلُثِ وَالْخُمُسِ خَمْسَةَ عَشَرَ لِصَاحِبِ الْخُمُسِ ثَلَاثَةٌ فَاجْعَلِ الثَّمَانِيَةَ ثُلُثَ مَالٍ يَنْقَسِمُ بَيْنَ الْوَصَايَا وَالْحِصَصِ فَالثُّلُثَانِ سِتَّةَ عَشَرَ لِلْأُمِّ مِنَ الْفَرِيضَةِ سَهْمَانِ فِي اثْنَيْنِ ثُمُنُ مَا بَقِيَ لَهُمْ بِأَرْبَعَةٍ لِأَنَّ فَرِيضَتَهُمْ وَمَا بَقِيَ لَهُمْ يَتَّفِقَانِ بِالثُّلُثِ وَلِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ فِي اثْنَيْنِ سِتَّة

وَلِلْأُخْتِ مِثْلُ ذَلِكَ هَذَا إِنِ اتَّفَقُوا عَلَى الْإِجَازَةِ أَوِ الرَّدِّ فَإِنِ اخْتَلَفُوا فَلِلِاخْتِلَافِ صُوَرٌ الصُّورَةُ الْأُولَى إِذَا أَجَازَ بَعْضُهُمْ جَمِيعَ الْوَصَايَا وَلَمْ يُجِزْ بَاقِيهِمْ شَيْئًا فَتَقْسِمُ الْمَسْأَلَةَ عَلَى إجَازَة الْكل وعَلى رد الْكل وتوفق بَينهَا وَتَعْمَلُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنَ الِاسْتِغْنَاءِ بِأَكْثَرِهِمَا أَو ضرب أَحدهمَا فِي الآخر أَو وفقهما ثُمَّ أَعْطِ كُلَّ مُجِيزٍ نَصِيبَهُ مِنْ مَسْأَلَةِ الرَّدِّ وَالْبَاقِي لِلْمُوصَى لَهُ عَلَى قَدْرِ الْوَصِيَّتَيْنِ مِثَالُهُ تَرَكَ ابْنَيْنِ وَأَوْصَى بِالنِّصْفِ وَلِآخَرَ بِالثُّلُثِ أَجَازَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ الْوَصِيَّتَيْنِ وَمَنَعَهُمَا الْآخَرُ فَمَسْأَلَةُ الْإِجَازَةِ مِنَ اثْنَيْ عَشَرَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالنِّصْفِ سِتَّةٌ وَلِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ أَرْبَعَةٌ وَلِكُلِّ ابْنٍ سَهْمٌ وَمَسْأَلَةُ الرَّدِّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ الثُّلُثُ خَمْسَةٌ لِلْمُوصَى لَهُمَا عَلَى خَمْسَةِ أَجْزَاءٍ لِصَاحِبِ النّصْف ثَلَاثَة وَلِصَاحِب الثُّلُث سَهْمَان وَالثُّلُثَانِ للاثنين لِكُلِّ ابْنٍ خَمْسَةٌ وَالِاثْنَا عَشَرَ تَوَافُقُ الْخَمْسَةَ عَشَرَ بِالثُّلُثِ تَضْرِبُ ثُلُثَ أَحَدِهِمَا فِي كَامِلِ الْآخَرِ تَبْلُغُ سِتِّينَ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنَ اثْنَيْ عَشَرَ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي وَفْقِ الِاثْنَيْ عَشَرَ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ فَلِلِابْنِ الْمُجِيزِ سَهْمٌ مِنَ اثْنَيْ عَشَرَ فِي خَمْسَةٍ وَذَلِكَ خَمْسَةٌ وَلِلَّذِي لَمْ يُجِزْ خَمْسَةٌ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ فِي أَرْبَعَة عشرُون وَتبقى خَمْسَة وَثَلَاثُونَ لِلْمُوصَى لَهُمَا عَلَى خَمْسَةٍ لِصَاحِبِ النِّصْفِ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ وَلِلثُّلُثِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ أَجَازَ جَمِيعُهُمْ لِبَعْضِ الْوَصَايَا دُونَ بَعْضٍ فَلِمَنْ أَجَازُوا لَهُ نَصِيبُهُ بِكَمَالِهِ وَلِمَنْ لَمْ يُجِيزُوا لَهُ نَصِيبُهُ مِنَ الْحِصَاصِ فِي الثُّلُثِ لَوْ أَنَّهُمْ لَمْ يُجِيزُوا وَيُعْرَفُ تَحْدِيدُ ذَلِكَ بِأَخْذِ مخرج الْوَصَايَا من حَيْثُ تقوم لَو أَنهم لَمْ يُجِيزُوا وَمَخْرَجُ وَصِيَّةِ مَنْ أَجَازُوا لَهُ مِنْ حَيْثُ تَقُومُ فَإِنْ دَخَلَ أَحَدُ الْمَخْرَجَيْنِ فِي الآخر اكْتفى بِالْأَكْثَرِ فَإِن وَافَقَ فَاضْرِبْ جُزْءَ أَحَدِهِمَا فِي كَامِلِ الْآخَرِ وَأَعْطِ لِمَنْ أَجَازُوا لَهُ مَا أَوْصَى لَهُ بِهِ وَلِمَنْ لَمْ يُجِيزُوا لَهُ مَا يَنُوبُهُ مِنَ الْحِصَاصِ فِي الثُّلُثِ ثُمَّ اقْسِمْ مَا بَقِيَ عَلَى الْوَرَثَةِ فَإِنْ لَمْ يَنْقَسِمْ وَوَافَقَ فريضتهم بِجُزْء ضربت جُزْء الْفَرِيضَةِ فِي الْمَخْرَجِ وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقَا فَكَامِلُ الْفَرِيضَةِ فِي كَامِلِ الْمَخْرَجِ ثُمَّ اقْسِمْ عَلَى مَا تقدم

مِثَالُهُ تَرَكَتْ زَوْجًا وَأُخْتَيْنِ شَقِيقَتَيْنِ وَأَوْصَتْ بِالنِّصْفِ وَبِالسُّدُسِ لِآخَرَ أَجَازَ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ السُّدُسَ خَاصَّةً فَهِيَ مِنْ سِتَّةٍ تَعُولُ بِالسُّدُسِ لِتِسْعَةٍ وَمَخْرَجُ الْوَصِيَّةِ سِتَّةٌ لِصَاحِبِ النِّصْفِ ثَلَاثَةٌ وَلِصَاحِبِ السُّدُسِ وَاحِدٌ فَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ اجْعَلْهَا ثُلُثًا لِصَاحِبِ النِّصْفِ مِنْ ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الثُّلُثِ ثَلَاثَةٌ فَيَكُونُ مخرج من لم يجيزوا لَهُ اثْنَا عَشَرَ وَمَخْرَجُ مَنْ أَجَازُوا لَهُ سِتَّةً وَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي الِاثْنَيْ عَشَرَ فَخُذْ الِاثْنَيْ عَشَرَ فَأَعْطِ الَّذِي أَجَازُوا لَهُ السُّدُسَ سَهْمَيْنِ وَأَعْطِ صَاحِبَ النِّصْفِ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الثُّلُثِ ثَلَاثَةٌ الَّذِي يَنُوبُهُ فِي الْحِصَاصِ وَالْبَاقِي سَبْعَةٌ مُنْقَسِمَةٌ عَلَى الْوَرَثَةِ الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ يُجِيزُ بَعْضُهُمْ لِقَوْمٍ وَبَعْضُهُمْ لآخرين فليزم كل وَاحِد مِمَّن أَجَازَهُ مَا أُوْصِيَ لَهُ بِهِ وَيَلْزَمُهُ مِمَّنْ لَمْ يُجِزْ لَهُ مَا يَنُوبُهُ فِي الْحِصَاصِ فِي الثُّلُثِ فَخُذْ مَخْرَجَ الْوَصَايَا مِنْ حَيْثُ تَقُومُ لَوْ أَنَّهُمْ لَمْ يُجِيزُوا وَخُذْ مَخْرَجَ كُلِّ وَاحِدٍ مِمَّنْ أَجَازُوا لَهُ عَلَى الِانْفِرَادِ كَأَنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ وَارِثٌ غَيْرُهُ وَلَا وَصِيَّةَ إِلَّا وَصِيَّتُهُ الَّتِي تَلْزَمُهُ ثُمَّ انْظُرْ سِهَامَ كُلِّ وَارِثٍ مِنَ الْفَرِيضَةِ فَإِنْ كَانَ فِيهَا مَا يَلْزَمُهُ مِنَ الْوَصَايَا أَغْنَتْكَ سِهَامُهُ عَنْ مَخْرَجِ الْوَصَايَا الَّتِي تَلْزَمُهُ ثُمَّ انْظُرْ سِهَامَ كُلِّ وَارِثٍ مِنَ الْفَرِيضَةِ وَإِنْ كَانَ فِي سِهَامِهِ بَعْضُهَا أَجْزَأَتْكَ سِهَامُهُ عَنْ مَخْرَجِ بَاقِيهَا وَخُذْ لَهُ مَخْرَجَ مَا لَيْسَ فِيهَا ثُمَّ انْظُرْ ذَلِكَ الْمَخْرَجَ فَإِنْ وَافَقَ سِهَامُهُ بِجُزْءٍ فَخذ ذَلِك الْجُزْء من الْمخْرج واجعله مخرج وَصِيَّة وَإِنْ لَمْ يُوَافِقْهَا بِجُزْءٍ تَرَكْتَ الْمَخْرَجَ عَلَى حَالِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي سِهَامِهِ شَيْءٌ مِمَّا يَلْزَمُهُ مِنَ الْوَصَايَا فَخُذْ مَخْرَجَ وَصَايَاهُ مِنْ حَيْثُ تَقُومُ ثُمَّ إِنْ وَافَقَ أَحَدُ الْمَخْرَجَيْنِ الْآخَرَ اضْرِبْ جُزْءَ أَحَدِهِمَا فِي كَامِلِ الْآخَرِ فَمَا اجْتَمَعَ هُوَ الْمَخْرَجُ لِوَصَايَاهُ وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقْ مَخْرَجُ وَصَايَاهُ بِجُزْءٍ ضَرَبْتَ بَعْضَهَا فِي بَعْضٍ فَالْمُتَحَصِّلُ مَخْرَجُ وَصَايَاهُ وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقَا أَبْقَيْتَ الْمَخْرَجَ بِحَالِهِ وَافْعَلْ فِي حَقِّ غَيْرِهِ مِنَ الْوَرَثَةِ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ انْظُرْ بَعْدَ هَذَا جَمِيعَ مَا حَصَلَ بِيَدِكَ مِنْ مَخَارِجِ الْوَرَثَةِ هَلْ تَتَمَاثَلُ أَوْ تَتَدَاخَلُ أَوْ تَتَّفِقُ بِجُزْءٍ وَاعْمَلْ عَلَى حَسَبِ مَا تَقَدَّمَ فَالْمُجْتَمَعُ هُوَ مَخْرَجُ الْوَرَثَةِ كُلِّهِمْ فَاضْرِبِ الْفَرِيضَةَ فِيهِ فَمَا بلغ فاقسمه على الورقة وَأَعْطِ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْوَصَايَا مِمَّا بِيَدِ كُلِّ وَارِثٍ مَا يَلْزَمُهُ

مِثَالُهُ تَرَكَ أُمًّا وَزَوْجَةً وَأُخْتًا شَقِيقَةً وَأُخْتَيْنِ لِأُمٍّ الْفَرِيضَةُ مِنَ اثْنَيْ عَشَرَ تَعُولُ بِالرُّبُعِ إِلَى خَمْسَةَ عَشَرَ وَأَوْصَى بِالثُّلُثِ وَلِآخَرَ بِالسُّدُسِ أَجَازَتِ امْرَأَتُهُ وَالشَّقِيقَةُ الثُّلُثَ وَالْأُمُّ وَالْإِخْوَةُ لِلْأُمِّ السُّدُسَ السُّدُسُ وَالثُّلُثُ ثَلَاثَةٌ مِنْ سِتَّةٍ اجْعَلْهَا ثلث مَال يكون مخرجين لِمَنْ لَمْ يُجِزْ لَهُ تِسْعَةَ سِهَامٍ وَسِهَامُ الْمَرْأَة والشقيقة تِسْعَة ولزمهما لمن أجازتا لَهُ ثُلُثَ مَا فِي أَيْدِيهِمَا وَلِصَاحِبِ السُّدُسِ الثُّلُثُ سَهْمٌ مِنْ تِسْعَةٍ فَذَلِكَ فِي سِهَامِهَا فتستغني عَن مخرج وصاياهما وسهام الْأُم وَالْأَخَوَات لِلْأُمِّ سِتَّةٌ يَلْزَمُهُنَّ لِصَاحِبِ السُّدُسِ سُدُسُ مَا فِي أَيْدِيهِنَّ وَهُوَ فِي سِهَامِهِنَّ وَيَلْزَمُهُنَّ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ ثُلُثَاهُ ثَلَاثَةٌ مِنْ تِسْعَةٍ فَيَكُونُ مَخْرَجُ وَصَايَاهُ كُلِّهَا تِسْعَةً اضْرِبِ الْفَرِيضَةَ خَمْسَةَ عَشَرَ فِي تِسْعَةٍ تَبْلُغُ مِائَةً وَخَمْسَةً وَثَلَاثِينَ لِلزَّوْجَةِ وَالشَّقِيقَةِ تِسْعَةٌ فِي تِسْعَةٍ بِأَحَدٍ وَثَمَانِينَ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ مِنْ ذَلِكَ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ وَلِلسُّدُسِ ثُلُثُ الثُّلُثِ تِسْعَةٌ الْبَاقِي لَهُمَا خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ مُنْقَسِمَةٌ عَلَى ثَلَاثَةٍ لِأَنَّ سِهَامَهُمَا تَتَّفِقُ بِالثُّلُثِ وَيَكُونُ لِلزَّوْجَةِ سَهْمٌ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ وَلِلشَّقِيقَةِ سَهْمَانِ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ بِثَلَاثِينَ وَلِلْأُمِّ وَالْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ سِتَّةٌ فِي تِسْعَةٍ بِأَرْبَعَةٍ وَخَمْسِينَ لِصَاحِبِ السُّدُسِ مِنْ ذَلِكَ تِسْعَةٌ وَلِلثُّلُثِ ثُلُثَاهُ اثْنَا عَشَرَ الْبَاقِي لَهُنَّ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ مُنْقَسِمَةٌ عَلَيْهِنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَحَدَ عَشَرَ وَاجْتَمَعَ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجَةِ وَالشَّقِيقَةِ وَاثْنَا عَشَرَ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ وَإِخْوَةِ الْأُمِّ وَاجْتَمَعَ لِلسُّدُسِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ تِسْعَةٌ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ وَلَمْ تَتَّفِقْ سِهَامُهُمْ بِجُزْءٍ مِنْ ذَلِكَ

(الفصل الثاني في حساب الوصية بالنصيب وما يتبعه)

(الْفَصْلُ الثَّانِي فِي حِسَابِ الْوَصِيَّةِ بِالنَّصِيبِ وَمَا يَتْبَعُهُ) وَتَقَدَّمَتْ أَحْكَامُهَا فِي الْوَصَايَا وَأَنَّ الْمُوصَى لَهُ يَكُونُ عِوَضًا عَنْ صَاحِبِ النَّصِيبِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَتَقَدَّمَ حِسَابُ النَّصِيبِ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ إِذَا انْفَرَدَ كَانَ وَصِيَّةً بِجُزْءٍ مُسَمًّى إِذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِ بَنِيَّ وَهُمْ أَرْبَعَةٌ أَوْ يَقُولُ بِرُبُعِ مَالِي وَإِنَّمَا الْقَصْدُ هَاهُنَا عَمَلُ مَا إِذَا اقْتَرَنَ بِهَا الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ جُمْلَةِ الْمَالِ أَوْ مِنْ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ أَوِ اقْتَرَنَتْ بِهَا الْإِضَافَةُ أَوِ التَّكْمِلَةُ وَفِيهَا مَسَائِلُ الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى فِي الْجَوَاهِرِ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِ بَنِيهِ وَاسْتَثْنَى مِنْهُ جُزْءًا مُعَيَّنًا نَحْوَ ثَلَاثَةِ بَنِينَ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمْ إِلَّا سُبُعَ مَالِهِ فَيُدْفَعُ لَهُ مَا كَانَ يُصِيبُ أَحَدَ الْبَنِينَ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ وَهُوَ الثُّلُثُ يَبْقَى ثُلُثُ الْمَالِ سَهْمَانِ عَلَى ثَلَاثَةِ مُبَايِنٌ فَتَضْرِبُ ثَلَاثَةً فِي ثَلَاثَةٍ تَبْلُغُ تِسْعَةً فِي سَبْعَةٍ مَخْرَجِ الْجُزْءِ الْمُسْتَثْنَى تَبْلُغُ ثَلَاثَةً وَسِتِّينَ لِصَاحِبِ الْوَصِيَّةِ ثُلُثُ ذَلِكَ وَاحِدٌ وَعِشْرُونَ وَالنَّصِيبُ أَكْثَرُ مِنَ ثلث فَأَمَّا لَوْ كَانَ الْبَنُونَ أَرْبَعَةً أَوْ أَكْثَرَ أَوْ كَانَتِ الْوَصِيَّةُ فِي ثُلُثِ مَا يَبْقَى مِنَ النِّصْفِ لَصَحَّتْ ثُمَّ الْعَمَلُ كَمَا تَقَدَّمَ تَأْخُذُ مَخْرَجَ الرُّبُعِ إِنْ كَانُوا أَرْبَعَةً تَضْرِبُهُ فِي مخرج ثلث الثُّلُث تِسْعَة يكون سِتَّة وَثَلَاثِينَ النَّصِيب مِنْهَا تِسْعَة وَالثلث اثْنَا عشر يَبْقَى مِنْهُ ثَلَاثَةٌ ثُلُثُهَا وَاحِدٌ فَيُضَافُ عَلَى النَّصِيبِ فَيَصِيرُ عَشَرَةً وَتَرُدُّ مِنْهُ سُبُعَ الْمَالِ وَهُوَ تِسْعَةٌ تَبْقَى بِيَدِهِ اثْنَا عَشَرَ وَذَلِكَ جُمْلَةُ مَا يَصِحُّ لَهُ وَيَبْقَى أَحَدٌ وَخَمْسُونَ لِكُلِّ ابْنٍ سَبْعَةَ عَشَرَ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ قَالَ وَالْمِثَالُ بِحَالِهِ وَأَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمْ وَبِسُبُعِ مَالِهِ فَالْعَمَلُ وَاحِدٌ حَتَّى إِذَا أَعْطَيْنَا الْمُوصَى لَهُ أحد وَعِشْرِينَ زِدْنَاهُ سُبُعَ الْمَالِ تِسْعَةً

فَيَحْصُلُ لَهُ ثَلَاثُونَ وَيَبْقَى ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ لِكُلِّ ابْنٍ أَحَدَ عَشَرَ الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ قَالَ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمْ وَبِثُلُثِ مَا بَقِيَ مِنَ الثُّلُث وَبِغير ذَلِكَ مِنَ الْأَجْزَاءِ أَوْ جُزْءٍ آخَرَ غَيْرِهِ أَوْ مِنْ جُمْلَةِ الْمَالِ وَيُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْمَسْأَلَةِ وَمَا بَعْدَهَا أَنْ يَكُونَ النَّصِيبُ أَقَلَّ مِنَ الْجُزْءِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ ثُلُثًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ فَلَوْ كَانَ مُسَاوِيًا لِلْجُزْءِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ اسْتَحَالَتِ الْمَسْأَلَةُ نَحْوَ ثَلَاثَةِ بَنِينَ وَأَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمْ وَبِثُلُثِ الْبَاقِي مِنَ الثُّلُثِ لَمْ يَصِحَّ إِذِ النَّصِيبُ مُسَاوٍ لِلثُّلُثِ فَلَا يَبْقَى مِنْهُ شَيْءٌ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ اثْنَانِ فَالنَّصِيبُ أَكْثَرُ مِنَ الثُّلُثِ فَأَمَّا لَوْ كَانَ الْبَنُونَ أَرْبَعَةً أَوْ أَكْثَرَ أَوْ كَانَتِ الْوَصِيَّةُ فِي الثُّلُث ... النّصْف لصحت ثمَّ الْعَمَل كَمَا تقدم تَأْخُذ مخرج الرّبع إِن كَانَ أَرْبَعَةً تَضْرِبُهُ فِي مَخْرَجِ ثُلُثِ الثُّلُثِ تِسْعَةٍ ... فتضاف على النَّصِيب يصير عَشَرَةً تَبْقَى سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ لَا تَصِحُّ عَلَى أَرْبَعَةٍ وَتُوَافِقُ بِالنِّصْفِ تَضْرِبُ الْوَفْقَ اثْنَيْنِ فِي السِّتَّةِ وَالثَلَاثِينَ تَبْلُغُ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ لِصَاحِبِ الْوَصِيَّةِ عَشَرَةٌ فِي اثْنَيْنِ بِعِشْرِينَ تَبْقَى اثْنَانِ وَخَمْسُونَ لكل ابْن ثَلَاثَة عشر الرَّابِعَةُ قَالَ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِ بَنِيهِ إِلَّا ثلث مَا بَقِي مِنَ الثُّلُثِ فَكَمَا تَقَدَّمَ حَتَّى إِذَا أَخَذَ الْمُوصَى لَهُ فِي الْمِثَالِ السَّابِقِ السَّبْعَةَ رَدَّ مِنْهَا سَهْمًا وَهُوَ ثُلُثُ مَا بَقِيَ مِنَ الثُّلُثِ يَفْضُلُ بِيَدِهِ ثَمَانِيَةٌ وَهِيَ مَبْلَغُ وَصِيَّتِهِ وَيَبْقَى لِلْبَنِينَ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ لِكُلِّ ابْنٍ سَبْعَةٌ الْخَامِسَةُ الْوَصِيَّةُ بِالتَّكْمِلَةِ يُوصِي بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِ بَنِيهِ وَتَكْمِلَةِ الثُّلُثِ أَوْ غَيْرِهِ مِنَ الْأَجْزَاءِ الْمَفْتُوحَة أَوِ الصُّمِّ بِالزِّيَادَةِ الَّتِي تَزِيدُهَا عَلَى نَصِيبِ الْمِثْلِ حَتَّى يُكْمِلَ مَا ذَكَرَ مِنَ الْأَجْزَاءِ هِيَ التَّكْمِلَةُ وَعَنْهَا يَقَعُ السُّؤَالُ وَبَيَانُهُ فِي الْمِثَالِ الْمُتَقَدِّمِ أَنْ تَضْرِبَ الْأَرْبَعَةَ سِهَامِ الْفَرِيضَةِ وَمَخْرَجَ الرُّبُعِ فِي ثَلَاثَةٍ لِذِكْرِهِ الثُّلُثَ يَبْلُغُ

اثْنَيْ عَشَرَ النَّصِيبُ ثَلَاثَةٌ وَبَقِيَّةُ الثُّلُثِ سَهْمٌ يَأْخُذُهُ الْمُوصَى لَهُ بِالتَّكْمِلَةِ وَتَبْقَى ثَمَانِيَةٌ لِلْبَنِينَ لِكُلِّ ابْنٍ سَهْمَانِ تَمْهِيدٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ اخْتلف فِي تَرْتِيب حِسَاب الْوَصَايَا فَقيل تجمل أَصْلَ الْفَرِيضَةِ الْمَخْرَجَ الَّذِي تَقُومُ مِنْهُ الْوَصَايَا فَتُخْرِجُ الْوَصَايَا مِنْهُ وَتُقَسِّمُ مَا بَقِيَ بَيْنَ الْوَرَثَةِ إِنِ انْقَسَمَ وَإِلَّا ضَرَبْتَهُ حَتَّى يَصِحَّ الْبَاقِي بَينهم وَهُوَ الْحسن وَالْأَسْهَلُ وَقِيلَ تَصِحُّ الْفَرِيضَةُ بِغَيْرِ وَصِيَّةٍ وَيُحْمَلُ عَلَيْهَا بِقَدْرِ الْوَصِيَّةِ مِنْ جَمِيعِهَا وَالْمَرْجِعُ وَاحِدٌ كثلاثة بَنِينَ وَأوصى بِثلث مَاله وَنصفه وَأَجَازَهُ الْوَرَثَةُ وَمَخْرَجُ النِّصْفِ وَالثُّلُثِ سِتَّةٌ لِلنِّصْفِ ثَلَاثَةٌ وَلِلثُّلُثِ اثْنَانِ يَبْقَى وَاحِدٌ مُنْكَسِرٌ عَلَى ثَلَاثَةٍ اضْرِبْ ثَلَاثَةً فِي الْمَسْأَلَةِ تَبْلُغُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي ثَلَاثَةٍ وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي يَكُونُ لِلْوَصَايَا خَمْسَةُ أَسْهُمٍ وَلِلْبَنِينَ سَهْمٌ وَسِهَامُ الْوَرَثَةِ بِغَيْرِ وَصِيَّةٍ ثَلَاثَةٌ يُحْمَلُ عَلَيْهَا خَمْسَةُ أَمْثَالِهَا وَهِيَ خَمْسَةَ عَشَرَ فَيَكُونُ ذَلِكَ لِلْوَصَايَا وَيَكُونُ لِكُلِّ ابْنٍ مِنَ الثَّلَاثَةِ وَاحِدٌ وَلَا يَخْرُجُ لِلْوَصَايَا أَبَدًا إِلَّا مَا حَمَلَتْ خَاصَّةً وَإِنْ أَوْصَى بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ وَتَرَكَ ثَلَاثَةَ بَنِينَ وَبِنْتًا فَمَخْرَجُ الْوَصِيَّتَيْنِ مِنَ اثْنَيْ عَشَرَ لِأَنَّهُ أَقَلُّ عَدَدٍ يُخْرَجَانِ مِنْهُ فَلِلْوَصَايَا ثُلُثُهَا وَرُبُعُهَا سَبْعَةٌ وَتَبْقَى خَمْسَةٌ مُنْكَسِرَةٌ عَلَى سَبْعَةٍ سِهَامِ الْوَرَثَةِ تَضْرِبُ سَبْعَةً فِي اثْنَيْ عَشَرَ تَبْلُغُ أَرْبَعَةً وَثَمَانِينَ لِلثُّلُثِ أَرْبَعَةٌ فِي سَبْعَةٍ وَلِلرُّبُعِ ثَلَاثَةٌ فِي سَبْعَةٍ وَلِلْوَرَثَةِ خَمْسَةٌ فِي سَبْعَةٍ وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ إِذَا بَقِيَ لِلْوَرَثَةِ خَمْسَةٌ فَسِهَامُ الْوَصَايَا مِثْلُ مَا بَقِيَ لِلْوَرَثَةِ وَمِثْلُ خَمْسَةٍ فَاحْمِلْ عَلَى سِهَامِ الْوَرَثَةِ ذَلِكَ وَهُوَ سَبْعَةٌ مِثْلُهَا وَمِثْلُ خُمُسِهَا وَسَبْعَةٌ لَا خُمُسَ لَهَا اضْرِبْهَا فِي خَمْسَةٍ تَبْلُغُ خَمْسَةً وَثَلَاثِينَ ثُمَّ احْمِلْ عَلَيْهَا مِثْلَهَا وَمِثْلَ خُمُسِهَا وَهُوَ سَبْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ تَبْلُغُ أَرْبَعَةً وَثَمَانِينَ لِلثُّلُثِ ثُلُثُهَا وَلِلرُّبُعِ رُبُعُهَا وَالْجَمِيعُ فِيهَا سَبْعَة وَأَرْبَعُونَ وَهِيَ الَّتِي حَمَلَتْ وَالْبَاقِي يَنْقَسِمُ عَلَى الْوَرَثَةِ فَقَدْ بَانَ أَنَّ الْمَحْمُولَ هُوَ الَّذِي يَخْرُجُ لِلْوَصَايَا وَإِنْ أَوْصَى بِنِصْفِ مَالِهِ حَمَلْتَ عَلَى الْفَرِيضَةِ مِثْلَهَا أَوْ بِثُلُثِهِ حَمَلْتَ مِثْلَ نِصْفِهَا أَوْ بِرُبُعِ مَالِهِ حَمَلْتَ مِثْلَ ثُلُثِهَا لِأَنَّ مِثْلَ الثُّلُثِ يَصِيرُ رُبُعًا

السَّادِسَةُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا تَرَكَ ثَلَاثَةَ بَنِينَ وَأَوْصَى بِزِيَادَةِ وَارِثٍ مَعَهُمْ فَلَا بُدَّ أَنْ تُضِيفَهُ وَتُعْطِيَهُ سَهْمًا وَذَلِكَ رُبُعُ جَمِيعِ المَال قَالَه مَالك والفراض وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا إِذَا أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِ بَنِيهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْوَصَايَا فَإِنْ تَرَكَ ثَلَاثَةَ بَنِينَ وَأَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمْ وَلِآخَرَ بِثُلُثِ مَا بَقِيَ مِنَ الثُّلُثِ اجْعَلْ ثُلُثَ الْمَالِ نَصِيبًا مَجْهُولًا وَثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ اعْزِلْ نَصِيبَ الْمُوصَى لَهُ بِالنَّصِيبِ يَبْقَى مِنَ الثُّلُثِ ثَلَاثَةَ دَرَاهِم يَأْخُذ الْمُوصى لَهُ بِثلث مَا بَقِي مِنْهَا دِرْهَمًا يَبْقَى دِرْهَمَانِ تُضِيفُهُمَا لِثُلُثَيِ الْمَالِ وَذَلِكَ نَصِيبَانِ وَسِتَّةُ دَرَاهِمَ فَيَصِيرُ نَصِيبَيْنِ ثَمَانِيَةَ دَرَاهِمَ فَذَلِكَ الَّذِي يَكُونُ لِلْبَنِينَ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ ثَلَاثَةُ أَنْصِبَاءَ فَيَصِيرُ النَّصِيبَانِ لِابْنَيْنِ وَثَمَانِيَةُ دَرَاهِمَ لِنَصِيبِ الثَّالِثِ فَقَدْ بَانَ النَّصِيبُ الْمَجْهُولُ ثَمَانِيَةُ دَرَاهِمَ وَقَدْ جَعَلْتَ ثُلُثَ الْمَالِ نَصِيبًا وَثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ فَيَكُونُ الثُّلُثُ أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا فَجَمِيعُهُ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ يَخْرُجُ الثُّلُثُ أَحَدَ عشر وَيخرج للْمُوصي لَهُ بالنصيب ثَمَانِيَة بِثلث مَا يَبْقَى وَاحِدٌ وَيَبْقَى اثْنَانِ تُضِيفُهُمَا لِثُلُثَيِ الْمَالِ وَهُوَ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ وَتَكُونُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ بَيْنَ الْبَنِينَ لِكُلِّ ابْنٍ ثَمَانِيَةٌ كَمَا أَخَذَ الْمُوصَى لَهُ بِالنَّصِيبِ فَإِنْ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ إِحْدَى الْأُخْتَيْنِ وَلِآخَرَ بِثُلُثِ مَا يَبْقَى مِنَ الثُّلُثِ اجْعَلِ الثُّلُثَ نَصِيبًا وَثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ فَالنَّصِيبُ لِلْمُوصَى لَهُ بِهِ وَثلث الْبَاقِي دِرْهَمٌ لِلْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْبَاقِي وَيَبْقَى دِرْهَمَانِ تُضِيفُهُمَا لِثُلُثَيِ الْمَالِ فَيَكُونُ نَصِيبَيْنِ وَثَمَانِيَةَ دَرَاهِمَ وَهُوَ يَعْدِلُ أَرْبَعَةَ أَنْصِبَاءَ لِأَنَّ الْأُخْتَ الْمُوصَى بِمِثْلِ نَصِيبِهَا لَهَا رُبُعُ التَّرِكَةِ بَعْدَ الْوَصَايَا وَذَلِكَ نصيبان فثمانية لنصيبين لِكُلِّ نَصِيبٍ أَرْبَعَةٌ وَثَلَاثَةٌ فَذَلِكَ سَبْعَةٌ وَهَذَا ثُلُثُ الْمَالِ فَجَمِيعُهُ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ لِلْمُوصَى لَهُ بِمِثْلِ النَّصِيبِ مِنَ الثُّلُثِ أَرْبَعَةٌ وَبِثُلُثِ مَا يَبْقَى وَاحِدٌ وَيَبْقَى اثْنَانِ يُضَافَانِ لِثُلُثَيِ الْمَالِ وَهُوَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ بَيْنَ الْبِنْتِ وَالْأُخْتَيْنِ لِلْبِنْتِ ثَمَانِيَةٌ وَلِكُلِّ أُخْتٍ أَرْبَعَةٌ مِثْلُ الْمُوصَى لَهُ بِمثل نصِيبهَا

فَإِنْ تَرَكَ ثَلَاثَةَ بَنِينَ وَأَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِ بَنِيهِ وَلِآخَرَ بِرُبُعِ مَا يَبْقَى مِنَ الثُّلُثِ اجْعَلِ الثُّلُثَ نَصِيبًا وَأَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ فَالنَّصِيبُ لِلْمُوصَى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِهِ وَدِرْهَمٌ لِلْمُوصَى لَهُ بِرُبُعِ الْبَاقِي وَتَبْقَى ثَلَاثَةٌ تُضِيفُهَا لِثُلُثَيِ الْمَالِ وَذَلِكَ نَصِيبَانِ وَثَمَانِيَةُ دَرَاهِمَ يَكُونُ الْجَمِيعُ نَصِيبَيْنِ وَأَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَذَلِكَ يَعْدِلُ ثَلَاثَةَ أَنْصِبَاءَ فَلِلْمُوصَى لَهُ بِالنَّصِيبِ أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَقَدْ جَعَلْتَ ثُلُثَ الْمَالِ نَصِيبًا وَأَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ وَلِلْمُوصَى لَهُ بِرُبُعِ الْبَاقِي دِرْهَمٌ وَتَبْقَى ثَلَاثَةٌ تُضِيفُهَا لِثُلُثَيِ الْمَالِ يَصِيرُ ثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ بَيْنَ الْبَنِينَ لِكُلِّ ابْنٍ أَحَدَ عَشَرَ مِثْلُ الْمُوصَى لَهُ بِالنَّصِيبِ فَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِخُمُسِ مَا يَبْقَى جَعَلْتَ مَعَ النَّصِيبِ خَمْسَةً وَتُكْمِلُ الْعَمَلَ فَإِنْ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنِهِ وَالْبَنُونَ أَرْبَعَةٌ إِلَّا ثُلُثَ مَا يَبْقَى مِنَ الثُّلُثِ فَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ يَنْظُرُ مَخْرَجَ الثُّلُثِ وَالرُّبُعِ لِأَنَّهُ كَالْمُوصِي بِرُبُعِ مَالِهِ إِلَّا ثُلُثَ الْبَاقِي مِنَ الثُّلُثِ وَالْمَخْرَجُ اثْنَا عَشَرَ ثُلُثُهَا أَرْبَعَةٌ أَسْقَطَ مِنْهَا الرُّبُعَ فَإِذَا ضَرَبَ ثَلَاثَةً فِي اثْنَيْ عَشَرَ تَبْلُغُ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ الثُّلُثُ اثْنَا عَشَرَ ثُلُثُهَا أَرْبَعَةٌ أَسْقَطَ مِنْهَا الرُّبُعَ فَإِذَا ضَرَبَ ثَلَاثَةً فِي اثْنَيْ عَشَرَ تَبْلُغُ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ الثُّلُثُ اثْنَا عشر يَخْرُجُ مِنْهُ الرُّبُعُ لِلْمُوصَى لَهُ بِالنَّصِيبِ وَهُوَ تِسْعَةٌ يَبْقَى ثَلَاثَةٌ ثُلُثُهَا وَاحِدٌ اسْتَرْجِعْ وَاحِدًا مِنَ الرُّبُعِ كَقَوْلِهِ إِلَّا ثُلُثَ مَا يَبْقَى يَبْقَى ثَمَانِيَةٌ أَضِفْ ثَلَاثَةً وَالْوَاحِدَ إِلَى ثُلُثَيِ الْمَالِ وَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ تَبْلُغُ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ تُقَسَّمُ عَلَى الْبَنِينَ لِكُلِّ ابْنٍ سَبْعَةٌ وَإِنْ قَالَ إِلَّا رُبُعَ مَا يَبْقَى جَعَلْتَ مَعَ النَّصِيبِ أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ وَفِي الْخُمُسِ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ السَّابِعَةُ قَالَ إِذَا تَرَكَ ابْنًا وَبِنْتَيْنِ وَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِمِثْلِ نَصِيبِ إِحْدَى الْبَنَاتِ إِلَّا رُبُعَ مَا يَبْقَى مِنَ الثُّلُثِ فَنَصِيبُ الْبِنْتِ مَعَ عَدَمِ الْوَصِيَّةِ الرُّبُعُ فَقَدْ أَوْصَى بِرُبُعِ مَالِهِ إِلَّا رُبُعَ الْبَاقِي مِنَ الثُّلُثِ وَمَخْرَجُ الرُّبُعِ وَالثُّلُثِ اثْنَا عَشَرَ ثُلُثُهَا أَرْبَعَةٌ وَالرُّبُعُ ثَلَاثَةٌ يَبْقَى وَاحِدٌ لَا رُبُعَ لَهُ اضْرِبِ اثْنَيْ عَشَرَ فِي أَرْبَعَةٍ بِثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ يَخْرُجُ مِنْهَا سِتَّةَ عَشَرَ وَالرُّبُعُ اثْنَا عَشَرَ تَبْقَى أَرْبَعَةٌ اسْتَرْجِعْ مِنَ الرُّبُعِ مِثْلَ رُبُعِهَا

وَاحِدًا وَضُمَّهُ إِلَى الْأَرْبَعَةِ تَبْلُغُ خَمْسَةً خُمُسُهَا وَاحِدٌ لِلْمُوصَى لَهُ بِخُمُسِ الْبَاقِي وَتَضُمُّ الْأَرْبَعَةَ لِثُلُثَيِ الْمَالِ تَكُونُ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ مَقْسُومَةً عَلَى أَرْبَعَةٍ لِكُلِّ بِنْتٍ تِسْعَةٌ وَلِلِابْنِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ الثَّامِنَةُ فِي الْجَعْدِيَّةِ إِنْ تَرَكَ ابْنًا وَأَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ وَلِابْنِهِ بِثُلُثِ مَالِهِ فَإِنَّ لِلْأَجْنَبِيِّ جَمِيعَ الثُّلُثِ وَلَا يُحَاصُّهُ الْوَارِثُ بِوَصِيَّتِهِ وَإِنْ أَوْصَى لِزَوْجَتِهِ مَعَ ذَلِكَ بِالثُّلُثِ قُسِّمَ الثُّلُثُ بَيْنِ الْأَجْنَبِيِّ وَالزَّوْجَةِ عَلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ سَهْمًا لِلْأَجْنَبِيِّ سَبْعَةٌ وَلِلزَّوْجَةِ سِتَّةٌ لِأَنَّهُ لَمَّا أَوْصَى لِلِابْنِ بِالثُّلُثِ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُوصِيَ لِلزَّوْجَةِ بِسُبُعِ الثُّلُثِ وَهُوَ قَدْ فَضَلَهَا بِسِتَّةِ أَسْبَاعِ الثُّلُث فَلذَلِك ضُرِبَ لِلْأَجْنَبِيِّ بِالثُّلُثِ سَبْعَةٌ وَهِيَ بِتَفْضِيلِهَا سِتَّةَ أَسْبَاعِ الثُّلُثِ صَارَتْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ اجْعَلْهَا ثُلُثَ الْمَالِ يَكُونُ جَمِيعُهُ تِسْعَةً وَثَلَاثِينَ يَخْرُجُ الثُّلُثُ لِلْأَجْنَبِيِّ وَلِلزَّوْجَةِ فَإِنْ أَجَازَ الِابْنُ أَخَذَتْ نَصِيبَهَا مِنَ الثُّلُثِ وَقَسَمَا الثُّلُثَيْنِ بَيْنَهُمَا وَذَلِكَ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ عَلَى ثَمَانِيَةٍ لَا تَنْقَسِمُ وَتُوَافِقُ بِالنِّصْفِ تَضْرِبُ نِصْفَهَا أَرْبَعَةً فِي تِسْعَةٍ وَثَلَاثِينَ تَبْلُغُ مِائَةً وَسِتَّةً وَخَمْسِينَ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ تِسْعَةٍ وَثَلَاثِينَ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي أَرْبَعَةٍ وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ ثَمَانِيَةٍ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي ثَلَاثَة عشر من الْمُنكر عَلَيْهَا فَلِلْأَجْنَبِيِّ سَبْعَةٌ فِي أَرْبَعَةٍ بِثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ وَلِلزَّوْجَةِ بِالْوَصِيَّةِ سِتَّةٌ فِي أَرْبَعَةٍ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ وَلها من الثَّمَانِية وَاحِد من ثَلَاثَةَ عَشَرَ صَارَ لَهَا سَبْعَةٌ وَثَلَاثُونَ وَلِلِابْنِ سَبْعَةٌ فِي ثَلَاثَةَ عَشَرَ بِأَحَدٍ وَتِسْعِينَ وَإِنْ لَمْ يُجِزِ الِابْنُ رَدَّتِ الزَّوْجَةُ السِّتَّةَ لِثُلُثَيِ الْمَالِ يَصِيرُ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ فَلَهَا مِنْ ذَلِكَ الثُّلُثِ أَرْبَعَةٌ وَلِلِابْنِ الْبَاقِي وَهُوَ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ

(الباب السابع في المناسخات)

(الْبَابُ السَّابِعُ فِي الْمُنَاسَخَاتِ) وَمَعْنَاهَا أَنْ يَمُوتَ مَوْرُوثٌ ثُمَّ بَعْضُ وَرَثَتِهِ قَبْلَ قِسْمَةِ تَرِكَتِهِ وَقَدْ يَجْتَمِعُ عَدَدٌ كَثِيرٌ مِنَ الطَّبَقَاتِ فَفِي الْجَوَاهِرِ إِنْ عَمِلْتَ فَرِيضَةَ كُلِّ مَيِّتٍ حَصَلَ الْمَقْصُودُ وَهُوَ خَطَأٌ عِنْدَ الْفَرْضِيِّينَ لِأَنَّ حُدُوثَ المناسخات يصير الْمَوَارِيث كالوارثة الْوَاحِدَة فَتَصِح عِنْدهم مَسْأَلَة الْمَيِّت الأول مِنْ عَدَدٍ يَنْقَسِمُ نَصِيبُ كُلِّ مَيِّتٍ بَعْدَهُ مِنْهُ عَلَى مَسْأَلَتِهِ وَالطَّرِيقُ أَنْ يَنْظُرَ إِنْ كَانَ وَرَثَةُ الثَّانِي وَالثَّالِثِ وَالرَّابِعِ مَثَلًا هُمْ وَرَثَةُ وَاحِدَةٍ وَيَرِثُونَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ فَكَالتَّرِكَةِ الْوَاحِدَةِ يَرِثُهَا مَنْ بَقِيَ كَثَلَاثَةِ إِخْوَةٍ أَشِقَّاءَ وَأَرْبَعِ أَخَوَاتٍ شَقَائِقَ مَاتَ أَحَدُ الْإِخْوَةِ ثُمَّ آخَرُ ثُمَّ أُخْتٌ ثُمَّ أُخْتٌ ثُمَّ أُخْتٌ فَتُقَسَّمُ التَّرِكَةُ كُلُّهَا عَلَى ثَلَاثَةٍ لِلذَّكَرِ سَهْمَانِ وَلِلْأُنْثَى سَهْمٌ فَإِنْ كَانَ وَرَثَةُ الْبَاقِي غَيْرَ وَرَثَةِ الْأَوَّلِ أَوْ يَرِثُونَهُ بِوَجْهٍ آخَرَ صَحِّحْ مَسْأَلَةَ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ ثُمَّ اعْرِفْ نَصِيبَ الْمَيِّتِ الثَّانِي ثُمَّ صَحِّحْ مَسْأَلَةَ الثَّانِي ثُمَّ اقْسِمْ نَصِيبَهُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ عَلَى مَسْأَلَتِهِ فَإِنِ انْقَسَمَتْ صَحَّتِ الْمَسْأَلَتَانِ مِمَّا صَحَّتْ مِنْهُ الْأُولَى كَابْنٍ وَبِنْتٍ الْمَسْأَلَةُ مِنْ ثَلَاثَةٍ مَاتَ الِابْنُ عَن سَهْمَيْنِ خلف أُخْتًا وَعَاصِبًا مَسْأَلَتُهُ مِنَ اثْنَيْنِ وَنَصِيبُهُ اثْنَانِ فَإِنْ لَمْ يَنْقَسِمْ نَصِيبُهُ مِنَ الْأُولَى عَلَى مَسْأَلَتِهِ وَلَا بَيْنَهُمَا مُوَافَقَةٌ ضَرَبْتَ مَا صَحَّتْ مِنْهُ مَسْأَلَتُهُ فِيمَا صَحَّتْ مِنْهُ الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى فَمِنْهُ تَصِحُّ الْمَسْأَلَتَانِ كَابْنَيْنِ وَبِنْتَيْنِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ سِتَّةٍ مَاتَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ عَنِ ابْنٍ وَبِنْتٍ مَسْأَلَتُهُ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَنَصِيبُهُ سَهْمَانِ لَا يَنْقَسِمَانِ عَلَى مَسْأَلَتِهِ فَتَضْرِبُ مَسْأَلَتَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى تَبْلُغُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مِنْهَا تَصِحُّ الْمَسْأَلَتَانِ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنَ الْأُولَى أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنَ الثَّانِيَةِ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِيمَا

مَاتَ عَنْهُ الثَّانِي وَهُوَ سَهْمَانِ فَإِنْ كَانَ بَيْنَ نَصِيبِ الْمَيِّتِ الثَّانِي وَمَا صَحَّتْ مِنْهُ مَسْأَلَتُهُ مُوَافَقَةٌ اضْرِبْ وَفْقَ مَسْأَلَتِهِ لَا وَفْقَ نَصِيبِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى تَخْرُجُ الْمَسْأَلَتَانِ كَابْنَيْنِ وَبِنْتَيْنِ مَاتَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ وَخَلَّفَ امْرَأَةً وَبِنْتًا وَثَلَاث بَنِي ابْنٍ الْأُولَى مِنْ سِتَّةٍ وَنَصِيبُ الْمَيِّتِ الثَّانِي مِنْهَا سَهْمَانِ وَمَسْأَلَتُهُ مِنْ ثَمَانِيَةٍ تُوَافِقُهَا بِالنِّصْفِ تضرب نصف مَسْأَلته فِي الْمَسْأَلَة للأولى تَبْلُغُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ وَتَخْرُجُ الْمَسْأَلَتَانِ فَمَنْ لَهُ مِنَ الْأُولَى شَيْءٌ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي وَفْقِ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنَ الثَّانِيَةِ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي وَفْقِ مَا مَاتَ عَنْهُ موروثه وَهُوَ هَاهُنَا وَاحِدٌ فَإِنْ كَانَ مَيِّتٌ ثَالِثٌ صَحِّحْ مَسْأَلَتَهُ مُنْفَرِدًا وَخُذْ نَصِيبَهُ مِمَّا صَحَّتْ مِنْهُ الْمَسْأَلَتَانِ فَإِنِ انْقَسَمَ عَلَى مَسْأَلَتِهِ فَقَدْ صحت الثَّلَاث وَإِن كَانَ بَينهَا مُوَافَقَةٌ اضْرِبْ وَفْقَ مَسْأَلَتِهِ لَا وَفْقَ حِصَّتِهِ فِيمَا صَحَّتْ مِنْهُ الْمَسْأَلَتَانِ فَتَصِحُّ الثَّلَاثُ وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي وفْق الثَّالِثَة وَمَنْ لَهُ مِنَ الثَّالِثَةِ شَيْءٌ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي وَفْقِ سِهَامِ مَسْأَلَةِ الثَّالِثِ لَا فِي وفْق فريضته فوفق الْفَرِيضَة مَضْرُوبا فِيهِ أَبَدًا الْأَوَّلُونَ بِجَمِيعِ مَا يَحْصُلُ لَهُمْ لَا فِي وَفْقِ السِّهَامِ الْمُتَحَصِّلَةِ لِلْمَيِّتِ مِنَ الْقِسْمَةِ السَّابِقَةِ وَوَفْقَ الْمُتَحَصِّلِ لَهُمْ مِنَ الْقِسْمَةِ السَّابِقَةِ تَضْرِبُ فِيهَا أَبَدًا وَرَثَتَهُ هُوَ مِنْ مَسْأَلَتِهِ خَاصَّةً فَكُلُّ مَنْ لَمْ يَرِثْهُ إِلَى الْآنَ ضَرَبْتَهُ فِي وَفْقِ سِهَامِهِ لَا فِي وَفْقِ فَرِيضَتِهِ ثُمَّ مَهْمَا يَحْصُلْ فِي آخِرِ الْعَمَل عدد لكل وَارِث وَتلك الْأَعْدَاء تَتَّفِقُ بِجُزْءِ رُبُعٍ أَوْ ثُمُنٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَرُدَّ الْجَمِيعَ إِلَى ذَلِكَ الْجُزْءِ لِيَقِلَّ الْعَدَدُ فِي الْفُتْيَا وَكَذَلِكَ تَفْعَلُ فِي أَثْنَاءِ الْعَمَلِ إِذَا وَصَلْتَ إِلَى آخَرِ مَسْأَلَةٍ مِنَ الْمُنَاسَخَاتِ لِيَخِفَّ عَلَيْكَ الْعَمَلُ وَلَا يَنْتَشِرُ الْعَدَدُ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ رَابِعٌ أَوْ أَكْثَرُ فَصَحِّحْ مَسْأَلَةَ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى الِانْفِرَادِ وَيَأْخُذُ نَصِيبَهُ مِنَ الْمَسَائِلِ قَبْلَهُ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ أَرَدْتَ نَصِيبَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ الْفَرَائِضِ فَاضْرِبْ سِهَامَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ الْأُولَى فِيمَا ضَرَبْتَهَا فِيهِ مِنَ الْفَرَائِضِ الَّتِي بَعْدَهَا أَوْ فِي

أَوْفَاقِهَا وَاضْرِبْ سِهَامَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ الْفَرِيضَةِ الثَّانِيَةِ فِي نَصِيبِ مَوْرُوثِهِ مِنَ الْفَرِيضَةِ الْأُولَى مَضْرُوبًا فِي الثَّانِيَةِ أَوْ فِي وَفْقِهَا ثمَّ فِيهَا بَعْدَهَا أَوْ وَفْقِهِ وَاضْرِبْ سِهَامَ كُلِّ وَارِثٍ مِنْ أَصْحَابِ الْفَرِيضَةِ الثَّالِثَةِ فِيمَا مَاتَ عَنْهُ مُوَرِّثُهُمْ أَوْ وَفْقِهِ وَاضْرِبِ الْحَاصِلَ فِي مَسَائِلِ الْمُتَوَفَّيْنَ بَعْدَهُ مَسْأَلَةً بَعْدَ مَسْأَلَةٍ أَوْ وَفْقِهَا والمتحصل نصِيبه وَكَذَلِكَ إِن كَانَت أَرْبَعَةً أَوْ خَمْسَةً أَوْ أَكْثَرَ إِلَّا أَنْ تَنْقَسِمَ سِهَامُ بَعْضِهِمْ عَلَى مَسْأَلَتِهِ فَلَا يُضْرَبُ فِيهَا وَأَعْطِ كُلَّ وَارِثٍ سِهَامَهُ مِنْهَا تَجْمَعُهَا لَهُ مَعَ مَا يَجْتَمِعُ لَهُ مِنَ الضَّرْبِ فِيمَا سِوَاهَا ثُمَّ إِذَا عَرَفْتَ مَا يُصِيبُ كُلَّ وَارِثٍ فَاجْمَعْ سِهَامَهُ مِنْ كُلِّ فَرِيضَةٍ ثمَّ انْظُر مَا أصَاب كل وَارِث مِنْهُم هَلْ تَتَّفِقُ بِجُزْءٍ فَأَعْطِ كُلَّ وَارِثٍ جُزْءَ مَا أَصَابَهُ وَاجْعَلِ الْفَرِيضَةَ مِنْ جُزْئِهَا ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ تَتَّفِقْ تَرَكْتَ السِّهَامَ عَلَى حَالِهَا وَإِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَعْلَمَ صِحَّةَ مَا عَمِلْتَ فَاجْمَعْ مَا أَصَابَ كُلُّ وَاحِدٍ فَإِنِ اجْتَمَعَ لَكَ الَّذِي صَحَّتْ مِنْهُ فَقَدْ أَصَبْتَ وَإِلَّا فَلَا وَلْنَخْتِمْ بِذِكْرِ فَرِيضَةِ عَمِلَهَا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَابُلُسِيُّ ذَكَرَ أَنَّهَا نَزَلَتْ بِبَلَدِهِ فَيَتَّضِحُ مِنْهَا مَا تَقَدَّمَ تَرَكَ زَوْجَةً وَابْنَيْنِ مِنْهَا وَابْنًا وَابْنَةً مِنْ غَيْرِهَا ثُمَّ تُوُفِّيَ الِابْنُ شَقِيقُ الْبِنْتِ وَتَرَكَ أُخْتًا شَقِيقَةً وَأَخَوَيْهِ لِأَبِيهِ ثُمَّ تُوُفِّيَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ الشَّقِيقَيْنِ وَتَرَكَ أَخَاهُ شَقِيقَهُ وَأمه زَوْجَة الأولى وَأَخَوَيْهِ لِأُمِّهِ ثُمَّ تُوُفِّيَ الثَّانِي مِنَ الِابْنَيْنِ الْأَشِقَّاءِ وَتَرَكَ أُمَّهُ وَأُخْتَهُ لِأَبِيهِ أُخْتَ الْمَيِّتِ الثَّانِي وَأَخَوَيْنِ لِأُمٍّ وَأَوْصَى بِالنِّصْفِ لِلْمَسَاكِينِ ثُمَّ تُوُفِّيَتْ زَوْجَةُ الْأَوَّلِ أُمُّ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ وَتَرَكَتِ ابْنَيْنِ هُمَا الْإِخْوَةُ لِلْأُمِّ فَفَرِيضَةُ الْأَوَّلِ مِنْ ثَمَانِيَةٍ لِزَوْجَتِهِ سَهْمٌ وَلِلْبِنْتِ سَهْمٌ وَلِكُلِّ ابْنٍ سَهْمَانِ ثُمَّ تُوُفِّيَ أَخُو الْبِنْتِ وَهُوَ الْمَيِّتُ الثَّانِي عَنْ سَهْمَيْنِ وَفَرِيضَتُهُ اثْنَانِ تَنْقَسِمُ مِنْ أَرْبَعَةٍ لِأُخْتِهِ شَقِيقَتِهِ سَهْمَانِ وَلِكُلِّ أَخٍ لِأَبِيهِ سَهْمٌ فَسِهَامُهُ تُوَافِقُ فَرِيضَتَهُ بِالنِّصْفِ فَاضْرِبْ فَرِيضَةَ الْأَوَّلِ ثَمَانِيَةً فِي اثْنَيْنِ نِصْفِ الثَّانِيَةِ تَبْلُغُ سِتَّةَ عَشَرَ فَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ ثَمَانِيَةٍ أَخذه مَضْرُوبا فِي اثْنَيْنِ نصف وَلَيْسَ لَهُ مِنَ الثَّانِيَةِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ

بِابْنٍ لَهَا وَلِبِنْتِ الْأَوَّلِ مِنْ فَرِيضَةِ الْأَوَّلِ سَهْمٌ فِي اثْنَيْنِ وَلَهَا مِنَ الثَّانِيَةِ بِأَنَّهَا أُخْتٌ شَقِيقَةٌ النِّصْفُ اثْنَانِ فِي وَاحِدٍ وَلِكُلِّ ابْنٍ لِلْمَيِّتِ الْأَوَّلِ الْأَشِقَّاءِ مِنَ الْفَرِيضَةِ الْأُولَى اثْنَانِ فِي اثْنَيْنِ بِأَرْبَعَةٍ وَلَهُ مِنَ الثَّانِيَةِ سَهْمٌ لِأَنَّهُ أَخٌ لِأَبٍ فَذَلِكَ خَمْسَةٌ ثُمَّ تُوُفِّيَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ الشَّقِيقَيْنِ عَنْ خَمْسَةٍ وَهُوَ الْمَيِّتُ الثَّالِثُ وَتَرَكَ أُمَّهُ زَوْجَةَ الْأَوَّلِ وَأَخَاهُ شَقِيقَهُ وَأَخَوَيْنِ لِأُمٍّ فَرِيضَتُهُمْ سِتَّةٌ لِأُمِّهِ السُّدُسُ وَكَذَلِكَ كُلُّ أَخٍ لِأُمٍّ وَلِلْأَخِ الشَّقِيقِ مَا بَقِيَ ثَلَاثَةٌ لَا تَنْقَسِمُ عَلَى فَرِيضَتِهِ وَلَا تُوَافِقُهَا فَاضْرِبْ سِتَّةَ عَشَرَ الْمُجْتَمِعَةَ مِنَ الْفَرِيضَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ فِي سِتَّةٍ فَرِيضَةِ الثَّالِثِ تَبْلُغُ سِتَّةً وَتِسْعِينَ ثُمَّ تَبْتَدِئُ الْقَسْمَ فَلِزَوْجَةِ الْأَوَّلِ سَهْمٌ فِي اثْنَيْنِ نِصْفِ الثَّانِيَةِ ثُمَّ فِي سِتَّةٍ الْفَرِيضَةِ الثَّالِثَةِ تبلغ سِتَّة وَتِسْعين ثمَّ تبتدئ فِي الْقسم فلزوجة الأول من فريضته سَهْمٌ فِي اثْنَيْنِ نِصْفِ الثَّانِيَةِ تُضْرَبُ فِي سِتَّةٍ الْفَرِيضَةِ الثَّالِثَةِ يَكُونُ اثْنَيْ عَشَرَ وَلَيْسَ لَهَا مِنَ الثَّانِيَةِ شَيْءٌ وَلَهَا مِنَ الثَّالِثَةِ لِأَنَّهَا أُمٌّ السُّدُسُ سَهْمٌ فِي خَمْسَةٍ تَرِكَةِ الثَّالِثِ فَذَلِكَ سَبْعَةَ عَشَرَ وَلِبِنْتِ الْأَوَّلِ سَهْمٌ من فَرِيضَة فِي اثْنَيْنِ ثُمَّ فِي سِتَّةٍ وَلَهَا مِنَ الثَّانِيَةِ اثْنَانِ فِي سِتَّةٍ فَرِيضَةِ الثَّالِثِ فَيَجْتَمِعُ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ وَلَيْسَ لَهَا مِنَ الثَّالِثَةِ شَيْءٌ لِأَنَّهَا مَحْجُوبَةٌ بِالْأَخِ الشَّقِيقِ وَلِابْنِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ الْبَاقِي سَهْمَانِ مِنَ الْفَرِيضَةِ الْأُولَى فِي سَهْمَيْنِ نِصْفِ الثَّانِيَةِ ثُمَّ فِي سِتَّةٍ الْفَرِيضَةِ الثَّالِثَةِ وَلَهُ مِنَ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ أَخٌ لِأَبٍ سَهْمٌ فِي سِتَّةٍ أَيْضًا وَلَهُ مِنَ الثَّالِثَةِ ثَلَاثَةٌ فِي خَمْسَةٍ تَرِكَةِ الثَّالِثِ فَيَجْتَمِعُ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَلِكُلِّ أَخٍ لِأُمٍّ مِنَ الثَّالِثَةِ سَهْمٌ فِي خَمْسَةٍ ثُمَّ تُوُفِّيَ الِابْنُ الْبَاقِي وَلَدُ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْمَيِّتُ الرَّابِعُ عَنْ خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ فَتُقَسِّمُهُ عَلَى فَرِيضَتِهِ لِكُلِّ سَهْمٍ خَمْسَةٌ وَلِلْمَسَاكِينِ ثَلَاثَةٌ فِي خَمْسَةٍ بِخَمْسَةَ عَشَرَ وَلِأُمِّهِ سَهْمٌ فِي خَمْسَةٍ وَسُدُسُهَا سَبْعَةَ عَشَرَ فَذَلِكَ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ وَلِأُخْتِهِ لِأَبِيهِ ثَلَاثَةٌ فِي خَمْسَةٍ بِخَمْسَةَ عَشَرَ وَبِيَدِهَا أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ اثْنَا عَشَرَ عَنْ أَبِيهَا وَكَذَلِكَ عَنْ أُخْتِهَا شَقِيقَتِهَا فَذَلِكَ تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ وَلكُل أَخ لَهُ سَهْمٌ فِي خَمْسَةٍ وَبِيَدِهِ خَمْسَةٌ عَنْ أَخِيهِ الْمَيِّتِ الثَّالِثِ فَذَلِكَ عَشَرَةٌ فَجَمِيعُ ذَلِكَ سِتَّةٌ وَتِسْعُونَ ثُمَّ تُوُفِّيَتْ زَوْجَةُ الْأَوَّلِ وَهِيَ الْمَيِّتُ الْخَامِسُ عَنِ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ سَهْمًا

وَتركت ابْنَيْنِ وهما أَخَوان لأم فسهامهما مُنْقَسِمَةٌ عَلَيْهِمَا لِكُلِّ وَاحِدٍ أَحَدَ عَشَرَ وَبِيَدِهِ عَشَرَةٌ فَذَلِكَ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ وَاتَّفَقَتْ سِهَامُهُمْ أَجْمَعُ بِالثُّلُثِ فَتَرُدُّهَا إِلَى ثُلُثِهَا اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَرُدَّ كُلَّ وَاحِدٍ لِثُلُثِ مَا بِيَدِهِ فَلِلْمَسَاكِينِ خَمْسَةٌ وَلِبِنْتِ الْأَوَّلِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَلِكُلِّ أَخٍ لِأُمٍّ سَبْعَةٌ تَمْهِيدٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ كَانَ مَالُ الْأَوَّلِ عَيْنًا أَوْ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا لَا يَحْتَاجُ لِعَمَلِ الْمُنَاسَخَةِ لِأَنَّكَ تُقَسِّمُهُ عَلَى فَرِيضَةِ الْأَوَّلِ فَتَعْلَمُ مَا يَقَعُ مِنْهُ لِلْمَيِّتِ الثَّانِي فَتُقَسِّمُهُ أَيْضًا عَلَى فَرِيضَتِهِ وَأَمَّا الدُّورُ وَالْعُرُوضُ وَالْحَيَوَانُ الْمُخْتَلِفُ قِيمَتُهَا فَهُوَ الْمُحْتَاجُ لِلْعَمَلِ وَإِذَا قَسَّمْتَ وَفَرَغْتَ وَجَمَعْتَهُ فَإِنْ كَانَ مِثْلَ مَا صَحَّتْ مِنْهُ الْمَسْأَلَتَانِ فَعَمَلُكَ صَحِيحٌ وَإِلَّا فَلَا قَالَ غَيْرُهُ إِنْ كَانَ وَرَثَةُ الْأَوَّلِ وَرَثَةً مِنْ بَعْدِهِ صَحَّ الْحِسَابُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْأَخِيرِ كَأَنَّهُ لَمْ يُخَلِّفْ كُلٌّ مِنْهُمْ غَيْرَهُمْ كَعَشَرَةِ إِخْوَةٍ يَمُوتُونَ مُتَتَابِعِينَ فَيُخَلِّفُ الْآخَرُ أَخَوَيْنِ فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ وَرِثَ الْمُتَأَخِّرُ مِنْ غَيْرِ مَنْ وَرِثَ الْمُتَقَدِّمُ أَوِ الْمِيرَاثُ مُنِعَ عَلَى غَيْرِ نِسْبَةِ الْمِيرَاثِ مِنَ الْمُتَقَدِّمِ فَإِنْ صَحَّتْ مَسْأَلَةُ الْمُتَأَخِّرِ مِنْ سِهَامِهِ مِنَ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ فَقَدْ صَحَّتْ أَيْضًا مِنَ الْأَوَّلِ كَزَوْجٍ وَأُمٍّ وَأَخٍّ مَاتَ الزَّوْجُ وَخَلَّفَ ابْنًا وَبِنْتًا وَسِهَامُهُ ثَلَاثَةٌ مُنْقَسِمَةٌ عَلَى وَرَثَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ مِنْ سِهَامِهِ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَ سِهَامِهِ وَمَسْأَلَتِهِ مُوَافَقَةٌ ضَرَبْتَ مَا تَصِحُّ مِنْهُ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فِيمَا تَصِحُّ مِنْهُ الْأُولَى وَمِنْهُ تَصِحُّ الْمَسْأَلَتَانِ وَكَذَلِكَ الثَّالِثُ وَالرَّابِعُ وَغَيْرُهُمَا وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُوَافَقَةٌ رُدَّ مَسْأَلَةِ الْمُتَأَخِّرِ إِلَى وَفْقِهَا وَتَضْرِبُ الْوَفْقَ فِي مَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمِ وَمِنْهُ يَصِحُّ الْحِسَابُ وَكُلُّ مَنْ لَهُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْمَيِّتِ الْمُتَأَخِّرِ شَيْءٌ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي نِصْفِ نَصِيبِ مُوَرِّثِهِ عَنِ الْمُتَقَدِّمِ إِنْ ضُرِبَ فِي النِّصْفِ أَوِ الثُّلُثِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ كَزَوْجَةٍ وَأُمٍّ وَثَلَاثِ أَخَوَاتٍ مُفْتَرِقَاتٍ تَصِحُّ مِنَ اثْنَيْ عَشَرَ وَتَعُولُ إِلَى خَمْسَةَ عَشَرَ مَاتَتِ الزَّوْجَةُ عَنْ زَوْجٍ وَعَمٍّ وَبِنْتَيْنِ هُمَا أُخْتَانِ مِنَ الْأَخَوَاتِ الثَّلَاثِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَمَسْأَلَتُهَا تَصِحُّ مِنَ اثْنَيْ عَشَرَ وَسِهَامُهَا مِنَ الْأُولَى ثَلَاثَةٌ وَبَيْنَهُمَا مُوَافَقَةٌ وَسَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي حِسَابِ الْجَبْرِ وَالْمُقَابَلَةِ بَيَانُ قَاعِدَةٍ تَرْجِعُ إِلَيْهَا الْمُنَاسَخَاتُ وَحِسَابُ الْفَرَائِضِ فَتُطَالَعُ مِنْ هُنَاكَ وَيُسْتَعَانُ بِهَا عَلَى هَذَا الْبَابِ وَهِيَ قَاعِدَةُ الْأَعْدَادِ الْمُتَنَاسِبَةِ

(مسألة تعرف بالمأمونية)

(مَسْأَلَةٌ تُعْرَفُ بِالْمَأْمُونِيَّةِ) دَخَلَ يَحْيَى بْنُ أَكْثَمَ عَلَى الْمَأْمُونِ فَقَالَ لَهُ أَبَوَانِ وَابْنَتَانِ مَاتَتْ إِحْدَى الْبِنْتَيْنِ كَيْفَ الْقِسْمَةُ بَيْنَهُمْ فَقَالَ لَهُ يَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الْمَيِّتُ الْأَوَّلُ ذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى فَأَعْجَبَهُ ذَلِكَ وَوَلَّاهُ الْبَصْرَةَ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْمَيِّتَ الْأَوَّلَ إِنْ كَانَ ذَكَرًا يَكُونُ مَوْتُ الْبِنْتِ عَنْ أُخْتِهَا وَجَدِّهَا أَبِ أَبِيهَا وَجَدَّتِهَا فيرث الْجد بالمقاسمة من الْأُخْتِ فَإِذَا كَانَ أُنْثَى كَانَ الْجَدُّ أَبُ الْأُمِّ لَا يَرِثُ فَيَكُونُ لِلْأُخْتِ النِّصْفُ وَفِي الْأَوَّلِ يَرِثُ بِالتَّعْصِيبِ مَعَ الْجَدِّ وَزَادَ بَعْضُ الْعلمَاء تَفْصِيلًا آخر هُوَ أَنَّ الْأُخْتَيْنِ إِنْ كَانَتَا شَقِيقَتَيْنِ أَوْ لِأَبٍ فَكَمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ الْأَوَّلُ أُنْثَى أَمْكَنَ أَنْ تَكُونَ الْأُخْتَانِ مِنْ أَبَوَيْنِ فَتَكُونُ الْأُخْتُ الْبَاقِيَةُ أُخْتًا لِأُمٍّ يُسْقِطُهَا الْجَدُّ لِلْأَبِ وَلَا يُقَاسِمُهَا وَيَكُونُ لَهَا مَعَ الْجَدِّ لِلْأُمِّ السُّدُسُ لِأَنَّ مَنْ لَا يَرِثُ لَا يَحْجُبُ لَكِنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ لَا يَلْزَمُ يَحْيَى لِأَنَّهُ لَمْ يُجِبْ عَنِ التَّفْصِيلِ الْأَوَّلِ حَتَّى يَنْتَقِلَ للثَّانِي وَلما قدم الْبَصْرَة استصغروه لِصِغَرِهِ وَكَانَ سِنُّهُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ فَقَالَ لَهُ بَعْضُ الْقَوْمِ كَمْ سِنُّ الْقَاضِي قَالَ سِنُّ عَتَّابِ بْنِ أَسِيدٍ لَمَّا وَلَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْقَضَاءَ بِمَكَّةَ فَعَلِمُوا مِنْ هَذَا الْجَوَابِ أَنَّهُ من الْعلمَاء الْحَافِظ فَأَعْظَمُوهُ بَعْدَ ذَلِكَ

(الباب الثامن في تعدد الآباء)

(الْبَاب الثَّامِن فِي تعدد الْآبَاء) وَفِي الْجَعْدِيَّةِ الْمَوْطُوءَةُ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ حَيْثُ قُلْنَا يَلْحَقُ الْوَلَدُ بِالْوَطْءِ إِمَّا لِأَنَّ الْقَافَةَ أَلْحَقَتْهُ بِهِمَا أَوْ لِأَنَّهُ آخَرُ لِتَوَالِي أَحَدِهِمَا فَلَمْ يوال كَذَا قَالَ سَحْنُونٌ إِنْ مَاتَا وَلَمْ يَدَعَا غَيْرَهُ وَرِثَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفَ تَرِكَتِهِ وَالْبَاقِي لِلْعَصَبَةِ أَوْ لِبِنْتٍ إِنْ كَانَتْ وَيَحْجُبُ بِنِصْفِ بُنُوَّتِهِ كَلَالَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِأَنَّ الْبِنْتَ تَحْجُبُ الْكَلَالَةَ وَقِيلَ يُقَسَّمُ مَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَيْنِ فَالنِّصْفُ بَيْنَ الِابْنِ وَالْبِنْتِ إِنْ كَانَتْ عَلَى ثَلَاثَةٍ لِلِابْنِ ثُلُثَاهُ وَهُوَ ثُلُثُ جَمِيعِ الْمَالِ وَلِلْبِنْتِ ثُلُثُهُ وَهُوَ السُّدُسُ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِلْبِنْتِ نِصْفُهُ وَالْبَاقِي لِلْعَصَبَةِ وَهُوَ الرُّبُعُ تَصِحُّ مِنَ اثْنَيْ عَشَرَ لِلْبِنْتِ خَمْسَةٌ وَلِلْمُدَّعِي أَرْبَعَة وللعصبة ثَلَاث وَإِنْ وَرِثَ هَذَا الْمُدَّعِي مَعَ الْبِنْتَيْنِ فَلَهُ الثُّلُثُ وَلَهُمَا الثُّلُثَانِ وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ يُقَسَّمُ الْمَالُ نِصْفَيْنِ يَكُونُ فِي النِّصْفِ الْوَاحِدِ ابْنٌ وَبِنْتَانِ فَهُوَ بَيْنَهُمْ عَلَى أَرْبَعَةٍ وَفِي النِّصْفِ الْآخَرِ بِنْتَانِ بِغَيْرِ ابْنٍ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ وَالْبَاقِي لِلْعَصَبَةِ وَهُوَ السُّدُسُ تَصِحُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ لِلْمُدَّعِي سِتَّةٌ وَلِكُلِّ بِنْتٍ سَبْعَةٌ وَلِلْعَصَبَةِ أَرْبَعَةٌ وَكَذَلِكَ إِنْ كَثُرَ الْبَنَاتُ فَإِنْ وَرِثَ مَعَ ذَكَرٍ فَعَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ الْمَالُ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةٍ لِلْمُدَّعِي ثُلُثٌ لِأَنَّ لَهُ نِصْفَ بُنُوَّةٍ وَعَلَى الْآخَرِ يُقَسَّمُ الْمَالُ نِصْفَيْنِ فِي النِّصْفِ اثْنَان لِكُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُهُ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ فِيهِ ابْنٌ وَاحِد فَهُوَ لَهُ فللمدعى ربع المَال أَوْ مَعَهُ ابْنٌ وَبِنْتٌ فَعِنْدَ سَحْنُونٍ الْمَالُ أَرْبَعَةٌ لِلِابْنِ سَهْمَانِ وَلِلْبِنْتِ سَهْمٌ وَلِلْمُدَّعِي سَهْمٌ وَعَلَى الْآخَرِ يُقَسَّمُ نِصْفَيْنِ فِي النِّصْفِ ابْنَانِ وَبِنْتٌ لِلِابْنَيْنِ خُمُسَانِ وَلِلْبِنْتِ خُمُسٌ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ فِيهِ ابْنٌ وَبِنْتٌ عَلَى ثَلَاثَةٍ تَبْلُغُ الْمَسْأَلَةُ

ثَلَاثِينَ تَتَّفِقُ سِهَامُهُمْ بِالْأَنْصَافِ يَرُدُّ كُلُّ نِصْفٍ مَا فِي يَدِهِ فَتَصِحُّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ أَوْ مَعَهُ ثَلَاثُ أَخَوَاتٍ مُفْتَرِقَاتٍ فَعَلَى رَأْيِ سَحْنُونٍ لَهُ النِّصْفُ وَالْبَاقِي لِلشَّقِيقَةِ وَعَلَى الْآخَرِ يُقَسَّمُ الْمَالُ نِصْفَيْنِ فِي النِّصْفِ ابْنٌ فَهُوَ لَهُ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لَا بُنُوَّةَ فِيهِ لِلْأُخْتِ مِنَ الْأُمِّ سُدُسُهُ وَلِلشَّقِيقَةِ نِصْفُهُ وَالَّتِي لِلْأَبِ سُدُسُهُ وَالْبَاقِي لِلْعَصَبَةِ فَتَصِحُّ مِنَ اثْنَيْ عَشَرَ فَإِنْ مَاتَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ ثُمَّ مَاتَ هُوَ عَنْ أُمٍّ قَالَ سَحْنُونٌ لِلْأُمِّ الثُّلُثُ وَلِأَبِيهِ الْبَاقِي نِصْفُ مَا بَقِيَ لِأَنَّ لَهُ أُبُوَّةٌ وَالْبَاقِي وَهُوَ الثُّلُثُ لِعَصَبَةِ أَبِيهِ الْمَيِّتِ قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ إِنْ كَانَ لِأَحَدِ أَبَوَيْهِ ابْنَانِ حَجَبَا الْأُمَّ عَنِ الثُّلُثِ إِلَى السُّدُسِ وَكَانَ لِلْأَبِ الْبَاقِي نِصْفُ مَا بَقِيَ وَقِيلَ لَا يَحْجُبَانِهَا لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ نِصْفَ أُخُوَّةٍ فَإِنْ مَاتَ الْمُدَّعِي عَنْ أُمِّهِ وَأَبَوَيْهِ وَلِأَحَدِ الْأَبَوَيْنِ وَلَدٌ وَلِلْآخَرِ وَلَدٌ قُسِّمَ الْمَالُ نِصْفَيْنِ فِي أَحَدِ النِّصْفَيْنِ أَبَوَانِ وَأَخَوَانِ وَأُمٌّ لِلْأُمِّ السُّدُسُ وَالْبَاقِي لِلْأَخَوَيْنِ وَفِي النِّصْفِ الْآخَرِ أَبَوَانِ وَأَخٌ وَاحِدٌ وَأُمٌّ لَهَا الثُّلُثُ مِنْ ذَلِكَ النِّصْفِ وَللْأَب الْبَاقِي هُوَ ثُلُثُ جَمِيعِ الْمَالِ فَيَجْتَمِعُ لِلْأُمِّ رُبُعُ جَمِيعِ الْمَالِ قَالَ سَحْنُونٌ إِنْ مَاتَ الْأَبَوَانِ عَنْ أُمِّ أُمٍّ ثُمَّ مَاتَ الْمُسْتَلْحَقُ فَلِجَدَّتَيْهِ السُّدُسُ وَلَوْ كَانَ مَعَهُمَا جَدَّةٌ أُمُّ أُمٍّ كَانَ بَيْنَهُنَّ عَلَى أَرْبَعَةٍ لِأُمِّ الْأُمِّ سَهْمَانِ وَلِلْأُخْرَيَيْنِ سَهْمٌ سَهْمٌ فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا عَنْ أُمٍّ وَلَمْ يَتْرُكْ الْآخَرُ أُمًّا وَتَرَكَ الْمُسْتَلْحَقُ أُمَّ أُمٍّ كَانَ السُّدُسُ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةٍ لِأُمِّ الْأُمِّ سَهْمَانِ لِأَنَّهَا جَدَّةٌ كَامِلَةٌ وَلِأُمِّ الْأَبِ سَهْمٌ لِأَنَّ لَهَا نِصْفَ أُبُوَّةٍ وَلَا يَدْخُلُ هَاهُنَا الْقَوْلُ الْآخَرُ فَإِنْ كَانَ الْأَبَوَانِ شَقِيقَيْنِ وَمَاتَا وَتَرَكَا أَبًا وَمَاتَ الْمُسْتَلْحَقُ عَنْ جَدَّةِ أَبِ أَبَوَيْهِ قَالَ سَحْنُونٌ كَانَ لَهُ الْمَالُ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا عَمَّ الْآخَرِ وَمَاتَا وَتَرَكَ الْعَمُّ أَبَاهُ ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ عَنْ هَذَا الْمُدَّعِي وَهُوَ ابْن أَبِيه وَابْن ابْن أَبِيه كَانَ لَهُ الْمَالُ نِصْفٌ عَلَى أَنَّهُ ابْنٌ وَنصف على أَنه ابْن أَبِيه وَلَوْ كَانَتْ بِنْتًا كَانَ لَهَا الرُّبُعُ عَلَى أَنَّهَا بِنْتُ ابْنِهِ وَلَهَا نِصْفُ السُّدُسِ عَلَى أَنَّهَا بنت ابْن أَبِيه فَلَهَا ثُلُثُ جَمِيعِ الْمَالِ

(الباب التاسع في استخراج المجهولات)

(الْبَابُ التَّاسِعُ فِي اسْتِخْرَاجِ الْمَجْهُولَاتِ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ زَوْجٌ وَأُمٌّ وَأُخْتٌ شَقِيقَةٌ أَخَذَتِ الْأُمُّ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ كَمِ الْمَالُ هُوَ عِشْرُونَ لِأَنَّ سِهَامَهَا لِأَجْلِ الْعَوْلِ الرُّبُعُ وَالْخَمْسَةُ رُبُعُ الْعِشْرِينَ قَاعِدَةٌ كُلُّ أَرْبَعَةِ أَعْدَادٍ مُتَنَاسِبَةٍ فَضَرْبُ الْأَوَّلِ فِي الرّبع كَضَرْبِ الثَّانِي فِي الثَّالِثِ وَمَتَى كَانَ أَحَدُهُمَا مَجْهُولًا فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ ضَرَبْتَ الثَّانِيَ فِي الثَّالِث وَقسمت على الرّبع يَخْرُجُ الْأَوَّلُ أَوِ الرَّابِعُ مَجْهُولًا قَسَمْتَ عَلَى الْأَوَّلِ خَرَجَ الرَّابِعُ أَوِ الثَّانِي مَجْهُولًا ضَرَبْتَ الْأَوَّلَ فِي الرَّابِعِ وَقَسَمْتَ عَلَى الثَّالِثِ خَرَجَ الثَّانِي أَوْ عَلَى الثَّانِي خَرَجَ الثَّالِثُ كَالْوَاحِدِ نِسْبَتُهُ لِلْخَمْسَةِ كَنِسْبَةِ الْخَمْسَةِ لِلْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ لِأَنَّ كِلَيْهِمَا خَمْسٌ فَتَأَمَّلْهَا إِذَا تَقَرَّرَتْ فَاعْلَمْ أَنَّ نِسْبَةَ مَا أَخَذْتَ لِجَمِيعِ الْمَالِ كَنِسْبَةِ سِهَامِهَا لِلْفَرِيضَةِ فَإِنْ ضَرَبْتَ سِهَامَ الْفَرِيضَةِ فِيمَا وَقَعَ لَهَا وَقَسَمْتَهُ عَلَى عَدَدِ سِهَامِهَا خَرَجَ لَكَ الْمَقْصُودُ فَعَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ تَخْرُجُ هَذِهِ الْمَسَائِلُ وَهِيَ سِرُّهَا وَالْقَاعِدَةُ فِي نَفْسِهَا عَلَيْهَا أَعْمَالٌ كَثِيرَةٌ فِي عِلْمِ الْحِسَابِ مَسْأَلَةٌ أُمٌّ وَثَلَاثُ أَخَوَاتٍ مُفْتَرِقَاتٍ وَالتَّرِكَةُ مِائَةُ دِينَارٍ وَثَوْبٌ أَخَذَتِ الْأُمُّ الثَّوْبَ كَمْ قِيمَتُهَا فَتَقُولُ سِهَامُهَا السُّدُسُ وَهُوَ خُمُسُ بَقِيَّةِ السِّهَامِ فَالْقِيمَةُ عِشْرُونَ أَوْ تَقُولُ نِسْبَةُ سِهَامِهَا إِلَى بَقِيَّةِ سِهَامِ الْفَرِيضَةِ كَنِسْبَةِ مَا يَخُصُّهَا لِبَقِيَّةِ الْمَالِ فَيُكْمِلُ الْعَمَلَ الْمُتَقَدّم فِي الْقَاعِدَة فَاضْرب الأول هُوَ سَهْمُ الْأُمِّ وَهُوَ وَاحِدٌ فِي الرَّابِعِ وَهُوَ بَقِيَّةُ الْمَالِ وَهُوَ مِائَةٌ وَاقْسِمْهُ عَلَى الثَّانِي وَهُوَ بَقِيَّةُ سِهَامِ الْفَرِيضَةِ

بَعْدَ إِخْرَاجِ سَهْمِ الْأُمِّ وَذَلِكَ خَمْسَةٌ يَخْرُجُ لَكَ عِشْرُونَ قِيمَةُ الثَّوْبِ فَإِنْ قِيلَ زَادَتْ مِنْ عِنْدِهَا عَشَرَةُ دَنَانِيرَ قُلْ قِيمَةُ الثَّوْبِ إِلَّا عَشَرَةً السُّدُسُ زِدِ الْعَشَرَةَ عَلَى الْمِائَةِ وَاضْرِبْ فِيهَا سِهَامَ الْأُمِّ وَهُوَ وَاحِدٌ وَاقْسِمْ عَلَى بَقِيَّةِ سِهَامِ الْفَرِيضَةِ وَذَلِكَ خَمْسَةٌ يَخْرُجُ الْقَسْمُ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ وَهُوَ مَا يُصِيبُ الْأُمَّ زِدْ عَلَيْهِ عَشَرَةً يَكُنْ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَهُوَ قِيمَةُ الثَّوْبِ لِأَنَّ قِيمَةَ الثَّوْبِ إِلَّا عَشَرَةً السُّدُسُ وَهُوَ خُمُسُ مَا بَقِيَ وَنِسْبَةُ سَهْمِ الْأُمِّ وَهُوَ وَاحِدٌ إِلَى الْفَرِيضَةِ وَهِيَ خَمْسَةٌ كَنِسْبَةِ مَا يَخُصُّ الْأُمَّ وَهُوَ الثَّوْبُ إِلَّا عَشَرَةً مِنْ بَقِيَّةِ الْمَالِ وَهُوَ مِائَةٌ وَعَشَرَةٌ فَاقْسِمْ عَلَى الثَّانِي وَهُوَ خَمْسَةٌ يَخْرُجُ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ وَهُوَ سَهْمُ الْأُمِّ زِدِ الْعَشْرَةَ تَبْلُغُ اثْنَيْنِ ثَلَاثِينَ فَإِنْ زَادُوهَا عشرَة انْقُصِ الْعَشَرَةَ مِنَ الْمِائَةِ وَاضْرِبْ سَهْمَ الْأُمِّ وَاحِدًا فِي التِسْعِينَ وَاقْسِمْ عَلَى الْخَمْسَةِ تَخْرُجُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَهُوَ سَهْمُ الْأُمِّ انْقُصْ مِنْ ذَلِكَ عَشَرَةً تَبْقَى ثَمَانِيَةٌ قِيمَةُ الثَّوْبَ ضُمَّهَا لِلْمِائَةِ تَكُنْ مِائَةً وَثَمَانِيَةً وَهُوَ التَّرِكَةُ مَعَ قِيمَةِ الثَّوْبِ وَبِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يُسْتَعَانُ عَلَى مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ وَسَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى عَمَلُ هَذَا النَّوْعِ بِالْجَبْرِ وَالْمُقَابَلَةِ

(الباب العاشر في قسم التركات)

(الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي قَسْمِ التَّرِكَاتِ) وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنْ كَانَتْ مُقَدَّرَةً بِوَزْنٍ أَوْ كَيْلٍ فَانْظُرْ عَدَدَ الْفَرِيضَةِ مِنْ حَيْثُ تَنْقَسِمُ وَعَدَدَ التَّرِكَةِ فَالتَّرِكَةُ هِيَ الْأَصْلُ الْمَضْرُوبُ فِيهِ وَالْمَقْسُومُ عَلَيْهِ الْفَرِيضَةُ إِلَّا أَنْ تَتَّفِقَ التَّرِكَةُ وَالْفَرِيضَةُ بِجُزْءٍ فَيقوم جزآهما مَقَامَهُمَا وَيُضْرَبُ لِكُلِّ وَارِثٍ أَوْ مُوصًى لَهُ يحْتَملهُ سِهَامُهُ فِي الْمَضْرُوبِ فِيهِ وَيُقْسَمُ عَلَى الْمَقْسُومِ عَلَيْهِ فَمَا خَرَجَ مِنَ الْقَسْمِ فَهُوَ نَصِيبُ الَّذِي ضَرَبْتَ لَهُ مِثَالُ الْأَوَّلِ أُمٌّ وَأُخْتَانِ لِأُمٍّ وَأُخْتَانِ لِأَبٍ وَخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا الْفَرِيضَةُ سِتَّةٌ وَتَعُولُ بِسُدُسِهَا لِسَبْعَةٍ لِلْأُمِّ سَهْمٌ وَلِكُلِّ أُخْتٍ لِأُمٍّ سَهْمٌ وَلِكُلِّ أُخْتٍ لِأَبٍ سَهْمَانِ فَذَلِكَ سَبْعَةٌ وَلَا تُوَافِقُ التَّرِكَةَ وَاضْرِبْ لِلْأُمِّ بِوَاحِدٍ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ وَاقْسِمْهَا عَلَى سَبْعَةٍ جُمْلَةِ الْفَرِيضَةِ يَخْرُجُ لَهَا دِينَارَانِ فِي الْقَسْمِ وَسُبُعُ دِينَارٍ وَلِكُلِّ أُخْتٍ لِأُمٍّ كَذَلِكَ وَمِثَالُ الْمُوَافَقَةِ أَبَوَانِ وَابْنَتَانِ وَأَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ وَتَرَكَ وَاحِدًا وَعِشْرِينَ دِينَارًا الْفَرِيضَةُ سِتَّةٌ لِلْأَبَوَيْنِ سَهْمَانِ وَلِكُلِّ بِنْتٍ سَهْمَانِ وَيُعَالُ لِلْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ بِمِثْلِ نِصْفِهَا ثَلَاثَةٌ تَبْلُغُ تِسْعَةً تُوَافِقُ بِالثُّلُثِ فَالْمَضْرُوبُ فِيهِ سَبْعَةٌ ثُلُثُ التَّرِكَةِ وَالْمَقْسُومُ عَلَيْهِ ثَلَاثَةٌ ثُلُثُ الْفَرِيضَةِ وَالْوَصِيَّةِ فَاضْرِبْ لِلْمُوصَى لَهُ بِسِهَامِهِ من أصل الْفَرِيضَة ثَلَاثَة فِي سَبْعَة أحد وَعِشْرُونَ وَاقْسِمْهَا عَلَى ثَلَاثَةٍ ثُلُثِ الْفَرِيضَةِ يَخْرُجُ سَبْعَةٌ نَصِيبُ الْمُوصَى لَهُ وَلِلْأَبِ وَاحِدٌ فِي سَبْعَة واقسم عَلَى ثَلَاثَةٍ يَخْرُجُ دِينَارَانِ وَثُلُثٌ وَلِلْأُمِّ مِثْلُ ذَلِك وَلكُل بنت اثْنَان فِي سبة أَرْبَعَةَ عَشَرَ غَيْرَ مُنْقَسِمٍ عَلَى ثَلَاثَةٍ يَخْرُجُ أَرْبَعَةٌ وَثُلُثَانِ هَذَا إِنْ كَانَ عَدَدُ التَّرِكَةِ صَحِيحًا فَإِنْ كَانَ كَسْرٌ فَابْسُطْ الْعَدَدَ كُلَّهُ مِنْ جِنْسِ الْكَسْرِ تَضْرِبُ الصَّحِيحَ فِي مَخْرَجِ الْكَسْرِ وَتَزِيدُ عَلَيْهِ لِلْكَسْرِ وَتَصِيرُ تِلْكَ الْكُسُورُ كالصحاح

فَاعْمَلْ فِي الْقَسْمِ مَا تَقَدَّمَ فَمَا خَرَجَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْقِسْمَةِ وَالضَّرْبِ اقْسِمْهُ عَلَى مخرج ذَلِك الْكسر الَّذِي جعلت الْكل من جنسه فَمَا خرج فَهُوَ نصِيبه مِثَال أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ دِينَارًا وَنِصْفٌ وَأُمٌّ وَأُخْتَانِ لِأُمٍّ وَأُخْتَانِ لِأَبٍ تَضْرِبُ الْأَرْبَعَةَ وَالْعِشْرِينَ فِي اثْنَيْنِ مَخْرَجِ النِّصْفِ تَبْلُغُ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ وَتَزِيدُ النِّصْفَ تَبْلُغُ تِسْعَةً وَأَرْبَعِينَ فَيُعَدُّ ذَلِكَ مَبْلَغُ التَّرِكَةِ تَضْرِبُ فِيهِ لِلْأُمِّ بِسَهْمٍ وَتَقْسِمُ عَلَى سَبْعَةٍ يَخْرُجُ لَهَا سَبْعَةٌ وَكَذَلِكَ لِكُلِّ أُخْتٍ لِأُمٍّ وَيَخْرُجُ لِكُلِّ أُخْتٍ لِأَبٍ أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَإِذَا قَسَمْتَ مَا بِيَدِ كُلِّ وَارِثٍ عَلَى اثْنَيْنِ مَخْرَجِ النِّصْفِ حَصَلَ مَعَهُ نِصْفُ مَا بِيَدِهِ وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ وَنِصْفٌ وَإِنْ قَسَمْتَ جُمْلَةَ التَّرِكَةِ عَلَى جُمْلَةِ السِّهَامِ كَانَ الْخَارِجُ حِصَّةَ كُلِّ سَهْمٍ مِنْ جُمْلَةِ الْفَرِيضَةِ وَإِذَا ضَرَبْتَ عَدَدَ سِهَامِ كُلِّ وَارِثٍ فِي الْخَارِجِ كَانَ مَبْلَغُ الضَّرْبِ حِصَّتَهُ مِنْ جُمْلَةِ التَّرِكَةِ وَهُوَ تَبْيِين بِالْمِثَالِ الْحَاضِرِ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ طَرِيقًا مِنَ النِّسْبَةِ يُغْنِي عَنِ الضَّرْبِ وَالْقِسْمَةِ يَنْسُبُ سِهَامَ الْفَرِيضَةِ مِنْ عَدَدِ التَّرِكَةِ فَمَا كَانَتْ نِسْبَتُهَا فَهِيَ نِسْبَةُ سِهَامِ كُلِّ وَارِثٍ مِنْ نَصِيبِهِ مِنْ جُمْلَةِ التَّرِكَةِ بَيَانُهُ أَنَّ نِسْبَةَ السَّبْعَةِ لِلتِّسْعَةِ وَالْأَرْبَعِينَ السُّبُعُ لِلْأُمِّ سَهْمٌ فَهُوَ سُبُعُ نَصِيبِهَا فَنَصِيبُهَا إِذًا سَبْعَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْوَرَثَةِ هَذَا إِذَا كَانَتِ التَّرِكَةُ مُقَدَّرَةً فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُقَدَّرَةٍ فَالْعَمَلُ فِي قِيمَتِهَا كَمَا تَقَدَّمَ وَكَذَلِكَ إِنِ اشْتَمَلَتْ عَلَى مُقَدَّرٍ وَغَيْرِهِ كَعَيْنٍ وَعُرُوضٍ جَمَعْتَ الْقِيمَةَ لِعَدَدِ الْعَيْنِ تَمْهِيدٌ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ فِي قِسْمَةِ التَّرِكَةِ سَبْعَ طُرُقٍ أَحَدُهَا تَنْسُبُ سِهَامَ الْوَارِثِ لِلْفَرِيضَةِ وَتَأْخُذُ تِلْكَ النِّسْبَةَ مِنَ الْمَالِ وَثَانِيهَا تَضْرِبُ سِهَامَ الْوَارِثِ فِي الْمَالِ وَتَقْسِمُ الْمُجْتَمِعَ عَلَى جُمْلَةِ سِهَامِ الْفَرِيضَةِ وَالْخَارِجُ الْمَطْلُوبُ وَثَالِثُهَا تَقْسِمُ الْمَالَ بجملته على الْفَرِيضَة بجملتها فَمَا خرج ضريبته فِي سهم كُلِّ وَارِثٍ فَمَا اجْتَمَعَ فَهُوَ حَظُّهُ

(النظر الثاني في حساب الجبر والمقابلة)

وَرَابِعُهَا تُوَفِّقُ بَيْنَ الْفَرِيضَةِ وَالْمَالِ وَتَضْرِبُ سِهَامَ الْوَارِثِ فِي وَفْقِ الْمَالِ وَتَقْسِمُ عَلَى وَفْقِ الْفَرِيضَةِ وَخَامِسُهَا تَقْسِمُ وَفْقَ الْمَالِ عَلَى وَفْقِ الْفَرِيضَةِ وَتَضْرِبُ الْخَارِجَ فِي سِهَامِ كُلِّ وَارِثٍ وَسَادِسُهَا تَقْسِمُ الْفَرِيضَةَ عَلَى الْمَالِ وَتَقْسِمُ سِهَامَ الْوَارِثِ عَلَى الْخَارِجِ وَكَذَلِكَ فِي الْوَفْقِ وَسَابِعُهَا تَقْسِمُ الْفَرِيضَةَ عَلَى سِهَامِ كُلِّ وَارِثٍ فَمَا خَرَجَ لِلْوَارِثِ قَسَمْتَ عَلَيْهِ الْمَالَ وَكَذَلِكَ الْوَفْقُ فَاعْلَمْهُ (النّظر الثَّانِي فِي حِسَابِ الْجَبْرِ وَالْمُقَابَلَةِ) وَسُمِّي بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَقَعُ فِيهِ نَاقِصٌ فَيُجْبَرُ وَيُسَوَّى لِضَرُورَةِ الْعَمَلِ وَإِذَا اجْتَمَعَ عَدَدَانِ فِي بَعْضِ الْأَعْمَالِ سَقَطَ الْعَدَدُ الْمُشْتَرَكُ وَقُوبِلَ بِمَا بَقِيَ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي الْعَمَلِ وَضَرُورَةُ الْعُلَمَاءِ تَدْعُوَ لِهَذَا الْعِلْمِ لِأَنَّ ثَمَّ مَسَائِلَ مِنَ الْوَصَايَا وَالْخُلْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالنِّكَاحِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَسَائِلِ الَّتِي فِيهَا دَوْرٌ وَهِيَ كَثِيرَةٌ لَا تَخْرُجُ بِالْحِسَابِ الْمَفْتُوحِ لِأَنَّهُ لَا يُخْرِجُ كُلَّ الْمَجْهُولَاتِ عَلَى مَا يَتَّضِحُ لَكَ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي يَقَعُ فِيهَا الْعَمَلُ وَتَخْرُجُ بِالْجَبْرِ وَالْمُقَابَلَةِ وَالْمَسَائِلُ الْحِسَابِيَّةُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ مِنْهَا مَا يَخْرُجُ بِالْمَفْتُوحِ وَالْجَبْرِ وَمَا لَا يخرج بهما وَقد اسْتَأْثَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِعِلْمِهِ أَوْ مَنْ خَصَّهُ بِهِ مِنْ عِبَادِهِ وَقَدْ بَيَّنَهَا أَرْبَابُ الرِّيَاضَةِ فِي كُتُبِهِمُ الْمَبْسُوطَةِ وَهِيَ فِي الْحِسَابِ كَجَذْرِ الْعَدَدِ الْأَصَمِّ فَلَا يَعْلَمُ جَذْرَ الْعَشَرَةِ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى وَمَا يَخْرُجُ بِالْجَبْرِ خَاصَّةً وَهِيَ الَّتِي يَحْتَاجُ لَهَا الْجَبْرُ هَذَا اشْتِقَاقُ الْجَبْرِ وَاسم الْعدَد عِنْد اليونان أرتما طيقا مُرَادِفٌ لِلَفْظِ الْعَدَدِ فِي الْعَرَبِيَّةِ وَأُلَخِّصُ فِي هَذَا النَّظَرِ عَشْرَ قَوَاعِدَ وَعَشَرَةَ أَبْوَابٍ وَثَمَرَتَهُ بِحَيْثُ

يَتَّضِحُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى اتِّضَاحًا حَسَنًا ويسهل تَحْصِيله وَضَبطه الْقَاعِدَةُ الْأُولَى إِنَّ أَقَلَّ مَرَاتِبِ الْعَدَدِ اثْنَانِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَقِيلَ لَيْسَ بِعَدَدٍ لِأَنَّهُ أَوَّلُهُ وَأول الشَّيْء لَا يصدق عَلَيْهِ كالنقطة طرق الْخَطِّ وَلَيْسَتْ خَطًّا وَالْوَاحِدُ لَيْسَ بِعَدَدٍ بَلْ هُوَ مَادَّة الْعدَد وَمِنْه تقوم وعلته وَسَببه وَسبب الشَّيْء غَيره وَقيل عدد لتركب الْعَدَدِ مِنْهُ كَتَرَكُّبِ الْمَاءِ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَاءِ وَجُزْءُ الْمَاءِ مَاءٌ هَذَا الْخِلَافُ فِي أَوَّلِهِ وَأَمَّا آخِرُهُ فَغَيْرُ مُتَنَاهٍ اتِّفَاقًا بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا مَرْتَبَةَ مِنَ الْعَدَدِ إِلَّا وَفَوْقَهَا مَرْتَبَةٌ الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ الْعَدَدُ يَنْقَسِمُ إِلَى فَرْدٍ وَزَوْجٍ وَزَوْجِ الْفَرْدِ وَزَوْجِ الزَّوْجِ وَزَوْجِ الزَّوْجِ وَالْفَرْدِ فَالْفَرْدُ مَا لَا يَنْقَسِمُ بِقِسْمَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ وَيَنْقَسِمُ إِلَى أَوَّلَ وَمُرَكَّبٍ فَالْأَوَّلُ مَا لَا يَعُدُّهُ إِلَّا الْوَاحِدُ كَالثَّلَاثَةِ وَالْخَمْسَةِ وَالسَّبْعَةِ وَالْأَحَدَ عَشَرَ ونحون وَالْمُرَكَّبُ مَا يَعُدُّهُ عَدَدٌ فَرْدٌ عَدَا الْوَاحِدَ كَالتِّسْعَةِ تَعُدُّهَا الثَّلَاثَةُ وَالْخَمْسَةَ عَشَرَ تَعُدُّهَا الْخَمْسَةُ وَنَحْوِهَا وَالزَّوْجُ مَا يَنْقَسِمُ بِقِسْمَيْنِ مُسْتَوِيَيْنِ وَمَعَ ذَلِكَ إِنْ كَانَ الْقِسْمَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَرْدٌ فَهُوَ زَوْجُ الْفَرْدِ وَيَتَوَلَّدُ مِنْ تَضْعِيفِ كُلِّ عَدَدٍ فَرْدٍ بِاثْنَيْنِ وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا زَوْجًا وَيَنْقَسِمُ إِلَى زَوْجَيْنِ كَذَلِكَ حَتَّى تَنْتَهِيَ الْقِسْمَةُ إِلَى الْوَاحِدِ فَهُوَ زَوْجُ الزَّوْجِ وَيَتَوَلَّدُ مِنْ تَضْعِيفِ الِاثْنَيْنِ أَنْفُسِهِمَا ثُمَّ الْمبلغ بِاثْنَيْنِ ثُمَّ الْمَبْلَغُ بِاثْنَيْنِ كَذَلِكَ إِلَى غَيْرِ النِّهَايَةِ وَالِاثْنَانِ لَيْسَا مِنْ زَوْجِ الزَّوْجِ بَلْ أَصْلٌ لَهُ وَإِنْ كَانَ كُلُّ قِسْمٍ يَنْقَسِمُ بِمُتَسَاوِيَيْنِ مَرَّتَيْنِ فَصَاعِدًا أَوْ لَا تَنْتَهِي الْقِسْمَةُ لِلْوَاحِدِ فَهُوَ زَوْجُ الزَّوْجِ وَالْفَرْدِ وَيَتَوَلَّدُ مِنْ تَضْعِيفِ كُلِّ عَدَدٍ فَرْدٍ بِكُلِّ عَدَدٍ مِنْ أَعْدَادِ زَوْجِ الزَّوْجِ فَصَارَ الزَّوْجُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ

الْقَاعِدَةُ الثَّالِثَةُ الْعَدَدُ يُشَبَّهُ بِالْأَشْكَالِ الْهَنْدَسِيَّةِ فَمِنْهُ خَطٌّ وَسَطْحٌ وَجِسْمٌ فَالْخَطُّ كُلُّ عَدَدٍ يُشْبِهُ الْخَطَّ نَحْوَ هَذَا الشَّكْلِ ... . وَأَمَّا السَّطْحُ فَيَنْقَسِمُ إِلَى الْأَشْكَالِ الْهَنْدَسِيَّةِ الْمُثَلَّثِ وَالْمُرَبَّعِ وَالْمُسْتَطِيلِ وَالْمُخَمَّسِ وَنَحْوِهِ مِنْ ذَوَاتِ الْأَضْلَاعِ الْكَبِيرَةِ فَيَتَوَلَّدُ الْمُثَلَّثُ مِنَ الْعَدَدِ الطَّبِيعِيِّ الْمُبْتَدِئِ مِنَ الْوَاحِدِ الْمُتَزَايِدِ وَاحِدًا وَاحِدًا لِأَنَّ الْوَاحِدَ شَكْلٌ مُثَلَّثٌ بِالْقُوَّةِ فَإِذَا زِدْتَ عَلَيْهِ اثْنَيْنِ وَهُوَ الْعَدَدُ الَّذِي يَلِيهِ صَارَ ثَلَاثَةً وَهُوَ أَوَّلُ الْمُثَلَّثَاتِ بِالْفِعْلِ وَكُلُّ ضِلْعٍ مِنْهُ اثْنَانِ وَإِذَا زِدْتَ عَلَى الْمَبْلَغِ الَّذِي يَلِي الِاثْنَيْنِ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ صَارَ سِتَّةً وَهُوَ الْمُثَلَّثُ الثَّانِي وَكُلُّ ضِلْعٍ مِنْهُ ثَلَاثَةٌ وَإِذَا زِدْتَ عَلَى الْمَبْلَغِ الَّذِي يَلِي الثَّلَاثَةَ وَهُوَ الْأَرْبَعَةُ صَارَ عَشَرَةً وَهُوَ الْمُثَلَّثُ الثَّالِثُ وَكُلُّ ضِلْعٍ مِنْ أَضْلَاعِهِ أَرْبَعَةٌ وَكَذَلِكَ إِلَى غَيْرِ النِّهَايَةِ وَهَذِهِ صُوَرُهَا وَأَمَّا الْمُرَبَّعَاتُ فتتولد من الْأَفْرَاد الطبيعة الْمُبْتَدِئَةِ مِنَ الْوَاحِدِ الْمُتَزَايِدِ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ فَالْوَاحِدُ مُرَبَّعٌ بِالْقُوَّةِ وَإِذَا زِدْتَ عَلَيْهِ الْفَرْدَ الَّذِي يَلِيهِ وَهُوَ ثَلَاثَة صَار أَرْبَعَة وَهُوَ المربع بِالْفِعْلِ وَضِلْعُهُ اثْنَانِ وَإِذَا زِدْتَ عَلَى الْفَرْدِ الَّذِي يَلِي الثَّلَاثَةَ وَهُوَ خَمْسَةٌ صَارَ تِسْعَةً وَهُوَ الْمُرَبَّعُ الثَّانِي وَضِلْعُهُ ثَلَاثَةٌ وَكَذَلِكَ إِلَى غَيْرِ النِّهَايَةِ وَهَذِهِ صُورَتُهَا وَأَمَّا ذَوَاتُ الْأَضْلَاعِ الْكَثِيرَةِ كَالْمُخَمَّسِ وَالْمُسَدَّسِ وَغَيْرِهِمَا فَفِي تَوْلِيدِهَا طَرِيقٌ وَهُوَ أَنَّ الْمُثَلَّثَ لَمَّا كَانَ أَوَّلَ الْأَشْكَالِ كَانَ مِنْ جَمِيعِ الْأَعْدَادِ الطَّبِيعِيَّةِ الْمُبْتَدِئَةِ مِنَ الْوَاحِدِ وَلَمَّا كَانَ الْمُرَبَّعُ الثَّانِيَ فَإِنَّكَ تَأْخُذُ عدد وتترك عددا وَفِي المخمس تَأْخُذ عددا وَترك عددين وَفِي المسدس تَأْخُذ عددا وتترك ثَلَاثَة أعداد وَكُلَّمَا أَرَدْتَ زِيَادَةَ ضِلْعٍ زِدْتَ فِي الْمَتْرُوكِ عَدَدًا وَكُلُّ عَدَدٍ تَأْخُذُهُ بَعْدَ الْمَتْرُوكِ تُضِيفُهُ وَالْوَاحِدُ مُخَمَّسٌ بِالْقُوَّةِ فَاتْرُكِ الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ وَأَضِفِ الْأَرْبَعَةَ لِلْوَاحِدِ فَيَحْصُلُ

الْمُخَمَّسُ الْأَوَّلُ بِالْفِعْلِ وَهُوَ الثَّانِي بِالْقُوَّةِ وَاتْرُكِ الْخَمْسَةَ وَالسِّتَّةَ وَخُذْ السَّبْعَةَ تُضِيفُهَا لِلْخَمْسَةِ تَكُونُ اثْنَيْ عَشَرَ وَهُوَ الْمُخَمَّسُ الثَّانِي وَتَتْرُكُ فِي الْمُسَدَّسِ الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ وَالْأَرْبَعَةَ وَتَأْخُذُ الْخَمْسَةَ تُضِيفُهَا لِلْوَاحِدِ يَكُونُ الْمُسَدَّسُ الثَّانِي وَإِنْ تَرَكْتَ السِّتَّةَ والسبعة وَالثَّمَانِيَة وَأخذت التِّسْعَة أضفتها إِلَى السِّتَّةِ صَارَتْ خَمْسَةَ عَشَرَ وَهُوَ الْمُسَدَّسُ الثَّالِثُ وَهَذِهِ صُورَتُهَا وَهَذِهِ الْمَبَاحِثُ مُسْتَوْعَبَةٌ فِي الْكُتُبِ الْهَنْدَسِيَّةِ إِقْلِيدِسَ وَغَيْرِهَا الْقَاعِدَةُ الرَّابِعَةُ الْعَدَدُ يَنْقَسِمُ إِلَى تَامٍّ وَزَائِدٍ وَنَاقِصٍ فَالتَّامُّ هُوَ الَّذِي إِذَا اجْتَمَعَتْ أَجْزَاؤُهُ سَاوَتْهُ فَأَوَّلُهَا السِّتَّةُ لَهَا نِصْفٌ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ اثْنَانِ وَسُدُسٌ وَاحِدٌ مَجْمُوعُهَا سِتَّةٌ وَاسْتِخْرَاجُ الْأَعْدَادِ التَّامَّةِ مِنْ أَعْدَادِ زَوْجِ الزَّوْجِ مَعَ الْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ وَهُوَ أَنْ تَجْمَعَهَا عَلَى الْوَلَاءِ فَإِذَا اجْتَمَعَ مِنْهَا عَدَدٌ أَوَّلُ ضَرَبْتَهُ فِي آخِرِ عَدَدٍ جَمَعْتَهُ فَالْمَبْلَغُ عَدَدٌ تَامٌّ مِثَالُهُ الْوَاحِدُ تَامٌّ بِالْقُوَّةِ تَجْمَعُ مَعَهُ الِاثْنَيْنِ يَبْلُغُ ثَلَاثَةً فَتَضْرِبُهُ فِي آخِرِ مَا جَمَعْتَهُ وَهُوَ اثْنَانِ يَبْلُغُ سِتَّةً وَإِذَا جَمَعْتَ الْوَاحِدَ وَالِاثْنَيْنِ وَالْأَرْبَعَةَ تَبْلُغُ سَبْعَةً فَتَضْرِبُهُ فِي الْأَرْبَعَةِ تَبْلُغُ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ عَدَدًا تَامًّا نِصْفُهُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَرُبُعُهُ سَبْعَةٌ وَسُبُعُهُ أَرْبَعَةٌ وَنصف سَبْعَة اثْنَان وَربع سَبْعَة وَاحِد ومجموعهما ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ فَإِذَا جَمَعْتَ وَكَانَ مَعَكَ عَدَدٌ مُرَكَّبٌ جَمَعْتَ عَلَيْهِ حَتَّى يَكُونَ عَدَدٌ أَوَّلًا فَبِهَذَا الْعَمَلِ تَسْتَخْرِجُ الْأَعْدَادَ التَّامَّةَ إِلَى غَيْرِ نِهَايَةٍ وَالْعَدَدُ الزَّائِدُ هُوَ الَّذِي إِذَا جَمَعْتَهُ زَادَ وَالنَّاقِصُ إِذَا جَمَعْتَهُ نَقَصَ وَالْأَوَّلُ هُوَ عِنْدَ الْحِسَابِ أَكْمَلُ كَالْإِنْسَانِ التَّامِّ وَالزَّائِدُ مُنْحَرِفٌ كَصَاحِبِ الْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ وَالنَّاقِصُ كَعَادِمِ أُصْبُعٍ وَقَدْ قيل هُوَ السَّبَب الْمُرَجح فِي خلق السَّمَوَات وَالْأَرْضِ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ دُونَ غَيْرِهَا مِنَ الْأَعْدَادِ لِأَنَّهَا أَوَّلُ عَدَدٍ تَامٍّ فَالنَّاقِصُ كَالْفَرْدِ الْأَوَّلِ وَالْفَرْدِ الْمُرَكَّبِ مِنْ عَدَدٍ وَاحِدٍ وَلَوْ تَكَرَّرَ مَا تَكَرَّرَ كُلُّهُ نَاقِصٌ وَزَوْجُ

الْفَرْدِ كَالْأَوَّلِ كُلُّهُ نَاقِصٌ مَا عَدَا السِّتَّةَ وَزَوْجُ الزَّوْجِ كُلُّهُ نَاقِصٌ وَالْأَعْدَادُ التَّامَّةُ كُلُّهَا زَوْجُ الزَّوْجِ وَالْفَرْدِ مَا عَدَا السِّتَّةَ وَكُلُّ عَدَدٍ تَامٍّ لَا بُدَّ فِيهِ مِنَ السِّتَّةِ أَوِ الثَّمَانِيَةِ الْقَاعِدَةُ الْخَامِسَةُ فِي تَنَاسُبِ الْأَعْدَادِ وَأَصْلُهَا الْأَرْبَعَةُ الْمُتَنَاسِبَةُ وَتَكُونُ النِّسْبَةُ مُتَّصِلَةٌ وَمُنْفَصِلَةٌ فَالْمُتَّصِلَةُ تَكُونُ نِسْبَةُ الْأَوَّلِ لِلثَّانِي كَنِسْبَةِ الثَّانِي لِلثَّالِثِ وَكَنِسْبَةِ الثَّالِثِ لِلرَّابِعِ وَالرَّابِعِ لِلْخَامِسِ وَكَذَلِكَ إِلَى غَيْرِ النِّهَايَةِ وَكَذَلِكَ يَكُونُ ضَرْبُ كُلِّ مِقْدَارٍ فِي نَظِيرِهِ مُسَاوِيًا لِمُرَبَّعِ الْوَاسِطَةِ إِنْ كَانَ عَدَدُ الْمَقَادِيرِ فَرْدًا وَكَضَرْبِ إِحْدَى الْوَاسِطَتَيْنِ فِي الْأُخْرَى إِنْ كَانَ عَدَدُ الْمَقَادِيرِ زَوْجًا فَيَكُونُ ضَرْبُ الْأَوَّلِ فِي الرَّابِعِ كَضَرْبِ الثَّانِي فِي الثَّالِثِ وَالْأَوَّلِ فِي السَّادِسِ كَالثَّانِي فِي الْخَامِسِ وَالثَّالِثِ فِي السَّادِسِ كَالرَّابِعِ فِي الْخَامِسِ كَالِاثْنَيْنِ وَالْأَرْبَعَةِ وَالثَّمَانِيَةِ وَالسِتَّةَ عَشَرَ فَضَرْبُ الْأَوَّلِ فِي الرَّابِعِ كَالثَّانِي فِي الثَّالِثِ وَبِالْعَكْسِ وَمِثَالُ الْمَقَادِيرِ الَّتِي عَدَدُهَا فَرْدٌ الثَّلَاثَةُ وَالتِّسْعَةُ وَالسَّبْعَةُ وَالْعِشْرين فَالْأَوَّلُ ثُلُثُ الثَّانِي وَالثَّانِي ثُلُثُ الثَّالِثِ وَفِي الْمِثَال الأول نِصْفُ الثَّانِي وَالثَّانِي نِصْفُ الثَّالِثِ وَالثَّالِثُ نِصْفُ الرَّابِعِ فَضَرْبُ الثَّلَاثَةِ فِي السَّبْعَةِ وَالْعِشْرِينَ كضرب التِّسْعَة فِي نَفسهَا وَهُوَ تكعيبها وتكعب كل عدد ضربه فِي نَفسه وَمَتى كثرت الْأَعْدَاد وَهِي زوج يضْرب الْأَوَّلُ مِنْهَا فِي الْآخَرِ كَضَرْبِ الْمَرْتَبَتَيْنِ الْمُتَوَسِّطَتَيْنِ إِحْدَاهمَا فِي الْأُخْرَى وَإِن كَانَت فزد فَضرب الأولى فِي الْأَخِيرَة كضرب الْمُتَوَسّط فِي نَفْسِهَا وَمِثَالُهُ فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ نَبْنِي عَلَيْهِ فَنَقُولُ السِتَّةَ عَشَرَ نِصْفُ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَاثْنَانِ وَثَلَاثُونَ نِصْفُ أَرْبَعَةٍ وَسِتِّينَ وَهِيَ نِصْفُ مِائَةٍ وَثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ وَهُوَ نِصْفُ مِائَتَيْنِ وَسِتَّةٍ وَخمسين الَّذِي هُوَ الْأَخِيرُ تَبْلُغُ خَمْسَمِائَةٍ وَاثْنَيْ عَشَرَ وَهُوَ الْمُتَحَصِّلُ مِنْ ضَرْبِ سِتَّةَ عَشَرَ فِي اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ الْمَرْتَبَتَانِ الْمُتَوَسِّطَتَانِ وَمِثَالُ مَقَادِيرَ عَدَدُهَا فَرْدٌ تُسْقِطُ مِائَتَيْنِ وَسِتَّةً وَخَمْسِينَ فَضَرْبُ اثْنَيْنِ فِي مِائَةٍ وَثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ بِمِائَتَيْنِ وَسِتَّةٍ وَخَمْسِينَ وَهُوَ الْمُتَحَصِّلُ مِنْ ضَرْبِ الْمَرْتَبَةِ

الْمُتَوَسِّطَةِ فِي نَفْسِهَا وَهِيَ السِتَّةَ عَشَرَ وَإِذَا كَانَ الطرفان فِي الْمَقَادِير الزَّوْجَة كَالْوَاسِطَتَيْنِ فَكَذَلِكَ الْمُتَلَاصِقَتَانِ لِلْمُتَوَسِّطَتَيْنِ وَالْمُلَاصِقَتَانِ لِلْمُلَاصِقَتَيْنِ حَتَّى تَنْتَهِيَ لِلطَّرَفَيْنِ وَالْمَقَادِيرُ الْمُفْرَدَةُ تَكُونُ الْمَرْتَبَتَانِ الْمُلَاصِقَتَانِ لِلْمُتَوَسِّطَةِ يَقُومُ ضَرْبُهُمَا مَقَامَ ضَرْبِ الْمُتَوَسِّطَةِ وَكَذَلِكَ الْمُلَاصِقُ لِلْمُلَاصِقَتَيْنِ إِلَى أَنْ تَنْتَهِيَ لِلْمُلَاصِقَيْنِ لِلطَّرَفَيْنِ وَمِنْ خَوَاصِّ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَنَّا إِذَا ضَرَبْنَا الْأَوَّلَ فِي الرَّابِعِ وَقَسَمْنَا عَلَى الثَّانِي خَرَجَ الثُّلُث أَوْ عَلَى الثَّالِثِ خَرَجَ الثَّانِي وَإِنْ ضَرَبْنَا الْمُتَوَسِّطَتَيْنِ وَقَسَمْنَا عَلَى الْأَوَّلِ خَرَجَ الرَّابِعُ أَوْ عَلَى الرَّابِعِ خَرَجَ الْأَوَّلُ وَكَذَلِكَ الْمَقَادِيرُ الْمُفْرَدَةُ إِنْ ضَرَبْتَ الْخَمْسَةَ فِي نَفْسِهَا وَقَسَمَتْهَا عَلَى الْوَاحِدِ الَّذِي هُوَ الْأَوَّلُ خَرَجَ الثَّالِثُ الَّذِي هُوَ الْخَمْسَةُ وَالْعِشْرُونَ أَوْ ضَرَبْتَ الْأَوَّلَ الَّذِي هُوَ الْوَاحِدُ فِي الثَّالِثِ الَّذِي هُوَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ خَرَجَ مِنْهُ ضَرْبُ الثَّانِي فِي نَفْسِهِ فَوَائِدُ اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ قَاعِدَةٌ جَلِيلَةٌ وَلَعَلَّهَا أَعْظَمُ قَوَاعِدِ الْحِسَابِ فَائِدَةً مِنْهَا أَحْكَامُ التَّنَاسُبِ الَّذِي بَيْنَ أَعْدَادِ الْجَبْرِ وَالْمُقَابَلَةِ مِنَ الشَّيْءِ وَالْمَالِ وَالْكَعْبِ وَغَيْرِهِ عَلَى مَا سَيَأْتِي إِيضَاحُهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَهُوَ سر عظم فِي الْجَبْرِ وَالْمُقَابَلَةِ عَظِيمَةُ النَّفْعِ فِي اسْتِخْرَاجِ الْمَجْهُولَاتِ فِي الْجَبْرِ وَغَيْرِهِ وَيُسْتَخْرَجُ مِنْهَا حِسَابُ الْمَوَارِيثِ فِي الِانْكِسَارِ عَلَى الْأَحْيَازِ وَحِسَابِ الْمُنَاسَخَاتِ وَبَيَانُهُ أَنَّ حِسَابَ الْمُنَاسَخَاتِ يَرْجِعُ إِلَى حِسَابِ الِانْكِسَارِ عَلَى أَحَدِ الْأَحْيَازِ لِأَنَّ النَّظَرَ الثَّانِيَ هُوَ حَيِّزٌ مِنَ الْوَرَثَةِ لَمْ تَنْقَسِمْ عَلَيْهِمْ سِهَامُهُم وَلَمَّا كُنَّا نُوَفِّقُ بَيْنَ السِّهَامِ وَالْحَيِّزِ فِي الْفَرَائِضِ وَفَّقْنَا هَاهُنَا وَلَمَّا كُنَّا نَضْرِبُ جُمْلَةَ الْحَيِّزِ ثُمَّتَ ضَرْبَنَا جُمْلَةَ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ هَاهُنَا وَكَانَ مُقْتَضَى الْقِيَاسِ أَنْ نَضْرِبَ عَدَدَ الْوَرَثَةِ فِي الْبَطْنِ الثَّانِي هَاهُنَا لِأَنَّهُمْ مِثْلُ الْحَيِّزِ فِي الْفَرَائِضِ لَكِنَّ الْمَانِعَ أَنَّا إِذَا ضَرَبْنَا عَدَدَ الْوَرَثَةِ فَلَا بُدَّ أَنْ يُقَسَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ وَحَقِيقَةُ الْقِسْمَةِ طَلَبُ مَا فِي الْمَقْسُومِ مِنْ أَمْثَالِ الْمَقْسُومِ عَلَيْهِ فَيَخْرُجُ بِالْقِسْمَةِ أَنْصِبَاءُ مُتَّفِقَةٌ مُتَسَاوِيَةٌ وَوَرَثَةُ الْبَطْنِ الثَّانِي قَدْ يكونُونَ

مُخْتَلِفِينَ فَامْتَنَعَتِ الْقِسْمَةُ وَالْحَيِّزُ فِي الْفَرَائِضِ مُسْتَوُونَ هُمْ وَأَنْصِبَاؤُهُمْ فَلَوْ كَانَ وَرَثَةُ الْبَطْنِ مُسْتَوِيَةً أَنْصِبَاؤُهُمْ تَخَيَّرْنَا بَيْنَ ضَرْبِهِمْ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيْنَ ضَرْبِ مَسْأَلَتِهِمْ وَإِنْ لَمْ نُخَيَّرْ فِي ضَرْبِ الْحَيِّزِ فِي الْفَرَائِضِ وَضَرْبِ سِهَامِهِ ضَرُورَةَ اخْتِلَافِ الْعَدَدَيْنِ وَإِنَّمَا قُلْنَا فِي الْمُنَاسَخَاتِ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنَ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّ جَمِيعَ أَجْزَاءِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى ضُوعِفَ بِعَدَدِ أَجْزَاءِ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّ جَمِيعَ أَجْزَاءِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى بِعَدَدِهِ آحَادُ الْمُسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ ضَرُورَةِ الضَّرْبِ فَلِذَلِكَ ضَرَبْنَا فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ وَقُلْنَا مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنَ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي سِهَامِ مُوَرِّثِهِ وَلَمْ نَقُلْ فِي الْمَسْأَلَةِ لِأَنَّا ضَرَبْنَا إِحْدَى الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي الْأُخْرَى فَضَاعَفْنَا كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِعَدَدِ آحَادِ الْأُخْرَى فَإِذَا قُلْنَا مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنَ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي الثَّانِيَةِ لَمْ يَبْقَ مِنَ الْأُولَى إِلَّا سِهَامُ الْبَطْنِ الثَّانِي وَهِيَ سِهَامُ مُوَرِّثِهِمْ وَلَمْ يَبْقَ شَيْءٌ يُضْرَبُ فِيهِ سِوَاهُ فَلِذَلِكَ ضَرَبْنَا فِيهِ وَحْدَهُ أَوْ نَقُولُ إِذَا ضَرَبْنَا الثَّانِيَةَ فِي الْأَوْلَى فَقَدْ ضَاعَفْنَا الثَّانِيَةَ بِعَدَدِ آحَادِ الْأُولَى فَيَكُونُ الْمُتَحَصِّلُ جُمْلَةً هُوَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي فَلَوْ أَعْطَيْنَا أَصْحَابَ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ سِهَامِهِ مَضْرُوبًا فِي الْأُولَى لَمْ يَبْقَ لِأَصْحَابِ الْأُولَى شَيْءٌ وَمَا سَبَبُ هَذَا الْفَسَادِ إِلَّا أَنَّ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ أَصْحَابُ الثَّانِيَةِ سِهَامُهُمْ لَا مَسْأَلَتُهُمْ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُمْ تَابِعٌ لِمُوَرِّثِهِمْ وَإِذَا لَمْ يَسْتَحِقُّوا إِلَّا سِهَامَهُمْ وَهِي قد ضوعفت بِالضَّرْبِ فِي مسألتهم من جُمْلَةِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَلَا فَرْقَ بَيْنَ ضَرْبِ سِهَامِهِمْ فِي مَسْأَلَتِهِمْ وَضَرْبِ مَسْأَلَتِهِمْ فِي سِهَامِهِمْ فَكَأَنَّا ضَرْبَنَا مَسْأَلَتَهُمْ فِي سِهَامِهِمْ لَمَّا ضَرَبْنَا الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى فِي الثَّانِيَةِ وَلِذَلِكَ قُلْنَا مَنْ لَهُ شَيْء فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي سِهَامِ مُوَرِّثِهِ وَيُؤَكِّدُ ذَلِكَ أَنَّ الْحَيِّزَ مِنَ الْوَرَثَةِ إِذَا انْكَسَرت عَلَيْهِ سهامه فضربنا عدد رؤسه فِي الْمَسْأَلَةِ قُلْنَا مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنَ الحيز أَخذه مَضْرُوبا فِي الحيز فرؤس الْحَيِّزِ مِثْلُ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ فِي الْمُنَاسَخَاتِ وَنَصِيبُ الْحَيِّزِ مِثْلُ سِهَامِ الْمَيِّتِ الثَّانِي فِي الْمُنَاسَخَاتِ وَلَمَّا لَمْ يُعْطَ الْحَيِّزُ إِلَّا سِهَامَهُ مَضْرُوبَةً فِي رؤسه الَّذِي هُوَ مسَاوٍ لضرب رؤسه فِي سِهَامِهِ كَذَلِكَ لَا يُعْطَى أَهْلُ الْمَسْأَلَةِ

الثَّانِيَةِ إِلَّا مَا يَسْتَحِقُّونَهُ مِنْ مَسْأَلَتِهِمْ مَضْرُوبًا فِي سِهَامِهِمْ وَلَمْ نَقُلْ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ أَهْلِ الْحَيِّزِ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي سِهَامِهِ لِأَنَّ مَسْأَلَتَهُمْ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ إِلَى الْآنَ بِخِلَافِ الْمُنَاسَخَاتِ إِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمُنَاسَخَاتِ تَرْجِعُ لِلِانْكِسَارِ عَلَى الْأَحْيَازِ وَتَبَيَّنَ أَنَّ الِانْكِسَارَ عَلَى الْأَحْيَازِ يرجع للقاعدة فَتَقول إِذَا انْكَسَرَتِ السِّهَامُ عَلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ وَلَمْ يُوَافق فَتضْرب الرؤس فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وَتَصِحُّ مِنْهُ لِأَنَّ نِسْبَةَ الْوَاحِدِ مِنَ الْحَيِّزِ إِلَى جُمْلَتِهِ كَنِسْبَةِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لِلثَّانِيَةِ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى ضُوعِفَتْ بِعَدَدِ آحَادِ الْحَيِّزِ ضَرُورَةَ أَنَّهَا ضُرِبَتْ فِيهِ وَالضَّرْبُ الْمُضَاعَفَةُ بِعَدَدِ الْمَضْرُوبِ فِيهِ فَعَدَدُ آحَادِ الْحَيِّزِ هُوَ عَدَدُ أَضْعَافِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فَنِسْبَةُ أَحَدِ آحَادِ الْحَيِّزِ إِلَيْهِ كَنِسْبَةِ أَحَدِ الْأَضْعَافِ إِلَيْهَا لَكِنَّ أَحَدَ الْأَضْعَافِ هُوَ الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى وَجُمْلَةُ الْأَضْعَافِ هُوَ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فَصَدَقَ قَوْلُنَا إِنَّ الْوَاحِدَ لِلْحَيِّزِ كَنِسْبَةِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لِلثَّانِيَةِ إِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَنَقُولُ الْمَجْهُولُ الْمَسْئُولُ عَنْهُ هُوَ قِسْمَةُ التَّرِكَةِ بِعَدَدِ الْوَرَثَةِ بِحَسَبِ سِهَامِهِمْ وَهَذَا هُوَ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ وَهُوَ الطَّرَفُ الرَّابِعُ فَمُقْتَضَى الْقَاعِدَةِ إِنَّمَا تَضْرِبُ الثَّانِي فِي الثَّالِثِ وَهُوَ الْفَرِيضَةُ الْأُولَى وَهُوَ جُمْلَةُ الْحَيِّزِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَتَقْسِمُ الْمُتَحَصِّلَ عَلَى الْأَوَّلِ وَهُوَ الْوَاحِدُ مِنَ الْحَيِّزِ وَالْقِسْمَةُ عَلَى الْوَاحِدِ فَخَرَجَ جُمْلَةُ الْمَقْسُومِ فَيَخْرُجُ لَنَا جُمْلَةُ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ وَهُوَ الْمَجْهُول المسؤول عَنْهُ وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ الْعَمَلُ بِالْوَقْفِ فَقَطْ فَنَقُولُ نِسْبَةُ الْوَاحِدِ مِنَ الْوَفْقِ إِلَيْهِ كَنِسْبَةِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى إِلَى الثَّانِيَةِ وَتُكْمِلُ الْعَمَلَ إِلَى آخِرِهِ فَإِنْ كَانَ الْوَفْقُ وَاحِدًا فَالضَّرْبُ فِيهِ لَا يُفِيدُ شَيْئًا وَلَمَّا كَانَ الْعَمَلُ فِي الْمُنَاسَخَةِ عَلَى سِهَامِ الْبَطْنِ الثَّانِي دُونَ عَدَدِ رُؤْسهمْ فَنَقُولُ نِسْبَةُ الْوَاحِدِ مِنْ آحَادِ مَسْأَلَةِ الْمُتَوَفَّى إِلَى جُمْلَةِ آحَادِهِ كَنِسْبَةِ الْمَسْأَلَةِ الْكَائِنَةِ قَبْلَ مَوْتِ الثَّانِي إِلَى الْكَائِنَةِ بَعْدَهُ لِأَنَّ الْكَائِنَةَ قَبْلَ مَوْتِهِ ضُوعِفَتْ بِعَدَدِ آحَادِ مَسْأَلَةِ الْمُتَوَفَّى فَنِسْبَةُ الْوَاحِدِ مِنْهَا إِلَى جُمْلَةِ الْآحَادِ كَنِسْبَةِ الضِّعْفِ الْوَاحِدِ مِنَ الْأَضْعَافِ إِلَى جُمْلَةِ الْأَضْعَافِ ضَرُورَةَ اسْتِوَاءِ الْعَدَدَيْنِ لَكِنَّ الضِّعْفَ الْوَاحِدَ هُوَ الْكَائِنَةُ قَبْلَ مَوْتِهِ وَجُمْلَةُ الْأَضْعَافِ هِيَ الْكَائِنَةُ بعد مَوته فَتضْرب الثَّانِي وَهِي جُمْلَةُ آحَادِ مَسْأَلَةِ الْمُتَوَفَّى فِي الثَّالِثِ وَهِيَ الْمَسْأَلَةُ الْكَائِنَةُ قَبْلَ مَوْتِهِ

وَكَذَلِكَ فَعَلَ الْفَرْضِيُّونَ ثُمَّ تَقْسِمُ الْمُتَحَصِّلَ عَلَى الْأَوَّلِ وَهُوَ الْوَاحِدُ مِنْ آحَادِ مَسْأَلَةِ الْمُتَوَفَّى وَالْقِسْمَةُ عَلَى الْوَاحِدِ يُخْرِجُ جُمْلَةَ الْمَقْسُومِ وَجُمْلَةُ الْمَقْسُوم هُوَ المتحصل من جملَة الضَّرْب هُوَ الْوَاحِد الْمَجْهُول الْمَسْئُول عَنهُ وَكَذَلِكَ إِنْ جَعَلْتَ الطَّرَفَيْنِ وَسَطَيْنِ وَالْوَسَطَيْنِ طَرَفَيْنِ وَقُلْتَ نِسْبَةُ الْمَسْأَلَةِ الْكَائِنَةِ قَبْلَ مَوْتِ الثَّانِي إِلَى الْكَائِنَةِ بَعْدَهُ كَنِسْبَةِ الْوَاحِدِ مِنْ آحَادِ مَسْأَلَةِ الْمُتَوَفَّى إِلَى جُمْلَةِ آحَادِهِ فَيَكُونُ الْمَجْهُولُ هُوَ الثَّانِي من المقدير الْأَرْبَعَةِ فَتَضْرِبُ الْأَوَّلَ وَهُوَ الْمَسْأَلَةُ الْكَائِنَةُ قَبْلَ مَوْتِهِ فِي الرَّابِعِ وَهُوَ جُمْلَةُ آحَادِ مَسْأَلَتِهِ وَتَقْسِمُ عَلَى الثَّالِثِ وَهُوَ الْوَاحِدُ مِنْ آحَادِ مَسْأَلَتِهِ فَيَخْرُجُ جُمْلَةُ الْمَقْسُومِ وَهُوَ الْمَجْهُولُ فَظَهَرَ أَنَّ الِانْكِسَارَ فِي الْفَرَائِضِ وَالْمُنَاسَخَاتِ يُخْرِجُ الْجَمِيعَ بِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ مَعَ مَا يَأْتِي مِنْ عَمَلِيَّاتِ الْجَبْرِ وَالْمُقَابَلَةِ فَيَكُونُ ذَلِكَ ثَلَاثَ فَوَائِدَ الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ مُعَامَلَاتُ النَّاسِ وَالْأَرْبَعَةُ الْمُتَنَاسِبَةُ فِيهَا تُسَمَّى السِّعْرُ وَالْمُسْعَرُ وَالثَّمَنُ وَالْمُثَمَّنَ وَيَكُونُ السِّعْرُ وَالثَّمَنُ مِنْ جِنْسٍ وَالْمُسْعَرُ وَالْمُثَمَّنُ مِنْ جِنْسٍ وَيَكُونُ وَاحِدٌ مِنَ الْأَرْبَعَةِ مَجْهُولًا فَتَضْرِبُ أَحَدَ الْأَرْبَعَةِ وَهُوَ الَّذِي يُوَافِقُ الْمَجْهُولَ فِي الِاسْمِ وَيُخَالِفُهُ فِي الْجِنْسِ فِيمَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِهِ وَيُقَسَّمُ الْمَبْلَغُ عَلَى الْمِقْدَارِ الْبَاقِي فَالْخَارِجُ الْمَجْهُولُ مِثَالُهُ الْقِنْطَارُ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ كَمْ ثَمَنُ سِتَّةِ أَرْطَالٍ وَرُبُعٍ تَضْرِبُ سِتَّةً وَرُبُعًا فِي أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ تَبْلُغُ مِائَةً وَخَمْسِينَ تُقَسِّمُهَا عَلَى عَدَدِ أَرْطَالِ الْقِنْطَارِ وَهُوَ مِائَةٌ يَخْرُجُ وَاحِدٌ وَنِصْفٌ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ فَإِنْ قِيلَ كَمْ بِأَرْبَعَةِ دَنَانِيرَ وَنِصْفٍ ضَرَبْتَ أَرْبَعَةً وَنِصْفًا فِي مِائَةٍ تَبْلُغُ أَرْبَعَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ تُقَسِّمُهَا عَلَى أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ تَخْرُجُ ثَمَانِيَةَ عشر وَنصف وَربع وَهُوَ الْجَواب الْقَاعِدَةُ السَّادِسَةُ مِنَ الْمَشْهُورَاتِ فِي الْبَدِيهِيَّاتِ الْأَوَّلِيَّاتِ أَنَّ الْجُزْءَ أَقَلُّ مِنَ الْكُلِّ وَفِي الْعَدَدِيَّاتِ انْتقصَ ذَلِكَ فَكَانَ مَتَى نَقَصَ الْكُلُّ عَنِ الْوَاحِدِ كَانَ جُزْؤُهُ أَعْظَمَ مِنْهُ أَوْ كَانَ الْكُلُّ وَاحِدًا سَاوَاهُ جُزْؤُهُ أَوْ زَادَ عَلَى الْوَاحِدِ نقص جزؤه

عَنْهُ فَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْلَمَ جُزْءَ مِقْدَارٍ فَاعْلَمْ نِسْبَةَ الْوَاحِدِ مِنْهُ وَخُذْ تِلْكَ النِّسْبَةَ مِنَ الْوَاحِدِ فَمَا كَانَ فَهُوَ جُزْءُ ذَلِكَ الْمِقْدَارِ مِثَالُهُ إِنْ خَرَجَ الشَّيْءُ ثَلَاثَةً فَجُزْؤُهُ ثُلُثٌ وَإِنْ خَرَجَ اثْنَيْنِ وَنِصْفًا فَجُزْؤُهُ خُمُسَانِ وَإِنْ خَرَجَ وَاحِدًا فَجُزْؤُهُ وَاحِدٌ وَإِنْ خَرَجَ ثُلُثَيْنِ فَجُزْؤُهُ وَاحِدٌ وَنِصْفٌ لِأَنَّ نِسْبَةَ الْوَاحِدِ لِلْمِثْلَيْنِ مِثْلُهَا وَمِثْلُ نِصْفِهَا فَالْجُزْءُ وَاحِدٌ وَنِصْفٌ الْقَاعِدَة السَّابِعَة مقادير الْعدَد تَنْقَسِمُ إِلَى مَنْطِقٍ وَأَصَمَّ فَالْمَنْطِقُ مَا لَهُ اسْم جذر يستق بِهِ كَالثَّلَاثَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلتِّسْعَةِ فَإِنَّ الْجَذْرَ هُوَ الَّذِي إِذَا ضُرِبَ فِي نَفْسِهِ قَامَ مِنْهُ الجذور وَالْمَجْذُورُ هُوَ يُسَمَّى أَيْضًا مُرَبَّعًا وَالْأَصَمُّ مَا لَا يُعْرَفُ إِلَّا بِالْإِضَافَةِ إِلَى غَيْرِهِ كَجَذْرِ الْمِقْدَارِ الَّذِي لَيْسَ بِمَجْذُورٍ وَضِلْعُ الْمِقْدَارِ الَّذِي لَيْسَ بِكَعْبٍ وَجَذْرِ الْجَذْرِ وَضِلْعِ الضِّلْعِ وَجَذْرِ الضلع ويتكرر ذَلِك لغير نِهَايَة وَضَابِطُ مَا لَيْسَ لَهُ جَذْرٌ مِنَ الْعَدَدِ أَن مَرَاتِب الْعدَد آحَاد وعشرات ومئيون وَأُلُوفٌ كُلُّ مَرْتَبَةٍ تِسْعَةٌ وَالْعَاشِرُ مِنَ الْمَرْتَبَةِ الَّتِي فَوْقَهَا فَكُلُّ مَرْتَبَةٍ زَوْجٌ كَالْعَشَرَاتِ أَوِ الْأُلُوفِ لَا جَذْرَ لَهَا فَكَذَلِكَ لَا جَذْرَ لِلْعَشَرَةِ وَلَا لِلْعِشْرِينَ إِلَى قَوْلِنَا تِسْعِينَ وَكَذَلِكَ الْأُلُوفُ إِنَّمَا تُتَصَوَّرُ فِي مَرْتَبَةِ الْعَشَرَاتِ أَوِ الْمِئِينَ وَهُوَ مَحْصُورٌ فِي الْآحَادِ فِي الْوَاحِدِ وَالْأَرْبَعَةِ وَالتِّسْعَةِ مِنَ الْآحَادِ وَمَا عَدَاهَا لَا جَذْرَ لَهُ وَكَذَلِكَ مَا شَاكَلَهَا مِنَ الْمِئِينَ نَحْوَ الْمِائَةِ وَالْأَرْبَعِمِائَةِ وَالتِّسْعِمِائَةِ هَذَا فِي الْعَدَدِ الْمُفْرَدِ مِنْ مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ أَمَّا الْمُرَكَّبُ مِنْ مَرْتَبَتَيْنِ إِنْ كَانَتْ مَرْتَبَتُهُ الدُّنْيَا مِنَ الْعَدَدِ الَّذِي لَا جَذْرَ لَهُ فَلَا جَذْرَ لَهُ نَحْوَ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَإِنَّ الْعِشْرِينَ لَا جَذْرَ لَهَا أَوْ مِنْ عَدَدٍ لَهُ جَذْرٌ لِكَوْنِهِ مِنْ قَبِيلِ الْآحَادِ احْتَمَلَ الْجَذْرَ وَلَا يَتَعَيَّنُ أَنَّهُ مَجْذُورٌ الْقَاعِدَةُ الثَّامِنَةُ إِذَا جَمَعْنَا أَعْدَادًا على الْوَلَاء من لوَاحِد وَتَزِيدُ أَبَدًا وَاحِدًا وَاحِدًا وَأَرَدْتَ مَعْرِفَةَ مَجْمُوعِهَا فَاجْمَعِ الْأَوَّلَ لِلْأَخِيرِ وَاضْرِبْ مَجْمُوعَهُمَا فِي نِصْفِ عَدَدِ الْأَعْدَادِ فَالْمَبْلَغُ مَا فِيهَا مِنَ الْعَدَدِ

مِثَالُهُ مِنَ الْوَاحِدِ إِلَى الْعَشَرَةِ تَضُمُّ الْوَاحِدَ إِلَى الْعَشَرَةِ فَتَضْرِبُهُ فِي نِصْفِ عَدَدِ الْأَعْدَادِ وَهُوَ خَمْسَةٌ يَخْرُجُ خَمْسَةٌ وَخَمْسُونَ وَهُوَ الْجَوَابُ وَتَعْلِيلُهُ أَنَّ هَذِهِ الْمَرَاتِبَ كُلُّ جُمْلَتَيْنِ مِنْهَا مِثْلُ جُمْلَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ فَالْأُولَى وَالْأَخِيرَةُ أَحَدَ عَشَرَ فِي هَذَا الْمِثَالِ وَكَذَلِكَ الْمُجَاوِرَتَانِ لِهَاتَيْنِ الْمَرْتَبَتَيْنِ فَالِاثْنَانِ وَالتِّسْعَةُ أَحَدَ عَشَرَ وَكَذَلِكَ الثَّلَاثَةُ وَالثَّمَانِيَةُ وَالْأَرْبَعَةُ وَالسَّبْعَةُ وَالْخَمْسَةُ وَالسِّتَّةُ فَالْعَشَرَةُ أَعْدَادُ خَمْسِ جُمَلٍ مُسْتَوِيَةٍ فَتَضْرِبُهَا فِي خَمْسَةٍ الَّتِي عَدَدُهَا فَتَصِيرُ عَدَدَ آحَادِهَا وَمِنْ خَوَاصِّ هَذَا الْعَدَدِ أَنْ يَكُونَ الْعَدَدُ الْأَخِيرُ فِيهِ مِنْ عَدَدِ الْآحَادِ بِقَدْرِ عَدَدِ الْأَعْدَادِ فَإِنْ كَانَ عَدَدُ الْأَعْدَادِ عَشَرَةً فَالْعَدَدُ الْآخَرُ عَشَرَةٌ فَإِنْ قِيلَ اجْمَعْ عَشَرَةَ أَعْدَادٍ أَوَّلُهَا اثْنَانِ وَتَتَفَاضَلُ ثَلَاثَةً ثَلَاثَةً فَاسْتَخْرِجِ الْعَدَدَ الْأَخِيرَ مِنْهَا بِأَنْ تَضْرِبَ عَدَدَ الْأَعْدَادِ إِلَّا وَاحِدًا فِي التَّفَاضُلِ يَكُونُ سَبْعَةً وَعِشْرِينَ ثُمَّ تَزِيدُ عَلَيْهَا الْعَدَدَ الْأَوَّلَ تَكُونُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ هَذَا هُوَ الْعَدَدُ الْأَخِيرُ تَجْمَعُ مَعَهُ الْعَدَدَ الْأَوَّلَ وَتَضْرِبُهُ فِي نِصْفِ عَدَدِ الْأَعْدَادِ تَكُونُ مِائَةً وَخَمْسَةً وَخَمْسِينَ وَهُوَ مَجْمُوعُ الْأَعْدَادِ طَرِيقَةٌ أُخْرَى فِي التَّفَاضُلِ بِوَاحِدٍ وَاحِدٍ أَوْ بِاثْنَيْنِ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ تَنْقُصُ مِنْ عَدَدِ الْأَعْدَادِ وَاحِدًا وَتَضْرِبُهَا فِي الْمِقْدَارِ الَّذِي وَقَعَ بِهِ التَّفَاضُلُ وَهُوَ الْوَاحِدُ أَوِ الِاثْنَانِ أَوْ غَيْرُهُمَا وَتُضِيفُ إِلَى الْمُتَحَصِّلِ مِنَ الضَّرْبِ الْمُبْتَدَأَ الْأَوَّلَ مَرَّةً أُخْرَى أَوْ تَضْرِبُ الْجَمِيعَ فِي نِصْفِ عَدَدِ الْأَعْدَادِ كَانَ وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ فَالْمُتَحَصِّلُ هُوَ مَا فِي عَدَدِ الْأَعْدَادِ مِنَ الْآحَادِ الْقَاعِدَةُ التَّاسِعَةُ كُلُّ مِقْدَارٍ قُسِّمَ قِسْمَيْنِ فَإِنَّ مُرَبَّعَ أَحَدِ الْقِسْمَيْنِ مَعَ ضَرْبِ الْقِسْمِ فِي الْقِسْمِ الْآخَرِ مُسَاوٍ لِضَرْبٍ ذَلِكَ الْقِسْمِ فِي الْمِقْدَارِ كُلِّهِ وَمُرَبَّعَا الْقِسْمَيْنِ مَعَ ضَرْبِ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ مَرَّتَيْنِ مُسَاوٍ لِمُرَبَّعِ الْمِقْدَارِ كُلِّهِ مِثَالُهُ قَسَمْنَا الْعَشَرَةَ بِسِتَّةٍ وَأَرْبَعَةٍ تَضْرِبُ السِّتَّةَ فِي نَفْسِهَا سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ وتضربها فِي الْأَرْبَعَة أَرْبَعَة وَعِشْرُونَ ومجمعوعها سِتُّونَ وَهُوَ ضَرْبُ السِّتَّةِ فِي الْعَشَرَةِ

وَضَرْبُ السِّتَّةِ فِي الْأَرْبَعَةِ مَرَّتَيْنِ يَكُونُ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ وَمُرَبَّعُ السِّتَّةِ الْحَاصِلُ مِنْ ضَرْبِهَا فِي نَفْسِهَا سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ وَمُرَبَّعُ الْأَرْبَعَةِ سِتَّةَ عَشَرَ مَجْمُوعُ الْمُرَبَّعَيْنِ اثْنَانِ وَخَمْسُونَ مَعَ ثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ تَبْلُغُ مِائَةً وَهُوَ الْحَاصِلُ مِنْ ضَرْبِ الْعَشَرَةِ فِي نَفْسِهَا الْقَاعِدَةُ الْعَاشِرَةُ كُلُّ مِقْدَارٍ زِيدَ عَلَيْهِ زِيَادَةٌ فَإِنَّ ضَرْبَ ذَلِكَ الْمِقْدَارِ مَعَ الزِّيَادَةِ فِي الزِّيَادَة مَعَ مُرَبَّعِ نِصْفِ الْمِقْدَارِ مُسَاوٍ لِمُرَبَّعِ نِصْفِ الْمِقْدَارِ مَعَ الزِّيَادَتَيْنِ مَجْمُوعَتَيْنِ مِثَالُهُ زِدْنَا اثْنَيْنِ عَلَى عَشَرَةٍ فَضَرْبُ مَجْمُوعِ الْعَشَرَةِ وَالِاثْنَيْنِ فِي الِاثْنَيْنِ مَعَ مُرَبَّعِ نِصْفِ الْعَشَرَةِ مَجْمُوعُهَا تِسْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَذَلِكَ مُسَاوٍ لِضَرْبِ نِصْفِ الْعَشَرَةِ مَعَ الِاثْنَيْنِ فِي نَفْسِهَا

(الباب الأول في بيان الاصطلاحات في علم الجبر والمقابلة)

(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ الِاصْطِلَاحَاتِ فِي عِلْمِ الْجَبْرِ وَالْمُقَابَلَةِ) وَهِيَ الشَّيْءُ وَالْجَذْرُ وَالْعَدَدُ وَالْمَالُ وَالْكَعْبُ وَيُقَالُ لَهُ الْمُكَعَّبُ بِالْمِيمِ أَيْضًا فَالشَّيْءُ اسْمٌ لِلْمَوْجُودِ لُغَةً وَفِي الِاصْطِلَاحِ عَدَدٌ مَجْهُولٌ وَسُمِّيَ الْعَدَدُ الْمَجْهُولُ شَيْئًا لِاحْتِمَالِ الشَّيْءِ جَمِيعَ الْحَقَائِقِ وَالْعَدَدِ الْمَجْهُولِ سَائِرَ الْمَقَادِيرِ فَحَصَلَ التَّشَابُهُ فَاسْتُعِيرَ وَوُضِعَ لِلْمِقْدَارِ الْمَجْهُولِ مِنَ الْعَدَدِ وَالْعَدَدُ يُقَالُ عَلَى الشَّيْءِ وَالْمَالِ وَغَيْرِهِمَا وَالشَّيْءُ يُقَالُ عَلَى الْعَدَدِ وَعَلَى الْوَاحِدِ الَّذِي لَيْسَ بِعَدَدٍ فَحِينَئِذٍ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَعَمُّ مِنَ الْآخَرِ مِنْ وَجْهٍ وَأَخَصُّ مِنْ وَجْهٍ وَالْوَاحِدُ أَعَمُّ مِنْهُمَا عُمُومًا مُطْلَقًا لِصِدْقِهِ عَلَيْهِمَا لِأَنَّ الْوَاحِدَ عِلَّةُ الْعَدَدِ وَمِنْهُ يَتَرَكَّبُ وَالْعِلَّةُ وَاجِبَةُ الْحُصُولِ مَعَ الْمَعْلُولِ وَقَدْ يُوجَدُ بِدُونِهَا فِي الْوَاحِدِ الْمَعْلُومِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِعَدَدٍ وَلَا يُقَالُ لَهُ شَيْءٌ وَلَا مَالٌ فِي الِاصْطِلَاحِ وَالْجَذْرُ هُوَ الشَّيْءُ إِذَا ضُرِبَ فِي نَفْسِهِ وَكُلُّ عَدَدٍ إِذَا ضُرِبَ فِي نَفْسِهِ فَقَامَ مِنْهُ عَدَدٌ فَهُوَ جَذْرٌ لِذَلِكَ الْعَدَدِ وَفِيهِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ لِلْعَرَبِ جَذْرٌ وَجِذْرٌ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا وَذَالٍ مُعْجَمَةٍ وَجِذْمٍ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَالْمِيمُ بَدَلُ الرَّاءِ وَهُوَ الْأَصْلُ وَفِي غَيْرِ الْحِسَابِ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَمِنْه قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اسْقِ يَا زبير حَتَّى يبلغ الجذر بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَلَمَّا كَانَ أَصْلُ الْحِسَابِ الْمُرْتَفِعَ سُمِّيَ جَذْرًا وَالْجَذْرُ أَعَمُّ مِنَ الشَّيْءِ مِنْ وَجْهٍ وَأَخَصُّ مِنْ وَجْهٍ فَإِنَّ الْجَذْرَ قَدْ يُوجَدُ فِي الْمَعْلُومِ وَلَا يُقَالُ لَهُ شَيْءٌ فِي الِاصْطِلَاحِ كَالثَّلَاثَةِ إِذَا ضَرَبْتَهَا فِي نَفْسِهَا فَتَكُونُ تِسْعَةً وَيُوجَدُ الشَّيْءُ بِدُونِ

الْجَذْرِ فِي الْعَدَدِ الْمَجْهُولِ إِذَا لَمْ يُضْرَبُ فَهُوَ شَيْءٌ فِي الِاصْطِلَاحِ وَاللُّغَةِ وَلَا يُقَالُ لَهُ جَذْرٌ لَا لُغَةً وَلَا اصْطِلَاحًا وَقَدْ يَجْتَمِعَانِ فِي الشَّيْءِ الْمَضْرُوبِ فِي نَفْسِهِ فَيَصِيرُ مَالًا وَهَذَا هُوَ حَقِيقَةُ الْأَعَمِّ مِنْ وَجْهٍ وَالْعَدَدُ هُوَ عَلَى مُسَمَّاهُ اللُّغَوِيِّ وَتَقَدَّمَ الْخِلَافُ هَلْ أَوَّلُهُ الْوَاحِدُ أَوْ الِاثْنَانِ أَوِ الثَّلَاثَةُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ وَالْمَالُ هُوَ فِي الِاصْطِلَاحِ مَا يَحْصُلُ مِنْ ضَرْبِ الشَّيْءِ فِي نَفْسِهِ لِأَنَّ الْمُرْتَفِعَ مِنْ ضَرْبِ الشَّيْءِ أَخَصُّ مِنْهُ لِكَوْنِهِ أَكْثَرَ مِنْهُ وَالْأَكْثَرُ أَخَصُّ مِنَ الْأَقَلِّ وَلَمَّا كَانَ الشَّيْءُ أَعَمَّ مِنَ الْمَالِ لِصِدْقِهِ عَلَى الْإِنْسَانِ الْحُرِّ وَلَيْسَ مَالًا قِيلَ لِلْأَخَصِّ مِنْهُ مَالًا وَيُسَمَّى الْمَالُ مُرَبَّعًا أَيْضًا وَكُلُّ عَدَدٍ ضُرِبَ فِي نَفْسِهِ سُمِّي الْحَاصِلُ مُرَبَّعًا مَنْقُولًا مِنَ الشَّكْلِ الْمُرَبَّعِ فِي مَقَادِيرِ الْمِسَاحَاتِ فَإِنَّهُ إِذَا فُرِضَ سَطْحٌ لَهُ أَرْبَعَةُ أَضْلَاعٍ كُلُّ ضِلْعٍ عَشَرَةٌ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ فَإِنَّهُمْ يُسْقِطُونَ مِنْ كُلِّ ضِلْعَيْنِ مُتَقَابِلَيْنِ أَحَدَهُمَا وَيَضْرِبُونَ أَحَدَ الْمُتَجَاوِرَيْنِ فِي الْآخَرِ مِثَالُهُ مُرَبَّعٌ أَب د هـ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا عَشَرَةٌ مَثَلًا يَكْتَفُونَ بضلع أعن ضع ب وبضلع هـ ضِلْعِ د وَيَضْرِبُونَ ضِلْعَ هـ فِي ضِلْعِ أيحصل مِائَةٌ وَهِيَ مِسَاحَةٌ لِهَذَا الْمُرَبَّعِ وَعَشَرَةٌ فِي عَشَرَةٍ هُوَ ضَرْبُ الشَّيْءِ فِي نَفْسِهِ وَسُمِّيَ ضَرْبُ الشَّيْءِ فِي نَفْسِهِ مُرَبَّعًا وَالْمُرَبَّعُ أَعَمُّ مِنَ الْمَالِ عُمُومًا مُطْلَقًا لَا مِنْ وَجْهٍ لِأَنَّ كُلَّ مَالٍ مُرَبَّعٌ وَلَيْسَ كُلُّ مُرَبَّعٍ مَالًا لِأَنَّ مُرَبَّعَ الْكَعْبِ وَغَيْرِهِ لَا يُسَمَّى مَالًا فِي الِاصْطِلَاحِ وَالْكَعْبُ هُوَ الْمُرْتَفِعُ مِنْ ضَرْبِ الْمَالِ فِي الشَّيْءِ مِنَ التَّكْعِيبِ وَالْكَعْبُ لُغَة مَاله طُولٌ وَعَرْضٌ وَعُمْقٌ وَبُرُوزٌ وَمِنْهُ الْكَعْبَةُ الْحَرَامُ وَالْجَارِيَةُ الْكَاعِبُ لِبُرُوزِ نَهْدَيْهَا وَكُعُوبُ الرُّمْحِ لِبُرُوزِهَا عَنْهُ وَمِسَاحَةُ مِثْلِ هَذَا النَّوْعِ ضَرْبُ طُولِهِ فِي عَرْضِهِ وَهُمَا الضِّلْعَانِ الْمُسْتَوِيَانِ كَمَا تَقَدَّمَ ثُمَّ ضَرْبُ الْمُتَحَصِّلِ فِي الْجُذُورِ وَهُوَ أَحَدُهُمَا فَإِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا اثْنَيْنِ يَكُونُ الْمُتَحَصِّلُ مِنْ ضَرْبِهِ أَرْبَعَةٌ تَضْرِبُ أَرْبَعَةً فِي

اثْنَيْنِ يَكُونُ التَّكْعِيبُ ثَمَانِيَةً وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ الشَّيْءُ اثْنَيْنِ يَكُونُ الْمَالُ أَرْبَعَةً وَالْكَعْبُ ثَمَانِيَةً وَنَظِيرُهُ قَوْلُ الْمُعْتَزِلَةِ فِي الْجِسْمِ هُوَ الطَّوِيلُ الْعَرِيضُ الْعَمِيقُ فَإِذَا اجْتَمَعَ جَوْهَرَانِ كَانَا خَطًّا فَإِذَا اجْتَمَعَ خَطَّانِ كَانَا سَطْحًا فَإِذَا اجْتَمَعَ سَطْحَانِ كَانَا جِسْمًا وَقَالُوا فَلِهَذَا أَقَلُّ الْجِسْمِ ثَمَانِيَةُ جَوَاهِرَ فَهُوَ الْبَحْثُ بِعَيْنِهِ فَالشَّيْءُ اثْنَانِ خَطٌّ وَإِذَا ضَرَبْتَهُ فِي نَفْسِهِ حَصَلَ أَرْبَعَةٌ سَطْحٌ وَضَرَبْتَ السَّطْحَ أَرْبَعَةً فِي اثْنَيْنِ حَصَلَ أَرْبَعَةٌ أُخْرَى أَطْبِقْهَا عَلَى الْأَرْبَعَةِ الْأُولَى حَصَلَ نِسْبَة الْخط الأولى الطُّولُ وَنِسْبَةُ الثَّانِي الْعَرْضُ وَنِسْبَةُ إِطْبَاقِ أَحَدِ السَّطْحَيْنِ عَلَى الْآخَرِ الْعُمْقُ وَاعْلَمْ أَنَّ الْعَدَدَ بِمَنْزِلَةِ الْآحَادِ وَالشَّيْءَ بِمَنْزِلَةِ الْعَشَرَةِ وَالْمَالَ بِمَنْزِلَةِ الْمِائَةِ وَالْكَعْبَ بِمَنْزِلَةِ الْأَلْفِ وَكَمَا أَنَّكَ كُلَّمَا كَرَّرْتَ الْعَشَرَةَ ارْتَفَعَتْ مَرْتَبَةً إِلَى غَيْرِ نِهَايَةٍ فَكَذَلِكَ كُلَّمَا كَرَّرْتَ الشَّيْءَ ارْتَفَعَ إِلَى غَيْرِ النِّهَايَةِ وَالِارْتِفَاعُ مِنْ مَرْتَبَةٍ إِلَى الَّتِي تَلِيهَا أَنْ تُبَدِّلَ مَالًا بِكَعْبٍ أَوْ كَعْبًا بِمَالِ مَالٍ فَيَلِي الْكَعْبَ مَالُ مَالٍ ثُمَّ مَالُ كَعْب ثمَّ كَعْب كَعْب ثمَّ مَال مَالِي كَعْبٍ ثُمَّ مَالُ كَعْبِ كَعْبٍ ثُمَّ كَعْبُ كَعْبِ كَعْبٍ كَذَلِكَ إِلَى غَيْرِ النِّهَايَةِ فَضَرْبُ الشَّيْءِ فِي نَفْسِهِ مَالٌ وَضَرْبُ الشَّيْءِ فِي الْمَالِ كَعْبٌ وَضَرْبُ الشَّيْءِ فِي الْكَعْبِ مَالُ مَالٍ وَضَرْبُ الشَّيْءِ فِي مَالِ كَعْبٍ كَعْبُ كَعْبٍ فَالْمُتَحَصِّلُ أَبَدًا اضْرِبْهُ فِي الْجَذْرِ الْأَوَّلِ يَحْصُلُ لَكَ اسْمُ الْمَرْتَبَةِ الَّتِي تَلِي الْمَرْتَبَةَ الَّتِي ضَرَبْتَهَا وَكَرِّرْ فِيهَا كَذَلِكَ إِلَى غَيْرِ النِّهَايَةِ عَلَى نَمَطٍ وَاحِدٍ وَمِنَ الْمُصَنِّفِينَ مَنْ يُصَعِّبُهُ عَلَى الْمُبْتَدِئِينَ فَيَقُولُ ضَرْبُ الشَّيْءِ فِي نَفْسِهِ مَالٌ وَالْكَعْبُ اسْمٌ لِمَا يَتَرَكَّبُ مِنْ ضَرْبِ الْمَالِ فِي الْجَذْرِ وَيُخَالِفُ مِنْ هَاهُنَا فَيَقُولُ وَمَالُ الْمَالِ اسْمٌ لِمَا يَتَرَكَّبُ مِنْ ضَرْبِ الْمَالِ فِي نَفْسِهِ وَمَالُ الْكَعْبِ اسْمٌ لِمَا يَتَرَكَّبُ مِنْ ضَرْبِ الْمَالِ فِي الْكَعْبِ وَكَعب الكعب اسْم لما يتركب فِي ضرب الكعب فِي نَفسه وَهُوَ وَمَا ذَكَرْتُهُ سَوَاءٌ فِي الْمَعْنَى غَيْرَ أَنَّ الْمَبْنِيَّ عَلَى نَمَطٍ وَاحِدٍ أَقْرَبُ لِلضَّبْطِ وَالِاخْتِلَافُ يُوجِبُ مزِيد الْحِفْظ

فصل

وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَصْلَ فِي هَذِهِ الْأَلْفَاظِ تَقْدِيمُ لَفْظِ الْمَالِ عَلَى الْكَعْبِ وَهُوَ الِاصْطِلَاحُ لِأَنَّ الْمَالَ أَعَمُّ مِنَ الْكَعْبِ لِكَوْنِهِ يُوجَدُ مَعَهُ وَلِكَوْنِهِ أَمْثَالَ مَا فِي الْكَعْبِ وَبِدُونِهِ حَالَةُ عَدَمِ الضَّرْبِ وَإِذَا كَانَ أَعَمَّ مِنْهُ يَكُونُ مُقَدَّمًا عَلَيْهِ طَبْعًا فَيَكُونُ مُقَدَّمًا عَلَيْهِ وَضْعًا وَإِذَا اجْتَمَعَ ثَلَاثُ لَفْظَاتِ مَالٍ عَوَّضُوا عَنْهَا كَعْبَ كَعْبٍ لِخِفَّتِهِ فِي اللَّفْظِ لِأَنَّ لَفْظَتَيْنِ أَخَفُّ مِنْ ثَلَاثٍ وَهُوَ مِثْلُهُ فِي الْمَعْنَى لِأَنَّ الْكَعْبَ إِذَا رُبِّعَ وَهُوَ ثَمَانِيَةٌ يَبْلُغُ أَرْبَعَةً وَسِتِّينَ وَهُوَ الْمُتَحَصِّلُ مِنْ تَكْعِيبِ الْمَالِ الثَّابِتِ لَهُ فِي الْمِقْدَارِ فَإِنَّ الْمُنَاسِبَ لِلْكَعْبِ الَّذِي هُوَ ثَمَانِيَةُ مَالٍ هُوَ أَرْبَعَةٌ لِأَنَّا نَفْرِضُ الشَّيْءَ اثْنَيْنِ وَإِذَا كَعَّبْنَا الْمَالَ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَنُرَبِّعُهُ أَوَّلًا لِأَنَّ كُلَّ تَكْعِيبٍ لَا بُد أَن يقدمهُ تَرْبِيعٌ فَنَقُولُ أَرْبَعَةٌ فِي أَرْبَعَةٍ سِتَّةَ عَشَرَ ثُمَّ تُكَعِّبُهُ فَنَقُولُ سِتَّةَ عَشَرَ فِي أَرْبَعَةٍ أَرْبَعَةٌ وَسِتُّونَ وَهُوَ الْمُتَحَصِّلُ مِنْ تَرْبِيعِ الْكَعْبِ فَعَلِمْنَا أَنَّ الشَّيْءَ مَتَى كَانَ اثْنَيْنِ كَانَ تَرْبِيعُ كَعْبِهِ أَرْبَعَةً وَسِتِّينَ وَتَكْعِيبُ مَالٍ كَذَلِكَ وَهُوَ يَقَعُ فِي الْمَرْتَبَةِ السَّادِسَةِ مِنَ الشَّيْءِ وَيُقَالُ لَهُ مَالُ مَالِ مَالٍ وَيُقَالُ لِتَرْبِيعِ الْكَعْبِ كَعْبُ كَعْبٍ وَإِذَا اسْتَوَيَا وَأَحَدُهُمَا أَخَفُّ لَفْظًا تَعَيَّنَ لِخِفَّتِهِ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَجْتَمِعَ مِنْ لَفْظِ الْمَالِ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةٍ لِأَنَّ أَكثر لفظات لَنَا فِي مَرَاتِبِ الْمَجْهُولَاتِ مَالُ مَالٍ وَإِذَا رَبَّعْنَاهُ بِضَرْبِهِ فِي نَفْسِهِ يَحْصُلُ لَنَا مَالُ مَالِ مَالِ مَالٍ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فَهُوَ أَكْثَرُ مَا يَحْصُلُ فَصْلٌ وَهَذِهِ الْمَرَاتِبُ تَتَنَاسَبُ كَتَنَاسُبِ مَرَاتِبِ الْعَدَدِ وَتَنَاسُبُ أَجْزَائِهَا فِي الِانْحِطَاطِ كَتَنَاسُبِهَا فِي الِارْتِفَاعِ وَجُزْءُ كُلِّ شَيْءٍ مَا إِذَا ضُرِبَ فِيهِ كَانَ وَاحِدًا وَالْعَدَدُ وَاسِطَةٌ بَيْنَ الْمَرَاتِبِ وَبَيْنَ أَجْزَائِهَا فَنِسْبَةُ الْوَاحِدِ لِلشَّيْءِ كَنِسْبَةِ الشَّيْءِ لِلْمَالِ وَكَنِسْبَةِ الْمَالِ لِلْكَعْبِ وَكَذَلِكَ إِلَى غَيْرِ نِهَايَةٍ وَكَذَلِكَ نِسْبَةُ الْوَاحِدِ إِلَى جُزْءِ الشَّيْءِ كَنِسْبَةِ جُزْءِ الشَّيْءِ إِلَى جُزْءِ الْمَالِ وَكَنِسْبَةِ جُزْءِ الْمَالِ إِلَى جُزْءِ الْكَعْبِ وَكُلُّ مَا تَقَدَّمَ فِي قَاعِدَةِ الْأَعْدَادِ الْمُتَنَاسِبَةِ فِي ذِكْرِ الْقَوَاعِدِ يَأْتِي هَاهُنَا مِنَ الضَّرْبِ وَالْقِسْمَةِ وَاسْتِخْرَاجِ الْمَجْهُولِ مِنَ الْمَعْلُومِ فَضَرْبُنَا الْكَعْبَ فِي الشَّيْءِ كَضَرْبِنَا الطَّرَفَيْنِ مِنْ أَعْدَادٍ مُفْرَدَةٍ وَالْمُتَحَصِّلُ مِنَ الضَّرْبِ مَالُ مَالٍ وَكَضَرْبِ الْمَالِ فِي

نَفْسِهِ الَّذِي هُوَ الْمَرْتَبَةُ الْمُتَوَسِّطَةُ وَلَوْ ضَرَبْنَا الْمَالَ فِي نَفْسِهِ لَقُلْنَا مَالُ مَالٍ فَنَقُولُ هَاهُنَا كَذَلِكَ وَإِذَا ضَرَبْنَا مَالَ مَالٍ فِي الشَّيْءِ فَقَدْ ضَرَبْنَا الطَّرَفَيْنِ مِنْ مَرَاتِبِ أَعْدَادٍ مُزْدَوِجَةٍ فَيَقُومُ مَقَامَهُ ضَرْبُ الْوَاسِطَتَيْنِ وَهُمَا الْمَالُ فِي الْكَعْبِ وَلَوْ ضَرَبْنَا الْمَالَ فِي الْكَعْبِ لَقُلْنَا مَالُ كَعْبٍ فَنَقُولُ هَاهُنَا مَالُ كَعْبٍ بِتَقْدِيمِ لَفْظِ مَالٍ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ بَيَانِ سَبَبِ التَّقْدِيمِ وَمَتَى كَانَ الشَّيْءُ رُبُعَ الْمَالِ بِأَنْ يَكُونَ أَرْبَعَةً كَانَ الْمَالُ رُبُعَ الكعب وَالشَّيْء وَكَذَلِكَ بَقِيَّةُ الْمَرَاتِبِ وَمَتَى كَانَ الشَّيْءُ ثُلُثَ الْمَالِ بِأَنْ يَكُونَ ثَلَاثَةً فَيَكُونُ الْمَالُ تِسْعَةً يَكُونُ الْمَالُ ثُلُثَ الْكَعْبِ وَكَذَلِكَ سَائِرُ النِّسَبِ تَتَكَرَّرُ فِي الْمَرَاتِبِ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ إِنَّ الِاسْمَ فِي الْمَضْرُوبِ فِي الشَّيْءِ يَنْشَأُ مِنْ لَفْظِ الْمَالِ وَلَفْظِ الْمَرْتَبَةِ الْكَائِنَةِ قَبْلَ الْمَضْرُوبِ لِأَنَّهُمَا المترتبتان الْمُتَلَاصِقَتَانِ لِلطَّرَفَيْنِ الْمَضْرُوبَيْنِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْقَاعِدَةِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْوَسَائِطِ وَالْمُلَاصِقِ لَهَا مِنَ الْمَرَاتِبِ إِلَى أَنْ يَنْتَهِيَ إِلَى الْمُلَاصِقَيْنِ لِلطَّرَفَيْنِ وَأَنَّ ضَرْبَ جَمِيعِ ذَلِكَ سَوَاءٌ وَكَذَلِكَ اعْتَمَدُوا عَلَى ذَلِكَ لِيَكْتَفُوا بِلَفْظِ الْمَالِ لِسَائِرِ الْمَرَاتِبِ وَيَسْتَغْنُوا عَنِ الْأَلْفَاظِ الْكَثِيرَةِ الْمَرَاتِبِ الْكَثِيرَةِ الَّتِي لَا تَتَنَاهَى وَهُوَ مِنْ حُسْنِ التَّصَرُّفِ والفكرة الجيدة

(الباب الثاني في الضرب)

(الْبَابُ الثَّانِي فِي الضَّرْبِ) إِذَا أَرَدْتَ ضَرْبَ مِقْدَار من الْمَقَادِير فِي مِقْدَار آخروهما مُفْرَدَانِ فِي أَحَدِ جِهَتَيِ الْعَدَدِ أَيْ لَيْسَ أَحَدُهُمَا مِنْ مَرْتَبَةٍ وَالْآخَرُ مِنَ الْأُخْرَى ضَرَبْتَ عَدَدَ أَحَدِهِمَا فِي عَدَدِ الْآخَرِ فَإِنْ كَانَ هُوَ مِنَ الْمَرْتَبَةِ الَّتِي بَعْدَهَا مِنَ الْعَدَدِ فِي جِهَتِهِمَا مُسَاوٍ لِبُعْدِهِمَا إِلَّا وَاحِدًا نَحْوَ مَالَانِ فِي ثَلَاثَةِ أَكْعُبٍ يَكُونُ سِتَّةً مِنَ الْمَرْتَبَةِ السَّادِسَةِ أَيْ سِتَّةَ أَمْوَالِ كَعْبٍ لِأَنَّ الْمَرَاتِبَ سَبْعٌ الْعَدَدُ وَالشَّيْءُ وَالْمَالُ وَالْكَعْبُ وَمَالُ مَال وَمَال كَعْب وَكَعب وَكَعب فَالْمَالُ فِي الْمَرْتَبَةِ الثَّالِثَةِ وَالْكَعْبُ فِي الرَّابِعَةِ وَثَلَاثَةٌ وَأَرْبَعَةٌ سَبْعَةٌ تَنْقُصُ مِنْهَا وَاحِدًا تَبْقَى سِتَّةٌ وَهِيَ مَرْتَبَةُ الْخَارِجِ بِالضَّرْبِ وَهُوَ مَالُ كَعْبٍ وَامْتِحَانُهُ بِالْعَدَدِ الصَّحِيحِ أَنَّ الْمَالَ أَرْبَعَةٌ بِالْعرضِ فَمَالَانِ ثَمَانِيَةٌ وَالْكَعْبُ ثَمَانِيَةٌ وَثَلَاثَةٌ مِنْهُ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ فَنَحْنُ ضَرَبْنَا ثَمَانِيَةً فِي أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ بِمِائَةٍ وَاثْنَيْنِ وَتِسْعِينَ وَمَالُ كَعْبٍ هُوَ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ لِأَنَّهُ مِنْ ضَرْبِ الْكَعْبِ فِي الْمَالِ وَاثْنَانِ وَثَلَاثُونَ فِي سِتِّمِائَةٍ وَاثْنَيْنِ وَتِسْعِينَ وَإِذَا ضَرَبْتَ الْمَجْهُولَاتِ بَعْضَهَا فِي بَعْضٍ عُبِّرَ عَنِ الْمُتَحَصِّلِ بِإِضَافَةِ اسْمِ الْمَضْرُوبِ إِلَى اسْمِ الْمَضْرُوبِ فِيهِ أَوْ بِالْعَكْسِ إِلَّا الْمَالَ مَعَ الْكَعْبِ فَيُقَدَّمُ الْمَالُ عَلَى الْكَعْبِ لِكَوْنِهِ أَعَمَّ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِلَّا الشَّيْءَ إِذَا ضُرِبَ فِي الشَّيْءِ فَيُقَالُ مَالٌ وَالْقِيَاسُ شَيْءُ شَيْءٍ كَمَا قَالُوا مَال مَال وَكَعب كَعْب فَإِن لشَيْء شيئ لَفْظًا مُفْرَدًا أُخِذَ مِنَ الْمُرَكَّبِ وَهُوَ مَالٌ بِخِلَافِ غَيْرِهِ لَيْسَ لَهُ لَفْظٌ مُفْرَدٌ وَلِأَنَّ مَال مَال وَكَعب كَعْب أبلغ فِي التركب وَأَبْعَدُ عَنِ الْبَسَاطَةِ فَكَانَ بِتَرْكِيبِ الْأَلْفَاظِ أَوْلَى لِيَتَنَاسَبَ اللَّفْظُ وَالْمَعْنَى وَإِنْ ضَرَبْنَا الْعَدَدَ فِي أَحَدِ الْمَجْهُولَاتِ أَوْ بِالْعَكْسِ نَحْوَ ثَلَاثَةِ آحَادٍ فِي أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ أَوْ أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ فِي ثَلَاثَةٍ آحَاد فَالْخَارِجُ اثْنَا عَشَرَ شَيْئًا وَلَا تَقُولُ اثْنَا عَشَرَ

أَحَدًا لِأَنَّ الضَّرْبَ هُوَ تَضْعِيفُ الْمَضْرُوبِ بِآحَادِ الْمَضْرُوبِ فِيهِ وَنَعْنِي بِآحَادِهِ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنَ الْبَسَائِطِ لَا آحَادَهُ الْمَذْكُورَةَ فِي اللَّفْظِ كَمَا لَوْ قِيلَ اضْرِبْ أَرْبَعَةً فِي مِائَتَيْنِ فَإِنَّكَ تَقُولُ ثَمَانِمِائَةٍ وَإِنْ كَانَ الْمِائَتَانِ اثْنَيْنِ بِالنَّظَرِ إِلَى الْآحَادِ الْمَلْفُوظِ بِهَا وَكَانَ مُقْتَضَى ذَلِكَ أَنْ تَقُولَ ثَمَانِيَةٌ لَكُنَّا نَظَرْنَا إِلَى الْآحَادِ الْبَسِيطَةِ إِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَإِذَا ضَرَبْنَا الْمَجْهُولَ فِي الْمَعْلُومِ أَوْ بِالْعَكْسِ أَمْكَنَنَا أَنْ نُضَعِّفَ الْمَجْهُولَ بِآحَادِ الْمَعْلُومِ لِأَنَّ آحَادَهُ مَعْلُومَةٌ لَنَا وَلَا يُمْكِنُنَا تَضْعِيفُهُ بِآحَادِ الْمَجْهُولِ الْبَسِيطَةِ لِأَنَّا لَا نَعْلَمُ مَا فِي الْمَجْهُولِ مِنْهَا فَلِذَلِكَ قُلْنَا اثْنَا عَشَرَ شَيْئًا وَلَمْ نَقُلْ اثْنَا عَشَرَ أَحَدًا وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي سَائِرِ المجهولات إِذا ضربت فِي الْمَعْلُوم وَمَتى ضربننا مَرْتَبَةً مِنْ مَرَاتِبِ الْأَعْدَادِ الْمَجْهُولَةِ وَلَمْ نَعْلَمْ مَا قَبْلَهُ حَتَّى نُرَكِّبَهُ مَعَ لَفْظِ الْمَالِ فَأَيُّ شَيْءٍ يَكُونُ اللَّفْظُ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِهِ فَالطَّرِيقُ قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ الْمَرَاتِبَ مُتَنَاسِبَةٌ وَأَنَّ زِيَادَتَهَا بِالضَّرْبِ فِي الْجَذْرِ إِنَّمَا تَكُونُ عَلَى نَحْوِ تِلْكَ النِّسْبَةِ فَعَلَى هَذَا إِذَا كَانَ الْمَضْرُوبُ مَالًا فَأَبْدِلْ مِنْهُ كَعْبًا لِأَنَّ النِّسْبَةَ تَقْتَضِي أَنَّ الِانْتِقَالَ فِي مَرَاتِبِ الْأَعْدَادِ الْمَجْهُولَاتِ مِنَ الْمَالِ إِلَى الْكَعْبِ أَوِ الْمَضْرُوبُ كَعْبًا فَمَالُ مَالٍ لِاقْتِضَاءِ النِّسْبَةِ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ أَبَدًا غَيْرَ أَنَّكَ لَا تُقَدِّمُ لَفْظَ الْكَعْبِ عَلَى الْمَالِ لمَا تَقَدَّمَ أَوِ الْمَضْرُوبُ كُعُوبًا فَمَالُ مَالٍ لِأَنَّ الِارْتِقَاءَ إِنَّمَا يَحْصُلُ مِنَ الْكَعْبِ إِلَى مَالِ مَالٍ وَتُخَلَّى بَقِيَّةُ الْكُعُوبِ عَلَى حَالِهَا وَفِي هَذَا الْبَابِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ قِسْمًا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ فِي ضَرْبِ الْجُذُورِ وَكُسُورِهَا فِي الْأَعْدَاد فَضرب الجذر فِي عَدَدٍ أَوْ كَسْرِهِ يُخْرِجُ جُذُورًا وَكَسْرًا من جذر كشيء فِي دِرْهَمَيْنِ شيآن وَشَيْئَانِ فِي دِرْهَمَيْنِ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ وَشَيْئَانِ فِي نِصْفِ دِرْهَمٍ شَيْءٌ وَفِي رُبُعِ دِرْهَمٍ نِصْفُ شَيْءٍ وَنِصْفُ شَيْءٍ فِي دِرْهَمٍ نِصْفُ شَيْءٍ وَرُبُعُ شَيْءٍ فِي ثَمَانِيَةِ دَرَاهِمَ شَيْئَانِ لِأَنَّكَ فِي الضَّرْبِ تُقَدِّرُ إِضَافَةَ الْمَضْرُوبِ لِلْمَضْرُوبِ فِيهِ وَلَوْ صَرَّحْتَ بِالْإِضَافَةِ ظَهَرَ ذَلِكَ الْقِسْمُ الثَّانِي ضرب الجذور فِي نَفسهَا وفيهَا يَتَرَكَّبُ مِنْهَا فَشَيْءٌ فِي شَيْئَيْنِ

مَالَانِ وَشَيْءٌ فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ ثَلَاثَةُ أَمْوَالٍ فَشَيْئَانِ فِي شَيْئَيْنِ أَرْبَعَةُ أَمْوَالٍ وَنِصْفُ شَيْءٍ فِي أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ وَرُبُعٍ مَالَانِ وَثُمُنٌ وَكُلُّهُ يَظْهَرُ بِالْإِضَافَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي حِسَابِ الصَّحِيحِ الْقِسْمُ الثَّالِثُ ضَرْبُ الْجَذْرِ فِي الْمَالِ كَعْبٌ وَجِذْرَيْنِ فِي مَالَيْنِ أَرْبَعَةُ كِعَابٍ وَنِصْفِ جَذْرٍ فِي مَالٍ نِصْفُ كَعْبٍ وَنِصْفِ جَذْرٍ فِي نِصْفِ مَالٍ رُبُعُ كَعْبٍ الْقِسْمُ الرَّابِعُ ضَرْبُ الْجَذْرِ فِي الْكَعْبِ مَالُ مَالٍ وَجِذْرَانِ فِي كَعْبَيْنِ أَرْبَعَةُ أَمْوَالٍ وَنِصْفُ جِذْرٍ فِي نِصْفِ كَعْبٍ رُبُعُ مَالٍ الْقِسْمُ الْخَامِسُ جِذْرٌ فِي مَالِ مَالٍ مَالُ كَعْبٍ وَالصَّحِيحُ وَالْكُسُورُ كَمَا تَقَدَّمَ الْقِسْمُ السَّادِسُ ضَرْبُ الْجَذْرِ فِي مَالِ كَعْبٍ يَخْرُجُ كَعْبُ كَعْبٍ وَالصَّحِيحُ وَالْكُسُورُ كَمَا تَقَدَّمَ الْقِسْمُ السَّابِعُ ضَرْبُ الْجَذْرِ فِي كَعْبِ كَعْبٍ يَخْرُجُ مَالُ مَالِ كَعْبٍ وَالصَّحِيحُ وَالْكُسُورُ كَمَا تَقَدَّمَ الْقِسْمُ الثَّامِنُ ضَرْبُ الْمَالِ فِي نَفْسِهِ وَفِيمَا فَوْقَهُ وَيُسْتَغْنَى عَنْ ضَرْبِ كُلِّ مَرْتَبَةٍ عَلَتْ فِيمَا تَحْتَهَا بِمَا تَقَدَّمَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا مِنَ الضَّرْبِ لِأَنَّ ضَرْبَ الْمَالِ فِي الْجَذْرِ هُوَ ضَرْبُ الْجَذْرِ فِي الْمَالِ وَكَذَلِكَ بَقِيَّتُهَا فَضَرْبُ الْكَعْبِ فِي الْجَذْرِ هُوَ ضَرْبُ الْمَالِ فِي نَفْسِهِ الْخَارِجُ مَالُ مَالٍ وَمَالَانِ فِي مَالَيْنِ أَرْبَعَةُ أَمْوَالِ مَالِ مَالٍ وَالصَّحِيحُ وَالْكُسُورُ كَمَا تَقَدَّمَ الْقِسْمُ التَّاسِعُ ضَرْبُ الْمَالِ فِي الْكَعْبِ يَخْرُجُ مَالُ كَعْبٍ وَالصَّحِيحُ وَالْكُسُورُ كَمَا تَقَدَّمَ الْقِسْمُ الْعَاشِرُ ضَرْبُ الْمَالِ فِي مَالِ كَعْبٍ يَخْرُجُ مَالُ مَالِ كَعْبٍ وَالصَّحِيح

وَالْكُسُورُ كَمَا تَقَدَّمَ وَيُعْرَفُ مِنْ هَذَا بَقِيَّةُ الْمَرَاتِبِ الَّتِي لَا تَتَنَاهَى وَإِنْ ضَرَبْتَ الْكَعْبَ فِي كَعْبِ كَعْبٍ خَرَجَ كَعْبُ كَعْبِ كَعْبٍ وَإِنْ ضَرَبْتَ كَعْبَ كَعْبٍ فِي نَفْسِهِ خَرَجَ كَعْبُ كَعْبِ كَعْبِ كَعْبٍ الْقِسْمُ الْحَادِيَ عَشَرَ إِذَا قَصَدْتَ ضَرْبَ جَذْرِ عَدَدٍ أَصَمَّ أَوْ مَنْطِقٍ فِي جِذْرٍ آخَرَ فَاضْرِبِ الْعَدَدَ الْمَجْذُورَ فِي الْعَدَدِ الْآخَرِ الْمَجْذُورِ فَجَذْرُ الْمُجْتَمِعِ هُوَ الْخَارِجُ مِنْ ضَرْبِ أَحَدِ الْجِذْرَيْنِ فِي الْآخَرِ كَمَا لَوْ قِيلَ اضْرِبْ جَذْرَ أَرْبَعَةٍ فِي جَذْرِ تِسْعَةٍ اضْرِبْ تِسْعَةً فِي أَرْبَعَةٍ تَبْلُغُ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ جَذْرُهَا سِتَّةٌ وَهُوَ الْخَارِجُ مِنْ ضَرْبِ جَذْرِ أَرْبَعَةٍ الَّذِي هُوَ اثْنَانِ فِي جَذْرِ تِسْعَةٍ الَّذِي هُوَ ثَلَاثَةٌ وَكَذَلِكَ جَذْرُ عَشَرَةٍ فِي جَذْرِ خَمْسَةٍ الْخَارِجُ جَذْرُ خَمْسِينَ وَكَذَلِكَ جَذْرُ ثَمَانِيَةٍ فِي جَذْرِ اثْنَيْنِ فَالْخَارِجُ جَذْرُ سِتَّةَ عَشَرَ وَهَذَانِ أَصَمَّانِ وَجَذْرُ نِصْفٍ فِي جَذْرِ ثَمَانِيَةٍ الْخَارِجُ جَذْرُ أَرْبَعَةٍ وَجَذْرُ نِصْفٍ فِي جَذْرِ نِصْفٍ الْخَارِجُ جَذْرُ رُبُعٍ وَكَذَلِكَ مَا فِي مَعْنَاهُ فَإِنْ قَصَدْتَ ضَرْبَ جَذْرِ عَدَدٍ فِي عَدَدٍ جَعَلْتَ الْعَدَدَ جِذْرًا وَتَعْمَلُ كَمَا تَقَدَّمَ نَحْوَ جَذْرِ أَرْبَعَةٍ فِي أَرْبَعَةٍ تَجْعَلُ الْأَرْبَعَةَ جِذْرًا بِأَنْ تَضْرِبَهَا فِي نَفْسِهَا تَبْلُغُ سِتَّةَ عَشَرَ وَتَضْرِبُ الْأَرْبَعَةَ الْمَجْذُورَةَ فِي السِتَّةَ عَشَرَ وَيُؤْخَذُ جَذْرُهَا وَهُوَ جَذْرُ أَرْبَعَةٍ وَسِتِّينَ وَذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ وَجَذْرُ أَرْبَعَةٍ فِي اثْنَيْنِ جَذْرُ سِتَّةَ عَشَرَ وَجَذْرُ أَرْبَعَةٍ فِي نِصْفٍ وَاحِدٌ لِأَنَّكَ تَضْرِبُ نِصْفًا فِي نَفْسِهِ يَكُنْ رُبُعًا تَضْرِبُ رُبُعَهَا فِي أَرْبَعَةٍ تَكُونُ وَاحِدًا فَجَذْرُهُ هُوَ الْخَارِجُ مَنْ ضَرْبِ جَذْرِ أَرْبَعَةٍ فِي نِصْفٍ وَاحِدٌ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا فِي مَعْنَاهُ وَكَذَلِكَ تَفْعَلُ فِيمَا فَوْقَ الْأَعْدَادِ مِنَ الْمَرَاتِبِ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْكِعَابِ فَمَا فَوْقَهَا فَإِنْ قَصَدْتَ ضَرْبَ جَذْرِ دِرْهَمَيْنِ فِي جَذْرِ مَالَيْنِ فَاضْرِبْ دِرْهَمَيْنِ فِي مَالَيْنِ تَكُونُ أَرْبَعَةَ أَمْوَالٍ فَجَذْرُهَا هُوَ الْخَارِجُ وَجَذْرُ أَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ فِي جَذْرِ أَرْبَعَةِ أَمْوَالٍ الْخَارِجُ جَذْرُ سِتَّةَ عَشَرَ مَالًا وَجَذْرُ أَرْبَعَةِ أَمْوَالٍ فِي جَذْرِ رُبُعِ دِرْهَمٍ الْخَارِجُ جَذْرُ مَالٍ وَكَذَلِكَ ضَرْبُ الْعَدَدِ فِي جَذْرِ الْمَالِ تَجْعَلُ الْعَدَدَ جِذْرًا لِمَا فَوْقَهُ كَمَا تَقَدَّمَ وَتَضْرِبُ الْمَجْذُورَيْنِ وَيُؤْخَذُ جَذْرُهُ فَدِرْهَمَانِ فِي جَذْرِ مَالَيْنِ الْخَارِجُ جَذْرُ ثَمَانِيَةِ أَمْوَالٍ وَنِصْفُ دِرْهَمٍ فِي جَذْرِ ثَمَانِيَةِ أَمْوَالٍ الْخَارِجُ جَذْرُ مَالَيْنِ وَكَذَلِكَ ضَرْبُ

جَذْرِ الْعَدَدِ فِي الْأَمْوَالِ تَجْعَلُ الْمَالَ جِذْرًا ثُمَّ تَضْرِبُهُ فِي الْعَدَدِ وَيُؤْخَذُ جَذْرُهُ فَجَذْرُ أَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ فِي مَالَيْنِ الْخَارِجُ جَذْرُ سِتَّةَ عَشَرَ مَالَ مَالٍ لِأَنَّ الْمَالَيْنِ يُجْعَلَانِ جِذْرًا تَضْرِبُهُمَا فِي نَفْسِهِمَا تَكُونُ أَرْبَعَةَ أَمْوَالِ مَالٍ ثُمَّ تُضْرَبُ فِي أَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ تَكُونُ سِتَّةَ عَشَرَ مَالَ مَالٍ فَيُؤْخَذُ جَذْرُهُ وَجَذْرُ دِرْهَمٍ فِي نِصْفِ مَالٍ الْخَارِجُ جَذْرُ رُبُعِ مَالِ مَالٍ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا فِي مَعْنَاهُ وَجَذْرُ مَالَيْنِ يُخْرِجُ جَذْرَ أَرْبَعَةِ أَمْوَالِ مَالٍ وَهُوَ مَالٌ وَجَذْرُ مَالَيْنِ فِي جَذْرِ نِصْفِ مَالَيْنِ الْخَارِجُ جَذْرُ مَالِ مَالٍ وَهُوَ مَالٌ وَكَذَلِكَ ضَرْبُ جَذْرِ الْكِعَابِ فَمَا فَوْقَهَا فَجَذْرُ دِرْهَمَيْنِ فِي جذر كعبين الْخَارِج جذر أَرْبَعَة كعاب وَدِرْهَمَانِ فِي جَذْرِ كَعْبَيْنِ الْخَارِجُ جَذْرُ ثَمَانِيَةِ كِعَابٍ وَجَذْرُ مَالَيْنِ فِي جَذْرِ كَعْبَيْنِ الْخَارِجُ جَذْرُ أَرْبَعَةِ أَمْوَالِ كَعْبٍ وَجَذْرُ كَعْبَيْنِ فِي جَذْرِ كَعْبَيْنِ الْخَارِجُ جَذْرُ أَرْبَعَةِ كِعَابِ كَعْبٍ الْقِسْمُ الثَّانِيَ عَشَرَ ضَرْبُ الْمُرَكَّبِ مِنَ الْمَرَاتِبِ فَتَضْرِبُ كُلَّ جِنْسٍ مِنَ الْمَضْرُوبِ فِي كُلِّ جِنْسٍ مِنَ الْمَضْرُوبِ فِيهِ وَتَجْمَعُ كُلَّ جِنْسٍ إِلَى جِنْسِهِ وَمَا كَانَ مِنْ جِنْسَيْنِ جَمَعْتَهُ بِوَاوِ الْعَطْفِ نَحْوَ كِعَابٍ وَثَلَاثَةِ أَمْوَالٍ فِي مَال وَأَرْبَعَة أَشْيَاء الْمُرْتَفع مَا لَا كَعْبٍ وَأَحَدَ عَشَرَ مَالَ مَالٍ وَاثْنَا عَشَرَ كَعْبًا الْقِسْمُ الثَّالِثَ عَشَرَ ضَرْبُ مَا فِيهِ اسْتِثْنَاءٌ أَوْ زِيَادَةٌ فَتَضْرِبُ كُلَّ جِنْسٍ مِنَ الْمَضْرُوبِ فِي كُلِّ جِنْسٍ مِنَ الْمَضْرُوبِ فِيهِ وَيَكُونُ الْمُرْتَفِعُ مِنْ ضَرْبِ الزَّائِدِ فِي الزَّائِدِ وَالنَّاقِصِ فِي النَّاقِصِ زَائِدًا وَالْمُرْتَفِعُ مِنْ ضَرْبِ الزَّائِدِ فِي النَّاقِصِ نَاقِصًا نَحْوَ مَالٍ إِلَّا شيئن فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ إِلَّا دِرْهَمَيْنِ فَمَالٌ فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ زَائِدٌ فِي زَائِدٍ ثَلَاثَةُ أَكْعُبٍ زَائِدَةٍ وَمَالٌ فِي دِرْهَمَيْنِ زَائِدٌ فِي نِاقِصٍ مالين نَاقِصَة وشيئان فِي ثَلَاثَة أَشْيَاء نَاقص فِي زَائِد سِتَّة أَمْوَال نَاقِصَة وشيآن فِي دِرْهَمَيْنِ نَاقِصٌ فِي نَاقِصٍ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ زَائِدَةٍ فَإِذَا جَمَعْتَ الزَّوَائِدَ وَاسْتَثْنَيْتَ مِنْهُ النَّوَاقِصَ كَانَ ثَلَاثَةَ أَكْعُبٍ وَأَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ إِلَّا ثَلَاثَةً ثَمَانِيَةَ أَمْوَالٍ وَتُسَمِّي الْعَدَدَ الْمُسْتَثْنَى مِنَ الْمَجْهُولِ أَوِ الْمَعْلُومِ نَاقِصًا لِأَنَّهُ نَقَصَ مِنْ غَيْرِهِ وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ زَائِدًا لِأَنَّهُ حَالَةَ الضَّرْبِ يُضْرَبُ غَيْرَ مُسْتَثْنًى مِنْهُ فَهُوَ حِينَئِذٍ زَائِدٌ عَلَى الْوَاقِع فِي نفس الْأَمر وَإِذا كَانَ الْعَدو غير مُسْتَثْنى سمي سالما لسلامته على الِاسْتِثْنَاء

وَقَدْ يُتَخَيَّلُ أَنَّ ضَرْبَ النَّاقِصِ فِي النَّاقِصِ يَنْبَغِي أَنْ يُلْغَى مِنَ الْجُمْلَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ ثَابِتٌ فِي الْمَطْلُوبِ لِأَنَّهُ لَوْ ضَرَبَ خَمْسَةً إِلَّا اثْنَيْنِ فِي خَمْسَةٍ إِلَّا اثْنَيْنِ قُلْنَا خَمْسَةٌ فِي خَمْسَةٍ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَهُوَ ضَرْبُ الزَّائِدِ فِي الزَّائِدِ وَنَقُولُ خَمْسَةٌ فِي اثْنَيْنِ بِعَشَرَةٍ وَهُوَ ضَرْبُ الزَّائِدِ فِي النَّاقِصِ فَيَكُونُ نَاقِصًا فَيُسْقِطُهَا مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ يَبْقَى خَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ تَضْرِبُ اثْنَيْنِ فِي خَمْسَةٍ بِعَشَرَةٍ وَهُوَ ضَرْبُ النَّاقِصِ الْآخَرِ فِي الزَّائِدِ فَتَكُونُ عَشَرَةً نَاقِصَةً يَبْقَى خَمْسَةٌ فَقَطْ تَضْرِبُ اثْنَيْنِ فِي اثْنَيْنِ بِأَرْبَعَةٍ وَهُوَ ضَرْبُ النَّاقِصِ فِي النَّاقِصِ زَائِدٌ فَتَتَعَيَّنُ إِضَافَتُهَا لِلْخَمْسَةِ لِأَنَّا لَمَّا قُلْنَا خَمْسَةٌ إِلَّا اثْنَيْنِ فِي خَمْسَةٍ إِلَّا اثْنَيْنِ فَمَعْنَاهُ اضْرِبْ ثَلَاثَةً فِي ثَلَاثَةٍ تَبْلُغُ تِسْعَةً فَإِذَا أَضَفْنَا الْأَرْبَعَةَ الْمُتَحَصِّلَةَ مِنْ ضَرْبِ النَّاقِصِ كَانَ الْحَاصِلُ تِسْعَةً وَهُوَ الْمَطْلُوب فَمَعْنَى أَنَّ النَّاقِصَ فِي النَّاقِصِ زَائِدٌ وَمَعَكَ هَاهُنَا أَرْبَعَةُ أَعْدَادٍ مُسْتَثْنًى وَمُسْتَثْنًى مِنْهُ وَمُسْتَثْنًى وَمُسْتَثْنًى مِنْهُ فَتَضْرِبُ اثْنَيْنِ فِي اثْنَيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْ أَرْبَعَةِ ضُرُوبٍ تُسْقِطُ مِنْهَا اثْنَيْنِ مِنَ الْمُتَحَصِّلِ مِنْ الِاثْنَيْنِ الْآخَرَيْنِ وَهُمَا الزَّائِدُ فِي النَّاقِصِ وَعَكْسُهُ فَيَجْتَمِعُ مَا كَانَ مِنْ ضَرْبِ مُسْتَثْنًى فِي مِثْلِهِ وَمُسْتَثْنًى مِنْهُ فِي مِثْلِهِ وَتُسْقِطُ مِنَ الْمَبْلَغِ مَا كَانَ مِنْ ضَرْبِ مُسْتَثْنًى فِي مُسْتَثْنًى مِنْهُ وَالْحَاصِلُ بَعْدَ ذَلِكَ هُوَ الْجَوَابُ فَيَسْقُطُ الْبَسِيطُ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَيَثْبُتُ الْمُرَكَّبُ مِنْ جِنْسَيْنِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ رُتْبَةِ شَيْءٍ مِمَّا فَوْقَهَا بَلْ يُسْتَثْنَى مِنَ الْمَالِ الدَّرَاهِمُ وَالْأَشْيَاءُ الَّتِي هِيَ الْجُذُورُ وَلَا يُسْتَثْنَى مِنْهُ الْكِعَابُ الَّتِي هِيَ فَوْقَ الْمَالِ لِأَنَّ الْأَكْثَرَ لَا يُسْتَثْنَى مِنَ الْأَقَلِّ هَذَا إِذَا كَانَا مُفْرَدَيْنِ أَمَّا إِذَا تَعَدَّدَ أَحَدُهُمَا الَّذِي هُوَ الْأَقَلُّ جَازَ نَحْوَ أَرْبَعَةِ أَمْوَالٍ إِلَّا كَعْبًا لِأَنَّ الْأَرْبَعَةَ أَكْثَرُ وَهَكَذَا كُلُّ مَا فِي مَعْنَاهُ وَإِذَا ضَرَبْنَا مَالَيْنِ إِلَّا دِرْهَمًا فِي نَفْسِهِ خَرَجَ أَرْبَعَةُ أَمْوَالِ مَالٍ وَدِرْهَمٌ إِلَّا أَرْبَعَةُ أَمْوَالِ مَالٍ وَدِرْهَمٌ إِلَّا أَرْبَعَةَ أَمْوَالٍ وَإِنْ ضَرَبْنَا مَالَيْنِ إِلَّا شَيْئًا فِي مِثْلِهِ خَرَجَ أَرْبَعَةُ أَمْوَالِ مَالٍ إِلَّا أَرْبَعَةَ كِعَابٍ فَيُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ فَإِنْ قِيلَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَشَيْءٌ فِي عَشَرَةِ دَرَاهِمَ إِلَّا شَيْئًا فَمَعْنَاهُ عَشَرَةٌ وَجِذْرٌ وَلْيَكُنِ الْجَذْرُ اثْنَيْنِ فِي عَشَرَةٍ إِلَّا اثْنَيْنِ فَالْمَقْصُودُ اثْنَا عَشَرَ فِي ثَمَانِيَةٍ فَتضْرب

عَشَرَةً فِي عَشَرَةٍ مِائَةٌ وَشَيْءٌ فِي عَشَرَةٍ يَكُنْ عَشَرَةَ أَشْيَاءَ وَمَعْنَى عَشَرَةِ أَشْيَاءَ ثَابِتَةٍ عَارَضَهَا اسْتِثْنَاءُ عَشَرَةِ أَشْيَاءَ يَتَسَاقَطَانِ وَيَبْقَى ضَرْبُ شَيْءٍ فِي الْأَشْيَاءِ وَشَيْءٌ فِي الْأَشْيَاءِ مَالٌ نَاقِصٌ يَخْرُجُ أَنَّ عَشَرَةً وَشَيْئًا فِي عَشَرَةٍ إِلَّا شَيْئًا مِائَةٌ يَنْقُصُ مَالًا فَإِنْ قِيلَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَشَيْءٌ فِي شَيْءٍ إِلَّا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَتَضْرِبُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي شَيْءٍ تَصِيرُ عَشَرَةَ أَشْيَاءَ وَشَيْءٌ فِي شَيْءٍ مَالٌ ثُمَّ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فِي إِلَّا عَشَرَةً تَكُونُ إِلَّا عَشَرَةً مِائَةً تَضْرِبُ الشَّيْءَ فِي إِلَّا عَشَرَةً تَخْرُجُ عَشَرَةُ أَشْيَاءَ نَاقِصَةٍ يُعَارِضُهُ الْأَشْيَاءُ الَّتِي كَانَتْ مَعَنَا فَيَتَسَاقَطُ الْإِثْبَاتُ بِالنَّفْيِ وَيَبْقَى شَيْءٌ فِي شَيْءٍ مَعَ الِاسْتِثْنَاءِ وَضَرْبُ الشَّيْءِ فِي الشَّيْءِ مَالٌ فَالْمَبْلَغُ مَالٌ زَائِدٌ إِلَّا مِائَةَ دِرْهَمٍ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْغَرَضَ ضَرْبُ عَشَرَةٍ وَجِذْرٍ فِي جِذْرٍ إِلَّا عَشَرَةً وَلْيَكُنْ هَذَا الْجَذْرُ الزَّائِدُ عَلَى الْعَشَرَةِ أَكْثَرَ مِنَ الْعَشَرَةِ فَإِنَّا لَوْ جَعَلْنَا الْجَذْرَ عَشَرَةً اسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ الجذر فِي الْجَانِب الآخر عشرَة أَيْضا وَلَا يَتَأَدَّى اسْتِثْنَاءُ الْعَشَرَةِ مِنَ الْعَشَرَةِ فَنَقُولُ عَشَرَةٌ وَأَحَدَ عَشَرَ وَمِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ الْجَذْرُ أَحَدَ عَشَرَ وَالْعَشَرَةُ اسْتِثْنَاءٌ مِنْهُ فَيَبْقَى وَاحِدٌ فَضَرَبْنَا الْعَشَرَةَ وَالْجَذْرَ فِي بَقِيَّةِ الْجَذْرِ بَعْدَ اسْتِثْنَاءِ الْعَشَرَةِ فَتَرُدُّ ضَرْبَ أَحَدٍ وَعِشْرِينَ فِي وَاحِدٍ بِأَحَدٍ وَعِشْرِينَ وَالْجَبْرِيُّ يَقُولُ اضْرِبْ أَحَدَ عَشَرَ فِي أَحَدَ عَشَرَ وَاسْتَثْنِ مِنْهُ مِائَةً يَبْقَى أحد وَعِشْرُونَ وَهُوَ سَوَاءٌ

(الباب الثالث في القسمة)

(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْقِسْمَةِ) فَنَذْكُرُ قَوَانِينَهَا وَقَوَاعِدَهَا سَرْدًا لِتَبْقَى عَلَى الْخَاطِرِ ثُمَّ نُثَنِّي بِمَسَائِلِهَا وَهِيَ عَكْسُ الضَّرْبِ فَالْمَقْسُومُ هُوَ الْمُرْتَفِعُ مِنَ الضَّرْبِ وَالْمَقْسُومُ عَلَيْهِ أَحَدُ الْمَضْرُوبَيْنِ وَالْخَارِجُ مِنَ الْقِسْمَةِ الْمَقْسُومُ الْمَضْرُوبُ الْآخَرُ وَالْخَارِجُ مِنَ الْقِسْمَةِ إِذَا ضُرِبَ فِي الْمَقْسُومِ عَلَيْهِ يَعُودُ الْمَقْسُومُ وَكُلُّ شَيْءٍ قُسِمَ عَلَى الْعَدَدِ فَالْخَارِجُ مِنْ جِنْسِ الْمَقْسُومِ فَقِسْمَةُ الْعَدَدِ عَلَى الْأَشْيَاءِ أَجْزَاءُ أَشْيَاء وَعَلَى الْأَمْوَالِ أَجْزَاءُ الْأَمْوَالِ وَعَلَى الْكِعَابِ أَجْزَاءُ كَعْبٍ وَجُزْءُ كُلِّ مِقْدَارٍ إِذَا ضُرِبَ فِيهِ يَكُونُ وَاحِدًا وَقِسْمَةُ الْأَشْيَاءِ عَلَى الْأَشْيَاءِ عَدَدٌ وعَلى الْأَمْوَال أجواء شَيْءٍ وَعَلَى الْكِعَابِ أَجْزَاءُ مَالٍ وَقِسْمَةُ الْأَمْوَالِ عَلَى الْأَشْيَاءِ أَشْيَاءُ وَعَلَى الْأَمْوَالِ عَدَدٌ وَعَلَى الْكِعَابِ أَجْزَاءُ شَيْءٍ وَقِسْمَةُ الْكِعَابِ عَلَى الْأَشْيَاءِ أَمْوَالٌ وَعَلَى الْأَمْوَالِ أَشْيَاءٌ وَعَلَى الْكِعَابِ عَدَدٌ وَقِسْمَة الْمركب على الْمُفْرد أَن تجمع كُلَّ قِسْمٍ عَلَى انْفِرَادِهِ وَتَجْمَعَ الْحَاصِلَ وَقِسْمَةُ الْمُرَكَّبِ عَلَى الْمُرَكَّبِ فَمِنْهُ مَا يُمْكِنُ التَّلَفُّظُ بِالْخَارِجِ مِنْ قِسْمَتِهِ وَمِنْهُ مَا لَا يُمْكِنُ وَضَابِطُهُ طَلَبُ مِقْدَارٍ إِذَا ضَرَبْتَهُ فِي الْمَقْسُومِ عَلَيْهِ عَادَ الْمَقْسُومُ فَإِنْ وَجَدْتَهُ فَهُوَ الْخَارِجُ وَإِلَّا قُلْتَ هَذَا مَقْسُومٌ عَلَى كَذَا وَالْقِسْمَةُ لَهَا حَدَّانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا طَلَبُ مَا فِي الْمَقْسُومِ مِنْ أَمْثَالِ الْمَقْسُومِ عَلَيْهِ وَثَانِيهِمَا أَنَّهَا طَلَبُ نَصِيبِ الْوَاحِدِ التَّامِّ مِنَ الْمَقْسُومِ عَلَيْهِ مِنَ الْمَقْسُومِ فَإِذَا قَسَمْنَا عَشَرَةً عَلَى اثْنَيْنِ خَرَجَ بِالْقِسْمَةِ خَمْسَةٌ فَعَلَى الْأَوَّلِ نَقُولُ الِاثْنَانِ نِصْفَانِ مُتَمَاثِلَانِ مُتَقَابِلَانِ فَنَفْعَلُ بِالْعَشَرَةِ كَذَلِكَ لِأَنَّا قَسَمْنَا فِي الِاثْنَيْنِ عَلَى النِّصْفِ وَمِثْلُ النِّصْفِ نِصْفٌ وَعَلَى الثَّانِي مِنَ الْحَدَّيْنِ نَصِيبُ الْوَاحِدِ التَّامِّ مِنَ الْمَقْسُومِ عَلَيْهِ مِنَ الْمَقْسُومِ

خَمْسَةٌ وَإِذَا قَسَمْنَا الْمَجْهُولَ عَلَى نَفْسِهِ يَخْرُجُ آحَادًا بِنَاءً عَلَى قَاعِدَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا أَنَّ الْمَجْهُولَاتِ إِذَا اجْتَمَعَتْ وَهِيَ جِنْسٌ وَاحِدٌ فِي مَسْأَلَةٍ فَهِيَ متماثلة وَثَانِيهمَا أَنَّ الْقِسْمَةَ إِنَّمَا تَقَعُ عَلَى أَفْرَادِ الْمَقْسُومِ عَلَيْهِ الْبَسِيطَةِ دُونَ الْمَلْفُوظِ بِهَا كَمَا إِذَا قِيلَ اقْسِمْ مِائَةً عَلَى مِائَتَيْنِ فَإِنَّكَ تَقُولُ الْخَارِجُ نِصْفُ وَاحِدٍ بِنَاءً مِنْكَ عَلَى أَنَّكَ قَسَمْتَ عَلَى الْأَفْرَادِ الَّتِي فِي الْمِائَتَيْنِ مِنَ الْآحَادِ وَلَوْ قَسَمْتَ عَلَى أَفْرَادِ الْمِائَتَيْنِ لَقُلْتَ خمسين لِأَن الْقِسْمَة على اثْنَيْنِ فعلى هَذَا قِسْمَةُ عِشْرِينَ مَالًا عَلَى أَرْبَعَةِ أَمْوَالٍ خَمْسَةُ آحَادٍ وَلَا تَقُولُ خَمْسَةَ أَمْوَالٍ كَمَا لَوْ قَسَمْتَ عِشْرِينَ أَلْفًا عَلَى أَرْبَعَةِ آلَافٍ فَإِنَّكَ تَقُولُ خَمْسَةُ آحَادٍ وَلَا تَقُولُ خَمْسَةُ آلَافٍ وَمَتَى كَانْتِ الْأَمْوَالُ الْمَقْسُومَةُ آلَافًا فَالْمَقْسُومُ عَلَيْهِ من الْأَمْوَال آلافا أَو مئتين فَالْأُخْرَى كَذَلِكَ فَلَا يَخْتَلِفَانِ كَيْفَ فَرَضْنَا فَإِذَا زَادَ فِي الْمَقْسُومِ أَفْرَادٌ زَادَ فِي الْمَقْسُومِ عَلَيْهِ مَا يُقَابِلُهَا هَذَا إِنْ قَسَمْنَا الْمَجْهُولَ إِلَى خَمْسَةٍ فِي جِنْسِهِ فَإِنْ قَسَمْنَاهُ عَلَى غَيْرِ جِنْسِهِ فَتَارَةً نَقْسِمُهُ عَلَى مَا تَحْتَهُ وَتَارَةً نَقْسِمُهُ عَلَى مَا فَوْقَهُ وَالْأَوَّلُ إِنْ كَانَ ثَلَاثَةً كَقِسْمَةِ الْكَعْبِ عَلَى الْمَالِ كَانَ كَقِسْمَةِ الشَّيْءِ عَلَى الْعَدَدِ تَخْرُجُ أَشْيَاءُ هُنَالِكَ وَكَذَلِكَ هَاهُنَا يَكُونُ الْخَارِجُ أَشْيَاءَ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مَرْتَبَةٌ كَقِسْمَةِ مَالِ الْمَالِ عَلَى الْمَالِ كَانَ كَقِسْمَةِ الْمَالِ عَلَى الْعَدَدِ وَقِسْمَةُ الْمَالِ عَلَى الْعَدَدِ تُخْرِجُ أَمْوَال فَهَاهُنَا أَمْوَالٌ وَالضَّابِطُ مَهْمَا كَانَ بَيْنَ الْمَقْسُومِ وَالْمَقْسُومِ عَلَيْهِ مِنَ الْمَرَاتِبِ يَكُونُ بَيْنَ الْعَدَدِ وَمَا فَوْقَهُ إِذَا قُسِمَ عَلَيْهِ وَهَذِه الْأَحْكَام مبينَة عَلَى قَاعِدَةِ التَّنَاسُبِ وَهِيَ أَنَّ نِسْبَةَ الْآحَادِ إِلَى الْأَشْيَاءِ كَنِسْبَةِ الْأَشْيَاءِ إِلَى الْأَمْوَالِ وَالْأَشْيَاءِ إِلَى الْأَمْوَالِ كَالْأَمْوَالِ إِلَى الْكُعُوبِ وَكَذَلِكَ إِلَى غَيْرِ النِّهَايَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُهَا فِي الْقَاعِدَةِ وَفِي أَلْفَاظِ الْمَجْهُولَاتِ وَلَمَّا كَانَ الْخَارِجُ مِنْ قِسْمَةِ الْأَلْفِ عَلَى الْمِائَةِ عَشَرَةً مِثْلَ قِسْمَةِ الْعَشَرَةِ عَلَى الْوَاحِدِ عَشَرَةٌ قُلْنَا قِسْمَةُ أَيِّ مَرْتَبَةٍ شَيْئًا مِنَ الْمَجْهُولَاتِ عَلَى مَا تَحْتَهُ كَقِسْمَةِ الْأَشْيَاءِ عَلَى الْعَدَدِ وَلَمَّا كَانَ التَّنَاسُبُ تَحْتَ انْعِكَاسِهِ قُلْنَا إِنَّ قِسْمَةَ الْمَجْهُولِ عَلَى مَا فَوْقَهُ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ كَقِسْمَةِ الْعَدَدِ عَلَى الْأَشْيَاءِ كَمَا أَنَّ قِسْمَةَ الْعَشَرَةِ

(مسألة)

عَلَى الْمِائَةِ يَخْرُجُ عُشْرُ وَاحِدٍ كَقِسْمَةِ الْوَاحِدِ عَلَى الْعَشَرَةِ يَخْرُجُ عُشْرُ وَاحِدٍ وَبِهَذَا التَّقْدِيرِ تَظْهَرُ الْوَسَائِطُ كُلُّهَا (مَسْأَلَةٌ) إِنْ قَسَمْنَا سِتَّةَ أَمْوَالٍ عَلَى مَالَيْنِ خَرَجَ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَسِتَّةَ أَكْعُبٍ عَلَى شَيْئَيْنِ يَخْرُجُ ثَلَاثَةُ أَمْوَالٍ وَسِتَّةَ أَشْيَاءَ عَلَى كَعْبَيْنِ يَخْرُجُ ثَلَاثَةُ أَجْزَاءِ مَالٍ وَأَرْبَعَةَ أَمْوَالٍ عَلَى جُزْءِ شَيْءٍ يَخْرُجُ كَعْبَانِ وَأَرْبَعَةَ أَجْزَاءِ شَيْءٍ عَلَى مَالَيْنِ يَخْرُجُ جُزْءُ كَعْبٍ (مَسْأَلَةٌ) إِنْ قَسَمْتَ مُرَكَّبًا قَسَمْتَ كُلَّ مُفْرَدٍ مِنْهُ عَلَى الْمَقْسُومِ عَلَيْهِ وَجَمَعْتَ الْجَمِيعَ وَهُوَ الْخَارِجُ مِنَ الْقِسْمَةِ نَحْوَ أَرْبَعَةِ أَمْوَالٍ وَأَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ عَلَى شَيْئَيْنِ الْخَارِجُ شَيْئَانِ وَدِرْهَمَانِ (مَسْأَلَةٌ) إِنْ كَانَ فِي الْمَقْسُومِ مُسْتَثْنًى كَانَ الْخَارِجُ مِنْهُ مُسْتَثْنًى فِي الْخَارِجِ مِنَ الْقِسْمَةِ (مَسْأَلَةٌ) وَإِنْ كَانَ الْمَقْسُومُ عَلَيْهِ مُرَكَّبًا لَمْ يُقْسَمْ عَلَيْهِ إِلَّا مِقْدَارٌ يُشَارِكُهُ أَيْ يُؤْخَذُ مِقْدَار يعدهما فَيَكُونُ الْخَارِجَ مِنَ الْقِسْمَةِ فِي ذَلِكَ عَدَدٌ نَحْوَ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ وَثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ عَلَى شَيْئَيْنِ وَدِرْهَمَيْنِ بِشَيْءٍ وَدِرْهَمٍ بَعْدَ الْمَقَادِيرِ وَالْخَارِجُ دِرْهَمٌ وَنِصْفٌ وَهُوَ مَا يَخْرُجُ مِنْ قِسْمَةِ كُلِّ مُفْرَدٍ عَلَى نَظِيرِهِ أَوْ مِقْدَارٍ إِذَا رَفَعْتَ مُفْرَدَاتِهِ فِي الْمَرَاتِبِ ارْتِفَاعًا وَاحِدًا أَوْ حَطَطْتَهُ انْحِطَاطًا وَاحِدًا صَارَ مِنْهُ مِقْدَارٌ يُشَارِكُ الْمَقْسُومَ عَلَيْهِ أَوْ يَجُوزُ أَنْ يُقَسَّمَ أَقْسَامًا كُلُّ قسم مِنْهَا بِهَذِهِ المثابة نَحْو مالان وشيآن أَوْ ثَلَاثَةُ أَمْوَالٍ وَثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ وَثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَثَلَاثَةُ أَجْزَاءِ شَيْءٍ عَلَى شَيْءٍ وَدِرْهَمٍ فَإِنَّ

(مسألة)

مَالَيْنِ وَشَيْئَيْنِ إِذَا حَطَطْتَهُمَا مَرْتَبَةً صَارَتْ شَيْئَيْنِ وَدِرْهَمَيْنِ فَتَقْسِمُهُمَا عَلَى شَيْءٍ وَدِرْهَمٍ وَيَكُونُ الْخَارِجُ مِنَ الْمَرْتَبَةِ الَّتِي بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَدَدِ مِثْلُ مَا بَيْنَ مَرَاتِبِهِ أَوَّلًا وَالْمَرَاتِبِ الَّتِي رُدَّ إِلَيْهَا (مَسْأَلَةٌ) إِنْ كَانَ الْمَقْسُومُ وَالْمَقْسُومُ عَلَيْهِ أَصَمَّيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا فَالْعَمَلُ فِيهِ كَالضَّرْبِ فَإِذَا أَرَدْتَ قِسْمَةَ جَذْرِ عَشَرَةٍ عَلَى جَذْرِ خَمْسَةٍ قَسَمْتَ عَشَرَةً عَلَى خَمْسَةٍ يَخْرُجُ اثْنَانِ جَذْرُهَا هُوَ الْجَوَابُ وَكَذَلِكَ ضِلْعُ عَشَرَةٍ عَلَى ضِلْعِ خَمْسَةٍ الْجَوَابُ ضِلْعُ اثْنَيْنِ وَكَذَلِكَ مَا تَبَاعَدَتْ رُتْبَتُهُ مِنَ الْأَصَمِّ وَجَذْرُ عَشَرَةٍ عَلَى ضِلْعِ عِشْرِينَ كَعِّبِ الْعَشَرَةَ يَكُونُ أَلْفًا وَرَبِّعِ الْعِشْرِينَ يَكُونُ أَرْبَعَمِائَةٍ وَاقْسِمْ عَلَيْهَا يَخْرُجُ اثْنَانِ وَنِصْفٌ جَذْرُ ضِلْعِهَا هُوَ الْجَوَابُ أَوْ خَمْسَةٌ عَلَى جَذْرِ عَشَرَةٍ رَبَّعْتَ الْخَمْسَةَ وَقَسَمْتَ الْمَبْلَغَ عَلَى الْعَشَرَةِ فَمَا خَرَجَ الْجَوَابُ فِي جِذْرِهِ وَإِنْ شِئْتَ قَسَمْتَ خَمْسَةً عَلَى عَشَرَةٍ وَضَرَبْتَ الْخَارِجَ فِي جَذْرِ عَشَرَةٍ يَكُونُ الْجَوَابُ وَلَا يَصِحُّ الثَّانِي إِلَّا إِذَا كَانَ الْمَقْسُومُ عَلَيْهِ جِذْرًا فَإِنْ قِيلَ اقْسِمْ جَذْرَ ثَلَاثِينَ عَلَى خَمْسَةٍ رَبَّعْتَ خَمْسَةً فَمَا بَلَغَ قَسَمْتَ عَلَيْهِ ثَلَاثِينَ فالخارج الْجَواب جذره وَإِن شِئْت نسبت الْوَاحِدِ مِنَ الْمَقْسُومِ عَلَيْهِ فَمَا كَانَ ضَرَبْتَهُ فِي الْمَقْسُوم يكون الْجَواب وَإِن أرد ألن تَقْسِمَ عَلَى مُرَكَّبٍ مِنْ جِذْرٍ أَصَمَّ وَمَنْطِقٍ أَوْ مِنْ جِذْرَيْنِ أَصَمَّيْنِ غَيْرِ مُشْتَرِكَيْنِ وَهَذَا الْمِقْدَارُ هُوَ الْمُسَمَّى ذَا الْأَصَمَّيْنِ ضُرِبَ فِي مُنْفَصِلِهِ وَهُوَ أَحَدُ قِسْمَيْهِ مُسْتَثْنًى مِنْهُ الْآخَرُ يَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ مِقْدَارُ مَنْطِقٍ تَقْسِمُ عَلَيْهِ الْمَقْسُومَ فَمَا خَرَجَ تَضْرِبُهُ فِيمَا ضَرَبْتَ فِيهِ الْمَقْسُومَ عَلَيْهِ فَالْخَارِجُ الْجَوَابُ وَكَذَلِكَ تَفْعَلُ لَوْ كَانَتِ الْقِسْمَةُ عَلَى الْمُنْفَصِلِ مِثَالُهُ تَقْسِمُ ثَلَاثِينَ مَالًا عَلَى خَمْسَةِ أَشْيَاءَ وَجَذْرِ عَشَرَةِ أَمْوَالٍ ضَرَبْتَ ذَلِكَ فِي خَمْسَةِ أَشْيَاءَ إِلَّا جَذْرَ عَشَرَةِ أَمْوَالٍ تَكُونُ خَمْسَةَ عَشَرَ مَالًا اقْسِمْ عَلَيْهَا ثَلَاثِينَ مَالًا يَخْرُجُ اثْنَانِ اضْرِبْهَا فِي خَمْسَةِ أَشْيَاءَ إِلَّا جَذْرَ عَشَرَةِ أَمْوَالٍ تَكُنْ عَشَرَةَ أَشْيَاءَ إِلَّا

جَذْرَ أَرْبَعِينَ مَالًا وَهُوَ الْجَوَابُ فَإِنْ كَانَتِ الْقِسْمَةُ عَلَى خَمْسَةِ أَشْيَاءَ إِلَّا جَذْرَ عَشَرَةِ أَمْوَالٍ كَانَ الْخَارِجُ عَشَرَةَ أَشْيَاءَ وَجِذْرًا أَرْبَعِينَ مَالًا وَكَذَلِكَ لَوْ قِيلَ اقْسِمْ جَذْرَ عَشَرَةٍ على جذر خَمْسَة ضَربته فِي ... يكون خَمْسَة تقسم عَلَيْهَا الْعشْرَة خرج اثْنَانِ تَضْرِبُهَا فِي جَذْرِ عَشَرَةٍ إِلَّا جَذْرَ خَمْسَةٍ يَخْرُجُ جَذْرُ أَرْبَعِينَ إِلَّا جَذْرَ عِشْرِينَ وَهُوَ الْجَواب

(الباب الرابع في الجمع)

(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْجَمْعِ) وَيَمْتَازُ هَذَا الْبَابُ من هَذَا الْفَنّ من غَيْرِهِ مِنَ الْحِسَابِ بِمَا يَتَّفِقُ فِيهِ مِنْ جَمْعِ مَعْلُومٍ وَمَجْهُولٍ مَعَ مَا فِيهِ مِنَ اسْتِثْنَاءِ مَعْلُومٍ مِنْ مَجْهُولٍ وَمَجْهُولٍ مِنْ مَعْلُومٍ وَلَهُ فَوَائِدُ تَظْهَرُ فِي مَوَاضِعِهَا إِذَا أَرَدْتَ جمع مقدارين جمعت كل جنس من جِنْسِهِ وَمَا اخْتَلَفَ جَمَعْتَهُ بِوَاوِ الْعَطْفِ فَإِنْ كَانَ فِي أَحَدِ الْمَجْمُوعَيْنِ اسْتِثْنَاءٌ وَفِي الْآخَرِ مِنْ جِنْسِ الْمُسْتَثْنَى جَبَرْتَهُ بِهِ إِنْ كَانَ مِثْلَهُ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْهُ جَبَرْتَ مِنْهُ الْمُسْتَثْنَى بِمِثْلِهِ أَوْ أَقَلَّ مِنَ الْمُسْتَثْنَى جَبَرْتَ مِنْهُ بِمِثْلِهِ وَتَرَكْتَ بَاقِيَ الِاسْتِثْنَاءِ عَلَى حَالِهِ وَإِنْ كَانَ الزَّائِدُ من غَيْرِ جِنْسِ النَّاقِصِ لَمْ يُجْبَرْ بِهِ وَأَبْقَيْتَهُ عَلَى حَالِهِ نَحْوَ مالين وَثَلَاثَة أَشْيَاء وَعشرَة دَارهم إِلَّا ثَلَاثَةَ أَكْعُبٍ تَجْمَعُهَا إِلَى كَعْبَيْنِ وَمَالَيْنِ وَعَشَرَةِ أَشْيَاءَ إِلَّا خَمْسَةَ دَرَاهِمَ الْجَوَابُ أَرْبَعَة أَمْوَالٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ شَيْئًا وَخَمْسَةُ دَرَاهِمَ إِلَّا كَعْبًا وَأَمَّا الْمَقَادِيرُ الصُّمُّ فَلَا يُجْمَعُ بَيْنَهَا بِغَيْرِ وَاوِ الْعَطْفِ إِلَّا مَا نِسْبَةُ بَعْضِهَا إِلَى بَعْضٍ كَنِسْبَةِ عَدَدٍ إِلَى عَدَدٍ وَيُعْلَمُ ذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ الْمَجْمُوعَانِ مِنْ جِنْسٍ وَنِسْبَةُ مَنْطِقِ أَحَدِهِمَا إِلَى مَنْطِقِ الْآخَرِ كَنِسْبَةِ عَدَدَيْنِ يَخْرُجُ مِنْهُمَا مِثْلُ الْأَضْلَاعِ الْمَجْمُوعَةِ مَنْطِقًا فَإِذَا وَجَدْتَ الْمَجْمُوعَيْنِ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ جَمَعْتَ ضِلْعَيِ الْعَدَدَيْنِ الْمَنْطِقَيِ الضِّلْعِ الَّذِي مِنْ جِنْسِ الْمَجْمُوعَيْنِ اللَّذَيْنِ عَلَى نِسْبَةِ مَنْطِقَيِ الْمَجْمُوعَيْنِ وَحَقِيقَتِهِ كَتَضْعِيفِ أَحَدِ الْمَجْمُوعَيْنِ حَتَّى يَكُونَ مَنْطِقًا فَمَا كَانَ مُضَلَّعُ الْعَدَدِ الَّذِي نِسْبَتُهُ إِلَى مَنْطِقِ أَحَدِ الْمَجْمُوعَيْنِ كنسبة إِلَى نَظِيرِهِ مِنَ الْمَنْطِقَيِ الضِّلْعِ اللَّذَيْنِ عَلَى نِسْبَتِهِمَا مَجْمُوعُ الْأَصَمَّيْنِ اللَّذَيْنِ تُرِيدُ جَمْعَهُمَا مِثَالُ ذَلِكَ إِذَا قِيلَ اجْمَعْ جَذْرَ جَذْرِ اثْنَيْنِ وَجَذْرَ جَذْرِ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ الَّذِينَ عَلَى

نِسْبَةِ وَاحِدٍ وَسِتَّةَ عَشَرَ أَخَذْتَ جَذْرَ جَذْرِ وَاحِدٍ وَهُوَ وَاحِدٌ وَجَذْرَ جَذْرِ سِتَّةَ عَشَرَ وَهُوَ اثْنَانِ مَجْمُوعُهُمَا ثَلَاثَةٌ تُضَعِّفُهُ بِنَفْسِهِ كَتَضْعِيفِ كل وَاحِد من المجموعين يكون أحدا وَثَمَانِينَ نِسْبَتُهُ إِلَى وَاحِدٍ كَنِسْبَةِ مِائَةٍ وَاثْنَيْنِ وَسِتِّينَ إِلَى اثْنَيْنِ فَجَذْرُ جَذْرِ مِائَةٍ وَسِتِّينَ الْجَواب وَهَذَا الطَّرِيق عَام فِي جَمِيع كل مقدارين أصمين فَإِن كَانَ المجموعات جِذْرَيْنِ جَمَعْتَ مُرَبَّعَيْهِمَا وَضَعَّفْتَ الْمِقْدَارَ الْمُتَوَسِّطَ بَيْنَهُمَا أَعْنِي الَّذِي نِسْبَةُ أَحَدِهِمَا إِلَيْهِ كَنِسْبَتِهِ إِلَى الآخر فَإِن كُلَّ مِقْدَارَيْنِ مَجْذُورَيْنِ أَوْ عَلَى نِسْبَةِ عَدَدَيْنِ مَجْذُورَيْنِ يَقَعُ بَيْنَهُمَا عَدَدٌ مَنْطِقٌ يَكُونُ مَعَهُمَا ثَلَاثَةُ أَعْدَادٍ عَلَى نِسْبَةٍ وَاحِدَةٍ وَكُلُّ مُكَعَّبَيْنِ أَوْ عَلَى نِسْبَةِ عَدَدَيْنِ مُكَعَّبَيْنِ يَقَعُ بَيْنَهُمَا مِقْدَارَانِ يَكُونُ مَعَهُمَا أَرْبَعَةُ مَقَادِيرَ عَلَى نِسْبَةٍ وَاحِدَةٍ وَكُلَّمَا بَعُدَتِ الْأَضْلَاعُ مَرْتَبَةً زَادَتِ الْوَسَائِطُ وَاسِطَةً فَمَا كَانَ فَجَذْرُهُ الْجَوَابُ نَحْوَ اجْمَعْ جَذْرَ ثَمَانِيَةٍ وَجَذْرَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَالْمِقْدَارُ الْمُتَوَسِّطُ بَيْنَهُمَا اثْنَا عَشَرَ جَمَعْتَ ثَمَانِيَةً وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَضَعَّفْتَ اثْنَيْ عَشَرَ تَكُونُ خَمْسِينَ فَمَجْمُوعُهَا جَذْرُ خَمْسِينَ فَإِنْ قِيلَ اجْمَعْ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ إِلَّا مَال وَمَالًا إِلَّا شَيْئًا تَكُونُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ إِلَّا شَيْئًا لِأَنَّكَ تَجْبُرُ الْمَالَ النَّاقِصَ بِالْمَالِ الزَّائِدِ وَكَذَلِكَ عَشَرَةُ أَمْوَالٍ إِلَّا شَيْئًا وَشَيْءٌ إِلَّا دِرْهَمًا تَكُونُ عَشَرَةَ أَمْوَالٍ إِلَّا دِرْهَمًا وَكَذَلِكَ تَفْعَلُ فِي النُّقْصَانِ فَإِذَا وَضَعَ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ إِلَّا شَيْئًا عَشَرَةَ أَشْيَاءَ إِلَّا دِرْهَمًا الْبَاقِي أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا إِلَّا أَحَدَ عَشَرَ شَيْئًا لِأَنَّكَ تَجْبُرُ الْعَشَرَةَ إِلَّا شَيْئًا بِدِرْهَمٍ لِتَكْمُلَ وَيُزَادُ الدِّرْهَمُ عَلَى الدِّرْهَمِ ثُمَّ تَنْقُصُ عشرَة الْأَشْيَاء مِنَ الْعَشَرَةِ دَرَاهِمَ النَّاقِصَةِ الشَّيْءَ فَتَكُونُ الْجُمْلَةُ الْمَذْكُورَةُ وَخَمْسَةُ أَشْيَاءَ إِلَّا مَالًا مِنْ عَشَرَةِ أَمْوَالٍ إِلَّا خَمْسَةَ أَشْيَاءَ فَالْبَاقِي أَحَدَ عَشَرَ مَالًا إِلَّا عَشَرَةَ أَشْيَاءَ وَاعْلَمْ أَنَّ جَمْعَ الْجُذُورِ وَنُقْصَانَ بَعْضِهَا مِنْ بَعْضٍ يَخْتَصُّ بِكُلِّ عَدَدَيْنِ يَكُونُ الْخَارِجُ مِنْ ضَرْبِ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ جِذْرًا مَنْطِقًا مِثْلَ ثَمَانِيَةٍ وَاثْنَيْنِ وَتِسْعَةٍ وَأَرْبَعَةٍ وَاثْنَيْنِ وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ فَإِنَّ جِذْرَيْهِمَا يَجْتَمِعَانِ وَيُكَوِّنَانِ جِذْرًا لِعَدَدٍ آخَرَ

وَمَا لَيْسَ كَذَلِكَ لَا يُجْمَعُ جِذْرَاهُمَا مِثْلَ عَشَرَةٍ وَاثْنَيْنِ فَإِنَّ الْخَارِجَ مِنَ الضَّرْبِ عِشْرُونَ وَلَا جَذْرَ لَهَا فَإِذَا جُمِعَ هَذَانِ الْجِذْرَانِ قِيلَ فِيهِمَا جَذْرُ عَشَرَةٍ وَجَذْرُ اثْنَيْنِ وَلِهَذَا سُمِّيَا بِالْخَطِّ ذِي الِاسْمَيْنِ لِأَنَّهُ لَا يَنْطِقُ بِهِمَا بِاسْمٍ وَاحِدٍ فَإِذَا قَصَدْتَ جَمَعَ مَا يُجْمَعُ مِنَ الْجُذُورِ ضَرَبْتَ أَحَدَ الْمَجْذُورَيْنِ فِي الْآخَرِ وَيُؤْخَذُ جَذْرُهُ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُضَمُّ أَحَدُ الْمَجْذُورَيْنِ إِلَى الْآخَرِ وَيُجْمَعَانِ مَعَ الْجِذْرَيْنِ وَيُؤْخَذُ جذر الْجمع فَهُوَ الْمَطْلُوبُ كَجَذْرِ ثَمَانِيَةٍ وَجَذْرِ اثْنَيْنِ تَضْرِبُ اثْنَيْنِ فِي ثَمَانِيَة سِتَّة عشر فجذراهما ثَمَانِيَةٌ ثُمَّ تَضُمُّ ثَمَانِيَةً لِاثْنَيْنِ يَكُونُ عَشَرَةً تُجْمَعُ مَعَ الْجِذْرَيْنِ يَجْتَمِعُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يُؤْخَذُ جذر ذَلِك ثَمَانِيَةَ عَشَرَ هُوَ جَذْرُ ثَمَانِيَةٍ وَجَذْرُ اثْنَيْنِ مَوْضُوعَيْنِ

(الباب الخامس في التفريق وهو الإسقاط)

(الْبَابُ الْخَامِسُ فِي التَّفْرِيقِ وَهُوَ الْإِسْقَاطُ) وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمُسْقَطُ أَقَلَّ مِنَ الْمُسْقَطِ مِنْهُ حَتَّى تَبْقَى بَعْدَ إِسْقَاطِهِ مِنْهُ بَقِيَّةٌ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تُسْقِطَ مِقْدَارًا مِنْ مِقْدَارٍ أَسْقِطْ كُلَّ جِنْسٍ مِنْ جِنْسِهِ وَمَا لَيْسَ لَهُ جِنْسٌ مِنَ الْمُسْقَطِ مِنْهُ اسْتَثْنَيْتَهُ بِإِلَّا وَإِنْ كَانَ اسْتِثْنَاءٌ فِي الْمُسْقَطِ جَبَرْتَهُ وَزِدْتَ عَلَى الْمُسْقَطِ مِنْهُ مِثْلَهُ وَأَسْقَطْتَ الْجُمْلَةَ مِنَ الْجُمْلَة على مَا تقدم مقاله يُرِيدُ يُسْقِطُ مَالًا وَشَيْئَيْنِ إِلَّا خَمْسَةَ دَرَاهِمَ مِنْ مَالَيْنِ وَخَمْسَةِ دَرَاهِمَ فَاجْبُرِ الْمَالَ وَالشَّيْئَيْنِ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ وَزِدْهَا عَلَى مَالَيْنِ وَخَمْسَةِ دَرَاهِمَ وَأَسْقَطِ الْجُمْلَةَ مِنَ الْجُمْلَةِ يَبْقَى مَالٌ وَعَشَرَةُ دَرَاهِمَ إِلَّا شَيْئَيْنِ وَأَمَّا إِسْقَاطُ الْأَضْلَاعِ بَعْضِهَا مِنْ بَعْضٍ فَإِنْ كَانَتْ جُذُورًا ضَرَبْتَ مُرَبَّعَ أَحَدِهِمَا فِي مُرَبَّعِ الْآخَرِ وَأَسْقَطْتَ جِذْرَيِ الْمَبْلَغِ مِنْ مَجْمُوعِ الْمُرَبَّعَيْنِ وَمَا بَقِيَ فَجَذْرُهُ هُوَ الْبَاقِي بَعْدَ إِسْقَاطِ أَحَدِ الْجِذْرَيْنِ مِنَ الْآخَرِ فَإِنْ زِدْتَ جِذْرَيِ الْمَبْلَغِ عَلَى مَجْمُوعِ الْمُرَبَّعَيْنِ فَجَذْرُ الْجُمْلَةِ هُوَ مَجْمُوعُ الْجِذْرَيْنِ وَأَمَّا الْأَعْدَادُ الصم فَإِن كَانَ أصمين يُمكن أَن يجمعا بِغَيْرِ وَاوِ الْعَطْفِ يُمْكِنُ أَنْ يُسْقِطَ أَحَدَهُمَا مِنَ الْآخَرِ مَا لَمْ يَكُونَا مُتَسَاوِيَيْنِ مِثَالُهُ أَسْقِطْ ضِلْعَ اثْنَيْنِ وَهُوَ مُكَعَّبٌ مِنْ ضِلْعِ سِتَّةَ عَشَرَ وَهُوَ مُكَعَّبٌ وَهُمَا عَلَى نِسْبَةِ وَاحِدٍ وَثَمَانِيَةٍ فَتُسْقِطُ ضِلْعَ وَاحِدٍ مِنْ ضِلْعِ ثَمَانِيَةٍ يَبْقَى وَاحِدٌ مُكَعَّبٌ يَكُونُ وَاحِدًا نِسْبَتُهُ إِلَى ثَمَانِيَةٍ كَنِسْبَةِ اثْنَيْنِ إِلَى سِتَّةَ عَشَرَ فَيَكُونُ الْبَاقِي ضِلْعَ اثْنَيْنِ وَلَكَ فِي إِسْقَاطِ جِذْرٍ مِنْ جِذْرٍ أَنْ تُسْقِطَ جَذْرَ الْوَاسِطَةِ بَين مربعيها مِنْ مُرَبَّعَيْهِمَا فَجَذْرُ الْبَاقِي الْجَوَابُ

مِثَاله أسقط جذر اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ مِنْ جَذْرِ خَمْسِينَ الْوَاسِطَةُ بَيْنَ مُرَبَّعَيْهِمَا أَرْبَعُونَ فَتُسْقِطُ ضِعْفَهَا وَهُوَ ثَمَانُونَ مِنْ مَجْمُوعِهِمَا وَهُوَ اثْنَانِ وَثَمَانُونَ يَبْقَى اثْنَانِ فَالْبَاقِي جَذْرُ اثْنَيْنِ

(الباب السادس في استخراج الجذور)

(الْبَابُ السَّادِسُ فِي اسْتِخْرَاجِ الْجُذُورِ) وَاعْلَم أَن فِي الْعدَد مَاله جِذْرٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ وَلَيْسَ فِي الْأَشْيَاءِ مَاله جذر وَفِي الْأَمْوَال مَاله جذر وَلَيْسَ فِي الكعاب مَاله جِذْرٌ هَكَذَا أَبَدًا مَرْتَبَةٌ مَجْذُورَةٌ وَمَرْتَبَةٌ غَيْرُ مَجْذُورَةٍ هَذَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى اللَّفْظِ لِأَنَّ الشَّيْءَ قَدْ يَكُونُ غَيْرَ مَجْذُورٍ لَفْظًا مَجْذُورًا مَعْنًى فَإِذَا وَرَدَ عَلَيْكَ مِقْدَارٌ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ مَجْذُورٍ نَظَرْتَ إِلَى عَدَدِهِ فِي ذَلِكَ الْجِنْسِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَجْذُورًا فَالْمِقْدَارُ غَيْرُ مَجْذُورٍ أَوْ مَجْذُورًا فَجَذْرُهُ جَذْرُ عَدَدِهِ مِنَ الْمَرْتَبَةِ الَّتِي إِذَا عَدَدْتَ الْمَرَاتِبَ مِنَ الْعَدَدِ إِلَيْهَا كَانَ كَعَدَدِ الْمَرَاتِبِ مِنْهَا إِلَى مَرْتَبَةِ الْمَطْلُوبِ جَذْرُهُ فَإِنْ أَرَدْتَ جَذْرَ أَكْثَرَ مِنْ جِنْسٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنِ الطَّرَفَانِ مَجْذُورَيْنِ فَالْمِقْدَارُ غَيْرُ مَجْذُورٍ أَوْ مَجْذُورَيْنِ وَالْمِقْدَارُ الْمَطْلُوبُ جَذْرُهُ مِنْ ثَلَاثِ مَرَاتِبَ أَخَذْتَ جِذْرَيِ الطَّرَفَيْنِ وَضَرَبْتَ أَحَدَهُمَا فِي الْآخَرِ مَرَّتَيْنِ فَإِنِ ارْتَفَعَ وَاسِطَةُ الْمِقْدَارِ الْمَطْلُوبِ جَذْرُهُ فَالْمِقْدَارُ مَجْذُورٌ وَجَذْرُ الطَّرَفَيْنِ جَذْرُهُ وَإِنِ ارْتَفَعَ أَقَلَّ مِنَ الْوَاسِطَةِ أَوْ أَكْثَرَ فَالْمِقْدَارُ غَيْرُ مَجْذُورٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَكْثَرَ من ثَلَاث مَرَاتِب كخمسة وَسَبْعَة وَتِسْعَة وماشا كُلّ ذَلِكَ أَخَذْتَ جَذْرَ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ وَحَفِظْتَهُ وَقَسَمْتَ عَلَيْهِ مَا فِي الْمَرْتَبَةِ الَّتِي تَلِي ذَلِكَ الطَّرَفَ وَقَسَمْتَ مَا بَقِيَ عَلَى الْمَحْفُوظِ الْأَوَّلِ فَمَا خَرَجَ أَخَذْتَ نِصْفَهُ وَحَفِظْتَهُ أَيْضًا وَأَسْقَطْتَ مُرَبَّعَهُ مِنَ الْمَرْتَبَةِ الَّتِي تَلِي مَا يَلِي الطَّرَفَ وَقَسَمْتَ مَا بَقِيَ عَلَى الْمَحْفُوظِ الْأَوَّلِ فَمَا خَرَجَ أَخَذْتَ نِصْفَهُ وَحَفِظْتَهُ أَيْضًا وَجِئْتَ إِلَى الْمَرْتَبَةِ الرَّابِعَةِ مِنَ الْمَجْذُورِ مِنَ الطَّرَفِ الَّذِي ابْتَدَأْتَ مِنْهُ وَأَسْقَطْتَ مِنْهَا مَضْرُوبَ الْمَحْفُوظِ الثَّانِي فِي

الْمَحْفُوظِ الثَّالِثِ مَرَّتَيْنِ فَمَا بَقِيَ قَسَمْتَهُ عَلَى الْمَحْفُوظِ الْأَوَّلِ فَمَا خَرَجَ أَخَذْتَ نِصْفَهُ وَحَفِظْتَهُ أَيْضا وتسير فِي هَذَا الْعلم عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ إِلَى أَنْ تَأْتِيَ هَذِهِ الْمَرْتَبَةُ الَّتِي هِيَ وَاسِطَةُ مَرَاتِبِ الْمَجْذُورِ فَمَا خَرَجَ فَهُوَ جَذْرُهُ مِثَالُهُ تُرِيدُ أَخْذَ جَذْرِ أَرْبَعَةِ أَكْعُبِ كَعْبٍ وَثَمَانِيَةِ أَمْوَالِ كَعْبٍ وَاثْنَيْ عَشَرَ مَالِ مَالٍ وَسِتَّةَ عَشَرَ كَعْبًا وَاثْنَيْ عَشَرَ مَالًا وَثَمَانِيَةِ أَشْيَاءَ وَأَرْبَعَةِ آحَادٍ فَتَأْخُذُ جَذْرَ الطَّرَفِ الْأَعْلَى وَهُوَ أَرْبَعَةُ كَعْبِ كَعْبٍ تكون كعين تَحْفَظُهُمَا ثُمَّ تَقْسِمُ عَلَيْهِمَا ثَمَانِيَةَ أَمْوَالِ كَعْبٍ يَخْرُجُ أَرْبَعَةُ أَمْوَالٍ خُذْ نِصْفَهَا يَكُنْ مَالَيْنِ تَحْفَظُهُمَا وَتُسْقِطُ مُرَبَّعَيْهِمَا مِنَ اثْنَيْ عَشَرَ مَالَ مَالٍ تَبْقَى ثَمَانِيَةُ أَمْوَالِ مَالٍ تَقْسِمُهَا عَلَى كَعْبَيْنِ تَخْرُجُ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ خُذْ نِصْفَهَا يَكُنْ شَيْئَيْنِ تَحْفَظُهُمَا وَتُسْقِطُ مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ كَعْبًا مَضْرُوبَ مَالَيْنِ فِي شَيْئَيْنِ مَرَّتَيْنِ تَبْقَى ثَمَانِيَةُ أَكْعُبٍ تَقْسِمُهَا عَلَى كَعْبَيْنِ يَخْرُجُ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ تَأْخُذُ نِصْفَهَا يَكُنْ شَيْئَيْنِ تَحْفَظُهُمَا وَتُسْقِطُ مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ كَعْبًا مَضْرُوبَ مَالَيْنِ فِي شَيْئَيْنِ مَرَّتَيْنِ تَبْقَى ثَمَانِيَةُ أَكْعُبٍ تَقْسِمُهَا عَلَى كَعْبَيْنِ تخرج أَرْبَعَة آحَاد تَأْخُذ نصفهَا يكون اثْنَيْنِ تُضِيفُهُمَا لِلْمَحْفُوظِ وَذَلِكَ جَذْرُ الْجُمْلَةِ وَاعْلَمْ أَنَّ اسْتِخْرَاجَ جَذْرِ ذِي الِاسْمَيْنِ قَسَمْتَ أَعْظَمَ قِسْمَيْهِ بِقِسْمَيْنِ يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ مِثْلَ جَذْرِ فَضْلِ مُرَبَّعِ أَحَدِ قِسْمَيْهِ عَلَى مُرَبَّعِ الْآخَرِ وَجَمَعْتَ جِذْرَيْهِمَا يَكُونُ الْجَذْرُ الْمَطْلُوبُ مِثَالُهُ كَمْ جَذْرُ عَشَرَةٍ وَجَذْرُ سِتَّةٍ وَتِسْعِينَ فَتَقْسِمُ الْعَشَرَةَ بِقِسْمَيْنِ يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ اثْنَيْنِ أَعْنِي جَذْرَ فَضْلِ مِائَةٍ عَلَى سِتَّةٍ وَتِسْعِينَ وَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ وَسِتَّةٌ وَتَجْمَعُ جِذْرَيْهِمَا وَذَلِكَ اثْنَانِ وَجَذْرُ سِتَّةٍ وَهُوَ الْجَوَابُ وَقَدْ يَحْتَاجُ إِلَى اسْتِخْرَاج جذر مِقْدَار مَحْذُور فِي الْمَعْنَى دُونَ اللَّفْظِ كَمَا إِذَا قِيلَ مَال مَحْذُور إِنْ زِدْتَ عَلَيْهِ جِذْرَيْنِ يَكُونُ مَجْذُورًا فَالْمَالُ مَجْذُورٌ وَمَالٌ وَشَيْئَانِ غَيْرُ مَجْذُورٍ فَتَأْخُذُ جِذْرَهُ بِالِاسْتِقْرَاءِ وَهُوَ أَنْ تَطْلُبَ مِقْدَارًا إِذَا ضَرَبْتَهُ فِي نَفْسِهِ وَقَابَلْتَ بِالْمُرْتَفِعِ مَا يُطْلَبُ جَذْرُهُ خَرَجَ إِلَى الْمَعْلُومِ وَسَيَتَّضِحُ

هَذَا فِي ذِكْرِ الْمَسَائِلِ السِّتِّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَتَجِدُهُ شَيْئًا وَنِصْفَ دِرْهَمٍ تَضْرِبُهُ فِي نَفْسِهِ يَبْلُغُ مَالًا وَشَيْئًا وَرُبُعَ دِرْهَمٍ تُقَابِلُ بِهِ مَالًا وَشَيْئَيْنِ يَخْرُجُ الشَّيْءُ رُبُعَ دِرْهَمٍ وَالْمَالُ نِصْفَ ثُمُنٍ فَيَكُونُ الْجَوَابُ نِصْفَ ثُمُنٍ وَهُوَ مَجْذُورٌ وَجَذْرُهُ رُبُعٌ فَإِذَا زِدْتَ عَلَيْهِ جذريه صَار نصفا نصف ثُمُنٍ وَهُوَ مَجْذُورٌ وَجَذْرُهُ نِصْفٌ وَرُبُعٌ تَنْبِيهٌ الْفَرْقُ بَيْنَ الْجَذْرِ وَالضِّلْعِ أَنَّ الْجَذْرَ فِي الْمُرَبَّعِ وَالضِّلْعَ فِي الْمُكَعَّبِ فِي الْمَرْتَبَةِ الثَّانِيَةِ

(الباب السابع في النسبة)

(الْبَابُ السَّابِعُ فِي النِّسْبَةِ) وَهِيَ عَدَدِيَّةٌ وَغَيْرُ عَدَدِيَّةٍ وَلَا تَصِحُّ الْعَدَدِيَّةُ فِي هَذَا الْبَابِ إِلَّا بَين مقدارين مفردين من جسن وَاحِدٍ كَثَلَاثَةِ أَمْوَالٍ إِلَى تِسْعَةِ أَمْوَالٍ فَإِنَّهَا ثُلُثُهَا وَثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ إِلَى سِتَّةِ أَشْيَاءَ فَإِنَّهَا نِصْفُهَا وَطَرِيقُ النِّسْبَةِ فِيهِ أَنْ تَنْسُبَ عَدَدَ الْمَنْسُوبِ إِلَى عَدَدِ الْمَنْسُوبِ إِلَيْهِ أَوْ مِقْدَارَيْنِ مركبين تَجِدُ مِقْدَارًا بَعْدَهُمَا كَأَرْبَعَةِ أَكْعُبٍ وَسِتَّةِ أَشْيَاءَ وَسِتَّةِ أَكْعُبٍ وَأَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ بِكَعْبٍ وَشَيْءٍ وَنِصْفٍ تَعُدُّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْمِقْدَارَيْنِ وَنِسْبَةُ أَحَدِهِمَا إِلَى الْآخَرِ ثُلُثَانِ وَطَرِيقُهَا أَنْ تَنْسُبَ مُفْرَدًا مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَنْسُوبِ إِلَى نَظِيرِهِ مِنَ الْمَنْسُوبِ إِلَيْهِ فَمَا كَانَ فَهُوَ نِسْبَةُ الْجَمِيعِ لِلْجَمِيعِ وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ قِسْمَةٌ وَلَيْسَ بِنِسْبَةٍ وَغَيْرُ الْعَدَدِيَّةِ كَنِسْبَةِ الْجُزْءِ وَالْجَذْرِ وَالضِّلْعِ وَمَا تكَرر مِنْهُمَا

(الباب الثامن في التضعيف)

(الْبَابُ الثَّامِنُ فِي التَّضْعِيفِ) وَهُوَ ضَرْبُ مَا يُقْصَدُ تَضْعِيفُهُ فِي عَدَدٍ بِقَدْرِ التَّضْعِيفِ الَّذِي أَرَدْتَهُ فَإِنْ قَصَدْتَ تَثْنِيَةً ضَرَبْتَ فِي اثْنَيْنِ أَوْ تَثَلُّثًا فَفِي ثَلَاثَةٍ وَنَحْوَهُ

(الباب التاسع في التكميل والرد)

(الْبَابُ التَّاسِعُ فِي التَّكْمِيلِ وَالرَّدِّ) وَسَيَأْتِي فِي الْبَابِ الْعَاشِرِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ جُمَلٌ يَعْدِلُ بَعْضُهَا بَعْضًا وَيُقْصَدُ هَاهُنَا عَيْنُ الْكُلِّ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا جُزْءًا مِنْ مَالٍ أَوَ غَيْرِهِ فَتُكَمِّلُ وَتَفْعَلُ فِي عَدِيلِهِ كَذَلِكَ وَقَدْ يَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ مَالٍ أَوْ غَيْرِهِ فَيُرَدُّ إِلَى مَالٍ وَاحِدٍ وَتَفْعَلُ بِعَدِيلِهِ كَذَلِكَ وَإِنْ قُصِدَ تَكْمِيلُ رُبُعِ مَالٍ لِيَكُونَ مَالًا كَامِلًا زِيدَ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَمْثَالِهِ أَوْ يُضْرَبُ فِي أَرْبَعَةِ آحَادٍ وَتَعْمَلُ بِعَدِيلِهِ كَذَلِكَ وَنِصْفُ مَالٍ يُزَادُ عَلَيْهِ مِثْلُهُ أَوْ يُضْرَبُ فِي اثْنَيْنِ وَثُلُثَا مَالٍ يُزَادُ عَلَيْهِ مِثْلُ نِصْفِهِ أَوْ يُضْرَبُ فِي وَاحِدٍ وَنِصْفٍ وَنِصْفٌ وَرُبُعُ مَالٍ يُزَادُ عَلَيْهِ مِثْلُ ثُلُثِهِ أَوْ يُضْرَبُ فِي وَاحِدٍ وَثُلُثٍ وَرُبُعٌ وَسُدُسُ مَالٍ يُزَادُ عَلَيْهِ مِثْلُ خَمْسَةِ أَسْبَاعِهِ أَوْ يُضْرَبُ فِي وَاحِدٍ وَخَمْسَةِ أَسْبَاعٍ وَرُبُعٌ وَسُدُسٌ وَثُمُنُ مَالٍ يُزَادُ عَلَيْهِ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ جُزْءًا وَكَذَلِكَ خَمْسَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا يُزَادُ عَلَيْهِ مِثْلُهُ وَمِثْلُ خَمْسَةٍ أَوْ يُضْرَبُ فِي اثْنَيْنِ وَخَمْسٍ وَتَفْعَلُ بِعَدِيلِهِ كَذَلِكَ وَالضَّابِطُ فِي تَكْمِيلِ الْكُسُورِ أَنْ تَنْظُرَ إِلَى مَخْرَجِهَا كَمْ هُوَ فَتُقَابِلُ الْكُسُورَ الْمُحَقَّقَةَ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ وَتَنْظُرُ فِي تَمَاثُلِهَا وَتَوَافُقِهَا وَتَدَاخُلِهَا وَتَبَايُنِهَا كَمَا تَفْعَلُ فِي الْفَرَائِضِ فَإِذَا عُلِمَ مَخْرَجَهَا فَإِنْ كَانَ جَمِيعُهَا يَنْقُصُ عَنِ الْوَاحِدِ فَتُكَمَّلُ إِلَى أَصْلِ مَخْرَجِهَا وَإِنْ كَانَتْ زَائِدَةً عَلَى الْوَاحِدِ زِدْتَ إِلَى عَدَدِ مَخْرَجِهَا أَلَا تَرَى أَنَّ السُّدُسَ مِنْ سِتَّةٍ فَإِذَا كُمِّلَ يُزَادُ عَلَيْهِ خَمْسَةُ أَمْثَالِهِ حَتَّى يَصِلَ إِلَى عَدَدِ مَخْرَجِهِ وَكَذَلِكَ وَاحِدٌ وَسُدُسٌ سَبْعَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ سِتَّةٍ يُنْقَصُ مِنْهُ سَبْعَةٌ لِيَنْحَطَّ إِلَى مَخْرَجِهِ وَكَذَلِكَ السُّدُسُ وَالرُّبُعُ وَخَمْسَةٌ مِنَ اثْنَيْ عَشَرَ فَيُكَمَّلُ بِمثلِهِ وَمثل خمسه وَكَذَلِكَ رُبُعٌ وَسُدُسٌ وَنِصْفٌ وَثُلُثُ خَمْسَةَ عَشَرَ مِنَ اثْنَيْ عَشَرَ فَتُنْقَصُ ثَلَاثَةٌ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ وَهُوَ خُمُسُهَا لِتَعُودَ إِلَى مَخْرَجِهَا اثْنَيْ عَشَرَ وَيُعْمَلُ بِعَدِيلِهِ كَذَلِكَ

(الباب العاشر في التعديل والجبر والمقابلة)

(الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي التَّعْدِيلِ وَالْجَبْرِ وَالْمُقَابَلَةِ) وَالْأَبْوَابُ الْمَاضِيَةُ كُلُّهَا كَالْخَدَمِ وَالْوَسَائِلِ لِهَذَا الْبَابِ وَهُوَ الثَّمَرَةُ مَعَ الْمَسَائِلِ الْمُسْتَخْرَجَةِ فَالتَّعَادُلُ نِسْبَةُ جُمْلَةٍ إِلَى جُمْلَةٍ تُسَاوِيهَا مِنْ مَجْهُولٍ أَوْ مَعْلُومٍ وَالْجَبْرُ تَكْمِيلُ إِحْدَى الْجُمْلَتَيْنِ إِذَا كَانَتْ نَاقِصَةً ثُمَّ يُزَادُ مِثْلُ ذَلِكَ عَلَى عَدِيلَتِهَا عِنْدَ التَّقَابُلِ وَالْمُقَابَلَةُ أَنْ تَعْمِدَ لِجُمْلَتَيْنِ مُتَمَاثِلَتَيْنِ فِي الْمَعْنى مختلفتين فِي اللَّفْظ فَتسقط التَّمَاثُل مِنْهُمَا وَيَبْقَى مِنْهُمَا مَعْلُومٌ وَمَجْهُولٌ يُعَادِلُهُ فَتُعَرِّفُ الْمَجْهُولَ بِالْمَعْلُومِ إِنْ أَدَّى إِلَى إِحْدَى الْمَسَائِلِ السِّتِّ وَالْجُمَلُ الَّتِي يَجْرِي التَّعَادُلُ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ عَدَدٌ وَأَشْيَاءُ وَأَمْوَالٌ وَمَا فَوْقَ ذَلِكَ مِنَ الْمَرَاتِبِ إِذَا وَقَعَ التَّعَادُلُ فِيهَا يُرَدُّ إِلَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ وَتَتَرَكَّبُ مِنْهَا سِتُّ مَسَائِلَ ثَلَاثٌ مُفْرَدَةٌ وَثَلَاثٌ مُقْتَرِنَةٌ فَالْمُفْرَدَةُ عَدَدٌ يَعْدِلُ أَشْيَاءَ وَعدد يعدل أَمْوَال وَأَشْيَاء تعدل أَمْوَال والمقترنة عدد وَأَشْيَاء تعدل أَمْوَال وَأَشْيَاءُ وَأَمْوَالٌ تَعْدِلُ عَدَدًا وَأَمْوَالٌ وَعَدَدٌ يَعْدِلُ أَشْيَاءَ فَكُلُّ مَسْأَلَةٍ يُحْتَاجُ فِيهَا لِلْجَبْرِ لَا يُخْرَجُ فِيهَا عَنْ إِحْدَى الْمَسَائِلِ السِّتِّ وَمَتَى عَادَلَ الْمَالُ الْعَدَدَ كَانَ الْمَالُ عَيْنَ ذَلِكَ الْعَدَدِ وَالسِّتُّ مَسَائِلَ هِيَ مِنْ تِلْكَ الثَّلَاثَةِ أُصُولٍ بِأَنْ يُقَابِلَ الْمُفْرَدُ مُفْرَدًا وَهِيَ الْمُفْرَدَةُ أَو يُقَابل اثْنَيْنِ مِنْهَا وَاحِد وَهِيَ الْمُقْتَرِنَةُ وَإِنَّمَا اقْتُصِرَ عَلَى الثَّلَاثَةِ دُونَ الْكَعْبِ وَمَا فَوْقَهُ لِأَنَّ أُصُولَ الْحِسَابِ ثَلَاثَةٌ أحاد وعشرات ومئون وَالْألف هُوَ وَاحِدٌ فَكَأَنَّا ابْتَدَأْنَا تَكْرَارَ الْأَلْفِ وَمَا فَوْقَهُ وينحل مَا تَحْتَهُ من الميئين وَالْعَشَرَاتِ وَالْآحَادِ وَكَذَلِكَ هَاهُنَا مَا فَوْقَ الثَّلَاثَةِ يَنْحَلُّ إِلَيْهَا فَاقْتُصِرَ عَلَيْهَا فَنَبْدَأُ بِالْمُفْرَدَاتِ لِأَنَّهَا مُتَقَدِّمَةٌ طَبْعًا فَتُقَدَّمُ وَضْعًا

(المسألة الأولى)

(الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى) عَدَدٌ يَعْدِلُ أَشْيَاءَ فَالْعَمَلُ فِيهَا أَن يقسم الْعدَد على عدد الْأَشْيَاءِ فَمَا خَرَجَ فَهُوَ الشَّيْءُ مِثَالُهُ عَشَرَةٌ تَعْدِلُ ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ تَقْسِمُ الْعَشَرَةَ عَلَى ثَلَاثَةٍ تَخْرُجُ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ فَالشَّيْءُ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ (مَسْأَلَةٌ) أَخٌ وَأُخْتٌ انْتَهَبَا تَرِكَةَ أَبِيهِمَا فَرَدَّتِ الْأُخْتُ عَلَى الْأَخِ ثُلُثَ مَا انْتَهَبَتْ وَرَدَّ عَلَيْهَا رُبُعَ مَا انْتَهَبَ فَصَارَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ حَقُّهُ كَمْ مِقْدَارُ التَّرِكَةِ وَكَمِ انْتَهَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْعَمَلُ فِي ذَلِكَ أَنْ تَجْعَلَ مَا انْتَهَبَ الْأَخُ أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ وَمَا انْتَهَبَتِ الْأُخْتُ شَيْئًا وَأَعْطَاهَا رُبُعَ مَا مَعَهُ وَأَخَذَ ثُلُثَ مَا مَعَهَا فَصَارَ مَعَهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَثُلُثُ شَيْءٍ وَذَلِكَ مِثْلُ مَا صَارَ مَعَهَا وَهُوَ دِرْهَمٌ وَثُلُثَا شَيْءٍ فَتُضَعِّفُهُ يَكُونُ دِرْهَمَانِ وَشَيْءٌ وَثُلُثٌ وَذَلِكَ يَعْدِلُ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ وَثُلُثَ شَيْءٍ فَيَسْقُطُ الْمُشْتَرَكُ يَبْقَى شَيْءٌ يَعْدِلُ دِرْهَمًا فَالشَّيْءُ دِرْهَمٌ فَتَكُونُ التَّرِكَةُ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ وَنَصِيبُ الْأَخ أَرْبَعَة وَالْأُخْت درهما (الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) عَدَدٌ يَعْدِلُ أَمْوَالًا فَتَقْسِمُ الْعَدَدَ عَلَى عَدَدِ الْأَمْوَالِ فَمَا خَرَجَ فَهُوَ الْمَالُ نَحْوَ عَشَرَةٍ تَعْدِلُ مَالَيْنِ وَنِصْفٍ فَتَقْسِمُ عَشَرَةً عَلَى اثْنَيْنِ وَنِصْفٍ يَخْرُجُ أَرْبَعَةٌ وَهُوَ الْمَالُ (مَسْأَلَةٌ) مَالٌ زِدْتَ عَلَيْهِ نِصْفَهُ وَكَعَّبْتَهُ وَنَقَصْتَ مِنْهُ ثُلُثَهُ كَانَ الْبَاقِي أَرْبَعَةَ أَمْثَالِ الْمَالِ فَاجْعَلِ الْمَالَ شَيْئًا وَزِدْ عَلَيْهِ نِصْفَهُ وَكَعِّبِ الْمَبْلَغَ يَكُونُ ثَلَاثَةَ أَكْعُبٍ وَرُبُعَ وَثُمُنَ كَعْبٍ تسْقط مِنْهُ ثَلَاثَة يبْقى كعبنا وَرُبُعٌ وَذَلِكَ يَعْدِلُ تِسْعَةَ أَشْيَاءَ فَتَجْعَلُهَا مَرْتَبَةً وَتَعُودُ إِلَى مَالَيْنِ وَرُبُعٍ يَعْدِلُ تِسْعَةَ دَرَاهِمَ فَالْمَالُ أَرْبَعَةٌ وَالشَّيْءُ دِرْهَمَانِ وَهُوَ الْأَوَّلُ

(المسألة الثالثة)

(الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ) أَشْيَاءُ تَعْدِلُ أَمْوَالًا تَقْسِمُ عَدَدَ الْأَشْيَاءِ عَلَى عَدَدِ الْأَمْوَالِ فَمَا خَرَجَ فَهُوَ الشَّيْءُ مِثَالُهُ عَشَرَةُ أَشْيَاءَ تَعْدِلُ مَالَيْنِ اقْسِمْهَا عَلَى اثْنَيْنِ يَخْرُجُ خَمْسَةٌ هُوَ الشَّيْءُ (مَسْأَلَةٌ) ثَلَاثَةُ أَعْدَادٍ مَجْمُوعُهَا مُسَاوٍ لِمُرَبَّعِ الْأَوَّلِ وَخَمْسَةِ أَمْثَالِ الثَّانِي لَكِنَّ الثَّالِثَ مُسَاوٍ لِلْأَوَّلِ وَالثَّانِي فَاجْعَلِ الثَّانِيَ وَالْأَوَّلَ مَا شِئْتَ مِنَ الْأَشْيَاءِ بِحَيْثُ يَكُونُ مَجْمُوعُ الثَّلَاثَةِ الْأَعْدَادِ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ فَلْيَكُنْ شَيْئَيْنِ فَالثَّالِثُ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ فَيَكُونُ الْمَجْمُوعُ سِتَّةَ أَشْيَاءَ وَذَلِكَ يَعْدِلُ أَرْبَعَةَ أَمْوَالٍ وَخَمْسَةَ أَشْيَاءَ أَعْنِي مُرَبَّعَ الْأَوَّلِ وَخَمْسَةَ أَمْثَالِ الثَّانِي فَإِذَا قَابَلْنَا وَأَلْغَيْنَا الْمُشْتَرَكَ بَقِيَ شَيْءٌ يَعْدِلُ أَرْبَعَةَ أَمْوَالٍ فَالشَّيْءُ رُبُعُ دِرْهَمٍ وَهُوَ الْأَوْسَطُ وَالْأَوَّلُ نِصْفُ دِرْهَمٍ وَالْأَخِيرُ نِصْفٌ وَرُبُعٌ وَهَذِهِ الثَّلَاثُ مَسَائِلَ لَا حَصْرَ لَهَا إِلَّا أَنَّ كُلَّ مُفْرَدَيْنِ مُخْتَلِفَيِ الْجِنْسِ قُوبِلَ أَحدهمَا بِالْآخرِ خرجا إِلَى حَدِّ الْمَعْلُومِ لِأَنَّ الْمَجْهُولَ مَتَى قُوبِلَ بِالْمَعْلُومِ صَارَ مَعْلُومًا وَإِذَا عُلِمَ أَحَدُ الْمَجْهُولَاتِ علم سائرها وَإِن كَانَ مَجْهُولَيْنِ حَطَطْتَهُمَا فِي الْمَرَاتِبِ أَوْ رَفَعْتَهُمَا حَتَّى يَنْتَهِيَ أَحَدُهُمَا إِلَى الْعَدَدِ مِثَالُهُ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ مَالًا يَعْدِلُ كَعْبَيْ كَعْبٍ فَتَحُطُّ الْأَمْوَالَ مَرْتَبَتَيْنِ فَتَعُودُ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ دِرْهَمًا تَحُطُّ كَعْبَيْ كَعْبٍ مَرَّتَيْنِ فَيَعُودُ مَالَيْ مَالٍ فَخُذْ مالَ مالِ سِتَّةَ عَشَرَ دِرْهَمًا فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الشَّيْءُ دِرْهَمَيْنِ وَالْمَالُ أَرْبَعَةٌ وَالْكَعْبُ ثَمَانِيَةٌ وَكَعْبُ الْكَعْبِ أَرْبَعَةٌ وَسِتُّونَ وَإِذَا سَمِعْتَ مَالٌ يَعْدِلُ خَمْسَةَ أَجْذَارٍ فَمَعْنَاهُ خَمْسَةُ أَجْذَارِ نَفْسِهِ وَكَذَلِكَ أَشْيَاءُ أَي كل وَاحِد من أَشْيَاء جِذْرٌ لَهُ لِأَنَّهَا أَجْذَارٌ مُبْهَمَةٌ وَإِلَّا لَكَانَ كُلُّ مَالٍ فِي الدُّنْيَا يَعْدِلُ خَمْسَةَ أَجْذَارٍ فَالْعَشَرَةُ تَعْدِلُ خَمْسَةَ أَجْذَارٍ كُلُّ جِذْرٍ اثْنَانِ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْجُذُورُ فَإِنَّهَا جُذُورٌ وَيَخْرُجُ الْكَلَامُ إِلَى مَا لَا يُفِيدُ فَتَأْخُذُ مِنْ لَفْظِ الْمَسْأَلَةِ سُمِّيَ عَدَدُ الْجُذُورِ

فَإِذَا قُلْتَ مَالٌ يَعْدِلُ خَمْسَةَ أَجْذَارٍ فَقَدْ قُلْتَ جَذْرُهُ خَمْسَةٌ وَالْمَالُ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَهُوَ يَعْدِلُ خَمْسَةَ أَجْذَارِهِ وَإِنْ قِيلَ نِصْفُ مَالٍ يَعْدِلُ خَمْسَةَ أَجْذَارٍ فَمَعْنَاهُ يَعْدِلُ خَمْسَةَ أَجْذَارِ الْمَالِ الْكَامِلِ فَإِنْ كَانَ مَالٌ مَجْذُورٌ لَا يَكُونُ نِصْفُهُ مَجْذُورًا فَتَزِيدُ عَلَى النِّصْفِ مِثْلَهُ فَيَصِيرُ مَالًا وَتَزِيدُ عَلَى الْأَجْذَارِ مِثْلَهَا فَيَصِيرُ معنى السُّؤَال مَال يعدل عشرَة أجذاره الْمَالِ عَشَرَةٌ وَالْمَالُ مِائَةٌ وَنِصْفُهُ خَمْسُونَ وَهُوَ مِثْلُ خَمْسَةِ أَجْذَارِ الْمَالِ فَإِنْ قِيلَ خَمْسَةُ أَمْوَالٍ تَعْدِلُ عِشْرِينَ جِذْرًا يَكُونُ الْجَذْرُ رُبُعَ الْمَالِ بَعْدَ قِسْمَةِ الْأَجْذَارِ عَلَى الْأَمْوَالِ وَيَكُونُ الْمَالُ سِتَّةَ عَشَرَ وَالْجَذْرُ أَرْبَعَةً وَمَتَى كَانَ السُّؤَال يلْزم مِنْهُ أَن يَتُوب الْمَالَ جِذْرٌ وَجُزْءٌ فَالسُّؤَالُ مُسْتَحِيلٌ مِثْلَ خَمْسَةِ أَمْوَالٍ تَعْدِلُ سَبْعَةَ جُذُورٍ وَنِصْف يَنُوبُ كُلَّ مَالٍ جِذْرٌ وَنِصْفٌ وَالْمَالُ لَا يَكُونُ مَجْذُورًا عَلَى هَذَا النَّسَقِ وَلَا يُتَصَوَّرُ مَالٌ يَعْدِلُ جِذْرَهُ وَنِصْفَ جِذْرِهِ نَعَمْ يَكُونُ الْوَاحِدُ وَنِصْفٌ جِذْرًا بِأَنْ يَكُونَ الْمَالُ اثْنَيْنِ وَرُبُعًا فَمَتَى وَقَعَ الْجُزْءُ فَالسُّؤَالُ مُحَالٌ وَيَصِحُّ عَشَرَةُ أَمْوَالٍ تَعْدِلُ عَشَرَةَ جُذُورٍ بِأَنْ يَكُونَ الْمَالُ وَاحِدًا وَجَذْرُهُ وَاحِدًا وَالْوَاحِدُ هُوَ جَذْرُ الْوَاحِدِ فَإِنْ نَقَصَ عَدَدُ الْجُذُورِ عَنْ عَدَدِ الْأَمْوَالِ فَالْعِبَارَةُ مُسْتَحِيلَةٌ وَكَذَلِكَ إِذَا قُلْتَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُخْرَى فِي عَدَدٍ يَعْدِلُ مَالًا يَنْبَغِي أَنْ يُوضَعَ السُّؤَال على وَجه يكون الْعدَد محذورا وَإِلَّا فَالْمَال الَّذِي يُقَابله لَا يكون محذورا كَقَوْلِنَا مَالٌ يَعْدِلُ سَبْعَةً فَيَكُونُ الْمَالُ سَبْعَةً وَلَيْسَ لَهُ جِذْرٌ وَالْغَالِبُ عَلَى الْحِسَابِ إِذَا أَطْلَقُوا الْجَذْرَ إِنَّمَا يُرِيدُونَ بِهِ الْمَجْذُورَ مِنْ ضَرْبِ الشَّيْءِ فِي نَفْسِهِ وَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعْتَ عَدَدًا قُبَالَةَ أَمْوَالٍ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَدَدًا إِذَا قُسِمَ عَلَيْهَا يَكُونُ الْخَارِجُ بِالْقِسْمَةِ مَجْذُورًا فَإِنْ لَمْ يُرِدْ بِالْمَالِ الْمَجْذُورِ جَذْرَ عَدَدٍ أَصمّ فَإِن لَهُ جذرا يخْتَص الله بِمِقْدَارِهِ وَقَدْ بَيَّنَتِ الْهَنْدَسَةُ جَذْرَ الْأَصَمِّ إِجْمَالًا غَيْرَ أَنَّ الصِّيغَةَ عَنْهُ تَتَعَذَّرُ وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى وَهِيَ أَجْذَارٌ تَعْدِلُ عَدَدًا فَلَا تَحْتَاجُ إِلَى تَكَلُّفٍ فِي الْوَضْعِ

(الثلاثة المفترقة)

فَإِنَّ كُلَّ عَدَدٍ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جِذْرًا وَلَوْ خَرَجَ كَسْرٌ فَإِنْ قِيلَ نِصْفُ جِذْرٍ يَعْدِلُ عَشَرَةً فَمَعْنَاهُ الْجَذْرُ عِشْرُونَ وَالْمَالُ أَرْبَعُمِائَةٍ وَدَعْوَى أَنَّ الْمَالَ لَا يُقَابِلُ جِذْرًا وَكَسْرًا هُوَ كَلَامُ إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ فِيهِ إِشْكَالٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْجَذْرَ مَتَى فُرِضَ كَسْرًا أَوْ صَحِيحًا وَكَسْرًا نَافَى ذَلِكَ مِثَالُهُ دِرْهَمٌ وَنِصْفٌ إِذَا رَبَّعْتَهُ كَانَ اثْنَيْنِ وَرُبُعًا وَهُوَ الْمَالُ وَهُوَ مِثْلُ جِذْرِهِ وَمِثْلُ نِصْفِ جِذْرِهِ وَكَذَلِكَ اثْنَانِ وَنِصْفٌ إِذَا ضَرَبْتَهَا فِي نَفْسِهَا بَلَغَتْ سِتَّةً وَرُبُعًا وَهُوَ الْمَالُ وَهُوَ مِثْلُ جِذْرِهِ مرَّتَيْنِ وَنصف وَكَذَلِكَ فِي كثير فِي الصُّوَرِ وَإِنَّمَا يَصِحُّ لَهُ هَذَا إِذَا فُرِضَ الْجُذُورُ صِحَاحًا فَقَطْ لَكِنَّ السَّائِلَ لَمْ يُعَيِّنْ فِي سُؤَاله شَيْئا (الثَّلَاثَة المفترقة) وَهِي أَمْوَالٌ وَأَشْيَاءُ تَعْدِلُ عَدَدًا وَأَمْوَالٌ وَعَدَدٌ يَعْدِلُ أَشْيَاءَ وَأَشْيَاءُ وَعَدَدٌ يَعْدِلُ أَمْوَالًا الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى أَمْوَالٌ وَأَشْيَاءُ تَعْدِلُ عَدَدًا أَمَّا الْمَالُ وَالشَّيْءُ فَالْعَمَلُ أَنْ تَرُدَّ الْأَمْوَالَ بِالزِّيَادَةِ أَوِ النَّقْصِ إِلَى مَالٍ وَاحِدٍ وَتَفْعَلُ بِالْأَشْيَاءِ وَالْعَدَدِ مِنَ الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهَا كَمَا فَعَلْتَ بِالْأَمْوَالِ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهَا وَهَذَا مُسْتَمِرٌّ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ ثُمَّ تُرَبِّعُ نِصْفَ الْأَشْيَاءِ وَتَزِيدُهُ عَلَى الْعَدَدِ وَتَأْخُذُ جَذْرَ الْمَبْلَغِ فَتَنْقُصُ مِنْهُ نِصْفَ عَدَدِ الْأَشْيَاءِ فَمَا بَقِيَ فَهُوَ الشَّيْءُ مِثَالُهُ مَالَانِ وَثَمَانِيَةُ أَشْيَاءَ تَعْدِلُ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا رُدَّ الْأَمْوَالَ إِلَى مَالٍ وَاحِدٍ وَتَفْعَلُ بِالْأَشْيَاءِ وَالدَّرَاهِمِ مَا فَعَلْتَ بِالْأَمْوَالِ تَرْجِعُ إِلَى مَالٍ وَأَرْبَعَة أَشْيَاء تعدل أحدا وَعِشْرِينَ بِرُبُعِ نِصْفِ عَدَدِ الْأَشْيَاءِ يَكُونُ أَرْبَعَةً تزيده على أحد وَعِشْرِينَ وَتَأْخُذُ جَذْرَ الْمَبْلَغِ وَهُوَ خَمْسَةٌ تَنْقُصُ مِنْهُ نِصْفَ عَدَدِ الْأَشْيَاءِ يَبْقَى ثَلَاثَةٌ وَهُوَ الشَّيْءُ فَالْمَالُ تِسْعَةٌ وَالْعِلَّةُ فِي هَذَا الْعَمَلِ أَنَّ مَا يُقَابِلُ الْمَالَ مِنَ الْعَدَدِ هُوَ مَا يَرْتَفِعُ مِنْ ضَرْبِ الشَّيْءِ

(مسألة)

فِي نَفْسِهِ وَمَا يُقَابِلُ الْأَشْيَاءَ هُوَ مَا يَرْتَفِعُ مِنْ ضَرْبِ الْعَدَدِ فِي نِصْفِ عَدَدِ الْأَشْيَاءِ مَرَّتَيْنِ فَإِذَا زِدْتَ عَلَيْهِ مُرَبَّعَ نِصْفِ عَدَدِ الْأَشْيَاءِ بَلَغَ مُرَبَّعُ الشَّيْءِ وَنِصْفُ عَدَدِ الْأَشْيَاءِ مَجْمُوعَيْنِ بَرْهَنَ إِقْلِيدِسُ عَلَى ذَلِكَ فِي الْمَقَالَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ كِتَابِهِ وَإِذَا زِدْتَ عَلَى الْعَدَدِ مُرَبَّعَ نِصْفِ عَدَدِ الْأَشْيَاءِ وَأَخَذْتَ جَذْرَ الْمَبْلَغِ وَأَسْقَطْتَ مِنْهُ نِصْفَ عَدَدِ الْأَشْيَاءِ كَانَ الْبَاقِي كَمَا ذَكَرْنَا (مَسْأَلَةٌ) إِذَا مَضَى مِنْ سَاعَاتِ اللَّيْلِ الْبَاقِيَةِ مِثْلُ مُرَبَّعِ مَا مَضَى وَضُرِبَ مَا مَضَى فِي ثُلُثِ مَا بَقِيَ يَبْقَى فِي اللَّيْلِ رُبُعُهُ فَالْعَمَلُ أَنْ تَجْعَلَ الْمَاضِيَ شَيْئًا وَالْبَاقِيَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَاعَةً إِلَّا شَيْئًا وَتَجْمَعُ الْمَاضِيَ وَمُرَبَّعَهُ وَتَضْرِبُهُ فِي ثُلُثِ الْبَاقِي يَكُونُ ثُلُثَيْ مَالٍ وَخَمْسَةِ أَشْيَاءَ وَذَلِكَ يَعْدِلُ تِسْعَةً فَإِذَا كَمَّلْتَ الْمَالَ وَفَعَلْتَ بِالْأَشْيَاءِ وَالْعَدَدِ مَا فَعَلْتَ بِالْمَالِ رَجَعَ إِلَى مَالٍ وَتِسْعَةِ أَشْيَاءَ وَنِصْفٍ تَعْدِلُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَنِصْفًا فَيَخْرُجُ الشَّيْءُ بِالْعَمَلِ وَاحِدًا وَنِصْفًا فَالْمَاضِي مِنَ اللَّيْلِ سَاعَةٌ وَنِصْفٌ وَالْبَاقِي عَشْرُ سَاعَاتٍ وَنِصْفٌ (مَسْأَلَةٌ) انْتَهَبَا مَالَ أَبِيهِمَا فَقِيلَ لِأَحَدِهِمَا رُدَّ عَلَى أَخِيكَ مِثْلَ مُرَبَّعِ مَا فِي يَدِكَ وَقِيلَ لِلثَّانِي رُدَّ عَلَى أَخِيكَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَصَارَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ حَقُّهُ الْعَمَلُ أَنْ تَجْعَلَ مَا انْتَهَبَ أَحَدُهُمَا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَمَالًا وَمَا انْتَهَبَ الثَّانِي شَيْئًا فَإِذَا أَعْطَى الْأَوَّلُ الثَّانِيَ مَالًا وَأَخَذَ مِنْهُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ صَارَ مَعَهُ عِشْرُونَ دِرْهَمًا وَمَعَ الثَّانِي مَالٌ وَشَيْءٌ إِلَّا عَشَرَةً وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَا مُتَسَاوِيَيْنِ فَإِذَا جَبَرْتَ وَقَابَلْتَ رَجَعَ إِلَى مَالٍ وَشَيْءٍ يَعْدِلُ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا فَإِذَا فَعَلْتَ مَا ذَكَرْنَاهُ يَخْرُجُ الشَّيْءُ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ وَهِيَ مَا انْتَهَبَ أَحَدُهُمَا وَانْتَهَبَ الْآخَرُ خَمْسَةً وَثَلَاثِينَ وَمَالُ أَبِيهِمَا أَرْبَعُونَ وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ السَّائِلَ مَتَى قَالَ مَالٌ وَعَشَرَةُ أَجْذَارٍ يَعْدِلَانِ تِسْعَةً وَثَلَاثِينَ فَمَعْنَاهُ أَن مَالا إِذا زيد عَلَيْهِ أَجْذَار بَلَغَ تِسْعَةً وَثَلَاثِينَ مِنْ ضَرُورَةِ هَذَا السُّؤَالِ أَنْ يُوضَعَ وَضْعًا مُنْتَظِمًا فَلَوْ قَالَ مَالٌ وَعَشَرَةُ أَجْذَارٍ تَعْدِلُ ثَلَاثِينَ مِنَ الْعَدَدِ لَمْ يَسْتَقِمْ فَإِنَّا لَا نَجِدُ مَالًا مَجْذُورًا تزيد

عَلَيْهِ عَشَرَةَ أَجْذَارٍ يَبْلُغُ ثَلَاثِينَ وَلَا يَعْلَمُ تَحْقِيقَ السُّؤَالِ فِي هَذَا إِلَّا مُطَّلِعٌ عَلَى عِلْمِ الْعَدَدِ فَيَضَعُ الْعَدَدَ وَضْعًا إِذَا زِيدَ عَلَى الْمَالِ أَعْدَادُ أَجْذَارِهِ الْمَذْكُورَةِ كَانَ مُقَابِلًا لِلْعَدَدِ الْمَوْضُوعِ فِي سُؤَالِ السَّائِلِ هَذَا لَا بُدَّ مِنْهُ فَيَحْتَاجُ الْحَاسِبُ أَنْ يَعْلَمَ مَا يُقَابِلُ الْمَالَ مِنَ الْعَدَدِ فَيَضَعُهُ حَتَّى تَصِحَّ الْمَسْأَلَةُ وَلَكَ فِي الْمَسْأَلَةِ طَرِيقٌ آخَرُ أَنْ تضرب الْأَمْوَال فِي الْعدَد وَتحفظ الْمُجْتَمع ثمَّ تُنَصِّفُ الْأَجْذَارَ فَإِذَا نَصَّفْتَهَا صَارَتْ عَدَدًا ثُمَّ تَضْرِبُ ذَلِكَ النِّصْفَ فِي نَفْسِهِ وَتَحْمِلُ الْمُجْتَمِعَ عَلَى الْمَحْفُوظِ وَتَأْخُذُ جِذْرَهُ وَتَطْرَحُ مِنْهُ نِصْفَ عَدَدِ الْأَشْيَاءِ فَمَا بَقِيَ قَسَمْتَهُ عَلَى عَدَدِ الْأَمْوَالِ فَمَا خَرَجَ فَهُوَ الْجَذْرُ وَالْمَالُ هُوَ من ضربه فِي نَفسه وَهَذَا الْعَمَل يُغْنِيك عَلَى رَدِّ الْأَمْوَالِ إِلَى مَالٍ وَاحِدٍ وَرَدِّ مَا مَعَك إِلَى ذَلِك ويعينك عَن جَبْرِ كَسْرِ الْمَالِ وَجَبْرِ مَا مَعَهُ وَيُسَهِّلُ عَلَيْكَ حَلَّ الْمَسَائِلِ وَأَمَّا إِذَا كَانَ مَعَكَ مَالٌ وَاحِدٌ اسْتَغْنَيْتَ عَنْ ضَرْبِ الْأَمْوَالِ فِي الْعَدَدِ وَعَنْ قِسْمَةِ مَا بَقِيَ مِنَ الْجَذْرِ بَعْدَ طَرْحِ نِصْفِ عَدَدِ الْأَجْذَارِ مِنَ الْجَذْرِ عَلَى الْأَمْوَالِ فَإِنْ قِيلَ مَالٌ وَعَشَرَةُ أَجْذَارٍ تَعْدِلُ تِسْعَةً وَثَلَاثِينَ مِنَ الْعَدَدِ كَمِ الْجَذْرُ وَكَمِ الْمَالُ يَخْرُجُ الشَّيْءُ ثَلَاثَةً وَالْمَالُ تِسْعَةً وَامْتِحَانُهُ أَنَّ الْمَالَ تِسْعَةٌ وَعَشَرَةُ الْأَجْذَارِ ثَلَاثُونَ فَالْجَمِيعُ تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ كَمَا كَانَ الْعَدَدُ فَإِنْ أَرَدْتَ الْخُرُوجَ إِلَى الْمَالِ قَبْلَ الْجَذْرِ فَاضْرِبْ عَدَدَ الْأَجْذَارِ فِي نَفْسِهَا ثُمَّ فِي التِّسْعَةِ وَثَلَاثِينَ يَكُنْ ثَلَاثَةَ آلَافٍ وَتِسْعَمِائَةٍ احْفَظْهَا ثُمَّ اضْرِبِ نِصْفَ الْمِائَةِ الَّتِي قَامَتْ مِنْ ضَرْبِ عَدَدِ الْأَجْذَارِ فِي نَفْسِهَا وَاحْمِلْهَا عَلَى الثَّلَاثَةِ آلَافٍ وَتِسْعِمِائَةٍ وَخُذْ جَذْرَ الْمُجْتَمِعِ وَذَلِكَ ثَمَانُونَ اطْرَحْ مِنْهَا الْخَمْسِينَ الْبَاقِي ثَلَاثُونَ اطْرَحْهَا من تِسْعَة وَثَلَاثِينَ الْبَاقِي تِسْعَةٌ وَهُوَ الْمَالُ فَالْجَذْرُ ثَلَاثَةٌ فَإِنْ قِيلَ مَالٌ وَثَلَاثَةُ أَثْمَانِ مَالٍ وَثَلَاثَةُ أجذار تعدل مائَة واثني عشر ضرب المنال وَثَلَاثَةَ أَثْمَانِ مَالٍ فِي الْمِائَةِ وَالِاثْنَيْ عَشَرَ تَكُونُ مِائَةً وَأَرْبَعَةً وَخَمْسِينَ ثُمَّ تُنَصِّفُ الْأَشْيَاءَ وَتَضْرِبُهَا فِي نَفْسِهَا وَتَحْمِلُ الْمُجْتَمِعَ عَلَى الْمِائَةِ وَالْأَرْبَعَةِ وَخَمْسِينَ تَكُنْ مِائَةً وَسِتَّةً وَخَمْسِينَ وَرُبُعًا تَأْخُذ جذرها اثْنَي عشر

وَنصف اطْرَحْ مِنْهَا نِصْفَ الْأَجْذَارِ الْبَاقِي أَحَدَ عَشَرَ اقْسِمْ ذَلِكَ عَلَى الْمَالِ وَثَلَاثَةِ أَثْمَانِ مَالٍ يَخْرُجُ الشَّيْءُ ثَمَانِيَةٌ وَالْمَالُ أَرْبَعَةٌ وَسِتُّونَ وَإِنْ شِئْت نِسْبَة مَالًا مِنْ مَالٍ وَثَلَاثَةِ أَثْمَانِ مَالٍ وَذَلِكَ ثَمَانِيَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ فَتَأْخُذُ مِنْ كُلِّ مَا مَعَكَ ثَمَانِيَةَ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ وَلَكَ طَرِيقٌ آخَرُ أَنْ تَضْرِبَ نِصْفَ عدد المجذور فِي مِثْلِهِ وَتَضُمَّ الْخَارِجَ إِلَى الْعَدَدِ وَيُؤْخَذُ جَذْرُ الْجَمِيعِ وَيُسْقَطُ مِنْهُ نِصْفُ عَدَدِ الْجُذُورِ فَمَا بَقِيَ فَهُوَ جَذْرُ الْمَالِ وَالْمَالُ مُتَرَكِّبٌ مِنْهُ نَحْوَ مَالٍ وَعَشَرَةِ أَجْذَارٍ تَعْدِلُ عَشَرَةً مِنَ الْعَدَدِ وَنِصْفُ عَدَدِ الْجُذُورِ فِي مِثْلِهِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ تَضُمُّ إِلَيْهِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ فَيَصِيرُ الْجَمِيعُ تِسْعَةً وَأَرْبَعِينَ جَذْرُهَا سَبْعَةٌ فَيُسْقَطُ مِنْهَا نِصْفُ عَدَدِ الْجُذُورِ وَهُوَ خَمْسَةٌ الْبَاقِي اثْنَانِ وَهُوَ جَذْرُ الْمَالِ وَالْمَالُ أَرْبَعَةٌ وَبُرْهَانُهُ بِمَا يَظْهَرُ لِلْحِسِّ بِالْهَنْدَسَةِ أَنْ تَجْعَلَ الْمَالَ سَطْحًا مُرَبَّعًا مُتَسَاوِيَ الْأَضْلَاعِ وَالزَّوَايَا كُلُّ مَبْلَغٍ مِنْ أَضْلَاعِهِ جِذْرٌ عَلَيْهِ أَب ج د ثُمَّ تَصِلُ بِأَحَدِ أَجْذَارِهِ وَهُوَ ج ب خَطَّ ب هـ وَتَجْعَلُهُ فِي عَشَرَةٍ مِنَ الْعَدَدِ ثمَّ تضربه فِي خطّ ب أوهو أَحَدُ أَجْذَارِ الْمَالِ فَيَتَرَكَّبُ مِنْهُ سَطْحُ ب وفَيَكُونُ عَشَرَةَ أَجْذَارٍ لِأَنَّ ضَرْبَ جِذْرٍ فِي عشرَة آحَاد عشرَة أجذار فسطح ج وَإِذا أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ مِنَ الْعَدَدِ لِأَنَّهُ الْمَالُ وَعَشَرَةُ أَجْذَارِهِ ثُمَّ تَقْسِمُ خَطَّ ب هـ بِنِصْفَيْنِ عَلَى نُقْطَةِ ح ثُمَّ تَضْرِبُ خَطَّ ح ج فِي نَفْسِهِ فَيَتَرَكَّبُ سَطْحُ ح ك ب هـ ثُمَّ تُخْرِجُ خَطَّ ب أإِلَى نُقْطَةِ ع فَقَدْ كَمُلَ الشَّكْلُ وَهُوَ يَدُلُّ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ خَطَّ ب هـ قد قسم بنصفين وَزيد فِي طوله ب ح فَتَضْرِبُ هـ ح فِي ب ح، وَح ب فِي نَفْسِهِ مِثْلَ ضَرْبِ ج ح فِي نَفْسِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْقَوَاعِد

(المسألة الثانية من المفترقات)

وَمَعْلُومٌ أَنَّ ضَرْبَ الْخَطِّ كُلِّهِ وَهُوَ خَطُّ هـ ح فِي ح د وَهُوَ مِثْلُ ح ب أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ لِأَنَّ مُسَطَّحَ ج وَهُوَ المَال وَالْعشرَة أجذار وَضرب نف الْخَطِّ الْأَقَلِّ فِي نَفْسِهِ وَهُوَ خَطُّ ح ب خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ لِأَنَّهُ خَمْسَةٌ فَيَصِيرُ الْجَمِيعُ تِسْعَةً وَأَرْبَعِينَ وَهُوَ مِثْلُ ضَرْبِ نِصْفِ الْخَطِّ مَعَ الزِّيَادَةِ فِي نَفْسِهِ وَهُوَ خَطُّ ج ح وَخط ح ح جَذْرُهُ فَهُوَ سَبْعَةٌ فَإِذَا أَسْقَطْتَ مِنْهُ نِصْفَ عَدَدِ الْجُذُورِ وَهُوَ خَطُّ ح ب وَهُوَ خَمْسَةٌ بَقِيَ خَطُّ ب ح اثْنَيْنِ وَهُوَ جذر المَال وَالْمَال أَرْبَعَة (الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة من المفترقات) أَمْوَالٌ وَعَدَدٌ يَعْدِلُ أَشْيَاءَ مَالِ الْمَالِ وَمَالَ الشَّيْءِ فَالطَّرِيقُ بَعْدَ رَدِّ الْأَمْوَالِ بِالنَّقْصِ وَالْإِكْمَالِ إِلَى مَال وَاحِد أَن تَفْعَلَ بِالْعَدَدِ وَالْأَشْيَاءِ مِثْلَ مَا فَعَلَ بِالْأَمْوَالِ أَنْ تُرَبِّعَ نِصْفَ عَدَدِ الْأَشْيَاءِ فَإِنْ كَانَ مِثْلَ الْعَدَدِ فَالْمَالُ مِثْلُ الْعَدَدِ وَالشَّيْءُ نِصْفُ عَدَدِ الْأَشْيَاءِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِثْلَهُ أَسْقَطْتَ الْعَدَدَ مِنْ مُرَبَّعِ نِصْفِ عَدَدِ الْأَشْيَاءِ وَأَخَذْتَ جَذْرَ الْبَاقِي فَإِنْ شِئْتَ زِدْتَهُ عَلَى نِصْفِ عَدَدِ الْأَشْيَاءِ وَإِنْ شِئْتَ نَقَصْتَهُ مِنْهُ فَمَا كَانَ فَهُوَ الشَّيْءُ مِثَالُهُ نِصْفُ مَالٍ وَثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ يَعْدِلُ شَيْئَيْنِ وَنِصْفًا فَإِذَا أَكْمَلْتَ الْمَالَ مَالًا وَفَعَلْتَ بِالْأَشْيَاءِ وَالْعَدَدِ مَا فَعَلْتَ بِهِ وَرَجَعَ إِلَى مَالٍ وَسِتَّةِ دَرَاهِمَ تَعْدِلُ خَمْسَةَ أَشْيَاءَ تُرَبِّعُ نِصْفَ عَدَدِ الْأَشْيَاءِ يَكُونُ سِتَّةً وَرُبُعًا تُسْقِطُ مِنْهُ الْعَدَدَ يَبْقَى رُبُعٌ تَأْخُذُ جِذْرَهُ يَكُونُ نِصْفًا إِنْ شِئْتَ زِدْتَهُ عَلَى نِصْفِ عَدَدِ الْأَجْذَارِ يَكُونُ الشَّيْءُ ثَلَاثَةً وَإِنْ شِئْت نقصته مِنْهُ يكون الشَّيْءُ اثْنَيْنِ وَلَا يَكُونُ الْعَدَدُ أَعْظَمَ مِنْ مُرَبَّعِ نِصْفِ عَدَدِ الْأَشْيَاءِ فَإِنَّهُ يَسْتَحِيلُ وَالْعِلَّةُ فِي هَذَا الْعَمَلِ أَنَّ بَعْضَ الْأَشْيَاءِ يُقَابِلُ الْمَالَ وَهُوَ مَا عَدَدُهُ كَعَدَدِ مَا فِي الشَّيْءِ مِنَ الْآحَادِ وَالْبَاقِيَ يُقَابِلُ الْعَدَدَ فَإِنْ كَانَ الْعَدَدُ وَالْمَالُ مُتَسَاوِيَيْنِ فَنِصْفُ الْأَشْيَاءِ يُقَابِلُ هَذَا وَالنِّصْفُ يُقَابِلُ هَذَا وَمُرَبَّعُ نِصْفِ عَدَدِ الْأَشْيَاءِ مُسَاوٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمَالِ أَوِ الْعَدَدِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَالُ وَالْعَدَدُ مُتَسَاوِيَيْنِ فَمَا يُقَابِلُ أَحَدُهُمَا مِنْ عَدَدِ الْأَشْيَاءِ أَعْظَمُ مِمَّا يُقَابِلُ الْآخَرُ فَقَدِ انْقَسَمَ عَدَدُ الْأَشْيَاءِ بِقِسْمَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَضَرْبُ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ هُوَ الْعَدَدُ لِأَنَّ الْعَدَدَ مُسَاوٍ لِضَرْبِ الشَّيْءِ فِي عَدَدٍ مُقَابِلَ الْعَدَدِ مِنَ

الْأَشْيَاءِ وَذَلِكَ يَنْقُصُ مِنْ مُرَبَّعِ نِصْفِ عَدَدِ الْأَشْيَاءِ بِمُرَبَّعِ الْفَصْلِ بَيْنَ أَحَدِ قِسْمَيِ الْأَشْيَاءِ وَبَيْنَ نِصْفِ عَدَدِ الْأَشْيَاءِ فَإِذَا أَسْقَطْتَ الْعَدَدَ مِنْ مُرَبَّعِ نِصْفِ عَدَدِ الْأَشْيَاءِ فَجَذْرُ الْبَاقِي إِنْ زِدْتَهُ عَلَى نِصْفِ عَدَدِ الْأَشْيَاءِ فَهُوَ الْقِسْمُ الْأَعْظَمُ مِنَ الْأَشْيَاءِ وَإِنْ نَقَصْتَهُ مِنْهُ فَهُوَ الْقِسْمُ الْأَصْغَرُ فَقَدْ ظَهَرَ أَنَّكَ إِنْ شِئْتَ زِدْتَ جَذْرَ الْبَاقِي عَلَى نِصْفِ عَدَدِ الْأَشْيَاءِ وَإِنْ شِئْتَ نَقَصْتَهُ مِنْهُ وَأَنَّ الْعَدَدَ لَا يَكُونُ أَعْظَمَ مِنْ مُرَبَّعِ الْأَشْيَاءِ وَأَنَّ مَعْنَى قَوْلِنَا مَالٌ وَاحِدٌ وَعِشْرُونَ مِنَ الْعَدَدِ يَعْدِلَانِ عَشَرَةَ أَجْذَارِ مَالٍ مَثَلًا أَنَّهُ مَالٌ إِذا أَزِيد عَلَيْهِ أحد وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا كَانَ الْمَبْلَغُ مِثْلَ عَشَرَةِ أَجْذَارِ ذَلِكَ الْمَالِ وَأَنَّ الْمَسْأَلَةَ قَدْ تَكُونُ مَوْضُوعَةً وضعا يَتَأَتَّى بِالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَان وَقد لَا تَأتي إِلَّا بِأَحَدِهِمَا بِحَسَبِ الْوَضْعِ وَيَحْتَاجُ الْوَاضِعُ إِلَى وضع الْعدَد المضموم إِلَى الْمَالِ عَلَى وَجْهٍ تَنْتَظِمُ فِيهِ مُعَادَلَةُ الْمَالِ وَالْعَدَدِ الْمَوْضُوعِ مَعَهُ بِعَدَدِ جُذُورِهِ وَهَذَا إِنَّمَا يَتَأَتَّى بِأَنْ يَفْرِضَ الْوَاضِعُ مَالًا فِي نَفْسِهِ مَجْذُورًا وَيُقَدِّرُ لَهُ جُذُورًا وَيَعْرِفُ مَبْلَغَهَا ثُمَّ يَضُمُّ إِلَى الْمَالِ عَدَدًا يُقَابِلُ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ وَمَنْ وَضَعَ عَدَدًا إِذَا ضَرَبْنَا نِصْفَ نِصْفِ الْأَجْذَارِ فِي مِثْلِهِ كَانَ مَبْلَغُهُ أَقَلَّ مِنَ الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ مَعَ الْمَالِ اسْتَحَالَتِ الْمَسْأَلَةُ وَمَتَى كَانَ الْمَبْلَغُ مِثْلَ الْعَدَدِ فَالْجَذْرُ مِثْلُ نِصْفِ عَدَدِ الْأَجْذَارِ وَلَكَ طَرِيقٌ آخَرُ فَإِذَا قِيلَ لَكَ مَالٌ وَاحِدٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا يَعْدِلُ عَشَرَةَ أَجْذَارٍ أَنْ تَضْرِبَ الْأَمْوَالَ فِي الْعَدَدِ وَتَحْفَظَهُ وَتُنَصِّفَ الْأَجْذَارَ وَتَضْرِبَهَا فِي نَفْسِهَا وَتَطْرَحَهُ مِنَ الْعَدَدِ الْمَحْفُوظِ وَتَأْخُذَ جَذْرَ الْبَاقِي فَمَا كَانَ فَإِنْ شِئْتَ احْمِلْهُ عَلَى نِصْفِ عَدَدِ الْأَشْيَاءِ وَاقْسِمْ ذَلِكَ عَلَى عَدَدِ الْأَمْوَالِ فَمَا خرج فَهُوَ الجذر وَالْمَال ضربه فِي نَفْسِهِ وَهُوَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِالزِّيَادَةِ سَبْعَةٌ وَبِالنُّقْصَانِ ثَلَاثَةٌ وَالْمَالُ بِالزِّيَادَةِ تِسْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَبِالنُّقْصَانِ تِسْعَةٌ وَإِنْ أَرَدْتَ الِامْتِحَانَ بِالزِّيَادَةِ فَقَدْ عملت أَنَّ الْمَالَ تِسْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ فَإِذَا حَمَلْتَ عَلَيْهَا الْوَاحِدَ وَعِشْرِينَ الَّتِي ذُكِرَ كَانَ سَبْعِينَ وَهُوَ مِثْلُ عَشَرَةِ الْأَجْذَارِ لِأَنَّ الْجَذْرَ سَبْعَةٌ

وَامْتِحَانُهَا بِالنُّقْصَانِ فَالْمَالُ تِسْعَةٌ إِنْ حَمَلْتَ عَلَيْهَا الْوَاحِدَ وَالْعِشْرِينَ كَانَ ثَلَاثِينَ وَهِيَ مِثْلُ الْعَشَرَةِ الْأَجْذَارِ لِأَنَّ الْجِذْرَ ثَلَاثَةٌ وَطَرِيقٌ آخَرُ تَضْرِبُ نِصْفَ عَدَدِ الْأَجْذَارِ فِي نَفْسِهِ وَتَنْقُصُ مِنْهُ قَدْرَ الْعَدَدِ الَّذِي مَعَ الْمَالِ وَيُؤْخَذُ جَذْرَ الثَّانِي فَيُنْقَصُ مِنْ نِصْفِ عَدَدِ الْجُذُورِ فَمَا بَقِي فهة جَذْرُ الْمَالِ وَالْمَالُ مُتَرَكِّبٌ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ الْخَارِج من ضرب نصف عدد الجذور فِي نَفْسِهِ قُدِّرَ الْعَدَدُ فَالْمَالُ قَدْرُ الْعَدَدِ أَوْ أَقَلُّ مِنْهُ فَالسُّؤَالُ مُسْتَحِيلٌ مِثَالُ الْأَوَّلِ مَالٌ وَسِتَّةَ عَشَرَ مِنَ الْعَدَدِ يَعْدِلُ عَشَرَةَ أَجْذَارٍ تَضْرِبُ نِصْفَ عَدَدِ الْجُذُورِ فِي نَفْسِهِ يَبْلُغُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ تَنْقُصُ مِنْهَا سِتَّةَ عَشَرَ وَهُوَ الْعَدَدُ يَبْقَى تِسْعَةٌ جَذْرُهَا ثَلَاثَةٌ تَنْقُصُ مِنْ نِصْفِ عَدَدِ الْجُذُورِ وَهُوَ خَمْسَةٌ يَبْقَى اثْنَانِ وَهُوَ جَذْرُ الْمَالِ وَالْمَالُ أَرْبَعَةٌ وَإِنْ زِدْتَ الثَّلَاثَةَ عَلَى نِصْفِ الْأَجْذَارِ وَهِيَ خَمْسَةٌ صَارَتْ ثَمَانِيَةً وَهُوَ جَذْرُ الْمَالِ أَيْضًا وَالْمَالُ أَرْبَعَةٌ وَسِتُّونَ وبرهانه بشكل يدْرك بالجس مِنَ الْهَنْدَسَةِ فَنَقُولُ تَجْعَلُ الْمَالَ سَطْحًا مُرَبَّعًا مُتَسَاوِيَ الْأَضْلَاعِ وَالزَّوَايَا كُلُّ ضِلْعٍ مِنْ أَضْلَاعِهِ جَذْرُهُ عَلَيْهِ أَب ج د وَتَصِلُ طَرَفَ ضِلْعِ د ب بِخَطِّ ب هـ ثُمَّ تَضْرِبُ خَطَّ ب هـ فِي خَطِّ ب أوَهُوَ مِثْلُ ب د فَيَتَرَكَّبُ مِنْهُ سَطْحُ ب ر فَتَجْعَلُهُ الْعَدَدَ الَّذِي مَعَ الْمَالِ وَهُوَ سِتَّةَ عَشَرَ فَمَجْمُوعُ سَطْحِ د وأ هـ عَشَرَةُ أَجْذَارِ الْمَالِ لِأَنَّهُ قَالَ فِي السُّؤَالِ مَالٌ وَسِتَّةَ عَشَرَ يَعْدِلُ عَشَرَةَ أَجْذَارٍ وَقَدْ تُرَكِّبُ مَجْمُوعَةً مِنْ طَرَفِ خَطِّ د هـ فِي خَطِّ د ج وَمَعْلُومٌ أَنَّ خَطَّ د ج جَذْرُ الْمَالِ فَخَطُّ د هـ عَشَرَةُ أَجْذَارٍ ضَرُورَةَ تَرَكُّبِ سَطْحِ عَشَرَةِ أَجْذَارٍ مِنْهُ إِذْ لَا يَتَرَكَّبُ إِلَّا مِنْ ضَرْبِ جُذُورٍ فِي عَدَدٍ فَيَقْسِمُ خَطَّ

(المسألة الثالثة من المقترنات)

د هـ بِنِصْفَيْنِ عَلَى نُقْطَةِ ح ثُمَّ تَضْرِبُ أَحَدَ النِّصْفَيْنِ فِي نَفْسِهِ وَهُوَ خَطُّ د ح فَيَتَرَكَّبُ مِنْهُ سَطْحُ د ع جُمْلَتُهُ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ مِنَ الْعَدَدِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ جَمِيعَ هَذَا السَّطْحِ الَّذِي جُمْلَتُهُ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ هُوَ مِنْ ضَرْبِ ح د فِي نَفْسِهِ مِثْلُ الْخَارِجِ مِنْ ضَرْبِ هـ ب فِي ب د، وَج ب فِي نَفْسِهِ لِأَنَّ خَطَّ هـ د قَدْ قُسِمَ بِنِصْفَيْنِ ثُمَّ قُسِمَ بِقِسْمَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَكُلُّ خَطٍّ قُسِمَ كَذَلِكَ فَإِنْ ضُرِبَ الْقِسْمُ الْأَطْوَلُ فِي الْقِسْمِ الْأَقْصَرِ وَفضل نصف الْخط عَن الْقسم الأقصر فسي نَفسه مثل ضرب بِنِصْفِ الْخَطِّ فِي نَفْسِهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ ضَرْبَ الْقِسْمِ الْأَطْوَلِ وَهُوَ خَطُّ ب هـ فِي الْأَقْصَرِ وَهُوَ خَطُّ ب د الَّذِي هُوَ مِثْلُ خَطِّ ب أسِتَّةَ عَشَرَ مِنَ الْعَدَدِ كَمَا تَقَرَّرَ فَيَبْقَى مِنْ مُسَاوَاةِ سَطْحِ د ع الَّذِي هُوَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ خَطُّ ج ب فِي نَفْسِهِ فَيَكُونُ تِسْعَةً فَخَطُّ ج ب إِذًا ثَلَاثَةٌ فَإِذَا أُسْقِطَ مِنْ خَطِّ ج د الَّذِي هُوَ خَمْسَةٌ بَقِيَ خَطُّ ب د اثْنَيْنِ فَهُوَ جَذْرُ الْمَالِ وَالْمَالُ أَرْبَعَةٌ فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِنَا تَضْرِبُ نِصْفَ عَدَدِ الْأَجْذَارِ فِي نَفْسِهِ وَهُوَ خَطُّ ج ب فَيَكُونُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ وَهُوَ سَطْحُ ج ك فَتُسْقِطُ السِتَّةَ عَشَرَ فَتَبْقَى تِسْعَةٌ وَهُوَ سَطْحُ أع فَجَذْرُ ذَلِكَ ثَلَاثَةٌ وَهُوَ خَطُّ ر أوج ب مِثْلُهُ فَتُسْقَطُ مِنْ نِصْفِ عَدَدِ الْجُذُورِ وَهُوَ خَطُّ ج د فَيَبْقَى اثْنَانِ وَهُوَ خَطُّ ب د فَهُوَ جَذْرُ الْمَالِ وَالْمَالُ أَرْبَعَةٌ وَأَمَّا إِذَا كَانَ الْعَدَدُ الَّذِي مَعَ الْمَالِ يُسَاوِي الْخَارِجَ مِنْ ضَرْبِ نِصْفِ عَدَدِ الْجُذُورِ فِي نَفْسِهِ فَالْمَالُ قَدْرُ ذَلِكَ الْعَدَدِ مِثَالُهُ مَالٌ وَسِتَّةَ عَشَرَ مِنَ الْعَدَدِ يَعْدِلُ ثَمَانِيَةَ أَجْذَارٍ فَإِنَّ ضَرْبَ أَرْبَعَةٍ فِي أَرْبَعَةٍ سِتَّةَ عَشَرَ فَهُوَ قَدْرُ الْمَالِ فَيَكُونُ الْمَالُ سِتَّةَ عَشَرَ وَمِثَالُ النَّاقِصِ مَالٌ وَسِتَّةَ عَشَرَ مِنَ الْعَدَدِ يَعْدِلُ سِتَّةَ أَجْذَارٍ وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ مُسْتَحِيل (الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة من المقترنات) إِذَا عَادَلَ الْمَالُ الْمَجْذُورُ وَالْعَدَدُ مَا الْمَالُ وَمَا الشَّيْءُ فَالطَّرِيقُ فِي اسْتِخْرَاجِ الشَّيْءِ بَعْدَ رَدِّ الْأَمْوَالِ إِلَى مَالٍ وَاحِدٍ بِالتَّنْقِيصِ أَوِ الْإِكْمَالِ أَنْ تُرَبِّعَ نِصْفَ عَدَدِ الْأَشْيَاءِ وَتَزِيدَهُ على الْعدَد وَتَأْخُذ جذر الْمبلغ فتزيده على نِصْفِ عَدَدِ الْأَشْيَاءِ يَكُونُ الشَّيْءُ

مِثَالُهُ مَالٌ يَعْدِلُ خَمْسَةَ أَشْيَاءَ وَسِتَّةَ دَرَاهِمَ تربع نصف عدد الْأَشْيَاء وتزيده على الْعدَد وَتَأْخُذ جذر الْمبلغ فتزيده على نصف عدد الْأَشْيَاءِ يَكُونُ سِتَّةً وَهُوَ الشَّيْءُ وَالْعِلَّةُ أَنَّ الْأَشْيَاءَ مِنْ ضَرْبِ الشَّيْءِ فِي عَدَدِ الْأَشْيَاءِ وَالْعَدَدُ وَالْأَشْيَاءُ مَجْمُوعُهُمَا يَعْدِلُ مَالًا فَهُوَ مَنْ ضَرْبِ الشَّيْءِ فِي مِثْلِهِ لَكِنَّ الْأَشْيَاءَ مِنْ ضَرْبِ الشَّيْءِ فِي عَدَدِ الْأَشْيَاءِ فَالْعَدَدُ مِنْ ضَرْبِ الشَّيْءِ فِي الشَّيْءِ إِلَّا عَدَدَ الْأَشْيَاءِ وَكُلُّ عَدَدٍ زِدْتَ عَلَيْهِ زِيَادَةً فَإِنَّ ضَرْبَ الْعَدَدِ مَعَ الزِّيَادَةِ مُضَافًا إِلَيْهِ مُرَبَّعُ نِصْفِ الْعَدَدِ مُسَاوٍ لِمُرَبَّعِ نِصْفِ الْعَدَدِ مَعَ الزِّيَادَةِ مَجْمُوعَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْقَوَاعِدِ فَالْعَدَدُ عَدَدُ الْأَشْيَاءِ وَالزِّيَادَةُ الشَّيْءُ إِلَّا عَدَدَ الْأَشْيَاءِ وَالْعَدَدُ مِنْ ضَرْبِ الشَّيْءِ فِي الشَّيْءِ إِلَّا عَدَدَ الْأَشْيَاءِ وَذَلِكَ يَعْدِلُ مَعَ مُرَبَّعِ نِصْفِ عَدَدِ الْأَشْيَاءِ مُرَبَّعَ نِصْفِ عَدَدِ الْأَشْيَاءِ مَعَ الزِّيَادَةِ وَهِيَ الشَّيْءُ إِلَّا عَدَدَ الْأَشْيَاءِ مَجْمُوعَيْنِ وَإِذَا أَضَفْتَ إِلَى جَذْرِ ذَلِكَ نِصْفَ عَدَدِ الْأَشْيَاءِ اكتمل الشَّيْء وَهُوَ وَالْمَطْلُوب وَلَكَ طَرِيقٌ آخَرُ تَضْرِبُ الْأَمْوَالَ فِي الْعَدَدِ وَتَحْفَظُ الْمُجْتَمِعَ ثُمَّ تُنَصِّفُ عَدَدَ الْأَشْيَاءِ وَتَضْرِبُهَا فِي نَفْسِهَا وَتَحْمِلُ الْمُجْتَمِعَ عَلَى الْمَحْفُوظِ وَتَأْخُذُ جَذْرَ الْمُجْتَمِعِ وَتَحْمِلُهُ عَلَى نِصْفِ عَدَدِ الْأَشْيَاءِ وَتَقْسِمُ الْمُجْتَمِعَ عَلَى عَدَدِ الْأَمْوَالِ فَمَا خَرَجَ فَهُوَ الشَّيْءُ وَالْمَالُ ضَرْبُهُ فِي نَفْسِهِ نَحْوَ مَالٍ يَعْدِلُ ثَلَاثَةَ أَجْذَارٍ وَأَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ فَإِنْ ذُكِرَ أَكْثَرُ مِنْ مَالٍ مِثْلَ مَالٍ وَنِصْفِ مَال أَو مالين وَنَحْوه فَإِن ئشت فَاعْمَلْ مَا تَقَدَّمَ وَإِنْ شِئْتَ سَمِّ مَالًا مِمَّا ذُكِرَ مِنَ الْأَمْوَالِ وَخُذْ تِلْكَ النِّسْبَةَ مِنْ كُلِّ مَا ذُكِرَ فِي الْمَسْأَلَةِ ثُمَّ تَعْمَلُ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْمَسْأَلَةِ فَإِنْ ذُكِرَ أَقَلُّ مِنْ مَالٍ مِثْلَ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ مَالٍ أَوْ نِصْفٍ وَنَحْوِهِ فَأَنْتَ أَبَدًا تَطْلُبُ مَا يُخْرِجُ الْجَذْرَ فَيَخْرُجُ الْمَالُ مِنْ ضَرْبِهِ فِي نَفْسِهِ أَوْ تُخْرِجُ الْمَالَ ابْتِدَاءً وَمَتَى ذكر عدد الْأَمْوَال مرده إِلَى مَالٍ وَاحِدٍ وَرُدَّ كُلَّ نَوْعٍ مِمَّا يُقَابِلُهُ إِلَى مِثْلِ مَا رَدَدْتَ إِلَيْهِ الْمَالَ ثُمَّ اسْتَعْمِلِ الطَّرِيقَ وَإِنْ كَانَ لِلْمَالِ جُزْءٌ أَوْ أَجْزَاءٌ دُونَ التَّمَامِ فَكَمِّلِ الْمَالَ ثُمَّ زِدْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ النَّوْعَيْنِ الْآخَرَيْنِ مِثْلَ مَا زِدْتَهُ عَلَى الْمَالِ ثُمَّ اسْتَعْمِلِ الطّرق

وَبُرْهَانُ الطَّرِيقِ الْأَوَّلِ بِشَكْلٍ هَنْدَسِيٍّ مَحْسُوسٍ أَنْ تجْعَل المَال سطحا مربعًا متساوي الأضلاع والزوايا فَكُلُّ ضِلْعٍ مِنْ أَضْلَاعِهِ جَذْرُهُ وَجُمْلَتُهُ أَرْبَعَةُ أَجْذَارٍ وَخَمْسَةٌ مِنَ الْعَدَدِ وَهُوَ سَطْحُ أَب ج د ثُمَّ تَقْتَطِعُ مِنْ خَطِّ أَب فَتَضْرِبُهُ فِي خَطِّ د ب يَتَرَكَّبُ مِنْهُ سَطْحُ ج ب فَتَجْعَلُهُ الْخَمْسَةَ مِنَ الْعَدَدِ ثُمَّ تَضْرِبُ بَقِيَّةَ خَطِّ أَب وَهُوَ خَطُّ أهـ فِي خَطِّ أج يَتَرَكَّبُ مِنْهُ سَطْحُ هـ ج فَتَجْعَلُهُ الْأَرْبَعَةَ الْأَجْذَارِ ثُمَّ تَقْسِمُ خطّ أهـ بنصفين على نقطة وَثمّ تَضْرِبُ خَطَّ وهـ فِي نَفْسِهِ فَيَتَرَكَّبُ مِنْهُ سَطْحُ هـ ع وَمَعْلُومٌ أَنَّ خَطَّ أهـ أَرْبَعَةٌ مِنَ الْعَدَدِ لِأَنَّ سَطْحَ وح أَرْبَعَةُ أَجْذَارِ السَّطْحِ الْأَعْظَمِ وَقَدْ تَرَكَّبَ مِنْ ضَرْبِ جذره وهرم خَطِّ أج فِي خَطِّ أهـ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ خَطُّ أهـ أَرْبَعَةً مِنَ الْعَدَدِ فَخَطُّ وهـ اثْنَانِ لِأَنَّهُ نِصْفُهُ وَسَطْحُ هـ ع يَتَرَكَّبُ مِنْ ضَرْبِهِ فِي نَفْسِهِ فَهُوَ أَرْبَعَةٌ إِذًا فَإِذَا ضَمَمْنَاهُ إِلَى سَطْحِ د ج الَّذِي هُوَ خَمْسَةٌ مِنَ الْعَدَدِ صَارَ الْمَجْمُوعُ تِسْعَةً وَهُوَ مِثْلُ الْخَارِجِ مِنْ ضَرْبِ خَطِّ وب فِي نَفْسِهِ لِأَنَّ كُلَّ خَطٍّ قُسِمَ بِنِصْفَيْنِ وَزِيدَ فِي طُولِهِ زِيَادَةً فَإِنَّ ضَرْبَ الْخَطِّ كُلِّهِ مَعَ الزِّيَادَةِ فِي الزِّيَادَةِ وَضَرْبَ الْخَطِّ فِي نَفْسِهِ مِثْلُ ضَرْبِ نِصْفِ الْخَطِّ وَالزِّيَادَةِ فِي نَفْسِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْقَوَاعِدِ وَقَدْ ضُرِبَ ب د وَهُوَ مِثْلُ أَب فِي هـ ب فَتَرَكَّبَ مِنْهُ سَطْحُ ج ب وَهُوَ خَمْسَةٌ مِنَ الْعَدَدِ وَضُرِبَ ود فِي نَفْسِهِ فَتَرَكَّبَ مِنْهُ سَطْحُ هـ ع وَهُوَ أَرْبَعَةٌ فَالْجَمِيعُ مِثْلُ ضَرْبِ وب فِي نَفْسِهِ وَجُمْلَةُ ذَلِكَ تِسْعَةٌ فَخَطُّ وب إِذًا ثَلَاثَةٌ لِأَنَّهُ جَذْرُ تِسْعَةٍ فَإِذَا ضُمَّ إِلَيْهِ بَقِيَّةُ الْخَطِّ وَهُوَ خَطُّ أووَهُوَ اثْنَانِ صَارَ الْجَمِيعُ خَمْسَةً وَهُوَ جَذْرُ السَّطْحِ الْأَعْظَمِ فَجُمْلَتُهُ خَمْسَة وَعِشْرُونَ تَنْبِيه للثَّلَاثَة المفردة ضابطو وَاحِدٌ وَهُوَ قِسْمَةُ الْأَدْنَى عَلَى الْأَعْلَى وَتَخْتَصُّ الثَّلَاثَةُ بِأَنَّ الْخَارِجَ مَالٌ تَأْخُذُ جِذْرَهُ فَأَخْذُ الْجَذْرِ فِي الثَّلَاثَةِ هُوَ الزَّائِدُ لَيْسَ إِلَّا

(النوع الأول مسائل الوصايا)

وتشترك المقترنات الثَّلَاثُ فِي ضَرْبِ نِصْفِ عَدَدِ الْأَشْيَاءِ فِي نَفْسِهِ وَتُشَارِكُ الْأُولَى الْأَخِيرَةَ فِيهِ وَفِي إِضَافَةِ الْمُتَحَصِّلِ إِلَى الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَسْأَلَةِ وَأَخْذِ جِذْرِهِ وَتَمْتَازُ الْأُولَى بِتَنْقِيصِ نِصْفِ الْأَشْيَاءِ مِنَ الْجَذْرِ وَالثَّالِثَةُ بِزِيَادَتِهِ وَبِهَذِهِ الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ يَحْصُلُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْأُولَى وَالْأَخِيرَةِ لَيْسَ إِلَّا وَتَمْتَازُ الثَّانِيَةُ عَنْهُمَا بِتَنْقِيصِ الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَسْأَلَةِ مِنَ الْمُتَحَصِّلِ مِنْ ضَرْبِ نِصْفِ عَدَدِ الْأَشْيَاءِ فِي نَفْسِهِ وَأَخْذِ جِذْرِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَمَّا تنقيص الجذر من نِصْفِ عَدَدِ الْأَشْيَاءِ فِي نَفْسِهِ وَأَخْذِ جِذْرِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَمَّا تَنْقِيصُ الْجَذْرِ مِنْ نِصْفِ عَدَدِ الْأَشْيَاءِ فَتُشَارِكُهَا الْأُولَى فِي ذَلِكَ لَكِنْ فِي الْأُولَى تَنْقُصُهُ مِنْ جُمْلَةِ الْمُتَحَصِّلِ مِنْ ضرب نصف نصف عدد الْأَشْيَاء وَالْعدَد الْمَذْكُور وَهَا هُنَا تَنْقُصُهَا مِنْ جَذْرِ الْعَدَدِ الْكَائِنِ مِنْ ضَرْبِ نِصْفِ عَدَدِ الْأَشْيَاءِ بَعْدَ إِسْقَاطِ الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَسْأَلَةِ مِنْهُ وَأَمَّا زِيَادَةُ نِصْفِ عَدَدِ الْأَشْيَاءِ فَتُشَارِكُهَا الثَّالِثَةُ فِيهَا إِلَّا أَنَّ فِي الثَّالِثَةَ يُزَادُ عَلَى الْجُمْلَةِ الْمُتَحَصَّلَةِ مِنْ ضَرْبِ نِصْفِ عَدَدِ الْأَشْيَاءِ وَالْعَدَدِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَسْأَلَةِ وَفِي الثَّانِيَةِ تَنْقُصُهَا مِنْ جَذْرِ الْعَدَدِ الْكَائِنِ مِنْ ضَرْبِ نِصْفِ عَدَدِ الْأَشْيَاءِ بَعْدَ تَنْقِيصِ الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَسْأَلَةِ مِنْهُ وَسَتَتَّضِحُ هَذِهِ الْمَسَائِلُ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا بِالْعَمَلِ فِي الْمَسَائِلِ الْفِقْهِيَّةِ الْمُشْكِلَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا أَقْتَصِرُ فِي تَخْرِيجِهَا عَلَى الْجَبْرِ وَالْمُقَابَلَةِ بَلْ أَذْكُرُ نُبَذًا مِنَ الطُّرُقِ الْغَرِيبَةِ كَالْخَطَأَيْنِ وَالدِّينَارِ وَغَيْرِهِمَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بثمرة هَذَا النّظر تتخرج الْمسَائِل وَهِي خَمْسَة أَنْوَاع (النَّوْع الأول مسَائِل الْوَصَايَا) وَفِيهِ خَمْسَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً الْأُولَى لَهُ خَمْسُ بَنِينٍ وَأَوْصَى بِتَكْمِلَةِ رُبُعِ مَالِهِ بِنَصِيبِ أَحَدِهِمْ لِأَنَّ نَصِيبَ أَحَدِهِمْ دُونَ الرُّبُعِ فَالْفَاضِلُ هُوَ الْوَصِيَّةُ وَحِسَابُهَا بِالْجَبْرِ أَنْ تَأْخُذ مَا لَا ترفع رُبُعِهِ لِلْمُوصَى لَهُ وَتَرُدُّ مِنْهُ نَصِيبًا فَيَحْصُلُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ مَالٍ وَنَصِيبٌ مُسْتَرْجَعٌ مِنْ رُبُعٍ وَهَذَا يَعْدِلُ خَمْسَةَ أَنْصِبَاءَ فَيَكْفِي النَّصِيبُ الَّذِي مَعنا

(طريقة المقادير)

بِنَصِيبٍ قِصَاصًا فَتَبْقَى ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ مَالٍ تَعْدِلُ أَرْبَعَةَ أَنْصِبَاءَ تَبْسُطُ الْجَمِيعَ أَرْبَاعًا تَضْرِبُ كُلَّ وَاحِدٍ فِي أَرْبَعَةٍ تَبْلُغُ الْأَنْصِبَاءُ سِتَّةَ عَشَرَ وَتَبْلُغُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ ثَلَاثَةٍ فَتَقْلِبُ الْعِبَارَةَ وَتَقُولُ الْمَالُ سِتَّةَ عَشَرَ وَالنَّصِيبُ ثَلَاثَةٌ ثُمَّ تَأْخُذُ رُبُعَ الْمَالِ أَرْبَعَةً تَطْرَحُ مِنْهُ نَصِيبًا وَهُوَ ثَلَاثَةٌ يَبْقَى سَهْمٌ هُوَ التَّكْمِلَةُ الْمُوصَى بِهَا ادْفَعْهُ لِلْمُوصَى لَهُ يَبْقَى خَمْسَةَ عَشَرَ بَيْنَ الْبَنِينَ الْخَمْسَةِ ثَلَاثَةً ثَلَاثَةً وَهُوَ النَّصِيبُ الْخَارِجُ (طَرِيقَةُ الْمَقَادِيرِ) تَأْخُذُ رُبُعَ الْمَالِ يُلْقَى مِنْهُ نَصِيبٌ يَبْقَى مِقْدَارٌ هُوَ التَّكْمِلَةُ وَإِذَا أَعْطَيْنَا مِنْ كُلِّ رُبُعٍ نَصِيبًا فَضَلَ مِثْلُ مَا فَضَلَ مِنَ الرُّبُعِ الْأَوَّلِ فَيَحْصُلُ مِنَ الْأَرْبَاعِ الْبَاقِيَةِ ثَلَاثَةُ مَقَادِيرَ وَمَعَنَا مِقْدَارٌ مِنَ الرُّبُعِ الأول وتوفرت أَربع بَنِينَ وَفضل أَربع مَقَادِيرَ يُسَلَّمُ مِقْدَارٌ لِلْوَصِيَّةِ يَبْقَى نَصِيبُ ابْنٍ لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا تُسَلَّمُ لَهُ الْمَقَادِيرُ الثَّلَاثَةُ فَيَحْصُلُ أَنَّ كُلَّ نَصِيبٍ ثَلَاثَةٌ وَكُنَّا جَعْلَنَا رُبُعَ الْمَالِ نَصِيبًا وَمِقْدَارًا فَيَظْهَرُ أَنَّ رُبُعَ الْمَالِ وَالْمَالَ سِتَّةَ عَشَرَ وَالنَّصِيبَ ثَلَاثَةٌ وَالتَّكْمِلَةَ سَهْمٌ (طَرِيقَةُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ) تَجْعَلُ رُبُعَ الْمَالِ دِينَارًا وَدِرْهَمًا النَّصِيبَ دِينَارًا وَالتَّكْمِلَةَ دِرْهَمًا تَدْفَعُ الدِّرْهَمَ لِلْوَصِيَّةِ يَبْقَى مِنْ أَرْبَاعِ الْمَالِ أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ وَثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ يَأْخُذُ أَرْبَعَةُ بَنِينَ أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ تَبْقَى ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ فِي يَدِ الِابْنِ الْخَامِسِ وَهِيَ قِيمَةُ الدِّينَارِ فَتَجْعَلُ كُلَّ رُبُعٍ أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ ثَلَاثَةٌ لِلنَّصِيبِ وَوَاحِدٌ لِلتَّكْمِلَةِ (طَرِيقَةُ الْخَطَأَيْنِ) وَهِيَ طَرِيقَةُ قُدَمَاءِ الْحُكَمَاءِ وَتُذْكَرُ عَلَى وَجْهَيْنِ يُسَمَّى أَحَدُهُمَا الْخَطَأَ الْأَكْبَرَ وَهُوَ أَنْ يُخْطِئَ خَطَأَيْنِ ثُمَّ يَخْرُجُ الصَّوَابُ مِنْ بَيْنِهِمَا وَالْخَطَأُ الْأَصْغَرُ وَهُوَ الَّذِي يُخْرِجُ الصَّوَابَ بِخَطَأٍ وَاحِدٍ فَتَجْعَلُ رُبُعَ الْمَالِ اثْنَيْنِ وَالتَّكْمِلَةُ بَيْنَهُمَا وَالنَّصِيبُ وَاحِدٌ وَجُمْلَةُ الْمَالِ حِينَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ لِلْوَصِيَّةِ سَهْمٌ يَبْقَى مِنْ هَذَا الرُّبُعِ وَاحِدٌ وَهُوَ الَّذِي قَدَّرْنَاهُ نَصِيبًا تَضُمُّهُ إِلَى ثَلَاثَةِ الْأَرْبَاعِ تَصِيرُ سَبْعَةً وَكَانَ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ خَمْسَةً لِيَأْخُذَ كُلُّ ابْنٍ سَهْمًا كَمَا قَرَّرْنَاهُ فِي الرُّبُعِ الْأَوَّلِ فَفَضَلَ عَنْ

الْوَاجِبِ اثْنَانِ فَهُوَ الْخَطَأُ الْأَوَّلُ وَهُوَ زَائِدٌ فَاحْفَظْهُ ثُمَّ تَجْعَلُ الْمَالَ إِنْ شِئْتَ اثْنَيْ عَشَرَ وَفِيهِ ثَلَاثَةٌ لِلتَّكْمِلَةِ مِنْهَا وَاحِدٌ وَالنَّصِيبُ اثْنَانِ تَدْفَعُ التَّكْمِلَةَ لِلْوَصِيَّةِ يَبْقَى أَحَدَ عَشَرَ وَكَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يَبْقَى عَشَرَةٌ لِيَأْخُذَ كُلُّ ابْنٍ سَهْمَيْنِ مِثْلَ النَّصِيبِ الْمَفْرُوضِ مِنَ الرُّبُعِ فَزَادَ سَهْمٌ وَهُوَ الْخَطَأُ الثَّانِي وَهُوَ زَائِدٌ أَيْضًا فَيُحَطُّ الْخَطَأُ الثَّانِي مِنَ الْخَطَأِ الْأَوَّلِ لِتَجَانُسِهِمَا فِي الزِّيَادَةِ يَبْقَى وَاحِدٌ وَهُوَ الْمَقْسُومُ عَلَيْهِ فَاحْفَظْهُ ثُمَّ اضْرِبِ الْمَالَ الْأَوَّلَ وَهُوَ ثَمَانِيَةٌ فِي الْخَطَأِ الثَّانِي وَهُوَ وَاحِدٌ بِثَمَانِيَةٍ وَاضْرِبِ الْمَالَ الثَّانِيَ وَهُوَ اثْنَا عَشَرَ فِي الْخَطَأِ الْأَوَّلِ وَهُوَ اثْنَانِ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ فَتَحُطُّ الْأَقَل من الْأَكْثَر يبْقى سِتَّة عشر اقسمها عَلَى الْوَاحِدِ الْمَحْفُوظِ يَخْرُجُ سِتَّةَ عَشَرَ وَهُوَ الْمَالُ وَإِنْ أَرَدْتَ النَّصِيبَ فَاضْرِبِ النَّصِيبَ الْأَوَّلَ وَهُوَ وَاحِدٌ فِي الْخَطَأِ الثَّانِي وَهُوَ وَاحِدٌ يَكُونُ وَاحِدًا وَاضْرِبِ النَّصِيبَ الثَّانِيَ وَهُوَ اثْنَانِ فِي الْخَطَأِ الْأَوَّلِ وَهُوَ اثْنَانِ تَكُونُ أَرْبَعَةً فَانْقُصِ الْأَقَلَّ مِنَ الْأَكْثَرِ تَبْقَى ثَلَاثَةٌ اقْسِمْهَا عَلَى الْوَاحِدِ الْمَحْفُوظِ يَخْرُجُ ثَلَاثَةٌ وَهُوَ النَّصِيبُ بِالْأَعْمَالِ الْمُتَقَدِّمَةِ الثَّانِيَةُ تَرَكَ أَرْبَعَةَ بَنِينَ وَبِنْتًا وَأَوْصَى بِتَكْمِلَةِ رُبُعِ مَالِهِ بِنَصِيبِ أَحَدِ الْبَنِينَ خُذْ رُبُعَ الْمَالِ أَلْقِ مِنْهُ نَصِيبَيْنِ فَإِنَّ لِكُلِّ ابْنٍ سَهْمَيْنِ وَزِدِ النَّصِيبَيْنِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الْمَالِ تَحْصُلُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ مَالٍ وَنَصِيبَانِ أَسْقِطْ نَصِيبَيْنِ بِنَصِيبَيْنِ الْجِنْسَ بِجِنْسِهِ قِصَاصًا يَبْقَى ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ مَالٍ تَعْدِلُ سَبْعَةَ أَنْصِبَاءَ ابْسُطْهَا أَرْبَاعًا وَاقْلِبْ الِاسْمَ فِيهَا يَبْقَى الْمَالُ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ وَالنَّصِيبُ ثَلَاثَةً وَرُبُعُ الْمَالِ سَبْعَةً ادْفَعْ سَبْعَةً لِلْوَصِيَّةِ وَاسْتَرْجِعْ مِنْهَا نَصِيبَيْنِ وَذَلِكَ سِتَّةٌ يَبْقَى سَهْمٌ وَهُوَ التَّكْمِلَةُ وَيَبْقَى مِنَ الْمَالِ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ لِكُلِّ ابْنٍ سِتَّةٌ وَلِلْبِنْتِ ثَلَاثَةٌ وَهُوَ مَعَ التَّكْمِلَةِ سَبْعَةٌ وَهُوَ رُبُعُ الْمَالِ الثَّالِثَة ترى خمس بَنِينَ وَأَوْصَى بِعُشْرِ مَالِهِ وَلِآخَرَ بِتَكْمِلَةِ الرُّبُعِ بِنَصِيبِ أَحَدِ بَنِيهِ فَطَرِيقُ الْجَبْرِ تَأْخُذُ مَالًا تَطْرَحُ مِنْهُ عَشَرَةً ثُمَّ رُبُعَ الْمَالِ وَتَرُدُّ مِنْهُ نَصِيبًا يَبْقَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ عِشْرِينَ جُزْءًا مِنَ الْمَالِ وَنَصِيبٌ لِأَنَّ الْعِشْرِينَ هِيَ أَقَلُّ عَدَدٍ يَكْفِي فِي الْعُشْرِ وَالرُّبُعِ وَالرَّدِّ وَذَلِكَ يَعْدِلُ خَمْسَةَ أَنْصِبَاءَ فَتُلْقِي نَصِيبًا بِنَصِيبٍ قِصَاصًا يَبْقَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ عِشْرِينَ جُزْءًا مِنْ مَالٍ تَعْدِلُ أَرْبَعَةَ

أَنْصِبَاءَ تَبْسُطُهَا بِأَجْزَاءِ الْعِشْرِينَ وَتَقُولُ بَعْدَ قَلْبِ الِاسْمِ الْمَالُ ثَمَانُونَ وَالنَّصِيبُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ فَتُعْطِي مِنَ الْمَالِ لِلْوَصِيَّةِ عُشْرَهُ وَهُوَ ثَمَانِيَةٌ ثُمَّ رُبُعَ الْمَالِ وَهُوَ عِشْرُونَ فَتُلْقِي مِنْهُ النَّصِيبَ تَقْدِيرًا وَهُوَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ تَبْقَى سَبْعَةٌ وَهِيَ التَّكْمِلَةُ وَالْوَصِيَّتَانِ خَمْسَةَ عَشَرَ ثَمَانِيَةٌ وَسَبْعَةٌ تُلْقِيهِمَا مِنَ الْمَالِ يَبْقَى خَمْسَةٌ وَسِتُّونَ لِكُلِّ ابْنٍ ثَلَاثَةَ عَشَرَ طَرِيقَةُ الْخَطَأَيْنِ تَجْعَلُ لِلْمَالِ عِشْرِينَ لِأَنَّهُ أَقَلُّ عَدَدٍ يُحَصِّلُ ذَلِكَ تُخْرِجُ عَشْرَةً لِلْوَصِيَّةِ الْأُولَى وَرُبُعُ الْمَالِ وَهُوَ خَمْسَةٌ وَتَجْعَلُ النَّصِيبَ إِنْ شِئْتَ ثَلَاثَةً وَتَدْفَعُ اثْنَيْنِ لِصَاحِبِ التَّكْمِلَةِ تَبْقَى سِتَّةَ عَشَرَ وَكَانَ الْوَاجِبُ أَنْ تَبْقَى خَمْسَةَ عَشَرَ لِيَأْخُذَ كُلُّ ابْنٍ ثَلَاثَةً مِثْلَ النَّصِيبِ الَّذِي قَدَّرْنَاهُ زَادَ وَاحِدًا وَهُوَ الْخَطَأُ الْأَوَّلُ فَالْخَطَأُ زَائِدٌ فَاحْفَظْهُ ثُمَّ اجْعَلِ الْمَالَ أَرْبَعِينَ وَادْفَعْ عُشْرَهَا أَرْبَعَةً وَرُبُعَهَا عَشَرَةً وَالنَّصِيبَ خَمْسَةً وَالتَّكْمِلَةَ الْخَمْسَةَ الْبَاقِيَةَ مِنَ الرُّبُعِ فَالْوَصِيَّتَانِ تِسْعَةٌ أَلْقِهَا مِنَ الْمَالِ يَبْقَى أَحَدٌ وَثَلَاثُونَ وَكَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يَبْقَى خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ لِتَنْقَسِمَ لِكُلِّ ابْنٍ خَمْسَةٌ مِثْلَ النَّصِيبِ الْمَفْرُوضِ زَادَ سِتَّةٌ وَهُوَ الْخَطَأُ الثَّانِي زَائِدٌ أَيْضًا أَلْقِ مِنْهُ الْخَطَأَ الْأَوَّلَ يَبْقَى خَمْسَةٌ احْفَظْهَا فَهِيَ الْمَقْسُومُ عَلَيْهَا فَإِنْ أَرَدْتَ الْمَالَ ضَرَبْتَ الْمَالَ الْأَوَّلَ فِي الْخَطَأِ الثَّانِي وَالْمَالَ الثَّانِيَ فِي الْخَطَأِ الْأَوَّلِ وَنَقَصْتَ أَقَلَّ الْمَبْلَغَيْنِ مِنْ أكثرهما يبْقى ثَمَانُون اقسمهما عَلَى الْخَمْسَةِ الْمَحْفُوظَةِ يَخْرُجُ سِتَّةَ عَشَرَ هِيَ الْمَالُ وَإِنْ أَرَدْتَ النَّصِيبَ ضَرَبْتَ النَّصِيبَ الْأَوَّلَ فِي الْخَطَأِ الثَّانِي وَالنَّصِيبَ الثَّانِيَ فِي الْخَطَأِ الْأَوَّلِ وَنَقَصْتَ الْأَقَلَّ مِنَ الْأَكْثَرِ تَبْقَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ اقْسِمْهَا عَلَى الْخَمْسَةِ يَخْرُجُ اثْنَانِ وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسٍ وَهُوَ النَّصِيبُ وَإِنْ أَرَدْتَ إِسْقَاطَ الْكَسْرِ بَسَطْتَ الْمَالَ وَالنَّصِيبَ أَخْمَاسًا فَيَصِيرُ الْمَالُ ثَمَانِينَ وَالنَّصِيبُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ طَرِيقَةُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ تَفْرِضُ ربع المَال دِينَارا ودرهما تدفع درهما تَدْفَعُ دِرْهَمًا لِلتَّكْمِلَةِ يَبْقَى مِنَ الْمَالِ أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ وَثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ لِلْوَصِيَّةِ الْأُخْرَى عُشْرُ الْمَالِ وَتُقَدِّرُهُ كَامِلًا لِيَخْرُجَ الْعُشْرُ كَامِلًا فَالْعُشْرُ أَرْبَعَةُ أَعْشَارِ دِينَارٍ وَأَرْبَعَةُ أَعْشَارِ دِرْهَمٍ تَبْقَى ثَلَاثَةُ دَنَانِيرَ وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ دِينَارٍ أَوْ تَقُولُ سِتَّةَ أعشار دِينَار

وَتبقى ثَلَاثَة أَخْمَاس دِرْهَم غير أَن أَخْرَجْنَا التَّكْمِلَةَ دِرْهَمًا الْبَاقِي ثَلَاثَةُ دَنَانِيرَ وَثَلَاثَةُ أَخْمَاس دِينَار ودرهمان وَثَلَاثَة أَخْمَاس دِرْهَم وَذَلِكَ يعدل خَمْسَة دَنَانِير أَنْصِبَاءَ الْبَنِينَ فَتُسْقِطُ الْجِنْسَ مِنَ الْجِنْسِ يَبْقَى مِنَ الْأَنْصِبَاءِ دِينَارٌ وَخُمُسَانِ يَعْدِلُ درهمن وَثَلَاثَةَ أَخْمَاسِ دِرْهَمٍ تَبْسُطُهَا أَخْمَاسًا وَتَقْلِبُ الْعِبَارَةَ فَالدِّينَارُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَهُوَ النَّصِيبُ وَالدِّرْهَمُ سَبْعَةٌ وَهُوَ التكملة وهما رُبُعُ الْمَالِ وَذَلِكَ عِشْرُونَ وَالْمَالُ ثَمَانُونَ طَرِيقَةُ الْمَقَادِيرِ تُلْقِي مِنْ رُبُعِ الْمَالِ نَصِيبًا وَتَدْفَعُ الْمِقْدَارَ الْبَاقِيَ لِلتَّكْمِلَةِ يَبْقَى ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَالِ تَدْفَعُ لِكُلِّ ابْنٍ مِنْ كُلِّ رُبُعٍ نَصِيبًا يَبْقَى فِيهَا ثَلَاثَةُ مَقَادِيرَ تُلْقِي مِنْهَا عُشْرَ الْمَالِ وَقَدْ كَانَ رُبُعُهُ نَصِيبًا وَمِقْدَارًا فَالْمَالُ أَرْبَعَةُ أَنْصِبَاءَ وَأَرْبَعَةُ مَقَادِيرَ وَعُشْرُ جَمِيعِ الْمَالِ أَرْبَعَةُ أَعْشَارِ نَصِيبٍ وَأَرْبَعَةُ أَعْشَارِ مِقْدَارٍ تُلْقِي ذَلِكَ مِنْ ثَلَاثَةِ مَقَادِيرَ وَتُسْقِطُ مِنَ الْجِنْسِ يَبْقَى مِقْدَارَانِ وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ مِقْدَارٍ إِلَّا خُمُسَيْ نَصِيبٍ وَهُوَ أَوْجَزُ مِنْ أَنْ تَقُولَ إِلَّا أَرْبَعَةَ أَعْشَارِ نَصِيبٍ وَذَلِكَ يَعْدِلُ نَصِيبًا وَهُوَ نصيب الابْن الْخَامِس الَّذِي لم أَخذ شَيْئًا فَتَجْبُرُ الْمِقْدَارَيْنِ وَثَلَاثَةَ أَخْمَاسِ مِقْدَارٍ بِخُمُسِ نَصِيبٍ وَهُوَ الْمُسْتَثْنَى وَيَزْدَادُ عَلَى عَدِيلِهِ مِثْلُهُ فَيصير نصيب وخمسان فِي مُقَابَلَةِ مِقْدَارَيْنِ وَثَلَاثَةِ أَخْمَاسِ مِقْدَارٍ تَبْسُطُهَا أَخْمَاسًا وَتَقْلِبُ الْعِبَارَةَ فَيَصِيرُ النَّصِيبُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ والمقدار سَبْعَة وَهِي التَّكْمِلَةُ وَهِيَ مَعَ النَّصِيبِ عِشْرُونَ وَالْمَالُ ثَمَانُونَ الرَّابِعَةُ لَهُ سَبْعَةُ بَنِينَ وَأَوْصَى بِتَكْمِلَةِ رُبُعِ مَالِهِ بِنَصِيبِ أَحَدِهِمْ إِلَّا عُشْرَ الْبَاقِي مِنَ الْمَالِ فَطَرِيقُ الْحَيِّزِ تُسَلِّمُ رُبُعَ مَالِ الْمُوصَي لَهُ بِالتَّكْمِلَةِ وَتَسْتَرْجِعُ نَصِيبًا يَبْقَى رُبُعُ مَالِ الْأَنْصِبَاءِ وَهُوَ التَّكْمِلَةُ تَدْفَعُهَا لِلْمُوصَي لَهُ بِهَا وَتُضِيفُ النَّصِيبَ لِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الْمَالِ وَتَسْتَرْجِعُ مِنَ التَّكْمِلَةِ مِثْلَ عُشْرِ ذَلِكَ وَتُضِيفُهُ أَيْضًا وَذَلِكَ سَهْمٌ مِنْ أَرْبَعِينَ لِمَكَانِ الرُّبُعِ وَالْعُشْرِ وَثَلَاثَةِ الْأَرْبَاعِ مَعَ النَّصِيبِ الْمُسْتَرْجَعِ مِنَ التَّكْمِلَةِ ثَلَاثُونَ وَنَصِيبٌ وَعُشْرُ ذَلِكَ ثَلَاثَةٌ وَعُشْرُ نَصِيبٍ فَتَسْتَرِدُّ مِنْ صَاحِبِ التَّكْمِلَةِ ثَلَاثَةً وَعُشْرَ نَصِيبٍ تَبْقَى ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ جُزْءًا مِنْ أَرْبَعِينَ وَنَصِيبٌ وَعُشْرُ نَصِيبٍ تَعْدِلُ سَبْعَةَ أَنْصِبَاءَ تُسْقِطُ النَّصِيبَ وَالْعُشْرَ بِمِثْلِهِ قِصَاصًا تَبْقَى ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ فِي

مُقَابَلَةِ خَمْسَةِ أَنْصِبَاءَ وَتِسْعَةِ أَعْشَارِ نَصِيبٍ فَتَضْرِبُ الْجَمِيعَ فِي مَخْرَجِ أَجْزَاءِ الْمَالِ وَهُوَ أَرْبَعُونَ فَيَصِيرُ الْمَالُ مِئَتَيْنِ وَسِتَّةً وَثَلَاثِينَ وَالنَّصِيبُ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَامْتَحِنْهُ بِأَخْذِ رُبُعِ الْمَالِ وَهُوَ تِسْعَةٌ وَخَمْسُونَ أَسْقِطْ مِنْهُ نَصِيبًا وَهُوَ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ تَبْقَى سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ وَهِيَ التَّكْمِلَةُ وَتُسْقِطُهَا مِنَ الْمَالِ تَقْدِيرًا يَبْقَى مِائَتَانِ وَعَشَرَةٌ تُسْقِطُ عُشْرَهَا وَهُوَ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ مِنَ التَّكْمِلَةِ يَبْقَى مِنْهَا خَمْسَة وَفِي الْوَصِيَّة يبْقى من المَال مئتان وَأَحَدٌ وَثَلَاثُونَ بَيْنَ سَبْعَةِ بَنِينَ لِكُلِّ وَاحِدٍ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ طَرِيقُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ تَجْعَلُ رُبُعَ الْمَالِ دِينَارًا وَدِرْهَمًا فَالدِّينَارُ نَصِيبٌ وَالتَّكْمِلَةُ دِرْهَمٌ تَدْفَعُ الدِّرْهَمَ فِيهَا يَبْقَى مِنَ الْمَالِ أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ وَثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ تَسْتَرْجِعُ عُشْرَهَا مِنَ التَّكْمِلَةِ وَتَزِيدُ الْمُسْتَرْجَعَ عَلَى بَاقِي الْمَالِ يَبْلُغُ أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ وَأَرْبَعَةَ أَعْشَارِ دِينَارٍ وَثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ وَثَلَاثَةَ أَعْشَارِ دِرْهَمٍ تَبْسُطُ الْمَبْلَغَ بِعَدْلِ سَبْعَةِ دَنَانِيرَ أَنْصِبَاءِ الْبَنِينَ وَتُسْقِطُ الْجِنْسَ مِنَ الْجِنْسِ يَبْقَى دِينَارَانِ وَسِتَّةُ أَعْشَارِ دِينَارٍ تَعْدِلُ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ وَثَلَاثَةَ أَعْشَارِ دِرْهَمٍ تَبْسُطُهَا أَعْشَارًا يَصِيرُ الدِّينَارُ وَسِتَّةُ الْأَعْشَارِ سِتَّةً وَعِشْرِينَ وَالدِّرْهَمُ ثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ فَتَقْلِبُ الْعِبَارَةَ فَيَكُونُ الدِّينَارُ ثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ وَهُوَ النَّصِيبُ وَالدِّرْهَمُ سِتَّةً وَعِشْرِينَ وَهِيَ التَّكْمِلَةُ وَقَدْ لَا يَحْتَاجُ طَرِيقُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ إِلَى قَلْبِ الْعِبَارَةِ وَمَتَى احْتَاجَ فَقَدْ وَقَعَتْ فِي الْجَبْرِ وَالْعِبَارَةُ فِيهَا مُسْتَعَارَةٌ مِنْ حُكْمِ الْجَبْرِ إِذَا قَلَبْنَا الْعِبَارَةَ أَنْ تَجْعَلَ النَّصِيبَ أَجْزَاءَ وَالْعَدَدَ أَمْوَالًا وَالْمَالَ نَصِيبًا فَتَقُولُ الدِّينَارُ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَهِيَ النَّصِيبُ وَالدِّرْهَمُ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ وَهِيَ التَّكْمِلَةُ وَهُمَا رُبُعُ الْمَالِ وَمَجْمُوعُهُمَا تِسْعَةٌ وَخَمْسُونَ الْخَامِسَةُ أَرْبَعَةُ بَنِينَ وَأَوْصَى بِتَكْمِلَةِ ثُلُثِ مَالِهِ بِنَصِيبِ أَحَدِهِمْ إِلَّا تَكْمِلَةَ رُبُعِ مَالِهِ بِالنَّصِيبِ فَتَبْدَأُ بِطَرِيقِ الْجَبْرِ فَتَأْخُذُ ثُلُثَ مَالٍ تَنْقُصُ مِنْهُ نَصِيبًا يَبْقَى ثُلُثُ مَالٍ إِلَّا نَصِيبًا وَهَذَا تَكْمِلَةُ الثُّلُثِ فَاحْفَظْهَا ثُمَّ خُذْ رُبُعَ مَالٍ وَانَقُصْ مِنْهُ نَصِيبًا يَبْقَى رُبُعُ مَالٍ إِلَّا نَصِيبًا وَهَذِهِ تَكْمِلَةُ الرُّبُعِ أَنْقِصْهَا مِنْ تَكْمِلَةِ الثُّلُثِ وَهُوَ ثُلُثُ مَالٍ إِلَّا نَصِيبًا يَبْقَى نِصْفُ سُدُسِ مَالٍ وَتُسْقِطُ الِاسْتِثْنَاءَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ أَنَّ النَّفْيَ إِذَا أُضِيفَ إِلَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ صَارَ إِثْبَاتًا فَيَثْبُتُ نَصِيبٌ بِسَبَبِ إِضَافَةِ رُبُعِ مَالٍ إِلَّا نَصِيبًا

إِلَى ثُلُثِ مَالٍ إِلَّا نَصِيبًا فَيُجْبَرُ مَا فِي ثُلُثِ الْمَالِ مِنَ اسْتِثْنَاءِ النَّصِيبِ بِمَا اقْتَضَتْهُ الْإِضَافَةُ فَيَبْقَى نِصْفُ سُدُسِ مَالٍ فَيَسْقُطُ مِنَ الْمَالِ فَيَبْقَى أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنَ اثْنَيْ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ مَالٍ يَعْدِلُ أَرْبَعَةَ أَنْصِبَاءَ اضْرِبِ الْجَمِيعَ فِي مَخْرَجِ أَجْزَاءِ الْمَالِ وَهُوَ اثْنَا عَشَرَ وَاقْلِبِ الْعِبَارَةَ فَيَصِيرُ الْمَالُ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ وَالنَّصِيبَ أَحَدَ عَشَرَ وَامْتَحِنْهُ بِأَنَّ ثُلُثَ الْمَالِ سِتَّةَ عَشَرَ يَخْرُجُ مِنْهُ النَّصِيبُ أَحَدَ عَشَرَ تَبْقَى خَمْسَةٌ ثُمَّ تَأْخُذُ رُبُعَ الْمَالِ اثْنَا عَشَرَ تُلْقِي مِنْهُ النَّصِيبَ وَهُوَ أَحَدَ عَشَرَ يَبْقَى وَاحِدٌ وَهُوَ تَكْمِلَةُ الرُّبُعِ أَسْقِطْ التَّكْمِلَةَ مِنَ التَّكْمِلَةِ الْمَحْفُوظَةِ تَبْقَى أَرْبَعَةٌ هِيَ الْوَصِيَّةُ وَفِي نصب سُدُسِ الْمَالِ أَسْقِطْهَا مِنَ الْمَالِ وَهُوَ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ تَبْقَى أَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ لِكُلِّ ابْنٍ أَحَدَ عَشَرَ السَّادِسَةُ ثَلَاثَةُ بَنِينَ وَأَوْصَى بِجَذْرِ نَصِيبِ ابْنٍ لِعَمِّهِ وَبِجَذْرِ جَمِيعِ الْمَالِ لِخَالِهِ فَتَجْعَلُ وَصِيَّةَ الْعَمِّ جِذْرًا وَنَصِيبَ كُلِّ ابْنٍ مَالًا لِأَنَّ الْجَذْرَ هُوَ مَا إِذَا ضُرِبَ فِي نَفْسِهِ رُدَّ مَالًا وَأَمَّا وَصِيَّةُ الْخَالِ فَفِيهَا اصْطِلَاحٌ لِلْحِسَابِ حَمَلُوهُ عَلَى جِذْرَيْنِ نَظَرًا لِصُورَةِ اللَّفْظِ لَا لِمَعْنَى الْأَمْوَالِ وَجَعَلُوا الْمَالَ كُلَّهُ أَرْبَعَةَ أَمْوَالٍ لِأَنَّ اثْنَيْنِ لَا يَكُونُ إِلَّا جَذْرَ أَرْبَعَةٍ وَاللُّغَةُ تَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ أَوْصَى لَهُ بِأَصْلِ الْمَالِ وَهُوَ أَقَلُّ مَا يُتَمَوَّلُ لِأَنَّ الْجَذْرَ لُغَةً الْأَصْلُ وَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ أَوْصَى بِمُعْتَبَرٍ بَلْ بِحَقِيرٍ جِدًّا وَظَاهِرُ اللَّفْظِ خِلَافُهُ فَيُحْمَلُ عَلَى اصْطِلَاحِ الْحِسَابِ لَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِأَنَّ اصْطِلَاحَهُمْ فِي جَذْرِ الْمَالِ هُوَ الَّذِي إِذَا ضُرِبَ فِي نَفْسِهِ قَامَ المَال وَذَلِكَ لَا يخْتَص بِاثْنَيْنِ فَحِينَئِذٍ هَذَا اصْطِلَاح خَاص بِالْوَصِيَّةِ إِذَا جُمِعَ بَيْنَ جِذْرَيْنِ هَكَذَا فَإِنْ أفرد جذرا النَّصِيبَ عَمِلُوا النَّصِيبَ مَجْذُورًا وَأَعْطَوْا جِذْرَهُ وَجَعَلُوا كُلَّ نَصِيبٍ مَالًا وَقَالُوا فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَمْوَالٍ مَثَلًا إِنْ كَانَ الْبَنُونَ ثَلَاثَةً وَيَزِيدُونَ عَلَى الْأَمْوَالِ الْجَذْرَ الْمُوصَى بِهِ فَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ وَجَذْرُهُ وَيُكْمِلُونَ الْعَمَلَ كَمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَيَكُونُ الْمَالُ كُلُّهُ أَرْبَعَةَ أَمْوَالٍ وَالْوَصِيَّتَانِ ثَلَاثَةَ أَجْذَارٍ انْقُصْهَا مِنَ الْمَالِ تَبْقَى أَرْبَعَةُ أَمْوَالٍ إِلَّا ثَلَاثَةَ جُذُورٍ وَذَلِكَ يَعْدِلُ أَنْصِبَاءَ الْوَرَثَةِ وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَمْوَالٍ لِأَنَّ نَصِيبَ كُلِّ ابْنٍ مَالٌ فَتَجْبُرُ الْأَمْوَالَ الْأَرْبَعَةَ بِثَلَاثَةِ جُذُورٍ وَتَزِيدُ عَلَى عَدِيلِهَا مِثْلَهَا وَتُسْقِطُ الْجِنْسَ بِالْجِنْسِ يَبْقَى مَالٌ قُبَالَةَ ثَلَاثَةِ جُذُورٍ وَهَذَا يَقْتَضِي فِي قَاعِدَةِ

الْجَبْرِ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ تِسْعَةً لِأَنَّ تَقْدِيرَ الْكَلَامِ مَالٌ يَعْدِلُ ثَلَاثَةَ أَجْذَارٍ فَالْمَالُ تِسْعَةٌ وَجَذْرُهُ ثَلَاثَةٌ وَقَدْ قَدَّرْنَا أَرْبَعَةَ أَمْوَالٍ كُلُّ مَالٍ تِسْعَةٌ مَجْمُوعُهَا سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ تُسْقِطُ مِنَ الْمَالِ وَصِيَّةَ الْعَمِّ وَهُوَ جَذْرُ مَالٍ مِنَ الْأَمْوَالِ ثَلَاثَةٌ وَوَصِيَّةُ الْخَالِ جِذْرَانِ سِتَّةٌ وَهِيَ جَذْرُ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ يَبْقَى مِنَ الْمَالِ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ لِكُلِّ ابْنٍ تِسْعَةٌ فَإِنْ أَوْصَى لِعَمِّهِ بِجذرِ نَصِيبِ ابْنٍ وَلِخَالِهِ بِجَذْرِ مَا بَقِيَ مِنْ مَالِهِ فَوَصِيَّةُ الْعَمِّ تَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ نَصِيبُ كُلِّ ابْنٍ مَالًا فَأَنْصِبَاؤُهُمْ ثَلَاثَةُ أَمْوَالٍ فَاحْفَظْ ذَلِكَ وَاجْعَلِ الْبَاقِيَ مِنَ الْمَالِ بَعْدَ جَذْرِ نَصِيبٍ أَمْوَالًا لَهَا جِذْرٌ فَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ تِسْعَةَ أَمْوَالٍ فَجُمْلَةُ التَّرِكَةِ تِسْعَةُ أَمْوَالٍ وَجِذْرٌ تُسْقِطُ وَصِيَّةَ الْعَمِّ جِذْرًا وَوَصِيَّةَ الْخَالِ ثَلَاثَة أجذار لِأَنَّهَا جذر سَعَة أَمْوَالِ الْبَاقِي بَعْدَ وَصِيَّةِ الْعَمِّ نَظَرًا لِلَّفْظِ لَا لِمَعْنَى الْأَمْوَالِ لِأَنَّ ثَلَاثَةَ جَذْرُ تِسْعَةِ أَمْوَالٍ مِنْ حَيْثُ الْعَدَدِ فَقَطْ هَذَا مَعْنَى هَذَا الْبَابِ فِي اصْطِلَاحِ الْحِسَابِ فَتَبْقَى تِسْعَةُ أَمْوَالٍ إِلَّا ثَلَاثَةَ أَجْذَارٍ تَعْدِلُ أَنْصِبَاءُ الْوَرَثَةِ ثَلَاثَةَ أَمْوَالٍ لِأَنَّ نَصِيبَ كُلِّ ابْنٍ قُدِّرَ مَالًا فَيُجْبَرُ وَيُقَابَلُ فَتُسْقِطُ الْمِثْلَ بِالْمِثْلِ يَبْقَى سِتَّةُ أَمْوَالٍ تَعْدِلُ ثَلَاثَةَ أَجْذَارٍ فَالْمَالُ يَعْدِلُ نِصْفَ جِذْرٍ فَخُذْ هَذَا اللَّفْظَ وَقُلِ الْجَذْرُ نِصْفَ سَهْمٍ فَإِذَا كَانَ الْجَذْرُ نِصْفًا فَالْمَالُ رُبُعٌ وَقَدْ كَانَتِ التَّرِكَةُ تِسْعَةَ أَمْوَالٍ وَجِذْرًا وَكُلُّ مَالٍ رُبُعًا فَالْجُمْلَةُ دِرْهَمَانِ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ درهما تَدْفَعُ لِلْعَمِّ جَذْرَ النَّصِيبِ نِصْفَ دِرْهَمٍ يَبْقَى درهما وَرُبُعٌ جَذْرُهَا وَوَصِيَّةُ الْخَالِ دِرْهَمٌ وَنِصْفٌ فَالْوَصِيَّتَانِ دِرْهَمَانِ الْبَاقِي ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ دِرْهَمٍ يُدْفَعُ لِكُلِّ ابْنٍ رُبُعٌ وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ اصْطِلَاحُ الْحِسَابِ وَإِلَّا فَيَتَعَذَّرُ فِي الْفِقْهِ أَنْ يَكُونَ لِلْمُوصَى لَهُ بِجَذْرِ نَصِيبٍ نِصْفُ دِرْهَمٍ وَيَكُونُ النَّصِيبُ رُبُعَ دِرْهَم السَّابِعَة أوصى لأربعة بأَرْبعَة أعينا قِيمَةُ كُلِّ عَيْنٍ دِرْهَمٌ فَسُلِّمَتْ إِلَيْهِمْ قَبْلَ الْكَشْفِ فَوُجِدَتِ التَّرِكَةُ تِسْعَةً تَعَيَّنَ أَنْ يَرُدَّ كُلٌّ رُبُعَ مَا مَعَهُ وَجَدْنَا أَحَدَهُمْ مُعْسِرًا مُسْتَهْلِكًا مَا أَخَذَهُ قُلْنَا لِلْمُوصَى لَهُمْ وَلِلْوَرَثَةِ بَقِيَ مِنْ جُمْلَةِ التَّرِكَةِ

رُبُعُ دِرْهَمٍ دَيْنًا وَكُنَّا أَوَّلًا نَقْسِمُ عَلَيْكُمْ عَيْنًا فَقَطْ يَنُوبُ كُلَّ مُوصًى لَهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ دِرْهَمٍ نَقْسِمُ عَلَيْكُمْ عَيْنًا وَدَيْنًا فَيَنُوبُ كُلَّ مُوصًى لَهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ دِرْهَمٍ إِلَّا ثُلُثَ الثُّلُثِ مِنَ الرُّبُعِ الْمُنْكَسِرِ فَيَكُونُ الَّذِي يُنْتَزَعُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ أَكْثَرَ مِنَ الرُّبُعِ فَيُرَدُّ الدَّيْنُ وَإِذَا زَادَ كَثُرَ الْجُزْءُ الَّذِي يُرْجَعُ بِهِ فَيَزِيدُ الدَّيْنُ وَكُلَّمَا زَادَ زَادَ الْجُزْءُ فَيَلْزَمُ الدَّوْرُ طَرِيقُ الْجَبْرِ أَنْ تَجْعَلَ الدَّيْنَ شَيْئًا لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ فَتَكُونُ التَّرِكَةُ تِسْعَةً إِلَّا شَيْئًا ثُلُثُهَا ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ إِلَّا ثُلُثَ شَيْءٍ فَيَكُونُ نَصِيبُ الْمُفْلِسِ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ دِرْهَمٍ إِلَّا نِصْفَ سُدُسِ شَيْءٍ وَيَكُونُ الدَّيْنُ الَّذِي يَجِبُ الرُّجُوعُ بِهِ عَلَيْهِ رُبُعَ دِرْهَمٍ وَنِصْفَ سدس شَيْء وَهُوَ يعدل شَيْئا فتؤل الْمَسْأَلَةُ إِلَى الْأُولَى مِنَ الْمُفْرَدَاتِ الثَّلَاثِ أَشْيَاءَ تَعْدِلُ عَدَدًا فَتُسْقِطُ الْمُتَجَانِسَ بِمِثْلِهِ فَيَسْقُطُ نِصْفُ سُدُسِ شَيْءٍ بِمِثْلِهِ مِنَ الشَّيْءِ يَبْقَى مِنَ الشَّيْء ثُلُثَاهُ وربعه بعدله رُبُعُ دِرْهَمٍ فَتَقْسِمُهُ عَلَى ثُلُثَيْنِ وَرُبُعِ شَيْءٍ بِأَنْ تَأْخُذَ عَدَدًا لَهُ ثُلُثٌ وَرُبُعٌ وَأَقَلُّ ذَلِكَ اثْنَا عَشَرَ تَضْرِبُهَا فِي رُبُعٍ وَهُوَ الْمَقْسُومُ فَيَكُونُ الْخَارِجُ بِالضَّرْبِ ثَلَاثَةً وَتَضْرِبُهَا فِي ثُلُثَيْنِ وَرُبُعٍ فَيَكُونُ الْخَارِجُ بِالضَّرْبِ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنَ اثْنَيْ عَشَرَ وَإِذَا قَسَمْنَا ثَلَاثَةً يَكُونُ الْخَارِجُ ثَلَاثَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ دِرْهَمٍ وَهُوَ جُمْلَةُ الدَّيْنِ فَيَكُونُ نَصِيبُ الْمُعْسِرِ مِنَ الدِّرْهَمِ الَّذِي قَبَضَهُ ثَمَانِيَةَ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ وَالدَّيْنُ الثَّابِتُ عَنْهُ ثَلَاثَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا وَامْتِحَانُ ذَلِكَ أَنَّا إِذَا ضَرَبْنَا الْأَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ فِي أَحَدَ عَشَرَ يَحْصُلُ أَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ فَإِذَا أَسْقَطْنَا مِنَ الْمَقْبُوضِ لِكُلِّ وَاحِدٍ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ كَانَ السَّاقِطُ لَهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَأَرْبَعِينَ وَيَفْضُلُ بِأَيْدِيهِمْ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ عَلَى أَرْبَعَةٍ ثَمَانِيَةً ثَمَانِيَةً فَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْحَاصِلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِمَّا قَبَضَهُ ثَمَانِيَةٌ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ وَالَّذِي يُسْتَرْجَعُ مِنْ يَدِهِ ثَلَاثَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ وَانْقَطَعَ الدَّوْرُ الثَّامِنَةُ أَرْبَعَةُ بَنِينَ وَأَوْصَى بِتَكْمِلَةِ ثُلُثِ مَالِهِ بِنَصِيبِ أَحَدِهِمْ وَدِرْهَمٍ وَلِآخَرَ بِثُلُثِ مَا بَقِيَ مِنْ رُبُعِهِ إِلَّا دِرْهَمًا بَعْدَ إِخْرَاجِ الْوَصِيَّةِ مِنْهُ وَمَعْنَى الْوَصِيَّةِ الْأُولَى أَنْ تَأْخُذَ نَصِيبًا وَدِرْهَمًا ثُمَّ التَّكْمِلَةَ مَعَ الْمُوصَى بِهَا فَيُعْطَى الْمُوصَى لَهُ

ثُلُثَ الْمَالِ وَيُرَدُّ مِنْهُ نَصِيبًا وَدِرْهَمًا وَبَيْنَ الثُّلُثِ وَالرُّبُعِ نِصْفُ سُدُسٍ تُلْقِيهِ يَبْقَى نَصِيبُهُ وَدِرْهَمٌ إِلَّا نِصْفَ سُدُسِ الْمَالِ لِلْوَصِيَّةِ الثَّانِيَةِ ثُلُثُ ذَلِكَ إِلَّا دِرْهَمًا يَبْقَى ثُلُثَا نَصِيبٍ وَدِرْهَمٌ وَثُلُثَا دِرْهَمٍ إِلَّا نِصْفَ تُسْعِ مَالٍ وَيُعْتَبَرُ ذَلِكَ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ سُدُسُهَا ثَلَاثَةٌ وَتُسُعُهَا اثْنَانِ وَنِصْفُ سُدُسِهَا وَاحِدٌ وَنِصْفٌ وَثُلُثَا ذَلِكَ وَاحِدٌ وَهُوَ نِصْفُ التُّسْعِ فَتَزِيدُ ذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الْمَالِ يَكُونُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ جُزْءًا مِنْ مَالٍ وَثُلُثَا نَصِيبٍ وَدِرْهَمٌ وَثُلُثُ دِرْهَمٍ وَأَخَذْنَا سِتَّةً وَثَلَاثِينَ لِلْحَاجَةِ لِلسُّدُسِ وَسُدُسِ السُّدُسِ وَالتُّسْعِ وَالرُّبُعِ وَالثُّلُثِ وَثَلَاثَةِ أَرْبَاعٍ وَهَذَا الْمَبْلَغُ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ وَلَمَّا ضَمَمْنَا مَا كَانَ مِنَ الْوَصِيَّتَيْنِ إِلَى هَذَا الْمَبْلَغِ وَكَانَ مَعَنَا نُقْصَانُ نِصْفِ تُسْعٍ وَهُوَ سَهْمَانِ مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ فَحَطَطْنَاهُ مِمَّا مَعَنَا بَقِيَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ تَعْدِلُ أَرْبَعَةَ أَنْصِبَاءَ أَسْقِطْ ثُلُثَ نَصِيبٍ وَالدِّرْهَمَ وَالثُّلُثَيْ دِرْهَمٍ تَبْقَى ثَلَاثَةُ أَنْصِبَاءَ وَثُلُثُ نَصِيبٍ إِلَّا دِرْهَمًا وَثُلُثَيْ دِرْهَمٍ تَعْدِلُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ مِنْ مَالٍ كَمِّلْ أَجْزَاءَ الْمَالِ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ فَتَكُونُ التَّكْمِلَةُ خُمُسًا خَمْسَةً وَعِشْرِينَ وَخُمُسَ خُمُسِهَا فَتَزِيدُ عَلَى الْأَنْصِبَاءِ وَالْكَسْرِ مَعَ مَا فِيهَا من الْأَشْيَاء كَذَلِك فتصبر أَرْبَعَةَ أَنْصِبَاءَ وَأَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ نَصِيبٍ إِلَّا دِرْهَمَيْنِ وَخُمُسَيْنِ لِأَنَّا زِدْنَا سِتَّةَ أَخْمَاسٍ مَكَانَ ثَلَاثَةِ أَنْصِبَاءَ فَيَبْقَى خُمُسٌ وَثُلُثُ خُمُسٍ فَتَطْلُبُ ذَلِكَ مِنْ خَمْسِينَ لِاحْتِيَاجِنَا لِثُلُثِ الْخُمُسِ لِمَكَانِ ثُلُثِ النَّصِيب الَّذِي مَعنا وخمسا الْخَمِيس عِشْرُونَ وَخُمُسُ خُمُسِهَا اثْنَانِ تَزِيدُ هَذَا عَلَى الْخَمْسِينَ يَصِيرُ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ وَقَدَّرْنَا كُلَّ نَصِيبٍ فِي الْأَصْلِ خَمْسَةَ عَشَرَ وَالثُّلُثَ خَمْسَةَ عَشَرَ ثلثه خَمْسَةٌ ثُمَّ زِدْنَا خُمُسَ هَذَا الْمَبْلَغِ وَخُمُسَ خمسه وَهُوَ اثْنَان وَعِشْرُونَ وفهو نَصِيبٌ وَسَبْعَةٌ فَإِذَا جَمَعْنَا الْجَمِيعَ وَجَدْتَهُ أَرْبَعَةَ أَنْصِبَاءَ وَأَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ نَصِيبٍ ثُمَّ يَزْدَادُ الِاسْتِثْنَاءُ عَلَى حَسَبِ زِيَادَةِ الْمَالِ عَلَى هَذِهِ النِّسْبَةِ وَقَدْ كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ الْأَوَّلُ دِرْهَمًا وَثُلُثَيْ دِرْهَمٍ فَتَبْلُغُ دِرْهَمَيْنِ وَخُمُسَيْنِ فَتَطْلُبُ عَدَدًا إِذَا ضَرَبْنَاهُ فِي أَرْبَعَة وَأَرْبَعَة أَخْمَاس يكون إِذا نقصت مِنْهُ الدِّرْهَمَيْنِ وَالْخُمُسَيْنِ يَبْقَى عَدَدًا صَحِيحًا لِأَنَّ مَعَنَا اسْتِثْنَاءَ الدِّرْهَمِ وَزِيَادَةً فَتَضْرِبُ أَرْبَعَةً وَأَرْبَعَةَ أَخْمَاسٍ فِي ثَلَاثَةٍ تَبْلُغُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ

وَخمسين فَإِذا نقصت مِنْهُ دِرْهَمَيْنِ وَخُمُسَيْنِ بَقِيَ اثْنَا عَشَرَ وَلَكِنْ لَا تَصِحُّ الْقِسْمَةُ مِنْهَا لِأَنَّ كُلَّ نَصِيبٍ ثَلَاثَةٌ مَعَ الْوَصَايَا فَاضْرِبْ فِي عَدَدٍ هُوَ ثَمَانِيَةٌ تَبْلُغُ ثَمَانِيَةً وَثَلَاثِينَ وَخُمُسَيْنِ فَإِذَا نَقَصْتَ دِرْهَمَيْنِ وَخُمُسَيْنِ بَقِيَ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ دِرْهَمًا فَمِنْهَا تَصِحُّ وَبَانَ أَنَّ النَّصِيبَ ثَمَانِيَةٌ وَامْتِحَانُهُ يَكُونُ ثُلُثَ هَذَا الْمَالِ اثْنَا عَشَرَ تُلْقِي مِنْهُ نَصِيبًا وَدِرْهَمًا يَبْقَى ثَلَاثَةٌ وَرُبُعُ الْمَالِ تِسْعَةٌ تُلْقِي هَذِهِ الثَّلَاثَةَ مِنْهَا وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ هِيَ الْوَصِيَّةُ الْأُولَى فَإِنَّهَا التَّكْمِلَةُ بَعْدَ النَّصِيبِ وَالدِّرْهَمِ وَإِذَا حَطَطْنَاهَا مِنَ الرُّبُعِ وَهُوَ تِسْعَةٌ تَبْقَى سِتَّةٌ فَلِلْوَصِيَّةِ الثَّانِيَةِ ثُلُثُهَا إِلَّا دِرْهَمًا فَلَهَا دِرْهَمٌ يَبْقَى مِنَ الرُّبُعِ خَمْسَةٌ تَزِيدُهَا عَلَى أَرْبَاعِ الْمَالِ وَهُوَ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ تَبْلُغُ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ لِكُلِّ ابْنٍ ثَمَانِيَةٌ التَّاسِعَةُ ثَلَاثَةُ بَنِينَ وَأَوْصَى بِأَنْ يَكُونَ الْمُوصَى لَهُ رَابِعًا مَعَهُمْ وَهَذَا هُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أَوْصَى بِنَصِيبِ أَحَدِهِمْ وَعِنْدَنَا يَكُونُ قَدْ أَوْصَى بِالثُّلُثِ لِأَنَّهُمْ ثَلَاثَةٌ وَكَذَلِكَ عِنْدَنَا فِي جَمِيعِ الْوَرَثَةِ إِذَا أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِهِ إِنَّمَا يُعْطَى مَا كَانَ يُعْطَاهُ الْوَارِثُ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ وَالشَّافِعِيُّ يَجْعَلَهُ وَارِثًا آخَرَ مَعَهُمْ فَيَحْصُلُ لَهُ الرُّبُعُ مَثَلًا فِي وَصِيَّةٍ فِيهَا ثَلَاثَةُ بَنِينَ أَمَّا إِذَا قَالَ يَكُونُ مَعَهُمْ رَابِعًا يَحْصُلُ الِاتِّفَاقُ عَلَى الرُّبُعِ فَإِذَا أَوْصَى مَعَ ذَلِكَ لِآخَرَ بِعُشْرِ مَا تَبَقَّى مِنْ مَالِهِ بَعْدَ النَّصِيبِ فَتَجْعَلُ التَّرِكَةَ مَالًا بِمَعْنَى شَيْءٍ لَا بِمَعْنَى أَنَّهُ مَجْذُورٌ وَتُخْرِجُ مِنْهُ نَصِيبًا يَبْقَى مَالٌ إِلَّا نَصِيبًا يَخْرُجُ مِنَ الْبَاقِي عَشْرَةٌ لِوَصِيَّةِ الْعُشْرِ تَبْقَى تِسْعَةُ أَعْشَارِ مَالٍ إِلَّا تِسْعَةَ أَعْشَارِ نَصِيبٍ يَعْدِلُ نَصِيبَ الْبَنِينَ تَجْبُرُهُ بِتِسْعَةِ أَعْشَارِ نَصِيبٍ وَتَزِيدُ مِثْلَ ذَلِكَ عَلَى الْمُعَادِلِ لَهُ يَصِيرُ تِسْعَةَ أَعْشَارِ مَالٍ تَعْدِلُ ثَلَاثَةَ أَنْصِبَاءَ وَتِسْعَةَ أَعْشَارِ نَصِيبٍ ثُمَّ تَجْبُرُ الْمَالَ بِتِسْعَةٍ وَتَزِيدُ عَلَى مُعَادِلِهِ مِثْلَ ذَلِكَ فَيَصِيرُ مَالًا يَعْدِلُ أَرْبَعَةَ أَنْصِبَاءَ وَثُلُثًا وَلَمَّا كَانَ الْمَقْصُودُ هُوَ معرفَة النَّصِيب الْوَاحِد دُونَ الْمَالِ بَسَطْنَا الْأَنْصِبَاءَ أَثْلَاثًا وَالْمَالَ أَيْضًا لِلتَّسْوِيَةِ فَتَصِيرُ ثَلَاثَةً تَعْدِلُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ ثُمَّ تَقْلِبُ الْعِبَارَةَ فَتَجْعَلُ النَّصِيبَ ثَلَاثَةً وَالْمَالَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ فَيَتَعَيَّنُ النَّصِيبُ الْمُوصَى بِهِ ثَلَاثَةً وَالتَّرِكَةُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ فَيَخْرُجُ النَّصِيبُ يَبْقَى عَشَرَةٌ يَخْرُجُ عُشْرُهَا لِلْوَصِيَّةِ الثَّانِيَةِ تَبْقَى تِسْعَةٌ لِكُلِّ ابْنٍ ثَلَاثَةٌ مِثْلَ الْمُوصَى لَهُ وَيَحْتَاجُ لِتَعْلِيلِ الْقَلْبِ فِي

الْعِبَارَةِ لِأَنَّ ظَاهِرَ أَمْرِنَا فِيهِ التَّحَكُّمُ فَنَقُولُ لَوْ قَسَمْنَا ثَلَاثَةَ عَشَرَ عَلَى ثَلَاثَةٍ خَرَجَ أَرْبَعَةٌ وَثُلُثٌ وَلَنَا قَاعِدَةٌ مُبَرْهَنَةٌ أَنَّ نِسْبَةَ الْوَاحِدِ أَبَدًا إِلَى الْخَارِجِ بِالْقِسْمَةِ كَنِسْبَةِ الْمَقْسُومِ عَلَيْهِ إِلَى الْمَقْسُومِ فَتَكُونُ نِسْبَةُ الْوَاحِدِ إِلَى الْخَارِجِ هَاهُنَا نِسْبَةَ الرُّبُعِ وَثُلُثِ الرُّبُعِ فَيَكُونُ الْمَقْسُومُ عَلَيْهِ رُبُعَ الْمَقْسُومِ وَثُلُثَ رُبُعِهِ لَكِنَّ الْمَقْسُومَ هَاهُنَا أَنْصِبَاءُ فَيَكُونُ الْوَاحِدُ نَصِيبًا فَتَكُونُ نِسْبَةُ النَّصِيبِ الْوَاحِدِ مِنَ الْأَنْصِبَاءِ الْخَارِجَةِ بِالْقِسْمَةِ كَنِسْبَةِ الْمَقْسُومِ عَلَيْهِ لِلْمَقْسُومِ فَيَكُونُ النَّصِيبُ الْوَاحِدُ مُمَاثِلًا لِلْمَقْسُومِ عَلَيْهِ الَّذِي هُوَ جُمْلَةُ الْمَالِ فِي النِّسْبَةِ وَجُمْلَةُ الْأَنْصِبَاءِ مُمَاثِلَةٌ لِلْخَارِجِ بِالْقِسْمَةِ فِي النِّسْبَة فلنا أَن نُقِيم أحد المتماثلين مقَام الآخر فنقيم النَّصِيب الْوَاحِد مقَام المَال وَهُوَ ثَلَاثَة وَنُقِيم الْمَقْسُومَ الَّذِي هُوَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ مَقَامَ الْخَارِجِ بِالْقِسْمَةِ الَّذِي هُوَ أَرْبَعَةٌ وَثُلُثٌ فَنَقُولُ النَّصِيبُ ثَلَاثَةٌ وَالْمَالُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ فَهَذَا وَجْهُ الْقَلْبِ والتحويل وَهُوَ من السرَار عِلْمِ النِّسْبَةِ وَهُوَ عِلْمٌ جَلِيلٌ أَعْظَمُ مِنْ عِلْمِ الْحِسَابِ أَوْ نَقُولُ الْمَطْلُوبُ مِنْ هَذَا إِنَّمَا هُوَ النِّسْبَةُ فَإِنَّ الْجَهَالَةَ إِنَّمَا وَقَعَتْ فِيهَا وَالْوَاحد مَعَ الْخَارِج بِالْقِسْمَةِ مساويان فِي النِّسْبَةِ لِلْمَقْسُومِ عَلَيْهِ الَّذِي هُوَ الْمَالُ والمقسوم الَّذِي هُوَ جملَة الْأَنْصِبَاء فمخرج الجزئين مسَاوٍ لمخرج الجزئين فِي النِّسْبَةِ بَيْنَهُمَا فَلَنَا أَنْ نُقِيمَ أَيَّ مَجْمُوع شَيْئا مَقَامَ الْآخَرِ عَمَلًا بِالتَّمَاثُلِ فِي النِّسْبَةِ فَنُقِيمُ الْوَاحِدَ مَقَامَ الْمَالِ وَنُقِيمُ الْخَارِجَ بِالْقِسْمَةِ مَقَامَ الْأَنْصِبَاءِ لَكِنَّ الْخَارِجَ بِالْقِسْمَةِ مُسَاوٍ لِلْمَالِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فَيَكُونُ كَلَامُنَا فِي النَّصِيبِ الْوَاحِدِ وَالْمَالِ كَكَلَامِنَا فِي الْمَالِ وَجُمْلَةِ الْأَنْصِبَاءِ وَيَبْقَى اسْمُ الْعَدَدِ عَلَى حَالِهِ لِأَنَّهُ قَدْ وَقَعَتِ النِّسْبَةُ هَذَا إِذَا كَانَتِ الْقِسْمَةُ عَلَى أَكْثَرِ مِنْ مَالٍ حَتَّى يَكُونَ الْخَارِجُ بِالْقِسْمَةِ أَقَلَّ مِنَ الْمَقْسُومِ أَمَّا عَلَى مَالٍ وَاحِدٍ وَلَا قِسْمَةَ عَلَى الْوَاحِدِ يَخْرُجُ جُمْلَةُ الْمَقْسُومِ وَالْجُمْلَةُ وَاحِدَةٌ وَالْمَقْسُومُ عَلَيْهِ وَاحِدٌ وَالْخَارِجُ بِالْقِسْمَةِ وَاحِدٌ وَنسبَة الْوَاحِد للْوَاحِد كنسبة الْوَاحِد نِسْبَةَ التَّمَاثُلِ فَقَدْ حَصَلَ التَّسَاوِي فِي

النِّسْبَةِ أَيْضًا فَيَحْصُلُ الْمَقْصُودُ مِنْ صِحَّةِ إِقَامَةِ كل وَاحِد من هذَيْن الجزئين مقَام الجزنشن الآخرين بِعَين مَا ذَكَرْنَاهُ الْعَاشِرَةُ ثَلَاثَةُ بَنِينَ وَأَوْصَى بِأَنْ يَكُونَ أَجْنَبِيٌّ رَابِعًا مَعَهُمْ وَلِآخَرَ بِثُلُثِ مَا بَقِيَ مِنَ الثُّلُثِ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ الْأُولَى فَلِبَعْضِهِمْ طَرِيقٌ سَهْلٌ أَنْ يُقِيمَ مَخْرَجَ الثُّلُثِ ثَلَاثَةً وَيَضْرِبَهَا فِي ثَلَاثَةٍ لِاحْتِيَاجِهِ لِثُلُثِ الثُّلُثِ تَبْلُغُ تِسْعَةً تَحُطُّ مِنْهَا سَهْمًا وَاحِدًا أَبَدًا وَمِنْ عَدَدِ الْبَنِينَ اثْنَيْنِ أَبَدًا وَتَقْسِمُ بَاقِيَ التِّسْعَةِ عَلَى مَنْ بَقِيَ مِنَ الْوَرَثَةِ وَهُوَ وَاحِدٌ فَيَحْصُلُ لَهُ الثَّمَانِيَةُ وَهُوَ النَّصِيبُ الْمَطْلُوبُ فَيَكُونُ ثُلُثُ ثُلُثِ الْمَالِ ثَمَانِيَةً وَثَلَاثَةً فَجُمْلَةُ الْمَالِ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَمِنْهُ تَصِحُّ وَتَعْلِيلُهُ أَنَّ ضَرْبَ ثَلَاثَةٍ فِي ثَلَاثَةٍ لِذِكْرِهِ ثُلُثَ الثُّلُثِ تَطَلَّبَ عَدَدًا كَذَلِكَ وَأَقَلُّهُ تِسْعَةٌ وَلَوْ قَالَ رُبُعَ ثُلُثٍ ضَرَبْتَ أَرْبَعَةً فِي ثَلَاثَةٍ أَوْ خُمُسَ الثُّلُث ضربت خَمْسَة فِي ثَلَاثَة لتحصل الْكَسْرِ الْمُسَمَّى وَأَسْقَطَ مِنَ الْمُتَحَصِّلِ وَاحِدًا وَاحِدًا لِعِلْمِهِ بِأَنَّهُ أَوْصَى بِوَاحِدٍ مِنَ التِّسْعَةِ وَهُوَ ثُلُثُ الثُّلُثِ فَأَخْرِجْهُ إِذْ لَا بُدَّ مِنْ إِخْرَاجِهِ وَاقْسِمِ الْبَاقِيَ عَلَى الْبَاقِي مِنَ الْبَنِينَ دُونَ الْوَصَايَا لِتَعَيُّنِ إِعْرَاضِهِ عَنِ الْمُوصَى بِهِ حَتَّى لَوْ أَوْصَى بِثُلُثَيْ مَا يَبْقَى مِنَ الثُّلُث ألقِي مِنَ الْمُتَحَصِّلِ سَهْمَانِ وَكَذَلِكَ كُلَّمَا زَادَ عَدَدُ الْمُوصَى بِهِ زَادَ الَّذِي نُسْقِطُهُ عَلَى نِسْبَتِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْصَى بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الثُّلُثِ أَسْقَطَ بَعْدَ الضَّرْبِ ثَلَاثَةً وَإِنَّمَا أَسْقَطَ مِنْ عَدَدِ الْوَرَثَة اثْنَيْنِ لِأَنَّهُ قصد أَن يجر بِالْعَمَلِ لِمَا عَدَا الْوَصَايَا وَمَا يُمَاثِلُهَا وَهُوَ كُلُّ وَاحِدٍ مِمَّنْ أُوصِيَ لَهُ بِأَنْ يَكُونَ زَائِدًا فِي عَدَدِ الْوَرَثَةِ لَكِنَّهُ لَمْ يُعَمِّمْ ذَلِكَ بَلِ اقْتَصَرَ عَلَى اثْنَيْنِ مِنَ الْأَبْنَاءِ بِسَبَبِ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَفْرُوضَةٌ فِي أَنَّ الْوَصِيَّتَيْنِ فِي الثُّلُثِ فَيَكُونُ أَجْزَاءُ الْمَالِ ثَلَاثَةً لِأَجْلِ ذِكْرِ الثُّلُث الوصيتان مِنْ أَحَدِ الْأَثْلَاثِ فَإِذَا أَخْرَجَا أَحَدَ الْأَبْنَاءِ مِنَ الثُّلُثَيْنِ الْآخَرَيْنِ نَصِيبَيْنِ لِاثْنَيْنِ فَلِذَلِكَ أَسْقَطْنَا ابْنَيْنِ فَقَطْ لِأَنَّ الْقَصْدَ قَصْرُ الْعَمَلِ فِي غير الْوَصَايَا وَمَا يتتبعها لِلتَّسْهِيلِ فَلَوْ فَرَضْنَا الْوَصِيَّةَ بِثُلُثِ مَا يَبْقَى مِنَ الرُّبُعِ فَيَكُونُ النَّصِيبُ فِي الرُّبُعِ فَيَكُونُ فِي الْمَالِ أَرْبَعَةُ أَنْصِبَاءَ وَاحِدٌ لِلْمُوصَى لَهُ وَثَلَاثَةٌ لِلْبَنِينَ الثَّلَاثَةِ فَتُسْقِطُ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةً لِمَا ذَكَرْنَاهُ وَالضَّابِطُ أَنَّا نُسْقِطُ مِنْ عَدَدِ الْبَنِينَ أَوِ الْوَرَثَةِ أَقَلَّ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَالِ بِوَاحِدٍ أَبَدًا

فَإِنْ كَانَتِ الْوَصِيَّةُ فِي الْخُمْسِ أَسْقَطْنَا أَرْبَعَةً أَوِ السُّدْسِ أَسْقَطْنَا خَمْسَةً وَإِذَا أَعْرَضْنَا عَنِ الْوَصَايَا وَمَا يَتْبَعُهَا فَضَلَ مَعَنَا الْأَجْزَاءُ الْكَائِنَةُ فِي كُلِّ ثُلُثٍ مَعَ النَّصِيبِ وَهِيَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَفْرُوضَةِ ثَمَانِيَةٌ لِأَنَّ الثَّلَاثَةَ الَّتِي فِي ثُلُثِ الْوَصِيَّةِ ذَهَبَ مِنْهَا وَاحِدٌ لِلْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الثُّلُثِ وَهُوَ الْوَاحِدُ الَّذِي أَسْقَطْنَاهُ مِنَ التِّسْعَةِ بَقِيَ اثْنَانِ مَعَ سِتَّةٍ فِي الثُّلُثَيْنِ الْآخَرَيْنِ تَكُونُ ثَمَانِيَةً هِيَ نَصِيبُ الْوَارِثِ وَهُوَ الْوَلَدُ الثَّالِثُ لِإِسْقَاطِنَا مَا يَسْتَحِقُّ غَيْرُهُ فَأَسْقَطْنَا ثَلَاثَةً أَيْضًا مِنَ الثَّلَاثَةِ أَثْلَاثٍ لِإِسْقَاطِنَا ابْنَيْنِ مَعَ الْوَصَايَا فَإِنَّ الْوَارِثَ الْفَاضِلَ بَعْدَ الْإِسْقَاطِ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ قَسَّمْنَا الْفَاضِلَ بَيْنَهُمَا فَمَا نَابَ الْوَارِثَ الْوَاحِدَ كَيْفَ كَانَ وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ فَهُوَ مُمَاثِلٌ لِلنَّصِيبِ الْمُوصَى بِهِ لِأَنَّ الْمَجْهُولَ يَتْبَعُ الْمَعْلُومَ وَلَمَّا كَانَ نَصِيبُ الْوَارِثِ الْحَاصِلُ لَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَمَانِيَةً عَلِمْنَا أَنَّ النَّصِيبَ ثَمَانِيَةٌ فَتُضَمُّ إِلَيْهَا ثَلَاثَةٌ لِأَجْلِ الْوَصِيَّةِ الثَّانِيَةِ بِثُلُثِ الثُّلُثِ فَيَكُونُ الثُّلُثُ أَحَدَ عَشَرَ فَيَكُونُ الْمَالُ ثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ وَهِيَ طَرِيقَةٌ سَهْلَةٌ لِاسْتِخْرَاجِ الْمَجْهُولَاتِ عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِ الْكُسُورِ الْمُوصِي بِهَا وَلَهَا شَرْطٌ وَاحِدٌ وَهُوَ اسْتِوَاءُ أَنْصِبَاءِ الْوَرَثَةِ أَوْ يَخْتَلِفُ وَيُمْكِنُ أَنْ تَجْعَلَ كُلَّ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ وَثَلَاثَةٍ بِمَنْزِلَةِ وَاحِدٍ لِتَسْتَوِيَ السِّهَامُ ثُمَّ تَضْرِبُ الْمَسْأَلَةَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي عَدَدِ أُولَئِكَ الْوَرَثَةِ الَّذِينَ جَعَلْنَاهُمْ كَوَارِثٍ وَمِنْهَا تَصِحُّ وَتَحْرِيرُ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ أَنْ تَضْرِبَ مَخْرَجَ الْجُزْءِ الْمُوصَى بِهِ ثَانِيًا فِي مَخْرَجِ الْجُزْءِ مِنَ الْمَالِ الَّذِي جُعِلَتِ الْوَصَايَا فِيهِ وَتُسْقِطَ مِنَ الْمُتَحَصِّلِ عَدَدَ أَجْزَاءِ الْوَصِيَّةِ الثَّانِيَةِ أَبَدًا ثُمَّ تُسْقِطَ مِنْ عَدَدِ الْوَرَثَةِ بِعَدَدِ أَجْزَاءِ الْمَالِ إِلَّا وَاحِدًا أَبَدًا وَالْفَاضِلُ مِنَ الْمَضْرُوبِ الْمُتَحَصِّلِ مِنَ الضَّرْبِ تَقْسِمُهُ عَلَى بَاقِي الْوَرَثَةِ وَاحِدًا كَانَ أَوْ أَكْثَرَ فَمَا نَابَ الْوَاحِدَ مِنْهُمْ فَهُوَ مُسَاوٍ لِلنَّصِيبِ رُدَّ عَلَيْهِ الْعَدَدُ الَّذِي تُخْرَجُ مِنْهُ الْوَصِيَّةُ الثَّانِيَةُ يَكُونُ الْجَمِيعُ ثُلُثَ الْمَالِ اضْرِبْهُ فِي ثَلَاثَةٍ يَخْرُجُ جُمْلَةُ الْمَالِ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ تَرَكَ ابْنًا وَأَوْصَى بِأَنْ يَكُونَ الْمُوصَى لَهُ ابْنًا مَعَ ابْنِهِ إِلَّا نصف المَال قَالَ: بَعضهم الْوَصِيَّة بَاطِل لِأَن الْوَصِيَّة اقْتَضَت النّصْف باستثناء النّصْف

اسْتِثْنَاءٌ لِلْكُلِّ مِنَ الْكُلِّ وَهُوَ بَاطِلٌ فَيَبْطُلُ الِاسْتِثْنَاء وَالْوَصِيَّة وَكَذَلِكَ إِذَا تَرَكَ ابْنَيْنِ وَقَالَ إِلَّا ثُلُثَ الْمَالِ أَوْ ثَلَاثَةً وَقَالَ إِلَّا رُبْعَ الْمَالِ وَقَالَ حِسَابُ الْجَبْرِ الْوَصِيَّةُ وَالِاسْتِثْنَاءُ صَحِيحَانِ بِأَنْ تَجْعَلَ التَّرِكَةَ مَالًا وَالْمُوصَى بِهِ نَصِيبًا أَبَدًا وتستثنيه من المَال فَيكون مَال إِلَّا نَصِيبًا كَأَنَّا أَعْطَيْنَاهُ الْمُوصَى لَهُ ثُمَّ تَسْتَرْجِعُ مِنْهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى مِثْلَ نِصْفِ الْمَالِ فَيَصِيرُ مَالًا إِلَّا نِصْفَ مَالٍ إِلَّا نَصِيبًا يَعْدِلُ نَصِيبَ الِابْنِ تَجْبُرُهُ بِنَصِيبٍ وَتَزِيدُ عَلَى مُقَابِلِهِ مِثْلَهُ يَصِيرُ مَالًا وَنِصْفًا يَعْدِلُ نَصِيبين فتبسطها أَنْصَافًا يَكُونُ النَّصِيبَانِ أَرْبَعَةً وَالْمَالُ وَالنِّصْفُ ثَلَاثَةً فَتَقْلِبُ الْعِبَارَةَ وَتُحَوِّلُ فَيَكُونُ الْمَالُ أَرْبَعَةً وَالنَّصِيبُ ثَلَاثَةً وَهَذَا هُوَ النَّصِيبُ الْمُوصَى بِهِ تَسْتَرْجِعُ مِنْهُ نِصْفَ الْمَالِ وَهُوَ اثْنَانِ يَبْقَى لَهُ وَاحِدٌ فَقَدْ صَحَّتِ الْوَصِيَّةُ وَالِاسْتِثْنَاءُ وَاعْلَمْ أَنَّ مُقْتَضَى هَذَا الْعَمَلِ أَلَّا يَفْضُلَ لِلْمُوصَى لَهُ إِلَّا وَاحِد أَبَدًا وَالِامْتِحَانُ يُوَضِّحُهُ لِأَنَّهُ لَوْ تَرَكَ أَرْبَعَةَ بَنِينَ وَأَوْصَى بِخَامِسٍ إِلَّا خُمُسَ الْمَالِ فَتَجْعَلُ التَّرِكَةَ مَالًا وَتُخْرِجُ مِنْهَا نَصِيبًا إِلَّا خُمُسَ الْمَالِ يَبْقَى مَالٌ وَخُمُسٌ إِلَّا نَصِيبًا يَعْدِلُ أَنْصِبَاءَ الْبَنِينَ فَتَجْبُرُ وَتُقَابِلُ فَيَصِيرُ مَالًا وَخُمُسًا يَعْدِلُ خَمْسَةَ أَنْصِبَاءَ فَتَبْسُطُهَا أَخْمَاسًا يَصِيرُ الْمَالُ سِتَّةً وَالْأَنْصِبَاءُ عِشْرِينَ وَتَقْلِبُ وَتُحَوِّلُ يَصِيرُ النَّصِيبُ الْمُوصَى بِهِ سِتَّةً مُسْتَثْنًى مِنْهُ خُمُسُ الْمَالِ وَهُوَ خَمْسَةٌ يَبْقَى بِيَدِهِ وَاحِدٌ وَكَذَلِكَ سَائِرُ مَسَائِلِ هَذَا الْبَابِ فَإِنْ قِيلَ هَبْ أَنَّ الْجَبْرَ وَالْمُقَابَلَةَ أَدَّيَا بِهَذَا الْعَمَلِ إِلَّا أَنَّ الْإِشْكَالَ قَائِمٌ فَإِنَّكُمْ إِنْ جَعَلْتُمُ النَّصِيبَ الْمُوصَى بِهِ قَبْلَ وُرُودِ الِاسْتِثْنَاءِ عَلَيْهِ فِي الْمَسْأَلَةِ الأولى مثلا النّصْف بَطل الِاسْتِثْنَاء إِن أعدمتموه عَلَيْهِ وَإِن أعدمتموه عَلَى أَصْلِ الْمَالِ صَحَّ إِلَّا أَنْ يَبْقَى الْمَعْنَى اسْتَثْنَيْتَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَالِ النِّصْفَ وَالْوَصِيَّةُ فِيمَا عَدَاهُ فَيَسْتَقِيمُ فِي الِابْنِ الْوَاحِدِ فَإِنَّهُ يَحْصُلُ لَهُ مِنَ الْمَالِ سَهْمَانِ خَاصَّانِ بِهِ وَسَهْمٌ آخَرُ مَاثَلَ بِهِ الْمُوصَى لَهُ فَقَدْ صَارَ نِصْفُ الْمَالِ لَا وَصِيَّةَ فِيهِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ وَقَعَتْ فِيهِ الْمُمَاثَلَةُ إِلَّا أَنَّ ذَلِكَ لَا يَتَأَتَّى فِي بَاقِي الصُّوَرِ مَعَ أَنَّ الصِّيَغَ مُتَسَاوِيَةٌ فِي الْمَعْنَى مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مُسَاوٍ لِلْمُوصَى بِهِ

وَبَيَانُهُ أَنَّ الْعَمَلَ أَدَّى فِي صُورَةِ أَرْبَعَةِ بَنِينَ إِلَى أَن جعل للْمُوصى لَهُ سم وَاحِدٌ وَالْمَالُ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فَوَقَعَتِ الْمُمَاثَلَةُ فِي سَهْمَيْنِ مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ وَبَقِيَ ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ مُخْرَجَةٌ عَنِ الْوَصِيَّة وَالْمُسْتَثْنَى كَانَ نَصِيبًا فَقَطْ وَمَعْلُومٌ أَنَّ ثَلَاثَةً وَعِشْرِينَ أَكْثَرُ مِنْ خُمُسِ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ فَبَطَلَ هَذَا الْعَمَلُ وَإِنْ أَعَدْتُمُ الِاسْتِثْنَاءَ عَلَى أَمْرٍ مَجْهُولٍ كَانَ بَاطِلًا لِأَنَّهُ يَحْكُمُ فِي قَوْلِهِ عَلَى غَيْرِ مَعْلُومٍ وَالشَّرِيعَةُ تَأْبَاهُ لِأَنَّ مُقْتَضَاهَا اتِّبَاعُ لَفْظِ الْمُوصِي إِنْ فُهِمَ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَهْمُهُ وَجَبَ التَّوَقُّفُ وَالْبَاحِثُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ لَا بُدَّ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْعَرَبِ فِي الِاسْتِثْنَاءِ وَالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ وَإِتْقَانِ الْحِسَابِ وَمَتَى أَهْمَلَ أَحَدَهَا أَخْطَأَ قُلْنَا الِاسْتِثْنَاءُ عَائِدٌ عَلَى أَقْرَبِ مَذْكُورٍ وَهُوَ قَاعِدَةُ الْعَرَبِ وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَذْكُورٌ مَعْلُومٌ وَلَيْسَ الْكُلُّ مِنَ الْكُلِّ لِأَنَّ الْمُوصِيَ قَالَ أَعْطُوا هَذَا نَصِيبَ وَلَدٍ خَامِسٍ فَيَكُونُ مَعَ أَوْلَادِي الْأَرْبَعَةِ مثلا مماثلا للْوَلَد الْخَامِس فيبعد الِاسْتِثْنَاءُ عَلَى الْمُمَاثَلَةِ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ وَيَكُونُ مَعْنَى الْكَلَامِ مَاثِلُوا بَيْنَ مَا تُعْطُونَهُ لِلْمُوصَى لَهُ وَبَيْنَ الْوَلَدِ الْمُقَدَّرِ زِيَادَتُهُ فِيمَا يَأْخُذُهُ إِلَّا خُمُسَ الْمَالِ وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنَ الْإِيجَابِ نَفْيٌ فَيَكُونُ الْخُمُسُ لَا تَقَعُ الْمُمَاثَلَةُ فِيهِ وَالْمُمَاثَلَةُ وَالْمُخَالَفَةُ ضِدَّانِ لَا وَاسِطَةَ بَيْنَهُمَا وَمَتَى كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ من أحد الضدين لَا وَاسِطَة بنيهما أُضِيفَ الْمُسْتَثْنَى لِلضِّدِّ الْآخَرِ كَقَوْلِنَا كُلُّ الْقَوْمِ مُتَحَرِّكٌ إِلَّا زَيْدًا فَمَعْنَاهُ سَاكِنٌ فَيَصِيرُ مَعْنَى الْكَلَامِ الْوَلَدُ الْمُقَدَّرُ الْخَامِسَ يُخَالِفُ الْمُوصَى لَهُ بِخُمُسِ الْمَالِ وَيُمَاثِلُهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ فَعَلْنَا فَإِنَّ الْمَالَ لَمَّا خَرَجَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَأَعْطَيْنَا الْمُوصَى لَهُ سَهْمًا بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ بَقِيَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ لِأَرْبَعَةِ بَنِينَ سِتَّةً سِتَّةً فَزَادَ الْوَلَدُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِخَمْسَةِ أَسْهُمٍ وَهُوَ خُمُسُ الْمَالِ وَكَذَلِكَ مَسْأَلَةُ الِابْنِ الْوَاحِدِ زَادَ الِابْنُ سَهْمَيْنِ خَالَفَ الْمُوصَى لَهُ بِهِمَا وَمَاثَلَهُ بِالسَّهْمِ الثَّالِثِ فَظَهَرَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ غَيْرُ مُسْتَغْرِقٍ وَصَحَّتِ الْقَوَاعِدُ وَالْعِبَارَةُ الدَّالَّةُ أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ هُوَ الْمُسْتَثْنَى وَجُزْءٌ مِنْ مُخْرَجِهِ أَبَدًا لَمَّا عَلِمْتَ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ لَا يَحْصُلُ لَهُ دَائِمًا فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ إِلَّا سَهْمٌ وَمَتَى أَضَفْتَ سَهْمًا لِلْمُسْتَثْنَى وَهُوَ الْخُمُسُ مَثَلًا كَانَ وَاحِدًا مِنْ خَمْسَةٍ فَالْمُوصَى بِهِ سِتَّةٌ أَوْ تَقُولُ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ هُوَ أَجْزَاءٌ مُسْتَوِيَةٌ إِذَا أُخْرِجَ مِنْهَا الْمُسْتَثْنَى بَقِيَ وَاحِدٌ

وَيَنْبَغِي لِلْعَالِمِ أَنْ يَضْبِطَ هَذِهِ الْمَبَاحِثَ سُؤَالًا وَجَوَابًا فَإِنَّهَا مِنْ نَفَائِسِ الْعِلْمِ وَهِيَ مُشْكِلَةٌ لَا يَصِلُ إِلَيْهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ ثَلَاثَةُ بَنِينَ وَأَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ رَابِعٍ مَعَهُمْ إِلَّا ثُلُثَ مَا يَبْقَى بَعْدَ النَّصِيبِ وَهُوَ مُبَايِنٌ لِقَوْلِهِ إِلَّا ثُلُثَ مَا يَبْقَى بَعْدَ الْوَصِيَّةِ أَوْ إِلَّا ثُلُثَ مَا يَبْقَى وَلَا يَقُولُ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ وَلَا بَعْدَ النَّصِيبِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ مَا يَحْصُلُ لِلْمُوصَى لَهُ بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ وَهِيَ الَّتِي قَصَدَ بِالْوَصِيَّةِ دَفْعَهُ فَيَكُونُ الْبَاقِي بَعْدَهَا أَكْثَرَ مِنَ الْبَاقِي بَعْدَ النَّصِيبِ لِأَنَّ النَّصِيبَ هُوَ الْوَصِيَّةُ مَعَ الِاسْتِثْنَاءِ وَإِذَا أُطْلِقَ احْتَمَلَ النَّصِيبَ وَالْوَصِيَّةَ وَالْأَصْلُ فِي الْأَمْوَالِ الْعِصْمَةُ فِي الْأَقَارِيرِ وَالْوَصَايَا وَغَيْرِهَا فَيُعْطَى الْأَقَلَّ وَاعْلَمْ أَنَّ ثُلُثَ مَا يَبْقَى بَعْدَ الْوَصِيَّةِ يَلْزَمُ مِنْهُ الدَّوْرُ بِسَبَبِ أَنَّ ثُلُثَ مَا يَبْقَى بَعْدَ الْوَصِيَّةِ تَتَوَقَّفُ مَعْرِفَتُهُ عَلَى مَعْرِفَةِ الْوَصِيَّةِ وَمَعْرِفَةُ الْوَصِيَّةِ تَتَوَقَّفُ عَلَى مَعْرِفَةِ مَا يَخْرُجُ بِالِاسْتِثْنَاءِ مِنَ النَّصِيبِ وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْبَاقِي بَعْدَ الْوَصِيَّةِ فَيَلْزَمُ الدَّوْرُ وَطَرِيقُ الْعَمَلِ فِي مِثْلِ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى قَاعِدَةٍ وَهِيَ أَنَّ عُشْرَ مَا يَبْقَى بَعْدَ الْوَصِيَّةِ هُوَ تُسْعُ مَا يَبْقَى بَعْدَ النَّصِيبِ لِأَنَّ هَذَا الْعُشْرَ هُوَ الَّذِي امْتَازَ النَّصِيبُ بِهِ عَنِ الْوَصِيَّةِ فَإِذَا أَضَفْنَاه لِلْوَصِيَّةِ كَانَتْ هِيَ النَّصِيبَ وَإِذَا خَرَجَ عُشْرٌ مِنْ عَشَرَةِ أَعْشَارٍ يَبْقَى تِسْعَةُ أَعْشَارٍ فَيَكُونُ الْخَارِجُ هُوَ تُسْعُ مَا يَبْقَى بَعْدَ النَّصِيبِ وَكَذَلِكَ تُسْعُ مَا يَبْقَى بَعْدَ الْوَصِيَّةِ هُوَ ثُمْنُ مَا يَبْقَى بَعْدَ النَّصِيبِ وَثُمْنُ مَا يَبْقَى بَعْدَ الْوَصِيَّةِ هُوَ سُبُعُ مَا يَبْقَى بَعْدَ النَّصِيبِ وَهَلُمَّ جَرَّا تَأْخُذُ أَبَدًا الْكَسْرَ الْأَعْلَى حَتَّى يَكُونَ نِصْفُ مَا يَبْقَى بَعْدَ الْوَصِيَّةِ هُوَ كُلُّ مَا يَبْقَى بَعْدَ النَّصِيبِ فَإِذَا وَقَعَتْ لَنَا وَصِيَّةٌ بِجُزْءٍ مِمَّا يَبْقَى بَعْدَ الْوَصِيَّةِ نَسْتَخْرِجُهُ بِالْجُزْءِ الَّذِي فَوْقَهُ بَعْدَ النَّصِيبِ فَإِذَا اسْتَخْرَجْنَا نِصْفَ مَا يَبْقَى بَعْدَ النَّصِيبِ فَقَدِ اسْتَخْرَجْنَا ثُلُثَ مَا يَبْقَى بَعْدَ الْوَصِيَّةِ وَاسْتَرَحْنَا مِنَ الدّور

الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ تِسْعَةُ بَنِينَ وَأَوْصَى بِعُشْرِ مَالِهِ وَلِآخَرَ بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنٍ عَاشِرٍ إِلَّا ثُلُثَ مَا يَبْقَى مِنَ الثُّلُثِ بَعْدَ النَّصِيبِ فَتَجْعَلُ ثُلُثَهُ ثَلَاثِينَ لِأَجْلِ الْبَدَاءَةِ بِإِخْرَاجِ الْعُشْرِ ثُمَّ النَّصِيب والاحتاج لِثُلُثِ الْبَاقِي وَأَقَلُّ مَا يَحْصُلُ مِنْهُ ذَلِكَ ثَلَاثُونَ وَالْمَال تسعون ويؤول الْأَمْرُ بَعْدَ الْجَبْرِ وَالْمُقَابَلَةِ إِلَى أَنْ يَكُونَ ثَمَانِيَةً وَثَمَانِينَ جُزْءًا مِنْ تِسْعِينَ جُزْءًا مِنَ المَال يعدل عشرَة أنصباء وَثلث فَتَضْرِبُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي تِسْعِينَ وَتَقْلِبُ وَتُحَوِّلُ فَيَكُونُ النَّصِيبُ ثَمَانِيَةً وَثَمَانِينَ وَالْمَالُ تِسْعَمِائَةٍ وَثَلَاثِينَ وَلَا يَتَغَيَّرُ عَدَدُ الثَّمَانِيَةِ وَثَمَانِينَ بِسَبَبِ الضَّرْبِ فِي تِسْعِينَ فَإِنَّهَا أَجْزَاءٌ مِنْ تِسْعِينَ وَكُلُّ جُزْءٍ مِنْ مَخْرَجٍ إِذَا ضُرِبَ فِي ذَلِكَ الْمَخْرَجِ صَارَ صَحِيحًا مَعَ بَقَاءِ الْعَدَدِ عَلَى حَالِهِ مِثَالُهُ سُبُعٌ فِي سَبْعَةٍ وَاحِدٌ وَسُبُعَانِ فِي سَبْعَةٍ اثْنَانِ وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعٍ فِي سَبْعَةٍ ثَلَاثَةٌ وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْكُسُورِ وَالْمَخَارِجُ مَهْمَا ضُرِبَتْ فِي مَخَارِجِهَا صَارَتْ صِحَاحًا فَكَذَلِكَ مَسْأَلَتُنَا صَارَتِ الثَّمَانِيَةُ وَالثَمَانُونَ صِحَاحًا وَالْعَدَدُ الَّذِي يُقَابِلُهُ أَيْضًا صِحَاحًا وَالنِّسْبَةُ بَيْنَ هَذَيْنِ الْعَدَدَيْنِ مَحْفُوظَةٌ كَمَا كَانَتْ أَوَّلًا وَالْمَطْلُوبُ فِي هَذَا الْبَابِ تَحْصِيل النِّسْبَة فَقَط الرَّابِعَة عشر ثَلَاثَةُ بَنِينَ وَأَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ رَابِعٍ وَلِآخَرَ بِثُلُثِ مَا يَبْقَى مِنَ الرُّبُعِ وَبِرُبُعِ مَا يَبْقَى مِنَ الثُّلُثِ فَنَأْخُذُ ثُلُثَ مَالٍ بِفَرْضِهِ نَصِيبًا وَأَرْبَعَةَ أَسْهُمٍ يُعْطَى لِلْمُوصَى لَهُ بِالنَّصِيبِ النَّصِيبُ وَلِلْمُوصَى لَهُ بِرُبُعِ مَا تَبَقَّى مِنَ الثُّلُثِ سَهْمٌ مِنَ الْأَرْبَعَةِ يَبْقَى ثَلَاثَةٌ مِنْهَا فَنَقُولُ رُبُعُ الْمَالِ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ نَصِيبٍ وَثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ الْبَاقِي مِنْهُ بَعْدَ النَّصِيبِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ إِلَّا رُبُعَ نَصِيبٍ يُعْطَى لِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثَ مَا يَبْقََى مِنَ الرُّبُعِ بَعْدَ سَهْمٍ إِلَّا نِصْفَ سُدُسِ نَصِيبٍ يَكُونُ الْخَارِجُ مِنْ جُمْلَةِ الْمَالِ نَصِيبًا وَسَهْمَيْنِ إِلَّا نِصْفَ سُدْسِ نَصِيبٍ وَجُمْلَةُ الْمَالِ ثَلَاثَةُ أَنْصِبَاءَ وَاثْنَيْ عَشَرَ سَهْمًا لِأَنَّ فِي كُلِّ ثُلُثٍ نَصِيبًا وَأَرْبَعَةَ أَسْهُمٍ ضَرُورَةَ اسْتِوَاءِ الْأَثْلَاثِ فَيَفْضُلُ مِنَ الْمَالِ عَشَرَةُ أَسْهُمٍ وَنَصِيبَانِ وَنِصْفُ سُدْسِ نَصِيبٍ تَعْدِلُ أَنْصِبَاءَ الْوَرَثَةِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ تُسْقِطُ الْمُتَجَانِسَ بِالْمُتَجَانِسِ يَبْقَى عَشَرَةُ أَسْهُمٍ تَعْدِلُ ثُلُثَيْ نَصِيبٍ وَرُبُعَ نَصِيبٍ

فَتَضْرِبُ الْجَمِيعَ فِي اثْنَيْ عَشَرَ الَّتِي هِيَ مَخْرَجُ الرُّبُعِ وَالثُّلُثَيْنِ يَكُونُ الْمَالُ مِائَةً وَعِشْرِينَ وَالنَّصِيبُ أَحَدَ عَشَرَ فَتَقْسِمُ مِائَةً وَعِشْرِينَ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ يَكُونُ الْخَارِجُ عَشَرَةَ أَسْهُمٍ وَعَشَرَةَ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ وَهُوَ النَّصِيبُ فَتَجْمَعُ الْأَنْصِبَاءَ يَكُونُ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ سَهْمًا وَثَمَانِيَةَ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ وَتَضُمُّ إِلَيْهَا مَا فِي كُلِّ ثُلُثٍ وَهِيَ اثْنَا عَشَرَ فَتَصِيرُ الْجُمْلَةُ أَرْبَعَةً وَأَرْبَعِينَ سَهْمًا وَثَمَانِيَةَ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ وَهُوَ الْمَالُ فَتَضْرِبُ الْجَمِيعَ فِي أَحَدَ عَشَرَ يَكُونُ الْمَالُ أَرْبَعَمِائَةٍ وَاثْنَيْنِ وَتِسْعِينَ وَيَكُونُ النَّصِيبُ مِائَةً وَعِشْرِينَ يَخْرُجُ ثُلُثُ الْمَالِ وَهُوَ مِائَةٌ وَأَرْبَعَةٌ وَسِتُّونَ يَخْرُجُ مِنْهَا النَّصِيبُ وَهُوَ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ تَبْقَى أَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ يُعْطَى رُبُعُهَا لِلْمُوصَى لَهُ بِرُبُعِ مَا يَبْقَى مِنَ الثُّلُثِ وَهُوَ أَحَدَ عَشَرَ يَفْضُلُ مِنَ الثُّلُثِ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ ثُمَّ يَخْرُجُ رُبُعُ الْمَالِ وَهُوَ مِائَةٌ وَثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ تُلْقِي مِنْهُ النَّصِيبَ لِيُعْلَمَ مَا يَبْقَى بَعْدَهُ يُعْطِي لِلْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْبَاقِي مِنَ الرُّبُعِ فَيَبْقَى مِنْهُ ثَلَاثَةٌ يُعْطِي ثُلُثَهُمَا وَاحِدٌ لِلْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ مَا يَبْقَى مِنَ الرُّبُعِ فَإِذَا عَلِمْنَا أَنَّ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ بِالْوَصِيَّةِ وَاحِدٌ رَجَعْنَا إِلَى مَا يَبْقَى مِنَ الثُّلُثِ فَيَسْقُطُ مِنْهُ وَاحِدٌ لَهُ يَفْضُلُ لِلْوَرَثَةِ مِنَ الثُّلُثِ بَعْدِ الْوَصَايَا اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ تَضُمُّهَا إِلَى الثُّلُثَيْنِ وَهُمَا ثَلَاثُمِائَةٍ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ تَبْلُغُ ثَلَاثَمِائَةٍ وَسِتِّينَ لِكُلِّ ابْنٍ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ وَهُوَ النَّصِيبُ الَّذِي خَرَجَ أَوَّلًا وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَحْثَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّا لَمْ نَقْلِبْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَلَمْ نُحَوِّلْ بِسَبَبِ أَنَّ الْقَلْبَ وَالتَّحْوِيلَ يَخْتَصُّ بِمَا إِذَا كَانَتِ الْأَنْصِبَاءُ تَعْدِلُ مَالًا أَوْ أَمْوَالًا أَوْ كَسْرًا مِنْ ذَلِكَ فَيُحْتَاجُ حِينَئِذٍ لِقِسْمَةِ الْأَنْصِبَاءِ عَلَى الْمَالِ لِيُعْلَمَ حِصَّةُ الْمَالِ الْوَاحِدِ مِنَ الْأَنْصِبَاءِ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَعْلِيلُ الْقَلْبِ وَالتَّحْوِيلِ وَبِنَاؤُهُ عَلَى الْقِسْمَةِ عَلَى الْأَمْوَالِ وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ الْعَدَدُ قُبَالَةَ الْأَنْصِبَاءِ لَكِنَّهُ عَدَدُ فَرْضٍ لِيُتَوَصَّلَ بِهِ إِلَى التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ أَوْ جُزْئِهِ وَالْعَمَلُ فِي الْحَقِيقَةِ إِنَّمَا هُوَ فِي الْمَالِ وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْعَدَدُ مَقْصُودٌ لِأَنَّهُ الْمَفْرُوضُ مِنْ أَوَّلِ وَهْلَةٍ فَقُلْنَا ثُلُثُ الْمَالِ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَنَصِيبٌ لِأَنَّا قُلْنَا نَزِيدُ رُبُعَ ثُلُثِ ثُلُثِ الْمَالِ فَيَفْرِضُ ثُلُثُ الْمَالِ اثْنَا عَشَرَ وَسِيلَةً لِلْعَمَلِ فَظَهَرَ الْفَرْقُ

إِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَالْعَدَدُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ آحَادٌ وَالْأَنْصِبَاءُ أَشْيَاءُ وَقَاعِدَةُ الْجَبْرِ أَنْ يُقْسَمَ الْعَدَدُ عَلَى الْأَشْيَاءِ وَإِنَّمَا جَعَلْنَا النَّصِيبَ شَيْئًا لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ وَالْمَجْهُولُ يَحْسُنُ أَنْ يُجْعَلَ شَيْئًا فَلَا جَرَمَ كَانَتِ الْأَنْصِبَاءُ فِي الْمَقْسُومِ عَلَيْهَا لَا الْمَقْسُومَةِ فَلَمْ نَقْلِبْ وَلَمْ نُحَوِّلْ لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ الْقَلْبِ وَالتَّحْوِيلِ وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قِسْمَةِ الْأَنْصِبَاءِ عَلَى الْأَمْوَالِ مَعْرِفَةُ مَا يَخُصُّ المَال الْوَاحِد من الْأَنْصِبَاء بِسَبَب الْقِسْمَة وَهِي منفي هَا هُنَا وَأَمَّا إِذَا كَانَتِ الْأَنْصِبَاءُ تُعَادِلُ الْمَالَ فَتَجْعَلُ الْأَنْصِبَاءَ آحَادًا عَدَدًا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَا يَخُصُّ الْمَالَ الْوَاحِدَ مِنْ عَدَدِ الْأَنْصِبَاءِ فَالْمَطْلُوبُ هُوَ مَعْرِفَةُ نِسْبَةِ الْعَدَدِ مِنَ الْأَنْصِبَاءِ لِلْمَالِ الْوَاحِدِ فَجَعَلْنَا الْأَمْوَالَ أَشْيَاءَ لِأَنَّهَا مَجْهُولَةٌ وَقَسَمْنَا الْأَنْصِبَاءَ عَلَيْهَا مِنْ بَابِ الْعَدَدِ عَلَى الْأَشْيَاءِ وَهِيَ إِحْدَى الْمَسَائِلِ السِّتِّ فَلِذَلِكَ اخْتَصَّ الْقَلْبُ وَالتَّحْوِيلُ بِغَيْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَثَانِيهِمَا أَنَّ هَذَا الْمُوصِيَ لَمَّا أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ رَابِعٍ فَقَدْ أَوْصَى بِرُبُعِ مَالِهِ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ بِنَصِيبِ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ كَانَ الثُّلُثُ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِي جَعْلِهِ الرُّبُعَ فَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلِآخَرَ بِثُلُثِ مَا يَبْقَى مِنَ الرُّبُعِ لَا يَسْتَقِيمُ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ أَوَّلًا اسْتَوْعَبَ الرُّبُعَ فَهَذِهِ الْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ لَكِنَّهُ لَمَّا أَوْصَى مَعَ ذَلِكَ بِرُبُعِ مَا يَبْقَى مِنَ الثُّلُثِ فَقَدْ نَقَصَتْ أَنْصِبَاءُ الْبَنِينَ بِسَبَبِ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ عَنِ الرُّبُعِ وَالْمُوصَى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ وَلَدٍ آخَرَ نَقَصَ أَيْضًا ضَرُورَةَ اسْتِوَائِهِمْ فَيَفْضُلُ مِنَ الرُّبُعِ شَيْءٌ يُمْكِنُ أَنْ تُنَفَّذَ مِنْهُ الْوَصِيَّةُ مِنْ بَقِيَّةِ الرُّبُعِ فَظَهَرَ مِنْ هَذَا التَّقْرِيرِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِرُبُعِ الثُّلُثِ هِيَ الْمُصَحَّحَةُ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَمَتَى فُقِدَتِ اسْتَحَالَتِ الْمَسْأَلَةُ وَهَذَا بِخِلَافِ قَوْلِهِ أَوْصَيْتُ بِرُبُعِ مَالِي إِلَّا رُبُعَ الْمَالِ لِزَيْدٍ وَالْوَرَثَةُ ثَلَاثَةُ بَنِينَ فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ مَا بَقِيَ مِنَ الرُّبُعِ وَإِنَّمَا اسْتَثْنَى رُبُعَ الْمَالِ لِكُلِّ ابْنٍ مِنْ بَنِيهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الْخَامِسَةَ عشر ابْنٌ وَبِنْتٌ وَوَصِيَّةٌ إِنْ زِدْتَهَا عَلَى نَصِيبِ الْبِنْتِ بَلَغَ الْجَمِيعُ ثَلَاثِينَ أَوْ عَلَى نَصِيبِ الِابْنِ بَلَغَ الْجَمِيعُ خَمْسِينَ كَمِ الْوَصِيَّةُ وَكَمِ التَّرِكَةُ اجْعَلِ الْوَصِيَّةَ شَيْئًا وَإِذَا أَلْقَيْتَهُ مِنَ الْخَمْسِينَ بَقِيَ خَمْسُونَ إِلَّا شَيْئًا وَذَلِكَ نَصِيبُ الِابْنِ وَإِذَا أَلْقَيْتَهُ مِنْ ثَلَاثِينَ يَبْقَى ثَلَاثُونَ إِلَّا شَيْئًا وَذَلِكَ نَصِيبُ الْبِنْتِ فَنِصْفُ نَصِيبِ الْبِنْتِ أَبَدًا فِي قِيَاسِ هَذَا الْبَابِ يَبْلُغُ سِتِّينَ إِلَّا شَيْئَيْنِ قَابل الْآن سَهْما وَبَين

(النوع الثاني الهبة)

نَصِيبِ الِابْنِ وَهُوَ خَمْسُونَ إِلَّا شَيْئًا وَاجْبُرِ الشَّيْئَيْنِ بِالشَّيْئَيْنِ وَزِدْ عَلَى الْخَمْسِينَ شَيْئًا يَصِيرُ سِتِّينَ قُبَالَةَ خَمْسِينَ وَشَيْءٍ أَسْقِطِ الْمِثْلَ بِالْمِثْلِ يَبْقَى شَيْءٌ قُبَالَةَ عَشَرَةٍ فَالْوَصِيَّةُ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ وَنَصِيبُ الِابْنِ أَرْبَعُونَ وَنَصِيبُ الْبِنْتِ عِشْرُونَ إِذَا زِدْتَ الْعَشَرَةَ عَلَى الْأَرْبَعِينَ صَارَتْ خَمْسِينَ أَوْ عَلَى عِشْرِينَ صَارَتْ ثَلَاثِينَ وَالتَّرِكَةُ سَبْعُونَ وَقِسْ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هَذَا النَّمَطَ مِنَ الْمَسَائِلِ وَقَدْ وَضَعْتُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ مِنْ كُلِّ نَمَطٍ شَيْئًا لِيُسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى الْعَمَلِ فِي أَمْثَالِهِ لِأَنَّ الِاسْتِكْثَارَ مِنْ هَذَا الْبَابِ يَمْلَأُ الْمُجَلَّدَاتِ فَخَشِيتُ التَّطْوِيلَ الْمُمِلَّ وَالْقَصْدُ التَّفَطُّنُ لِلتَّحَيُّلِ فِي الْعَمَلِ فِيمَا يَقَعُ مِنَ الْمَسَائِلِ (النَّوْع الثَّانِي الْهِبَة) وَأَذْكُرُ مِنْهَا خَمْسَ مَسَائِلَ دَوْرِيَّةً فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ دَوْرٌ الْأُولَى قَالَ التُّونُسِيُّ إِنْ وَهَبَ مَرِيضٌ لِمَرِيضٍ ضَيْعَةً لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا ثُمَّ وَهَبَهَا الْمَوْهُوبُ فِي مَرَضِهِ لِلْوَاهِبِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا فَالْجَائِزُ الثُّلُثُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تُقَسَّمُ مِنْ تِسْعَةٍ ثَلَاثَةٌ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ أَوَّلًا وَهُوَ ثُلُثُهَا يَرُدُّ مِنْهَا وَاحِد لِلْمَوْهُوبِ لَهُ ثَانِيًا لِأَنَّهُ ثُلُثُ الثَّلَاثَةِ وَهَذَا السَّهْمُ يَلْزَمُ مِنْهُ الدَّوْرُ لِأَنَّكَ إِذَا أَعْطَيْتَهُ لِوَرَثَةِ الْأَوَّلِ كَثُرَ ثُلُثُهُ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِمْ وَرَثَةُ الثَّانِي فِي ثُلُثِهِ كَمَالٍ مُجَرَّدٍ لِأَنَّ هِبَةَ الْبَتْلِ تَدْخُلُ فِيمَا عُلِمَ وَمَا لَمْ يُعْلَمْ ثُمَّ يَقُومُ عَلَيْهِمْ وَرَثَةُ الْأَوَّلِ فِي ثُلُثِ ثُلُثِهِ فَيَدُورُ هَكَذَا أَبَدًا وَلَمَّا كَانَ كَذَلِكَ سَقَطَ مِنَ الْوَرَثَتَيْنِ وَيَكُونُ الْمَالُ ثَمَانِيَةً سِتَّةٌ لِوَرَثَةِ الْأَوَّلِ وَاثْنَانِ لِوَرَثَةِ الثَّانِي وَهَذَا كَلَامُ التُّونُسِيِّ وَطَرِيقُ الْجَبْرِ أَنْ تَقُولَ صَحَّتِ الْهِبَةُ مِنَ الْأَوَّلِ فِي شَيْءٍ مِنَ الْعَبْدِ فَبَقِيَ عَبْدٌ إِلَّا شَيْئًا وَصَحَّتْ هِبَةُ الثَّانِي فِي ثُلُثِ ذَلِكَ الشَّيْءِ فَيَرْجِعُ إِلَى الْأَوَّلِ ثُلُثُ شَيْءٍ فَيَحْصُلُ مَعَهُ عَبْدٌ إِلَّا ثُلُثَيْ شَيْءٍ وَذَلِكَ يَعْدِلُ ضِعْفَ مَا صَحَّتِ الْهِبَةُ الْأُولَى فِيهِ وَهُوَ شَيْءٌ وَضِعْفُهُ شَيْئَانِ فَيُجْبَرُ الْعَبْدُ بِثُلُثَيْ شَيْءٍ وَتَزِيدُ عَلَى عَدِيلِهِ ثُلُثَيْ

شَيْء فَيصير عبدا كَامِلا قُبَالَةَ شَيْئَيْنِ وَثُلُثَيْ شَيْءٍ فَتَبْسُطُهَا أَثْلَاثًا وَتَقْلِبُ وَتُحَوِّلُ فَالْعَبْدُ ثَمَانِيَةٌ وَالشَّيْءُ ثَلَاثَةٌ فَقَدْ وَقَعَتِ الْهِبَةُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْمَانِ الْعَبْدِ أَوَّلًا وَبَطَلَتْ فِي خَمْسَةِ أَثْمَانِهِ وَتَصِحُّ الْهِبَةُ الثَّانِيَةُ فِي ثُلُثِ ثَلَاثَةِ الْأَثْمَانِ وَهُوَ ثُمْنٌ وَاحِدٌ فَيَجْتَمِعُ مَعَ وَرَثَةِ الْأَوَّلِ سِتَّةُ أَثْمَانٍ وَهُوَ ضِعْفُ مَا صحت هِبته فِيهِ وللمريض الثَّانِي ثَمَان وَصَحَّتْ هِبَتُهُ فِي ثُمُنٍ فَاعْتَدَلَ الْبُرْهَانُ ثُلُثًا وَثُلُثَيْنِ طَرِيقَةُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ تَجْعَلُ الْعَبْدَ دِينَارًا وَدِرْهَمًا وَتَجْبُرُ الْهِبَةَ فِي دِرْهَمٍ مِنْهُ وَتَرْجِعُ بِهِبَةِ الثَّانِي ثُلُثَ دِرْهَمٍ فَيَحْصُلُ مَعَ الْأَوَّلِ دِينَارٌ وَثُلُثُ دِرْهَمٍ يَعْدِلُ دِرْهَمَيْنِ فَتَطْرَحُ ثُلُثَ دِرْهَمٍ بِثُلُثٍ يَبْقَى دِينَارٌ يَعْدِلُ دِرْهَمًا وَثُلُثَيْ دِرْهَمٍ فَتَبْسُطُهَا أَثْلَاثًا فَيَصِيرُ الدِّينَارُ ثَلَاثَةً وَالدِّرْهَمُ وَالثُّلُثَانِ خَمْسَةً فَتَقْلِبُ الْعِبَارَةَ وَتَجْعَلُ الدِّينَارَ خَمْسَةً وَالدِّرْهَمَ فِي الْوَضْعِ الْأَوَّلِ ثَلَاثَةً وَقَدْ صَحَّتِ الْهِبَةُ فِي دِرْهَمٍ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَيَعُودُ الْعَمَلُ إِلَى مَا تَقَدَّمَ وَسِرُّ الْبَابِ أَنَّا لَا نُعَبِّرُ عَمَّا صَحَّتِ الْهِبَةُ الْأُولَى فِيهِ إِلَّا بِالشَّيْءِ الْمُبْهَمِ وَنُعَبِّرُ عَمَّا صَحَّتِ الْهِبَةُ الثَّانِيَةُ فِيهِ بِالثُّلُثِ وَالسَّبَبُ فِيهِ أَنَّهُ قَدْ يَدُورُ لِلْوَاهِبِ شَيْءٌ بَعْدَ هِبَتِهِ وَجُهِلَ مِقْدَارُ مَنْزَعِهِ إِلَى أَنْ يُثْبِتَهُ الْجَبْرُ الثَّانِيَةُ أَنْ يَكُونَ الْوَاهِبُ الثَّانِي صَحِيحًا دُونَ الْأَوَّلِ فَإِنَّ الْمَسْأَلَةَ تَدُورُ عَلَى الْأَوَّلِ مِنْ جِهَةِ الْعَوْدِ إِلَيْهِ وَيَزِيدُ مَالُهُ بَعْدَ النُّقْصَانِ فَنَقُولُ صَحَّتِ الْهِبَةُ الْأُولَى فِي شَيْءٍ فَبَقِيَ عَبْدٌ إِلَّا شَيْئًا وَبَطَلَتِ الْهِبَةُ فِي عَبْدٍ إِلَّا شَيْئًا ثُمَّ رَجَعَ الشَّيْءُ الْمَوْهُوبُ كُلُّهُ فَحَصَلَ مَعَ وَرَثَةِ الْأَوَّلِ عَبْدٌ كَامِلٌ يَعْدِلُ شَيْئَيْنِ ضِعْفَ مَا صَحَّتِ الْهِبَةُ فِيهِ فَتَقْلِبُ الِاسْمَ بِجَعْلِ الْعَبْدِ شَيْئَيْنِ وَالشَّيْءُ وَاحِدٌ وَالْوَاحِدُ مِنَ الِاثْنَيْنِ نِصْفُهُ فَقَدْ صَحَّتْ هِبَتُهُ فِي نِصْفِ الْعَبْدِ وَرَجَعَ ذَلِكَ إِلَيْهِ فَحَصَلَ عَبْدٌ كَامِلٌ يَعْدِلُ ضِعْفَ مَا وَهَبَ الثَّالِثَةُ وَهَبَ مَرِيضٌ عَبْدًا يُسَاوِي أَلْفًا لِمَرِيضٍ وَأَقْبَضَهُ إِيَّاهُ فَوَهَبَهُ الْمَوْهُوبُ لِلْوَاهِبِ وَأَقْبَضَهُ إِيَّاهُ وَمَاتَا وَخَلَّفَ الْوَاهِبُ الْأَوَّلُ أَلْفَ دِرْهَمٍ سِوَى الْعَبْدِ فَنَقُولُ نُقَدِّرُ الْهِبَةَ الْأُولَى شَيْئًا وَبَطَلَتِ الْهِبَةُ فِي عَبْدٍ إِلَّا شَيْئًا وَرَجَعَ لِلْوَاهِبِ ثُلُثُ شَيْءٍ بِالْهِبَةِ الثَّانِيَةِ فَبَقِيَ مَعَهُ عَبْدٌ إِلَّا ثُلُثَيْ شَيْءٍ وَمَعَهُ أَلْفٌ هِيَ مِثْلُ قِيمَةِ الْعَبْدِ فَنَقُولُ كَانَ مَعَهُ فِي التَّقْدِيرِ عَبْدَانِ إِلَّا ثُلُثَيْ شَيْء يعدل

شَيْئَيْنِ فَتَجْبُرُ وَتُقَابِلُ يَكُونُ عَبْدَانِ يَعْدِلَانِ شَيْئَيْنِ وَثُلُثَيْ شَيْءٍ تَبْسُطُهُمَا أَثْلَاثًا وَتَقْلِبُ الِاسْمَ فَيَكُونُ الْعَبْدُ ثَمَانِيَةً وَالشَّيْءُ سِتَّةً وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الثَّمَانِيَةِ فَتَصِحُّ هِبَةُ الْأَوَّلِ فِي ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الْعَبْدِ وَتَبْطُلُ فِي رُبُعِهِ وَيَرْجِعُ إِلَيْهِ بِهِبَةِ الثَّانِي رُبْعُهُ وَمَعَهُ مِنَ التَّرِكَةِ مِثْلُ قِيمَةِ الْعَبْدِ فَقَدْ حَصَلَ مِنْهُ عَبْدٌ وَنِصْفٌ ضِعْفُ مَا وَهَبَ طَرِيقَةُ السِّهَامِ وَهِيَ الَّتِي تَقَدَّمَتْ لِلتُّونُسِيِّ تَأْخُذُ عَدَدًا لَهُ ثُلُثٌ وَلِثُلُثِهِ ثُلُثٌ وَأَقَلُّهُ تِسْعَةٌ وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّهُ يَرْجِعُ إِلَيْهِ ثُلُثُ مَا تَصِحُّ هِبَتُهُ فِيهِ وَهِيَ سَهْمٌ مِنَ الثَّلَاثَةِ وَهُوَ وَاحِدٌ وَذَلِكَ سَهْمُ الدَّوْرِ فَتُسْقِطُهُ مِنَ التِّسْعَةِ تَبْقَى ثَمَانِيَةٌ وَهِيَ سِهَامُ الْعَبْدِ ثُمَّ خُذِ الثَّلَاثَةَ الَّتِي عَزَلْتَهَا لِلْهِبَةِ فَزِدْ عَلَيْهَا مِثْلَهَا لِأَنَّ التَّرِكَةَ مِثْلُ قِيمَةِ الْعَبْدِ فَتَكُونُ سِتَّةً نِسْبَتُهَا لِلثَّمَانِيَةِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا فَتَصِحُّ الْهِبَةُ فِي ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الْعَبْدِ وَبَيَانُهُ أَنَّا عَزَلْنَا مِنَ الْعَبْدِ ثُلُثَهُ وَنَزِيدُ بِسَبَبِ التَّرِكَةِ ثَلَاثَةً أُخْرَى فَإِنَّ التَّرِكَةَ مِثْلُ الْعَبْدِ فَاجْتَمَعَ سِتَّةُ أَسْهُمٍ فَنَبْسُطُهَا لِعَدَدِ سِهَامِ الْعَبْدِ وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ فَتَقَعُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعَبْدِ طَرِيقَةُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ تَجْعَلُ الْعَبْدَ دِينَارًا وَدِرْهَمًا وَتَجْبُرُ الْهِبَةَ فِي دِرْهَمٍ مِنْهُ يَبْقَى مَعَهُ مِنَ الْعَبْدِ دِينَارٌ يَرْجِعُ إِلَيْهِ مِنَ الْهِبَةِ الثَّانِيَةِ ثُلُثُ دِرْهَمٍ وَمَعَهُ مِنَ الدَّرَاهِمِ مِثْلُ قِيمَةِ الْعَبْدِ فَيَجْتَمِعُ مَعَهُ دِينَارَانِ وَدِرْهَمٌ وَثلث دِرْهَم تَبْسُطُهَا أَثْلَاثًا يَكُونُ الدِّينَارُ سِتَّةً وَالدِّرْهَمُ اثْنَيْنِ فَتَقْلِبُ الِاسْمَ فَيَكُونُ الدِّينَارُ اثْنَيْنِ وَالدِّرْهَمُ سِتَّةً وَمَجْمُوعُهُمَا ثَمَانِيَةٌ وَالسِّتَّةُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا الرَّابِعَةُ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفٌ وَوَهَبَهُ الْمَوْهُوبُ لِلْوَاهِبِ وَهُمَا مَرِيضَانِ وَعَلَى الْوَاهِبِ دَيْنٌ خَمْسُمِائَةٍ فَبِقَدْرِ الدَّيْنِ يَبْطُلُ مِنْ هِبَةِ الْعَبْدِ النِّصْفُ لِلدَّيْنِ وَالثُّلُثَانِ مِنَ النِّصْفِ الْآخَرِ لِلْمَرِيضِ يَبْقَى السُّدْسُ وَبِالْهِبَةِ الثَّانِيَةِ يَرْجِعُ إِلَيْهِ ثُلُثُ السُّدْسِ فَتَصِحُّ الْهِبَةُ فِي ثُلُثِهِ فَيَأْخُذُ الدَّيْنَ وَالْمُوصَى بَعْضُهُ عَلَى الْحِسَابِ الْمُتَقَدِّمِ فَيَدُورُ أَبَدًا فَنَقُولُ صَحَّتْ هِبَةُ الْأَوَّلِ فِي شَيْءٍ وَبَطَلَتْ فِي عَبْدٍ إِلَّا شَيْئًا وَرَجَعَ إِلَيْهِ بِالْهِبَةِ الثَّانِيَةِ ثُلُثُ شَيْءٍ فَبَقِيَ مَعَهُ عَبْدٌ إِلَّا ثُلُثَ شَيْءٍ يُقْضَى مِنْهُ الدَّيْنُ وَمَعَهُ مِقْدَارُ

نِصْفِ عَبْدٍ فَيَبْقَى مَعَ الْوَرَثَةِ نِصْفُ عَبْدٍ إِلَّا ثُلُثَيْ شَيْءٍ يَعْدِلُ شَيْئَيْنِ وَثُلُثَيْ شَيْءٍ تَجْبُرُ نِصْفَ الْعَبْدِ بِثُلُثَيْ شَيْءٍ وَتَزِيدُ عَلَى عَدِيلِهِ مِثْلَهُ يَكُونُ نِصْفَ عَبْدٍ يَعْدِلُ شَيْئَيْنِ وثلثي شَيْء تبسطها بمخرج النّصْف ولثلث فَيَصِيرُ بِهَا إِلَى تِسْعَةٍ فَيَكُونُ الْعَبْدُ ثَلَاثَةً وَالشَّيْءُ سِتَّةَ عَشَرَ فَتَقْلِبُ الِاسْمَ فَيَكُونُ الْعَبْدُ سِتَّةَ عَشَرَ وَالشَّيْءُ ثَلَاثَةً وَلَا يُنْظَرُ فِي مَنْزِلَةِ الْقَلْبِ إِلَى كَوْنِ مَا فِي يَدِ الْوَرَثَةِ نِصْفَ عَبْدٍ بَلْ يُنْظَرُ لِلْجِنْسِ مِنْ غير التفاف إِلَى الْكَسْرِ وَالْعَدَدِ يُخَرَّجُ أَنَّ هِبَةَ الْأَوَّلِ صَحَّتْ فِي ثَلَاثَةِ أَجْزَاءٍ مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنَ الْعَبْدِ وَبَطَلَتْ فِي ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَرَجَعَ إِلَيْهِ بِالْهِبَةِ الثَّانِيَةِ جُزْءٌ مِنَ الثَّلَاثَةِ فَبَلَغَتْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ يُقْضَى مِنْهَا الدَّيْنُ وَهُوَ ثَمَانِيَةُ أَجْزَاءٍ مِثْلُ نِصْفِ الْعَبْدِ يَبْقَى مَعَ الْوَرَثَةِ سِتَّةُ أَجْزَاءٍ مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنَ الْعَبْدِ وَهِيَ ضِعْفُ مَا صَحَّتِ الْهِبَةُ مِنْهُ وَخرج على هَذِه التقادير إِذَا نَشَأَتِ الْأَدْوَارُ عَنْ دَيْنٍ عَلَى الْوَاهِبِ الثَّانِي أَوْ تَرْكِهِ لِلْوَاهِبِ الثَّانِي أَوْ كِلَاهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا فَقَدْ تَقَدَّمَتْ أَمْثَالُهَا مِنْ نَوْعِهَا فَاسْتَدِلَّ بِهَا عَلَيْهَا الْخَامِسَةُ وُهِبَ مَرِيضٌ مِنْ أَخِيهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا فَمَاتَ أَخُوهُ قَبْلَهُ عَنْهُ وَعَنِ ابْنِهِ ثُمَّ مَاتَ الْوَاهِبُ فَرَجَعَ إِلَيْهِ قَبْلَ الْمَوْتِ نِصْفُ مَا وَهَبَ فَيَرْجِعُ الثُّلُثُ فِيهِ لِأَنَّ الثُّلُثَ إِنَّمَا يُعْتَبَرُ بَعْدَ مَوْتِهِ هُوَ فَيَرْجِعُ نِصْفُهُ إِلَيْهِ فَيَدْخُلُ فِي الثُّلُثِ وَهَلُمَّ جَرَّا فَيَدُورُ وَطَرِيقَةُ الْعَمَلِ أَنْ نَقُولَ صَحَّتِ الْهِبَةُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَلْفِ وَبَطَلَتْ فِي أَلْفٍ إِلَّا شَيْئًا وَرَجَعَ إِلَيْهِ بِالْمِيرَاثِ نِصْفُ الشَّيْءِ الَّذِي صَحَّتِ الْهِبَةُ مِنْهُ فَيَبْقَى مَعَهُ أَلْفٌ إِلَّا نِصْفَ شَيْءٍ يَعْدِلُ شَيْئَيْنِ فَتَجْبُرُ أَلْفًا وَتُقَابِلُ فَيَكُونُ أَلْفٌ يَعْدِلُ شَيْئَيْنِ وَنِصْفَ شَيْءٍ فَالشَّيْءُ خمْسا الْألف فَتَصِح الْهِبَة فِي خمسي الْأَلْفِ وَهُوَ أَرْبَعُمِائَةٍ وَتَبْطُلُ فِي سِتِّمِائَةٍ وَيَرْجِعُ إِلَيْهِ بِالْمِيرَاثِ نِصْفُ الْأَرْبَعِمِائَةِ فَحَصَلَ مَعَ وَرَثَتِهِ ثَمَانمِائَة

(النوع الثالث الإقرار الدوري)

(النَّوْعُ الثَّالِثُ الْإِقْرَارُ الدَّوْرِيُّ) وَأَنَا أَذْكُرُ مِنْهُ مسَائِل ثَلَاثًا فِي كل مِنْهُمَا دَوْرٌ الْأُولَى ادَّعَى عَلَى رَجُلَيْنِ مَالًا فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إِلَّا نِصْفَ مَاله عَلَى صَاحِبِي فَمَتَى أَسْقَطْنَا عَنِ الْمُقِرِّ الْأَوَّلِ شَيْئًا مِنَ الْعَشَرَةِ نَقَصَ مَا نُسْقِطُهُ عَنِ الْمُقِرِّ الثَّانِي وَإِذَا نَقَصَ مَا نسقطه عَن المفر الثَّانِي زَاد مَا سقط عَنِ الْأَوَّلِ بِقَدْرِ مَا يَسْقُطُ عَنِ الثَّانِي وَطَرِيقُ الْجَبْرِ يَجْعَلُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَشَرَةً إِلَّا شَيْئًا ثُمَّ تَأْخُذُ نِصْفَ أَحَدِ الْمَبْلَغَيْنِ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَالَ إِلَّا نِصْفَ مَا عَلَى الثَّانِي فَنِصْفُ أَحَدِ الْمَبْلَغَيْنِ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ إِلَّا نِصْفَ شَيْءٍ وَذَلِكَ يَعْدِلُ الشَّيْءَ النَّاقِصَ مِنَ الْعَشَرَةِ وَقَدْ قُلْنَا فِي وَضْعِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَشَرَةٌ إِلَّا شَيْئًا ثُمَّ اسْتَرْجَعْنَا بَعْدَ هَذَا الْوَضْعِ النِّصْفَ مِمَّا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَتَحَقَّقَ أَن الشَّيْء الَّذِي استثنياه خَمْسَةٌ إِلَّا نِصْفَ شَيْءٍ فَنَعُودُ إِلَى الْمُعَادَلَةِ فَنَقُولُ خَمْسَةٌ إِلَّا نِصْفَ شَيْءٍ يَعْدِلُ شَيْئًا فَتَجْبُرُ وَتُقَابِلُ وَتَزِيدُ عَلَى خَمْسَةٍ إِلَّا نِصْفَ شَيْءٍ نِصْفَ شَيْءٍ وَتَزِيدُ عَلَى عَدِيلِهِ مِثْلَهُ فَتَكُونُ خَمْسَةٌ مُعَادِلَةً لِشَيْءٍ وَنِصْفٍ فَالشَّيْءُ ثُلُثَا الْخَمْسَةِ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ فَتَسْقُطُ مِنَ الْعَشَرَةِ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ يَبْقَى مِنْهَا سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ وَهِيَ مِقْدَارُ مَا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ عَشَرَةٌ إِلَّا نِصْفَ مَا عَلَى صَاحِبِهِ فَإِنْ قَالَ إِلَّا ثُلُثَ مَا عَلَى صَاحِبِي فَاجْعَلْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ عَشَرَةً إِلَّا شَيْئًا ثُمَّ تَأْخُذُ ثُلُثَ مَا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ إِلَّا ثُلُثَ شَيْء وَهُوَ يعدل الشَّيْء الَّذِي أسقطناه مِنَ الْعَشَرَةِ فَتَجْبُرُ الثَّلَاثَةَ وَالثُّلُثَ بِثُلُثِ شَيْءٍ وتزيد على عدليه مِثْلَهُ فَيَصِيرُ ثَلَاثَةً وَثُلُثًا فِي مُعَادَلَةِ شَيْءٍ وَثُلُثٍ فَالشَّيْءُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ ذَلِكَ وَهُوَ دِرْهَمَانِ وَنِصْفٌ وَتُسْقِطُ ذَلِكَ الْمِقْدَارَ مِنَ الْعَشَرَةِ فِي حَقِّهِمَا فَيَبْقَى عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ سَبْعَةٌ وَنِصْفٌ فَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إِلَّا نِصْفَ مَا عَلَى الْآخَرِ وَقَالَ الْآخَرُ إِلَّا ثُلُثَ مَا عَلَى الْآخَرِ فَاجْعَلْ عَلَى أَحَدِهِمَا ثَلَاثَة أَشَاء لِذِكْرِ الثُّلُثِ وَعَلَى الْآخَرِ عَشَرَةَ

الْأَشْيَاءِ وَخُذْ نِصْفَ ذَلِكَ وَهُوَ خَمْسَةٌ إِلَّا نِصْفَ شَيْءٍ رُدَّهَا عَلَى الْآخَرِ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَشْيَاء فَتكون خَمْسَة دَرَاهِم وشيئين وَنصف فَإِنَّهُ كَانَ ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ فَالْخَمْسَةُ الْمَضْمُومَةُ فِيهَا اسْتِثْنَاءُ نصف شَيْء فتزيل الِاسْتِثْنَاء وَتسقط نصف وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ تَعْدِلُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَتُسْقِطُ الْخَمْسَةَ بِالْخَمْسَةِ فَيَبْقَى شَيْئَانِ وَنِصْفٌ فِي مُقَابَلَةِ خَمْسَةٍ فَيخرج قيمَة الشَّيْء دِرْهَمَانِ الَّذِي قَدَّرْنَاهُ عَلَى أَحَدِهِمَا ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ فَهِيَ سِتَّةٌ وَكَانَ عَلَى الْآخَرِ عَشَرَةٌ إِلَّا شَيْئًا فَذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ وَمَتَى زِيدَ ثُلُثُ السِّتَّةِ عَلَى الثَّمَانِيَةِ صَارَتْ عَشَرَةً وَمَتَى زِيدَ نِصْفُ الثَّمَانِيَةِ عَلَى السِّتَّةِ صَارَتْ عَشَرَةً الثَّانِيَةُ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ وَثُلُثُ مَا عَلَى الْآخَرِ فَوَضْعُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ لِأَنَّ الْأَوَّلَ اسْتَثْنَى وَهَذَا زَادَ فَيَزِيدُ الْمُقِرُّ بِهِ على الْعشْرَة جُزْء مَا فَتَقُولُ الثُّلُثُ مَجْهُولٌ فَيُجْعَلُ شَيْئًا فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ عَشَرَةٌ وَشَيْءٌ ثُمَّ تَأْخُذُ الثُّلُثَ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ عَلَى هَذَا الْمَوْضُوعِ فَيَقَعُ ثَلَاثَةً وَثُلُثَ شَيْءٍ وَهَذَا يَعْدِلُ الشَّيْءَ الزَّائِدَ عَلَى الْعَشَرَةِ فَيَسْقُطُ ثُلُثُ شَيْءٍ بِثُلُثِ شَيْءٍ يَبْقَى ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَثُلُثٌ قُبَالِةَ ثُلُثَيْ شَيْءٍ فَالشَّيْءُ يَعْدِلُ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ وَقِسْ عَلَى هَذَا مَا يَقَعُ مِنْ هَذَا الْبَابِ وَإِذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ وَنِصْفُ مَا عَلَى صَاحِبِي فَعَلَيْهِ عِشْرُونَ لِأَنَّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ عَشَرَةً وَشَيْء ثمَّ تَأْخُذ النّصْف فِي أحد الجانين فَيَكُونُ خَمْسَةً وَنِصْفَ شَيْءٍ وَهُوَ يَعْدِلُ الشَّيْءَ الزَّائِدَ عَلَى الْعَشَرَةِ فَتُسْقِطُ نِصْفَ شَيْءٍ بِنِصْفِ شَيْءٍ تَبْقَى خَمْسَةٌ قُبَالَةَ نِصْفِ شَيْءٍ فَالشَّيْءُ عَشَرَةٌ وَهُوَ الْمُقَدَّرُ زِيَادَتُهُ عَلَى الْعَشَرَةِ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ عَشَرَةٌ وَعَشَرَةٌ وَهِيَ عِشْرُونَ وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ عَشَرَةٌ وَنِصْفُ مَا عَلَى صَاحِبِهِ وَلَهُ ضَابِطٌ مِنْ جِهَةِ الْحِسَابِ الْمَفْتُوحِ وَهُوَ أَنه إِذا اسْتَوَى العددان والجزآن أَخَذْتَ الْمُخْرَجَ الْأَعْظَمَ مِنَ الْمُخْرَجِ الْمَذْكُورِ فَإِنْ قَالَ وَرُبُعُ مَا عَلَى صَاحِبِي انْتَقَلْتَ لِلثُّلُثِ فَتَقُولُ ثُلُثُ الْعَشَرَةِ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ وَهِيَ رُبُعُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثٌ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ عَشَرَةٌ وَرُبُعُ مَا عَلَى الْآخَرِ

(النوع الرابع النكاح)

وَإِنْ قَالَ وَثُلُثُ مَا عَلَى صَاحِبِي انْتَقَلْتَ لِلنِّصْفِ وَنِصْفُ الْعَشَرَةِ خَمْسَةٌ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ عَشَرَةٌ وَثُلُثُ مَا عَلَى الْآخَرِ لِأَنَّ الْخَمْسَةَ ثُلُثُ الْخَمْسَةَ عَشَرَ وَإِنْ قَالَ وَنِصْفُ مَا عَلَى الْآخَرِ انْتَقَلْتَ لِلْكُلِّ لِأَنَّهُ مَا بَعْدَ النِّصْفِ مِنَ الْمَخَارِجِ الْمُفْرَدَةِ إِلَّا الْكُلَّ كَذَلِكَ تُسْتَعْمَلُ بَقِيَّةُ الْكُسُورِ الثَّالِثَةُ قَالَ أَحَدُهُمَا لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إِلَّا نِصْفَ مَا عَلَى الْآخَرِ وَقَالَ الْآخَرُ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ وَثُلُثُ مَا عَلَى الْآخَرِ فَيَلْزَمُ الدَّوْرُ فَعَلَى الْأَوَّلِ عَشَرَةٌ إِلَّا شَيْئًا وَهَذَا الشَّيْءُ هُوَ نِصْفُ مَا عَلَى الثَّانِي فَعَلَى الثَّانِي شَيْئَانِ وَقَدْ قَالَ الْآخَرُ وَثُلُثُ مَا عَلَى الْآخَرِ وَثُلُثُ الَّذِي عَلَى الْآخَرِ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَثُلُثٌ إِلَّا ثُلُثَ شَيْءٍ تَزِيدُ ذَلِكَ عَلَى الْعَشَرَةِ فِي جَانِبِ الزِّيَادَةِ تَبْلُغُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَثُلُثًا إِلَّا ثُلُثَ شَيْءٍ وَذَلِكَ يَعْدِلُ شَيْئَيْنِ فَإِذَا قَدَّرْنَا فِي جَانِبِهِ شَيْئَيْنِ فَاجْبُرِ الِاسْتِثْنَاءَ وَقَابِلْ فَتَكُونُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَثُلُثًا تَعْدِلُ شَيْئَيْنِ وَثُلُثَ شَيْءٍ فَالشَّيْءُ الْوَاحِدُ يَعْدِلُ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ وَخَمْسَةَ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ وَكَانَ عَلَى أَحَدِهِمَا شَيْئَانِ فَذَلِكَ أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعٍ وَكَانَ عَلَى الْآخَرِ عَشَرَةٌ إِلَّا شَيْئًا فَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ وَسُبُعَانِ فَعَلَى الْمُسْتَثْنِي أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ وَسُبُعَا دِرْهَمٍ وَعَلَى الْآخَرِ أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ فَإِذَا زِيدَ نِصْفُهَا وَهُوَ خَمْسَةٌ وَخَمْسَةُ أَسْبَاعٍ عَلَى الْآخَرِ وَهُوَ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ وَسُبُعَانِ بَلَغَ عَشَرَةً فَإِذَا أُخِذَ ثُلُثُ أَرْبَعَةٍ وَسُبُعَيْنِ وَذَلِكَ دِرْهَمٌ وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعٍ تُزَادُ عَلَى الْعَشَرَةِ بَلَغَ أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَثَلَاثَةَ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ وَقِسْ عَلَى هَذِهِ الْمَدَارِكِ (النَّوْعُ الرَّابِعُ النِّكَاحُ) وَأَذْكُرُ مِنْهُ مسَائِل ثَلَاثًا يَلْزَمُ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ الدَّوْرُ الْأُولَى تَزَوَّجَهَا فِي مَرَضِهِ بِمِائَةٍ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا وَمَهْرُ مِثْلِهَا خَمْسُونَ وَمَاتَتْ قَبْلَهُ فَخَمْسُونَ مُحَابَاةً مُعْتَبَرَةً مِنَ الثُّلُثِ فَمَاتَ الزَّوْجُ بَعْدَهَا وَهُوَ وَارِثُهَا لَزِمَ الدَّوْرُ لِأَنَّهُ يَرِثُ مِنْهَا فَيَزِيدُ مَالُهُ فَيَزِيدُ مَا يَحْصُلُ لَهَا مِنَ الْمُحَابَاةِ وَإِذَا زَادَ مَا يَحْصُلُ لَهَا زَادَ مَا يَرِثُهُ فَنَقُولُ لَهَا خَمْسُونَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَلَهَا شَيْءٌ بِالْمُحَابَاةِ فَيَبْقَى مَعَ الزَّوْجِ خَمْسُونَ إِلَّا شَيْئًا وَيَحْصُلُ مَعَ الْمَرْأَةِ خَمْسُونَ وَشَيْءٌ وَيرجع

نِصْفُ ذَلِكَ لِلزَّوْجِ بِالْإِرْثِ فَيَحْصُلُ مَعَ وَرَثَةِ الزَّوْجِ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ إِلَّا نِصْفَ شَيْءٍ وَذَلِكَ يَعْدِلُ شَيْئَيْنِ ضِعْفَ الْمُحَابَاةِ فَيُجْبَرُ وَيُقَابَلُ فَيَكُونُ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ تَعْدِلُ شَيْئَيْنِ وَنِصْفَ شَيْءٍ وَالشَّيْءُ خُمُسَا الْخَمْسَةِ وَالسَّبْعِينَ وَذَلِكَ ثَلَاثُونَ وَهُوَ مِقْدَارُ مَا حَازَ مِنَ الْمُحَابَاةِ فَيَكُونُ لَهَا عَنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَالْمُحَابَاةِ ثَمَانُونَ وَيَبْقَى مَعَ الزَّوْجِ عِشْرُونَ وَيَرِثُ أَرْبَعِينَ فَيَرْجِعُ إِلَيْهِ فَيَجْتَمِعُ مَعَ وَرَثَتِهِ سِتُّونَ وَهِيَ ضِعْفُ الْمُحَابَاةِ فَإِنْ خَلَّفَتْ وَلَدًا فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا خَمْسُونَ وَمِنَ الْمُحَابَاةِ شَيْءٌ يَبْقَى مَعَ الزَّوْجِ خَمْسُونَ إِلَّا شَيْئًا وَمَعَهَا خَمْسُونَ وَشَيْءٌ يَرْجِعُ الرُّبُعُ لِلزَّوْجِ اثْنَا عَشَرَ وَنِصْفُ دِرْهَمٍ وَرُبُعُ شَيْءٍ فَيَجْتَمِعُ مَعَ وَرَثَةِ الزَّوْجِ اثْنَانِ وَسِتُّونَ وَنِصْفٌ إِلَّا ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ شَيْءٍ وَذَلِكَ يَعْدِلُ شَيْئَيْنِ فَيُجْبَرُ وَيُقَابَلُ فَيَكُونُ اثْنَانِ وَسِتُّونَ وَنِصْفٌ يَعْدِلُ شَيْئَيْنِ وَثَلَاثَةَ أَربَاع شَيْء فتبسطها أَربَاعًا تصير الدَّرَاهِم مأتين وَخَمْسِينَ وَالْأَشْيَاءُ أَحَدَ عَشَرَ فَتَقْسِمُ الْعَدَدَ عَلَى الدَّرَاهِمِ فَيَخْرُجُ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ وَثَمَانِيَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ دِرْهَمٍ وَهُوَ مِقْدَارُ الْمُحَابَاةِ فَيَجْتَمِعُ لَهَا بِالْمَهْرِ وَالْمُحَابَاةِ اثْنَانِ وَسَبْعُونَ وَثَمَانِيَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ دِرْهَمٍ وَيَحْصُلُ لِلزَّوْجِ بِالْإِرْثِ رُبُعُ الَّذِي حَصَلَ لَهَا وَذَلِكَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَجُزْآنِ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ دِرْهَمٍ فَيَجْتَمِعُ مَعَ وَرَثَتِهِ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ دِرْهَمًا وَخَمْسَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ دِرْهَمٍ وَهِيَ ضِعْفُ مُحَابَاتِهِ الثَّانِيَةُ إِذَا تَرَكَ خَمْسِينَ سِوَى الصَّدَاقِ خَرَجَتِ الْمُحَابَاةُ مِنَ الثُّلُثِ لِأَنَّ النِّصْفَ يَرْجِعُ لِلزَّوْجِ بِالْإِرْثِ فَإِنْ كَانَ لَهَا وَلَدٌ لَزِمَ الدَّوْرُ وَالطَّرِيقُ أَنْ تَقُولَ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ خَمْسُونَ وَبِالْمُحَابَاةِ شَيْءٌ فَلَهَا خَمْسُونَ وَشَيْءٌ وَيَبْقَى مَعَ الزَّوْجِ مِنَ الصَّدَاقِ خَمْسُونَ إِلَّا شَيْئًا وَرَجَعَ بِالْإِرْثِ رُبُعُ خَمْسِينَ وَرُبُعُ شَيْءٍ وَهُوَ اثْنَا عَشَرَ وَنِصْفُ دِرْهَمٍ وَرُبُعُ شَيْءٍ وَمَعَ وَرَثَةِ الزَّوْجِ خَمْسُونَ تَرِكَةً يَحْصُلُ مَعَهُمْ مِائَةٌ وَاثْنَا عَشَرَ وَنِصْفُ دِرْهَمٍ إِلَّا ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ شَيْءٍ تَعْدِلُ شَيْئَيْنِ فَيُجْبَرُ وَيُقَابَلُ يَكُونُ مِائَةٌ وَاثْنَا عَشَرَ وَنِصْفٌ تَعْدِلُ شَيْئَيْنِ وَثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ

شَيْءٍ تَبْسُطُهَا أَرْبَاعًا تَكُونُ الدَّرَاهِمُ أَرْبَعَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا وَالْأَشْيَاءُ أَحَدَ عَشَرَ تَقْسِمُ الدَّرَاهِمَ عَلَى الْأَشْيَاءِ يَخْرُجُ نَصِيبُ الْوَاحِدِ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا وَعَشَرَةَ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ دِرْهَمٍ هَذَا قِيمَةُ الشَّيْءِ وَهُوَ الْمُحَابَاةُ فَجَمِيعُ مَا صَحَّ لَهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَالْمُحَابَاةِ تِسْعُونَ دِرْهَمًا وَعشرَة أَجزَاء من أحد عشر جُزْءا من دِرْهَمٍ وَمِنَ التَّرِكَةِ خَمْسُونَ وَرَجَعَ إِلَيْهِ بِالْإِرْثِ رُبُعُ مَا حَصَلَ لَهَا وَهُوَ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ وَثَمَانِيَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ دِرْهَمٍ فَيَجْتَمِعُ مَعَ وَرَثَةِ الزَّوْجِ أَحَدٌ وَثَمَانُونَ درهما وَتِسْعَة أَجزَاء من أحدد عَشَرَ جُزْءًا وَذَلِكَ ضِعْفُ الْمُحَابَاةِ الثَّالِثَةُ خَلَّفَتِ الْمَرْأَةُ مِائَةً سِوَى الصَّدَاقِ فَنَقُولُ مَلَكَتْ بِالصَّدَاقِ مِائَةً وَلَهَا مِائَةٌ سِوَاهَا يَرْجِعُ نِصْفُ الْمِائَتَيْنِ لِلزَّوْجِ بِالْإِرْثِ فَيَحْصُلُ لِوَرَثَةِ الزَّوْجِ مِائَةٌ وَهِيَ ضِعْفُ الْمُحَابَاةِ فَإِنْ تَرَكَ الزَّوْجُ سِوَى الصَّدَاقِ عِشْرِينَ وَتَرَكَتِ الْمَرْأَةُ سِوَى الصَّدَاقِ ثَلَاثِينَ فَيَلْزَمُ الدَّوْرُ فَنَقُولُ لَهَا بِالْمُحَابَاةِ شَيْءٌ وَلَهَا مِنَ التَّرِكَةِ ثَلَاثُونَ وَذَلِكَ ثَمَانُونَ وَشَيْءٌ وَيَرْجِعُ نِصْفُهَا لِلزَّوْجِ بِالْإِرْثِ أَرْبَعُونَ وَنِصْفُ شَيْءٍ وَكَانَ الْبَاقِي مَعَهُ مِنَ الصَّدَاقِ خَمْسُونَ إِلَّا شَيْئًا وَمِنَ التَّرِكَةِ عِشْرُونَ فَتَرُدُّ عَلَى ذَلِكَ مِيرَاثَهُ وَهُوَ أَرْبَعُونَ وَنِصْفُ شَيْءٍ يَصِيرُ مَعَ وَرَثَتِهِ مِائَةٌ وَعَشَرَةُ دَرَاهِمَ إِلَّا نِصْفَ شَيْءٍ يَعْدِلُ شَيْئَيْنِ فَيُجْبَرُ وَيُقَابَلُ فَتَكُونُ مِائَةٌ وَعَشَرَةُ دَرَاهِمَ تَعْدِلُ شَيْئَيْنِ وَنِصْفَ شَيْءٍ وَالشَّيْءُ خُمُسَا الْمِائَةِ وَالْعَشَرَةِ وَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ فَهِيَ الْمُحَابَاةُ الْجَائِزَةُ تَأْخُذُهَا الْمَرْأَةُ مَعَ مَهْرِ مِثْلِهَا وَتَضُمُّهُ لِتَرِكَتِهَا فَيَجْتَمِعُ لَهَا مِائَةٌ وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ وَيَرِثُ الزَّوْجُ نِصْفُهَا اثْنَانِ وَسِتُّونَ وَكَانَ الْبَاقِي مَعَهُ سِتَّةً وَمِنَ التَّرِكَةِ عِشْرُونَ فَيَجْتَمِعُ لِلزَّوْجِ ثَمَانِيَةٌ وَثَمَانُونَ وَهِيَ ضِعْفُ الْمُحَابَاةِ النَّافِذَةِ فَإِنْ كَانَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ عِشْرُونَ دِينَارًا لَا مَالَ لَهَا سِوَى الْمِائَةِ الزَّائِدَةِ فَنَقُولُ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ خَمْسُونَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الدَّيْنِ عَلَى الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ وَلَهَا بِالْمُحَابَاةِ شَيْءٌ وَتَرِكَتُهَا خَمْسُونَ يَخْرُجُ مِنْهَا دينهَا عِشْرُونَ يَبْقَى ثَلَاثُونَ وَشَيْءٌ يَرْجِعُ نِصْفُهَا بِالْإِرْثِ لِلزَّوْجِ خَمْسَةَ عَشَرَ وَنِصْفُ شَيْءٍ تَزِيدُهُ عَلَى الْبَاقِي مَعَ الزَّوْجِ وَهُوَ خَمْسُونَ إِلَّا شَيْئًا تَبْلُغُ خَمْسَةً وَسِتِّينَ دِرْهَمًا إِلَّا نِصْفَ شَيْءٍ يَخْرُجُ مِنْهَا دَيْنُهُ عِشْرُونَ تَبْقَى خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ دِرْهَمًا إِلَّا نِصْفَ شَيْءٍ تَعْدِلُ شَيْئَيْنِ تُجْبُرُهُمَا بِنِصْفِ شَيْءٍ تَكُونُ خَمْسَةً وَأَرْبَعِينَ

تُقَابِلُ شَيْئَيْنِ وَنِصْفَ شَيْءٍ فَالشَّيْءُ خُمُسَا الدَّرَاهِمِ وَذَلِكَ ثَمَانِيَة عشر درهما وَهِي الْمُحَابَاة النافدة تَأْخُذُهَا الْمَرْأَةُ مَعَ مَهْرِ مِثْلِهَا وَذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ وَسِتُّونَ يَخْرُجُ مِنْهَا دَيْنُهَا يَبْقَى ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ يَرِثُ الزَّوْجُ نَصْفَهَا أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ فَالْبَاقِي مَعَهُ مِنَ الْمِائَةِ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ فَاجْتَمَعَ مَعَهُ سِتَّةٌ وَخَمْسُونَ يَخْرُجُ مِنْهَا دَيْنُهُ تَبْقَى سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ وَهُوَ ضِعْفُ الْمُحَابَاةِ الْخَارِجَةِ الرَّابِعَةُ أَصْدَقَهَا فِي مَرَضِهِ مِائَةً لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا وَمَهْرُ مِثْلِهَا عَشَرَةٌ وَمَاتَتْ قَبْلَهُ وَخَلَّفَتْ عَشَرَةً سِوَى الصَّدَاقِ وَأَوْصَتْ بِثُلُثِ مَالِهَا ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ فَإِنَّهَا تَدُورُ وَطَرِيقُ الْعَمَلِ أَنَّهَا حَازَتْ عَشَرَةً بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَلَهَا بِالْمُحَابَاةِ شَيْءٌ وَمَعَهَا مِنَ التَّرِكَة عشرَة فَجَمِيع مَالهَا عِشْرُونَ وَشَيْءٌ لِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُهَا سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ وَثُلُثُ شَيْءٍ الْبَاقِي تِسْعُونَ إِلَّا شَيْئًا وَعَادَ إِلَيْهِ نِصْفُ مَا بَقِيَ مَعَهَا بَعْدَ الْوَصِيَّةِ وَهِيَ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ وَثُلُثُ شَيْءٍ فَالْجَمِيعُ سِتَّةٌ وَتِسْعُونَ وَثُلُثَانِ وَثُلُثُ شَيْءٍ يَعْدِلُ شَيْئَيْنِ فَبعد الْجَبْر والمقابلة تكون سِتَّة وَتِسْعين وثلثين تعدل شَيْئَيْنِ وَثُلُثَيْ شَيْءٍ تَبْسُطُهَا أَثْلَاثًا يَصِيرُ الْعَدَدُ مِائَتَيْنِ وَتِسْعِينَ وَالْأَشْيَاءُ ثَمَانِيَةً تَقْسِمُ الْعَدَدَ عَلَى الْأَشْيَاءِ يَخْرُجُ الشَّيْءُ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ وَرُبُعًا وَهُوَ قَدْرُ الْمُحَابَاةِ وَلَهَا عَشَرَةُ دَرَاهِمَ مَهْرُ الْمِثْلِ فَجَمِيعُ مَهْرِهَا سِتَّةٌ وَأَرْبَعُونَ وَرُبُعٌ وَبَقِيَ مَعَ الزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ وَخَمْسُونَ دِرْهَمًا وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ دِرْهَمٍ وَقَدْ أَخَذَتِ الْمَرْأَةُ سِتَّةً وَأَرْبَعِينَ وَرُبُعًا وَتَرِكَتُهَا عشرَة فَجَمِيع مَالهَا سِتَّةٌ وَخَمْسُونَ وَرُبُعٌ لِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُهَا وَهُوَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ دِرْهَمٍ تَزِيدُهَا عَلَى مَا كَانَ قَدْ بَقِيَ مَعَهُ وَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ خَمْسُونَ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ دِرْهَمٍ فَيَجْتَمِعُ مَعَ وَرَثَةِ الزَّوْجِ اثْنَانِ وَتِسْعُونَ وَنِصْفٌ وَهُوَ ضِعْفُ مُحَابَاتِهِ الَّتِي هِيَ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ وَرُبُعٌ وَأَلْحِقْ بِهَذِهِ الْمَسَائِلِ مَا يُنَاسِبُهَا وَتُخْرِّجُهَا بِهَذِهِ الطُّرُقِ

(النوع الخامس في مسائل متفرقة)

(النَّوْع الْخَامِس فِي مسَائِل مُتَفَرِّقَة) أَذْكُرُ مِنْهَا خَمْسَ مَسَائِلَ الْأُولَى امْرَأَةٌ تَزَوَّجَتْ ثَلَاثَةَ أَزْوَاجٍ أَصْدَقَهَا الْأَوَّلُ شَيْئًا وَالثَّانِي ثَلَاثَةَ أَمْثَالِ مَا أَصْدَقَهَا الْأَوَّلُ وَالثَّالِثُ ثَلَاثَةَ أَمْثَالِ مَا أَصْدَقَهَا الثَّانِي فَكَانَ الْجَمِيعُ خَمْسَةً وَسِتِّينَ اجْعَلْ مَا أَصْدَقَهَا الْأَوَّلُ شَيْئًا يَكُونُ مَا أَصْدَقَهَا الثَّانِي ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ يَكُونُ مَا أَصْدَقَهَا الثَّالِثُ تِسْعَةَ أَشْيَاءَ فَاجْمَعْ ذَلِكَ كُلَّهُ وَقَابِلْ بِهِ الْخَمْسَةَ وَالسِتِّينَ يَخْرُجُ الشَّيْءُ خَمْسَةً وَهُوَ مَا أَصْدَقَهَا الْأَوَّلُ وَكَمِّلِ الْعَمَلَ الثَّانِيَةُ أَصْدَقَهَا الْأَوَّلُ شَيْئًا وَالثَّانِي جِذْرَ مَا أَصْدَقَهَا الْأَوَّلُ وَالثَّالِثُ ثَلَاثَةَ أَمْثَالِ مَا أَصْدَقَهَا الثَّانِي فَكَانَ الْجَمِيعُ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ اجْعَلْ مَا أَصْدَقَهَا الْأَوَّلُ مَالًا يَكُونُ مَا أَصْدَقَهَا الثَّانِي شَيْئًا يَكُونُ مَا أَصْدَقَهَا الثَّالِثُ ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ اجْمَعْ ذَلِكَ كُلَّهُ وَقَابِلْ بِهِ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ يَخْرُجُ مَا أَصْدَقَهَا الْأَوَّلُ سِتَّةَ عَشَرَ وَالثَّانِي أَرْبَعَةٌ وَالثَّالِثُ اثْنَا عَشَرَ وَكَذَلِكَ جَمِيعُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ الثَّالِثَةُ عِشْرُونَ قَفِيزًا مِنْ قَمْحٍ وَشَعِيرٍ وَدَخَنٍ بَاعَ الْقَمْحَ بِسِتَّةٍ وَالشَّعِيرَ بِثَلَاثَةٍ وَالدَّخَنَ بِدِرْهَمَيْنِ فَكَانَ الْجَمِيعُ ثَلَاثَةً وَسَبْعِينَ اجْعَلِ الْقَمْحَ شَيْئًا يَكُنِ الشَّعِيرُ دِينَارًا وَالدَّخَنُ بَاقِيَ الْعِشْرِينَ فَذَلِكَ عِشْرُونَ إِلَّا شَيْئًا وَإِلَّا دِينَارًا اضْرِبْ كُلَّ وَاحِدٍ فِي سِعْرِهِ وَقَابِلِ الْمُجْتَمِعَ بِالثَّلَاثَةِ وَالسَبْعِينَ يَكُنْ مَعَكَ سِتَّةُ أَشْيَاءَ وَثَلَاثَةُ دَنَانِيرَ وَأَرْبَعُونَ إِلَّا شَيْئَيْنِ وَإِلَّا دِينَارَيْنِ وَهَذَا يَعْدِلُ ثَلَاثَةً وَسَبْعِينَ فَتَجْبُرُ وَتُقَابِلُ يَكُنْ مَعَكَ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ وَدِينَارٌ يَعْدِلُ ثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ فَتَطْلُبُ عَدَدًا تَضْرِبُهُ فِي أَرْبَعَة وتطرح الْمُجْتَمع من الثَّلَاثَة وَالثَّلَاثِينَ وَتَقْسِمُ مَا بَقِيَ عَلَى الْوَاحِدِ فَتَجِدُ الضَّرْبَ فِي أَرْبَعَة ثَمَانِيَة تضربها فِي أَربع تَبْلُغُ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ الْبَاقِي وَاحِدٌ اقْسِمْهُ عَلَى وَاحِدٍ يَخْرُجُ وَاحِدٌ فَقَدْ خَرَجَ الشَّيْءُ ثَمَانِيَةٌ وَهُوَ الْقَمْحُ وَالدِّينَارُ وَاحِدٌ وَهُوَ الشَّعِيرُ وَالدَّخَنُ بَاقِي الْعِشْرِينَ وَهُوَ أَحَدَ عَشَرَ الرَّابِعَةُ عَشَرَةُ أَقْفِزَةِ شَعِيرٍ وَقَمْحٍ بَاعَ كُلَّ قَفِيزِ شَعِيرٍ فَكَانَ الثَّمَنُ الْمُجْتَمِعُ مِثْلَ مَا بَيْنَ الشَّعِيرَيْنِ وَمَا بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ اجْعَلِ الشَّعِيرَ مَا أَحْبَبْتَ مِنَ الْعَشَرَةِ اثْنَيْنِ

(فائدة جليلة)

مَثَلًا وَالْحِنْطَةَ بَاقِيَ الْعَشَرَةِ وَسِعْرَ كُلِّ قَفِيزِ شَعِيرٍ إِنْ شِئْتَ أَيَّ سِعْرٍ وَسِعْرَ الْقَمْحِ خِلَافَهُ فَسِعْرُ كُلِّ قَفِيزِ شَعِيرٍ شَيْءٌ قِيمَتُهُ شَيْئَانِ وَسِعْرُ قَفِيزِ الْقَمْحِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ شَيْءٍ يَكُونُ الْجَمِيعُ سِتَّةَ أَشْيَاءَ فَيَكُونُ جَمِيعُ الثَّمَنِ ثَمَانِيَةَ أَشْيَاءَ تُقَابِلُ بِهِ مَا بَيْنَ السِّعْرَيْنِ وَهُوَ رُبُعُ شَيْءٍ وَمَا بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ وَهُوَ سِتَّةٌ فَيَكُونُ بَعْدَ الْمُقَابَلَةِ سَبْعَةَ أَشْيَاءَ وَثَلَاثَةَ أَربَاع شَيْء تعدل سِتَّة الْخَامِسَة بريد خرج مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ وَأَمَرْتَهُ أَنْ يَسِيرَ كل يَوْم عشْرين ميلًا فَصَارَ خَمْسَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ أَرْسَلْتَ بَعْدَهُ بَرِيدًا آخَرَ وَأَمَرْتَهُ أَنْ يَسِيرَ فِي كُلِّ يَوْمٍ ثَلَاثِينَ مِيلًا فِي كَمْ يَوْمٍ يَلْحَقُهُ اجْعَلْ أَيَّامَ الْأَوَّلِ أَشْيَاءَ تَكُنْ أَيَّامُ الثَّانِي شَيْئًا إِلَّا خَمْسَةً اضْرِبْ مَا يَمْشِي كُلُّ وَاحِدٍ فِي الْيَوْمِ مِنْ أَمْيَالٍ فِي جَمِيعِ أَيَّامِهِ وَقَابِلْ كُلَّ وَاحِدٍ بِصَاحِبِهِ وَإِنْ شِئْتَ اجْعَلْ أَيَّامَ الثَّانِي شَيْئًا تَكُنْ أَيَّامُ الْأَوَّلِ شَيْئًا وَخَمْسَةً ثمَّ تعْمل على مَا تقدم (فَائِدَة جَلِيلَةٌ) تَقَدَّمَ اسْتِنْبَاطُ الصَّوَابِ مِنَ الْخَطَأَيْنِ وَهُوَ عَجَبٌ كَيْفَ يَسْتَلْزِمُ الْخَطَأُ الصَّوَابَ وَقَدْ ذَكَرَ قِسْطَا بْنُ لُوقَا بُرْهَانًا شَافِيًا كَافِيًا بَيِّنًا سَهْلًا عَلَى تَحْقِيقِ ذَلِكَ وَذَكَرَ غَيْرُهُ طُرُقًا وَلَا تَرث طَرِيقه لِسُهُولَتِهَا أَضَعُهَا فِي كِتَابِي هَذَا تَكْمِيلًا لِلْفَائِدَةِ وَرَغْبَةً فِي الْفَضِيلَةِ يَنْتَفِعُ بِهَا أَهْلُ الْفَضْلِ والتحصيل الَّذين الْحِكْمَة صالتهم حَيْثُ وَجَدُوهَا عَقَلُوهَا فَأَقُولُ مِثَالًا قَبْلَ الْبُرْهَانِ وَهُوَ مَالٌ زِيدَ عَلَيْهِ مِثْلُ نِصْفِهِ وَرُبُعِهِ مَضْرُوبًا فِي نَفْسِهِ بَلَغَ خَمْسَةً وَخَمْسِينَ فَنَفْرِضُ مَالَيْنِ أَيَّ مَالَيْنِ كَانَا فَإِنْ أَصَبْنَا فِي الْأَوَّلِ فَلَا خَطَأَ أَوْ فِي الثَّانِي فَهُوَ الْخَطَأُ الْأَصْغَرُ عِنْدَهُمْ أَوْ بَعْدَ الْخَطَأَيْنِ فَهُوَ الْخَطَأُ الْأَكْبَرُ وَيَجِبُ الصَّوَابُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ لِثَالِثٍ بِالضَّرُورَةِ فَنَفْرِضُ الْمَالَ اثْنَيْ عَشَرَ زِدْنَا عَلَيْهِ نِصْفَهُ سِتَّةً بَلَغَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَرُبُعُهُ ثَلَاثَةٌ فِي ثَلَاثٍ بِتِسْعَةٍ بَلَغَ الْجَمِيعُ سَبْعَةً وَعِشْرِينَ فَقَدْ أَخْطَأْنَا بِثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ ثُمَّ نَفْرِضُهُ سِتَّةَ عَشَرَ نَزِيدُ عَلَيْهَا نِصْفَهَا ثَمَانِيَةً تَبْلُغُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ وَرُبُعُهَا أَرْبَعَةٌ فِي أَرْبَعَةٍ مَضْرُوبَةٌ فِي نَفْسِهَا بِسِتَّةَ عَشَرَ تَبْلُغُ أَرْبَعِينَ فَقَدْ أَخْطَأْنَا بِخَمْسَةَ عَشَرَ نُسْقِطُ أَحَدَ الْخَطَأَيْنِ مِنَ

الْآخَرِ يَفْضُلُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ احْفَظْهَا ثُمَّ اضْرِبِ الْخَطَأَ الْأَوَّلَ فِي الْمَالِ الثَّانِي بِثَلَاثِمِائَةٍ وَثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ وَتَضْرِبُ الْخَطَأَ الثَّانِيَ فِي الْمَالِ الْأَوَّلِ بِثَمَانِيَةٍ وَثَمَانِينَ فَتُسْقِطُ الْمُتَحَصِّلَ الْأَقَلَّ مِنَ الْأَكْثَرِ يَفْضُلُ مِنَ الْأَكْثَرِ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَسِتُّونَ تَقْسِمُهَا عَلَى الْبَاقِي مِنْ أَحَدِ الْخَطَأَيْنِ وَهُوَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَخْرُجُ لِكُلِّ وَاحِدٍ ثَلَاثَةَ عَشَرَ إِلَّا كَسْرًا مَعَ أَنَّ أَصْلَ هَذَا الْمَالِ الْمَجْهُولِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عِشْرِينَ فَهَذَا التَّمْثِيلُ فَاسِدٌ مَعَ أَنَّهُ هُوَ الطَّرِيقَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي الْعَمَلِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ لِذَلِكَ أَنَّ لِهَذَا الْعَمَلِ شَرْطًا وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَالَانِ الْمَأْخُوذَانِ لَهُمَا نِسْبَةٌ خَاصَّةٌ مَتَى لَمْ تَحْصُلْ بَطَلَ الْعَمَلُ وَتِلْكَ النِّسْبَةُ أَنْ تَكُونَ نِسْبَةُ فَضْلِ مَا بَيْنَ الْعَدَدَيْنِ الْمَأْخُوذَيْنِ لِلِامْتِحَانِ إِلَى فَضْلِ مَا بَيْنَ الْحَاصِلَيْنِ مِنْهُمَا كَنِسْبَةِ فَضْلِ مَا بَيْنَ أَحَدِ الْعَدَدَيْنِ الْمَأْخُوذَيْنِ وَالْمَالِ الْمَطْلُوبِ إِلَى خَطَأِ الْعَدَدِ الْمَأْخُوذِ مَعَ الْمَالِ الْمَطْلُوبِ مِثَالُهُ مَالٌ زِدْتَ عَلَيْهِ مِثْلَ نِصْفِهِ وَثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ ثُمَّ عَلَى الْمَبْلَغِ مِثْلَ ثُلُثِهِ وَسِتَّةَ دَرَاهِمَ فَصَارَ ثَلَاثِينَ كَمْ أَصْلُ الْمَالِ فَتَضَعُهُ سِتَّةً وَتَزِيدُ عَلَيْهِ نِصْفَهُ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ ثُمَّ عَلَى الْمَبْلَغِ ثُلُثَهُ وَسِتَّةَ دَرَاهِمَ يَبْلُغُ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ فَقَدْ أَخْطَأْنَا بِثَمَانِيَةٍ نَاقِصَةٍ ثُمَّ تَضَعُهُ ثَمَانِيَةً وَتَفْعَلُ بِهَا مَا فَعَلْتَ بِالسِّتَّةِ تَبْلُغُ سِتَّةً وَعِشْرِينَ فَأَخْطَأْنَا بِأَرْبَعَةٍ نَاقِصَةٍ فَاضْرِبِ الْمَوْضُوعَ الْأَوَّلَ وَهُوَ سِتَّةٌ فِي الْخَطَأِ الثَّانِي وَهُوَ أَرْبَعَةٌ تَبْلُغُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ ثُمَّ اضْرِبِ الْمَوْضُوعَ الثَّانِيَ وَهُوَ ثَمَانِيَةٌ فِي الْخَطَأِ الْأَوَّلِ وَهُوَ ثَمَانِيَةٌ تَبْلُغُ أَرْبَعَة وَسِتِّينَ الخطآن ناقصان مَعًا عَن السُّؤَالِ فَأَسْقِطْ أَحَدَ الْمُرْتَفِعَيْنِ مِنَ الْآخَرِ يَبْقَى أَرْبَعُونَ اقْسِمْهَا عَلَى الْبَاقِي مِنْ أَحَدِ الْخَطَأَيْنِ بَعْدَ إِسْقَاطِ الْآخَرِ مِنْهُ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ يَخْرُجُ عَشَرَةٌ وَهُوَ الْجَوَابُ وَبَيَانُ تَحْقِيقِ النِّسْبَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ أَنَّ فَضْلَ مَا بَيْنَ الْعَدَدَيْنِ الْمَأْخُوذَيْنِ اثْنَانِ لِأَنَّهُمَا سِتَّةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَفَضْلُ مَا بَيْنَ الْمُتَحَصِّلَيْنِ مِنْهُمَا أَرْبَعَةٌ لِأَنَّهُمَا اثْنَانِ وَعِشْرُونَ وَسِتَّةٌ وَعِشْرُونَ وَاثْنَانِ نِصْفُ أَرْبَعَةٍ فَهَذِهِ النِّسْبَةُ نِسْبَةُ النِّصْفِ وَإِذَا أَخَذْتَ أَحَدَ

الْمَالَيْنِ وَهُوَ سِتَّةٌ مَثَلًا مَعَ الْعَشَرَةِ وَهُوَ الْمَالُ الْمَطْلُوبُ وَجَدْتَ الْفَضْلَ بَيْنَهُمَا أَرْبَعَةً وَنِسْبَةُ هَذَا الْفَضْلِ لِخَطَأِ النِّسْبَةِ الَّتِي أَخَذْتَهَا نِسْبَةُ النِّصْفِ أَيْضًا لِأَنَّهُ ثَمَانِيَةٌ فَقَدْ تَحَقَّقَتِ النِّسْبَةُ فَلَا جَرَمَ صَحَّ الْعَمَلُ وَكَذَلِكَ إِذَا أَخَذْتَ الثَّمَانِيَةَ مَعَ الْمَالِ الْمَطْلُوبِ وَهُوَ الْمِثَالُ الْأَوَّلُ يَفْضُلُ مَا بَيْنَ الْمَالَيْنِ أَرْبَعَةٌ لِأَنَّهَا اثْنَا عَشَرَ وَسِتَّةَ عَشَرَ وَفَضْلُ مَا بَيْنَ الْحَاصِلَيْنِ مِنَ الْمَالَيْنِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ لِأَنَّهَا سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ وَالْآخَرُ أَرْبَعُونَ وَنِسْبَةُ أَرْبَعَةٍ إِلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ نِسْبَةُ الثُّلُثِ إِلَّا ثُلُثَ رُبُعِ ثُلُثٍ وَفَضْلُ مَا بَيْنَ أَحَدِ الْمَالَيْنِ وَهُوَ الِاثْنَا عَشَرَ وَالْمَالِ الْمَطْلُوبِ وَهُوَ عِشْرُونَ فِي ذَلِكَ الْمِثَالِ ثَمَانِيَة فَإِذا نسبتها إِلَى خطأ الاثنى عَشَرَ وَهُوَ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ وَجَدْتَ النِّسْبَةَ نِسْبَةَ الثُّلُثِ وَثُمُنِ الثُّلُثِ وَثُلُثِ ثُمُنِ الثُّلُثِ فَقَدِ اخْتَلَفَتِ النِّسْبَةُ فَلِذَلِكَ بَطَلَ الْعَمَلُ إِذَا تَقَرَّرَ تَمْيِيزُ الصَّوَابِ عَنِ الْخَطَأِ فِيمَا يُوجَدُ مِنَ الْأَعْدَادِ فِي الْعَمَلِ فَأَذْكُرُ كَلَامَ قِسْطَا بْنِ لُوقَا فَأَقُولُ قَالَ قِسْطَا بْنُ لُوقَا تَخُطُّ خَطًّا مُسْتَقِيمًا مَجْهُولَ الْقَدْرِ وَهُوَ الْعَدَدُ الْمَطْلُوبُ عَلَيْهِ أد ونتيجة الْمَفْرُوضَةُ خَطُّ د ع وَقَدْ أُخْرِجَ مِنْ نُقْطَةِ د عَلَى زَاوِيَةٍ قَائِمَةٍ وَفَضَلَ خَطُّ أع فَإِذَا أَرَدْنَا مَعْرِفَةَ الْعَدَدِ الْمَطْلُوبِ الَّذِي هُوَ أد ونتيجة د ع فَإِنَّمَا نَمْتَحِنُهُ بِعَدَدَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَا زَائِدَيْنِ أَوْ نَاقِصَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا زَائِدٌ وَالْآخَرُ نَاقِصٌ فَلْيَكُنْ أَوَّلًا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَاقِصًا وَهُمَا أَب وَيَخْرُجُ مِنْ نُقْطَتَيْ ب د عمودي ب ح خُطَّ عَلَى أد فَنِسْبَةُ خَطِّ أد إِلَى د ع كَنِسْبَةِ أَب إِلَى ب ح فَنَتِيجَةُ خَطِّ أَب هِيَ ب ح ونتيجة أج هِيَ خطّ وتمم سَطْحَ د م وَتُخْرِجُ مِنْ نُقْطَتَيْ ط ح خَطَّيْنِ مُوَازِيَيْنِ

(فصل)

لِخَطِّ أد عَلَيْهِمَا ز ص ي وَيَخْرُجُ خَطُّ ب ح خَطٌّ عَلَى اسْتِقَامَةٍ فَيَقَعَانِ عَلَى خَطِّ م ع عَلَى نُقْطَةِ ز س فالعدد الأول خطّ أَب مَعْلُوم ونتيجة خَط ب ح مَعْلُومَةٌ أَيْضًا وَخَطَؤُهُ عَنِ النَّتِيجَةِ الْأُولَى الَّتِي هِيَ خَطُّ د ع وَهِيَ خَطُّ ج ز مَعْلُومٌ أَيْضًا وَالْعَدَدُ الثَّانِي خَطُّ أج مَعْلُومٌ وَنَتِيجَتُهُ خَطُّ ج ظ مَعْلُومٌ أَيْضًا وَخَطَؤُهُ مَعْلُومٌ وَهُوَ ط س فَإِذَا ضَرَبْنَا خَطَأَ الْعَدَدِ الْأَوَّلِ وَهُوَ ز ح فِي الْعَدَدِ الثَّانِي وَهُوَ أج كَانَ مِنْ ذَلِكَ سَطْحُ ز س وَإِذَا ضَرَبْنَا خَطَأَ الْعَدَدِ الثَّانِي وَهُوَ لَا ن فِي الْعَدَدِ الْأَوَّلِ وَهُوَ أَب كَانَ مِنْ ذَلِكَ سَطْحُ لَا م فَإِذَا نَقَصْنَاهُ مِنْ سطح ز س بَقِي علم ص ح ط س وَسَطْحُ ظ ر مُسَاوٍ لِسَطْحِ ي ط لِأَنَّهُمَا الْمُتَمِّمَانِ فَالْعِلْمُ مُسَاوٍ لِسَطْحِ ر ك فَمُسَطَّحُ ر ك مَعْلُومٌ وَعَرْضُهُ ر ص مَعْلُومٌ لِأَنَّهُ فَصْلُ مَا بَيْنَ الْخَطَأَيْنِ فَطُولُهُ مَعْلُومٌ وَهُوَ ز ي مِثْلُ أد الْمَطْلُوبِ (فَصْلٌ) فَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْعَدَدَيْنِ أَكْثَرَ مِنَ الْمَطْلُوبِ فَإِنَّا نَجْعَلُهُ فِي هَذِه الصُّورَة خطي أهـ أووكل وَاحِد مِنْهُمَا مَعْلُوم وهما أَكْثَرُ مِنْ أد وَيَخْرُجُ أَوَّلًا خَطُّ أع عَلَى اسْتِقَامَةٍ إِلَى نُقْطَةِ ت وَتُتَمِّمُ سَطْحَ وش فالعدد الأول خطّ أهـ مَعْلُوم ونتيجة خَطُّ هـ ق مَعْلُومَةٌ أَيْضًا وَخَطَؤُهُ زَائِدٌ وَهُوَ خَطُّ ف ق وَالْعَدَدُ الثَّانِي خَطُّ أومَعْلُومٌ وَنَتِيجَتُهُ وت مَعْلُومَةٌ وَخَطَؤُهُ ص ت مَعْلُومٌ فَضُرِبَ خَطُّ الْمَالِ الْأَوَّلِ فِي الْمَالِ الثَّانِي هُوَ سَطْحُ ض ع وَضُرِبَ خَطُّ الْمَالِ الثَّانِي فِي الْمَالِ الْأَوَّلِ هُوَ سَطْحُ وس وَإِذَا نَقَصَ الْأَقَلُّ مِنَ الْأَكْثَرِ بَقِيَ سَطْحُ ج ع لِأَنَّ سَطْحَ ح ف مِثْلُ سَطْحِ وض لِأَنَّهُمَا الْمُتَمِّمَانِ وَإِذَا قُسِمَ سَطْحُ ج ع الْمَعْلُومُ عَلَى خَطِّ ع ث الَّذِي هُوَ فَضْلُ أَحَدِ الْخَطَأَيْنِ عَلَى الْآخَرِ خَرَجَ مِنْ ذَلِكَ خَطُّ ح ش مَعْلُومًا وَهُوَ مُسَاوٍ لِخَطِّ أد فَخَطُّ أد مَعْلُومٌ مِثَالُهُ رَجُلٌ اتَّجَرَ فِي مَالٍ فَرَبِحَ مِثْلَهُ وَأَخْرَجَ مِنْهُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ ثُمَّ اتَّجَرَ فِي

(فصل)

الْبَاقِي فَرَبِحَ مِثْلَهُ وَأَخْرَجَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَلَمْ يَبْقَ شَيْءٌ قِيَاسُهُ أَنْ تَجْعَلَ أَصْلَ الْمَالِ تِسْعَةً وَنِصْفًا فَتَزِيدُ عَلَيْهِ مِثْلَهُ وَتَنْقُصُ مِنَ الْمَبْلَغِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ تَبْقَى تِسْعَةٌ تَزِيدُ عَلَيْهَا مثلهَا وَتَنْقُصُ مِنَ الْمَبْلَغِ عَشَرَةً تَبْقَى ثَمَانِيَةٌ تَزِيدُ عَلَيْهَا مِثْلَهَا وَتَنْقُصُ مِنَ الْمَبْلَغِ عَشَرَةً تَبْقَى سِتَّةٌ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَبْقَى شَيْءٌ فقد أَخْطَأنَا بِسِتَّة زَائِدَة فَتَقول أَصْلُ الْمَالِ تِسْعَةٌ وَتَفْعَلُ بِهِ كَذَلِكَ فَتُخْطِئُ بِدِرْهَمَيْنِ زائدين فالخطآن زائدان فتأخذ الْفضل بني الْمَوْضِعَيْنِ وَهُوَ نِصْفٌ فَتَنْسُبُهُ إِلَى الْفَضْلِ بَيْنَ الْخَطَأَيْنِ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ يَكُونُ ثُمُنًا فَإِنْ أَخَذْتَ بِذَلِكَ النِّسْبَةَ مِنَ السِّتَّةِ كَانَ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعٍ تُسْقِطُهَا مِنْ تِسْعَةٍ وَنِصْفٍ تَبْقَى ثَمَانِيَةٌ وَنِصْفٌ وَرُبُعٌ وَهُوَ الْجَوَابُ وَإِنْ أَخَذْتَ بِهَا مِنَ اثْنَيْنِ كَانَ رُبُعًا تُسْقِطُهُ مِنْ تِسْعَةٍ تَبْقَى ثَمَانِيَةٌ وَنِصْفٌ وَرُبُعٌ وَهُوَ الْجَوَابُ (فَصْلٌ) فَإِنْ كَانَ أَحَدُ الْمَالَيْنِ زَائِدًا وَالْآخَرُ نَاقِصًا فَإِنَّا نَجْعَلُهُمَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ خَطَّيْ أج أهـ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعْلُومٌ فَالْمَالُ الْأَوَّلُ خَطُّ أج مَعْلُومٌ وَنَتِيجَتُهُ خَطُّ وق وَخَطَؤُهُ ط س وَالْمَالُ الثَّانِي خَطُّ أهـ مَعْلُومٌ وَنَتِيجَتُهُ خَطُّ وق وَخَطَؤُهُ خَطُّ وق فَإِذَا ضُرِبَ خَطُّ الْمَالِ الْأَوَّلِ فِي الْمَالِ الثَّانِي كَانَ مِنْ ذَلِكَ سَطْحُ ف ص وَإِذَا ضُرِبَ خَطُّ الْمَالِ الثَّانِي فِي الْمَالِ الْأَوَّلِ كَانَ مِنْ ذَلِكَ سَطْحُ س ع وَإِذَا جَمَعْنَاهُمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ سَطْحُ ك ع لِأَنَّ سَطْحَ ر ع مِثْلُ سَطْحِ ف ك لِأَنَّهُمَا الْمُتَمِّمَانِ فَسَطْحُ ك ع مَعْلُومٌ وَعَرْضُهُ مَعْلُومٌ لِأَنَّهُ مُسَاوٍ لِمَجْمُوعِ الْخَطَأَيْنِ فَطُولُهُ مَعْلُومٌ وَهُوَ ك ص وَهُوَ مُسَاوٍ لَا د الْمَطْلُوبِ وَذَلِكَ مَا أَرَدْنَا بَيَانَهُ مِثَالُهُ عَشَرَةٌ قَسَمْتَهَا بِقِسْمَيْنِ ثُمَّ زِدْتَ عَلَى أَحَدِ الْقِسْمَيْنِ مِثْلَهُ ثُمَّ عَلَى الْمَبْلَغِ مِثْلَ رُبُعِهِ ثُمَّ عَلَى الْمَبْلَغِ مِثْلَ خُمُسَيْهِ فَكَانَ الْمَبْلَغُ يَزِيدُ عَلَى الْقِسْمِ الثَّانِي عَشَرَةً فَقِيَاسُهُ أَنْ تَجْعَلَ أَحَدَ الْقِسْمَيْنِ أَرْبَعَةً وَتَزِيدُ عَلَيْهِ مِثْلَهُ وَعَلَى الْمَبْلَغِ رُبُعَهُ وَعَلَى الْمَبْلَغِ خُمُسَيْهِ تَصِيرُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَذَلِكَ يَزِيدُ عَلَى الْقِسْمِ الْآخَرِ

(القاعدة الأولى)

ثَمَانِيَةً فَقَدْ أَخْطَأْنَا بِدِرْهَمَيْنِ نَاقِصَةٍ فَنَقُولُ أَحَدُ الْقِسْمَيْنِ خَمْسَةٌ وَتَفْعَلُ بِهَا مِثْلَ مَا فَعَلْتَ بِالْأَرْبَعَةِ فَتَبْلُغُ سَبْعَةَ عَشَرَ وَنِصْفًا وَذَلِكَ يَزِيدُ عَلَى الْقِسْمِ الْآخَرِ اثْنَيْ عَشَرَ وَنِصْفًا فَقَدْ أَخْطَأْنَا بِدِرْهَمَيْنِ وَنِصْفٍ زَائِدَةٍ فَضُرِبَ الْمَوْضُوعُ الْأَوَّلُ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ فِي الْخَطَأِ الثَّانِي وَهُوَ اثْنَانِ وَنِصْفٌ تَبْلُغُ عَشَرَةً وَضُرِبَ الْمَوْضُوعُ الثَّانِي وَهُوَ خَمْسَةٌ فِي الْخَطَأِ الْأَوَّلِ وَهُوَ اثْنَانِ تَبْلُغُ عَشَرَةً وَأَحَدُ الْخَطَأَيْنِ زَائِدٌ وَالْآخَرُ نَاقِصٌ فَتَقْسِمُ مَجْمُوع المرتفعين وَهُوَ عشرُون على مَجْمُوع الخطئين وَهُوَ أَرْبَعَةٌ وَنِصْفٌ يَخْرُجُ أَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعَةُ أَتْسَاعٍ وَهُوَ أَحَدُ الْقِسْمَيْنِ وَالثَّانِي خَمْسَةٌ وَخَمْسَةُ أَتْسَاعٍ وَاعْلَمْ أَنَّ هَاهُنَا قَوَاعِدَ يَتَعَيَّنُ التَّنْبِيهُ عَلَيْهَا فِي هَذَا الشَّكْلِ (الْقَاعِدَةُ الْأُولَى) فِي قَوْلِهِ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ فَنِسْبَةُ خَطِّ أد إِلَى د ع كَنِسْبَةِ خَطِّ أج إِلَى خَطِّ ج ط وَكَذَلِكَ مَا وَقَعَ فِي كَلَامِهِ مِنْ هَذِهِ النِّسَبِ فَهُوَ عَلَى قَاعِدَةٍ ذَكَرَهَا إِقْلِيدِسُ وَهِيَ أَنَّ كُلَّ مُثَلَّثَيْنِ مُتَشَابِهَيْنِ انْطَبَقَتْ زَاوِيَةُ أَحَدِهِمَا عَلَى زَاوِيَةِ الْآخَرِ وَانْطَبَقَ ضِلْعَاهُ على ضلعه فَإِنَّ نِسْبَةَ ضِلْعِ أَحَدِهِمَا إِلَى قَاعِدَتِهِ كَنِسْبَةِ ضِلْعِ الْآخَرِ إِلَى قَاعِدَتِهِ وَكَذَلِكَ هَذِهِ الْمَوَاضِعُ فَتَأَمَّلْهَا تَجِدْهَا كَذَلِكَ مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ (الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ) أَنَّهُمْ مَتَى قَالُوا تَتِمُّ سَطْحُ د م كَمَا قَالَهُ فِي هَذَا الْعَمَلِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْحُرُوفِ فَمُرَادُهُمْ الْمُرَبَّعُ الَّذِي يَنْقَامُ هَاهُنَا مِنْ ضِلْعِ أد وَضِلْعِ ع م وضلع م أفمجموع ذَلِكَ سَطْحُ مُرَبَّعٍ وَهُوَ مُرَادُهُمْ بِذَلِكَ (الْقَاعِدَةُ الثَّالِثَةُ) أَنَّهُمْ مَتَى أَطْلَقُوا الْخَطَّيْنِ الْمُتَوَازِيَيْنِ فَمُرَادُهُمُ الْخَطَّانِ الْمُمْتَدَّانِ عَلَى سَمْتٍ وَاحِدٍ بِحَيْثُ إِذَا خَرَجَا إِلَى غَيْرِ النِّهَايَةِ لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا وَلَا يَتَّصِلُ طَرَفُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ

تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ خَطُّ أَب عَنِ النَّتِيجَةِ الْأُولَى الَّتِي هِيَ خَطُّ د ع وَهُوَ خَطُّ ج ن مَعْلُومٌ يُرِيدُ أَنَّهُ الْخَطّ الْكَائِن مِنْ ج إِلَى ن لِأَنَّهُ جَعَلَ الْعَدَدَ الْأَقَلَّ مِنَ الْعَدَدِ الْمَطْلُوبِ فَوق إِلَى جِهَة زَاوِيَة أوالعدد الْأَكْبَرَ مِنَ الْعَدَدِ الْمَطْلُوبِ أَسْفَلَ مِنْهُ إِلَى زَاوِيَة وولذلك أَنَّ الْقَوَاعِدَ النَّاشِئَةَ عَنْ هَذِهِ الْأَعْدَادِ أَوْسَعُ وَعَنِ الْعَدَدِ الْأَقَلِّ أَضْيَقُ وَقَوْلُهُ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ إِذَا ضَرَبْنَا خَطَأَ الْعَدَدِ الْأَوَّلِ وَهُوَ ز ح مَعَ أَن خطاه إِنَّمَا هُوَ ج ز لِأَنَّ خَطَّ ز ح الْأَعْلَى مُسَاوٍ لِخَطِّ ج ز الْأَسْفَلِ مِنْهُ وَضَرْبُ أَحَدِ الْمُسَاوِيَيْنِ كَضَرْبِ الْآخَرِ وَقَوْلُهُ كَانَ ذَلِكَ سَطْحَ ر س يُرِيدُ الْمُرَبَّعَ الَّذِي إِحْدَى زَوَايَاهُ س وَالْأُخْرَى م وَالثَّالِثَةُ ز وَالرَّابِعَةُ الَّتِي تَحْتَ ز قُبَالَةَ ج وَهَذَا الْمُرَبَّعُ يَشْتَمِلُ عَلَى أَرْبَعَةِ بُيُوتٍ وَإِنَّمَا حَدَثَ هَذَا الْمُرَبَّعُ مِنْ ذَلِكَ الضَّرْبِ لِأَنَّ خَطَّ أج وَهُوَ الْعَدَدُ الثَّانِي مُسَاوٍ لِخَطِّ ز د ور م مسَاوٍ ل د س وس مُسَاوٍ ل ز د وَالْقَاعِدَةُ فِي الْمِسَاحَةِ أَنَّا نَسْتَغْنِي بِأَحَدِ الضِّلْعَيْنِ الْمُسْتَوِيَيْنِ عَنِ الْآخَرِ فَنَسْتَغْنِي بِ د م عَنْ س د وي س عَنْ ز د وَبِضَرْبِ ز م فِي م س فَيَحْصُلُ الْمُرَبَّعُ الْمَذْكُورُ وَهُوَ قَاعِدَة المساحاة فِي جَمِيعِ الْمُرَبَّعَاتِ الَّتِي هِيَ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ وَقَوْلُهُ إِذَا ضَرَبْنَا خَطَّ الْعَدَدِ الثَّانِي وَهُوَ ط س فِي الْعَدَدِ الْأَوَّلِ وَهُوَ أَب حَصَلَ سَطْحُ لَا م سَبَبُهُ أَنَّ خَطَّ أَب مُسَاوٍ لِخَطِّ لَا هـ وَخَطُّ ط س مُسَاوٍ لِخَطِّ أَن فَيُسْتَغْنَى بِخَطَّيْنِ عَنْ خَطَّيْنِ وَتَضْرِبُ أَحَدَ الْخَطَّيْنِ الْبَاقِيَيْنِ فِي الْآخَرِ كَمَا تَقَدَّمَ فَيَحْدُثُ الْمُرَبَّعُ الْمَذْكُورُ ثُمَّ قَالَ إِذَا نَقَصْنَاهُ مِنْ سَطْحِ ز س بَقِيَ عَلَمُ ص ح ط س اصْطَلَحَ الْمُهَنْدِسُونَ عَلَى أَنَّهُ إِذَا بَقِيَ ثَلَاثَةُ بُيُوتٍ مِنْ مُرَبَّعٍ يُسَمُّونَهُ عَلَمًا لِشَبَهِهِ بِعَلَمِ السُّلْطَانِ فِي الْحَرْبِ وَقَوْلُهُ وَسَطْحُ ظ ن مُسَاوٍ لِسَطْحِ ي ط لِأَنَّهُمَا الْمَتُمِّمَانِ يَعْنِي لِأَنَّ ح ن ع ي الَّذِي نَظَرُهُ الْخَارِجُ مِنْ نُقْطَةِ أع ظ مُتَّصِلًا ب ت ي ط رُبُعُهُ عَلَى الْعَكْسِ مِنَ الْجِهَةِ الْأُخْرَى فَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِالتَّتْمِيمِ

وَقَوْلُهُ فَالْعَلَمُ مُسَاوٍ لِسَطْحِ ز ك مَعْنَاهُ يُسْقَطُ مِنَ الْعَلَمِ سَطْحُ ظ ن وَيُسْتَغْنَى بِسَطْحِ ي ط فَيَحْصُلُ لَنَا سَطْحُ ر ك ثَلَاثَ بُيُوتٍ عَلَى اسْتِقَامَةٍ مِنْ ي إِلَى ر إِلَى وَمن ك إِلَى ص وَقَامَ الْبُرْهَانُ أَيْ كُلُّ أَربع بيُوت انقام مِنْهَا مُرَبَّعٌ وَقَطَعَهُمَا خَطٌّ مَارٌّ بِالزَّوَايَا الثَّلَاثِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فَإِنَّ الْمُتَمِّمَيْنِ يَكُونَانِ مُسْتَوِيَيْنِ بَيَّنَهُ إِقْلِيدِسُ وَعَرْضُ هَذَا السَّطْحِ مَعْلُومٌ لِأَنَّ ص ظ مُسَاوٍ لِخَطِّ أَب فَإِذَا زِدْنَا عَلَيْهِ ي د الَّذِي هُوَ أَحَدُ الْمُتَمِّمَيْنِ الْمُسَاوِي لِلْمُتَمِّمِ الْآخَرِ الْمُسَاوِي لِضَرْبِ ص م الْمَعْلُومِ فِي ج ب الْمَعْلُومِ صَارَ الطُّولُ مَعْلُومًا وَالطُّولُ مُسَاوٍ لِخَطِّ أَب الْعَدَدِ الْمَطْلُوبِ فَعُلِمَ بِالْبُرْهَانِ الْهَنْدَسِيِّ أَنَّ الْأَعْمَالَ السَّابِقَةَ مُؤَدِّيَةٌ لِحُصُولِ الْمَطْلُوبِ بِالْخَطَأَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ وَقَوْلُهُ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي إِنْ ضُرِبَ خَطَأُ الْمَالِ الْأَوَّلِ فِي الْمَالِ الثَّانِي هُوَ سَطْحُ ص ع تَقْدِيرُهُ أَنَّ خَطَأَ الْمَالِ الْأَوَّلِ هُوَ ف ق وَهُوَ مُسَاوٍ لِخَطِّ ص ت وَالْمَالُ الْأَوَّلُ هُوَ أووهو مُسَاوٍ لِ ص م وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُتَسَاوِيَيْنِ يَقُومُ مَقَامَ الْآخَرِ فَتَضْرِبُ ص ت فِي ص م فَيَحْصُلُ سَطْحُ ص ع وَقَوْلُهُ ضَرْبُ خَطَأِ الْمَالِ الثَّانِي فِي الْمَالِ الْأَوَّلِ وَهُوَ سَطْحُ وش تَقْدِيرُهُ أَنَّ الْمَالَ الأول هُوَ أهـ ويساويه ر م وَخَطَأُ الْمَالِ الثَّانِي هُوَ ص ت وَيُسَاوِيهِ وط فَيُكْتَفَى بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُسَاوِيَيْنِ عَنِ الْآخَرِ فَتَضْرِبُ وط فِي وم فَيَحْدُثُ مُرَبَّعُ وش عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَقَوْلُهُ إِذَا قُسِمَ سَطْحُ ح ع عَلَى خَطِّ ع ش الَّذِي هُوَ فَضْلُ أَحَدِ الْخَطَأَيْنِ عَلَى الْآخَرِ خَرَجَ خَطُّ ح س مَبْنِيٌّ عَلَى قَاعِدَةٍ وَهِيَ أَنَّ كُلَّ مُرَبَّعٍ وَهُوَ الْعَدَدُ الْمَضْرُوبُ أَحَدُ أَضْلَاعِهِ فِي الْآخَرِ إِذَا قُسِمَ الْمُتَحَصِّلُ عَلَى أَحَدِ أَضْلَاعِهِ خَرَجَ الْآخَرُ نَحْوُ إِذَا ضَرَبْنَا عَشَرَةً فِي اثْنَيْنِ بِعِشْرِينَ فَإِذَا قَسَمْنَاهُ على اثْنَيْنِ خرجت عَشَرَةٌ وَهُوَ الضِّلْعُ الْأَطْوَلُ وَجُعِلَ خَطُّ ع ش فَضْلَ أَحَدِ الْخَطَأَيْنِ لِأَنَّهُ مُسَاوٍ لِ ث ت الَّذِي هُوَ فَضْلُ خَطَأِ وت وَبَحْثُهُ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ مَبْنِيٌّ عَلَى إِقَامَةِ أَحَدِ الْأُمُورِ الْمُسْتَوِيَةِ مَقَامَ الْآخَرِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي غَيْرِهِ فَهَذَا بَيَانُ كَلَامِ قِسْطَا بْنِ لُوقَا وَتَحْرِيرُ شَكْلِهِ الْهَنْدَسِيِّ

تَنْبِيهٌ قَدْ يَكُونُ الْمَالُ الْمَفْرُوضُ أَقَلَّ وَخَطَؤُهُ أَكْثَرَ وَقَدْ يَكُونُ أَكْثَرَ وَخَطَؤُهُ أَقَلَّ وَحِينَئِذٍ نقُول الخطآن لَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون نَاقِصَيْنِ أَوْ زَائِدَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا نَاقِصٌ وَالْآخَرُ زَائِدٌ فَإِذَا كَانَا نَاقِصَيْنِ فَالْمَالَانِ الْمَفْرُوضَانِ إِمَّا أَنْ يَكُونَا أَقَلَّ مِنَ الصَّوَابِ أَوْ أَكْثَرَ وَفِي الْقِسْمَيْنِ تَضْرِبُ فَاضِلَ الْعَدَدَيْنِ فِي أَصْغَرِ الْخَطَأَيْنِ وَتَقْسِمُ عَلَى تَفَاضُلِهِمَا فَمَا خَرَجَ زِيدَ على الْمَفْرُوض الْأَكْبَر إِن كَانَ المفروضان أقل مِنَ الصَّوَابِ وَنُقِصَ مِنْ أَصْغَرِ الْمَفْرُوضَيْنِ إِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنَ الصَّوَابِ أَوْ تَضْرِبُ بِفَاضِلِ الْعَدَدَيْنِ فِي أَصْغَرِ الْخَطَأَيْنِ وَتَقْسِمُ عَلَى تَفَاضُلِهِمَا فَمَا خرج زيد على الْمَفْرُوض الْأَكْبَر إِن كَانَ الْمَفْرُوضَانِ أَقَلَّ مِنَ الصَّوَابِ وَنُقِصَ مِنْ أَصْغَرِ الْمَفْرُوضَيْنِ إِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنَ الصَّوَابِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْمَفْرُوضَيْنِ نَاقِصًا وَالْآخِرُ زَائِدًا لِأَنَّهُ إِذَا كَانَتِ الْعِلَّةُ فِي كَوْنِ الْخَطَأِ نَاقِصًا كَوْنَ الْمَفْرُوضِ دُونَ الصَّوَابِ اسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ الْمَفْرُوضُ دُونَ الصَّوَابِ عِلَّةً فِي كَوْنِ الْخَطَأِ زَائِدًا لِأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ تُوجِبَ الْعِلَّةُ الْوَاحِدَةُ أَمْرَيْنِ مُتَضَادَّيْنِ وَهُوَ مُحَالٌ فَإِنْ كَانَ الْخَطَآنِ زَائِدَيْنِ فَالْمَفْرُوضَانِ إِمَّا أَكْثَرُ مِنَ الصَّوَابِ أَوْ أَقَلُّ مِنْهُ وَفِي الْقِسْمَيْنِ يَجِبُ ضَرْبُ الْعَدَدَيْنِ الْمَفْرُوضَيْنِ فِي أَعْظَمِ الْخَطَأَيْنِ وَيُقْسَمُ الْمَبْلَغُ عَلَى تَفَاضُلِهِمَا فَمَا خَرَجَ نُقِصَ مِنْ أَصْغَرِ الْمَفْرُوضَيْنِ إِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنَ الصَّوَابِ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ زِيدَ الْخَارِجُ عَلَى أَكْثَرِهِمَا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْمَفْرُوضَيْنِ زَائِدًا وَالْآخَرُ نَاقِصًا لِمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ كَانَ أَحَدُ الْخَطَأَيْنِ زَائِدًا وَالْآخَرُ نَاقِصًا فَيَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ الْمَفْرُوضَانِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ الشَّيْءَ الْوَاحِدَ يَمْتَنِعُ أَنْ يُوجِبَ الْمُتَضَادَّيْنِ بَلْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مُخَالِفًا لِلْآخَرِ بِأَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ مِنَ الصَّوَابِ وَخَطَؤُهُ زَائِدٌ وَالْآخَرُ أَقَلَّ وَخَطَؤُهُ نَاقِصٌ فَتَضْرِبُ بِفَاضِلِ الْعَدَدَيْنِ فِي النَّاقِصِ مِنَ الْخَطَأَيْنِ وَتَقْسِمُ الْمَجْمُوعَ عَلَى مَجْمُوعِهِمَا فَمَا خَرَجَ زِيدَ عَلَى أَقَلِّ الْمَفْرُوضَيْنِ أَوْ تَضْرِبُ بِفَاضِلِ الْعَدَدَيْنِ فِي الزَّائِدِ مِنَ الْخَطَأَيْنِ وتقسم على مجموعهما فِيمَا خَرَجَ نُقِصَ مِنْ أَعْظَمِ الْمَفْرُوضَيْنِ

فَإِنْ كَانَ أَحَدُ الْمَفْرُوضَيْنِ أَقَلَّ مِنَ الصَّوَابِ وَخَطَؤُهُ زَائِدٌ وَالْآخَرُ أَكْثَرَ مِنَ الصَّوَابِ وَخَطَؤُهُ نَاقِصٌ فَتَضْرِبُ بِفَاضِلِ الْعَدَدَيْنِ فِي النَّاقِصِ مِنَ الْخَطَأَيْنِ وَتَقْسِمُ الْمَبْلَغَ عَلَى مَجْمُوعِهِمَا فَمَا خَرَجَ نُقِصَ مِنْ أَعْظَمِ الْمَفْرُوضَيْنِ أَوْ تَضْرِبُ بِفَاضِلِ الْعَدَدَيْنِ فِي الزَّائِدِ مِنَ الْخَطَأَيْنِ وَتَقْسِمُ عَلَى مجموعهما فَمَا خرج زيد على أَصْغَر المفروضيين وَلَا يُقَالُ فِي هَذَا الْفَصْلِ أَصْغَرُ الْخَطَأَيْنِ وَأَعْظَمُهُمَا لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ مُسَاوِيًا كَقَوْلِكَ نُرِيدُ عَدَدًا إِنْ نَقَصَ ربعه بَقِي خَمْسَة عشر فنفرضه سِتَّةَ عَشَرَ يَبْقَى اثْنَا عَشَرَ وَالْخَطَأُ ثَلَاثَةٌ نَاقِصَةٌ أَوْ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ يَبْقَى أَحَدٌ وَعِشْرُونَ وَالْخَطَأُ سِتَّةٌ زَائِدَةٌ فَجَاءَ هَاهُنَا الزَّائِدُ أَعْظَمَ أَوِ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ تَبْقَى سِتَّةَ عَشَرَ وَنِصْفٌ وَالْخَطَأُ وَاحِدٌ وَنِصْفٌ زَائِدٌ فَجَاءَ هَاهُنَا النَّاقِصُ أَعْظَمَ أَوِ الثَّانِي أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ تَبْقَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَالْخَطَأُ ثَلَاثَةٌ زَائِدَةٌ فَقَدْ تَسَاوَى الْخَطَآنِ وَهَذِهِ الْعَوَارِضُ مَأْمُونَةٌ فِي الْوَجْهَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَطُرُقُ الْعَمَلِ بِالْخَطَأِ كَثِيرَةٌ غَيْرَ أَنَّ بَعْضَهَا أَيْسَرُ وَبَعْضَهَا أَعْسَرُ وَوَقَعَ لِبَعْضِ الْأَنْدَلُسِيِّينَ أَنَّ الصَّوَابَ يَخْرُجُ مِنْ خَطَأَيْنِ وَثَلَاثَةٍ وَأَكْثَرَ إِذَا وَقَعَ التَّغَيُّرُ فِي الْعَدَدِ الْمَطْلُوبِ بِأَنْ يُعْطَفَ عَلَيْهِ أَو يسْتَثْنى مِنْهُ وَهَذِه بحار من الرياضيات مِنْهَا مَا أحاطت بِهِ الْأَفْكَارُ وَمِنْهَا مَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ سُبْحَانَهُ فَسُبْحَانَ مَنْ يَعْلَمُ مَا لَا يَتَنَاهَى عَلَى التَّفْصِيلِ وَهُوَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الْوَكِيلُ

- (القسم الثالث كتاب الجامع)

3 - (الْقسم الثَّالِث كتاب الْجَامِع)

(فارغة)

(كتاب الجامع)

(كِتَابُ الْجَامِعِ) هَذَا الْكِتَابُ يَخْتَصُّ بِمَذْهَبِ مَالِكٍ لَا يُوجَدُ فِي تَصَانِيفِ غَيْرِهِ مِنَ الْمَذَاهِبِ وَهُوَ مِنْ مَحَاسِنِ التَّصْنِيفِ لِأَنَّهُ تَقَعُ فِيهِ مَسَائِلُ لَا يُنَاسِبُ وَضْعُهَا فِي رُبْعٍ مِنْ أَرْبَاعِ الْفِقْهِ أَعْنِي الْعِبَادَاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ وَالْأَقْضِيَةَ وَالْجِنَايَاتِ فَجَمَعَهَا الْمَالِكِيَّةُ فِي أَوَاخِرِ تَصَانِيفِهَا وَسَمَّوْهَا بِالْجَامِعِ أَيْ جَامِعِ الْأَشْتَاتِ مِنَ الْمَسَائِلِ الَّتِي لَا تُنَاسِبُ غَيْرَهُ مِنَ الْكُتُبِ وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَجْنَاسٍ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَقِيدَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَقْوَالِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَفْعَالِ وَهُوَ الْأَفْعَالُ وَالتُّرُوكُ بِجَمِيعِ الْجَوَارِحِ (الْجِنْسُ الْأَوَّلُ الْعَقِيدَةُ) قَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ وَغَيْرُهُ مَذْهَبُ مَالِكٍ وُجُوبُ النَّظَرِ وَامْتِنَاعُ التَّقْلِيدِ فِي أُصُولِ الدِّيَانَاتِ قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الْإِسْفَرَايِينِيُّ لَمْ يَرَ بِالتَّقْلِيدِ إِلَّا أَهْلُ الظَّاهِرِ فَيَتَعَيَّنُ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ عِنْدَ أَوَّلِ بُلُوغِهِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ لِجَمِيعِ الْمَوْجُودَاتِ مِنَ الْمُمْكِنَاتِ خَالِقًا وَمُدَبِّرًا هُوَ وَاجِبُ الْوُجُودِ أَزَلِيٌّ أَبَدِيٌّ حَيٌّ بِحَيَاةٍ قَادِرٌ بِقُدْرَةٍ مُرِيدٌ بِإِرَادَةٍ عَالِمٌ بِعِلْمٍ سَمِيعٌ بِسَمْعٍ بَصِيرٌ بِبَصَرٍ مُتَكَلِّمٌ بِكَلَامٍ وَأَنَّ صِفَاتِهِ تَعَالَى وَاجِبَةُ الْوُجُودِ أَزَلِيَّةٌ أَبَدِيَّةٌ عَامَّةُ التَّعَلُّقِ فَيَتَعَلَّقُ عِلْمُهُ بِجَمِيعِ الْجُزْئِيَّاتِ وَالْكُلِّيَّاتِ وَالْوَاجِبَاتِ وَالْمُمْكِنَاتِ وَإِرَادَتُهُ تَعَالَى مُتَعَلِّقَةٌ بِجَمِيعِ الْمُمْكِنَاتِ وَعِلْمُهُ مُتَعَلِّقٌ بِجَمِيعِ الْمَعْلُومَاتِ وَبَصَرُهُ مُتَعَلِّقٌ بِجَمِيعِ الموجودات

0 - وَسَمْعُهُ سُبْحَانَهُ مُتَعَلِّقٌ بِجَمِيعِ الْأَصْوَاتِ وَالْكَلَامِ النَّفْسَانِيِّ حَيْثُ كَانَ مِنْ خَلْقِهِ وَالْقَائِمُ بِذَاتِهِ وَأَنَّ قُدْرَتَهُ تَعَالَى عَامَّةُ التَّعَلُّقِ بِجَمِيعِ الْمُمْكِنَاتِ الْمَوْجُودَةِ فِي الْعَالَمِ مِنَ الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِمْ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء وَهُوَ السَّمِيع الْبَصِير} لَهُ أَن يفعل الْأَصْلَح لِعِبَادِهِ وَله أَن لَا يَفْعَلَ ذَلِكَ {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يسْأَلُون} وَأَنَّهُ وَاحِدٌ فِي ذَاتِهِ لَا نَظِيرَ لَهُ وَلَا شريك وَلَا يسْتَحق الْعباد غَيْرُهُ سُبْحَانَهُ وَأَنَّ جَمِيعَ رُسُلِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِم صَادِقُونَ فِيمَا جاؤا بِهِ وَأَن مُحَمَّد عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَأَنَّ جَمِيعَ مَا جَاءَ بِهِ حَقٌّ وَمَا أَخْبَرَ بِهِ صِدْقٌ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَأَحْوَالِهِ وَالْقِيَامَةِ وَأَهْوَالِهَا مِنَ الصِّرَاطِ وَالْمِيزَانِ وَجَمِيعُ الْمُغَيَّبَاتِ عِبَادٌ كَالْمَلَائِكَةِ وَالْجَانِّ وَغَيْرِهِمْ وَأَدِلَّةُ جَمِيعِ هَذِهِ الْعَقَائِدِ مَبْسُوطَةٌ فِي عِلْمِ أُصُولِ الدِّينِ وَكَذَلِكَ تَفْصِيلُ هَذِهِ الْحَقَائِقِ وَتَفَارِيعِهَا وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَالنَّارَ حَقٌّ مَخْلُوقَتَانِ وَأَنَّهُ لَا يُخَلَّدُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ فِي النَّارِ بِكَبِيرَةٍ وَأَنَّ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ وَأَنَّ الْإِيمَانَ اعْتِقَادٌ بِالْقَلْبِ ونطق بِاللِّسَانِ وَعمل بالجوراح وَأَنَّ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى قَائِمٌ بِذَاتِهِ مَحْفُوظٌ فِي الصُّدُورِ وَمَقْرُوءٌ بِالْأَلْسِنَةِ مَكْتُوبٌ فِي الْمَصَاحِفِ وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَرَاهُ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيُكَلِّمُهُمْ وَفِي الْجَوَاهِرِ أَمَّا الْقِيَامُ بِدَفْعِ شُبَهِ الْمُبْطِلِينَ فَلَا يَتَعَرَّضُ لَهُ إِلَّا مَنْ طَالَعَ عُلُومَ الشَّرِيعَةِ وَحَفِظَ الْكَثِيرَ مِنْهَا وَفَهِمَ مَقَاصِدَهَا وأحكامها وَأخذ ذَلِك عَن أيمة فاوضهم فِيهَا وراجعهم فِي ألفاظها وأعرضها وَبَلَغَ دَرَجَةَ الْإِمَامَةِ فِي هَذَا الْعِلْمِ بِصُحْبَةِ الأيمة الَّذِينَ أَرْشَدُوهُ لِلصَّوَابِ وَحَذَّرُوهُ مِنَ الْخَطَأِ وَالضَّلَالِ حَتَّى ثَبَتَ الْحَقُّ فِي نَفْسِهِ ثُبُوتًا فَيَكُونُ الْقِيَامُ بِدَفْعِ الشُّبُهَاتِ حِينَئِذٍ فَرْضَ كِفَايَةٍ عَلَيْهِ وَعَلَى أَمْثَالِهِ وَأَمَّا غَيْرُهُمْ فَلَا يَجُوزُ لَهُمُ التَّعَرُّضُ لِذَلِكَ لِأَنَّهُ رُبَّمَا ضَعُفَ عَنْ رَدِّ تِلْكَ الشُّبْهَة فَيتَعَلَّق بِنَفسِهِ مِنْهَا لَا يَقْدِرُ عَلَى إِزَالَتِهِ فَيَكُونُ قَدْ تَسَبَّبَ إِلَى هَلَاكِهِ نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى الْعِصْمَةَ

(فرع)

وَكَذَلِكَ الْقِيَامُ بِالْفَتْوَى فَرْضُ كِفَايَةٍ أَيْضًا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي مُقَدِّمَةِ الْكِتَابِ قَبْلَ الطَّهَارَةِ مَا هُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ أَيْضًا مِنَ الْفِقْهِ وَمَا هُوَ فَرْضُ عَيْنٍ وَأَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِبَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْفِقْهِ بَلْ هُوَ علمك بِحَالَتِكَ الَّتِي أَنْتَ فِيهَا فَيُطَالَعُ مِنْ هُنَاكَ وَفِي التَّلْقِينِ يَجِبُ النَّظَرُ وَالِاعْتِبَارُ الْمُؤَدِّيَيْنِ لِلْعِلْمِ بِمَا افْتُرِضَ عَلَيْكَ أَوْ نُدِبْتَ إِلَيْهِ وَطَلَبُ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَفِي تَعَلُّمِهِ فَضِيلَة عَظِيمَة وَلَا يجوز لمن قيه فَضْلُ النَّظَرِ وَالِاجْتِهَادِ وَقُوَّةُ الِاسْتِدْلَالِ تَقْلِيدُ غَيْرِهِ وَفُرِضَ عَلَيْهِ أَنْ يَنْظُرَ لِنَفْسِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فاعتبروا يَا أولي الْأَبْصَار} وَمَنْ لَا فَضْلَ فِيهِ لِذَلِكَ فَهُوَ فِي سَعَةٍ مِنْ تَقْلِيدِ مَنْ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنه أفقه وَأعلم وأدين وَأَوْرَع وقته وَيَلْزَمُهُ الْأَخْذُ بِمَا يُفْتِيهِ بِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَأَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ خَيْرَ الْقُرُونِ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ كَمَا أَخْبَرَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَنَّ أَفْضَلَهُمْ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرُ ثُمَّ عُثْمَانُ ثُمَّ عَلِيٌّ وَقِيلَ ثُمَّ عُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَلَا يَفْضُلُ بَيْنَهُمَا وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ الْقَوْلَانِ وَأَنَّ الْمُهَاجِرِينَ أَفْضَلُ عَصْرِهِ عَلَيْهِ السَّلَام وَأَن أفضلهم الْعشْرَة وَأفضل الْعشْرَة الأيمة الْأَرْبَعَةُ ثُمَّ أَهْلُ بَدْرٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْمُهَاجِرُونَ على قدر الْهِجْرَة والسبق أَن مَنْ رَآهُ سَاعَةً أَوْ مَرَّةً أَفْضَلُ مَنْ التَّابِعين تنبه لَيْسَ هَذِهِ التَّفْضِيلَاتُ مِمَّا أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْمُكَلَّفِ اكْتِسَابَهُ أَوِ اعْتِقَادَهُ بَلْ لَوْ غَفَلَ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُطْلَقًا لَمْ يَقْدَحْ ذَلِكَ فِي الدِّينِ نَعَمْ مَتَى خَطَرَتْ بِالْبَالِ أَوْ تَحَدَّثَ فِيهَا بِاللِّسَانِ وَجَبَ الْإِنْصَافُ وَتَوْفِيَةُ كُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ وَيَجِبُ الْكَفُّ عَنْ ذِكْرِهِمْ إِلَّا بِخَيْرٍ وَأَنَّ الْإِمَامَةَ خَاصَّةٌ فِي قُرَيْشٍ دُونَ غَيْرِهِمْ مِنَ

(فرع)

الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ وَأَنَّ نَصْبَ الْإِمَامِ لِلْأُمَّةِ وَاجِبٌ مَعَ الْقُدْرَةِ وَأَنَّهُ مَوْكُولٌ إِلَى أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ دُونَ النَّصِّ وَأَنَّهُ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ وَيجب طَاعَة الأيمة وَإِجْلَالُهُمْ وَكَذَلِكَ نُوَّابُهُمْ فَإِنْ عَصَوْا بِظُلْمٍ أَوْ تَعْطِيلِ حَدٍّ وَجَبَ الْوَعْظُ وَحَرُمَتْ طَاعَتُهُ فِي الْمعْصِيَة وإعانته عَلَيْهَا لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ وَلَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ عَلَى مَنْ وَلِيَ وَإِنْ جَارَ وَيُغْزَى مَعَهُ الْعَدُوُّ وَيُحَجُّ الْبَيْتُ وَتُدْفَعُ لَهُ الزَّكَوَاتُ إِذَا طَلَبَهَا وَتُصَلَّى خَلْفَهُ الْجُمُعَةُ وَالْعِيدَانِ قَالَ مَالِكٌ لَا يُصَلَّى خَلْفَ الْمُبْتَدِعِ مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يَخَافَهُ فَيُصَلِّي وَاخْتُلِفَ فِي الْإِعَادَةِ قَاعِدَةٌ ضَبْطُ الْمَصَالِحِ الْعَامَّة وَاجِبٌ وَلَا تَنْضَبِطُ إِلَّا بعظمة الأيمة فِي نَفْسِ الرَّعِيَّةِ وَمَتَى اخْتَلَف عَلَيْهِمْ أَوْ أُهِينُوا تَعَذَّرَتِ الْمَصْلَحَةُ وَلِذَلِكَ قُلْنَا لَا يَتَقَدَّمُ فِي إِمَامَةِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَلَا غَيْرِهَا لِأَنَّ ذَلِكَ مُخِلٌّ بِأُبَّهَتِهِمْ (فَرْعٌ) قَالَ وَمَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ لَا يُعْذَرُ مَنْ أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ لِبِدْعَةٍ لِأَنَّ الْخَوَارِجَ اجْتَهَدُوا فِي التَّأْوِيلِ فَلَمْ يُعْذَرُوا وَسَمَّاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَارِقِينَ مِنَ الدِّينِ وَجَعَلَ الْمُجْتَهِدَ فِي الْأَحْكَامِ مَأْجُورًا وَإِنْ أَخْطَأَ (فَرْعٌ) قَالَ أَنْكَرَ مَالِكٌ رِوَايَةَ أَحَادِيثِ أَهْلِ الْبِدَعِ مِنَ التَّجْسِيمِ وَغَيْرِهِ وَلَمْ يُنْكِرْ حَدِيثَ الضَّحِكِ وَلَا حَدِيثَ التَّنْزِيلِ وَأَنْكَرَ حَدِيثَ أَنَّ الْعَرْشَ اهْتَزَّ لِمَوْتِ سَعْدٍ تَنْبِيهٌ الْأَصْحَابُ مُتَّفِقُونَ عَلَى إِنْكَارِ الْبِدَعِ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَغَيْرُهُ وَلَا يَسْتَقِيمُ ذَلِكَ عَلَى ظَاهِرِهِ لِأَنَّهَا خَمْسَةُ أَقْسَامٍ وَاجِبَةٌ كَتَدْوِينِ الْقُرْآنِ وَالشَّرَائِعِ إِنْ خِيفَ عَلَيْهَا الضَّيَاعُ فَإِنَّ التَّبْلِيغَ لِمَنْ بَعْدَنَا مِنَ الْقُرُونِ وَاجِبٌ إِجْمَاعًا

(فرع)

وَمُحَرَّمَةٌ كَالْمُكُوسِ الْحَادِثَةِ وَغَيْرِهَا وَمَنْدُوبَةٌ كَصَلَاةِ التَّرَاوِيحِ وَإِقَامَة صور الأيمة وَالْقُضَاةِ بِالْمَلَابِسِ وَغَيْرِهَا مِنَ الزَّخَارِفِ وَالسِّيَاسَاتِ وَرُبَّمَا وَجَبَتْ وَمَكْرُوهَةٌ كَتَخْصِيصِ الْأَيَّامِ الْفَاضِلَةِ وَغَيْرِهَا بِنَوْعٍ مِنَ الْعِبَادَةِ وَمُبَاحَةٌ كَاتِّخَاذِ الْمَنَاخِلِ فَفِي الْأَثَرِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَوَّلُ شَيْءٍ أَحْدَثَهُ النَّاسُ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - المناخل لَك إِصْلَاحَ الْأَغْذِيَةِ الْمُبَاحَةِ مُبَاحٌ فَالْبِدْعَةُ إِذَا عَرَضَتْ تُعْرَضُ عَلَى قَوَاعِدِ الشَّرْعِ وَأَدِلَّتِهِ فَإِنِ اقْتَضَتْهَا قَاعِدَةُ تَحْرِيمٍ حُرِّمَتْ أَوْ إِيجَابٍ وَجَبَتْ أَوْ إِبَاحَةٍ أُبِيحَتْ وَإِنْ نُظِرَ إِلَيْهَا مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ بِالنَّظَرِ إِلَى كَوْنِهَا بِدْعَةً مَعَ قَطْعِ النّظر عَمَّا يتقاضها كُرِهَتْ فَهَذَا تَفْصِيلُ أَحْوَالِ الْبِدَعِ فَيُتَمَسَّكُ بِالسُّنَنِ مَا أَمْكَنَ وَلِبَعْضِ السَّلَفِ الصَّالِحِ يُسَمَّى أَبَا الْعَبَّاسِ الْإِبْيَانِيَّ الْأَنْدَلُسِيَّ ثَلَاثٌ لَوْ كُتِبْنَ فِي ظُفُرٍ لَوَسِعَهُنَّ وَفِيهِنَّ خَيْرُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ اتَّبِعْ لَا تَبْتَدِعْ اتَّضِعْ لَا تَرْتَفِعْ مِنْ وَرَعٍ لَا تَتَّسِعْ وَسَيَأْتِي فِي الْأَفْعَالِ فُرُوعٌ عَدِيدَةٌ مِنَ الْبِدَعِ مُفْرَدَةٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ يَجِبُ أَنْ يُعْتَقَدَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَسْمَعَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ كَلَامَهُ الْقَائِمَ بِذَاتِهِ لَا كَلَامًا قَامَ بِغَيْرِهِ وَتَقْرِيرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَأَدِلَّتُهَا ذَكَرْتُهُ مَبْسُوطًا سَهْلًا فِي كِتَابِ الْأَنْقَادِ فِي الِاعْتِقَادِ (مَسْأَلَةٌ) قَالَ يَجِبُ أَنْ يُعْتَقَدَ أَنَّ يَدَيْهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَبْسُوطَتَانِ وَأَنَّ يَدَهُ غَيْرُ نِعْمَتِهِ قُلْتُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَذَاهِبُ لِأَهْلِ الْحَقِّ مَعَ جَمِيعِ النُّصُوصِ الْوَارِدَةِ فِي الْجَوَارِحِ كَالْوَجْهِ وَالْجَنْبِ والقدم قيل يتَوَقَّف على تَأْوِيلِهَا وَيُعْتَقَدُ أَنَّ ظَاهِرَهَا غَيْرُ مُرَادٍ وَيُحْكى أَنَّهُ مَذْهَبُ السَّلَفِ فَإِنَّهُ تَهَجَّمَ عَلَى جِهَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِالظَّنِّ

وَالتَّخْمِينِ وَقِيلَ يَجِبُ تَأْوِيلُهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَفَلا يتدبرون الْقُرْآن} وَقَالَ {ليدبروا آيَاته} وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ النُّصُوصِ الدَّالَّةِ عَلَى النَّظَرِ وَالِاعْتِبَارِ وَتَدَبُّرُ الْكَلَامِ هُوَ رَدُّهُ إِلَى دُبُرِهِ وَهُوَ الْمَعْنَى الْخَفِيُّ بِدَلِيلٍ مُرْشِدٍ لَهُ وَالْقَوْلَانِ لِلشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ وَإِذَا قُلْنَا بِالتَّأْوِيلِ فَيُحْمَلُ مَذْهَبُ السَّلَفِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عَلَى مَوَاطِنِ اسْتِوَاءِ الْأَدِلَّةِ وَعَدَمِ التَّرْجِيحِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ لِلْأَشْعَرِيَّةِ وَعَلَى أَيِّ شَيْءٍ تَأَوَّلَ فَقِيلَ عَلَى صِفَاتٍ مَجْهُولَةٍ غَيْرِ الصِّفَاتِ السَّبْعَةِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهَا اسْتَأْثَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِعِلْمِهَا وَقِيلَ بَلِ الصِّفَاتِ السَّبْعَةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يُنَاسِبُ كُلَّ آيَةٍ فَالْيَدُ لِلْقُدْرَةِ وَالْعَيْنُ لِلْعِلْمِ وَالْقَدَمُ وَنَحْوُهُ لِلْقُدْرَةِ وَالْوَجْهُ لِلذَّاتِ وَالْجَنْبُ لِلطَّاعَةِ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَحَامِلَ الْمُنَاسِبَةَ مِنَ الْمَجَازَاتِ لِهَذِهِ الْحَقَائِقِ وَمَتَى تَعَذَّرَ حَمْلُ اللَّفْظِ عَلَى حَقِيقَتِهِ تَعَيَّنَ صَرْفُهُ لِأَقْرَبِ الْمَجَازَاتِ إِلَيْهِ لُغَةً فَائِدَةٌ وَرَدَتِ النُّصُوصُ بِإِفْرَادِ الْيَدِ وتثنيتها وَجَمعهَا {يَد الله فَوق أَيْديهم} {لما خلقت بيَدي} {أولم يرو أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فهم لَهَا مالكون} مَعَ أَنَّ الْمُتَجَوَّزَ إِلَيْهِ وَاحِدٌ فِي نَفْسِهِ وَهُوَ الْقُدْرَةُ وَسَبَبُهُ أَنَّ الْقُدْرَةَ لَهَا مُتَعَلِّقٌ فَإِنْ عُبِّرَ عَنِ الْقُدْرَةِ بِاعْتِبَارِ ذَاتِهَا أُفْرِدَتْ أَوْ بِاعْتِبَارِ مُتَعَلِّقَاتِهَا جُمِعَتْ أَوْ بِاعْتِبَارِ أَنَّ مُتَعَلِّقَاتِهَا قِسْمَانِ ثُنِّيَتْ وَاخْتُلِفَ فِي تَقْدِيرِ التَّثْنِيَةِ فَقيل الْجَوَاهِر والأعراض إِذا لَمْ تُوجِدِ الْقُدْرَةُ غَيْرَهُمَا أَوْ أَمْرُ الدُّنْيَا وَأَمْرُ الْآخِرَةِ أَوِ الْخُيُورُ وَالشُّرُورُ

(مسألة)

(مَسْأَلَةٌ) مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالِاعْتِقَادِ مَا يَتَعَلَّقُ بِرَسُولِ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من أَحْوَاله وَهِي أَقسَام نسبه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قصي ابْن كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ هَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَالْمجْمَع عَلَيْهِ وأضافوا فيهمَا بَيْنَ عَدْنَانَ وَإِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَفِيمَا بَيْنَ إِسْمَاعِيلَ وَآدَمَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ اخْتِلَافًا كَثِيرًا وَسُمِّيَ هَاشِمٌ هَاشِمًا لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ هَشَّمَ الثَّرِيدَ لِقَوْمِهِ وَقُصَيٌّ لِأَنَّهُ تَقَصَّى مَعَ أُمِّهِ لِأَخْوَالِهِ وَسَكَنَ مَعَهُمْ فِي بَادِيَتِهِمْ فَبَعُدَ عَنْ مَكَّةَ وَكَانَ يُدْعَى مُجَمِّعًا لِأَنَّهُ لَمَّا رَجَعَ إِلَى مَكَّةَ جَمَّعَ قَبَائِلَ قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ وَاسْمُ هَاشِمٍ عَمْرٌو وَاسْمُ عَبْدِ مَنَافٍ الْمُغِيرَةُ وَاسْمُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ شَيْبَةُ لِشَيْبَةٍ كَانَتْ فِي ذُؤَابَتِهِ وَقِيلَ اسْمه عبد الْمطلب أمه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - آمِنَةُ بِنْتُ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زهرَة بن كلاب قرشية زهرية ومرضعاته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَحْمَةُ ابْنَةُ ثُوَيْبَةَ جَارِيَةِ أَبِي لَهَبٍ أَرْضَعَتْهُ مَعَ حَمْزَةَ وَأَرْضَعَتْ مَعَهُمَا أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الْأَسَدِ ثُمَّ أَرْضَعَتْهُ حَلِيمَةُ بِنْتُ أَبِي ذُؤَيْب السعدية من بني سعد صفته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ربع الْقَامَة من الْقَوْم لَيْسَ بالطويل الباين وَلَا بالقصي ضَخْمَ الرَّأْسِ كَثِيرَ شَعْرِهِ رَجِلًا غَيْرَ سَبْطٍ جعد غَيْرَ قَطَطٍ كَثَّ اللِّحْيَةِ تُوُفِّيَ وَفِي عَنْفَقَتِهِ شَعرَات بيض أَزْهَر اللَّوْن أَبيض مشرب بِحُمْرَةٍ فِي وَجْهِهِ تَدْوِيرٌ أَدْعَجَ الْعَيْنَيْنِ عَظِيمَهُمَا مُشْرَبَهُمَا حُمْرَةً أَهْدَبَ الْأَشْفَارِ شَثْنَ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ جليل وَهُوَ رُؤْس الْمَنَاكِبِ لَهُ مَسْرُبَةٌ وَهِيَ شَعَرَاتٌ مِنَ الصَّدْرِ إِلَى السُّرَّةِ إِذَا مَشَى تَكَفَّأَ كَأَنَّمَا يَمْشِي فِي صَبَبٍ وَإِذَا الْتَفَتَ الْتَفَتَ

مَعًا بَيْنَ كَتِفَيْهِ خَاتَمُ النُّبُوءَةِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نبئ على رَأس الْأَرْبَعين أَوْلَاده - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كُلُّهُمْ مِنْ خَدِيجَةَ إِلَّا إِبْرَاهِيمَ فَإِنَّهُ مِنْ مَارِيَةَ الْقِبْطِيَّةِ زَيْنَبُ وَفَاطِمَةُ وَرُقَيَّةُ وَأُمُّ كُلْثُومٍ أسلمن كُلهنَّ وهاجرن وأصغرهن زينت ثُمَّ رُقَيَّةُ ثُمَّ أُمُّ كُلْثُومٍ ثُمَّ فَاطِمَةُ وَفِي ذَلِك اخْتِلَاف زوج - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رُقَيَّةَ ثُمَّ أُمَّ كُلْثُومٍ وَتَزَوَّجَ عَلَيٌّ فَاطِمَةَ رَضِي الله عَن جَمِيعهم وَولده - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِنْ خَدِيجَةَ أَرْبَعَةٌ الْقَاسِمُ وَبِهِ كَانَ يُكَنَّى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَعَبْدُ اللَّهِ وَالطَّاهِرُ وَفِيمَا عَدَا الْقَاسِمِ خِلَافٌ قِيلَ لَمْ يَلِدْ غَيْرَهُ وَقِيلَ اثْنَانِ وَقِيلَ ثَلَاثَةٌ وَأَمَّا إِبْرَاهِيمُ فَمِنْ مَارِيَةَ أَزْوَاجُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْمُقَدِّمَاتِ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ مِنْهُنَّ إِحْدَى عَشْرَةَ خَدِيجَةُ ثُمَّ سَوْدَةُ ثُمَّ تَزَوَّجَ عَائِشَةَ ثُمَّ أُمَّ سَلَمَةَ اسْمُهَا هِنْدٌ ثُمَّ حَفْصَةَ بِنْتَ عمر بن الْخطاب ثمَّ زينت بنت خُزَيْمَة الْهِلَالِيَّة ثمَّ زينت بِنْتَ جَحْشٍ بِنْتَ عَمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثُمَّ أُمَّ حَبِيبَةَ أُخْتَ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ ثُمَّ جُوَيْرِيَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ ثُمَّ صَفِيَّةَ بنت حييّ ابْن أَخْطَبَ ثُمَّ مَيْمُونَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ وَلَمْ يَتَزَوَّجْ عَلَى خَدِيجَةَ فِي حَيَاتِهَا تُوُفِّيَ مِنْهُنَّ اثْنَتَانِ فِي حَيَاتِهِ خَدِيجَةُ وَزَيْنَبُ بِنْتُ خُزَيْمَةَ وَتُوُفِّيَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن التسع الْبَاقِيَات والمروية بطرِيق الْآحَاد سَبْعَة فَاطِمَةُ بِنْتُ الضَّحَّاكِ وَأَسْمَاءُ بِنْتُ النُّعْمَانِ وَالْعَالِيَةُ بِنْتُ ظَبْيَانَ وَسَنَا بِنْتُ الصَّلْتِ وَقُبَيْلَةُ بِنْتُ قَيْسٍ وَأُمُّ شَرِيكٍ وَفَاطِمَةُ بِنْتُ شُرَيْحٍ وَهِنْدُ بِنْتُ يَزِيدَ وَالشَّنْبَاءُ وَمُلَيْكَةُ بِنْتُ دَاوُدَ وَشِرَافُ بنت خَليفَة وليلى بنت الْحطيم وَخَوْلَة بنت الْهُذيْل وليل بنت الْحَكِيم سراريه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَارِيَة الْقبْطِيَّة وَرَيْحَانَة بنت شمعمون مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ وَجَارِيَتَانِ أُخْرَيَانِ

(الجنس الثاني الأقوال)

(الْجِنْس الثَّانِي الْأَقْوَال) وَهِيَ نَوْعَانِ مَأْمُورٌ بِهِ وَمَنْهِيٌّ عَنْهُ النَّوْعُ الْأَوَّلُ الْمَأْمُورُ بِهِ التَّلَفُّظُ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَالصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَحَكَى الْقَاضِي فِي الشِّفَا أَنَّ التَّلَفُّظَ بِالشَّهَادَتَيْنِ مُعْتَبر من الْإِيمَانِ فَمَنْ لَمْ يَتَلَفَّظْ بِهِمَا مَعَ الْإِمْكَانِ فَهُوَ عَلَى كُفْرِهِ وَإِنْ آمَنَ قَلْبُهُ عَلَى الْقَوْلِ الصَّحِيحِ وَأَنَّ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَاجِبَةٌ مَرَّةً فِي الْعُمْرِ وَالذِّكْرُ وَالدُّعَاءُ وَالتَّسْبِيحُ وَالتَّهْلِيلُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْهُورِ وَالتَّلْحِينُ حَرَامٌ قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ لِأَنَّ ثَمَرَةَ قِرَاءَتِهِ الْخَشْيَةُ وَتَجْدِيدُ التَّوْبَةِ وَالِاعْتِبَارُ بِقَصَصِهِ وَالشَّوْقُ لِوَعْدِهِ وَالْحَذَرُ مِنْ وَعِيدِهِ وَالتَّلْحِينُ يُنَافِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ مُطْرِبٌ وَالطَّرَبُ يَمْنَعُ ذَلِكَ وَلِأَنَّهُ يَجِبُ تَنْزِيهُهُ عَن مشابهة الأغاني والمطربات لِأَن شَأْنُهَا اللَّهْوُ وَاللَّعِبُ قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ تُقَسَّمَ قِرَاءَتُهُ إِلَى تَفْخِيمٍ وَإِعْظَامٍ فِيمَا يَلِيقُ بِهِ ذَلِك وَإِلَى تخزين وَتَرْقِيقٍ عَلَى حَسَبِ الْمَوَاعِظِ وَالْأَحْوَالِ الْمُقَرِّرِ لَهَا وَقَدْ نَبَّهَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَى هَذَا الْقِسْمِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذكرُوا اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زادتهم إِيمَانًا} وَمِنَ الْمَأْمُورِ إِقْرَاءُ الْعُلُومِ النَّافِعَةِ فِي الدِّينِ وَتَعَلُّمُهَا وَالْحَثُّ عَلَى الْخَيْرِ وَالصَّدَقَةِ وَالْمَعْرُوفِ وَالْإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ وَنَحْوُ ذَلِكَ النَّوْعُ الثَّانِي الْمَنْهِيُّ عَنْهُ وَهُوَ الْغِيبَةُ وَالنَّمِيمَةُ وَالْبُهْتَانُ وَالْكَذِبُ وَالْقَذْفُ وَالتَّلَفُّظُ بِفُحْشِ الْكَلَامِ وَإِطْلَاقُ مَا لَا يَحِلُّ إِطْلَاقُهُ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ أَوْ عَلَى رَسُولِهِ أَوْ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ أَوْ أَنْبِيَائِهِ أَوْ مَلَائِكَتِهِ أَوِ الْمُؤْمِنِينَ بِهِ وَعَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ (الْخِيَانَةُ وَالْخَدِيعَةُ فِي النَّارِ) وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (مِنْ شَرِّ النَّاسِ ذُو الْوَجْهَيْنِ الَّذِي يَأْتِي هَؤُلَاءِ بِوَجْه وَهَؤُلَاء بِوَجْه) وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (إِنَّ مِنْ شَرِّ النَّاسِ مَنِ اتَّقَاهُ

النَّاس اتقاء شَره) وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (الْغِيبَةُ أَنْ تَذْكُرَ مِنَ الْمَرْءِ مَا يَكْرَهُ أَنْ يَسْمَعَ) قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ حَقًّا قَالَ إِذَا قُلْتَ بَاطِلًا فَذَلِكَ الْبُهْتَانُ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ يُسْتَثْنَى مِنَ الْغِيبَةِ خمس صور الأولى النَّصِيحَة لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ حِينَ شَاوَرَتْهُ أَمَّا مُعَاوِيَةُ فَرَجُلٌ صُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ وَأما أَوب جَهْمٍ فَلَا يَضَعُ الْعَصَا عَنْ عَاتِقِهِ وَيُشْتَرَطُ فِي هَذَا الْقِسْمِ مَسِيسُ الْحَاجَةِ لِذَلِكَ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِتِلْكَ الْمَصْلَحَةِ الْمُشَاوَرِ فِيهَا أَوِ الَّتِي يُعْتَقَدُ أَنَّ الْمَنْصُوحَ يُسَارِعُ فِيهَا وَلَا يُثْلَمُ الْعِرْضُ مَعَ ذَلِكَ وَلَا يُبَيَّنُ ذَلِكَ الثَّانِيَةُ الْجَرْحُ وَالتَّعْدِيلُ فِي الشُّهُودِ وَالرُّوَاةِ بِمَا يَمْنَعُ مِنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ وَالرِّوَايَةِ خَاصَّةً فَلَا يَقُول هُوَ ابْن زنا الثَّالِثَةُ الْمُعْلِنُ بِالْفُسُوقِ كَقَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ: (فَمِثْلُكِ حُبْلَى قد طرقت ومرضعا ... ) يَفْتَخِرُ بِالزِّنَا فِي شِعْرِهِ فَلَا يَتَضَرَّرُ بِأَنْ يُحْكَى ذَلِكَ عَنْهُ وَالْغِيبَةُ إِنَّمَا حُرِّمَتْ لِحَقِّ الْمُغْتَابِ الرَّابِعَةُ أَرْبَابُ الْبِدَعِ وَالتَّصَانِيفِ الْمُضِلَّةِ مِنَ الْكُتُبِ يَنْبَغِي أَنْ يُشَهَّرَ فِي النَّاسِ أَنَّهُمْ عَلَى غَيْرِ الصَّوَابِ تَنْفِيرًا عَنْ تِلْكَ الْمَفَاسِدِ وَهُوَ دَاخِلٌ فِي النَّصِيحَةِ غَيْرَ أَنَّ هَذَا الْقِسْمَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْمُشَاوَرَةِ الْخَامِسَةُ إِذَا كُنْتَ أَنْتَ وَالْمَقُولُ لَهُ الْغِيبَةُ قَدْ سَبَقَ لَكُمَا الْعِلْمُ بِالْمُغْتَابِ بِهِ فَإِنَّ ذِكْرَهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَحُطُّ مِنْ قَدْرِ الْمُغْتَابِ عِنْدَهُ وَسَأَلْتُ جَمَاعَةً مِنَ الْعُلَمَاءِ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ عَمَّا يرْوى من قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا غِيبَةَ فِي فَاسِقٍ فَقَالُوا لَمْ

(مسألة)

يَصِحَّ وَلَا يُتَفَكَّهُ بِعِرْضِ الْفَاسِقِ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ ثَلَاثَةٌ لَا غِيبَةَ فِيهِمْ الْإِمَامُ الْجَائِرُ وَالْفَاسِقُ الْمُعْلِنُ وَصَاحِبُ الْبِدْعَةِ وَفِي الْمُنْتَقَى لَا غِيبَةَ فِي تَجْرِيحِ الرَّاوِي وَالشَّاهِدِ وَلَا الْمُتَحَيِّلِ عَلَى النَّاس ليصرف كَيده عَنْهُم وَلَا رَاجِعٌ لِمَا تَقَدَّمَ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ وَيَنْبَغِي لِأَهْلِ الْفَضْلِ حِفْظُ أَلْسِنَتِهِمْ مِمَّا لَا يَعْنِيهِمْ وَلَا يَتَكَلَّمُونَ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا إِلَّا فِيمَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ لِأَنَّ فِي الْإِكْثَارِ مِنَ الْكَلَامِ السَّقْطَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (مَنْ وَقَاهُ اللَّهُ شَرَّ اثْنَيْنِ وَلَجَ الْجَنَّةَ مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ) وَدَخَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَهُوَ يَجْبِذُ لِسَانَهُ فَقَالَ لَهُ مَهْ فَقَالَ إِنَّ هَذَا أَوْرَدَنِي الْمَوَارِدَ قَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ مَنْ عَدَّ كَلَامَهُ مِنْ عَمَلِهِ قَلَّ كَلَامُهُ إِلَّا فِيمَا يَعْنِيهِ وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ) وَعنهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (إِذَا أَصْبَحَ الْعَبْدُ أَصْبَحَتِ الْأَعْضَاءُ تَسْتَعِيذُ مِنْ شَرِّ اللِّسَانِ وَتَقُولُ اتَّقِ اللَّهَ فِينَا إِنِ اسْتَقَمْتَ اسْتَقَمْنَا وَإِنِ اعْوَجَجْتَ اعْوَجَجْنَا) نَقَلَهُ فِي الْمُنْتَقَى (مَسْأَلَةٌ) الْفَرْقُ بَيْنَ الْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ وَالْغَمْزِ وَاللَّمْزِ أَنَّ الْغِيبَةَ ذِكْرُ الْإِنْسَانِ بِمَا يَكْرَهُ لِمَا فِيهَا مِنْ مَفْسَدَةِ الْأَعْرَاضِ وَالنَّمِيمَةَ أَنْ يَنْقُلَ إِلَيْهِ عَنْ غَيْرِهِ أَنَّهُ يَتَعَرَّضُ لِأَذَاهُ لِمَا فِيهَا مِنْ مَفْسَدَةِ إِلْقَاءِ الْبَغْضَاءِ بَيْنَ النَّاسِ وَيُسْتَثْنَى مِنْهَا أَنَّ فُلَانًا يَقْصِدُ قَتْلَكَ فِي مَوْضِعِ كَذَا أَوْ يَأْخُذُ مَالَكَ فِي وَقْتِ كَذَا وَنَحْوُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مِنَ النَّصِيحَةِ الْوَاجِبَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْغِيبَةِ وَالْغَمْزَ أَنْ تَعِيبَ الْإِنْسَانَ بِحُضُورِهِ وَاللَّمْزَ بِغِيبَتِهِ وَقِيلَ بِالْعَكْسِ (مَسْأَلَةٌ) قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِي جَامِعِ الْمُخْتَصَرِ قَالَ مَالِكٌ الْإِيمَانُ عَمَلٌ وَقَوْلٌ يَزِيدُ

(مسألة)

وَيَنْقُصُ وَعَنْهُ دَعِ الْكَلَامَ فِي نُقْصَانِهِ خَوْفًا مِنَ الذَّرِيعَةِ مِنْ قَوْلِ الْخَوَارِجِ بِإِحْبَاطِ الْإِيمَانِ بِالذُّنُوبِ تَنْبِيهٌ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ إِنَّمَا يُوصَفُ بِالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ إِذَا فُسِّرَ بِعَمَلِ الْجَوَارِحِ أَمَّا اعْتِقَادُ الْقَلْبِ وَتَصْدِيقُهُ فَلَا لِأَنَّهُ إِنْ وُجِدَ فَقَدْ آمَنَ وَإِلَّا فَهُوَ كَافِرٌ وَالْحَقُّ أَنَّ الْجَمِيعَ قَابِلٌ لِلزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ أَمَّا الْأَعْمَالُ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا مَا فِي الْقَلْبِ فَبِاعْتِبَارِ زَمَانِهِ وَمَكَانِهِ وَمُتَعَلِّقِهِ أَمَّا زَمَانُهُ فَلِأَنَّهُ عَرَضٌ لَا يَبْقَى زَمَانَيْنِ فَإِذَا طَالَ زَمَانُهُ وَعُدِمَ طَرَيَانُ الْغَفْلَةِ عَلَيْهِ فَقَدْ زَادَ وَإِلَّا نَقَصَ وَأَمَّا مَكَانُهُ فَلِأَنَّ النَّفْسَ ذَاتُ جَوَاهِرَ يُمْكِنُ أَنْ يَقُومَ بِجَوْهَرَيْنِ إِيمَانَانِ وَبِثَلَاثَةٍ فَيَزِيدُ وَيَنْقُصُ وَيَكُونُ الْجَمِيعُ مُتَعَلِّقًا بِشَيْءٍ وَاحِدٍ فَإِنَّ اجْتِمَاعَ الْأَمْثَالِ فِي التَّعَلُّقِ دُونَ الْمَحَلِّ لَيْسَ مُحَالًا وَأَمَّا مُتَعَلِّقُهُ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ بَعْدَ إِيمَانِهِ الْمُعْتَبَرِ إِذَا تَجَدَّدَ لَهُ الْعِلْمُ بِآيَةٍ أَوْ خَبَرٍ أَوْ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى تَجَدَّدَ لَهُ بِهَا إِيمَانٌ (مَسْأَلَةٌ) قَالَ قِيلَ لِمَالِكٍ أَقُولُ أَنَا مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ مَحْمُودٌ أَوْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَالَ قُلْ مُؤْمِنٌ وَلَا تَجْعَلْ مَعَهَا غَيْرَهَا مَعْنَاهُ لَا تَقُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ وَهَذِهِ مَسْأَلَةُ خِلَافٍ بَيْنِ الْعُلَمَاءِ قَالَ الْأَشْعَرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمَا يَجُوزُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَغَيْرُهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْإِيمَانَ يَجِبُ فِيهِ الْجَزْمُ وَلَا جَزْمَ مَعَ التَّعْلِيقِ وَقَالَ غَيْرُهُمْ بَلْ يَجُوزُ لِأَحَدِ وُجُوهٍ إِمَّا أَنْ يُرِيدَ الْمُسْتَقْبَلَ وَهُوَ مَجْهُولٌ حُصُولُ الْإِيمَانِ فِيهِ أَوْ يُرِيدُ نَفْعَ الْإِيمَانِ الْحَاضِرِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَهُوَ مَجْهُولُ الْحُصُولِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لِلْجَهْلِ بِالْخَاتِمَةِ أَوْ يَكُونُ ذِكْرُ الِاسْتِثْنَاءِ لِلتَّبَرُّكِ لَا لِلتَّعْلِيقِ (مَسْأَلَةٌ) قَالَ رَجُلٌ لِمَالِكٍ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْش اسْتَوَى} كَيْفَ اسْتَوَى قَالَ الِاسْتِوَاءُ غَيْرُ مَجْهُولٍ وَالْكَيْفُ غَيْرُ مَعْقُولٍ وَالسُّؤَالُ عَنْهُ بِدْعَةٌ وَالْإِيمَانُ بِهِ وَاجِبٌ وَأُرَاكَ صَاحِبَ بِدْعَةٍ أَخْرِجُوهُ قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ اللَّهُ تَعَالَى فَوْقَ سَمَاوَاتِهِ عَلَى عَرْشِهِ دُونَ أَرْضِهِ وَإِنَّهُ فِي كُلِّ

مَكَانٍ بِعِلْمِهِ وَقَالَ فِي الرِّسَالَةِ اسْتَوَى عَلَى عَرْشِهِ الْمَجِيدِ بِذَاتِهِ وَهَذَا أَقْرَبُ لِلتَّأْوِيلِ مِنَ الْأَوَّلِ أَيْ بِغَيْرِ مُعِينٍ بَلْ بِذَاتِهِ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَغَيْرِهِ وَخَصَّ اللَّهُ تَعَالَى الْعَرْشَ بِالِاسْتِوَاءِ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ أَجْزَاءِ الْعَالَمِ فَيَبْقَى غَيْرُهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى فَقَالَ جَمَاعَةٌ عَنِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَعَنِ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ وَجَمَاعَةٍ مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ إِنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ الْجِهَةَ لِأَجْلِ هَذِهِ الْإِطْلَاقَاتِ وَقَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ هَذَا إِنَّمَا يَلْزَمُهُمْ إِذَا لم يصرحوا بِأَنَّهُ لَيْسَ كمثله شَيْء وَبِغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ النُّصُوصِ النَّافِيَةِ لِلْجِهَةِ وَإِنَّمَا قَصْدُهُمْ إِجْرَاءُ النُّصُوصِ كَمَا جَاءَتْ مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ وَيَقُولُونَ لَهَا مَعَانٍ لَا نُدْرِكُهَا وَيَقُولُونَ هَذَا اسْتِوَاءٌ لَا يُشْبِهُ الِاسْتِوَاءَاتِ كَمَا أَنَّ ذَاتَهُ لَا تُشْبِهُ الذَّوَاتِ فَكَذَلِكَ يَكُونُ فَوْقَ سَمَاوَاتِهِ دُونَ أَرْضِهِ فَوْقِيَّةٌ لَا تُشْبِهُ الْفَوْقِيَّاتِ وَهَذَا أَقْرَبُ لِمَنَاصِبِ الْعُلَمَاءِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْجِهَةِ وَمعنى قَول مَالك الاستواب غَيْرُ مَجْهُولٍ أَنَّ عُقُولَنَا دَالَّتُنَا عَلَى الِاسْتِوَاءِ اللَّائِقِ بِاللَّهِ وَجَلَالِهِ وَعَظَمَتِهِ وَهُوَ الِاسْتِيلَاءُ دُونَ الْجُلُوسِ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا يَكُونُ إِلَّا فِي الْأَجْسَامِ وَقَوْلُهُ وَالْكَيْفُ غَيْرُ مَعْقُولٍ مَعْنَاهُ أَنَّ ذَاتَ اللَّهِ تَعَالَى لَا تُوصَفُ بِمَا وَضَعَتِ الْعَرَب لَهُ كَيفَ وَهُوَ الْأَحْوَال المتنقلة والهيآت الْجَسِيمَةُ مِنَ التَّرَبُّعِ وَغَيْرِهِ فَلَا يُعْقَلُ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ تَعَالَى لِاسْتِحَالَتِهِ فِي جِهَةِ الرُّبُوبِيَّةِ وَقَوْلُهُ وَالسُّؤَالُ عَنْهُ بِدْعَةٌ مَعْنَاهُ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ فِي سِيرَةِ السَّلَفِ بِالسُّؤَالِ عَنْ هَذِهِ الْأُمُورِ الْمُثِيرَةِ لِلْأَهْوَاءِ الْفَاسِدَةِ فَهُوَ بِدْعَةٌ وَرَأَيْتُ لِأَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَوَابًا لِكَلَامٍ كَتَبَ بِهِ إِلَيْهِ مَالِكٌ إِنَّكَ تَتَحَدَّثُ فِي أُصُولِ الدِّينِ وَإِنَّ السَّلَفَ لَمْ يَكُونُوا يَتَحَدَّثُونَ فِيهِ فَأَجَابَ بِأَنَّ السَّلَفَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ لَمْ تَكُنِ الْبِدَعُ ظَهَرَتْ فِي زَمَانِهِمْ فَكَانَ تَحْرِيكُ الْجَوَابِ عَنْهَا دَاعِيَةً لِإِظْهَارِهَا فَهُوَ سَعْيٌ فِي مُنْكَرٍ عَظِيمٍ فَلِذَلِكَ تُرِكَ قَالَ وَفِي زَمَانِنَا ظَهَرَتِ الْبِدَعُ فَلَوْ سَكَتْنَا كُنَّا مُقِرِّينَ لِلْبِدَعِ فَافْتَرَقَ الْحَالُ وَهَذَا جَوَابٌ سَدِيدٌ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْبِدَعَ ظَهَرَتْ بِبِلَادِهِ بِالْعِرَاقِ وَمَالِكٌ لَمْ يَظْهَرْ ذَلِكَ بِبَلَدِهِ فَلِذَلِكَ أَنْكَرَ فَهَذَا وَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَ كَلَامِ الْإِمَامَيْنِ وَعَنِ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَوْ وَجَدْتُ الْمُتَكَلِّمِينَ لَضَرَبْتُهُمْ بِالْحَدِيدِ قَالَ لِي بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ فِيهِمْ يَوْمَئِذٍ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَ

(الجنس الثالث الأفعال)

الشَّافِعِي تَحْرِيمُ الِاشْتِغَالِ بِأُصُولِ الدِّينِ قَلَتُ لَهُ لَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ الْمُتَكَلِّمِينَ الْيَوْمَ فِي عُرْفِنَا إِنَّمَا هُوَ الْأَشْعَرِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَلَمْ يُدْرِكُوا الشَّافِعِيَّ وَلَا تِلْكَ الطَّبَقَةَ الْأُولَى إِنَّمَا كَانَ فِي زَمَانِ الشَّافِعِيِّ عمر بْنُ عَبِيدٍ وَغَيْرُهُ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ الْمُبْتَدِعَةِ أَهْلِ الضَّلَالَةِ وَلَوْ وَجَدْنَاهُمْ نَحْنُ ضَرَبْنَاهُمْ بِالسَّيْفِ فَضْلًا عَنِ الْحَدِيدِ فَكَلَامُهُ ذَمٌّ لِأُولَئِكَ لَا لِأَصْحَابِنَا وَأَمَّا أَصْحَابُنَا الْقَائِمُونَ بِحُجَّةِ اللَّهِ وَالنَّاصِرُونَ لِدِينِ اللَّهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعَظَّمُوا وَلَا يُهْتَضَمُوا لِأَنَّهُمُ الْقَائِمُونَ بِفَرْضِ كِفَايَةٍ عَنِ الْأُمَّةِ فَقَدْ أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ إِقَامَةَ الْحُجَّةِ لِلَّهِ تَعَالَى فَرْضُ كِفَايَةٍ قَالَ لِي ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ يَكْفِي فِي ذَلِكَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ قُلْتُ لَهُ فَمَنْ لَا يَعْتَقِدُهُمَا كَيْفَ تُقَامُ الْحُجَّةُ عَلَيْهِ بِهِمَا فَسكت تبيه قَالَ الْغَزَالِيُّ يُشْتَرَطُ فِي الطَّائِفَةِ الَّتِي تَقُومُ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ مِنْ أُصُولِ الدِّينِ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ أَنْ يَكُونَ وَافِرَ الْعَقْلِ لِأَنَّهُ عِلْمٌ دَقِيقٌ وَأَنْ يَسْتَكْثِرَ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَا أَكْفَرَ مِنْ نِصْفِ أُصُولِيٍّ وَأَنْ يَكُونَ دَيِّنًا فَإِنَّ قَلِيلَ الدِّينِ إِذَا وَقَعَتْ لَهُ الشُّبْهَةُ لَا يَطْلُبُ لَهَا جَوَابًا وَأَنْ يَكُونَ فَصِيحًا لِأَنَّ الْفَدْمَ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي هَذَا الْبَابِ (الْجِنْس الثَّالِثُ الْأَفْعَالُ) وَهِيَ أَنْوَاعٌ النَّوْعُ الْأَوَّلُ أَفْعَالُ الْقُلُوبِ وَهِيَ مَأْمُورَاتٌ وَمَنْهِيَّاتٌ فَمِنَ الْمَأْمُورَاتِ الْإِخْلَاصُ وَالْيَقِين وَالتَّقوى وَالصَّبْر والرضى وَالْقَنَاعَةُ وَالزُّهْدُ وَالْوَرَعُ وَالتَّوَكُّلُ وَسَلَامَةُ الصَّدْرِ وَحُسْنُ النَّظَرِ وَسَخَاوَةُ النَّفْسِ وَرُؤْيَةُ الْمِنَّةِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ وَنَحْوُهَا مِنْ أَعْمَالِ الْقُلُوبِ وَمِنَ الْمَنْهِيَّاتِ الْغِلُّ وَالْحِقْدُ وَالْحَسَدُ وَالْبَغْيُ وَالْغَضَبُ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْغِشُّ وَالْكِبْرُ وَالْعُجْبُ وَالرِّيَاءُ وَالسُّمْعَةُ وَالْبُخْلُ وَالْإِعْرَاضُ عَنِ الْحَقِّ اسْتِكْبَارًا وَالطَّمَعُ وَخَوْفُ الْفَقْرِ وَالسُّخْطُ بِالْقَضَاءِ وَالْبَطَرُ وَتَعْظِيمُ الْأَغْنِيَاءِ لِغِنَاهُمْ وَالِاسْتِهَانَةُ بِالْفُقَرَاءِ

(مسألة)

لِفَقْرِهِمْ وَالْفَخْرُ وَالْخُيَلَاءُ وَالتَّنَافُسُ فِي الدُّنْيَا وَالْمُبَاهَاةُ والتزين للمخلوقين والمداهنة وَحب الْمَدْح بِمَا لَا يَفْعَلْ وَالِاشْتِغَالُ بِعُيُوبِ الْخَلْقِ عَنْ عُيُوبِ النَّفْسِ وَنِسْيَانُ النِّعْمَةِ وَالرَّغْبَةُ وَالرَّهْبَةُ لِغَيْرِ اللَّهِ (مَسْأَلَةٌ) التَّقْوَى مِنَ الْوِقَايَةِ لِأَنَّ طَاعَةَ اللَّهِ تَقِي عَذَابه كاتقاء السهْم بالترس والتقي جمع تقاة اخْتلف الْعُلَمَاءُ فِي حَقِيقَتِهَا شَرْعًا فَقَالَ أَهْلُ الْحَقِّ هِيَ اجْتِنَابُ الْكَبَائِرِ وَالصَّغَائِرِ لِأَنَّ فِي الْجَمِيعِ عُقُوبَةً وَقَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ هِيَ اجْتِنَابُ الْكَبَائِرِ فَقَطْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُم سيآتكم} وَإِذَا كَانَتِ الْكَبَائِرُ يَقِينَا اجْتِنَابُهَا عَذَابَ الصَّغَائِرِ لَمْ يَكُنِ اجْتِنَابُ الصَّغِيرَةِ تَقْوَى لِأَنَّهُ لَا يَحْسُنُ فِيمَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السِّهَامِ جِدَارٌ أَنْ يُقَالَ اتَّقَى السِّهَامَ بِتُرْسِهِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الصَّغِيرَةَ فِيهَا التعزيز وَالذَّمُّ عَاجِلًا وَالْعُقُوبَةُ آجِلًا فَاجْتِنَابُ الْكَبِيرَةِ إِنَّمَا يقي الْعقُوبَة الآجلة وَبَقِي التعزيز وَالذَّمُّ فَيُدْفَعَانِ بِاجْتِنَابِ الصَّغِيرَةِ فَصَحَّ أَنَّ اجْتِنَابَهَا تَقْوَى شَرْعِيَّةٌ وَدَلَّ عَلَى هَذَا أَيْضًا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (أَنْ تَحْفَظَ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى وَالْبَطْنَ وَمَا حَوَى وأَنْ تَذْكُرَ الْمَقَابِرَ وَالْبِلَا) (مَسْأَلَةٌ) لَيْسَ الزُّهْدُ عَدَمَ ذَاتِ الْيَدِ بَلْ عَدَمَ احْتِفَالِ الْقَلْبِ بِالدُّنْيَا وَإِنْ كَانَتْ فِي مِلْكِهِ فَقَدْ يَكُونُ الزَّاهِدُ مِنْ أَغْنَى النَّاسِ وَهُوَ زَاهِدٌ وَقَدْ يَكُونُ الشَّدِيدُ الْفَقْرِ غَيْرَ زَاهِدٍ بَلْ فِي غَايَةِ الْحِرْصِ بِحَسَبِ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ قَلْبُهُ مِنَ الرَّغْبَةِ فِي الدُّنْيَا وَالزُّهْدُ فِي الْمُحَرَّمَاتِ وَاجِبٌ وَفِي الْوَاجِبَاتِ حَرَامٌ وَفِي الْمَنْدُوبَاتِ مَكْرُوهٌ وَفِي الْمُبَاحَاتِ مَنْدُوبٌ وَإِنْ كَانَتْ مُبَاحَةً لِأَنَّ الْمَيْلَ إِلَيْهَا يُفْضِي لِارْتِكَابِ الْمَحْظُورِ أَوِ الْمَكْرُوهِ فَتَرْكُهَا مِنْ بَابِ الْوَسَائِلِ الْمَنْدُوبَةِ

(مسألة)

(مَسْأَلَةٌ) اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي أَوَّلِ الْعَصْرِ الَّذِي أَدْرَكته هَل يدْخل الزّهْد والروع فِي الْمُبَاحِ فَسَلَّمَهُ بَعْضُهُمْ وَمَنَعَهُ آخَرُونَ وَصَنَّفَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَأَكْثَرُوا التَّشْنِيعَ فَقَالَ الْأَنْبَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَدْخُلُ الْوَرَعُ فِيهَا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَوَّى بَيْنَ طَرَفَيْهَا وَالْوَرَعُ مَنْدُوبٌ وَالنَّدْبُ مَعَ التَّسْوِيَةِ مُتَعَذِّرٌ وَعَمِلَ فِي ذَلِكَ مُجَلَّدًا وَقَالَ بَهَاءُ الدِّينِ بْنُ الْحِمْيَرِيِّ وَغَيْرُهُ بَلْ تَدْخُلُ وَمَا زَالَ السَّلَفُ الصَّالِحُ عَلَى الزُّهْدِ فِي الْمُبَاحَاتِ وَنَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {أَذهَبْتُم طَيِّبَاتكُمْ فِي حَيَاتكُم الدُّنْيَا} وَغَيْرُهُ مِنَ النُّصُوصِ وَالْكُلُّ عَلَى الصَّوَابِ وَطَرِيقُ الْجَمْعِ أَنَّ الْمُبَاحَ لَا زُهْدَ فِيهِ وَلَا وَرَعَ مِنْ حَيْثُ ذَاتِهِ وَهُمَا فِيهِ مِنْ حَيْثُ أَنَّ الِاسْتِكْثَارَ مِنَ الْمُبَاحِ يُخْرِجُ إِلَى كَثْرَةِ الِاكْتِسَابِ الْمُوقِعِ فِي الشُّبُهَاتِ وَبَطَرِ النُّفُوسِ لقَوْله تَعَالَى {إِن الْإِنْسَان ليطْغى أَن رَآهُ اسْتغنى} إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا الْمُبَاحُ وَسِيلَةٌ لَهُ فَهُوَ مَزْهُودٌ فِيهِ بِالْعَرَضِ لَا بِالذَّاتِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ الزُّهْدُ غير الْوَرَعُ فَالزُّهْدُ فِي الْحَلَالِ لَا فِي الْحَرَامِ وَحِفْظُ الْمَالِ خَوْفَ الْمَسْأَلَةِ مَأْمُورٌ بِهِ (مَسْأَلَةٌ) الْوَرَعُ هُوَ تَرْكُ مَا لَا بَأْسَ بِهِ حَذَرًا مِمَّا بِهِ الْبَأْس وَأَصله قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا شُبُهَاتٌ فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ) وَهُوَ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ وَمِنْهُ الْخُرُوجُ عَنْ خِلَافِ الْعُلَمَاءِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ فَإِنِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي فِعْلٍ هُوَ مُبَاحٌ أَمْ حَرَامٌ فَالْوَرَعُ التَّرْكُ أَوْ مُبَاحٌ أَوْ وَاجِبٌ فَالْوَرَعُ الْفِعْلُ مَعَ اعْتِقَادِ الْوُجُوبِ أَوْ مَنْدُوبٌ أَوْ حَرَامٌ فَالْوَرَعُ

(مسألة)

التَّرْكُ أَوْ مَكْرُوهٌ أَوْ وَاجِبٌ فَالْوَرَعُ الْفِعْلُ أم مَشْرُوعٌ أَوْ غَيْرُ مَشْرُوعٍ فَالْوَرَعُ الْفِعْلُ لِأَنَّ الْمُثبت للشرعية مقدم كالبنية الْمُثْبِتَةِ كَاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي شَرْعِيَّةِ الْفَاتِحَةِ فِي صَلَاة الْجِنَازَة فمالك يَقُول لَيْسَ بِمَشْرُوعَةٍ وَالشَّافِعِيُّ يَقُولُ مَشْرُوعَةٌ وَاجِبَةٌ فَالْوَرَعُ الْقِرَاءَةُ وَكَالْبَسْمَلَةِ قَالَ مَالِكٌ مَكْرُوهَةٌ فِي الصَّلَاةِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَاجِبَةٌ فَالْوَرَعُ أَنْ تُقْرَأَ وَعَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ وَهَذَا مَعَ تَقَارُبِ أَدِلَّةِ الْمُخْتَلِفِينَ أَمَّا إِذَا كَانَ أَحَدُ الدَّلِيلَيْنِ فِي غَايَةِ الضَّعْفِ بِحَيْثُ لَوْ حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ لَنَقَضْنَاهُ لَمْ يَحْسُنِ الْوَرَعُ فِي مِثْلِ مَا لَو كَانَ دَلِيله فِيمَا تدخله قضايا الْحُكَّام وَلَا يُنْقَضُ وَأَمَّا إِذَا اخْتَلَفُوا بِالْوُجُوبِ وَالتَّحْرِيمِ فَلَا وَرَعَ أَوِ النَّدْبِ وَالْكَرَاهَةِ فَلَا وَرَعَ لِتَسَاوِي الْإِقْدَامِ وَالْإِحْجَامِ تَنْبِيهٌ كَثِيرٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ يَعْتَقِدُ أَنَّ الْمَالِكِيَّ يَعْتَقِدُ بُطْلَانَ صَلَاةِ الشَّافِعِيِّ إِذا لم يتدلك فِي غسله أَو يسمح جَمِيعَ رَأْسِهِ وَنَحْوَهُ وَأَنَّ الشَّافِعِيَّ يَعْتَقِدُ بُطْلَانَ صَلَاةِ الْمَالِكِيِّ إِذَا لَمْ يُبَسْمِلْ وَأَنَّ الْوَرَعَ صَوْنُ الْعِبَادَةِ وَنَحْوِهَا عَنِ الْبُطْلَانِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَلَيْسَ الْوَرَعُ لِتَحْصِيلِ صِحَّةِ الْعِبَادَةِ بَلْ هِيَ حَاصِلَةٌ إِجْمَاعًا وَأَجْمَعَ كُلُّ فَرِيقٍ مَعَ خَصْمِهِ عَلَى صِحَّةِ تَصَرُّفَاتِهِ وَعِبَادَاتِهِ الْوَاقِعَةِ عَلَى وَجْهِ التَّقْلِيدِ الْمُعْتَبَرِ وَإِنَّمَا الْوَرَعُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ لَيْسَ إِلَّا فَافْهَمْ ذَلِكَ وَنَصَّ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ مِنَ الْوَرَعِ مُعَامَلَةَ أَهْلِ الذِّمَّةِ دُونَ الْمُسْلِمِينَ مُعَلِّلًا ذَلِكَ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُمْ لَيْسُوا مُخَاطَبِينَ بِالْفُرُوعِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِمُ الْمَكَاسِبُ وَالْعُقُودُ الْفَاسِدَةُ بِخِلَافِ الْمُسْلِمِينَ وَثَانِيهِمَا أَنَّ الْكَافِرَ إِذَا أَسْلَمَ لم يجب عَلَيْهِ رد الغضوب إِذَا كَانَ حَرْبِيًّا وَلَا رَدُّ الرِّبَا إِذَا كَانَ ذِمِّيًّا وَلَوْ تَابَ الْمُسْلِمُ وَجَبَ عَلَيْهِ رد جَمِيع ذَلِك لمَكَان التَّحْرِيمُ فِي حَقِّهِ أَغْلَظَ (مَسْأَلَةٌ) التَّوَكُّلُ هُوَ اعْتِمَادُ الْقَلْبِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فِيمَا يَجْلِبُهُ مِنْ خَيْرٍ أَوْ يَدْفَعُهُ مِنْ ضُرٍّ

وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ مِنْ شَرْطِهِ تَرْكُ الْأَسْبَابِ فَنَحَا إِلَيْهِ الْغَزَالِيُّ فِي إِحْيَاءِ عُلُومِ الدِّينِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ الْمُحَقِّقُونَ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ بَلِ الْأَحْسَنُ مُلَابَسَةُ الْأَسْبَابِ لِلْمَنْقُولِ وَالْمَعْقُولِ أَمَّا الْمَنْقُولُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمن رِبَاط الْخَيل} وَقَالَ تَعَالَى {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عدوا} وَأَمَرَ تَعَالَى بِمُلَابَسَةِ أَسْبَابِ الِاحْتِيَاطِ وَالْحَذَرِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ الْعَزِيزِ وَرَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَيِّدُ الْمُتَوَكِّلِينَ وَكَانَ يَطُوفُ عَلَى الْقَبَائِلِ وَيَقُولُ مَنْ يَعْصِمُنِي حَتَّى أُبَلِّغَ رِسَالَاتِ رَبِّي وَكَانَ لَهُ جَمَاعَةٌ يَحْرُسُونَهُ مِنَ الْعَدُوِّ حَتَّى نَزَلَ قَوْله تَعَالَى {وَالله يَعْصِمك من النَّاس} وَدَخَلَ مَكَّةَ مُظَاهِرًا بَيْنَ دِرْعَيْنِ فِي كَتِيبَتِهِ الْخَضْرَاءِ مِنَ الْحَدِيدِ وَكَانَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ وَأَكْمَلِ أَحْوَالِهِ يَدَّخِرُ قُوتَ عِيَالِهِ سَنَةً وَأَمَّا الْمَعْقُولُ فَهُوَ أَنَّ الْمَلِكَ الْعَظِيمَ إِذَا كَانَتْ لَهُ عَوَائِدُ فِي أَيَّامٍ لَا يُحْسِنُ إِلَّا فِيهَا أَوْ أَبْوَابٌ لَا يَخْرُجُ إِلَّا مِنْهَا أَوْ أَمْكِنَةٌ لَا يُوَقِّعُ إِلَّا فِيهَا فَالْأَدَبُ مَعَهُ أَنْ لَا يُطْلَبَ مِنْهُ فِعْلٌ إِلَّا حَيْثُ عَوَّدَهُ وَأَنْ لَا يُخَالِفَ عَوَائِدَهُ بَلْ يجْرِي عَلَيْهَا وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَالك الْمُلُوكِ وَأَعْظَمُ الْعُظَمَاءِ بَلْ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ رَتَّبَ مُلْكَهُ عَلَى عَوَائِدَ أَرَادَهَا وَأَسْبَابٍ قَدَّرَهَا وَرَبَطَ بِهَا آثَارَ قُدْرَتِهِ وَلَوْ شَاءَ لَمْ يَرْبِطْهَا فَجَعَلَ الرِّيَّ بِالشُّرْبِ وَالشِّبَعَ بِالْأَكْلِ وَالِاحْتِرَاقَ بِالنَّارِ وَالْحَيَاةَ بِالتَّنَفُّسِ فِي الْهَوَاءِ فَمَنْ رَامَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى تَحْصِيلَ هَذِهِ الْآثَارِ بِدُونِ أَسْبَابِهَا فَقَدْ أَسَاءَ الْأَدَبَ بَلْ يَلْتَمِسُ فَضْلَ اللَّهِ تَعَالَى فِي عَوَائِدِهِ وَقَدِ انْقَسَمَتِ الْخَلَائِقُ فِي هَذَا الْمَقَامِ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ قِسْمٌ عَامَلُوا الله تَعَالَى

(مسألة)

بِاعْتِمَادِ قُلُوبِهِمْ عَلَى قُدْرَتِهِ مَعَ إِهْمَالِ الْأَسْبَابِ وَالْعَوَائِدِ فَلَجُّوا فِي الْبِحَارِ فِي زَمَنِ الْهَوْلِ وَسَلَكُوا الْقِفَارَ الْعَظِيمَةَ الْمُهْلِكَةَ بِغَيْرِ زَادٍ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ جِنْسِ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ فَهَؤُلَاءِ فَاتَهُمُ الْأَدَبُ وَهُمْ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُبَّادِ وَقِسْمٌ لَاحَظُوا الْأَسْبَابَ وَأَعْرَضُوا عَنِ التَّوَكُّلِ وَهُمْ عَامَّةُ الْخَلْقِ وَهُمْ شَرُّ الْأَقْسَامِ وَرُبَّمَا وَصَلُوا بِذَلِكَ لِلْكُفْرِ وَقِسْمٌ اعْتَمَدَتْ قُلُوبُهُمْ عَلَى قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَطَلَبُوا فَضْلَهُ فِي عَوَائِدِهِ مُلَاحِظِينَ فِي تِلْكَ الْأَسْبَابِ مُسَبِّبَهَا وَمُيَسِّرَهَا فَجَمَعُوا بَيْنَ التَّوَكُّلِ وَالْأَدَبِ وَهَؤُلَاءِ هُمُ النَّبِيُّونَ وَالصِّدِّيقُونَ وَخَاصَّةُ عِبَادِ اللَّهِ الْعُلَمَاءُ بِاللَّهِ وَالْعَارِفُونَ بِمُعَامَلَتِهِ جَعَلَنَا اللَّهُ مِنْهُمْ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ (مَسْأَلَةٌ) حُسْنُ الْخُلُقِ هُوَ الِاتِّصَافُ بِمَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ أَوِ التَّسَبُّبُ إِلَيْهَا وَسُوءُ الْخُلُقِ هُوَ ارْتِكَابُ مَنَاهِي الشَّرِيعَةِ أَوِ التَّوَسُّلُ إِلَيْهَا وَتَحْتَ هَذِهِ الْجُمْلَةِ أُمُورٌ لَا يُحْصِيهَا الضَّبْطُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَوِ الْأَمِيرِ أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ شَأْنِهِ حُبُّ الْمَدْحِ وَأَنْ يَعْرِفَ النَّاسُ مِنْهُ ذَلِكَ فَيَقْتَحِمُونَ عَلَيْهِ مِنْهُ فَيَضْحَكُونَ مِنْهُ بِهِ وَيَغْتَابُونَهُ بِهِ بَلْ تَكُونُ هِمَّتُهُ فِي ثَلَاثِ خِصَالٍ فِي رضى ربه ورضى سُلْطَانِهِ إِنْ كَانَ فَوْقَ الْأَمِيرِ أَوِ الْقَاضِي سُلْطَان وَرَضي صَالِحِ مَنْ يَلِي عَلَيْهِ وَكَانَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ لَمَّا رَأَيْتُ النَّاسَ لَا يَجْتَمِعُونَ عَلَى حَالَةٍ أَخَذْتُ لِنَفْسِي بِالَّذِي أَوْلَى بهَا ونظم هَذَا الْمَعْنى الشَّيْخ الْحَافِظ زيد الدّين ابْن عَبْدِ الْعَظِيمِ الْمُحَدِّثُ فِي مَدْرَسَةِ الْكَامِلِ (اعْمَلْ لِنَفْسِكَ صَالِحًا لَا تَحْتَفِلْ ... بِكَبِيرِ قِيلٍ فِي الْأَنَامِ وَقَالِ) (فَالنَّاسُ لَا يُرْجَى اجْتِمَاعُ قُلُوبِهِمْ ... لَا بُدَّ مِنْ مُثْنٍ عَلَيْكَ وَقَالِ) (مَسْأَلَةٌ) الْحَسَدُ تَمَنِّي الْقَلْبِ زَوَالَ النِّعْمَةِ عَنِ الْمَحْسُودِ وَاتِّصَالَهَا بِكَ وَهُوَ أَخَفُّ الْحَسَدَيْنِ وَشَرُّهُمَا تَمَنِّي زَوَالِهَا وَإِنْ لَمْ تَصِلْ إِلَيْكَ وَأَصْلُ تَحْرِيمِهِ الْكتاب

(مسألة)

وَالسُّنَةُ وَالْإِجْمَاعُ فَالْكِتَابُ قَوْله تَعَالَى {وَمِنْ شَرِّ حَاسِد} {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ من فَضله} وَقَوله تَعَالَى {وَلَا تمنوا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} وَالسّنة قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (لَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا) وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى تَحْرِيمِهِ وَالْفرق بَينه وَبني الْغِبْطَةِ تَمَنِّي مِثْلِ مَا لِغَيْرِكَ لَا عَيْنِ مَا لِغَيْرِكَ وَقَدْ يُعَبَّرُ عَنْهَا بِالْحَسَدِ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْمُشَابَهَةِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَيْنِ رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ يَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَهُوَ يُنْفِقُهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ) أَيْ لَا غِبْطَةَ إِلَّا فِي هَاتَيْنِ عَلَى وَجْهِ الْمُبَالَغَةِ وَهِيَ أَوَّلُ مَعْصِيَةٍ عُصِيَ اللَّهُ بِهَا فِي الْأَرْضِ حَسَدَ إِبْلِيسُ آدَمَ (مَسْأَلَةٌ) الْكِبْرُ لِلَّهِ عَلَى أَعْدَائِهِ حَسَنٌ وَعَلَى عِبَادِهِ احْتِقَارًا لَهُمْ حَرَامٌ وَكَبِيرَةٌ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنَ الْكِبْرِ) فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَحَدَنَا يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً فَقَالَ (إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجمال وَلَكِن الْكبر بطر الْحق وغمض النَّاسِ) قَالَ الْعُلَمَاءُ بَطَرُ الْحَقِّ رَدُّهُ عَلَى قَائِله وغمض النَّاس احتقارهم وَقَوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ وَعِيدٌ عَظِيمٌ يَقْتَضِي أَنَّ الْكِبْرَ مِنَ الْكَبَائِرِ) وَعَدَمُ دُخُولِهِ الْجَنَّةَ مُطْلَقًا عِنْدَ الْمُعْتَزِلَةِ لِأَنَّ صَاحِبَ الْكَبِيرَةِ عِنْدَهُمْ مُخَلَّدٌ وَعِنْدَ أَهْلِ الْحَقِّ لَا يَدْخُلُ فِي وَقْتٍ يَدْخُلُهَا غَيْرُ الْمُتَكَبِّرِينَ أَيْ فِي الْمَبْدَأِ وَالنَّفْيُ الْعَامُّ قَدْ يُرَادُ بِهِ الْخَاصُّ إِذَا اقْتَضَتْهُ النُّصُوص

(مسألة)

وَالْقَوَاعِدُ وَالْكِبْرُ مِنْ أَعْظَمِ ذُنُوبِ الْقَلْبِ نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ حَتَّى قَالَ بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ كُلُّ ذُنُوبِ الْقَلْبِ يَكُونُ مَعَهُ الْفَتْحُ إِلَّا الْكِبْرَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعُجْبِ أَنَّ الْعُجْبَ رُؤْيَتُهُ لِلْعِبَادَةِ وَالْكِبْرَ رَاجِعٌ لِلْخُلُقِ (مَسْأَلَةٌ) الرِّيَاءُ هُوَ إِيقَاعُ الْقُرْبَةِ يَقْصِدُ بِهَا النَّاسَ فَلَا رِيَاءَ فِي غَيْرِ قُرْبَةٍ كَالتَّجَمُّلِ بِاللِّبَاسِ وَنَحْوِهِ لَا رِيَاء فِيهِ وَإِرَادَة غير النَّاس بالقربة لَيْسَ رِيَاءً كَمَنْ حَجَّ لِيَتَّجِرَ أَوْ غَزَا لِيَغْنَمَ لَا يُفْسِدُ بِذَلِكَ قُرْبَتَهُ وَالرِّيَاءُ قِسْمَانِ رِيَاءُ إِخْلَاصٍ وَهُوَ أَنْ لَا يَفْعَلَ الْقُرْبَةَ إِلَّا لِلنَّاسِ وَرِيَاءُ شِرْكٍ وَهُوَ أَنْ يَفْعَلَهَا لِلَّهِ تَعَالَى وَلِلنَّاسِ وَهُوَ أَخَفُّهُمَا وَهُوَ مُحَرَّمٌ بِالْإِجْمَاع وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {الَّذين هم يراؤن وَيمْنَعُونَ الماعون} وَمَتَى شَمِلَ الرِّيَاءُ الْعِبَادَةَ بَطَلَتْ إِجْمَاعًا لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِكَايَةً عَنِ اللَّهِ تَعَالَى أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ فَمَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشَرَكَ فِيهِ غَيْرِي تَرَكْتُهُ لِلشَّرِيكِ فَإِنْ شَمِلَ بَعْضَ الْعِبَادَةِ وَهِيَ مِمَّا يَتَوَقَّفُ آخِرُهَا عَلَى أَوَّلِهَا كَالصَّلَاةِ فَقَدْ وَقَعَ لِلْعُلَمَاءِ فِي صِحَّتِهَا تَرَدُّدٌ حَكَاهُ المحاسبي فِي الرِّعَايَة وَالْغَزالِيّ فِي الإحباء وَمَتَى عَرَضَ الرِّيَاءُ فِي الْعِبَادَةِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا أَمر بِدفع الرقاء وَعَمَلِ الْعِبَادَةِ فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ وَلَصِقَ الرِّيَاءُ بِصَدْرِهِ فَإِنْ كَانَتِ الْقُرْبَةُ مَنْدُوبَةً تَعَيَّنَ التَّرْكُ لِتَقَدُّمِ الْمُحَرَّمِ عَلَى الْمَنْدُوبِ أَوْ وَاجِبَةً أُمِرَ بِمُجَاهَدَةِ النَّفْسِ إِذْ لَا سَبِيلَ لِتَرْكِ الْوَاجِبِ وَأَغْرَاضُ الرِّيَاءِ ثَلَاثَةٌ اسْتِجْلَابُ الْخُيُورِ وَدَرْءُ الشُّرُورِ وَالتَّعْظِيمُ مِنَ الْخَلْقِ وَبَسْطُ هَذَا الْبَابِ وَمُدَاوَاتُهُ إِذَا عَرَضَ مَبْسُوطٌ فِي كِتَابِ الرَّقَائِقِ وَمِمَّا يَلْحَقُ بِالرِّيَاءِ تَرْكُ الْعَمَلِ خَشْيَةَ الرِّيَاءِ فَإِنَّ الْعَبْدَ مَأْمُورٌ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَتَرْكِ الْمُفْسِدَاتِ لَا بِتَرْكِ الْعَمَلِ لِأَجَلِ الْمُفْسِدَاتِ

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ قِيلَ لِمَالِكٍ الْمُصَلِّي لِلَّهِ يَقَعُ فِي نَفْسِهِ مَحَبَّةُ عِلْمِ النَّاسِ بِهِ وَأَنْ يَكُونَ فِي طَرِيقِ الْمَسْجِدِ قَالَ إِنْ كَانَ أَوَّلُ ذَلِكَ لِلَّهِ فَلَا بَأْسَ قُلْتُ كَوْنُ الْعَبْدِ يُحِبُّ أَنْ يُعَظِّمَهُ النَّاسُ غَيْرُ الْعَمَلِ لِهَذَا الْغَرَضِ الْأَوَّلُ جِبِلِّيٌّ وَالثَّانِي كسبي وتحويل الطَّاعَة عَن موضوعها (فَرْعٌ) التَّسْمِيعُ حَرَامٌ وَهُوَ غَيْرُ الرِّيَاءِ لِأَنَّهُ إِنْ عَمِلَ الْعَمَلَ خَالِصًا ثُمَّ يُخْبِرُ بِهِ النَّاسَ لِغَرَضِ الرِّيَاءِ مِنَ التَّعْظِيمِ وَغَيْرِهِ فَهُوَ بَعْدَ الْعَمَلِ وَالرِّيَاءُ مُقَارِنٌ وَفِي الْخَبَرِ مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهِ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَيْ يُنَادِي بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ هَذَا فُلَانٌ عَمِلَ لِي عَمَلًا ثُمَّ أَرَادَ بِهِ غَيْرِي (مَسْأَلَةٌ) السُّخْطُ بِالْقَضَاءِ حَرَامٌ إِجْمَاعًا قَالَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ وَغَيره السخط بالمقدر وَهِي عبارَة رَدِيئَة قَالَ الْمُحَقِّقُونَ يجب الرضى بِالْقَضَاءِ دُونَ الْمَقْضِيِّ وَبِالْقَدَرِ دُونَ الْمَقْدُورِ وَتَحْرِيرُهُ أَنَّ الطَّبِيبَ إِذَا وَصَفَ لِلْعَلِيلِ دَوَاءً مُرًّا أَوْ قَطَعَ يَدَهُ الْمُتَآكِلَةَ فَإِنْ قَالَ بِئْسَ مَا وَصَفَ الطَّبِيبُ فَهُوَ بُغْضٌ وَسُخْطٌ بِقَضَاءِ الطَّبِيبِ وَإِنْ قَالَ نِعْمَ مَا صَنَعَ غَيْرَ أَنِّي وَجَدْتُ لِلْقَطْعِ وَمَرَارَةِ الدَّوَاءِ أَلَمًا كَثِيرًا فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ قَدْحًا فِي الطَّبِيبِ بَلِ الْأَوَّلُ قَدْحٌ فِيهِ وَطَعْنٌ عَلَيْهِ فَعَلَى هَذَا إِذَا ابْتُلِيَ الْإِنْسَانُ بِمَرَضٍ فَتَأَلَّمَ مِنَ الْمَرَضِ بِمُقْتَضى طبعه فَهَذَا لَيْسَ عدم رضى بِالْقضَاءِ بل عدم رضى بِالْمَقْضِيِّ وَإِنْ قَالَ أَيُّ شَيْءٍ عَمِلْتُ حَتَّى أَصَابَنِي هَذَا وَمَا ذَنْبِي وَمَا كُنْتُ أَسْتَأْهِلُهُ فَهَذَا عدم رضى بِالْقَضَاءِ لَا بِالْمَقْضِيِّ فَتَأَمَّلْ هَذَا فَهُوَ حَسَنٌ تَنْبِيهٌ كُلُّ مُؤْلِمٍ لِلْمُؤْمِنِ كَفَّارَةٌ لَهُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (لَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ وَصَبٌ

(مسألة)

وَلَا نَصَبٌ حَتَّى الشَّوْكَةِ يَطَؤُهَا إِلَّا كُفِّرَ الله بِهَا مِنْ ذُنُوبِهِ) وَالسُّخْطُ مَعْصِيَةٌ وَالصَّبْرُ قُرْبَةٌ وَعَمَلٌ صَالِحٌ فَإِذَا تَسَخَّطَ حَصَلَتْ سَيِّئَةٌ قَدْرَ الَّتِي كفر بهَا الْمُصِيبَة أَو أقل وَأعظم بِحَسَبِ كَثِيرِ السُّخْطِ وَقَلِيلِهِ وَعِظَمِ الْمُصِيبَةِ وَصِغَرِهَا فَإِنَّ التَّكْفِيرَ تَابِعٌ لِذَلِكَ فَالتَّكْفِيرُ وَاقِعٌ قَطْعًا سَخِطَ أَوْ صَبَرَ غَيْرَ أَنَّهُ إِنْ صَبَرَ اجْتَمَعَ التَّكْفِيرُ وَالْأَجْرُ وَإِنْ سَخِطَ قَدْ يَعُودُ الْمُكَفَّرُ بِمَا جَنَاهُ ثَانِيًا بِالتَّسَخُّطِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ أَوْ أَكْثَرَ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ مِنْ تَرْتِيبِ الْمَثُوبَاتِ عَلَى الْمَصَائِبِ أَيْ إِذَا صَبَرَ وَإِلَّا فَالْمُصِيبَةُ لَا ثَوَابَ فِيهَا قَطْعًا مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا مُصِيبَةٌ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ كَسْبِهِ وَلَا ثَوَابَ إِلَّا فِي مُكْتَسَبٍ وَالتَّكْفِيرُ يَكُونُ بِغَيْرِ الْمُكْتَسَبِ كَالْعَذَابِ وَسَائِرِ الْعُقُوبَاتِ (مَسْأَلَةٌ) الْمُدَاهَنَةُ قَدْ تَكُونُ مُبَاحَةً أَوْ وَاجِبَةً كَمَا قَالَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنَّا لَنَكْشِرُ فِي وُجُوهِ أَقْوَامٍ وَإِنَّ قُلُوبَنَا لَتَلْعَنُهُمْ فَيَجُوزُ أَنْ يَفْعَلَ مَعَ الْفَاسِقِ مِنَ الْوِدَادِ ظَاهِرًا مَا يَعْتَقِدُ خِلَافَهُ وَإِنَّمَا يَحْرُمُ مِنَ الْمُدَاهَنَةِ مَا كَانَ عَلَى بَاطِلٍ وَأَمَّا لِأَجْلِ التَّقِيَّةِ وَالتَّوَدُّدِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ بِكَلَامِ صِدْقٍ بِأَنْ يَشْكُرَهُ بِمَا فِيهِ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ مَا مِنْ أَحَدٍ وَإِنْ كَثُرَ فُجُورُهُ وَفُحْشُهُ إِلَّا وَفِيهِ خَيْرٌ (مَسْأَلَةٌ) الرَّغْبَةٌ وَالرَّهْبَةُ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى إِنْ أُرِيدَ بِهَا خَوْفُ الظُّلْمَةِ أَوِ السِّبَاعِ أَوِ الْغَلَاءِ أَوِ الْأَمْرَاضِ إِنْ سَلَّطَ اللَّهُ تَعَالَى بَعْضَ ذَلِكَ فَهَذَا لَا يُنْهَى عَنْهُ وَقَدْ يُؤْمَرُ بِهِ كَمَا أُمِرْنَا أَنْ لَا نَقْدَمَ عَلَى الْوَبَاءِ وَأَنْ نَفِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ فِرَارَنَا مِنَ الْأَسَدِ وَإِنْ أُرِيدَ بِهَا أَنَّا نَخَافُ الْأَسْبَابَ وَالْخَلْقَ مِنْ حَيْثُ هُمْ هُمْ بِحَيْثُ نَعْصِي اللَّهَ تَعَالَى لِأَجْلِهِمْ فَهَذَا حَرَامٌ وَهُوَ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كعذاب الله} قَالَ أَرْبَابُ الْمَعَانِي فِتْنَةُ النَّاسِ مُؤْلِمَةٌ وَعَذَابُ الله كَذَلِك

(مسألة)

فَالشَّبَهُ وَاقِعٌ فَلِمَ أُنْكِرَ التَّشْبِيهُ وَأَجَابُوا بِأَنَّ عَذَابَ اللَّهِ تَعَالَى حَاثٌّ عَلَى طَاعَتِهِ وَمَانِعٌ مِنْ مُخَالَفَتِهِ هَذَا وَضْعُهُ فَمَنْ أُوذِيَ فِي طَاعَةِ اللَّهِ أَيْ بِسَبَبِهَا فَجَعَلَ ذَلِكَ حَاثًّا عَلَى طَاعَةِ الْخَلْقِ فِي مُوَافَقَتِهِمْ عَلَى تَرْكِ الطَّاعَةِ وَمُلَابَسَةِ الْمَعْصِيَةِ فَهَذَا جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ فَاسْتَحَقَّ الذَّمَّ فِي إِيقَاعِ الشَّبَهِ بَيْنَهُمَا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ (مَسْأَلَةٌ) التَّطَيُّرُ وَالطِّيَرَةُ حرَام لما فِي الحَدِيث أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يُحِبُّ الْفَألَ وَيَكْرَهُ الطِّيَرَةَ وَلِأَنَّهَا مِنْ بَابِ سُوءِ الظَّنِّ بِاللَّهِ تَعَالَى وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَن التطير هُوَ الظَّن السيىء بِاللَّهِ وَالطِّيَرَةَ هُوَ الْفِعْلُ الْمُرَتَّبُ عَلَيْهِ وَلَا يَكَادُ الْمُتَطَيِّرُ يَسْلَمُ مِمَّا تَطَيَّرَ مِنْهُ إِذَا فَعَلَهُ وَغَيْرُهُ لَا يَتَأَذَّى بِهِ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فَقَالَ الْمُتَطَيِّرُ اعْتَقَدَ أَنَّ اللَّهَ يَضُرُّهُ فَضَرَّهُ عُقُوبَةً لَهُ عَلَى سُوءِ الظَّن وَغير المتطير لم يسيء ظَنّه بِاللَّه فَلم يواخذه وأصل ذَلِك قوه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِكَايَةً عَنِ اللَّهِ (أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي فَلْيَظُنَّ بِي مَا شَاءَ) وَفِي رِوَايَةٍ فَلْيَظُنَّ بِي خَيْرًا ثُمَّ هَذَا الْمَقَامُ يَحْتَاجُ إِلَى تَحْقِيقٍ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ لَوْ خَافَ الْهَلَاكَ عِنْدَ مُلَاقَاةِ السَّبُعِ لَمْ يَحْرُمْ إِجْمَاعًا فَيَتَعَيَّنُ أَنَّ الْأَشْيَاءَ فِي الْعَالَمِ قِسْمَانِ مَا جَرَتِ الْعَادة بِأَن مُؤْذٍ كَالسُّمُومِ وَالسِّبَاعِ وَمُعَادَاةِ النَّاسِ وَالتُّخُمِ وَأَكْلِ الأغذية الثَّقِيلَة المنفخة عِنْد سيىء الْهَضْمِ وَنَحْوِهَا فَالْخَوْفُ فِي هَذَا الْقِسْمِ لَيْسَ حَرَامًا لِأَنَّهُ خَوْفٌ عِنْدَ سَبَبٍ مُحَقَّقٍ فِي مَجَارِي الْعَادَاتِ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ لَا عَدْوَى مَحْمُولٌ عَلَى بَعْضِ الْأَمْرَاضِ بِدَلِيلِ الْوَبَاءِ وَقِسْمٌ لَمْ تَطَّرِدِ الْعَادَةُ بِأَذِيَّتِهِ كَالشَّقِّ وَالْعُبُورِ بَيْنَ الْغَنَمِ وَشِرَاءِ الصَّابُونِ يَوْمَ السَّبْتِ وَنَحْوِهَا فَهَذَا حَرَامٌ الْخَوْفُ مِنْهُ لِأَنَّهُ سُوءُ ظَنٍّ بِاللَّهِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ وَمِنَ الْأَشْيَاءِ مَا هُوَ قَرِيبٌ مَنْ أَحَدِ الْقِسْمَيْنِ وَلم تتمخض كَالْعَدْوَى فِي بَعْضِ الْأَمْرَاضِ وَنَحْوِهَا فَالْوَرَعُ تَرْكُ الْخَوْفِ حَذَرًا مِنَ الطِّيَرَةِ وَمِنْ ذَلِكَ الشُّؤْمُ

الْوَارِد فِي الْأَحَادِيثِ فَفِي الصِّحَاحِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ (الشُّؤْمُ فِي الدَّارِ وَالْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ) وَفِي بَعْضِهَا إِنْ كَانَ فَفِي الدَّارِ وَالْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِنْ كَانَ النَّاسُ يَعْتَقِدُونَ الشُّؤْمَ فَإِنَّمَا يَعْتَقِدُونَهُ فِي هَذِهِ الثَّلَاثِ أَوْ إِنْ كَانَ مَعْنَاهُ وَاقِعًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَفِي هَذِهِ الثَّلَاثِ وَقِيلَ أَخْبَرَ بِذَلِكَ مُجْمَلًا أَوَّلًا ثُمَّ أَخْبَرَ بِهِ وَاقِعًا فِي الثَّلَاثِ فَلِذَلِكَ أُحِلَّ ثُمَّ حُرِّمَ كَمَا قَالَ فِي الدَّجَّالِ إِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ فَأَنَا حَجِيجُهُ وَإِنْ لَمْ أَكُنْ فِيكُمْ فَامْرؤ حَجِيجُ نَفْسِهِ وَالله خليفتي عَلَيْكُم ثمَّ أخبر - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّ الدَّجَّالَ إِنَّمَا يَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ وَكَذَلِكَ سُئِلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ أَكْلِ الضِّبَابِ فَقَالَ إِنَّهُ قَدْ مُسِخَتْ أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ وَأَخْشَى أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ أَوْ مَا هَذَا مَعْنَاهُ ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّ الْمُسُوخَ لَمْ تُعَقِّبْ فَقَدْ أَخْبَرَ بِالْمَسْخِ مُجْمَلًا ثُمَّ أَخْبَرَ بِهِ مُفَصَّلًا وَهُوَ كَثِيرٌ فِي السُّنَّةِ فَتَنَبَّهْ لِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ فَبِهَا يَحْصُلُ لَكَ الْجَمْعُ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَحَادِيثِ وَلَا مَانِعَ أَنْ تَجْرِيَ عَادَتُهُ أَنْ يَجْعَلَ هَذِهِ الثَّلَاثَ أَحْيَانًا سَبَبًا لِلضَّرَرِ فَفِي الصِّحَاحِ يَا رَسُولَ اللَّهِ دَارٌ سَكَنَّاهَا وَالْعَدَدُ كَثِيرٌ وَالْمَالُ وَافِرٌ فَقَلَّ الْعَدَدُ وَذَهَبَ الْمَالُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دَعُوهَا ذَمِيمَةٌ وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إِنَّمَا تَحَدَّثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ أَقْوَالِ الْجَاهِلِيَّةِ فِي الثَّلَاثِ قَالَ الْبَاجِيُّ وَلَا بُعْدَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَادَةً وَفِي الْمُوَطَّأ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا عَدْوَى وَلَا هَامَ وَلَا صَفَرَ وَلَا يَحُلَّ الْمُمْرِضُ عَلَى الصَّحِيحِ وَلْيَحُلَّ الْمُصِحُّ حَيْثُ شَاءَ قَالَ الْبَاجِيُّ قَالَ ابْنُ دِينَارٍ لَا يعدي مَرِيض مَرِيضا خلاف لما كَانَت الْعَرَب تَفْعَلهُ وتعتقده فَبين - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّ ذَلِكَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا هَامَ قَالَ مَالِكٌ مَعْنَاهُ وَلَا يُتَطَيَّرُ بِالْهَامِ كَانَتِ الْعَرَبُ تَقُولُ إِذَا وَقَعَتْ هَامَّةٌ

(النوع الثاني الطعام والشراب)

عَلَى بَيْتٍ خَرَجَ مِنْهُ مَيِّتٌ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَقُولُ إِذَا قُتِلَ أَحَدٌ خَرَجَ مِنْ رَأْسِهِ طَائِرٌ لَا يَزَالُ يَقُولُ اسْقُونِي اسْقُونِي حَتَّى يُقْتَلَ قَاتِلُهُ فَعَلَى الْأَوَّلِ يكون الْخَيْر نَهْيًا وَعَلَى الثَّانِي يَكُونُ تَكْذِيبًا وَلَا صَفَرَ هُوَ الشَّهْرُ الَّذِي كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ تُحَرِّمُ فِيهِ شَهْرَ صَفَرٍ لِتَسْتَبِيحَ الْمُحَرَّمَ وَقِيلَ كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ تَقُولُ هُوَ دَاءٌ فِي الْفَرْجِ يَقْتُلُ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يَمُوتُ إِلَّا بِأَجْلِهِ وَالْمُمْرِضُ ذُو الْمَاشِيَةِ الْمَرِيضَةِ وَالْمُصِحُّ ذُو الْمَاشِيَةِ الصَّحِيحَةِ قَالَ ابْنُ دِينَارٍ لَا يُؤْذِي الْمُمْرِضُ الْمُصِحَّ بِإِيرَادِ مَاشِيَتِهِ على مَا شيته فَيُؤْذِيهِ بِذَلِكَ وَنُسِخَ بِقَوْلِهِ لَا عَدْوَى وَقِيلَ لَا يَحُلُّ الْمَجْذُومُ مَحَلَّ الصَّحِيحِ مَعَهُ يُؤْذِيهِ وَإِنْ كَانَ لَا يُعْدِي فَالنَّفْسُ تَكْرَهُهُ فَهُوَ مِنْ بَابِ إِزَالَةِ الضَّرَرِ لَا مِنَ الْعَدْوَى وَقيل هُوَ نَاسخ لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا عَدْوَى تَنْبِيهٌ قَالَ الطُّرْطُوشِيُّ إِنَّ أَخْذَ الفال بالمصحف وَضرب الرمل وَالشعر وَنَحْوِهِ حَرَامٌ وَهُوَ مِنْ بَابِ الِاسْتِقْسَامِ بِالْأَزْلَامِ مَعَ أَنَّ الْفَأْلِ حَسَنٌ بِالسُّنَّةِ وَتَحْرِيرُهُ أَنَّ الْفَالَ الْحَسَنَ هُوَ مَا يَعْرِضُ مِنْ غَيْرِ كَسْبٍ مِثْلُ قَائِلٍ يَقُولُ يَا مُفْلِحُ وَنَحْوِهِ وَالتَّفَاؤُلُ الْمُكْتَسَبُ حَرَامٌ كَمَا قَالَهُ الطُّرْطُوشِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ (النَّوْع الثَّانِي الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ) فَفِي الْجَوَاهِرِ يُسَمِّي اللَّهَ تَعَالَى عَلَى الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ عِنْدَ الِابْتِدَاءِ وَيَحْمَدُهُ عِنْدَ الِانْتِهَاءِ لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ فِي ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذَا وَضَعَ يَدَهُ فِي الطَّعَامِ قَالَ باسم الله اللَّهُمَّ بَارك لنا فِيمَا رزقنا وَإِذَا فَرَغَ مِنْهُ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كثيرا أطيبا مُبَارَكًا فِيهِ وَلَا يَأْكُل مُتكئا لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (وَأَمَّا أَنَا فَلَا آكُلُ مُتَّكِئًا) قِيلَ

مَعْنَاهُ عَلَى جَنْبِهِ وَقِيلَ يَتَهَيَّأُ لِلطَّعَامِ تَهَيُّئًا كُلِّيًّا اهْتِمَامًا بِهِ وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الرَّجُلِ يَأْكُلُ وَاضِعًا يَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى الْأَرْضِ فَقَالَ إِنِّي لَأَتَّقِيهِ وَأَكْرَهُهُ وَمَا سَمِعْتُ فِيهِ شَيْئًا لِأَنَّ فِيهِ مَعْنَى الِاتِّكَاءِ وَيَأْكُلُ بِيَمِينِهِ وَيَشْرَبُ بِيَمِينِهِ لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (إِذا أكل أحدكُم فَليَأْكُل يَمِينه وَلَا يَأْكُلْ بِشِمَالِهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ) وَيَأْكُلُ مِمَّا يَلِيهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الطَّعَامُ مُخْتَلِفًا أَلْوَانًا لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَكَلَ مَعَ أَعْرَابِيٍّ ثَرِيدًا فَجَعَلَ الْأَعْرَابِيُّ يَتَعَدَّى جِهَته فَقَالَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كُلْ مِمَّا يَلِيكَ فَلَمَّا حَضَرَ التَّمْرُ جَعَلَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَأْكُل من جِهَات عديد فَقَالَ لَهُ الْأَعْرَابِيُّ كُلْ مِمَّا يَلِيكَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّمَا ذَلِكَ فِي الثَّرِيدِ أَوْ نَحْوِهِ وَلِأَنَّهُ مَعَ عَدَمِ الِاخْتِلَافِ سُوءُ أَدِبٍ مِنْ جِهَةِ وَضْعِهِ أَصَابِعَهُ الْوَاصِلَةَ إِلَى فَمِهِ وَرُبَّمَا اسْتَصْحَبَتْ رِيقَهُ بَيْنَ يَدَيْ جَلِيسِهِ مِنْ غَيْرِ حَاجَتِهِ لِذَلِكَ وَمَعَ الِاخْتِلَافِ الْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ لِذَلِكَ وَرَخَّصَ الشَّيْخُ أَبُو الْوَلِيدِ أَنْ يَتَعَدَّى مَا يَلِيهِ مُطْلَقًا إِذَا أَكَلَ مَعَ أَهْلِهِ وَمَعَ مَنْ لَا يلْزمه الْأَدَب مَعَه وَقَالَ مَالِكٌ وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ أَكَلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَكَانَ يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ حَوْلَ الْقَصْعَةِ وَإِذَا كَانَ جَمَاعَةٌ فَأُدِيرَ عَلَيْهِمْ مَا يَشْرَبُونَ مِنْ لَبَنٍ أَوْ مَاءٍ أَوْ نَحْوِهِ فَلْيَأْخُذْهُ بَعْدَ الْأَوَّلِ الْأَيْمَنُ فَالْأَيْمَنُ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شَرِبَ وَعَنْ يَسَارِهِ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَعَنْ يَمِينِهِ أَعْرَابِيٌّ فَاسْتَأْذَنَ رَسُولُ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الأعربي لِأَبِي بَكْرٍ فَقَالَ لَا أُوثِرُ بِنَصِيبِي مِنْكَ أحد فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ حَقٌّ لَهُ وَلِأَنَّ الْأَيْمَنَ أفضل فَيقدم

وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْكُلَ الْإِنْسَانُ مَعَ الْقَوْمِ مِثْلَ مَا يَأْكُلُونَ مِنْ تَصْغِيرِ اللُّقَمِ وَإِطَالَةِ الْمَضْغِ وَالرِّسْلِ فِي الْأَكْلِ وَإِنْ خَالَفَ ذَلِكَ عَادَتَهُ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَنْهَمَ فِي الْأَكْلِ وَيُكْثِرَ مِنْهُ لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (مَا مَلَأَ ابْنُ آدَمَ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنِهِ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْعَلَ ثُلُثَ بَطْنِهِ لِلطَّعَامِ وَثُلُثَهُ لِلْمَاءِ وَثُلُثَهُ لِلنَّفَسِ كَذَلِكَ وَرَدَ الْحَدِيثُ وَيَغْسِلُ يَدَيْهِ مِنَ الدَّسَمِ وَفَاهُ وَإِنْ كَانَ لَبَنًا وَأَمَّا تَعَمُّدُ الْغَسْلِ لِلْأَكْلِ فَكَرِهَهُ مَالِكٌ وَقَالَ زِيّ الْأَعَاجِم وَفِي الصَّحِيح قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْغَسْلُ قَبْلَ الطَّعَامِ أَمَانٌ مِنَ الْفَقْرِ وَبَعْدَهُ أَمَانٌ مِنَ اللَّمَمِ قَالَ أَرْبَابُ الْمَعَانِيَ إِنَّمَا أَمْنٌ مِنَ الْفَقْرِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَجْرَى عَادَتَهُ أَنَّ مَنِ اسْتَهَانَ بِالطَّعَامِ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجُوعَ بِالْقَحْطِ وَغَيْرِهِ وَإِذَا لَمْ يَغْسِلْ قَبْلَ الطَّعَامِ فَقَدْ أَهَانَهُ بِخَلْطِ الْوَسَخِ الَّذِي عَلَى الْيَدِ مَعَهُ فَيُخْشَى عَلَيْهِ الْفَقْرُ وَإِنْ لَمْ يَغْسِلْ بَعْدَ الطَّعَامِ خُشِيَ عَلَيْهِ إِلْمَامُ الْجَانِّ بِهِ لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا يَعِيشُونَ بِالرَّوَائِحِ فَإِذَا شَمُّوهُ رُبَّمَا عَبَثُوا بِهِ وَبِهَذَا يَظْهَرُ قَوْلُ مَالِكٍ إِنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى يَدِهِ وَسَخٌ لَا يَغْسِلُ لِأَنَّهُ إِفْسَادٌ لِلْمَاءِ بِغَيْرِ حِكْمَةٍ وَلَا يَنْفُخُ فِي طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ لِمَا يُخْشَى مِنْ خُرُوجِ رِيقِهِ مَعَ النَّفْخِ فَهُوَ قَذَارَةٌ وَلَا يَتَنَفَّسُ فِي الْإِنَاءِ وَلَكِنْ يُنَحِّيهِ عَنْ فِيهِ وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَشْرَبُ وَيُنَحِّي عَنْ فِيهِ ثُمَّ يَشْرَبُ وَلِأَنَّ النَّفَسَ تَنْبَعِثُ مَعَهُ الْفَضَلَاتُ فَيُفْسِدُ الْمَاءَ وَيُنْتِنُ الْإِنَاءَ مَعَ الطُّولِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَهَى عَنِ الشُّرْبِ قَائِمًا وَشَرِبَ قَائِمًا لِيَدُلَّ عَلَى الْجَوَازِ وَفِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخطاب وَعُثْمَان بن عَفَّان وَعلي ابْن أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ كَانُوا يَشْرَبُونَ قِيَامًا وَكَانَتْ عَائِشَةُ وَغَيْرُهَا لَا تَرَى بِالشُّرْبِ قَائِمًا بَأْسًا قَالَ الْبَاجِيُّ عَلَى هَذَا جَمَاعَةُ الْعُلَمَاءِ وَكَرِهَهُ قَوْمٌ لِمَا فِي مُسْلِمٍ لَا يشربأحد مِنْكُمْ قَائِمًا فَمَنْ نَسِيَ فَلْيَبْصُقْ قَالَ وَالْأَصَحُّ أَنه مَوْقُوف

(فرع)

عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ شَرِبَ قَائِمًا وَأَصْحَابُهُ جُلُوسٌ فَلَمْ يُوَافِقْهُمْ فِيهِ وَيَكُونُ آخِرَهُمْ شُرْبًا وَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ الْأَكْلِ قَائِمًا قَالَ النَّخَعِيُّ إِنَّمَا كُرِهَ الشُّرْبُ قَائِمًا لِدَاءٍ يَحْصُلُ فِي الْجَوْفِ وَلَا يَقْرِنُ التَّمْر لنَهْيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْهُ إِلَّا أَنْ يَقْرِنَ مَنْ مَعَهُ وَلَوْ كَانَ هُوَ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ وَلَوْ أَكَلَ مَعَ مَنْ لَا يَلْزَمُهُ الْأَدَبُ مَعَهُ مِنْ أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ لَجَازَ لَهُ ذَلِكَ وَقِيلَ إِنَّمَا نَهَى الله عَن الْقرَان لَيْلًا يَسْتَأْثِرَ الْآكِلُ عَلَى مَنْ مَعَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْوَلِيدِ فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ إِذَا كَانَ هُوَ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ وَإِنْ كَانُوا لَا يَقْرِنُونَ ثُمَّ قَالَ وَالْأَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ لِلْمَعْنَيَيْنِ فَلَا يَأْكُلُ قِرَانًا وَإِنْ كَانَ هُوَ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ وَمَنْ أَكَلَ ثَوْمًا نِيئًا فَلَا يَقْرَبِ الْمَسَاجِد لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسَاجِدَنَا يُؤْذِينَا بِرِيحِ الثُّومِ) وَكَذَلِكَ الْبَصَلُ وَالْكُرَّاثُ إِنْ كَانَ يُؤْذِي مِثْلُهُ قِيَاسًا عَلَيْهِ (فَرْعٌ) فِي الْمُنْتَقَى إِذَا رَأَى فِي إِنَائِهِ قَذَاةً أَرَاقَهَا إِنْ كَانَتْ فِي مَاءٍ وَإِنْ كَانَتْ فِي لَبَنٍ أَزَالَهَا لِسُهُولَةِ الْمَاءِ دُونَ غَيْرِهِ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَا أُرْوَى مِنْ نَفَسٍ وَاحِدٍ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَبِنِ الْقَدَحَ عَنْ فِيكَ ثُمَّ تَنَفَّسْ قَالَ فَإِنِّي أَرَى الْقَذَاةَ فِيهِ قَالَ أَهْرِقْهَا (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ فِي الْجُلْجُلَانِ وَالْفُولِ وَشِبْهِهِ لَا بَأْسَ أَنْ يَتَوَضَّأَ بِهِ فِي الْحَمَّامِ وَيَدْهِنَ جِسْمَهُ بِالسَّمْنِ وَالزَّيْتِ مِنَ الشِّقَاقِ قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ قِيلَ لِمَالِكٍ أَيَغْسِلُ يَدَهُ مِنَ الدَّقِيقِ قَالَ غَيْرُهُ أَعْجَبُ إِلَيَّ وَيَجُوزُ

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَابْنُ يُونُسَ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ أَكَلَ الرُّطَبَ بِالْبِطِّيخِ هَذَا بِيَدٍ وَهَذَا بِيَدٍ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا مُسْتَثْنًى مِنَ الْأَكْلِ بِالشِّمَالِ (النَّوْعُ الثَّالِثُ اللِّبَاسُ) وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ هُوَ خَمْسَةٌ وَاجِبٌ وَمَنْدُوبٌ وَمُبَاحٌ وَمَحْظُورٌ وَمَكْرُوهٌ وَعَامٌّ وَخَاصٌّ وَلِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَلِحَقِّ اللَّابِسِ فَالْوَاجِبُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى سَتْرُ الْعَوْرَةِ عَنْ أَبْصَارِ الْمَخْلُوقِينَ وَهُوَ عَامٌّ فِي جَمِيعِ الرِّجَال وَالنِّسَاء وَالْوَاجِب لحق الملابس مَا يَقِي الْحَرَّ وَالْبَرْدَ وَيَدْفَعُ الضَّرَرَ فِي الْحَرْبِ صَوْنًا لِلنَّفْسِ وَهُوَ عَامٌّ فِي الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْمَنْدُوبُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى كَالرِّدَاءِ لِلْإِمَامِ وَالْخُرُوجِ لِلْمَسْجِدِ لِلصَّلَاةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْد كل مَسْجِد} وَالثيَاب الْحَسَنَة للْجُمُعَة وَالْعِيدَيْنِ لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا عَلَى أَحَدِكُمْ لَوِ اتَّخَذَ ثَوْبَيْنِ لِجُمُعَتِهِ سِوَى ثَوْبَيْ مِهْنَتِهِ وَالْمَنْدُوبُ لِحَقِّ اللَّابِسِ مَا تجمل بِهِ من غير سرف لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِلَّذِي نَزَعَ الثَّوْبَيْنِ الْخَلَقَيْنِ وَلَبِسَ الْجَدِيدَيْنِ مَا لَهُ ضَرَبَ اللَّهُ عُنُقَهُ أَلَيْسَ هَذَا خَيْرًا لَهُ وَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنِّي لَأُحِبُّ أَنْ أَنْظُرَ إِلَى الْقَارِئِ أَبْيَضَ الثِّيَابِ وَقَالَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِذَا أَوْسَعَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَوْسِعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَهُوَ عَامٌّ فِي الرِّجَال وَالنِّسَاء والمباح ثِيَاب الْكتاب والقط وَالصُّوفِ غَيْرَ السُّرُفِ وَهُوَ عَامٌّ وَالْمَحْظُورُ ثِيَابُ الْحَرِير لقَوْل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حُلَّةِ عُطَارِدٍ إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذِهِ مَنْ لَا خلاق لَهُ فِي الْآخِرَة وَقَوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ هَذَانِ حِلٌّ لِإِنَاثِ أُمَّتِي مُحَرَّمٌ عَلَى ذُكُورِهِمْ فَهُوَ خَاصٌّ لِلرِّجَالِ وَقِيلَ مُبَاحٌ لَهُمْ فِي الْحَرْبِ عَنْ مَالِكٍ وَمُجْمَعٌ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ الْحَرْبِ إِلَّا لِضَرُورَةٍ لِأَنَّ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أرخص لعبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَالزُّبَيْر ابْن الْعَوَّامِ فِي قَمِيصِ

(مسألة)

الْحَرِيرِ لِلْحَكَّةِ وَكَرِهَهُ مَالِكٌ إِذْ لَمْ يَبْلُغْهُ الْحَدِيثُ وَرُوِيَ عَنْهُ التَّرْخِيصُ فِيهِ قَالَ ابْنُ يُونُس كره مَالك الْحَرِير للصبيان كالذهر (مَسْأَلَةٌ) قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ التَّخَتُّمُ بِالذَّهَبِ يَجُوزُ لِلنِّسَاءِ دُونَ الرِّجَالِ وَبِالْفِضَّةِ مُبَاحٌ لَهُمَا وَالَّذِي نبذه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خَاتَمُ ذَهَبٍ فَخَلَعَ النَّاسُ خَوَاتِمَهُمْ وَمِنْهُمْ مَنْ كَرِهَهُ مُطْلَقًا إِلَّا لِذِي سُلْطَانٍ وَالْجُمْهُورُ أَنْ يُلْبَسَ فِي الشِّمَالِ لِأَنَّ التَّنَاوُلَ بِالْيَمِينِ فَيَجْعَلُهُ فِي الْيَسَارِ وَاخْتَارَ بَعْضُهُمُ الْيَمِينَ لِأَنَّهُ مَرْوِيٌّ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلِأَنَّهُ مِنَ الزِّينَةِ فَيَخْتَصُّ بِهِ الْيَمِينُ كَمَا توثر الْيُمْنَى بِالِانْتِعَالِ وَقَدْ يَكُونُ فِيهِ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَحْتَاجُ لِخَلْعِهِ عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ وَلَا يَجُوزُ التَّخَتُّمُ بِالْحَدِيدِ لِأَنَّهُ حلية أهل النَّار وَلَا بالشبة لنَهْيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْهُ وَقَدْ أَجَازَ ذَلِكَ وَالتَّخَتُّمَ بِالذَّهَبِ لِلرِّجَالِ مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ النَّهْيُ وَهُوَ شَاذٌّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ كَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يَجْعَلَ فِي خَاتَمِهِ مِسْمَارَ ذَهَبٍ أَوْ يَخْلِطَهُ بِحَبَّةِ ذَهَبٍ لِئَلَّا يَصْدَأَ وَلَا بَأْسَ بِرَبْطِ الْأَسْنَانِ بِالذَّهَبِ وَكُرِهَ لِلْمَرْأَةِ دُمْلُجُ الْحَدِيدِ وَفِي الْقَبَسِ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَعَلَيْهِ خَاتَمٌ شِبْهٌ يَعْنِي الصُّفْرَ فَقَالَ لَهُ إِنِّي أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ الْأَصْنَامِ وَجَاءَ إِلَيْهِ آخر وَعَلِيهِ خَاتم حَدِيد فَقَالَ مَالِي أَرَى عَلَيْكَ حِلْيَةَ أَهْلِ النَّارِ وَجَاءَ إِلَيْهِ آخَرُ وَعَلَيْهِ خَاتَمٌ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ اطْرَحْ عَنْكَ حِلْيَةَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَرُويَ أَنَّهُ كَانَ للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خَاتَمٌ مِنْ حَدِيدٍ قَدْ لَوَى عَلَيْهِ بِفِضَّةٍ وَقَالَ عَلَيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نَهَانِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنْ أَتَخَتَّمَ فِي الْوُسْطَى وَالسَّبَّابَةِ فَتَأَوَّلَهُ التِّرْمِذِيُّ عَلَى كَرَاهَةِ التَّخَتُّمِ فِيهِمَا قَالَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ ذَلِكَ مِنْ بَابِ تَشَبُّهِ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ فِي التَّخَتُّمِ فِي الْأَصَابِعِ كُلِّهَا (فَرْعٌ) وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ وَمِنَ الْمُحَرَّمِ الْمَخِيطُ فِي الْإِحْرَامِ وَالْجُلُوسُ عَلَى بُسُطِ الْحَرِيرِ وَالِارْتِفَاقُ بِمَرَافِقِ الْحَرِيرِ وَيَجُوزُ ذَلِكَ لِلنِّسَاءِ عِنْدَ مَنْ رَأَى ذَلِكَ لِبَاسًا قَالَ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ بِدَلِيلِ حَدِيثِ أَنَسٌ فَقُمْتُ إِلَى حَصِيرٍ لَنَا قَدِ اسْوَدَّ مِنْ طول

(مسألة)

مَا لُبِسَ فَسَمَّى الْجُلُوسَ لِبَاسًا قَالَ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ لِبَاسًا قَالَ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى النَّهْيُ عَنِ الْحَرِيرِ إِنَّمَا جَاءَ لِلتَّشَبُّهِ بِالْكُفَّارِ فَيُجْتَنَبُ الْجُلُوسُ عَلَيْهِ نَفْيًا لِلتَّشَبُّهِ بِهِمْ وَأَمَّا السُّتُورُ الَّتِي تُوضَعُ فِي الْبُيُوتِ مُعَلَّقَةً فَلَا بَأْسَ بِهَا لِأَنَّهَا لِبَاسُ الْحِيطَانِ وَهُمْ غَيْرُ مُكَلَّفِينَ وَرَخَّصَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الْجُلُوسَ عَلَى بُسُطِ الْحَرِيرِ وَالِارْتِفَاقَ بِمَرَافِقِهِ وَقَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَلَمْ يَرَهُ لِبَاسًا وَالْجُمْهُورُ أَنَّهُ لِبَاسٌ (مَسْأَلَةٌ) قَالَ وَمن الْمحرم من النِّسَاءِ دُونَ الرِّجَالِ الَّذِي يَصِفُ مِنَ الثِّيَابِ لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (نِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ) الْحَدِيثَ (فَرْعٌ) قَالَ اخْتُلِفَ فِي الْعَلَمِ مِنَ الْحَرِيرِ فِي الثَّوْبِ فَأَجَازَهُ بعض الْعلمَاء لنَهْيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَقَالَ لَا يُلْبَسُ مِنْهُ إِلَّا هَكَذَا أَوْ هَكَذَا وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى وَأَجَازَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي مِثْلِ الْأَرْبَعَةِ أَصَابِعَ (فَرْعٌ) قَالَ الْخَزُّ الَّذِي سُدَاهُ حَرِيرٌ فِيهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ هُوَ مُبَاحٌ مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ وَوَافَقَهُ جَمَاعَةٌ وَقِيلَ حرَام وَقيل فِي حلَّة عُطَارِد السِّرّ الَّتِي قَالَ فِيهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّمَا يلبس هَذِه من لَا خلاق لَهُ فِي الْآخِرَةِ إِنَّهَا كَانَتْ يُخَالِطُهَا الْحَرِيرُ مُضَلَّعَةً بِالْخَزِّ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَقِيلَ مَكْرُوهٌ قَالَ وَهُوَ أَقْرَبُ الْأَقْوَالِ لِلصِّحَّةِ لِأَنَّهُ مِنَ الشُّبُهَاتِ وَمَوْرِدُ النَّصِّ إِنَّمَا هُوَ فِي الصَّرْفِ وَالرَّابِعُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْخَزِّ فَيَجُوزُ اتِّبَاعًا لِلسَّلَفِ وَقَدْ روى مطرف أَنه كَانَ على مَالك ابْن أَنَسٍ كِسَاءُ إِبْرَيْسَمٍ وَبَيْنَ غَيْرِهِ مِنَ الثِّيَابِ الْمَشُوبَةِ بِالْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ فَيَمْتَنِعُ لِأَنَّ الرُّخَصَ لَا يُقَاس عَلَيْهَا

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَمِنَ الْمُحَرَّمِ الزَّائِدُ الَّذِي يَخْرُجُ بِهِ صَاحِبُهُ لِلْخُيَلَاءِ وَالْكِبْرِ عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ لَا يحب كل مختال كفور} وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ بَطَرًا) وَفِي الْجَوَاهِرِ مَا سُدَاهُ غَيْرُ حَرِيرٍ مَكْرُوهٌ خِلَافٌ لِنَقْلِ الْمُقَدِّمَاتِ فَأَجْرَى صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ الْكَرَاهَةَ عَلَى ظَاهِرِهَا وَتَأَوَّلَهَا أَبُو الْوَلِيدِ بِالتَّحْرِيمِ وَنَقَلَ ابْنُ حَبِيبٍ جَوَازَ الْخَزِّ عَنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ عُثْمَانُ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَخَمْسَةَ عَشَرَ تَابِعِيًّا وَفِي الْمُنْتَقَى الْخَزُّ حَرِيرٌ وَوَبَرٌ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى مَذْهَبُ مَالِكٍ الْكَرَاهَةُ فِيمَا سُدَاهُ حَرِيرٌ وَلُحْمَتُهُ غَيرهَا لِأَن حَرِيرٌ مُسْتَهْلَكٌ لَا يُمْكِنُ تَخْلِيصُهُ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ الْخَزُّ سُدَاهُ حَرِيرٌ وَلُحْمَتُهُ صُوفٌ أَوْ كَتَّانٌ أَوْ قُطْنٌ قَالَ فِي الْمُنْتَقَى وَالْيَسِيرُ مَا كَانَ فِيهِ خطوط وَلَعَلَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّمَا نَهَى عَنْهُ لِأَنَّ أَكْثَرَهَا كَانَ حَرِيرًا سُدَاهَا وَبَعْضُ لُحْمَتِهَا وَوَافَقَهُ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى أَنَّهُ مَا لُحْمَتُهُ وَبَرٌ (فَرْعٌ) قَالَ وَمِنَ الْمُحَرَّمِ اشْتِمَالُ الصَّمَّاءِ وَهِيَ أَنْ يَلْتَحِفَ فِي الثَّوْبِ وَيَرْفَعَهُ وَيُلْقِيَهُ عَلَى أَحَدِ مَنْكِبَيْهِ وَيُخْرِجَ يَدَهُ مِنْ تَحْتِهِ وَالِاحْتِبَاءُ وَهُوَ أَنْ يَجْلِسَ وَيَضُمَّ رُكْبَتَيْهِ إِلَى صَدْرِهِ وَيُدِيرَ ثَوْبَهُ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ إِلَى أَنْ يَبْلُغَ بِهِ رُكْبَتَيْهِ وَيَشُدَّهُ حَتَّى يَكُونَ كَالْمُعْتَمِدِ عَلَيْهِ فَهَذَا إِذَا فَعَلَهُ بَدَتْ عَوْرَتُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ تَحْتَهُ ثَوْبٌ وَلِذَلِكَ إِذَا كَانَ مَعَ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ إِزَارٌ يحوز وَقِيلَ يَمْتَنِعُ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ إِزَارٌ لِوُرُودِ النَّهْيِ عَنْ هَاتَيْنِ اللُّبْسَتَيْنِ

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ اللِّبَاسُ الْمَكْرُوهُ مَا خَالَفَ زِيَّ الْعَرَبِ وَأَشْبَهَ زِيَّ الْعَجَمِ وَمِنْهُ التَّعْمِيمُ بِغَيْرِ الْتِحَاءٍ وَقَدْ رُويَ أَنَّ تِلْكَ عِمَّةُ الشَّيْطَانِ وَصفَة عمائم قوم لوط وَأمر - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بالتلحي وَنَهَى عَنِ الِانْتِعَاطِ وَهُوَ التَّعْمِيمُ بِغَيْرِ ذُؤَابَةٍ وَلَا حَنَكٍ قَالَهُ فِي الْمُنْتَقَى وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الصَّلَاةِ بِغَيْرِ حَنَكٍ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ كَأَنَّهُ اسْتَعْظَمَ السَّائِلُ ذَلِكَ وَمَا أَفْتَى مَالِكٌ حَتَّى أَجَازَهُ أَرْبَعُونَ مُحَنَّكًا دَلَّ عَلَى أَنَّهُ شِعَارُ الْعُلَمَاءِ وَفِي التَّلْقِينِ مِنَ الْمَكْرُوهِ التَّلَثُّمُ وَتَغْطِيَةُ الْأَنْفِ فِي الصَّلَاةِ (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ لَا يُلْبَسُ الْقَبَاءُ الْحَسَنُ لِأَنَّهُ شُهْرَةٌ وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ لِبَاسِ الصُّوفِ فَقَالَ لَا خَيْرَ فِي الشُّهْرَةِ وَلَوْ كَانَ يَلْبَسُهُ تَارَةً وَيَتْرُكُهُ أُخْرَى لَرَجَوْتُ وَمِنْ غَلِيظِ الْقُطْنِ مَا هُوَ بِثَمَنِهِ (فَرْعٌ) قَالَ مِنَ الْمُحَرَّمِ تَشَبُّهُ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ وَالرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ فِي اللُّبْسِ وَالتَّخَتُّمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مَلْعُونٌ فَاعِلُهُ كَالْمَخَانِيثِ وَنَحْوِهِمْ وَعَنْ مَالِكٍ لَا يُعْجِبُنِي اكْتِحَالُ الرَّجُلِ بِالْإِثْمِدِ وَمَا كَانَ مِنْ عَمَلِ النَّاسِ وَمَا سَمِعْتُ فِيهِ شَيْئًا لِأَنَّ فِيهِ زِينَةً تُشْبِهُ حَالَ النِّسَاءِ (فَرْعٌ) قَالَ تَحْرُمُ إِضَافَةُ شَيْءٍ مِنَ الْحَرِيرِ لِلثِّيَابِ وَإِنَّ قَلَّ وَقِيلَ يَجُوزُ اتِّخَاذُ

(فرع)

الطَّوْقِ مِنْهُ وَاللَّبِنَةِ لِمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ مِنِ اسْتِثْنَاءِ الْعَلَمِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَجُوزُ وَإِنْ عَظُمَ وَلَمْ يُخْتَلَفْ فِيهِ وَفِي الصَّلَاةِ فِيهِ وَلَمْ يُجِزْ مَالِكٌ فِي الثَّوْبِ إِلَّا الْخَطَّ الرَّقِيقَ قَالَ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُخَاطَ الثَّوْبُ بِالْحَرِيرِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَا يُسْتَعْمَلُ مَا بُطِّنَ بِالْحَرِيرِ أَوْ حُشِيَ أَوْ رُقِّمَ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ يُرِيدُ إِنْ كَانَ كَثِيرًا وَجَوَّزَ ابْنُ الْقَاسِمِ رَايَةً مِنْهُ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ (فَرْعٌ) قَالَ يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يُجَاوِزَ بِثَوْبِهِ الْكَعْبَيْنِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ فِي أَنْصَافِ السَّاقِ إِلَى مَا فَوْقَ الْكَعْبَيْنِ فَفِي الصَّحِيحِ سُتْرَةُ الْمُؤْمِنِ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ فَإِنْ زَادَ فَإِلَى الْكَعْبَيْنِ فَمَا زَادَ فَفِي النَّارِ فَائِدَةٌ زَادَ يَكُونُ قَاصِرًا لَا مَفْعُولَ لَهُ وَمُتَعَدِّيًا فَإِنْ كَانَ هُنَا قَاصِرًا نَحْوَ زَادَ الْمَالُ يَكُونُ التَّقْدِيرُ فَصَاحِبُهُ فِي النَّارِ وَإِن كَانَ مُتَعَدِّيا نَحْو {وزدناهم هدى} يَكُونُ التَّقْدِيرُ فَزَائِدُهُ فِي النَّارِ (فَرْعٌ) قَالَ يَجُوزُ نَقْشُ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْخَاتَمِ وَكَانَ نَقْشُ خَاتَمِ مَالِكٍ حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ قِيلَ لِمَالِكٍ أَفَتَجْعَلُ فَصَّهُ لِلْكَفِّ قَالَ لَا (فَرْعٌ) قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ يُسْتَحَبُّ فِي الِانْتِعَالِ الِابْتِدَاءُ بِالْيَمِينِ فِي اللُّبْسِ وَبِالْيَسَارِ فِي الْخَلْعِ وَهِيَ قَاعِدَةٌ الْبِدَايَةُ فِي كُلِّ كَمَالٍ بِالْيَمِينِ وَفِي كُلِّ نَقْصٍ بِالشِّمَالِ وَالنَّقْصُ فِي الْخَلْعِ لِأَنَّهُ تَعْرِيَةٌ وَيُقْدَّمُ الْيَمِينُ فِي الْخُرُوجِ مِنَ الْخَلَاءِ دُونَ دُخُولِهِ وَفِي دُخُولِ الْمَسْجِدِ دُونَ خُرُوجِهِ وَعَلَى هَذَا فقس

(فرع)

وَلَا يمشي فِي نعل وَاحِد وَلَا يقف فِيهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَشْيُ الْخَفِيفُ لِلنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ بِخِلَافِ أَنْ يَشْتَغِلَ بِلُبْسِ الْأُخْرَى وَيَلْبَسَهُمَا جَمِيعًا أَوْ يَخْلَعَهُمَا وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ النَّهْيُ عَنِ الْمَشْيِ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ نَهْيُ أَدَبٍ لِمَا فِيهِ مِنَ السَّمَاجَةِ وَمُخَالَفَةِ الْعَادَةِ لَا نَهْيُ تَحْرِيمٍ خِلَافًا لِأَهْلِ الظَّاهِرِ فَإِنِ انْقَطَعَ قُبَالُ نَعْلِهِ اخْتَلَفَ الْمَذْهَبُ فِي إِبَاحَةِ وُقُوفِهِ فِي نَعْلٍ حَتَّى يُصْلِحَ الْأُخْرَى أَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمنع أصْبع إِلَّا أَنْ يَطُولَ ذَلِكَ وَمَنَعَا مَعًا الْمَشْيَ فِيهَا حَتَّى يُصْلِحَ الْأُخْرَى فِي وَقْتِ الْإِصْلَاحِ (فَرْعٌ) قَالَ سَتْرُ الْجُدُرِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ لِمَا رَوَى عَلِيُّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنْ تُسْتَرَ الْجُدُرُ إِلَّا جِدَارَ الْكَعْبَةِ (فَرْعٌ) فِي الْمُنْتَقى قَالَ مَالك لم أردك أَحَدًا يُرْسِلُ ذُؤَابَتَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ إِلَّا عَامِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَبَيْنَ الْيَدَيْنِ أَجْمَلُ (فَرْعٌ) قَالَ الْقَلَنْسُوَةُ لَيْسَتْ بِدْعَةً وَقَدْ كَانَتْ لِخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ قَلَنْسُوَةٌ (فَرْعٌ) قَالَ يُبَاحُ الْمُمَشَّقُ الْمَصْبُوغُ بِالْمِشْقِ وَهُوَ الْمِغْرَةُ اتِّفَاقًا وَالْمَصْبُوغُ بِالزَّعْفَرَانِ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَلْبَسُهُ وَأَبَاحَهُ مَالِكٌ وَكَرِهَهُ بَعْضُ التَّابِعِينَ لِمَا رُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ كَانَ يَنْهَى أَنْ يَتَزَعْفَرَ الرَّجُلُ وَيُحْتَمَلُ حمله على

(فرع)

الْمُحَرَّمِ لِمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ كَانَ يَصْبُغُ بِالصُّفْرَةِ وَهُوَ عَامٌّ أَوْ يَكُونُ النَّهْيُ عَنِ اسْتِعْمَالِهِ فِي الْجَسَدِ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّشَبُّهِ بِالنِّسَاءِ (فَرْعٌ) قَالَ كَرِهَ مَالِكٌ لِلصِّبْيَانِ لُبْسَ الذَّهَبِ قَالَ وَيَحْتَمِلُ ذَلِكَ الْكَرَاهَةَ لِمَنْ يُلْبِسُهُمْ إِيَّاهُ لِأَنَّهُمْ مِنْ جِنْسٍ يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَصِلِ التَّحْرِيمُ لِعَدَمِ التَّكْلِيفِ وَيَحْتَمِلُ الْكَرَاهَةَ عَلَى الصَّبِيِّ اللَّابِسِ لِأَنَّهُمْ يُنْدَبُونَ فَيُكْرَهُ لَهُمْ ذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ لِعُمُومِ النَّهْي وليلا يعتادونه فَيَبْعَثَهُمْ ذَلِكَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْكِبَرِ فَيَكُونُ ذَلِكَ وَسِيلَةً لِفَسَادِ أَخْلَاقِهِمْ فَكَرِهَهُ لِذَلِكَ وَلَمْ يُحَرِّمْهُ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ بِالتَّقَنُّعِ بِالثَّوْبِ لِحَرٍّ أَوْ بَرْدٍ وَلِغَيْرِهِ فَلَا وَرَأَتْ سكنية أَوْ فَاطِمَةُ بِنْتُ الْحُسَيْنِ بَعْضَ وَلَدِهَا مُتَقَنِّعًا رَأْسَهُ فَقَالَتْ اكْشِفْ رَأْسَكَ فَإِنَّ الْقِنَاعَ رِيبَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَذَلَّةٌ بِالنَّهَارِ وَنَهَى عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ النِّسَاءَ عَنْ لُبْسِ الْقُبَاطِي وَقَالَ إِنْ لَمْ يَكْشِفْ فَهُوَ يَصِفُ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ مَالِكٌ أَحَبُّ إِلَيَّ النَّعْلُ الْمُدَوَّرُ الْمُخَصَّرُ وَيَكُونُ لَهُ عَقِبٌ مُؤَخَّرٌ قَالَ وَرَأَيْتُ نَعْلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى التَّقْدِيرِ مَا هِيَ وَهِيَ مُخْتَصَرَةٌ يَخْتَصِرُهَا مِنْ مُؤَخَّرِهَا وَيُعْقِبُهُ مِنْ خَلْفِهَا وَكَانَ لَهَا زِمَامَانِ فِي كُلِّ نَعْلٍ قَالَ مَالِكٌ وَلَا بَأْسَ بِالِانْتِعَالِ قَائِمًا (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ قِيلَ لِمَالِكٍ الْمِنْطَقَةُ مِنْ شَأْنِ الْعَجَمِ فَهَلْ يَشُدُّهَا عَلَى ثِيَابِهِ مَنْ أَرَادَ السَّفَرَ قَالَ لَا بَأْسَ بِهِ

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ قَالَ مَالِكٌ لَا يَشْرَبُ مِنْ آنِيَةِ فِضَّةٍ وَلَا قَدَحٍ مُضَبَّبٍ بِفِضَّةٍ أَوْ فِيهِ حَلْقَةُ فِضَّةٍ وَكَذَلِكَ الْمِرْآةُ فِيهَا حَلَقَةُ فِضَّةٍ وَفِي الْجَلَّابِ لَا بَأْسَ بِاتِّخَاذِ الْأَنْفِ مِنَ الذَّهَبِ وَلَا يَجُوزُ اتِّخَاذُ الْمَجَامِرِ مِنَ الذَّهَبِ أَوِ الْوَرِقِ وَتُكْرَهُ حَلْقَةُ الْمَرَايَا وَتَضْبِيبُ الْأَقْدَاحِ وَالْأَمْشَاطِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ (النَّوْعُ الرَّابِعُ دُخُولُ الْحمام) وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ يَجُوزُ دُخُولُ الْحَمَّامِ إِذَا كَانَ خَالِيًا لَا كَرَاهَةَ وَأَمَا مُسْتَتِرٌ مَعَ مُسْتَتِرِينَ فَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ تَرْكُهُ أَحْسَنُ خَشْيَةَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَوْرَةِ إِذْ لَا يَكَادُ يَسْلَمُ مِنْ ذَلِكَ وَأَمَّا غَيْرُ مُسْتَتِرٍ أَوْ مَعَ مَنْ لَا يَسْتَتِرُ فَحَرَامٌ لِأَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ فَرْضٌ وَفَاعِلُ ذَلِكَ جُرْحَةٌ فِي حَقِّهِ وَالنِّسَاءُ كَالرِّجَالِ قَالَ هَذَا هُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ النَّظَرُ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَنْظُرَ مِنَ الْمَرْأَةِ مَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَنْظُرَ مِنَ الرَّجُلِ لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (لَا يَنْظُرُ الرَّجُلُ إِلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ وَلَا الْمَرْأَةِ وَلَا يُفْضِ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ فِي ثَوْبٍ وَلَا تُفْضِ الْمَرْأَةُ إِلَى الْمَرْأَةِ فِي ثوب) فِي أبي دَاوُد فَجعل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمَرْأَةَ مَعَ الْمَرْأَةِ كَالرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ وَلِأَنَّ النِّسَاءَ يُغَسِّلْنَ الْمَرْأَةَ كَمَا يُغَسِّلُ الرِّجَالُ الرَّجُلَ اتِّفَاقًا وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِي الرِّسَالَةِ لَا تَدْخُلُ الْمَرْأَةُ الْحَمَّامَ إِلَّا مِنْ عِلَّةٍ لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِنَّ فَفِي الْحَدِيثِ (سَتُفْتَحُ لَكُمْ بِلَادٌ فِيهَا الْحَمَّامُ لَا يَدْخُلُهُ الرَّجُلُ إِلَّا بِمِئْزَرٍ وَلَا تَدْخُلُهُ الْمَرْأَةُ بِمِئْزَرٍ وَلَا غَيْرِهِ) وَعَلَى الْقَوْلِ أَيْضًا بِأَنَّ جَمِيعَ جَسَدِهَا عَوْرَةٌ لِلنِّسَاءِ لِمَا رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَتَبَ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ أَنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ نِسَاءً مِنْ نِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ يَدْخُلْنَ الْحَمَّامَاتِ مَعَ نِسَاءِ الْمُشْرِكِينَ فَانْهَ عَنْ ذَلِكَ أَشَدَّ النَّهْيِ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَرَى عَوْرَتَهَا غَيْرُ أَهْلِ دِينِهَا قَالَ وَأَرَى أَنَّ دُخُولَهُنَّ مَكْرُوهٌ وَهُوَ الَّذِي

(النوع الخامس الرؤيا)

تُحْمَلُ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثُ سَدًّا لِذَرِيعَةِ دُخُولِهِنَّ بِغَيْرِ مِئْزَرٍ وَوَرَدَ نَهْيُهُنَّ عَامًّا وَحُمِلَ عَلَى وَقْتٍ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ حَمَّامٌ مُفْرَدٌ فَقَدْ قَالَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ أَمَرَتْنِي عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فطليتها بالنورة ثمَّ طليتها بالحنا مَا بَيْنَ قَرْنِهَا إِلَى قَدَمِهَا فِي الْحَمَّامِ مِنْ حَصَبٍ أَصَابَهَا فَقُلْتُ لَهَا أَلَمْ تَكُونِي تَنْهَيْنَ النِّسَاءَ عَنِ الْحَمَّامَاتِ فَقَالَتْ إِنِّي سَقِيمَةٌ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا خِلَافَ فِي تَحْرِيمِ دُخُولِ الْحَمَّامِ مَعَ مَنْ لَا يَسْتَتِرُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو بكر فَإِن استثر دخل بِعشْرَة شُرُوط أَن لَا يَدْخُلَ إِلَّا بِنِيَّةِ التَّدَاوِي أَوْ بِنِيَّةِ التَّطْهِيرِ وَأَنْ يَعْتَمِدَ أَوْقَاتَ الْخَلْوَةِ أَوْ قِلَّةِ النَّاسِ وَأَنْ تَكُونَ سُتْرَتُهُ صَفِيقَةً وَأَنْ يَطْرَحَ بَصَرَهُ إِلَى الأَرْض وَيسْتَقْبل الْحَائِط لَيْلًا يَرَى مُحَرَّمًا وَأَنْ يُغَيِّرَ مَا رَأَى مِنْ مُنكر بِرِفْق يَقُول اسْتُرْ سترك الله وَأَن لَا يُمكن أحد مِنْ عَوْرَتِهِ إِنْ دَلَّكَهُ مِنْ سُرَّتِهِ إِلَى رُكْبَتِهِ إِلَّا امْرَأَتَهُ أَوْ جَارِيَتَهُ وَأَنْ يَدْخُلَ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ بِشَرْطٍ أَوْ عَادَةٍ وَأَنْ يَصُبَّ الْمَاءَ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ التَّاسِعُ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى دُخُولِهِ وَحْدَهُ اتَّفَقَ مَعَ قَوْمٍ يَحْفَظُونَ أَدْيَانَهُمْ عَلَى كَرَاهِيَةٍ الْعَاشِرُ أَنْ يَتَذَكَّرَ عَذَابَ جَهَنَّمَ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ كُلُّهُ فَلْيَجْتَهِدْ فِي غَضِّ الْبَصَرِ فَائِدَةٌ وَقَعَ فِي تَارِيخِ الْقَيْرَوَانِ عَنْ فَقِيهَيْنِ كَانَ أَحَدُهُمَا أَعْلَمَ مِنَ الْآخَرِ وَكَانَ الْآخَرُ أَسْعَدَ فِي الْجَوَابِ فَسَأَلَ الْأَمِيرُ الْأَعْلَمَ مِنْهُمَا هَلْ يَجُوزُ لِي دُخُولُ الْحَمَّامِ مَعَ جِوَارِيَّ فِي خَلْوَةٍ عُرَاةً فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَ لَهُ الْأَسْعَدُ فِي الْجَوَابِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّكَ وَإِنْ جَازَ لَكَ النَّظَرُ إِلَيْهِنَّ فَإِنَّهُنَّ لَا يَجُوزُ لَهُنَّ النَّظَرُ بِعْضِهِنَّ إِلَى بَعْضٍ فَكَانَ الصَّوَابُ مَعَهُ (النَّوْعُ الْخَامِسُ الرُّؤْيَا) وَفِي الْقَبَسِ رَأَيْتُ رُؤْيَةً إِذَا عَايَنْتَ بِبَصَرِكَ وَرَأَيْتُ رَأْيًا إِذَا اعْتَقَدْتَ بِقَلْبِكَ وَرَأَيْتُ رُؤْيَا إِذَا رَأَيْتَ فِي مَنَامِكَ وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ فِي الْيَقَظَةِ رُؤْيَا وَفِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ (الرُّؤْيَا الْحَسَنَةُ مِنَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ) قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَكَّلَ الله

تَعَالَى مَلَكًا يُرِي الرَّائِيَ مَا يُنَبِّهُهُ عَلَى مَا يَكُونُ وَمَعْنَى جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ أَنَّ مُدَّةَ نُبُوَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَتْ ثَلَاثًا وَعِشْرِينَ سَنَةً مِنْهَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ نُبُوءَةٌ بِالرُّؤْيَا قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَأول مَا بُدِئَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالرُّؤْيَا الصَّادِقَةِ فَكَانَ لَا يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ كَفَلَقِ الصُّبْحِ وَسِتَّةُ أَشْهُرٍ مِنْ ثَلَاثٍ وَعشْرين جُزْء مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ وَقِيلَ أَجْزَاءٌ مِنَ النُّبُوَّةِ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهَا وَرُوِيَ جُزْءٌ مِنْ خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ وَرُوِيَ مِنْ سَبْعِينَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ اخْتِلَافًا مِنَ الرُّؤْيَا فَيُحْمَلُ الْأَقَلُّ عَلَى الْجَلِيَّةِ وَالْأَكْثَرُ مِنَ الْعَدَدِ عَلَى الرُّؤْيَا الْخَفِيَّةِ أَوْ تَكُونُ السِّتَّةُ وَالْأَرْبَعُونَ هِيَ الْمُبَشِّرَةُ وَالسَبْعُونَ هِيَ المحزنة والمحزنة لقلَّة تكرره وَلِمَا يَكُونُ مِنْ جِنْسِهَا مِنَ الشَّيْطَانِ وَفِي الْقَبَسِ رُوِيَ أَيْضًا خَمْسُونَ وَسِتُّونَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ وَخَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ فَاخْتَلَفَتِ الْأَعْدَادُ لِأَنَّهَا رُؤْيَا النُّبُوَّةِ لَا نَفْسُ النُّبُوَّةِ وَجُعِلَتْ بِشَارَاتٍ فَأَعْطَى اللَّهُ تَعَالَى مِنْ فَضْلِهِ جُزْءًا مِنْ سَبْعِينَ فِي الِابْتِدَاءِ ثُمَّ زَادَ حَتَّى بَلَغَتْ خَمْسًا وَأَرْبَعِينَ وَتَقْسِيمُهَا بِمُدَّةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاطِلٌ لِأَنَّهُ مُفْتَقِرٌ لِنَقْلٍ صَحِيحٍ وَالْأَحْسَنُ قَوْلُ الطَّبَرِيِّ عَالِمِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ إِنَّ نِسْبَةَ عِدَّةِ الْأَعْدَادِ إِلَى النُّبُوَّةِ إِنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ حَالِ الرَّائِي رُؤْيَا الصَّالِحِ عَلَى نِسْبَتِهِ وَالَّذِي على دَرَجَته دون ذَلِك وَقَوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَيْسَ يبْقى بعدِي من النُّبُوَّة إِلَّا الرُّؤْيَة الصَّالِحَةُ حَضَّ عَلَى تَعْلِيمِهَا وَالِاهْتِمَامِ بِهَا لِيَبْقَى لَهُم بعده - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جُزْء من النُّبُوَّة بشر بذلك - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أُمَّتَهُ وَلَا يَعْبُرُ إِلَّا مَنْ يَعْلَمُهَا وَيُحْسِنُهَا وَإِلَّا فليترك وَسُئِلَ مَال أَيُفَسِّرُ الرُّؤْيَا كُلُّ أَحَدٍ قَالَ فَبِالنُّبُوَّةِ يَلْعَبُ قِيلَ أَيُفَسِّرُهَا عَلَى الْخَيْرِ وَهِيَ عِنْدَهُ عَلَى الشَّرِّ لِقَوْلِ مَنْ يَقُولُ الرُّؤْيَا عَلَى مَا أولت فَقَالَ الرُّؤْيَا جُزْء من أَجزَاء النّوبَة أَفَيُتَلَاعَبُ بِأَمْرِ النُّبُوَّةِ وَفِي الْمُوَطَّأِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنَ اللَّهِ وَالْحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمُ الشَّيْءَ يَكْرَهُهُ فَلْيَنْفُثْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ إِذَا اسْتَيْقَظَ وَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِالرُّؤْيَا الصَّالِحَةِ الْمُبَشِّرَةَ وَيُحْتَمَلُ الصَّادِقَةَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى

وَيُرِيدُ بِالْحُلْمِ مَا يُحْزِنُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْكَاذِب يخيل بِهِ ليضر أَبُو يُحْزِنَ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ يَقُولُ فِي الِاسْتِعَاذَةِ إِذَا نَفَثَ عَنْ يَسَارِهِ أَعُوذُ بِمَنِ اسْتَعَاذَتْ بِهِ مَلَائِكَةُ اللَّهِ وَرُسُلُهُ مِنْ شَرِّ مَا رَأَيْتُ فِي مَنَامِي هَذَا أَنْ يُصِيبَنِي مِنْهُ شَيْءٌ أَكْرَهُهُ ثُمَّ يَتَحَوَّلُ عَلَى جَانِبِهِ الْآخَرِ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ الْفَرْقُ بَيْنَ رُؤْيَا الْأَنْبِيَاءِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ رُؤْيَا غَيْرِهِمْ إِذَا أَخْطَأَ فِي تَأْوِيلِهَا لَا تَخْرُجُ كَمَا أُوِّلَتْ وَرُؤْيَا غَيْرُ الصَّالِحِ لَا يُقَالُ فِيهَا جُزْءٌ مِنَ النُّبُوَّةِ وَإِنَّمَا يُلْهِمُ اللَّهُ الرَّائِيَ التَّعَوُّذَ إِذَا كَانَتْ مِنَ الشَّيْطَانِ أَوْ قَدَّرَ أَنَّهَا لَا تُصِيبُهُ وَإِنْ كَانَتْ مِنَ اللَّهِ فَإِنَّ سِرَّ الْقَدَرِ قَدْ يَكُونُ وُقُوعُهُ مَوْقُوفًا عَلَى عِلْمِ الدُّعَاءِ تَنْبِيهٌ فِي الْقَبَسِ قَالَ صَالِحٌ الْمُعْتَزِلِيُّ رُؤْيَةُ الْمَنَامِ هِيَ رُؤْيَةُ الْعَيْنِ وَقَالَ آخَرُونَ هِيَ رُؤْيَةٌ بِالْعَيْنَيْنِ وَقَالَ آخَرُونَ هِيَ رُؤْيَةٌ بِعَيْنَيْنِ فِي الْقَلْبِ يُبْصِرُهِمَا وَأُذُنَيْنِ فِي الْقَلْبِ يَسْمَعُ بِهِمَا وَقَالَت الْمُعْتَزلَة هِيَ تخاييل لَا حَقِيقَةَ لَهَا وَلَا دَلِيلَ عَلَيْهَا وَجَرَتِ الْمُعْتَزلَة على أُصُولهَا فِي تحليها عَلَى الْعَامَّةِ فِي إِنْكَارِ أُصُولِ الشَّرْعِ فِي الْجِنِّ وَأَحَادِيثِهَا وَالْمَلَائِكَةِ وَكَلَامِهَا وَأَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَوْ كَلَّمَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِصَوْتٍ لَسَمِعَهُ الْحَاضِرُونَ وَأَمَّا أَصْحَابُنَا فَلَهُمْ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قَالَ الْقَاضِي هِيَ خَوَاطِرُ وَاعْتِقَادَاتٌ وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرٍ أَوْهَامٌ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الْأَوَّلِ وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ هُوَ إِدْرَاكٌ بِأَجْزَاءٍ لَمْ تَحُلَّهَا آفَةُ النَّوْمِ فَإِذَا رَأَى الرَّائِي أَنَّهُ بِالْمَشْرِقِ وَهُوَ بِالْمَغْرِبِ أَوْ نَحْوِهِ فَهِيَ أَمْثِلَة جعله اللَّهُ تَعَالَى دَلِيلًا عَلَى تِلْكَ الْمَعَانِي كَمَا جُعِلَتِ الْحُرُوفُ وَالْأَصْوَاتُ وَالرُّقُومُ الْكِتَابِيَّةُ دَلِيلًا عَلَى الْمَعَانِي فَإِذَا رَأَى اللَّهَ تَعَالَى أَوِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَهِيَ أَمْثِلَةٌ تُضْرَبُ لَهُ بِقَدْرِ حَالِهِ فَإِنْ كَانَ مُوَحِّدًا رَآهُ حَسَنًا أَوْ مُلْحِدًا رَآهُ قبيحا وَهُوَ أحد التَّأْويلَيْنِ فِي قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَأَيْتُ رَبِّي فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ قَالَ وَقَالَ لي بعض الْأُمَرَاء رَأَيْت البارحة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْمَنَامِ أَشَدَّ

(مسألة)

مَا يَكُونُ مِنَ السَّوَادِ فَقُلْتُ ظَلَمْتَ الْخَلْقَ وغيرت الدّين قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (الظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) فَالتَّغْيِيرُ فِيكَ لَا فِيهِ وَكَانَ مُتَغَيِّرًا عَلَيَّ وَعِنْدَهُ كَاتِبُهُ وَصِهْرُهُ وَولده فَأَما الْكتاب فَمَاتَ وَأَمَّا الْآخَرَانِ فَتَنَصَّرَا وَأَمَّا هُوَ فَكَانَ مُسْتَنِدًا فَجَلَسَ عَلَى نَفْسِهِ وَجَعَلَ يَعْتَذِرُ وَكَانَ آخر كَلَامه وددت أَن أكون حميا بمخلاة أعيش بالثغر قلت وَمَا يَنْفَكّ أَنْ أَقْبَلَ أَنَا عُذْرَكَ وَخَرَجْتُ فَوَاللَّهِ مَا تَوَقَّفَتْ لِي عِنْدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ حَاجَةٌ تَنْبِيهٌ قَالَ الْأُسْتَاذ أَبُو إِسْحَاق الإسفرايني النَّوْمُ ضِدُّ الْإِدْرَاكِ اتِّفَاقًا وَالرُّؤْيَا إِدْرَاكٌ يُمَثَّلُ كَمَا تَقَدَّمَ فَكَيْفَ يَجْتَمِعُ مَعَ النَّوْمِ وَأَجَابَ بِأَنَّ النَّفْسَ ذَاتُ جَوَاهِرَ فَإِنْ عَمَّهَا النَّوْمُ فَلَا إِدْرَاكَ وَلَا مَنَامَ وَإِنْ قَامَ عَرَضُ النَّوْمِ بِبَعْضِهَا قَامَ إِدْرَاكُ الْمَنَامِ بِالْبَعْضِ الْآخَرِ وَلِذَلِكَ أَنَّ أَكْثَرَ الْمَنَامَاتِ إِنَّمَا تَحْصُلُ آخِرَ اللَّيْلِ عِنْدَ خِفَّةِ النَّوْمِ (مَسْأَلَةٌ) تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُدْرَكَ إِنَّمَا هُوَ الْمِثْلُ وَبِهِ خَرَجَ الْجَوَابُ عَن كَون رَسُول اله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُرَى فِي الْآنِ الْوَاحِدِ فِي مَكَانَيْنِ فَأَجَابَ الصُّوفِيَّة بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَالشَّمْسِ تُرَى فِي أَمَاكِنَ عِدَّةٍ وَهِيَ وَاحِدَةٌ وَهُوَ بَاطِلٌ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَرَاهُ زَيْدٌ فِي بَيْتِهِ وَيَرَاهُ الْآخَرُ بِمَحَلَّتِهِ دَاخِلَ بَيْتِهِ أَوْ فِي مَسْجِدِهِ وَالشَّمْسُ لَا تُرَى إِلَّا فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ وَلَوْ رُئِيَتْ فِي بَيْتِ إِنْسَانٍ لَمَا رُئِيَتْ فِي بَيْتٍ آخَرَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ فَظَهَرَ أَنَّ الْحَقَّ مَا يَقُولُهُ الْعُلَمَاءُ وَهُوَ أَنَّ الْمُدْرَكَ الْمِثْلُ لَا نفس الْحَقِيقَة وَأَن معنى قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْ رَآنِي فَقَدْ رَآنِي حَقًّا فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَمَثَّلُ بِي مَنْ رَأَى مِثَالِي فَقَدْ رَأَى مِثَالِي حَقًّا فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَمَثَّلُ بِمِثَالِي وَأَنَّ الْخَبَرَ إِنَّمَا يَشْهَدُ بِعِصْمَةِ الْمِثَالِ عَنِ الشَّيْطَانِ وَنَصَّ الْكَرْمَانِيُّ فِي كِتَابِهِ الْكَبِيرِ فِي تَفْسِيرِ الْمَنَامِ أَنَّ الرُّسُلَ وَالْكُتُبَ الْمُنَزَّلَةَ وَالْمَلَائِكَةَ وَالسُّحُبَ أَيْضًا كَذَلِكَ وَمَا عَدَاهُ مِنَ الْمُثُلِ يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ حَقًّا وَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ مِنْ قِبَلِ الشَّيْطَانِ

(مسألة)

(مَسْأَلَةٌ) قَالَ الْعُلَمَاءُ لَا تَصِحُّ رُؤْيَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَطْعًا إِلَّا لِرَجُلَيْنِ صَحَابِيٍّ رَآهُ أَوْ حَافِظٍ لِصِفَتِهِ حِفْظًا حَصَلَ لَهُ مِنَ السَّمَاعِ مَا يحصل للرائي عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنَ الرُّؤْيَةِ حَتَّى لَا يَلْتَبِسَ عَلَيْهِ مِثَالُهُ مَعَ كَوْنِهِ أَسْوَدَ أَوْ أَبْيَضَ وَشَيْخًا أَوْ شَابًّا إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِ الرَّائِينَ الَّذِي يَظْهَرُ فِيهِ كَمَا يَظْهَرُ فِي الْمِرْآةِ أَحْوَالُ الرَّائِينَ وَتِلْكَ الْأَحْوَالُ صِفَةٌ لِلرَّائِينَ لَا لِلْمِرْآةِ قُلْتُ لِبَعْضِ مَشَايِخِي رَحِمَهُمُ اللَّهُ فَكَيْفَ يَبْقَى الْمِثَالُ مَعَ هَذِهِ الْأَحْوَالِ الْمُتَضَادَّةِ قَالَ لِي لَوْ كَانَ لَكَ أَبٌ شَابٌّ فَغِبْتَ عَنْهُ ثُمَّ جِئْتَهُ فَوَجَدْتَهُ شَيْخًا أَوْ أَصَابَهُ يَرَقَانٌ فَاصْفَرَّ أَوِ اسْوَدَّ لَوْنُهُ أَلَسْتَ تَشُكُّ فِيهِ قُلْتُ لَا فَقَالَ لِي مَا ذَاكَ إِلَّا لِمَا ثَبَتَ فِي نَفْسِكَ مِنْ مِثَالِهِ فَكَذَلِكَ مَنْ ثَبَتَ فِي نَفْسِهِ مِثَالُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هَكَذَا لَا يَشُكُّ فِيهِ مَعَ تَغَيُّرِ الْأَحْوَالِ وَإِلَّا فَلَا لَا يَثِق بِأَنَّهُ رَآهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هُوَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ غَيْرُهُ وَإِذَا صَحَّ لَهُ الْمَقَالُ فَالسَّوَادُ يَدُلُّ عَلَى ظُلْمِ الرَّأْيِ وَالْعَمَى يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ إِيمَانِهِ لِأَنَّهُ إِدْرَاكٌ ذَهَبَ وَقِطَاعُ الْيَدِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَنَعَ مِنْ ظُهُورِ الشَّرِيعَةِ وَأَضْعَفَهَا وَكَوْنُهُ أَمْرَدَ يَدُلُّ عَلَى اسْتِهْزَائِهِ بِالنُّبُوَّةِ لِأَنَّ الشَّابَّ يُحْتَقَرُ وَكَوْنُهُ شَيْخًا يَدُلُّ عَلَى تَعْظِيمِهِ لِلنُّبُوَّةِ لِأَنَّ الشَّيْخَ يُعَظَّمُ وَنَحْوَ ذَلِكَ (فَرْعٌ) فَلَوْ رَآهُ فِي النَّوْمِ فَقَالَ لَهُ إِنَّ امْرَأَتَكَ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَهُوَ يَجْزِمُ بِأَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْهَا هَلْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ وَقَعَ فِيهِ الْبَحْثُ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ إِخْبَارَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْيَقَظَةِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْخَبَرِ فِي النَّوْمِ لِتَطَرُّقِ الِاحْتِمَالِ لِلرَّائِي بِالْغَلَطِ فِي ضَبْطِ الْمِثَالِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهُ عَنْ حَرَامٍ إِنَّهُ حَلَال أَو عين حكما على الشَّرِيعَةِ قَدَّمْنَا مَا ثَبَتَ فِي الْيَقَظَةِ عَلَى مَا رئي فِي النّوم لما ذَكرْنَاهُ كَمَا لَوْ تَعَارَضَ خَبَرَانِ مِنْ أَخْبَارِ الْيَقَظَةِ فَإِنَّا نُقَدِّمُ الْأَرْجَحَ تَنْبِيهٌ لَوْ رَأَى شَخْصًا فِي النَّوْمِ فَقَالَ لَهُ أَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَوْ قَالَ لَهُ شَخْصٌ آخَرُ هَذَا رَسُولُ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَسَلَّمَ عَلَيْهِ لَا يَثِقُ بِهَذَا بَلْ يَجُوزُ أَن يكون صدقا وَيجوز أَن يكون شَيْطَان كَذَبَ لِنَفْسِهِ أَوْ كَذَبَ لِغَيْرِهِ فَلَا يَثِقُ بِهِ

(مسألة)

(مَسْأَلَةٌ) تَقَدَّمَ أَنَّ دَلَالَةَ هَذِهِ الْمُثُلِ عَلَى الْمَعَانِي كَدَلَالَةِ الْأَلْفَاظِ وَالرُّقُومِ عَلَيْهَا فَاعْلَمْ أَنَّهُ يَقَعُ فِيهَا جَمِيعُ مَا يَقَعُ فِي الْأَلْفَاظِ مِنَ الْمُشْتَرَكِ وَالْمُتَوَاطِئِ وَالْمُتَرَادِفِ وَالْمُتَبَايِنِ وَالْمَجَازِ وَالْحَقِيقَةِ وَالْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ وَالْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ حَتَّى يَقَعَ فِيهَا مَا لِلْعَرَبِ مِنَ الْمَجَازِ فِي قَوْلِهِمْ أَبُو يُوسُف أَبُو حنيفَة وَالْقلب والتصحيف كالفيل هُوَ مَلِكٌ عَجَمِيٌّ وَهُوَ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ نَصَّ عَلَيْهِ الْكَرْمَانِيُّ وَالْمُتَوَاطِئُ كَالشَّجَرَةِ هِيَ رَجُلٌ أَيُّ رَجُلٍ كَانَ دَالَّةً عَلَى الْقَدْرِ الْمُشْتَرِكِ بَيْنَ الرِّجَالِ ثُمَّ إِنْ كَانَتْ نَبَتَتْ فِي الْعَجَمِ فَهُوَ عَجَمِيٌّ أَوْ عِنْدَ الْعَرَبِ فَهُوَ عَرَبِيُّ أَوْ لَا ثَمَرَ لَهَا فَلَا خَيْرَ فِيهِ أَولهَا شَوْكٌ فَهُوَ كَثِيرُ الشَّرِّ أَوْ ثَمَرُهَا لَهُ قِشْرٌ فَلَهُ خَيْرٌ لَا يُوصَلُ إِلَيْهِ إِلَّا بَعْدَ مَشَقَّةٍ أَوْ لَا قِشْرَ لَهُ كَالتُّفَّاحِ فَيُوصَلُ لِخَيْرِهِ بِغَيْرِ مَشَقَّةٍ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَهَذَا هُوَ الْمُقَيَّدُ وَالْمُطْلَقُ فَيُقَيَّدُ بِالْأُمُورِ الْخَارِجَةِ وَلذَلِك يَقع التقيد بِأَحْوَالِ الرَّائِي فَالصَّاعِدُ عَلَى الْمِنْبَرِ بِلَا وِلَايَةٍ إِنْ كَانَ فَقِيهًا فَقَاضٍ أَوْ أَمِيرًا فَوَالٍ أَوْ مِنْ بَيْتِ الْمَلِكِ فَمَلِكٌ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَلِذَلِكَ يَنْصَرِفُ لِلْخَيْرِ بِقَرِينَةِ الرَّائِي وَحَالِهِ وَظَاهِرُهَا الشَّرُّ وَيَنْصَرِفُ لِلشَّرِّ بِقَرِينَةِ الرَّائِي وَظَاهِرُهَا الْخَيْرُ كَمَنْ رَأَى أَنَّهُ مَاتَ فَالْخَيِّرُ مَاتَتْ حُظُوظُهُ وَصَلَحَتْ نَفْسُهُ وَالشِّرِّيرُ مَاتَ قَلْبُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَو من كَانَ مَيتا فأحييناه} اي كَافِر فَأَسْلَمَ وَالْمُتَرَادِفُ كَالْفَاكِهَةِ الصَّفْرَاءِ تَدُلُّ عَلَى الْهَمِّ وَحَمْلُ الصَّغِيرِ يَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا وَالْمُتَبَايِنُ كَالْأَخْذِ مِنَ الْمَيِّتِ وَالدَّفْعِ لَهُ الْأَوَّلُ جَيِّدٌ وَالثَّانِي رَدِيءٌ وَالْمَجَازُ وَالْحَقِيقَةُ كَالْبَحْرِ هُوَ السُّلْطَانُ حَقِيقَةً وَيُعَبَّرُ بِهِ عَنْ سَعَةِ الْعِلْمِ مَجَازًا وَالْعُمُومُ كَمَنْ رَأَى أَنَّ أَسْنَانَهُ كُلَّهَا سَقَطَتْ فِي التُّرَابِ يَمُوتُ أَقَارِبُهُ كُلُّهُمْ فَإِنْ كَانَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ إِنَّمَا يَمُوتُ بَعْضُ أَقَارِبِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ فَهُوَ عَامٌّ أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ وَأَمَّا أَبُو يُوسُفَ أَبُو حَنِيفَةَ فَكَالرُّؤْيَا تُرَى لِشَخْصٍ وَالْمرَاد من هُوَ يُشبههُ أَبُو بعض أَقَاربه أَو

(مسألة)

من يتمسى بِاسْمِهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّنْ يُشَارِكُهُ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْعَرَبِ أَبُو يُوسُفَ أَو حَنِيفَةَ أَوْ زَيْدٌ زُهَيْرٌ شِعْرًا وَحَاتِمٌ جُودًا فَعَبَّرُوا بِاللَّفْظِ الثَّانِي عَنِ الْأَوَّلِ مَجَازًا لِمُشَارَكَتِهِ لَهُ فِي تِلْكَ الصِّفَةِ وَالْقَلْبُ كَمَا رَأَى الْمِصْرِيُّونَ أَنَّ رَوَاشًا أَخَذَ مِنْهُمُ الْمُلْكَ فَعَبَّرَ لَهُمْ بِأَنَّ سَاوَرَ يَأْخُذُ الْمُلْكَ مِنْهُمْ وَقُلِبَ بِرَوَاشٍ سَاوَرُ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَتَصْحِيفُ سَاوَرَ بِشَاوَرَ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَرَأَى صَاحِبُ الْعَرَبِ قَائِلًا يَقُولُ لَهُ خَالَفَ الْخُفَّ مَنْ عُذِرَ فَقِيلَ لَهُ يَقْصِدُ النَّكْثَ فِي أَيْمَانٍ حَلَفْتَهَا لِقَوْمٍ وَالْمَلَكُ يُحَذِّرُكَ مِنْ ذَلِكَ فِي الرُّؤْيَا وَيَقُولُ لَكَ خَالَفَ الْحَقَّ مَنْ عُذِرَ فَدَخَلَهُ التَّصْحِيفُ فَقَطْ وَتَفَاصِيلُ الرُّؤْيَا مَبْسُوطَةٌ فِي عِلْمِ التَّأْوِيلِ (مَسْأَلَةٌ) قَالَ الْكَرْمَانِيُّ فِي الرُّؤْيَا ثَمَانِيَةُ أَقْسَامٍ سَبْعَةٌ لَا تُعَبَّرُ وَوَاحِدٌ يُعَبَّرُ فَقَطْ فَالسَّبْعَةُ مَا نَشَأَ عَنِ الْأَخْلَاطِ الْأَرْبَعَةِ الْغَالِبَةِ عَلَى الرَّائِي فَمَنْ عَلَيْهِ الدَّمُ رَأَى اللَّوْنَ الْأَحْمَرَ وَالْحَلَاوَاتِ وَأَنْوَاعَ الطَّرَبِ أَوِ الصَّفْرَاءُ رَأَى الْجُدُورَ وَالْأَلْوَانَ الصُّفْرَ وَالْمَرَارَةَ أَوِ الْبَلْغَمُ رَأَى الْمِيَاهَ وَالْأَلْوَانَ الْبِيضَ وَالْبَرَدَ أَوِ السَّوْدَاءُ رَأَى الْأَلْوَانَ السُّودَ وَالْمَخَاوِفَ وَالطُّعُومَ الْحَامِضَةَ وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِالْأَدِلَّةِ الطِّبِّيَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى غَلَبَةِ ذَلِكَ الْخَلْطِ عَلَى ذَلِكَ الرَّأْي الْخَامِسُ مَا هُوَ مِنْ حَدِيثِ النَّفْسِ وَيُعْلَمُ ذَلِكَ بِجَوَلَانِهِ فِي النَّفْسِ فِي الْيَقَظَةِ السَّادِسُ مَا هُوَ مِنَ الشَّيْطَانِ وَيُعْرَفُ بِكَوْنِهِ يَأْمُرُ بِمُنْكَرٍ أَوْ بِمَعْرُوفٍ يُؤَدِّي إِلَى مُنْكَرٍ كَمَا إِذَا أَمَرَهُ بِالتَّطَوُّعِ بِالْحَجِّ فَيَضِيعُ عَائِلَتُهُ أَوْ أَبَوَاهُ وَالسَّابِع مَعَ كَانَ احْتِلَام وَالَّذِي يُعَبَّرُ هُوَ مَا يَنْقُلُهُ مَلَكُ الرُّؤْيَا مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَهُ أَنْ يَنْقُلَ لِكُلِّ أَحَدٍ أُمُورَ دُنْيَاهُ وَأُخْرَاهُ عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ كَذَلِكَ قَالَهُ الْكَرْمَانِيُّ

(النوع السادس في السفر)

(النَّوْعُ السَّادِسُ فِي السَّفَرِ) وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ طَلَبٌ وَهَرَبٌ فَالْهَرَبُ الْخُرُوجُ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ إِلَى الْإِسْلَامِ أَوْ مِنْ دَارِ الْبِدْعَةِ أَوْ مِنْ أَرْضٍ غَلَبَ عَلَيْهَا الْحَرَامُ وَالْفِرَارُ مِنَ الْأَذِيَّةِ فِي الْبَدَنِ كَخُرُوجِ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَالْخُرُوجِ مِنْ أَرْضِ النِّقْمَةِ أَوِ الْخُرُوجِ خَوْفًا عَلَى الْأَهْلِ وَالْمَالِ لِأَنَّ حُرْمَةُ الْمَالِ كَحُرْمَةِ النَّفْسِ وَسَفَرُ الطَّلَبِ سَفَرُ الْعُمْرَةِ مَنْدُوبٌ وَسَفَرُ الْحَجِّ فَرْضٌ وَسَفَرُ الْجِهَادِ إِذَا تَعَيَّنَ وَإِلَّا فَلهُ حكمه وسفر المعاش كالاحتطاب والاحتشاس وَالصَّيْدِ وَالتِّجَارَةِ وَالْكَسْبِ وَالسَّفَرُ لِقَصْدِ الْبِقَاعِ الْكَرِيمَةِ كَأَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ وَمَوَاضِعِ الرِّبَاطِ وَالسَّفَرُ لِقَصْدِ طَلَبِ الْعِلْمِ وَالسَّفَرُ لِتَفَقُّدِ أَحْوَالِ الْإِخْوَانِ ثُمَّ مِنْ آدَابِ السَّفَرِ إِذَا وَضَعَ رِجْلَهُ فِي الرِّكَابِ أَوِ الْغَرْزِ أَوْ شَرَعَ فِي السَّفَرِ قَالَ بِاسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ اللَّهُمَّ ازْوِ لَنَا الْأَرْضَ وَهَوِّنْ عَلَيْنَا السَّفَرَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ وَمِنْ كَآبَةِ الْمُنْقَلَبِ وَمِنْ سُوءِ الْمَنْظَرِ فِي الْمَالِ وَالْأَهْلِ وَلْيَنْظُرْ فِي الرَّفِيقِ فَفِي الْحَدِيثِ الرَّاكِبُ شَيْطَانٌ وَالرَّاكِبَانِ شَيْطَانَانِ وَالثَّلَاثَةُ رَكْبٌ وَهُوَ أَقَلُّ الرُّفْقَةِ بِحَيْثُ إِذَا ذَهَبَ وَاحِدٌ يَحْتَطِبُ أَوْ يَسْتَقِي بَقِيَ اثْنَانِ يَسْتَحِي أَحَدُهُمَا مِنَ الْآخَرِ وَقَدْ جَاءَ خَيْرُ الرُّفَقَاءِ أَرْبَعَةٌ وَإِنْ كَانَتْ مَعَهُمُ امْرَأَةٌ فَلَا يَحِلُّ لَهَا السَّفَرُ إِلَّا بِرَفِيقٍ وَهُوَ إِمَّا زَوْجٌ أَوْ مَحْرَمٌ فَإِنْ عَدِمَتْهُمَا وَاضْطُرَّتْ كَالْحَجِّ الْمَفْرُوضِ وَنَحْوِهِ فَنِسَاءٌ مَأْمُونَاتٌ أَوْ رِجَالٌ مَأْمُونُونَ لَا تَخْشَى عَلَى نَفْسِهَا مَعَهُمْ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ يَوْمًا وَلَيْلَةً إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ) وَلَا يُعَلِّقُ الْمُسَافِرُ الْأَجْرَاسَ وَلَا يُقَلِّدُ الْأَوْتَارَ لِلدَّوَابِّ لِنَهْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ ذَلِكَ وَهُوَ مَكْرُوهٌ وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُسَافِرِ الرِّفْقُ بِدَوَابِّهِ وَإِنْزَالُهَا مَنَازِلَهَا فِي الْخِصْبِ وَالنَّجَاةُ عَلَيْهَا بنقيها فِي الجذب فِي الْمُوَطَّأ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ وَيَرْضَى بِهِ ويعين

(فرع)

عَلَيْهِ وَلَا يُعِينُ عَلَى الْعُنْفِ فَإِذَا رَكِبْتُمْ هَذِهِ الدَّوَابَّ الْعَجم فأنزلوها منازلها فَإِن كَانَت الأَرْض مجذبة فَانْجُوا عَلَيْهَا بِنِقْيِهَا وَعَلَيْكُمْ بِسَيْرِ اللَّيْلِ فَإِنَّ الْأَرْضَ تُطْوَى بِاللَّيْلِ مَا لَا تُطْوَى بِالنَّهَارِ وَإِيَّاكُمْ وَالتَّعْرِيسَ عَلَى الطَّرِيقِ فَإِنَّهَا طَرِيقُ الدَّوَابِّ وَمَأْوَى الْحَيَّاتِ وَفِي الْمُنْتَقَى قَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ بِسُرْعَةِ السَّيْرِ فِي الْحَجِّ عَلَى الدَّوَابِّ وَأَكْرَهُ الْمَهَامِيزَ وَلَا يَصْلُحُ الْفَسَادُ وَإِذَا كَثُرَ ذَلِك خوفها وَقد قَالَ لَا بَأْس أَو يَنْخُسَهَا حَتَّى يُدْمِيَهَا وَقَوْلُهُ الْعُجْمُ أَيْ لَا تَتَكَلَّمُ وَكُلُّ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَى الْكَلَامِ فَهُوَ أَعْجَمِيٌّ وَقَوْلُهُ مَنَازِلَهَا أَيْ مَا فِيهِ مَصَالِحُهَا تَقُولُ أَنْزَلْتُ فُلَانًا مَنْزِلَتَهُ أَيْ عَامَلْتُهُ بِمَا يَلِيقُ وَقَوْلُهُ انْجُوا عَلَيْهَا أَيْ أَسْرِعُوا مِنَ النَّجَاةِ وَهُوَ السُّرْعَةُ أَوْ مِنَ النَّجَاةِ قَبْلَ أَنْ يَعْطَبُوا وَالنِّقْيُ الشَّحْمُ وَفِي الْجَوَاهِرِ يَقُولُ إِذَا نَزَلَ مَنْزِلًا أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التامات من شَرّ مَا خلق لأَمره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِذَلِكَ فِي مُسْلِمٍ فَقَدْ ضَمِنَ عَدَمَ الضَّرَرِ بِهَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ لَقَدْ جَرَّبْتُهَا أحد عشر عَاما فَوجدَ لَهَا كَذَلِكَ وَأَنْ يُعَجِّلَ الرُّجُوعَ إِلَى الْأَهْلِ إِذَا قَضَى نُهْمَتَهُ مِنْ سَفَرِهِ لِحَقِّ أَهْلِهِ عَلَيْهِ وَأَن يدْخل نَهَارا وَأَن لَا يَأْتِيَ أَهْلَهُ طُرُوقًا كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ وَلَا بَأْسَ بِالْإِسْرَاعِ فِي السَّيْرِ وَطَيِّ الْمَنَازِلِ فِيهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ فَقَدْ سَارَ ابْنُ عُمَرَ وَسَعِيد بن أبي هِنْد وَكَانَ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَهِيَ مَسِيرَةُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ (فَرْعٌ) قَالَ وَلَا يُسَافِرُ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدو لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يُسَافَرُ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ وَيَجُوزُ إِنْ كَتَبَ لَهُمْ بِالْآيَةِ وَالْآيَتَيْنِ إِذَا كَانَ الْغَرَضُ الدُّعَاءَ إِلَى الْإِسْلَامِ كَمَا كتب - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى هِرقل باسم اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاء بَيْننَا وَبَيْنكُم} الْآيَات

(فرع)

(فَرْعٌ) فِي الْبَيَانِ قَالَ اخْتُلِفَ فِي السَّفَرِ الَّذِي لَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ قِيلَ الْبَرِيدُ وَقِيلَ الْيَوْمُ وَقِيلَ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَقِيلَ لَيْلَتَانِ وَقِيلَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَأَتَتْ بِذَلِكَ كُلِّهِ الْأَحَادِيثُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقِيلَ يُمْنَعُ وَإِنْ قَرُبَ جِدًّا إِلَّا مَعَ مَحْرَمٍ (النَّوْعُ السَّابِعُ الْفِطْرَةُ) فِي الْجَوَاهِرِ مَا يَفْعَلُهُ الْإِنْسَانُ فِي رَأْسِهِ وَجَسَدِهِ وَهِيَ خِصَالُ الْفِطْرَةِ خَمْسٌ فِي الرَّأْسِ الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ وَقَصُّ إِطَارِ الشَّارِبِ وَحَلْقُهُ مِثْلُهُ وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ إِلَّا أَنْ تَطُولَ جِدًّا فَلَهُ الْأَخْذُ مِنْهَا وَفَرْقُ الشَّعْرِ وَخَمْسٌ فِي الْجَسَدِ حَلْقُ الْعَانَةِ وَنَتْفُ الْإِبِطَيْنِ وَتَقْلِيمُ الْأَظَافِرِ وَالِاسْتِنْجَاءُ وَالْخِتَانُ وَهُوَ سُنَّةٌ فِي الرِّجَالِ مَكَرُمَةٌ فِي النِّسَاءِ وَيُسْتَحَبُّ خِتَانُ الصَّبِيِّ إِذَا أُمِرَ بِالصَّلَاةِ مِنَ السَّبْعِ إِلَى الْعَشْرِ وَيُكْرَهُ أَنْ يُخْتَنَ فِي السَّابِعِ لِأَنَّهَا عَادَةُ الْيَهُودِ فَإِنْ خَافَ الْكَبِيرُ عَلَى نَفْسِهِ التَّلَفَ رَخَّصَ لَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ فِي تَرْكِهِ وَأَبَى ذَلِكَ سَحْنُونٌ وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ وُلِدَ مَخْتُونًا فَقِيلَ كَفَتْهُ مُؤْنَتُهُ وَقِيلَ يُجْرَى الْمُوسَى عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ فِيهَا مَا يُقْطَعُ قُطِعَ وَبَقَاءُ شَعْرِ الرَّأْسِ زِينَةٌ وَحَلْقُهُ بِدْعَةٌ لِأَنَّهَا شِعَارُ الْخَوَارِجِ وَيَجُوزُ أَنْ يَتَّخِذَ جُمَّةً وَهِيَ مَا أَحَاطَ بِمَنَابِتِ الشَّعْرِ وَوَفْرَةً وَهُوَ أَنْ يَقْطَعَ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى يَبْلُغَ شَحْمَةَ أُذُنَيْهِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَطْوَلَ مِنْ ذَلِكَ فَفِي الصَّحِيحِ كَانَ شَعْرُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا قصّ شعره بل بِهِ شَحْمَةَ أُذُنَيْهِ فَإِذَا تَرَكَهُ قَارَبَ مَنْكِبَيْهِ وَكَانَ شَعْرُهُ فَوْقَ الْجُمَّةِ وَدُونَ الْوَفْرَةِ وَيُكْرَهُ الْقَزَعُ أَنْ يَحْلِقَ الْبَعْضَ وَيَتْرُكَ الْبَعْضَ تَشَبُّهًا بِقَزَعِ السَّحَابِ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ يَتَخَصَّصُ الْقَزَعُ تعدد مَوَاضِع الْحلق حَتَّى تعدد مَوَاضِعُ الشَّعْرِ فَتَحْصُلُ الْمُشَابَهَةُ وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ الْقَزَعُ أَنْ يَتْرُكَ شَعْرًا مُتَفَرِّقًا فِي رَأْسِهِ وَفِي الْمُقدمَات والجلاب وَابْن يُونُسَ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ أَحْفُوا الشَّارِبَ وَقُصُّوا الشَّارِبَ فَيَكُونُ الْقَصُّ مُبَيِّنًا لِلْإِحْفَاءِ وَكَانَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَكْرَهُ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ

أَعْلَاهُ وَتُتْرَكُ اللِّحْيَةُ لِمَا فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً يَقُولُونَ سُبْحَانَ مَنْ زَيَّنَ بني آدم باللحا وَمَا عَدَا ذَلِكَ نَظَافَةٌ وَجَاءَتْ بِهِ الْآثَارُ والختان سنة إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام هُوَ أَوَّلُ مَنِ اخْتَتَنَ قِيلَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِينَ وَقِيلَ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ وَعَاشَ بَعْدَهُ ثَمَانِينَ رُوِيَ الْأَمْرَانِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ لَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَةُ الْأَغْلَفِ وَلَا تُقْبَلُ صَلَاتُهُ وَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ وَعَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يَحُجُّ الْبَيْتَ حَتَّى يَخْتَتِنَ وَفِي الْمُوَطَّأِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خَمْسٌ مِنَ الْفِطْرَةِ قَالَ فِي الْمُنْتَقَى الْفِطْرَةُ الدّين أَي من الدّين كَقَوْلِه تَعَالَى {فطْرَة الله الَّتِي فطر النَّاس عَلَيْهَا} وَمِنْه قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ قُلْتُ قَالَ بعض الْفطْرَة حمل الْفطْرَة على التهييء أَحْسَنُ أَيْ خُلِقَ الْإِنْسَانُ عَلَى حَالَةٍ لَوْ خُلِّيَ وَإِيَّاهَا لَكَانَ مُوَحِّدًا وَإِنَّمَا الْعَوَائِدُ تَمْنَعُ وَوَجْهُ التَّرْجِيحِ أَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى أَوْلَادِ الْكُفَّارِ بِأَحْكَامِ الْكُفْرِ مِنْ الِاسْتِرْقَاقِ وَغَيْرِهِ مَعَ حُصُولِ الْإِيمَانِ الْفِعْلِيِّ خِلَافُ الْقَوَاعِدِ وَأَيْضًا فَإِنَّا نَقْطَعُ أَنَّ الطِّفْلَ يَتَعَذَّرُ فِي مَجَارِي الْعَادَاتِ أَنَّهُ عَارِفٌ بِاللَّهِ تَعَالَى فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ ولد على الْفطْرَة إِلَّا بِمَعْنى التهييء وَالْقَبُولِ قَالَ فِي الْمُنْتَقَى وَقَصُّ الشَّارِبِ عِنْدَ مَالِكٍ حَتَّى يَبْدُوَ طَرَفُ الشَّفَةِ وَلَيْسَ لِقَصِّ الشَّارِبِ وَالْأَظْفَارِ حَدٌّ إِذَا انْقَضَى أَعَادَ بَلْ إِذَا طَالَ وَكَذَلِكَ شَعْرُ الرَّأْسِ وَوَافَقَ (ح) مَالِكًا فِي أَن الْخِتَان سنة لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَرَنَهُ بِقَصِّ الشَّارِبِ وَنَتْفِ الْإِبِطِ فَقَالَ فِي الْمُوَطَّأِ (خَمْسٌ مِنَ الْفِطْرَةِ تَقْلِيمُ الْأَظَافِرِ وَقَصُّ الشَّارِبِ وَنَتْفُ الْإِبِطِ وَحَلْقُ الْعَانَةِ وَالِاخْتِتَانُ) وَلَا خِلَافَ أَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ وَاجِبَةً وَلِأَنَّهُ قَطْعُ جُزْءٍ مِنَ الْجَسَدِ كَقَصِّ الظُّفُرِ وَقَالَ (ش) وَاجِبٌ وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ سَحْنُونٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَن اتبع مِلَّة إِبْرَاهِيم} قَالَ ابْن عَبَّاس وَقَوله تَعَالَى {وَإِذا ابتلى إِبْرَاهِيم ربه

(فرع)

بِكَلِمَات} هِيَ الْفِطْرَةُ خَمْسٌ فِي الرَّأْسِ وَخَمْسٌ فِي الْجَسَد وَهِي مَا تقدّمت وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لرجل أسلم (ألق عَنْك شعر الْكفْر واختن) وَالْأَمر للْوُجُوب وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا تقدّمت وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِأُمِّ عَطِيَّةَ وَكَانَتْ تَخْتِنُ النِّسَاءَ فِي الْمَدِينَةِ أَشِمِّي وَلَا تُنْهِكِي فَإِنَّهُ أَسْرَى لِلْوَجْهِ وَأَحْظَى عِنْدَ الزَّوْجِ أَيْ يَحْسُنُ وَجْهُهَا بِلَوْنِهِ بِظُهُورِ الدَّمِ وَجِمَاعُهَا بِهَيْئَتِهِ وَلِأَنَّهُ قَطْعُ عُضْوٍ مَأْذُونٍ فَكَانَ وَاجِبًا كَقَطْعِ السَّرِقَةِ أَوْ لِأَنَّهُ قَطْعٌ يُؤْلِمُ فَلَا يُقْطَعُ إِلَّا وَاجِبًا كَالْيَدِ فِي السَّرِقَةِ وَلِأَنَّ الْوَلِيَّ لَوْ قَطَعَ الْعَزَلَةَ أَوْ أَجْنَبِيٌّ فَمَاتَ الصَّبِيُّ لَمْ يَضْمَنَاهَا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا لَضَمِنَاهَا وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمِلَّةِ أَصْلُ الشَّرِيعَةِ دُونَ فُرُوعِهَا لِلْمُخَالَفَةِ فِي الْفُرُوعِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الصُّوَرِ وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي أَنَّ إِلْقَاءَ الشَّعْرِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ فَكَذَلِكَ الْخِتَانُ وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّالِثِ أَنَّ أَمْرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِأُمِّ عَطِيَّةَ إِنَّمَا كَانَ لِبَيَانِ الْهَيْئَةِ لَا لِبَيَانِ الْوُجُوبِ وَالْجَوَابُ عَنِ الرَّابِعِ يَبْطُلُ بِالْفِصَادِ فَإِنَّهُ لَوْ مَاتَ مِنْهُ لَمْ يَضْمَنْ ثُمَّ الْمَرْوِيُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ (الْخِتَانُ سُنَّةٌ فِي الرِّجَالِ مَكْرُمَةٌ فِي النِّسَاءِ أَوْ لِأَنَّهُ قَطْعٌ مُؤْلِمٌ فَلَا يَجِبُ كَالسُّرَّةِ عِنْدَ الْوِلَادَةِ) وَالْجَوَابُ عَنِ الْخَامِسِ أَنَّ الْمُدَاوَاةَ تُكْشَفُ لَهَا الْعَوْرَةُ وَلَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ مَالِكٍ مَنْ تَرَكَ الْخِتَانَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لَمْ تَجُزْ إِمَامَتُهُ وَلَا شَهَادَتُهُ لِأَنَّهُ تَرَكَ الْمُرُوءَةَ وَهِيَ تَقْدَحُ فِيهِمَا وَتَأْخِيرُهُ فِي الصَّبِيِّ بَعْدَ الْإِثْغَارِ أَحَبُّ لِمَالِكٍ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ فَتُؤَخَّرُ لِوَقْتِ الْأَمْرِ بِالْعِبَادَاتِ حَتَّى يُمْكِنَ أَنْ يُؤَخَّرَ الصَّبِيُّ بِقَصْدِ ذَلِكَ (فَرْعٌ) قَالَ فِي الْمُنْتَقَى قَالَ مَالِكٌ إِذَا ابْتَاعَ أَمَةً خَفَضَهَا إِذَا أَرَادَ حَبْسَهَا وَإِنْ كَانَتْ

لِلْبَيْعِ فَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَالنِّسَاءُ يَخْفِضْنَ الْجَوَارِيَ وَاخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بالقدُّوم وَهُوَ مَوْضِعٌ وَيُخَفَّفُ فَيُقَالُ القَدُوم وَاخْتُلِفَ فِيهِ هَلْ هُوَ الْمَوْضِعُ أَوِ الْآلَةُ الَّتِي يُنَجَّرُ بِهَا فَقِيلَ الْمُخَفَّفُ الْآلَةُ وَالْمُشَدَّدُ الْمَوْضِعُ وَقِيلَ بِالْعَكْسِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْمُشَدَّدَ الْمَوْضِعُ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ وَالْمُرَادُ بالفطرة هَا هُنَا مِنَ الدِّينِ مَا يَكُونُ الْإِنْسَانُ بِهِ عَلَى أكمل الهيآت وخرجها مُسلم عشرا وخصها - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِتَلَقِّيهَا مُوسَى عَنْ رَبِّهِ قَالَ وَعِنْدِي أَنَّ جمعيها وَاجِبٌ وَأَنَّ الرَّجُلَ لَوْ تَرَكَهَا لَمْ يَكُنْ مِنْ جُمْلَةِ الْآدَمِيِّينَ فَكَيْفَ مِنْ جُمْلَةِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ الطرطوشي خفض الْمَرْأَة قطع الناتيء أعلا فرجهَا كَأَنَّهُ عرف الديك وَيُقَال أعدر الرَّجُلُ وَخُفِضَتِ الْمَرْأَةُ فَهِيَ مَخْفُوضَةٌ قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ قِيلَ لِمَالِكٍ إِذَا طَالَتِ اللِّحْيَةُ جِدًّا أَيَأْخُذُ مِنْهَا قَالَ نَعَمْ قِيلَ لَهُ أَيَنْتِفُ الشَّيْبَ قَالَ مَا أَعْلَمُهُ حَرَامًا وَتَرْكُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ وَكَرِهَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَفْتِلَ مِنْ شَعْرِهَا قَيْدًا فَتَدْفَعُهُ لِلْمُرَابِطِينَ وَقَالَ دَفْنُ الشَّعْرِ والأظافر بِدْعَةٌ وَكَانَ مِنْ شَعْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي قَلَنْسُوَةِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَكَرَاهَةُ إِلْقَاءِ الدَّمِ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَإِلْقَاؤُهُ فِي الْمَرَاحِيضِ بِدْعَةٌ بَلْ يُطْرَحُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَقَالَ سَمِعْتُ فِي الصَّبْغِ بِالسَّوَادِ شَيْئًا وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ وَالصَّبْغُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتْمِ وَاسِعٌ قَالَ مَالِكٌ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَمْ يَصْبُغْ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَمَرَتْ بِالصَّبْغِ وَقَالَتْ كَانَ أَبُو بَكْرٍ يَصْبُغُ وَلَو كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَصْبُغُ لَبَدَأَتْ بِهِ دُونَ أَبِيهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ مَنْ أَحْفَى شَارِبَهُ يُوجَعُ ضَرْبًا لِأَنَّهَا بِدْعَةٌ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِالْإِحْفَاءِ فِي الْحَدِيثِ إِحْفَاءُ الْإِطَارِ وَهِيَ أَطْرَافُ الشَّعْرِ وَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ الله عَنهُ يفتل شَاربه إِذا أكربه أَمْرٌ وَلَوْ كَانَ مَحْلُوقًا مَا وَجَدَ مَا يَفْتِلُهُ وَكُرِهَ حَلْقُ مَوَاضِعِ الْمَحَاجِمِ فِي الْقَفَا وَالرَّأْسِ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيمٍ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ اتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِ تَغْيِيرِ الشَّيْبِ بِالصُّفْرَةِ وَالْحِنَّاءِ وَالْكَتْمِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا هَلْ تَرْكُهُ أَفْضَلُ وَهُوَ ظَاهر قَول مَالك فِي التعبتية وَظَاهر الْمُوَطَّأ عَنهُ الصَّبْغ أحسن لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِن

الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى لَا يَصْبُغُونَ فَخَالِفُوهُمْ وَكَانَ مَالِكٌ لَا يَخْضِبُ وَقَالَ لَهُ بَعْضُ وُلَاةِ الْمَدِينَةِ أَلَا تَخْضِبُ فَقَالَ لَهُ مَا بَقِيَ عَلَيْكَ مِنَ الْعَدْلِ إِلَّا أَنْ أَخْضِبَ وَكَانَ الشَّافِعِيُّ أَعْجَلَهُ الشَّيْبُ فَكَانَ يَخْضِبُهُ وَكَرِهَ السَّوَادَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ لِأَنَّ أَبَا قُحَافَةَ جِيءَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَسلم يَوْم الْفَتْح وَكَأن رَأسه ثغمة فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اذْهَبُوا بِهِ إِلَى بَعْضِ نِسَائِهِ فَغَيِّرُوهُ وَجَنِّبُوهُ السوَاد وَقَالَ سعيد ابْن جُبَيْرٍ يَكْسُو اللَّهُ الْعَبْدَ فِي وَجْهِهِ النُّورَ فيطفيئه بِالسَّوَادِ وخضب بِهِ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَمُحَمَّدُ بَنُو عَلَيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ وَكَانَ عُقْبَةُ بن عَامر مِنْهُم ينشد: (نسود أَعْلَاهَا وتأبى أُصُولُهَا ... وَلَا خَيْرَ فِي فَرْعٍ إِذَا فَسَدَ الْأَصْلُ) وَكَانَ هُشَيْمٌ يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ فَسُئِلَ عَنْ قَوْله تَعَالَى {وَجَاءَكُم النذير} فَقَالَ الشَّيْبُ فَقَالَ السَّائِلُ فَمَا تَقُولُ فِيمَنْ جَاءَهُ النَّذِيرُ مِنْ رَبِّهِ فَسَوَّدَ وَجْهَهُ فَتَرَكَ الْخِضَابَ وَكَرِهَ مَالِكٌ حَلْقَ وَسَطِ الرَّأْسِ وَحْدَهُ لِأَنَّ أَسَاقِفَةَ النَّصَارَى يَفْعَلُونَ كَذَلِكَ وَكَذَلِكَ حَلْقُ الْقَفَا لِفِعْلِ النَّصَارَى وَقَالَ (ش) وَ (ح) وَأَحْمَدُ إِحْفَاءُ الشَّوَارِبِ أَفْضَلُ وَحَمَلُوا الْحَدِيثَ عَلَى ظَاهره وَيرد عَلَيْهِم قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ شَارِبِهِ فَلَيْسَ مِنَّا وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ أَوْلَى وَلِأَنَّهُ الْعَمَلُ الْمُتَّصِلُ بِالْمَدِينَةِ وَحِلَاقُ الصَّبِيِّ قَصًّا وَقَفًا أَنْ يَحْلِقَ رَأْسَهُ وَيُبْقِي مُقَدَّمَهُ مَفْتُوحًا عَلَى وَجْهِهِ وَمُؤَخَّرَهُ مَسْدُولًا عَلَى قَفَاهُ وَحِلَاقُهُ قَصُّهُ بِلَا قَفًا أَنْ يَحْلِقَ وَسَطَ رَأْسِهِ إِلَى قَفَاهُ وَيُبْقِي مُقَدَّمَهُ مَعْقُوصًا وَكُلُّهُ يُكْرَهُ لِأَنَّهُ مِنَ الْقَزَعِ وَكَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَسْدِلُونَ وَالْمُشْرِكُونَ يَفْرِقُونَ شَعْرَهُمْ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُحِبُّ مُوَافِقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِيمَا لَمْ يَنْزِلْ عَلَيْهِ فِيهِ شَيْءٌ فَسَدَلَ نَاصِيَتَهُ ثُمَّ

(النوع الثامن اللعب بالنرد ونحوه)

فَرَقَ بَعْدُ وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ حَلْقُ الرَّأْسِ أَفْضَلُ لِأَنَّ أَبَا وَائِلٍ أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقَدْ جَزَّ شَعْرَهُ فَقَالَ لَهُ هَذَا أَحْسَنُ وَفِعْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَمَا صَارَ إِلَيْهِ أَوْلَى وَاتَّفَقُوا أَنَّ جَزَّ الْمَرْأَةِ شَعْرَ رَأْسِهَا مُثْلَةٌ (النَّوْعُ الثَّامِنُ اللَّعِبُ بالنرد وَنَحْوِهِ) فَفِي الْجَوَاهِرِ اللَّعِبُ بِالنَّرْدِ حَرَامٌ وَقَالَهُ الأيمة لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدَشِيرِ فَكَأَنَّمَا غَمَسَ يَدَهُ فِي لَحْمِ خِنْزِيرٍ وَالشِّطْرَنْجِ وَمَا يُضَاهِيهَا كَالْأَرْبَعَةَ عَشَرَ وَنَحْوِهَا فَالنَّصُّ عَلَى كَرَاهَتِهَا وَاخْتُلِفَ فِي حَمْلِهِ عَلَى التَّحْرِيمِ وَهُوَ قَوْلُ (ح) وَأَحْمَدَ أَوْ أَجْزَائِهِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَهُوَ قَوْلُ (ش) قَالَ مَالِكٌ وَهِيَ أَلْهَى مِنَ النَّرْدِ وَأَشَّرُ لِأَنَّ النَّرْدَ نِصْفُهُ اتِّفَاقٌ وَهُوَ إِلْقَاءُ الْفُصُوصِ وَنِصْفُهُ فِكْرٌ وَهُوَ نَقْلُ الْأَشْخَاصِ فِي الْبُيُوتِ وَالشِّطْرَنْجَ فِكْرٌ كُلُّهُ فَكَانَ أَلْهَى وَقِيلَ الْإِدْمَانُ عَلَيْهِ حَرَامٌ وَقِيلَ إِنْ لَعِبْتَ عَلَى وَجْهٍ يَقْدَحُ فِي الْمُرُوءَةِ كَلَعِبِهَا عَلَى الطَّرِيقِ مَعَ الْأَوْبَاشِ حَرُمَتْ لِمُنَافَاةِ الْمُرُوءَةِ أَوْ فِي الْخَلْوَةِ مَعَ الْأَمْثَالِ مِنْ غَيْرِ إِدْمَانٍ وَلَا فِي حَالٍ يُلْهِي عَلَى الْعِبَادَاتِ وَالْمُهِمَّاتِ الدِّينِيَّةِ أُبِيحَتْ لِأَنَّ جَمَاعَةً مِنَ السَّلَفِ كَانُوا يَلْعَبُونَهَا وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ أَمَّا مَعَ الْقِمَارِ فَحَرَامٌ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ مِنَ الْمَيْسِرِ قَالَ وَالشِّطْرَنْجُ مِثْلُ النَّرْدِ لِأَنَّهَا تُلْهِي وَإِدْمَانُهَا يَقْدَحُ فِي الشَّهَادَةِ وَالْعَدَالَةِ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى الْقِمَارِ وَالْأَيْمَانِ الْكَاذِبَةِ وَالِاشْتِغَالِ عَنِ الْعِبَادَةِ وَفِي الْمُوَطَّأ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ) قَالَ الْبَاجِيُّ وَمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ وَالشَّعْبِيِّ وَعِكْرِمَةَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَلْعَبُونَ بِالنَّرْدِ وَالشِّطْرَنْجِ غَيْرُ ثَابِتٍ وَلَوْ ثَبَتَ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُمُ النَّهْيُ وَأَغْفَلُوا النَّظَرَ وَأَخْطَئُوا وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَابْنُ شِهَابٍ إِجَازَةَ النَّرْدِ وَهُوَ كَمَا تَقَدَّمَ وَكَرِهَ مَالِكٌ الْجُلُوسَ مَعَ اللَّاعِبِ لِأَنَّ الْجُلُوسَ يُذَكِّرُ الْمُشَارَكَةَ وَفِي الْقَبَسِ الشِّطْرَنْجُ أَخُو النَّرْدِ وَمَا مَسَّتْهُ يَدُ تَقِيٍّ قَطُّ وَسَمِعْتُ بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الْإِمَامَ أَبَا الْفَضْلِ الْمَقْدِسِيَّ يَقُولُ إِنَّمَا يُتَعَلَّمُ

لِلْحَرْبِ قَالَ لَهُ الطُّرْطُوشِيُّ بَلْ تُفْسِدُ الْحَرْبَ لِأَنَّ الْحَرْبَ مَقْصُودُهُ أَخْذُ الْمَلِكِ وَاغْتِيَالُهُ وَفِي الشِّطْرَنْجِ يَقُولُ لَهُ شَاهْ أَتَاكَ الْمَلِكُ نَحِّهِ عَنْ طَرِيقِي فَضَحِكَ الْحَاضِرُونَ وَتَحْرِيمُهَا هُوَ الْأَصَحُّ مِنْ قَوْلَيْ مَالِكٍ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ لَمْ يَرَ مَالِكٌ تَرْكَ السَّلَامِ عَلَى لَاعِبِ الْكِعَابِ وَالشِّطْرَنْجِ وَالنَّرْدِ إِلَّا أَنْ يَمُرَّ بِهِمْ يَلْعَبُونَ فَيَجِبُ الْإِعْرَاضُ عَنْهُمْ وَتَرْكُ السَّلَامِ أَدَبًا لَهُمْ قَالَ الطُّرْطُوشِيُّ إِنْ لَمْ يُعْقَلْ لِلنَّرْدِ مَعْنًى فَهُوَ مُسَاوٍ لِلشِّطْرَنْجِ وَإِنْ عُقِلَ فَجَمِيعُ مَا يُتَخَيَّلُ فِيهِ مِنَ اللَّهْوِ وَغَيْرِهِ فَهُوَ أَعْظَمُ فِي الشِّطْرَنْجِ وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ الشِّطْرَنْجُ يُقَوِّي الْفِكْرَ وَيَجْبُرُ الْخَاطِرَ وَيُتَعَلَّمُ بِهِ الْقِتَالُ وَالْكَرُّ وَالْفَرُّ وَالْهَرَبُ وَالطَّلَبُ فَهُوَ يُقَوِّي الرَّأْيَ وَالْعَقْلَ بِخِلَافِ النَّرْدِ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الْعُلُومِ الَّتِي مَحَلُّهَا الْقَلْبُ بَلْ مِنَ الصَّنَائِعِ الَّتِي مَحَلُّهَا الْجَوَارِحُ كَالْكِتَابَةِ وَالنِّجَارَةِ وَلِذَلِكَ أَعْلَمُ النَّاسِ بِهِ تَجِدُهُمْ بُلَدَاءَ كَمَا تَجِدُ الْبَلِيدَ قَدْ يَكْتُبُ حَسَنًا وَيَنْجُرُ حَسَنًا وَأَمَّا احْتِيَاجُهُ لِمَزِيدِ الْفِكْرِ فَهُوَ يُقَرِّبُهُ مِنَ اللَّهْوِ أَكْثَرَ مِنَ النَّرْدِ وَإِنَّمَا يَكُونُ إِتْعَابُ النَّفْسِ أَفْضَلَ فِي الْأُمُورِ الْمَطْلُوبَةِ لِلشَّرْعِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّكُمْ تَكْرَهُونَهُ فَلَا يَكُونُ مَطْلُوبًا وَالْمُخَاطَرَةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ مَعَ أَنَّ الْفِكْرَ حِينَئِذٍ أَشَدُّ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَقْرَبَ لِلْإِبَاحَةِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُسَابَقَةَ عَلَى الْخَيْلِ لَمَّا كَانَتْ مَطْلُوبَة كَانَ بذل المَال فِيهَا جائزافهي بَعِيدَةٌ مِنْ مَكَايِدِ الْحُرُوبِ لِأَنَّ الْحُرُوبَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى اقْتِنَاصِ الْمُلُوكِ وَالْوُزَرَاءِ وَأَنَّ الْفَارِسَ يَكُرُّ وَيَفِرُّ وَيُقْبِلُ كَيْفَ أَرَادَ وَيَقْتُلُ الْقَرِيبَ وَالْبَعِيدَ وَالْمُقَاتِلَ وَغَيْرَهُ وَالشِّطْرَنْجُ يُؤْمَرُ فِيهِ بِتَهْرِيبِ السُّلْطَانِ بِقَوْلِهِمْ شَاهْ حَتَّى لَا يُقْتَلَ وَالْفَارِسُ لَا يَقْتُلُ مَنْ يَلِيهِ وَلَا مَنْ يُقَابِلُهُ وَإِنَّمَا يَأْخُذُ عَلَى مُوَازِيهِ وَكُلُّ قِطْعَةٍ مِنْهُ لَا تُشْبِهُ صَاحِبَتَهَا فِي الْكَرِّ وَالْفَرِّ فَلَوْ ذَهَبَ مُتَعَلِّمُ الشِّطْرَنْجِ دَهْرًا إِلَى الْحَرْبِ وَقَالَ وَفَعَلَ ذَلِكَ وَقَالَ هَذَا تَعَلَّمْتُهُ مِنَ الشِّطْرَنْجِ أَفْسَدَ الْحَرْبَ وَضُحِكَ مِنْهُ وَلَا يَحْصُلُ الشِّطْرَنْجُ إِلَّا بِمُخَالَطَةِ الْأَرْذَالِ وَإِغْفَالِ الصَّلَوَاتِ وَضَيَاعِ الْأَمْوَالِ

(النوع التاسع التصوير)

قَالَ مَالِكٌ أَوَّلُ مَا وُضِعَ الشِّطْرَنْجُ لِامْرَأَةٍ مَلِكَةٍ قُتِلَ ابْنُهَا فِي الْحَرْبِ فَخَافُوا إِخْبَارَهَا بِذَلِكَ فَوَضَعُوهُ وَلَعِبُوا بِهِ عِنْدَهَا حَتَّى يَقُولُوا شَاهْ مَاتَ أَيِ الرَّئِيسُ مَاتَ لِأَنَّ شَاهْ بِالْفَارِسِيَّةِ الرَّئِيسُ فَاسْتَدَلَّتْ بِذَلِكَ عَلَى قَتْلِهِ وَمَا يَرْوُونَهُ مِنْ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ وَسَعِيدَ بْنَ الْمسيب وزين العبادين كَانُوا يَلْعَبُونَهَا وَأَنَّ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ كَانَ يلعبها غايبا فَأَحَادِيثُ لَا أَصْلَ لَهَا مِنْ أَحَادِيثِ الْكُوفَةِ وَكَانَ مَالِكٌ يُسَمِّيهَا دَارَ الضَّرْبِ وَكَيْفَ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مُقِيمُونَ بِهَا وَلَمْ يَنْقُلْ أَهْلُ الْمَدِينَةِ عَنْهُمْ ذَلِكَ فَيُقْطَعُ بِبُطْلَانٍ مَا قَالَهُ الْكُوفِيُّونَ وَهِيَ لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَقَدْ ذَمَّ اللَّهُ تَعَالَى اللَّهْوَ وَاللَّعِبَ وَحَدِيثُ النَّرْدِ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ فَيُعْتَمَدُ عَلَى الصَّحِيحِ وَيُتْرَكُ غَيْرُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ (النَّوْعُ التَّاسِعُ التَّصْوِير) فِي الْمُقَدِّمَاتِ لَا يَجُوزُ عَمَلُ التَّمَاثِيلِ عَلَى صُورَةِ الْإِنْسَانِ أَوْ شَيْءٍ مِنَ الْحَيَوَانِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيُقَال لَهُم أحيوا مَا خلقْتُمْ) وَقَوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ تَمَاثِيلُ) وَالْمحرم من ذَلِك بِإِجْمَاع مَاله ظلّ قَائِم على صفة مَا يحيى مِنَ الْحَيَوَانِ وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الرُّسُومِ فِي الْحِيطَانِ وَالرُّقُومِ فِي السُّتُورِ الَّتِي تُنْشَرُ أَوِ الْبُسُطِ الَّتِي تُفْرَشُ أَوِ الْوَسَائِدِ الَّتِي يرتفق بهَا مَكْرُوهَةٌ وَلَيْسَ بِحَرَامٍ فِي صَحِيحِ الْأَقْوَالِ لِتَعَارُضِ الْآثَارِ وَالتَّعَارُضُ شُبْهَةٌ وَفِيهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ يَحْرُمُ الْجَمِيعُ مَرْسُومٌ فِي حَائِطٍ أَوْ سُتُرٍ أَوْ غَيره وَإِبَاحَةُ الْجَمِيعِ وَإِبَاحَةُ غَيْرِ الْمَرْسُومِ فِي الْحِيطَانِ وَالرُّقُومِ فِي السُّتُرِ الَّتِي تُعَلَّقُ وَلَا تُمْتَهَنُ بِالْبَسْطِ وَالْجُلُوسِ عَلَيْهَا وَالَّذِي يُبَاحُ لِلَعِبِ الْجَوَارِي بِهِ مَا كَانَ غير تَامّ الخلفة لَا يحيى مَا كَانَ صُورَتُهُ فِي الْعَادَةِ كَالْعِظَامِ الَّتِي يُعْمَلُ لَهَا وُجُوهٌ بِالرَّسْمِ كَالتَّصْوِيرِ فِي الْحَائِطِ وَقَالَ أَصْبَغُ الَّذِي يُبَاحُ مَا يُسْرِعُ لَهُ البلا قَالَ فِي

(النوع العاشر وشم الدواب وخصاؤها)

الْبَيَانِ وَإِنَّمَا اسْتُخِفَّ الرُّقُومُ فِي الثِّيَابِ لِأَنَّهَا رسوم لَا أجاسد لَهَا وَلَا ظلّ شبه الْحَيَوَان وَلَا يحيى فِي الْعَادَةِ مَنْ هُوَ هَكَذَا وَالْحَدِيثُ دَلَّ عَلَى مَا يُمْكِنُ لَهُ رُوحٌ فَيُقَالُ لَهُمْ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ وَجَازَ لَعِبُ الْجَوَارِي بِهَذِهِ الصُّوَرِ النَّاقِصَةِ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَعْلَمُ بِلَعِبِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا بِهَا وَبِسَيْرِهَا إِلَيْهَا فَيَجُوزُ عَمَلُهَا وَبَيْعُهَا لِأَنَّ فِي ذَلِكَ تَهْذِيبُ طِبَاعِ النِّسَاءِ مِنْ صِغَرِهِنَّ عَلَى تَرْبِيَةِ الْأَوْلَادِ كَمَا أُلْهِمَ كُلُّ نَبِيٍّ فِي صغره رِعَايَة الْغنم ليتعود سِيَاسَةِ النَّاسِ لِأَنَّهُ فِي الْغَنَمِ يَمْنَعُ قَوِيَّهَا عَنْ ضَعِيفِهَا وَيَسِيرُ بِسَيْرِ أَدْنَاهَا وَيَرْفُقُ بِصِغَارِهَا وَيُلِمُّ شَعَثَهَا فِي سَقْيِهَا وَمَرْعَاهَا وَكَذَلِكَ يَفْعَلُ بِأُمَّتِهِ عِنْدَ نُبُوَّتِهِ (النَّوْعُ الْعَاشِرُ وَشْمُ الدَّوَابِّ وَخِصَاؤُهَا) وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ يَجُوزُ خِصَاءُ الْغَنَمِ دُونَ الْخَيْلِ، لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَهَى عَنْ خِصَاءِ الْخَيْلِ وَضَحَّى بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ مَجْبُوبَيْنِ لِأَنَّ الْغَنَمَ تُرَادُ لِلْأَكْلِ وَخِصَاؤُهَا لَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَرُبَّمَا حَسَّنَهُ وَالْخَيْلُ تُرَادُ لِلرُّكُوبِ وَالْجِهَادِ وَهُوَ يُنْقِصُ قُوَّتَهَا وَيَقْطَعُ نَسْلَهَا وَيكرهُ وسم الْحَيَوَانِ فِي الْوَجْهِ لِأَنَّهُ مُثْلَةٌ وَتَشْوِيهٌ وَيَجُوزُ فِي غَيْرِهِ لِمَا يَحْتَاجُ النَّاسُ إِلَيْهِ مِنْ عَلَامَاتِ مَوَاشِيهِمْ وَدَوَابِّهِمْ وَتُوسَمُ الْغَنَمُ فِي أَذْنَابِهَا لِتَعَذُّرِهِ فِي أَجْسَادِهَا لِأَنَّهُ يَغِيبُ بِالصُّوفِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ مَنْ لَهُ سِمَةٌ قَدِيمَةٌ فَأَرَادَ غَيْرُهُ أَنْ يُحْدِثَ مِثْلَهَا مُنِعَ خَوْفَ اللَّبْسِ وَيُكْرَهُ خِصَاءُ الْخَيْلِ دُونَ الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَغَيْرِهَا وَإِذَا كَلَبَ الْفَرَسُ وَخَبُثَ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُخْصَى وَيَجُوزُ إِنْزَاءُ حِمَارٍ عَلَى فَرَسٍ عَرَبِيَّةٍ وَإِذَا خَبُثَ الْفَحْلُ أُنْزِيَ عَلَيْهِ فَحْلٌ مِثْلُهُ فَرَسٌ لِيَكْسَرَهُ قَالَ مَالِكٌ مَا أُحَرِّمُهُ وَمَا هُوَ بالْحسنِ

(النوع الحادي عشر قتل الدواب المؤذية)

(النَّوْع الْحَادِي عشر قتل الدَّوَابّ المؤذية) وَفِي الْمُوَطَّأِ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ قَتْلِ الْحَيَّاتِ الَّتِي فِي الْبُيُوتِ إِلَّا ذَا الطُّفْيَتَيْنِ وَالْأَبْتَرَ فَإِنَّهُمَا يَخْطَفَانِ الْبَصَرَ وَيَطْرَحَانِ مَا فِي بُطُونِ النِّسَاءِ وَفِي الصِّحَاحِ إِنَّ فِي الْمَدِينَةِ جِنًّا قَدْ أَسْلَمُوا فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهَا شَيْئا فأذنوه ثَلَاثَة أَيَّامٍ فَإِنْ بَدَا لَكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فَاقْتُلُوهُ فَإِنَّهُ شَيْطَانٌ وَفِي الْمُنْتَقَى ذَلِكَ مَخْصُوصٌ بِحَيَّاتِ الْبُيُوتِ قَالَ مَالِكٌ وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُؤْخَذَ بِذَلِكَ فِي بُيُوتِ الْمَدِينَةِ وَغَيْرِهَا، لِأَنَّ لَفْظَ الْبُيُوتِ عَامٌّ وَقِيلَ لِلْعَهْدِ فِي بُيُوتِ الْمَدِينَةِ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ لَا تُنْذَرُ الْحَيَّاتُ إِلَّا بِالْمَدِينَةِ خَاصَّةً وَذُو الطُّفْيَتَيْنِ مَا عَلَى ظَهْرِهِ خطان والأبتر الأفعى وَقَالَ النَّضر ابْن شُمَيْلٍ هُوَ صِنْفٌ مَقْطُوعُ الذَّنَبِ لَا تَنْظُرُ لَهُ حَامِلٌ إِلَّا أَلْقَتْ مَا فِي بَطْنِهَا فَيَتَحَمَّلُ أَنْ يُقْتَلْنَ بِغَيْرِ إِنْذَارٍ وَيُخَصُّ الْعُمُومُ بِهِمَا وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مُؤْمِنَ الْجَانِّ لَا يَتَصَوَّرُ بِصُورَتِهِمَا وَسَرَى النَّهْيُ عَنْ قَتْلِ جِنَانِ الْبُيُوتِ قَالَ نِفْطَوَيْهِ الْجِنَانُ الْحَيَّاتُ لِأَنَّهَا تُسْجَنُ فِي الْبُيُوتِ فِي الشُّقُوقِ وَغَيْرِهَا وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ هِيَ مَسْخُ الْجِنِّ كَمَا مُسِخَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ قِرَدَةً قَالَ مَالِكٌ لَا يُعْجِبُنِي قَتْلُ النَّمْلِ وَالدُّودِ فَإِنَّ آذَى النَّمْلُ فِي السَّقْفِ وَقَدَرْتُمْ أَنْ تُمْسِكُوا عَنْهَا فَافْعَلُوا وَإِنْ أضربت وَلَمْ تَقْدِرُوا فَوَاسِعٌ وَكَذَلِكَ الضِّفْدِعُ فَفِي مُسْلِمٍ نهي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ قَتْلِ النَّمْلَةِ وَالنَّحْلَةِ وَالصُّرَدِ وَكَرِهَ قَتْلَ الْقَمْلِ وَالْبَرَاغِيثِ فِي النَّارِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (لَا يُعَذِّبُ بِالنَّارِ إِلَّا رَبُّ النَّارِ) قَالَ ابْنُ دِينَارٍ يُنْذِرُ الْحَيَّاتِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَإِنْ ظَهَرَتْ فِي الْيَوْمِ مِرَارًا لِأَنَّهُ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ قَالَ مَالك يُجزئ من الْإِنْذَار أخرج بِاللَّهِ عَلَيْكَ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تَبْدُوَ لَنَا أَو تؤذينا وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْحَيَّاتِ مَا سَالَمْنَاهُنَّ مُنْذُ عَادَيْنَاهُنَّ وَمَنْ تَرَكَهُنَّ خَوْفَ شَرِّهِنَّ فَلَيْسَ مِنَّا قَالَ أَحْمَدُ ابْن صَالح الْعَدَاوَة من حِين خُرُوج آدَمُ مِنَ الْجَنَّةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضكُم لبَعض عَدو} وَقَوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَاقْتُلُوهُ

فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ يَحْتَمِلُ أَنَّ مَعْنَاهُ لَا يُسَلَّطُ عَلَيْكُمْ بِسَبَبِ قَتْلِهِ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ لَا يجوز قتل الْحَيَّات بِالْمَدِينَةِ إِلَّا بعد الاستيذان ثَلَاثًا إِلَّا ذَا الطُّفْيَتَيْنِ وَالْأَبْتَرَ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا تُقْتَلَ حَيَّاتُ الْبُيُوتِ فِي غَيْرِ الْمَدِينَةِ إِلَّا بعد الاستيذان ثَلَاثًا مِنْ غَيْرِ إِيجَابٍ لِاحْتِمَالِ اللَّامِ لِلْعَهْدِ بِخِلَافِ حَيَّاتِ الْمَدِينَةِ وَأَمَّا حَيَّاتُ الصَّحَارِي وَالْأَوْدِيَةِ فَتُقْتَلُ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ بِغَيْرِ اسْتِئْذَانٍ لِبَقَائِهَا على الْأَمر بقتلها بقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خَمْسٌ فَوَاسِقُ يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ الْحِدَأَةُ وَالْغُرَابُ وَالْحَيَّةُ وَالْفَأْرَةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ وَتُقْتَلُ الْوَزَغُ حَيْثُ مَا وجدت لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي مُسْلِمٍ مَنْ قَتَلَهَا مِنَ الْمَرَّةِ الْأُولَى فَلَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ وَمَنْ قَتَلَهَا فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ فَلَهُ سَبْعُونَ حَسَنَةً وَهَذِهِ نَقْصٌ عَلَى قَاعِدَةِ كَثْرَةِ الْأُجُورِ بِكَثْرَةِ الْعَمَلِ لِأَنَّ تَأْخِيرَ قَتْلِهَا لِلضَّرْبَةِ الثَّانِيَةِ دَلِيلُ التَّهَاوُنِ فَحَضَّ عَلَى الْمُبَادَرَةِ بِكَثْرَةِ الْأَجْرِ فِي الْأُولَى وَتُقْتَلُ الْفَوَاسِقُ الْمُتَقَدّم ذكرهَا وَلَا تقتل الْأَرْبَع النَّحْلَةُ لِنَفْعِهَا وَقِلَّةِ لَحْمِهَا وَالنَّمْلَةُ إِلَّا أَنْ تُؤْذِيَ وَكَذَلِكَ قَتْلُ مَا يُؤْذِي مِنْ جَمِيعِ الدَّوَابِّ إِلَّا بِالنَّارِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ إِنَّمَا جَاءَ الِاسْتِئْذَانُ فِي الْمَدِينَةِ وَأُرَاهُ حَسَنًا فِي غَيْرِهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ فِي إِلْحَاقِ بُيُوتِ غَيْرِ الْمَدِينَةِ بِبُيُوتِ الْمَدِينَةِ فِي تَقْدِيمِ الِاسْتِئْذَانِ قَبْلَ الْقَتْلِ اخْتِلَافٌ وَاخْتَارَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ التَّسْوِيَةَ وَحَيْثُ قُلْنَا بِالِاسْتِئْذَانِ فَفِي غَيْرِ ذِي الطُّفْيَتَيْنِ وَالْأَبْتَرِ وَيُفْعَلُ الِاسْتِئْذَانُ الْمَشْرُوعُ فِي خَرْجَةٍ وَاحِدَةٍ وَقِيلَ فِي كُلِّ خَرْجَةٍ دَفْعَةٌ وَقِيلَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَاخْتَارَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْأَوَّلَ وَعَنْهُ الثَّانِي هُوَ الصَّحِيحُ وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ فِي الِاسْتِئْذَانِ أَنْشُدُكُمُ الْعَهْدَ الَّذِي أَخَذَهُ عَلَيْكُم سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام أَن لَا تُؤْذِيَنَّا أَوْ تَظْهَرْنَ لَنَا وَعَنْ مَالِكٍ يَا عبدا لله إِنْ كُنْتَ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَكُنْتَ مُسْلِمًا فَلَا تؤذينا وَلَا تسعفنا وَلَا تروعنا وَلَا تبدوا لَنَا فَإِنَّكَ إِنْ تَبْدُ لَنَا بَعْدَ ثَلَاثٍ قتلناك وَعنهُ تَقول لَهُ أخرج عَلَيْك باسم الله أَن لَا تبدو لنا وَعنهُ يخرج ثَلَاث مَرَّات أَن لَا تَبْدُوَ لَنَا وَلَا تَخْرُجَ فَائِدَةٌ جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى لِلْجَانِّ وَالْمَلَائِكَةِ التَّحَوُّلَ فِي أَيِّ صُورَةٍ شاؤوا غَيْرَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَقْصِدُ الصُّوَرَ الْحَسَنَةَ وَالْجَانَّ لَا يَنْضَبِطُ حَالُهَا بَلْ بِحَسَبِ أَخْلَاقِهَا وَخَسَاسَتِهَا وَنَفَاسَتِهَا وَأَيُّ صُورَةٍ فِيهَا الْجِنُّ صَارَ لَهُمْ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ خَوَاصُّهَا

(فرع)

فَفِي الْحَيَّةِ يَصِيرُ السُّمُّ وَكَذَلِكَ الْكَلْبُ وَفِي الْغَنَمِ طِيبُ اللَّحْمِ وَعَدَمُ الْإِيذَاءِ وَفِي الْحِمَارِ الْحَمْلُ وَكَذَلِكَ بَقِيَّةُ الصُّوَرِ وَلَا تَزَالُ لَهُ تِلْكَ الصُّورَةُ وَخَوَاصُّهَا حَتَّى يَتَحَوَّلَ مِنْهَا فَإِنْ بُودِرَ لِقَتْلِهِ فِيهَا تَعَذَّرَ عَلَيْهِ التَّحْوِيلُ وَمَعَ فَرْطِ هَذِهِ الْقُدْرَةِ تَقْتُلُهُمْ أَسْمَاءُ اللَّهِ تَعَالَى وَيَعْجِزُونَ عَنْ فَتْحِ الْبَابِ الْمُغْلَقِ وَكَشْفِ الْإِنَاءِ الْمُغَطَّى إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لُطِّفَ بِبَنِي آدَمَ وَيَسْرِي فِي مَجَارِي جِسْمِهِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهَا الْعَرَقُ إِلَى قَلْبِهِ لِأَنَّهُ أَلْطَفُ مِنْ مَاءِ الْعَرَقِ بَلْ مِنْ مُطْلَقِ الْمَاءِ فَيَسَعُهُ مَجْرَى الْمَاءِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (الشَّيْطَانُ يَجْرِي مِنِ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ) سُؤَالٌ إِذَا صَارَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي صُورَةِ دَحْيَةَ الْكَلْبِيِّ أَيْنَ يَذْهَبُ بَقِيَّةُ جَسَدِهِ وَلَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ فَإِنْ قُلْتُمْ بَاقٍ لَزِمَ تَدَاخُلُ الْأَجْسَامِ الْكَثِيرَةِ فِي الْأَحْيَازِ الْقَلِيلَةِ وَإِنْ قُلْتُمْ غَيْرُ بَاقٍ فَمَا هَذَا جِبْرِيلُ بَلْ خَلْقٌ آخَرُ جَوَابُهُ جُعِلَ لِجِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ جَوَاهِرُ أَصْلِيَّةٌ تَرِدُ عَلَيْهَا الْكَثْرَةُ وَتَذْهَبُ كَمَا جُعِلَ لِلْإِنْسَانِ جَوَاهِرُ أَصْلِيَّةٌ يَرِدُ عَلَيْهَا السِّمَنُ وَالْهُزَالُ وَالتَّحَلُّلُ وَاخْتِلَافُ الْغَدَاء فَيَتَبَدَّلُ جِسْمُ الْإِنْسَانِ فِي عُمْرِهِ مِرَارًا بِالتَّحَلُّلِ والاغتداء وَجَوَاهِرُهُ الْأَصْلِيَّةُ الَّتِي يُشِيرُ إِلَيْهَا بِقَوْلِهِ أَنَا بَاقِيَةٌ مِنْ أَوَّلِ عُمْرِهِ إِلَى آخِرِهِ فَكَذَلِكَ الْمَلَكُ وَالْجَانُّ (فَرْعٌ) فِي الْبَيَانِ كَرِهَ مَالِكٌ وَضْعَ الثَّوْبِ عَلَى النَّارِ بِخِلَافِ الشَّمْسِ لِمَا يُخْشَى مِنْ حَرْقِ الْحَيَوَانِ (النَّوْعُ الثَّانِي عَشَرَ السَّلَام) قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الصَّحِيحِ (لَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تَتَحَابُّوا وَهَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا بِهِ تَتَحَابُّونَ أَفْشُوا السَّلَام بَيْنكُم) وَفِي الْمُوَطَّأ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (يُسَلِّمُ الرَّاكِبُ عَلَى الْمَاشِي وَإِذَا سَلَّمَ مِنَ الْقَوْم رجل وَاحِد أَجْزَأَ عَنْهُم) وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (إِن الْيَهُود إِذْ سلم عَلَيْكُم أحدهم إِنَّمَا يَقُول السَّلَام عَلَيْكُمْ فَقُلْ عَلَيْكَ

كلهَا فِي الْمُوَطَّأ قَالَ صَاحب المنتفى قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُسَلِّمُ الرَّاكِبُ عَلَى الْمَاشِي مَعْنَاهُ يَبْدَؤُهُ بِالسَّلَامِ وَيَرُدُّ الْآخَرُ عَلَيْهِ وَابْتِدَاءُ السَّلَامِ سُنَّةٌ وَرَدُّهُ وَاجِب قَالَ الْبَراء بن عَازِب أمرنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِسَبْعٍ بِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ وَاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ وَنَصْرِ الضَّعِيفِ وَعَوْنِ الْمَظْلُومِ وَإِفْشَاءِ السَّلَامِ وَإِبْرَارِ الْقَسَمِ وَوُجُوبُ الرَّدِّ مِنْ قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} وَلِأَنَّهُ تَعَيَّنَ حَقُّهُ بِالْبُدَاءَةِ وَصِفَةُ السَّلَامِ أَنْ يَقُولَ الْمُبْتَدِئُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَيَقُولَ الرَّادُّ وَعَلَيْكُمُ السَّلَامُ أَوِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ كَمَا قِيلَ لَهُ وَوَقَعَ لِلشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ إِلَّا بِالْوَاوِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُجَاوِبًا بَلِ الْآخَرُ مُبْتَدِئٌ وَكَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يَقُولَ سَلَّمَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَكَانَ الرَّاكِبُ يَبْدَأُ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ مِنَ الْمَاشِي فِي الدُّنْيَا وَالْأَفْضَلُ أَوْلَى بِالتَّكْلِيفِ وَلِأَنَّهُ أَقْدَرُ فَالْخَوْفُ مِنْهُ أَشَدُّ فَنَاسَبَ أَنْ يُؤمن بِالسَّلَامِ وَلِأَنَّهُ يَنْفِي الكبرعن الرَّاكِبِ وَيُسَلِّمُ الْمَارُّ عَلَى الْجَالِسِ لِأَنَّهُ لِقِيَامِهِ أَقْوَى عَلَى الْبَطْشِ أَوْ لِأَنَّ الْجَالِسَ لَوْ كُلِّفَ ذَلِكَ مَعَ كَثْرَةِ الْمَارِّينَ لَشَقَّ عَلَيْهِ فَإِذَا لَمْ يَلْزَمْهُ إِلَّا الرَّدُّ لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِ فَإِذَا اسْتَوَيَا فِي الْمُرُورِ وَالِالْتِقَاءِ ابْتَدَأَ مَنْ حَقُّهُ أَقَلُّ عَلَى الْأَفْضَلِ مِنْهُ لِأَنَّ الْأَدْنَى مَأْمُورٌ بِبِرِّ الْأَعْلَى وَفِي الْحَدِيثِ (يُسَلِّمُ الْمَاشِي عَلَى الْقَاعِدِ وَالْقَلِيلُ عَلَى الْكَثِيرِ وَالصَّغِيرُ عَلَى الْكَبِيرِ) لِأَنَّ الْكَثِيرَ طَاعَةُ اللَّهِ مِنْهُمْ أَكْثَرُ بِاعْتِبَارِ مَجْمُوعِ عِبَادَاتِهِمْ فَيَتَعَيَّنُ بِرُّهُمْ عَلَى الْقَلِيلِ وَبِرُّ الْكَبِيرِ عَلَى الصَّغِيرِ وَلَا خِلَافَ أَنَّ ابْتِدَاءَ السَّلَامِ سُنَّةٌ أَوْ فَرْضُ كِفَايَةٍ يَسْقُطُ بِوَاحِدٍ وَأَنَّ رَدَّ السَّلَامِ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ يَلْزَمُ الْجَمِيعَ الرَّدُّ لَنَا الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ وَالْقِيَاسُ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَيَنْتَهِي السَّلَامُ لِلْبَرَكَةِ وَلَا يُزَادُ عَلَى الثَّلَاثِ كَلِمَاتٍ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمُصَافَحَةُ حَسَنَةٌ وَعَنْ مَالِكٍ النَّاسُ يَفْعَلُونَهَا وَأَمَّا أَنَا فَلَا

أَفْعَلُهُ، لِأَنَّ السَّلَامَ يَنْتَهِي لِلْبَرَكَةِ فَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ قَوْلٌ وَلَا فِعْلٌ مَمْنُوعٌ كَالْمُعَانَقَةِ وَأَجَازَهَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَكَانَتْ فِي الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَلَمْ يَكْرَهْ مَالِكٌ السَّلَامَ عَلَى الْمُتَجَالَّةِ بِخِلَافِ الشَّابَّةِ لِأَنَّ الْهَرِمَةَ لَا فِتْنَةَ فِي كَلَامِهَا وَالسَّلَامُ شِعَارُ الْإِسْلَامِ عِنْدَ لِقَاءِ كُلِّ مُسْلِمٍ عَرَفْتَهُ أَمْ لَا إِلَّا أَنْ يَمْنَعَ مِنْهُ مَانِعٌ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَي السَّلَام خَيْرٌ قَالَ (تُطْعِمُ الطَّعَامَ وَتُقْرِئُ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ) وَابْتِدَاءُ الذِّمِّيِّ بِالسَّلَامِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ وَيَرُدُّ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ وَعَلَيْكُمْ فَإِنْ قَالُوا شَرًّا عَادَ عَلَيْهِمْ فَفِي الْحَدِيثِ (إِذْ سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَهْلُ الذِّمَّةِ فَقُولُوا وَعَلَيْكُمْ) وَفِي الْحَدِيثِ (لَا تَبْتَدِئُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى بِالسَّلَامِ) فَعَلَى هَذَا تَكُونُ الْآيَةُ خَاصَّةً بِالْمُسْلِمِينَ فِي الرَّدِّ قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ سَلَّمَ عَلَى الذِّمِّيِّ فَلَا يَسْتَقِيلُهُ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عمر أَنه استقاله لَيْلًا يَعْتَقِدَ أَنَّ الْمُسْلِمَ يَعْتَقِدُ ذَلِكَ وَلَا يُسَلِّمُ عَلَى الْمُبْتَدِعَةِ وَلَا أَهْلِ الْأَهْوَاءِ تَأْدِيبًا لَهُمْ وَفِي الْمُوَطَّأِ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَمُرُّ بِالسُّوقِ وَلَا يَمُرُّ عَلَى سَقَاطٍ وَلَا صَاحِبِ بِيعَةٍ وَلَا مِسْكِينٍ وَلَا عَبْدٍ إِلَّا سَلَّمَ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ وَالْغَادِيَاتُ وَالرَّائِحَاتُ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ وَعَلَيْكَ أَلْفًا كَأَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ قَالَ الْبَاجِيُّ قَالَ ابْنُ دِينَارٍ مَعْنَاهُ الطَّيْرُ الَّتِي تَغْدُو وَتَرُوحُ قَالَ الْبَاجِيُّ وَيُحْتَمَلُ الْمَلَائِكَةُ الْحَفَظَةُ الْغَادِيَةُ الرَّائِحَةُ قُلْتُ الَّذِي يُنَاسِبُ الْكَلَامَ أَنَّ الْغَادِيَاتِ وَالرَّائِحَاتِ الْخَيْرَاتُ وَالْبَرَكَاتُ وَالنِّعَمُ الَّتِي تَغْدُو أَوَّلَ النَّهَارِ عَلَيْهِ وَتَرُوحُ بَعْدَ الزَّوَالِ، لِأَنَّ الْحَرَكَاتِ قَبْلَ الزَّوَالِ تُسَمَّى غَدْوًا وَبَعْدَهُ رَوَاحًا وَقَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ وَعَلَيْكَ أَلْفًا قَالَ ابْنُ دِينَارٍ مَعْنَاهُ أَلْفٌ كَسَلَامِكَ عَلَى مَعْنَى الْكَرَاهِيَةِ لِتَعَمُّقِهِ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى الْبَرَكَةِ ثمَّ كره كَونه أَيْضا تجاوزوا فِي الْمُوَطَّأ مَالك بَلَغَهُ أَنَّهُ إِذَا دَخَلَ الْبَيْتَ غَيْرَ الْمَسْكُونِ يَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى

(فرع)

عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ قَالَ الْبَاجِيُّ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَنْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ فَلْيُسَلِّمْ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ كَمَا يَفْعَلُهُ فِي التَّشَهُّدِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلمُوا على أَنفسكُم} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَعْنَاهُ إِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَقُولُوا السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ وَإِذَا دَخَلَ الْإِنْسَانُ مَنْزِلَهُ يَنْبَغِي أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى أَهْلِهِ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ يُقَالُ السَّلَامُ مُعَرَّفًا السَّلَامُ عَلَيْكُمْ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ وَمُنَكَّرًا سَلَامًا عَلَيْكُمْ فَإِنْ نُكِّرَ فَهُوَ مَصْدَرٌ تَقْدِيرُهُ أَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مِنِّي سَلَامًا فَأَلْقِ عَلَيَّ سَلَامًا مِنْكَ وَإِنْ عُرِّفَ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا مُعَرَّفًا وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى مَعْنَاهُ اللَّهُ رَقِيبٌ عَلَيْكَ وَالسُنَّةُ تَقْدِيمُ السَّلَامِ عَلَى عَلَيْكَ وَيُكْرَهُ عَلَيْكُمُ السَّلَامُ فَفِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ رَجُلٌ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَيْكَ السَّلَامُ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قُلْ سَلَامٌ عَلَيْكَ فَإِنَّ عَلَيْكَ السَّلَامُ تَحِيَّةُ الْمَيِّت يُشِير - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى مَا وَرَدَتْ بِهِ اللُّغَةُ فِي قَوْلِهِمْ: (عَلَيْكَ سَلَامُ اللَّهِ قَيْسَ بْنَ عَاصِمٍ ... وَرَحْمَتُهُ مَا شَاءَ أَن يترحما) وكقولك الْآخَرِ: (عَلَيْكَ سَلَامُ اللَّهِ مِنِّي وَبَارَكَتْ ... يَدُ اللَّهِ فِي ذَاكَ الْأَدِيمِ الْمُمَزَّقِ) (فَرْعٌ) فِي الْمُقَدِّمَاتِ يُكْرَهُ تَقْبِيلُ الْيَدِ فِي السَّلَامِ وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الرَّجُلِ يَقْدَمُ مِنَ السَّفَرِ فَيُقَبِّلُ غُلَامُهُ يَدَهُ فَقَالَ تَرْكُهُ أَحْسَنُ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ يَنْبَغِي أَنْ يَنْهَى مَوْلَاهُ عَنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ بِالِاعْتِقَادِ صَارَ أَخَاهُ فِي اللَّهِ فَلَعَلَّهُ أَفْضَلُ مِنْهُ عِنْدَ اللَّهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مُسْلِمٍ فَلَا يَنْهَاهُ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَأَلَهُ الْيَهُودُ مُخْتَبِرِينَ لَهُ عَنْ تِسْعِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَلَمَّا أَخْبَرَهُمْ بِهَا قَبَّلُوا يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ يَنْبَغِي فِي الرَّدِّ عَلَى الذِّمَّةِ أَنْ يَقُولَ عَلَيْكُمْ بِغَيْرِ وَاوٍ كَمَا فِي الْمُوَطَّأ فَإِن تحققت أَنهم قَالُوا السَّلَام عَلَيْكَ وَهُوَ الْمَوْتُ أَوِ السِّلام بِكَسْرِ السِّينِ وَهُوَ الْحِجَارَةُ فَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ وَعَلَيْكَ بِالْوَاوِ لِأَنَّهُ يُسْتَجَابُ لَنَا فِيهِمْ وَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِينَا لِمَا جَاءَ فِي مُسْلِمٍ أَنَّ الْيَهُودَ دَخَلُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالُوا السَّلَام عَلَيْكُم فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَعَلَيْكُم فَقَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا السَّلَام عَلَيْكُمْ وَلَعْنَةُ اللَّهِ وَغَضَبُهُ يَا إِخْوَةَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَلَيْكِ بِالْحِلْمِ وَإِيَّاكِ وَالْجَهْلَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمَا سَمِعْتَ مَا قَالُوا فَقَالَ سَمِعْتِ مَا رَدَدْتُ عَلَيْهِمْ فَاسْتُجِيبَ لَنَا فِيهِمْ وَلَمْ يُسْتَجَبْ لَهُمْ فِينَا وَإِنْ لَمْ تَتَحَقَّقْ ذَلِكَ قُلْتَ وَعَلَيْكَ بِالْوَاوِ لِأَنَّكَ إِنْ قُلْتَ بِغَيْرِ وَاوٍ وَكَانَ هُوَ قَدْ قَالَ السِّلَامُ عَلَيْكُمْ كُنْتَ قَدْ نَفَيْتَ السِّلَامَ عَنْ نَفْسِكَ وَرَدَدْتَهُ عَلَيْهِ (فَرْعٌ) قَالَ الِاسْتِقَالَةُ مِنَ الذِّمِّيِّ الَّذِي قَالَ مَالِكٌ لَا تَفْعَلْ أَنْ تَقُولَ إِنَّمَا ابْتَدَأْتُكَ بِالسَّلَامِ لِأَنِّي ظَنَنْتُكَ مُسْلِمًا فَلَا تَظُنَّ أَنِّي قَصَدْتُكَ لِأَنَّهُ يُجَدِّدُ غِبْطَةَ الذِّمِّيِّ وَالسَّلَامُ مِنَ الْعُقُودِ الَّتِي تَتْبَعُ الْمَقَاصِدَ (فَرْعٌ) قَالَ وَمَعْنَى عَدَمِ السَّلَامِ عَلَى أَهْلِ الْأَهْوَاءِ أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ يُعْتَقَدُ أَنَّ اعْتِقَادَهُ كُفْرٌ اتِّفَاقًا فَلَا يُسَلَّمُ عَلَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُخْتَلَفُ أَنَّهُ لَيْسَ بِكَافِرٍ فَلَا يُخْتَلَفُ أَنَّهُ يُسَلَّمُ عَلَيْهِ وَيَحْتَمِلُ قَوْلُ مَالك هَذَا وَيحْتَمل أَن لَا يسلم عَلَيْهِم أدبا لَهُم لِأَن قَوْلهم يؤول إِلَى الْكُفْرِ (فَرْعٌ) قَال صَاحِب الْبَيَانِ قَال مَالِك إِذَا مَرَّ بِقَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَلَّمَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ

يَمُرَّ بِهِ فَلَا وَسُئِلَ عَنِ الْغَرِيبِ يَأْتِي قبر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كُلَّ يَوْمٍ فَقَالَ مَا هَذَا مِنَ الْأَمْرِ لَكِنْ إِذَا أَرَادَ الْخُرُوجَ وَيُكْرَهُ لَهُ أَنْ يكثر الْمُرُور بِهِ ليسلم عَلَيْهِ لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ) وَفِي حَدِيثٍ اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى قَوْمٍ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ وَصِفَةُ السَّلَامِ قَالَ مَالِكٌ يَأْتِي الْقَبْرَ مِنْ جِهَةِ الْقِبْلَةِ حَتَّى إِذَا دَنَا سَلَّمَ وَصَلَّى وَدَعَا وَانْصَرَفَ وَيَذْكُرُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ إِنْ شَاءَ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي قَبْرِهِ كَالسَّلَامِ فِي التَّشَهُّدِ فِي الصَّلَاةِ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ كَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ إِلَّا أَنَّهُ يَقُولُ ذَلِكَ بِلَفْظِ الْمُخَاطَبِ وَمَعْنَى الصَّلَاةِ عَلَيْهِ الدُّعَاءُ لَهُ إِلَّا أَنَّهُ يُخَصُّ بِلَفْظِ الصَّلَاةِ دُونَ الدُّعَاءِ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} فَتَقُولُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَلَا تَقُلِ اللَّهُمَّ ارْحَمْ مُحَمَّدًا أَوِ اغْفِرْ لِمُحَمَّدٍ وَارْضَ عَنْ مُحَمَّدٍ وَلَا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى فُلَانٍ وَتَقُولُ اللَّهُمَّ ارْحَمْ فُلَانًا وَلَا تُصَلِّ عَلَى غَيْرِهِ إِلَّا مَعَهُ فَائِدَةٌ مَوْضِعَانِ فِيهِمَا الْوَاوُ وَحَذْفُهَا السَّلَامُ وَرَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ فِي الصَّلَاةِ فَإِثْبَاتُهَا يَقْتَضِي مَعْطُوفًا وَمَعْطُوفًا عَلَيْهِ فَيَصِيرُ الْكَلَامُ جُمْلَتَيْنِ وَيَكُونُ التَّقْدِيرُ عَلَيَّ السَّلَامُ وَعَلَيْكُمُ السَّلَامُ فَيَصِيرُ الرَّادُّ مُسَلِّمًا عَلَى نَفْسِهِ مَرَّتَيْنِ وَفِي الصَّلَاةِ يَكُونُ التَّقْدِيرُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ وَلَكَ الثَّنَاءُ فَيَكُونُ مُثْنِيًا عَلَى اللَّهِ مَرَّتَيْنِ وَبِغَيْرِ وَاوٍ يَكُونُ الْكَلَامُ جُمْلَةً وَاحِدَةً فَبِهَذَا يَتَرَجَّحُ إِثْبَاتُهَا عَلَى حَذْفِهَا فَائِدَةٌ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَو ردوهَا} قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ فِي تَفْسِيرِهِ قِيلَ أَوْ لِلتَّنْوِيعِ لَا لِلتَّخْيِيرِ وَقِيلَ لِلتَّخْيِيرِ مَعْنَاهُ أَنَّ الْإِنْسَانَ مُخَيَّرٌ فِي أَنْ يَرُدَّ أَحْسَنَ أَوْ يَقْتَصِرَ عَلَى لَفْظِ الْمُبْتَدِئِ إِنْ

(النوع الثالث عشر الاستئذان)

كَانَ قَدْ وَقَفَ دُونَ الْبَرَكَاتِ وَإِلَّا بَطَلَ التَّخْيِيرُ لِتَعَيُّنِ الْمُسَاوَاةِ وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ الِانْتِهَاءِ إِلَى لَفْظِ الْبَرَكَاتِ مُطْلَقًا بَلِ الرَّدُّ وَإِنْ تَعَيَّنَ بِالِانْتِهَاءِ إِلَى لَفْظِ الْبَرَكَاتِ يَتَنَوَّعُ إِلَى الْمِثْلِ إِنْ كَانَ الْمُبْتَدِئُ انْتَهَى لِلْبَرَكَاتِ وَإِلَى الْأَحْسَنِ إِنْ كَانَ الْمُبْتَدِئُ اقْتَصَرَ دُونَ الْبَرَكَاتِ فَهَذَا مَعْنَى التَّخْيِيرِ وَالتَّنْوِيعِ (النَّوْعُ الثَّالِثَ عَشَرَ الِاسْتِئْذَانُ) وَفِي الْمُوَطَّأِ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَسْتَأْذِنُ عَلَى أُمِّي فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَ إِنِّي مَعَهَا فِي الْبَيْتِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اسْتَأْذِنْ عَلَيْهَا أَتُحِبُّ أَنْ تَرَاهَا عُرْيَانَةً قَالَ لَا قَالَ فَاسْتَأْذِنْ عَلَيْهَا قَالَ الْبَاجِيُّ الِاسْتِئْذَانُ عَلَى كُلِّ بَيْتٍ فِيهِ أَحَدٌ وَاجِبٌ تَسْتَأْذِنُ ثَلَاثًا فَإِنْ أُذِنَ لَكَ وَإِلَّا رَجَعْتَ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تستأنسوا وتسلموا على أَهلهَا} قَالَ مَالك الاستيناس الاسْتِئْذَان ثَلَاثًا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (إِذَا اسْتَأْذَنَ أَحَدُكُمْ ثَلَاثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فَلْيَرْجِعْ) وَقَالَ الْبَاجِيُّ لَا يَزِيدُ عَلَى الثَّلَاثِ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ اسْتِئْذَانَهُ لَمْ يُسْمَعْ وَيَسْتَأْذِنُ عَلَى أُمِّهِ وَذَوَاتِ مَحَارِمِهِ وَكُلِّ مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ النَّظَرُ إِلَى عَوْرَتِهِ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ لَا يَزِيدُ عَلَى الثَّلَاثِ وَإِنْ ظَنَّ أَنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا اتِّبَاعًا لِلْحَدِيثِ قَالَ وَلَا بَأْسَ إِنْ عَرَفْتَ أَحَدًا أَنْ تَدْعُوَهُ لِيَخْرُجَ إِلَيْكَ وَصِفَةُ الِاسْتِئْذَانِ أَنْ يَقُولَ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ أَأَدْخُلُ أَوِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ لَا يَزِيدُ عَلَيْهِ قَالَهُ ابْنُ نَافِعٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الِاسْتِينَاسُ أَنْ تُسَلِّمَ ثَلَاثًا وَإِنْ قِيلَ لَكَ مَنْ هَذَا فَسَمِّ نَفْسَكَ بِمَا تُعْرَفُ بِهِ وَلَا تَقُولُ أَنَا لِأَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ اسْتَأْذَنَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ مَنْ هَذَا قَالَ فَقُلْتُ أَنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (أَنَا عَلَى مَعْنَى الْإِنْكَارِ وَإِنْ سَمَّى نَفْسَهُ أَوَّلًا فِي الِاسْتِئْذَانِ فَحَسَنٌ لِأَنَّ أَبَا مُوسَى جَاءَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا

(النوع الرابع عشر الملاقاة وما يتعلق بها من المصافحة والمعانقة ونحو ذلك)

فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ هَذَا أَبُو مُوسَى فَلَمْ يَأْذَنْ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ هَذَا الْأَشْعَرِيُّ ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَالَ رَدُّوهُ عَلَيَّ فَقَالَ لَهُ مَا رَدَّكَ كُنَّا فِي شُغُلٍ فِي الْبَيَانِ قَالَ مَالِكٌ الِاسْتِينَاسُ التَّسْلِيمُ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ مِنْ بَابِ الدَّارِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَأْذِنَ إِذَا وَصَلَ بَابَ الْبَيْتِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَتَغْيِيرُ الِاسْتِينَاسِ بِالتَّسْلِيمِ بَعِيدٌ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {حَتَّى تستأنسوا وتسلموا} فَغَايَرَ بَيْنَهُمَا وَعَنْ مَالِكٍ الِاسْتِينَاسُ الِاسْتِئْذَانُ وَهُوَ الصَّحِيح وَعَلِيهِ أَكثر الْمُفَسّرين وَقيل حَتَّى تونسوا أهل الْبَيْت بالتنحنح والتنخم وانحوه حَتَّى يَعْلَمُوا إِرَادَتَكُمُ الدُّخُولَ وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي الْكَلَامِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ تَقْدِيرُهُ حَتَّى تُسَلِّمُوا وَتَسْتَأْذِنُوا وَهُوَ أَنْ تَقُولَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَأَدْخُلُ لِأَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يَقْرَؤُهَا حَتَّى تُسَلِّمُوا عَلَى أَهلهَا وتسأذنوا وَاخْتُلِفَ فِي اسْتِئْذَانِ أَبِي مُوسَى عَلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَرُوِيَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَأَدْخُلُ كَمَا تَقَدَّمَ وَرُوِيَ أَنَّهُ قَالَ يَسْتَأْذِنُ أَبُو مُوسَى يَسْتَأْذِنُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ الِاسْتِئْذَانُ اسْتِفْعَالٌ مِنَ الْإِذْنِ وَعَمَّهُ اللَّهُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ وَجَعَلَهُ أَصْلًا فِي كُلِّ رَقَبَةٍ وَهَيْبَةً لِكُلِّ مَنْزِلٍ حَتَّى قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ فَآتِي فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي فِي دَارِهِ فَيُؤْذَنُ لِي وَوَقْتُهُ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْله تَعَالَى {لِيَسْتَأْذِنكُم الَّذين ملكت أَيْمَانكُم} الْآيَةَ وَالْآذِنُ هُوَ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمَنْزِلِ وَإِنْ كَانَ الصَّبِيَّ الصَّغِيرَ الَّذِي يَعْقِلُ الْحُجْبَةَ وَيَفْهَمُ الْإِذْنَ (النَّوْعُ الرَّابِعَ عَشَر الْمُلَاقَاةُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنَ الْمُصَافَحَةِ وَالْمُعَانَقَةِ وَنَحْوِ ذَلِك) وَفِي الْمُوَطَّأ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (تصافحوا يذهب الغل وتهادوا تتحابوا وَتَذْهَبِ الشَّحْنَاءُ) وَفِي غَيْرِهِ إِذَا تَلَاقَى الرَّجُلَانِ فتصافحا تحاثت ذنوبها وَكَانَ أَقْرَبَهُمَا إِلَى اللَّهِ أَكْثَرُهُمَا بِشْرًا قَالَ الْبَاجِيُّ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ الْمُصَافَحَةَ بِالْأَيْدِي

وَقَالَ عَلْقَمَةُ تَمَامُ التَّحِيَّةِ الْمُصَافَحَةُ وَجَوَّزَ مَالِكٌ المصافحة وَدخل عَلَيْهِ سُفْيَان ابْن عُيَيْنَةَ فَصَافَحَهُ وَقَالَ لَوْلَا أَنَّ الْمُعَانَقَةَ بِدْعَةٌ لَعَانَقْتُكَ فَقَالَ سُفْيَانُ عَانَقَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي وَمِنْكَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِجَعْفَرٍ حِينَ قَدِمَ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ قَالَ مَالِكٌ ذَلِكَ خَاصٌّ قَالَ سُفْيَانُ بَلْ عَامٌّ مَا يَخُصُّ جَعْفَرًا يَخُصُّنَا وَمَا يَعُمُّهُ يَعُمُّنَا إِذَا كُنَّا صَالِحِينَ أَفَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُحَدِّثَ فِي مَجْلِسِكَ قَالَ نَعَمْ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ قَالَ حَدثنِي عبد الله ابْن طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ لَمَّا قَدِمَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ اعْتَنَقَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقَبَّلَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَقَالَ جَعْفَرٌ أَشْبَهُ النَّاسِ بِنَا خَلْقاً وخُلُقا يَا جَعْفَرُ مَا أَعْجَبُ مَا رَأَيْتَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَيْنَا أَنَا أَمْشِي فِي بَعْضِ أَزِقَّتِهَا إِذَا سَوْدَاءُ عَلَى رَأْسِهَا مَكِيلُ بُرٍّ فَصَدَمَهَا رَجُلٌ عَلَى دَابَّتِهِ فَوُضِعَ مَكِيلُهَا وَانْتَشَرَ بُرُّهَا فَأَقْبَلَتْ تَجْمَعُهُ مِنَ التُّرَابِ وَهِيَ تَقُولُ وَيْلٌ لِلظَّالِمِ مِنْ دَيَّانِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَيْلٌ لِلظَّالِمِ من الْمَظْلُوم يَوْم الْقِيَامَة فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (لَا يُقَدِّسُ اللَّهُ أُمَّةً لَا تَأْخُذُ لِضَعِيفِهَا من قويها حَقه غير مقنع) ثُمَّ قَالَ سُفْيَانُ قَدِمْتُ لِأُصَلِّيَ فِي مَسْجِدِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأُبَشِّرُكَ بِرُؤْيَا رَأَيْتُهَا نَامَتْ عَيْنُكَ خَيْرًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ سُفْيَانُ رَأَيْتُ كَأَنَّ قَبْرَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - انْشَقَّ فَأَقْبَلَ النَّاسُ يُهْرَعُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وَالنَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَرُدُّ بِأَحْسَنِ رَدٍّ قَالَ سُفْيَانُ فَأُتِيَ بِكَ وَاللَّهِ أَعْرِفُكَ فِي مَنَامِي كَمَا أَعْرِفُكَ فِي يقظتي فسملت عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيْكَ السَّلَامَ ثُمَّ رَمَى فِي حِجْرِكَ بِخَاتَمٍ نَزَعَهُ مِنْ أَصَابِعِهِ فَاتَّقِ اللَّهَ فِيمَا أَعْطَاك - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَبَكَى مَالِكٌ بُكَاءً شَدِيدًا قَالَ سُفْيَانُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ قَالَ خَارِجٌ السَّاعَةَ قَالَ نَعَمْ فَوَدَّعَهُ مَالِكٌ وَخَرَجَ وَعَنْ مَالِكٍ كَرَاهَةُ الْمُصَافَحَةِ وَالْمُعَانَقَةِ وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ الْمُصَافَحَةُ الَّتِي فِي الْحَدِيثِ صَفْحُ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ مِنَ الْعَفْوِ قَالَ وَهُوَ أَشْبَهُ لِأَنَّهُ يَذْهَبُ بِالْغِلِّ غَالِبًا وَاحْتَجَّ مَالِكٌ عَلَى مَنْعِ الْمُصَافَحَةِ بِالْيَدِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلامًا قَالَ سَلامٌ} وَلم يذكر مصافحته وَلِأَنَّ السَّلَامَ يُنْتَهَى فِيهِ

لِلْبَرَكَاتِ قَالَ قَتَادَةُ قُلْتُ لِأَنَسٍ أَكَانَتِ الْمُصَافَحَةُ فِي أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ نَعَمْ وَلِأَنَّهَا تَمَامُ الْمَوَدَّةِ فَنَاسَبَ أَيْضًا إذهاب الغل وَفِي القبس قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَلْتَقِيَانِ فَيَتَصَافَحَانِ إِلَّا غُفِرَ لَهُمَا) قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ الْمُصَافَحَةُ مُسْتَحَبَّةٌ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَإِنَّمَا كَرِهَ الْمُعَانَقَةَ لِأَنَّهُ لَمْ يُرْوَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ فَعَلَهَا إِلَّا مَعَ جَعْفَرٍ وَلَمْ يَصْحَبْهَا الْعلم من الصَّحَابَة بعده - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلِأَنَّ النُّفُوسَ تَنْفِرُ عَنْهَا لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إِلَّا لِوَدَاعٍ أَوْ مِنْ فَرْطِ أَلَمِ الشَّوْقِ أَوْ مَعَ الْأَهْلِ وَالْمُصَافَحَةُ فِيهَا الْعَمَلُ وَيُكْرَهُ تَقْبِيلُ الْيَدِ فِي السَّلَامِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أَفْضَلَ مِنْهُ عِنْدَ اللَّهِ وَسَأَلَتِ الْيَهُودُ رَسُولَ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ تِسْعِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَقَالَ لَهُمْ (لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا تَسْرِقُوا وَلَا تَزْنُوا وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلَا تَمْشُوا بِبَرِيءٍ إِلَى السُّلْطَانِ لِيَقْتُلَهُ وَلَا تَسْحَرُوا وَلَا تَأْكُلُوا الرِّبَا وَلَا تَقْذِفُوا مُحْصَنَةً وَلَا تُوَلُّوا الْفِرَارَ يَوْمَ الزَّحْف وَعَلَيْكُم خَاصَّة الْيَهُود أَن لَا تعدوا فِي السبت فَقَامُوا فقبلوا يَده وَرجله وَقَالُوا نَشْهَدُ أَنَّكَ نَبِيٌّ قَالَ فَمَا يَمْنَعُكُمْ أَن تتبعوني قَالُوا إِن دَاوُد دَعَا ربه أَن لَا يَزَالَ فِي ذُرِّيَّتِهِ نَبِيٌّ وَإِنَّا نَخَافُ إِنِ اتَّبَعْنَاكَ أَنْ تَقْتُلَنَا الْيَهُودُ قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ فَفِعْلُ الْيَهُودِ ذَلِكَ مَعَ الْمُسْلِمِ لَا يُكْرَهُ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ قيل سَالِمًا وَقَالَ شَيْخٌ يُقَبِّلُ شَيْخًا إِعْلَامًا أَنَّ هَذَا جَائِزٌ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا عَلَى وَجْهٍ مَكْرُوهٍ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَقَدِمَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ الْمَدِينَةَ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي شَيْءٍ فَأَتَاهُ فَقَرَعَ الْبَابَ فَقَامَ إِلَيْهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عُرْيَانًا يَجُرُّ ثَوْبَهُ وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُهُ عُرْيَانًا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ فَاعْتَنَقَهُ وَقَبَّلَهُ قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيْثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَقَبِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جَعْفَرًا حِينَ قَدِمَ مِنَ الْحَبَشَةِ وَأَمَّا الْقُبْلَةُ فِي الْفَمِ لِلرَّجُلِ مِنَ الرَّجُلِ فَلَا رُخْصَةَ فِيهَا بِوَجْهٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ فَلَا بَأْسَ أَنْ تُقَبِّلَهُ ابْنَتُهُ وَأُخْتُهُ

وَلَا بَأْسَ أَنْ يُقَبِّلَ خَدَّ ابْنَتِهِ وَكَرِهَ أَنْ تُقَبِّلَهُ خَتَنَتُهُ وَمُعْتَقَتُهُ وَإِنْ كَانَتْ مُتَجَالَّةً وَأَجَازَ مَالِكٌ الْمُعَانَقَةَ فِي رِسَالَتِهِ لِهَارُونَ الرَّشِيدِ أَنْ يُعَانِقَ قَرِيبَهُ إِذَا قَدِمَ مِنَ السَّفَرِ وَقِيلَ هَذِهِ الرِّسَالَةُ لَمْ تَثْبُتْ لِمَالِكٍ قَالَ مَالِكٌ وَيُقَالُ مِنْ تَعْظِيمِ اللَّهِ تَعَالَى تَعْظِيمُ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ فَالرَّجُلُ يَقُومُ لِلرَّجُلِ لَهُ الْفَضْلُ وَالْفِقْهُ فَيُجْلِسُهُ فِي مَجْلِسِهِ قَالَ يُكْرَهُ ذَلِكَ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُوَسِّعَ لَهُ قِيلَ فَالْمَرْأَةُ تَلْقَى زَوْجَهَا تُبَالِغُ فِي بِرِّهِ وَتَنْزِعُ ثِيَابَهُ وَنَعْلَيْهِ وَتَقِفُ حَتَّى يَجْلِسَ قَالَ ذَلِكَ حَسَنٌ غَيْرَ قِيَامِهَا حَتَّى يَجْلِسَ وَهَذَا فِعْلُ الْجَبَابِرَةِ وَرُبَّمَا كَانَ النَّاسُ يَنْتَظِرُونَهُ فَإِذَا طَلَعَ قَامُوا لَيْسَ هَذَا مِنْ فِعْلِ الْإِسْلَامِ وَفُعِلَ ذَلِك لعمر ابْن عَبْدِ الْعَزِيزِ أَوَّلَ مَا وَلِيَ حِينَ خَرَجَ إِلَى النَّاسِ فَأَنْكَرَهُ وَقَالَ إِنْ تَقُومُوا نَقُمْ وَإِنْ تَقْعُدُوا نَقْعُدْ وَإِنَّمَا يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالمين وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَمَثَّلَ لَهُ النَّاسُ قِيَامًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ) قِيلَ لَهُ فَالرَّجُلُ يُقَبِّلُ يَدَ الرَّجُلِ أَوْ رَأْسَهُ قَالَ هُوَ مِنْ عَمَلِ الْأَعَاجِمِ لَا مِنْ عَمَلِ النَّاسِ وَأَمَّا تَقْبِيلُ رَأْسِ ابْنِهِ فَخَفِيفٌ وَلَا يُقَبِّلُ خَدَّ ابْنِهِ أَوْ عَمِّهِ قَالَ لَمْ يَفْعَلْهُ الْمَاضُونَ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ الْقِيَامُ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ حَرَامٌ إِذَا فُعِلَ تَعْظِيمًا لِمَنْ يُحِبُّهُ تَجَبُّرًا عَلَى الْعَالَمِينَ وَمَكْرُوهٌ إِذَا فُعِلَ تَعْظِيمًا لِمَنْ لَا يُحِبُّهُ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ فِعْلَ الْجَبَابِرَةِ وَلِتَوَقُّعِ فَسَادِ قَلْبِ الْمَقُومِ لَهُ وَمُبَاحٌ إِذَا فُعِلَ إِجْلَالًا لِمَنْ لَا يُرِيدُهُ وَمَنْدُوبٌ لِلْقَادِمِ مِنَ السَّفَرِ فَرَحًا بِقُدُومِهِ لِيُسَلِّمَ عَلَيْهِ أَوْ يَشْكُرَ إِحْسَانَهُ أَوْ لِلْقَادِمِ الْمُصَابِ لِيُعَزِّيَهُ فِي مصيبته وَبِهَذَا بِجمع بَين قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَمَثَّلَ لَهُ النَّاسُ قِيَامًا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار وَبَين قِيَامه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِعِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ لَمَّا قَدِمَ مِنَ الْيمن فَرحا بقدومه وَقيام طَلْحَة ابْن عُبَيْدِ اللَّهِ لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ لِيُهَنِّئَهُ بِتَوْبَةِ الله بِحُضُورِهِ ع - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلم ينكسر عَلَيْهِ وَلَا قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ فَكَانَ كَعْبٌ يَقُول لَا أَنْسَاهَا لطلْحَة وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَكْرَهُ أَنْ يُقَامَ لَهُ فَكَانُوا إِذَا رَأَوْهُ لم يقومُوا لَهُ لعلمهم

(النوع الخامس عشر تشميت العاطش)

بكراهية لِذَلِكَ وَإِذَا قَامَ إِلَى بَيْتِهِ لَمْ يَزَالُوا قِيَامًا حَتَّى يَدْخُلَ بَيْتَهُ لِمَا يَلْزَمُهُمْ مِنْ تَعْظِيمه قبل علمهمْ بكراهيته لذَلِك وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِلْأَنْصَارِ قُومُوا لِسَيِّدِكُمْ قِيلَ تَعْظِيمًا لَهُ وَهُوَ لَا يحب ذَلِك وَقيل ليعينوه على النزور عَلَى الدَّابَّةِ تَنْبِيهٌ حَضَرْتُ عِنْدَ الشَّيْخِ عِزِّ الدّين ابْن عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ أَعْيَانِ الْعُلَمَاءِ الشَّافِعِيَّةِ الرَّبَّانِيِّينَ فَحَضَرَتْهُ فُتْيَا مَا تَقُولُ فِي الْقِيَامِ الَّذِي أَحْدَثَهُ النَّاسُ فِي هَذَا الزَّمَانِ هَلْ يَحْرُمُ أَمْ لَا فَكَتَبَ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (لَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا) وَتَرْكُ الْقِيَامِ فِي هَذَا الْوَقْتِ يُفْضِي لِلْمُقَاطَعَةِ وَالْمُدَابَرَةِ فَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِهِ مَا كَانَ بَعِيدًا فَقَرَأْتُهَا بَعْدَ كِتَابَتِهِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَالنَّاسُ تَحْدُثُ لَهُمْ أَحْكَامٌ بِقَدْرِ مَا يُحْدِثُونَ مِنَ السِّيَاسَاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ وَالِاحْتِيَاطَاتِ وَهِيَ عَلَى الْقَوَانِينِ الْأُولَى غَيْرَ أَنَّ الْأَسْبَابَ تَجَدَّدَتْ وَلَمْ يَكُنْ فِي السَّلَفِ وَقَدْ بَسَطْتُ مِنْ هَذَا طَرَفًا فِي وِلَايَةِ الْمَظَالِمِ فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ وَيُلْحَقُ بِالْقِيَامِ النُّعُوتُ الْمُعْتَادَةُ وَأَنْوَاعُ الْمُكَاتَبَاتِ عَلَى مَا قَرَّرَهُ النَّاسُ فِي الْمُخَاطَبَاتِ وَهَذَا النَّوْعُ كَثِيرٌ لَمْ تَكُنْ أَسْبَابُهُ فِي السَّلَفِ غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ تَقَرَّرَ فِي قَاعِدَةِ الشَّرْعِ اعْتِبَارُهُ هَذِهِ الْأَسْبَابِ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَإِذَا وُجِدَتْ وَجَبَ اعْتِبَارُهَا وَفِي هَذَا التَّنْبِيه كِفَايَة (النَّوْع الْخَامِس عشر تشميت العاطش) وَفِي الْمُوَطَّأ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنْ عَطَسَ فَشَمِّتْهُ ثُمَّ إِنْ عَطَسَ فَشَمِّتْهُ ثُمَّ إِنْ عَطَسَ فَقُلْ إِنَّكَ مَضْنُوكٌ قَالَ الرَّاوِي بَعْدَ الثَّلَاثِ أَوِ الْأَرْبَعَةِ قَالَ الْبَاجِيُّ يُقَالُ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُهْمَلَةِ فَبِالشِّينِ قَالَ ثَعْلَبٌ إِبْعَادُ الشَّمَاتَةِ وَالتَّسْمِيتُ إِثْبَاتُ السَّمْتِ الْحَسَنِ لَهُ وَقِيلَ التَّشْمِيتُ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ مِنَ الشَّوَامِتِ وَهِيَ الْأَعْضَاءُ أَيْ أَبْقَى اللَّهُ شَوَامِتَكَ عَلَى حَالِهَا وَسَبَبُهُ أَنَّ الْعُطَاسَ حَرَكَةٌ مِنَ الدِّمَاغِ لِدَفْعِ مَا يَرِدُ عَلَيْهِ مِنَ الْمُؤْذِي كَمَا أَنَّ السُّعَالَ حَرَكَةُ الصَّدْرِ لِدَفْعِ مَا يُؤْذِيهِ وَالْفُوَاقُ حَرَكَةُ الْمَعِدَةِ لِدَفْعِ مَا يُؤْذِيهَا وَحَرَكَةُ الدِّمَاغِ فِي الْعُطَاسِ أَشَدُّ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ الْحَوَاسِّ وَمَبْدَأُ الْأَعْصَابِ وَتَسْتَعِينُ بِحَرَكَةِ الصَّدْرِ وَغَيْرِهِ فَتَكُونُ حَرَكَتُهُ

عَظِيمَةً فَرُبَّمَا انْصَبَّتْ مَادَّةُ خِلْطَتِهِ لِبَعْضِ الْحَوَاسِّ أَوْ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ فَحَصَلَتْ لَقْوَةٌ أَوْ فَسَادٌ فَيَشْمَتُ بِهِ أَعْدَاؤُهُ لِتَغَيُّرِ سَمْتِهِ فَإِذَا دُعِيَ لَهُ بِالرَّحْمَةِ اندفعت الشماتة من الأعذاء وَيُحْفَظُ السَّمْتُ بِفَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَكَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ تَتَطَيَّرُ بِالْعُطَاسِ إِلَى ثَلَاثِ مَرَّاتٍ وَتَجْعَلُهَا شُؤْمًا فَأَعْلَمَ صَاحِبُ الشَّرْعِ أَنَّهَا رَحْمَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَاقْتَصَرَ بِقَوْلِنَا يَرْحَمُكَ اللَّهُ عَلَى الثَّلَاثَةِ الَّتِي كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ تَتَشَاءَمُ بِهَا إِثْبَاتًا لِلضِّدِّ وَلِهَذَا السِّرِّ قِيلَ لَهُ فِي الرَّابِعَةِ إِنَّهُ مضنوك أَي مزكوم ورد تفسره فِي الْحَدِيثِ بِذَلِكَ وَخَصَّصَ الْأَفْعَالَ بِمَكَانِ التَّطَيُّرِ إِذْ هُوَ مَوْضِعُ الْحَاجَةِ لِلْمُضَادَّةِ وَإِبْطَالِ التَّطَيُّرِ قَالَ الْبَاجِيُّ وَحَقُّ التَّحْمِيدِ إِنَّمَا يَثْبُتُ لِمَنْ حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ مَالِكٌ إِذَا لَمْ يَسْمَعْهُ حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى فَلَا يُشَمِّتْهُ إِلَّا أَن يكون فِي حَلقَة كَبِيرَة ورأي الدّين يَلُونَهُ يُشَمِّتُونَهُ فَيُشَمِّتُهُ وَفِي الصَّحِيحِ عَطَسَ رَجُلَانِ عِنْد رَسُول الله لله فَشَمَّتَ أَحَدَهُمَا وَلَمْ يُشَمِّتِ الْآخَرَ فَقِيلَ لَهُ قَالَ هَذَا أَحْمد اللَّهَ وَهَذَا لَمْ يَحْمَدْهُ وَيَنْبَغِي لِلْعَاطِسِ أَنْ يُسْمِعَ مَنْ يَلِيهِ التَّحْمِيدَ وَإِنْ عَطِسَ فِي الصَّلَاةِ فَلَا يَحْمَدِ اللَّهَ إِلَّا فِي نَفْسِهِ لِشُغْلِهِ بِصَلَاتِهِ عَنِ الذِّكْرِ وَلَا يُشَمِّتْ أَيْضًا غَيْرَهُ وَعَنْ سَحْنُونٍ وَلَا فِي نَفْسِهِ وَعَنْ مَالِكٍ يَحْمَدُ اللَّهَ وَيُصَلِّي عَلَى مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا رأى من يُعْجِبُهُ وَيُجْزِئُ فِي التَّشْمِيتِ وَاحِدٌ مِنَ الْجَمَاعَةِ كَالسَّلَامِ وَقَالَ ابْنُ مُزَيْنٍ هُوَ بِخِلَافِ السَّلَامِ وَيُشَّمِتُ الْجَمِيعُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَحَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ سَمِعَهُ أَنْ يُشَمِّتَهُ وَلِأَنَّهُ دُعَاءٌ وَالِاسْتِكْثَارُ مِنْهُ حَسَنٌ وَالسَّلَامُ إِظْهَارٌ لِشَعَائِرِ الْإِسْلَامِ كَالْأَذَانِ يَكْفِي وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَالتَّشْمِيتُ عَلَى ظَاهِرِ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَاجِبٌ عَلَى الْكِفَايَةِ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّد مَنْدُوب كابتداء السَّالِم وَوجه الأول الأول أَن ظَاهر أمره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

(النوع السادس عشر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)

فَشَمِّتُوهُ الْوُجُوبُ وَعَنْ مَالِكٍ يَبْلُغُ بِالتَّشْمِيتِ ثَلَاثًا وَيَقُولُ بَعْدَ التَّشْمِيتِ يَرْحَمُنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ وَيَغْفِرُ لَنَا وَلَكُمْ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَفْعَلُهُ وَعَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلْيَقُلْ يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ وَإِنْ شَاءَ قَالَ يَغْفِرُ لَنَا وَلَكُمْ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمَنَعَ أَبُو حَنِيفَةَ أَنْ يَقُولَ يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ لِأَنَّ الْخَوَارِجَ كَانَتْ تَقُولُهُ فَلَا يَسْتَغْفِرُونَ للنَّاس وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّمَا كَانَ يَقُولُهُ لِلْيَهُودِ وَفِي الْقَبَسِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (الْعُطَاسُ مِنَ اللَّهِ وَالتَّثَاؤُبُ مِنَ الشَّيْطَان) لِأَنَّ التَّثَاؤُبَ إِنَّمَا يَكُونُ عَنِ الْكَسَلِ فَأُضِيفَ لِلشَّيْطَانِ عَلَى سَبِيلِ الْأَدَبِ كَمَا قَالَ الْخَلِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام {وَالَّذِي هُوَ يطعمني ويسقين وَإِذا مَرضت فَهُوَ يشفين} وَعنهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَإِذَا عَطَسَ فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ وَلْيُخَمِّرْ وَجْهَهُ فَإِنَّهُ يَرُدُّ اللَّهُ شَوَامِتَهُ عَلَى حَالِهَا كَمَا إِذَا تَثَاءَبَ فَلْيَجْعَلْ يَدَهُ عَلَى فِيهِ وَلَا يَفْتَحْهَا لِلشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَضْحَكُ بِهِ وَلَا يَصْرِفْ وَجْهَهُ يَمِينًا وَلَا شِمَالًا فَإِنَّ بَعْضَهُمْ صَرَفَهُ فَبَقِيَ بَقِيَّةَ عُمُرِهِ كَذَلِكَ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ اخْتَارَ عَبْدُ الْوَهَّابِ يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ عَلَى يَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ لِأَنَّ الْمَغْفِرَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا مَعَ الذُّنُوبِ وَالْهِدَايَةُ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الذَّنْبِ قَالَ وَعِنْدِي الْمَغْفِرَةُ أَوْلَى لِأَنَّهُ لَا يَنْفَكُّ أَحَدٌ عَنْ ذَنْبٍ وَالْحَاجَةُ إِلَى الْمَغْفِرَة أَكثر فَإِن جمع بنيهما كَانَ أَحْسَنَ إِلَّا فِي الْكَافِرِ الَّذِي إِذَا عَطَسَ وَحَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى فَلَا يُقَالُ لَهُ يرحكم اللَّهُ بَلْ يَهْدِيكَ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكَ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يُغْفَرُ لَهُ حَتَّى يُؤْمِنَ (النَّوْعُ السَّادِس عشر الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ أَوْ لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ عِقَابًا مِنْهُ ثُمَّ تَدْعُونَهُ فَلَا يُسْتَجَاب لَكُمْ) قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ

حسن وَفِي الْجَوَاهِر إِنَّمَا يومر بِالْمَعْرُوفِ وَيُنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ الْأَوَّلُ أَنْ يَعْلَمَ مَا يَأْمُرُ بِهِ وَيَنْهَى عَنْهُ الثَّانِي أَنْ يَأْمَنَ أَنْ يُؤَدِّيَ إِنْكَارُهُ الْمُنْكَرَ إِلَى مُنْكَرٍ أَكْثَرَ مِنْهُ مِثْلَ أَنْ يَنْهَى عَن شرب الْخمر فيؤول نَهْيُهُ عَنْهُ إِلَى قَتْلِ النَّفْسِ وَنَحْوِهِ الثَّالِثُ أَن يغلب على ظَنّه أَن إِنْكَاره الْمُنكر مُزِيلٌ لَهُ وَأَنَّ أَمْرَهُ بِالْمَعْرُوفِ مُؤَثِّرٌ فِيهِ وَنَافِعٌ وَفَقْدُ أَحَدِ الشَّرْطَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ يَمْنَعُ الْجَوَازَ وَفَقْدُ الثَّالِثِ يُسْقِطُ الْوُجُوبَ وَيَبْقَى الْجَوَازُ وَالنَّدْبُ ثُمَّ مَرَاتِبُ الْإِنْكَارِ ثَلَاثٌ أَقْوَاهَا أَنْ يُغَيِّرَ بِيَدِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ انْتَقَلَ لِلْمَرْتَبَةِ الثَّانِيَةِ فَيُغَيِّرُ بِلِسَانِهِ إِنِ اسْتَطَاعَ وَلْيَكُنْ بِرِفْقٍ وَلِينٍ وَوَعْظٍ إِنِ احْتَاجَ إِلَيْهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (مَنْ أَمَرَ مِنْكُمْ بِمَعْرُوفٍ فَلْيَكُنْ أَمْرُهُ بِالْمَعْرُوفِ) وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَقُولا لَهُ قَوْلا لَيِّنًا لَعَلَّه يتَذَكَّر أَو يخْشَى} فَإِنْ لَمْ يَقْدِرِ انْتَقَلَ لِلرُّتْبَةِ الثَّالِثَةِ وَهِيَ الْإِنْكَار بِالْقَلْبِ وَهِي أضعفها قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (من رأى مِنْكُم مُنْكرا فليغيره بِيَدِهِ فَإِن لم يسْتَطع فبلسانه فَإِن لم يسْتَطع فبقلبه وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ) أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَفِي الصِّحَاحِ نَحْوُهُ وَفِيهِ وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الْإِيمَان حَبَّة خَرْدَل سُؤال سُؤَالٌ قَدْ نَجِدُ أَعْظَمَ النَّاسِ إِيمَانًا يَعْجَزُ عَنِ الْإِنْكَارِ وَعَجْزُهُ لَا يُنَافِي تَعْظِيمَهُ لِلَّهِ تَعَالَى وَإِيمَانَهُ بِهِ لِأَنَّ الشَّرْعَ مَنَعَهُ بِسَبَبِ عَجْزِهِ عَنِ الْإِنْكَارِ لِكَوْنِهِ يُؤَدِّي إِلَى مَفْسَدَةٍ أَعْظَمَ أَوْ نَقُولُ لَا يَلْزَمُ مِنَ الْعَجْزِ عَنِ الْقُرْبَةِ نَقْصُ الْإِيمَانِ بِهَا كَالصَّلَاةِ فَمَا معنى قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ الْجَوَابُ الْمُرَادُ بِالْإِيمَانِ هُنَا الْإِيمَانُ الْفِعْلِيُّ الْوَارِدُ فِي قَوْله تَعَالَى {وَمَا كَانَ الله لِيُضيع إيمَانكُمْ} أَي صَلَاتكُمْ للبيت الْمُقَدّس وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (الْإِيمَان

سَبْعٌ وَخَمْسُونَ شُعْبَةً أَعْلَاهَا شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ) وَأَقْوَى الْإِيمَانِ الْفِعْلِيِّ إِزَالَةُ الْيَدِ ثُمَّ الْقَوْلُ لِأَنَّهُ قَدْ يُؤَثِّرُ فِي الْإِزَالَةِ وَإِنْكَارُ الْقَلْبِ لَا يُؤَثِّرُ فِي إِزَالَةٍ فَهُوَ أَضْعَفُهَا أَوْ يُلَاحَظُ عَدَمُ تَأْثِيرِهِ فِي الْإِزَالَةِ فَيَبْقَى مُطلقًا وَهُوَ الرِّوَايَة الْأُخْرَى قَالَ مُحَمَّد ابْن يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ ضُرِبَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ وَأَصْحَابُهُ فِي أَمْرِهِمْ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيِهِمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَضُرِبَ رَبِيعَةُ وَحُلِقَ رَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ فِي شَيْءٍ غَيْرِ هَذَا وَضُرِبَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ وَأُدْخِلَ فِي تَبَّانٍ مِنْ شَعْرٍ وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مَا أَغْبِطُ رِجَالًا لَمْ يُصِبْهُمْ فِي هَذَا الْأَمْرِ أَذًى وَدَخَلَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عبد الرَّحْمَن وَعِكْرِمَة ابْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَلَى ابْنِ الْمُسَيَّبِ فِي السِّجْنِ وَقَدْ ضُرِبَ ضَرْبًا شَدِيدًا فَقَالَا لَهُ اتَّقِ اللَّهَ فَإِنَّا نَخَافُ عَلَى دَمِكَ فَقَالَ اخْرُجَا عَنِّي أَتُرَانِي أَلْعَبُ بِدِينِي كَمَا لَعِبْتُمَا بِدِينِكُمَا وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ تَكَلَّمُوا بِالْحَقِّ تُعْرَفُوا بِهِ وَاعْلَمُوا بِهِ تَكُونُوا مِنْ أَهْلِهِ قَالَ مَالِكٌ يَنْبَغِي لِلنَّاسِ أَنْ يَأْمُرُوا بِطَاعَةِ اللَّهِ فَإِنْ عَصَوْا كَانُوا شُهُودًا عَلَى مَنْ عَصَاهُ وَيَأْمُرُ وَالِدَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمَا عَنِ الْمُنْكَرِ وَيَخْفِضُ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ لَوْ كَانَ الْمَرْءُ لَا يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا يَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ حَتَّى لَا يَكُونَ فِيهِ شَيْءٌ مَا أَمَرَ أَحَدٌ وَلَا نَهَى عَنْ مُنْكَرٍ تَنْبِيهٌ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ لَا يُشْتَرَطُ فِي النَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ أَنْ يَكُونَ الْمُلَابِسُ لَهُ عَاصِيًا بَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مُلَابِسًا لِمَفْسَدَةٍ وَاجِبَةِ الدَّفْعِ أَوْ تَارِكًا لِمَصْلَحَةٍ وَاجِبَةِ الْحُصُولِ وَلَهُ أَمْثِلَةٌ أَحَدُهَا أَمْرُ الْجَاهِلِ بِمَعْرُوفٍ لَا يِعْرِفُ إِيجَابَهُ أَوْ نَهْيُهُ عَنْ مُنْكَرٍ لَا يَعْرِفُ تَحْرِيمَهُ وَثَانِيهَا قَتْلُ الْبُغَاةِ وَثَالِثُهَا ضَرْبُ الصِّبْيَانِ عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ وَرَابِعُهَا قَتْلُ الْمَجَانِينِ وَالصِّبْيَانِ إِذَا صَالُوا عَلَى الدِّمَاءِ وَالْأَبْضَاعِ وَلم يُمكن دفعهم إِلَّا بِقَتْلِهِم وخامسا أَنْ يُوَكِّلَ وَكِيلًا بِالْقِصَاصِ ثُمَّ يَعْفُوَ وَيُخْبِرَ الْوَكِيلَ فَاسِقٌ بِالْعَفْوِ أَوْ مُتَّهَمٌ فَلَا يُصَدِّقُهُ فَأَرَادَ الْقِصَاصَ فَلِلْفَاسِقِ أَنْ يَدْفَعَهُ بِالْقَتْلِ إِذَا لَمْ يُمْكِنْ إِلَّا بِهِ دَفْعًا لِمَفْسَدَةِ الْقَتْلِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَسَادِسُهَا وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ جَارِيَةٍ

(فرع)

فَبَاعَهَا فَأَرَادَ الْمُوَكِّلُ أَنْ يَطَأَهَا ظَنًّا مِنْهُ أَنَّ الْوَكِيلَ لَمْ يَبِعْهَا فَأَخْبَرَهُ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ اشْتَرَاهَا فَلَمْ يُصَدِّقْهُ فَلِلْمُشْتَرِي دَفْعُهُ وَلَوْ بِالْقَتْلِ وَسَابِعُهَا ضَرْبُ الْبَهَائِمِ لِلتَّعْلِيمِ وَالرِّيَاضَةِ دَفْعًا لِمَفْسَدَةِ الشِّرَاسِ وَالْجِمَاحِ (فَرْعٌ) قَالَ الْعُلَمَاءُ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاجِبٌ إِجْمَاعًا عَلَى الْفَوْرِ فَمَنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَأْمُرَ بِمَعْرُوفٍ وَجَبَ عَلَيْهِ الْجَمْعُ مِثَالُهُ أَنْ يَرَى جَمَاعَةً تَرَكُوا الصَّلَاةَ يَأْمُرُهُمْ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ قُومُوا لِلصَّلَاةِ (فَرْعٌ) مَنْ أَتَى شَيْئًا مُخْتَلَفًا فِيهِ وَهُوَ يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ أُنْكِرَ عَلَيْهِ لِانْتِهَاكِهِ الْحُرْمَةَ وَإِنِ اعْتَقَدَ بِحِلِّيَّتِهِ لَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُدْرِكُ الْحِلِّ ضَعِيفًا يُنْقَضُ الْحُكْمُ بِمِثْلِهِ لِبُطْلَانِهِ فِي الشَّرْعِ كَوَاطِئِ الْجَارِيَةِ بِالْإِبَاحَةِ مُعْتَقِدًا لِمَذْهَبِ عَطَاءٍ وشارب النَّبِيذ مُعْتَقدًا مَذْهَب أبي حنفية وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعْتَقِدًا تَحْرِيمًا وَلَا تَحْلِيلًا أُرْشِدَ لِاجْتِنَابِهِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ (النَّوْعُ السَّابِعَ عشر مداواة الْأَمْرَاض وَالتَّمْرِيضُ وَالرِّفَادُ نَحْوُهُ) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا مرض العَبْد بعث الله ملكَيْنِ فَقَالَ انْظُرُوا مَاذَا يَقُول لعواده فَإِن هُوَ إِذا جاؤه حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ رَفَعَا ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ أَعْلَمُ فَيَقُولُ لِعَبْدِي عَلَيَّ إِنْ تَوَفَّيْتُهُ أَنْ أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ وَإِنْ أَنا شفيته أبدلته لَحْمًا خَيْرًا مِنْ لَحْمِهِ وَدَمًا خَيْرًا مِنْ دَمِهِ وَأَنْ أُكَفِّرَ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَفِيهِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (لَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مُصِيبَةٌ حَتَّى الشَّوْكَةُ وَإِنْ صَغُرَتْ إِلَّا أُوجِرَ بِهَا أَوْ كُفِّرَ بِهَا من خطاياه) شكّ الرَّاوِي وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُصِبْ مِنْهُ قَالَ عُثْمَان بن أبي العَاصِي أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَبِي وَجَعٌ كَادَ يُهْلِكُنِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - امْسَحْهُ بِيَمِينِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَقُلْ أَعُوذُ بِعِزَّةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ

شَرِّ مَا أَجِدُ فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنِّي مَا كَانَ بِي فَلَمْ أَزَلْ آمُرُ بِهَا أَهْلِي وَغَيْرَهُمْ وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذَا اشْتَكَى يَقْرَأُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ وَيَنْفُثُ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَلَمَّا اشْتَدَّ وَجَعُهُ كُنْتُ أَنَا أَقْرَأُ عَلَيْهِ وَأَمْسَحُ عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ رَجَاءَ بَرَكَتِهَا وَأَصَابَ رَجُلًا فِي زَمَانِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جُرْحٌ فَاحْتَقَنَ الدَّمُ فِي الْجُرْحِ فَدَعَا بِرَجُلَيْنِ مِنْ بَنِي أَنْمَارٍ فَقَالَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أيكما أطيب فَقَالَا أَوَفِي الطِّبِّ خَيْرٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنْزَلَ الدَّوَاءَ الَّذِي أَنْزَلَ الدَّاءَ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُولُ الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَأَبْرِدُوهَا بِالْمَاءِ وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا عَاد الرجل الْمَرِيض خَاضَ للرحمة فَإِذَا قَعَدَ عِنْدَهُ قَرَّ فِيهَا وَكُلُّهَا فِي الْمُوَطَّأِ قَالَ الْبَاجِيُّ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّكَ لَتُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا فَقَالَ أَجَلْ كَمَا يوعك رجلَانِ مِنْكُم لم يرد بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - التَّشَكِّيَ وَبِهِ يُجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ وَخَصَّ اللَّهُ تَعَالَى عَدَدَ السَّبع بالدواء قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا تَقَدَّمَ وَقَالَ هَرِيقُوا عَلَيَّ مِنْ سَبْعِ قرب لم تحلل أَو كيتهن لَعَلِّي أَعْهَدُ إِلَى النَّاسِ قَالَ ابْنُ دِينَارٍ النَّفْثُ شِبْهُ الْبَصْقِ وَلَا يُلْقِي شَيْئًا كَمَا يَنْفُثُ آكِلُ الزَّبِيبِ بَلْ يَسِيرًا مِنَ الرِّيقِ وَالثَّفْلُ إِلْقَاءُ الرِّيقِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَنْفُثُ عَلَى يَدَيْهِ ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ وَعنهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ نَفَثَ فِي كَفَّيْهِ بقل هُوَ الله أحد وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ وَيَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ وَمَا بَلَغَتْ يَدَاهُ مِنْ جَسَدِهِ وَكَرِهَ مَالِكٌ الَّذِي يَرْقِي بِالْحَدِيدَةِ وَالْمِلْحِ وَالَّذِي يَكْتُبُ وَيَعْقِدُ فِيمَا يُعَلِّقُ عَقْدًا وَالَّذِي يَكْتُبُ خَاتَمَ سُلَيْمَانَ وَكَانَ الْعَقْدُ عِنْدَهُ أَشَدَّ كَرَاهَةً لِمُشَابَهَتِهِ لِلسِّحْرِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمِنْ شَرّ النفاثات فِي العقد} وَكَانَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كَثِيرَةَ الِاسْتِرْقَاءِ حَتَّى تَرْقِيَ الْبَثْرَةَ الصَّغِيرَةَ

قَالَ مَالِكٌ يَنْهَى الْإِمَامُ الْأَطِبَّاءَ عَنِ الدَّوَاءِ إِلَّا طَبِيبًا مَعْرُوفًا وَلَا يُشْرَبُ مِنْ دَوَائِهِمْ إِلَّا مَا يعرف وَقَوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنْزَلَ الدَّوَاءَ أَيْ أَعْلَمَهُمْ إِيَّاهُ وَأَذِنَ لَهُمْ فِيهِ وَعنهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْمُعَالَجَةِ وَمِنَ الْمُعَالَجَةِ الْجَائِزَةِ حِمْيَةُ الْمَرِيضِ وَحَمَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَرِيضًا حَتَّى كَانَ يَمُصُّ النَّوَى مِنَ الْجُوعِ وَكَانَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ يَكْتَوُونَ مِنَ الذَّبْحَةِ وَاللَّقْوَةِ وَذَاتِ الْجنب وَهُوَ يعلم بهم وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (الشِّفَاءُ فِي ثَلَاثٍ فِي شَرْطَةِ مِحْجَمٍ أَوْ شَرْبَةِ عَسَلٍ أَوْ كَيَّةٍ بِنَارٍ وَأَنَا أَنْهَى أُمَّتِي عَنِ الْكَيِّ) وَهُوَ نَهْيُ كَرَاهَةٍ وَأَمَرَ بِالْأَخْذِ بِالْأَفْضَلِ وَهُوَ التَّوَكُّلُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَبْعُونَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ ثُمَّ قَالَ هُمُ الَّذِينَ لَا يَتَطَيَّرُونَ وَلَا يَسْتَرْقُونَ وَلَا يكتؤون وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ قَالَ الْبَاجِيُّ وَإِنَّمَا كَانَ التَّوَكُّلُ مِنَ التَّدَاوِي لِعَدَمِ تَيَقُّنِ الْبُرْءِ قَالَ غيريه لَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ التَّوَكُّلُ أَفْضَلُ مِنَ الكي والمداواة والرقا فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مازال يَرْقِي نَفْسَهُ إِلَى آخِرِ مَرَضِ مَوْتِهِ وَكَوَى وَأَمَرَ بِالْكَيِّ وَلَا يَتْرُكُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْأَفْضَلَ طُولَ عُمُرِهِ وَمُتَابَعَةُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَلَى ذَلِكَ يَأْبَى الْأَفْضَلِيَّةَ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِنْ أَكْثَرِ النَّاسِ اسْتِعْمَالًا لِلطِّبِّ وَقَالَ فِي الرُّطَبِ وَالْقِثَّاءِ يُذْهِبُ حَرَّ هَذِهِ بَرْدُ هَذِهِ وَكَانَ يُكْثِرُ الرِّيَاضَةَ وَاسْتِعْمَالَ الطِّيبِ وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ أَنْوَاعِ الطِّبِّ وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ أَنَّهُ كَانَ يَشْرَبُ كُلَّ يَوْمٍ قَدَحًا مِنْ مَاءِ الْغسْل وَهُوَ يَجْلُو الْمَعِدَةَ وَالْكَبِدَ وَالْكُلَى وَيُنَقِّي الْأَعْضَاءَ الْبَاطِنَةَ وَيُثِيرُ الْحَرَارَةَ وَكَانَ يَتَدَاوَى حَتَّى يَتَدَاوَى بِالْخَوَاصِّ الَّتِي يَتَوَهَّمُ نَفْعَهَا فِي الْحَدِيثِ الْوَارِدِ فِي سَبْعِ قِرَبٍ وَنَحْوِهِ وَهَذَا فِي غَايَةِ الْإِعْرَاضِ لِمَا قَالَهُ الْبَاجِيُّ بَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَيِّدَ الْمُتَوَكِّلِينَ وَكَانَ يَتَوَكَّلُ عَلَى اللَّهِ وَيَطْلُبُ فَضْلَهُ فِي أَسْبَابِهِ الْجَارِيَةِ بِهَا عَادَتُهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا هُوَ الْجَامِعُ بَيْنَ الْأَدَبِ وَالتَّوَكُّلِ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ السَّلَامُ

(فرع)

وَالصِّدِّيقِينَ وَخَوَاصِّ الْمُؤْمِنِينَ بَلْ هَذَا الْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْعِلَاجَاتِ مِنَ الْكَيِّ وَغَيْرِهَا تَارَةً تُسْتَعْمَلُ مَعَ تَعَيُّنِ أَسْبَابِهَا الْمُقْتَضِيَةِ لِاسْتِعْمَالِهَا وَتَارَةً مَعَ الشَّكِّ فِيهَا مَعَ الْقَطْعِ بِعَدَمِ الْحَاجَةِ إِلَيْهَا كَمَا يَفْعَلُ التَّرْكُ لِلْكَيِّ لِتَهَيُّجِ الطَّبِيعَةِ فَهَذِهِ الْحَالَةُ الْأَخِيرَةُ هِيَ الْمُرَادَةُ بِالْحَدِيثِ لِأَنَّهُ إِيلَامٌ وَعَيْبٌ حِينَئِذٍ فَحَسُنَ الْمَدْحُ بِتَرْكِهِ أَمَّا الْحَالَةُ الْأُولَى فَلَا وَهَذَا طَرِيقٌ صَالِحٌ للْجمع بَين فعله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَفِعْلِ أَصْحَابِهِ وَخَوَاصِّهِ وَبَيْنَ هَذَا الْحَدِيثِ لَا سِيَّمَا وَالْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ عَامًّا فِي نَفْيِ المداواة لَكِنَّهُ مُطْلَقٌ فِي الْأَحْوَالِ وَالْمُطْلَقُ يَتَأَدَّى بِصُورَةٍ فَلَا تَعَارُضَ حِينَئِذٍ نَقَلَ صَاحِبُ الْقَبَسِ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا هَذَا وَالثَّانِي لَا يَسْتَرْقُونَ بِالتَّمَائِمِ كَمَا كَانَتِ الْعَرَبُ تَفْعَلُهُ وَالثَّالِثُ لَا يَسْتَرْقُونَ عِنْدَ النَّاسِ تَنْبِيهٌ فِي الصَّحِيحِ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ أَخِي اسْتَطْلَقَ بَطْنُهُ فَقَالَ اسْقِهِ عَسَلًا فَسَقَاهُ فَقَالَ إِنِّي سَقَيْتُهُ فَلَمْ يَزِدْهُ إِلَّا اسْتِطْلَاقًا فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَدَقَ اللَّهُ وَكَذَبَ بَطْنُ أَخِيكَ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ كَذِبُ الْبَطْنِ وَكَيْفَ يُوصَفُ الْعَسَلُ بِقَطْعِ الْإِسْهَالِ مَعَ أَنَّهُ مُسْهِلٌ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ جَعَلَ شِفَاهُ فِي الْعَسَلِ وَلَكِنْ بَعْدَ تَكَرُّرِهِ إِلَى غَايَةٍ يُحْجَبُ فَلَمَّا لَمْ يُكَرِّرْهُ وَلَمْ يَحْصُلِ الْبُرْءُ صَدَقَ اللَّهُ فِي كَوْنِهِ جَعَلَ الشِّفَاءَ فِيهِ وَإِنَّمَا كَانَ الْمَانِعُ مِنْ جِهَةِ الْمُنَاوَلَةِ وَكَذَبَ الْبَطْنُ لِأَنَّهُ بِظَاهِرِ حَالِهِ يَقُولُ إِنَّ هَذَا لَيْسَ شِفَائِي وَهُوَ شِفَاءٌ لَهُ وَإِنَّمَا الْمُنَاوَلَةُ لَمْ تَقَعْ على الْوَجْه الائق وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْإِسْهَالَ قَدْ يَكُونُ عَنْ سَدَّةٍ كَمَا تَقَرَرَ فِي عِلْمِ الطِّبِّ فَمُدَاوَاتُهَا بِمَا يَجْلُوهَا وَيُحَلِّلُهَا كَمَا يُدَاوَى فِي الزَّحِيرِ الْكَاذِبِ بِالْمُسَهِّلَاتِ وَبِالْمُسَخِّنَاتِ الْمُفَتِّحَةِ الْحُمَّيَاتِ الْكَائِنَةَ عَنِ السَّدَدِ وَهُوَ كَثِيرٌ عِنْدَ الْأَطِبَّاءِ الْمُدَاوَاةُ بِالْمِثْلِ وَإِنَّمَا الْغَالِبُ الْمُدَاوَاةُ بِالضِّدِّ فَلَوْ كَرَّرَ لَانْحَلَّتِ السَّدَّةُ وَانْقَطَعَ الْإِسْهَالُ (فَرْعٌ) قَالَ الْبَاجِيُّ تُغْسَلُ الْقُرْحَةُ بِالْبَوْلِ وَالْخَمْرِ إِذَا غَسَلَ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ إِنِّي لَأَكْرَهُ الْخَمْرَ فِي الدَّوَاءِ وَغَيْرِهِ وَإِنَّمَا يُدْخِلُ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ مَنْ يُرِيدُ الطَّعْنَ فِي الدِّينِ وَالْبَوْلُ عِنْدَهُ أَخَفُّ وَلَا يُشْرَبُ بَوْلُ الْإِنْسَانِ لِيَتَدَاوَى بِهِ لِأَنَّهُ نَجَاسَةٌ

(مسألة)

وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ لَا يَجْعَلُ شِفَاءَ أُمَّتِي فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْهَا) أَيْ لَمْ يُشَرِّعْ كَمَا قَالَ تَعَالَى {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ} أَيْ لَمْ يُشَرِّعْ وَإِلَّا فَجَعْلُ الْخَلْقِ مَوْجُودٌ وَلَا بَأْسَ بِشُرْبِ أَبْوَالِ الْأَنْعَامِ الثَّمَانِيَةِ قِيلَ لَهُ كل مَا يُؤْكَل لحمله قَالَ لَمْ أَقُلْ إِلَّا الْأَنْعَامَ الثَّمَانِيَةَ وَلَا خَيْرَ فِي أَبْوَالِ الْأُتُنِ قَالَ مَالِكٌ وَلَا بَأْس بالكير من اللقوة (مَسْأَلَة) فِي الصِّحَاحِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّ الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَأَبْرِدُوهَا بِالْمَاءِ وَفِي الْمُوَطَّأِ كَانَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا إِذَا أُوتِيَتْ بِامْرَأَةٍ قد حمت صبَّتْ المَاء بَينهَا وَبَين حبيبها قَالَ الْعُلَمَاءُ هَذَا الْحَدِيثُ يُحْمَلُ عَلَى مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ شُرْبَ الْمَاءِ فَقَدْ ذَكَرَ فُضَلَاءُ الْأَطِبَّاءِ أَنَّ الْمَاءَ الْعَذْبَ الْبَارِدَ مِنْ أَحْسَنِ الْأَشْرِبَةِ الْبَسِيطَةِ وَأَنَّ شُرْبَهُ يَمْنَعُ عَادِيَةَ الْحُمَّيَاتِ الْحَادَّةِ وَيُسَكِّنُ لَهَبَ الصَّفْرَاءِ وحر العفوفة وَيُرَطِّبُ مَا جَفَّ مِنْ رُطُوبَةِ الْجَسَدِ وَيُيَبِّسُ الصَّفْرَاءَ وَحَرَارَةَ الْحُمَّيَاتِ وَهُوَ سَرِيعُ الِانْحِدَارِ خَفِيفٌ عَلَى الْعَلِيلِ وَثَانِيهِمَا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْحُمَّى الْحَادِثَةِ عَنْ سُوءِ مِزَاجٍ حَارٍّ عَنْ مَادَّةٍ فَإِذَا حُمَّ بِالْمَاءِ مِنْ خَارِجٍ بَرُدَ مِزَاجُهُ وَاعْتَدَلَ فَتَزُولُ الْحُمَّى قَالَ فِي الْقَبَسِ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى غَسْلِ الْأَطْرَافِ فَقَطْ فَإِنَّهُ يُنْعِشُ الْقُوَّةَ وَيُنْهِضُ النَّفْسَ مِنْ غَيْرِ اسْتِصْحَابٍ وَأَمَّا الْحُمَّى الْكَائِنَةُ عَنِ الْمَوَادِّ الْعَفِينَةِ مَتَى حُمَّ صَاحِبُهَا اسْتَصْحَبَ الْجَسَدُ وَاحْتَقَنَتِ الْأَبْخِرَةُ فِي بَاطِنِ الْجَسَدِ فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبًا لِتَهْيِيجِ الْمَوَادِّ وَإِحْدَاثِ الْحُمَّيَاتِ وَرُبَّمَا قُتِلَ وَقَدْ وَقَعَ كَثِيرًا لِلْمَحْمُومِينَ حُمُّوا فَمَاتُوا وَكَذَلِكَ كُلُّ حَدِيثٍ وَرَدَ فِي الطِّبِّ إِنَّمَا يُحْمَلُ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ مِنَ الْأَمْرَاضِ وَالْأَحْوَالِ

(مسألة)

(مَسْأَلَةٌ) قَالَ الْبَاجِيُّ قَالَ مُطَرِّفٌ إِنْ كَانَ الْمَرْضَى كَالْمَجْذُومِينَ وَنَحْوِهِمْ مَرَضُهُمْ يَسِيرٌ لَا يُخْرَجُونَ مِنَ الْقُرَى وَالْحَوَاضِرِ وَإِنْ كَثُرَ اتَّخَذُوا لِأَنْفُسِهِمْ موضعا كَمَا صنع مرضى مَكَّة عد التَّنْعِيمِ مَنْزِلَتُهُمْ وَلَا يُمْنَعُونَ مِنَ الْأَسْوَاقِ لِحَاجَاتِهِمْ والتطرف لِلْمَسْأَلَةِ إِذَا لَمْ يُرْزَقُوا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَقَالَ أَصْبَغُ يُخْرَجُونَ مِنَ الْحَوَاضِرِ وَإِذَا أُجْرِيَ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مَا يَكْفِيهِمْ أُلْزِمُوا بُيُوتهم أَو التنحي إِن شاؤا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ التَّنَحِّي إِذَا كَثُرُوا أَعْجَبُ إِلَيَّ وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ النَّاسُ وَيُمْنَعُ الْمَجْذُومُ مِنَ الْمَسْجِدِ وَمِنَ الْجُمُعَةِ (مَسْأَلَةٌ) قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ التَّطَبُّبُ قَبْلَ نُزُولِ الدَّاءِ مَكْرُوهٌ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ هُوَ جَائِزٌ لِحِفْظِ الصِّحَّةِ صَوْنًا لِلْجِسْمِ عَلَى الْعِبَادَةِ قَالَ وَأَرَى إِنْ خَشِيَ نُزُولَهُ جَازَ (مَسْأَلَةٌ) قَالَ عِيَادَةُ الْمَرِيض مُؤَكد طلبَهَا لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (عَائِدُ الْمَرِيضِ فِي غُرْفَةِ الْجَنَّةِ) وَلِمَا فِيهَا من التأنيس وَالْخَيْر والألفة وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (مَنْ عَادَ مَرِيضًا لَمْ يَحْضُرْ أَجَلُهُ فَقَالَ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَسْأَلُ اللَّهَ الْكَرِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَشْفِيَكَ) عُوفِيَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ وَرُبمَا وجده مُحْتَاجا لشَيْء فيسد خلته قَالَ التَّمْرِيضُ فَرْضُ كِفَايَةٍ صَوْنًا لِلْمَرِيضِ عَنِ الضَّيَاعِ فَأَوْلَى النَّاسِ الْقَرِيبُ ثُمَّ الصَّاحِبُ ثُمَّ الْجَارُ ثُمَّ سَائِرُ النَّاسِ

(مسألة)

(مَسْأَلَةٌ) قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ كَرِهَ مَالِكٌ الرُّقَى بِالْحَدِيدِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ الِاسْتِشْفَاءَ إِنَّمَا يَكُونُ بِكَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى وَاسْتَخَفَّ أَنْ يَنْجُمَ الشَّيْءُ وَيَجْعَلَ عَلَيْهِ حَدِيدَهُ لِمَا جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي النُّجُومِ مِنَ الْمَنْفَعَةِ بِالِاهْتِدَاءِ وَغَيْرِهِ وَلَمْ يَرَ بَأْسًا بِالْخَيْطِ يُرْبَطُ فِي الْأُصْبُعِ لِلتَّذْكَارِ وَقَدْ وَرَدَ فِيهِ حَدِيثٌ وَجَوَّزَ تَعْلِيقَ الْخَرَزَةِ مِنَ الْحُمْرَةِ وَأَجَازَ مَرَّةً تَعْلِيقَ التَّمَائِمِ من الْقُرْآن وَكَرِهَهَا مَرَّةً فِي الصِّحَّةِ مَخَافَةَ الْعَيْنِ أَوْ لِمَا يُتَّقَى مِنَ الْمَرَضِ وَأَجَازَهَا مَرَّةً بِكُلِّ حَالٍ وَفِي الْحَدِيثِ مَنْ عَلَّقَ شَيْئًا وُكِلَ إِلَيْهِ وَمَنْ عَلَّقَ تَمِيمَةً فَلَا أَتَمَّ اللَّهُ لَهُ وَمَنْ عَلَّقَ وَدَعَةً فَلَا أَوْدَعَ اللَّهُ لَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ أَجَازَهَا فِي الْمَرَضِ دُونَ الصِّحَّةِ لِقَوْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مَا عُلِّقَ بَعْدَ نُزُولِ الْبَلَاءِ فَلَيْسَ بِتَمِيمَةٍ وَأَمَّا الرُّقَى فَمَنْدُوبٌ إِلَيْهِ مُطْلَقًا لِلسُّنَّةِ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَأَمَّا التَّمَائِمُ بِالْعِبْرَانِيِّ وَمَا لَا يُعْرَفُ فَيَحْرُمُ لِلْمَرِيضِ وَالصَّحِيحِ لِمَا يُخْشَى أَنْ يَكُونَ فِيهَا مِنَ الْكُفْرِ (مَسْأَلَةٌ) قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ مَنْ بِهِ لَمَمٌ فَقِيلَ لَهُ إِنْ شِئْتَ قَتَلْنَا صَاحِبَكَ فَقَالَ لَا عِلْمَ لِي بِهَذَا وَهَذَا مِنَ الطِّبِّ وَكَانَ مَعْدِنٌ لَا يَزَالُ يُصَابُ فِيهِ بِالْجِنِّ فَأَمَرَهُمْ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ أَنْ يُؤَذِّنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَيَرْفَعُونَ بِهِ أَصْوَاتَهُمْ فَفَعَلُوا فَانْقَطَعَ ذَلِك عَنْهُمْ (النَّوْعُ الثَّامِنَ عَشَرَ الْعَيْنُ وَالْوُضُوءُ إِلَيْهَا) وَفِي الْمُوَطَّأِ اغْتَسَلَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ بِالْخَرَّارِ فَنَزَعَ جُبَّةً كَانَتْ عَلَيْهِ وَعَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يَنْظُرُ وَكَانَ سَهْلُ رَجُلًا أَبْيَضَ حَسَنَ الْجِلْدِ فَقَالَ لَهُ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ وَلَا جِلْدَ عَذْرَاءَ فَوُعِكَ سَهْلٌ مَكَانَهُ وَاشْتَدَّ وَعَكُهُ فَأُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّ سَهْلًا وُعِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَامَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ أَلَا

بَرَّكْتَ إِنَّ الْعَيْنَ حَقٌّ فَتَوَضَّأَ لَهُ عَامِرٌ فَغَسَلَ عَامِرٌ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَمِرْفَقَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَأَطْرَافَ رِجْلَيْهِ وَدَاخِلَةَ إِزَارِهِ فِي قَدَحٍ ثُمَّ صَبَّ عَلَيْهِ فبرئ سهل قَالَ الْبَاجِيّ الْحرار مَوْضِعٌ بِالْمَدِينَةِ وَقِيلَ مَاؤُهَا وَمَعْنَى الْعَيْنِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَجْرَى عَادَتَهُ أَنَّهُ إِذَا تَعَجَّبَ إِنْسَانٌ خَاصٌّ وَنَطَقَ وَلَمْ يُبَرِّكْ أَنْ يُصَابَ الْمُتَعَجَّبُ مِنْهُ وَذَلِكَ مَعْنًى فِي نَفْسِ الْعَائِنِ لَا يُوجَدُ فِي نَفْسِ غَيْرِهِ وَمَتَى بَرَّكَ قَالَ اللَّهُمَّ بَارِكْ فِيهِ أَوْ بَارَكَ اللَّهُ فِيهِ لَمْ تَضُرَّ عَيْنُهُ وَأَجْرَى اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ ذَلِكَ الْوُضُوءَ شِفَاؤُهَا وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ بِالْوُضُوءِ كَمَا تَقَدَّمَ وَقَالَ ابْنُ دِينَارٍ يَدَيْهِ وَمِرْفَقَيْهِ وَلَا يَغْسِلُ مَا بَيْنَ الْيَدِ وَالْمِرْفَقِ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ الَّذِي قَالَهُ عُلَمَاؤُنَا يُؤْتَى الْعَائِنُ بقدح فِيهِ مَاء فيسمك مُرْتَفِعًا مِنَ الْأَرْضِ فَيُدْخِلُ كَفَّهُ فَيُمَضْمِضُ ثُمَّ يَمُجُّهُ فِي الْقَدَحِ ثُمَّ يَغْسِلُ وَجْهَهُ فِي الْقَدَحِ صَبَّةً وَاحِدَةً ثُمَّ يُدْخِلُ يَدَهُ الْيُسْرَى فَيَصُبُّ بِهَا عَلَى كَفِّهِ الْيُمْنَى ثُمَّ يُدْخِلُ يَدَهُ الْيُمْنَى فَيَصُبُّ بِهَا عَلَى ظَهْرِ كَفِّهِ الْيُسْرَى صَبَّةً وَاحِدَةً ثُمَّ يُدْخِلُ يَدَهُ الْيُسْرَى فَيَصُبُّ بِهَا عَلَى مِرْفَقِهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ بِيَدِهِ الْيُمْنَى عَلَى مِرْفَقِهِ الْأَيْسَرِ ثُمَّ بِيَدِهِ الْيُسْرَى عَلَى قَدَمِهِ الْيُمْنَى ثُمَّ بِيَدِهِ الْيُمْنَى عَلَى قَدَمِهِ الْيُسْرَى ثُمَّ بِيَدِهِ الْيُسْرَى عَلَى رُكْبَتِهِ الْيُمْنَى ثُمَّ يُدْخِلُ يَدَهُ الْيُمْنَى فَيَصُبُّ بِهَا عَلَى رُكْبَتِهِ الْيُسْرَى كُلُّ ذَلِكَ فِي قَدَحٍ ثُمَّ يُدْخِلُ دَاخِلَةَ إِزَارِهِ وَلَا يُوضَعُ الْقَدَحُ فِي الْأَرْضِ وَيَصُبُّ عَلَى رَأْسِ الْمُعَيَّنِ مِنْ خَلْفِهِ صَبَّةً وَاحِدَةً وَقِيلَ يُعْتَقَلُ وَيُصَبُّ عَلَيْهِ ثُمَّ يُكْفَى الْقَدَحُ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ وَرَاءَهُ وَدَاخِلَةُ إِزَارِهِ هُوَ الطَّرَفُ الْمُتَدَانِي الَّذِي يُفْضِي مِنْ مِئْزَرِهِ إِلَى جِلْدِهِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَمُرُّ بِالطَّرَفِ الْأَيْمَنِ عَلَى الْأَيْسَرِ حَتَّى يَشُدَّهُ بِذَلِكَ الطَّرَفِ الْمُتَدَانِي الَّذِي يَكُونُ مِنْ دَاخِلٍ وَعَنِ ابْنِ نَافِعٍ لَا يُغْسَلُ مَوْضِعُ الْخَرَزَةِ مِنْ دَاخِلِ الْإِزَارِ وَإِنَّمَا يُغْسَلُ الطَّرَفُ الْمُتَدَانِي قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ الْإِزَارُ الَّذِي تَحْتَ الْإِزَارِ مِمَّا يَلِي الْجَسَد قَالَ مَالِكٌ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ الطَّرَفُ الدَّاخِلُ الْمُتَدَلِّي قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الَّذِي يَضَعُهُ الْمُؤْتَزِرُ أَوَّلًا عَلَى حِقْوِهِ وَفِي الْمُوَطَّأِ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالرُّقْيَةِ لِلْعَيْنِ وَقَالَ لَوْ سَبَقَ شَيْءٌ الْقَدَرَ لَسَبَقَتْهُ الْعَيْنُ تَنْبِيهٌ خَلَقَ اللَّهُ النُّفُوسَ مُخْتَلِفَةَ الهيآت فَنَفْسٌ مَهِيبَةٌ وَنَفْسٌ مَهِينَةٌ وَنَفْسٌ تُؤَثِّرُ بِالْعَيْنِ وَنَفْسٌ تُؤَثِّرُ بِالْقَتْلِ فَفِي الْهِنْدِ مَنْ إِذَا جَمَعَ نَفْسَهُ عَلَى إِنْسَانٍ ذَهَبَ

(النوع التاسع عشر المهاجرة)

قَلْبُهُ مِنْ صَدْرِهِ فَمَاتَ وَيُجَرِّبُونَهُمْ فِي الرُّمَّانَةِ يَحُطُّونَهَا وَيَجْمَعُونَ هِمَّتَهُمْ عَلَيْهَا فَتُفْتَحُ فَلَا يُوجَدُ فِيهَا حَبٌّ وَكَذَلِكَ بَعْضُ النُّفُوسِ خُلِقَ شَفَّافَ النَّفْسِ إِذَا ارْتَاضَ حَصَلَتْ لَهُ الْمُكَاشَفَةُ وَإِدْرَاكُ الْمُغَيَّبَاتِ كَانَ مُؤْمِنًا أَوْ كَافِرًا وَلِذَلِكَ لَا يَسْتَدِلُّ بِالْمُكَاشَفَاتِ عَلَى الدِّيَانَاتِ وَمِنْهُمْ مَنْ خُلِقَ بِحَيْثُ إِذَا نَظَرَ فِي أَحْكَامِ النُّجُومِ بِزَعْمِهِ أَو ضرب الرمل أَو باليسر أَوْ بِالشَّعِيرِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَتَعَاطَاهُ النَّاسُ أَرْبَابُ الزَّجْرِ لَا يَكَادُ يُخْطِئُ أَصْلًا لِخَاصِّيَّةٍ فِي نَفْسِهِ لَا لِأَنَّ ذَلِكَ الْمَعْنَى حق وَكَذَلِكَ الرقي الطلسات وَالسِّحْرِيَّاتُ تَابِعٌ لِخَوَاصِّ النُّفُوسِ فَرُبَّ رُقْيَةٍ تُؤَثِّرُ مَعَ شَخْصٍ دُونَ غَيْرِهِ وَمَنْ جَرَّبَ وَجَدَ وَلَا عَجَبَ فِي أَنْ تَكُونَ النُّفُوسُ مُخْتَلِفَةَ الْخَواص بل الْحَيَوَان لِأَنَّهُ أبدع فِي المخوقات مِنَ النَّبَاتِ وَالْجَمَادِ وَقَدْ خَصَّ اللَّهُ تَعَالَى العقاقير النباتية والجمادية بأنواع السموميات والترياقيات وَالْمَنَافِعِ الْغَرِيبَةِ وَالْخَوَاصِّ الْعَجِيبَةِ وَجَمِيعِ هَذِهِ الْآثَارِ فِي الْجَمِيعِ إِنَّمَا هِيَ صَادِرَةٌ عَنْ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَشِيئَتِهِ عِنْدَ هَذِهِ الْأَسْبَابِ الْعَادِيَّةِ وَلَوْ شَاءَ تَعَالَى لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَسُبْحَانَ مَنْ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَيَحْكُمُ مَا يُرِيدُ (النَّوْعُ التَّاسِعَ عَشَرَ الْمُهَاجَرَةُ) وَفِي الْمُوَطَّأ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاث يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يبْدَأ بِالسَّلَامِ) وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ فَيغْفر لكل مُسلم لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا إِلَّا رجل كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ فَيُقَالُ أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا) قَالَ الْبَاجِيُّ عَنْ مَالِكٍ إِنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُكَلِّمْهُ انْقَطَعَتِ الْمُهَاجَرَةُ لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ فَلَوْ لَمْ يَخْرُجْ مِنَ الْمُهَاجَرَةِ لَمَا مُدِحَ وَعَنْهُ إِنْ كَانَ غَيْرَ مُؤْذٍ لَهُ فَكَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مُؤْذِيًا لَهُ فَلَا يخرج بِمُجَرَّد السَّلَام لِأَنَّ الْأَذَى أَشَدُّ مِنَ الْمُهَاجَرَةِ وَعَنْ مَالِكٍ الْمُهَاجَرَةُ مِنَ الْغِلِّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا اعْتَزَلَ كَلَامَهُ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُؤْذٍ لَهُ وَفِي

(النوع العاشرون في المناجاة)

الْمُقَدِّمَاتِ يَخْرُجُ بِالسَّلَامِ مِنَ الْهِجْرَانِ إِنْ كَانَ مُتَمَادِيًا عَلَى أَذِيَّتِهِ وَالسَّبَبُ الَّذِي هَجَرَهُ مِنْ أَجْلِهِ فَإِنْ كَانَ أَقْلَعَ عَنْ ذَلِكَ فَلَا يَخْرُجُ مِنْ هِجْرَانِهِ وَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِ إِلَّا بِالْعَوْدِ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مَعَهُ قَالَ هَذَا مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ وَيُهْجَرُ أَهْلُ الْأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ وَالْفُسُوقِ لِأَنَّ الْحُبَّ وَالْبُغْضَ فِيهِ وَاجِبٌ وَلِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْحَثِّ عَلَى الْخَيْر والتنفير من الشَّرّ والفسوق (النَّوْع العاشرون فِي الْمُنَاجَاة) فِي الْمُوَطَّأ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (لَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ وَاحِدٍ) قَالَ الْبَاجِيُّ قَالَ ابْن دِينَار لَا يتسارى وَيَتْرُكَا صَاحِبَهُمَا وَحْدَهُ قَرِينَ الشَّيْطَانِ يَظُنُّ بِهِمَا أَنَّهُمَا يَغْتَابَانِهِ وَرُوِيَ أَنَّ هَذَا إِنَّمَا هُوَ فِي السَّفَرِ وَرُوِيَ أَنَّهُ كَانَ فِي بَدْءِ الْإِسْلَامِ وَأَكْثَرُ النَّاسِ عَلَى عُمُومِهِ لِأَنَّهُ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَعَنْ مَالِكٍ لَا يَتَنَاجَى ثَلَاثَةٌ دُونَ وَاحِدٍ لِلنَّهْيِ عَنْ تَرْكِ وَاحِدٍ وَلَوْ كَانُوا عَشَرَةً أَنْ يَتْرُكُوا وَاحِدًا لِمَا تَقَدَّمَ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ كُلَّمَا كَثُرَتِ الْجَمَاعَةُ كَانَ أَشَدَّ وَأَقَلَّ أَدَبًا فِي حَقِّهِ وَإِذَا خَشِيَ الْمُتَنَاجِيَانِ أَنَّ صَاحِبَهُمَا يَظُنُّ أَنَّهُمَا يَتَحَدَّثَانِ فِي غَدْرِهِ حَرُمَ عَلَيْهِمَا كَانَ فِي سَفَرٍ أَوْ حَضَرٍ وَإِنْ أَمِنَا كُرِهَ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ لِأَنَّهُ يَعُمُّ الْمُنْفَرِدَ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ (النَّوْع الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ مَا يَجْرِي مِنَ الْغُرُورِ وَالتَّدْلِيسِ) وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ لَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ وَصْلُ شَعْرِهَا وَلَا وَشْمُ وَجْهِهَا وَلَا يَدَيْهَا وَلَا وَشْرُ أسنانها لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الصَّحِيحِ (لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ وَالْوَاشِرَةَ وَالْمُسْتَوْشِرَةَ وَالْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِمَةَ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خلق الله فالوشم التغزير بِالْإِبْرَةِ ثُمَّ يُحْشَى مَوْضِعُهُ بِالْكُحْلِ فَيَخْضَرُّ وَالْوَشْرُ نحت الْأَسْنَان حَتَّى تتفلج وتحدد أَطْرَافُهَا وَالْمُتَنَمِّصَاتُ قَالَ الْمَازِرِيُّ فِي الْمُعَلِّمِ النَّامِصَةُ الَّتِي تَنْتِفُ الشَّعْرَ مِنَ الْوَجْهِ وَالْمُتَنَمِّصَةُ الَّتِي يُفْعَلُ بِهَا ذَلِكَ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ وَيَجُوزُ لَهَا خَضْبُ يَدَيْهَا وَرِجْلَيْهَا بِالْحِنَّاءِ وَأَجَازَ مَالِكٌ

(سؤال)

تَطْرِيفَ أَصَابِعِهَا وَنَهَى عَنْهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ وَهُوَ يَخْطُبُ يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ اخْتَضِبْنَ وَإِيَّاكُنَّ وَالنَّقْشَ وَالتَّطْرِيفَ وَلْتَخْضِبْ إِحْدَاكُنَّ يَدَيْهَا إِلَى هَذَا وَأَشَارَ إِلَى مَوْضِعِ السِّوَارِ وَسَبَبُ الْمَنْعِ فِي وَصْلِ الشَّعْرِ وَمَا مَعَهُ التَّدْلِيسُ وَالْغُرُورُ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ تَنْبِيهٌ لَمْ أَرَ لِلْفُقَهَاءِ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ فِي تَعْلِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ إِلَّا أَنَّهُ تَدْلِيسٌ عَلَى الْأَزْوَاجِ لِيَكْثُرَ الصَّدَاقُ وَيُشْكِلُ ذَلِكَ إِذَا كَانُوا عَالِمِينَ بِهِ وَبِالْوَشْمِ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَدْلِيسٌ وَمَا فِي الْحَدِيثِ مِنْ تَغْيِيرِ خَلْقِ اللَّهِ لَمْ أَفْهَمْ مَعْنَاهُ فَإِنَّ التَّغْيِيرَ لِلْجَمَالِ غَيْرُ مُنْكَرٍ فِي الشَّرْعِ كَالْخِتَانِ وَقَصِّ الظُّفْرِ وَالشَّعْرِ وَصَبْغِ الْحِنَّاءِ وَصَبْغِ الشَّعْرِ وَغير ذَلِك (سُؤال) قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (الْمُؤْمِنُ لَا يَكُونُ لَعَّانًا) وَوَرَدَ اللَّعْنُ فِي هَذَا الحَدِيث وَفِي قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ حَرَّمَتِ الشُّحُومَ) الْحَدِيثَ وَفِي وَقَوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (لَعَنَ اللَّهُ الْمُتَشَبِّهَاتِ بِالرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ) الْحَدِيثَ وَأُجِيبَ عَنْهُ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ هَذَا إِخْبَارٌ بِوُقُوعِ اللَّعْنِ الَّذِي هُوَ الْبُعْدُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى هَذِهِ الطَّوَائِفِ لَا دُعَاءٌ وَإِنَّمَا حرم دُعَاء الثَّانِي أَن لعان صِيغَةُ مُبَالَغَةٍ وَإِنَّمَا يَصْلُحُ لِمَنْ كَانَ لَهُ ذَلِكَ عَادَةٌ وَكَانَتْ هَذِهِ اللَّفْظَاتُ قَلِيلَةً فَلَمْ تَكُنْ عَادَةً فَلَمْ يَنْدَرِجْ فِي النَّهْيِ (النَّوْع الثَّانِي وَالْعشْرُونَ مُخَالطَة الذُّكُور للإناث وَنَحْوِهِ) فِي الْمُقَدِّمَاتِ لَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَخْلُو بِامْرَأَة لَيست مِنْهُ بِمحرم لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (إِنَّ الشَّيْطَانَ ثَالِثُهُمَا) مَعْنَاهُ يُوَسْوِسُ بَيْنَهُمَا وَإِذَا كَانَ مَعَهُ غَيْرُهُ خَشِيَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ تُحَدِّثُهُ بِالْمَعْصِيَةِ وَيَجُوزُ النَّظَرُ لِلْمُتَجَالَّةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ متبرجات بزينة} وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْظُرَ لِلشَّابَّةِ إِلَّا لِعُذْرٍ مِنْ شَهَادَةٍ أَوْ عِلَاجٍ أَوْ

إِرَادَة زَوجهَا لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (هَل نظرت إِلَيْهَا فَإِنَّهُ أَحْرَى أَن يَدُوم بَيْنَكُمَا وَتَقَدَّمَ بَسْطُهُ فِي النِّكَاحِ) وَيَجُوزُ لِلْعَبْدِ أَنْ يَرَى مِنْ سَيِّدَتِهِ مَا يَرَاهُ ذُو الْمَحْرَمِ مِنْهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ مَنْظَرٌ فَيُكْرَهُ أَنْ يرى مَا عدا وَجههَا وَلها أَن تواكله إِن كَانَ وَغدا دنيا يومن مِنْهُ التَّلَذُّذُ بِهَا بِخِلَافِ الشَّابِّ الَّذِي لَا يُؤْمَنُ وَاخْتُلِفَ فِي غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ الَّذِينَ فِي الْآيَةِ فَقِيلَ الْأَحْمَقُ الْمَعْتُوهُ الَّذِي لَا يَهْتَدِي لِشَيْءٍ مِنْ أَمْرِ النِّسَاءِ وَقِيلَ الْحَصُورُ وَالْعِنِّينُ الَّذِي لَا يَنْتَشِرُ لِلنِّسَاءِ وَكَذَلِكَ الْخَصِيُّ وَالْأول لمَالِك وَيُؤَيِّدهُ قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْمُخَنَّثِ الَّذِي كَانَ يَلِجُ عَلَى أَزْوَاجِهِ لَا يَدْخُلُ هَؤُلَاءِ عَلَيْكُنَّ وَلَا يَجُوزُ لِلْخَصِيِّ الدُّخُولُ عَلَى الْمَرْأَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَبْدَهَا واستخف إِذا كَانَ عبد زَوجهَا للْمَشَقَّة الداخلية عَلَيْهَا فِي اسْتِتَارِهَا مِنْهُ وَعَنْهُ جَوَازُ دُخُولِهِ عَلَيْهَا إِذْ لَمْ يَكُنْ حُرًّا وَكَانَ عَبْدَ زَوْجِهَا أَوْ عَبْدَهَا أَوْ لِغَيْرِهِمَا اسْتِحْسَانًا وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الصِّبْيَانِ فِي الْمَضَاجِعِ قِيلَ لِسَبْعِ سِنِينَ وَقِيلَ لِعَشْرٍ إِذَا ضُرِبُوا عَلَى الصَّلَاةِ وَهُوَ ظَاهر قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (مُرُوهُمْ بِالصَّلَاةِ لِسَبْعٍ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا لِعَشْرٍ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ) وَلَا يَجْتَمِعُ رَجُلَانِ وَلَا امْرَأَتَانِ متعريين فِي لِحَاف لنَهْيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ مُعَاكَمَةِ الرَّجُلِ لِلرَّجُلِ بِغَيْرِ شِعَارٍ وَمُعَاكَمَةِ الْمَرْأَةِ الْمَرْأَةَ بِغَيْرِ شِعَارٍ وَالْمُعَاكَمَةُ هِيَ ذَلِكَ لُغَةً وَالْمَتَاعُ الْمَعْكُومُ أَيِ الْمَشْدُودُ بَعْضُهُ لِبَعْضٍ وَعَكِيمُ الْمَرْأَةِ ضَجِيعُهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ يَجُوزُ لَهُ رُؤْيَةُ فَرْجِ امْرَأَتِهِ فِي الْجِمَاعِ وَمَنَعَ مَالك رُؤْيَة خَادِم

(النوع الثالث والعشرون معاملة مكتسب الحرام كمتعاطي الربا والغلول وأثمان الغصوب والخمور ونحو ذلك)

الزَّوْجَة فَخذ وَزوجهَا وَلَا يدْخلهُ عَلَيْهِ الْمِرْحَاضَ وَكَذَلِكَ خَادِمُ ابْنِهِ وَأَبِيهِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ الرَّجُلُ إِلَى شَعْرِ أُمِّ زَوْجَتِهِ وَلَا يَنْبَغِي إِنْ قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ أَنْ تُعَانِقَهُ وَإِنْ كَانَتْ عَجُوزًا وَلْيَبْعُدْ مِنْ أُخْتِ امْرَأَتِهِ مَا اسْتَطَاعَ وَيَتَقَدَّمُ لِلصُّنَّاعِ فِي قُعُودِ النِّسَاءِ إِلَيْهِمْ وَلَا تَجْلِسُ الشَّابَّةُ عِنْدَ الصَّانِعِ إِلَّا الْخَادِمَ الدُّونَ وَمَنْ لَا يُتَّهَمُ فِيهَا قَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ أَنْ تَغْتَسِلَ الْمَرْأَةُ فِي الْفَضَاءِ بِغَيْرِ مِئْزَرٍ قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ قِيلَ لِمَالِكٍ أَيُجَامِعُ امْرَأَتَهُ لَيْسَ بَيْنَهُمَا سِتْرٌ قَالَ نَعَمْ قَالَ إِنَّهُمْ يَرَوْنَ كَرَاهِيَتَهُ قَالَ أَلْغِ مَا يَتَحَدَّثُونَ قَدْ كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَعَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا يَغْتَسِلَانِ عُرْيَانَيْنِ فَالْجِمَاعُ أَوْلَى قَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ أَنْ يَأْتَزِرَ تَحْتَ سُرَّتِهِ وَيُبْدِيَ سُرَّتَهُ إِنْ كَانَ عَظِيمَ الْبَطْنِ وَأُنْكِرُ مَا يَفْعَلُ جَوَارِي الْمَدِينَةِ يَخْرُجْنَ قَدْ كَشَفْنَ مَا فَوْقَ الْإِزَارِ قَالَ وَقَدْ كَلَّمْتُ فِيهِ السُّلْطَانَ فَلَمْ أُجَبْ لِذَلِكَ قِيلَ لَهُ فَغُلَامٌ بَعْضُهُ حُرٌّ هَلْ يَرَى شَعْرَ سَيِّدَتِهِ قَالَ لَا أُحِبُّهُ وَاحْتَجَبَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنْ أَعْمَى فَقِيلَ لَهَا إِنَّهُ لَا ينظر إِلَيْك فَقَالَت لَكِنْ أَنْظُرُ إِلَيْهِ قَالَ وَلَا يُعْجِبُنِي النَّظَرُ إِلَى شَعْرِ نِسَاءِ النَّصَارَى قَالَ اللَّخْمِيُّ يَرَى الْمُكَاتَبُ شَعْرَ سَيِّدَتِهِ بِخِلَافِ الْمُشْرِكِ وَإِنْ كَانَ وَغْدًا (النَّوْع الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ مُعَامَلَةُ مُكْتَسِبِ الْحَرَامِ كَمُتَعَاطِي الرِّبَا وَالْغُلُولِ وَأَثْمَانِ الْغُصُوبِ وَالْخُمُورِ وَنَحْوِ ذَلِكَ) وَفِي الْجَوَاهِرِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ الْغَالِبُ عَلَى مَالِهِ الْحَرَامُ أَوِ الْحَلَالُ أَوْ جَمِيعُهُ حرَام إِمَّا بِأَن لَا يَكُونَ لَهُ مَالٌ حَلَالٌ أَوْ تَرَتَّبَ فِي ذِمَّتِهِ مِنَ الْحَرَامِ مَا يَسْتَغْرِقُ مَا بِيَدِهِ مِنَ الْحَلَالِ فَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ الْحَلَالُ أَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ مُعَامَلَتَهُ وَاسْتِقْرَاضَهُ وَقَبْضَ الدَّيْنِ مِنْهُ وَقبُول هديته وهيبة وَأَكْلَ طَعَامِهِ وَحَرَّمَ جَمِيعَ ذَلِكَ ابْنُ وَهْبٍ وَكَذَلِكَ أَصْبَغُ عَلَى أَصْلِهِ مِنْ أَنَّ الْمَالَ إِذَا خَالَطَهُ حَرَامٌ يَبْقَى حَرَامًا كُلُّهُ يَلْزَمُهُ التَّصَدُّقُ بِجَمِيعِهِ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ وَالْقِيَاسُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ اسْتِحْسَانٌ وَقَوْلُ أَصْبَغَ تَشَدُّدٌ فَإِنَّ قَاعِدَةَ الشَّرْعِ اعْتِبَارُ الْغَالِبِ

وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ الْحَرَامَ امْتَنَعَتْ مُعَامَلَتُهُ وَقَبُولُ هَدِيَّتِهِ كَرَاهَةً عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَتَحْرِيمًا عِنْدَ أَصْبَغَ إِلَّا أَنْ يَبْتَاعَ سِلْعَةً حَلَالًا فَلَا بَأْسَ أَنْ يَبْتَاعَ مِنْهُ وَيَقْبَلَ هَدِيَّتَهُ إِنْ عَلِمَ أَنَّهُ قَدْ بَقِيَ فِي يَدَيْهِ مَا يَفِي بِمَا عَلَيْهِ من التباعات عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ مُعَامَلَتَهُ مَكْرُوهَةٌ وَيُخْتَلَفُ عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّحْرِيمِ فَإِنْ كَانَ الْجَمِيعُ حَرَامًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُ فَفِي مُعَامَلَتِهِ وَهَدِيَّتِهِ وَأَكْلِ طَعَامِهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ يَحْرُمُ ذَلِكَ كُلُّهُ وَإِنْ كَانَتِ السِّلْعَةُ الَّتِي وَهَبَ وَالطَّعَامُ الَّذِي أَطْعَمَ عُلِمَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ نَظَرًا إِلَى الثَّمَنِ فَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ وَرِثَهُ أَوْ وُهِبَ لَهُ فَيَجُوزُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ تَرَتَّبَ فِي ذِمَّتِهِ مِنَ الْحَرَامِ مَا يَسْتَغْرِقُ مَا وَرِثَ أَوْ وُهِبَ لَهُ فَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ مَا اشْتَرَاهُ وَكَذَلِكَ مَا صَادَهُ وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّ مُعَامَلَتَهُ تَجُوزُ فِي ذَلِكَ الْمَالِ فِيمَا ابْتَاعَهُ مِنَ السِّلَعِ وَمَا وُهِبَ لَهُ أَوْ وَرِثَهُ وَكَانَ عَلَيْهِ مِنَ التَّبِعَاتِ مَا يَسْتَغْرِقُهُ إِذَا عَامَلَهُ بِالْقِيمَةِ وَلَمْ يُحَابِهِ نَظَرًا لِتَجَدُّدِ الْمَالِكِ وَلَا تَجُوزُ هِبَتُهُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَلَا مُحَابَاتُهُ لِأَنَّهُ مُسْتَغْرَقُ الذِّمَّةِ بِمَا يَتَعَيَّنُ لَهُ هَذَا الْمَالُ وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ لَا تَجُوزُ مُبَايَعَتُهُ فِي ذَلِكَ الْمَالِ فَإِنِ اشْتَرَى بِهِ سِلْعَةً جَازَ أَنْ تُشْتَرَى وَأَنْ تُقْبَلَ مِنْهُ هِبَتُهُ وَكَذَلِكَ مَا وَرِثَهُ أَوْ وُهِبَ لَهُ وَإِنِ استغرقه التَّبِعَاتُ الَّتِي عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَكَذَلِكَ هَؤُلَاءِ الْعُمَّالُ فِيمَا اشْتَرَوْهُ فِي الْأَسْوَاقِ فَأَهْدَوْهُ لِرَجُلٍ جَازَ لَهُ وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ يَجُوزُ مُبَايَعَتُهُ وَقَبُولُ هِبَتِهِ وَأَكْلُ طَعَامِهِ فِي ذَلِكَ الْمَالِ وَفِيمَا اشْتَرَاهُ أَوْ وُهِبَ لَهُ أَوْ وَرِثَهُ وَإِنْ كَانَ مَا عَلَيْهِ مِنَ التَّبِعَاتِ اسْتَغْرَقَهُ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَجُوزُ أَنْ تُورَثَ عَنْهُ وَاخْتُلِفَ عَلَى الْقَوْلِ بِمَنْعِ مُعَامَلَتِهِ فِي ذَلِكَ الْمَالِ وَقَبُولِ هِبَتِهِ وَأَكْلِ طَعَامه هَل يسوغ للْوَارِث الوارثة أَولا عَلَى قَوْلَيْنِ يَسُوغُ بِالْمُوَارَثَةِ لَا بِالْهِبَةِ قَالَهُ سَحْنُونٌ وَالثَّانِي لَا يَسُوغُ بِالْمِيرَاثِ كَمَا لَا يَسُوغُ بِالْهِبَةِ وَيَلْزَمُ الْوَارِثَ التَّخَلِّي عَنْ هَذَا الْمَالِ وَالصَّدَقَةُ بِهِ كَمَا كَانَ يَلْزَمُ الْمَوْرُوثَ

(مسألة)

(مَسْأَلَةٌ) قَالَ مَنِ اشْتَرَى سِلْعَةً حَلَالًا بِمَالٍ حَرَامٍ وَالثَّمَنُ عَيْنٌ قَالَ أَصْحَابُنَا يَجُوزُ شِرَاؤُهَا مِنْهُ عَلِمَ صَاحِبُهَا بِخُبْثِ الثَّمَنِ أَمْ لَا لِأَنَّ النَّقْدَيْنِ لَا يَتَعَيَّنَانِ وَأَجَازَ ابْنُ عَبْدُوسٍ مَعَ الْعِلْمِ بِخُبْثِ الثَّمَنِ دُونَ الْجَهْلِ وَكَرِهَ سَحْنُونٌ شِرَاءَهَا مَعَ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ فَأَمَّا شِرَاؤُهَا بِعَرَضٍ بِعَيْنِهِ حَرَامٍ فَلَا يَجُوزُ فَإِنْ بَاعَ شَيْئا حَرَامًا بِشَيْء حَلَال قَالَ أَحْمد ابْن نَصْرٍ الدَّاوُدِيُّ الْمَأْخُوذُ فِي الْحَرَامِ حَرَامٌ وَحُرِّمَ الْحَلَال بيد لأَخذه إِنْ عَلِمَ بِذَلِكَ (مَسْأَلَةٌ) قَالَ ابْنُ نَصْرٍ الدَّاودِيّ وَصَايَا السلاطين المعروفين بالظلم المستغرقي الذِّمَّةِ غَيْرُ جَائِزَةٍ عَنْهُمْ مَرْدُودَةٌ وَلَا تُورَثُ أَمْوَالُهُمْ لِأَنَّ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ لِلْمَظْلُومِينَ إِنْ عُلِمُوا أَوْ لِلْمُسْلِمِينَ إِنْ جُهِلُوا (مَسْأَلَةٌ) قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ بِحُضُورِ أَهْلِ الْفَضْلِ الْأَسْوَاقَ يَشْتَرِي لِنَفْسِهِ وَإِنْ سُومِحَ لِفَضْلِهِ وَحَالِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ لِأَنَّهُ شَيْءٌ كَانَ مِنْهُمْ إِلَيْهِ دُونَ سُؤَالٍ وَكَانَ عُمَرُ ابْن الْخطاب رَضِي الله عته يَدْخُلُ السُّوقَ وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الأَسْوَاقِ} ردا لقَوْل الْمُشْركين {مَا لهَذَا الرَّسُول يَأْكُل الطَّعَام وَيَمْشي فِي الْأَسْوَاق} (مَسْأَلَة) قَالَ مَال بِبَيْت الْمَالِ إِنْ كَانَ مَجْبَاهُ حَلَالًا وَقُسِمَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ فَتَرْكُهُ إِنَّمَا يَكُونُ وَرَعًا وَإِيثَارًا لِغَيْرِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَهُوَ حَسَنٌ وَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا إِلَيْهِ فَهُوَ

(مسألة)

مِمَّنْ قَالَ اللَّهُ فِيهِمْ {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَو كَانَ بهم خصَاصَة} وَإِن كَانَ المجبا حَلَالًا وَلَمْ يُعْدَلْ فِي قِسْمَتِهِ فَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ كَرِهَ أَخْذَهُ وَأَكْثَرُهُمْ يُجِيزُهُ وَإِنْ كَانَ المجبا حَلَال وَحَرَامًا فَأَكْثَرُهُمْ كَرِهَهُ وَأَجَازَهُ أَقَلُّهُمْ فَإِنْ كَانَ حَرَامًا صِرْفًا حَرَّمَ مَالِكٌ الْأَخْذَ مِنْهُ وَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ أَجَازَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ كَرِهَهُ وَهُمُ الْأَكْثَرُ لِأَنَّهُ اخْتَلَطَ وَتَعَذَّرَ رَدُّهُ غَيْرَ أَنَّ غَيْرَهُ أَحْسَنُ مِنْهُ (مَسْأَلَةٌ) قَالَ مُعَامَلَةُ الذِّمِّيِّ آكِلِ الرِّبَا وَبَائِعِ الْخَمْرِ فِي ذَلِكَ الْمَالِ أَخَفُّ مِنَ الْمُسْلِمِ قَالَ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُخَاطَبٍ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْأَقْوَالِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ حَلَّ لَهُ ثَمَنُ الْخَمْرِ وَمَالُ الرِّبَا بِخِلَافِ الْمُسْلِمِ لَوْ تَابَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ فِي الْجِزْيَةِ (مَسْأَلَةٌ) قَالَ جَزَمَ أَصْبَغُ بِتَحْرِيمِ كِرَاءِ الْقَيَاسِرِ وَالْحَوَانِيتِ الْمَغْصُوبَةِ وَالْمَبْنِيَّةِ بِالْمَالِ الْحَرَامِ وَلَا يُقْعَدُ عِنْدَهُمْ فِي تِلْكَ الْحَوَانِيتِ وَلَا تُتَّخَذُ طَرِيقًا إِلَّا الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ إِذَا احْتَاجَ إِلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَجِدْ مِنْهُ بُدًّا وَكَذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَسْجِدِ قَالَ أَصْبَغُ وَمَا اكْتُسِبَ فِي الْحَوَانِيتِ فَهُوَ حَرَامٌ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ مُقْتَضَى الْأُصُولِ عدم التَّحْرِيم فِي المكتسب من الْحَوَانِيتِ وَيَلْزَمُهُ الْكِرَاءُ لَهَا فِي الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ وَيَحْرُمُ الْمَقَامُ فِيهَا وَأَمَّا الْمَبْنِيَّةُ بِالْحَرَامِ فَلَا يَحْرُمُ كِرَاؤُهَا بَلْ يُكْرَهُ قَالَ لِأَنَّ الْبُنْيَانَ لِبَانِيهِ وَالْحَرَامَ مُرَتَّبٌ فِي ذِمَّتِهِ وَكَذَلِكَ الْمَسْجِدُ تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِيهِ فَقَطْ وَالْمَالُ الْحَرَامُ الَّذِي لَا يُعْلَمُ رَبُّهُ سَبِيلُ الْفَيْءِ لَا سَبِيلُ الصَّدَقَةِ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَعَلَى هَذَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ دُونَ كَرَاهَةٍ إِذَا جُهِلَ صَاحِبُ الْمَالِ الْحَرَامِ الَّذِي بَنَى بِهِ الْمَسْجِدُ (مَسْأَلَةٌ) قَالَ إِذَا غَصَبَكَ وَقُضِيَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ عِنْدَهُ إِلَّا مَالٌ حرَام قَالَ أصبغ لَا يَأْخُذ

(مسألة)

ويتبعه بِمَالِه عَلَيْهِ وَإِنْ دَفَعَ لَكَ اللِّصُّ أَوِ الْغَاصِبُ غَيْرَ مَالِكَ لَا يَحِلُّ لَكَ أَخْذُهُ قَالَ وَالَّذِي يَقْتَضِيهِ الْقِيَاسُ أَخْذُ قِيمَةِ مَتَاعِهِ وَإِنِ اسْتَغْرَقَ ذِمَّتَهُ الْحَرَامُ (مَسْأَلَةٌ) قَالَ قَالَ أَصْبَغُ الَّذِي لَا يُؤَدِّي زَكَاتَهُ مَالُهُ كُلُّهُ فَاسِدٌ لَا يُعَامل وَلَا يُوكل مِنْهُ وَإِنْ عَامَلَهُ أَحَدٌ تَصَدَّقَ بِمَا وَصَلَ إِلَيْهِ مِنْهُ كَمُعَامِلِ الْغَاصِبِ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ لِلْمَسَاكِينِ بَلْ أَشَدُّ مِنَ الْغَاصِبِ وَلَيْسَ مَنْ ظَلَمَ وَاحِدًا كمن ظلم النَّاس أَجْمَعِينَ لِأَن الزَّكَاةِ ظُلْمُ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ وَلِلْمُشْتَرِي مِنْهُ الرَّدُّ عَلَيْهِ قَالَ وَهَذَا مِنْ أَصْبَغَ عَلَى أَصْلِهِ أَنَّ الْمَالَ الَّذِي بَعْضُهُ حَرَامٌ حَرَامٌ كُلُّهُ وَأَمَّا عَلَى رَأْيِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا كَانَ غَالِبُ مَالِهِ الْحَلَالَ جَازَتْ مُعَامَلَتُهُ وَأَمَّا إِذَا كَانَ نَاوِيًا إِخْرَاجَ الزَّكَاةِ فَتَجُوزُ مُعَامَلَتُهُ وَهِبَتُهُ وَعَلَى الْوَاهِبِ إِثْمُ التَّأْخِيرِ وَقَوْلُهُ يَتَصَدَّقُ بِمَا عَامَلَهُ فِيهِ فَلَا وَجْهَ لَهُ بَلْ يَتَصَدَّقُ بِنَائِبِ الْمَسَاكِينِ وَهُوَ رُبُعُ عُشْرِهِ وَقَوْلُهُ يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا اشْتَرَاهُ سَوَاءٌ عَلَى أَصْلِهِ مَا ابْتَاعَ مِنَ الطَّعَامِ الَّذِي لَمْ يُزَكِّهِ أَوْ بَاعَ مِنْهُ شَيْئًا بِدَنَانِيرَ لَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهَا وَقِيلَ لَا يَرُدُّ فِي الْوَجْهَيْنِ وَهُوَ الْمُتَّجه على قَوْله ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إِذَا بَاعَ الثَّمَرَةَ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ لَا يَأْخُذْهَا الْمُتَصَدِّقُ مِنَ الْمُشْتَرِي إِنْ كَانَ الْبَائِعُ عَدِيمًا وَقِيلَ لَهُ ذَلِكَ فِي الطَّعَامِ دُونَ الدَّنَانِيرِ وَلَا خِلَافَ أَنَّ مَنْ بَاعَ وَاشْتَرَى مِنْ مُسْتَغْرَقِ الذِّمَّةِ بِالْحَرَامِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّ لَهُ الرَّدَّ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِمُعَامَلَةِ الذِّمَّةِ الْحَرَامِ (مَسْأَلَةٌ) قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي كِتَابِهِ الْغِيَاثِيِّ لَوْ طَبَقَ الْحَرَامُ الْأَرْضَ جَازَ أَنْ يُسْتَعْمَلَ مِنْ ذَلِكَ مَا تَدْعُو إِلَيْهِ الْحَاجَاتُ وَلَا تَقِفُ إِبَاحَة ذَلِك على الضرورات لَيْلًا يُؤَدِّيَ إِلَى ضَعْفِ الْعِبَادِ وَاسْتِيلَاءِ الْكَفَرَةِ عَلَى الْبِلَادِ وَتَنْقَطِعَ النَّاسُ عَنِ الْحِرَفِ وَالصَّنَائِعِ بِسَبَبِ الضَّعْفِ وَلَا يَنْبَسِطُ فِيهِ كَمَا يَنْبَسِطُ فِي الْمُبَاحِ قَالَ وَصُورَةُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يُجْهَلَ الْمُسْتَحَقُّ بِحَيْثُ يُتَوَقَّعُ مَعْرِفَتُهُ فَلَوْ حَصَلَ الْإِيَاسُ مِنْهُ

(مسألة)

بَطَلَتِ الْمَسْأَلَةُ وَصَارَ ذَلِكَ الْمَالُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَإِنَّمَا جَازَ ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ فَإِنْ جَازَ لِمَنْ حَصَلَتْ لَهُ ضَرُورَةُ غَصْبِ أَمْوَالِ النَّاسِ وَهُوَ وَاحِدٌ فَجَمِيعُ النَّاسِ أَوْلَى وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ فَاسِقًا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَالْغَالِبُ أَنَّ الْجَمَاعَةَ لَا تَخْلُو مِنْ وَلِيٍّ صَالِحٍ (مَسْأَلَةٌ) قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِذَا دَفَعَ إِلَيْنَا الظَّلَمَةُ بَعْضَ أَمْوَالِ النَّاسِ وَعَلِمْنَا أَنَّهُ مَغْصُوبٌ وَالْآخِذَ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ وَأَخْذَهُ يُفْسِدُ ظَنَّ النَّاسِ فِيهِ حَرُمَ عَلَيْهِ أَخْذُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَضْيِيعِ مَصَالِحِ الْفُتْيَا وَالِاقْتِدَاءِ وَهَذِهِ الْمَصَالِحُ أَرْجَحُ مِنْ رَدِّ الْمَغْصُوبِ عَلَى رَبِّهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُقْتَدًى بِهِ وَأَخَذَهُ لِنَفْسِهِ حَرُمَ عَلَيْهِ أَوْ لِيَرُدَّهُ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ جَازَ فَإِنْ جُهِلَ مَالِكُهُ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَعْرِّفَهُ فَإِنْ تَعَذَّرَتْ مَعْرفَته صرف فِي الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ وَإِنْ كَانَ الْمَالُ مَأْخُوذًا بِحَقٍّ فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْمَالِ لِكَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ أَوِ الْخُمُسِ وَأُعْطِيَ قَدْرَ حَقِّهِ أَخَذَهُ أَوْ زَائِدًا أَخَذَ حَقَّهُ ويبقي الزَّائِد عَنهُ لِأَهْلِهِ وَإِنْ كَانَ مِنَ الْأَمْوَالِ الْعَامَّةِ أَخَذَهُ إِنْ لَمْ تَفُتْ بِأَخْذِهِ مَصْلَحَةُ الْفُتْيَا وَالِاقْتِدَاءِ وَصَرَفَهُ فِي الْجِهَاتِ الْعَامَّةِ قَاعِدَةٌ كُلُّ مُحَرَّمٍ إِمَّا لِأَجْلِ وَصْفِهِ كَالْخَمْرِ أَوْ سَبَبِهِ كَالْبُرِّ الْمَغْصُوبِ وَكُلُّ مَا حَرُمَ بِوَصْفِهِ فَلَا يَحِلُّ إِلَّا بِسَبَبِهِ كَالْمَيْتَةِ مَعَ الضَّرُورَةِ وَكُلُّ مَا حرم بِوَصْفِهِ فَلَا يَحْرُمُ إِلَّا بِسَبَبِهِ وَقَدْ يَقَعُ التَّعَارُض فِي الْوَصْف كالضبع مِنْ جِهَةِ أَنَّ لَهَا نَابًا وَأَنَّهَا كَانَتْ تُبَاعُ فِي الْحَرَمِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ وَقَدْ يَقع فِي السَّبَب كالعقد المتخلف فِيهِ وَتَعَارُضِ الْأَدِلَّةِ فَيَكُونُ ذَلِكَ مُوجِبًا لِلْوَرَعِ ثُمَّ الشُّبْهَةُ عَلَى قِسْمَيْنِ قِسْمٍ يَجُوزُ الْإِقْدَامُ مَعَهُ كَشُبْهَةِ الْوَرَعِ وَشُبْهَةٍ يَحْرُمُ الْإِقْدَامُ مَعَهَا كَشُبْهَةِ دَرْءِ الْحَدِّ كَالْأَمَةِ الْمُشْتَرَكَةِ تَنْبِيهٌ أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ الْمَفْسَدَةَ الْمَرْجُوحَةَ مُغْتَفَرَةٌ مَعَ الْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ فَكَيْفَ وَقَعَ الْخِلَافُ إِذَا خَالَطَ يَسِيرٌ حَرَامٌ كَثِيرًا حَلَالًا وَالْجَوَابُ أَنَّ الْجَمْعَ هَاهُنَا مُتَيَسِّرٌ بِالْإِبْرَاءِ مِنْ ذَلِكَ الْيَسِيرِ أَوِ الِانْتِظَارِ لِلْقِسْمَةِ أَوِ الْإِقْرَارِ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَمَوْضِعِ الْإِجْمَاعِ حَيْثُ يَتَعَذَّرُ الْجَمْعُ

(مسألة)

(مَسْأَلَةٌ) فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عِمَادُ الدِّينِ وَقِوَامُهُ هُوَ الْمَطْعَمُ وَطِيبُهُ فَمَنْ طيب مطعمه زكى عَمَلُهُ وَإِلَّا خِيفَ عَلَيْهِ عَدَمُ الْقَبُولِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّمَا يتَقَبَّل الله من الْمُتَّقِينَ} وَسَأَلَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَت من الْمُؤمن قَالَ الَّذِي إِذا أَمْسَى سَأَلَ مِنْ أَيْنَ قُرْصُهُ قَالَتْ يَا رَسُولَ الله مَنِ الْمُؤْمِنُ قَالَ الَّذِي إِذَا أَصْبَحَ سَأَلَ مِنْ أَيْنَ قُرْصُهُ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ عَلِمَ النَّاسُ لَتَكَلَّفُوهُ قَالَ قَدْ عَلِمُوا ذَلِكَ وَلَكِنَّهُمْ غَشَمُوا الْمَعِيشَةَ غَشْمًا أَيْ تَعَسَّفُوا تعسفا وَنظر - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى الْمُصَلِّينَ فَقَالَ لَا يَغُرُّنِي كَثْرَةُ رَفْعِ أَحَدِكُمْ رَأْسَهُ وَخَفْضِهِ الدِّينُ الْوَرَعُ فِي دِينِ اللَّهِ وَالْكَفُّ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ وَالْعَمَلُ بِحَلَالِ اللَّهِ وَحَرَامِهِ وَقَالَ الْحَسَنُ الذِّكْرُ ذِكْرَانِ ذِكْرُ اللِّسَانِ فَذَلِكَ حَسَنٌ وَأَفْضَلُ مِنْهُ ذِكْرُ اللَّهِ عِنْدَ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ تَنْبِيهٌ الدِّينُ أَنْ يَتَكَيَّفَ الْقَلْبُ بِخَوْفِ اللَّهِ وَإِجْلَالِهِ حَتَّى يَكُونَ بِحَيْثُ يَشُقُّ عَلَيْهِ مَشَقَّةً عَظِيمَةً أَنْ يَجِدَهُ اللَّهُ تَعَالَى حَيْثُ نَهَاهُ أَوْ يَفْتَقِدَهُ حَيْثُ اقْتَضَاهُ فَهَذَا هُوَ الرَّجُلُ الدَّيِّنُ لَيْسَ بِكَثْرَةِ الْأَعْمَالِ الظَّاهِرَةِ وَلَكِنْ هَذِهِ الْحَالَةُ قَدْ يَجْعَلُهَا اللَّهُ ثَمَرَةَ الْأَعْمَالِ الظَّاهِرَةِ تَنْبِيهٌ إِذَا وَقَعَتِ الْعِبَادَةُ بِشُرُوطِهَا وَأَرْكَانِهَا فَقَدْ أَجْزَأَتْ إِجْمَاعًا وَبَرِئَتِ الذِّمَّةُ فَمَا مَعْنَى الْقَبُولِ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ الْعُلَمَاءُ الْقَبُولُ الَّذِي يَخْتَصُّ بِالْمُتَّقِينَ هُوَ تَرَتُّبُ الثَّوَابِ وَرَفْعُ الدَّرَجَاتِ بِهَا وَفَيْضُ الْإِحْسَانِ وَهُوَ غَيْرُ الْإِجْزَاءِ لِأَنَّ الْإِجْزَاءَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ صَارَ غَيْرَ مُكَلَّفٍ بِتِلْكَ الْعِبَادَةِ وَهَذَا عدم المواخذة وَلَا يلْزم من عدم المواخذة حُصُولُ الدَّرَجَاتِ وَالْمَثُوبَةُ (فَرْعٌ) فِي الْجَوَاهِرِ لَيْسَ مِنَ الْوَرَعِ شِرَاءُ مَا اشْتُرِيَ شِرَاءً فَاسِدًا فَإِنَّ فَوَاتَهُ بِالْبَيْعِ

(النوع الرابع والعشرون ترك الإنسان ما لا يعنيه)

إِنَّمَا هُوَ يَمْنَعُ بَعْضَهُ وَالشُّبْهَةُ قَائِمَةٌ فِيهِ لِلْخِلَافِ فِي تَقَرُّرِ الْمِلْكِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ شِرَاءُ طَعَامٍ مِمَّنْ أَكْرَى الْأَرْضَ بِالطَّعَامِ وَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ لَهُ لِفَسَادِ الْعَقْدِ وَيُتَحَرَّى أَبَدًا الْأَشْبَهُ وَإِذَا أَخْبَرَ الْبَائِعَ أَنَّ طَعَامَهُ حَلَالٌ وَهُوَ ثِقَةٌ يَعْلَمُ حُدُودَ الشَّرْعِ صُدِّقَ وَإِلَّا لَمْ يَتَحَقَّقِ الْوَرَعُ لَكِنَّهُ خَيْرٌ مِمَّنْ يَقُولُ لَا أَدْرِي وَمَا غَلَبَ عَلَيْهِ الرِّيبَةُ فِي الْأَسْوَاقِ اجْتُنِبَ حَتَّى يَظْهَرَ صِحَّةُ أَصْلِهِ وَإِذَا لَمْ يُوجَدْ مَا يَتَحَرَّى بِهِ إِلَّا سُؤَالَ الْبَاعَةِ اعْتَمَدَ عَلَى أَصْدَقِهِمْ وَمَنَعَ سَحْنُونٌ رَجُلًا كَسْبُهُ مِنْ بِلَادِ السُّودَانِ أَنْ يَعْمَلَ قَنْطَرَةً يَعْبُرُ النَّاسُ عَلَيْهَا وَلَيْسَ فِي كَسْبِ بِلَادِ السُّودَانِ إِلَّا السَّفَرُ إِلَيْهَا فَيَجْتَهِدُ الْإِنْسَانُ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ (النَّوْعُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ تَرْكُ الْإِنْسَانِ مَا لَا يَعْنِيهِ) وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يَنْبَغِي لِلْإِنْسَانِ أَنْ يُرَى إِلَّا مُحَصِّلَا حَسَنَةً لِمَعَادِهِ أَوْ دِرْهَمًا لِمَعَاشِهِ وَيَتْرُكُ مَا لَا يَعْنِيهِ وَيَتَحَرَّسُ مِنْ نَفْسِهِ وَيَقِفُ عَمَّا أَشْكَلَ عَلَيْهِ وَيُقَلِّلُ الرِّوَايَةَ جَهْدَهُ وَيُنْصِفُ جُلَسَاءَهُ وَيُلِينُ لَهُمْ جَانِبَهُ وَيَلْتَزِمُ الصَّبْرَ وَيَصْفَحُ عَنْ زَلَّةِ جَلِيسِهِ وَإِنْ جَالَسَ عَالِمًا نَظَرَ إِلَيْهِ بِعَيْنِ الْإِجْلَالِ وَيُنْصِتُ لَهُ عِنْدَ الْمَقَالِ وَإِنْ رَاجَعَهُ رَاجَعَهُ تَفَهُّمًا وَلَا يُعَارِضُهُ فِي جَوَابِ سَائِلٍ سَأَلَهُ فَإِنَّهُ يلبس بذلك على السَّائِل ويزري بالمسؤول وَبِقَدْرِ إِجْلَالِ الطَّالِبِ لِلْعَالِمِ يَنْتَفِعُ بِهِ وَمَنْ نَاظَرَهُ فِي عِلْمٍ فَبِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ وَتَرْكِ الِاسْتِعْلَاءِ وَحُسْنُ التَّأَنِّي وَجَمِيلُ الْأَدَبِ مُعِينَانِ عَلَى الْعِلْمِ وَالْعَالِمُ أَوْلَى النَّاسِ بِصِيَانَةِ نَفْسِهِ عَنِ الدَّنَاءَةِ وَإِلْزَامِهَا الْخَيْرَ وَالْمُرُوءَةَ وَلَا يَجْلِسُ مَجْلِسًا لَا يَلِيقُ بِهِ فَإِنِ ابْتُلِيَ بِالْجُلُوسِ فَلْيَقُمْ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فِي إِرْشَادِ مَنِ اسْتَحْضَرَهُ وَوَعْظِهِ وَلَا يَتَعَرَّضُ مِنْهُ حَاجَةً لِنَفْسِهِ وَمِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ تَعَالَى إِجْلَالُ الْعَالِمِ الْعَامِلِ وَالْإِمَامِ الْمُقْسِطِ وَمِنْ سِمَةِ الْعَالِمِ أَنْ يَعْرِفَ زَمَانَهُ وَيُقْبِلَ عَلَى شَأْنِهِ حَافِظًا لِلِسَانِهِ مُتَحَذِّرًا مِنْ إِخْوَانِهِ فَلَمْ يُؤْذِ النَّاسَ قَدِيمًا إِلَّا مَعَارِفُهُمْ وَالْمَغْرُورُ مَنِ اغْتَرَّ بِمَدْحِهِمْ

(النوع الخامس والعشرون في المدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة والسلام)

(النَّوْعُ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ عَلَى سَاكِنِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ) قَالَ الْبَاجِيُّ قَالَ ابْن دِينَار فِي قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْمُوَطَّأِ أُمِرْتُ بِقَرْيَةٍ تَأْكُلُ الْقُرَى يَقُولُونَ يَثْرِبُ وَهِيَ الْمَدِينَةُ قَالَ ابْنُ دِينَارٍ مَنْ سَمَّاهَا يَثْرِبَ كُتِبَتْ عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّاهَا الْمَدِينَةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ وَسَمَّاهَا الْمُنَافِقُونَ يَثْرِبَ فِي قَوْله تَعَالَى {يَا أَهْلَ يثرب} قَالَ الْبَاجِيُّ وَهُوَ اسْمُهَا قَبْلَ الْإِسْلَامِ وَاسْمُهَا بَعْدَهُ الْمَدِينَةُ وَطَابَةُ وَطَيْبَةُ وَإِجْمَاعُ أَهْلِهَا حُجَّةٌ فِيمَا طرقه النَّقْلُ اتِّفَاقًا وَأَمَّا مَا طَرِيقُهُ الِاجْتِهَادُ فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ قَالَ النَّخعِيّ لَو رَأَيْت الصَّحَابَة يتوضؤون إِلَى الْكُوعَيْنِ لَتَوَضَّأْتُ كَذَلِكَ فَإِنَّهُمْ لَا يُتَّهَمُونَ فِي تَرْكِ السُّنَنِ وَهُمْ أَرْبَابُ الْعِلْمِ وَأَحْرَصُ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى اتِّبَاعِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي مُقَدِّمَةِ الْكِتَابِ كَوْنُ إِجْمَاعِهَا حُجَّةً وَفِي كِتَابِ الْحَجِّ التَّفْضِيلُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ بِأَدِلَّةِ ذَلِكَ مُفَصَّلًا (النَّوْعُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْفِرَارِ مِنَ الْوَبَاءِ وَالطَّاعُونِ) فِي الصِّحَاحِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذَا سَمِعْتُمْ بِالْوَبَاءِ فِي أَرْضٍ فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تخْرجُوا فِرَارًا مِنْهُ وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الطَّاعُونُ رِجْسٌ أُرْسِلَ عَلَى طَائِفَةٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَوْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِ وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ قَالَ الْبَاجِيُّ لَا يُقْدَمُ عَلَى الْوَبَاءِ لِأَنَّهُ تَغْرِيرٌ بِالنَّفْسِ وَلَا يُخْرَجُ مِنْهُ لِأَنَّهُ اسْتِسْلَامٌ لِقَدَرِ اللَّهِ وَالرِّجْسُ الْعَذَابُ وَأَوَّلُ وُقُوعِ الطَّاعُونِ كَانَ عَذَابًا وَهُوَ الْيَوْمُ شَهَادَةٌ لِمَنْ وَقَعَ بِهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَهُوَ أَحَدُ التِّسْعَةِ الشُّهَدَاءِ وَيَجُوزُ الْخُرُوجُ مِنْ بِلَادِ الْوَبَاءِ لِغَرَضٍ آخَرَ غَيْرِ الْفِرَارِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ

(النوع السابع والعشرون الغناء وقراءة القرآن بالألحان ونحوه)

بِالْقُدُومِ عَلَى أَرْضِ الْوَبَاءِ وَالنَّهْيُ الْوَارِدُ نَهْيُ إِرْشَادٍ لَا تَحْرِيمٍ مِنْ بَابِ نَهْيِهِ عَلَيْهِ السَّلَام أَن يحل الممرض على المصح لَيْلًا يَقَعَ فِي نَفْسِهِ إِنْ مَا أَصَابَهُ شَيْءٌ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْدَمْ لَنَجَا مِنْهُ بَلْ لَا مَحِيدَ لِأَحَدٍ عَنْ قَدَرِ اللَّهِ تَعَالَى ويؤجر إِذا قدم عَلَيْهِ مُعْتَقدًا أَن أَنَّ مَا أَصَابَهُ بِقَدَرِ اللَّهِ وَمَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ يُصِيبُهُ وَيُؤْجَرُ إِنْ لَمْ يَقْدَمْ عَلَيْهِ اتِّبَاعًا لِلنَّهْيِ النَّبَوِيِّ قَالَ فَهَذَا وَجْهُ تَخْيِير مَالك وَكَذَلِكَ قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ لَيْسَ بِتَحْرِيمٍ بَلِ الْمُقَامُ أَفْضَلُ اسْتِسْلَامًا لِلْقَدَرِ وَعَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (اللَّهُمَّ اجْعَلْ فَنَاءَ أُمَّتِي بِالطَّعْنِ وَالطَّاعُونِ) وَهُوَ غُدَّةٌ كَغُدَّةِ الْبَعِيرِ تَخْرُجُ فِي التَّرَاقِي وَالْآبَاطِ وَفِي كَوْنِ الْأَفْضَلِ الْمُقَامَ بِبَلَدِ الْوَبَاءِ أَوِ الْخُرُوجَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ بَعْدَ الْإِجْمَاعِ عَلَى عَدَمِ الْإِثْمِ الْأَفْضَلُ أَنْ يَقْدَمَ عَلَيْهِ وَلَا يَخْرُجَ وَهُوَ قَوْلُ مَنْ أَشَارَ بِهِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ فِي قَضِيَّةِ عُمَرَ بِالشَّامِ وَالْأَفْضَلُ عَدَمُ الْقُدُومِ وَالْخُرُوج عَنهُ قَالَه عَمْرو ابْن الْعَاصِ وَالْأَفْضَلُ عَدَمُ الْقُدُومِ وَعَدَمُ الْخُرُوجِ قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ مُنِعَ مِنَ الْقُدُومِ عَلَى الْوَبَاءِ لِأَنَّ هَوَاءَ ذَلِكَ الْبَلَدِ قَدْ عَفِنَ وَصَارَ مَفْسُودًا مَسْمُومًا وَالْقُدُومُ عَلَى مُهْلِكَاتِ النُّفُوسِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَالْخُرُوجُ مِنْهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ لِأَنَّ الْهَوَاءَ الْمَسْمُومَ وَغَيْرَهُ فِي كُلِّ بَلَدٍ تَعَلَّقَ بِأَهْلِهَا عُلُوقًا شَدِيدًا بِوَاسِطَةِ التَّنَفُّسِ وَالْإِحَاطَةِ بِهِمْ فَلَا يَشْعُرُ بِهَا لِلْخُرُوجِ إِلَّا وَقَدْ حَصَلَ مِنْهُ فِي جِسْمِ الْخَارِجِ مَا يَقْتَضِيهِ مِزَاجُهُ الْخَاصُّ بِهِ وَذَلِكَ الْهَوَاءُ كَمَا أَجْرَى اللَّهُ تَعَالَى عَادَتَهُ فَلَا يَنْفَعُهُ الْخُرُوجُ فَهُوَ عَبَثٌ وَالْعَبَثُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَرُبَّمَا أَضَرَّهُ السَّفَرُ بِمَشَقَّتِهِ فَكَانَ ذَلِكَ عَوْنًا لِلْهَوَاءِ عَلَى الْمَوْتِ وَالْمَرَضِ (النَّوْعُ السَّابِع وَالْعشْرُونَ الْغناء وَقِرَاءَة الْقُرْآن بالألحان وَنَحْوِهِ) وَفِي الْبَيَانِ الَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ فِي قَوْله تَعَالَى {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث} أَنَّهُ الْغِنَاءُ وَاسْتِمَاعُهُ بِشِرَاءِ الْمُغَنِّيَةِ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي ذَاتَ لَهْوِ الْحَدِيثِ أَوْ يَكُونُ بِمَعْنَى يُحِبُّهُ أَوْ يَخْتَارُهُ {أُولَئِكَ الَّذِينَ

(فرع)

اشْتَروا الضَّلَالَة بِالْهدى} وَقِيلَ نَزَلَتْ فِي النَّضْرِ بْنِ الْحَارِثِ كَانَ يَشْتَرِي أَحَادِيثَ الرُّومِ وَفَارِسَ وَيُحَدِّثُ بِهَا قُرَيْشًا فيلهيهم بهَا وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَكْلُ أَثْمَانِ الْمُغَنِّيَاتِ حَرَامٌ لَا يَحِلُّ تَعْلِيمُهُنَّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنِ اشْتَرَى الْمُغَنِّيَةَ لَا يُرِيدُهَا لِعَمَلِهَا الْغِنَاءَ وَلَمْ يَزِدْ فِي ثَمَنِهَا لِغِنَائِهَا فَلَا بَأْسَ بِهِ وَثَمَنُ الْمُغَنِّيَاتِ حَرَامٌ فَإِنِ اشْتَرَاهَا بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهَا لِأَجْلِ غِنَائِهَا فَهُوَ حَرَامٌ عَلَى الْبَائِعِ مَكْرُوهٌ لِلْمُبْتَاعِ وَلَا يَحْرُمُ جَمِيعُ الثَّمَنِ بَلِ الزَّائِدُ لِأَجْلِ الْغِنَاءِ كَالْبَائِعِ خَمْرًا وَثَوْبًا صَفْقَةً وَاحِدَةً تَحْرُمُ حِصَّةُ الْخَمْرِ فَقَطْ (فَرْعٌ) فِي الْمُقَدِّمَاتِ إِنِ اشْتَرَاهَا فَوَجَدَهَا مُغَنِّيَةً وَالْغِنَاءَ يَزِيدُ فِي قِيمَتِهَا هَلْ لَهُ الرَّدُّ قَوْلَانِ قَالَ وَالَّذِي أَرَاهُ إِنْ كَانَت رفيعة للاتخاذ لَهُ الرَّد لخوف لخوق ذَلِكَ بِالْوَلَدِ وَإِلَّا فَلَيْسَ عَيْبًا وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ (النَّوْع الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ شَدُّ الْأَوْتَارِ وَنَحْوِهَا على الدَّوَابّ) وَفِي مُسلم نهى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ شَدِّ الْأَوْتَارِ عَلَى الْخَيْلِ وَفِي الْمُوَطَّأِ أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَسُولًا وَالنَّاسُ فِي مَقِيلِهِمْ لَا يَبْقَيَنَّ فِي رَقَبَةِ بَعِيرٍ قِلَادَةٌ مِنْ وَتَرٍ إِلَّا قُطِعَتْ قَالَ مَالِكٌ أَرَى ذَلِكَ مِنَ الْعَيْنِ قَالَ الْبَاجِيُّ مَذْهَبُ مَالِكٍ اخْتِصَاصُ النَّهْيِ بِالْأَوْتَارِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا بَأْسَ بِهِ مِنْ غَيْرِ الْوَتَرِ فَإِنْ قَلَّدَ الْجِمَالَ لَا لِلْعَيْنِ جَازَ وَوَجْهُ النَّهْيِ أَنَّ صَاحِبَ الْإِبِلِ يَعْتَقِدُ أَنَّ شَدَّ ذَلِكَ يَرُدُّ الْعَيْنَ وَالْقَدَرَ وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى تَحْرِيمِ التَّعْلِيقِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ بَنِي آدَمَ وَغَيْرِهِ مِنَ الْبَهَائِمِ شَيْئًا مِنَ التَّمَائِمِ خَوْفَ الْعَيْنِ وَجَوَّزَهُ لِلسَّقِيمِ وَقَوْلُ مَالِكٍ وَالْفُقَهَاءِ جَوَازُهُ فِي الْوَجْهَيْنِ كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَفْصِدَ خَوْفَ ضَرَرِ الدَّمِ قَبْلَ الْمَرَضِ كَمَا يَفْعَلُهُ بَعْدَهُ فَيَجُوزُ قَبْلَ الْعَيْنِ وَبَعْدَهَا بِالدُّعَاءِ وَالْحِرْزِ وَقيل فِي قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا تُقَلِّدُوا الْخَيْلَ الْأَوْتَارَ مَعْنَاهُ لَا تَرْكَبُوهَا فِي الثَّأْرِ وَطَلَبِ الْفِتَنِ وَكَرِهَ مَالِكٌ الْجَرَسَ لِصَوْتِهِ وَقَالَ هُوَ أَشَدُّ وَيَجُوزُ تَعْلِيقُ الْعَوْذَةِ فِيهَا الْقُرْآن

(النوع التاسع والعشرون السوائب والبحار)

وَذِكْرُ اللَّهِ عَلَى الْإِنْسَانِ إِذَا خُرِزَ عَلَيْهَا جِلْدٌ وَلَا خَيْرَ فِي رَبْطِهِ بِالْخَيْطِ وَتُبَاحُ قشرة الْأَشْجَار وَعنهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْعِيرُ الَّتِي يَصْحَبُهَا جَرَسٌ لَا تَصْحَبُهَا الْمَلَائِكَةُ قيل هُوَ لجلجل الْكَبِيرُ أَمَّا الصَّغِيرُ فَلَا قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ الْأَجْرَاسُ وَالْقَلَائِدُ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى فِي أَعْنَاقِ الْإِبِلِ مَكْرُوهَةٌ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ لِلْحَدِيثِ وَكُلَّمَا عَظُمَ الْجَرَسُ كَانَ أَشَدَّ كَرَاهَةً وَيُحْتَمَلُ فِي تَعْلِيلِهِ شَبَهُهُ بِالنَّاقُوسِ وَقِيلَ إِنَّمَا يُكْرَهُ الْوَتَرُ لِأَنَّ الْبَهِيمَةَ قَدْ تَخْتَنِقُ بِهِ فِي شَجَرَةٍ وَنَحْوِهَا وَالْخَيْطُ يَنْقَطِعُ سَرِيعًا (النَّوْع التَّاسِعُ وَالْعشْرُونَ السوائب والبحار) قَالَ صَاحب الْبَيَان قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (أَوَّلُ مَنْ نَصَبَ النُّصُبَ وَسَيَّبَ السَّوَائِبَ وَغَيَّرَ عَهْدَ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَمْرُو بْنُ لُحَيٍّ وَلَقَد رَأَيْته فِي النَّار يجر نَصبه يُؤْذِي أهل النَّار برائحته وَأَوَّلُ مَنْ بَحَرَ الْبَحَائِرَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي مُدْلِج عمد إِلَى ناقتين لَهُ فجذع أذنيهما وَحَرَّمَ أَلْبَانَهُمَا وَظُهُورَهُمَا ثُمَّ احْتَاجَ إِلَيْهِمَا فَشَرِبَ أَلْبَانهَا وَركب ظهورهما وَلَقَد رَأَيْته وإياهما يخبطانه بأخفافهما ويعضانه بأفواههما) قَالَ صابح الْبَيَانِ كَانُوا إِذَا النَّاقَةُ تَابَعَتِ اثْنَيْ عَشَرَ أُنْثَى لَيْسَ فِيهِنَّ ذَكَرٌ سُيِّبَتْ فَلَمْ تُرْكَبْ وَلَا يُجَزُّ وَبَرُهَا وَلَا يَشْرَبُ لَبَنَهَا إِلَّا ضَيْفٌ وَمَا أَنْتَجَتْ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ أُنْثًى شُقَّ أُذُنُهَا وَخُلِّيَ سَبِيلُهَا مَعَ أُمِّهَا فِي الْإِبِلِ لَا يُرْكَبُ ظَهْرُهَا وَلَا يَشْرَبُ لَبَنَهَا إِلَّا ضَيْفٌ فَهِيَ الْبَحِيرَةُ ابْنَةُ السَّائِبَةِ وَالْوَصِيلَةُ الشَّاةُ تُنْتِجُ عَشْرَ إِنَاثٍ مُتَتَابِعَاتٍ فِي خَمْسَةِ أَبْطُنٍ لَيْسَ فِيهِنَّ ذَكَرٌ جُعِلَتْ وَصِيلَةً وَكَانَ مَا وَلَدَتْهُ بَعْدَ ذَلِكَ لِلذُّكُورِ مِنْهُمْ دُونَ إناثهم إِلَّا أَن يَمُوت مِنْهَا شَيْء فيشركون فِي أَكْلِهِ ذُكُورُهُمْ وَإِنَاثُهُمْ الْحَامِي الْفَحْلُ يَتِمُّ لَهُ عَشْرُ إِنَاثٍ مُتَتَابِعَاتٍ لَيْسَ فِيهِنَّ ذَكَرٌ فَيُحْمَى ظَهْرُهُ فَلَا يُرْكَبُ وَلَا يُجَزُّ وَبَرُهُ وَيُخَلَّى فِي إِبِلِهِ يَضْرِبُ فِيهَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ لغير

(النوع الثلاثون في مسائل شتى)

ذَلِكَ فَالسَّائِبَةُ مِنَ السَّيَابِ وَالْبَحِيرَةُ مِنَ الْبَحْرِ وَهُوَ الشَّقُّ وَمِنْهُ الْبَحْرُ لِأَنَّهُ شَقٌّ فِي الأَرْض والحام مِنَ الْحِمَى وَهُوَ الْمَنْعُ وَالْوَصِيلَةُ مِنَ الصِّلَةِ لِأَنَّهَا وَصَلَتْ أَرْبَابَهَا بِوَلَدِهَا وَقَالَ قَتَادَةُ الْبَحِيرَةُ النَّاقَةُ تَلِدُ خَمْسَةَ أَبْطُنٍ فَإِنْ كَانَ الْخَامِسُ ذكرا كَانَ للرِّجَال دون النِّسَاء أَو اثنى شَقُّوا أُذُنَهَا وَأَرْسَلُوهَا لَا يُنْحَرُ لَهَا وَلَدٌ وَلَا يشرب لَهَا لبن وَلَا تركب والسايبة النَّاقة تسبب وَلَا تُمْنَعُ حَوْضًا تَشْرَبُ فِيهِ وَلَا مَرْعًى تَرْتَعُ فِيهِ وَالْوَصِيلَةُ الشَّاةُ تَلِدُ سَبْعَةَ أَبْطُنٍ فَإِن كَانَ السَّابِع ذكرا ذيح وَأَكَلَهُ الرِّجَالُ دُونَ النِّسَاءِ وَإِنْ كَانَتْ أُنْثَى تُرِكَتْ وَقِيلَ الْوَصِيلَةُ الشَّاةُ تَلِدُ سَبْعَةَ أَبْطُنٍ فَيَذْبَحُونَ السَّابِعَ إِنْ كَانَ جَدْيًا وَإِنْ كَانَ عنَاقًا فاستحويهما كِلَيْهِمَا وَقَالُوا الْجَدْيُ وَصِيلَةُ أُخْتِهِ فَحَرَّمَتْهُ عَلَيْنَا فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرهم لَا يعْقلُونَ} وَسِرُّ التَّحْرِيمِ أَنَّهُمْ كَانُوا يُحَرِّمُونَ مَا لَمْ يُحَرِّمْهُ اللَّهُ فَلَا يَضُرُّ الْجَهْلُ بِذَلِكَ وَكَيْفِيَّتِهِ فَمُثِّلَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - النَّارُ فِي الدُّنْيَا فَرَأَى فِيهَا عَمْرًا مُمَثَّلًا فِيهَا يَجُرُّ قَصَبَهُ وَهِيَ مَصَارِينُهُ عَلَى الْحَالِ الَّتِي يَكُونُ عَلَيْهَا فِي الْآخِرَةِ قَالَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ (النَّوْعُ الثَلَاثُونَ فِي مَسَائِلَ شَتَّى) قَالَ صَاحب الاستذكار اخْتلف فِي قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْمُوَطَّأِ وَغَيْرِهِ كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَقِيلَ الْخِلْقَةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ} أَيْ خَالِقَهَا أَيْ فَارِغٌ مِنْ جَمِيعِ الْأَدْيَانِ وَهُوَ أَصَحُّ الْأَقْوَالِ وَقِيلَ الِاسْتِقَامَةُ كَقَوْلِ مُوسَى للخضر {أقتلت نفسا زكية بِغَيْر نفس} وَكَانَ طفْلا

(مسألة)

وَقِيلَ الْإِسْلَامُ قَالَهُ عَامَّةُ السَّلَفِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فطْرَة الله الَّتِي فطر النَّاس عَلَيْهَا} أَيْ دِينَ اللَّهِ وَلِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ نَفْسِهِ كَمَا تناتج الْإِبِلُ مِنْ بَهِيمَةٍ جَمْعَا هَلْ تُحِسُّ مِنْ جذعا أَيْ خُلِقَتْ سَلِيمَةً مِنَ الْعُيُوبِ وَكَذَلِكَ الْمَوْلُودُ خُلِقَ سَلِيمًا مِنَ الْكُفْرِ وَقِيلَ الْبَدْأَةُ أَيْ كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى مَا ابْتَدَأَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ من الشَّقَاء أَو السَّعَادَة والفاطر المتبدئ ويعضده قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (لَمَّا سُئِلَ عَنْ أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ) وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {كَمَا بَدَأَكُمْ تعودُونَ فريقا هدى وفريقا حق عَلَيْهِم الضَّلَالَة} وَقِيلَ الْفِطْرَةُ الْإِيمَانُ طَوْعًا وَكَرْهًا لِأَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا قَالَ لِلذُّرِّيَّةِ يَوْمَ الْبَذْرِ {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بلَى} فَأَهْلُ السَّعَادَةِ قَالُوهَا عَنْ عِلْمٍ وَأَهْلُ الشَّقَاءِ قَالُوهَا عَنْ إِكْرَاهٍ وَجَهْلٍ يُؤَيِّدُهُ قَوْله تَعَالَى {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكرها} قَالُوا وَهُوَ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى {كَمَا بَدَأَكُمْ تعودُونَ} (مَسْأَلَةٌ) قَالَ قَالَتْ طَائِفَةٌ أَوْلَادُ النَّاسِ كُلِّهِمُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْكَافِرِينَ الْأَطْفَالُ إِذَا مَاتُوا مَوْكُولُونَ لِمَشِيئَةِ اللَّهِ مِنْ نَعِيمٍ وَعَذَابٍ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا بِهِ عَامِلِينَ وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ أَطْفَالُ الْمُسْلِمِينَ فِي الْجَنَّةِ وَأَطْفَالُ الْكُفَّارِ فِي الْمَشِيئَةِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (مَا من الْمُسلمين من يَمُوت لَهُ ثَلَاث مِنَ الْوَلَدِ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ وَإِيَّاهُمُ الْجَنَّةَ بِفَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ) وَقِيلَ الْأَطْفَالُ كآبائهم فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هُمْ مِنْ آبَائِهِمْ وَقِيلَ أَوْلَادُ الْكُفَّارِ وَغَيْرِهِمْ فِي الْجَنَّةِ وَقِيلَ

(مسألة في التنعم)

يُمْتَحَنُونَ بِنَارٍ تُؤَجَّجُ لَهُمْ مَنْ دَخَلَهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ وَإِلَّا دَخَلَ النَّارَ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَكَرِهَ جَمَاعَةٌ الْكَلَامَ فِي الْأَطْفَالِ وَالْقَدَرِ فَهَذِهِ خَمْسَةُ مَذَاهِبَ فِي الْفِطْرَةِ وَسِتَّةٌ فِي الْأَطْفَالِ (مَسْأَلَةٌ فِي التَّنَعُّمِ) قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ إِيَّاكَ وَالتَّنَعُّمَ وَزِيَّ الْعَجَمِ إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّ التَّنَعُّمَ بِالْمُبَاحِ يُسْأَلُ عَنْهُ وَعَنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فِيهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {ثُمَّ لتسألن يَوْمئِذٍ عَن النَّعيم} وَفِي الْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ لَتُسْأَلُنَّ عَنْ نَعِيمِ يَوْمِكُمْ هَذَا وَرَأَى عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ مَا هَذَا مَعَكَ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَرِمْنَا إِلَى اللَّحْمِ فَاشْتَرَيْتُ بِدِرْهَمٍ لَحْمًا فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ الله عته {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا} قَالَ مَالِكٌ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلَيْسَ فِي الْمَدِينَةِ مُنْخُلٌ يُنْخَلُ بِهِ دَقِيقٌ بَلْ يُطْحَنُ الشَّعِيرُ ثُمَّ يُنْفَضُ فَمَا طَارَ طَارَ وَمَا بَقِيَ بَقِيَ وَلَكِنَّهُمُ اتَّسَعُوا بَعْدَ ذَلِكَ بِالْفُتُوحَاتِ فَكَانَ لِكَثِيرٍ مِنْهُمْ أَمْوَالٌ عَظِيمَةٌ فَكَانَتْ تَرِكَةُ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ خَمْسِينَ أَلْفَ أَلْفٍ وَمِائَتَيْ أَلْفٍ بَعْدَ أَدَاءِ دَيْنِهِ وَهُوَ مِائَتَا أَلْفِ أَلْفٍ وَمِائَةُ أَلْفٍ وَكَانُوا فِي الْحَالَيْنِ مَشْكُورِينَ صَبَرُوا عِنْدَ الْقِلَّةِ وَجَادُوا عِنْدَ الْكَثْرَةِ وَكُتِبَتْ لَهُمْ أُجُورُ الزَّكَاةِ وَالنَّفَقَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْقُرُبَاتِ وَكَانَ مَالُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن عَوْف يقطع بالفؤس وَنَابَ إِحْدَى زَوْجَاتِهِ الْأَرْبَعِ فِي نَصِيبِهَا مِنَ الثّمن ثَمَانِينَ أَلْفًا وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى عَلَى أَرْبَعِةِ أَقْوَالٍ فَقِيلَ الْغِنَى أَفْضَلُ وَقِيلَ الْفَقْرُ وَقيل الكفاف وَقيل الْوَقْف وَهَذَا فِي حَقِّ مَنْ يَقُومُ فِي كُلِّ حَالَةٍ بِمَا يَلِيقُ بِهَا أَمَّا مَنْ لَا يَقُومُ بِمَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ فِي حَالَةٍ مِنْهَا فَلَا خِلَافَ أَنَّ الْحَالَةَ الْأُخْرَى أَفْضَلُ لَهُ فَفِي الْحَدِيثِ (إِنَّ مِنْ عِبَادِي مَنْ لَا يُصْلِحُهُ إِلَّا الْفَقْرُ وَإِنَّ مِنْ

عِبَادِي مَنْ لَا يُصْلِحُهُ إِلَّا الْغِنَى) وَالْفَقْرُ وَالْغِنَى لَيْسَا حَسَنَيْنِ لِذَاتِهِمَا بَلْ بِالنِّسْبَةِ لِآثَارِهِمَا فِي النَّاسِ قَالَ وَالَّذِي أَرَاهُ تَفْضِيلَ الْغِنَى عَلَى الْفَقْرِ وَتَفْضِيلَ الْفَقْرِ عَلَى الْكَفَافِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {واسألوا الله من فَضله} وَقَوله تَعَالَى {ووجدك عائلا فأغنى} وقَوْله تَعَالَى {وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلا يَجدوا مَا يُنْفقُونَ} وقَوْله تَعَالَى {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَالله يَعدكُم مغْفرَة مِنْهُ وفضلا} وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (ذهب أهل الدُّثُور بِالْأُجُورِ) وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي آخِرِ عُمْرِهِ عَلَى أَكْمَلِ أَحْوَالِهِ وَكَانَ يَدَّخِرُ قُوتَ عِيَالِهِ سَنَةً وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ قبل ذَلِك وَنهي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن إِضَافَة الْمَالِ وَالْآيَاتُ وَالْأَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ جِدًّا وَكُلُّ مَا يتَصَوَّر من الْفَقِير من الصَّبْر والرضى يُتَصَوَّرُ مِنَ الْغَنِيِّ فِي الْإِيثَارِ وَلَيْسَ كُلُّ مَا يُتَصَوَّرُ مِنَ الْغَنَى مِنَ الْقُرُبَاتِ يُتَصَوَّرُ مِنَ الْفَقِيرِ قَالَ وَإِنَّمَا قُلْتُ إِنَّ الْفَقْرَ أَفْضَلُ مِنَ الْكَفَافِ لِأَنَّ صَاحِبَ الْكَفَافِ يَشْكُرُ اللَّهَ عَلَى نِعْمَتِهِ عَلَيْهِ فِي الْكَفَافِ وَالْفَقِيرُ يُؤْجَرُ مِنْ وَجْهَيْنِ الصَّبْرُ وَالرِّضَا احْتَجُّوا لِتَفْضِيلِ الْفَقْرِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْر حِسَاب} وَبِأَنَّ الْفُقَرَاءَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَبْلَ الْأَغْنِيَاءِ بِخَمْسِمِائَةِ عَام وَبِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْفُقَرَاءُ أَكْثَرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَلِأَنَّ الْفَقِيرَ أَيْسَرُ حسابا وَأَقل سؤالا لَا من أبن اكْتَسَبْتَ وَفِيمَا أَنْفَقْتَ

وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْأَغْنِيَاءَ يُسَاوُونَهُمْ فِي الصَّبْرِ عَلَى الْإِيسَارِ وَمُخَالَفَةِ الْهَوَى وَعَنِ الثَّانِي لَا يَلْزَمُ مِنْ سَبْقِهِمْ لِلدُّخُولِ أَنْ تَكُونَ دَرَجَتُهُمْ أَعْلَى وَلَا مُسَاوِيَةً وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الْفُقَرَاءَ أَكْثَرُ فِي الدُّنْيَا فَهُمْ أَكْثَرُ فِي الْجَنَّةِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ عُلُوُّ الدَّرَجَةِ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ السُّؤَالَ يَقَعُ نَعِيمًا لِقَوْمٍ وَعَذَابًا لِقَوْمٍ فَالْمُحْسِنُ يُجِيبُ بِحَسَنَاتِهِ فَيَنْعَمُ بِذَلِكَ والمسيء يُجيب عَن السُّؤَال بِفِعْلِهِ الْقَبِيح وَتَصَرُّفِهِ الدَّنِيءِ فَيَتَعَذَّبُ بِجَوَابِهِ فَلَا يَضُرُّ الْغَنِيَّ الشاكر السُّؤَال بل يَنْفَعهُ وَاحْتج مفضل الْكَاف بقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (اللَّهُمَّ ازرق آلَ مُحَمَّدٍ الْكَفَافَ وَاجْعَلْ قُوتَ آلِ مُحَمَّدٍ كَفَافًا) وَدَخَلَ عَبَّادٌ عَلَى ابْنِ هُرْمُزَ فِي بَيْتِهِ فَرَأَى فِيهِ أَسِرَّةً ثَلَاثَةً عَلَيْهَا ثَلَاثُ فُرُشٍ وَوَسَائِدُ وَمَجَالِسُ مُعَصْفَرَةٌ فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا بَكْرٍ مَا هَذَا فَقَالَ ابْنُ هُرْمُزَ لَيْسَ بِهَذَا بَأْسٌ وَلَيْسَ الَّذِي تَقُولُ بِشَيْءٍ أَدْرَكْتُ النَّاسَ عَلَى هَذَا وَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِذَا أَوْسَعَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَوْسِعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ فَمَا فَضَلَ عِنْدَ الرَّجُلِ مِنَ الْمَالِ بَعْدَ أَدَاءِ الْوَاجِبِ فَلَبِسَ مِنْ رَفِيعِ الثِّيَابِ وَأَكَلَ مِنْ طَيِّبِ الطَّعَامِ وَرَكِبَ مِنْ جَيِّدِ الْمَرَاكِبِ فَحَسَنٌ مِنْ غَيْرِ إِسْرَافٍ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ وَفِي مُسْلِمٍ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى (يَا عَبْدِي أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ) تَنْبِيهٌ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الْحِسَابُ وَالْمُسَاءَلَةُ لايدخلان فِي الْمُبَاحِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمُسَاءَلَةَ تَكُونُ نَعِيمًا لِقَوْمٍ وَعَذَابًا لِقَوْمٍ وَكَذَلِكَ الْحِسَابُ عِنْدَ الطَّاعَاتِ عَلَى الْعَبْدِ الْمُطِيعِ نَعِيمٌ لَهُ وَعِنْدَ الْعَاصِي عَذَابٌ لَهُ وَإِلَّا فَاللَّهُ تَعَالَى بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ فَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِلْمُسَاءَلَةِ مَعْنًى وَلَا لِلْحِسَابِ مَعْنًى وَعَلَى هَذَا لَا يَدْخُلَانِ فِي الْمُبَاحِ لِانْتِفَاءِ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ مِنْهُ فَيَتَعَيَّنُ حَذْفُ مُضَافٍ فِي قَوْله تَعَالَى {لتسألن يَوْمئِذٍ عَن النَّعيم} تَقْدِيرُهُ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنْ شُكْرِ النَّعِيمِ

(مسألة في الحياء)

وَكَذَلِكَ فِي قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (لَتُسْأَلُنَّ عَنْ شُكْرِ نَعِيمِ يَوْمِكُمْ هَذَا وَشُكْرُ الله تَعَالَى طَاعَته وطاعته مسؤول عَنْهَا) (مَسْأَلَةٌ فِي الْحَيَاءِ) فِي الْمُوَطَّأِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (لِكُلِّ دِينٍ خُلُقٌ وَخُلُقُ الْإِسْلَامِ الْحَيَاءُ) وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (الْحَيَاءُ مِنَ الْإِيمَانِ) قَالَ الْبَاجِيُّ مَعْنَى خُلُقُ الْإِسْلَامِ أَيْ شَأْنُهُ الَّذِي بُنِيَ عَلَيْهِ وَجُعِلَ مِنْ جُمْلَةِ أَعْمَالِهِ وَالْمُرَادُ فِيهَا شُرِعَ الْحَيَاءُ فِيهِ دُونَ الْحَيَاءِ الْمُفْضِي لِتَرْكِ تَعْلُّمِ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ لَا يَتَعَلَّمُ الْعِلْمَ مستحي وَلَا مُتَكَبِّرٌ وَكَذَلِكَ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحُكْمُ بِالْحَقِّ وَالْقِيَامُ بِحَقِّ الشَّهَادَةِ وَالْجِهَادُ فِي الله تَعَالَى وَقَوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (الْحَيَاءُ مِنَ الْإِيمَانِ) أَيْ مِنْ جِنْسِهِ بَيْنَهُمَا جِنْسٌ عَامٌّ وَهُوَ أَنَّ الْإِيمَانَ يَحُثُّ عَلَى الْخَيْرِ وَيَنْهَى عَنِ الشَّرِّ وَكَذَلِكَ الْحَيَاءُ يَحُثُّ عَلَى الْمَكَارِمِ وَيَنْهَى عَنِ الْمَسَاوِئِ (مَسْأَلَةٌ فِي الْغَضَبِ) فِي الْمُوَطَّأِ جَاءَ رَجُلٌ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ عَلِّمْنِي كَلِمَاتٍ أَعِيشُ بِهِنَّ وَلَا تُكْثِرْ عَلَيَّ فَأَنْسَى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا تغْضب وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ) قَالَ الْبَاجِيُّ جَمَعَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جَوَامِعَ الْخَيْرِ فِي قَوْلِهِ لَا تَغْضَبْ فَإِنَّ الْغَضَبَ يُدْخِلُ عَلَيْهِ الْآثَامَ وَعَلَى النَّاسِ فِي مُعَادَاتِهِ وَتَفُوتُ عَلَيْهِ مَصَالِحُ دُنْيَاهُ وَأُخْرَاهُ وَمَعْنَى لَا تغْضب لَا تمْضِي مَا يَبْعَثُكَ عَلَيْهِ غَضَبُكَ فَالْمَنْهِيُّ عَنْهُ آثَارُ الْغَضَبِ لَا الْغَضَبُ لِأَنَّهُ يَهْجِمُ عَلَى النَّفْسِ قَهْرًا عِنْدَ أَسْبَابِهِ وَيَتَفَاضَلُ النَّاسُ أَيْضًا فِي مُدَافَعَةِ الْغَضَبِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ فَبِسَبَبِ الْمُدَافَعَةِ لَا يَغْضَبُ مِنَ السَّبَبِ الْحَقِيرِ وَهَذَا فِي أَسْبَابِ الدُّنْيَا وَأَمَّا فِي الْقِيَامِ بِالْحَقِّ فَقَدْ يَجِبُ الْغَضَبُ فِي الْجِهَادِ وَأَهْلِ الْعِنَادِ بِالْبَاطِلِ

(مسألة في الضيافة)

وَغَيْرِهِ وَقَدْ يَكُونُ مَنْدُوبًا إِذَا عَلِمْتَ أَنَّهُ يَبْعَثُ عَلَى الْخَيْرِ وَيَحُثُّ عَلَى تَرْكِ الشُّرُورِ مِمَّنْ يَعْلَمُ ذَلِكَ مِنْكَ فَقَدْ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ ضَالَّةِ الْإِبِلِ فَغَضِبَ حَتَّى احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ وَقَالَ مَا لَكَ وَلَهَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا السَّائِلُ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ عَلِمَ مِنْهُ كَثْرَة الْغَضَب فخصه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْوَصِيَّةِ عَلَى تَرْكِ الْغَضَبِ وَالصُّرَعَةُ الَّذِي يَكْثُرُ مِنْهُ أَنْ يَصْرَعَ النَّاسَ كَالْهُزَأَةِ وَالضُّحَكَةِ وَالنُّوَمَةِ وَقَوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ لَمْ يُرِدْ نَفْيَ الشِّدَّةِ عَنْهُ فَإِنَّهُ بِالضَّرُورَةِ شَدِيدٌ بَلْ أَرَادَ نَفْيَ الشِّدَّةِ التَّامَّةِ أَوِ الشِّدَّةِ النَّافِعَةِ فَإِنَّ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ هُوَ أَعْظَمُ شِدَّةً وَانْفَتح نفعا عَظِيما كَمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّمَا الْكَرِيمُ يُوسُفُ لَمْ يُرِدْ نَفْيَ الْكَرَمِ عَنْ غَيْرِهِ بَلْ أَرَادَ إِثْبَاتَ مَزِيَّةٍ لَهُ فِي الْكَرَمِ مَنْفِيَّةٍ عَنْ غَيْرِهِ (مَسْأَلَةٌ فِي الضِّيَافَةِ) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ) جَائِزَتُهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَضِيَافَتُهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَمَا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَثْوِيَ عِنْدَهُ حَتَّى يُخْرِجَهُ قَالَ الْبَاجِيُّ أَوَّلُ مَنْ ضَيَّفَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ تَعَالَى {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيم الْمُكرمين} فَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُمْ أُكْرِمُوا وَهِيَ وَاجِبَةٌ عِنْدَ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَخَالَفَهُ جَمِيعُ الْفُقَهَاء لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلْيُكْرِمْ وَالْإِكْرَامُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَلَوْ قَالَ فَلْيُضِفْهُ اتَّجَهَ وَقَدْ يَجِبُ لِلْمُجْتَازِ الْمَضْرُورِ بِالْجُوعِ قَالَ مَالِكٌ الضِّيَافَةُ إِنَّمَا تَتَأَكَّدُ عَلَى أَهْلِ الْقُرَى وَلَا ضِيَافَةَ فِي الْحَضَرِ لِوُجُودِ الْفَنَادِقِ وَغَيْرِهَا وَلِأَنَّ الْقُرَى يَقِلُّ الْوَارِدُ إِلَيْهَا فَلَا مَشَقَّةَ بِخِلَافِ الْحَضَرِ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمَعْرِفَةِ وَمَنْ بَيْنَكُمَا مَوَدَّةٌ وَإِلَّا فَالْحَضَرُ

(مسألة في المحبة في الله)

والقرى سَوَاء قَالَ عِيسَى ابْن دِينَارٍ جَائِزَتُهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ أَنْ يُتْحِفَهُ وَيُكْرِمَهُ جَهْدَهُ أَوْ تَخْتَصُّ الْجَائِزَةُ بِمَنْ لَمْ يُرِدِ الْمُقَامَ وَالثَّلَاثُ بِمَنْ أَرَادَهَا وَالزِّيَادَةُ صَدَقَةٌ أَيْ غَيْرُ مُتَأَكَّدَةٍ (مَسْأَلَةٌ فِي الْمَحَبَّةِ فِي اللَّهِ) فَفِي الْمُوَطَّأِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ لِجَلَالِي الْيَوْمَ أُظِلُّهُمْ فِي ظِلِّي يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلِّي) قَالَ الْبَاجِيُّ يَكُونُ النَّاسُ فِي حَرِّ الشَّمْسِ إِلَّا مَنْ يُظِلُّهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي ظِلِّهِ وَقَالَ ابْنُ دِينَارٍ مَعْنَاهُ أَمْنَعُهُ مِنَ الْمَكَارِهِ وَأَصْرِفُ عَنْهُ الْأَهْوَالَ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ حر وَلَا شمس وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (وَجَبَتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ وَالْمُتَجَالِسِينَ فِيَّ وَالْمُتَزَاوِرِينَ فِي) وَفِي هُنَا لِلسَّبَبِيَّةِ أَيْ بِسَبَبِ طَاعَتِي يَكُونُ ذَلِكَ مِنْهُمْ وَقَوْلُنَا أَحَبَّ فِي اللَّهِ وَأَبْغَضَ فِي اللَّهِ أَيْ بِسَبَبِ طَاعَةِ اللَّهِ يُحِبُّ وَبِسَبَبِ مَعْصِيَتِهِ يُبْغِضُ (مَسْأَلَةٌ فِي قَتْلِ الْكِلَابِ وَاقْتِنَائِهَا) وَفِي الْمُوَطَّأ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا لَا يُغْنِي عَنْهُ ضَرْعًا وَلَا زَرْعًا نَقَصَ مِنْ عَمَلِهُ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ قِيرَاطَانِ قَالَ الْبَاجِيُّ قَالَ مَالِكٌ تُتَّخَذُ الْكِلَابُ لِلْمَوَاشِي قِيلَ لَهُ فَالنَّخَّاسُونَ الَّذِينَ يَدَعُونَ دَوَابَّهُمْ قَالَ هِيَ كَالْمَوَاشِي لَا تُتَّخَذُ خَوْفَ اللُّصُوصِ فِي الْبُيُوتِ إِلَّا أَنْ تَسْرَحَ مَعَ الدَّوَابِّ فِي الرَّعْيِ وَلَا يتَّخذ الْمُسَافِر كَلْبا يحسره وَسَبَبُ الْمَنْعِ تَرْوِيعُ النَّاسِ بِهَا وَتَجُوزُ لِلصَّيْدِ وَطَرِيقُ الْجَمْعِ بَيْنَ قِيرَاطٍ وَقِيرَاطَيْنِ أَنَّ الْقِيرَاطَيْنِ فِي الْجِنْسِ الَّذِي يَكْثُرُ تَرْوِيعُهُ لِلنَّاسِ وَفِي الْمُوَطَّأِ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِقَتْلِ الْكِلَابِ قَالَ الْبَاجِيُّ قَالَ مَالِكٌ تُقْتَلُ الْكِلَابُ مَا يُؤْذِي مِنْهَا وَمَا يَكُونُ فِي مَوْضِعٍ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِيهِ كَالْفُسْطَاطِ وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ الْإِحْسَانَ إِلَيْهَا حَالَ حَيَاتِهَا وَلَا تُتَّخَذُ عَرَضًا وَلَا

(مسألة فيما يكره من الأسماء)

تقتل جوعا وَلَا عطشا لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ وَقَالَ (ش) لَا تُقْتَلُ الْكِلَابُ وَهَذَا الحَدِيث مَنْسُوخ بنهيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن قتل الْكلاب إِلَّا الْأسود البيهم وَلَمْ يَرَ مَالِكٌ نَسْخَهُ إِمَّا لِعَدَمِ بُلُوغِ النَّاسِخِ لَهُ أَوْ لِأَنَّهُ تَأَوَّلَهُ (مَسْأَلَةٌ فِيمَا يُكْرَهُ مِنَ الْأَسْمَاءِ) وَفِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لِنَعْجَةٍ تُحْلَبُ مَنْ يَحْلُبُ هَذِهِ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا اسْمُكَ فَقَالَ مُرَّةُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اجْلِسْ ثمَّ قَالَ من يحلب هَذِه فَقَالَ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا اسْمُكَ فَقَالَ حَرْبٌ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اجْلِسْ ثُمَّ قَالَ مَنْ يَحْلُبُ هَذِهِ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا اسْمُكَ فَقَالَ يَعِيشُ فَقَالَ احْلُبْهَا قَالَ الْبَاجِيُّ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَكْرَهُ مِنَ الْأَسْمَاءِ مَا يَقْبُحُ مِنْهَا وَسَأَلَهُمْ عَنْ أَسْمَائِهِمْ لِيُنَادِيَهُمْ بِهَا أَوْ لِيَتَفَاءَلَ بِهَا وَغَيَّرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اسْمَ ابْنَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ كَانَ اسْمُهَا عَاصِيَةَ فَسَمَّاهَا جَمِيلَةَ قَالَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ الطِّيَرَةِ أَنَّ الطِّيَرَةَ لَيْسَ فِي لَفْظِ مَا يُتَطَيَّرُ بِهِ وَلَا فِي مَعْنَاهُ مَا يُكْرَهُ بَلْ مُجَرَّدُ الْوَهْمِ الْفَاسِدِ وَسُوءِ الظَّنِّ بِاللَّهِ تَعَالَى قَالَ وَالْمَنْعُ فِي الْأَسْمَاءِ لِثَلَاثَةِ أَسْبَابٍ الْقُبْحُ كَمَا تَقَدَّمَ أَوْ لِمُخَالَفَةِ الدِّينِ كَمَا كَرِهَ اسْمَ امْرَأَةٍ اسْمُهَا بَرَّةُ فَقَالَ تُزَكِّي نَفْسَهَا وَسَمَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - زَيْنَب قَالَ مَالك وَلَا يُسمى بياسمين وَلَا بِمَهْدِيٍّ وَلَا جِبْرِيلَ وَالْهَادِي أَقْرَبُ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ مَالِكٌ يَقُولُ اللَّهُ {يس وَالْقُرْآن الْحَكِيم} يَقُولُ هَذَا اسْمِي يس قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قِيلَ هُوَ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى وَقِيلَ هُوَ اسْمُ الْقُرْآنِ فَعَلَى هَذَيْنِ تَمْتَنِعُ التَّسْمِيَةُ بِهِ وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَعْنَاهُ يَا إِنْسَانُ بِالْحَبَشِيَّةِ وَعَنْ مُجَاهِدٍ مِفْتَاحٌ افْتَتَحَ اللَّهُ بِهِ كَلَامَهُ فَعَلَى هَذَيْنِ تَجُوزُ التَّسْمِيَةُ بِهِ فَكَرِهَهُ مَالِكٌ للْخلاف فِيهِ

(مسألة في الرفق بالمملوك)

وَفِي المنتفى نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن نسمي رفيقنا بِأَرْبَعَةِ أَسْمَاءٍ أَفْلَحَ وَرَبَاحٍ وَيَسَارٍ وَنَافِعٍ لِأَنَّهُ يُقَالُ ثَمَّ هُوَ فَتَقُولُ لَا وَقَدْ تَمْتَنِعُ التَّسْمِيَةُ مَنْعَ تَحْرِيمٍ لِمَا فِيهَا مِنَ التَّعَاظُمِ الَّذِي لَا يَصْلُحُ إِلَّا لِلَّهِ تَعَالَى كَمَا فِي مُسْلِمٍ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّ أَخْنَعَ الْأَسْمَاءِ رَجُلٌ تَسَمَّى بِشَاهٍ شَاهْ مَالِكِ الْأَمْلَاكِ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ يَلْحَقُ بِهِ قَاضِي الْقُضَاةِ قَالَ الْبَاجِيُّ وَقَدْ يَخْتَصُّ الْمَنْعُ بحياته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَقَوْلِه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (سموا باسمي وَلَا تتكنوا بكنيتي وَإِمَّا أَنَا قَاسِمٌ أَقْسِمُ بَيْنَكُمْ) فَنَهَى أَنْ يَدْعُوَ أَحَدٌ أَحَدًا أَبَا الْقَاسِمِ لِأَنَّ رَجُلًا نَادَى رَجُلًا بِالْبَقِيعِ يَا أَبَا الْقَاسِمِ فَالْتَفَتَ رَسُولُ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَمْ أَعْنِكَ وَهَذَا عدم بعده - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلِذَلِكَ كَانَ يُكَنَّى بِذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَغَيْرُهُمَا قَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ مَكَّةَ يَتَحَدَّثُونَ مَا مِنْ بَيْتٍ فِيهِ اسْمُ مُحَمَّدٍ إِلَّا رَأَوْا خَيْرًا وَرُزِقُوا وَمِنْ أَفْضَلِ الْأَسْمَاءِ مَا فِيهِ عبودية لله تَعَالَى قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الصَّحِيحَيْنِ (أَحَبُّ أَسْمَائِكُمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَالْكُنَى عَلَى ضَرْبَيْنِ صَادِقَةٌ وَكَاذِبَةٌ نَحْوُ يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ وَأَبُو مُحَمَّدٍ لِعَبْدِ اللَّهِ وَأَبُو إِبْرَاهِيم لإسماعيل فَأخْبر - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّ كُنْيَتَهُ صَادِقَةٌ فَإِنْ قِيلَ الْكُنْيَةُ أَبُو الْقَاسِمِ وَهُوَ قَاسِمُ الْغَنَائِمِ لَا أَبُو الْقَاسِمِ قُلْنَا الْأَبُ هُنَا لَيْسَ عَلَى بَابِهِ كَالِابْنِ فِي ابْنِ السَّبِيلِ لِمُلَازَمَتِهِ السَّبِيلَ وَالْقِسْمَةُ أَشْبَهَتْ مُلَازَمَةَ الِابْنِ أُمَّهُ أَوِ الْأَبِ ابْنَهُ وَمِنْهُ أَبُو الْفَضْلِ وَأَبُو الْمَكَارِمِ (مَسْأَلَةٌ فِي الرِّفْقِ بالمملوك) فِي الْمُوَطَّأ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - للملوك كِسْوَتُهُ وَطَعَامُهُ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا يُكَلَّفُ مِنَ الْعَمَلِ مَا لَا يُطِيقُ قَالَ الْبَاجِيُّ مَعْنَى بِالْمَعْرُوفِ مَا يَلِيق بِهِ فِي حَاله ونفاده فِي

(مسألة في تحري الصدق والكذب)

التِّجَارَةِ وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يُسَاوِيَ سَيِّدُهُ الْأَعْلَى بِالْأَدْنَى وَعَلَيْهِ عَمَلُ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي التَّسْوِيَةِ أَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ وَنَحْوِهِ قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ لَيْسَ عَلَى السَّيِّدِ بَيْعُ عَبْدِهِ إِذَا اشْتَكَى الْغُرْبَةَ قَالَ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَقُولَ الْعَبْدُ لِسَيِّدِهِ يَا سَيِّدِي لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَاب} {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا} قِيلَ لَهُ يَقُولُونَ السَّيِّدُ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ إِنَّ هَذَا فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى (مَسْأَلَةٌ فِي تَحَرِّي الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ) قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَيْكَ بِالصِّدْقِ وَإِنْ ظَنَنْتَ أَنَّهُ مُهْلِكُكَ قَالَ ذَلِكَ فِيمَا يَلْزَمُكَ أَنْ تَصْدَعَ بِهِ مِنَ الْحَقِّ لما ترجوه من الصدْق والفلاح وتحشاه مِنَ الْفَسَادِ فَالْكَذِبُ عِنْدَ السُّلْطَانِ وَنَحْوِهِ فَتَقُولُ الْحَقَّ وَإِنْ ظَنَنْتَ الْهَلَاكَ فَإِنْ تَيَقَّنْتَهُ فَتَسْكُتُ وَلَا يَحِلُّ لَكَ الْكَذِبُ إِلَّا أَنْ تُضْطَّرَ إِلَى ذَلِكَ بِالْخَوْفِ عَلَى نَفْسِكَ وَإِنَّمَا يَلْزَمُكَ الصدْق وَإِن خِفْتَ عَلَى نَفْسِكَ فِيمَا عَلَيْكَ مِنَ الْحُقُوقِ مِنَ الْقَتْلِ وَالسَّرِقَةِ وَالزِّنَا وَنَحْوِهِ وَالْكَذِبُ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ كَذِبٌ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقٌّ لِمَخْلُوقٍ نَحْوُ طَارَ الْغُرَابُ فَيَحْرُمُ إِجْمَاعًا وَكَذِبٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقٌّ لِمَخْلُوقٍ نَحْوُ فَعَلَ زَيْدٌ كَذَا وَلَمْ يَفْعَلْهُ وَهُوَ أَشَدُّ مِنَ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ تُخَلِّصُ مِنْهُ التَّوْبَةُ بِخِلَافِ الثَّانِي بَلْ يُحَلِّلُهُ صَاحِبُهُ أَوْ يَأْخُذُهُ مِنْهُ وَكَذِبٌ لَا يَضُرُّ أَحَدًا يَقْصِدُ بِهِ خَيْرًا نَحْوُهُ فِي الْحَرْبِ وَالْإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ وَكَذِبُ الرَّجُلِ لِامْرَأَتِهِ فِيمَا يَعِدُهَا بِهِ وَيَسْتَصْلِحُهَا بِهِ فَقَدَ جَوَّزَتْهُ السُّنَّةُ وَقِيلَ لَا يُبَاحُ إِلَّا الْمَعَارِيضُ وَقِيلَ مَعَارِيضُ الْقَوْلِ جَائِزَةٌ فِي كُلِّ مَوْطِنٍ قَالَ وَأَرَاهُ مَكْرُوهًا لِمَا فِيهِ مِنَ الْإِلْغَازِ فَيُظَنُّ أَنَّهُ قَدْ كَذَبَ فَيُعَرِّضُ عِرْضَهُ لِلْفَسَادِ وَكَذِبٌ فِي دَفْعِ مَظْلَمَةٍ لِظَالِمٍ يُرِيدُ أَحَدًا بِالْقَتْلِ أَوِ الضَّرْبِ فَيُنْكِرُ مَوْضِعَهُ وَهُوَ يَعْلَمُهُ فَيَجِبُ لِمَا فِيهِ مِنَ الدَّفْعِ عَنِ الْمَعْصُومِ وَفِي

(مسألة عذاب العامة بدنوب الخاصة)

الْمُوَطَّأِ قَالَ رَجُلٌ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَأَكْذِبُ لِامْرَأَتِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا خَيْرَ فِي الْكَذِبِ فَقَالَ الرَّجُلُ أَعِدُهَا وَأَقُولُ لَهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا جنَاح عَلَيْك قَالَ الْبَاجِيّ قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا خَيْرَ فِي الْكَذِبِ يُرِيدُ كَذِبًا يُنَافِي الشَّرْعَ أَمَّا الْإِصْلَاحُ فَلَا وَقَوْلُهُ أَعِدُهَا يَحْتَمِلُ أَعِدُهَا وَأَنَا أُرِيدُ الْوَفَاءَ قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ الْكَذِبُ إِنَّمَا هُوَ فِي الْمَاضِي وَالْخُلْفُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لِأَنَّ الْمُسْتَقْبَلَ قَابِلٌ لِلْوُقُوعِ عَلَى وَفْقِ الْوَعْدِ وَالْمَاضِي تَعَيَّنَ كَذِبُهُ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ إخلاف الْوَعْد كذب وَإِنَّمَا أنكر - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَى الرَّجُلِ صُورَةَ اللَّفْظِ لِأَنَّ الْكَذِبَ أَصْلُهُ التَّحْرِيمُ فَلَمَّا جَاءَ بِلَفْظٍ حَسَنٍ أَذِنَ لَهُ (مَسْأَلَة عَذَاب الْعَامَّة بدنوب الْخَاصَّةِ) وَفِي الْمُوَطَّأِ قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ قَالَ نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبْثُ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} وَعَارَضَ هَذِهِ النُّصُوصَ قَوْله تَعَالَى {وَلا تَزِرُ وَازِرَة وزر أُخْرَى} وقَوْله تَعَالَى {لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} (مَسْأَلَةٌ فِي سُؤَالِ الْعَطَاءِ مِنَ النَّاسِ) قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ إِنْ كَانَتِ الْمَسْأَلَةُ لِحَاجَةٍ ضَرُورِيَّةٍ دينية أَو دينوية وَجَبَتْ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَالْمَشَقَّةُ دُونَ الْحَاجَةِ نُدِبَ إِلَيْهَا إِذْ يَجُوزُ لَهُ احْتِمَالُ الْمَشَقَّةِ أَوْ لِشَهْوَةٍ كُرِهَتْ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ نَادِرًا أُبِيحَتْ وَمَذْهَبُ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الْيَدَ الْعُلْيَا هِيَ الْمُعْطِيَةُ وَمَذْهَبُ الصُّوفِيَّةِ هِيَ الْآخِذَةُ لِأَنَّهَا يَدُ اللَّهِ تَعَالَى وَأَمَّا فِي الْحَدِيثِ الْيَدُ الْعُلْيَا هِيَ المتفقة مِنْ كَلَامِ الرَّاوِي

(مسألة في التواضع)

(مَسْأَلَةٌ فِي التَّوَاضُعِ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ (اعْبُدِ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ وَكُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِر سَبِيل) وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا مِنْ آدَمِيٍّ إِلَّا وَفِي رَأْسِهِ حِكْمَةٌ بِيَدِ مَلَكٍ إِذَا رَفَعَ بِنَفْسِهِ ضَرَبَهُ بِهَا وَقَالَ انْخَفِضْ خَفَضَكَ اللَّهُ وَإِنْ تَوَاضَعَ رَفَعَهُ بِهَا وَقَالَ ارْتَفِعْ رَفَعَكَ اللَّهُ (مَسْأَلَةٌ فِي التَّحَلُّل من الظَّالِم) قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ مَالِكٌ إِنْ تَسَلَّفَ مِنْكَ وَهَلَكَ لَا مَالَ لَهُ فَالْأَفْضَلُ أَنْ تُحَلِّلَهُ بِخِلَافِ الَّذِي يَطْلُبُكَ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ فِي التَّحَلُّلِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْمَنْعُ قَالَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ التَّحْلِيلُ أَفْضَلُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} وَفِي الْحَدِيثِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (يُنَادِي مُنَادٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ لَهُ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ فَلْيَقُمْ فَيَقُومُونَ الْعَافُونَ عَنِ النَّاسِ) وَهُوَ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجره على الله} الثَّالِثُ تَفْرِقَةُ مَالِكٍ وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ مُحْتَاجٌ للحسنات يَوْم الْقِيَامَة وَجه التَّفْرِقَةِ قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاس} فَرَأى مَالك أَن ترك المحالة عُقُوبَةٌ وَزَجْرٌ لَهُ هَذَا بِاعْتِبَارِ الْآخِرَةِ وَأَمَّا فِي الدُّنْيَا فَالْعَفْوُ عَنِ الظَّالِمِ وَالصَّفْحُ عَنْهُ أَفْضَلُ فِي بَدَنِهِ وَمَالِهِ (مَسْأَلَةٌ فِي رَفْعِ الْيَدِ فِي الدُّعَاءِ) قَالَ قَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ بِهِ وَلَا يَرْفَعُهُمَا جِدًّا قَالَ وَأَجَازَ الرَّفْعَ فِي الدُّعَاءِ

(مسألة في الأكل من الحوائط ونحوها)

بَعْدَ الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ الدُّعَاءِ كَالِاسْتِسْقَاءِ وَعَرَفَةَ وَالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي الدُّعَاءِ عِنْدَ الْجَمْرَتَيْنِ وَرَفْعِ الْيَدَيْنِ فِيهِمَا وَعَنْهُ لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي الدُّعَاءِ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَالْأَوَّلُ فِي الْمُدَوَّنَةِ (مَسْأَلَةٌ فِي الْأَكْلِ مِنَ الْحَوَائِطِ وَنَحْوِهَا) قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ مَالِكٌ الْمَارُّ بِالْبَسَاتِينِ لَا يَأْكُلُ مِنْهَا لِأَنَّ أُجَرَاءَهَا يَطْعَمُونَ مِنْهَا وَكَذَلِكَ اللَّبَنُ مِنَ الرُّعَاةِ إِذَا لَمْ يَطْعَمْهُ أَرْبَابُ الْمَاشِيَةِ وَإِنْ دَخَلَ الْحَوَائِطَ فَوَجَدَ ثَمَرَةً فِي الْأَرْضِ فَلَا يَأْكُلُ إِلَّا مِنْ حَاجَةٍ أَوْ يَأْذَنُ لَهُ رَبُّهَا وَلَا يَأْكُلُ وَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الْحَائِطِ صَدِيقَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ قَالَهُ مَالِكٌ وَكَذَلِكَ أَبُوهُ وَأُمُّهُ وَأَخُوهُ وَأَجَازَهُ غَيْرُهُ لقَوْله تَعَالَى {أَو صديقكم} فَفِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ ثَالِثُهَا الْفَرْقُ بَيْنَ الصَّدِيقِ وَغَيْرِهِ وَلَا خِلَافَ فِي الْجَوَازِ لِلْمُحْتَاجِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا جُذَّتِ النَّخْلُ وَبَقِيَ فِيهَا شَيْءٌ إِنْ عَلِمْتَ طِيبَ نَفْسِ صَاحِبِهَا لَكَ أَكْلُهُ وَأَخْذُهُ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ عَلِمَ أَنَّ صَاحِبَهُ أَذِنَ فِيهِ فَإِنْ كَانَ يرَاهُ فَلَا بُد من إِذْنه وَلَعَلَّه يَسْتَحِي مِنْهُ أَوْ يَخَافُهُ (مَسْأَلَةٌ فِيمَا يُتَعَلَّمُ مِنْ عِلْمِ النُّجُومِ) قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ يَتَعَلَّمُ مِنْهَا مَا يَسْتَدِلُّ بِهِ عَلَى الْقِبْلَةِ وَأَجْزَاءِ اللَّيْلِ وَمَا مَضَى مِنْهُ وَلِيَهْتَدِيَ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَيَعْرِفَ مَوَاضِعَهَا مِنَ الْفَلَكِ وَأَوْقَاتِ طُلُوعِهَا وَغُرُوبِهَا وَهُوَ مُسْتَحَبٌّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظلمات الْبر وَالْبَحْر} وَأَمَّا مَا يُفْضِي إِلَى مَعْرِفَةِ نُقْصَانِ الشَّهْرِ وَوَقْتِ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ فَمَكْرُوهٌ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فِي الشَّرْعِ فَهُوَ اشْتِغَالٌ بِغَيْرٍ مُفِيدٍ وَكَذَلِكَ مَا يَعْلَمُ بِهِ الْكُسُوفَاتِ مَكْرُوهٌ لِأَنَّهُ لَا يُغْنِي وَيُوهِمُ الْعَامَّةَ أَنَّهُ يَعْلَمُ الْغَيْبَ بِالْحِسَابِ فَيُزْجَرُ عَنِ الْإِخْبَارِ بِذَلِكَ وَيُؤَدَّبُ عَلَيْهِ

(مسألة)

وَأَمَّا مَا يُخْبِرُ بِهِ الْمُنَجِّمُ مِنَ الْغَيْبِ مِنْ نُزُولِ الْأَمْطَارِ أَوْ غَيْرِهِ فَقِيلَ ذَلِكَ كفر يقتل بِغَيْر اسْتِتَابَة لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ فَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بالكوكب وَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا فَذَلِك كَافِر بِي مُؤمن بالكوكب وَقِيلَ يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ قَالَهُ أَشْهَبُ وَقِيلَ يُزْجَرُ عَنْ ذَلِكَ وَيُؤَدَّبُ وَلَيْسَ اخْتِلَافًا فِي قَوْلٍ بَلْ بِاخْتِلَافِ حَالٍ فَإِنْ قَالَ إِنَّ الْكَوَاكِبَ مُسْتَقِلَّةٌ بِالتَّأْثِيرِ قُتِلَ وَلَمْ يستتب إِن كَانَ يسرته لِأَنَّهُ زِنْدِيقٌ وَإِنْ أَظْهَرَهُ فَهُوَ مُرْتَدٌّ يُسْتَتَابُ أَوِ اعْتَقَدَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى هُوَ الْفَاعِلُ عِنْدَهَا زُجِرَ عَنْ الِاعْتِقَادِ الْفَاسِدِ الْكَاذِبِ لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ تُسْقِطُ الْعَدَالَةَ وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ تَصْدِيقُهُ قَالَ وَالَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَقَدَ فِيمَا يُصِيبُونَ فِيهِ أَن ذَلِك على وَجه الْغَالِب هُوَ قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذَا نَشَأَتْ سَحَابَةٌ بَحْرِيَّةٌ ثُمَّ تَشَاءَمَتْ فَتِلْكَ عَيْنٌ غُدَيْقَةٌ (مَسْأَلَةٌ) قَالَ مَالِكٌ فِي مُخْتَصَرِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يُعَلَّمُ أَبْنَاءُ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى الْكِتَابَ لِأَنَّهُمْ يَسْتَعِينُونَ بِهَا عَلَى الْبَاطِلِ وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ {وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ والعدوان} (مَسْأَلَةٌ) الْفُقَهَاءُ السَّبْعَةُ فُقَهَاءُ الْمَدِينَةِ وَعَلَيْهِمُ الْمَدَارُ وَهُمُ الْبَرَكَةُ وَأَسْمَاؤُهُمْ مُهِمَّةٌ يَنْبَغِي أَنْ تُحْفَظَ وَهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَخَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَقَدْ نُظِمُوا فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ:

(مسألة فيما فيه التيامن)

(أَلَا كُلُّ مَنْ لَا يَقْتَدِي بِأَئِمَّةٍ ... فَقِسْمَتُهُ ضِيزَى عَنِ الْحَقِّ خَارِجَةْ) (فَخُذْهُمْ عُبَيْدُ اللَّهِ عُرْوَةُ قَاسِمٌ ... سَعِيدٌ أَبُو بَكْرٍ سُلَيْمَانُ خَارِجَةْ) (مَسْأَلَةٌ فِيمَا فِيهِ التَّيَامُنُ) قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (يُحِبُّ التَّيَامُنَ فِي أَمْرِهِ كُلِّهُ وَقَالَ إِذَا توضأتم فابدؤوا بأيمانكم) وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَأْكُلْ وَلْيَشْرَبْ بِيَمِينِهِ وَلْيَأْخُذْ بِيَمِينِهِ وَلْيُعْطِ بِيَمِينِهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ وَيَشْرَبُ بِشَمَالِهِ وَيَأْخُذُ بِشِمَالِهِ وَيُعْطِي بِشِمَالِهِ) فَكَانَتْ يَده الْيُمْنَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِطَعَامِهِ وَطَهُورِهِ وَالْيُسْرَى لِحَاجَتِهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْأَذَى قَالَ فَإِنْ فَعَلَ مَا يُفْعَلُ بِالْيُمْنَى بِالشِّمَالِ أَوْ بِالْعَكْسِ لَمْ يَأْثَمْ وَالَّذِي لِلشِّمَالِ الأذي كُله وَقد نهي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنْ يَغْسِلَ الرَّجُلُ بَاطِنَ قَدَمَيْهِ بِيَمِينِهِ وَلَا يَسْتَنْجِيَ الرَّجُلُ بِيَمِينِهِ وَلَا يَمَسَّ ذَكَرَهُ وَلَا بَاطِنَ قَدَمَيْهِ وَلَا يَتَمَخَّطَ وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ يَتَمَخَّطُ بِيَمِينِهِ وَيَنْزِعُ الْأَذَى مِنْ أَنْفِهِ بِيَمِينِهِ وَامْتَخَطَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عِنْدَ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ بِيَمِينِهِ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ بِشِمَالِكَ فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ يَمِينِي لِوَجْهِي وَشِمَالِي لِحَاجَتِي وَهُوَ مَذْهَبُ عَلِيٍّ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا (مَسْأَلَةٌ مَا يُؤْتَى مِنَ الْوَلَائِمِ) قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ هِيَ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ وَاجِبَةُ الْإِجَابَةِ إِلَيْهَا وَهِي الْوَلِيمَة فِي النِّكَاح لأَمره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِذَلِكَ وَمُسْتَحَبُّ الْإِجَابَةِ وَهِيَ الْمَأْدُبَةُ وَهِيَ الطَّعَامُ يُعْمَلُ لِلْجِيرَانِ لِلْوِدَادِ وَمُبَاحَةُ الْإِجَابَةِ وَهِيَ الَّتِي تُعْمَلُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ مَذْمُومٍ كَالْعَقِيقَةِ لِلْمَوْلُودِ وَالنَّقِيعَةِ لِلْقَادِمِ مِنَ السَّفَرِ وَالْوَكِيرَةِ لِبِنَاءِ الدَّارِ وَالْخُرْسِ لِلنِّفَاسِ وَالْإِعْذَارِ لِلْخِتَانِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَمَكْرُوهٌ وَهِيَ مَا يُقْصَدُ بِهَا

(مسألة في المساجد وما تنزه عنه)

الْفَخر والمحمدة لَا سِيمَا أهل الْفضل والهيآت لِأَنَّ إِجَابَةَ مِثْلِ ذَلِكَ يَخْرِقُ الْهَيْبَةَ وَقَدْ قِيلَ مَا وَضَعَ أَحَدٌ يَدَهُ فِي قَصْعَةِ أَحَدٍ إِلَّا ذَلَّ لَهُ وَمُحَرَّمُ الْإِجَابَةِ وَهِيَ مَا يَفْعَلُهُ الرَّجُلُ لِمَنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ قَبُولُ هَدِيَّتِهِ كَأَحَدِ الْخَصْمَيْنِ لِلْقَاضِي (مَسْأَلَةٌ فِي الْمَسَاجِدِ وَمَا تُنَزَّهُ عَنْهُ) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمه يسبح لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَال} فَتُنَزَّهُ عَمَّا عَدَا هَذَا وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ تُنَزَّهُ الْمَسَاجِدُ عَنْ عَمَلِ الصِّنَاعَاتِ وَأَكْلِ الْأَلْوَانِ وَالْمَبِيتِ فِيهَا إِلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ لِلْغُرَبَاءِ وَمِنَ الْوُضُوءِ فِيهَا وَاللَّغَطِ وَرَفْعِ الصَّوْتِ وَإِنْشَادِ الضَّالَّةِ وَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَتَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ وَقَصِّ الشَّعْرِ وَالْأَقْذَارِ كُلِّهَا والنجاسات وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (جَنبُوا مَسَاجِدكُمْ صيانكم وَمَجَانِينَكُمْ وَسَلَّ سُيُوفِكُمْ وَرَفْعَ أَصْوَاتِكُمْ وَاجْعَلُوا مَطَاهِرَكُمْ عَلَى أَبْوَابِهَا) وَفِي الْكِتَابِ يُكْرَهُ أَنْ يَبْنِيَ الرَّجُلُ الْمَسْجِدَ وَيَبْنِيَ فَوْقَهُ بَيْتًا قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ ظَاهِرُهُ الْمَنْعُ عَمِلَهُ لِلسَّكَنِ أَوْ مَخْزَنًا لِأَنَّ هَوَاءَ الْمَسْجِدِ مَسْجِدٌ وَلَهُ حُكْمُ الْمَسَاجِدِ فِي الْحُرْمَةِ فَلَا يُجَامَعُ وَلَا يُبَالُ فِيهِ وَيَأْكُلُ مَا لَا يُزَفِّرُ وَلَا يَجْمَعُ الذُّبَابَ وخفف فِي مَسَاجِد الْقرى فِي الطَّعَام وَالْمَيِّت لِلْأَضْيَافِ قَالَ مَالِكٌ لَا يُؤَدَّبُ فِي الْمَسْجِدِ وَجوز مَالك التعزيز بِالْأَسْوَاطِ الْيَسِيرَةِ بِخِلَافِ الْكَثِيرَةِ وَالْحُدُودِ وَجَوَّزَ قَضَاءَ الدَّيْنِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ وَجَوَّزَ أَنْ يُسَاوِمَ رَجُلًا ثَوْبًا عَلَيْهِ أَوْ سِلْعَةً تَقَدَّمَتْ رُؤْيَتُهَا وَجَوَّزَ مَالِكٌ كَتْبَ الْمُصْحَفِ فِيهِ وَكَرِهَ سَحْنُونٌ تَعْلِيمَ الصِّبْيَانِ فِيهِ قَالَ الْبَاجِيُّ إِنْ مَنَعَهُ لَعِلَّةِ التَّوَقِّي جَازَتْ كِتَابَةُ الْمُصْحَفِ أَوْ لِأَنَّهُ صَنْعَةٌ مُنِعَتْ كِتَابَةُ الْمُصْحَفِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْكِتَابِ لَا يُورَثُ الْمَسْجِدُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ بِخِلَافِ الْبُنْيَانِ

تَحْتَ الْمَسْجِدِ قَالَ سَنَدٌ إِنْ بَنَيْتَ مَسْجِدًا فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَبْنِيَ تَحْتَهُ مَسْجِدًا مُنِعَ لِتَعَيُّنِ النَّفَقَةِ لِلْمَسْجِدِ وَإِنْ بَنَيْتَ مَسْجِدًا عَلَى شُرُفٍ فَأَرَادَ آخَرُ أَنْ يَنْقُبَ تَحْتَهُ بَيْتًا مُنِعَ إِلَّا بِحُكْمِ حَاكِمٍ لِأَنَّهُ مِنْ حُقُوقِ الْمَسْجِدِ فَإِنْ رَأَى الْحَاكِمُ أَنْ يَنْقُبَ بَيْتًا يَرْتَفِقُ بِهِ الْمَسْجِدُ جَازَ وَلَا يَكُونُ لِهَذَا الْبَيْتِ حُرْمَةُ الْمَسْجِدِ بَلْ يَدْخُلُهُ الْحَائِضُ وَالْجُنُبُ بِخِلَافِ سَطْحِ الْمَسْجِدِ فَإِنَّ الْمَسْجِدَ يُرْفَعُ فِي السَّمَاءِ وَلَا يَنْزِلُ فِي الْأَرْضِ وَلِهَذَا يَجُوزُ التَّنَفُّلُ فِي الْكَعْبَةِ وَعَلَى ظَهْرِهَا وَلَوْ كَانَ تَحْتَهَا مَطْمُورَةٌ أَوْ سَرَبٌ امْتَنَعَ التَّنَفُّلُ قَالَ وَقَوْلُهُ لَا يُورَثُ الْمَسْجِدُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا أَبَاحَهُ لِلنَّاسِ أَمَّا إِذَا بَنَى فِي بَيْتِهِ مَسْجِدًا لِيُصَلِّيَ فِيهِ وَلَا يُبِيحُهُ لِلنَّاسِ يَجْمَعُ فِيهِ أَهْلَ بَيْتِهِ وَمَنْ يَتَضَيَّفُ بِهِ فَيُورَثُ وَيُغَيَّرُ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ قَالَ الطُّرْطُوشِيُّ وَمِمَّا أَحْدَثَهُ النَّاسُ مِنَ الْبِدَعِ فِي الْمَسَاجِدِ الْمَحَارِيبُ وَكَرِهَ الصَّلَاةَ فِيهِ النَّخَعِيُّ وَسُفْيَانُ وَغَيْرُهُمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (مَا أمرت بتَشْديد الْمَسَاجِد) قَالَ ابْن عَبَّاس أما وَالله لنزخرفنها كَمَا زخرفت الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَمَّا قِيلَ لَهُ فِي مَسْجِدِهِ بَلْ عَرِيشٌ كعريش أخي مُوسَى ثمام وحشبات وَالْأَمْرُ أَعْجَلُ مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِذَا زَيَّنُوا مَسَاجِدَهُمْ فَسَدَتْ أَعْمَالُهُمْ قَالَ مَالِكٌ وَكَرِهَ النَّاسُ مَا عُمِلَ فِي مَسْجِد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِنَ الذَّهَبِ وَالْفُسَيْفِسَاءِ يَعْنِي الْفُصُوصَ لِأَنَّهُ مِمَّا يَشْغَلُ عَنِ الصَّلَاةِ بِالنَّظَرِ إِلَيْهِ قَالَ مَالِكٌ وَلَا يُكْتَبُ فِي جِدَارِ الْمَسْجِدِ قُرْآنٌ وَلَا غَيْرُهُ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ تَحْسِينُ بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ وَتَجْصِيصُهَا مُسْتَحَبٌّ وَالْمَكْرُوهُ تَزْوِيقُهَا بِالذَّهَبِ وَغَيْرِهِ وَالْكِتَابَةُ فِي قبلتها وَالِابْن نَافِع وَابْن وهب تزين الْمَسَاجِدِ وَتَزْوِيقُهَا بِالشَّيْءِ الْخَفِيفِ مِثْلِ الْكِتَابَةِ فِي قِبْلَتِهَا مَا لَمْ يَكْثُرْ حَتَّى يَصِلَ لِلزَّخْرَفَةِ الْمنْهِي عَنْهَا

(فرع)

(فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ كَرِهَ مَالِكٌ الدُّعَاءَ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسَاجِدِ وَعِنْدَ الْخُرُوجِ مِنْهَا كَرَاهَةً شَدِيدَة لِأَنَّهُ بِدعَة وَكره الْإِتْيَان بالمراوح بتروح بِهَا الْقَوْمُ لِأَنَّهَا رَفَاهِيَةٌ وَالْمَسَاجِدُ مَوْضِعُ عِبَادَةٍ (فَرْعٌ) قَالَ قَالَ مَالِكٌ الْمُذَاكَرَةُ فِي الْفِقْهِ أَفْضَلُ مِنَ الصَّلَاةِ (فَرْعٌ) قَالَ الطُّرْطُوشِيُّ فِي كِتَابِ الْحَوَادِثِ وَالْبِدَعِ كَرِهَ مَالِكٌ الْقَصَصَ فِي الْمَسْجِدِ وَقَالَ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ دَعْنِي أَدْعُ اللَّهَ وَأَقُصَّ وَأُذَكِّرِ النَّاسَ فَقَالَ عُمَرُ لَا فَأَعَادَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ أَتُرِيدُ أَنَا تَمِيمٌ الدَّارِيُّ فَاعْرِفُوا بِي قَالَ مَالِكٌ وَلَا يُجْلَسُ إِلَيْهِمْ وَإِنَّهُ لَبِدْعَةٌ وَلَا يَسْتَقْبِلُهُمُ النَّاسُ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يُلْفَى خَارِجَ الْمَسْجِدِ فَيَقُولُ مَا أَخْرَجَنِي إِلَّا صَوْتُ قَاصِّكُمْ وَلَمْ يَظْهَرِ الْقُصَّاصُ إِلَّا بَعْدَ زَمَانِ عُمَرَ وَلَمَّا دَخَلَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْمَسْجِدَ أَخْرَجَ الْقُصَّاصَ مِنْهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْحَسَنِ يَتَكَلَّمُ فِي عُلُومِ الْأَحْوَالِ وَالْأَعْمَالِ فَاسْتَمَعَ لَهُ وَانْصَرَفَ وَلَمْ يُخْرِجْهُ وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ إِعَانَةُ رَجُلٍ فِي حَاجَةٍ خَيْرٌ مِنَ الْجُلُوسِ لِقَاصٍّ (فَرْعٌ) قَالَ وَلَا يُتَحَدَّثُ بِالْعُجْمَةِ فِي الْمَسْجِدِ لِمَا قِيلَ إِنَّهَا خِبٌّ وَلَا يَرْقُدُ شَابٌّ فِي الْمَسْجِدِ وَمَنْ لَهُ بَيْتٌ وَأَهْلُ الصُّفَّةِ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ بُيُوتٌ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا بَأْسَ بِالْقَايِلَةِ فِي الْمَسْجِدِ وَالِاسْتِلْقَاءِ فِيهِ وَالنَّوْمِ لِلْحَاضِرِ الْمُقِيمِ وَلَا يَتَّخِذُهُ سَكَنًا إِلَّا رَجُلٌ تَبَتَّلَ لِلْعِبَادَةِ وَقِيَامِ اللَّيْلِ إِذَا كَانَ وُضُوؤُهُ وَمَعَاشُهُ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ وَكَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يَتَّخِذَ الرَّجُلُ فِرَاشًا فِي الْمَسْجِدِ وَيَجْلِسَ عَلَيْهِ

(مسألة)

وَالْوِسَادَةَ يَتَّكِئُ عَلَيْهَا وَقَالَ لَيْسَ مِنْ عَمَلِ النَّاسِ وَرَخَّصَ فِي الْمُصَلَّيَاتِ وَنَحْوِهَا مِنَ النِّخَاخِ وَحُصْرِ الْجَرِيدِ وَكَانَتْ إِلَّا مَا تَعَلَّقَ فِي الْمَسْجِد على عهد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لأضياف النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - والمساكني يَأْكُلُونَ مِنْهَا وَيُجْعَلُ فِي الْمَسَاجِدِ الْمَاءُ الْعَذْبُ للشُّرْب وَكَانَ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَيكرهُ قتل القفلة وَدَفْنُهَا فِي الْمَسْجِدِ وَلَا يَقْتُلُهَا بَيْنَ النَّعْلَيْنِ وَلَا يَطْرَحُهَا مِنْ ثَوْبِهِ فِي الْمَسْجِدِ وَكَذَلِكَ الْبُرْغُوثُ وَهُوَ أَخَفُّ قَالَ مَالِكٌ وَلْيَصُرَّهَا حَتَّى يَقْتُلهَا خَارج الْمَسْجِد وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْبُصَاقُ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيئَةٌ وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا قَالَ مَالِكٌ لَا يَبْصُقُ عَلَى حَصِيرِ الْمَسْجِدِ وَيَدْلُكُهُ بِرِجْلِهِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَبْصُقَ تَحْتَ الْحَصِيرِ فَإِنْ كَانَ الْمَسْجِدُ مُحَصَّبًا فَلَا بَأْسَ أَنْ يَحْفِرَ لِلْبُصَاقِ وَيَدْفِنَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حَصْبَاءُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَدْفِنَهُ فِيهِ فَلَا يَبْصُقُ قَالَ مَالِكٌ لَا يَتَنَخَّمُ تَحت النَّعْل إِلَّا أَن لَا يَصِلَ إِلَى التَّنَخُّمِ تَحْتَ الْحَصِيرِ قَالَ مُحَمَّدُ ابْن أَبِي مَسْلَمَةَ لَمْ يَزَلِ النَّاسُ يَتَنَخَّمُونَ فِي الْمَسْجِدِ وَيَبْصُقُونَ فِيهِ قَبْلَ أَنْ يُحَصَّبَ وَبَعْدَمَا حصب وَأول من حصب عمر ابْن الْخطاب قَالَ مَالك وَيُنْهِي السُّؤَال عَنِ السُّؤَالِ فِي الْمَسْجِدِ وَالصَّدَقَةُ فِي الْمَسْجِدِ غَيْرُ مُحَرَّمَةٍ وَكَرِهَ مَالِكٌ جُلُوسَ النَّاسِ يَوْمَ عَرَفَةَ فِي الْمَسَاجِدِ لِلدُّعَاءِ (مَسْأَلَةٌ) قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ مَالِكٌ تُصَلَّى النَّافِلَةُ فِي مَسْجِدِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي مُصَلَّى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَيُتَقَدَّمُ فِي الْفَرْضِ إِلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَيَبْتَدِئُ الدَّاخِلُ بِالرُّكُوعِ وَإِنِ ابْتَدَأَ بِالسَّلَامِ فَوَاسِعٌ قَالَ ابْن الْقَاسِم الرُّكُوع أحب إِلَيّ لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيَرْكَعْ) وَالْفَاءُ لِلتَّعْقِيبِ

(مسألة)

(مَسْأَلَةٌ) قَالَ مَالِكٌ أَكْرَهُ أَنْ يَقُولَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ لِرَجُلٍ حَسَنِ الصَّوْتِ اقْرَأْ عَلَيْنَا لِأَنَّهُ شِبْهُ الْغِنَاءِ قِيلَ لَهُ فَقَوْلُ عُمَرَ لِأَبِي مُوسَى ذَكِّرْنَا رَبَّنَا قَالَ أَحَادِيثُ سَمِعْتُهَا وَأَنَا أَنْفِيهَا وَهَؤُلَاءِ يَتَحَدَّثُونَ ذَلِكَ يَكْتَسِبُونَ بِهِ قَالَ إِنَّمَا كَرِهَهُ مَالِكٌ إِذَا أَرَادُوا حُسْنَ صَوْتِهِ أَمَّا إِذَا قَصَدُوا رِقَّةَ قُلُوبِهِمْ لِسَمَاعِ قِرَاءَتِهِ الْحَسَنَةِ فَلَا لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ عُمَرَ وَكَرِهَ مَالِكٌ الْحَدِيثَ الْمَرْوِيَّ خَشْيَةَ الذَّرِيعَةِ لِلْقِرَاءَةِ بِالْأَلْحَانِ وَكَذَلِكَ يَكْرَهُ تَقْدِيمَهُ لِلْإِمَامَةِ لِحُسْنِ صَوْتِهِ فَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (بَادِرُوا بِالْمَوْتِ قَوْمًا يَتَّخِذُونَ الْقُرْآنَ مَزَامِيرَ يُقَدِّمُونَ أَحَدَهُمْ لِيُغَنِّيَهُمْ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّهُمْ فِقْهًا) وَكَرِهَ مَالِكٌ الِاجْتِمَاعَ لِقِرَاءَةِ سُورَةٍ وَاحِدَةٍ لِمَا فِيهِ مِنَ الْمُنَافَسَةِ فِي حُسْنِ الصَّوْتِ وَالتَّلْحِينِ وَلَا يَقْرَأُ جَمَاعَةٌ عَلَى وَاحِدٍ لِمَا فِيهِ مِنْ عَدَمِ الْفَهْمِ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ غَلَطَهُ وَلِأَنَّ الْقُرْآنَ يَتَعَيَّنُ الِاسْتِمَاعُ لَهُ وَكَذَلِكَ آيَةٌ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ وَآيَةٌ مِنْ أُخْرَى وَيُكْرَهُ قِرَاءَةُ جَمَاعَةٍ عَلَى جَمَاعَةٍ لِعَدَمِ الِاسْتِمَاعِ وَاسْتِخْفَافِهِمْ بِالْقُرْآنِ وَالِاجْتِمَاعُ فِي سُورَةٍ وَاحِدَةٍ بِدْعَةٌ لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ فِيهِ قَالَ وَأَمَّا جَمَاعَةٌ عَلَى وَاحِدٍ فَالْكَرَاهَةُ عِنْدَ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى الرَّدِّ عَلَيْهِمْ (مَسْأَلَةٌ) عَلَى الْمُسْتَشَارِ لِلْمُسْتَشِيرِ أَنْ يُعْمِلَ نَظَرَهُ وَلَا يُشِيرَ إِلَّا بَعْدَ التَّثَبُّتِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (المستشار مؤتمن) قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (وَالدّين النَّصِيحَة قبل لِمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ) قُلْتُ يَحْسُنُ أَنْ يُشْتَرَطَ فِي الْمُشِيرِ سَبْعَةُ شُرُوطٍ الْعَقْلُ الْوَافِرُ لِأَنَّهُ النُّورُ الَّذِي يَهْدِيهِ وَالْمَوَدَّةُ حَتَّى تَنْبَعِثَ الْفِكْرَةُ وَأَنْ يَكُونَ سَعِيدًا لِأَنَّ الَّذِي فِي

(مسألة)

خُمُولَةٍ رَأْيُهُ مِنْ جِنْسِ حَالِهِ وَأَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ شِيعَتِكَ فَإِنَّكَ إِنِ اسْتَشَرْتَ فِي الْقَضَاءِ مَنْ يُحِبُّهُ أَشَارَ عَلَيْكَ بِهِ كَمَا يُشِيرُ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَكَذَلِكَ الْمَكَّاسُ يُشِيرُ بِالْمَكْسِ وَأَنْ يَكُونَ عَارِفًا بِتِلْكَ الْقَضِيَّةِ حَتَّى يَتَمَكَّنَ مِنْ تَحْصِيلِ مَفَاسِدِهَا وَمَصَالِحِهَا وَيُرَجِّحَ بَيْنَهَا وَأَن لَا يَكُونَ ضَجِرًا لِأَنَّ الضَّجِرَ لَا يَطُولُ فِكْرُهُ فَلَا يَطَّلِعُ عَلَى جَمِيعِ جِهَاتِ الْمُسْتَشَارِ فِيهِ وَأَنْ يَكُونَ دَيِّنًا لِأَنَّ الدِّينَ مِلَاكُ الْأَمْرِ ونظام الْمصَالح هـ (مَسْأَلَةٌ) قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا قَامَ الرَّجُلُ مِنْ مَجْلِسِهِ هُوَ أَحَقُّ بِهِ إِنْ كَانَ إِتْيَانُهُ قَرِيبًا وَإِنْ بَعُدَ فَلَا قَالَ صَاحِبُ الْبَيَان وَإِن قَامَ مِنْهُ على أَن لَا يَرْجِعَ إِلَيْهِ وَرَجَعَ عَنْ قُرْبٍ فَحَسُنَ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَيُقَامُ لَهُ عَنْهُ وَإِنْ قَامَ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ وَجَبَ الْقِيَامُ لَهُ مِنْهُ إِنْ رَجَعَ بِالْقُرْبِ (مَسْأَلَةٌ) قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا أَسْلَمَ الْكَافِرُ لَا يُثَابُ عَلَى مَا عمل من خير خَال كفره لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ) وَهُوَ إِنَّمَا يَقْصِدُ بِعَمَلِهِ حَالَةَ كفره الشُّكْر وَالثنَاء لَا التَّقَرُّب وَقَوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لحكيم ابْن حِزَامٍ لَمَّا قَالَ لَهُ أَرَأَيْتَ أُمُورًا كُنَّا نتحنث بهَا فِي الجاهية من صَدَقَة وعتاقة وصلَة رحم لَنَا فِيهَا مِنْ أَجْرٍ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (أَسْلَمْتَ عَلَى مَا أَسْلَفْتَ مِنْ خَيْرٍ) فَحُمِلَ عَلَى الْخَيْرِ الَّذِي سَأَلَهُ فِي دُنْيَاهُ مِنَ الْمَحْمَدَةِ وَالشُّكْرِ وَيَنْتَفِعُ بِهِ عَقِبُهُ مِنْ بَعْدِهِ فِي حُرْمَتِهِ عِنْدَ النَّاسِ تَنْبِيهٌ الِاعْتِمَادُ عَلَى قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَنَحْوِهِ لَا يَعُمُّ لِأَنَّ مِنَ الْأَوَّلِ مَا اتَّفَقَتْ عَلَيْهِ الشَّرَائِعُ كَحِفْظِ الدِّمَاءِ وَالْأَمْوَالِ وَنَحْوِهَا مِنْ تَعْظِيمِ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَغَيْرِ ذَلِكَ فَأَمْكَنَ الْكَافِرُ أَنْ يَفْعَلَهَا بِقَصْدِ التَّقَرُّبِ لِلثَّنَاءِ وَالشُّكْرِ

(مسألة)

ثُمَّ لَوْ فَرَضْنَا مِنَ الْكُفَّارِ مَنْ آمَنَ بِالشَّرِيعَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ كُلِّهَا إِلَّا سُورَةً مِنَ الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ كَافِرٌ إِجْمَاعًا مَعَ أَنَّهُ يَعْتَقِدُ وُجُوبَ الْعِبَادَاتِ كُلِّهَا وَيَفْعَلُهَا عَلَى وَجْهِ التَّقَرُّبِ وَكَذَلِكَ الْمُقَابِلُ الَّذِي كَفَرَ بِظَاهِرِهِ فَقَطْ فَيُحْتَاجُ فِي الْمَسْأَلَةِ إِلَى مُدْرَكٍ غَيْرِ هَذَا (مَسْأَلَةٌ) قَالَ قَالَ مَالِكٌ يُكْرَهُ الْكَلَامُ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَلَا يُكْرَهُ قَبْلَ الْفَجْرِ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً ثُمَّ يَنْصَرِفُ قَالَتْ عَائِشَةُ فَإِنْ كُنْتُ يَقْظَانَةً حَدَّثَنِي أَوْ نَائِمَةً اضْطَجَعَ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْمُؤَذِّنُ وَكَذَلِكَ بَعْدَ الْفَجْرِ وَرَأَيْتُ نَافِعًا مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ وَمُوسَى بْنَ مَيْسَرَةَ وَسَعِيدَ بْنَ أَبِي هِنْدٍ لَا يُكَلِّمُ أَحَدٌ صَاحِبَهُ بَعْدَ الصُّبْحِ اشْتِغَالًا بِالذِّكْرِ لِلَّهِ تَعَالَى وَأَهْلُ الْعِرَاقِ يَكْرَهُونَ الْكَلَامَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ وَلَا يَكْرَهُونَهُ بَعْدَهَا وَالسُّنَّةُ تَرُدُّ عَلَيْهِمْ قَالَ وَكَرِهَ مَالِكٌ النَّوْمَ قَبْلَ الْعِشَاءِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ خَشْيَةَ النَّوْمِ عَنْهَا وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا لِتَسْتَرِيحَ الْحَفَظَةُ وَكِلَاهُمَا النَّهْيُ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ وَقَالَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا النَّوْمُ ثَلَاثَةٌ نَوْمُ خَرَقٍ وَنَوْمُ خُلُقٍ وَنَوْمُ حُمْقٍ فَنَوْمُ الْخَرَقِ نَوْمَةُ الضُّحَى يَكُونُ النَّاسُ فِي حَوَائِجِهِمْ وَهُوَ نَائِمٌ وَنَوْمُ الْخُلُقِ نَوْمَةَ الْقَائِلَةِ وَنَوْمُ الْحُمْقِ حِينَ حُضُورِ الصَّلَاةِ وَكَرِهَ بَعْضُهُمُ النَّوْمَ بعد الْعَصْر لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (مَنْ نَامَ بَعْدَ الْعَصْرِ فَاخْتُلِسَ عَقْلُهُ فَلَا يَلُومن إِلَّا نَفسه) وعورض بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَرْسَلَ عَلِيًّا فِي حَاجَةٍ وَقَدْ صَلَّى الظُّهْرَ بِالصَّهْبَاءِ فَرَجَعَ وَقَدْ صَلَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَوضع - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَأْسَهُ فِي حِجْرِ عَلَيٍّ فَلَمْ يُحَرِّكْهُ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اللَّهُمَّ إِنَّ عَبْدَكَ عَلِيًّا حَبَسَ نَفْسَهُ عَلَى نَبِيِّهِ فَرُدَّ عَلَيْهِ شُرُوقَهَا قَالَتْ أَسْمَاءُ فَطَلَعَتِ الشَّمْسُ حَتَّى وَقَعَتْ عَلَى الْجِبَالِ وَعَلَى الْأَرْضِ ثُمَّ قَامَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ غَابَتِ الشَّمْسُ

(مسألة)

(مَسْأَلَةٌ) قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (رِبَاطُ لَيْلَةٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ لَيْلَةٍ يَقُومُ لَيْلَهَا لَا يَفْتُرُ وَيَصُومُ نَهَارَهَا لَا يُفْطِرُ وَمَنْ رَابَطَ فُوَاقَ نَاقَةٍ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ) وَالرِّبَاطُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ مَنْزِلِهِ إِلَى ثَغْرٍ يُقِيمُ لِحِرَاسَةِ أَهْلِ ذَلِكَ الثَّغْرِ مِمَّنْ يُجَاوِرُهُ وَلَيْسَ مَنْ سَكَنَ الثَّغْرَ بِأَهْلِهِ وَوَلَدِهِ مُرَابِطًا وَقِيلَ فِيهِ إِنَّهُ أَفْضَلُ مِنَ الْجِهَادِ لِأَنَّ الْجِهَادَ لِسَفْكِ دِمَاءِ الْمُشْرِكِينَ وَالرِّبَاطَ لِحَقْنِ دِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ سَفْكِ دِمَاءِ الْمُشْرِكِينَ قَالَ وَذَلِكَ يَصِحُّ فِي وَقْتِ الْخَوْفِ عَلَى الثَّغْرِ لَا مُطْلَقًا كَمَا قَالَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ (مَسْأَلَةٌ) قَالَ لَا تَدْخُلْ دِيَارَ ثَمُودَ وَعَادٍ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ وَلَا تَشْرَبْ من مَائِهِمْ وتجنب آثَارهم لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا تَدْخُلُوهَا إِلَّا بَاكِينَ أَوْ مُتَبَاكِينَ وَعَجَنَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ بِمَائِهِمْ فَأَمَرَ الله فَأُطْعِمَ الْإِبِلَ (مَسْأَلَةٌ) قَالَ قَالَ مَالِكٌ لَا يُسْتَكْتَبُ النَّصْرَانِيُّ لِأَنَّ الْكَاتِبَ يُسْتَشَارُ وَالنَّصْرَانِيُّ لَا يُسْتَشَارُ فِي الْمُسْلِمِينَ قَالَ وَلَا يَسْتَكْتِبُ الْقَاضِي إِلَّا عَدْلًا مُسْلِمًا مَرْضِيًّا (مَسْأَلَةٌ) قَالَ قَالَ مَالك لَا تكْتب الْمَصَاحِف على مَا أدثه النَّاسُ مِنَ الْهِجَاءِ الْيَوْمَ إِلَّا عَلَى الْكَتْبِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ بَرَاءَةٌ لَمَّا لَمْ يُكْتَبْ فِي أَوَّلِهَا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فِي الْمَصَاحِفِ الْأُولَى لَمْ يُكْتَبِ الْيَوْمَ قَالَ مَالِكٌ وَأَلَّفَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ السُّوَرَ الطِّوَالَ وَحْدَهَا وَالْقِصَارَ وَحْدَهَا مَعَ أَنَّ النُّزُولَ لَمْ يَقَعْ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ بَلْ أَلَّفُوهُ عَلَى مَا سَمِعُوهُ مِنْ قِرَاءَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

(مسألة)

قَالَ وَلَا يومر الصِّبْيَانُ أَنْ يَكْتُبُوا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَو السُّورَةِ ثُمَّ لَا يَكْتُبُوهَا بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا هُوَ فِي الْمُصْحَفِ بَلْ كُلَّمَا كَتَبُوا شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ كَتَبُوهَا ابْتِدَاءً لِأَنَّهُمْ يَتَعَلَّمُونَ بِذَلِكَ وَلَمْ يَجْعَلُوهُ إِمَامًا قَالَ قَالَ مَالِكٌ وَلَا أَرَى أَنْ تُنْقَطَ الْمَصَاحِفُ وَلَا يُزَادَ فِيهَا مَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا وَأَمَّا مَصَاحِفُ صِغَارٌ يتَعَلَّم فِيهَا الصِّبْيَانُ فَلَا يَمْتَنِعُ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ اخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِي كَثِيرٍ مِنَ النَّقْطِ وَالشَّكْلِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَوَاتَرْ فَلَا يَحْصُلُ الْعِلْمُ بِأَنَّهُ كَذَلِكَ نَزَلَ وَقَدْ يَخْتَلِفُ الْمَعْنَى بِاخْتِلَافِهِ فَكَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يُثْبَتَ فِي أُمَّهَاتِ الْمَصَاحِفِ مَا فِيهِ اخْتِلَافٌ وَكَرِهَ تَعْشِيرَ الْمُصْحَفِ بِالْحُمْرَةِ بِخِلَافِ السَّوَادِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي تَحْلِيَةِ أَغْشِيَتِهِ بِالذَّهَبِ فَكَرِهَهُ وَأَجَازَهُ وَأَجَازَ الْفِضَّةَ وَكَرِهَ كِتَابَةَ الْقُرْآنِ أَسْدَاسًا وَأَتْسَاعًا فِي الْمَصَاحِفِ كَرَاهَةً شَدِيدَةً وَقَالَ لَا يُفَرَّقُ الْقُرْآنُ وَقَدْ جَمَعَهُ اللَّهُ (مَسْأَلَةٌ) قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي طَعَامِ الْفَجْأَةِ بِأَنْ يَغْشَى الرَّجُلُ الْقَوْمَ وَهُمْ يَأْكُلُونَ إِنْ دَعَوْهُ أَجَابَهُمْ وَإِنْ لَمْ يَدْعُوهُ لَا يَأْكُلُ لَهُمْ شَيْئًا قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ هَذَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ حَالِ الْقَوْمِ إِنْ ظَهَرَ بِشْرُهُمْ بِقُدُومِهِ أَكَلَ أَوِ الْكَرَاهَةُ وَإِنَّمَا دَعَوْهُ حَيَاءً لَا يَأْكُلُ وَإِنْ دَعَوْهُ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْبَابٍ وَلَا كَرَاهَةٍ (مَسْأَلَةٌ) قَالَ لَا يُكْرَهُ الْأَخْذُ بِالرُّخَصِ الَّتِي رَخَّصَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا كَالتَّعْجِيلِ فِي يَوْمَيْنِ فِي الْحَجِّ وَقَصْرِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا بَلِ الْأَفْضَلُ الْأَخْذُ بِهَا وَإِنَّمَا يُكْرَهُ فِيمَا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ بِالْإِبَاحَةِ وَالْمَنْعِ فَإِنْ أَخَذَ بِالْمَنْعِ سَلِمَ وَإِنْ أَخَذَ بِالْإِبَاحَةِ خَشِيَ الْإِثْمَ (مَسْأَلَةٌ) قَالَ يُكْرَهُ الْإِكْثَارُ مِنَ الْعِبَادَةِ عَلَى وَجْهٍ يُؤَدِّي للانقطاع لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

(مسألة)

إِن الله لَا يمل حَتَّى تملوا وَقَالَ (إِنَّ هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ فَأَوْغِلُوا فِيهِ بِرِفْقٍ فَإِنَّ الْمُنْبَتَّ لَا أَرْضًا قَطْعَ وَلَا ظَهْرًا أَبْقَى) (مَسْأَلَةٌ) قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِلْجِنِّ الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ قُلْتُ وَحَكَى الْمُحَاسِبِيُّ قَوْلَيْنِ فِي التَّنْعِيمِ وَالْإِجْمَاعِ عَلَى تَعْذِيبِ الْكَافِرِ مِنْهُمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لأملأن جنهم من الْجنَّة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ} وَلَمْ يَرِدْ نَصٌّ فِي أَنَّ الْجِنَّ فِي الْجَنَّةِ غَيْرَ أَنَّ الْعُمُومَاتِ تَتَنَاوَلُهُمْ نَحْوَ قَوْلُهُ تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جنَّات النَّعيم} {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره} وَنَحْوَ ذَلِكَ (مَسْأَلَةٌ) قَالَ لَمْ يَكْرَهِ ابْنُ الْقَاسِمِ لِلْعَاطِسِ أَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ تَعَالَى وَهُوَ يَبُولُ وَكَرِهَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي الْخَلَاءِ وَالْجِمَاعِ (مَسْأَلَةٌ) قَالَ لَمْ يَكْرَهْ مَالِكٌ لِلشَّابَّةِ الْعَزَبَةِ الْخِضَابَ وَالْقِلَادَةَ فَعَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْهُ فَقَالَ لَهَا مَا لَكِ لَا تَخْتَضِبِينَ أَلَكِ زَوْجٌ قَالَتْ نَعَمْ قَالَ فَاخْتَضِبِي فَإِنَّ الْمَرْأَةَ تَخْتَضِبُ لِأَمْرَيْنِ إِنْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ فَلْتَخْضِبْ لِزَوْجِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا زوج فلتختضب لخطابها

(مسألة)

(مَسْأَلَةٌ) قَالَ الْمَقَاصِيرُ فِي الْجَوَامِعِ مَكْرُوهَةٌ وَأَوَّلُ مَنِ اتَّخَذَهَا مَرْوَانُ حِينَ طَعَنَهُ الْيَمَانِيُّ فَجَعَلَهَا مِنْ طِينٍ (مَسْأَلَةٌ) قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ قَدْ يُحَرِّمُ اللَّهُ تَعَالَى مَا لَا مَفْسَدَةَ فِيهِ عُقُوبَةً وَحِرْمَانًا أَوْ تَعَبُّدًا فَالْأَوَّلُ كَتَحْرِيمِ ذِي الظُّفُرِ وَالشُّحُومِ عَلَى الْيَهُودِ عُقُوبَةً لَهُمْ وَلَوْ كَانَ لِمَفْسَدَتِهِ لَمَا حَلَّ لَنَا مَعَ أَنَّا أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ وَنَصَّ تَعَالَى عَلَى ذَلِك بقوله {ذَلِك جزيناهم ببغيهم} وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِم طَيّبَات أحلّت لَهُم} وَتَحْرِيمُ التَّعَبُّدِ كَتَحْرِيمِ الصَّيْدِ فِي الْإِحْرَامِ وَالدُّهْنِ وَالطِّيبِ وَاللِّبَاسِ فَإِنَّهَا لَمْ تُحَرَّمْ بِصِفَتِهَا بَلْ لِأَمْرٍ خَارِجٍ كَمَا قَالَ الْغَيْرُ (مَسْأَلَةٌ) قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِنَّمَا الْتَزَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي صلح الحديبة إِدْخَالَ الضَّيْمِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ دَفْعًا لِمَفَاسِدَ عَظِيمَةٍ وَهِيَ قَتْلُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ الْحَالِّينَ بِمَكَّةَ فَاقْتَضَتِ الْمَصْلَحَةُ أَنْ يَنْعَقِدَ الصُّلْحُ عَلَى أَنْ يَرُدَّ إِلَى الْكُفَّارِ مَنْ جَاءَ مِنْهُمْ إِلَيْهِ لِأَنَّهُ أَهْوَنُ مِنْ قَتْلِ الْمُؤْمِنِينَ مَعَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَلِمَ أَنَّ فِي تَأْخِيرِ الْقِتَالِ مَصْلَحَةٌ عَظِيمَةٌ وَهِيَ إِسْلَامُ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ وَلِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاء} وَكَذَلِكَ قَالَ {لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} أَيْ لَوْ تَمَيَّزَ الْكَافِرُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (مَسْأَلَةٌ) التَّوْبَةُ وَاجِبَةٌ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى الْفَوْرِ وَهِيَ تَمْحُو مَا تَقَدَّمَهَا مِنْ آثَامِ الذُّنُوبِ

الْمُتَعَلِّقَةِ بِاللَّهِ تَعَالَى لَا تُسْقِطُ حُقُوقَ الْعِبَادِ وَلَا حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي لَيْسَ بِذَنْبٍ كَقَضَاءِ الصَّلَوَاتِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّ تَرَتُّبَ الْعِبَادَاتِ وَالْحُقُوقِ فِي الذِّمَمِ هُوَ تَكْلِيفُ تَشْرِيفٍ لَا إِثْمٌ وَعُقُوبَةٌ وَلَهَا ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ النَّدَمُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ وَالْعَزْمُ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ وَالْإِقْلَاعُ فِي الْوَقْتِ الْحَاضِرِ عَمَّا تَابَ عَنْهُ وَقَدْ يَكُونُ النَّدَمُ وَحْدَهُ تَوْبَةً فِي حَقِّ الْعَاجِزِ عَنِ الْعَزْمِ وَالْإِقْلَاعِ كَمَنْ كَانَ يَعْصِي بِالنَّظَرِ إِلَى الْمُحَرَّمَاتِ فَعميَ أَو بِالزِّنَا فجب لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ) فَيجب النَّدَم وَحده وَعَلِيهِ حمل قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (النَّدَمُ تَوْبَةٌ) أَوْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ مُعْظَمَهَا النَّدَم كَمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (الْحَج عَرَفَة) ويتسحب لِلتَّائِبِ إِذَا ذَكَرَ ذَنْبَهُ الَّذِي تَابَ مِنْهُ أَنْ يُجَدِّدَ النَّدَمَ عَلَى فِعْلِهِ وَالْعَزْمَ عَلَى عدم الْعود وَعَلِيهِ حمل قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ) وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُذْنِبُ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ بَلْ ذَكَرَهُ لِمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى عُلُوِّ مَنْصِبِهِ ذَنْبٌ لِأَنَّ حَسَنَاتِ الْأَبْرَار سيآت المقربين وَذكره لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ يَدُلُّ عَلَى فَرْطِ استعظامه لأمرر بِهِ فَشَتَّانَ مَا بَيْنَ مَنْ لَا يَنْسَى الْحَقِيرَ مِنْ أَمْرِ رَبِّهِ حَتَّى يَذْكُرَهُ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ وَبَيْنَ مَنْ يَنْسَى الْعَظِيمَ مِنْ ذُنُوبِهِ فَلَا يَمُرُّ عَلَى بَالِهِ احْتِقَارًا لِذُنُوبِهِ وَجَهْلًا بِعَظَمَةِ رَبِّهِ وَقَدْ ذَمَّ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ وُعِظَ فَأَعْرَضَ عَنِ الْمَوْعِظَةِ وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَإِذَا كَانَتِ التَّوْبَةُ وَاجِبَةً عَلَى الْفَوْرِ فَمَنْ أَخَّرَهَا زَمَانًا عَصَى بِتَأْخِيرِهَا

(مسألة)

فَيَتَكَرَّرُ عِصْيَانُهُ بِتَكَرُّرِ الْأَزْمِنَةِ فَيَحْتَاجُ إِلَى تَوْبَةٍ مِنْ تَأْخِيرِ التَّوْبَةِ وَكَذَلِكَ تَأْخِيرُ كُلِّ مَا يَجِبُ تَقْدِيمُهُ مِنَ الطَّاعَاتِ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ التَّوْبَةُ مَعَ مُلَاحَظَةِ تَوَحُّدِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْأَفْعَالِ خَيْرِهَا وَشَرِّهَا وَالنَّدَمُ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ مُتَعَذِّرٌ قُلْنَا عَلَى أَصْلِنَا أَنَّ لَهُ كَسْبًا فَيكون ندمه عل كَسْبِهِ لَا عَلَى صُنْعِ رَبِّهِ وَمَنْ لَا يَرَى بِالْكَسْبِ يُخَصِّصُ وُجُوبَ التَّوْبَةِ بِحَالٍ ... عَنِ التَّوَحُّدِ وَهُوَ مُشْكِلٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّوْبَةُ مِمَّا يَعْتَقِدُ أَنَّهُ فِعْلٌ لَهُ وَلَيْسَ فِعْلًا لَهُ (مَسْأَلَةٌ) قَوْلُ الْفُقَهَاءِ الْقُرْبَةُ الْمُتَعَدِّيَةُ أَفْضَلُ مِنَ الْقَاصِرَةِ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْإِيمَانَ وَالْمَعْرِفَةَ أَفْضَلُ مِنَ التَّصَدُّقِ بِدِرْهَمٍ وَإِنَّمَا الْفَضْلُ عَلَى قَدْرِ الْمَصَالِحِ النَّاشِئَةِ مِنَ الْقُرُبَاتِ (مَسْأَلَةٌ) الْأَجْرُ فِي التَّكَالِيفِ عَلَى قَدْرِ النَّصَبِ إِذَا اتَّحَدَ النَّوْعُ احْتِرَازًا مِنَ التَّصَدُّقِ بِالْمَالِ الْعَظِيمِ مَعَ الشَّهَادَتَيْنِ وَهُمَا أَعْظَمُ بِمَا لَا يتقارب وشذ عَن الْقَاعِدَة قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (فِي الْوَزَغَةِ مَنْ قَتَلَهَا فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى فَلَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ وَمَنْ قَتَلَهَا فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ فَلَهُ سَبْعُونَ حَسَنَةً) فَكَثُرَتِ الْمَشَقَّةُ وَنَقَصَ الْأَجْرُ وَسَبَبُهُ أَنَّ الْأَجْرَ إِنَّمَا هُوَ عَلَى تفَاوت الْمصَالح لأعلى تفَاوت المشاق فَإِنَّهُ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَطْلُبْ مِنَ الْعِبَادِ مَشَقَّتَهُمْ وَعَذَابَهُمْ وَإِنَّمَا طَلَبَ جَلْبَ الْمَصَالِحِ وَدَفْعَ الْمَفَاسِدِ وَإِنَّمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (أَفْضَلُ الْعِبَادَةِ أَجْهَدُهَا وَأَجْرُكَ عَلَى قَدْرِ نَصَبِكَ) لِأَنَّ الْفِعْلَ إِذَا لَمْ يَكُنْ مُشِقًّا كَانَ حَظُّ النَّفْسِ فِيهِ كَثِيرًا فَيَقِلُّ الْإِخْلَاصُ فِيهِ وَإِذَا كَثُرَتْ مَشَقَّتُهُ قَلَّ حَظُّ النَّفْسِ فَيَتَيَسَّرُ الْإِخْلَاصُ وَكَثْرَةُ الثَّوَابِ فَالثَّوَابُ فِي الْحَقِيقَةِ مُرَتَّبٌ عَلَى مَرَاتِبِ الْإِخْلَاصِ لَا عَلَى مَرَاتِبِ الْمَشَقَّةِ

(مسألة)

(مَسْأَلَةٌ) قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مَا وَرَدَ مِنَ أَنَّ النَّوَافِلَ فِي الصَّلَاةِ تُكَمَّلُ بِهَا الْفَرَائِضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعْنَاهُ تَجْبُرُ السُّنَنَ الَّتِي فِيهَا وَلَا يُمْكِنُ أَنْ تَعْدِلَ النَّوَافِلُ وَإِنْ كَثُرَتْ فَرْضًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْحَدِيثِ (مَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِمِثْلِ أَدَاءِ مَا افْتَرَضْتُهُ عَلَيْهِ) فَفَضَّلَ الْفَرْضَ عَلَى النَّفْلِ وَإِنْ كَثُرَ وَهَذَا وَإِنْ كَانَ مَقْصُودًا بِهَذَا الظَّاهِرِ غَيْرَ أَنَّهُ يُشْكِلُ بِأَنَّ الثَّوَابَ يَتْبَعُ الْمَصَالِحَ وَالْعِقَابَ يَتْبَعُ الْمَفَاسِدَ فَلَا يُمْكِنُنَا أَنْ نَقُولَ إِنَّ ثُمُنَ دِرْهَمٍ مِنَ الزَّكَاةِ يُرْبِي عَلَى أَلْفِ دِرْهَمِ صَدَقَةِ تَطَوُّعٍ وَإِنَّ قِيَامَ الدَّهْرِ لَا يَعْدِلُ الصُّبْحَ (فَصْلٌ) فِي حِكَمٍ وَمَوَاعِظَ وَآدَابٍ وَسِيَاسَاتٍ وَحَزْمٍ وَيَقَظَةٍ مِمَّا هُوَ سَبَبٌ لِمَصَالِحَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَصَلَاحِ الْخُلُقِ وَطَاعَةِ الْخَالِقِ كَتَبَ بِكَثِيرٍ مِنْهَا بَعْضُ الْمُلُوكِ إِلَى هَارُونَ الرَّشِيدِ فَأَرَدْتُ أَنْ أُودِعَهَا كِتَابِي هَذَا لِحُسْنِهَا نَقَلَهَا ابْنُ يُوسُفَ فِي جَامِعِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ كَتَبَ بَعْضُ الْمُلُوكِ إِلَى هَارُونَ الرَّشِيدِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي كَتَبْتُ إِلَيْكَ بِمَا فِيهِ رُشْدٌ وَنُصْحٌ اذْكُرْ نَفْسَكَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَكَرْبِهِ وَمَا هُوَ نَازِلٌ بِكَ مِنْهُ وَمَا أَنْتَ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ بَعْدَ الْمَوْتِ مِنَ الْعَرْضِ وَالْحِسَابِ وَالْخُلُودِ فَأَعِدَّ لَهُ مَا يَسْهُلُ بِهِ ذَلِكَ عَلَيْكَ فَإِنَّكَ لَوْ رَأَيْتَ أَهْلَ سُخْطِ اللَّهِ وَمَا صَارُوا إِلَيْهِ مِنْ أَلْوَانِ عَذَابِهِ وَشَدِيدِ نِقْمَتِهِ وَسَمِعْتَ زَفِيرَهُمْ فِي النَّارِ وَشَهِيقَهُمْ بَعْدَ كُلُوحِ وُجُوهِهِمْ لَا يَسْمَعُونَ وَلَا يُبْصِرُونَ وَيَدْعُونَ بِالثُّبُورِ وَأَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ حَسْرَةُ إِعْرَاضِ اللَّهِ عَنْهُمْ بِوَجْهِهِ وَانْقِطَاعُ رَجَائِهِمْ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ وَإِجَابَتِهِ إِيَّاهُمْ بَعْدَ طول الْغم {اخسؤا فِيهَا وَلَا تكَلمُون} مَا تَعَاظَمَكَ شَيْءٌ مِنَ الدُّنْيَا أَرَدْتَ بِهِ النَّجَاةَ مِنْ ذَلِكَ

وَلَوْ رَأَيْتَ أَهْلَ طَاعَةِ اللَّهِ وَمَنْزِلَتَهُمْ مِنْهُ وقربهم لَدَيْهِ وناضرة وُجُوهِهِمْ وَنُورَ أَلْوَانِهِمْ وَسُرُورَهُمْ بِمَا انْحَازُوا إِلَيْهِ لَعَظُمَ فِي عَيْنِكِ مَا طَلَبْتَ بِهِ صَغِيرَ مَا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَاحْذَرْ عَلَى نَفْسِكَ وبادر بهَا قبل أَن تسبق إِلَيْك وَإِيَّاكَ وَمَا تَخَافُ الْحَسْرَةَ فِيهِ غَدًا عِنْدَ نُزُولِ الْمَوْتِ وَخَاصِمْ نَفْسَكَ فِي مَهَلٍ وَأَنْتَ تَقْدِرُ عَلَى نَفْعِهَا وَضَرْبِ الْحُجَّةِ عَنْهَا وَاجْعَلْ لِلَّهِ تَعَالَى نَصِيبًا مِنْ نَفْسِكَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَار وامر بِطَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَحْبِبْ عَلَيْهَا وَانْهَ عَنْ مَعَاصِي اللَّهِ تَعَالَى وَأَبْغِضْ عَلَيْهَا فَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ لَا يُقَدِّمُ أَجَلًا وَلَا يَقْطَعُ رِزْقًا أحسن لمن حولك وأتباعك لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (مَنْ كَانَ لَهُ خَوَلٌ فَلْيُحْسِنْ إِلَيْهِمْ) وَمَنْ كَرِهَ فَلْيَسْتَبْدِلْ وَلَا تُعَذِّبُوا خَلْقَ اللَّهِ الْزَمْ أَدَبَ مَنْ وُلِّيتَ أَمْرَهُ وَلَا تُقْنِطِ النَّاسَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ وَأكْرمهمْ فِي كنفك قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَلَا أُحَدِّثُكُمْ بِوَصِيَّةِ نُوحٍ لِابْنِهِ قَالَ لَهُ آمُرك بِاثْنَيْنِ وأنهكا عَنِ اثْنَيْنِ آمُرُكَ بِشَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ فِي كِفَّةٍ السَّمَوَات وَالْأَرْضُ فِي كِفَّةٍ وَزَنَتْهَا وَآمُرُكَ أَنْ تَقُولَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ فَإِنَّهَا عِبَادَةُ الْحَقِّ وَبِهَا تُقْطَعُ أَرْزَاقُهُمْ فَإِنَّهُمَا يُكْثِرَانِ لِمَنْ قَالَهُمَا الْوُلُوجَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَأَنْهَاكَ عَنِ الشِّرْكِ بِاللَّهِ وَالْكِبْرِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَحْتَجِبُ مِنْهُمَا وَقَدْ وَرَدَ أَنِ الْجَبَّارِينَ وَالْمُتَكَبِّرِينَ يُحْشَرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي صُوَرِ الذَّرِّ تَطَؤُهُمُ النَّاسُ لِتَكَبُّرِهِمْ عَلَى الله تَعَالَى وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ كُلَّ سَهْلٍ لَيِّنٍ طَلْقِ الْوَجْهِ) وَلَا تَأْمَنْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ أَمْرِكَ مَنْ لَا يَخَافُ اللَّهَ وَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ شَاوِرْ فِي أَمْرِكَ مَنْ يَخَافُ اللَّهَ وَقَالَ سَهْلٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ احْذَرْ بطانة السوء وَأهل الردى فِي نَفْسِكَ وَاسْتَبْطِنْ أَهْلَ التَّقْوَى مِنَ النَّاسِ تَكَلَّمْ إِذَا تَكَلَّمْتَ بِخَيْرٍ أَوِ اسْكُتْ اتَّقِ فُضُولَ الْمنطق

أَكْرِمْ مَنْ وَادَّكَ وَكَافِئْهُ بِمَوَدَّتِهِ وَلَا تَأْمُرْ بِحَسَنٍ إِلَّا بَدَأْتَ بِهِ وَلَا تَنْهَ عَنْ قَبِيحٍ إِلَّا بَدَأْتَ بِتَرْكِهِ وَإِيَّاكَ وَالْغَضَبَ فِي غَيْرِ اللَّهِ صِلْ مَنْ قَطَعَكَ وَاعْفُ عَمَّنْ ظلمك وَأعْطِ من حَرمك لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّهَا أَفْضَلُ أَخْلَاقِ أَهْلِ الدُّنْيَا لَا تُكْثِرِ الضحك لِأَن ضحكه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ تَبَسُّمًا لَا تَمْدَحْ بِكَذِبٍ اتْرُكْ مِنَ الْأَعْمَالِ فِي السِّرِّ مَا لَا يَجْمُلُ بِكَ أَنْ تَفْعَلَهُ فِي الْعَلَنِ وَاتَّقِ كُلَّ شَيْءٍ تَخَافُ فِيهِ التُّهْمَةَ فِي دِينِكَ أَوْ دُنْيَاكَ أَقْلِلْ طَلَبَ الْحَوَائِجِ إِلَى النَّاسِ لِأَنَّهُ يُخْلِقُ الْوَجْهَ وَالْحُرْمَةَ أَحْسِنْ لِأَقَارِبِكَ وَأَهْلِكَ فَإِنَّ فِيهِ طول أَجلك وسعة رزقك قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (مَنْ سَرَّهُ السَّعَةُ فِي الرِّزْقِ وَالنَّسَأُ فِي الْأَجَلِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ) وَاللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ الطَّلْقَ الْوَجْه وَيكرهُ العبوس قَالَه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (اتَّقِ شَتْمَ النَّاسِ وَغِيبَتَهُمْ) خُذْ عَلَى يَدِ الظَّالِم وامنعه من ظلمه لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (مَنْ مَشَى مَعَ مَظْلُومٍ حَتَّى يُثْبِتَ لَهُ حَقَّهُ ثَبَّتَ اللَّهُ قَدَمَيْهِ يَوْمَ تَزِلُّ الْأَقْدَامُ وَمن مَشى مَعَ ظَالِم يعنيه على ظلمه أزل اله قَدَمَيْهِ يَوْمَ تَزِلُّ الْأَقْدَامُ) اتَّقِ اتِّبَاعَ الْهَوَى فَإِنَّهُ يَصُدُّ عَنِ الْحَقِّ وَطُولَ الْأَمَلِ فَإِنَّهُ ينسي الْآخِرَة أنصف النَّاس فِي نَفْسِكَ وَلَا تَسْتَطِلْ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانِكَ اقْبَلْ عُذْرَ من اعتذر إِلَيْك لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنِ اعْتَذَرَ إِلَيْهِ أَخُوهُ الْمُسْلِمُ فَلَمْ يَقْبَلْ مِنْهُ كَانَ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ صَاحِبِ مَكْسٍ وصل مَنْ قَطَعَكَ وَلَا تُكَافِئْهُ بِسُوءِ فِعْلِهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِن أساؤوا فَأَحْسِنْ فَإِنَّهُ لَا يَزَالُ لَكَ عَلَيْهِمْ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى يَدٌ ظَاهِرَةٌ ارْحَمِ الْمِسْكِينَ وَالْمُضْطَرَّ وَالْغَرِيبَ وَالْمُحْتَاجَ وَأَعِنْهُمْ مَا اسْتَطَعْتَ احْذَرِ الْبَغْيَ وَلَا تَظْلِمِ النَّاسَ فَيَقِيَهُمُ اللَّهُ مِنْكَ فَمَا ظلمت أحدا

أَشَدَّ مِنْ ظُلْمِ مَنْ لَا يَسْتَعِينُ إِلَّا بِاللَّه قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (ثَلَاثَةٌ لَا تُرَدُّ دَعَوَاتُهُمُ الْإِمَامُ الْعَادِلُ وَالصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهَا تَظْهَرُ فَوْقَ الْغَمَامِ فَيَقُولُ لَهَا الْجَبَّارُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَأَنْصُرَنَّكِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ) لِتَكُنْ عَلَيْكَ السكنية وَالْوَقار فِي منطقك ومجلسك ومركبك لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ) ادْفَعِ السَّيِّئَةَ بِالْحَسَنَةِ إِذَا غَضِبْتَ مِنْ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا فَاذْكُرْ ثَوَابَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى كَظْمِ الْغَيْظِ {وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاس وَالله يحب الْمُحْسِنِينَ} إِذَا رَكِبْتَ دَابَّتَكَ فَقُلْ {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لنا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقرنين} اجْعَل سفرك يَوْم الْخَمِيس لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اسْتَحَبَّهُ إِذَا وَدَّعْتَ مُسَافِرًا فَقُلْ زَوَّدَكَ اللَّهُ التَّقْوَى وَيسر لَك الْخَيْر حَيْثُ مَا كُنْتَ أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ دِينَكَ وَأَمَانَتَكَ وَخَوَاتِيمَ عَمَلِكَ كَذَلِك كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَفْعَلُ إِذَا أَصَابَكَ كَرْبٌ فَقُلْ يَا حَيُّ يَا قيوم بِرَحْمَتك أستغيث كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول وَاحْتَرِزْ مِمَّنْ يَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِالنَّمِيمَةِ وَتَبْلِيغِ الْكَلَامِ عَن النَّاس وَعَلَيْك بِالصبرِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الصَّبْر مَعَ الْإِيمَانِ كَالرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ لَا تُمَارِ أَحَدًا وَإِنْ كُنْتَ مُحِقًّا أَدِّبْ مَنْ حَوْلَكَ عَلَى خُلُقِكَ حَتَّى يَكُونُوا لَكَ أَعْوَانًا عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ وَإِذَا تَعَلَّمْتَ عِلْمًا فَلْيُرَ عَلَيْكَ أَثَرُهُ وَسَكِينَتُهُ وَسَمْتُهُ وَوَقَارُهُ ارْدُدْ جَوَابَ الْكِتَابِ إِذَا كُتِبَ إِلَيْكَ فَإِنَّهُ كَرَدِّ السَّلَامِ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاس أفش الصَّدَقَة فَإِنَّهَا تدفع ميتَة السِّرّ لَا تضطجع على بَطْنك لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّهَا ضجعة يبغضه اللَّهُ أَخْفِ مَا أَرَدْتَ بِهِ اللَّهَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَدَقَةُ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ اتَّقِ التَّزْكِيَةَ مِنْكَ لِنَفْسِكَ وَلَا

(فصل)

تَرْضَ بِهَا مِنْ أَحَدٍ يَقُولُهَا فِي وَجْهِكَ لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِلَّذِي مَدَحَ آخَرَ وَيُحِبُّ قَطْعَ عُنُقِهِ لَوْ سَمِعَهَا مَا أَفْلَحَ أَبَدًا اقْتَدِ فِي أُمُورِكَ بذوي الْأَسْنَان من أهل التقى لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خِيَارُكُمْ شُبَّانُكُمُ الْمُشَبَّهُونَ بِشُيُوخِكُمْ وَشِرَارُكُمْ شُيُوخُكُمُ الْمُشَبَّهُونَ بِشَبَابِكُمْ لَا تُجَالِسْ مُتَّهَمًا عَلَيْكَ بِمَعَالِي الْأَخْلَاقِ وَأَكْرمهَا أَكثر الْحَمد عِنْد النعم لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَى عَبْدٍ بِنِعْمَةٍ فَقَالَ الْحَمد الله إِلَّا كَانَ ذَلِكَ أَعْظَمَ مِنْ تِلْكَ النِّعْمَةِ وَإِنْ عَظُمَتْ إِنِ اعْتَرَاكَ الْغَضَبُ قَائِمًا فَاقْعُدْ أَو قَاعِدا فاضطجع لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَفْعَلُ كَذَلِكَ إِنْ خِفْتَ مِنْ أَحَدٍ فَقُلْ اللَّهُ أَكْبَرُ وَأَعَزُّ مِنْ خَلْقِهِ جَمِيعًا اللَّهُ أَكْبَرُ وَأَعَزُّ مِمَّا أَخَافُ وَأَحْذَرُ وَأَعُوذُ بِاللَّهِ الْمُمْسِكِ لِلسَّمَاوَاتِ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ مِنْ شَرِّ فُلَانٍ كُنْ لِي جَارًا مِنْ فُلَانٍ وَجُنُودِهِ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيَّ أَحَدٌ أَوْ يَطْغَى جَلَّ جَلَالُكَ وَعَزَّ جَارُكَ مَرَّاتٍ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَأْمُرُ بِذَلِكَ إِذَا هَمَمْتَ بِطَاعَةِ اللَّهِ فَعَجِّلْهَا فَإِنَّكَ لَا تَأْمَنُ الْأَحْدَاثَ وَإِذَا هَمَمْتَ بِشَرٍّ فَأَخِّرْهُ لَعَلَّ اللَّهَ تَعَالَى يُعِينُكَ عَلَى تَرْكِهِ الزم الصمت لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يستكمل لأحد الْإِيمَان حَتَّى يحذر لِسَانِهِ إِذَا أَشْرَفْتَ عَلَى قَرْيَةٍ تُرِيدُهَا فَقُلِ اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا خَيْرَهَا وَاصْرِفْ عَنَّا شَرَّهَا وَوَيْلَهَا لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَقُولُهَا (فَصْلٌ) لِبَعْضِ الْعُلَمَاءِ الْأُدَبَاءِ الْعُقَلَاءِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا كُنْتَ قَاضِيًا أَوْ أَمِيرا فَلَا يكون شَأْنُكَ حُبَّ الْمَدْحِ وَالتَّزْكِيَةِ فَيُعْرَفُ ذَلِكَ مِنْكَ فَيُتَحَدَّثُ فِي عِرْضِكَ بِسَبَبِهِ وَيُضْحَكُ مِنْكَ لِتَكُنْ حَاجَتك فِي الْولَايَة ثَلَاث خِصَال رضى رَبك ورضى سلطانك إِن كَانَ فَوْقه سُلْطَان ورضى صَالِحِ مَنْ وُلِّيتَ عَلَيْهِ اعْرِفْ أَهْلَ الدِّينِ وَالْمُرُوءَةِ فِي كُلِّ كُورَةٍ وَلْيَكُونُوا إِخْوَانَكَ لَا تَقُلْ إِنِ اسْتَشَرْتَ أَظْهَرْتُ الْحَاجَةَ لِلنَّاسِ فَإِنَّكَ لَمْ تَرِدِ الرَّأْيَ لِلْفَخْرِ بَلْ لِلْمَنْفَعَةِ مَعَ أَنَّ الذِّكْرَ الْجَمِيلَ لَكَ بِذَلِكَ عِنْدَ

الْعُلَمَاءِ لَا يَهُنْ عَلَيْكَ أَهْلُ الْعَقْلِ وَالْخَيْرِ وَلَا تُمَكِّنْ غَيْرَهُمْ مِنْ أَذِيَّتِهِمْ عَرِّفْ رَعِيَّتَكَ أَبْوَابَكَ الَّتِي لَا يُنَالُ مَا عِنْدَكَ مِنَ الْخَيْرِ إِلَّا بِهَا وَالَّتِي لَا يَخَافُونَكَ إِلَّا من قبلهَا واجتهد فِي أَن لَا يَكُونَ مِنْ عُمَّالِكَ جَائِرٌ فَإِنَّ الْمُسِيءَ يَفْرَقُ مِنْ خِبْرَتِكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تُصِيبَهُ عُقُوبَتُكَ وَالْمُحْسِنَ يَسْتَبْشِرُ بِعَمَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَهُ مَعْرُوفُكَ وَلْتُعَرِّفْهُمْ مَا يَتَّقُونَ مِنْ أَخْلَاقِكَ أَنَّكَ لَا تُعَاجِلُ بِالثَّوَابِ وَلَا بِالْعِقَابِ فَإِنَّ ذَلِكَ أَدْوَمُ لِخَوْفِ الْخَائِفِ وَرَجَاءِ الرَّاجِي عَوِّدْ نَفْسَكَ الصَّبْرَ عَلَى مَا خَالَفَكَ مِنْ رَأْيِ أَهْلِ النَّصِيحَةِ وَلَا يَسْهُلُ ذَلِكَ إِلَّا عَلَى أَهْلِ الْفَضْلِ وَالْعَقْلِ وَالْمُرُوءَةِ وَلَا تَتْرُكْ مُبَاشَرَةَ عَظِيمِ أَمْرِكَ فَيَعُودُ شَأْنُكَ صَغِيرًا وَلَا تُبَاشِرِ الصَّغِيرَ مِنَ الْأَمْرِ فَتُضَيِّعَ الْكَبِيرَ وَأَنْتَ لَا تَتَّسِعُ لِكُلِّ شَيْءٍ فَتَفَرَّغْ لِلْمُهِمِّ وَكَرَامَتُكَ لَا تَسَعُ الْعَامَّةَ فَتَوَخَّ أَهْلَ الْفَضْلِ إِنَّكَ وَأَنْتَ عَاجِزٌ عَنْ جَمِيعِ مَصَالِحِكَ فَأَحْسِنْ قِسْمَةَ نَفْسِكَ بَيْنَهَا لَا تُكْثِرِ الْبِشْرَ وَلَا الْقَبْضَ فَإِنَّ أَحَدَهُمَا سَخَفٌ وَالْآخَرَ كِبْرٌ لَيْسَ لِمَلِكٍ أَنْ يَغْضَبَ لِأَنَّ قُدْرَتَهُ تَحْصُلُ مَقْصُودَةً وَلَا يَكْذِبَ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ عَلَى إِكْرَاهِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبْخَلَ لِبُعْدِ عُذْرِهِ عَنْ خَوْفِ الْفَقْرِ وَلَا أَنْ يَحْقِدَ لِأَنَّ حِقْدَهُ خَطَرٌ عَلَى الرَّعِيَّةِ وَلَا يُكْثِرَ الْحَلِفَ بَلِ الْمَلِكُ أَبْعَدُ النَّاسِ عَنِ الْحَلِفِ لِأَنَّهُ لَا يُحْلَفُ لِلنَّاسِ إِلَّا لمهانة فِي نفس الْحَالِف أَو حَاجته لتصديق أَوْ عَيٍّ فِي الْكَلَامِ فَيَجْعَلُ الْحَلِفَ حَشْوًا أَوْ تُهْمَةٍ عَرَفَهَا النَّاسُ فِي حَدِيثِهِ فَيُبْعِدُ نَفْسَهُ عَنْهَا أَحَقُّ النَّاسِ بِجَبْرِ نَفْسِهِ عَنِ الْعَدْلِ الْوَالِي لِيَقْتَدِيَ بِهِ غَيْرُهُ النَّاسُ يَنْسُبُونَ الْوَالِيَ إِلَى نِسْيَانِ الْعَهْدِ وَنَقْضِ الْوُدِّ فَلْيُكَذِّبْ قَوْلَهُمْ وَلْيُبْطِلْ عَنْ نَفْسِهِ صِفَاتِ السُّوءِ وَلْيَهْتَمَّ بِسَدِّ خَلَّةِ الْإِخْوَانِ وَرَدْعِ عَادِيَةِ السَّفَلَةِ إِنَّمَا يَصُولُ الْكَرِيمُ إِذَا جَاعَ وَاللَّئِيمُ إِذَا شَبِعَ لَا يُولَعُ الْوَالِي بِسُوءِ الظَّنِّ وَلْيَجْعَلْ لِحُسْنِ الظَّن عِنْده نَصِيبا وَلَا تُهْمِلِ التَّثَبُّتَ فَإِنَّ الرُّجُوعَ عَنِ الصَّمْتِ أَوْلَى مِنَ الرُّجُوعِ عَنِ الْكَلَامِ وَالْعَطِيَّةُ بَعْدَ الْمَنْعِ أَوْلَى مِنَ الْمَنْعِ بَعْدَ الْعَطِيَّةِ وَأَحْوَجُ النَّاسِ للتثبت الْمُلُوك لِأَنَّهُ لَيْسَ لقَوْله دَافِعٌ وَلَا مُنْكِرٌ مُرْشِدٌ جَمِيعُ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ الرَّأْيِ رَأْيَانِ رَأْيٌ يُقَوِّي بِهِ سُلْطَانَهُ وَرَأْيٌ يُزَيِّنُهُ فِي النَّاسِ وَالْأَوَّلُ مُقَدَّمٌ إِنِ ابْتُلِيتَ بِصُحْبَةِ السُّلْطَانِ فَعَلَيْكَ بِالْمُوَاظَبَةِ وَتَرْكِ الْمُعَاتَبَةِ وَلَا يَحْمِلُكَ الْأُنْسُ

عَلَى الْغَفْلَةِ وَلَا التَّهَاوُنِ فِيمَا يَنْبَغِي فَإِذَا جَعَلَكَ أَخًا فَاجْعَلْهُ سَيِّدًا وَإِنْ زَادَ فَزِدْهُ تَوَاضُعًا وَإِذَا جَعَلَكَ ثِقَتَهُ فَأَقْلِلِ الْمَلَقَ وَلَا تُكْثِرْ لَهُ مِنَ الدُّعَاءِ فِي كُلِّ كَلِمَةٍ فَإِنَّهُ يُشْبِهُ الْوَحْشَةَ إِلَّا أَنْ تُكَلِّمَهُ عَلَى رُؤُوس النَّاسِ فَتُبَالِغُ فِي تَوْقِيرِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يُرِيدُ صَلَاحَ رَعِيَّتِهِ فَأَبْعِدْهُ فَإِنَّكَ لَا تَعْدَمُ فَسَادَهُ إِنْ خَالَفْتَهُ أَوْ فَسَادَ الرَّعِيَّةِ إِنْ وَافَقْتَهُ فَإِنْ نَشِبْتَ مَعَهُ فَاصْبِرْ حَتَّى تَجِدَ للفراق سَبِيلا لَيْلًا تَسْأَلَ رِضَاهُ فَلَا تَجِدَهُ لَا تُخْبِرَنَّ الْوَالِيَ أَنَّ لَكَ عَلَيْهِ حَقًّا أَوْ تَقَدُّمَ يَدٍ وَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَنْسَى ذَلِكَ فَافْعَلْ لِأَنَّهَا تَصِيرُ بِغْضَةً وَاعْلَمْ أَنَّ السُّلْطَانَ إِذَا انْقَطَعَ عَلَيْهِ الْآخَرُ نَسِيَ الْأَوَّلَ وَأَنَّ أَرْحَامَهُمْ مَقْطُوعَةٌ وَحِبَالَهُمْ مَصْرُومَةٌ إِلَّا عَمَّنْ رَضُوا عَنْهُ إِذَا ذُكِرْتَ عِنْدَهُ بِشَرٍّ فَلَا تُرِهِ احْتِفَالًا بِذَلِكَ وَلَا توقعه من نَفسك موقعا عَظِيما لَيْلًا تَظْهَرَ عَلَيْكَ الرِّيبَةُ بِمَا قِيلَ فِيكَ وَإِنِ احْتَجْتَ لِلْجَوَابِ فَإِيَّاكَ وَجَوَابَ الْغَضَبِ وَعَلَيْكَ بِجَوَابِ الْوَقَارِ وَالْحُجَّةِ لَا تَعُدَّنَّ شَتْمَ الْوَالِي شَتْمًا فَإِنَّ رِيحَ الْعِزَّةِ يَبْسُطُ اللِّسَانَ بِالْغِلْظَةِ مِنْ غَيْرِ سُخْطٍ لَا تَأْمَنَنَّ جَانِبَ الْمَسْخُوطِ عَلَيْهِ عِنْدَ السُّلْطَانِ وَلَا يَجْمَعَنَّكَ وَإِيَّاهُ مَنْزِلٌ وَلَا مَجْلِسٌ وَلَا تُظْهِرْ لَهُ عُذْرًا وَلَا تُثْنِ عَلَيْهِ خَيْرًا عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ فَإِذَا تَبَيَّنَ لِلْوَالِي مُبَاعَدَتُكَ مِنْهُ قَطَعَ عُذْرَهُ عِنْدَ الْوَالِي وَاعْمَلْ فِي الرِّضَا عَنْهُ فِي لُطْفٍ وَاطْلُبْ مِنْهُ وَقْتَ طِيبِ نَفْسِهِ لِجَمِيعِ مَقَاصِدِكَ إِذَا كُنْتَ ذَا جَاهٍ عِنْدَهُ فَلَا تَتَكَبَّرْ عَلَى أَهْلِهِ وَأَعْوَانِهِ وَلَا تُظْهِرِ الِاسْتِغْنَاءَ عَنْهُمْ لِتَوَقُّعِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِمْ عِنْدَ وُقُوعِ الْمِحَنِ إِذَا سَأَلَ الْوَالِي غَيْرَكَ فَلَا تُجِبْ أَنْتَ فَإِنَّ ذَلِك سوء أديب على السَّائِل والمسؤول وَلَعَلَّهُ يَقُولُ لَكَ مَا سَأَلْتُكَ أَنْتَ وَإِنْ سَأَلَ جَمَاعَةً أَنْتَ مِنْهُمْ فَلَا تُبَادِرْ بِالْجَوَابِ فَإِنَّهُ خِفَّةٌ وَإِنْ سَبَقْتَ الْجَمَاعَةَ صَارُوا لِجَوَابِكَ خُصَمَاءَ يَعِيبُونَهُ وَيَتَتَبَّعُونَهُ وَيُفْسِدُونَهُ وَإِنْ أَخَّرْتَ جَوَابَكَ تَدَبَّرْتَ أَقَاوِيلَهُمْ فَكَانَ فِكْرُكَ أَقْوَى بِذَلِكَ فَيَكُونُ جَوَابُكَ أَحْسَنَ وَيَتَفَرَّغُ سَمْعُهُ لَكَ وَإِنْ فَاتَكَ الْجَوَابُ فَلَا تَحْزَنْ فَإِنَّ صِيَانَةَ الْقَوْلِ خَيْرٌ مِنْ قَوْلٍ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ وَكَلِمَةٌ صَائِبَةٌ فِي وَقْتٍ خَيْرٌ مِنْ كَلَامٍ كَثِيرٍ خَطَأٍ والعجلة منوطة بالزلل إِذا كلمك الْوَلِيّ فَلَا تَشْغَلْ طَرْفَكَ بِالنَّظَرِ لِغَيْرِهِ وَلَا أَطْرَافَكَ بِعَمَل وَلَا

قَلْبَكَ بِفِكْرٍ غَيْرِهِ اتَّخِذْ نُظَرَاءَكَ عِنْدَهُ إِخْوَانًا وَلَا تُنَافِسْهُمْ فَإِنَّهُمْ مَظِنَّةُ الْحَسَدَةِ وَالْهَلَكَةِ وَلَا تَجْسُرَنَّ عَلَى مُخَالَفَتِهِمْ وَإِنِ اعْتَرَفُوا لَكَ بِالْفَضْلِ فَإِن النَّفس محبولة عَلَى كَرَاهَةِ التَّقَدُّمِ عَلَيْهَا فَيَرُدُّونَ عَلَيْكَ فَإِنْ رَادَدْتَهُمْ صِرْتَ مُنَاقِضَهُمْ وَهُمْ مُنَاقِضُوكَ وَإِنْ سَكَتَّ صِرْتَ مَرْدُودَ الْقَوْلِ إِيَّاكَ أَنْ تَشْكُوَ لِأَخِلَّائِهِ أَوْ خَدَمِهِ مَا تَجِدُهُ مِمَّا تَكْرَهُهُ مِنْهُ فَإِنَّ ذَلِكَ عَاقِبَتُهُ مُخَوِّفَةٌ وَاحْتِمَالُ مَا خَالَفَكَ مِنْ رَأْيِهِ أَوْجَبُ مِنْ مُنَاقَضَتِهِ فِيهِ إِلَّا أَنْ يَسْهُلَ عَلَى نَفْسِكَ مُفَارَقَتُهُ وَلَا تَصْحَبِ السُّلْطَانَ إِلَّا بَعْدَ رِيَاضَةِ نَفْسِكَ عَلَى الْمَكْرُوهِ مِنْهُ عِنْدَكَ وَلَا تَكْتُمْهُ سِرَّكَ وَلَا تُبِحْ سِرَّهُ وَتَجْتَهِدْ فِي رِضَاهُ وَالتَّلَطُّفِ فِي حَاجَتِهِ وَالتَّصْدِيقِ لِمَقَالَتِهِ وَالتَّزْيِينِ لِرَأْيِهِ وَقِلَّةِ الْقَلَقِ مِمَّا أساؤا لَك وَأكْثر نشر محاسنه وَأحسن السّتْر لمساويه وَتُقَرِّبُ مَا قَرَّبَ وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا وَتُبْعِدُ مَا بَاعَدَ وَإِنْ كَانَ قَرِيبًا وَالِاهْتِمَامَ بِأَمْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَهْتَمَّ بِهِ وَالْحِفْظَ لِمَا ضَيَّعَهُ مِنْ شَأْنِهِ وَالذِّكْرَ لِمَا نَسِيَهُ وَخَفِّفْ مَؤُنَتَكَ عَلَيْهِ ابْذُلْ لِصَدِيقِكَ دَمَكَ وَلِمَعَارِفِكَ رِفْدَكَ وَمَحْضَرَكَ وَلِلْعَامَّةِ بِشْرَكَ وَتَحِيَّتَكَ وَلِعَدُوِّكَ عَدْلَكَ وَصَبْرَكَ وَابْخَلْ بِدِينِكَ وَعِرْضِكَ عَنْ كُلِّ أَحَدٍ إِلَّا لِضَرُورَةِ وَالٍ أَوْ وَلَدٍ وَلِغَيْرِهِمَا فَلَا وَإِنْ سَمِعْتَ مِنْ صَاحِبِكَ كَلَامًا حَسَنًا أَوْ رَأْيًا فَانْسُبْهُ إِلَيْهِ لِأَنَّ نِسْبَتَهُ لِنَفْسِكَ مَفْسَدَةٌ لَهُ وَعَارٌ عَلَيْكَ فَإِنْ فَعَلَ هُوَ ذَلِكَ فِي كَلَامِكَ فَسَامِحْهُ بِهِ وَآنِسْهُ مَعَ ذَلِكَ بِمَا تَسْتَطِيعُ لَيْلًا يَسْتَوْحِشَ وَإِيَّاكَ أَنْ تَشْرَعَ فِي حَدِيثٍ ثُمَّ تَقْطَعَهُ فَإِنَّهُ سَخَفٌ وَلَا تَشْرَعْ إِلَّا إِذَا عَلِمْتَ أَنَّهُ يَكْمُلُ لَكَ وَافْهَمِ الْعُلَمَاءَ إِذَا اجْتَمَعْتَ بِهِمْ وَلْتَكُنْ أَحْرَصَ عَلَى أَنْ تَسْمَعَ مِنْ أَنْ تَقُولَ لَا تَأْلَمْ إِذَا رَأَيْتَ صَدِيقَكَ مَعَ عَدُوِّكَ فَقَدْ يَكْفِيكَ شَرَّهُ أَوْ سَتْرَ عَوْرَةٍ لَكَ عِنْدَهُ تَحَفَّظْ فِي مَجْلِسِكَ مِنَ التَّطْوِيلِ وَاسْمَعْ عَنْ كَثِيرٍ مِمَّا يَكُونُ عنْدك فِيهِ صَوَاب لَيْلًا يَظُنَّ جُلَسَاؤُكَ أَنَّكَ تُرِيدُ الْفَضْلَ عَلَيْهِمْ وَلَا تَدَّعِ الْعِلْمَ فِي كُلِّ مَا يَعْرِضُ فَإِنَّهُمْ إِنْ نَازَعُوكَ عَرَّضُوكَ لِلْجَهَالَةِ أَوْ تَرَكُوكَ فَقَدْ عرضتهم للْجَهْل وَالْعجز واستحي كُلَّ الْحَيَا أَنْ تَدَّعِيَ أَنَّ صَاحِبَكَ

جَاهِلٌ وَأَنَّكَ عَالِمٌ وَلَوْ بِالتَّعْرِيضِ وَاعْلَمْ أَنَّكَ إِذَا صَبَرْتَ ظَهَرَ ذَلِكَ مِنْكَ بِالْوَجْهِ الْجَمِيلِ وَكُنْ عَالِمًا كَجَاهِلٍ وَقَاطِعًا كَصَاحِبٍ وَإِذَا حَدَثَ بَيْنَ يَدَيْكَ مَا تَعْرِفُهُ فَلَا تُظْهِرْ مَعْرِفَتَهُ لِأَنَّهُ مِنْ سُوءِ الْأَدَبِ وَلْيُفْهَمْ عَنْكَ أَنَّكَ أَقْرَبُ إِلَى أَنْ تَفْعَلَ مَا لَا تَقُولُ مِنْ أَنْ تَقُولَ مَا لَا تَفْعَلُ فَفَضْلُ الْقَوْلِ عَلَى الْفِعْلِ عَارٌ وَفَضْلُ الْفِعْلِ عَلَى الْقَوْلِ مَكْرُمَةٌ وَطِّنْ نَفْسَكَ عَلَى أَنَّكَ لَا تُفَارِقْ أَخَاكَ وَإِنْ جَفَاكَ وَلَيْسَ كَالْمَرْأَةِ الَّتِي مَتى شِئْت طَلقتهَا بل هُوَ عِرْضُكَ وَمُرُوءَتُكَ فَمُرُوءَةُ الرَّجُلِ إِخْوَانُهُ فَإِنْ قَطَعَ الْأَخُ حِبَالَةَ الْإِخَاءِ فَلَا تَعْتَذِرْ إِلَّا لِمَنْ يَجِبُ أَنْ يَظْفَرَ لَكَ بِعُذْرٍ وَلَا تَسْتَعِنْ إِلَّا بِمَنْ تُحِبُّ أَنْ يَظْفَرَ لَكَ بِحَاجَةٍ وَلَا تُحَدِّثَنَّ إِلَّا مَنْ يَعُدُّ حَدِيثَكَ مَغْنَمًا مل لَمْ تَغْلِبْكَ الضَّرُورَةُ إِذَا غَرَسْتَ الْمَعْرُوفَ فَتَعَاهَدْ غرسك لَيْلًا تَضِيعَ نَفَقَةُ الْغَرْسِ مَنِ اعْتَذَرَ لَكَ فَتَلَقَّهُ بِالْبِشْرِ وَالْقَبُولِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ قَطِيعَتُهُ غَنِيمَةٌ إِخْوَانُ الصِّدْقِ خَيْرٌ مِنْ مَكَاسِبِ الدُّنْيَا زِينَةٌ فِي الرَّخَاءِ وَعُدَّةٌ عِنْدَ الشِّدَّةِ وَمَعُونَةٌ عَلَى الْمَعَادِ وَالْمَعَاشِ فَاجْتَهِدْ فِي اكْتِسَابِهِمْ وَوَاظِبْ عَلَى صِلَةِ أَسْبَابِهِمْ الْكَرِيمُ أَصْبَرُ قَلْبًا وَاللَّئِيمُ أَصْبِر جسما اجْتهد فِي أَن لَا تُظْهِرَ لِعَدُوِّكَ أَنَّهُ عَدُوُّكَ لِأَنَّهُ يَلْبَسُ السِّلَاحَ لَكَ بَلْ أَظْهِرْ صَدَاقَتَهُ تَظْفَرْ بِهِ وَيَقِلَّ شَره وَمن الحزم أَن تواخي إِخْوَانَهُ فَتُدْخِلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ الْعَدَاوَةَ وَمَعَ السُّكُوتِ عَنهُ فأحص عوراته ومعاييه لَا يَخْفَى عَلَيْكَ شَيْءٌ وَلَا تُشِعْ فَلَكَ لَهُ اعْلَمْ أَنَّ بَعْضَ الْعَطَاءِ سَرَفٌ وَبَعْضَ الْبَيَانِ عَيٌّ وَبَعْضَ الْعِلْمِ جَهْلٌ وَعَنْ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا كُلُّ مَا يُعْلَمُ يُقَالُ وَلَا كُلُّ مَا يُقَالُ حَضَرَ أَوَانُهُ وَلَا كُلُّ مَا حَضَرَ أَوَانُهُ حَضَرَ إِخْوَانُهُ وَلَا كُلُّ مَا حَضَرَ إِخْوَانُهُ حَضَرَتْ أَحْوَالُهُ وَلَا كُلُّ مَا حَضَرَتْ أَحْوَالُهُ أُمِنَ عَوَارُهُ فَحَافِظْ لِسَانَكَ مَا اسْتَطَعْتَ وَالسَّلَامُ وَقَدْ أَتَيْتُ فِي هَذَا الْكِتَابِ مَا أَسْأَلُ اللَّهَ جلّ جَلَاله وتعاظمت أَنْ يَنْفَعَكُمْ بِهِ مَعَاشِرَ الْإِخْوَانِ فِي اللَّهِ تَعَالَى وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آله وَصَحبه وَسلم تَسْلِيمًا

§1/1